السّلطنة لتستقيم بسلطنته الأحوال، وتنفذ الكلمة، وتجتمع النّاس على سلطان، وثبت خلع الملك النّاصر على القضاة، وأجمعوا على إقامة الخليفة سلطانا، فامتنع الخليفة من ذلك غاية الامتناع، وخاف ألّا يتمّ له ذلك فيهلك، وصمّ على الامتناع، وخاف من الملك النّاصر خوفا شديدا، فلمّا عجز عنه الأمراء دبّروا عليه حيلة، وطلبوا الأمير ناصر الدّين محمّد بن مبارك شاه الطّازىّ- وهو أخو الخليفة المستعين بالله لأمه- وندبوه بأن يركب ومعه ورقة تتضمّن مثالب الملك النّاصر ومعايبه، وأن الخليفة قد خلعه من الملك وعزله من السّلطنة، ولا يحلّ لأحد معاونته ولا مساعدته.
فلمّا بلغ الخليفة ذلك لام أخاه ناصر الدين بن مبارك شاه المذكور على ذلك، وأيس الخليفة عند ذلك من الصلاح الملك النّاصر له، فأذعن لهم حينئذ بأن يتسلطن، فبايعوه بأجمعهم، وحلفوا له بالأيمان المغلّظة والعهود على الوفاء له وعلى القيام بنصرته ولزوم طاعته.
وتمّ أمره على ما يأتى ذكره فى أوائل ترجمته من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وأمّا الملك النّاصر، فإنّه لمّا تسلطن الخليفة، وخلع هو من الملك، نفر النّاس عنه، وصاروا حزبين: حزبا يرى أنّ مخالفة الخليفة كفر، والنّاصر قد عزل من الملك، فمن قاتل معه فقد عصى الله ورسوله، وحزبا يرى أنّ القتال مع الملك الناصر واجب، وأنه باق على سلطنته، ومن قاتله إنما هو باغ عليه وخارج عن طاعته.
ومن حينئذ أخذ أمر الملك النّاصر فى إدبار، إلى أن قتل فى ليلة السبت سادس عشر صفر من سنة خمس عشرة وثمانمائة بالبرج من قلعة دمشق بعد ما حوصر أياما، كما سيأتى ذكره مفصلا فى ترجمة المستعين بالله، إلى أن حبس بقلعة دمشق.
وخبره: أنه لمّا حبس بقلعة دمشق- بعد أمور يأتى ذكرها فى سلطنة المستعين(13/147)
وأقام محبوسا بالبرج إلى ليلة السبت سادس عشر صفر المذكور- دخل عليه ثلاثة نفر [هم] «1» الأمير ناصر الدين محمد بن مبارك شاه الطازىّ أخو الخليفة المستعين بالله لأمّه، وآخر من ثقات شيخ، وآخر من أصحاب نوروز، ومعهم رجلان من المشاعلية «2» ، فعند ما رآهم الملك النّاصر فرج قام إليهم فزعا، وعرف فيما جاءوا ودافع عن نفسه، وضرب أحد الرّجلين بالمدوّرة صرعه، ثمّ قام الرجل هو ورفيقه ومشوا عليه وبأيديهم السكاكين، ولا زالوا يضربونه بالسكاكين المذكورة وهو يعاركهم بيديه وليس عنده ما يدفع عن نفسه به حتى صرعاه بعد ما أثخنا جراحه فى خمس مواضع من بدنه، وتقدّم إليه بعض صبيان المشاعلية فخنقه وقام عنه، فتحرّك الملك الناصر، فعاد إليه وخنقه ثانيا حتى قوى عنده أنه مات، فتحرّك، فعاد إليه ثالثا وخنقه، وفرى أو داجه بخنجر كان معه، وسلبه ما عليه من الثياب، ثمّ سحب برجليه حتى ألقى على مزبلة مرتفعة من الأرض تحت السّماء، وهو عارى البدن، يستر عورته وبعض فخذيه سراويله، وعيناه مفتوحتان، والنّاس تمرّ به ما بين أمير وفقير ومملوك وحر. قد صرف الله قلوبهم عن دفنه ومواراته. وبقيت الغلمان والعبيد والأوباش تعبث بلحيته وبدنه.
واستمرّ على المزبلة المذكورة طول نهار السبت المذكور، فلما كان الليل من ليلة الأحد حمله بعض أهل دمشق وغسّله وكفّنه. ودفنه بمقبرة باب الفراديس»
احتسابا لله تعالى. بموضع يعرف بمرج الدحداح، ولم تكن جنازته مشهودة، ولا عرف من تولّى غسله ومواراته.(13/148)
قلت: وما وقع للملك النّاصر من قتله وإلقائه على المزبلة ممّا يدلّ على قلة مروءة القوم، وعدم حفظهم ومراعاتهم لسوابق نعمه عليهم، ولحقوق تربية والده الملك الظاهر برقوق عليهم، ونفرض أنّه أساء لهم وأراد قتلهم، وكان مجازاته عن ذلك بالقتل، وهو غاية المجاراة، فكان الأليق بعد قتله إخفاء أمره ومواراته، كما فعل غيرهم بمن تقدّم من الملوك، فإنّه قد حصل مقصودهم بقتله وزيادة. حتىّ إنّ الذي- والعياذ بالله تعالى- يقع فى الكفر تضرب عنقه ثمّ يؤخذ ويدفن، وأيضا فمراعاة السّلطنة وناموس الملك مطلوب من كلّ واحد، والملوك لهم غيرة على الملوك ولو كان بينهم العداوة والخصومة، وقد رأيت فى تاريخ الإسلام فى ترجمة الخليفة محمد المهدىّ بن الرّشيد هارون العبّاسىّ أنه سأل بعض جلسائه عن أحوال الخليفة الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان الأموىّ، فقال له بعض من حضر:
وما السّؤال عنه يا أمير المؤمنين؟! كان رجلا فاسقا زنديقا.
فلمّا سمع الخليفة المهدىّ كلامه نهره وقال له: صه، خلافة الله أجلّ أن يجعلها فى زنديق، وأقامه من مجلسه.
وكان الوليد كما قال الرّجل، غير أنّ المهدىّ غار على منصب الخلافة فقال ذلك مع علمه بحال الوليد، فلعمرى أين فعل هؤلاء من قول المهدىّ؟! ...
مع أنّ خلفاء بنى العبّاس كانوا أشدّ بغضا لخلفاء بنى أميّة من بغض هؤلاء للملك النّاصر، غير أنّ العقول تتفاوت وتتفاضل، والأفعال تدلّ على شيم الفاعل- انتهى.
ومات الملك الناصر وله من العمر أربع وعشرون سنة وثمانية أشهر وأيام،(13/149)
فكانت مدّة ملكه من يوم مات أبوه الملك الظاهر برقوق إلى أن خلع بأخيه الملك المنصور عبد العزيز- حسبما تقدم ذكره- ستّ سنين وخمسة أشهر وأحد عشر يوما، وخلع من السّلطنة بأخيه المذكور سبعين يوما، ومن يوم أعيد إلى السّلطنة بعد خلع أخيه المذكور فى يوم السّبت خامس جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانمائة إلى يوم خلعه المستعين بالله من السلطنة فى يوم السبت خامس عشرين المحرّم من سنة خمس عشرة وثمانمائة ستّ سنين وعشرة أشهر سواء.
فجميع مدة سلطنته الأولى والثانية- سوى أيّام خلعه- ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر وأحد عشر يوما.
وكان الملك النّاصر من أشجع الملوك وأفرسها وأكرمها، وأكثرها احتمالا وأصبرها على العصاة من أمرائه.
حدّثنى بعض أعيان المماليك الظاهريّة: أنه ما قتل أحدا من الظاهريّة ولا غيرهم حتى ركب عليه وآذاه غير مرّة وهو يعفو عنه، وتصديق ذلك أنّه لمّا قبض على الأمير شيخ، والأتابك يشبك الشّعبانىّ بدمشق فى سنة عشر [وثمانمائة] «1» وحبسهما بقلعة دمشق كان يمكنه قتلهما؛ فإنّ ذلك كان بعد ما حارباه فى واقعة السّعيدية وكسراه أقبح كسرة، وأمّا شيخ فإنه كان تكرّر عصيانه عليه قبل ذلك غير مرّة. وقد رأينا من جاء بعده من الملوك إذا ركب عليه أحد مرّة واحدة وظفر به لم يبقه، والكلام فى بيان ذلك من وجوه عديدة يطول الشّرح فيه وليس تحت ذلك فائدة.
ولم أرد بما قلته التعصّب للملك الناصر المذكور؛ فإنه أخذ مالنا وجميع موجود الوالد وتركنا فقراء- يعلم ذلك كلّ أحد- غير أن الحقّ يقال على أى وجه كان.(13/150)
وكان صفته شابّا معتدل القامة، أشقر، له لثغة فى لسانه بالسّين، غير أنّه كان أفرس ملوك التّرك بعد الملك الأشرف خليل بن قلاون بلا مدافعة.
قلت: ولنذكر هنا من مقالة الشيخ تقىّ الدين المقريزى فى حقّه من المساوى نبذة برمتها، وللنّاظر فيها التّأمل قال:
«وكان النّاصر أشأم ملوك الإسلام؛ فإنّه خرّب بسوء تدبيره جميع أراضى مصر وبلاد الشّام من حيث يصبّ النّيل إلى مجرى الفرات، وطرق الطاغية تيمور بلاد الشّام فى سنة ثلاث وثمانمائة، وخرّب حلب وحماة وبعلبكّ ودمشق، حتىّ صارت دمشق كوما ليس بها دار.
وقتل من أهل الشام مالا يحصى عدده، وطرق ديار مصر الغلاء من سنة ست وثمانمائة، فبذل أمراء دولته جهدهم فى ارتفاع الأسعار؛ بخزنهم الغلال وبيعهم لها بالسّعر الكثير، ثم زيادة أطيان أراضى مصر حتى عظمت كلفته، وأفسدوا مع ذلك النّقود بإبطال السكّة الإسلامية من الذّهب، والمعاملة بالدّنانير المشخّصة التى هى ضرب النّصارى، ورفعوا سعر الذّهب حتى بلغ إلى مائتين وأربعين [درهما] «1» كلّ مثقال، بعد ما كان بعشرين درهما، ومكّسوا كل شىء، وأهمل عمل الجسور بأراضى مصر، وألزم النّاس أن يقوموا عنها بالأموال التى تجبى منهم، وأكثر وزراؤه من رمى البضائع على التجّار ونحوهم بأغلى الأثمان، وكلّ ذلك من سعد الدين بن غراب، وجمال الدين يوسف الأستادار وغيرهما؛ فكانا يأخذان الحقّ والباطل ويأتيان له به لئلا يعزلهم من وظائفهم، ثمّ ماتوا، فتمّ هو على ذلك يطلب المال من المباشرين فيسدون بالظلم، فخربت البلاد لذلك، وفشا أخذ أموال النّاس. هذا مع(13/151)
تواتر الفتن واستمرارها بالشّام ومصر، وتكرار سفره إلى البلاد الشّامية، فما من سفرة سافر إليها إلا وينفق فيها أموالا عظيمة؛ زيادة على ألف ألف دينار، يجبيها من دماء أهل مصر ومهجهم «1» ، ثمّ يتقدّم إلى الشام فيخرّب الدّيار ويستأصل الأموال ويدمّر القرى.
ثمّ يعود وقد تأكّدت أسباب الفتنة، وعادت أعظم ما كانت، فخربت الإسكندرية، وبلاد البحيرة، وأكثر الشرقيّة، ومعظم الغربية، وتدمّرت بلاد الفيّوم، وعمّ الخراب بلاد الصعيد بحيث بطل منها زيادة على أربعين خطبة «2» ، ودثر ثغر أسوان وكان من أعظم ثغور المسلمين، وخرب من القاهرة وأملاكها وظواهرها زيادة عن نصفها، ومات من أهل مصر فى الغلاء والوباء نحو ثلثى النّاس، وقتل فى الفتن بمصر مدّة أيّامه خلائق لا تدخل تحت حصر. مع مجاهرته بالفسوق، من شرب الخمر، وإتيان الفواحش، والتجرّؤ العظيم على الله جلت قدرته.
ومن العجيب أنّه لمّا ولد كان قد أقبل يلبغا الناصرىّ بعساكر الشّام لينزع أباه الملك الظاهر برقوق من الملك- وهو فى غاية الاضطراب من ذلك- فعند ما بشر به قيل له: ما تسميه؟ ... قال: بلغاق «3» - يعنى فتنة- وهى كلمة تركيّة، فقبض على أبيه الملك الظّاهر وسجن بالكرك- كما تقدّم ذكره.
فلمّا عاد إلى الملك عرض عليه فسمّاه فرجا، ولم يسمّه أحد لذلك اليوم إلّا بلغاق، وهو فى الحقيقة ما كان إلّا فتنة، أقامه الله- سبحانه وتعالى- نقمة على النّاس ليذيقهم بعض الذي عملوا.(13/152)
ومن عجيب الاتّفاق أنّ حروف اسمه «ف ر ج» عددها ثلاثة وثمانون ومائتين وهى عدد جركس «1» ، وكان فناء طائفة الجركس على يديه.
فإن حروفها تفنى إذا أسقطت بحروف اسمه» .
قلت «2» : كيف كان فناء الجركس على يديه، وهم إلى الآن ملوك زماننا وسلاطينها؟!. فهذا هو الخباط «3» بعينه!. وإن كان يعنى الذين قتلهم، فهو قتل من كلّ طائفة- انتهى.
قال «4» : وكانت وفاته عن أربع وعشرين سنة وثمانية أشهر وأيّام، وكل هذه الأمور من سوء تدبير مماليك أبيه معه والفتنة فى بعضهم البعض، وهم الذين جسّروه على المظالم، وعلى قتل بعضهم، فاستمرّ على الظلم والقتل إلى أن كان من أمره ما كان- انتهى كلام المقريزى بتمامه وكماله.
قلت: وكان يمكننى أن أجيب عن كلّ ما ذكره المقريزىّ- غير إسرافه على نفسه- غير أنى أضربت عن ذلك خشية الإطالة والملل، على أنى موافقه على أنّ الزّمان يصلح ويفسد بسلطانه وأرباب دولته، ولكن البلاء قديم وحديث- انتهى.
وخلّف الملك الناصر عشرة أولاد- فيما أظنّ- ثلاثة ذكور وسبع إناث، فالذكور: فرج، ومحمد، وخليل، والإناث: ستيته التى زوّجها لبكتمر جلّق، وعائشة، وآسية، وزينب، وشقراء، وهاجر، ورحب، والجميع أمّهاتهم أمّ أولاد مولّدات. ما عدا عائشة وشقراء- والله أعلم.(13/153)
[ما وقع من الحوادث سنة 808]
السنة الأولى من سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر وهى سنة ثمان وثمانمائة، على أنّ أخاه الملك المنصور عبد العزيز حكم منها سبعين يوما.
فيها أمسك السلطان الملك الناصر الأتابك بيبرس ابن عمّته، والأمير سودون الماردانىّ الدّوادار الكبير بعد عوده إلى الملك- حسبما تقدّم ذكره.
وفيها توفّى الشيخ علاء الدين علىّ بن محمد بن علىّ بن عصفور «1» المالكى، شيخ الكتّاب بالدّيار المصرية فى يوم الاثنين رابع عشرين شهر رجب، كان أحد موقعى الدّست بالقاهرة، وكان يجيد الخطّ المنسوب «2» بسائر الأقلام، وكان ابن عصفور هذا هو الذي كتب عهد الملك المنصور عبد العزيز بالسلطنة، ومات بعد مدّة يسيرة، قال فيه بعض الأدباء. [السريع]
قد نسخ الكتاب من بعده ... عصفور لما طار للخلد
مذ كتب العهد قضى نحبه ... وكان منه آخر العهد
وتوفى الخليفة أمير المؤمنين المتوكل على الله أبو عبد الله محمّد ابن الخليفة المعتصم بالله أبى بكر ابن الخليفة المستكفى بالله سليمان ابن الحاكم بأمر الله أحمد ابن الحسن بن أبى بكر بن علىّ بن الحسين ابن الخليفة الرّاشد بالله منصور ابن المسترشد بالله الفضل ابن المستظهر بالله أحمد ابن المقتدى بالله عبد الله ابن الأمير ذخيرة الدين محمد ابن الخليفة القائم بأمر الله عبد الله ابن القادر بالله أحمد ابن المقتفى بالله إبراهيم ابن المقتدر بالله جعفر ابن المعتضد بالله أحمد ابن الأمير(13/154)
الموفّق طلحة ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن المعتصم بالله محمد ابن الرشد بالله هارون ابن المهدى محمد ابن الخليفة أبى جعفر عبد الله المنصور بن محمّد ابن علىّ بن عبد الله بن عباس الهاشمىّ العباسىّ المصرىّ، يوم الثلاثاء ثامن شهر رجب، ودفن بالمشهد النّفيسى خارج القاهرة.
بويع المتوكل بالخلافة بعد موت أبيه بعهد منه إليه، فى يوم سابع جمادى الآخرة سنة ثلاث وستّين وسبعمائة، وتمّ أمره، إلى أن خلعه أينبك البدرى «1» فى ثالث صفر سنة تسع وسبعين وسبعمائة بزكريّا بن إبراهيم.
ثمّ أعيد فى عشرين شهر ربيع الأول منها، فاستمرّ إلى أن خلعه الملك الظاهر برقوق فى أوّل شهر رجب سنة خمس وثمانين وسبعمائة بعمر ابن إبراهيم، ولقّب بالواثق.
ثم أعاده فى عشرين شهر ربيع الأوّل سنة إحدى وتسعين وسبعمائة.
فاستمرّ فى الخلافة إلى أن مات، وتولىّ الخلافة بعده ابنه المستعين بالله العبّاس.
قلت: ولا نعلم خليفة، تخلّف من أولاده لصلبه خمسة غير المتوكل هذا، وهم:
المستعين العبّاس، ثمّ المعتضد داود، ثمّ المستكفى سليمان- وهما أشقّاء- ثمّ القائم بأمر الله حمزة- وهو شقيق المستعين بالله المتقدم ذكره- ثمّ المستنجد بالله يوسف، خليفة زماننا هذا، عامله الله باللطف.
وتوفّى قاضى القضاة ولىّ الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد ابن الحسن بن محمد بن جابر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن خلدون «2» الحضرمىّ الإشبيلىّ المالكىّ قاضى قضاة الدّيار المصرية بها،(13/155)
فى يوم الأربعاء خامس عشرين شهر رمضان فجاءة، وقد ولى القضاء غير مرّة، ومولده فى يوم الأربعاء أوّل شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، بمدينة تونس، وكان إماما عالما بارعا فى فنون من العلوم، وله نظم ونثر، وقد استوعبنا ترجمته فى «المنهل الصّافى» ، وذكرنا قدومه إلى القاهرة، ومشايخه وغير ذلك، ومن شعره من قصيدة [الكامل] .
أسرفن فى هجرى وتعذيبى ... وأطلن «1» موقف عبرتى ونحيبى
وأبين يوم البين وقفة ساعة ... لوداع مشغوف الفؤاد كئيب
وتوفّى القاضى الأمير سعد الدين إبراهيم بن عبد الرزّاق بن غراب «2» فى ليلة الخميس تاسع عشر شهر رمضان- ولم يبلغ من العمر ثلاثين سنة- بعد مرض طويل، وكان ولى نظر الخاصّ فى دولة الملك الظاهر برقوق، ثمّ الوزر، ونظر الجيش، وكتابة السّر، والاستاداريّة فى دولة الملك النّاصر فرج الأولى.
ثمّ صار فى سلطنته الثّانية أمير مائة ومقدّم ألف بالدّيار المصريّة، وأمير مجلس، ولبس الكلفتاة وتقلد بالسيف، وحضر الخدمة السّلطانيّة مرّة واحدة، ونزل إلى داره فلزم الفراش إلى أن مات، وكان له مكارم وأفضال وهمّة عالية، لم يسمع بمثلها فى عصره، مع عدم ظلمه بالنّسبة إلى غيره من أبناء جنسه.
وأمّا سفك الدّماء فلم يدخل فيه البتّة، وقد اقتدى جمال الدين يوسف البيرىّ طريقه فى المكارم والتّحشّم، غير أنّه أمعن فى سفك الدّماء حتى تجاوز الحدّ(13/156)
- عليه من الله ما يستحقّه- وكان أصل سعد الدين هذا من أولاد الكتبة الأقباط بالإسكندرية، ثمّ اتصل بخدمة الأمير محمود بن علىّ الأستادار «1» ، واختصّ به حتى صار عارفا بجميع أحواله، ثمّ بسفارته ولى نظر الخاص عوضا عن سعد الدّين بن أبى الفرج ابن تاج الدّين موسى، فى يوم الخميس تاسع عشر ذى الحجة سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، وعمره إذ ذاك دون العشرين سنة، ولما استفحل أمره أخذ فى المرافعة فى أستاذه محمود المذكور فى الباطن، ولا زال يسعى فى ذلك حتى كان زوال نعمة محمود المذكور على يديه.
ثمّ ترقّى بعد ذلك حتى كان من أمره ما كان، فلم يعدّ له من المساوئ غير مرافعته فى محمود المذكور لا غير.
وتوفّى الشيخ الإمام الأديب زين الدين طاهر بن الشيخ بدر الدين حسن بن حبيب «2» الحلبىّ الموقّع الكاتب، فى ليلة سادس عشر ذى القعدة، وكان أديبا شاعرا مكثرا، ومن شعره: [دو بيت]
أفدى رشا ما مرّ بى أو خطرا ... كالغصن رشيق
إلّا لقيت «3» فى هواه خطرا ... باللّحظ رشيق
والسّالف والوجه حكى «4» قمرا ... آس وشقيق
مذ أسفر وجهه يحاكى قمرا ... للبدر شقيق(13/157)
وله أيضا فى الملك الظاهر لمّا أمسك منطاشا «1» . [السريع]
الملك الظاهر فى عزّه ... أذلّ من ضلّ ومن طاشا
وردّ فى قبضته طائعا ... نعيرا العاصى ومنطاشا
وتوفّى الوزير الصاحب تاج الدين عبد الله ابن الوزير الصاحب سعد الدين ابن البقريّ القبطى المصرى تحت العقوبة، فى ليلة الاثنين ثامن عشرين ذى القعدة.
وتوفّى الأمير سيف الدين قانى باى بن عبد الله العلائى الظاهرى، أحد أمراء الألوف بالدّيار المصريّة بها، فى ليلة الأحد حادى عشرين شوّال، بعد مرض طويل، وكان يعرف بالغطاس لكثرة هروبه واختفائه، وكان من شرار القوم، كثير الفتن.
وهو أحد من كان سببا لأخذ تيمور لنك مدينة دمشق؛ لأنه اتّفق مع جماعة من الأمراء والخاصّكية، وعاد الجميع إلى مصر ليسلطنوا الشيخ لاجين الجندى الجركسىّ، فخاف من بقى من الأمراء أن يتمّ لهم ذلك، وأخذوا السلطان الملك الناصر فرجا وخرجوا من دمشق على حين غفلة، وساروا فى أثرهم حتى أدركوهم بمدينة غزة، وتركوا دمشق مأكلة لتيمور.
قلت: الدّالّ على الخير كفاعله، فهو شريك لتيمور فيما اقتحمه من سفك الدّماء وغيره.
وتوفّى الأمير سيف الدّين بلاط بن عبد الله السعدى، أحد أمراء الطبلخانات بالديار المصرية- بطالا بها- فى رابع عشرين جمادى الأولى، وكان ساكنا عاقلا.(13/158)
وتوفّى الأمير سيف الدّين جقمق بن عبد الله الصفوى «1» ، حاجب حجاب دمشق- قتيلا- فى حادى عشر شهر ربيع الآخر، ضرب الأمير شيخ المحمودى عنقه، وكان من قدماء الأمراء، ولى حجوبيّة حلب فى دولة الملك الظاهر برقوق، ثمّ ولى نيابة ملطية، ثمّ تنقل فى عدة ولايات، إلى أن ولى حجوبيّة دمشق، ووقع بينه وبين الأمير شيخ وحشة، حتى كان من أمره ما كان.
وتوفّى الأمير سيف الدين شيخ بن عبد الله السّليمانىّ الظاهرىّ المعروف بالمسرطن «2» ، فى حادى عشر شهر ربيع الآخر حارج دمشق، بعد أن صار أمير مائة ومقدّم ألف بديار مصر، ثمّ نائب صفد، ثمّ نائب طرابلس، ووقع له أمور.
وشيخ هذا، هو ثانى من سمّى بهذا الاسم واشتهر، والأوّل شيخ الصّفوىّ الخاصكىّ المقدم ذكره، والثالث هو شيخ المحمودىّ الملك المؤيد- انتهى.
وتوفّى الوزير الصاحب تاج الدين عبد الرزّاق بن أبى الفرج بن نقولا الأرمنىّ الملكىّ فى رابع شهر ربيع الآخر، بعد ما ولى عدّة وظائف.
كان أوّلا صيرفيّا بقطيا، ثمّ صار كاتبا بها، ثم ولى نظرها، ثمّ استقرّ وزيرا بالدّيار المصرية، ثم أستادارا، ثمّ ولى كشف الوجه البحرى.
قال المقريزى:
كان أولا يسمى بالمعلم، ثمّ سمّى بالقاضى، ثمّ نعت بالصاحب، ثمّ(13/159)
بالأمير، ثمّ بملك الأمراء، كلّ ذلك فى مدّة يسيرة من السنين- انتهى.
وتوفّى الطاغية تيمورلنك كور كان، وقد تقدّم نسبه فى ترجمة الملك الناصر فرج الأولى «1» ، على اختلاف كبير فى نسبه.
مات فى ليلة الأربعاء تاسع عشر شعبان فى هذه السنة- وقيل فى الماضية- وهو نازل بضواحى أترار «2» بالقرب من آهنگران، ومعنى «آهنگران» باللغة العربية «الحدّادون» و «آهنگر» : الحداد، و «كوركان» معناه صهر الملوك، و «لنك» هو الأعرج باللغة العجميّة- انتهى.
وكان سبب موته أنّه خرج من بلاده لأخذ بلاد الصّين- وقد انقضى فصل الصيف ودخل الخريف، وكتب إلى عساكره أن يأخذوا الأهبة لمدة أربع سنين، فاستعدوا لذلك وأتوه من كلّ جهة، وصنع له خمسمائة عجلة لحمل أثقاله.
ثمّ خرج من سمرقند «3» فى شهر رجب وقد اشتد البرد، ونزل على سيحون وهو جامد، فعبره ومرّ سائرا، فأرسل الله عليه من عذابه جبالا من الثلج التى لم يعهد بمثلها مع فوّة البرد الشديد، فلم يبق أحد من عساكره حتى امتلأت آذانهم وعيونهم وخياشيمهم، وآذان دوابهم وأعينها من الثلج، إلى أن كادت أرواحهم تذهب.
ثمّ اشتدت تلك الرّياح، وملأ الثلج جميع الأرض- مع سعتها- فهلكت بهائمهم. وجمد كثير من النّاس، وتساقطوا عن خيولهم موتا.(13/160)
وجاء بعقب هذا الثّلج والرّيح أمطار كالبحار، وتيمور مع ذلك لا يرقّ لأحد، ولا يبالى بما نزل بالناس، بل يجدّ فى السّير، فما أن وصل تيمور إلى مدينة أترار حتى هلك خلق كثير من قوّة سيره.
ثمّ أمر تيمور أن يستقطر له الخمر حتى يستعمله بأدوية حارّة وأفاويه لدفع البرد وتقوية الحرارة، فعمل له ما أراد من ذلك.
فشرع تيمور يستعمله ولا يسأل عن أخبار عساكره وما هم فيه، إلى أن أثّرت حرارة ذلك وأخذت فى إحراق كبده وأمعائه، فالتهب مزاجه حتى ضعف بدنه، وهو يتجلد ويسير السّير السّريع، وأطبّاؤه يعالجونه بتدبير مزاجه إلى أن صاروا يضعون الثلج على بطنه؛ لعظم ما به من التلهب وهو مطروح مدة ثلاثة أيام، فتلفت كبده، وصار يضطرب ولونه يحمرّ، ونساؤه وخواصّه فى صراخ، إلى أن هلك إلى لعنة الله وسخطه، فلبسوا عليه المسوح، ومات ولم يكن معه أحد من أولاده سوى حفيده سلطان خليل ابن ميران شاه بن تيمور وسلطان حسين ابن أخته، فأرادا كتمان موته فلم يخف ذلك على الناس، فتسلطن خليل المذكور بعد جده تيمور، وبذل الأموال، وعاد إلى سمرقند برمّة جده تيمور.
فخرج النّاس إلى لقائه لابسين المسوح بأسرهم، وهم يبكون وبصرخون، ودخل ورمّة تيمور بين يديه فى تابوت أبنوس «1» ، والملوك والأمراء وكافة النّاس مشاة بين يديه، وقد كشفوا رءوسهم وعليهم المسوح، إلى أن دفنوه على حفيده محمد سلطان بمدرسته وأقيم عليه العزاء(13/161)
أيّاما، وقرئت عنده الختمات، وفرّقت الصّدقات، ومدّت الحلاوات والأسمطة بتلك الهمم العظيمة، ونشرت أقمشته على قبره، وعلّقوا سلاحه وأمتعته على الحيطان حوالى قبره، وكلّها ما بين مرصع ومكلل ومزركش، فى تلك القبّة العظيمة، وعلّقت بالقبّة المذكورة قناديل الذّهب والفضّة، من جملتها قنديل من ذهب زنته أربعة آلاف مثقال- وهو رطل بالسّمرقندىّ، وعشرة أرطال بالدّمشقىّ، وأربعون رطلا بالمصرىّ- وفرشت المدرسة بالبسط الحرير والدّيباج.
ثمّ نقلت رمّته إلى تابوت من فولاذ عمل بشيراز «1» ، وهو على قبره إلى الآن، وتحمل إليه النّذورة «2» من الأعمال البعيدة، ويقصد قبره للزّيارة والتّبرّك به، ويأتى قبره من له حاجة ويدعو عنده.
وإذا مرّ على هذه المدرسة أمير أو جليل خضع ونزل عن فرسه إجلالا لقبره، لما له فى صدورهم من الهيبة.
وكان تيمور طويل القامة، كبير الجبهة، عظيم الهامة، شديد القوّة أبيض اللّون مشربا بحمرة، عريض الأكتاف، غليظ الأصابع، مسترسل اللّحية، أشلّ اليد، أعرج اليمنى، تتوقّد عيناه، جهير الصّوت، لا يهاب الموت، قد بلغ الثمانين، وهو متمتّع بحواسه وقوّته.(13/162)
وكان يكره المزّاح ويبغض الكذّاب، قليل الميل إلى اللهو، على أنّه كان يعجبه الصوت الحسن، وكان نقش خاتمه «رستى. رستى» ومعناه:
صدقت نجوت، وكان له فراسات. عجيبة، وسعد عظيم، وحظ زائد فى رعيته، وكان له عزم ثابت، وفهم دقيق، محجاجا سريع الإدراك، متيقّظا يفهم الرّمز ويدرك اللّمحة، ولا يخفى عليه تلبيس ملبّس، وكان إذا عزم على شىء لا ينثنى عنه؛ لثلّا ينسب إلى قلة الثبات، وكان يقال له صاحب قران الأقاليم السبعة، وقهرمان «1» الماء والطين، وقاهر الملوك والسّلاطين، وكان مغرما بسماع التّاريخ وقصص الأنبياء عليهم السّلام ليلا ونهارا، حتى صار- لكثرة سماعه للتّاريخ- يردّ على القارى إذا غلطّ فيها، وكان يحبّ العلم والعلماء، ويقرّب السّادة الأشراف، ويدنى أرباب الفنون والصّنائع.
وكان انبساطه بهيبة ووقار، وكان يباحث أهل العلم وينصف فى بحثه، ويبغض الشّعراء والمضحكين، ويعتمد على أقوال الأطبّاء والمنجمين، حتى إنّه كان لا يتحرّك بحركة إلا باختيار فلكىّ.
وكان يلازم لعب الشّطرنج- وقد خرجنا عن المقصود فى التّطويل فى ترجمة تيمور المذكور، استطرادا لكثرة الفائدة، وقد استوعبنا أحواله مستوفاة فى «المنهل الصّافى» فلينظر هناك- انتهى.
أمر النّيل فى هذه السّنة: الماء القديم ذراعان سواء، مبلغ الزّيادة ثمانية عشر ذراعا وثلاثة وعشرون إصبعا.(13/163)
[ما وقع من الحوادث سنة 809]
السنة الثانية من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر وهى سنة تسع وثمانمائة.
فيها توفّى الشّريف بدر الدّين حسن بن محمد بن حسن الحسنىّ العلوىّ «1» النّسابة شيخ خانقاة بيبرس، فى ليلة السّبت سادس عشر شوال عن سبع وثمانين سنة.
وتوفّى الشيخ الإمام العالم بدر الدّين أحمد بن محمد الطّنبذىّ «2» الشافعىّ، فى حادى عشرين شهر ربيع الأول، وكان من أعيان الفقهاء الشافعية، معدودا من العلماء الأذكياء، غير أنّه كان مسرفا على نفسه، يميل إلى اللذّات التى تهواها النفوس، والتّهتكات.
قلت: وهو من النوادر على قول الحافظ الذهبىّ؛ فإنه قال:
النوادر ثلاثة:
شريف سنى، ومحدّث صوفى، وعالم متهتّك.
وتوفّى الشيخ الإمام العالم العلامة زادة الخرزبانىّ «3» العجمىّ الحنفىّ، شيخ الشيوخ بخانقاة شيخون فى يوم الأحد آخر ذى القعدة، ودفن من يومه بخانقاة شيخون، وكان من أعيان السّادة الحنفيّة، وله اليد الطولى فى العلوم العقلية والأدبيّات، علّامة زمانه فى ذلك، استدعاه الملك الظّاهر برقوق من بغداد إلى الديّار المصرية لعظم صيته،(13/164)
وقدم القاهرة وتصدّى للإقراء والتّدريس سنين عديدة، وانتفع به عامّة الطلبة من كلّ مذهب- رحمه الله تعالى- وهو غير زادة والد الشيخ محبّ الدين الإمام ابن مولانا زادة، وقد تقدّم ذكر ذلك فى حدود سنة تسعين وسبعمائة، واسمه أحمد، وشهرته زادة، أمّا زادة هذا فإنّ اسمه زادة لا غير.
وتوفّى الأمير ركن الدين عمر بن قايماز «1» الأستادار، فى يوم الاثنين أوّل شهر رجب، وقد تنقّل فى عدّة وظائف [هى] :
شدّ الدّواوين، والوزر، والأستاداريّة- غير مرّة- وهو صاحب السّبيل خارج الحسينيّة، الذي جدّده زين الدين يحيى الأستادار فى زماننا هذا.
وتوفّى ملك العرب سيف الدّين نعير بن حيّار بن «2» مهنّا، قتله الأمير جكم من عوض نائب حلب بقلعة حلب، بعد أن أمسكه وسجنه، وكان من أجلّ ملوك العرب، وقد تقدّم ذكره فى عدّة مواضع من هذا التاريخ.
وتوفّى الأمير ناصر الدّين محمد بن سنقر البكجرىّ أستادار السّلطان فى جمادى الآخرة بحلب، وبيت ابن سنقر بيت معروف بالرياسة والتّحشم.
وتوفّى قاضى القضاة علاء الدّين على ابن قاضى القضاة بهاء الدّين أبى البقاء محمد بن عبد البر السبكى «3» الشافعىّ، قاضى قضاة دمشق، فى ليلة الأحد ثانى عشر شهر ربيع الآخر بدمشق.(13/165)
وتوفّى الشيخ شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن محمد بن الجواشنىّ «1» ، الحنفىّ بدمشق، فى ليلة الأحد سادس عشر جمادى الآخرة.
وتوفّى الشيخ محمد بن أحمد بن محمد المعروف بابن فهيد «2» المغربىّ، فى يوم الاثنين رابع عشرين جمادى الآخرة، وكان للناس فيه اعتقاد، وكان له تنسّك وعبادة، وصحب الشيخ عبد الله اليافعىّ «3» وخدمه مدّة بمكة، ثمّ قدم القاهرة، وصحب الأمير طشتمر العلائىّ الدّوادار فى أيّام الأشرف شعبان، فنوّه طشتمر بذكره حتى صار يعدّ من الأعيان الأغنياء إلى أن مات.
وتوفّى قاضى القضاة زين الدين أبو هريرة عبد الرحمن بن يوسف بن أحمد بن الحسن بن سليمان بن فزارة بن بدر بن محمد بن يوسف الكفرى «4» - بفتح الكاف- الحنفىّ قاضى قضاة دمشق ثمّ الدّيار المصريّة، فى ثالث شهر ربيع الآخر، ومولده فى سنة خمسين وسبعمائة، وأحضر على محمد بن إسماعيل بن الخباز، وسمع على بشر بن إبراهيم بن محمود البعلبكىّ، وتفقّه بعلماء عصره حتى برع فى الفقه والأصلين والعربية وشارك فى عدّة فنون، وأفتى ودرّس، وتولّى قضاء دمشق هو وأبوه وأخوه وجدّه، ثم قدم القاهرة فى سنة ثلاث وثمانمائة أو بعدها بيسير، وولى قضاء الدّيار المصرية، وحمدت سيرته إلى أن مات- رحمه الله تعالى.
أمر النّيل فى هذه السّنة: الماء القديم ذراعان ونصف، مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعا ونصف.(13/166)
[ما وقع من الحوادث سنة 810]
السنة الثالثة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر وهى سنة عشر وثمانمائة.
فيها تجرّد السلطان إلى البلاد الشامية سفرته الرّابعة التى أمسك فيها الأمير شيخا المحمودىّ، والأتابك يشبك الشّعبانىّ، ثم فرّا من سجن قلعة دمشق حسبما تقدم.
وفيها توفّى الأمير سيف الدين سودون بن عبد الله الظاهرىّ «1» المعروف بالطّيار، أمير سلاح، فى ليلة الثلاثاء ثامن عشرين شوّال، وحضر السّلطان الملك النّاصر الصلاة عليه بمصلاة المؤمنى، وكان مشكور السيرة، شجاعا، يندب للمهمّات، وله محبة فى أهل العلم والصلاح، وسمّى بالطيّار لأنه خرج من ديار مصر فى ليلة موكب ووصل إلى دمشق، ثمّ عاد إلى مصر فى ليلة موكب آخر على خيل البريد، ومعه دواداره الأمير أسنبغا الطّيارى، وهذا السّير لم يسمع بمثله فيما مضى من الأعصار من أنه يقطع ثمانين بريدا فى نحو أربعة أيّام.
وهذا الخبر مستفاض بين النّاس يعرفه كل أحد، غير أننى لم أسأل عن ذلك من الأمير أسنبغا الطّيارىّ المذكور تهاونا حتى مات، غير أنّ ولده الشهابى أحمد أخبرنى بذلك هو وغيره- انتهى.(13/167)
وتوفّى الشيخ الإمام العالم العلّامة فريد عصره سيف الدين يوسف ابن محمد بن عيسى السيرامىّ «1» العجمىّ الحنفىّ شيخ الشيوخ بالمدرسة الظاهرية البرقوقيّة ببين القصرين، فى ليلة السبت حادى عشرين شهر ربيع الأوّل بالقاهرة، وكان منشؤه بتبريز «2» ، وأقام بها حتى طرقها تيمورلنك، فخرج منها وسار إلى حلب وأقام بها إلى أن استدعاه الملك الظّاهر برقوق، وقرّره فى مشيخة مدرسة البرقوقية ببين القصرين بعد وفاة العلّامة علاء الدين السيرامىّ [فى جمادى الأولى] «3» فى سنة تسعين وسبعمائة، فدام بها إلى أن مات فى هذه السّنة، وتولى المشيخة بعده ولده العلّامة نظام الدين يحيى، الآتى ذكر وفاته فى سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة.
وتوفّى الأمير سيف الدين شاهين بن عبد الله الظاهرىّ، أحد مقدمى الألوف بالديار المصريّة- المعروف بقصقا بن قصير- فى ليلة الجمعة ثامن ذى القعدة، وكان من أشرار القوم القائمين فى الفتن، وفرح السلطان بموته.
وتوفّى الأمير الطواشىّ زين الدين مقبل بن عبد الله [الظّاهرى المعروف] «4» بالرومىّ، زمام الدّار السلطانىّ، فى يوم السبت أوّل ذى الحجة، وترك مالا كثيرا، وهو صاحب المدرسة بخط البندقيّين من القاهرة، ويقام بها خطبة وجمعة.
وتوفّى شمس الدّين محمد الشّاذلىّ الإسكندرىّ محتسب القاهرة ومصر فى يوم الجمعة ثانى صفر.
قال الشيخ تقي الدين المقريزىّ: وكان عاريا من العلوم، كان(13/168)
خرد فوشيّا «1» بالإسكندرية فترّقى بالبذل والبرطيل- انتهى.
وتوفّى الأمير ناصر الدين محمد ابن الأمير جمال الدين محمود الأستادار- فتيلا- بالقاهرة، وكان من جملة أمراء الطبلخانات فى حياة والده، وولى نيابة الإسكندريّة، ثمّ نكب مع والده، وصودر، وأطلق بعد مدّة إلى أن اختفى بعد واقعة على باى لأمر أوجب ذلك، وهرب إلى الشّام، وأقام به مدّة، ثمّ قدم إلى القاهرة متنكّرا، فدلّ عليه فأخذ وقتل، وكان غير مشكور السّيرة.
وتوفّى الأمير سيف الدين سودون بن عبد الله الحمزاوى «2» الظاهرى الدّوادار الكبير بسيف الشّرع بالقاهرة، وكان أصله من مماليك الملك الظّاهر برقوق وخاصكيته، ثمّ ترّقى بعد موته إلى أن ولى نيابة صفد بعد أمور وقعت له بمصر، فدام بصفد مدّة إلى أن طلب إلى مصر. واستقرّ خازندارا، ثمّ شادّ الشراب خاناة، ثمّ صار دوادارا كبيرا بعد خروج الملك النّاصر فرج من بيته وعوده إلى الملك، عوضا عن سودون الماردانى، ودام على ذلك إلى أن خرج الملك الناصر إلى البلاد الشّامية وعاد، فتخلف عنه سودون الحمزاوى هذا مغاضبا له.
ودام بالبلاد الشّاميّة إلى أن قدم غزّة هو وجماعة من الأمراء وطرقهم الأمير شيخ المحمودىّ فواقعوه فقتل إينال باى بن قجماس وغيره(13/169)
من الأمراء، وقبض على سودون هذا بعد أن قلعت عينه، وسجنه شيخ إلى أن تجرّد الملك النّاصر إلى الشّام أخذه وعاد به إلى مصر، وطلب القضاة وأثبت عندهم إراقة دمه لقتله إنسانا ظلما. فقتل فى شهر ربيع الآخر، وقتل معه دواداره بربغا، وسودون الحمزاوى هذا هو أستاذ الأمير قانى باى الحمزاوى نائب دمشق الآن.
ثمّ قتل السلطان جماعة من الأمراء ممن كان قبض عليهم وهم:
الأمير آقبردى، والأمير جمق، والأمير أسنباى التركمانى، والأمير أسنباى أمير آخور، وقد تقدّم ذكر قتل الجميع فى ترجمة الملك الناصر غير أنّنا نذكرهم هنا ثانيا كون هذا المحل مظنّة الكشف عن ذلك.
وتوفّى الأمير سيف الدين منطوق نائب قلعة دمشق- قتيلا- وسبب قتله أنّ الملك الناصر لمّا أمسك شيخا ويشبك وحبسهما عنده بقلعة دمشق أطلقهما ونزل الجميع إلى مدينة دمشق؛ فاختفى شيخ بالمدينة وخرج منطوق هذا ويشبك، فندب إليهم الملك الناصر الأمير بيغوت، فلحق بيغوت منطوقا هذا لثقل بدنه، وفر يشبك، فقطع بيغوت رأسه وحمله إلى الملك الناصر.
وفيها أيضا قتل الأتابك يشبك الشّعبانىّ، والأمير جركس القاسمىّ المصارع، قتلهما الأمير نوروز الحافظىّ على بعلبكّ فى شهر ربيع الآخر، وقد مرّ كيفيّة قتلهما مفصّلا فى ترجمة الملك النّاصر فلا حاجة للتكرار هنا ثانيا، وكلّ منهما قد مرّ ذكره فى ترجمة الملك النّاصر فى غير موضع، وأيضا ففى شهرتهما ما يغنى عن ذكرهما- انتهى.
أمر النّيل فى هذه السنة: الماء القديم ثلاثة أذرع ونصف، مبلغ الزّيادة تسعة عشر ذراعا وعشرة أصابع.(13/170)
[ما وقع من الحوادث سنة 811]
السنة الرابعة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر وهى سنة إحدى عشرة وثمانمائة.
فيها توفّى قاضى القضاة كمال الدين أبو حفص عمر بن إبراهيم بن محمد [بن عمر ابن عبد العزيز] «1» الحلبىّ الحنفى ابن أبى جرادة، المعروف بابن العديم، قاضى قضاة حلب ثمّ الدّيار المصريّة بها- وهو قاض- فى ليلة السبت ثانى عشر جمادى الآخرة، ومولده بحلب فى سنة إحدى «2» وسبعين وسبعمائة، ودفن بالحوش المجاور لتربة طشتمر حمّص أخضر بالصّحراء.
وتولّى القضاء من بعده ابنه قاضى القضاة ناصر الدين محمد بسفارة الوالد؛ لكونه كان متزوّجا بإحدى أخواتى، وكان القاضى كمال الدّين المذكور رئيسا عالما فاضلا حشما، وجيها عند الملوك وقورا، وله مكارم وأفضال، وقد ثلبه الشيخ تقىّ الدّين المقريزىّ بأمور هو برىء عنها؛ لأمر كان بينهما- عفى الله عنهما.
وتوفّى الأمير سيف «3» الدّين يلبغا بن عبد الله السّالمىّ الظّاهرىّ الأستادار- خنقا- بعد عصر يوم الجمعة بسجن الإسكندريّة.
قال المقريزىّ: «وكان مخلّطا خلط العمل الصّالح بعمل سيّئ» وساق حكاياته فى عدّة أسطر، وقد ذكرنا معنى كلامه وأزيد فى حقّ السّالمىّ فى ترجمة الملك الظّاهر برقوق، ثمّ فى ترجمة الملك النّاصر مفصّلا إلى يوم وفاته، وفى ذلك كفاية عن الإعادة.(13/171)
وهو ممّن قتله جمال الدّين الأستادار، وكان يلبغا المذكور له همّة عالية، ومعرفة تامّة، وعقل وتدبير مع دين وعبادة هائلة، وعفّة عن المنكرات والفروج، وقد ولى الأستاداريّة غير مرّة، ونفذ الأمور على أعظم وجه وأتمّ حرمة حسبما تقدّم ذكره.
وتوفّى الأمير سيف الدّين بشباى بن عبد الله من باكى الظّاهرىّ «1» رأس نوبة النّوب فى ليلة الأربعاء رابع عشرين جمادى الآخرة، ودفن بالقرافة، وهو أحد أعيان المماليك الظّاهريّة الخاصّكيّة، وترقّى من بعده إلى أن صار حاجبا بدمشق، ثمّ حاجبا ثانيا بمصر، ثمّ ولى حجوبيّة الحجّاب بها، ثمّ نقل إلى رأس نوبة النّوب، وكان من أعيان الأمراء وأكابر المماليك الظّاهرية، غير أنّ المقريزىّ لمّا ذكر وفاته قال: وكان ظالما غشوما غير مشكور السّيرة- انتهى.
وتوفّى الأمير سيف الدين أرسطاى بن عبد الله [الظاهرى] «2» رأس نوبة النّوب- كان- ثمّ نائب إسكندريّة بها، فى نصف شهر ربيع الآخر، وكان جليل القدر، عاقلا سيوسا، طالت أيّامه فى السعادة إلّا أنه كان يرتفع ثمّ ينحطّ، وقع له ذلك غير مرّة.
وتوفّى الأمير الكبير ركن الدين بيبرس بن عبد الله «3» ، وابن أخت الملك الظّاهر برقوق- قتيلا- بسجن الإسكندريّة، وقتل معه الأمير سودون الماردانىّ الدّوادار الكبير، والأمير بيغوت نائب الشّام- كان- وقد مرّ من ذكر هؤلاء الثّلاثة نبذة كبيرة تعرف منها أحوالهم لا سيّما عند خلع الملك النّاصر فرج وسلطنة أخيه المنصور عبد العزيز.(13/172)
وتوفّى الشّريف ثابت بن نعير بن منصور بن جمّاز بن شيحة الحسينىّ «1» ، أمير المدينة النبويّة- على ساكنها أفضل الصّلاة والسلام- فى صفر، وتولّى إمرة المدينة من بعده أخوه عجلان «2» بن نعير.
وتوفّى الوزير الصّاحب فخر الدّين ماجد- ويسمّى أيضا محمد- بن عبد الرّزّاق «3» ابن غراب فى عشر ذى الحجّة- مقتولا- بيد جمال الدين الأستادار.
وكان فخر الدّين هذا أسنّ من سعد الدين أخيه، غير أنّ سعد الدين كان نوعا وهذا نوع آخر، كان فيه حدّة مزاج، وشراسة خلق، بضدّ ما كان فى أخيه سعد الدين، وكان يلثغ بالجيم، يجعلها زايا، فكان إذا طلب أحدا يقول: «جبّوا» إلىّ ويكرّرها، وهو يبدّل الجيم بالزّاى فتضحك الناس من ذلك أوقاتا، وقد تنقّل فى عدّة وظائف كالوزر، ونظر الجيش، والخاصّ فيما أظنّ.
وتوفّى الأديب شمس الدين محمد بن إبراهيم بن بركة العبدلىّ الدّمشقىّ الشّهير بالمزيّن [صنعته] «4» الشاعر المشهور، فى شعبان، ومولده فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بدمشق.
قال لى غير واحد من أصحابه: كان شيخا ظريفا فاضلا أديبا، معاشرا للأكابر والأعيان، ورأى الشّيخ جمال الدين محمد بن نباتة «5» ، وابن الوردىّ «6» ،(13/173)
والصّفدىّ «1» وغيرهم، وكان له شعر رائق، من ذلك أنشدنا الشيخ جمال الدين عبد الله الدّمشقىّ قال: أنشدنى الأديب شمس الدين المزيّن من لفظه لنفسه [الوافر]
تقول مخدّتى لمّا اضطجعنا ... ووسدّنى حبيب القلب زنده
قصدتم عند طيب الوصل هجرى ... خذونى تحت رأسكم مخدّه
وله فى دواة: [السريع]
أنا دواة يضحك الجود من ... بكا يراعى جلّ من قد براه
دلّوا على جودى من مسّه ... داء من الفقر فإنّى دواه
قلت: وهذا يشبه قول القائل، ولم أدر من السّابق لهذا المعنى:
هذى دواة للعطا والسّخا ... ومنبع الخير وبحر الحياه
قد فتحت فاها وقالت لنا ... من مسّه الفقر فإنّى دواه
أمر النّيل فى هذه السنة: الماء القديم أربعة أذرع سواء، مبلغ الزّيادة سبعة عشر ذراعا وإصبع واحد.(13/174)
[ما وقع من الحوادث سنة 812]
السنة الخامسة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر وهى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة.
فيها تجرّد الملك النّاصر إلى البلاد الشامية تجريدته الخامسة التى حصر فيها الأمير شيخا ورفقته بصرخد.
وفيها كانت قتلة جمال الدين يوسف بن أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن قاسم البيرىّ البجاسىّ «1» الأستادار، فى ليلة الثلاثاء حادى عشر جمادى الآخرة، بعدما أخذ منه نيّف على ألف ألف دينار فى أيّام مصادرته، وهو تحت العقوبة على نقذات «2» متفرّقة. وقد تقدم ذكر مسكه فى ترجمة الملك الناصر فرج عند قدومه من الشّام بمدينة بلبيس، وكان ظالما جبّارا سفّاكا الدّماء مقداما، وكان أعور قصيرا دميما كره المنظر. وكان أوّلا يتزيّا بزىّ الفقهاء، ثمّ تزيّا بزىّ الجند، وخدم بلاصيّا [عند الشيخ على كاشف، ثمّ عند غيره] «3» ولا زال يترقّى حتى كان من أمره ما كان، وهو أحد من كان سببا لخراب البلاد؛ من كثرة ما قتل من مشايخ العربان وأرباب الأدراك، واستولى على أموالهم، وأمّا من قتله من الكتّاب والأعيان فلا يحصى ذلك كثرة، وحسابه على الله تعالى.
وتوفّى الشيخ الإمام العالم العلّامة نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر الشّشترى(13/175)
البغدادىّ «1» الحنبلىّ مدرس المدرسة الظاهرية- برقوق- بالقاهرة فى حادى عشرين صفر.
وكان إماما عالما فقيها محدّثا، أفتى ودرّس سنين ببغداد، ثمّ بالقاهرة، وهو والد قاضى القضاة عالم زماننا محبّ الدين أحمد بن نصر الله الآتى ذكره فى محله إن شاء الله تعالى.
وتوفّى الأمير سيف الدين آقباى بن عبد الله الطّرنطائىّ الظاهرى رأس نوبة الأمراء، المعروف بآقباى الحاجب- لطول مكثه فى الحجوبيّة- فى ليلة الأربعاء سابع عشر جمادى الآخرة.
ونزل السّلطان الملك النّاصر إلى داره، ثمّ تقدّم راكبا إلى مصلّاة المؤمنىّ فصلّى عليه، ثمّ شهد دفنه، وترك آقباى مالا كثيرا، أخذ الملك النّاصر غالبه، وكان آقباى المذكور عاقلا، سيوسا عفيفا عن المنكرات إلّا أنّه كان بخيلا شرها فى جمع المال.
وتوفّى الأمير سيف الدين طوخ بن عبد الله [الظاهرى] «2» الخازندار، وهو أمير مجلس، فى آخر جمادى الآخرة بالقاهرة، والعامّة تسمّى طوخ هذا «طوق الخازندار» وكان من أعيان الأمراء، وله الكلمة فى الدّولة.
وتوفّى الأمير سيف الدين بلاط بن عبد الله، أحد مقدّمى الألوف بالدّيار المصريّة- مقتولا بالإسكندرية- لم أقف له على ترجمة ولم أعرف من حاله شيئا غير ما ذكرت.
وتوفّى السّيّد الشّريف جمّاز بن هبة الله بن جمّاز بن منصور الحسينىّ أمير المدينة النّبويّة- مقتولا- فى جمادى الآخرة بالفلاة، وهو فى عشر السّتين، وكان ولى إمرة المدينة ثلاث مرار، آخرها فى سنة خمس وثمانمائة.(13/176)
وتوفّى الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الله بن أبى بكر القليوبىّ الشّافعىّ شيخ شيوخ خانقاة سرياقوس- بها- فى يوم الخميس ثانى عشرين جمادى الأولى، وكان فقيها فاضلا، وله مشاركة فى فنون.
وتوفّى السيّد الشّريف أحمد بن ثقبة بن رميثة بن أبى نمىّ الحسنىّ المكّىّ بمكة فى المحرم.
وكان الشريف عنان بن مغامس فى ولايته الأولى على مكة أشركه معه، ثمّ وقع له أمور حتى مات وهو مكحول، وكان ابن أخته الشريف محمد بن عجلان، وكبيش بن عجلان قد خافا منه فأكحلاه، وقتل ابن أخته المذكور بعد ثلاثة أشهر، وكبيش المذكور بعد ستة أشهر.
وتوفّى أمير زة محمد بن أمير زة عمر شيخ ابن الطاغية تيمور لنك فى المحرّم- مقتولا- على يد بعض وزرائه، وكان مشكور السّيرة، وقام من بعده بمملكة جغتاى أخوه أمير زة إسكندر شاه بن عمر شيخ بن تيمور لنك.
ومن غريب الاتّفاق أنّ إسكندر شاه المذكور، لمّا ملك بعد قتل أخيه محمد المقدّم ذكره أحضر من كان عمل على قتله، ووبخه فى الملأ، فأجابه الرجل بأن قال: وما عملت معك إلّا خيرا، لولا قتلته ما نابك الملك، فأسرع إسكندر شاه بقتله خوفا من أن يتّهمه أحد بقتل أخيه المذكور فى الباطن.
أمر النّيل فى هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرع سواء، مبلغ الزّيادة عشرون ذراعا سواء.(13/177)
[ما وقع من الحوادث سنة 713]
السنة السادسة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر وهى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة.
فيها كان الطاعون بالديار المصريّة، ومات منه عدة كبيرة من الناس.
وفيها تجرّد السّلطان الملك الناصر إلى البلاد الشّامية تجريدته السادسة، وحاصر شيخا ونوروزا بالكرك بعد أن وصل فيها إلى أبلستين وعاد.
وفيها استقرّ الوالد فى نيابة الشّام ثالث مرّة، واستقرّ شيخ فى نيابة حلب، ونوروز فى نيابة طرابلس.
وفيها توفّى الرئيس مجد الدين عبد الغنى بن الهيصم «1» ناظر الخواصّ الشريفة بالدّيار المصرية فى ليلة الأربعاء العشرين من شعبان بعد قدومه من دمشق بأيّام، وهو والد الصّاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيضم، وأخو الصّاحب تاج الدّين عبد الرّزّاق الآتى ذكرهما فى محلهما.
وتوفّى الأمير سيف الدين قجاجق بن عبد الله [الظاهرى] «2» الدّوادار الكبير فى سادس المحرم، ودفن بتربته التى أنشأها بالصّحراء، وكان من أصاغر خاصّكيّة الملك الظاهر برقوق ومماليكه، وترقّى فى الدولة الناصرية حتى ولى الدّواداريّة الكبرى بعد الأمير سودون الحمزاوىّ، وكان مليح الشكل، لم يشهر بشجاعة ولا إقدام، ولهذا المعنى، ولعدم شرّه رقّاه الملك الناصر واختصّ به.
حضر مرّة عند جمال الدين البيرىّ الأستادار، وكان بينهما صحبة أكيدة، وكان بإحدى عينى جمال الدين خلل، فجلس قجاجق بعد أن سلّم على جمال الدين من(13/178)
جهة عينه الذّاهبة، واشتغل جمال الدين بمباشرته بسرعة لأجل قجاجق المذكور، وأخذ يكتب على القصص ويرميها لينهى أمره، فأخذ قجاجق قصّة منها ورمّل عليها، فعرف أصحاب جمال الدين ما فعله قجاجق المذكور فقام إليه وأهوى على يده ليقبّلها ثمّ قدّم له تقدمة هائلة.
وتكلّم الناس بهذه الحكاية، فصار من هو أجنبي عن الرياسة ومداخلة الملوك، وعديم المعرفة برتب أرباب الوظائف يقول: كان قجاجق يرمّل على جمال الدين، وكيف ذلك والدّوادار الكبير لا يرمّل على السّلطان وإنما يرمّل على كتابة السلطان رأس نوبة النّوب؟! وفى هذا كفاية.
وبالجملة فإنّ هذه الحكاية تدلّ على أنّ قجاجق كان ساقط المروءة لأنّ قردم الخازندار كان أنزل رتبة من قجاجق ولم يدخل إلى جمال الدين ولم يسأله حاجة فى عمره، وعجز جمال الدين فى ترضّيه فلم يرض ولم يدخل إليه، فأين هذا من ذاك؟! - انتهى.
وتوفّى قاضى القضاة تقىّ الدين عبد الرحمن ابن تاج الرّياسة محمد بن عبد الناصر المحلّىّ الدّميرىّ الزّبيرىّ «1» الشافعىّ فى يوم الأحد أوّل شهر رمضان، ومولده فى سنة أربع وثلاثين وسبعمائة.
ولى قضاء الديار المصرية بعد الصّدر المناوىّ نحو ثلاث سنين، وحسنت سيرته لمعرفته بالشروط والأحكام، ولعفّته أيضا عن كلّ قبيح.
وكان نشأ ببلده بالزّبيريّات من قرى الغربية من أعمال القاهرة، وسلك النواحى، وطلب العلم، وسمع على أبى الفتح الميدومىّ وغيره، وقرأ على أبيه القراءات وغيره، وتفقّه بجماعة.(13/179)
ثمّ قدم القاهرة، وتزوّج بابنة قاضى القضاة موفّق الدين عبد الله الحنبلىّ، وباشر توقيع الحكم مدّة طويلة.
ثمّ ناب فى الحكم عن القضاة بالقاهرة دهرا، وعلا سنّه، وعرف بالديانة والصّيانة، إلى أن طلبه الملك الظاهر برقوق فى يوم الخميس ثالث عشرين جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وسبعمائه على حين غفلة، وفوّض إليه قضاء القضاة الشافعية عوضا عن المناوىّ بحكم عزله.
ودام فى القضاء حتى صرف أيضا بالمناوىّ فى شهر رجب سنة إحدى وثمانمائة، فلزم المذكور داره، وترك ركوب البغلة وصار يمشى فى الطّرقات، وطرح الاحتشام إلى أن مات- رحمه الله- ودفن بتربة الصّوفيّة خارج القاهرة.
وتوفّى ملك الروم سليمان بن أبى يزيد بن عثمان «1» - مقتولا- وملك بعده أخوه موسى الجزيرة الرّومية وأعمالها؛ وملك محمد بن عثمان العزبة «2» الخضراء وأعمالها، ويقال لها بالرّومية برصا.
وتوفّى الأمير زين الدين قراجا بن عبد الله الظاهرىّ «3» الدوادار الكبير بمنزلة الصالحية- متوجّها مع السّلطان الملك الناصر إلى دمشق- فى يوم الأربعاء ثالث عشر شهر ربيع الآخر، ودفن بها، وكان أصله من خاصّكيّة الملك الظاهر برقوق، ثمّ صار بجمقدارا «4» ، وعرف بقراجا البجمقدار.
ثمّ تأمّر فى الدولة الناصرية- فرج- وترقّى حتى صار شاد الشّراب خاناة.(13/180)
ثمّ ولى الدوادارية الكبرى بعد موت قجاجق، فلم تطل مدّته فيها، ولزم الفراش إلى أن خرج صحبة السّلطان فى محفّة ومات بالصالحية، وكان أميرا عاقلا ساكنا مشكور السيرة.
وتوفّى شمس الدين محمد بن عبد الخالق المناوىّ «1» ، المعروف ببدنة وبالطّويل أيضا فى شهر رجب بعد ما ولى حسبة القاهرة، ووكالة بيت المال، ونظر الكسوة، ونظر الأوقاف؛ الجميع بالسّعى والبذل، وكان عاريا من العلم.
وتوفّى الأمير سيف الدين قراتنبك بن عبد الله الظاهرىّ الحاجب، أحد أمراء الطّبلخانات بالديار المصرية- بها- فى أوّل شوّال، وكان ممّن ترقّى فى الدولة الناصرية فى أيام الفتن.
وتوفّى القان غياث الدين أحمد ابن الشيخ أويس ابن الشيخ حسن ابن الشيخ حسين بن آقبغا بن إيلكان «2» ، صاحب بغداد والعراق- مقتولا- فى ليلة الأحد آخر شهر ربيع الآخر.
وكان أول سلطنته بعد وفاة أبيه فى صفر سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وقد نكب فى ملكه غير مرّة، وقدم القاهرة فى دولة الملك الظّاهر برقوق وقد تقدّم ذكر قدومه إلى القاهرة، وتلقى الملك الظّاهر له، وأيضا ذكر خروجه وسفر السّلطان معه إلى البلاد الشّامية، كلّ ذلك فى ترجمة الملك الظّاهر برقوق الثانية، فلينظر هناك «3» فإن فيه ملحا.
ثمّ إنّ السّلطان أحمد هذا قدم إلى دمشق ثانيا فى الدّولة النّاصريّة- فرج- فقبض عليه الأمير شيخ المحمودىّ نائب الشّام وحبسه بقلعة دمشق مدّة إلى أن أطلقه وعاد إلى بلاده.(13/181)
ووقع له أمور حكيناها فى ترجمته فى تاريخنا «المنهل الصّافى والمستوفى بعد الوافى» مفصلا إلى أن مات.
وكان القان أحمد هذا ملكا جليلا شجاعا كريما، فصيحا باللّغات الثلاث:
العربية والعجمية والتركية، وينظم فيها الشعر الحسن، وكان يحبّ اللهو والطّرب، ويحسن تأدّى الموسيقى إلى الغاية، وله فيه أيضا التصانيف اللطيفة، غير أنّه كان مسرفا على نفسه جدا، سفّاكا للدّماء، منعكفا على المعاصى- سامحه الله تعالى- ومما ينسب إليه من الشّعر باللغة العربية قوله- رحمه الله- فى محموم: [الكامل]
حمّك ما قربت حماك لعلّة ... إلّا تروم وتشتهى ما أشتهى
لو لم تكن مشغوفة بك فى الهوى ... ما عانقتك وقبّلت فاك الشهى
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم سبعة أذرع سواء، مبلغ الزّيادة تسعة عشر ذراعا وأحد وعشرون إصبعا.(13/182)
[ما وقع من الحوادث سنة 714]
السنة السابعة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر وهى سنة أربع عشرة وثمانمائة.
فيها تجرد السّلطان إلى البلاد الشّامية تجريدته السّابعة، وهى التى قتل فيها فى أوائل سنة خمس عشرة وثمانمائة- حسبما تقدّم ذكره.
وفيها قتل الأمير سيف الدين تمراز بن عبد الله النّاصرىّ «1» الظاهرىّ نائب السّلطنة بالدّيار المصرية بسجنه بثغر الإسكندريّة، وكان من أجلّ الأمراء، كان تركى الجنس اشتراه الملك الظاهر برقوق وهو أتابك، ورقّاه بعد سلطنته حتى جعله أمير مائة ومقدّم ألف بالدّيار المصرية.
ثمّ حبس بعد عزله بثغر الإسكندرية مدّة ثمّ أطلق، وصار على عادته أمير مائة ومقدّم ألف، وولى نيابة الغيبة لما خرج السلطان لقتال تيمور.
ثمّ استقرّ بعد ذلك أمير مجلس، وانضمّ على الأتابك يشبك الشعبانى، وحبس معه ثانيا.
ثمّ أطلق واستقر أمير سلاح، ثم خرج مع يشبك أيضا إلى البلاد الشاميّة وواقع السّلطان بالسعيدية، ثمّ أعيد إلى رتبته أيضا بمصر مدّة، ثمّ استقرّ فى نيابة السلطنة بالديار المصرية مدّة طويلة، ثمّ فرّ من السّلطان فى ليلة بيسان وتوجّه إلى الأمير شيخ ونوروز فدام عندهما مدة.
ثمّ عاد إلى طاعة الملك الناصر بعد أمور حكيناها فى ترجمة الملك الناصر، فأكرمه الملك الناصر وأعاده إلى رتبته مدّة، ثمّ قبض عليه وحبسه بثغر الإسكندريّة إلى أن أراد السلطان السفر إلى البلاد الشامية فأمر بقتله،(13/183)
فقتل بالإسكندريّة، وكان تمراز رأسا فى لعب الرّمح، ونسبته بالنّاصرى لتاجره الذي جلبه الخواجا ناصر الدين، وقيل إنّ الملك المؤيد شيخا قال يوما: إن كان الملك الناصر فرج يدخل الجنة فيدخلها بقتل تمراز، فقيل له: وكيف ذلك؟ قال:
لأن تمراز عصى على الملك النّاصر غير مرّة وهو يقابله بالإحسان ويترضيه بكل ما يمكن حتى خلع عليه باستقراره فى نيابة السّلطنة بالدّيار المصرية؛ كل ذلك حتى يثبت على طاعته، فلم يثبت تمراز بعد ذلك إلا نحو السنة أو أكثر، وفرّ من الملك الناصر فى ليلة بيسان، وقدم علينا ووافقنا على الخروج على السّلطان، فقلت فى نفسى: وما عسى أن أفعل معه وقد ترك نيابة السّلطنة لأجلى؟ فلم أجد بدّا من أن أجلسه مكانى وأكون فى خدمته، ففعلت ذلك فأبى وأقسم إلا أن يكون من جملة أصحابى، ودام معنا مدّة طويلة، ثمّ تركنا وعاد إلى طاعة الملك النّاصر، فتلقّاه الملك الناصر وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف، وقد تفكّر فى نفسه أنّه كان ولّاه نيابة السلطنة فما قنع بذلك فبماذا يرضيه الآن؟ فلم يجد بدّا من القبض عليه وقتله، فكان هذا جزاءه- انتهى.
وفيها قتل أيضا الأمير سيف الدّين خيربك بن عبد الله الظّاهرى نائب غزّة، ثمّ أحد مقدّمى الألوف بالدّيار المصرية بثغر الإسكندرية فى تاسع شوّال، وقد مرّ من ذكره ما يعرف به أحواله، على أنّه كان من أوساط الأمراء الظّاهريّة.
وفيها أيضا قتل الأمير سيف الدين جانم [بن عبد الله] «1» من حسن شاه الظاهرىّ نائب طرابلس، ثمّ أمير مجلس- على سمنود، قتله الأمير طوغان الحسنى الدّوادار(13/184)
بأمر الملك الناصر حسبما تقدم ذكره مفصلا فى ترجمة الملك الناصر، وكان شجاعا مقداما كريما، معدودا من أعيان الأمراء- رحمه الله تعالى.
وفيها قتل الأمير سيف الدين يشبك بن عبد الله الموساوىّ الظاهرى، [المعروف ب] «1» الأفقم، أحد مقدّمى الألوف بالديار المصرية، بعد أن ولى عدّة أعمال، وكان كثير الشّرور، محبّا لإثارة الفتن، لا يثبت على حالة مع الظلم والعسف.
وفيها قتل الأمير سيف الدّين قردم «2» بن عبد الله الخازندار الظاهرىّ أحد مقدّمى الألوف بالدّيار المصرية، والخازندار الكبير بثغر الإسكندرية، وهو صاحب النربة بباب القرافة.
وفيها قتل الأمير سيف الدين قانى بك بن عبد الله الظاهرىّ «3» ، رأس نوبة النّوب بثغر الإسكندرية، وكان من أصاغر المماليك الظّاهرية، رقّاه الملك الناصر، فلم يسلم من شرّه، فقبض عليه وحبسه مدّة ثمّ قتله، وكان من سيّئات الزّمان جهلا وظلما وفسقا.
وفيها قتل أيضا بسيف الملك الناصر فرج بن برقوق- صاحب الترجمة- من المماليك الظاهرية وغيرهم ستمائة وثلاثون رجلا- قاله المقريزىّ.
وفيها توفّى الأمير علاء الدين آقبغا بن عبد الله القديدىّ دوادار الأتابك يشبك، ثمّ دوادار السّلطان، فى ليلة ثالث عشر شوّال، وكان خصيصا عند السّلطان الملك الناصر، وتزوّج الملك الناصر بابنته، وكان لديه معرفة وعقل بحسب الحال.(13/185)
وتوفّى الأمير الشريف علاء الدين علىّ محمد البغدادىّ «1» ، ثمّ الإخميمىّ، ولى نيابة ثغر دمياط، ثمّ الوزر بالدّيار المصريّة.
وتوفّى الطّواشىّ زين الدّين فيروز بن عبد الله الرّومىّ «2» فى يوم الأربعاء تاسع شهر رجب، وكان فيروز المذكور خصيصا عند أستاذه الملك النّاصر.
وكان شرع فيروز قبل موته فى بناء مدرسته يخط الغرابليين «3» داخل بابى زويلة، ووقف عليها عدّة أوقاف، فمات قبل فراغها، فدفنه السّلطان بحوش التربة الظاهرية، وأخذ الملك النّاصر ما وقفه من المصارف على الفقهاء والأيتام وغيرهم، وأقرّه على التربة الظاهرية المذكورة بالصحراء.
ثمّ أنعم السلطان بالمدرسة المذكورة على الأمير الكبير دمرداش المحمدى فهدمها دمرداش وشرع فى بنائها قيساريّة، وقبل أن تكمل خرج دمرداش فى صحبة السلطان إلى التّجريدة. فقتل الملك الناصر، ثمّ قتل دمرداش المذكور أيضا بعد مدّة، فاستولى عبد الباسط بن خليل الدّمشقىّ ناظر الخزانة على القيساريّه المذكورة وكملها وجعل بأعلاها ربعا، وهى سوق الباسطية «4» الآن.
قلت: وهى إلى الآن مدرسة على نيّة فيروز وله أجرها، وقيساريّة على زعم من جعلها قيساريّة وعليه وزرها.(13/186)
وتوفّى الأديب الفاضل البارع المفتن أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن أبى الوفاء «1» الشاذلىّ المالكىّ- غريقا ببحر النّيل بين الروضة ومصر- فى يوم تاسوعاء، وغرق معه جمال الدّين [ابن قاضى القضاة ناصر الدّين أحمد] «2» ابن التّنسىّ المالكىّ، ومات أبو الفضل المذكور وهو فى عنفوان شبيبته، وكان شاعرا بارعا بليغا، وهو أشعر بنى الوفاء بلا مدافعة، وله ديوان شعر، وشعره فى غاية الحسن.
ومن شعره، وهو من اختراعاته البديعة- رحمه الله تعالى وعفا عنه:
على وجنتيه جنّة ذات بهجة ... ترى لعيون النّاس فيها تزاحما
حمى ورد خدّيه حماة عذاره ... فيا حسن ريحان الخدود حمى حمى
وله مضمّنا: [الوافر]
وخلّ سمته صفعا بمال ... فقال توازعوه يا صحابى
إذا الحمل الثّقيل توازعته ... أكفّ القوم هان على الرّقاب
وله فى مزيّن [المجتثّ]
حبّى المزيّن وافى ... بعد البعاد بنشطه
وفشّ دمّل قلبى ... بكاس راح وبطّه
وله، وهو فى غاية الحسن والظرف [الرمل]
عبدك الصّبّ المعنّى ... عرف الفقر وذاقه
فلكم فاخر محتا ... جاشكى فقرا وفاقه(13/187)
وله أيضا [الكامل]
فى ليل شعر أو بصبح جبين ... ما زال حين يضلّنى يهدينى
هو بى خبير مثل ما أنّى به ... فسلوه عنّى أو فعنه سلونى
لا تملك العذّال منّى فى الهوى ... من سلوة عنه ولا تلوينى
يا دولة الأشواق خلّى دينهم ... لهم وفى حكم الهوى لى دينى
أشكو فيشكو ما شكاه حنينه ... فيفى حنينهما ببعض حنينى
لمّا جننت عليه سلسلنى الهوى ... لا تعجبوا لتسلسل المجنون
بحواجب وسوالف وضفائر ... كالياء أو كالواو أو كالسين
طالبت مرشفه الملىّ فقال قم ... واستوف ذا المكتوب فوق جبينى
حاربت يا جيش المحاسن مهجتى ... وكسرت قلبى عنوة بكمين
وقد ذكرنا من مقطّعاته نبذة غير ذلك فى ترجمته فى «المنهل الصافى» - رحمه الله تعالى.
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم ستّة أذرع وثمانية أصابع، مبلغ الزّيادة ثمانية عشر ذراعا واثنان وعشرون إصبعا- والله أعلم.(13/188)
[ما وقع من الحوادث سنة 815]
ذكر سلطنة الخليفة المستعين بالله العباس على مصر السّلطان أمير المؤمنين المستعين بالله أبو الفضل العباس ابن الخليفة المتوكل على الله أبى عبد الله محمد ابن الخليفة المعتصم بالله أبى بكر ابن الخليفة المستكفى بالله أبى الرّبيع سليمان ابن الخليفة الحاكم بأمر الله أبى العبّاس أحمد بن الحسن بن أبى بكر بن على بن الحسين- وهؤلاء غير خلفاء- ابن الخليفة الراشد بالله منصور ابن الخليفة المسترشد بالله الفضل ابن الخليفة المستظهر بالله أحمد ابن الخليفة المقتدى بالله. عبد الله ابن الأمير ذخيرة الدين محمد ابن الخليفة القائم بأمر الله عبد الله ابن الخليفة القادر بالله أحمد ابن الخليفة المقتفى بالله إبراهيم ابن الخليفة المقتدر بالله جعفر ابن الخليفة المعتضد بالله أبى العبّاس أحمد ابن الأمير الموثّق طلحة ابن الخليفة المتوكل على الله جعفر ابن الخليفة المعتصم بالله محمد ابن الخليفة الرشيد بالله هارون ابن الخليفة المهدىّ بالله محمد ابن الخليفة أبى جعفر عبد الله المنصور ابن الإمام محمد ابن الإمام علىّ بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، العباسىّ الهاشمىّ المصرىّ الخليفة، ثم سّلطان الدّيار المصريّة، ولى الخلافة بعد موت أبيه فى يوم الاثنين مستهلّ شعبان سنة ثمان وثمانمائة، وذلك بعد وفاة أبيه المتوكل بأربعة أيّام، واستمرّ فى الخلافة إلى أن تجرّد صحبة الملك الناصر فرج إلى البلاد الشّامية فى أواخر سنة أربع عشرة وثمانمائة، ووقع المصافّ بين الملك الناصر المذكور وبين الأمراء: الأمير شيخ المحمودىّ، والأمير نوروز الحافظىّ بمن معهم، وانكسر الناصر وانحاز إلى دمشق، واستولى الأمراء على الخليفة هذا(13/189)
واستفحل أمرهم، وقدموا إلى دمشق وحصروا الناصر بها، بعد أمور ذكرناها مفصّلة فى أواخر ترجمة الملك النّاصر المذكور.
ثمّ اتفق الأمراء على إقامة الخليفة هذا فى السلطنة، عوضا عن الملك الناصر فرج المذكور؛ لتجتمع الكلمة فى رجل واحد، ويجدوا بذلك سبيلا لقتال الملك الناصر وانفلال الناس عنه، وأرسلوا إليه فتح الله كاتب السرّ فكلّمه فى ذلك وهو على ظاهر دمشق، والملك الناصر داخلها، فأبى الخليفة المذكور أن يقبل ذلك، وصمّم على عدم القبول، فألحّ عليه فتح الله فى ذلك وتلطّف به، فلم يزدد إلا تمنّعا، كل ذلك خوفا من الملك الناصر، فلما رأى فتح الله شدّة تمنّعه، وعدم موافقته، رجع إلى الأمراء وأعلمهم بذلك وقال لهم: لا يمكن قبوله أبدا ممّا رأيت من تمنّعه، فاعملوا عليه حيلة حتى يقبل، فدبّروا عليه حيلة من أنهم أرسلوا خلف أخيه لأمه الأمير ناصر الدين محمد بن مبارك شاء الطازىّ، وأعطوه ورقة تتضمن القدح فى الملك الناصر وفى تعداد أفعاله وماوئه، وندبوا ناصر الدين المذكور بعد أن أوعدوه بإمرة طبلخاناة، ودوادارية السّلطان حتى ركب فرسا من غير علم الخليفة، ونودى أمامه:
إن الخليفة قد خلع السلطان الملك الناصر من السلطنة، ولا يحلّ لأحد متابعته ولا القيام بنصرته، وقرئت الورقة على الناس.
وبلغ الخليفة المستعين بالله ذلك، فقامت قيامته، وعظم عليه ذلك إلى الغاية، وتحقّق عند ذلك أنّ الملك الناصر إذا ظفر به لا يبقيه، ودخل عليه فتح الله بعد ذلك ثانيا وكلّمه فى السّلطنة، فقبل على شروط عديدة شرطها على الأمراء، فقبلوا جميع الشروط، وفرح الأمراء بذلك وبايعوه بأجمعهم، وقبّلوا يده، وحلفوا له- على الطّاعة والوفاء- بالأيمان المغلّظة التى لا يمكن التّورية فيها.(13/190)
ثمّ نصبوا له كرسيّا خارج باب الدار تجاه جامع كريم الدين «1» ، وجلس فوقه وعليه خلعة سوداء خليفتيّة، أخذوها من الجامع المذكور من ثياب الخطيب، ووقفوا بين يديه على مراتبهم، الجميع ما عدا الأمير نوروز الحافظىّ، فإنّه لم يقدر على الحضور لاشتغاله بحفظ الجهة التى هو فيها لحصار الملك النّاصر فرج، غير أنّه يعلم بالخبر، وعنده من السّرور لذلك مالا مزيد عليه.
ثمّ قبّلت الأمراء الأرض بين يديه على العادة، وكان ذلك فى آخر الساعة الخامسة من نهار السبت الخامس والعشرين من محرّم سنة خمس عشرة وثمانمائة، والطّالع برج الأسد.
وفى الحال، عند تمام أمره تقدّم الأمير بكتمر جلّق فخلع عليه بنيابة دمشق عوضا عن دمرداش المحمّدىّ، فإنه كان الملك الناصر قد ولّاه نيابة دمشق- بعد كسرته- عوضا عن الوالد- رحمه الله- بحكم وفاته.
وخلع على سيّدى الكبير قرقماس- ابن أخى دمرداش المذكور- باستقراره فى نيابة حلب، عوضا عن الأمير شيخ المحمودىّ.
وخلع على سودون الجلب باستقراره فى نيابة طرابلس عوضا عن الأمير نوروز الحافظىّ.
ثمّ ركب أمير المؤمنين وهو السّلطان، وبين يديه جميع الأمراء، ونادى مناد:
إن الملك الناصر فرج بن برقوق خلع من السّلطنة بالخليفة أمير المؤمنين المستعين بالله، ولا يحلّ لأحد بعد ذلك مساعدته ولا القيام بنصرته، ومن حضر إلى الخليفة من جماعته فهو آمن على نفسه وماله، وقد أمهلكم أمير المؤمنين فى المجىء إليه إلى يوم الخميس.(13/191)
وسار أمير المؤمنين بعساكره إلى قريب المصلّي «1» ، ثمّ عاد ونزل بمكانه.
ثمّ أمر فنودى بذلك أيضا فى الناحية الشّرقية من دمشق، وعند سماع هذه المناداة انحلّت أهل دمشق عن الملك الناصر، وخافوا عاقبة مخالفة أمير المؤمنين فى الدنيا والآخرة.
ثمّ كتب أمير المؤمنين إلى أمراء مصر باجتماع الكلمة على طاعته، وأنّه خلع الملك الناصر من الملك وتسلطن عوضه، وأنّه أبطل المكوس والمظالم من سائر أعماله، وبعث بذلك على يد الأمير كزل العجمىّ.
ثمّ مات الأمير سكب الدّوادار الثانى من سهم أصابه، وكان ممّن خامر على الملك الناصر وأتى الأمراء فى واقعة اللجّون.
ثمّ خلع أمير المؤمنين على القاضى شهاب الدين أحمد الباعونىّ، واستقرّ به قاضى قضاة الشّافعية بالدّيار المصرية عوضا عن قاضى القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقينىّ؛ بحكم تخلّفه بمدينة دمشق عند الملك الناصر فرج، هذا كلّه والقتال عمّال فى كل يوم، والجراحات فاشية فى عسكر الأمراء من عظم الرّمى عليهم من أسوار المدينة من الناصريّة.
ومات الأمير يشبك [بن عبد الله] العثمانىّ [الظاهرى] «2» أيضا خارج دمشق من سهم أصابه فى يوم الجمعة أوّل صفر، وصلّى عليه الأمير شيخ المحمودى.
وأمّا الملك الناصر، فهو مع هذا كلّه يفرّق الأموال، ويستدعى المقاتلة ويستحثّهم على نصرته.
وخلع على فخر الدين ماجد بن المزوّق ناظر الإسطبل باستقراره فى كتابة سرّ مصر عوضا عن فتح الله.(13/192)
ثم ولّى الوزير سعد الدين إبراهيم بن البشيرىّ نظر الخاصّ عوضا عن بدر الدين حسن بن نصر الله الفوّىّ، وبينما هو فى ذلك وصلت إلى الملك الناصر أمراء التّركمان:
قرايلك وغيره من نوّاب القلاع بسبب النّجدة، فنودى بعسكر أمير المؤمنين باستعداد العوام لقتال المذكورين، فإنّهم مقدّمة تمر لنك وجاليشه.
واجتمع الأمراء والمماليك، وحلفوا بأجمعهم يمينا مغلظّا لأمير المؤمنين بأنّهم يلزمون طاعته، ويأتمرون بأمره، وأنّهم رضوا بأنّه الحاكم عليهم، وأنّه يستبدّ بالأمور من غير مراجعة أحد، وأنهم لا يسلطنون أحدا غيره طول حياته.
ثمّ قبّل الجميع الأرض بين يديه، وصار الجميع طوعا لأمير المؤمنين المستعين بالله، فمشى بذلك حالهم على قتال الملك الناصر، ولولا الخليفة ما انتظم لهم أمر؛ لعظم ميل التّركمان والعامّة للملك الناصر.
ثمّ توجّه فتح الله للأمير نوروز بدار الطّعم- حيث هو نازل- فحلفه على ذلك، وقبّل الأرض لأمير المؤمنين، وأظهر من الفرح والسرور مالا مزيد عليه باستبداد الخليفة بالأمر، وقال: حينئذ استقام الأمر، وسأل نوروز فتح الله المذكور أن يقبّل الأرض بين يدى أمير المؤمنين نيابة عنه، وسأله فى أن ينفرد بالتّدبير ولا يشاركه فيه الأمير شيخ، ولا هو ولا غيره، يريد بذلك كفّ الأمير شيخ عن التّحكّم.
هذا والقتال عمّال فى كلّ يوم، وقراءة المحضر الذي أثبتوه على الملك النّاصر على الشّاميّين، وفيه قوادح فى الدين توجب إراقة دمه، وشهد فى المحضر نحو خمسمائة نفس، وثبت ذلك على قاضى القضاة ناصر الدين بن العديم الحنفىّ، وحكم بإراقة دمه.
ثمّ بلغ شيخا أنّ الملك الناصر عزم على إحراق ناحية قصر حجّاج «1» حتى يصير(13/193)
فضاء، ثمّ يركب بنفسه ويواقع القوم هناك بمن يأتيه من التّركمان وبمن عنده، فبادر شيخ وركب بعد صلاة الجمعة بأمير المؤمنين ومعه العساكر، وسار من طريق القبيبات ونزل بأرض النابتية «1» ، وقاتل الملك الناصر فى ذلك اليوم أشدّ قتال إلى أن مضى من الليل جانب، وكثر من الشّاميّين الرّمى بالنّفط عليهم، فاحترق سوق خان «2» السّلطان وما حوله.
وحملت السّلطانيّة على الشّيخيّة حملة عظيمة هزموهم فيها، وتفرّقوا فرقا، وثبت شيخ فى جماعة قليلة بعد ما كان انهزم هو أيضا إلى قريب الشّويكة «3» .
ثمّ تكاثر الشّيخيّة وانضمّ عليهم جماعة من الأمراء، فحمل شيخ بنفسه بهم حملة واحدة أخذ فيها القنوات، ففرّ من كان هناك من التّركمان والرّماة وغيرهم.
وكان الأتابك دمرداش المحمّدىّ نازلا عند باب الميدان تجاه القلعة، فلمّا بلغه ذلك ركب وتوجّه إلى الملك الناصر وهو جالس تحت القبّة فوق باب النّصر «4» ، وسأله أن يندب معه طائفة كبيرة من المماليك السّلطانيّة؛ ليتوجّه بهم إلى قتال شيخ فإنّه قد وصل إلى طرف القنوات، وسهّل أخذه على السّلطان، فنادى الملك الناصر لمن هناك من المماليك وغيرهم بالتّوجه مع دمرداش، فلم يجبه منهم أحد.
ثمّ كرّر السّلطان عليهم الأمر غير مرّة حتى أجابه بعضهم جوابا فيه جفاء(13/194)
وخشونة ألفاظ، معناه أنّهم ملّوا من طول القتال، وضجروا من شدّة الحصار.
وبينما هم فى ذلك، إذ اختبط العسكر السّلطانىّ وكثر الصّراخ فيهم بأنّ الأمير نوروزا قد كبسهم، فسارعوا بأجمعهم وعبروا من باب النّصر إلى داخل مدينة دمشق، وتفرّقوا فى خرائبها بحيث إنّه لم يبق بين يدى السّلطان أحد، فولّى دمرداش عائدا إلى موضعه، وقد ملك شيخ وأصحابه الميدان والإسطبل.
فبعث دمرداش إلى السّلطان مع بعض ثقاته بأنّ الأمر قد فات، وأنّ أمر العدوّ قوىّ، وأمر السّلطان أخذ فى إدبار، والرأى أن يلحق السّلطان بحلب ما دام فى الأمر نفس.
فلمّا سمع الملك الناصر ذلك قام من مجلسه وترك الشّمعة تقد حتى لا يقع الطّمع فيه بأنّه ولّى، ويوهم الناس أنّه ثابت مقيم على القتال.
ثمّ دخل إلى حرمه وجهّز ماله، وأطال فى تعبئة ماله وقماشه، فلم يخرج حتى مضى أكثر الليل، والأتابك دمرداش واقف ينتظره، فلمّا رأى دمرداش أنّ الملك الناصر لا يوافقه على الخروج إلى حلب، خرج هو بخواصّه ونجا بنفسه، وسار إلى حلب وترك السّلطان.
ثمّ خامر الأمير سنقر الرّومىّ على الملك الناصر، وأتى أمير المؤمنين وبطّل طبول السّلطان والرّماة.
ثمّ خرج الملك الناصر من حرمه بماله، وأمر غلمانه فحملت الأموال على البغال ليسير بهم إلى حلب، فعارضه الأمير أرغون من بشبغا الأمير آخور الكبير وغيره، ورغّبوه فى الإقامة بدمشق، وقالوا له: الجماعة مماليك أبيك لا يوصّلون إليك سوءا أبدا، ولا زالوا به حتى طلع الفجر، فعند ذلك ركب الملك الناصر بهم، ودار على سور المدينة فلم يجد أحدا ممّن كان أعدّه للرّمى، فعاد ووقف على فرسه(13/195)
ساعة، ثمّ طلع إلى القلعة والتجأ بها بمن معه- وقد أشحنها- وترك مدينة دمشق، وبلغ أمير المؤمنين والأمراء ذلك، فركب شيخ بمن معه إلى باب النصر، وركب نوروز بمن معه إلى نحو باب توما «1» ، ونصب شيخ السّلالم حتى طلع بعض أصحابه، ونزل إلى مدينة دمشق وفتح باب النصر، وأحرق باب الجابية «2» ، ودخل شيخ من باب النصر، وأخذ مدينة دمشق، ونزل بدار السّعادة، وذلك فى يوم السبت تاسع صفر، بعد ما قاتل الملك الناصر نحو العشرين يوما، قتل فيها من الطائفتين خلائق لا تحصى، ووقع النّهب فى أموال السّلطان وعساكره، وامتدّت أيدى الشّيخيّة وغيرهم إلى النّهب، فما عفّوا ولا كفّوا.
وركب أمير المؤمنين ونزل بدار فى طرف ظواهر دمشق، وتحوّل شيخ إلى الإسطبل، وأنزل الأمير بكتمر جلّق بدار السّعادة، كونه قد ولّى نيابة دمشق قبل تاريخه.
هذا والسّلطانيّة ترمى عليهم من أعلى القلعة بالسّهام والنّفوط يومهم كلّه، وباتوا ليلة الأحد على ذلك، فلمّا كان يوم الأحد عاشر صفر المذكور بعث الملك النّاصر بالأمير أسندمر أمير آخور فى الصلح، وتردّد بينهم غير مرّة حتى انعقد الصلح بينهم، وحلف الأمراء جميعهم وكتبت نسخة اليمين، ووضعوا خطوطهم فى النّسخة المذكورة، وكتب أمير المؤمنين أيضا خطه فيها، وصعد بها أسندمر المذكور إلى القلعة ومعه الأمير ناصر الدين محمد بن مبارك شاه(13/196)
الطّازىّ- أخو الخليفة المستعين بالله لأمه- ودخلا على الملك النّاصر وكلّماه فى ذلك، وطال الكلام بينهم فلم يعجب الملك النّاصر ذلك.
وتردّدت الرّسل بينهم غير مرّة بغير طائل، وأمر الملك النّاصر أصحابه بالرّمى عليهم، فعاد الرّمى من أعلى القلعة بالمدافع والسّهام، وركب الأمراء واحتاطوا بالقلعة، فأرسل الملك النّاصر يسأل بالكفّ عنه، فضايقوا القلعة خشية أن يفرّ السّلطان منها إلى جهة حلب، ومشت الرسل أيضا بينهم ثانيا، وأضرّ الملك النّاصر التّضييق والغلبة إلى أن أذعن إلى الصلح، وحلفوا له ألّا يوصّلوا إليه مكروها، ويؤمّنوه على نفسه، وأن يستمرّ الخليفة سلطانا، وقيل غير ذلك: إنّه ينزل إليهم ويتشاور الأمراء فيمن يكون سلطانا، فإن طلبه المماليك فهو سلطان على حاله، وإن لم يطلبوه فيكون الخليفة، ويكون هو مخلوعا يسكن بعض الثغور محتفظا به.
ومحصول الحكاية أنّه نزل إليهم فى ليلة الاثنين حادى عشر صفر، ومعه أولاده يحملهم ويحملون معه، وهو ماش من باب القلعة إلى الإسطبل والنّاس تنظره، وكان الأمير شيخ نازلا بالإسطبل المذكور، فعند ما عاينه شيخ قام إليه وتلقّاه وقبل الأرض بين يديه، وأجلسه بصدر المجلس، وجلس بالبعد عنه وسكّن روعه، ثمّ تركه بعد ساعة وانصرف عنه، فأقام الملك النّاصر بمكانه إلى يوم الثلاثاء ثانى صفر.
فجمع الأمراء والفقهاء والعلماء المصريّون والشّاميّون بدار السعادة بين يدى أمير المؤمنين- وقد تحوّل إليها وسكنها- وتكلموا فى أمر الملك النّاصر(13/197)
والمحضر المكتّب «1» فى حقه، فأفتوا بإراقة دمه شرعا.
فأخذ فى ليلة الأربعاء من الإسطبل، وطلع به إلى قلعة دمشق، وحبسوه بها فى موضع وحده، وقد ضيّق عليه وأفرد من خدمه، فأقام على ذلك إلى ليلة السّبت سادس عشر صفر، وقتل حسبما ذكرناه فى أواخر ترجمته مفصلا، بعد اختلاف كبير وقع فى أمره بين الأمراء.
فكان رأى شيخ إبقاءه محبوسا بثغر الإسكندرية، وإرساله إليها مع الأمير طوغان الحسنىّ الدّوادار، وكان رأى نوروز قتله، وقام نوروز وبكتمر جلّق فى قتله قياما بذلا فيه جهدهما.
وكان الأمير يشبك بن أزدمر أيضا ممن امتنع من قتله، وشنّع ذلك على نوروز، وأشار عليه ببقائه، واحتجّ بالأيمان التى حلفت له، واختلف القوم فى ذلك، فقوى أمر نوروز وبكتمر بالخليفة المستعين بالله، فإنه كان أيضا اجتهد هو وفتح الله كاتب السرّ فى قتله، وحملا القضاة والفقهاء على الكتابة بإراقة دمه بعد أن توقّفوا عن ذلك، حتى تجرّد قاضى القضاة ناصر الدين محمد بن العديم الحنفىّ لذلك، وكافح من خالفه من الفقهاء بعدم قتله بقوّة الخليفة ونوروز وبكتمر وفتح الله، ثمّ أشهد على نفسه أنه حكم بقتله شرعا، فأمضى قوله وقتل.
وكان قصد شيخ إبقاءه يخوّف به نوروزا إن حصل مخالفة، وأيضا وقف على يمينه وخاف سوء عاقبة الأيمان والعهود، وأيضا لما سبق لوالده عليه من الحقوق السّالفة، وقال: هو- يعنى الملك النّاصر- قد ظفر بنا وأبقانا غير مرّة. ونحن مماليكه، فكيف نحن نظفر به مرّة واحدة نقتله فيها، ويشاع ذلك عند ملوك الأقطار، فيقبّح ذلك علينا إلى الغاية!(13/198)
قلت: ولذلك ملّكه الله على المسلمين. وحكمه فيمن خالفه فى ذلك حتى أقفاهم على السيف فى أسرع وقت وأقل مدة وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ
«1» - انتهى.
وبعد أن قتل الملك الناصر، مشت الأحوال، وأمن الناس، ونودى فيهم بالأمان.
واتّفق الحال على أنّ الأمير شيخا ونوروزا يسيران إلى مصر صحبة أمير المؤمنين المستعين بالله، ويكونان فى خدمته، وأن يكون الأمير شيخ أميرا كبيرا أتابك العساكر بالديار المصرية، ويكون نوروز أتابك رأس نوبة الأمراء، ويكون إقطاعهم بالسّويّة، وأن يسكن شيخ باب السّلسلة، ويسكن نوروز بيت قوصون تجاه باب السّلسلة بالرّميلة.
وكتب نوروز إلى القاهرة بتجديد عمارة البيت المذكور، وأن يضرب عليه رنك «2» نوروز.
وصار نوروز يركب من داره إلى تحت قلعة دمشق، فيركب شيخ أيضا من الإسطبل حيث هو نازل ويخرج إليه، ويسيران تحت قلعة دمشق بموكبهما ومعهما سائر الأمراء، ثمّ يدخلان إلى دار السّعادة إلى خدمة أمير المؤمنين، فيجلس شيخ عن يمينه ويجلس نوروز عن يساره، ويقف طوغان الحسنىّ الدّوادار على عادته، ويقعد الأمراء بمنازلهم يمينا وشمالا على عادة الموكب السّلطانىّ ويقف [ناظر] «3»(13/199)
الجيش، ثمّ يقرأ كاتب السّرّ القصص ويمدّ السّماط، ثمّ ينفضّ الموكب.
كلّ ذلك وشيخ ونوروز قلوبهما متنافرة بعضها من بعض، والناس يترقّبون وقوع فتنة بينهما، إلى أن خدع شيخ نوروزا بأن قال له: أنا قصدى أن أكون بدمشق، ويضاف إلىّ من العريش إلى الفرات، وأنت تتوجّه مع الخليفة أتابكا بالديار المصرية ومعك الأمير بكتمر جلّق وغيره من الأمراء.
ولم يكن لقوله حقيقة، غير أنّه قصد بذلك حيلة على نوروز، فيقول نوروز أنت تتوجّه إلى مصر، وأنا أكون نائب الشّام، وكان ذلك على ما سنذكره.
فاستشار نوروز أصحابه فى ذلك فقالوا له بأجمعهم: الرأى والمصلحة توجّهك إلى الديار المصرية ولو كنت من جملة مقدّمى الألوف بها، لا سيّما تكون أتابك العساكر ومالك زمام مصر، فقال لهم: إن أقام شيخ بالبلاد الشّامية- مع سعة تحكّمه فى البلاد- يصير له شوكة عظيمة ويتعبنى فيما بعد، ولو كان فى مصر خير ما تركها هو وأراد نيابة الشام، والمصلحة توجّهه إلى مصر وأكون أنا حاكم البلاد الشامية من العريش إلى الفرات، فراجعوه فى ذلك فأبى إلّا ما أراد.
وأصبح لمّا حضر الخدمة بين يدى الخليفة على العادة فى يوم الاثنين خامس عشرين صفر من سنة خمس عشرة وثمانمائة فاتحه الأمير شيخ فى ذلك، فبادره الأمير نوروز: أنت تتوجّه إلى مصر، وأنا أكون نائبا بدمشق.
فخلع عليه أمير المؤمنين فى الحال باستقراره فى نيابة الشام كلّه، وأن يولّى بجميع البلاد من شاء من أصحابه.
وانفضّ الموكب وقد نال الأمير شيخ غرضه، وانفرد بتدبير المملكة وحده من غير شريك، وكان ظنّ الأمير نوروز أنّ شيخا لا يستقيم له أمر مع(13/200)
بكتمر جلّق، ويلبغا الناصرىّ نائب الغيبة بمصر، وطوغان الحسنىّ الدّوادار، وسيّدى الكبير قرقماس، وأنّ الذي يبقى معه من الأمراء بالبلاد الشامية جميعهم فى طاعته، مثل يشبك بن أزدمر، وطوخ، وقمش وغيرهم، فجاء حساب الدّهر بخلاف ما ظنّ.
ثمّ فوّض أمير المؤمنين إلى الأمير نوروز كفالة الشّام جميعه: دمشق، وحلب، وطرابلس، وحماة، وصفد، وغزّة، وجعل له أن يعيّن الأمريّات والإقطاعات لمن يريده ويختاره، وأن يولّى نوّاب القلاع الشّاميّة والسّواحل وغيرها لمن أراد من غير مراجعة فى ذلك، غير أنه يطالع الخليفة بمن يستقرّ به فى شىء من ذلك ليجهّز إليه تشريفا.
وعزل بكتمر جلّق عن نيابة دمشق بعد أن حكمها نحو الشّهرين عن الخليفة، ورسم له أن يتوجّه أمير مائة ومقدّم ألف بالديار المصرية على أحسن الإقطاعات.
ثمّ خلع الخليفة على موقّع الأمير نوروز ناصر الدين محمد بن محمد البصروىّ باستقراره كاتب سرّ دمشق، عوضا عن صدر الدين علىّ بن الأدمىّ.
ثمّ خلع الخليفة على قاضى القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقينىّ بإعادته إلى قضاء الشّافعية بالديار المصرية، عوضا عن الباعونىّ الذي كان ولّاه الملك الناصر، فكانت ولاية الباعونىّ نحو الشهرين، ولم يدخل فيها القاهرة.
ثمّ كتب الخليفة إلى البلاد الشامية وغيرها من التركمان والعربان والعشير، وجعل افتتاح الكتب «من عبد الله ووليّه، الإمام المستعين بالله، وخليفة ربّ العالمين، وابن عمّ سيد المرسلين، المفترض طاعته على الخلق أجمعين، أعزّ الله ببقائه الدين» .
ثمّ كتب الخليفة إلى الديار المصرية بإطلاق الأمراء المسجونين بالإسكندرية،(13/201)
وأنّ الأمير أسنبغا الزّرد كاش يسلّم قلعة الجبل إلى الأمير يلبغا الناصرىّ، ففعل أسنبغا الزّرد كاش ذلك، وقدم الأمراء من سجن الإسكندرية إلى القاهرة وهم: إينال الصّصلانى، وسودون الأسندمرىّ الأمير آخور الثانى، وكمشبغا الفيسىّ، وجانبك الصّوفىّ، وتاج الدين عبد الرزّاق بن الهيصم الأستادار.
ثمّ تهيّأ أمير المؤمنين وخرج معه الأمير شيخ وجميع العساكر من دمشق، فى يوم السبت ثامن شهر ربيع الأوّل، نحو الديار المصرية.
ثمّ خرج بعدهم نوروز فى سادس عشره إلى حلب ليمهّد أمورها.
ثمّ رسم الأمير نوروز أن يضرب بدمشق دراهم نصفها فضّة ونصفها نحاس، فضربت وتعامل الناس بها.
وسار أمير المؤمنين بعساكره حتّى دخل إلى الدّيار المصريّة فى يوم الثلاثاء ثانى شهر ربيع الآخر، وطلع إلى القلعة بعد ما شق القاهرة، وخرج من باب زويلة إلى الصليبة إلى القلعة، وقد زيّنت القاهرة أحسن زينة، فنزل الخليفة بالقصر من قلعة الجبل على عادة السّلاطين، ونزل الأمير شيخ بباب السلسلة من الإسطبل السّلطانىّ، ولم يخلع الخليفة على أحد على جارى العوائد، وكان الأمير شيخ يظنّ أنّ الخليفة يتوجّه إلى داره بالقرب من المشهد النفيسىّ على عادته أوّلا، فلما طلع إلى القلعة، تحقق الأمير شيخ منه أنّه يريد أن يسير على طريق السلاطين ويترك طريق الخلفاء، فأخذ شيخ يكيده بأشياء، منها: أنّه صار يبطّل المواكب السّلطانيّة ويعمل الموكب عنده، ويعتذر عن ذلك بأنّ القوم عقيب سفر وتعب ليس لهم طاقة على لزوم المواكب الآن إلى أن يجدوا فى نفوسهم قوة ونشاطا، وصار ترداد جميع أرباب الدّولة إلى باب الأمير شيخ، فاتّضع أمر الخليفة.(13/202)
ثمّ أمسك الأمير شيخ الأمير أسنبغا الزّردكاش، واستفتى فى قتله؛ لقتله الأمير قانى باى فى غيبة الملك النّاصر، فأفتوا بقتله وحكموا به، ثمّ أمسك الأمير شيخ حطط البكلمشى، وصرغتمش القلمطاوىّ، وهما من أمراء العشرات من خواصّ الملك الناصر، ثمّ قبض على الأمير أرغون من بشبغا الأمير آخور الكبير، وعلى الأمير سودون الأسندمرىّ، وعلى كمشبغا الفيسىّ، وكانا قدما من سجن الإسكندرية بمدّة أيام- حسبما تقدّم ذكره- ونفى كمشبغا الفيسىّ إلى دمياط.
ثمّ خلع الأمير شيخ على الأمير خليل التّبريزىّ الدّشارىّ باستقراره فى نيابة الإسكندرية عوضا عن قطلوبغا الخليلىّ بعد موته.
ثمّ فى ثامن شهر ربيع الآخر، عمل الأمير شيخ الموكب عند الخليفة بالقصر السّلطانىّ على العادة، وحضر شيخ هو وسائر الأمراء الموكب، وخلع الخليفة على الأمير شيخ باستقراره أتابك العساكر بالدّيار المصريّة، وكانت شاغرة منذ قبض على الملك الناصر، وفرّ الأتابك دمرداش المحمّدىّ إلى حلب، ثمّ فوّض الخليفة إلى شيخ جميع الأمور، وأنه يولّى ويعزل من غير مراجعة، وأشهد عليه بذلك بعد أن توقّف الخليفة عن ذلك أياما حتى أذعن على رغمه.
ثمّ خلع الخليفة على الأمير شاهين الأفرم على عادته أمير سلاح، وعلى يلبغا الناصرىّ باستقراره أمير مجلس، وعلى الأمير إينال الصصلانى باستقراره حاجب الحجّاب عوضا عن يلبغا الناصرىّ، وعلى سودون الأشقر باستقراره رأس نوبة النّوب عوضا عن سنقر الرّومىّ، وعلى الأمير ألطنبغا العثمانىّ بنيابة غزّة عوضا عن سودون من عبد الرحمن، ونزل الجميع فى خدمة الأمير شيخ، ثمّ توجهوا إلى دورهم.
ثم فى تاسعه عرض الأمير شيخ المماليك السّلطانيّة، وفرّق عليهم الإقطاعات الشّاغرة عن الناصرية بحسب ما يختاره، وأنعم على جماعة من مماليكه بإمريّات:
ما بين طبلخانات وعشرات.(13/203)
ثمّ خلع الأمير شيخ على دواداره جقمق الأرغون شاوىّ واستقرّ به دوادار الخليفة؛ حتى لا يتمكن الخليفة من شىء يعمله، وكان دواداره قبل ذلك أخوه ناصر الدين محمد بن مبارك شاه الطازىّ بإمرة طبلخاناة، فصار جقمق كالدّوادار الثانى له، وفى الحقيقة ترسيما عليه، فعند ذلك صار للخليفة الاسم فى السّلطنة لا غير، وما عدا ذلك متعلق بالأمير شيخ، وصار الخليفة مستوحشا بعياله فى تلك القصور الواسعة بقلعة الجبل، وضاق صدره من عدم ترداد الناس إليه، وندم على دخوله فى هذا الأمر حيث لا ينفعه النّدم، وصار لا يمكنه الكلام لعدم من يقوم بنصرته من الأمراء وغيرهم، فسكت على مضض.
ثم إنّ الأمير شيخا خلع على الأمير قانى باى المحمّدى، وعلى الأمير سودون من عبد الرحمن- المعزول عن نيابة غزّة- خلع الرّضى من غير وظيفة، ثمّ خلع على سعد الدين إبراهيم بن البشيرىّ باستقراره وزيرا على عادته، وخلع على بدر الدين حسن بن نصر الله الفوّى باستقراره فى نظر الجيش على عادته، وخلع على تقىّ الدين عبد الوهاب بن أبى شاكر باستقراره ناظر الخاصّ على عادته، ثمّ خلع على التّاج بن سيفا الشّوبكىّ القازانىّ باستقراره والى القاهرة عوضا عن أرسلان، فعدّ ذلك من أوّل سيئات الأمير شيخ، وعظم ذلك على أعيان الدّولة لعدم أهليّة التّاج المذكور لذلك، ثمّ فى ثامن شهر ربيع الآخر المذكور أخرج الأمير شيخ عدة بلاد من أوقاف الملك النّاصر فرج الموقوفة المحبسة، منها قرية منبابة بالجيزة تجاه بولاق، وكان أوتفها الملك الناصر على التربة الظّاهريّة، وناحية دنديل «1» ، وكانت أيضا [موقوفة «2» ] على التّربة المذكورة، وأخرج عدة رزق كثيرة، [وهى] «3» التى كان الناصر أخرجها وأوقفها فى سلطنته.(13/204)
ثمّ فى تاسع عشره خلع الأتابك شيخ على القضاة الأربعة باستمرارهم، وخلع على بدر الدين حسن بن محبّ الدين الطّرابلسىّ أستادار الأمير شيخ باستقراره أستادار العالية، فنزل ابن محبّ الدين إلى داره وجميع أرباب الدولة فى خدمته.
ثمّ فى ثانى عشرينه استقرّ شهاب الدين أحمد الصّفدىّ موقّع الأمير شيخ فى نظر البيمارستان المنصورىّ عوضا عن كاتب السرّ فتح الله، ومعها نظر الأحباس عوضا عن تاج الدين عبد الوهاب بن نصر الله، وخلع على القاضى ناصر الدين محمّد ابن البارزىّ باستقراره موقّع الأمير الكبير شيخ عوضا عن الشّهاب الصّفدىّ المقدّم ذكره.
وأما الأمير نوروز الحافظىّ، فإنه استولى على حلب، وهرب منها الأمير دمرداش المحمّدىّ، وخلع على يشبك بن أردمر بنيابتها، وخلع على الأمير طوخ بنيابة طرابلس، وفرّق الإقطاعات والإمريّات على أصحابه ومماليكه كيف يختار من غير معاند، غير أنه ندم على قعاده بالبلاد الشامية غاية الندم فى الباطن لا سيما لمّا بلغه من أمر شيخ وعظمته بمصر ما بلغه.
ثم فى يوم الخميس سادس عشر جمادى الأولى، قرىء تقليد الأمير الكبير شيخ نظام الملك بأن الخليفة فوّض إليه ما وراء سرير الخلافة، فعند ذلك جلس الأتابك شيخ بالحرّاقة من الإسطبل السلطانىّ وبين يديه القضاة وأرباب الدولة من أعيان الأمراء والمباشرين وغيرهم، وقرأ كاتب السّرّ عليه القصص كما يقرؤها بين يدى السّلطان، وتلاشى أمر الخليفة حتى صار كعادته أيام خلافته، غير أنه فى التّرسيم محجوب عمّا يريده.
ثمّ فى رابع عشرين جمادى الأولى المذكورة استقرّ القاضى صدر الدين علىّ ابن الأدمىّ قاضى قضاة الحنفيّة بالديار المصرية بعد عزل قاضى القضاة ناصر الدين محمد ابن العديم عنها، ثم أرسل الأتابك شيخ دواداره الأمير جقمق الأرغون شاوىّ إلى(13/205)
البلاد الشّاميّة ومعه تقاليد النّوّاب الخليفتيّة باستمرارهم على عادتهم بما قرر الأمير نوروز برضاه.
ثم فى يوم الخميس ثامن جمادى الآخرة، مات الأمير بكتمر جلّق من مرض تمادى به نحو الشهرين؛ أصله من عقرب لسعته وهو قادم صحبة الخليفة والعساكر إلى الدّيار المصرية بالرّمل، فاشتد ألمه منها وأخذته الحمّى، ثم خرج من سيّئ إلى سيّئ إلى أن مات، فنزل الأتابك شيخ راكبا وجميع الأمراء الخاصّكيّة مشاة حتى صلّى عليه بمصلّاة المؤمنى من تحت القلعة، وعاد إلى باب السلسلة من غير أن يشهد دفنه، وهو فى غاية السّرور، وقد صفا له الوقت بموت بكتمر المذكور، فإنّه كان عليه أشد من نوروز، وصرّح شيخ بعد موته بما كان يستكتمه من الوثوب على الأمراء، وخلاله الجوّ، ولمّا بلغ نوروزا موته كاد أن يهلك، وعلم بما سيكون من أمر شيخ.
ثم استقر القاضى ناصر الدين بن البارزىّ موقّع الأتابك شيخ بقراءة القصص على مخدومه الأتابك شيخ، فانحطّ بذلك قدر فتح الدين فتح الله كاتب السر، وصار فى وظيفته كالمعزول عنها، وقلّ ترداد الناس إليه، وكثر تردادهم إلى باب القاضى ناصر الدين بن البارزىّ لقضاء حوائجهم.
ولما عظم أمر الأتابك شيخ بعد موت بكتمر، ورأى أن الجوّ قد خلاله وما ثمّ مانع من سلطنته طلب الأمراء وكلّمهم فى ذلك، فأجاب الجميع بالسّمع والطّاعة- طوعا وكرها- واتفقوا على سلطنته.
فلما كان يوم الاثنين مستهل شعبان، وعمل الموكب عنده على عادته بالإسطبل السلطانىّ، واجتمع القضاة الأربعة قام فتح الله كاتب السر على قدميه فى الملأ وقال لمن حضر: إن الأحوال ضائقة ولم يعهد أهل نواحى مصر اسم خليفة، ولا تستقيم الأمور إلا بأن يقوم سلطان على العادة، ودعاهم إلى الأتابك شيخ المحمودىّ، فقال شيخ المذكور: هذا لا يتمّ إلا برضاء الجماعة، فقال من حضر بلسان واحد: نحن راضون بالأمير الكبير، فمدّ قاضى القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقينىّ يده(13/206)
وبايعه، فلم يختلف عليه اثنان، وخلع الخليفة المستعين بالله العبّاس من السلطنة بغير رضاه.
وبعد سلطنة الملك المؤيد شيخ وجلوسه على كرسى الملك- حسبما يأتى ذكره بعد أن نذكر بقية ترجمة العباس هذا- بعث إليه القضاة ليسلّموا عليه، ويشهدوا عليه أنه فوّض إلى الأمير شيخ السلطانة على العادة، فدخلوا إليه وكلّموه فى ذلك، فتوقّف فى الإشهاد عليه بتفويض السلطنة توقّفا كبيرا، ثمّ اشترط فى أن يؤذن له فى النّزول من القلعة إلى داره، وأن يحلف له السلطان بأنّه يناصحه سرّا وجهرا، ويكون سلما لمن سالمه وحربا لمن حاربه، فعاد القضاة إلى السلطان وردّوا الخبر عليه، وحسّنوا له العبارة فى القول، فأجاب: يمهّل علينا أياما فى النزول إلى داره ثم يرسم له بالنزول، فأعادوا عليه الجواب بذلك وشهدوا عليه، وتوجهوا إلى حال سبيلهم.
وأقام الخليفة بقلعة الجبل محتفظا به على عادته أوّلا خليفة إلى ما يأتى ذكره.
فكانت مدّة سلطنته من يوم جلس سلطانا خارج دمشق إلى يوم خلعه يوم الاثنين أوّل شعبان، سبعة أشهر وخمسة أيام، وأقام المستعين بقلعة الجبل إلى أن خلع من الخلافة أيضا بأخيه المعتضد داود بغير رضاه، كما وقع فى خلعه من السلطنة، وكان ذلك فى ذى الحجة سنة ست عشرة وثمانمائة، ودام مخلوعا بقلعة الجبل فى دار بالقلعة مدّة، ثم نقل إلى برج بالقلعة إلى يوم عيد النّحر من سنة تسع عشرة وثمانمائة، فأنزل من القلعة نهارا إلى ساحل النيل على فرس، وصحبته أولاد الملك الناصر فرج وهم: فرج، ومحمد، وخليل، وتوّجه معهم الأمير كزل الأرغون شاوىّ، فدام الخليفة المستعين هذا مسجونا بإسكندرية إلى أن نقله الملك الأشرف برسباى إلى قاعة بثغر الإسكندرية، فدام بها إلى أن توفّى بالطّاعون فى يوم الأربعاء لعشرين(13/207)
بقين من جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ولم يبلغ الأربعين سنة من العمر ومات وهو فى زعمه أنه مستمر على الخلافة، وأنه لم يخلع بطريق شرعى، وعهد من بعده بالخلافة لولده يحيى، فلمّا مات المعتضد داود فى يوم الأحد رابع شهر ربيع الأول من سنة خمس وأربعين وثمانمائة، تكلّم يحيى المذكور فى الخلافة، وسعى سعيا عظيما، فلم يتمّ له ذلك، والله أعلم، والحمد لله على كلّ حال.(13/208)
فهرس الجزء الثالث عشر من كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة(13/209)
فهرس الملوك والسلاطين الذين تولوا مصر من سنة 801- 815 هـ
1- السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق (سلطنته الأولى على مصر) .
من ص 3- 40
2- السلطان الملك المنصور عبد العزيز بن برقوق.
من ص 41- 47
3- السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق (سلطنته الثانية على مصر) .
من ص 48- 188
4- السلطان الخليفة المستعين بالله العباس.
من ص 189- 207(13/211)
فهرس الأعلام
اآسية بنت فرج بن برقوق 153: 18
آقباى- أمير سلاح 42: 14- 50: 2، 3- 58: 9، 11- 63: 16
آقباى بن عبد الله الطرنطائى الظاهرى رأس نوبة الأمراء، المعروف بآقباى الحاجب.
77: 1- 176: 6، 7، 10، 11
آقباى بن عبد الله الكركى الظاهرى- سيف الدين المعروف بالطاز 31: 1
آقباى الحاجب آقباى بن عبد الله الطرنطائى الظاهرى.
آقبردى- رأس نوبة 51: 8- 66: 11- 67: 15- 170: 7
آقبغا- رأس نوبة 48: 15
آقبغا بن عبد الله الجمالى الظاهرى، المعروف بالأطروش والهيدبانى- سيف الدين 4: 7- 36: 6، 12، 15
آقبغا بن عبد الله الطولو تمرى الظاهرى، المعروف باللكاش- سيف الدين 15: 12، 13، 15
آقبغا بن عبد الله القديدى دوادار الأتابك يشبك- علاء الدين 78: 16- 185: 16
آقبغا الدوادار اليشبكى آقبغا بن عبد الله القديدى.
آق سنقر الحاجب 127: 22
إبراهيم بن البشيرى- سعد الدين 96: 6- 124: 12، 15- 193: 1- 204: 11
إبراهيم بن زقاعة- الشيخ برهان الدين 103: 11، 13، 20- 136: 11، 12، 15، 16
إبراهيم بن شيخ المحمودى 87: 6- 88: 8، 12
إبراهيم بن الظاهر برقوق 47: 9، 12، 14- 54: 13
إبراهيم بن عبد الرزاق بن غراب- سعد الدين 24: 3، 5- 35: 12- 42: 18- 43: 6- 44:
11، 14- 46: 3- 48: 16- 49: 7- 51:
10- 95: 11، 12، 13، 14- 151: 18- 156: 8- 157: 1- 173: 6، 7
إبراهيم بن عمر بن على المحلى المصرى- التاجر برهان الدين.
35: 13
إبراهيم بن قرايلك 60: 9
إبراهيم بن العلامة شمس الدين محمد بن مفلح الحنبلى الدمشقى- تقي الدين 25: 5
إبراهيم بن قاضى القضاة ناصر الدين نصر الله بن أحمد بن محمد بن أبى الفتح الحنبلى- قاضى قضاة الديار المصرية- برهان الدين.
17: 10- 21: 8
إبراهيم بن الهيصم- الصاحب أمين الدين.
178: 11
إبراهيم طرخان- الدكتور 26: 23
ابن أبى شاكر (تقي الدين عبد الوهاب ابن الوزير فخر الدين عبد الله ابن الوزير تاج الدين أحمد ابن شرف الدولة إبراهيم ابن الشيخ سعيد الدولة.
124: 12، 23- 141: 6
ابن البقرى (الصاحب سعد الدين نصر الله) .
38: 11، 21
ابن التبانى محمد بن التبانى- القاضى شمس الدين.
ابن التنسى أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاء الله ابن عواض- ناصر الدين.(13/212)
ابن الجلال على بن يوسف بن مكى الدميرى.
ابن حجر العسقلانى (أحمد بن على بن محمد الكنانى العسقلانى- شهاب الدين) 24: 26- 30: 17، 21- 34: 15
ابن خلدون (عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن الحسن ...
الحضرمى الإشبيلى المالكي- ولى الدين أبو زيد) 155: 18
ابن رسته (أبو على أحمد بن عمر بن رستة) 35: 15
ابن زقاعة إبراهيم بن زقاعة- الشيخ برهان الدين.
ابن الزين أحمد بن عمر بن الزين- شهاب الدين.
ابن السفاح محمد بن صلاح الدين صالح الحلبى- القاضى ناصر الدين.
ابن السكيت (يعقوب بن إسحاق- أبو يوسف بن السكيت) 35: 15
ابن شداد (محمد بن على بن إبراهيم أبو عبد الله عز الدين ابن شداد الأنصارى الحلبى) 142: 24- 145: 23- 191: 21- 192:
22- 194: 24.
ابن شهرى محمد بن شهرى- ناصر الدين.
ابن صاحب الباز التركمانى 73: 20، 22
ابن الطبلاوى (أحمد بن محمد بن الطبلاوى- شهاب الدين) 130: 1، 15- 131: 1، 15
ابن العجمى أحمد بن محمود بن محمد بن عبد الله العجمى.
ابن عرام خليل بن عرام.
ابن العديم (عمر بن إبراهيم بن محمد بن عمر بن عبد العزيز ابن أبى جرادة) 171: 4، 10
ابن عصفور (على بن محمد بن على بن عصفور- علاء الدين) 154: 7، 10
ابن عوف (عبد الرحمن بن عثمان بن عوف بن عبد الحارث ابن زهرة بن كلاب بن مرة) 35: 4
ابن غراب إبراهيم بن غراب- سعد الدين.
ابن الفارس إياس ابن صاحب الباز التركمانى.
ابن فهيد المغربى محمد بن أحمد بن محمد المعروف بابن فهيد المغربى.
ابن قرمان 143: 16
ابن الكلبى (هشام بن محمد بن أبى النصر بن السائب الكلبى- أبو المنذر) 35: 16
ابن الكويز علم الدين داود بن الكويز.
ابن مالك (محمد بن عبد الله بن مالك الطائى الجيانى أبو عبد الله جمال الدين) 30: 1
ابن المشيب خليل بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الجليل المغربى- المعتقد الصالح.
ابن نباتة (محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الجذامى للفارقى المصرى- أبو بكر جمال الدين بن نباته) 173: 15، 20
ابن مقلة المقدسى 25: 24
ابن هيازع 94: 10، 11
ابن الوردى (الشيخ الأديب الفقيه زين الدين عمر بن المظفر ابن عمر بن محمد بن أبى الفوارس المصرى) 173: 15، 23
ابن واصل (جمال الدين محمد بن سالم بن واصل) 114: 20
أبو بكر بن سنقر- زين الدين وقيل سيف الدين.
22: 4
أبو بكر بن العجمى- القاضى شرف الدين 91: 3
أبو بكر اليغمورى 115: 7
أبو الحجاج المزى (جمال الدين أبو الحجاج يوسف ابن الزكى عبد الرحمن بن يوسف بن على بن عبد الله أبى الزهر القضاعى الكلبى المزى- الحافظ المزى) 29: 14، 20
أبو سفيان (المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب) 35: 1(13/213)
أبو الفتح الميدومى 179: 19
أبو الفضائل (المفضل بن أبى الفضائل القبطى المصرى) 26: 22
أبو المحاسن يوسف البيرى جمال الدين الأستادار:
أبو النصر الفارابى (محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ الفارابى) .
160: 22
أبو يزيد عثمان- متملك بلاد الروم.
29: 4- 32: 3
أثير الدين أبو حيان (محمد بن يوسف بن على بن يوسف ابن حيان الغرناطى المالكى ثم الشافعى) 30: 3، 18
أحمد بن أبى بكر بن محمد بن محمد العبادى الحنفى- الشيخ شهاب الدين أبو العباس 6: 12
أحمد ابن أخت جمال لدين الأستادار.
91: 13- 96: 9- 124: 3
أحمد بن إسماعيل بن خليفة الدمشقى- شهاب الدين أبو العباس الحسبانى.
79: 14- 146: 3، 18
أحمد بن أسنبغا الطيارى الشهابى 167: 17
أحمد بن الشيخ أويس بن الشيخ حسن بن الشيخ حسين ابن آقبغا بن إيلكان- القان غياث الدين صاحب بغداد 181: 10، 18- 182: 3
أحمد بن ثقبة بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى- السيد الشريف 177: 4
أحمد بن الجزرى (أحمد بن على بن الحسين بن داود الجزرى- المسند أبو العباس الهكارى) .
29: 14- 30: 18
أحمد بن جمال الدين يوسف الأستادار 91: 12- 98: 4- 124: 3
أحمد بن حنبل- الإمام 39: 3- 55: 12
أحمد بن الشهيد- شهاب الدين 90: 12
أحمد ابن شيخ الشيوخ نظام الدين إسحاق بن عامر الأصبهانى الحنفى- جلال الدين أبو العباس 17: 15
أحمد بن شيخ على- الأمير شهاب الدين 36: 1
أحمد بن عبد الله النحريرى المالكى- قاضى القضاة شهاب الدين 21: 13
أحمد بن عمر بن الزين- الأمير شهاب الدين 21: 15، 23
أحمد بن عيسى بن سليم بن جميل الأزرقى العامرى الكركى الشافعى- قاضى القضاة عماد الدين.
3: 7- 4: 1- 133: 26
أحمد بن فضل الله العمرى- القاضى شهاب الدين.
26: 6، 9
أحمد بن الكشك- القاضى شهاب الدين.
138: 4
أحمد بن محمد بن الجواشى- شهاب الدين أبو العباس.
166: 1
أحمد بن محمد الطنبذى الشافعى- بدر الدين 164: 7
أحمد بن محمد الطولونى- المهندس شهاب الدين 17: 13
أحمد بن محمد بن محمد بن عطاء الله بن عواض بن نجا بن أبى الثناء محمود بن نهار بن مؤنس بن حاتم بن نيلى بن جابر ابن هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، المعروف بابن التنسى- ناصر الدين 10: 4
أحمد بن محمد بن محمد بن الناصح- الشيخ المعتقد شهاب الدين 28: 5
أحمد بن محمود العجمى (صدر الدين أحمد بن محمود ابن عبد الله القشيرى الأصل القاهرى الحنفى) .
103: 4، 6، 7، 8، 14(13/214)
أحمد بن ناصر بن فرج بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن الناصرى الباعونى- شهاب الدين أبو العباس الباعونى.
146: 3، 20- 192: 10- 201: 15
أحمد ابن قاضى القضاة ناصر الدين نصر الله بن أحمد ابن محمد بن أبى الفتح العسقلانى الحنبلى- موفق الدين.
17: 12- 21: 6
أحمد بن الوزير ناصر الدين محمد بن رجب- شهاب الدين.
32: 12
أحمد بن نصر الله- محب الدين 176: 4
أحمد بن يلبغا العمرى الخاصكى- شهاب الدين.
14: 4، 13
أحمد الأذرعى- شهاب الدين إمام الأمير شيخ المحمودى 141: 10
أحمد زادة- والد الشيخ محب الدين الإمام بن مولانا زادة 165: 3، 4
أحمد الصفدى- شهاب الدين 85: 6- 205: 4، 7
أحمد المدينى- القاضى محيى الدين.
94: 10، 13، 14
الأخطل (غياث بن غوث بن الصلط بن طارفة بن عمرو من بنى تغلب) 140: 21
أرسطاى- حاجب الحجاب 42: 17
أرسطاى بن عبد الله الظاهرى رأس نوبة- سيف الدين 172: 11
أرسلان- والى القاهرة 204: 15
أرشد الدين السرائى 24: 10
أرغز- الأمير 51: 14- 73: 1- 79: 16، 24- 125:
17- 126: 13
أرغون من بشبغا- الأمير آخور الكبير.
67: 21، 22- 73: 15- 74: 13، 14- 77:
9- 102: 12- 108: 20- 109: 1، 14- 110: 13- 112: 10- 195: 18- 203: 4
أرغون شاه بن عبد الله الإبراهيمى الظاهرى نائب حلب- سيف الدين 4: 3- 36: 11
أرغون شاه البيدمرى الظاهرى أمير مجلس- سيف الدين 13: 3، 10
أرغون شاه شد شراب خاناة تغرى بردى 143: 9
أرنبغا- الأمير 73: 12
أزبك بن عبد الله الرمضانى الظاهرى- سيف الدين.
35: 6- 50: 13
أزبك الدوادار 57: 7
إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن على بن موسى- مجد الدين قاضى قضاة الحنفية بالديار المصرية.
17: 5
إسماعيل ابن الملك الأفضل عباس ابن الملك المجاهد على ابن الملك المؤيد داود ابن الملك المظفر يوسف ابن الملك المنصور عمر بن على بن رسول- الملك الأشرف.
25: 15، 17
أسنباى أمير آخور 51: 14- 65: 17- 67: 15- 170: 8
أسنباى التركمانى.
65: 16- 67: 15- 170: 7
أسنبغا بن عبد الله العلائى الظاهرى الدوادار- سيف الدين 21: 18
أسنبغا الزردكاش 108: 8، 19- 115: 4- 123: 7- 136:
7- 202: 1، 2- 203: 1
أسنبغا الطيارى- دوادار الأمير سيف الدين سودون ابن عبد الله الظاهرى.
167: 12، 16
أسندمر- الأمير آخور 196: 14، 17(13/215)
أسندمر البجاسى الجرجاوى 12: 9
أسندمر الحاجب 121: 7
الأعرج فارس بن عبد الله القطلقجاوى- سيف الدين.
الأفقم يشبك بن عبد الله الموساوى الظاهرى- سيف الدين.
ألطنبغا شقل 52: 6- 70: 16، 18- 79: 15- 141: 1
ألطنبغا العثمانى 54: 4- 57: 1- 71: 10- 77: 19- 96: 20- 102: 6- 108: 8- 121: 4- 136: 7- 203: 18
أمير حاج بن مغلطاى- زين الدين 4: 9
أميرزة إسكندر شاه بن عمر شيخ بن تيمور لنك 177: 12، 13، 15
أميرزة محمد بن أميرزة عمر شيخ بن تيمورلنك 177: 10، 13
أنص والد الملك الظاهر برقوق 20: 15- 68: 12
إياس الجرجاوى 16: 12
إياس الكركى 90: 14
أيتمش بن عبد الله الأسندمرى البجاسى الجرجاوى ثم الظاهرى 12: 4، 7، 16، 19- 13: 5، 6، 9- 14: 1، 19- 15: 11- 16: 15- 18: 8- 21: 2- 35: 9
إينال الأشقر 51: 11
إينال باى بن قجماس 18: 9- 42: 21- 43: 8- 45: 5، 19- 46: 14- 47: 2- 57: 8- 59: 2- 61:
15، 18- 67: 10- 93: 9- 169: 17
إينال حطب العلائى 47: 10- 54: 14.
إينال الخازندار 126: 7
إينال الصصلانى 77: 20- 102: 14- 110: 2، 4- 125:
16- 202: 3
إينال المحمدى الساقى المعروف بإينال ضضع 74: 12، 13، 16- 100: 8، 9، 13- 122: 7
إينال الجلالى المنقار.
49: 10- 65: 15- 67: 16- 68: 9- 71:
22- 73: 13- 77: 2- 78: 14- 108: 1
إينال اليوسفى 12: 15- 31: 13
أينبك البدرى 8: 3- 155: 6
ب الباز العرينى السيد الباز العرينى- الدكتور.
الباعونى أحمد بن ناصر بن فرج بن عبد الله بن يحيى ابن عبد الرحمن الناصرى.
بايزيد من إخوة نوروز الحافظى 99: 9
بجاس بن عبد الله النيروزى العثمانى اليلبغاوى- سيف الدين.
22: 8
بجاس أمير طبلخاناة 95: 8، 9، 10
بدر الجمالى 18: 25
البدر العينى (أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى العينتابى- قاضى القضاة) .
4: 15- 24: 19- 86: 26- 99: 25- 136:
21
بدر الدين بن فضل الله (القاضى بدر الدين محمد بن محيى الدين ابن فضل الله) 11: 9
بربغا دوادار سودون الحمزاوى 170: 4(13/216)
بردبك أخو طولو 126: 7
بردبك أمير طبلخاناة ثم نائب حماة 48: 15- 74: 16- 79: 18- 96: 19
بردبك حاجب حلب 97: 19
بردبك الخازندار 102: 18- 124: 6- 126: 7
بردبك رأس نوبة نوروز 113: 8
برسباى الدقماقى العلائى (الملك الأشرف برسباى) 8: 18- 51: 15- 81: 10
برسباى الطقطائى 113: 9
البستانى (فؤاد أفرام) 142: 24
بشباى بن عبد الله من باكى الظاهرى- سيف الدين 42: 16- 56: 13- 68: 14- 71: 11، 19- 74: 11، 17- 172: 5
بشر بن إبراهيم بن محمود البعلبكى 166: 12
بكتمر بن عبد الله المؤمنى- سيف الدين 110: 22- 123: 24
بكتمر جلق 44: 5، 6- 50: 20- 58: 18- 66: 5، 13، 14، 17، 19، 20- 69: 10، 14، 16، 18، 24- 70: 10، 20- 71: 6؛ 14، 18- 72: 10، 14- 73: 3- 76:
4، 7- 80: 3، 5، 7- 84: 20- 88: 10، 20، 21- 89: 2، 7، 17، 19، 21- 90: 2، 3- 96: 12، 14، 16، 17، 19- 99: 14- 101: 18، 20- 102:
1، 3، 8- 104: 12، 19- 106: 4، 16- 107: 3- 108: 4، 11، 17، 18- 109:
1، 113: 13، 16، 18- 114: 12- 115:
1، 4، 6، 18- 117: 2، 3، 13، 16-- 118: 6- 120: 11- 125: 6، 8- 132:
15- 137: 11- 141: 21- 145: 11- 153:
17- 191: 9- 196: 10- 198: 7، 11، 15- 200: 5- 201: 1، 10- 206: 3، 8، 15
بكتمر الركنى المعروف ببكتمر باطيا.
51: 7
بكلمش بن عبد الله العلائى- سيف الدين.
5: 1، 9، 13، 15، 16
بلاط بن عبد الله- سيف الدين أحد مقدمى الألوف 98: 5- 176: 16
بلاط بن عبد الله السعدى- سيف الدين 158: 18
بلاط الأعرج شاد الشراب خاناة 146: 10
بلاط أمير علم 46: 12
بلطا يونس بن عبد الله الظاهرى.
بلغاق (الملك الناصر فرج) 152: 15، 19، 23
بلغاك بلغاق.
البهاء بن عقيل 103: 27
بهاء الدين قراقوش 29: 12
بهادر الجمالى 22: 4
بهادر الشهابى- الطواشى زين الدين 18: 1
بهادر العثمانى 16: 5
بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز الدميرى المالكى- قاضى القضاة تاج الدين.
29: 6
بوبر وليم بوبر بيبرس بن عبد الله الأتابك- ركن الدين ابن أخت الملك(13/217)
الظاهر برقوق 8: 19- 20: 14- 42: 8، 13- 43: 2، 3، 4، 14- 44: 8، 22- 45: 4، 5، 12- 46: 14، 16- 48: 4، 11- 154: 5- 172:
15
بى خجا الشرفى- المدعو طيفور بن عبد الله الظاهرى الأشرفى 15: 18- 16: 1
بيدمر الخوارزمى نائب الشام 13: 20
بيغوت نائب الشام 42: 1- 62: 16- 64: 10، 20، 22- 65: 1- 73: 11- 170: 13، 14- 172: 17
بيغوت اليحياوى الظاهرى 16: 4
ت التاج بن سيفا الشوبكى القازانى- والى القاهرة.
204: 14، 16
تبر- الأمير.
135: 24
تغرى بردى بن بشبغا- الأتابك نائب الشام ووالد المؤلف 53: 8- 62: 16- 91: 5- 103: 9- 106:
3- 117: 15
تغرى بردى- سيدى الصغير.
76: 6، 9- 84: 19- 97: 12- 106: 19- 118: 10
تغرى برمش.
75: 16- 90: 13
تمان تمر 121: 3
تمراز الأعور 87: 18
تمراز بن عبد الله الناصرى الظاهرى نائب السلطنة- سيف الدين 49: 17- 55: 8- 58: 8، 11- 63: 15- 65: 19، 20- 67: 20- 70: 8- 78: 13- 79: 2- 82: 3، 4، 21- 84: 14- 93:
8- 107: 4، 6- 108: 7- 116: 15- 121:
20- 122: 1، 12- 183: 6- 184: 1، 3، 4، 6
تمرباى الحسنى 112: 22
تمربغا- دوادار سودون الحمزاوى 67: 14
تمر بغا بن عبد الله الأفضلى- سيف الدين منطاش 6: 4- 12: 13- 14: 7، 9- 15: 2- 158:
1، 3، 21
تمر بغا العلائى المشطوب 55: 18- 61: 10- 62: 5- 65: 5- 73:
18، 19، 21- 74: 20- 83: 1- 97: 18- 108: 1
تمرلنك تيمور لنك.
تنبك أخو يشبك بن أزدمر 126: 8
تنبك الظاهرى- الأمير آخور 5: 8
تنكز بغا الحططى 54: 5
تنم الحسنى الظاهرى نائب الشام (تنبك الحسنى الظاهرى) 12: 4، 6- 13: 2، 5- 14: 12- 15:
5، 11، 16- 16: 6، 8، 22، 23- 21:
2- 31: 10- 36: 12- 55: 5- 64: 12- 135: 10- 142: 17
توما الرومى 196: 18
تيمور لنك كوركان 20: 5، 6، 9، 11- 21: 3، 4، 12- 24:
9، 12- 26: 10- 27: 12، 13- 29: 4، 5- 32: 1، 3، 8، 9، 10- 36: 14- 55:
5- 135: 12- 151: 7- 158: 11، 15، 16- 160: 3، 19- 161: 1، 3، 4، 6، 15، 18- 162: 13- 163: 16- 168: 4- 183:
11- 193: 4(13/218)
ث ثابت بن نعير بن منصور بن جماز بن شيحة الحسينى- الشريف أمير المدينة النبوية) 173: 1
ج جارقطلو 48: 14
جانبك الصوفى 128: 9- 202: 4
جانبك القرمى 97: 19- 115: 12- 121: 7
جان سوفاجيه 194: 19
جانم بن عبد الله من حسن شاه الظاهرى- سيف الدين 65: 14، 18- 71: 15، 18- 76: 2- 78:
5- 80: 1- 87: 16- 97: 18- 104: 11- 106: 13، 15- 118: 8، 9- 125: 3، 5، 7، 12، 13- 184: 19
جرباش العمرى 110: 14- 125: 19- 130: 7
جرباش كباشة 122: 10
جرجى (جرجى بن عبد الله الإدريسى. سيف الدين الأمير آخور) 12: 12
جركس القاسمى المصارع 48: 13- 56: 3، 7، 8، 11- 64: 7- 65: 3، 15- 66: 16، 20، 21- 67: 1، 2- 68: 3، 5- 170: 15
جركس المعروف بوالد تنم الحسنى 31: 10- 106: 15
جعفر بن عبد الله بن المهلهل الهاشمى 35: 15
جعبر القشيرى- سابق الدين 37: 8
جعفر بن أبى طالب 35: 1
جقمق بن عبد الله الصفوى- سيف الدين 159: 1
جقمق الأرغون شاوى الدوادار 204: 1، 3- 205: 22
جقمق العلائى أخو جركس المصارع 65: 15، 16- 67: 16
جكم من عوض 38: 6- 43: 21- 44: 2، 4، 5، 7، 9- 49: 11- 50: 10، 11، 14، 16، 17، 21- 51: 10، 17، 19- 52: 2، 8، 10، 14، 19- 53: 1، 2، 6، 7، 18- 54:
1، 7- 55: 17- 56: 1، 4، 14- 57: 12، 20- 62: 12- 99: 2- 135: 13- 165: 12
جلال الدين البلقينى عبد الرحمن بن عمر بن رسلان ابن نصير بن صالح- قاضى القضاة جلال الدين.
الجلال السيوطى 24: 26
جلبان بن عبد الله البشبغاوى الظاهرى- سيف الدين المعروف بقراسقل.
14: 16- 113: 2
جماز بن هبة الله بن جماز بن منصور الحسينى- الشريف أمير المدينة النبوية 88: 14- 176: 19
جمال الدين ابن قاضى القضاة ناصر الدين أحمد بن التنسى 187: 3
جمال الدين الأستادار (يوسف بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن جعفر بن قاسم البيرى البجاسى) 8: 5، 6- 22: 11- 42: 20- 51: 16- 68: 6، 7، 11- 78: 17- 79: 1، 3، 7، 8، 9- 80: 8، 9، 10، 11، 12- 81:
7- 83: 15- 86: 2، 3- 90: 1، 18، 21- 91: 2، 3، 4، 6، 10، 11، 14، 16، 18، 20، 21- 92: 1، 6، 7، 13، 14، 15، 19- 93: 1، 2، 4، 5، 6، 11، 13، 14، 16، 18- 94: 4، 15، 16،(13/219)
17، 18، 20- 95: 1، 4، 5، 9- 96:
3، 7، 9، 11- 97: 4- 98: 4، 8- 111:
20- 120: 14- 124: 1- 151: 18- 156:
16- 172: 1- 173: 5- 175: 6- 178: 18، 19- 179: 1، 3، 6، 10، 11
جمق نائب الكرك.
51: 14- 63: 9- 65: 17- 67: 15- 170: 7
جنتمر بن عبد الله التركمانى الطرخانى- سيف الدين 27: 4
جنكزخان 32: 10
ح الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد بن الحسن بن أبى بكر ابن على بن الحسين- الخليفة العباسى 189: 5
الحاكم بأمر الله الفاطمى- الخليفة 29: 18
حجاج بن عبد الملك بن مروان 193: 20، 21
حزمان الحسنى- نائب القدس 121: 3- 126: 13
حسام الدين الأحوال 98: 9، 10- 110: 18
حسام الدين لاجين ابن ست الشام 146: 24
حسن بن عجلان- الشريف أمير مكة 74: 9
حسن بن على بن الآمدى- شيخ الشيوخ بدر الدين 30: 12
الحسن بن على بن أبى طالب 35: 19
حسن بن محب الدين الطرابلسى- بدر الدين أستادار الأمير شيخ 205: 2، 3
حسن بن محمد بن حسن الحسنى العلوى- الشريف بدر الدين 164: 4
حسن بن نصر الله الفوى- بدر الدين ناظر الجيش 141: 6- 193: 2- 204: 12
حسن الباشا- الدكتور 23: 17
حسن الكجكنى- حسام الدين نائب الكرك 6: 2، 4
حسين الأحول- حسام الدين 96: 11
حطط البكلمشى 203: 3
حمزة ابن أخت جمال الدين الأستادار 91: 13- 124: 3
خ خالد بن الوليد 107: 22
خشكلدى- الأمير 121: 18- 130: 7
خلف بن حسن بن حسين الطوخى- الشيخ المعتقد.
6: 8
خليل بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الجليل المغربى المعروف بابن المشيب- الشيخ المعتقد 6: 10
خليل بن عرام 13: 14، 16
خليل بن عز الدين أيبك بن عبد الله الألبكى الصفدى- صلاح الدين أبو الفضائل.
174: 1
خليل بن فرج بن برقوق 153: 17- 207: 18
خليل التبريزى الدشارى 203: 7
خواجا سالم 171: 22(13/220)
الخواجا ناصر الدين 184: 2
خوند بنت جرباش الكريمى- زوجة الملك الظاهر جقمق العلائى 121: 16
خوند بنت صرق- مطلقة الناصر فرج بن برقوق 130: 16، 18- 131: 5، 7، 12- 132:
2، 6، 8
خوند بيرم بنت الملك الظاهر برقوق 123: 8- 136: 8
خوند تتر الحجازية بنت الناصر محمد بن قلاوون.
111: 18
خوند سارة بنت الملك الظاهر برقوق 132: 19
خوند فاطمة بنت الأمير تغرى بردى بن بشبغا- أخت المؤلف، وزوج الملك الناصر فرج بن برقوق 53: 22- 127: 9- 131: 4- 132: 2- 138: 1
خوند كار أبو يزيد بن مراد بك بن أورخان بن عثمان- ملك الروم 31: 18
خيربك بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين نائب غزة 54: 4- 58: 7- 102: 7- 108: 15- 121:
18- 123: 3- 129: 1- 184: 15
د داود بن الكويز- علم الدين.
85: 4
دقماق المحمدى 36: 18- 50: 10، 11- 52: 15
دمرداش المحمدى 36: 9، 10- 41: 21- 49: 12- 50:
8- 51: 8- 52: 4، 17- 54: 3، 10، 19- 56: 13، 21- 57: 17- 72: 14- 73: 2- 74: 1- 76: 3، 5، 10، 11، 12- 78: 2- 80: 2، 4، 6- 84: 18- 85: 2- 87:
17- 97: 8، 10- 99: 5، 6، 7، 12، 15- 100: 16- 101: 2، 3، 4، 6، 7- 106: 13، 17، 19- 115: 14- 117: 16- 120: 6، 13، 17- 130: 11- 139:
11- 140: 8، 11- 141: 4- 143: 1، 12- 186: 9، 10، 11- 191: 10، 12- 194: 10، 14- 195: 5، 6، 12- 203:
11، 12- 205: 9
دمشق خجا بن سالم الدوكارى التركمانى- سيف الدين.
36: 19
ذ الذهبى (محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبى- الحافظ شمس الدين أبو عبد الله) .
29: 14، 23- 164: 11
ر الراشد بالله منصور- الخليفة العباسى.
189: 7
رحب بنت الناصر فرج بن برقوق 153: 18
الرشيد بالله هارون- الخليفة العباسى.
189: 12
الرماح يونس بن عبد الله الظاهرى.
ريدان الصقلى 54: 21
ز زادة الخرزبانى العجمى الحنفى- شيخ الشيوخ.
124: 14- 165: 4
زبير (أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد بن أسعد ابن عبد العزى بن قصى) .
35: 4
الزهورى محمد بن عبد الله الزهورى العجمى.
زيادة- الدكتور محمد مصطفى زيادة- الدكتور.(13/221)
زينب بنت الناصر فرج بن برقوق 153: 18
س سالم بن أحمد- مجد الدين- قاضى قضاة الحنابلة.
136: 22
السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف 35: 1، 23
السبكى (تاج الدين عبد الوهاب السبكى- قاضى القضاة) .
22: 19
ست الشام (بنت أيوب) 146: 24
ستيتة بنت الناصر فرج بن برقوق 153: 17
السخاوى (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبى بكر ابن عثمان- شمس الدين أبو الخير) 4: 18- 9: 21- 10: 20- 11: 15- 13:
22- 20: 20- 36: 24- 37: 10- 38:
20- 48: 19- 55: 25- 57: 22- 93:
21- 103: 15، 18، 21، 27- 105:
23- 113: 21- 136: 21- 146: 22- 156:
18- 166: 19، 20، 22- 186: 16
السراج البلقينى عمر بن رسلان بن نصير بن صالح البلقينى- شيخ الإسلام.
سعد الدين بن غراب إبراهيم بن عبد الرزاق بن غراب.
سعد بن مالك بن أبى وقاص بن وهب بن عبد مناف بن زهرة ابن كلاب بن مرة.
35: 4
سعد الدين بن أبى الفرج بن تاج الدين موسى 157: 4
سعد الدين بن البشيرى 105: 14
سعد الدين بن الهيصم 38: 11
سعد الدين (فقيه أرسل الأمير نوروز على يده استعطافا للملك الناصر فرج) 129: 4
السعدى العجمى الشاعر (سعدى بن عبد الله الشيرازى) 11: 12
سعيد (بن يزيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح ابن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب بن لؤى) 35: 4
سعيد الكاشف 109: 13
سكب اليوسفى- الدوادار الثانى 81: 11- 192: 8
السلطان (ورد اللفظ مجردا ولكنه يعنى الملك الناصر فرج ابن برقوق) 5: 12- 6: 1- 23: 9- 31- 13- 45: 1- 46:
14- 48: 9- 49: 6، 20- 51: 6، 11، 14، 15، 17، 18، 20، 21، 22- 52:
2، 3، 7- 53: 10، 14، 16- 54: 6، 9، 11، 17، 18- 55: 2، 7، 10، 13، 18- 56: 2، 5، 6، 10، 11، 14، 15، 17، 18- 57: 1، 2، 4، 10- 58: 8، 17، 19، 21- 59: 6، 8، 9، 12- 62:
4، 7، 9، 10، 12، 14، 17، 20، 23- 63: 2، 3، 4، 5، 10، 11، 12، 17- 64: 2، 3، 5، 10، 17، 19- 65:
4، 7، 8، 9، 11، 14- 66: 6، 7، 9، 13، 15، 16- 67: 6، 11، 13، 18، 20- 68: 1، 6، 7، 9، 18- 69: 1، 4- 70: 8، 13، 14، 15، 20، 21، 22- 71: 21، 22- 72: 2، 9- 73: 4، 7، 14، 19- 74: 6، 7، 8، 11، 16، 19- 75: 7، 8، 12، 14، 16- 76: 13، 14، 15- 77: 7، 9، 15، 17، 22- 78:
1، 3، 4، 7، 8، 9، 10، 12، 16،(13/222)
17، 18- 79: 1، 2، 5، 6، 7، 10، 12، 13، 16- 80: 1، 5، 16، 17، 18، 20- 81: 2، 9، 11، 14- 82: 4، 10، 13، 16- 83: 8، 10، 11، 12، 13- 84:
20، 21- 85: 1، 2، 9، 10- 86: 4، 7، 8، 15، 16، 17، 19، 20- 87: 2، 4، 6، 10، 13، 20- 88: 1، 2، 3، 6، 8، 12، 14، 20، 22- 89: 1، 3، 6، 7، 8، 14- 90: 9، 10، 16، 17، 20، 22- 91: 7، 15- 92: 13، 16، 19- 93:
1، 3، 5، 6، 10، 11، 13، 17، 18- 94: 1، 3، 5، 6، 8، 14، 15، 16، 17، 18، 19، 20، 21- 95: 13- 96: 1، 18، 21- 97: 1، 3، 8، 10، 11، 13، 16، 20- 98: 2، 4، 5، 12، 13، 14، 15، 17، 19، 20- 100: 1، 4، 7، 11- 101: 12، 17- 102: 8، 9، 15- 103:
8، 10، 12، 13- 104: 5، 6، 9- 105:
1، 6، 9، 10، 11، 13، 15، 16- 106: 1، 2، 3، 4، 8، 9، 11، 13، 16، 21، 22- 107: 5، 6، 7، 8، 10- 108: 4، 5، 6، 7، 14- 111: 10، 13، 14- 112: 1- 113: 7- 115: 12- 117: 5، 7، 8، 9، 10، 14، 19، 21- 118: 3، 5، 15، 16، 17، 18، 20- 120: 9، 11، 13، 14، 16، 18- 121: 1، 3، 6، 7، 9، 12، 17، 20- 122: 3، 5، 8، 10، 13، 15، 19، 20- 123: 3، 5، 6، 7، 10، 13، 17- 124: 1، 5، 9، 11، 13، 14، 19- 125: 6، 10، 16، 18- 126: 1، 4، 6، 10، 15، 20- 127:
14، 21، 22- 128: 1، 4، 7، 9، 13، 15، 19- 167: 4- 168: 11- 176: 6، 10- 179: 7- 18: 14- 181: 2، 16- 185:
18
سلامش- نائب غزة 49: 16- 65: 8
سلطان حسين ابن أخت تيمور لنك 161: 13
سلطان خليل بن ميران شاه بن تيمور لنك 161: 12، 14
السلطان صلاح الدين الأيوبى 4: 19- 63: 25- 112: 21- 114: 20
السلطان محمود خان المعروف بصرغتمش 32: 8
سلمان 79: 16، 23
سليم السواق القرافى- الشيخ المعتقد المجذوب 18: 4
سليمان بن عبد الملك 52: 24
سنقر الرومى 102: 7- 122: 3- 195: 15- 203: 18
سودون الأبويزيدي 125: 11
سودون أخو الأتابك يشبك بن أزدمر 126: 8
سودون الأسندمرى الأمير آخور الثانى 102: 17- 125: 18- 202: 3- 203: 5
سودون الأشقر- رأس نوبة النوب 101: 16- 102: 17- 123: 9- 128: 10- 203: 17
سودون الأعرج الظاهرى 28: 2
سودون البجاسى 66: 12- 67: 17- 121: 7
سودون بقجة 56: 5- 71: 11- 73: 11- 78: 13- 82:
21- 93: 9- 108: 13- 109: 10- 114:
6- 115: 21- 116: 6، 10(13/223)
سودون بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين المعروف بالطيار 20: 8، 9، 13- 42: 19- 47:
1- 50: 3، 4- 55: 1- 63: 16- 66: 1- 167: 7، 8، 10
سودون بن عبد الله بن على بك الظاهرى- سيف الدين المعروف بسودون طاز 31: 6- 32: 14، 15- 33: 1
سودون بن عبد الله الحمزاوى الظاهرى- الدوار الكبير- سيف الدين.
46: 5- 48: 12- 54: 20- 57: 3، 4، 17، 18، 20، 21- 58: 16- 59: 1- 61: 15، 19- 66: 11- 67: 14- 169:
8، 15- 170: 1، 4- 178: 16
سودون تلى المحمدى 42: 15- 48: 13- 49: 14- 53: 19- 57:
6، 11- 71: 9، 10، 12، 15، 16، 18- 74: 2- 77: 16، 22- 83: 1- 98:
18- 99: 3- 109: 10- 114: 7- 141: 20- 145: 1
سودون الجلب 82: 21- 89: 6- 97: 19- 106: 10- 108:
3- 114: 9- 116: 16- 124: 6- 141: 3- 145: 1- 191: 14
سودون الحمصى 78: 14- 113: 13
سودون الساقى 49: 12
سودون الشمسى 66: 12- 67: 16
سودون الظريف 54: 5- 79: 16، 24- 108: 9- 125: 17- 126: 14
سودون الفخرى الشيخونى 50: 1
سودون الفقيه 28: 2
سودون قراصقل 114: 7
سودون قرناص 61: 16، 19
سودون الماردانى- الدوادار الكبير.
42: 17- 47: 2- 48: 12- 51: 13- 154:
5- 169: 13- 172: 16
سودون من زادة 49: 15- 57: 17- 69: 5- 92: 7
سودون من عبد الرحمن 102: 17- 118: 10- 203: 19- 204: 9
سودون اليوسفى 49: 15- 51: 14- 74: 2
سونجبغا 121: 4
السيد الباز العرينى- الدكتور 78: 24
سيدى سودون سودون بن عبد الله الظاهرى.
سيدى الصغير تغرى بردى سيدى الصغير.
سيدى الكبير قرقماس بن أخى دمرداش المحمدى.
ش شادى خجا 121: 4
شاهين الأفرم 102: 7- 132: 16- 203: 15
شاهين بن عبد الله الظاهرى، المعروف بقصقا بن قصير- سيف الدين.
67: 22، 23- 168: 9
شاهين الحسنى- الطواشى رأس نوبة الجمدارية 43: 16
شاهين دوادار شيخ المحمودى 77: 22- 108: 13- 109: 6- 121: 12
شاهين الرومى 136: 8(13/224)
شاهين الزردكاش 105: 5، 11، 12، 23- 108: 18- 115:
3- 132: 17- 137: 14
شبل الدولة كافور الرومى 146: 23
شرف الدين بن الشهاب محمود الحلبى كاتب سردمشق.
80: 11، 13، 15
شعبان بن محمد بن عيسى العائذى 114: 1، 4، 5
شعبان بن اليغمورى 105: 8
شقراء بنت الناصر فرج بن برقوق 153: 18، 19
شمس الدين أخو جمال الدين يوسف الأستادار 80: 10
شمس الدين الطرابلسى 25: 3
شهاب الدين أحمد حاجب الكرك 115: 23
الشهاب البريدى 6: 4
شهاب الدين أبو العباس الباعونى أحمد بن ناصر بن فرج بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن الناصرى الباعونى.
شهاب الدين أبو العباس الحسبانى أحمد بن إسماعيل بن خليفة الدمشقى.
شيخ- الأمير آخور الثانى مملوك بيبرس الأتابك 8: 18
شيخ بن عبد الله الصفوى الخاصكى- سيف الدين 8: 9، 15- 159: 11
شيخ الحسنى الظاهرى- أمير عشرة ورأس نوبة 8: 19
شيخ السليمانى المسرطن- نائب طرابلس 8: 16- 159: 1، 7
شيخ المحمودى (بن عبد الله الساقى- الأمير ثم الملك المؤيد شيخ) 8: 15- 9: 24، 25، 26- 22: 1، 5، 6، 8، 9، 10، 11، 12، 14، 16، 19- 36: 14، 16- 38: 6- 43: 18، 19، 20، 21- 44: 3، 4، 5، 7، 9- 48: 19- 49:
8، 10- 50: 6، 14، 17- 51: 1- 52:
6، 8، 13، 16، 17- 53: 10، 12، 20- 54: 3، 10، 17، 19- 56: 20، 21- 57: 18، 19، 20- 58: 3، 16- 61:
13، 17، 19، 20- 62: 3- 63: 1، 3، 4، 5، 6، 10، 13- 64: 1، 5، 11، 14، 17، 21- 65: 3، 6- 66: 16، 17، 19- 67: 4، 7، 11- 69: 7، 8، 9، 10، 11، 13، 15، 18، 19، 20- 70: 3، 4، 13، 14، 16، 22- 72: 1، 2، 3، 6، 8، 11، 15، 16- 73: 3، 5، 6، 7- 74: 2، 3، 6- 75: 2، 3، 7، 9، 13، 14- 76: 1، 2- 77: 15، 17، 21، 23- 78: 1، 3، 4، 15- 79: 4، 5، 11، 13، 16- 80: 6، 9، 13، 14، 18، 19- 81: 2، 6، 7، 13، 14، 17، 19، 21- 83: 3، 9، 11، 17، 19- 84: 1، 2، 6، 10، 15- 85: 6، 8، 14، 16- 86: 1، 2، 7، 12، 13، 14، 16، 18، 23، 24- 87: 1، 4، 5، 10، 12، 13، 15، 16، 18، 19، 21- 88: 1، 6، 11، 12- 89: 15، 16، 18، 19، 20- 90: 1، 2، 4، 12- 93: 7- 94:
1، 16- 96: 12، 13، 15، 16- 97:
2، 3، 17، 20- 98: 17- 99: 3، 5، 6، 8، 11، 12، 13، 18- 100: 15، 19- 101: 1، 2، 5، 6، 9- 104: 9، 13، 14، 16، 17، 19- 105: 16، 17، 21- 106: 10، 21- 107: 5، 8، 10، 14- 108: 12، 17، 19، 20- 109: 4، 5، 6، 9- 110: 6- 111: 4، 8- 112: 14، 15، 18- 113: 3، 7، 9، 19- 114:
6- 115: 7، 9، 19، 20- 116: 1، 6،(13/225)
14، 20، 22- 117: 2، 3، 11، 12- 118: 7، 14، 15- 119: 3، 11، 14، 15، 19- 122: 2، 15، 16- 123، 6- 124 5، 8- 126: 2- 127: 6، 8، 19، 21- 135: 14، 18، 19- 137: 10، 12، 14، 15- 140: 8- 141: 10، 18- 142: 2- 144: 11، 12- 145: 9- 146: 3، 5، 7، 8، 10- 148: 3- 150: 14، 16- 159:
3، 5، 12- 167: 5- 169: 17- 170: 1، 11، 12- 175: 5- 178: 6، 7- 181: 19- 183: 17- 189: 19- 191: 13- 193: 2، 15، 16- 194: 2، 7، 8، 12- 195:
5- 196: 2، 3، 4، 9- 197: 15، 16- 198: 6، 17- 199: 5، 6، 8، 12، 15- 200: 2، 3، 10، 15، 19، 20- 202: 5، 13، 15، 16، 17، 20- 203:
1، 3، 7، 9، 10، 11، 20- 204: 1، 5، 9، 15، 17- 205: 1، 2، 4، 7، 14، 16، 22- 206: 6، 9، 10، 11، 12، 15، 21، 22
الشيخ المعتقد المجذوب العجمى محمد بن عبد الله الزهورى العجمى.
شيخون العمرى 13: 8- 104: 3
شيرين بنت عبد الله الرومية- والدة الملك الناصر فرج ابن برقوق 19: 1
ص صارو سيدى 61: 9
صدر الدين بن الأدمى (قاضى القضاة على بن الأدمى) 70: 12- 146: 6- 179: 16
صربغا (الأمير السيفى أمير آخور تغرى بردى بن بشبغا) 61: 2
صرغتمش- السلطان محمود خان.
صرغتمش القلمطاوى 203: 3
صرق- الأمير 31: 16
صفى الدين الدميرى- القاضى 5: 12
صلاح الدين بن الكويز 85: 5
صمغار- رأس نوبة المنصور عبد العزيز 48: 16
صندل بن عبد الله المنجكى- العبد الصالح الأمير الطواشى 9: 1، 7، 21، 22
صوماى الحسنى الظاهرى 46: 11، 12
ض ضضع إينال المحمدى الساقى.
ط طاهر بن الشيخ بدر الدين حسن بن حبيب الحلبى- زين الدين 157: 10
طبارى- أحد ملوك الروم 104: 22
طرباى الأتابك نائب طرابلس 28: 2
طشتمر حمص أخضر 171: 8
طشتمر العلائى الدوادار.
166: 6، 7
طلحة (بن عبد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرة، ويكنى بأبى محمد) 35: 4
طوخ بن عبد الله الظاهرى- الخازندار ثم أمير مجلس 69: 1، 3، 4- 77: 1، 17- 96: 22- 176: 13، 14- 201: 3- 205: 10
طوغان الحسنى 67: 23- 71: 12- 77: 2- 102: 6- 108:
9- 115: 1، 6- 125: 6، 8، 12، 13، 14، 15- 128: 9- 132: 16- 137: 12- 198: 7- 199: 15- 201: 1(13/226)
طوغان- دوادار تغرى بردى 143: 8
طوق طوخ بن عبد الله الظاهرى الخازندار- سيف الدين.
طولو من على باشا- نائب صفد 51: 6، 8- 52: 10، 11، 16- 99: 2- 126: 7
الطويل طيبغا الحسنى الناصرى.
الطيار- سودون بن عبد الله الظاهرى.
طيبغا الحسنى الناصرى المعروف بالطويل 5: 2
طيفور بن عبد الله الظاهرى (بى خجا الأشرفى) .
16: 1
ع عائشة بنت الناصر فرج بن برقوق.
153: 18، 19
العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب 192: 21
عاقل (من الأمراء الظاهرية برقوق) 125: 11- 126: 13
عامر (أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن منبه بن الحارث) 35: 4
عباس بن عبد المطلب بن هاشم 189: 14
عبد الباسط بن خليل بن إبراهيم الدمشقى- ناظر الخزانة.
80: 13، 14- 186: 12، 21
عبد الرحمن بن أحمد بن أبى الوفاء الشاذلى المالكى- أبو الفضل.
187: 1، 4
عبد الرحمن ابن تاج الرياسة محمد بن عبد الناصر المحلى الدميرى الزبيرى الشافعى- قاضى القضاة تقي الدين 179: 13
عبد الرحمن بن عمر بن رسلان بن نصير بن صالح- جلال الدين البلقينى- قاضى القضاة.
103: 12، 26- 136: 2- 144: 7- 192: 11- 201: 14- 206: 23
عبد الرحمن بن عوف 35: 4
عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد ابن جابر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن خلدون الحضرمى الإشبيلى المالكى- ولى الدين- ابن خلدون.
عبد الرحمن بن يوسف بن أحمد بن الحسن بن سليمان ابن فزارة بن بدر بن محمد بن يوسف الكفرى الحنفى زين الدين أبو هريرة- قاضى القضاة.
166: 8
عبد الرحمن- صيرفى جمال الدين الأستادار.
93: 6- 94: 1، 7، 9
عبد الرحمن فهمى محمد- الدكتور.
169: 20
عبد الرحيم بن الحسين بن أبى بكر العراقى الشافعى- الحافظ زين الدين.
34: 10، 16
عبد الرزاق بن أبى الفرج بن تقولا الأرمنى الملكى- الوزير الصاحب تاج الدين.
159: 14
عبد الرزاق بن الميصم (تاج الدين عبد الرزاق بن إبراهيم ابن سعد الدين القبطى المصرى) .
93: 2، 15، 19- 94: 7، 18- 96: 2- 98: 5، 9- 123: 11- 178: 11- 202: 4
العبد الصالح المنجكى صندل بن عبد الله المنجكى- الأمير الطواشى.
عبد الغنى بن أبى الفرج- فخر الدين 123: 10، 12- 124: 11، 13، 14، 16، 17- 126: 5
عبد الغنى بن الهيصم- مجد الدين 93: 16- 96: 5- 105: 15- 121: 11- 178: 9، 20
عبد الكريم بن عبد الرزاق بن إبراهيم بن مكانس القبطى المصرى- الوزير كريم الدين 22: 13(13/227)
عبد الله بن بكتمر الحاجب- جمال الدين 18: 15
عبد الله بن سحلول عبد الله بن سهلول- شمس الدين.
عبد الله بن سهلول- شمس الدين 95: 3
عبد الله ابن الصاحب سعد الدين بن البقرى- الوزير الصاحب تاج الدين.
158: 4
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب 189: 14
عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن أسعد العفيف ابن الجمال بن الناج بن العفيف اليافعى المكى.
166: 5، 21
عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب 35: 21
عبد الله بن يوسف بن الحسين بن سليمان بن فزارة بن بدر ابن محمد بن يوسف الكفرى- قاضى القضاة تقي الدين.
21: 10
عبد الله الحنبلى- قاضى القضاة موفق الدين.
180: 1
عبد الله الدمشقى- جمال الدين.
174: 2
عبد المنعم بن محمد بن داود البغدادى الحنبلى.
39: 1
عبد الوهاب بن أبى شاكر- تقي الدين.
94: 2، 19- 96: 8- 121: 9- 204: 13- 205: 6
عبد الوهاب السبكى- تاج الدين 30: 8
عبيد الله الأردبيلى الحنفى 38: 7
عثمان بن طرعلى قرايلك 59: 20
عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان البلبيسى الشافعى الضرير- فخر الدين 27: 7 عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف 35: 4
العجل بن نعير 101: 4
عجلان بن نعير 173: 3
العزيز بالله الفاطمى.
29: 18- 54: 21- 76: 18
علاء الدين بن عيسى الكركى- كاتب السر.
3: 13
علاء الدين السيرامى 168: 6
علان (أمير مائة ومقدم ألف وهو غير علان جلق) 65: 14- 68: 9- 71: 22- 73: 13- 79:
12- 83: 1- 93: 9- 98: 19، 20- 99: 1
علان اليحياوى جلق 44: 5- 50: 7، 21- 51: 9- 52: 5، 9، 11، 15- 99: 1
علم الدين شمائل- والى القاهرة 98: 21
على باى 15: 14، 15
على بن أبى طالب بن عبد المطلب 35: 4- 173: 15
على بن الأدمى- قاضى القضاة صدر الدين.
64: 13- 201: 13- 205: 21
على بن أيبك النقصباوى الناصرى الدمشقى- علاء الدين أبو الحسن.
6: 15
على بن خليل الحكرى الحنبلى- علاء الدين.
36: 4
على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب 189: 13
على بن الشيخ سراج الدين عمر البلقينى- نور الدين 39: 9(13/228)
على بن محمد بن عبد البر السبكى الشافعى- قاضى القضاة علاء الدين 165: 17
على بن محمد البغدادى ثم الإخميمى- الشريف علاء الدين.
186: 1
على بن محمد بن على بن عصفور- علاء الدين ابن عصفور.
على بن يوسف بن مكى الدميرى المالكى- نور الدين 23: 7
على القلقشندي- علاء الدين 103: 7، 17
على- كاشف بر دمشق (الشيخ على) .
95: 6- 175: 12
على مبارك 68: 21- 90: 23- 112: 25- 126: 21- 186: 19
عماد الدين أحمد بن عيسى أحمد بن عيسى بن جميل الأزرقى العامرى الكركى.
عماد الدين إسماعيل- أستادار الأمير تغرى بردى 91: 17، 18- 92: 2، 4، 8
العمران (أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما) 35: 4
عمر بن إبراهيم بن محمد بن عمر بن عبد العزيز الحلبى الحنفى ابن أبى جرادة المعروف بابن العديم- كمال الدين أبو حفص- ابن العديم.
عمر بن قايماز الأستادار- ركن الدين 165: 6، 20
عمر بن حجى- قاضى القضاة نجم الدين 70: 17- 75: 6، 13
عمر بن الخطاب- رضى الله عنه.
97: 22- 162: 18
عمر بن رسلان بن نصير بن صالح بن شهاب بن عبد الخالق ابن مسافر بن محمد البلقينى الكنانى الشافعى- شيخ الإسلام سراج الدين أبو حفص 29: 9- 30: 25
عمر بن المظفر بن عمر بن عمر بن محمد بن أبى الفوارس ابن على المصرى ابن الوردى.
عمر الهيدبانى- زين الدين 52: 5- 64: 12- 79: 17- 89: 5
عمرو بن العاص 30: 6، 7
عنان بن مغامس بن رميثة المكى الحسنى- السيد الشريف 30: 14- 177: 6
العينى البدر العينى أبو محمد محمود بن سليمان- قاضى القضاة.
غ غرس الدين خليل- أستادار تغرى بردى 145: 10
غرس الدين (خليل بن شاهين الظاهرى- غرس الدين) 199: 22
الغطاس- قانى باى بن عبد الله العلائى الظاهرى- سيف الدين.
ف فارس بن عبد الله القطلجاوى الظاهرى- سيف الدين 13: 12، 15، 18
فارس- أمير آخور دمرداش 99: 11
فارس التنمى- دوادار تنم 64: 12- 68: 5
فتح الدين فتح الله بن معتصم بن نفيس الدوادارى التبريزى- رئيس الأطباء وكاتب السر.
11: 8- 43: 10- 51: 21- 78: 17- 79:
7، 8، 10- 81: 7- 86: 3، 10، 19، 23- 87: 3، 14، 16- 93: 5، 14- 94:
14- 141: 5- 142: 1- 145: 11- 190:
5، 7، 9، 18- 192: 40- 193: 11، 13- 198: 12، 15- 205: 5- 206: 12، 19(13/229)
فتح الله كاتب السر فتح الدين فتح الله بن معتصم بن نفيس.
فخر الدين بن عبد الرزاق بن إبراهيم بن مكانس- الشاعر أخو الوزير كريم الدين بن مكانس.
22: 14
فرج بن الناصر فرج بن برقوق 111: 11- 142: 5- 152: 18- 153: 17- 207: 18
فرج بن منجك 119: 11
فرج الحلبى- زين الدين 22: 1
فضل الله بن الرملى- تاج الدين 96: 10
فهيم محمد شلتوت 24: 19- 76: 26
فياض- حاجب الملك الظاهر مجد الدين عيسى الأرتقى 60: 6
فيروز بن عبد الله الرومى- الطواشى زين الدين 85: 7- 186: 3، 4، 14
فيروز شاه بن نصرة شاه 26: 5، 8، 10
ق القائم بأمر الله حمزة- الخليفة 155: 16
القائم بأمر الله عبد الله ابن القادر بالله أحمد- الخليفة.
189: 9
القادر بالله أحمد ابن المقتفى بالله إبراهيم- الخليفة 189: 9
قانى باى بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين المتوفى سنة 807 هـ 38: 13
قانى باى بن عبد الله العلائى الظاهرى- سيف الدين المتوفى سنة 808 هـ 158: 7، 9
قانى باى أخو بلاط 121: 8
قانى باى الأشقر 121: 4
قانى باى- أمير آخور 48: 14
قانى باى الحمراوى 170: 4.
قانى باى الخازندار 124: 6
قانى باى الصغير العمرى- ابن بنت أخت الظاهرى برقوق.
121: 15، 16
قانى باى المحمدى 105: 13- 115: 21- 118: 14- 121: 13- 122: 4- 203: 2- 204: 9
قثم بن العباس بن عبد المطلب 35: 1، 17
قجاجق بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين 101: 16- 178: 13، 19- 179: 1، 2، 3، 6، 9- 181: 1
قجقار القردمى 142: 9
قجق الشعبانى 100: 10- 102: 16- 140: 16
قجماس بن عبد الله المحمدى الظاهرى- سيف الدين 18: 6
قديد بن عبد الله القلمطاوى- سيف الدين 10: 10
قرابغا بن عبد الله الأسنبغاوى- سيف الدين 18: 13
قراتنبك بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين 181: 7
قراجا بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين 181: 7
قراجا بن عبد الله الظاهرى- زين الدين 67: 20، 21- 68: 10- 101: 15، 17- 115: 2- 180: 13، 16(13/230)
قراجا البجمقدار قراجا بن عبد الله الظاهرى- زين الدين.
قرادمرداش المحمدى 15: 2- 133: 15
قراصقل جلبان بن عبد الله الكمشبغاوى الظاهرى- سيف الدين.
قراقوش- بهاء الدين الطواشى الرومى 29: 12
قرايشبك- قريب نوروز 73: 12- 78: 14- 113: 7
قرايلك (عيان بن طر على صاحب آمد) 59: 20- 60: 1، 2، 7، 8، 9، 11- 61: 5، 22- 143: 16
قرايلك- من نواب القلاع 193: 3
قرايوسف- صاحب العراق 38: 6- 39: 2
قردم بن عبد الله الخازندار- سيف الدين 67: 19- 69: 4- 100: 7، 9، 13- 179:
9- 185: 7
قرقماس الإينالى الرماح- سيف الدين 31: 12
قرقماس- المعروف بسيدى الكبير- ابن أخى دمرداش المحمدى 72: 10، 14- 73: 21- 78: 2- 87: 17- 101: 3، 6- 106: 13، 14، 18- 115:
14- 118: 7- 141: 4- 145: 11- 191:
12- 201: 2
قشتمر بن قجماس- سيف الدين 18: 9
قصقا بن قصير شاهين بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين.
قطلوبغا بن عبد الله الحسامى المنجكى- سيف الدين 18: 11، 20
قطلوبغا بن عبد الله الحنفى- الشيخ الإمام الفقيه 23: 10
قطلوبغا الحسنى الكركى 47: 10- 54: 14
قطلوبغا الخليلى 203: 8
قطلوبك بن عبد الله- سيف الدين 35: 9
القلقشندى (أبو العباس أحمد بن على) 3: 16، 19- 5: 18، 21، 22- 6: 21- 8:
23- 9: 18- 12: 21- 15: 20، 24- 17:
22- 20: 24- 22: 21- 23: 21، 23- 24:
12، 21- 26: 16، 18- 32: 18، 23- 46: 22- 48: 23- 49: 24- 55: 25- 66:
22- 72: 22- 75: 23- 81: 22- 82: 24- 97: 24- 104: 24- 108: 24- 111: 26- 114: 22- 118: 25- 119: 12- 132: 23- 145: 18، 21- 180: 22- 199: 20
قمش- أمير طبلخاناة 63: 9- 109: 11- 201: 3
قمول- نائب عينتاب 61: 9
قنبر بن محمد العجمى السيرامى الشافعى- الشيخ الإمام 4: 11
قنق باى- أم المنصور عز الدين عبد العزيز ابن الظاهر برقوق.
41: 15
قوام الدين الأترارى الحنفى 24: 10، 23
قوزى- أمير طبلخاناة 109: 11
ك كافور- الزمام 111: 7، 13- 112: 2، 5، 9، 14
كبيش بن عجلان 177: 8، 9
الكرخى 25: 23
كرد على محمد كرد على.
كريم الدين الخلاطى 191: 1، 21(13/231)
كزل الأرغون شاوى 207: 18
كزل العجمى 53: 14- 60: 2- 68: 15- 77: 13- 98:
6، 16- 192: 7
الكلستانى محمود بن عبد الله الكلستانى السرائى الحنفى.
كمال الدين بن البارزى- كاتب السر 39: 19
كمشبغا بن عبد الله الحموى اليلبغاوى 5: 7- 9: 10، 12، 13- 10: 1، 3- 12:
16- 13: 7
كمشبغا الأشرفى الخاصكى 16: 13
كمشبغا الجمالى 87: 4- 102: 13- 110: 14- 111: 2- 136: 8، 9
كمشبغا العيساوى 61: 10
كمشبغا المزوق الفيسى 68: 2- 73: 16- 77: 3- 102: 18- 121:
14- 202: 3- 203: 5، 6
ل لاجين بن عبد الله الجركسى- سيف الدين 27: 10، 14- 158: 12
لسترنج (كى لسترنج) 59: 24- 160: 23- 162: 20
اللكاش آقبغا بن عبد الله الطولو تمرى الظاهرى- سيف الدين.
م ماجد بن غراب- فخر الدين 42: 18- 51: 16، 23- 58: 4- 73: 4، 6
ماجد بن المزوق- فخر الدين 42: 19- 49: 6- 51: 22- 192: 19
مأمور 121: 18
ماير (ل- ا- مايو) 133: 17- 134: 21
مبارك المجنون 16: 5
المتوكل على الله أبو عبد الله محمد- الخليفة 8: 6- 51: 4، 5- 154: 14- 155: 5، 14- 189: 3، 11، 16
مجد الدين عيسى الأرتقى الملك الظاهر مجد الدين عيسى صاحب ماردين.
المجد عيسى بن الخشاب 30: 24
محب الدين بن الشحنة 146: 8
محمد (رسول الله صلى الله عليه وسلم) 34: 14، 17- 35: 4، 16، 19، 24
محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن السلمى المناوى- قاضى القضاة صدر الدين أبو المعالى.
25: 7- 180: 6، 7
محمد بن إبراهيم بن بركة العبدلى الشهير بالمزين- شمس الدين 173: 11
محمد بن أبى البقاء الشافعى- قاضى القضاة بدر الدين 23: 12
محمد بن التبانى (محمد بن جلال الدين بن سولا بن يوسف التركمانى الحنفى) 79: 15- 90: 13
محمد بن أحمد بن محمد التنسى- القاضى بدر الدين 10: 9
محمد بن أحمد بن على المعروف بابن نجم الصوفى- العارف بالله شمس الدين 7: 17
محمد بن أحمد بن محمد المعروف بابن فهيد المغربى 166: 3
محمد بن إسماعيل الخباز 166: 12(13/232)
محمد بن البارزى- ناصر الدين 80: 9- 138: 5- 146: 6- 205: 6، 7- 206: 11، 14
محمد بن البجانسى الصعيدى- شمس الدين 34: 8
محمد بن جعفر بن أبى طالب 35: 20
محمد بن جمال الدين محمود الأستادار- ناصر الدين 169: 2
محمد بن سلامة النويرى المغربى- أبو عبد الله المعتقد الكركي 103: 11، 23
محمد بن سنقر البكجرى- ناصر الدين 165: 15
محمد بن شهرى- ناصر الدين 61: 8- 62: 12
محمد بن صلاح الدين صالح الحلبى- القاضى ناصر الدين المعروف بابن السفاح 39: 6
محمد بن عباس بن محمد بن حسين بن محمود بن عباس الصلّى- القاضى شمس الدين 39: 13
محمد بن عبد الخالق المناوى المعروف ببدنة- شمس الدين 181: 4
محمد بن عبد الرزاق بن غراب ماجد بن غراب- فخر الدين.
محمد بن عبد الله بن أبى بكر القليوبى- شيخ شيوخ خانقاة سرياقوس 177: 1
محمد بن عبد الله الزهورى العجمى 10: 13، 16، 20- 11: 3
محمد بن عثمان- ملك بورصا 180: 11
محمد بن عجلان- الشريف 177: 7
محمد بن على بن عبد الله الشمس الحرفى 37: 4، 10
محمد بن على بن عبد الله بن عباس 89: 13
محمد بن العديم (قاضى القضاة ناصر الدين محمد بن عمر ابن إبراهيم) 136: 2- 146: 4، 8- 171: 9- 193:
19- 198: 14- 205: 21
محمد بن على بن معبد القدسى المدنى- قاضى القضاة شمس الدين 136: 20
محمد بن الناصر فرج بن برقوق 153: 17- 207: 18
محمد بن القائم بأمر الله عبد الله- الأمير ذخيرة الدين 189: 8
محمد بن قجماس 126: 14
محمد بن قطلبكى 99: 10
محمد بن مبارك، شيخ الرباط النبوى- شمس الدين 36: 2
محمد بن مبارك شاه الطازى- ناصر الدين 147: 5، 9- 148: 12- 190: 12، 13- 196: 17- 204: 3
محمد بن محمد البصروى- ناصر الدين 201: 12
محمد بن محمد بن عبد الرحمن الصالحى الشافعى- قاضى القضاة ناصر الدين 34: 4
محمد بن محمد بن عبد المنعم- قاضى القضاة بدر الدين 39: 5
محمد بن محمد بن مقلد القدسى الحنفى- بدر الدين 25: 11، 24
محمد بن محمد الدمامينى المالكى الإسكندرى- قاضى القضاة شرف الدين 23: 14
محمد بن محمد الطوخى- الوزير الصاحب بدر الدين 38: 9
محمد بن نباتة جمال الدين- ابن نباتة.(13/233)
محمد الثقفى- القائد الإسلامى فى فتوحات الهند 162: 18
محمد رمزى 125: 22
محمد سلطان حفيد تيمورلنك 161: 20
محمد الشاذلى الإسكندرى- شمس الدين 168: 15
محمد شاه بن فيروز شاه 26: 11
محمد القفصى المالكى (محمد بن محمد بن محمد- القاضى علم الدين) 32: 6، 20
محمد كرد على 4: 20- 66: 24- 72: 25- 73: 22- 145: 19
محمد مصطفى زيادة- الدكتور 20: 19- 22: 19- 78: 22- 87: 22- 92:
24- 93: 24- 96: 23- 120: 19- 131:
21- 134: 25- 139: 24- 154: 21
محمود بن عبد الله الكلستانى السرائى- القاضى بدر الدين 11: 6، 9، 11
محمود بن على الأستادار (محمود بن على بن أصفر عينه) 157: 2، 7، 9، 17
محمود بن قطلو شاه السرائى الحنفى- أرشد الدين أبو الثناء 25: 1، 18
محمود الأصبهانى- شمس الدين أبو الثناء 30: 4، 20
محمود العجمى- القاضى جمال الدين 24: 2
م. س. ديماند- الدكتور 133: 26
المسترشد بالله الفضل ابن المستظهر بالله أحمد- الخليفة 189: 7
المستظهر بالله أحمد- الخليفة 189: 7
المستعين بالله أبو الفضل العباس ابن المتوكل على الله أبى عبد الله- الخليفة والسلطان 51: 3، 5- 86: 9، 19- 120: 5- 136:
1- 141: 5- 142: 8- 146: 2، 3، 6، 7، 9، 10، 15، 16، 17، 22، 23- 148:
3- 150: 5- 155: 12، 15، 16- 189: 1، 3- 190: 17- 191: 17- 193: 8- 197:
1- 198: 11- 199: 6- 201: 18- 207: 1، 4، 13، 19
المستكفى بالله أبو الربيع سليمان- الخليفة 155: 15- 189: 4
المستنجد بالله يوسف- الخليفة 155: 17
المسرطن شيخ بن عبد الله السليمانى الظاهرى- سيف الدين.
مسلم بن معتب بن أبى لهب 35: 22
المصطفى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المعتصم بالله زكريا بن إبراهيم- الخليفة 8: 1، 6- 155: 7
المعتصم بالله أبو بكر ابن المستكفى بالله أبى الربيع- الخليفة 189: 4
المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد- الخليفة 189: 12
المعتضد بالله أبو العباس أحمد- الخليفة 189: 10
المعتضد بالله داود- الخليفة 155: 15- 207: 14- 208: 3
المعتقد الكركى محمد بن سلامة النويرى المغربى أبو عبد الله.
المعز لدين الله الفاطمى 120: 22- 186: 18
معين الدين أنر بن عبد الله الطغتكى.
145: 12، 23
مغلباى 50: 19- 126: 14
مقبل بن عبد الله الظاهرى الرومى- الطواشى زين الدين 74: 14، 15- 77: 11- 97: 14، 15- 101: 11- 133: 1- 140: 19- 168: 12
المقتدر بالله جعفر- الخليفة 189: 10(13/234)
المقتدى بالله عبد الله- الخليفة 189: 8
المقتفى بالله إبراهيم- الخليفة 189: 10
المقريزى (تقي الدين أحمد بن على بن عبد القادر) 9: 7- 19: 13- 20: 19- 22: 19- 29:
19- 55: 11- 56: 22- 68: 17، 18، 21- 76: 17، 19- 78: 23- 87: 22- 92:
24- 93: 25- 96: 24- 111: 15- 120:
20- 121: 21- 128: 24- 131: 21- 134:
25- 139: 25- 142: 1- 144: 18- 151: 3- 153: 11، 12، 24- 154: 22- 159: 18- 168:
17- 171: 11، 16- 172: 9- 185: 15- 186: 22
المقوقس 93: 19- 178: 21
الملك الأشرف إينال 113: 4
الملك الأشرف برسباى 61: 1- 81: 10- 113: 11- 207: 19
الملك الأشرف خليل بن قلاوون 83: 22- 151: 2
الملك الأشرف شعبان بن حسين 8: 3- 9: 13- 109: 3- 110: 9- 123: 13، 15، 22
ملكتمر الحجازى 111: 20
الملك الصالح حاجى 12: 10
الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن محمد بن قلاوون 131: 12
الملك الصالح نجم الدين أيوب 120: 21
الملك الظاهر برقوق 3: 5، 6، 10، 11- 4: 4، 5- 5: 4- 6:
3، 5- 8: 4، 5، 10، 12، 14، 15- 9:
2، 3، 11، 22، 23، 26- 10: 14، 16، 17- 11: 1، 2، 4، 10- 12: 10، 11، 14، 16، 17- 13: 1، 11، 16- 14:
5، 6، 8، 10، 11، 17- 15: 1، 3، 4، 5، 10، 14، 15- 16: 2، 14- 18:
2- 19: 5، 10- 20: 9، 15، 23- 21: 1، 14، 20- 22: 10- 23: 2- 31: 4- 36:
8، 10- 38: 15- 44: 13- 45: 15- 48:
11- 50: 1- 54: 13- 84: 12- 85: 20- 86: 1- 99: 20- 100: 6- 102: 21- 103:
24- 104: 2- 120: 24- 121: 16- 122:
13- 123: 8- 133: 1، 15- 149: 3- 150: 1- 152: 14، 16- 155: 9- 156: 10- 158: 1- 159: 4- 164: 18- 168: 5- 169: 10- 171: 18- 172: 16- 178: 15- 180: 4، 15- 181: 14، 15، 17- 183: 8
الملك الظاهر بيبرس البندقدارى 19: 12- 100: 21
الملك الظاهر جقمق 113: 3- 121: 17
الملك الظاهر ططر 28: 2
الملك الظاهر مجد الدين عيسى الأرنقى- صاحب ماردين 60: 5- 61: 8
الملك العادل أبو بكر بن أيوب 114: 19
الملك العادل أبو الفتح جكم من عوض 58: 13، 15، 17، 18، 20، 22- 59:
1، 13، 15، 17- 60: 1، 4، 7، 8، 10، 13، 16، 17، 20، 21- 61: 2، 4، 5، 7، 12، 14، 22- 62: 5، 6، 7
الملك قسطنطين- ملك الروم 97: 23
الملك الكامل ابن العادل أبى بكر بن أيوب 98: 21
الملك المنصور عز الدين عبد العزيز ابن الظاهر برقوق 41: 1، 3، 9، 13، 14، 16- 42: 4،(13/235)
5، 9، 11، 12- 43: 15، 17- 44: 11، 18- 45: 12، 22- 47: 3، 6، 11، 12- 48: 6- 54: 13، 16- 150: 2- 154: 3، 10- 172: 19
الملك المنصور قلاوون 120: 21
الملك المؤيد شيخ 22: 11، 12- 86: 13- 98: 22- 116: 9- 123: 15، 22- 129: 12- 183: 2- 186:
22- 207: 3، 5
الملك الناصر أحمد- ملك اليمن 26: 4
الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون 109: 2- 110: 20- 123: 16
الملك الناصر فرج بن برقوق 3: 3، 4، 6- 12: 1، 4، 5، 19- 16:
9، 15- 17: 4- 19: 1، 3- 20: 1، 6- 26: 11- 27: 1- 29: 1- 31: 6، 15- 32: 3- 34: 2- 36: 12- 38: 2، 5- 41:
6، 7، 18، 20- 42: 1، 2، 3، 6- 43:
5، 6، 7، 13، 14- 44: 10، 14، 17، 19- 45: 1، 6، 7، 11، 23- 46: 2، 6، 9، 10، 12، 13، 16- 47: 1، 3، 5، 8، 15- 48: 1، 3، 18- 49: 2، 13- 50: 5، 12- 51: 3- 54: 12- 55:
4، 11، 17- 56: 9، 19- 57: 9، 14- 58: 4، 13- 59: 17- 61: 6- 62: 3، 19- 63: 7، 14- 65: 2- 66: 3- 67: 8، 10، 11- 68: 10- 70: 3، 10، 13، 19- 71: 9- 72: 9- 73: 5، 10- 75: 5- 77:
5، 19- 81: 4، 6، 20- 82: 2، 8، 13- 83: 7، 14، 16، 22- 84: 2، 3، 5، 8، 17- 85: 7، 15- 86: 4، 8- 87:
12- 88: 9، 18- 90: 10- 92: 12- 93:
12- 97: 20- 100: 3، 20- 101: 1، 13، 18- 102: 11، 19- 103: 1، 3- 104: 14- 105: 18، 20- 111: 13، 19، 20- 114: 15- 115: 3، 5، 8، 10- 116: 12، 18، 21- 117: 22- 120:
3- 122: 23- 127: 4، 9، 20، 23- 129:
16- 130: 3، 18- 132: 4- 135: 5، 7- 137: 4، 16- 138: 11- 139: 9، 13، 16، 17- 140: 8، 11، 13، 18، 20- 141: 4، 7، 8- 142: 5، 18- 143:
15- 145: 13- 146: 8، 11، 16- 147:
2، 4، 7، 10، 15، 16، 18، 20- 148: 4، 9- 149: 1، 18، 20- 150:
10، 20- 151: 5- 153: 16- 154: 1، 5- 156: 11- 158: 14- 160: 3- 164: 1- 167: 1، 9، 13، 14- 170: 2، 8، 11، 13، 14، 17، 18- 171: 1، 18- 172: 18- 175: 1، 4، 9- 178: 1، 5، 17- 180: 17- 183: 1، 3، 4، 7، 11، 18، 19- 185: 1، 12، 14- 186:
4، 7، 11- 189: 17، 18، 20- 190:
1، 2، 4، 5، 6، 8، 11، 12، 15، 18- 191: 4، 10، 17- 192: 3، 6، 9، 12، 17- 193: 2، 9، 10، 17، 20- 194: 3، 11، 13، 23- 195: 6، 13، 15، 17، 20- 196: 6، 14- 197: 1، 2، 3، 7، 18، 20- 198: 19- 199: 4- 201: 15، 16- 203: 2، 12- 204:
20- 207: 18
الملك الناصر محمد بن قلاوون 17: 23
الملكة هيلانة 97: 23
المناوى محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن السلمى المناوى- قاضى القضاة صدر الدين أبو المعالى.
منجك 121: 15
المنصور أبو جعفر عبد الله- الخليفة 189: 13
منطاش تمر بغا بن عبد الله الأفضلى المعروف بمنطاش.(13/236)
منطوق نائب قلعة دمشق- سيف الدين 64: 15، 16، 22، 23- 135: 16- 170:
10، 12، 13
منكلى أستادار الخليلى 126: 4
منكلى بغا 90: 14
المهدى محمد بن هارون الرشيد- الخليفة 149: 9، 13، 15، 16
موفق الدين الحنبلى- قاضى القضاة 39: 4
الموفق طلحة بن المتوكل على الله جعفر- الأمير 189: 11
موسى أخو سليمان بن أبى يزيد عثمان 180: 11
الميدومى أبو الفتح الميدومى.
ن ناصر الدين بن البارزى محمد بن البارزى- ناصر الدين.
ناصر الدين بن العديم محمد بن العديم- قاضى القضاة ناصر الدين.
ناصر الدين بن مبارك شاه محمد بن مبارك شاه الطازى- ناصر الدين.
الناصرى يلبغا الناصرى.
النبي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر الششترى البغدادى الحنبلى- الشيخ الإمام.
175: 16
النعمان بن محمد 4: 20
نعير بن حيار بن مهنا- سيف الدين ملك العرب 15: 2- 37: 1- 62: 11- 165: 11، 22
نكباى حاجب دمشق 73: 1- 89: 4- 96: 20- 126: 9- 138:
7- 144: 6
نور الدين الشهيد 66: 23
نوروز الحافظى 20: 16- 43: 19- 44: 1، 3، 6، 9- 49:
9- 50: 6، 7، 15، 19، 21- 51: 17- 52: 17، 19- 53: 18، 20- 55: 18- 56: 8، 9، 10، 14- 57: 6، 7، 11، 12، 19- 58: 1، 2، 17- 59: 4- 61:
14- 62: 4، 22- 63: 2، 5، 7، 8، 9، 11، 12، 17- 65: 5، 8، 9، 13- 66:
6، 14، 21- 67: 1، 3، 5، 6- 68:
4- 69: 8، 10، 11، 13، 14، 15، 18، 19- 70: 3، 6- 71: 1، 3، 5، 8، 10، 16، 17، 18، 20، 21- 72: 1، 4، 5، 7، 8، 11، 12، 13- 73: 1، 3، 5، 6، 7، 8، 9، 17، 19، 24- 74:
2، 3، 4، 20- 76: 2، 3، 4، 8، 10، 12- 78: 5- 80: 1- 85: 1- 97: 9، 14، 16، 18- 98: 17- 99: 5، 6، 9، 15، 19- 100: 16، 18، 20- 101: 1، 2، 4، 7، 8، 10، 11- 105: 3، 16- 106: 5، 10، 21- 107: 5، 10، 14- 108: 12، 18، 19، 20- 109: 4، 5، 9، 16- 111:
8- 113: 8- 114: 6- 115: 7، 9، 19- 116: 5، 10، 14، 20، 22- 118:
8، 15- 119: 3، 11، 19- 122: 15- 123: 5، 6- 124: 8- 126: 2- 127:
6، 8، 19، 21، 22- 129: 3، 8- 132:
19- 133: 1، 3- 135: 18، 20- 137: 10، 12، 14، 15- 140: 20- 141: 19- 142:
2- 144: 12- 145: 8- 148: 3- 170:
16- 178: 6، 8- 183: 17- 189: 19- 191: 3، 15- 193: 11، 13- 195: 3- 196: 3- 198: 7، 10، 15، 17- 199:
2، 3، 5، 6، 7، 8، 10، 11، 12، 15، 20- 200: 16- 201: 5، 12- 202:
7، 8- 205: 9- 206: 2، 9، 10(13/237)
هـ هاجر بنت الناصر فرج بن برقوق 153: 18
والواثق بالله عمر بن إبراهيم- الخليفة 8: 5- 155: 9
الوالد (ورد اللفظ مجردا ويعنى الأمير تغرى بردى بن بشبغا والد المؤلف) .
9: 15- 16: 15- 19: 5- 20: 12- 22:
21، 22- 36: 15- 41: 18، 21- 42:
21- 53: 8- 62: 16- 67: 18، 19- 68:
1- 77: 1- 83: 8، 10- 85: 15، 16، 21- 86: 4، 9، 12، 14، 15، 16، 19، 20، 23- 87: 2، 6، 7، 8، 13، 14- 88: 1، 8، 9- 89: 2- 90: 19، 21- 91: 1، 2، 8، 9، 11، 12، 13، 14، 15، 16، 18، 20- 92: 2، 3، 4، 5، 6، 9، 12- 93: 1- 94: 4، 21- 97:
2- 98: 18- 106: 3- 107: 1- 117: 1، 7، 8، 11، 20، 22- 118: 1، 3، 6، 12- 119: 1، 6، 7، 8، 9، 10، 13، 15، 16- 120: 1، 7- 121: 5- 126:
6، 10- 127: 18- 150: 21- 178: 7
وزير حلب عبد الله بن سهلول- شمس الدين.
الوليد بن عبد الملك- الخليفة 97: 24
الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان- الخليفة 149: 10، 15، 16
وليم پوپر 9: 23- 91: 23- 131: 19
ى ياقوت بن عبد الله الحموى.
18: 22- 23: 19- 37: 9- 63: 23- 67:
24- 72: 19- 74: 22- 75: 20- 78: 19، 25- 79: 19- 88: 23- 106: 23- 107:
18، 24- 114: 19- 125: 21- 128: 23- 140: 23- 145: 22- 193: 22- 204: 21
يحيى الأستادار- زين الدين 165: 9
يحيى بن الخليفة المستعين بالله العباس 208: 3، 4
يحيى بن علاء الدين السيرامى- نظام الدين 168: 8
يشبك بن أزدمر 57: 8- 58: 10- 59: 3- 61: 15، 20- 70: 21- 72: 7- 74: 6- 97: 9، 12- 106: 6- 109: 10- 114: 6- 118:
12- 126: 6، 8- 127: 7- 198: 9- 201:
3- 205: 10
يشبك الساقى الظاهرى 113: 10، 21
يشبك الشعبانى 32: 16- 38: 6- 39: 7- 43: 1، 2، 4- 44: 9، 10، 12، 16، 20، 21- 48:
10- 54: 3- 56: 12- 57: 1- 62: 16- 64: 6، 14، 17، 22، 23- 65: 3، 6- 66: 16، 19، 20، 21- 67: 1، 2، 19- 68: 2، 5- 95: 14- 106: 1- 135:
15- 150: 14- 167: 5- 170: 11، 12، 14، 15- 183: 12، 14
يشبك العثمانى (بن عبد الله الظاهرى) 75: 3- 109: 11- 122: 17- 124: 6- 192: 15(13/238)
يشبك الموساوى الأفقم (بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين) .
73: 14- 75: 9- 77: 3- 96: 20- 98:
18، 19- 105: 6، 8- 115: 3- 121: 23- 185: 3، 4
يعقوب شاه بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين 15: 8
يلبغا بن عبد الله السالمى الظاهرى- سيف الدين 171: 13- 172: 1
يلبغا بن عبد الله السودونى- سيف الدين 31: 9
يلبغا العمرى الخاصكى 13: 8- 14: 4، 6
يلبغا الناصرى 12: 13- 14: 7، 8، 9- 50: 3- 68: 9- 69: 2- 77: 11- 98: 15- 102: 6- 128:
10- 136: 6- 152: 13- 201: 1- 202: 1- 203: 15، 17
يلبغا اليحياوى 63: 21
يلدرم بايزيد (أبو يزيد بن عثمان) 32: 3، 4
يوسف بن تغرى بردى- أبو المحاسن- مؤلف الكتاب 53: 22
يوسف بن محمد بن عيسى السيرامى العجمى الحنفى- شيخ الشيوخ 168: 1
يوسف بن موسى بن محمد الملطى الحنفى- قاضى القضاة جمال الدين 24: 7
يوسف البيرى البجاسى جمال الدين الأستادار.
يونس بن عبد الله الظاهرى المعروف ببلطا 16: 6، 18- 17: 1
يونس الحافظى 54: 4- 61: 16، 19(13/239)
فهرس الأمم والقبائل والبطون والعشائر والأرهاط والطوائف والجماعات
اأبناء دلغادر:- 107: 11
الأتراك:- 27: 16- 49: 3
أرباب الأدراك:- 175: 14
أرباب السيوف:- 75: 21
الأعيان:- 175: 15
الأعيان الدماشقة:- 90: 6
أعيان دمشق:- 90: 8
أعيان المماليك الظاهرية:- 83: 23
أفشار (قبيلة تركمانية) 99: 24
الأكراد:- 123: 19
الأمراء الأجلاب:- 13: 1، 5
أمراء التركمان:- 193: 2
أمراء الشام:- 73: 17
أمراء الظاهرية:- 184: 17
أمراء مصر:- 16: 15- 192: 5
أمراء الملك الناصر:- 87: 12
أمة الخطا:- 82: 24
أمة الصين:- 82: 24
أوشار أفشار.
أولاد عثمان جق:- 32: 17
ب بنو أبى طالب:- 35: 19
بنو أبى لهب بن عبد المطلب:- 35: 22
بنو أمية:- 64: 3
بنو الحارث بن عبد المطلب:- 35: 20
بنو دلغادر:- 143: 16
بنو سلجوق:- 107: 18
بنو الصفار:- 162: 19
بنو العباس بن عبد المطلب:- 35: 16
بنو عثمان ملوك الروم:- 32: 2
بنو مروان:- 76: 23(13/240)
بنو المطلب بن عبد مناف:- 35: 22
بنو وائل (من عرب الشرقية) 109: 12
ت التتار:- 32: 11
تجار دمشق:- 87: 18
التراكمين (أى التركمان) 60: 16، 19- 61: 21- 62: 5
التركمان:- 61: 4- 74: 19- 75: 1- 76: 4، 7، 9، 26- 99: 23- 106: 7، 9- 143: 15، 18- 193: 2- 194: 1، 9- 201: 17
التركمان الأوشرية:- 99: 11، 24
التركمان الجراكسة:- 76: 25
تركمان الطاعة:- 85: 1
التركمان الكبكية:- 76: 9، 25
ج الجراكسة:- 27: 11- 41: 5- 126: 16
الجركس:
20: 23- 153: 2، 4
ح الحنفية:- 27: 16
خ خلفاء بنى أمية:- 149: 17
خلفاء بنى العباس:- 149: 17
ر الروم:- 31: 18- 94: 24- 97: 23- 104: 22- 106: 23- 122: 17
س السادة المالكية:- 209: 8
السلطانية (مماليك السلطان الملك الناصر فرج) :
81: 13- 82: 18- 145: 1- 194: 6، 12
ش الشامية:- 113: 14
الشاميون:- 90: 10- 105: 2- 110: 17- 113: 14، 15، 17- 114: 2- 144: 9- 146: 1- 193: 18- 194: 4
الشيخية (نسبة إلى شيخ المحمودى) :
80: 19- 85: 4- 110: 3- 194: 6، 8
الشيعة الإسماعيلية:- 132: 21
ص الصحابة العشرة المشهود لهم بالجنة:- 35: 2
ع العجم:- 4: 12
العربان:- 76: 4- 99: 7، 22- 114: 4- 143:
18- 201: 17
عربان مصر:- 58: 20(13/241)
العساكر السلطانية:- 114: 12
عسكر السلطان:- 113: 6
العشير (الجند المرتزقة) 143: 18، 23- 201: 17
ف الفاطميون:- 95: 10
فرسان الصليبيين:- 123: 19
الفرنج:
114: 18
فقهاء الحنفية:- 23: 11- 38: 8
ق القرايلكية:- 60: 11
قضاة الشافعية:- 39: 16
قضاة المالكية:- 39: 15
قضاة مصر:- 88: 17
ك الكتاب:- 175: 15
م المالكية:- 32: 7
المباشرون:- 96: 4
مشايخ البحيرة:- 128: 15
مشايخ العربان:- 175: 14
المصريون (يراد بهم الأمراء الذين فروا من السلطان إلى شيخ المحمودى) 82: 2
المغاربة:- 128: 19
ملوك الإسلام:- 151: 5
ملوك بنى عثمان:- 32: 2
ملوك الترك:- 41: 5- 83: 23- 151: 2
ملوك مصر:- 68: 17
مماليك الأتابك إينال اليوسفى:- 31: 13
مماليك أسندمر البجاسى الجرجاوى:- 12: 9
مماليك الأمير خليل بن عرام:- 13: 4
مماليك الأمير شيخ:- 63: 13
مماليك الأمير طيبغا الحسنى الناصرى:- 5: 2
المماليك الجلب:- 78: 9، 22
مماليك السلطان:- 15: 19- 24: 11
المماليك السلطانية:- 18: 1- 78: 15- 96: 2- 101: 21، 22- 108: 6- 109: 16- 110: 2- 112:
10
المماليك السلطانية الظاهرية المماليك الظاهرية.
مماليك الظاهر برقوق المماليك الظاهرية.
المماليك الظاهرية برقوق المماليك الظاهرية.(13/242)
المماليك الظاهرية:- 4: 5- 9: 5، 23- 13: 1- 14: 17- 15:
7، 17- 16: 2- 17: 1- 18: 2- 45:
9- 46: 5- 59: 10- 62: 1، 3، 9- 69:
12- 78: 5، 9- 96: 2- 101: 21، 22- 108: 6- 109: 16- 110: 2- 112:
10- 122: 13، 20- 125: 10، 17- 126:
1، 15، 18- 127: 23- 128: 6- 130:
9- 137: 8- 140: 17- 146: 13- 182:
1- 185: 15
المماليك اليلبغارية:- 9: 9
ن نواب البلاد الشامية:- 16: 14
النوروزية (نسبة إلى الأمير نوروز الحافظى) 73: 2- 109: 15- 110: 4
ى اليلبغارية:- 14: 5(13/243)
فهرس البلاد والأماكن والأنهار والجبال وغير ذلك
اآسيا الصغرى:- 107: 18
آمد:- 59: 13، 20، 23- 60: 1، 8، 10، 11، 12، 21
آهنگران:- 160: 6
أبلستين:- 106: 5، 9- 107: 10، 11- 178: 6
أترار:- 160: 4، 22- 161: 3
إدارة دمغ المصوغات:- 111: 21
أذرعات:- 81: 22
أراضى زبيد باليمن:- 26: 15
الأردن (المملكة الأردنية) :- 23: 19- 107: 24- 114: 26
أرض النابتية:- 194: 3، 16
إستنبول:- 48: 18- 50: 23- 152: 21- 185: 21
الإسطبل السلطانى:- 41: 10، 22- 46: 15- 66: 1- 77: 10- 109: 2- 110: 13- 141: 21- 196: 10- 197: 14، 15- 198: 2- 199: 13- 206:
18
الإسكندرية:- 5: 8- 10: 7- 13: 14، 15- 21: 1- 22:
1، 2- 23: 15، 16- 24: 5- 33: 1- 47:
2، 9، 11- 50: 13- 51: 12، 13- 54:
14، 15- 68: 9- 69: 6- 71: 23- 73:
13- 98: 7- 100: 13- 121: 8، 19- 122:
8- 128: 5، 13، 21- 129: 1- 130:
7- 152: 6- 157: 2- 169: 1، 5- 171:
15- 172: 12، 16- 176: 17- 183: 7، 10، 19، 20- 184: 1، 16- 185: 8، 11- 198: 6- 201: 21- 202: 2- 203: 6، 8- 207: 19، 20
أسوان:- 152: 8
أصبهان:- 30: 21
إطفيح:- 114: 1، 16
أعزار:-.
76: 23
أعمال الدقهلية:- 125: 21
أفغانستان:- 131: 20
إقليم المنوفية:- 164: 21
ألبيرة:- 16: 5، 20- 60: 1- 75: 19- 95: 2، 5- 122: 17
ألينبع:- 18: 11، 21- 74: 8، 24(13/244)
إمبابة:- 68: 24- 128: 23
أمبوبة:- 68: 22، 23
أنطاكية:- 61: 23- 74: 3- 76: 5، 21- 101: 5
أوسيم وسيم أيلة:- 3: 15
الإيوان:- 42: 10
ب
باب الإسطبل- بقلعة الجبل:- 46: 23
باب الإنكشارية- بقلعة الجبل:- 46: 23
باب توما:- 196: 3، 18
باب الجابية (من أبواب دمشق) 196: 4، 20.
باب الجنان باب النصر بدمشق.
باب زويلة:- 62: 13- 96: 22- 98: 23- 110: 17- 157: 19- 186: 6، 19- 202: 11
باب السر بقلعة الجبل:- 112: 4
باب السلسلة- بقلعة الجبل:- 46: 14، 23- 63: 15، 16- 66: 1- 102:
13- 110: 3- 111: 4- 112: 11، 16- 136: 6- 199: 8، 9- 202: 13- 206: 7
باب السرايا باب النصر بدمشق.
باب السعادة باب النصر بدمشق.
باب السيدة عائشة:- 112: 22
باب العزب- بقلعة الجبل:- 46: 24
باب الفراديس:- 94: 11، 23- 145: 5- 148: 16، 21
باب القرافة:- 112: 17، 21- 123: 18
باب القلعة الأعظم:- 46: 20
باب القلة- بقلعة الجبل:- 19: 3، 12
باب المدرج:- 46: 12، 20
باب الميدان:- 194: 10
باب النصر (بدمشق) :- 194: 11، 22- 195: 3- 196: 2، 4، 5
باب النصر (بالقاهرة) :- 18: 16، 25- 39: 11- 68: 21- 96:
22- 120: 13- 136: 5
بادية الشام:- 107: 21
باراب:- 160: 22
باريس:- 53: 23، 24- 199: 22
الباسطية:- 186: 13، 21
باعون:- 146: 21
البثنية:- 81: 1، 22
البحر- (النيل) 125: 9، 12
البحر الأحمر:- 17: 21- 114: 21(13/245)
بحر القلزم:- 3: 15
البحر المالح (البحر الأبيض المتوسط) :- 70: 23
بحر نيطش:- 20: 23
البحرة (بدمشق) 119: 17، 20
البحيرة- محافظة البحيرة- 128: 15
بحيرة بانياس:- 104: 23
بحيرة طبرية:- 104: 16، 22
بد خشان:- 131: 2
البرج (بقلعة الجبل) 65: 20، 21- 67: 12، 17- 70: 9- 109: 16- 122: 14- 123: 1- 127:
17- 128: 2- 147: 21- 148: 1
بردى (نهر بدمشق) :- 119: 21
برزة:- 63: 12، 23- 105: 9، 11- 139: 13
برصا:- 32: 1، 17- 180: 12
برصا العزبة الخضراء برقاء:- 128: 16
البرقوقية: (المدرسة البرقوقية) :- 120: 17، 24
البركة:- 76: 1، 17
بركة الحاج البركة.
بركة الجب البركة.
برية القدس:- 53: 8
بساتين معين الدين (بدمشق) 145: 12
بصرى:- 79: 12، 19- 81: 1، 3، 5، 9، 10
بعلبك:- 31: 17- 39: 15- 66: 19، 21- 67: 1- 90: 14- 105: 8- 139: 20، 24- 151:
7- 170: 16
بغداد:- 39: 4- 160: 23- 164: 18- 176: 3، 22- 181: 11
البقاع:- 139: 20، 24
بلاد التركمان:- 50: 8
بلاد الجركس:- 20: 13، 23
بلاد الروم:- 29: 4- 32: 17- 76: 7- 106: 23
البلاد الشامية:- 14: 12- 16: 15- 20: 4، 6، 7- 21:
5- 33: 1- 41: 19- 42: 1- 43: 17- 50:
8، 20، 22- 59: 6، 16، 17- 62: 7، 19، 21، 22- 63: 2، 7- 76: 14- 77:
14- 95: 5، 14- 97: 7- 100: 20- 101:
13- 102: 11- 104: 8- 105: 13، 21- 106: 8- 114: 12، 13- 124: 10- 127:
19- 132: 10- 135: 5- 136: 14- 138:
21- 151: 6، 7- 167: 4- 169: 14، 16- 175: 4- 178: 5- 181: 16- 183: 4، 14، 20- 189: 17- 200: 10، 12- 201:
2، 17- 205: 12- 206: 1(13/246)
بلاد البحيرة (محافظة البحيرة) :- 152: 6
بلاد الشرق:- 59: 19
بلاد الصعيد:- 27: 6- 52: 2- 152: 7
بلاد الصين:- 160: 9
بلاد العجم:- 24: 12- 132: 22
البلاد المصرية:- 114: 16
بلاد الهند:- 26: 5
بلاد اليمن:- 26: 1
البلاص (إحدى قرى صعيد مصر) :- 95: 23
بلبيس:- 27: 19- 39: 10- 53: 12- 58: 11- 90:
17، 23- 94: 21- 175: 10
البلقاء:- 3: 15- 107: 15، 24- 108: 21
بلقينة:- 29: 10، 13
بنا أبو صير:- 29: 16
بهتيت:- 126: 17، 21
بهتيم بهتيت.
بهتين بهتيت.
البوب:
29: 16
بولاق 109: 17- 204: 18
بيت الأمير سودون الحمزاوى:- 46: 4، 5
بيت القاضى- بالقاهرة:- 111: 22
بيت قوصون:- 199: 8
بيت المال:- 111: 21
بيت المقدس (القدس) :- 3: 15- 107: 16
بيت نوروز:- 110: 5
بيروت:- 18: 22- 67: 24- 144: 23- 204: 21
بيسان:- 78: 11، 24- 93: 4، 17- 107: 7- 122: 2
بين القصرين- بالقاهرة:- 19: 3، 4- 68: 12- 95: 10- 111: 4- 120: 17- 168: 3، 5
البيمارستان المنصورى:- 120: 13، 18، 21
بيمارستان الملك المؤيد شيخ:
123: 14، 22
ت تبريز:- 168: 4
تدمر:- 107: 15، 21
تربة الأمير الحسنى نائب الشام بدمشق (دفن فيها والد المؤلف) 142: 17
تربة سيف الدين قجاجق بن عبد الله الظاهرى بالصحراء:- 178: 14
تربة الصوفية: خارج القاهرة:- 39: 10، 23- 180: 9
تربة طشتمر حمص أخضر بالصحراء:- 171: 6(13/247)
تربة الظاهر برقوق (الحوش الظاهرى) 31: 20
التربة (تربة الملك الناصر- المسماة بالظاهرية برقوق) 102: 20، 21- 103: 3- 136: 4- 186:
7، 8- 204: 18
ترعة السعيدية:- 38: 16
تعز:- 26: 1، 14
تركيا:- 37: 8- 60: 23
تل باشر:- 107: 12، 19
تل شقحب:- 89: 22
التهائم (باليمن) :- 26: 15
تونس:- 156: 3
ج الجابية:- 196: 20
جامع الأزهر:- 4: 13- 27: 8- 112: 24
الجامع الأموى:- 89: 3- 90: 13
جامع الأنور (جامع الحاكم) :- 29: 18
جامع بنى أمية (المسجد الأموى بدمشق) :- 64: 2- 105: 10
جامع الحاكم:- 29: 11
جامع دمشق (الجامع الأموى) :- 94: 23
جامع صرخد:- 82: 10
جامع عمرو بن العاص:- 30: 7
جامع القلعة (أنشأه السلطان الناصر محمد بن قلاوون) :- 131: 23
جامع كريم الدين (بدمشق) :- 145: 10- 191: 1، 21
جامع المصلى المصلى بدمشق.
جبال أذربيجان:- 25: 23
جبال عاملة:- 4: 21
جبانة باب النصر:- 39: 23
جبانة الخفير:- 31: 21
جبانة العباسية الجديدة (جبانة الخفير) 31: 20
جبانة المماليك:- 31: 20
جبل حوران:- 145: 19
جبل قاسيون:- 146: 23
جرود:- 67: 4، 24
الجزيرة الرومية 180: 11
الجزيرة الفراتية:- 60: 22
جعبر:- 37: 1
الجمالية (مدرسة أنشأها جمال الدين الأستادار ثم سميت بالناصرية) :- 120: 15
جنوة:- 144: 19(13/248)
الجيزة:- 68: 13، 24- 100: 4- 128: 8، 23- 204: 18
ح حارة بهاء الدين قراقوش بالقاهرة:- 29: 12
حارة الديلم- بالقاهرة:- 111: 16
حارة الروم بالقاهرة:- 110: 24- 186: 18
حاصل الديوان المفرد (ببين القصرين) 111: 3
الحجاز:- 17: 14- 18: 12- 107: 24-
الحراقة- بقلعة الجبل:- 111: 5
الحراك:- 80: 20، 22
حسبان:- 108: 2، 21
حسيا:- 139: 19
الحسينية (من القاهرة) :- 165: 9
حصن الأكراد:- 123: 5، 19
حطين:- 114: 17
الحكر:- 36: 20
حلب:- 4: 4، 6، 7- 8: 12- 9: 12- 14: 17- 15: 1، 3- 16: 20- 17: 7- 25: 1- 29:
21- 36: 7، 9، 10، 11، 16، 17- 41:
21- 43: 21- 44: 6- 49: 11، 13- 50:
8، 9، 10، 14، 15، 16، 18، 21- 51: 10، 18- 52: 3، 4، 15، 17- 53:
3- 54: 10، 19- 55: 16- 56: 1، 2، 4، 6، 7، 8، 14- 57: 17- 58: 13، 14- 59: 15، 19- 60: 3، 24- 61: 9، 11، 23- 62: 5، 6- 63: 5، 11- 65:
5- 69: 9- 72: 11، 13- 73: 18، 20، 21- 74: 21- 76: 3، 6، 8، 12، 23- 80: 1، 5، 7، 12- 84: 19- 85: 3- 95: 3- 97: 8، 9، 10، 19- 99: 1، 5، 6- 101: 2، 10- 105: 15- 106:
12، 17، 18، 21- 107: 1، 13، 21- 108: 1- 115: 15- 117: 11- 118: 7، 14- 122: 16- 127: 19- 140: 7- 143:
13- 146: 9- 151: 7- 159: 3- 165:
12، 16- 168: 4- 171: 6، 7، 21- 178: 7- 191: 13- 195: 7، 13، 14، 18- 197: 6- 201: 5- 202: 7- 203: 12- 205: 9
حماة:- 17: 2- 39: 15- 44: 4، 6- 50: 7- 51:
9- 52: 6، 8- 53: 20- 54: 5- 56: 14- 61: 16- 64: 13- 70: 21- 72: 7- 78:
5- 80: 1- 83: 5- 87: 17- 96: 19- 97:
13، 19- 98: 17- 99: 1، 6، 22- 100:
17، 18- 104: 11- 118: 10- 124: 9- 144: 6- 151: 7- 201: 6
حمص:- 4: 21- 39: 15- 44: 4- 52: 9، 22- 56:
23- 65: 4- 66: 20- 72: 19- 80: 4- 99: 12- 139: 24
حوارين:- 72: 19
حوران:- 79: 19- 81: 1- 88: 23- 145: 19- 146: 22(13/249)
الحوش الظاهرى:- 31: 3
خ خان ابن ذى النون:- 9: 2
خانقاة بيبرس:- 164: 5
خانقاة سرياقوس:- 17: 15، 16- 92: 16، 22- 177: 2
خانقاة شيخون:- 164: 15، 16
خزانة شمائل:- 98: 3، 21- 110: 19- 157: 18
الخشابية: (زاوية الشافعى بجامع عمرو بن العاص) 30: 7، 23
خط البندقيين:- 168: 14
خط رحبة باب العيد:- 68: 6، 20
خط الغرابليين:- 186: 5، 18
الخليج المصرى:- 100: 22
خليص:- 74: 9، 22
الخليل (قبر الخليل عليه السلام بمدينة الخليل) 89: 11
خواجا إيلغار (البلدة التى ولد فيها تيمورلنك) 160: 16
خوخة أيدغمش:- 110: 16، 24
د دارا:- 60: 22
دار الأمير فرج بن منجك- بدمشق:- 119: 11
دار السعادة:- 55: 15، 26- 56: 11- 64: 2- 66: 4، 5- 72: 16، 17، 18- 79: 14- 88:
5، 22- 89: 8- 90: 5- 104: 17- 105:
12- 119: 2، 9، 13، 16- 126: 3- 127:
2- 138: 1، 5- 196: 5، 10- 197: 19- 199: 14
دار الطعم:- 145: 8، 20- 193: 11
دار العدل:- 3: 18- 23: 21- 30: 6
دار غرس الدين خليل- بدمشق:- 145: 9
دار الكتب:- 4: 21- 8: 21، 24- 10: 24- 14: 19، 21- 17: 25- 19: 11، 23- 24: 25- 25:
19- 26: 18- 29: 17، 19، 22- 30:
19- 31: 21- 38: 17، 22- 39: 24- 41:
23- 42: 22- 43: 23- 46: 24- 49:
22- 52: 25- 54: 23- 55: 20، 23، 26- 56: 24- 58: 24- 60: 23- 61:
24- 62: 23- 63: 20، 22، 25- 65:
23- 68: 24- 74: 23، 24- 76: 22، 24، 27- 78: 21- 79: 22- 82: 22- 85: 23- 89: 23- 94: 25- 98: 24- 99: 23- 100:
24- 103: 25- 107: 20، 23- 108: 21، 22- 109: 18، 21- 110: 20، 23، 25- 111: 18، 22- 112: 23- 113: 23- 114:
17، 25، 26- 120: 23، 24- 123: 19، 23، 25- 130: 22- 131: 24- 134: 23- 135: 25- 136: 23- 143: 23- 144:
23، 25- 146: 21، 24- 148: 21- 152:
23- 155: 21- 157: 19- 158: 22- 160:
21، 24- 168: 19- 173: 22، 25- 174:
15- 181: 23- 194: 24- 196: 19، 21(13/250)
دار المعارف:- 4: 25- 133: 26
دار النيابة بالقلعة:- 46: 22
داريا:- 78: 2، 19- 88: 19
دجلة:- 25: 22- 59: 23
درب الحاج:- 114: 4، 21
الدركاة- المكان الذي ينتظر فيه الأمراء بقلعة الجبل:- 46: 21
دلى:- 26: 5، 16
دمشق:- 7: 2- 11: 10- 12: 8، 14- 13: 2، 4، 9، 13- 14: 3، 8، 15، 17- 15: 4، 5، 8، 12، 18- 16: 1، 12، 13، 17- 20: 10، 12، 13، 20- 21: 2، 3، 21- 23: 8- 25: 5، 11- 27: 12- 29:
14، 21، 24- 30: 7- 31: 10، 12، 16- 32: 6- 36: 1، 2، 15، 16، 19- 39: 14، 16- 43: 22- 44: 2، 3- 49:
9، 14- 50: 6، 20- 51: 9- 52: 17، 18، 19- 53: 1، 2، 4، 18- 54: 4- 55:
14، 15، 16- 56: 6، 9، 11، 12، 15، 19، 21، 23- 57: 3، 11- 58: 1، 2، 22- 59: 5- 61: 15، 20- 62: 22- 63:
2، 8، 11، 18، 19، 21، 23- 64: 1، 2، 3، 6، 11، 12، 14، 21، 22- 65:
2، 3، 8، 14، 17- 66: 4، 7، 9، 14، 16، 18، 22، 23- 67: 4، 24- 68: 5- 69: 7، 9، 18، 19، 20، 21- 70: 11، 18- 71: 4، 6- 72: 3، 6، 9، 12، 14، 15، 16- 73: 1، 3، 6، 9، 17- 75: 1، 2، 4- 77: 8، 18- 78: 6، 19- 79: 11، 14، 18، 19، 21- 80: 3، 6، 12، 17- 81: 3، 22- 83: 1، 4، 5، 6- 85: 3، 5، 7، 11، 13- 86:
4- 87: 18- 88: 4، 11، 18، 19، 20- 89: 3، 5، 8، 14، 15، 16، 18، 20، 21، 22- 90: 4، 5، 7، 8، 13، 15، 20- 94: 10، 11، 13، 23- 95:
6- 96: 12، 15، 20- 97: 10- 101: 19- 104: 10، 15، 17، 19- 105: 1، 6، 9، 12- 106: 16- 107: 2، 4، 13- 108:
6، 8، 10- 114: 15- 115: 2، 4، 5، 12، 13، 15، 16، 18- 116: 18- 117:
22- 118: 6، 12- 119: 1، 4، 5، 14، 20- 120: 8، 11- 122: 5، 6، 22- 124:
7- 126: 6، 13- 127: 6، 18- 132:
4- 135: 15، 16- 137: 10، 19، 20- 138: 4، 6- 139: 16، 17، 24- 141:
3، 4- 142: 13، 17، 21، 22، 24- 143: 2، 9، 13، 14، 16- 144: 7، 15، 25- 145: 4، 13، 15، 16، 17، 20، 22، 23- 146: 7، 19، 23- 147:
21، 22، 23- 148: 16، 21- 150: 14، 15- 151: 8- 158: 11، 14، 15- 159:
2، 5، 8- 165: 18، 19، 23- 166: 2، 10، 14- 167: 6، 11- 170: 5، 10، 11، 12- 172: 8- 178: 10- 180: 14- 181: 18، 19- 189: 20- 190: 1- 191:
10، 22- 192: 2، 3، 16، 21، 23- 194: 23- 195: 3، 19- 196: 1، 4، 5، 9، 11، 18، 20- 198: 2- 199:
12، 13- 200: 4، 16- 201: 5، 10، 13- 202: 5، 8- 207: 12
دمياط:- 122: 1، 11، 12- 186: 2- 203: 6
دنديل:- 204: 18، 19، 21(13/251)
دنيسر:- 60: 22
دهلى دلى.
26: 18
الدور السلطانية:- 19: 12- 41: 9- 47: 4، 8
ديار بكر بن وائل:- 37: 8- 59: 13- 60: 1، 4
الديار الشامية:- 94: 6
ديار مصر:- 6: 6- 18: 14- 31: 14، 15- 32: 13- 35: 7- 38: 14- 63: 15
الديار المصرية:- 3: 8، 11- 4: 9- 6: 3- 9: 9، 15- 10:
7- 11: 7- 12: 8، 13، 15- 13: 60، 13- 15: 10- 17: 6، 11- 21: 24- 22:
9، 15- 23: 7، 12، 15- 124: 2، 8- 25: 1، 2، 8، 10- 27: 11، 13- 34: 5، 11- 38: 4، 9- 39: 4- 40: 1- 41: 4، 5- 43: 18- 44: 1، 8، 20- 48:
10، 17- 49: 8، 18- 51: 19- 54: 2، 18- 55: 9- 56: 2، 18- 57: 10- 59: 2، 7، 18- 61: 7- 65: 12، 18، 19- 66:
8، 10- 67: 8- 68: 2- 71: 20- 73:
14- 77: 1- 83: 13- 88: 18- 91: 15- 98: 16، 19- 104: 9- 109: 5- 112: 1- 113: 18- 115: 6- 118: 9، 11- 120: 7- 123: 4- 135: 8- 142: 3- 143: 14- 145: 20- 146: 4، 9- 151:
9- 154: 8- 155: 20- 156: 12- 158:
8، 19- 159: 9، 17- 164: 18- 166:
10، 15- 167: 11- 168: 10- 171: 23- 176: 16- 178: 4، 10- 179: 16- 181:
8- 183: 7، 9، 16- 184: 5، 16- 185:
4، 8- 186: 2- 189: 15- 192: 11- 199:
7- 200: 5، 9- 201: 11، 15، 21- 202:
6، 10- 203: 11- 205: 21- 206: 5
ر رأس الرمل:- 139: 1
الرباط النبوى (مسجد الآثار النبوية) 37: 2
الربوة:- 66: 4، 22
رحبة باب العيد:- 120: 14
الرستن:- 52: 8، 22
رفح:- 108: 24
الرملة:- 52: 18- 57: 7- 71: 8- 75: 16- 77:
23- 89: 8- 98: 20- 108: 13- 140: 7، 23
الرميلة:- 63: 16، 24- 110: 1، 23- 113: 8- 123: 16، 25- 199: 9
الرها:- 60: 23
الروضة:- 187: 2
ريتوزا القديمة:- 52: 23.
الريدانية:- 54: 20، 21- 55: 2، 3، 7، 12- 62:
14، 15، 17، 18، 20- 63: 14- 76:
16- 77: 4، 6، 14- 102: 3، 10، 20-- 104: 6- 132: 13- 133: 5- 135: 4-- 136: 4، 14- 137: 5(13/252)
ز الزاب الصغير (نهر) 25: 22
الزاب الكبير (نهر) 25: 22
زاوية الشافعى المعروفة بالخشابية:- 30: 6
زاوية الشيخ التبرى (مسجد التين) 135: 25
زبير:- 26: 15
الزبيرات (من قرى الغربية) 179: 18
زرع:- 88: 3، 23- 94: 12- 108: 5
زره زرع.
الزعقة:- 108: 15، 24
الزقازيق:- 38: 17
زقاق السباعى:- 111: 17
س ساحل النيل:- 207: 17
سبيل المؤمنى:- 110: 5، 22- 123: 25
سجن الإسكندرية:- 5: 8- 9: 10- 21: 8- 33: 1- 51: 12، 13- 54: 14- 68: 9- 71: 22- 73: 13- 98: 7- 121: 18- 122: 8- 129: 1- 172:
16- 202: 2- 203: 5، 6
سجن الديلم:- 111: 1، 15
سجن رحبة باب العيد 111: 1، 19
سجن قلعة دمشق:- 167: 5
سجن الكرك:- 3: 10- 6: 3- 9: 12- 31: 4
سجن المرقب:- 8: 10، 14- 32: 16
سرياقوس:- 17: 15، 16، 23- 124: 20- 177: 2
سمسع:- 72: 11، 25
السعيدية:- 38: 5، 16- 62: 19- 102: 11- 135:
7، 13، 22- 150: 16- 183: 15
سكة المحجر- بالقاهرة:- 109: 19
السكرية:- 186: 18
سمرقند:- 160: 13، 24- 161: 15- 171: 23
سمنود:- 184: 20
سميساط:- 16: 20- 75: 19
سوريا:- 76: 21- 107: 19
سوق الباسطية:- 186: 13، 21
سوق الحميدية- بدمشق:- 194: 23
سوق خان السلطان- بدمشق:- 194: 5، 18
سوق الخراطين- بالقاهرة:- 112: 24
سوق الخيم- بالقاهرة:- 112: 18، 24(13/253)
السويس:- 114: 3، 19
سيجون (نهر) :- 160: 14، 22
سيناء:- 17: 21- 114: 14، 21
ش شارع بيت المال بالقاهرة:- 111: 22
الشام:- 3: 15- 12: 4- 13: 2، 21- 14: 12- 15: 15- 16: 9- 20: 9- 24: 20- 27:
13- 36: 12- 43: 18، 19- 47: 15- 50:
14، 17- 51: 15- 52: 16- 55: 8- 56:
3، 20- 57: 18- 58: 10، 18، 19، 23- 59: 8- 61: 13- 62: 4، 9- 63: 6، 13- 70: 1، 15- 72: 18- 73: 23- 75:
10، 18- 76: 18، 27- 84: 11، 21-- 88: 10، 21- 93: 7- 97: 15- 99: 15- 101: 12- 104: 12- 105: 2، 4- 106:
5، 8، 16، 22- 107: 3، 24- 109: 20- 113: 3- 115: 3، 18- 117: 11، 14، 15، 20- 119: 13- 121: 2- 127: 12- 133: 6- 135: 11، 15- 142: 17- 151:
9- 152: 1، 3، 13- 169: 5- 170: 2- 172: 17- 175: 10- 178: 7- 181: 19- 194: 20- 200: 7، 12، 17- 201: 5
شارع خان جعفر بالقاهرة:- 111: 22
شارع خوشقدم:- 111: 18
شارع الدرديرى:- 111: 18
شارع السكة الجديدة:- 112: 25
شارع الصنادقية:- 112: 25
شارع الكومى:- 100: 23
شارع المعز لدين الله الفاطمى:- 120: 22
الشبلية (مدرسة بدمشق) :- 146: 5، 23
شرطة قسم الخليفة- بالقاهرة:- 111: 21
الشرقية (محافظة) :- 152: 6
شقحب:- 89: 21، 22- 96: 13
الشوبك:- 114: 8، 26- 194: 7، 20
شيراز:- 162: 8، 17
ص الصالحية (بدمشق) :- 145: 9
الصالحية (منزلة فى الطريق إلى الشام) :- 180: 14- 181: 2
الصبيبة:- 79: 25- 139: 20
الصخرة (مسجد الصخرة) :- 97: 20، 22
صرخد:- 9: 24- 81: 3، 5، 12- 83: 3- 84: 2، 3، 17، 20، 21- 85: 2، 8- 87: 5، 15- 88: 6- 106: 3- 107: 15- 117: 2- 118: 17- 135: 18- 175: 5
صعيد مصر:- 52: 1- 164: 21(13/254)
صفد:- 4: 5- 17: 1- 36: 2، 9- 51: 7- 52:
10، 16- 54: 7- 57: 1، 4، 5، 18، 20، 21- 58: 15، 18- 61: 14- 62: 3- 63:
1- 66: 11- 70: 12- 71: 13، 15، 19- 72: 25- 77: 20- 78: 2- 85: 11- 90:
3- 96: 12- 99: 2، 3- 105: 6، 11- 106: 15، 18، 20- 118: 11- 159: 9- 169: 10، 11- 201: 6
الصفراء:- 74: 9، 24
الصلاحية- بالقدس:- 4: 1، 19
الصليبة:- 110: 1، 20- 202: 22
الصندلية (طبقة بقلعة الجبل) :- 9: 3
صهيون:- 118: 17، 23
الصوة:- 109: 3، 18- 110: 9- 123: 14
ط طبرية:- 23: 19- 104: 16، 22- 114: 18
الطبقة (المعروفة بالصندلية بقلعة الجبل) :- 9: 2
الطبلخاناة السلطانية (بقلعة الجبل) :- 59: 11- 109: 3- 110: 9- 123: 14، 22
طرابلس:- 4: 5- 8: 17- 17: 1، 2- 28: 3- 31:
11- 36: 9، 13، 15- 44: 2، 3، 4، 5- 50: 17، 20- 52: 4، 5- 56: 5- 66:
15- 69: 19، 20- 70: 6، 20- 76: 5- 80: 3، 4، 7- 87: 21- 88: 7- 89:
15، 17- 96: 13- 97: 12- 105: 7- 106:
15- 116: 14- 117: 12- 118: 8- 122:
16- 125: 3- 127: 19- 129: 5، 6، 7- 159: 9- 178: 8- 184: 20- 191: 14- 201: 6- 205: 11
طنبذة:- 164: 20
طموة:- 113: 16، 22
الطور:- 114: 1، 18
طول كرم:- 108: 22
ع عارة:- 140: 6، 21
العباسة:- 38: 17
العباسية:- 54: 22
عجلون:- 146: 22
العراق:- 139: 2- 181: 11
عرعرة عارة.
140: 21
عرفة:- 140: 22
العريش:- 67: 6- 71: 14، 19- 108: 16، 24- 109: 6، 21- 200: 4، 13
عزبة الشيخ قطر حنفى:- 38: 16
العزبة الخضراء:- 180: 11
عطفة التومى:- 111: 17(13/255)
العقيبة:- 145: 9، 22
عكا:- 70: 23- 114: 18
العمق:- 74: 4، 5، 21
عين تاب:- 61: 9، 23- 76: 9، 12- 106: 6، 22- 107: 12، 19
عين جالوت:- 78: 24
عيون (قزية تجاه صرخد) 81: 12
غ غباغب:- 89: 22
الغرابليين:- 186: 5
الغربية (محافظة) :- 152: 6- 179: 18
غزة:- 13: 4- 16: 1، 16- 25: 12- 39: 15- 40: 2، 3، 4- 49: 16- 54: 4- 57: 17- 58: 7، 10، 11، 15- 61: 15، 17- 63: 12، 17- 67: 10، 11- 70: 12- 71: 8، 9، 10، 15، 17، 18، 19- 77:
19، 22، 23- 78: 7- 89: 9، 12- 90:
16- 94: 20- 96: 21- 98: 18- 101: 12- 107: 16- 108: 3، 11، 14، 15، 16، 17- 109: 5- 123: 3- 129: 1- 137: 6، 8، 16- 158: 15- 169: 16- 184: 16- 201: 6- 204: 10
غور الأردن:- 104: 22
غوطة دمشق:- 63: 19، 23- 66: 22- 78: 19- 119: 20
غيتا:- 90: 16، 23- 92: 16
ف فاراب:- 160: 22
الفرات:- 37: 8- 55: 17- 58: 15- 75: 19- 116:
17- 151: 6- 200: 4، 13
الفراديس:- 94: 23
الفرما:- 58: 23- 109: 20
الفسطاط:- 112: 21
فلسطين:- 52: 24- 78: 24- 108: 22
الفيوم:- 152: 7
ق قارا:- 56: 19، 23
القاعة قاعة العواميد.
قاعة الدهيشة:- 131: 14، 22
قاعة العواميد:- 130: 17، 21- 131: 5، 11- 132: 3، 8- 134: 13
القاعة الكبرى قاعة العواميد.
قاقون:- 108: 10، 22
القاهرة:- 4: 12- 11: 8- 12: 15- 18: 16، 25- 21:
15، 16- 22: 2- 24: 1- 29: 13، 24- 30: 3، 12، 14، 21- 34: 8، 9- 36:
20- 39: 10- 42: 2- 43: 14- 44: 13- 46: 18، 19- 51: 13- 52: 18- 53: 9-(13/256)
54: 7- 55: 3، 9، 10- 56: 17- 57:
8، 14، 16، 17- 58: 7، 9، 12- 62:
11، 13، 14- 63: 24- 67: 20- 68: 4- 71: 13- 76: 18- 77: 12- 86: 5- 89: 4- 90: 19- 91: 13، 16- 92: 17- 93: 20- 94: 4- 96: 17، 18، 22- 98: 1، 21- 100: 12- 102: 3، 14- 109: 12، 17- 110: 6، 7، 17، 18، 25- 112: 7، 21- 113: 6، 15- 114: 2، 12، 14، 15- 118: 21- 120: 4، 10، 14- 122: 9- 125: 1، 16- 126: 18، 20، 21- 128:
6، 18، 21- 132: 13- 135: 4- 136: 6- 152: 9- 154: 9- 155: 4- 156: 4- 165: 1، 20- 166: 6، 14- 168: 3، 14، 15- 169: 3، 6، 9، 20، 21- 176:
1، 3، 14- 179: 18- 180: 1، 3، 9- 181: 5، 14، 15- 199: 10- 201: 16- 202: 2، 11، 12- 204: 14
قبة يلبغا:- 63: 10، 21- 72: 17- 90: 1- 115: 16- 144: 15- 145: 3
القبيبات:- 142: 23- 144: 15، 25- 145: 10- 194: 3
القدس:- 3: 8- 4: 1، 18، 19- 5: 2، 9- 8: 13، 14- 10: 11- 36: 17- 49: 10- 50: 19- 51: 18- 53: 8- 57: 2، 14، 22- 75:
17- 89: 9، 10، 11- 90: 14- 97: 22- 105: 8- 118: 2، 20- 120: 3- 126: 13
القرافة:- 18: 4- 28: 6- 113: 1- 128: 3
القريتين:- 72: 1، 19
القرمانية (بدمشق) :- 119: 11
قسم الدرب الأحمر (شرطة الدرب الأحمر بالقاهرة) :- 111: 18
قصر حجاج- بدمشق:- 193: 20، 21
القصر السلطانى- بقلعة الجبل بالقاهرة:- 46: 14، 15، 17- 132: 13- 203: 9
قطيا:- 58: 10، 23- 109: 7، 20- 135: 7- 139: 2- 159: 16
قلعة ألبيرة:- 122: 17
قلعة بانياس:- 43: 22
القلعة- قلعة الجبل بالقاهرة:- 9: 2- 19: 4- 18: 8- 19: 4، 12- 41:
22- 42: 11- 44: 15- 45: 1، 9- 46:
7، 8، 10، 11، 13- 47: 8- 48: 4- 54:
66- 55: 3، 10- 62: 18- 63: 16، 24- 65:
22- 66: 1- 67: 12، 17- 68: 16، 17- 70: 9- 77: 6، 11- 92: 17، 19- 67:
1- 100: 11- 102: 9، 13- 108: 19- 109: 2، 14، 16، 18، 24- 110:
1، 11، 12، 14- 111: 5، 6، 10- 112: 6، 12، 14، 21- 120: 9، 18- 122: 14- 123: 1، 16، 21- 124:
19- 126: 12، 15- 127: 2، 14، 17- 128: 2- 130: 5، 6، 21- 132: 12- 133: 7- 136: 7- 142: 8- 202: 1، 11، 12، 13، 16- 204: 6- 206: 7- 207: 7، 11، 13، 15، 16، 17
قلعة جعبر:- 37: 1، 8
قلعة حلب:- 58: 14- 62: 6- 165: 12(13/257)
القلعة- قلعة دمشق:- 12: 8، 14- 13: 4، 9، 13- 14: 3، 15- 15: 4، 8، 12، 13، 18- 16: 16- 58: 2- 64: 6، 11، 14، 22- 69: 18- 70: 11- 79: 19- 132: 4- 135: 15، 16- 137: 20- 142: 14- 143: 20- 144:
4- 145: 4- 147: 21، 22، 23- 150:
15- 167: 5- 170: 10، 11- 194: 10- 196: 1، 12، 17- 197: 4، 5، 14- 198: 2- 199: 12
قلعة الروضة:- 120: 21
قلعة الروم:- 75: 1، 19- 122: 17
قلعة الصبيبة:- 43: 20، 22- 79: 17- 85: 11
القلعة- قلعة صرخد:- 82: 6، 14، 16، 17- 84: 3، 17، 21- 85: 8، 9، 10، 11- 86: 12، 14- 87:
5، 15- 88: 6
قلعة صفد:- 57: 21
قلعة صهيون:- 118: 17
قلعة الكرك:- 114: 10- 115: 21- 116: 7- 118: 16- 135: 20
قلعة المسلمين:- 75: 20
قناطر السباع:- 100: 6، 21، 22
قنسرين:- 118: 24
القنطرة:- 109: 21
القنوات- نهر، وحى بدمشق:- 145: 7، 17، 18- 194: 9، 13
قيسارية الباسطية:- 186: 21
قيسارية دمرداش المحمدى:- 186: 10، 13
قيساره الروم:- 107: 11، 17
ك كاليفورنيا:- 79: 23- 91: 23- 103: 22- 124: 12- 131: 19- 146: 19- 152: 21- 169: 18
الكبش (حى يطل على بركة الفيل وصببة ابن طولون) :- 14: 5، 20
الكسوة:- 79: 12، 21- 80: 71- 89: 4، 7- 137: 17
كش:- 160: 19
الكرك:- 3: 8، 10، 13، 14- 6: 2، 4- 9: 12- 10: 12- 31: 4- 54: 5- 65: 17- 83:
3- 89: 7- 103: 24- 106: 10- 108:
3- 114: 9، 10، 11، 26- 115: 17، 19، 22، 23- 116: 7، 11، 16، 17، 19، 21- 118: 16، 20- 119: 1، 4- 135: 20- 152: 16- 178: 6
الكرك حصن الأكراد.
ككدار (نهر) :- 32: 18
كورة البوصيرية:- 204: 21(13/258)
ل اللاذقية:- 118: 25
اللجون:- 23: 8، 19- 78: 7، 10- 140: 1، 5، 9، 23
م ماردين:- 60: 5، 6، 22- 61: 4، 8
ما وراء النهر:- 160: 20
محافظة الشرقية:- 17: 23- 90: 23
محطة حمامات القبة:- 135: 25
المحلة- مركز بمحافظة الغربية:- 29: 16
محلة الزبير:- 179: 21
محلة قصر حجاج بدمشق:- 142: 23- 194: 18
محلة القنوات بدمشق:- 194: 18
محلة ميدان الحصا:- 192: 21
المدرستان (مدرسة الأشرف شعبان والسلطان حسن) :- 109: 14
مدرسة الأشرف شعبان بن حسين:- 109: 2، 23- 110: 8- 123: 13، 21
مدرسة السلطان حسن بن محمد بن قلاوون:- 109: 2، 23- 110: 10
مدرسة سودون من زادة:- 92: 7
المدرسة الظاهرية البرقوقية:- 19: 2- 68: 11- 168: 2، 5
مدفن تمر باى الحسنى:- 112: 22
المدينة النبوية- المدينة المنورة:- 18: 22- 34: 13- 74: 8، 22، 24- 88:
14، 16- 173: 2، 3- 176: 20، 21
مرج دابق:- 76: 7، 23
مرج الدحداح:- 148: 17
مرعش:- 76: 10، 27
المرقب:- 8: 10، 14- 32: 16- 70: 23
مركز الجيزة:- 113: 22
مركز الصف:- 114: 16
المزة:- 63: 9، 19- 104: 19- 119: 9- 145: 9
مسجد التبن:- 135: 5، 23
مسجد الجميز (مسجد التبن) :- 135: 23
مسجد الرفاعى- بالقاهرة:- 109: 18
مسجد الصخرة:- 97: 22
المسجد العمرى (مسجد عمرو بن العاص بالفسطاط) :- 30: 23
مسجد القدم- بدمشق:- 63: 21
المشهد النفيسى:- 155: 4- 202: 15
مصر:- 3: 4، 13- 13: 2- 16: 15- 17: 7- 20:
2، 23- 24: 12، 20- 27: 2، 15، 16-(13/259)
29: 2- 30: 9- 31: 7، 14، 15- 34:
2- 41: 21- 42: 5- 47: 7- 48: 1، 6- 49: 13- 52: 1، 7- 57: 2- 58: 20، 22، 23- 59: 17- 66: 13- 68: 17- 70:
1- 72: 18- 77: 15- 79: 9، 21- 80:
15- 83: 22- 84: 11- 89: 2- 92: 18، 23- 95: 23- 108: 18، 19- 109: 1، 8، 20، 21- 114: 2- 128: 11- 138:
13، 15، 22- 141: 3- 142: 7، 10- 144: 7- 151: 6، 11، 16- 152: 1، 3، 10، 21- 154: 2- 158: 12- 164: 2، 20- 167: 2- 168: 15- 169: 11- 170:
2- 172: 8- 175: 2- 178: 2- 183: 2، 15- 187: 2- 192: 5، 20- 199: 5- 200:
7، 10، 12، 16- 201: 1- 204: 21- 206: 20
مصر الجديدة:- 54: 22
مصلاة المؤمنى:- 123: 17، 24- 167: 9- 176: 6- 206: 7
المصلى- بدمشق:- 192: 1، 21
المعرة:- 50: 15
معلولا:- 67: 24
المعهد الفرنسى للدراسات العربة بدمشق:- 191: 22- 192: 22
مقبرة باب الفراديس بدمشق:- 148: 16
مكة المشرفة:- 7: 18- 17: 13- 18: 22- 74: 9، 10، 22- 104: 5- 166: 5، 22- 177: 5، 6
ملطية:- 73: 20- 106: 6- 159: 4
ممالك الهند:- 26: 11، 12
المملكة الأردنية:- 3: 15
مملكة أولاد عثمان جق:- 32: 17
مملكة جغتاى:- 177: 12
المناخلية:- 186: 18
المناهل:- 17: 14
منبابة:- 68: 12- 204: 17
منرباشى (نهر) :- 32: 18
المنشية بالقاهرة:- 63: 24
منية ابن سلسيل:- 125: 5، 21
منية بدر بن سلسيل منية ابن سلسيل.
ميت النصارى:- 68: 22، 23
الميدان الأخضر- بدمشق:- 142: 21
ميدان الحصى. بدمشق:- 142: 17، 21، 22- 192: 21
ميدان السيدة زينب بالقاهرة:- 100: 23
ميدان صلاح الدين- بالقاهرة:- 46: 23- 93: 25
الميدان الكبير:- 110: 1، 7(13/260)
ن نابلس:- 78: 24
الناصرية (مدرسة أنشأها جمال الدين الأستادار وانتفلت ملكيتها للناصر فرج فسميت بالناصرية) :- 120: 15
نخل:- 114: 4، 23
نصيبين:- 60: 20
نهر بانياس:- 145: 17
نهر بردى:- 145: 17
نهر دمشق:- 145: 13
نهر الزاب:- 25: 9، 22
نهر الساجور:- 107: 19
نهر الشريعة:- 104: 22
نهر العاصى:- 52: 22- 76: 21
نهر قراصو:- 107: 17
نهر قزل إرمك:- 107: 17
النبل:- 11: 12- 19: 7- 26: 13- 28: 7، 8- 33: 6- 37: 5، 6- 40: 7- 114: 16- 128: 4- 130: 5- 151: 6- 163: 19- 166: 17- 170: 20- 174: 11- 177: 17- 182: 11- 187: 2- 188: 13- 207: 17
هـ الهند:- 26: 10، 11، 12
الهندستان:- 26: 18
ووادى عارة:- 140: 6، 21
وراق الحضر:- 68: 22، 23
وسيم:- 128: 4، 21، 23
ى اليمن:- 25: 17- 26: 1، 4، 14
ينبع ألنبع.(13/261)
فهرس الألفاظ الاصطلاحية وأسماء الوظائف والرتب والألقاب التى كانت مستعملة فى عصر المؤلف
االأتابك:
8: 19- 12: 10، 17، 21- 13: 9- 14: 4، 6، 17- 15: 1- 16: 12- 31: 13- 36:
10، 15- 43: 2- 44: 8- 48: 4- 62:
16- 65: 3- 67: 2، 19- 68: 4- 103: 9- 106: 1- 120: 17- 126: 8- 135: 15- 139: 11- 140: 8- 143: 1- 154: 5- 176: 5- 170: 15
أتابك حلب:
76: 6
أتابك دمشق:
15: 4- 118: 12- 126: 6
أتابك العساكر بالديار المصرية:
9: 9- 12: 7، 12، 15- 42: 13- 48:
10- 68: 2- 77: 1- 85: 19- 102: 16- 120: 7- 199: 7- 200: 4، 9- 203: 11
الأتابكية:
9: 15- 12: 16، 18- 13: 8- 113: 11
الأثقال السلطانية:
57: 5- 81: 16- 88: 19- 89: 9- 99:
7- 104: 14- 135: 9- 141: 7
أخصاء:
4: 4
الأخفاف المثمنة:- 133: 17
أرباب الدولة:
120: 6- 144: 7
أرباب السيوف:
75: 21
أستادار:
35: 9- 42: 20- 51: 17- 68: 6- 78:
17- 83: 15- 86: 3- 90: 14، 19- 91:
4، 17- 95: 8، 9- 96: 3، 7- 98: 8- 120: 14- 123: 11- 124: 11- 126: 4- 145: 10- 151: 18- 157: 2- 159: 17- 171: 15- 172: 1- 175: 7- 178: 18- 202: 4
أستادار الأمير شيخ:
205: 2
أستادار الأمير الكبير:
35: 9
أستادار السلطان:
165: 15
أستادار العالية:
205: 3
الأستادارية:
35: 10- 58: 6- 90: 22- 91: 21- 92:
1- 93: 20- 95: 13- 156: 11- 165: 8- 172: 3
أستادارية الأملاك والأوقاف السلطانية:
96: 9
أستادارية الذخيرة والأملاك:
22: 3، 21
أستادارية السلطان:
35: 1
استصفاء الأموال:
98: 11
الإسطبل السلطانى:
205: 16(13/262)
الأسمطة:
162: 2
الأسهم الخطائية:
82: 11، 23- 144: 2
أصحاب الدعوة الهادية (الفداوية) 132: 22
أصاغر المماليك الظاهرية:
185: 11
أطا:
83: 8- 139: 4، 21
أطابك أتابك.
الأطباء:
8: 22
أطلاب (جمع طلب، وهو الفرقة من الجيش) 80: 16- 105: 9
الأعيان:
95: 11، 16
أعيان الأمراء:
12: 6- 36: 3- 41: 21- 50: 5- 185:
2- 205: 16
أعيان خاصكية الظاهر برقوق:- 16: 11
أعيان الدماشقة:
90: 6
أعيان دمشق:
90: 8
أعيان السادة الحنفية:
164: 16
أعيان الدولة:
42: 12
أعيان المصريين:
57: 16
أعيان الملوك:
52: 14
أعيان المماليك 32: 15
أعيان مماليك الظاهر برقوق:
18: 2- 35: 7- 83: 23- 150: 12
أغا:
116: 15، 23
إفتاء دار العدل:
30: 6
الإفامات:
124: 10
إقطاع:
31: 16- 49: 14- 67: 18، 19، 20، 21، 22- 70: 1، 2- 74: 11، 13، 14، 15- 106: 17- 118: 15- 125: 6
إقطاعات:
42: 20- 45: 10- 121: 2- 122: 16- 201: 6- 205: 11
إقطاع الأتابكية:
12: 16
أكابر أرباب الوظائف:
6: 21
ألقى إليهم الأوراق فى السهام (رسائل ترسل بواسطة السهام من قلعة محاصرة أو ما أشبه) 85: 16
إمام جامع الأزهر:
27: 8
إمام الصخرة:
97: 20- 98: 3
أمان (كتبة السلطان لبعض الأمراء) 51: 12
أمان (طلبة نوروز من السلطان) 63: 7
الأمان (نادى به الأمير جكم فى دمشق) 53: 2
أمراء آخورية:
113: 2(13/263)
أمراء الألوف:
12: 9- 15: 13- 65: 16- 102: 5، 6، 15- 109: 9- 121: 13- 123: 3، 8- 125:
19، 20- 126: 13- 130: 11- 140: 16، 20- 158: 8
الأمراء الأجلاب:
13: 1، 5
الأمراء البطالون:
121: 2
الأمراء الخاصكية:
206: 6
أمراء الدولة:
19: 4
أمراء الشام:
58: 19
أمراء الطبلخانات:
10: 10- 18: 13- 35: 6- 48: 16- 66:
12- 73: 12- 102: 2، 8- 109: 11- 130:
12- 158: 18- 169: 3- 181: 7- 190: 14
أمراء العشرات:
32: 12، 21، 22- 38: 13- 48: 15- 73: 12- 102: 2، 8- 145: 20- 203: 3
أمراء المشورة:
48: 21
أمراء مصر:
16: 15
الأمراء المقدمون:
5: 18- 12: 21
إمرة:
118: 15
إمرة ألينبع:
74: 8
إمرة سلاح:
5: 6
إمرة طبلخاناة:
5: 4- 74: 16- 143: 10
إمرة الشام:
73: 17
إمرة عشرة:
16: 11
إمرة مائة:
6: 5- 48: 17- 49: 7
إمرة مائة ومقدمة ألف:
118: 9
إمرة المدينة المنورة:
74: 8- 88: 14
الأمريات:
45: 10- 201: 6- 203: 21- 205: 11
أمير آخور:
12: 10- 18: 9- 42: 15- 48: 15- 53:
19- 56: 4- 61: 2- 64: 7- 99: 11- 108:
20- 110: 13- 113: 2- 170: 8
أمير آخورثانى:
16: 2- 77: 20- 125: 19
أمير آخور كبير:
5: 5- 20: 16- 31: 6- 32: 14- 48: 13- 49: 14- 59: 2- 68: 3- 73: 15- 74:
13- 77: 9- 102: 12
الأمير آخورية:
5: 8- 77: 3- 102: 18
أمير جاندار:
96: 11- 113: 9
أمير حاج المحمل:
22: 6- 53: 14
أمير سلاح:
5: 1- 42: 14- 50: 2، 3- 55: 1- 68:
16- 100: 8- 132: 16- 167: 8- 183: 14
أمير طبلخاناة:
16: 2- 95: 8
أمير عشرة:
8: 19- 66: 12، 13- 121: 17
الأمير الكبير:
50: 20- 103: 13- 104: 4- 106: 3-(13/264)
141: 18، 19، 20، 21- 199: 6- 206:
23
أمير المائة:
6: 20- 8: 11- 14: 8- 36: 2- 73: 14- 183: 9، 11- 184: 12- 201: 11
أمير مائة ومقدم ألف:
156: 12- 159: 9
أمير مجلس:
8: 9، 11- 13: 3، 10- 14: 4، 7، 10- 15: 13، 14- 42: 15- 46: 15- 50:
3- 69: 2- 77: 2- 97: 1- 118: 9- 125:
4- 156: 12- 176: 14- 183: 12- 184:
20
أمير مكة:
74: 9، 10
أنى (الزميل الصغير فى خدمة السلطان أو الأمير) :
78: 13
أنيات:
9: 5، 23، 26- 18: 3- 85: 18
الأوباش:
148: 14
أوتاق وطاق.
أوساط الأمراء الظاهرية:
184: 17
أوقاف الملك الناصر فرج:
204: 17، 18
ب البجمقدار:
180: 16، 21
البذل (الرشوة) :
169: 1
البذلات الذهب الثقيلة:
133: 14
البذلات المينة:
133: 13، 23
البرطيل: (الرشوة) 169: 1
البريد:
53: 8
البشائر:
41: 13- 50: 7- 59: 5- 62: 13
البشمقدار (البجمقدار) :
180: 21
البطاقة:
112: 7
بطالا: (أى بدون وظيفة) 5: 2، 9- 8: 13- 10: 11- 14: 12- 22:
9- 36: 17- 38: 12- 49: 10- 50: 19- 51: 18- 118: 2- 122: 9- 125: 11، 12- 158: 19
البلاصى:
95: 6، 21
البلاصية:
131: 8
البلخش (نوع من الياقوت) 131: 14، 20
بيعة السلطنة:
48: 5
ت تابوت أبنوس 161: 17
تابوت من فولاذ:
162: 8
تجاريد (جمع تجريدة) 135: 6، 22
تجرد: (سافر على الخيل مخفا دون أثقال) 167: 4- 170: 2
تجريدة:
20: 17- 55: 4- 58: 8- 62: 18- 102:
11- 127: 12- 135: 5، 7، 10، 12، 21(13/265)
تخت الملك:
41: 12- 42: 11
تخلف من أولاده (أى صاروا خلفاء) :
155: 14
تداريس:
34: 13
الترسيم: (الوضع تحت الحوطية والمراقبة) 204: 4- 205: 18
تركمان الطاعة:
185: 1
تسلطن (أى صار سلطانا) 147: 15
التشريف:
49: 10، 12- 51: 5، 8- 53: 10- 63:
10- 65: 7- 97: 14، 16- 120: 12
التشريف السلطانى:- 72: 17- 87: 21- 88: 7
تقادم الألوف:
74: 14
تقاليد النواب الخليفتية:
206: 1
تقدمة:
68: 11- 87: 20
تقدمة ألف:
6: 5- 22: 6- 48: 17- 49: 7- 118: 11- 143: 9- 184: 12
التقليد:
49: 8، 10، 11، 12- 50: 18- 65: 7- 70: 16- 71: 1- 80: 1- 97: 14- 101: 11
تلبيس القماش (كان الأمير شيخ المحمودى يقوم به للأمير تغرى بردى فى عهد أستاذ هما برقوق) 9: 26
التوقيع:
74: 10
التوسيط: (شق الرجل من وسطه) 146: 14
ث الثغور الرومية:
16: 20
ثغور المسلمين:
152: 8
ثياب الجلوس:
126: 20
ج الجاليش (مقدمة الجيش) 55: 1، 21- 62: 15- 76: 10، 15- 77:
7، 22- 79: 6- 102: 3- 132: 10- 137:
9- 193: 4
الجاليش (علم من الأعلام التى كانت تحملها جيوش المماليك) 55: 21- 59: 9، 21
جامكيات (المرتبات) 24: 12
جبة من لبد:
4: 15
الجراكسة:
27: 11
جرائد الخيل:
104: 16- 113: 5
الجسور:
151: 15
جشار: (الخيل التى لم تدرب، أى التى تساق من المرعى مباشرة) 143: 7، 21- 134: 1، 16
الجنائب- من الخيل:
133: 14
جنوية (المتاريس) :
144: 2، 18، 19
الجنيب (الجمع جنائب) من الخيول:
81: 16- 133: 9
الجواشن- جمع جوشن 134: 5، 19:(13/266)
ح الحاجب:
125: 17- 126: 9- 127: 22- 172: 7، 8
حاجب الأمير نعير:
62: 11
الحاجب الثانى:
15: 9- 79: 18- 102: 14- 110: 3
حاجب الحجاب:
13: 13- 36: 9- 42: 17- 53: 14- 61:
9- 64: 12- 68: 15- 77: 13- 98: 6، 15- 102: 6- 106: 15
حاجب حجاب دمشق:
16: 1- 31: 9- 54: 4- 68: 5- 79: 17- 89: 5- 159: 1
حاجب حلب:
97: 19
حاجب دمشق:
73: 1- 96: 20
الحاصل: (المتحصل من الغلال وغيرها) 53: 17- 88: 16
الحافظ:
29: 14- 34: 10، 15
حافظ العصر:
34: 15
حاكم الدونة:
95: 15
الحبوس:
42: 21
الحجاج:
22: 2
الحجوبية:
22: 5- 31: 1- 176: 7
حجوبية الحجاب:
172: 8
حجوبية حلب:
159: 3
حجوبية دمشق:
159: 5
حجوبية طرابلس:
31: 11
الحرير المخمل الملون:
134: 11
حساب الجمل:
153: 19
حسبة القاهرة:
24: 1، 15- 34: 9- 181: 5
الحلق البلخش أو البدخش:
131: 14
الحنفية: (علماء المذهب الحنفى) 6: 14- 27: 6
حواشى الملك الظاهر برقوق:
10: 16
حواشى الملك الناصر فرج:
42: 1
خ الخازندار:
9: 1- 15: 9- 31: 2- 67: 19- 69: 2، 4- 85: 7- 100: 7- 102: 18- 124: 6- 126: 7- 169: 12- 176: 13- 179: 10
الخازندار الكبير:
185: 8
الخازندارية:
9: 5
الخاص (ديوان الخاص) 173: 10
الخاصكية:
16: 11- 38: 14- 158: 12- 169: 10- 172: 7
خاصكية الملك الظاهر:
178: 14- 180: 15
خام:
56: 9(13/267)
خبايا الفاطميين (جمع خبيئة) 95: 10
الختمات:
162: 1
الخدام، جمع خادم:
18: 2
الخدم (الأعمال والوظائف) 93: 20
خدم بلاصيا:
175: 12
الخدم الديوانية:
38: 10
الخدم بالقصر السلطانى:
86: 1
الخدمة:
42: 10- 49: 3، 24
الخدمة بالإيوان:
42: 10
الخدمة السلطانية:
64: 8- 156: 13
الخراج:
26: 22- 74: 15
خردفوشى (تاجر الخردة وهى بقطع الرخام الصغيرة المصنعة على أشكال هندسية) :
169: 1، 19
خزانة الخاص:
23: 22
خزانة السلاح 134: 3
خزانة الكسوة:
23: 22
خزانة المال:
134: 6
خشداش:
117: 5- 146: 14
خشداشية:
9: 26- 52: 14- 85: 17- 146: 13
الخط المنسوب:
154: 9، 21
خف:
4: 17
الخلافة:
149: 15- 195: 5، 12
الخلافة الفاطمية:
92: 23
الخلع:
74: 7- 118: 18
الخلعة:
65: 8، 9- 71: 3- 118: 5
الخلعة الخليفتية:
41: 10
خلعة السفر:
54: 19
خلعة الوزارة:
23: 5
خلفاء بنى أمية:
149: 17
خلفاء بنى العباس:
149: 17
الخلنج:
144: 2، 26
الخواص الشريفة:
178: 9
خواص الملك الناصر:
203: 4
خواص مماليك الملك الظاهر:
13: 11
الخوذ- جمع خوذة:
134: 4
خوند:
10: 22- 19: 1- 41: 5- 53: 22- 92:
11- 93: 3- 138: 10
الخوندات:
10: 8، 22- 131: 11(13/268)
خوند الكبرى صاحبة القاعة:
134: 12
خيل البريد:
167: 12
خيم العسكر:
87: 9
د الدبوقة (الضفيرة) 131: 13، 19
دقت البشائر:
71: 3- 85: 2- 127: 18
الدنانير المشخصة:
151: 13
الدهليز:
131: 6- 132: 3
الدوادار:
3: 19- 39: 7- 43: 1- 48: 10، 12- 57: 7، 22- 59: 2- 64: 12- 67: 15- 95: 14- 108: 13- 125: 7، 12- 128:
9- 143: 8- 166: 6- 167: 12
الدوادار الثانى:
204: 3
دوادار السلطان:
185: 17
الدوادار الكبير:
42: 17- 54: 20- 57: 3- 101: 15- 115:
2- 132: 16- 154: 6- 169: 9، 12- 172: 17- 178: 13- 179: 7- 180: 13
دوادارية السلطان:
190: 14
الدوادارية الصغار:
21: 19
الدوادارية الكبرى:
178: 15- 181: 1
الدولة الإخشيدية:
135: 23
الدولة الأشرفية برسباى:
8: 18- 113: 10
الدولة التركية العلية:
13: 8- 65: 22- 111: 17
دولة الملك الأشرف إينال:
113: 4
دولة الملك الظاهر جقمق:
113: 3
الديوان المفرد:
93: 16، 23، 24- 94: 2- 96: 5، 8- 111: 3
ر رأس الأمراء:
93: 8- 108: 7
رأس المشورة:
48: 17، 21
رأس الميسرة:
53: 9
رأس نوبة:
8: 19- 38: 13- 46: 11- 48: 14، 15، 16- 51: 8- 66: 11- 125: 19- 143: 10
رأس نوبة الأمراء:
12: 6- 50: 2- 77: 2- 132: 15- 176:
6- 199: 7
رأس نوبة الجدارية:
43: 16
رأس نوبة كبير:
12: 11
رأس نوبة النوب:
15: 1- 42: 6- 56: 13- 59: 3- 68.
14- 71: 11- 74: 11، 17- 102: 7- 108:
9- 115: 1- 122: 3- 172: 6، 8، 11- 179: 8- 185: 11
الربيع: مكان رعى خبول السلطان أو الأمراء:
128: 5، 24- 130: 6(13/269)
الرتب السنية:
14: 18
رسم السلطان (أصدر مرسوما) 93: 1
رسوم الخلافة:
92: 23
الرماح (جمع رمح) 134: 5
رمى البضائع على التجار (إلزامهم بشرائها) :
151: 17
رنك نوروز:
199: 11، 18، 19
رؤساء النوب:
15: 19
رئاسة السادة المالكية:
29: 8
رئاسة علم الحديث (رئاسة علم الحديث انتهت إلى الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقى فى زمانه) 34: 11
رئاسة مذهب الإمام أحمد (انتهت إلى الشيخ الإمام عبد المنعم بن محمد بن داود البغدادى ثم المصرى فى زمانه) 39: 2
رئيس الأطهاء:
11: 8
ز الزخمة:
140: 13
الزردخاناة:
134: 4- 143: 5
الزرديات:
134: 5
الزعر:
109: 12
الزمار (جمع زمار) 134: 7
الزمام:
111: 7، 25
الزنان- الزمام.
زى الأمراء:
96: 4
زى الجند:
95: 6
زى الفقهاء:
95: 2
س السادة المالكية:
29: 8
سراويل:
148: 12
سرج ذهب:
120: 2
السروج الذهب:
133: 9
السرياقات:
87: 7، 22
سرير الخلافة:
205: 15
السعى والبذل (الوساطة والرشوة) :
34: 8
السفرة (واحدة السفر) :
137: 7
السكة الإسلامية:
151: 12
السلاح خاناة:
5: 18
السلاح دارية:
5: 17
السلطانية (مماليك السلطان الملك الناصر فرج) 81: 13- 82: 18- 145: 1- 146: 1(13/270)
السلطنة:
147: 8، 23- 149: 7- 150: 3، 4، 5، 8- 154: 1، 10- 156: 12
سلطنة اليمن:
26: 1
السماط:
10: 2- 26: 8- 43: 3- 80: 21- 118: 19
سماع المغانى (كان الشيخ قنبر بن محمد العجمى السيرامى يميل إليه) 4: 16
سمر (ثبته فى الحائط أو ألواح الخشب بالمسامير) 107: 8
سنجق:
117: 16
سنجق الملك:
72: 9، 21
السند:
35: 2
سنة تحويل:
26: 15، 20
السهام:
145: 15
السهام الخلنج:
144: 2
سيف الشرع:
169: 9
السيفى:
113: 9
ش شاد الدواوين:
23: 17
شاد السلاح خاناة:
18: 6
شاد الشراب خاناة:
49: 11، 23- 67: 21- 101: 15، 17- 102: 17- 123: 9- 136: 7- 143: 9- 169: 12- 180: 17
الشافعية:
4: 19
الشاميون:
9: 10- 146: 11
شد الدواوين:
21: 11- 22: 2، 17- 165: 8
الشراب خاناة:
101: 15، 17- 102: 17
الشراقى (الجفاف) :
38: 4
شرفات: جمع شرفة:
144: 1، 16
الشطرنج:
163: 15
شيخ الإسلام:
29: 9
شيخ الحديث بالديار المصرية:
34: 11
شيخ الرباط النبوى المعروف بمسجد آثار النبي:
37: 2
شيخ الشيوخ:
30: 12- 168: 2
شيخ شيوخ خانقاة سرياقوس:
17: 15
شيخ القراءات:
27: 8
الشيخية: أتباع الأمير شيخ المحمودى:
64: 9- 80: 19- 85: 4- 110: 3
الشيطانى: أى منجنيق شيطانى:
144: 3، 24
الشيعة الإسماعيلية:
132: 21
الشيعة الفاطمية:
4: 24(13/271)
ص الصاحب:
38: 9
صاحب قران الأقاليم السبعة:
163: 6
صاحب الكبش:
14: 4
صيرفى:
94: 1، 8- 159: 16
ض الضوئى المشاعلى.
ط طاقية من لبد:
4: 15
الطبال (جمع طبال) 134: 7
طبقة الأمراء أرباب السيوف:
32: 23
الطبقة (الرتبة) 32: 23
طبلخاناة:
5: 4- 49: 24- 99: 12
الطبلخانات: أمراء الطبلخاناة:
31: 14- 77: 4- 121: 14، 20، 21
الطشت خاناة:
23: 23
ططريات (جمع ططرية لباس كالقفطان) 134: 8، 20
الطلب (الفرقة من الجيش) 55: 1، 19- 133: 9- 140: 16
الطواشى:
43: 16- 52: 12- 85: 7- 168: 12
ف الفاطميون:
95: 10
الفداوية:
132: 4، 5، 21
الفرسان الأقشية:
13: 18
فرسان الصليبيين:
123: 19
فرسان النوبة:
41: 11
فقهاء الحنفية:
38: 8
الفوانيس والشموع- من دعائم موكب السلطان:
41: 11
ع العبى الحرير المثمنة:
133: 11
العبى المزركشة بالذهب:
133: 11
العساكر السلطانية:
114: 12
العسكر السلطانى:
112: 7، 13، 17- 113: 6
العشرات (أمراء العشرات) :
77: 4- 121: 15
العشير (الجند المرتزقة) :
143: 18، 23
علم الحرف:
37: 4
عليق: (ما يعلف به الخيل والدواب) :
24: 12
ق القاصد (من يحمل مراسيم السلطان) :
51: 20- 53: 11
قاصد الأمير شيخ:
63: 10(13/272)
قاصد الملك:
59: 1
قاضى الإسكندرية:
23: 15
قاضى حلب:
146: 9
قاضى القضاة:
3: 7- 10: 4- 23: 14- 24: 7- 25: 7- 29: 6- 34: 4- 39: 4، 5- 180: 1
قاضى قضاة الإسكندرية:
10: 7
قاضى قضاة حلب:
171: 5
قاضى قضاة الحنابلة:
25: 5
قاضى قضاة الحنفية:
25: 11
قاضى قضاة الحنفية بدمشق:
64: 13
قاضى قضاة الحنفية بالديار المصرية:
17: 6- 205: 21
قاضى قضاة دمشق:
21: 12- 146: 6، 19- 165: 18
قاضى قضاة الديار المصرية:
17: 11- 21: 14- 23: 7، 12- 24: 8- 25: 8- 146: 4- 155: 20
قاضى قضاة الشافعية:
34: 5- 192: 11
قاضى قضاة الكرك:
3: 8
قاضى قضاة المالكية:
32: 6
القبة والطير (المظلة) 92: 19، 23
القرايلكية: (أى عسكر قرايلك) 60: 11، 16
قرقل:
49: 2، 20
القرقلات:
134: 4، 18
القضاء:
3: 19- 4: 1- 39: 4- 156: 1
قضاء الإسكندرية:
23: 16- 24: 5
قضاء بعلبك:
39: 15
قضاء الحنابلة:
40: 5
قضاء الحنفية:
40: 5- 138: 4- 146: 9
قضاء دمشق:
30: 7- 166: 4
قضاء الديار المصرية:
25: 1، 2- 166: 15
قضاء الشافعية:
3: 12- 39: 16- 40: 4- 201: 15
قضاء الشافعية بدمشق 39: 16
قضاء القضاة الشافعية:
180: 5
قضاء المالكية:
39: 15- 40: 5
قضاء المدينة النبوية:
34: 8، 13
القضاة:
205: 16- 207: 4، 8
القضاة الأربعة:
136: 1- 205: 1- 206: 19
قضاة حماة:
53: 20(13/273)
قضاة الجاه والشوكة (الذين يخضعون لجاه السلطان وشوكته) 133: 2
قضاة دمشق:
64: 3
القماش:
135: 9- 143: 5، 11
قماش الجلوس:
68: 17- 90: 19- 104: 18- 119: 6
قماش الخدمة:
68: 19
قماش الموكب:
49: 4
قناديل الذهب والفضة:
162: 5
قنديل من ذهب:
162: 6
قهرمان:
163: 7، 21
قهرمان الماء والطين:
163: 7
ك كاتب السر:
3: 13- 42: 18- 43: 11- 46: 3- 64: 3- 78: 17- 81: 6- 86: 3، 10- 93: 14- 141: 5- 142: 1- 145: 11- 190: 5- 198: 12- 200: 1- 205: 5، 17- 206: 12
كاتب سر دمشق:
80: 12- 94: 10- 201: 13
كاتب السر الشريف:
11: 7- 40: 1
كاتب سر الكرك:
3: 13
كاتب المماليك:
93: 15- 96: 2
الكاشف:
75: 21
كاشف بر دمشق:
95: 6
كاشف الرملة:
75: 16
كاشف القبلية:
90: 15
كاشف الوجه البحرى:
123: 10
كاشف الوجه القبلى:
27: 5
كتابة السر:
11: 8، 9- 49: 6- 51: 22- 156: 11
كتابة سر دمشق:
94: 13
كتابة سر مصر:
3: 13- 192: 19
الكحالون:
8: 22
الكسارات (من أدوات التذيب) 95: 19
كسوة:
21: 12
الكشاف: جمع كاشف:
95: 7
كشافة:
76: 10، 11- 80: 18- 90: 1- 108: 15
كشف الوجه البحرى (وظيفة) 159: 17
كفالة الشام:
201: 5
الكلفتاة:
49: 1، 19- 68: 18- 96: 4، 23- 156:
13(13/274)
الكلفتات: جمع كلفته وكلفتاة:
134: 8
الكلوتة:
49: 19- 96: 23
الكنابيش الزركش:
133: 12: 21
الكتابيش المثلثة بالزركش والريش واللؤلؤ:
133: 12
كنبوش زركش:
120: 2، 19
كورة:
29: 16
ل لالا (المربى) 42: 8، 22- 43: 17
لبس المباشرين:
96: 4
لعب الرمح (كان الأميران قرقماس الأينالى وسودون طاز رأسا فيه) :
31: 15- 33: 2، 3
اللجم المسقطة بالذهب والفضة:
133: 13
اللهو والرقص (كان الشيخ قنبر بن محمد العجمى السيرامى يميل إليهما) 4: 16
اللهو والطرب (كان الأمير بيبرس الأتابك منعكفا عليهما عمره كله) :
45: 14
م المالكية:
32: 7
المباشر:
49: 1
مباشرة القضاء:
39: 16
المباشرون:
91: 1- 96: 4- 151: 20- 205: 17
مثال سلطانى:
5: 18- 129: 9
مثقال:
162: 5
مجلس السلطان:
48: 22
المحاير المغشاة بالحرير والجوخ (جمع محارة وهى تشبه الهودج) :
134: 13
محتسب دمشق:
90: 15
محتسب القاهرة:
168: 15
المحضر:
98: 2- 129: 4، 12- 130: 3
محفة:
79: 3- 134: 12، 22
محفات: جمع محفة وهى الهودج المغطى بالقماش:
134: 11، 22
المحمل المطرز بالزركش:
133: 10
مخيم:
55: 1- 90: 2، 20- 105: 11- 135:
4- 36: 14
مخيمات:
141: 16
المدافع:
82: 11، 22- 85: 11- 110: 2- 144: 1
مدافع النفط:
134: 2
مدبر الدولة:
95: 15
المدورة (مائدة) 148: 5(13/275)
مدورة السلطان (خيمة كبيرة مستديرة) :
62: 14، 23
المراسيم:
3: 18- 129: 7
المرافعة: (الحط عليه واتهامه) :
157: 6
المراكيب:
143: 7
المرسوم:
51: 19- 59: 1
مرسوم السلطان:
118: 16
الموكب:
206: 18
مستوفى الديوان المفرد:
93: 16، 23- 96: 5
المسح على الرجلين من غير خف (كان الشيخ قنبر بن محمد العجمى السيرامى يتهم بذلك- وهو مذهب الشيعة الباطنية) 4: 16، 24
مسلخ الحمام:
116: 3
المسند:
29: 14
المسوح:
161: 12، 16، 20
المشاة: (طائفة من الجند) 143: 20
المشاعلى:
4: 6، 9
المشاعلية:
148: 4، 8، 20
مشد:
145: 20
مشد الدواوين:
22: 17
المشير:
23: 2، 17- 51: 23
مشيخة الصلاحية:
4: 1
المصادرات:
77: 18- 85: 4- 105: 19
المظالم:
144: 9- 192: 6
المظلة:
92: 23
معاملة دمشق:
39: 4
المغانى (المغنيات) 88: 22
مغن:
66: 8
المقارع (السياط) :
5: 15- 113: 18
مقدم ألف:
6: 20- 8: 11- 14: 18- 36: 2- 73: 14- 183: 9، 11- 201: 11
مقدم المماليك السلطانية:
18: 1
مقدمو الألوف:
9: 17- 15: 9- 31: 2- 98: 5- 101: 24- 102: 14- 168: 9- 200: 9
مقدمو الألوف بالديار المصرية:
6: 3- 92: 9- 176: 16- 184: 16- 185: 4
مقدمو الحلقة:
145: 21
مقلاع:
60: 16
مقمعة بالحناء: مخضبة بالحناء:
131: 9(13/276)
مكاتبة السلطان:
51: 18
مكاحل النفط:
82: 11، 12- 85: 10- 134: 2
المكاشفة (كان الملك الظاهر يأخذ كلام المعتقد المجذوب الزهورى على سبيلها) :
10: 17
مكسوا كل شىء (فرضوا عليه ضرائب) :
151: 15
المكوس:
144: 8- 192: 6
ملوك الإسلام:
151: 5
ملوك الأمراء:
40: 6- 160: 1
ملوك بنى عثمان:
32: 2
ملوك الترك:
41: 5- 83: 23- 151: 2
ممالك الهند:
26: 11، 12
المماليك:
31: 4، 17- 45: 3، 6- 56: 7- 61: 11- 64: 16
مماليك الأمراء:
62: 2
المماليك الجلب:
78: 9، 22
مماليك السلطان:
15: 9
المماليك الظاهرية (مماليك السلطان الظاهر برقوق) :
5: 17- 9: 5، 23- 15: 7، 17- 17: 1- 35: 8- 36: 9- 45: 9- 46: 5- 59:
10- 62: 1، 3، 9- 69: 2- 78: 5، 9- 96: 2- 101: 21، 22- 108: 6- 109:
16- 110: 2- 112: 10- 122: 13، 20-
125: 10- 126: 1، 15، 18- 127: 23- 128: 1، 6- 130: 9- 137: 8- 140: 17- 146: 13- 150: 12- 171: 7- 172: 9- 185: 15
المماليك اليلبغاوية:
9: 9
المناجيق:
134: 3، 17- 143: 20
المناشير السلطانية:
122: 15
المنجنيق:
85: 12، 23
المهمات السلطانية:
117: 16- 167: 10
الموقع:
5: 11- 39: 6، 7- 85: 6- 91: 3- 124:
6- 157: 11
موقع الأتابك شيخ:
206: 11
موقع الأمير الكبير شيخ:
205: 7
موقع الأمير نوروز:
201: 12
موقعو الدست:
154: 9
الموكب:
48: 7- 167: 11، 12
موكب عظيم سلطانى:
46: 4
المياثر:
133: 10، 18
مياومة ومساعاة: أى كل يوم وكل ساعة:
44: 20
ن ناظر الإسطبل:
96: 2- 192: 19(13/277)
ناظر الجيش:
42: 19- 49: 6- 141: 6- 199: 16، 22
ناظر الجيش والخاص:
23: 15
ناظر الخاص:
9: 18- 51: 23- 58: 6- 105: 14- 124:
12- 141: 6- 204: 13
ناظر الخزانة:
186: 12، 21
ناظر الخواص الشريفة:
178: 9
ناظر الدولة:
96: 6، 10
ناظر ديوان المفرد:
94: 2- 96: 8
نائب الإسكندرية:
13: 14- 22: 1- 172: 12
نائب ألبيرة:
16: 5
نائب أنطاكية:
76: 5
نائب حلب:
4: 4- 14: 7- 36: 7- 41: 21- 43: 21- 44: 16- 51: 10- 52: 2، 15، 17- 54:
19- 57: 17- 58: 13- 76: 3- 80: 4- 97: 8، 10- 99: 5- 101: 2- 106: 17- 108: 1- 117: 11
نائب حماة:
54: 5- 61: 16- 72: 7- 87: 17- 96:
19- 97: 19- 104: 11- 106: 14
نائب دمشق:
64: 6- 72: 15- 117: 22- 145: 20 170: 5- 200: 16
نائب السلطنة:
63: 15- 70: 9- 107: 4
نائب السلطنة بالديار المصرية:
65: 19- 183: 7
نائب السلطنة الشريفة:
49: 18- 55: 8
نائب الشام:
12: 4- 13: 21- 14: 12- 16: 8- 20: 9- 21: 3- 36: 12- 43: 18- 50: 14- 52:
6، 16- 56: 20- 57: 18- 58: 17- 61:
13- 62: 4- 63: 6- 77: 15- 79: 4- 84: 21- 88: 10، 21- 93: 7- 99: 15- 105: 4- 107: 3- 117: 11، 13- 135:
11، 15- 142: 17- 172: 17- 181: 19- 200: 7
نائب صفد:
52: 10، 16- 99: 2- 105: 5، 11- 118: 11- 159: 9
نائب طرابلس:
8: 17- 16: 8- 28: 3- 50: 20- 71:
5- 80: 3- 87: 21- 117: 12- 125: 3- 159: 9- 184: 20
نائب غزة:
16: 1- 54: 4- 57: 11- 58: 7- 71:
9- 96: 21- 98: 18- 108: 15- 123: 3- 129: 1- 184: 15
نائب الغيبة:
46: 22- 55: 24- 63: 15- 65: 19- 66:
13- 105: 12- 136: 6- 201: 1
نائب القدس:
126: 13
نائب قلعة جعبر:
36: 19
نائب قلعة دمشق:
135: 16- 170: 10(13/278)
نائب الكرك:
6: 2- 65: 17- 108: 9
النائب الكافل:
12: 21- 55: 24
نديم:
26: 8
النشاب:
110: 2- 125: 14- 134: 5- 145: 5
نظر الأحباس:
205: 5
نظر الأسواق:
24: 1، 13
نظر الأوقاف:
181: 6
نظر البيمارستان المنصورى:
120: 13- 205: 5
نظر الجامع الأموى:
90: 13
نظر الجيش:
24: 2، 4- 156: 11- 163: 10- 204: 12
نظر جيش دمشق:
90: 12
نظر الخاص:
23: 1- 24: 4- 96: 5- 121: 10- 156:
10- 157: 3- 194: 1
نظر الدولة:
38: 10
نظر ديوان المفرد:
24: 1، 11
نظر الكسوة:
23: 16، 22- 181: 5
النفط:
145: 5
النفقة:
135: 10
نفقة السفر:
130: 10
النفوط:
145: 16
النمجاة:
131: 9، 12، 17- 132: 1
النهاية:
105: 20
النواب:
6: 21- 84: 12
نواب البلاد الشامية:
16: 14- 59: 16
نواب الغيبة:
85: 3
نواب القلاع:
193: 3
نواب القلاع الشامية:
201: 7
النوروزية (نسبة للأمير نوروز الحافظى) :
73: 2- 75: 8- 76: 11- 110: 4- 109: 15
نيابة أبلستين:
106: 5
نيابة الإسكندرية:
22: 3- 169: 4- 203: 7
نيابة بعلبك:
90: 14- 105: 8
نيابة حلب:
4: 6، 7- 8: 12- 9: 12- 15: 1، 3- 36: 10، 11، 17- 49: 11- 50: 18- 52: 4- 54: 10- 56: 4- 63: 11- 80:
1، 7- 106: 18- 118: 7- 178: 7- 191:
13
نيابة حماة:
51: 9- 52: 6- 64: 13- 70: 21- 80:
1- 97: 13- 118: 10- 144: 6(13/279)
نيابة دمشق:
16: 13- 20: 12- 21: 2- 36: 15- 49:
9- 50: 6- 63: 10- 64: 10- 65: 8- 72: 2- 73: 6، 9- 80: 6- 97: 10- 118: 6- 120: 8، 11- 122: 22- 143:
2- 191: 9- 196: 10- 201: 10
نيابة دمياط:
186: 1
نيابة السلطنة بالديار المصرية:
183: 16- 184: 5، 8، 12
نيابة الشام:
43: 19- 54: 10- 65: 6- 70: 15- 71:
1- 72: 18- 97: 15- 101: 12- 106: 4، 16- 113: 3- 115: 17- 117: 15، 20- 178: 7- 200: 12، 17
نيابة صفد:
4: 5- 17: 1- 36: 2، 6- 51: 7- 58:
18- 77: 20- 99: 3- 106: 14، 18، 20- 118: 11- 169: 10
نيابة طرابلس:
36: 9، 13، 15- 52: 5- 56: 5- 66:
15- 70: 20- 80: 7- 88: 7- 89: 15- 97:
12- 105: 7- 106: 15- 116: 14- 118:
8- 178: 8- 191: 14- 205: 11
نيابة عين تاب:
106: 6
نيابة غزة:
49: 16- 71: 10- 77: 21- 204: 10
نيابة الغيبة:
55: 9- 77: 10، 12- 102: 12- 183: 11
نيابة القدس:
90: 14- 105: 8
نيابة القلعة:
136: 8
نيابة الكرك:
10: 11- 89: 7
نيابة ملطية:
106: 5- 159: 4
ووالى القاهرة:
98: 21- 110: 18- 126: 18- 204: 14
والى الولاة:
75: 23
الوزارة:
96: 7
الوزر:
23: 1- 38: 10، 11- 156: 10- 165:
8- 173: 10- 186: 2- 193: 1
الوزير:
38: 9، 19- 51: 16، 23- 58: 4، 6- 105: 14- 124: 12- 129: 16
وزير حلب:
95: 3
وزير الديار المصرية:
38: 9
وسط: (شقه نصفين) 98: 2- 107: 9- 126: 2، 12- 137: 6، 8- 146: 11
وطاق:
78: 8، 20- 79: 5، 10- 82: 9- 91:
2، 4- 99: 7، 8
وكالة بيت المال:
23: 16، 20- 24: 3، 4- 181: 5
ولاية القاهرة:
110: 6
ى يتأمر عشرة (يصير أمير عشرة) 27: 17
اليشبكية: (أتباع الأمير يشبك الشعبانى) 64: 9
اليلبغاوية:
14: 5(13/280)
فهرس وفاء النيل من سنه 801- 814 هـ
صفحة سطر وفاء النيل فى سنة 801 هـ/ 11/13
وفاء النيل فى سنة 802 هـ/ 19/7
وفاء النيل فى سنة 803 هـ/ 26/13
وفاء النيل فى سنة 804 هـ/ 28/7
وفاء النيل فى سنة 805 هـ/ 33/6
وفاء النيل فى سنة 806 هـ/ 37/6
وفاء النيل فى سنة 807 هـ/ 40/7
وفاء النيل فى سنة 808 هـ/ 163/17
وفاء النيل فى سنة 809 هـ/ 166/17
وفاء النيل فى سنة 810 هـ/ 170/20
وفاء النيل فى سنة 811 هـ/ 174/11
وفاء النيل فى سنة 812 هـ/ 177/17
وفاء النيل فى سنة 813 هـ/ 182/11
وفاء النيل فى سنة 814 هـ/ 188/13(13/281)
فهرس أسماء الكتب الواردة بالمتن والهوامش
االأعلاق الحظيرة (لابن شداد) :
142: 24- 145: 24- 191: 21- 192:
22- 194: 24
الأعلاق النفيسة (لأبن رستة) 35: 15
الأغانى:
144: 23
الألقاب الإسلامية 23: 17
ب بلدان الخلافة الشرقية 59: 24- 160: 23- 162: 20
ت تاج العروس:
: 23
تأويل الدعائم:
4: 25
ح الحاوى فى الفقه:
173: 24
حسن المحاضرة للسيوطى 24: 26
خ الخطط (المواعظ والاعتبار) 17: 25- 19: 13- 29: 19- 68: 21- 76: 19- 111: 15
الخطط التوفيقية:
68: 21- 90: 23- 112: 25- 126: 22- 186: 20، 22
4- 275: 20- 283: 14، 16، 17،
خطط الشام:
4: 20- 66: 24- 72: 25- 73: 22- 145:
19
د الدرر الكامنة 24: 27- 30: 17، 22
دمشق الشام (لجان سوفاجيه) 142: 24- 194: 19
دوزى- القاموس 40: 11- 49: 20
ذ الذيل على رفع الإصر 30: 25
ز زبدة كشف الممالك 199: 22
س السلوك:
20: 19- 22: 19- 36: 22- 56: 22- 78:
23- 87: 22- 92: 24- 93: 24- 96: 24- 120: 19- 121: 22- 128: 24- 131: 21- 134: 25- 139: 25- 144: 18- 154: 22
السيف المهند (فى سيرة الملك المؤيد) 24: 19- 76: 25- 99: 25- 136: 21
ش الشاطبية:
30: 2
شذرات الذهب:
164: 20، 22- 166: 23 1، 3- 178: 19- 192: 5- 240:(13/282)
شرح الأخسكتي:
24: 24
شرح البزدرى:
24: 25
الشرق الأوسط والحروب الصليبية:
78: 25
ص صبح الأعشى فى صناعة الإنشاء 3: 16، 19- 5: 19، 21، 23- 6: 21- 8: 23- 9: 18- 12: 21- 15: 20، 24- 17: 22- 20: 24- 22: 22- 23- 21، 23- 24: 12، 21- 26: 16، 18- 32: 18، 24- 38: 20- 46: 22- 48: 23- 49: 24- 55: 25- 66: 22- 72: 22- 75: 23- 81:
22- 82: 24- 97: 24- 104: 24- 108:
24- 111: 26- 114: 22- 118: 25- 119:
22- 132: 23- 145: 18، 21- 180: 23- 199: 19، 20، 21
ض الضوء اللامع:
4: 18- 9: 21- 10: 20- 11: 15- 13: 22- 20: 20- 36: 24- 37: 10- 48: 19- 57: 22- 93: 21- 103: 15، 18، 21، 27- 105: 23- 113: 21- 136: 21- 146:
21- 156: 18- 166: 19، 20، 22- 186:
16
غ غاية البيان ونادرة الزمان فى آخر الأوان:
24: 24
ف الفنون الإسلامية:
133: 26
فوات الوفيات:
29: 25
ق قاموس تركى:
139: 21
القاموس الجغرافى:
125: 22
ك الكافية (فى النحو) 30: 1
كلستان (حديقة الورد) 11: 12، 17
ل لسان العرب:
134: 16- 144: 23- 153: 21
م المحرر (فى الفقه) :
30: 1
محيط المحيط:
4: 23- 134: 19- 140: 24
مختصر ابن الحاجب:
30: 2
مسالك الأبصار:
26: 7
المسالك والممالك:
25: 23
المشترك:
125: 21
معجم البلدان:
3: 16- 18: 22- 23: 19- 37: 9- 63: 23- 67: 24- 72: 19- 74: 22- 75: 20- 78: 19، 25- 79: 19- 88: 23- 106:
23- 107: 18، 25- 114: 19- 128: 23- 140: 22- 145: 22- 193: 22
معجم الوسيط:
133: 18- 163: 21- 175: 18(13/283)
معيد النعم ومبيد النقم:
22: 2
مفرج الكروب فى دولة بنى أيوب:
114: 20
الملابس المملوكية (ل. ا. ماير) 133: 16- 134: 21
المنجد وأعلام الشرق والغرب:
25: 23- 52: 23- 60: 24- 95: 24- 107: 22- 144: 17- 161: 22
المنهل الصافى:
4: 22- 5: 24- 6: 18، 22، 23، 24- 7: 1، 19- 9: 16- 10: 19- 11: 15- 12: 20- 13: 20، 22- 14: 21، 23- 15: 21، 25- 16: 19، 22، 24- 17:
18: 19: 26- 18: 17، 18، 19، 20، 23، 24- 19: 9- 20: 22- 21: 21، 22، 23- 22: 16، 23، 24، 25- 23: 18- 24: 22، 26- 25: 20، 21، 24، 25- 27: 19، 20- 28: 9- 29: 15- 30: 10، 26- 31: 19، 22، 23، 24- 32: 20، 25- 34: 18- 35: 5، 25- 36: 20، 21، 22- 38: 18- 39: 20، 21، 22- 122: 1-
154: 20- 155: 22- 156: 4، 19- 157:
17- 159: 20، 21- 160: 20- 163: 17- 164: 19، 22- 165: 21، 22، 23- 167:
18- 168: 18، 20، 21- 169: 22- 171:
20، 22- 172: 20، 21، 22- 173:
16، 17، 18، 19- 175: 17- 176: 22، 23- 178: 20، 21- 179: 21- 180: 18، 20- 181: 21، 22- 183: 21- 184: 21- 185: 19، 22- 186: 17- 187: 20- 188:
11- 192: 24
ن نزهة الأنام فى محاسن الشام:
194: 20، 21
النظم الإقطاعية فى الشرق الأوسط فى العصور الوسطى:
26: 23
النهج السديد:
26: 22
هـ الهداية:
24: 10(13/284)
فهرس الموضوعات
صفحة السنة الأولى من سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق الأولى على مصر، وهى سنة 801 هـ 3
أشهر من سمى بشيخ من الأمراء 8
السنة الثانية من سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق الأولى على مصر، وهى سنة 802 هـ 12
السنة الثالثة من سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق الأولى على مصر، وهى سنة 803 هـ 20
السنة الرابعة من سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق الأولى على مصر، وهى سنة 804 هـ 27
السنة الخامسة من سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق الأولى على مصر، وهى سنة 805 هـ 29 السنة السادسة من سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق الأولى على مصر، وهى سنة 806 هـ 34
السنة السابعة من سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق الأولى على مصر، وهى سنة 807 هـ 38
ذكر سلطنة الملك المنصور عبد العزيز بن برقوق على مصر بعد اختفاء الملك الناصر فرج 41
أرباب الوظائف فى عهده 42
أنصار الملك الناصر فرج يجتمعون به فى مخبئه ويعملون على إعادته للسلطنة 44
ظهور الملك الناصر فرج بن برقوق بعد اختفائه وطلوعه إلى القلعة فى موكب من أنصاره 46(13/285)
الملك الناصر فرج بن برقوق يرحل أخويه الملك المنصور عبد العزيز والأمير إبراهيم إلى الإسكندرية ويحبسهما بها. وفاة المذكورين 47
ذكر سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر 48
مبايعة أبى الفضل العباس ابن الخليفة المتوكل على الله أبى عبد الله بالخلافة وتلقيبه بالمستعين بالله 51
الأمير جكم يقتل ثلاثة من أعيان الأمراء من خشداشيته 52
خروج الملك الناصر فرج إلى الشام لحرب الأمير جكم من عوض ورفقته 55
عود الملك الناصر فرج إلى مصر 57
الأمير جكم يتسلطن بقلعة حلب، ويتلقب بالملك العادل أبى الفتح عبد الله جكم 58
ذكر الحوادث التى وقعت لجكم وانتهت بقتله 59
خروج الملك الناصر فرج إلى الشام فى تجريدته الرابعة 62
فرار الأمير شيخ المحمودى والأمير يشبك من سجن قلعة دمشق ومقتل مخلصهما الأمير منطوق. اجتماع الأمراء شيخ ويشبك وجركس. ندب الأمير نوروز الحافظى لقتالهم وتوليته نيابة دمشق. القبض على بعض الأمراء 64
خروج الملك الناصر فرج من دمشق يريد الديار المصرية ومعه الأمراء المقبوض عليهم 66
استيلاء الأمير شيخ وأصحابه على دمشق. فرار بكتمر جلق. هزيمة شيخ أمام نوروز ومقتل بعض أصحابه 66
قتل بعض الأمراء المقبوض عليهم وتولية غيرهم فى وظائفهم 67
وقوع الصلح بين الأمير شيخ والأمير نوروز 69
السلطان يرضى عن الأمير شيخ ويوليه نيابة الشام 70
الملك الناصر يخرج إلى الشام بعد علمه بعصيان شيخ. بعض نواب الشام ينضمون لشيخ وبعض أمراء السلطان يفارقونه على غزة متجهين إلى شيخ. جمال الدين الأستادار بخامر على السلطان الملك الناصر، ويبعث للأمراء المنشقين وللأمير شيخ(13/286)
بمال كثير، ويخذل السلطان ويشير عليه بالعود إلى مصر والسلطان لا يستجيب 77
الطاعون يتفشى فى بلاد حمص وطرابلس 80
الملك الناصر فرج يتعقب الأمراء المنشقين فى البلاد الشامية ويحاصر الأمير شيخا فى قلعة صرخد. الأمير تغرى بردى والد المؤلف يتوسط فى الصلح بين السلطان والأمير شيخ على أن يتولى شيخ نيابة طرابلس 80
عود الملك الناصر فرج إلى مصر 89
الأمير شيخ يدخل دمشق ويستولى عليها بعد فرار بكتمر جلق إلى مصر 89
القبض على جمال الدين يوسف الأستادار وأقاربه وحواشيه وأسباب ذلك 90
الملك الناصر فرج يرضى عن الأمير نوروز الحافظى ويوليه نيابة دمشق 97
الأمير شيخ المحمودى يسترضى السلطان الملك الناصر فرج والسلطان لا يلتفت إليه 97
قتل جمال الدين يوسف الأستادار 98
الأمير شيخ يقاتل الأمير نوروز الحافظى، ويهزم الأمير دمرداش المحمدى على حماة، ثم يكاتب السلطان مرة أخرى يسترضيه ويوقع بينه وبين الأمير نوروز 98
وقوع الصلح بين الأميرين شيخ المحمودى ونوروز الحافظى واتفاقهما على الوقوف فى وجه السلطان 100
السلطان الملك الناصر يتجهز للسفر إلى البلاد الشامية فى أول سنة 813 هـ وينفق فى الأمراء والمماليك نفقة السفر 101
الأمراء الذين سافروا مع السلطان إلى البلاد الشامية 102
سفر السلطان الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية 104
السلطان الملك الناصر فرج يكتب للأميرين شيخ ونوروز بالخروج من مملكته أو الصمود لحربه أو الرجوع إلى طاعته. الأمير شيخ يجيب بأنه باق فى طاعة السلطان 105
الأميران شيخ ونوروز يتوجهان بأتباعهما إلى مصر 106
الأميران يصلان إلى مصر فى ثامن رمضان سنة 813 هـ ويستوليان على مدرسة(13/287)
السلطان حسن ومدرسة السلطان الأشرف شعبان، ويحاصران القلعة 109
عسكر السلطان يصل إلى مصر ويهزم الأميرين شيخ ونوروز فيتجهان بمن معهما إلى الكرك 112
محاولة اغتيال الأمير شيخ المحمودى وإصابته بسهم غائر 115
السلطان الملك الناصر يغادر دمشق إلى الكرك ويحاصر بها الأمير شيخاو الأمير نوروز 116
عقد صلح بين السلطان والأميرين شيخ ونوروز 117
تولية الأمير تغرى بردى والد المؤلف نيابة الشام 118
رحيل السلطان الملك الناصر إلى البلاد المصرية 118
توجه كل من الأمير شيخ والأمير نوروز إلى محل كفالتهما 119
رفع الطاعون من دمشق وغيرها 122
الأميران شيخ ونوروز يخرجان من طاعة السلطان 122
السلطان الملك الناصر فرج يأمر بهدم مدرسة الملك الأشرف شعبان 123
القبض على فخر الدين بن أبى الفرج ووضعه تحت العقوبة 124
اكتشاف مؤامرة لاغتيال السلطان الملك الناصر 124
السلطان الملك الناصر فرج يتابع القبض على الأمراء مماليك أبيه وقتلهم 125
ابتداء مرض الموت بالأمير تغرى بردى والد المؤلف 127
السلطان يسافر إلى الإسكندرية ويقبض على مشايخ البحيرة غدرا 128
الأمير نوروز الحافظى يكتب إلى السلطان الملك الناصر بأنه فى طاعته ويشهد على ذلك أهل طرابلس 129
السلطان يتجهز للسفر إلى البلاد الشامية، وينفق فى المماليك نفقة السفر 130
السلطان يقتل بيده مطلقته خوند بنت صرق والأمير شهاب الدين أحمد ابن محمد ابن الطبلاوى 130
السلطان يطلق أخته خوند سارة من زوجها الأمير نوروز ويزوجها للأمير مقبل(13/288)
الرومى على كره منها 132
السلطان يغادر قلعة الجبل ببقية امرائه قاصدا البلاد الشامية فى استعداد لم يسبق له مثيل 133
تجاريد السلطان الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية 135
بعض أمراء السلطان ينضمون إلى الأمير شيخ المحمودى والأمير نوروز الحافظى 137
السلطان الملك الناصر فرج يستشير الأمير تغرى بردى والد المولف فيما يفعله مع الأمراء العصاة 138
السلطان الملك الناصر فرج يلاحق الأمراء المنشقين فى بلاد الشام 139
معركة اللجون وانتصار الأمراء المنشقين على السلطان، وتحوطهم على الخليفة المستعين بالله العباس 140
السلطان الملك الناصر فرج يتجه بعد هزيمته إلى دمشق 142
وفاة الأمير تغرى بردى نائب الشام ووالد المؤلف 142
السلطان الملك الناصر يستعد للقاء الأمراء فى دمشق، ويوزع الأموال ويحصن أسوار المدينة 143
الأمراء يحاصرون دمشق ويضيقون الخناق على الملك الناصر 145
الخليفة المستعين بالله العباس يعلن خلع السلطان الملك الناصر 146
الأمراء ينصبون الخليفة المستعين بالله العباس سلطانا على البلاد 147
مقتل السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق- أولاده من البنين والبنات- رأى المؤلف فيه- رأى المؤرخ تقي الدين المقريزى فيه 147
السنة الأولى من سلطنة الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر، وهى سنة 808 هـ 154
ترجمة تيمور لنك بمناسبة وفاته فى هذه السنة 160(13/289)
السنة الثانية من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر، وهى سنة 809 هـ 164
السنة الثالثة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر، وهى سنة 810 هـ 167
السنة الرابعة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر، وهى سنة 811 هـ 171
السنة الخامسة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر، وهى سنة 812 هـ 175
السنة السادسة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر، وهى سنة 813 هـ 178
السنة السابعة من ولاية الملك الناصر فرج بن برقوق الثانية على مصر، وهى سنة 814 هـ 183
ذكر سلطنة الخليفة المستعين بالله العباس على مصر- نسب الخليفة- كيف تمت سلطنته- تولية الأمير نوروز نيابة الشام- تولية الأمير شيخ أتابكية العساكر بالديار المصرية 189
الأمير شيخ المحمودى يعمل للاستقلال بالسلطة- السلطان يفوض إليه ما وراء سرير الخلافة 203
خلع الخليفة المستعين بالله العباس من السلطنة وتولية الأمير شيخ المحمودى السلطنة مكانه وتلقبه بالملك المؤيد 206
النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج 14، ص: 1
[الجزء الرابع عشر]
تراثنا النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة تأليف جمال الدين أبى المحاسن يوسف بن تغرى بردى الأتابكى الجزء الرابع عشر تحقيق الدكتور جمال محمد محرز الأستاذ فهيم محمد شلتوت الناشر الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر 1391 هـ- 1971 م
النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج 14، ص: 2
بسم الله الرّحمن الرّحيم
تقديم
هذا هو الجزء الرابع عشر من كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة لجمال الدين أبى المحاسن يوسف بن تغرى بردى.
وهذا الجزء يؤرخ للحقبة التى حكم فيها السلطان الملك المؤيد أبو النصر شيخ المحمودى وابنه السلطان الملك المظفر أحمد، ثم السلطان الملك الظاهر ططر وابنه السلطان الملك الصالح محمد بن ططر، ثم السلطان الملك الأشرف برسباى.
وإذا كان الجزء الثالث عشر قد أرخ للعالم العربى والأطراف الدائرة فى فلكه فى فترة غمرتها أحداث لم تشهد مصر وما والاها مثلها من قبل، كغزو تيمور لنك لسوريا سنة (802- 803 هـ) ، والصراع المحتدم بين السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق وكبار أمراء دولته، ذلك الصراع الذي انتهى بمقتل كثير من أمراء الدولة ثم مقتل السلطان نفسه، إلى الجدب العظيم الذي أصيبت به البلاد نتيجة لقصور فيضان النيل، إلى انتشار الطاعون فى البلاد، وانعكاس أثر ذلك كله على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعمرانية.
إذا كان هذا هو موضوع الجزء الثالث عشر فإن الجزء الرابع عشر يؤرخ لفترة من الاستقرار النسبى سادت البلاد العربية فانتعشت أحوالها وتفرغ بعض السلاطين إلى إقرار الأمور فى الأطراف، فجال المؤيد شيخ المحمودى فى بلاد الشام وما جاورها من بلاد الروم، وأدب عصاة التركمان، ومهد قلاع الثغور الإسلامية، وأكد ولاءها للدولة.
النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج 14، ص: 3
كذلك أرسل ابنه المقام الصارمى إبراهيم على رأس حملة مهدت الأمور فى القلاع الرومية، وقضى على العصاة من التركمان، ونشر هيبة الدولة فى الأقطار المجاورة.
كذلك فعل السلطان ططر- على قصر فترة حكمه- وأيضا فعل السلطان برسباى.
وخلفت هذه الفترة كثيرا من الآثار الشامخة التى تدل على استتباب أمور الدولة وتفرغ السلطان وكبار رجاله إلى التعمير والتشييد؛ من ذلك مسجد ومدرسة السلطان الملك المؤيد داخل باب زويلة الذي يقول المؤلف عنه: لم يبن فى الإسلام أكثر زخرفة منه بعد الجامع الأموى بدمشق، وكذلك مدرسة ومسجد الأشرف برسباى، وغيرهما من الآثار الشامخة التى أخنى عليها الدهر. مثل قبة البحرة بقلعة الجبل، وبيمارستان المؤيد شيخ، ومنظرة «الخمس وجوه» ومسجد جزيرة الروضة.
ولولا خروج بعض الأمراء من حكام البلاد الشامية والحلبية عن الطاعة، واضطرار السلطان لقتالهم، ولولا الطاعون العظيم الذي انتشر فى البلاد العربية وغيرها من الأقطار الإفريقية والأقطار الأوربية (سنة 833 هـ) والذي لم يشهد العالم مثله فى تلك الحقب، ولولا ما اتسم به عهد برسباى من تذمر المماليك السلطانية أو المماليك الأجلاب كما يطلق عليهم، وخروجهم عن الطاعة فى كل قليل وكثير، واعتدائهم على كبار رجال الدولة لكانت الفترة التى يؤرخ لها هذا الجزء من كتاب النجوم الزاهرة من أحسن الفترات التى مرت بالدولة الإسلامية.
وتتميز هذه الفترة بالانتصارات المتتابعة للدولة على الفرنج الذين دأبوا على مهاجمة الثغور الإسلامية، والاستيلاء على مراكب المسلمين وقوافل تجارتهم البحرية مما اضطر الملك الأشرف برسباى أن يعد الحملة تلو الحملة لتأديب قراصنة الفرنج، ثم يعد حملة كبيرة تشترك فيها الجيوش النظامية والمطوعة من المجاهدين إلى قبرس سنة 829 هـ فتنتصر انتصارا ساحقا على جيوش قبرس وجيوش الفرنج المساندة لها، وتعود بالغنائم والأسرى ومن بينهم ملك قبرس نفسه.
وقد أفرد المؤلف فصلا لغزوة قبرس حكى فيه أخبارها، وكيف تم انتصار الجيوش
النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج 14، ص: 4
الإسلامية فيها وكيف أسر الملك، ثم عودة الجيوش واستقبال الشعب العربى فى القاهرة لها، ومراسيم الدولة فى هذا الاستقبال، وحال ملك قبرس فى حضرة السلطان، وما انتهى إليه أمر الملك من الإفراج عنه ودخوله فى طاعة الدولة وتقرير خراج سنوى يدفع للسلطان.
ولقد كانت هذه الغزوة بمثابة فرض سلطة الدولة الإسلامية على جزر البحر المتوسط، ولذلك نرى ملك رودس يسارع فيطلب الأمان من السلطان ويطلب إعفاء بلاده من الغزو، ويتعهد بالقيام بكل ما يطلب منه.
وتترك هذه الانتصارات أثرها المرير بين أعداء الدولة الإسلامية، ليس لدى الفرنج وحدهم كما تعودنا ولكن لدى الحطى ملك الحبشة أيضا، مما يجعله يمهد لمؤامرة على الدولة الإسلامية فيرسل رسوله إلى ملوك الفرنج يستشيرهم ويؤلبهم على الدولة، ويرسم معهم خطة مهاجمتها من الشمال ومن الجنوب برا وبحرا، ولكن يقظة الدولة توقع برأس العمالة الذي يتمتع بنسبته للدولة الإسلامية، وتقدمه للمحاكمة ثم تعدمه جزاء غدره وخيانته «1» .
ويؤرخ هذا الجزء أيضا للأحداث التى وقعت فى اليمن سنة 832 هـ، وكذلك للأحداث التى وقعت فى المشرق (شمالى العراقين) والتى انتصرت فيها الحملة المصرية الشامية واستولت على الرها وغيرها من البلاد.
كذلك يؤرخ للحروب التى وقعت بين شاه رخ بن تيمور لنك، وبين إسكندر ابن قرايلك والتى انتهت بهزيمة إسكندر وفناء جيوشه وتشتته فى البلاد.
ومؤرخنا فى هذا الجزء يصف عن مشاهدة ويتحدث عن خبرة حديث القريب من الأحداث اللصيق بها؛ فهو مثلا يتحدث عن موقف طريف له فى طفولته مع السلطان الملك المؤيد شيخ فيقول «2» :
النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج 14، ص: 5
دخلت إليه مرة- وأنا فى الخامسة- فعلمنى- قبل دخولى إليه- بعض من كان معى أن أطلب منه خبزا، فلما جلست عنده وكلمنى سألته فى ذلك، فغمز من كان واقفا بين يديه- وأنا لا أدرى- فأتاه برغيف كبير من الخبز السلطانى، فأخذه بيده وناولنيه وقال: خذ هذا خبز كبير مليح، فأخذته من يده وألقيته إلى الأرض، وقلت:
أعط هذا للفقراء، أنا ما أريد إلا خبزا بفلاحين يأتوننى بالغنم والأوز والدجاج. فضحك حتى كاد أن يغشى عليه، وأعجبه منى ذلك إلى الغاية، وأمر لى بثلاثمائة دينار ووعدنى بما طلبته وزيادة.
وعلاقة مؤرخنا بسلاطين الدولة فى هذه الحقبة واتصاله بهم ومعيشته فى بلاطهم- حتى عد فى بعض الأوقات من ندمائهم- أتاحت له أن يطلع على كثير من الأمور وأن يعيش بعضهما وأن يسجلها فى تاريخه هذا وفى غيره، وأن يكون حديثه عنها وثيقة تاريخية لها قيمتها فى تحليل أحداث هذه الحقبة وتقويمها.
وتناوله لبعض آراء مؤرخى عصره، ومناقشته لهم، تبين إلى أى مدى كانت أحكامه صادقة وآراؤه سليمة.
فهو حين يناقش مؤرخ العصر الشيخ تقي الدين المقريزى حول رأيه فى الملك المؤيد شيخ وتقويمه له، يقول «1» : وكان يمكننى الرد على جميع ما قاله بحق غير أننى لست مندوبا إلى ذلك، فلهذا أضربت عن تسويد الورق وتضييع الزمان، والذي أعرفه أنا من حاله أنه كان سلطانا جليلا مهابا شجاعا عاقلا نقادا ... الخ.
وحين يناقشه أيضا فى ترجمته للسلطان الملك الظاهر ططر يقول «2» : هذا القول لا يقوله إلا من ليس له خبرة بقواعد السلاطين، ولا يعرف ما الملوك عليه بالكلية، ولولا أن المقريزى ذكر هذه المقالة فى عدة كتب من مصنفاته ما كنت أتعرض إلى جواب ذلك؛ فإن هذا شىء لا يشك فيه أحد، ولم يختلف فيه اثنان غير أنى أعذره
النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج 14، ص: 6
فيما نقل، فإنه كان بمعزل عن الدّولة، وينقل أخبار الأتراك عن الآحاد، فكان يقع له من هذا وأشباهه أوهام كثيرة نبّهته على كثير منها فأصلحها معتمدا على قولى، وها هى مصلوحة بخطه فى مظنات الأتراك وأسمائهم ووقائعهم.
وهو يناقش حافظ العصر شهاب الدين بن حجر فى نسبة السلطان الملك الأشرف برسباى بالدقماقى فيقول «1» : وسبب سياقنا لهذه الحكاية أن قاضى القضاة شهاب الدين ابن حجر- رحمه الله- نسبه أنه عتيق دقماق، وليس الأمر على ما نقله، وهو معذور فيما نقله لبعده عن معرفة اللغة التركية ومداخلة الأتراك، وقد اشتهر أيضا بالدقماقى فطن أنه عتيق دقماق، ولم يعلم نسبته بالدقماقى كما أن نسبة الوالد- رحمه الله بالبشبغاوى والمؤيد بالمحمودى ونوروز بالحافظى..... وقد وقفت على هذه المقالة فى حياته على خطه ولم أعلم أن الخط خطه فإنه كان (أى ابن حجر) رحمه الله يكتب ألوانا، وكتبت على حاشية الكتاب وبيّنت خطأه، وأنا أظن أن الخط خط ابن قاضى شهبة، وعاد الكتاب إلى أن وقع فى يد قاضى القضاة المذكور، فنظر إلى خطّى وعرفه واعترف بأنه وهم فى ذلك ... قلت: وعلى كل حال إن هذا الوهم هو أقرب للعقل من مقالة المقريزى فى الملك الظاهر ططر «إن الملك الناصر فرجا أعتقه بعد سنة ثمان فى سلطنته الثانية» . وأيضا أحسن مما قاله المقريزى فى حق الملك الأشرف برسباى هذا بعد وفاته فى تاريخه «السلوك» فى وفيات سنة إحدى وأربعين وثمانمائة ... الخ..
ومن هنا تجىء أهمية هذا الجزء وما يليه، ويأخذ مكانه الصحيح بين الكتب التى أرخت لهذه الحقبة.
هذا وقد تم تحقيق هذا الجزء على نسق الأجزاء السابقة منه والتى اضطلع بتحقيقها القسم الأدبى بدار الكتب، ورجع فى تحقيق الأحداث وتراجم الأعلام إلى المصادر
النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة، المقدمةج 14، ص: 7
المعتمدة والمطروقة فى هذا الميدان، وقوبل الجزء على مصورة مخطوطة «أيا صوفيا» المحفوظة بدار الكتب المصرية برقم 1343 تاريخ، وكذلك على طبعة كاليفورنيا التى حققها المستشرق وليم پوپر، وتركت لغة المؤلف وما فيها من تعبيرات عامية على حالها لتعطى صورة عن لغة العصر.
وإنا لنرجو أن نكون قد وفقنا، وأن يكون الجهد الذي بذلناه موضع القبول.
والله ولى التوفيق.
20 من شوال سنة 1391 7 من ديسمبر سنة 1971 المحققان
د جمال محمد محرز. فهيم محمد شلتوت(13/290)
بسم الله الرحمن الرحيم
[ما وقع من الحوادث سنة 815]
ذكر سلطنة الملك المؤيد شيخ المحمودى «1» على مصر
السلطان الملك المؤيّد أبو النصر سيف الدين شيخ بن عبد الله المحمودىّ الظّاهرىّ، وهو السلطان الثّامن والعشرون من ملوك التّرك بالدّيار المصريّة، والرابع من الچراكسة وأولادهم، أصله من مماليك الملك الظّاهر برقوق، اشتراه من أستاذه الخواجا محمود شاه البرزىّ فى سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، وبرقوق يوم ذاك أتابك «2» العساكر بالديار المصريّة قبل سلطنته بنحو السنتين، وكان عمر شيخ المذكور يوم اشتراه الملك الظاهر نحو اثنتى عشرة «3» سنة تخمينا، وجعله برقوق من جملة مماليكه، ثم أعتقه بعد سلطنته، ورقّاه إلى أن جعله خاصّكيّا «4» ثم ساقيا «5» فى سلطنته الثانية، وغضب عليه الملك الظاهر برقوق غير مرّة، وضربه ضربا مبرّحا؛ لانهما كه فى السّكر وعزّره وهو لا يرجع عمّا هو فيه، كلّ ذلك وهو فى رتبته وخصوصيّته عند أستاذه إلى أن أنعم عليه(14/1)
الملك الظاهر بإمرة عشرة «1» ، ثم نقله إلى طبلخاناه «2» ، ثم خلع عليه باستقراره أمير حاج المحمل فى سنة إحدى وثمانمائة، فسار بالحج وعاد وقد مات أستاذه الملك الظاهر برقوق، فأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف «3» بالديار المصريّة عوضا عن الأمير بجاس النّوروزىّ بحكم لزوم بجاس داره لكبر سنّه، ثم استقرّ بعد وقعة تنم الحسنى «4» فى سنة اثنتين وثمانمائة فى نيابة طرابلس عوضا عن يونس بلطا بحكم القبض عليه، فدام على نيابة طرابلس إلى أن أسر فى واقعة تيمور «5» مع من أسر من النوّاب، ثم أطلق وعاد إلى الدّيار المصريّة، وأقام بها مدّة ثم أعيد إلى نيابة طرابلس ثانيا، ثم نقل بعد مدّة إلى نيابة دمشق، ثم وقعت تلك الفتن وثارت الحروب بين الأمراء الظاهريّة، ثم بينهم وبين ابن أستاذهم الملك الناصر فرج، وقد مرّ ذكر ذلك كلّه مستوفيا فى ترجمة الملك الناصر وليس لذكره ههنا ثانيا محلّ، ولا زال شيخ المذكور يدبّر والأقدار تساعده إلى أن استولى على الملك بعد القبض على الملك الناصر فرج «6» وقتله.
وقدم إلى الديار المصرية وسكن الحرّاقة من باب السلسلة «7» ، وصار الخليفة(14/2)
المستعين بالله فى قبضته وتحت أوامره جتى أجمع الناس قاطبة على سلطنته، وأجمعوا على توليته.
فلمّا حان يوم الاثنين مستهلّ شعبان حضر القضاة وأعيان الأمراء وجميع العساكر وطلعوا إلى باب السّلسلة، وتقدّم قاضى القضاة جلال الدين البلقينىّ وبايعه بالسّلطنة، ثم قام الأمير شيخ من مجلسه ودخل مبيت الحرّاقة بباب السّلسلة، وخرج وعليه خلعة السّلطنة السوداء الخليفتى «1» على العادة، وركب فرس النّوبة بشعار السّلطنة، والأمراء وأرباب الدّولة مشاة بين يديه، والقبّة والطير «2» على رأسه حتى طلع إلى القلعة ونزل ودخل إلى القصر السّلطانى، وجلس على تخت الملك، وقبّلت الأمراء الأرض بين يديه، ودقت البشائر، ثم نودى بالقاهرة ومصر باسمه وسلطنته، وخلع «3» على القضاة والأمراء ومن له عادة فى ذلك اليوم، وتمّ أمره إلى يوم الاثنين ثامن شعبان جلس السّلطان الملك المؤيّد بدار العدل «4» وعمل الموكب على العادة، وخلع على الأمير يلبغا النّاصرىّ أمير مجلس «5» باستقراره أتابك العساكر بديار مصر عوضا عن الملك المؤيّد شيخ المذكور، ثم خلع على الأمير شاهين الأفرم باستمراره أمير سلاح «6» على عادته، وعلى الأمير قانى باى المحمدى باستقراره أمير(14/3)
آخور كبيرا «1» ، وكانت شاغرة من يوم أمسك الأمير أرغون من «2» بشبغا، وعلى الأمير طوغان الحسنىّ الدّوادار «3» الكبير باستمراره على عادته، وعلى الأمير سودون الأشقر رأس نوبة النّوب «4» باستمراره على عادته، وعلى الأمير إينال الصّصلانى حاجب الحجاب «5» باستمراره على وظيفته، ثم خلع على القضاة وعلى جميع أرباب الوظائف بأسرها. ثم خلع على الأمير طرباى الظاهرىّ بتوجهه إلى البلاذ الشامية «6» مبشّرا بسلطنته، فتوجّه إلى دمشق، وقبل وصوله إليها كان بلغ الأمير نوروز الحافظىّ الخبر، وأمسك جقمق الأرغون شاوىّ الدّوادار بعد قدومه من طرابلس إلى دمشق، فلما قدم طرباى على نوروز المذكور، وعرّفه بسلطنة الملك المؤيّد أنكر ذلك ولم يقبله ولا تحرّك من مجلسه ولا مسّ المرسوم الشّريف بيده، وأطلق لسانه فى حقّ الملك المؤيّد، وردّ الأمير طرباى إلى الديار المصرية بجواب خشن إلى الغاية، خاطب فيه الملك المؤيّد كما كان يخاطبه أوّلا قبل سلطنته من غير أن يعترف له بالسلطنة، وكان حضور طرباى إلى القاهرة عائدا إليها من دمشق فى يوم(14/4)
الثلاثاء أوّل شهر رمضان من سنة خمس عشرة وثمانمائة، وكان الذي قدم صحبة طرباى من عند الأمير نوروز إلى القاهرة الأمير بكتمر السّيفىّ تغرى بردى، أعنى أحد مماليك الوالد، وكان من جملة أمراء الطّبلخانات بدمشق، وكان قبل خروجه من دمشق أوصاه الأمير نوروز أنه لا يقبّل الأرض بين يدى الملك المؤيّد، فلما وصل إلى الديار المصريّة وحضر بين يدى السّلطان أمره أرباب الدّولة بتقبيل الأرض فأبى «1» وقال: مرسلى أمرنى بعدم تقبيل الأرض، فاستشاط الملك المؤيّد غضبا وكاد أن يأمر بضرب رقبته حتى شفع فيه من حضر من الأمراء، ثم قبّل الأرض.
ثمّ فى سابع عشر شهر رمضان المذكور أرسل الملك المؤيّد الشيخ شرف الدين ابن التّبّانى الحنفىّ رسولا إلى الأمير نوروز ليترضّاه، ويكلّمه فى الطّاعة له وعدم المخالفة، وسافر ابن التّبّانىّ إلى جهة الشام.
ثم فى تاسع شوّال أمسك السلطان الملك المؤيد شيخ الأمير سودون المحمدى المعروف بتلّى «2» أى مجنون، وقيّده وأرسله إلى سجن الإسكندرية، ثم أمسك فتح الله كاتب السّرّ «3» ، واحتاط على موجوده وصادره، فضرب فتح الله المذكور وعوقب أشدّ عقوبة حتى تقرّر عليه خمسون ألف دينار.
ثم فى ثالث عشر شوّال استقرّ القاضى ناصر الدين بن البارزىّ فى كتابه السّرّ الشريف بالديار المصرية عوضا عن فتح الله المذكور.
هذا، والأمير نوروز قد استدعى جميع النّوّاب بالبلاد الشاميّة فحضر إليه الأمير(14/5)
يشبك بن أزدمر نائب حلب، والأمير طوخ نائب طرابلس، والأمير قمش نائب حماة، وابن دلغادر، وتغرى بردى ابن أخى دمرداش «1» المدعو سيّدى الصّغير، فخرج الأمير نوروز إلى ملاقاتهم، والتقاهم وأكرمهم، وعاد بهم إلى دمشق، وجمع القضاة والأعيان، واستفتاهم فى سلطنة الملك المؤيّد وحبسه للخليفة وما أشبه ذلك، فلم يتكلّم أحد بشىء، وانفضّ المجلس بغير طائل.
وأنعم نوروز على النّوّاب المذكورين فى يوم واحد بأربعين ألف دينار، ثم رسم لهم بالتوجّه إلى محل ولاياتهم إلى أن يبعث يطلبهم.
وقدم عليه ابن التّبّاتى فمنعه من الاجتماع مع الناس، واحتفظ به بعد أن كلّمه فلم يؤثّر فيه الكلام، وأخذ الأمير نوروز فى تقوية أموره واستعداده لقتال الملك المؤيّد شيخ، وطلب التّركمان، وأكثر من استخدام المماليك وما أشبه ذلك.
وبلغ الملك المؤيّد شيخا ذلك فخلع فى ثالث ذى الحجة من السنة على الأمير قرقماس ابن أخى دمرداش المدعو سيّدى الكبير «2» باستقراره فى نيابة دمشق عوضا عن الأمير نوروز الحافظىّ، وعند خروجه قدم الخبر بمفارقة أخيه الأمير تغرى بردى سيّدى الصغير لنوروز وقدومه إلى صفد «3» داخلا فى طاعة الملك المؤيّد شيخ، وكانت صفد فى حكم الملك المؤيّد، فدقّت البشائر بالديار المصريّة لذلك.
وبينما الملك المؤيّد فى الاستعداد لقتال نوروز ثار عليه مرض المفاصل حتى لزم الفراش منه عدّة أيام وتعطّل فيها عن المواكب السلطانية.
[ما وقع من الحوادث سنة 816]
وأما قرقماس سيّدى الكبير فإنه وصل إلى غزّة وسار منها فى تاسع صفر وتوجّه(14/6)
إلى صفد واجتمع بأخيه تغرى بردى سيّدى الصغير، وخرج فى أثرهما الأمير ألطنبغا العثمانى نائب غزّة، والجميع متوجّهون لقتال الأمير نوروز- وقد خرج نوروز إلى جهة حلب- ليأخذوا دمشق فى غيبة الأمير نوروز، فبلغهم عود نوروز من حلب إلى دمشق، فأقاموا بالرّملة «1» .
ثمّ قدم على السلطان آقبغا بجواب الأمير دمرداش المحمدى ونوّاب القلاع بطاعتهم أجمعين للسلطان الملك المؤيّد، وصحبته أيضا قاصد الأمير عثمان بن طرعلى المعروف بقرايلك، فخلع السلطان عليهما، وكتب جوابهما بالشكر والثناء.
ثم فى أوّل شهر ربيع الآخر قبض السلطان على الأمير قصروه من تمراز الظاهرىّ، وقيّده وأرسله إلى سجن الإسكندرية، وشرع الأمير نوروز كلما أرسل إلى الملك المؤيّد كتابا يخاطبه فيه بمولانا، ويفتتحه بالإمامى المستعين، فيعظم ذلك على الملك المؤيّد إلى الغاية.
ولما بلغ نوروز قدوم قرقماس بمن معه إلى الرّملة سار لحربه، وخرج من دمشق بعساكره، فلما بلغ قرقماس وأخاه ذلك عادا بمن معهما إلى جهة الدّيار المصرية عجزا عن مقاومته حتى نزلا بالصالحية «2» .
وأما الملك المؤيّد فإنه لما كان رابع جمادى الأولى أوفى النيل ستة عشر ذراعا فركب الملك المؤيّد من قلعة الجبل، ونزل فى موكب عظيم حتى عدّى النيل وخلّق المقياس على العادة، وركب الحرّاقة «3» لفتح خليج السّد، فأنشده شاعره وأحد ندمائه الشيخ تقي الدين أبو بكر بن حجّة الحموى الحنفى يخاطبه: [الطويل](14/7)
أيا ملكا بالله أضحى مؤيّدا ... ومنتصبا فى ملكه نصب تمييز
كسرت بمسرى سدّ مصر وتنقضى ... - وحقّك- يوم الكسر أيّام نوروز «1»
فحسن ذلك ببال السلطان الملك المؤيّد إلى الغاية، ثم ركب الملك المؤيّد وعاد إلى القلعة، وأصبح أمسك الوزير ابن البشيرى، وناظر الخاص «2» ابن أبى شاكر، وخلع على الصاحب تاج الدين عبد الرزاق بن الهيصم باستقراره وزيرا عوضا عن [ابن] «3» البشيرى، فعاد تاج الدين إلى لبس الكتّاب، فإنه كان تزيّا بزىّ الجند لمّا استقرّ أستادارا «4» بعد مسك جمال الدين فى الدولة الناصرية، وتسلّم ابن البشيرىّ، وخلع على الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله ناظر الجيش باستقراره فى نظر الخاص عوضا عن ابن أبى شاكر، وخلع على علم الدين داود بن الكويز باستقراره ناظر الجيش «5» عوضا عن ابن نصر الله المذكور، ثم خلع السلطان على الأمير سودون الأشقر رأس نوبة النّوب باستقراره أمير مجلس، وكانت شاغرة عن الأمير يلبغا الناصرى، وخلع على الأمير جانى بك الصّوفىّ باستقراره رأس نوبة النّوب عوضا عن سودون الأشقر، وكان جانى بك الصّوفى قدم هو والأمير ألطنبغا العثمانى نائب(14/8)
غزّة، وتغرى بردى سيّدى الصغير، وأخوه قرقماس سيدى الكبير المتولّى نيابة دمشق، فأقام الأخوان- أعنى قرقماس وتغرى بردى- على قطيا «1» ، ودخل جانى بك الصّوفى و [ألطنبغا] «2» العثمانى إلى القاهرة.
ثم فى سادس عشر جمادى الأولى المذكور أشيع «3» بالقاهرة ركوب الأمير طوغان الحسنى الدوادار على السّلطان ومعه عدّة من الأمراء والمماليك السّلطانيّة، وكان طوغان قد اتّفق مع جماعة على ذلك، ولمّا كان اللّيل انتظر طوغان أن أحدا يأتيه ممّن اتّفق معه فلم يأته أحد حتى قرب الفجر وقد لبس السّلاح وألبس مماليكه، فعند ذلك قام وتسحّب فى مملوكين واختفى، وأصبح الناس يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الأولى والأسواق مغلقة والناس تترقّب وقوع فتنة، فنادى السلطان بالأمان، وأنّ من أحضر طوغان المذكور فله ما عليه مع خبز «4» فى الحلقة، ودام ذلك إلى ليلة الجمعة عشرينه فوجد «5» طوغان بمدينه مصر فأخذ وحمل إلى القلعة، وقيّد وأرسل إلى الإسكندرية صحبة الأمير طوغان أمير آخور الملك المؤيد.
ثم أصبح السلطان من الغد أمسك الأمير سودون الأشقر أمير مجلس والأمير كمشبغا العيساوىّ أمير شكار «6» ، وأحد مقدّمى الألوف، وقيّدا وحملا إلى(14/9)
الإسكندرية صحبة الأمير برسباى الدّقماقى، أعنى الملك الأشرف الآتى ذكره فى محله إن شاء الله تعالى.
ثم بعد يومين وسّط «1» السلطان أربعة، أحدهم الأمير مغلباى نائب القدس من جهة الأمير نوروز، وكان قرقماس سيّدى الكبير قد قبض عليه وأرسله مع اثنين أخر إلى السلطان، فوسّط السلطان الثلاثة وآخر من جهة طوغان الدّوادار.
ثم فى يوم الاثنين ثامن عشرينه أنعم السلطان بإقطاع «2» طوغان على الأمير إينال الصّصلانى، وأنعم بإقطاع سودون الأشقر على الأمير تنبك البجاسىّ نائب الكرك «3» - كان- ثم خلع على الصّصلانى باستقراره أمير مجلس عوضا عن سودون الأشقر أيضا وخلع على الأمير قجق أيضا باستقراره حاجب الحجّاب عوضا عن الصّصلانى، وخلع على شاهين الأفرم أمير سلاح خلعة الرّضى؛ لأنه كان اتّهم بممالأة طوغان، ثم خلع السلطان على مملوكه الأمير جانى بك الدّوادار الثانى وأحد أمراء الطّبلخانات باستقراره دوادارا كبيرا عوضا عن طوغان الحسنى، وخلع على الأمير جرباش كبّاشة باستقراره أمير جاندار «4» .
ثم فى يوم الاثنين سلخ جمادى الأولى خلع السلطان على فخر الدين عبد الغنى ابن الوزير تاج الدين عبد الرزاق بن أبى الفرج كاشف «5» الشرقية والغربية باستقراره أستادارا(14/10)
عوضا عن بدر الدين بن محب الدين، وخلع على بدر الدين المذكور باستقراره مشير الدولة «1» .
ثم فى يوم الأربعاء سادس شهر رجب قدم الأمير جار قطلو أتابك دمشق إلى الديار المصريّة»
فارّا من نوروز وداخلا فى طاعة الملك المؤيّد، فخلع عليه السلطان وأكرمه.
وفى ثامن شهر رجب كان مهمّ «3» الأمير صارم الدين إبراهيم ابن السلطان الملك المؤيد على بنت السلطان الملك الناصر فرج، وهى التى كان تزوّجها بكتمر جلّق فى حياة والدها.
ثم قدم الأمير ألطنبغا القرمشىّ الظاهرى نائب صفد إلى القاهرة فى ثامن عشر شهر رجب باستدعاء، وقد استقرّ عوضه فى نيابة صفد الأمير قرقماس «4» ابن أخى دمرداش، وعزل عن نيابة الشّام؛ كونه لم يتمكن من دحول دمشق لأجل الأمير نوروز الحافظىّ، وكان قرقماس المذكور من يوم ولى نيابة دمشق، وخرج من القاهرة ليتوجّه إلى الشام، صار يتردّد بين غزّة والرّملة، فلما طال عليه الأمر ولّاه الملك المؤيّد نيابة صفد، واستقرّ أخوه تغرى بردى سيدى الصغير فى نيابة غزّة عوضا عن ألطنبغا العثمانى، وعند ما دخل قرقماس إلى صفد قصده الأمير نوروز، فأراد قرقماس أن يطلع إلى قلعة صفد مع أخيه تغرى بردى فلم يتمكن منها هو ولا أخوه، فعاد إلى الرّملة، ولا زال قرقماس بالرّملة إلى أن طال عليه الأمر قصد القاهرة حتى دخلها فى يوم ثامن عشر شعبان، فأكرمه السلطان وأنعم عليه، وأقام أخوه(14/11)
تغرى بردى على قطيا، وهذا كان دأبهم أنهم الثلاثة لا تجتمع عند ملك: أعنى دمرداش وأولاد أخيه قرقماس وتغرى بردى، فدام قرقماس بديار مصر وهو آمن على نفسه كون عمه الأمير دمرداش المحمدى فى البلاد الحلبيّة.
وأما أمر دمرداش المذكور فإنه لما أخذ حلب قصده الأمير نوروز فى أوّل صفر وسار من دمشق بعساكره حتى نزل حماة فى تاسع صفر، فلما بلغ دمرداش ذلك خرج من حلب فى حادى عشر صفر ومعه الأمير بردبك أتابك حلب والأمير شاهين الأيد كارى حاجب حجّاب حلب، والأمير أردبغا الرشيدى، والأمير جربغا، وغيرهم من عساكر حلب، ونزل دمرداش بهم على العمق «1» ، فحضر إليه الأمير كردى بن كندر «2» وأخوه عمر وأولاد أوزر، ودخل الأمير نوروز إلى حلب فى ثالث عشر صفر بعد ما تلقّاه الأمير آقبغا چركس نائب القلعة بالمفاتيح.
فولّى نوروز الأمير طوخا نيابة حلب عوضا عن يشبك بن أزدمر برغبة يشبك عنها لأمر اقتضى ذلك، وولّى الأمير يشبك الساقى الأعرج نيابة قلعة حلب، وولّى عمر بن الهيدبانى حجوبيّة حلب، وولّى الأمير قمش «3» نيابة طرابلس.
ثم خرج نوروز من حلب فى تاسع عشر صفر عائدا إلى نحو دمشق، ومعه الأمير يشبك بن أزدمر، فقدم دمشق فى سادس عشرين صفر المذكور، وبعد خروج نوروز من حلب قصدها الأمير دمرداش المقدم ذكره حتى نزل على بانقوسا «4» فى يوم سادس عشرين صفر أيضا، فخرج إليه(14/12)
طوخ بمن معه من أصحاب نوروز وقاتلوه قتالا شديدا إلى ليلة ثامن عشرين صفر قدم عليه الخبر بأن الأمير عجل بن نعير قد أقبل لمحاربته نصرة للأمير نوروز فلم يثبت دمرداش لعجزه عن مقاومته، ورحل بمن معه من ليلته إلى العمق، ثم سار إلى أعزاز «1» فأقام بها.
فلما كان عاشر شهر ربيع الأوّل بعث طوخ نائب حلب عسكرا إلى سرمين «2» وبها آقبلاط دوادار دمرداش المذكور فكبسوه، فثار عليهم هو وشاهين الأيد كارى ومن معهما من التّراكمين وقاتلوهم وأسروا منهم جماعة كثيرة وبعثوا بهم إلى الأمير دمرداش، فسجن دمرداش أعيانهم فى قلعة بغراس «3» وجدع أنا فى أكثرهم، وأطلقهم عراة، وقتل بعضهم.
فلما بلغ طوخ الخبر ركب من حلب ومعه الأمير قمش نائب طرابلس وسار إلى تلّ باشر «4» وقد نزل عليه العجل بن نعير «5» ، فسأله طوخ أن يسير معهما لحرب دمرداش، فأنعم «6» بذلك ثم تأخر عنهما قليلا، فبلغهما أنّه اتّفق مع دمرداش على مسكهما، فاستعدّا له وترقّباه حتى ركب إليهما فى نفر قليل ونزل عندهما ودعاهما إلى ضيافته وألحّ عليهما فى ذلك، فثارا به ومعهم جماعة من أصحابهما فقتلوه بسيوفهم فى رابع عشرين شهر ربيع الأول، ودخلا من فورهما عائدين إلى حلب، وكتبا بالخبر(14/13)
إلى «1» نوروز وطلبا منه نجدة؛ فإن حسين بن «2» نعير قد جمع العرب ونزل على دمرداش فسار به دمرداش إلى حلب وحصرها، وصعد طوخ وقمش إلى قلعة حلب واشتدّ القتال بينهم إلى أن انهزم دمرداش وعاد إلى جهة العمق، وشاور أصحابه فيما يفعل وتحيّر فى أمره بين أن ينتمى إلى نوروز ويصير معه على رأيه- وكان قد بعث إليه بألف دينار ودعاه إليه- وبين أن يقدم على السلطان الملك المؤيّد شيخ، فأشار عليه جلّ أصحابه بالانتماء إلى نوروز إلا آق بلاط دواداره فإنه أشار عليه بالقدوم على السلطان، فسأله دمرداش عن ابن أخيه قرقماس وعن تغرى بردى فقال: قرقماس فى صفد وتغرى بردى فى غزّة، وكان ذلك بدسيسة دسّها الملك المؤيد لآق بلاط المذكور، فمال عند ذلك دمرداش إلى كلامه، وركب البحر حتى خرج من الطينة «3» وقدم إلى القاهرة «4» فى أوّل شهر رمضان، فأكرمه السلطان وخلع عليه.
ولما قدم دمرداش إلى القاهرة وجد قرقماس بها وتغرى بردى بالصّالحية، فندم على قدومه وقال لابن أخيه قرقماس: ما هذه العملة؟ أنت تقول إنك بصفد فألقاك بمصر، فقال قرقماس: ومن أيش تتخوف ياعم؟ هذا يمكنه القبض علينا ومثل نوروز يخاصمه؟! إذا أمسكنا بمن يلقى نوروز ويقاتله؟ والله ما أظنك إلّا قد كبرت ولم يبق فيك بقيّة إلّا لتعبئة العساكر لاغير، فقال له دمرداش: سوف ننظر، واستمرّ دمرداش وقرقماس بالقاهرة إلى يوم سابع شهر رمضان المذكور عيّن السلطان جماعة من الأمراء لكبس عربان الشّرقيّة، وهم: سودون القاضى، وقجقار القردمىّ، وآقبردى المنقار المؤيّدى رأس نوبة، ويشبك المؤيّدى شادّ الشّراب خاناه «5» ، وأسرّ إليهم(14/14)
السلطان فى الباطن بالتوجّه إلى تغرى بردى المدعو سيّدى الصغير ابن أخى دمرداش، والقبض عليه، وحمله مقيّدا إلى القاهرة، وكان تغرى بردى المذكور نازلا بالصّالحية، فساروا فى ليلة السبت ثامنه، وأصبح السلطان فى آخر يوم السبت المذكور استدعى الأمراء للفطر عنده، ومدّ لهم سماطا عظيما، فأكلوا منه وتباسطوا، فلمّا رفع السّماط قام السلطان من مجلسه إلى داخل، وأمر بالقبض على دمرداش المحمدى وعلى ابن أخيه قرقماس وقيّدهما «1» وبعثهما من ليلته إلى الإسكندرية فسجنا بها، وبعد يوم حضر الأمراء ومعهم تغرى بردى سيّدى الصغير مقيّدا «2» ، وكان الملك يكرهه؛ فإنه لم يزل فى أيام عصيانه مباينا له، فحبسه بالبرج بقلعة الجبل، ثم سجد المؤيد لله شكرا الذي ظفّره بهؤلاء الثلاثة الذين كان الملك الناصر [فرج «3» ] عجز عنهم، ثم قال: الآن بقيت سلطانا.
وبقى تغرى بردى المذكور مسجونا بالبرج إلى أن قتل ذبحا فى ليلة عيد الفطر، وقطعت رأسه وعلّقت على الميدان.
ثم خلع السلطان على الأمير قانى باى المحمدى الأمير آخور باستقراره فى نيابة دمشق عوضا عن نوروز الحافظىّ، وخلع على الأمير ألطنبغا القرمشىّ المعزول عن نيابة صفد باستقراره أمير آخور كبيرا عوضا عن قانى باى المذكور، وخلع على الأمير إينال الصّصلانى أمير مجلس باستقراره فى نيابة حلب، وخلع على الأمير سودون قراصقل باستقراره فى نيابة غزّة عوضا عن تغرى بردى سيّدى الصغير.
ثم خلع السلطان على قاضى القضاة ناصر الدين محمد بن العديم الحنفى بعوده إلى قضاء القضاة بالديار المصريّة بعد موت قاضى القضاة صدر الدين على بن الأدمىّ الدّمشقى.(14/15)
ثم فى ثامن شوال خلع السلطان على بدر الدين بن محب الدين المشير باستقراره فى نيابة الإسكندرية بعد عزل خليل التّبريزىّ «1» الدّشارىّ.
ثم عدّى السلطان- فى يوم الخميس ثالث ذى القعدة- إلى برّ الجيزة إلى وسيم «2» حيث مربط خيوله، وأقام به إلى يوم الاثنين حادى عشرينه، وطلع إلى القلعة ونصب جاليش «3» السفر «4» على الطّبلخاناه السلطانية؛ ليتوجّه السلطان لقتال نوروز، وأخذ السلطان فى الاستعداد هو وأمراؤه وعساكره حتى خرج فى آخر ذى القعدة الأمير إينال الصّصلانى نائب حلب وسودون قراصقل «5» نائب غزّة إلى الرّيدانيّة «6» خارج القاهرة، ثم خرج الأمير قانى باى المحمدى نائب الشام فى يوم الخميس سادس عشر ذى الحجّة ونزل أيضا بالرّيدانيّة.
وفى يوم الخميس المذكور خلع المستعين بالله العباس من الخلافة واستقرّ فيها أخوه المعتضد داود، وقد تقدّم ذكر ذلك فى ترجمة المستعين المذكور «7» .
ثم شرع السلطان فى النّفقة على المماليك السلطانية لكل واحد مائة دينار ناصرية «8» ، ثم رحل قانى باى نائب الشام من الرّيدانيّة.(14/16)
وفى ثامن عشرينه غضب السلطان على الوزير تاج الدين عبد الرّزّاق بن الهيصم، وضربه وبالغ فى إهانته، ثم رضى عنه وخلع عليه خلعة الرّضى. ثم فى سابع عشرينه نصب خام «1» السلطان بالرّيدانية.
قال المقريزى رحمه الله: وفى هذا الشهر قدم الأمير فخر الدين بن أبى الفرج من بلاد الصعيد فى ثالث عشرينه، بخيل وجمال وأبقار وأغنام كثيرة جدا، وقد جمع المال من الذّهب وحلىّ النّساء وغير ذلك من العبيد والإماء والحرائر اللاتى استرقّهن، ثم وهب منهنّ وباع باقيهنّ؛ وذلك أنه عمل فى بلاد الصعيد كما يعمل رءوس المناسر «2» إذا هم هجموا ليلا على القرية؛ فإنه كان ينزل ليلا بالبلد فينهب جميع ما فيها من غلال وحيوان، وسلب النساء حليّهن وكسوتهن بحيث لا يسير عنها لغيرها حتى يتركها عريانة، فخربت- بهذا الفعل- بلاد الصّعيد تخريبا يخشى من سوء عاقبته، فلمّا قدم إلى القاهرة شرع فى رمى «3» الأصناف المذكورة على الناس من أهل المدينة وسكّان الرّيف وذلك بأغلى الأثمان، ويحتاج من ابتلى بشىء من ذلك أن يتكلف لأعوانه من الرّسل ونحوهم شيئا كثيرا- انتهى كلام المقريزى.
[ما وقع من الحوادث سنة 817]
ثم إن السلطان الملك للؤيّد لما كان يوم الاثنين رابع محرم سنة سبع عشرة وثمانمائة ركب من قلعة الجبل بأمرائه وعساكره بعد طلوع الفجر، وسار حتى نزل بمخيّمه من الرّيدانيّة خارج القاهرة من غير تطليب «4» . ثم خرجت الأطلاب والعساكر فى أثناء النهار بعد أن خلع على الأمير ألطنبغا العثمانى بنيابة الغيبة «5» ، وأنزله بباب(14/17)
السّلسلة، وجعل بقلعة الجبل بردبك قصقا، وجعل بباب السّتارة «1» من قلعة الجبل الأمير صوماى الحسنىّ، وجعل الحكم بين الناس للأمير قجق الشّعبانىّ حاجب الحجّاب. ثم رحل الأمير يلبغا النّاصرىّ أتابك العساكر جاليشا «2» بمن معه من الأمراء فى يوم الجمعة ثامنه، ثم استقلّ السلطان ببقيّة عساكره من الرّيدانيّة فى يوم السبت تاسعه، وسار حتى نزل بغزّة فى يوم الثلاثاء تاسع عشر المحرّم، وأقام بها أيّاما إلى أن رحل منها فى تاسع عشرينه، وسار على هينته «3» حتى نزل على قبّة يلبغا «4» خارج دمشق فى يوم الأحد ثامن صفر من سنة سبع عشرة المذكورة، ولم يخرج نوروز لقتاله، فحمد الله- المؤيد- على ذلك، وعلم ضعف أمره؛ فإنّه لو كان فيه قوة كان التقاه من أثناء طريقه.
وكان سير الملك المؤيّد على هينته حتى يبلغ نوروز خبره ويطلع إليه فيلقاه فى الفلا، فلما تأخر نوروز عن الطلوع اطمأنّ الملك المؤيد لذلك وقوى بأسه، غير أن نوروز حصّن مدينة دمشق وقلعتها وتهيّأ لقتاله، فأقام السلطان بقبّة يلبغا أيّاما، ثم رحل منها ونزل بطرف القبيبات «5» ، وكان السلطان فى طول طريقه إلى دمشق يطلب موقّعى «6» أكابر أمرائه خفية ويأمرهم أن يكتبوا على لسان مخاديمهم إلى نوروز أنّنا بأجمعنا معك، وغرضنا كلّه عندك، ويكثر من الوقيعة فى الملك المؤيد ثم يقول فى الكتاب وإنّك لا تخرج من دمشق وأقم مكانك فإننا جميعا نفرّ من المؤيد ونأتيك(14/18)
ثم يضع من نفسه ويرفع أمر نوروز ويعد محاسنه ويذكر مساوئ نفسه، فمشى ذلك على نوروز وانخدع له، مع ما كان حسّن له أيضا بعض أصحابه فى عدم الخروج والقتال، أرادوا بذلك ضجر الملك المؤيد وعوده إلى الديار المصرية بغير طائل حتى يستفحل أمرهم بعوده، فكان مراد الله غير ما أرادوا.
ثم أرسل السلطان الملك المؤيد قاضى القضاة مجد الدين سالم الحنبلى إلى الأمير نوروز فى طلب الصّلح فامتنع نوروز من ذلك وأبى إلّا الحرب والقتال، وكان ذلك أيضا خديعة من الملك المؤيد، وعندما نزل الملك المؤيّد بطرف القبيبات خرج إليه عساكر نوروز فندب إليهم السلطان جماعة كبيرة من عسكره فخرجوا إليهم وقاتلوهم قتالا شديدا، فانكسر عسكر نوروز وعاد إلى دمشق، فركب نوروز فى الحال وطلع «1» إلى قلعة دمشق وامتنع بها، فركب الملك المؤيد فى سادس عشرينه ونزّل بالميدان يحاصر قلعة دمشق.
ولما قيل للمؤيد إن نوروز طلع إلى قلعة دمشق لم يحمل الناقل له على الصّدق، وأرسل من يثق به فعاد عليه الخبر بطلوعه إليها، فعند ذلك تعجّب غاية العجب، فسأله بعض خواصّه عن ذلك فقال: ما كنت أظن أن نوروز يطلع القلعة وينحصر فيها أبدا؛ لما سمعته منه لمّا دخل الملك الناصر إلى قلعة دمشق، وهو أنه لمّا بلغنا أن الناصر دخل إلى قلعة دمشق قال نوروز: ظفرنا به وعزّة الله، فقلت: وكيف ذلك؟
فقال: الشخص لا يدخل القلعة ويمتنع بها إلا إذا كان خلفه نجدة، أو أخصامه لا يمكنهم محاصرته إلا مدّة يسيرة ثم يرحلون عنه، وهذا ليس له نجدة، ونحن لو أقمنا على حصاره سنين لا نذهب إلا به فهو مأخوذ لا محالة، فبقى هذا الكلام فى ذهنى، وتحققت أنه متى حصل له خلل توجّه إلى بلاد التّركمان ويتعبنى أمره لعلمى به أنه لا يدخل إلى القلعة- بعد ما سمعت منه ذلك- أبدا، فأتاه ما قاله فى حقّ الناصر، وحسن بباله الامتناع بالقلعة حتى طلعها، فلهذا تعجّبت.(14/19)
وأخذ المؤيد فى محاصرته، واستدام الحرب بينهم أيّاما كثيرة فى كل يوم حتى قتل من الطائفتين خلائق، فلمّا طال الأمر فى القتال أخذ أمر الأمير نوروز فى إدبار، وصار أمر الملك المؤيد فى استظهار.
فلمّا وقع ذلك وطال القتال على النّوروزيّة سئموا من القتال وشرعوا يسمعون نوروز الكلام الخشن، وهدمت المؤيديّة طارمة «1» دمشق، كلّ ذلك والقتال عمّال فى كل يوم ليلا ونهارا والرّمى مستدام من القلعة بالمناجيق ومكاحل النّفط، وطال الأمر على الأمير نوروز حتى أرسل الأمير قمش إلى الملك المؤيد فى طلب الصّلح، وتردّدت الرسل بينهم غير مرّة حتى أنبرم الصّلح بينهم بعد أن حلف الملك المؤيّد لنوروز بالأيمان المغلّظة، وكان الذي تولى تحليف الملك المؤيد كاتب سرّه القاضى ناصر الدين محمد بن البارزىّ.
حكى لى القاضى كمال الدين ابن القاضى ناصر الدين محمد بن البارزىّ كاتب السّرّ الشّريف من لفظه- رحمه الله- قال: قال الوالد لمّا أخذت فى تحليف الملك المؤيد بحضرة رسل الأمير نوروز والقضاة قد حضروا أيضا، فشرعت ألحن فى اليمين عامدا فى عدّة كلمات حتى خرج معنى اليمين عن مقصود نوروز فالتفت القاضى ناصر الدين محمد بن العديم الحنفىّ- وكان فيه خفّة- وقال للقاضى الشافعى: كأنّ القاضى ناصر الدين بن البارزىّ ليس له ممارسة بالعربية والنّحو فإنّه يلحن لحنّا فاحشا، فسكّته البلقينىّ لوقته.
قلت: وكان هذا اليمين بحضرة جماعة من فقهاء التّرك من أصحاب نوروز فلم يفطن أحد منهم لذلك لعدم ممارستهم لهذه العلوم، وإنّما جلّ مقصود الواحد منهم [أن] «2» يقرأ مقدمة فى الفقه ويحلّها على شيخ من الفقهاء أهل الفروع، فعند ذلك يقول: أنا(14/20)
صرت فقيها، وليته يسكت بعد ذلك، ولكنه يعيب أيضا على ما عدا الفقه من العلوم، فهذا هو الجهل بعينه- انتهى.
ثم عادت رسل نوروز إليه بصورة الحلف، فقرأه عليه بعض من عنده من الفقهاء من تلك المقولة، وعرّفه أن هذا اليمين ما بعده شىء، فاطمأنّ لذلك، ونزل من قلعة دمشق بمن معه من الأمراء والأعيان فى يوم حادى عشرين ربيع الآخر بعد ما قاتل الملك المؤيّد نحوا من خمسة وعشرين يوما أو أزيد، ومشى حتّى دخل على الملك المؤيد، فلما رآه المؤيد قام له، فعند ذلك قبّل نوروز الأرض وأراد أن يقبّل يده فمنعه الملك المؤيد من ذلك، وقعد الأمير نوروز بإزائه، وتحته أصحابه من الأمراء، وهم: الأمير يشبك بن أزدمر، وطوخ، وقمش، وبرسبغا، وإينال الرّجبىّ وغيرهم، والمجلس مشحون بالقضاة «1» والفقهاء والعساكر السلطانية، فقال القضاة: والله هذا يوم مبارك بالصّلح وبحقن الدّماء بين المسلمين، فقال القاضى ناصر الدين بن البارزىّ كاتب السّرّ:
نهار مبارك لو تمّ ذلك، فقال الملك المؤيّد: وكيف «2» لا يتمّ وقد حلفنا له وحلف لنا؟
فقال القاضى ناصر الدين للقضاة: يا قضاة، هل صحّ يمين السلطان؟ فقال قاضى القضاة جلال الدين البلقينى: لا والله لم يصادف غرض المحلف، فعند ذلك أمر الملك المؤيد بالقبض على الأمير نوروز ورفقته، فقبض فى الحال على الجميع، وقيّدوا وسجنوا بمكان من الإسطبل إلى أن قتل الأمير نوروز من ليلته، وحملت رأسه إلى الديار المصرية على يد الأمير جرباش، فوصلت القاهرة فى يوم الخميس مستهلّ جمادى الأولى، وعلّقت على باب زويلة، ودقّت البشائر، وزيّنت القاهرة لذلك.
ثم أخذ الملك المؤيّد فى إصلاح أمر مدينة دمشق، ومهدّ أحوالها، ثم خرج منها فى ثامن جمادى الأولى يريد حلب حتى قدمها بعساكره، وأقام بها إلى آخر الشهر(14/21)
المذكور، ثم سار منها فى أول جمادى الآخرة إلى أبلستين «1» ، ودخل إلى ملطية «2» واستناب بها الأمير كزل، ثم عاد إلى حلب، وخلع على نائبها الأمير إينال الصّصلانى باستمراره، ثم خلع على الأمير تنبك البجاسىّ باستقراره فى نيابة حماة، وعلى الأمير سودون من عبد الرحمن باستقراره فى نيابة طرابلس، وعلى الأمير جانى بك الحمزاوى بنيابة قلعة الرّوم «3» بعد ما قتل نائبها الأمير طوغان.
ثم خرج السلطان من حلب، وعاد إلى دمشق، فقدمها فى ثالث شهر رجب، وخلع على نائبها الأمير قانى باى المحمدى باستمراره، ثم خرج السلطان من دمشق بأمرائه وعساكره فى أول شعبان بعد ما مهدّ أمور البلاد الشاميّة، ووطّن «4» التّركمان والعربان وخلع عليهم، وسار حتى دخل القدس فى ثانى عشر شعبان فزاره، ثم خرج منه وتوجّه إلى غزّة حتى قدمها، وخلع على الأمير طرباى الظّاهرى بنيابة غزّة، ثم خرج منها عائدا إلى الدّيار المصرية حتى نزل على خانقاه سرياقوس «5» يوم الخميس رابع عشرين شعبان، فأقام هناك بقيّة الشهر، وعمل بها أوقاتا طيّبة، وأنعم فيها على الفقهاء والصّوفية بمال جزيل، وكان يحضر السّماع بنفسه، وتقوم الصّوفيّة تتراقص وتتواجد بين يديه، والقوّال يقول وهو يسمعه ويكرّر منه ما يعجبه من الأشعار الرقيقة، ودخل حمّام الخانقاه المذكورة غير مرّة، وخرج الناس لتلقّيه إلى خانقاه سرياقوس المذكورة حتى صار طريقها فى تلك الأيام كالشّارع الأعظم «6» ؛ لممرّ الناس فيه ليلا ونهارا.(14/22)
ودام السلطان هناك إلى يوم سلخ شعبان ركب من الخانقاه بخواصّه، وسار حتى نزل بالرّيدانية تجاه مسجد التّبن «1» ، وبات حتى أصبح فى يوم الخميس أول شهر رمضان ركب وسار إلى القلعة حتى طلع إليها، فكان لقدومه القاهرة يوما مشهودا، ودقت البشائر لوصوله.
وعندما استقرّ به الجلوس انتقض عليه ألم رجليه من ضربان المفاصل، ولزم الفراش وانقطع بداخل الدّور السلطانية من القلعة، ثم أخرج السلطان فى ثامن شهر رمضان الأمير جرباش كبّشة بطّالا إلى القدس الشريف، ورسم أيضا بإخراج الأمير أرغون من بشبغا أمير آخور- كان- فى الدولة الناصرية إلى القدس بطالا، ثم خلع السلطان على الأمير ألطنبغا العثمانى باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية بعد موت الأمير يلبغا الناصرى.
ثم نصل السلطان من مرضه، وركب من قلعة الجبل يوم عاشر شهر رمضان، وشقّ القاهرة، ثم عاد إلى القلعة، ورسم بهدم الزّينة- وكان ركوبه لرؤيتها- فهدمت.
ثم فى ثانى عشرة أمسك الأمير قجق الشّعبانى حاجب الحجاب، والأمير بيبغا المظفّرى، والأمير تمان تمر أرق، وقيّدوا وحملوا إلى ثغر الإسكندرية فحبسوا بها، والثلاثة جنسهم تتر، ومسفّرهم الأمير صوماى الحسنىّ، وبعد أن توجّه بهم صوماى المذكور إلى الإسكندرية كتب باستقراره فى نيابتها، وعزل بدر الدين بن محب الدين عنها.
ثم خلع السلطان على سودون القاضى باستقراره حاجب الحجّاب بديار مصر عوضا(14/23)
عن قجق الشعبانى، وعلى الأمير قجقار القردمىّ باستقراره أمير مجلس عوضا عن بيبغا المظفّرى، وعلى الأمير جانى بك الصّوفى رأس نوبة النّوب باستقراره أمير سلاح بعد موت شاهين الأفرم، وخلع على الأمير كزل العجمى حاجب الحجاب- كان- فى دولة الملك الناصر باستقراره أمير جاندار عوضا عن الأمير جرباش كبّاشة، ثم خلع على الأمير تنبك العلائى الظاهرى المعروف ميق باستقراره رأس نوبة النّوب عوضا عن جانى بك الصوفى، وخلع على الأمير آقباى المؤيدى الخازندار باستقراره دوادارا كبيرا بعد موت الأمير جانى بك المؤيدى.
ثم أعيد ابن محب الدين المعزول عن نيابة الإسكندرية إلى وظيفة الأستادارية فى يوم الاثنين سادس عشرين شهر رمضان بعد فرار فخر الدين عبد الغنى بن أبى الفرج إلى بغداد.
وخبر فخر الدين المذكور أنه لما خرج من الديار المصرية إلى البلاد الشامية صحبة السّلطان، ووصل إلى حماة داخله الخوف من السلطان فهرب فى أوائل شهر رجب إلى جهة بغداد، فسدّ ناظر ديوان المفرد «1» تقىّ الدين عبد الوهاب بن أبى شاكر الأستادارية فى هذه المدّة إلى أن ولى ابن محبّ الدين.
وفى شهر رمضان المذكور أفرج السلطان عن الأمير كمشبغا العيساوىّ من سجن الإسكندرية، وقدم القاهرة، ونقل الأمير سودون الأسندمرىّ والأمير قصروه من تمزاز، والأمير شاهين الزّرد كاش والأمير كمشبغا الفيسىّ إلى ثغر دمياط.
وفى أواخر ذى الحجّة قدم مبشّر الحاج وأخبر بأن الأمير جقمق «2» الأرغون شاوىّ الدّوادار الثانى أمير الحاج وقع بينه وبين أشراف مكّة وقعة فى خامس ذى الحجة، وخبر ذلك أن جقمق المذكور ضرب أحد عبيد مكة وحبسه؛ لكون أنه حمل السلاح(14/24)
فى الحرم الشريف، وكان قد منع من ذلك، فثارت بسبب ذلك فتنة انتهك فيها حرمة المسجد الحرام، ودخلت الخيل إليه عليها المقاتلة من قوّاد مكة لحرب الأمير جقمق، وأدخل جقمق أيضا خيله إلى المسجد [الحرام] «1» فباتت به وأوقدت مشاعله بالحرم، وأمر بتسمير أبواب الحرم فسمّرت كلّها إلا ثلاثة أبواب ليمتنع من يأتيه، فمشت الناس بينهم فى الصّلح، وأطلق جقمق المضروب فسكتت الفتنة من الغد بعد ما قتل جماعة، ولم يحج أكثر أهل مكة فى هذه السنة من الخوف.
ثم قدم الخبر أيضا على الملك المؤيد فى هذا الشهر بأن الأمير يغمور بن بهادر الدكرىّ مات هو وولده فى يوم واحد بالطاعون فى أول ذى القعدة، وأن قرا يوسف ابن قرا محمد صاحب العراق انعقد بينه وبين القان شاه رخّ بن تمرلنك «2» صلح، وتصاهرا، فشقّ ذلك على الملك المؤيد.
[ما وقع من الحوادث سنة 818]
وفى أثناء ذلك قدم عليه الخبر بأن الأمير محمد بن عثمان صاحب الرّوم كانت بينه وبين محمد بك بن قرمان وقعة عظيمة انهزم فيها ابن قرمان ونجا بنفسه، كل ذلك والسلطان فى سرحة البحيرة بترّوجة «3» إلى أن قدم إلى الديار المصرية فى يوم الخميس ثانى المحرم من سنة ثمانى عشرة وثمانمائة بعد ما قرّر على من قابله من مشايخ البحيرة أربعين ألف دينار، وكانت مدّة غيبة السلطان بالبحيرة ستّين يوما.
ثم فى عاشر المحرم أفرج السلطان عن الأمير بيبغا المظفرى أمير مجلس، وتمان تمر أرق اليوسفى من سجن الإسكندرية.
ثم قدم كتاب فخر الدين بن أبى الفرج من بغداد أن يقيم بالمدرسة المستنصرية، وسأل(14/25)
العفو عنه فأجيب إلى ذلك، وكتب له أمان، ثم أمر السلطان بقتل الأمراء الذين بسجن الإسكندرية، فقتلوا بأجمعهم فى يوم السبت ثامن عشر المحرم، وهم: الأتابك دمرداش المحمدى بعد أن قتل ابن أخيه قرقماس بمدّة، والأمير طوغان الحسنى الدّوادار، والأمير سودون تلّى المحمدى، والأمير أسنبغا الزّردكاش والجميع معدودة من الملوك، وأقيم عزاؤهم بالقاهرة فى يوم خامس عشرين، فكان ذلك اليوم من الأيام المهولة من مرور الجوارى المسبيّات الحاسرات بشوارع القاهرة، ومعهم الملاهى والدّفوف.
هذا وقد ابتدأ الطاعون بالقاهرة.
ثم فى ثامن صفر ركب السلطان من قلعة الجبل وسار إلى نحو منية مطر المعروفة الآن بالمطرية خارج القاهرة، وعاد إلى القاهرة من باب النّصر، ونزل بالمدرسة الناصرية المعروفة الآن بالجمالية «1» برحبة باب العيد «2» ، ثم ركب منها وعبر إلى بيت الأستادار بدر الدين بن محب الدين فأكل عنده السّماط، ومضى إلى قلعة الجبل.
وفى ثامن عشر «3» صفر خلع على القاضى علاء الدين على بن محمود بن أبى بكر بن مغلى الحنبلى الحموىّ باستقراره قاضى قضاة الحنابلة بالديار المصرية، بعد عزل قاضى القضاة مجد الدين سالم.
وفى يوم السبت عاشر صفر المذكور ابتدأ السلطان بعمل السد بين الجامع الجديد «4»(14/26)
الناصرى وبين جزيرة الرّوضة، وندب لحفره الأمير كزل العجمى الأجرود أمير جاندار، فنزل كزل المذكور وعلّق مائة وخمسين رأسا من البقر لتجرف الرمال وعملت أيّاما، ثم ندب السلطان الأمير سودون القاضى حاجب الحجاب لهذا العمل، فنزل هو أيضا واهتم غاية الاهتمام، ودام العمل بقيّة صفر وشهر ربيع الأول.
وفيه أمر السلطان بمسك شاهين الأيد كارىّ حاجب حلب، فأمسك وسجن بقلعة حلب، وفيه خلع السلطان على الأمير طوغان أمير آخور الملك المؤيد أيّام إمرته باستقراره فى نيابة صفد، وحمل له التشريف بنيابة صفد يشبك الخاصّكىّ.
وفيه قدم كتاب الأمير إينال الصّصلانى نائب حلب يخبر أن أحمد بن رمضان أخذ مدينة طرسوس «1» غنوة فى ثالث عشر المحرم من هذه السنة بعد أن حاصرها سبعة أشهر، وأنّه سلّمها إلى ابنه إبراهيم بعد ما نهبها وسبى أهلها، وقد كانت طرسوس من نحو اثنتى عشرة سنة يخطب بها لتيمور، فأعاد ابن رمضان الخطبة بها باسم السلطان.
وأما الحفير فإنّه مستمرّ، وسودون القاضى يستحثّ العمال فيه إلى أن كان أوّل شهر ربيع الآخر فركب السلطان الملك المؤيّد من قلعة الجبل فى أمرائه وسائر خواصّه، وسار إلى حيث العمل، فنزل هناك فى خيمة نصبت له بين الرّوضة ومصر، ونودى بخروج النّاس للعمل فى الحفير المذكور، وكتبت حوانيت الأسواق، فخرج الناس طوائف طوائف مع كل طائفة الطبول والزّمور، وأقبلوا إلى العمل، ونقلوا التّراب والرّمل من غير أن يكلّف أحد منهم فوق طاقته، ثم رسم السلطان لجميع العساكر من الأمراء والخاصّكيّة ولجميع أرباب الدولة وأتباعهم [أن] «2» يعملوا، ثم ركب السلطان بعد عصر اليوم المذكور ووقف حتى فرض على كلّ من الأمراء حفر قطعة(14/27)
عيّنها له، ثم عاد إلى القلعة بعد أن مدّ هناك أسمطة جليلة وحلوات وفواكه كثيرة، واستمرّ العمل والنداء فى كل يوم لأهل الأسواق وغيرهم للعمل فى الحفر، ثم ركب الأمير ألطنبغا القرمشى الأمير آخور الكبير ومعه جميع مماليكه وعامّة أهل الإسطبل السّلطانىّ وصوفية المدرسة الظاهرية البرقوقيّة «1» وأرباب وظائفها؛ لكونهم تجت نظره، ومضوا بأجمعهم إلى العمل فى الحفر المذكور فعملوا فيه، وقد اجتمع هناك خلائق لا تحصى- للفرجة «2» - من الرجال والنساء والصبيان، وتولىّ ألطنبغا القرمشىّ القيام بما فرض عليه حفره بنفسه، فدام فى العمل طول نهاره.
ثم فى عاشره جمع الأمير الكبير ألطنبغا العثمانى جميع مماليكه ومن يلوذ به وألزم كلّ من هو ساكن فى البيوت والد كاكين الجارية فى وقف البيمارستان «3» المنصورى بأن يخرجوا معه؛ من أنهم تحت نظره، وأخرج معه أيضا جميع أرباب وظائف البيمارستان المذكور، ثم أخرج سكان جزيرة الفيل «4» ؛ فإنها فى وقف البيمارستان، وتوجّه بهم الجميع إلى العمل فى الحفير، وعمل نهاره فيما فرض عليه حفره، ثم وقع ذلك لجميع الأمراء واحدا بعد واحد، وتتابعوا فى العمل وكل أمير يأخذ معه جميع جيرانه ومن يقرب سكنه من داره، فلم يبق أحد من العوامّ إلّا وخرج لهذا العمل.
ثم خرج علم الدين داود بن الكويز ناظر الجيش، والصاحب بدر الدين حسن بن(14/28)
نصر الله ناظر الخاص، وبدر الدين حسن بن محبّ الدين الأستادار، ومع كل منهم طائفة من أهل القاهرة وجميع غلمانه وأتباعه ومن يلوذ به وينتسب إليه، ثم أخرج والى القاهرة جميع اليهود والنصارى، وكثر النداء فى كل يوم بالقاهرة على أصناف الناس بخروجهم للعمل، ثم خرج القاضى ناصر الدين محمد بن البارزىّ كاتب السّرّ الشريف ومعه جميع مماليكه وحواشيه وغلمانه، وأخرج معه البريديّة والموقّعين بأتباعهم، فعملوا نهارهم، هذا والمنادى فى كل يوم [ينادى] «1» على العامة بالعمل، فخرجوا وخلت أسواق القاهرة وظواهرها من الباعة، وغلّقت القياسر، والمنادى فى كل يوم [ينادى] «2» بالتهديد لمن تأخّر عن الحفر حتى إنه نودى فى بعض الأيام: من فتح دكّانا شنق، فتوقّفت أحوال الناس.
وفى هذه الأيّام خلع السلطان على الأمير بيبغا المظفرى باستقراره أتابك دمشق، وخلع على جرباش كبّاشة باستقراره حاجب حجّاب حلب، وكلاهما كان قدم من سجن الإسكندرية قبل تاريخه.
وفيه أيضا نقل الأمير طوغان أمير آخور [المؤيد] «3» من نيابة صفد إلى حجوبية دمشق عوضا عن الأمير خليل التّبريزىّ الدّشارى، ونقل خليل المذكور إلى نيابة صفد عوضا عن طوغان المذكور، وحمل له التقليد والتّشريف الأمير إينال الشّيخى الأرغزى «4» .
واستهلّ جمادى الأولى والناس فى جهد وبلاء من العمل فى الحفر حتى إنّ المقام الصّارمىّ إبراهيم ابن السلطان الملك المؤيّد نزل من القلعة فى يوم سابعه ومعه جميع(14/29)
مماليكه وحواشيه وأتباعه، وتوجّه حتى عمل فى الحفر بنفسه، وصنّفت العامة فى هذا الحفير غناء كثيرا وعدّة بلاليق «1» .
وبينما الناس فى العمل أدركتهم زيادة النّيل، وكان هذا الحفير وعمل الجسر ليمنع الماء من المرور تحت الجزيرة الوسطى «2» ، ويجرى من تحت المنشية من على موردة الجبس «3» بحرىّ جزيرة الوسطى كما كان قديما فى الزّمان الماضى، فأبى الله سبحانه وتعالى إلا ما أراده على ما سنذكره فى محلّه.
ثم فى اليوم المذكور أعنى سابع جمادى الأولى خلع السلطان على الأمير الكبير ألطنبغا العثمانى باستقراره فى نيابة دمشق عوضا عن قانى باى المحمدى، وكان بلغ السلطان عن جميع النّوّاب بالبلاد الشاميّة أنهم فى عزم الخروج عن الطاعة، فلم يظهر ذلك «4» ، وأرسل الأمير جلبّان أمير آخور بطلب قانى باى المذكور من دمشق ليستقرّ أتابكا بالدّيار المصرية عوضا عن ألطنبغا العثمانى، وانتظر السلطان ما يأتى به الجواب.
ثم خلع السلطان على الأمير آقبردى المؤيّدى المنقار باستقراره فى نيابة الإسكندرية عوضا عن صوماى الحسنى.
ثم فى جمادى الآخرة من هذه السنة حفر أساس الجامع المؤيّدى داخل باب زويلة، وكان أصل موضع الجامع المذكور- أعنى موضع باب الجامع والشبّابيك وموضع(14/30)
المحراب- قيسارية الأمير سنقر الأشقر «1» المقدم ذكره فى ترجمة الملك المنصور قلاوون، وكانت مقابلة لقيسارية الفاضل «2» وحمّامه، فاستبدلها الملك الملك المؤيّد وأخذها، ثم أخذ خزانة شمائل «3» ودورا وحارات وقاعات كثيرة تخرج عن الحدّ، حتى أضرّ ذلك بحال جماعة كثيرة، وشرع فى هدم الجميع من شهر ربيع الأوّل إلى يوم تاريخه حتى رمى الأساس، وشرعوا فى بنائها.
وتهيّأ الأمير ألطنبغا العثمانى للسّفر حتى خرج من القاهرة قاصدا محلّ كفالته بدمشق فى سادس جمادى الآخرة، ونزل بالرّيدانيّة خارج القاهرة، فقدم الخبر على السلطان بخروج قانى باى «4» نائب الشّام عن الطاعة، وأنه سوّف برسول السلطان من يوم إلى يوم إلى أن تهيّا وركب وقاتل أمراء دمشق وهزمهم إلى صفد، وملك دمشق حسبما نذكره بعد ذكر عصيان النّوّاب، فعظم ذلك على الملك المؤيّد.
ثم فى أثناء ذلك ورد الخبر بخروج الأمير طرباى نائب غزّة عن الطّاعة وتوجّهه إلى الأمير قانى باى المحمدى نائب دمشق، فعند ذلك ندب السلطان الأمير يشبك المؤيدىّ المشدّ «5» ومعه مائة مملوك من المماليك السلطانيّة، وبعثه نجدة للأمير ألطنبغا العثمانى، ثم ورد الخبر ثالثا بعصيان الأمير تنبك البجاسىّ نائب حماة وموافقته لقانى باى المذكور، وكذلك الأمير إينال الصّصلانى نائب حلب ومعه جماعة من أعيان(14/31)
أمراء حلب، والأمير جانى بك الحمزاوىّ نائب قلعة الرّوم، ثم ورد الخبر أيضا بعصيان الأمير سودون من عبد الرحمن نائب طرابلس.
ولما بلغ الملك المؤيّد هذا الخبر استعدّ للخروج إلى قتالهم بنفسه.
وأما أمر الحفر والجسر الذي عمل [فإنه] «1» لمّا قوى زيادة النيل وتراكمت عليه الأمواج خرق منه جانبا ثم أتى على جميعه وأخذه كأنه لم يكن، وراح تعب النّاس، وما فعلوه من غير طائل «2» .
وأما ما وعدنا بذكره من أمر قانى باى المحمدى نائب دمشق: فإنه لما توجّه إليه الأمير جلبّان أمير آخور بطلبه أظهر الامتثال وأخذ ينقل حريمه إلى بيت أستاداره غرس الدين خليل، ثم طلع بنفسه إلى البيت المذكور وهو بطرف القبيبات على أنه متوجّه إلى مصر.
فلما كان فى سادس جمادى الآخرة ركب الأمير بيبغا المظفرى أتابك دمشق، وناصر الدين محمد بن إبراهيم بن منجك، وجلبّان الأمير آخور المقدّم ذكره وأرغون شاه، ويشبك الأيتمشىّ فى جماعة أخر من أمراء دمشق «3» يسيرون بسوق خيل دمشق، فبلغهم أن يلبغا كماج كاشف القبلية حضر فى عسكر إلى قريب داريّا «4» ، وأن خلفه من جماعته طائفة كبيرة، وأن قانى باى خرج إليه وتحالفا على العصيان، ثم عاد قانى باى إلى بيت غرس الدين المذكور، فاستعد المذكورون ولبسوا آلة الحرب، ونادوا لأجناد دمشق وأمرائها بالحضور، وزحفوا إلى نحو قانى باى، فخرج إليهم قانى باى بمماليكه وبمن انضمّ معه من أصاغر الأمراء وقاتلهم من بكرة النهار إلى العصر حتى هزمهم، ومرّوا على وجوههم إلى جهة صفد، ودخل قانى باى(14/32)
وملك مدينة دمشق، ونزل بدار العدل من باب الجابية «1» ، ورمى على القلعة بالمدافع، وأحرق جملون دار السعادة، فرماه أيضا من بالقلعة بالمناجيق والمدافع، فانتقل إلى خان السلطان وبات بمخيّمه وهو يحاصر القلعة، ثم أتاه النواب المقدم ذكرهم، فنزل تنبك البجاسىّ نائب حماة على باب الفرج «2» ، ونزل طرباى نائب غزّة على باب آخر، ونزل على باب الجديد «3» تنبك دوادار قانى باى، وداموا على ذلك مدّة، وهو يستعد وقد ترك أمر القلعة إلى أن بلغه وصول العسكر سار هو والأمراء من دمشق، وكان الأمير ألطنبغا العثمانى بمن معه من أمراء دمشق والعشير «4» والعربان ونائب صفد قد توجّه من بلاد المرج إلى جرود «5» ، فجدّ العسكر فى السير حتى وافوا الأمير قانى باى قد رحل من برزة «6» ، فنزلوا هم برزة، فتقدّم منهم طائفة فأخذوا من ساقته أغناما وغيرها، وتقاتلوا مع أطراف قانى باى، فجرح الأمير أحمد ابن تنم [صهر الملك المؤيد] «7» فى يده بنشّابة أصابته، وجرح معه جماعة أخر، ثم عادوا إلى ألطنبغا العثمانى، وسار قانى باى حتى نزل بسلمية «8» فى سلخه، ثم رحل إلى حماة، ثم رحل منها واجتمع بالأمير إينال الصّصلانى نائب حلب، واتّفقوا جميعا على التوجّه إلى جهة العمق لما بلغهم قدوم السلطان الملك المؤيّد لقتالهم،(14/33)
وسيّروا أثقالهم، فنادى نائب قلعة حلب بالنّفير العام، فأتاه جلّ أهل حلب، ونزل هو بمن عنده من العسكر الحلبى وقاتل إينال وعساكره فلم يثبتوا، وخرج قانى باى وإينال إلى خان طومان «1» ، وتخطّف العامّة بعض أثقالهم، وأقاموا هناك إلى أن قاتلوا الملك المؤيّد حسبما يأتى ذكره.
وأما السلطان الملك المؤيّد فإنه لمّا كان ثانى عشرين جمادى الآخرة خلع على الأمير مشترك القاسمىّ الظاهرىّ باستقراره فى نيابة غزّة عوضا عن طرباى، ثم فى سابع عشرين خلع على الأمير ألطنبغا القرمشىّ الأمير آخور باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضا عن ألطنبغا العثمانى نائب دمشق.
ثم فى سلخه خلع على الأمير تنبك العلائىّ الظاهرى المعروف بميق رأس نوبة النّوب باستقراره أمير آخور عوضا عن ألطنبغا القرمشى.
ثم فى رابع شهر رجب خلع السلطان على سودون القاضى حاجب الحجّاب باستقراره رأس نوبة النّوب عوضا عن تنبك ميق، وخلع على سودون قراصقل واستقرّ حاجب الحجاب عوضا عن سودون القاضى.
وفى حادى عشره سار الأمير آقباى المؤيّدى الدّوادار على مائتى مملوك نجدة ثانية لنائب الشّام ألطنبغا العثمانى.
وفى ذلك اليوم دار المحمل على العادة فى كل سنة.
ثم فى يوم ثالث عشر شهر رجب المذكور قدم الأمير ناصر الدين محمد بن إبراهيم ابن منجك من دمشق فارّا من قانى باى نائب الشام، فارتجت القاهرة بسفر السّلطان إلى البلاد الشّاميّة، وعظم الاهتمام للسفر.
ثم فى رابع عشره أمسك السلطان الأمير جانى بك الصّوفى «2» أمير سلاح وقيّده(14/34)
وسجنه بالبرج بقلعة الجبل، ثم رسم السلطان للأمراء بالتأهّب للسفر، وأخذ فى عرض المماليك السلطانية وتعيين من يختاره للسّفر، فعيّن من المماليك السلطانية مقدار النّصف منهم فإنه أراد السفر مخفّا، لأن الوقت كان فصل الشتاء والديار المصرية مغلية الأسعار إلى الغاية.
ثم فى ثامن عشره أنفق السلطان نفقات السفر، وأعطى كلّ مملوك ثلاثين دينارا إفرنتيّة «1» ، وتسعين نصفا فضة مؤيّدية، وفرّق عليهم الجمال.
ثم فى تاسع عشره أمسك الوزير تاج الدين عبد الرّزّاق بن الهيصم وضربه بالمقارع، وأحيط بحاشيته وأتباعه وألزمه بحمل مال كثير.
ثم فى حادى عشرينه خلع السلطان على علم الدين أبى كم باستقراره فى وظيفة نظر الدّولة ليسد مهمّات الدّولة مدّة غيبة السلطان.
ثم فى يوم الجمعة ثانى عشرين شهر رجب المذكور ركب السلطان بعد صلاة الجمعة [من قلعة الجبل] »
بأمرائه وعساكره المعيّنين صحبته للسفر حتى نزل بمخيّمه بالرّيدانية خارج القاهرة، وخلع على الأمير ططر واستقرّ به نائب الغيبة بديار مصر وأنزله بباب السّلسلة، وخلع على الأمير سودون قراصقل حاجب الحجاب وجعله مقيما بالقاهرة للحكم بين الناس، وخلع على الأمير قطلو بغا التّنمىّ وأنزله بقلعة الجبل، وبات السلطان تلك الليلة بالرّيدانية، وسافر من الغد يريد البلاد الشاميّة، ومعه الخليفة وقاضى القضاة ناصر الدين محمد بن العديم الحنفى لاغير.
وسار السلطان حتى وصل إلى غزة فى تاسع عشرين شهر رجب المذكور، وسار منها فى نهاره، وكان قد خرج الأمير قانى باى من دمشق فى سابع عشرينه حسبما ذكرناه، ودخل الأمير ألطنبغا العثمانى إلى دمشق فى ثانى شعبان، وقرىء تقليده،(14/35)
وكان لدخوله دمشق يوما مشهودا، وسار السلطان مجدّا من غزّة حتى دخل دمشق فى يوم الجمعة سادس شعبان، ثم خرج من دمشق بعد يومين فى أثر القوم، وقدّم بين يديه الأمير آقباى الدّوادار فى عسكر من الأمراء وغيرهم كالجاليش، فسار آقباى المذكور أمام السلطان والسلطان خلفه إلى أن وصل آقباى قريبا من تلّ السلطان «1» ، ونزل السلطان على سرمين وقد أجهدهم التّعب من قوّة السّير، وشدّة البرد، فلما بلغ قانى باى وإينال الصصلانى وغيرهما من الأمراء مجىء آقباى خرجوا إليه بمن معهم من العساكر ولقوا آقباى بمن معه من الأمراء والعساكر وقاتلوه فثبت لهم ساعة ثم انهزم أقبح هزيمة، وقبضوا عليه وعلى الأمير برسباى الدّقماقى «2» : أعنى الملك الأشرف الآتى ذكره، وعلى الأمير طوغان دوادار الوالد، وهو أحد مقدّمى الألوف بدمشق، وعلى جماعة كبيرة، وتمزقت عساكرهم وانتهبت، وأتى خبر كسرة الأمير آقباى للسلطان فتخوّف وهمّ بالرّجوع إلى دمشق وجبن عن ملاقاتهم؛ لقلّة عساكره حتى شجّعه بعض الأمراء وأرباب الدولة، وهوّنوا عليه أمر القوم، فركب بعساكره من سرمين وأدركهم وقد استفحل أمرهم، فعند ما سمعوا بمجيء السلطان أنهزموا «3» ولم يثبتوا وولّوا الأدبار من غير قنال خذلانا من الله تعالى لأمر سبق، فعند ذلك اقتحم السلطانيّة عساكر قانى باى وقبض على الأمير إينال الصّصلانى نائب حلب وعلى الأمير تمان تمر اليوسفى المعروف بأرق أتابك حلب، وعلى الأمير جرباش كبّاشة حاجب حجّاب حلب، وفرّقانى باى واختفى.
أما سودون من عبد الرحمن نائب طرابلس، وتنبك البجاسىّ نائب حماة، وطرباى نائب غزّة، وجانى بك الحمزاوىّ نائب قلعة الرّوم، والأمير موسى(14/36)
الكركرىّ أتابك طرابلس وغيرهم [فقد] «1» ساروا على حميّة إلى جهة الشّرق قاصدين قرا يوسف صاحب بغداد وتبريز «2» .
ثم ركب الملك المؤيّد ودخل إلى حلب فى يوم الخميس رابع عشر شهر رجب وظفر بقانى باى «3» فى اليوم الثالث من الوقعة، فقيّده ثم طلبهم الجميع، فلما مثلوا بين يدى السلطان قال لهم السلطان: قد وقع ما وقع فالآن أصدقونى، من كان اتّفق معكم من الأمراء؟ فشرع قانى باى يعدّ جماعة، قهره إينال الصّصلانى وقال: يكذب يا مولانا السلطان، أنا أكبر أصحابه فلم يذكر لى واحدا من هؤلاء فى مدّة هذه الأيّام، وكان يمكنه أنّه يكذب علىّ وعلى غيرى بأن معه جماعة من المصريّين ليقوّى بذلك قلوب أصحابه فلم يذكر لنا شيئا من ذلك، فكل ما قاله فى حقّ الأمراء زور وبهتان، ثم التفت إينال إلى قانى باى وقال له: بتنميق كذبك تريد تخلص من السيف، هيهات ليس هذا ممّن يعفو عن الذّنب، ثم تكلّم إينال المذكور بكلام طويل مع السّلطان معناه أننا خرجنا عليك نريد قتلك فافعل الآن ما بدا لك، فعند ذلك أمر بهم الملك المؤيّد فردّوا إلى أماكنهم وقتلوا- من يومهم- الأربعة: قانى باى، وإينال وتمان تمر أرق، وجرباش كبّاشه، وحملت رءوسهم إلى الديار المصرية على يد الأمير يشبك «4» شاد الشّرابخاناه، فرفعوا على الرّماح ونودى عليهم بالقاهرة: هذا جزاء من خامر على السلطان، وأطاع الشيطان وعصى الرحمن، ثم علّقوا على باب زويلة أيّاما ثم حملوا إلى الإسكندرية فطيف بهم أيضا هناك، ثم أعيدت الرّءوس إلى القاهرة وسلّمت إلى أهاليها.
ثم خلع السلطان على الأمير آقباى المؤيّدى «5» الدّوادار بنيابة حلب عوضا عن(14/37)
إينال الصّصلانى، وعلى الأمير يشبك شادّ الشّرابخاناه بنيابة طرابلس عوضا عن سودون من عبد الرحمن، وعلى الأمير جارقطلو بنيابة حماة عوضا عن إنّيّه «1» تنبك البجاسى.
وأخذ السلطان فى تمهيد أمور حلب مدّة، ثم خرج منها عائدا إلى جهة الشام حتى نزل بحماة، وعزم على الإقامة بها حتى ينفصل فصل الشتاء، فأقام بها أيّاما حتى بلغه عن القاهرة غلوّ الأسعار واضطراب الناس بالديار المصرية لغيبة السلطان، وفتنة العربان، فخرج من حماة وعاد حتى قدم إلى دمشق وأمسك بها سودون القاضى رأس نوبة النّوب، وخلع على الأمير بردبك قصقا واستقرّ به عوضه رأس نوبة النّوب، وسجن سودون القاضى بدمشق.
ثم خرج السلطان منها يريد الديار المصرية إلى أن قاربها فنزل المقام الصارمى إبراهيم ابن السلطان من قلعة الجبل، وسار إلى لقاء والده ومعه الأمير كزل العجمى أمير جاندار «2» ، وسودون قراصقل حاجب الحجاب فى عدّة من المماليك السلطانية حتى التقاه، وعاد صحبته حتى نزل السلطان على السّماسم «3» شمالى خانقاه سرياقوس فى يوم الخميس رابع عشر ذى الحجة من سنة ثمانى عشرة وثمانمائة.
وركب فى الليلة المذكورة إلى أن نزل بخانقاه سرياقوس، وعمل بها مجتمعا بالقراء والصّوفية، وجمع فيه نحو عشر جوق من أعيان القرّاء، وعدّة من المنشدين أصحاب الأصوات الطيّبة، ومدّ لهم أسمطة جليلة ثم بعد فراغ القرّاء والمنشدين أقيم السماع فى طول الليل، ورقصت أكابر الفقراء الظّرفاء وجماعة من أعيان ندمائه بين يديه الليل كله نوبة، وهو جالس معهم كأحدهم، هذا وأنواع الأطعمة والحلاوات تمدّ شيئا(14/38)
بعد شىء بكثرة، والسّقاة تطوف على الحاضرين بالمشروب من السّكّر المذاب، فكانت ليلة تعدّ من الليالى الملوكية لم يعمل بعدها مثلها.
ثم أنعم على القرّاء والمنشدين بمائة ألف درهم، وركب بكرة يوم السبت سادس عشر ذى الحجة المذكورة من الخانقاه حتى نزل بطرف الرّيدانيّة، فأقام بها ساعة ثم ركب وشقّ القاهرة حتى طلع إلى القلعة من يومه، وقد زيّنت له القاهرة أحسن زينة، فكان لقدومه إلى الديار المصرية يوما من الأيّام المشهودة.
وبعد طلوعه إلى القلعة أصبح من الغد نادى بالقاهرة بالأمان، وأن الأسعار بيد الله تعالى، فلا يتزاحم أحد على الأفران، ثم تصدّى السلطان بنفسه للنظر فى الأسعار. وعمل معدّل القمح، وقد بلغ سعر الإردب منه أزيد من ستمائة درهم إن وجد، والإردب الشعير إلى أربعمائة درهم، فانحطّ السّعر لذلك قليلا، وسكن روع الناس؛ لكون السلطان ينظر فى مصالحهم، فلهذا وأبيك العمل «1» ، ولعل الله سبحانه وتعالى أن يغفر للمؤيّد ذنوبه بهذه الفعلة؛ فإن ذلك هو المطلوب من الملوك، وهو حسن النظر فى أحوال رعيتهم- انتهى.
ثم فى يوم الاثنين خامس عشرينه خلع السلطان على الأمير جقمق الأرغون شاوىّ الدّوادار الثانى باستقراره دوادارا كبيرا «2» عوضا عن الأمير آقباى المؤيّدى المنقول إلى نيابة حلب، وخلع على الأمير يشبك الجكمىّ باستقرارة دوادارا ثانيا عوضا عن جقمق.
قلت: وكان الدّوادار الثانى يوم ذاك لا يحكم بين الناس «3» ، وليس على بابه نقباء، وكذلك الرّأس نوبة الثانى، وأوّل من حكم ممن ولى هذه الوظيفة قرقماس الشّعبانى، وممن ولى رأس نوبة ثانى آقبردى المنقار- انتهى.(14/39)
ثم أمر السلطان الملك المؤيد بالنداء بمنع المعاملة بالدنانير الناصرية، وقد تزايد سعر الذّهب حتى بلغ المثقال الذهب إلى مائتين وستين درهما والناصرى إلى مائتين وعشرة، فرسم السلطان بأن يكون سعر المثقال الذهب بمائتين وخمسين والإفرنتى بمائتين وثلاثين، وأن تنقص الناصرية ويدفع فيها من حساب مائة وثمانين درهما الدينار.
[ما وقع من الحوادث سنة 819]
ثم فى أوّل محرم سنة تسع عشرة وثمانمائة دفع السلطان للطّواشىّ فارس الخازندار مبلغا كبيرا وأمره أن ينزل إلى القاهرة ويفرّقه فى الجوامع والمدارس والخوانق «1» ، فتوسّع الناس بذلك، وكثر الدعاء له، ثم فرّق مبلغا كبيرا أيضا على الفقراء والمساكين فأقلّ ما ناب الواحد من المساكين خمسة مؤيدية فضة عنها خمسة وأربعون درهما، فشمل برّه عدّة طوائف من الفقراء والضّعفاء والأرامل وغيرهم، فكان جملة ما فرّقه فى هذه النوبة الأخيرة أربعة آلاف دينار «2» ، فوقع تفرقة هذا المال من الفقراء موقعا عظيما.
هذا والغلاء يتزايد بالقاهرة وضواحيها، والسلطان مجتهد فى إصلاح الأمر لا يفتر عن ذلك، وأرسل الطواشىّ مرجان الهندىّ الخازندار إلى الوجه القبلى بمال كثير ليشترى منه القمح ويرسله إلى القاهرة توسعة على الناس، ثم أخذ السلطان [فى] «3» النظر فى أحوال الرّعيّة بنفسه وماله حتى إنه لم يدع لمحتسب القاهرة فى ذلك أمرا، فمشى الحال بذلك، وردّ رمق الناس- سامحه الله تعالى وأسكنه الجنة.
ثم فى أوّل صفر من سنة تسع عشرة المذكورة أمر السلطان بعزل جميع نوّاب القضاة الأربعة، وكان عدتهم يومئذ مائة وستة وثمانين قاضيا بالقاهرة سوى من بالنواحى، وصمّم السلطان على أنّ كل قاض يكون له ثلاثة نوّاب لا غير، هؤلاء كفاية للقاهرة وزيادة «4» .
قلت: وما كان أحسن هذا لو دام أو استمرّ، وقد تضاعف هذا البلاء(14/40)
فى زماننا حتى خرج عن الحدّ، وصار لكل قاض عدّة كبيرة من النّوّاب- انتهى.
ثم فشا الطاعون فى هذا الشهر بالقاهرة، ووقع الاهتمام فى عمارة الجامع المؤيّدىّ بالقرب من باب زويلة، وكان قبل ذلك عمله على التراخى، ثم تكلّم أرباب الدولة مع السلطان فى عود نوّاب القضاة، وأمعنوا فى ذلك، وقد وعدوا بمال كثير، فرسم السلطان بجمع القضاة الثلاثة، وكان قاضى القضاة علاء الدين بن مغلى الحنبلىّ مسافرا بحماة، وتكلّم معهم فيما رسم به، وصمّم على ذلك- رحمه الله.
وأرباب وظائفه الظّلمة البلاصيّة «1» تمعن فى الكلام معه [فى ذلك] «2» ، ولا زالوا به بعد أن خوّفوه بوقوف حال الناس من قلّة النوّاب، وأشياء غير ذلك إلى أن استقرّ الحال على أن يكون نوّاب القاضى الشافعى عشرة، ونوّاب القاضى الحنفى خمسة، ونوّاب القاضى المالكى أربعة، وانفضّ المجلس على هذا بعد أن عجز مباشر والدّولة فى أن يسمح بأكثر من ذلك، وبعد خروج القضاة من المجلس ضمن لهم بعض أعيان الدّولة من المباشرين الظّلمة العواتية- عليه من الله ما يستحقّه- بردّ جماعة أخر بعد حين. هذا والناس فى غاية السّرور [بما حصل] «3» ، من منع القضاة للحكم بين الناس.
ثم خلع السلطان على الأمير قطلوبغا باستقراره فى نيابة الإسكندرية عوضا عن آقبردى المنقار بحكم عزله، وكان قطلوبغا هذا ممن أنعم عليه الأمير تمربغا الأفضلى المدعو منطاش بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية.(14/41)
ثم أخرج الملك الظاهر برقوق إقطاعه وجعله بطّالا سنين طويلة حتى افتقر وطال خموله، واحتاج إلى السؤال، إلى أن طلبه الملك المؤيّد من داره وولّاه نيابة الإسكندرية من غير سؤال.
قلت: وهذه كانت عادة ملوك السّلف أن يقيموا من حطّه الدهر، وينتشلوا ذوى البيوتات من الرّؤساء وأرباب الكمالات.
وقد ذهب ذلك كلّه وصار لا يترقىّ فى الدّول إلا من يبذل المال، ولو كان من أوباش السّوقة لشره الملوك فى جمع الأموال- ولله درّ المتنبى حيث يقول:
[الطويل]
ومن ينفق الساعات فى جمع ماله ... مخافة فقر فالذى فعل الفقر
حدّثنى بعض من حضر قطلوبغا المذكور لمّا طلبه المؤيّد ليستقرّ به فى نيابة الإسكندرية.
فعند حضوره قال له السلطان: أولّيك نيابة الإسكندرية، فمسك قطلوبغا المذكور لحيته البيضاء وقال: يا مولانا السلطان أنا لا أصلح لذلك، وإنما أريد شبع بطنى وبطن عيالى.
يظن أن السلطان يهزأ به، فقال له السلطان: لا والله إنما قولى «1» على حقيقته، ثم طلب له التّشريف وأفاضه عليه، وأمدّه بالخيل والقماش- انتهى.
ثم فى ثانى عشر شهر ربيع الأوّل أمسك السلطان الأستادار بدر الدين حسن بن محب الدين بعد أن أوسعه سبّا، وعوّقه نهاره بقلعة الجبل حتى شفع فيه الأمير جقمق الدّوادار على أن يحمل ثلاثمائة ألف دينار، فأخذه جقمق ونزل به إلى داره(14/42)
ثم أرسل السلطان تشريفا إلى فخر الدين عبد الغنى بن أبى الفرج وهو كاشف الوجه البحرى باستقراره أستادارا عوضا عن ابن محب الدين المقدّم ذكره، ثم تقرّر الحال على ابن محب الدين أنه يحمل مائة ألف دينار وخمسين ألف دينار بعد ما عوقب وعصر فى بيت الأمير جقمق عصرا شديدا، ثم نقل من بيت جقمق إلى بيت فخر الدين بن أبى الفرج، فتسلمه فخر الدين المذكور عند ما حضر إلى القاهرة.
هذا وقد ارتفع الطاعون بالديار المصرية، وظهر بالبلاد الشاميّة.
ثم فى سابع جمادى الآخرة من سنة تسع عشرة المقدّم ذكرها أمر السلطان أن الخطباء إذا أرادوا الدّعاء للسلطان على المنبر فى يوم الجمعة [أن] «1» ينزلوا درجة ثم يدعوا للسلطان حتى لا يكون ذكر السلطان فى الموضع الذي يذكر فيه اسم الله عزّ وجلّ واسم نبيّه صلى الله عليه وسلم؛ تواضعا لله تعالى، ففعل الخطباء «2» ذلك، وحسن هذا ببال الناس إلى الغاية، وعدّت هذه الفعلة من حسناته- رحمه الله.
تم تكرّرت صدقات السلطان فى هذه السنة مرارا عديدة على نقدات متفرقة.
هذا وقد ألزم السلطان مباشرى الدّوله بالرّخام الجيّد لأجل جامعه، فطلب الرّخام من كل جهة، حتى أخذ من البيوت والقاعات والأماكن التى بالمفترجات، ومن يومئذ عزّ الرخام بالديار المصرية لكثرة ما احتاجه الجامع المذكور من الرّخام؛ لكبره وسعته، وهو أحسن جامع بنى بالقاهرة فى الزّخرفة والرّخام لا فى خشونة العمل والإمكان، وقد اشتمل ذلك جميعه فى مدرسة السلطان حسن بالرّميلة، ثم فى مدرسة الملك الظاهر برقوق ببين القصرين، ولم يعب على الملك المؤيد فى شىء من بناء هذا الجامع إلا أخذه باب مدرسة السّلطان حسن والتّنّور الذي كان به، وكان اشتراهما السلطان حسن بخمسمائة دينار، وكان يمكن الملك المؤيد أن يصنع أحسن منهما لعلوّ همّته؛ فإن فى ذلك نقص مروءة وقلة أدب من جهات عديدة.(14/43)
وكان وعدنى بعض أعيان المماليك المؤيديّة أنه إن طالت يده فى التحكّم أن يصنع بابا وتنورا للجامع المؤيّدى المذكور أحسن منهما، ثم يردهما إلى مكانهما من مدرسة السلطان حسن، فقبضه الله قبل ذلك- رحمه الله تعالى.
وكان نقل هذا الباب والتّنور من مدرسة السلطان حسن إلى مدرسة الملك المؤيد فى يوم الخميس سابع عشرين شوال من السنة المذكورة.
[ما وقع من الحوادث سنة 820]
ثم بدا للسلطان الملك المؤيد السفر إلى البلاد الشاميّة؛ لما اقتضاه رأيه، وعلّق جاليش السّفر «1» فى يوم الاثنين خامس المحرّم من سنة عشرين وثمانمائة، وهذه سفرة الملك المؤيد شيخ الثالثة إلى البلاد الشامية من يوم تسلطن؛ فالأولى فى سنة سبع عشرة وثمائمائة لقتال الأمير نوروز الحافظىّ نائب الشام، والثانية فى سنة ثمانى عشرة [وثمانمائة] «2» لقتال الأمير قانى باى المحمدى نائب الشام، وهذه سفرته الثالثة.
وتجهّز السلطان للسفر وأمر أمراءه وعساكره بالتّجهيز، فلما كان خامس عشر المحرم جلس السلطان لتفرقة النّفقات، فحمل إلى كل من أمراء الألوف ألفى دينار، وأعطى لكلّ مملوك من المماليك السلطانية ثمانية وأربعين دينارا صرفها يوم ذاك عشرة آلاف درهم «3» .
وبينما السلطان يتهيّأ للسفر قدم عليه الخبر فى ثالث عشرين المحرّم بوصول الأمير آقباى المؤيدى نائب حلب إلى قطيا فى ثمانى هجن، فكثرت الأقوال فى مجيئه على هذه الهيئة، ورسم السلطان بتلقّيه، فسار إليه الأمراء وأرباب الدولة إلى خانقاه سرياقوس، وجهّز له السلطان فرسا بسرج ذهب وكنبوش «4» زركش،(14/44)
وكامليّة «1» مخمل بفرو سمّور بمقلب سمّور، وقدم آقباى المذكور من الغد فى يوم السبت رابع عشرين المحرم، فلامه السلطان ووبّخه وعنّفه على حضوره إلى القاهرة فى هذه المدّة اليسيرة على هذا الوجه من غير أمر يستحقّ ذلك، فإنه سار من حلب إلى مصر فى أقل من عشرة أيام، فاعتذر آقباى، إنما أحوجه لذلك ما أشيع عنه فى عزم الخروج عن الطاعة، تم استغفر ممّا وقع منه فخلع عليه السلطان باستقراره فى نيابة دمشق عوضا عن الأمير ألطنبغا العثمانى، ورسم السلطان للأمير آقبغا التّمرازىّ أمير آخور ثانى بالتوجّه إلى الشام ليقبض على [ألطنبغا] «2» العثمانى ويودعه بسجن قلعة دمشق، والحوطة على موجوده ثم خلع السلطان على الأمير قجقار القردامىّ أمير سلاح باستقراره فى نيابة حلب عوضا عن آقباى المذكور، وأنعم السلطان بإقطاع قجقار على الأمير بيبغا المظفرى أمير مجلس.
ثم خرجت مدوّرة «3» السلطان إلى الرّيدانية خارج القاهرة، ودخل المحمل فى ذلك اليوم إلى القاهرة صحبة أمير حاج المحمل الأمير أزدمر من على جان المعروف بأزدمر شايا.
ثم فى خامس عشرين المحرم المذكور ركب السلطان من قلعة الجبل بأمرائه وعساكره ونزل بمخيّمه بالرّيدانية «4» خارج القاهرة تجاه مسجد التّبن، وخلع على الشيخ شمس الدين محمد بن يعقوب التّبّانى باستقراره فى حسبه القاهرة «5» ، وعزل عنها منكلى بغا العجمى الحاجب ثم فى سابع عشرينه خلع السلطان على الأمير آقباى نائب الشام خلعة السفر وسافر من يومه جريدة «6» على الخيل، ثم خلع السلطان على الأمير طوغان أمير آخور السلطان(14/45)
قديما باستقراره فى نيابة الغيبة، وعلى الأمير أزدمر من على جان المعروف شايا المقدم ذكره بنيابة قلعة الجبل، وأقرّ عدّة أمراء أخر بالديار المصرية، ثم خلع السلطان على الأمير قجقار القردمىّ نائب حلب خلعة السفر، وسار أيضا من يومه، ثم تقدّم جاليش السلطان أمامه فيه جماعة من الأمراء، ومقدّم الجميع ولده المقام الصّارمىّ إبراهيم.
ثم سار السلطان ببقية عساكره من الرّيدانيّة فى يوم الثلاثاء رابع صفر يريد البلاد الشّامية، وصحبته الخليفة والقضاة الأربعة، ومعه أيضا من ورد عليه من القصّاد فى السنة الخالية، وهم جماعة: قاصد قرا يوسف صاحب بغداد وغيرها من العراق، وقاصد سليمان ابن عثمان صاحب الرّوم، وقاصد بير عمر صاحب أرزنكان، وقاصد بن رمضان.
وتأخر بالقاهرة الأستادار فخر الدين بن أبى الفرج، والصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله ناظر الخواص.
ورسم طوغان نائب الغيبة بأمر السلطان بهدم البيوت التى فوق البرج المجاورة لباب الفتوح «1» من القاهرة ليعمل ذلك سجنا لأرباب الجرائم عوضا عن خزانة شمائل التى كانت موضع المدرسة المؤيّدية، وسمى هذا السجن بالمقشرة «2» .
وأما السلطان فإنه سار حتى دخل دمشق فى أوّل شهر ربيع الأول بعد أن مات الأمير آقبردى المؤيدى المنقار أحد مقدّمى الألوف بطريق دمشق، وكان خرج من القاهرة مريضا فى محفّة، وأنعم السلطان بإقطاعه على الأمير سودون القاضى بعد أن أخرجه من السجن.
ثم كتب الأمير طوغان نائب الغيبة يعرّف السلطان بموت فرج ابن الملك الناصر فرج فى يوم الجمعة سادس عشرين شهر ربيع الأول مسجونا بثغر الإسكندرية، وقد(14/46)
ناهز الاحتلام، وبموته انكسرت حدّة المماليك الظاهرية والناصرية، وكان فى كل قليل يكثر الكلام بأن المماليك الظاهرية يثورون وينصّبونه فى السلطنة، وكانوا لا يزالون يتربّصون الدوائر لأجل ذلك، فبطل عزمهم بموته.
وأقام السلطان بدمشق أيّاما، ثم خرج منها يريد حلب، وسار حتى وصل تلّ السلطان، فتقدّم وصفّ الأطلاب بنفسه- وكان إماما فى هذا الشأن، ومعرفة التعبئة للعساكر- فرتّب أطلاب الأمراء أوّلا كل واحد فى منزلته، وليس ذلك بمنزلته فى الجلوس بين يدى السلطان، وإنما بحسب وظيفته؛ فإنّ لكل صاحب وظيفة منزلة يمشى طلبه فيها أمام طلب السلطان- أخذت أنا هذا العلم عن آقبغا التّمرازىّ وعن السّيفى طرنطاى الظاهرىّ شادّ القصر السلطانى- انتهى.
ثم سار السلطان أمام طلبه فى يوم السبت حادى عشرين شهر ربيع الأوّل عند انشقاق الفجر، ومرّ بطلبه من ظاهر حلب ومعهم جميع الأمراء بأطلابهم حتى نزل بالمسطبة الظاهرية فى المخيّم، ومرّ من داخل مدينة حلب نائب الشام ونائب طرابلس، ونائب حماة، ونائب صفد، ونائب غزّة وعدّة كبيرة من التّركمان والعربان حتى خرجوا من الباب الآخر، فهال الناس هذه الرّؤية الغريبة؛ من كثرة العساكر التى قدمت حلب من ظاهرها وباطنها، وأقام السلطان بمخيّمه بالمسطبة أيّاما ينتظر عود القصّاد الذين وجّههم للأطراف.
ثم فى يوم الاثنين ثالث عشرين شهر ربيع الأوّل جلس السلطان بالميدان وعمل به الموكب السّلطانى، وحضره نوّاب البلاد الشّاميّة والعساكر المصرية، فجلس عن يمين السلطان الأتابك ألطنبغا القرمشىّ، وتحته آقباى المؤيّدى نائب الشام، ثم بيبغا المظفرى أمير مجلس، ثم يشبك المؤيّدى نائب طرابلس، ثم جماعة كلّ واحد فى رتبته، وجلس عن يسار السلطان ولده المقام الصّارمىّ إبراهيم، ثم قجقار القردمىّ نائب حلب، ثم تنبك العلائى ميق الأمير آخور الكبير، ثم جارقطلو(14/47)
نائب حماة، ثم بردبك قصقا رأس نوبة النّوب، ثم الأمير ططر، ثم جماعة أخر كلّ واحد فى منزلته.
ثم عيّن السلطان الأمير آقباى نائب الشام والأمير جار قطلو نائب حماة ومعهما خمسمائة ماش من التّركمان الأوشرية «1» والإيناليّة «2» وفرقة من عرب آل موسى ليتوجّه الجميع إلى جهة ملطية لإخراج حسين بن كبك منها، ثم إلى كختا «3» وكركر «4» ، ثم قدّم السلطان الجاليش بين يديه؛ وفيه الأتابك ألطنبغا القرمشى؛ ويشبك اليوسفىّ المؤيدى نائب طرابلس؛ وخليل الدّشارى التّبريزىّ نائب صفد فى عدة أخر من أمراء مصر، فصاروا إلى جهة العمق، ثم ركب السلطان ودخل مدينة حلب وأقام بها إلى أن ركب منها فى بكرة يوم الاثنين ثانى شهر ربيع الآخر وسار إلى جهة العمق على درب الأتارب «5» ، فقدم عليه بالمنزلة المذكورة قاصد الأمير ناصر الدين بك بن قرمان بهديّة وكتاب يتضمن أنه ضرب السّكّة المؤيدية ودعا للسلطان فى الخطبة بجميع معاملته، وبعث من جملة الهدية طبقا فيه جملة دراهم بالسّكة المؤيدية، فعنّف السلطان رسوله ووبّخه وعدّد له خطأ مرسله من تقصيره فى الخدمة، وذكر له ذنوبا كثيرة، فاعتذر الرسول عن ذلك كلّه، وسأل السلطان الصفح عنه، فقال السلطان: إنى ما سرت وتكلفت هذه الكلفة العظيمة إلا لأجل(14/48)
طرسوس لا غير، ثم فرّق الدراهم على الحاضرين، وصرف الرسول إلى جهة نزل فيها.
وعمل السلطان الخدمة فى يوم السبت سابع شهر ربيع الآخر بالعمق، وحلف التّركمان على طاعته، وأنفق فيهم الأموال، وخلع عليهم نحو مائتى خلعة، وألبس إبراهيم بن رمضان الكلفتة «1» ، وخلع عليه.
ثم تقرّر الحال على أن قجقار القردمىّ نائب حلب يتوجّه بمن معه إلى مدينة طرسوس، ويسير السلطان على مدينة مرعش إلى أبلستين ويتوجّه رسول ابن قرمان بجوابه ويعود إلى السلطان فى مستهلّ جمادى الأولى بتسليم طرسوس، فإن لم يحضر مشى السلطان على بلاده، فسار الرسول صحبة نائب حلب إلى طرسوس، وسار السلطان إلى أبلستين فنزل بالنهر الأبيض فى حادى عشره، فقدم عليه كتاب قجقار القردمىّ نائب حلب بأنه لما نزل بغراس قدم عليه خليفة الأرمن وأكابر الأرمن وعلى يدهم مفاتيح قلعة سيس «2» ، وأنه جهّزهم إلى السلطان، فلما مثلوا بين يدى السلطان خلع عليهم وأعادهم إلى القلعة بعد أن ولّى نيابة سيس للشيخ أحمد أحد أمراء العشرات بحلب، ثم رحل السلطان حتى نزل بمنزلة كوخيك «3» ، فقدم عليه بها كتاب آقباى نائب الشام بأن حسين بن كبك أحرق ملطية، وأخذ أهلها وفرّ منها فى سابع عشر شهر ربيع الأوّل، وأنه نزل بملطية وشاهد ما بها من الحريق، وأنّه لم يتأخّر بها إلا الضعيف العاجز، وأن فلّاحى بلادها نزحوا بأجمعهم عنها، وأن ابن كبك نزل عند مدينة دوركى «4» ، فندبه السلطان أن يسير خلفه حيث سار، ثم أمر السلطان ولده المقام(14/49)
الصّارمى إبراهيم ليتوجّه إلى أبلستين ومعه الأمير جقمق الأرغون شاوى الدّوادار، وجماعة من الأمراء لكبس الأمير ناصر الدين محمد بن دلغادر، فساروا مجدّين فصابحوا أبلستين وقد فرّ منها ابن دلغادر، وأجلى البلاد من سكانها، فجدّوا فى السّير خلفه ليلا ونهارا حتى نزلوا بمكان يقال له كل ولى «1» فى يوم خامس عشره وأوقعوا بمن فيه من التّركمان، وأخذوا بيوتهم وأحرقوها، ثم مضوا إلى خان السلطان «2» ، فأوقعوا أيضا بمن كان هناك وأحرقوا بيوتهم وأخذوا من مواشيهم شيئا كثيرا، ثم ساروا إلى مكان يقال له صاروس «3» ففعلوا بهم كذلك، وباتوا هناك، ثم توجهوا يوم سادس عشره فأدركوا ناصر الدين بك بن دلغادر وهو سائر بأثقاله وحريمه فتتبّعوه وأخذوا أثقاله وجميع ما كان معه، ونجا ابن دلغادر بنفسه على جرائد الخيل، ووقع فى قبضتهم عدة من أصحابه، ثم عادوا إلى السلطان بالغنائم، ومن جملتها مائة جمل بختىّ «4» وخمسمائة جمل نفر «5» ، ومائة فرس، هذا سوى ما نهب وأخذه العسكر من الأقمشة الحرير، والأوانى الفضية ما بين بلّور وفضّيّات وبسط وفرش، وأشياء كثيرة لا تدخل تحت حصر، فسرّ السلطان بذلك، وصار السلطان يتنقّل فى مراعى أبلستين حتى قدم عليه آقباى نائب الشام بعد أن سار فى أثر حسين ابن كبك إلى أن بلغه أنه دخل إلى بلاد الروم، وبعد أن قرّر أمر ملطية بعود أهلها إليها، وبعد أن جهّز الأمير جارقطلو نائب حماة، ومعه نائب ألبيرة «6» ، ونائب قلعة(14/50)
الرّوم، ونائب عينتاب «1» فى عدّة من الأمراء إلى كختا وكركر، فنازلوا القلعتين، وقد أحرق نائب كختا أسواقها وتحصّن بقلعتها، فبعث السلطان إليهم نجدة فيها ألف ومائتا ماش، ثم قدم كتاب ناصر الدين بك بن دلغادر على السلطان يسأل العفو «2» عنه على أن يسلّم قلعة درندة «3» فأجيب إلى ذلك.
وأما قجقار القردمىّ نائب حلب فإنه لما توجّه إلى طرسوس قدّم بين يديه إليها الأمير شاهين الأيد كارى متولّيها من قبل السلطان، فوجد ابن قرمان قد بعث «4» نجدة إلى نائبه بها، وهو الأمير مقبل، فلما بلغ مقبلا المذكور مجىء العساكر السلطانية إليه امتنع بقلعتها، فنزل شاهين الأيدكارى وقجقار القردمىّ عليها.
وكتب قجقار إلى السلطان بذلك، فأجابهم السلطان بالاهتمام فى حصارها، وحرّضهم على ذلك، فلا زالوا على حصارها حتى أخذوها بالأمان فى يوم الجمعة ثامن عشر شهر ربيع الأوّل، وسجنوا مقبلا وأصحابه.
ثم انتقل السلطان إلى منزلة سلطان قشّى «5» ، فقدم عليه بها قاصد الأمير على بك بن دلغادر بهديّة، ثم قدم ناصر الدين بك بن دلغادر مع ولده وصحبته كواهى «6» ومفاتيح قلعة درندة، فأضاف السلطان نيابة أبلستين إلى على بك بن دلغادر مع ما بيده من نيابة مرعش، ثم ركب السلطان ليرى درندة، وسار إليها على جرائد الخيل حتى نزل عليها وبات بظاهرها فامتنعت عليه، صبح فرتّب الأمير آقباى(14/51)
نائب الشام فى إقامته عليها، وأردفه بآلات الحصار والصّنّاع من الزّردخاناه السلطانية، وعاد السلطان إلى مخيّمه فوصل إليه فى تلك الليلة مفاتيح قلعة خندروس من مضافات درندة، ثم ركب السلطان من الغد وبات على سطح العقبة المطلّة على درندة، فلما أصبح ركب بعساكره وعليهم السلاح، ونزل بمخيّمه على قلعة درندة وهى فى شدّة من قوة الحصار، فلما رأى من بها أن السلطان نزل عليهم طلبوا الأمان فأمّنهم ونزلوا بكرة يوم الجمعة، وفيهم داود ابن الأمير محمد بن قرمان، فألبسه السلطان تشريفا، وأركبه فرسا بقماش ذهب، وخلع على جماعته، واستولى السلطان على القلعة، وخلع على الأمير ألطنبغا الجكمىّ أحد رءوس النّوب باستقراره فى نيابة درندة، وأنعم عليه بأربعة آلاف دينار غير السلاح، وخلع على الأمير منكلى بغا الأرغون شاوى أحد أمراء الطّبلخانات بالديار المصرية بنيابة ملطية ودوركى، وأنعم عليه بخمسة آلاف دينار، ثم طلع السلطان إلى قلعة درندة وأحاط بها علما، ثم أرتحل عنها بعد أن مهّد البلاد التى استولى عليها، وعمل مصالحها، وسار حتى نزل على النّهر من غربى أبلستين بنحو مرحلة، فأقام هناك أربعة أيام ليمكّن كلّ من ولى نيابة على عمله ورجوع أهل بلده إليه، ثم رحل ونزل على أبلستين يريد التوجّه إلى بهسنا وكختا وكركر، وأعاد من هناك حمزة بن على بك بن دلغادر إلى أبيه، وجهّز له راية حمراء من الكمخا «1» الإسكندرانى، ونفقة وطبلخاناه.
وكان الأمير آقباى سار إلى بهسنا فقدم الخبر على السلطان من الأمير آقباى بأنه كتب إلى الأمير طغرق بن داود بن إبراهيم بن دلغادر المقيم بقلعة بهسنا يرغّبه فى الطاعة، ويدعوه إلى الحضور إلى الحضرة الشريفة، فاعتذر من حضوره بخوفه على نفسه، فما زال به حتى سلّم القلعة وحضر إليه، فلما كان سادس عشر جمادى الآخرة(14/52)
قدم الأمير آقباى ومعه الأمير طغرق ومن كان معه بالقلعة، وقد قارب السلطان فى مسيره حصن منصور «1» ، فخلع السلطان على طغرق ومن معه، وأنعم عليهم، وأنزل طغرق بخام ضرب له، ونزل السلطان بحصن منصور فورد عليه الخبر بنزول قجقار القردمى على كركر وكختا، وقدم أيضا قاصد قرايلك صاحب آمد «2» من ديار بكر «3» بهدية فقبلها السلطان، وخلع عليه.
ثم قدم فيه أيضا رسول الملك العادل صاحب حصن كيفا «4» بهدية فقبلها السلطان أيضا، فلما كان الغد رحل السلطان ونزل شمالى حصن منصور قريبا من كختاوكركر، وأردف نائب حلب بالأمير جارقطلو نائب حماة وبجماعة من أمراء مصر والشام.
وبعث الأمير يشبك اليوسفى نائب طرابلس لمنازلة كختا، وخلع على الأمير منكلى خجا الأرغون شاوى بنيابة قلعة الرّوم عوضا عن الأمير أبى بكر بن بهادر البابيرى الجعبرى، وخلع على الأمير كمشبغا الرّكنى بنيابة بهسنا عوضا عن الأمير طغرق بن دلغادر، ثم قدم جواب الأمير قرا يوسف، وقرا محمد صحبة القاضى حميد الدين قاضى عسكره، وكتاب شاه أحمد بن قرا يوسف صاحب بغداد من قبل أبيه، وكتاب ببر عمر صاحب أرزنكان «5» بهدية جليلة من قرا يوسف، فأنزل حميد الدين المذكور بمخيّمه، وأجرى عليه ما يليق به.
ثم رحل السلطان حتى نزل على كختا وحصر قلعتها وقد نزح أهل كختا(14/53)
ومعامليها عنها، فنصب المدافع للرّمى على القلعة ورمى عليها، وبينهما هو فى ذلك ورد الخبر على السلطان بقرب قرا يوسف قاصدا قرايلك، فبادر قرايلك وجهّز ابنه حمزة صحبة نائبه شمس الدين أميرزة بهدية من خيل وشعير وسأل الاعتناء به، فأكرم السلطان ولده ونائبه، وقدم أيضا قاصد طرعلى نائب الرّها «1» ، وقاصد الأمير محمد بن دولت شاه صاحب آكل من ديار بكر ومعه مفاتيح قلعتها، فقبلها السلطان، ثم أعادها إليه ومعها تشريف له بنيابتها.
ولما اشتد الحصار على قلعة كختا وفرغ النقّابون من النقب ولم يبق إلا إلقاء النار فيها طلب قرقماس نائبها شمس الدين أميرزة نائب قرايلك فبعثه السلطان إليه، وتردّد المذكور بينه وبين السلطان غير مرّة إلى أن بعث قرقماس ولده رهنا على أنّه بعد رحيل السلطان عنه ينزل ويسلّمها «2» لهم، فأمره السلطان بتسليمها، ورحل السلطان إلى جهة كركر وترك الأمير جقمق الدوادار على كختا، وسارت أثقال السلطان إلى عينتاب فنازل السلطان كركر. ونصب عليها منجنيقا يرمى بحجر زنته ما بين الستين والسبعين رطلا بالدمشقى، وكان ذلك فى يوم الجمعة تاسع عشرين من جمادى الآخرة.
فلما كان أوّل شهر رجب قدم الخبر على السلطان من الأمير جقمق بنزول قرقماس من قلعة كختا ومعه حريمه وتسلّمها نوّاب السلطان، وأنه توجّه ومعه قرقماس المذكور إلى حلب، ثم قدم الخبر على السلطان من الأمير منكلى بغا نائب ملطية بأن طائفة من عسكر قرا يوسف نزلوا تحت قلعة منشار «3» ، ونهبوا بيوت «4» الأكراد، وعدّى الفرات منهم نحو ثلاثمائة فارس، وأنه ركب عليهم وقاتلهم وقتل منهم نحو العشرين(14/54)
وغرق فى الفرات نحو ذلك، وأسر اثنى عشر نفرا، فكتب له السلطان بالشكر والثناء، ثم خلع السلطان على الأمير شاهين حاجب صفد باستقراره فى نيابة كركر، وعلى الأمير كزل بغا أحد أمراء حماة بنيابة كختا، فمضى كزل بغا المذكور إليها من يومه، ورحل السلطان من الغد وهو يوم الثلاثاء رابع شهر رجب، وقد عاوده ألم رجله الذي يعتريه فى بعض الأحيان، فركب المحفّة عجزا عن ركوب الفرس، وعاد إلى جهة البلاد الحلبيّة، إلى أن وصل إلى بلد يقال له كيلك «1» فنزل فى الفرات فى زوارق وصحبته جماعة وسار إلى أن وصل قلعة الرّوم فى عشيّة يوم الخميس سادسه، وبات بها، ونزل من الغد بعد ما رتّب أحوال القلعة، وأنعم على نائبها بخمسمائة دينار، فقدم عليه فى يوم الجمعة سابعه الخبر بأن الأمير قجقار القردمىّ نائب حلب يخبر بهزيمة قرايلك من قرا يوسف وأن الذين معه من العسكر المقيم على كركر خافوا من قرا يوسف وعزموا على الرّحيل، وبينما كتاب قجقار يقرأ قدم كتاب آقباى نائب الشام بأن الأمير قجقار نائب حلب رحل عن كركر بمن معه من غير أن يعلمه، وأنّه عزم على محاصرتها، فكتب إليه السلطان بأن يستمرّ على حصارها.
ثم فى بكرة يوم السبت ثامن شهر رجب انحدر السلطان من قلعة الرّوم، ونزل على ألبيرة فطلع من المراكب إليها وقرّر أمورها، فقدم عليه الخبر من الغد بقرب قرا يوسف، وأن الأمير آقباى نائب الشام صالح الأمير خليلا نائب كركر ورحل عنها بمن معه، فحنق السلطان من ذلك واشتدّ غضبه على الأمير قجقار القردمىّ، ثم رحل من ألبيرة يريد حلب حتى دخلها بكرة يوم الخميس ثالث عشر شهر رجب بأبهة الملك، وقد تلقّاه أهل حلب وفرحوا بقدومه، لكثرة إرجافهم بقدوم قرا يوسف إليها، فاطمأنوا، وطلع السلطان إلى قلعة حلب، ونادى بالأمان، وفرّق على الفقراء والفقهاء مالا جزيلا، وأمر ببناء القصر الذي كان الأمير جكم شرع فى عمارته.
ثم فى سابع عشره قدم الأمير آقباى والأمير قجقار القردمىّ والأمير جارقطلو،(14/55)
فأغلظ السلطان على الأمير قجقار القردمى ووبّخه، فأجابه قجقار بدالّة ولم يراع الأدب معه، فأمر به فقبض عليه، وحبسه بقلعة حلب، ثم أفرج عنه فى يومه بشفاعة الأمراء، وبعثه إلى دمشق بطّالا، وخلع على الأمير يشبك المؤيدى اليوسفى نائب طرابلس باستقراره عوضه بنيابة حلب، وخلع على الأمير بردبك رأس نوبة النّوب باستقراره فى نيابة طرابلس عوضا عن يشبك المذكور.
ثم فى يوم الخميس العشرين من شهر رجب خلع على الأمير ططر باستقراره رأس نوبة كبيرا عوضا عن بردبك المذكور، وخلع على الأمير نكباى باستقراره فى نيابة حماة عوضا عن جارقطلو بحكم عزله، وخلع على جارقطلو المذكور باستقراره نائب «1» صفد عوضا عن خليل التّبريزى الدّشارى، واستقرّ خليل المذكور حاجب الحجّاب بطرابلس فاستعفى خليل من حجوبية طرابلس فأعفى.
وخلع السلطان على الأمير سودون قراسقل حاجب الحجاب بالديار المصرية باستقراره فى حجوبيّة طرابلس. قلت: درجات إلى أسفل.
وخلع على الأمير شاهين الأرغون شاوى باستقراره فى نيابة قلعة دمشق عوضا عن ألطنبغا المؤيدى المرقبى بحكم انتقال المرقبى إلى تقدمة ألف بالديار المصرية.
ثم فى رابع عشرينه رسم السلطان للنوّاب بالتوجه إلى محلّ كفالتهم بعد أن خلع عليهم خلع السفر.
ثم فى سادس عشرينه استدعى السلطان مقبلا القرمانى ورفاقه فضربه ضربا مبرّحا ثم صلبه هو ومن معه.
ثم فى يوم الاثنين أول شعبان قدم قاصد كردى بك ومعه الأمير سودون اليوسفى أحد الأمراء المتسحّبين من وقعة قانى باى نائب الشام وقد قبض عليه، فسمّره الملك المؤيد من الغد تحت قلعة حلب، ثم وسّطه، فعيب ذلك على السلطان كون سودون(14/56)
المذكور كان من جملة أمراء الألوف ثم من أعيان المماليك الظاهرية ووسّط مثل قطّاع الطريق.
ثم خلع السلطان على تمراز باستقراره فى حجوبية حلب عوضا عن آقبلاط الدّمرداشىّ، وكان السلطان خلع على الأمير يشبك الجكمى الدّوادار الثانى باستقراره أمير حاج المحمل، وسيّره إلى القاهرة، فوصلها فى شعبان المذكور فوجد القاهرة مضطربة والناس فى هرج كونهم أمسكوا بالقاهرة نصرانيا وقد خلا بامرأة مسلمة فاعترفا بالزّنا «1» فرجما خارج باب الشعرية «2» ظاهر القاهرة عند قنطرة الحاجب «3» ، وأحرق العامة النّصرانىّ، ودفنت المرأة، فكان يوما عظيما.
ثم عزل السلطان تمراز المذكور عن حجوبيّة الحجاب «4» واستقر عوضه بالأمير عمر سبط ابن شهرى.
ثم خرج السلطان فى ثامن عشر شعبان المذكور من حلب ونزل بعين مباركه «5» واستقلّ بالمسير منها فى عشرينه يريد جهة دمشق، ونزل قنّسرين «6» وأعاد منها الأمير يشبك نائب حلب إليها، وسار عشيّة يوم الجمعة سادس عشرينه حتى قدم دمشق فى بكرة يوم الخميس ثالث شهر رمضان ونزل بقلعتها، فكان لقدومه دمشق يوما مشهودا، وأخذ فى إصلاح أمر البلاد الشاميّة إلى يوم الاثنين سابع شهر رمضان فأمسك الأمير آقباى المؤيدى نائب الشام، وقيّده وسجنه بقلعة دمشق.(14/57)
وسبب القبض على آقباى المذكور أنّ السلطان الملك المؤيّد كان اشتراه فى أيام إمرته صغيرا بألفى درهم من دراهم لعب الكنجفة «1» ، وهو أنّ الملك المؤيّد كان قاعدا يلاعب بعض أصحابه بالكنجفة وقد قمر ذلك الرجل بدراهم كبيرة، فأدخل عليه آقباى المذكور مع تاجره فأعجبه واشتراه، وطلب خازنداره ليقبض التّاجر ثمن آقباى المذكور فلم يجده، فوزن له المؤيد ثمنه من تلك الدّراهم التى قمرها، ثم رباه وأعتقه وجعله خازنداره، ثم رقّاه أيام سلطنته إلى أن جعله من جملة أمراء الألوف، ثم دوادارا كبيرا بعد موت جانى بك المؤيدى، ثم ولّاه نيابة حلب.
وكان آقباى شجاعا مقداما مجبولا على طبيعة الكبر، تحدّثه نفسه كلّما انتهى إلى منزلة عليّة إلى أعلى منها، فلمّا ولى نيابة حلب استخدم جماعة من مماليك قانى باى المحمدى نائب الشّام بعد قتله، وأنعم عليهم بالعطاياهم وغيرهم، وبلغ ذلك المؤيد فلم يحرّك ساكنا حتى أشيع عنه الخروج عن الطاعة، وتواترت على المؤيد الأخبار بذلك لاسيّما الأمير ألطنبغا المرقبىّ نائب قلعة حلب فإنه بالغ إلى الغاية، فلما تحقّق الملك المؤيد أمره بادر إلى السّفر إلى جهة بلاد الشام، واحتج بأمر من الأمور، وبلغ آقباى أنّ السلطان بلغه أمره وعزم على السّفر إلى البلاد الشّاميّة لأجله، ورأى أنّ أمره لم يستقم إلى الآن مع معرفته بصولة أستاذه الملك المؤيد فخاف أن يقع له كما وقع لقانى باى ونوروز وغيرهم، وهم هم، فركب من حلب على حين غفلة فى ثمانى هجن كما تقدّم ذكره، وقدم القاهرة بغتة يخادع بذلك السلطان، فانخدع له الملك المؤيد فى الظاهر، وفى الباطن غير ذلك، وقد تجهّز للسفر فلم يمكنه الرّجوع عن السّفر لما أشيع بسفره فى الأقطار، ويقال فى الأمثال: الشّروع ملزم. فخلغ عليه بنيابة الشّام عوضا عن ألطنبغا العثمانى وفى النفس ما فيها، ووقع ما حكيناه من أمر سفر السّلطان ورجوعه إلى دمشق، فلما قدم إلى دمشق وشى بآقباى إلى السلطان دواداره الأمير شاهين الأرغون شاوىّ فى جماعة من أمراء دمشق أن آقباى المذكور يترقّب مرض(14/58)
السلطان إذا عاوده ألم رجله، وأنه استخدم جماعة من أعداء السلطان، وأنّ حركاته كلّها تدل على الوثوب، فعند ذلك تحرّك ما عند السلطان من الكوامن وقبض عليه، وولى مكانه نائب دمشق الأمير تنبك العلائى ميق «1» الأمير آخور الكبير بعد تمنّع كبير من تنبك إلى أن أذعن ولبس التّشريف «2» ، فطلب السلطان الأمير قجقار القردمى نائب حلب- كان- وهو بطّال بدمشق، وأنعم عليه بإقطاع الأمير تنبك ميق المذكور، ثم أفرج السلطان عن الأمير ألطنبغا العثمانى نائب الشّام- كان- ورسم له بالتوجه إلى القدس بطّالا، وأقام السلطان بدمشق إلى يوم الاثنين رابع عشر شهر رمضان من سنة عشرين وثمانمائة فخرج من دمشق يريد الدّيار المصرية، ونزل بقبّة يلبغا، ثم سار من قبّة يلبغا وأعاد الأمير تنبك ميق إلى محل كفالته بدمشق [وسار] «3» إلى أن قدم القدس فى بكرة يوم الجمعة خامس عشرينه فزاره وفرّق به أموالا جزيلة وصلى الجمعة، وجلس بالمسجد الأقصى وقرىء صحيح البخارى من ربعة فرّقت بين يديه على الفقهاء القادمين إلى لقائه من القاهرة، ومن كان بالقدس من أهله، ثم قام المدّاح بعد فراغهم، وخلع السلطان عليهم، فكان يوما مشهودا.
ثم سار السلطان من الغد إلى الخليل- عليه السلام- فزاره وتصدق فيه أيضا بجملة، وخرج منه وسار يريد غزّة، فلقيه أستاداره فخر الدين عبد الغنى بن أبى الفرج فى قرية السّكرية «4» ، وقبّل الأرض بين يديه، وناوله قائمة فيها ما أعده له من الخيول والأموال وغيرها، فسّر السلطان بذلك على ما سنذكره فيما بعد.
وسار حتى نزل مدينة غزّة فى يوم الاثنين ثامن عشرين شهر رمضان، وأقام بها(14/59)
إلى أن خرج منها فى آخر يوم السبت أول شوال بعد ما صلى صلاة العيد على المصطبة المستجدة ظاهر غزّة، وصلى به وخطب شيخ الإسلام قاضى القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقينى.
وسار السلطان حتى نزل بخانقاه سرياقوس فى يوم الجمعة تاسع شوال، فأقام بالخانقاه المذكورة من يوم الجمعة إلى يوم الأربعاء رابع عشره، وركب منها بعد أن عمل بها أوقاتا طيّبه ودخل حمّامها غير مرة، وسار حتى نزل خارج القاهرة عند مسجد التّبن، وبات هناك، ثم ركب من الغد فى يوم الخميس خامس عشر شوال من الريدانية بأبهة السلطنة وشعار الملك، وعساكره وأمراؤه بين يديه، ودخل القاهرة من باب النصر «1» وولده المقام الصارمى إبراهيم يحمل القبة والطير على رأسه، وترجّل المماليك من داخل باب النّصر ومشوا بين يديه، وسارت الأمراء على بعد ركّابا وعليهم وعلى القضاة والخليفة التشاريف، وكذلك سائر أرباب الدّولة، ومرّ السلطان على ذلك إلى أن نزل بجامعه الذي أنشأه بالقرب من باب زويله، وقد زيّنت القاهرة لقدومه، وأشعلت حوانيتها الشّموع والقناديل، وقعدت المغانى صفوفا على الدكاكين تدق «2» بالدفوف، ولما نزل بالجامع المذكور مدّله الأستادار سماطا عظيما به، فأكل السلطان هو وعساكره، ثم ركب من باب المؤيدية، وخرج من باب زويلة بتلك الهيئة المذكورة، وسار إلى أن طلع إلى قلعة الجبل من باب السّرّ «3» راكبا بشعار الملك حتى دخل من باب السّتارة وهو على فرسه إلى قاعة العواميد «4» من الدور السّلطانية، فنزل عن فرسه بحافة «5»(14/60)
الإيوان، وقد تلقاه حرمه بالتهانى والزّعفران، فكان لقدومه يوما مشهودا لم يسمع بمثله إلا نادرا.
ثم فى يوم الاثنين تاسع عشر شوال خلع السلطان على الأمير قجقار القردمىّ المعزول عن نيابة حلب باستقراره أمير سلاح على عادته قبل نيابة حلب، وخلع على الأمير طوغان أمير آخور باستقراره أمير آخور كبيرا عوضا عن تنبك ميق بحكم توليته نيابة دمشق، وخلع على الأمير ألطنبغا المرقبىّ المعزول عن نيابة قلعة حلب باستقراره حاجب الحجّاب بالديار المصرية عوضا عن سودون قراسقل بحكم استقرار سودون المذكور فى حجوبيّة طرابلس، وخلع على فخر الدين بن أبى الفرج خلعة الاستمرار على وظيفة الأستادارية.
ثم فى يوم الثلاثاء عشرينه خرج محمل الحاج إلى الرّيدانية خارج القاهرة وأمير حاج المحمل الأمير يشبك الجكمىّ المقدّم ذكره.
ثم فى يوم الخميس ثانى عشرينه ركب السلطان ونزل من القلعة بأمرائه وخاصّكيّته وسرح إلى برّ الجيزة لصيد الكراكى «1» وغيرها، وعاد فى آخره من باب القنطرة «2» ومرّ من بين السّورين «3» ، ونزل فى بيت فخر الدين بن أبى الفرج الأستادار فقدّم له فخر الدين المذكور عشرة آلاف دينار، ثم ركب السلطان من بيت فخر الدين وسار حتى شاهد الميضأة التى بنيت للجامع المؤيدى، ثم صعد إلى القلعة، ثم ركب من الغد وسرح أيضا وعاد فى يوم الأحد خامس عشرينه.(14/61)
وفى يوم الاثنين سادس عشرينه خلع على أرغون شاه النّوروزىّ الأعور باستقراره وزيرا عوضا عن فخر الدين بن أبى الفرج، وخلع على فخر الدين المذكور خلعة الاستمرار على وظيفة الأستادارية فقط، وأن يكون مشير الدّولة.
وأما هدية «1» فخر الدين بن أبى الفرج المذكور التى وعدنا بذكرها «2» عندما قدم السلطان إلى الديار المصرية بلغت أربعمائة ألف دينار عينا، وثمانية عشر ألف أردب غلّة وما وفّره من ديوان المفرد ثمانين ألف دينار، وما جباه من النواحى- قبليا وبحريا- مائتى ألف دينار، ومن إقطاعه ثلاثين ألف دينار، وذلك سوى مائتى ألف دينار حملها إلى السلطان وهو بالبلاد الشّاميّة.
ولما كان يوم الأربعاء سادس ذى القعدة قدم على السلطان الخبر من الأمير تنبك العلائى ميق نائب الشام بأنه فى ليلة السبت رابع عشرين شوّال خرج الأمير آقباى نائب الشام- كان- من سجنه بقلعة دمشق وأفرج عمن كان بها من المسجونين، وهجم بهم آقباى على نائب قلعة دمشق فهرب نائب القلعة، ونزل إلى المدينة، وخرج آقباى فى أثره إلى باب الجديد بمن معه فسمع الأمير تنبك الضّجّة فركب بمماليكه، وأدرك نائب القلعة، وركبت عساكر دمشق فى الحال، فأغلق آقباى باب قلعة دمشق، وامتنع بها بمن معه، وأن تنبك مقيم على حصار القلعة، فتشوّش السلطان لذلك، وكتب إلى تنبك المذكور بالجدّ فى أخذه، فقدم من الغد أيضا كتاب الأمير تنبك ميق بأن آقباى استمرّ بالقلعة إلى ليلة الاثنين سادس عشرين شوّال، ثم نزل منها بقرب باب الجديد ومشى فى نهر بردى «3» إلى طاحون بباب الفرج فاختفى به، فقبض عليه «4» هناك وعلى طائفة معه، وتسحّب طائفة، فكتب جواب تنبك بأن يعاقب(14/62)
آقباى حتى يقرّ على الأموال ثم يقتل، ورسم بأن يستقرّ الأمير شاهين مقدّم التركمان والحاجب الثانى بدمشق فى نيابة قلعة دمشق ويستقرّ عوضه حاجبا ثانيا كمشبغا طولو، وفى تقدمة التركمان الأمير شعبان بن اليغمورى أستادار السلطان بدمشق.
ثم فى يوم الجمعة ثامن ذى القعدة خرج المقام الصارمىّ إبراهيم بن السلطان فى عدة من الأمراء إلى الوجه القبلى لأخذ تقادم العربان وولاة الأعمال.
وفى يوم الاثنين حادى عشر ذى القعدة عدّى السلطان النيل إلى البرّ الغربى، وسرح إلى الطّرّانة «1» بالبحيرة، وعاد فى يوم الاثنين حادى عشر منه بعد أن وصل إلى العطايا «2» ولم يعدّ النيل بل نزل بالقصر الذي أنشأه القاضى ناصر الدين بن البارزى كاتب السرّ ببرّ منبابة»
تجاه بولاق، وكان قد شرع فى أساسه قبل سرحه السلطان، ففرغ منه بعد أربعة أيام، واستمرّ به السلطان ثلاثة أيام، ثم ركب البحر وتصيّد بناحية سرياقوس وركب وعاد إلى القلعة.
ثم فى سادس عشر ذى الحجة ركب السلطان من القلعة ونزل بالجامع المؤيدى ومعه خواصّه لا غير، ثم توجّه منه إلى بيت ناصر الدين بن البارزى كاتب السرّ بسويقة «4» المسعودى، فقدّم له كاتب السرّ تقدمة فأخذها، ثم ركب إلى القلعة.
ثم فى يوم السبت عشرين ذى الحجة قدم الصارمى إبراهيم من سفره بعد أن وصل إلى جرجا «5» .(14/63)
[ما وقع من الحوادث سنة 821]
ثم فى سادس عشر المحرم من سنة إحدى وعشرين وثمانمائة ورد الخبر على السلطان من الحجاز بأن الأمير يشبك الجكمى الدّوادار الثانى أمير حاج المحمل لمّا قدم المدينة النبوية بعد انقضاء الحج أظهر أنه يسير إلى الركب العراقى يبتاع منه جمالا، ومضى فى نفر يسير وتسحّب صحبة الركب العراقى خوفا أن يصيبه من السلطان ما أصاب الأمير آقباى نائب الشام، وكان يشبك المذكور صديقا لآقباى، وأشيع أنه كان اتّفق معه فى الباطن فى الوثوب على السلطان، وسار يشبك المذكور حتى دخل العراق، وقدم على الأمير قرا يوسف فأكرمه قرا يوسف وأجرى عليه الرّواتب، ودام عنده إلى أن مات قرا يوسف، ثم مات الملك المؤيد، وقدم على الأمير ططر بدمشق فولّاه الأمير آخوريّة الكبرى حسبما يأتى ذكر ذلك كله فى محله.
وفى ليلة الخميس رابع عشرين المحرم كان الوقيد ببرّ منبابة بين يدى السلطان بعد أن عاد السلطان من وسيم حيث مربط خيوله على الربيع «1» ، ونزل بالقصر المذكور بحرى منبابة.
وألزم السلطان الأمراء بحمل الزّيت والنّفط، فجمع من ذلك شىء كثير، وأخذ من قشر البيض وقشر النارنج ومن المسارج الفخار وجعل فيها الفتايل والزّيت، ثم أرسلت فى النيل بعد غروب الشمس بنحو ساعة، وأطلقت النّفوط وقد امتلأ البرّان بالخلائق للفرجة على ذلك، فكان لهذا الوقيد منظر بهج، وانحدر فى النيل إلى أن فرغ زيت بعضها وأطفأ الهوى البعض.
ثم فى يوم السبت سادس عشرين المحرّم أمسك السلطان الأمير بيبغا المظفّرى «2» الظاهرى أمير مجلس، وحمل مقيّدا إلى الإسكندرية، ثم نودى بالقاهرة وظواهرها أن كل غريب يخرج من القاهرة ويعود إلى وطنه.(14/64)
ثم فى يوم السبت رابع صفر وسّط السلطان قرقماس الذي كان متولى كختا، ووسّط معه أيضا خمسة عشر رجلا من أصحابه خارج باب النصر، وكانوا فيمن أحضرهم السلطان معه من البلاد الشامية- لما قدم من السّفر- فى الحديد.
ثم فى سادس صفر المذكور ركب السلطان متخفّفا ومعه ولده الصّارمى إبراهيم فى نفر يسير ونزل بجامعه عند باب زويلة، ثم توجّه منه إلى بيت فخر الدين بن أبى الفرج الأستادار فأكل عنده السّماط، ثم قدّم له فخر الدين خمسة آلاف دينار، ثم ركب من بيت فخر الدين المذكور وتوجه إلى بيت الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله ناظر الخاص ونزل عنده، فقدّم له ثلاثة آلاف دينار، وعرض عليه خزانة الخاصّ، فأنعم منها السلطان على ولده إبراهيم وعلى من معه من الأمراء بعدّة ثياب حرير وفرو سمّور، ثم ركب السلطان وعاد إلى القلعة.
ثم فى ثانى عشرينة ركب السلطان ونزل من القلعة لعيادة الأمير الكبير ألطنبغا القرمشىّ من وعك كان حصل له، ثم ركب من عنده وتوجّه إلى بيت الأمير جقمق الدّوادار، فنزل عنده «1» وأقام يومه كله، وعاد من آخر النهار إلى القلعة على حالة «2» غير مرضية من شدّة السّكر.
ثم فى ثامن عشرين شهر ربيع الأول قدم الأمير بردبك الخليلى نائب طرابلس إلى القاهرة بطلب لشكوى أهل طرابلس عليه لسوء سيرته.
وعاود السلطان ألم رجله، وانقطع عن الخدمة ولزم الفراش، وقبض على الأمير الوزير أرغون شاه النّوروزىّ الأعور، وعلى الأمير آقبغا شيطان والى القاهرة وسلّمها إلى فخر الدين بن أبى الفرج ليصادرهما، ثم خلع السلطان على الأمير بردبك نائب طرابلس باستقراره فى نيابة صفد، واستقر عوضه فى نيابة طرابلس الأمير(14/65)
برسباى الدّقماقّى «1» أحد أمراء الألوف بالديار المصرية بعد أن طلب من الغربية، وكان توجّه برسباى لعمل جسورها كاشف الوجه الغربى، وبرسباى هذا هو الملك الأشرف الآتى ذكره فى محله، ثم خلع السلطان على الوزير أرغون شاه باستقراره أمير التّركمان بثلاثين ألف دينار، ونقل الأمير سنقر نائب المرقب «2» إلى نيابة قلعة دمشق عوضا عن شاهين، واستقر ألطنبغا الجاموس فى نيابة المرقب، واستقر سودون الأسندمرى الأمير آخور الثانى- كان- فى دولة الملك الناصر فرج فى أتابكيّة طرابلس، وكان الملك المؤيد أفرج عنه من سجن الإسكندرية قبل ذلك بمدة يسيرة، وأنعم السلطان بإقطاع الأمير برسباى الدّقماقى المنتقل إلى نيابة طرابلس على [الأمير] «3» فخر الدين [بن أبى الفرج] «4» الأستادار، وبإقطاع فخر الدين على بدر الدين بن محبّ الدين، وقد استقرّ وزيرا عوضا عن أرغون شاه.
ثم فى أول جمادى الأولى تحرك عزم السلطان إلى سفر الحجاز «5» ، وكتب إلى أمراء الحجاز بذلك، وعرض السلطان المماليك وعيّن عدة منهم للسّفر معه إلى الحجاز، وأخرج الهجن وجهّز الغلال فى البحر، ثم رسم السلطان باستقرار شاهين الزّردكاش «6» حاجب حجّاب دمشق فى نيابة حماة عوضا عن الأمير نكباى، وأن يستقرّ نكباى فى حجوبيّة دمشق.
ثم فى ثامن جمادى الأولى عزل السلطان جلال الدين البلقينى عن القضاء، وخلع على شمس الدين محمد الهروى باستقراره قاضى قضاة الشافعيّة بالديار المصرية عوضا عن البلقينى.
ثم فى ثامن عشر شهر رجب خلع السلطان على الأمير قرامراد خجا أحد مقدمى(14/66)
الألاف بالديار المصرية باستقراره فى نيابة صفد، وأنعم بإقطاعه على الأمير جلبّان رأس نوبة ابن السلطان.
ثم فى يوم الاثنين خامس عشرين رجب «1» المذكور ركب السلطان من قلعة الجبل إلى ظاهر القاهرة وعبر من باب النّصر ومرّ فى شوارع المدينة إلى القلعة وبين يديه الهجن التى عيّنت للسّفر معه إلى الحجاز وعليها الأكواز الذهب والفضة والكنابيش الزّركش، فكان يوما عظيما، فتحقّق كلّ أحد سفر السلطان إلى الحج، وسار السلطان حتى طلع إلى القلعة، فما هو أن استقرّ به الجلوس إلا ووصل الأمير بردبك الحمزاوىّ «2» أحد أمراء الألوف بحلب ومعه نائب كختا الأمير منكلى بغا بكتاب نائب حلب وكتاب الأمير عثمان بن طر على المدعو قرايلك بأن قرايلك صاحب العراق قصده ليكبس عليه، وقبل أن يركب قرايلك هجمت عليه فرقة من عسكر قرا يوسف فركب وسار منهزما إلى أن وصل إلى مرج دابق «3» ، ثم دخل حلب فى نحو ألف فارس بإذن الأمير يشبك اليوسفىّ نائب حلب له، فجفل من كان خارج مدينة حلب بأجمعهم، واضطرب من بداخل سور حلب وألقوا أنفسهم من السّور، ورحل أجناد الحلقة ومماليك النائب المستخدمين بحريمهم وأولادهم حتى ركب نائب حلب وسكّن روع الناس، وعرّفهم أن قرايلك لم يقدم إلى حلب إلا بإذنه، وأنه مستجير بالسلطان.
وبينما هو فى ذلك رحل قرايلك من ليلته وعاد إلى جهة الشرق خوفا من يشبك نائب حلب أن يقبض عليه.
فلما بلغ السلطان قرب قرا يوسف من بلاده انثنى عزمه عن السفر للحجاز فى(14/67)
هذه «1» السنة، وكتب فى الحال إلى العساكر الشاميّة بالمسير إلى حلب والأخذ فى تهيئة الإقامات السلطانية.
وأصبح السلطان فى يوم الثلاثاء سادس عشرين شعبان جمع القضاة والخليفة وطلب شيخ الإسلام جلال الدين البلقينى، وقصّ عليهم خبر قرا يوسف وما حصل لأهل حلب من الخوف والفزع وجفلتهم هم وأهل حماة، وأن الحمار بلغ ثمنه عندهم خمسمائة درهم فضّة، والإكديش «2» إلى خمسين دينارا، وأن قرا يوسف فى عصمته أربعون امرأة، وأنه لا يدين بدين الإسلام، وكتبت صورة فتوى فى المجلس فيها كثير من قبائحه، وأنه قد هجم على ثغور المسلمين، ونحو هذا من الكلام، فكتب البلقينى والقضاة بجواز قتاله «3» ، وكتب الخليفة خطّه بها أيضا وانصرفوا ومعهم الأمير مقبل الدّوادار، فنادوا فى الناس بالقاهرة بين يدى الخليفة والقضاة بأن قرا يوسف يستحلّ الدماء ويسبى الحريم، فعليكم بجهاده كلكم بأموالكم وأنفسكم، فدهى الناس عند سماعهم ذلك واشتد قلقهم.
ثم كتب إلى ممالك الشام أن ينادى بمثل ذلك فى كل مدينة، وأنّ السلطان واصل إليهم بنفسه.
ثم فى يوم الأربعاء سابع عشرين شعبان المذكور نودى بالقاهرة فى أجناد «4» الحلقة بتجهيز أمرهم بالسّفر إلى الشام، ومن تأخّر منهم حلّ به كذا وكذا من الوعيد.
ثم فى أوّل شهر رمضان قدم الخبر من حلب برحيل قرايلك منها كما تقدّم(14/68)
ذكره، وأن يشبك نائب حلب مقيم بالميدان وعنده نحو مائة وأربعين فارسا، وقد خلت حلب من أهلها إلا من التجأ لقلعتها، وأن يشبك بينما هو فى الميدان جاءه الخبر أن عسكر قرا يوسف قد أدركه فركب قبيل الفجر من الميدان وإذا بمقدّمتهم على وطاة بابلّة «1» فواقعهم يشبك بمن معه حتى هزمهم وقتل وأسر جماعة، فأخبروه أنهم جاءوا للكشف لخبر قرايلك، وأن قرا يوسف بعين تاب، فعاد يشبك وتوجّه إلى سرمين، فلمّا بلغ قرا يوسف هزيمة عسكره كتب إلى يشبك نائب حلب يعتذر عن نزوله بعين تاب، وأنّه ما قصد إلا قرايلك، فبعث إليه يشبك صاروخان مهمندار «2» حلب، فلقيه على جانب الفرات وقد جازت عساكره الفرات، وهو على نيّة الجواز، فأكرمه قرا يوسف واعتذر إليه ثانيا عن وصوله إلى عين تاب، وحلف له أنه لم يقصد دخول الشّام، وأعاده بهدية للنائب، فهدأ ما بالناس بحلب، وسرّ السلطان أيضا بهذا الخبر.
وكان سبب حركة قرا يوسف أن قرا يلك المذكور فى أوائل شعبان هذا نزل على مدينة ماردين «3» - وهى داخلة فى حكم قرا يوسف- فأوقع بأهلها وأسرف فى قتلهم وسبى أولادهم ونسائهم، وباع الأولاد كلّ صغير بدرهمين، وحرق المدينة ونهبها، ثم رجع إلى آمد، فلما بلغ قرا يوسف الخبر غضب من ذلك وسار ومعه الأمراء الذين تسحّبوا من واقعة قانى باى مثل الأمير سودون من عبد الرحمن، وطرباى، وتنبك البجاسىّ، ويشبك الجكمى وغيرهم، يريدون أخذ الثأر من قرايلك حتى نزل آمد ثم رحل عنها يريد قرايلك، فسار قرايلك إلى جهة البلاد الحلبيّة، فسار خلفه قرا يوسف حتى قطع الفرات ووقع ما حكيناه.
ثم فى خامس شهر رمضان المذكور نودى فى أجناد الحلقة بالعرض على السلطان(14/69)
فعرضوا عليه فى يوم الجمعة سادسه، وابتدأ بعرض من هو فى خدمة الأمراء، فخيّرهم بين الاستمرار فى جملة أجناد الحلقة وترك خدمة الأمراء أو الإقامة فى خدمة الأمراء وترك أخباز الحلقة، فاختار بعضهم خدمة الأمراء وترك خبزه الذي بالحلقة، واختار بعضهم ضدّ ذلك، فأخرج السلطان إقطاع من اختار خدمة الأمراء، وصرف من خدمة الأمراء من أراد الإقامة على إقطاعه بالحلقة، وشكا إليه بعضهم قلّة متحصّل إقطاعه فزاده، وعدّ هذا من جودة تدبير الملك المؤيّد وسيره على القاعدة القديمة؛ فإن العادة كانت فى هذه الدّولة التركيّة أن يكون عسكر مصر على ثلاثة أقسام:
قسم يقال لهم أجناد الحلقة، وموضوعهم أن يكونوا فى خدمة السلطان، ولكل منهم إقطاع فى أعمال مصر، وكل ألف منهم مضافة إلى أمير «1» مائة ومقدّم ألف «2» ، ولهذا المعنى سمّى الأمير بمصر أمير مائة، أعنى صاحب مائة مملوك فى خدمته ومقدم ألف من هؤلاء أجناد الحلقة، ويضاف أيضا لكل مقدّم ألف أمير طبلخاناه وأمير عشرين وأمير عشرة ومقدّم الحلقة، فإذا عيّن السلطان أميرا إلى جهة من الجهات نزل ذلك الأمير فى الوقت وتهيّأ بعد أن أعلم مضافيه، فيخرج الجميع فى الحال- انتهى.
وكان نظير هؤلاء أيام الخلفاء أهل العطاء وأهل الدّيوان.
والقسم الثانى [يقال لهم] «3» مماليك السلطان، ولهم جوامك «4» ورواتب مقرّرة على ديوان السلطان فى كل شهر وكسوة فى السنة.
والقسم الثالث يقال لهم مماليك الأمراء يخدمون الأمراء، وكل من هؤلاء لا يدخل مع آخر فيما هو فيه، فلذلك كانت عدّة عساكر مصر أضعاف ما هى الآن، وهؤلاء غير(14/70)
الأمراء، ثم تغيّر ذلك كلّه فى أيام الملك الظاهر برقوق لمّا وثب على الملك، فصارت الأمراء يشترون إقطاعات الحلقة أو يأخذونها من السلطان باسم مماليكهم أو طواشيتهم ثم لا يكفهم ذلك حتى ينزلونهم أيضا فى بيت السلطان بجامكيّة، فيصير الواحد من مماليك الأمراء جندىّ حلقة ومملوك سلطان وفى خدمة أمير، فيصير رزق ثلاثة أنفس إلى رجل واحد، فكثر متحصّل قوم وقلّ متحصّل آخرين، فضعف عسكر مصر لذلك، فعلى هذا الحساب يكون العسكر الآن بثلث ما كان أوّلا، هذا غير ما خرج من الإقطاعات فى وجه الرّزق والأملاك وغير ذلك، وهو شىء كثير جدا يخرج عن الحدّ، فمن تأمّل ما ذكرناه علم ما كان عدّة عسكر مصر أوّلا، وما عدته الآن.
هذا مع ما خرّب من النواحى من كثرة المغارم والظّلم المترادف، وقلّة نظر الحكّام فى أحوال البلاد، ولولا ذلك لكان عسكر مصر لا يقاومه عدوّ ولا يدانيه عسكر- انتهى.
ثم فى سابع شهر رمضان هذا أفرج السلطان عن الأمير كمشبغا الفيسىّ أمير آخور- كان- فى الدولة الناصرية، وعن الأمير قصروه من تمراز وكانا بسجن الإسكندرية، وعن الأمير كزل العجمى الأجرود حاجب الحجاب- كان- فى الدولة الناصرية من حبس صفد، وعن الأمير شاهين نائب الكرك، وكان بقلعة دمشق.
ثم فى تاسعه ورد الخبر من حلب بأن قرا يوسف أحرق أسواق عين تاب ونهبها فصالحه أهلها على مائة ألف درهم وأربعين فرسا، فرحل عنها بعد أربعة أيام إلى جهة ألبيرة، وعدّى معظم جيشه إلى البرّ الشرقى فى يوم الاثنين سابع عشر شعبان، وعدّى قرا يوسف من الغد ونزل ببساتين ألبيرة وحصرها، فقاتله أهلها يومين وقتلوا منه جماعة فدخل البلد ونهبها وأحرق أسواقها، وقد امتنع الناس منها ومعهم حريمهم بالقلعة، ثم رحل فى تاسع عشر شعبان إلى بلاده بعد ما أحرق ونهب جميع نواحى ألبيرة ومعاملتها.
ولما بلغ السلطان رجوع قرا يوسف إلى بلاده فرح بذلك وسكت عن السّفر إلى(14/71)
البلاد الشاميّة، وبينما السلطان فى ذلك قدم عليه الخبر أن ابن قرمان مشى على طرسوس «1» وحارب أهلها فقتل من الفريقين خلق كثير، ودام القتال بينهم إلى أن رحل عنها فى سابع شعبان من ألم اشتدّ بباطنه، فجلس السلطان فى ثالث عشر شهر رمضان لعرض أجناد الحلقة، فعرض عليه منهم زيادة على أربعمائة نفس ما بين كبير وصغير وسعيد وفقير، فمن كان إقطاعه قليل المتحصّل أشرك معه غيره، ومثال ذلك أن جنديّا يكون متحصل إقطاعه فى السنة سبعة آلاف درهم فلوسا وآخر متحصله ثلاثة آلاف، فألزم الذي إقطاعه يعمل ثلاثة آلاف أن يعطى الذي إقطاعه يعمل سبعة آلاف مبلغ ثلاثة آلاف ليسافر صاحب السبعة آلاف، ويقيم صاحب الثلاثة آلاف، فهذا نوع.
ثم أفرد السلطان جماعة ممّن متحصل إقطاعاتهم قليلة، وجعل كل أربعة منهم مقام رجل واحد يختارون منهم واحدا يسافر ويقوم الثلاثة الأخر بكلفه.
ورسم السلطان أنّ المال المجتمع من أجناد الحلقة يكون تحت يد قاضى القضاة شمس الدين الهروىّ الشافعى، واستمر العرض بعد ذلك فى كل يوم سبت وثلاثاء إلى ما يأتى ذكره إن شاء الله تعالى.
وفى الغد وهو يوم رابع عشر شهر رمضان ورد الخبر على السلطان من طرابلس بنزول التّركمان الإيناليّة والأوشريّة على صافيتا «2» من عمل طرابلس جافلين من قرا يوسف، وأنهم نهبوا بلادها وأحرقوا منها جانبا، وأن الأمير برسباى الدّقماقى «3» نائب طرابلس رجّعهم عن ذلك فلم يرجعوا وأمرهم بالعود إلى بلادهم بعد رجوع قرا يوسف فأجابوا بالسّمع والطّاعة، وقبل رحيلهم ركب عليهم الأمير برسباى الدّقماقى المذكور بعسكر طرابلس وقاتلهم فى يوم الثلاثاء سادس عشرين شعبان، فقتل بين(14/72)
الطائفتين خلق كثير منهم الأمير سودون الأسندمرىّ أتابك طرابلس وثلاثة عشرة نفسا من عسكر طرابلس، ثم انهزم الأمير برسباى المذكور بمن بقى معه من عسكر طرابلس عراة على أقبح وجه إلى طرابلس وحصل عليهم من الخوف مالا مزيد عليه.
فلما بلغ الملك المؤيد هذا الخبر غضب غضبا شديدا ورسم فى الحال بعزل برسباى المذكور عن نيابة طرابلس واعتقاله بقلعة المرقب، وكتب بإحضار الأمير سودون القاضى نائب الوجه القبلى من أعمال مصر ليستقرّ فى نيابة طرابلس عوضا عن برسباى هذا، وبرسباى المذكور هو الملك الأشرف الآتى ذكره فى محله، وخلع على الملطىّ واستقرّ فى نيابة الوجه القبلى عوضا عن سودون القاضى، وقدم سودون القاضى من الوجه القبلى فى يوم الاثنين ثامن شوال وقبّل الأرض بين يدى السلطان وهو بمخيّمه بسرحة سرياقوس، وبعد عوده من سرحة سرياقوس وغيرها خلع على سودون القاضى بنيابة طرابلس فى خامس عشر شوال، وخلع على الأمير كمشبغا الفيسى أحد الأمراء البطّالين بالقاهرة باستقراره أتابك طرابلس بعد قتل سودون الأسندمرىّ.
ثم ركب السلطان أيضا إلى الصّيد وعاد وقد عاوده ألم رجله ولزم الفراش.
وخلع فى سادس عشره على سيف الدين أبى بكر بن قطلوبك المعروف بابن المزوّق دوادار ابن أبى الفرج باستقراره أستادارا عوضا عن فخر الدين بن أبى الفرج بعد موته، ورسم السلطان بالحوطة على موجود «1» ابن أبى الفرج وضبطها، فاشتملت تركته على ثلاثمائة ألف دينار، وثلاث مساطير «2» بسبعين ألف دينار، وغلال وفرو وقماش بنحو مائة ألف دينار، وأخذ السلطان جميع ذلك.
ثم فى حادى عشرينه خرج محمل الحاج صحبة أمير الحاج الأمير جلبّان أمير آخور(14/73)
ثان، وقد صار أمير مائة ومقدّم ألف، ورحل من البركة «1» فى يوم رابع عشرينه.
ثم فى يوم الخميس ثالث ذى القعدة أمسك السلطان الوزير بدر الدين بن محبّ الدين الطرابلسى وسلّمه إلى الأمير أبى بكر الأستادار بعد إخراق السلطان به ومبالغته فى سبّه لسوء سيرته، وتتبّعت حواشيه.
وخلع السلطان على بدر الدين حسن بن نصر الله الفوّى ناظر الخاص باستقراره وزيرا مضافا إلى نظر الخاص، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف. ثم كتب السلطان بالقبض على قرمش الأعور أتابك حلب وحبسه بقلعتها.
وفى خامس ذى القعدة ركب السلطان من قلعة الجبل فى محفّة من ألم رجله ونزل إلى السّرحة وعاد فى يومه. ثم فى عاشره ركب السلطان أيضا ونزل إلى بيت كاتب السرّ ناصر الدين بن البارزىّ ببولاق المطل على النيل، وعدّت العساكر إلى برّ الجيزة، وبات السلطان هناك ليلته، ثم ركب من الغد فى يوم الجمعة إلى سرحة بركة الحاج، وعاد من يومه وغالب عساكره بالجيزة.
ثم ركب من الغد فى النيل يريد سرحة البحيرة، ونزل بالبر الغربى، ثم سار إلى أن انتهى إلى مريوط «2» فأقام بها أربعة أيام، ورسم بعمارة بستان السلطان بها، وكان تهدّم، ثم استأجر السلطان مريوط من مباشرى وقف الملك المظفر بيبرس الجاشنكير على الجامع الحاكمى، ورسم بعمارة سواقيه، ومعاهد «3» الملك الظاهر بيبرس البندقدارى به، وعاد ولم يدخل إلى الإسكندرية إلى أن نزل وردان «4» فى يوم عيد الأضحى وصلّى(14/74)
به صلاة العيد، وخطب القاضى ناصر الدين بن البارزىّ كاتب السرّ، ثم ركب من الغد وسار حتى قدم برّ منبابة وعدّى النيل، ونزل فى بيت كاتب السرّ ببولاق، وأقام به إلى الغد وهو يوم الثلاثاء ثالث عشر ذى الحجة، وركب وطلع إلى القامة، كل ذلك وألم رجله يلازمه. وبعد طلوعه إلى القلعة رسم للأمراء بالتجهيز إلى سفر الشّام صحبة ولده المقام الصّارمى إبراهيم «1» ، كل ذلك والعرض لأجناد الحلقة مستمر، وعيّن منهم للسفر جماعة كبيرة، وألزم من يقيم منهم بالمال.
ثم قدمت إلى الديار المصرية الخاتون أم إبراهيم بن رمضان التّركمانى من بلاد الشرق، وقبّلت الأرض بين يدى السلطان فرسم بتعويقها فعوّقت.
ثم تكرر من الملك المؤيد التوجّه إلى الصّيد فى هذا الشهر غير مرة.
وفى هذه السنة هدمت المئذنة المؤيدية، وغلق باب زويلة ثلاثين يوما، وعظم ذلك على السلطان إلى الغاية، وكانت المئذنة المذكورة عمّرت على أساس البرج الذي كان على باب زويلة، وعملت الشعراء فى ذلك أبياتا كثيرة، وكان القاضى بهاء الدين [محمد بن] «2» البرجى محتسب القاهرة متولى نظر عمارة الجامع المذكور، فقال بعض الشعراء فى ذلك:-[الطويل]
عتبنا على ميل المنار زويلة ... وقلنا تركت الناس بالميل فى هرج
فقالت قرينى برج نحس أمالها ... فلا بارك الرحمن فى ذلك البرج
قلت صح للشاعر ما قصده من التّورية فى البرج الذي عمّرت عليه، وفى بهاء الدين البرجى.
وقال الحافظ شهاب الدين بن حجر وقصد بالتّورية بدر الدين العينى.
[الطويل](14/75)
لجامع مولانا المؤيد رونق ... منارته بالحسن تزهو والزّين «1»
تقول وقد مالت عن الوضع امهلوا «2» ... فليس على حسنى أضر من العينى
فأجاب العينى:-[البسيط]
منارة كعروس الحسن قد جليت ... وهدمها بقضاء الله والقدر
قالوا أصيبت بعين قلت ذا خطأ ... ما أوجب الهدم إلا خسّة الحجر «3»
قلت: ساعده قوله خسّة الحجر ما كان وقع بسبب هدم المنارة المذكورة فإنه كان بنى أساسها بحجر صغير، ثم عمّروا أعلاها بالحجر الكبير فأوجب ذلك ميلها وهدمها بعد فراغها.
وقال الشيخ تقي الدين أبو بكر بن حجة فى المعنى:-[الطويل]
على البرج من بابى زويلة أنشئت ... منارة بيت الله والمنهل المزجى
فأخنى بها البرج اللعين أمالها ... ألا صرّحوا يا قوم باللعن للبرجى
وقيل إن ذلك كان فى السنة الماضية- انتهى.
[ما وقع من الحوادث سنة 822]
وأخذ السلطان فى تجهيز ولده الصارمى إبراهيم إلى أن تهيّأ أمره، وأنفق على الأمراء المتوجّهين صحبته. فلما كان بكرة يوم الاثنين ثامن عشر المحرم من سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ركب المقام الصارمى إبراهيم بن السلطان من قلعة الجبل فى أمراء الدولة، ومعه عدة من أمراء الألوف المعينة صحبته إلى السفر، ونزل بمخيّمه من الرّيدانية خارج القاهرة. ثم خرجت أطلاب الأمراء المتوجّهة صحبته وهم: الأمير قجقار القردمى أمير سلاح، والأمير ططر أمير مجلس، وجقمق الأرغون شاوى الدّوادار الكبير،(14/76)
وإينال الأرغزى، وجلبّان أمير آخور، وأركماس الجلبّانى، وهؤلاء من أمراء الألوف، وثلاثة من أمراء الطبلخانات، وخمسة عشر أميرا من العشرات، ومائتى مملوك من المماليك السلطانية، وأقام الصارمى إبراهيم بمخيّمه إلى أن ركب السلطان من قلعة الجبل ونزل إليه بالرّيدانية فى عشرينه وبات عنده بالرّيدانية، ثم ودعه من الغد وركب إلى القلعة.
ثم رحل المقام الصارمى إبراهيم من الرّيدانية بمن معه من العساكر فى يوم الجمعة ثانى عشرينه وسار إلى البلاد الشامية.
ثمّ شرع السلطان فى بناء القبّة بالحوش «1» السّلطانىّ من قلعة الجبل المعروفة الآن بالبحرة المطلّة على القرافة، وجاءت فى غاية الحسن.
وأما الصارمىّ إبراهيم فإنّه سار إلى أن وصل دمشق فى يوم الاثنين سادس عشر صفر بعد أن خرج إلى تلقّيه النواب والعساكر، وأقام بدمشق أيّاما وخرج منها يريد البلاد الحلبيّة إلى أن نزل على تلّ السلطان فى يوم الثلاثاء أوّل شهر ربيع الأوّل، فخرج إليه نائب حلب الأمير يشبك اليوسفى المؤيّدى بعساكر حلب، وتلقّاه ونزل بظاهر حلب.
ثم بدأ الطاعون بالدّيار المصريّة. هذا والعرض لأجناد الحلقة مستمر، فتارة يعرضهم السلطان وتارة الأمير مقبل الحسامى الدّوادار الثانى «2» ، وناظر الجيش علم الدين داود بن الكويز.
ثمّ فى يوم الخميس سابع عشر ربيع الأوّل نزل السلطان من القلعة إلى جامعه بالقرب من باب زويلة واستدعى به قاضى القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقينى وخلع عليه خلعة القضاء بعد عزل القاضى شمس الدين الهروى، ونزل البلقينى بالخلعة من(14/77)
باب الجامع الذي من تحت الربع «1» ، وشقّ القاهرة وكان له مشهد عظيم. هذا والطّاعون قد فشا بالديار المصرية وتزايد بها وبأعمالها.
فلما كان يوم الخميس ثامن شهر ربيع الآخر من سنة اثنتين وعشرين المذكورة نودى فى الناس من قبل المحتسب الشيخ صدر الدين بن العجمى أن يصوموا ثلاثة «2» أيّام آخرها يوم الخميس خامس عشره ليخرجوا فى ذلك اليوم مع السلطان الملك المؤيّد إلى الصحراء فيدعو الله فى رفع الطاعون عنهم، ثم أعيد النداء فى ثانى عشره أن يصوموا من الغد، فتناقص عدد الأموات فيه، فأصبح كثير من الناس صياما، فصاموا يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس. فلمّا كان يوم الخميس المذكور نودى فى الناس بالخروج إلى الصّحراء من الغد، وأن يخرج العلماء والفقهاء ومشايخ الخوانق وصوفيّتها وعامّة الناس، ونزل الوزير بدر الدين حسن بن نصر الله، والتاج الشّوبكى أستادار الصحبة إلى تربة الملك الظاهر برقوق فنصبوا المطابخ بالحوش القبلى منها وأحضروا الأغنام والأبقار، وباتوا هناك فى تهيئة الأطعمة والأخباز، ثم ركب السلطان بعد صلاة الصبح ونزل من قلعة الجبل بغير أبّهة الملك بل عليه ملوطة «3» صوف أبيض بغير شدّ فى وسطه، وعلى كتفيه مئزر صوف مستدل «4» كهيئة الصّوفيّة، وعلى رأسه عمامة صغيرة ولها عذبة مرخاة من بين لحيته وكتفه الأيسر وهو بتخشّع وانكسار، ويكثر من التلاوة والتسبيح، وهو راكب فرسا بقماش ساذج ليس فيه ذهب ولا فضة ولا حرير.
هذا وقد أقبل الناس إلى الصحراء أفواجا، وسار شيخ الإسلام قاضى القضاة جلال(14/78)
الدين عبد الرحمن البلقينى الشّافعى من منزله بحارة بهاء الدين «1» ما شيا إلى الصحراء فى عالم كثير.
ثم سار غالب أعيان مصر إلى الصحراء ما بين راكب وماش حتى وافوا السلطان بالصحراء قريبا من قبة النصر ومعهم الأعلام والمصاحف، ولهم بذكر الله تعالى أصوات مرتفعة من التهليل والتكبير.
فلما وصل السلطان إلى مكان الجمع بالصحراء ونزل عن فرسه وقام على قدميه وعن يمينه وشماله الخليفة والقضاة وأهل العلم، ومن بين يديه وخلفه طوائف من الصّوفيّه ومشايخ الزّوايا وغيرهم لا يحصيهم إلا الله تعالى، فبسط السلطان يديه ودعا الله سبحانه وتعالى وهو يبكى وينتحب والجمّ الغفير يراه ويؤمّن على دعائه، وطال قيامه فى الدّعاء وكلّ أحد يدعو الله تعالى ويتضرّع إلى أن أستتمّ الدّعاء، وركب يريد الحوش «2» الظاهرى حيث مدّ الطعام والناس فى ركابه وبين يديه من غير أن يمنعهم من ذلك مانع، وسار حتى نزل بالحوش المذكور من التربة الظاهريّة، وقدّم له الأسمطة فأكل منها وأكل الناس معه.
ثم ذبح بيده قربانا- قرّبه إلى الله تعالى- نحو مائة وخمسين كبشا سمينا من أثمان خمسة دنانير الواحد.
ثم ذبح عشر بقرات سمان وجاموستين وجملين كل ذلك وهو يبكى ودموعه تنحدر على لحيته بحضرة الملأ من الناس.
ثم ترك القرابين على مضاجعها كما هى للناس وركب إلى القلعة، فتولّى الوزير التاج تفرقتها صحاحا على أهل الجوامع المشهورة والخوانق وقبّة الإمام الشافعى والإمام(14/79)
الليث بن سعد والمشهد النّفيسى وعدة أخر من الزّوايا حملت إليها صحاحا، وقطع منها عدّة بالحوش فرّقت لحما على الفقراء، وفرّق من الخبز النقى فى اليوم المذكور عدّه ثمانية وعشرين ألف رغيف وعدّة قدور كبار مملوءة بالطعام الكثير، وأخذ الطعام الكثير، وأخذ الطاعون من يومئذ فى النقص بالتدريج.
ثم قدم على السلطان الخبر فى ثانى عشرين شهر ربع الآخر برحيل المقام الصّارمى إبراهيم من مدينة حلب بعساكره والعساكر الشّاميّة، وأنه دخل إلى مدينة قيساريّة «1» فحضر إليه أكابر البلد من القضاة والمشايخ والصّوفيّة فتلقّوه فألبسهم الخلع، وطلع قلعتها يوم الجمعة، وخطب فى جوامعها للسلطان، وضربت السّكة باسمه وأنّ شيخ جلبى نائب قيسارية تسحب منها قبل وصول العساكر إليها، وأن ابن السلطان خلع على محمد بك بن قرمان وأقرّه فى نيابة السلطنة بقيسارية، فدقت البشائر بقلعة الجبل لذلك، وفرح السلطان بأخذ قيسارية فرحا عظيما فإن هذا شىء لم يتّفق لملك من ملوك التّرك بالديار المصرية سوى الملك الظاهر بيبرس، ثم انتقض الصلح بينه وبين أهلها حسبما ذكرناه فى ترجمته من هذا الكتاب- انتهى.
ولمّا استهل جمادى الأولى تناقص فيه الطّاعون «2» حتى كان الذي ورد اسمه فى أوله من الأموات سبعة وسبعين نفرا.
قال الشيخ تقىّ الدين المقريزى: وكان عدّة من مات بالقاهرة وورد اسمه الديوان- من العشرين من صفر وإلى سلخ شهر ربيع الآخر- سبعة آلاف وستمائة واثنتين وخمسين نفسا: الرجال [ألف] «3» وخمسة وستون رجلا، والنساء ستمائة وتسع وستون امرأة، والصغار ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعة وستون، والعبيد خمسمائة وأربعة وأربعون،(14/80)
والإماء ألف وثلاثمائة وتسع وستون، والنصارى تسعة وستون، واليهود اثنان وثلاثون، وذلك سوى البيمارستان، وسوى ديوان مصر، وسوى من لا يرد اسمه الدّواوين، ولا يقصر ذلك عن تتمّة عشرة آلاف، ومات بقرى الشرقية والغربية مثل ذلك.
قلت: وقول الشيخ تقي الدين «ولا يقصر ذلك عن تتمّة عشرة آلاف» فقد مات فى طاعون سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة فى يوم واحد بالقاهرة وظواهرها نحو عشرة آلاف إنسان، واستمرّ ذلك أياما ما بين ثمانية آلاف وتسعة آلاف وعشرة آلاف حسبما يأتى ذكره إن شاء الله فى محله فى ترجمة الملك الأشرف برسباى الدّقماقى- انتهى.
وفى يوم الأحد ثانى جمادى الأولى المذكور ولد للسلطان الملك المؤيد ولده الملك المظفّر أحمد «1» من زوجته خوند سعادات بنت الأمير صرغتمش.
ثم فى سابع جمادى الأولى استدعى السلطان بطرك النصارى وقد اجتمع القضاة ومشايخ العلم عند السلطان، فأوقف البطرك على قدميه ووبّخ وقرّع، وأنكر عليه السلطان ما بالمسلمين من الذّلّ فى بلاد الحبشة تحت حكم الحطّى «2» متملكها، وهدّد بالقتل، فانتدب له الشيخ صدر الدين أحمد بن العجمى محتسب القاهرة فأسمعه المكروه من أجل تهاون النّصارى فيما أمروا به فى ملبسهم وهيئاتهم، وطال كلام العلماء مع السلطان فى ذلك إلى أن استقرّ الحال بأن لا يباشر أحد منهم فى ديوان السلطان «3» ولا عند أحد من الأمراء، ولا يخرج أحد منهم عما ألزموا به من الصّغار، ثم طلب السلطان الأكرم فضائل النّصرانىّ كاتب الوزير- وكان قد سجن من أيام- فضربه السلطان بالمقارع «4» وشهّره بالقاهرة عريانا بين يدى المحتسب وهو ينادى عليه: هذا جزاء من(14/81)
يباشر من النصارى فى ديوان السلطان، ثم سجن أيضا بعد إشهاره، وصمّم السلطان فى ذلك حتى انكفّ النصارى عن المباشرة فى سائر دواوين الدّيار المصرية، ولزموا بيوتهم، وصغّروا عمائمهم وضيّقوا أكمامهم، والتزم اليهود مثل ذلك، وامتنعوا جميعهم من ركوب الحمير، بحيث إنّ العامة صارت إذا رأوا نصرانيا على حمار ضربوه وأخذوا حماره وما عليه، فصاروا لا يركبون الحمار إلا بخارج القاهرة، وبذل النصارى جهدهم فى السّعى إلى عودهم إلى المباشرة وأوعدوا بمال كبير، وساعدتهم كتّاب الأقباط، فلم يلتفت السلطان إلى قولهم، وأبى إلا ما رسم به من المنع.
قلت: ولعلّ الله أن يسامح الملك المؤيّد بهذه الفعلة عن جميع ذنوبه، فإنها من أعظم الأمور فى نصرة الإسلام، ومباشرة هؤلاء النصارى فى دواوين الديار المصرية من أعظم المساوئ الذي نوّل منه التعظيم إلى دين النصرانية؛ لأن غالب الناس من المسلمين يحتاج إلى التّردّد إلى أبواب أرباب الدّولة لقضاء حوائجهم، فمهما كان لهم من الحوائج المتعلقه بديوان ذلك الرئيس فقد احتاجوا إلى التواضع والترقق إلى من بيده أمر الديوان المذكور، نصرانيا كان أو يهوديا أو سامريا «1» ، وقد قيل فى الأمثال «صاحب الحاجة أعمى لا يريد إلا قضاءها» فمنهم من يقوم بين يدى ذلك النّصرانى على قدميه والنصرانى جالس ساعات كثيرة حتى يقضى حاجته بعد أن يدعو له ويتأدب معه تأدبا لا يفعله مع مشايخ العلم، ومنهم من يقبّل كتفه ويمشى فى ركابه إلى بيته إلى أن تقضى حاجته، وأما فلاحو القرى فإنه ربما النّصرانىّ المباشر يضرب الرجل منهم ويهينه ويجعله فى الزّنجير «2» ، ويزعم بذلك خلاص مال أستاذه، وليس الأمر كذلك وإنما يقصد التحكّم فى المسلمين لا غير، فهذا هو الذي يقع للأسير من المسلمين فى بلاد الفرنج بعينه لا زيادة على ذلك غير أنه يملك رقّه.(14/82)
وقد حدثنى بعض الثقات من أهل صعيد مصر قال: كان غالب مزارعى بلدنا أشرافا علويّة، والعامل بالبلد نصرانيا، فإذا قدم العامل إلى البلد خرجت الفلاحون لتلقيّه، فمنهم من يسلّم عليه السّلام المعتاد، ومنهم من يفشى السلام عليه ويمعن فى ذلك، ومنهم من يمشى فى ركابه إلى حيث ينزل من البلد، ومنهم من يقبّل يده- وهو الفقير المحتاج أو الخائف من صاحب البلد- ويسأله إصلاح شأنه فيما هو مقرّر عليه من وزن الخراج حتى يسمح له بذلك، فلما منع الملك المؤيد هؤلاء النّصارى عن المباشرة بطل ذلك كلّه؛ فيكون الملك المؤيد على هذا الحكم فتح مصر فتحا ثانيا، وأعلى كلمة الإسلام وأخذل كلمة الكفر، ولا شىء عند الله أفضل من ذلك.
ولما لم يجب النصارى إلى عودهم إلى ما كانوا عليه من المباشرات بالديار المصرية وأعياهم أمر السلطان وثباته، وانقطع عنهم ما ألفوه من التحكّم فى المسلمين- ويقال:
إنّ العادة طبع خامس- شقّ عليهم ذلك، فتتابع عدّة منهم فى إظهار دين الإسلام وتلفظوا بالشهادتين فى الظاهر والله سبحانه وتعالى متولى السرائر.
قال المقريزى- بعد أن ذكر نوعا مما قلناه بغير هذه العبارة- قال: فصاروا من ركوب الحمير إلى ركوب الخيل والتعاظم على أعيان أهل الإسلام والانتقام منهم بإذلالهم وتعويق تعاملهم ورواتبهم حتى يخضعوا لهم ويتردّدوا إلى دورهم ويلحّوا فى السّؤال- فلا قوة إلا بالله- انتهى كلام المقريزى باختصار.
قلت: ويمكن إصلاح هذا الشّأن الثانى أيضا- إن صلح الراعى ونظر فى أحوال الرّعيّة وانتصر لدينه- بسهولة، هو أنه يكفّ من كان قريب عهد منهم من دين النصرانيّة عن المباشرة- انتهى.
ثم قدم الخبر على السّلطان بتوجه ابن السلطان من مدينة قيساريّة إلى مدينة قونيّة «1» فى خامس عشر شهر ربيع الآخر بعد ما مهّد أمور قيسارية ونقش اسم(14/83)
السلطان على بابها، وأن الأمير تنبك ميق نائب الشّام لمّا وصل إلى العمق حضر إليه الأمير حمزة بن رمضان بجماعة من التّركمان وتوجّه معه هو وابن أوزر إلى قريب مصيصه «1» وأخذ أدنة «2» وطرسوس فسرّ السلطان بذلك سرورا عظيما.
ثم نادى محتسب القاهرة على النّصارى واليهود بتشديد ما أمرهم به من الملبس والعمائم وشدّد عليهم فى ذلك، فلما اشتدّ الأمر عليهم سعوا فى إبطال ذلك سعيا كبيرا فلم ينالوا غرضا.
ثم قدم الخبر على السلطان بأن ابن السلطان وصل إلى نكدة «3» فى ثامن عشر شهر ربيع الآخر فتلقّاه أهلها وقد عصت عليه قلعتها، فنزل عليها وحاصرها وركب عليها المنجنيق، وعمل النّقّابون فيها، وأن محمد بن قرمان تسحّب من نكدة فى مائة وعشرين فارسا هو وولده مصطفى.
كلّ ذلك والسلطان ملازم الفراش من ألم رجله، والأسعار مرتفعة.
ثم فى ثانى عشر جمادى الآخرة ورد الخبر بأن ابن السلطان حاصر قلعة نكدة سبعة وعشرين يوما إلى أن أخذها عنوة فى رابع عشر جمادى الأولى، وقبض على من كان فيها وقيّدهم، وهم مائة وثلاثة عشر رجلا.
ثم توجّه فى سادس عشر جمادى الأولى إلى مدينة لارندة «4» .
ثم فى سابع عشرين جمادى الأولى ركب السلطان من القلعة وأراد النّزول بدار ابن(14/84)
البارزىّ على النيل ببولاق فلم يطق ركوب الفرس وحركته؛ لما به من ألم رجله، فركب فى محفّة إلى البحر، وحمل منها إلى الدّار المذكورة وصارت الطبلخاناة تدقّ هناك، وتمدّ الأسمطة وتعمل الخدمة على ما جرت به العادة بقلعة الجبل، ونزل الأمراء فى الدّور التى حول بيت [ابن] «1» البارزىّ وغيرها، واستمرّ السلطان فى بولاق إلى أن استهلّ شهر رجب الفرد فى بيت ابن البارزىّ وهو يتنقّل منه- وهو محمول على الأعناق- تارة إلى الحمّام التى بالحكر وتارة يوضع فى الحرّاقة وتسير به على ظهر النيل، فيسير فيها إلى رباط الآثار «2» .
ثم يحمل من الحرّاقة إلى [رباط] «3» الآثار المذكور، ثم يعود إلى بيت ابن البارزىّ، وتارة يسير فيها إلى القصر ببرّ الجيزة بحرىّ ممبابة، وتارة يقيم بالحرّاقة وهو بوسط النيل نهاره كلّه.
وقدم عليه الخبر فى ثانى عشر شهر رجب المذكور أن ابن السلطان لما تسلّم نكدة استناب بها على بك بن قرمان.
ثم توجّه بالعساكر إلى مدينة أركلى «4» فوصلها ثم رحل منها إلى مدينة لارندة فقدمها فى ثانى عشرين جمادى الآخرة، وبعث بالأمير يشبك اليوسفىّ نائب حلب فأوقع بطائفة من التّركمان، وأخذ أغنامهم وجمالهم وخيولهم وموجودهم، وعاد فبعث الأمير ططر والأمير سودون القاضى نائب طرابلس، والأمير شاهين الزّردكاش نائب حماة، والأمير مراد خجا نائب صفد، والأمير إينال الأرغزى، والأمير جلبّان رأس نوبة(14/85)
سيدى [المقام الصارمى إبراهيم] «1» وجماعته من التّركمان، فكبسوا على محمد بن قرمان «2» بجبال لارندة فى ليلة الجمعة سادس جمادى الآخرة، ففرّ محمد بن قرمان منهم فأخذ جميع ما كان فى وطاقه «3» من خيل وجمال وأغنام وأثقال وقماش وأوانى فضة وبلّور، وعاد الأمراء بتلك الغنائم، فاقتضى عند ذلك رأى ابن السلطان ومن معه الرجوع إلى حلب «4» ، فعادوا فى تاسع شهر رجب، فجّهز السلطان إلى ولده بحلب ستة آلاف دينار ليفرقها على الأمراء، ورسم له بأن يقيم بحلب لعمارة سورها، وسار البريد بذلك.
ثم ركب السلطان فى رابع عشر شهر رجب من بيت ابن البارزىّ ببولاق بالحرّاقة إلى بيت التاجر نور الدين الخروبى ببرّ الجيزة تجاه المقياس، وكان فى مدّة إقامته فى بيت ابن البارزىّ قد أحضر الحراريق من ساحل مصر «5» إلى ساحل بولاق «6» وزيّنت بأفخر زينة وأحسنها، وصار السلطان يركب فى الحرّاقة الذّهبيّة وبقية الحراريق سائرة معه مقلعة ومنحدرة، وتلعب بين يديه، كما كانت العادة فى تلك الأيام عند وفاء النيل، ودوران المحمل فى نصف شهر رجب.
ولما كان أيّام دوران المحمل على العادة فى كل سنة رسم السلطان إلى معلّم الرّمّاحة «7» أن يسوقوا المحمل بساحل بولاق، وكان ساحل بولاق يوم ذاك برّا وسيعا ينظر الجالس فى بيت ابن البارزىّ مدد عينه من جهة فم الخور، «8»(14/86)
فتوجّه المعلّم بالرّمّاحة هناك فى يوم المحمل، وساقوا بين يديه كما يسوقون فى بركة الحبش «1» أيّام أزمانهم وبالرّميلة «2» فى يوم المحمل، وتفرّجت الناس على المحمل فى بولاق، ولم يقع مثل ذلك فى سالف الأعصار، فصار الشخص يجلس بطاقته فيتفرّج على المحمل وعلى البحر معا، فلمّا كان قريب الوفاء ركب فى الحرّاقة الذهبيّة والحراريق بين يديه بعد أن أقاموا بالزّينة أيّاما والناس تتفرّج عليهم، وسار حتى نزل بالخرّوبيّة فأرست الحراريق المزينّة على ساحل مصر بدار النّحاس «3» ، كما هى عادتها فى السنين الماضية إلى أن كان يوم الوفاء وهو يوم سادس عشر رجب ركب السلطان من الخرّوبيّة فى الحرّاقة، وسار إلى المقياس ومعه الأمراء وأرباب الدّولة حتى خلّق المقياس على العادة.
ثم سار فى خليج السّدّ حتى فتحه، وركب فرسه فى عساكره وعاد إلى القلعة، فكانت غيبته عن القلعة فى نزهته ثلاثين يوما بعد ما انقضى للناس بساحل بولاق فى تلك الأيّام من الاجتماعات والفرج أوقات طيّبة إلى الغاية لم يسمع بمثلها، ولم يكن فيها- بحمد الله- شىء مما ينكر كالخمور وغيرها، وذلك لإعراض السلطان عنها من منذ لازمه وجع رجله.
ثم قدم الخبر على السّلطان بوصول ولده المقام الصارمى بعساكره إلى حلب فى ثالث شهر رجب، وأن الأمير تنبك العلائى ميق نائب الشام واقع مصطفى وأباه محمد ابن قرمان وإبراهيم بن رمضان على أدنة فانهزموا منه أقبح هزيمة.
ثم فى عشرين شعبان تزايد ألم السلطان ولم يحمل إلى القصر السلطانى، ولزم(14/87)
الفراش، واشتد به المرض، وخلع على التاج ابن سيفه باستقراره أمير حاج المحمل، ثم نصل السلطان من مرضه قليلا فركب فى يوم سابع عشرين شعبان من القلعة ونزل للفرجة على سباق الخيل، فسار بعساكره سحرا ووقف بهم تحت قبّة النّصر «1» وقد أعدّ للسباق أربعين فرسا فأطلق أعنتها من بركة الحاج فأجريت منها حتى أتته ضحى النهار، فحصل له برؤيتها النّشاط، ورجع من موقفه إلى تربة الملك الظّاهر برقوق، ووقف قريبا منها دون الساعة، ثم بعث المماليك والجنائب والشطفة «2» إلى القلعة وتوجّه إلى خليج الزّعفران «3» ، فنزل بخاصته وأقام به إلى آخر النهار، وركب إلى القلعة.
ثم فى سلخ شعبان ركب السلطان أيضا من قلعة الجبل إلى بركة الحبش وسابق بالهجن، ثم عاد إلى القلعة.
ثم فى يوم الخميس أوّل شهر رمضان قدم الخبر أن ابن السلطان رحل من حلب فى رابع عشرين «4» شعبان، وأنّ محمد بن قرمان وولده مصطفى وإبراهيم بن رمضان وصلوا إلى قيساريّة فى سادس عشرين «5» شعبان وحصروا بها الأمير ناصر الدين محمد ابن دلغادر نائبها فقاتلهم حتى كسرهم «6» ونهب ما كان معهم، وقتل مصطفى وحملت رأسه، وقبض على أبيه محمد بن قرمان- فسجن بها، ثم قدم رأس مصطفى ابن محمد بن على بك بن قرمان إلى القاهرة فى يوم الجمعة سادس عشر شهر رمضان، فطيف به بشوارع القاهرة على رمح ثم علّق على باب النّصر أحد أبواب القاهرة، وقدم(14/88)
الخبر أيضا بمسير ابن السلطان من حلب وقدومه إلى دمشق فى خامس شهر رمضان، فأرسل السلطان الإقامات إلى ولده إلى أن كان يوم سابع عشرين شهر رمضان المذكور من سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة فركب السلطان من قلعة الجبل ونزل إلى لقاء ولده المقام الصّارمى «1» إبراهيم وقد وصل إلى قطيا، فسار السلطان إلى بركة الحاج، واصطاد بها، ثم ركب ومضى إلى جهة بلبيس فقدم عليه الخبر بنزول ابن السلطان الصالحيّة- فتقدّم الأمراء عند ذلك وأرباب الدّولة حتى وافوه بمنزلة الخطّارة «2» ، فلما عاينته الأمراء ترجّلوا عن خيولهم وسلّموا عليه واحدا بعد واحد حتى قدم عليه القاضى ناصر الدين بن البارزىّ كاتب السّرّ نزل له المقام الصّارمىّ عن فرسه ولم ينزل لأحد قبله؛ لما يعلمه من تمكّنه وخصوصيته عند أبيه الملك المؤيّد، وركب الجميع فى خدمته وعادوا بين يديه إلى العكرشة «3» والسلطان واقف بها على فرسه، فنزل الأمراء المسافرون وقبّلوا الأرض بين يدى السلطان، ثم قبّلوا يده واحدا بعد واحد إلى أن انتهى سلامهم نزل المقام الصارمى عن فرسه وقبّل الأرض، ثم قام ومشى حتى قبّل الرّكاب السّلطانى، فبكى السلطان من فرحه بسلامة ولده، وبكى الناس لبكائه، فكانت ساعة عظيمة.
ثم سارا بموكبيهما الشامى والمصرى إلى سرياقوس وباتا بها ليلة الخميس تاسع عشرين شهر رمضان المذكور، وتقدّمت الأثقال والأطلاب ودخلوا القاهرة، وركب السلطان آخر الليل ورمى الطّير بالبركة، فقدم عليه الخبر بكرة يوم الخميس بوصول الأمير تنبك ميق نائب الشام، وكان قد طلب، فوافى ضحى، وركب فى الموكب السلطانى، ودخل السلطان من باب النصر فشقّ القاهرة- وقد زينت لقدوم ولده- والأمراء عليها(14/89)
التشاريف، وعلى المقام الصارمى أيضا تشريف عظيم إلى الغاية وخلفه الأسراء الذين أخذوا من قلعة نكدة وغيرها فى الأغلال والقيود، وهم نحو المائتين كلهم مشاة إلا أربعة فإنهم على خيول، منهم نائب نكدة وثلاثة من أمراء ابن قرمان، وكلهم فى الحديد، فسار الموكب إلى أن وصل السلطان وولده إلى القلعة «1» ، فكان يوما مشهودا إلى الغاية لم ينله أحد من ملوك مصر، فلهجت الناس بأن الملك المؤيّد قد تمّ سعده، كل ذلك والسلطان لا يستطيع المشى من ألم رجله.
وأصبح يوم السبت أوّل شوال صلّى صلاة العيد بالقصر لعجزه عن المضىّ إلى الجامع؛ لشدة ألم رجله وامتناعه من النهوض على قدميه.
ثم فى ثالث شوال خلع على الأمير جقمق الأرغون شاوىّ الدّوادار الكبير باستقراره فى نيابة الشام عوضا عن تنبك العلائى ميق [بحكم عزله] «2» ، وخلع على الأمير مقبل الحسامىّ الدّوادار الثانى باستقراره دوادارا كبيرا على إمرة طبلخاناه «3» ، وأنعم السلطان بإقطاع جقمق الدّوادار على الأمير تنبك ميق.
ثم فى رابع شوال المذكور خلع السلطان أيضا على الأمير قطلوبغا التّنمىّ أحد مقدّمى الألوف بالديار المصرية واستقرّ فى نيابة صفد عوضا عن الأمير قرامراد خجا، ورسم بتوجّه قرامراد خجا إلى القدس بطّالا، وأنعم بإقطاع قطلوبغا التّنمىّ على الأمير جلبّان الأمير آخور الثانى، وأنعم بإقطاع جلبّان ووظيفته على الأمير آقبغا التّمرازىّ، فتجهّز جقمق بسرعة وخرج فى يوم سابع عشره من القاهرة متوجّها إلى محلّ كفالته بدمشق.
ثم فى يوم الجمعة حادى عشرينه نزل السلطان إلى جامعه بالقرب من باب زويلة وقد هيّئت به المطاعم والمشارب فمدّ بين يديه سماط عظيم فأكل السلطان منه والأمراء(14/90)
والقضاة والعسكر، وملئت الفسقيّة التى بصحن الجامع سكّرا مذابا، فشرب الناس منه، ثم أحضرت الحلاوات؛ كل ذلك لفراغ الجامع المذكور ولإجلاس قاضى القضاة شمس الدين محمد بن الدّيرى الحنفى فى مشيخة الصّوفيّة وتدريس الحنفية، وفرشت السّجادة لابن الدّيرى فى المحراب، وقرّر خطابة الجامع المذكور للقاضى ناصر الدين محمد بن البارزىّ كاتب السرّ، ثم عرض السلطان الفقهاء وقرّر منهم من اختاره فى الوظائف والتصوّف، ثم استدعى قاضى القضاة شمس الدين بن الديرى وألبسه خلعة باستقراره فى المشيخة، وجلس بالمحراب والسّلطان وولده الصّارمى إبراهيم عن يساره، والقضاة عن يمينه، ويليهم مشايخ العلم وأمراء الدولة، فألقى ابن الديرى درسا عظيما وقع فيه أبحاث ومناظرات [بين الفقهاء] «1» والملك المؤيد يصغى لهم ويعجبه الصواب من قولهم، ويسأل عما لا يفهمه حتى يفهمه.
قلت: هذا هو المطلوب من الملوك، الفهم والذّوق لينال كلّ ذى رتبة رتبته، وينصف أرباب الكمالات- بين يديه- من كلّ فن، فوا أسفاه على ذلك الزمان وأهله.
واستمرّ البحث بين الفقهاء إلى أن قرب وقت الصلاة ثم انفضّوا، واستمر السلطان جالسا بمكانه إلى أن حان وقت الصلاة، وتهيأ السلطان وكلّ أحد للصلاة، فخرج القاضى ناصر الدين بن البارزىّ من بيت الخطابة وصعد المنبر وخطب خطبة بليغة فصيحة من إنشائه، ثم نزل وصلّى بالناس صلاة الجمعة، فلما انقضت الصلاة خلع السلطان عليه باستقراره فى خطابة الجامع المذكور ووظيفة خازن الكتب.
ثم ركب السلطان من الجامع المذكور وعدّى النيل إلى برّ الجيزة فأقام به إلى يوم الأحد ثالث عشرينه، وعاد إلى القلعة، ثم ركب من القلعة فى يوم الأحد أول ذى القعدة للصيد وعاد من يومه.
وفى يوم ثالثه سار الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى والأمير طوغان الأمير آخور الكبير للحج على الرّواحل من غير ثقل.(14/91)
ثم فى يوم الجمعة سادس ذى القعدة خلع السلطان على القاضى زين الدين عبد الرحمن ابن على بن عبد الرحمن التّفهنى الحنفى باستقراره قاضى قضاة الحنفيّة عوضا عن قاضى القضاة شمس الدين محمد بن الديرى المستقرّ فى مشيخة الجامع المؤيدى برغبة ابن الديرى؛ فإنه كان من حادى عشرين شوال قد انجمع عن الحكم بين الناس ونوّابه تقضى.
وفيه أيضا عدى السلطان النيل يريد سرحة البحيرة، وجعل نائب الغيبة الأمير إينال الأرغزى، وسار السلطان حتى وصل مريوط وعاد فأدركه عيد الأضحى بمنزلة الطّرّانة، فصلى بها العيد، وخطب كاتب سرّه القاضى ناصر الدين بن البارزى.
قلت: هكذا يكون كتّاب سرّ الملوك أصحاب علم «1» وفضل ونظم ونثر وخطب وإنشاء، لا مثل جمال الدين الكركى وشهاب الدين بن السفّاح.
ثم ارتحل السلطان من الغد وسار حتى نزل على برّ منبابة بكرة يوم الأحد ثالث عشر ذى الحجة، وعدّى النيل من الغد ونزل ببيت كاتب السرّ ابن البارزىّ، وبات به، ودخل الحمام التى أنشأها كاتب السرّ بجانب داره، ثم عاد السلطان فى يوم الاثنين رابع عشر ذى الحجة إلى القلعة، وخلع على الأمراء والمباشرين على العادة، ثم نزل السلطان فى يوم الجمعة ثامن عشره إلى الجامع المؤيدى، وصلى به الجمعة، وخطب به كاتب السرّ ابن البارزى، ثم حضر من الغد الأمير محمد بك بن على بك بن قرمان صاحب قيساريّة وقونية ونكدة ولا رندة وغيرها من البلاد وهو مقيد محتفظ به، فأنزل فى دار الأمير مقبل الدّوادار ووكّل به إلى ما سيأتى ذكره «2» .
[ما وقع من الحوادث سنة 823]
ثم فى يوم الجمعة ثالث المحرم وصل الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى والأمير طوغان أمير آخور من الحجاز، فكانت غيبتهما عن مصر تسعه وخمسين يوما، وفيه استقرّ الأمير شاهين الزّرد كاش نائب حماة فى نيابة طرابلس عوضا عن سودون القاضى، واستقرّ فى نيابة حماة عوضا عن شاهين المذكور الأمير إينال الأرغزى(14/92)
النّوروزى نائب غزّة، واستقر عوضه فى نيابة غزّة الأمير أركماس الجلبّانى أحد مقدمى الألوف بالديار المصرية، ثم أفرج السلطان عن الأمير نكباى حاجب دمشق من سجنه بقلعة دمشق واستقر فى نيابة طرسوس، وأحضر نائبها الأمير تنبك أميرا إلى حلب، واستقر الأمير خليل الدّشارى أحد أمراء الألوف بدمشق فى حجوبية الحجاب بدمشق وكانت شاغرة منذ أمسك نكباى، واستقر الأمير سنقر نائب قلعة دمشق، واستقر الأمير آفبغا الأسندمرى الذي كان ولى نيابة سيس ثم حمص حاجبا بحماة عوضا عن الأمير سودون السّيفى علّان بحكم عزله واعتقاله، وكان بطلا بالقدس.
ثم فى سادس عشر المحرم نقل الشيخ عز الدين عبد العزيز البغدادى من تدريس الحنابلة بالجامع المؤيدى إلى قضاء الحنابلة بدمشق، واستقر عوضه فى التدريس بالجامع المذكور العلامة محب الدين أحمد بن نصر الله البغدادى.
ثم فى يوم الاثنين خامس صفر ركب السلطان من القلعة وعدّى النيل ونزل بناحية وسيم على العادة فى كل سنة، وأقام بها إلى عشرين صفر، فركب وعاد من وسيم إلى أن عدى النيل ونزل ببيت كاتب السروبات به، وعمل الوقيد فى ثانى عشرينه، ثم ركب من الغد إلى الغد إلى القلعة.
ثم فى سادس عشرينه نزل السلطان من القلعة إلى بيت الأمير أبى بكر الأستادار وعاده فى مرضه، فقدّم له أبو بكر تقدمة هائلة، واستمرّ أبو بكر مريضا إلى أن مات وتولّى الأستادارية بعده الأمير يشبك المؤيدى المعروف بأنالى- أى له أمّ- فى يوم الخميس ثالث عشر شهر ربيع الأوّل.
ثم فى هذا الشهر تحرّك عزم السلطان على السّفر إلى بلاد الشّرق لقتال قرا يوسف، وأخذ فى الأهبة لذلك وأمر الأمراء بعمل مصالح السّفر، فشرعوا فى ذلك، هذا وهو لا يستطيع الرّكوب ولا النّهوض من شدّة ما به من الألم الذي تمادى برجله وكسّحه، ولا ينتقل من مكان إلى آخر إلا على أعناق المماليك، وهو مع ذلك له حرمة ومهابة فى(14/93)
القلوب لا يستطيع أخصّاؤه النظر إلى وجهه إلا بعد أن يتلطّف بهم ويباسطهم حتى يسكن روعهم منه.
ثم فى أوّل شهر ربيع الآخر وقع الشروع فى بناء منظرة الخمس وجوه «1» بجوار التّاج «2» الخراب خارج القاهرة بالقرب من كوم الرّيش»
لينشئ السلطان حوله بستانا جليلا ودورا، ويجعل ذلك عوضا عن قصور سرياقوس، ويسرح إليها كما كانت الملوك نسرح إلى سرياقوس منذ أنشأها الملك الناصر محمد بن قلاوون.
ثم فى ثالث عشر شهر ربيع الآخر المذكور ابتدأ بالسّلطان ألم تجدّد عليه من حبسة الإراقة «4» ، مع ما يعتريه من ألم رجله، واشتدّ به وتزايد ألم رجله.
فلما كان يوم الأربعاء رابع عشرين الشّهر المذكور نادى السلطان بإبطال مكس الفاكهة البلدية والمجلوبة، وهو فى كل سنة نحو ستة آلاف دينار سوى ما يأخذه الكتبة والأعوان، فبطل ونقش ذلك على باب الجامع المؤيدى.
ثم فى يوم الخميس ثانى جمادى الأولى ابتدأ بالمقام الصارمى إبراهيم ابن السلطان الملك المؤيد مرض موته، ولزم الفراش بالقلعة إلى يوم الثلاثاء رابع عشره ركب من القلعة فى محفّة لعجزه عن ركوب الفرس ونزل إلى بيت القاضى زين الدين عبد الباسط ابن خليل ناظر الخزانة ببولاق، وأقام به، ثم ركب من الغد فى النّيل وعدّى إلى الخرّوبيّة ببرّ الجيزة، وأقام بها وقد تزايد مرضه.(14/94)
وأما السلطان فإنه ركب من القلعة فى يوم ثانى عشر جمادى الأولى المذكور وتوجّه إلى منظرة الخمس وجوه وشاهد ما عمل هناك، ورتب ما اقتضاه نظره من ترتيب البناء، وعاد إلى بيت صلاح الدين خليل بن الكويز ناظر الدّيوان المفرد المطلّ على بركة الرّطلى، فأقام فيه نهاره وعاد من آخره إلى القلعة.
ثم فى يوم السبت خامس عشرينه خلع السلطان على الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان البساطىّ المالكى شيخ الخانقاه الناصرية فرج باستقراره قاضى قضاة المالكية بعد وفاة القاضى جمال الدين عبد الله بن مقداد الأقفهسى.
ثم فى يوم الأربعاء تاسع عشرينه نزل السلطان من القلعة وتوجّه إلى الميدان الكبير الناصرى بمردة الجبس، وكان قد خرب وأهمل أمره منذ أبطل الملك الظاهر برقوق الرّكوب إليه، ولعب الكرة فيه، وتشعثت قصوره وجدرانه، وصار منزلا لركب الحاج من المغاربة، فرسم السلطان فى أوّل هذا الشهر للصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله بعمارته، فلما انتهى نزل السلطان إليه فى هذا اليوم وشاهد ما عمّر به فأعجبه، ومضى منه إلى بيت ابن البارزىّ ببولاق وقد تحوّل المقام الصارمى إبراهيم من الخرّوبية «1» إلى قاعة الحجازية «2» فزاره السلطان غير مرّة بالحجازية، وأنزل بالحريم السلطانىّ إلى بيت ابن البارزىّ فأقاموا عنده.
فلما كان يوم الجمعة أوّل جمادى الآخرة صلّى السلطان صلاة الجمعة بالجامع الذي جدّده ابن البارزى تجاه بيته، وكان هذا الجامع يعرف قديما بجامع(14/95)
الأسيوطى «1» ، وخظب به وصلى قاضى القضاة جلال الدين البلقينىّ.
ثم ركب السلطان من الغد فى يوم السبت ثانى جمادى الآخرة إلى الميدان المقدم ذكره وعمل به الخدمة السلطانية، ثم توجه إلى القلعة وأقام بها إلى يوم الأربعاء سادسه فركب منها ونزل إلى بيت ابن البارزى وأقام به أياما، ثم عاد إلى القلعة.
ثم فى يوم الأربعاء ثالث عشره حمل المقام الصارمى إبراهيم من الحجازية إلى القلعة على الأكتاف لعجزه عن ركوب المحفّة، فمات ليلة الجمعة خامس عشره «2» فارتجّت القاهرة لموته، فجهّز من الغد وصلّى عليه ودفن بالجامع المؤيّدى، وشهد السلطان الصلاة عليه ودفنه، مع عدم نهضته للقيام من شدّة مرضه وللوجد الذي حصل له على ولده، وأقام السلطان بالجامع المؤيّدى إلى أن صلى به الجمعة، وخطب القاضى(14/96)
ناصر الدين بن البارزى على العادة، وخطب خطبة بليغة من إنشائه، وسبك فى الخطبة الحديث الذي ذكره النّبيّ- صلّى الله عليه وسلم- عند موت ولده إبراهيم «إنّ العين لتدمع وإنّ القلب ليخشع وإنّا لمحزنون على فراقك يا إبراهيم ... الخ» فلما ذكر ذلك ابن البارزى على المنبر بكى السلطان وبكى الناس لبكائه فكانت ساعة عظيمة، ثم ركب السلطان بعد الصلاة من الجامع المؤيّدى وعاد إلى القلعة، وأقام القرّاء يقرءون القرآن على قبره سبع ليال.
وفى هذه الأيام توقّف النيل عن الزّيادة، وغلا سعر الغلال، ونودى بالقاهرة بالصّيام ثلاثة أيام، ثم بالخروج إلى الصحراء للاستسقاء «1» ، فصام أكثر الناس وصام السلطان، فنودى بزيادة إصبع ممّا نقصه، ثم نودى فى يوم الأحد رابع عشرينه بالخروج من الغد للصحراء خارج القاهرة، فلما كان الغد يوم الاثنين خرج شيخ الإسلام قاضى القضاة جلال الدين البلقينى وسار حتى جلس فى فم الوادى قريبا من قبّة النّصر- وقد نصب هناك منبر- فقرأ سورة الأنعام، وأقبل الناس أفواجا من كل جهة حتى كثر الجمع ومضى من شروق الشمس نحو الساعتين أقبل السلطان بمفرده على فرس وقد تزيّا بزىّ أهل التّصوّف، واعتمّ على رأسه بمئزر صوف لطيف، ولبس على بدنه ثوب صوف أبيض، وعلى عنقه مئزر صوف [بعذبة] «2» مرخاة على بعض ظهره، وليس فى سرجه ولا شىء من قماش فرسه ذهب ولا حرير، فأنزل عن الفرس وجلس على الأرض من غير بساط ولا سجّادة مما يلى يسار المنبر، فصلّى قاضى القضاة ركعتين كهيئة صلاة العيد والناس وراءه يصلّون بصلاته، ثم رقى المنبر فخطب خطبتين حثّ الناس فيهما على التّوبة والاستغفار وأعمال البرّ وحذّرهم ونهاهم، وتحوّل فوق المنبر واستقبل القبلة ودعا فأطال الدعاء، والسلطان فى ذلك كلّه يبكى وينتحب وقد باشر فى سجوده التّراب بجبهته، فلما انقضت الخطبة ركب السلطان فرسه مع عدم قدرته على القيام،(14/97)
وإنما يحمل على الأكتاف حتى يركب، ثم يحمل حتى ينزل، وسار إلى جهة القلعة والعامة محيطة به يدعون له، فكان هذا اليوم من الأيام المشهودة، ومن أحسن ما نقل عنه فى هذه الرّكبة أن بعض العامة دعا له حالة الاستسقاء أنّ الله ينصره، فقال لهم الملك المؤيد: اسألوا الله فيما نحن بصدده، وإنما أنا واحد منكم- لله درّه فيما قال.
ثم فى غده نودى على النيل بزيادة اثنى عشر إصبعا بعد ما ردّ النقص، وهو قريب سبعة وعشرين إصبعا، فتباشر الناس باستجابة دعائهم.
ثم قدم الخبر على السلطان بنزول قرا يوسف على بغداد وقد عصاه ولده شاه محمد «1» بها، فحاصره ثلاثة أيام حتى خرج إليه، فأمسكه أبوه قرا يوسف واستصفى أمواله وولّى عوضه على بغداد ابنه أميرزة أصبهان، ثم عاد قرا يوسف إلى مدينة تبريز لحركة شاه رخّ بن تيمور لنك عليه.
ثم فى يوم الاثنين سابع عشر شهر رجب ركب السلطان من قلعة الجبل ونزل إلى بيت كاتب السرّ ابن البارزىّ على عادته ليقيم به ونزل الأمراء بالدّور من حوله، وصارت الخدمة تعمل هناك، وكان السلطان قد انقطع عن النزول إليه من يوم مات ابنه.
ثم فى يوم الأربعاء تاسع عشره جمع السلطان خاصّته ونزل إلى البحر وسبح فيه «2» ، وعام من بيت كاتب السرّ إلى منية الشّيرج ثم عاد فى الحرّاقة، وكثر تعجّب الناس من قوّة سبحه مع زمانة رجله وعجزه عن الحركة والقيام، ولمّا أراد أن ينزل للسّباحة أقعد فى تخت من خشب كهيئة مقعد المحفّة، وأرخى من أعلى الدار بجبال وبكر إلى الماء، فلمّا عاد فى الحرّاقة رفع فى التخت المذكور من الحرّاقة إلى أعلى الدّار حتى جلس على مرتبته، فنودى من الغد على النّيل بزيادة ثلاثين إصبعا، ولم يزد فى هذه السنة مثلها، فتيامن الناس بعوم السلطان فى النيل، وعدّوا ذلك من جملة سعادته، وقالت العامة: الزيادة ببركته.(14/98)
ثم فى يوم الجمعة حادى عشرين «1» شهر رجب المذكور ركب السلطان من بيت ابن البارزىّ فى الحرّاقة وتنزّه على ظهر النيل، وتوجّه إلى [رباط] «2» الآثار النبوية فزاره، وبرّ من هناك من الفقراء والخدام وغيرهم، ثم عاد إلى المقياس بجزيرة الرّوضة فصلّى الجمعة بجامع المقياس، ورسم بهدمه وبنائه «3» ثانيا وتوسعته، ففعل ذلك، ورسم أيضا بترميم بلاط [رباط] «4» الآثار النبوية، ثم عاد إلى الجزيرة الوسطى وركب منها إلى الميدان الناصرى «5» وبات به، وركب من الغد فى يوم السبت إلى القلعة.
ثم فى سابع عشرين شهر رجب المذكور من سنة ثلاث وعشرين قدم الخبر على السلطان من الأمير عثمان بن طرعلى المدعو قرايلك «6» صاحب آمد أنه كبس على بير عمر حاكم أرزنكان «7» من قبل قرا يوسف وأمسكه وقيّده هو وأربعة وعشرين نفسا من أهله وأولاده، وأنه قتل من أعوانه ستين رجلا وغنم شيئا كثيرا، فسرّ السلطان بذلك، ثم إنه قتل بير عمر المذكور، وأرسل برأسه إلى السلطان، فوصل الرأس إلى القاهرة فى يوم الاثنين أول شعبان.
وكان السلطان قد كتب محاضر بكفر قرا يوسف وولده حاكم بغداد، فأفتى مشايخ العلم بوجوب قتاله، ورسم السلطان للأمراء بالتّجهيز للسفر «8» ، وحملت إليهم النّفقات، فوقع التّجهيز فى أمور السفر، ونودى فى رابع شعبان المذكور بالقاهرة بين يدى(14/99)
الخليفة والقضاة الأربعة بجميع نوّابهم وبين يديهم القاضى بدر الدين حسن البردينى أحد نوّاب الحكم الشافعية، وهو راكب على بغلته وبيده ورقة يقرأ منها استنفار الناس لقتال قرا يوسف وتعداد قبائحه ومساوئه.
قلت: هو كما قالوه وزيادة، عليه وعلى ذرّيته اللعنة، فإنهم كانوا سببا لخراب بغداد وأعمالها، وكانت بغداد منبع العلم ومأوى الصالحين حتى ملكها هؤلاء التّركمان رعاة الأغنام فساءوا السّيرة، وسلبوا الناس أموالهم، وأخربوا البلاد، وأبادوا العباد من الظلم والجور والعسف- ألا لعنة الله على الظالمين.
ثم فى يوم الاثنين ثامن شعبان- ويوافقه خامس عشرين مسرى أحد شهور القبط- أو فى النيل فركب السلطان إلى المقياس حتّى خلّقه على العادة، ثم ركب الحرّاقة حتى فتح خليج السّدّ على العادة.
ثمّ فى يوم الجمعة عقد السلطان عقد الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى على ابنته «1» بصداق مبلغه «2» خمسة عشر ألف دينار هرجه «3» بالجامع المؤيّدى بحضرة القضاة والأمراء والأعيان، هذا وقد تهيّأ القرمشىّ للسّفر إلى البلاد الشّاميّة مقدّم العساكر، وأصبح من الغد فى يوم السبت ثالث عشر شعبان المذكور برّز الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى طلبه من القاهرة إلى الرّيدانيّة خارج القاهرة، ومعه من الأمراء مقدّمى الألوف جماعة: الأمير ألطنبغا من عبد الواحد المعروف بالصّغير رأس نوبة النّوب، والأمير طوغان الأمير آخور الكبير، والأمير ألطنبغا المرقبىّ حاجب الحجّاب، والأمير جلبّان أمير آخور- كان- والأمير جرباش الكريمىّ قاشق، والأمير آقبلاط السّيفى دمرداش، والأمير أزدمر الناصرى، وندبهم السلطان للتوجّه إلى حلب خشية من حركة قرا يوسف.(14/100)
وفيه نزل السلطان من القلعة إلى بيت ابن البارزىّ وأقام به إلى يوم الثلاثاء سادس عشر شعبان، فتوجّه إلى الميدان لعرض المماليك الرّماحة، فتوجّه إليه وجلس ولعبت مماليك السلطان بالرّمح بين يديه مخاصمة، ولعّب حتى المعلمين، جعل لكلّ معلّم خصما مثله ولعبّهما بين يديه، فوقع بين الرّمّاحة أمور ومخاصمات، وأبدوا غرائب فى فنونهم، كل ذلك لمعرفة الملك بهذا الشّأن ومحبّته لأرباب الكمالات من كلّ فنّ، فلمّا انتهى لعبهم والإنعام عليهم- كل واحد بحسب ما يليق به- ركب آخر النهار من الميدان المذكور على ظهر النيل فى الحرّاقة الى بيت [ابن] «1» البارزىّ ببولاق، وأقام به وعمل الخدمة به إلى أن ركب منه إلى الميدان ثانيا فى نهار السبت العشرين من شعبان، ولعبت الرّمّاحة بين يديه، وهم غير من تقدم ذكرهم؛ فإنه رسم أنّ فى كل يوم من يومى السبت والثلاثاء يلعب معلّمان هما وصبيانهما- لا غير- مخاصمة.
قلت: وهذه عادة الملوك، لمّا تعرض المماليك بين يديهم، لا يخاصم فى كل يوم غير صبيان معلّم مع صبيان معلّم آخر، لكن زاد الملك المؤيّد بأن لعّب المعلمين أيضا، فصار المعلّم يقف يمينا [ويقف] «2» صبيانه صفا واحدا تحته، ويقف تجاهه معلّم آخر آخر وصبيانه تحته، فيخرج المعلّم للمعلّم ويتخاصمان إلى أن ينجزا أمرهما، ثم يخرج النائب للنائب الذي يقابله من ذلك المعلّم، ثم يخرج كلّ واحد لمن هو مقابله إلى أن يستتم العرض بين الظّهر والعصر أو قبل الظهر أو بعده بحسب قلّة الصّبيان وكثرتهم، ولمّا تمّ العرض فى نهار السّبت المذكور بالميدان لم يتحرّك السلطان من الميدان وبات به، وأصبح يوم الأحد ركب الحرّاقة وتوجّه فى النيل إلى [رباط] «3» الآثار النبويّة وزاره وتصدق به، ثم عاد إلى المقياس بالرّوضة، وكشف عمارة جامع المقياس بالرّوضة، ثم عاد فى الحرّاقة الى الميدان، فبات به وعرض فى يوم الاثنين أيضا، أراد بذلك انجاز أمرهم(14/101)
فى العرض، ولما انتهى العرض فى ذلك اليوم ركب الحرّاقة وتوجّه إلى [رباط] «1» الآثار ثانيا وزاره، ثم عاد إلى جزيرة أروى المعروفة بالجزيرة الوسطانية، ونزل بها فى مخيمه، فأقام بها يومه وعاد إلى الميدان وبات به ليلتين، ثم رجع فى النيل إلى بيت كاتب السّرّ ببولاق فى يوم الخميس فبات به وصلّى الجمعة بجامع كاتب السّرّ، وخطب وصلّى به قاضى القضاة جلال الدين البلقينىّ، ثم ركب الحرّاقة بعد الصّلاة وتوجّه إلى الميدان وبات به وركب إلى القلعة بكرة يوم السبت سابع عشرين شعبان، كل ذلك والسلطان صائم فى شهر رجب وشعبان لم يفطر فيهما إلا نحو عشرة أيّام عندما يتناول الأدوية بسبب ألم رجله، هذا مع شدّة الحرّ فإنّ الوقت كان فى فصل الصّيف وزيادة النّيل.
ولما استهلّ شهر رمضان بيوم الثلاثاء انتقض على السلطان ألم رجله ولزم الفراش وصارت الخدمة السلطانية تعمل بالدّور السلطانية من قلعة الجبل لقلّة حركة السلطان مما به من الألم، وهو مع ذلك صائم لا يفطر إلا يوم يتناول فيه الدّواء.
ثم فى رابع عشر شهر رمضان المذكور خلع السلطان على الصاحب تاج الدين عبد الرّزاق بن الهيصم باستقراره ناظر ديوان المفرد بعد موت صلاح الدين خليل بن الكويز.
ثم فى هذا الشهر أيضا ابتدأ مرض القاضى ناصر الدين بن البارزى «2» كاتب السّر الذي مات به، واستمرّ السلطان ضعيفا شهر رمضان كله، فلما كان يوم الأربعاء أوّل شوال صلى السلطان صلاة العيد بالقصر الكبير من قلعة الجبل عجزا عن المضى إلى الجامع.
ثم فى رابعه ركب السلطان المحفّة من قلعة الجبل ونزل إلى جهة «منظرة الخمس وجوه» التى استجدها بالقرب من التّاج وقد كملت، والعامة تسميها «التاج والسبع وجوه» وليس(14/102)
هو كذلك، وإنما هى ذات «خمس وجوه» ، وأما التاج فإنه خراب، وقد أنشأ به عظيم الدّولة الصاحب جمال الدين بن يوسف ناظر الجيش والخاص عمائر «1» هائلة وسبيلا ومكتبا وبستانا وغير ذلك- انتهى.
ولمّا توجّه السلطان إلى «الخمس وجوه» أقام به نهاره ثم عاد إلى القلعة، وأقام بها إلى يوم الأربعاء خامس عشر شوال فغضب على الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله ناظر الخواص وضربه بين يديه ضربا مبرّحا، ثم أمر به فنزل إلى داره على وظائفه من غير عزل، كل ذلك والسلطان مريض ملازم للفراش، غير أنه يتنقّل من مكان إلى مكان محمولا على الأكتاف.
فلما كان يوم الاثنين عشرين شوال أشيع بالقاهرة موت السلطان، فاضطرب الناس، ثم أفاق السلطان فسكنوا، فطلع أمير حاج المحمل الأمير تمرباى المشدّ وقبّل الأرض وخرج بالمحمل إلى بركة الحاج من يومه، وسافر الحاج وهو على تخوّف من النّهب بسبب الإشاعات بموت السلطان.
ثم فى يوم الاثنين المذكور طلب السلطان الخليفة والقضاة الأربعة والأمراء والأعيان وعهد إلى ولده الأمير أحمد «2» بالسلطنة من بعده، وعمره سنة واحدة ونحو خمسة أشهر وخمسة أيام؛ فإن مولده فى جمادى الأولى من السنة الخالية، وجعل الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى القائم بتدبير ملكه إلى أن يبلغ الحلم، وأن يقوم بتدبير الدّولة مدّة غيبة الأتابك ألطنبغا القرمشى إلى أن يحضر الأمراء الثلاثة وهم: قجقار القردمىّ أمير سلاح، وتنبك العلائى ميق المعزول عن نيابة الشام، والأمير ططر أمير مجلس، وحلّف السلطان الأمراء على العادة، وأخذ عليهم الأيمان والعهود بالقيام فى طاعة ولده وطاعة مدبّر مملكته، ثم حلّف المماليك من الغد، ثم أفاق السلطان وحضرت الأمراء الخدمة على العادة.(14/103)
وخلع فى يوم السبت خامس عشرينه على القاضى كمال الدين محمد بن البارزى «1» باستقراره كاتب السّر الشريف بالديار المصرية بعد وفاة والده القاضى ناصر الدين محمد ابن البارزى، ونزل إلى بيته فى موكب جليل، وبعد يومين خلع السلطان على القاضى بدر الدين محمد بن محمد بن أحمد الدّمشقى المعروف بابن مزهر ناظر الإسطبل باستقراره فى نيابة كتابة السر عوضا عن كمال الدين بن البارزى المذكور.
ثم فى تاسع عشرين شوّال المذكور نصل السلطان من مرضه، ونقص ما كان به من الألم، ودخل الحمّام، وتخلّق الناس بالزّعفران وتداولت التهانى بالقلعة وغيرها، ونودى بزينة القاهرة ومصر، وفرّق السلطان مالا كثيرا فى الفقراء والفقهاء والناس، وخلع على الأطبّاء وأصحاب الوظائف.
وكان السلطان لمّا مات القاضى ناصر الدين بن البارزى طلب الذي خلّفه من المال فلم يجد ولده شيئا، فظنّ السلطان أنه أخفى ذلك، فحلّفه ثم خلع عليه، ونزل على أن يقوم للسلطان من ماله بأربعين ألف دينار، فلما كان يوم [الخميس] «2» سلخ شوال حضر إلى [القاضى «3» ] كمال الدين المذكور شخص من الموقعين يعرف بشهاب الدين أبى درّابة وقال له: أنا أعرف لوالدك ذخيرة «4» فى المكان الفلانى، فلما سمع القاضى كمال الدين كلامه أخذه فى الحال وطلع به إلى السلطان وعرّفه مقالة شهاب الدين المذكور، فأرسل السلطان فى الحال الطواشى مرجان الهندى الخازندار وصحبته جماعة، ومعهم شهاب الدين المذكور إلى بيت القاضى كمال الدين المذكور، فدخلوا إلى المكان وفتحوه فوجدوا فيه سبعين ألف دينار فأخذوها وطلعوا إلى السلطان، وقد سألت أنا القاضى كمال الدين المذكور عن هذه الذخيرة، وقلت له: كان لك بها علم؟ فقال: لا والله، ولا أعرف مكانها، فإنى لم أحضرها حين جعلها الوالد بهذا المكان، ولا عند(14/104)
أخذها أيضا، ولا عرّفنى بها قبل موته، غير أنه أوصى شهاب الدين المذكور وشخصا بحماة «1» أنه إذا مات يعرفانى بها، فلما عرّفنى شهاب الدين بها لم أجد بدّا من إعلام السلطان بها للأيمان التى كان حلّفنى أننى مهما وجدته من مال الوالد أعرّفه به.
قلت: لله درّه من كمال الدين، ما كان أعلى همته وأحشمه وأسمحه.
ثم فى يوم الاثنين رابع ذى القعدة ركب السلطان من قلعة الجبل وشقّ القاهرة من باب زويلة وخرج من باب القنطرة، وتوجه إلى «الخمس وجوه» وأقام بها إلى يوم الأربعاء سابع ذى القعدة، فركب منها وشقّ القاهرة من باب القنطرة إلى أن خرج من باب زويلة وطلع إلى القلعة بعد ما انقضى له ب «الخمس وجوه» أوقات طيبة، وعمل بها الخدمة، وتردّدت الناس إليه بها لقضاء حوائجهم وللفرجة أيضا.
ولما طلع السلطان إلى القلعة أقام بها يوم الأربعاء والخميس والجمعة، ثم نزل إليها ثانيا فى يوم السبت تاسع ذى القعدة بخواصّه وبات بها.
ثم ركب من الغد فى يوم الأحد، وتصيّد ببرّ الجيزة وأقام هناك، وأمر بأخذ خزانة الخاص من عند ناظر الخاص الصّاحب بدر الدين بن نصر الله، فنزل إليه زين الدين عبد الباسط بن خليل الدّمشقى ناظر الخزانة والطواشى مرجان الهندى الخازندار، وأخذا منه خزانة الخاص وهو ملازم للفراش من يوم ضرب، وسلّمت للطواشى مرجان المذكور، فتحدّث مرجان فى وظيفة نظر الخاص عن السلطان من غير أن يخلع عليه، وأنفق كسوة المماليك السلطانية نحو ثمانية آلاف دينار، وأقام السلطان بمنظرة «الخمس وجوه» إلى يوم الثلاثاء ثانى عشر ذى القعدة فعاد إلى القلعة فى محفّة، فأقام بالقلعة إلى يوم الجمعة خامس عشره وركب أيضا وتوجّه إلى منظرة «الخمس وجوه» فأقام بها إلى سابع عشر، وعاد إلى القلعة بعد أن ألزم أعيان الدّولة أن يعمّروا لهم بيوتا بالقرب من «الخمس وجوه» المذكورة لينزلوا فيها إذا توجّهوا فى(14/105)
ركاب السلطان، فشرع بعضهم فى رمى الأساس، واختط بعضهم أرضا، ثم ركب السلطان من القلعة بثياب جلوسه وشقّ القاهرة، وعبر من باب زويلة، وخرج من باب القنطرة، وتوجّه إلى منظرة «الخمس وجوه» وأقام بها بخواصّه إلى يوم الجمعة ثانى عشرين ذى القعدة فركب منها وعدى النيل إلى الجيزة، يريد سرحة البحيرة على العادة فى كل سنة، وقد تهيأ الناس لذلك وخرجوا على عادتهم.
وقبل أن يعدّى السلطان النيل نزل بدار على شاطىء نيل مصر، ودخل الحمام التى بجوار الجامع الجديد، واغتسل طهر الجمعة، ثم خرج إلى الجامع الجديد وصلى به الجمعة، ثم عدّى النيل وهو فى كل ذلك يحمل على الأكتاف، والذي يتولى حمله من خاصّكيته جماعه منهم: خجا سودون «1» السّيفى بلاط الأعرج، وتنبك من سيدى بك الناصرى البجمقدار المصارع، ثم جانى بك من سيدى بك المؤيّدى.
وأقام السلطان يومه بالجيزة ثم ركب المحفة وسار بأمرائه وعساكره إلى أن وصل إلى الطّرّانة اشتدّ به المرض فتجلّد اليوم الأوّل والثانى، فأفرط به الإسهال حتى أرجف بموته، وكادت تكون فتنة من كثرة كلام الناس واختلاف أقوالهم، إلى أن ركب السلطان من الطّرّانة فى النيل عجزا عن ركوب المحفّة، وعاد إلى جهة القاهرة حتى نزل برّ منبابة، فأقام بها حتى نحر قليلا من ضحاياه، ثم ركب النيل فى الحرّاقة وعدّى إلى بولاق فى آخر نهار العيد، ونزل فى بيت كاتب السرّ ابن البارزىّ على عادته، وبات فى تلك الليلة، وأصبح من الغد ركب فى المحفة وطلع إلى قلعة الجبل فى يوم الثلاثاء حادى عشر ذى الحجة، وهو شديد المرض من الإسهال والزحير «2» والحصاة والحمّى والصداع والمفاصل، وهذه آخر ركبة ركبها الملك المؤيد، ثم لزم الفراش إلى أن مات حسبما نذكره.(14/106)
ولما كان ثامن عشر ذى الحجة قدم كتاب الملك العادل سليمان الأيّوبى صاحب حصن كيفا من ديار بكر على السلطان يتضمّن موت الأمير قرا يوسف «1» بن قرا محمد صاحب تبريز والعراق فى رابع عشر ذى القعدة مسموما فيما بين السّلطانيّة وتبريز، وهو متوجّه لقتال القان معين الدين شاه رخّ بن تيمورلنك، فلم يتمّ سرور السلطان بموته لشغله بنفسه.
ثم فى ثامن عشرين ذى الحجة وصل مبشّر الحاج فطلبه السلطان وسأله عن أمور الحجاز، كل ذلك والسلطان صحيح العقل بل ربما دبّر أمور مملكته فى بعض الأحيان.
ثم فى يوم السبت تاسع عشرينه أرجف فى باكر النهار بموت السلطان، وكان أغمى عليه، فلما أفاق قيل له إن بعض الناس يقول: سيّدى أحمد ولد السلطان صغير صغرا لا تصحّ سلطنته، وشاوروه فى إثبات عهده فرسم لهم بذلك، فأثبت عهده على قاضى القضاة زين الدين عبد الرحمن التّفهنى الحنفى بالسلطنة، ثم نفّذ العهد على بقيّة القضاة، فكثر عند ذلك اضطراب الناس بالقاهرة واختلفت الأقوال فى ضعف السلطان وأمره، وتوقّعوا فتنة، واشتد خوف خواصّ السلطان، ونقلوا ما فى دورهم من القماش المثمّن وغير ذلك.
[ما وقع من الحوادث سنة 824]
واستهلّ المحرّم من سنة أربع وعشرين وثمانمائة والسلطان ملازم للفراش، وقد أفرط به الإسهال الدّموىّ مع تنوّع الأسقام وتزايد الآلام، بحيث إنه لم يبق مرض من الأمراض حتى اعثراه فى هذه الضّعفة، غير أنه صحيح العقل والفهم طلق اللسان.
فلما كان يوم الخميس خامس المحرّم سنة أربع وعشرين المذكورة طلع الأمراء والأعيان إلى قلعة الجبل وجلسوا على باب السّتارة، فخرج إليهم بعض الخدّام واعتذر لهم عن دخولهم بشدة ضعف السلطان، فانصرفوا، وكانوا على هذا مدّة أيام، يطلعون فى كل يوم موكب، ويجلسون بباب الدور، ثم ينزلون من غير أن يجتمعوا بالسلطان.
هذا وقد افترقت الأمراء والعساكر فرقا: فرقة من أعيان المؤيديّة وكبيرهم الأمير(14/107)
ططر وقد خدعهم بتنميق كلامه وكثرة دهائه من أنه يقوم بنصرة ابن أستاذهم، ويكون مدبّر ملكه، وهو كواحد منهم والأمر كله إليهم، وهو معهم كيف ما شاءوا، ثم خوّفهم من وثوب قجقار القردمى وركوبه لما فى نفسه من الملك، فمالوا إليه وانخذعوا له، وصاروا من حزبه لا يخفون عنه أمرا من الأمور، هذا مع ما استمال ططر أيضا جماعة كبيرة من خشداشيّته الظاهريّة فى الباطن.
وفرقة من أعيان الأمراء والمماليك السلطانية من جنس التّتر والسّيفيّة وكبيرهم قجقار القردمى، وهو ظنين «1» بنفسه مع ما اشتمل عليه من سلامة الباطن- كما هى عادة جنس التّتر- والجهل المفرط، مع انهما كه فى اللذات ليلا ونهارا.
وفرقة صارت بمعزل عن الفريقين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، وهم الظاهرية مماليك برقوق وكبيرهم الأمير تنبك ميق، على أن ميلهم فى الباطن مع خشداشهم ططر، غير أنهم يخافون عواقب الأمور- لعدم أهلية ططر لذلك- لكونه خلقه مثل الأتابك ألطنبغا القرمشى مع من معه من الأمراء وعظمته فى النفوس، ومثل جقمق الأرغون شاوىّ الدوادار نائب الشام، ومثل يشبك اليوسفى المؤيدى نائب حلب، وأيضا مثل قجقار القردمى أمير سلاح، هذا مع كثرة المماليك المؤيدية وشدّة بأسهم حتى لو أن ططر كفى همّ الجميع من الأمراء لا يستطيع الوثوب على الأمراء من هؤلاء المؤيدية، فلذلك كفّ عن موافقته كثير من خشداشيّته فى مبادئ الأمر، فلم يلتفت ططر إلى كلام متكلم، وأخذ فيما هو فيه من إبرام أمره، ولسان حاله يقول:
«إما إكديش أو نشّابة للريش» فإنه كان فى بحبوحة «2» من الفقر والإفلاس والخوف من الملك المؤيد، فلما وجد المقال قال، وانتهز الفرصة إمّا بها أو عليها، ولما عظم اضطراب الناس بالقاهرة أجمع الأمراء على تولية التّاج بن سيفة الشّوبكى أستادار الصحبة ولاية القاهرة على عادته أولا، فخلع عليه بحضرة الأمراء فى بعض دور القلعة باستقراره فى ولاية القاهرة بعد عزل ابن فرّى، فنزل التاج إلى القاهرة بخلعته، وشق الشوارع وأبرق(14/108)
وأرعد، وأكثر من الوعيد لأرباب الفساد، فلم يلتفت أحد إلى كلامه، ومضى إلى بيته.
هذا وقد اشتدّ الأمر بالسلطان الملك المؤيّد من الآلام والأرجاف تتواتر بموته، والناس فى هرج إلى أن توفّى «1» قبيل الظّهر من يوم الاثنين تاسع المحرّم من سنة أربع المقدم ذكرها، فارتجّ الناس لموته ساعة ثم سكنوا، وطلع الأمراء القلعة وطلبوا الخليفة المعتضد بالله داود والقضاة والأعيان لإقامة الأمير أحمد بن السلطان فى السلطنة، فخلع عليه وتسلطن، وتمّ أمره حسبما سنذكره فى محلّه من هذا الكتاب فى حينه إن شاء الله تعالى.
ثم أخذوا فى تجهيز السّلطان الملك المؤيّد وتغسيله [وتكفينه] «2» .
قال الشيخ تقىّ الدين المقريزى: وأخذ فى جهاز المؤيّد «3» وصلّى عليه خارج باب القلعة، وحمل إلى الجامع المؤيّدى فدفن بالقبة قبيل العصر، ولم يشهد دفنه كثير أحد من الأمراء والمماليك لتأخّرهم بالقلعة، واتفق فى أمر المؤيّد موعظة فيها أعظم عبرة؛ وهو أنه لما غسّل لم توجد له منشفة ينشّف فيها، فنشّف بمنديل بعض من حضر غسله، ولا وجد له مئزر تستر به عورته حتى أخذ له مئزر صوف صعيدىّ من فوق رأس بعض جوار به فستر به، ولا وجد له طاسة يصبّ بها عليه الماء وهو يغسّل مع كثرة ما خلّفه من الأموال، ومات وقد أناف على الخمسين.
وكانت مدّة ملكه ثمانى سنين وخمسة أشهر وثمانية أيام، وكان شجاعا مقداما يحبّ أهل العلم ويجالسهم، ويجلّ الشّرع النبوىّ ويذعن له، ولا ينكر على طلب من إذا تحاكم إليه أن يمضى من بين يديه إلى قضاة الشّرع، بل يعجبه ذلك، وينكر على أمرائه معارضة القضاة فى أحكامهم، وكان غير مائل إلى شىء من البدع، وله قيام(14/109)
فى الليل إلى التهجد أحيانا، إلا أنه كان بخيلا مسّيكا يشحّ حتى بالأكل، لحوحا غضوبا نكدا حسودا معيانا، يتظاهر بأنواع المنكرات، فحّاشا سبّابا، شديد المهابة، حافظا لأصحابه غير مفرّط فيهم ولا مطيع لهم.
وهو أكبر أسباب خراب مصر والشّام؛ لكثرة ما كان يثيره من الشّرور والفتن أيّام نيابته بطرابلس ودمشق، ثم ما أفسده فى أيّام ملكه من كثرة المظالم ونهب البلاد وتسليط أتباعه على الناس يسومونهم الذّلّة، ويأخذون ما قدروا عليه بغير وازع من عقل ولا ناه من دين- انتهى كلام المقريزى برمته بعد تخبيط كثير.
قلت: وكان يمكننى الرّدّ عليه فى جميع ما قاله بحق غير أننى لست مندوبا إلى ذلك، فلهذا أضربت عن تسويد الورق وتضييع الزمان، والذي أعرفه أنا من حاله أنه كان سلطانا جليلا مهابا شجاعا مقداما عاقلا نقّادا. حدثنى الأمير أرنبغا اليونسىّ «1» الناصرى- رحمه الله- قال: كان المؤيد ينظر إلى الرّجل وينقده بعينيه فيعرف من حاله ما يكتفى به عن السؤال عنه، ثم يعطيه من الرّزق والإقطاعات ما يليق بشأنه كما يصف الطبيب الحاذق إلى المريض من الدواء، فإن كان الرجل أعجبه رقّاه فى أقلّ مدّة إلى أعلى المراتب، وإن كان غير ذلك شحّ عليه حتى بالإقطاع الذي يعمل عشرة آلاف درهم فى السنة- انتهى كلام أرنبغا.
قلت: هذا هو المطلوب من الملوك وإلّا يضيع الصّالح بالطّالح.
وكان المؤيّد عالى الهمة، كثير الحركات والأسفار، جيّد التدبير، حسن السياسة، يباشر الأحكام بنفسه، مع معرفة تامة وحذق وفطنة وجودة حدس فى أموره، عظيم السّطوة على مماليكه وأمرائه، هيّنا مع جلسائه وندمائه، طروبا يميل إلى سماع الشعر والأصوات الطيّبة، على أنه كان يحسن أيضا أداء الموسيقى ويقوله فى مجالس أنسه، وكان يميل إلى الدّقّة الأدبيّة ويفهمها بسرعة. قيل: أنه نظر مرّة إلى اسمه وهو(14/110)
مكتوب على بعض الحيطان، وقد كتب الدّهّان الشّين من اسم شيخ بجرّة واحدة، فلما نظره المؤيّد قال: مسكين شيخ بلا سنينات، وله أشياء كثيرة من ذلك.
وكان يشارك الفقهاء فى أبحاثهم ويتصوّر أقوالهم ويطرح عليهم المسائل المشكلة، هذا مع ميله لأرباب الكمالات من كل علم وفنّ، وتعجبه المداعبة اللطيفة.
حدثنى القاضى كمال الدين بن البارزىّ كاتب السرّ الشريف بالديار المصرية- رحمه الله- قال: كان المؤيّد جالسا بالبارزيّة «1» على المقعد المطلّ على النيل، ومحمود بن الأمير قلمطاى الدّوادار واقفا بجانبه، ووالدى من جهة أخرى وهو يقرأ القصص على السّلطان، وكان فى جملة القصص قصة الشيخ عاشق محمود العجمى أحد ندماء السلطان، فلما قرأ الوالد قصة عاشق محمود قال: المملوك، وأشار بيده إلى نفسه، ثم قال: عاشق محمود، وأشار بإصبعه إلى محمود بن قلمطاى- وكان من أجمل الناس صورة- فلم يفطن لذلك أحد غير السلطان، فضحك وقال: تموت بهذه الحسرة.
وحدّثنى بعض أعيان المؤيدية قال: كان الأمير طوغان الأمير آخور أرسل إلى جانى بك الساقى أحد خواصّ الملك المؤيد ألف دينار ليزوره، فعرّف جانى بك المذكور السلطان بذلك، فاشتدّ غضب السلطان وأرسل فى الحال خلف طوغان المذكور، فلما تمثّل بين يديه سأله السلطان عن ذلك، فقال طوغان: نعم أرسلت إليه ألف دينار، وو الله العظيم لو لم يكن مملوكك لكنت ترسل أنت إليه عشرة آلاف دينار، فتلومنى أن أرسلت إليه ألف دينار؟! - يقول ذلك وهو فى غاية الحنق- فزال غضب الملك المؤيّد وضحك حتى استلقى على قفاه، كل ذلك وهو محتفظ على ناموس الملك والسّير على ترتيب من تقدّمه من الملوك فى سائر أموره وحركاته.
وقد تسلطن وأحوال المملكة غير مستقيمة مما جدّده الملك الناصر فرج من الوظائف والاستكثار من الخاصّكيّة، حتى إن خاصّكيّته زادت عدّتهم على ألف نفر.(14/111)
فلا زال المؤيّد بهم حتى جعلهم ثمانين خاصّكيّا كما كانت أيام «1» أستاذه الملك الظاهر برقوق، وكانت الدّوادارية نحو ثمانين دوادارا، فلا زال حتى جعلهم ستّة، وكذلك الخازندارية والبجمقدارية والحجّاب، وكان يتأمّر الشخص فى أيامه ويقيم سنين ولم يسمح له بلبس تخفيفة «2» على رأسه، كل ذلك مراعاة لأفعال السّلف، وكان عارفا بأنواع الملاعيب، رأسا فى لعب الرّمح وسوق البرجاس «3» ، قويا فى ضرب السّيف والرّمى بالنّشّاب، ماهرا فى فنون كثيرة جدّ وهزل، لا يعجبة إلا الكامل فى فنه.
دخلت إليه مرّة وأنا فى الخامسة فعلّمنى- قبل دخولى إليه- بعض من كان معى أن أطلب منه خبزا، فلما جلست عنده وكلّمنى سألته فى ذلك، فغمز من كان واقفا بين يديه وأنا لا أدرى، فأتاه برغيف كبير من الخبز السلطانى، فأخذه بيده وناولنيه وقال: خذ هذا خبز كبير مليح، فأخذته من يده وألقيته إلى الأرض، وقلت: أعط هذا للفقراء، أنا ما أريد إلا خبزا بفلّاحين يأتوننى بالغنم والأوز والدّجاج، فضحك حتى كاد أن يغشى عليه، وأعجبه منى ذلك إلى الغابة، وأمر لى بثلاثمائة دينار، ووعدنى بما طلبته وزيادة- انتهى.
وكان يحسن تربية مماليكه إلى الغاية، ولا يرقّيهم إلا بعد مدّة طويلة، ولذلك لم يخمل منهم أحد بعد موته- فيما أعلم.
وكان يميل إلى جنس التّرك ويقدّمهم، حتى إن غالب أمرائه كانوا أتراكا، وكان يكثر من استخدام السّيفيّة ويقول: هؤلاء قاسوا خطوب الدّهر، وتأدبوا؛ وما رسوا الأمور والوقائع، وكان عارفا بتعبئة العساكر فى القتال ثبّاتا فى الحروب،(14/112)
محجاجا فى الأجوبة، قيل له: إن الناس تقول عنك إنك قتلت من أعيان الملوك نحو ثمانين نفسا، فقال: ما قتلت واحدا منهم إلا وقد استحقّ القتل قبل ذلك، والسلطان له أن يقتل من اختار قتله، وشنّع عنه هذه المقالة من لا يعرف معناها من الأتراك الذين يقصر فهمهم عن إدراك المعانى.
وأما فعله من وجوه البرّ فكثير، وله مآثر مشهورة به، وعمائر كثيرة، أعظمها: الجامع المؤيّدى الذي لم يبن فى الإسلام أكثر زخرفة منه بعد الجامع الأموى بدمشق، ثم تجديده لجامع المقياس، ثم لمدرسة الخرّوبية بالجيزة، وأشياء غير ذلك كثيرة.
وأما ما خلّفه من الأموال والخيول والجمال والسلاح فكثير جدا لم أقف على تحرير قدره.
وخلّف من الأولاد ستة- فيما أعلم- ذكرين أحدهما الملك المظفر أحمد، وأربع بنات، الجميع دون البلوغ- انتهى والله سبحانه أعلم.(14/113)
[ما وقع من الحوادث سنة 815]
السنة الأولى من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة خمس عشرة وثمانمائة، على أن السلطان الملك الناصر فرجا حكم منها إلى يوم السبت خامس عشرين المحرّم «1» ، ثم حكم من يومئذ الخليفة المستعين العباس «2» إلى أن خلع من السّلطنة بالملك المؤيّد هذا فى يوم الاثنين مستهلّ شعبان، فحكم المؤيّد من مستهلّ شعبان إلى آخرها، فهى على هذا التقدير أوّل سنة حكمها من سلطنته.
فيها: أعنى سنة خمس عشرة وثمانمائة توفّى قاضى قضاة دمشق شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد بن إسماعيل بن خليفة الدمشقى الشافعى، المعروف بابن الحسبانى «3» ، فى يوم الأربعاء عاشر شهر ربيع الأوّل «4» بها، عن خمس وسبعين سنة وأشهر، وكان معدودا من فقهاء الشّافعيّة، أفتى ودرّس سنين وتولى قضاء دمشق وقدم القاهرة غير مرّة.
وتوفّى قاضى القضاة محبّ الدين محمد بن محمد بن محمد الحلبى الحنفى، المعروف بابن الشّحنة «5» ، فى يوم الجمعة ثانى عشر شهر ربيع الآخر بحلب عن ست وستين سنة، وكان إماما عالما بارعا، أفتى ودرّس بحلب ودمشق والقاهرة، وولى القضاء بحلب ثم بدمشق، ثم ولّاه الملك الناصر [فرج «6» ] قضاء الديار المصرية لمّا حوصر بدمشق، فى يوم الخميس(14/114)
ثالث عشرين المحرّم من هذه السّنة، عوضا عن ناصر الدّين بن العديم، بحكم توجّهه إلى شيخ ونوروز، فلم تطل مدّته، وعزل من قبل المستعين، وأعيد ابن العديم.
وتوفّى الوالد «1» - وهو على نيابة دمشق بها- فى يوم الخميس سادس عشر المحرم، ونذكر التعريف به:
فهو تغرى بردئ بن عبد الله من خواجا بشبغا، كان رومىّ الجنس، اشتراه الملك الظّاهر برقوق فى أوائل سلطنته، وأعتقه، وجعله فى يوم عتقه خاصّكيّا، ثم جعله ساقيا، وأنعم عليه بحصّة من شيبين القصر «2» ، ثم جعله رأس نوبة الجمداريّة إلى أن نكب الملك الظاهر [برقوق] «3» وخلع وحبس بسجن الكرك «4» ، فحبس الوالد بدمشق؛ فإنه كان قد توجّه مع من توجّه من عسكر السلطان لقتال الناصرىّ «5» ومنطاش «6» ، فقبض عليه هناك، وسجن، ودام فى سجن دمشق إلى أن أخرجه الأمير بزلار العمرى نائب دمشق، وجعله بخدمته هو ودمرداش المحمدى ودقماق المحمدى.
واستمر الوالد بدمشق إلى أن خرج الملك الظّاهر برقوق من سجن الكرك، فبادر الوالد بالتّوجّه إليه قبل أن يستفحل أمره، وحضر معه الوقعة المشهورة التى كانت بينه وبين منطاش، وحمل الوالد فى الوقعة المذكورة على شخص من أمراء منطاش يسمّى آقبغا اليلبغاوىّ، فقنطره عن فرسه، فسأل برقوق عنه، فقيل له تغرى بردى، فتفاءل برقوق باسمه، لأنّ معناه: الله أعطى، وأنعم عليه بإقطاع امرة طبلخاناه. دفعة واحدة، مع أنه كان أنعم عليه قبل خروجه للسفر بإمرة عشرة، غير أنه لم يباشر ذلك.(14/115)
ثم أرسله الملك الظاهر [برقوق] «1» إلى مصر يبشّر من بها بسلطنته ونصرته على منطاش، ودخل الظّاهر فى أثره إلى مصر، وبعد قليل أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بالدّيار المصرية، ثم جعله رأس نوبة النّوب، ثم ولّاه نيابة حلب بعد جلبّان قراسقل «2» ، ثم عزله، وأنعم عليه بتقدمة ألف بمصر على خبز شيخ الصّفوىّ الخاصّكىّ أمير مجلس، وقبل أن يخلع عليه بإمرة مجلس نقله إلى إمرة سلاح عوضا عن بكلمش العلائى بحكم مسكه، واستمر على ذلك إلى أن كانت وقعة الأتابك أيتمش «3» مع الملك الناصر [فرج] «4» فى سنة اثنتين وثمانمائة.
وكان الوالد قد انضم على أيتمش هو وجماعة من الأمراء- حسبما ذكرناه فى ترجمة الملك الناصر فرج- وانهزم الجميع بعد الوقعة، وخرجوا من مصر إلى الأمير تنم «5» نائب الشّام، وعادوا صحبته، فانكسر تنم أيضا، وقبض على الجميع، وقتلوا بقلعة دمشق إلّا الوالد لشفاعة أم الملك الناصر «6» فيه وآقبغا الأطروش «7» ، وقتل من عداهما، ودام الوالد بسجن قلعة دمشق إلى أن أطلق، وتوجّه إلى القدس بطّالا بسفارة أم الملك النّاصر أيضا، فدام بالقدس إلى أن طلبه الملك الناصر بغزّة وخلع عليه بنيابة دمشق،(14/116)
عوضا عن سودون «1» قريب الملك الظّاهر برقوق، بحكم أسره مع تيمور.
فحكم الوالد دمشق مدّة، ثم انهزم مع الملك الناصر [فرج] «2» إلى الديار المصرية، واستولى تيمور على دمشق، وأنعم [الملك الناصر فرج] «3» على الوالد بتقدمة ألف بالقاهرة، فدام مدّة يسيرة، وخلع عليه [أيضا] «4» بإعادته لنيابة دمشق، بعد خروج تيمور منها، كل ذلك فى سنة ثلاث وثمانمائة، فتوجّه [الوالد] «5» إليها، وأقام بها إلى أن بلغه [خبر] «6» القبض عليه، ففرّ منها وتوجّه إلى دمرداش نائب حلب، وعصيا معا، ووقع لهما أمور وحروب إلى أن انهزما.
وتوجّه الوالد إلى بلاد التّركمان، فأقام بها مدّة إلى أن طلب إلى الدّيار المصريّة، وأنعم عليه بتقدمة ألف، وأجلس رأس الميسرة أتابكا، واستمرّ على ذلك إلى أن اختفى الملك الناصر [فرج] «7» وخلع بأخيه المنصور عبد العزيز «8» ، فخرج الوالد من الديار المصريّة على البريّة بجماعة من مماليكه إلى أن توجّه إلى القدس، فدام فى برّية القدس إلى أن عاد الملك الناصر [فرج] «9» إلى السّلطنة ودخل على الأخت، وكان الناصر عقد عقده عليها قبل خلعه بحضرة الوالد، فلما تسلطن ثانيا دخل بها فى غيبة الوالد. ثم أرسل [الناصر فرج] «10» بطلب الوالد، فخضر الوالد على حاله أوّلا إلى أن خلع عليه الملك الناصر باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضا عن يشبك الشّعبانى فى سنة عشر(14/117)
وثمانمائة، فدام على ذلك إلى أن نقل إلى نيابة دمشق فى أواخر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، على كره منه بعد واقعة الكرك.
وقد ذكرنا سبب ولايته فى ترجمة الملك الناصر، لما كان على حصار الكرك، فدام على نيابة دمشق إلى أن مات فى ولايته هذه، وهى الثالثة لنيابة دمشق، ودفن بتربة الأمير تنم «1» معه فى فسقية واحدة، ولا أعلم من أخباره شيئا لصغر سنّى فى حياته؛ فإن كان مشكور السّيرة فالله تعالى ينفعه بفعله، وإن كان غير ذلك فالله [تعالى] «2» يرحمه بفضله.
وخلّف الوالد عشرة أولاد، ستة ذكور وأربع إناث، أسنّ الجميع خوند «3» فاطمة توفّيت سنة ستّ وأربعين، ثم الزّينى قاسم فى قيد الحياة، ومولده قبل القرن، ثم الشّرفىّ حمزة توفّى سنة تسع وأربعين بالطاعون، ثم بيرم ماتت فى سنة ستّ وعشرين، ثم هاجر توفّيت سنة خمس وأربعين، ثم إبراهيم توفّى سنة ست وعشرين، ثم محمد [مات] «4» سنة تسع عشرة وثمانمائة، ثم إسماعيل مات سنة ثلاث وثلاثين بالطاعون، ثم شقراء فى قيد الحياة، ثم كاتبه «5» عفا الله [تعالى] «6» عنه، وأنا أصغر الجميع ومولدى بعد سنة إحدى عشرة وثمانمائة تخمينا.
وخلف الوالد من الأموال والسلاح والخيول والجمال شيئا كثيرا إلى الغاية، استولى على ذلك كلّه الملك النّاصر فرج لما عاد إلى دمشق منهزما من الأمير شيخ ونوروز، ثم قتل الملك النّاصر بعد أيّام، وتركنا فقراء من فقراء المسلمين، فلم يضيّعنا الله سبحانه وتعالى، وأنشأنا على أجمل وجه من غير مال ولا عقار، ولله الحمد.(14/118)
وتوفّى الأمير سيف الدين بكتمر بن عبد الله الظّاهرىّ المعروف بجلّق بالقاهرة فى ثامن جمادى الآخرة من مرض تمادى به نحو الشهرين، وأصل ضعفه أن عقربا لسعته بطريق دمشق فى عوده إلى القاهرة صحبة الخليفة المستعين بالله، وبموته خلا الجو للملك المؤيد [شيخ] «1» حتى تسلطن، فإنه كان أمرّ عليه من نوروز الحافظىّ، وكان بكتمر أميرا جليلا شجاعا مهابا كريما متجمّلا فى مماليكه ومركبه ومأكله، وقد ولى نيابة صفد ثم نيابة طرابلس ثم نيابة دمشق غير مرّة، ووقع له حروب مع الملك المؤيّد شيخ أيّام إمرته حسبما ذكرنا ذلك كله مفصلا فى ترجمة الملك الناصر فرج- رحمه الله.
وقتل فى هذه السّنة جماعة كبيرة فى واقعة الملك الناصر مع الأمراء فى اللّجّون «2» وغيره، وممن قتل فى هذه الوقعة الأمير سيف الدين مقبل بن عبد الله الرّومى الظاهرىّ أحد مقدمى الألوف بالدّيار المصرية، وهو الذي كان زوّجه السلطان الملك الناصر بأخته خوند سارة زوجة «3» الأمير نوروز الحافظىّ، والأمير سيف الدين ألطنبغا بن عبد الله المعروف بشقل «4» ، والأمير سيف الدين بلاط بن عبد الله الناصرى الأعرج شاد الشراب خاناه، وكان ممّن قبض عليه فى وقعة اللّجّون ووسّطه الأمير شيخ المحمودى بعد أيام، وكان بلاط المذكور من مساوئ الدّهر، فاسقا متهتّكا زنديقا يرمى بعظائم فى دينه، قيل إنّه كان يقول للملك الناصر فرج: أنت أستاذى وأبى وربّى ونبيّى، أنا لا أعرف أحدا غيرك، وكان يسخر ممّن يصلّى، ويضحك عليه، وعدّ قتله من حسنات الملك المؤيّد [شيخ] «5» انتهى.(14/119)
والأمير بلاط الظاهرىّ أمير علم «1» ، وكان أيضا ممن يباشر قتل خشداشيّته المماليك الظاهريّة، فوسّطه أيضا المؤيد، كل ذلك قبل سلطنته والملك الناصر محصور بدمشق.
وتوفّى الأمير سيف الدين سودون بن عبد الله الظاهرىّ المعروف بسودون الجلب «2» ، بعد أن ولى نيابة طرابلس ولم يدخلها، ثم ولى نيابة حلب، فتوجّه إليها وهو مريض من جرح أصابه فى حصار الملك الناصر فرج، فمات منه فى شهر ربيع الآخر.
وكان من الشّجعان، يحكى عنه أعاجيب من خفّته وشجاعته وسرعة حركته، وقد تقدّم ذكره فى عدة مواطن، وهو أستاذ الأمير الكبير يشبك السّودونى المشدّ أتابك العساكر بديار مصرفى دولة الملك الظاهر جقمق.
وتوفّى الأمير سيف الدين يشبك بن عبد الله العثمانى الظاهرى، أحد مقدّمى الألوف بالديار المصرية فى يوم الجمعة أول صفر، من جرح أصابه فى أمسه عند حصار دمشق، وكان من أعيان المماليك الظاهرية، وممّن انضمّ مع الملك المؤيد شيخ أيّام تلك الفتن.
وتوفّى السلطان ملك الهند صاحب بنجالة «3» ، غياث الدين أبو المظفر ابن السلطان إسكندر شاه، وكان من أجلّ ملوك الهند، وممالكه متسعة جدا.
وتوفّى الأمير سيف الدين قطلوبغا بن عبد الله الخليلى، نائب إسكندرية بها فى هذه السنة.(14/120)
وتوفّى الشيخ جمال الدين عبد الله بن محمد بن طيمان «1» ، المعروف بالطّيمانى الشافعى، قتل بدمشق فى الفتنة ليلة الجمعة ثامن صفر، وكان من الفضلاء، انتقل من القاهرة إلى دمشق وسكنها.
وتوفّى الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عماد بن على بن الهائم «2» المصرىّ الشافعىّ بالقدس، وكان فقيها بارعا فى الحساب والفرائض، وله مشاركة فى فنون.
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم ثلاثة أذرع سواء، مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وثمانية عشر إصبعا.(14/121)
[ما وقع من الحوادث سنة 816]
السنة الثانية من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة ست عشرة وثمانمائة.
فيها توفّى الشيخ الإمام فخر الدين عثمان بن إبراهيم بن أحمد البرماوىّ «1» الشافعىّ، شيخ القراء بمدرسة الملك الظاهر برقوق، فى يوم الاثنين تاسع عشر شعبان فجأة بعد خروجه من الحمّام، وكان بارعا فى الفقه والحديث والقراءات والعربية وغير ذلك، وتصدّى للإقراء سنين.
وتوفّى قاضى القضاة صدر الدين على ابن أمين الدين محمد بن محمد الدمشقى الحنفى المعروف بابن الأدمىّ «2» ، قاضى قضاة دمشق، وكاتب سرّها، ثم قاضى [القضاة] «3» بالديار المصرية، فى يوم السبت ثامن شهر رمضان بالقاهرة وهو قاض، ومولده بدمشق فى سنة سبع وستين وسبعمائة، وكان إماما بارعا أديبا فصيحا ذكيّا، ولى نظر جيش دمشق، ثم كتابة سرّها، ثم قضاءها، ثم نقله الملك المؤيد إلى الدّيار المصرية، وولّاه قضاءها بعد عزل قاضى القضاة ناصر الدين بن العديم «4» ، ثم جمع له بين القضاء وحسبة القاهرة، إلى أن مات، ولما ولى كتابة السرّ بدمشق بعد عزل الشريف علاء الدين قال فيه العلامة شهاب الدين أحمد بن حجى: [الطويل]
تهن بصدر الدّين يا منصبا سما ... وقل لعلاء الدّين أن يتأدبا
له شرف عال وبيت ومنصب ... ولكن رأينا السّرّ للصّدر أنسبا(14/122)
وفيه يقول الشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم المزيّن»
الدمشقى: [الطويل]
ولاية صدر الدّين للسرّ كاتبا ... لها فى النّفوس المطمئنّة موقع
فإن يضعوا الأشيا إذا فى محلّها ... فلم يك غير السّر للصّدر موضع
قلت: وهجاه أيضا بعضهم فقال: [الرجز]
كتابة السّرّ غدت ... وجودها كالعدم
وأصبحت بين الورى ... مصفوعة بالأدم
ومن شعر قاضى القضاة صدر الدين المذكور أنشدنى الشيخ شمس الدين محمد النّفيسى قال: أنشدنى قاضى القضاة صدر الدين بن الأدمى من لفظه لنفسه، وهو مما يقرأ على قافيتين: [السريع]
يا متهمى بالسّقم «2» كن مسعفى ... ولا تطل رفضى فإنّى على ل
أنت خليلى فبحقّ الهوى ... كن لشجونى راحما يا خلى ل
وله: [السريع]
قد نمّق العاذل يا منيتى ... كلامه بالزّور عند الملام
وما درى جهلا بأنّى فتى ... لم يرع سمعى عاذلا فيك لام
وله القصيدة الطنّانة التى أولها: [الطويل]
عدمت غداة البين قلبى وناظرى ... فيامقلتى حاكى السّحاب وناظرى
- انتهى.
وتوفّى الشيخ الإمام العالم شهاب الدين أحمد بن علاء الدين حجّى بن موسى(14/123)
السّعدى، الحسبانى «1» الأصل، الدّمشقى الشافعى بدمشق، وكان فقيها بارعا، أفتى ودرس سنين، وخطب بجامع دمشق، وقدم القاهرة فى دولة الملك الناصر [فرج] «2» فى الرّسلية عن الأمير شيخ، أعنى الملك المؤيد، وكان معدودا من فقهاء دمشق وأعيانها.
وتوفّى قاضى القضاة شهاب الدين أحمد بن ناصر بن خليفة الباعونى «3» ، الشافعى الدمشقى، بدمشق فى رابع المحرم، ومولده بقرية باعونة من قرى عجلون «4» فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة تخمينا، ونشأ بدمشق وطلب العلم، وتولى قضاء دمشق وخطابة بيت المقدس، ودرّس وأفتى، وقال الشّعر، ولما ولى قضاء دمشق هجاه بعضهم بقوله: [مجزوء الوافر «5» ]
قضاء الشّام أنشدنى ... بدينى «6» لا تبيعونى
صفعت بكلّ مصفعة ... وبعد الكلّ باعونى
وهجاه آخر عند توليته خطابة القدس بكلام مزعج، الإضراب عنه أليق.
وتوفّى قاضى القضاة شهاب الدين أحمد الحمصى الشّافعى، المعروف بابن(14/124)
الشّنبلىّ «1» ، فى هذه السنة، وكان فقيها بارعا عالما، إلّا أنه لما ولى قضاء دمشق لم تحمد سيرته.
وتوفّى قاضى القضاة شمس الدين محمد بن محمد بن عثمان الدّمشقىّ، الشافعى المعروف بابن الإخنائىّ «2» ، بدمشق فى نصف شهر رجب عن نحو ستين سنة، بعد أن أفتى ودرّس، وولى قضاء غزّة وحلب ودمشق وديار مصر عدّة سنين، وكان معدودا من رؤساء دمشق وأعيانها، وله مكارم وأفضال- رحمه الله.
وتوفّى الأمير الوزير سيف الدين مبارك شاه بن عبد الله المظفّرىّ الظّاهرىّ، فى شهر رمضان، كان يخدم الملك الظاهر [برقوق «3» ] أيام جنديته تبعا، فلما تسلطن رقّاه وأمّره، ثم جعله من جملة الحجّاب، ثم ولى الوزارة، ثم الأستادارية، وأقام بعد عزله سنين إلى أن مات.
وتوفّى قاضى المدينة النبويّة زين الدين أبو بكر بن حسين بن عمر بن عبد الرحمن العثمانى المراغى الشافعى المعروف بابن الحسين «4» فى سادس عشر ذى الحجة، وكان من الفقهاء الفضلاء.
وتوفّى الشيخ الإمام المفنّن العلّامة، برهان الدين إبراهيم بن محمد بن بهادر بن أحمد القرشىّ الغزى «5» النّوفلىّ الشّافعى، المعروف بابن زقّاعة، فى ثانى عشر(14/125)
ذى الحجّة بالقاهرة، عن اثنتين وتسعين سنة، وزقّاعه «1» - بضم الزاى المعجمة وفتح القاف وتشديدها وبعد الألف عين مهملة مفتوحة وهاء ساكنة- وكان إماما عارفا بفنون كثيرة، لا سيّما علم النجوم، والأعشاب، وله نظم كثير، وكانت له وجاهة عند الملوك، بحيث إنه كان يجلس فوق القضاة، ومن شعره أنشدنا قاضى القضاة جمال الدين محمد أبو السعادات بن ظهيرة قاضى مكّة من لفظه قال: أنشدنى الإمام العلّامة برهان الدين إبراهيم بن زقّاعة من لفظه لنفسه: [الوافر]
رأى عقلى ولبّى فيه حارا ... فأضرم فى صميم القلب نارا
وخلّانى أبيت اللّيل ملقى ... على الأعتاب أحسبه نهارا
إذا لام العواذل فيه جهلا ... أصفه لهم فينقلبوا حيارى
وإن ذكروا السّلوّ يقول قلبى ... تصامم عن أباطيل النّصارى
وما علم العواذل أنّ صبرى ... وسلوانى قد ارتحلا وسارا
فيا لله من وجد تولّى ... على قلبى فأعدمه القرارا
ومن حبّ تقادم فيه عهدى ... فأورثنى عناء وانكسارا
قضيت هواكمو عشرين عاما ... وعشرينا ترادفها استتارا
فنمّ الدّمع من عينى فأبدى ... سرائر سرّ ما أخفى جهارا
إذا ما نسمة البانات مرّت ... على نجد وصافحت العرارا
وصافحت الخزام وعنظوانا ... وشيحا ثمّ قبّلت الجدارا «2»(14/126)
جدار ديار من أهوى قديما ... رعى الرّحمن هاتيك الدّيارا
ألا يا لائمى دعنى فإنّى ... رأيت الموت حجّا واعتمارا
فأهل الحبّ قد سكروا ولكن ... صحا «1» كلّ وفرقتنا سكارى
ومن شعره أيضا فى فنّ التصوّف: [الوافر]
سألتك بالحواميم «2» العظيمه ... وبالسّبع المطوّلة «3» القديمه
وباللامين والفرد المبدّا ... به قبل الحروف المستقيمه
وبالقطب الكبير وصاحبيه ... وبالأرض المقدّسة الكريمه
وبالغصن الذي عكفت عليه ... طيور قلوب أصحاب العزيمه
وبالمسطور فى رقّ المعانى ... وبالمنشور فى يوم «4» الوليمه
وبالكهف الذي قد حل فيه ... أبو فتيانها ورأى رقيمه
وبالمعمور من زمن النصارى ... بأحجار بحجرتها مقيمه
ففجّر فى فؤادى عين حبّ ... تروّى من مشاربها صميمه
قلت: وبعض تلامذته من الصّوفيه يزعمون أن هذه الأبيات فيها الاسم الأعظم.
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم خمسة أذرع سواء، مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعا وعشرون إصبعا.(14/127)
[ما وقع من الحوادث سنة 817]
السنة الثالثة من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة سبع عشرة وثمانمائة
فى محرمها تجرد الملك المؤيد [شيخ] «1» إلى البلاد الشامية، لقتال الأمير نوروز الحافظى «2» ومن معه من الأمراء وظفر به، وقتله حسبما نذكره.
وفيها قتل الأمير سيف الدين نوروز بن عبد الله الحافظى بدمشق، فى ليلة ثامن عشرين شهر ربيع الآخر، وحملت رأسه إلى الدّيار المصرية، وطيف بها ثم علّقت على باب زويلة، وكان أصل نوروز المذكور من مماليك الملك الظاهر برقوق، ومن أعيان خاصّكيته، ثم رقّاه إلى أن جعله أمير مائة ومقدّم ألف [بالقاهرة] «3» ، ثم ولّاه رأس نوبة النّوب بعد الوالد لما ولى نيابة حلب، ثم جعله أمير آخور كبيرا بعد الأمير تنبك اليحياوى فى سنة ثمانمائة، ثم أمسكه بعد فتنة على باى لأمر حكيناه فى وقته فى ترجمة الملك الظاهر برقوق، وحبسه بالإسكندرية، إلى أن أطلقه الملك الناصر [فرج] «4» وولاه رأس نوبة الأمراء، وصار نوروز هو المشار إليه فى المملكة وذلك بعد خروج أيتمش والأمراء من مصر، ثم وقع له أمور إلى أن ولى نيابة الشام، ومن حينئذ ظهر أمر نوروز وانضمّ عليه شيخ، فصار تارة يقاتل شيخا، وتارة يصطلحان، وقد تقدّم ذكر ذلك كله فى ترجمة الملك الناصر [فرج] «5» إلى أن واقعا الملك الناصر بمن معهما فى أوائل المحرّم سنة خمس عشرة «6» ، وانكسر الناصر،(14/128)
وحوصر بدمشق إلى أن أخذ وقتل، وتقاسم شيخ ونوروز الممالك والخليفة المستعين هو السّلطان، فأخذ شيخ الديار المصرية وصار أتابكا بها، وأخذ نوروز البلاد الشاميّة، وصار نائب الشام، فلما تسلطن الملك المؤيد [شيخ] «1» خرج نوروز عن طاعته، ووقعت أمور حكيت فى أوّل ترجمة الملك المؤيد، إلى أن خرج الملك المؤيد لقتاله، فظفر به وقتله.
وكان نوروز ملكا جليلا، كريما شجاعا، مقداما عارفا عاقلا مدبّرا، وجيها فى الدّول، وهو أحد أعيان مماليك الظّاهر برقوق، معدودا من الملوك، طالت أيّامه فى الرياسة، وعظمت شهرته، وبعد صيته فى الأقطار، وكان متجمّلا فى مماليكه وحشمه، بلغت عدّة مماليكه زيادة على ألف مملوك، وكانت جامكيّة مماليكه بالشّام من مائة دينار إلى عشرة دنانير، ومات عن مماليك كثيرة، وترقّوا بعده إلى المراتب السّنيّة، حتى إنّ كلّ من ذكرناه من بعده، ونسبناه بالنّورزىّ فهو مملوكه وعتيقه، وفى هذا كفاية.
وقتل معه جماعة من أعيان الأمراء حسبما نذكرهم أوّلا بأوّل.
وفيها قتل من أصحاب نوروز الأمير سيف الدين يشبك بن أزدمر الظاهرى «2» ، رأس نوبة النّوب، ثم نائب حلب، وكان ممّن انضم مع نوروز بعد وفاة الوالد، فإنّ الوالد كان أخذه عنده. بدمشق لمّا ولى نيابتها، وجعله الملك النّاصر أتابكا بها، وعقد الوالد عقده على ابنته، وسنّها نحو أربع سنين لئلا يصل إليه من الملك النّاصر سوء.
ودام مع نوروز إلى أن قبض عليه وقتل بدمشق حسبما تقدّم ذكره، وكان رأسا فى الشجاعة والإقدام، شديد القوّة فى الرّمى بالنّشّاب، إليه المنتهى فيه.(14/129)
وفيها قتل الأمير سيف الدين طوخ بن عبد الله الظّاهرى «1» المعروف بطوخ بطّيخ نائب حلب «2» ، وهو أحد أصحاب نوروز، ذبح بدمشق مع نوروز وغيره.
وفيها قتل الأمير سيف الدين قمش بن عبد الله الظّاهرىّ «3» نائب طرابلس، وهو أيضا من أصحاب نوروز. والجميع قتلوا فى ليلة ثانى عشرين شهر ربيع الآخر، حسبما تقدم ذكره.
وفيها توفّى «4» الأمير الكبير سيف الدين يلبغا النّاصرىّ الظّاهرى «5» أتابك العساكر بالدّيار المصرّية، فى ليلة الجمعة ثانى شهر رمضان بالقاهرة، بعد عوده من الشام صحبة السلطان وهو أيضا من أصحاب نوروز، ومن أعيان خاصّكيّة الملك الظاهر برقوق، وأحد مماليكه، وترقّى فى الدولة الناصرية إلى أن صار أمير مائة ومقدّم ألف بالديار المصرّية، وقد مرّ من ذكره نبذة كبيرة فى دولة الناصر، ثم المؤيّد، وهو ثالث من ولى الأتابكيّة بديار مصر، ونعت بيلبغا الناصرى فى الدّولة التركيّة، فالأوّل منهم يلبغا العمرى الناصرى صاحب الكبش «6» ، وأستاذ برقوق، والثانى الأتابك يلبغا النّاصرى اليلبغاوىّ صاحب الوقعة مع الملك الظاهر برقوق، ونسبته بالناصرى إلى تاجره خواجا ناصر الدين، وهو مملوك يلبغا السابق ذكره- انتهى.
والثالث يلبغا الناصرى هذا، وهو من مماليك برقوق. ونسبته بالناصرى إلى(14/130)
تاجره خواجا ناصر الدين، وقد ذكرنا هؤلاء الثلاثة فى تاريخنا المنهل الصافى، فى محل واحد فى حرف الياء؛ كون الاسم والشهرة واحدة.
وتوفّى «1» الأمير سيف الدين شاهين بن عبد الله الظاهرى الأفرم أمير سلاح، برملة لدّ «2» ، وهو عائد إلى مصر صحبة السلطان إلى حلب من جرح أصابه، وكان أميرا شهما شجاعا، رأسا فى ركوب الخيل وفنّ الفروسيّة، وقد تقدّم أن الفروسيّة نوع آخر غير الشجاعة والإقدام، فالشّجاع هو الذي يلقى غريمه بقوّة جنان، وفارس الخيل هو الرجل الذي يحسن تسريح الفرس فى كرّه وفرّه، ويدرى ما يلزمه من أمور فرسه وسلاحه، وتدبير ذلك كلّه، بحيث إنه يسير فى ذلك على القوانين المقررة المعروفة بين أرباب هذا الشأن.
قلت: نادرة أخرى، وشاهين هذا هو أيضا ثالث أفرم من أعيان الملوك فى دولة التركيّة.
فالأول منهم: الأفرم الكبير، صاحب الرّباط «3» فى بركة الحبش والأملاك الكثيرة، وهو الأمير عز الدين أيبك أمير جاندار الظاهر بيبرس، والمنصور قلاوون «4» .
والثانى آقوش الدّوادارىّ المنصورى الأمير جمال الدين نائب الشام «5» ، والثالث شاهين هذا. فهؤلاء من الملوك، وأما غير الملوك فكثير لا يعتدّ بذكرهم.(14/131)
وتوفّى «1» الأمير سيف الدين جانى بك بن عبد الله المؤيدى الدّوادار بمدينة حمص، وهو متوجّه صحبة السلطان إلى حلب من جرح أصابه فى محاربة نوروز، وكان من أعيان مماليك المؤيد أيّام إمرته، فلما تسلطن رقّاه وأنعم عليه بإمرة طبلخاناه، وجعله دوادارا ثانيا، ثم ولّاه الدّواداريّة الكبرى بعد مسك طوغان الحسنى، فلم تطل مدّته، وخرج إلى التّجريدة وجرح ومات، وكان عنده شجاعة وإقدام مع تيه وشمم وتكبر، وتولّى خشداشه الأمير آقباى المؤيدى الخازندار عوضه الدّواداريّة الكبرى.
وتوفّى قاضى مكّة، ومفتيها، وخطيبها، جمال الدين أبو حامد محمد ابن عفيف الدين عبد الله بن ظهيرة «2» القرشىّ المخزومى المكىّ الشافعىّ بمكّة فى ليلة سابع عشرين شهر رمضان عن نحو سبع وستين سنة، ومات ولم يخلف بعده بالحجاز مثله.
وتوفّى قاضى الحنفيّة بالمدينة النّبويّة الشيخ زين الدين عبد الرحمن ابن نور الدين على المدنىّ الحنفى «3» بها، وقد أناف على سبعين سنة، بعد أن ولى قضاء المدينة ثلاثا وثلاثين سنة مع حسبتها، وشكرت سيرته.
وتوفّى بالقاهرة الشريف سليمان بن هبة الله بن جمّاز بن منصور الحسينى المدنى، أمير المدينة النبويّة، وهو معزول بسجن قلعة الجبل، وقد ناهز الأربعين سنة من العمر.
وتوفّى العلامة فريد عصره قاضى قضاة زبيد «4» ، مجد الدين أبو طاهر محمد بن(14/132)
يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر الفيروزابادى «1» الشيرازى الشافعىّ، اللّغوىّ النّحوى، صاحب كتاب «القاموس» فى اللغة، فى ليلة العشرين من شوال عن ثمان وثمانين سنة وأشهر، وهو متمتّع بحواسّه، وكان إماما بارعا نحويّا لغويّا مصنّفا، طاف البلاد، ورأى المشايخ، وأخذ عن العلماء، وقدم مصر وأقرأ بها، ثم توجّه إلى اليمن، وولى قضاء زبيد نحو عشرين سنة حتى مات. أنشدنا الشيخ أبو الخير المكىّ من لفظه قال: أنشدنى الأديب الفاضل على بن محمد بن حسين بن عليّف المكى العكىّ العدنانى من لفظه لنفسه فى كتاب الشيخ مجد الدين [المسمى بالقاموس] «2» [الكامل]
مذ مدّ مجد الدّين فى أيّامه ... من بعض أبحر علمه القاموسا
ذهبت صحاح الجوهرىّ كأنّها ... سحر المدائن يوم ألقى موسى
وقد استوعبنا مصنّفاته فى تاريخنا المنهل الصافى والمستوفى بعد الوافى «3» ، إذ هو محل الإطناب فى التراجم.
وأمّا ما أثبت له من الشعر: أنشدنا الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر إجازة، قال أنشدنا العلّامة مجد الدين الفيروزابادى لنفسه إجازة إن لم يكن سماعا: [الوافر]
أحبّتنا الأماجد إن رحلتم ... ولم ترعوا لنا عهدا وإلّا
نودّعكم ونودعكم قلوبا ... لعلّ الله يجمعنا وإلّا
أعترض عليه فى «وإلا» الثانية فإنها من غير توطئة- انتهى.
أخبرنى الشيخ تقىّ الدين المقريزى رحمه الله قال: أخبرنى الشيخ الإمام مجد الدين محمد بن يعقوب الشّيرازىّ الفيروزابادىّ من لفظه بمكة فى ذى الحجّة سنة تسعين وسبعمائة(14/133)
أنّه حضر بستانا بدمشق وقد جمع فيه الإمام العلّامة جمال الدين أحمد بن محمد الشّريشىّ الشّافعى وجماعة من أعيان دمشق لمأدبة فى يوم الثلاثاء العشرين من شعبان سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وكان ممن حضر المجلس العلّامة بدر الدين محمد ابن الشيخ جمال الدين الشّريشى المذكور، ومعه ما ينيف على أربعين سفرا من كتب اللغة منها صحاح الجوهرى، فأخذ كلّ من الحاضرين- وهم: الشيخ عماد الدين بن كثير، والشيخ صلاح الدين الصّفدى، وشمس الدين الموصلىّ، وصدر الدين بن العزّ، وجماعة أخر- فى يده سفرا من تلك الأسفار، وامتحن البدر بن الشّريشى فى السؤال عن الأبيات المستشهد بها، فأنشد كلّ ما وقع فى تلك الكتب، وتكلّم على الموادّ اللغوية من غير أن يشذّ عنه شىء منها، وتكلم عليها بكلام مفيد متقن، فجزم الحاضرون أنه يحفظ جميع شواهد اللغة، وكتبوا له أجائز بذلك، ومن جملة من كتب له الشيخ مجد الدين هذا- انتهى.
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم سبعة أذرع سواء، مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعا وخمسة أصابع.(14/134)
[ما وقع من الحوادث سنة 818]
السنة الرابعة من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة ثمانى عشرة وثمانمائة.
فيها فى شهر رجب تجرّد السلطان الملك المؤيد [شيخ] «1» إلى البلاد الشامية لقتال الأمير قانى باى نائب الشام ومن معه «2» حسبما تقدّم ذكره من قتاله لهم، وقتله إياهم- يأتى ذكر الجميع فى هذه السنة- وأول من قتله منهم الأمير قانى باى المحمدىّ الظاهرىّ نائب الشام فى العشر الأوسط من شعبان بحلب، وحملت رأسه إلى القاهرة، وطيف بها ثم علّقت أياما، وكان أصل قانى باى هذا من مماليك الملك الظاهر برقوق وأعيان خاصّكيته، ثم تأمّر فى الدّولة الناصرية [فرج] «3» إمرة مائة وتقدمة ألف، ثم صار فى دولة الملك المؤيد شيخ رأس نوبة النّوب، ثمّ أمير آخور كبيرا، وسكن باب السّلسلة على العادة وعمّر مدرسته برأس سويقة «4» منعم من الصّليبة بالشارع الأعظم، ثم ولى نيابة دمشق بعد الأمير نوروز الحافظىّ بعد خروجه عن الطاعة، فباشر نيابة دمشق إلى أن أشيع عنه الخروج عن الطاعة «5» وطلبه الملك المؤيد شيخ إلى القاهرة ليستقرّ أتابكا بها، وولّى عوضه نيابة دمشق الأتابك ألطنبغا العثمانى، فلما بلغ قانى باى ذلك خرج عن الطاعة «6» بعد أيام، وقاتل أمراء دمشق، وملك دمشق، ووافقه الأمير إينال الصّصلانىّ نائب حلب، والأمير سودون من عبد الرحمن نائب طرابلس، والأمير تنبك البجاسى نائب حماة، والأمير طرباى نائب غزّة، وخرج إليه الملك المؤيد مخفا، وقاتله بظواهر حلب، حسبما ذكرنا ذلك كلّه فى أصل ترجمة الملك المؤيد من هذا الكتاب، فظفر به بعد أيام وقتله، وكان من(14/135)
أجلّ خاصّكيّة الملك الظاهر برقوق، وعنده رياسة وحشمة وتجمّل، ومات وسنّة دون الأربعين.
وفيها قتل الأمير سيف الدين إينال بن عبد الله الصّصلانى «1» الظاهرىّ نائب حلب أحد أصحاب قانى باى المقدّم ذكره، فى العشر الأوسط من شعبان، وكان أصله أيضا من أعيان خاصّكيّة الملك الظاهر برقوق ومماليكه، وتأمّر أيضا فى دولة الملك الناصر فرج إلى أن صار أمير مائة ومقدّم ألف، وحاجب الحجّاب، ثم صار فى دولة المؤيد أمير مجلس، ثم نقل إلى نيابة حلب بعد قتل نوروز الحافظىّ، إلى أن خرج قانى باى نائب الشّام عن الطاعة، ووافقه إينال هذا إلى أن كان من أمرهم ما كان، وقتل وحملت رأسه أيضا إلى القاهرة مع رأس قانى باى، وكان إينال المذكور أميرا شجاعا، مقداما كريما، عاقلا سيوسا، معدودا من الفرسان- رحمه الله تعالى.
وفيها قتل الأمير سيف الدين ثمان تمر اليوسفيّ الظاهرىّ، أتابك حلب- المعروف بأرق- معهما فى التاريخ المقدّم ذكره، وحملت رأسه أيضا إلى مصر، وكان تمان تمر أيضا من أعيان المماليك الظاهرية، وترقّى بعد موت الملك الظاهر حتى ولى إمرة مائة وتقدمة ألف بديار مصر، ثم صار أمير جاندار، إلى أن قبض عليه الملك المؤيّد شيخ وحبسه مدّة، ثم أطلقه وولّاه أتابكيّة حلب، فلما خرج قانى باى وإينال نائب حلب وافقهما مع من وافقهما من الأمراء والنوّاب، حتى قبض عليهم، ووقع من أمرهم ما وقع، وكان أيضا من الشجعان، وكان تركىّ الجنس.
وفيها قتل أيضا الأمير سيف الدين جرباش بن عبد الله الظاهرىّ المعروف بكبّاشة حاجب حجّاب حلب، وحملت رأسه إلى القاهرة، وكان أيضا من المماليك الظاهرية، [برقوق] «2» وتأمّر فى الدولة الناصرية [فرج] «3»
، والمؤيّدية [شيخ] «4»
إلى أن أخرجه الملك المؤيد منفيّا إلى القدس، ثم استقرّ به فى حجوبيّة حلب، إلى أن كان(14/136)
من أمر قانى باى وإينال ما كان، فقتل معهما، وقتل غير هؤلاء أيضا خلائق فى الوقعة وغيرها.
وفيها توفّى قاضى القضاة شمس الدين محمد ابن العلّامة جلال الدين رسولا بن يوسف التّركماني الحنفى، المعروف بابن التّبانىّ «1»
، قاضى قضاة دمشق بها، فى يوم الأحد ثامن عشرين شهر رمضان، وكان إماما عالما فاضلا، معدودا من فقهاء الحنفية.
وتوفّى الوزير الصّاحب سعد الدين إبراهيم بن بركة المعروف بابن البشيرىّ «2»
بالقاهرة فى يوم الأربعاء رابع عشر صفر، ومولده فى ليلة السبت سابع ذى القعدة سنة ستّ وستين وسبعمائة بالقاهرة، وكان معدودا من رؤساء الأقباط، تنقّل فى عدّة وظائف إلى أن ولى الوزر غير مرة، ونظر الخاص.
وتوفّى الشيخ زين الدين حاجى الرّومى «3»
الحنفى شيخ التّربة الناصرية التى أنشأها الملك الناصر [فرج] «4»
على قبر أبيه الملك الظّاهر برقوق بالصحراء «5»
، فى ليلة الخميس رابع شوال، واستقر عوضه فى مشيختها الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد البساطى المالكى، بعناية الأمير ططر نائب الغيبة.
وتوفّى الشيخ المعتقد الصالح، محمد الدّيلمىّ فى رابع ذى الحجة، ودفن بالقرافة، وكان للناس فيه اعتقاد، ويقصد للزيارة للتبرك به.
وتوفّى الملك أميرزة إسكندر ابن أميرزة عمر شيخ بن تيمور لنك، صاحب بلاد فارس، وكان ملكها بعد قتل أخيه أميرزة محمد، ودام إسكندر على ملك فارس سنين إلى أن بدا له مخالفة عمّه شاه رخّ بن تيمور لنك، فسار إليه شاه رخّ المذكور،(14/137)
وقاتله وأسره وسمل «1»
عينيه بعد أمور وحروب، وأقام شاه رخّ عوضه أخاه رستم ابن أميرزة عمر شيخ، فجمع إسكندر المذكور جمعا ليس بذلك، وقدّم عليهم ابنه، وجهّزهم إلى أخيه رستم، فخرج إليهم رستم المذكور وقاتلهم وهزمهم، وأخذ إسكندر هذا أسيرا، ثم قتله بأمر عمّه شاه رخّ، وكان إسكندر المذكور ملكا فاضلا ذكيا فطنا، يكتب المنسوب «2»
إلى الغاية فى الحسن، وبخطه ربعة عظيمة بمكة المشرفة، وكان حافظا للشعر ويقوله باللغة العجمية والتركية، وكانت لديه فضيلة ومشاركة فى فنون.
وفيها قتل الأمير الكبير سيف الدين دمرداش بن عبد الله المحمّدىّ الظاهرىّ بسجن الإسكندرية فى يوم السبت ثامن عشر المحرّم.
وكان دمرداش هذا من أعيان مماليك الظاهر برقوق، وترقّى فى أيّام أستاذه إلى أن ولى أتابكيّة دمشق، ثم نيابة حماة، ثم نيابة طرابلس، ثم أمسكه وحبسه ساعة، وأطلقه بسفارة الوالد لمّا ولى نيابة حلب، فجعله الظاهر أتابك العساكر بحلب، ثم نقله ثانيا إلى نيابة حماة، ثم نقله إلى نيابة حلب بعد واقعة تنم الحسنى نائب الشّام، وقدم تيمور لنك البلاد الشاميّة فى نيابته، ثم خرج عن الطاعة مع الوالد، ووقع له بعد ذلك أمور وحروب وخطوب- تقدّم ذكرها فى ترجمة الملك الناصر فرج، ثم فى ترجمة الملك المؤيد شيخ- ومحصول هذا كله، أنه ولى أتابكيّة العساكر بالديار المصرية بعد الوالد، ثم ولى نيابة الشّام بعده أيضا بحكم وفاته، ثم فرّ من الملك الناصر [فرج] «3»
لمّا حوصر بدمشق إلى البلاد الحلبيّة، ودام بها، إلى أن كانت فتنة نوروز، وتولّى ابن أخيه قرقماس سيدى الكبير نيابة الشّام عوضا نوروز، وطلبه الملك(14/138)
المؤيّد فقدم عليه من البحر، وقد عاد قرقماس إلى مصر، فقبض الملك المؤيّد عليهما، وأرسل قبض على ابن أخيه تغرى بردى سيدى الصغير من صالحية بلبيس، وقال: هؤلاء أهمّ من الأمير نوروز، وقتل تغرى بردى سيدى الصغير فى يوم عيد الفطر سنة ستّ عشرة، ثمّ قتل أخاه قرقماس سيدى الكبير بسجن الإسكندرية، وأبقى عمّهما دمرداش هذا إلى هذا اليوم فقتله، وقد تقدم من ذكر دمرداش ما فيه غنية عن ذكره هنا ثانيا.
وفيها قتل الأمير سيف الدين سودون بن عبد الله المحمدىّ الظاهرىّ المعروف بسودون تلّى- أى مجنون- فى يوم السبت ثامن عشر المحرّم بسجن الإسكندرية، مع الأمير دمرداش المقدّم ذكره، وكان سودون أيضا من أعيان المماليك الظاهريّة [برقوق] «1»
، وترقّى فى دولة الملك الناصر فرج إلى أن صار أمير آخور كبيرا، ثم خرج عن طاعة الملك الناصر، ووقع له أمور، وانضم على الأميرين شيخ ونوروز، ودام معهما سنين إلى أن انكسر الملك الناصر وقتل، فقدم القاهرة- صحبة الأمير الكبير شيخ فى خدمة الخليفة- على أعظم إقطاعات مصر، وكان يميل إلى نوروز أكثر من شيخ، غير أن نوروز أرسله مع الأمير شيخ هو والأمير بكتمر جلّق صفة التّرسيم ليمنعاه «2»
من الوثوب على السّلطنة، فمات بكتمر بعد أشهر، فتلاشى أمر سودون المذكور، فأخذ الملك المؤيد يخادعه إلى أن استفحل أمره، فقبض عليه وحبسه بالإسكندرية إلى أن قتله فى التاريخ المذكور.
وفيها أيضا قتل الأمير سيف الدين أسنبغا الزّرد كاش أحد المماليك الظاهريّة [برقوق] «3»
أيضا، بسجن الإسكندرية مع دمرداش وسودون المحمدى، وكان ممّن صار أمير مائة ومقدّم ألف بالديار المصرية فى دولة الملك الناصر فرج، وجعله بديار مصر(14/139)
فى سفرته التى قتل فيها، ودام بمصر إلى أن قبض عليه الملك المؤيد وحبسه بالإسكندرية ثمّ قتله فى التاريخ المقدم ذكره.
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم ستة أذرع ونصف، مبلغ الزيادة عشرون ذراعا سواء.(14/140)
[ما وقع من الحوادث سنة 819]
السنة الخامسة من سلطنة الملك المؤيد على مصر وهى سنة تسع عشرة وثمانمائة.
فيها توفّى الأمير سيف الدين تنبك بن عبد الله المؤيّدى، شاد الشراب خاناه، وأحد أمراء الطّبلخانات، فى سادس عشرين صفر، وحضر السلطان الصلاة عليه بمصلّاة المؤمنى «1»
، وكان من أكابر المماليك المؤيّدية، خصيصا عند السلطان، مشكور السّيرة.
وتوفّى أستادار الوالد الأمير الوزير شهاب الدين أحمد ابن الحاج عمر بن قطينة، فى يوم الأحد ثانى عشرين المحرّم، وكان يباشر فى بيوت الأمراء، واتصل بخدمة الوالد سنين، ثم ولى الوزارة فى الدّولة الناصرية دون الأسبوع فى سنة اثنتين وثمانمائة، وعزل وعاد إلى أستادارية الوالد، وتصرّف مع ذلك فى عدة أعمال، وكان معدودا من أعيان المصريين.
وتوفّى الشيخ الإمام نجم الدين [بن فتح الدين] «2»
، أبو الفتح محمد بن محمد بن عبد الدايم الحنبلى، فى هذه السنة، وكان من أعيان فقهاء الحنابلة.
وتوفّى الشيخ الإمام العلّامة همام الدين محمد بن محمد الخوارزمىّ «3»
، الشّافعى، شيخ المدرسة الناصرية المعروفة بالجمالية، برحبة باب العيد بالقاهرة، وكان عالما فى عدة فنون.(14/141)
وتوفّى القاضى شهاب الدين أحمد الصّفدى «1»
ناظر البيمارستان المنصورى بالقاهرة وناظر الأحباس، فى ثانى عشر شهر ربيع الأوّل، وكان أولا يباشر التّوقيع بخدمة الملك المؤيّد شيخ فى أيام إمرته، فلما رشح للسلطنة خلع عليه بنظر البيمارستان، واستقرّ القاضى ناصر الدين ابن البارزىّ عوضه فى توقيع الأمير شيخ، فوصل بذلك إلى وظيفة كتابة السّرّ.
وتوفّى قاضى القضاة أمين الدين عبد الوهاب ابن قاضى القضاة شمس الدين محمد بن أبى بكر الطرابلسىّ «2»
الحنفى، قاضى قضاة الدّيار المصرية، فى ليلة السبت سادس عشرين شهر ربيع الأول، وقد تجاوز أربعين سنة، وكان مشكور السّيرة قليل البضاعة.
وتوفّى الأمير سيف الدين قمارى «3»
بن عبد الله، شادّ السلاح خاناه «4»
، وأمير الرّكب الأوّل من الحاج، فى رابع عشرين شوّال، فى وادى القباب «5»
، وهو متوجّه إلى الحج.
وتوفّى الشيخ الإمام المحدّث تقىّ الدين أبو بكر بن عثمان بن محمد الجيتى «6»
، الحنفى قاضى العسكر بالدّيار المصرية بها، وكان من الفضلاء، معدودا من فقهاء الحنفية ونحاتهم، وكان وجيها فى الدّولة المؤيدية [شيخ] «7»
إلى الغاية.(14/142)
وتوفّى الأمير سيف الدين أرغون بن عبد الله من بشبغا «1»
الظاهرى، الأمير آخور- كان- فى الدولة الناصرية فرج بالقدس بطالا فى يوم الجمعة ثالث ذى القعدة، وكان ديّنا خيرا، عفيفا عن المنكرات والفروج، وهو أحد أعيان المماليك الظاهريّة وخشداش الوالد، كلاهما جلبه خواجا بشبغا، وقد تقدّم من ذكره نبذة كبيرة فى ترجمة الملك الناصر فرج.
وتوفّى الطواشى زين الدين مقبل بن عبد الله الأشقتمرىّ «2»
رأس نوبة الجمدارية فى ليلة الاثنين رابع عشر شهر ربيع الآخر، ودفن بمدرسته التى بخط التّبانة، وكان رومى الجنس، ولديه فضيلة.
وتوفّى قاضى القضاة ناصر الدين محمد ابن قاضى القضاة كمال الدين عمر بن إبراهيم بن محمد المعروف بابن أبى جرادة، وابن العديم «3»
الحلبى الحنفى قاضى قضاة الدّيار المصرية بها، بعد مرض طويل، فى ليلة السبت تاسع شهر ربيع الآخر، عن سبع وعشرين سنة، بعد ما ولى القضاء نحو ثمانى سنين، على أنه صرف منها مدّة، وكان عالما ذكيّا فطنا، مع طيش وخفّة، ومهابة وحرمة، وثروة وحشم، وقد ثلمه الشيخ تقي الدين المقريزى بقوادح ليست فيه، والإنصاف فى ترجمته ما ذكرناه، وأنا أعرف بحاله من الشيخ تقي الدين وغيره؛ لكونه كان زوج كريمتى، ومات عنها، وتولى القضاء بعده الشيخ شمس الدين محمد الدّيرىّ [الحنفى] «4»
القدسى بعد أشهر.
وتوفّى الشيخ الإمام العالم العلامة عزّ الدين محمد ابن شرف الدين أبى بكر ابن قاضى القضاة عز الدين عبد العزيز ابن قاضى القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن(14/143)
جماعة «1»
- مطعونا- فى يوم الأربعاء العشرين من شهر ربيع الأول، ومولده بمدينة الينبع «2»
بأرض الحجاز سنة تسع وخمسين وسبعمائة، وكان بارعا، مفنّنا، إماما فى العلوم العقليّة، مشاركا فى عدّة فنون، وبه تخرج غالب علماء عصرنا، وكان احترز على نفسه من الطاعون، واحتمى عن المغلّظات، وسلك طريق الحكماء، واستعمل الأشياء الدافعة للطاعون والخمّ، وأكثر من ذلك إلى أن طعن وهو أعظم ما يكون من الاحتراز، فما شاء الله كان.
وتوفّى الصاحب الوزير تقي الدين عبد الوهاب ابن الوزير الصاحب فخر الدين عبد الله ابن الوزير الصاحب تاج الدين موسى ابن علم الدين أبى شاكر ابن تاج الدين أحمد ابن شرف الدولة إبراهيم ابن الشيخ سعيد الدّولة بالقاهرة فى يوم الخميس حادى عشر ذى القعدة، وكان مشكور السيرة، يتنصّل من صحبة الأقباط أبناء جنسه، ويتديّن ويصحب الصّلحاء من المسلمين، ولا يدخل فى بيته أحدا من نسوة النصارى البتّة- رحمه الله تعالى.
وتوفّيت خوند أخت الملك الظاهر برقوق، بنت الأمير آنص الجاركسية، أم الأتابك بيبرس، فى ليلة الأحد رابع عشر ذى القعدة، بعد سن عال، وهى الصّغرى من أخوة برقوق.
وتوفّى الشيخ زين الدين أبو هريرة عبد الرحمن ابن الشيخ شمس الدين أبى أمامة محمد ابن على بن عبد الواحد بن يوسف بن عبد الرحيم الدّكالىّ الشّافعىّ، المعروف بابن النّقاش «3»
،(14/144)
خطيب جامع أحمد بن طولون، فى يوم عيد النحر، وكان يعظ، ولكلامه موقع فى القلوب، مع فضيلة تامّة، ودين متين، وقيام فى ذات الله [تعالى] «1» .
وتوفّى قاضى القضاة شمس الدّين محمد بن على بن معبد المقدسىّ، المعروف بالمدنى «2» المالكى، فى يوم الجمعة عاشر شهر ربيع الأوّل عن سبعين سنة، وكان مشكور السّيرة فى ولايته بالعفة، على أن بضاعته من العلم كانت مزجاة.
وتوفّيت «3» خوند بنت الملك الناصر فرج، زوجة المقام الصّارمى إبراهيم ابن الملك المؤيدى شيخ، فى شهر ربيع الأوّل، وهى أكبر أولاد الناصر، وهى التى كان تزوّجها بكتمر جلّق فى حياة والدها، وسنها دون عشر سنين.
وفيها كان الطاعون والغلاء بالديار المصرية حسبما تقدم ذكره:
أمر النيل فى هذه السنه: الماء القديم سبعة أذرع ونصف، مبلغ الزيادة عشرون ذراعا سواء كالعام الماضى.(14/145)
[ما وقع من الحوادث سنة 820]
السنة السادسة من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة عشرين وثمانمائة.
فيها تجرّد السلطان الملك المؤيد المذكور إلى البلاد الشامية، وفتح عدّة قلاع ببلاد الروم مثل كختا وكركر وبهسنا وغيرها، وهى تجريدته الثالثة، وأيضا آخر سفراته إلى الشام.
وفيها توفّى الأمير زين الدين فرج ابن السلطان الملك الناصر فرج ابن السلطان الملك الظاهر برقوق ابن الأمير آنص الجاركسىّ بسجن الإسكندرية فى ليلة الجمعة سادس عشرين [شهر] «1» ربيع الأوّل، ودفن بالإسكندرية، ثم نقلت جثته إلى القاهرة، ودفنت بتربة والده التى بناها الملك الناصر على قبر أبيه الملك الظاهر [برقوق] «2»
بالصحراء خارج القاهرة، ومات ولم يبلغ الحلم، وهو أكبر أولاد الملك الناصر فرج من الذكور، وبموته خمدت نفوس الظاهرية.
وتوفّى الأمير سيف الدين آقبردى بن عبد الله المؤيدى المنقار، أحد أمراء الألوف بالديار المصرية، فى ليلة الخميس سابع عشرين صفر بدمشق، وكان توجه إليها صحبة أستاذه الملك المؤيد، وهو أحد أعيان مماليك [الملك] «3» المؤيد شيخ، اشتراه أيام إمرته وقاسى معه تلك الحروب والفتن والتشتت فى البلاد، فلما تسلطن أمّره عشرة، ثم نقله إلى إمرة طبلخاناه، وجعله رأس نوبة ثانيا، وهو أول من حكم ممّن ولى هذه الوظيفة، وقعدت النّقباء على بابه، ثم أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بديار مصر، ثم ولى نيابة إسكندرية مدّة، ثم عزله وأقرّه على إقطاعه، وأخذه صحبته إلى التجريدة وهو مريض فى محفّة فمات بالبلاد الشاميّة، وكان شجاعا مقداما كريما، مع جهل(14/146)
وظلم وجبروت، وخلق سيّئ، وبطش وحدّة مزاج، وقبح منظر. قلت: وعلى كل حال مساوئه أكثر من محاسنه.
وتوفّى القاضى تاج الدين عبد الوهاب بن نصر الله بن حسن الفوى الحنفى «1» .
أخو الصاحب بدر الدين بن نصر الله، كان وكيل بيت المال، وناظر الكسوة، وأحد نواب الحكم الحنفيّة، وهو والد صاحبنا القاضى تقي الدين بن نصر الله، فى ليلة السبت ثالث عشر جمادى الآخرة بالقاهرة، وكان مولده فى سنة ستين وسبعمائة، ومات فى حياة والده، وكان من أعيان الديار المصرية ورؤسائها.
وتوفّى الشيخ الإمام العالم الزاهد الورع شرف الدين موسى بن على المناوىّ «2» المالكى الفقيه العابد، بمكة المشرفة فى ثانى شهر رمضان، وكان من الأبدال، جاور بمكة والمدينة سنين، وكان أوّلا بالقاهرة فى طلب العلم، وحفظ الموطّأ حفظا جيّدا، وبرع فى الفقه والعربيّة، وشارك فى فنون، ثم تزهد فى الدنيا، وترك ما كان بيده من الوظائف من غير عوض يعوّضه فى ذلك، وانفرد بالصحراء مدّة، ثم خرج إلى مكّة فى سنة تسع وتسعين وسبعمائة، وأقبل على العبادة متخلّيا من كلّ شىء من أمور الدّنيا، معرضا عن جميع الناس حتى صار أكثر إقامته بمكّة فى الجبال، لا يدخلها إلّا فى يوم الجمعة، أو فى النّادر، وكان يقصد للزّيارة والتّبرّك به، وكان ممّن لا يريد الشّهرة.
وتوفّى الأمير سيف الدين آقباى «3» بن عبد الله المؤيّدى نائب الشّام بها فى قلعة(14/147)
دمشق [فى ذى القعدة] «1» ، وقد مرّ من ذكره ما فيه كفاية عن ذكره ثانيا عند خروجه من قلعة دمشق والقبض عليه، كلّ ذلك فى ترجمة أستاذه الملك المؤيد [شيخ] «2» وهو أحد أعيان مماليك المؤيد، وأحد الأربعة المعدودة بالشّهامة والشجاعة.
وهم: الأمير جانى بك المؤيدى الدّوادار، والأمير آقباى الخازندار ثم الدّوادار هذا، والأمير يشبك اليوسفىّ المؤيدى المشدّ ثم نائب حلب الآتى ذكره، والأمير آقبردى المؤيّدى المنقار المقدم ذكره فى هذه السنة، فهؤلاء الأربعة كانوا من الشجعان «3» [ضاهوا أعيان مماليك الملك الظاهر برقوق، بل بالغ بعض خشداشيّتهم بأنّهم أعظم وأشهم، وفى ذلك نظر] «4» .
وتوفّى الشيخ شمس الدين محمد بن على بن جعفر البلالى «5» الشافعى، شيخ خانقاه سعيد السعداء «6» بها، فى يوم الجمعة رابع عشر شهر رمضان، وكان فقيها فاضلا معتقدا، وله شهرة كبيرة، وكان الوالد يحبّه، ويبرّه بالأموال والغلال، وغير ذلك.
وتوفّى الأمير ناصر الدين محمد السّلاخورىّ، نائب دمياط، قتيلا فى رابع عشر ذى الحجّة، بعد ما ولى عدّة وظائف بالبذل والسّعى.
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم ستة أذرع سواء، مبلغ الزّيادة تسعة عشر ذراعا وثمانية أصابع.(14/148)
[ما وقع من الحوادث سنة 821]
السنة السابعة من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة.
فيها كان الطاعون بالديار المصرية، ومات جماعة من الأعيان وغيرهم، ووقع الطاعون بها أيضا فى التى تليها حسبما يأتى ذكره.
وفيها توفّى الأمير سيف الدين مشترك بن عبد الله القاسمى الظاهرىّ نائب غزّة- كان- ثم أحد مقدّمى الألوف بدمشق بها، فى سادس عشر جمادى الأولى، وهو أحد المماليك لظاهرية برقوق، وتأمّر فى دولة الملك الناصر فرج، ثم ولّاه الملك المؤيد نيابة غزّة، ثم نقله إلى إمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق، إلى أن مات.
وتوفّى الشريف النقيب شرف الدين أبو الحسن على ابن الشريف النقيب فخر الدين أحمد ابن الشريف النقيب شرف الدين محمد بن على بن الحسين بن محمد ابن الحسين بن محمد بن الحسين بن محمد بن زيد بن الحسين بن مظفّر بن على بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب- رضى الله عنه- الأرموىّ الحسينىّ، نقيب الأشراف بالديار المصرية، فى يوم الاثنين تاسع عشر شهر ربيع الأوّل، وكان رئيسا نبيلا، عاريا عن العلوم والفضائل، منهمكا فى اللّذات، وله مكارم وأفضال- عفا الله [تعالى] «1» عنه.
وتوفّى الأمير [سيف الدين] «2» حسين بن كبك التّركمانى أحد أمراء التّركمان قتيلا فى ثالث جمادى الأولى.
وتوفّى القاضى شهاب الدين أحمد بن عبد الله القلقشندى «3» الشّافعى فى ليلة السّبت عاشر جمادى الآخرة عن خمس وستين سنة، بعد أن كتب فى الإنشاء «4» سنين، وبرع(14/149)
فى العربيّة، وشارك فى الفقه، وناب فى الحكم بالقاهرة، وعرف الفرائض، ونظم ونثر، وصنّف كتاب صبح الأعشى فى صناعة الإنشاء، جمع فيه جمعا كبيرا مفيدا، وكتب فى الفقه وغيره.
وتوفّى الأمير سيف الدين بيسق بن عبد الله الشّيخىّ الظاهرىّ، أحد أمراء الطّبلخانات، وأمير آخور ثانى، فى جمادى الآخرة بالقدس بطّالا، بعد أن ولى إمرة الحاجّ فى أيّام أستاذه الملك الظاهر برقوق، وأيّام ابن أستاذه الملك الناصر فرج غير مرّة، وولى عمارة المسجد الحرام بمكّة لمّا اخترق فى سنة ثلاث وثمانمائة، ثم تنكّر عليه الملك الناصر، وأخرجه منفيّا إلى صهره الأمير إسفنديار ملك الرّوم، فأقام بها حتى تسلطن الملك المؤيد شيخ، فقدم عليه، فلم يقبل عليه الملك المؤيّد شيخ لأنّه كان من حواشى الأمير نوروز الحافظى، وأقام بداره مدّة، ثم أخرجه المؤيد إلى القدس بطّالا، فمات به، وكان أميرا عاقلا، عارفا بالأمور، متعصبا للفقهاء الحنفيّة، وفيه برّ وصدقة، مع شراسة خلق وحدّة مزاج، وقد ترجمه الشيخ تقىّ الدين الفاسى «1» قاضى مكّة ومؤرّخها، ونعته بالأمير الكبير، على أنّ بيسق، لم يعط إمرة مائة ولا تقدمة ألف البتّة، وإنما أعظم ما وصل إليه الأمير آخورية الثانية، وإمرة طبلخاناه لا غير، فبينه وبين المقدّم درجات، وبين المقدم والأمير الكبير درجات، فترجمه الفاسى بالأمير الكبير دفعة واحدة، وكذا وقع له فى جماعة كبيرة من أعيان المصريين، فكلّ ذلك لعدم ممارسته لهذا الشأن، وإن كان الرجل حافظا ثقة، عارفا بفن الحديث ورجاله، إماما فى معرفة أهل بلده، وأحوال المسجد الحرام، وقد أجاد فيما صنّفه من تاريخ مكّة المشرّفة إلى الغاية بخلاف تأريخه التّراجم، فإنه قصّر فيه إلى الغاية، وأقلب ملوك الأقطار وأعيانها- ما عدا أهل مكة- ظهرا لبطن، وأعظم من رأيناه فى هذا الشأن الشيخ تقي الدين المقريزىّ، وقاضى القضاة بدر الدين العينى، وما عداهما فمن مقولة الشيخ تقي الدين الفاسى، ولم أرد بذلك الحطّ على أحد،(14/150)
وإنما الحقّ يقال على أى وجه كان، وها [هى] «1» مصنّفات الجميع باقية، فمن لم يرض بحكمى فليتأمّلها، ويقتدى بنفسه- انتهى.
وتوفّى الأمير علاء الدين «2» آقبغا بن عبد الله المعروف بالشّيطان- مقتولا- فى ليلة الخميس سادس شعبان، وأصله من صغار مماليك الملك الظاهر برقوق، وعظم فى الدّولة المؤيّدية، حتى إنه جمع بين ولاية القاهرة وحسبتها وشدّ الدّواوين بها فى وقت واحد، وكان عارفا حاذقا فطنا، عفيفا عن المنكرات، مع معرفة بالمباشرة، غير أنه كان فيه ظلم وعسف.
وتوفّى الأمير سيف الدين بردبك بن عبد الله الخليلى الظاهرىّ، المعروف بقصقا، نائب صفد بها، فى ليلة الخميس نصف شهر رجب، وكان أصله من خاصّكيّة الملك الظاهر برقوق ومماليكه، وترقّى بعد موته إلى أن صار أمير مائة ومقدّم ألف، ثم رأس نوبة النّوب فى دولة الملك المؤيّد شيخ، ثم نقل إلى نيابة طرابلس، فساءت سيرته بها، فعزل عنها ونقل إلى نيانة صفد فدام بها إلى أن توفى، وكان غير مشكور السّيرة.
وتوفّى الأمير [سيف الدين] «3» سودون بن عبد الله الأسندمرىّ الظاهرىّ، أتابك طرابلس قتيلا- فى الوقعة التى كانت بين الأمير برسباى الدقماقى نائب طرابلس وبين التّركمان خارج طرابلس- فى يوم الأربعاء سابع عشرين شعبان، وكان ولى الأمير آخوريّة الثانية فى الدولة الناصرية، ثم أمسكه الملك الناصر وحبسه بسجن الإسكندرية، إلى أن أطلقه الملك المؤيد، وأنعم عليه بعد مدّة بأتابكيّة طرابلس، فدام بها إلى أن قتل.
وتوفّى الأستاذ إبراهيم بن باباى الرّومى العوّاد، أحد ندماء الملك الناصر فرج،(14/151)
ثم الملك المؤيد شيخ، ببستانه بجزيرة الفيل المعروف ببستان الحلّى فى ليلة الجمعة مستهلّ شهر ربيع الأوّل، وقد انتهت إليه الرياسة فى الضّرب بالعود، وخلّف مالا جزيلا، وكان فيه تكبّر وشمم، وكان حظيّا عند الملوك، نالته السعادة بسبب آلته وغنائه، ومات وهو فى عشر السبعين، ولم يخلف بعده مثله إلى يومنا هذا، ومع قوته فى العود ومعرفته بالموسيقى لم يصنّف شيئا فى الموسيقى، كما كانت عادة من قبله من الأستاذين- انتهى.
وتوفى الأمير الوزير فخر الدين عبد الغنى ابن الوزير تاج الدين عبد الرزّاق بن أبى الفرج بن نقولا «1» الأرمنىّ الملكى أستادار العالية، فى يوم الاثنين النّصف من شوال، بداره بين السورين من القاهرة، ودفن بجامعه «2» الذي أنشأه تجاه داره المذكورة، وتولى الأستادارية من بعده الزّينى أبو بكر بن قطلوبك، المعروف بابن المزوّق، وكان مولد فخر الدين المذكور فى شوال سنة أربع وثمانين وسبعمائة، ونشأ فى كنف والده، ولما ولى أبوه الوزارة من ولاية قطيا فى الأيام الظاهرية برقوق، ولّاه موضعه بقطيا، ثم ولى كشف الوجه الشّرقىّ فى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، ووضع السيف فى العرب الصالح والطالح، وأسرف فى سفك الدّماء وأخذ الأموال، حتى تجاوز عن الحد فى الظّلم والعسف، ثم طلب الزيادة فى الظلم والفساد، وبذل للملك الناصر أربعين ألف دينار، وولى الأستادارية عوضا عن تاج الدين عبد الرزّاق بن الهيصم فى سنة أربع عشرة المذكورة.
قال المقريزى فوضع يده فى الناس يأخذ أموالهم بغير شبهة من شبه الظلمة حتى داخل الرّعب كلّ برىء، وكثرت الشناعة عليه، وساءت القالة فيه، فصرف فى ذى الحجة من السّنة، وسرّ الناس بعزله سرورا كبيرا، وعوقب عقوبة لم يعهد مثلها فى الكثرة، حتى أيس منه كلّ أحد، ورقّ له أعداؤه، وهو فى ذلك يظهر قوّة النفس،(14/152)
وشدّة الجلد، مالا يوصف، ثم خلّى عنه، وعاد إلى ولاية قطيا، ثم صرف عنها، وخرج مع الناصر إلى دمشق من غير وظيفة.
فلما قتل الناصر تعلّق بحواشى الأمير شيخ، وأعيد إلى كشف الوجه البحرى،- انتهى كلام المقريزى باختصار.
قلت: ثمّ ولى الأستادارية ثانيا بعد ابن محب الدين فى سنة تسع عشرة وثمانمائة، وسلّم إليه ابن محبّ الدين، فعاقبه وأخذ منه أموالا كثيرة، ثم أضيف إليه الوزر، وتقدّم عند الملك المؤيّد، ثم تغيّر عليه المؤيّد، ففرّ منه فخر الدين المذكور من على حماة إلى بغداد، وغاب هناك إلى أن قدم بأمان من الملك المؤيد وعاد إلى وظيفة الأستادارية، واستمرّ على وظيفته إلى أن مات فى التاريخ المقدم ذكره.
قال المقريزى رحمه الله: وكان جبّارا قاسيا شديدا، جلدا عبوسا بعيدا عن الترف، قتل من عباد الله ما لا يحصى، وخرّب إقليم مصر بكماله، وأفقر أهله ظلما وعتوّا وفسادا فى الأرض؛ ليرضى سلطانه، فأخذه الله أخذا وبيلا- انتهى كلام المقريزى [باختصار] «1» .
قلت: لا ينكر عليه ما كان يفعله من الظّلم والجور، فإنه كان من بيت ظلم وعسف، كان عنده جبروت الأرمن، ودهاء النّصارى، وشيطنة الأقباط، وظلم المكسة، فإن أصله من الأرمن، وربّى مع النصارى، وتدرّب بالأقباط، ونشأ مع المكسة بقطيا، فاجتمع فيه من قلّة الدين، وخصائل السّوء ما لم يجتمع فى غيره، ولعمرى لهو أحقّ بقول القائل: [الوافر]
مساوىء لو قسمن على الغوانى ... لما أقهرن إلّا بالطّلاق
قيل إنه لما دفن بقبره بالقبّة من مدرسته سمعه جماعة من الصّوفيّة وغيرهم وهو يصيح فى قبره، وتداول هذا الخبر على أفواه الناس، قلت: وما خفاهم أعظم «2» ، غير أنى(14/153)
أحمد الله تعالى على هلاك هذا الظّالم فى عنفوان شبيبته، ولو طال عمره لملأ ظلمه وجوره الأرض، وقد استوعبنا ترجمته فى تاريخنا المنهل الصّافى «1» بأطول من هذا، وذكرنا من اقتدى به من أقاربه فى الظّلم والجور وسوء السّيرة، ألا لعنة الله على الظّالمين.
قلت: وأعجب من ظلمهم إنشاؤهم المدارس والرّبط، من هذا المال القبيح، الذي هو من دماء المسلمين [وأموالهم] «2» . وأما مدرسة فخر الدين هذا، ومدرسة جمال الدين البيرىّ الأستادار «3» ، ومدرسة أخرى، بالقرب من باب سعادة، فهذه «4» المدارس الثلاث فى غاية ما يكون من الحسن، والعمل المتقن من الزّخرفة، والرّخام الهائل، ومع هذا أرى أن القلوب ترتاح إلى بلاط دهليز خانقاه سعيد السّعداء، وبياضها الشّعث أكثر من زخرفة هؤلاء ورخامهم، وليس يخفى هذا على أرباب القلوب النيّرة، والأفكار الجليلة- انتهى.
وتوفّى الأمير الطّواشى بدر الدين لؤلؤ العزّى الرّومىّ، كاشف الوجه القبلى، فى يوم الأربعاء رابع عشرين شوّال، وكان يلى الأعمال، فصودر وعوقب غير مرّة، وكان من الظّلمة الفتّاكين، وكانت أعيان الخدّام تكره منه دخوله فى هذا الباب، وتلومه على ذلك.
وتوفّى الأمير الكبير علاء الدين ألطنبغا بن عبد الله العثمانى [الظاهرى] «5» أتابك العساكر بالدّيار المصرية، ثمّ نائب الشام بطالا بالقدس، فى يوم الاثنين ثانى عشرين شوّال، وكان أعظم مماليك الملك الظاهر برقوق فى زمانه، وأجلّهم قدرا، وأرفعهم منزلة، فإنه ولى نيابة صفد فى دولة أستاذه الملك الظاهر برقوق، والملك المؤيد(14/154)
يوم ذاك من جملة أمراء العشرات، ثم لا زال ينتقل من الأعمال والوظائف إلى أن ولّاه الملك المؤيد شيخ أتابك العساكر بالديار المصرية، بعد وفاة الأتابك يلبغا الناصرى، ثم نقله إلى نيابة دمشق بعد خروج قانى باى المحمدى، ثمّ أمسكه وسجنه بقلعة دمشق مدّة أيام، ثم أطلقه ورسم له بالتوجّه إلى القدس بطالا، فتوجّه إليه ودام به إلى أن مات، وكان أميرا جليلا عاقلا ساكنا متواضعا وقورا وجيها فى الدّولة، طالت أيامه فى السعادة- رحمه الله تعالى.
وتوفّى الأمير علاء الدين قطلوبغا نائب الإسكندرية بها فى يوم الخميس خامس عشر ذى الحجة، وكان ولى الحجوبيّة فى دولة الملك المنصور حاجى «1» بتقدمة ألف بالقاهرة، فلمّا عاد الظاهر برقوق إلى الملك أخرج عنه إقطاعه، وطال خموله، وحطّه الدّهر وافتقر، إلى أن طلبه المؤيد وولّاه نيابة الإسكندرية، وهو لا يملك القوت اليومىّ. وقد تقدّم ذكر ذلك فى أصل ترجمة الملك المؤيد من هذا الكتاب.
وتوفّى المسند المعمّر المحدّث شرف الدين محمد ابن عز الدين أبى اليمن محمد بن عبد اللطيف بن أحمد بن محمود بن أبى الفتح الشهير بابن الكويك «2» الرّبعى الإسكندرى الشافعى، فى يوم السبت سادس عشرين ذى القعدة، ومولده فى ذى القعدة سنة سبع وثلاثين وسبعمائة بالقاهرة، وكان تفرّد بأشياء عالية، وتصدّى للإسماع عدّة سنين، وأخّر قبل موته، وكان خيّرا ساكنا، كافّا عن الشّرّ، من بيت رياسة وفضل، وأول سماعة- حضورا- سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، ولم يشتهر بعلم.(14/155)
وتوفّى الأمير أبو الفتح موسى ابن السلطان الملك المؤيد شيخ، فى يوم الأحد تاسع عشرين شهر رمضان، وهو فى الشهر الخامس من العمر، ودفن بالجامع المؤيدى، وأمّه أمّ ولد جاركسيّة تسمّى قطلباى، تزوّجها الأمير إينال الجكمىّ بعد موت الملك المؤيد.
أمر النّيل فى هذه السنة: الماء القديم أربعة أذرع وثمانية أصابع مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وعشرة أصابع.(14/156)
[ما وقع من الحوادث سنة 822]
السنة الثامنة من سلطنة الملك المؤيد شيخ «1» على مصر وهى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة.
فيها توجّه المقام الصارمى إبراهيم ابن السلطان الملك المؤيد شيخ إلى البلاد الشاميّة، وسار إلى الرّوم ومعه عدّة من أعيان الأمراء والعساكر، وسلك بلاد ابن قرمان وأباده، وقد تقدّم ذكر ذلك كلّه فى أصل ترجمة الملك المؤيد من هذا الكتاب.
وفيها كان الطاعون أيضا بالديار المصرية، ولكنه كان أخف من السنة الخالية.
وفيها توفّى الأمير شرف الدين يحيى بن بركة بن محمد بن لاقى، أحد ندماء السلطان الملك المؤيد، فى يوم الأربعاء حادى عشر صفر، قريبا من غزّة، فحمل ودفن بغزّة فى يوم الجمعة، وكان أوّلا من أمراء دمشق، ثم قدم مع المؤيد شيخ إلى مصر، وصار من أعيان الدّولة، واستقرّ مهمندارا وأستادار الجلال، ثم انحطّ قدره، ونفى إلى البلاد الشاميّة، فمات فى الطريق، وكان سبب نفيه تنكّر الأمير جقمق الأرغون شاوىّ الدّوادار عليه، بسبب كلام نقله عنه للسلطان، فتبيّن الأمر بخلاف ما نقله، فرسم السّلطان بنفيه من القاهرة على حمار.
وتوفّى الأمير سيف الدين كزل بن عبد الله الأرغون شاوىّ، أحد أمراء الطّبلخانات بديار مصر، ثمّ نائب الكرك بعد عزله عن نيابة الكرك، وتوجهه إلى الشّام على إمرة طبلخاناه، بحكم طول مرضه، فمات بعد أيّام فى خامس عشرين المحرّم، وكان أصله من مماليك الأمير أرغون شاه، أمير مجلس أيّام الملك الظاهر برقوق، وترقّى إلى أن كان من أمره ما ذكرناه، وكان عاقلا ساكنا.
وتوفّى الأديب الفاضل مجد الدين فضل الله ابن الوزير الأديب فخر الدين(14/157)
عبد الرحمن بن عبد الرزّاق بن إبراهيم بن مكانس المصرى القبطى الحنفى، الشّاعر المشهور، فى يوم الأحد خامس عشرين شهر ربيع الآخر، ومولده فى شعبان سنة تسع وستين وسبعمائة، ونشأ تحت كنف والده، وعنه أخذ الأدب وتفقّه على مذهب أبى حنيفة- رضى الله عنه- وقرأ النحو واللّغة، وبرع فى الأدب، وكتب فى الإنشاء مدّة، وكانت له ترسّلات بديعة ونظم رائق، وفيه يقول أبوه فخر الدين رحمه الله تعالى: [الطويل]
أرى ولدى قد زاده الله بهجة ... وكمّله فى الخلق والخلق مذ نشا
سأشكر ربّى حيث أوتيت مثله ... وذلك فضل الله يؤتيه من يشا
ومن شعر مجد الدين صاحب الترجمة قوله:
[الوافر]
بحقّ الله دع ظلم المعنّى ... ومتّعه كما يهوى بأنسك
وكيف الصّدّ يا مولاى عمّن ... بيومك رحت تهجره وأمسك
وله أيضا:
[الطويل]
جزى الله شيبى كلّ خير فإنه ... دعانى لما يرضى الإله وحرّضا
فأقلعت عن ذنبى وأخلصت تائبا ... وأمسكت لمّا لاح لى الخيط أبيضا
وله أيضا:
[الوافر]
تساومنا شذا أزهار روض ... تحيّر ناظرى فيه وفكرى
فقلت نبيعك الأرواح حقا ... بعرف طيّب منه ونشرى
وتوفّى الأمير سيف الدين سودون بن عبد الله القاضى الظاهرى، نائب طرابلس بها، فى رابع عشر ذى القعدة، وكان أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق، وترقّى بعد موته إلى أن ولى فى الدّولة المؤيّديّة حجوبيّة الحجّاب، ثم رأس نوبة النّوب، ثم قبض عليه، وحبس مدّة، ثم أطلقه الملك المؤيّد، وولّاه كشف الوجه القبلى، ثم نقله إلى نيابة طرابلس بعد مسك الأمير برسباى(14/158)
الدّقماقىّ، أعنى الأشرف، فدام على نيابة طرابلس إلى أن مات، وكان سبب تسميته بالقاضى لأنّه كان إنّيّا «1» للأمير تنبك القاضى، فسمّى على اسم أغاته، والعجب أنه صار رأس نوبة النّوب وأغاته تنبك المذكور من جملة رءوس النّوب العشرات، يمشى فى خدمة إنيه.
وتوفّى القاضى عزّ الدين عبد العزيز بن أبى بكر بن مظفر بن نصير البلقينىّ الشافعى، أحد فقهاء الشافعيّة وخلفاء الحكم بالديار المصريّة، فى يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الأولى، وكان فقيها شافعيّا، عارفا بالفقه والأصول والعربية، رضىّ الخلق، ناب فى الحكم من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة.
وتوفّى الأمير شهاب الدّين أحمد ابن القاضى ناصر الدين محمد بن البارزىّ الجهنىّ الحموى- فى حياة والده- بداره على النّيل بساحل بولاق، فى يوم الاثنين تاسع عشر شهر ربيع الآخر، وحضر السلطان الملك المؤيد الصلاة، ووجد عليه أبوه كثيرا.
وتوفّى الأمير أبو المعالى محمد ابن السلطان الملك المؤيد شيخ فى عاشر ذى الحجّة، ودفن بالجامع المؤيدى وعمره أيضا دون السّنة.
وتوفى الشيخ برهان الدين إبراهيم ابن غرس الدين خليل بن علوة الإسكندرى، رئيس الأطباء، وابن رئيسها، فى يوم الاثنين آخر صفر، وكان حاذقا فى صناعته، عارفا بالطبّ والعلاج.
أمر النّيل فى هذه السّنة: الماء القديم ثلاثة أذرع وستة وعشرون إصبعا، مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وأربعة عشر إصبعا.(14/159)
[ما وقع من الحوادث سنة 823]
السنة التاسعة من سلطنة «1» الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة.
فيها جرّد السلطان الملك المؤيد الأتابك ألطنبغا القرمشى إلى البلاد الشامية، وصحبته عدة من أمراء الألوف قد ذكرنا أسماءهم فى أصل الترجمة عند خروجهم من القاهرة.
وفيها توفّى قاضى القضاة جمال الدين عبد الله بن مقداد بن إسماعيل الأقفهسىّ «2» المالكى، قاضى قضاة الدّيار المصرية فى رابع عشر جمادى الأولى عن نحو ثمانين سنة، وهو قاض فى ولايته الثانية، وكان إماما بارعا مفتنا مدرسا، ومات والمعوّل على فتواه بمصر.
وتوفّى القاضى شمس الدين محمد بن محمد بن حسين البرقى «3» الحنفى، أحد نوّاب الحكم الحنفيّة فى سابع جمادى الآخرة.
وتوفّى الشيخ على كهنبوش «4» ، صاحب الزّاوية التى عمّرها له سودون الفخرى الشّيخونى النّائب، خارج قبة النّصر، بالقرب من الجبل الأحمر، والزاوية معروفة به إلى يومنا هذا، وكان مشكور السّيرة، محمود الطريقة، يشهر بصلاح ودين، وقيل إنه چاركسى الجنس، هكذا ذكر لى بعض المماليك الچاركسية، والمشهور أنه كان من فقراء الرّوم- انتهى.(14/160)
وتوفّى الرئيس صلاح الدين خليل ابن زين الدين عبد الرّحمن بن الكويز «1» ناظر ديوان المفرد فى عاشر شهر رمضان، وكان ممّن قدم إلى مصر صحبة الأمير شيخ، وتولى نظر ديوان المفرد، وعظم فى الدولة، وأظنه كان أسنّ من أخيه علم الدين داود ناظر الجيش، والله أعلم.
وتوفّى العلامة القاضى ناصر الدين أبو المعالى محمد ابن القاضى كمال الدين محمد بن عز الدين بن عثمان ابن كمال الدين محمد بن عبد الرحيم بن هبة الله الجهنى «2» الحموى الشافعى، المعروف بابن البارزى، كاتب السّرّ الشريف بالديار المصرية، وعظيم الدولة المؤيدية، فى يوم الأربعاء ثامن شوال، ودفن على ولده الشهابى أحمد المقدم ذكره فى السنة الخالية، تجاه شباك الإمام الشافعى- رضى الله عنه- ومولده بحماة فى يوم الاثنين رابع شوّال سنة تسع وستين وسبعمائة، ومات أبوه فى سنة ست وسبعين، ونشأ تحت كنف أخواله، وحفظ القرآن الكريم، وكتاب الحاوى فى الفقه، وطلب العلم، وتفقّه بجماعة، وبرع فى الفقه والعربية والأدب والإنشاء، وتولى قضاء حماة، ثم ولى كتابة سرّها، ثم صحب الملك المؤيّد فى أيام نيابته بدمشق، ولازم خدمته، وتولّى قضاء حلب فى نيابة المؤيد عليها، ثم قبض عليه الملك الناصر، وحبسه ببرج الخيالة بقلعة دمشق، ونظم وهو فى السجن المذكور قصيدته المشهورة التى أولها:
[البسيط]
هو الزمان فلا تلقاه بالرهب ... سلامة المرء فيه غاية العجب
أنشدنى القصيدة المذكورة ولده العلّامة كمال الدين بن البارزى من لفظه، وقد سمعها من لفظ أبيه غير مرّة، وأثبت القصيدة بتمامها فى ترجمته فى تاريخنا «المنهل(14/161)
الصافى» إذ هو محلّ التطويل فى التراجم، ومن شعره أيضا- وهو مما أنشدنى ولده القاضى كمال الدين المقدّم ذكره عن أبيه: [الكامل]
طاب افتضاحى فى هواه محاربا ... فلهوت عن علمى وعن آدابى
وبذكره عند الصّلاة وباسمه ... أشد وفواطر باه فى المحراب
ولا زال بالحبس بقلعه دمشق إلى أن قدمها الملك الناصر فرج، وأراد قتله، فشفع فيه الوالد وأطلقه والسلطان عنده على باب دار السعادة بدمشق، وتوجّه إلى حماة، ثم عاد إلى الملك المؤيد ثانيا، ولا زال معه حتى قتل الملك الناصر، وقدم صحبته إلى مصر وتولى توقيعه عوضا عن شهاب الدين الصفدى وهو أتابك، فلما تسلطن خلع عليه فى شوّال من سنة خمس عشرة وثمانمائة باستقراره كاتب السّر الشريف بالديار المصرية، عوضا عن [فتح الدين] «1» فتح الله بعد عزله ومصادرته، فباشر الوظيفه بحرمة وافرة، ومهابة زائدة، وعظم وضخم ونالته السّعادة، وصار هو صاحب الحل والعقد فى المملكة، وكان يبيت عند الملك المؤيد فى ليالى البطالة، وينادمه ويجاريه فى كل فنّ من الجدّ والهزل، لا يدانيه أحد من جلساء الملك المؤيد فى ذلك، هذا مع الفضل الغزير، وطلاقة اللسان، وحفظ الشّعر، وحسن المحاضرة، والإقدام والتجرى على الملوك، والمراجعة لهم فيما لا يعجبه، وهو مع ذلك قريب من خواطرهم لحسن تأدّيه ما يختاره، وبالجملة فهو أعظم من رأيناه ممّن ولى هذه الوظيفة، ثم بعده ابنه القاضى كمال الدّين الآتى ذكره فى محلّه، بل كان ولده المذكور أرجح فى أمور يأتى بيانها فى محلّها.
وتوفّى الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن أبى شاكر بن عبد الله بن الغنام فى سابع عشرين شوال، وقد أناف على المائة سنة وحواسّه سليمة، بعد أن وزر(14/162)
مرّتين، وأنشأ مدرسة بالقرب من الجامع الأزهر «1» معروفة به، وكان من بيت رياسة وكتابة.
وتوفّى ملك الغرب وصاحب فاس- قتيلا- السلطان أبو سعيد عثمان ابن السلطان أبى العبّاس أحمد ابن السلطان أبى سالم إبراهيم ابن السلطان أبى الحسن على ابن عثمان بن يعقوب بن عبد الحقّ المرينى الفاسى، فى ليلة ثالث عشر شوال، قتله وزيره عبد العزيز اللبانى «2» ، وأقام عوضه ابنه أبا عبد الله محمدا، وكانت مدّته ثلاثا وعشرين سنة وثلاثة أشهر- رحمه الله.
وتوفّى متملّك بغداد وتبريز والعراق «3» الأمير قرا يوسف ابن الأمير قرا محمد بن بيرم خجا التّركمانى، فى رابع عشر ذى القعدة، وملك بعده ابنه شاه محمد ابن قرا يوسف، وأوّل من ظهر من آبائه بيرم خجا بعد سنة ستّين وسبعمائة، وتغلّب بيرم خجا على الموصل حتّى أخذها، ثم أخذها منه أويس ثانيا، وصار بيرم خجاله كالعامل إلى أن مات، فملك بعده ابنه قرا محمد، حتى مات فى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، فملك بعده ابنه قرا يوسف، فحاربه القآن غياث الدين أحمد بن أويس صاحب بغداد على الموصل، ووقع لهما بسبب ذلك حروب إلى أن اصطلحا، وانتمى قرا يوسف إلى السلطان أحمد، وصار ينجده فى حروبه، وقد مرّ دخول قرا يوسف إلى الشّام وقدومه صحبة الأمير شيخ المحمودى إلى جهة القاهرة فى وقعة السّعيديّة «4» مع الملك الناصر وعوده إلى بلاده، وفى عدّة مواضع أخر، وآخر الحال أنه وقع بين قرا يوسف وبين السلطان أحمد وتحاربا، وغلب قرا يوسف(14/163)
السّلطان [أحمد] «1» وأخذ بغداد منه، ودام بها إلى أن أخرجه منها حفيد تيمور لنك أميرزة أبو بكر بن ميران شاة بن تيمور، وفرّ قرا يوسف إلى دمشق، وقدمها فى شهر ربيع الآخر سنة ستّ وثمانمائة، فقبض عليه الأمير شيخ المحمودىّ نائب دمشق:
أعنى المؤيّد، وأمسك معه أيضا السلطان أحمد، وحبسهما بقلعة دمشق، وهذه أوّل عداوة وقعت بين المؤيّد وقرا يوسف، وداما فى السّجن إلى أن أفرج عنهما فى سابع شهر رجب سنة سبع وثمانمائة، وخلع على قرا يوسف هذا، وأنعم عليه، وأخذه معه إلى جهة مصر، وحضر وقعة السّعيديّة المقدم ذكرها، ووصل قرا يوسف فى هذه الحركة إلى دار الضّيافة «2» بالقرب من قلعة الجبل، ولم يدخل القاهرة، ثم عاد إلى بلاده، ثمّ وقع بينه وبين السلطان أحمد أيضا حروب إلى أن ظفر قرا يوسف بالسلطان أحمد المذكور وقتله فى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة واستولى من حينئذ على العراقين، وبعث ابنه شاه محمد إلى بغداد فحصل بين شاه محمد [المذكور] «3» وبين أهل بغداد حروب، ووقع لهم معه أمور يطول شرحها.
ومن يوم قدمها هذا الكعب الشّؤم نمت الحروب ببغداد إلى أن خربت بغداد والعراق بأجمعه من كثرة الفتن التى كانت فى أيّام قرا يوسف هذا، ثم فى أيّام أولاده من بعده، واستمرّ قرا يوسف بتلك الممالك إلى أن مات فى التاريخ المقدم ذكره، وملك بعده [بغداد] «4» ابنه شاه محمد، وتنصّر ودعا الناس إلى دين النّصرانيّة، وأباد العلماء والمسلمين، ثم ملك بعده إسكندر وكان على ما كان عليه شاه محمد وزيادة، ثم أخوهما أصبهان، فكان زنديقا لا يتديّن بدين، فقرا يوسف وذرّيته هم كانوا سببا لخراب بغداد التى كانت كرسىّ الإسلام، ومنبع العلوم، ومدفن الأئمّة الأعلام، وقد بقى الآن من أولاده لصلبه جهان شاه متملّك العراقين وأذربيجان، والى أطراف العجم، والناس منه على وجل، لعلهم أنه من(14/164)
هذه السّلالة الخبيثة النجسة، فالله تعالى يلحقه بمن سلف من آبائه وإخوته الكفرة الزنادقة- فإنهم شرّ عصابة وأقبح الناس سيرة- قريبا غير بعيد.
وتوفّى شرف الدين محمد بن على بن الحيرىّ محتسب القاهرة فى ثانى عشر شهر ربيع الأوّل. قال المقريزىّ: وقد ولى حسبة القاهرة ومصر غير مرّة، بعد ما كان من شرار العامّة، ويشهر بقبائح من السّخف والمجون وسوء السّيرة.
وتوفّى الأمير ناصر الدين محمد ابن الأمير مبارك شاه الطّازىّ أخو الخليفة المستعين بالله فى هذه السّنة، وقد تقدّم من ذكره نبذة يعرف منها حاله عند خلع الملك الناصر فرج من الملك، وتولية الخليفة المستعين بالله السّلطنة، ولما تولّى أخوه المستعين بالله العباس السّلطنة أنعم على ابن الطّازىّ هذا بإمرة طبلخاناه وصار دوادار المستعين، ودام ذلك إلى أن قدم المستعين إلى القاهرة استفحل أمر الأمير شيخ وانحطّ أمر المستعين إلى أن خلع من السّلطنة، ثم من الخلافة، فأخرج الملك المؤيد إقطاع ابن الطّازىّ هذا وأبعده ومقته إلى أن مات.
وكان ابن الطازىّ هذا رأسا فى لعب الرّمح، أستاذا فى فنّ الفروسيّة، أخذ عنه فنّ الرمح وغيره الأمير آقبغا التّمرازى، والأمير كزل السّودونى المعلّم، وبه تخرّج كزل المذكور، والأمير قجق المعلّم رأس نوبة وغيرهم، وكان من عجائب الله [تعالى] «1» فى فنّه، نظرته غير أننى لم آخذ عنه شيئا لصغر سنّى يوم ذاك، وأنا أتعجّب من أمر ابن الطازىّ هذا مع الملك المؤيد؛ فإن المؤيد كان صاحب فنون ويقرّب أرباب الكمالات من كل فنّ ويجلّ مقدارهم، كيف حطّ قدر ابن الطازى هذا؟! ولعل ابن الطازى أطلق لسانه فى حقّ الملك المؤيد لمّا أراد خلع الخليفة من السّلطنة، فأثّر ذلك عند المؤيد، وكان ذلك سببا لإبعاده [والله تعالى أعلم] «2» .
وتوفّى المقام الصارمىّ إبراهيم «3» ابن السلطان الملك المؤيد شيخ فى ليلة الجمعة خامس(14/165)
عشر جمادى الآخرة بقلعة الجبل، وحضر الصلاة عليه السلطان، ودفنه بالجامع المؤيدى فى صبيحة يوم الجمعة، وكثر أسف الناس عليه، وكان لموته يوم عظيم بالقاهرة، ومات وسنّة زيادة على عشرين سنة، وأمّه أم ولد، وكان مولده بالبلاد الشاميّة فى أوائل القرن تخمينا، فإنه لما تسلطن والده كان سنّة يوم ذاك دون البلوغ، وكان نبيلا حاذقا، فأنعم عليه أبوه بإمرة مائة وتقدمة ألف، وتجرّد صحبة والده إلى البلاد الشامية، ثم عاد معه، ثم لمّا كبر وترعرع سفّره أبوه إلى البلاد الشمالية مقدّم العساكر، فسار إلى بلاد ابن قرمان وغيره، وأظهر فى هذه السّفرة من الشجاعة والإقدام، والكرم والحشمة ما أذهل الناس، هذا مع حسن الشّكالة، وطلاقة المحيّا، والإحسان الزائد لمن يقصده ويتردّد إليه؛ ولعمرى إنه كان خليقا للسلطنة، لائقا للملك- فما شاء الله كان «1» [وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلى العظيم] «2» .
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم ثلاثة أذرع سواء، مبلغ الزّيادة ثمانية عشر ذراعا وثلاثة أصابع- انتهى.(14/166)
[ما وقع من الحوادث سنة 824]
ذكر سلطنة الملك المظفر أحمد على مصر «1» السلطان الملك المظفّر أبو السعادات أحمد ابن السلطان الملك المؤيد أبى النّصر شيخ المحمودى الظاهرى الچاركسى الجنس، تسلطن يوم مات أبوه الملك المؤيد شيخ، على مضىّ خمس درج من نصف نهار الاثنين تاسع المحرم سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وعمره يوم بويع بالملك وجلس على سرير السلطنة سنة واحدة وثمانية أشهر وسبعة أيام، وهو السّلطان التّاسع والعشرون من ملوك التّرك وأولادهم، والخامس من الچراكسة، وأمّه خوند سعادات بنت الأمير صرغتمش، أحد أمراء دمشق، وهى إلى الآن فى قيد الحياة.
ولمّا مات أبوه السلطان الملك المؤيد طلب الملك المظفر [أحمد] «2» هذا من الحريم بالدّور السّلطانيّة، فأخرج إليهم، فبايعوه بالسّلطنة بعهد من أبيه إليه بالملك قبل تاريخه، وألبسوه خلعة السلطنة، وركب فرس النّوبة بأبّهة السلطنة، وشعار الملك من باب السّتارة بقلعة الجبل، ومشت الأمراء بين يديه وهو يبكى من صغر سنّة، مما أذهله من عظم الغوغاء، وقوّة الحركة، وصار من حوله من الأمراء وغيرهم يشغله بالكلام، ويتلطّف به، ويسكّن روعه، ويناوله من التّحف ما يشغله به عن البكاء، حتى وصل إلى القصر السّلطانى من القلعة، فأنزل من على فرسه، وحمل حتى أجلس على سرير الملك وهو يبكى، وقبّل الأمراء الأرض بين يديه بسرعة، ولقبّوه بالملك المظفّر بحضرة الخليفة المعتضد بالله أبى الفتح داود، والقضاة الأربعة، ونودى فى الحال بالقاهرة ومصر باسمه وسلطنته.
ثم أخذ الأمراء فى تجهيز السّلطان الملك المؤيد، وتغسيله ودفنه، حسبما تقدّم ذكره فى ترجمته.(14/167)
وقبل أن يدفن الملك المؤيد أبرم الأمير ططر أمير مجلس أمره مع الأمراء، وقبض على الأمير قجقار «1» القردمىّ أمير سلاح، وأمسكه بمعاونة أكابر المماليك المؤيدية، وأيضا بمعاونة خشداشيته من المماليك الظاهريّة برقوق، فارتجّت القاهرة وماجت الناس ساعة وتخوّفوا من وقوع فتنة، فلم يقع شىء؛ وذلك لعدم حاشية قجقار القردمى، فإنه أحد مماليك الأمراء ليس له شوكة ولاخشداشين، وسكن الأمر، ونبل ططر فى أعين الناس من يومئذ، وتفتّحت العيون إليه.
ثم لما كان يوم الثلاثاء عاشر المحرّم- وهو صبيحة يوم وفاة [الملك] «2» المؤيّد- عملت الخدمة بالقصر السّلطانى من القلعة، وأجلس الملك المظفر [أحمد] «3» على مرتبة السّلطنة، وكانت وظيفة ططر أمير مجلس، ومنزلة جلوسه فى الميمنة تحت الأمير الكبير، وكان الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى قد توجّه إلى البلاد الشاميّة قبل ذلك بأشهر، فصار ططر يجلس رأس الميمنة لغيبة الأمير الكبير، ومنزلة جلوس الأمير تنبك العلائى ميق المعزول عن نيابة الشام رأس الميسرة فوق أمير سلاح- كل ذلك فى حياة الملك المؤيد- فلما تسلطن الملك المظفر هذا، وعملت الخدمة بعد مسك قجقار القردمى، وكان الملك المؤيد جعل التّحدّث فى تدبير مملكة ولده الملك المظفر لهؤلاء الثلاثة، أعنى تنبك ميق، وقجقار القردمى أمير سلاح، وططر أمير مجلس، فصار التحدّث الآن إلى تنبك ميق وإلى ططر فقط.
فلما دخل الأمراء الخدمة على العادة، وقبل الجلوس أومأ الأمير ططر إلى الأمير تنبك ميق أن يتوجّه إلى ميمنة السلطان ويجلس بها على أنه يكون مكان الأمير الكبير، ويجلس هو [على] «4» ميسرة السّلطان، فامتنع تنبك من ذلك، فألحّ عليه ططر فى ذلك واحتشم معه، وتأدّب إلى الغاية، فحلف تنبك بالأيمان المغلّظة أنه لا يفعل، وأنه لا يجلس إلا مكانه أوّلا(14/168)
فى الميسرة، وأن ططر يجلس فى الميمنة، وإن لم يفعل [ططر] «1» ذلك ترك تنبك الإمرة وتوجّه إلى الجامع الأزهر بطالا، فجلس عند ذلك ططر على الميمنة، وعند ما استقر بهم الجلوس، وقرىء الجيش على السلطان [ «2» فلم يتكلم أحد من الأمراء فى أمر الذي قرأه ناظر الجيش «2» ] فسكت ناظر الجيش عن قراءة القصص لعدم من يجيبه، فعند ذلك عرض الأمير ططر أيضا التكلّم على الأمير تنبك ميق، وقال له: أنت أغاتنا، وأكبر منا سنّا وقدرا، والأليق أن تكون أنت مدبّر المملكة ونحن فى طاعتك، نمتثل أوامرك، وما ترسم به، فامتنع الأمير تنبك أيضا من التكلّم وتدبير المملكة أشدّ امتناع، وأشار إلى الأمير ططر بأن يكون هو مدبّر المملكة، والقائم بأمورها، وأنه يكون هو تحت طاعته، فاستصوب من حضر من الأمراء هذا القول، فامتنع ططر من ذلك قليلا حتى ألحّ عليه الأمراء، وكلّمه أكابر الأمراء المؤيدية فى القبول، فعند ذلك قبل وتكلّم فى المملكة، وقرىء الجيش، وحضرت العلامة، ثم مدّ السّماط على العادة، فعند ما نجز السّماط أحضرت خلعة جليلة للأمير ططر، فلبسها باستقراره لالا «3» السلطان الملك المظفر [أحمد] «4» وكافل المملكة ومدبرها، ثم أحضرت خلعة أخرى للأمير تنبك ميق فلبسها، وهى خلعة الرضى والاستمرار على حاله، وانفضّت الخدمة بعد أن أوصل الأمراء السلطان إلى الدّور السّلطانية، وأعيد الملك المظفر إلى أمه بالحريم السلطانى.
هذا وقد استقرّ سكن الأمير ططر بطبقة الأشرفية من قلعة الجبل، فجلس ططر بطبقة الأشرفية، بعد أن فرشت له، ووقف الأمراء ومباشر والدّولة والأعيان بين يديه، فأخذ وأعطى، ونفّذ الأمور على أحسن وجه، وأجمل صورة، فهابته النّاس، وعلموا أنه سيكون من أمره ما يكون من أوّل جلوسه فى هذا اليوم، ثم رسم بكتابة(14/169)
الخبر بموت الملك المؤيد، وسلطنة ولده الملك المظفر إلى الأقطار، وأوعد المماليك السلطانية بالنّفقة فيهم على العادة، فكثر الدّعاء له، والفرح بتكلّمه فى السلطنة.
ثم فى يوم الأربعاء حادى عشر المحرم رسم الأمير ططر نظام الملك بالقبض على الأمير جلبّان رأس نوبة سيدى، وعلى الأمير شاهين الفارسى، وهما من مقدمى الألوف بالديار المصرية، فمسكا وقيّدا وحبسا، ثم طلب الأمير ططر القضاة ودخل معهم إلى الخزانة السّلطانية، وختم بحضورهم على خزانة المال بعد أن أخرج منها أربعمائة ألف دينار برسم نققة المماليك السّلطانية، ثم نزل القضاة.
فلما كان الليل اضطرب الناس، ووقعت هجّة بالقاهرة، ولم يدر أحد ما الخبر حتى طلع الفجر، فأسفرت القضيّة على أن الأمير مقبلا الحسامىّ الدّوادار الكبير ركب بمماليكه وعليهم السلاح فى الليل، وخرج من القاهرة ومعه السّيفى يلخجا من مامش «1» السّاقى الناصرى، وسار إلى جهة الشام خوفا من القبض عليه.
فلما كان الغد من يوم الخميس، اجتمع الأمراء عند الأمير ططر بالقلعة وعرّفوه أمر مقبل المذكور، وسألوه أن يرسل أحدا منهم فى أثره فلم يلتفت إلى ذلك، وأخذ فيما هو فيه من أمر نفقة الماليك السّلطانية، ونفق فيهم لكلّ واحد منهم مائة دينار مصرية، فشكر المماليك له ذلك، ثم أمر فنودى بالقاهرة بإبطال المغارم «2» التى أحدثت «3» على الجراريف فى عمل الجسور بأعمال مصر، فوقع ذلك من الناس الموقع الحسن.
وأما أمر مقبل الدّوادار، فإنه لما خرج من بيته بمن معه اجتاز بظاهر خانقاه سرقوياس «4» ، وقصد الطينة بمن معه، ففطن بهم العربان أرباب الأدراك فاجتمعوا وقصدوه وحاربوه، هو ومن معه، فلا زال يقاتلهم وهو سائر إلى أن وصل إلى الطينة،(14/170)
فوجد بها غرابا «1» مهيئا للسفر فركب فيه بمن معه، ونهبت الأعراب جميع خيولهم وأثقالهم وما كان معهم، وسافر مقبل فى الغراب المذكور إلى الشام، ولحق بالأمير جقمق الأرغون شاوى الدوادار نائب الشام، وانضمّ عليه وصار من حزبه، ودام معه إلى أن انهزم جقمق من القرمشى إلى الصّبيبة وقبض عليه، فأمسك مقبل هذا أيضا، وحبس كما سيأتى ذكره فى محله إن شاء الله تعالى- انتهى.
ثم أمر الأمير ططر فنودى «2» بالقاهرة لأجناد الحلقة بالحضور إليه ليردّ إليهم ما كان أخذه منهم الملك المؤيد فى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة من المال برسم السفر، وكان الذي تحصّل منهم تحت يد السّيفى أقطوه الموساوى الدوادار، فلما حضروا أمر ططر أقطوه أن يدفع لكلّ واحد منهم ما أخذ منه، فضج الناس له بالدعاء، وصاحت الألسن بالشكر له والثناء عليه، ثم أخذ الأمير ططر وهو جالس فى الموكب بإزاء السلطان بيد السلطان الملك المظفر وفيها قلم العلامة حتى علمّ على المناشير ونحوها، بحضور الأمراء وأرباب الدولة، واستمر ذلك فى بعض المواكب، والغالب لا يعلّم إلا الأمير ططر.
ثم فى يوم الجمعة ثالث عشر المحرم حمل الأمير قجقار القردمى، والأمير جلبّان، والأمير شاهين الفارسى فى القيود إلى سجن الإسكندرية.
ثم فى يوم السّبت رابع عشره خلع الأمير ططر على الصاحب بدر الدين حسن ابن نصر الله وأعيد إلى نظر الخاص، ومنع الطواشى مرجان الخازندار من التكلّم فيها.
وفيه أيضا خلع على القاضى صدر الدين أحمد بن العجمى وأعيد إلى حسبه القاهرة عوضا عن صارم الدين إبراهيم بن الحسام، وأنعم عليه الأمير ططر بثمانين دينارا، ورتّب له على ديوان الجوالى بالقاهرة فى كل يوم دينارا.(14/171)
وفى هذا اليوم استتمّت نفقة المماليك السلطانية.
ثم فى يوم الاثنين سادس عشر المحرم خلع السلطان على الأمير ططر باستقراره نظام الملك، وخلع على الأمير تنبك ميق باستقراره أمير مجلس عوضا عن الأمير ططر، وخلع على الأمير جانى بك الصوفى باستقراره أمير سلاح عوضا عن قجقار القردمى، وأنعم عليه بخبز آق بلاط الدمرداش أحد الأمراء المجردين صحبة الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى، وخلع على الأمير تغرى بردى المؤيّدى المعروف بأخى قصروه أحد أمراء الطبلخانات ورأس نوبة باستقراره أمير مائة ومقدّم ألف وأمير آخور كبيرا دفعة واحدة عوضا عن الأمير طوغان الأمير آخور بحكم سفره صحبة الأتابك ألطنبغا القرمشى، وخلع على الأمير «1» إينال الجكمى أحد أمراء الطبلخانات وشادّ الشراب خاناه [واستقر] «2» رأس نوبة النّوب عوضا عن الأمير ألطنبغا من عبد الواحد المعروف بالصغير، بحكم سفره أيضا مع القرمشى، وخلع على الأمير على باى المؤيدى «3» أحد أمراء العشرات ورأس نوبة باستقراره دوادارا كبيرا عوضا عن مقبل الحسامى المتوجّه إلى البلاد الشاميّة، وأنعم على الأمير آق خجا الأحمدى أحد أمراء الطبلخانات واستقرّ أمير مائة ومقدّم ألف وخلع على الأمير قشتم المؤيدى أحد أمراء العشرات باستقراره أمير مائة ومقدّم ألف ونائب الإسكندرية عوضا عن الأمير ناصر الدين محمد بن العطار، وخلع على الأمير يشبك أنالى المؤيدى الأستادار خلعة الاستمرار على وظيفته، وخلع على التاج بن سيفة الشوبكى خلعة الاستمرار بولاية القاهرة، وأن يكون حاجبا «4» ، فاستغرب الناس ذلك؛ من أن الحجوبية تضاف إلى ولاية القاهرة.
ثم فى يوم الثلاثاء سابع عشره توجّهت القصّاد بتشاريف نوّاب البلاد الشّاميّة،(14/172)
وتقاليدهم المظفّريّة [أحمد] «1» باستمرارهم على عادتهم فى كفالاتهم، وكتب الأمير ططر نظام الملك العلامة على الأمثلة ونحوها كما يكتب السلطان.
«2» ثم فى يوم الأربعاء ثامن عشر المحرم ابتدأ الأمير أقطوه بردّ مال أجناد الحلقة إليهم، وتولّى ذلك فى أوّل يوم الأمير ططر بنفسه.
ثم فى يوم الخميس تاسع عشره خلع نظام الملك على القضاة الأربعة وبقيّة أرباب الدّولة من المتعمّمين على عادتهم، وخلع على القاضى شرف الدين محمد ابن تاج الدين عبد الوهاب بن نصر الله موقّع الأمير ططر باستقراره فى نظر أوقاف الأشراف، وكان يليه الأمير ططر من يوم مات القاضى ناصر الدين محمد بن البارزىّ كاتب السّرّ.
وفيه استعفى القاضى علم الدين داود بن الكويز من وظيفة نظر الجيش، فأعفى وخلع عليه كاملية [بسمّور] «3» ، ونزل إلى داره، كل ذلك حيلة لتوصّله لوظيفة كتابة السّر- وهى بيد صهره القاضى كمال الدين بن البارزىّ- حتى وليها حسبما يأتى ذكره.
ثم فى يوم الجمعة نودى بأن الأمير الكبير ططر يجلس للحكم بين الناس، فلما انقضت الصلاة توجّه الأمير الكبير ططر فجلس بالمقعد من الإسطبل السلطانى كما كان الملك المؤيّد يجلس للحكم به، إلا أنه قعد على يسار الكرسىّ ولم يجلس فوقه، وحضر أمراء الدّولة على العادة، وقعد كاتب السّرّ القاضى كمال الدين بن البارزىّ على الدّكة وقرأ عليه القصص، ووقف نقيب الجيش ووالى القاهرة والحجّاب بين يديه، وحكم بين الرّعيّة، وردّ المظالم، وساس النّاس أحسن سياسة؛ فإنه كانت لديه فضيلة وعنده يقظة وفطنة ومشاركة جيدة فى الفقه وغيره، وله محبّة فى طلب العلم لا سيّما [مذهب] «4» السادة الحنفية، فإنهم كانوا عنده فى محلّ عظيم من الإكرام.
ثم انفضّ الموكب، وطلع إلى طبقة الأشرفية، وجميع الأمراء بين يديه فى خدمته إلى أن أكل السّماط، ونفّذ الأمور، ونزل كلّ أحد إلى منزله.(14/173)
وأصبح يوم السبت حادى عشرين المحرّم غضب على الصاحب تاج الدين عبد الرزّاق بن الهيصم، وعزله عن نظر ديوان المفرد.
ثم فى يوم الاثنين ثالث عشرينه قدم أمير حاج المحمل بالمحمل.
وفيه طلب الأمير ططر تاج الدين عبد الرّزّاق ابن شمس الدين عبد الوهاب، المعروف بابن كاتب المناخ، مستوفى ديوان المفرد، وخلع عليه باستقراره ناظر ديوان المفرد، عوضا عن الصاحب تاج الدين عبد الرّزّاق بن الهيصم، وخرج من بين يدى الأمير الكبير وعليه الخلعة حتى جاوز دهليز القصر، فطلبه الأمير ططر ثانيا، ونزع الخلعة من عليه، وخلع عليه تشريف الوزارة، فلبسها على كره منه، عوضا عن الصاحب بدر الدين بن نصر الله برغبته عنها، وطلب الصاحب تاج الدين عبد الرّزّاق بن الهيصم، وخلع عليه بإعادته إلى نظر الدّيوان المفرد، وخلع على الصاحب بدر الدين بن نصر الله باستمراره فى وظيفته نظر الخاصّ، وخلع على الأمير يشبك أنا لى المؤيّدىّ الأستادار باستقراره كاشف الكشّاف بالوجه القبلى والبحرى.
ثم فى يوم الخميس سادس عشرينه خلع على القاضى كمال الدين محمد بن البارزىّ كاتب السّرّ باستقراره فى وظيفة نظر الجيش عوضا عن علم الدين بن الكويز.
ثم حكم الأمير ططر فى يوم الجمعة أيضا بعد الصلاة بالإسطبل السلطانى كما حكم به أوّلا.
ثم فى يوم الاثنين سلخ المحرّم خلع الأمير الكبير ططر على علم الدين بن الكويز باستقراره فى وظيفة كاتب السّرّ، عوضا عن صهره القاضى كمال الدين ابن البارزىّ.
قال المقريزى: فتسلّم القوس غير باريها، ووسّدت الأمور إلى غير أهليها.
قلت: ومعنى قول المقريزى لهذا الكلام لم يرد الحطّ على ابن الكويز، غير أن وظيفة كتابة السّرّ وظيفة جليلة، يكون متولّيها له اليد الطّولى فى الفقه والنحو،(14/174)
والنّظم والنّثر والتّرسّل والمكاتبات، والباع الواسع فى التاريخ وأيام الناس وأفعال السلف، كما وقع للملك الظّاهر برقوق لمّا ورد عليه كتاب من بعض ملوك العجم فلم يقدر القاضى بدر الدين بن فضل الله على حلّه- وهو [كاتب سره] «1» - فاحتاج السلطان إلى أن طلب من أثناء طريق دمشق الشيخ بدر الدين محمود الكلستانى، وهو من جملة صوفية خانقاه شيخون «2» ، حتى حلّ له ألفاظه، وصادف ذلك قرب أجل ابن فضل الله فسعى فى وظيفة كتابة السر جماعة [كبيرة] «3» من الأعيان بمال له صورة، فلم يلتفت برقوق إليهم، وأرسل أحضر الكلستانى، ولم يكن عليه ملّوطة يتجمل بها، وخلع عليه باستقراره فى كتابة السر، وقد تقدّم ذكر ذلك كله فى ترجمة الملك الظاهر برقوق الثانية، فصار الكلستانى على طريق أذهل فيها الملك الظاهر برقوق ونبّهه على أشياء لم يكن سمعها من غيره، ثم لم يل هذه الوظيفة بعد الكلستانى أمثل من القاضى ناصر الدين بن البارزىّ، ثم ولده كمال الدين هذا، فإنهما كانا أهلا لها وزيادة، فعند ما عزل واستقرّ عوضه علم الدين هذا شقّ ذلك على أهل العلم والذّوق، وصادف ذلك بأنه لما جلس علم الدين على الدكّة، وقرأ القصص على الأمير الكبير ططر صحّف اسم ابن جمّاز بابن الحمار، وقال ابن الحمّار، فردّ عليه نقيب الجيش فى الملأ ابن جمّاز ابن جمّاز، وكرّر ذلك حتى ضحك الناس، وطلع الأمير ططر إلى الأشرفية، ووعد فى تلك الليلة الشيخ بدر الدين بن الأقصرائى سرّا بوظيفة كتابة السّر إن تمّ أمره، وأمره أن يكتم ذلك إلى وقته.
ثم قدم الخبر من الشام بأن الأمير «4» جقمق الأرغون شاوى نائب الشام امتنع من الدخول فى طاعة الأمير ططر، وأنه أخذ قلعة دمشق واستولى عليها، وعلى ما فيها(14/175)
من الأموال والسّلاح وغير ذلك، وكان بها نحو المائة ألف دينار، فاضطرب أهل الدّولة إلا الأمير ططر فإنه لم يتحرّك لذلك وطلع إليه حموه الأمير سودون الفقيه الظاهرى، وكان له عنده مكانة عظيمة، فجاراه سودون فى أمر جقمق، فقال له ططر:
يا أبى الأهم ألطنبغا القرمشى الظاهرى، وأما جقمق فإنه رجل غريب مملوك أمير ليس له من يقوم بنصرته، ولا من يعينه على ما يرومه، غير أنه يلعب فى ذهاب مهجته، فقال له سودون الفقيه: وإن يكن فافعل الأحوط، وأشار عليه بما يفعله.
فلما كان يوم الخميس عاشر صفر «1» جمع الأمير الكبير القضاة عنده بطبقة الأشرفية من القلعة، وسائر أمراء الدّولة ومباشريها وكثيرا من المماليك السّلطانية، وأعلمهم بأن نوّاب الشام والأمير الكبير ألطنبغا القرمشى ومن معه من الأمراء المجردين لم يرضوا بما عمله الأمير ططر بعد موت السّلطان الملك المؤيّد، ثم قال: ولا بد للناس من حاكم يتولى أمر تدبير أمورهم، وأن يعينوا رجلا يرضونه ليقوم بأعباء المملكة، ويستبدّ بالأمور، فقال جميع من حضر بلسان واحد قد رضينا بك، وكان الخليفة حاضرا فيهم، فأشهد الأمير ططر عليه أنه فوّض جميع أمور الرّعيّة إلى الأمير الكبير ططر، وجعل إليه عزل من يريد عزله، وولاية من يريد ولايته من سائر الناس، وأن يعطى من يختار، ويمنع من شاء من العطايا، ما عدا اللّقب السلطانى، والدّعاء على المنابر وضرب الاسم على الدّينار والدّرهم، فإن هذه الثلاثة باقية على ما هى عليه باسم السلطان الملك المظفّر أحمد، وأثبت قاضى القضاة زين الدين عبد الرحمن التّفهنى الحنفى هذا الإشهاد، وحكم بصحته ونفّذ حكمه قضاة القضاة الثلاثة، ثم حلف الأمراء جميعهم للأمير الكبير ططر يمينهم المعهود [بالطاعة له] «2» فى كل قليل.
وكان سبب هذا أن بعض أعيان الفقهاء الحنفية ذكر للأمير ططر نقلا «3» أخرجه إليه من فروع المذهب أن السلطان إذا كان صغيرا، وأجمع أهل الشوكة على إقامة رجل(14/176)
للتحدّث عنه فى أمور الرّعيّة حتى يبلغ رشده، نفذت أحكامه، فوضع هذا القول فى محله، وقوى قلوب حواشى الأمير ططر بذلك، وقالوا: نحن على الحق ومن خالفنا على الباطل.
وبينما الأمير ططر فى ذلك، ورد عليه «1» الخبر بسيف الأمير يشبك اليوسفىّ نائب حلب، وقد قتل فى وقعة كانت بينه وبين الأمير الكبير ألطنبغا القرمشىّ فى يوم الثلاثاء ثالث عشرين المحرم.
قال المقريزى: وكان يشبك من شرار خلق الله تعالى؛ لما هو عليه من الفجور، والجرأة على الفسوق، والتهوّن فى سفك الدّماء، وأخذ الأموال، وكان الملك المؤيّد قد استوحش منه لما يبلغه من أخذه فى أسباب الخروج عليه، وأسرّ للأمير ألطنبغا القرمشىّ فى إعمال الحيلة فى القبض عليه، فأتاه الله من حيث لم يحتسب، وأخذه أخذا وبيلا- ولله الحمد- انتهى كلام المقريزى.
قلت: وكان من خبر يشبك هذا مع الأمير الكبير ألطنبغا القرمشىّ، أنه لمّا خرج من الديار المصرية إلى البلاد الشاميه وصحبته الأمراء، وهم: الأمير طوغان أمير آخور، وألطنبغا من عبد الواحد الصغير رأس نوبة النّوب، وأزدمر الناصرى، وآق بلاط الدّمرداش، وسودون اللّكاّش، وجلبّان أمير آخور الذي تولّى نيابة دمشق فى دولة الملك الظاهر جقمق، وقبل خروج القرمشىّ من القاهرة أسرّ إليه الملك المؤيد بالقبض على الأمير الكبير يشبك اليوسفىّ نائب حلب إن أمكنه ذلك، فسار القرمشىّ إلى البلاد الشامية مقدّما للعساكر، ثم توجّه إلى البلاد الحلبية، ثم ساروا من حلب هو ورفقته إلى حيث ندبهم إليه الملك المؤيد، وعادوا إلى حلب فى أوّل سنة أربع وعشرين وأقاموا بها، فاستوحش الأمير يشبك نائب حلب منهم، ولم يجسر القرمشى على مسكه، وبينماهم فى ذلك طرقهم الخبر بموت السلطان الملك المؤيد، فاضطرب الأمراء المجرّدون، وعزم الأمير الكبير ألطنبغا القرمشىّ على العود إلى الدّيار(14/177)
المصرية، ووافقه على ذلك رفقته من الأمراء، وبرز بمن معه إلى ظاهر حلب، وخرجوا من باب المقام، وبلغ ذلك الأمير يشبك نائب حلب وكان لم يخرج لتوديعهم، فعزم على أن يركب ويقاتلهم، وبلغ ذلك القرمشى فى الحال، فأرسل إليه دواداره السّيفى خشكلدى القرمشى.
حدّثنى خشكلدى المذكور من لفظه قال: ندبنى أستاذى الأمير ألطنبغا القرمشى أن أتوجّه إلى الأمير يشبك؛ وأذكر له مقالة القرمشى له، فتوجّهت إليه، فإذا به قد طلع إلى منارة جامع حلب، فطلعت إليه بها، وسلّمت عليه فردّ علىّ السلام، وقال: هات ما معك. فقلت: قد تعبت من طلوع السّلّم، أمهل علىّ ساعة فإنى جئت من ملك إلى ملك، فأمهلنى ساعة فبدأته بأن قلت: الأمير الكبير يسلم عليك، ويقول لك بلغه أنّك تريد قتاله بمن معه من الأمراء، وهو يسألك ما القصد فى قتاله، وقد استولى ططر على الدّيار المصرية، وجقمق على البلاد الشاميّة؟ فاقصدهما فإنهما هما الأهمّ، فإن أجليتهما عمّا ملكاه فنحن فى قبضتك، وإن كانت الأخرى فما بالك بالتشويش علينا لغيرك، ونحن ناس سفّار غرباء البلاد، قال: فلما سمع كلامى سكت ساعة، وقال: يسافروا، من وقف فى طريقهم؟ ومن هو الذي يقاتلهم؟
أو معنى هذا الكلام، قال: فبست يده وعدت بالجواب إلى الأمير الكبير، وقبل أن أبلغه الرّسالة إذا يشبك المذكور نزل من المنارة، ولبس آلة الحرب هو ومماليكه فى الحال، وقصد الأمراء وهم بالسّعدى، فلما رآه الأمراء المصريون ركبوا، ورجعوا إليه وحملوا عليه حملة واحدة انكسر فيها، وتقنطر عن فرسه، وقطعت رأسه فى الوقت، فعاد الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى بمن معه من الأمراء إلى حلب، ونزل بدار السعادة، ومن غريب ما اتّفق أن الأمير يشبك المذكور كان قد استوى سماطه، فأخّره إلى أن يقبض على الأمراء، ويعود يأكله، فقتل فى الحال ودخل القرمشى بمن معه ومدّ السّماط بين أيديهم فأكلوه، وكانوا فى حاجة إلى الأكل، واستمرّ القرمشى بحلب مدّة إلى أن ولّى نيابة حلب الأمير ألطنبغا(14/178)
من عبد الواحد الصّغير رأس نوبة، وعاد إلى دمشق، واتفق مع الأمير جقمق نائب الشام على قتال المصريين لمخالفتهم لما أوصى به الملك المؤيد [شيخ] «1» قبل موته، وكانت وصيّة الملك المؤيد أن يكون ابنه سلطانا، وأن يكون ألطنبغا القرمشى هو المتحدث فى تدبير مملكته، فخالف ذلك الأمير ططر، وصار هو المتحدّث، وأخرج إقطاعات الأمراء المجرّدين صحبته.
وبينما هم فى ذلك بلغهم أن الأمير ططر عزم على الخروج من الدّيار المصرية ومعه السلطان الملك المظفر [أحمد] «2» إلى البلاد الشامية، فتهيّئوا لقتاله، ثمّ بعد مدّة يسيره وقع بينهما وحشة وتقاتلا، فانهزم جقمق إلى الصبيبة، وملك القرمشىّ دمشق حسبما يأتى ذكره.
هذا ما كان من أمر القرمشى مع يشبك، وأما الأمير ططر فإنه لما بلغه قتل يشبك سرّ بذلك سرورا عظيما، وقال فى نفسه: قد كفيت أمر بعض أعدائى، بل كان يشبك أشدّ عليه من جميع من خالفه- انتهى.
ثم فى يوم الخميس سابع عشر صفر قدم الأمير قجق العيساوىّ حاجب الحجّاب- كان- فى الدولة الناصرية، والأمير بيبغا المظفّرىّ أمير مجلس- كان- من سجن الإسكندرية بأمر الأمير ططر، وقبّلا الأرض بين يدى السلطان، ثم يد الأمير ططر، ثم قدم الأمير يشبك الساقى [الظّاهرى] «3» الأعرج، وكان الملك المؤيد قد نفاه من دمشق إلى مكّة، لمّا حضر إليه من قلعة حلب فى حصاره الأمير نوروز الحافظى بدمشق، بحيلة دبّرها الملك المؤيد على يشبك المذكور حتى استنزله من قلعة حلب، فإنه كان نائبها من قبل الأمير نوروز، ولما ظفر به المؤيد [شيخ] «4» أراد قتله فيمن قتله من أصحاب نوروز من الأمراء الظاهرية [برقوق] «5» ، فشفع فيه الأمير ططر، فأخرجه الملك المؤيد [شيخ] «6» إلى مكة فأقام بها سنين، ثم نقله إلى القدس، فلم تطل(14/179)
مدّته به حتى مات الملك المؤيد، وتحكّم ططر، فكتب بحضوره إلى القاهرة، وكان له منذ خرج من الدّيار المصرية نحو العشرين سنة، فإنّه جرح فى نوبة بركة الحبش من سنة أربع وثمانمائة «1» الجرح الذي كان سببا لعرجه، وخرج من القاهرة، ودام بالبلاد الشاميّة إلى يوم تاريخه.
قلت: ويشبك هذا هو الذي صار أتابكا بالديار المصرية فى دولة الملك الأشرف برسباى، وهو الذي حسّن للملك الأشرف [برسباى] «2» الاستيلاء على بندر جدّة «3» حتى وقع ذلك، وكان يشبك من رجال الدهر عقلا وحزما ورأيا وتدبيرا، لم تر عينى مثله فى أبناء جنسه، ويأتى ذكره فى محلّه إن شاء الله تعالى- انتهى.
ثم قدم أيضا سودون الأعرج الظاهرىّ من قوص «4» ، وكان الملك المؤيّد أيضا قد نفاه إليها من سنين عديدة، وكان سودون أيضا من أعيان المماليك الظاهرية برقوق، وفى ظنّه أنه من مقولة الأمير يشبك الأعرج، والأمر بخلاف ذلك، والفرق بينهما ظاهر.
ثم أفرج الأمير ططر نظام الملك عن الأمير ناصر الدين بك بن على بك بن قرمان، وخلع عليه، ورسم بتجهيزه ليعود إلى مملكته، فتجهّز وسار فى النّيل يوم السبت سادس عشرين صفر إلى ناحية رشيد «5» ليركب منها إلى البحر الملح ويتوجّه إلى جهة بلاده.
ثم فى يوم الأربعاء أوّل شهر ربيع الأول قدم الخبر على الأمير ططر على يد بعض الشاميّين ومعه كتاب الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى من حلب، وهو يتضمّن: أنه لما قتل الأمير يشبك نائب حلب ولّى عوضه الأمير ألطنبغا من عبد الواحد(14/180)
الصّغير رأس نوبة النوب فإنه عندما ورد عليه الخبر بموت السلطان [الملك] «1» المؤيد [شيخ] «2» بعدما عهد بالسّلطنة من بعده لابنه الملك المظفّر أحمد، وأن يكون القائم بتدبير الدّولة ألطنبغا القرمشىّ، وأنه قد أقيم فى السلطنة الملك المظفّر كما عهد الملك المؤيد، أخذ هو ومن معه من الأمراء فى الرّحيل من حلب إلى جهة الديار المصرية كما رسم له به، وكان من أمر يشبك ما كان فاشتغل بذلك عن المسير، ثم ورد عليه الخبر باستقرار نوّاب الممالك الشاميّة على عوائدهم، وتحليفهم للسلطان الملك المظفر أحمد، وللأمير الكبير ططر، فحمل الأمر فى ذلك على أنه غلط من الكاتب، وسأل أن يفصح له عن ذلك، وأبرق وأرعد. ولم يعلم بأن الأمر انقضى وفاته ما أراد، وقد انتهز الأمير ططر الفرصة، وتمثل لسان حاله بقول القائل: [الوافر]
إذا هبّت رياحك فاغتنمها ... فإنّ لكلّ خافقة سكونا
ثم أمر الأمير ططر بكتابة جوابه، فأجيب بكلام متحصّله: أنه لما عهد الملك المؤيد [شيخ] «3» لابنه بالملك، وأقيم فى السلطنة، طلب الأمراء والخاصّكيّة والمماليك السلطانيّة أن يكون المتحدّث فى أمور الدّولة الأمير ططر، ورغبوا إليه فى ذلك، ففوّض إليه الخليفة جميع أمور المملكة بأسرها، فليحضر الأمير بمن معه إلى الديار المصرية ليكونوا على إمريّاتهم وإقطاعاتهم على عادتهم، ثم أنكر عليه استقرار ألطنبغا الصغير فى نيابة حلب من غير استئذانه.
ثم قدم الخبر أيضا على الأمير ططر بأن على بن بشارة قاتل الأمير قطلوبغا التنمىّ نائب صفد وكسره، فانحصر بمدينة صفد إلى أن فرّ منها إلى دمشق، وانضم على نائبها الأمير جقمق، وأن جقمق قد استعدّ بدمشق، واستخدم جماعة كبيرة من المماليك، وسكن قلعة دمشق، فتحقّق الأمير ططر عند ذلك خروج جقمق عن طاعته، وكذلك الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى وأخذ فى إبرام أمره.
فلما كان يوم الخميس تاسع شهر ربيع الأول [المذكور] «4» خلع على الأمير تنبك(14/181)
ميق العلائى باستقراره أتابك العساكر بالديار المصريّة عوضا عن ألطنبغا القرمشىّ، وأنعم عليه بإقطاعه، وأنعم بإقطاع تنبك ميق على الأمير إينال السّيفى شيخ الصّفوى «1» المعروف بالأرغزىّ، وأنعم بإقطاع إينال الأرغزى المذكور على الأمير قجق العيساوىّ القادم من سجن الإسكندرية قبل تاريخه، وأنعم بإقطاع الأمير طوغان أمير آخور أحد الأمراء المجرّدين على الأمير تغرى بردى من آقبغا المؤيدى المعروف بأخى قصروه المقدم ذكره، وأنعم بإقطاع الأمير ألطنبغا الصغير رأس نوبة النّوب المستقرّ فى نيابة حلب على سودون العلائى، وأنعم بإقطاع سودون العلائى على الأمير قطج من تمراز الظاهرىّ، وأنعم بإقطاع الأمير أزدمر الناصرىّ أحد مقدّمى الألوف المجرّدين على الأمير بيبغا المظفرى الظاهرى الذي قدم قبل تاريخه من سجن الإسكندرية.
وأنعم بإقطاع الأمير جرباش الكريمىّ المعروف بقاشق أحد المقدّمين المجرّدين على الأمير تمرباى من قرمش المؤيّدى شادّ الشراب خاناه، وأنعم بإقطاع الأمير تمرباى المذكور وهو إمرة طبلخاناه على الأمير أركماس اليوسفىّ، وبإقطاع الأمير أركماس المذكور على سودون النّوروزىّ الحموىّ، وبإقطاع سودون الحموىّ على شاهين الحسنىّ وتغرى بردى المحمدى- قسّم بينهما- وأنعم بإقطاع الأمير جلبّان الأمير آخور- كان- أحد المقدّمين المتجرّدين على الأمير على باى من علم شيخ المؤيّدى الدوادار الكبير، وأنعم بإقطاع على باى المذكور على الدّيوان المفرد «2» .
وأنعم بإقطاع الأمير مقبل الحسامىّ الدّوادار الكبير الذي تسحّب قبل تاريخه من القاهرة إلى الشّام على الأمير جقمق العلائى الخازندار، وهو الملك الظاهر جقمق، وأنعم بإقطاع الأمير ألطنبغا المرقبىّ حاجب الحجّاب أحد المجرّدين على الأمير قصروه من تمراز الظّاهرىّ، وأنعم بإقطاع قصروه على مغلباى البوبكرى المؤيّدى السّاقى،(14/182)
ثم أنعم على الأمير قانباى الحمزاوىّ ثانى رأس نوبة بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية.
ثم فى يوم الأربعاء ثانى عشرين شهر ربيع الأوّل المذكور فرّق الأمير ططر على الأمراء والمماليك- فى دفعة واحدة- أربعمائة فرس برسم السّفر إلى الشّام، وقد عزم على المسير إلى البلاد الشّاميّة صحبة السلطان الملك المظفر أحمد، بعد أن رسم للأمراء والمماليك بالتجهيز إلى السفر.
ثم قدم قصّاد الأمراء المجردين إلى مصر بطلب جمالهم وأموالهم، فمنعوا من ذلك، وكتب للأمير ألطنبغا القرمشىّ بأن الجمال فرّقها السلطان، وقد عزم على السّفر، وأنت مخيّر بين أن تحضر على ما كنت عليه، وبين أن تستقرّ فى نيابة الشّام عوضا عن جقمق الأرغون شاوىّ.
ثم أخذ الأمير ططر فى التهيؤ والاهتمام إلى السفر.
ثم فى يوم الاثنين سابع عشرينه خلع الأمير ططر على الأمير صلاح الدين محمد ابن الصّاحب بدر الدين حسن بن نصر الله ناظر الخواصّ «1» باستقراره أستادار العالية «2» عوضا عن الأمير يشبك المؤيّدى المعروف بأنالى بعد عزله، وأنعم على صلاح الدين المذكور بإمرة مائة وتقدمة ألف.
وفى هذا اليوم والذي قبله نودى بالقاهرة وظواهرها بأن لا يسافر أحد إلى البلاد الشّاميّة «3» ، وهدّد من وجد مسافرا إليها بالقتل، وكان القصد بهذه القضيّة تعمية أخبار مصر وأحوالها عن الأمراء بالبلاد الشّامية والمخالفين عليه.(14/183)
قلت: ولهذه الفعلة وأشباهها كان يعجبنى أفعال الأمير ططر، فإنه كان يسير على طريق ملوك السّلف فى غالب حركاته، لكثرة اطّلاعه لأخبارهم وأمورهم، ومن تعمية الأخبار على العدو، والتّورّى فى الأسفار من أن يقصد مكانا فيورى بآخر، ومن مخادعة أعدائه والترقّق لهم؛ فإنه بلغه- لمّا استفحل أمره- عن الأمير على باى المؤيّدى الدّوادار، أنه يقول لخچداشيته المؤيّديّة: لا تكترثوا بأمره أنا كفاية له، إن استقام فهو على حاله، وإن تعوّج أخذته بيدى وألقيته من أعلى القصر إلى الأرض، وأيش هو ططر؟ فلمّا سمع ذلك أمر القائل له بالكتمان، وأخذ فى الإلمام على على باى [المذكور] «1» وإظهاره على سرّه، وهو مع ذلك فى قلبه منه أمور وحزازات، وأيضا لمّا وصل إلى الشّام حسبما نذكره.
وقدم عليه خچداشيته «2» من عند قرا يوسف على أقبح حال من الفقر: أعنى عن الأمراء الذين هربوا من الملك المؤيّد فى وقعة قانى باى نائب الشّام، وهم سودون من عبد الرحمن نائب طرابلس، وتنبك البجاسىّ نائب حماة، وطرباى نائب غزّة، وجانى بك الحمزاوىّ، ويشبك الجكمىّ الدوادار الثانى الذي كان فر من الحجاز إلى العراق، وغيرهم، فلمّا وصلوا إلى دمشق وتمثلوا بين يدى ططر ورءاهم على باى الدوادار المذكور، وتغرى بردى المؤيّدى أمير آخور كبير قالا للأمير ططر- لمّا أتوا-: هؤلاء يريدون العود إلى ما كانوا عليه، وهم أعداء أستاذنا، فقال لهما ططر: أعوذ بالله، هؤلاء ما بقى فيهم بقيّة لطلب ما ذكرتموه ممّا قاسوه من الغربة والتّشتّت، وإنما قصد كلّ واحد منهم ما يقوم بأوده، مثل إقطاع حلقة «3» ويقيم بالقدس، أو مرتّب ويقيم بدمياط، أو شىء على الجوالى «4» ، وأنتم تعرفون(14/184)
أنهم خشداشيّتنا لا يمكننا إلّا النّظر فى أحوالهم بنحو ما ذكرناه، فلمّا سمع المؤيدية ذلك قالوا: هذا ما نقول فيه شيئا، وأما غير ذلك فلا، فقال لهم ططر: وما تمّ غير ما قلته، فانخدعوا وسكتوا على ما سنذكره من أمرهم عند قدومهم على الأمير ططر بدمشق- انتهى.
ثم أخذ الأمير ططر- بعد المناداة- فى تجهيز أمره وأمر السلطان إلى السّفر.
فلمّا كان يوم الاثنين رابع شهر ربيع الآخر ركب الأمير ططر نظام الملك من قلعة الجبل ومعه الأمراء والخاصّكيّة والمماليك السلطانيّة، وسار إلى جهة قبّة النصر «1» ثم عاد ودخل القاهرة من باب النّصر، وخرج من باب زويلة إلى أن طلع إلى القلعة فى موكب سلطانى لم يفقد فيه إلا الجاويشيّة والعصابة السلطانيّة «2» ، وهذا أوّل موكب ركبه الأمير ططر من يوم تحكّمه فى الديار المصريّة، وهو من يوم موت [الملك] «3» المؤيد شيخ.
ثم فى سادسه نودى فى المماليك السلطانيّة بالطلوع إلى القلعة لأخذ نفقة السّفر فى يوم الخميس، فلما كان يوم الخميس المذكور جلس الأمير ططر نظام الملك بقلعة الجبل، وأنفق فى الماليك السلطانية نفقة السّفر، لكل واحد مائة دينار إفرنتيّة، ثم فى تاسعه أنفق على الأمراء والمماليك أيضا، فحمل للأمير الكبير تنبك ميق خمسة آلاف دينار، ولمن عداه أربعة آلاف دينار وثلاثة آلاف دينار.
وفى عاشره أخرج الأمير ططر ولدى الملك الناصر فرج من قلعة الجبل، ووجّههما إلى سجن الإسكندرية كما كانا أوّلا به، وكان سبب قدومهما من الإسكندرية إلى مصر أن عمتهما خوند زينب بنت السلطان الملك الظاهر برقوق وزوجة الملك المؤيّد(14/185)
شيخ كانت سألت زوجها الملك المؤيّد فى قدومهما بسبب ختانهما، فقدما إلى القلعة وختنا، وهما محمد وخليل، فأقاما عند عمّتهما إلى أن مات الملك المؤيّد، فلما عزم ططر على التوجّه إلى البلاد الشاميّة أمر بعودتهما إلى الإسكندرية وسجنهما بها كما كانا أوّلا.
ثم فى رابع عشر شهر ربيع الآخر خرجت مدوّرة السلطان إلى الرّيدانيّة خارج القاهرة، فقدم الخبر على الأمير ططر بأن عساكر دمشق برزت منها إلى اللّجّون، فركب الأمير ططر فى يوم الثلاثاء تاسع عشره من قلعة الجبل ومعه السلطان الملك المظفر أحمد والأمراء وسائر أرباب الدولة، ونزل من قلعة الجبل إلى الريدانيّة بمخيّمه، وسافرت أمّ السلطان الملك المظفّر أحمد خوند سعادات فى محفّة «1» صحبة ولدها، وأصبح من الغد فى يوم الأربعاء رحل الأمير الكبير تنبك ميق من الرّيدانيّة ومعه عدّة أمراء جاليشا.
ثم استقلّ الأمير ططر بالسّفر ومعه السلطان والخليفة والقضاة الأربعة وبقيّة العساكر فى يوم الجمعة ثانى عشرين شهر ربيع الآخر المذكور، والموكب جميعه لططر بعد أن جعل الأمير قانى باى الحمزاوىّ نائب الغيبة «2» بالديار المصريّة، وهو يومئذ غائب ببلاد الصّعيد، وأن ينوب عنه فى نيابة الغيبة الأمير جقمق العلائى أخو چاركس المصارع إلى أن يحضر قانى باى، وجعل معهما أيضا فى القاهرة من الأمراء المقدّمين الأمير آقبغا التّمرازىّ، والأمير قرامراد خجا الشّعبانى.
وسار الأمير ططر من الرّيدانيّة بالسلطان إلى أن وصل مدينة غزّة فى يوم الاثنين ثانى جمادى الأولى.(14/186)
وفى مدّة إقامته بغزّة قدم عليه جماعة من الأمراء ممن خرج من عسكر دمشق، منهم الأمير جلبّان أمير آخور وكان أحد الأمراء المجرّدين إلى حلب فى أيام الملك المؤيّد، والأمير إينال النّوروزىّ نائب حماة، وغيرهما، فسرّ الأمير ططر بهما، وفرّ منهم- ممن كان خرج معهم من دمشق- الأمير مقبل الحسامى الدّوادار- كان- فى طائفة يريد دمشق إلى الأمير جقمق.
ثم سار الأمير ططر من غزّة بالسلطان والعساكر يريد دمشق حتى وصل إلى بيسان «1» فى يوم الثلاثاء عاشر جمادى الأولى فورد عليه الخبر من دمشق بأن الأمير مقبلا الدوادار لما وصل إلى دمشق، وأخبر الأمراء بدخول الأمير جلبّان والأمير إينال النوروزى فى طاعة الأمير ططر شقّ ذلك على الأمير جقمق الأرغون شاوى نائب الشّام، وعلى الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى ومن معه من الأمراء المصريين، واضطرب أمرهم وتكلّموا فى المصلحة، فلم ينتظم لهم أمر واختلفا: أعنى القرمشى وجقمق نائب الشام، فاقتضى رأى ألطنبغا القرمشى ومن معه الدّخول فى طاعة الأمير ططر، والتسليم له فيما يفعل، وامتنع جقمق نائب الشّام من ذلك وأبى إلا قتال ططر، وافترقا من يومئذ، وصارا فى تباين، إلى أن كان يوم الثلاثاء ثالث جمادى الأولى المذكورة بلغ الأمير ألطنبغا القرمشى عن جقمق أنه يريد القبض عليه، وعلى من معه من الأمراء، فطلب أصحابه وشاورهم فيما يفعل، فاقتضى رأيهم محاربته، فبادر القرمشى إلى محاربة جقمق، وركب بمماليكه وأصحابه بآلة الحرب وعليهم السّلاح، ووقف بهم تجاه قلعة دمشق، وقد رفع الصّنجق السلطانى «2» ، وأعلن بطاعة السلطان، فأتاه جماعة كبيرة من أمراء دمشق وغيرها راغبين فى الطّاعة.
وبلغ جقمق ذلك، فتهيّأ لقتاله، ولبس السلاح، ونزل بمماليكه وأصحابه، وصدم(14/187)
بهم الأمير ألطنبغا القرمشى ومن معه، وقاتلهم، فكان بينه وبينهم وقعة هائلة طول النهار، إلى أن انكسر الأمير جقمق، وتوجّه هو والأمير طوغان أمير آخور، والأمير مقبل الحسامى الدّوادار فى نحو الخمسين فارسا إلى جهة صرخد «1» ، وأن الأمير ألطنبغا القرمشى استولى على مدينة دمشق، وتقدّم إلى القضاة والأعيان أن يتوجّهوا إلى ملاقاة السلطان والأمير ططر، فسرّ الأمير ططر بذلك غاية السرور، وعلم أن الأمر قدهان، وتحقق كل أحد ثبات أمره، وأنه سيصير أمره إلى ما سنذكره.
وكان الذي قدم عليه بهذا الخبر الأمير أزدمر الناصرى، أحد مقدمى الألوف بالديار المصرية، ممن كان صحبة القرمشى بالبلاد الحلبية، ثم قدم على الأمير ططر أيضا الأمير قطلوبغا التنمى نائب صفد، وخلع عليه الأمير ططر باستقراره على نيابة صفد.
ثم ركب الأمير ططر ومعه السلطان والعساكر إلى نحو دمشق حتى دخلها من غير ممانع بكرة الأحد خامس عشر جمادى الأولى المذكورة بعد أن تلقاه الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى ومعه الأمير ألطنبغا المرقبى حاجب الحجّاب بالديار المصرية، والأمير جرباش الكريمى المعروف بقاشق أحد مقدّمى الألوف بديار مصر والأمير سودون اللكاشى أحد مقدّمى الألوف أيضا، والأمير آق بلاط الدمرداش أحد مقدّمى الألوف أيضا.
ولما دخل «2» القرمشى على السلطان الملك المظفر [أحمد] «3» نزل وقبّل الأرض له بمن معه، وسلّم عل الأمير ططر، ثم ركب وسار فى خدمة السّلطان فتأدّب معه الأمير ططر نظام الملك بأن يسير فى ميمنة السلطان الملك المظفر، فامتنع من ذلك، وألحّ(14/188)
عليه فأبى إلا سيره فى ميسرة السلطان، كل ذلك بعد أن خلع السلطان على القرمشى، وسار السلطان إلى أن طلع إلى قلعة دمشق ومعه الأمير ططر.
فأوّل ما بدأ به الأمير ططر أن قبض على الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى، وعلى الأمير جرباش الكريمى، وعلى الأمير ألطنبغا المرقبى، وعلى الأمير أردبغا من أمراء الألوف بدمشق، وعلى الأمير بدر الدين حسن بن محب الدين الطرابلسى أستادارا المؤيّد [شيخ] «1» وعلى جماعة أخر.
وأصبح يوم الاثنين سادس عشره جلس للخدمة بقلعة دمشق، وخلع على الأمير تنبك ميق العلائى باستقراره فى نيابة دمشق عوضا عن جقمق الأرغون شاوى الدوادار، وخلع على الأمير إينال الجكمى «2» رأس نوبة النوب واستقر به فى نيابة حلب، عوضا عن الأمير ألطنبغا من عبد الواحد المعروف بالصغير، وعلى الأمير يونس الرّكنى الأعور أتابك دمشق باستقراره فى نيابة غزة عوضا عن أركماس الجلبّانى.
ثم خلع على الأمير جانى بك الصّوفى أمير سلاح باستقراره أتابك العساكر بالدّيار المصرية عوضا عن تنبك ميق «3» .
ثم أخذ الأمير ططر فى العمل على مسك جقمق الدّوادار، فبعث إليه الأمير بيبغا المظفّرى أمير مجلس، والأمير إينال الشّيخى الأرغزى، والأمير يشبك أنالى المعزول عن الأستادارية، والأمير سودون اللّكّاشىّ، ومعهم مائتا مملوك من المماليك السلطانية فساروا إلى صرخد.
وأرسل الأمير ططر المبشّر إلى الديار المصرية بقدوم السلطان إلى دمشق وبالقبض على الأمير ألطنبغا القرمشى، فدقت البشائر بقلعة الجبل لذلك ثلاثة أيام، وزينت القاهرة عشرة أيام.(14/189)
ثم تزوّج الأمير الكبير ططر بأم السلطان «1» الملك المظفّر أحمد، صاحب التّرجمة وهى خوند سعادات بنت الأمير صرغتمش، وبنى بها، فصار عمّ السلطان زوج أمّه ونظام ملكه مع ما تمهد له [من الأمر] «2» من مسك الأمير ألطنبغا القرمشى ورفقته، ومن ورود الخبر عليه بمجيء خچداشيّته الأمراء الذين كانوا فرّوا من الملك المؤيّد فى وقعة الأمير قانى باى المحمدى نائب الشام المقدّم ذكرهم.
فلمّا كان يوم الثلاثاء ثامن جمادى الآخرة، قدم الأمراء المقدّم ذكرهم من عند قرا يوسف بعد موته، وكانوا عند قرا يوسف من يوم فروا من وقعة الأمير قانى باى، وهم الأمير سودون من عبد الرّحمن نائب طرابلس كان، والأمير تنبك البجاسىّ نائب حماة كان، والأمير طرباى الظّاهرىّ نائب غزّة كان، والأمير يشبك الجكمىّ الدّوادار الثانى كان، وهو الذي فرّ من المدينة الشّريفة لما كان أمير الحاجّ [وتوجّه] «3» إلى العراق فى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، والأمير جانى بك الحمزاوىّ، والأمير موسى الكركرى بمن كان معهم، فخلع عليهم الأمير ططر وأنعم عليهم بالمال والخيل والسلاح، غير أنه لم يعط أحدا منهم إقطاعا ولا إمرة خوفا من المماليك المؤيديّة، وكذلك الأمير برسباى الدّقماقى نائب طرابلس «4» كان، أعنى الملك الأشرف لمّا أطلقه من سجن قلعة دمشق لم ينعم عليه بإقطاع، وكان من خبره أنّ الملك المؤيّد جعله بعد إطلاقه من سجن المرقب أمير مائة ومقدّم ألف بدمشق، فقبض عليه الأمير جقمق وحبسه إلى أن أطلقه ططر- انتهى.
ثم أمر الأمير ططر بابن محب الدين الأستادار- كان- فصودر وعوقب أشدّ عقوبة، وأجرى عليه العذاب، وأخذ منه جملا مستكثرة ولا زال فى العقوبة إلى أن مات فى سابع عشرين جمادى الآخرة، كل ذلك بعد قتل الأمير ألطنبغا القرمشىّ.(14/190)
وخبره أن الأمير ططر لمّا طلع إلى قلعة دمشق وقبض عليه فى الحال ارتجّ العسكر لمسكه، وعظم ذلك على جماعة كبيرة من المماليك السلطانية الظاهريّة، وطلبوا من الأمير ططر إبقاءه، فرأى ططر أنّه لا يتمّ له أمر مع بقائه، وأرسل القرمشىّ أيضا يترقّق له، فلم يلتفت ططر إلى هذا كله، وتمثل لسان حاله بقول المتنبى:
[الكامل]
لا يخدعنّك من عدوّك دمعه ... وارحم شبابك من عدوّ ترحم
لا يسلم الشّرف الرّفيع من الأذى ... حتّى يراق على جوانبه الدّم
وجسر عليه وقتله بعد أيّام، فلم ينتطح فى ذلك عنزان.
وكان الأمير ألطنبغا القرمشىّ حسنة من حسنات الدهر عقلا وحشمة ورياسة وسؤددا وكرما، مع اللّين والأدب والتواضع، كما سيأتى ذكره فى حوادث سنة أربع وعشرين وثمانمائة إن شاء الله تعالى.
ولما أن مهّد الأمير ططر أمور دمشق، وقوى جانبه بخشداشيته وأصحابه، عزم على التوجّه إلى حلب.
فلما كان يوم الجمعة خامس عشرين جمادى الآخرة المذكور ركب الأمير ططر من قلعة دمشق ومعه السلطان الملك المظفّر وجميع عساكره، وتوجّه إلى جهة البلاد الحلبيّه، وسار حتى وصلها فى العشر الأول من شهر رجب، بعد أن فرّ منها الأمير ألطنبغا الصّغير قبل قدومه بمدّة، وملكها الأمير إينال الجكمىّ، وسكن بدار السّعادة على عادة النّوّاب، وأقام الأمير ططر بحلب، وأخذ فى إصلاح أمرها، وخلع على أمراء التّركمان والعربان، وبعث رسله إلى البلاد، وبينما هو فى ذلك قدم عليه الأمير مقبل الحسامىّ الدّوادار- كان- أحد أصحاب جقمق طائعا، وقد فارق الأمير جقمق من صرخد بعد أن حوصر جقمق من الأمير بيبغا المظفّرىّ المقدم ذكره ورفقته أيّاما، فخلع الأمير ططر على الأمير مقبل المذكور وعفا عنه- وفى النفس من ذلك شىء- ثم خلع الأمير ططر على الأمير تغرى بردى من آقبغا المؤيّدىّ(14/191)
الأمير آخور الكبير المعروف بأخى قصروه، باستقراره فى نيابة حلب عوضا عن الأمير إينال الجكمىّ، وخلع على الأمير إينال الجكمىّ باستقراره أمير سلاح «1» عوضا عن جانى بك الصّوفى بحكم انتقاله إلى أتابكيّة العساكر بديار مصر، وخلع على الأمير تمرباى اليوسفىّ المؤيّدى المشد باستقراره أمير حاج المحمل، فخرج من حلب وسار إلى الديار المصريّة ليتجهّز إلى سفر الحجاز.
ثم أبطأ على الأمير ططر أمر جقمق بصرخد، فندب له الأمير برسباى الدّقماقى نائب طرابلس- كان- ومعه القاضى بدر الدين محمد بن مزهر ناظر الإسطبل ونائب كاتب السّرّ، وأرسل معه أمانا لجقمق المذكور ولمن معه، وحلف له أنه لا يمسّه بسوء إن سلّم إليه صرخد وقدم إلى طاعته، فركب برسباى وتوجّه إلى صرخد، وما زال بالأمير جقمق ومن عنده حتّى أذعنوا لطاعة الأمير ططر، ونزلوا من قلعة صرخد، وتوجّهوا صحبة الأمير برسباى الدّقماقىّ إلى دمشق، وهم: الأمير جقمق نائب الشّام، والأمير طوغان أمير آخور الملك المؤيّد وغيرهم، فلمّا قدموا إلى دمشق قبض عليهم الأمير تنبك ميق نائب الشّام، ولم يلتفت إلى كلام الأمير برسباى الدّقماقى، وحبس «2» الأمير جقمق والأمير طوغان أمير آخور بقلعة دمشق، وقال: إذا جاء الأمير الكبير ططر إن شاء يطلقهما وإن شاء يقتلهما، فاحتدّ الأمير برسباى لذلك قليلا ثم سكن ما به لمّا علم المصلحة فى قبضهما، وقيل إن الأمير برسباى لما قدم بهما إلى دمشق قال للأمير تنبك ميق: أنا قد حلفت لهما فاقبض عليهما أنت، ففعل تنبك ذلك، والصّواب عندى هو القول الثانى.
وأما الأمير ططر فإنه أقام بحلب هو والسلطان والعساكر إلى يوم الاثنين حادى عشر شعبان، فبرز فيه من مدينة حلب يريد مدينة دمشق، بعد أن مهّد أمور البلاد الحلبيّة، وخلع على مملوكه- ورأس نوبة- الأمير باك، باستقراره فى نيابة قلعة حلب، وكان الأمير باك من أخصّاء الأمير ططر وأعيان مماليكه.(14/192)
وسار الأمير ططر إلى أن دخل دمشق هو والسلطان الملك المظفر أحمد فى يوم السبت ثالث عشرين شعبان، فارتجت دمشق لدخوله، وعبر دمشق وجميع الأمراء بين يديه، والسلطان معه كالآلة على عادته، وطلع إلى قلعة دمشق، وشكر الأمير تنبك ميق على قبضه على جقمق، ثم أمر بجقمق فعوقب على المال «1» ، ثم قتل بقلعة دمشق.
ثم أخرج الأمير طوغان الأمير آخور من حبس قلعة دمشق، وأرسله إلى القدس بطّالا، فخفّ الأمر كثيرا على الأمير ططر بقتل الأمير الكبير ألطنبغا القرمشىّ، ثم بقتل الأمير جقمق نائب الشّام، ولم يبق عليه إلا الأمراء المؤيديّة- وكانت لهم شوكة وسطوة بخشداشيّتهم المماليك المؤيدية- فأخذ الأمير ططر عند ذلك يدبّر على قبضهم وجبن عن ذلك، وتكلم مع خشداشيّته المماليك الظاهريّة [برقوق] «2» فى ذلك، فاختلفت آراؤهم فى القبض عليهم، فمنهم من رأى أن القبض عليهم بالبلاد الشّامية أصلح، ومنهم من قال المصلحة أن الأمير الكبير ططر يعود إلى مصر، ثم يفعل ما بدا له بعد أن يصير بقلعة الجبل، فمال ططر إلى القول الثانى من أنه يعود إلى مصر، ثم يقبض عليهم، ثم يتسلطن، فلم يرض الأمير قصروه من تمراز بذلك، وقام فى القبض عليهم، وبالغ فى ذلك، وهوّن أمر المؤيديّة [شيخ] «3» على الأمير ططر إلى الغاية، حتى قال له: لا تتكلّم أنت فى أمرهم، وأنا والأمير بيبغا المظفّرى نكفيك أمر هؤلاء الأجلاب، كل ذلك لما كان فى نفس قصروه من أستاذهم الملك المؤيد؛ فإنه حدثنى بعض أعيان المماليك الظاهريّة قال: لمّا أخرج الملك المؤيّد قصروه من السّجن وأنعم عليه بإمرة عشرة صادفته فى بعض الأيام عند باب زويلة، فسلمت عليه ورجعت معه، فقال لى: يا أخى فلان، فقلت له: نعم، قال «تنظر ما بيفعل [بنا] «4» هذا الرجل وبخشداشيّتنا؟ قلت: [نعم] «5» نظرت، قال «6» : الله لا يميتنى حتى أفعل(14/193)
بمماليكه ما فعل بخشداشيّتنا من الحبس والقتل والتشتت. فقلت له: هل قلت هذا الكلام لأحد غيرى؟ قال: لا. فقلت له عند ذلك: أمسك ما معك، لأن غريمك صعب، ومتى ما سمع بعض هذا الكلام عنك لا يبقيك ساعة واحدة. فقال:
أعرف هذا، فاكتم أنت أيضا ما سمعته منى، وتفارقنا، فلم يكن إلا بعد مدّة يسيرة ومات الملك المؤيّد، ووقع ما وقع من أمر الأمير ططر، إلى أن قام قصروه فى مسك المؤيّديّة، ومسكوا عن آخرهم، فلمّا كان بعد أيّام رآنى وقال: أخى فلان، فقلت: نعم، [قال] «1» : هل وفّيت بما قلت أم لا؟ فقلت: نعم وفّيت وزيادة- انتهى.
وقد خرجنا عن المقصود، ولنعد لما كنّا فيه.
ولما سمع الأمير ططر كلام قصروه، هان عليه أمر المؤيديّة، ووافق قصروه الأمير تغرى بردى المحمودى الناصرىّ، والأمير بيبغا المظفّرى أمير مجلس، والأمير يشبك الجكمىّ، القادم من عند قرا يوسف، والأمير أزدمر شايا، والأمير أيتمش الخضرىّ، ولا زالوا بالأمير ططر حتى وافقهم على القبض عليهم، بعد أن قال لهم: اصبروا حتى نكتب بقتل الأمير قجقار القردمى أمير سلاح، وكتب إلى مصر، ثم إلى نائب إسكندرية الأمير قشتم المؤيدى بقتله، فقتل فى شعبان المذكور.
وصار ططر يتردّد فى القبض على المؤيّديّة، إلى أن كان يوم الخميس ثامن عشرين شعبان من سنة أربع وعشرين المذكورة، وحضر الأمراء الخدمة على العادة، وقرىء الجيش، وفرغت العلامة «2» . وقبل أن يحضر السماط، مدّت الأمراء الظاهرية أيديهم فقبضوا على الأمراء المؤيدية فى الحال، الذين حضروا الخدمة والذين تأخّروا عن(14/194)
الخدمة، فكان ممن قبض عليه منهم سبعة من مقدّمى الألوف «1» من مشتروات الملك المؤيد، وممن أنشأه، وهم:-
الأمير إينال الجكمى أمير سلاح- أصله من مماليك جكم من عوض نائب حلب إلّا أن المؤيد هو الذي أنشأه ورقّاه.
والأمير إينال الشّيخى الأرغزىّ حاجب الحجّاب، وكان أصله من مماليك الأمير شيخ الصّفوىّ، أمير مجلس فى دولة الملك الظاهر برقوق، غير أنه خدم الملك المؤيد قديما، واختصّ به أيام [تلك] «2» الفتن، فلما تسلطن رقّاه وقرّبه إلى الغاية.
والأمير سودون اللّكّاش [الظاهرى] «3» أحد الأمراء المجرّدين [إلى حلب] «4» صحبة الأمير ألطنبغا القرمشى، وكان أصله من مماليك الأمير آقبغا اللكّاش الظاهرى، وخدم الملك المؤيد قديما، فلما ملك مصر أنعم عليه ورقاه حتى جعله أمير مائة ومقدّم ألف بديار مصر.
والأمير جلبّان أمير آخور كان، وهو أيضا من جملة من كان مجرّدا صحبة القرمشىّ، وفى معتقه أقوال كثيرة، وأصله من مماليك الأمير تنبك أمير آخور اليحياوىّ الظاهرى، ثم أخذه بعده إينال حطب، ثم چاركس المصارع، ثم اتصل بخدمة الملك المؤيد [شيخ] «5» ، وصار أمير آخور قبل سلطنته، فلما تسلطن رقاه حتى صار من جملة أمراء الألوف بالقاهرة.
ثم على الأمير أزدمر الناصرى، وكان من جملة الأمراء المجرّدين مع ألطنبغا القرمشى، وأصله من مماليك الملك الظاهر برقوق، ونسبته بالناصرى إلى تاجره خواجا ناصر الدين، وهو ممّن أنشأه الملك المؤيد من خشداشيّته ورقاه، وكان رأسا فى لعب الرّمح.(14/195)
وعلى الأمير يشبك أنالى المؤيدى رأس نوبة النّواب، الذي كان ولى الأستادارية فى دولة أستاذه المؤيد، وهو «1» من أكابر المماليك المؤيدية، ونسبته أنالى أى له أم.
وعلى الأمير على باى من علم شيخ المؤيدى الدّوادار، وهو أعظم مماليك المؤيد يوم ذاك، وهؤلاء من أمراء الألوف.
وأما الذين قبض عليهم من أمراء الطبلخانات والعشرات فكثير، منهم: الأمير مغلباى الأبوبكرى السّاقى، وعلى الأمير مبارك شاه الرّماح، وعلى الأمير مامش المؤيدى رأس نوبة، وعلى جماعة أخر، ثم قبض على الطّواشى مرجان المسلمى الهندى الخازندار، ثم أطلقه.
وبعد مسك هؤلاء الأمراء خلا الجوّ للأمير ططر، وعلم أنه لم يبق له منازع فيما يرومه، فإنه كان فى قلق كبير من على باى الدّوادار وخشداشيته، وفى تخوّف عظيم، بحيث إنه كان فى غالب سفره منذ خرج من الديار المصرية لا يفارق لبس الزّردية «2» من تحت ثيابه حتى أورث له ذلك مرضا فى باطنه من شدّة برد الزّردية، وتسلسل فيه ذلك من شىء إلى شىء حتى مات حسبما نذكره.
فلما قبض على هؤلاء عزم على خلع السلطان الملك المظفّر [أحمد] «3» من السّلطنة ووافقه على ذلك جميع الأمراء والخاصّكيّة، هذا وقد صار ططر يأخذ بخاطر من بقى من صغار المماليك المؤيدية ويقرّبهم ويدنيهم، ويسكّن روعهم، على أن كل واحد منهم انتمى لشخص من حواشى ططر، كما هى عادة العساكر المفلولة «4» ممّن زالت دولتهم، وذهبت شوكتهم، وتخلّف منهم جماعة بالبلاد الشاميّة، وانحطّ(14/196)
قدرهم وخدموا الأمراء سنين إلى أن أعيدوا فى دولة الملك الظاهر جقمق إلى بيت السلطان.
ولمّا كان يوم تاسع عشرين شعبان من سنة أربع وعشرين وثمانمائة خلع السلطان الملك المظفر أحمد بن المؤيد بالسلطان الملك الظاهر ططر، وأدخل المظفر إلى أمّه خوند سعادات، وكان ططر قد تزوّجها حسبما ذكرناه، فمن يوم خلع ابنها المظفر لم يدخل إليها ططر، ثم طلّقها بعد ذلك.
وكانت مدّه سلطنة الملك المظفر من يوم جلوسه على تخت الملك- وهو يوم موت أبيه الملك المؤيد شيخ- إلى أن خلع فى هذا اليوم، سبعة أشهر وعشرين يوما، وعاد صحبة الملك الظاهر ططر إلى الدّيار المصرية، وأقام بقلعة الجبل مدّة، ثم أخرج هو وأخوه إبراهيم ابن الملك المؤيد إلى سجن الإسكندرية، فسجنا بها إلى أن مات الملك المظفر أحمد هذا فى الثّغر المذكور بالطاعون فى ليلة الخميس آخر جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، فى سلطنة الملك الأشرف برسباى، ومات أخوه إبراهيم بعده بمدة يسيرة بالطاعون أيضا، ودفنا بالإسكندرية، ثم نقلا إلى القاهرة ودفنا بالقبة من الجامع المؤيدى داخل باب زويلة، ولم يكن للملك المظفر أمر فى السلطنة لتشكر أفعاله أو تذمّ لعدم تحكّمه فى الدّولة، وأيضا لصغر سنه، فإنه مات بعد خلعه بسنين وهو لم يبلغ الحلم، وأما أخوه إبراهيم فإنه كان أصغر منه، وكانت أمه أم ولد چركسيّة تسمّى قطلباى، تزوّجها الأمير إينال الجكمى بعد موت الملك المؤيد وماتت عنده. انتهى والله أعلم.(14/197)
ذكر سلطنة الملك الظاهر ططر على مصر «1»
السلطان الملك الظّاهر سيف الدين أبو الفتح ططر، تسلطن بعد خلع السلطان الملك المظفّر أحمد ابن الملك المؤيد شيخ فى يوم الجمعة تاسع عشرين شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة، بقلعة دمشق، وكان الموافق لهذا اليوم يوم نوروز القبط بمصر. ولبس خلعة السّلطنة من قصر قلعة دمشق، وركب بشعار السّلطنة وأبّهة الملك، ولقّب بالملك الظاهر ططر، وذلك بعد أن ثبت خلع الملك المظفّر، وحضر الخليفة المعتضد بالله داود والقضاة بقلعة دمشق، وبايعوه بالسلطنة بحضرة الملأ من الأمراء والخاصّكيّة، بعد أن سألهم الخليفة فى قيامه فى السلطنة، فقالوا الجميع: نحن راضون بالأمير الكبير ططر، وتمّ أمره فى السّلطنة، وقبّلت الأمراء الأرض بين يديه، وحملت القبّة والطّير على رأسه، وخطب له على منابر دمشق من يومه. والملك الظاهر هذا هو السلطان الثلاثون من ملوك الترك بالديار المصرية، والسادس من الچراكسة وأولادهم.
قال المقريزى رحمه الله: كان چاركسى الجنس، يعنى عن الملك الظاهر ططر، ربّاه بعض التّجّار، وعلّمه شيئا من القرآن وفقه الحنفيّة، وقدم به إلى القاهرة فى سنة إحدى وثمانمائة وهو صبىّ، فدلّ عليه الأمير قانى باى- لقرابته به- وسأل السلطان الملك الظاهر فيه، حتى أخذه من تاجره، ومات السلطان قبل أن يصرف ثمنه، فوزن الأمير الكبير أيتمش ثمنه اثنى عشر ألف درهم، ونزّله فى جملة مماليك الملك الظاهر فى الطّباق ونشأ بينهم، وكان الملك الناصر أعتقه، فلم يزل فى جملة مماليك الطّباق حتى عاد السلطان الملك الناصر فرج إلى الملك بعد أخيه المنصور عبد العزيز، فأخرج له الخيل وأعطاه إقطاعا فى الحلقة، فانضمّ على الأمير نوروز الحافظى، وتقلب معه فى تلك الفتن- انتهى كلام المقريزى باختصار.(14/198)
قلت: هذا هو الخباط «1» بعينه، ولم أقف على هذا النقل إلا من خطّه بعد موته، ولم أسمه من لفظه، فإن هذا القول يستحيا من ذكره؛ فأما قوله «اشتراه الملك الظاهر برقوق من تاجره» فمسلّم غير أنه قبل سنة إحدى وثمانمائة، وأنه لم يعط ثمنه فيمكن، وأما قوله «وأعتقه الملك الناصر فرج» فهذا القول لم يقله أحد غيره، وبإجماع المماليك الظاهرية إن الملك الظاهر برقوق أعتقه، وأخرج له الخيل والقماش فى عدّة كبيرة من المماليك، منهم جماعة [كبيرة] «2» فى قيد الحياة إلى يومنا هذا، ثم أخرج الملك الظاهر خرجا آخر من المماليك بعد ذلك قبل موته، من جملتهم الملك الأشرف برسباى الدّقماقى، والملك الظاهر جقمق العلائى وغيره، وكانت عادة برقوق، أنه لا يخرج لمماليكه الجلبان خيلا، إلا بعد إقامتهم فى الأطباق مدّة سنين، وأنّه لا يخرج فى سنة واحدة خرجين، وإنّما كان يخرج فى كل مدّة طويلة خرجا من مماليكه، ثم يتبعه بعد ذلك بمدّة طويلة بخرج آخر، وهذه كانت عادة ملوك السّلف، فعلى هذا يكون مشترى ططر هذا قبل سنة إحدى وثمانمائة بسنين.
ولما أراد الملك الظاهر عتق ططر المذكور، عرضه فى جملة من عرض من مماليك الطّباق الكتابيّة، وكان ططر قصير القامة، فاعتقد الظاهر أنه صغير، فردّه إلى الطّبقة فيمن ردّ من صغار المماليك، وكان الأمير جرباش الشّيخىّ الظاهرىّ «3» رأس نوبة واقفا، فمسك ططر من كتفه وقال: يا مولانا السلطان، هذا فقيه طالب علم، قرناص «4» يستأهل الخير، فأمر له الملك الظّاهر بالخيل وكتب عتاقته أمام السلطان الملك الظاهر سويدان المقرى، فكان ططر فى أيّام إمرته، وبعد سلطنته، كلّما رأى الناصر محمد(14/199)
ابن جرباش الشيخى يترحّم على والده ويقول، لم يعتقنى الملك الظاهر برقوق إلا بسفارة الأمير جرباش الشيخى- رحمه الله- وأحسن إلى ولده المذكور.
وأما قوله «وأقام ططر فى الطبقة حتى عاد الملك الناصر إلى ملكه بعد أخيه المنصور عبد العزيز» فهذا يكون فى سنة ثمان وثمانمائة، فهذه مجازفة لا يدرى معناها، فإنّ ططر كان يوم ذاك من رءوس الفتن، مرشّحا للإمرة وولاية الأعمال، بل كان قبل ذلك فى واقعة تيمور لنك فى سنة ثلاث وثمانمائة من أعيان القوم الذين أرادوا سلطنة الشيخ لاجين الچاركسىّ بالقاهرة، وعادوا إلى مصر، وهو يوم ذاك يخشى شرّه، وأيضا إنه فى سنة ثمان المذكورة كان برسباى الدقماقىّ- أعنى الملك الأشرف- صار من جملة الخاصكيّة السّقاة الخاص «1» الأعيان، وكان من جملة أصحاب ططر الصّغار ممّن ينتمى إليه، وبسفارته اتّصل إلى ما ذكرناه من الوظيفة وغيرها، ولا زال على ذلك إلى أن شفع فيه ططر- بعد أن حبسه الملك المؤيد بالمرقب- وأخرجه إلى دمشق، كل ذلك وططر مقدّم عليه وعلى غيره من أعيان الظاهرية، ويسمّونه أغاة «2» من تلك الأيام، فلو كان كما قاله المقريزى «إن الملك الناصر فرج أعتقه فى سنة ثمان» كان ططر من أصاغر المماليك الناصرية؛ فإن الذين أعتقهم الملك الناصر ممّن ورثهم من أبيه- وهم أول خرج أخرجه- جماعة كبيرة مثل الملك الأشرف إينال العلائى سلطان زماننا، والأمير طوخ من تمراز أمير مجلس زماننا، والأمير يونس العلائى أحد مقدّمى الألوف فى زماننا، فيكون هؤلاء بالنسبة إلى ططر قرانيص وأكابر، وقدماء هجرة، فهذا القول لا يقوله إلّا من ليس له خبرة بقواعد السّلاطين، ولا يعرف ما الملوك عليه بالكلّيّة، ولولا أن المقريزى ذكر هذه المقالة فى عدّة كتب من مصنّفاته ما كنت أتعرّض إلى جواب ذلك، فإن هذا شىء لا يشكّ فيه أحد، ولم يختلف فيه اثنان غير أنى أعذره فيما نقل؛ فإنه كان بمعزل عن الدولة، وينقل أخبار الأتراك عن(14/200)
الآحاد، فكان يقع له من هذا وأشباهه أوهام كثيرة نبّهته على كثير منها فأصلحها معتمدا على قولى، وها هى مصلوحة بخطه فى مظنّات الأتراك وأسمائهم ووقائعهم- انتهى.
واستمرّ الملك الظاهر ططر بقلعة دمشق، وعمل الخدمة السّلطانيّة بها فى يوم الاثنين ثالث شهر رمضان، وخلع على الخليفة والقضاة باستمرارهم، وعلى أعيان الأمراء على عادتهم، ثم خلع على الأمير طرباى الظّاهرىّ نائب غزّة- كان- فى دولة الملك المؤيّد بعد قدومه من عند قرا يوسف باستقراره حاجب الحجاب بالديار المصريّة عوضا عن إينال الأرغزىّ المقدّم ذكره، وعلى الأمير برسباى الدّقماقى نائب طرابلس- كان، وكان بطّالا بدمشق- باستقراره دوادارا كبيرا، عوضا عن الأمير على باى المؤيّدى بحكم القبض عليه، و [أنعم] «1» على الأمير يشبك الجكمىّ الدّوادار الثانى- كان، وهو أيضا ممّن قدم من بلاد الشّرق- باستقراره أمير آخور كبيرا، عوضا عن تغرى بردى المؤيّدى المنتقل إلى نيابة حلب، ثم خلع بعد ذلك على الأمير بيبغا المظفرى الظاهرىّ أمير مجلس باستقراره أمير سلاح، عوضا عن الأمير إينال الجكمىّ بحكم القبض عليه، [وأنعم] «2» على الأمير قجق العيساوىّ الظاهرىّ حاجب الحجاب- كان فى الدولة المؤيديّة- باستقراره أمير مجلس، عوضا عن بيبغا المظفرى، وخلع على الأمير قصروه من تمراز الظاهرى باستقراره رأس نوبة النّوب، عوضا عن يشبك أنالى المؤيّدى بحكم القبض عليه أيضا، ثم أنعم على جماعة كبيرة بتقادم ألوف بالديار المصرية، مثل الأمير أزبك المحمدى الظاهرى إنىّ برسبغا الدوادار، ومثل الأمير تغرى بردى المحمودى الناصرى، ومثل الأمير قرمش الأعور الظاهرى، وغيرهم، وأنعم على جماعة من مماليكه وحواشيه بإمرة طبلخانات وعشرات، منهم: صهره البدرى حسن بن سودون الفقيه، أنعم عليه بإمرة طبلخاناه عوضا عن مغلباى السّاقى المؤيّدى بحكم القبض عليه، و [أنعم] «3»(14/201)
على الأمير قرقماس الشّعبانى الناصرى بإمرة طبلخاناه، واستقرّ به دوادارا ثانيا، وعلى الأمير قانصوه النّوروزى أيضا بإمرة طبلخاناه، وجعله من جملة رءوس النّوب، وعلى رأس نوبته الثانى قانى باى الأبوبكرى الناصرىّ البهلوان بإمرة طبلخاناه، وجعله أيضا من جملة رءوس النّوب، وعلى فارس دواداره [الثانى] «1» بإمرة طبلخاناه، وأنعم على مشدّه يشبك السّودونى باستقراره شاد الشراب خاناه، وعلى أمير آخوره بردبك السيفى يشبك بن أزدمر باستقراره أمير آخور ثانيا، وعلى جماعة أخر من حواشيه ومماليكه، وجعل جميع مماليكه الذين كانوا بخدمته قبل سلطنته خاصّكيّة، وأنعم على بعضهم بعدة وظائف.
ثم أمر السلطان الملك الظاهر فكتب بسلطنته إلى مصر وأعمالها، وإلى البلاد الحلبيّة والسواحل والثغور، وإلى نواب الأقطار، وحملت إليهم التشاريف والتقاليد بولايتهم على عادتهم، وهم: الأمير تغرى بردى المؤيّدى المعروف بأخى قصروه نائب حلب، والأمير تنبك البجاسىّ نائب طرابلس، والأمير جارقطلو الظاهرى نائب حماة، والأمير قطلوبغا التنمىّ نائب صفد، والأمير يونس الرّكنى نائب غزة.
ثم خلع على الأمير تنبك ميق نائب الشام باستمراره على كفالته، وعلى الأمير برسباى الحمزاوىّ الناصرى باستقراره حاجب حجاب دمشق، وعلى الأمير أركماس الظاهرى باستقراره نائب قلعة دمشق، وعلى الأمير كمشبغا طولو باستقراره حاجبا ثانيا.
ثم أخذ الملك الظاهر فى تمهيد أمور دمشق والبلاد الشّاميّة إلى أن تمّ له ذلك، فبرز من دمشق بأمرائه وعساكره فى يوم الاثنين سابع عشر شهر رمضان من سنة أربع وعشرين وثمانمائة يريد الديار المصرية.
هذا ما كان من أمر الملك الظاهر ططر بالبلاد الشّاميّة.
وأما أخبار الديار المصرية فى غيبته فإنه لمّا سافر الأمير ططر بالسّلطان الملك(14/202)
المظفر وعساكره من الرّيدانيّة استقلّ بالحكم بين الناس الأمير جقمق العلائى إلى أن حضر الأمير قانى باى الحمزاوى من بلاد الصّعيد فى يوم السبت حادى عشرين جمادى الأولى، وحكم فى نيابة الغيبة، وأرسل إلى الأمير جقمق بالكفّ عن الحكم بين الناس وخاشنه فى الكلام، فانكفّت يد الأمير جقمق أخى چاركس المصارع عن الحكم، وكانت سيرته جيّدة فى أحكامه.
ثم قدم الخبر على الأمير قانى باى الحمزاوىّ بدخول السلطان الملك المظفر إلى دمشق وقبضه على القرمشى وغيره، فدقت البشائر لذلك بالقاهرة ثلاثة أيام وزينت عشرة أيام.
ثم فى يوم الأربعاء خامس شهر رمضان خلع الأمير قانى باى الحمزاوىّ على القاضى جمال الدين يوسف البساطى باستقراره فى حسبة القاهرة عوضا عن القاضى صدر الدين بن العجمى، وكان سبب ولايته أنه طالت عطلته سنين، فتذكّر الأمير ططر صحبته، فكتب لقانى باى الحمزاوىّ بولايته.
ثم فى ثامن شهر رمضان قدم الخبر إلى الديار المصرية بخلع الملك المظفّر وسلطنة الملك الظاهر ططر.
وأما السلطان الملك الظاهر ططر فإنه سار بعساكره إلى جهة الدّيار المصرية إلى أن نزل بمنزلة الصّالحيّة فى يوم الاثنين أوّل شوال، فخرج الناس إلى لقائه وقد تزايد سرور الناس بقدومه، ثم ركب من الصالحيّة وسار إلى أن طلع إلى قلعة الجبل فى يوم الخميس رابع شوال، وحملت القبة والطّير على رأسه- حملها الأمير [جانى بك] «1» الصّوفى أتابك العساكر، ولما طلع إلى القلعة أنزل الملك الظاهر [ططر] «2» الملك المظفر [أحمد] «3» وأمّه بالقاعة المعلقة من دور القلعة.
ثم فى يوم خامس شوال خلع السلطان الملك الظاهر [ططر] «4» على الطواشى(14/203)
مرجان الهندى الخازندار باستقراره زمّاما «1» ، عوضا عن الطواشى كافور الرّومى الشّبلى الصّرغتمشى بحكم عزله.
ثم فى يوم الاثنين ثامن شوّال ابتدأ السلطان بعرض مماليك الطباق، وأنزل منهم جماعة كثيرة إلى إصطبلاتهم من القاهرة.
ثم فى يوم الاثنين «2» استدعى السلطان الشيخ ولىّ الدين أحمد ابن الحافظ زين الدين عبد الرحيم العراقىّ الشافعى وخلع عليه باستقراره قاضى قضاة الشافعيّة بالديار المصرية، بعد موت قاضى القضاة جلال الدين [عبد الرحمن] «3» البلقينى، فنزل العراقىّ إلى داره فى موكب جليل بعد أن اشترط على السلطان أنه لا يقبل شفاعة أمير فى حكم، فسرّ الناس بولايته.
وفى يوم الاثنين ثانى عشرين شوال ابتدأ بالسلطان الملك الظاهر ططر مرض موته، وأصبح ملازما للفراش واستمرّ فى مرضه والخدمة تعمل بالدّور السلطانية، ويجلس السلطان وينفّذ الأمور ويعلّم على المناشير وغيرها.
وأنعم فى هذه الأيام على الأمير كزل العجمى الأجرود، الذي كان ولى حجوبية الحجّاب فى الدّولة الناصرية، وعلى الأمير سودون الأشقر الذي كان ولى فى دولة المؤيّد رأس نوبة النّوّب ثم أمير مجلس، وكانا منفيّين بقرية الميمون من الوجه القبلى؛ بحكم أنه يكون كل واحد منهم أمير عشرين فارسا، فدحلا إلى الخدمة السلطانية بعد ذلك فى كل يوم، وصارا يقفان من جملة أمراء الطبلخانات والعشرات، ومقدمو الألوف جلوس بين يدى السلطان.
واستمر السلطان على فراشه إلى يوم الثلاثاء أوّل ذى القعدة فنصل السلطان من(14/204)
مرضه ودخل الحمّام، وخلع على الأطباء وأنعم عليهم، ودقّت البشائر لذلك، وتخلّقت الناس بالزّعفران.
ثم فى ثالث ذى القعدة خلع السلطان على دواداره الأمير فارس باستقراره فى نيابة الإسكندرية عوضا عن الأمير قشتم المؤيدى بحكم عزله، وقد حضر قشتم المذكور إلى القاهرة، وطلع إلى الخدمة، ثم أمر السلطان فقبض على الأمير قشتم المذكور، وعلى الأمير قانى باى الحمزاوى نائب الغيبة «1» وقيّدا فى الحال وحملا إلى ثغر الإسكندرية فسجنا بها.
ثم فى يوم الاثنين سابع ذى القعدة خلع السلطان على عبد الباسط بن خليل بن إبراهيم الدّمشقى ناظر الخزانة باستقراره ناظر الجيوش «2» المنصورة بعد عزل القاضى كمال الدين بن البارزى ولزومه داره، وخلع السلطان أيضا على موقّعه القاضى شرف الدين محمد ابن القاضى تاج الدين عبد الوهاب بن نصر الله باستقراره فى نظر أوقاف الأشراف ونظر الكسوة «3» ونظر الخزانة عوضا عن عبد الباسط المذكور، وكان الملك الظاهر أراد تولية شرف الدين المذكور وظيفة نظر الجيش فسعى عبد الباسط فيها سعيا زائدا حتى وليها.
ودخل السلطان فى هذه الأيام إلى القصر السلطانى وعمل الخدمة به، ثم انتكس السلطان فى يوم الخميس عاشر ذى القعدة ولزم الفراش ثانيا، وانقطع بالدّور السلطانية، وعملت الخدمة غير مرّة.
فلما كان يوم الجمعة خامس عشرينه عزل القاضى ولىّ الدين العراقىّ نفسه عن القضاء لمعارضة يعض الأمراء له فى ولاية القضاء بالأعمال.
ثم فى سادس عشرين ذى القعدة رسم السلطان بالإفراج عن أمير المؤمنين المستعين بالله العباس من سجنه بثغر الإسكندرية، وأن يسكن بقاعة فى الثغر المذكور،(14/205)
ويخرج لصلاة الجمعة بالجامع الذي بالثّغر، ويركب حيث يشاء، وأرسل إليه فرسا بسرج ذهب وكنبوش زركش وبقجة «1» قماش، ورتّب له على الثّغر فى كل يوم ثمانمائة درهم لمصارف نفقته، فوقع ذلك من الناس الموقع الحسن.
واستهل ذو الحجة يوم الخميس والسلطان فى زيادة [ألم] «2» من مرضه ونموّه، والأقوال مختلفة فى أمره، والإرجاف بمرضه يقوى.
فلمّا كان يوم الجمعة ثانى ذى الحجة استدعى السلطان الخليفة والقضاة والأمراء وأعيان الدّولة إلى القلعة- وقد اجتمع بها غالب المماليك السلطانيّة- فلما اجتمعوا عند السلطان كلم الخليفة والأمراء فى إقامة أبنه فى السلطنة بعده، فأجابوه إلى ذلك، فعهد إلى ابنه محمد بالملك، وأن يكون الأمير جانى بك الصّوفىّ هو القائم بأمره ومديّر مملكته، وأن يكون الأمير برسباى الدّقماقىّ لالا السلطان والمتكفّل بتربيته، وحلف الأمراء على ذلك كما حلفوا لابن الملك المؤيّد شيخ.
ثم أذن السلطان لقاضى القضاة ولىّ الدين العراقى أن يحكم، وأعيد إلى القضاء، وانفض الموكب ونزل الناس إلى دورهم، وقد كثر الكلام بسبب ضعف السلطان، وأخذ الناس وأعيان الدّولة فى توزيع أمتعتهم وقماشهم من دورهم، خوفا من وقوع فتنة.
وثقل السلطان فى الضّعف، وأخذ من أواخر يوم السّبت ثالثه فى بوادر النّزع إلى أن توفّى ضحوة «3» نهار الأحد رابع ذى الحجّة من سنة أربع وعشرين وثمانمائة، فأضطرب الناس ساعة ثم سكنوا عند ما تسلطن ولده الملك الصالح محمد- حسبما يأتى ذكره- ثم أخذ الأمراء فى تجهيز الملك الظّاهر ططر، فغسّل وكفّن وصلّى عليه، وأخرج من باب السّلسلة، وليس معه إلا نحو عشرين رجلا لشغل الناس بسلطنة ولده، وساروا به حتى دفن بالقرافة من يومه بجوار الإمام اللّيث بن سعد رضى الله عنه،(14/206)
ومات وهو فى مبادئ الكهولية، وكانت مدّة تحكّمه منذ مات الملك المؤيّد شيخ إلى أن مات أحد عشر شهرا تنقص خمسة أيام، منها مدّة سلطنته أربعة وتسعون يوما، وباقى ذلك أيام أتابكيّته.
قال المقريزى فى تاريخه عن الملك الظاهر ططر: وكان يميل إلى تديّن، وفيه لين وإغضاء وكرم مع طيش وخفّة، وكان شديد التعصّب لمذهب الحنفية، يريد أن لا يدع من الفقهاء غير الحنفية، وأتلف فى مدته- مع قلّتها- أموالا عظيمة، وحمّل الدولة كلفا كثيرة، أتعب بها من بعده، ولم تطل أيّامه لتشكر أفعاله أو تذمّ- انتهى كلام المقريزى.
قلت: ولعل الصّواب فى حقّ الملك الظّاهر ططر بخلاف ما قاله المقريزى مما سنذكره مع عدم التعصّب له، فإنه كان يغضّ من الوالد كونه قبض على بعض أقاربه وخشداشيّته بأمر الملك الناصر فرج فى ولايته على دمشق الثالثة، غير أن الحقّ يقال على أى وجه كان.
كان ططر ملكا [عظيما] «1» جليلا كريما، عالى الهمة، جيّد الحدس، حسن التّدبير، سيوسا، توثّب على الأمور مع من كان أكبر منه قدرا وسنا، ومع عظم شوكة المماليك المؤيّدية [شيخ] «2» ، وقوة بأسهم، مع فقر كان به وإملاق، فلا زال يحسن سياسته، ويدبّر أموره، ويخادع أعداءه إلى أن استفحل أمره، وثبت قدمه، وأقلب دولة بدولة غيرها فى أيسر مدّة وأهون طريقة. كان تارة يملق هذا، وتارة يغدق على هذا، وتارة يقرّب هذا ويظهره على أسراره الخفيّة، كل ذلك وهو فى إصلاح شأنه فى الباطن مع من لا يقرّ به فى الظاهر، فكان حاله مع من يخافه كالطبيب الحاذق الذي يلاطف عدّة مرضى قد اختلف داؤهم، فينظر كل واحد ممن يخشى شرّه، فإن كان شهما رقّاه إلى المراتب العلية وأوعده بأضعاف ذلك، وإن كان طماعا أبذل إليه الأموال وأشبعه، حتى إنه دفع لبعض المماليك المؤيديّة الأجناد فى دفعات متفرّقة فى مدّة يسيرة(14/207)
نحو عشرة آلاف دينار، وإن كان شهما رغبته الأمر والنهى ولّاه أعظم الوظائف، كما فعل بالأمير على باى المؤيّدى والأمير تغرى بردى المؤيّدى المعروف بأخى قصروه؛ ولّى كلّا منهما أجلّ وظيفة بديار مصر، فأقر على باى فى الدّواداريّة الكبرى دفعة واحدة من إمرة عشرة، وأقرّ تغرى بردى فى الأمير آخوريّة الكبرى دفعة واحدة، ومع هذا لم يتجنّ عليهما أبدا بل صار معهما فيما أراداه، يعطى من أحبّا ويمنع من أبغضا حتى إن تغرى بردى المذكور وسّط الأمير راشد بن أحمد ابن بقر خارج باب النصر «1» ظلما لما كان فى نفسه منه، فلم يسأله ططر عن ذنبه.
كل ذلك لكثرة دهائه وعظيم احتماله، ولم يكن فعله هذا مع على باى وتغرى بردى فقط، بل «2» مع غالب أشرار المؤيّديّة.
هذا وهو يقرب خشداشيته الظاهرية [برقوق] «3» واحدا بعد واحد، يقصد بذلك تقوية أمره فى الباطن، فأطلق مثل جانبك الصّوفى، ومثل بيبغا المظفّرىّ، ومثل قجق العيساوى. كل ذلك وهو مستمرّ فى بذل الأموال والإقطاعات لمن تقدّم ذكرهم، حتى إنه كلّمه بعض أصحابه سرّا بعد عوده من دمشق فيما أتلفه من الأموال، فقال:
«يا فلان أتظن أن الذي فرقته راح من حاصلى؟ جميعه فى قبضتى أسترجعه فى أيسر مدّة، إلّا ما أعطيته للفقهاء والصّلحاء» فمن يكن فيه طيش وخفّة لا يطيق هذا الصّبر ولو تلفت روحه.
وكان مقداما جريئا على الأمور بعد ما يحسب عواقبها، شهما يحب التجمّل؛ كانت مماليكه أيام إمرته مع فاقته أجلّ من جميع مماليك رفقته من الأمراء، فيهم الناصرية والجكميّة والنّوروزية وغيرهم.
ولما حصل له ما أراه وصفا له الوقت ووثب على ملك مصر أقام له شوكة وحاشية من خشداشيته ومماليكه فى هذه الأيام القليلة، لم ينهض بمثلها من جاء قبله ولا بعده أن ينشئ مثلها فى طول مملكته؛ وهو أنه أعطى لصهره البدرى حسن بن سودون الفقيه(14/208)
إمرة طبلخاناه، ثم نقله إلى تقدمة ألف بالديار المصرية، ولم يكن قبلها من جملة مماليك السلطان ولا من أولاد الملوك، فإن والده سودون الفقيه مات بعد سنة ثلاثين جنديّا، وكذا فعل مع فارس داواداره، أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف ونيابة الإسكندرية، ومع جماعة أخر قد تقدم ذكرهم؛ فهذا مما يدلّ على قوّة جنانه وإقدامه وشجاعته، فإنه أنشأ هذا كلّه فى مدّة سلطنته، وهى ثلاثة أشهر وأربعة أيام.
وأنا أقول: إن مدّة سلطنته كانت ثمانية عشر يوما، وهى مدّة إقامته بمصر، وباقى ذلك مضى فى سفره ومرض موته، وكان يحبّ مجالسة العلماء والفقهاء وأرباب الفضائل من كل فن، وله اطلاع جيّد ونظر فى فروع مذهبه، ويسأل فى مجالسه الأسئلة المفحمة المشكلة، مع الإنصاف والتواضع ولين الجانب مع جلسائه وأعوانه وخدمه، وكان يحب إنشاد الشعر بين يديه لا سيما الشعر الذي باللغة التركية؛ فإنه كان حافظا له ولنظامه، ويميل إلى الصوت الحسن، ولسماع الوتر، مع عفته عن سائر المنكرات- قديما وحديثا- من المشارب. وأما الفروج فإنه كان يرمى بمحبة الشبّاب على ما قيل- والله أعلم بحاله.
ومع قصر مدّته انتفع بسلطنته سائر أصحابه وحواشيه ومماليكه، فإن أول ما طالت يده رقّاهم وأنعم عليهم بالأموال والإقطاعات والوظائف والرّواتب؛ قيل إنه أعطى الشيخ شمس الدين محمدا الحنفىّ فى دفعة واحدة عشرة آلاف دينار، وأوقف على زاويته «1» إقطاعا هائلا، وتنوّعت عطاياه لأصحابه على أنواع كثيرة، وأحبه غالب الناس لبشاشته وكرمه.
وأظنّه لو طالت مدّته أظهر فى أيامه محاسن، ودام ملكه سنين كثيرة لكثرة عطائه.
فإنه يقال فى الأمثال وهو من الجناس الملفق [المتقارب]
إذا ملك لم يكن ذاهبة ... فدعه فدولته ذاهبة(14/209)
قلت: وهو ثانى سلطان ملك الديار المصرية ممن له ذوق فى العلوم والفنون والآداب ومعاشرة الفضلاء والأدباء والظرفاء من المماليك الذين مسّهم الرّق: الأول الملك المؤيد شيخ، والثانى ططر هذا، غير أن الملك المؤيد طالت مدّته فعلم حاله الناس أجمعون و [الملك الظاهر «1» ] هذا قصرت مدته فخفى أمره على آخرين- انتهت [ترجمة الظاهر رحمه الله] «2» .(14/210)
ذكر سلطنة الملك الصالح محمد بن ططر «1»
على مصر السلطان الملك الصالح ناصر الدين محمد ابن السلطان الملك الظاهر سيف الدين أبى الفتح ططر بن عبد الله الظاهرىّ، تسلطن بعد موت أبيه- بعهد منه إليه «2» - فى يوم الأحد رابع ذى الحجة سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وهو أنه لما مات أبوه حضر الخليفة المعتضد بالله أبو الفتح داود والقضاة والأمراء وجلسوا بباب السّتارة من القلعة، وطلبوا محمدا هذا من الدّور السلطانية، فحضر إليهم، فلما رآه الخليفة قام له وأجلسه بجانبه، وبايعه بالسلطنة، ثم ألبسوه خلعة السلطنة الجبّة السّوداء الخليفتيّة من مجلسه بباب السّتارة، وركب فرس النّوبة بشعار الملك وأبهة السلطنة، وسار إلى القصر السلطانى، والأمراء وجميع أرباب الدّولة مشاة بين يديه حتى دخل إلى القصر السلطانى بقلعة الجبل، وجلس على تخت الملك، وقبّل الأمراء الأرض بين يديه على العادة، وخلع على الخليفة وعلى الأمير الكبير جانى بك الصوفى، كونه حمل القبّة والطير على رأسه، ولقّب بالملك الصالح، وفى الحال دقّت البشائر، ونودى بالقاهرة ومصر بسلطنته، وسنّه يوم تسلطن نحو العشر سنين تخمينا، وأمّه خوند بنت سودون الفقيه الظاهرى، وهى إلى الآن فى قيد الحياة، وهى من الصالحات الخيّرات، لم تتزوّج بعد الملك الظاهر ططر.
والملك الصالح [محمد] «3» هذا هو السلطان الحادى والثلاثون من ملوك الترك، والسابع من الجراكسة وأولادهم، وتمّ أمره فى السلطنة، واستقرّ الأتابك جانى بك الصوفى مدبر مملكته، وسكن بالحرّاقة من الإسطبل السلطانى بباب السلسلة، وانضمّ عليه معظم الأمراء والمماليك السلطانية، وأقام الأمير برسباى الدّقماقى الدّوادار واللّالا(14/211)
أيضا بطبقة الأشرفية فى عدّة أيضا من الأمراء المقدّمين، أعظمهم الأمير طرباى حاجب الحجّاب، والأمير قصروه من تمراز رأس نوبة النوب، والأمير جقمق العلائى نائب قلعة الجبل وأحد مقدّمى الألوف المعروف بأخى چركس المصارع، والأمير تغرى بردى المحمودى، وأما الأمير بيبغا المظفّرى أمير سلاح، والأمير قجق أمير مجلس، والأمير سودون من عبد الرحمن وغيرهم من الأمراء صاروا حزبا وتشاوروا إلى من يذهبون، إلى أن تكلم الأمير سودون من عبد الرحمن مع الأتابك جانى بك الصّوفى، فردّ عليه الجواب بما لا يرضى، فعند ذلك تحوّل سودون من عبد الرحمن ورفقته وصاروا من حزب برسباى وطرباى على ما سنذكر مقالتهما فيما بعد، وباتوا الجميع بالقلعة وباب السّلسلة مستعدّين للقتال، فلم يتحرك ساكن، وأصبحوا يوم الاثنين خامس ذى الحجة وقد تجمّع المماليك بسوق الخيل «1» يطلبون النّفقة عليهم- على العادة- والأضحية، وأغلظوا فى القول، وأفحشوا فى الكلام حتى كادت الفتنة أن تقوم، فلا زال الأمراء بهم يترضّونهم- وقد اجتمع الجميع عند السلطان الملك الصالح- حتى رضوا، وتفرّق جمعهم.
ولما كانت الخدمة بتّ الأتابك جانى بك الصّوفى بعض الأمور، وقرىء الجيش، وخلع على جماعة، وهو كالخائف الوجل من رفقته الأمير برسباى والأمير طرباى وغيرهما.
وظهر فى اليوم المذكور أن الأمر لا يسكن إلا بوقوع فتنة، وبذهاب بعض الطائفتين؛ لاختلاف الآراء واضطراب الدّولة، وعدم اجتماع الناس على واحد بعينه، يكون الأمر متوقّفا على ما يرسم به، وعلى ما يفعله، على أن الأمير برسباى جلس فى اليوم المذكور بين يدى جانى بك الصّوفى وامتثل أوامره فى وقت قراءة الجيش.
ثم بعد انتهاء قراءة الجيش والعلامة قام بين يديه على قدميه، وشاوره فى قضاء أشغال النّاس على عادة ما يفعله الدّوادار مع السّلطان، غير أن القلوب متنافرة،(14/212)
والبواطن مشغولة لما سيكون، ثم انفض الموكب وبات كلّ أحد على أهبة القتال.
وأصبحوا يوم الثلاثاء سادسه فى تفرقة الأضاحى، فأخذ كلّ مملوك رأسين من الضأن.
ثم تجمعوا أيضا تحت القلعة لطلب النّفقة، وأفحشوا فى الكلام على عادتهم، وتردّدت الرسل بينهم وبين الأتابك جانى بك الصّوفى، وطال النّزاع بينهم، حتى تراضوا [على] «1» أن ينفق فيهم بعد عشرة أيّام من غير أن يعيّن لهم مقدار ما ينفقه فيهم، فانفضّوا على ذلك، وسكن الأمر من جهة المماليك السّلطانية، وانفضّ الموكب من عند الأتابك جانى بك الصّوفى، وطلع الأمير برسباى الدّقماقىّ الدّوادار واللالا إلى طبقة الأشرفيّة هو والأمير طرباى والأمير قصروه، وبعد طلوعهم تكلّم [بعض] «2» أصحاب جانى بك الصّوفى معه- لمّا رأوا أمره قد عظم- فى نزول الأمراء من القلعة إلى دورهم حتى يتمّ أمره، وتنفذ كلمته، وحسّنوا له ذلك.
وقالوا له: إن لم يقع ذلك وإلا فأمرك غير منتظم؛ فمال الأتابك جانى بك الصّوفى إلى كلامهم- وكان فيه طيش وخفّة- فبعث فى الحال إلى الأمير برسباى الدقماقى أن ينزل من القلعة هو والأمير طرباى حاجب الحجّاب والأمير قصروه رأس نوبة النّوب، وأن يسكنوا بدورهم من القاهرة، ويقيم الأمير جقمق العلائى عند السلطان لا غير، فلما بلغ الأمراء ذلك أراد الأمير برسباى الإفحاش فى الجواب فنهره الأمير طرباى وأسكته، وأجاب بالسّمع والطاعة، وأنّهم ينزلون بعد ثلاثة أيّام، وعاد الرسول إلى الأتابك جانى بك الصّوفى بذلك، فسكت ولم تسكت حواشيه عن ذلك، وهم الأمير يشبك الجكمىّ الأمير آخور الكبير، والأمير قرمش الأعور الظاهرىّ وغيرهما، وعرّفوه أنهم يريدون بذلك إبرام أمره، وألحوا عليه فى أن يرسل إليهم بنزولهم فى اليوم المذكور قبل أن يستفحل أمرهم، فلم يسمع لكون أن الأمير(14/213)
طرباى نزل فى الحال من القلعة مظهرا أنه فى طاعة الأمير الكبير جانى بك الصّوفى، وأن برسباى وقصروه وغيرهما فى تجهيز أمرهم بعده إلى النزول، فمشى عليه ذلك.
وكان أمر الامير طرباى فى الباطن بخلاف ما ظنه جانى بك الصوفى؛ فإنه أخذ فى تدبير أمره، وإحكام الأمر للأمير برسباى الدّقماقى ولنفسه، واستمال فى ذلك اليوم كثيرا من الأمراء والمماليك السلطانية، وساعده فى ذلك قلّة سعد جانى بك الصّوفى من نفور الأمراء عنه، وهو ما وعدنا بذكره من أمر سودون من عبد الرحمن مع جانى بك الصّوفى.
وقد تقدّم أن سودون من عبد الرحمن وغيره ممن تقدّم ذكرهم صاروا حزبا يحضر كلّ واحد منهم الخدمة، ثم ينزل إلى داره ليرى ما يكون بعد ذلك، ثم بدا لهم أن يكونوا من حزب جانى بك الصّوفى؛ كونه أتابك العساكر ومرشحا إلى السلطنة، بعد أن يكلّموه فى أمر، فإن قبله كانوا من حزبه، وإن لم يفعل مالوا إلى برسباى وطرباى؛ والذي يكلّموه بسببه هو الأمير يشبك الجكمىّ الأمير آخور؛ فإنهم لمّا كانوا عند قرا يوسف بالشرق ثم جاءهم أمير يشبك المذكور أيضا فارا من الحجاز خوفا من الملك المؤيّد، أكرمه قرا يوسف زيادة على هؤلاء- تعطفا من الله- والذين كانوا قبله عند قرا يوسف، هم سودون من عبد الرحمن وطرباى وتنبك البجاسىّ وجانى بك الحمزاوى، وموسى الكركرى وغيرهم.
وكل منهم ينظر يشبك المذكور فى مقام مملوكه، كونه مملوك خشداشهم جكم، فشقّ عليهم خصوصيته عند قرا يوسف وانفراده عنهم، ووقعت المباينة بينهم، ولم يسعهم يوم ذاك إلا السكات لوقته.
فلمّا مات قرا يوسف- وبعده بقليل توفى الملك المؤيّد- قدموا الجميع على(14/214)
ططروهم فى أسوا حال، فقرّبهم ططر وأكرمهم، واختص أيضا بيشبك المذكور اختصاصا عظيما بحيث إنه ولّاه الأمير آخورية الكبرى، وعقد عقده على ابنته خوند فاطمة التى تزوّجها الملك الأشرف برسباى، فلم يسعهم أيضا إلا السكات، لعظم ميل ططر إليه.
فلما مات ططر انضم يشبك المذكور على جانى بك الصّوفى وصار له كالعضد، فعند ذلك وجد الأمراء المقال فقالوا، وركب الأمير سودون من عبد الرحمن والأمير قرمش الأعور- وهو من أصحاب جانى بك الصّوفى- وواحد «1» آخر، وأظنّه بيبغا المظفرى، ودخلوا على جانى بك الصّوفى بالحرّاقة من باب السّلسلة، ومرّوا فى دخولهم على يشبك الأمير آخور وهو فى أمره ونهيه بباب السّلسلة، فقام إليهم فلم يسلّم عليه سودون من عبد الرحمن، وسلّم عليه قرمش والآخر، وعند ما دخلوا على الأتابك جانى بك الصّوفى وسلّموا عليه وجلسوا كان متكلم القوم سودون من عبد الرحمن، فبدأ بأن قال: أنا، والأمراء نسلم عليك، ونقول لك أنت كبيرنا [ورأسنا] «2» وأغاتنا، ونحن راضون بك فيما تفعل وتريد، غير أن هذا الصبى يشبك مملوك خشداشنا جكم ليس هو منا، وقد وقع عنه قلة أدب فى حقنا ببلاد الشّرق عند قرا يوسف، ثم هو الآن أمير آخور كبير منزلته أكبر من منازلنا، ونحن لا نرضى بذلك، ثم إننا لا نريد من الأمير الكبير مسكه ولا حبسه لكونه انتمى إليه، غير أننا نريد إبعاده عنّا فيوليه الأمير الكبير بعض الأعمال بالبلاد الشاميّة، ثم نكون بعد ذلك جميعا تحت طاعة الأمير الكبير، ونقول قد عاش الملك الظاهر برقوق «3» ونحن فى خدمته، لأنّنا قد مللنا من الشتات والغربة والحروب فيطمئن كل أحد على نفسه وماله ووطنه.(14/215)
فلما سمع جانى بك الصوفى كلام سودون من عبد الرحمن وفهمه، حنق منه واشتدّ عضبه، وأغلظ فى الجواب بكلام متحصله: رجل ملك ركن إلىّ وانضم علىّ كيف يمكننى إبعاده لأجل خواطركم؟ ثم أخذ فى الحط على خشداشيته الظاهرية [برقوق] «1» ومجيئهم لإثارة الفتن والشرور، فسكت عند ذلك سودون، وأخذ قرمش يراجعه فى ذلك ويحذّره المخالفة غير مرّة، مدلّا عليه كونه من حواشيه وهو لا يلتفت إلى كلامه، فلما أعياه أمره سكت، فأراد الآخر [أن] «2» يتكلم فأشار عليه سودون من عبد الرحمن بالسكات، فأمسك عن الكلام.
فتكلم سودون عند ذلك بباطن بأن قال: يا خوند نحن ما قلنا هذا الكلام إلا نظن أن الأمير الكبير ليس له ميل إليه، فلما تحققنا أنه من ألزام الأمير الكبير وأخصّائه فنسكت عن ذلك ونأخذ فى إصلاح الأمر بينه وبين الأمراء لتكون الكلمة واحدة، بحيث إننا نصير فى خدمته كما نكون فى خدمة الأمير الكبير، فانخدع جانى بك لكلامه وظنه [أنه] «3» على جليّته، وقال: نعم، أما هذا فيكون.
وقاموا عنه ورجع قرمش إلى حال سبيله، وعاد سودون من عبد الرحمن إلى رفقته الأمراء، وذكر لهم الحكاية برمتها، وعظم عليهم الأمر إلى أن قال لهم: تيقنوا جميعكم بأنكم تكونون فى خدمة يشبك الجكمىّ إن أطعتم جانى بك الصّوفى، فإنّ يشبك عنده مقام روحه، وربما إن تمّ له الأمر يعهد بالملك إليه من بعده، فلما سمع الأمراء ذلك قامت قيامتهم، ومالوا بأجمعهم إلى الأمير برسباى الدقماقى الدوادار الكبير والأمير طرباى حاجب الحجّاب، وقالوا: هذا تركنا ونحن خشداشيته لأجل يشبك فما عساه يفعل معنا إن صار الأمر إليه؟ لا والله لا نطيعه ولو ذهبت أرواحنا. وأخذ الجميع فى التدبير عليه فى الباطن، ولقد سمعت هذا القول من الأمير سودون من عبد الرحمن وهو يقول لى فى ضمنه: كان جانى بك الصّوفى مجنونا، أقول له: نحن بأجمعنا فى طاعتك،(14/216)
وقد مات الملك المؤيد بحسرة أن نكون فى طاعته، فيتركنا ويميل إلى يشبك الجكمىّ وهو رجل غريب ليس له شوكة ولا حاشية- انتهى.
ولما خرج سودون من عبد الرحمن من عند جانى بك الصّوفى طلب جانى بك الصّوفى يشبك الأمير آخور المذكور، وعرّفه قول سودون من عبد الرحمن، واستشاره فيما يفعل معهم- وقد بلغه أن الأمراء تغيّروا عليه- فاتفق رأيهما على أنه يتمارض، فإذا نزل الأمراء لعيادته قبض عليهم، وافترقوا على ذلك. وباتوا تلك الليلة وقد عظم جمع طرباى وبرسباى من الأمراء والمماليك السلطانية، ولم ينضم على جانى بك الصّوفى غير جماعة من المماليك المؤيدية الصغار أعظمهم دولات باى المحمودى السّاقى.
ولما أصبح يوم الأربعاء ثامن ذى الحجة أشيع أن الأمير الكبير جانى بك الصّوفى متوعك، فتكلم الناس فى الحال أنها مكيدة حتى ينزل إليه الأمير برسباى فيقبض عليه، فلم ينزل إليه برسباى وتمادى الحال إلى يوم الجمعة عاشره وهو يوم عيد النحر.
فلما أصبح نهار الجمعة انتظر الأمير برسباى طلوع الأمير الكبير لصلاة العيد، فلم يحضر ولم يطلع، فتقدم الأمير برسباى وأخرج السلطان من الحريم وتوجّه به إلى الجامع ومعه سائر الأمراء والمماليك، فصلّى بهم قاضى القضاة الشافعى صلاة العيد، وخطب على العادة، ثم مضى الأميران برسباى وطرباى بالسلطان إلى باب السّتارة فنحر السلطان هناك ضحاياه من الغنم، وذبح الأمير برسباى ما هناك من البقر نيابة عن السلطان، ثم انفض الموكب، ونزل الأمير طرباى إلى بيته هو وجميع الأمراء وذبحوا ضحاياهم، وتوجه الأمير برسباى إلى طبقة الأشرفية، وبينما هو ينحر ضحاياه بلغه أن الأمير الكبير جانى بك الصّوفى لبس السلاح وألبس مماليكه، ولبس معه جماعة كبيرة من المؤيدية، وغيرهم، فاضطرب الناس، وأغلق باب القلعة ودقت الكؤوسات حربيا.
وكان من خبر جانى بك الصّوفى أنه لمّا تمارض لم يأت إليه أحد ممن كان أراد مسكه، فأجمع رأيه حينئذ على الركوب، وجمع له الأمير يشبك جماعة من إنياته من الماليك المؤيدية ومن أصحابهم.(14/217)
حدثنى السّيفى جانى بك من سيدى بك البجمقدار المؤيدى، وهو أعظم إنيات يشبك الجكمى المذكور قال: لبسنا ودخلنا على الأتابك جانى بك الصّوفىّ وعنده الأمير يشبك أمير آخور وكلّمناه فى أنّه يقوم يصلّى العيد، ثم يلبس السلاح بعد الصلاة، فقال: صلاة العيد ما هى فرض علينا نتركها ونركب الآن قبل أن يبدءونا بالقتال، قال فقلت فى نفسى: بعيد أن ينجح «1» أمر هذا، قلت وقد وافق رأى جانى بك البجمقدار فى هذا القول قول من قال: «صلّ واركب ما تنكب» على أنه كان غتميّا لا يعرف ما قلته، فوقع لجانى بك الصّوفى أنه لم يصلّ وركب فنكب، ولما بلغ الأمير برسباى ركوب جانى بك الصّوفى لبس الأمير برسباى وحاشيته آلة الحرب، وتوجّه إلى القصر السّلطانى، وترامت الطائفتان بالنّشّاب ساعة فلم يكن غير قليل حتى خرج الأمير طرباى من داره فى عسكر كبير من الأمراء، وعليهم السلاح، ووقفوا تجاه باب السّلسلة، فلم يجدوا بباب السّلسلة ما يهولهم من كثرة العساكر، فأوقف الأمير طرباى بقيّة الأمراء، وسار هو والأمير قجق أمير مجلس، وطلعوا إلى باب السّلسله إلى الأمير الكبير جانى بك الصّوفى- على أنّ طرباى فى طاعته- ودخلا عليه وهو لابس، وعنده الأمير يشبك الأمير آخور، فأخذ طرباى يلومه على تأخّره عن صلاة العيد مع السّلطان، وما فعله من لبس السّلاح، وأنه يقاتل من؟! «2» [فإنّ الجميع فى طاعة السلطان و] «3» طاعة الأمير الكبير، فشكا الأمير الكبير جانى بك من الأمير برسباى الدّقماقىّ من عدم تأدّبه معه فى أمور المملكة، وأنه لا يمكن اجتماعنا أبدا فى بلد واحد، فقال له طرباى: السمع والطاعة، كلّم الأمراء فى ذلك فإنّهم فى طاعتك، فقال: وأين الأمراء، فقال ها هم وقوف تجاه باب السّلسلة، انزل أنت والأمير يشبك إلى بيت الأمير بيبغا المظفّرى أمير السلاح، واجلس به، واطلب الأمراء إلى عندك وكلمهم فيما تختار، فأخذ يشبك يقول له: كيف تنزل من باب السّلسلة إلى بيت من ليس هو معنا؟ فنهره الأمير طرباى فانقمع، ولا زال يخادع الأمير جانى بك الصّوفى حتى(14/218)
انخدع له وقام معه هو والأمير يشبك المذكور، وركبا ونزلا من باب السّلسلة، وسارا إلى بيت الأمير بيبغا المظفّرى- وهو تجاه مصلاة المؤمنىّ- المعرف ببيت الأمير نوروز، وبه الآن جكم خال الملك العزيز، فمشى وقد تحاوطه القوم. قلت: ما يفعل الأعداء فى جاهل ما يفعل الجاهل فى نفسه.
فلمّا وصل الأمير جانى بك الصّوفىّ «1» إلى باب الدّار المذكورة ودخله بفرسه صاح الأمير أزبك المحمّدى الظاهرىّ: هذا غريم السّلطان قد دخل إلى عندكم أحترصوا عليه، وقبل أن يتكامل دخولهم أغلق الباب على جانى بك الصّوفى ومن معه فعند ذلك زاغ بصر جانى بك الصوفى، وشرع يترقّق لهم، ويقول: المروءة افعلوا معنا ما أنتم أهله، ودخلوا إلى الدّار المذكورة، وإذا بالأمير بيبغا المظفّرى عليه قميص أبيض ورأسه مكشوف، وقد أخرج يده اليمنى من طوق قميصه وهو جالس على دكّة صغيرة عند بوائك الخيل، وبين يديه منقل نار عليه أسياخ من اللّحم تشوى، وبكل «2» فيها بوزا «3» ، وعلى ركبته قوس تترى وعدّة سهام، فعند ما رأى الأمراء قام إليهم على هيئته، وقبل أن يصلوا إلى عنده ركس الأمير أزدمر شايا ثانى رأس نوبة، وأخذ خوذة الأمير يشبك الأمير آخور من على رأسه، فدمعت عينا يشبك، فشقّ ذلك على الأمير بيبغا وأخذ قوسه بيده، واستوفى عليه بفردة نشّاب ليقتله، فهرب أزدمر ودخل إلى بوائك الخيل بعد أن أوسعه بيبغا المذكور من السّب والتوبيخ، ويقول: الملك إذا نكب تروح حرمته ولو مات حرمته باقية، حتى سكن غضبه. وأنزل جانى بك الصّوفىّ ويشبك الأمير آخور، فتقدّم الأمراء وقيّدوهما فى الحال «4» وأخذا أسيرين إلى القلعة وملك الأمير برسباى باب السلسلة من غير قتال ولا مانع، فإن الأمير الكبير جانى بك(14/219)
الصّوفىّ تركه ونزل من غير [أمر] «1» أوجب نزوله، على أنه لما ركب وأراد النزول مع طرباى قال له بعض مماليكه أو حواشيه: يا خوند، هذا باب السّلسلة الذي تروح عليه الأرواح، أين تنزل وتخليه؟ فقال له: لمصلحة نراها، فقال له: فاتتك المصلحة بنزولك، والله لا تعود إليه أبدا، فلم يلتفت إليه جانى بك وتمادى فى غيّه لقلة سعادته، ولأمر سبق، ولمقاساة نالته بعد هروبه من سجن الإسكندرية ونالت أيضا خلائق بسبب هروبه [من سجن الإسكندرية «2» ] على ما يأتى ذكر ذلك فى ترجمة الملك الأشرف برسباى- إن شاء الله تعالى.
ولمّا ملك الأمير برسباى والأمير طرباى باب السّلسلة [فى الحال] «3» نودى بالقاهرة بنفقة المماليك السلطانية، فلما سمع المماليك هذه المناداة سكنوا بإذن الله، وذهب كلّ واحد إلى داره، وفتحت الأسواق، وشرع الناس فى بيعهم وشرائهم، بعد ما كان فى ظنّ الناس أن الفتنة تطول بين هؤلاء أيّاما كثيرة؛ لأن كل [واحد] «4» منهم مالك جهة من جهات القلعة، ومع كل طائفة خلائق لا تحصى، فجاء الأمر بخلاف ما كان فى ظنهم، ويأبى الله إلّا ما أراد.
واستبدّ من يومئذ الأمير برسباى بالأمر، وبتدبير المملكة مع مشاركة الأمير طرباى له فى ذلك.
فلما كان يوم السبت حادى عشر ذى الحجة استدعى الأمير أرغون شاه النّوروزىّ الأعور وخلع عليه باستقراره أستادارا بعد عزل الأمير صلاح الدين محمد بن نصر الله، وكان أرغون شاه المذكور قد قدم إلى القاهرة صحبة الملك الظاهر ططر من دمشق.
وفيه رسم بحمل الأميرين جانى بك الصّوفىّ ويشبك الجكمىّ الأمير آخور إلى ثغر الإسكندرية، وسجنا بها.(14/220)
ثم فى يوم الاثنين ثالث عشر ذى الحجة خلع على الأمير آق خجا الحاجب الثانى باستقراره فى كشف الوجه القبلى، ثم عملت الخدمه السلطانية فى يوم الخميس سادس عشره بالقصر السلطانى، وحضر الخليفة والقضاة الموكب، فخلع على الأمير برسباى الدّقماقىّ الدّوادار الكبير واللالا باستقراره نظام الملك ومدبّر المملكة، كما كان الملك الظاهر ططر فى دولة الملك المظفر أحمد بن [المؤيد] «1» شيخ عوضا عن جانى بك الصوفى، وخلع على الأمير طرباى حاجب الحجاب باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضا عن جانى بك الصوفى أيضا، وخلع على الأمير سودون من عبد الرحمن باستقراره دوادارا كبيرا عوضا عن برسباى الدّقماقى، وخلع على الأمير قصروه من تمراز رأس نوبة النّوب باستقراره أمير آخور كبيرا عوضا عن يشبك الجكمى، وخلع على الأمير جقمق العلائى «2» نائب القلعة باستقراره حاجب الحجاب عوضا عن طرباى، وعلى الأمير أزبك المحمدىّ باستقراره رأس نوبة النّوب عوضا عن قصروه.
ثم فوض الخليفة المعتضد بالله للأمير برسباى الدّقماقىّ نظام الملك أمور الدولة بأسرها، ليقوم بتدبير ذلك عن السلطان الصالح محمد إلى أن يبلغ رشده، وحكم بصحة ذلك قاضى القضاة زين الدين عبد الرحمن التّفهنى الحنفىّ؛ ومع هذا كله تقرر الحال على أن يكون تدبير الدولة وسائر أمور المملكة بين الأمير برسباى وبين الأمير طرباى، وأن يسكن الأمير برسباى بطبقة الأشرفية على عادته، ويسكن الأمير طرباى الأتابك بداره تجاه باب السّلسلة، وهو بيت قوصون «3» ، وأنّ طرباى يحضر الخدمة عند الأمير برسباى بالأشرفية، وانفض الموكب، وخرج جميع الأمراء وسائر أرباب الدّولة من الخدمة السلطانية بالقصر مشاة فى خدمة الأمير برسباى نظام الملك حتى دخل الأشرفيّة التى صارت سكنه من يوم مات الملك الظاهر ططر، وعملت بها الخدمة ثانيا بين يديه، وصرّف أمور الدولة على حسب اختياره ومقتضى رأيه،(14/221)
واستمر على هذا، فعند ذلك كثر تردد الناس إلى بابه لقضاء حوائجهم، وعظم وضخم.
ولما كان يوم ثامن عشر ذى الحجة [المذكورة] «1» ورد الخبر بأن الأمير تغرى بردى المؤيّدىّ نائب حلب خرج عن طاعة السلطان، وقبض على الأمراء الحلبيّين، واستدعى التّركمان والعربان، وأكثر من استخدام المماليك.
وسبب خروجه عن الطاعة أنّه بلغه أن الملك الظّاهر ططر عزله، وأقرّ عوضه فى نيابة حلب الأمير تنبك البجاسىّ نائب طرابلس، فلما تحقّق ذلك خرج عن الطّاعة وفعل ما فعل، فشاور الأمير برسباى الأمراء فى أمره، فوقع الاتفاق على أن يكتب للأمير تنبك البجاسىّ بالتوجّه إليه وصحبته العساكر وقتاله، وأخذ مدينة حلب منه، وباستقراره فى نيابتها كما كان الملك الظّاهر ططر أقرّه، وكتب له بذلك.
ثم فى يوم ثالث عشرين ذى الحجّة: خلع الأمير برسباى على القاضى صدر الدين أحمد بن العجمى باستقراره فى حسبة القاهرة على عادته، بعد عزل قاضى القضاة جمال الدين يوسف البساطى.
ثم فى يوم سابع عشرينه ابتدأ الأمير برسباى نظام الملك فى نفقة المماليك السلطانية، وهو والأمراء على تخوّف من المماليك السّلطانية أن يمتنعوا من أخذها؛ وذلك أنّهم وعدوا المماليك فى نوبة الأمير الكبير جانى بك الصّوفى لكل واحد بمائة دينار، فلم يصرّ لكل واحد سوى خمسين دينارا من أجل قلّة المال؛ فإن الملك الظاهر ططر فرّق الأموال التى خلّفها الملك المؤيد [شيخ] «2» جميعها، حتى إنه لم يبق منها بالخزانة السّلطانية غير ستين ألف دينار، ومع ما فرّقه من الأموال زاد فى جوامك المماليك بالدّيوان المفرد فى كل شهر ما ينيف على عشرة آلاف دينار، ولذلك استعفى صلاح الدين بن نصر الله من وظيفة الأستاداريّة، بعد أن قام هو وأبوه الصاحب بدر الدين(14/222)
حسن بن نصر الله ناظر الخواصّ الشريفة بعشرة آلاف دينار فى ثمن الأضحية، وبعشرين ألف دينار مساعدة فى نفقة المماليك السلطانية، ثم تقرّر على كلّ من مباشرى الدّولة شىء من الذّهب حتى تجمع من ذلك كلة نفقة المماليك.
ولما جلس السلطان والأمراء لنفقة المماليك أخذ الأمير برسباى نظام الملك الصّرّة من النفقة بيده، وكلّم المماليك السلطانية بما معناه: إن الملك الظاهر ططر لم يدع فى بيت المال من الذّهب سوى ما هو كيت وكيب، وأنّهم عجزوا فى تحصيل المال لتكملة النفقة، ولم يقدروا إلا على هذا الذي تحصّل معهم، ثم وعدهم بكلّ خير، وأمر كاتب المماليك فاستدعى اسم أوّل من هو بطبقة الرّفرف «1» ، وكانت المماليك قبل أن يدخلوا الحوش السّلطانى اتفقوا على أنه إذا استدعى كاتب المماليك اسم أحد فلا يخرج إليه، ولا يأخذ النفقة إلا إن كانت مائة دينار، وتوعّدوا من أخذ ذلك بالقتل والإخراق، فلمّا استدعى كاتب المماليك اسم ذلك الرجل خرج بعد أن سمع كلام الأمير [برسباى] «2» نظام الملك من العذر الذي أبداه، وقال: إن أعطانا السلطان كفّ تراب أخذناه، فشكره نظام الملك على ذلك، ورمى له الصّرّة فأخذها، وقبّل الأرض وخرج، ولم يجسر أحد على أن يكلّمه الكلمة الواحدة بعد ذلك التهديد والوعيد، ثم صاح كاتب المماليك باسم غيره فخرج وأخذ، وتداول ذلك منه وكل من استدعى «3» اسمه خرج وأخذ إلى آخرهم، فأخذ الجميع النفقة، وانفضّوا بغير شرّ.
قلت: وهذه عادة المماليك يطلعون من ألف وينزلون إلى درهم، وكان الذي أخذ النفقة فى هذه النّوبة ثلاثة آلاف ومائتى مملوك، والمبلغ مائة وستّين ألف دينار.(14/223)
ثم فى يوم الخميس تاسع عشرين ذى الحجة قدم مبشّر الحاج، وأخبر بسلامة الحاج، وأن الوقفة كانت يوم الجمعة.
ثم فى يوم الأحد ثالث المحرّم من سنة خمس وعشرين وثمانمائة ورد الخبر إلى الدّيار المصريّة بفرار الأمير تغرى بردى المؤيّدى المعروف بأخى قصروه نائب حلب منها، بعد وقعة كانت بينه وبين تنبك البجاسىّ المنتقل عوضه إلى نيابة حلب، فدقّت البشائر لذلك.
وكان من خبر تنبك البجاسىّ المذكور أنه لمّا قدم على الملك الظاهر ططر من بلاد الشّرق مع من قدم من الأمراء- وقد تقدّم ذكرهم فى عدّة مواضع- ولّاه نيابة حماة كما كان أوّلا فى دولة المؤيد [شيخ] «1» ، ثم خرج الملك الظاهر ططر من دمشق يريد الديار المصريّة بعد ما رسم بانتقاله من نيابة حماة إلى نيابة طرابلس، فلما بلغ تنبك البجاسىّ ذلك وهو بحماة ركب الهجن من وقته، وساق خلف الملك الظاهر ططر إلى أن أدركه بالغور، فنزل وقبّل الأرض بين يديه، ولبس التّشريف بنيابة طرابلس عوضا عن الأمير أركماس الجلبّانىّ، ثم خرج وسار إلى جهة ولايته، وقبل أن يسافر الأمير تنبك المذكور أسرّ له الأمير برسباى الدّقماقىّ الدّوادار الكبير بأن الملك الظاهر [ططر «2» ] يريد توليته نيابة حلب عوضا عن تغرى بردى المؤيّدى- وكان بينهما صداقة؛ أعنى بين برسباى الدّقماقى وبين تنبك البجاسىّ، ثم أمره برسباى أن يكتم ذلك لوقته، وكان ذلك فى شهر رمضان، فاستمرّ تنبك فى نيابة طرابلس إلى يوم عرفة من السّنة فورد عليه مرسوم شريف من الملك الظّاهر [ططر] «3» بنيابة حلب عوضا عن تغرى بردى المؤيّدى المعروف بأخى قصروه بحكم عصيانه، وبالتوجّه لقتال تغرى بردى المذكور، فخرج تنبك(14/224)
من طرابلس بالعساكر فى رابع عشر ذى الحجة من سنة أربع وعشرين [وثمانمائة] «1» إلى ظاهر طرابلس، وأقام يتجهز بالمكان المذكور إلى سادس عشر ذى الحجة، وبينما هو فى ذلك ورد عليه الخبر بموت الملك الظاهر ططر، فأمسك عند ذلك الأمير تنبك [البجاسىّ] «2» عن المسير إلى حلب حتى ورد عليه مرسوم الملك الصالح محمد ابن الملك الظاهر ططر باستمراره على نيابة حلب، وصحبة المرسوم الخلعة والتشريف بنيابة حلب، وبالمسير إلى حلب، فسار إليها لإخراج تغرى بردى منها، وعند مسيره إلى جهة حلب وافاه الأمير إينال النّوروزىّ نائب صفد بعسكرها، وتوجّه الجميع إلى حلب، فلما سمع تغرى بردى بقدومهم فرّ من حلب قبل أن يقاتلهم، وتوجّه نحو بلاد الرّوم، وقيل قاتلهم وانكسر، وسار الأمير تنبك البجاسىّ خلفه من ظاهر حلب إلى الباب «3» فلم يدركه، ورجع إلى حلب وأقام بها إلى ما يأتى ذكره.
وفى رابع عشرين المحرّم قدم أمير حاج المحمل بالمجمل، وهو الأمير تمرباى اليوسفىّ المؤيدى المشدّ كان، وهو يومئذ من جملة أمراء الألوف بالديار المصرية، وقد كثر ثناء الناس عليه بحسن سيرته فيهم، فخلع عليه ونزل إلى داره، فلما كان يوم الخميس ثامن عشرين المحرم طلع المذكور إلى الخدمة السلطانية، فقبض عليه وعلى الأمير قرمش الأعور الظاهرىّ برقوق أحد مقدمى الألوف، وكان قرمش أحد أعيان أصحاب جانى بك الصوفىّ، وأخرج هو وتمرباى إلى ثغر دمياط، وأنعم على الأمير يشبك الساقى الظاهرى الأعرج بإمرته دفعة واحدة من الجندية.
وكان من خبر قرمش هذا مع الأمير برسباى الدّقماقى أن الأمير الكبير جانى بك الصوفى، لما صار أمر المملكة إليه بعد موت الملك الظاهر ططر أمره بالجلوس بباب السّتارة ليكون عينا على الأمير برسباى الدّقماقى، فأخذ الأمير برسباى [الدّقماقى] «4»(14/225)
يستميله بكل ما وصلت القدرة إليه، فلم يقدر يحوّله عن جانى بك الصوفى، واعتذر بأنه ربّاه فى بلاد الچركس، وأنه كان يحمل جانى بك الصوفى على كتفه، فكيف يمكنه مفارقته؟ فلمّا وقع من أمر جانى بك الصوفى ما وقع، وتمّ أمر الأمير برسباى الدقماقى التفت إلى قرمش، وأخرج إقطاعه، ونفاه إلى دمياط لما كان فى نفسه منه.
ثم فى يوم الاثنين ثانى صفر أمسك الأمير الكبير برسباى الأمير أيتمش الخضرى الظاهرى أحد أمراء العشرات، ونفاه إلى القدس بطّالا «1» .
ثم فى يوم الأربعاء ثامن عشر صفر جمع الأمير الكبير برسباى الدقماقى الصّيارف بالإصطبل السلطانى للنظر فى الدّراهم المؤيدية، فإنه كثر هرش الدراهم منها، ومعنى الهرش أن يبرد من الدّرهم الذي زنته نصف درهم حتى يخفّ ويصير وزنه ربع درهم، فأضرّ ذلك بحال الناس، فأمر الأمير الكبير بإبطال المعاملة بالعدد، واستقرت المعاملة بها وزنا لا عددا، ورسم بأن يكون وزن الدرهم منها بعشرين درهما فلوسا، وأن يكون الدينار الإفرنتىّ بمائتين وعشرين درهما فلوسا، وبأحد عشر درهما من الفضة الموازنة، فشقّ ذلك على الناس كونهم كانوا يتعاملون بالفضة معاددة فصارت الآن بالميزان، واحتاج كل بائع أن يأخذ عنده ميزانا وتشكّوا من ذلك، فلم يلتفت الأمير برسباى إلى كلامهم وهدّدهم، فمشى الحال.
وفى هذا الشهر ابتدأت الوحشة بين الأمير برسباى الدقماقى نظام الملك وبين الأمير الكبير طرباى أتابك العساكر، وتنكر الحال بينهما فى الباطن، وسببه أن الأمير طرباى شقّ عليه استبداد الأمير برسباى الدقماقى بأمور المملكة وحدة، وتردّد الناس إلى بابه، وخاف إن دام ذلك ربما يصير من أمر برسباى ما أشاعه الناس، وكان طرباى يقول فى نفسه: إنه هو الذي مهّد الديار المصرية، ودبّر على قبض جانى بك الصوفى حتى كان من أمره ما كان، ولولاه لم يقدر برسباى على جانى بك الصوفى ولا غيره، وكان الاتفاق بينهما أن يكون أمر المملكة بينهما نصفين بالسّويّة لا يختص أحدهما عن الآخر بأمر(14/226)
من الأمور، وكان الأمير طرباى فى الأصل من يوم مات الملك الظاهر برقوق «1» متميّزا على برسباى، ويرى أنه هو الأكبر والأعظم فى النّفوس، وأنه هو الذي أقام برسباى فى هذه المنزلة من كونه استمال المماليك السلطانيّة إليه، ونفّرهم عن الأمير الكبير جانى بك الصوفى حتى تمّ له ذلك، وأنه هو الذي خدع جانى بك الصوفى حتى أنزله من باب السلسلة، وقام مع الأمير برسباى إلى أن رضيه الناس بأن يكون مدبّر المملكة، كل ذلك ليكون برسباى تحت أوامره، ولا يفعل شيئا إلا بمشاورته؛ فلما رأى طرباى أن الأمر بخلاف ما أمّله ندم على ما كان من أمره فى حقّ جانى بك الصوفى حيث لا ينفعه النّدم، وتكلّم مع حواشيه فيما يفعله مع الأمير برسباى، وكان له شوكة كبيرة من خشداشيته المماليك الظاهرية [برقوق] «2» وغيرهم، فأشاروا عليه أن ينقطع عن طلوع الخدمة أياما لينظروا فيما يفعلونه، وكان طرباى مطاعا فى خشداشيته ولهم فيه «3» محبة زائدة، وتعصّب عظيم له على برسباى، فاغترّ طرباى بكلامهم، وعدى بمماليكه إلى برّ الجيزة حيث هو مربط خيوله على الرّبيع كالمتنزّه، وأقام به بقيّة صفر.
وأما الأمير برسباى لما علم أن الأمير طرباى توغّر خاطره منه، وعلم أنه لا يتم له أمر مع وجوده، أخذ يدبر عليه فيما يفعله معه حتى يمكنه القبض عليه، ثم يفعل ما بدا له، هذا وقد انضم عليه جماعة كبيرة من أمراء الألوف، أعظمهم الأمير سودون من عبد الرحمن الدّوادار الكبير، والأمير قصروه من تمراز رأس نوبة النّوب، والأمير يشبك الساقى الأعرج- وكان أعظمهم دهاء ومعرفة، وله دربة بالأمور- والأمير تغرى بردى المحمودى الناصرى وغيرهم، وباقى الأمراء هم أيضا فى خدمة الأمير برسباى فى الظاهر، غير أنهم فى الباطن جميعهم مع طرباى، ولكنهم حيثما ما أمكنهم الكلام مع برسباى أو طرباى قالوا له: أنت خشداشنا وأغاتنا؛ لأن كليهما من مماليك برقوق، بهذا المقتضى صار الأمير برسباى لا يعرف من هو معه من خشداشيته الظاهرية،(14/227)
ولا من هو عليه غير من ذكرنا من الأمراء؛ فإنهم باينوا طرباى، وانضموا على برسباى ظاهرا وباطنا.
فلما علم برسباى أن هؤلاء الأمراء معه حقيقة قوى قلبه بهم، وألقى مقاليد أمر طرباى فى رقبة الأمير يشبك السّاقى الأعرج أن ينزل إليه، ويعمل جهده فى طلوعه إلى الخدمة السلطانية، ثم سلّط أيضا جماعة أخر على الأمير طرباى يحسّنون له الحضور من الربيع، هذا مع ما يقوى جأشه الأمير تغرى بردى المحمودى فى الإقدام على طرباى ويهوّن عليه أمره، والأمير برسباى يجبن عن ذلك حتى استهل شهر ربيع الأوّل.
فلما كان يوم الثلاثاء ثانية قدم الأمير الكبير طرباى من الربيع، ونزل بداره تجاه باب السلسلة، وتردّد إليه الأمير يشبك الساقى الأعرج، وحسّن له الطلوع بأن قال له: إن كل خشداشيته من الظاهرية [برقوق] «1» معه، وأنهم لا يؤثرون عليه أحدا، وأنه بطلوعه يستفحل أمره، وبعدم طلوعه ربما يجبّن ويضمحلّ أمره؛ فإن الناس مع القائم، وإذا حضرت أنت تلاشى أمر برسباى، وهوّن عليه أمر برسباى، ولا زال به حتى انخدع له وأذعن بالطلوع.
فلما أصبح يوم الأربعاء ثالثه أمسك الأمير برسباى الأمير سودون الحموىّ أحد أمراء الطلبخانات، والأمير قانصوه النّوروزىّ أحد أمراء الطبلخانات أيضا، وكانا من [جملة] «2» أصحاب طرباى، فعظم ذلك على طرباى، وقامت قيامة أصحابه وحذّروه عن الطلوع فى غده- فإنه كان قرّر مع الأمير يشبك الأعرج الطلوع إلى الخدمه فى يوم الخميس رابعه- فلما وقع مسك هؤلاء نهاه أصحابه عن الطلوع، فأبى إلّا الطلوع ليتكلّم مع الأمير برسباى بسبب مسكه لهؤلاء ويطلقهما منه، فألحوا عليه فى عدم الطلوع، وأكثروا من ذلك، وهو لا يصغى إلى قولهم، وفى ظنه أن(14/228)
الأمير برسباى لا ينهض بأمر يفعله فى حقه، وأيضا لا يقابله بسوء لماله عليه من الإيادي قديما وحديثا.
فلما أصبح نهار الخميس رابع شهر ربيع الأوّل ركب الأمير الكبير طرباى من داره ومعه جماعة كبيرة من حواشيه، وطلع إلى القلعة، وكان لقلة سعده غالب من هو معه من خشداشيته رءوس نوب، ليس فى أوساطهم سيوف، فما هو إلا أن دخل فى «1» الخدمة، واستقرّ به الجلوس فى منزلته وقرىء الجيش «2» على السّلطان، وانتهت العلامة «3» ، وأحضر السّماط وقام الجميع على أقدامهم، أبتدأ الأمير [الكبير] «4» برسباى الدّقماقى نظام الملك بأن قال: الحال ضائع، والكلمة متفرّقة، وأحوال الناس متوقّفة لعدم اجتماع الناس على كبير يرجع إليه فيما يرسم به، ولابدّ للناس من كبير يرجع إليه فى أمور الرّعية، فأجابه فى الحال- قبل أن يتكلّم طرباى- الأمير قصروه رأس نوبة النّوب، وقال: أنت كبيرنا ومع وجودك من يكون خلافك؟ افعل ما شئت، فقال الأمير برسباى عند ذلك: اقبضوا على هذا وعنى الأمير الكبير طرباى، فلما سمع طرباى ذلك جذب سيفه ليدفع عن نفسه، وأراد القيام فسبقه الأمير برسباى نظام الملك، وضربه بالسيف ضربة جاءت فى يده كادت تبينها- وهى على ظاهر كفه حيث كان قابضا بها على سيفه- ثم بادره الأمير قصروه وأعاقه عن تمام القيام، وتقدّم إليه الأمير تغرى بردى المحمودىّ وقبض عليه من خلفه كالمعانق له، وحمل من وقته إلى أعلى القصر، وقيّد فى الحال، وقد تضمّخ بدمه، ووقعت الهجّة بالقصر، وتسللت(14/229)
السيوف من حواشى طرباى بعد أن فات الأمر وقد خطف الأمير برسباى التّرس الفولاذ من يد السلطان الملك الصالح محمد وتترّس به، وأعطى ظهره إلى الشّباك وسيفه مسلول بيده فلم يجسر أحد على التقدّم إليه لكثرة حاشيته، ولقوة شوكته، ثم سكتت الهجّة فى الحال، وردّ كلّ واحد من أصحاب طرباى سيفه إلى غمده عندما رأوا أن الأمر فاتهم، وقالوا: نحن من أصحاب برسباى، فعرف برسباى الجميع ولم يؤاخذ أحدا منهم بعد ذلك، وتكسّر بعض صينىّ مما كان فيه الطعام للسّماط السلطانى لضيق المكان، فإن الحركة المذكورة كانت بالقصر الصغير السلطانى «1» حيث فيه الشرابخاناه، وطلب الأمير برسباى فى الحال المزيّن وأرسله إلى طرباى فخاط جراحه بعد ما قيّده، ثم أصبح من الغد حمله إلى الإسكندرية فسجن بها، إلى أن أطلقه فى أيّام سلطنته حسبما نذكره فى محلّه فى ترجمد الملك الأشرف برسباى إن شاء الله تعالى.
وخلا الجوّ للأمير برسباى بمسك الأمير طرباى هذا.
قلت: وكان فى أمر الأمير طرباى هذا عبرة لمن اعتبر، وهو أن طرباى لا زال بجانى بك الصّوفىّ حتى خدعه وغدر به عند ما أنزله من الحرّاقة بباب السّلسلة وتحيّل عليه حتى قبضه وحمله مقيّدا إلى سجن الإسكندرية وسجن بها، وقد ظنّ أن الأمر صفا له وأنه لا يعدل عنه إلى غيره لاستخفافه بالأمير برسباى فأتاه الله من حيث لم يحتسب، وعمل عليه الأمير برسباى حتى خدعه وأطلعه إلى القلعة، وصار فى يده بعد ما امتنع ببرّ الجيزة أيّاما، والناس تترقّب حركته ليكونوا فى خدمته، وفى قتال عدوّه، إلى أن عدّى من برّ الجيزة ومشى لحتفه بقدميه، فكان حاله فى ذلك كقول الإمام أبى الفتح البستىّ حيث قال [رحمه الله تعالى] «2» .
أرى قدمى أراق دمى وإن كان طرباى لم يهلك- فى هذه- الموتة المكتوبة فقد مات معنى، وحمل(14/230)
إلى الإسكندرية، فأدخل به عند أخصامه الأمير الكبير جانى بك الصّوفىّ وغيره.
قلت: لتجزى كلّ نفس بما كسبت.
ولما تمّ أمر الأمير برسباى فيما أراد من القبض على الأمير طرباى والاستبداد بالأمر أخرج الأمير سودون الحموىّ منفيا إلى ثغر دمياط، ثم أخذ فى إبرام أمره ليترقّى إلى أعلى المراتب، فلم يلق فى طريقه من يمنعه من ذلك، وساعده فى ذلك موت الأمير حسن بن سودون الفقيه خال الملك الصالح محمد هذا فى يوم الجمعة ثالث عشر صفر؛ فإنه كان أحد مقدمى الألوف وخال السلطان الملك الصالح، وسكناه بقلعة الجبل، وكان جميع حواشى الملك الظاهر ططر يميلون إليه فكفى الأمير برسباى همّه أيضا بموته، فلما رأى برسباى أنه ما ثمّ عنده مانع يمنعه من بلوغ غرضه بالديار المصرية، خشى عاقبة الأمير تنبك ميق نائب الشّام، وقال لا بدّ من حضوره ومشورته فيما نريد نفعله، فندب لإحضاره الأمير ناصر الدين محمدا بن الأمير إبراهيم ابن الأمير منجك اليوسفىّ فحضر، فخرج المذكور مسرعا من الديار المصرية إلى دمشق لإحضار [الأمير] «1» تنبك المذكور، وأخذ الأمير برسباى فيما هو فيه من عمل مصالح الناس وتنفيذ الأمور، فرسم بإحضار الأمير أيتمش الخضرى من القدس «2» .
ثم فى يوم الاثنين ثانى عشرين شهر ربيع الأوّل أمسك الأمير الطواشىّ مرجان الهندى الزّمّام المعروف بالخازندار، وسلمه للأمير أرغون شاه النّوروزىّ الأعور الأستادار ليصادره، ويستخلص منه الأموال، وطلب الأمير الطواشىّ كافور الرومىّ الصّرغتمشىّ وخلع عليه باستقراره زمّاما على عادته أوّلا، ثم قدم أيتمش الخضرى إلى القاهرة «3» فرسم له الأمير برسباى بلزوم داره بطّالا، واستمر مرجان عند الأمير أرغون شاه المذكور إلى أن قرّر عليه حمل عشرين ألف دينار فحملها، وضمنه جماعة أخر فى حمل عشرة آلاف دينار أخرى، وأطلق فى يوم الأربعاء ثامن عشر شهر ربيع الآخر.(14/231)
ثم فى سادس عشر [شهر] «1» ربيع الآخر المذكور قدم الأمير تنبك ميق نائب الشام إلى الديار المصرية، بعد أن تلقّاه جميع أعيان الدولة، وطلع إلى القلعة، فخرج الأمير الكبير برسباى لتلقّيه خارج باب القصر السلطانى، ونثر على رأسه خفايف الذّهب والفضة، وعاد معه إلى داخل القصر بعد أن اعتذر له عن عدم نزوله إلى تلقّيه مخافة من المماليك الأجلاب، فقبل الأمير تنبك عذره، ثم قدّمت خلعة جليلة فلبسها الأمير تنبك [نائب الشام «2» ] المذكور وهى خلعة الاستمرار له على نيابة دمشق على عادته، ثم خلا به الأمير برسباى وتكلّم معه واستشاره فيمن يكون سلطانا؛ لأن الديار المصرية لابد لها من سلطان تجتمع الناس على طاعته، ثم قال له: وإن كان ولابد فيكون أنت، فإنك أغاتنا وكبيرنا وأقدمنا هجرة، فاستعاذ الأمير تنبك من ذلك وقام فى الحال، وقبّل الأرض بين يديه وقال: ليس لها غيرك، فشكر له الأمير برسباى على ذلك، ثم اتّفق جميع الأمراء على سلطنته، وخلع الملك الصالح محمد من السّلطنة، فوقع ذلك فى يوم الأربعاء ثامن شهر ربيع الآخر [من] »
سنة خمس وعشرين وثمانمائة حسبما يأتى ذكره فى أوّل ترجمة الملك الأشرف برسباى.
قلت: وكما تدين تدان جوزى الملك الظاهر ططر فى ولده كما فعل [هو] «4» بابن الملك المؤيد [شيخ] «5» الملك المظفر أحمد، غير أن الأمير ططر كانت له مندوحة بصغر ابن الملك المؤيد [شيخ] «6» من أنه كان [بقى] «7» لبلوغه الحلم سنين طويلة، وأما الملك الصالح هذا فكان مراهقا، غير أنهم احتجوا أيضا بأنه كان فى عقله شىء شبه الخلل.
قلت: وإن توقّف الأمر على أنّ كلّ واحد من هؤلاء يخلع بأمر من الأمور، ويكون ذلك حجّة لمن خلعه، فيلزم الخالع من ذلك أمور كثيرة لا يطيق التخلّص منها أبدا، ليس لإبدائها هنا محلّ، وقد دار هذا الدّور على أناس أخر بعدهما، والكأس ممزوج لمن(14/232)
يشربه من يد ساقيه، كما جرت به العادة؛ والعادة لها حكم، وهى تثبت عند الشافعية بمرّة واحدة- انتهى.
ولمّا خلع الملك الصالح من السلطنة أدخل إلى أمّه خوند بنت سودون الفقيه ببعض الدّور السلطانية، ودام بها سنين عديدة من غير ترسيم ولا حرج حتى إنه بعد سنين صار يركب وينزل صحبة الناصرى محمد ابن السلطان الملك الأشرف برسباى إلى القاهرة من غير أن يحتفظ به أحد، وحضر معه مرّة مأتم والدته خوند زوجة الملك الأشرف بالمدرسة الأشرفية بخط العنبريّين «1» ، وجلسا فى الملأ بصدر المدرسة، فتعجّب الناس من ذلك غاية العجب؛ كون الملك الصالح المذكور كان سلطانا ثمّ خلع من الملك وبعد مدّة يسيرة صار يركب وينزل إلى القاهرة، ودام الملك الصالح [محمد] «2» بقلعة الجبل سنين حتى بلغ الحلم، وزوّجه الملك الاشرف [برسباى] «3» بابنة الأتابك يشبك السّاقى الأعرج، ودامت معه حتى مات عنها فى الطاعون بقلعة الجبل فى ليلة الخميس ثامن عشرين جمادى الآخرة من سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وهو فى حدود العشرين سنة من العمر تخمينا، وكان أهوج وعنده بعض بله وسذاجة، مع خفّة وسرعة حركة، وسلامة باطن، وعدم تجمّل فى ملبسه، ولم يكن عنده شىء من الكبر والتّرفّع ولم يتأسّف على الملك أبدا، وكان غالب حواشى الملك الأشرف [برسباى] «4» يسمّونه فى وجهه سيدى محمد، ويصيحون له بذلك، ومما ينسب إليه من السّذاجة أنّه ركب مرة فرسا ثم طلبه ثانيا فقال: هاتوا فرسى الأبيض، فنهره بعض حواشيه وقال [له] «5» :
لم لا تقول فرسى البوز، ثم أتى بعد ذلك بمشروب من السّكّر فقال: ما أشرب إلّا فى سلطانيتى البوز، فنهره ذلك الرّجل بعينه وقال [له] «6» : لم لا تقول سلطانيّتى البيضاء،(14/233)
فقال: والله تحيرّت بينكم، تارة تقولون لا تقل أبيض وقل بوز، وتارة تقولون بالعكس، كيف يكون عملى معكم؟ وله أشياء من ذلك كثيرة، على أنه كان يحفظ القرآن، ويعرف بلسان الچاركسى، ولبلوهيّته حلاوة وطلاوة مع خفّة روح- انتهى والله تعالى أعلم.(14/234)
السنة التى حكم فيها أربعة سلاطين
وهى سنة أربع وعشرين وثمانمائة.
حكم فى أوّلها إلى يوم الاثنين ثامن المحرّم الملك المؤيدّ شيخ، ثم ابنه الملك المظفّر أحمد إلى تاسع عشرين شعبان، ثمّ الملك الظاهر ططر إلى رابع ذى الحجة، ثمّ ابنه الملك الصالح محمد إلى آخرها وإلى [شهر ربيع الآخر] «1» من سنة خمس وعشرين وثمانمائة.
وفيها- أعنى سنة أربع وعشرين وثمانمائة- توفّى الأمير زين الدين فرج ابن الأمير شكر باى الطاهرىّ أحد أمراء العشرات وخواصّ الملك المؤيدّ شيخ فى رابع صفر بعد مرض طويل، وكان شابّا مليح الشكل، بهىّ المنظر، متجمّلا فى ملبسه ومركبه، ولم يبلغ من العمر خمسا وعشرين سنة- فيما أظنّ- وكان الملك المؤيدّ [شيخ] «2» ربّاه واختصّ به، فلما تسلطن رقّاه وأمّره.
وتوفّى القاضى بهاء الدين محمد ابن بدر الدين حسن بن عبد الله المعروف بالبرجىّ «3» فى يوم الخميس عاشر صفر عن ثلاث وسبعين سنة، بعد أن ولى حسبة القاهرة غير مرّة، ووكالة بيت المال ونظر الكسوة، وباشر عمارة الجامع المؤيّدىّ، وكان من أصحاب الملك الظاهر ططر.
وتوفّى علم الدين سليمان بن جنيبة رئيس الأطبّاء فى سادس عشرين صفر، وقد أناف على ثمانين سنة، وكان أبوه يهوديّا ثم أسلم، ونشأ سليمان هذا مسلما.
وفيها قتل الأمير يشبك بن عبد الله اليوسفىّ المؤيّدىّ نائب حلب فى واقعة كانت بينه وبين الأمير ألطنبغا القرمشىّ الأتابك بظاهر حلب فى يوم الثلاثاء ثالث عشرين المحرّم.(14/235)
قال المقريزى: وكان غير مشكور السّيرة ظالما عسوفا مع كبر وجبروت، فأراح الله منه.
وفيها قتل الأمير الكبير سيف الدين «1» ألطنبغا بن عبد الله القرمشىّ الظاهرىّ أتابك العساكر بالديار المصريّة فى خامس عشر «2» جمادى الأولى بقلعة دمشق بسيف الأمير ططر حسبما تقدّم ذكر القبض عليه، وكان القرمشىّ من محاسن الدنيا لما اشتمل عليه من السؤدد، وكان أصله من مماليك الظاهر برقوق، وترقى فى الدّولة الناصرية [فرج] «3» إلى أن صار من جملة أمراء البلاد الشاميّة، ثمّ انضم على الأمير شيخ ولم يبرح عنه فى السّرّاء «4» والضراء إلى أن ملك الديار المصريّة، فولاه نيابة صفد، ثم الأمير آخوريّة الكبرى، ثم نقله إلى الأتابكية بديار مصر بعد انتقال ألطنبغا العثمانى إلى نيابة دمشق بعد خروج قانى باى المحمدى عن الطاعة، فدام على ذلك إلى أن جرّده الملك المؤيّد [شيخ] «5» إلى البلاد الشاميّة وصحبته جماعة من مقدّمى الألوف تقدّم ذكرهم فى عدّة مواضع من ترجمة الملك المظفّر [أحمد] «6» والملك الظاهر ططر، ولمّا أشرف الملك المؤيّد [شيخ] «7» على الموت عهد لولده أحمد بالملك وجعل القرمشىّ هذا أتابكه لثقته به من أنّه كان يفعل مع ولده كما فعل الأتابك يلبغا العمرىّ مع أولاد السلاطين، ولم يتسلطن أبدا؛ فإنه كان من جنس يلبغا- أعنى أنه كان تركىّ الجنس- فوثب الأمير ططر على الأمر حسبما حكيناه، وخرج بالملك المظفّر أحمد إلى دمشق، فأطاعه القرمشىّ المذكور وقد قنع بأن يكون فى نيابة دمشق فلم يكذّب ططر الخبر وقبض عليه من وقته وحبسه بقلعة دمشق ثم قتله.
قلت: أمّا القبض عليه فيمكن ططر الاعتذار عنه، وأما قتله فلا أقبل له فيه عذرا؛(14/236)
فإنه كان يمكنه حبسه إلى الأبد كما فعل ذلك بعدّة من الملوك، فإنه كان عاقلا ساكنا عديم الشّر ليّن الجانب متواضعا كريما حشيما، ولم يكن فيه ما يعاب، غير أنه كان من غير جنس القوم لا غير.
وتوفّى الأمير الوزير المشير بدر الدين حسن ابن محبّ الدين عبد الله الطرابلسىّ تحت العقوبة- فى سابع عشر جماد الآخر بدمشق- بأمر الأمير الكبير ططر، وكان أبو بدر الدين هذا من مسالمة نصارى طرابلس وبها ولد بدر الدين هذا ونشأ، وتعانى قلم الدّيونة «1» ، وتولى شدّ الدواوين بها، ثم غير زيّه، وولى كتابة سرّ طرابلس، ثمّ تعلّق بخدمة الملك المؤيّد شيخ المحمودى لمّا ولى نيابة طرابلس وعمل أستاداره، وغيّر زيّه ولبس زىّ الأمراء، ودام فى خدمته إلى أن تسلطن وولاه الأستادارية ثم الوزر، ثم نيابة الإسكندرية، ثم الكشف بالوجه القبلى، ثم أعيد إلى الأستادارية، ثم أمسكه وصادره وعاقبه.
قال المقريزى: وكان يكتب الخطّ المنسوب، ويتظاهر بالمعاصى، وينوّع الظلم فى أخذ الأموال، فعاقبه الله بيد ناصره الملك المؤيد شيخ أشدّ عقوبة، ثم قبض عليه ططر وصادره وعاقبه حتى هلك تحت الضّرب، وعاقبه ميّتا، فأراح الله منه عباده.
وتوفّى قاضى القضاة شيخ الإسلام جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان بن نصير بن صالح البلقينىّ «2» الشافعى قاضى الديار المصريّة وعالمها، فى ليلة الخميس حادى عشر شوّال عن ثلاث وستين سنة، بعد مرض طويل تمادى به فى دمشق لمّا كان مسافرا صحبة السّلطان إلى مصر، وصلّى عليه بالجامع الحاكمى، وأعيد إلى حارة بهاء الدين، ودفن على أبيه بمدرسته «3» التى أنشأها تجاه داره- وهو صهرى زوج كريمتى والذي تولّى تربيتى- رحمه الله تعالى، ومات ولم يخلف بعده مثله فى كثرة علومه وعفته عما يرمى به قضاة السّوء، وكان مولده بالقاهرة فى جمادى(14/237)
الأولى سنة اثنتين وستين وسبعمائة، هكذا سمعته من لفظه غير مرّة؛ وأمّه بنت قاضى القضاة بهاء الدين بن عقيل الشافعى النحوى، ونشأ بالقاهرة، وحفظ القرآن العزيز وعدّة متون، وتفقّه بوالده وبغيره إلى أن برع فى الفقه والأصول والعربيّة والتفسير وعلمى المعانى والبيان، وأفتى ودرّس فى حياة والده، وولى قضاء العسكر بالديار المصرية، ثم ولى قضاء القضاة بها فى إحدى الجمادتين من سنة أربع وثمانمائة فى حياة والده عوضا عن قاضى القضاة ناصر الدين محمد الصّالحىّ، وذلك أوّل ولايته، وعزل ثم ولّى غير مرة- حرّرنا ذلك فى تاريخنا المنهل الصافى والمستوفى بعد الوافى- وكانت جنازته مشهورة إلى الغاية، وحمل نعشه على رءوس الأصابع، وكان ذكيّا مستحضرا، عارفا بالفقه ودقائقه، مستقيم الذّهن، جيّد التصور، حافظا فصيحا بليغا جهورىّ الصّوت، مليح الشكل، للطول أقرب، أبيض مشربا بحمرة، صغير اللحية مدوّرها، منوّر الشّيبة، جميلا وسيما، ديّنا عفيفا مهابا جليلا، معظّما عند الملوك والسلاطين، حلو المحاضرة، رقيق القلب سريع الدّمعة، على أنّه كان فيه بادرة وحدّة مزاج، غير أنها كانت تزول عنه بسرعة، ويأتى يعد ذلك من محاسنه ما ينسى معه كل شىء، وكان محبّبا للرّعية، متجملا فى ملبسه ومركبه، ومدحه خلائق من العلماء والشعراء، أنشدنى قاضى القضاة جلال الدين أبو السعادات محمد بن ظهيرة قاضى مكة وعالمها، من لفظه لنفسه بمكة المشرفة مديحا فى قاضى القضاة جلال الدين المذكور فى سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة [قال رحمه الله] «1» [الطويل]
هنيئا لكم يا أهل مصر جلالكم ... عزيز فكم من شبهة قدّ جلالكم
ولولا اتّقاء الله جلّ جلاله ... لقلت لفرط الحبّ جلّ جلالكم
وتوفّى السلطان غياث الدين محمد «2» المعروف بكر شجى بن بايزيد بن مراد بن أرخان بن عثمان متملّك بلاد الرّوم فى شهر رجب، وملك بعده ابنه مراد بك صاحب(14/238)
الفتوحات والغزوات المشهورة الآتى ذكره فى محله، وتفسير كرشجى أى صاحب الوتر؛ لأن كرش باللغة التركية هو الوتر الذي يوتر به القوس وكان قبل سلطنته خنق بوتر ثم أطلق فسمى بذلك، وهو بكسر الكاف والراء المهملة وسكون الشين المعجمة وكسر الجيم.
وفيها قتل الأمير علاء الدين ألطنبغا «1» من عبد الواحد الظّاهرى المعروف بالصّغير رأس نوبة النّوب، ثم نائب حلب بعد انهزامه من حلب فى واقعة كانت بينه وبين التّركمان فى تاسع عشرين شعبان «2» ، وكان أصله من مماليك الظّاهر برقوق، وصار خاصّكيّا فى دولة الناصر فرج، ثم ترقى فى الدّولة المؤيّدية [شيخ] «3» إلى أن صار أمير مائة ومقدّم ألف، ثم رأس نوبة النّوب، ثم أخرجه الملك المؤيد [شيخ] «4» إلى البلاد الشاميّة مجرّدا لصحبة الأمير الكبير ألطنبغا القرمشىّ، فلما قتل يشبك نائب حلب المقدّم ذكره ولّاه القرمشىّ نيابة حلب، فدام بها إلى أن قبض الأمير ططر على القرمشىّ فخرج هو عن الطاعة، ووقع له ما حكيناه إلى أن قتل، وكان أميرا جليلا، مليح الشّكل ليّن الجانب، كريما شجاعا محبّبا للناس- رحمه الله تعالى.
وفيها قتل الأمير سيف الدين قجقار «5» بن عبد الله القردمىّ أمير سلاح بثغر الإسكندرية فى سادس عشرين شعبان بأمر الأمير ططر، وكان أصله من مماليك الأمير قردم الحسنى رأس نوبة النّوب فى دولة الملك الظاهر برقوق، ثم انضمّ على الملك المؤيد [شيخ] «6» وهو من جملة أمراء العشرات، ولا زال معه إلى أن تسلطن، فعند ذلك رقّاه الملك المؤيد إلى أن ولّاه إمرة سلاح، ثم نيابة حلب مدّة يسيرة، ثم عزله وأعاده إلى وظيفته إلى أن مات المؤيّد وجعله من جملة أوصيائه على ولده، فقبض عليه(14/239)
الأمير ططرّ وحبسه بثغر الإسكندرية إلى أن قتله بها، وكان تركىّ الجنس، قصيرا بطينا، له شعرات بحنكه، كبير الوجه، مشهورا بالشّجاعة والإقدام مع الكرم والتجمّل فى مركبه ومماليكه وسماطه، وكان منهمكا فى اللّذّات مسرفا على نفسه، فكان فى غالب اللّيالى يسكر إلى الصّباح ويغلب عليه النّوم فينام عن الخدمة السلطانية، فلما يقوم من نومه يتأسّف على عدم طلوعه إلى الخدمة، فيجعل نفسه متوعّكا فينزل إليه وجوه الدّولة لعيادته، فيجدونه مخمورا لا يكاد يتكلّم، فلما تكرّر منه ذلك علم السلطان والناس حاله، فصار أمره مثلا، يقول بعضهم للآخر كيف حال فلان فيقول مريض، فيقول لا يكون مثل مرض قجقار القردمى، وتداول ذلك بين الناس.
وفيها قتل الأمير سيف الدين جقمق بن عبد الله»
الأرغون شاوىّ الدّوادار ثم نائب الشام بعد عقوبة شديدة لأجل المال فى ليلة الأربعاء سادس عشرين شعبان بعد عود الأمير ططر من حلب، وكان أصل جقمق هذا چاركسيّا، أخذ من بلاده مع والدته وهو ابن ثلاث سنين، وجلبا إلى مصر فاشتراهما بعض أمراء مصر، فأقاما عنده مدّة يسيرة وقبض على الأمير المذكور، فاشتراهما أمير آخر، ثمّ انتقلا من ملكه إلى ملك الأمير ألطنبغا الرّجبىّ، ثم ابتاعهما من ألطنبغا الرّجبىّ [المذكور] «2» الأمير قردم الحسنىّ رأس نوبة النّوب، وأنعم بوالدته على زوجته وأنعم بولدها جقمق هذا على ابنه صاحبنا العلائى على بن قردم، فاستمرّا عندهما إلى أن توفّى الأمير قردم، وبعده بمدّة انتقل جقمق هذا إلى ملك الأمير أرغون شاه الظّاهرىّ أمير مجلس، فأعتقه أرغون شاه وجعله بخدمته إلى أن قتل فى سنة اثنتين وثمانمائة، فاتصل بعده بخدمة الملك المؤيد شيخ، وهو من جملة الأمراء، وصار عنده رأس نوبة الجمداريّة، ثم جعله دوادارا ثانيا، إلى أن تسلطن الملك المؤيّد شيخ فأنعم عليه بإمرة عشرة، وأرسله إلى الأمير نوروز الحافظىّ فى الرّسليّة، فقبض عليه نوروز وحبسه، إلى أن ظفر المؤيّد بنوروز، وأطلق جقمق هذا(14/240)
من قلعة دمشق وأنعم عليه بإمرة طبلخاناه، وجعله دوادارا ثانيا، ثم نقله إلى الدّواداريّة الكبرى بعد سنين بحكم انتقال آقباى المؤيّدى إلى نيابة حلب فباشر الدّواداريّة بحرمة وافرة، ونالته السعادة، إلى أن ولى نيابة دمشق بعد عزل الأمير تنبك ميق فى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، فدام بدمشق إلى أن مات الملك المؤيد [شيخ] «1» فخرج عن طاعة الأمير ططر واتفق مع الأمير الكبير ألطنبغا القرمشىّ، ثم وقع بينهما [خلاف] «2» وتحاربا فهزم جقمق وتوجّه إلى صرخد، ولا زال به حتى استقدمه ططر منها بالأمان، وقبض عليه وقتله، ودفن بمدرسته التى بناها بدمشق، وكان أميرا عارفا بأمور دنياه، عاريا عن العلوم والفضيلة وفنون الفروسية، وكان فصيحا باللغة العربية، وعنده مكر وشيطنة وخديعة، وانهماك فى اللّذات، وإسراف على نفسه مع بادرة وحدّة وسفه ووقاحة، ورأيته غير مرّة، كان للقصر أقرب، وعنده سمن، مدوّر اللحية أسودها، وعنده فصاحة فى حديثه على طريق عوام مصر لا على طريق الفقهاء- انتهى.
أمر النيل فى هذه السنة: الماء القديم أربعة أذرع وعشرون إصبعا، مبلغ الزيادة تسعة عشر ذراعا وإصبع واحد- والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.(14/241)
[ما وقع من الحوادث سنة 825]
ذكر سلطنة الملك الأشرف برسباى على مصر السلطان الملك الأشرف سيف الدين أبو النصر برسباى الدّقماقى الظاهرىّ «1» سلطان الديار المصريّة، جلس على تخت الملك يوم خلع الملك الصالح محمد ابن الملك الظاهر ططر فى يوم الأربعاء ثامن شهر ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة، بعد أن حضر الخليفة والقضاة وجميع الأمراء والأمير تنبك ميق نائب الشام، وبويع بالسلطنة، ولبس الخلعة الخليفتيّة السّوداء، وركب من طبقة الأشرفية بقلعة الجبل والأمراء مشاة بين يديه إلى أن نزل على باب القصر، ودخل وجلس على تخت الملك، وقبّلت الأمراء الأرض بين يديه، وخلع على الخليفة المعتضد بالله داود، وعلى من له عادة بالخلع فى مثل هذا اليوم، وتمّ أمره ونودى باسمه وسلطنته بالقاهرة ومصر، من غير أن يأمر للمماليك السلطانية بنفقة كما هى عادة الملوك، وهذا كان من أوائل سعد ناله [فإننا] «2» لم نعلم أحدا من الملوك التركية تسلطن ولم ينفق إلا برسباى هذا- انتهى.
قلت: والأشرف هذا هو السلطان الثانى والثلاثون من ملوك التّرك وأولادهم بالدّيار المصريّة، والثامن من الچراكسة وأولادهم، وأصل الملك الأشرف هذا چاركسى الجنس، وجلب من البلاد فاشتراه الأمير دقماق المحمدى الظاهرىّ نائب ملطية، وأقام عنده مدّة.
ثم قدّمه إلى الملك الظاهر برقوق فى عدّة مماليك أخر، ولتقدمته سبب، وهو أن الأمير تنبك اليحياوىّ الأمير آخور الكبير بلغه أن الأمير دقماق اشترى أخاه من بعض التّجّار، وكان أخوه يسمّى طيبرس، فوقف الأمير تنبك إلى الملك الظّاهر(14/242)
برقوق وطلب منه أن يرسل يطلب أخاه من دقماق، فرسم السلطان بذلك، وكتب لدقماق مرسوما شريفا «1» بإحضار طيبرس المذكور، وقبل أن يخرج القاصد إلى دقماق وقف الأمير على باى الظاهرىّ الخازندار صاحب الوقعة أيضا، إلى السلطان وذكر له أن أخته أيضا عند الأمير دقماق، فكتب السلطان بإحضارها أيضا، وسار البريدىّ من مصر إلى دقماق بذلك، فامتثل دقماق المرسوم الشّريف، وأراد إرسال طيبرس المذكور، فقال له دواداره: «2» [ما تريد تفعل؟ فقال: أرسل المملوك الذي طلبه أستاذى إليه، فقال دواداره] «3» : لا يمكن إرساله وحده، جهّز معه عدّة مماليك وتقدمة هائلة، وأبعث بالمطلوب فى ضمنها، فأعجب دقماق ذلك وجهّز نحو ثمانية عشر مملوكا صحبة طيبرس المذكور من جملتهم برسباى هذا وتمراز القرمشىّ أمير سلاح، وأشياء أخر من أنواع الفزو والقماش والخيل والجمال، ثمّ اعتذر دقماق عن إرسال الجارية أنها حامل منه، والجارية هى السّت أردباى أمّ ولد دقماق، وزوجة الأمير تمراز القرمشىّ أمير سلاح فى دولة الملك الظّاهر جقمق المتوفى سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وتوفّيت هى أيضا بعده بأيّام، وكلاهما بالطّاعون. فسار البريدىّ بالمماليك والتقدمة من ملطية إلى الديار المصرية، فوصلها بعد موت الأمير تنبك اليحياوىّ المذكور، وقد استقرّ عوضه فى الأمير آخوريّة الأمير نوروز الحافظىّ، فقبل الملك الظاهر [برقوق] «4» التقدمة، وفرّق المماليك على الأطباق، فوقع برسباى هذا بطبقة الزّمّاميّة إنيا للأمير چاركس القاسمىّ المصارع، وتمراز القرمشى إنيا ليلبغا النّاصرىّ، فدام برسباى بالطبقة مدّة يسيرة وأعتقه السلطان، وأخرج له خيلا فى عدّة كبيرة من المماليك السلطانية.
وسبب سياقنا لهذه الحكاية أن قاضى القضاة شهاب الدين بن حجر رحمه الله نسبه أنه عتيق دقماق، وليس الأمر على ما نقله، وهو معذور فيما نقله لبعده عن معرفة اللغة(14/243)
التركية ومداخلة الأتراك، وقد اشتهر أيضا بالدّقماقىّ فظنّ أنه عتيق دقماق، ولم يعلم أن نسبته بالدّقماقىّ كما أن نسبة الوالد [رحمه الله] «1» بالبشبغاوىّ، والملك المؤيد شيخ بالمحمودىّ، ونوروز بالحافظىّ، وجكم نائب حلب بالعوضىّ، ودمرداش بالمحمدىّ وغيرهم، وقد وقفت على هذه المقالة فى حياته على خطّه، ولم أعلم أن الخط خطه فإنه كان رحمه الله يكتب ألوانا، وكتبت على حاشية الكتاب وبيّنت خطأه، وأنا أظن أن الخط خطّ ابن قاضى شهبة، وعاد الكتاب إلى أن وقع فى يد قاضى القضاة المذكور «2» فنظر إلى خطى وعرفه، واعترف بأنه وهم فى ذلك، وكان صاحبنا الحافظ قطب الدين محمد الخيضرى حاضرا، فذكر لى ما وقع، فركبت فى الحال وهو معى وتوجّهنا إلى السّيفىّ طوغان الدّقماقى، وهو من أكابر مماليك دقماق، وسألته عن الملك الأشرف سؤال استفهام، فقال: هو عتيق الملك الظاهر برقوق وقدّمه أستاذنا إليه، ثم حكى له ما حكيته من سبب إرساله، ثم عدنا وأرسلت أيضا خلف جماعة من مماليك دقماق، لأن غالبهم كان خدم عند الوالد بعد موت دقماق، فالجميع قالوا مثل قول طوغان الدّقماقى، فتوجّه قطب الدين المذكور، وعرفه هذا كله، فأنصف غاية الإنصاف، وأصلح ما عنده ثم ذاكرت أنا قاضى القضاة المذكور فيما بعد، وعرفته أن دقماق قدّمه فى أوائل أمره، وأن برسباى صار ساقيا فى دولة الملك المنصور عبد العزيز، معدودا من أعيان الدولة، يتقاضى حوائج دقماق بالديار المصرية، ثم خرج برسباى عن طاعة الملك الناصر [فرج] «3» مع الأمير إينال باى بن قجماس إلى البلاد الشامية وبقى من أعيان القوم، كل ذلك ودقماق فى قيد الحياة بعد سنة ثمان وثمانمائة، وكان لمّا قدم دقماق إلى مصر نزل عند برسباى هذا وبرسباى المذكور يخاطبه تارة يا خوند وتارة يا أغاة، ثم عرّفته بأن ولد دقماق الناصرى محمدا من جملة أصحابى، وأن والدته الست أردباى زوجة الأمير تمراز القرمشىّ أمير سلاح.(14/244)
قلت: وعلى كل حال إن هذا الوهم هو أقرب للعقل من مقالة المقريزىّ فى الملك الظّاهر ططر «إن الملك الناصر فرجا أعتقه بعد سنه ثمان فى سلطنته الثّانية» وأيضا أحسن ممّا قاله المقريزىّ فى حقّ الملك الأشرف [برسباى] «1» هذا بعد وفاته فى تاريخه «السلوك» فى وفيات سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وقد رأيت أنّ السّكات عن ذكر ما قاله فى حقّه أليق والإضراب عنه أجمل لما وصفه به من الألفاظ الشّنيعة القبيحة التى يستحى من ذكرها فى حقّ كائن من كان- انتهى.
وقد خرجنا عن المقصود، ولنعد إلى ما نحن بصدده من ذكر الملك الأشرف [برسباى] «2» فنقول: واستمرّ الملك الأشرف من جملة المماليك السلطانيّة إلى أن صار خاصّكيّا ثم صار ساقيا فى سلطنة الملك المنصور عبد العزيز ابن الملك الظاهر برقوق.
ثم خرج مع الأمير إينال باى بن قجماس من الدّيار المصريّة- مباينا للملك الناصر فرج- إلى البلاد الشاميّة، ثم انضمّ مع الأميرين شيخ ونوروز وتقلّب معهما فى أيّام تلك الفتن ولا زال معهما إلى أن قتل الملك الناصر فرج، وقدم إلى القاهرة صحبة الأمير الكبير شيخ المحمودىّ، فأنعم عليه الأمير شيخ المذكور بإمرة عشرة، ثم نقله إلى إمرة طبلخاناه بعد سلطنته، فدام على ذلك سنين إلى أن نقله إلى إمرة مائة وتقدمة ألف بالدّيار المصريّة، ثم ولّاه كشف التّراب بالغربيّة من أعمال القاهرة، إلى أن طلبه الملك المؤيّد شيخ وولّاه نيابة طرابلس بعد عزل الأمير بردبك قصقا الخليلىّ عنها، وذلك فى يوم الاثنين ثالث عشرين شهر ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ولمّا ولى نيابة طرابلس كان فى خدمته جماعة من مماليك الوالد [رحمه الله] «3» من جملتهم شخص يسمّى سودون، فطلبه أن يتوجّه معه إلى طرابلس، فقال سودون:
أنا ما أخلّى جامع طولون وأتوجّه إلى طرابلس، فتوجّه معه خشداشاه أزدمر(14/245)
وجرباش، فلما تسلطن الأشرف- بعد أمور نذكرها- جعل أزدمر المذكور ساقيا، وندم سودون على مفارقته- انتهى.
وتوجّه برسباى المذكور إلى نيابة طرابلس، ومعه سودون الأسندمرى وقد استقر أتابك طرابلس، وأقام بطرابلس مدّة إلى أن واقع التّركمان الإينالية «1» والبياضية «2» والأوشرية «3» على صافيتا من عمل طرابلس، وكانوا حضروا إلى النّاحية المذكورة جافلين من قرا يوسف، وأفسدوا بالبلاد، فنهاهم الأمير برسباى المذكور فلم ينتهوا، فركب عليهم وقاتلهم فى يوم الثلاثاء سادس عشرين شعبان من سنة إحدى وعشرين المذكورة، فقتل بينهم خلق كبير، منهم: الأمير سودون الأسندمرى أتابك طرابلس، وانهزم باقيهم عراة، فغضب الملك المؤيد، ورسم بعزله عن نيابة طرابلس واعتقاله بقلعة المرقب، وولّى سودون القاضى نيابة طرابلس عوضه، فدام فى سجن المرقب مدّة إلى أن كتب الملك المؤيد بالإفراج عنه فى العشرين من المحرم سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق، كل ذلك بسعى الأمير ططر فى أمره، فاعتمرّ بدمشق إلى أن مات الملك المؤيّد، وخرج جقمق عن طاعة ططر، وقبض على برسباى المذكور، وسجنه بقلعة دمشق إلى أن أطلقه الأتابك ألطنبغا القرمشىّ، وخرج إلى ملاقاة الأمير ططر لما قدم دمشق، وانضم عليه إلى أن خلع عليه ططر باستقراره دوادارا كبيرا بعد الأمير على باى المؤيدىّ، فلم تطل أيّامه فى الدّواداريّة، ومات ططر بعد أن جعله لالا لولده الملك الصالح محمّد، وجعل جانى بك الصّوفىّ الأتابك مدبر مملكة ولده الصالح المذكور، ووقع ما حكيناه فى ترجمة الملك الصالح من واقعته مع جانى بك الصّوفى، ثم مع طرباى، ثم من خلعه الملك الصالح وسلطنته.(14/246)
ولما تمّ أمر الملك الأشرف برسباى هذا فى السّلطنة، وأصبح يوم الخميس تاسع شهر ربيع الآخر خلع على الأمير بيبغا المظفرىّ أمير سلاح «1» باستقراره أتابك العساكر بالدّيار المصريّة عوضا عن الأمير طرباى وكانت شاغرة من يوم أمسك طرباى، وخلع على الأمير قجق العيساوىّ أمير مجلس باستقراره أمير سلاح عوضا عن بيبغا المظفّرىّ، وخلع على الأمير آقبغا التّمرازىّ باستقراره أمير مجلس عوضا عن الأمير قجق.
وأوّل ما بدأ به الأشرف فى سلطنته أنّه منع الناس كافّة من تقبيل الأرض بين يديه، فامتنعوا من ذلك، وكانت هذه العادة- أعنى عن تقبيل الأرض- جرت بالديار المصريّة من أيّام المعزّ معدّ أوّل خلفاء بنى عبيد بمصر المقدّم ذكره فى هذا الكتاب، وبقيت إلى يوم تاريخه، وكان لا يعفى أحدا عن تقبيل الأرض.
والكلّ يقبل الأرض: الوزير والأمير والمملوك وصاحب القلم ورسل ملوك الأقطار، إلّا قضاة الشّرع وأهل العلم وأشراف الحجاز، حتى لو ورد مرسوم السلطان على ملك من نوّاب السّلطان قام على قدميه وخرّ إلى الأرض وقبلها قبل أن يقرأ المرسوم، فأبطل الملك الأشرف ذلك وجعل بدله تقبيل اليد، فمشى ذلك أيّاما ثم بطل، وعاد تقبيل الأرض لكن بطريق أحسن من الأولى؛ فإن الأولى كان الشخص يخر إلى الأرض حتى يقبلها «2» كالسّاجد، والآن صار الرجل ينحنى كالرّاكع ويضع أطراف أصابع يده على الأرض كالمقبّل لها ثمّ يقوم ولا يقبّل الأرض بفمه أبدا بل ولا يصل بوجهه إلى قريب الأرض، فهذا على كلّ حال أحسن مما كان أوّلا بلا مدافعة، فعدّ ذلك من حسنات الملك الأشرف برسباى.
ثم فى يوم الثلاثاء رابع عشر شهر ربيع الآخر المذكور خلع السلطان الملك الأشرف على الأمير تنبك العلائى ميق نائب الشام خلعة السّفر، وتوجّه إلى محلّ كفالته.(14/247)
ومن خرق العادات أيضا فى سلطنة الملك «1» الأشرف أنه لما تسلطن لم ينفق على المماليك السّلطانية، وأعجب من ذلك أنه ما طولب بها، وهذا أغرب وأعجب.
ثم رسم السلطان الملك الأشرف- فى يوم الخميس ثامن جمادى الأولى، ونودى بذلك فى القاهرة- بأن لا يستخدم أحد من اليهود ولا من النصارى فى ديوان من دواوين السّلطان والأمراء، وصمّم الأشرف على ذلك، فلم يسلم من بعض عظماء الأقباط من مباشرى الدّولة فلم يتمّ ذلك.
ثم قدم الخبر على السلطان بكثرة الوباء ببلاد حلب وحماة وحمص فى رابع عشر جمادى الآخرة، ورسم السلطان فنودى بسفر الناس إلى مكّة فى شهر رجب، فكثرت المسرّات، بذلك لبعد العهد بسفر الرجبيّة.
ثم جلس السلطان للحكم بين الناس كما كان الملك المؤيّد ومن قبله، وصار يحكم فى يومى السبت والثلاثاء بالمقعد من الإسطبل السلطانى، ثم كتب السلطان إلى الأمير تنبك البجاسىّ نائب حلب أن يتوجّه إلى بهسنا «2» لحصار تغرى بردى المؤيّدى المعزول عن نيابة حلب.
ثم ورد الخبر على السلطان بخروج الأمير إينال نائب صفد عن الطاعة، وكان سبب خروجه عن الطّاعة أنه كان من جملة مماليك الملك الظّاهر ططر، ربّاه صغبرا ثم ولاه نيابة قلعة صفد بعد سلطنته، فلما قام الملك الأشرف بعد الملك الظاهر ططر بالأمر ولّى إينال المذكور نيابة صفد، وبلغه خلع ابن أستاذه الملك الصالح محمد من السلطنة، فشقّ عليه ذلك، وأخذ فى تدبير أمره، واتّفق مع جماعة على العصيان، وخرج عن الطّاعة، وأفرج عمّن كان محبوسا بقلعة صفد، وهم: الأمير يشبك أنالى المؤيّدى(14/248)
الأستادار ثم رأس نوبة النّوب، والأمير إينال الجكمى أمير سلاح ثم نائب حلب، والأمير جلبّان أمير آخور أحد مقدّمى الألوف، وقبض على من خالفه من أمراء صفد وأعيانها، ففى الحال كتب السلطان الملك الأشرف للأمير مقبل الحسامى الدّوادار حاجب حجّاب دمشق باستقراره فى نيابة صفد «1» ، وأن يستمرّ إقطاع الحجوبيّة بيده حتى يتسلّم صفد، ثم كتب إلى الأمير تنبك ميق نائب الشّام أن يخرج بعسكر دمشق لقتال إينال المذكور، وبينما السلطان فى ذلك ورد عليه الخبر بوقعة كانت بين الأمير يونس الرّكنىّ نائب غزّة وبين عرب جرم، وان يونس المذكور انهزم وقتل عدّة من عسكره، ثم وردت الأخبار بكثرة الفتن فى بلاد الصّعيد، ثم ورد على السلطان كتاب الأمير تنبك ميق نائب الشّام بمجيء الأمير إينال الجكمى، ويشبك أنالى، وجلبّان أمير آخور إليه من صفد طائعين للسلطان، فدقّت البشائر لذلك.
وفى سابع عشرين شهر رجب قدم الأمير فارس نائب الإسكندرية إلى القاهرة بطلب، وخلع عليه باستمراره على إمرته وإقطاعه بمصر، وهى تقدمه ألف بالدّيار المصرية، وخلع على الأمير أسندمر النورىّ الظاهرىّ برقوق أحد أمراء الألوف باستقراره فى نيابة الإسكندرية عوضا عن فارس المذكور.
ولما كان يوم الخميس رابع شعبان- الموافق لتاسع عشرين أبيب «2» - أوفى النيل ستّة عشر ذراعا، وهذا من النّوادر من الوفاء قبل مسرى بيومين، فتباشر الناس بكعب الملك الأشرف [برسباى] «3» .
ثم فى يوم الثلاثاء سادس عشر شعبان المذكور أخرج الملك المظفّر أحمد ابن الملك المؤيّد شيخ وأخوه من قلعة الجبل نهارا وحملا فى النّيل إلى الإسكندرية.
وفى هذا الشهر كثر عبث الإفرنج بسواحل المسلمين، وأخذوا مركبا للتجّار(14/249)
من ميناء الإسكندرية فيها بضائع بنحو مائة ألف دينار، فشقّ ذلك على الملك الأشرف إلى الغاية مع شغله بنائب صفد.
ثم فى حادى عشرين شهر رمضان خلع السلطان على الأمير أيتمش الخضرى الظّاهرىّ باستقراره أستادارا عوضا عن أرغون شاه النّوروزىّ الأعور، وقدم عليه الخبر بتوجّه عسكر الشام مع الأمير مقبل إلى جهة صفد، وأنه مستمرّ على حصار صفد، فسرّ السلطان بذلك، وكتب إلى نائب الشام بالقبض على الأمير إينال الجكمى ويشبك أنالى وجلبّان وحبسهم بقلعة دمشق.
ثم فى سابع عشرين شوّال قدم الخبر على السلطان بأخذ صفد، وقدم من صفد ثلاثون رجلا فى الحديد ممّن أسر من أصحاب إينال نائب صفد، فرسم السلطان بقطع أيديهم فقطعوا الجميع إلا واحدا منهم فإنه وسط، وأخرج الذين قطعت أيديهم من القاهرة من يومهم إلى البلاد الشامية، فمات عدّة منهم بالرمل، ولم يشكر الملك الأشرف على ما فعله من قطع أيدى هؤلاء.
وكان من خبر هؤلاء وإينال نائب صفد أنه لما قدم عليه الأمير مقبل الدّوادار بعساكر دمشق انهزم منهم إلى قلعة صفد، فلم يزل مقبل على حصار قلعة صفد، إلى يوم الاثنين رابع شوال فنزل إليه إينال بمن معه بعد أن تردّدت الرسل بينهم أيّاما كثيرة، فتسلم أعوان السلطان قلعة صفد فى الحال، وعندما نزل إينال أمر الأمير مقبل أن تفاض عليه خلعة السلطان ليتوجّه أميرا بطرابلس، وكان قد وعد بذلك لما تردّدت الرسل بينهم وبينه مرارا حتى استقرّ الأمر على أن يكون إينال المذكور من جملة أمراء طرابلس، وكتب له السلطان أمانا ونسخة يمين فانخدع الخمول ونزل من القلعة، فما هو إلا أن قام بلبس الخلعة وإذا هم أحاطوا به وقيّدوه وعاقبوه أشدّ عقوبة على إظهار المال، ثم قتلوه وقتلوا معه مائة رجل ممن كان معه بالقلعة، وعلّقوهم بأعلاها، ثم أرسلوا بهذه الثلاثين الذين قطعت أيديهم.
ثم بعد ذلك بأيام ورد الخبر بأن الأمير تغرى بردى المؤيدى سلم قلعة بهسنا ونزل(14/250)
بالأمان فأخذه تنبك البجاسى، وقيده وحمله إلى قلعة حلب فسجنه بها، وزال ما كان بالملك الأشرف من جهة صفد وبهسنا، وهدأ سره واطمأن خاطره.
ثم فى يوم الاثنين ثانى ذى القعدة ركب السلطان من قلعة الجبل إلى مطعم الطّيور بالريدانية خارج القاهرة ولبس به قماش الصوف برسم الشتاء على عادة الملوك، ثم عاد إلى القاهرة من باب النّصر، ورأى عمارته بالركن المخلق «1» ، وخرج من باب زويلة إلى القلعة، ونثر عليه الدنانير والدراهم، وهذه أوّل ركبة ركبها من يوم تسلطن.
ثم فى يوم الخميس خامس ذى القعدة عزل السلطان أيتمش الخضرى «2» عن الأستادارية وأعيد إليها أرغون شاه النوروزى، ولم تشكر سيرة أيتمش لشدة ظلمه مع عجزه عن القيام بالكف السلطانية.
ثم فى يوم الخميس رابع ذى الحجّة اختفى الوزير تاج الدين عبد الرزّاق بن كاتب المناخ فخلع السلطان على أرغون شاه الأستادار وأضيف إليه الوزر «3» فى يوم الاثنين ثامن ذى الحجّة.
ثم خلع السلطان على القاضى علم الدين صالح ابن الشيخ سراج الدين عمر البلقينى باستقراره قاضى قضاة الشافعية بالديار المصرية عوضا عن ولىّ الدين أبى زرعة العراقى بحكم عزله.
[ما وقع من الحوادث سنة 826]
ثم فى المحرم أنعم السلطان على مملوكه جانبك الخازندار بإمرة طبلخاناه من جملة إقطاع الأمير فارس المعزول عن نيابة الإسكندريّة بعد موته.
ثم رسم السلطان بطلب الأمير إينال النوروزى نائب طرابلس فحضر إلى القاهرة(14/251)
فى يوم الاثنين سادس عشرين صفر من سنة ست وعشرين وثمانمائة، وطلع إلى القلعة فأكرمه السلطان.
وخلع على الأمير قصروه من تمراز الأمير آخور الكبير باستقراره فى نيابة طرابلس عوضا عن إينال النوروزى المقدّم ذكره، وأنعم على الأمير إينال المذكور بإقطاع الأمير قصروه، وإينال المذكور هو صهرى زوج كريمتى، وأخذ الأمير قصروه فى إصلاح شأنه إلى أن خلع السلطان عليه خلعة السّفر فى يوم ثانى عشر صفر، وخرج من يومه ولم يستقر أحد فى الأمير آخورية الكبرى.
ثم فى يوم الثلاثاء خامس عشرين شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين ثارت ريح مريسية «1» طول النهار، فلما كان قبل الغروب بنحو ساعة ظهر فى السماء صفرة من عند غروب الشمس كست الجو والجدران والأرض بالصفرة، ثم أظلم الجو حتى صار النهار مثل وقت العتمة، فما بقى أحد إلا واشتد فزعه، ولهجت العامة بأن القيامة تقوم.
فلمّا كان بعد ساعة وهو وقت الغروب أخذ الظلام ينجلى قليلا قليلا ويعقبه ريح عاصف [حتى] «2» كادت المبانى تتساقط منه، وتمادى ذلك طول ليلة الأربعاء، فرأى الناس أمرا مهولا مزعجا من شدّة هبوب الرّياح والظّلمة التى كانت فى النهار، وعمّت هذه الظلمة أرض مصر حتى وصلت دمياط والإسكندرية وجميع الوجه البحرى وبعض بلاد الصّعيد، ورأى بعض من يظنّ به الخير والصلاح فى منامه كأن قائلا يقول له: لولا شفاعة رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- لأهل مصر لأهلكت هذه الريح الناس، لكنه شفع فيهم فحصل اللطف. قلت: لم أر قبلها مثلها ولا بعدها [مثلها] «3» ، وكان هذا اليوم من الأيام المهولة التى لم يدركها أحد من الطاعنين فى السّن- انتهى.(14/252)
ثمّ فى يوم الاثنين ثانى شهر ربيع الآخر ركب السلطان من قلعة الجبل وعدّى النيل إلى برّ الجيزة، وأقام بناحية وسيم- حيث مربط الخيول على الرّبيع- بأمرائه ومماليكه يتنزه، وأقام به سبعة أيّام والخدمة تعمل هناك إلى أن عاد فى تاسعه، وأقام بالقلعة إلى يوم الخميس سادس عشرين [شهر] «1» ربيع الآخر المذكور فوصل فيه الأمير تنبك البجاسىّ «2» نائب حلب إلى القاهرة وطلع إلى السلطان، وقبّل الأرض بين يديه على ما قرّره الملك الأشرف فى أوّل سلطنته، ثم خلع السلطان عليه خلعة الاستمرار وأنزله بمكان ورتّب له ما يليق به، وأقام تنبك إلى يوم الخميس ثالث جمادى الأولى، وخلع السلطان عليه خلعة السّفر، وخرج من يومه إلى محلّ كفالته بحلب.
ثم فى يوم الاثنين رابع عشر جمادى الأولى المذكورة خلع السلطان على الأمير جقمق «3» العلائى حاجب الحجّاب باستقراره أمير آخور [كبيرا] «4» عوضا عن قصروه المنتقل إلى نيابة طرابلس، وكانت شاغرة من يوم ولى قصروه نيابة طرابلس إلى يومنا هذا.
ثم ورد الخبر فى جمادى الآخرة بعظم الوباء بدمشق، وأنه وصل إلى غزّة، واستمرّ السلطان ولم يكن عنده ما يشوّش عليه فى جميع أشيائه إلى أن كان يوم الجمعة سابع شعبان ورد الخبر على السلطان بأنّ الأمير الكبير جانى بك الصّوفى فرّ «5» من الإسكندرية من البرج الذي كان مسجونا به، وخرج من الثّغر المذكور ولم يفطن به أحد، فلمّا سمع السلطان هذا الخبر كادت نفسه أن تزهق، وقامت قيامته، ومن يومئذ حلّ بالناس من البلاء والعقوبات والهجم على البيوت ما سنذكره فى طول سلطنته،(14/253)
وتنغّص عيش الأشرف من يوم بلغه الخبر، واستوحش من جماعة كبيرة من أمرائه، وأمسكهم ونفى منهم آخرين- حسبما نذكر ذلك كلّه فى وقته.
ثم فى يوم الخميس العشرين من شعبان خلع السلطان على الأمير جرباش الكريمىّ المعروف بقاشق باستقراره حاجب الحجّاب بالدّيار المصرية عوضا عن جقمق العلائى بحكم انتقال جقمق أمير آخور كبيرا، وكانت الحجوبيّة شاغرة عن جقمق من يوم ولى الأمير آخورية.
وفيه رسم السلطان بانتقال الأمير تنبك البجاسىّ نائب حلب إلى نيابة دمشق «1» عوضا عن الأمير تنبك ميق بحكم وفاته، واستقر الأمير جار قطلو الظاهرىّ نائب حماة «2» فى نيابة حلب عوضا عن تنبك البجاسىّ، وكان جار قطلو أيضا ولى نيابة حماة عن تنبك البجاسىّ كما تقدّم ذكره؛ وكذا وقع أيضا فى الدّولة المؤيّدية أنه بعد عصيان تنبك البجاسىّ مع قانى باى نائب الشّام وتوجّهه إلى بلاد الشّرق ولى جار قطلو نيابة حماة بعده أيضا، والعجب أن جارقطلو كان أغاة تنبك البجاسىّ، فكانا إذا اجتمعا فى مهمّ سلطانى لا يجلس تنبك البجاسى من ناحية جار قطلو لئلا يجلس فوقه حياء منه- انتهى.
وتولى الأمير جلبّان أمير آخور المؤيّد- وهو يوم ذاك أحد مقدّمى الألوف بدمشق- نيابة حماة عوضا عن جارقطلو، وتوجّه الأمير جانى بك الخازندار الأشرفىّ «3» فى ثامن عشرين شعبان المذكور بتقاليد المذكورين وتشاريفهم الجميع، وكان هذا الأمر يتوجه فيه ثلاثة من أعيان الأمراء، فأضاف الأشرف جميع ذلك لجانى بك، كونه كان خصّيصا عنده ربّاه من أيام إمرته، فعاد إلى مصر ومعه من الأموال جملة مستكثرة.(14/254)
ثم فى يوم الاثنين ثانى شهر رمضان- الموافق لسادس عشر مسرى- أو فى النيل ستة عشر ذراعا فنزل المقام الناصرى محمد بن السلطان فى وجوه الأمراء وأعيان الدولة حتى خلّق المقياس، وفتح خليج السّدّ على العادة، وهو أوّل نزوله إلى ذلك، وكان فى العام الماضى تولّى ذلك الأمير الكبير بيبغا المظفّرى.
وفيه أخرج السلطان الأمير سودون الأشقر الظاهرىّ «1» رأس نوبة النّوب- كان- فى دولة الملك الناصر، ثم أمير مجلس فى دولة الملك المؤيّد، وهو يومئذ أمير عشرين بمصر، منفيّا إلى القدس، ثم شفع فيه فأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق، وأنعم بإمرته على شريكه الأمير كزل العجمىّ الأجرود الذي كان حاجب الحجّاب فى الدّولة الناصريّة فرج، فصار من جملة الطبلخانات، والإقطاع المذكور هو ناحية ميمون بالوجه القبلى.
وفيه ندب السلطان عدّة أمراء إلى السّواحل لورود الخبر بحركة الفرنج، فتكامل خروجهم فى ثامن عشرين شهر رمضان المذكور، وكان الذي توجّه منهم من مقدّمى الألوف إلى ثغر الإسكندرية الأمير آقبغا التّمرازىّ أمير مجلس.
ثم فى يوم الخميس عاشر شوّال خلع السلطان على جمال الدين يوسف بن الصّفّىّ «2» الكركىّ، واستقرّ كاتب السّرّ الشّريف بالديار المصرية بعد موت علم الدين داود ابن الكويز.
قال الشيخ تقىّ الدين المقريزى- رحمه الله تعالى: فأذكرتنى ولايته بعد ابن الكويز قول أبى القاسم خلف الألبيرى المعروف بالسميسر وقد هلك وزير يهودىّ لباديس بن حبوس الحميرى أمير غرناطة من بلاد الأندلس فاستوزر بعد اليهودى وزيرا نصرانيا فقال: [الخفيف]
كلّ يوم إلى ورا ... بدّل البول بالخرا(14/255)
فزمانا تهوّدا ... وزمانا تنصّرا
وسيصبو إلى المجو ... س إذا الشّيخ عمرا
قال وقد كان أبو الجمال هذا من نصارى الكرك، وتظاهر بالإسلام فى واقعة كانت للنّصارى هو وأبو علم الدين داود بن الكويز، وخدم كاتبا عند قاضى الكرك عماد الدين أحمد المقيرى، فلما قدم عماد الدين إلى القاهرة وصل أبو جمال الدين هذا فى خدمته، وأقام ببابه حتى مات وهو بائس فقير، لم يزل دنس الثياب مغتم الشكل، وابنه جمال الدين هذا معه فى مثل حاله، ثم خدم جمال الدين هذا بعد موت القاضى عماد الدين عند التّاجر برهان الدين إبراهيم المحلى كاتبا لدخله وخرجه، فحسنت حاله وركب الحمار، ثم سار بعد المحلى إلى بلاد الشّام وخدم بالكتابة هناك، حتى كانت أيّام [الملك] «1» المؤيّد شيخ فولّاه علم الدين بن الكويز نظر الجيش بطرابلس، فكثر ماله بها، ثم قدم فى آخر أيّام ابن الكويز إلى القاهرة، فلما مات ابن الكويز وعد بمال كبير حتى ولى كتابة السّرّ بالديار المصرية، فكانت ولايته من أقبح حادثه رأيناها- انتهى كلام المقريزى برمته.
قلت: وعدّ ولاية هذا الجاهل لمثل هذه الوظيفة العظيمة من غلطات الملك الأشرف وقبح جهله، فإنه لو كان عند الملك الأشرف معرفة وفضيلة [لا نتظر] «2» حتى يرد عليه كتاب من بعض ملوك الأقطار يشتمل على نثر ونظم وفصاحة وبلاغة، وأراد الأشرف من كاتب سرّه أن يجيب عن ذلك بأحسن منه أو بمثله- كما كان يفعله الملك الناصر محمد بن قلاوون وغيره من عظماء الملوك- لعلم تقصير من ولّاه لهذه الوظيفة، ولاحتاج لعزله فى الحال ولولاية غيره ممن يصلح؛ لئلا يظهر فى ملكه بعض تقصير ووهن؛ لأنه يقال فى الأمثال «تعرف شهامة الملك وعظمته من ثلاث:
كتابه، ورسله، وهديته» فهذا شأن من يكون له شهامة وعلوّ همّة من الملوك [وأما(14/256)
الذي بخلاف ذلك فسدّ بمن شئت وول من كان- بالبذل- ولو كان حارس مقات] «1» ولهذا المقتضى ذهبت الفنون، واضمحلّت الفضائل، وسعى الناس فى جمع المال حيث علموا أن الرّتب صارت معذوقة بالباذل «2» لا بالفاضل، وهذا على مذهب من قال:-[الكامل]
المال يستر كلّ عيب فى الفتى ... والمال برفع كلّ وغد ساقط
فعليك بالأموال فاقصد جمعها ... واضرب بكتب الفضل بطن الحائط
- انتهى.
ثم كتب السلطان باستقرار الأمير آقبغا التّمرازى أمير مجلس فى نيابة الإسكندرية «3» عوضا عن الأمير أسندمر النّورىّ الظاهرى برقوق، وقدم أسندمر [المذكور] «4» من الإسكندرية إلى القاهرة فى رابع عشر شوال وقبّل الأرض، ونزل إلى داره، وكان بيده إمرة مائة وتقدمة [ألف] «5» زيادة على نيابة الإسكندرية، وبعد نزوله أرسل السلطان خلف السّيفى يلخجا من مامش السّاقى الناصرىّ وأمره أن يأخذ الأمير أسندمر هذا ويتوجّه به إلى ثغر دمياط بطّالا، وكان ذنب أسندمر المذكور تفريطه فى أمر جانى بك الصّوفى حتى فرّ من سجنه، ولولا أن أسندمر المذكور كان من أغوات الملك الأشرف المذكور ومن أكابر إنّيّات الأمير چاركس القاسمىّ المصارع لكان له معه شأن آخر.
ثم فى تاسع عشر شوّال خرج محمل الحاج صحبة أمير الحاج الطّواشى افتخار الدين ياقوت الأرغون شاوىّ الحبشى مقدم المماليك السلطانيّة، وهذه ثانى سفرة سافرها(14/257)
بالمحمل، وكان أمير حاج الأوّل الأمير إينال الشّشمانىّ الناصرى أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، وحججت أنا أيضا فى هذه السنة.
ثم فى سابع عشرين شوّال أمسك السلطان الأمير أرغون شاه النّوروزى الأستادار والوزير لعجزه عن القيام بجوامك المماليك السلطانية مع ظلمه وعسفه.
ثم أصبح السلطان فى يوم الاثنين ثامن عشرينه خلع على ناصر الدين محمد ابن شمس الدين محمد بن موسى المعروف بابن المرداوى والمعروف بابن بولى، والعامة تسميه ابن أبى والى باستقراره أستادارا عوضا عن أرغون شاه المذكور، وعوقب أرغون شاه يين يدى السلطان.
وخبر ابن بولى هذا وأصله أنه كان أبوه من حجة ومردة من أعمال الشّام، وسكن القدس وصار من جملة التّجّار، وولد له ابنه هذا فتزيّا بزىّ الجند وخدم من جملة الأجناد البلاصيّة «1» عند الأمير أرغون شاه المذكور أيام أستاداريته لنوروز، ثم تنقّل إلى أن صار أستادار الأمير جقمق الدّوادار وصادره جقمق وصرفه بعد أن كثر ماله، ثم خدم بعد ذلك فى عدّة جهات إلى أن طلب إلى مصر، وألزم بحمل عشرين ألف دينار، فوعد أنه يحمل منها ثلاثة آلاف دينار ويمهل فيما بقى عدّة أيام، فلمّا قبض السلطان على أرغون شاه المذكور سوّلت له نفسه وزيّن له شيطانه أن يكون أستادارا ويسدّ المبلغ الذي ألزم بحمله من وظيفة الأستادارية، فكان خلاف ما أمّل، ونزل بالخلعة إلى بيت أرغون شاه المذكور وعليه قماشه، ثم تسلّم أرغون شاه وأدخله إلى داره المذكورة وهو فى الحديد، فرأى أرغون شاه من كان من جملة غلمانه قد جلس على مقعده وفى بيته وتحكّم فيه وأخذ يعاقبه بحضرة من كان يخدمه بها، فلما رأى ما حلّ به دمعت عيناه وبكى، فكان فى هذا الأمر عبرة لمن اعتبر.
وفى هذا اليوم المذكور خلع السلطان عن الأمير إينال النّوروزىّ المعزول عن نيابة طرابلس قبل تاريخه باستقراره أمير مجلس عوضا عن آقبغا التّمرازى، وكلاهما(14/258)
صهرى وزوج إحدى أخواتى.
وفيه أيضا خلع السلطان على كريم الدين عبد الكريم ابن الوزير تاج الدين عبد الرزاق بن كاتب المناخ باستقراره وزيرا وذلك فى حياة والده، حكى الصاحب كريم الدين قال: دخلت بخلعة الوزارة على والدى فقال لى: يا عبد الكريم أنا ولّيت هذه الوظيفة ومعى خمسون ألف دينار ذهبت فيها ولم أسد، تسد أنت من أين؟ قال فقلت: من أضلاع المسلمين، فضحك وحوّل وجهه عنى.
ثم فى يوم الخميس أوّل ذى القعدة قدم إلى القاهرة جماعة من إخوة السلطان وأقاربه من بلاد الچاركس بعد أن خرج الأمراء إلى لقائهم، وكبير القوم يشبك أخو السلطان الملك الأشرف.
وفيه خرج من القاهرة الأمير قجق العيساوىّ أمير سلاح، والأمير أركماس الظاهرى أحد مقدّمى الألوف، وزين الدين عبد الباسط بن خليل ناظر الجيش إلى مكة «1» على الرّواحل حاجّين.
ثم فى سادس عشر ذى القعدة [المذكورة] «2» قدم الأمير جانى بك الأشرفىّ الخازندار من الشّام بعد تقليد نائبها الأمير تنبك البجاسىّ فخلع السلطان عليه باستقراره دوادارا «3» ثانيا عوضا عن الأمير قرقماس الشّعبانى النّاصرى فرج بحكم استقراره أمير مائة ومقدّم ألف وتوجّهه أمير مكّة، ومن يومئذ عظم أمر جانى بك المذكور فى الدّولة حتى صار هو صاحب عقدها وحلّها، ونال من السعادة والوجاهة والحرمة فى الدّولة ما لم ينله دوادار فى عصره ولا من بعده إلى يومنا هذا.
وفى هذه الأيام اشتدّ طلب السلطان على جانى بك الصّوفىّ، وقبض على بعض المماليك بسببه، وعوقب بعضهم حتى هلك، ثم أمسك السلطان أصهار جانى بك الصّوفى(14/259)
أولاد قطلوبك الأستادار، وعاقب بعض حواشيهم، هذا بعد الهجم على بيوت جماعة كبيرة ممن يغمز عليهم بعض أعدائهم، فيحل على صاحب البيت المذكور من البلاء والرجيف مالا مزيد عليه، وتداول ذلك سنين وهذا أوله حسبما يأتى ذكره.
ثم فى ثامن عشرين ذى الحجة قدم مبشّر الحاج وأخبر بالأمن والرّخاء وكثرة الأمطار، غير أن الشريف حسن بن عجلان لم يقابل أمير الحاج ونزح عن مكّة لما أشيع أن السلطان يريد القبض عليه، فغضب السلطان لذلك ورسم فنودى على المماليك البطّالين ليجهزوا إلى التجريدة لقتال أشراف مكّة.
ثم اشتغل السلطان عن ذلك بأمر جانى بك الصّوفى، وأخذ فيما هو فيه من كبس البيوت وإرداع الناس، وأيضا لما ورد عليه أن متملك الحبشة وهو أبرم ويقال إسحاق ابن داود «1» بن سيف أرعد قد غضب بسبب غلق كنيسة قمامة «2» بالقدس، وقتل عامّة من كان فى بلاده من رجال المسلمين، واسترقّ نساءهم وأولادهم، وعذّبهم عذابا شديدا، وهدم ما فى مملكته من المساجد، وركب إلى بلاد جبرت، فقاتلهم حتى هزمهم، وقتل عامّة من كان بها، وسبى نساءهم، وهدم مساجدهم، فكانت فى المسلمين ملحمة عظيمة فى هذه السّنة لا يحصى فيها من قتل من المسلمين، فاشتاط السلطان غضبا، وأراد قتل بطرك النّصارى وجميع ما فى مملكته من النّصارى ثم رجع عن ذلك.
[ما وقع من الحوادث سنة 827]
ثم فى يوم الاثنين ثانى المحرم من سنة سبع وعشرين وثمانمائة قدم الأمير مقبل الحسامى الدّوادار نائب صفد إلى القاهرة، وقبّل الأرض بين يدى السلطان، فخلع عليه باستقراره على عمله «3» .
وفى ثامن المحرم قدم الأمير قجق، وأركماس الظاهرى وعبد الباسط من الحج،(14/260)
وتأخّر الأمير قرقماس الشّعبانى بالينبع، وأرسل يطلب عسكرا ليقاتل به الشّريف حسن بن عجلان صاحب مكّة ويستقرّ عوضه فى إمرة مكّة، فنودى على المماليك البطّالة وعيّن منهم جماعة مع حسين الكردى الكاشف ليتوجّه بهم إلى مكة.
هذا وقد اشتغل سر السلطان «1» بما أشيع من عصيان الأمير تنبك البجاسىّ نائب دمشق، وصار خبر الإشاعة عنده هو الأهمّ، وأخذ يدبّر فى القبض عليه قبل أن يستفحل أمره، وكتب عدّة ملطّفات لأمراء دمشق بالقبض عليه، هذا وقد قوى عند الملك الأشرف خروجه عن الطاعة، وبادر وخلع على الأمير «2» سودون من عبد الرحمن الدّوادار فى يوم الاثنين ثالث عشرين المحرّم باستقراره فى نيابة دمشق عوضا عن تنبك البجاسىّ، فلبس سودون من عبد الرحمن الخلعة ونزل من القلعة سائرا إلى دمشق على جرائد الخيل، ولم يدخل إلى داره، وسار سودون من عبد الرحمن إلى جهة دمشق وقد تقدّمته الملطّفات بمسك تنبك المذكور، فلما وقف أمراء دمشق على الملطّفات، اتّفقوا الجميع وركبوا بمن معهم وأتوادار السّعادة فى ليلة الجمعة رابع صفر، واستدعوا الأمير تنبك البجاسى المذكور ليقرأ كتاب السلطان، فعلم بما هو القصد وخرج من باب السّرّ- وعليه السلاح- فى جميع مماليكه وحواشيه، فأقبلوا عليه الأمراء وقاتلوه حتى مضى صدر من نهار الجمعة المذكور، ثم انهزموا منه أقبح هزيمة وتشتت شملهم، فتحصّن منهم طائفة بقلعة دمشق، ومضى منهم آخرون إلى الأمير سودون من عبد الرحمن، فوافوه وهو نازل على صفد، واستولى تنبك المذكور على دمشق وقوى بأسه، وكان انضمّ عليه من أمراء دمشق الأمير قرمش الأعور المقدّم ذكره من أصحاب جانى بك الصّوفىّ، والأمير تمراز المؤيّدى الخازندار وغيرهما من أمراء دمشق، ثم تجهّز تنبك البجاسىّ هو وأصحابه لمّا بلغهم قدوم سودون من عبد الرحمن، وخرج من دمشق بجموعه فى أسرع وقت، وسار حتى وافى الأمير(14/261)
سودون من عبد الرحمن وهو نازل على جسر يعقوب «1» فى يوم الجمعة حادى عشر صفر وقد قطع سودون من عبد الرحمن الجسر لئلا يصل إليه تنبك المذكور، وكان سودون لما خرج من مصر بمماليكه وسار إلى جهة دمشق حتى نزل على صفد وافاه الأمير مقبل الحسامى نائب صفد بعساكر صفد وسارا معا حتى نزلا جسر يعقوب، فلمّا بلغ سودون مجىء تنبك إليه جبن عن قتاله وقطع الجسر، فقدم تنبك فلم يجد سبيلا لقتال سودون فبات كل منهما من جهة، وكلاهما لا يصل إلى الآخر بسوء، فبانوا يتحارسون إلى الصباح.
فلما أصبح يوم السبت ثانى عشر صفر شرعوا يترامون بالنّشّاب نهارهم كله حتى حجز الليل بينهم، فباتوا ليلة الأحد على تعبئتهم وقد قوى أمر تنبك، وأصبح الأمير تنبك فى يوم الأحد ثالث عشره راحلا إلى جهة الصّبيبة فى انتظار ابن بشارة أن يأتيه بجموعه، وقد أرصد جماعة لسودون من عبد الرحمن بوطاقه، فكتب سودون من عبد الرحمن بذلك إلى السلطان.
ثم ركب بمن معه على جرائد الخيل وقصد مدينة دمشق وترك الأثقال فى مواضعها مع نائب القدس يوهم عسكر تنبك البجاسىّ أنه مقيم بمكانه، وساق حتى دخل دمشق فى يوم الأربعاء سادس عشر صفر المذكور وملك المدينة وتمكّن من قلعة دمشق، وبلغ الأمير تنبك البجاسىّ ذلك فركب من وقته وساق حتى وافى سودون من عبد الرحمن بدمشق من يومه، وبلغ سودون قدومه فخرج إليه وتلقّاه بمن معه من عساكر دمشق بباب الجابية وقاتلوه فثبت لهم تنبك البجاسىّ مع قلّة عسكره وكثرة عساكرهم، وقاتلهم أشد قتال والرّمى ينزل عليه من قلعة دمشق، وهو مع ذلك يظهر التجلّد إلى أن حرّك فرسه فى غرض له فأصابه ضربة على كتفه حلّته فتقنطر عند ذلك عن فرسه، فتكاثروا عليه وأخذوه أسيرا إلى قلعة دمشق ومعه نحو(14/262)
عشرين من أصحابه، وفرّ من كان معه من الأمراء إلى حال سبيلهم، وكتب الأمير سودون من عبد الرحمن فى الحال بجميع ذلك إلى السلطان.
وأما الملك الأشرف فإنه بعد خروج سودون من عبد الرحمن أخذ ينتظر ما يرد عليه من الأخبار فى أمر تنبك، فقدم عليه كتاب سودون من عبد الرحمن من جسر يعقوب أوّلا فى يوم الأحد عشرين صفر فعظم عليه هذا الخبر، وعزم على سفر الشام، واضطرب الناس ووقع الشّروع فى حركة السّفر، وأحضرت خيول كثيرة من مرابطها من الرّبيع، وبينما الناس فى ذلك قدم كتاب سودون من عبد الرحمن الثانى من دمشق يتضمن النّصر على تنبك البجاسىّ والقبض عليه وحبسه بقلعة دمشق فسرّ السلطان بذلك غاية السرور ودقت البشائر، وكتب بقتل تنبك البجاسى وحمل رأسه إلى مصر وبالحوطة على موجوده، وتتبّع حواشيه ومن كان معه من أمراء دمشق، وهدأ سرّ السلطان من جهة دمشق، وبطلت حركة السّفر، والتفت إلى ما كان عليه أوّلا من الفحص على جانى بك الصّوفىّ.
فلما كان سابع عشرين صفر المذكور نودى بالقاهرة ومصر على جانى بك الصّوفىّ ووعد من أحضره إلى السلطان بألف دينار، وإن كان جنديا بإمرة عشرة، وهدّد من أخفاه وظهر عنده بعد ذلك بإحراق الحارة التى هو ساكن بها، وحلف المنادى على كل واحدة مما ذكرنا يمينا عن السلطان، هذا بعد أن قوى عند السلطان الملك الأشرف أن جانى بك الصوفىّ مختف بالقاهرة، ولو كان بالبلاد الشامية لظهر وانضمّ مع تنبك البجاسى، وهو قياس صحيح.
ثم التفت السلطان أيضا إلى أمر مكة، فلما كان يوم الجمعة ثانى شهر ربيع الأول نودى بالقاهرة بالخروج إلى حرب مكة المشرفة، فاستشنع الناس هذه العبارة، ثم عيّن جماعة من المماليك السلطانية وأنفق على كل واحد منهم أربعين دينارا.
ثم فى حادى عشرين شهر ربيع الأوّل قدم رأس الأمير تنبك البجاسىّ إلى القاهرة فطيف بها على رمح، ثم علّقت على باب النّصر أيّاما.(14/263)
وفى سابع عشرين شهر ربيع الأول خلع السلطان على الأمير أزبك المحمدى الظاهرى رأس نوبة النّوب باستقراره دوادارا كبيرا «1» عوضا عن سودون من عبد الرحمن المنتقل إلى نيابة الشام.
وخلع على الأمير تغرى بردى المحمودى الناصرى باستقراره رأس نوبة النّوب عوضا عن أزبك المذكور.
ثم فى يوم السبت تاسع شهر ربيع الآخر خلع السلطان على القاضى شمس الدين محمد الهروىّ باستقراره كاتب السّرّ الشريف بالديار المصرية عوضا عن جمال الدين يوسف ابن الصّفىّ الكركىّ، ونزل فى موكب جليل وكان الهروىّ علّامة فى فنون كثيرة من العلوم.
ثم فى يوم الجمعة سابع جمادى الأولى أقيمت الخطبة بالمدرسة الأشرفيّة «2» بخط العنبريين من القاهرة ولم يكمل منها سوى الإيوان القبلى.
وفى يوم الاثنين ثانى جمادى الآخرة خلع السلطان على الأمير صلاح الدين محمد ابن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله باستقراره أستادارا بعد عزل ناصر الدين محمد بن بولى والقبض عليه، وهذه ولاية صلاح الدين الثانية للأستادارية.
ثم فى ثانى عشره خلع السلطان على الصاحب كريم الدين بن كاتب المناخ واستقرّ ناظر ديوان المفرد مضافا على الوزر عوضا عن القاضى كريم الدين بن كاتب جكم.
وفى يوم الأحد خامس عشر جمادى المذكور توفّيت زوجة السلطان الملك الأشرف ودفنت بالقبّة بالمدرسة الأشرفيّة.
قال المقريزى: واتّفق فى موتها نادرة، وهى أنها لما ماتت عمل لها ختم «3» عند(14/264)
قبرها فى الجامع الأشرفى «1» ونزل ابنها الأمير ناصر الدين محمد من القلعة لحضور الختم، وقد ركب فى خدمته الملك الصالح محمد بن ططر، فشقّ القاهرة من باب زويلة وهو فى خدمة ابن السلطان بعد ما كان بالأمس سلطانا، وصار جالسا بجانبه فى ذلك الجمع وقائما بخدمته إذا قام، فكان فى ذلك موعظة لمن اتّعظ- انتهى.
قلت: حضرت أنا هذه الختم المذكورة وشاهدت ما نقله المقريزى بعينى فهو كما قال غير أنه لم يكن فى خدمته وإنما جلسا فى الصّدر معا، بل كان الصالح متميّزا عليه فى الجلوس وكذلك فى مسيره من القلعة إلى الجامع المذكور، وقد ذكرنا طرفا من هذه المقالة فى أواخر ترجمة الملك الصّالح المذكور، غير أنه كما قاله المقريزى إنه من النوادر، ثم فى يوم السبت حادى عشرين جمادى الآخرة خلع السلطان على قاضى القضاة نجم الدين عمر بن حجّى باستقراره كاتب السّرّ الشريف بالديار المصرية بعد عزل قاضى القضاة شمس الدين الهروى، ونزل ابن حجّى على فرس بسرج ذهب وكنبوش زركش فى موكب جليل إلى الغاية.
قال المقريزى: وقد ظهر نقص الهروى وعجزه «2» ، فقد باشر بتعاظم زائد مع طمع شديد وجهل بما وسّد إليه، بحيث كان لا يحسن قراءة القصص ولا الكتب الواردة، فتولّى قراءة ذلك بدر الدين محمد بن مزهر نائب كاتب السرّ، وصار يحضر الخدمة ويقف على قدميه وابن مزهر هو الذي يتولّى القراءة على السلطان- انتهى كلام المقريزى برمّته.
قلت: لا يسمع قول المقريزى فى الهروى، فأما قوله «باشر بتعاظم [زائد] «3» » فكان أهلا لذلك لغزير علمه ولما تقدّم له من الولايات الجليلة بعمالك العجم، ثم بالديار المصرية.
وقوله «وعجزه بما وسّد إليه» يعنى عن وظيفة كتابة السرّ، نعم كان لا يدرى الاصطلاح(14/265)
المصرى، ولم يكن فيه طلاقة لسان بالكلام العربىّ كما هى عادة الأعاجم، وأمّا علمه وفضله وتبحّره فى العلوم العقلية فلا يشكّ فيه إلا جاهل، وهو أهل لهذه الرّتبة وزيادة، غير أنه صرف عن الوظيفة بمن هو أهل لها أيضا وهو القاضى نجم الدين بن حجّى قاضى قضاة دمشق ورئيسهم، وكلاهما أعنى المتولّى والمعزول من أعيان العلماء وقدماء الرؤساء، والتعصّب فى غير محلّه مردود من كل أحد على كائن من كان- انتهى.
ثم فى سلخ الشهر المذكور خلع السلطان على القاضى الشريف شهاب الدين نقيب الأشراف بدمشق باستقراره قاضى قضاة دمشق، عوضا عن القاضى نجم الدين بن حجّى المقدم ذكره.
ثم فى يوم الخميس رابع شهر رجب خلع السلطان على العلّامة علاء الدين على الرّومى الحنفى باستقراره شيخ الصّوفيّة، ومدرّس الحنفية بالمدرسة الأشرفية بخط العنبريّين بالقاهرة، وكان له مدّة يسيرة من يوم قدم من بلاد الرّوم.
وفيه قدم «1» الخبر على السلطان بأخذ الفرنج مركبين من مراكب المسلمين قريبا من ثغر دمياط، فيهما بضائع كثيرة وعدّة أناس يزيدون على مائة رجل، فكتب السلطان بإيقاع الحوطة على أموال تجّار الفرنج التى ببلاد الشام والإسكندرية ودمياط والختم عليها، وتعويقهم عن السّفر إلى بلادهم حتى تردّ الفرنج ما أخذوه من المسلمين، فكلّمه أهل الدّولة فى إطلاقهم فلم يقبل، وأخذ فى تجهيز غزوهم.
وفيه «2» ركب السلطان من قلعة الجبل ونزل إلى جامعه الذي أنشأه بخط العنبرييّن المقدّم ذكره، وجلس به ساعة، ثم عاد إلى القلعة بغير قماش الموكب «3» .(14/266)
وفى «1» يوم الأربعاء أوّل شعبان ابتدئ بقراءة صحيح البخارى بين يدى السّلطان.
قال المقريزى: وحضر القضاة ومشايخ العلم، والهروىّ، والشيخ شمس الدين محمد ابن الجزرى بعد قدومه بأيّام، وكاتب السرّ نجم الدين بن حجّى، ونائبه بدر الدين ابن مزهر، وزين الدين عبد الباسط ناظر الجيش، والفقهاء الذين رتّبهم المؤيد، فاستجدّ.
فى هذه السنة حضور المباشرين، وكانت العادة من أيّام الأشرف شعبان بن حسين أن تبدأ قراءة البخارى فى أول يوم من شهر رمضان، ويحضر قاضى القضاة الشافعىّ، والشيخ سراج الدين عمر البلقينىّ وطائفة قليلة العدد لسماع البخارى، ويختم فى سابع عشرينه، ويخلع على قاضى القضاة، ويركب بغلة بزنّارىّ «2» تخرج له من الإسطبل السلطانى، ولم يزل الأمر على هذا حتى تسلطن المؤيد شيخ فابتدأ بالقراءة من أول شعبان إلى سابع عشرين [شهر] «3» رمضان، وطلب قضاة القضاة الأربعة ومشايخ العلم وقرّر عدّة من الطلبة يحضرون أيضا، فكانت تقع بينهم أبحاث يسىء بعضهم على بعض فيها إساءات منكرة، فجرى السلطان [الأشرف] «4» على هذا واستجدّ- كما ذكرنا- حضور المباشرين، وكثر الجمع، وصار المجلس جميعه صياحا- انتهى.
قلت: ليس فى هذا شىء منكر وكما جدّد الأشرف [شعبان] «5» قراءة البخارى فى شهر رمضان جعله غيره من أوّل شعبان، وكل ممّن «6» فعل ذلك سلطان يتصرّف كيف شاء، ولا يشكّ أحد أن التأنى فى القراءة أفضل من الإدراج لا سيما كتب(14/267)
الحديث ليفهمه كلّ أحد من مبتدئ أو منته، وأيضا كلّما كثر الجمع عظم الأجر والثّواب، وأما الصّياح فلم تبرح مجالس العلم فيها البحوث والمشاحنة، ولو وقع منهم ما عسى أن يقع فهم فى أجر وثواب، وليس للاعتراض هنا محلّ بالجملة- انتهى.
ثم فى يوم الأحد رابع شهر رمضان أخرج السلطان الأمير أرغون شاه النّوروزى، والأمير ناصر الدين محمد بن بولى من القاهرة إلى دمشق بطّالين، وقد تقدّم أن كليهما قد ولى الأستادارية بالديار المصرية.
وفى هذه الأيام ندب السلطان جماعة من المماليك السلطانيّة للغزاة.
ولما كان يوم الجمعة تاسع شهر رمضان سار غرابان من ساحل بولاق ظاهر القاهرة فى بحر النيل بعد أن أشحنا بالمقاتلة والأسلحة، وكان فيهما من المماليك السلطانيّة ثمانون نفرا غير المطّوّعة، ورسم السلطان لهم أن يسيروا فى البحر إلى طرابلس، ويأخذوا أيضا من سواحل الشام عدّة أغربة أخر فيها المقاتلة، ويسيروا فى البحر المالح لعلّهم يجدون من يتجرّم فى البحر من الفرنج، وهذه أوّل غزاة «1» جهزها السلطان الملك الأشرف برسباى رحمه الله «2» .
ثم فى يوم الثلاثاء رابع شوّال أمر السلطان بحفر صهريج «3» بوسط صحن جامع الأزهر، فابتدءوا فيه من هذا اليوم وحفروا بوسط «4» صحن الجامع المذكور فوجدوا فيه آثار فسقيّة قديمة وبها عدّة أموات، ثم شرعوا فى بنائها حتى كملت وعمّر فوقها مقعد لطيف على صفة السبيل، وانتفع أهل الجامع به، ودام سنين إلى أن أمر السلطان الملك الظاهر [جقمق] «5» بهدمه، فهدم وردم.
ثم فى يوم السبت تاسع عشرين شوال المذكور حضر الأمراء الخدمة السلطانية(14/268)
على العادة، ونزلوا إلى دورهم، فاستدعى السلطان بعد نزولهم الأمير بيبغا المظفّرى أتابك العساكر إلى القلعة، فلمّا صار إليها قبض عليه وقيّد وحمل إلى الإسكندرية من يومه.
ثم فى يوم الخميس رابع ذى القعدة خلع السلطان على الأمير قجق العيساوىّ أمير سلاح باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضا عن بيبغا المظفّرى بحكم القبض عليه، وخلع على إينال النّوروزىّ أمير مجلس باستقراره أمير سلاح عوضا عن قجق المذكور، وأنعم السلطان بإقطاع بيبغا المذكور على الأمير إينال الجكمىّ أحد الأمراء البطّالين بالقدس وكتب بإحضاره، وعلى الأمير حسين بن أحمد المدعو تغرى برمش البهسنىّ التّركمانىّ نائب قلعة الجبل نصفين بالسّوية بعد أن أخرج منه بلدة من القليوبيّة «1» .
ثم فى يوم الاثنين ثامن ذى القعدة خلع السلطان على قاضى القضاة شمس الدين محمد الهروىّ المعزول عن وظيفة كتابة السرّ قبل تاريخه باستقراره قاضى قضاة الشافعية بالديار المصرية، عوضا عن قاضى القضاة شهاب الدين أحمد بن حجر بحكم عزله، وهذه ولاية القاضى الهروىّ الثانية للقضاء.
وقدم الأمير إينال الجكمىّ من القدس فى يوم الاثنين خامس عشره، وخلع السلطان عليه باستقراره أمير مجلس عوضا عن إينال النّوروزى.
وفى هذه الأيام أنعم السلطان على الأمير تنبك من بردبك الظّاهرىّ أحد أمراء العشرات ورأس نوبة بإمرة طبلخاناه عوضا عن تغرى برمش البهسنى، واستقرّ أيضا عوضه فى نيابة قلعة الجبل، وتنبك المذكور هو أتابك العساكر بديار مصر فى زماننا هذا.
ثم فى يوم السبت العشرين من ذى القعدة وصلت الغزاة المقدّم ذكرهم بالغنائم والأسرى.(14/269)
وكان من خبرهم أنّهم لمّا خرجوا من ثغر دمياط تبعهم خلائق من المطّوّعة فى سلّورة «1» وساروا إلى طرابلس وسار معهم أيضا غرابان، وتوجّهوا الجميع إلى الماغوصة «2» فأضافهم متملّكها وأكرمهم، فلم يتعرضوا لبلاده، ومضوا عنه إلى بلد يقال لها اللّمسون «3» من جزيرة قبرص فوجدوا أهلها قد استعدّوا لقتالهم وأخرجوا أهاليهم وعيالهم، وخرجوا فى سبعين فارسا تقريبا وثلاثين راجلا، فقاتلهم المسلمون حتى هزموهم، وقتلوا منهم فارسا واحدا وعدّة رجال، وغرّقوا بعض أغربة وأحرقوا بعضها، ونهبوا ما وجدوه من ظروف السمن والعسل وغير ذلك، وأسروا ثلاثة وعشرين رجلا، وأخذوا قطع جوخ كثيرة، فسرّ الناس بعودهم وسلامتهم وتشوّق كلّ أحد للجهاد- انتهى.
ثم فى ثامن عشرين ذى الحجة خلع السلطان على الشيخ سعد الدين سعد ابن قاضى القضاة شيخ الإسلام شمس الدين محمد الدّيرى الحنفى باستقراره فى مشيخة صوفيّة الجامع المؤيدى ومدرّس الحنفية به بعد موت أبيه بالقدس.
[ما وقع من الحوادث سنة 828]
ثم فى تاسع عشرين المحرم من سنة ثمان وعشرين وثمانمائة ركب السلطان مخفّا من قلعة الجبل، ونزل إلى جامعه بخط العنبريين وكشف عمائره، ثم ركب وسار إلى جامع الأزهر لرؤية الصّهريج الذي عمّره، ثم تقدّم وزار الشيخ خليفة والشيخ سعيدا وهما من المغاربة لهما بالجامع الأزهر مدّة سنين وشهرا بالخير والصّلاح، ثم خرج من الجامع إلى(14/270)
دار الشيخ محمد بن سلطان وهو أيضا أحد من يظنّ فيه الخير والصّلاح فزاره أيضا وعاد إلى القلعة.
ثم فى هذا الشهر أيضا وقع الشروع فى عمل عدّة مراكب لغزو بلاد الفرنج، واستمرّ العمل فيهم كل يوم إلى أن نزل السلطان فى يوم الثلاثاء حادى عشر صفر من سنة ثمان وعشرين المذكورة وكشف عمل المراكب المذكورة، ثم عاد من على جزيرة الفيل إلى جهة مناظر «الخمس وجوه» المعروفة بالتّاج التى كان الملك المؤيد جدّدها فأقام بها ساعة هينة، وعاد من على الخندق من جهة خليج الزّعفران إلى أن طلع إلى القلعة، هذا كله والسلطان لا يفتر عن الفحص على أخبار جانى بك الصّوفى ولا يكذّب فى أمره خبر مخبر.
ثم فى يوم الاثنين رابع عشرين صفر خلع السلطان على الشيخ محب الدين أحمد بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن محمد بن عمر الشّشترىّ البغدادى الحنبلى باستقراره قاضى قضاة الحنابلة بالديار المصرية بعد موت قاضى القضاة علاء الدين على بن محمود بن مغلى، وكلّ منهما كان أعجوبة زمانه فى الحفظ وسعة العلم.
ثم فى ليلة الجمعة خامس شهر ربيع الأوّل عمل السلطان المولد النبوى بالحوش السلطانى من قلعة الجبل كعادة عمله فى كل سنة.
ثم فى يوم الأحد سابعه سار الأمير أرنبغا اليونسى الناصرى أحد أمراء العشرات ورأس نوبة تجريدة إلى مكّة ومعه مائة مملوك من المماليك السلطانية، وتوجه معه سعد الدين إبراهيم المعروف بابن المرة أحد الكتّاب لأخذ مكس «1» المراكب الواردة ببندر جدّة من بلاد الهند، وهذا أول ظهور أمر جدّة، وكان ذلك بتدبير الأمير يشبك الساقى الأعرج، فإنه نفاه الملك المؤيد [شيخ] «2» إلى مكّة، فأقام بها سنين وعلم أحوال أشراف(14/271)
مكة وما هم عليه، فحسّن للسلطان الاستيلاء على بندر جدّة ولا زال به حتى وقع ذلك وصار أمر جدّة كما هى عليه الآن.
ثم فى يوم الخميس سابع عشر شهر ربيع الآخر قدم الأمير سودون من عبد الرحمن نائب الشّام إلى القاهرة، وطلع إلى القلعة بعد أن تلقّاه أكابر الدّولة وقبّل الأرض، وخلع عليه باستمراره، وأنزل بمكان يليق به إلى أن خلع السلطان عليه خلعة السّفر، وعاد إلى محل ولايته فى سادس عشر شهر ربيع الآخر المذكور.
وفى هذا الشهر كمل عمارة البرج الذي عمّر بالقرب من الطّينة «1» على بحر الملح وجاء مربّع الشكل مساحة كلّ ربع منه ثلاثون ذراعا، وشحن بالأسلحة، وأقيم فيه خمسة وعشرون مقاتلا، فيهم عشرة فرسان، وأنزل حوله جماعة من عرب الطّينة، فانتفع به المسلمون غاية النّفع، وذلك أن الفرنج كانت تقبل فى مراكبها نهارا إلى برّ الطّينة وتنزل بها وتتخطّف الناس من المسلمين من هناك فى مرورهم من قطيا إلى جهة العريش من غير أن يمنعهم من ذلك أحد؛ لخلوّ هذا المحلّ من الناس، وتولّى عمارة هذا البرج المذكور الزّينى عبد القادر بن فخر الدين بن عبد الغنى بن أبى الفرج، وأخذ الآجرّ والحجر الذي بنى هذا البرج به من خراب مدينة الفرما «2» وأحرق أيضا الجير من حجارتها، وقد تقدّم ذكر غزو الفرما فى مجىء عمرو بن العاص إلى مصر فى أوّل هذا الكتاب.
ثم فى يوم السبت عاشر جمادى الأولى خلع السلطان على الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله ناظر الخواصّ الشريفة باستقراره أستادارا عوضا عن ولده صلاح الدين محمد.(14/272)
ثم فى يوم الاثنين ثانى عشر جمادى الأولى المذكورة خلع السلطان على القاضى كريم الدين عبد الكريم بن سعد الدين بركة المعروف بابن كاتب جكم باستقراره فى وظيفته نظر الخاصّ الشّريف عوضا عن بدر الدين بن نصر الله المذكور.
وخلع على أمين الدّين إبراهيم ابن مجد الدين عبد الغنى بن الهيصم باستقراره ناظر الدّولة عوضا عن كريم الدين بن كاتب جكم المذكور.
وفى هذه الأيام كثرت الأخبار بحركة الفرج فخرج عدّة من الأمراء والمماليك لحراسة الثّغور.
ثم فى عاشر جمادى الآخرة أمسك السلطان القاضى نجم الدين عمر بن حجّى كاتب السّرّ، وسلّم إلى الأمير جانى بك الأشرفى الدّوادار الثانى فسجنه بالبرج من قلعة الجبل، وأحيط بداره، وكان سبب مسك ابن حجّى أنه التزم عن ولايته كتابة السّرّ بعشرة آلاف دينار، ثم تسلم ما كان جاريا فى إقطاع ابن السّلطان من حمايات «1» علم الدين داود بن الكويز ومستأجراته، على أن يقوم لديوان ابن السلطان فى كل سنة بألف وخمسمائة دينار، فحمل فى مدّة ولايته لكتابة السّرّ إلى الخزانة الشريفة خمسة آلاف دينار فى دفعات متفرقة، فلما كان هذه الأيام طلب السلطان منه حمل ما تأخّر وهو ستة آلاف دينار، فسأل السلطان مشافهة أن ينعم عليه بألف وخمسمائة دينار المقرّرة من الحمايات والمستأجرات، وتشكّى من قلّة متحصّلها معه، فلم يجب السلطان سؤاله، فنزل إلى داره وكتب ورقة إلى السلطان تتضمّن: أنه غرم من حين ولى كتابة السّرّ إلى يوم تاريخه اثنى عشر ألف دينار، منها الحمل إلى الخزانة خمسة آلاف دينار، ولمن لا يسمّى مبلغ ألفى دينار، وللأمراء أربعة آلاف دينار، وذكر تفصيل الأربعة آلاف دينار؛ فلما قرئت على السلطان فهم أنه أراد بمن لا يذكر أنه الأمير جانى بك الدّوادار، وأخذ(14/273)
السلطان يسأل من جانى بك عندما حضر هو والأمراء عمّا وصل إليهم وإليه، فما هو إلا أن طلع ابن حجّى إنى القلعة حصل بينهما مفاحشات ومقابحات آلت إلى غضب السلطان والنصرة لمملوكه جانى بك فقبض عليه.
وله سبب آخر خفىّ؛ وهو أن السلطان استدعى الأمير سودون من عبد الرحمن نائب الشام بكتاب عبد الباسط، فلمّا وقعت بطاقة سودون من عبد الرحمن سأل ابن حجّى: لم جاء نائب الشام؟ فقيل له بطلب من السلطان، فقال: أنا لم أكتب له عن السلطان بالمجىء، فقال عبد الباسط: أنا كتبت له، فحنق نجم الدين لمّا سمع هذا الكلام وخاشن عبد الباسط باللّفظ، وقال له: اعمل أنت كاتب السّرّ ونظر الجيش معا، ثم أخذ يخاشنه بالكلام استخفافا به لمعرفته به قديما؛ لأن ابن حجّى كان معدودا من أعيان دمشق وعبد الباسط يوم ذاك بخدمة ابن الشهاب محمود، فأسرّها عبد الباسط فى نفسه، وعلم أنه متى طالت يده ربما يقع منه فى حقّه ما يكره، فأخذ يدبّر عليه حتّى غيّر خاطر الأمير جانى بك عليه وتأكدت العداوة بينهما، ووقع ما حكيناه.
واستمرّ ابن حجّى فى البرج من قلعة الجبل إلى ليلة الثلاثاء ثالث عشر جمادى الآخرة من سنة ثمان وعشرين المذكورة، وأخرج من البرج فى الحديد وحمل إلى دمشق حتى يكشف بها عن سيرته، ويأخذ ابن حجى فى تجهيز ما بقى عليه من المال، وكتب فى حقه لنائب الشام، ولقضاة دمشق بعظائم مستشنعة هو برىء عن غالبها.
ثم فى يوم الاثنين ثامن عشره خلع السلطان على القاضى بدر الدين «1» محمد ابن مزهر نائب كاتب السّرّ باستقراره فى كتابة السّرّ عوضا عن نجم الدين ابن حجى المذكور.
وخلع السلطان أيضا على تاج الدين عبد الوهاب الأسلمى المعروف بالخطير(14/274)
باستقراره فى نظر الإسطبل السلطانى عوضا عن ابن مزهر، وكان الخطير المذكور قريب عهد بالإسلام، وله قدم فى دين النصرانية، وكان يباشر عند الملك الأشرف فى أيام إمرته فرقّاه إلى هذه الوظيفة، وبعد أن كان يخاطب بالشيخ الخطير صار ينعت بالقاضى، فيشترك هو وقضاة الشرع الشريف فى هذا الاسم، وقد تداول هذا البلاء بالمملكة قديما وحديثا، وأنا لا ألوم الملوك فى تقديم هؤلاء لأنهم محتاجون إليهم لمعرفتهم لأنواع المباشرة، غير أننى أقول: كان يمكن الملك أنه إذا رقّى واحدا من هؤلاء إلى رتبة من الرّتب لا ينعته بالقاضى وينعته بالرئيس أو بالكاتب أو مثل ولى الدّولة وسعد الدّولة وما أشبه ذلك، ويدع لفظة قاض لقضاة الشرع ولكاتب السّرّ وناظر الجيش ولفضلاء المسلمين، ليعطى كل واحد حقه فى شهرته والتعريف به، وقد عيب هذا على مصر قديما [وحديثا] «1» فقال بعضهم: قاضيها مسلمانى، وشيخها نصرانى، وحجها غوانى، قلت: فإن كانت ألفاظ هذه الحكاية خالية من البلاغة فهى قريبة مما نحن فيه.
والخطير [هذا «2» ] إلى الآن فى قيد الحياة وقد كبر سنّة وهرم بعد ما ولى الوزر بديار مصر ثم نظر الدولة، وهو مع ذلك عليه من الغلاسة، وعدم النورانية، وفقد الحشمة، وقلة الطلاوة [ما لا يعبر عنه] «3» ، وقد تخومل ولزم داره سنين طويلة من يوم صادره الملك الظاهر جقمق وحطّ قدره، فعد ذلك من حسنات الملك الظاهر- رحمه الله تعالى.
وفى هذا الشهر أخذ السلطان فى تجهيز «4» الغزاة، وعين جماعة كبيرة من المماليك السلطانية والأمراء، وألزم كل أمير أيضا أن يجهز عشرة مماليك من مماليكه، ونجز عمل الطرائد «5» والأغربة،(14/275)
ثم فى يوم الاثنين ثالث شهر رجب خلع السلطان على قاضى القضاة شهاب الدين أحمد بن حجر وأعيد إلى قضاء الديار المصرية بعد عزل قاضى القضاة شمس الدين الهروىّ.
ثم فى يوم الثلاثاء رابع شهر رجب المذكور حمل الشريف مقبل أمير ألينبع، والشريف رميثة بن محمد بن عجلان إلى الإسكندرية وسجنا بها.
ثم فى ثالث عشره أنفق السلطان فى ستمائة رجل من الغزاة مبلغ عشرين دينارا لكل واحد منهم، وجهز الأمراء أيضا ثلاثمائة رجل، ثم نودى: من أراد الجهاد فليحضر لأخذ النّفقة، وقام السلطان فى الجهاد أتمّ قيام وقد شرح الله صدره له.
ثم فى عشرينه سارت خيول الأمراء والأعيان من المجاهدين فى البر إلى طرابلس وعدتها نحو ثلاثمائة فرس لتحمل من طرابلس صحبة غزاتها فى البحر لحيث هو القصد.
ثم ركب السلطان فى يوم الجمعة من القلعة بغير قماش الخدمة بعد صلاة الجمعة، ونزل إلى ساحل بولاق حتى شاهد الأغربة والطرائد التى عملت برسم الجهاد، وقد أشحنوا بالسلاح والرجال، ثم عاد إلى القلعة، ثم ركب من الغد المقام الناصرى محمد ابن السلطان الملك الأشرف من القلعة ونزل ومعه لالاته الأمير جانى بك الأشرفى الدوادار الثانى، وتوجّه إلى بيت زين الدين عبد الباسط المطلّ على النيل ببولاق حتى شاهد الأغربة عند سفرهم، فانحدر أربعة أغربة بكل غراب أمير، وتقدّم الأربعة الأمير جرباش الكريمى الظاهرى حاجب الحجاب المعروف بقاشق، فكان لسفر هذه المراكب ببولاق يوم مشهود، ثم انحدر بعد هذه الأغربة الأربعة أربعة أغربة أخر فى كل واحد منهم مقدّم من أعيان المماليك السلطانية، وكان آخرهم سفرا الغراب الثامن فى يوم الأربعاء ثامن «1» شعبان، وهذه الغزوة الثانية من غزوات الملك الأشرف [برسباى] «2»(14/276)
ثم فى آخر هذا الشهر أفرج السلطان عن الأمير الكبير طرباى من سجنه «1» بالإسكندرية، ونقل إلى القدس الشريف بطالا ليقيم به غير مضيّق عليه بعد أن أنعم عليه بألف دينار، وكان الإفراج عن طرباى بخلاف ما كان فى ظن الناس، وعدّ ذلك من محاسن الملك الأشرف، كون طرباى المذكور كان عانده فى الملك، وكونه أيضا من عظماء الملوك وأكابر المماليك الظاهريّة [برقوق] «2» ممّن يخاف منه، فلم يلتفت الأشرف إلى هذا كله وأفرج عنه لما كان بينهما من الود القديم والصّحبة من مبادئ أمرهما.
ثم فى يوم الثلاثاء ثامن شهر رمضان المذكور أمسك السلطان الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله الأستادار، وأمسك معه ولده الأمير صلاح الدين محمد المعزول عن الأستادارية بأبيه المذكور، وعوّقا بالقلعة أربعة أيام، ثم نزلا على أنهما يقومان بنفقة الجامكية شهرا وعليقه، وكانت الجامكية يوم ذاك كل شهر ثلاثين ألف دينار.
ثم فى يوم الخميس عاشره خلع السلطان على زين الدين عبد القادر ابن فخر الدين حسن بن نصر الله.
ثم فى رابع عشره خلع السلطان على جمال الدين يوسف بن الصّفّى الكركى المعزول عن كتابة سرّ دمشق عوضا عن بدر الدين حسين.
وفى يوم الثلاثاء ثانى عشرين شهر رمضان- الموافق لرابع عشر مسرى- أوفى النيل ستة عشر ذراعا، ونزل المقام الناصرى محمد [بن السلطان] «3» لتخليق المقياس وفتح خليج السد على العادة، ونزل معه الملك الصالح محمد ابن الملك الظاهر ططر، وحضر تخليق المقياس، وفتح الخليج- فتعجب الناس لنزوله مع ابن السلطان بعد خلعه من ملك مصر حسبما تقدّم.(14/277)
قلت: وكان قصد الأشرف برسباى بركوب الملك الصالح [محمد] «1» هذا مع ولده انبساط الصالح- كونه كان كالمحجور عليه بقلعة الجبل- وتنزّهه، لا كما زعم بعض الناس أنّه يريد بذلك مشيه فى خدمة ولده وازدراءه، كل ذلك وخاطر السلطان مشغول بأمر جانى بك الصوفى، والفحص عنه مستمر؛ غير أن السلطان يتشاغل بشىء بعد شىء، وهو الآن مشغول الفكرة فى أمر المجاهدين لا يبرح يترقب أخبارهم إلى أن كان يوم الخميس تاسع شوّال ورد عليه الخبر من طرابلس بنصرة المسلمين على الفرنج، فدّقت البشائر [لذلك] «2» بقلعة الجبل وغيرها، وجمع القضاة وأعيان الدّيار المصرية بالجامع الأشرفى بخط العنبريين وقرىء عليهم الكتاب الوارد من طرابلس بنصرة المسلمين، فضجّ الناس وأعلنوا بالتكبير والتهليل، ونودى بزينة القاهرة ومصر، ثم قرىء الكتاب المذكور من الغد بجامع عمرو بن العاص بمصر، وبينما الناس مستبشرون فى غاية ما يكون من السّرور والفرح بنصر الله قدم الخبر فى يوم الاثنين ثالث عشر شوّال [المذكور] «3» بوصول الغزاة المذكورين إلى الطينة، فقلق السلطان من ذلك وتنغّص فرح الناس وكثر الكلام فى أمر عودهم.
وكان من خبرهم: أنهم لما توجّهوا من ساحل بولاق إلى دمياط ساروا منه فى البحر المالح إلى مدينة طرابلس فطلعوا إليها، فانضمّ عليهم بها خلائق من المماليك والعساكر الشامية وجماعة كبيرة من المطوعة إلى أن رحلوا عن طرابلس فى بضع وأربعين مركبا، وساروا إلى جهة الماغوصة، فنزلوا عليها بأجمعهم وخيموا فى برها الغربى، وقد أظهر متملك الماغوصة طاعة السلطان وعرفهم تهيؤ صاحب قبرس واستعداده لقتالهم وحربهم، فاستعدوا وأخذوا حذرهم وباتوا بمخيمهم على الماغوصة، وهى ليلة الأحد العشرين من شهر رمضان، وأصبحوا يوم الاثنين شنّوا الغارات على ما بغربى قبرس من الضياع،(14/278)
ونهبوا وأسروا وقتلوا وأحرقوا وعادوا بغنائم كثيرة، وأقاموا على الماغوصة ثلاثة أيّام يفعلون ما تقدم ذكره من النهب والأسر [وغيره] «1»
ثم ساروا ليلة الأربعاء يريدون الملّاحة، وتركوا فى البرّ أربعمائة من الرّجّالة يسيرون بالقرب منهم إلى أن وصلوا إليها ونهبوها وأسروا وأحرقوا أيضا، ثم ركبوا البحر جميعا وأصبحوا باكر النهار فوافاهم الفرنج فى عشرة أغربة وقرقورة «2» كبيرة فلم يثبتوا للمسلمين وانهزموا من غير حرب، واستمر المسلمون بساحل الملّاحة وقد أرست مراكبهم عليها.
وبينما هم فيما هم فيه كرّت أغربة الفرنج راجعة إليهم، وكان قصد الفرنج بعودهم أن يخرج المسلمون إليهم فيقاتلوهم فى وسط البحر، فلما أرست المسلمون على ساحل الملّاحة كرّت الفرنج عليهم فبرزت إليهم المسلمون وقاتلوهم قتالا شديدا إلى أن هزمهم الله تعالى، وعادوا بالخزى، وبات المسلمون ليلة الجمعة خامس عشرين شهر رمضان، فلمّا كان بكرة نهار الجمعة أقبل عسكر قبرس وعليهم أخو الملك، ومشى على المسلمين فقاتله مقدار نصف العسكر الإسلامى أشدّ قتال حتى كسروهم، وانهزم أخو الملك بمن كان معه من العساكر بعد أن كان المسلمون أشرفوا على الهلاك، ولله الحمد [والمنة] «3» ، وقتل المسلمون من الفرنج مقتلة عظيمة، ثم أمر الأمير جرباش بإخراج الخيول إلى البرّ فأخرجوا الخيول من المراكب إلى البرّ فى ليلة السبت وتجهّزوا للمسير ليغيروا على نواحى قبرس [من الغد] «4» .
فلما كان بكرة يوم السبت المذكور ركبوا وساروا إلى المغارات «5» حتى(14/279)
وافوها، فأخذوا يقتلون ويأسرون ويحرقون وينهبون القرى حتى ضاقت مراكبهم عن حمل الأسرى، وامتلأت أيديهم بالغنائم، وألقى كثير منهم ما أخذه إلى الأرض، فعند ذلك كتب الأمير جرباش مقدّم العساكر المجاهدة كتابا إلى الأمير قصروه من تمراز [نائب طرابلس] «1» بهذا الفتح [العظيم] «2» والنصر [المبين] «3» صحبة قاصد بعثه الأمير قصروه مع المجاهدين ليأتيه بأخبارهم، فعند ما وصل الخبر للأمير قصروه كتب فى الحال إلى السلطان بذلك، وفى طىّ كتابه كتاب الأمير جرباش المذكور، وهو الكتاب الذي قرىء بالأشرفيّة بالقاهرة، ثم بجامع عمرو بن العاص، ثم إن الأمير جرباش لمّا رأى أن الأمر أخذ حدّه، وأن السلامة غنيمة، ثم ظهر له بعض تخوّف عسكره؛ فإنّه بلغهم أن صاحب قبرس قد جمع عساكر كثيرة واستعدّ لقتال المسلمين، فشاور من كان معه من الأمراء والأعيان، فأجمع رأى الجميع على العود إلى جهة الدّيار المصريّة مخافة من ضجر العسكر الإسلامى إن طال القتال بينهم وبين أهل قبرس إذا صاروا فى مقابله، فعند ذلك أجمع رأى الأمير جرباش المذكور أن يعود بالعساكر الإسلاميّة على أجمل وجه، فحّل القلاع بعد أن تهيّأ للسّفر وسار عائدا حتى أرسى على الطّينة قريبا من قطيا وثغر دمياط، ثم توجّهوا إلى الدّيار المصريّة، ولما بلغ الناس ذلك وتحقّق كلّ أحد ما حصل للمسلمين من النّصر والظّفر عاد سرورهم لأن السلطان كان لما بلغه عودهم نادى فى الناس من أراد الجهاد فليحضر لأخذ النّفقة، فكثر قلق الناس لذلك، وظنوا كلّ ظن حتى علموا من أمرهم ما حكيناه.
هذا ما كان من أمر الغزاة، وأما السلطان فإنه أفرج فى يوم الاثنين ثالث عشر شوّال عن الأمير الكبير بيبغا «4» المظفّرىّ من سجن الإسكندرية ونقله إلى ثغر دمياط، وأنعم عليه بفرس بقماش ذهب ليركبه بدمياط إلى حيث يشاء.(14/280)
ثم أخذ السلطان ينتظر الغزاة إلى أن قدموا عليه يوم السبت خامس عشرين شوّال المقدم ذكره، ومعهم ألف وستون أسيرا ممن أسروا فى هذه الغزوة، وباتوا تلك الليلة بساحل بولاق، وصعدوا فى بكرة يوم الأحد سادس عشرينه إلى القلعة، وبين أيديهم الأسرى والغنائم، وهى على مائة وسبعين حمّالا وأربعين بغلا وعشرة جمال، ما بين جوخ، وصوف، وصناديق، وحديد، وآلات حربيّة، وأوان، وسار الجميع من شارع القاهرة، وقد جلس الناس بالحوانيت والبيوت والأسطحة والشوارع بحيث إن الشخص كان لا يكاد أن يمرّ إلى طريقه إلا بعد مشقّة كبيرة، وربما لا يستطيع السير ويرجع إلى حيث أتى، وبالجملة فإنه كان يوما مشهودا لم يعهد مثله فى الدّولة التركيّة، ولما طلع ذلك كلّه إلى القلعة وعرض على السلطان رسم السلطان ببيع الأسرى وتقويم الأصناف، فقوّمت الأصناف.
ثم ابتدئ بالبيع فى يوم الاثنين سابع عشرين شوّال بالحرّاقة من باب السّلسلة بحضرة الأمير جقمق العلائى أمير آخور الكبير «1» ، وتولّى البيع عن السلطان الأمير إينال الشّشمانى الناصرىّ أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، فاشتراهم النّاس على اختلاف طبقاتهم من أمير وجندى وقاض وفقيه وتاجر وعلمىّ، ورسم السلطان أن لا يفرّق بين الآباء وأولادهم، ولا بين قريب وقريبه، فكانوا يشترونهم جميعا، والذي كان وحده أبيع وحده، واستمرّ البيع فيهم أيّاما، وجمع ما تحصّل من أثمانهم فأنفق السلطان من ذلك على المجاهدين، فأعطى لطائفة سبعة دنانير ونصفا، ولطائفة ثلاثة دنانير ونصفا، وانقضى أمر المجاهدين فى هذه السنة.
قال المقريزى: فى يوم الجمعة سابع ذى الحجّه اتّفقت حادثة شنيعة، وهى أن الخبز قلّ وجوده فى الأسواق فعند ما خرج بدر الدين محمود العينتابى «2» محتسب(14/281)
القاهرة من داره سائرا إلى القلعة صاحت عليه العامة واستغاثوا بالأمراء وشكوا إليهم المحتسب، فعرّج عن الشارع وطلع إلى القلعة وهو خائف من رجم العامّة له وشكاهم إلى السلطان، وكان يختصّ به ويقرأ له فى اللّيل تواريخ الملوك ويترجمها له بالتّركيّة، فحنق السلطان وبعث طائفة من الأمراء إلى باب زويلة، فأخذوا أفواه السّكك ليقبضوا على الناس، فرجم بعض العبيد بعض الأمراء بحجر أصابه فقبض عليه وضرب، ثم قبض على جماعة كبيرة من الناس وأحضروا بين يدى السلطان، فرسم بتوسيطهم، ثم أسلمهم إلى الوالى فضربهم وقطع آنافهم وآذانهم وسجنهم ليلة السبت، ثمّ عرضوا من الغد على السلطان فأفرج عنهم، وعدّتهم اثنان وعشرون رجلا من المستورين ما بين شريف وتاجر، فتنكّرت القلوب من أجل ذلك، وانطلقت الألسنة بالدعاء وغيره- انتهى كلام المقريزى برمته.
وهو كما قال، غير أنه سكت عن رجم العامّة للعينتابىّ المذكور يريد بذلك تقوية الشّناعة على العينتابىّ لبغض كان بينهما قديما وحديثا.
ثمّ قدم كتاب الأمير تغرى بردى المحمودىّ رأس نوبة النّوب وأمير حاجّ المحمل من مكّة فى يوم الجمعة حادى عشرين ذى الحجة، يتضمّن أنه لما نزل عقبة أيلة «1» بعث قاصدا إلى الشّريف حسن بن عجلان أمير مكّة يرغّبه فى الطاعة ويحذّره عاقبة المخالفة، فقدم عليه ابنه بركات بن حسن بن عجلان وقد نزل بطن مرّ «2» فى ثامن عشرين ذى القعدة، فسرّ بقدومه ودخل معه مكّة فى أوّل ذى الحجة، وحلف له بين الحجر الأسود والملتزم أن أباه لا يناله مكروه من قبله ولا من قبل السلطان، فعاد إلى أبيه وقدم به مكّة فى يوم الاثنين ثالث ذى الحجة، وأنه حلف له ثانيا وألبسه التّشريف السّلطانى وقرّره فى إمرة مكّة على عادته، وأنه عزم على حضوره إلى السلطان صحبة الرّكب واستخلاف ولده بركات على مكّة- انتهى.(14/282)
[ما وقع من الحوادث سنة 829]
ثم فى يوم الاثنين خامس عشرين المحرم سنة تسع وعشرين وثمانمائة خلع السلطان على الأمير إينال الشّشمانى أحد أمراء العشرات ورأس نوبة باستقراره فى حسبة القاهرة عوضا عن قاضى القضاة بدر الدين محمود العينى الحنفى.
ثم فى رابع عشرين المحرم قدم الأمير «1» تغرى بردى المحمودى رأس نوبة النوب وأمير حاج المحمل بالمحمل، وقدم معه [الأمير] «2» الشريف حسن بن عجلان، فأكرمه السلطان وأنزله بمكان يليق به، ثم خلع عليه فى يوم سابع عشرينه باستقراره فى إمرة مكّة على عادته بعد أن التزم بحمل ثلاثين ألف دينار، وأرسل قاصده إلى مكّة ليحضر المبلغ المذكور، وأقام هو بالقاهرة رهينة، وقدم أيضا مع الحاج الأمير قرقماس الشّعبانى الناصرىّ أحد مقدّمى الألوف، بعد أن أقام بمكة نحو السنتين شريكا لأمير مكّة فى هذه المدّة، ومهّد أمورها وأقمع عبيد مكّة ومفسديها وأبادهم.
ثم فى يوم الأربعاء نصف صفر جمع السلطان الأمراء والقضاة وكثيرا من أكابر التجار وتحدّث معهم فى إبطال المعاملة بالذّهب المشخّص «3» الذي يقال له الإفرنتى، وهو من ضرب الفرنج، وعليه شعار كفرهم الذي لا تجيزه الشريعة المحمديّة، وأن يضرب عوضه ذهبا عليه السّكّة الإسلامية، فضوّب من حضر رأى السلطان فى ذلك «4» ، وهذا الإفرنتى المذكور قد كثرت المعاملة به فى زماننا من حدود سنة ثمانمائة فى أكثر مدائن الدّنيا مثل: القاهرة ومصر، والبلاد الشّاميّة، وأكثر بلاد الرّوم، وبلاد الشرق، والحجاز، واليمن، حتى صار هو النقد الرّائج والمطلوب فى المعاملات، وانفضّ المجلس على ذلك، وقد كثر ثناء الناس على السلطان بسبب إبطال ذلك.(14/283)
ولما كان الغد طلب السلطان صنّاع دار الضّرب وشرع فى ضرب الذّهب الأشرفى، وتطلّب من كان عنده من الذهب الإفرنتى.
ثم فى سادس عشرينه نودى بالقاهرة بإبطال المعاملة بالذهب الإفرنتى، وأن يتعامل الناس بالدّنانير الأشرفيّة زنة الدّينار منها زنة الإفرنتى، ثم ألزم السلطان الناس بحمل ما عندهم من الإفرنتية إلى دار الضّرب.
ثم فى يوم الخميس رابع عشر شهر «1» ربيع الأول قدم الأمير قصروه «2» من تمراز نائب طرابلس، وطلع إلى القلعة وقبّل الأرض وخلع السلطان عليه خلعة الاستمرار بولايته على عادته، ثمّ فى يوم السبت قدّم هديّته إلى السلطان، وكانت تشتمل على شىء كثير.
وفى يوم الخميس المذكور وصل «3» إلى القاهرة الأمير يربغا التّنمىّ أحد أمراء العشرات عائدا من بلاد اليمن بغير طائل، وسببه أن السلطان كان أطمعه بعض الناس فى أخذ اليمن وهوّن عليه أمرها- وهو كما قيل- غير أن الملك الأشرف لم يلتفت إلى ذلك بالكلية تكذيبا للقائل له، فأرسل الأمير يربغا هذا بهديّة لصاحب اليمن وصحبته السّيفى ألطنبغا فرنج الدّمرداشىّ والى دمياط- كان- ومعهما أيضا خمسون مملوكا من المماليك السلطانية، فساروا إلى جدّة، ثم ركبوا منها البحر وتوجّهوا إلى جهة اليمن، إلى أن وصلوا حلى بنى يعقوب «4» ، فسار منه يربغا التّنمى ومعه من المماليك خمسة نفر لا غير، ومعه الهدية والكتاب لصاحب اليمن، وهو يتضمن طلب مال للإعانة على الجهاد، وأقام ألطنبغا فرنج ببقية المماليك فى المراكب، فأكرم صاحب اليمن يربغا(14/284)
المذكور وأخذ فى تجهيز هدية عظيمة، وبينما هو فى ذلك قدم عليه الخبر بأن ألطنبغا فرنج نهب بعض الضّياع وقتل أربعة رجال، فأنكر صاحب اليمن أمرهم وتنبّه لهم، وقال للأمير يربغا: ما هذا خبر خير؛ فإن العادة لا يحضر إلينا فى الرّسالة إلا واحد، وأنتم حضرتم فى خمسين رجلا، ولم يحضر إلى منكم إلا أنت فى خمسة نفر وتأخر باقيكم وقتلوا من رجالى أربعة «1» ، وطرده عنه من غير أن يجهّز هدية ولا وصله بشىء، ولولا خشية العاقبة لقتله، فنجا يربغا بمن معه بأنفسهم، وعادوا إلى مكة، وقدم يربغا إلى القاهرة مخفّا، فلما بلغ السلطان ذلك أراد أن يجهّز إلى اليمن عسكرا فمنعه من ذلك شغله بغزو الفرنج.
ثم فى يوم السبت أوّل شهر ربيع الآخر خلع السلطان على الأمير قصروه خلعة السفر، وخرج من يومه إلى محلّ كفالته بطرابلس.
ثم فى يوم السبت ثامنه خلع السلطان على الأمير يشبك السّاقى الأعرج واستقرّ أمير سلاح عوضا عن إينال النوروزى بحكم موته.
ثم فى خامس عشرين شهر ربيع الآخر المذكور «2» استقرّ العلامة كمال الدين محمد ابن همام الدين محمد السّيواسى الأصل الحنفى فى مشيخة التصوف بالمدرسة الأشرفية وتدريسها عوضا عن العلامة علاء الدين على الرومى بحكم رغبته وعوده إلى بلاده.
ثم فى يوم الخميس سابع عشرينه خلع السلطان على القاضى بدر الدين محمود العينتابى باستقراره قاضى قضاة الحنفية بالديار المصرية عوضا عن زين الدين عبد الرحمن التفهنى، واستقر التفهنى المذكور فى مشيخة صوفية خانقاه شيخون بعد موت شيخ الإسلام سراج الدين عمر قارىء الهداية.
وفى يوم الجمعة ثامن عشرين [شهر «3» ] ربيع الآخر المذكور نزل من القلعة جماعة(14/285)
كبيرة من الأمراء والمماليك وهم متقلدون بسيوفهم حتى طرقوا الجودرية «1» إحدى حارات القاهرة، فأحاطوا بها مع جميع جهاتها وكبسوا على دورها وفتشوها تفتيشا عظيما، وقدوشى بعض الناس إلى السلطان بأن جانى بك الصوفى فى داربها، فلم يقعوا له على خبر، وقبضوا على القاضى فخر الدين ماجد بن المزوق الذي كان ولى كتابة السرّ ونظر الجيش فى دولة الملك الناصر فرج وأحضروه بين يدى السلطان، فسأله عن الأمير جانى بك الصوفى وحلف له إن دله على مكانه لا يمسه بسوء، فحلف فخر الدين المذكور أنه لا يعرف مكانه ولا وقع بصره عليه من يوم أمسك وحبس، فلم يحمله السلطان على الصدق لمصاهرة كانت بينه وبين جانى بك الصوفى وصحبة قديمة، وأمر به فضرب بين يديه بالمقارع وأمر بنفيه، ثم نودى من الغد أن لا يسكن أحد بالجودرية لما ثبت عند السلطان أن جانى بك الصوفى مختف بها، والظاهر أن الذي كان ثبت عند الأشرف أن جانى بك الصّوفى كان مختفيا بها كان على حقيقته فيما بلغنا بعد موت الملك الأشرف، غير أن السّتّار ستره وحماه، فلم يعثروا عليه حتى قيل إنه كان بالدّار المهجوم عليها ولم ينهض للهروب فالتفّ بحصيرة بها، وكلّ من دخل الدّار رأى الحصيرة المذكورة فلم يجسّها أحد بيده؛ لتعلم أن الله على كل شىء قدير.
ولما نودى أن لا يسكن أحد بالجودريّة انتقل منها جماعة كبيرة واستمرت خالية زمانا طويلا، هذا والسلطان فى كلّ قليل يقبض على جماعة من المماليك السلطانية ويعاقبهم ليقرّوا على جانى بك الصّوفى، فلم يقع له على خبر، كلّ ذلك والسلطان فى شغل بتجهيز المجاهدين لغزو قبرس:
وورد عليه- فى يوم السّبت سابع عشرين جمادى الأولى- رسول صاحب إستانبول(14/286)
وهى القسطنطينيّة بهديّة وشفع فى أهل قبرس أن لا يغزوا، فلم يلتفت السلطان إلى شفاعته، وأخذ فيما هو فيه من تجهيز العساكر.
ثم فى يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الآخرة من سنة تسع وعشرين المذكورة قدم من عساكر البلاد الشّاميّة عدة كبيرة من الأمراء والمماليك والعشير وطائفة كبيرة من المطّوّعة ليسيروا إلى الجهاد، فأنزلوا بالميدان الكبير.
وفيه خلع السلطان على قاضى القضاة عزّ الدين عبد العزيز بن على بن العزّ قاضى قضاة الحنابلة بدمشق زمن المؤيّد شيخ باستقراره قاضى قضاة الحنابلة بديار مصر، عوضا عن قاضى القضاة محبّ الدين أحمد بن نصر الله البغدادى بحكم صرفه عنها، وكان عزل قاضى القضاة محب الدين لسوء سيرة أخيه وابنه.
ثم فى ثالث عشرين جمادى الآخرة جلس السلطان بالحوش من قلعة الجبل لعرض المجاهدين، وأنفق فيهم مالا كبيرا، فكان يوما من أجلّ الأيّام وأحسنها، لما وقع فيه من بذل السلطان الأموال على من تعيّن للجهاد، وعلى عدم التفات المجاهدين لأخذ المال، بل كان الشخص إذا وقف فى مجلس السلطان ينظر رءوس النّوب تتهارب من المماليك السلطانية الذين يريدون أخذ الدّستور «1» من السّلطان للتوجّه إلى الجهاد، والسلطان يأمرهم بعدم السّفر، ويعتذر أنه لم تبق مراكب تحملهم، وهم يتساعون فى ذلك مرّة بعد أخرى، وربما تكرّر وقوف بعضهم الأربع مرّات والخمسة، وأيضا من عظم ازدحام الناس على كتّاب المماليك ليكتبوهم فى جملة المجاهدين فى المراكب المعيّنة، حتى إنه سافر فى هذه الغزوة عدّة من أعيان الفقهاء، ولمّا أن صار السلطان لا ينعم لأحد بالتّوجّه بعد أن استكفت العساكر سافر جماعة من غير دستور، وأعجب من هذا أنه كان الرّجل ينظر فى وجه المسافر للجهاد يعرفه قبل أن يسأله لما بوجهه من السّرور والبشر الظاهر بفرحه للسّفر، وبعكس ذلك فيمن لم يعيّن للجهاد، هذا مع كثرة من تعيّن للسفر من المماليك السلطانية وغيرهم، وما أرى هذا إلا أنّ الله(14/287)
[تعالى] «1» قد شرح صدورهم للجهاد وحببهم فى الغزو وقتال العدوّ، ليقضى الله أمرا كان مفعولا، ولم أنظر ذلك فى غزوة من الغزوات قبلها ولا بعدها- انتهى.
ثمّ فى يوم الخميس أوّل شهر رجب أدير المحمل بالقاهرة ومصر على العادة فى كل سنة، وعجّل عن وقته لسفر المجاهدين للغزاة.
ثم فى يوم الجمعة ثانى شهر رجب من سنة تسع وعشرين المذكورة خرجت المجاهدون من القاهرة، وسافروا من ساحل بولاق إلى جهة الإسكندرية ودمياط، ومقدّموا العساكر جماعة كبيرة من أمراء الألوف وأمراء الطبلخانات وأمراء العشرات وأعيان الخاصّكيّة، وجماعة كبيرة من أعيان أمراء دمشق وغيرها، فالذى كان من مقدّمى الألوف: الأمير إينال الجكمىّ أمير مجلس، وهو مقدّم العساكر فى المراكب بالبحر، ومعه الأمير قرامراد خجا الشّعبانى أمير جاندار وأحد مقدّمى الألوف، وعدة من الأمراء والمماليك السّلطانية وغيرهم، والذي كان مقدّم العساكر فى البرّ الأمير تغرى بردى المحمودىّ الناصرىّ رأس نوبة النّوب، ومعه الأمير حسين ابن أحمد المدعو تغرى برمش نائب القلعة- كان- وهو يوم ذاك أحد مقدّمى الألوف، فهؤلاء الأربعة من أمراء الألوف، والذي كان من أمراء الطبلخانات الأمير قانصوه النّوروزىّ، والأمير يشبك السّودونىّ المشدّ الذي صار أتابك فى دولة الملك الظاهر جقمق، والأمير إينال العلائىّ ثالث رأس نوبة، أعنى عن السلطان الملك الأشرف إينال سلطان زماننا، وأمير آخر لا يحضرنى الآن اسمه، والذي توجّه من أمراء العشرات فعدّة كبيرة، والذي كان من أمراء دمشق: الأمير طوغان السّيفى تغرى بردى أحد مقدّمى الألوف بدمشق، وهو دوادار الوالد [رحمه الله] «2» ومملوكه، وجماعة كبيرة أخر دونه فى الرّتبة من أمراء دمشق، وخرجت الأمراء فى(14/288)
هذا اليوم، وتبعهم المجاهدون فى السّفر فى النيل أرسالا حتى كان آخرهم سفرا فى يوم السبت حادى عشر شهر رجب المذكور.
وكان ليوم خروج المجاهدين بساحل بولاق نهار يجلّ عن الوصف، تجمّع الناس فيه للفرجة على المسافرين من الأقطار والبلاد والنّواحى، حتى صار ساحل بولاق لا يستطيع الرّجل أن يمرّ فيه لحاجته إلا بعد تعب ومشقة زائدة، وعدّى الناس إلى البرّ الغربىّ ببرّ منبابة وبولاق التّكرور، ونصبوا بها الخيم والأخصاص، هذا وقد انتشر البحر بالمراكب التى فيها المتنزّهون، وأمّا بيوت بولاق فلم يقدر على بيت منها إلا من يكون له جاه عريض أو مال كبير، وتقضّى للناس بها أيام سرور وفرح وابتهال إلى الله تعالى بنصر المسلمين وعودهم بالسلامة والغنيمة.
وسار الجميع إلى ثغر دمياط، وثغر الإسكندرية، وتهيّئوا للسفر والسلطان متشوّف لما يرد عليه من أخبار سفرهم.
وبينما هو فى ذلك ورد عليه الخبر فى يوم الثلاثاء ثامن عشرين شهر رجب المذكور بأن الغزاة مرّوا فى طريقهم «1» إلى رشيد، وأقلعوا من هناك يوم رابع عشرينه، وساروا إلى أن كان يوم الاثنين انكسر منهم نحو أربعة مراكب غرق فيها نحو العشرة أنفس، وكانوا بالقرب من ساحل الإسلام بثغور أعمال مصر، ولما بلغ السلطان ذلك انزعج غاية الانزعاج حتى إنه كاد يهلك، وبكى بكاء كثيرا، وصار فى قلق عظيم، بحيث إن القلعة ضافت عليه، وعزم على عدم سفر الغزاة المذكورين، ثم قوى عنده أنه يرسل الأمير جرباش الكريمىّ قاشق حاجب الحجاب لكشف خبرهم ولعمل مصالحهم وللمشورة مع الأمراء فى أمر السفر، وخرج الأمير جرباش المذكور مسافرا إليهم وترك السلطان فى أمر مريج، وكذلك جميع الناس إلا أنا تباشرت بالنّصر من يومئذ، وقلت: ما بعد الكسر إلا الجبر، وكذا وقع فيما يأتى ذكره إن شاء الله تعالى، وسار الأمير جرباش إلى العسكر فوجد الذي حصل بالمراكب المذكورة ترميمه سهل، وقد(14/289)
شرعت الصنّاع فى إصلاحه، فتشاور مع الأمراء فأجمع الجميع على السّفر، فعند ذلك جمع الأمير جرباش الصّنّاع وأصلح جميع ما كان بالمراكب من الخلل إلى أن تمّ أمرهم، فركبوا وساروا على بركة الله وعونه، وعاد الأمير جرباش وأخبر السلطان بذلك فسكن ما كان به.
وكان قبل قدوم جرباش أو بعد قدومه فى يوم الثلاثاء خامس شعبان ورد الخبر على السلطان بأن طائفة من غزاة المسلمين من العسكر السلطانى لمّا ساروا من رشيد إلى الإسكندرية صدفوا فى مسيرهم أربع قطع من مراكب الفرنج وهم قاصدون «1» ثغر الإسكندرية فكتب المسلمون لمن فى رشيد من بقيّة الغزاة بسرعة إلحاقهم ليكونوا يدا واحدة على قتال الفرنج المذكورين، وتقاربوا من مراكب الفرنج وتراموا معهم يومهم كلّه [بالنّشّاب] «2» إلى الليل، وباتوا يتحارسون إلى الصباح، فاقتتلوا أيضا باكر النهار، وبينماهم فى القتال وصل بقيّة الغزاة من رشيد، فلما رآهم الفرنج ولّوا الأدبار بعد ما استشهد من المسلمين عشر نفر، وساروا حتى اجتمعوا بمن تقدّمهم من الغزاة من ثغر الإسكندرية، وسافر الجميع معا يريدون قبرس فى يوم الأربعاء العشرين من شعبان، إلى أن وصلوا إلى قلعة اللّمسون فى أخريات شعبان المقدم ذكره، فبلغهم أن صاحب جزيرة قبرس قد استعدّ لقتالهم، وجمع جموعا كثيرة، وأنه أقام بمدينة الأفقسيّة «3» - وهى مدينة قبرس- وعزم على لقاء المسلمين، فأرسلوا بهذا الخبر إلى السلطان، ثم انقطعت أخبارهم عن السلطان إلى ما يأتى ذكره.
وفى يوم السبت رابع عشر شهر رمضان خلع السلطان على الأمير يشبك السّاقى الأعرج أمير سلاح باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضا عن الأمير قجق(14/290)
العيساوىّ بحكم وفاته، وأنعم بإقطاع يشبك الأعرج المذكور على الأمير قرقماس الشّعبانى الناصرى القادم من مكة قبل تاريخه، وأنعم بإقطاع قرقماس المذكور على الأمير بردبك السيفى يشبك بن أزدمر الأمير آخور الثانى، وصار من جملة مقدّمى الألوف، وأنعم بإقطاع بردبك على الأمير يشبك أخى السلطان الملك الأشرف برسباى القادم قبل تاريخه بمدّة يسيرة من بلاد الچاركس، والإقطاع إمرة طبلخاناه، وخلع على سودون ميق رأس نوبة باستقراره أمير آخور ثانيا عوضا عن بردبك المقدّم ذكره.(14/291)
ذكر غزوة قبرس على حدتها
ولما كان يوم الاثنين ثالث عشرين شهر رمضان ورد الخبر على السلطان بأخذ مدينة قبرس وأسر ملكها جينوس بن جاك، فدقّت البشائر بالقلعة لهذا الفتح ثلاثة أيام، وكان من خبر ذلك أن الغزاة لما ساروا من الثّغور المذكورة إلى جهة قبرس وصلوا إلى مدينة اللّمسون مجتمعين ومتفرّقين، فبلغهم من أهل اللّمسون أن متملك قبرس جاءه نجدة كبيرة من ملوك الفرنج، وأنه استعدّ لقتالهم كما تقدّم ذكره، ولما وصلوا إلى اللّمسون نازلوا قلعتها وقاتلوا من بها حتى أخذوها عنوة فى يوم الأربعاء سادس عشرين شعبان، ونهبوها وسبوا أهلها، وقتلوا جماعة كبيرة ممن كان بها من الفرنج، ثم هدموها عن آخرها، وساروا منها فى يوم الأحد أوّل شهر رمضان من سنة تسع وعشرين المقدم ذكرها بعد أن أقاموا عليها نحو ستة أيام، وساروا فرقتين فرقة فى البرّ وعليهم الأمير تغرى بردى المحمودى والأمير حسين بن أحمد المدعو تغرى برمش أحد مقدّمى الألوف ومن انضاف إليهم من أمراء الطبلخانات والعشرات والعساكر [المصرية والشاميّة] «1» من الخيّالة والرّجّالة، وفرقة فى البحر ومقدّمهم الأمير إينال الجكمىّ أمير مجلس، والأمير قرامراد خجا الشّعبانىّ أحد مقدّمى الألوف بمن انضاف إليهم من العساكر المصرية والشاميّة، وكان سبب مسير هؤلاء فى البحر مخافة أن يطرق الفرنج المراكب من البحر ويأخذوها ويصير المسلمون ببلادهم يقاتلونهم على هيئتهم، وكان ذلك من أكبر المصالح، ثم سار الذين فى البرّ متفرقين حتى صاروا بين اللّمسون والملّاحة وهم من غير تعبئة لقتال بل على صفة السّفار غير أنّ على بعضهم السلاح وأكثرهم بلا سلاح لشدّة الحر، وصار كلّ واحد من القوم يطلب قدّاما من غير أن يتربّص أحدهم لآخر، وفى ظنهم أن صاحب قبرس لا يلقاهم إلا خارج قبرس، وتأخّر الأمراء ساقة العسكر كما هى عادة مقدّمى العساكر،(14/292)
والناس تجدّ فى السّير إلى أن يقاربوا قبرس [ثم] «1» يقفوا هناك يريحون [خيلهم] «2» إلى أن تكتمل العساكر وتتهيّأ الأطلاب للقتال ثم يسيرون جملة واحدة بعد التعبئة والمصاففة.
وبينما هم فى السير إذا هم بمتملك قبرس بجيوشه وعساكره ومن انضاف إليه من ملوك الفرنج وغيرها وقد ملأت الفضاء، وكان الذين وافاهم صاحب قبرس من المسلمين الذين سبقوا طائفة قليلة جدا وأكثرهم خيّالة من أعيان المماليك السلطانية، فعندما وقع العين على العين لم يتمالك المسلمون أن يصبروا لمن خلفهم حتى يصيروا جملة واحدة بل انتهزوا الفرصة وتعرّضوا للشهادة، وقال بعضهم لبعض: هذه الغنيمة، ثم حرّكوا خيولهم وقصدوا القوم بقلب صادق- وقد احتسبوا نفوسهم فى سبيل الله- وحملوا على الفرنج حملة عظيمة [وصاحوا الله أكبر] «3» وقاتلوهم أشدّ قتال، وأردفهم بعض جماعة وتخلّف عنهم أخر، منهم رجل من أكابر الخاصّكيّة أقام يستظلّ تحت شجرة [كانت] «4» هناك، وتقاتل المسلمون مع الفرنج قتالا شديدا، قتل فيه السّيفى تغرى بردى المؤيّدى الخازندار، وكان من محاسن الدنيا، لم ترعينى أكمل منه فى أبناء جنسه، والسّيفى قطلوبغا المؤيّدى البهلوان، وكان رأسا فى الصّراع، ومن مقولة تغرى بردى المقدّم ذكره فى الشجاعة والفروسيّة، والسيفى إينال طاز البهلوان، والسّيفى نانق اليشبكىّ وهؤلاء الأربعة من الأعيان والأبطال المعدودة- عوّض الله شبابهم الجنة بمنّه وكرمه- ثم قتل من المسلمين جماعة أخر، وهم مع قلتهم ويسير عددهم فى ثبات إلى أن نصر الله الإسلام، ووقع على الكفرة الخذلان وانكسروا، وأسر متملك قبرس مع كثرة جموعه وعظم عساكره التى لا تحصر، وقلة عسكر المسلمين، حتى إن الذي كان حضر أوائل الوقعة أقل من سبعين نفسا قبل أن يصل إليهم الأمير إينال العلائى الناصرى أحد أمراء الطبلخانات [ورأس نوبة ثالث] «5» وهو الملك الأشرف إينال، والأمير تغرى برمش، ثم تتابع القوم طائفة بعد طائفة؛ كلّ ذلك بعد أن انكسرت الفرنج وأسر(14/293)
صاحب قبرس، وقتل من قتل من المسلمين، ولمّا ترادفت عساكر الإسلام ركبوا أقفية الفرنج ووضعوا فيهم السّيف، وأكثروا من القتل والأسر، وانهزم من بقى من الفرنج إلى مدينة قبرس الأفقسيّة، ثم وجد المسلمون مع الفرنج طائفة من التركمان المسلمين قد أمدّ الفرنج بهم على بك بن قرمان- عليه من الله ما يستحقه- فقتل المسلمون كثيرا منهم.
واجتمع عساكر البرّ والبحر من المسلمين فى الملّاحة يوم الاثنين ثانى شهر رمضان، وتسلم الأمير تغرى بردى المحمودى صاحب قبرس، كل ذلك والمسلمون يقتلون ويأسرون وينبهون حتى امتلأت أيديهم وتغلّبوا عن حمل الغنائم.
وأما القتلى من الفرنج فلا تحصر ويستحى من ذكرها كثرة؛ حدثنى بعض مماليك الوالد ممن باشر الواقعة من أوّلها إلى آخرها وجماعة كبيرة من الأصحاب الثقات قالوا: كان موضع الوقعة أزيد من ألفى قتيل من قتلى الفرنج، هذا فى الموضع الذي كان فيه القتال، وأما الذي قتل من الفرنج بالضّياع والأماكن وبطريق قبرس فلا حدّ له ولا حساب، فإنه استمرّ القتل فيهم أيّاما، واستمروا على الملّاحة إلى يوم الخميس خامس شهر رمضان فساروا منها يريدون الأفقسيّة مدينة قبرس.
ولما ساروا وافاهم الخبر- بعد أن تقدّم منهم جماعة كبيرة من المطّوّعة والمماليك السلطانية إلى مدينة قبرس- بأن أربعة عشر مركبا من مراكب الفرنج مشحونة بالسلاح والمقاتلة أتت [المراكب] «1» لقتال المسلمين، منها سبعة أغربة، وسبعة مربّعة القلاع، فلاقاهم الأمير إينال الجكمىّ أمير مجلس، والأمير قرامراد خجا الشعبانى، والأمير طوغان السّيفى تغرى بردى أحد مقدّمى دمشق، والأمير جانى بك رأس نوبة السّيفى يلبغا النّاصرى المعروف بالثّور بعساكرهم وبمن انضاف إليهم من المطوّعة وغيرهم؛ وهؤلاء الأمراء الذين كانوا مقدّمى العساكر فى البحر بالمراكب، واقتتلوا مع الفرنج المذكورين أشدّ قتال حتى هزموهم وأخذوا منهم مركبا مربّعا من مراكب(14/294)
الفرنج بعد أن قتلوا منهم عدّة كبيرة تقارب ما ذكرنا ممّن قتل بمكان الوقعة الأولى، وولت الفرنج الأدبار.
واستمرّ الذي توجّه من الغزاة إلى الأفقسيّة من المماليك السلطانية وغيرهم يقتلون فى طريقهم ويأسرون إلى أن وصلوا إلى المدينة ودخلوا قصر الملك ونهبوه.
ثم عادوا ولم يحرقوا بمدينة قبرس إلا مواضع يسيرة، ولم يدخل المدينة أحد من أعيان العسكر، وغالب الذي دخلها من المماليك السلطانية والمطّوّعة، وكان دخولهم وإقامتهم بها وعودهم منها فى يومين وليلة واحدة.
ثم أقام جميع الغزاة بالملّاحة وأراحوا بها أبدانهم سبعة أيّام، وهم يقيمون فيها شعائر الإسلام من الأذان والصلاة والتسبيح- ولله الحمد على هذه المنة بهذا الفتح العظيم الذي لم يقع مثله فى الإسلام من يوم غزاهم معاوية بن أبى سفيان، رضى الله عنه فى سنة نيّف وعشرين من الهجرة.
ثم ركبت الغزاة المراكب عائدين إلى جهة الدّيار المصرية، ومعهم الأسرى والغنائم، ومن جملتها متملّك قبرس فى يوم الخميس ثانى عشر رمضان بعد أن بعث أهل الماغوصة يطلبون الأمان- هذا ما كان من أمرهم-[انتهى] «1» .
وجزيرة قبرس تسمّى باللغة الرّومية شبرا، والبحر يحيط بها مائتى ميل، والميل أربعة آلاف ذراع، والذراع أربعة وعشرون إصبعا، والإصبع ست شعيرات مضموم بعضها إلى بعض، والفرسخ بهذا الميل ثلاثة أميال والبريد بهذا الفرسخ أربعة فراسخ، وجزيرة قبرس من الإقليم الرّابع من الأقاليم السبعة، وسلطانها يقال له أرادا شبرا: أى سلطان الجزيرة، وقبرس مدينة بالجزيرة تسمّى الأفقسيّة، ومسيرة جزيرة قبرس سبعة أيام، وبالجزيرة المذكورة اثنا عشر ألف قرية كبارا وصغارا، وبمدنها وقراها من الكنائس والدّيارات والقلالى والصوامع كثير، وبها البساتين المشتملة على الفواكه المختلفة، وبها(14/295)
الرياحين العطرة كالخزام والياسمين والورد والسّوسن والنرجس والريحان والنسرين والأقحوان وشقائق النعمان وغير ذلك، وبمدن الجزيرة المذكورة الأسواق والخانات والحمّامات والمبانى العظيمة [انتهى] «1»
وأما أمر السلطان الملك الأشرف [برسباى] «2» فإنه لما بلغه خبر أخذ قبرس فى يوم الاثنين ثالث عشرين رمضان حسبما تقدّم ذكره كاد أن يطير فرحا، ولقد رأيته وهو يبكى من شدّة الفرح، وبكى الناس لبكائه، وصار يكثر من الحمد والشكر لله، ودقّت البشائر بقلعة الجبل وبسائر مدن الإسلام لما بلغهم ذلك، وارتجّت القاهرة وماجت الناس من كثرة السرور الذي هجم عليهم، وقرىء الكتاب الوارد بهذا النصر على الناس بالمدرسة الأشرفية بخط العنبريّين بالقاهرة حتى سمعه كلّ من قصد سماعه «3» ، وقالت الشعراء فى هذا الفتح عدّة قصائد، من ذلك القصيدة العظيمة التى نظمها الشيخ زين الدين عبد الرحمن بن الخراط أحد أعيان موقعى الدّست «4» بالديار المصرية، وأنشدها بين يدى السلطان بحضرة أرباب الدولة، والقصيدة ثلاثة وسبعون بيتا، أولها. [الكامل]
بشراك يا ملك المليك الأشرفى ... بفتوح قبرس بالحسام المشرفى
فتح بشهر الصوم تمّ له فيا ... لك أشرف فى أشرف فى أشرف
فتح تفتحت السماوات العلى ... ... من أجله بالنصر واللطف الخفى
والله حف جنوده بملائك ... عاداتها التأييد وهو بها حفى(14/296)
ومنها:
الأشرف السلطان أشرف مالك ... لولاه أنفس ملكه لم تشرف
هو مكتف بالله أحلم قادر ... راض لآثار النبوة مقتفى
حامى حمى الحرمين بيت الله وال ... قبر الشريف لزائر ومطوف
وكلها على هذا النسق- انتهى.
قلت: وكل ذلك والنّصارى تكذب هذا الخبر وتستغربه من أسر متملّك قبرس وهزيمته على هذا الوجه، لأن أمر هذا النّصر فى غاية من العجب من وجوه عديدة.
أوّلها: قلة من قاتل الفرنج من المسلمين، فإنهم كانوا فى غاية من القلّة [ «1» بحيث إن العقل لا يقبل ذلك إلا بعد وقوعه فى هذه المرة «2» ] .
وثانيهما: أنه لم تتعب عساكر الإسلام ولا وقع مصاف.
وثالثها: أنه كان يمكن هزيمة صاحب قبرس من المسلمين بعد أيّام كثيرة من وجوه عديدة يطول الشرح فى ذكرها لا تخفى على من له ذوق.
ورابعها: أنه كان يمكن هزيمة الفرنج ولا يمكن مسك الملك وأسره أيضا من وجوه عديدة.
وخامسها: أن غالب العسكر إذا حصل لهم هزيمة يتحايون ويرجعون غير مرة على من هزمهم لا سيما كثرة عساكر الفرنج وقلة من حضر الوقعة من عساكر المسلمين فى هذه المرّة، فكان على هذا يمكنهم الكرّ على المسلمين بعد هزيمتهم غير مرّة.
وسادسها: أن الوقعة والقتال والهزيمة والقبض على الملك وتشتت شمل الفرنج والاستيلاء على ممالكهم كل ذلك فى أقل من نصف يوم؛ فهذا أعجب من العجب.(14/297)
وما أرى إلا أن الله سبحانه وتعالى أعزّ الإسلام وأهله، وخذل الكفر وأهله بهذا النصر العظيم الذي لم يسمع بمثله فى سالف الأعصار، ولا فرح بمثله ملك من ملوك الترك، ولقد صار للملك الأشرف برسباى بهذا الفتح ميزة على جميع ملوك التّرك إلى يوم القيامة- اللهم لا مانع لما أعطيت.
ولما بلغ الملك الأشرف عود الغزاة المذكورين إلى جهة الدّيار المصريّة رسم فنودى بالقاهرة ومصر بالزّينة، ثم ندب السلطان جماعة كبيرة [من المماليك السلطانية] «1» بالتوجّه إلى الثّغور لحفظ مراكب الغزاة بعد خروجهم منها خوفا من أن يطرقهم طارق من الفرنج مما يأتى صاحب قبرس من نجدات الفرنج- وكان هذا من أكبر المصالح- ثم رسم السلطان لهم أن يأخذوا جميع المراكب من ثغر دمياط ويأتوا بها إلى ثغر الإسكندرية لتحفظ بها؛ وسبب ذلك أن الغزاة المذكورين كان منهم من وصل إلى ثغر الإسكندرية، ومنهم من وصل إلى ثغر دمياط، ومنهم من وصل إلى الطّينة؛ لكثرة المراكب ولاختلاف الأرياح.
وبينما السلطان فى انتظار المجاهدين قدم عليه السيّد الشريف بركات «2» بن حسن بن عجلان أمير مكّة منها، وقد استدعى بعد موت أبيه، فأكرمه السلطان وخلع عليه بإمرة مكّة على أنه يقوم بما تأخّر على أبيه من الذّهب، وهو مبلغ خمسة وعشرين ألف دينار، فإن أباه الشريف حسن بن عجلان كان قد حمل من الثلاثين ألف دينار- التى التزم بها قبل موته- خمسة آلاف دينار، ثم التزم بركات أيضا بحمل عشرة آلاف دينار فى كلّ سنة، وأن لا يتعرض السلطان لما يؤخذ من بندر جدّة من عشور بضائع التّجّار الواصلة من الهند وغيره، وأن يكون ذلك جميعه لبركات المذكور [انتهى] «3» .
ولما كان يوم عيد الفطر ابتدأ دخول «4» الغزاة إلى ساحل بولاق أرسالا كما خرجوا(14/298)
منها، ووافق فى هذه الأيام وفاء النيل ستة عشر ذراعا، فتضاعف مسرّات الناس من كل جهة، واستمرّ دخولهم فى كل يوم إلى ساحل بولاق إلى أن تكامل فى يوم الأحد سابع شوّال ونزلوا بالميدان الكبير بالقرب من موردة الجبس، وأصبحوا من الغد فى يوم الاثنين ثامن شوّال- وهو يوم فطر السلطان؛ فإنّه كان يصوم الستة أيّام من شوّال- طلعوا إلى القلعة على كيفيّة ما يذكر، وهم جميع الأمراء والأعيان من المجاهدين والأسرى، والغنائم بين أيديهم، ومتملّك قبرس الملك جينوس بن جاك أمامهم وهو منكّس الأعلام، وقد اجتمع لرؤيتهم خلائق لا يعلم عدّتهم إلا الله تعالى، حتى أتت أهل القرى والبلدان من الأرياف للفرجة، وركبت الأمراء من الميدان ومعهم غالب الغزاة، وساروا من أرض اللّوق «1» حتى خرجوا من المقس «2» ودخلوا من باب القنطرة، وشقوا القاهرة إلى باب زويلة، وتوجّهوا من الصّليبة «3» من تحت الخانقاه الشيخونية من سويقة منعم «4» إلى الرّميلة، والخلق فى طول هذه المواضع تزدحم بحيث إن الرجل لا يسمع كلام رفيقه من كثرة زغاريط النّساء، التى صفّت على حوانيت القاهرة بالشوارع من غير أن يندبهم أحد لذلك. والإعلان بالتكبير والتهليل، ومن عظم التهانى.
هذا مع تخليق الزّعفران والزينة المخترعة بسائر شوارع القاهرة حتى فى الأزقة- وفى الجملة كان هذا اليوم من الأيام التى لم نرها قبلها ولا سمعنا بمثلها- وساروا على هذه الصّفة إلى أن طلعوا إلى القلعة من باب المدرّج «5» ، وهم مع ذلك فى ترتيب فى مشيهم(14/299)
يذهب العقل؛ وهو أنهم قدّموا أوّلا الفرسان من الغزاة أمام الجميع، ومن خلف الفرسان طوائف الرّجّالة من المطّوّعة وعشران البلاد الشّاميّة وعربان البلاد وزعر القاهرة، ومن خلف هؤلاء الجميع الغنائم محمولة على رءوس الحمّالين، وعلى ظهور الجمال والخيول والبغال والحمير، والتى كانت على الرءوس فيها تاج الملك وأعلامه منكّسة وخيله تقاد من وراء الغنائم، ثم من بعدهم الأسرى من رجال الفرنج، ثم من بعدهم السّبى من النساء والصّغار وهم أزيد من ألف أسير تقريبا سوى ما ذهب فى البلاد والقرى مع المطّوّعة وغيرهم من غير إذن مقدّم العساكر، وهو أيضا يقارب ما ذكر، ومن وراء الأسرى جينوس ملك قبرس وهو راكب على بغل بقيد حديد، وأركب معه اثنان من خواصّه، وعن يمينه الأمير إينال الجكمىّ أمير مجلس، وأمامه قرا مراد خجا الشّعبانىّ أحد مقدّمى الألوف أيضا، وعن يساره الأمير تغرى بردى المحمودىّ رأس نوبة النّوب، وأمامه الأمير حسين المدعو تغرى برمش أحد مقدّمى الألوف أيضا، وأمامهم أمراء الطبلخانات والعشرات على مراتبهم، وأمراء البلاد الشاميّة.
وساروا على هذه الصّفة حتى طلعوا إلى القلعة فأنزل جينوس عن البغل وكشف رأسه عند باب المدرّج، وقد احتاطه الحجّاب وأمراء جاندار، وقد صفت العساكر الإسلامية من باب المدرّج إلى داخل الحوش السلطانى.
فلما دخل جينوس من باب المدرّج قبّل الأرض، ثم قام ومشى ومعه الأمراء من الغزاة والحجّاب ورءوس النّوب وهو يرسف فى قيوده على مهل لكثرة الزّحام.
هذا وقد جلس الملك الأشرف بالمقعد الذي على باب البحرة المقابل لباب الحوش السّلطانى فى موكب عظيم من الأمراء والخاصّكيّة، وعنده الشريف بركات بن حسن بن عجلان أمير مكة، وهو جالس فوق الأمراء، ورسل خوند كار مراد بن عثمان متملّك بلاد الرّوم، ورسل صاحب تونس من بلاد المغرب، ورسول الأمير عذرا أمير العرب بالبلاد الشّاميّة، وقد طال جلوس الجميع عند السلطان إلى قريب الظّهر، والسلطان يرسل إلى الغزاة رسولا بعد رسول باستعجالهم حتى اجتازوا بتلك الأماكن المذكورة؛ فإنها(14/300)
مسافة طويلة، وأيضا لا يقدرون على سرعة المشى من كثرة ازدحام الناس بالطرقات، ثم ساروا من باب المدرج إلى أن دخلوا باب الحوش، فلمّا رأى متملك قبرس السلطان وهو جالس على المقعد المذكور فى موكبه وأمره من معه بتقبيل الأرض غشى عليه وسقط إلى الأرض، ثم أفاق وقبل الأرض وقام على قدميه عند باب الحوش تجاه السلطان على بعد، وسارت الغنائم بين يدى السلطان حتى عرضت عليه بتمامها وكمالها، ثم الأسرى بأجمعهم حتى انتهى ذلك كله، فتقدّمت الأمراء الغزاة وقبلوا الأرض على مراتبهم إلى أن كان آخرهم الأمير إينال الجكمىّ مقدّم العساكر.
ثم أمر السلطان بإحضار متملّك قبرس فتقدّم ومشى وهو بقيوده ورأسه مكشوفة، وبعد أن مشى خطوات أمر فقبّل الأرض، ثم قام، ثم قبّل الأرض ثانيا بعد خطوات، وأخذ يعفّر وجهه فى التّراب، ثم قام فلم يتمالك نفسه- وقد أذهله ما رأى من هيبة الملك وعزّ الإسلام- فسقط ثانيا مغشيا عليه، ثم أفاق من غشوته وقبّل الأرض، وأوقف ساعة بالقرب من السلطان بحيث إنه يتحقّق شكله، هذا والجاويشيّة تصيح والشّبابة السلطانية تزعق والأوزان يضرب على عادته «1» ، ورءوس النّوب والحجّاب تهول الناس بالعصى من كثرة العساكر، والناس بالحوش المذكور، هذا مع ما الناس فيه من التّهليل والتّكبير بزقاقات القلعة، وأطباق المماليك السلطانية وغيرها.
ثم أمر السلطان بجينوس المذكور أن يتوجّه إلى مكان بالحوش السلطانى، فمروا به فى الحال إلى المكان المذكور.
ثم طلب السلطان مقدّمى عساكر الغزاة من أمراء مصر والشام والخاصّكيّة المقدّم كل واحد منهم على مركب، وكانوا كثيرا جدا؛ لأن عدّة مراكب الغزاة المصريين والشاميين زادت على مائة قطعة، وقيل مائتان، وقيل أكثر أو أقل ما بين أغربة، وقراقير، وزوارق وغير ذلك، فأوّل من بدأ بهم السلطان وخلع عليهم أمراء الألوف(14/301)
بمصر والشام، وخلع على كل واحد منهم أطلسين متمّرا «1» ، وقيّد له فرسا بقماش ذهب، وهم الأمير إينال الجكمى أمير مجلس، والأمير تغرى بردى المحمودىّ الناصرى رأس نوبة النّوب، والأمير قرا مرادخجا الشّعبانى الظاهرى برقوق أمير جاندار والأمير حسين بن أحمد المدعو تغرى برمش البهسنىّ التّركمانىّ أحد مقدّمى الألوف، والأمير طوغان السّيفى تغرى بردى أحد مقدّمى الألوف بدمشق، ثم أمراء الطبلخانات والعشرات من أمراء مصر والشام على كل واحد فوقانى حرير كمخا «2» أحمر وأخضر وبنفسجىّ بطرز زركش على قدر مراتبهم، وكذلك كل مقدّم مركب من الخاصّكيّة والأجناد وغيرهم، فكان هذا اليوم يوما عظيما جليلا لم يقع مثله فى سالف الأعصار، أعزّ الله تعالى فيه دين الإسلام وأيّده وخذل فيه الكفر وبدّده.
ثم انفض الموكب ونزل كلّ واحد إلى داره، وقد كثرت التهانى بحارات القاهرة وظواهرها لقدوم المجاهدين حتى إن الرّجل كان لا يجتاز بدرب ولا حارة إلا وجد فيها التخليق بالزّعفران والتهانى، ثم أمر السلطان بهدم الزينة فهدمت، وكان لها مدّة طويلة.
ثم أصبح السلطان من الغد وهو يوم الثلاثاء تاسع شوّال جمع التّجّار لبيع الغنائم من القماش والأوانى والأسرى.
ثم أرسل السلطان يطلب من متملك قبرس المال، فقال: مالى إلا روحى وهى بيدكم، وأنا رجل أسير لا أملك الدرهم الفرد، من أين تصل يدى إلى مال أعطيه لكم؟
وتكرّر الكلام معه بسبب ذلك وهو يجيب بمعنى ما أجاب به أوّلا، حتى طلبه السلطان بالحوش- وكان به أسارى الفرنج- فلما حضر بين يدى السّلطان وقبّل الأرض وأوقف وشاهده الأسرى من الفرنج فى تلك الحالة صرخوا بأجمعهم صرخة واحدة، وحثوا(14/302)
التراب على رءوسهم، والسلطان ينظر إليهم من مجلسه بالمقعد الذي كان جلس به من أمسه، وسبب صراخ الأسرى وعظيم بكائهم أنه كان فيهم من لا يصدق أنّ ملكهم قد أسر لكثرتهم وتفرقهم فى المراكب، والاحتفاظ بهم، وعدم اجتماع بعضهم على بعض، فكان إذا قيل لبعضهم إن ملككم معنا أسيرا يضحك، ثم يقول: أين هو؟ فإذا قيل له بهذه المركب ويشار إلى مركب الأمير تغرى بردى المحمودىّ يهزأ بذلك ويتبسم، فلما عاينوه تحقّقوا أسره فهالهم ذلك، وقيل إنّ بعض سبى الفرنج سألت من رجل من المسلمين- لما كسروا الصليب الكبير الذي يعرف به جبل الصليب ببلادهم، وكان هذا الصليب معظما عندهم إلى الغاية- وقالت: نحن إذا حلف منا رجل أو امرأة على هذا الصّليب باطلا أوذى فى الوقت، وأنتم قد كسر تموه وأحرقتموه ولم يصبكم بأس، ما سبب ذلك؟ فقال لها الرجل: أنتم أطعتم الشيطان فصار يغويكم ويستخفّ بعقولكم، ونحن قد هدانا الله للإسلام وأنزل علينا القرآن فلا سبيل له علينا، فعند ما كسرناه بعد أن ذكرنا اسم الله تعالى عليه فرّ منه الشيطان وذهب إلى لعنة الله، فقالت المرأة: هو ما قلته، وأسلمت هى وجماعة معها- انتهى.
ولما أوقف جينوس المذكور بالحوش بين يدى السلطان، وأوقف معه جماعة من قناصلة الفرنج ممن كان بمصر وأعمالها، وتكلم الترجمان معه فيما يفدى به نفسه من المال وإلا يقتله السلطان، صمم هو على مقالته الأولى، فالتزم القناصلة عنه بالمال لفدائه من غير تعيين قدر بعينه ... ، ولكنهم أجابوا السلطان بالسمع والطاعة فيما طلبه، وعادوا بجينوس إلى مكانه من الحوش والترسيم عليه، وكان الذي رسم عليه السّيفى أركماس المؤيدى الخاصكى المعروف بأركماس فرعون، وأقام جينوس بمكانه إلى يوم الأربعاء، فرسم له السلطان ببدلتين من قماشه، وأمر له بعشرين رطل لحم فى كل يوم، وستة أطيار دجاج، وخمسمائة درهم فلوسا برسم حوائج الطعام، وفسح له فى الاجتماع بمن يختاره من الفرنج وغيرهم، وأدخل إليه جماعة من حواشيه لخدمته، كلّ ذلك والسلطان مصمم على طلب خمسمائة ألف دينار منه يفدى بها نفسه وإلّا يقتله، والرسل(14/303)
تتردّد بينهم من التراجمين والقناصلة إلى أن تقرر الصلح بعد أيّام على أنه يحمل مائتى ألف دينار يقوم منها بمائة ألف دينار عاجلة، وإذا عاد إلى بلاده أرسل بالمائة ألف دينار الأخرى، وضمنه جماعة فى ذلك، وأنه يقوم فى كل سنة بعشرين ألف دينار جزية، واشترط جينوس مع السلطان أن يكف عنه طائفة البنادقة «1» وطائفة الكيتلان «2»
من الفرنج، فضمن له السلطان ذلك، وانعقد الصلح ثم أطلقه من السجن بعد أيام كما سنذكره فى يومه.
هذا ما كان من أمر صاحب قبرس وغزوه [انتهى] «3» .
وأما أمور المملكة فإنه لما كان يوم الخميس حادى عشر شوّال المذكور سافر الشريف بركات [بن حسن] «4» من القاهرة إلى مكّة المشرفة أميرا بها مكان والده [حسن] «5» .
ثم فى يوم الاثنين خامس عشر شوّال خلع السلطان على الأمير إينال «6» الجكمى أمير مجلس باستقراره أمير سلاح عوضا عن الأتابك يشبك الأعرج، وكانت شاغرة عنه من يوم صار أتابك العساكر لغيبة إينال هذا فى الجهاد، وخلع على الأمير جرباش الكريمى قاشق حاجب الحجاب باستقراره أمير مجلس عوضا عن إينال الجكمىّ، وخلع على الأمير قرقماس الشعبانى الناصرى باستقراره حاجب الحجاب بالديار المصرية عوضا عن جرباش المذكور.
ثم فى ثامن عشره خلع السلطان على الشّريف خشرم بن دوغان بن جعفر الحسينى باستقراره أمير المدينة النبويّة عوضا عن الشريف عجلان بن نعير بن منصور بن جمّاز، على أنه يقوم بخمسة آلاف دينار، ووقع بسبب ولاية خشرم هذا بالمدينة حادثة قبيحة،(14/304)
وهى أن خشرما المذكور لما قدم المدينة وقد رحل عنها المعزول عنها وهو الشريف عجلان بن نعير لما بلغه عزله، فلم يلبث خشرم بالمدينة غير ليلة واحدة وصبّحه عجلان بجموعه- وقد حشد العربان- وقاتل الشريف خشرما وحصره ثلاثة أيّام حتى كسروه، ودخل العرب المدينة ونهبوا دورها، وشعّثوا أسوارها، وأخذوا ما كان للحجّاج الشامييّن من ودائع وغيرها، وقبضوا على خشرم المذكور ثم أطلقوه بسبب من الأسباب، واستهانوا بحرمة المسجد، وارتكبوا عظائم. كل ذلك فى أواخر ذى القعدة.
ثم فى يوم الخميس ثانى عشرين ذى الحجة قدم الأمير جار قطلو الظاهرى برقوق نائب حلب، فطلع إلى القلعة وقبّل الأرض وخلع السلطان عليه خلعة الاستمرار على نيابته، واستمرّ بالقاهرة إلى يوم السبت أول محرم سنة ثلاثين وثمانمائة خلع السلطان عليه خلعة السّفر وخرج من يومه إلى محل كفالته،
[ما وقع من الحوادث سنة 830]
ثم فى يوم الخميس سادس المحرم خلع السلطان على الأمير أزدمر من على خان الظاهرى «1» أحد مقدمى الألوف بديار مصر المعروف بشايا باستقراره فى حجوبية حلب، قلت: درجة إلى أسفل؛ فإنه يستحق ذلك وزيادة، لما كان يشتمل عليه من المساوئ والقبائح، لا أعرف فى أبناء جنسه أقذر منه؛ كان دميم الخلق مذموم الخلق، بشع المنظر، كريه المعاشرة، بخيلا متكبّرا، ظالما جبّارا، هذا مع الجبن والجهل المفرط وعدم التفات الملوك إليه فى كل دولة من الدّول، وعدّ إخراجه من مصر من حسنات الملك الأشرف، وأنا أقول: لو كان الرّجل يرزق على قدر معرفته، وما يحسنه من الفضائل والفنون لكانت رتبة أزدمر هذا أن يكون صبيّا لبعض أوباش السّراباتيّة «2» ، وقد استوعبنا مساوئه فى ترجمته فى تاريخنا المنهل الصافى والمستوفى بعد الوافى- انتهى.
ثم أخذ السلطان فى الفحص على جائى بك الصّوفىّ على عادته.(14/305)
وأهلّ شهر ربيع الأوّل، ففى ليلة الجمعة رابعه عمل السلطان المولد النبوىّ بالحوش من قلعة الجبل.
ثم فى يوم السبت حادى عشرينه أفرج السلطان عن جينوس متملّك قبرس من سجنه بقلعة الجبل، وخلع عليه، وأركبه فرسا بسرج ذهب وكنبوش زركش، ونزل إلى القاهرة فى موكب، وأقام بدار أعدّت له، وقد استقرّ أركماس المؤيّدى المعروف بفرعون مسفّره، وصار يركب من منزله المذكور ويمرّ بشوارع القاهرة ويزور كنائس النّصارى ومعابدهم، ويتوجّه إلى حيث اختار من غير حجر عليه، بعد أن أجرى السلطان عليه من الرّواتب ما يقوم به وبمن فى خدمته، هذا والخدم تأتيه من النصارى والكتّاب والقناصلة، وحضرت أنا معه فى مجلس فرأيت له ذوقا ومعرفة عرفت منه بالحدس كونه لا يعرف باللغة العربية.
ولما كان يوم الخميس سابع جمادى الأولى خلع السلطان على الأمير جرباش الكريمىّ قاشق أمير مجلس باستقراره فى نيابة طرابلس عوضا عن الأمير قصروه من تمراز بحكم انتقال قصروه إلى نيابة حلب، عوضا عن جار قطلو بحكم عزل جار قطلو وقدومه إلى القاهرة.
وفيه قدم رسول صاحب رودس «1» الفرنجىّ فأركب فرسا وفى صدره صليب وأطلع إلى القلعة، وقبّل الأرض بين يدى السلطان وسأل عن مرسله صاحب رودس أنه طلب الأمان، وأنه يسأل أن يعفى من تجهيز العساكر [الإسلامية] «2» إليه، وأن يقوم للسلطان بما يطلبه منه، وكان السلطان تكلّم قبل تاريخه فى غزوة رودس المذكورة.(14/306)
ثم فى يوم الخميس خامس جمادى الآخرة خلع السلطان على جينوس بن جاك متملّك قبرس خلعة السّفر.
ثم فى يوم الثلاثاء عاشر جمادى الآخرة المذكورة أمسك السلطان الأمير تغرى بردى المحمودىّ رأس نوبة النّوب بعد فراغه من لعب الكرة بالحوش السلطانى، فقبض على تغرى بردى «1» المذكور وهو بقماش لعب الكرة، وقيّد وأخرج من يومه إلى سجن الإسكندرية، ولم يعلم أحد ذنبه عند السلطان حتى ولا تغرى بردى المذكور؛ فإنى سألته فيما بعد فقال: لا أعلم على ماذا أمسكت، غير أن المقريزى ذكر أنه له ذنوب وأسباب فى مسكه نذكرها بعد أن نذكر قصّة مباشره.
واتّفق فى مسكه حادثة غريبة، وهو أن رجلا من مباشريه يقال له ابن الشّاميّة كان بخدمته، فلمّا بلغه القبض عليه شقّ عليه ذلك، وخرج إلى جهة القلعة ليسلّم عليه فوافى نزوله من القلعة مقيّدا إلى الإسكندرية، فصار يصيح ويبكى ويستغيث وهو ماش معه حتى وصل إلى ساحل النّيل، ووقف حتى أحدر أستاذه تغرى بردى المحمودى فى الحرّاقة إلى جهة الإسكندرية، فلمّا عاين سفره اشتد صراخه إلى أن سقط ميتا، فحمل إلى داره وغسّل وكفّن ودفن.
ثم خلع السلطان على الأمير أركماس «2» الظاهرى باستقراره رأس نوبة النّوب عوضا عن تغرى بردى المذكور، وأنعم عليه بإقطاعه أيضا، وأنعم بإقطاع أركماس المذكور وتقدمته على الأمير قانى باى الأبوبكريّ الناصرىّ المعروف بالبهلوان ثانى رأس نوبة، وأنعم بطبلخانات قانى باى على سودون ميق الأمير آخور الثانى، وخلع على الأمير إينال العلائى الناصرى باستقراره رأس نوبة ثانيا عوضا عن قانى باى البهلوان المذكور، وإينال «3» هذا هو الملك الأشرف إينال سلطان زماننا.(14/307)
وأمّا ما وعدنا بذكره من قول المقريزى فى سبب مسك تغرى بردى المذكور قال: وهذا المحمودى من جملة مماليك الملك الناصر فرج، فلما قتل [فرج] «1» خدم عند [الأمير] «2» نوروز الحافظىّ بدمشق، وصار له ميزة عنده، فلما قتل نوروز سجنه الملك المؤيّد شيخ بقلعة المرقب، فما زال محبوسا بها حتى تنكّر المؤيّد على الأمير برسباى الدّقماقى نائب طرابلس وسجنه بالمرقب مع المحمودى، وإينال الشّشمانىّ، فرأى تغرى بردى المحمودى فى ليلة من الليالى مناما يدلّ على أن برسباى يتسلطن، فأعلمه به، فعاهده على أن يقدّمه إذا تسلطن ولا يعترضه بمكروه، فلمّا كان من سلطنة الملك الأشرف برسباى ما كان، وتقدمته للمحمودى فيما مضى، وتمادى الحال إلى أن بات بالقصر على عادته، فقال لبعض من يثق به من المماليك ما تقدّم من منامه بالمرقب وأنه وقع كما رأى [وأنه] «3» أيضا رأى مناما يدلّ على أنه يتسلطن ولا بدّ، فوشى ذلك المملوك به للسلطان فحرّك منه كوامن، منها: أنه صار يقول لما حججنا أحضرت ابن عجلان، ولما مضيت إلى قبرس أسرت ملكها، أين كان الأشرف حتى يقال هذا بسعده؟ والله ما كان هذا إلا بسعدى، وتنقل كل ذلك إلى السلطان- انتهى كلام المقريزى بتمامه.
ثم فى يوم الاثنين أوّل شهر رجب قدم الخبر على السلطان بموت الملك المنصور عبد الله ابن الملك الناصر أحمد صاحب اليمن، وأن أخاه ملك بعده ولقّب بالأشرف إسماعيل.
ثم فى يوم الاثنين ثامن شهر رجب قدم الأمير جار قطلو المعزول عن نيابة حلب إلى القاهرة، وطلع إلى القلعة، وقبّل الأرض فخلع عليه السلطان باستقراره أمير مجلس عوضا عن جرباش قاشق بحكم انتقال جرباش إلى نيابة طرابلس حسبما تقدم ذكره.(14/308)
ثم فى تاسع عشر رجب المذكور توجّه الزينى عبد الباسط ناظر الجيش على الهجن إلى حلب لعمارة سورها ولغير ذلك من المهمّات السلطانية بعد ما قدّم عدّة خيول قبل ذلك بأيّام.
ثم فى يوم الخميس أوّل شهر رمضان فتح الجامع «1» الذي أنشأه الأمير جانى بك الأشرفى الدّوادار الثانى بالشارع الأعظم خارج باب زويلة بخط القربيّين، وأقيم به الجمعة فى يوم الجمعة ثانيه.
ثم فى سابع عشر شهر رمضان المذكور قدم عبد الباسط إلى القاهرة من حلب وطلع إلى القلعة، وخلع السلطان عليه.
ثم فى ثالث عشرينه طلع زين الدين عبد الباسط بهديّة إلى السلطان فيها مائتا فرس، وحلى كثير ما بين زركش ولؤلؤ وقماش مذهّب برسم السلطان «2» وثياب صوف وفرو وغيره.
ثم فى عاشر ذى القعدة قدم الخبر على السلطان بأن قاضى قضاة دمشق نجم الدين عمر بن حجّى وجد مذبوحا على فراشه ببستانه بالنّيرب «3» خارج دمشق، ولم يعرف قاتله واتّهم الناس الشريف كاتب سرّ دمشق ابن الكشك وعبد الباسط بالممالأة على قتله، وراحت على من راحت، وكان ابن حجّىّ المذكور من أعيان أهل دمشق وفضلائهم، وقد تقدّم من ذكره نبذة فى ولايته كتابة سرّ مصر قبل تاريخه.
ثم فى رابع عشر ذى القعدة، خلع السلطان على الأمير قانى باى البهلوان أحد مقدّمى الألوف بمصر باستقراره فى نيابة ملطية «4» زيادة على ما بيده من إقطاع تقدمة ألف بديار(14/309)
مصر عوضا عن أزدمر شايا المقدّم ذكره لعجزه عن القيام بقتال التّركمان، وأعيد أزدمر شايا إلى إقطاعه بحلب كما كان أوّلا.
ثم فى يوم الاثنين سلخ ذى القعدة خلع السلطان على بهاء الدين محمد ابن القاضى نجم الدين عمر بن حجى باستقراره قاضى قضاة دمشق عوضا عن والده بحكم وفاته، وولى بهاء الدين هذا القضاء قبل أن يستكمل عذاره.
ثم فى سابع عشرين ذى الحجة قدم مبشّر الحاج وأخبر بسلامة الحاجّ ورخاء الأسعار بمكة، وأنه قرىء مرسوم السلطان بمكة المشرّفة فى الملأ بمنع الباعة من بسط البضائع أيام الموسم فى المسجد الحرام، ومن ضرب الناس الخيام بالمسجد المذكور، ومن تحويل المنبر فى يوم الجمعة والعيدين من مكانه إلى جانب الكعبة حتى يسند إليها، فأمر أن يترك مكانه مسامتا لمقام إبراهيم الخليل عليه السلام، ويخطب الخطيب عليه هناك، وأن تسدّ أبواب المسجد بعد انقضاء الموسم إلا أربعة أبواب من كل جهة باب واحد، وأن تسدّ الأبواب الشارعة من البيوت إلى سطح المسجد، فامتثل جميع ذلك.
قال المقريزى: وأشبه هذا قول عبد الله بن عمر رضى الله عنه وقد سأله رجل عن دم البراغيث فقال: عجبا لكم يا أهل العراق تقتلون الحسين بن على وتسألون عن دم البراغيث!! وذلك أن مكة استقرّت دار مكس حتى إنه يوم عرفة قام المشاعلىّ- والناس بذلك الموقف العظيم يسألون الله مغفرة ذنوبهم- فنادى معاشر الناس كافة، من اشترى بضاعة وسافر بها إلى غير القاهرة حلّ دمه وماله للسلطان، فأخذ التجار القادمون من الأقطار حتى صاروا مع الركب المصرى على ما جرت به هذه العادة المستجدة منذ سنين لتؤخذ منهم مكوس بضائعهم، ثم إذا ساروا من القاهرة إلى بلادهم من البصرة والكوفة والعراق أخذ منهم المكس ببلاد الشّام وغيرها، فهذا لا ينكر وتلك الأمور بعثنا بإنكارها- انتهى كلام المقريزى.
قلت: أنا لا أتابعه على ما أعاب، وأبلق خير من أسود، وكونه رسم بردّ التجار(14/310)
إلى الدّيار المصرية لتؤخذ منهم المكوس لا يلزم أنه لا يفعل معروفا آخر، وأما جميع ما أبطله ورسم بمنعه ففيه غاية الصلاح والتعظيم للبيت العتيق، أما منع الباعة بالحرم فكان من أكبر [المصالح و] «1» المعروف، فإنه كان يقوم الشخص فى طوافه وعبادته وأذنه ملأى من صياح الباعة والغوغاء من كثرة ازدحام الشّراة، وأما نصب الخيام فكان من أكبر القبائح، ولعل الله تعالى يغفر للملك الأشرف جميع ذنوبه بإبطال ذلك من الحرم الشريف، فإنه قيل إن بعض الناس كان إذا نصب خيامه بالمسجد الحرام نصب به أيضا بيت الراحة وحفر له حفرة بالحرم، وفى هذا كفاية، وأما تحويل المنبر فإنه قيل للسلطان إن المنبر فى غاية ما يكون من الثقل، وأنه كلما ألصق بالبيت الشريف انزعج منه وتصدّع، فمنع بسبب ذلك، وقد صار الآن يحول إلى القرب من البيت، غير أنه لا يلصق به، فحصلت المصلحة من الجهتين، وأما غلق أبواب المسجد فى غير أيّام الموسم إلا أربعة فيعرف فائدة ذلك من جاوره بمكة، ويطول الشرح فى ذكر ما يتأتى من ذلك من المفاسد، وإن كان فيه بعض مصلحة لسكان مكة- انتهى.
ثم فى رابع عشرين ذى الحجة قبض بالمدينة على أميرها الشريف خشرم بن دوغان ابن جعفر بن هبة الله بن جمّاز بن منصور بن جمّاز، فإنه لم يقم بالمبلغ الذي وعد به، واستقرّ عوضه فى إمرة المدينة الشريفة مانع بن على بن عطية بن منصور بن جمّاز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنّأ بن داود بن قاسم بن عبد الله بن طاهر بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن الحسين بن على بن أبى طالب [كرم الله وجهه] «2» .
[ما وقع من الحوادث سنة 831]
ثم فى يوم الجمعة ثالث المحرم سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة قدم الحمل من جزيرة قبرس ومبلغه خمسون ألف دينار مشخّصة، فرسم السلطان بضربها دنانير أشرفيّة، فضربت بقلعة الجبل والسلطان ينظر إليها إلى أن تمّت.
ثم فى يوم السبت حادى عشر المحرّم المذكور ركب السلطان من قلعة الجبل بغير(14/311)
قماش الخدمة ونزل إلى دار الأمير جانى بك الأشرفى الدّوادار الثانى بحدرة البقر «1» ليعوده فى مرضه.
ثم فى يوم الأربعاء ثانى عشرينه قدم الركب الأوّل من الحاج، وقدم المحمل من الغد ببقية الحاجّ، ومعهم الشريف خشرم فى الحديد، وقدم معهم أيضا الأمير بكتمر السّعدى من المدينة، وكان له بها من العام الماضى.
ثم فى يوم الثلاثاء ثانى عشر صفر من سنة إحدى وثلاثين خلع السلطان على قاضى القضاة محبّ الدين أحمد بن نصر الله البغدادى الحنبلى، وأعيد إلى قضاء الحنابلة بالديار المصرية بعد عزل قاضى القضاة عز الدين عبد العزيز الحنبلى «2» ولم يكن عزل عزّ الدين المذكور لسوء سيرته بل إنه سار فى القضاء على طريق غير معتادة، وهو أنه صار يمشى فى الأسواق ويشترى ما يحتاجه بيده من الأسواق، وإذا ركب أردف خلفه على بغلته عبده، ويمر على هذه الهيئة بجميع شوارع القاهرة، وكان كثير التردد إلىّ فى كل وقت، لأنه كان من جمله أصحاب الوالد، فكان يأتى من المدرسة الصالحيّة ماشيا، ويجلس حيت انتهى به المجلس، فلم يحسن ذلك ببال أعيان الدّولة، وحملوه على أنه يفعل ذلك تعمدا ليقال، وقالوا للسلطان- وكان له إليه ميل زائد-: هذا مجنون، ولا زالوا به حتى عزله وأعاد القاضى محب الدين.
ثم فى يوم الثلاثاء تاسع عشر صفر المذكور ركب السلطان من القلعة بغير قماش الخدمة- وقد صار ركوب السلطان بغير قماش الخدمة عادة، وكان يقبح ذلك فى سالف الأعصار، وأول من فعل ذلك الملك الناصر فرج، ثم المؤيد، ثم الأشرف [هذا] «3» .
انتهى- وسار حتى شقّ القاهرة ودخل من باب زويلة وخرج من باب النّصر إلى خليج الزعفران، فرأى البستان الذي أنشأه هناك، وعاد من خارج القاهرة على تربته(14/312)
التى عمّرها بجوار تربة الملك الظاهر برقوق بالصحراء «1» ثم سار حتى طلع إلى القلعة، ثم فى ليلة الجمعة سابع شهر ربيع الأوّل قرىء المولد النبوىّ بالحوش السلطانى من قلعة الجبل على العادة.
ثم فى يوم الخميس ثالث عشر شهر ربيع الأوّل المذكور أنعم السلطان بإقطاع الأمير بكتمر السعدى على الأمير قجقار السيفى بكتمر جلّق الزردكاش المعروف بجغتاى،- والإقطاع إمرة طبلخاناه- بعد موت بكتمر السّعدىّ، وكان بكتمر من محاسن الدّهر معدودا من أرباب الكمالات، كان فقيها جنديا شجاعا عالما، هينا قويا عاقلا، مقداما عفيفا لطيفا، لا أعلم فى أبناء جنسه من يدانيه أو يقاربه فى كثرة محاسنه، صحبته سنين، وانتفعت بفضله ومعرفته وأدبه، وقد استوعبنا ترجمته فى [تاريخنا] «2» المنهل الصافى، ويأتى ذكره أيضا فى الحوادث من هذا الكتاب فى محله إن شاء الله تعالى، ولهو أحقّ بقول القائل: [الكامل]
عقم النّساء فما يلدن شبيهه ... إنّ النساء بمثله عقم
ثم فى آخر شهر ربيع الأوّل استقر تمرباى «3» التّمربغاوى الدوادار الثالث دوادارا ثانيا بعد موت الأمير جانى بك [الأشرفى] «4» الدّوادار، ولم ينعم عليه بإمرة إلا بعد مدة طويلة أنعم عليه بإمرة عشرة، وأما جانى بك يأتى ذكره فى الوفيات مطوّلا [إن شاء الله تعالى] «5»
ثم فى شهر ربيع الآخر من هذه السنة تشكّى التجار الشاميّون من حملهم البضائع(14/313)
التى يشترونها من بندر جدّة إلى القاهرة، فوقع الاتفاق على أن يؤخذ منهم بمكّة عن كل حمل- قلّ ثمنه أو كثر- ثلاثة دنانير ونصف، وأن يعفوا عن حمل ما يقبضونه من جدّة إلى مصر، فإذا حملوا ذلك إلى دمشق أخذ منهم مكسها هناك على ما جرت به العادة، وتم ذلك.
قال المقريزى: وفى هذا الشهر- يعنى عن جمادى الأولى من سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة- كانت الفتنة الكبيرة بمدينة تعز «1» من اليمن؛ وذلك أن الملك الأشرف إسماعيل ابن الملك الأفضل عباس ابن المجاهد على ابن المؤيد داود ابن المظفر يوسف ابن المنصور عمر بن على بن رسول [صاحب اليمن] «2» لما مات قام من بعده ابنه [ «3» الملك الناصر أحمد ابن الأشرف إسماعيل، وقام بعد الناصر أحمد ابنه «3» ] الملك المنصور عبد الله فى جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ومات فى جمادى الآخرة سنة ثلاثين وثمانمائة، فأقيم بعده أخوه الملك الأشرف إسماعيل بن أحمد الناصر فتغيّرت عليه نيّات الجند كافة من أجل وزيره شرف الدين إسماعيل بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر العلوى، فإنه أخّر صرف جوامكهم ومرتّباتهم، فتغيرت منه القلوب، وكثرت حسّاده لاستبداه على السلطان وانفراده بالتصرّف دونهم، وكان يليه فى الرّتبة الأمير شمس الدين على بن الحسام ثم القاضى نور الدين على المحالبى مشدّ الاستيفاء «4» ، فلما اشتدّ الأمر على العسكر وكثرت إهانة الوزير لهم. وإطراحه جانبهم ضاقت عليهم الأحوال حتى كادوا أن يموتوا جزعا، فاتّفق تجهيز خزانة من عدن وبرز الأمر بتوجّه طائفة من العبيد والأتراك إليها لتلقّيها، فسألوا أن ينفق فيهم أربعة دراهم(14/314)
لكل [واحد] «1» منهم يرتفق بها، فامتنع الوزير ابن العلوىّ من ذلك، وقال:
ليمضوا غصبا إن كان لهم غرض فى الخدمة، وحين وصول الخزانة يكون خيرا وإلا ففسح الله لهم فما للدهر بهم حاجة، والسلطان غنىّ عنهم، فهيّج هذا القول خفاء بواطنهم، وتحالف العبيد والترك على الفتك بالوزير، وإثارة فتنة، فبلغ الخبر السلطان فأعلم به الوزير، فقال: ما يسوّوا شيئا، بل نشنق كلّ عشرة فى موضع، وهم أعجز من ذلك.
فلما كان يوم الخميس تاسع جمادى الأولى هذه قبيل المغرب هجم جماعة من العبيد والترك دار العدل بتعزّ، وافترقوا أربع فرق: فرقة دخلت من باب الدار، وفرقة دخلت من باب السر، وفرقة وقفت تحت الدار، وفرقة أخذت بجانب آخر، فخرج إليهم الأمير سنقر أمير جاندار فهبروه بالسّيوف حتى هلك وقتلوا معه عليا المحالبى مشدّ الدّواوين وعدّة رجال، ثم طلعوا إلى الأشرف وقد اختفى بين نسائه وتزيّا بزيّهن فأخذوه، ومضوا إلى الوزير العلوى فقال لهم: ما لكم فى قتلى فائدة، أنا أنفق على العسكر نفقة شهرين، فمضوا إلى الأمير شمس الدين على بن الحسام فقبضوا عليه وقد اختفى، وسجنوا الأشرف فى طبقة المماليك ووكلوا به، وسجنوا ابن العلوى الوزير وابن الحسام قريبا من الأشرف ووكلوا بهما، وقد قيدوا الجميع، وصار كبير هذه الفتنة برقوق من جماعة الأتراك، فصعد هو وجماعة ليخرج الملك الظاهر يحيى ابن الأشرف إسماعيل بن عباس من تعبات «2» ، فامتنع أمير البلد من الفتح ليلا، وبعث الظاهر إلى برقوق أن يمهل إلى الصبح، فنزل برقوق ونادى فى البلد بالأمان والاطمئنان والبيع والشراء، وأن السلطان هو الملك الظّاهر يحيى بن الأشرف، هذا وقد نهب العسكر عند دخولهم دار العدل جميع ما فى دار السلطنة، وأفحشوا فى نهبهم؛ فسلبوا الحريم ما عليهن، وانتهكوا منهن ما حرّم الله، ولم يدع فى الدار ما قيمته الدّرهم الفرد «3» .(14/315)
فلما أصبح يوم الجمعة عاشره اجتمع بدار العدل التّرك والعبيد وطلبوا بنى زياد وبنى السنبلى والخدّام وسائر أمراء الدّولة والأعيان، فلما تكامل جمعهم وقع بينهم الكلام فيمن يقيمونه، فقال بنو زياد: وما ثمّ غير يحيى فاطلعوا له هذه الساعة، فقام الأمير زين الدين جيّاش الكاملى والأمير برقوق وطلعا إلى تعبات فى جماعة من الخدّام والأجناد فإذا الأبواب مغلقة، فصاحوا بصاحب البلد حتى فتح لهم، ودخلوا إلى القصر وسلّموا على الظاهر يحيى بالسلطنة، وسألوه أن ينزل معهم إلى دار العدل، فقال: حتى يصل العسكر أجمع، ففكّوا القيد من رجليه، وطلبوا العسكر بأسرهم، فطلعوا بأجمعهم وأطلعوا معهم بعشرة جنائب، فتقدّم الترك والعبيد وقالوا للظاهر:
لا نبايعك حتى تحلف لنا أنّك لا يحدث علينا منك شىء بسبب هذه الفعلة ولا ما سبق قبلها، فحلف لهم وهم يردّدون عليه الأيمان، وذلك بحضرة قاضى القضاة موفّق الدين على بن الناشرى، ثم حلفوا له على ما يحبّ ويختار، فلما انقضى الحلف وتكامل العسكر ركب ونزل إلى دار العدل بأبهة السلطنة، ودخلها بعد صلاة الجمعة، فكان يوما مشهودا، وعندما استقرّ بالدار أمر بإرسال ابن أخيه الأشرف إسماعيل إلى تعبات فطلعوا به وقيّدوه بالقيد الذي كان الظّاهر يحيى مقيّدا به وسجنوه بالدّار التى كان [الظاهر مسجونا] «1» بها، ثم حمل بعد أيّام إلى الدّملوة «2» ومعه أمّه وجاريته، وأنعم السلطان على أخيه الملك الأفضل عباس بما كان له، وخلع عليه وجعله نائب السلطنة كما كان أوّل دولة الناصر وخمدت الفتنة.
وكان الذي حرّك هذه الفتنة بنو زياد، فقام أحمد بن محمد بن زياد الكاملى بأعباء هذه الفتنة لحنقه من الوزير ابن العلوى، فإنه كان قد مالأ على قتل أخيه جيّاش وخذّل عن الأخذ بثأره، وصار يمتهن «3» بنى زياد، ثم ألزم الوزير ابن العلوى وابن الحسام(14/316)
بحمل المال، وعصرا على كعابهما وأصداغهما، وربطا من تحت إبطيهما وعلّقا منكّسين، وضربا بالشيب والعصىّ وهمايوردان المال، فأخذ من ابن العلوى- ما بين نقد وعروض- ثمانون ألف دينار، ومن ابن الحسام مبلغ ثلاثين ألف دينار، واستقرّ الأمير برقوق أمير جاندار، واستقر الأمير بدر الدين محمد الشّمسى أتابك العساكر، واستقرّ ابنه العفيف أمير آخور، ثم استقرّ الأمير بدر الدين المذكور أستادارا، وشرع فى النفقة على العسكر، وظهر من السلطان نبل وكرم وشهامة بحيث أطاعته العساكر بأجمعهم، فإن له قوة وشجاعة حتى [قيل] «1» إن قوسه يعجز من عندهم من التّرك عن جرّه، ومدحه الفقيه يحيى بن رويك بقصيدة أولها: [الوافر]
بدولة ملكنا يحيى اليمانى ... بلغنا ما نريد من الأمانى
وعدّة القصيدة واحد وأربعون بيتا، وأجيز عليها بألف دينار. وبهذه الكائنة اختلّ ملك بنى رسول من اليمن- انتهى كلام المقريزى.
قلت: وقد خرجنا عن المقصود بطول هذه الحكاية، غير أن فى ذكرها نوعا من الأخبار والتعريف بالممالك، ولنرجع إلى ما نحن فيه «2» من أحوال الملك الأشرف برسباى صاحب الترجمة.
ولما كان يوم الاثنين خامس جمادى الآخرة خلع السلطان على الأمير جارقطلو «3» أمير مجلس باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية بعد موت الأمير الكبير يشبك السّاقى الأعرج، وكان يشبك الساقى المذكور من أفراد العالم، وهو أحد من أدركناه من الملوك من أهل المعرفة والذّوق والفضل والرأى والتدبير، كما سنبينه فى ترجمة وفاته من هذا الكتاب [إن شاء الله] «4» .(14/317)
ثم فى يوم السبت عاشر جمادى الآخرة المذكورة كتب [السلطان] «1» بإحضار جرباش الكريمى المعروف بقاشق نائب طرابلس ليستقرّ أمير مجلس على عادته أوّلا عوضا عن الأمير الكبير جارقطلو «2» ، وكتب إلى الأمير الكبير [طرباى] «3» الظاهرى المقيم بالقدس بطّالا باستقراره فى نيابة طرابلس.
ثم فى يوم السبت أوّل شهر رجب عمل السلطان الخدمة بالإيوان بدار العدل «4» من القلعة، وأحضرت رسل مراد بك بن عثمان متملك برصا «5» وأدر نابولى «6» وغيرهما من ممالك الرّوم، فكان موكبا جليلا أركب فيه الأمراء والمماليك السلطانية وأجناد الحلقة وغيرهم على عادة هيئة خدمة الإيوان من تلك الأشياء المهولة، وقد بطل خدم الإيوان من أيّام الملك الظاهر جقمق، وذهب من كان يعرف ترتيبه، حتى لو أراد أحد من الملوك أن يفعله لا يمكنه ذلك.
ثم فى سابع شهر رجب المذكور خلع السلطان على القاضى كمال الدين «7» بن البارزىّ- المعزول قبل تاريخه عن كتابة السّرّ ثم عن نظر الجيش بالديار المصرية- باستقراره فى كتابة سرّ دمشق عوضا عن بدر الدين حسين بحكم وفاته، من غير سعى فى ذلك، بل طلبه السلطان وولّاه، وكان القاضى كمال الدين المذكور من يوم عزل من وظيفة نظر الجيش بعد كتابة السّرّ ملازما لداره على أجمل حالة، وأحسن طريقة من الاشتغال بالعلم والوقار والسكينة، وهو على هيئة عمله من الحشم والخدم، وبسط يديه بالإحسان لكل أحد، وترداد الأكابر والأعيان والفضلاء إلى بابه، وسافر فى ثانى عشرينه.(14/318)
ثم فى حادى عشره أدير محمل الحاج على العادة «1» فى كل سنة.
ثم فى ثالث عشرينه قدم الأمير جرباش الكريمى معزولا عن نيابة طرابلس فخلع السلطان عليه باستقراره أمير مجلس على عادته أوّلا، كل ذلك والسلطان فى قلق من جهة جانى بك الصّوفىّ.
ثم فى عشرين شعبان خلع السلطان على الأمير قانصوه النّوروزىّ أحد أمراء الطبلخانات باستقراره فى نيابة طرسوس وأضيف إقطاعه إلى الديوان المفرد.
ثم فى يوم الثلاثاء ثامن عشرين شوّال أمسك السلطان الأمير قطج من تمراز «2» أحد مقدّمى الألوف بالديار المصرية، ثم الأمير جرباش الكريمى قاشق أمير مجلس، فحمل قطج فى الحديد إلى الإسكندرية فسجن بها، وأخرج جرباش الكريمى بغير «3» قيد إلى ثغر دمياط بطالا، كل ذلك بسبب جانى بك الصّوفىّ، ولما تحدّت السلطان نفسه بما يفعله من كثرة قلقه منه، ولهذا السبب أيضا أخرج قانصوه وغيره، ويأتى ذكر آخرين.
ثم خلع السلطان على الأمير إينال العلائى الناصرى رأس نوبة ثانى باستقراره «4» فى نيابة غزّة عوضا عن تمراز القرمشى بحكم قدوم تمراز للدّيار المصرية، وأنعم السلطان بإقطاع إينال المذكور على الأمير تمرباى التّمر بغاوىّ الدّوادار الثانى، ثم كتب بإحضار الأمير بيبغا المظفرى من القدس، وكان نقل إلى القدس من دمياط من نحو شهر واحد، فقدم من القدس إلى القاهرة فى يوم الخميس حادى عشرين ذى القعدة وطلع إلى القلعة، وخلع السلطان عليه باستقراره أمير مجلس عوضا عن جرباش الكريمى قاشق، ومنزلة أمير مجلس فى الجلوس عند السّلطان يكون ثانى الميمنة تحت الأمير الكبير، فلما ولى بيبغا هذا إمرة مجلس أجلسه السلطان(14/319)
على الميسرة فوق الأمير إينال الجكمى أمير سلاح لما سبق له من ولايته أتابكيّة العساكر بالديار المصرية قبل تاريخه، فصار فى الحقيقة رتبته أعظم من رتبة الأمير الكبير جار قطلو بجلوسه فوق أمير سلاح؛ لأن الأمير الكبير لا يمكنه الجلوس فوق أمير سلاح إلا لضرورة، وصار بيبغا هذا دائما جلوسه فوقه، غير أن إقطاع الأمير الكبير أكثر متحصلا من إقطاعه، وأيضا لالتفات السلطان إليه، فإنه كان أكثر كلامه فى الموكب السلطانى معه فى كل تعلقات المملكة، وليس ذلك لمحبّته فيه غير أنه كان يداريه بذلك اتّقاء فحشه، وكان سبب القبض عليه أوّلا أن السلطان شكاله بعض الأجناد من ظلم كاشف التّراب، فقال الملك الأشرف: الكاشف ماله منفعة، فبادره بيبعا هذا فى الملأ وقال له: أنت ما عملت كاشف ما تعرف، فعظم ذلك على الأشرف وأسرّها فى نفسه، ثم قبض عليه، وكذا كان وقع لبيبغا المذكور مع الملك المؤيّد، حتى قبض عليه أيضا وحبسه، وكان هذا شأنه المغالظة مع الملوك فى الكلام، غير أنه كان مناصحا للملوك ظاهرا وباطنا، ولهذا كانت الملوك لا تبرح تغضب عليه ثم ترضى؛ لعلمهم بسلامة باطنه، وكان الملك الأشرف يمازحه فى بعض الأحيان، ويسلّط عليه بعض الچراكسة بأن يزدرى جنس التّتار ويعظّم الچراكسة، فإذا سمع بييغا ذلك سبّ القائل وهجر «1» عليه، وأخذ فى تفضيل الأتراك على طائفة الچراكسة فى الشّجاعة والكرم والعظمة، فيشير عليه بعض أمراء الأتراك بالكف عن ذلك، فلا يلتفت ويمعن، والملك الأشرف يضحك [من ذلك] «2» ويساعده على غرضه حتى يسكت، وقيل إنه جلس مرّة فى مجلس أنس مع جماعة من الأمراء فأخذ بيبغا فى تعظيم ملك التّتارچنكز خان، وزاد وأمعن واخترق اختراقات عجيبة، فقال له الأمير طقز الظّاهرىّ الچركسىّ: وأيش هو چنكز خان؟ فلما سمع بيبغا ذلك أخذ الطّبر وأراد قتل طقز حقيقة، وقال له: كفرت، فأعاقه الأمراء عنه حتى قام طقز من المجلس وراح إلى حال سبيله، وقيل إنه لم يجتمع به بعد ذلك، ومع(14/320)
هذا كلّه كان لجنونه طلاوة ولانحرافه حلاوة، على أنه كان من عظماء الملوك وأحسنها طريقة.
ثم فى يوم الخميس سادس ذى الحجة من سنة إحدى وثلاثين المذكورة أمسك السلطان الأمير أزبك المحمدى «1» الدّوادار الكبير، وأخرجه من ليلته بطّالا إلى القدس بعد أن قبض [السلطان] «2» على عدّة من خاصّكيّته، ولذلك أسباب أعظمها أمر جانى بك الصّوفىّ وأشياء أخر، منها: أن فى أواخر ذى القعدة بلغ السلطان أن جماعة من مماليكه وخاصّكيّته يريدون الفتك به وقتله ليلا، فقبض على جماعة منهم السّيفى سنطباى الأشرفى وغيره فى أيّام متفرقة، ونفى جماعة منهم إلى الشام وقوص بعد أن عاقب جماعة منهم، فكثرت القالة فى ذلك، قيل إنه سأل بعضهم بأن قال: لو قتلتمونى من الذي تنصّبونه بعدى فى السلطنة؟ فقالوا: الأمير أزبك، وقيل غير ذلك، وأخذ السلطان فى الاستعداد والحذر، وسقط عليه أيضا مرارا سهام نشّاب من أطباق المماليك السلطانية، فهذا كان السبب لقبض أزبك وغيره، وأنا أقول: إن جميع ما وقع من مسك الأمراء، وضرب جماعة من الخاصّكيّة بالمقارع، ونفى بعضهم إنما هو لسبب جانى بك الصّوفى لا غير.
ثم فى يوم السبت ثامنه خلع السّلطان «3» على الأمير أركماس الظاهرى رأس نوبة النّوب باستقراره دوادارا كبيرا عوضا عن أزبك المذكور، وخلع على الأمير تمراز القرمشىّ المعزول عن نيابة غزّة باستقراره رأس نوبة، وأنعم عليه بإقطاع أركماس المذكور، وأنعم بإقطاع تمراز الذي كان السلطان أنعم عليه به بعد مجيئه من غزّة وهو تقدمة ألف أيضا على الأمير يشبك السّودونى شاد الشراب خاناه، وأنعم بطبلخانات يشبك السّودونى على الأمير قراجا الأشرفى الخازندار، وخلع السلطان فى هذه الأيّام على صفىّ الدين جوهر السّيفى قنقباى اللّالا باستقراره خازندارا عوضا عن الأمير خشقدم(14/321)
الظاهرى الرّومى بحكم انتقاله زمّاما بعد موت «1» الأمير كافور الشّبلى الصّرغتمشىّ الرّومى بعد وفاته فى السنة الماضية، وكانت وظيفة الخازندارية شاغرة من يوم تاريخه، والسلطان ينظر فيمن يولّيه من الخدام من قدماء خدام الملوك فرشّح مرجان خادم الوالد فخافه الخدّام من شدّة بأسه وحوّلوا الأشرف عنه، وكان الطّواشى جوهر الجلبّانىّ الحبشىّ لالا ابن السلطان له حنوّ وصحبة قديمة بجوهر هذا فتكلّم السلطان بسببه ونغته بالدين [والعفّة] «2» والعقل والتّدبير، ولا زال بالسلطان حتى طلبه وولّاه الخازندارية دفعة واحدة؛ فإنه كان من أصاغر الخدّام لم تسبق له رئاسة قبل ذلك، وإنما كان يعرف بين الخدام بأخى اللالا، فنال جوهر هذا من الحرمة والوجاهة والاختصاص بالملك الأشرف ما لم ينله خادم قبله- انتهى.
ثم فى سابع عشرين ذى الحجة من سنة إحدى وثلاثين المذكورة قدم مبشّر الحاج العراقى «3» وأخبر بسلامة الحاج، وأنه قدم محمل العراق فى أربعمائة جمل جهّزه السلطان حسين بن على ابن السلطان أحمد بن أويس من الحلّة «4» ، وكان السلطان حسين هذا قد استولى على ششتر «5» والحلّة، وصاهر العرب فقوى بأسه بهم، وقاتل شاه محمد ابن قرا يوسف صاحب بغداد وتمّ أسره بهذه البلاد المذكورة، وجهّز الحاج وكان له سنين قد انقطع لاستيلاء هذا الزّنديق شاه محمد بن قرا يوسف [على العراق] «6» ، فإنه كان محلول العقيدة لا يتديّن بدين، وقتل العلماء وأباد الناس، وهو أحد أسباب خراب بغداد والعراق هو وأخوته كما سيأتى ذكره، وذكر أقاربه فى(14/322)
وفيات هذا الكتاب عند وفاتهم، وذهاب روحهم الخبيثة اللعينة إلى جهنم وبئس المصير.
[ما وقع من الحوادث سنة 832]
ثم فى يوم الاثنين خامس عشر المحرم سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة حدث مع غروب الشمس برق ورعد شديد متوال، ثم مطر غزير خارج عن الحدّ، وكان الوقت فى أثناء فصل الخريف.(14/323)
ذكر قتلة الخواجا نور الدين على التبريزى العجمى المتوجه برسالة الحطى ملك الحبشة إلى ملوك الفرنج
ولمّا كان يوم الثلاثاء رابع عشرين جمادى الأولى من سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة استدعى السلطان قضاة الشرع الشريف إلى بين يديه فاجتمعوا، وندب السلطان قاضى القضاة شمس الدين محمدا البساطىّ المالكى للكشف عن أمره وإمضاء حكم الله فيه، وكان التّبريزى مسجونا فى سجن السلطان، فنقله القاضى من سجن السلطان إلى سجنه، وادّعى عليه بالكفر وبأمور شنيعة، وقامت عليه بينة معتبرة بذلك، فحكم بإراقة دمه، فشهّر فى يوم الأربعاء خامس عشرين جمادى الأولى المذكورة على جمل بالقاهرة ومصر وبولاق، ونودى عليه: هذا جزاء من يجلب السلاح إلى بلاد العدوّ، ويلعب بالدّينين، وصار وهو راكب الجمل يتشاهد ويقرأ القرآن ويشهد الناس أنه باق على دين الإسلام، والخلق صحبته أفواجا، ومن الناس من يبكى لبكائه، وهم العامة الجهلة، والذي أقوله فى حقه: إنه كان زنديقا ضالّا مستخفّا بدين الإسلام، ولا زالوا به إلى أن وصلوا إلى بين القصرين فأنزل عن الجمل وأقعد تحت شبّاك المدرسة الصالحية وضربت عنقه فى الملإ من الخلائق التى لا يعلم عددها إلا الله تعالى- فنسأل الله السلامة فى الدين، والموت على الإسلام.
وكان خبر هذا التّبريزىّ أنه كان أوّلا من جملة تجّار الأعاجم بمصر وغيرها، وكان يجول فى البلاد بسبب المتجر على عادة التجار، فاتّفق أنه توجّه إلى بلاد الحبشة فحصل له بها الرّبح الهائل المتضاعف، وكان فى نفسه قليل الدين مع جهل وإسراف فطلب الزيادة فى المال، فلم يرم بوصله إلى مراده إلا أن يتقرّب إلى الحطىّ ملك الحبشة بالتحف، فصار يأتيه بأشياء نادرة لطيفة؛ من ذلك أنه صار يصنع له الصّلبان من الذّهب المرصّع بالفصوص الثمينة، ويحملها إليه فى غاية الاحترام والتّعظيم كما هى عادة النّصارى(14/324)
فى تعظيمهم للصليب، وأشياء من هذه المقولة، ثم ما كفاه ذلك حتى [إنه] «1» صار يبتاع السلاح المثمّن من الخوذ والسّيوف الهائلة والزرديات والبكاتر «2» بأغلى الأثمان ويتوجّه بها إلى بلاد الحبشة، وصار يهوّن عليهم أمر المسلمين، ويعرفهم ما المسلمون فيه بكل ما تصل القدرة إليه، فتقرّب بذلك من الحطّى حتى صار عنده بمنزلة عظيمة، فعند ذلك ندبه الحطّى بكتابه إلى ملوك الفرنج عند ما بلغه أخذ قبرس وأسر ملكها جينوس يحثّهم فيه على القيام معه لإزالة دين الإسلام وغزو المسلمين وإقامة الملّة العيسوية ونصرتها، وأنه يسير فى بلاد الحبشة فى البرّ بعساكره، وأن الفرنج تسير فى البحر بعساكرها فى وقت معيّن إلى سواحل الإسلام، وحمّله مع ذلك مشافهات، فخرج التّبريزى هذا من بلاد الحطّى بكتابه وبما حمله من المشافهات لملوك الفرنج بعزم واجتهاد وسلك فى مسيره من بلاد الحبشه البرّيّة حتى صار من وراء الواحات [ثم سلك من وراء الواحات] «3» إلى بلاد المغرب، وركب منها البحر إلى بلاد الفرنج، وأوصل إليهم كتاب الحطّىّ وما معه من المشافهات، ودعاهم للقيام مع الحطّىّ فى إزالة الإسلام وأهله، واستحثهم فى ذلك، فأجابه غالبهم، وأنعموا عليه بأشياء كثيرة، فاستعمل بتلك البلاد عدّة ثياب مخمّل مذهّبة باسم الحطّىّ، ورقمها بالصلبان؛ فإنه شعارهم.
قلت: لولا أنه داخلهم فى كفرهم، وشاركهم فى مأكلهم ومشربهم ما طابت نفوسهم لإظهار أسرارهم عليه، وكانوا يقولون: هذا رجل مسلم يمكن أنه يتجسّس أخبارنا وينقلها للمسلمين ليكونوا منا على حذر، وربما أمسكوه بل وقتلوه بالكلية- انتهى.
ثم خرج من بلاد الفرنج وسار فى البحر «4» حتى قدم الإسكندرية ومعه الثياب(14/325)
المذكورة ورهبان من رهبان الحبشة، وكان له عدّة عبيد، وفيهم رجل دين فنمّ عليه بما فعله، ودلّهم على ما معه من القماش وغيره، فأحيط بمركبه وبجميع ما فيها فوجدوا بها ما قاله العبد المذكور، فحمل هو والرّهبان وجميع ما معه إلى القاهرة، فسعى بمال كبير فى إبقاء مهجته وساعده فى ذلك ممّن يتّهم فى دينه، فلم يقبل السلطان ذلك، وأمر به فحبس ثم قتل حسبما ذكرناه [عليه من الله ما يستحقه] «1» انتهى.
ثم فى يوم الخميس تاسع شهر رجب خلع «2» السلطان على جلال الدين محمد ابن القاضى بدر الدين محمد بن مزهر باستقراره فى وظيفة كتابة السّرّ بالديار المصرية عوضا عن والده بحكم وفاته، وله من العمر دون العشرين سنة ولم يطر شاربه، وخلع السلطان على القاضى شرف الدين أبى بكر بن سليمان سبط ابن العجمى المعروف بالأشقر أحد أعيان موقّعى الدّست باستقراره نائب كاتب السّرّ، ليقوم بأعباء الديوان عن هذا الشاب لعدم معرفته وقلّة دربته بهذه الوظيفة، وكانت ولاية جلال الدين المذكور لكتابة السّرّ على حمل تسعين ألف دينار من تركة أبيه.
ثم فى يوم الخميس ثالث عشرين شهر رجب المذكور قدم الأمير سودون من عبد الرحمن نائب الشام إلى القاهرة وصحبته القاضى كمال الدين محمد بن البارزىّ كاتب سر دمشق، وطلعا إلى القلعة فخلع السلطان عليهما خلع الاستمرار، واجتمع به «3» غير مرّة: أعنى بسودون من عبد الرحمن، فكلّمه سودون فيما يفعله مماليكه الجلبان بالمباشرين وغيرهم، وخوفّه عاقبة المماليك القرانيص من ذلك، فقال له الملك الأشرف: قد عجزت عن إصلاحهم، ثم كشف رأسه ودعا عليهم بالفناء والموت غير مرة، فقال له الأتابك جارقطلو: ضع فيهم السيف وأقم عوضهم، وما دام رأسك تعيش فالمماليك كثير، ومائة من(14/326)
القرانيص «1» خير من ألف من هؤلاء الأجلاب، ولولا حرمة السلطان لكان صغار عبيد القاهرة كفئا لهم.
وكان سبب ذلك أنهم صاروا يضربون مباشرى الدّولة وينهبون بيوتهم، ووقع منهم فى دوران المحمل فى هذه السنة أمور شنيعة إلى الغاية، وتقاتلوا مع العبيد حتى قتل بينهما جماعة وأشياء غير ذلك، فمال السلطان إلى كلام جار قطلو وأراد مسك جماعة كبيرة منهم، ونفى آخرين، وتفرقة جماعة أخر على الأمراء، وقال: أحسب أن مائة ألف دينار ما كانت، ومتى حصل نفع المماليك المشتروات لأستاذهم أو لذرّيّته؟ فلما رأى الأمير بيبغا المظفرى ميل السلطان لكلام جار قطلو أخذ فى معارضته وردّ كلامه، فكان من جملة ما قاله: والله لولا المماليك المشتروات ما أطاعك واحد منا- وأشار بخروج جانى بك الصوفى من السجن واختفائه بالقاهرة- وخلّ عنك كلام هذا وأمثاله، وكان عبد الباسط مساعدا لجار قطلو، ثم التفت بيبغا وقال لعبد الباسط: أنت تكون سببا لزوال ملك هذا، فعند ذلك أمسك الأشرف عما كان عزم عليه لعلمه بنصيحة بيبغا المظفرىّ له، وانفض المجلس بعد أن أمرهم السلطان بكتمان ما وقع عند السلطان من الكلام، فلم يخف ذلك عن أحد، وبلغ المماليك الأشرفية فتحلّفوا لجار قطلو ولعبد الباسط ولسودون من عبد الرحمن.
فلما كان يوم الجمعة ثانى شعبان نزل المماليك الأشرفية من الأطباق إلى بيت الوزير كريم الدين بن كاتب المناخ ونهبوه لتأخر رواتبهم، وسافر فيه الأمير سودون من عبد الرحمن إلى محل كفالته، وكان السلطان أراد عزله وإبقاءه بمصر فوعد بخمسين ألف دينار حتىّ خلع عليه باستمراره، فكلّمه بعض أصحابه فى ذلك فقال: أحمل مائة ألف دينار ولا أقعد بمصر فى تهديد الأجلاب.
ثم لما كان يوم الثلاثاء سادس شعبان «2» ثارت الفتنة بين المماليك الجلبان وبين(14/327)
الأمير الكبير جارقطلو، وكان ابتداء الفتنة أنه وقع بين بعض المماليك السلطانية وبين مماليك الأمير الكبير جارقطلو وضربت الجلبان بعض مماليك جارقطلو فأخذ المملوك [يدافع] «1» عن نفسه وردّ على بعضهم وكان شجّ بعض المماليك السلطانية، فعند ذلك قامت قيامتهم، وحرّك ذلك ما كان عندهم من الكمين من أستاذهم جارقطلو، فتجمعوا على المملوك المذكور وضربوه، فهرب إلى بيت أستاذه واحتمى به، فعادت المماليك إلى إخوتهم واتفقوا على جارقطلوا، وتردّدوا إلى بابه غير مرّة، وباتت الناس على تخوّف من وقوع الفتنة لوقوع هذه القضيّة، وأصبحوا من الغد فى جمع كثير من تحت القلعة وقد اتفقوا على قتل جار قطلو ومماليكه، فماج الناس لذلك وغلقوا الأسواق خشية من [وقوع] «2» النهب، وتزاحم الناس على شراء الخبز، وغلقت الدّروب، وانتشرت الزعر وأهل الفساد، وتعوّق مباشر والدولة من النزول من القلعة إلى دورهم، وأرسل السلطان إليهم جماعة بالكف عن ما هم فيه، وهدّدهم إن لم يرجعوا، فلم يلتفتوا إلى كلامه، وساروا بأجمعهم إلى بيت الأمير الكبير جارقطلو وكان سكنه ببيت الأمير طاز «3» بالشارع الأعظم عند حمام الفارقانى «4» فأغلق جارقطلو بابه، وأصعد مماليكه على طبلخاناته فوق باب داره ليمنعوا المماليك السلطانية من كسر الباب المذكور وإحراقه، وتراموا بالنشاب، وأقام الأجلاب يومهم كلّه مع كثرتهم لا يقدرون على الأمير الكبير جارقطلو ولا على مماليكه مع كثرة عددهم؛ لعدم معرفتهم بالحروب ولقلة دربتهم وسلاحهم.
هذا والسلطان يرسل إليهم بالكفّ عما هم فيه، وهم مصممون على ما هم فيه يومهم كله، ووقع منهم أمور قبيحة فى حق أستاذهم وغيره، فلما وقع ذلك غضب السلطان غضبا عظيما، وأراد أن يوسع الأمراء فى حق مماليكه فخوفه الأمراء سوء عاقبة ذلك، فأخذ يكثر من الدعاء عليهم سرا وجهرا، وباتوا على ذلك.(14/328)
فلما أصبحوا يوم الخميس ثامن شعبان استشار الملك الأشرف الأمراء فى أمر مماليكه، فأشاروا عليه بأن يرسل يطلب من الأمير الكبير جارقطلو المماليك الذين كانوا سببا لهذه «1» الفتنة، وكانت المماليك الجلبان [لما رأوا] «2» فى الأمس حالهم فى إدبار أرسلوا يطلبون غرماءهم من مماليك جارقطلو [من السلطان] «3» فلم يجبهم السلطان إلى ذلك، فأرسل السلطان [بعد ذلك] «4» للأمير الكبير يطلب مماليكه الذين كانوا فى أوّل هذه الفتنة، فأرسل إليه بجماعة منهم فأخذهم السلطان وضربهم ضربا ليس بذاك، ثم أمر بجبسهم، ووافق ذلك عجز المماليك الجلبان عن قتال الأمير الكبير لعدم اجتماع كلمتهم ولفرار أكثرهم وطلوعهم إلى الطّبقة، فأذعنوا بالصلح وخمدت الفتنة- ولله الحمد- بعد أن كاد أمر هذه الوقعة أن يتّسع إلى الغاية، لأن غالب الأمراء شقّ عليهم ما وقع للأمير الكبير، وقالوا إذا كان هذا يقع للأمير الكبير فنحن من باب أولى وأحقّ لأعظم من هذا، وتنبّه من كان عنده كمين من الملك الأشرف من المماليك المؤيّدية [شيخ] «5» وغيرهم، وظهر للسلطان لوايح من ذلك فاحتار بين مماليكه وأمرائه إلى أن وقع الصّلح، ومن يومئذ تغيّر خاطر جارقطلو من الملك الأشرف فى الباطن مع خصوصيته بالأشرف حتى أبدى بعض ما كان عنده فى سفرة آمد حسبما يأتى ذكره.
ثم ورد الخبر على السلطان بأن فى خامس شعبان هذا ورد إلى ميناء الإسكندرية خمسة أغربة فيها مقاتلة الفرنج مشحونة بالسلاح، وباتوا بها وقد استعدّ لهم المسلمون، فلما أصبح النهار واقعوهم وقد أدركهم الزّينى عبد القادر بن أبى الفرج الأستادار- وكان مسافرا بترّوجة- ومعه غالب عرب البحيرة نجدة للمسلمين، فلما كثر جمع المسلمين انهزم الفرنج وردّوا من حيث أتوا فى يوم الأحد حادى عشره ولم يقتل من المسلمين سوى فارس واحد من جماعة ابن أبى الفرج.(14/329)
قلت [قوله تعالى] «1» (وردّ الله الّذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال) «2» .
كل ذلك والسلطان مشغول بتجهيز «3» تجريدة إلى بلاد الشّرق، فلما كان ثانى عشر شعبان المذكور أنفق السلطان فى ثلاثمائة وتسعين مملوكا من المماليك السلطانية، لكل واحد «4» خمسين دينارا، وفى أربعة من أمراء الألوف، وهم: أركماس الظاهرىّ الدوادار الكبير، وقرقماس حاجب الحجاب، وحسين بن أحمد المدعو تغرى برمش البهسنى، ويشبك السّودونى المعروف بالمشد، لكل واحد ألفى دينار، وأنفق أيضا فى عدّة من أمراء الطبلخانات والعشرات، فبلغت نفقة الجميع نحو ثلاثين ألف دينار، ورسم بسفرهم إلى الشّام، فسافروا فى سادس «5» عشرين شعبان المذكور.
ثم فى يوم الخميس «6» رابع عشر شهر رمضان حملت جامكيّة المماليك السلطانية إلى القلعة لتنفق فيهم على العادة، فأمتنعوا من قبضها، وطلبوا زيادة لكل واحد ستمائة درهم وصمموا على ذلك، وترددت الرّسل بينهم وبين السلطان إلى أن زيد فى جوامك عدّة منهم وسكن شرّهم، وأخذوا الجامكيّة فى يوم الاثنين ثامن عشره.
ثم بعد ذلك وقع بين المماليك الجلبان وبين العبيد، فتجمّع السّودان وقاتلوهم فقتل بينهم عدّة وصاروا جمعين لكل جمع عصبيّة.
ثم فى يوم الأربعاء تاسع ذى القعدة ورد الخبر على السلطان بأخذ الأمراء المتوجّهين إلى جهة بلاد الشّرق مدينة الرّها من نواب قرايلك، وكان من خبر ذلك(14/330)
أن العساكر المصرية لما سارت من القاهرة إلى جهة الشّام لأخذ خرتبرت «1» - وقد مات متولّيها، ونازلها عسكر قرايلك صاحب آمد- فلما وصلوا إلى مدينة حلب ورد عليهم الخبر بأخذ قرايلك قلعة خرتبرت وتحصينها وتسليمها لولده، فأقاموا بحلب إلى أن ورد عليهم الأمير سودون من عبد الرحمن نائب الشام بعساكر دمشق، ثم جميع نوّاب البلاد الشامية بعساكرها، وتشاوروا فى السّير لها، فأجمع رأيهم على المسير، فمضوا بأجمعهم: العسكر المصرى [والعسكر] «2» الشامى إلى جهة الرّها، فأتاهم بألبيرة كتاب أهل الرّها بطلب الأمان وقد رغبوا فى الطاعة، فأمنوهم وكتبوا لهم كتابا، وساروا من ألبيرة وبين أيديهم مائتا فارس من عرب الطّاعة كشّافة، فوصلت الكشّافة المذكورون إلى الرّها فى شوّال، فوجد والأمير هابيل بن الأمير عثمان بن طرعلى المدعو قرايلك صاحب آمد قد وصل إليها ودخلها وحصنّها وجمع فيها خلائق من أهل الضياع بمواشيهم وعيالهم وأموالهم، فنزلوا عليها فرموهم بالنّشّاب من فوق أسوار المدينة.
فلما رأى هابيل قلّة العرب برز إليهم فى نحو ثلاثمائة رجل من عسكره وقاتلهم فثبتوا له وقاتلوه، فقتل بين الفريقين جماعة والأكثر من العرب، فأخذ هابيل رءوسهم وعلقها على أسوار المدينة، وبينماهم فى ذلك «3» أدركهم العسكر المصرى والشامىّ ونزلوا على ظاهر الرّها يوم الجمعة العشرين من شوال، فوجدوا هابيل قد حصّن المدينة، وجعل جماعة من عساكره على أسوارها، فلما قرب العسكر من سور مدينة الرّها رماهم الرّجال من أعلى السور بالنّشّاب والحجارة، فتراجع العسكر عنهم ونزلوا بخيامهم إلى بعد الظهر، فركبوا الجميع وأرسلوا إلى أهل الرّها بالأمان، وأنهم إن لم(14/331)
يكفوا عن القتال أخربوا المدينة، فلم يلتفتوا إلى كلامهم ورموهم بالنّشّاب، فاتّفق العسكر حينئذ على الزّحف وركبوا بأجمعهم وزحفوا على المدينة وجدّوا فى قتالها، فلم يكن غير ساعة إلا وأخذوا المدينة واستولوا عليها، وتعلق أعيان البلد ومقاتلتها بالقلعة، فانتشر العسكر وأتباعهم بالمدينة ينهبون ويأخذون ما وجدوا ويأسرون من ظفروا به، وأمعنوا فى ذلك حتى خرجوا عن الحدّ، وأصبحوا يوم السبت جدّوا فى حصار القلعة، وأرسلوا إلى من بها بالأمان فلم يقبلوا واستمرّوا بالرّمى بالنّشّاب والحجارة وغير ذلك، ونصبوا على القلعة المكاحل والمدافع وأخذوا فى النقوب وباتوا ليلة الأحد على ذلك، وأصبحوا يوم الأحد على ما هم عليه من القتال والحصار إلى وقت الضحى، فضعف أمر من بالقلعة بعد قتال شديد وطلبوا الأمان، فكفّوا عند ذلك عن قتالهم، ونزلت رسلهم إلى الأمير سودون من عبد الرحمن نائب الشام، وهو مقدّم العساكر، وكلّموهم فى نزولهم وتسليمهم القلعة، وحلّفوه هو والأمير قصروه نائب حلب «1» على أنهم لا يؤذونهم ولا يقتلون أحدا منهم، فركنوا إلى أيمانهم، ونزل الأمير هابيل بن قرايلك ومعه تسعة «2» من أعيان أمراء أبيه فى وقت الظهر من يوم الأحد ثانى عشرين شوال المذكور، فتسلمه الأمير أركماس الظاهرىّ الدّوادار الكبير، وركب الأمير سودون من عبد الرحمن ومعه بقية النّواب إلى القلعة، فوجدوا المماليك السلطانية قد وقفوا على باب القلعة ليدخلوا إليها، فكلّمهم النّوّاب فى عدم دخولهم وقالوا لهم: نحن أعطيناهم أمانا، ومنعوهم من الدخول إليها، فأفحشوا فى الرّدّ على النوّاب، فراجعوهم فى ذلك فهمّوا المماليك بقتالهم، وهجموا القلعة بغير رضاء النّوّاب والأمراء ودخلوها، فشقّ ذلك على النّوّاب وعادوا إلى مخيّمهم، فمدّ المماليك أيديهم هم والتّركمان والأعراب والغلمان فى النّهب والسّبى حتى نهبوا جميع ما كان بالقلعة، وأسروا النّساء والصّبيان وأفحشوا بها إلى الغاية.(14/332)
ثم ألقوا النار فيها فأحرقوها بعد ما أخلوها من جميع ما كان فيها، وقتلوا من كان بها وبالمدينة من الرجال والمقاتلة، حتى جاوز فعلهم الحدّ.
ثم أخربوا المدينة وألقوا النار فيها فاحترقت واحترق فى الحريق جماعة من النّسوة فإنهن اختفين فى الأماكن من البلد خوفا من العسكر، فلما احترقت المدينة احترقن الجميع فى النار التى أضرمت بسكك المدينة وخباياها، واحترق أيضا معهن عدة كبيرة من أولادهن.
هذا بعد أن أسرفوا فى القتل بحيث إنه كان الطريق قد ضاق من كثرة القتلى، وفى الجملة فقد فعلوا بمدينة الرّها فعل التّمرلنكيين وزيادة من القتل والأسر والإحراق والفجور بالنساء- فما شاء الله كان.
ثم رحلوا من الغد فى يوم الاثنين ثالث عشرينه وأيديهم قد امتلأت من النهب والسبى، فقطعت منهم عدّة نساء من التّعب فمتن عطشا، وبيعت منهن بحلب وغيرها عدة كبيرة.
قال المقريزى: وكانت هذه الكائنة من مصيبات الدّهر.
[الوافر]
وكنّا نستطب إذا مرضنا ... فجاء الدّاء من قبل الطّبيب
لقد عهدنا ملك مصر إذا بلغه عن أحد من ملوك الأقطار قد فعل مالا يجوز أو فعل ذلك رعيته بعث ينكر عليه ويهدّده، فصرنا نحن نأتى من الحرام بأشنعه ومن القبيح بأفظعه- وإلى الله المشتكى- انتهى كلام المقريزى.
قلت: لم يكن ما وقع من هؤلاء الغوغاء بإرادة الملك الأشرف، ولا عن أمره ولا فى حضوره، وقد تقدّم أن نوّاب البلاد الشامية وأكابر الأمراء(14/333)
منعوهم من دخول القلعة بالجملة فلم يقدروا على ذلك لكثرة من كان»
، اجتمع بالعسكر من التّركمان والعرب النّهابة كما هى عادة العساكر، وإن كان كون الأشرف جهّز العسكر إلى جهة الرّها، فهذا أمر وقع فيه كلّ أحد من ملوك الأقطار قديما وحديثا، ولا زالت الملوك على ذلك من مبدأ الزّمان إلى آخره، معروف ذلك عند كل أحد- انتهى.
ثم فى ليلة الخميس ثامن ذى الحجة سنة اثنتين وثلاثين المذكورة قدم السيد الشريف شهاب الدين «2» أحمد من دمشق بطلب من السلطان بعد أن خرج أكابر الدّولة إلى لقائه، واستمرّ بالقاهرة إلى يوم الخميس خامس عشر ذى الحجة فخلع السلطان عليه باستقراره كاتب السرّ الشريف بالديار المصرية، عوضا عن جلال الدين محمد بن مزهر بحكم عزله، وعملت الطرحة خضراء برقمات ذهب، فكان له موكب جليل إلى الغاية.
ثم فى يوم الجمعة سادس عشره خلع السلطان على جلال الدين [محمد] «3» بن مزهر المقدم ذكره واستقر فى توقيع المقام الناصرى محمد بن السلطان.
ثم فى يوم السبت رابع عشرينه قدم «4» القاهرة الأمير هابيل بن قرايلك المقبوض عليه من الرّها ومعه جماعة فى الحديد، فشهّروا بالقاهرة إلى القلعة، وسجنوا بها، وقد تخلف العسكر المصرى بحلب مخافة أن يهجم قرايلك على البلاد الحلبية.
وفى هذه السنة كان خراب مدينة تبريز؛ وسبب ذلك أن صاحبها إسكندر بن(14/334)
قرا يوسف بن قرا محمد بن بيرم خجا التركمانى زحف على مدينة السّلطانية «1» وقتل متملكها من جهة القان شاه رخّ بن تيمور لنك فى عدة من أعيان المدينة، ونهب السلطانية وأفسد بها غاية الإفساد، فسار إليه شاه رخّ فى جموع كثيرة فخرج إسكندر من تبريز وجمع لحربه ولقيه وقد نزل خارج تبريز، فانتدب لمحاربة إسكندر المذكور الأمير عثمان بن طر على المدعو قرايلك صاحب آمد- وقد أمدّه شاه رخّ بعسكر كثيف- وقاتله خارج تبريز فى يوم الجمعة سادس عشر ذى الحجة قتالا شديدا قتل فيه كثير من الفئتين إلى أن كانت الكسرة على إسكندر وجماعته، وانهزم وهم فى أثره يطلبونه ثلاثة أيام ففاتهم إسكندر، فنهبت الجغتاى عامّة بلاد أذربيجان وكرسى أذربيجان تبريز، وقتلوا وسبوا وأسروا وفعلوا أفاعيل أصحابهم من أعوان تيمور حتى لم يدعوا بها ما تراه العين، ثم ألزم شاه رخّ أهل تبريز بمال كبير، ثم جلاهم بأجمعهم إلى سمرقند، فما ترك [فى] «2» تبريز إلا ضعيفا أو عاجزا لا خير فيه، ثم بعد مدّة طويلة زحل إلى جهة بلاده، وبعد رحيله انتشرت الأكراد بتلك النواحى تعبث وتفسد حتى فقدت الأقوات وأبيع لحم الكلب الرطل بعدة دنانير.
قلت: وقد تكرّر قتال إسكندر هذا لشاه رخّ المذكور غير مرّة، وهو فى كل وقعة تكون الكسرة والذّلة عليه، وهولا يرعوى ولا يستحى ولا يرجع عن جهله وغيّه، وقد نسبه بعض الناس للشجاعة لكثرة مواقعته مع شاه رخّ المذكور، وأنا أقول: ليس ذلك من الشجاعة إنما هو من قلّة مروءته، وإفراط جهله، وسخفه وجنونه، وعدم إشفاقه على رعيّته وبلاده؛ حيث يقاتل من لا قبل له به ولا طاقة له بدفعه، فهذا هو الجنون بعينه، وإن طاب له- من هذا- الكحل فليكتحل، وأما إسكندر(14/335)
فإنه بعد هزيمته جال [فى] «1» البلاد وتشتّت شمله وتبدّدت عساكره، وسار إلى بلاد الأكراد وقد وقع بها الثّلوج، ثم سار إلى قلعة سلماس «2» فحصره بها الأكراد، وقاسى شدائد إلى أن نجا منها بنفسه وسار إلى جهة من الجهات- انتهى.
[ما وقع من الحوادث سنة 833]
ثم فى يوم الأحد رابع عشرين المحرّم سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة قدم إلى القاهرة رسول ملك الشّرق شاه رخّ بن تيمور لنك بكتابه يطلب فيه شرح البخارى للحافظ شهاب الدين [أحمد] «3» بن حجر، وتاريخ الشيخ تقي الدين المقريزىّ المسمى بالسّلوك لدول الملوك، ويعرض أيضا فى كتابه بأنه يريد يكسو الكعبة، ويجرى العيش بمكّة، فلم يلتفت السلطان إلى كتابه ولا إلى رسوله، وكتب له بالمنع فى كلّ ما طلبه.
ثم فى يوم الخميس سادس عشرين صفر خلع السلطان على قاضى القضاة علم الدين صالح البلقينىّ وأعيد إلى قضاء الشافعية بعد عزل الحافظ شهاب الدين بن حجر، وخلع أيضا على القاضى زين الدين عبد الرّحمن التّفهنىّ وأعيد أيضا إلى قضاء الحنفية بعد عزل قاضى القضاة بدر الدين محمود العينى، واستقرّ القاضى صدر الدين أحمد بن العجمىّ فى مشيخة خانقاه شيخون عوضا عن التّفهنىّ، وخلع عليه فى يوم الاثنين أوّل شهر ربيع الأوّل.
ثم فى يوم الثلاثاء سلخ شهر ربيع الأوّل «4» المذكور خلع السلطان على القاضى سعد الدين إبراهيم ابن القاضى كريم الدين عبد الكريم بن سعد الدين بركة المعروف بابن كاتب جكم باستقراره ناظر الخواصّ الشريفة بعد موت والده.
ثم فى يوم السبت رابع شهر ربيع الآخر خلع السلطان على قاضى القضاة بدر الدين(14/336)
محمود العينى المقدّم ذكره باستقراره فى حسبة القاهرة عوضا عن الأمير إينال الشّشمانىّ مضافا لما معه من نظر الأحباس.
ثم فى يوم الخميس تاسع شهر ربيع الآخر المذكور خلع السلطان على الأمير شهاب الدين أحمد الدّوادار المعروف بابن الأقطع- وقد صار قبل تاريخه زرد كاشا- باستقراره فى نيابة الإسكندرية عوضا عن آقبغا التّمرازىّ بحكم عزله وقدومه إلى القاهرة على إمرته، فإنه كان ولى نيابة إسكندرية على إقطاعه: تقدمة ألف بالديار المصرية.
ثم فى خامس عشرينه خلع السلطان على «1» آقبغا الجمالىّ الكاشف باستقراره أستادارا بعد عزل الزّينى عبد القادر بن أبى الفرج، على أن آقبغا يحمل مائة ألف دينار بعد تكفية الديوان، فكذب وتخومل وعزل بعد مدّة يسيرة حسبما نذكره، وكان أصل آقبغا هذا من الأوباش من مماليك الأمير كمشبغا الجمالى أحد أمراء الطبلخانات، وصار يتردّد إلى إقطاع أستاذه كمشبغا المذكور، ثم خدم بلّاصيّا عند الكشّاف، ثم ترقّى حتى ولى الكشف فى دولة الملك الأشرف هذا، وأثرى وكثر ماله فحسّن له شيطانه أن يكون أستادارا وأخذ يسعى فى ذلك سنين إلى أن سمح له الملك الأشرف بذلك، وتولّى الأستادارية، وأستاذه [الأمير] «2» كمشبغا الجمالى فى قيد الحياة من جملة أمراء الطبلخانات، فلم تحسن سيرته وعزل بعد مدّة.
وفى هذا الشهر وقع الطاعون بإقليم «3» البحيرة والغربيّة بحيث إنه أحصى من مات من أهل المحلّة زيادة على خمسة آلاف إنسان، وكان الطاعون أيضا قد وقع بغزّة والقدس وصفد ودمشق من شعبان فى السنة الخالية، واستمرّ إلى هذا الوقت، وعدّ ذلك من النّوادر لأنّ الوقت [كان] «4» شتاء ولم يعهد وقوع الطاعون إلا فى فصل(14/337)
الرّبيع، ويعلّل الحكماء ذلك بأنه سيلان الأخلاط فى فصل الرّبيع وجمودها فى الشتاء، فوقع فى هذه السنة بخلاف ذلك، وكان قدم الخبر أيضا بوقوع الطاعون بمدينة برصا من بلاد الرّوم، وأنه زاد عدّة من يموت بها فى كل يوم على ألف وخمسمائة إنسان، ثم بدأ الطاعون بالديار المصرية فى أوائل شهر ربيع الآخر.
قلت: وهذا الطاعون هو الفناء العظيم الذي حصل بالدّيار المصرية وأعمالها فى سنة ثلاث وثلاثين المذكورة.
ثم فى يوم الخميس أوّل جمادى الأولى نودى بالقاهرة بصيام ثلاثة أيّام، وأن يتوبوا إلى الله تعالى من معاصيهم، وأن يخرجوا من المظالم، ثم إنهم يخرجون فى يوم الأحد رابع جمادى الأولى المذكور إلى الصحراء، فلما كان يوم الأحد رابعه «1» خرج قاضى القضاة علم الدين صالح البلقينىّ فى جمع موفور إلى الصّحراء خارج القاهرة، وجلس بجانب تربة الملك الظاهر برقوق، ووعظ الناس فكثر ضجيج النّاس وبكاؤهم فى دعائهم وتضرّعهم، ثم انفضوا فتزايدت عدّة الأموات فى هذا اليوم عمّا كانت فى أمسه ثم فى ثامن جمادى الأول هذا قدم كتاب إسكندر بن قرايوسف صاحب تبريز أنه قدم إلى بلاده وقصده أن يمشى بعد انقضاء الشّتاء لمحاربة قرايلك، فلم يلتفت السلطان إلى كتابه لشغله بموت مماليكه وغيرهم بالطّاعون.
ثم ورد كتاب قرايلك أيضا على السلطان يسأل فيه العفو عن ولده هابيل وإطلاقه، فلم يسمح له السلطان بذلك.
ثم عظم الوباء فى هذا الشهر، وأخذ يتزايد فى كل يوم، ثم ورد الخبر [أيضا] «2» أنه ضبط من مات من النّحريريّة بالوجه البحرى إلى يوم تاريخه تسعة آلاف سوى من لم يعرف وهم كثير جدا، وأنه بلغ عدّة الأموات فى الإسكندرية فى كل يوم نحو المائة، وأنه شمل الوباء غالب الأقاليم بالوجه البحرى.(14/338)
ثم وجد فى هذا الشهر بنيل مصر والبرك كثير من السمك والتماسيح قد طفت على وجه الماء ميتة واصطيدت [سمكة تسمى] «1» بنيه كبيرة فإذا هى كأنما صبغت بدم من شدّة ما بها من الاحمرار، ثم وجد فى البرّيّة ما بين السويس والقاهرة عدة كبيرة من الظّباء والذئاب موتى.
ثم قدم الخبر بوقوع الوباء أيضا ببلاد الفرنج.
[ثم «2» ] فى يوم الخميس سلخه ضبطت عدّة الأموات التى صلّى عليها بمصليات القاهرة وظواهرها فبلغت ألفين ومائة، ولم يرد منها فى أوراق الدّيوان غير أربعمائة ونيّف، وببولاق سبعين، وفشا الطاعون فى الناس، وكثر بحيث إن ثمانية عشر إنسانا من صيّادى السّمك كانوا فى موضع [واحد] «3» فمات منهم فى يوم واحد أربعة عشر، ومضى الأربعة ليجهّزوهم إلى القبور فمات منهم وهم مشاة ثلاثة، فقام الواحد بشأن الجميع حتى أوصلهم إلى القبور فمات هو أيضا. قاله الشيخ تقي الدين المقريزى فى تاريخه، ثم قال [أيضا] «4» : وركب أربعون رجلا فى مركب وساروا من مدينة مصر نحو بلاد الصّعيد فماتوا بأجمعهم قبل وصولهم إلى الميمون، ومرّت امرأة من مصر تريد القاهرة وهى راكبة على مكارى فماتت وهى راكبة وصارت ملقاة بالطريق يومها كلّه حتى بدأ يتغيّر ريحها فدفنت ولم يعرف لها أهل، وكان الإنسان إذا مات تغيّر ريحه سريعا مع شدّة البرد، وشنع الموت بخانقاه سرياقوس حتى بلغت العدّة فى كل يوم نحو المائتين، وكثر أيضا بالمنوفيّة والقليوبيّة حتى كان يموت فى الكفر الواحد متمائة إنسان.
قلت: والذي رأيته أنا فى هذا الوباء أن بيوتا كثيرة خلت من سكّانها مع كثرة عددهم، وأن الإقطاع الواحد كان ينتقل فى مدّة قليلة عن ثلاثة أجناد وأربعة وخمسة، ومات من مماليك الوالد [رحمه الله] «5» فى يوم واحد أربعة من أعيان الخاصّكيّة، وهم:
أزدمر السّاقى «6» ، وملج السلاح دار، وبيبرس الخاصّكىّ، ويوسف الرّمّاح؛ ماتوا(14/339)
الجميع فى يوم واحد، فتحيّرنا بمن نبدأ بتجهيزه ودفنه على اختلاف سكناهم وقلّة التّوابيت والدّكل، وبالله لم أشهد منهم غير يوسف الرّماح، وأرسلت لمن بقى غيرى، مع أنّ كلّ واحد منهم أهل لنزول السلطان للصلاة عليه.
ثم أصبح من الغد مات سنقر دوادار الوالد الثانى، وكان من أكابر الخاصّكيّة من الدّولة المؤيّدية، هذا خلاف من مات منهم من الجمداريّة ومن مماليك الأمراء، وأما من مات من عندنا من المماليك والعبيد والجوارى والخدم فلا يدخل تحت حصر، ومات من أخوتى وأولادهم سبعة أنفس ما بين ذكور وإناث، وأعظمهم أخى إسماعيل؛ فإنه مات وسنه نحو العشرين سنة، وكان من محاسن الدّهر.
قال المقريزى: ثم تزايدت عدّة الأموات عما كانت فأحصى فى يوم الاثنين رابع جمادى الآخرة من أخرج عن أبواب القاهرة فبلغت عدّتهم ألفا ومائتى ميّت سوى من خرج عن القاهرة من أهل الحكور والحسينيّة وبولاق والصّليبة ومدينة مصر والقرافتين والصحراء، وهم أكثر من ذلك، ولم يورد بديوان المواريث بالقاهرة سوى ثلاثمائة وتسعين، وذلك أن أناسا عملوا التوابيت للسّبيل، فصار أكثر الناس يحملون موتاهم عليها ولا يوردون الديوان أسماءهم.
قال: وفى هذه الأيام ارتفعت أسعار الثّياب التى يكفّن بها الأموات، وارتفع سعر سائر ما يحتاج إليه المرضى كالسّكّر وبزر الرّجلة والكمّثرى على أن القليل من المرضى هو الذي يعالج بالأدوية، بل بعضهم يموت موتا سريعا فى ساعة وأقلّ منها، وعظم الوباء فى المماليك السلطانية سكان الطباق بالقلعة الذين كثر فسادهم وشرّهم وعظم عتوّهم وضرهم، بحيث إنه كان يصبح منهم أربعمائة وخمسون مملوكا مرضى فيموت [منهم] «1» فى اليوم زيادة على الخمسين مملوكا- انتهى كلام المقريزى.
قلت: والذي رأيته أنا أنه مات بعض «2» أعيان الأمراء مقدّمى الألوف، فلم يقدروا(14/340)
له على تابوت حتى أخذ له تابوت من السّبيل، وأما الأخ [رحمه الله] «1» فإنه لما توفّى إلى رحمة الله تعالى وجدنا له تابوتا، غير أنه لا عدّة فيه، فلما وضع الأخ فيه طرح عليه سلّارى سمّور من قماشه، على أن الغاسل أخذ من عليه قماشا يساوى عشرين ألف «2» درهم، ومع هذا لم ينهض أهل الحانوت بكسوة تابوته.
وبلغ عدّة من صلى عليه من الأموات بمصلّى باب النصر فى يوم الأحد عاشر جمادى الآخرة خمسمائة وخمسة، وقد أقام هناك جماعة كبيرة بأدوية وأقلام لضبط ذلك، وبطل الصلاة بالصلاة وإنما صار الناس يصلون على أمواتهم صفّا واحدا من باب المصلّى إلى تجاه باب دار الحاجب، فكان يصلّى على الأربعين والخمسين معا دفعة واحدة، ومات لشخص بخدمتنا يسمّى شمس الدين الذّهبى ولد فخرجنا معه إلى المصلّى، وكان سنّ الميّت دون سبع سنين، فلما أن وضعناه للصّلاة عليه بين الأموات جىء «3» بعدّة كبيرة أخرى إلى أن تجاوز عددهم الحدّ، ثم صلّى على الجميع، وتقدمنا لأخذ الميّت المذكور «4» فوجدنا غيرنا أخذه وترك لنا غيره فى مقدار عمره، فأخذه أهله ولم يفطنوا به، ففهمت أنا ذلك، وعرّفت جماعة أخر ولم نعلم أباه بذلك، وقلنا لعلّ الذي أخذه يواريه أحسن مواراة، وليس للكلام فى ذلك فائدة غير زيادة فى الحزن، فلما دفن الصّبىّ وأخذ أهل الحانوت التّابوت صاحوا وقالوا: ليس هذا تابوتنا هذا عتيق وقماشه أيضا خلق، فأشرت إليهم بالسّكات وهدّدهم بعض المماليك بالضّرب، فأخذوه ومضوا، فكانت هذه الواقعة من الغرائب المهولة، كل ذلك والطاعون فى زيادة ونموّ حتى أيقن كلّ أحد أنه هالك لا محالة، وكنا نخرج من صلاة الجمعة إلى بيتنا وقد وقف جماعة من الأصحاب والخدم فنتعادد إلى الجمعة الثانية فينقص منا عدّة كبيرة ما بين ميّت ومريض، واستسلم كلّ أحد للموت وطابت نفسه لذلك، وقد أوصى وتاب وأناب ورجع عن أشياء كثيرة، وصار غالب الشّباب فى يد(14/341)
كلّ واحد منهم سبحة وليس له دأب إلا التوجه للمصلّاة للصلاة على الأموات وأداء الخمس والبكاء [والتوجّه إلى الله تعالى] «1» والتخشّع، وماتت عندنا وصيفة مولدة بعد أن مرضت من ضحى النهار إلى أن ماتت قبل المغرب، فأصبحنا وقد عجز الخدم عن تحصيل تابوت لها، فتولت تغسيلها أمّها وجماعة من العجائز وكفّنوها فى أفخر ثيابها على أحسن وجه، غير أننا لم نلق لها نعشا، وقد ألزمنى التوجه للصلاة على الأمير الكبير بيبغا المظفّرىّ، وعلى الشهابى أحمد بن الأمير تمراز النائب، فوقفت على الباب والميتة محمولة على أيدى بعض الخدم إلى أن اجتازت بنا جنازة امرأة، فأنزلت التابوت غصبا ووضعتها عند الميتة «واشتالتا» على أعناق الرجال، وسارت أمّها وبعض الخدم معها إلى أن قاربت التّربة فأخذوها من التابوت ودفنوها.
ثم بلغ فى جمادى الآخرة [المذكورة] «2» عدّة من صلّى عليه بمصلاة باب النصر فقط فى يوم واحد زيادة على ثمانمائة ميّت.
ثم فى اليوم المذكور بلغ عدّة من خرج من الأموات من سائر أبواب القاهرة اثنى عشر ألفا وثلاثمائة ميّت محرّرة من الكتبة الحسبة بأمر شخص من أكابر الدّولة وقيل بأمر السلطان، ثم بلغ عدّة من صلّى عليه بمصلّاة باب النصر من الأموات فى العشر الأوسط من جمادى الآخرة المذكورة ألفا ونيفا وثلاثين إنسانا، ويقارب ذلك مصلاة المؤمنى بالرّميلة، فيكون على هذا الحساب مات فى هذا اليوم نحو خمسة عشر ألف إنسان.
قال المقريزى: واتفق فى هذا الوباء غرائب، منها: أنه كان بالقرافة الكبرى والقرافة الصّغرى من السودان نحو ثلاثة آلاف إنسان ما بين رجل وامرأة وصغير وكبير ففنوا بالطاعون حتى لم يبق منهم إلا القليل، ففرّوا إلى أعلى الجبل وباتوا ليلتهم سهّارا لا يأخذهم نوم لشدّة ما نزل بهم من فقد أهليهم، وظلوا يومهم من الغد بالجبل،(14/342)
فلما كانت الليلة الثانية مات منهم ثلاثون إنسانا وأصبحوا فإلى أن يأخذوا فى دفنهم مات منهم ثمانية عشر.
قال: واتفق أن إقطاعا بالحلقة تنقّل فى أيام قليلة إلى تسعة نفر، وكل منهم يموت، ومن كثرة الشغل بالمرضى والأموات تعطّلت الأسواق من البيع والشراء، وتزايد ازدحام النّاس فى طلب الأكفان والنعوش، فحملت الأموات على الألواح، وعلى الأقفاص، وعلى الأيدى، وعجز الناس عن دفن أمواتهم، فصاروا يبيتون بها فى المقابر والحفارون طول ليلتهم يحفرون، وعملوا حفائر كبيرة بلغ فى الحفرة منها عدّة أموات، وأكلت الكلاب كثيرا من أطراف الأموات، وصار الناس ليلهم كلّه يسعون فى طلب الغسال والحمّالين والأكفان، وترى النعوش فى الشوارع كأنها قطارات جمال لكثرتها، متواصلة بعضها فى إثر بعض- انتهى كلام المقريزى.
ثم فى يوم الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة المذكورة جمع الشريف شهاب الدين «1» أحمد كاتب السّرّ بالديار المصرية بأمر السلطان أربعين شريفا، اسم كل شريف منهم محمد، وفرّق فيهم من ماله خمسة آلاف درهم، وأجلسهم بالجامع الأزهر فقرءوا ما تيسّر من القرآن الكريم بعد صلاة الجمعة، ثم قاموا هم والناس على أرجلهم ودعوا الله تعالى- وقد غص الجامع بالناس- فلم يزالوا يدعون الله حتى دخل وقت العصر فصعد الأربعون شريفا إلى سطح الجامع وأذّنوا جميعا، ثم نزلوا وصلّوا مع الناس صلاة العصر وانفضّوا، وكان هذا بإشارة بعض الأعاجم، وأنه عمل ذلك ببلاد الشرق فى وباء حدث عندهم فارتفع عقيب ذلك.
ولما أصبح الناس فى يوم السبت أخذ الوباء يتناقص فى كلّ يوم بالتدريج حتى انقطع، غير أنه لما نقلت الشمس إلى برج الحمل فى يوم ثامن عشر جمادى الآخرة المذكورة ودخل فصل الرّبيع، وأخذ الطاعون يتناقص، غير أنه فشا الموت من يومئذ فى أعيان النّاس وأكابرهم ومن له شهرة، بعد ما كان أوّلا فى الأطفال(14/343)
والموالى والغرباء والخدم، وفشا أيضا ببلاد الصعيد، وبغالب الدّواب والطّير، وبدأ التطويل فى الأمراض، ومشت الأطباء والجرائحية للمرضى.
والعجب أن الشريف كاتب السّرّ الذي جمع الأشراف بجامع الأزهر مات بعد ذلك باثنى عشر يوما، وولى أخوه كتابة السرّ عوضه وقبل أن يلبس الخلعة مات أيضا.
وأما من مات فى هذا الوباء من الأعيان فجماعة كبيرة يأتى ذكر بعضهم فى وفيات هذه السنة من هذا الكتاب.
ثم فى يوم الاثنين تاسع شهر رجب خلع السلطان على الأمير الطّواشى زين الدين خشقدم الرّومى اليشبكىّ نائب مقدّم المماليك باستقراره مقدّم المماليك السلطانية بعد موت الأمير فخر الدين ياقوت الأرغون شاوى الحبشى، وخلع السلطان على الطواشى فيروز الركنى الرّومى باستقراره فى نيابة مقدّم المماليك عوضا عن خشقدم المذكور.
ثم فى سادس عشر شهر رجب المذكور قدم الأمير تغرى بردى المحمودىّ من ثغر دمياط- وكان قد نقل إليه من سجن الإسكندرية قبل تاريخه بمدّة- فرسم السلطان أن يتوجه من قليوب إلى دمشق ليكون أتابكا بها عوضا عن الأمير قانى باى الحمزاوى بحكم حضور قانى باى المذكور إلى القاهرة ليكون بها من جملة مقدّمى الألوف.
ثم فى ثالث عشرينه خلع السلطان على الشيخ بدر الدين حسن بن القدسىّ الحنفى باستقراره فى مشيخة الشّيوخ بالشّيخونيّة بعد موت القاضى صدر الدين أحمد ابن العجمى.
ثم ورد الخبر على السلطان بحركة «1» قرايلك على البلاد الحلبيّة، وأن شاه رخ(14/344)
ابن تيمور لنك قد شتّى بقراباغ»
، فأخذ السلطان فى تجهيز عسكر للسّفر، هذا وقد أشيع بالقاهرة بأن الأمير جانى بك الصّوفى مات بالطّاعون ودفن ولم يعرف به أحد فلم تطب نفس السّلطان لهذا الخبر، واستمرّ على ما هو عليه من الفلق بسببه.
ثم فى يوم الأربعاء ثالث شعبان «2» منع السلطان نوّاب القضاة من الحكم، ورسم أن يقتصر القاضى الشافعىّ على أربعة نوّاب، والحنفى على ثلاثة، والمالكى والحنبلى كل منهما على اثنين، قلت: نعمة طائلة، خمسة عشر قاضيا بمصر بل ونصف هذا فيه كفاية.
ثم فى يوم الاثنين ثامن شعبان أدير «3» محمل الحاجّ على العادة فى كلّ سنة، ولم يعهد دورانه فى شعبان قبل ذلك، غير أن الضّرورة بموت المماليك الرّمّاحة اقتضت تأخير ذلك، وكان الجمع فيه من الناس دون العادة لكثرة وجد الناس على موتاهم.
ثم فى يوم السبت ثامن عشر شهر رمضان قدم شهاب الدين أحمد بن صالح بن السّفاح كاتب سرّ حلب باستدعاء ليستقرّ فى كتابة السّرّ بالديار المصرية، ويستقرّ عوضه فى كتابة سرّ حلب ابنه زين الدين عمر، على أن يحمل شهاب الدين المذكور عشرة آلاف دينار، وكانت كتابة السّرّ شغرت من يوم مات الشريف شهاب الدين أحمد الدّمشقى، وباشر أخوه عماد الدين أبو بكر أياما قليلة ومات أيضا بالطاعون، فباشر القاضى شرف الدين أبو بكر الأشقر «4» نائب كاتب السّرّ إلى يوم تاريخه بعد أن سعى فى كتابة السّرّ جماعة كبيرة بالقاهرة، فاختار السلطان ابن السفّاح هذا، وبعث بطلبه، وخلع عليه فى عشرينه باستقراره فى كتابة السّرّ، فباشر الوظيفة بقلّة حرمة وعدم أبّهة مع حدّة مزاج وخفّة وجهل بصناعة الإنشاء، على أنه باشر كتابة السّرّ بحلب(14/345)
سنين قبل ذلك، ومع هذا كله لم ينتج أمره لعدم فضيلته، فإنه كان يظهر من قراءته للقصص ألفاظ عامّيّة، وبالجملة فإنه كان غير أهل لهذه الوظيفة- انتهى.
ثم فى يوم السبت رابع عشرين شوّال «1» قدم المماليك السلطانية من تجريدة الرّها إلى القاهرة، وكانوا من يوم ذاك بمدينة حلب، وتخلفت الأمراء بها.
ثم فى يوم الاثنين ثالث ذى القعدة خلع السلطان على الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن كاتب المناخ باستقراره أستادارا مضافا إلى الوزر عوضا عن آقبغا الجمالى بحكم عجز آقبغا عن القيام بالكلف السلطانية.
ثم فى سادس ذى القعدة أمسك السلطان آقبغا المذكور وأهين وعوقب على المال، فحمل جملة، ثم أفرج عنه واستقرّ كاشفا للجسور بعد أيام.
وفى يوم الثلاثاء ثامن عشر ذى القعدة أيضا- ويوافقه خامس عشر مسرى- أو فى النيل ستّة عشر ذراعا فركب السلطان الملك الأشرف من قلعة الجبل ونزل حتى خلّق المقياس وعاد فتح خليج السّدّ «2» على العادة ولم يركب لذلك منذ تسلطن إلا فى هذه السنة.
ثم فى ليلة السبت «3» خامس عشر ذى القعدة ظهر للحاج المصرى وهم سائرون من جهة البحر المالح كوكب يرتفع ويعظم ثم تفرع «4» منه شرر كبار ثم اجتمع، فلما أصبحوا اشتدّ عليهم الحرّ فهلك من مشاة الحاج ثم من الركبان عالم كبير، وهلك أيضا من جمالهم وحميرهم عدّة كبيرة، كل ذلك من شدة الحرّ والعطش، وهلك أيضا فى بعض أودية الينبع جميع ما كان فيه من الإبل والغنم.
ثم فى يوم الثلاثاء ثامن ذى الحجة ركب السلطان من قلعة الجبل ونزل إلى بيت(14/346)
[ابن] «1» البارزىّ المطلّ على النيل بساحل بولاق، وسار بين يديه غرابان فى النيل حربية، فلعبا كما لو حاربا الفرنج، ثم ركب السلطان من وقته سريعا وسار إلى القلعة.
ثم فى عاشر ذى الحجة توجّه زين الدين عبد الباسط ناظر الجيش إلى زيارة القدس الشريف، وعاد فى يوم تاسع عشرينه، ثم ورد الخبر على «2» السلطان فى هذا الشهر بتوجه الأمير قصروه نائب حلب منها والأمراء المجرّدون معه لمحاربة قرقماس بن حسين بن نعير، فلقوا جمائعه تجاه قلعة جعبر «3» ، فانهزم قرقماس عن بيوته، فأخذ العسكر فى نهب ماله، فردّ عليهم العرب وهزموهم وقتلوا كثيرا من العساكر، وممّن قتل الأمير قشتم المؤيّدى أتابك حلب وغيره، وعاد العسكر إلى حلب بأسوإ حال، فعظم ذلك على الملك الأشرف إلى الغاية.
قال المقريزى: وكان فى هذه السنة «4» حوادث شنيعة وحروب وفتن؛ فكان بأرض مصر بحريّها وقبليّها وبالقاهرة ومصر وظواهرها وباء [عظيم] «5» مات فيه على أقلّ ما قيل مائة ألف إنسان، والمجازف يقول هذه المائة ألف من القاهرة ومصر فقط سوى من مات بالوجه القبلى والبحرى، وهم مثل ذلك.
قلت: وليس فى قول القائل إن هذه المائة ألف من القاهرة ومصر فقط مجازفة أبدا، فإن الوباء أقام أزيد من ثلاثة أشهر ابتداء وانتهاء وانحطاطا، وأقل من مات فيه دون العشرين كل يوم «6» ، وأزيد من مات فيه نحو خمسة عشر ألف إنسان، وبهذا المقتضى ما ثمّ مجازفة، ومتحصل ذلك يكون بالقياس أزيد مما قيل- انتهى.(14/347)
قال- أعنى المقريزى: وغرق ببحر القلزم مركب فيه حجّاج وتجار تزيد عدتهم على ثمانمائه إنسان لم ينج منهم سوى ثلاثة رجال وهلك باقيهم، وهلك فى ذى القعدة أيضا بطريق مكّة فيما بين الأزلم «1» والينبع بالحرّ والعطش ثلاثة آلاف إنسان، ويقول المكثر خمسة آلاف، وغرق فى نيل مصر فى مدّة يسيرة اثنتا عشرة سفينة، تلف فيها من البضائع والغلال ما قيمته مال عظيم، وكان بغزة والرّملة والقدس وصفد ودمشق وحمص وحماة وحلب وأعمالها وباء [عظيم] «2» ، هلك فيه خلائق لا يحصى عددهم إلا الله تعالى، وكان ببلاد المشرق بلاء عظيم، وهو أنّ شاه رخّ بن تيمور ملك الشّرق قدم إلى تبريز فى عسكر يقول المجازف عدّتهم سبعمائة ألف، قلت: يغفر الله لقائل هذا اللفظ، فإنه تجاوز حد المجازفة فى قوله- انتهى.
قال: فأقام شاه رخّ على خوبى «3» نحو شهرين، وقد فرّ منه إسكندر «4» بن قرا يوسف، فقدم عليه الأمير عثمان بن طر على المدعو قرايلك التركمانى صاحب آمد فى ألف فارس، فبعثه على عسكر لمحاربة إسكندر، وسار فى أثره، وقد جمع إسكندر جمعا يقول المجازف إنهم سبعون ألفا، فاقتتل الفريقان خارج تبريز فقتل بينهما آلاف من الناس، وانهزم إسكندر، وهم فى أثره يقتلون [ويأسرون] «5» وينهبون، فأقام إسكندر ببلاد الكرج ثم بقلعة سلماس وحصرته العساكر مدّة، فنجا وجمع نحو الأربعة آلاف، فبعث إليه شاه رخّ عسكرا أوقعوا به وقتلوا من معه، فنجا بنفسه جريحا.
وفى مدة هذه الحروب ثار أصبهان بن قرا يوسف ونزل على الموصل ونهب تلك(14/348)
الأعمال وقتل وأفسد فسادا كبيرا، وكانت بعراق العرب والعجم نهوب ومقاتل، بحيث إن شاه محمد بن قرا يوسف متملك بغداد من عجزه لا يتجاسر على أن يتجاوز سور بغداد، وخلا أحد جانبى بغداد من السكان، وزال عن بغداد اسم التمدّن، ورحل منها حتى الحيّاك، وجفّ أكثر النّخل من أعمالها، ومع هذا كلّه وضع شاه رخّ على أهل تبريز مالا، ذهبت فى جبايانه نعمهم، وكثر الإرجاف بقدومه إلى الشّام، فأوقع الله فى عسكره البلاء والوباء حتى عاد إلى جهة بلاده، وعاد قرايلك إلى ماردين فنهبها، ثم عاد ونهب ملطية وما حولها.
وكان [أيضا] «1» ببلاد الحبشة «2» بلاء لا يمكن وصفه، وذلك أنا أدركنا ملكها داود بن سيف أرعد، ويقال له الحطّى ملك أمحرة، وهم نصارى يعقوبيّة، فلما مات فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة قام من بعده ابنه تدرس بن داود، فلم تطل مدّته ومات، فملك بعده أخوه أبرم، ويقال إسحاق بن داود وفخم أمره؛ وذلك أن بعض مماليك الأمير بزلار نائب الشام ترقّى فى الخدم وعرف بألطنبغا مغرق حتى باشر ولاية قوص من بلاد الصّعيد، ففرّ إلى الحبشة واتّصل بالحطّى هذا، وعلّم أتباعه لعب الرّمح ورمى النّشّاب وغير ذلك من أدوات الحرب، ثم لحق بالحطّى أيضا بعض المماليك الچراكسة، وكان زرد كاشا فعمل له زردخاناه ملوكيّة، وتوجّه إليه مع ذلك رجل من كتّاب مصر الأقباط النّصارى يقال له فخر الدولة، فرتّب له ملكه، وجبى له الأموال وجنّد له الجنود، حتى كثر ترفّهه بحيث أخبرنى من شاهده وقد ركب فى موكب جليل وبيده صليب من ياقوت أحمر قد قبض عليه، ووضع يده على فخذه، فشرهت نفسه إلى أخذ ممالك الإسلام لكثرة ما وصف له هؤلاء من حسنها، فبعث بالتّبريزىّ التاجر ليدعو الفرنج للقيام معه، وأوقع بمن فى مملكته من المسلمين، فقتل منهم وأسر وسبى عالما عظيما، وكان ممن أسر منصور ومحمد ولدا سعد الذين محمد بن أحمد بن على(14/349)
ابن ولصمع «1» الجبرتى ملك المسلمين بالحبشة، فعاجله الله بنقمته وهلك فى ذى القعدة، وأقيم ابنه اندراس بن إسحاق، فهلك أيضا لأربعة أشهر، فأقيم بعده عمّه حزبناى «2» ابن داود بن سيف أرعد، فهلك فى شهر رمضان سنة أربع وثلاثين، فكانت على أمحرة أربعة ملوك فى أقلّ من سنة- انتهى كلام المقريزى برمته.
وقد خرجنا عن المقصود، على أنه فيما ذكرنا فوائد يحتمل التطويل بسببها- انتهى.
[ما وقع من الحوادث سنة 834]
ثم إن السلطان أخذ فى تجهيز عسكر «3» إلى البلاد الحلبيّة إلى أن انتهى أمرهم، فلمّا كان يوم الاثنين سابع عشرين محرم سنة أربع وثلاثين وثمانمائة برز الأمراء المجرّدون من القاهرة إلى الرّيدانيّة خارج القاهرة، وهم الأمير الكبير جارقطلو أتابك العساكر، والأمير إينال الجكمىّ أمير سلاح، والأمير آقبغا التّمرازى أمير مجلس، والأمير تمراز القرمشىّ رأس نوبة النّوب والأمير [قرا] «4» مراد خجا الشّعبانى الظاهرىّ برقوق أمير جاندار، وعدّة من أمراء الطبلخانات والعشرات، وخمسمائة مملوك من المماليك السّلطانية، وكان سبب تجرّدهم ورود الخبر على السلطان بنزول قرايلك فى أوّل هذا الشهر على معاملة ملطية، وأنه نهبها وأحرقها، وحصر ملطية، فخرج إليه الأمير قصروه نائب حلب، وقد أردفه الأمير سودون من عبد الرحمن نائب الشام بعساكر الشام، فأردفهم السلطان [أيضا] «5» بالعسكر المذكور، فلمّا أن رحلوا من الرّيدانيّة ورد الخبر ثانيا من قبل نوّاب البلاد الشامية بعود قرايلك إلى بلاده، وأن المصلحة تقتضى عدم خروج العسكر من مصر فى هذه السّنة، فرسم السلطان بعودهم من خانقاه سرياقوس فى يوم الجمعة أوّل صفر، فرجعوا من وقتهم، واستعيدت منهم(14/350)
النفقة السلطانية التى أنفقت فيهم عند سفرهم، فاحتاجوا إلى ردّ ما اشتروه من الأمتعة بعد ما استعملوها، والأزواد على من ابتاعوها منهم غصبا، ثم احتاجوا إلى استعادة ما أنفقوه على غلمانهم وخدمهم، وقد تصرفت الغلمان فيها، واشتروا منها احتياجهم، ودفعوا منها إلى أهليهم ما ينفقونه فى غيبتهم، فكلّ واحد من هؤلاء استعيد منه ما تصرّف فيه، فنزل من أجل هذا بالناس ضرر عظيم، وكثرت القالة فى السلطان ونفرت القلوب منه، وتحدّث الناس بذلك أياما وسنين، ولعله صار مثلا يضرب به إلى يوم القيامة.
ثم فى يوم الاثنين حادى عشر صفر المذكور ركب السلطان من قلعة الجبل فى موكب جليل ملوكى احتفل له ولبس قماش الموكب الكلفتاه والفوقانى الصّوف الذي بوجهين أحمر وأخضر، كما كان يلبس الملك الظاهر برقوق وغيره من الملوك، وجرّ الجنائب بين يديه والجاويشيّة تصيح أمامه، وسار وحوله الطبردارية «1» وعلى رأسه السّنجق السلطانى حتى عبر من باب زويلة فشق القاهرة وخرج من باب الشّعريّة يريد الصّيد بالدير «2» والمنزلة «3» فتوجّه إلى الصيد فبات هناك ليلة الثلاثاء وأصبح اصطاد الكراكى، وعاد إلى مخيّمه وأكل السّماط، ثم ركب وعاد فى آخر يوم الثلاثاء إلى القلعة بعد ما شقّ القاهرة فى عوده أيضا على تلك الهيئة، وهذا أوّل ركوبه إلى الصيّد منذ تسلطن.
ثم فى خامس عشرينه ركب للصيد ثانيا وعاد من الغد، وتكرّر ركوبه لذلك غير مرّة، وأنا ملازمه فى جميع ركوبه للصيّد وغيره(14/351)
وفى هذا الشهر توقّف الناس والتجار فى أخذ الذهب من كثرة الإشاعة بأنه ينادى عليه، فنودى «1» فى يوم السبت سلخ صفر المقدم ذكره أن يكون سعر الدينار الأشرفىّ بمائتين وخمسة وثلاثين، والدينار الإفرنتى بمائتين وثلاثين، وهدّد من زاد على ذلك بأنه يسبك فى يده، فعاد الضرر على الناس فى الخسارة لانحطاط سعر الدينار خمسين درهما؛ فإنه كان يتعامل به الناس بمائتين وخمسة وثمانين.
ثم فى يوم الثلاثاء رابع شهر ربيع الأوّل رسم السلطان بجمع الصيّارف والتجار [فجمعوا] «2» وأشهد عليهم أن لا يتعاملوا بالدراهم القرمانيّة «3» ولا الدراهم اللّنكيّة «4» ولا القبرسيّة، وأن هذه الثلاثة أنواع تباع بسوق الصاغة على حساب وزن كل درهم منها بستة عشر درهما من الفلوس حتى يدخل بها إلى دار الضّرب وتضرب دراهم أشرفيّة خالصة من الغشّ، ونودى بذلك، وأن تكون المعاملة بالدراهم الأشرفيّة والدراهم البندقيّة «5» والمؤيّدية «6» ، فإن هذه الثلاثة فضّة خالصة ليس فيها نحاس بخلاف الدراهم التى منع من معاملتها، فإن عشرتها إذا سبكت تجىء ستة لما فيها من النحاس، ثم نودى بعد ذلك بأن يكون سعر الأشرفى بمائتين وثمانين والإفرنتى بمائتين وسبعين، واستمرّ ذلك جميعه لا يقدر أحد على مخالفة شىء منه.
قلت: وهذا بخلاف ما نحن فيه الآن؛ فإن لنا نحو ستة أشهر والناس فيه بحسب اختيارهم فى المعاملة بعد أن نودى على الذّهب والفضة بعدة أسعار غير مرّة، فلم يلتفت أحد للمناداة، وأخذوا فيما هم فيه من المعاملة بالدراهم التى لا يحل المعاملة بها لما فيها من(14/352)
الغشّ والنحاس، وقد استوعبنا ذلك كلّه مفصّلا باليوم فى تاريخنا «حوادث الدهور فى مدى الأيام والشهور «1» » إذ هو ضابط لهذا الشأن مشحون بما يقع فى الزمان من ولاية وعزل وغريبة وعجيبة.
ثم تكرّر ركوب السلطان فى شهر ربيع الأوّل هذا للصيد غير مرّة بعدّة نواح، كل ذلك والخواطر مشغولة بأمر جانى بك الصّوفى والفحص عنه مستمر، والناس بسبب ذلك فى جهد وبلاء، فما هو إلا أن يكون الرجل له عدوّ وأراد هلاكه أشاع بأن جانى بك الصوفى مختف عنده فعند ذلك حلّ به بلاء الله المنزل من كبس داره، ونهب قماشه، وهتك حريمه، وسجنه فى أيدى العواتية، ثم بعد ذلك يصير حاله إلى [أحد] «2» أمرين: إما أن يضرب ويقرّر بالعقوبه، وإما أن تبرّأ ساحته ويطلق بعد أن يقاسى من الأهوال ما سيذكره إلى أن يموت، ولقد رأيت من هذا النوع أعاجيب، منها: إن بعض أصحابنا الخاصّكيّة ضرب بعض السقايين على ظهره ضربة واحدة، فرمى السقّاء المذكور قربته وترك حمله وصاح: هذا الوقت أعرّف السلطان بمن هو مختف عندك، ومشى مسرعا خطوات إلى جهة القلعة، فذهب خلفه حواشى الخاصّكى المذكور ليرجعوه فلم يلتفت، فنزل إليه الخاصّكى بنفسه حافيا وتبعه إلى الشارع الأعظم حتى لحقه وقد أعاقه الناس له، فأخذ الخاصّكى يتلطّف به ويترضّاه ويبوس صدره غير مرّة ويترقّق له وقد علاه اصفرار ورعدة، والناس تسخر من حاله لكونه ما يعرف باللغة العربية إلا كلمات هينة، فصار مع عدم معرفته يريد ملاطفة السّقّاء المذكور فيتكلّم بكلام إذا سمعه الشخص لا يكاد يتمالك نفسه، وسخر الناس وأهل حارته بكلامه أشهرا وسنين، فلما انتهى أمره وبلغنى ما وقع له كلّمته فيما فعله ولمته فى ذلك، فقال: خل عنك هذا الكلام، والله إن إينال السلحدار وأخاه يشبك(14/353)
الصّوفى ضربا بالمقارع وعصرا أياما ولم يصرّح أحد فى حقهما بما أراد هذا السّقاء أن يقوله عنى، واستمر الخاصّكىّ فى قلبه حزارة من السّقّاء المذكور إلى أن تأمّر عشرة فى أوّل دولة الملك الظاهر جقمق فطلب السّقّاء المذكور فوجده قد مات فى شعبان من السنة الحالية، فهذا ما كان من أمره، ومثل هذا فكثير.
ثم [فى] «1» أواخر شهر ربيع الأوّل «2» المذكور لهج السلطان بسفره إلى البلاد الشّامية لمحاربة قرايلك.
واستهلّ شهر ربيع الآخر- أوّله الأحد- والسلطان والأمراء فى الاهتمام بحركة السفر.
ثم فى يوم الخميس رابع عشرين جمادى الأولى خلع السلطان على قاضى القضاة شهاب الدين أحمد بن حجر، وأعيد إلى قضاء الشافعيّة بالديار المصرية بعد عزل قاضى القضاة علم الدين صالح البلقينىّ.
ثم فى جمادى الآخرة خلع السلطان على الأمير جانى بك السّيفى يلبغا الناصرى نائب رأس نوبة النّوب «3» المعروف بجانبك الثّور، باستقراره فى نيابة الإسكندرية بعد موت أحمد بن الأقطع.
ثم فى يوم الاثنين حادى عشرين شوّال خرج محمل الحاج إلى الرّيدانيّة خارج القاهرة صحبة الأمير قراسنقر الظاهرىّ، وحجّت فى هذه السنة زوجة السلطان الملك الأشرف وأمّ ولده الملك العزيز يوسف خوند جلبّان الچاركسية بتجمّل كبير إلى الغاية، وفى خدمتها الزّينى خشقدم الظاهرىّ الزّمّام وهو أمير الرّكب الأوّل، والزينى عبد الباسط ناظر الجيش.(14/354)
قال المقريزى: وحججت أنا فى هذه السنة رجبيّة، وقد استجدّ بعيون القصب «1» من طريق الحجاز بئر احتفرت، فعظم النّفع بها، وذلك أنى أدركت بعيون القصب [أنه كان] «2» يخرج من بين الجبلين ماء يسيح على الأرض فينبت فيه من القصب الفارسى وغيره شىء كثير، ويرتفع فى الماء حتى يتجاوز قامة الرّجل فى عرض كبير، فإذا نزل الحاج عيون القصب أقاموا يومهم على هذا الماء يغتسلون منه ويبتردون به، ثم انقطع هذا الماء وجفّت تلك الأعشاب، فصار الحاج إذا نزل هناك احتفر حفائر يخرج منها ماء ردىء إذا بات ليلة واحدة فى القرب نتن، فأغاث الله العباد بهذا البئر، وخرج ماؤها عذبا، وكان قبل ذلك بشهرين قد حفر الأمير شاهين الطّويل بئرين بموضع يقال له زعم «3» وقيقاب، وذلك أن الخاج كان إذا ورد الوجه «4» تارة يجد فيه الماء وتارة لا يجد فيه، فلما هلك الناس من العطش فى السنة الماضية بعث السلطان بشاهين هذا- كما تقدّم ذكره- فحفر البئرين بناحية زعم حتى لا يحتاج الحاج إلى ورود الوجه، فتروّى الحاج منهما وعمّ الانتفاع بهما، وبطل سلوك الحاج على طريق الوجه من هذه السنة- انتهى كلام المقريزى.
قلت: وفرغت سنة أربع وثلاثين ولم يسافر السلطان ولا أحد من أمرائه إلى البلاد الشّامية.
[ما وقع من الحوادث سنة 835]
ثم فى يوم الاثنين ثالث عشرين محرّم سنة خمس وثلاثين وثمانمائة وصلت زوجة السلطان خوند جلبّان بعد أن حجّت وقضت المناسك، وقدم محمل الحاج صحبة الأمير قراسنقر.(14/355)
ثم فى يوم الخميس سابع شهر ربيع الآخر من سنة خمس وثلاثين وثمانمائة المذكورة نزل عدّة من المماليك الجلبان من الأطباق إلى بيت الصاحب كريم الدين بن كاتب المناخ- وهو يومئذ وزير وأستادار- يريدون الفتك به، وكان علم من الليل، فتغيّب واستعدّ وهرب من بيته، فلم يظفروا به ولا بشىء فى داره، فعادوا بعد أن أفسدوا فيما حوله من بيوت جيرانه، وكان لهم من أيام الطاعون قد كفّوا عن هذه الفعلة، فبلغ السلطان نزولهم فغضب وأخذ فى الدّعاء عليهم أيضا بالفناء والوباء، حتى قال له التّاج الوالى بعد أن زال ما عنده: وسّط هؤلاء المعرّصين ولا تدع بعود الطاعون على المسلمين، فقال له السلطان: يجوز قتل المسلم بغير استحقاق؟ فقال التاج: وهؤلاء مسلمون؟ فقال السلطان: نعم، فقال التاج: والله ما هو صحيح، فضحك السلطان وأمر به فلكموه الخاصّكيّة لكما مزعجا، فقال: انظر صدق مقالتى، هذا فعل مسلم بمسلم؟
انتهى.
ثم أصبح الصاحب كريم الدين استعفى من وظيفة الأستادارية فأعفاه السلطان، واستدعى الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله فى يوم السبت ثالث عشرين شهر ربيع الآخر [المذكور] «1» وأخلع عليه باستقراره أستادارا عوضا عن الصاحب كريم الدين بعد انقطاع ابن نصر الله فى بيته عدّة سنين، وهذه ولاية ابن نصر الله الثانية لوظيفة الأستادارية.
ثم فى يوم الثلاثاء خامس عشرين جمادى الأولى ركب السلطان من القلعة بغير قماش الموكب ونزل إلى بيت زين الدين عبد الباسط ناظر الجيش، ثم ركب من بيت عبد الباسط إلى بيت القاضى سعد الدين إبراهيم بن كاتب جكم ناظر الخواصّ فجلس عنده أيضا قليلا، ثم ركب وعاد إلى القلعة، فلما كان يوم سادس عشرينه حمل عبد الباسط وسعد الدين ناظر الحاص تقادم جليلة إلى السلطان، بسبب نزوله إليهما.(14/356)
وفى هذه السنة تكرّر ركوب السلطان ونزوله إلى الصّيد وعبوره إلى القاهرة وتوجّهه إلى النزه- بخلاف ما كان عليه أولا- غير مرّة.
ثم فى يوم الثلاثاء ثانى جمادى الآخرة عزل السلطان الصاحب بدر الدين بن نصر الله عن الأستادارية، وخلع من الغد على آقبغا الجمالى باستقراره أستادارا عوضا عن ابن نصر الله المذكور، وهذه ولاية آقبغا الثانية، ولزم ابن نصر الله داره على عادته؛ وكان سبب عزل الصاحب بدر الدين عن الأستاداريّة أنه لما بلغ آقبغا الجمالى عزل الصاحب كريم الدين بن كاتب المناخ عن الأستادارية سأل فى الحضور، وكان يتولى «1» كشف البحيرة، فأجيب، فحضر وسعى فى الوظيفة على أنّه يحمل عشرة آلاف دينار، وإن سافر السلطان إلى الشام حمل معه نفقة شهرين مبلغ أربعين ألف دينار، فأجيب وأبقى الكشف أيضا معه، وأضيف إليه كشف الوجه البحرى.
ثم فى يوم السبت سابع عشرينه خلع السلطان على قاضى القضاة بدر الدين محمود العينى وأعيد إلى قضاء الحنفية بالديار المصرية، [عوضا] «2» عن زين الدين عبد الرحمن التّفهنى الحنفى بحكم طول مرضه، فباشر العينىّ القضاء والحسبة ونظر الأحباس؛ معا لخصوصيته عند الملك الأشرف، فإنه كان يقرأ له تواريخ الملوك وينادمه.
ثم فى يوم الثلاثاء أوّل شهر رجب خلع السلطان على الأمير صلاح الدين محمد ابن الصاحب بدر الدين بن نصر الله باستقراره محتسب القاهرة عوضا عن العينى بحكم عزله برغبته عنها، وكان صلاح الدين هذا منذ عزل عن الأستادارية وعزل أبوه عن نظر الخاص وصودرا ملازمين لدارهما.
ثم فى يوم الخميس ثالث شهر رجب أدير المحمل على العادة فى كل سنة إلا أنه عجّل به فى هذا اليوم لأجل حركة السلطان إلى السفر إلى البلاد الشاميّة، وكان(14/357)
السلطان أيضا فى هذه السنة أشاع سفره كما قال فى العام الماضى، وتجهّز لذلك هو وأمراؤه.
ثم فى عشرينه قدم الأمير سودون من عبد الرحمن نائب الشام باستدعاء، وصحبته القاضى كمال الدين محمد بن البارزىّ كاتب السّرّ بدمشق فباتا بتربة الملك الظاهر برقوق بالصحراء، ثم صعدا من الغد فى يوم الاثنين حادى عشرينه إلى القلعة وقبّلا الأرض، ولما «1» انفضّت الخدمة نزل الأمير سودون من عبد الرحمن إلى مكان بغير خلعة، فعلم كلّ أحد أنه معزول عن نيابة الشام.
فلما كان الغد وهو يوم الثلاثاء ثانى عشرين شهر رجب عملت الخدمة بالقصر السلطانى على العادة، وحضر الأمراء الخدمة على العادة، فقدّم سودون من عبد الرحمن قدّام جارقطلو وحجبه فى دخولهما على السلطان، وجلس جارقطلو على ميمنة السلطان، وجلس سودون من عبد الرحمن على ميسرة السلطان إلى أن قرىء الجيش ونجزت العلامة، ودخل السلطان من الخرجة إلى داخل القصر الأبلق «2» ، وجلس به استدعى الخلع وخلع على الأمير سودون «3» من عبد الرحمن نائب الشام باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضا عن جارقطلو، وخلع على جارقطلو باستقراره فى نيابة «4» الشام عوضا عن سودون من عبد الرحمن، وقبّلا الأرض، وفى الوقت تحوّل سودون من عبد الرحمن إلى ميمنة السّلطان وذهب جارقطلو إلى ميسرة السّلطان بعكس ما كان أوّلا، ولما خرجا من الخدمة السلطانية حجب جارقطلو سودون من عبد الرحمن.
كل ذلك لما ثبت عند السلطان من القواعد القديمة الكائنة إلى يومنا هذا.(14/358)
وفى هذا اليوم رسم السلطان بإبطال حركة سفر السلطان إلى البلاد الشاميّة، فتكلّم الناس أن سبب حركة السلطان للسّفر إنما كانت بسبب سودون من عبد الرحمن لما أشاعه عنه المتغرّضون من أنه يريد الوثوب على السلطان، وليس الأمر كذلك، وإنما كان لعزل سودون من عبد الرحمن أسباب:
أحدها: أنه طالت أيّامه فى نيابة الشام، وزادت عظمته، وكثرت مماليكه وحواشيه، فخاف الملك الأشرف عاقبته فعزله.
وثانيها- وهو الأقوى عندى: أن السلطان لما استدعاه بكتاب على يد الأمير ناصر الدين محمد بن إبراهيم بن منجك وعاد معه ابن منجك، فلما كان فى بعض الطريق تحادثا، فكان من جملة كلام سودون من عبد الرحمن لابن منجك: أنا أدخل أيضا إلى مصر أميرا بعد طول مدّتى فى نيابة دمشق، فنقلها ابن منجك برمتها إلى الملك الأشرف، فتحقّق الملك الأشرف عند ذلك ما كان أشيع عنه، فبادر وعزله، وكان مراد سودون من عبد الرحمن بقوله: أدخل مصر أميرا غير ما حمله عليه ابن منجك، وهو أن مراد سودون من عبد الرحمن أنه اعتاد بنيابة الشام، وأنه يكره الإقامة بمصر، وأن بعض نيابات البلاد الشامية أحبّ إليه من أن يكون أتابكا بمصر، وأشياء غير ذلك.
ثم فى يوم الخميس ثانى شعبان خلع السلطان على الأمير جارقطلو خلعة السّفر، وخرج من يومه الى مخيّمه بالرّيدانيّة خارج القاهرة وقد استقرّ الأمير قراجا الخازندار الأشرفى مسفّره.
ثم خلع السلطان من الغد فى يوم الجمعة ثالثه على القاضى كمال الدين محمد بن البارزىّ كاتب سرّ دمشق باستقراره فى قضاء دمشق مضافا لكتابة سرّها عوضا عن شهاب الدين أحمد بن المحمرة، ولم يجتمع ذلك لأحد قبله فى الجمع بين قضاء دمشق وكتابة سرّها.
ثم فى يوم الاثنين سادس عشرين شهر رمضان خلع السلطان على دولات خجا(14/359)
الظاهرىّ باستقراره والى القاهرة عوضا عن التاج الشّوبكى وأخيه عمر، ودولات خجا هو أحد أصاغر المماليك الظاهرية برقوق ومن شرارهم، وكان وضيعا تركى الجنس، كثير الشّرّ، يمشى على قدميه بالأسواق فى بعض الأحيان، وكان الملك الأشرف يعرفه أيّام جنديّته ويتوقّى شرّه، فلما تسلطن ولّاه الكشوفيّة ببعض النواحى، فأباد أهل تلك الناحية، ثم ولّاه الكشف بالوجه القبلى فتنوّع فى عذاب أهل الفساد وقطّاع الطريق أنواعا كثيرة، منها: أنه كان إذا قبض على الحرامى أمسكه ونفخ بالكير فى دبره حتى تندر «1» عيناه وينفلق دماغه، ومنها أنه كان يعلّق الرجل منكسا ولا يزال يرمى عليه بالنّشّاب إلى أن يموت، وأشياء كثيرة من ذلك، فلما ولى الولاية بالقاهرة أوّل ما بدأ به أنه أفرج عن جميع أرباب «2» الجرائم من الحبوس، وحلف لهم أنه متى ظفر بأحد منهم وقد سرق ليوسطنّه، وأرهب إرهابا عظيما، وصار يركب فى الليل ويطوف بحرمة زائدة عن الحد، وصدق فى يمينة فى السّرّاق فما وقع له سارق ممن أطلقه- وقد كتب أسماءهم عنده- إلا وسّطه، فذعر أهل الفساد منه، وانكفّوا عن السّرقة، ثم أخذ فى التضييق على الناس وإلزامهم بإلزامات منها: أنه أمرهم بكنس الشوارع ثم رشّها بالماء، وبتعليق كل سوقى قنديلا على دكّانه، وعاقب على ذلك خلائق، ثم منع النساء من الخروج إلى التّرب فى أيّام الجمع، وأشياء كثيرة إلى أن سئمته الناس وعزله الأشرف عنهم حسبما يأتى ذكره.
ثم أرسل السلطان يطلب قاضى القضاة شهاب الدين أحمد بن الكشك الحنفى ليستقرّ فى كتابة سرّ مصر بعد موت شهاب الدين أحمد بن السّفاح، على أنه يحمل بسبب ذلك عشرة آلاف دينار، فقدم جوابه فى يوم الاثنين ثالث شوّال فى ضمن كتاب الأمير جارقطلو نائب الشام على يد نجّاب، وهو يعتذر لعدم حضوره بضعف بصره وآلام تعتريه، وأرسل بمبلغ من الذّهب له صورة، فأعفاه السلطان عن ذلك،(14/360)
واستدعى الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن كاتب المناح وخلع عليه فى يوم الثلاثاء «1» رابعه باستقراره كاتب السّرّ الشريف مضافا إلى الوزر، ولم يقع ذلك فى الدّولة التركية لأحد أنّ الوزر وكتابة السرّ اجتمعا لواحد معا، ونزل الصاحب كريم الدين فى موكب جليل وباشر وظيفة كتابة السرّ والوزر، مع بعده عن صناعة الإنشاء، وعن كل فضيلة، وقلّة دربته بقراءة القصص والمطالعات الواردة من الأعمال والأقطار، وكان مع ما هو فيه من الجهل أجهر العينين لا ينظر فى الكتابة إلا من قريب، وفى صوته خشونة، فكان إذا أمسك الكتاب فى يده ليقرأه على السلطان تنظر أعاجيب من تبحّره فى الكتاب بعينه، ثم من توقّفه فى القراءة، ثم من اللّحن الفاحش الخارج عن الحدّ، مع أن قراءته للكتب ما كانت إلا نادرا، وفى الغالب لا يقرؤها على السلطان إلا القاضى شرف الدين الأشقر نائب كاتب السرّ، وكنت أظن أن الأشرف إنما ولّى كريم الدين هذا لكتابة السرّ إلا ليطيّت خاطره ويقويه حتى يعيده إلى وظيفة الأستادارية، فإنه كان ماهرا بتدبير أمور الوزر والأستادارية، جيد التنفيذ فيها إلى الغاية، لم تر عينى بعده أحسن [تدبيرا] «2» وتصرفا منه فى فنّه، غير أنه ليس من خيل هذا الميدان، وبين معرفته بفنه والدّربة بصناعة الإنشاء زحام، إلى أن كان بعض الأيام والأشرف جالس، وقدم الصاحب كريم الدين هذا، فلمّا رآه الأشرف من بعيد قال لمن حوله: هل رأيتم كاتب سرّ أحشم من هذا ولا أمثل؟ فقال له من حضر:
لا والله يا خوند، فعند ذلك تحقّقت خلاف ما كنت أظن وعلمت أن القوم فى واد والأمم السالفة فى واد.
ثم فى يوم الخميس ثالث عشر شوال المذكور ابتدأ السّلطان بالجلوس فى الإيوان بدار العدل من قلعة الجبل، وكان قد ترك الملوك الجلوس به بعد الملك الظاهر برقوق فى يومى الاثنين والخميس إلا فى النادر أيام خدمة الإيوان عند قدوم قصّاد ملوك الأقطار،(14/361)
فتشعث الإيوان ونسيت عوائده ورسومه إلى أن اقتضى رأى السلطان فى هذه الأيّام بعمارته وتجديد عهده، فأزيل شعثه وتتبعت رسومه، وجلس الملك الأشرف به، وعمل الخدمة السلطانية فيه، وعزم على ملازمتة فى يومى الخدمة، ورسم بحضور القضاة وغيرهم ممّن كان له عادة بحضور خدمة دار العدل، فلم يتمّ ذلك وتركه كأنه لم يكن.
ثم فى ثانى عشرين شوّال هذا قدم الخبر من مكة المشرفة بأن عدة زنوك «1» قدمت من الصين إلى سواحل الهند، وأرسى منها اثنان بساحل عدن فلم تنفق بها بضائعهم من الصينى والحرير والمسك وغير ذلك لاختلال حال اليمن، فكتب كبير هذين المركبين الزنكيين إلى الشريف بركات بن حسن بن عجلان أمير مكة وإلى سعد الدين إبراهيم بن المرة ناظر جدّة يستأذن فى قدومهم إلى جدّة، فكتبا إلى السلطان فى ذلك ورغّباه فى كثرة ما يتحصّل فى قدومهم من المال، فكتب لهم السلطان بالقدوم إلى جدّة وإكرامهم.
ثم فى يوم الاثنين أوّل ذى القعدة استدعى السلطان القضاة الأربعة بجميع نوّابهم فى الحكم بالقاهرة ومصر [إلى القلعة] «2» لتعرض نوابهم على السلطان، وقد ساعت القالة فيهم عند السلطان، فدخل القضاة الأربعة إلى مجلس السلطان وعوّق نوّابهم عن العبور إلى السلطان، فلما جلسوا خاشنهم السلطان فى اللفظ بسبب كثرة نوّابهم، وانفضّ المجلس على أن يقتصر الشافعىّ على خمسة عشر نائبا بمصر والقاهرة، والحنفى على عشرة نوّاب، والمالكىّ على سبعة، والحنبلىّ على خمسة، ونزلوا على ذلك، فلم يزل عبد الباسط وغيره بالسلطان حتى زادهم شيئا بعد شىء إلى أن عادت عدّتهم إلى ما كانت عليه، والسلطان لا يعلم بذلك.(14/362)
ثم فى سابعه خلع السلطان على التاج الشّوبكى باستقراره والى القاهرة بعد عزل دولات خجا المقدم ذكره، وقد أقمع دولات خجا المفسدين وأبادهم.
ثم فى يوم الأحد ثامن عشرين ذى القعدة أيضا ورد الخبر على السلطان بموت جينوس بن جاك متملّك قبرس، فعيّن السلطان شخصا من الأعيان ومعه ستّون مملوكا للتوجه إلى قبرس، فخرجوا فى يوم الجمعة خامس عشرين ذى الحجة من سنة خمس وثلاثين وثمانمائة ومعهم خلعة لجوان بن جينوس باستقراره فى مملكة جزيرة قبرس عوضا عن والده جينوس نيابة عن السلطان، ومطالبته بما تأخر على أبيه وهو أربعة وعشرون ألف دينار وبما التزم فى كلّ سنة وهو خمسة آلاف دينار، وساروا على ذلك إلى ما يأتى ذكره.
وانسلخت هذه السنة بيوم الأربعاء الموافق لرابع أيام النسىء، وهى سنة تحويل «1» تحوّل الخراج فيها من أجل أنه لم يقع فيها نوروز، فحوّلت سنة ست إلى سنة سبع وثلاثين.
قال المقريزى رحمه الله: واتّفق فى سنة ست وثلاثين هذه غرائب منها: أن يوم الخميس كان أوّل المحرّم ووافقه أوّل يوم من تشرين وهو رأس سنة اليهود، فاتّفق أوّل سنة اليهود مع أوّل سنة المسلمين، ويوم الجمعة وافقه أوّل توت وهو أوّل سنة النّصارى القبط، فتوالت أوائل سنى الملل الثلاث فى يومين متوالين، واتّفق مع ذلك أن طائفة اليهود الربانيين يعملون رءوس سنيهم وشهورهم بالحساب، وطائفة القرائين يعملون رءوس سنيهم وشهورهم برؤية الأهلّة كما هى عند أهل الإسلام، فيقع بين طائفتى اليهود فى رءوس السنين والشهور اختلاف كبير، فاتّفق فى هذه السنة مطابقة حساب الرّبّانيّين والقرّائين، فعمل الطائفتان جميعا رأس سنتهم يوم الخميس، وهذا من النوادر التى لا تقع إلا فى الأعوام المتطاولة- انتهى.
[ما وقع من الحوادث سنة 836]
ثم فى يوم الاثنين سادس عشرين المحرم من سنة ست وثلاثين المذكورة عزل(14/363)
السلطان آقبغا الجمالى عن الأستادارية، وجعل الزّنجير الحديد فى رقبته، وأنزله على حمار من القلعة إلى بيت التاج الوالى بسويقة الصاحب ليعاقبه على استخراج المال.
وأصبح السلطان من الغد خلع على الصاحب كريم الدين عبد الكريم بن كاتب المناخ بإعادته إلى وظيفة الأستادارية عوضا عن آقبغا المذكور مضافا إلى الوزر، وعزله عن وظيفة كتابة السّر، ورسم السلطان للقاضى شرف الدين الأشقر نائب كاتب السر أن يباشر الوظيفة إلى أن يستقرّ فيها أحد، وعيّن جماعة كبيرة للوظيفة المذكورة فلم يقع اختيار السلطان على أحد منهم.
ورسم السلطان بطلب القاضى كمال الدين ابن البارزىّ قاضى قضاة دمشق وكاتب سرّها ليستقرّ فى كتابة سرّ مصر، وخرج القاصد بطلبه من القاهرة فى يوم الأحد ثانى صفر من سنة ست وثلاثين وثمانمائة [ليستقر فى كتابة سرّ مصر «1» ] ، وأن يستقرّ عوضه فى «2» القضاء بدمشق بهاء الدين محمد ابن القاضى نجم الدين عمر بن حجّى، وأن يستقرّ عوضه فى كتابة سرّ دمشق قاضى القضاة شهاب الدين أحمد بن الكشك الحنفىّ، ويستقرّ ولد ابن الكشك شمس الدين محمد فى قضاء الحنفيّة بدمشق عوضا عن أبيه، ويستقرّ جمال الدين يوسف بن الصّفّىّ فى نظر جيش دمشق عوضا عن بهاء الدين ابن حجّى.
ثم فى سابع صفر قدمت الرسل المتوجّهة إلى قبرس، وكان من خبرهم أنهم لما توجّهوا إلى دمياط ركبوا منها البحر [المالح] «3» فى شينيين «4» وساروا حتى وصلوا إلى الملّاحة فى يوم السبت عاشر المحرّم من سنة ست وثلاثين المذكورة، فلما وصلوا إلى(14/364)
الملّاحة سار أعيانهم فى البرّ إلى الأفقسيّة وهى مدينة قبرس ودار ملكها، وبلغ متملّك قبرس مجيئهم فخرج إلى لقائهم وزير الملك فى أكابر أهل قبرس، فأنزلوهم هناك وباتوا ليلتهم بالمكان المذكور، وأصبحوا من الغد وهو يوم الاثنين ثانى عشر المحرم عبروا المدينة ودخلوا على الملك جوان بن جينوس بن جاك فى قصره فإذا هو قائم على قدميه فسلمّوا عليه وبلّغوه الرسالة وأوصلوه كتاب السلطان، كل ذلك وهو قائم على قدميه، فأذعن بالسمع والطاعة، وقال: أنا مملوك السلطان ونائبه، وقد كنت على عزم أن أرسل التقدمة، فبلغنى قدومكم فأمسكت عن ذلك، فكلّموه أن يحلف على طاعة السلطان، فأجابهم إلى ذلك، واستدعى القسيسين وحلف على الوفاء وعلى الاستمرار على الطّاعة والقيام بما يجب عليه من ذلك، فعند ذلك أفيض عليه التّشريف السلطانى المجهّز له على يد كبير القوم، فلبسه وقد أظهر السرور والبشر بذلك، ثم خرجت الرسل من عنده فداروا بالمدينة وهم ينادى بين أيديهم باستقرار الملك جوان فى نيابة السّلطنة بمدينة الأفقسيّة وسائر ممالكها، وأن لأهل قبرس الأمان والاطمئنان، وأمروهم بطاعته وطاعة السلطان إلى أن داروا البلد، ثم أنزلوهم فى بيت قد أعدّ لهم، وأجرى عليهم من الرّواتب ما يليق بهم من كل ما عندهم.
ثم حمل إليهم فيما بعد سبعمائة ثوب صوف قيمتها عشرة آلاف دينار، وذلك مما تأخّر على أبيه، ثم أظهر خصم أربعة آلاف دينار أخرى، ووعد بحمل العشرة آلاف دينار الباقية بعد سنة، ثم بعث إليهم أيضا بأربعين ثوبا صوفا برسم الهديّة للسلطان، ثم أرسل لكل من الرّسل شيئا بحسب مقامه وعلى قدره، ثم أخذ فى تجهيزهم وتسفيرهم حتى كان سفرهم من قبرس بعد عشرة أيام من قدومهم إلى اللّمسون، فأقاموا [بها] «1» إلى أن تهيئوا وركبوا البحر وساروا فيه ستّة أيام ووصلوا إلى ثغر دمياط، ثم خرجوا من مراكبهم وركبوا المراكب فى بحر النيل إلى أن قدموا القاهرة، وطلعوا إلى السلطان وعرّفوه ما وقع لهم مفصّلا وما معهم من الصّوف وغيره، فقبل السلطان(14/365)
ذلك، وقرأ كتابه فإذا هو يتضمّن السمع والطاعة، وأنه نائب السلطان فيما تحت يده من البلاد والمملكة، وأنه فى طيى علمه ومن جملة مماليكه، فسرّ السلطان بذلك غاية السّرور؛ فإنه كان أشيع بمصر أنه لما ملك بعد أبيه خرج عن طاعة السلطان، ومنع الجزية، فوقع خلاف ذلك- انتهى.
ثم فى يوم السبت ثامن صفر خلع السلطان على حسن بك بن سالم الدّوكرىّ أحد أمراء التّركمان وهو ابن أخت قرايلك باستقراره فى نيابة البحيرة عوضا عن أمير على، وأنعم عليه بمائة قرقل «1» ومائة قوس ومائة تركاش «2» وثلاثين فرسا ووجهه إلى محل تحكمه بمدينة دمنهور، فأقام بها سنين عديدة وإلى الآن متوليها هو ولده، وهو يومئذ متولى جعبر.
ثم ورد الخبر على السلطان بامتناع ابن الكشك من ولاية كتابة سرّ دمشق، وأنه استعفى من ذلك، فأعفاه السلطان ورسم باستقرار القاضى تاج الدين عبد الوهاب بن أفتكين أحد موقّعى الدّست بدمشق فى كتابة سرّ دمشق، وكتب أيضا باستقرار محيى الدين يحيى بن حسن بن عبد الواسع الحبحابى المغربى المالكى فى قضاء المالكية بدمشق عوضا عن القاضى شهاب الدين أحمد بن محمد الأموى بعد موته.
ثم فى يوم الاثنين أوّل شهر ربيع الأوّل قدم إلى القاهرة رسول ملك القطلان «3» من الفرنج بكتابه، وقد نزل على جزيرة صقلّية فى ثانى عشرين شهر رمضان بما ينيف على مائة قطعة حربية، وتضمّن كتابه الإنكار على الدّولة ما تعتمده من التجارة فى البضائع، وأن رعيّته الفرنج لا يشترون من السلطان ولا من أهل دولته بضاعة، وأنهم لا يشترون إلا من التّجّار، ثم أعاب على السلطنة صناعة المتجر، فردّ السلطان رسوله ردّا قبيحا، وكتب له جوابا بمثل ذلك.(14/366)
ثم فى هذا الشهر تكرّر توجّه السلطان إلى الصيّد غير مرّة قبليا وبحريا فأبعد ما وصل قبليا إلى إطفيح «1» وبحريا إلى شيبين القصر بالشرقيّة.
ثم فى تاسع عشر شهر ربيع الأوّل قدم القاضى كمال الدين محمد بن البارزىّ من دمشق بعد أن خرج أكابر الدّولة إلى لقائه، وطلع إلى السلطان وقبّل الأرض، ثم نزل إلى داره، وطلع من الغد إلى القلعة فى يوم السبت العشرين من شهر ربيع الأوّل المذكور، وخلع السلطان عليه باستقراره فى كتابة السّر بالديار المصريّة عوضا عن شهاب الدين أحمد بن السفاح بعد شغور الوظيفة مدّة طويلة، وهذه ولاية كمال الدين المذكور [لكتابة السّر] «2» ثانى مرة، ونزل فى موكب جليل.
قال المقريزى: وسر الناس به سرورا كبيرا؛ لحسن سيرته وكفايته، وجميل طريقته، وكرمه وكثرة حيائه- فالله يؤيده بمنه- انتهى كلام المقريزى.
قلت: هو كما قاله المقريزى وزيادة حتى إننى لا أعلم فى عصرنا هذا من يدانيه فى غزير محاسنه- رحمه الله تعالى.
ثم فى يوم الخميس أول جمادى الأولى قدم الأمير مقبل الحسامى الدوادار- كان- نائب صفد، وكان السلطان قد ركب من القلعة إلى خارج القاهرة فلقيه السلطان وخلع عليه، وعاد مقبل المذكور فى خدمة السلطان إلى القلعة، ثم نزل مقبل فى دار أعدّت له، فأقام بالقاهرة إلى يوم حادى عاشره، وخلع عليه خلعة السفر، وتوجه إلى محل كفالته بصفد.
ثم فى يوم الخميس ثامنه خلع السلطان على الأمير أسنبغا الطيارى أحد أمراء العشرات، واستقر فى نظر جدّة عوضا عن سعد الدين إبراهيم بن المرة، وأذن لابن المرة المذكور أن يتوجه إلى خدمته، فلما كان يوم حادى عشر [جمادى الأولى المذكورة] «3»(14/367)
نودى فى الناس بالإذن فى السّفر إلى الحجاز- رجبيّة- صحبة الأمير أسنبغا الطيارى المذكور، فسرّ الناس بذلك سرورا زائدا؛ لأن ابن المرة كان لا يدع أحدا أن يسافر معه خوفا عليهم من قطاع الطريق.
ثم فى سابع عشرين جمادى الأولى المذكورة سافر الوزير كريم الدين بن كاتب المناخ إلى جهة الوجه القبلى- وهو يوم ذاك يباشر الوزارة والأستادارية معا- وكان سفره إلى الوجه القبلى لتحصيل ما يقدر عليه من الجمال والخيل [والبغال] «1» والغنم والمال لأجل سفر السلطان إلى جهة البلاد الشاميّة، كل ذلك والناس يأخذون ويعطون فى سفر السلطان؛ فإنه وقع منه التجهيز للسفر غير مرة ثم تغير عزمه عن ذلك.
ثم فى تاسع عشرينه قدم إلى القاهرة كتاب القان شاه رخّ بن تيمور لنك صاحب ممالك العجم وجغتاى على يد بعض تجّار العجم يتضمن أنه يريد كسوة الكعبة، وأرعد فيه وأبرق، ولم يخاطب السلطان فيه إلا بالأمير برسباى، وقد تكررت مكاتبته للسلطان بسبب كسوة الكعبة غير مرة، وهو لا يلتفت إليه ولا يسمح له بذلك، بل يكتب له بأجوبة خشنة مشحونة بالتّوبيخ والوعيد والبهدلة، حتى إنه كلّما ورد منه كتاب وأجابه السلطان بتلك الأجوبة الخشنة لا يشك الناس أن شاه رخّ يرد إلى البلاد الشامية عقيب ذلك، فلم يظهر له خبر ولا نظر له أثر، وقد استخف الملك الأشرف بشأنه حتى [إنه] «2» صار إذا أتاه قاصده لا يلتفت إليه ولا إلى ما فى يده من الكتب بالكلية، ويأتى- إن شاء الله تعالى- ذكر ما فعله ببعض قصّاده من الضرب والبهدلة فى محله من هذا الكتاب.
قلت: لا أعرف للملك الأشرف فى سلطنته حركة بعد افتتاحه لقبرس أحسن من ثباته مع شاه رخّ المذكور فى أمر الكسوة، وعدم اكتراثه به؛ فإنه أقام بفعلته هذه حرمة للديار المصرية ولحكّامها إلى يوم القيامة- انتهى.(14/368)
ثم فى يوم الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة أنفق السلطان فى المماليك المجرّدين إلى مكة- وهم خمسون مملوكا- لكل واحد منهم مبلغ ثلاثين دينارا، وتجهّزوا للسفر إلى مكة صحبة الأمير أسنبغا الطيارى [ «1» فلما كان يوم الاثنين ثامن عشر جمادى الآخرة المذكورة برز فيه الأمير أسنبغا الطيّارىّ] «2» بمن معه من المماليك السلطانية والحجّاج.
وفيه خلع السلطان على سعد الدين إبراهيم بن المرة ليكون رفيقا للأمير أسنبغا الطيّارىّ فى التكلّم على بندر جدّة.
وفى هذه الأيام قوى عزم السلطان على السّفر، وظهر للناس حقيقة ذلك من تجهيز أمور السلطان وتعلقاته للسفر، وأيضا فإنه رسم فى هذه الأيام بصرّ «3» نفقة المماليك السلطانية بسبب السفر.
ثم فى يوم الخميس حادى عشرين جمادى الآخرة [المذكورة] «4» أنفق السلطان فى الأمراء نفقه السّفر، فعند ذلك اضطرب الناس وأخذوا فى تجهيز أمورهم وتيقّنوا صدق القالة، فحمل السلطان إلى الأمير الكبير أتابك العساكر سودون من عبد الرحمن أكياس فضّة حسابا عن ثلاثة آلاف دينار، وإلى كلّ من أمراء الألوف- وهم عشرة أنفس- لكل واحد ألفى دينار، وإلى كل من أمراء الطّبلخانات خمسمائة دينار، وإلى كل من أمراء العشرات مائتى دينار، وكل ذلك فضّة حسابا عن الذّهب من سعر الدينار بمائتين وعشرين درهما، والدينار يومئذ بمائتين وثمانين، فالنفقة على هذا الحكم تنقص مبلغا كبيرا، غير أنه من هو المشاحح لذلك، ولسان الحال يقول: (يد الخلافة لا تطاولها يد) وكان هذا أيضا بخلاف القاعدة؛ فإنّ قاعدة الملوك أن تنفق أولا على المماليك السلطانية، ثم تنفق على الأمراء، فكان ذلك بخلاف ما كان، وكان له سبب(14/369)
فيما قيل، وهو أن الملك الأشرف كان عنده بخل وعدم محبة للسّفر من مبدأ أمره إلى أيّام سلطنته، وكان أشاع فى السنين الماضية أنه يريد السّفر لقتال قرايلك يوهم قرايلك بذلك ليرسل إليه بالدخول فى طاعته، وكان قرايلك أرسل إلى السلطان فى ذلك لمّا كان ولده هابيل فى حبس الملك الأشرف، فلما مات هابيل بالطّاعون فى سنة ثلاث وثلاثين فى محبسه أمسك قرايلك عن مكاتبات السلطان، وأخذ فى ضرب معاملاته، وصار السلطان فى كل سنة يتجهز للسفر ويشيع ذلك إرداعا لقرايلك، فلم يلتفت قرايلك لذلك، فلمّا طال الأمر على السلطان حقّق ما كان أشاعه من السّفر مخافة العار والقالة فى حقّه.
وتأييد ما قيل أننى سمعته يقول فى بعض منازله فى سفره إلى آمد، وأظنه فى العودة:
لو سألنى قرايلك فى الصّلح والدخول فى طاعتى بمقدار ما سأله للأمير جكم من عوض نائب حلب لما مشى لفتاله أو أقل من ذلك لرضيت، فهذا الخبر يقوّى القول المقدّم ذكره.
واستمر السلطان فى انتظار قدوم رسل قرايلك بالصّلح فى كل يوم وساعة، وهو يترجّى أنه إذا بلغه صحة سفر السلطان إلى قتاله يرسل قصّاده فى السّؤال بالصّلح، وأرباب دولته تشير عليه بالتربّص والتأنى فى أمر السّفر مخافة من وقوعهم فى الكلف الكثيرة، فأشاروا عليه بأن ينفق فى الأمراء أوّلا ربما يأتى رسول قرايلك فى السؤال ويبرم الصلح، فيكون استعادة المال منهم أهون من استعادته من المماليك السلطانية، فحسن ذلك ببال السلطان، وهو كما قيل فى الأمثال «إن كلمة الشح مطاعة» وأنفق فى الأمراء وعوّق نفقة المماليك إلى أن كان يوم سلخ جمادى الآخرة وقع «1» الإياس من قرايلك وأخذ فى نفقة المماليك السلطانية فى سلخ الشهر المذكور، فأنفق على عدّة كبيرة من المماليك السلطانية لا يحضرنى عدّتهم.
قال المقريزى: وهم ألفان وسبعمائة، وفى ظنى أنهم كانوا أكثر من ذلك غير أنى(14/370)
لم أحرّر عدّتهم، فجلس السلطان بالمقعد الذي على باب البحرة من الحوش السلطانى بقلعة الجبل، وأعطى لكل مملوك صرّة فيها ألف درهم وخمسون درهما [فضة] «1» أشرفيّة، عنها من الفلوس اثنان وعشرون ألف درهم، وهى مصارفة مائة دينار من حساب صرف كل دينار بمائتين وعشرين درهما فلوسا، وكان صرف الدينار يوم ذاك بمائتين وثمانين درهما، كما حملت النفقة أيضا للأمراء على هذا الحساب، وكانت المماليك السلطانية اتّفقوا على أنّهم لا يأخذون إلا مائة دينار ذهبا، ودخلوا على ذلك، فلما استدعى الديوان أوّل اسم من طبقة الرّفرف خرج صاحبه وأخذ وباس الأرض وعاد إلى حال سبيله، واستدعى الديوان من هو بعده فخرج واحد بعد واحد إلى أن تمت النفقة «2» ولم يتفوّه أحد منهم بكلمة فى معنى ما اتفقوا عليه، ولما نزولوا بعد القبض للنفقة صار بعضهم يوبخ البعض خفية على ترك ما اتّفقوا عليه، إلى أن قال لهم بعض المماليك المؤيدية: احمدوا الله على هذا العطاء، فو الله لو لم ينفق [السلطان] «3» فيكم وأمركم بالسّفر معه من غير نفقة لخرجتم معه صاغرين، وأوّلهم أنا، فضحك القوم من كلامه وانصرفوا.
قلت: تلك أمة قد خلت، هؤلاء القوم يأكلون الأرزاق صدقة عن تلك الأمم السالفة؛ فإننا لا نعلم بقتال وقع فى هذا القرن- أعنى عن قرن التسعمائة- غير وقعة تيمور لنك مع نوّاب البلاد الشاميّة على ظاهر حلب، لا مع العساكر المصريّة. وأما ما وقع بعد ذلك من الوقائع فى الدولة الناصرية [فرج] «4» الدولة المؤيدية [شيخ] «5» والدولة الظاهرية [ططر] «6» والدولة المنصورية [محمد بن ططر] «7» فهو نوع «8» من القتال لا القتال المعهود بعينه، وتصديق ذلك أنه لم تكن وقعة وقعت فى هذ الدّول(14/371)
أعظم من وقعة شقحب «1» ومع ذلك لم يقتل فى المصاف خمسون رجلا من الطائفتين.
وما وقع بعد ذلك من الوقائع فتنجلى الوقعة ولم يقتل فيها رجل واحد، وقد ثبت عند المؤرخين أنه قتل فى الوقعة التى كانت بين تيمور لنك وبين ملك دلى أحد ملوك الهند فى المصاف زيادة على عشرة آلاف نفس فى أقلّ من يوم، ونحن لا نطالب أحدا بذلك، غير أن الازدراء بالغير على ماذا؟! - انتهى.
ثم فى يوم الثلاثاء ثالث شهر رجب قدم الصاحب كريم الدين عبد الكريم من الوجه البحرى بعد أن أخذ خيول أهله وجمالهم وأغنامهم وأموالهم، هو وأتباعه، فما عفّوا ولا كفّوا.
ثم فى يوم الخميس ثانى عشر شهر رجب المذكور أدير محمل الحاج، ولم يعمل فيه ما جرت به العادة من التجمّل، ولعب الرّمّاحه، بل أوقف المحمل تحت القلعة وأعيد، ولم يتوجّه إلى مصر، وهذا شىء لم يعهد بمثله، وكان سبب ذلك اشتغال الرّمّاحة بالتجهيز للسفر صحبة السلطان.
ثم فى يوم السبب رابع عشر شهر رجب المذكور خرجت مدوّرة السلطان وخيام الأمراء من القاهرة، ونصبت بالرّيدانيّة لأجل سفر السلطان.
ثم فى يوم الاثنين سادس عشره خرج أمراء الجاليش مقدّمة لعسكر السلطان، وهم الأمير سودون من عبد الرحمن أتابك العساكر، والأمير إينال الجكمىّ أمير سلاح، والأمير قرقماس الشّعبانىّ الناصرىّ حاجب الحجاب، والأمير قانى باى الحمزاوى، والأمير سودون ميق، والجميع مقدّمو ألوف، ونزلوا بخيمهم بطرف الرّيدانيّة تجاه مسجد التبن.
ثم رسم السلطان بإخراج البطّالين من الأمراء من الديار المصرية، فرسم للأمير(14/372)
ألطنبغا المرقبىّ حاجب الحجاب- كان- فى الدولة المؤيدية [شيخ] «1» بالتوجّه إلى القدس، ثم رسم له أن يتوجّه صحبة السلطان إلى السّفر فسافر فى ركاب السلطان، وهو يوم ذاك من جملة أمراء العشرات، ثم رسم السلطان بإخراج الأمير أيتمش الخضرى الظاهرى المعزول عن الأستادارية قبل تاريخه إلى القدس، فخرج إليه، ومنع السلطان من بقى من أولاد الملوك من الأسياد من ذرّيّة الملك الناصر محمد بن قلاوون وغيره من سكنى القلعة وطلوعها فى غيبة السلطان، وأخرجوا من دورهم فيها، وكانوا لمّا منعوا من سنين من سكن القلعة، ورسم لهم الملك الأشرف بالنزول منها والركوب حيث شاءوا، سكن أكثرهم بالقاهرة وظواهرها، فذلّوا بعد عزّهم، وتهتّكوا بعد تحجّبهم، وبقى من أعيانهم طائفة مقيمة بالقلعة، وتنزل إلى القاهرة فى حاجاتهم ثم تعود إلى دورهم، فلما كان سفر السلطان فى هذه السنة أخرجوا الجميع منها ومنعوا من سكنى القلعة، فنزلوا وتفرّقوا بالأماكن بالقاهرة.
والعجب أن الملك الناصر محمد بن قلاوون كان فعل ذلك بأولاد الملوك من بنى أيّوب، فجوزى فى ذرّيته، وكان الملك الكامل محمد ابن [الملك] «2» العادل أبى بكر بن أيوب فعل ذلك بأولاد الخلفاء الفاطميين، فكل واحد من هؤلاء جوزى فى أولاده بمثل فعله، ووقع ذلك لابن الملك الأشرف ولغيره، ولا يظلم ربّك أحدا.
ثم فى يوم سابع عشره خلع السلطان على دولات خجا الظاهرىّ بإعادته إلى ولاية القاهرة عوضا عن التّاج بن سيفه الشّوبكىّ بحكم سفره مع السلطان مهمندارا وأستادار الصّحبة، هذا وقد ترشّح الأمير آقبغا التّمرازى أمير مجلس لإقامته بالقاهرة فى غيبة السلطان، وترشّح الأمير حسين بن أحمد المدعو تغرى برمش البهسنىّ للإقامة بباب السّلسلة فى غيبة السلطان حسبما يأتى ذكره.(14/373)
تم الجزء الرابع عشر من النجوم الزاهرة ويليه الجزء الخامس عشر وأوله ذكر سفر السلطان الملك الأشرف برسباى إلى آمد(14/374)
فهرس «1»
الجزء الرابع عشر من كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة(14/375)
فهرس الملوك والسلاطين الذين تولوا مصر من سنة 815- 836
1- السلطان الملك المؤيد شيخ المحمودى من ص 1- 166 2- السلطان الملك المظفر أحمد بن المؤيد شيخ المحمودى من ص 167- 197 3- السلطان الملك الظاهر ططر من ص 198- 210 4- السلطان الملك الصالح محمد بن ططر من ص 211- 241 5- السلطان الملك الأشرف برسباى من ص 242- 373(14/377)
فهرس الأعلام
أآدى شير:
70: 24
آقباى بن عبد الله المؤيدى:
24: 6- 34: 14- 36: 3، 4، 6، 7- 37: 19، 24- 39: 15، 22- 44:
16- 45: 1، 4، 9، 16- 47: 19- 48: 3- 49: 14- 50: 14- 51:
17- 52: 17- 53: 1- 55: 16، 22- 57: 16- 58: 1، 4، 5، 8، 13، 21، 22- 62: 10، 12، 14، 17، 24- 63: 1- 64: 5- 132: 6- 141: 2- 147- 17- 148: 4
آقبردى بن عبد الله المؤيدى المنقار- سيف الدين:
14: 7- 30: 13- 39: 20- 41: 17- 146: 13- 148: 6
آقبغا الأسندمرى:
93: 6
آقبغا بن عبد الله الجمالى الظاهرى برقوق المعروف بالأطروش- سيف الدين:
116: 11، 25
آقبغا بن عبد الله المعروف بالشيطان- علاء الدين:
65: 18- 151: 3
آقبغا التمرازى:
45: 6- 47: 8- 90: 16- 165: 14- 186: 17- 247: 5- 255: 13- 257:
8- 258: 22- 337: 5- 350: 10- 373: 18
آقبغا جركس:
12: 10
آقبغا الجمالى:
337: 8، 9، 11، 21- 346: 6، 7 8- 357: 4، 5، 6- 364: 1
آقبغا اللكاش الظاهرى:
195: 9
آقبغا المؤيدى آقباى بن عبد الله المؤيدى- سيف الدين.
آقبغا اليلبغاوى:
115: 14
آقبلاط الدمرداش:
13: 6- 14: 6، 8- 57: 3- 100:
19- 172: 5- 177: 14- 188: 15
آق خجا الأحمدى:
172: 13- 221: 1
آقوش المنصورى الأفرم- جمال الدين 131: 15
آنص الجركسى:
146: 8
إبراهيم بن أحمد بن رمضان:
27: 10
إبراهيم بن باباى الرومى العواد:
151: 20
إبراهيم بن برقوق:
117: 23
إبراهيم بن بركة، المعروف بابن البشيرى- سعد الدين:
8: 6، 7، 9- 137: 6
إبراهيم بن تغرى بردى:
118: 11(14/379)
إبراهيم بن الحسام- صارم الدين:
171: 20- 316: 20- 317: 3
إبراهيم بن خليل بن علوة الإسكندرى- برهان الدين رئيس الأطباء:
159: 15
إبراهيم بن رمضان:
46: 8- 49: 5- 87: 17- 88: 12
إبراهيم بن زقاعة- برهان الدين:
125: 14- 126: 6، 18
إبراهيم بن شيخ المحمودى- المقام الصارمى:
11: 6- 29: 18- 38: 10- 46: 4- 47: 21- 50: 1- 60: 9- 63:
4، 15- 65: 4، 9- 75: 5، 21- 76: 13، 15- 77: 3، 6، 10- 80:
6، 9، 20- 86: 1- 87: 15- 89:
4، 8، 12- 91: 7- 94: 12- 95: 13- 96: 5، 15، 16- 145: 6، 15- 157:
4- 165: 21، 23- 197: 12، 16
إبراهيم بن عبد الغنى بن الهيصم- أمين الدين:
273: 4
إبراهيم بن عبد الكريم بن بركة- سعد الدين المعروف بابن كاتب جكم:
336: 16، 23- 356: 19، 21
إبراهيم بن المرة- سعد الدين:
362: 9- 367: 19- 368: 2- 369: 6
إبراهيم- بن نبى الله محمد صلى الله عليه وسلم:
97: 2، 3
إبراهيم الخليل عليه السلام:
310: 10
إبراهيم خورشيد:
120: 22- 318: 24
إبراهيم على طرخان- الدكتور:
9: 20- 10-: 8- 16: 27- 33: 22- 183: 21- 184: 23- 199: 23- 273:
23
إبراهيم المحلى- برهان الدين:
256: 8، 9
أبرم بن داد بن سيف أرعد:
260: 9- 329: 11
ابن أبى جرادة محمد بن عمر بن إبراهيم بن محمد ابن عمر بن عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن هبة الله- قاضى القضاة ناصر الدين.
ابن أبى شاكر (ناظر الخاص) :
8: 6، 11
ابن أبى والى محمد بن محمد بن موسى المعروف بابن المرداوى- ناصر الدين.
ابن الإخنائى محمد بن محمد بن عثمان السعدى- شمس الدين.
ابن الأدمى على بن محمد بن محمد الدمشقى- صدر الدين.
ابن الأقطع أحمد بن الأقطع- شهاب الدين.
ابن أوزر:
84: 2
ابن البارزى محمد بن البارزى- ناصر الدين.
ابن بشارة:
262: 10
ابن البشيرى إبراهيم بن بركة- سعد الدين.
ابن بولى محمد بن محمد بن موسى المعروف بابن المرداوى- ناصر الدين.
ابن التبانى محمد بن رسولا بن يوسف التركمانى- شمس الدين.(14/380)
ابن جماز:
175: 14، 15
ابن جماعة محمد بن أبى بكر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن حازم بن صخر بن عبد الله.
ابن حجر أحمد بن حجر العسقلانى- شهاب الدين.
ابن حجى أحمد بن حجى بن موسى السعدى الحسبانى- شهاب الدين.
ابن الحسام إبراهيم بن الحسام- صارم الدين.
ابن الحسبانى أحمد بن إسماعيل بن خليفة الدمشقى- قاضى القضاة شهاب الدين أبو العباس.
ابن الحسين أبو بكر بن حسين بن عمر بن عبد الرحمن العثمانى المراغى- زين الدين قاضى قضاة المدينة النبوية.
ابن دلغادر:
6: 2- 51: 20
ابن زقاعة إبراهيم بن محمد بن بهادر بن أحمد القرشى الغزى النوفلى- برهان الدين.
ابن الشامية- مملوك تغرى بردى المحمودى:
307: 9
ابن الشحنة- محمد بن محمد بن محمد الحلبى- قاضى القضاة محب الدين.
ابن شداد (محمد بن على بن إبراهيم- أبو عبد الله عز الدين بن شداد الأنصارى الحلبى) :
33: 18
ابن الشنبلى- أحمد بن أحمد بن الشنبل- شهاب الدين.
ابن الطازى- محمد بن مبارك شاه- ناصر الدين.
ابن ظهيرة- محمد بن عبد الله- جمال الدين أبو حامد.
ابن عبد الظاهر (محيى الدين بن عبد الظاهر) :
48: 20- 68: 20
ابن العديم محمد بن عمر بن إبراهيم بن محمد بن عمر ابن عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن هبة الله بن أبى جرادة- قاضى القضاة ناصر الدين.
ابن العماد (عبد الحى بن العماد الحنبلى- أبو الفلاح) :- 137: 20- 141: 21، 22- 149: 23- 160: 20
ابن قاضى شهبة:- 244: 6
ابن قرمان:
49: 7- 51: 6، 23- 72: 1، 21- 88: 26- 90: 3
ابن كاتب جكم إبراهيم بن عبد الكريم بن بركة- سعد الدين.
ابن كاتب المناخ عبد الرزاق بن عبد الوهاب- شمس الدين.
ابن الكويك محمد بن محمد بن عبد اللطيف بن أحمد ابن محمود بن أبى الفتح الربعى الإسكندرى- المسند المعمر.
ابن المرداوى محمد بن محمد بن موسى المعروف بابن بولى- ناصر الدين.
ابن المرة إبراهيم بن المرة سعد الدين.
ابن مزهر محمد بن محمد بن أحمد الدمشقى- بدر الدين.
ابن المزوق أبو بكر بن قطوبك- سيف الدين.
ابن النقاش عبد الرحمن بن محمد بن على بن عبد الواحد بن يوسف بن عبد الرحيم الدكالى الشافعى- زين الدين أبو هريرة.
ابن الهائم أحمد بن محمد بن عماد بن على- شهاب الدين أبو العباس.
ابن واصل (جمال الدين محمد بن سالم) :
57: 25(14/381)
أبو بكر الأستادار.
93: 16، 17
أبو بكر بن بهادر البابيرى الجعبرى:
53: 11
أبو بكر بن حجة الحموى- تقي الدين:
7: 18- 76: 9
أبو بكر حسين بن عمر بن عبد الرحمن العثمانى المراغى، المعروف بابن الحسين- زين الدين.
125: 11، 22
أبو بكر بن سليمان المعروف بالأشقر- شرف الدين سبط بن العجمى:
326: 9- 345: 17- 361: 10- 364: 5
أبو بكر بن عثمان بن محمد الجيتى الحنفى- تقي الدين:
145: 13، 25
أبو بكر بن قطلو بك المعروف بابن المزوق- سيف الدين:
73: 15- 74: 3- 152: 10
أبو بكر الدمشقى- عماد الدين:
345: 6
أبو جعفر المنصور- الخليفة:
22: 19
أبو الجمال (جمال الدين يوسف بن الصفى) :
256: 3، 6، 7
أبو حنيفة النعمان- الإمام:
158: 7
أبو الخير المكى:
133: 5
أبو درابة- شهاب الدين:
104: 13، 15، 17- 105: 1، 2
أبو زرعة العراقى- ولى الدين:
251: 15
أبو سعيد عثمان بن أحمد بن إبراهيم بن على بن عثمان ابن يعقوب بن عبد الحق المرينى الفاسى- سلطان المغرب:
163: 3
أبو الفتح البستى- الإمام:
230: 19
أبو كم- علم الدين:
35: 9
أحمد بن أحمد الشنبلى- شهاب الدين:
125: 16
أحمد بن أحمد الصفدى:
142: 1، 16
أحمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عمر الششترى البغدادى- محب الدين:
271: 10
أحمد بن إسماعيل بن خليفة الدمشقى- شهاب الدين أبو العباس بن الحسبانى:
114: 7، 19
أحمد بن أويس- القان غياث الدين:
163: 13، 15، 18- 164: 1، 9
أحمد بن تمراز:
342: 6
أحمد بن تنم:
33: 10
أحمد بن حجر العسقلانى- الحافظ شهاب الدين:
75: 19- 243: 20- 269: 13- 276:
2- 336: 6، 11- 354: 10
أحمد بن حجى بن موسى السعدى الحسبانى- شهاب الدين:
122: 15- 124: 14(14/382)
أحمد بن رمضان 27: 8، 11
أحمد بن زياد الكاملى:
316: 18
أحمد بن السفاح- شهاب الدين:
345: 12، 14، 18، 24- 360: 18- 367: 7
أحمد بن شيخ المحمودى:
103: 14، 23- 107: 9- 109: 6- 236: 13
أحمد بن عبد الرحيم العراقى- ولى الدين:
204: 5، 7- 205: 18- 206: 11
أحمد بن العجمى- صدر الدين:
81: 14- 171: 19- 222: 12- 336:
13- 344: 19
أحمد بن عمر بن قطينة- شهاب الدين:
141: 8
أحمد بن الكشك- شهاب الدين:
334: 7، 20- 344: 3- 360: 17- 364: 12، 13- 366: 10
أحمد بن محمد الأموى:
366: 14
أحمد بن محمد بن البارزى الجهنى الحموى- شهاب الدين:
159: 9- 161: 8
أحمد بن محمد الشريشى- جمال الدين:
134: 1- 161: 8
أحمد بن محمد بن عماد بن على بن الهائم المصرى- شهاب الدين أبو العباس:
121: 4، 11
أحمد بن ناصر بن خليفة الباعونى- شهاب الدين:
124: 5، 19
أحمد بن نصر الله البغدادى- محب الدين:
93: 11- 287: 8، 9- 312: 7، 15
أحمد الدمشقى- الشريف شهاب الدين 343: 12- 345: 15
أحمد المقبرى- عماد الدين:
256: 5، 8
أحمد- أحد أمراء العشرات بحلب:
49: 13
أخت الملك الظاهر برقوق بنت آنص الجاركسية:
144: 13
أخو قصروه تغرى بردى المؤيدى.
أردباى أم ولد دقماق:
243: 11، 244: 20
أردبغا الرشيدى:
12: 7- 189: 4
أرغز- أحد أمراء الألوف بدمشق:
29: 23
أرغون شاه الظاهرى:
240: 17
أرغون شاه المؤيدى:
32: 13
أرغون شاه النوروزى الأعور:
62: 1- 65: 18- 66: 3، 10- 157:
18- 220: 16، 18- 231: 16، 19- 250: 4- 251: 9، 12، 22- 258: 3، 7، 11، 15، 17، 18- 268: 4
أرغون من بشبغا (أرغون بن عبد الله بن بشبغا الظاهرى- سيف الدين) :
4: 1- 23: 7- 143: 1(14/383)
أرق تمان تمر اليوسفى- سيف الدين.
أركماس الجلبانى:
77: 1- 93: 1- 189: 11- 224: 13
أركماس الظاهرى:
202: 15- 259: 10- 260: 20- 307: 15، 16، 22- 321: 15، 17، 24- 330: 5- 332: 14
أركماس المؤيدى الخاصكى المعروف بفرعون:
303: 18- 306: 5، 6
أركماس اليوسفى:
182: 12، 13
أرنبغا اليونسى الناصرى:
110: 10، 15- 271: 16
أزبك المحمدى الظاهرى:
201: 18- 219: 6- 221: 11- 264:
1، 5، 20- 321: 4، 10، 12، 16، 22
أزدمر شايا:
194: 11- 219: 13، 15- 310: 1، 2- 339: 21
أزدمر من على جان الظاهرى:
45: 12- 46: 1- 305: 12، 18، 22
أزدمر الناصرى:
100: 19- 177: 14- 182: 8- 188:
7- 195: 17
أزدمر- خشداش سودون مملوك تغرى بردى:
245: 20
أسامة بن منقذ- عز الدين:
124: 21
إسحاق بن داود بن يوسف بن سيف أرعد:
260: 9- 349: 11
أسفنديار- ملك الروم.
150: 8
إسكندر بن أميرزة عمر شيخ بن تيمور لنك:
137: 16، 17- 138: 2، 4
إسكندر شاه بن قرا يوسف:
164: 17- 334: 18- 335: 4، 5، 7، 8، 15، 20- 338: 13- 348: 10، 12، 13، 14، 15، 24،
إسماعيل بن تغرى بردى:
118: 12- 340: 7
إسماعيل بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر العلوى:
314: 12- 315: 1، 11- 316: 19، 20- 317: 2
أسنبغا الزردكاش- سيف الدين:
26: 4- 139: 18
أسنبغا الطيارى:
367: 18- 368: 1- 369: 3، 4، 6
أسندمر النوروزى الظاهرى برقوق:
249: 13- 257: 9، 13، 14، 21
أصبهان بن قرا يوسف:
164: 18- 348: 18
الأفضل بن أمير الجيوش:
94: 17، 22
الأفقم يشبك بن عبد الله الموساوى الظاهرى- سيف الدين.
أقسيس بن الملك الكامل:
63: 24
أقطوه الموساوى- السيفى:
171: 8، 9- 173: 3(14/384)
الأكرم فضائل النصرانى:
81: 18
ألطنبغا بن عبد الله المعروف بشقل:
119: 11، 24
ألطنبغا الجاموس:
66: 5
ألطنبغا الجكمى:
52: 8
ألطنبغا الرجبى:
240: 4
ألطنبغا السيفى فرنج الدمرداشى:
284: 14، 16- 285: 1
ألطنبغا العثمانى (ألطنبغا بن عبد الله العثمانى الظاهرى- علاء الدين) :
7: 1- 8: 15- 9: 3- 11: 15- 17:
17- 23: 9- 28: 8- 30: 8، 11- 31: 6، 13- 33: 7، 12- 34: 8، 15- 35: 20- 45: 6، 7- 58: 19- 59: 6- 135: 14- 154: 15- 236: 9
ألطنبغا القرمشى الظاهرى (ألطنبغا بن عبد الله القرمشى الظاهرى- سيف الدين) :
11: 9- 15: 14- 28: 3، 6- 34:
7، 10- 47: 19- 48: 6- 65: 11- 91: 21- 92: 18- 100: 11، 13، 15، 21- 103: 16، 17- 108: 12- 160: 4- 168: 10- 171: 4- 172:
5، 8- 176: 4، 9- 177: 5، 9، 12، 16، 17، 20، 22- 178: 3، 5، 6، 19، 22، 23- 179: 3، 8، 10- 180:
16- 181: 3، 21- 182: 1- 183:
8- 187: 10، 15- 188: 1، 3، 8، 13، 17- 189: 1، 3، 19- 190: 3، 20- 191: 3، 9- 193: 6- 195: 9، 13، 17- 203: 7- 235: 18- 236:
3، 5، 13، 17، 20، 23- 239: 10، 11، 12- 241: 5- 246: 15
ألطنبغا المرقبى:
56: 14- 58: 12- 61: 6- 100: 17- 182: 19- 188: 13- 189: 4- 373: 1
ألطنبغا مغرق:
349: 12
ألطنبغا من عبد الواحد- المعروف بالصغير:
100: 16- 172: 10، 11- 177: 14- 180: 17- 181: 16- 182: 6- 189:
10- 191: 17- 239: 5، 20
أم إبراهيم بن رمضان التركمانى- الخاتون:
75: 7
أم الملك الناصر فرج بن برقوق (خوند شيرين عمة أبى المحاسن يوسف بن تغرى بردى) :
116: 11، 12، 24
أميرزة أبو بكر بن ميران شاه بن تيمورلنك:
264: 1
أميرزة أصبهان بن قرايوسف 98: 9
أميرزة محمد بن أميرزة عمر:
137: 17
أميرزة- شمس الدين:
54: 3، 8
أنالى يشبك المؤيدى.(14/385)
أندراوس بن إسحاق:
350: 2
أويس- القان 163: 11
أيبك الأفرم- عز الدين:
131: 12، 13
أيتمش بن عبد الله الأسندمرى البجاسى الجرجاوى الظاهرى:
116: 6، 8، 17- 128: 14
أيتمش الخضرى الظاهرى:
194: 12- 198: 17- 226: 5، 13- 231: 14، 18، 23، 24- 250: 3- 251: 8، 9، 21- 373: 3
إينال باى بن قجماس:
244: 17- 245: 10- 248: 14
إينال الرجبى:
21: 9
إينال الجكمى:
156: 3- 172: 9، 20- 189: 9، 22- 191: 17- 192: 2، 23- 195:
3، 21- 197: 17- 201: 14- 249:
1، 9- 250: 6، 9، 15، 18- 269:
15- 288: 9- 292: 14- 294: 18- 300: 9- 301: 7- 302: 2- 304:
10، 12، 13، 26- 320: 1- 350:
10- 372: 16
إينال حطب:
195: 14
إينال السلحدار:
353: 20
إينال الششمانى الناصرى:
258: 1- 281: 13- 283: 2- 308:
5- 337: 1
إينال الشيخى الأرغزى:
29: 16- 77: 1- 85: 17- 92: 6، 21- 182: 2، 3- 189: 15- 201: 20
إينال الصصلانى (إينال بن عبد الله الصصلانى الظاهرى- سيف الدين) :
4: 3- 10: 6، 8، 10- 15: 16- 16:
6- 22: 2- 27: 8- 31: 15- 33:
13- 36: 6، 15- 37: 6، 10، 11، 14- 38: 1- 135: 16- 136: 3، 8، 9- 137: 1
اينال طاز البهلوان:
293: 14
إينال العلائى الناصرى:
288: 16- 293: 19- 307: 19، 20، 23- 319: 13، 15، 24
إينال النوروزى:
187: 3، 9- 225: 7- 251: 19- 252: 4، 5- 258: 21- 269: 6، 16- 285: 12
ب باديس بن حمديس الحميرى:
255: 19
باك- الأمير:
192: 21، 22
بجاس النوروزى:
2: 4
بدر الدين بن الأقصرائى:
175: 16(14/386)
بدر الدين الجمالى- أمير الجيوش:
46: 21- 60: 18- 79: 21
بدر الدين بن فضل الله- كاتب السر:
175: 3، 6
بدر الدين بن مزهر (محمد بن مزهر) :
267: 3- 274: 18، 22- 275: 1- 326: 6، 11، 21- 334: 10، 12
البدر الشريشى محمد بن أحمد بن محمد الشريشى- بدر الدين.
البدر العينى (أبو محمد محمود بن أحمد بن الحسين ابن يوسف بن محمود- قاضى القضاة) :- 4: 18- 6: 21- 48: 17- 75: 19- 76: 19- 96: 15- 122: 23- 131:
17- 150: 21- 281: 20، 22- 282:
11، 12- 283: 3- 285: 16- 336:
13- 337: 1- 357: 11، 13، 16
البرجى محمد بن حسن بن عبد الله- بهاء الدين.
بردبك الحمزاوى:
67: 7، 21
بردبك السيفى يشبك بن أزدمر:
202: 6- 291: 2، 4
بردبك قصقا (بردبك بن عبد الله الخليلى الظاهرى المعروف بقصقا- سيف الدين) :
48: 1- 56: 4، 14- 65: 15- 151:
8- 245: 16
بردبك (أتابك حلب ثم نائب طرابلس) :
12: 6- 65: 19
برسباى الحمزاوى الناصرى:
202: 14
برسباى الدقماقى:
10: 1- 36: 8، 22- 66: 1، 2، 8، 20- 72: 17، 19- 73: 2، 5، 8- 151: 15- 158: 22- 190: 14، 23- 192: 6، 9، 11، 13، 15، 16- 200:
8- 201: 8- 206: 10- 211: 19- 212: 7، 14، 18- 213: 7، 13، 16- 214: 2، 4، 12- 217: 7، 10، 11، 12، 13، 15، 16، 18- 218: 8، 17- 219: 19- 220: 8، 14- 221:
3، 8، 12، 15، 16، 18، 19- 222:
8، 11، 14- 223: 4، 11- 224: 14، 16، 17- 225: 18، 20- 226: 3، 5 7، 16، 18، 19، 21- 227: 2، 3، 5، 6، 8، 11، 13، 19، 20، 21- 228: 1، 3، 7، 13، 15، 20- 229:
1، 12، 13- 230: 1، 5، 8، 10، 11، 15، 16- 231: 3، 8، 9، 13، 19- 232: 3، 7، 10- 276: 21
برسبغا:
21: 9- 201: 19
برقوق- من أمراء اليمن:
315: 15، 17- 316: 4- 317: 4
بركات بن حسن بن عجلان- الشريف أمير مكة:- 282: 16، 21- 298: 13، 19، 22- 300: 19- 304: 8- 362: 8
بزلار العمرى:
115: 10- 349: 12(14/387)
البستانى (بطرس البستانى) :
52: 23
البغدادى:
74: 21- 272: 22- 290: 22
بكتمر جلق (بكتمر بن عبد الله الظاهرى المعروف بجلق- سيف الدين:
11: 7- 119: 1، 4- 139: 14- 145: 8
بكتمر الحاجب- سيف الدين) :
57: 21
بكتمر السعدى:
312: 4- 313: 5، 6
بكتمر السيفى تغرى بردى:
5: 2
بكلمش العلائى:
116: 6
بلاط الظاهرى:
120: 1، 19
بلاط بن عبد الله الناصرى الأعرج- سيف الدين:
119: 12، 14، 24
بهاء الدين بن عقيل الشافعى النحوى:
238: 2
بهاء الدين قراقوش:
79: 20
بوبو (وليم بوبر) :
55: 23- 58: 23- 325: 22
بيبرس- الأتابك:
144: 14
بيبرس الخاصكى:
339: 21
بيبغا المظفرى الظاهرى:
23: 13- 24: 1- 25: 16- 29: 10- 32: 11- 45: 10- 47: 20- 64: 18، 23- 179: 14- 182: 9- 189: 14- 191: 21- 193: 15- 194- 10- 201:
13، 16- 208: 11- 212: 4- 214:
7- 218: 20- 219: 2، 9، 14، 16، 20- 247: 2، 4- 255: 4- 269: 1، 5، 7- 280: 20، 23- 318: 20- 319: 16، 21- 320: 4، 9، 10، 15، 19، 20- 327: 8، 11، 12- 342: 6
بير عمر:
53: 14- 99: 8، 11، 25
بيرم بنت تغرى بردى:
118: 10
بيرم خجا التركمانى:
163: 10، 11
بيسق بن عبد الله الشيخى الظاهرى- سيف الدين:
150: 4، 13
ت التاج بن سيفة الشوبكى:
78: 11- 79: 19- 88: 1- 108: 20، 22- 172: 17- 356: 6، 8، 9- 360: 1- 363: 1- 373: 17
تبر- الأمير:
23: 22
تدرس بن داود بن سيف أرعد:
349: 10
تغرى بردى بن عبد الله من بشبغا:
115: 5، 18
تغرى بردى سيدى الصغير:
6: 2، 13- 7: 1- 9: 1، 2- 10: 14 16- 12: 1، 2- 14: 7، 8، 11- 15(14/388)
1، 2، 7، 11، 17، 21- 139: 2، 3 تغرى بردى من آقبغا المؤيدى المعروف بأخى قصروه:
172: 6- 182: 5- 184: 15- 191:
23- 192: 4- 201: 12- 202: 11- 208:
2، 4، 6، 8- 222: 3- 224: 4، 19، 20- 225: 6، 8- 248: 12- 250:
22- 293: 11، 13
تغرى بردى المحمودى الناصرى:
182: 14- 194: 10- 201: 19- 212:
3- 227: 18- 228: 6- 229: 16- 264: 4- 283: 4- 288: 12، 13- 292 11- 294: 7- 300: 10- 302: 2- 303: 5- 306: 3، 5، 6، 12، 16- 308: 1، 2، 5، 6، 8- 344: 13
تغرى برمش البهسنى (حسين بن أحمد) :
269: 18- 288: 13- 293: 20، 21- 307: 21
تقي الدين الفاسى- الشيخ المؤرخ:
150: 12، 22، 23
تقي الدين بن نصر الله:
147: 5
تمان تمر أرق (تمان تمر اليوسفى الظاهرى المعروف بأرق- سيف الدين) :
23: 14- 25: 16- 36: 16- 37: 14- 136: 11، 13
تمراز القرمشى:
243: 9، 11، 17- 244: 21- 319: 14- 321: 16، 18- 350: 11
تمراز المؤيدى الخازندار:
57: 3، 9- 261: 19
تمرباى التمربغاوى:
313: 14، 22- 319: 15
تمرباى من قرمش المؤيدى:
182: 11، 12
تمرباى اليوسفى المؤيدى المشد:
103: 10- 225: 11، 16
تمر بغا الأفضلى:
41: 18
تنبك البجاسى:
10: 7- 22: 3- 31: 14- 33: 4، 5- 36: 18- 38: 3- 69: 17- 135:
17- 184: 12- 190: 9- 202: 12- 214: 16- 222: 7، 9- 224: 5، 7، 11، 14، 16، 17، 20- 225:
3، 9- 248: 12- 253: 5، 7، 20- 254: 7، 9، 10، 11، 12، 13، 21- 259: 14- 261: 4، 8، 11، 13، 17، 20، 22- 262: 2، 5، 9، 10، 14، 16، 18- 263: 4، 8، 9، 22
تنبك بن عبد الله المؤيدى:
141: 4
تنبك العلائى الظاهرى المعروف بميق:
24: 5- 34: 9، 12- 47: 22- 59:
3، 4، 6، 9، 20- 61: 5- 62: 10، 13، 15، 16- 84: 1- 87: 16- 89:
17- 90: 10، 12، 21- 93: 3- 103:
18- 108: 10- 168: 11، 15، 16، 18، 20، 21- 169: 1، 6، 8، 14- 172: 3- 181: 22- 182: 2- 185:
15- 186: 10- 189: 8، 13- 192:(14/389)
17، 18- 193: 3- 202: 14- 231:
10، 13- 232: 1، 5، 6، 9- 241:
3- 242: 6- 247: 21
تنبك القاضى:
159: 2، 3
تنبك من بردبك الظاهرى:
269: 17، 19
تنبك من سيدى بك الظاهرى المصارع:
106: 9
تنبك اليحياوى الظاهرى:
128: 11- 195: 13- 242: 19، 20- 243: 14
تم (تنبك الحسنى الظاهرى- سيف الدين) 2: 4، 21- 116: 9، 10، 21- 138: 13
تيمور لنك:
2: 6، 24- 27: 11- 117: 1، 5- 138: 14- 164: 1- 200: 6- 335:
10- 345: 1- 352: 24- 371: 16- 372: 3
ج جارقطلو الظاهرى:
11: 3، 22- 38: 2- 47: 22- 48:
3- 50: 16- 53: 8- 55: 22- 56:
8، 27- 202: 12- 254: 8، 9، 12 13، 16- 305: 8- 306: 13، 14- 308:
18- 317: 15، 22- 318: 3- 320:
3- 326: 18- 327: 5، 8، 11، 14، 23- 328: 1، 2، 4، 6، 8، 12، 13، 16- 329: 2، 4، 13- 350: 9- 358:
11، 15، 17، 18، 20، 24- 359:
16- 360: 20
جاركس القاسمى المصارع:
186: 15- 195: 14- 212: 3- 213:
4- 243: 17- 257: 15
جانى بك الأشرفى:
251: 17- 254: 16، 18، 23- 259:
13، 16، 23- 273: 9، 21- 274:
1، 3، 12- 276: 14- 309: 4- 312:
1- 313: 15، 16
جانى بك بن عبد الله المؤيدى- سيف الدين:
24: 7- 58: 7- 132: 1- 148: 4
جانى بك الحمزاوى:
22: 4- 32: 1- 36: 19- 184: 13- 190: 12- 214: 16
جانى بك الساقى:
111: 13
جانى بك السيفى يلبغا الناصرى- المعروف بالثور:
294: 19- 354: 12، 13، 23
جانى بك الصوفى:
8: 14، 15- 9: 2- 10: 11- 24: 2، 6- 34: 20، 21- 172: 4- 189: 12، 23- 192: 3- 203: 18- 206: 9- 208: 11- 211: 12، 17- 212: 6، 13، 19- 213: 4، 7، 9، 12: 18- 214: 1، 3، 5، 7، 10- 215: 5، 7، 10- 216: 1، 21- 217: 7، 9، 21- 218: 2، 6، 7، 8، 13، 16، 22- 219: 5، 7، 8، 17، 19، 20، 24- 220: 4، 20- 221: 5، 7- 222: 16-(14/390)
225: 15، 18- 226: 1، 2، 3، 20، 21- 227: 4، 7- 230: 13- 231: 1- 246: 18، 19- 253: 15، 23- 257:
14- 259: 19، 20- 260: 8- 261:
19- 263: 12- 271: 8- 278: 4- 286: 3، 5، 8، 10، 11، 18، 21- 319: 4، 10- 321: 14، 16- 327:
10- 345: 2- 353: 5، 7
جانى بك من سيدى بك المؤيدى:
106: 10- 218: 1، 6
جرباش الشيخى الظاهرى:
199: 15، 21- 200: 1، 2
جرباش كباشة (جرباش بن عبد الله الظاهرى المعروف بكباشة- سيف الدين) :
10: 21- 23: 7- 24: 4- 29: 11- 36: 6- 37: 14- 136: 18
جرباش الكريمى المعروف بقاشق:
21: 17- 100: 18- 182: 10- 188:
14- 189: 4- 254: 3- 276: 17- 279: 15- 280: 3، 6، 8، 12- 289:
18، 19، 22- 290: 2، 3، 5- 304:
12، 15- 306: 11- 308: 20- 318:
2- 319: 2، 8، 9، 19، 23
جرباش (مملوك تغرى بردى من بشبغا) :
246: 1
جربغا- الأمير:
12: 7
جقمق الأرغون شاوى:
4: 7- 24: 18، 20، 23- 25: 2، 3، 5- 39: 14، 17، 22- 42: 20- 43: 4- 50: 1- 54: 11، 15- 65:
12، 21- 76: 18- 90: 9، 12، 17، 21- 108: 13- 157: 12- 171: 3، 4- 175: 18، 24- 176: 3، 4- 178: 11- 179: 1، 8- 181: 19، 20- 183: 10- 187: 5، 10، 12، 13، 15، 17، 20- 188: 2- 189: 8- 191: 20، 21- 192: 6، 8، 10، 11، 14، 24- 193: 4، 7، 21- 240:
9، 11، 15، 17، 21، 22- 241: 6- 246: 13
جقمق العلائى:
182: 18- 186: 15- 190: 17- 203:
1، 3، 4- 212: 2- 221: 10، 23- 253: 10، 21- 254: 4، 5- 258:
12- 281: 12، 21
جكم من عوض:
55: 21- 195: 3- 214: 18- 215:
13- 219: 3- 244: 3- 370: 10
جلبان الأمير آخور:
30: 10- 32: 8، 12- 67: 1- 73:
20- 77: 1- 85: 17- 90: 16- 100:
18- 177: 15- 182: 14- 187: 2- 195: 12- 249: 1، 10- 250: 7- 254: 15
جلبان بن عبد الله الكمشبغاوى الظاهرى المعروف بقراسقل:
116: 3، 15
جلبان رأس نوبة سيدى:
170: 4- 171: 14(14/391)
جمال الدين بن يوسف- ناظر الجيش والخاص:
103: 2
جمال الدين الكركى:
92: 9
جمال الدين يوسف البيرى الأستادار:
8: 9- 26: 16- 154: 5، 21
جنكيز خان:
320: 19، 20
جهان شاه التركمانى:
164: 20
جوان بن جينوس:
363: 6- 365: 4، 11
جوهر الجلبانى الحبشى:
322: 4، 5، 8
جوهر السيفى قنقباى اللالا- صفى الدين:
321: 21
جوهر الصقلى- القائد:
46: 20- 61: 20- 79: 21
جياش الكاملى- زين الدين:
316: 4، 19
جينوس بن جاك- ملك قبرس:
292: 3- 299: 6- 300: 8، 13، 16- 301: 17- 303: 14، 18، 19- 304:
3- 306: 3- 307: 1- 325: 5- 363: 4، 7
ح حاجى بن عبد الله الرومى- زين الدين:
137: 10، 22
حاجى خليفة:
149: 23
حزبناى بن داود بن سيف أرعد:
350: 2
حسن الباشا- الدكتور:
11: 19
حسن البردينى- بدر الدين:
100: 1
حسن بن سالم الدوكرى:
366: 5
حسن بن سودون الفقيه:
201: 21- 208: 21- 231: 6
حسن بن عجلان::
260: 5- 261: 2- 282: 15- 283:
5، 20- 298: 16- 304: 9- 308: 12
حسن بن القدسى- الشيخ بدر الدين:
344: 18
حسن بن محب الدين بن عبد الله الطرابلسى- بدر الدين:
11: 1- 16: 1- 23: 16- 24: 8، 14- 26: 11- 29: 1- 42: 19- 43:
2، 3- 66: 10- 74: 2- 153: 5، 6- 189: 5- 190: 18- 237: 4
حسن بن نصر الله- بدر الدين:
8: 10، 12- 28: 16- 46: 9- 65:
7- 74: 5- 78: 10- 95: 12- 103:
5- 105: 14- 147: 4- 171: 16- 174: 9، 10- 272: 17- 223: 1- 273: 3- 277: 9، 15- 356: 13، 15- 357: 3، 5، 6، 16
حسين بن أحمد المدعو تغرى برمش البهسنى التركمانى:
269: 8- 288: 13- 292: 12- 300:
11- 302: 4- 330: 6- 373: 19(14/392)
الحسين بن على:
310: 15
حسين بن على بن أحمد بن أويس:
322: 12
حسين بن كبك التركمانى- سيف الدين:
48: 5- 49: 15، 17- 50: 14- 149: 17
حسين بن نعير:
14: 1
حسين الكردى الكاشف:
261: 3
حسين نصار- الدكتور:
30: 18
حسين- كاتب سر دمشق- بدر الدين:
318: 13
حمزة بن تغرى بردى- الشرفى:
118: 10
حمزة بن رمضان:
84: 2
حمزة بن على بك بن دلغادر:
52: 15- 54: 2
حميد الدين- قاضى عسكر قرا يوسف:
53: 13، 15
خ خجا سودون السيفى بلاط الأعرج:
106: 9، 21
خشرم بن دوغان بن جعفر الحسينى:
304: 16، 18- 305: 1، 2، 5- 312: 4
خشقدم الظاهرى الرومى:
321: 21- 344: 9، 12- 354: 18
خشكلدى القرمشى- السيفى:
178: 4، 5
خلف الألبيرى- أبو القاسم:
255: 18
خليفة- من مشايخ المغاربة:
270: 15
الخليفة المأمون بن هارون الرشيد:
132: 24
الخليفة المستعين بالله العباس:
3: 1- 16: 10، 11- 114: 4، 15- 115: 2- 119: 3- 165: 6، 8، 10، 19- 205: 20
الخليفة المعتضد بالله داود:
16: 11- 109: 6- 167: 17- 198:
7- 211: 6- 221: 12- 242: 9
خليل نائب كركر:
55: 16
خليل بن عبد الرحمن بن الكويز- صلاح الدين:
95: 3- 102: 15- 161: 1، 20
خليل بن فرج بن برقوق:
186: 2
خليل التبريزى الدشارى:
16: 2، 14- 29: 14- 48: 7- 56:
9، 10- 93: 4
خواجا بشبغا- التاجر:
143: 4
خواجا ناصر الدين- التاجر:
130: 15- 131: 1- 195: 18
خوند بنت سودون الفقيه الظاهرى:
211: 14- 233: 3، 6(14/393)
خوند بنت الملك الناصر فرج:
145: 6، 15
خوند جلبان الجاركسية:
354: 17- 355: 17
خوند زينب بنت الملك الظاهر برقوق:
185: 19
خوند سعادات بنت صرغتمش:
81: 10- 167: 8- 186: 19- 190: 2- 197: 5
خوند شيرين أم الملك الناصر فرج:
116: 24
خوند كار مراد بن عثمان:
300: 20
د داود بن سيف أرعد:- 349: 9، 13، 14
داود بن الكويز- علم الدين:
8: 11- 28: 16- 77: 17- 161: 4- 173: 9- 174: 14، 17، 21- 175:
12، 13- 255: 5، 18- 256: 4، 10، 11، 12- 273: 11
داود بن محمد بن قرمان:
52: 6
داود- نبى الله عليه السلام:
82: 23
دقماق المحمدى الظاهرى:
115: 11- 242: 16- 243: 1، 2، 3، 4، 5، 8، 9، 10، 21- 244: 2، 9، 11، 12، 14، 16، 18، 20
دمرداش المحمدى (دمرداش بن عبد الله المحمدى الظاهرى) :
7: 5- 12: 2، 3، 4، 5، 17- 13:
3، 6، 8، 12- 14: 2، 3، 7، 9، 11، 15، 21- 15: 1، 5، 20- 26: 3- 115: 11- 117: 6- 138: 8، 10- 139: 5، 9، 19- 244: 3
دولات باى المحمودى الساقى:
217: 8
دولات خجا الظاهرى:
359: 23- 360: 1- 363: 2- 373: 16
ر راشد بن أحمد بن بقر:
208: 6، 22
رستم بن أميرزة عمر شيخ بن تيمور لنك:
138: 1، 3
الرشيد- هارون:
27: 22- 49: 20- 84: 19- 85: 25
رميثة بن محمد بن عجلان:
276: 5
ريدان الصقلى:
16: 22
ز الزركلى (خير الدين الزركلى) :
149: 23
س سارة بنت برقوق:
119: 10، 22
سالم الحنبلى- مجد الدين:
19: 5
السبعاوى أرغون بن عبد الله من بشبغا- سيف الدين.
السبكى (تاج الدين عبد الوهاب السبكى- قاضى القضاة) 31: 25(14/394)
السحاوى (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبى بكر ابن عثمان- شمس الدين أبو الخير) :
12: 21- 25: 21- 114: 20، 22- 116: 19، 22، 26- 119: 26- 120:
20- 121: 9، 12- 122: 19، 20- 123:
21- 124: 16، 20- 125: 17، 19 20، 24، 25- 127: 17- 129: 22- 130: 17، 19، 21، 25- 131: 18- 132: 16، 20، 23- 136: 22- 137:
21، 22- 142: 16، 20، 21، 26- 143: 19، 20، 23- 144: 20، 24- 145: 14- 148: 19- 155: 33- 160: 19، 22- 161: 21، 23- 235:
22- 237: 24- 350: 20
سعاد ماهر- الدكتورة:
170: 18- 171: 22- 275: 24- 279: 21- 362: 22- 364: 24
سعد بن محمد الديرى- سعد الدين:
270: 10
سعيد (من مشايخ المغاربة) :
270: 15
السلطان حسن بن محمد بن قلاوون:
43: 17، 19- 44: 3، 4
السلطان صلاح الدين الأيوبى:
124: 22
السلطان غياث الدين أبو المظفر بن إسكندر شاه:
120: 14
السلطان غياث الدين محمد بن بايزيد بن مراد بن أورخان ابن عثمان المعروف بكر شجى:
25: 11- 238: 20، 23- 239: 1
سليمان بن جنيبة:
235: 15
سليمان بن عبد الملك:
7: 19
سليمان بن عثمان- صاحب الروم:
46: 8
سليمان بن هبة الله بن جماز بن منصور الحسينى المدنى- الشريف:
132: 13
السميسر خلف الألبيرى- أبو القاسم.
سنطباى الأشرفى- السيفى:
321: 8
سنقر الأشقر الصالحى النجمى- سيف الدين:
31: 1، 16
سنقر أمير جاندار:
315: 9
سنقر- دوادار تغرى بردى:- 340: 4
سنقر- نائب المرقب ثم نائب قلقعة دمشق:
66: 4- 93: 15
سودون الأسندمرى (سودون بن عبد الله الأسندمرى) :
24: 16- 66: 5- 73: 1، 13- 151:
14- 246: 3، 8
سودون الأشقر الظاهرى:
4: 3- 8: 12، 15- 9: 13- 10: 7، 8- 204: 14- 255: 5، 21(14/395)
سودون الأعرج الظاهرى:
180: 9، 10
سودون بن عبد الله الظاهرى المعروف بسودون الجلب- سيف الدين:
120: 4، 20
سودون بن عبد الله الظاهرى المعروف بسيدى سودون:
117: 1، 16
سودون بن عبد الله المحمدى الظاهرى المعروف بسودون تلى:
5: 12- 26: 3- 139: 7، 9، 16، 19
سودون الحموى النوروزى:
182: 13- 228: 15- 231: 4
سودون السيفى علان:
93: 7
سودون الفخرى الشيخونى:
160: 12
سودون الفقيه الظاهرى:
176: 2، 3، 6- 209: 2
سودون القاضى (سودون بن عبد الله الظاهرى المعروف بالقاضى) :
14: 17- 23: 18- 27: 3، 12- 34: 11، 13- 38: 7، 9- 46: 16- 73: 9، 11- 85: 16- 92: 20- 158:
18- 246: 10
سودون قراصقل «سقل» :
15: 16- 16: 7- 34: 12- 35: 14- 38: 12- 56: 11- 61: 7
سودون اللكاش الظاهرى:
177: 15- 188: 14- 189: 16- 195: 8 سودون بن عبد الرحمن:
22: 3- 32: 2- 36: 18- 38: 2- 69: 16- 135: 16- 184: 11- 190: 8- 212: 5، 6، 7- 214: 6، 8، 15- 215: 6، 9، 11- 216؛ 1، 4، 6، 8، 13، 20- 217: 3، 4- 221: 7- 227: 15- 261: 7، 9، 10، 21، 24- 262: 1، 2، 3، 5، 6، 11، 17- 263: 2، 3، 4، 7- 264:
2- 274: 4، 5- 326: 13، 15، 16، 22- 327: 15، 17- 331: 4- 332:
10، 14- 350: 15- 358: 3، 6، 10، 12، 14، 16، 17، 18، 20، 23- 359: 2، 4، 9، 12، 13- 369: 13- 372: 16
سودون ميق:
291: 6- 307: 18- 372: 18
سودون اليوسفى:
56: 25، 26
سودون- مملوك تغرى بردى:
245: 19- 246: 2
سويدان المقرى:
199: 18
ش شاه أحمد بن قرا يوسف:
53: 13
شاه رخ بن تيمور لنك:
25: 9، 20- 98: 10- 107: 4- 137:
18- 138: 1، 4- 163: 9- 164: 16، 18- 335: 2، 6، 9، 15، 17- 336: 5-(14/396)
348: 7، 10، 16- 349: 4- 368:
9، 14، 20
شاه محمد بن قرا يوسف:
98: 8- 322: 13، 15- 349: 2
شاهين الأرغون شاوى:
56: 13- 58: 21
شاهين الأفرم (شاهين بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين) :
3: 13- 10: 10- 24: 3- 131: 3، 10، 15
شاهين الأيدكارى:
12: 6- 13: 6- 27: 5- 51: 6، 8
شاهين الحسنى:
182: 14
شاهين الزردكاش:
24: 17- 85: 16- 92: 20، 21
شاهين الطويل:
355: 8، 11
شاهين الفارسى:
170: 4- 171: 15
شاهين- مقدم التركمان:
63: 1
شاهين- نائب قلعة دمشق:
66: 5، 13
شاهين- نائب الكرك:
71: 15
شاهين- نائب كركر:
55: 2
شرف الدين بن التبانى:
9: 9، 11
الشريف علاء الدين كاتب سر دمشق 122: 14
شعبان اليغمورى:
63: 3
شقراء بنت تغرى بردى:
118: 13
شقل ألطنبغا بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين شهاب الدين بن السفاح:
92: 9
شهاب الدين بن المحمرة:
359: 21
شهاب الدين الصفدى:
162: 8
الشيخ بدران:
28: 25
شيخ جلبى:
80: 8
شيخ الصفوى الخاصكى (شيخ بن عبد الله الصفوى) :
116: 4- 182: 2، 12- 195: 6
الشيخ عاشق محمود العجمى:
11: 8، 9
شيخون الناصرى- سيف الدين:
175: 21
ص صاروخان- مهمندار حلب:
69: 7
صالح بن عمر البلقينى- علم الدين:
251: 4- 336: 11- 338: 10- 354: 1
صدر الدين بن العجمى:
78: 4- 203: 10(14/397)
صدر الدين بن العز:
134: 6
صلاح الدين بن نصر الله- الأستادار:
22: 21- 264: 14
صلاح الدين الصفدى:
134: 6
صوماى الحسنى:
18: 2- 23: 15- 30: 14
ط طرباى الظاهرى:
4: 5، 8، 10، 12، 28- 5: 2- 22:
10- 31: 11- 33: 4- 34: 6- 36:
19- 69: 17- 135: 17- 184: 12- 190: 9- 201: 6- 212: 1، 8، 15- 213: 8، 14، 17- 214: 1، 3، 12، 16- 215: 1، 4- 217: 7، 15، 17- 218: 10، 12، 13، 14، 18، 22- 220: 2، 8، 15- 221: 6، 10، 15، 16، 17- 225: 3، 10، 12، 13- 226: 17، 19- 227: 1، 6، 10، 11، 13، 19- 228: 1، 4، 5، 7، 9، 17- 230: 1، 4، 8، 11، 12- 231: 13- 246: 19- 247: 3- 277: 1، 3، 4، 21- 318: 3- 320: 20، 21، 22
طرعلى- نائب الرها:
54: 4
طرنطاى الظاهرى:
47: 9 ططر:
35: 13- 48: 1- 56: 6- 64: 8- 76: 18- 85: 16- 103: 18- 108:
1، 4، 11، 15، 17- 137: 13- 168:
1، 6، 9، 11، 15، 16، 17، 20- 169: 1، 2، 5، 9، 10، 13، 17- 170: 3، 5، 12- 171: 6، 8، 10، 13، 16، 20- 172: 2، 3- 173: 1، 4، 7، 8، 12، 13- 174: 4، 7، 15، 17- 175: 14، 16، 19- 176: 2، 3، 10، 13، 19، 20- 176: 22- 177:
2، 4- 178: 11- 179: 4، 6، 10، 15، 16، 20- 180: 1، 12، 15- 181:
7، 9، 11، 13، 17، 20- 183: 3، 11، 12- 184: 1، 7، 14، 16، 17- 185: 2، 3، 5، 6، 10، 13، 17- 186: 3، 6، 7، 12، 13، 18- 187:
3، 6، 9، 13، 14- 188: 5، 8، 9 11، 18، 19- 189: 2، 3، 14، 18- 190: 1، 13، 17، 19، 21- 191:
1، 3، 4، 12، 15، 18، 22، 23- 192: 6، 10، 15، 19، 22- 193:
1، 6، 8، 11، 12، 14- 194: 5، 9، 12، 15- 196: 10، 16، 18- 199:
12، 13، 14، 16، 18- 200: 3، 5، 9، 11، 13، 17- 202: 22- 203: 11- 229: 22- 232: 15- 236: 5، 16، 17، 19- 237: 5، 13- 239: 11، 15- 240: 1، 11- 241: 5، 6- 246:
13: 14، 15، 16، 17(14/398)
طغرق بن داود بن إبراهيم بن دلغادر:
52: 18- 53: 1، 2، 3، 12
طوخ بطيخ طوخ بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين طوخ بن عبد الله الظاهرى- سيف الدين:
130: 1
طوخ من تمراز:
200: 16
طوخ- نائب طرابلس ثم حلب:
6: 1- 12: 11- 13: 1، 5، 10، 11- 14: 2- 21: 9
طوغان الحسنى:
4: 2- 9: 5، 6، 10، 11، 12، 19- 10: 5، 6، 10، 12- 26: 3- 132: 4
طوغان الدقماقى- السيفى:
244: 9، 12
طوغان- الأمير آخور:
22: 5- 27: 6- 29: 13، 15- 36:
9- 45: 17- 46: 11، 18- 61: 5- 91: 21- 92: 19- 100: 17- 111: 12، 14- 172: 8- 177: 13- 182: 4- 188: 2- 192: 14- 193: 5
طوغان السيفى تغرى بردى 288: 18- 294: 19- 302: 5
طيبرس- الأمير:
242: 20- 243: 2، 6، 9
الطيمانى عبد الله بن محمد بن طيمان- جمال الدين:
ع عبادة بن الصامت:
27: 21
عبد الباسط بن خليل الدمشقى- زين الدين:
94: 14- 105: 15- 205: 9، 12، 13، 23- 259: 11- 260: 20- 267:
4- 274: 5، 7، 8، 10، 11- 276:
15- 309: 1، 7، 9، 14- 327: 11، 14- 347: 4- 354: 19- 356: 18، 21- 362: 17
عبد الرحمن البلقينى (عبد الرحمن بن عمر بن رسلان ابن نصير بن صالح البلقينى- جلال الدين) :
3: 4- 20: 17- 60: 2- 66: 16، 18- 68: 4، 8- 77: 19، 20- 79:
1- 96: 1- 97: 11- 102: 5- 204:
7- 237: 15، 23
عبد الرحمن بن على التفهنى- زين الدين:
92: 1- 107: 11- 176: 17- 221:
14- 285: 17، 18- 336: 12، 14- 357: 12
عبد الرحمن بن على بن يوسف بن الحسن المدنى- زين الدين:
132: 10، 21
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد بن يوسف ابن عبد الرحيم الدكالى المعروف بابن النقاش- زين الدين أبو هريرة:
244: 16
عبد الرحمن الخراط- زين الدين:
296: 11
عبد الرحمن زكى- الدكتور:
30: 19
عبد الرحمن فهمى محمد- الدكتور:
30: 21- 100: 24
عبد الرحيم بن على البيسانى- القاضى الفاضل:
31: 19
عبد الرزاق بن كاتب المناخ- تاج الدين:
251: 11(14/399)
عبد الرزاق بن الهيصم- تاج الدين:
8: 7، 8- 17: 1- 35: 7- 102: 14- 152: 16- 174: 1، 4، 6، 9
عبد العزيز بن أبى شاكر بن مظفر بن نصير البلقينى- عز الدين:
159: 5
عبد العزيز البغدادى- عز الدين:
93: 9- 287: 6- 312: 8، 23
عبد العزيز اللبانى (المليانى) :
162: 6، 22
عبد الغنى بن عبد الرزاق بن أبى الفرج- فخر الدين 10: 14- 17: 4- 24: 9، 11- 25:
18- 43: 1، 4- 46: 9- 59: 16، 24- 61: 8، 14، 15- 62: 2، 4- 65: 5، 6، 7، 19- 66: 9- 73:
16، 17، 21- 152: 7، 11- 153: 7
عبد القادر بن حسن بن نصر الله- زين الدين:
277: 12
عبد القادر بن عبد الغنى بن أبى الفرج- زين الدين:
272: 13- 329: 18، 21- 337: 9
عبد الكريم بن أبى شاكر بن عبد الله بن الغنام- كريم الدين:
162: 19
عبد الكريم بن بركة المعروف بابن كاتب جكم- كريم الدين:
264: 16- 273: 2، 5
عبد الكريم بن عبد الرزاق بن كاتب المناخ- كريم الدين:
259: 2، 3، 4- 264: 15- 327: 17- 346: 6- 356: 2، 12، 14- 361: 1، 3، 11، 15، 22- 364: 3- 368: 4- 372: 6 عبد الله بن صالح بن على بن عبد الله بن عباس:
33: 26
عبد الله بن عمر- رضى الله عنه:
310: 14
عبد الله بن محمد بن طيمان- جمال الدين:
121: 1
عبد الله بن مقداد الأقفهسى- جمال الدين:
95: 7- 160: 6، 18
عبد الله المؤمنى- سيف الدين:
141: 18
عبد الوهاب بن أبى شاكر (عبد الوهاب بن عبد الله ابن موسى بن أبى شاكر بن أحمد بن إبراهيم ابن سعيد الدولة:- تقي الدين) :
24: 13- 144: 7- 274: 21- 275:
1، 13
عبد الوهاب بن أفتكين- تاج الدين:
366: 11
عبد الوهاب بن محمد بن أبى بكر الطرابلسى:- أمين الدين:
142: 6، 18
عبد الوهاب بن نصر الله بن حسن الفوى: تاج الدين:
147: 3، 18- 205: 11
عثمان بن إبراهيم بن أحمد بن عبد اللطيف بن نجم ابن عبد المعطى البرماوى- فخر الدين:
122: 4، 18
عثمان بن طر على المعروف بقرايلك:
7: 6- 67: 9- 99: 8- 331: 2- 335: 5- 348: 11
العجل بن نعير:
13: 2، 11، 25(14/400)
عجلان بن نعير بن منصور بن جماز:
304: 17- 305: 2
عجلون- الراهب:- 124: 22
عذرا- أمير العرب بالبلاد الشامية 300: 21
العزيز بالله الفاطمى- الحليفة:
16: 22
العفيف بن محمد الشمسى:
317: 5
عقيل بن أبى طالب- رضى الله عنه:
225: 22
علاء الدين السلجوقى:- 84: 22
علم الدين شمايل:
31: 21
على باى من أمير علم شيخ المؤيدى:
128: 11- 172: 11، 22- 182: 15، 16- 184: 4، 7، 15- 196: 4، 11- 201: 10- 208: 2، 3، 8- 246: 16
على باى الظاهرى- الخازندار:
243: 3
على بك بن دلغادر:
51: 14، 15
على بك بن قرمان:
85: 12- 294: 4
على بن أحمد بن محمد بن على بن الحسين بن محمد ابن الحسين بن محمد بن الحسين بن محمد بن زيد بن الحسين بن مظفر بن على بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن على ابن الحسين بن على بن أبى طالب- الأرموى الحسينى- الشريف النقيب:
149: 10
على بن الأدمى (على بن محمد بن محمد الدمشقى) - صدر الدين:
15: 19- 122: 8- 123: 7، 8
على بن بشارة:
181: 17
على بن الحسام: شمس الدين:
314: 15- 315: 12
على بن محمد بن حسين بن عليف المكى العكى العدنانى:
133: 6
على بن محمود بن أبى بكر بن مغلى الحنبلى الحموى- علاء الدين:- 26: 12- 41: 6- 271: 12
على بن الناشرى- موفق الدين:
316: 11
على التبريزى العجمى- الخواجا نور الدين:
324: 2، 7، 17- 325: 9- 349: 19
على الرومى- علاء الدين:
266: 10- 285: 15
على كهنبوش- الشيخ:
160: 12
على مبارك:
14: 22- 28: 19- 31: 19- 44: 23- 46: 23- 61: 22، 25- 63: 16- 74:
21، 24- 78: 20- 79: 22- 94:
22، 25- 152: 23- 154: 21- 163:
20- 175: 22- 180: 26- 209: 21- 264: 22- 309: 19(14/401)
على المحالبى- نور الدين:
314: 15- 315: 10
عماد الدين بن كثير:
134: 5
عمر البلقينى- شيخ الإسلام سراج الدين:
267: 7
عمر بن أحمد بن صالح بن السفاح- زين الدين:
345: 14
عمر بن حجى- قاضى القضاة نجم الدين:
265: 10، 11- 273: 8، 10- 274:
2، 5، 7، 9، 14، 16، 19- 309: 13، 15
عمر بن الخطاب- رضى الله عنه:
8: 25
عمر بن كندر:
12: 9
عمر بن الهيدبانى:
12: 13
عمر أخو التاج الشوبكى:
360: 1
عمر- سبط ابن شهرى:- 57: 10
عمر- صاحب أرزنكان:
46: 8
عمر قارىء الهداية- سراج الدين:- 285: 19
عمرو بن العاص:
272: 15
غ غرس الدين خليل- من أمراء دمشق:
32: 9، 16
ف فارس- الخازندار:
40: 5
فارس- دوادار ططر تم نائب الإسكندرية:
202: 4- 205: 3- 209: 3- 249:
11، 14- 251: 18
فاطمة بنت تغرى بردى- زوج الملك الناصر فرج ابن برقوق:
118: 9، 23- 215: 3
فتح الله كاتب السر (فتح الدين فتح الله بن معتصم ابن نفيس التبريزى رئيس الأطباء وكاتب السر) :
5: 14، 17- 162: 10
فخر الدين بن فضل الله- ناظر جيش الناصر فرج ابن برقوق:
26: 24
فرج بن شكر باى الظاهرى- زين الدين:- 235: 6
فرج ابن الملك الناصر فرج بن برقوق- زين الدين:
46: 18- 146: 7
فضل الله بن عبد الرحمن بن عبد الرزاق بن إبراهيم ابن مكانس المصرى القبطى الحنفى- مجد الدين:
157: 20- 158: 9
فهيم محمد شلتوت:
1: 13- 4: 18- 41: 21- 48: 17- 281: 24- 353: 23
فؤاد فرج:
28: 26(14/402)
ق قاسم بن تغرى بردى- زين الدين:
118: 9
قاشق جرباش الكريمى:
قانصوه النورزوى:
202: 2- 228: 16- 288: 15- 319:
5، 11
قانى باى الأبوبكريّ الناصرى البهلوان:- 202: 3- 307: 17، 18، 19
قانى باى الحمزاوى:
183: 1- 186: 14- 203: 2، 6، 9، 12- 205: 6، 22- 344: 16- 372: 17
قانى باى المحمدى الظاهرى:
3: 14- 15: 13، 15- 16: 8، 13- 22: 7- 30: 8، 10- 31: 8، 12، 14- 32: 7، 15، 16، 17، 19- 33:
5، 9، 10، 12- 34: 2، 18- 35: 19- 36: 6، 15، 17، 23- 37: 4، 6، 10، 14، 22- 44: 10- 56: 25- 58:
9، 15- 69: 16- 135: 5، 6، 8، 15، 21- 136: 8، 9، 15- 137: 1- 155: 3- 184: 11- 186: 16- 190:
5، 8- 198: 15- 236: 10- 254: 11
قايماز المسعودى- صارم الدين:
63: 23
قجق الشعبانى:
10: 9- 18: 2- 23: 13- 24: 1- 165: 15
قجق العيساوى الظاهرى:
179: 13- 182: 3- 201: 15- 208:
12- 212: 4- 218: 12- 247: 4، 6- 259: 10- 260: 20- 269: 4، 6- 290: 19
قجقار السيفى بكتمر جلق الزردكاش:
313: 5
قجقار القردمى (قجقار بن عبد الله القردمى- سيف الدين) :
14: 17- 24: 1- 45: 8، 9- 46:
3- 47: 21- 49: 6، 10- 51: 5، 8، 10- 53: 4- 55: 9، 11، 17، 22- 56: 1- 59: 4- 61: 3- 76:
17- 103: 17- 108: 3، 7، 14- 168: 2، 5، 13، 15- 171: 14- 172: 4- 194: 13- 239: 14، 23- 240: 8
قراجا الأشرفى:
321: 20- 359: 17
قراسقل جلبان بن عبد الله الظاهرى برقوق.
قراسنقر الظاهرى:
354: 1- 355: 18
قرا محمد بيرم خجا التركمانى:
53: 1- 163: 12
قرا مراد خجا الشعبانى:
66: 19- 90: 14، 15- 186: 17- 288: 10- 292: 14- 294: 18- 300:
9- 302: 3- 350: 11
قرايلك (عثمان بن طرعلى التركمانى) :
53: 4- 54: 2، 8- 67: 9، 10، 15، 17، 21- 68: 17- 69: 5، 7، 12، 18- 330: 17- 334: 11- 338:(14/403)
14، 16- 344: 11- 348: 11- 349:
6- 350: 14، 17- 354: 6- 366: 6- 370: 2، 3، 5، 6، 7، 10، 13، 16، 19
قرا يوسف (ابن قرا محمد بن بيرم خجا التركمانى) :
25: 8- 37: 2- 46: 7- 53: 15- 54: 2، 14، 18- 55: 15، 19- 64:
7، 8- 67: 11، 19، 21- 68: 4، 6، 10- 69: 5، 6، 7، 9، 12، 13، 15، 19- 71: 16، 19، 23- 72:
17، 19- 93: 20- 98: 7، 8، 9، 22- 99: 9، 13، 26- 100: 3، 20- 107: 2، 23- 163: 8، 13، 15، 16، 18، 23- 164: 2، 5، 6، 7، 9، 14، 15، 18- 184: 10- 190: 7- 194:
11- 201: 7- 214: 13، 14، 15، 20- 215: 14- 246: 6
قردم الحسنى:- 239: 16- 240: 15، 16
فرقماس بن حسين بن نعير:
347: 6، 7، 20
قرقماس سيدى الكبير (ابن أخى دمرداش) :
6: 11، 18، 22- 7: 12، 13- 9:
1، 2- 10: 4- 11: 10، 12، 15، 16، 17، 24- 12: 2- 14: 7، 11، 12، 13، 16- 15: 6- 26: 3- 138: 19- 139: 1، 4
قرقماس الشعبانى الناصرى:- 39: 19- 202: 1- 259: 15- 261:
1- 283: 8- 291: 1، 2- 304: 14- 330: 6- 372: 17
قرقماس- نائب كختا:- 54: 9، 15، 16- 65: 1
قرمش الأعور الظاهرى:
74: 7- 201: 20- 213: 19- 215:
6، 10، 14، 15، 18- 226: 4- 261: 18
قشتم المؤيدى:
172: 14- 194: 14- 205: 4- 347: 9
قصروه من تمراز الظاهرى:
7: 8- 24: 16- 71: 13- 182: 19، 20- 193: 13، 16، 17- 194: 5، 9، 10- 201: 16- 212: 2- 213:
8، 14- 214: 2- 221: 8، 11- 227:
16- 229: 10، 15- 252: 2، 5- 253:
10، 11- 280: 4، 5، 6- 284: 6، 20- 285: 9- 306: 12، 13- 332:
11- 347: 6- 350: 15
قطج من تمراز:- 319: 7، 9، 22
قطز:- 372: 22
قطلباى- أم أبى الفتح موسى بن شيخ المحمودى:- 156: 3- 197: 17
قطلبغا بن عبد الله الخليلى- سيف الدين:
120: 16- 155: 7
قطلو بغا التنمى:
35: 15- 41: 16، 17- 42: 11، 13- 90: 13، 15- 181: 17- 188: 9- 202: 13
قطلوبغا المؤيدى البهلوان:
293: 13(14/404)
قطلوبك:- 260: 1
القلقشندى (أبو العباس أحمد بن على) :
1: 15، 21- 2: 15، 18- 3: 18، 22، 25- 4: 13، 20، 23، 26- 5:
23- 8: 20، 23، 26- 9: 22، 25- 10: 23- 11: 21- 13: 17، 19، 21- 14: 25- 17: 24- 18: 18، 25- 22: 19، 21- 24: 22- 27:
22- 33: 27- 48: 23- 49: 21، 26- 50: 5- 51: 19، 21- 54:
21- 68: 24- 81: 21- 83: 23- 84: 19- 89: 21- 120: 18- 124:
23- 142: 22، 24- 180: 22، 23- 183: 21- 184: 23، 24- 185: 21- 187: 23- 188: 20- 204: 21- 225: 23- 284: 23- 306: 24- 314: 19- 348: 20- 352: 25- 355: 19، 23
قمارى بن عبد الله- سيف الدين:
142: 10
قمش بن عبد الله الظاهرى:
6: 1- 12: 13، 22- 13: 10- 14:
2- 20: 7- 21: 9- 130: 4، 19
ك كافور الرومى الشبلى الصرغتمشى:
204: 1- 231: 17- 322: 1
كردى بن كدر (كردبك التركمانى) :
12: 9، 20- 56: 24
كرشجى السلطان غياث الدين محمد بن بايزيد:
كريم الدين بن كاتب جكم عبد الكريم بن بركة المعروف بابن كاتب جكم- كريم الدين كزل بغا- أحد أمراء حماة:
55: 3
كزل بن عبد الله الأرغون شاوى- سيف الدين:- 157: 15
كزل السودونى:- 165: 14، 15
كزل العجمى الأجرود:- 22: 2- 24: 3- 27: 1، 2- 38: 11، 21- 71: 14- 204: 13- 255: 8
كمال الدين بن البارزى (محمد بن ناصر الدين محمد ابن البارزى) :
20: 11- 104: 1، 5، 10، 15، 17، 19، 21- 105: 5- 111: 5- 161:
18- 162: 2، 17- 173: 11، 15- 174: 13، 18- 175: 11- 205: 10- 318: 11، 14، 25- 326: 12- 358:
4- 359: 19- 367: 3، 7- 364: 8
كمشبغا الجمالى:
337: 11، 12، 15
كمشبغا الركنى:- 53: 11
كمشبغا طولو:
63: 2- 202: 16
كمشبغا العيساوى:- 9: 14- 24: 15
كمشبغا الفيسى:
24: 17- 71: 12- 73: 12(14/405)
ل لاجين الجاركسى:
200: 7
لسترنج (كى لسترنج) :
53: 18- 84: 22
لؤلؤ العزى الرومى- بدر الدين:- 154: 11
الليث بن سعد- الإمام:
80: 1- 206: 20
م ماجد بن المزوق- فخر الدين:
286: 4
مامش المؤيدى:
196: 7
مانع بن على بن عطية بن منصور بن جماز بن شيخة ابن هاشم بن قاسم بن مهنا بن داود بن قاسم بن عبد الله ابن طاهر بن يحيى بن الحسين:- 311: 15
ماير (ل- ا- م) :
45: 19- 52: 22- 112: 21
مبارك شاه بن عبد الله المظفرى الظاهرى- سيف الدين:
125: 7
مبارك شاه الرّماح:
196: 7
مجد الدين سالم:- 26: 14
مجد الدين الفيروزابادى محمد بن يعقوب بن إبراهيم ابن عمر الفيروزبادى:
محمد- رسول الله صلى الله عليه وسلم:
16: 27
محمد أبو السعادات بن ظهيرة- جمال الدين 126: 5
محمد الأخرس- الشيخ:
96: 13
محمد البساطى- شمس الدين:
324: 6
محمد بن إبراهيم بن بركة العبدلى- الشهير بالمزين- شمس الدين:
123: 1، 19
محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن زياد ابن أبيه:
132: 24
محمد بن إبراهيم بن عمر الأسيوطى- شمس الدين:
96: 10
محمد بن إبراهيم بن منجك اليوسفى- ناصر الدين:
32: 12- 34: 17- 231: 11- 359:
8، 9، 10، 12
محمد بن أبى بكر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم ابن سعد الله بن جماعة بن حازم بن صخر بن عبد الله- العز أبو عبد الله الحموى المعروف بابن جماعة:
143: 18- 144: 18
محمد بن أحمد بن عثمان البساطى- شمس الدين:
95: 5- 137: 12
محمد بن أحمد بن الكشك- شمس الدين:
309: 14- 364: 13
محمد بن أحمد بن محمد الشريشى- بدر الدين:
134: 3، 7
محمد بن برسباى- ناصر الدين:
233: 5- 255: 2- 265: 1- 276: 14- 277: 17- 334: 13
محمد بن بولى- محمد بن محمد بن موسى المعروف(14/406)
بابن المرداوى وبابن بولى- شمس الدين:
264: 13- 268: 5، 9
محمد بن تغرى بردى:
118: 11
محمد بن جرباش الشيخى- ناصر الدين:
199: 18، 21
محمد بن الجزرى- شمس الدين:
267: 2
محمد بن حسن بن عبد الله، المعروف بالبرجى- بهاء الدين:
75: 13، 17- 235: 11، 22
محمد بن حسن بن نصر الله- صلاح الدين:
183: 12، 14- 220: 17- 264: 12- 272: 19- 277: 9- 357: 5، 17
محمد بن دقماق الناصرى:
244: 20
محمد بن دلغادر- ناصر الدين:
50: 2، 3، 8، 9- 53: 3، 14- 88: 13
محمد بن دولت شاه:
54: 5
محمد بن الديرى المقدسى- شمس الدين:
91: 3، 4، 6، 8- 92: 3- 143: 16
محمد بن رسولا بن يوسف التركمانى المعروف بابن التبانى- شمس الدين:
137: 3، 19
محمد بن سلطان- الشيخ:
271: 11
محمد بن شيخ المحمودى- أبو المعالى:
159: 13
محمد بن ططر 206: 8- 277: 18- 371: 18
محمد بن ظهيرة- جلال الدين أبو السعادات:
238: 15، 16
محمد بن عبد الوهاب بن نصر الله- شرف الدين:
173: 6- 205: 11، 13
محمد بن عثمان بن أحمد المرينى الفاسى- أبو عبد الله ملك المغرب:
163: 6
محمد بن العديم- ناصر الدين (محمد بن عمر بن إبراهيم ابن محمد بن عمر بن عبد العزيز بن محمد بن هبة الله ابن أبى جرادة) :
15: 18- 20: 14- 35: 7- 115: 1، 2- 122: 13- 143: 9، 21
محمد بن العطار- ناصر الدين:- 172: 15
محمد بن عفيف الدين عبد الله بن ظهيرة- جمال الدين أبو حامد القرشى المخزومى:
132: 7، 18
محمد بن على بن جعفر البلالى- شمس الدين:
148: 9، 17
محمد بن على الحيرى- شرف الدين:
165: 3
محمد بن على بن معبد المقدسى، المعروف بالمدنى- شمس الدين:
145: 3، 13
محمد بن عمر بن حجى- بهاء الدين:
310: 3
محمد بن فخر الدين- تاج الدين:
85: 20
محمد بن فرج بن برقوق:
186: 2
محمد بك بن قرمان- ناصر الدين:
25: 12- 48: 11- 80: 9- 84: 9-(14/407)
86: 1، 2، 18- 87: 16- 88: 12، 15- 92: 15، 22- 180: 12
محمد بن مبارك شاه الطازى- ناصر الدين:
165: 6، 9، 11، 13، 17، 19
محمد بن محمد بن أحمد الدمشقى المعروف بابن مزهر- بدر الدين:
104: 4- 192: 7- 265: 15، 16
محمد بن محمد بن أحمد بن على بن ولصمع:
349: 21
محمد بن محمد بن حسين البرقى- شمس الدين:
160: 10، 20
محمد بن محمد بن عبد اللطيف بن أحمد بن محمود ابن أبى الفتح الشهير بابن الكويك- شرف الدين:
155: 12، 21
محمد بن محمد بن عثمان المعروف بابن الإخنائى- شمس الدين 125: 3، 18
محمد بن محمد الخوارزمى- همام الدين:
141: 15، 22
محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الدليم الباهى- نجم الدين 141: 13، 20
محمد بن محمد بن محمد الحلبى المعروف بابن الشحنة- محب الدين:
114: 11، 22
محمد ابن همام الدين محمد السيواسى:
285: 13
محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن عمر الفيروزابادى- مجد الدين:
133: 1، 18، 19- 134: 11
محمد بن يعقوب التبانى- شمس الدين:
45: 15
محمد الحنفى- شمس الدين:
209: 15، 20
محمد الخيضرى: قطب الدين:
244: 7، 13
محمد الديلمى- الشيخ المعتقد:- 137: 14
محمد رمزى:
115: 19- 351: 23
محمد سعيد عاشور- الدكتور:
315: 24
محمد السلاخورى- ناصر الدين:
148: 12
محمد الشمس- بدر الدين:- 317: 4، 5
محمد الصالحى- ناصر الدين:- 238: 6
محمد مصطفى زيادة- الدكتور:
31: 25- 48: 20، 23- 64: 22- 138: 23- 314: 23- 331: 20- 336: 21- 351: 19- 352: 22- 366: 23
محمد النفيسى- شمس الدين:- 123: 7
محمد الهروى- شمس الدين:
264: 6، 8- 269: 11، 14- 276: 2
محمود بن الشهاب:
274: 10
محمود بن قلمطاوى:
111: 6، 10
محمود شاه البرزى- الخواجا:
1: 6(14/408)
محمود الكلستانى- بدر الدين:
175: 4، 7، 9، 11
المدنى محمد بن على بن معبد المقدسى- شمس الدين.
مراد بك بن محمد بن بايزيد بن مراد بن أرخان ابن عثمان:
238: 21- 318: 6
مراد خجا:
85: 17
مراد كامل- الدكتور:
352: 23
مرجان المسلمى الهندى الطواشى:
40: 12- 104: 16- 105: 15، 17- 171: 17- 196: 8- 204: 1- 231:
15، 19
المزين أحمد بن إبراهيم بن بركة العبدلى الدمشقى- شمس الدين مشترك القاسمى الظاهرى:
34: 6- 149: 6
مصطفى بن محمد بن قرمان:
84: 10- 87: 16- 88: 12، 14، 15
معاوية بن أبى سفيان:
295: 10
مغلباى البوبكرى المؤيدى:
10: 3- 182: 20- 196: 7- 201: 22
مقبل بن عبد الله الأشقتمرى- زين الدين:- 143: 6
مقبل بن عبد الله الرومى الظاهرى- سيف الدين:
119: 9، 22
مقبل الحسامى 51: 7، 12- 68: 9- 77: 16، 22- 90: 10، 23- 92: 17- 170: 9، 13، 18- 171: 2، 4- 172: 12، 22- 182: 17- 187: 4، 8- 188: 3- 191: 20، 22- 250: 5، 13، 14، 16- 260: 17- 367: 13، 15
مقبل القرمانى:
56: 17
مقبل- الشريف أمير الينبع:
276: 4
المقريزى (أحمد بن على- تقي الدين) :
7: 22- 8: 16- 17: 4، 14- 26:
18، 20- 28: 24- 31: 8، 25- 38:
23- 46: 21- 48: 20، 22- 61: 24- 63: 24- 64: 21- 74: 19- 80:
16- 81: 4- 82: 23- 83: 13، 16- 85: 21- 86: 27- 96: 11- 109:
10- 110: 7- 138: 23- 143: 14، 15- 150: 21- 152: 18- 153: 4، 10، 13- 163: 20- 165: 4- 174:
20، 21- 177: 7، 11- 198: 13، 21- 200: 19- 207: 4، 8، 9- 223: 20- 233: 20- 236: 1- 237:
12- 245: 1، 3- 255: 17- 256:
13- 264: 19- 265: 5، 8، 13، 18- 267: 2، 20- 281: 19- 282: 10- 302: 21- 307: 7- 308: 1، 14- 310: 14، 22- 312: 22- 314: 5، 23- 317: 11- 331: 19- 333: 13، 18- 336: 6، 20- 339: 11- 340:
9، 20- 342: 18- 343: 10- 347:
11- 348: 1- 350: 4- 351: 18- 352: 22- 353: 22- 355: 1، 13-(14/409)
363: 13- 366: 22- 367: 9، 10، 11- 370: 22
ملج السلاح دار:
339: 21
الملطى- نائب الوجه القبلى:
73: 8
الملك الأشرف إسماعيل بن أحمد الناصر:- 308: 17- 314: 11
الملك الأشرف إسماعيل ابن الأفضل عباس ابن المجاهد على ابن المؤيد داود ابن المظفر يوسف:
314: 6- 316: 13
الملك الأشرف إينال العلائى:
200: 15- 293: 20- 307: 20
الملك الأشرف برسباى:
36: 8- 60: 1- 72: 24- 73: 8- 81: 7- 180: 5، 6- 190: 15- 197:
12- 199: 7- 200: 8- 215: 3- 220: 6- 232: 13- 233: 5، 6، 10، 15- 242: 1، 3، 12، 14، 15، 21- 243: 9، 16، 17- 244: 9، 15، 16، 19- 245: 3، 8- 246: 1، 6، 14- 247: 1، 7، 14، 19، 20- 248: 1، 3، 5، 16، 20- 249: 3، 17- 250:
1، 11- 251: 2- 254: 1، 18- 256:
14، 15، 17- 257: 15- 261: 7- 263: 16- 264: 17- 267: 12، 20- 268: 13- 275: 2- 277: 4، 6- 278: 1- 284: 12- 286: 11، 12- 296: 4- 298: 3، 5- 300: 18- 305: 17- 308: 5، 6، 8، 12- 311: 5- 312: 18- 315: 10، 13، 14- 317: 13- 320: 8، 10، 13، 17- 332: 4، 8- 326: 17- 327: 12- 329: 1، 11، 14- 333: 19- 334:
3- 337: 13، 15- 346: 11- 347:
10- 354: 17- 357: 14- 359: 6، 10، 11- 360: 3، 16- 361: 10، 15- 362: 2- 368: 11، 15، 19- 370: 1، 4- 373: 7، 15
الملك الأشرف خليل بن قلاوون:
22: 21- 223: 19
الملك الأشرف شعبان بن حسين:
267: 5، 14
الملك الأفضل عباس:
316: 16
الملك الصالح محمد بن ططر:
206: 17- 211: 1، 3، 7، 13، 16، 21- 212: 12- 221: 13- 225:
4- 230: 2- 231: 6، 7- 232: 11، 17- 233: 3، 8، 9- 235: 5- 242:
4- 246: 17، 18، 19، 20- 248:
17- 265: 2، 6، 8- 278: 1
الملك الصالح نجم الدين أيوب:
7: 21
الملك الظاهر برقوق:
1: 6، 7، 8- 10- 2: 1، 3- 28:
18- 42: 1- 43: 17- 71: 1- 88:
5- 95: 9- 108: 10- 112: 1- 115:(14/410)
6، 8، 12، 15، 16، 25- 116: 1، 15، 25- 117: 1- 125: 8- 128:
8، 12- 129: 7- 130: 9، 13، 14، 16، 22- 135: 8- 136: 1، 5، 13، 20- 137: 12- 138: 10- 144: 15 146: 10- 148: 7- 150: 6- 151: 10- 154: 17، 18- 155: 9- 157: 19- 175: 2، 7، 9، 10- 195:
6- 198: 16، 17- 199: 2، 5، 7، 8، 13، 14، 17- 200: 1- 215:
18- 227: 1، 9، 21- 236: 6- 239:
7، 16- 242: 18، 20- 243: 15- 244: 10- 313: 1، 19- 338: 11- 351: 9- 361: 20
الملك الظاهر بيبرس البندقدارى:
4: 14- 72: 22- 74: 16- 78: 19- 80: 12- 131: 13
الملك الظاهر جقمق العلائى:
120: 9- 177: 16- 182: 18- 197:
1- 199: 8- 243: 22- 268: 18- 275: 16- 288: 16- 318: 9- 354: 13
الملك الظاهر ططر:
6: 21- 197: 4، 5، 6، 9- 198:
1، 3، 7، 9، 11، 13- 201: 4- 202:
9، 18، 21- 203: 14، 15، 19، 21- 204: 10- 205: 13- 206: 18، 24- 207: 4، 9، 13- 208: 7- 210:
4- 211: 3، 15- 215: 21- 220:
18- 221: 5، 20- 222: 6، 10، 17- 223: 5- 224: 7، 9، 11، 15، 19- 225: 3، 5، 19- 231: 8- 232: 14- 235: 4، 1- 236: 12- 245: 2- 248: 15، 16
الملك الظاهر يحيى بن الأشرف إسماعيل بن عباس:- 315: 15، 17- 18- 316: 3، 6، 8، 14، 15
الملك العادل نور الدين سليمان الأيوبى:- 33: 17- 53: 6- 107: 1
الملك العزيز يوسف:- 354: 17
الملك الكامل شعبان بن محمد بن قلاوون:- 155: 18
الملك الكامل محمد ابن العادل أبى بكر بن أيوب:- 31: 21- 373: 13
الملك المظفر أحمد بن شيخ المحمودى:- 81: 10، 20- 113: 11- 167: 1، 3، 9، 17- 168: 8، 13، 14- 169:
14، 16- 170: 1- 171: 11- 176:
17- 179: 7- 181: 2، 3، 6- 183:
5- 186: 8، 9- 188: 17، 19- 190:
1- 191: 15- 193: 1- 196: 15- 197: 4، 5، 7، 11، 14- 198: 3، 7- 203: 1، 6، 13، 20- 221: 5- 229: 22- 232: 15- 235: 3- 236 12، 16- 249: 18
الملك المظفر بيبرس الجاشنكير:
74: 15
الملك المنصور حاجى:- 155: 8، 18(14/411)
الملك المنصور عبد العزيز بن برقوق:
117: 10، 22- 198: 19- 200: 4- 244: 15- 245: 9
الملك المنصور عبد الله ابن الملك الناصر أحمد- ملك اليمن:
308: 15- 314: 9
الملك المنصور قلاوون:
5: 23- 28: 22- 31: 1، 17- 131: 14
الملك المؤيد شيخ المحمودى:- 1: 2، 4، 8، 13- 2: 10- 3: 5، 11- 4: 9، 10، 11، 28- 5: 4، 6، 9، 12- 6: 4، 9، 11، 14، 15، 16- 7: 6، 11، 15، 16- 8: 5- 9:
12- 11: 4، 6، 14، 23- 14: 5، 8- 15: 8- 17: 14- 18: 8، 10، 11- 19: 3، 5، 7، 10، 12- 20:
1، 3، 7، 8، 9، 12- 21: 6، 7، 12، 14، 19- 25: 7، 10- 26:
17- 27: 6، 13- 29: 13- 31: 2، 10- 32: 3- 33: 11، 14- 34: 4، 5- 37: 3، 13- 39: 12- 40:
1- 42: 2، 11- 43: 18، 20- 44:
4، 6، 8- 56: 26- 58: 1، 2، 10، 11، 15- 59: 24- 64: 8- 66: 7- 70: 6- 73: 5- 75: 9- 76: 1- 78:
6- 81: 9- 82: 8- 83: 6، 7- 89:
9- 90: 5- 91: 9- 94: 13- 98:
3- 101: 13- 106: 19- 108: 19- 109: 3، 9، 10- 12، 21، 23- 110: 11، 17- 111: 6، 17- 112: 1- 114: 1، 5- 115: 2- 118: 16- 119: 4، 6، 13، 17- 120: 2، 12- 122: 1، 12- 124: 3- 128: 1، 4، 15- 129: 1، 2، 3، 4- 130: 11- 132: 3- 135: 4، 10، 13، 18، 19- 136: 7، 15، 20، 21- 138: 16- 139: 1، 13، 14، 16- 140: 1- 141:
1- 142: 3، 4، 15- 145: 1، 3، 7، 15- 148: 2- 149: 1، 8- 150:
9، 10- 151: 11، 18- 152: 1- 153:
3، 7، 8- 154: 18- 155: 2، 10، 11- 156: 4- 157: 1، 6، 9، 10- 158: 21- 159: 11- 160: 1، 4- 161: 2، 13، 14، 20- 162: 7، 12، 13- 163: 16- 164: 3، 5- 165:
10، 11، 17، 19، 20- 167: 3، 4، 9، 19، 21- 168: 1، 7، 13، 14- 170: 1- 171: 7- 173: 14- 176:
10- 177: 8، 16- 19، 21- 179:
2، 3، 16، 18، 19، 21- 180: 1، 9- 181: 2، 3، 12- 184: 11- 185:
11، 19- 186: 1، 2- 187: 1- 189:
5- 190: 5، 16- 192: 12- 193:
16، 17- 194: 5- 195: 2، 4، 6، 10، 15، 19- 196: 2، 4- 197:
8، 17- 200: 1- 201: 7- 204: 14- 206: 11- 207: 1- 210: 2- 214:
14، 20- 217: 1- 222: 18- 224:
9- 232: 15، 16- 235: 3، 7، 9- 236: 7، 10، 13- 237: 8، 13- 239:
9، 16، 18، 19- 240: 18، 20، 21-(14/412)
241: 4- 244: 2- 245: 11، 13، 16- 246: 9، 11، 13- 248: 10- 254:
15- 255: 6- 256: 10- 267: 4، 9- 271: 6، 20- 287: 7- 308:
4- 312: 18- 320: 11- 352: 26
الملك الناصر أحمد ابن الأشرف إسماعيل:
314:
الملك الناصر فرج بن برقوق:
2: 9، 10، 11- 11: 7، 23- 15: 9- 16: 25، 26- 24: 4- 26: 16- 66:
6- 111: 20- 114: 3، 14، 16- 116: 9، 13، 17، 24- 117: 2، 3، 10، 12، 13، 23، 24- 118: 3، 16، 17- 119: 7، 8، 10، 15- 120: 2، 6- 124: 2- 128: 13، 16، 17- 129:
16، 18- 130: 11- 136: 6- 137:
11- 138: 15، 17- 139: 10، 12، 20- 143: 5- 145: 7- 146: 10، 11- 149: 8- 150: 6، 8- 151: 17، 20- 152: 15- 153: 1- 161: 14، 21- 162: 5، 7- 165: 7- 185:
17- 198: 18، 19- 199: 4- 200: 3، 13، 14- 207: 11- 239: 8- 244: 2، 11، 12، 16- 255: 6، 9- 308:
2- 312: 18- 316: 17
الملك الناصر محمد بن قلاوون:
3: 22- 18: 17- 22: 24- 26: 13- 88: 19- 94: 7- 99: 19- 223:
20- 256: 18- 373: 5، 12
منصور بن محمد بن أحمد بن على بن ولصمع:
349: 21
منطاش (تمر بغا بن عبد الله الأفضلى) :
115: 9، 14، 24- 116: 2
منكلى بغا الأرغون شاوى 52: 9- 53: 10- 54: 17- 67: 8
منكلى بغا العجمى:- 45: 15
موسى بن شيخ المحمودى- أبو الفتح:
156: 1
موسى بن على المناوى- شرف الدين:- 147: 8، 20
موسى الكركرى:
36: 19- 190: 12- 214: 16
الموصلى- شمس الدين:- 134: 6
ميق تنبك العلائى الظاهرى:
ن ناصر الدين بن البارزى (محمد بن محمد بن عز الدين ابن عثمان بن محمد بن عبد الرحيم بن هبة الله) :
5: 16- 20: 10، 16- 21: 11، 13- 29: 4- 63: 8، 13- 74: 10- 75:
1- 84: 16- 85: 5، 21- 86: 8، 10، 16- 89: 8- 91: 4، 15- 92: 7، 11، 15- 95: 13، 15، 17- 96:
4، 13، 16- 97: 1، 4- 98: 12- 99: 1- 101: 1، 7- 102: 16، 23- 104: 2، 23- 106: 16- 111: 22- 142: 4- 161: 5، 22- 173: 7- 175: 11- 347: 1
نانق اليشبكى- السيفى:
293: 14
النبي صلى الله عليه وسلم (محمد بن عبد الله بن عبد المطلب) 85: 21- 97: 2(14/413)
نجم الدين- بن حجى (عمر بن حجى) :
266: 3، 8- 267: 3
نكباى- الأمير:
56: 7- 66: 14، 15- 93: 2، 5.
نور الدين الخروبى- التاجر:
86: 9
نوروز بن عبد الله الحافظى:- 4، 7، 8، 29- 5: 2، 4، 10، 18- 6: 3، 6، 9، 13، 14، 16- 7: 2، 3، 9، 12- 8: 4، 18- 10: 4- 11: 4، 12، 15- 12: 4، 9، 11، 22- 13: 1، 2- 14: 1، 4، 6، 13، 14- 15: 14- 16: 5، 19- 18: 7، 10، 11، 12، 14- 19: 1، 2، 5، 6، 8، 9، 12، 14، 16- 20: 2، 5، 7، 9، 13، 14، 18- 21: 3، 7، 8، 15، 16- 44: 9- 58: 16- 115: 2- 118: 16- 119: 4، 11، 22- 128 4، 6، 8، 13، 15، 19- 129: 1، 2، 3، 6، 14، 15، 19- 130: 2، 5، 9- 132: 2- 135: 12- 136: 7- 138: 18، 19- 139: 3، 11، 13، 14- 150: 10- 179: 17، 19، 20- 198: 20- 219: 3- 240: 20، 21- 243: 15- 244: 3- 245: 11- 258: 11- 308: 3
هـ هابيل بن قرايلك:
331: 9، 12، 13، 15، 22- 332:
12- 334: 14، 22- 338: 16- 370: 4
هاجر بنت تغرى بردى:
118: 11
هرقلة بنت الروم بن أليفر بن سام بن نوح- عليه السلام 85: 24
الهروى- شمس الدين محمد:
66: 17- 72: 13- 77: 20- 265:
11، 13، 18، 21- 267: 2
ى ياقوت الأرغون شاوى الحبشى- افتخار الدين:
257: 17- 344: 10
ياقوت (بن عبد الله الحموى الرومى البغدادى- شهاب الدين أبو عبد الله) :
12: 24- 22: 17، 21- 27: 21- 48:
25- 49: 23- 53: 23، 25- 54:
23- 69: 21- 80: 21- 83: 23- 84: 8- 85: 25- 119: 19- 131:
19- 132: 25- 187: 21- 248: 22- 282: 23- 284: 23- 290: 22- 309:
22- 322: 22- 335: 21- 348: 22- 355: 22
يحيى بن بركة بن محمد بن لاقى- شرف الدين:- 157: 8
يحيى بن حسن بن عبد الواسع الحبحابى المغربى- محيى الدين:
366: 13
يحيى بن الحسين:
315: 23
يحيى بن رويك- الفقيه:- 317: 8(14/414)
يربغا التنمى:
284: 10، 14، 16، 18، 21- 285:
3، 6
يشبك- أخو السلطان الملك الأشرف برسباى:
259: 8- 291: 4
يشبك الأيتمشى:
32: 13
يشبك بن أزدمر الظاهرى:- 6: 1- 12: 11، 12، 16- 21: 9- 129: 14، 22
يشبك بن عبد الله العثمانى الظاهرى:
120: 10
يشبك الجكمى:
39: 16- 57: 4، 13- 61: 11- 64: 2، 5، 6- 69: 17- 184: 13- 190: 10- 194: 11- 201: 10- 213:
19- 214: 12، 13، 17- 215: 1، 4، 7، 12- 217: 1، 4، 22- 218: 2، 3، 14، 19، 21- 219: 1، 14، 18- 220: 20- 221: 9
يشبك الخاصكى:
27: 7
يشبك الساقى الظاهرى الأعرج:
12: 12- 179: 16، 23- 180: 5، 7، 11- 225: 16- 227: 17- 228: 4، 10، 18- 233: 11- 271: 19- 285:
11- 290: 18، 19- 291: 1- 304:
11- 317: 16، 17
يشبك السودونى المشد:
120: 8- 202: 5- 288: 15- 321:
19- 330: 7
يشبك الشعبانى:
117: 15
يشبك الصوفى:
353: 20
يشبك المؤيدى- شاد الشراب خاناه:- 14: 18- 31: 12- 37: 15- 38: 1
يشبك المؤيدى المعروف بأنالى:
93: 18- 172: 16- 174: 11- 183:
14، 19- 189: 15- 196: 1- 201:
17- 248: 19- 250: 6
يشبك اليوسفى المؤيدى:
47: 20- 48: 7- 53: 9- 56: 3، 5- 67: 12، 17- 69: 1، 2، 4، 5، 6، 7- 77: 13- 85: 14- 108: 13- 148: 5- 177: 4، 7، 12، 17، 20، 23- 178: 2، 6، 16، 20- 179:
10، 12، 18- 180: 17- 181: 5- 235: 17- 239: 10
يغمور بن بهادر الدكرى:
25: 7
يلبغا العمرى الناصرى:
130: 13، 23- 236: 14
يلبغا كماج:
32: 14
يلبغا الناصرى الظاهرى- سيف الدين:
3: 12- 8: 13- 18: 3- 23: 9- 115: 9، 23، 24- 130: 4، 16- 155:
2- 243: 17- 354: 22، 23(14/415)
يلبغا الناصرى اليلبغاوى:- 130: 14
يلبغا اليحياوى:- 18: 21
يلخجا من مامش الساقى الناصرى- سيف الدين:
170: 1، 21- 257: 12
يوسف البساطى- جمال الدين:
203: 10- 222: 13
يوسف بن تغرى بردى- أبو المحاسن جمال الدين:
118: 25- 150: 23- 339: 24- 340: 23
يوسف بن الصفى الكركى- جمال الدين:- 255: 4، 22- 264: 7- 277: 14 364: 14
يوسف الرماح:- 339: 21- 340: 2
يونس بلطا:
2: 5
يونس الركنى الأعور:
189: 10- 202: 13
يونس العلائى:
200: 16(14/416)
فهرس الأمم والقبائل والبطون والعشائر والأرهاط والطوائف والجماعات
اآل عثمان:
318: 24
الأتراك:
33: 19- 113: 3- 200: 21- 201:
1- 244: 1- 314: 18- 315: 15- 320: 15، 16
الأجلاب:
193: 16- 327: 20، 23- 328: 15
أجناد الحلقة:
9: 22- 67: 14- 68: 15، 22- 69:
20- 70: 2، 3، 9، 12- 72: 4، 12- 75: 5- 77: 15- 171: 6، 24- 173:
3، 23- 318: 7
أرباب الأدراك:
170: 19
أرباب السيوف:
4: 19- 10: 24
الأرمن:
49: 11، 20- 84: 19- 153: 15، 16
أشراف الحجاز:
247: 12
الأشراف العلوية:
83: 2
أشراف مكة:
24: 19- 260: 7
الأطباء:
3: 25- 96: 22- 104: 9- 205: 1- 344: 2
الأعاجم:
324: 17- 343: 17
الأعراب:
171: 1- 332: 19
الأعيان:
107: 19- 109: 6- 149: 4- 169:
18- 175: 7- 188: 4- 225: 15- 276: 9- 280: 10- 293: 15- 299:
5- 318: 17- 344: 6- 363: 4
أعيان الأمراء:
3: 3- 108: 6- 129: 13- 157: 5- 201: 5- 254: 18- 340: 21
أعيان الخدام:
154: 13
أعيان دمشق:
134: 2- 274: 10- 288: 8- 309: 15
أعيان الدولة:
41: 13- 105: 21- 127: 11- 206:
6، 13- 232: 2- 244: 15- 255: 2- 312: 13
أعيان الديار المصرية:
278: 7
أعيان الخاصكية:
128: 9- 130: 9- 135: 9- 288: 7-(14/417)
239: 20
أعيان العساكر:- 295: 6
أعيان المماليك الظاهرية:
57: 1- 120: 12- 129: 7- 136:
13- 138: 10- 139: 9- 143: 3- 148: 7- 180: 10- 193: 17- 200: 12
أعيان المؤيدية:
107: 22- 111: 12- 132: 2- 146:
15- 148: 3
الإفرنج:
249: 20
أفشار- قبيلة تركمانية:
48: 16
الأقباط:
144: 10- 153: 15، 16- 248: 6- 349: 16
أكابر الأمراء:
18: 14- 169: 11- 333: 20
الأكراد:
54: 18- 335: 12- 336: 2
الأمراء الأتراك:
320: 16
أمراء البلاد الشامية:
57: 15- 236: 7- 300: 12
أمراء التركمان:
149: 17- 191: 19- 366: 6
أمراء الحجاز:
66: 12
أمراء حلب:
32: 1- 222: 4
أمراء دمشق:
31: 9- 32: 13- 135: 15- 157:
10- 167: 8- 187: 19- 263: 10- 288: 18، 20
أمراء الدولة:
76: 15- 91: 8- 173: 15- 176: 8
الأمراء الظاهرية:
2: 9- 179: 20- 194: 17
أمراء مصر:
48: 8- 53: 8- 178: 17- 301: 19- 302: 6
الأمراء المؤيدية:
193: 7- 194: 18- 195: 21
أهل البندقية:
304: 19
أهل الذمة:
184: 24
أهل العراق:
310: 15
أهل قبرس:
280: 12
الأوباش:
337: 11
أوشار أفشار:
الأوشرية (من التركمان) :
72: 16- 246: 5، 24
أولاد أوزر:
12: 19
أولاد الخلفاء الفاطميين:
373: 14
أولاد الملوك من بنى أيوب:
373: 12(14/418)
الإينالية (قبيلة تركمانية) :
48: 4
ب بدو جبل الدروز:
33: 22
البريدية:
29: 5
البنادقة (أهل البندقية) :
304: 4، 19
بنو إبراهيم:
85: 21
بنو رسول:
317: 11
بنو زياد:
316: 1، 3، 18، 20
بنو سامرك بن كفركا:
82: 21
بنو سلجوق:
80: 21
بنو السنبلى:
316: 2
بنو الشعرية:
57: 18
بنو قرمان:
352: 20
البياضية (من التركمان) :
246: 5، 22
ت التتار- التتر:
23: 15- 108: 6، 8- 131: 25- 320: 14، 19- 372: 22
الترك:
1: 5- 20: 18- 112: 16- 167: 7- 198: 12- 211: 16- 315: 4، 7- 316: 1، 8- 317: 8
التركمان- التراكمين:
6: 10- 12: 20- 13: 7- 19: 20- 22: 8- 47: 13- 48: 16- 49: 4- 50: 5- 63: 1، 3- 66: 4- 72: 24- 84: 2- 85: 15- 86: 1- 100: 5- 117: 8- 149: 17- 151: 16- 191:
19- 222: 5- 239: 7- 294: 3- 310:
1- 332: 19- 334: 2- 366: 6
التركمان الأوشرية:
48: 4، 16
التركمان الإينالية:
72: 16- 246: 4، 21
التمرلنكيون:
333: 8
ج الجراكسة:
1: 5- 167: 7- 198: 12- 211: 17- 226: 2- 242: 15- 259: 8- 320:
14، 16
الجرائحية:
344: 2
الجركس الجراكسة:
الجكمية: أتباع جكم من عوض:
208: 18
الجند المرتزقة:
33: 21
جنود الحلقة:
184: 22(14/419)
ح الحجاب:
112: 3- 125: 9- 173: 16- 300:
14- 302: 14
الحنفية- أتباع مذهب أبى حنيفة النعمان:
173: 19- 198: 14- 207: 6
خ خلفاء الفاطميين:
3: 16
ر رهبان الحبشة:
326: 1، 3
الروم:
22: 5، 17، 20- 25: 11- 32: 1- 36: 19- 46: 8- 50: 14، 15، 16- 51: 1- 53: 10، 17، 25- 55: 7، 14- 83: 23- 84: 24- 85: 24- 146: 5- 150: 8- 157: 5- 160: 16- 225: 8- 238: 21- 300: 21- 318:
7- 331: 19- 338: 3
س السقاة- السقاءون:
39: 1- 353: 11
سلاطين المماليك:
16: 16
السودان:
330: 14
السيفية:
108: 6- 112: 17
ش الشافعية:
233: 1- 251: 15
الشاميون:
180: 16
ص الصوفية:
22: 13- 38: 16- 127: 13- 153: 20
صوفية خانقاه شيخون:
175: 5
الصيارف:
226: 7- 352: 6
ط الطواشية:
71: 2
ظ الظاهرية (مماليك الظاهر برقوق) :- 108: 5، 9- 130: 19- 146: 12- 208: 10- 228: 11
ع العباسيون:
3: 15
العجم:
164: 21- 175: 3- 335: 21- 368: 10
عرب آل موسى:
48: 5
عرب البحيرة:
329: 19
عرب الطاعة:
331: 8(14/420)
عرب الطينة:
272: 9
العربان:
22: 8- 38: 6- 47: 13- 63: 5- 170: 19- 191: 19- 222: 5- 305: 3
عربان البلاد:
300: 2
عربان الشرقية:
14: 17
عشران البلاد الشامية:
300: 2
العشير:
33: 7، 21- 287: 4
ف الفرس:
82: 22
الفرنج:
255: 11- 266: 16- 268: 12- 272:
10- 273: 6- 278: 6- 279: 5، 8، 10، 15- 285: 8- 290: 9، 11- 292: 9، 16- 293: 4، 8، 11، 21- 294: 2، 3، 4، 9، 11، 12، 16، 22- 295: 1، 2- 297: 8، 13، 16، 18- 298: 8- 300: 5- 303: 6، 15، 22- 304: 4، 20، 22- 305: 19، 20- 306: 22- 325: 5، 7، 9، 11، 19- 329: 17، 20- 339: 5- 347: 2- 349: 20- 366: 16، 18
فقراء الروم:
160: 16
فقهاء الترك:
20: 18
فقهاء الحنفية:
137: 5- 142: 14- 150: 11
فقهاء الشافعية:
114: 10- 159: 16
ق القبرصيون:
279: 24
القطلان:
366: 15، 24
قناصلة الفرنج:
303: 15، 16- 304: 1- 306: 9
ك الكحالون:
3: 25
الكيتلان:
304: 4، 22- 366: 24
م المباشرون:
8: 20- 41: 13- 74: 15- 92: 13- 176: 8- 267: 5، 13- 326: 16
مشايخ الخوانق:
78: 10
مشايخ الزوايا:
78: 8
مشايخ العلم:
82: 16- 91: 8- 99: 13- 267: 2، 10
المطوعة:(14/421)
268: 10- 270: 1- 278: 16- 287:
5- 294: 10، 20- 295: 6- 300: 2، 7
ملوك التتر:
352: 24
ملوك الترك:
1: 5- 80: 11- 167: 7- 198: 12- 211: 16- 242: 14- 298: 2، 3 ملوك السلاجقة:
83: 23
ملوك العجم:
175: 2
ملوك الفرنج:
292: 6- 325: 5، 9
ملوك مصر:
90: 5
ملوك الهند:
120: 15
المماليك الأجلاب:
326: 22
المماليك الأشرفية:
337: 14، 16
مماليك الأمراء:
70: 18- 71: 4- 168: 5- 340: 5
المماليك البحرية:
31: 17
المماليك الجراكسة:
160: 15- 349: 14
المماليك الجلبان:
199: 9- 326: 16- 327: 21- 329:
3، 7- 330: 14- 356: 2
المماليك الرماحة:
101: 2- 345: 9
المماليك السلطانية:
4: 21- 9: 5- 31: 13- 35: 2- 38:
12- 44: 13- 70: 16- 77: 3- 101:
3- 105: 18- 106: 12- 108: 6- 170: 1، 7، 14- 172: 1- 176: 8- 181: 12- 184: 22- 185: 7، 12، 14- 189: 16- 206: 7- 209: 1- 211: 19- 213: 6- 214: 5- 217:
7- 220: 9- 222: 14، 15- 223: 2، 5- 227: 3- 242: 11- 243: 18- 258: 4- 263: 21- 268: 7، 9- 271: 17- 275: 18- 284: 15- 286:
17- 287- 14، 22- 288: 11- 294:
16- 295: 3، 6- 298: 6- 318: 7- 321:
11- 328: 1، 3، 14- 330: 4، 10- 332: 15- 340: 18- 346: 3، 20- 350: 13- 369: 5، 9، 20- 370:
17، 20، 21- 371: 5
مماليك الطباق:
198: 18- 204: 3
مماليك الطباق الكتابية:
199: 13
المماليك الظاهرية:
47: 1، 2- 120: 2، 12- 128: 8- 135: 8- 136: 19- 139: 18- 149:
8- 151: 4- 154: 17- 158: 19- 168: 3- 191: 2- 193: 9- 195: 18- 198: 17- 199: 5- 227: 9، 20(14/422)
المماليك القرانيص:
326: 17
المماليك المؤيدية:
44: 1- 108: 14- 190: 14- 193: 8- 196: 2، 17- 207: 15، 22- 217:
8، 23- 329: 12- 371: 10
المماليك الناصرية:
47: 1- 200: 13
المنشدون:
38: 16، 17- 39: 3
الموقعون:
18: 14- 29: 5- 104: 13
ن النصارى:
153: 15، 16- 248: 4- 256: 4- 260: 15- 324: 22
نصارى طرابلس:
237: 6
النصارى القبط:
363: 16
نصارى الكرك:
256: 3
النصارى اليعقوبية:
349: 9
النقابون:
84: 9
النقباء:
39: 20، 23- 146: 18
النواب:
2: 7- 5: 18- 6: 16- 30: 9- 31:
10، 23- 33: 3- 36: 23- 41: 1، 9- 136: 16- 191: 18- 332: 15، 16، 17، 18، 19- 345: 5
نواب الأقطار:
202: 10
نواب البلاد الشامية:
47: 18- 172: 19- 331: 4- 333: 20- 350: 17- 371: 16
نواب الحكم الحنفية:
147: 5- 160: 10
نواب الحكم الشافعية:
100: 2
نواب القلاع:
7: 5
نواب المماليك الشامية:
181: 6
النوروزية:
20: 4
والولاة:
2: 15، 18
ولاة الأعمال:
63: 5
ى اليهود:
248: 4- 363: 13، 14، 19
اليهود الربانيون:
363: 17، 20
اليهود القراءون:
363: 17، 20(14/423)
فهرس البلاد والأماكن والأنهار والجبال وغير ذلك
اآسيا الصغرى:
80: 21- 84: 24- 352: 20
آقصراى:
83: 23
آكل (من ديار بكر) :
54: 5
آمد:
48: 22- 53: 4، 20، 23- 69: 15- 99: 8- 331: 10- 335: 5- 348:
12- 370: 9
أبلستين:
22: 1، 17- 49: 7، 10- 50: 1، 3، 14- 51: 15- 52: 12، 14
الأتارب:
48: 24، 25
الأثيلات:
348: 19
أدرنابولى:
318: 6، 23
أدنة:
84: 3، 17، 19- 87: 17
أذربيجان:
25: 21- 37: 21- 164: 21- 335:
9- 336: 20
أرجان:
348: 22
الأردن:
115: 22- 119: 19- 124: 21
أرزن الروم:
53: 25
أرزنجان:
53: 25
أرزنكان:
46: 8- 53: 14، 25- 99: 9، 25
أرض البعل:
57: 22- 94: 23، 24
أرض السودان:
252: 22
أرض اللوق:
299: 9، 17
أرض مهمشة:
94: 19
أركلى:
85: 13، 24
أرمناك:
352: 21
الأزلم:
348: 3، 19
الأزهر:
70: 15
إستنبول:
286: 20- 306: 22
الإسطبل السلطانى:
28: 3- 173: 13- 174: 15- 211:
18- 226: 8- 248: 11- 267: 8(14/424)
الإسكندرية:
5: 13- 7: 9- 9: 12- 10: 1- 15: 6- 16: 2، 14- 23: 14، 16- 24: 8، 16- 25: 17- 26: 2- 29:
12- 30: 13- 37: 17- 41: 12، 13، 16- 42: 3- 46: 19- 64: 19- 66: 7- 71: 14- 74: 17، 20- 117: 23- 120: 16- 125: 20- 128:
12- 138: 9- 139: 4، 8، 17، 19- 140: 1- 146: 8، 9، 19- 151: 18- 155: 7، 10- 171: 15- 172: 15- 179: 15- 180: 25- 182: 4، 9- 185: 18- 186: 3- 194: 14- 197:
10، 13- 205: 4، 7، 21- 209:
3- 220: 5، 6، 21- 230: 9، 14- 231: 1- 237: 10- 239: 15- 240:
1- 249: 11، 14، 19- 250: 1- 251:
18- 252: 15- 253: 16- 255: 13، 19- 257: 8، 10، 11، 21- 266:
15- 269: 2- 276: 5- 277: 2- 280: 20- 288: 6- 289: 10- 290:
7، 8، 13- 298: 10، 11- 306: 20- 307: 6، 11، 13- 319: 9- 325:
19- 329: 16- 338: 20- 344: 14- 354: 13
أسيوط:
63: 25
الأشرفية (طبقة الأشرفية) :
175: 16- 221: 16، 18، 20
الأشرفية (مدرسة وجامع الأشرف برسباى) :
280: 7
إصطنبول إستنبول.
أطباق المماليك بالقلعة:
301: 15- 321: 11- 327: 16- 356: 2
أطفيح:
367: 1، 21
أعزاز:
13: 4، 16- 67: 22
الأعمال القوصية:
180: 23
الأفقسية:
290: 15، 22- 294: 3، 14- 295:
3، 19- 365: 1، 12
إقليم معلولا:
33: 23
ألبيرة:
22: 20- 50: 16، 24- 55: 15، 18- 71: 18، 19، 22- 331: 6، 8
ألينبع:
84: 21- 144: 2، 21- 261: 1- 276:
4- 346: 18- 348: 3
إمبابه:
16: 15
أمحرة:
349: 9- 350: 4
أم دنين:
299: 19
أنطاكية:
27: 20- 48: 24- 51: 19(14/425)
أواريس (مدينة مصرية قديمة) :
14: 22
أيا صوفيا:
3: 19- 99: 23
الإيوان- الإيوان الكبير بقلعة الجبل:
3: 21- 61: 1- 264: 11- 318: 5، 21- 361: 19- 362: 1
ب الباب:
225: 9، 22
باب الإسطبل- بقلعة الجبل:
2: 27
باب البحرة:
300: 18- 371: 1
باب الجابية- بدمشق:
33: 1، 15- 262: 18
باب الجديد- بدمشق:
33: 5، 19- 262: 18
باب جنان أبى المسك (كافور) :
61: 21
باب الحوش السلطانى:
300: 18، 19- 301: 2، 4
باب الدور السلطانية:
107: 21
باب زويلة:
21: 18- 23: 19- 30: 15- 31:
18- 37: 17- 41: 4- 60: 12، 15- 65: 5- 75: 10، 12- 77: 19- 78: 20- 90: 19- 105: 7، 9- 106: 2- 128: 8- 184: 8- 193:
18- 197: 14- 251: 6- 265: 2- 282: 4- 299: 10- 309: 5- 312:
19- 351: 11
باب الستارة:
18: 1، 17- 60: 16- 107: 19- 167: 12- 211: 6، 9- 217: 15- 225: 19
باب السر:
60: 16، 21- 261: 14
باب سعادة:
61: 25- 154: 6
باب السلسلة:
2: 13، 27- 3: 4، 5- 18: 1- 35: 14- 135: 11- 206: 19- 211:
18- 212: 8- 215: 9- 218: 11، 13، 19، 21- 219: 1، 19- 220: 2، 8- 221: 17- 227: 5- 228: 10- 230: 13- 281: 11- 373: 20
باب الشعرية:
57: 7، 18- 351: 11
باب الشعرية القديم:
61: 22
باب الصوة:
116: 18
باب العيد:
26: 19
باب الفتوح:
23: 19- 46: 12، 20- 79: 20، 21
باب الفرج- بدمشق:
33: 4، 17- 62: 18
باب القلعة:
109: 10- 217: 20(14/426)
باب القنطرة:
61: 13، 20- 105: 7، 8- 106: 3- 299: 9
باب الكافورى:
61: 24
بابلا بابله.
بابله- بحلب:
69: 4، 22
باب المدرج- بقلعة الجبل:
299: 16، 26- 300: 14، 15، 16- 301: 2
باب المقام- بحلب:
178: 2
باب النصر:
26: 9، 20- 60: 8، 10، 18- 65:
2- 67: 4- 88: 17- 89: 19- 185:
8- 208: 7- 251: 5- 263: 23- 312: 19- 341: 5- 342: 10، 14
البارزية (بيت ناصر الدين البارزى) 111: 6، 22
باعونة:
124: 6
بانقوسا:
12: 18، 24
بتنة- بالهند:
120: 22
البحر الأبيض المتوسط:
14: 21- 180: 25
البحر الأحمر:
180: 21
البحر الرومى:
306: 20
بحر القلزم:
348: 1
البحر الملح (البحر الأبيض المتوسط) :
180: 14- 272: 7- 278: 14- 364:
17
البحرة- قاعة من قاعات القلعة:
77: 9، 21
البحيرة (محافظة البحيرة) :
25: 13، 14، 15- 63: 7- 74: 13- 337: 17- 357: 8- 366: 6
بحيرة العتيبة:
62: 22
البرابخية (قاعة ومنظرة على النيل بساحل بولاق) :
95: 19
البرج- بقلعة الجبل:
15: 8، 11- 35: 1- 253: 16- 272:
7، 13، 14، 20- 273: 9- 274:
14، 15
برج الخيالة بقلعة دمشق:
161: 14
بردوان- بالهند:
12: 21
برزة:
33: 9، 24
برصا:
318: 6، 22- 338: 2(14/427)
البركة (بركة الحاج) :
74: 1، 18
بركة الحب:
74: 18
بركة الحاج:
74: 12- 89: 4- 103: 11
بركة الحبش:
85: 19- 86: 22- 87: 2، 19- 88: 9- 131: 20- 180: 2، 18
بركة الرطلى:
95: 3
برما:
122: 19
البساتين:
87: 19
بستان الحلى:
152: 1
بستان الخشاب:
30: 21
بستان المعشوق:
85: 19
البصرة:
310: 21- 335: 21
بطن مر:
282: 16، 23
بغداد:
24: 10، 13- 25: 18- 37: 2- 46: 7- 53: 13- 84: 23- 98: 7، 9- 99: 13- 100: 4، 5- 153: 8- 163: 8، 14، 23- 164: 1، 11، 13، 14، 16، 19- 322: 14، 17، 21- 349: 2، 3.
بغراس.
13: 8، 20- 49: 11
بغراص بغراس بلاد ابن قرمان:
157: 5- 166: 7
بلاد الأرمن:
49: 20- 84: 19
بلاد أرمينية:
53: 25
بلاد الأكراد:
336: 1
بلاد التركمان:
19: 20- 117: 8
بلاد الثغور:
22: 18
بلاد جبرت:
260: 12
بلاد الچركس:
226: 2- 259: 8
بلاد الحبشة:
81: 13- 324: 18- 325: 3، 7، 10- 349: 8
بلاد الروم:
22: 17- 50: 14- 53: 17- 83:
23- 84: 24- 85: 24- 146: 4- 225: 8- 238: 21- 266: 12- 283:
16- 300: 21- 331: 19- 338: 3(14/428)
البلاد الحلبية:
12: 3- 55: 5- 77: 12- 138: 18- 177: 18- 188: 8- 191: 16- 202:
9- 334: 17- 344: 21- 350: 7
البلاد الشامية:
2: 24- 4: 18، 28- 14: 5- 22:
8- 24: 11- 30: 9- 34: 19- 35:
16- 43: 6- 44: 6، 8، 19- 46:
6- 47: 18- 57: 15- 58: 13- 62:
8- 65: 3- 72: 1- 77: 7- 100:
13- 128: 4- 129: 3- 135: 4- 138: 14- 146: 4، 20- 157: 4، ج 12- 160: 4- 166: 3، 5- 168:
10- 172: 13، 19- 177: 13، 18- 178: 11- 179: 7- 180: 3- 183:
5، 18، 23- 185: 3- 193: 10- 196: 19- 202: 18، 21- 215: 17- 236: 11- 239: 10- 244: 17- 245:
11- 250: 11- 254: 23- 256: 9- 263: 17- 266: 15- 283: 16- 287: 4- 300: 12، 22- 310: 21- 331: 5- 333: 20- 350: 17- 354: 6- 355: 15- 357: 20- 359:
1، 14- 368: 7، 14
بلاد الشرق:
75: 7- 93: 10- 201: 11- 224: 8- 215: 14- 254: 11- 283: 17- 330:
3، 17، 20- 343: 17- 348: 7
البلاد الشمالية (حلب وآسيا الصغرى) :
166: 6 بلاد الصعيد:
17: 5، 7، 10- 186: 15- 203: 2- 252: 16- 339: 12- 344: 1- 349: 12، 13
بلاد فارس- 137: 17- 335: 21
بلاد الفرنج:
82: 19- 271: 3- 325: 11، 19- 339: 5
بلاد الكرج:
343: 15
بلاد المرج 33: 8
البلاد المصرية:
63: 17
بلاد المغرب:
300: 21- 325: 11
بلاد النوبة:
252: 22
بلاد اليمن:
284: 11، 12، 13
بلبيس:
89: 5- 139: 2
بنجالة (بالهند) :
120: 14، 21
البنغال:
120: 21
بها كلبور (بالهند) :
120: 22
بهسنا:(14/429)
52: 14، 17، 18- 53: 11- 146:
5- 248: 12، 21- 250: 23- 251: 2
بور سعيد:
14: 21- 61: 25
بولاق:
63: 9- 74: 10- 75: 2- 85: 1، 4- 86: 8، 26- 87: 3- 94: 15- 95: 13، 15، 20- 96: 12- 101: 8- 102: 4- 106: 16- 159: 10- 268:
8- 276: 15، 18- 324: 10- 339:
8- 340: 11
بولاق التكرور:
289: 6، 7
بيت ابن البارزى:
85: 5، 8- 86: 8- 95: 13- 96: 4- 99: 1- 101: 1، 7- 104: 17- 346: 19
بيت الأمير بيبغا المظفرى:
218: 20- 219: 2
بيت الأمير طاز:
328: 12، 24
بيت الأمير نوروز الحافظى:
219: 2
بيت التاجر نور الدين الخروبى:
86: 9
بيت زين الدين عبد الباسط بن خليل:
94: 14- 96: 24- 276: 15- 356:
18
بيت الصاحب كريم الدين:
327: 16- 356: 2
بيت صلاح الدين خليل بن الكويز:
95: 3
البيت العتيق:
311: 2
بيت غرس الدين خليل:
32: 16
بيت قوصون:
221: 17، 24
بيت كاتب السر (ابن البازى) :
92: 8- 93: 14- 98: 12، 15- 102:
3- 106: 16
بيت المقدس:
131: 19
بيروت:
70: 24
بيسان:
124: 23- 187: 7، 21
البيمارستان المنصورى:
28: 9، 11، 12، 22- 81: 2
بين السورين:
61: 14، 23- 152: 9
بين القصرين:
43: 18- 78: 19- 324: 14
التاج:
94: 4، 21- 102: 21- 103: 1، 22
تبريز:
37: 2، 21- 98: 9- 107: 3- 163:
8، 23- 334: 18- 335: 4، 6، 9،(14/430)
10، 11- 336: 20- 338: 13- 345:
21- 348: 13- 349: 5
تحت الربع:
78: 1، 19
تربة الأمير تنم:
118: 4، 19
تربة الملك الظاهر برقوق- التربة الظاهرية:
78: 11- 79: 12، 23- 88: 5- 313:
1- 338: 11- 358: 4
التربة الناصرية:
137: 10
تروجة:
25: 13، 23- 329: 19
تعبات:
315: 16، 23- 316: 4، 13
تعز:
284: 23- 314: 6، 19- 315: 7، 23
تل باشر:
13: 11، 23
تل السلطان:
36: 4، 20- 47: 5- 77: 12
تل شقحب:
372: 21
تونس:
300: 21
تيه بنى إسرائيل:
142: 23
ث الثغور:
202: 10
ثغور الشام- الثغور الشامية:
27: 20- 50: 24
ثغور المسلمين:
68: 8
ج جاردن سيتى:
30: 22- 99: 21
جامع أحمد بن طولون:
145: 1- 245: 20
جامع الأخرس:
96: 13
الجامع الأزهر:
163: 1- 169: 2- 268: 14، 15، 17، 23- 270: 16- 343: 13، 23- 344: 3
جامع الأسيوطى:
96: 1، 10
جامع الأشرف:
264: 22- 265: 1- 278: 7
الجامع الأموى:
113: 7
جامع البنات:
152: 23
جامع البيمارستان المنصورى:
28: 17
الجامع الجديد الناصرى:
26: 15، 23- 106: 7
الجامع الحاكمى:
46: 21- 74: 16- 237: 18(14/431)
جامع حلب:
178: 7
جامع دمشق (الجامع الأموى) :
124: 2
جامع شمس الدين الحنفى:
209: 20
جامع عمرو بن العاص:
278: 10- 280: 7
جامع القلعة:
18: 17
جامع كاتب السر ببولاق:
102: 4
جامع المحمودية:
212: 22
جامع المقياس:
99: 4، 18- 101: 20- 113: 7
الجامع المؤيدى:
30: 15- 41: 3- 44: 2- 61: 16- 63: 12- 92: 3، 14- 93: 10- 94:
11- 96: 7، 9- 97: 5- 100: 12- 109: 11- 113: 6- 156: 2- 159:
14- 166: 1- 197: 13- 235: 13- 270: 11
الجامعة الأزهرية:
163: 19
جبال عاملة.
6: 23
جبال النصيرية:
72: 23
جبانة الخفير:
79: 24
جبانة المماليك:
79: 23
الجبل الأحمر:
160: 13
الجبل الأخضر:
88: 18
جبل الدروز:
33: 22
جبل عوف:
124: 21
جدة:
180: 6، 21- 271: 19، 21- 272:
1، 2- 284: 15- 298: 18- 314: 1، 3- 362: 9- 367: 19- 369: 7
جرجا:
63: 16، 25
جرود:
33: 8، 23
جزيرة ابن عمر:
53: 23
جزيرة أرواد:
27: 21
جزيرة أروى:
30: 19- 102: 2
جزيرة إقريطش:
306: 20
جزيرة بدران:
28: 25
جزيرة الروضة:
27: 1- 87: 24- 99: 3
جزيرة الزمالك:
30: 19(14/432)
جزيرة صقلية:
366: 16
الجزيرة الفراتية:
69: 24
جزيرة الفيل:
28: 11، 24- 86: 23- 96: 11، 12- 152: 1- 271: 5
جزيرة قبرس:
270: 4- 306: 22- 311: 18- 363: 6
جزيرة المصطكى:
306: 20
جزيرة الوسطى:
30: 4، 19- 99: 5- 102: 2
جسر يعقوب:
262: 1، 2، 4، 5، 22- 263: 4
جعبر:
366: 9
جغتاى:
368: 10
الجمالية (المدرسة الجمالية) :
26: 10
الجودرية:
286: 1، 9، 16، 21، 22، 23
جون البنادقة (خليج البندقية) :
304: 20
الجيزة:
16: 3- 61: 13- 63: 22- 74: 10، 12، 24- 85: 9- 86: 9- 91:
18- 94: 16- 96: 25- 105:
13- 106: 4، 11- 113: 7- 227:
11- 230: 17، 18- 253: 2
ح حارة بهاء الدين:
46: 20- 79: 1، 20- 237: 19
حارة زويلة:
63: 23
حارة كتامة:
163: 20
حائط العيون:
26: 25
الحبشة:
81: 21- 260: 9، 21- 324: 2، 20- 349: 13، 23- 350: 1
الحجاز:
64: 20- 66: 11، 12، 23- 67: 5، 19- 68: 18- 92: 19- 107: 7- 132: 9- 144: 2- 184: 14- 192:
5- 214: 14- 247: 12- 259: 21- 283: 17- 284: 22- 368: 1
الحجازية (قاعة ومنظرة بساحل بولاق) :
95: 14، 19- 96: 5، 26
الحجر الأسود:
282: 18
حجة- من أعمال الشام:
258: 9
حدرة البقر:
312: 1، 21
حديقة الأزبكية:
299: 2، 20(14/433)
الحراقة (إحدى قاعات قلعة الجبل) :
2: 13- 3: 5- 211: 18- 215: 8- 230: 13- 281: 11
الحرم الشريف- بمكة-:
25: 1، 4- 311: 2، 6
الحسينية:
340: 11
حصن زياد:
331: 19
حصن كيفا:
53: 6، 23- 107: 2
حصن منصور:
53: 2، 3، 7، 17، 19
حلب:
6: 1- 7: 3، 4- 12: 4، 6، 7، 8، 9، 11، 13، 15، 17، 19، 20، 21، 24- 13: 5، 10، 15، 17، 18، 21، 23- 14: 2- 16: 7- 21: 20- 22: 2، 6، 18- 27: 5، 6، 20- 29: 11- 31:
15- 32: 2- 33: 1، 13- 36: 15، 16، 17، 20- 37: 3، 19، 24- 38:
4- 39: 13، 16- 44: 16- 45: 3، 9- 46: 3- 47: 4، 11، 12، 15، 22- 48: 9، 24- 49: 6، 9، 11، 13، 25- 50: 24- 51: 5، 18- 53: 8، 17- 54: 17- 55: 9، 12، 18، 19، 20- 56: 2، 4، 26- 57: 24، 25، 26- 58: 7، 9، 12، 16- 59: 5- 61:
4، 6- 67: 8، 9، 12، 13، 15، 18، 22- 68: 1، 5، 17- 69: 1، 2، 6، 8، 10، 21- 71: 16- 74: 7- 77:
13، 14- 80: 6- 85: 14- 86: 5، 6، 21- 87: 15- 88: 11- 89: 1- 92: 4- 100: 20- 108: 14- 114:
12، 13- 116: 3- 117: 6- 120: 5- 125: 5- 128: 10- 129: 15- 130:
2- 131: 4: 132: 2- 135: 7، 16، 18- 136: 4، 7، 11، 15، 19، 21- 138: 12، 13- 148: 9- 161:
14- 177: 5، 17، 18، 19، 20، 23- 178: 1، 2، 7، 19، 23- 179: 17، 19- 180: 16، 17- 181: 4، 16- 182: 7- 189: 9، 22- 191: 13- 192: 1، 4، 19، 20، 22- 195: 4، 8- 201: 12- 19، 20، 22- 195: 4، 8- 201: 12- 202: 12- 222: 4، 7، 9- 224: 4، 5، 15، 19- 225: 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10، 22- 235: 17، 18- 239: 6، 11، 18- 240: 11- 241: 1- 244: 3- 248: 7: 12، 13، 21- 249: 1- 251:
1- 253: 8، 20- 254: 7، 9- 305:
9، 13، 22- 306: 13- 308: 18- 309: 2، 7- 310: 2- 331: 3- 332:
11- 333: 12- 345: 13، 14، 20- 346: 4، 20- 347: 6، 9- 348: 6- 350: 15- 370: 11- 371: 16
الحلة:
322: 12، 13، 21
حلى بنى يعقوب:
284: 16، 22
حمام الفارقانى:
328: 13، 25(14/434)
حماة:
6: 2- 12: 5- 14: 12- 22: 3- 31:
14- 33: 4، 13- 36: 18- 38: 2، 5، 7- 41: 7- 47: 13- 48: 1، 3- 50: 16- 53: 8- 55: 3- 56: 8- 66:
14- 68: 5- 85: 17- 92: 20، 21- 93: 7- 105: 2- 135: 17- 138:
11، 13- 161: 9- 162: 7- 184:
12- 187: 3- 190: 9- 202: 13- 224: 9، 10، 11- 248: 7- 254:
9، 10، 12، 22
حمص:
6: 23- 33: 26- 93: 6- 125:
17- 132: 1- 248: 7- 348: 6- حوران:
187: 21- 188: 20
الحوش السلطانى:
77: 8، 11- 79: 10- 223: 9- 271:
14- 287: 10- 300: 15- 301:
17- 306: 2- 307: 4- 313: 2- 371: 1
الحوف الغربى:
74: 20
خ خان السلطان:
33: 3- 50: 5، 18
خان طومان:
34: 3
خانقاه سرياقوس:
22: 11، 24- 23: 1- 38: 13، 15- 39: 4- 44: 18- 60: 4، 5- 170:
18، 24- 339: 16- 350: 23
خانقاه سعيد السعداء:
148: 9، 19- 154: 8
خانقاه شيخون 175: 5، 21- 285: 18- 299: 10- 336: 14
الخانقاه الناصرية فرج:
95: 6
خراسان:
25: 20- 50: 21
الخراطين:
233: 20
خر تبرت:
331: 1، 3، 19
الخروبية:
87: 5، 8- 94: 16- 95: 14، 18- 96: 25
الخزانة السلطانية:
170: 6
خزانة شمائل:
30: 3، 21- 31: 18- 46: 12
خزانة الكسوة:
205: 24
خط بين السورين:
61: 24
خط بين القصرين:
28: 17(14/435)
خط التبانة:
143: 7
خط الصليبة:
135: 23
خط العنبريين:
233: 7، 20- 264: 11- 266: 11، 18- 270: 14- 278: 8- 296: 9- 309: 5
خط فم الخور:
86: 26
خط فم الزعفران:
88: 7، 23
خلاط:
53: 25
خليج أبى المنجا:
38: 14
خليج الزعفران:
271: 7- 312: 20
خليج السد:
7: 17- 87: 10- 100: 10- 255: 3- 277: 18، 19- 346: 12
خليج قسطنطينية:
304: 23
الخليج الكبير:
61: 21
الخليج الناصرى:
57: 22- 86: 25
الخمس وجوه (منظرة) :
103: 4- 105: 9، 22
الخندق:
271: 7
خوارزم: 25: 21
خوبى:
348: 10، 23
خوزستان:
322: 22
خوندان:
348: 22
د دار السعادة- بحلب:
178: 20- 191: 18
دار السعادة- بدمشق:
33: 2- 162: 6- 261: 12
دار السلام- من ضواحى القاهرة:
87: 19
دار الضرب:
284: 1، 5- 352: 9
دار الضيافة:
164: 8، 23
دار العدل:
3: 11، 21- 5: 22- 11: 20- 33:
1- 315: 7، 19- 316: 1، 6، 12- 361: 20
دار الكتب بالقاهرة:
1: 20- 4: 14- 5: 24- 6: 24- 7:
20- 9: 16- 10: 18- 20: 22- 23:
24- 28: 23، 26- 30: 23- 32:
23- 33: 16، 20- 44: 23- 53:
18، 22- 60: 22- 63: 18- 66: 21-(14/436)
69: 23- 87: 25- 88: 20- 89: 23، 25- 119: 20- 130: 25- 131: 21، 23- 138: 22- 148: 19- 169: 22- 180: 19- 184: 21- 186: 20- 221:
24: 248: 22- 260: 23- 282: 22- 286: 23- 299: 21، 26- 358: 22- 367: 22
دار النحاس:
87: 6، 24
داريا:
32: 15، 23
دبركى:
49: 25
دجلة:
53: 20، 23
درب الأتارب:
48: 10
درب الصغيرة:
31: 18
درب الهياتم:
209: 21
درندة:
51: 16- 52: 3، 4، 8، 11
دلى:
372: 3
الدملوة:
316: 15، 22
دمشق:
2: 8، 21- 4: 6، 8، 12- 5: 3، 4- 6: 3، 12، 22- 7: 3، 4، 13- 9:
2- 11: 3، 11، 12- 12: 5، 15، 16- 15: 24- 18: 7، 12، 13، 16، 22، 24- 19: 9، 12، 15- 20: 5، 21- 21: 5، 19- 22: 6، 7- 29: 10، 14، 23- 30: 10- 31:
6، 9، 12- 32: 7، 11، 13، 14، 17، 23- 33: 1، 7، 15، 19، 23، 24- 34: 8، 18- 35: 19: 20- 36: 1، 2، 10، 11، 20- 38: 7، 9- 45: 5، 7- 46: 14، 15- 47: 4- 56: 3، 13- 57: 12، 13، 14، 16- 58: 21، 22- 59: 3، 5، 7، 8، 10، 20- 61:
6- 62: 11، 12، 14، 22- 63: 2، 3- 64: 8- 66: 14، 15- 77: 10، 11- 89: 1- 90: 18- 93: 2، 3، 4، 5، 10- 110: 5- 111: 2، 3، 4- 113: 7- 114: 7، 10، 13، 14، 16- 115: 4، 9، 10، 11، 12- 116: 22- 117: 16- 118:
1، 4، 16، 19- 119: 3، 6- 120: 12- 121: 2، 3- 122:
9، 10، 12، 14- 123: 20- 124:
1، 2، 3، 7، 8- 125: 1، 4، 5، 6- 128: 6- 129: 1، 16، 19- 130: 2- 134: 1، 2- 135: 12، 13، 14، 15- 137: 4- 138: 11، 18- 146: 14- 148: 1، 2- 149:
7، 9- 153: 2- 155: 3- 161:
13، 15- 162: 5، 6- 164: 3- 167: 8- 175: 4- 177: 15- 179(14/437)
1، 8، 17، 18- 181: 18، 19، 20- 184: 14- 185: 4- 186: 6- 187: 1، 4، 5، 6، 7، 8،- 188:
4، 20- 189: 5، 7، 8، 11، 18- 190: 16- 191: 12- 192: 12، 14، 17، 20- 193: 1، 2- 198:
11- 200: 11- 201: 9- 202:
15، 18، 19، 20- 203: 7- 207:
11- 208: 13- 214: 9- 220:
19- 231: 12- 232: 6- 236:
9، 16، 17- 237: 5، 18- 241: 1، 3، 4، 7- 246: 12، 13، 14، 15- 250:
4- 253: 13- 254: 7، 16- 255:
8- 261: 5، 6، 8، 9، 11، 16، 18، 20، 21- 262: 3، 13، 15، 16، 17، 18، 19، 21- 263: 7، 10، 11- 265: 8- 268: 5- 274: 10، 15، 17- 277: 15- 287: 7- 288:
8، 18، 19، 20- 294: 19- 302:
5- 308: 3- 309: 12، 13، 14، 15، 22- 310: 4- 314: 3- 318:
13- 326: 14- 331: 4- 334: 7- 337: 19- 344: 15- 348: 5- 358:
4- 359: 10، 20، 21- 364: 8، 11، 12، 13، 14- 366: 10، 12، 14- 367: 4- 372: 1، 20
دمنهور:
366: 8
دمياط:
24: 17- 148: 12- 184: 19- 225: 16- 226: 4- 231: 4- 252: 15- 257: 13- 266: 14، 15- 270: 1- 278: 14- 280: 14، 21- 284: 14- 288: 6- 289: 10- 298:
9، 11- 319: 10، 16، 23- 344:
14- 364: 17- 365: 20
دهليز القصر:
174: 7
دور الحريم السلطانى:
18: 18
الدور السلطانية:
23: 6- 60: 17- 102: 11- 167:
10: 169: 16- 204: 11- 205:
16- 211: 7- 233: 4
دوركى:- 49: 18، 25- 52: 10
ديار بكر:
53: 4، 20، 21- 54: 5- 107: 2- 331: 19
الديار المصرية:
1: 5، 7- 2: 3، 7، 13- 3: 13- 4: 10- 5: 5، 17- 6: 15- 7: 13- 11: 4، 22- 12: 2- 15: 19- 19:
3- 21: 16- 22: 11- 23: 9، 18- 24: 21- 25: 13- 26: 13- 30:
11- 34: 8- 35: 3، 13- 37: 15- 38: 6، 10- 39: 6- 41: 18- 43:
6، 15- 46: 2- 52: 10- 56: 14- 59: 8- 61: 7- 62: 4: 66:(14/438)
1، 17- 67: 1- 75: 7- 77: 15- 78: 2- 80: 12- 82: 2، 9- 83:
9- 90: 14- 93: 2- 111: 5- 116: 3- 117: 2، 8، 10، 15- 119: 10- 120: 9، 11- 122: 10، 12- 125: 5- 128: 7- 130: 8، 11، 12- 136: 14- 139: 20- 142: 7، 14- 143: 10- 145: 9- 146: 14، 18- 147: 7- 149: 4، 14- 154: 16- 155: 2- 157: 7، 16- 159: 6- 160: 7- 161: 7- 162: 10- 170: 5- 177: 13، 22- 178: 11- 179: 6- 180: 2، 5- 181: 14- 182: 1- 183: 2- 185: 10- 186: 14- 188: 8، 13، 14- 189: 13، 18- 192: 3، 5- 195: 11- 196: 12- 197: 9- 198: 12- 201: 7، 18- 202: 22- 203: 15- 204: 6- 208: 3- 209:
1- 210: 1- 221: 6- 224: 4، 10- 225: 12- 226: 20- 231:
9، 12- 232: 2، 7- 236: 4، 8، 9- 237: 17- 238: 4- 242: 4، 14- 244: 16- 245: 10، 15- 247: 3، 8- 249: 12- 251: 15- 254: 4- 255: 15- 256: 12- 264: 7- 265:
10، 19- 268: 6- 269: 5، 13، 19- 271: 12- 275: 13- 276: 2- 278: 7- 280: 11، 14- 285: 17- 287: 7- 290: 19- 295: 12- 296:
11- 298: 5- 304: 14- 305: 12- 306: 23- 311: 1- 317: 16- 319: 8، 14- 320: 2- 321: 7- 326: 7- 334: 9- 337: 6- 338:
4، 5- 343: 12- 354: 13- 354:
10- 357: 12- 358: 15- 367:
6- 368: 21- 372: 20
ديار مضر:
54: 20
الدير:
351: 12، 20، 21، 22، 23
دير أولاد ختعم:
351: 21
دير بنى حرام:
351: 21
دير النحاس:
87: 24
ذ ذات الرخيم:
355: 19
ر راج شاهى- بالهند:
120: 21
رأس وادى عنتر:
348: 19- 355: 23
رباط الآثار النبوية:
85: 7، 8، 19- 99: 2، 5- 101:
19- 102: 1- 131: 12، 20(14/439)
رحبة باب العيد:
26: 10، 19- 141: 16
رشيد:
180: 14، 25، 26- 289: 13- 290:
6، 8، 11
الركن المخلق:
251: 5، 20
الرملة:
7: 4، 12، 19- 11: 13، 17- 131:
4، 18- 348: 5
الرميلة:
43: 17- 87: 2، 21، 22- 212: 22- 299: 11- 342: 16
الرها:
54: 4، 20- 330: 17- 331: 6، 7، 9، 15، 17، 18، 22- 333: 8- 334: 3، 15- 346: 3
رودس (جزيرة رودس) :
306: 15، 16، 20
الروضة (جزيرة) :
27: 14- 101: 20
الريدانية:
16: 7، 9، 13، 21- 17: 3، 16- 18: 4- 23: 2- 31: 7- 35: 13، 16- 39: 4- 45: 11، 14، 23- 46:
5- 60: 7- 61: 10- 76: 16- 77:
4، 6- 88: 23- 100: 15- 186:
5، 8، 10، 18- 203: 1- 251: 4- 350: 9، 17، 23- 354: 15- 359:
17- 372: 14، 19
ز زاوية الشيخ التبرى:
23: 23
الزبدانى:
62: 22
زبيد:
132: 15، 24- 133: 5
الزردخاناه السلطانية:
52: 1
زعم:
355: 9، 11، 22
س ساحل بحر الروم:
284: 22- 304: 23
ساحل بولاق:
86: 10، 15، 23- 87: 11- 276:
12- 278: 14- 281: 3- 288: 6- 289: 3، 4- 298: 20- 299: 2- 347: 1
ساحل الجزيرة الشرقى:
270: 21
ساحل مصر:
86: 10، 22- 87: 6
ساحل النيل:
26: 23- 307: 12
سجن المقشرة:
46: 13، 23، 24
سرمين:
12: 5، 18- 36: 5، 13- 69: 6- 284: 22(14/440)
سرياقوس:
22: 11، 15، 23- 60: 4- 63: 11- 73: 11- 89: 15- 94: 5، 6- 170:
19، 24- 350: 19
السعدى- قرب حلب:
178: 17
السعيدية:
89: 22- 163: 17، 24- 164: 7
السكرية:
59: 17، 24
السكة الجديدة:
61: 24
السلطانية:
107: 3- 335: 1، 3، 21- 345: 21
سلماس:
336: 2، 20
سلمية:
33: 12، 26
السماسم:
38: 13، 22
سمرقند:
49: 23- 335: 11
سميساط:
22: 20- 55: 23- 248: 21
السواحل:
202: 10- 255: 11- 325: 8
سواحل الشام:
268: 11
سواحل عدن:
362: 6
سواحل الهند:
362: 6
سواقى مجرى النيل:
26: 25
سوق الجرابة:
57: 19
سوق الحريريين:
233: 20
سوق الخيل- تحت قلعة الجبل:
212: 10، 22
سوق خيل دمشق:
32: 13
سوق الصاغة:
352: 8
السويس:
339: 3
سويقة الصاحب:
364: 2
سويقة المسعودى:
63: 13، 23
سويقة منعم:
135: 11، 23- 299: 11، 24
سيالة جزيرة الروضة:
26: 25
سيس:
49: 13- 93: 6- 248: 22
ش شارع أحمد ماهر:
78: 21(14/441)
شارع الأزهر:
152: 23- 233: 22- 264: 23
الشارع الأعظم:
22: 16، 26- 135: 11- 309: 5- 328: 13- 353: 15
شارع بين السيارج:
79: 22
شارع الجمهورية:
299: 20
شارع الحلمية القديمة:
312: 21
شارع الخليج المصرى:
61: 25
شارع السبتية الجوانى:
96: 14
شارع السيدة عائشة:
141: 18
شارع الشعرانى:
61: 23
شارع الصليبة:
175: 21
شارع القاهرة الأعظم:
22: 26- 281: 6- 299: 22
شارع المظفر:
312: 21
شارع المعز لدين الله الفاطمى:
23: 20- 223: 21- 264: 22
شارع المغربلين:
309: 19
شارع النحاسين:
28: 18
شارع نوبار باشا:
299: 17
الشام:
5: 11- 9: 15- 11: 11، 13- 12: 19- 16: 8، 13- 31: 8، 23- 32: 22- 34: 15، 18- 36: 23- 37: 22- 38:
4- 44: 9، 10- 45: 7، 16- 47:
12، 19- 48: 3- 49: 15- 50: 14- 53: 8، 22- 55: 16- 56: 25- 57:
16- 58: 10، 13، 19- 59: 6- 62:
10، 11- 64: 5- 68: 13، 16- 69:
10- 75: 4، 21- 82: 22، 23- 84:
1- 87: 16- 89: 18- 90: 10، 21- 103: 18- 108: 13- 110: 4- 115:
22- 116: 10- 128: 14- 129: 3، 9- 130: 8- 131: 15- 135: 5، 7، 21- 136: 8- 138: 13، 17، 19- 146: 6- 147: 17، 22- 157:
17- 168: 12- 170: 11- 171: 2، 3- 175: 18، 24- 179: 2- 182:
18- 183: 4، 9- 184: 9، 11- 187:
10، 12، 13- 190: 5- 192: 12، 13، 24- 193: 7، 21- 202: 14- 231: 10- 232: 2، 6- 240: 10، 22- 242: 6- 247: 21- 250: 5، 6- 254: 11، 21- 258: 9- 259:
14- 261: 23- 263: 5- 264: 3- 272: 4- 274: 5، 6، 17- 301:
19- 302: 1، 6- 321: 8- 326:(14/442)
14- 330: 9- 331: 1، 4- 332: 10؛ 22- 349: 5، 12- 350: 16- 357:
9- 358: 3، 7، 14، 16- 360: 20
شباك الإمام الشافعى:
161: 9
شبرا:
295: 15
شبين القصر:
115: 7، 19- 367: 1
شبين القناطر:
89: 24- 115: 19
الشراب خاناه السلطانية:
14: 24- 230: 7
الشرقية (محافظة الشرقية) :
10: 15- 81: 3- 351: 20
ششتر:
322: 13، 22
شقحب:
372: 1، 21
الشيخونية:
344: 19
شيراز:
133: 22
ص صاروسن 50: 7، 20
صافينا:
72: 16، 22- 246: 5
الصالحية:
7: 14، 21- 14: 11- 15: 2- 89:
6، 22- 139: 2- 203: 17
الصبيبة:
171: 4- 179: 8- 262: 10
صرخد:
188: 3، 20- 189: 17- 192:
6، 9، 11- 241: 6
الصعيد- صعيد مصر:
63: 25- 180: 23
صفد:
6: 14، 15، 23- 7: 1- 11: 9، 10، 14، 16- 14: 7، 12- 15:
15- 27: 7- 29: 13، 15- 31: 9- 32: 19- 33: 8- 47: 13- 48:
8- 55: 2- 56: 9، 27- 65:
20- 67: 1- 71: 15- 85: 17- 90: 14- 119: 6- 151: 9، 12- 154: 18- 181: 18- 188: 9، 10- 202: 13- 225: 7- 236: 8- 248:
14، 16، 17- 249: 3، 10، 21- 250: 2، 5، 8، 9، 13- 251: 2- 260: 18- 261: 17- 262: 3، 4- 337: 19- 348: 5- 367: 14، 17
الصليبة:
135: 11- 299: 10، 22، 23، 24- 340: 11
الصماصم السماسم.
الصين:
362: 6(14/443)
ط طارمة دمشق:
20: 5، 21
الطباق- بقلعة الجبل:
198: 18- 340: 18
الطبالة:
57: 22
طبرية:
119: 19- 187: 22
الطبقة- بقلعة الحبل:
200: 3- 243: 18- 329: 8
طبقة الأشرفية:
169: 17، 18- 173: 20- 176:
7، 22- 212: 1- 213: 8- 217:
18- 221: 16- 242: 7
طبقة الرفرف:
223: 8، 19
الطبلخاناه السلطانية- بقلعة الجبل:
16: 5
طرابلس:
2: 5، 6، 7- 4: 8- 6: 1- 12:
14- 13: 10- 22: 4- 32: 2- 36:
18- 37: 1- 38: 1- 47: 12، 20- 48: 7- 53: 9- 56: 3، 5، 10، 12- 61: 8- 65: 15، 16، 20- 66: 7، 8، 20- 72: 15، 16، 18، 20- 73: 1، 2، 3، 6، 7، 12، 13- 85:
16- 92: 20- 110: 5- 119: 6- 120: 5- 130: 4- 135: 17- 138:
11- 151: 11، 15، 16، 18- 158:
19، 22- 159: 1- 184: 12- 190:
8، 14- 192: 7- 201: 9- 202:
12- 222: 7- 224: 10، 13، 18- 225: 1، 2- 237: 6، 7، 8- 245:
16، 18، 19، 20- 246: 3، 4، 5، 9، 10- 250: 17، 18- 251: 19- 252: 4- 253: 11- 256: 11- 258:
22- 268: 10- 270: 2- 276: 9، 10- 278: 6، 8، 15، 16- 280: 4- 284: 7- 285: 10- 306: 12- 308:
5، 20- 318: 2، 4- 319: 2
الطرانة:
63: 7، 17- 106: 12، 14
طرتوث:
163: 18
طرسوس:
27: 9، 10، 20- 49: 1، 7، 9- 51: 5- 72: 2- 84: 3، 17، 19- 93: 3- 319: 6
طوانة القديمة:
84: 22
الطينة:
14: 9، 21- 170: 19- 272: 7، 9، 10، 20- 278: 12- 280: 14 298: 11
ع العباسية:
16: 21- 88- 23
العباسية الجديدة:
79: 24(14/444)
عجلون:
124: 6، 21
العجم- بلاد العجم:
164: 21
عدن:
314: 17- 316: 22
العراق:
25: 9- 46: 7- 53: 22- 64: 6 67: 10- 107: 3- 163: 8- 164:
14- 184: 14- 190: 11- 310:
15، 21- 322: 15، 17
العراقان:
164: 10، 21
عراق العجم:
25: 21- 335: 21- 349: 1
عراق العرب:
349: 1
العريش:
272: 12، 22
عزاز أعزاز.
العطايا:
63: 8، 20
العكرشة:
89: 10، 24
العمق:
12: 8، 19، 20- 13: 3- 14: 3- 33: 14- 48: 8، 10- 49: 3- 84: 1
عيذاب:
180: 22
عينتاب:
13: 23- 51: 1، 18- 54: 12- 69:
5، 7، 9- 71: 16- 248: 22
عين مباركة:
57: 11، 25
عيون القصب:
355: 1، 2، 5، 19
غ غباغب:
372: 21
الغربية (محافظة الغربية) :
10: 15- 66: 1- 81: 3- 245: 15- 337: 17
غرناطة:
255: 19
غزة:
6: 18- 7: 2- 9: 1- 11: 13، 14- 14- 8- 15: 17- 16: 7- 18: 5- 22: 10- 31: 11- 33: 4- 34:
6- 35: 18- 36: 1، 19- 47: 13- 59: 2، 16، 19- 93: 1- 116:
13- 125: 5، 25- 135: 17- 149: 6، 9- 157: 9، 10- 184:
12- 186: 18- 187: 1، 6- 189:
11- 190: 9- 202: 13- 253: 13- 319: 14، 24- 321: 17، 18- 337: 18- 348: 5
الغور- بفلسطين:
224: 12
الغور الشرقى:
124: 21(14/445)
الغوطة- غوطة دمشق:
32: 23- 62: 22
ف فاس:
163: 3- 348: 22
الفرات:
22: 20- 54: 19، 23- 54: 20- 55: 6- 69: 8، 19
الفرما:
9: 15- 272: 14، 15، 22
فلسطين:
7: 19- 187: 21
فماجوستا:
270: 21
فم الخليج:
26: 25- 86: 22، 23
فم الخور:
86: 16، 25
الفنيدق:
36: 21
الفيوم 219: 21
ق قاعة العواميد:
60: 17، 23
القاعة المعلقة:
203: 20
القاهرة:
3: 9- 4: 12- 9: 3، 4- 11: 3، 13، 17- 14: 10، 11، 16- 15:
2- 16: 8، 25- 17: 11، 16- 21:
17، 18- 23: 3، 12- 24: 16، 23- 26: 5، 7، 9- 29: 2، 3، 7- 31: 6، 7، 21- 34: 18- 35:
13، 15- 37: 16، 18- 38: 6- 39 5، 7- 40: 6، 9، 11، 13، 14، 17- 41: 3- 43: 5، 16- 45: 2، 11، 12، 14، 15، 24- 46: 9، 12، 16- 57: 5، 6، 7، 18- 58: 17- 59:
12- 60: 6، 8، 12، 18- 61: 10، 20، 21- 64: 19، 20- 65: 16، 18- 67: 4- 68: 10، 15- 73: 13- 75:
13- 76: 17- 78: 1- 80: 16- 81:
5، 14، 19- 82: 5- 84: 4- 88:
17- 89: 19- 94: 21، 24- 96: 7- 97: 7، 10- 99: 12، 15- 100: 15- 103: 9- 104: 8- 105: 6، 8- 106:
14- 107: 12- 108: 20، 21، 22- 114: 10، 13- 119: 1، 3- 121: 3- 122: 10، 14- 124: 2- 126: 1- 128: 9- 130: 8- 132: 13- 135:
7، 13- 136: 9، 19- 137: 7- 139:
12- 141: 16- 142: 2- 144: 9- 146: 9، 11- 147: 6، 10- 150: 1- 151: 5- 152: 9- 155: 15- 157:
14- 161: 20- 163: 16- 164: 8- 165: 3، 4، 10- 166: 2- 167:
18- 168: 3- 170: 8، 10، 15-(14/446)
171: 6، 19، 21- 172: 17، 18- 173: 16- 177: 16- 180: 1، 3- 182: 18- 183: 16- 185: 8- 186:
6، 16- 189: 19- 195: 16- 197:
13- 198: 14- 200: 7- 203: 7، 10- 204: 4- 211: 13- 213: 15- 220: 9، 18- 222: 12- 231: 19- 233: 6، 9- 235: 12- 237: 21- 238: 2- 242: 10- 245: 12، 15- 248:
4- 249: 11- 250: 10- 251: 4، 5، 19- 256: 5، 11- 257: 10- 259:
7، 10- 260: 18- 263: 13، 17، 22- 264: 11- 265: 2- 266: 12- 268: 5، 9- 272: 4- 287: 9- 280: 7- 282: 1- 283: 2، 8، 16- 284: 3، 10- 285: 6- 286: 2- 288: 3، 6- 296: 7، 9- 298- 6- 299:
10، 13، 14- 300: 3- 302: 11- 304: 8- 305: 10- 306: 5، 6، 14- 308: 19- 309: 7- 310: 18، 20- 312: 11، 19، 20- 314: 1- 319: 17- 324: 9- 326: 3، 12- 327: 2، 10- 328: 7، 10- 331: 1- 334: 8، 14، 15، 22- 336: 4- 337: 1، 6- 338:
7، 10- 339: 3، 6، 13- 340: 10، 11، 12- 342: 12- 344: 16- 345:
2، 18- 346: 4- 347: 12، 13، 15- 350: 9- 351: 7، 11، 14- 354: 16- 357: 1- 359: 17- 360: 1، 9- 362: 13، 16- 363: 1- 364: 9- 365: 21- 366: 15- 367: 14، 16- 368: 9- 372: 14- 373: 8، 9، 11، 17، 18
قبرس:
270: 20، 21، 23- 278: 18، 20- 279: 12، 17- 280: 9، 12- 286:
19- 287: 1- 290: 13، 15، 16، 23- 292: 1، 3، 4، 6، 20، 21- 293: 1، 3، 4، 17- 294: 1، 3، 7، 12، 14، 16- 295: 5، 13، 15، 18، 19- 296: 4- 297: 6، 11- 298: 8- 299: 6- 300: 8- 301: 2، 8- 302:
16- 304: 6، 22- 306: 3- 307: 2- 308: 12- 325: 5- 363: 4، 5- 364:
16- 365: 1، 2، 12، 19- 368: 19
قبة الإمام الشافعى:
89: 19
قبة باب النصر:
88: 3
قبة النصر:
79: 4- 88: 18- 97: 11- 160:
13- 185: 7، 20
قبة يلبغا:
18: 6، 12، 21- 59: 9
القبيبات:
18: 13، 24- 19: 7- 32: 9- 116:
22- 198: 19
القدس الشريف:
10: 3- 22: 9- 23: 7، 8- 59: 7، 9، 13- 90: 15- 93: 8- 116: 12، 13- 117: 11- 121: 5- 124: 12- 136:
21- 143: 2- 150: 5، 10- 154- 16-(14/447)
155: 4- 179: 21- 193: 5- 226:
6- 231: 14- 255: 7- 258: 10- 260: 10- 262: 14- 269: 8، 15- 270: 12- 277: 2- 318: 4- 319:
16، 17- 321: 4- 337: 19- 347:
4- 348: 5- 373: 2، 4
القدم- قرية قرب دمشق:
18: 21
قراباغ:
345: 1، 21
القرافة- بجوار الإمام الليث:
206: 20
القرافة- جنوب شرقى قلعة الجبل:
77: 9
القرافة الصغرى:
342: 19
القرافة الكبرى:
342: 18
قرية الجابية:
33: 15
قسطمونية:
352: 21
قسطنطينية:
287: 1
قصبة القاهرة (شارع المعز لدين الله الفاطمى) :
22: 26
القصر الأبلق:
358: 13، 21
القصر السلطانى:
3: 8- 87: 18- 167: 15- 168: 8- 205: 15- 211: 9، 10- 218: 9- 221: 3- 232: 3، 4- 242: 8- 358: 9
القصر الصغير السلطانى:
230: 7
القصر العالى:
99: 21
القصر الكبير بقلعة الجبل:
102: 18
قطيا:
9: 2، 15- 12: 1- 44: 16- 89: 4- 152: 12، 13- 153: 1، 17- 272:
11، 22- 280: 14
قطية قطيا.
القلزم:
180: 21
قلعة بغراس:
13: 8
القلعة- قلعة الجبل:
3: 8، 21- 7: 16- 8: 6- 15: 8- 16: 4- 17: 15- 18: 1- 23: 3، 6، 11- 26: 8، 11- 26: 13- 28: 1- 29: 18- 33: 1، 2، 3، 6- 35: 1، 12، 15- 38: 11- 39: 5، 7- 42:
19- 45: 13، 23- 46: 2- 60: 16، 21، 23- 61: 12، 16- 63: 11، 12، 14- 65: 10، 11، 13- 67: 3، 7- 74: 8- 75: 3، 4- 76: 15- 77: 3، 5، 18- 78: 13- 79: 18- 84: 16- 85: 3- 87: 10، 11- 88: 2، 6، 8، 9، 10- 89: 3- 90: 4- 91: 19-(14/448)
92: 13- 93: 12، 15، 16- 94: 13، 14- 95: 1، 4، 8- 96: 3، 4، 6، 26- 97: 5- 98: 1، 11- 99: 6- 101:
1- 102: 6، 11، 18، 20- 103: 4- 104: 7- 105: 6، 9، 11، 19، 20، 21- 106: 2، 17- 107: 19- 108: 21- 109:
5، 11، 12- 132: 14- 164: 8- 166:
1- 167: 12، 15- 168: 8- 169:
17- 170: 12- 185: 5، 9، 13، 17- 186: 1، 7، 8- 189: 19- 193: 12- 197: 9- 203: 17، 19، 20- 206:
7- 211: 6، 11- 212: 3، 8، 23- 213: 3، 10، 14- 214: 1- 219: 18- 220: 12- 221: 10- 229: 4- 230:
16- 231: 7- 232: 2- 233: 10، 11- 242: 7- 249: 19- 251: 3، 6- 252: 1- 253: 1، 4- 265: 1، 7- 266: 18، 19- 269: 2، 9، 19- 270: 14- 271: 2، 7، 15- 272:
4- 273: 9- 274: 2، 14- 276:
11، 13، 14- 277: 10- 278: 2، 7- 281: 3، 9- 282: 1، 2- 284:
7- 285: 20- 287: 10- 288: 13- 289: 17- 292: 3- 296: 7- 299:
5، 16، 24- 300: 13- 305: 9- 306: 2، 4، 16- 307: 10، 11- 308:
19- 309: 8- 311: 20، 21- 312:
16- 313: 1، 2- 318: 6- 319:
18- 326: 15- 330: 1- 334: 15- 340: 18- 346: 11، 19- 347: 3- 351: 7، 14- 353: 13- 356:
17، 20- 358: 5- 361: 20- 362:
13- 364: 2- 367: 5، 15- 371:
2- 372: 10- 373: 6، 7، 9، 11
قلعة جعبر:
347: 7، 21
قلعة حلب:
14: 2- 27: 6- 33: 1- 56: 2، 26- 58: 12- 61: 6- 179: 17، 18
قلعة خندروس:
52: 2
قلعة درندة:
51: 4، 15، 21
قلعة دمشق- القلعة:
2: 21- 19: 11، 12، 14، 15، 16، 17، 21، 22، 23- 20: 6، 21- 21:
4- 33: 1، 2، 3، 6- 45: 7- 56:
13- 62: 11، 12، 14، 15، 17- 66:
4- 71: 15- 93: 3، 6- 114: 16- 116: 10، 12، 17- 148: 2- 155:
3- 161: 15- 162: 5- 175: 19- 181: 20- 187: 18- 189: 2، 7- 190: 15- 191: 1، 15- 192: 14- 193: 3، 4، 5- 198: 5، 6، 8- 201: 4- 202: 16- 236: 4، 18- 250: 7- 261: 16- 263: 8
قلعة الرها:
332: 3، 5، 8، 11، 15، 18، 20- 334: 1
قلعة الروم:
22: 4، 20- 32: 1- 36: 19- 50:
16- 53: 10- 55: 7، 14(14/449)
قلعة سلماس:
336: 2- 348: 15
قلعة سيس:
49: 12، 20
قلعة صفد:
11: 16- 248: 16، 19- 250: 19، 21
قلعة صرخد:
192: 10
قلعة كختا:
54: 7، 16
قلعة اللمسون:
290: 14
قلعة المرقب:
73: 6
قلعة المسلمين:
22: 21
قلعة منشار:
54: 18، 23
قلعة نكدة:
84: 12- 90: 2
قليوب:
344: 15- 351: 21
القليوبية- محافظة القليوبية:
269: 10، 23- 339: 17
قنسرين:
13: 21- 57: 12، 26
قنطرة الحاجب:
57: 7، 21
قنطرة الفخر:
30: 23
قوص:
180: 9، 23- 321: 8- 349: 12
قونية:
83: 22- 84: 21، 24- 92: 16
قيسارية الأمير سنقر الأشقر:
31: 1، 16
قيسارية الروم:
80: 7، 9، 10، 11، 20- 83: 20، 21، 22- 88: 13- 92: 16
قيسارية العصفر:
233: 20
قيسارية الفاضل:
31: 2، 19
قيقاب:
355: 9
ك الكازرون:
133: 22
كاليفورنيا:
5: 20- 8: 17- 14: 19، 20- 21:
21، 22- 22: 23- 25: 19- 28:
21- 29: 21، 22- 30: 25- 32:
20- 33: 25- 35: 23- 37: 23- 39: 21- 40: 23- 41: 22، 23- 42: 21- 44: 21- 45: 21- 49: 22- 50: 17، 20- 54: 22، 24- 55: 23- 57: 24- 58: 23- 59: 23- 60:
20، 25- 62: 20- 65: 22- 66:
22- 67: 20- 68: 21- 70: 22- 75: 22- 78: 24- 80: 24- 85:
18- 87: 22- 88: 24، 25- 90:
22- 91: 22- 97: 23- 99: 16- 100: 22- 101: 22- 104: 22- 105: 23- 108: 24- 109: 22- 110:
22- 117: 19- 118: 20، 24- 122:
22- 128: 20- 131: 17- 132:
16- 133: 23- 141: 20- 143:
24- 146: 21، 22- 148: 16- 151: 22، 23- 153: 22، 23- 154:
20، 24- 157: 21- 160: 17- 162:
21- 164: 22، 24، 25- 165: 22- 166: 14- 167: 21- 168: 23، 25- 169: 21- 170: 23- 172: 21- 173: 24- 175: 20، 23- 176:
24- 179: 23- 181: 23- 184:
20- 185: 23- 188: 22- 190:
22- 193: 23، 24- 194: 19- 195:
22، 23- 196: 20، 22- 198: 22- 199: 20- 202: 23- 204: 24- 207: 23- 210: 6- 211: 20- 213:
22- 215: 20، 21- 218: 23، 24- 220: 22، 23- 221: 22- 222:
22- 223: 23- 224: 22- 225:
21، 24- 227: 22، 24- 228: 23- 229: 18، 25- 230: 22، 23- 232: 21، 22، 23، 24- 233:
24- 235: 20- 236: 21- 238:
22- 239: 21- 240: 23- 241:
15- 242: 22- 243: 23- 244:
22، 23- 245: 22- 247: 23- 252:
23، 24- 253: 19، 22- 256: 22- 257: 19، 20، 22- 259: 22- 260: 230- 265: 21، 23- 266:
20، 21- 267: 17، 23، 26- 268: 21، 22، 25- 269: 23- 275:
21- 276: 22- 277: 23- 278: 22، 23- 279: 19، 23- 280: 22- 281:
22- 283: 21، 23- 284: 19: 285:
21، 22، 23- 288: 21، 23- 289:
23- 290: 20، 21- 292: 22، 23- 294: 23- 297: 21- 298: 21، 23- 301: 23- 304: 19، 25- 306: 25- 308: 22، 23- 309: 21- 311: 22- 312: 24- 313: 21، 23- 314: 21- 315: 22، 25- 316: 21، 25- 317:
20، 21، 23- 318: 19- 320: 23- 321:
23- 322: 18، 19، 23- 325: 20، 22، 23، 24- 326: 20- 327: 22، 24- 329: 22، 23- 330: 18، 21، 23- 331: 21- 332: 22، 23- 334:
19، 21- 335: 23- 336: 19- 338:
22، 23- 340: 22- 341: 21، 22، 23، 24- 342: 22، 23- 346: 21، 23- 347: 19، 23- 348: 21، 25- 349: 22- 350: 21، 25- 352:(14/450)
18، 19- 354: 20، 21- 356: 22- 357: 21، 22- 360: 23- 361: 23- 362: 23- 364: 19، 20، 21- 365: 23- 367: 23- 368:
22، 23- 369: 21، 22، 24- 370:
23- 371: 20، 21، 24- 373: 22
ك الكبش:
130: 13، 14، 23
كختا:
48: 6، 19- 51: 1، 2- 52: 14- 53: 7، 9، 16- 54: 7، 11، 16- 55: 3- 65: 1- 67: 8- 146: 5
الكرك:
10: 7، 20- 71: 15- 115: 8، 12، 22- 118: 3- 157: 16- 256: 3، 5
كركر:
45: 11، 12- 48: 6، 22- 51: 1- 52: 14- 53: 4، 7- 55: 2، 10، 12، 16- 146: 5
كرمان:
25: 21
الكعبة:
310: 9- 336: 7- 368: 10، 12
كفر داود:
63: 17
كل ولى:
50: 4، 17
كنيسة قمامة:
260: 10، 22
كوبرى القصر العينى:
30: 23
كوخيك:
49: 14، 22
كورة الإطفيحية:
367: 21
كوشيك:
49: 23
الكوفة:
310: 21- 322: 21
كوم تروجة:
25: 23
كوم الريش:
94: 4، 23
كونيك:
49: 22
كوهيك:
49: 23
كيلك:
55: 6، 23
ل لارندة:
84: 15، 24- 85: 13- 86: 2- 92: 16
اللجون:
119: 8، 13، 19- 186: 6
اللد:
131: 4، 19(14/452)
اللمسون:
270: 4، 23- 293: 7، 18- 365: 19
م ماردين:
68: 13، 24- 349: 6
مازنداران:
25: 21
الماغوصة:
270: 3، 20- 278: 17، 18، 19- 279: 1- 295: 14
ما وراء النهر:
25: 20
مبنى شرطة الخليفة:
212: 13
محافظة الجيزة:
16: 15
محافظة الشرقية:
7: 21- 89: 22
محافظة الغربية:
122: 19
محافظة القليوبية:
115: 19
محطة حمامات القبة:
23: 23
المحلة:
337: 18
المخاطب:
355: 23
مدرسة أبى شاكر بن الغنام:
163: 19
المدرسة الأشرفية:
233: 7- 264: 10، 18، 21- 265:
21- 266: 11- 285: 14- 296: 9
المدرسة الأيتمشية للحنفية:
116: 18
مدرسة جمال الدين البيرى الأستادار:
154: 5، 21
المدرسة الجمالية:
26: 16
المدرسة الخروبية:
113: 7
مدرسة سراج الدين البلقينى:
237: 19، 25
مدرسة السلطان حسن:
43: 17، 19- 44: 3، 4
المدرسة الصالحية:
312: 12- 324: 14
المدرسة الظاهرية البرقوقية مدرسة الملك الظاهر برقوق المدرسة الغنامية مدرسة أبى شاكر بن الغنام مدرسة فخر الدين:
154: 5
المدرسة الكاملية:
128: 18
المدرسة المستنصرية:
25: 18
مدرسة الملك الظاهر برقوق 28: 4، 17- 43: 17- 122: 5(14/453)
المدرسة الناصرية:
26: 9- 28: 18- 141: 16
المدينة النبوية:
64: 2- 125: 11- 132: 10، 23- 147: 10- 190: 10- 304: 17، 18- 305: 1، 2، 4- 311: 13، 15- 312: 5
مراغة:
131: 24
مرج دابق:
67: 11، 22
مرعش:
49: 7- 51: 16- 248: 21
المرقب:
66: 4، 5، 21- 182: 21- 190:
16- 200: 11- 246: 10، 11- 308:
4، 5، 9
مركز كوم حمادة:
63: 17
مروة- من أعمال الشام:
258: 9
مريوط:
74: 14، 20- 92: 6
المسجد الأقصى:
59: 11
مسجد أولاد عنان:
299: 20
مسجد التبر مسجد التبن مسجد التين:
23: 2، 21- 45: 14- 60: 6- 372: 19
مسجد الجميزة مسجد التين المسجد الحرام:
25: 2، 3- 150: 7، 18- 310:
8- 311: 6
مسجد الخليل عليه السلام:
59: 15
مسجد السلطان حسن:
212: 22
مسجد القدم:
18: 21
المسطبة الظاهرية:
47: 12، 15
المشهد النفيسى:
80: 1
مصر:
3: 9- 7: 24- 8: 3، 18- 9: 15، 16- 14: 12- 27: 14- 32: 10- 45:
3- 53: 8- 70: 7، 10، 19- 71: 5، 8، 10- 73: 7- 74: 20- 79: 3- 81: 2- 83: 1، 7- 89:
21- 92: 19- 110: 4- 112: 23- 114: 2- 116: 1، 2، 4، 9- 122:
2- 128: 14- 131: 4، 21- 133:
4- 136: 12- 139: 1، 13- 140:
1- 141: 1- 149: 2- 153: 11- 160: 2، 9- 161: 2- 164: 7- 165: 4- 167: 2، 21- 170:
16- 183: 7، 18، 23- 185: 19- 189: 23- 193: 11، 12- 194:
14- 195: 10- 198: 5- 200: 7-(14/454)
202: 9- 208: 19- 209: 6- 211:
13- 237: 18- 240: 12- 241:
11- 242: 2، 10- 243: 5- 244:
18- 247: 9- 249: 12- 252: 15، 17- 254: 19- 255: 7- 258: 13- 262: 3- 263: 9، 13- 267: 18- 272: 15- 277:
20- 278: 9، 10- 283: 16- 288:
3- 289: 15- 298: 6- 301: 19- 302: 1، 6- 303: 15- 305: 17- 309: 16- 310: 1- 314: 3- 324:
10، 17- 327: 18، 20- 333:
15- 339: 1، 12، 13- 340: 11- 345: 6، 24- 347: 12، 13، 15- 348: 4، 18- 350: 18- 358: 23- 359: 10، 12، 13، 14- 360: 18- 362: 13، 16- 364: 9، 13- 372: 11
مصر الجديدة:
16: 21
مصر القديمة:
87: 24
مصلاة المؤمنى 141: 6، 18- 219: 2- 342: 16
مصيصة:
84: 3، 17
المطرية:
26: 9
مطعم الطيور:
251: 3 مقام إبراهيم الخليل عليه السلام:
310: 10
المقس:
61: 21- 86: 26- 299: 9، 19
المقياس:
86: 9- 87: 8- 99: 3- 101:
20- 346: 12
مكة المشرفة:
24: 19، 20- 25: 2، 6- 126:
5- 132: 7، 8- 147: 9، 10، 13، 14- 150: 7، 13، 19- 179: 17، 21- 238: 15- 248: 8- 259: 11، 16- 260: 5، 7- 261: 2، 3- 263:
20- 271: 17، 20- 272: 1- 282:
14، 15، 17، 19، 20، 21، 23- 283: 7، 9، 10، 20- 285:
6- 291: 2- 298: 14، 15- 300:
20- 304: 8- 310: 7، 16- 311: 11- 314: 1- 336: 8- 348:
3- 362: 5، 8- 369: 1، 2
الملاحة- بقبرس:
279: 3، 6، 9- 292: 18- 294:
6، 13- 295: 8- 364: 18- 365: 1 الملتزم:
282: 18
ملطية:
22: 1، 18- 48: 5، 20، 22- 49:
15، 16- 50: 15- 51: 21- 52:
10- 54: 17- 242: 16- 243: 14- 309: 18، 23- 349: 7- 350: 14(14/455)
ملنقوبية:
84: 21
ممالك الإسلام:
349: 19
ممالك الروم:
318: 7
ممالك الشام:
68: 13
ممالك العجم:
368: 10
المملكة الأردنية:
10: 20
مملكة ألمرا:
304: 22
مملكة دلى:
25: 21
منبابة:
63: 9، 22- 64: 10، 12- 85: 9- 92: 10- 106: 15- 289: 6
المنزلة:
351: 12، 22، 23، 25
منزلة الخطارة:
89: 6، 21
منزلة سلطان قشى:
51: 13، 24
منزلة الصالحية:
203: 17
منزلة الطرانة:
92: 6
منشاة المهرانى:
86: 26
منشية البكرى:
16: 21
المنشية (ميدان) :
30: 4
منظرة التاج التاج.
منظرة الخمس وجوه:
94: 3، 17- 95: 2- 102: 20- 105:
19، 20- 106: 3: 271: 6
المنوفية (محافظة المنوفية) :
339: 17
منية السيرج- الشيرج:
28: 24- 57: 22- 86: 23- 94:
22، 23- 98: 15
منية القائد:
147: 21
منية مطر:
26: 8
موردة البلاط:
30: 23
موردة الحبس:
30: 4، 21- 95: 4- 299: 3
الموسكى:
61: 24- 233: 22- 264: 23
الموصل:
53: 22- 163: 11، 14
المويلحة:
355: 19
ميدان باب الحديد:
86: 26(14/456)
ميدان باب الخلق:
78: 20
ميدان جامع السلطان حسن:
312: 21
ميدان رمسيس:
299: 19
الميدان السلطانى (الميدان الناصرى) :
99: 20
ميدان صلاح الدين:
2: 27
ميدان العدوى:
57: 19
الميدان الكبير (الميدان الناصرى) :
99: 20
الميدان الكبير الناصرى:
95: 8- 99: 6، 19، 20- 287: 5- 299: 3
الميمون- قرية بصعيد مصر:
204: 15- 255: 10- 339: 13
ن نابلس:
82: 23
النحريرية:
338: 19
نكدة 84: 7، 9، 12، 21- 85: 11- 90:
3- 92: 16
النهر الأبيض:
49: 10 53: 17
النهر الأسود:
84: 22
نهر بردى:
62: 18، 22
نهر جيحان:
84: 17
نهر الفرات:
48: 22
نهر قراصو:
80: 8، 21
نهر قزل إرمك:
80: 21
نهر كختاصو:
48: 19
النوبتجان:
348: 22
النيرب:
309: 13، 22
نيقوسيا:
290: 23
النيل:
7: 16، 24- 8: 18- 28: 24- 30:
3، 21- 32: 4- 63: 6، 8، 25- 74: 10، 13، 24- 75: 2- 85:
1، 7، 10، 19- 86: 25- 91: 18- 92: 5، 11- 93: 12، 14- 94:
15، 23- 95: 19- 96: 12، 24-(14/457)
97: 7، 22- 98: 5، 19، 20- 99:
2، 19- 100: 9- 101: 7، 19- 102: 3، 9- 106: 4، 6، 8، 14، 15- 111: 6- 121: 7- 127: 14- 134: 12- 140: 3- 145: 10- 148:
14- 156: 5- 159: 10، 18- 166:
12- 180: 13، 23، 25، 26- 241:
12- 180: 13، 23، 25، 26- 241:
12- 249: 16، 19، 22- 253: 2- 255: 2- 268: 9- 276: 15- 277:
17- 299: 1، 17، 19- 339: 1- 346: 11- 347: 1، 2- 348: 4- 365: 21- 367: 21
هـ هاكة- بالهند:
120: 21
هرقلة:
85: 24
الهند:
25: 21- 120: 14، 15- 271: 19- 298: 19
والواحات:
325: 10، 11
وادى القباب:
142: 11، 23
الوايلية- حى من أحياء القاهرة:
16: 21
الوجه:
355: 9، 12، 23
الوجه البحرى:
43: 1- 252: 15- 338: 19، 21- 347: 14- 357: 10- 372: 11
الوجه القبلى:
40: 12- 63: 5- 73: 7، 9- 174:
12- 204: 15- 221: 2- 255: 10- 237: 10- 347: 14- 360: 5- 368:
5، 6
وردان:
74: 17، 24
وسيم:
16: 3، 15- 64: 11- 93: 13، 14- 253: 2
وكالات- بالهند:
120: 21
ى اليمن:
132: 24- 133: 4- 283: 17- 284:
15، 18، 21، 22- 285: 2، 7- 308: 16- 314: 6، 8، 19- 316:
22- 317: 11- 362: 7
الينبع ألينبع(14/458)
فهرس الألفاظ الاصطلاحية وأسماء الوظائف والرتب والألقاب التى كانت مستعملة فى عصر المؤلف
االأبدال:
147: 9
الأبواب الشريفة:
92: 22
الأتابك:
26: 2- 30: 11- 47: 19، 6- 48: 6- 103: 17- 116: 6- 117:
9- 129: 2، 16- 130: 13- 135:
14- 144: 14- 151: 15- 155: 2- 160: 4- 162: 8- 172: 8- 180:
5- 211: 17- 212: 6، 13- 213:
4، 7، 12- 215: 10- 218: 2- 221:
17- 233: 10- 235: 18- 236:
13، 14، 15- 246: 14، 18- 288:
15- 304: 11- 326: 18- 344: 15
أتابك حلب:
12: 6- 36: 16- 74: 7- 136:
11- 347: 9
أتابك دمشق:
11: 3- 29: 10- 32: 11- 189: 11
أتابك طرابلس:
37: 1- 173: 1، 13- 246: 4، 9
أتابك العساكر:
1: 7، 14- 3: 12- 18: 3- 23:
9- 34: 7- 117: 15- 120: 8- 130: 8- 154: 16- 155: 2- 182:
1- 189: 12- 203: 19- 214: 10- 221: 6- 226: 17- 236: 3- 247:
2- 269: 2، 5، 19- 290: 19- 304: 12- 317: 4، 16، 22- 350:
9- 358: 14- 269: 13- 372: 16
أتابك مصر:
189: 23
الأتابكية:
130: 12- 206: 3- 236: 9- 320: 1
أتابكية حلب:
136: 15
أتابكية دمشق:
138: 11
أتابكية طرابلس:
66: 6- 151: 18
أتابكية العساكر:
192: 3
الأجلاب:
193: 16- 327: 20، 23- 328: 15
الأجلال (جمع جل وهو غطاء الفرس) :
267: 18
الأجناد البلاصية:
258: 11
أجناد الحلقة:
9: 22- 67: 14- 68: 15، 22-(14/459)
69: 20- 70: 2، 3، 9، 12- 72:
4، 12- 75: 5- 77: 15- 171: 6، 24- 173: 3، 23- 318: 7
أخصاء:
192: 22
الأراضى الزراعية الخراجية:
10: 17
أرباب الأدراك:
170: 19
أرباب الدولة:
3: 7- 5: 5- 27: 18- 36: 12- 41: 4- 44: 7- 60: 11- 82: 11- 87: 8- 89: 6- 186: 8- 211: 10- 221: 19- 296: 12
أرباب الدولة من المتعممين:
173: 5
أرباب السيوف:
4: 19- 10: 24
أرباب الفضائل من كل فن (كان السلطان ططر يحب مجالستهم) :
209: 7
أرباب الكمالات:
165: 18- 313: 7
أرباب الكمالات من كل فن وعلم:
101: 5- 111: 4
أرباب الوظائف:
14: 5
الأستادار:
8: 9، 22- 10: 15- 26: 10- 29:
1- 32: 8- 42: 18- 43: 2- 46:
9- 59: 16- 60: 14- 65: 6- 73:
16- 74: 3- 141: 8- 154: 6، 21- 157: 11- 172: 16- 174: 11- 183: 20- 189: 5- 190: 18- 220:
17- 231: 17- 237: 8- 249: 1- 250: 4- 251: 22- 258: 3، 7، 12، 16- 260: 1- 272:
18- 277: 9- 317: 5- 329: 18- 337: 9، 14- 356: 3، 14- 357: 4
أستادار السلطان:
63: 3- 183: 20
أستادار الصحبة الشريفة:
78: 11- 108: 20- 183: 20- 373: 18-
أستادار العالية:
152: 8- 183: 13، 20
الأستادارية:
24: 8، 14- 61: 9، 14- 62: 3- 93: 18- 125: 9- 141: 11- 152:
10، 16- 153: 5، 9- 189: 16- 196: 2- 222: 21- 237: 9، 10- 251: 9- 258: 11، 16- 264: 14- 268: 6
243: 7- 244: 10- 248: 17- 277:
10- 337: 15، 21- 356: 12، 16- 357: 6، 17- 364: 4- 368: 5- 373: 4
الاستسقاء:
97: 8، 22- 98: 3
استصفى أمواله (استولى عليها كلها) :
98: 8
استوزر- صار وزيرا:
255: 19(14/460)
الأسطول الإسلامى:
364: 23
الأسطول الرومانى:
364: 23
أسمطة- جمع سماط:
28: 1- 38: 17- 79: 12- 85: 3
الإسهال الدموى:
107: 16
أشراف الحجاز:
247: 12
أشراف مكة:
24: 19- 260: 7
الإشهاد:
176: 17
إصطبلات:
204: 4
أطابك أتابك:
الأطباء- جمع طبيب:
3: 25- 96: 22- 104: 9- 205: 1- 344: 2
الأطلاب (جمع طلب) :
17: 16، 21- 47: 5، 6، 11- 76:
17- 89: 16- 293: 2
أطلس متمر:
302: 1، 21
الأعشاب- علم الأعشاب:
126: 3
الأعيان:
107: 19- 109: 6- 149: 4- 169:
18- 175: 7- 188: 4- 225: 15- 276: 9- 280: 10- 293: 15- 299:
5- 318: 17- 344: 6- 363: 4
أعيان الأمراء:
3: 3- 108: 6- 129: 13- 157: 5- 201: 5- 254: 18- 340: 21
أعيان الخدام:
154: 13
أعيان دمشق:
134: 2- 274: 10- 288: 8- 309: 15
أعيان الدولة:
41: 13- 105: 21- 157: 11- 206:
6، 13- 232: 2- 244: 15- 255:
2- 312: 13
أعيان الديار المصرية:
278: 7
أعيان الخاصكية:
128: 9- 130: 9- 135: 9- 288: 7- 339: 20
أعيان العساكر:
295: 6
أعيان فقهاء الحنابلة:
141: 14
أعيان الفقهاء الحنفية:
176: 20
أعيان القراء:
38: 15، 17
أعيان القوم:
200: 6- 244: 17(14/461)
أعيان مصر- المصريين:
79: 3- 141: 12- 150: 16
أعيان الملوك:
13: 1- 131: 10
أعيان المماليك:
192: 22- 276: 19- 293: 5
أعيان المماليك الظاهرية (مماليك الظاهر برقوق) :
57: 1- 120: 12- 129: 7- 136:
13- 138: 10- 139: 9- 143: 3- 148: 7- 180: 10- 193: 17- 200:
12
أعيان المؤيدية- مماليك المؤيد شيخ:
107: 22- 111: 12- 132: 2- 146:
15- 148: 3
أعيان الندماء:
38: 18
أغاة:
159: 2، 3- 169: 6- 200: 12، 24- 215: 12- 227: 20- 244: 19- 254: 12
أغربة- جمع غراب- لنوع من السفن الحربية:
268: 11- 270: 6- 275: 20- 276:
12، 16، 18- 279: 5، 8- 294: 17- 301: 21- 329: 17
أغوات:
257: 15
الإفرنتى- الدينار الإفرنتي:
40: 3- 283: 12، 15، 22- 284: 4، 8
أفرنتية- الدنانير الإفرنتية:
35: 6، 21- 284: 5
الإقامات السلطانية:
68: 2- 89: 2
الإقطاع:
9: 20، 21- 10: 6، 7- 42: 1- 46: 16- 55: 9- 62: 7- 66: 8، 9- 67: 10- 70: 4، 6، 10- 72:
5، 6- 90: 12، 15، 16- 110: 14- 115: 16- 146: 19- 182: 2، 3، 4، 6، 7، 8، 10، 11، 12، 13، 14، 16، 17، 19، 20،- 190: 13، 15- 198: 20- 209: 15- 226: 4- 249:
12- 251: 18- 252: 5- 255: 9- 273: 11- 291: 1، 2، 4، 5- 307:
16- 309: 18- 310: 2- 313: 4، 6- 319: 6، 15- 320: 5- 321:
17، 18- 337: 6، 12- 339: 19- 343: 3
الإقطاعات- جمع إقطاع:
8: 24- 71: 7- 72: 10- 110: 12- 179: 4- 181: 15- 184: 22- 194:
21- 208: 12- 209: 14- 229: 19، 21
إقطاعات الحلقة:
71: 2
إقطاعات مصر:
139: 13
إقطاع الحلقة:
70: 5- 184: 18، 22
أكابر الأمراء:
18: 14- 333: 20
أكابر الأمراء المؤيدية:
169: 11(14/462)
أكابر الخاصكية:
293: 10- 340: 4
أكابر الدولة:
272: 4- 334: 8- 342: 13- 367: 4
أكابر مماليك دقماق:
244: 9
أكابر المماليك الظاهرية برقوق:
277: 5
أكابر المماليك المؤيدية:
141: 6- 168: 2
الإكديش:
68: 6، 19- 108: 18
أكواز الذهب والفضة:
67: 5
الأمان:
9: 10- 26: 1- 39: 7- 52: 5- 55: 20- 153: 8- 192: 8- 241:
7- 295: 14- 306: 17- 315: 18- 331: 7، 18- 332- 6، 9، 16- 365: 12
الأمثلة- جمع مثال وهو الأمر أو المرسوم:
173: 2
الأمراء الأتراك:
320: 16
أمراء الألوف 29: 23- 57: 1- 58: 7- 66: 1- 67: 8- 76: 16- 77: 1- 92: 4- 146: 13- 160: 5- 189: 4- 195:
16- 196: 5- 225: 12- 227: 15- 249: 13- 288: 7، 14- 301: 22- 330: 5- 369: 14
الأمراء البطالون:
73: 12- 269: 8
أمراء البلاد الشامية:
57: 15- 236: 7- 300: 12
أمراء التركمان:
149: 17- 191: 19- 366: 6
أمراء جاندار:
300: 14
أمراء الجيش:
229: 20- 372: 15
أمراء الحجاز:
66: 12
أمراء حلب:
32: 1
الأمراء الحلبيون:
222: 4
الأمراء الخاصكية:
185: 7
أمراء الخمسات:
199: 22
أمراء دمشق:
31: 9- 32: 13- 135: 15- 157:
10- 167: 8- 187: 19- 263: 10- 288: 18، 20
أمراء الدولة:
76: 15- 91: 8- 173: 15- 176: 8
أمراء الشام:
22: 22
أمراء الطبلخانات:
2: 16- 5: 3- 10: 11- 52: 10-(14/463)
77: 2- 141: 5- 150: 4- 157:
15- 172: 6، 9، 13- 196: 6- 204:
17- 228: 16- 288: 7، 14- 292:
12- 293: 20- 300: 12- 302: 5- 319:
5- 330: 8- 337: 12، 16- 350:
12- 369: 15
الأمراء الظاهرية- برقوق:
2: 9- 179: 20- 194: 17
أمراء العشرات:
49: 13- 77: 2- 155: 1- 172:
12، 14- 226: 6- 235: 7- 239:
17- 258: 1- 269: 17- 271: 16- 281: 13- 283: 2- 284: 10- 288:
7، 18- 292: 12- 300: 12- 302:
6- 330: 8- 367: 18- 350: 12- 369: 16- 373: 3
أمراء المشورة:
11: 20
أمراء مصر:
48: 8- 53: 8- 178: 17- 301:
19- 302: 6
الأمراء المقدمون:
1: 14- 130: 19- 186: 16- 212: 1
الأمراء المؤيدية:
193: 7- 194: 18- 195: 21
أمراء المئين:
2: 16
الإمرة:
119: 7- 132: 3- 142: 3- 146:
15- 169: 2- 190: 13- 200: 5- 255: 8، 17- 275: 3- 313: 15
إمرة الحاج:
150: 5
إمرة سلاح:
3: 25- 116: 5- 239: 18
إمرة طبلخاناه:
90: 11، 23- 115: 16- 132: 3- 146: 17- 150: 14- 157: 17- 165: 9- 182: 12- 201: 20، 22- 202: 1، 2، 3، 4- 209: 1- 241:
1- 245: 14- 251: 17- 269: 18- 291: 5- 313: 6
إمرة عشرة:
2: 2، 14- 115: 17- 193: 18- 208:
4- 240: 20- 245: 13- 313: 16
إمرة ماتة وتقدمة ألف:
2: 3، 19- 74: 6- 116: 2- 135: 9- 136: 14- 146: 18- 149: 9- 150: 14- 166: 5- 183: 1، 15- 209: 3- 245: 14- 246: 12- 255: 7- 257:
11
إمرة مجلس:
116: 5- 319: 20
إمرة المدينة:
311: 15
إمرة مكة:
261: 2- 282: 20- 283: 6- 298: 14
أمير آخور:
9: 12- 15: 13- 23: 8- 27: 6- 29: 13- 32: 12- 34: 7- 45: 17- 61: 5- 71: 12- 77: 1- 92: 19- 100:(14/464)
18- 111: 12- 143: 1- 177: 13، 15- 182: 4، 15- 187: 2- 188:
2- 192: 12، 14- 193: 5- 195:
12، 13، 15- 202: 6- 214: 13- 217: 4- 218: 3- 219: 14، 18- 220: 20- 249: 1، 10- 254: 5- 291: 6: 317: 5
الأمير آخور الثانى:
4: 15- 45: 6- 66: 6- 73: 20- 90: 16- 150: 5- 202: 6- 291: 3
الأمير آخور الكبير:
4: 1، 13- 15: 15- 28: 3- 47:
22- 59: 3- 61: 5- 91- 21- 100:
17- 128: 10- 135: 10- 139: 10- 172: 7- 184: 15- 192: 1- 201:
11- 213: 19- 215: 15- 221: 9- 242:
19- 252: 3- 253: 10، 21- 254:
15- 281: 12
الأمير آخورية:
243: 15- 254: 6
الأمير آخورية الثانية:
150: 14- 151: 17
الأمير آخورية الكبرى:
64: 9- 208: 4- 236: 8- 252: 7
أمير التركمان:
66: 3
أمير جاندار:
10: 13، 21- 24: 4- 27: 1- 38:
21- 131: 13- 136: 14- 288:
10- 302: 3- 315: 9- 317: 4- 350: 12
أمير حاج المحمل:
2: 2- 24: 19- 45: 12- 57: 5- 61: 10- 64: 2- 73: 20- 88: 1- 103: 10- 174: 3- 190: 11- 192:
4- 225: 11- 257: 17- 260: 5- 282: 13- 283: 5، 20
أمير الركب الأول من الحاج:
142: 11- 258: 1- 354: 18
أمير سلاح:
3: 14، 27- 10: 10- 24: 2- 34:
21- 45: 8- 61: 4- 103: 18- 108: 14- 131: 3- 168: 2، 12، 15- 172: 4- 189: 12- 192:
2، 23- 194: 13- 195: 3- 201:
13- 212: 4- 218: 20- 239: 14- 243: 9، 12- 244: 21- 247: 2، 4، 22- 249: 1- 259: 10- 269:
6- 285: 11- 290: 19- 304: 11، 26- 320: 1، 3، 4- 350: 10- 372: 16
أمير شكار:
9: 14، 24
أمير طبلخاناه:
70: 12
أمير عشرة:
9: 25- 70: 13
أمير عشرين:
70: 12- 255: 7(14/465)
أمير علم:
120: 1، 18
أمير غرناطة:
255: 19
الأمير الكبير:
28: 8- 30: 7- 65: 11- 91: 21- 92: 18- 100: 11، 14- 120: 8- 130: 7- 138: 8- 139: 12- 150:
13، 15، 16- 154: 15- 168: 9، 10، 11، 19- 172: 5- 173: 12، 13- 174: 7، 17، 175: 14- 176:
7، 9، 13، 18- 177: 5، 12، 17، 22- 178: 9، 15، 19- 180: 16- 181: 7، 21، 185: 15- 186: 10- 187: 10- 188: 12- 189: 3- 190:
1، 21- 192: 15- 193: 6، 11- 198: 9، 17- 211: 15- 214: 1- 215: 16، 17، 18- 217: 9، 12، 18- 218: 13، 16- 219: 19- 222:
16- 225: 18- 226: 5، 7، 10، 16- 227: 3- 228: 9- 229:
3، 7، 12- 231: 1- 232: 3- 236:
3- 237: 5- 239: 10- 241: 5- 245: 13- 253: 15- 255: 4- 277:
1- 280: 20- 317: 16- 318: 3- 319: 20- 320: 2، 3، 5- 328: 1، 2، 12، 16- 329: 2، 3، 7، 10- 342: 5- 350: 9- 358: 23- 369: 13
أمير مائة:
70: 11
أمير مائة ومقدم ألف:
70: 10- 74: 1- 128: 9- 130: 10 136: 6- 139: 20- 151: 10- 172:
7، 14، 15- 190: 16- 195:
10- 239: 9- 259: 15
أمير مجلس:
3: 12، 24- 8: 13- 9: 13- 10:
8- 15: 16- 24: 1- 25: 16- 45:
10- 47: 20- 64: 19- 76: 18- 103: 18- 116: 5- 136: 7- 157:
18- 168: 9، 15- 172: 3- 179:
14- 189: 15- 194: 10- 195:
6- 200: 16- 201: 13، 15- 212: 4- 218: 12- 204: 15- 240: 17- 247:
4، 5- 255: 6، 13- 257: 8- 258:
22- 269: 6، 16- 288: 9- 292:
14- 300: 9- 302: 2- 304: 11، 13- 306: 12- 308: 19- 317: 16- 318:
2- 319: 3، 8، 18، 19- 350: 10- 373: 18
أمراء المدينة النبوية:
132: 14- 304: 17
أمير مكة:
259: 16- 282: 15- 283: 20- 300:
20- 362: 8- 398: 14
الإنشاء- ديوان الإنشاء:
149: 20، 24- 158: 5
إنىّ- الزميل الصغير فى الخدمة:
38: 2- 159: 2، 4، 20- 201: 18- 243: 16، 17(14/466)
إنيات- جمع إنى:
217: 22- 218: 1- 257: 15
أهل الدولة:
266: 17
أهل الديوان:
70: 15
أهل الذمة:
184: 24
أهل الشوكة:
176: 21
أهل العطاء:
70: 15
أهل العلم:
247: 12
الأوباش:
337: 11
أوصياء- جمع وصى:
239: 19
ب البجمقدار:
106: 10- 218: 1، 6
البجمقدارية:
112: 3
البذل (الرشوة) :
257: 1
البذل والسعى (الرشوة والوساطة) :
148: 13
البرجاس:
112: 5، 23 البرذعة:
44: 22
البريد:
4: 20- 10: 22- 86: 7
البريدى:
243: 5، 13
البريدية:
29: 5
البساط:
97: 17
البطاقة:
274: 5
البطال:
23: 7، 8- 42: 1- 56: 3- 59: 5، 7- 90: 15- 93: 8- 116: 12- 143:
2- 150: 5، 11- 154: 16- 155:
4- 169: 2- 193: 6- 201: 9- 231:
19- 227: 2- 257: 13- 318: 4- 319: 10- 321: 4
البطالون 268:- 372: 20
بطرك النصارى:
81: 11، 12- 260: 15
يقجة قماش:
206: 2، 21
بكر- جمع بكرة وهى التى يدور عليها الحبل لرفع الأثقال وإنزالها:
98: 17(14/467)
بكل- جمع بكلة:
219: 11، 21
بكلة:
19: 21
البلاصى:
337: 12
البلاصية:
41: 8، 19- 258: 11، 23
بلاليق:
30: 2، 17
بليق:
30: 17
النفسج:
126: 22
بوزا (مشروب) :
219: 11، 22
بيت المال:
223: 5
ت تأمر- صار أميرا:
135: 9- 136: 5، 20- 149: 8- 354: 2
تجرد- خرج فى تجريدة:
135: 4- 146: 4- 166: 5
التجريدة- جماعة الخيالة لا رجالة فيها وليس معها أثقال:- 132: 5- 146: 5، 19- 260: 7- 271: 17- 330: 3- 346: 3
التخت:
98: 17، 18
تخت الملك:
3: 8- 197: 7- 211: 11- 242: 8 التخفيفة (العمامة) :
112: 4، 20
تخفيفة بقرون طويلة:
112: 21
تخفيفة كبيرة:
112: 20
تخلق الناس بالزعفران (أى تعطرت- حينما نصل السلطان من مرضه وخف عنه الألم) :
104: 7- 205: 1- 299: 14- 302:
12
تخليق المقياس:
277: 17، 19
تدبير الدولة:
103: 16
تدريس الحنابلة (أى وظيفة تدريس فقه الحنابلة) 93: 9
تدريس الحنيفية:
91: 3
التراجمين- جمع ترجمان:
304: 1
الترجمان:
303: 15
الترس الفولاذ:
230: 1
الترسيم:
139: 15- 233: 4- 303: 18
تركاش:
366: 7، 22
تسلطن- أى صار سلطانا:
44: 8- 109: 7- 111: 20- 119: 4-(14/468)
125: 8- 129: 3- 132: 3- 146:
16- 150: 9- 162: 8- 166: 4- 167: 4- 168: 13- 195: 7، 15- 206: 17- 211: 4، 14- 221: 23- 235: 10- 237: 9- 239: 17- 240:
20- 242: 12- 246: 1- 248: 1- 251: 7- 267: 9- 281: 21- 346:
12- 351: 15- 360: 4
التشاريف- جمع تشريف:
60: 11- 90: 1- 172: 19- 202:
10- 227: 7
التشريف:
29: 15- 42: 17- 52: 6- 54: 6- 59: 4، 21- 90: 1- 224: 12- 225: 5
التشريف السلطانى:
282: 20- 365: 9-
تشريف الوزارة- الخلعة الخاصة بالوزارة:
174: 8
تصدى للإسماع:
155: 15
تصدى للإقراء:
122: 7
تطليب- أى ترتيب الأطلاب- (فرق الجيش) :
17: 16
تفرد بأشياء عالية (شرف الدين بن الكويك) :
155: 15
تقادم ألوف:
201: 18
تقادم العربان:
63: 5
التقاليد- جمع تقليد:
202: 10
التقاليد المظفرية أحمد:
173: 1
التقدمة (الهدية) :
63: 14- 93: 17- 243: 8، 13، 16- 307: 17- 365: 7
تقدمة ألف (رتبة) :
41: 18- 56: 13- 116: 4- 117:
3، 9- 155: 8- 209: 1- 249: 12- 309- 18، 23- 321: 19- 337: 6
تقدمة التركمان:
63: 3
التقليد:
29: 15- 35: 5
تقليد النواب:
254: 23
التلكش 366: 22
التمر ننكيون:
333: 8
تنور:
44: 2، 4
التوقيع:
162: 8
ث ثانى رأس نوبة:
183: 1- 219: 13- 307: 17(14/469)
ج الجاليش- رابة أو علم:
16: 16، 19
جاليش السفر:
16: 5- 44: 7
جاليش السلطان 46: 4
الجاليش- مقدمة الجيش:
18: 3، 19، 186: 11
الجاميكة:
70: 23- 71: 3- 129: 9- 277: 11- 330: 10، 13
جاندار:
38: 12
الجاويشية- جمع جاويش:
185: 9- 301: 13- 351: 10
الجباب- جمع جبة:
302: 22
الجراريف:
170: 16
الجرائحية:
344: 2
جرائد الخيل:
50: 10- 51: 17- 261: 10- 262:
13
جريدة (فرقة من الخيالة) :
45: 17
الجسور:
170: 16
الجكمية (اتباع جكم من عوض) :
208: 18
جمدارية:
340: 5
جمل بختى:
50: 11، 21
جمل نفر:
50: 11، 23
جملون 33: 5
الجنائب:
88: 6- 316: 8- 351: 10
الجند المرتزقة:
33: 21
جندى حلقة:- 71: 4
الجنزير:
82: 25
جنود الحلقة:
184: 22
الجوالى:
184: 19، 24
جوامك:
70: 16، 23- 258: 4- 314: 13- 330: 12
جوق- جمع جوقة وهى الفرقة:
38: 16
ح الحاجب 45: 15- 171: 17- 172: 17
الحاجب الثانى:
63: 2- 202: 17- 221: 1
حاجب الحجاب:
4: 4، 25- 10: 9- 12: 7- 18:(14/470)
2- 23: 13، 18- 24: 3- 27: 3- 34: 11، 13- 35: 14- 38: 12- 61: 7- 71: 14- 100: 17- 136: 6- 179:
13- 182: 19- 188: 13- 195: 5- 201: 7، 15- 212: 1- 213: 14- 221: 6، 10- 253: 10- 254: 4- 255: 8- 276: 17- 289: 19- 304:
13، 14- 330: 6- 372: 17- 373: 1-
حاجب حجاب حلب:
27: 5- 29: 11- 36: 17- 136: 19
حاجب حجاب دمشق:
66: 14- 93: 2- 202: 15
حاجب حجاب الديار المصرية:
56: 9، 11
حاجب صفد:
55: 2
حاكم أرزنكان:
99: 9
حاكم بغداد:
99: 13
حبسة الأراقة:
94: 8، 26
الحجاب- جمع حاجب:
112: 3- 125: 9- 173: 16- 300:
14- 301: 14
الحجوبية:
155: 8- 172: 18، 23- 254: 5
حجوبية الحجاب:
57: 9- 93: 4- 158: 20- 204: 13
حجوبية حلب:
12: 13- 57: 3، 24- 136: 21- 305: 13، 22
حجوبية دمشق:
29: 14- 66: 15
حجوبية طرابلس:
56: 10، 12- 61: 8
الحراريق- جمع حراقة:
86: 10، 11- 87: 4، 6، 8
الحراقة- سفينة:
7: 17، 23- 85: 6، 8، 9- 86: 8:
98: 15، 18- 99: 1- 100: 10- 101:
7، 19، 21- 102: 1، 5- 106: 15- 307: 13
الحراقة الذهبية:
86: 11- 87: 4
الحريم السلطانى:
169: 16
الحساب «علم الحساب» :
121: 5
الحسبة:
151: 5- 357: 13
حسبة القاهرة:
45: 15، 24- 122: 13- 171: 19- 203: 10- 222: 12- 235: 12- 283:
2- 337: 1
حسبة القاهرة ومصر:
165: 4
الحصاة «مرض» :
106: 18
الحضرة الشريفة:
52: 19(14/471)
الحطى (لقب لملك الحبشة الأكبر) :
81: 13، 21- 324: 2، 19- 325:
4، 5، 12، 14
حمايات:
273: 11، 22
الحمى (مرض) :
106: 18
الحنفية (أتباع مذهب أبى حنيفة) :
198: 14- 207: 6
الحواميم (سور القرآن المبدوءة بلفظ حم) :
127: 5، 18
الحوطة على موجودة:
45: 8- 73: 16- 263: 10- 266: 15
خ الخاتون:
75: 7
خادم:
322: 3
الخازندار:
24: 6- 40: 5، 12- 57: 4، 6- 104: 16- 105: 16- 132: 6- 148:
4- 182: 18- 196: 9- 204: 1- 243: 3- 259: 14- 261: 19- 293:
12- 321: 20، 21
الخازندارية:
112: 3- 322: 2، 6
خازن الكتب:
91: 17
الخاصكى:
1: 10، 17- 112: 1- 115: 6- 239:
8- 245: 9- 353: 14، 15- 354: 2
الخاصكية:
1: 17- 27: 18- 61: 12- 106: 9- 111: 21- 128: 9- 136: 1، 5- 151:
9- 181: 12- 196: 16- 198: 8- 202:
8- 300: 19- 301: 19- 302: 8- 321: 5، 7، 13- 353: 11- 356: 10
الخاصكية السقاة الخاص الأعيان:
200: 9، 22
خام:
17: 3، 18- 53: 3
الخباط:
199: 1، 19
الخبز (أى الإقطاع) :
112: 8، 11- 116: 4- 172: 5
خبز فى الحلقة:
9: 10، 20- 70: 3
الختم- جمع ختمة:
264: 19، 24- 265: 1، 5- 266:
16
خجداش:
214: 17- 215: 13
خجداشية (جمع خجداش) :
184: 10، 21- 190: 4
الخدام- جمع خادم:
322: 3، 4
الخدم:
342: 3، 7، 9- 344: 1
الخدمة- الخدمة السلطانية- خدمة دار العدل:
49: 3- 65: 17- 96: 3- 98: 13-(14/472)
101: 8- 102: 11- 103: 21- 168:
8، 13، 17- 169: 15- 194: 16، 18- 195: 1- 201: 4- 204- 11، 16- 205: 15، 17- 212: 13- 214:
9- 215: 18- 221: 2، 19، 21، 225:
14- 228: 5، 19- 240، 4، 5- 253:
3- 227: 10- 229: 6- 245: 18- 256: 6- 268: 20- 318: 5، 8، 21- 351: 6، 9، 20- 358: 18- 361:
21- 362: 3، 4
الخراج:
10: 17- 83: 6- 363: 11
الخرج- أى تخريج فوج من المماليك:
199: 7، 10
الخزام:
126: 17، 20
الخزامى:
126: 21
خزانة الخاص:
105: 14- 205: 24
خشداش:
108: 10- 132: 6- 143: 4- 227:
20- 245: 20
خشداشية:
108: 5، 16- 119: 1- 148: 7- 168:
3، 5- 184: 21- 185: 1- 191: 12- 193: 8، 9، 20: 194: 1- 195: 19- 196: 11- 207: 11- 208: 10، 20- 227: 9، 10، 21- 228: 11- 229: 5
خطابة الجامع المؤيدى:
91: 4، 17
خطابة القدس:
124: 12
الخط المنسوب:
138: 5، 22- 237: 12
خفايف الذهب والفضة (كانت تنئر على الأمراء فى المواكب) :
232: 3
الخلافة:
16: 10- 165: 11
الخلع- جمع خلعة:
242: 9- 358: 14
الخلعة:
49: 4- 77: 20- 91: 6- 169: 13، 14- 174: 7- 225: 5- 250: 20- 258: 17- 344: 5- 363: 6
خلعة الاستمرار:
61: 8- 62: 2- 171: 17- 172: 16، 17- 232: 5، 6- 305: 9- 326: 15
الخلعة الخليفتية السوداء:
242: 7
خلعة الرضى:
10: 10- 17: 2- 169: 15
خلعة السفر:
45: 16- 46: 3- 56: 16- 247: 21 252: 6- 253: 8- 272: 5- 285:
9- 305: 10- 307: 2- 359: 16- 367: 16(14/473)
خلعة السلطنة:
3: 6، 15- 167: 11- 198: 6- 211:
8- 250: 17
خلعة القضاء:
77: 20
خلعة الوزارة:
259: 3
خلفاء الفاطميين:
3: 16
خلفاء الحكم:
159: 6
خلق المقياس:
7: 17- 87: 8- 255: 3- 346: 12
الخليفة:
35: 17- 46: 6- 60: 10- 68: 10- 103: 13، 109: 5- 114: 4، 15- 139:
13- 165: 6، 8، 19- 167: 17- 176:
12- 181: 14- 186: 12- 198: 9- 201: 5- 211: 15، 216: 6، 8- 219 7- 221: 3- 242: 6، 9
الخواجا:
1: 6
الخواص:
107: 13- 111: 13- 235: 7
الخوانق:
40: 6- 79: 19
الخوذ (جمع خوذة) :
325: 2
الخوذة 219: 13
خوند:
81: 10- 118: 8، 21، 22- 119: 10، 22- 144: 13- 145: 6- 167: 7- 185: 19- 190: 2- 197: 4- 215:
2- 220: 2- 244: 19- 366: 17
د الدراهم الأشرفية:
352: 9، 10
الدراهم البندقية:
352: 11، 25
الدراهم القبرسية:
352: 8
الدراهم القرمانية:
352: 7، 20
الدراهم اللنكية:
352: 7، 24
الدراهم المؤيدية:
352: 11، 26
الدستور:
287: 14، 20، 23
دقت البشائر:
3: 9- 6: 15- 21: 18- 22: 3- 80: 10- 189: 19- 203: 7- 205: 1- 211:
13- 224: 5- 278: 6- 292: 3- 296: 7
الدنانير الأشرفية:
284: 4- 311: 19
الدنانير المصرية:
40: 1، 2(14/474)
الدهليز:
154: 8
الدوادار:
4: 7، 19- 9: 5- 10: 22- 13: 6- 14: 6- 26: 3- 33: 5- 34: 14- 36: 3، 9- 37: 19- 39: 16- 42:
20- 50: 1- 58: 21- 65: 13- 68:
9- 73: 16- 92: 17- 108: 13- 111:
7- 112: 2- 132: 1- 148: 4- 157:
13- 165: 9- 170: 18- 171: 3، 8 178: 3- 184: 5، 15- 187: 4، 8- 188: 3- 189: 8، 14- 191: 20- 196:
4، 11- 205: 3- 211: 19- 212: 21- 213: 8- 240: 9- 243: 6، 7- 258:
12- 259: 18- 260: 18- 261: 8، 9، 10- 288: 19- 313: 15- 321:
22- 337: 4- 367: 13
الدوادار الثانى:
10: 11- 24: 19- 39: 15، 18، 23- 57: 4- 64: 2- 77: 16، 22- 90:
11- 132: 3- 184: 13- 190: 10- 201: 11- 202: 1- 240: 19- 241:
1- 259: 15، 23- 273: 9- 276:
15- 309: 5- 312: 1- 313: 14، 22- 319: 15
الدوادار الثالث:
313: 14
الدوادار الكبير:
4: 2- 10: 12- 24: 6- 39: 15- 58: 7- 76: 18- 90: 9، 12- 90:
11: 23- 170: 9- 172: 12، 22- 182: 16، 17- 201: 9- 221: 4، 8- 224: 15- 227: 16- 246: 16- 264: 2، 20- 321: 4، 16، 24- 330: 6- 332: 14
الدوادارية:
241: 2- 246: 17
الدوادارية- جماعة:
112: 2
الدوادارية الكبرى:
39: 22- 132: 4، 6- 208: 3- 241: 1
الدواوين:
237: 22
دواوين السلطان:- 248: 5
دوران المحمل:- 86: 13، 14- 327: 4
الدوكات الإفرنتية:- 352: 25-
الدولة الإخشيدية:- 23: 22
الدولة التركية:- 70: 7- 130: 12- 281: 8- 361: 2
الدولة الظاهرية ططر:- 371: 18
الدولة المؤيدة شيخ:- 136: 20- 142: 15- 151: 5- 158:
20- 161: 7- 201: 15- 239: 8- 254: 10- 240: 5- 371: 17- 373: 1(14/475)
الدولة الناصرية فرج:- 8: 9- 23: 8- 71: 13، 14- 130:
10- 135: 9- 136: 20- 141: 10- 143: 2- 151: 17- 179: 14- 204:
14- 236: 6- 255: 9- 371: 17
الدينار الأشرفى:- 352: 2، 13
الدينار الإفرنجى (الإفرنتى) :- 35: 21- 226: 12- 352: 3، 13
دينار مشخص:- 311: 19
الدينار الناصرى- نسبة للناصر فرج بن برقوق:
16: 12
ديوان الإنشاء:- 18: 25
ديوان الجوالى:- 171: 21
ديوان الجيش:- 8: 25
ديوان الخاص:- 182: 23
ديوان السلطان:- 81: 16، 23- 82: 1
الديوان المفرد 24: 13، 21- 62: 6- 182: 16، 23- 222: 20- 319: 6
ذ الذخيرة:- 104: 14، 23
الذهب الأشرفى (الدنانير الأشرفية) :- 284: 1
الذهب الإفرنتى:- 284: 2، 3
الذهب المشخص:- 283: 12
ر رأس الميسرة:- 117: 9- 168: 12، 25
رأس الميمنة:- 168: 11.
رأس نوبة:- 14: 18- 34: 12- 39: 23- 67: 1- 85: 17- 165: 15- 172: 7، 12- 179: 1- 192: 21- 196: 8- 199: 15- 202: 3- 258: 2- 269: 18- 271:
17- 281: 13- 283: 2- 288: 16- 291: 6- 307: 22- 321: 17
رأس نوبة الأمراء 128: 13
رأس نوبة ثان 39: 20- 146: 17- 317: 19- 319: 13
رأس نوبة الجمدارية:- 115: 7- 143: 6- 240: 19
رأس نوبة كبير:- 56: 6- 128: 20
رأس نوبة النوب:- 4: 3، 21، 22- 8: 13، 14- 24:
2- 34: 9- 38: 7، 8- 48: 1- 56:
4- 100: 16- 116: 3- 129: 15- 135: 10- 151: 11- 158: 3، 21-(14/476)
172: 10- 177: 14- 181: 1- 182:
6- 189: 9- 196: 1- 201: 17- 204 15- 212: 2- 213: 14- 221: 9، 11- 227: 16- 229: 11- 239: 6، 9، 16- 240: 15- 249: 1- 255:
5- 264: 2، 4- 282: 13- 283:
4- 288: 12- 300: 10- 302: 3- 307: 4، 15- 321: 15- 350: 11- 354: 13، 22
رأس رءوس النوب:- 4: 23
الربط «جمع رباط» :- 154: 4
الربعة «نوع من المصاحف» :- 59: 12- 138: 5
الربيع:- 64: 11، 21- 227: 12- 228: 6، 9
الرخام:- 43: 13، 15، 16- 154: 7، 9
الرزق «العطاء أو الإقطاع» :- 71: 4، 7
الرزق «جمع رزق» :- 110: 12
الرسلية:- 240: 21
رسم:- 6: 6- 12: 12- 40: 3- 41: 6، 7- 44: 17- 45: 6- 46: 11- 56: 15- 59: 7- 63: 1- 72: 7- 73: 5، 17- 75: 4، 8- 86: 6، 14- 90: 15- 95: 11- 99: 14- 101: 9- 107:
10- 157: 13- 169: 20- 170: 3- 183: 6- 220: 20- 224: 10- 231:
19- 243: 1- 248: 3- 250: 9- 251: 19- 254: 7- 260: 6- 281:
9، 14- 282: 6- 298: 5، 9- 309:
10- 311: 2، 19- 350: 18- 352: 6- 364: 5- 366: 11- 372: 20- 373:
2، 7
رسوم الخلافة العباسية:- 3: 15
رسوم الخلافة الفاطمية:- 3: 17
الركب الأول من الحاج:- 12: 3
الركب العراقى «ركب المحمل العراقى» :- 64: 3، 4
الركب المصرى:- 310: 19
الرماح:- 196: 7
الرماحة:- 87: 1- 101: 4، 9- 372: 10، 11
الرمح:- 101: 3- 349: 13
رمى الأصناف على الناس «إلزامهم بشرائها» 17: 11، 20
الرنك:
26: 17
رهبان الحبشة:- 326: 1، 3(14/477)
رءوس النوب:- 52: 8- 202: 2- 229: 5- 287:
13- 300: 17- 301: 14
رءوس النوب العشرات:- 159: 3
ريح مريسية:- 252: 8، 21
رئيس الأطباء:- 159: 16
ز الزحار «مرض» :
106: 22
الزحارة- الزحار.
الزحير «مرض» :- 106: 18
الزرد خاناه:
349: 15
الزردكاش:
24: 17- 26: 4- 66: 14، 24- 337: 4- 349: 15
الزرديات:
325: 2
الزردية (الدرع) 196: 12، 13، 21
الزرنيخ:
96: 22
الزمام:
204: 1، 20- 231: 18- 322: 1- 354: 18
الزنارى:
267: 8، 18، 19
الزنان:
204: 20
الزنجير:
82: 18، 25- 364: 1
الزنوك «المراكب الصينية» :
362: 5، 20
زى الأمراء:
237: 9
زى الفقراء:
97: 22
س السادة الحنفية:
173: 19
الساقى:
1: 10، 21- 115: 7- 182: 20- 196: 7- 244: 15- 245: 9- 246:
2- 257: 12
سامرى «نسبة إلى طائفة السامرة» :
82: 13، 21
السبع المطولة «طوال سور القرآن الكريم» 127: 5، 19
السرباتية:
305: 19، 23
السرج 44: 18- 97: 16
سرج ذهب:
206: 1- 265: 11- 316: 4(14/478)
السرحة:
74: 9
سرحة البحيرة:
25: 13- 74: 13- 92: 5- 106: 4
سرحة بركة الحاج:
74: 11
سرحة سرياقوس:
73: 10، 11
سرير السلطنة:
167: 6
سرير الملك:
167: 16
السقاء:
353: 12، 18- 354: 1، 2، 3
السقاة جمع ساق:
39: 1
السقاءون:
353: 11
السكة الإسلامية:
80: 8- 283: 14
السلاح المثمن:
325: 2
سلاطين المماليك:
16: 16
السلطانية (أتباع السلطان) :
36: 15
السلطنة:
1: 2، 8، 9، 10- 3: 1، 4، 6، 10- 4: 6، 8، 12- 6: 4- 47: 2- 58:
6- 103: 14، 23- 107: 10، 11- 109: 6- 114: 1، 5، 6، 15- 115:
6- 116: 1- 117: 12- 120: 2- 122: 1- 128: 1- 135: 1- 141:
1- 142: 13- 146: 1- 149: 1- 157: 1- 160: 1- 165: 8، 11، 20- 166: 9- 167: 1، 10، 11، 18، 21- 170: 2- 181: 2، 3، 12- 195:
15- 196: 15- 197: 7، 14- 198:
1، 8، 9، 10- 199: 18- 200: 6- 202: 7، 9- 203: 13- 206: 19- 207: 2- 209: 6، 13- 211: 31، 8، 13، 17- 214: 11- 230: 9- 233:
3: 239: 2- 242: 6، 10- 245: 2، 9، 14- 246: 20- 247: 1، 7- 248: 1، 17- 232: 11- 253: 18- 316: 6، 12- 321: 10- 366: 19- 368: 19- 370: 2
سلارى سمور:
341: 3
سلورة «نوع من السفن» :
270: 2، 17
السماط:
1: 21- 10: 25: 15: 4- 26: 11- 60: 14- 65: 6- 90: 20- 169:
12، 13- 173: 21- 178: 21، 22- 194: 17- 229: 7- 230: 6- 240:
3- 351: 13
السماع (حفل الذكر والإنشاد) :
22: 13- 38: 17(14/479)
سمّره «ثبته فى جدار أو على عروسة خشبية بالمسامير» :
56: 25
سمل عينيه:
138: 1، 20
سنة تحويل:
363: 23
السنجق السلطانى:
351: 11
السيفية (الأمراء السيفية) :
108: 6- 112: 17
ش شاد الدواوين- وشد الدواوين:
31: 24- 151: 5- 237: 7
شاد السلاح خاناه:
142: 10
شاد الشرابخاناه:
14: 18، 24- 37: 15- 38: 9- 119:
12- 141: 4- 172: 9- 182: 11- 202: 5- 321: 19
شاد القصر السلطانى:
47: 9
الشبابة السلطانية:
301: 13
الشطفة:
88: 6، 21
شعار السلطنة:
3: 7- 198: 6
شعار الملك:
60: 8، 16- 167: 12- 211: 9
الشنبل «مكيال القمح بحمص» :
125: 17
الشيب:
317: 2
الشيح (نبات) :
126: 17، 24
شيخ الإسلام:
60: 2- 68: 4- 78: 18- 97: 10- 237: 15- 285: 18
شيخ خانقاه سعيد السعداء:
148: 9
شيخ الخانقاه الناصرية فرج:
95: 6
شيخ الصوفية:
266: 11
شيخ القراء:
122: 5
الشينى (نوع من السفن) :
364: 17، 22
ص الصاحب:
8: 10- 46: 9- 65: 7- 85: 20- 95: 11- 102: 13- 103: 2، 5- 105:
14- 137: 6- 144: 7- 147: 4- 162: 19- 171: 16- 174: 1، 6، 9، 10- 183: 13- 222: 21- 259:
3: 277: 8- 346: 5- 361: 1، 3، 15- 364: 3- 372: 6
صاحب بغداد:
53: 13
صاحب القلم:
247: 11(14/480)
صر النفقة «أعدها فى صرة» :
369: 9، 22
الصرة:
223: 4، 13
الصنجق السلطانى:
187: 18، 23
الصوفية:
22: 13- 38: 16- 127: 13- 153: 20
صوفية خانقاه شيخون:
175: 5
الصيارف:
226: 7- 352: 6
ض ضرب السكة المؤيدية:
48: 11، 13
ط الطاسة «إناء» :
109: 15
الطبر:
320: 21- 351: 18
الطبردارية:
351: 10، 18
الطبلخاناه:
255: 9
الطبلخاناه 255: 9
الطبلخاناه «رتبة من رتب الأمراء» :
2: 1، 16- 52: 16- 85: 2- 307:
18- 321: 19
الطبلخاناه «طبول السلطان» :
120: 18
الطبيب:
110: 13- 207: 19
الطرائد (جمع طرادة) :
275: 20، 23- 276: 12
الطرحة الخضراء برقمات ذهب:
334: 10
الطشت خاناه:
205: 25
الطلب «الفرقة من العساكر» :
17: 21- 47: 8، 10- 100: 15
الطواشى:
40: 5، 12- 104: 16- 105: 15، 17- 143: 6- 154: 11- 171: 17- 196: 8- 203: 21- 204: 1- 231:
15، 17- 257: 17- 322: 4- 344:
8، 11
الطواشية:
71: 2
ظ الظاهرية «مماليك الظاهر برقوق» :
108: 5، 9- 130: 19- 146: 12- 208: 10- 228: 11
ع عرب الطاعة:
331: 8
عساكر دمشق:
331: 4
العساكر السلطانية:
21: 10- 290: 6
العساكر المصرية:
331: 1- 371: 16(14/481)
العساكر المفلولة (المتفرقة) :
196: 18، 23
العسكر الحلبى:
34: 2
العسكر الشامى:
331: 6، 15
العسكر المصرى:
331: 6، 14- 334: 16
العشرات (أمراء العشرات) :
196: 6- 201: 21- 204: 17
عشران البلاد الشامية:
300: 2
العشير:
33: 7، 21- 287: 4
العصابة السلطانية:
185: 9، 21
العصر المملوكى:
199: 23
عظيم الدولة:
103: 1- 161: 7
العلامة (التوقيع- أو قلم التوقيع) :
173: 2- 229: 7
علم النجوم:
126: 3
العمامة:
112: 20
العنظوان «شجر أو نبت» :
126: 17، 23
العوام:
241: 11
العواتية:
353: 8
غ الغتمى:
218: 7
الغراب «سفينة حربية» 171: 1، 2، 22- 268: 8- 270: 2- 276: 16، 19- 347: 1
ف الفرائض «علم الميراث» :
121: 5- 150: 1
الفرجيات (جمع فرجية) :
302: 22
فرس النوبة:
3: 6- 167: 11- 211: 9
الفرنج:
266: 16- 268: 12- 272: 10
الفرو:
243: 10
فرو سمور:
45: 19- 65: 10
الفسقية «حوض النافورة» :
91: 1
الفسقية (عين الدفن فى المقبرة) :
118: 5
فقراء الروم:
160: 16
الفقهاء:
267: 4
فقهاء الترك:
20: 18(14/482)
فقهاء الحنفية:
137: 5- 142: 14- 150: 11
فقهاء الشافعية:
114: 10- 159: 16
فن الرمح:
165: 14
فن الفروسية:
165: 13
فوقانى حرير كمخا أحمر وأخضر وبنفسجى بطرز زركش:
302: 6، 7، 22
فوقانى صوف:
351: 8
ق القاصد (الرسول) :
7: 6- 46: 7، 8- 48: 11- 51: 13- 53: 4- 54: 2، 4- 56: 24- 243:
2- 280: 5- 282: 15- 283: 7- 364: 9- 368: 16
قاضى الحنفية:
132: 10
قاضى الديار المصرية:
237: 26
قاضى العسكر:
142: 14
قاضى القضاة:
15: 18، 19- 19: 5- 21: 3- 26:
13- 35: 17- 41: 6- 60: 2- 72:
15- 77: 19- 78: 18- 91: 2، 6- 92: 2- 96: 1- 97: 10، 17- 102:
5- 107: 10- 114: 11- 122: 8، 9، 13- 123: 1، 7، 8- 137: 3- 142: 6- 145: 3- 150: 21- 160:
6- 176: 17- 204: 7- 221: 14- 237: 15- 238: 1، 6، 14، 16- 243:
20- 244: 6، 14- 267: 8- 269:
13- 271: 12- 276: 1، 2- 281:
22- 283: 3- 287: 6، 8، 9- 312:
6، 8- 316: 10- 324: 15- 336:
10، 13، 18- 338: 9- 354: 9، 10- 357: 11- 360: 17- 364: 12
قاضى قضاء الحنابلة:
26: 13- 271: 12- 287: 6، 7
قاضى قضاة الحنفية:
92: 2- 285: 17
قاضى قضاة دمشق:
114: 7- 122: 9- 137: 4- 266:
4، 8- 309: 12- 310: 4- 364: 8
قاضى قضاة الديار المصرية:
142: 7- 143: 10- 160: 7
قاضى قضاة زبيد:
132: 15
قاضى قضاة الشافعية:
66: 17- 204: 6- 217: 14- 251:
15- 267: 6- 269: 12
قاضى قضاة المالكية:
95: 6
قاضى الكرك:
256: 4(14/483)
قاضى مكة:
126: 5- 150: 13- 238: 15
القباء:
45: 18
القبة والطير (المظلة) :
3: 7، 17- 60: 9- 198: 10- 211:
12
القراء (جمع قارىء) :
38: 15- 39: 3- 97: 6
قراءة الجيش:
212: 19، 20
القراق (القرقورة) :
279: 20
القراقير (جمع قرقورة) :
301: 22
القرانيص: (جمع قرناص) :
200: 17- 237: 1، 22
القرقل:
366: 7، 21
القرقور:
279: 20
القرقورة (نوع من السفن الحربية) :
279: 5، 20
القرناص (المملوك المرشح للإمرة) :
199: 16، 22
قرىء الجيش:
169: 3، 12- 212: 13- 229: 6، 19- 358: 12
قرىء الجيش وفرغت العلامة:
194: 16، 20
القسيسون: (جمع قسيس) :
365: 8
القصاد (جمع قاصد) :
46: 6- 47: 16- 172: 19- 183:
7- 361: 21- 368: 17
القصص (الشكاوى والطلبات) :
4: 20- 5: 22- 10: 26- 111: 7، 8- 173: 16- 175: 13- 194: 21- 229: 21- 361: 5
القضاء «وظيفة» :
269: 14- 327: 13
قضاء حلب:
161: 14
قضاء الحنابلة بدمشق:
93: 10- 312: 7
قضاء الحنفية:
336: 12- 357: 12- 364: 13
قضاء دمشق:
114: 10- 124: 7، 8- 125: 1- 359: 20، 21- 364: 11
قضاء الديار المصرية:
114: 14- 276: 2
قضاء زبيد:
133: 4
قضاء الشافعية:
336: 11- 354: 10
قضاء الشام:
124: 10
قضاء العسكر:
238: 4
قضاء غزة:
125: 5(14/484)
قضاء القضاة:
15: 18- 238: 5
قضاء المالكية:
366: 13
قضاء المدينة النبوية:
132: 11
القضاة الأربعة:
46: 6- 103: 13- 167: 17- 173:
5- 186: 12- 362: 12، 14
قضاة حماة:
161: 12
قضاة دمشق:
274: 17
قضاة الشرع:
109: 19- 247: 12- 324: 5
قضاة القضاة:
176: 18- 267: 10
قطارات جمال:
343: 10
قطاع الطرق:
17: 20- 57: 1- 360: 6- 368: 3
قلم الديونة:
237: 6
قلم العلامة:
171: 11
القماش:
243: 10
قماش الخدمة:
276: 11- 312: 1، 16، 17
القماش المثمن:
107: 13
قماش الموكب:
266: 19، 22- 351: 8- 356: 18
قناصلة الفرنج:
303: 15، 16- 304: 1- 306: 9
القوال (المنشد) :
22: 14
القوس:
239: 2- 366: 7
قوس تترى:
219: 12
القياسر:
29: 7
ك كاتب السر الشريف:
5: 14، 21- 10: 22- 20: 9، 11- 21: 11- 29: 4- 42: 7- 63: 9، 13، 14- 74: 9- 75: 1، 2- 89:
8- 91: 5- 92: 11، 12، 15- 93:
14- 96: 16، 17- 98: 12، 15- 102: 4، 16- 104: 2- 106: 16- 111: 5، 22- 122: 9- 161: 7- 162: 9- 173: 8، 15- 174: 14، 18- 175: 3- 255: 15، 22- 256:
17- 264: 7- 265: 10- 267: 3- 273: 8-- 274: 8- 275: 8- 334:
9- 343: 12- 344: 3- 358: 4- 361: 2، 16
كاتب سر حلب:
345: 13
كاتب سر دمشق:
309: 14- 326: 14- 364: 8(14/485)
كاتب المماليك:
223: 7، 11، 14
كاتب الوزير:
81: 18
الكاشف:
261: 3- 320: 8، 9- 337: 8
كاشف التراب:
320: 8
كاشف الجسور:
346: 9
كاشف الشرقية:
10: 15، 24
كاشف القبلية:
32: 14
كاشف الكشاف:
174: 12
كاشف الوجه البحرى:
43: 1
كاشف الوجه القبلى:
154: 11
كافل المملكة:
169: 14
كاملية سمور:
173: 10
كامليه مخمل بفرو سمور:
45: 1، 18
الكتاب- جمع كاتب:
8: 8- 271: 18
كتاب المماليك:
287: 17
كتاب سر الملوك:
92: 8
كتابة السر الشريف:
5: 16- 104: 21- 122: 12، 14- 142: 5- 161: 13- 173: 10- 174:
22- 175: 6، 8، 17- 256: 12- 265: 20- 269: 12- 273: 10، 13، 18- 274: 19، 22- 286: 4- 318:
12، 13، 15- 326: 7، 11، 21- 334: 20- 344: 4- 345: 15، 18، 19- 364: 5- 367: 6، 8
كتابة سر حلب:
345: 14، 20
كتابة سر دمشق:
277: 15- 359: 20، 22- 364: 12- 366: 10، 12
كتابة سر طرابلس:
237: 7
كتابة سر مصر:
309: 16- 345: 13، 24- 360: 18- 364: 9، 10
الكحالون:
3: 25
الكراكى:
61: 13، 18- 351: 13
الكشاف- جمع كاشف:
2: 17- 337: 13
الكشافة:
331: 8(14/486)
الكشف:
337: 13- 357: 10- 360: 5
كشف البحيرة:
357: 8
كشف التراب بالغربية:
245: 15
كشف الوجه البحرى:
153: 3- 357: 10
كشف الوجه القبلى:
152: 13- 158: 22- 237: 10
الكشوفية:
360: 4
الكفالات (الولايات) :
173: 1
الكلف السلطانية:
251: 10- 346: 7
الكلفتة- الكلفتاة:
49: 5، 19- 351: 8
الكمخا الإسكندرانى:
52: 16، 21، 23- 302: 22
الكنابيش الزركش:
67: 5
الكنبوش- الكنبوش الزركش:
44: 18، 22- 206: 2- 265: 11- 306: 4
الكنجفة:
58: 2، 3، 23
الكواهى:
51: 15، 25
الكؤوسات:
217: 20
الكير:
360: 7
ل اللالا:
169: 13، 22- 206: 10- 211: 19- 213: 8- 221: 4- 246: 17- 276:
14- 321: 21- 322: 8
اللؤلؤ:
309: 10
م الماء الذي يطفى فيه الحديد (الزرنيخ) :
96: 22
مال له صورة- أى كثير:
175: 7
المباشرون:
8: 20- 41: 13- 74: 15- 92: 13- 176: 8- 267: 5، 13- 326: 16
مباشرو الدولة:
41: 12- 43: 13- 169: 18- 223:
2- 327: 3- 328: 10
المبشر:
189: 18
مبشر الحاج:
24: 18- 107: 6- 224: 1- 260:
4- 310: 6- 322: 10
المبيضة (الفاطميون) :
3: 16(14/487)
المحتسب:
77: 4- 282: 2
محتسب القاهرة:
40: 14- 75: 13- 81: 14، 19- 84:
4- 165: 3- 281: 20
المحراب:
91: 4
المحفة:
46: 16- 55: 5- 74: 8- 96: 6- 98: 17- 102: 20- 105: 20- 106:
11، 14، 17- 146: 20- 186: 9، 20
المحمل:
34: 16- 45: 11- 86: 15- 87:
1، 2، 4- 103: 10، 11- 174: 3- 258:
1- 283: 5- 288: 3- 311: 18- 312: 3- 357: 19- 372: 10
محمل الحاج:
61: 10- 73: 20- 257: 17:- 319:
1، 21- 345: 8- 355: 17- 372: 9
محمل:
325: 14
مخيم:
33: 3- 35: 12- 45: 14- 47: 12، 15- 52: 2- 53: 15- 73: 10- 76:
16- 77: 4- 102: 3- 186: 8- 351:
13- 359: 17
المداح:
59: 13
المدافع (جمع مدفع) :
33: 2- 54: 1- 332: 7
مدبر الملك:
108: 2
مدبر المملكة:
103: 20- 169: 7، 9- 206: 9- 211:
: 18- 221: 4- 227: 5- 246: 18
مدرس الحنفية:
266: 11- 270: 14
مدورة السلطان:
45: 11، 22- 186: 5- 372: 13
مذهب الحنفية:
206: 5
المراسيم:
5: 22
مراسيم النيابة:
10: 25
مراكز البريد:
89: 22
مرتبة السلطنة:
168: 9
المرسوم- المرسوم الشريف- مرسوم السلطان:
4: 9- 99: 26- 224: 18- 225:
4، 5- 243: 2، 5، 22- 247: 12، 14- 310: 7
المزين:
230: 8
المساطير:
73: 18، 22(14/488)
مستوفى ديوان المفرد:
174: 5
المسودة (العباسيون) :
3: 16
المشاعلى:
310: 16
مشايخ الخوانق:
78: 10
مشايخ الزوايا:
78: 8
مشايخ العلم:
82: 16- 91: 8- 99: 13- 267:
2، 10
المشد:
31: 13، 24- 192: 4- 202: 5- 225: 12
مشد الاستيفاء:
312: 15، 22
مشد الدواوين:
315: 10
مشيخة التصوف:
285: 14
مشيخة الجامع المؤيدى:
91: 7- 92: 3
مشيخة خانقاه شيخون:
336: 13
مشيخة الشيوخ:
344: 19
مشيخة الصوفية:
91: 3- 270: 11
مشيخة صوفية خانقاه شيخون:
285: 18
المشير:
16: 1- 237: 4
مشير الدولة:
11: 2، 19- 62: 2
المطالعات:
361: 5
المطوعة:
268: 10- 270: 1- 278: 16- 287: 5- 294: 10، 20- 295: 6- 300: 2، 7
معدل القمح:
39: 9
معلم الرماحة:
86: 14، 24
المغانى (المغنيات) :
60: 13
المغص (مرض) :
96: 22
المفترجات:
43: 14
المقارع:
35: 7- 81: 19، 24- 286: 9- 321:
13- 354: 1
المقدم:
150: 15- 276: 19
مقدم ألف:
70: 11، 12، 21
مقدم التركمان:
63: 1(14/489)
مقدم الحلقة:
71: 13
مقدم العساكر:
100: 13- 166: 6- 177: 18- 280:
3- 300: 7- 301: 7- 332: 10
مقدم المماليك السلطانية:
257: 18- 344: 9
مقدمو الألوف:
4: 25- 9: 5، 14- 36: 9- 66: 19- 90: 14- 93: 2- 100: 16- 119:
9- 120: 10- 149: 7- 182: 8- 188: 7، 14، 15- 195: 1- 200:
16- 204: 17- 212: 3- 225: 15- 231: 7- 236: 11- 249: 2- 254:
15- 255: 12- 259: 11- 283: 9- 288: 8، 10، 13، 19- 291: 3- 292: 12، 15- 300: 10، 11- 302:
4، 5- 305: 12- 309: 17- 319: 8- 340: 21- 344: 17- 372: 18
مقدمو الحلقة:
9: 21
مقدمو دمشق:
294: 19
مقدمو العساكر:
288: 6، 9، 11- 292: 21- 294:
21- 301: 19
المقدمون 182: 10، 15
مكاحل النفط:
20: 6- 332: 7
المكس:
271: 21- 310: 21- 314: 3
مكس الفاكهة البلدية والمجلوبة:
94: 9
مكس المراكب:
271: 18
المكسة:
153: 17
المكوس:
9: 16- 310: 20- 311: 1
الملاعيب (أنواع اللعب) :
112: 5
الملاليط- جمع ملوطة؛:
78: 23
الملطفات (رسائل التودد) :
261: 11، 12
ملوطة صوف أبيض:
78: 14، 23
ملوك الأقطار:
247: 11- 256: 16- 333: 15- 334: 4- 361: 21
ملوك الترك:
1: 5- 80: 11- 167: 7- 198: 12- 211: 16- 242: 14- 298: 2، 3
ملوك السلاجقة:
83: 23
ملوك العجم:
175: 2
ملوك الفرنج:
292: 6- 325: 5، 9(14/490)
ملوك مصر:
90: 5
ملوك الهند:
120: 15- 372: 3
المماليك:
1: 6- 60: 9- 66: 12- 67: 14- 68: 22- 88: 6- 93: 23- 101: 12- 103: 20- 109: 12- 112: 14- 129: 9، 10- 130: 10، 16- 136:
5، 13، 19- 151: 10- 170: 15- 178: 17- 181: 19- 183: 4، 6- 185: 15: 187: 20- 194: 1، 5، 9- 195: 13- 196: 4- 199: 6، 7، 15- 201: 20- 202: 7- 208:
17، 20- 209: 13- 210: 2- 212:
9- 217: 14- 220: 2، 9- 222: 5، 16، 19- 223: 3، 4، 8، 9، 17، 20- 227: 11- 240: 3- 243: 7، 13- 253: 3- 259: 20- 261: 14- 262: 3- 275: 19- 278: 15- 284:
16، 18- 286: 1- 287: 4- 294:
10- 308: 9- 321: 7- 326: 19- 328: 5، 8، 20- 332: 18، 19- 337:
11- 338: 15- 339: 20، 24- 340:
6- 341: 6- 349: 11- 366: 2- 370: 19
المماليك الأجلاب:
326: 22
المماليك الأشرفية:
337: 14، 16
مماليك الأمراء:
70: 18- 71: 4- 168: 5- 340: 5
المماليك البحرية:
31: 17
المماليك البطالون:
260: 6- 261: 2
المماليك الجراكسة:
160: 15- 349: 14
المماليك الجلبان:
199: 9- 326: 16- 327: 21- 329:
3، 7- 330: 14- 356: 2
المماليك الرماحة:
101: 2- 345: 9
مماليك السلطان- المماليك السلطانية:
4: 21- 9: 5- 31: 13- 35: 2- 38: 12- 44: 13- 70: 16- 77: 3- 101: 3- 105: 18- 106: 12- 108:
6- 170: 1، 7، 14- 172: 1- 176:
8- 181: 12- 184: 22- 185: 7، 12، 14- 189: 16- 206: 7- 209:
1- 211: 19- 213: 6- 214: 5- 217: 7- 220: 9- 222: 14، 15- 223: 2، 5- 227: 3- 242: 11- 243:
18- 258: 4- 263: 21- 268: 7، 9- 271: 17- 275: 18- 284: 15- 286:
17- 287: 14، 22-- 288: 11- 294:
16- 295: 3، 6- 298: 6- 318: 7- 321: 11- 328: 1، 3، 14- 330:(14/491)
4، 10- 332: 15- 340: 18- 346:
3، 20- 350: 13- 369: 5، 9، 20- 370: 17، 20، 21- 371- 5
مماليك الطباق:
198: 18- 204: 3
مماليك الطباق الكتابية:
199: 13
المماليك الظاهرية- مماليك الظاهر برقوق:
47: 1، 2- 120: 2، 12- 128: 8- 135: 8- 136: 19- 139: 18- 149:
8- 151: 4- 154: 17- 158: 19- 168: 3- 191: 2- 193: 9- 195:
18- 198: 17- 199: 5- 227: 9، 20
المماليك القرانيص:
326: 17
المماليك المشتروات:
327: 9
المماليك المؤيدية- مماليك المؤيد شيخ:
44: 1- 108: 14- 190: 14- 193:
8- 196: 2، 17- 207: 15، 22- 217: 8، 23- 329: 12- 371: 10
المماليك الناصرية:
47: 1- 200: 13
المملوك:
35: 5- 71: 4- 111: 9- 129: 9- 192: 21- 213: 2- 214: 17- 215:
13- 223: 18- 247: 11- 251: 17- 274: 3- 284: 14- 288: 20- 308:
11- 328: 2، 5- 330: 4- 340: 20- 350: 13- 363: 4- 369: 2
مملوك أمير:
176: 4
المنابر:
176: 15
منابر دمشق:
198: 11
المناجيق:
20: 6- 33: 2- 54: 12
المناشير:
171: 11- 204: 12
المنبر:
97: 4، 17، 18، 19-- 310: 9- 311:
7، 8
المنجنيق:
84: 9
المنشدون- جمع منشد:
38: 16، 17- 39: 3
منقل نار:
219: 11
المهم (الحفل) :
11: 6، 23- 254: 13
مهمات الدولة:
35: 10
المهمندار:
59: 8، 22- 157: 11- 273: 17
المواكب:
3: 21، 27- 171: 12- 229: 21
المواكب السلطانية:
6: 17(14/492)
الموالى:
344: 1
الموسيقى:
152: 5
الموقع:
18: 25- 173: 7- 205: 10
الموتعون:
18: 14- 29: 5- 104: 13
موقعو الدست:
296: 11- 326: 10- 366: 12
الموكب:
3: 11- 7: 16- 10: 25- 18: 22- 90: 4- 104: 3- 107: 21- 171:
10- 185: 9، 10- 186: 13- 204:
8- 213: 1، 7- 217: 17- 221: 3، 18- 300: 19- 301: 3- 302: 10- 206: 5- 318: 7- 334: 11- 349: 17- 351: 8- 361: 4- 367: 8
الموكب السلطانى:
47: 18- 89: 18- 320: 6
المؤيدية- أتباع المؤيد شيخ المحمودى:
20: 5- 35: 6- 108: 16- 185: 1- 193:
14- 194: 6، 9، 15- 208: 9- 217: 19
مؤيدية فضة (دراهم مؤيدية) :
40: 8
مئزر صوف:
97: 14، 15
مئزر صوف صعيدى:
109: 14
ن الناصرية (الدنانير الناصرية) :
40: 4
الناصرية (المماليك الناصرية) :
208: 17
ناظر الأحباس:
142: 2
ناظر الإسطبل:
104: 4- 192: 7
ناظر بيت المال:
96: 10
ناظر البيمارستان المنصورى:
141: 1، 3
ناظر جدة:
362: 9
ناظر الجيش:
8: 10، 11، 24- 26: 23- 28: 16- 77: 16- 103: 2- 169: 4- 194:
20- 259: 11، 20- 67: 4- 272:
9- 309: 1- 347: 4- 354: 19- 356: 18
ناظر الجيوش المنصورة:
205: 9
ناظر الخاص:
8: 6، 19- 29: 1- 65: 8- 74:
5- 105: 14- 356: 21
ناظر الخزانة:
94: 15- 105: 15- 205: 9
ناظر الخواص الشريفة:
46: 10- 103: 6- 183: 13- 223:
1- 272: 18- 336: 17- 356: 19(14/493)
ناظر الدولة:
273: 4
ناظر ديوان المفرد:
24: 13، 21- 95: 3- 102: 14- 161:
10- 174: 5- 264: 16
ناظر الكسوة:
147: 4
الناعورة (العمامة الكبيرة) :
112: 21
ناموس الملك:
111: 18
نائب الإسكندرية:
120: 16- 155: 7- 172: 15- 194:
14- 249: 11- 257: 21
نائب البيرة:
50: 16
نائب حلب:
6: 1- 13: 5- 16: 7- 27: 8- 31:
15- 33: 13- 36: 15- 44: 16- 46: 3- 47: 22- 49: 6، 9، 11- 51: 5- 53: 8- 55: 9، 11- 57:
13- 59: 5- 67: 12، 18- 69: 1، 6- 77: 13- 85: 14- 108: 14- 117: 6- 129: 15- 130: 2- 135:
16- 136: 3، 16- 144: 3- 148:
5- 177: 4، 17، 20، 23- 180: 17- 195: 3- 202: 11- 222: 4- 224:
4- 235: 17- 239: 6، 11- 248:
12- 249: 1- 254: 7- 305: 9- 332: 11- 347: 6- 350: 15- 370: 11
نائب حماة:
6: 1- 31: 14- 33: 4- 36: 18- 47: 13- 48: 1، 3- 50: 16- 53:
8- 85: 16- 92: 20- 135: 17- 184: 12- 187: 3- 190: 9- 202:
12- 254: 8
نائب دمشق:
31: 12- 32: 7- 34: 8- 59: 3- 115: 11- 164: 3- 261: 4
نائب دمياط:
148: 12
نائب الرها:
54: 4
نائب السلطنة:
316: 16
نائب الشام:
16: 8، 13- 31: 8، 23- 32: 22- 34: 15، 18- 36: 23- 37: 22- 44: 9، 10- 45: 16- 47: 12، 19- 48: 3- 49: 14- 50: 14- 52: 1- 55: 16- 56: 25- 57: 16- 58:
10- 59: 6- 62: 10، 11- 64: 5- 84: 1- 87: 16- 89: 18- 90: 10- 108: 13- 116: 9- 129: 3- 131:
15- 135: 5، 7، 21- 136: 8- 138:
13- 147: 17، 22- 154: 16- 171:
3- 175: 24- 179: 1- 184: 11- 187: 10، 12، 13- 190: 5- 192:
12، 13، 24- 193: 7، 21- 202:(14/494)
14- 231: 10- 232: 1، 6- 240:
10، 22- 242: 6- 247: 21- 250:
6- 254: 11- 261: 22- 272: 4- 274: 5، 6، 17- 326: 12- 331:
4- 332: 10، 22- 349: 12- 350:
15- 358: 3، 14- 360: 20
نائب صفد:
11: 9- 33: 8- 47: 13- 48: 8- 56: 8- 151: 9- 181: 18- 188: 9- 202: 13- 225: 7- 248:
14- 250: 2، 9، 13- 260: 18- 262: 4
نائب طرابلس:
6: 1- 13: 10- 22: 2- 36: 18- 47:
12، 20- 48: 7- 53: 9- 56: 3- 65: 15، 20- 72: 24- 85: 16- 130: 4- 135: 16- 151: 15- 158:
18- 184: 12- 190: 8، 14- 192:
7- 201: 8- 202: 12- 222: 7- 251: 19- 280: 4- 284: 7- 308:
5- 318: 2
نائب عينتاب:
151: 1
نائب غزة:
7: 2- 8: 15- 16: 7- 31: 11- 33: 4- 36: 19- 47: 13- 93: 1- 135: 17- 149: 6- 184: 12- 190:
9- 201: 6- 202: 13
نائب الغيبة:
35: 13- 46: 11، 18- 92: 5- 137:
13- 186: 14، 22- 205: 6
نائب القدس:
10: 3- 262: 14
نائب القلعة (قلعة الجبل) :
12: 10- 62: 12، 14- 212: 2- 221:
10- 269: 9- 288: 13
نائب قلعة حلب:
34: 1- 58: 12
نائب قلعة دمشق:
93: 5- 202: 16
نائب قلعة الروم:
32: 1- 36: 19- 50: 16
نائب قيسارية:
80: 9
نائب كاتب السر:
192: 8- 265: 15- 274: 19- 326:
10- 345: 17- 361: 10- 364: 5
النائب الكافل:
1: 15
نائب كختا:
51: 2- 67: 8
نائب الكرك:
10: 7- 71: 15- 157: 16
نائب كركر:
55: 16
نائب المرقب:
66: 4
نائب مقدم المماليك:
344: 9(14/495)
نائب ملطبة:
54: 17- 242: 16
نائب نكدة:
90: 3
نائب الوجه القبلى:
73: 7
نجاب:
360: 20
ندماء السلطان:
11: 8- 151: 20- 157: 8
النشاب:
129: 20- 218: 9- 262: 8- 290:
10- 328: 15- 331: 11، 17- 332:
1، 6- 349: 14- 360: 8- 366: 22
نشابة:
33: 11
نظام الملك:
172: 3- 173: 2، 5- 180: 12- 185: 6، 13- 188: 19- 221: 4، 12، 19- 222: 14- 223: 4، 12، 13- 226: 16- 229: 8، 14، 23
نظر الأحباس:
337: 2- 357: 13، 17
نظر الإسطبل السلطانى:
275: 1
نظر أوقاف الأشراف:
173: 7- 205: 11
نظر البيمارستان:
142: 3
نظر جدة:
367: 19
نظر الجيش:
173: 9- 174: 14- 205: 13، 23- 256: 10- 274: 8
نظر جيش دمشق:
122: 11
نظر الخاص:
8: 10- 74: 6- 105: 17- 137:
9- 171: 17- 174: 11- 273: 3- 336: 23
نظر الخزانة:
205: 12
نظر الدولة:
35: 10- 275: 14
نظر ديوان المفرد:
161: 3- 174: 2، 10
نظر الكسوة:
205: 12، 24- 235: 13
النقابون:
84: 9
النقباء:
39: 20، 23- 146: 18
نقيب الأشراف:
149: 14
نقيب الجيش:
173: 16- 175: 15
النواب:
2: 7- 5: 18- 6: 6- 30: 9- 31: 10، 23- 33: 3- 36: 23- 41: 1، 9- 136: 16- 191: 18-(14/496)
332: 15، 16، 17، 18، 19- 345: 5
نواب الأقطار:
202: 10
نواب البلاد الشامية:
47: 18- 172: 19- 331: 4- 333:
20- 350: 17- 371: 16
نواب الحكم الحنفية:
147: 5- 160: 10
نواب الحكم الشافعية:
100: 2
نواب السلطان:
247: 13
نواب القاضى الحنفى:
41: 11
نواب القاضى الشافعى:
41: 10
نواب القاضى المالكى:
41: 11
نواب القضاة:
40: 16، 18- 41: 5- 345: 4، 22
نواب القلاع:
7: 5
نواب الممالك الشامية:
181: 6
نوروز القبط بمصر (عيد النوروز) :
198: 5- 363: 11
النوروزية (أتباع نوروز الحافظى) :
20: 4
نيابة أبلستين:
51: 15
نيابة الإسكندرية:
16: 2، 14- 24: 8- 30: 13- 41: 16- 42: 3- 155: 10- 205: 3- 209:
3- 237: 10- 249: 14- 251: 18- 257: 8، 11- 337: 5، 6- 254: 13
نيابة البحيرة:
366: 6
نيابة بهسنا:
53: 11
نيابة حلب:
12: 11- 15: 16- 37: 19- 39:
16- 56: 4- 58: 7، 9، 16- 61:
4- 116: 3- 120: 5- 128: 10- 138: 12، 13- 178: 23- 181: 16- 182: 7- 189: 9، 22- 192: 1- 201:
12- 222: 7- 224: 5، 19- 225:
5- 239: 11- 241: 2- 248: 13- 254:
9- 306: 13- 308: 18
نيابة حماة:
22: 3- 38: 5- 56: 7- 66: 14- 92: 21- 138: 11، 13- 224: 8، 10- 254: 9، 12، 16، 22
نيابة درندة:
52: 8
نيابة دمشق:
2: 8- 6: 12، 22- 9: 1- 15: 13- 30: 8- 45: 5- 59: 20- 61: 6- 115: 3- 116: 13- 117: 4- 118:
1، 4- 119: 6- 135: 12، 14- 155:
3- 161: 13- 177: 15- 189: 8-(14/497)
232: 6- 236: 9- 241: 3- 254:
7- 359: 10
نيابة دوركى:
52: 10
نيابة السلطنة:
80: 10- 365: 11
نيابة سيس:
49: 13- 93: 6
نيابة الشام:
11: 11، 24- 58: 19- 90: 21- 103: 18- 128: 14- 138: 17، 19- 168: 12- 183: 9- 254: 21- 264:
3- 358: 7، 14، 23- 359: 5، 13
نيابة صفد:
11: 14، 24- 15: 15- 27: 7- 29:
13، 15- 56: 27- 65: 20- 67:
1- 90: 14- 119: 6- 151: 12- 154: 18- 188: 9- 236: 8- 248:
17- 249: 21
نيابة طرابلس:
2: 5، 6، 7- 12: 14- 22: 4- 38:
1- 65: 20- 66: 2، 9- 73: 6، 7، 11- 92: 20- 119: 6- 120:
5- 138: 11- 151: 11- 158: 22- 159: 1- 224: 10، 12، 18- 237:
8- 245: 16، 18- 246: 3- 252:
3- 253: 11- 258: 22- 306: 12- 308: 20- 318: 4- 319: 2
نيابة طرسوس:
93: 3- 319: 6
نيابة غزة:
15: 17- 22: 10- 34: 6- 93:
10- 189: 11- 319: 14، 24- 321: 17
نيابة الغيبة:
17: 17، 24- 46: 1- 186: 15- 203: 3
نيابة قلعة الجبل:
46: 2- 269: 19
نيابة قلعة حلب:
12: 12- 61: 6- 192: 21
نيابة قلعة دمشق:
56: 13- 66: 4
نيابة قلعة الروم:
22: 4- 53: 10
نيابة قلعة صفد:
248: 16
نيابة كتابة السر:
104: 5
نيابة كختا:
55: 3
نيابة الكرك:
157: 16
نيابة كركر:
55: 2
نيابة مرعش:
51: 16
نيابة المرقب:
66: 5(14/498)
نيابة مقدم المماليك:
344: 11
نيابة ملطية:
52: 10- 309: 18، 23
نيابة الوجه القبلى:
73: 9
هـ الهرجة (دينار هرجة) :
100: 12، 23
هرش الدراهم:
226: 8
الهودج:
186: 20
والوالى:
282: 7- 356: 7- 364: 2
والى دمياط:
284: 14
والى القاهرة:
29: 2- 31: 21- 65: 18- 73: 16- 360: 1- 363: 1
والى الولاة:
10: 26
الوتر:
239: 2، 3
وجوه الأمراء:
255: 2
وجوه الدول:
240: 5
الوزارة:
125: 9- 141: 10- 152: 12- 368: 5
الوزر:
137: 9- 153: 7- 237: 10- 251:
12- 275: 13- 346: 6- 361: 2، 3، 4، 12- 364: 4
الوزير:
8: 6، 7، 19- 10: 15- 17: 1- 35:
7- 62: 2- 65: 18- 66: 3، 10- 74: 2، 5- 78: 10- 79: 18- 125:
7- 137: 6- 141: 8- 144: 7- 152:
7- 163: 6- 237: 4- 247: 11- 251: 22- 255: 18، 20- 258: 4- 259: 2- 314: 12، 16- 315: 1، 4، 11- 316: 19، 20- 327: 16- 356: 3- 368: 4
وسط:
10: 3، 5، 16- 56: 26- 57: 1- 65: 1، 2- 119: 13- 120: 2- 208:
6
الوطاق:
86: 3، 10- 262: 11
الوقيد:
64: 16- 93: 14
وكالة بيت المال:
235: 13
وكيل بيت المال:
147: 4
الولاة:
2: 15، 18
ولاة الأعمال:
63: 5(14/499)
الولايات:
18: 25
الولاية:
172: 23
ولاية الأعمال:
200: 5
ولاية القاهرة:
108: 20، 22- 151: 5- 171: 17- 172: 17، 18- 373: 16
ولاية القضاء بالأعمال:
205: 19
ولاية فطيا:
152: 12- 153: 1
ى يتأمر- يصير أميرا:
112: 3
يتسلطن- يصير سلطانا:
193: 13- 236: 15(14/500)
فهرس وفاء النيل من سنة 815- 824
ص سطر وفاء/ النيل/ سنة/ 815/121/7
وفاء/ النيل/ سنة/ 816/127/14
وفاء/ النيل/ سنة/ 817/134/12
وفاء/ النيل/ سنة/ 818/140/3
وفاء/ النيل/ سنة/ 819/145/10
وفاء/ النيل/ سنة/ 820/148/14
وفاء/ النيل/ سنة/ 821/156/5
وفاء/ النيل/ سنة/ 822/159/18
وفاء/ النيل/ سنة/ 823/166/12
وفاء/ النيل/ سنة/ 824/241/12(14/501)
فهرس أسماء الكتب الواردة بالمتن والهوامش
االأعلاق الخطيرة- لابن شداد (محمد بن على بن إبراهيم.
أبو عبد الله عز الدين بن شداد الأنصارى الحلبى) :
33: 18
الأعلام (للزركلى) :
149: 24
الألفاظ الفارسية المعربة (لآدى شير الكلدانى الأثورى) :
70: 24
الألقاب الإسلامية (للدكتور حسن الباشا) :
11: 19
ب البحرية فى مصر الإسلامية (للدكتورة سعاد ماهر) :
171: 22- 270: 18- 275: 24- 279: 21- 362: 22- 364: 24
بلدان الخلافة الشرقية (للسترنج- ترجمة بشير فرنسيس وكوركيس عواد) :
53: 18- 84: 23
ت تحفة الإرشاد:
351: 20
تشريف الأيام والعصور (لابن عبد الظاهر- تحقيق الدكتور مراد كامل) :
48: 21- 68: 20- 352: 22
ح الحاوى (للماوردى) :
161: 11
حوادث الدهور فى مدى الأيام والشهور (لأبى المحاسن يوسف بن تغرى بردى) :
353: 1، 21
خ الخطط التوفيقية (لعلى مبارك) :
14: 22- 28: 19- 31: 19- 44:
23- 46: 23- 61: 22، 25- 63:
26- 74: 21، 23- 78: 20- 79: 22- 94: 22، 25- 152: 23- 154: 21- 163: 21- 175: 22- 180: 26- 209:
21- 309: 20
الخطط (المواعظ والاعتبار فى الخطط والآثار للمقريزى) :
8: 16- 26: 18، 20- 28: 25- 31:
18- 38: 23- 46: 22- 63: 24- 74:
19- 82: 24- 85: 22- 86: 27- 96:
11- 163: 20- 223: 20- 233: 21- 302: 21- 312: 22
د دار الضرب المصرية (كشف الأسرار العلمية بدار الضرب المصرية لمنصور بن بعرة الذهبى- تحقيق الدكتور عبد الرحمن فهمى محمد) :
100: 24
دائرة المعارف الإسلامية (ترجمة إبراهيم خورشيد وآخرين) :
120: 22- 318: 24
ذ الذيل على رفع الإصر (للسخاوى- تحقيق الدكتور جوده هلال ومحمود صبح) :(14/502)
114: 23- 122: 20- 125: 19
ر الروض الزاهر فى سيرة الملك الظاهر ططر (للبدر العينى- تحقيق الشيخ الكوثرى) :
6: 20
س السلوك فى معرفة دول الملوك (للمقريزى- تحقيق الدكتور محمد مصطفى زيادة) :
7: 22- 31: 25- 48: 20، 22- 64:
21- 138: 23- 245: 4- 267: 20- 314: 23- 331: 20- 336: 6، 20- 351: 18- 352: 22- 366: 22
السيف المهند فى سيرة الملك المؤيد (للبدر العينى- تحقيق فهيم شلتوت) :
4: 18- 6: 21- 48: 17- 76: 19- 122: 23- 131: 17- 281: 24
ش شذرات الذهب (لابن العماد) :
137: 20- 141: 21، 22- 149: 23- 160: 20
شرح البخارى (للحافظ ابن حجر) :
336: 5
الشعر الشعبى (للدكتور حسين نصار) :
30: 18
ص صبح الأعشى (للقلقشندى) :
1: 15، 22- 2: 15، 18- 3: 18، 22، 25- 4: 14، 20، 23، 26- 5:
23- 8: 20، 23، 26- 9: 22، 25- 10: 23- 11: 21- 13: 17، 19، 21، 24- 14: 25- 17: 25- 18: 18، 26- 22: 19، 22- 24: 22- 27: 22- 33: 27- 48: 23- 49: 21، 26- 50:
25- 51: 19، 21- 54: 21- 68: 24- 81: 21- 83: 23- 84: 20، 24- 89: 21- 120: 18- 124: 23- 142:
22، 24- 149: 22- 150: 2- 180:
22، 24- 183: 21- 184: 23، 25- 185: 22- 187: 23- 188: 20- 204:
21- 225: 23- 284: 23- 304: 21، 23- 306: 24- 314: 20- 348: 20- 352: 25- 355: 19، 24
صحاح الجوهرى:
133: 9- 134: 5
صحيح البخارى:
59: 11- 267: 1، 6، 7، 14
ض الضوء اللامع (للسخاوى) :
12: 21- 25: 21- 114: 20، 23- 116: 19، 23، 26- 119: 26- 120:
20- 121: 10، 12- 122: 19، 20- 123: 21- 124: 16، 20- 125:
17، 20، 24، 26- 127: 17، 20- 129: 22- 130: 17، 19، 21، 25- 131: 18- 132: 16، 20، 23- 136:
22- 137: 21، 22- 142: 16، 20، 21، 26- 143: 19، 20، 23- 144:
20، 24- 145: 14- 147: 19، 21- 148: 18- 155: 23- 160: 19، 22-(14/503)
161: 21، 23- 235: 22- 237: 24- 350: 20
ع عقد الجمان (للبدر العينى- مخطوط) :
96: 16- 281: 23
غ غاية الأمانى فى أخبار القطر اليمانى (ليحيى بن الحسين- تحقيق الدكتور محمد سعيد عاشور) :
315: 23
ق القاموس الجغرافى للبلاد المصرية القديمة (لمحمد رمزى) :
115: 29- 351: 23
قاموس دوزى:
30: 17- 78: 23
القاموس العصرى:
325: 22
القاموس المحيط (للفيروزبادى) :
133: 2، 7، 8
القاهرة (لفؤاد فرج) :
28: 26
القاهرة تاريخها وآثارها من جوهر القائد إلى الجبرتى (للدكتور عبد الرحمن زكى) :
30: 20
قطر المحيط (للبستانى) :
52: 23
قوانين ابن مماتى:
351: 20
كشف الظنون (لحاجى خليفة) :
149: 23
ل لسان العرب (لابن منظور) :
106: 22- 126: 23، 24- 199: 19- 252: 22- 320: 23
م محيط المحيط (للبستانى) :
8: 16- 50: 22- 196: 20، 23- 206: 22
مراصد الاطلاع (للبغدادى- تحقيق على البجاوى) :
57: 26- 74: 21- 272: 23- 290: 22
معجم البلدان (لياقوت الحموى) :
12: 24- 13: 20- 22: 17، 21- 27:
21- 48: 25- 49: 24- 53: 24، 25- 54: 23- 69: 21- 80: 22- 83:
23- 84: 18- 85: 25- 119: 19- 131: 19- 132: 25- 187: 21- 248:
23- 282: 23- 284: 23- 290: 22- 309: 22- 322: 22- 335: 21- 348:
22- 355: 22
المعجم الوسيط (للمجمع اللغوى) :
18: 20- 112: 24- 271: 22
معيد النعم ومبيد النقم (للسبكى) :
31: 25
مفرج الكروب (لابن واصل- تحقيق الدكتور جمال الشيال) :
57: 25
الملابس المملوكية (ل. ا. ماير- ترجمة صالح الشينى) :
45: 19- 52: 22- 112: 22
المنجد (أعلام الشرق والغرب) :(14/504)
62: 22- 187: 22- 268: 22- 270:
21، 23
المنهل الصافى والمستوفى بعد الوافى (لابن تغرى بردى) :
130: 25- 131: 1- 133: 10، 24- 151: 22- 154: 2، 19- 161: 19- 238: 7- 305: 20- 313: 9
الموطأ (للإمام مالك) :
147: 10
ن النظم الإقطاعية فى الشرق الأوسط فى العصور الوسطى (للدكتور إبراهيم على طرخان) :
9: 21- 10: 18- 16: 28- 33: 22- 183: 22- 184: 23- 199: 23- 273:
23(14/505)
فهرس الموضوعات
صفحة ذكر سلطنة الملك المؤيد شيخ المحمودى على مصر 1
ترجمة المؤيد شيخ. مبايعته بالسلطنة فى مستهل شعبان سنة 815 هـ 3
الأمير نوروز الحافظى نائب الشام يخرج عن الطاعة ويرفض سلطنة المؤيد شيخ 4
الأمير صارم الدين إبراهيم ابن السلطان المؤيد يتزوج بنت الملك الناصر فرج ابن برقوق 11
الأمير نوروز الحافظى يستولى على حلب ويولى أتباعه وظائفها 12
الأمير دمرداش المحمدى نائب حلب يحضر إلى القاهرة 14
السلطان يقبض على دمرداش المحمدى وعلى ابنى أخيه الأمير قرقماس والأمير تغرى بردى سيدى الصغير 15
السلطان يخلع المستعين بالله العباس من الخلافة 16
السلطان ينفق فى الأمراء والمماليك استعدادا للسفر إلى الشام لحرب الأمير نوروز الحافظى 16
رحيل السلطان من قلعة الجبل هو والأمراء والعساكر إلى الشام فى رابع المحرم سنة 17
817 هـ. وصول السلطان إلى خارج دمشق فى ثامن صفر. عرض الصلح على نوروز ورفضه له. نوروز يتحصن بالقلعة فيحاصره المؤيد بها قصة الصلح بين السلطان ونوروز والأيمان التى حلفت ثم نقض الصلح والقبض على نوروز وأتباعه وإعدامهم 20
السلطان يرحل من دمشق إلى حلب ويمهد أمورها وأمور البلاد التى حولها ثم يعود إلى دمشق ومنها إلى القاهرة 21
الحرب بين الأمير محمد بن عثمان ملك الروم وبين محمد بك بن قرمان وهزيمة ابن قرمان 25.(14/506)
السلطان يبدأ فى إنشاء سد بين جزيرة الروضة والجامع الناصرى الجديد بساحل دير النحاس. اشتراك كافة الطوائف فى الحفر وعمل السد. فيضان النيل يهدم السد 26
حفر أساس الجامع المؤيدى بباب زويلة 30
خروج قانى باى المحمدى نائب الشام عن الطاعة، وتولية ألطنبغا العثمانى فى نيابة الشام. وقوع الحرب بينهما 30
السلطان يتأهب للسفر إلى الشام ويغادر قلعة الجبل فى عشرين رجب سنة 818 هـ ويصل إلى دمشق فى سادس شعبان 35
هزيمة أصحاب فانى باى على مدينة سرمين والقبض على بعضهم، وفرار الآخرين إلى الشرق. دخول السلطان إلى حلب والقبض على قانى باى وإعدامه.
عود السلطان إلى الشام ثم إلى القاهرة، ونزوله بخانقاه سرياقوس وإقامة حفل كبير بها 36
السلطان المؤيد ينظر فى معايش الناس بنفسه ويتولى شئون الحسبة. ويأمر بتفريق بعض الأموال فى الجوامع والمدارس والخوانق، ويجلب الغلال من الصعيد للتوسعة على الفقراء ولمكافحة الغلاء 39
السلطان يعزل جميع نواب القضاة الأربعة، على أن يقتصر العدد على ثلاثة نواب لكل قاض 40
انتشار الطاعون بالقاهرة 41
السفرة الثالثة للسلطان إلى الشام. إقرار الأمور فى حلب ونواحيها وإخضاع أمراء التركمان، والاستيلاء على قلاعهم، ثم عودة السلطان إلى دمشق 44
قصة آقباى نائب الشام ومشتراه من نقود المقامرة 58
هرب آقباى من سجنه والقبض عليه ثم قتله 62
صورة من الاحتفالات التى يكون فيها الوقيد على سطح النيل 64(14/507)
السلطان يعزم على السفر إلى الحجاز ويستعد له، ثم يعدل بسبب حركة قرايوسف إلى حلب 66
المناداة فى القاهرة بكفر قرا يوسف وضرورة قتاله 67
تقسيم عسكر مصر من وجهة نظر المؤلف 70
الأمير برسباى نائب طرابلس يحارب التركمان الجافلين من وجه قرا يوسف وينهزم أمامهم فيعز له السلطان ويعتقله بقلعة المرقب ويولى بدله سودون القاضى 73
السلطان يقرر سفر العساكر إلى الشام بقيادة ولده صارم الدين إبراهيم 75
سقوط مئذنة الجامع المؤيدى وغلق باب زويلة وما قيل فى ذلك 75
السلطان يودع ولده والأمراء والمماليك والعساكر المسافرين إلى الشام 77
الطاعون ينتشر بالبلاد المصرية 77
المناداة بصيام ثلاثة أيام والخروج إلى الصحراء مع السلطان والتضرع إلى الله ليرفع الطاعون 77
تقدير المقريزى لعدد الموتى بالطاعون 80
السلطان ينكر على بطرك النصارى ما يفعله الحطى بالمسلمين فى الحبشة 81
المقام الصارمى إبراهيم يمهد البلاد الحلبية والقلاع المحيطة بها من بلاد الروم ويؤدب العصاة من التركمان 83
السلطان ينزل بدار ناصر الدين بن البارزى بساحل بولاق، وينزل الأمراء بالدور حوله، وتعمل الخدمة ببولاق وتمد الأسمطة بها ويحتفل فيها بدوران المحمل، ثم يتوجه السلطان إلى الروضة فيخلق المقياس ويفتح سد الخليلج إيذانا بوفاء النيل 84
المقام الصارمى إبراهيم يعود إلى حلب بعد أن أقر الأمن فى القلاع الرومية 87(14/508)
الأمير ناصر الدين محمد بن دلغادر نائب قيسارية يهزم محمد بن قرمان ويقبض عليه ويقتل ولده مصطفى ويرسل برأسه إلى القاهرة 88
عود المقام الصارمى إبراهيم إلى مصر واستقبال السلطان له خارج القاهرة 89
الاحتفال بافتتاح الجامع المؤيدى بعد فراغ العمل به 90
الشروع فى بناء منظرة «الخمس وجوه» بجوار التاج خارج القاهرة 94
السلطان يبطل مكوس الفاكهة المحلية والمجلوبة 94
ابتداء مرض المقام الصارمى إبراهيم بن السلطان الذي مات فيه 94
السلطان يأمر بإعادة عمارة الميدان الناصرى الكبير بموردة الجبس 95
وفاة المقام الصارمى إبراهيم ودفنه بالجامع المؤيدى 96
توقف زيادة النيل وغلاء الأسعار والمناداة بصيام ثلاثة أيام ثم الخروج إلى الصحراء للاستسقاء 97
قرا يوسف يحارب ولده شاه محمد العاصى ببغداد ويهزمه 98
السلطان يسبح فى النيل مع زمانة رجله بين عجب الناس من قوة سباحته، ثم يأمر بهدم مسجد الروضة وإعادة بنائه وترميم بلاط رباط الآثار 98
الحرب بين الأمير عثمان بن طر على المدعو قرايلك وبين بير عمر نائب قرا يوسف على أرزنكان وهزيمة بير عمر وقتله وإرسال رأسه إلى القاهرة 99
السلطان يزوج ابنته للأمير الكبير الطنبغا القرمشى 100
خروج الأمراء والعساكر إلى الشام 100
السلطان يعهد بالسلطنة إلى ولده الأمير أحمد بحضرة الخليفة والقضاة وكبار الأمراء ثم يحلفهم على ذلك كما هى العادة 103
السلطان يلزم أعيان الدولة بأن يعمروا الدور والقصور حول منظرة «الخمس وجوه» 105(14/509)
السلطان يتلقى خبر موت قرا يوسف مسموما وهو على فراش الموت فلم يتم سروره لشغله بنفسه 107
اختلاف الأمراء على السلطة قبيل وفاة السلطان 108
وفاة السلطان الملك المؤيد قبيل ظهر تاسع المحرم سنة 824 هـ 109
رأى المقريزى فى السلطان المؤيد شيخ 109
رأى المؤلف فيه. موقف طريف للمؤلف وهو صغير مع السلطان 110
السنة الأولى من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة 815 هـ 114
ترجمة والد المؤلف الأتابك تغرى بردى بن عبد الله من بشبغا 115
السنة الثانية من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة 816 هـ 122
السنة الثالثة من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة 817 هـ 128
ترجمة الأمير سيف الدين نوروز بن عبد الله الحافظى نائب الشام 128
السنة الرابعة من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة 818 هـ 135
ترجمة الأمير قانى باى المحمدى الظاهرى نائب الشام 138
السنة الخامسة من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة 819 هـ 141
السنة السادسة من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة 820 هـ 146
السنة السابعة من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة 821 هـ 149
السنة الثامنة من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة 822 هـ 157
السنة التاسعة من سلطنة الملك المؤيد شيخ على مصر وهى سنة 823 هـ 160
ترجمة ناصر الدين محمد بن البارزى كاتب السر وعظيم الدولة المؤيدية 161
ترجمة الأمير قرايوسف متملك العراق وتبريز 163
ذكر سلطنة الملك المظفر أحمد ابن السلطان المؤيد شيخ على مصر 167
ترجمة الملك المظفر أحمد. الأمير ططر يعمل للاستيلاء على السلطة. ويجلس 175(14/510)
رأس الميمنة ويتكلم فى شئون الدولة، ويقبض على مخالفيه من الأمراء، ويستميل أجناد الحلقة، ويخالف وصية السلطان المؤيد الأمير جقمق نائب الشام يخرج عن الطاعة ويستولى على قلعة دمشق 175
تفويض الأمير ططر جميع أمور الرعية 176
الأمير ألطنبغا القرمشى لا يوافق الأمير ططر على ما قام به وططر يجيب بأن هذا هو رأى الأمراء والخاصكية والمماليك السلطانية 181
الأمير ألطنبغا القرمشى يختلف مع جقمق نائب الشام ويحاربه ويهزمه ويستولى على دمشق ويعلن بطاعة السلطان وططر جقمق يتجه إلى صرخد 187 دخول السلطان المظفر أحمد والأمير ططر إلى دمشق، والقبض على ألطنبغا القرمشى 188
تزوج الأمير ططر بأم السلطان المظفر أحمد 290
قتل ألطنبغا القرمشى 191
الأمير ططر يتوجه بالسلطان والعساكر إلى البلاد الحلبية 191
القبض على الأمير جقمق نائب الشام بعد نزوله من قلعة صرخد بالأمان ثم قتله فيما بعد 192
خلع السلطان الملك المظفر أحمد من السلطنة فى عشرين شعبان سنة 824 هـ 197
ذكر سلطنة الملك الظاهر سيف الدين أبى الفتح ططر على مصر 198
ترجمة الملك الظاهر ططر. كلام المقريزى فى ذلك ورد المؤلف عليه 198
الظاهر ططر يمهد أمور دمشق ثم يغادرها إلى الديار المصرية 202
ابتداء مرض الموت بالملك الظاهر ططر 204
الإفراج عن الخليفة المستعين بالله العباس من سجن الإسكندرية 205
الملك الظاهر ططر يعهد بالملك لولده الأمير محمد بحضور الخليفة والقضاة والأعيان 206(14/511)
وفاة السلطان الملك الظاهر ططر فى ضحوة الأحد رابع ذى الحجة سنة 824 هـ.
رأى المقريزى فى الظاهر ططر ورأى المؤلف فيه 207
ذكر سلطنة الملك الصالح محمد بن ططر على مصر 211
ترجمة الملك الصالح محمد، وقوع الخلاف بين الأمراء والقبض على جانى بك الصوفى وحبسه واستبداد الأمير برسباى بالأمور 211
الخلاف بين الأمير برسباى والأمير طرباى ووقوع الوحشة بينهما ثم القبض على طرباى وسجنه بالإسكندرية 226
الأمير برسباى الدقماقى يتولى السلطنة ويخلع الملك الصالح محمد بن ططر ويدخله دور الحريم من غير ترسيم 232
السنة التى حكم فيها أربعة سلاطين وهى سنة 824 هـ 235
ترجمة الأمير ألطنبغا بن عبد الله القرمشى 236
ترجمة شيخ الإسلام جلال الدين عبد الرحمن البلقينى 237
ترجمة الأمير سيف الدين جقمق بن عبد الله الأرغون شاوى نائب الشام 240
ذكر سلطنة الملك الأشرف برسباى الدقماقى على مصر 242
ترجمة الملك الأشرف سيف الدين أبى النصر برسباى الدقماقى الظاهرى 242 رأى الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر فى نسبته بالدقماقى ورد المؤلف عليه. 243
الملك الأشرف يمنع الناس كافة من تقبيل الأرض بين يدية، ويجلس للحكم بين الناس فى يومى السبت والثلاثاء من كل أسبوع 247
الناس فى يومى السبت والثلاثاء من كل أسبوع الأمير إينال نائب صفد يخرج عن الطاعة ويفرج عن المسجونين بالقلعة فيأمر السلطان بقتاله 248
الملك الأشرف يخرج الملك المظفر أحمد بن المؤيد وأخاه من القلعة ويرسلهما إلى الإسكندرية 249(14/512)
كثرة عبث الفرنج بسواحل المسلمين واستيلاؤهم على مركب للتجار 249
الاستيلاء على صفد وأسر من فيها وإرسال بعضهم إلى القاهرة 250
الوباء ينتشر بدمشق ويصل إلى غزة 253
فرار جانى بك الصوفى من سجن الإسكندرية 253
الأمير تنبك البجاسى يتولى نيابة دمشق بعد وفاة الأمير تنبك ميق 254
السلطان يأمر بخروج بعض الأمراء إلى السواحل لدفع غارات الفرنج 255
ملك الحبشة يسىء معاملة المسلمين فى بلاده 260
السلطان يولى الأمير سودون من عبد الرحمن نيابة دمشق بدلا من تنبك البجاسى بسبب الإشاعة بخروجه عن الطاعة. الأمير تنبك يقاتل أمراء دمشق ويستولى على المدينة ثم يقاتل الأمير سودون بن عبد الرحمن فينهزم ويقبض عليه ثم يعدم 261
الفرنج يستولون على مركبين للمسلمين قرب ثغر دمياط بمن فيهما، فيوقع السلطان الحوطة على أموال تجار الفرنج بالشام ومصر، ويعوق سفرهم، ويستعد لغزو الفرنج 266
المراكب المصرية تغادر القاهرة إلى طرابلس لاصطحاب المراكب الشامية والتوجه إلى غزو جزيرة قبرس. عودة الغزاة ومعهم الغنائم. أخبار هذه الغزوة 267
الشروع فى عمل أسطول كبير لغزو الفرنج 271
ظهور أمر بندر جدة وأهميته من حيث تحصيل المكوس وإرسال تجريدة مصرية إلى مكة 271
عمارة قلعة بالقرب من الطينة «بور سعيد حاليا» لدفع غارات الفرنج على السواحل المصرية 272
محنة القاضى نجم الدين عمر بن حجى كاتب السر 273(14/513)
السلطان يجهز الغزاة إلى قبرس وينفق فيهم نفقة السفر وينادى بالجهاد لمن أراد، ويشاهد الأساطيل المسافرة بساحل بولاق 275
السلطان يفرج عن زميله الأمير طرباى من سجن الإسكندرية 277
المقام الناصرى محمد بن السلطان ينزل لتخليق المقياس وفتح السد إيذانا بوفاء النيل 277
خبر الغزاة المتوجهين إلى قبرس وانتصاراتهم ثم عودهم بالغنائم والأسرى 278
الشريف حسن بن عجلان أمير مكة يدخل فى طاعة السلطان ويحضر إلى القاهرة صحبة ربك المحمل المصرى فيكرمه السلطان بما يليق به 282
السلطان يمنع التعامل بالذهب المشخص الذي يقال له الإفرنتى. ويقصر التعامل على الدنانير الأشرفية 283
قصة الحملة المتوجهة إلى بلاد اليمن وعودتها 284
المماليك السلطانية يفتشون حى الجودرية بحثا عن جانى بك الصوفى ويجلون أهله عنه 286
صاحب استنبول يتوسط لدى السلطان فى عدم غزو قبرس والسلطان لا يقبل وساطته 286
تجمع العساكر الشامية والعشير والمطوعة فى الميدان الكبير بالقاهرة استعدادا لغزو قبرس. السلطان يستعرض المجاهدين. خروج الأساطيل مشحونة بالمجاهدين من القاهرة فى ثانى رمضان سنة 829 هـ 287
ذكر غزوة قبرس وما حدث فيها من انتصارات وعودة المجاهدين بعد أسر ملك قبرس. استقبال السلطان وأهل القاهرة لهم. حال الملك جينوس ملك قبرس فى حضرة السلطان 292
السلطان يفرج عن ملك قبرس من سجنه بالقلعة ويسمح له بالتجول حيث يشاء. 306(14/514)
صاحب جزيرة رودس يطلب من السلطان الأمان وإعفاءه من الغزو ويتعهد بالقيام بكل ما يطلب منه 306
قصة الأمير تغرى بردى المحمودى وقصة مباشره 307
السلطان يأمر بعدم البيع والشراء ونصب الخيام داخل المسجد الحرام بمكة وما قيل فى سبب ذلك 310
قصة الفتنة التى وقعت فى تعز باليمن وتولية الطاهر يحيى بن إسماعيل بعد عزل الأشرف إسماعيل بن أحمد الناصر 314
عودة إقامة الخدمة بالإيوان بدار العدل وكانت انقطعت من مدة طويلة 318
قصة الخواجا نور الدين على التبريزى العجمى واتصاله بملك الحبشة وسفارته إلى ملوك الفرنج ضد الدولة ومحاكمته ثم إعدامه 324
المماليك الجلبان يعتدون على كبار مباشرى الدولة. رأى كبار الأمراء فيهم وعجز السلطان عن ردعهم 326
الفرنج يهاجمون الإسكندرية ثم يرتدون عنها سريعا 329
السلطان ينفق فى الأمراء والمماليك المسافرين إلى بلاد الشرق. أخبار الحملة المصرية واستيلائها على الرها وغيرها. القبض على هابيل بن قرايلك 330
الحرب بين شاه رخ بن تيمور لنك وبين إسكندر بن قرايوسف التركمانى وانكسار إسكندر وفراره 334
شاه رخ يطلب من السلطان شرح البخارى للحافظ ابن حجر والسلوك للمقريزى ويستأذن فى كسوة الكعبة والسلطان يرفض طلبه 336
أخبار الطاعون المروع الذي شمل البلاد العربية وغيرها حتى بلاد الفرنج 337
قرايلك يتحرك نحو البلاد الحلبية فيأمر السلطان بتجهيز العساكر للسفر إلى البلاد الحلبية 344(14/515)
نزول السلطان إلى الروضة لتخليق المقياس وفتح السد إيذانا بوفاء النيل 346
حديث المقريزى عن حوادث سنة 833 هـ 347
ابتداء سفر العسكر المصرى إلى البلاد الحلبية ثم العدول عن السفر 350
السلطان يبطل التعامل بكافة النقد الأجنبى ما عدا الدراهم البندقية 352
السلطان يصرح بعزمه على السفر إلى البلاد الشامية لحرب قرايلك 354
عزل الأمير سودون من عبد الرحمن عن نيابة دمشق وتولية جارقطلو مكانه وأسباب ذلك 359
السلطان يحيى عادة الجلوس بدار العدل 361
وفاة الملك جينوس ملك قبرس، وتولية ولده جوان وإرسال وفد بخلعة له وتحليفه على الطاعة للسلطان 363
ملك القطلان الفرنج ينزل بأساطيله على جزيرة صقلية ويكتب للسلطان منكرا عليه اشتغال الدولة بالتجارة. والسلطان يرد عليه ردا قبيحا 366
شاه رخ بن تيمورلنك يعاود الكتابة بطلب السماح بكسوة الكعبة الشريفة والسلطان يرفض 368
السلطان ينفق فى الأمراء والمماليك المسافرين معه إلى الشام. خروج مقدمة الجيش المسافر إلى الشام. 372(14/516)
[الجزء الخامس عشر]
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
يبدأ الجزء الخامس عشر من هذا الكتاب الكبير من حوادث يوم الخميس 19 رجب من سنة 836 هـ (1433 م) ، وهو تاريخ سفر السلطان الأشرف برسباى إلى آمد، وذلك على رأس حملة حربية ضد تركمان الشاة البيضاء (آق قيونلو) ؛ وينتهى بنهاية السنة الثالثة عشرة من سنوات حكم السلطان أبى سعيد جقمق، وهى سنة 854 هـ (1450 م) ، وبعبارة أخرى يتناول هذا الجزء سنوات العهد الأخير من سلطنة برسباى، ثم سلطنة يوسف ابنه، الذي حكم أربعة وتسعين يوما، ثم معظم سلطنة جقمق.
أما الخلفاء المعاصرون لهؤلاء السلاطين فهم:
1- المعتضد بالله داود (815- 845 هـ) .
2- المستكفى بالله سليمان (845- 855 هـ) .
3- القائم بأمر الله حمزة (855- 859 هـ) .
واعتمدت فى تحقيق هذا الجزء الخامس عشر، على صور شمسية بدار الكتب المصرية رقم 1343، وهى منقولة عن الأجزاء المخطوطة المحفوظة بمكتبة «أياصوفيا» بالقسطنطينية رقم 4398، 4499؛ ولذا يرمز لهذه النسخة من المخطوطة بحرف (ا) ، وهذا الجزء الخامس عشر، يقابل القسم الأول من الجزء السابع من هذه المخطوطة، بالإضافة إلى نحو(15/3)
خمس ورقات من القسم الثانى منها، وذلك لتكملة وفيات السنة الثالثة عشرة من سلطنة جقمق، وهى السنة التى انتهى بها هذا الجزء كما تقدم.
كما اعتمدت فى التحقيق على طبعة كاليفورنيا التى نشرها المستشرق وليام پوپر.
وتنبغى الإشارة هنا إلى أن طبعة كاليفورنيا لم تستخدم هذه المخطوطة، وهى التى اعتمدت عليها وجعلتها أصلا للتحقيق، والدليل على ذلك كثرة الفقرات التى توجد فى هذه المخطوطة ولا توجد فى تلك الطبعة، ويكفى دليلا على هذه الكثرة، أن الخمسين ورقة الأولى من المخطوطة، فيها ست عشرة فقرة ساقطة فى طبعة كاليفورنيا، فيما عدا الكلمات.
ويوجد بهامش هذه المخطوطة عناوين لبعض الموضوعات الهامة الواردة بالمتن، فضلا عن استدراكات لما وقع للناسخ من سهو أو خطأ بالمتن أيضا.
وقد أشرت إلى ذلك كله فى مواضعه وحرصت على إيراد هذه العناوين الهامشية فى فهرس خاص، كما جاءت بالأصل دون تغيير، وهذا بالإضافة إلى العناوين الكبيرة الواردة خلال الصفحات.
وقد استعنت فى تحقيق هذا المتن، بالمصادر التى تناولت هذه السنوات من التاريخ المصرى؛ ومن أهم هذه المصادر: المنهل الصافى، وحوادث الدهور، وكلاهما لابن تغرى بردى؛ ثم: المقريزى (ت 845 هـ) وابن حجر (ت 852 هـ) والعينى (ت 855 هـ) صاحب الفضل فى توجيه ابن تغرى بردى إلى الاشتغال بالتاريخ، وابن شاهين (872 هـ) والسخاوى (ت 902 هـ) والسيوطى (ت 911 هـ) وابن إياس (ت 930 هـ) وغيرهم.
(انظر قائمة المراجع) .
وشرحت ما دعت الضرورة لشرحه من ألفاظ لغوية ونظم إدارية ومصطلحات وألقاب.(15/4)
ومما يؤخذ على ابن تغرى بردى، فى بعض المواضع، أنه يشير أحيانا إلى أنه فصّل فى كتبه الأخرى، بعض ما أوجز فى كتاب «النجوم» ، واتضح فى بعض الحالات، بعد الرجوع إلى ما أحال عليه، أنه لم يورد ذلك التفصيل، الذي أشار إليه، وأنّ ما أورده، لم يزد عما ذكره فى «النجوم» . وقد أشرت إلى ذلك فى مواضعه (انظر حوادث السنة الحادية عشرة من سلطنة جقمق) .
أما بعد، فإنى أرجو أن أكون قد وفقت- بمساهمتى فى تحقيق كتاب النجوم الزاهرة- إلى أداء بعض ما علىّ من واجب نحو تراثنا القومى.
والله الموفق والهادى إلى الصواب.
27 جمادى الأولى سنة 1390 هـ
30 يونيو سنة 1970 م
د. إبراهيم على طرخان(15/5)
[تتمة ما وقع من الحوادث سنة 836]
[3] ذكر سفر السلطان الملك الأشرف [برسباى] إلى آمد
لما كان يوم الخميس تاسع عشر شهر رجب من سنة ست وثلاثين وثمانمائة، الموافق لأول فصل الربيع، وانتقال الشمس إلى برج الحمل، ركب السلطان «1» الملك الأشرف برسباى من قلعة الجبل ببقية أمرائه «2» ومماليكه، وعبّى أطلابه «3» ، وتوجه فى الساعة الثالثة من النهار المذكور إلى مخيّمه بالرّيدانيّة «4» ، [خارج القاهرة] «5» ، تجاه مسجد التّبن «6» ، فسار فى موكب جليل إلى الغاية، وقد خرج الناس لرؤيته، إلى أن وصل إلى مخيمه، وصحبته من الأمراء المقدمين: الأمير جقمق العلائى أمير آخور «7» ، والأمير(15/7)
أركماس الظاهرى الدّوادار، والأمير تمراز القرمشى رأس نوبة النّوب، والأمير يشبك السّودونى المعروف بالمشدّ «1» ، والأمير جانم أخو «2» الملك الأشرف، والأمير جانى بك الحمزاوى، فهؤلاء «3» من مقدمى الألوف؛ وسافر معه جماعة كثيرة من أمراء الطبلخاناه، مثل الأمير قراخجا الشعبانى الظاهرى برقوق، ثانى رأس نوبة، والأمير قراسنقر من «4» عبد الرحمن الظاهرى برقوق، والأمير قراجا الأشرفى شادّ الشرابخاناه «5» ، والأمير تمر باى التّمر بغاوى الدوادار الثانى، والأمير شيخ الرّكنى الأمير آخور الثانى، والأمير خجا سودون السّيفى بلاط الأعرج، أحد رؤوس النوب، والأمير تغرى بردى البكلمشى المؤذى «6» ، أحد رؤوس النوب، فهؤلاء الذين يحضرنى الآن أسماؤهم «7» .
وسافر معه عدة كبيرة من الأمراء العشرات، وخلع «8» على الأمير حسين بن أحمد(15/8)
المدعو تغرى برمش، باستقراره فى نيابة الغيبة، ورسم له بسكنى باب السلسلة «1» والحكم بين الناس. ورسم باستقرار الأمير آقبغا التّمرازى، أمير مجلس، بإقامته بالقاهرة، وبسكنه بقصر بكتمر عند الكبش، والآمير بردبك الإسماعيلى قصقا الحاجب الثانى.
وعيّن أيضا عدة من أمراء العشرات والحجاب بالإقامة بالقاهرة، واستقر بالقلعة [المقام] «2» الجمالى يوسف ابن السلطان الملك الأشرف، وهو أعظم مقدمى الألوف، والأمير خشقدم الظاهرى الزمام الرومى، والأمير تنبك البردبكى نائب قلعة الجبل، والأمير إينال الظاهرى أحد رؤوس النوب المعروف بأبزى «3» .
وخلع على الأمير إينال الششمانى أحد أمراء العشرات ورأس نوبة باستقراره أمير حاجّ الموسم، وخلع على الوزير الأستادار الصاحب كريم الدين بإقامته بالقاهرة، وأن يتوجه أمين الدين إبراهيم بن الهيصم «4» ، ناظر الدولة صحبة السلطان.
وبات السلطان ليلة الجمعة بالرّيدانية، واشتغل بالمسير من الغد، فى يوم الجمعة، بعد الظهر إلى البلاد الشامية، ومعه من ذكرنا من الأمراء والخليفة المعتضد بالله داود والقضاة الأربعة، وهم: قاضى القضاة شهاب الدين أحمد بن حجر الشافعى «5» ، وقاضى القضاة بدر الدين محمود العينتابى الحنفى «6» ، وقاضى القضاة شمس الدين محمد البساطىّ(15/9)
المالكى، وقاضى القضاة محبّ الدين أحمد البغدادى الحنبلى.
ومن مباشرى الدولة: القاضى كمال الدين محمد بن البارزى كاتب السر، وزين الدين إبراهيم ابن كاتب جكم ناظر الخواصّ، والقاضى شرف الدين أبو بكر الأشقر نائب كاتب السر، وأئمة السلطان الذين يصلّون به الخمس، ونديمه ولىّ الدين بن قاسم الشّيشينى؛ فهذا الذين سمحت القريحة بذكرهم. وكان سفر السلطان فى الغد من يوم خروجه من القاهرة، بخلاف عادة الملوك- انتهى.
وسار السلطان بعساكره، لا يتجاوز فى سيره المنازل، إلى أن وصل إلى مدينة غزة، فى أول شعبان، بعد أن خرج نائبها «1» الأمير إينال العلائى الناصرى، أعنى الملك الأشرف إينال، إلى ملاقاته هو وأعيان غزة؛ ودخل السلطان إليها فى موكب عظيم [سلطانى] «2» ، وأقام بها، إلى أن رحل منها فى يوم الخميس رابعه، بعد أن [4] نزل بالمسطبة خارج غزة ثلاثة أيام؛ وسار إلى جهة دمشق، ونحن فى خدمته، إلى أن وصل إلى مدينة دمشق فى يوم الاثنين خامس عشر شعبان، واجتاز بمدينة دمشق بأبهة السلطنة وشعار الملك فى موكب جليل، وحمل الأمير جارقطلو «3» نائب الشام القبّة والطّير على رأسه، إلى أن نزل بالدّهليز السلطانى بمنزلة برزة «4» خارج دمشق، وكذلك جميع أمرائه وعساكره نزلوا «5» بخيامهم بالمنزلة المذكورة، ولم ينزلوا بمدينة دمشق، شفقة على أهل دمشق «6» .
وأقام السلطان بمخيّمه خمسة أيام، وركب فيها غير مرة، ودخل دمشق، وطلع(15/10)
إلى قلعتها مرارا؛ ثم رحل السلطان من دمشق بأمرائه وعساكره، فى يوم السبت عشرينه، يريد البلاد الحلبية، فحصل للعسكر بعيض مشقّة لعدم إقامته بدمشق، من أجل راحة البهائم. ولم يعلم أحد قصد السلطان فى سرعة السير لماذا [؟] وسار حتى وصل إلى حمص ثم إلى حماه، فخرج الأمير جلبان نائب حماه إلى ملاقاة السلطان بعساكر حماه، فأقام السلطان بظاهر «1» حماه المذكورة ثلاثة أيام، ثم رحل منها يريد حلب. ولم يدخل السلطان حماه بأبهة السلطنة كما دخل دمشق لما سبق ذلك من قواعد الملوك السالفة:
أن السلطان لا يدخل أبدا من مدن البلاد الشامية بأبّهة السلطنة إلا دمشق وحلب ثم مصر، وباقى البلاد يدخلها على عادة سفره إلا الملك المؤيّد شيخ، فإنه لما سافر إلى البلاد الشامية فى واقعة نوروز الحافظى «2» ، عمل بحماه الموكب السلطانىّ ودخلها بأبهة السلطنة، وحمل على رأسه القبة والطير الأمير الكبير، استقلالا «3» بنائبها، فإنه لا يحمل القبة والطير على رأس السلطان إلا أحد هؤلاء الأربعة: الأمير الكبير، أو ابن السلطان، أو نائب الشام، أو نائب حلب.
وكان لعمل الملك المؤيّد الموكب بحماه سبب، وهو أنه كان فى أيام إمرته، فى الدولة الناصرية [فرج] لما حاصر الأمير نوروز الحافظى بها تلك المدة الطويلة، وقع فى حقّه من أهل حماه أمور شنيعة، صار فى نفسه من ذلك حزازة «4» ، فلما ملك البلاد وتسلطن، أراد أن ينسكيهم «5» بما هو فيه من العظمة، ويريهم ما آل أمره إليه-[انتهى] «6» .
وسار السلطان [الملك] «7» الأشرف من حماه إلى أن وصل إلى حلب فى يوم الثلاثاء، خامس شهر رمضان، ودخلها على هيئة دخوله إلى دمشق، بأبهة السلطنة؛ وحمل القبّة(15/11)
والطير على رأسه، الأمير [سيف الدين] «1» قصروه [بن عبد الله] «2» ، من «3» تمراز نائب حلب؛ وشقّ السلطان مدينة حلب فى موكب عظيم، إلى أن خرج منها على هيئته، ونزل بمخيمه بظاهر حلب برأس العين «4» ، ونزل معه جميع عساكره بخيلهم، ولم ينزل أحد منهم بمدينة حلب، فأقام السلطان بمكانه المذكور خمسة عشر يوما، يركب فيها ويدخل إلى حلب ويطلع إلى قلعتها.
وكانت إقامة السلطان بحلب هذه المدة، ليرد عليه بها قصّاد الأمير عثمان بن طرعلى، المدعو قرا يلك «5» ، فى طلب الصلح، فلم يرد عليه أحد ممن يعتمد السلطان على كلامه، فعند ذلك تهيأ السلطان للخروج إلى جهة آمد.
وسار من حلب فى يوم الاثنين، حادى عشرين شهر رمضان، مخفّفا من الأثقال والخيام الهائلة؛ ونزل القضاة بمدينة حلب، وصحب الخليفة أمير المؤمنين المعتضد داود، وهو فى ترسيم الأمير قراسنقر العبد الرحمانى «6» ، أحد أمراء الطبلخاناه، كما هى العادة فى مشى بعض الأمراء مع الخلفاء فى الأسفار، كالتّرسيم عليه، وهذا «7» أيضا من القواعد القديمة.(15/12)
واستمر السلطان فى سيره بجميع عساكره، غير أنهم فى خفّة من أثقالهم، إلى أن وصل البيرة، وقد نصب جسر المراكب على بحر الفرات لتعدية العساكر السلطانية عليه إلى جهة الشرق، فنزل السلطان فى البر الغربى الذي جهة حلب، وأقام بمخيمه، وأمر الأمراء أن تعدى إلى تلك الجهة بأطلابها قبله، ثم يسير السلطان بالعساكر بعدهم لئلا تزدحم «1» العساكر على الجسر المذكور، لأن الجسر، وإن كان محكما، فهو موضوع على المراكب، والمراكب مربوطة موثوقة «2» بالسلاسل، فهو على كل حال، ليس بالثابت تحت الأقدام، ولا بد أن يرتجّ عند المرور عليه؛ وكانت «3» سعة الجسر بنحو أن يمر عليه قطاران «4» من الجمال المحملة- انتهى.
فأخذت الأمراء فى التعدية إلى جهة البيرة [5]- والسلطان بعساكره فى خيامهم- إلى أن انتهى حال الأمراء، فأذن السلطان عند ذلك للعساكر بالمرور على الجسر المذكور إلى البيرة من غير عجلة، فكأنه استحثهم على السرعة، فحمّلوا جمالهم «5» للتعدية، ووقع بينهم أمور وضراب ومخاصمة بسبب التعدية، يطول شرحها، إلى أن عدّى غالبهم. فعند ذلك ركب السلطان بخواصّه ومرّ على الجسر المذكور إلى أن عدّاه، ونزل بقلعة البيرة فى يوم السبت سادس عشرين شهر رمضان، ونزلت العساكر المصرية «6» والشامية «7» على شاطىء بحر الفرات وغيره، فأقام السلطان بالبيرة إلى أن رتب أمورها وترك بها أشياء كثيرة من الأثقال السلطانية، ورحل منها فى أواخر شهر رمضان المذكور إلى جهة آمد حتى نزل على مدينة الرّها فى ليلة عيد الفطر، فوجدناها «8» خرابا خالية من أهاليها وأصحابها لم يسكنها(15/13)
إلا من عجز «1» عن الحركة من ضعف بدنه أو لقلة «2» ماله. ونزل السلطان على ظاهرها من جهة الشرق وعيّد بها عيد الفطر، ودخلت أنا إلى مدينة الرّها وطلعت إلى قلعتها، فإذا هى مدينة لطيفة، وقلعتها «3» فى غاية الحسن، على أنها صغيرة جدا.
ثم أصبح السلطان يوم عيد الفطر، وقد اشتغل بالمسير إلى جهة آمد، وإلى الآن لم يعرف لقرايلك خبر، والأقوال فيه مختلفة، فمن الناس من يقول إنه تهيأ ويريد قتال العساكر السلطانية، ومن الناس من يقول إنه دخل إلى آمد وحصّنها، ومن الناس من يقول إنه ترك بمدينة آمد ابنه بعد أن حصنها، وتوجه إلى قلعة أرقنين «4» ، وأرقنين على يسار المتوجّه إلى آمد. وسار السلطان بعساكره من الرّها وعليهم الأسلحة وآلة الحرب، إلى أن نزل على آمد فى يوم الخميس ثامن شوال؛ وقبل نزول السلطان عليها صفّ عساكره عدة صفوف، ووراءهم الثقل والخدم، حتى ملأوا «5» الفضاء طولا وعرضا. ومشى السلطان هو والخليفة، ومباشرو «6» الدولة حولهما بغير سلاح، يوهم أن المباشرين المذكورين هم قضاة الشرع، لكون لبسهم على هيئة لبس الفقهاء، وليس بينهم وبين القضاة فرق، بل كان فيهم مثل القاضى كمال الدين [بن البارزى] «7» كاتب السر، وهو أفضل من قضاة كثيرة، وسار السلطان بهم أمام عسكره.
وقد هال أهل آمد ما رأوه من كثرة العساكر وتلك الهيئة المزعجة التى قل أن يجتمع فى عساكر الإسلام مثلها، من ترادف العساكر بعضها على بعض، حتى ضاق عليهم اتساع(15/14)
تلك البرارى، وخلف العساكر المذكورة الأطلاب الهائلة، والكوسات تدق، والبوقات تزعق، وقد تجاوز عدد أطلاب الأمراء، لكثرة ما اجتمع على السلطان من العساكر المصرية والنواب بالبلاد الشامية وأمراء التركمان والعربان؛ فكانت عدة الأطلاب التى بها الطبول والزمور تزيد على مائة طلب، ما بين أمراء مصر المقدمين وبعض الطّبلخانات ونائب دمشق وأمرائها، وهم عدة كثيرة، ونائب حلب وأمرائها وطرابلس وأمرائها، وكذلك حماه وصفد وغزة ونواب القلاع «1» وأمراء التركمان «2» الذين تضرب على بابهم الطّبول «3» ، فدقت عند قدوم السلطان جميع طبول هؤلاء وزعقت الزمور يدا واحدة، فانطبق الفضاء طبلا وزمرا حربية، هذا مع كثرة البراشم «4» والأجراس المعلقة على خيول الحرب الملبّسة بالعدد الكاملة وقلاقل الجمال.
وعند القرب من مدينة آمد، أخذت العساكر تلتمّ حتى أشرف أجناد كثيرة على الهلاك «5» من عظم ازدحام بعضهم على بعض، ومع هذا أعرض «6»(15/15)
العساكر مدد العين، وصار الرجل من العسكر إذا تكلم مع رفيقه لا يسمع رفيقه كلامه إلا بعد جهد كبير لعظم الغوغاء، فانذهل أهل آمد مما عاينوا من كثرة هذه العساكر وشدة بأسها وحسن زيّهم، ومن التّجمّل الزائد فى العدد والآلات والخيول والأسلحة، والكثرة الخارجة عن الحد فى العدد.
وكان قرايلك قبل أن يخرج «1» من مدينة آمد، أمر أن يطلق الماء على أراضى آمد من خارج البلد من دجلة، ففعلوا ذلك فارتطمت «2» خيول كثير من العسكر بالماء والطين، فلم يكترث أحد بذلك، ومشى العسكر صفّا واحدا، وخلف كل صف صفوف لا تعدّ. واستمروا فى سيرهم المذكور [6] إلى أن حاذوا خندق آمد، وقد بهت أهلها لما داخلهم من الرّعب والخوف ممّا طرقهم من العساكر، ولم يرم منهم أحد بسهم فى اليوم المذكور إلا نادرا، ولا علا «3» أحد منهم على شرفات البلد إلا فى النادر أيضا، وصاروا ينظرون العساكر من الفروج التى بين الشرفات «4» .
ولم يكن لآمد المذكورة قلعة بل سور المدينة لا غير، إلا أنه فى غاية الحسن من إحكام بنيانه، وكل بدنة بالسور المذكور تحمى البدنة الأخرى، فلهذا يصعب «5» حصارها، ويبعد أخذها عنوة؛ فوقف العسكر حول آمد ساعة.
ثم مال السلطان بفرسه إلى جهة بالقرب من مدينة آمد، ونزل به فى مخيمه، وأمر الناس بالنزول فى منازلهم، وأمرهم بعدم قتال أهل آمد؛ على أن أوباش القوم تراموا بالسهام قليلا، فتوجه كل واحد «6» إلى مخيمه، ونزل الجميع بالقرب من آمد، كالحلقة عليها، غير أنهم على بعد منها، بحيث أنه لا يلحقهم الرمى من السور، وأحدقت العساكر بالمدينة من جهتها الغربية، وكان الموضع الذي نزلنا به هو أقرب الجهات «7» للمدينة المذكورة.(15/16)
ونزل السلطان بمخيمه وقد ثبت عنده رحيل قرايلك من آمد. وأنه ترك أحد أولاده بها، فأقام بمخيمه إلى صبيحة يوم السبت عاشر شوال، فركب»
وزحف بعساكره على مدينة آمد بعد أن كلمهم السلطان فى تسليمها قبل ذلك؛ وترددت الرسل بينه وبينهم، فأبى من بها من الإذعان «2» لطاعة السلطان وتسليم المدينة إلا بإذن قرايلك.
ولما زحف السلطان على المدينة اقتحمت عساكر السلطان خندق آمد، وقاتلوا من بها قتالا شديدا، حتى أشرف القوم على الظفر وأخذ المدينة، وردم غالب خندق مدينة آمد بالحجارة والأخشاب.
وبينما الناس فى أشد «3» ما [هم] «4» فيه من القتال، أخذ السلطان فى مقت المماليك وتوبيخهم، وصار كلما جرح واحد من عساكره وأتى له به يزدريه ويهزأ «5» به، وينسب القوم للتراخى فى القتال.
ثم لبس هو سلاحه بالكامل، وأراد أن يقتحم المدينة بنفسه حتى أعاقه عن ذلك أعيان أمرائه، وهو راكب على فرسه، وعليه السلاح الكامل من الخوذة إلى الركب، واقف على فرسه بمخيّمه حيث يجلس، والناس وقوف وركبان بين يديه، تعده بالنصر والظفر فى اليوم المذكور، وإن لم يكن فى هذا اليوم فيكون فى الغد «6» ، وتذكر له أن القلاع لا تؤخذ «7» فى يوم ولا فى «8» يومين، وهو يتكلم بكلام [معناه] «9» : أن عساكره تتهاون «10» فى قتال أهل آمد، فلا زالت الأمراء به، حتى خلع عن رأسه خوذته ولبس
(النجوم الزاهرة ج 15)(15/17)
تخفيفة على العادة، واستمر القرقل «1» عليه، إلى أن ترضّاه الأمراء، وخلع قرقله «2» ، فحمى «3» الحر واشتدت القائلة وسئمت «4» الناس من القتال، هذا مع ما بلغهم من غضب السلطان، بعد أن لم يبقوا ممكنا «5» فى القتال؛ وقد أثخنت جراحات الأمراء والمماليك من عظم القتال.
كل «6» ذلك والسلطان ساخط عليهم بغير حق، فعند ذلك فتر عزم القوم عن القتال «7» من يومئذ، وما أرى هذا الذي وقع إلا خذلانا «8» من الله تعالى لأمر سبق، وإلا فالعساكر الذين «9» اجتمعوا «10» على آمد، كان يمكنهم أخذ عدة مدن، مثل آمد وغيرها.
ولما انقضى القتال، وتوجه كل واحد إلى مخيمه، وهو غير راض فى الباطن، وجد «11» أهل آمد راحة كبيرة بعودة القوم عنهم، وبلعوا ريقهم، وأخذوا فى تقوية أبراج المدينة وسورها، بعد أن كان أمرهم قد تلاشى، مما دهمهم من شدة قتال من لا قبل لهم بقتاله. ونزل السلطان بمخيمه، وندب الأمراء [والعساكر] «12» للزحف «13» على هيئة ركوبهم يوم السبت، فى يوم الثلاثاء، وهو أيضا فى حال غضبه، فابتدأ الأمير قصروه نائب حلب، والأمير مقبل نائب صفد، والأمير جقمق العلائى الأمير آخور،(15/18)
فى الكلام مع السلطان فى تسكين غضبه، وقالوا: «يا مولانا السلطان، القلاع [كما فى علم السلطان] «1» ، ما تؤخذ فى يوم [واحد] «2» ، ولا فى شهور «3» ؛ وثمّ من القلاع ما «4» حاصره تيمور لنك مع كثرة عساكره، عشر سنين. يا مولانا السلطان، الحصون ما تبنى إلا للمنع، ولولا ذاك ما بنى أحد حصنا، وقد اجتهد مماليك السلطان وأمراؤه «5» فى القتال، وجرح الغالب منهم» .
وكان ممن جرح من الأعيان: الأمير [7] تغرى بردى المحمودى، رأس نوبة النوب، وهو كان يوم ذاك أتابك العساكر «6» بدمشق، والأمير سودون ميق، أحد مقدمى الألوف بديار مصر، والأمير تنبك من سيّدى بك الناصرى المعروف بالبهلوان، أحد أمراء العشرات ورأس نوبة؛ وأما من المماليك والخاصكيّة فكثير. فكان آخر كلام السلطان للأمراء: «إن العساكر تركب صحبة الأمراء فى يوم الثلاثاء، وتزحف على المدينة، ويكون الذي يركب مع الأمراء للزحف، المماليك القرانيص «7» ، وأنا ومماليكى(15/19)
الأجلاب «1» نكون خلفهم» ، أراد بذلك عدم معرفة مماليكه بطرق الحرب، فحمل الناس كلامه على أنه يفعل ذلك شفقة على مماليكه، وأنه يريد هلاك من سواهم.
وقامت قيامة القوم، وتنكرت القلوب على السلطان فى الباطن، وتطاولت «2» أعناق أمرائه إلى الوثوب عليه، واتفق كثير منهم على ذلك لولا أن بعضهم مات من جراحه، وتخوّف بعضهم أيضا من بعض، وعدم موافقة جماعة أخر من أعيان الأمراء لذلك.
وكان ممن اتّهم بالوثوب، على ما قيل، الأتابك جار قطلو نائب الشام، وطرباى نائب طرابلس، ومقبل نائب صفد، وتغرى بردى المحمودى- مات بعد أيام من جرح أصابه- وسودون ميق- مات أيضا من جرح أصابه- والأمير جانبك الحمزاوى- مات فى عود الملك الأشرف إلى مصر بعد أن ولاه نيابة غزة على كره منه، وجماعة كثيرة غير هؤلاء، على ما قيل.
وكان الذي لم يوافقهم على الوثوب، الأمير قصروه والأمير إينال الجكمى أمير سلاح، والأمير جقمق الأمير آخور؛ وأما الأمير سودون من عبد الرحمن أتابك العساكر، فلم يكن «3» من هؤلاء «4» ولا من هؤلاء، لطول مرضه: من يوم خرج من مصر وهو فى محفة، وكل ذلك لم يتحققه أحد، غير أن القرائن الواقعة بعد ذلك تدل على صدق هذه المقالة- انتهى.
ولما خرج الأمراء من عند السلطان، بعد أن امتثلوا ما رسم به من الزحف فى(15/20)
يوم الثلاثاء، بلغ السلطان عن الأمراء والمماليك نوع مما ذكرناه، فاضطرب أمره وصار يحاصر «1» [المدينة] «2» وهو فى الحقيقة محصور من احتراسه من أمرائه ومماليكه، وأخذ فى الندم على سفره «3» ، وفتر عزمه عن أخذ المدينة فى الباطن، وضعف عن تدبير القتال.
كل ذلك والموكب السلطانى يعمل فى كل يوم، والأمراء تحضره، ويركب السلطان ويسير إلى حيث شاء «4» ، ومعه الأمراء والنواب، غير أن البواطن معمورة بالغش، ويمنعهم من إظهار ما فى ضمائرهم موانع؛ هذا والقتال مستمر فى كل يوم، بل فى كل ساعة، بين العسكر السلطانى وبين أهل آمد، غير أنه لم يقع يوم مثل «5» يوم السبت المذكور، وقتل خلائق من الطائفتين كثيرة، وصار السلطان يضايق أهل آمد بكل ما «6» وصلت قدرته إليه، هذا وقد قوى أمرهم واشتد بأسهم لما بلغهم من اختلاف عساكر السلطان، وصاروا يصيحون من أعلى السور:
«الله ينصر جار قطلو» ، وانطلقت «7» ألسنتهم بالوقيعة والسبّ والتوبيخ، من السلطان إلى من «8» دونه.
وبينما السلطان فيما هو فيه، قدم عليه الأمير دولات شاه الكردى صاحب أكلّ «9» من ديار بكر، فأكرمه السلطان وخلع عليه.(15/21)
ثم لما بلغ الملك الأشرف أحمد ابن الملك العادل سليمان ابن المجاهد غازى ابن الكامل محمد ابن العادل أبى بكر ابن الأوحد عبد الله ابن المعظم توران شاه ابن السلطان الملك الصالح نجم الدين [أيوب] «1» ابن [السلطان] «2» الملك الكامل محمد ابن السلطان الملك العادل أبى بكر بن أيوب بن شاذى الأيوبى، صاحب حصن «كيفا» قدوم السلطان الملك الأشرف إلى آمد، خرج من الحصن فى قليل من عسكره فى أوائل ذى القعدة، يريد القدوم «3» على السلطان، «4» فاعترضه فى مسيره جماعة من أعوان قرايلك على حين غفلة، وقد نزل عن فرسه لصلاة العصر، وقاتلوه إلى أن قتل الملك الأشرف المذكور من سهم أصابه، وانهزم بقية من كان معه وانتهبوا، ففدم جماعة «5» منهم [على الملك] «6» الأشرف، وعرّفوه بقتل الملك الأشرف صاحب الحصن، فعظم عليه ذلك إلى الغاية.
ومن هذا اليوم أخذ السلطان فى أسباب الرحيل عن آمد، غير أنه صار يترقب [8] حركة يرحل بها لتكون لرحيله «7» مندوحة. ثم ندب السلطان جماعة كبيرة من التركمان والعربان من عسكره لتتبع قتلة الملك الأشرف صاحب الحصن. وكان منذ نزل السلطان على آمد و «8» أتباع العسكر السلطانى من التركمان والعربان تعيث «9» وتنهب فى قرى آمد وغيرها ويأتون «10» بما يأخذونه للعساكر المذكورة،(15/22)
وصارت الغلمان تخرج من الوطاق إلى جهات آمد وتحصد الزروع «1» وتأتى بها الأجناد، حتى صار أمام خيمة كل جندى جرن كبير من الزرع، وهو الذي قام بعلوفة خيول العسكر فى طول مدة الإقامة على آمد، ولولا ذلك لكان لهم شأن آخر.
ولما ندب السلطان الجماعة المذكورة لتتبع قتلة الملك الأشرف وغيره، خرجوا إلى جهة من الجهات فوافوا جماعة كبيرة من أمراء قرايلك وقاتلوهم حتى هزموهم، وأسروا منهم جماعة كبيرة من أمراء قرايلك وفرسانه وأتوا بهم إلى السلطان، وهم نيف على عشرين نفسا، فأمر السلطان بقيدهم فقيدوا.
ثم توجهوا ثانيا فوافقوا جماعة أخر، فقاتلوهم أيضا وأسروا منهم نحو الثلاثين، ومن جملتهم قرا محمد أحد أعيان أمراء قرايلك؛ فأحضر السلطان قرا محمد وهدده بالتّوسيط «2» إن لم يسلم له آمد، فأخذوا «3» قرا محمد المذكور ومرّوا إلى تحت سور المدينة، فكلمهم قرا محمد المذكور فى تسليم المدينة، فلم يلتفتوا إليه، فأخذوه وعادوا، فأصبح السلطان وسّط منهم تحت سور آمد عشرين رجلا، من جملتهم قرا محمد المذكور.
واتفق فى توسيط هؤلاء غريبة، وهو أن بعضهم حمل للتوسيط فاضطرب من أيدى حملته فوقع منهم إلى الأرض، فقام بسرعة وهرب إلى أن ألقى بنفسه إلى الخندق، بعد أن تبعه جماعة، فلم يقدروا على تحصيله؛ ثم خرج من الخندق وقد أرخى إليه من سور آمد حبل «4» ، وتشبث به إلى قريب الشرفة، فانقطع الحبل فوقع إلى الأرض، ثم جرّ ثانيا إلى أعلى المدينة ونجا، وقيل إنه مات بعد ثلاثة أيام من طلوعه، والله أعلم.(15/23)
ثم بلغ السلطان أن قرا يلك نزل من قلعة أرقنين «1» بجماعة من عساكره، يريد أن يكبس على السلطان فى الليل أو يتوجه بهم إلى حلب. فندب السلطان جماعة من الأمراء والمماليك فى عمل اليزك «2» بالنوبة، فى كل ليلة لحفظ العساكر؛ ثم رسم السلطان للأمير قطلو نائب الشام بالتوجه لقرايلك بقلعة أرقنين، وندب معه جماعة من النواب والأمراء والعساكر المصرية- وكنت أنا معهم- فخرجنا من الوطاق السلطانى فى الليل بجموع كثيرة، وجددنا «3» فى السير حتى وافينا قرايلك وهو بمخيمه تحت قلعة أرقنين بين الظهر والعصر، وكان غالب العسكر قد تخلف بعدنا، فتقدم بعض العسكر السلطانى من التركمان والعربان، ومثل الأمير مقبل الحسامى نائب صفد وآقبغا الجمالى المعزول عن الأستادارية وجماعة أخر من الأعيان من أمراء مصر والشام، واقتتلوا مع القرايلكية قتالا جيدا إلى أن [كانت] «4» الكسرة فينا، وقتل منا جماعة كثيرة من التركمان والعربان وأمراء دمشق وغيرهم، مثل الأمير تمرباى الجقمقى أحد أمراء دمشق، [والأمير] «5» بخت خجا أيضا من أمراء دمشق، وجرح أكثر من كان مغنا من الخاصكية والمماليك، كل ذلك وسنجق السلطان إلى الآن لم يصل إلينا.
وأما جار قطلو، فإنه لما قوى الحرّ عليه نزل على نهر بالقرب من أرقنين ليروى خيوله «6» منه، وصار الرائد «7» يرد عليه بأن القوم قد التقوا مع عساكر قرايلك، وهم «8» فى قلة وقد عزموا على القتال، فلم يلتفت إلى ذلك وسار على هينته، فتركه «9» بعض(15/24)
عساكره وساقوا «1» حتى لحقوا بمن تقدمهم وقاتلوا القرايلكية، وهم من تقدم ذكرهم ممن قتل من أمراء دمشق.
ولما أن بلغ من معنا من الأمراء المصريين ما وقع لجماعتنا، ساقوا أيضا حتى وافى «2» جماعة منهم العسكر السلطانى، فعند ذلك تراجع القوم وكروا على القرايلكية وهزموهم «3» أقبح هزيمة، وتعلق قرايلك بقلعة أرقنين وتحصّن بها، ونهبت عساكره وتمزقوا كل ممزق. ثم عدنا إلى جهة الوطاق بآمد فى آخر النهار المذكور على أقبح وجه ممن باشر القتال، وهم القليل، وأما غالب [9] العسكر فلم ير القتال بعينه.
وصار الأمير أزبك جحا «4» بين يدى السلطان يثنى «5» على التركمان والعربان، ويقول: «يا مولانا هؤلاء هم العسكر الذي ينتصر الملوك بهم لا غيرهم» ؛ فعظم ذلك على طائفة من المماليك إلى الغاية، وشنعوا القالة فيه لكونه تكلم الحق، ومن يومئذ تحقق السلطان ما قيل عن جارقطلوا من تقاعده عن قتال قرايلك، وأكثر أهل آمد من هذا اليوم الدعاء للأمير جارقطلو المذكور من أعلى السور، حتى خرجوا عن الحد، فلم يدر الناس هل كان ذلك مكيدة من مكايد قرايلك ليوقع الخلف «6» بين العسكر بسبب ذلك، أم كان ذلك عن حقيقة «7» ، والله أعلم.(15/25)
هذا والسلطان مجتهد فى عمارة قلعة من الخشب تجاه أبراج آمد، ومكاحل «1» النفط ترمى فى كل يوم بالمدافع والمناجنيق «2» منصوبة، يرمى بها أيضا على الأبراج، وأهل آمد فى أسوأ ما يكون من الحال؛ هذا مع عدم التفات السلطان لحصار آمد الالتفات الكلى، لشغل خاطره من جهة التفاته «3» [إلى] «4» اختلاف عساكره، وهو بتلك البلاد بين يدى عدوه، وقد تورط فى الإقامة على حصار آمد، والشروع ملزم. وطالت إقامته على آمد بعساكره نحو خمسة وثلاثين يوما، وقد ضاق الحال أيضا على أهل آمد، فعند ذلك ترددت الرسل بين السلطان وبين قرايلك فى الصلح، وكان قرايلك هو البادئ فى ذلك، حتى تم وانتظم «5» الصلح بينهما على أن قرايلك يقبّل الأرض للسلطان، ويخطب باسمه فى بلاده ويضرب السكة على الدينار والدرهم باسمه، فأجاب إلى ذلك، فأرسل إليه السلطان حمى «6» القاضى شرف الدين الأشقر نائب كاتب السر، وأرسلت أنا معه بعض أعيان مماليك الوالد ممن كان فى صحبتى من المماليك السلطانية، فتوجه إليه القاضى شرف الدين المذكور بالخلع والفرس الذي جهزه السلطان إليه بقماش ذهب، ونحو ثلاثين قطعة من القماش السكندرى.
ولما بلغ قرايلك مجىء القاضى شرف الدين، نزل من قلعة أرقنين بمخيمه، ولقى القاضى شرف الدين المذكور، وسلم عليه، ثم قام وقبّل الأرض فألبسه القاضى شرف الدين(15/26)
الخلعة، وكانت كامليّة مخمل كفوىّ «1» بمقلب سمّور، وفوقانيّا «2» بوجهين أحمر وأخضر «3» ، بطراز عريض إلى الغاية. ثم قدم له الفرس صحبة الأوجاقى «4» ، فقام إليه «5» ، فأمره القاضى شرف الدين بتقبيل حافر الفرس، فامتنع من ذلك قليلا، ثم أجاب بعد أن قال: «والله إن هذه عادة تعيسة» ، أو معنى ذلك.
ثم أخذ «6» فى الكلام مع القاضى شرف الدين، فأخذ القاضى «7» شرف الدين يعظه ويحذره مخالفة السلطان وسوء عاقبة ذلك، فقال: «وأنا من أين! والسلطان من أين! أنا رجل تركمانى فى جهة من الجهات!» . ثم شرع «8» يذكر قلة رأى السلطان فى مجيئه «9» إلى بلاده، وقال: «أنا يكفينى نائب حلب، وهو بعض نواب السلطان، [و] «10» ما عسى كان يفعل السلطان لو أخذ آمد؟ وكل شىء فى آمد ما يساوى بعض ما تكلفه» ، ثم قال: «والله لو أعطانى السلطان نصف ما ذهب من الكلف فى نعل خيوله وخيول عساكره، لرضيت ودخلت فى طاعته» ، ثم قال: «لو كان مع السلطان أمير من جنس هذا- وأشار إلى مملوك الوالد الذي توجه مع القاضى شرف الدين- ما خلّاه يجيء «11» إلى هنا» ، وكان المملوك المذكور تتريّا «12» ، فقال شرف الدين: «بلى، مع السلطان جماعة من جنسه» ؛ فقال: «لا والله، كان عندكم واحد نفيتموه إلى القدس(15/27)
بطّالا «1» ، يعنى بذلك «2» الأمير قرامراد خجا الشّعبانى، أمير جاندار، وأحد مقدمى الألوف. ثم قام قرايلك وقلع الخلعة من عليه وألبسها بعض حواشيه؛ ثم فعل بالكامليّة أيضا كذلك؛ وانفض المجلس، وبات شرف الدين تلك الليلة عنده، ولم يجتمع به غير المرة الأولى.
وعند السفر دخل إليه من الغد وسلم عليه، فأنعم عليه قرايلك بأربعة أكاديش يساوى ثمنها «3» أربعة آلاف درهم فلوسا عند صاحب [10] الغرض، وعاد القاضى شرف الدين إلى السلطان، فاجتمعت به قبل السلطان «4» ، وعرّفنى جميع ما حكيته؛ فانفقنا على جواب نمقناه يحسن ببال السلطان، من جنس كلام قرابلك، لا يخفى على الذوق السليم معناه. فلما دخل إلى السلطان وأعاد عليه الجواب المذكور سرّ السلطان قليلا بذلك، وعظم سرور من حضر من القوم، ومعظم سرورهم بعودهم إلى بلادهم وأوطانهم سالمين مما هالهم مما «5» كانوا فيه من المشقة، وقد اعتادوا بالترف والأمن وقلة «6» القتال.
وفى الحال أخذ السلطان فى أسباب الرحيل، ورحل فى ليلة الخميس ثالث عشر ذى القعدة فى النصف الثانى من الليل من غير ترتيب ولا تطليب «7» ، ولا تعبىء، ورحلت العساكر من آمد كالمنهزمين لا يلوى أحد على أحد، بل صار كل واحد يسير على رأيه.
وعند رحيل القوم أطلق الغلمان النيران فى الزروع المحصودة برسم عليق خيول الأجناد،(15/28)
فإنه كان كل واحد «1» من الأجناد صار أمام خيمته جرن كبير مما يحصده غلامه ويأتيه به من زروع «2» آمد، فلما انطلق النار «3» فى هذه الأجران، انطبق الوطاق بالدخان «4» إلى «5» الجو، حتى صار الرجل لا ينظر إلى الرجل الذي بجانبه.
ورحل الناس على هذه الهيئة مسرعين، مخافة أن يسير السلطان ويتركهم غنيمة لأهل آمد. وبالله لو نزلوا فى ذلك الوقت لأمسكوا من اختاروا مسكه «6» قبضا باليد، ولو أرادوا النهب لغنموا وسعدوا إلى الأبد، لأن السلطان سار قبل رحيل نصف عسكره. وسار القوم من آمد إلى جهات متفرقة، إلى أن طلع النهار، وقد تمزقت العساكر فى طرقات متعددة، لا تعرف طائفة خبر طائفة أخرى، لبعد ما بينهم من المسافة. فتوجه أتابك العساكر سودون من عبد الرحمن، وهو مريض ملازم ركوب المحفة، من طريق ماردين السالكة إلى مدينة الرّها، ومعه طائفة كبيرة ممن تبعه من العسكر السلطانى، وتوجهت طائفة أخرى من العسكر من الطريق التى «7» سلكناها فى الذهاب إلى آمد من جهة قلعة أرقنين التى «8» بها قرايلك، وتبعهم خلائق وعدة أطلاب.
فافترق الأمراء من مماليكهم وأطلابهم، وتشتت شملهم، وسار السلطان من الطريق الوسطى من على الجبل المعروف قراضاغ «9» ، وهذا الطريق أقرب الطرق كالمفازة، غير أنه عسر المسلك إلى الغاية من الطلوع والنزول وضيق الطرقات.
وكنت أنا معه بهذا الطريق المذكور «10» ، وأكل السبع رجلا «11» من غلماننا، ووقع ذلك لجماعة أخر، واصطادت الناس السباع من الأوكار، وسرنا حتى نزلنا عن الجبل إلى(15/29)
فضاء «1» غربى الجبل المذكور، ومسافة الموضع الذي نزل السلطان به عن أرقنين التى بها قرايلك مقدار نصف بريد «2» تخمينا.
وعند نزول السلطان بالمنزلة المذكورة، علم بمن فقده من عساكره، وتأمل من معه منهم، فإذا هم «3» على النصف من عسكره، وأيضا فيهم الذي تاه عن جماله، ومنهم من لا يعرف طلبه أين ذهب، وهو الأمير قرقماس الشّعبانى حاجب الحجاب، نزل بالمنزلة المذكورة وليس معه غير أصحابه وطائفة نحو خمسة أنفس وهجّان وغلام، فنصب السّيبة «4» واستظل تحتها من الشمس، وقد سار طلبه بجميع مماليكه ورخته «5» من جهة لا يعرف «6» متى تعود إليه، ومثله فكثير من الأجناد والأمراء.
فلما رأى الملك الأشرف نفسه فى قلة من عساكره، ولم يبق معه إلا شرذمة قليلة، ولم يعلم أين ذهب الباقون، شقّ عليه ذلك وتخوّف من كبس قرا يلك عليه فى الليل، ولم يجد بدّا من المبيت فى المكان المذكور، لتمزق عساكره. فلما أن دخل الليل، ندب السلطان الأمير جقمق العلائى الأمير آخور الكبير ومعه جماعة لحفظ العسكر فى الليل، فركب الأمير جقمق بمماليكه ومن انضاف إليه وضرب اليزك «7» على العسكر، وقام بحفظه أحسن قيام إلى الصباح.
قلت: ومن تلك الليلة [المذكورة] «8» علمت منها «9» حال قرايلك وهمّته،(15/30)
فإنه لو كان فيه بقية ما ترك عساكرنا فى تلك الليلة بخير، [11] لأن الصلح الذي كان وقع بينه وبين السلطان [الملك] الأشرف كلا شىء «1» : كان فسخ مجلس لا غير، وقد بلغه ما وقع لعسكرنا من الشتات والتفرق، وعلم بجميع «2» ما نحن فيه، لقرب «3» المسافة بيننا، وما ترك الإيقاع بنا إلا عجزا وجبنا وضعفا. وأيضا من كان بمدينة آمد، لو كان فيهم منعة وقوة بعد ما عاينوا ما وقع لعسكرنا عند الرحيل من التمزق وعظم الاضطراب، لنزلوا واستولوا على جماعة كبيرة «4» من العسكر، وباقى العسكر لا يعرفون بذلك، من عظم الغوغاء، وشغل كل واحد بنفسه، مع شدة سواد الليل وظلمته- انتهى.
ولما أصبح السلطان بكرة يوم الجمعة بهذه المنزلة المذكورة، سار منها يريد مدينة الرّها، حتى وصلها بمن معه من العسكر، وأقام بها، حتى اجتمع به من كان ذهب من عساكره فى الطرقات. وأخذ السلطان فى إصلاح أمر مدينة الرها، وطلب الأمير إينال العلائى الناصرى نائب غزة، وأراد أن يخلع عليه بنيابة الرها، فامتنع من ذلك أشد امتناع وأفحش فى الرد وخاشن السلطان فى اللفظ، وصمم على عدم القبول لذلك؛ فغضب السلطان منه، واشتد حنقه وهم بالإيقاع به، فخشى عاقبة ذلك من عظم شوكة إينال المذكور، وأخذ يثنى «5» على نفسه من كونه يحكم «6» على أمرائه ومماليكه وأشياء من هذا المعنى، إلى أن قال: «أنا حكمى ما يسمعه إلا مماليكى» ، وطلب الأمير قراجا الأشرفى شادّ الشراب خاناه وخلع عليه باستقراره فى نيابة الرها، وخلع على القاضى شرف الدين نائب كاتب السر باستقراره كاتب سرّ الرّها، وخرجا من بين يدى السلطان [بالخلع] «7» على كره.
ثم لما توجه الأمير إينال العلائى نائب غزة إلى مخيمه، كلمه الناس من أصحابه(15/31)
فيما وقع منه من تمنّعه ومخاشنته فى الكلام مع السلطان، أو كأنه خشى عواقب ما وقع منه، فاعتذر من خراب مدينة الرّها، وأنه ليس بها ما يقوم بأوده، وبلغ السلطان ذلك فضمن له ما طلبه، وخلع عليه من يومه المذكور باستقراره فى نيابة الرّها؛ ثم استعفى شرف الدين من كتابة سر الرها، فأعفى بعد أن حمل خمسمائة دينار للخزانة الشريفة، ثم أمر السلطان المماليك السلطانية بدفع ما معهم من الشعير «1» [للأمير] «2» إينال المذكور ليكون له حاصل بالرها، فبعث كل واحد منهم بشىء من عليق خيوله، فاجتمع من ذلك شونة كبيرة. ثم أنعم السلطان على الأمير إينال المذكور بأشياء كثيرة، وأصلح أمره، وسار بعساكره عن الرها، إلى أن نزل البيرة. قلت: وإينال هذا هو الملك الأشرف، سلطان زماننا.
ولما نزل السلطان بالبيرة أقام بها إلى أن عدّت عساكره الجسر الذي نصب على بحر الفرات «3» إلى البر الغربى، ثم عدى السلطان إلى البر الغربى [المذكور] «4» وأقام به يومه، ورحل من آخر النهار المذكور بعساكره، حتى وصل إلى حلب فى خامس عشر ذى القعدة، ونزل بظاهرها بالمنزلة التى «5» نزل بها فى ذهابه إلى آمد، ونزل «6» حوله جميع عساكره، بعد أن أجهدهم التعب، وماتت خيولهم، وتلفت أموالهم من غير فائدة ولا قيام حرمة، غير أن لسان الحال ينشد قول القائل: [الوافر] «7»
مشيناها خطّى كتبت علينا ... ومن كتبت عليه خطى مشاها(15/32)
وأقام السلطان بحلب نحو العشرة أيام، وأمر النواب بالبلاد الشامية بالمسير إلى محل كفالتهم؛ وخلع على الأمير جانبك الحمزاوى، أحد مقدمى الألوف باستقراره فى نيابة غزة، عوضا عن إينال العلائى، المنتقل إلى نيابة الرّها، فامتنع جانبك الحمزاوى من ذلك امتناعا كليّا؛ فألبسه الخلعة كرها. قيل: إن جانبك المذكور، لما لبس الخلعة وخرج «1» هز رأسه وأمسك لحية [نفسه] «2» كالمتوعّد؛ وبلغ الأشرف ذلك، فقال: «حتى يصل «3» إلى غزة» ، فمات بالقرب من بعلبك.
وكان جانبك ممن اتهم بالممالأة مع الأمراء فى آمد، وتكلم الناس فى موت جانبك المذكور: أنه اغتيل بالسم لقول [12] [الملك] «4» الأشرف فى حقه: «حتى يصل إلى غزة» ، فقلت لبعض الإخوان: «يمكن أن يكون [ذلك] «5» من طريق الكشف والولاية «6» والكرامة» ، فضحك الحاضرون، وانفض المجلس. ثم خلع السلطان على الأمير قانى باى الأبوبكرى الناصرى، المعروف بالبهلوان، أتابك حلب، بانتقاله إلى أتابكية دمشق، بعد موت الأمير تغرى «7» بردى المحمودى بآمد، من جرح أصابه فى حصار آمد، وكان المحمودى أيضا ممن اتهم بالوثوب على [الملك] «8» الأشرف. وخلع على الأمير قطج «9» من تمراز، أحد مقدمى ألوف حلب، باستقراره أتابك حلب، عوضا عن قانى باى المذكور «10» ؛ وخلع السلطان على الأمير كمشبغا «11» الأحمدى الظاهرى، أحد أمراء
(النجوم الزاهرة ج 15)(15/33)
العشرات ورأس نوبة، بتوجهه إلى الديار المصرية، مبشرا بعود السلطان إلى الديار المصرية.
وصار السلطان يركب ويسير بحلب، وطلع إلى قلعتها غير مرة، إلى أن خرج منها فى يوم الخميس خامس ذى الحجة من سنة ست وثلاثين المقدم ذكرها، يريد جهة دمشق، وسار حتى نزل بحماه، وأقام بها أياما، ثم رحل منها بعساكره إلى جهة دمشق حتى دخلها فى يوم الخميس تاسع عشر ذى الحجة، ونزل بقلعتها، ونزلت عساكره بمدينة دمشق، ودام بدمشق إلى أن برز منها يوم السبت ثامن عشرين ذى الحجة، يريد الديار المصرية، بعد أن خلع على جميع نواب البلاد الشأمية باستمرارهم، ولم يحرك ساكنا فى الظاهر والله متولى السرائر. ثم سار السلطان حتى وصل غزة، وقد استقر فى نيابتها من دمشق الأمير يونس الرّكنى، أحد مقدمى الألوف بدمشق، وكان يونس المذكور وليها مرة أخرى قبل ذلك.
[ما وقع من الحوادث سنة 837]
وأقام السلطان بغزة ثلاثة أيام، ثم رحل منها يريد القاهرة، حتى وصلها فى يوم الأحد العشرين من محرم سنة سبع وثلاثين وثمانمائة، ودخل فى موكب عظيم «1» جليل من باب النصر بأبهة الملك وشعار السلطنة، وعلى رأسه القبة والطير، تولى حمله الأمير الكبير سودون من عبد الرحمن وهو مريض، وقد ساعده جماعة من حواشيه فى حملها. وشق السلطان القاهرة وقد زينت لقدومه أحسن زينة، وسار حتى نزل بمدرسته التى أنشأها بخط العنبربين «2» من القاهرة، وصلى بها ركعتين، ثم ركب منها وسار حتى خرج من باب زويلة، وطلع إلى القلعة بعد أن خرج المقام الجمالى يوسف ولده إلى ملاقاته بالخانقاه، وعاد معه. وكان لقدومه يوم مشهود «3» ، وسر الناس بسلامته، وعاد السلطان إلى مصر بعد أن أتلف فى هذه السّفرة نحو الخمسمائة ألف دينار من النقد، وتلف له من(15/34)
السلاح والمتاع والخيل والجمال والبغال مثل ذلك، وأنفق الأمراء بمصر والشأم والعساكر المصرية والشأمية مثل ذلك، وتلف لأهل آمد وما حولها من الغلال والزراعات والمواشى شىء كثير «1» إلى الغاية، وقتل أيضا خلائق، ومع هذا كله كانت سفرة كثيرة «2» الضرر قليلة النفع.
ولم ينل أحد فى هذه السفرة غرضا من الأغراض، ولا سكنت فتنة ولا قامت حرمة، ولا ارتدع عدو. ولهج غالب الناس بأن السلطان سعده لا يعمل إلا وهو بقلعة الجبل «3» ، وحيثما تحرّك بنفسه بطل سعده، وعدّوا حركته مع التركمان فى نيابته بطرابلس، ثم واقعته مع الأمير جقمق نائب الشام لما أمسكه جقمق وحبسه، ثم سفرته [هذه] «4» إلى آمد؛ قلت: الحركات والسكون بيد الله، والحرب سجال: يوم لك ويوم عليك، والدهر تارة وتارة، والغيب مستّر ما هو مخبّر «5» - انتهى.
ولما طلع السلطان إلى القلعة خلع على الأمراء، وأخذ فى إصلاح أمره، وخلع على التاج بإعادته إلى ولاية القاهرة، بعد عزل دولات خجا الظاهرى، ثم خلع السلطان على الأمير آقبغا الجمالى المعزول عن الأستادّاريّة قبل تاريخه، باستقراره فى ولاية الوجه القبلى، عوضا عن داؤد «6» التركمانى، وكان السلطان أنعم على آقبغا «7» المذكور بإمرة عشرة بعد موت الأمير تنبك من سيدى بك [13] المعروف بالبهلوان بآمد.
ثم فى يوم الثلاثاء ثانى عشر شهر ربيع [الأول] «8» من سنة سبع وثلاثين المذكورة، رسم السلطان بإخراج الأمير الكبير سودون من عبد الرحمن إلى القدس بطّالا،(15/35)
فاستعفى من السفر، وسأل أن يقيم بداره بطّالا، فأجيب إلى ذلك، ولزم داره إلى ما يأتى ذكره. وأنعم السلطان بأقطاعه على الديوان المفرد، ولم يقرر أحدا غيره فى أتابكية العساكر بديار مصر «1» ؛ وهذا شىء لم نعهد بمثله.
وضرب رنك «2» السلطان على البيمارستان المنصورى بالقاهرة، وكانت العادة جرت من مدة سنين، أن كل من يلى الإمرة الكبرى، يكون هو الناظر على البيمارستان المذكور، فلما نفدت «3» هذه الوظيفة، تكلم السلطان على نظرها، وضرب اسمه على بابها.
ثم فى يوم السبت أول شهر ربيع الآخر، خلع السلطان على دولات خجا المعزول عن ولاية القاهرة، باستقراره فى ولاية المنوفية والقليوبية، ثم فى يوم الاثنين ثالث شهر ربيع الآخر [المذكور] «4» ركب السلطان من قلعة الجبل ونزل إلى الصيد، وعاد فى خامسه.
ثم فى يوم الاثنين عاشره خلع السلطان على الأمير إينال الششمانى الناصرى، ثانى رأس نوبة، باستقراره فى نيابة صفد، بعد موت الأمير مقبل الحسامى الدوادار، ومقبل أيضا هو أحد من اتهم «5» بالوثوب على السلطان فى آمد. ثم فى حادى عشره خلع السلطان(15/36)
على آقبغا الجمالى [المقدم ذكره] «1» باستقراره كاشف الوجه البحرى عوضا عن حسن بك ابن سالم الدّوكرى، وأضيف إليه كشف الجسور أيضا. ثم فى ثالث عشره، ركب السلطان ونزل إلى البيمارستان المنصورى للنظر فى أحواله، فنزل به وأقام ساعة ثم ركب وعاد إلى القلعة.
ثم فى يوم الأحد ثامن عشرين جمادى الأولى خلع السلطان على حسين الكردى، باستقراره كاشف الوجه القبلى، بعد قتل آقبغا الجمالى فى خامس عشرينه فى حرب كان بينه وبين عرب البحيرة «2» ، وقتل معه جماعة من مماليكه ومن العربان، ثم خلع السلطان(15/37)
على الوزير الأستادار كريم الدين ابن كاتب المناخ، كامليّة بفرو وسمّور [بمقلب سمّور] «1» لتوجهه إلى البحيرة، وصحبته حسين الكردى المقدم ذكره، لعمل مصالحها واسترجاع ما نهبه أهل البحيرة من متاع آقبغا الجمالى بعد قتله، وكتب إليهم السلطان بالعفو عنهم، وأن آقبغا تعدى عليهم فى تحريق بيوتهم وسبى أولادهم ونحو ذلك، قصد السلطان تطمينهم، عسى أن يؤخذوا من غير قتال ولا فتنة.
ثم أمر السلطان بعدّ من بالإسكندرية من القزّازين وهم الحيّاك، فأحصى فى يوم الثلاثاء أول جمادى الآخرة [المذكورون] «2» ، فبلغت عدّتهم ثمانمائة نول، بعد ما بلغت عدتهم فى أيام نيابة ابن محمود الأستادار فى سنة بضع وتسعين وسبعمائة أربعة عشر ألف نول ونيفا، فانظر إلى هذا «3» التفاوت فى هذه السنين القليلة «4» ، وذلك لظلم ولاة الأمور، وسوء «5» سيرتهم، وعدم معرفتهم، لكونهم يطمعون «6» فى النزر اليسير بالظلم، فيفوتهم أموال كثيرة مع العدل؛ والفرق بين العامر والخراب ظاهر.
ثم فى يوم الاثنين ثانى عشر شهر رجب، أدير محمل الحاج على العادة فى كل سنة.
ثم فى سابع عشرين [شهر] «7» رجب المذكور، قدم الأمير بربغا التنمى الحاجب الثالث بدمشق، إلى القاهرة بسيف الأمير جارقطلو نائب الشام «8» ، وقدمات بعد مرضه خمسة وأربعين يوما، فى يوم تاسع عشرة، فعين السلطان عوضه لنيابة دمشق، الأمير قصروه من تمراز نائب حلب، وكتب له بذلك. ثم «9» فى يوم تاسع عشرينه، عين السلطان(15/38)
الأمير خجا سودون السيفى بلاط الأعرج، أحد أمراء الطبلخاناه، ورأس نوبة، أن يتوجه إلى قصروه بالتقليد والتشريف.
وفى اليوم خلع السلطان على الأمير قرقماس الشعبانى الناصرى، المعروف أهرام ضاغ «1» ، حاجب الحجاب، باستقراره فى نيابة حلب عوضا عن قصروه، وأن يكون مسفّره الأمير شاد بك الجكمى أحد أمراء الطبلخانات ورأس نوبة. [14] وخلع السلطان على الأمير يشبك السّودونى ثم الظاهرى ططر المعروف بالمشدّ باستقراره حاجب الحجاب عوضا عن قرقماس المذكور، وأنعم بإقطاع قرقماس على الأمير آقبغا التمرازى أمير مجلس، وخلع عليه باستقراره أمير سلاح، وبإقطاع آقبغا على الأمير يشبك المذكور. وخلع السلطان على الأمير إينال الجكمى أمير سلاح، باستقراره أتابك العساكر، وكانت شاغرة من يوم لزم سودون من عبد الرحمن بيته، واستقر عوضه فى إمرة سلاح، آقبغا التمرازى المقدم ذكره. وخلع السلطان على الأمير جقمق العلائى الأمير آخور باستقراره أمير مجلس، عوضا عن آقبغا التّمرازى، [المقدم ذكره] «2» . وخلع على الأمير حسين ابن أحمد المدعو تغرى برمش باستقراره أمير آخور، عوضا عن جقمق العلائى.
فخرج الجميع، وعليهم الخلع والتشاريف، وجلسوا على المسطبة التى يجلس عليها مقدم المماليك عند باب السر «3» ، فى انتظار الخيول التى أخرجها السلطان لهم، بسروج الذهب والكنابيش ما خلا تغرى برمش، فإنه فارقهم من داخل القصر، ونزل إلى باب السلسلة تسلمه من وقته، فقعدوا «4» الجميع على المسطبة صفّا واحدا، [و] «5» جلس فوق الجميع إينال الجكمى، ثم تحته قرقماس نائب حلب، ثم آقبغا التمرازى، الذي استقر أمير سلاح، ثم الأمير جقمق الذي استقر أمير مجلس، ثم الأمير يشبك المولّى حاجب الحجاب،(15/39)
إلى أن حضرت الخيول وركبوا، ونزل «1» كل واحد إلى داره.
فلما نزل جقمق العلائى إلى داره، عرّفه أصحابه وحواشيه أن وظيفة الأمير آخورية كانت خيرا له «2» من وظيفة أمير مجلس، وإن كان ولا بد فيولّى «3» أمير سلاح، فيكون ما فاته من منفوع الأمير آخورية، يتعوّضه من قيام الحرمة بوظيفة أمير «4» سلاح.
وبلغ السلطان ذلك، فرسم فى الحال إلى آقبغا التّمرازى أن يكون أمير مجلس على عادته، وتكون الخلعة التى لبسها خلعة الرضى «5» والاستمرار، وأن يكون جقمق أمير سلاح؛ ونزل الأمر إلى كل منهما بذلك، فامتثلا المرسوم [الشريف] «6» ، واستمر كل منهما على ما قرره السلطان ثانيا.
وفى اليوم المذكور رسم السلطان بإخراج الأمير سودون من عبد الرحمن إلى ثغر دمياط، وسببه أن السلطان لما بلغه «7» موت جارقطلو، استشار بعض خواصه فيمن يوليه نيابة الشأم، فذكروا له سودون من عبد الرحمن، وأنه يقوم للسلطان بمبلغ كبير من ذهب فى نظير ذلك.
وكان فى ظن السلطان أن سودون من عبد الرحمن قد استرخت أعضاؤه، وتعطلت حركته من طول تمادى المرض به، وقد أمن من جهته ما يختشيه «8» ، فقال السلطان: سودون من عبد الرحمن تلف، ولم يبق فيه بقية لذلك، فقالوا: يا مولانا السلطان، هو المتكلم فى ذلك.
فلم يحملهم السلطان على الصدق، وأرسل إليه فى الحال يعرض عليه نيابة الشأم، فقبل، وقال: مهما أراد السلطان منى فعلته له؛ فلما عاد الجواب على السلطان بذلك علم أن غالب ما به تضاعف، وأن فيه بقية لكل شىء؛ فأمر فى الحال بإخراجه إلى ثغر دمياط.
ثم خلع السلطان على الأمير بربغا التّنمى أحد حجاب دمشق، وأعاده إلى دمشق.
ثم فى يوم الخميس سابع شعبان من سنة سبع وثلاثين المذكورة، خلع(15/40)
السلطان على الأمير [الكبير] «1» إينال الجكمى باستقراره فى نظر البيمارستان المنصورى على العادة «2» ، وكانت تولية إينال المذكور للإمرة الكبرى بغير إقطاع الأتابكية، بل باستمراره على «3» إقطاعه القديم، غير أنه أنعم السلطان عليه بقرية حجّة ومردّة من أعمال نابلس، وكانت من جملة إقطاع الأمير الكبير، ثم خلع عليه بنظر البيمارستان المذكور، فهذا الذي حصل له من جهة الأتابكية؛ ولم ينله منها إلا مجرد الاسم فقط.
وفى شهر رجب وشعبان، قرر السلطان على جميع بلاد الشرقية والغربية والمنوفية والبحيرة وسائر الوجه القبلى، خيولا تؤخذ من أهل النواحى، فكان يؤخذ «4» من كل قرية خمسة آلاف درهم فلوسا، عن ثمن الفرس المقرر عليها، ويؤخذ من بعض النواحى عشرة آلاف عن ثمن فرسين، [15] ويحتاج أهل الناحية إلى مغرم آخر لمن يتولى أخذ ذلك منهم، فنزل بسبب ذلك على فلّاحى القرى «5» بلاء «6» الله المنزل. وأحصى كتّاب ديوان الجيش قرى أرض «7» مصر العامرة كلها قبليها وبحريها «8» ، فكانت ألفين ومائة وسبعين قرية، وقد ذكر المسبّحىّ «9» فى تاريخه: أنها كانت فى القرن الرابع: عشرة آلاف قرية عامرة، فانظر إلى تفاوت ما بين الزمنين، مع أمن هذا الزمان وكثرة فتن ذلك «10» الزمان، غير أن السبب معروف والسكات أجمل.
ثم فى يوم الخميس رابع عشر شعبان، برز قرقماس نائب حلب إلى محل كفالته وعليه جمل كبيرة من الديوان؛ ثم فى تاسع عشر شعبان ختن السلطان ولده المقام الجمالىّ يوسف،(15/41)
وختن معه نحو الأربعين صبيا، بعد ما كساهم وعمل لذلك مهمّا هائلا «1» للرجال بالحوش السلطانى، وللنساء «2» بالدور بالقلعة «3» .
ثم فى يوم السبت ثالث عشرينه، فقد [الوزير] «4» كريم الدين ابن كاتب المناخ، بعد أن كان استعفى غير مرة من إحدى الوظيفتين: إما الوزارة «5» [أ] و «6» الأستادّاريّة، فلم يعفه السلطان، فلما تسحّب فى هذا اليوم، طلب السلطان [أمين الدين] «7» إبراهيم ابن الهيصم، ناظر الدولة، وخلع عليه باستقراره وزيرا عوضا عن الصاحب كريم الدين المذكور.
ثم فى يوم الأربعاء سابع عشرين شعبان المذكور، ظهر الصاحب كريم الدين المذكور «8» ، وطلع إلى القلعة، فخلع عليه السلطان سلّاريا «9» من قماشه. ثم طلع [كريم الدين] من الغد، فخلع عليه [السلطان] ثانيا خلعة جليلة «10» ، باستمراره على وظيفة الأستادّارية؛ ونزل إلى داره فى موكب جليل، وقد سرّ به غالب أعيان الدولة، فإن السلطان، كان ألزم زين الدين عبد الباسط بوظيفة الأستادّارية، فقال له: «يا مولانا(15/42)
السلطان، ما يليق بى هذه الوظيفة» ، فقال: «يليها دوادارك جانبك» ، فتبرم أيضا من ذلك، فخاشنه السلطان فى الكلام وأهانه، فأوعد بحمل مبلغ كبير من المال مساعدة للأستادّار، ثم حسّن للسلطان فى الباطن ولاية القاضى سعد الدين إبراهيم ناظر الخاص، أستادارا، وكلمه السلطان فى ذلك، فأبى سعد الدين إبراهيم أيضا، وأخذ يستعفى؛ وبينماهم فى ذلك، ظهر كريم الدين، فتنفّس «1» خناق عبد الباسط وغيره بظهور كريم الدين واستمراره على وظيفته.
وقدم الخبر فى هذا الشهر من مكة [المشرّفة] «2» ، بأن الوباء «3» ، قد اشتد بها وبأوديتها، حتى بلغ عدة من يموت بمكة «4» ، فى اليوم خمسين نفسا، ما بين رجل وامرأة.
وفى شهر رمضان المذكور تحرك عزم السلطان على السفر إلى جهة آمد، لقتال قرايلك، وكتب إلى بلاد الشأم بتعبئة الإقامات من الشعير وغيره على العادة، وكان سبب حركة السلطان لذلك، لما ورد عليه الخبر فى يوم ثامن عشره، أن الأمير إينال العلائى نائب الرها، كان بينه وبين أعوان قرايلك وقعة هائلة «5» . وسببه أن بعض عساكر حلب أو عساكر الرّها خرج يسيّر فرسه، فلما كان بين بساتين الرها، صادف طائفة «6» من التركمان، فقاتلهم وهزمهم؛ وبلغ [ذلك] «7» الأمير إينال، فخرج مسرعا من مدينة الرها، نجدة لمن تقدم ذكره، فخرجت عليه ثلاثة «8» كمائن «9» من القرايلكية، فقاتلهم، فكانت بينهم وقعة هائلة، قتل فيها من الفريقين عدة.(15/43)
فلما بلغ السلطان ذلك، شق عليه، وعزم على السفر؛ ثم كتب السلطان إلى سائر البلاد الشامية، بخروج نواب الممالك «1» للحاق «2» الأمير قرقماس «3» نائب حلب بالرّها؛ ثم بطل ذلك، وكتب بمنعهم من المسير، حتى يصح عندهم نزول قرايلك على الرها بعساكره وجموعه «4» ، فإذا صح لهم ذلك، ساروا لقتاله.
وفى يوم الثلاثاء ثالث «5» عشرين شوال، كتب السلطان باستقرار خليل بن شاهين الشّيخى، ناظر الإسكندرية وحاجبها، فى نيابة الإسكندرية، مضافا على النظر والحجوبية، عوضا عن الأمير جانبك «6» [السيفى يلبغا] «7» الناصرى [فرج] «8» [المعروف] «9» بالثور «10» .
وفى شوال هذا، قدم على السلطان الخبر من بغداد، على يد قاصد كان السلطان وجّهه قبل ذلك لكشف أخبار الشرق، وأخبر: أن أصبهان بن قرا يوسف «11» ، لما(15/44)
ملك بغداد من أخيه شاه محمد بن قرا يوسف، أساء «1» السيرة، بحيث [16] أنه أخرج جميع أهل بغداد منها بعيالهم، بعد أن أخذ جميع أموالهم، من جليل وحقير فتشتتوا بنسائهم «2» وأولادهم فى نواحى الأقطار، وصارت بغداد ليس بها سوى نحو ألف رجل من جند أصبهان المذكور لا غير، وأنه لم يبق بها سوى ثلاثة أفران تخبز الخبز «3» فقط، ولم يبق بها سكان، ولا بيعة، ولا أسواق. فكان فعل أصبهان هذا أقبح من فعل أخيه شاه محمد، فإن شاه محمد لما تنصّر ومال إلى دين النصرانية، قتل العلماء وأباد الفقهاء والصلحاء لا غير، وترك من دونهم. فجاء هذا الزنديق الفاسق، تجاوز «4» فعل شاه محمد من أنه أخرج جميع أهل بغداد؛ وكان غرض أصبهان بذلك أن يخرب بغداد، حتى لا يبقى لأخيه إسكندر ولا غيره طمع فيها، فمد يده فى ذلك، حتى صارت بغداد خرابا يبابا لا يأويها إلا البوم- انتهى.
قال: وإنه أخرب أيضا الموصل، حتى صارت مثل بغداد وأعظم، من أنه سلب نعم أهلها وأمر بهم فأخرجوا منها وتمزقوا فى البلاد، واستولت عليها العربان، فصارت الموصل منزلة من منازل العرب، بعد أن كانت تضاهى دار السلام.
قال- أعنى القاصد: وأن أصبهان أيضا أخذ أموال أهل المشهد «5» ، وأزال نعمهم وتشتتوا فى البلاد.
قلت: لا أعلم فى طوائف التركمان ولا فى أوباش عساكر جغتاى «6» ، ولا فى(15/45)
جهّال التّتار، أوحش سريرة، ولا أقبح طريقة ولا أسوأ سيرة، ولا أضعف دينا «1» ولا أعدم مروءة، ولا أقل نخوة ولا أبشع خبرا «2» من هؤلاء الزنادقة الكفرة الفسقة، أولاد قرا يوسف، وعندى أن النصارى أمثل من هؤلاء، فإنهم متمسكون بدين على زعمهم «3» ، وهؤلاء زنادقة لا يتدينون بدين، كفرة ملحدون «4» .
حدّثنى الأمير على باى المؤيدى العجمى رحمه الله- بعد عوده من عند أصبهان المذكور، لما أرسله [السلطان الملك] «5» الظاهر جقمق، فى الرّسليّة إليه- بأشياء:
منها أنه كان يمد السماط بين يديه فى بكرة أيام شهر «6» رمضان، وأنه سأل على باى فى الأكل معه من جملة عساكره، فامتنع، فقال له: « [أمير علىّ باى] «7» ، بتتعب نفسك سخرة. بنى آدم، هو مثاله «8» مثال الزرع: يطلع ويكبر، ثم يحصد ويزول إلى الأبد، وما ثم شىء غير ذلك، فخلّ عنك ما أنت فيه، وكل واشرب» .
قال: ثم سألت عن أصبهان من بعض خواصّه، عن أحواله، فكان من جملة ما قاله:
أنه لم يتعبد على ملة من الملل منذ بلغ الحلم، إلى يومنا، بخلاف أخيه شاه محمد، فإنه كان أولا أيام أبيه قرا يوسف، يصوم ويصلى ويظهر الإسلام «9» والتنسك إلى أن مات أبوه [ف] «10» أظهر الميل إلى دين النصرانية، وصار يتعبد على ملتهم.(15/46)
فهذا الخبر عن شاه محمد وأصبهان، وأضف إليهما إسكندر أيضا، فإنه كان أيضا من هذه المقولة فى الباطن، ثم من بعدهم «1» أخوهم «2» جهان شاه بن قرا يوسف ملك تبريز فى زماننا هذا، فإنه أيضا على طريقهم من الفسق والفجور والانهماك فى المسكرات، وجميع أفعاله فى الباطن تقارب أفعال إخوته، غير أنه يظهر خلاف ذلك، لئلا ينفر الناس عنه وتسوء القالة «3» فيه؛ وقد استوعبنا أحوال هؤلاء الفسقة فى تاريخنا «المنهل الصافى [والمستوفى بعد الوافى] » «4» بأوسع من هذا، فلينظر هناك «5» .
ثم فى يوم الأربعاء أول ذى القعدة، توجه الأمير جقمق العلائى أمير سلاح، إلى مكة المشرفة حاجّا، وسار معه كثير ممن قدم من المغاربة وغيرهم، وبسط يده بالإحسان إليهم ذهابا وإيابا.
قال المقريزى: وفى هذه السنة، يعنى عن سنة سبع وثلاثين، طلّق رجل من بنى مهدىّ من أرض البلقاء امرأة وهى حامل، فنكحها رجل غيره، ثم فارقها فنكحها رجل ثالث، فولدت عنده ضفدعا فى قدر الطفل، فأخذوه ودفنوه خوف العار.
[ما وقع من الحوادث سنة 838]
ثم فى يوم الاثنين ثالث محرم سنة ثمان وثلاثين «6» وثمانمائة، قدم قاصد قرايلك صاحب آمد، بكتاب قرايلك ومعه تسعة أكاديش «7» ، تقدمة للسلطان، ودراهم قليلة عليها اسم السلطان «8» لا غير، فلم يحسن ذلك ببال أحد.(15/47)
ثم فى يوم الاثنين حادى عشر المحرم [سنة ثمان وثلاثين المذكورة] «1» ، أمسك السلطان الأمير بردبك الإسماعيلى، أحد أمراء الطبلخانات، وحاجب ثانى، وأخرجه إلى دمياط، وأنعم بإقطاعه على الأمير تغرى بردى البكلمشى المعروف بالمؤذى، أحد رؤوس النوب، وخلع على الأمير جانبك السيفى [17] يلبغا الناصرى المعروف بالثور، المعزول قبل تاريخه عن نيابة الإسكندرية، باستقراره حاجبا ثانيا عوضا عن بردبك الإسماعيلى المقدم ذكره.
وفى هذا الشهر أيضا خلع السلطان على دولات خجا وأعيد إلى ولاية القاهرة عوضا عن التاج بن سيفة الشوبكى.
ثم فى يوم الخميس سابع عشرين المحرم، عملت الخدمة السلطانية بالإيوان المسمى دار العدل «2» من قلعة الجبل، بعد ما هجرت مدة، لقدوم رسول القان معين الدين شاه رخ «3» بن تيمور ملك الشرق، وأحضر الرسول المذكور إلى الموكب بدار العدل(15/48)
وقد هاله ما رآه من حسن زى هذا الموكب، وكان الرسول المذكور من أشراف شيراز يقال له السيد تاج الدين [علىّ، فحضر] «1» تاج الدين المذكور إلى بين يدى السلطان، ولم يقبّل الأرض لكونه من السادة الأشراف.
ودفع ما على يده «2» من الكتاب، ثم قدّم ما معه من الهدية، فتضمن كتابه وصوله هديّة السلطان المجهزة إليه، وأنه نذر أن يكسو الكعبة [البيت الحرام] «3» ، وطلب أن يبعث إليه من يتسلمها ويعلقها من داخل البيت.
وتاريخ الكتاب، فى ذى الحجة سنة ست وثلاثين، وكان قدوم القاصد من هراة إلى هرمز ومن هرمز إلى مكة، ثم قدم صحبة [ركب] «4» الحاج، فأنزله السلطان [بمكان] «5» ، وأجرى عليه ما يليق به من الرواتب، واشتملت هدية شاه رخ [المذكور] «6» على ثمانين ثوب حرير «7» أطلس، وألف قطعة فيروزج، ليست بذاك، مبلغ «8» قيمة الجميع ثلاثة آلاف دينار لا غير.
ثم فى يوم السبت سادس صفر، عقد السلطان مجلسا «9» بين يديه، بالقضاة الأربعة «10» ، بسبب نذر شاه رخ بن تيمور أن يكسو الكعبة؛ فلما جلسوا للكلام، بعد أن سألهم السلطان فى معنى ذلك، أجاب قاضى القضاة بدر الدين محمود العينى الحنفى، بأن نذره لا ينعقد، فلم يتكلم أحد، وانفض المجلس على ذلك، وصار السلطان يقول:
(النجوم الزاهرة ج 15)(15/49)
للعينى «1» مندوحة فى منع شاه رخ من الكسوة.
ثم عيّن السلطان الأمير أقطوه الموساوى المهمندار «2» أحد أمراء العشرات «3» ، [الظاهرى برقوق] «4» للتوجه «5» إلى «6» شاه رخ بردّ «7» الجواب، صحبة قاصده «8» الشريف تاج الدين «9» - انتهى.
ثم فى يوم الاثنين خامس عشر «10» [المذكور] «11» ، ثارت مماليك السلطان الأجلاب «12» ، سكّان الطّباق بقلعة الجبل، وطلبوا القبض على مباشرى الدولة، بسبب تأخر جوامكهم، ففر المباشرون منهم، ونزلوا إلى بيوتهم، فنزل فى أثرهم جمع كبير منهم، ومضوا إلى بيت عبد الباسط ناظر الجيش ونهبوه، وأخذوا ما قدروا عليه.
ثم خرجوا وقصدوا بيت الوزير [أمين الدين] «13» بن الهيصم، وبيت الأستادّار كريم الدين ابن كاتب المناخ، ونهبوهما أيضا، ولم يقدروا على قبض أحد من هؤلاء الثلاثة لفرارهم منهم، وغلقت الأسواق وخاف كل أحد [على] «14» بيته.
هذا وقد صمم المماليك على الفتك بعبد الباسط، والعجب أن السلطان لم يغضب لعبد الباسط بل انحرف عليه، وأمر بنفيه إلى الإسكندرية لكسر الشر، ولم يقع منه فى حق مماليكه المذكورين أمر من الأمور، إما لمحبته فيهم، أو لبغضه فى عبد الباسط، ولزم(15/50)
عبد الباسط داره؛ وتردد الناس للسلام عليه، والسلطان مصمم على سفره إلى [ثغر] «1» الإسكندرية.
وأصبح الناس يوم الثلاثاء سادس عشره، وإذا بهجّة عظيمة، فغلقت جميع شوارع المدينة لإشاعة كاذبة بأن المماليك [قد] «2» نزلوا ثانيا لنهب بيت عبد الباسط، فاضطرب الناس، وهرب عبد الباسط من داره، وانزعج إلى الغاية، فكان هذا اليوم أعظم وأشنع من يوم النهب. ثم ظهر للناس أن المماليك لم يتحركوا ولا نزل أحد منهم، وأما عبد الباسط، فإنه لا زال يسعى ويتكلم له خواص السلطان فى عدم خروجه إلى الإسكندرية حتى تم له ذلك، وطلع إلى القلعة فى يوم سابع عشره، بعد أن التزم عبد الباسط بأن يقوم للوزير من ماله بخمسمائة «3» ألف درهم مصرية تقوية له، وأن السلطان يساعد أستاداره كريم الدين بعليق المماليك شهرا «4» ، هذا بعد أن قدم عبد الباسط للأشرف تقدمة من المال فى خفية من الناس لإقامة حرمته، ولم يخف ذلك عن «5» أحد، وأخذ أمر عبد الباسط فى انحطاط، وصار السلطان يهدده إن لم يل الأستادارية هو [18] أو مملوكه جانبك، وهو يتبرم من ذلك كله.
ثم استعفى الصاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيصم من الوزارة «6» ، فعين السلطان شمس الدين بن سعد الدين بن قطارة القبطى لنظر الدولة، وألزمه بتكفية يومه. ورسم السلطان بطلب أرغون شاه النّوروزى من دمشق، وهو يومذاك أستادار السلطان بها «7» ، ليستقر فى الوزارة، عوضا عن ابن الهيصم على عادته قديما، بعد ما عرض السلطان الوزارة على الأستادار كريم الدين ابن كاتب المناخ، فأبى كريم الدين قبول ذلك، وقال:
يا مولانا السلطان، يختار السلطان إما أكون وزيرا أو أستادّارا، وأما جمعهما «8» معا(15/51)
فلا أقدر على ذلك. فغضب السلطان عليه وهم بضربه ومسكه، فضمنه القاضى سعد الدين ابن كاتب جكم، ناظر الخاص، ونزل الجميع إلى دورهم، إلى أن عملت مصالح الجماعة.
فلما كان يوم السبت عشرين صفر خلع السلطان على أستاداره الصاحب كريم الدين باستمراره، وخلع على الصاحب أمين الدين بن الهيصم باستقراره فى نظر الدولة على عادته قديما كما كان قبل الوزارة، وألزمه بتكفية الدولة إلى حين قدوم أرغون «1» شاه من الشام، وانفض الموكب. فلما نزل الصاحب أمين الدين بالخلعة إلى داره، اختفى فى ليلة الاثنين ولم يعلم له خبر، فأصبح السلطان فى يوم الاثنين ثانى عشرينه، أمسك الصاحب كريم الدين الأستادار، وخلع فى الحال على جانبك دوادار عبد الباسط باستقراره أستادارا عوضا عن الصاحب كريم الدين [بن كاتب المناخ] ، «2» فلبس جانبك الخلعة، ولم يقدر عبد الباسط أن يتكلم فى حقه كلمة واحدة، وكان قصد الملك] «3» الأشرف، أنه متى تكلم أو «4» تمنع عبد الباسط من ذلك، قبض عليه، فأحسّ عبد الباسط بالشر، فكف عن الكلام، ثم ألزم السلطان القاضى سعد الدين إبراهيم ابن كاتب جكم ناظر الخواص بوظيفة الوزارة، فلم يوافق على ذلك، وانفض المجلس على ذلك.
وفى هذا اليوم خرج قاصد شاه رخ، الشريف تاج الدين، من الديار المصرية إلى جهة مرسله، وصحبته الأمير أقطوه الموساوى، وعلى يده هدية من السلطان إلى شاه رخ [المذكور] «5» ، وكتاب جواب [كتابه] «6» يتضمن منعه من كسوة الكعبة، بأن العادة [قد] «7» جرت قديما وحديثا، أن لا يكسو الكعبة إلا ملوك مصر، والعادة قد اعتبرت فى الشرع فى مواضع، وأن للكسوة أوقافا «8» تقوم بعملها، لا يحتاج إلى مساعدة فى ذلك؛ وإن أراد الملك وفاء نذره، فليبع الكسوة ويتصدق بثمنها «9» فى(15/52)
فقراء مكة، فهو أكثر ثوابا «1» ، حيث يتعدى نفع ذلك إلى جماعة كبيرة، وأشياء من هذه المقولة.
ثم فى يوم الخميس خامس عشرينه، بعد انقضاء الموكب من القصر، و «2» توجه السلطان إلى الحوش على العادة، غضب على القاضى سعد الدين إبراهيم «3» ناظر الخواص، بسبب تمنّعه من ولاية الوزارة، وأمر به فضرب [بين يديه] «4» ضربا مبرحا، ثم أقيم، ونزل إلى داره. ثم طلب السلطان [الصاحب] «5» كريم الدين ابن كاتب المناخ من محبسه بالقلعة، وأمر به، فعرّى من ثيابه، وضربه بالمقارع زيادة على مائة شيب «6» ، ثم ضربه على أكتافه بالعصى ضربا مبرحا، وعصرت رجلاه بالمعاصير «7» ، ثم أعيد إلى محبسه يومه؛ وأنزل من الغد فى يوم الجمعة على بغل «8» فى أسوإ حال، ومضى به إلى بيت التاج «9» والى القاهرة كان «10» ، وهو يومذاك شادّ الدواوين، ليورد ما ألزم به، بعد أن حوسب، فوقف عليه خمسة وخمسون ألف دينار ذهبا، صولح عنها بعشرين ألف دينار، [فنزل إلى بيت التاج وأخذ فى بيع موجوده وإيراد المال المقرر عليه، إلى أن(15/53)
أفرج عنه فى ثامن عشر ربيع الأول، بعد ما حمّل نحو العشرين ألف دينار، وضمنه فيما بقى أعيان الدولة.] «1»
ثم فى يوم الثلاثاء أول شهر ربيع الآخر من سنة ثمان وثلاثين المذكورة، خلع السلطان على القاضى سعد الدين ناظر الخواص، خلعة الرضى والاستمرار على وظيفته نظر الخواص، وخلع على أخيه القاضى جمال الدين يوسف ابن القاضى كريم الدين عبد الكريم ابن كاتب جكم باستقراره وزيرا، على كره منه، بعد تمنع زائد؛ وكان منذ تغيب ابن الهيصم، [لا يلى الوزارة أحد] «2» ، والقاضى سعد الدين ناظر الخاص يباشرها، ويسدد أمورها من غير لبس تشريف، فغرم فيها جملة كبيرة، لعجز جهاتها عن مصارفها، والقاضى جمال الدين يوسف [المذكور] «3» ، هو يوسف «4» عظيم الدولة فى زماننا هذا، وناظر جيشها وخاصّها كان «5» ، رحمه الله تعالى. «6» وهى أول ولاياته «7» للمناصب الجليلة على ما يأتى ذكر ولاياته «8» لغيرها مفصلا، فى هذا الكتاب وغيره.
وخلع [19] السلطان على شمس الدين بن قطارة باستقراره ناظر الدولة، فكان الوزير وناظر الدولة فى طرفى نقيض، فالوزير فى الغاية من حسن الشكالة والزى البهيج، وسنه دون العشرين سنة، وناظر الدولة فى الغاية من قبح الشكالة والزى الردىء وسنه نحو السبعين «9» سنة- انتهى.
ثم فى يوم الأحد رابع شهر ربيع الآخر، قدم الأمير أرغون شاه النوروزى الأعور، أستادّار السلطان بدمشق إلى مصر بطلب حسبما تقدم ذكره، ليلى الوزارة. وطلع(15/54)
إلى القلعة من الغد بتقادم جليلة، وخلع عليه باستمراره على أستادّارية السلطان بدمشق، على عادته. وفى هذا الشهر تكرر ركوب السلطان إلى الصيد غير مرة.
ثم فى جمادى الأولى وقع الشروع فى حركة السلطان إلى السفر، لقتال قرايلك والفحص أيضا عن جانبك الصّوفى. وفى خامس عشره خلع على دولات خجا «1» والى القاهرة باستقراره فى ولاية منفلوط، وشغرت الولاية إلى يوم الأحد سابع عشره، فاستقر «2» فيها علاء الدين على بن الطّبلاوى.
ثم فى يوم السبت أولى جمادى الآخرة، خلع السلطان على الصاحب كريم الدين عبد الكريم ابن كاتب المناخ باستقراره كاشف «3» الوجه القبلى، ورسم السلطان أن يستقر محمد الصغير المعزول عن الكشف قبل تاريخه دوادار الصاحب كريم الدين، وأمير علىّ الذي كان كاشفا بالوجه القبلى والوجه البحرى رأس نوبته، ونزل إلى داره من القلعة فى موكب جليل، كل ذلك والصاحب «4» كريم الدين لم يغيّر «5» زيّه من لبس الكتبة، ولم يلبس الكلفتاه «6» ، ولا تقلد بسيف.
وكان الصاحب أمين الدين إبراهيم بن الهيصم قد خرج من اختفائه، وطلع إلى السلطان بشفاعة الأمير إينال الأبوبكرى الأشرفى الخازندار، فطلبه السلطان فى هذا اليوم وخلع عليه باستقراره شريكا لعبد العظيم بن صدقة الأسلمى فى نظر ديوان المفرد.
ثم فى يوم الأحد سادس [عشر] «7» جمادى الآخرة [المذكورة] «8» أمسك السلطان القاضى سعد الدين إبراهيم ناظر الخاص، وأخاه الصاحب جمال الدين يوسف،(15/55)
ورسم عليهما، ثم أفرج عنهما من الغد، وخلع على سعد الدين المذكور باستمراره، وأعفى الصاحب جمال الدين من الوزارة، بعد أن ألزمهما بحمل ثلاثين ألف دينار.
وألزم السلطان تاج الدين عبد الوهاب بن الشمس نصر الله الخطير ابن الوجيه توما ناظر الإسطبل بولاية الوزارة، وخلع عليه من الغد فى يوم الثلاثاء ثامن عشره، فباشر ابن الخطير هذه الوزارة أقبح مباشرة من العجز والتشكى والقلق وعدم القيام بالكلف السلطانية، مع قيام السلطان معه وإقامة حرمته، وهو مع ذلك «1» لا يزداد فى أعين الناس إلا بهدلة. وظهر منه فى أيام مباشرته الوزارة حدة زائدة، وطيش وخفة، بحيث أنه جلس مرة للمباشرة، فكثر الناس عنده لقضاء «2» حوائجهم فضاق خلقه منهم، فقام إلى باب الدخول، وضم جميع سراميج «3» الناس الذين «4» كانوا فى مجلسه فى ذيله، وخرج حافيا إلى خارج داره وألقاهم إلى الأرض، ودخل بسرعة «5» والناس «6» تنظر إليه «7» ، وقال: اخرجوا إلى سراميجكم لا يأخذوها فقال له بعضهم: تعيش رأس مولانا الصاحب. وسخر الناس من ذلك مدة طويلة، وهو إلى الآن فى قيد الحياة، يتشحط «8» فى أذيال الخمول- انتهى.
ثم فى يوم الأربعاء تاسع عشر جمادى الآخرة [المذكورة] «9» ، أنعم السلطان على تمراز المؤيدى الخازندار بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق، بعد موت الأمير أركماس الجلبانى، وأنعم بطبلخانة تمراز المذكور على الأمير سنقر العزى الناصرى نائب(15/56)
حمص، بعد «1» عزله عن نيابة حمص بالأمير طغرق أحد أمراء دمشق.
ثم فى يوم الأحد ثالث عشرينه خرجت تجريدة من القاهرة إلى البحيرة «2» ، ومقدم العساكر الأمير الكبير إينال الجكمى، والأمير جقمق أمير سلاح، والأمير يشبك حاجب الحجاب، والأمير قانى باى الحمزاوى، فى عدة من الأمراء، وسبب ذلك أن لبيدا «3» قدم منها «4» طائفة إلى السلطان بهدية، وسألوا أن ينزلوا البحيرة، فلم يجابوا إلى ذلك، ولكن خلع عليهم وتوجهوا، فعارضهم أهل البحيرة فى طريقهم، وأخذوا منهم خلعهم. [20] وكان السلطان يلهج كثيرا بإخراج تجريدة إلى البحيرة، فبلغهم ذلك فأخذوا حذرهم «5» . واتفق مع ذلك أن شتاء «6» هذه السنة لم يقع فيه المطر «7» المعتاد بأراضى مصر، فقدمت طائفة من لبيد إلى البحيرة لمحل بلادهم، وصالحوا أهل البحيرة، وساروا إلى محارب وغيرها بالوجه القبلى لرعى الكشيح من أراضى البور من أعمال الصعيد، وكان السلطان قد كتب إلى كاشف الصعيد، بأن لا يمكنهم من المراعى حتى يأخذ منهم مالا، فغضبوا من ذلك وأظهروا الخلاف، فخرجت إليهم هذه التجريدة المقدم ذكرها.
وفى هذا الشهر ندب السلطان قاضى القضاة شهاب الدين بن حجر أن يكشف عن شروط واقفى المدارس والخوانك «8» ، ويعمل بها، فسرّ الناس بذلك غاية السرور،(15/57)
وكثر الدعاء للسلطان بسبب ذلك، فبدأ أو لا بمدرسة الأمير صرغتمش «1» بخط الصليبة، وقرأ كتاب وقفها، وقد حضر معه القضاة الثلاثة، فأجمل ابن حجر فى الأمر فلم يعجب الناس ذلك، لاستيلاء المباشرين «2» على الأوقاف، والتصرف فيها بعدم شرط الواقف، وضياع مصالحها، فشدّ فى ذلك وأراد عزل جماعة من أرباب وظائفها، فروجع فى ذلك، وانفض المجلس، وقد اجتهد الأكلة فى السعى بإبطال ذلك، حتى أبطله السلطان.
قلت: ولو ندب السلطان لهذا الأمر أحد فقهاء الأمراء والأجناد الذين هم أهل الدين والصلاح، لينظر فى ذلك بالمعروف، لكانت هذه الفعلة تقاوم فتحه لقبرس، لضياع مصالح أوقاف الجوامع والمساجد بالديار المصرية والبلاد الشأمية، لاستيلاء الطّمعة عليها، وتقرير من لا يستحق فى كثير من وظائفها، بغير شرط الواقف، ومنع من يستحق العطاء بشرط الواقف، ولهذا قررت الملوك السالفة وظيفة نظر الأوقاف لهذا المعنى وغيره، فترك ذلك، وصار الذي بلى نظر الأوقاف شريكا «3» لمن تقدم ذكره، فيما يتناولونه من ريع «4» الأوقاف، والكلام فيما يعود نفعه عليه من جهة حل وقف وبيعه أو لواحد(15/58)
استولى على جهة وقف، وأكله بتمامه، فيبعث خلفه ويبلصه «1» فى شىء له ولأعوانه، ويترك الذي قرّرت هذه الوظيفة بسببه، من قديم الزمان، وهو ما تقدم ذكره، من النظر فى أمر الأوقاف والعمل بمصالحها «2» فيما يعود نفعه على الوقف وعلى أرباب وظائفه من الفقهاء والفقراء والأيتام وغير ذلك؛ فلا قوة إلا بالله.
ثم فى يوم الاثنين ثامن شهر رجب، أدير المحمل على العادة فى كل سنة.
ثم فى يوم الأربعاء خامس عشر شعبان، وصل سيف الأمير طرباى نائب طرابلس، فرسم السلطان بنقل الأمير جلبان، نائب حماه، إلى نيابة طرابلس، عوضا عن طرباى، وأصبح من الغد فى يوم الخميس سادس عشر شعبان، خلع السلطان على الأمير قانى باى الحمزاوى أحد مقدمى الألوف باستقراره فى نيابة حماه، وأنعم بإقطاع قانى باى الحمزاوى وتقدمته، على الأمير خجا سودون السّيفى بلاط الأعرج، وأضاف طبلخانة خجاسودون المذكور إلى الدولة، تقوية للوزير التاج الخطير.
وفى هذا الشهر خرج الأمير قرقماس الشعبانى نائب حلب منها بالعساكر، ونزل العمق «3» ، على ما سنحكيه بعد عوده إلى حلب مفصلا «4» .
ثم فى يوم الثلاثاء رابع شوال قدم على السلطان كتاب القان شاه رخ ملك الشرق، يتضمن الوعيد، وأنه عازم على زيارة القدس الشريف، وأرعد فى كتابه وأبرق، وأنكر على السلطان أخذ الرشوة من القضاة، وأخذ المكوس من التجار ببندرجدة، وتعاطيه نوع المتجر، فلم يلتفت السلطان إلى كلامه ولا استوعب الكتاب لآخره، بل طلب التاج ابن سيفة وخلع عليه بإعادته إلى ولاية القاهرة، عوضا عن علاء الدين علىّ بن الطبلاوى بحكم عزله ولزومه داره، بعد ما غرم جملة مستكثرة، فكان حاله كقول القائل: [الرمل](15/59)
ركب الأهوال فى زورته ... ثم ما سلّم حتى ودّعا
ثم فى ثامن عشره، خرج محمل الحاج صحبة أمير الحاج الأمير تمر باى التّمر بغاوى الدوادار الثانى، وأمير الركب الأول، الأمير صلاح الدين محمد بن نصر الله محتسب «1» القاهرة. وحجت فى هذه السنة خوند «2» فاطمه بنت [الملك] «3» الظاهر [21] ططر، زوجة السلطان [الملك] «4»
وفى هذا الشهر ظهر الأمير جانبك الصوفى ببلاد الروم، وكان السلطان- من يوم فر من سجن الإسكندرية إلى يومنا هذا- لم يقف له على خبر، بعد أن اجتهد فى تحصيله غاية الاجتهاد، وأودى بسببه خلائق لا تدخل تحت حصر، فأخذ السلطان فى خبره وأعطى، إلى أن قدم عليه فى أواخر هذا الشهر كتاب الأمير قرقماس نائب حلب بذلك، وكان معرفة خبر «5» قرقماس بظهوره، أنه وصل معه إلى حلب فى يوم الثلاثاء(15/60)
حادى عشر شوال، رجل تركمانى يقال له محمد، كان قبض عليه قرقماس بالعمق «1» ، ومعه كتاب جانبك المذكور، فى سابع شوال، إليه وإلى غيره، فسجنه قرقماس بقلعة حلب، وجهز الكتاب فى ضمن كتابه إلى السلطان، فلما بلغ السلطان ذلك وتحققه، انزعج غاية «2» الانزعاج.
ثم قدم كتاب الأمير بلبان نائب درندة «3» أنه ورد عليه كتاب الأمير جانبك الصّوفى يدعوه إلى طاعته، فقبض على قاصده وحبسه، وأرسل بكتابه إلى السلطان.
ثم فى يوم السبت سابع عشرين ذى القعدة، عاد الأمير قرقماس نائب حلب إليها، بعد ما كانت غيبته عنها بالعمق ومرج دابق وعينتاب خمسة وسبعين يوما، وقد فاته أخذ قيصريّة لاستيلاء إبراهيم بن قرمان عليها، وكان قصد السلطان أخذها، واستنابة أحد من أمراء السلطان بها.
قلت: ولنذكر ما وعدنا بذكره لسبب سفر قرقماس نائب حلب منها، وسببه أن الأمير صارم الدين إبراهيم بن قرمان صاحب لارندة وقونية من بلاد الروم «4» ، أراد أخذ مدينة قيصرية من الأمير ناصر الدين محمد بن دلغادر، وقد تغلب عليها ناصر الدين المذكور، وأخذها من بنى قرمان وولى عليها ابنه سليمان، فترامى ابن قرمان فى هذه الأيام على السلطان بأن يملّكه قيصرية، ووعد بعشرة آلاف دينار فى كل سنة، وثلاثين «5» بختيّا «6» وثلاثين «7» فرسا، سوى خدمة أركان الدولة، فكتب السلطان إلى نائب حلب أن يخرج إلى العمق ويجمع العساكر لأخذ قيصريّة،(15/61)
فخرج قرقماس إلى العمق، وجمع تركمان الطاعة وكتب إلى ابن قرمان: أن يسير بعسكره إلى قيصرية.
فلما بلغ ابن دلغادر خروج عسكر حلب لأخذ قيصرية منه، بعث فى الحال بامرأته خديجة خاتون بتقدمة للسلطان ومعها مفاتيح قيصرية، وأن يكون زوجها المذكور نائب السلطنة بها، وأن يفرج عن ولدها فياض المقبوض عليه قبل تاريخه من سجنه بقلعة الجبل، ووعد لذلك أيضا بمال. فقدمت خديجة خاتون المذكورة فى أواخر شوال إلى مصر، وقدّمت ما معها من الهدية، وتكلمت بما هو غرض زوجها، فقبل «1» هديتها وأفرج [لها] «2» عن ولدها فياض، وخلع عليه بنيابة مرعش.
وبينما السلطان فى ذلك، كان نزول قرقماس نائب حلب فى يوم الاثنين أول ذى القعدة، من العساكر على عينتاب، فأتاه الخبر: بأن حمزة بن دلغادر «3» خرج عن طاعة السلطان بمن معه وتوجه إلى ابن عمه سليمان بن ناصر الدين بك ابن دلغادر، بعد ما بعث إليه وحلّفه، وأن دوادار جانبك الصّوفى ومحمد بن كندغدى بن رمضان التركمانى وصلا إلى الأمير ناصر الدين محمد بن دلغادر، بأبلستين وحلّفاه، أنه إذا قدم عليه الأمير جانبك الصوفى لا يسلمه إلى أحد ولا يخذله، وأن جانبك كان عند الأمير إسفنديار «4» أحد ملوك الروم، فسار من عنده يريد سليمان بن دلغادر؛ فخرج إليه سليمان، وتلقاه «5» هو وأمراء التركمان.
وقبل أن يصل هذا الخبر إلى السلطان، جهز خديجة خاتون إلى العود إلى زوجها ناصر الدين بك، فخرجت خديجة ومعها ولدها فياض، وسارت والسلطان ليس له علم بما وقع لابن دلغادر مع جانبك الصّوفى، واستمر قرقماس على عينتاب، إلى أن بلغه أن الأمير صارم الدين(15/62)
إبراهيم بن قرمان جمع عساكره ونزل على قيصريّة، فوافقه أهلها وسلموها له، وفر سليمان بن ناصر الدين بك منها، فبلغه ظهور جانبك الصوفى، وأنه اجتمع عليه الأمير أسلماس بن كبك، ومحمد بن قطبكى، وهما من أمراء التركمان، ونزلوا على ملطية.
فقدم سليمان على أبيه ناصر الدين [22] بأبلستين، ولم يبلغهما إلى الآن خبر الإفراج عن ولده فياض، وخروجه من مصر مع أمه خديجة. وأخذ ناصر الدين بك يدارى السلطنة ليفرج عن ابنه فياض، وندب ابنه سليمان لقتال أعوان جانبك الصوفى، كل ذلك قبل أن يرد عليه جانبك الصوفى بمدة، وقيل إنه كان أتاه خفية، وبينما هم فى ذلك وصلت خديجة خاتون وولدها فياض إلى زوجها ناصر الدين محمد بن دلغادر، فبلغ ناصر الدين مراده بالإفراج عن ولده، وترك مداراة السلطان، وانضم على جانبك الصوفى حسبما نذكره فى مواضعه من هذه الترجمة إن شاء الله تعالى. وبلغ ذلك قرقماس نائب حلب، فعاد من سفرته بغير طائل.
ومن يومئذ اشتغل فكر السلطان الملك الأشرف بأمر جانبك الصّوفى، وتحقق أمره بعد ما كان يظنه، وأخذ فى عزل جماعة من النواب ممن يخشى شرهم، وتخوف من قرقماس تخوفا عظيما فى الباطن، لئلا «1» يميل إلى جانبك الصوفى، فأول ما بدأ به السلطان، أن عزل الأمير قانصوه النّوروزى عن نيابة طرسوس، ونقله إلى حجوبية الحجاب بحلب عوضا عن الأمير طوغان «2» السيفى تغرى بردى أحد مماليك الوالد، ونقل طوغان المذكور إلى إمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق، واستقر الأمير جمال الدين يوسف ابن قلدر فى نيابة طرسوس عوضا عن قانصوه.
[ما وقع من الحوادث سنة 839]
ثم فى صفر من سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، ورد الخبر على السلطان: أن شاه رخ ابن تيمور لنك أرسل إلى السلطان مراد بك ابن عثمان، متملك الروم، وإلى الأمير صارم الدين إبراهيم بن قرمان المقدم ذكره، وإلى قرايلك وأولاده، وإلى ناصر الدين بك ابن دلغادر، بخلع، على أنهم نوابه فى ممالكهم، فلبس الجميع خلعه، فشق ذلك(15/63)
على السلطان من كون ابن عثمان «1» لبس خلعته، حتى قيل له: إنه فعل ذلك فى مجلس أنسه استهزاء به. قلت: لبس الخلعة والفشار ما إليه.
ثم فى يوم الاثنين ثانى شهر ربيع الأول من سنة تسع وثلاثين المذكورة، خلع السلطان على القاضى شرف الدين أبى بكر نائب كاتب السر باستقراره فى كتابة سر حلب، عوضا عن زين الدين عمر بن السفاح، بعد امتناع شرف الدين من ذلك أشد امتناع. وسبب ذلك: أن ابن السفاح المذكور كتب إلى السلطان مرارا عديدة بالحطّ على قرقماس نائب حلب، وأنه يريد الوثوب على السلطان والخروج عن الطاعة، وآخر ما ورد كتابه بذلك فى نصف صفر من هذه السنة، [أعنى سنة تسع وثلاثين، فلما وقع ذلك كتب السلطان إلى الأمير قرقماس المذكور بالحضور، وقد يئس السلطان من حضوره] «2» لما قوى عنده من خروجه عن الطاعة، وقلق السلطان قلقا زائدا بعد ما «3» طلبه خوفا من عدم حضوره، فلم يكن بأسرع من مجىء نجّاب قرقماس نائب حلب المقدم ذكره، فى خامس عشرين صفر، يستأذن فى قدوم قرقماس إلى الديار المصرية، وقد بلغه شىء مما رمى به، فغضب السلطان عند ذلك على زين الدين عمر بن السفاح، ورسم بعزله واستقرار شرف الدين المذكور عوضه، وتحقق السلطان أنه لو كان قرقماس مخامرا، لما استأذن فى الحضور، فسرّ السلطان بذلك، وكتب له الجواب بأنه تقدم الطلب له.
وأما قرقماس فإنه لما ورد عليه الطلب من السلطان، خرج على الفور من حلب على الهجن فى خواصه، وسار حتى قدم إلى خارج القاهرة فى يوم الجمعة سادس شهر ربيع الأول المذكور، وطلع من الغد إلى القلعة، فلم يخلع السلطان عليه خلعة الاستمرار لكونه استعفى عن نيابة حلب، فما صدق السلطان بأنه تلفظ بذلك.(15/64)
ولما كان يوم الاثنين تاسع شهر ربيع الأول، خلع السلطان على الأمير الكبير إينال الجكمى أتابك العساكر بالديار المصرية باستقراره فى نيابة حلب عوضا عن الأمير قرقماس الشعبانى المذكور «1» ، وخلع على الأمير جقمق العلائى أمير سلاح باستقراره أتابك العساكر بالديار المصرية عوضا عن إينال الجكمى، وخلع على قرقماس نائب حلب باستقراره أمير سلاح عوضا عن الأمير جقمق العلائى. وكان استقرار إينال الجكمى [23] بعد الأتابكية فى نيابة حلب، بخلاف القاعدة، غير أن السلطان أكرمه غاية «2» الإكرام، ووعده بنيابة دمشق، لطول مرض الأمير قصروه نائب الشأم، وبالغ حتى أنه أسرّ له إن مات قصروه قبل وصول إينال إلى حلب فليقم بدمشق، حتى يرسل إليه السلطان بنيابتها، وظهر أيضا للناس أنه لم يولّه نيابة حلب إلا لثقته به؛ [ثم] «3» خرج الأمير إينال إلى محل كفالته فى ثالث عشره.
ثم فى سابع عشره خلع السلطان على الأمير الكبير جقمق العلائى بنظر البيمارستان المنصورى على العادة، وورد الخبر على السلطان: أن بمدينة بروسا، التى يقال لها برصا من بلاد الروم، وباء عظيما «4» دام بممالك الروم نحو أربعة أشهر.
ثم ورد الخبر على السلطان بأن الأمير ناصر الدين بك ابن دلغادر قبض على الأمير جانبك الصوفى فى سابع عشر [شهر] «5» ربيع الأول، وكان السلطان قدم عليه من البلاد الشامية كتاب، وفى ضمنه كتاب من عند شاه رخ بن تيمور لنك، يتضمن تحريض جانبك الصّوفى على أخذ البلاد الشامية، وأنه سيقدم عليه ابنه «6» أحمد جوكى «7» وبابا حاجى نجدة له على قتال سلطان مصر، فقبض على حامل هذا الكتاب(15/65)
وحبس، فلما بلغ السلطان ذلك كتب إلى نواب البلاد الشامية بالتأهب والاستعداد لنجدة نائب حلب الأمير إينال الجكمى إذا استدعاهم، ولم يكترث السلطان بقبض جانبك الصوفى وقال: هذه حيلة.
وكان من خبر جانبك الصوفى والقبض عليه وهو خلاف ما نقل عنه قبل ذلك لاختلاف الأقوال فى أمره، فخبره من هذا الوجه: أنه لما فرّ «1» من الإسكندرية، دخل القاهرة بعد أمور، ودام بها سنين مختفيا «2» فى حاراتها وظواهرها، إلى أن خرج منها متنكرا وسار إلى البلاد الشامية، ثم إلى بلاد الروم، فظهر بتوقات «3» فى شوال من السنة الماضية، أعنى سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة، فقام متوليها الأمير أركج باشا بمعاونته وأكرمه «4» وأنعم عليه، وكتب إلى ناصر الدين محمد بن دلغادر نائب أبلستين، وإلى أسلماس بن كبك، وإلى محمد بن قطبكى، وإلى قرايلك ونحوهم من أمراء التركمان بالقيام معه والاستعداد لنصرته، فانضم على جانبك الصّوفى عند ذلك جماعة كبيرة، فتهيأ وخرج بهم من توقات، فوافاه الأمير قرمش الأعور أحد مقدمى الألوف بالديار المصرية المقدم ذكره فى واقعة جانبك الصّوفى لما قبض عليه بالقاهرة.
وكان من خبر قرمش المذكور، أن الملك الأشرف أمسكه بعد أن قبض على الأمير جانبك الصّوفى بمدة يسيرة، وحبسه بثغر الإسكندرية، ثم أطلقه وأنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق، فلما خرج الأمير تنبك البجاسى عن طاعة [الملك] «5» الأشرف وافقه قرمش هذا وبقى من حزبه، إلى أن انكسر البجاسى وقبض عليه، فاختفى «6» قرمش المذكور ولم يظهر له خبر إلى هذا اليوم، فكأنه كان مختفيا بتلك(15/66)
البلاد، فلما ظهر أمر جانبك الصّوفى توجه إليه- انتهى.
وسار الأمير جانبك الصّوفى بمن انضم عليه، ومعه الأمير قرمش، من توقات إلى الأمير محمد بن قرايلك صاحب قلعة جمركشك، فأكرمهم محمد المذكور وقواهم، فشنّوا منها الغارات على مدينة دوركى وضايقوا أهلها ونهبوا نواحيها، فاتفق ورود كتاب شاه رخ ملك الشرق على قرايلك يأمره «1» بالمسير بأولاده وعساكره لقتال إسكندر بن قرا يوسف سريعا عاجلا، فكتب «2» قرايلك إلى ولده محمد بالقدوم عليه لذلك، فترك محمد جانبك الصّوفىّ ومن معه على دوركى وتوجه إلى أبيه.
فسار جانبك إلى أسلماس وابن قطبكى، واجتمعوا ونزلوا على ملطية وحصروها، وكادهم سليمان بن ناصر الدين بك ابن دلغادر، وكتب إلى جانبك: أنه معه؛ فكتب إليه أنه يقدم عليه، وكان تقدم بينهما مكاتبات حسبما تقدم ذكره، ومواعدات (بمجيء) «3» جانبك إلى أبلستين «4» ، فلم يقع ذلك وأرسل جانبك إليه بالقدوم عليه مع الأمير قرمش الأعور، فأكرمه سليمان، وركب وسار [24] مع الأمير قرمش فى مائة وخمسين فارسا إلى جهة جانبك الصوفى، حتى قدم عليه، فتلقاه جانبك وعانقه وعادا بمن معهما على حصار ملطية، فأظهر سليمان من النّصاحة ما أوجب ركون جانبك إليه، فأخذ سليمان فى الحيلة على جانبك المذكور بكل ما تصل قدرته إليه، ولا زال به حتى خرج جانبك معه فى عدة من أصحابه ليستريحا بمكلن للنزهة فيه؛ ورتبا «5» قرمش وبقية العسكر على حصار ملطية، فلما نزل «6» سليمان وجانبك للنزهة ورأى أن حيلته تمت، وثب جماعة سليمان على جانبك الصّوفى وقيدوه وأركبوه «7»(15/67)
على أكديشى، وسار به ليلته و «1» من الغد حتى وصل إلى بيوته بأبلستين وحبسه عنده، فلم يفطن قرمش وأصحابه بمسك جانبك، حتى جاوز جانبك بلادا بعيدة، ولما قبض سليمان على جانبك الصّوفى أرسل يعرّف السلطان بذلك ويطلب من يأتيه من قبل السلطان ويتسلمه- انتهى:
وأما السلطان لما بلغه خبر القبض على جانبك الصّوفى، لم يحمل ذلك على الصدق وأخذ فيما هو فيه، فورد عليه فى يوم الخميس حادى عشر شهر ربيع الآخر سيف الأمير قصروه نائب الشأم، على يد الأمير علىّ بن إينال باى بن قجماس، فعيّن السلطان الأمير إينال الجكمى نائب حلب إلى نيابة دمشق عوضا عن قصروه، ورسم لتغرى برمش الأمير آخور الكبير بنيابة حلب عوضا عن إينال الجكمى، غير أنه لم يخلع على تغرى برمش المذكور إلا بعد أيام حسبما يأتى ذكره.
ثم فى ثالث عشره نودى بعرض أجناد الحلقة ليستعدوا للسفر إلى الشام ولا يعفى أحد منهم، وجمع السلطان قضاة القضاة بين يديه وسألهم فى أخذ أموال الناس للنفقة المتحوجة «2» لقتال شاه رخ بن تيمور، فكثر الكلام وانفضوا من غير أن يفتوه بذلك، فقيل إن بعض الفقهاء قال: «كيف نفتيه بأخذ أموال المسلمين، وكان لبس زوجته يوم طهور ولدها- يعنى [الملك] «3» العزيز يوسف- ما قيمته ثلاثون ألف دينار، وهى بدلة واحدة، وإحدى نسائه!» ، ولم يعرف القائل لذلك من هو من الفقهاء، غير أنه أشيع ذلك فى أفواه الناس. ولما بلغ الناس ذلك كثر قلقهم من هذا الخبر.
ثم فى يوم الاثنين خامس عشر [شهر] «4» ربيع الآخر المذكور ابتدأ السلطان بعرض أجناد الحلقة، فتجمع بالحوش السلطانى منهم عدة مشايخ وأطفال وعميان، وعرضوا على السلطان فقال لهم: «أنا ما أعمل كما عمل الملك المؤيّد شيخ من أخذ المال منكم، ولكن اخرجوا(15/68)
جميعكم، فمن قدر منكم على فرس ركب فرسا، ومن قدر على حمار ركب حمارا» ؛ فنزلوا على ذلك إلى بيت الأمير أركماس الظاهرى الدوادار الكبير، فحل بهم عند ذلك بلاء الله المنزل، وتحكم فيهم الأكلة، وصاروا فى أيديهم كالفريسة فى يد فارسها، وذلك لعدم معرفة أركماس المذكور بالأحكام، وقلة دربته بالأمور- فإنه كان رجلا غتميّا لا يعرف باللغة التركية فكيف اللغة العربية؟ - ففاز المتموّلون وتورط المفلسون.
قلت: وعدّت «1» هذه الفعلة من غلطات [الملك] «2» الأشرف، كونه يندب «3» لهذا الأمر المهم «4» مثل أركماس هذا، وقد تقدم أن الملوك السالفة كانت تندب لهذا الأمر «5» مثل الأمير طشتمر الدوادار، ومثل سودون الشّيخونى، ومثل يونس الدوادار، وآخرهم جقمق دوادار المؤيد، وكل واحد من هؤلاء كان شأنه مع من يعرضه كالطبيب الحاذق العارف بمرض من يعالجه: ينظر إلى وجه المعروض عليه، ويسأله عن إقطاعه «6» وعن متحصله «7» سؤالا لا يخفاه بعد [ذلك] «8» شىء من حاله، فعند ذلك ينظر فى أمره بفراسته، إن كان إقطاعه يقوم بسفره ألزمه بالسفر غصبا على رغم أنفه، لا يسمع فى أمره رسالة ولا شفاعة، وإن كان لا يقوم بسفره ألزمه بالإقامة، وندبه لحفظ جهة من الجهات، ومشى فى جميع عرضه على ذلك. وقد انتصف الناس من كونه ألزم كلّ واحد بما هو فى قدرته، فكان هذا العرض بخلاف [35] هذا جميعه: ترك فيه من إقطاعه يعمل فى السنة مائة «9» . ألف، حيث هو من جهته رجل من أرباب الشوكة أو باذل مال، وألزم بالسفر من إقطاعه يعمل فى السنة «10» خمسة آلاف درهم فلوسا، كونه فقيرا ولا عصبية له- انتهى.(15/69)
وبينما السلطان فى ذلك ورد عليه كتاب أصبهان بن قرا يوسف صاحب بغداد، يشتمل على التودد وأنه هو وأخاه «1» إسكندر يقاتلان شاه رخ؛ وتاريخه قبل قدوم أحمد جوكى بن شاه رخ وبابا حاجى بعساكر شاه رخ، وقبل موت قرايلك.
ثم فى سابع عشره قدم أيضا قصّاد إسكندر بن قرا يوسف صحبة الأمير شاهين الأيدكارى الناصرى أحد حجاب حلب، وعلى يدهم رأس الأمير عثمان بن طرعلى المدعو قرايلك، ورأس ولديه وثلاثة رؤوس أخر، وكان السلطان توجه فى هذا اليوم إلى الصيد، فقدم من الغد يوم الخميس ثامن عشره، فأمر بالرؤوس الستة فطيف بها على رماح، وقد زينت القاهرة لذلك فرحا بموت قرايلك، ثم علقت الرءوس على باب زويلة ثلاثة أيام.
وكان من خبر موته أنه لما سار إسكندر بن قرا يوسف من تبريز لقتاله إلى أن نزل بالقرب من أرزن «2» ، وبلغ قرايلك مجيئه «3» ، جهز ابنه على بك ومعه فرقة من العسكر وهو تابعهم، فالتقوا هم وإسكندر فاستظهر عسكر قرايلك فى أول الأمر، ثم إن إسكندر ثبت وحمل عليه بمن معه حملة رجل واحد على عسكر قرايلك فكسرهم، وذلك خارج أرزن الروم المذكورة، فعند ما انهزم قرايلك ساق إسكندر خلفه، فقصد عسكر قرايلك أرزن الروم، ليتحصنوا بها فحيل بينهم وبينها؛ وقبل أن يتجاوزوا عنها، أرمى قرايلك بنفسه إلى خندقها ليفوز بمهجته، وعليه آلة الحرب، فوقع على حجر فشج دماغه، ثم قام فحمل إلى قلعة أرزن الروم بحبال فدام بها أياما قليلة، ومات فى العشر الأول من صفر فى هذه السنة، بعد أن أقام فى الأمر نيفا وخمسين سنة، ومات وقد قارب المائة سنة من العمر، ودفن خارج أرزن الروم، فتتبع إسكندر بن قرا يوسف قبره، حتى(15/70)
عرفه ونبش عليه وأخرجه وقطع رأسه ورأس ولديه وثلاثة رؤوس أخر من أمرائه ممن ظفر به إسكندر فى الوقعة، وأرسل الجميع مع قاصده إلى الملك الأشرف، حسبما تقدم ذكره. هذا ما كان من موتة قرايلك، ويأتى بقية ترجمته وأصله فى الوفيات [من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى] «1» .
ثم فى [يوم] «2» السبت عشرينه خلع السلطان على الأمير حسين بن أحمد البهسنى «3» المدعو تغرى برمش، الأمير آخور الكبير باستقراره نائب حلب، عوضا عن الأتابك إينال الجكمى وسافر من الغد إلى محل كفالته «4» ، وتولى الأمير آخورية عوضه الأمير جانم الأشرفى، وكتب بانتقال الجكمى إلى نيابة الشام عوضا عن قصروه بحكم وفاته «5» .
[و] «6» فى هذا اليوم حضر قصاد إسكندر بن قرا يوسف بين يدى السلطان بكتابه، فقرئ وأجيب بالشكر والثناء، وحمل إليه مالا وغيره من القماش السكندرى ما قيمته عشرة آلاف دينار، ووعده بمسير السلطان إلى تلك البلاد. ثم نزل السلطان إلى الإسطبل السلطانى وعرضه بنفسه، وأرسل إلى الصاحب كريم الدين ابن كاتب المناخ وإلى الأمير يلخجا بجمال كثيرة، وكان ندبهما للسفر إلى بندر جدة.
ثم فى تاسع عشرين [شهر] «7» ربيع الآخر المذكور توجه الأمير شاد بك الجكمى، أحد أمراء الطبلخانات ورأس نوبة، إلى الأمير ناصر الدين محمد بن دلغادر بمال وخيل وقماش سكندرى وغير ذلك، وإلى ولده سليمان بمثل ذلك، وكتب لهما أن يسلما شاد بك المذكور الأمير جانبك الصّوفى ليحمله إلى قلعة حلب، فسار شاد بك فى هذا اليوم؛ تأتى بقية أمره فى عوده.(15/71)
ثم فى يوم الثلاثاء خامس عشر جمادى الأولى خلع السلطان على جوهر الصفوى «1» الجلبانى اللّالا «2» باستقراره زمام الدار، بعد موت خشقدم الظاهرى الرومى، وكانت شاغرة من يوم مات خشقدم المذكور.
[26] ولما «3» كان يوم السبت ثامن عشر جمادى الآخرة «4» المذكورة برز الصاحب كريم الدين والأمير يلخجا الساقى، أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، بمن معهما «5» من الحاج إلى ظاهر القاهرة، ثم ساروا فى تاسع عشره إلى جهة مكة المشرفة.
ثم فى يوم الخميس ثالث عشرين جمادى الآخرة المذكورة «6» خلع السلطان على السيفىّ آقباى اليشبكى الجاموس أحد دوادارية السلطان الأجناد باستقراره فى نيابة الإسكندرية عوضا عن خليل بن شاهين الشّيخى بحكم عزله.
ثم فى ثانى عشرينه وصل الأمير أقطوه الموساوى الظاهرى برقوق المتوجه فى الرسالة إلى شاه رخ بن تيمورلنك، وقدم من الغد إلى القاهرة الشيخ «7» صفا رسول شاه رخ المذكور بكتابه، فأنزل وأجرى عليه الرواتب؛ ثم ورد الخبر على السلطان: أن رسل أصبهان بن قرا يوسف صاحب بغداد سارت إلى القان معين الدين شاه رخ، وهو مقيم على قراباغ «8» بدخوله تحت طاعته وأنه من جملة خدمه، فأقامت رسله ثلاثين يوما لا تصل إلى شاه رخ، ثم قدموا بين يديه فأجابه بالإنكار على أصبهان المذكور من كونه أخرب(15/72)
العراق وبغداد «1» وأبطل مسير الحج من بغداد، ثم أمره بعمارة بغداد وأن يعمرها، وإلا فقد «2» مشى عليه وأخرب دياره، وأكثر له من الوعيد، وأنه أمهله فى ذلك مدة سنة؛ وكان أصبهان بعث بهدية فأخذها ولم يعوضه عنها شيئا «3» وإنما جهز له خلعة بنيابة بغداد وتقليدا، ثم خلع «4» على رسله وأمرهم بالعود إليه وتبليغه ما ذكره لهم بتمامه وكماله.
قلت: وفى الجملة أن جور أولاد تيمورلنك أحسن من عدل بنى قرا يوسف.
ثم فى يوم السبت ثانى [شهر] «5» رجب أحضر السلطان [الملك الأشرف] «6» الشيخ صفا رسول شاه رخ إلى بين يديه، وهو جالس على المقعد «7» بالإسطبل السلطانى، بمن معه من قصاد شاه رخ، وقرئ كتابه فإذا هو يتضمن: أنه يأمر السلطان أن يخطب له، ويضرب السكة باسمه؛ ثم أخرج الشيخ صفا خلعة السلطان بنيابة مصر، ومعها تاج ليلبسه «8» السلطان، وخاطب السلطان بكلام «9» لم يسع السلطان معه صبرا.
وعند ما رأى السلطان الخلعة أمر بها فمزقت تمزيقا، وأمر بالشيخ صفا المذكور فضرب ضربا مبرحا خارجا «10» عن الحد، ثم أقيم بعد ذلك وأمر به فسحب إلى بركة ماء بالإسطبل، فألقى فيها منكوسا وغمس فيها غير مرة حتى أشرف على الهلاك، وكان الوقت شتاء شديد البرد. كل ذلك ولم يستجرئ «11» أحد من الأمراء أن يتكلم فى أمر الشيخ صفا بكلمة واحدة من نوع الشفاعة لشدة غضب السلطان، ولقد لازمت الملك الأشرف(15/73)
كثيرا من أوائل سلطنته إلى هذا اليوم، [و] «1» لم أره غضب مثلها [قبلها] «2» .
ثم طلب السلطان الشيخ صفا المذكور وحدثه بكلام طويل، محصوله يقول لصفا:
إنك تتوجه إلى شاه رخ وتذكر له ما حلّ بك من الإخراق والبهدلة والعذاب، وأنه قد ولّانى نيابة مصر إلا أنا فإنى لا أرتضيه شحنة «3» لى على بعض قرى أقل أعمالى، وإن كان له قوة فهو يظهر «4» ذلك بعد هذا الإخراق بك ويمشى على أعمالنا «5» ، وإن لم يأت فى العام القابل فكل ما «6» يأتى منه بعد ذلك فهو من المهملات، ويظهر عجزه وضعف حالته وكثرة فشاره لكل أحد.
ثم رسم السلطان بإخراجه مع رفقته فى البحر المالح إلى مكة، فتوجهوا وحجّوا ثم عادوا إلى شاه رخ وبلغوه ذلك فلم يتحرك بحركة، وهاب ملوك مصر بهذه الفعلة إلى أن مات. ولعمرى «7» لقد كانت هذه الواقعة من الملك الأشرف حسنة من حسناته التى قامت بفعلتها حرمة العساكر المصرية إلى يوم القيامة.
قلت: ولا أعرف للملك الأشرف فعلة فعلها فى أيام سلطنته أحسن ولا أعظم ولا أجمل من إقدامه على هذا الأمر، من ضرب قاصد [27] شاه رخ وتمزيق خلعته، فإنه خالف فى ذلك جميع أمرائه وأرباب دولته، لأن الجميع أشاروا عليه بالمحاسنة فى رد الجواب، إلا هو، فإن الله عز وجل وفقه إلى ما فعل ولله الحمد؛ ومن يومئذ عظم أمر [الملك] «8» الأشرف وتلاشى أمر شاه رخ فى جميع بلاد الإسلام.
ثم خلع [السلطان] «9» على شيخ الشيوخ بخانقاه سرياقوس محب الدين [محمد] «10»(15/74)
ابن الأشقر، باستقراره فى كتابة السّر بالديار المصرية «1» عوضا عن القاضى كمال الدين ابن «2» البارزى بحكم عزله.
ثم جهز السلطان تجريدة من الأمراء والمماليك السلطانية إلى البلاد الشامية، بسبب ظهور جانبك الصّوفى وغيره، وقد بلغ السلطان أن ابن دلغادر أطلق جانبك الصّوفى.
ثم فى حادى عشر [شهر] «3» رجب المذكور قدم الأمير شاد بك الجكمى من بلاد أبلستين لأخذ جانبك الصّوفى بغير طائل، بعد أن قاسى شدائد من عظم البرد والمطر والثلوج، حتى أنه هلك من أصحابه جماعة كبيرة من ذلك، وكان من خبر شاد بك:
أنه لما وصل إلى ناصر الدين بك ابن دلغادر، تلقاه وأكرمه وأخذ ما معه من الهدية والتحف والمال.
قلت: الدورة على هذا لا [على] «4» غيره.
ثم أخذ ناصر الدين بك ابن دلغادر يسوّف بالأمير شاد بك من يوم إلى يوم، إلى أن طال الأمر وظهر لشاد بك أنه «5» لا يمكنه منه، فكلمه فى ذلك فاعتذر ناصر الدين [بك] «6» بعد [م] «7» تسليمه من أنه يخاف من أن يعاير بذلك، وأيضا مما ورد عليه من كتب شاه رخ وغيره من ملوك الأقطار بالتوصية عليه وأشياء من هذه المقولة؛ والمقصود: أنه منعه منه، ثم أطلقه وأعاده إلى حاله الأول وأحسن، فعظم ذلك على السلطان إلى الغاية، ولم أسأل الأمير شاد بك هل اجتمع بالأمير جانبك الصّوفى عند ابن دلغادر أم لا.
ولما أن عاد شاد بك من عند ابن دلغادر «8» من غير قضاء حاجة اضطرب الناس، وتحدث كل أحد بما فى نفسه من المغيبات، وكثر القلق وأخذ السلطان يستحث(15/75)
الأمراء «1» المجردين فى السفر. وأدير محمل الحاج فى يوم الاثنين خامس عشرين [شهر] «2» رجب من غير لعب الرمّاحة «3» على العادة فى كل سنة، لشغل خاطر السلطان.
[ثم فى يوم الأربعاء خامس عشرين شعبان، برز الأمراء المجردون من القاهرة إلى الريدانية خارج القاهرة] «4» ، وهم: الأمير الكبير جقمق العلائى الناصرى الظاهرى، والأمير أركماس الظاهرى الدوادار، والأمير يشبك السودونى المشد، وهو يومذاك حاجب الحجاب، والأمير تنبك البردبكى نائب القلعة كان، والأمير قرا خجا الحسنى، والأمير تغرى بردى البكلمشى المؤذى «5» والأمير خجا سودون السيفى بلاط الأعرج، فأقاموا إلى يوم سابع عشرينه، وسافروا إلى جهة البلاد الشامية؛ ثم نقل حسن بن أحمد البهسنى نائب القدس إلى حجوبية الحجاب بحلب، بسفارة أخيه تغرى برمش نائب حلب، عوضا عن الأمير قانصوه النوروزى، بحكم انتقال قانصوه إلى إمرة مائة وتقدمة ألف بدمشق.
ثم فى يوم الاثنين سابع [شهر] «6» رمضان خلع السلطان على الأمير غرس الدين خليل بن شاهين الشيخى المعزول عن نيابة الإسكندرية، باستقراره وزيرا بالديار المصرية،(15/76)
عوضا عن التاج الخطير الأسلمى.
ثم فى يوم الخميس رابع عشرين [شهر] «1» رمضان قدم إلى القاهرة الأمير أسلماس ابن كبك التركمانى مفارقا لجانبك الصّوفى، فأكرمه السلطان وأنعم عليه، ثم خلع عليه فى يوم الخميس أول شوال خلعة السفر ورسم بتجهيزه.
ثم فى يوم الخميس ثامن شوال عزل السلطان [الوزير] «2» خليل بن شاهين الشيخى عن الوزارة، وألزم الصاحب أمين الدين بن الهيصم بشدّ أمور الدولة، ومراجعة عبد الباسط فى جميع أحوال الدولة، فمشت الأحوال.
قلت: وهذا كان قصد السلطان أن يلقى الأستادّاريّة والوزارة فى رقبة عبد الباسط، وقد وقع ذلك- انتهى.
ومن [يوم] «3» ذلك، أخذ عبد الباسط يحسّن [28] للسلطان طلب الصاحب كريم الدين ابن كاتب المناخ وإعادته للوزارة، فيقول له السلطان: «هذا شىء صار يتعلق بك، افعل [فيه] «4» ما شئت» ؛ فكتب فى يوم تاسعه بإحضار الصاحب كريم الدين من «5» بندر جدة على يد نجّاب بعد فراغ شغله ليلى الوزارة.
حدثنى الصاحب كريم الدين «6» قال: «كان أولا إذا كتب إلىّ عبد الباسط ورقة فى حاجة، يخاطبنى فيها مخاطبة ليست بذاك، إلى أن أضيف إليه التكلم فى الوزارة وطلبت «7» من بندر جدة، فصارت كتبه تأتينى بعبارة عظيمة وترقّق زائد وتحشّم كبير، فلما أن قدمت وعدت إلى الوزارة، امتنع مما كان يفعله مع فى ولايتى الأولى من الإفراجات التى كان «8» لا يخلو يوم «9» إلا ويأتينى شىء منها، فصار فى ولايتى هذه كلما قيل له أن يرسل إلىّ لأفرج «10» له عن شىء، يقول: خلّوه! يكفيه الذي هو فيه، نحن(15/77)
يجب علينا مساعدته» ؛ قلت له: «فكان يساعد؟» ، قال: «أى والله! غصبا ومروءة» - انتهى.
ثم فى سابع عشرين شوال، كتب بعزل الأمير إينال العلائى الناصرى نائب الرّها وقدومه إلى القاهرة. وخلع [السلطان] «1» على الأمير شادبك الجكمى أحد أمراء الطبلخاناه ورأس نوبة ثانى باستقراره فى نيابة الرّها على إقطاعه، عوضا عن إينال المذكور.
وكتب أيضا بعزل الأمير إينال الششمانى الناصرى عن نيابة صفد، وأن يتوجه إلى القدس بطالا، وأن يستقر عوضه فى نيابة صفد الأمير تمراز المؤيدى أحد مقدمى الألوف بدمشق.
ثم فى أواخر ذى القعدة قدم الخبر على السلطان: أن شاه رخ بن تيمورلنك رحل عن مملكة أذربيجان، وهى تبريز، بعد أن استناب عليها جهان شاه بن قرا يوسف عوضا عن أخيه إسكندر، وزوّج جهان شاه المذكور أيضا بنساء إسكندر المذكور بحكم الشرع، لكون إسكندر كان فى عصمته أزيد من ثمانين امرأة.
ونزل شاه رخ فى أواخر ذى القعدة على مدينة السلطانية، وعزم [على] «2» أن «3» لا يرحل عنها إلى ممالكه حتى يبلغ غرضه من إسكندر بن قرا يوسف، فلم يلتفت السلطان إلى ذلك وأخذ فيما هو فيه من أمر جانبك الصّوفى، غير أنه صار فى تخوف من أن يردف شاه رخ جانبك الصوفى بعسكر، إذا تم أمره من إسكندر.
وأما العسكر المجرد من مصر وغيرها فإنه لما توجه إلى حلب، سار منها نائبها تغرى برمش البهسنى بعساكر حلب، وصحبته الأمير قانى باى الحمزاوى نائب حماه بعساكر حماه، ونزل على عينتاب، وقد نزل جانبك الصوفى على مرعش، فتوجهوا إليه من الدّربند أمام العسكر المصرى، ونزلوا على بزرجق- يعنى: سويقة باللغة العربية- ثم عدوا الجسر، وقصدوا ناصر الدين بك ابن دلغادر نائب أبلستين من طريق دربند كينوك، فلم يقدروا على سلوكه لكثرة الثلوج، فمضوا إلى دربند آخر من عمل بهسنا، وساروا منه بعد مشقة يريدون أبلستين، وساروا حتى طرقها تغرى برمش المذكور بمن معه فى يوم(15/78)
الثلاثاء تاسع شهر رمضان، فلم يدرك ناصر الدين بن دلغادر بها، فأمر تغرى برمش بنهب أبلستين وإحراقها فنهبت «1» وأحرقت بأجمعها، ثم أمر العسكر بنهب جميع قراها وإحراقها «2» فنهبوها وأخذوا منها شيطئا كثيرا، ثم عاد نائب حلب بمن معه والأغنام تساق بين يديه بعد أن امتلأت أيدى العساكر من النهب، وترك أبلستين خرابا قاعا صفصفا، وعاد إلى حلب بعد غيبته عنها خمسين يوما، كل ذلك وأمراء مصر بحلب.
ثم بلغ تغرى برمش بعد قدومه إلى حلب: أن ناصر الدين بن دلغادر نزل [بالقرب] «3» من كينوك فجهز إليه أخاه حسنا «4» حاجب حجاب حلب، وحسن هو الأسنّ، ومعه مائة وخمسون فارسا إلى عينتاب تقوية للأمير خجاسودون، وقد نزل بها بعد أن انفرد عن العسكر المصرى [29] من [يوم] «5» خرج من الديار المصرية، فتوجه حسن المذكور بمن معه إلى خجاسودون وأقام عنده، فلما كان يوم رابع عشرين ذى الحجة من سنة تسع وثلاثين المذكورة، وصل إليهم الأمير جانبك الصّوفى، ومعه الأمير «6» قرمش الأعور، والأمير كمشبغا «7» المعروف بأمير [عشرة] «8» أحد أمراء حلب، وكان توجه من حلب وانضم على جانبك الصّوفى قبل تاريخه بمدة طويلة، ومعه أيضا أولاد ناصر الدين بك ابن دلغادر الجميع، ما عدا سليمان، فنزلوا على مرج دلوك «9» ، ثم ركبوا وساروا منه إلى قتال خجاسودون بعينتاب، فركب خجا سودون أيضا(15/79)
بمماليكه وبمن معه من التركمان والعربان وقاتلهم آخر النهار، وباتوا ليلتهم.
وأصبحوا يوم الثلاثاء خامس عشرين ذى الحجة تقدم حسن حاجب الحجاب بمن معه من التركمان والعربان أمام خجاسودون، فتقدم إليهم جانبك الصّوفى بمن معه، وهم نحو الألفى فارس، فقاتلته العساكر المذكورة وقد تفرقوا [فرقتين] «1» : فرقة عليها خجاسودون وحسن حاجب الحجاب المقدم ذكره، وفرقة عليها الأمير تمرباى اليوسفى المؤيدى دوادار السلطان بحلب، وتركمان الطاعة فى كل فرقة منهما.
وتصادم الفريقان فكانت بينهم وقعة هائلة انكسر فيها جانبك الصّوفى، وأمسك الأمير قرمش الأعور، والأمير كمشبغا أمير عشرة، وهما كانا جناحى مملكته، وثمانية عشر فارسا من أصحاب جانبك الصوفى، وانهزم جانبك فى أناس وتبعهم العساكر فلم يقدروا عليهم فعادوا؛ فأخذ خجا سودون قرمش وكمشبغا بمن معهما، وقيّد الجميع وسيّرهم إلى حلب؛ وكتب بذلك إلى السلطان. فقدم الخبر على السلطان فى صفر من سنة أربعين وثمانمائة، ومع المخبر رأس الأمير قرمش الأعور ورأس الأمير كمشبغا أمير عشرة، وأنه وسّط من قبض معهما بحلب، فشهر الرأسان بالقاهرة، ثم ألقيا فى سراب الأقذار بأمر السلطان، ولم يدفنا. ودقت البشائر لذلك أياما، وفرح السلطان بذلك أياما «2» ، وأرسل إلى نائب حلب وإلى خجا سودون بالشكر والثناء.
ومن يوم ذاك، أخذ أمر جانبك الصّوفى فى إدبار، بعد ما كان اجتمع عليه ملوك وخلائق، لقلة سعده.
قلت: كان جانبك الصّوفى خاملا لا يتحرك بحركة إلا وانعكست عليه طول عمره؛ وقد استوعبنا أحواله فى تاريخنا «المنهل الصافى» «3» ، ويأتى من ذكره هنا أيضا نبذة فى الوفيات وغيرها إن شاء الله تعالى.
[ما وقع من الحوادث سنة 840]
ثم فى أول شهر ربيع الأول من سنة أربعين المذكورة، رسم السلطان بعزل تمراز المؤيدى عن نيابة صفد لسوء سيرته وكثرة ظلمه؛ ونقله إلى نيابة غزة، عوضا عن(15/80)
الأمير يونس الرّكنى؛ ونقل يونس المذكور إلى نيابة صفد عوضا عن تمراز المذكور، أعنى أن كلا منهما ولى عن الآخر، وحمل إليهما التقليد والتشريف الأمير دولات باى المحمودى الساقى أحد أمراء العشرات ورأس نوبة، بسفارة صهره الأمير جانم الأشرفى الأمير الآخور الكبير.
ثم فى يوم الثلاثاء سادس شهر ربيع الأول المذكور، خلع السلطان على الصاحب كريم الدين عبد الكريم ابن كاتب المناخ، بعد قدومه من بندر جدّة، باستقراره وزيرا على عادته، وكانت شاغرة من مدة طويلة، ويقوم بمصارفها الزينى عبد الباسط ابن خليل.
ثم أرسل السلطان يطلب الأمراء المجردين إلى الديار المصرية، بعد ما أنعم على الأمير الكبير جقمق بألف دينار، وعلى كل مقدم ألف أيضا [من المجردين] «1» بخمسمائة دينار؛ فقدموا القاهرة فى يوم الاثنين سابع عشر جمادى الأولى من سنة أربعين [المذكورة] «2» ، وطلعوا إلى القلعة وقبلوا الأرض، وخلع السلطان عليهم الخلع السنية، وأركبهم خيولا بقماش ذهب. وتأخر عن الأمراء المذكورين، الأمير خجا سودون، وكانت هذه عادته، إلى أن قدم فى يوم الاثنين ثامن جمادى الآخرة [من سنة أربعين المذكورة] «3» وطلع «4» [30] إلى القلعة وخلع السلطان عليه وأنعم عليه بإمرة طبلخاناة زيادة على ما بيده من تقدمة ألف. ثم خلع السلطان على القاضى كمال الدين ابن البارزى باستقراره قاضى قضاة دمشق، عوضا عن السراج عمرو بن موسى الحمصى، مسئولا فى ذلك مرغوبا فى ولايته.
ثم فى يوم الخميس عاشر شهر رجب من سنة أربعين المذكورة، خلع السلطان على الأمير إينال العلائى الناصرى، المعزول عن نيابة الرها، وهو يوم ذاك من جملة مقدمى الألوف بالديار المصرية، باستقراره فى نيابة صفد عوضا عن الأمير يونس الركنى،(15/81)
ورسم بتوجه يونس المذكور إلى القدس بطالا. وخلع على الأمير طوخ من تمراز المعروف بينى بازق «1» ، أن يستقر مسفّر الأمير إينال [المذكور. ثم فى رابع عشر شهر رجب المذكور، أنعم بإقطاع الأمير إينال] «2» وتقدمته على الأمير قراجا الأشرفى شادّ الشراب خاناة؛ وأنعم بطبلخانة قراجا على الأمير إينال الأبوبكريّ الأشرفى الخازندار، وخلع عليه باستقراره شاد الشراب خاناة عوضه أيضا؛ وخلع السلطان على الأمير «3» [السيفى] «4» علىّ باى [الساقى] «5» الخاصكى الأشرفى باستقراره خازندارا عوضا عن إينال المذكور.
ثم فى يوم الأحد عاشر [شهر] «6» رمضان عمل السلطان مشورة «7» بالأمراء، لما ورد عليه الخبر بأن ناصر الدين بك «8» بن دلغادر ونزيله جانبك الصوفى زحفا بمن معهما على بلاد ابن قرمان، فاتفق رأى الجميع على سفر السلطان إلى بلاد الشام.
وأخذ الأمراء فى أهبة السفر، ثم انتقض ذلك بعد أيام، وكتب لنواب الشام بالمسير إلى نحو بلاد ابن قرمان نجدة لابن قرمان، فإن القوم أخذوا آق شهر «9» ونازلوا قلاعا أخر.
ثم فى يوم الخميس خامس شوال خلع السلطان على قاضى القضاة علم الدين صالح البلقينى وأعيد إلى قضاء القضاة بالديار المصرية، عوضا عن الحافظ شهاب الدين بن حجر.
ثم فى يوم الثلاثاء أول ذى القعدة، قدم سيف الأمير تمرباى اليوسفى المؤيدى(15/82)
دوادار السلطان بحلب؛ وفيه أيضا قدم سيف الأمير آقباى اليشبكى الجاموس نائب الإسكندرية، بعد موتهما، فخلع السلطان فى ثالثه على الزينى عبد الرحمن «1» ابن علم الدين داؤد «2» بن الكويز أحد الدوادارية الصغار باستقراره فى نيابة الإسكندرية عوضا عن آقباى اليشبكى بحكم وفاته.
ثم فى يوم الخميس ثانى عشرين ذى الحجة خلع السلطان على الأمير صلاح الدين محمد بن الصاحب بدر الدين حسن بن نصر الله، باستقراره كاتب السر الشريف بالديار المصرية، بعد عزل القاضى محب الدين بن الأشقر، مضافا لما بيده من حسبة القاهرة ونظر دار الضرب ونظر الأوقاف ومنادمة السلطان؛ ونزل فى موكب جليل وقد لبس العمامة المدورة والفرجية هيئة «3» أرباب الأقلام وترك زى الأجناد، فإنه كان فى «4» مبدأ أمره هلى هيئة الأجناد، وكانت ولايته بغير خاطر عبد الباسط بل على رغم أنفسه «5» .
[ما وقع من الحوادث سنة 841]
ثم فى ليلة الأحد تاسع محرم سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، بلّغ الزينى عبد الباسط والوزير كريم الدين والقاضى سعد الدين ناظر الخاص بأن المماليك السلطانية على عزم نهب «6» دورهم فوزعوا ما عندهم واختفوا «7» ، ثم طلعوا إلى الخدمة السلطانية على تخوف، وقد بلغ السلطان ذلك فأخذ يتوعدهم ويدعو عليهم بالطاعون، فلم يلتفت منهم أحد إلى كلامه، ونزل عدة كبيرة منهم فى يوم الأحد سادس عشره إلى دار عبد الباسط وإلى بيت مملوكه جانبك الأستادّار ودار الوزير كريم الدين، ونهبوا ما وجدوا فيها وأفحشوا إلى(15/83)
الغاية، ولم يعترضوا لأحد فى الطرقات خوفا من العامة «1» .
ثم فى ثانى عشرين المحرم ورد الخبر على السلطان بأن نائب دوركى توجه فى «2» خامس عشر المحرم، فى عدة نواب تلك الجهات وغيرهم «3» فى نحو ألفى فارس، وساروا حتى طرقوا بيوت الأمير ناصر الدين بن دلغادر، وقد نزل هو والأمير جانبك الصوفى بمكان على بعد يومين من مرعش فنهبوا ما هناك وأحرقوا، ففرّ ابن دلغادر وجانبك الصوفى فى نفر قليل، وذلك أن جموعهما كانت مع سليمان بن ناصر الدين(15/84)
ابن دلغادر على حصار قيصريّة الروم، فسرّ [31] السلطان بذلك وأرسل إلى نائب دوركى بخلعة وشكره. ثم قدم الخبر على السلطان أن الأمير إينال الجكمى نائب الشام خرج من دمشق بعساكرها يريد حلب، وقد سارت جميع نواب الشام ليوافوا نائب حلب ويتوجهوا الجميع مددا لابن قرمان، بعد أن أرسل إينال الجكمى تقدمة هائلة للسلطان. ووصلت التقدمة المذكورة إلى القاهرة فى يوم السبت سابع صفر المذكور، وهى ذهب نقد عشرة آلاف دينار، وخيول مائتا «1» فرس، منها ثلاثة أرؤس بسروج ذهب وكنابيش «2» زركش، وسمّور عشرة أبدان، ووشق عشرة أبدان، وقاقم عشرة أبدان، وسنجاب مائة بدن، وبعلبكى خمسمائة ثوب، وأقواس حلقة مائة قوس، وجمال بخاتى ثلاث قطر «3» ، وجمال عراب ثلاثمائة جمل، وثياب صوف مربع مائة ثوب.
ثم فى يوم السبت خامس شهر ربيع الأول، خلع السلطان على الأمير خليل ابن شاهين الشيخى المعزول عن نيابة الإسكندرية والوزارة قبل تاريخه، باستقراره فى نيابة الكرك، وسار إليها من وقته.
ثم فى يوم السبت تاسع عشر [شهر] «4» ربيع الأول المذكور من سنة إحدى وأربعين المذكورة، خلع السلطان على الصاحب جمال الدين يوسف ابن القاضى كريم الدين عبد الكريم ابن سعد الدين بركة المعروف بابن كاتب جكم، باستقراره ناظر الخاص الشريف بعد موت أخيه القاضى سعد الدين إبراهيم الآتى ذكره فى الوفيات [إن شاء الله تعالى] » .
ثم فى شهر ربيع الآخر كملت عمارة الجامع الذي أنشأه السلطان بخانقاه سرياقوس على الدرب المسلوك، وطوله خمسون ذراعا [فى عرض خمسين ذراعا] «6» ، ورتب فيه(15/85)
إماما للصلوات الخمس، وخطيبا وقراء يتناوبون «1» القراءة، وأرباب وظائف من المؤذنين والفراشين؛ وجاء الجامع المذكور فى غاية الحسن، إلا أن سقوفه واطئة قليلا.
ثم فى يوم السبت ثالث جمادى الأولى، ركب السلطان من قلعة الجبل إلى الصيد، بعد ما شق القاهرة، وخرج من باب القنطرة؛ وهذه أول ركبة ركبها للصيد فى هذه السنة، وتداول ذلك منه فى هذا الشهر غير مرة.
وفيه قدم الأمير تمراز المؤيّدى نائب غزة والسلطان يتصيد، وعاد السلطان فى خامسه وشق القاهرة حتى خرج من باب زويلة ومضى إلى القلعة، ثم أصبح من الغد أمسك تمراز المؤيدى المذكور وقيّده وأرسله إلى سجن الإسكندرية فسجن بها، وذلك لسوء «2» سيرته ولكمين كان عنده من «3» [الملك] «4» الأشرف، فإن تمراز هذا كان ممن ركب مع الأمير تنبك البجاسى نائب الشام، ثم اختفى وظهر وأنعم عليه السلطان بإقطاع بدمشق، ثم نقله إلى إمرة مائة بعد سفرة آمد لشجاعة ظهرت منه فى قتال القرايلكية، ثم نقله إلى نيابة صفد فلم تحمد سيرته فعزله وولاه نيابة غزة، فشكى منه أيضا ورمى بعظائم فطلبه وأمسكه ثم قتله بعد مدة.
فكان ما عاشه من يوم واقعة البجاسى ليوم تاريخه فائدة.
ولما أن مسك السلطان تمراز استدعى الأمير جرباش الكريمى قاشق من ثغر دمياط ليوليه نيابة غزة، فقدم «5» جرباش وامتنع عن نيابة غزة «6» فرسم له بالعود إلى الثغر بطالا كما كان أولا. ثم فى سابع عشره خلع السلطان على [الأمير] «7»(15/86)
آق بردى «1» السيفى قجماس أحد أمراء العشرات باستقراره فى نيابة غزة عوضا عن تمراز المذكور، بمال بذله فى ذلك.
وقدم الخبر على السلطان بموت جانبك الصوفى؛ واختلفت الأقاويل فى أمره إلى أن كان يوم السبت سابع عشر جمادى الأولى من سنة إحدى وأربعين المذكورة، قدم «2» مملوك «3» تغرى برمش نائب حلب إلى القاهرة برأس الأمير جانبك الصوفى، فدقت البشائر لذلك وسرّ السلطان غاية السرور بموته ولهجت الناس أن السلطان تم سعده، [وقد قيل] «4» : [المتقارب]
إذا تمّ أمر بدا نقصه ... توقّ زوالا إذا قيل تمّ
[32] فأمر السلطان بالرأس فطيف «5» بها على رمح بشوارع القاهرة، والمشاعلىّ «6» ينادى عليها: «هذا جزاء «7» من يخالف على الملوك ويخرج عن الطاعة!» ، ثم ألقيت فى قناة سراب.
وكان من خبر موت جانبك [الصوفى] «8» المذكور أنه لما كبس عليه وعلى ابن دلغادر نائب دوركى، فى محرم هذه السنة كما تقدم، وانكسر هو وابن دلغادر، فمقته «9» ابن دلغادر وافترقا من يومئذ، فسار ابن دلغادر على وجهه يريد بلاد الروم وقد تشتت شمله، وقصد جانبك الصوفى أولاد قرايلك: محمدا(15/87)
ومحمودا «1» ، وقدم عليهما فأكرماه وأنزلاه عندهما. فأخذ تغرى برمش نائب حلب يدبّر عليه بكل ما تصل القدرة إليه، ولا زال حتى استمالهما، أعنى «2» محمدا ومحمودا ابنى قرايلك، ووعدهما بجملة مال إن قبضا على جانبك المذكور «3» ، يحمل إليهما خمسة آلاف دينار، فمالا إليه ووعداه أن يقبضا على جانبك المذكور «4» ، فعلم «5» جانبك بالخبر فشاور أصحابه فى ذلك فأشاروا عليه بالفرار إلى جهة من الجهات، فبادر جانبك وخرج من عندهما ومعه عشرون فارسا من أصحابه لينجو بنفسه. وبلغ ذلك القرايلكية فركبوا وأدركوه فقاتلهم فأصابه سهم سقط منه عن فرسه، فأخذوه وسجنوه عندهم وذلك فى يوم الجمعة خامس عشرين شهر ربيع الآخر من هذه السنة، فمات من الغد فقطع رأسه وحمل إلى السلطان، فهذا القول هو المشهور.
وقيل إن جانبك الصوفى مات بالطاعون عند أولاد قرايلك بعد أن أوعدهما تغرى برمش بالمال المقدم ذكره، ولم يقبلا منه ذلك واستمرا على إكرامه. فلما مات جانبك الصوفى بالطاعون أخفيا ذلك وقطعا رأسه وبعثا به «6» إلى تغرى برمش.
قلت: والقول الأول هو المتداول بين الناس. ويأتى بقية ذكر جانبك الصوفى فى الوفيات [من هذا الكتاب] «7» فى محلّه [إن شاء الله تعالى] «8» .
قال المقريزى، بعد أن ساق نحو ما حكيناه بالمعنى، واللفظ مخالف: وحملت إليه الرأس- يعنى عن [الملك] «9» الأشرف- فكاد يطير فرحا وظن أنه قد أمن، فأجرى الله على الألسنة أنه قد انقضت «10» أيامه وزالت دولته فكان كذلك هذا، وقد قابل نعم «11» الله عليه فى كفاية عدوه بأن تزايد عتوه وكثر ظلمه(15/88)
وساءت «1» سيرته فأخذه الله أخذا وبيلا، وعاجله بنقمته فلم يهنّه- انتهى كلام المقريزى.
قلت: وما عسى الملك الأشرف كان يظلم فى تلك المدة القصيرة؟ فإن خبر جانبك الصوفى ورد عليه فى سابع عشر جمادى الأولى «2» وابتدأ بالسلطان مرض موته من أوائل شعبان، ولزم الفراش من اليوم المذكور، وهو ينصل ثم ينتكس إلى أن مات فى ذى الحجة. غير أن الشيخ تقي الدين المقريزى رحمه الله كان له انخراقات «3» معروفة عنه وهو معذور فى ذلك، فإنه أحد من أدركنا من أرباب الكمالات فى فنه ومؤرخ زمانه، لا يدانيه فى ذلك أحد، مع معرفتى بمن عاصره من مؤرخى العلماء؛ ومع هذا كله كان مبعودا فى الدولة، لا يدنيه السلطان مع حسن محاضرته وحلو منادمته. على أن [الملك] »
الظاهر برقوق كان قرّبه ونادمه وولاه حسبة القاهرة فى أواخر دولته، ومات [الملك] «5» الظاهر فلم يمش حاله على من جاء بعده من الملوك وأبعدوه من غير إحسان؛ فأخذ هو أيضا فى ضبط مساوئهم وقبائحهم، فمن أساء لا يستوحش. على أنه كان ثقة فى نفسه ديّنا خيّرا؛ وقد قيل لبعض الشعراء:
إلى متى تمدح وتهجو؟ فقال: ما دام المحسن يحسن والمسىء يسىء- انتهى.
ثم فى يوم الجمعة ثامن جمادى الآخرة ورد الخبر على السلطان بأن إسكندر بن قرا يوسف، نزل قريبا من مدينة تبريز، فبرز إليه أخوه جهان شاه بن قرا يوسف المقيم بها من قبل شاه رخ بن تيمور لنك، فكانت بينهما وقعة هائلة انهزم فيها إسكندر إلى قلعة ألنجا من عمل تبريز فنازله «6» جهان شاه إلى أن حصره بها أياما، وأن الأمير حمزة بن قرايلك متملّك ماردين وأرزن أخرج أخاه على بك من مدينة آمد وملكها منه، فقلق السلطان من هذين الخبرين وعزم على أن يسافر بنفسه إلى البلاد(15/89)
الشامية، وكتب [33] بتجهيز الإقامات بالشام، ثم أبطل ذلك بعد أيام.
ورسم فى يوم السبت سابع شهر رجب بخروج تجريدة من الأمراء إلى البلاد الشامية، وعيّن ثمانية نفر من الأمراء مقدمى الألوف: وهم قرقماس أمير سلاح، وأقبغا التّمرازى أمير مجلس، وأركماس الظاهرى الدوادار الكبير، وتمراز القرمشى رأس نوبة النوب، ويشبك السّودونى حاجب الحجاب، وجانم الأشرفى الأمير آخور الكبير، وخجا سودون وقراجا الأشرفى.
ثم فى يوم الاثنين تاسع شهر رجب نودى بأن أحدا «1» من العبيد لا يحمل سلاحا ولا يمشى بعد المغرب، وأن المماليك السلطانية لا يتعرض لأحد من العبيد، وكان سبب هذه المناداة أنه لما أدير المحمل فى يوم الخميس خامس [شهر] «2» رجب المذكور، فلما كان أول ليلة من الزينة نزل جماعة كبيرة من «3» المماليك الأشرفية الذين بالأطباق من قلعة الجبل وأخذوا فى نهب الناس وخطف النساء «4» والصبيان، فاجتمع عدد كبير من العبيد السود وقاتلوا المماليك الأجلاب، فقتل من العبيد خمسة نفر وجرح عدة من المماليك، وخطفت العمائم وأخذت الأمتعة، ثم أخذت المماليك تتتبع العبيد فقتلوا منهم جماعة، وقد كفت «5» العبيد أيديهم عن قتالهم خوفا من السلطنة، واختفى كثير من العبيد وقلّ مشى المماليك فى الليل إلى أن نودى لهم بهذه المناداة، فسكن «6» الشر ومشى كلّ من الطائفتين على حاله الأول؛ ثم رسم السلطان بمنع المماليك من النزول من الأطباق إلى القاهرة إلا لضرورة.
ثم فى عاشر [شهر] «7» رجب أنفق السلطان على الأمراء المجرّدين لكل أمير ألفى دينار أشرفية.(15/90)
ثم فى يوم الأربعاء ثامن عشره ركب السلطان من قلعة الجبل، ونزل إلى خليج الزّعفران فنزل به وأكل السماط، ثم ركب فى يومه وعاد إلى القلعة، فأصبح من الغد متوعك البدن ساقط الشهوة للغداء، ولزم الفراش، وهذا أوائل مرضه الذي مات منه؛ غير أنه تعافى بعض أيام، ثم مرض ثم تعافى حسبما يأتى ذكره.
وورد الخبر فيه بوقوع الوباء فى بلاد الصعيد؛ واستهلّ شعبان يوم الاثنين والسلطان مريض، فأخرج فيه مالا وفرّقه على الفقراء والمساكين. فلما كان يوم الثلاثاء تاسعه «1» تعافى السلطان وخلع على الأطباء لعافيته، وركب من الغد ونزل من القلعة إلى القرافة وتصدّق على أهل القرافتين، وعاد وهو غير صحيح البدن. ثم فى يوم السبت ثالث عشر شعبان المذكور، نزل السلطان من القلعة إلى خارج القاهرة، وعاد ودخل من باب النصر، ثم نزل بالجامع الحاكمى، وقد قيل له إنّ بالجامع المذكور دعامة قد ملئت ذهبا، ملأها الحاكم بأمر الله لمعنى أنه إذا خرب يعمّر بما فى تلك الدعامة، فلما بلغ [الملك] «2» الأشرف ذلك شرهت نفسه لأخذ المال [المذكور] «3» ، فقيل له إنك تحتاج إلى هدم جميع الدعائم التى بالجامع المذكور حتى تظفر بتلك الدعامة المذكورة، ثم لا بد لك من عمارتها، ويصرف على عمارتها «4» جملة كثيرة لا تدخل تحت حصر، فقال السلطان ما معناه إن الذي نأخذه من الدعامة يصرف على عمارة ما نهدمه، ولا ينوبنا غير تعب السر؛ وركب فرسه وعاد إلى القلعة.
ثم فى يوم الخميس خامس عشرين شعبان [المذكور] «5» برز الأمير قرقماس أمير سلاح، [وقد] «6» صار مقدم العساكر، وصحبته من تقدم ذكره من الأمراء، إلى الريدانية [خارج القاهرة] «7» من غير أن يرافقهم فى هذه التجريدة أحد من المماليك السلطانية، فأقاموا(15/91)
بالريدانية إلى أن سافروا منها فى يوم السبت سابع عشرين شعبان، وهذه التجريدة آخر تجريدة جرّدها الملك الأشرف من الأمراء، وكتب السلطان إلى الأمير إينال الجكمى نائب الشام وغيره من النواب أن يسافروا صحبة الأمراء المذكورين «1» إلى حلب، ويستدعوا [34] حمزة بك بن قرايلك إلى عندهم، فإن قدم عليهم خلع عليه بنيابة السلطنة فيما يليه من أعمال ديار بكر، وإن لم يقدم عليهم مشوا عليه بأجمعهم وقاتلوه حتى أخذوه، قلت «2» : [الطويل]
أيا دارها بالخيف إنّ مزارها ... قريب ولكن بين ذلك أهوال
ثم قدم الخبر على السلطان بأن محمد بن قرايلك توجّه إلى أخيه حمزة بك المقدم ذكره، باستدعائه، وقد حقد عليه حمزة قتله للأمير جانبك الصوفى. فإن حمزة لما بلغه نزول جانبك الصوفى على أخويه محمد ومحمود وكتب فى الحال إلى أخيه محمد هذا بأن يبعث بالأمير جانبك الصوفى إليه مكرما مبجلا، أراد حمزة يأخذ جانبك إلى عنده ليخوف به الملك الأشرف، فمال محمد إلى ما وعد به تغرى برمش نائب حلب وقتل جانبك الصوفى وبعث برأسه إليه، فأسرّها حمزة فى نفسه وما زال يعد أخاه المذكور ويمنّيه إلى أن قدم عليه، وفى ظن محمد أن أخاه حمزة يولّيه بعض بلاده، فما هو إلا أن صار فى قبضته قتله فى الحال.
قلت: هذا شأن الباغى، الجزاء من جنس عمله، وذلك أنه مثل «3» ما فعل بجانبك الصوفى فعل به- انتهى.
ثم فى يوم الثلاثاء أول شهر رمضان ظهر الطاعون بالقاهرة وظواهرها، وأول «4» ما بدأ فى الأطفال والإماء «5» والعبيد والمماليك، وكان الطاعون أيضا قد عمّ البلاد الشامية بأسرها.(15/92)
ثم فى يوم الأربعاء ثالث عشرين [شهر] «1» رمضان [المذكور] «2» ختمت قراءة البخارى بين يدى السلطان بقلعة الجبل، وقد حضر قضاة القضاة والعلماء والفقهاء على العادة؛ هذا وقد تخوف السلطان من الوباء فسأل من حضر من الفقهاء عن الذنوب التى ترتكبها الناس، هل يعاقبهم الله بالطاعون؟ فقال له بعض الجماعة: إن الزنا إذا فشا فى الناس ظهر فيهم الطاعون، وأن النساء يتزيّنّ ويمشين فى الطرقات ليلا ونهارا؛ فأشار آخر أن المصلحة منع النساء من المشى فى الأسواق، فنازعه آخر فقال: لا تمنع إلا المتبهرجات، وأما العجائز ومن ليس لها من يقوم بأمرها لا تمنع من تعاطى حاجتها. وتباحثوا فى ذلك بحثا كبيرا، إلى أن مال السلطان إلى منعهن من الخروج إلى الطرقات مطلقا، ظنّا من السلطان أن بمنعهن «3» يرتفع الطاعون. ثم خلع السلطان على من له عادة بلبس الخلعة «4» عند ختم البخارى «5» .
ثم أمرهم باجتماعهم عنده من الغد، فاجتمعوا يوم الخميس واتفقوا على ما مال إليه السلطان، فنودى بالقاهرة ومصر وظواهرهما بمنع جميع النساء بأسرهن من الخروج من بيوتهن، وأن لا تمرّ امرأة فى شارع ولا فى سوق البتة، وتهدّد من خرجت من بيتها بالقتل وأنواع البهدلة، فامتنع جميع النساء من الخروج قاطبة، [فمنعن] «6» فتياتهن وعجائزهن وإماءهن من الخروج إلى الطرقات. وأخذ والى القاهرة والحجّاب فى تتبع الطرقات وضرب من وجدوا من النساء، وتشددوا فى الردع والضرب والتهديد، فامتنعن بأجمعهن؛ فعند ذلك نزل بالأرامل أرباب الصنائع(15/93)
ومن «1» لا يقوم عليها أحد لقضاء حاجتها ومن تطوف على الأبواب تسأل الناس «2» من الضر والحاجة، بأس شديد.
ثم فى يوم السبت سادس عشرينه أفرج السلطان عن جميع المسجونين حتى أرباب الجرائم، وأغلقت السجون بالقاهرة ومصر، وانتشرت السرّاق والمفسدون فى البلد، وامتنع من له عند شخص حق أنه يطالبه.
قلت: كان حال الملك الأشرف فى هذه الحركة كقول القائل: [الخفيف]
رام نفعا فضرّ من غير قصد ... ومن البرّ ما يكون عقوقا
ثم فى سابع عشرينه عزم السلطان على أن يولى الحسبة لرجل ناهض، فدكر له جماعة فلم يرضهم، ثم قال: «عندى واحد ليس بمسلم «3» ، ولا يخاف الله» ، وأمر فأحضر إليه دولات خجا الظاهرى [برقوق] «4» المعزول [35] عن ولاية القاهرة قبل تاريخه غير مرة، فخلع عليه باستقراره فى حسبة القاهرة عوضا عن القاضى صلاح الدين محمد ابن الصاحب بدر الدين بن نصر الله كاتب السر بحكم عزله، وكان رغبة السلطان فى ولاية دولات خجا هذا بسبب النساء، لما يعلم من شدته وقلة رحمته وجبروته.
وعند ما خلع عليه حرّضه على عدم إخراج النسوة إلى الطرقات؛ هذا بعد أن تكلم جماعة كبيرة من أرباب الدولة مع السلطان بسبب ما حل بالنسوة من الضرر لعدم خروجهن، فأمر السلطان عند ذلك فنودى بخروج الإماء لشراء حوائج مواليهن»
من الأسواق وأن لا تنتقب واحدة منهن بل يكنّ سافرات عن وجوههن، قصد بذلك حتى لا تتنكر إحداهن «6» فى صفة الجوارى وتخرج إلى الأسواق، وأن تخرج العجائز(15/94)
لقضاء أشغالهن، وأن تخرج النساء إلى الحمامات ولا يقمن بها إلى الليل، وصار دولات خجا يشد على النسوة، وعاقب منهن جماعة كبيرة حتى انكفّ الجميع عن الخروج البتة.
وأهلّ شوال يوم الخميس وقد حلّ بالناس من الأنكاد والضرر ما لا يوصف من «1» تزايد الطاعون، وتعطل كثير من البضائع المبتاعة على النسوة لامتناعهن من المشى فى الطرقات، وأيضا مما نزل بالنسوة من موت أولادهن وأقاربهن، فصارت المرأة يموت ولدها فلا تستطيع أن ترى قبره خوفا من الخروج إلى الطرقات، ويموت أعز أقاربها من غير أن تزوره فى مرضه، فشقّ ذلك عليهن إلى الغاية، هذا مع تزايد الطاعون.
قلت: كل ذلك لعدم أهلية الحكام واستحسان الولاة على الخواطئ، وإلا فالحرة معروفة ولو كانت فى الخمّارة، والفاجرة معروفة ولو كانت فى البيت «2» الحرام، ولا يخفى ذلك على الذوق السليم؛ غير أن هذا كله وأمثاله لولاية المناصب غير أهلها، وأما الحاكم النحرير الحاذق الفطن إذا قام بأمر نهض به وتتبع الماء من مجاريه، وأخذ ما هو بصدده حتى أزاله فى أسرع وقت وأهون حال، ولا يحتاج ذلك إلى بعض ما الناس فيه، وهو ذهاب الصالح بالطالح والبرىء مع «3» المجرم، وتحكم مثل هذا الجاهل فى المسلمين الذي هو من مقولة من [قال] «4» : [الطويل]
ولو شا ربّك لخصّهم بثلاثة ... قرون وأذناب وشقّ حوافر(15/95)
وما أحسن قول أبى الطيب المتنى فى هذا المعنى: [الطويل]
ووضع النّدى فى موضع السيف بالعلا «1» ... مضرّ كوضع السيف فى موضع النّدى
انتهى.
كل ذلك والسلطان شهوته ضعيفة عن الأكل، ولونه مصفر، وآثار المرض تلوح على وجهه، غير أنه يتجلد [كقول القائل] «2» : [الكامل]
وتجلّدى للشامتين أريهم ... أنّى لريب الدّهر لا أتضعضع
ثم فى هذا اليوم خلع السلطان على الأمير أسنبغا [بن عبد الله الناصرى] «3» الطيّارى «4» باستقراره حاجبا ثانيا، عوضا عن الأمير جانبك [السيفى يلبغا] «5» الناصرى المعروف بالثور، بحكم وفاته بمكة المشرّفة [فى] «6» حادى عشر شعبان.
ثم فى يوم الثلاثاء سادس شوال المذكور، خلع السلطان على قاضى القضاة شهاب الدين بن حجر، وأعيد إلى القضاء بعد عزل القاضى علم الدين صالح البلقينى، بعد أن ألزم أنه يقوم لعلم الدين صالح المذكور بما «7» حمله إلى الخزانة الشريفة، وقد بدا للسلطان أنه لا يولّى بعد ذلك أحدا من القضاة بمال، مما داخله من الوهم بسبب عظم الطاعون وأيضا لمرض تمادى به «8» .
وفيه ركب السلطان من قلعة الجبل ونزل إلى خليج الزعفران وأقام به يومه فى مخيّمه يتنزه، ثم ركب وعاد إلى القلعة فى آخر النهار بعد أن تصدّق على الفقراء بمال(15/96)
كثير، فتكاثرت الفقراء على متولى الصدقة وجذبوه حتى أرموه عن فرسه، فغضب السلطان من ذلك وطلب سلطان الحرافيش «1» وشيخ الطوائف وألزمهما بمنع الجعيديّة من السؤال فى الطرقات [36] وألزمهم بالتكسّب، وأن من يشحذ منهم قبض عليه وأخرج لعمل الحفير. فامتنعوا من الشحاذة، وخلت الطرقات، ولم يبق من السّؤّال إلا العميان والزّمنى «2» وأرباب العاهات.
قلت: وكان هذا من أكبر المصالح، وعدّ ذلك من حسن نظر الملك الأشرف فى أحوال الرعية، فإن هؤلاء الجعيديّة غالبهم قوىّ سوىّ صاحب صنعة فى يده، فيتركها ويشارك ذوى العاهات الذين «3» لا كسب لهم إلا السؤال ولولا ذلك لماتوا «4» جوعا، وأيضا أن غالبهم يجلس بالشوارع ويتمنىّ، ثم يقسم على الناس بالأنبياء والصلحاء وهو يتضجر من قسوة قلوب الناس ويقول: لى مقدار كيت وكيت باقول فى حب رسول الله أعطونى هذا القدر «5» اليسير فلم يعطنى أحد.
ويجتاز به وهو يقول: «ذلك اليهودى والنصرانى!» ، فيسمعون لمقالته «6» فى هذا المعنى.
وهذا من المنكرات التى [لا] «7» ترتضيها الحكام، وكان من شأنهم أنهم إذا سمعوا هذا القول أخذوا القائل وأوجعوه بالضرب والحبس والمناداة على الفقراء بعدم التقسيم(15/97)