توجيه للصحفيين بإبراز جوانب الخير
وأحب أن ألفت النظر إلى إخواننا الصحفيين بالذات ومن يهمهم الأمر أن يتقوا الله تعالى، أنتم في صحفكم تدأبون على أن تتحدثوا وتتفاخروا بما حققته البلاد من إنجازات مادية وتقدم هائل، لا شك أن التقدم هذا كبير وعظيم إذا قيس بما كنا فيه والحمد لله من قبل، نعمة عظيمة من الله، مصانع ومدارس وتطور مادي عظيم، ولكن تتحدثون عن إنجازات الإدارات إلا إدارتين لا أرى الحديث عنها إلا ضعيفاً إن لم يكن نادراً، أما غيرها فالحديث عنها كثير، الإدارة الأولى هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والثانية: رئاسة تعليم البنات.
لابد أن أكون واقعياً لعل الإخوة الصحفيين بالذات يعون هذه الحقيقة، نحن مما يميزنا عن جميع دول العالم -أيها الإخوة- أن لدينا هيئة ورئاسة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورئاسة لتعليم البنات، رجال الهيئة هؤلاء هم الذين يمثلون صمام أمان بإذن الله عز وجل لمجتمعنا على قلة الإمكانيات والجهود، لا يوجد مجتمع فيه مثل هذه الإدارة ولا مثل هذا الجهاز، فبدلاً من أن يكون مفخرةً نفخر بها وبجهودها ونطالب بدعمها وإتاحة الإمكانيات لها، والتعاون معها في القضاء على الرذيلة والجريمة والاختلال والفساد، لا نكاد نذكرها إلا على سبيل الذم والقسوة والعنف، مع أنه لا قسوة ولا عنف، ولم يحصل شيء من هذا، وإن حصل فأشياء قليلة، وما يحصل من قسوة في مؤسسات أخرى بطبيعة البشر والاحتكاك البشري يكون أضعافه ولا يتحدث عنه.
والأخرى رئاسة تعليم البنات -وهذا موضوع الشاهد- الرئاسة التي كان يرأسها سماحة الشيخ العلامة الإمام الداعية المجدد محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه، والذي قرر أنه لا يمكن أن يتولاها أبداً إلا من كان عالماً وقاضياً، لكي تبقى حصينةً وأمينة بإذن الله، الحصانة القضائية والحصانة العلمية هي التي تتولى هذا الجهاز المهم، التي هي أعجوبة -ولا نقول معجزة- حققت شبه اكتفاء ذاتي بالتعليم، وأصبحت المرأة السعودية تتعلم وتعلم وأصبحت أنوذجاً فريداً في العالم، حقاً إنه أنموذج فريد في العالم!! لا أقول: ليس هناك أخطاء في المناهج، في المساواة بين الرجال، في كذا، أشياء لا أريد أن أقولها، لكن الذي أريد أن أقوله: أننا نفتخر بما هو دون ذلك أضعافاً مضاعفة، ولا نفتخر بهذا الجهاز الفريد الذي لا يوجد له نظير في العالم، والذي استطاع أن يثبت أننا بلد يستطيع أن يواكب العصر وأن يحافظ على الدين، وأن بإمكان أي أمة صادقة أن تجمع بين عقيدتها ودينها، وبين أن تتنعم بما أنعم الله به من الحضارة ومن الوسائل المادية والرفاهية والتقدم في جميع المجالات، فأين الحديث عن هذه الناحية؟ لماذا نتكلم باستحياء، لماذا نقول: لا، إن شاء الله سوف ينشأ مسرح سعودي، وإن شاء الله المرأة السعودية تشارك في الفن التشكيلي وكذا، ونحن نعلم أنه لا مسرح لدينا، ولا فنانات، ولكن يكون إن شاء الله بالشكل الذي يريدون ولا شيء من هذا، ولو فعلنا لكان خزياً وعاراً لا فخاراً، ونترك المفخرة الحقيقة المتمثلة؛ لأننا في إطار نسائي أو نسوي محدود لا يدخله الرجال أبداً، استطعنا أن نعلم بناتنا والحمد لله، لماذا ننسى هذا؟ أين الذين يدّعون الوطنية ويفاخرون في بلادهم وفي إنجازاتها؟ لماذا لا يذكرون هذه الظاهرة الفريدة؟ لماذا لا تعرض في صورة مشرقة وتنشر على دول العالم العربي والإسلامي والغربي ليقال للناس: لو التزمتم بأحكام الله لأمكن أن تعلموا المرأة وأن تنال كرامتها في إطار لا علاقة له بالاختلاط من قريب ولا بعيد؟! أنا أقول هذا لأنبه إلى أصل القضية، وهو: أن الأمة قد تتوجه إلى الشر وواقعها خير مما يدعو إليه دعاة الشر، وبالعكس: أحياناً قد تتوجه إرادياً وشعارات إلى الخير وواقعها بعيد عن ذلك، وقضية المرأة من أكثر القضايا المليئة بالتناقضات في مجتمعنا، قضية متناقضات ظاهرة تجدها في واقعنا وفي كتاباتنا، وفي ما نردده من شعارات، فنحن ندعي أنها لابد أن تكون وفق الأحكام الإسلامية.
ثم يظهر من يطالب بغير ذلك، ثم نطالب لها بهذه الكرامة، ولها من الكرامة ما لا تحلم به المرأة الغربية، تناقضات عجيبة لابد أن نعيد النظر فيها، وبه أختم هذه المحاضرة لأقول: إنه يجب علينا في كل أمر من الأمور أن نعيد النظر أيها الإخوة الكرام ولنتقي الله سبحانه وتعالى، ولنكون كما أمرنا الله ورسوله، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:65] ويقول: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36] أبداً، وإنما الاختيار والتحكيم إلى ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من المؤمنين الصادقين، الطائعين المطيعين، ذكوراً وإناثاً، إنه سميع مجيب.(105/14)
الأسئلة(105/15)
ارتداء الحجاب عبادة
السؤال
إن كثيراً من القادمين من البلدان الأخرى الذين تفشى الفساد في بلادهم يحاولون إقناع المرأة بأن الاختلاط ليس فيه ضرر، فمع التعود يذهب الشعور بالحساسية ما بين المرأة والرجل، ويعتاد ارتكاب المعاصي، فهم يقولون: إن التعود هو الأساس، فما رأيكم؟
الجواب
والمرأة المسلمة لا تحتجب لأنها حساسة إذا قابلت الرجل، ولا لأن الرجل حساس إذا قابلها، ولا لأنها خجولة لم تتعود محادثة الرجال، ولا لأي سبب من الأسباب التي يبرر بها هؤلاء هذه المقولة، ثم إذا بطل السبب بطل الحكم، المرأة المسلمة تحتجب امتثالاً لأمر ربها عز وجل، وطاعةً لله، واتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر بذلك، أمر الله تعالى به أمهات المؤمنين ومن بعدهن من باب أولى، فهي تفعل ذلك لأن الله أمر به، ولا وحي بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم، فمتى ما نزل الوحي بأن ما أمرتن به، وما فرض عليكن أربعة عشر قرناً أصبح اليوم حلالاً لأن الحساسية زالت! لا وجود في الكتاب ولا في السنة لحساسية ولا غيرها، وإنما هذا حكم أنزله الله، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ذكراً أو أنثى فهو ملتزم بأمر الله متمسك به، وهذا هو كل ما في الأمر.(105/16)
حكم انشغال المرأة بالتدريس عن تربية أبنائها
السؤال
ما حكم المرأة التي تخرج للعمل في حقل التدريس، تاركةً أبناءها في تلك الفترة مع الخادمة، وخروجها إلى العمل مقصده تعليم الفتيات أمور دينهن وتوعيتهن، فهي لا تجد طريقاً في الدعوة إلى الله أهم من هذا؟
الجواب
إن الوضع إذا لم يبن من أساسه على الحكم الصحيح فلابد أن تحدث مشكلات، وحينئذ قد تعالج جزئياً بحلول صحيحة، لكن لا يمكن أن تعالج كلياً إلا بأن يرجع الأمر من أصله إلى وضعه الشرعي الصحيح، فليس وضعاً شرعياً صحيحاً أن المرأة تخرج من بيتها ولو بغرض التعليم العام، لتعلم بنات أو أولاد الآخرين إن كان مثلاً في حضانة أو تمهيدي وتترك أطفالها، هذا ليس هو الوضع الشرعي الصحيح، هذه امرأة ذات مهنة، وذات حرفة، لو أن ذلك حدث في حالات فردية؛ امرأة لا عائل لأبنائها؛ فخرجت لتعلم صبايا وصبيان الآخرين لتعول أبناءها يمكن، لكن أن يصبح ذلك نظام الأمة هذا ليس هو الأصل في ديننا.
ثم بعد ذلك نبحث عن حلول قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة، لكن في ظل الوضع وهو واقع نقول لهذه الأخت: تحرص أن تتقي الله ما استطاعت، وأن تبذل في الدعوة إلى الله، وأن يكون خروجها فعلاً للدعوة إلى الله، وأن تبذل لهؤلاء البنات اللاتي يتعلمن منها.
ثم في نفس الوقت (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول) وهي مسئولة في بيت زوجها كما صرح بذلك صلى الله عليه وسلم، فأطفالها هم المسئولية الأولى، ويجب أن تحرص عليهم فتعطيهم من وقتها وإن كان في ذلك مشقة، ما تعلمهم به أمور دينهم، وتحرص على أن تكون المربية غير متبرجة ولا فاسقة، أما الكافرة فلا يجوز أصلاً أن تستقدم إلى بلاد المسلمين، فلابد أن تكون مربيةً مهذبة فاضلة، وإن كانت هذه المربية هي جدة الأطفال فذلك هو الأفضل والأولى، جدتهم من جهة الأم أو الأب، المهم أن تتقي الله ولتصعي الضوابط المناسبة، وكل إنسان أدرى بوضعه وببيته، حتى لا تضيعي أبناءك على حساب أبناء الآخرين.(105/17)
حكم لبس البرقع
السؤال
ماذا ترون في التبرج الخفي، وهو على طريق العادات والتقاليد، وهو لبس البرقع لبنات المسلمين، حيث وهو أكبر خطر يهدد مجتمعنا؟
الجواب
المرأة الكاسية العارية التي جاء وصفها في الحديث (الكاسيات العاريات) هي على أحد معان الحديث، ولعله المعنى الأرجح: التي تغطي جزءاً وتدع الآخر، أو هي كاسية متسترة متحجبة ولكنها ظاهرة العورة لأنه يشف، أو لأنه يصف أو ما أشبه ذلك.
التي تجعل البرقع هذا بعد أن كان عادةً -ولا سيما في البادية- جعلن منه موضة بحيث تجعله بطريقة تغري وتثير أكثر مما لو كانت متكشفة، فتبدي من شعر الرأس، وتبدي العينين كاملتين وما حولهما من حواجب اصطناعية، أو ما أشبه ذلك، وتبدي أيضاً أعالي الخدين بصورة فاتنة، فهذه متبرجة وكاسية عارية، ولا يجوز أن يقر هذا الوضع من أولياء الأمور الذين يباشرون ذلك كالزوج أو الأب، ولا من أولياء الأمور عامةً الذين يجب عليهم أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، في المدارس، أو في الهيئات أو في الشوارع، وما أشبه ذلك، هذا مما لا يجوز، وهذا نوع من التبرج، وكل ما أدى إلى الفتنة فإنه لا يجوز.
المرأة إذا خرجت لحاجة أو ضرورة فلا تخرج متطيبة، ولا تخرج إلا وهي في هيئة رثة لا تلفت النظر، وتعود في أقصى سرعة على قدر الضرورة أو الحاجة، فكيف إذا خرجن بهذا الزي، وذهبن وتجولن في الأسواق متعطرات متهتكات، وفي الكلام يخضعن بالقول، فإذا كُلمت إحداهن قالت: أنا محجبة، لماذا لا تنظر إلى اللاتي لا يتحجبن؟ أنا برقعي عليّ لا، هذا الدين ليس بالهوى.
فيجب على رجال الحسبة، وعلى الدعاة إلى الله، وعلى أولياء الأمور أن يتفطنوا إلى ما أشار إليه الأخ السائل أو الأخت السائلة من خطر هذا التبرج الخفي.(105/18)
الحياء سياج يحمي المرأة
السؤال
هل يجوز للمرأة أن تكشف شعرها أو ذراعيها أو شيئاً من زينتها لأحد من أقاربها غير زوجها؟ وما حكم تقبيل المحرم للمرأة في خدها أو فمها، حيث أن كثيراً من الآباء والأجداد يصرون على أن تقبيل البنت في فمها وأن من حقه ذلك؟
الجواب
المرأة في حدود محارمها لا بأس أن يظهر منها الوجه أو القدمان، ولكن المرأة المسلمة والأب والأخ أيضاً يجب أن يكون السياج الذي يحمي الأسرة عموماً، وإن لم يكن حراماً أن يرى الأب ذراعي ابنته أو ساقيها، ولكن أين الحياء من المرأة المسلمة ومن الأب المسلم ومن الأخ، هذا الذي لا يستحي أن يرى شعر أخته أو نحرها أو ساقها أو ذراعها؟ هذا في الحقيقة مما تهاونا فيه، ولم يكن أصلاً من عادتنا فضلاً عن أن يكون مما هو كما تلاحظون الآن أصبح أمراً عادياً لغير المحرم، بل في الشارع الذراع وربما الساق أحياناً.
فنحن لا نقول: إنه يحرم على الرجل أن يرى ساق أخته أو ابنته ولكن من باب الحياء والتطهر والعفة والأدب الذي يجب أن يكون سمة الأسرة عدم ذلك.
وأما التقبيل فلا بأس للرجل أن يقبل ابنته، ولكن كما ذكرت السائلة: التقبيل في الفم خاصة، وإن كان بعض الناس قد يلح عليك سواء الرجال أو النساء، هذا من العادات التي لا تنبغي حقيقةً، وإنما لا بأس أن يقبل الرجل ابنته في خدها أو في جبهتها، وهذا بالذات للأب فله أن يفعل ذلك، وأما الإخوة فالأولى ألا يفعلوا إلا في حدود ضيقة مثلاً إذا قدمت من سفر أو ما أشبه ذلك، وكلما ترفعت الأسرة وتسيجت بسياج الحياء والحشمة فهو أفضل حتى من بعض ما قد يكون مباحاً كما أشرنا.
أما أن يبتذل ذلك كما هو الحاصل في بعض المناطق فيصبح ابن العم وابن الخال وبعض الأقرباء يصافحون أو يقبلون، هذه مصيبة كبرى ومنكر يجب أن ينكر، ويجب أن يقوم الجميع لمحاربته ولمنعه.(105/19)
حكم قيادة المرأة للسيارة أو اتخاذ المرأة سائقاً لها
السؤال
هل الأفضل جلب سائقي سيارات لنقل المرأة إلى عملها، أم تتعلم وتسوق السيارة بنفسها وتذهب إلى عملها المخصص لها دون اختلاط؟
الجواب
هي نفس القضية التي تحدثت عنها من قبل، نقع في وضع غير شرعي ثم بعد ذلك نريد حل، فيقول: الحل الشرعي أنها تأخذ سائق، والبعض الآخر يقول: الحل الشرعي أنها تقود السيارة، والحقيقة لا هذا شرعي ولا هذا شرعي، الحل الشرعي أن تبقى في البيت، خروج عن دائرة الشرع ونريد أن نضع حلولاً لأمور ليست مما شرعه الله، فأصلاً خروجها من البيت مع غير محرم هذا لا يجوز، فلا داعي أن نبحث مسألة السائق أو أن تتعلم.
أما السائق فإنه إن كان كافراً -ومع الأسف هذا حاصل كثير- فهذا فيه عدة محاذير: أولها: أن الكافر لا يجوز أن يستقدم إلى جزيرة العرب التي نص النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يجتمع فيها دينان، فكيف نرضى أن نستقدم العمال الكفرة إلى بلادنا هذه الطاهرة بلاد الإسلام والتوحيد؟؟ وما يترتب على ذلك من الفتن والفساد فحدث ولا حرج، فبمجرد أن المرأة تركب مع السائق وتذهب معه تقع محاذير لا تحمد عقباها، أنا أقول يجب ألا ننظر المسألة من مسألة أنه خلوة أو ليس خلوة، الواقع شيء وما قد نتحدث عنه أحياناً في فتاوى مجردة شيء آخر، لا ننظر هل هي خلوة أو ليست خلوة؛ لأنهم في الشارع، وهناك زجاج في السيارة، ومكشوفة، وكذا، ليست المسألة هذه فقط، لا ننسى الواقع الذي يكون فيه خروج المرأة مع السائق، واقع المسلسلات التي تثير الغرائز، والمجلات الهابطة، والأغاني الخليعة التي قد تكون في نفس السيارة، والتلفزيون أحياناً قد يكون في السيارة وما أشبه ذلك، كل ما يثير الشهوة، ويدفع إليها، ويحرض عليها، وما قد يصحب ذلك من أن يذهبا إلى كفتيريا، أو يدخلا إلى مكان عام، أو أن يتطور الأمر فيذهبا بعض الأسواق، وفي أدوار علوية وما أشبه ذلك، أو يذهبا إلى بعض المنتزهات، وكل خطوة تؤدي إلى ما بعدها، حتى تقع المحاذير التي لم نحسب لها حساباً في أول الأمر، ولم تخطر لنا على بال.
والسبب: هو أنها تركت أمر الله، وخرجت مع هذا الذي ليس لها بمحرم، من غير ضرورة ولا حاجة مؤقتة، بل أصبحت عادة عادية جداً مع الأسف.
أما مسألة أن تتعلم المرأة القيادة فهذا قد تحدث عنه بعض أعداء الله، وبعض المتآمرين على المرأة المسلمة في هذه البلاد، ولكن الله تعالى رد كيدهم في نحورهم، وهذا أمر يستحيل أن يطبق -والحمد لله- في هذه البلاد، ولن يرضى به أحد بإذن الله عز وجل، ولو دندنوا في الصحافة أو في غيرها ما دندنوا لا يمكن أبداً أن يطبق هذا الأمر؛ لأننا بلد يجعل العرض فوق الوظيفة، وفوق الشهادة، وفوق المال، وفوق المنصب، ومهما أهلكتنا الدنيا، ومهما أخذنا في الدنيا من الترف فلن ننسى أبداً أن ديننا وعرضنا أغلى من كل متاع هذه الحياة الدنيا وما فيها من مناصب.
وإن كان هناك أناس ليس لهم دين يردعهم، ولا أصل شريف يمنعهم عن هذا الأمر، فهؤلاء قلة شاذة، وبأي حال من الأحوال لن يسمع كلام القلة ويترك ويضرب عرض الحائط برأي الأكثرية المؤمنة المتمسكة بالحق، هذا لن يكون أبداً والنقاش فيه نقاش بيزنطي لا معنى له ولا فائدة منه.(105/20)
ضابط التشبه بالكافرات
السؤال
نرى كثيراً من النساء المسلمات يتشبهن كثيراً بالنساء الكافرات في لباسهن وتسريح شعورهن، وإذا أنكر عليهن قلن: نحن لا نتشبه بالكافرات وإنما نقصد التجمل وخاصة أننا لا نخرج بهذا التجمل إلا أمام النساء.
فما هو الضابط لهذه الأفعال؟ وما هو الحد الفاصل للتشبه من غيره وجزاكم الله خيراً؟
الجواب
التشبه بالكفار رجالاً أو نساءً هو أن يُفعل ما هو من خصائصهم وهذه يعني: أن العادات البشرية العامة التي لا يختص بها قوم دون قوم، ولا دين دون دين لا تدخل في باب التشبه.
أما أن يفعل ما هو من خصائص اليهود أو النصارى أو المجوس أو ما أشبههم فتفعله المرأة المسلمة فهذا تشبه، وأيضاً نستطيع أن نرجع إلى النية دوراً أو أساساً أو جزءاً من الجواب، فمن نوت التشبه بكافرة رأتها في (فيلم) أو في مجلة فهي تأثم للتشبه، ومن تزينت لزوجها عفوياً هكذا بزينة أعجبته أو ترضيه بها ولم تقصد التشبه فلا بأس، فالنية لها دور ومجال في ذلك.
الأمر الآخر: أنه من العجيب فعلاً أن المرأة تكون في بيتها مع زوجها متهتكة مبتذلة في ثياب المهنة ثم إذا أرادت الخروج ولو إلى نساء تزينت وتجملت وتعطرت، وتقف ساعة أو أكثر أمام المرآة، وقد تتحجب بعد ذلك، فإذا جلست مع النساء وتكشفت، وإذا بها يرى عليها من المساحيق والأصباغ ما يعلم أنه نتيجة ساعة من الوقوف أمام المرآة وما أشبه ذلك لماذا؟ لماذا لا يتفق النساء جميعاً على أن يدعن هذا، ولا سيما أن الزينة إنما شرعت للزوج في البيت لا عند الخروج هذه أول مخالفة.
والمخالفة الأخرى: أين المسلمات؟ أين المؤمنات اللاتي يحرصن على أوقاتهن وأموالهن؟ هل الأمة المسلمة اليوم محتاجة إلى هذه الأصباغ وإلى إضاعة الأوقات، أم أنها أمة في أمس الحاجة إلى دقيقة واحدة من العمر لا تذهب إلا في طاعة الله والعمل لبناء هذه الأمة بناءً يغنيها عن الكفار؟ إنها في حاجة إلى المال الذي يذهب إلى جيوب أباطرة اليهود من النصارى وأصحاب الأزياء، لتجاهدي به لتعيني به المجاهدين لتبني به دوراً للمحتاجين والمعوزين لتساعدي به الذين يريدون الزواج من الذكور أو الإناث لتنفقيه في الخير.
كذلك المفاخرة في اللباس، ومتابعة الأزياء هذا من تقليد الكافرات؛ لأنه لا وجود له في مجتمعنا من قبل إلا بعد أن رأينا هذه الحضارة الكافرة، هذا نفسه في الجملة تقليد ومتابعة للكفار؛ والمرأة المسلمة تظن بوقتها وبمالها عن أن تضيعه في أمثال هذه الأمور.(105/21)
نصيحة توجيهية للنساء اللاتي يرفضن التعدد
السؤال
نطلب منكم أن ترشدونا عن كيفية دعوة نسائنا فقد تشبهن بكل ما يبث في وسائل الإعلام وخصوصاً مسألة تعدد الزوجات، التي أصبحت اليوم عند بعض النساء أنها جريمة يرتكبها الرجال، نرجو توضيح ذلك ولكم جزيل الشكر؟
الجواب
يجب علينا نحن إما أزواجاً أو آباءً أو إخوةً أن نوصي أخواتنا وزوجاتنا وأمهاتنا أيضاً ومن نستطيع من المسلمات أن يتقين الله عز وجل، وأن يحذرن من دعاة الضلالة الدعاة إلى أبواب جهنم في وسائل الإعلام أو غيرها، وأن يتجنبن سخط الله عز وجل بالاعتراض على أحكام الله، سواءً ما يتعلق منها بالحجاب أو بتعدد الزوجات، أو بأي حكم شرعه الله؛ لأن الاعتراض على حكم من أحكام الله سبحانه وتعالى كفر عافانا الله وإياكم، فالمؤمن إنما عمله وواجبه أن يسلم لحكم الله سبحانه وتعالى، وتنقاد له نفسه، ويطيع أمر ربه عز وجل.
أما الاعتراض فما كفر إبليس إلا بسبب الاعتراض على أمر الله عندما أمره بالسجود، فإذا أُمرت المرأة بالتحجب فرفضت واعترضت، وقالت: لا يمكن.
فهذا من الكفر عياذاً بالله إن كان رداً لأصل الحكم! أما التي تعترض على التعدد لأن نفسها وطبيعتها لا تريده كدافع طبيعي هذا لا شك أن من فطرة المرأة الغيرة فهذا معروف، وأيضاً أن من فطرتها أنها لا تتحمل التعدد، لكن اعتراضها إذا كان منصباً على الزوج وأ، لا مبرر ولا حاجة إليه، أو بدافع الغيرة الفطرية الطبيعية فهذه عليها أن تجاهدها ما أمكن.
أما إن كان اعتراضاً على أصل الحكم، وأن التعدد في ذاته غير جائر كما يكتب بعضهم في الصحف، وأنه لا يتناسب مع المرأة في القرن العشرين، أو مع المرأة العاملة أو المثقفة أو ما أشبه ذلك، أي: يريدون أن يبطلوا حكماً شرعياً ثبت بنص القرآن الصريح، وبعمل النبي صلى الله عليه وسلم، وبتواتر الأمة أربعة عشر قرناً، من فعل ذلك وهو عالم بهذا فإنه بذلك يكفر عياذاً بالله، فالأمر خطير ويجب أن نتنبه له جميعاً، وأن تكون الدعوة المضادة هي التي توجه المرأة المسلمة، أعني الدعوة إلى الحق، لا يكفي أن نتكلم عن الظلام، بل يجب أن يكون لنا دور إيجابي في نشر النور وفي الدعوة إلى الحق بإذن الله.(105/22)
واجب الأم تجاه أبنائه الذين لا يصلون
السؤال
امرأة لها أولاد، وهم كبار بالغون، والمشكلة أنهم لا يصلون الفريضة ولا يعرفون الصلاة، ووالدهم يصلي، لكنه لا يصلي مع الجماعة، وأنها نصحتهم كثيراً ولا تزال تنصح ولن تيأس من رحمة الله، هل يلحقها إثم على ذلك؟ وبالنسبة لزوجها لا تستطيع أن تترك بيته بسبب الصلاة؛ لأن لها منه أكثر من عشرة أبناء، ما هي نصيحتك لها؟
الجواب
لها أكثر من عشرة أبناء ما شاء الله! الحمد لله! هذه امرأة مسلمة لها أكثر من عشرة أبناء ما شاء الله! بالنسبة لمسألة الصلاة: لا شك أن من ترك الصلاة عامداً متعمداً فقد كفر، سواء كان يقول: أنا أقر بوجوبها أو لا يقول ذلك؛ لأن الحكم الشرعي متعلق ومنوط بالترك كما معلوم من منطوق الحديث، فمن ترك الصلاة فقد كفر، والتربية مسئولية كبرى على الأم وعلى الأب وعلى المدرس وعلى المدير وعلى المجتمع بأكمله.
وهذه الأخت تحتاج إلى أن يقوم زوجها بواجبه ليعينها حتى يصلي أبناؤها، ويحتاج زوجها هداه الله هو نفسه إلى أن يصلي جماعة، يجب عليه هو أن يصلي جماعة، وأن يكون قدوةً لأبنائه، ويمكنها أن تستعين على ذلك بالأقارب الأخيار، قد يكون لها أخ أو لزوجها إخوة أخيار صالحون يعينونها على نصيحة هذا الزوج وعلى نصيحة الأبناء.
وعلى أية حال في حدود طاقتها هي عليها أن تبذل ولا تيأس ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
وأما ضياع هؤلاء الأطفال فلا شك أن المسئولية منه تقع على عاتق الأب أولاً، ثم على المدرسين الذين يدرسونهم ثانياً، ثم المجتمع عموماً، والدعاة ثالثاً، لا شك في ذلك.
فلتعمل بما تستطيع، ولتجتهد في ذلك، ولا أنصحها أن تفارق زوجها، بل تصبر عليه ما دام يصلي، وتحثه بكل وسيلة ممكنة على أن يصلي جماعة، وأيضاً لتحفظ أبناءها ما أمكن، ولتبعد عنهم الشر ما أمكن.
ونسأل الله تعالى أن يعينها ويعين كل ساع إلى الخير.(105/23)
واجبنا نحو ما ينشر من فساد تجاه المرأة المسلمة
السؤال
إنه يُنشر كثيراً من الملاحق والصفحات التي تدعو إلى تحرير المرأة في هذا البلد الطيب، هل من توضيح وتوعية للناس في هذه القضية المهمة؟
الجواب
المؤامرة على المرأة المسلمة -أيها الإخوان، كما أشرت- أمر مخطط له، وقد حوصرت المرأة المسلمة في هذه البلاد؛ لأنها من أي منفذ لا تجد إلا ما يدعوها إلى الشر، الصحافة الأجنبية تغزونا، ويقال: هذه أجنبية، ولا نستطيع أن نمنع صور النساء منها.
هناك أمر ملكي بمنع صور النساء في الصحافة السعودية، ومع ذلك قد ينتهك هذا الأمر أحياناً؛ لأن من لا يخاف الله عز وجل فلا يبالي بأوامر البشر.
أيضاً هناك وسيلة خبيثة لجأ إليها أعداء الله, وهي: أنهم لما رأوا أن المرأة السعودية لا يمكن أن تخطاب بترك دينها وحجابها من داخل البلاد؛ لأن الأنظمة هنا تمنع مثل ذلك والحمد لله، أنشئوا صحافةً سعودية في الخارج، فهناك مجلات وصحف تصدر في الخارج، والمخاطب فيها هي المرأة السعودية، وعندما تقرؤها تشعر أن المقصود بهذه المجلة وبهذا الكلام والمخاطب هو المرأة السعودية، وإن كانت هي تصدر في باريس أو لندن أو قبرص أو أي بلد، هذا من المكر والتخطيط؛ لأن هذا آخر معقل للإسلام، ولأنه المعقل الذي منه تنطلق الصحوة الإسلامية بفضل الله عز وجل، وحول قيادته العلمية تلتف الصحوة الإسلامية في كل مكان بفضل الله عز وجل؛ ولهذا لا يريدون أن هذه القلعة تعود من جديد فيعود الإسلام من جديد، فيهدمونها بهذه الطريقة.
لا أقول لكم: الأفلام والمجلات والمفاسد كثيرة، أقول شيئاً واحداً يجب علي أن أقوله وهو: ما واجبنا نحن؟ من منا زار رئيس تحرير إحدى الصحف التي فيها هذه الملاحق؟ زاره وكلمه بأسلوب علمي مقنع، وقال: هذا لا يجوز، هذا مخالف لأمر الله أولاً، ثم لأمر ولي الأمر في هذه البلاد ثانياً، ووعظه وذكره بالله، والتقى أيضاً بالمحرر الأدبي أو محرر الملاحق، ونصحه وذكره بالله؟ يجب أن نفعل ذلك، هذا يتصل، والآخر يكتب، يجب أن يشارك الشباب من الذكور والإناث في الكتابة الهادفة الجيدة في هذه الصحف.
قد يقول قائل: قد ترفض.
وإذا رفضت خذ المقال واذهب إلى مدير التحرير وقل: لماذا رفض؟ ما الذي فيه؟ لأنه إسلامي، يا إخوان! هذه الصحافة تصدر من هذا البلد، وتعيش على أموال هذا البلد، معقول تخرج عن ما يعيش في حدود هذا البلد؟ لا يمكن، لكن بإهمالنا نحن يأتي جاهل مهزوم فكرياً، يأتي إنسان عاش في الغرب فيطيش قلمه فيكتب ما يشاء فينعق معه الناعقون، لكن لو كان لأهل الحق وقفة، وهم -والحمد لله- الأقوى والأكثر، ومعهم والحمد لله النظام فضلاً عن أن دين الله عز وجل ونصره وتوفيقه معهم، والله لا يكون هذا الشر أبداً.
فيجب علينا نحن الدعاة وطلبة العلم أن يكون لنا دور إيجابي في إنكار هذه المنكرات، ونحاول ونحرص أن نقدم لهم النصيحة، وأن نقدم لهم التوجيه، وأن نكتب محذرين من خطر هذه المؤامرة الشرسة، وهذا الحصار الذي يضرب على المرأة المسلمة في هذه البلاد الطاهرة، وهي والحمد لله أعف وأطهر المجتمعات في الدنيا، لا يجوز لنا أن نجعل هذا الكيان الكبير العظيم يتهدم أمام أعيننا وأعداء الله ينخرون ونحن لم نقدم البديل العملي هل هذا عجز؟ لا والله، الأقلام المسلمة أكثر وأذكى من الأقلام غير المسلمة، هذا ضعف أعوذ بالله! لماذا الضعف؟ تخاذل ويمكن أن يكون تهاون منا، ولهذا أقول هذا لنفسي أولاً ولإخواني ثانياً، أي جريدة أي مجلة أي ملحق ارصده وانظر ما فيه، وخذه واكتب ردوداً واذهب بنفسك إلى الجريدة وأقنعهم وتكلم، وانظر والله سترى الإجابة بإذن الله، لو استنكر عشرة أو خمسة كل صورة خليعة أو كل صورة فيها امرأة ولو بالهاتف تجد أنها في اليوم الثاني ما تدخل؛ لأن النظام صارم ممنوع نشر أي صورة امرأة في أي صحيفة ومجلة سعودية.
يبقى المجلات غير السعودية، الحمد لله منع منها أكثر من عشرين مجلة خليعة، ولو كان هناك جهود وتعاون ونصيحة لمن يهمه الأمر في أجهزة الرقابة فقد تمنع البقية إن شاء الله، وما المانع؟ كل شيء ممكن بإذن الله لكن بالأسلوب الحكيم، وبالدعوة إلى الله، وبالصبر على ما نلاقي في سبيل الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.(105/24)
وجوب الصبر في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى
السؤال
من العادات التي قد اعتدنا عليها هي اختلاف الرجال مع النساء، وعائلتنا مكونة من مائة وعشرين شخصاً يختلط النساء مع الرجال، وقد اعتزلتهم لغرض هجرهم، مما جعلهم يقولون لي: إن هذا دين جديد! أرجو إرشادي في هذا الأمر ولكم جزيل الشكر.
الجواب
لابد من الصبر، هذا الدين ما قام إلا على الصبر، والأنبياء هم رسل أرسلهم الله تعالى وأمرهم بالصبر وتذرعوا به فنالوا ما ظفروا به، وقد قال الله تبارك وتعالى لعبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} [القلم:48] لأنه لم يصبر عليه السلام، الصبر لابد منه أيها الإخوان، هذا الدين لا يقوم إلا به، وعلي أن أصبر على ما ألاقي وأتحمل في سبيل أن أقيم ديني، وعلى كل إنسان أن يصبر.
على هذه الأخت أن تجتهد في أن تقيم دينها، وأن تتمسك بحجابها، ولتصبر على كل ما تؤذى به، وتبذل النصيحة للآخرين، وكيف يتحول الناس من المنكر إلى المعروف إلا بهذه البداية، بشخص يصبر ويتحمل مضايقات، ثم يتلوه آخر ثم ثان ثم ثالث ثم رابع حتى يعم الخير وينتشر، أما إذا تهاونا وتركنا هذا الأمر فإنه لن تقوم للمعروف قائمة، ويبقى المنكر هو القائم.
فعليك أن تحتسبي عند الله ما تلاقين من الأذى، وأن تصبري وتجتهدي في الدعوة والنصح لهم، والحمد لله الصحوة الإسلامية والتوبة والرجوع إلى الله عز وجل أصبحت منتشرة في كل بيئة وفي كل مكان، وأرجو الله تعالى أن تصل إلى هذه الأسرة أو إلى هذه العائلة وإلى كل عائلة وبيت لترجع إلى ربها، وتثوب إلى رشدها، وتعلم مقدار وفداحة الخطأ الذي ارتكبته في أيام الغفلة عن الله سبحانه وتعالى، والتقليد لأعداء الله سبحانه وتعالى.
نرجو الله عز وجل ذلك، وإنه على ذلك لقدير، ونسأل الله الهداية لهذه الأسرة ولجميع الأسر، إنه سميع مجيب.(105/25)
نحن أمة القرآن لا أمة اللعب والعبث
السؤال
أنا شاب أشجع نادياً رياضياً، فإذا انهزم ذلك النادي لعنت النادي الذي هزمه، وهذا يصدر بدون قصد، فهل هذا حرام؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
المشكلة يا أخي ليست هي اللعن فقط؛ المصيبة أنك جعلت ميلك القلبي، الذي هو أغلى ما عندك مع الكرة، وهذا القلب الذي خلقه الله سبحانه وتعالى ليكون معموراً بمحبته، وبالتقرب إليه، وبمناجاته، وبصلته، وبمحبة الأنبياء والصالحين والمجاهدين والأخيار، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ومتعبداً بمعاداة الكفار والمجرمين والعصاة والمفسدين، هذا القلب خلق لذلك، فأنت فتجعل محبته للهو واللعب، وتجعل بغضه وعداوته للهو ولعب آخر.
هنا الخطأ الكبير الذي وقعت فيه يا أخي -غفر الله لك- أنك جئت إلى أفضل عضو جعله الله لك، وفضلك به على كل المخلوقات، هذا القلب، هذا العقل والفكر والذهن، فجعلته في غير موضعه، وهذا من الظلم: أن يوضع الشيء في غير موضعه.
ظلمت نفسك ظلماً كبيراً حين جعلت محبتك وبغضك يدوران مع الكره حيث دارت، ولا يدور مع أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أين محبة الله ورسوله؟ أين الشاب المسلم الذي يوقن بأنه كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به).
فيا أخي إذا سئلت عن عمرك وعن شبابك وأجبت بأنه كان في التشجيع، ماذا تتوقع؟ أبواب الجنة تفتح، أم الملائكة ترحب، أم الأنبياء والصالحون يهللون سبحان الله! يا أخي كيف يضيع المسلم وقته وعمره في هذه التوافه؟ أمة تحاصر وتحارب من كل جهة، ويكاد لها من كل جهة، وشيطانها من داخلها يؤزها، والموت ينتظرها وهو آتٍ وكل آتٍ قريب، وأمامها الصراط والقيامة، وأمامها الأهوال هذه، وتشارك أمم الكفر والضياع التي لا تعرف رباً ولا آخرةً ولا رسولاً ولا كتاباً ولا سنةً ولا قرآناً، تضيع هذا الضياع وهذا التسكع وهذا التشرد في ملاعب أو ما أشبه ذلك! أين الاهتمام بالعمر أيها الإخوة؟ هل أدرك الشباب المسلم قيمة الزمن والعمر؟ هل عرفت يا أخي أن هذه الدقائق المعدودة هي عمرك؟ مم يتكون عمرك إلا من السنين، والسنون هي شهور، والشهور هي أيام، والأيام هي هذه الدقائق التي تضيع، فكيف لا تتخسر عندما تضيع من وقتك هذا.
الذي يضيع الوقت لينظر إلى المباريات قد أضاع والله العمر الثمين في لهو، وترك الخير، وترك أن يعمره بذكر الله وطاعته الله أو ما ينفعه في دنياه، فكيف الذي يزيد به الأمر فوق النظر بأن يصرخ ويشجع ثم يلعن عياذاً بالله! (ليس المؤمن باللعان) كما ذكر ذلك صلى الله عليه وسلم، فهذا دليل على أن الإيمان ضعيف، نسأل الله الهداية لنا ولهذا الأخ ولكل مسلم، وأن نكون على بصيرة من أمرنا، وألا يشغلنا اللهو واللعب، ولهذا ذكر الله تعالى ووصف الدنيا في آي من كتابه بأنها لهو ولعب، ما هذا؟ إذا كان الاشتغال بالعمارات والقصور والشوارع، والحدائق والملاهي، وما أشبه ذلك، إذا كان هذا لهو ولعب وهي من المباح فكيف بالذي يشتغل باللهو الذي هو لهو في الحقيقة كلهو الكرة أو لهو الألعاب التي تضيع العمر، وقد تشغل عن طاعة الله سبحانه وتعالى؟ إذاً هذا هو لهو اللهو، وهذا عبث العبث، يجب أن تترفع عنه أمة القرآن وأمة الإسلام، وألا تنساق وراء المجرمين الذين يزينون لها ذلك ويجعلونه من باب الانتماء لفريق أو الانتماء للوطن، أو التقليد لأمم الكفر، نحن قادة ولسنا أتباعاً لأي أمة من الأمم.(105/26)
الرد على من يجوز كشف الوجه واليدين للمرأة
السؤال
أخي سفر الحوالي هنيئاً لك بهذه الوجوه التي جاءت من أطراف الرياض لكي يسمعوك! أخي الكريم: كيف نرد على هؤلاء الذين يقولون بضرورة كشف الوجه واليدين، حيث يأتون بأحاديث ونصوص نحسبها صحيحة، فأفدنا؟ ثم ما رأيك في انتشار ظاهرة استعمال الدائرة التلفزيونية أو ما يسمى بالحجاب الإلكتروني في التعليم والمحاضرات والأمسيات الأدبية والشعرية وجزاكم الله خيراً؟
الجواب
لعلي أختصر حقيقةً.
أما ما يتعلق بمسألة كشف الوجه، فلابد أن ننظر أولاً إلى من يقول ذلك، إن كان الذي قاله إنسان من الأتقياء من العلماء ممن تحرى وبحث في الأدلة من الكتاب ومن السنة وخرج برأي: أن المرأة لا يجب عليها أن تغطي وجهها إلا عند الفتنة؛ لأن جميع المسلمين يقولون: إذا حصلت فتنة وجب أن تغطي وجهها، إن كان كذلك فهذا لهم جواب، وإن كان متهتكاً متخلعاً لا يلتزم بأوامر الله وقد لا يصلي ولا يطبق السنة ويكتب في الجرائد: كشف الوجه ليس بحرام سبحان الله! هذا الذي نصّب نفسه عالماً مفتياً، وليس فيه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم شيء، هذا كلامه مردود من أصله، ونقول: هذا ضلع في المؤامرة الشيطانية على المرأة المسلمة.
أما ذاك فجوابه هين، النصوص التي يوردها إما غير صحيحة وإما غير صريحة، فإن كانت غير صحيحة بينا له، ولا يحتج إلا بالصحيح، وإن كانت صحيحة لكنها غير صريحة فيجب أن يعلم أن كل نص قد يوهم أو قد يشف منه أو يدل على عدم تغطية الوجه فهو قبل نزول الحجاب، ما نزلت سورة الأحزاب إلا بعد غزوة الأحزاب -الخندق- وقبل ذلك كان المجتمع المسلم يتدرج في تطبيق هذا الدين قليلاً قليلاً، المجتمع المسلم كان في أول الإسلام لا تغطي المرأة وجهها، فأي حديث يوجد فهو إن كان صريحاً صحيحاً فهو في هذه المرحلة، أما بعد ذلك فلا يمكن، ولا يمكن أن ننسى أبداً أن التواتر العملي في هذه المسألة موجود، التواتر العملي، أربعة عشر قرناً والأمة الإسلامية تطبق الحجاب عملياً، ليس فقط مجرد نص، بل هو عمل توارثته الأجيال، تلقاه التابعون عن الصحابة، ثم أخذه أتباع التابعين إلى هذا القرن، إلى هذه الأيام، تواتراً عملياً.
كيف يقال: كل هؤلاء كانوا متمسكين بشيء خطأ مهما قيل من النصوص؟! لا.
كما قلت لكم: المرأة المسلمة في مصر -أول بلد ضغط عليه ليكون مكاناً للمؤامرة- وتمثل المؤامرة امرأة محجبة تغطي وجهها، وهي ذهبت لتمثيل المؤامرة، هذا دليل على عمق الحجاب بالشعور الإسلامي.
أمان الله خان ملك أفغانستان لمّا جعل زوجته تتبرج وشهر بها سقط، وهذا المجرم اليهودي كمال أتاتورك لما ألغى الحجاب في تركيا قامت الضجة عليه وما تزال، والآن رجعت المرأة التركية للحجاب والحمد لله، في كل مكان هذا الشعور موجود، حقيقة موجودة! فيم يتغزل أهل الغزل وأهل الشر إلا في الوجه؟ ماذا يرى الخاطب؟ الوجه والكفين، إذا كان الخاطب يرى وجهها وكفيها في كل مكان ما الذي يطلب منها إذا خطبها؟ إذا كان الله تعالى أباح للمحَرم أن يرى الوجه والكفين، إذا كان هذا يراه كل الناس ماذا يبيح للمحرم؟ لماذا قال: {لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ} [الأحزاب:55] لماذا يخصص الآباء والأبناء وأبناء الإخوة ما دام كل الناس يرون الوجه والكفين؟ كيف نتجاهل هذه الأمور جميعها.
الحقيقة لا أريد أن أطيل، لأن كثيراً من العلماء والحمد لله والدعاة كتبوا وتكلموا وخصت كتب ومحاضرات لدحض شبهات هؤلاء، لكن أكتفي بالإشارة، وأؤكد على أن بداية المؤامرة تبدأ بالوجه، ولكنها لا تنتهي إلا بأفلام ومسارح التعري والرقص المشين الخليع، هكذا دائماً.
أما عن الدائرة التلفزيونية، الدائرة التلفزيونية هناك خلط -الآن- يقع في الواقع، أما بالنسبة لكلية تربية البنات مثلاً؛ لأنه هو الأنموذج الأفضل، أنا أقول حقيقةً وأنا في جامعة لدينا قسم للنساء، قسم العقيدة في جامعة أم القرى فيه طالبات، هذا معروف، وأنا رئيسه، لكن أنا أقول: الحقيقة أنه يجب أن يكون هنالك جامعة أو أكثر للبنات ينفصلن تماماً عن الرجال، هذا الحق الذي يجب أن يكون، ونرجو أنها في الطريق إن شاء الله إلى التحقق.
فأنا أقول: أما بالنسبة لكلية التربية للبنات لها نظامها المستقل تماماً، فإذا وجدت دائرة تلفزيونية بحيث يبنى لها كما هو معروف مبنى مستقل في الخارج عند المدخل يأتي الشيخ يلقي المحاضرة، تنقل عبر الدائرة إلى الصالات هذا لا بأس به إن شاء الله، ريثما تتخرج الخريجات اللاتي يقمن بالدور المطلوب.
على أن القضية لا أنسى أن مرجعها إلى الأصل، الأصل: أن المرأة لا تخرج من بيتها إلا لحاجة أو ضرورة، وأن تعليمها يجب أن يختلف عن تعليم الرجل أيضاً، لا نقول هذا بإطلاق إقراراً للواقع، لكن أن تكون أمسية أدبية، وتوضع ستارة من القماش في الوسط، وهنا نساء وهنا رجال، وتلقي المرأة القصيدة والناقد ينقد -ما شاء الله- ويعترض عليها وهي ترد عليه، وقلنا: حرام.
قالوا: مثلما عندكم في الجامعة سبحان الله! هذا ليس عندنا في الجامعة؟! ليس هناك نسبة بين جهة تعليمية تربوية دينية -ولا أقر بكل ما فيها- وبين ما يقال وما يفعله هؤلاء الناس الذين يأتون إلى فندق أو إلى مسرح، ويجعلون هذه الستارة من القماش في الوسط، ويقولون ما يشاءون ويقولون: إن المرأة لا يظهر منها إلا صوتها لا، هذا شيء وذاك شيء آخر، وهذه من البوادر السيئة التي لا يزيد عمرها عن سنتين في مجتمعنا، سنتان أو أقل فقط في مجتمعنا عرفنا أمثال هذه الظاهرة وأمثال هذه الحوارات الأدبية السيئة التي يجب أن تختفي، وأن نبذل جهدنا لإقناع كل من يهمه الأمر إلى إخفائها وإبعادها إن شاء الله.(105/27)
فتنة اللباس القصير والشفاف للفتيات الصغار
السؤال
إن مما ابتلي به كثير من الناس، وقد خفي -مع الأسف- على كثير من الناس حتى على بعض من يسمون من أهل الصلاح وهي فتنة اللباس القصير للفتيات من عمر سنة إلى سن الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة، ويقولون: إنه ليس به بأس، مع أنها تربية من الصغر على كشف العورة، فنأمل النصح للآباء والأمهات والإخوان في ذلك.
الجواب
هذه حقيقة من القضايا الخطيرة التي يعيشها المجتمع ولا يأبه لها كثير من الآباء، في المسجد الحرام وفي رمضان تجد الأم متسترة كلها وتطوف ومعها ابنة خمس سنوات ست سبع بآخر التقليعات الأمريكية والفرنسية عجيب! كيف وجد هذا التناقض في البيئة، تخرج مع أبناء عمها ومع أبناء خالها، ومع الناس بهذا اللباس، الساقان وأحياناً نصف الفخذ مكشوف والذراع والنحر والشعر وبطرائق وبأصباغ معينة، خاصة في الأعياد والمناسبات، ويقال: ليس هناك بأس هذه صغيرة، إذا كبرت تحجبت.
وتقترب إلى العاشرة ويقال: ليس هناك بأس، وأحياناً ثلاثة عشر وليس هناك بأس سبحان الله! لابد أن تربى، وأن تغرس الفتاة غرساً سليماً صحيحاً، وكذلك الفتى، وأن يعلم الأخلاق، وأن يُهذب عليها، أما أن يظن أنها عادة تبدأ هذه العادة الاجتماعية منذ سن معين وقد لا يقع ذلك لا، هذا أمر ديني شرعي، يجب أن نحتاط له من الصغر، وأن تعلم الفتاة المسلمة قيمة وأهمية الحجاب، بحيث أن الفتاة المسلمة تشتاق إلى الحجاب.
من أفضل وسائل التربية أن ابنتك التي عمرها أربع سنوات تقول: الله يخليك يا أبي، أرجو أن تأتيني بعباءة، اشتر لي عباءة هذا شيء طيب، وتشكرها على ذلك؛ لأن هذا الشعور يجب أن ينمى عند أن تشتري لها عباءة، وأن تحذر من تقليد أهل الشر، لكن مع الأسف هذا الأمر تهاونا فيه، والتلفاز يعرض المسلسلات العارية، والصحافة تعرض الصور العارية، والواقع في المجتمع أنه يرى وبخاصة الكافرات العاريات، ثم يقال: ليس هناك بأس كيف ليس هناك بأس والبنت تقتدي بهؤلاء وتنسى أمها؟! وتظن أن هذا وضع أو عادة ربما تنتهي أو تزول فالحقيقة أن التربية الإيمانية المتكاملة يجب أن تبدأ من الصغر، ويهذب ذلك قليلاً قليلاً، وشكر الله لمن نبه إلى ذلك وأرشد إليه.(105/28)
خيركم خيركم لأهله
السؤال
هناك كثير من الأزواج يقومون بالتسلط على زوجاتهم وذلك بكبتهن داخل البيوت على مدار السنة، كما وأنهم لا يقومون بأي حق لهن، فما نصيحتكم لهؤلاء الأزواج؟
الجواب
هناك فرق بين الحقوق وبين الإقامة في البيت، فلعلي أركز كلامي على أنها تقيم في البيت.
أولاً: يجب على الأخت المسلمة أن تعلم أن إقامتها في بيتها ليس تسلطاً من أحد، نعمة من الله عز وجل، فضل وتكريم من الله عز وجل لها، فعليها أن تحمد الله أنها لم تضطر أن تخرج، لتعمل أو لتبتذل نفسها أمام الناس، فبقاؤها في البيت هو الأصل، وإن كان الزوج ممن يرضى أن تخرج فلا تخرجي إلا لما يستدعي الخروج، فهذا شيء يجب أن تعلمه الأخت المسلمة ولا تعترض على من يأمرها به.
لكن لا يجوز للزوج أن يتعسف أيضاً فلا يخرجها إلى قريب أو إلى ذي رحم تزوره، أو أيضاً إلى أن يصطحب أهله إلى مكان لا خلوة فيه ولا اختلاط -يعني: بأجانب- فيفسحهم أو ينزههم في مكان آمنٍ وبعيد.
لا.
المفروض أن تراعى النفوس، وقد نقصر، وأنا أقول هذا وأنا أعترف به ويمكن كثير من الإخوان مثلي، نحن قد نقصر كثيراً في حق زوجاتنا، لكن هذا لا ينبغي أن يقع لا منا ولا من غيرنا، نحسن إليهن، نفسحهن ونحن معهن ومع الأبناء، نحاول بقدر الإمكان أن نوسع عليهن بوسائل الترفيه الصحيحة والسليمة، لكن لا يصل الأمر إلى حد أن يسمح لها بالخروج كما تشاء.
أما ما قالته الأخت من الحقوق الأخرى لا، لا يجوز لا له ولا لها، الله تعالى جعل له حقوقاً عليها وجعل لها حقوقاً عليه في العِشرة، وفي الإنفاق، وفي الرحمة، وفي الرأفة فيما بينهما، فلابد أن يعطي كل ذي حق ما عليه من الحق للمقابل، ولابد أن نعلم جميعاً أن الله سبحانه وتعالى كما قال في الحديث القدسي: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) فلا يجوز للزوج أن يظلم الزوجة وهي عانية -أي: أسيرة لديه- وإنما هذه نعمة أنعم الله تعالى عليه، وجعلها من آياته سبحانه وتعالى التي يجب على الإنسان أن يذكرها ويتذكرها فيحسن إليها، وخيركم خيركم لأهله، وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم العجب العجاب من حسن معاملته للزوجة، وللخادم، ومن رفقه بمن يعاشره صلى الله عليه وسلم.
فيجب أن تكون سيرته صلى الله عليه وسلم هي القدوة التي نقتدي بها جميعاً.(105/29)
توجه عقيدة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده
السؤال
تعرضت في معرض كلامك عن جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، فقد كثر الكلام حول المذكورين، فما رأيك فيهما من ناحية عقيدتهما، وخدمتهما للإسلام أو ضده؟
الجواب
على كل حال نحن لا يهمنا الأشخاص كأشخاص، قد قدموا على ربهم وأفضوا إلى ما قدموا، ولكن عندما نتعرض إلى أي أثر سيئ لأي شخص فلا يجوز أن نكتمه مراعاة لذلك الشخص؛ لأن الحق عندنا فوق الرجال، ومن هنا قد نتعرض لسيرة بعض الناس بل لابد أن نبينه.
أما الأفغاني فرجل رافضي تلبس بلباس السنة، وسمى نفسه الأفغاني وهو إيراني، وهو رجل باطني يقر وحدة الأديان، وعميل للسياسة الإنجليزية، وتلقن في بلاطات ملوك أوروبا، فهو رجل نستطيع أن نقول: لا صلة له بالإسلام.
وأما الشيخ محمد عبده فإنه فيه جوانب يُعرف منها الغيرة على الدين، والحرص على أوضاع المسلمين، ولكن هناك جوانب صريحة وقطعية بأنه تعلم اللغة الفرنسية ليعرف القوانين الفرنسية، وجاء بالقوانين الفرنسية وأقامها وطبقها بنفسه في مصر يوم أن كان رئيساً لمحكمة النقض ومفتياً للبلاد، وكان من دعاة خروج المرأة وسفورها، هذا لا شك فيه، وكان أيضاً في عقيدته أقرب إلى منهج المعتزلة وفي بعض الأمور إلى منهج الفلاسفة، ومن ذلك أنه يرجح أن البعث لا يكون بعثاً جسدياً، وإنما بعث وحشر روحي، وهذا ما حققه المحققون في شرح تعليقه على الحاشية العضدية، وغير ذلك من الأمور التي -نسأل الله العفو والعافية- وقع فيها من الضلالات.
وعلى أي حال: إذا تعرضنا لأي من أمور الدين والعقيدة فلا مجاملة لأحد كائناً من كان، ولا ننظر إلى البشر وإنما ننظر إلى الخالق سبحانه وتعالى.(105/30)
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عقيدة أهل السنة
السؤال
أرجو أن يتكرم الشيخ بكلمة توجيه قصيرة في أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن هناك تقصير من الشباب المتمسك بدينه في هذا الأمر.
الجواب
والله أنا لعلي أعرف القضية أكثر من أني أنصح، إذ لا أحد فيكم -والحمد لله- إلا وهو يعلم أهمية هذا الأمر، لكنني أقول حقيقة: وأنا أعترف بها وأنا واحد منكم: أننا أحياناً يكون في ذهننا انفصام بين ما نتعلمه وما ندعو إليه وبين الواقع، الشاب يقرأ ويعلم من الآيات والأحاديث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن في ذهنه شيء آخر مثل أن يطلب العلم؛ فيحرص على طلب العلم، وحضور حلقات الخير والكتب، وفي أثناء مروره وذهابه وإيابه يرى مكان يباع فيه الغناء ولا يأمر ولا يتكلم، ويرى مكاناً يباع فيه أشرطة الفيديو ولا يأمر ولا يتكلم، ويرى من يتخلف عن الصلاة ولا يبالي به، يذكر الله، ومتطهر وذاهب إلى الصلاة -ما شاء الله- في المسجد، ولكن يرى تاركي الصلاة ولا يكاد يكلمهم شيء عجيب! أيصبح علمنا كعلم أحبار اليهود عياذاً بالله؟! لا يمكن لمن يعتقد العقيدة الصحيحة إلا أن يكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، مجاهداً في سبيل الله بيده وقلمه ولسانه في كل ميدان بما يستطيع، إذا كان هناك شاب يتعلم العلم الشرعي، ومتمسك بالسنة، ولا ينكر المنكر فليراجع نفسه في عقيدته، لا أقول في سلوكه، لأن من مقتضيات العقيدة الصحيحة اللازمة إنكار المنكر حسب المستطاع، لكن يجب أن ينكر المنكر، والحمد لله نحن بفضل الله في بيئة ومجتمع نستطيع أن ننكر فيه المنكر بوسائل كثيرة ومتعددة ومتنوعة قد تتعدى أحياناً اللسان إلى اليد في مواضع، فمدير المدرسة ينكر المنكر باليد في مدرسته، الأب ينكر المنكر باليد في البيت، والمسئول ينكر المنكر باليد في الشارع، وغير ذلك.
هكذا يجب أن نحيي هذه الشعيرة العظيمة التي من الله بها علينا، وبها كنا خير أمة أخرجت للناس.
فصدق الأخ، وحق له أن يقول: إن في طلبة العلم تقصيراً في هذا الجانب، وترك هذا الأمر وكأنه خاص بالهيئة، والهيئة على ضعفها وقلة إمكانياتها تواجه جبهات طويلة عريضة من كل جهة، ونحن نترك الأمر ونتفرج عليه، ونقول: إننا ندعو سبحان الله! إلى أي شيء تدعو؟ إذا تركت أبواب الشر مفتوحة فمهما دعوت وربيت نفسك فإن التيار قد يجتاحك ويجتاحهم، يجب أن يكون هناك سدود لمنع الشر والفساد، ويجب أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو سمة ومنهج عملي يومي لكل مسلم، في الطائرة، في السيارة وأنت راكب مع أناس، في الشارع وأنت ماش، في كل مكان بحسب الإمكان وبحسب الوقت والأحوال.(105/31)
نقصان عقل المرأة ودينها ليس عيباً
السؤال
هل يمكن أن توضحوا كيف تكون المرأة ناقصة عقل ودين، جزاكم الله خيراً؟
الجواب
الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال ذلك بينه في نفس الحديث، قال: (أما نقصان دينها فإنه يمر عليها الأيام لا تصوم ولا تصلي) هي تقضي الصيام لكن لا تقضي الصلاة، وهذا نقصان الدين.
وأما نقصان العقل فإن شهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل، هذا هو الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم.
وما قد يقال: أن التركيب العضوي للمرأة يدل على أن الجمجمة أصغر أو أن الجسد أصغر نحن لا يهمنا هذه الحقيقة، لا يهمنا أن يثبت أو لا يثبت، ليست هذه هي القضية، القضية أن الله سبحانه وتعالى جعل هذا الكون يقوم على الزوجية، زوجية بها ينتظم أمر هذا الكون ليل ونهار: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل:1 - 2] ثم قال: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل:3] هذه إشارة إلى هذه الزوجية الموجودة، ظلام ونور، عاطفة وعقل، المرأة ميزها الله سبحانه وتعالى عن الرجل بالعاطفة، وبهذه العاطفة تحيا الإنسانية، أرأيتم لو أن الأمهات في قسوة قلوبهن كالآباء ما تصلح الحياة! لكن الأب يقول: خذي الولد ابتعدي اخرجي أنت وإياه أريد أن أنام وينام مطمئناً، لكن هي لا تنام والولد يبكي سبحان الله! هذا فضل من الله، نعمة من الله عز وجل أنه جعلها بهذه العاطفة وبهذه الرقة.
فإذاً هي العاطفة، لا يمكن أن نقول: إن العاطفة شر والعقل خير لا، العاطفة خير، والعقل خير، وكل منهما زوج للآخر تقوم بهما الحياة إذا كان وفق ما شرعه الله سبحانه وتعالى.
كما أن أحداً لا يقول: الليل أفضل من النهار، والنهار أفضل من الليل، ويقارن، هذا فيه خير وهذا فيه خير، هذا له مصلحة وهذا له مصلحة، وهكذا، ما في المرأة من نقص طبيعي جبلي خلقي، هذا فيه حكمة، وهو ميزتها، من غير المعقول بل من الإجحاف والظلم أن تأتي وتختلق لها طبيعةً خلقية كالرجل لماذا؟ لتقطع الطريق عليه لا يمكن، هذه ميزتك، من هنا كانت الإنسانية سعيدة بالمرأة وبالرجل، الله سبحانه وتعالى جعل أصل البشرية هو هذا: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} [النساء:1] فبقيت القاعدة الإنسانية تقوم على هذه الزوجية، فليس ذلك عيباً في ذاته أبداً، ولكن العيب يأتي من صاحب العاطفة أو صاحب العقل إذا استخدم عاطفته أو عقله في غير ما شرع الله، وبخلاف ما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا هو الأساس.(105/32)
واقع المرأة وما وصلت إليه من جهل هو تبعة الجميع
السؤال
ألا ترى أن علماء المسلمين سبباً فيما وصلت إليه المرأة، حيث أنهم لم يهتموا بأمرها وينشئوا مؤسسات خيرية تتربى فيها المرأة، ثم لو جنُد نساء يلتقين بالنساء في بيوتهن أو المسجد، ألا ترى أن في هذا طريق وصلاح للنساء؟ هل لنوادي الروتاري علاقة في تحرر المرأة وفسادها؟
الجواب
بالنسبة للعلماء، نحن -أيها الإخوة- يجب أن نعلم أنه ليس من خُلق الأمة المسلمة ولا طلبة العلم الطعن في العلماء أو الحط من شأنهم، أو تحميل العلماء ما لا يطيقون، قل لي: إن هناك تقصيراً من الدعاة والعلماء وطلبة العلم في حق المرأة في الدعوة إلى الله في مجال المرأة أقول لك: نعم، في مجال المرأة وغير المرأة، التقصير حاصل، لكن لا نقول: العلماء سبب.
كل ما جاء صاحب منكر وصاحب شر قال: العلماء سبب.
كم أوقات العلماء؟ من من جنود العلماء إلا أنا وأنت، فإذا أنا وأنت قلنا: العلماء ما فعلوا شيئاً.
نحن نكون كمن يلقي التبعة على غيره وهو المسئول أيضاً عن ذلك، فالعلماء والحمد لله لهم -وبالذات علماء هذه البلاد والحمد لله- من الجهد والخير وإنكار المنكر الشيء الكثير.
أما أن الأمة ككلٍ مقصرة في جوانب فنعم، هذا حاصل، وعلى العلماء تبعة في ذلك، وأنا وأنت علينا التبعة الكبرى؛ لأننا نعيش الواقع أكثر من العلماء، ومشاغلنا أقل، يجب علينا أن تكون هناك دعوة في مجال الدعوة وغيرها، وأن توجد داعيات مخلصات صادقات في المنتديات النسائية الشرعية، يجب أن يكون ذلك وهو ضروري، ويجب أن يتدارك ما فيه من تقصير، لعل هذا يكفي.
أما نوادي الروتاري فهي نواد ماسونية، والماسونية تستغل المرأة وتدعو إلى هدم الأخلاق، ولا يخفى ذلك عليكم ولا نطيل فيه، يكفي أن نقول: نعم، إن للماسونية الدور الخطير في هدم ونشر الفساد، وإن صالون نازلي -الذي أشرنا إليه، الأميرة نازلي- هو الذي انطلقت منه البذرة لما يسمى بتحرير المرأة كان من المنتديات الماسونية، وكان بعض أعضائه أعضاء مجاهرين في المحافل الماسونية، ومن هذه المحافل الماسونية أندية الروتاري وأمثالها.(105/33)
الغرب وحرصهم على إفساد المرأة المسلمة
السؤال
نرى هذه الأيام اهتماماً كبيراً بأمور النساء وآرائهن، ومتابعة أخبارهن من قبل إعلاميين، واستيراد مجلات للمجتمع فيها إفساد للمرأة، فهلا يوجد من يتصدى لهذا الأمر؟ أو ما هو الحل وفق الله الجميع؟
الجواب
أخبركم عن تجربة أخبرني بها بعض الإخوة الفضلاء، هذا الأخ أراد أن يرصد هذه المؤامرة رصداً عملياً، يقول: فاشتريت الصحف الموجودة في البقالات مع الأسف، بعضها منع من شهر وبعضها ما يزال، لكن اشترى كل هذا الغثاء الذي يوضع في البقالات في المكتبات عدة أعداد، وجلس وفتح صفحة التعارف والمراسلة، وأخذ يعد كل المراسلين كم هم -كم نفر- ثم يحسب نسبة السعوديين أو السعوديات منهم.
يقول: وصلت إلى نتيجة مذهلة! أكثر من ثمانين وأحياناً تسعين في المائة من المراسلين والمراسلات من السعودية، مجلات من كل البلاد تأتي، يقول: قلت لا يمكن أن يكون هذا إلا غزواً مقصوداً ومتعمداً لهذه البلاد، وإلا فهل من المعقول أن تأتيهم رسائل من غيرهن، أو ألا يمكن أن يفتعلوا هم أسماء من عندهم؟ المهم أنه تصديقاً لكلام الأخ السائل لا شك أن هناك استدراج لهذه البلاد الطاهرة الطيبة لكي تقع في حبائل الرذيلة، نحن بلد أنعم الله عليه بنعم عظيمة جداً تحسدنا عليها كل أمم الدنيا، الإيمان وهو أعظم نعمة، التوحيد والعالم يعج بالشركيات إلا من رحم ربك، الرخاء والعالم يعيش في فقر وتعاسة وشقاء إلا من كان مستدرجاً بنعمة مثلنا، الأمن والعالم يعيش في خوف وإجرام فظيع! العالم الغربي بالذات يعيش حالة من الإجرام.
الغربيون لا يصدقون إذا جاءوا إلى مطاراتنا في الساعة الثانية أو الثالثة في الليل ويركب سيارة أجرة يذهب أي مكان عادي، هذا في الرياض، في جدة، لكن في نيويورك لا تستطيع، في فرانكفورت في عدة مطارات لا تستطيع أن تذهب إلى أي فندق في هذه الساعة من الليل مثلاً.
أشياء كثيرة جداً أنعم الله فيها علينا فنحن مستهدفون محسودون، وتسمعون كثيراً من المسئولين يصرحون بها، مستهدفون، قرأتم بلا شك ما نشر في أكثر من صحيفة عن تخطيط الموساد -المخابرات الإسرائيلية- الذي قام على أن يؤخذ من البغايا اليهوديات عميلات المخابرات، ويوضعن في أوكار الدعارة والزنا في بانكوك وأمثالها وهن يحملن وباء الهربز أو الإيدز لينقلنه إلى الشباب السعودي والخليجي الذي يذهب إلى تلك البلاد، هذا نشر في الجرائد السعودية.
وغير ذلك، وما خفي كان أعظم، يخطط لنا لشبابنا، فتيات وفتيان ونحن نقول -كما تقول الأخت- أين التصدي؟ أنا أتساءل معها: هل نتصدى لهذا، وأين التصدي والمقاومة؟ هل نحن على مستوى المعركة؟ هل لدينا من المقاومة ما يكافئ هذه الجهود العظيمة التي تبذل؟ هل نصدق أن التنصير يدخل كل بلد ولا يخطط لهذا البلاد ولأمثالها، أم أن التنصير يدخل فيها بوسائل وطرق أخرى؟ حقيقةً إن الغزو جاءنا من كل جهة، وأنا أسبوعياً أتلقى رسائل من الإخوة الذين يقولون: هذه لقيتها في صندوق البريد، منها ما هو أندية قمار منها ما هو أندية تعارف تعارف مع بنات وأبناء من جميع أنحاء العالم، وهي عندي موجودة، منها ما هي رسائل تدعو للدخول في دين النصرانية، رسائل وأناجيل، حتى عجبت من كثرة ما أحملها كل أسبوع معي، والإخوان في جدة وفي مكة يرون هذا شيء عجيب يا إخوان!! أمة مستهدفة محاربة إلى هذا الحد، ومع ذلك تضيع أوقاتها، وتضيع أجزاءً كثيرة من وقت إعلامها في أمور فارغة تافهة! والله لسنا على مستوى المعركة؛ ولهذا فإنه إن لم نتدارك أنفسنا بإيمان صادق، وبأوبة وتوبة إلى الله، وبعمل جاد مستمر فنخشى أن يدركنا العدو ونحن لم نعمل شيئاً؛ لأن التخطيط جاد ومستمر لإفسادنا والقضاء علينا، وكلنا والحمد لله يأمل وفي ثقة بالله عز وجل أن النصر بإذن الله لهذا الدين، لكن -يا إخوة- لنكن من المشاركين لهذا النصر، ومن السابقين الأولين إلى إقامة هذا الدين بإذن الله.(105/34)
حكم خروج النساء إلى المسجد متعطرات ومتزينات
السؤال
هناك بعض الأخوات -هداهن الله- يأتين إلى المسجد وهن متزينات متعطرات، وقد غفلن عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فما رأيك؟
الجواب
هذا لا يجوز، النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يخرجن تفلات -أي: غير متعطرات ولا متزينات- إنما تخرج في هيئة مبتذلة لا تثير، وإذا فعلت المرأة ذلك فقد خالفت وعصت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كانت خرجت لخير، وإن لم تقل: أنا أذهب إلى السوق، لكن عصت النبي صلى الله عليه وسلم في الوسيلة وإن كانت محسنة في الغاية والمقصود.(105/35)
حكم رفض المرأة الزواج ممن يسمع الأغاني
السؤال
ما حكم رفض النكاح أو الخطبة إذا كان الرجل غير ملتزماً كأن يسمع الأغاني وغيرها مثلاً؟
الجواب
على كل حال لا يجوز للمرأة ولا لوليها أن يختار إلا من يرضى دينه وأمانته، أو أن يرضى بمن لم يكن من أهل الديانة والأمانة، الأصل هو اختيار صاحب الدين والخلق والأمانة الكفء، هذا هو الأصل.
لكن في حالات معينة لو أن رجلاً يسمع الأغاني مثلاً، فيه هذه المعصية، ومحافظ على صلاة الجماعة، فيه خير كثير لكن فيه هذا الشيء، وتظن الأخت المسلمة أنها لو وافقت على الخطبة بشرط أن يترك هذه المعصية لتركها، أو أن ذلك وسيلة للدعوة وأنها تستطيع أن تؤثر عليه فلا بأس.
أقول هذا يا إخوان لأن واقعنا مرير، لأن المعاصي قد انتشرت، ولأن الزواج أصبح الإقبال عليه ضعيفاً أيضاً.
فننوه إلى هذا الجانب، وإن كان خلاف الأصل بنظرة أيضاً مصلحية، وهو أنه إذا اطمأنت الأخت وأولياء أمورها إلى أن الزواج قد يصلح من شأن هذا الرجل فلا بأس، مع دوام النصيحة، ومع اشتراط ذلك بأي نوع من أنواع الشروط، كل إنسان يجتهد بأنه يكون همه وهدفه هو إصلاح هذا الشاب.(105/36)
حقيقة اعتزال أهل الفن
السؤال
ما مدى صحة هذا الخبر: رجوع بعض الفنانات المصريات واعتزالهن الفن ورجوعهن إلى الحجاب؟
الجواب
الخبر صحيح، وليس عجيباً، سبحان الله إذا تهتكت النساء، وتعرين، وخرجن وتحللن من الدين وهن مسلمات، هذا طبيعي، فإذا رجع منهن واحدة أو اثنتان أو ثلاث تعجبنا وصرخنا وولولنا! لماذا؟ الأصل في المسلم أنه يتوب، الأصل أن الأمة المسلمة تتوب إلى الله وإن عصت ربها عز وجل، أما أن تصرخ الصحافة الغربية: الأصوليون الإسلاميون وكذا وكذا، والإذاعات الغربية، ويتردد ذلك هنا، وكأنه غريب أن المسلمين يتوبوا ما هو الغريب؟ امرأة كانت تبيع عرضها وشرفها لكل ساقط، فتركت ذلك هذا غريب؟! سبحان الله! الغريب أن أولئك اللاتي ما زلن يعشن في العفونة والرذيلة لم يتبن، هذا غريب يجب أن نتحدث عنه، لكن عملت ضجة كبرى على فلانة وفلانة لأنهن تركن الغناء واعتزلن الفن في أوج الشهرة، وقال بعضهم: أمراض نفسية.
وقال بعضهم: خشية المنافسة.
وقال بعضهم: أرادت أن تعتزل وهي في أوج الشهرة حتى لا تضعف، وقال بعضهم: عامل السن وقال وقال سبحان الله! لماذا؟ ثم عرض عليهن ملايين الجنيهات ليعدن.
وقد تاب عندنا بعض المطربين، وعرضت عليه أيضاً مئات الألوف من الريالات ليعود سبحان الله! أصبحنا نتعاون على الإثم والعدوان! شعب يحتاج إلى القرش والجنيه يعرض ملايين الجنيهات على امرأة كانت فاسقة لتعود إلى فسقها لتنشر الرذيلة! هذه أمة؟ ولماذا تأخر نصر الله عنا؟ إلا لأننا بهذه المثابة وبهذه الحال.
فالحمد لله التوبة والعودة إلى الله حاصلة في كل قطاع وفي كل مجال، وأنا أقول: لو أنه وضعت أساليب وبرامج جيدة للدعوة بحكمة في النوادي الأدبية، وفي الأماكن التي قد يجتمع فيها الفساق والله قد تثمر وقد يتوب كثير منهم بإذن الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم يعانون من لهيب وسوء المستنقعات التي يعيشون فيها، نحن لا ندري بنعمة الله علينا، لأننا نعيش والحمد لله في نعيم، وقد لا نحس به، أم الذي يعيش في العفونة والرذيلة والفساد فإنه إذا استنقذه أحد فإنه قد ينقذه بإذن الله سبحانه وتعالى.
أسأل الله جل وعلا أن يجزل مثوبتكم، ويجعلنا جميعاً من المستمعين للقول المتبعين لأحسنه، وأن يجعل ذلك في ميزان أعمالنا إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(105/37)
المؤامرة على المرأة المسلمة [3]
إن المرأة هي الركن الأساسي في بناء المجتمع وتقوية أركانه، فهي حاضنة بذور المستقبل لهذه الأمة، ومنشئة الجيل الصالح الذي يرفع مكانتها.
ولما علم أعداء الله وأعداء دينه بذلك سعوا إلى إفساد المرأة، ودعوها إلى الخروج للعمل ومزاحمة الرجل، والانشغال عن الدور الرئيسي الذي أنيط بها.
وفي هذه المادة تحذير للأخت المسلمة من تضييعها لوظيفتها الأساسية وانشغالها بغير ما خلقت له من عبادة الله، وإصلاح بيتها، وإعداد الجيل الصالح الذي يقود الأمة إلى ساحل الأمان والعبودية لذي الجلال والإكرام.(106/1)
كيد الكافرين للمؤمنين سنة كونية لا تتغير
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه.
أما بعد: أيها الإخوة الكرام: يقول الله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120] ويقول جل شأنه: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا} [البقرة:217] ويقول تبارك وتعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء:89] فعداوة أهل الكتاب من اليهود عباد العجل، ومن النصارى عباد الصليب، وعداوة المنافقين المندسين في هذه الأمة مما لا يخفى على من تدبر كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
هذه العداوة الحاقدة الآثمة مرجعها إلى أن الشيطان يؤز أولياءه أزاً، ويدفعهم لمحاربة الحق دفعاً، فالباطل -أيها الإخوة الكرام- يكره الحق ويترصد له، حتى وإن غفل أهل الحق أو تعاموا عن عداوة الباطل، والشيطان وأعوانه يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً، لا يكفون لحظةً واحدة عن الكيد لهذا الدين وأهله، بكل ما يستطيعون من الوسائل.
وإن من أعظم الكيد ما نقرأه وقرأناه جميعاً في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تعاون عليه المشركون واليهود، ثم النصارى والفرس والروم فيما بعد، تعاونوا على طمس دين الله تبارك وتعالى، وعلى إفساد الأمة الإسلامية وإخراجها من دينها الرباني العظيم، ولا تزال هذه المعركة قائمةً إلى قيام الساعة، إلى حين أن يغزونا الروم بين يدي الساعة في ثمانين راية، تحت كل راية ثمانون ألفاً.
لا تزال المعركة مستمرة بين الحق وبين الباطل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وقد كانت المعركة فيما مضى أكثر ما تدور رحاها في المجال الحربي، حيث كان أعداء الله يظنون أن هذه الأمة هي حدث تاريخي مثل الأحداث التاريخية التي تأتي ثم تنقضي، مثلما قامت دول وحضارات ثم انقرضت وبادت، ولكن الحقيقة الكبرى صدمتهم صدمةً رهيبة، فقد تكفل الله تبارك وتعالى بحفظ هذا الدين وحمايته، وإظهاره على الدين كله ولو كره المشركون، ولو كره الكافرون، صدمهم ذلك وجعلهم يفكرون في وسائل أخرى للحرب والغزو.
وبالرغم من أن المعركة لم تهدأ على جميع الجوانب، فإن أول ما يمكن أن يقال: إنه تنظير حقيقي فعلي ذاتي لموضوع الحرب غير العسكرية على الإسلام، وبرمجة لها هو ما كتبه لويس التاسع، ذلك القائد الصليبي الذي كان حاكماً لـ فرنسا، وقاد حملات صليبية على الشرق المسلم، وهُزم مرات، وعجب قومه: لماذا نهزم دائماً مع المسلمين؟! لماذا تكون النتيجة خاسرةً دائماً إذا واجهت جيوش الصليب جيوش التوحيد؟! ففكروا وقدروا، فوجدوا أن الأمر لا يعدو التمسك بهذا الدين.
إن سبب النصر سبب انتصار المسلمين هو تمسكهم بدينهم، كما قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: [ألا عمل صالح قبل الغزو؛ فإنكم إنما تنصرون بأعمالكم] وكما قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لـ سعد بن أبي وقاص: [اتق الله ومن معك من المسلمين، فإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله وبطاعتهم له، فإذا استوينا نحن وهم في المعصية كان الفضل لهم علينا في القوة].
عند ذلك كتب لويس وصيته التي ملخصها وموجزها أنه لابد للقضاء على أمة الإسلام من هدمها من الداخل، وإبعادها عن دينها وتنحيتها عنه.
ولنتجاوز الأحداث والقرون لننتقل إلى العصر الحديث حيث طبقت هذه الوصية، وهو: التطبيق المتمثل في الغزو الاستعماري الذي تعرضت له الأمة الإسلامية، والذي صاحبه وواكبه غزو فكري على مستوىً ومجالات كثيرة.(106/2)
المحاور التي تدور عليها حرب الكافرين للمؤمنين
وإذا أردنا أن نؤصل المحاور الكبرى التي دارت عليها معركة أعداء الله تبارك وتعالى وخططهم لإخراج هذه الأمة من دينها، فإننا نجد أنها ثلاثة محاور:(106/3)
تحكيم غير شرع الله
المحور الأول: تنحية الشريعة عن الحكم: إقصاء شريعة الله تبارك وتعالى عن الحكم في أمور المسلمين؛ ليتحاكموا بعد ذلك إلى الطاغوت، فإذا تحاكموا إلى الطواغيت إلى القوانين الوضعية فقد فقدوا أعظم ما يميزهم عن الأمم، وفي الإمكان بعد ذلك أن يتخلل مجتمعهم أية ضلالة وأية نحلة وعقيدة.(106/4)
تفكيك المجتمع المسلم وإفساده عن طريق إفساد المرأة
المحور الثاني: هو تفكيك المجتمع المسلم وإفساده عن طريق إفساد المرأة المسلمة، مربية الأجيال، التي إذا فسدت فسدت الأمة كلها.(106/5)
هدم لغة القرآن
المحور الثالث: هدم اللغة العربية، وإحلال اللهجات المحلية العامية محلها، وإفساد لغة العرب؛ لكي لا يتذوقوا القرآن ولا يفهموا القرآن، ولا يرجعوا إلى كتاب ربهم تبارك وتعالى.
على هذه الثلاثة المحاور دارت تلك المعركة، ودارت تلك الخطة، ويهمنا منها الآن الحديث عن المحور الثاني، وهو ما يتعلق بقضية المرأة -كما أسميت- أو موضوع المرأة.
فما هي أبعاد المؤامرة على المرأة المسلمة.(106/6)
أبعاد المؤامرة على المرأة المسلمة
أيها الإخوة الكرام: لقد تعرضت الأمة الإسلامية للغزو الصليبي كما أشرنا، وجاء أولئك الفرنجة الذين ليس فيهم من صفات الإنسانية والرجولة ما يرفعهم عن الحيوان الهابط، فعجب المسلمون لما رأوا الفرنجة وقد جاءوا بنسائهم كاسيات عاريات، ورأوا فيهم من الدياثة ومن التفريط في العرض ما سجلوه وسطروه، كما كتب ذلك على سبيل المثال أسامة بن منقذ في سيرته الذاتية التي سماها: الاعتبار.
وعلى الرغم من أن الصليبيين قد هزموا المسلمين واحتلوا بلادهم، إلا أن المسلمين كانوا يسخرون سخريةً مرّة من دياثة الصليبيين، ومن تعاملهم بهذا الشكل، ومن بروز نسائهم وتكشفهن بهذا الشكل الذي رأوه وكتبوه.
ولكن الذي حدث أن حملة صليبية أخرى -وهي التي تسمى حملة نابليون بونابرت - حدثت بعد ذلك بقرون -في العصر الحديث- وكثير من الكتاب والمؤلفين المغزوين فكرياً يجعلون قدوم هذه الحملة هي بداية تاريخنا الحديث، مع أن بداية تاريخنا الحديث في العصر الحديث هي دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، فهي البداية الحقيقية للعصر الحديث.
المهم أن حملة نابليون جاءت ومعها التبرج والتفرنج والدياثة والانحطاط، ولكن نظرة المسلمين اختلفت في هذه المرة! نظرة المسلمين اختلفت عنها فيما سبق، فأخذوا ينظرون بشيء من الإعجاب إلى هؤلاء الذين جاءوا ومعهم مستحدثات الحضارة الغربية التي كانوا قد وصلوا إليها في ذلك الوقت، عجبوا بما لديهم من آلات، وما لديهم من وسائل، وأعماهم ذلك عن الدياثة والانحطاط الخلقي الذي رأوه.
ويشير المؤرخ المسلم الجبرتي إلى أحداث وقعت في أثناء تلك الحملة، وكيف انبهرت كثير من المسلمات بالنساء الكافرات وتشبهن بهن وتزيين بزيهن.
وظل الأمر قضية محدودة، ولكن أعداء الله كانوا يدرسون الخطة بإحكام وإمعان.
إلى أن جاء الاحتلال الإنجليزي إلى مصر، وجاء بالذات اللورد كرومر، وهو رجل غريب عجيب في خططه ومؤامراته على هذه الأمة.
في ذلك الوقت ابتدأت القضية التي سميت في ما بعد قضية المرأة، حين ظهر كاتب قبطي نصراني يدعى مرقص فهمي، فكتب كتاباً سماه: المرأة في الشرق، في نفس الوقت الذي ظهر فيه هذا الكتاب -والذي دعا فيه إلى التحلل من أخلاق الإسلام وأحكام الإسلام، والإباحية- كان هناك العمل الذي يديره اللورد كرومر في صالون إحدى السيدات المتفرنجات، حيث كان ذلك الصالون يضم نخبةً ولفيفاً من قادة الفكر، وقادة السياسة، ومن ذلك الصالون خرجت فكرة أخرى، وهي: أن كتاب مرقص فهمي لم يؤد الدور المطلوب؛ لأنه قبطي نصراني، والأمة الإسلامية لا تثق أن تأخذ دينها عن النصارى؛ فكان أن خرج كاتب منتسب إلى الإسلام وهو قاسم أمين بكتابه: تحرير المرأة، وأعانه على ذلك -كما ثبت تاريخياً- من كان يستضيفهم ذلك النادي، ومنهم الشيخ محمد عبده وغيره؛ أعانوه على تحقيق مسألة هي في ذاتها صغرى بالنسبة لما بعدها، ولكنها البداية التي تبدأ منها المؤامرة في كل مكان وفي كل بلد، وهي: أنه لا يجب على المرأة أن تغطي وجهها، بل قالوا: إنّ تغطية الوجه هي عادة من العادات التي ورثها المسلمون عن الفرس أو الترك، وليست من الدين في شيء، كان هذا هو محور ومضمون كتاب تحرير المرأة.
وبعد سنوات كتب قاسم أمين كتاباً آخر أسماه: المرأة الجديدة، وفي هذا الكتاب قال بصراحة وبعلانية وبوضوح: إنه لابد للمرأة المسلمة أن تقلد النساء الغربيات في كل أمورها.
وقد واكب ذلك أن بعض الصحفيين النصارى الذين كانوا يعيشون في بلاد الشام والذين كانوا قد تعرضوا للأذى من الحكومة التركية نتيجة جهودهم التنصيرية ومؤامراتهم الخبيثة هاجروا إلى مصر، وأسسوا مجلات وصحافة، وظهرت بذلك أول صحف تتحدث بوضوح عن المرأة وقضية المرأة ودور المرأة على يد أولئك النصارى، فكانت القضية مخططاً لها من جميع الجهات ومن جميع الوجوه.
ثم كانت الثورة المصرية عام (1919م) وقيل للمرأة: لابد أن تشاركي في تلك الثورة؛ فخرجت وعملت مظاهرات، وكانت بذلك تعطي المبرر الذي أراده المخططون وهو: أن المرأة تشارك في تحرير الوطن، وتشارك في إخراج العدو ومقاومة العدو المحتل، فلماذا تبقى مظلومة وتبقى مهدرة؟! لماذا لا تكون على قدم المساواة مع الرجل؟! وخرجت نتيجة لذلك مظاهرات نسائية، واجتمعن في ميدان عام، وخرجت التي تولت كبر هذا الموضوع وهي المدعوة هدى الشعراوي، وخلعت الحجاب وأحرقته في الميدان أمام المتظاهرات، وأمام الزعيم سعد زغلول.
ومنذ ذلك الحين -والتاريخ كما تعلمون ليس ببعيد- بدأت المرأة المسلمة تكشف عن وجهها، وبدأت المؤامرة تحكم أنفوختها وأحبولتها على تلك البلاد وفي كل مكان.(106/7)
بداية المؤامرة على المرأة في مصر
إن أعداء الله إنما ركزوا جهودهم على مصر لأنها الزعيمة، زعيمة العالم الإسلامي حضارياً وثقافياً في تلك الفترة، ولذلك علموا أنه بالقضاء على أخلاقها سوف يصدَّر ذلك الفساد إلى بقية أجزاء الوطن الإسلامي الكبير.
ولما أن قامت هذه الحركة وصارت لها صحف، وصارت لها منتديات وخطباء، وقام من يروج لها من الزعماء والمفكرين -كما يسمون- اضطروا إلى استحداث ما سموه الأحزاب النسائية، ولم تكن في ذلك الوقت -أيها الإخوة- تسمى جمعيات نسائية، وإنما سموها الأحزاب النسائية، ثم رأوا فيما بعد أن هذا الاسم يثير الانتباه، والأفضل أن تسمى جمعيات.
فأنشئت الأحزاب النسائية مثل: حزب بنت النيل، والحزب النسائي، وغير ذلك من الأحزاب.
وهذه الأحزاب تم ضمها فيما بعد إلى الاتحاد النسائي الدولي، ومن ذلك التبعية للاتحادات النسائية الإنجليزية، وكانت إحدى الوزيرات الإنجليزيات هي التي جاءت إلى مصر ونظمت تلك الأحزاب، وأعلنت تأييدها لها ووقوف المرأة الإنجليزية مع أختها -كما قالت- المصرية؛ من أجل تحقيق حريتها وانطلاقتها.
ثم تولى الموضوع مع إطلالة الحرب العالمية الثانية -عندما ظهر الرئيس روزفلت، وكانت أمريكا تريد أن تتزعم العالم، وبدأت شمس بريطانيا في الأفول- زوجة الرئيس روزفلت، وقامت بنفسها وتولت كبر التخطيط للأحزاب النسائية والتمويل لها.
ويقدر الله تعالى أن تختلف الأحزاب السياسية فيما بينها، وكل حزب نسائي يتبع حزباً سياسياً، وإذا ببعضها يفضح بعضاً، وإذا بالصحف السياسية كل منها تنشر الوثائق التي تثبت أن الأحزاب النسائية تمول عن طريق السفارتين: البريطانية والأمريكية، وأن زوجة روزفلت تقف وراء ذلك التوجيه كله.
بلا شك لقد تمت مقاومة هذه الفكرة، وممن بقين على الحياة ممن أصابهن وعيد الله تبارك وتعالى حين قال: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور:19] ممن أصابها هذا العذاب الأليم وبقيت على قيد الحياة أمينة السعيد، فقد قرأت لها قبل فترة تصرخ وتئن، تقول: بعد المجد الذي بنيناه، وبعد التضحيات التي بذلتها المرأة المصرية الآن تصبح (30%) من بنات الجامعة محجبات فضلاً عن اللاتي تركن الجامعة ما هذه الانتكاسة؟! ما هذه الردة والرجعية الجديدة التي بدأت الآن؟! فقلت: صدق الله العظيم {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا} [النور:19] يعذبهم الله بفشل مخططاتهم، وفي الآخرة، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
هؤلاء الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، خططوا وسيطروا على مجالات كثيرة في شتى بقاع العالم الإسلامي: خططوا للمرأة المتحضرة الجامعية أو المثقفة، وخططوا للمرأة الريفية أو القبلية ببرامج تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة، وبالجمعيات والأحزاب التي تنتشر فروعها في تلك المناطق، وبالمراكز الاجتماعية وأمثالها مما دخل فيه أعداء الله إلى بلاد المسلمين.
وخططوا على مستوى الأدب والشعر، فنشروا الدواوين الماجنة، والأفكار الخبيثة، والكتب الهدامة، وتولى كثير من الشعراء إشاعة موضوع المرأة وقضية المرأة: مثل جميل الزهاوي ومثل الرصافي، ومثل ولي الدين يسن، ومثل الطائر الحداد في تونس، وغير ذلك من الشعراء الذين إذا قرأنا دواوينهم نجد أنهم وضعوا فيها قسماً خاصاً سموه: النسائيات.
ثم تطور الأمر إلى أن يصبح هناك شعراء وكتاب متخصصون في فن الدعارة، متخصصون في إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، ومحاربة الله ورسوله، ومحاربة عرض المرأة المسلمة، وعفاف المرأة المسلمة، وغيرة المرأة المسلمة وغيرة الرجل المسلم، وقالوا: لابد أن تنشأ صحافة نسائية، وأحزاب نسائية، ونقابات نسائية في العالم الإسلامي على طوله وعرضه.(106/8)
أهداف المؤامرة على المرأة المسلمة
من الأهداف -التي لا تخفى عليكم جميعاً- التي يريدون أن يحققوها، وقد حققوا كثيراً منها:(106/9)
تفتيت المجتمع المسلم وتمزيقه
تفتيت المجتمع المسلم وتحطيمه وتمزيقه، وإذا مزقوه وحطموه بقي لهم وجودهم، وبقيت لهم مراكزهم وبقيت لهم سيطرتهم عليه، كما قال أحد وزراء فرنسا وكتابها: إن الذي هزم فرنسا في الجزائر هي المرأة المسلمة المحجبة، فلابد من أخذ العبرة، ولا بد من إفساد المرأة المسلمة -هكذا قالوا جميعاً- لكي تبقى السيطرة الخفية بعد رحيل الاستعمار المكشوف السابق.
تفتيت المجتمع المسلم بأن يكون: المرأة تحارب الرجل، والطلاب يحاربون الجامعة، والعمال يحاربون أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب الشركات، والسلطة تحارب الشعب، ففرقوا المجتمعات الإسلامية كما هو حاصل من تمزيق وتفكك وتفرق في المجتمعات الغربية.
المجتمعات الغربية -أيها الإخوان- ليس لديها شريعة تحتكم إليها، ليس لديها شرع ينظم أمورها فيعرف الحاكم مسئوليته، والتاجر يعرف قدره، والعامل والطالب والمرأة والرجل، وكل إنسان يعرف ما يجب عليه وما يجب له، وإذا وقع ظلم أو حيف أو جور فبحكم هذا الشرع يظهر من الظالم ومن المظلوم، أما الغرب فليس لديهم ذلك، هذا من خصائص هذه الأمة ولله الحمد، نحن الأمة التي تمتلك الشريعة الربانية الخالدة التي تحكم وتنصف المظلوم ممن ظلمه.
أما أولئك فليس هناك شيء من ذلك، ولهذا لابد من هذه التكتلات، ولابد من هذه التجمعات والاتحادات والنقابات، وما إلى ذلك من الأسماء، وهي أسماء وتكتلات غريبة على مجتمعنا، وعلى أمتنا الإسلامية، فقالوا: لابد أن يكون للمرأة تجمعات وتكتلات تطالب لتأخذ بحقها ممن تأخذ المرأة حقها؟ من هو العدو الذي تحاربه المرأة؟ من هو الضد الذي تسعى المرأة إلى إثبات وجودها وإرغامه؟ هل هو الأخ الزوج الأب؟ المرأة في كل بيت لا تخلو: إما أن هذا الرجل أخ لها أو أب أو زوج أو ما إلى ذلك، فكيف تنشأ العداوة بين الأخ والأخت؟ وكيف تفتعل العداوة بين الابنة والأب؟ وكيف تنشأ أيضاً بين الزوج وزوجه، فتشتعل نار العداوة، فلا تجد الزوجة من تطالبه بحقها إلا أن تنضم إلى الاتحادات النسائية والنقابات النسائية، ولا تجد البنت من ينصفها من أبيها إذا زوّجها بمن لا تشاء إلا أن تلجأ إلى الصحافة النسائية والاتحادات النسائية سبحان الله! هذه أمور غريبة على المجتمع المسلم الذي تسوده الألفة تسوده المحبة والتعاون، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، ونصر المظلوم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، المرأة المسلمة إذا خرجت وطالبت هي بحقها ضاعت وضاع حقها، ولكن الله سبحانه وتعالى جعل لها من يحميها، وجعل لها من يأخذ لها حقها، حتى ولو كان الظالم لها أباها! فإن الله سبحانه وتعالى أعطاها الوسيلة لتأخذ حقها منه، ولكنهم يريدون أن يفتتوا المجتمع المسلم، وأن يمزقوه، وأن يدمروه بهذه الطريقة.(106/10)
تدمير الأمة الإسلامية والقضاء عليها
الهدف الثاني وما أكثر الأهداف التي يسعون إليها! - هو: تدمير هذه الأمة، والقضاء على وجودها إعلان الحرب عليها وإبادتها بطريقة لا تثير الانتباه كما كان في الماضي.
وهنا لابد أن نستطرد قليلاً لننظر إلى حال المجتمعات الغربية، وما تعرضت له من احتمال الانقراض، بل من حتمية الانقراض والانحطاط بسبب خروج المرأة، وعمل المرأة، ودفع المرأة إلى خارج البيت.
لقد اجتمعت كثير من الدول اجتمع مفكروها، وأعضاء برلماناتها، وأدباؤها، وأجمعوا على أن خروج المرأة من البيت هو مما يعجل بتقويض الأمة، وهدمها وتدميرها بشرياً.
ولا يخفى عليكم جميعاً -أيها الإخوة- أن الطاقة البشرية هي أقوى قوة لدى أي أمة من الأمم، ففي روسيا -الدولة الشيوعية المعروفة- تعطى المرأة التي تنجب عشرة أطفال وساماً تحمله على صدرها تباهي به في كل مكان، وسام البطولة القومية! لهذه البطلة القومية التي أنجبت للمجتمع عشرةً من العمال! وفي بريطانيا وفرنسا وغيرها خطط متواصلة للإكثار من النسل؛ لأنه قد تبين أن عدد الوفيات أكثر من عدد المواليد، وهذا يهدد بانقراض الأمة وتناقص عددها، وأن يصبح العالم الغربي أقليةً لا قيمة لها في العالم.
وإيطاليا -وهي من أكبر الدول الأوروبية- تعطي إعانات لكل مولود يولد، وتشجع الزواج، وتشجع على الإكثار من النسل نتيجة لذلك.
لا نريد الاستطراد في هذا، ولكن نشير إلى أن العالم الغربي قد فطن إلى أن من أسباب وموجبات تدهور حضارته وانحطاطها: أن المرأة تعمل؛ وبالتالي لا تتزوج ولا تنجب؛ مما يؤدي إلى انقراض الأمة حتماً بالأرقام الرياضية الحسابية، من دون أي رجوع إلى كتاب ولا سنة ولا منهج رباني على الإطلاق.
أذكر لكم مثالاً على ضوء ما قرأت مما حفظوا وقدروا: نقول: نفترض أن البنت الجامعية تتخرج وهي في الثانية والعشرين من عمرها في الغالب -في المتوسط- ولنفترض أن فتاتين تخرجتا هذه السنة وعمر كل منهما اثنتان وعشرون سنة، إحداهما تزوجت، والأخرى توظفت وعملت ولم تتزوج، ماذا سيكون الحال بعد عشرين سنة؟ كما تعلمون ومعروف من واقع مجتمعنا أن التي توظفت وعملت سوف تصبح هرمة عجوز أو قريبة من الهرم، فالمرأة تهرم وهي في مملكة البيت فكيف لا تهرم وهي في العمل في هذا السن؟! والفتاة الأخرى التي تزوجت بعد عشرين سنة - في المتوسط للمواليد المعروف عندنا- يكون لديها شاب عمره ثمانية عشر عاماً، ويليه شاب أو شابة في الخامسة عشرة، وشاب أو شابة في الثانية عشرة، وشاب أو شابة في العاشرة أو التاسعة، وشاب أو شابة في الثامنة، إلى السادسة، إلى الثالثة، إلى الثانية.
إذاً تجدون أن الأمهات -ومجتمعنا معروف لديكم- كثير منهن في حدود الثانية والأربعين، أو ما أشبه ذلك، ولديها أسرة متكاملة ولله الحمد: الابن الكبير في الجامعة أو على مشارف الجامعة، والصغار من المتوسط إلى الابتدائي إلى الحضانة إلى البيت.
إذاً: هذا وجود للأمة، بعد عشرين سنة تكون هذه الفتاة إذا وفقها الله تعالى وتزوجت بشاب يكون من هذا الشاب وهذه الفتاة أسرة مؤمنة، ويكون لدينا رجل وامرأة في الثانية والأربعين على قدر من الحكمة والعقل، ولديهم أسرة متكاملة، فعلاً يخدمون البلد، يستطيعون أن يسهموا في التنمية، ويقومون بدور لا يمكن أن يقوم به الإنسان الأجنبي المستقدم من الخارج في أي حال من الأحوال.
فيكون بقاء الأمة ونماء الأمة نتيجة لهذا الزواج، ولهذه البنت التي كان هذا شأنها، بخلاف الأخرى العجوز التي حرمت من الزواج، ومن حنان الأمومة وعطف الأمومة، وهي عجوز هرمة لا تملك شيئاً، ولم تقدم لأمتها شيئاً، إلا أنها في العشرين عاماً الماضية قد عملت أعمالاً تتقطعها الإجازات المرضية، إجازات وإرهاق وإجهاد، وأعطاب وأمراض نفسية كثيرة لابد أن تتعرض لها ما لم تتزوج.
نقول: إن الأمة التي يوجد فيها الآن عشرة آلاف فتاة ثم يتزوجن فإنها بعد عشرين سنة يكون لديها عشرة آلاف أم عاقلة، وعشرة آلاف شاب في الثامنة عشرة، وعشرة آلاف شاب في الخامسة عشرة إلى الثانية عشرة، إلى الثانية، ولكن الأمة التي تدفع المرأة للعمل خارج البيت فلا تتزوج، يكون لديها بعد عشرين سنة عشرة آلاف عجوز هرمة منهكة مجهدة، وتضطر حينئذ إلى أن تستقدم المربيات، أن تستقدم الذين يسهمون في بناء التنمية، الذين يعملون في أي مجال من المجالات سواء كانوا رجالاً أو نساءً.
هذه العملية -أيها الإخوان- الحسابية الرياضية قالها وكتبها أولئك الناس الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ونحن إن لم نرجع إلى كتاب ربنا وإلى سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا هو أمر الله، ولأن هذا هو أمر رسوله، فلا خير فينا إن لم نرجع؛ لأن الأعداء قد رجعوا بعد أن جربوا ودرسوا وخططوا.
ومع ذلك فهل يرجع المغفلون؟! هل يرجعون لأن الأسياد قد رجعوا؛ ولأن خططهم؛ وأبحاثهم قد أثبتت هذا؟!! لا ندري، نرجو الله سبحانه وتعالى لنا ولهم الهداية والرجوع إلى الطريق المستقيم.(106/11)
امتصاص خيرات الأمة
من النتائج التي يحققها أعداء الله بالمؤامرة على المرأة المسلمة: أنهم يمتصون خيرات الأمة عن طريق المرأة، وهذا أمر معروف لدى كل إنسان في كل مجتمع، وهو أن المرأة تميل إلى الإنفاق أكثر من الرجل، وأنها أقل منه حسباناً للعواقب، وخاصةً ما يتعلق بزينتها، وبمتاع الحياة الدنيا لها، أو بمن تحب؛ ونتيجة لذلك حرص أعداء الله على أن تخرج المرأة المسلمة، فالمرأة المسلمة التي في بيتها إن لبست الثمين وإن لبست الرديء فهي في البيت مصونة محفوظة بحفظ البيت، لكن إذا خرجت إلى الشارع، وخرجت تلك وتلك فلابد أن تنافسهن فيما يلبسن، وهنا نصب أعداء الله الشباك العريضة لهذه المرأة المسلمة! عشرات من أنواع المساحيق التي تباع بأبهض الأثمان، ويقال: إنها تعيد البشرة وكأنك بنت العشرين، وكأنك كذا دعايات في الصحف وفي غير ذلك، دعايات ينفق عليها الآلاف لنشر وترويج هذه المساحيق وأدوات التجميل! بيوت الأزياء -والتي يملكها أباطرة المال اليهود في الغرب- تجعل فساتين وأزياء للسهرة، وفساتين وأزياء للصباح والعمل، وللشتاء وللصيف وللنوم وللتفسح ولكذا ولكذا، وتجعل تقليعات وموضات، تلهث المرأة وتجري، ما يأتي موعد راتبها أو راتب زوجها الشهر القادم إلا وقد جمعت من هذه الموضات ما تريد أن تستنفد به ربع الراتب أو الثلث، وربما كله من أجل أن تلاحق هذه الموضات، وتلاحق هذه التقليعات والصرعات.
فتكون النتيجة: أن المرأة المسلمة التي تطالب بالعمل وبالخروج تضيع الأسرة، وتسبب انقراض الأمة، إنها إذا عملت فإن نتيجة عملها وكسبها تذهب إلى جيوب أباطرة المال من اليهود في العالم الغربي، وهي تشعر أو لا تشعر، وتذهب في شراء المجلات النسائية، ومجلات التفصيل، ومجلات الأزياء التي إذا قرأتها من الغلاف إلى الغلاف فلأجل صور النساء فقط، لا تقلب شيئاً: لا علم، ولا ثقافة، ولا تحقيقات متعبة لا، أبداً، ما هي إلا صور نساء ترص في صفحات ملونة، وتباع بأربعين ريالاً، أو بمائة ريال بما شاءوا، فتتسابق البنات المسلمات إلى شرائها، وإلى اقتنائها؛ لتتابع هذه التقليعات وهذه الصرعات.
والخاسر من هو؟ هو هذه المرأة المسكينة، خسرت دينها، وخسر الزوج، وخسر المجتمع، وربح اليهود، وربح أعداء الله الذين يخططون لإفساد المرأة المسلمة.(106/12)
تضييع التربية الإسلامية
كما أن من الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها: أن تضيع التربية الإسلامية الصحيحة، وأن تفتقد الأجيال إلى التربية: إن الله سبحانه وتعالى قد شرع لنا الخير كله، وفي ما أنزله لنا الخير والهدى والصلاح في أمور ديننا ودنيانا جميعاً، ولكن هؤلاء يريدون أن تتمرد المرأة المسلمة على ذلك كله، شرع الله تبارك وتعالى لنا الرضاع -كمثال- وأهم منها التربية، تربية الأبناء على طاعة الله سبحانه وتعالى.
وجاء أولئك فقالوا: لا ترضع، المرأة المسلمة لا ترضع، روجوا الأنواع الكثيرة التي تدر عليهم الأموال الطائلة لكي تحتفظ المرأة برشاقتها فلا ترضع الطفل، ولكي تنطلق إلى العمل وتأتي بالمربية، تخرج وتحل محلها مربية بوذية وثنية نصرانية، أو جاهلة لا تدري شيئاً، ولن تربي الطفل كالأم بأي حال من الأحوال، وهذه المربية تأخذ من مرتب الأم ما تشتري به الحليب لتطعم به الطفل، فيحرم الطفل من حنان الأمومة، ويحرم من الغذاء الطبيعي، وأعظم من ذلك يحرم من الحياة الطبيعية من بسمة الأم من حنان الأم من عطف الأم فماذا ينشأ ذلك الطفل؟ ينشأ مجرماً، وينشأ حاقداً إلا من رحم الله، ينشأ ولديه حب الانتقام والغضب من هذا المجتمع ومن هذه الحياة التي عاشها؛ لأنه فقد الحنان وفقد العطف وفقد الرقة التي يفتقر إليها المخلوق، ويفتقر إليها الابن في مثل هذا السن، وربته تلك على ما تربيه عليه.(106/13)
نموذج لبيت خرجت منه الأم للعمل
لابد أنكم قد قرأتم ما نشر في جريدة المدينة قبل سنوات، من أن مربية بوذية جاءت الأم إلى البيت ووجدت أنها تعلم أبناءها السجود والركوع لتمثال بوذا، حيث وضعت تمثال بوذا أمام الأطفال، وبدأت تعلمهم كيف يسجدون ويركعون ويعبدون بوذا، والأم في العمل، تقول الأم: أخدم المجتمع أنمي بلدي لكنها أضاعت أبناءها وجعلتهم يعبدون غير الله ويشركون بالله، وهذا نموذج، والنماذج كثيرة.
التربية -أيها الإخوان- أعظم عملية وأطول عملية، الطفل قبل أن يبلغ العشرين يعتبر طفلاً يشرف عليه الأب والأم، ويعتبر ما يزال في حاجة إلى الرعاية، وهذا أمر معروف لكم جميعاً، الأب والأم يعتبرون أنه ما يزال في حاجة إلى الرعاية حتى يتخرج من الجامعة، وربما بعد ذلك، وهذه حقيقة، فإذا أفسد من أول ما يولد، وربته المربية، وفقد حنان الأم وتربية الأم -بحجة أن الأم تسهم في خدمة المجتمع- فإن المجتمع قد ضاع في الحقيقة، لأن المجتمع هو هذه الأجيال التي بعد عشرين سنة، تكون هي الشباب وهي الطاقة وهي القوة.
ولقد دلت البحوث التي بحثت في أمريكا بالذات وفي غيرها، على أن سبب انتشار الجرائم في العالم الغربي هو أن الشباب والأحداث المحترفين للجريمة لم يتربوا على أيدي الأمهات، وأن خروج المرأة -بهذا النص قالوا-: خروج المرأة وعملها هو وراء هذه الجرائم، ومن هذه الجرائم انتشار الشذوذ اللواط، ونتيجة انتشار الشذوذ واللواط انتشر الإيدز المرض الذي يهدد العالم الغربي بل وغيره تهديداً رهيباً، وما هو إلا إحدى عقوبات الله عز وجل التي يسلطها على من عصاه من عباده ليعتبر بذلك من اعتبر.
فخروج المرأة -إذاً- وعملها ليس كما يزعم الخداعون والماكرون أنه هو الأصل، وأنه هو الأساس، وأنه لابد منه للتطور والتقدم والتنمية وما أشبه ذلك، إن الله سبحانه وتعالى يقول مخاطباً أمهات المؤمنين: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب:33] هذه هي القاعدة الكبرى، وهي الخط العريض الذي يجب أن تكون عليه كل امرأة مسلمة، البيت وظيفة الأمومة تنشئة الأجيال تربية المؤمنين تربية الشباب المؤمن القوي القادر على أن يكون قوياً في إيمانه، قوياً في جسمه، قوياً في محاربة أعداء الله وأعداء أمته، وما عدا ذلك فحالات عارضة لا يجوز ولا يصح أن تجعل هي القاعدة إن عملت أو توظفت، حتى في المجال النسائي البحت فهي حالة عارضة حالة مؤقتة، يجب أن ننظر إليها على أنها مؤقتة، ويجب أن ننظر إلى أنه حتى تعليم الفتاة إنما هو مؤقت لكي تحصل على قدر من العلم يعينها على أن تكون أماً صالحةً لتتزوج، وهذا هو الهدف، وهذا هو الأساس.
ولهذا نجد أن كل من خالف الله عز وجل وكل من عصا الله فإنه يتحقق عليه ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم كما قال: (بعثت بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وكتب الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم)، فالله تعالى قد كتب الذل والصغار على من خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أعظم المخالفات التشبه بالكفار في تبرجهم وتهتكهم ومخططاتهم، ومناهجهم التربوية والتعليمية والسلوكية فيما يتعلق بجانب المرأة المسلمة.
إن أعداء الله -أيها الإخوة الكرام- في سبيل أن يسيطروا على هذه الأمة قالوا: لابد أن نشغل الفتاة المسلمة بالفتى المسلم، ونشغل الفتى المسلم بالفتاة المسلمة، فتجد الشباب في المدرسة وهمه في الشارع وفي السوق كيف يراها؟ كيف يخاطبها؟ كيف يتلطف بعينه إليها؟ أو برجله ليصل إليها، يقرأ ويشتري الدواوين التي تدل على ذلك، والكتب التي تحث على ذلك، يشاهد الأفلام والمسلسلات التي تحث على ذلك؛ وبالمقابل نجد البنت أيضاً هكذا، فيكون في ذلك إضاعة لعمر الأمة، ما هي الأمة إلا الأولاد إلا الشباب وإلا الشابات؟ ما هي الأمة غير ذلك: العجائز أم الأطفال الصغار؟ فإذا شغل الشاب بالشابة، وهي كذلك؛ فإنهم يبقون كما هو الحال في أكثر بلاد العالم الإسلامي، يبقون في غفلة عن أعداء الله، وعن قضايا أمتهم وماذا يدور فيها وماذا يحدث لها، يهمهم آخر فيلم لفلانة أو آخر كتاب أو ديوان لفلان أكثر مما يهمهم ماذا حدث في أفغانستان، ماذا حدث في فلسطين، ماذا حدث هنا وهناك من أمور يجب على الشاب المسلم أن يهتم بها، وأن يعيها ويعلمها.
يضيعهم ذلك عن العلم النافع العلم الشرعي الصحيح الذي لا بد منه، حتى وإن كنت في كلية الطب أو الهندسة، حتى وإن كنت عاملاً أو موظفاً لابد لك من العلم الشرعي، لابد أن تعبد الله على علم تصلي على علم، لابد أن تزكي وتصوم وتحج على علم.
هكذا يشغلون الشباب عنه بهذه المجلات النسائية، والمسلسلات النسائية، والأفلام النسائية، فيضيع عقل الأمة وفكرها، ويضيع مالها، ويضيع شبابها، وتضيع كل جهودها؛ نتيجةً لهذا التخطيط ونتيجةً لهذا الطعم الكبير الذي هو المرأة، الذي جُعل في شبكة المؤامرة ليصطاد الأمة جميعاً، ويجعلها لقمةً سائغةً لأعداء الله تبارك وتعالى.(106/14)
وإن الفرج مع الصبر
أيها الإخوة الكرام: الحديث عن المؤامرة وأبعادها لا ينسينا أبداً الحديث عن الثقة في وعد الله وفي نصر الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة، والثقة في الله ثم في الشباب المسلم الذي بدأ يصحو ويتيقظ لهذه المؤامرة، ونحن في هذا البلد بالذات نحمد الله تبارك وتعالى أن الوعي والصحوة الإسلامية عندنا قد تواكبت مع بداية الغزو الفكري وتخطيط المؤامرة لهذه البلاد، وإننا لواثقون بإذن الله من أن النصر سيكون لدين الله سبحانه وتعالى، وللدعاة إلى الله تبارك وتعالى، ولكن علينا أن نكون واعين، وأن نكون حذرين، وأن نعرف أولئك الهدامين، وأن نقاومهم المقاومة الفعالة بالحكمة، بالكلمة الصادقة، بالنقد الذي يقنع الخصم ويلزمه، بإقامة الحجة عليهم، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بقطع كل سبيل إلى إفساد المرأة المسلمة.
الأب يراقب ابنته: لا تذهب إلى السوق، لا تشتري المجلات الخليعة، لا تنظر إلى الأفلام الخليعة.
الزوج يراقب زوجته في ذلك، المعلم يوصي تلاميذه بأن ينتبهوا لأسرهم، وأن يغضوا من أبصارهم، وأن يحفظوا فروجهم، وكذلك الإمام في المسجد، وكذلك كل من يملك سلطة للتوجيه، أو منبراً للإعلام، فإذا قمنا بذلك فإننا نحبط المؤامرة، وإنها لحابطة بإذن الله تبارك وتعالى، ولكن إذا غفلنا، وإذا لم ننتبه إلى ذلك، فإن عمر المقاومة سيطول، أما إذا حصل الانتباه، وحصلت اليقظة وهي حاصلة ولله الحمد منذ الآن؛ فإن البشائر المقبلة تؤكد أن النصر لن يكون إلا لهذا الدين.
وإننا نذكر المرأة المسلمة المتمسكة بحجابها في هذه البلاد، بأن أختها التي خدعت وغرر بها، ووقعت في شباك المؤامرة في العالم الآخر في الدول الأخرى قد عادت ولله الحمد، وقد تنبهت لتلك المؤامرة، وقد عرفت حقيقة دينها.
وإن فتاةً واحدة محجبةً عن دين وإيمان واعتقاد في وسط بيئة جاهلية فاسقة منحرفة لهي أفضل ألف مرة ممن كانت تلبس الحجاب لأنه تقليد واتباع، ولو جاءتها دعوة إلى غير ذلك لفعلت وهذا هو الموجود ولله الحمد، وجدت البنات المؤمنات اللاتي يتمسكن بالحجاب، واللاتي يرفضن العمل المختلط، واللاتي يعلمن أن وظيفتهن هي الأمومة، وأن مملكتهن هي البيت، وجدت في تلك البلاد التي سبق إليها الغزو، وليس ذلك بعجيب؛ فإن الغربيات وهن قدوة المتهتكات والساقطات الغربيات قد تمنين هذه الحياة، كما ذكر الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله عن امرأة أمريكية شهيرة زارت دمشق؛ وسألت عن الحياة الإسلامية، وقيل لها: هذه هي حياة المسلمين، المرأة المسلمة واجبها كذا وكذا، الزوج يحميها، الزوج يؤويها، الزوج ينفق عليها، أو الأب أو الأخ، فهي مصونة، محترمة، يستدين المبالغ الطائلة ولا يرضى أن تعمل وأن تخرج.
لما رأت ذلك قالت: والله لقد تمنيت أن أعيش هذه العيشة الكريمة ولو لبضعة أشهر ثم أموت! مما تعاني من شقاء وهي امرأة مبجلة محترمة.(106/15)
والحق ما شهدت به الأعداء
في إحدى المؤتمرات التي عقدت في ألمانيا كان الموضوع عن الإسلام والمرأة، وقام عدد من المستشرقين وأثاروا أن المرأة المسلمة -المرأة الشرقية- مظلومة ومهدرة، وكذا وكذا، وأخذوا يتكلمون وقالوا: إن تعدد الزوجات هو خطر من الأخطار، وهو من أكبر المظالم التي تهدد المرأة في الشرق، ويجب أن يرفع عنها هذا الحيف وهذا الجور.
فقام أحد الدعاة أو أحد المشاركين في المؤتمر -وأظنه الدكتور أحمد الشرباطي - ليرد على هذه الفرية، فقامت امرأة ألمانية تشغل منصباً كبيراً في بلدها وقاطعته قائلة: أنا سأتكلم.
فقال: لا، أنا أرد على هذه التهمة، ثم ستتكلمين بما تشائين؛ لأنه كان يظن أن المرأة سوف تؤيد هذه الشبهة، فقالت: لا، أنا سأدافع وسأرد بدلاً عنك، وقامت وقالت: أنتم يا من تقولون: إن المرأة الشرقية إذا كانت المرأة الرابعة فإنها شقية محرومة مظلومة، أنا أريد أن أكون المرأة الرابعة والثلاثين -هكذا قالت- بشرط أن أجد رجلاً يحميني من اللصوص في الليل فقط!! يحميها من اللصوص في الليل؛ لأنها لا تأمن ولا تطمئن، أين أبوها؟ لا تدري عنه، أين أمها؟ لا تدري، أين أخوها؟ لا تدري، هي تكدح وتعمل وتستأجر المنزل، وربما إذا تزوجت هي التي تدفع المهر، ثم يتركها إلى عشيقة أخرى هذه حال الدول التي تسمى متقدمة! تتمنى أن تكون الرابعة والثلاثين، ولكن ماذا يقول بعض سفهاء الصحافة في بعض البلدان الإسلامية؟ يتكلمون عن تعدد الزوجات وكأنه أكبر خطر وأكبر ظلم يهدد الأمة الإسلامية بالزوال سبحان الله! والدليل على ذلك: أنهم يجعلون موضوع المرأة موضوعاً اجتماعياً بحتاً، مسألة اجتماعية لا علاقة لها بالحلال ولا بالحرام؛ ولهذا يجرون الاستفتاءات والاستبيانات -كما يسمونها- كما يشاءون، مع شاب وشابة، ومعلم ومعلمة، يختارون من يشاءون ويقولون: ما رأيكم في عمل المرأة؟ ما رأيكم في خروجها من البيت؟ ما رأيكم في إعطائها حقوقها؟ ثم ما رأيكم في تعدد الزوجات؟ ويأخذون رأي الجميع ويلخصون، هم الخصم والحكم، وفي النهاية يقولون: الآراء اجتمعت واتفقت على أن المرأة لابد أن تعمل، ولابد أن تخرج من البيت، وأن تعدد الزوجات يهدد الأسر، ويؤدي إلى التناحر وإلى التفكك، وإلى سوء التربية، وإلى كذا وإلى كذا.
هؤلاء الذين يعترضون على حكم الله، الذين يجعلون شرع الله وما أنزله الله سبحانه وتعالى في كتابه، وما أنزله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في شأن المرأة وغيرها، وما درجت عليه الأمة الإسلامية خلال أربعة عشر قرناً، يجعلونه كله باطلاً ولغواً، ويأخذون آراء الناس أصحاب الأهواء في هذه الأمور، وكأننا أمة ضائعة لا شرع لها ولا كتاب ولا سنة ولا ميزان ولا معيار! الله سبحانه وتعالى يقول: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء:65].
انظروا كيف جاءت هذه الآية وشملت مراتب الدين الثلاثة: التحكيم في مقام الإسلام، ونفي الحرج في مقام الإيمان، والتسليم المطلق في مقام الإحسان.
لابد، هذا هو حالنا {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ} [النور:51] لابد أن يكون هذا منهجنا.
أما إذا كان ديننا وعرضنا، أما إذا كانت حياتنا الاجتماعية أو غيرها مسخرة للآراء والأهواء: ما رأي فلان، وما رأي علان؟ وماذا تقول فلانة؟ وماذا كتب فلان؟ إذا فعلنا ذلك فإن هذا هو بعينه اتباع الأهواء اتباع أهواء الذين لا يعلمون اتباع حكم الجاهلية {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:50] كل ما خالف أمر الله فهو جاهلية كل حكم أو هوىً أو منهج أو رأي خالف أمر الله وناقضه وحاده فهو جاهلية؛ ولهذا تجدون الجاهلية اليوم في الغرب والشرق تستشري وتنتشر؛ لأنها تمشي على غير منهج الله سبحانه وتعالى، وعلى غير ما شرع الله، وقد جنت بأنفسها عاقبة تلك المعصية، وذلك الخروج عن أمر الله تبارك وتعالى.
فما علينا من الأمم التي لا تملك منهج الله؟ وما علينا من الشعوب التي ذاقت مرارة الاحتلال بجميع أنواعه؟ إن الأمة الإسلامية يهمنا أمرها كلها، لكن يا إخوان! قلعة التوحيد هذه الخط الأخير الذي يقف فيه المسلمون لمحاربة أعداء الله سبحانه وتعالى، البلد الذي يجب أن يظل طاهراً من كل رجس: من شرك أو بدعة أو ضلالة أو انحراف، يجب أن يبقى كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا يجتمع في جزيرة العرب دينان) يجب أن نبقى على منهج واحد، لا يجتمع لنا منهجان، لا في التعليم، ولا في المرأة، ولا في الاقتصاد ولا في أي مجال، وإنما هو منهج الله وشرع الله، واتباع أمر الله.
ونحن نحمد الله سبحانه وتعالى على أننا نستطيع أن نقوم وأن ندعو إلى هذا المنهج، وأن نبين للفتيات وللشباب، وأن نبصرهم بالحقيقة، فهذا واجب، هذه فرصة عظيمة يجب أن نستغلها، ويجب أن ندعو إليها، ويجب أن تبقى هذه قاعدةً ومنطلقاً للدعوة إلى تحرير الإنسان المسلم في كل مكان من العبودية، ومن التبعية إلى غير منهج الله وإلى غير شرع الله تبارك وتعالى، وأهم من ذلك المرأة المسلمة، المرأة المسلمة المخدوعة في كل مكان.
يجب أن ترى الفتاة المسلمة في هذه البلاد القدوة الصادقة، والنموذج الصحيح للمرأة المسلمة التي تتمسك بدينها في هذا العصر رغم الانحرافات، ورغم زيف المدنية، ورغم بهرج الحضارة، فإنها تتمسك بدينها، وتعطي القدوة لغيرها، وإلا فإن الخسارة الكبرى، الخسارة كل الخسارة أن تخدع المرأة المسلمة في هذه البلاد كما خدع غيرها:
وما يصلح الملح إذا الملح فسد
والرجل المسلم هو الذي يجب أن يحمل لواء التوحيد، ولواء السنة، ولواء الدعوة إلى منهج الله وإلى شريعة الله تبارك وتعالى، وينشر ذلك في كل مكان، فنحن محط أنظار العالم الإسلامي، والفتاة المسلمة هي محط أنظار البنات المسلمات في كل مكان، فيجب علينا أن نقدر المسئولية حق قدرها، وأن نعي واجبنا، وأن نؤدي ما يجب علينا أن نؤديه كما شرع الله تبارك وتعالى من الدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وإقامة الحجة، وإعلان الحق، وإرشاد التائه والغاوي من شاب أو شابة، ومحاربة المنكرات والفساد بأقل ما نستطيع إذا لم نفعل الكثير، وأقل ذلك ألا نشتريها، ولا نسهم فيها، ولا ندعو إليها، هذا أقل ما ينبغي وأقل ما يجب على المرأة المسلمة وعلى الشاب المسلم، كل ما يدعو إلى الفساد من أفلام ومجلات وكتب ودواوين وقصص فإنه يجب أن نبدأ الطريق بمقاطعة ذلك كله، ثم نتعلم العلم الصحيح، ثم ندعو الذين وقعوا في شباك هذه المؤامرة.
أكتفي بهذا للإجابة عن الأسئلة، بقدر ما يسمح لنا الوقت، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإياكم بما نسمع وما نقول، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.(106/16)
الأسئلة(106/17)
إبطال دعوى خروج المرأة للعمل بحجة حاجة المجتمع إليها
السؤال
هناك من الدعاوى الباطلة الموجودة الآن أن نصف المجتمع معطل، ولابد للمرأة من الخروج، فبماذا يرد على أمثال هؤلاء؟
الجواب
يرد عليهم أولاً بقول الله تبارك وتعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب:33] فليس هذا تعطيلاً، وإنما هو امتثال لأمر الله، حتى ولو كانت بالفعل لا عمل لها على الإطلاق إلا امتثال أمر الله، فامتثال أمر الله وطاعة الله هي الخير وهي الشرف، وهي العمل العظيم الذي من أجله خلقنا، وهي أكبر عمل نقوم به في هذه الحياة الدنيا: أن نطيع الله.
ورد من الواقع: وهو أن المرأة المسلمة التي في البيت ليست معطلة، إن كانت أماً فإنها تربي الأجيال، فهي تهيئ الأسرة المسلمة، فلديها من الأعمال ما يفوق عمل كثير ممن يعملن، وربما إنهن يمضين الوقت في الفراغ وقراءة الصحف وأمثال ذلك كما نشاهد في الرجال، والله تعالى أعلم في حال النساء.
وأيضاً: المرأة المسلمة التي تبقى في بيتها، وتربي أطفالها، بل نفترض أنها ليست متزوجة، فيمكن أن تعمل وهي في البيت الأعمال التي تجلب لها الخير، أن تتعلم العلم، أن تعمل بالخياطة، أن تعمل أي عمل يمكن أن تعمله في بيتها، ويدر عليها الخير ويدر عليها الربح، فتجمع بين امتثال أمر الله سبحانه وتعالى وبين الإنتاج والعمل الذي يحقق لها الخير في الدنيا والآخرة.
أما إذا خرجت المرأة، فإنه لن يتعطل نصف المجتمع فحسب، بل سوف يتعطل المجتمع كله ونضطر إلى المربيات وإلى الخادمات وإلى الطباخات، وإلى الخياطات وأمثال ذلك، ثم تخرب الأمة وتهرم، ويفنى شبابها، ويضيع مستقبلها، وتتدهور تنميتها، وتنقرض بعد أجيال، تنقرض كما سمعنا في الإحصائيات الغربية.(106/18)
حكم كشف المرأة وجهها ويديها
السؤال
حبذا لو بينتم حكم الشرع بالنسبة لكشف المرأة لوجهها ويديها؟
الجواب
تغطية المرأة لوجهها واجب، وكشف وجهها حرام، وكذلك اليدان: كشفهما حرام إلا لمن أحل الله تبارك وتعالى له ذلك.
وهذا أصل عظيم درجت عليه الأمة الإسلامية، ودل عليه كتاب الله تبارك وتعالى، ودلت عليه سنة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة الثابتة، ودرج عليه عمل المسلمين، بل حتى في الجاهلية كان ذلك مما هو معروف لدى المرأة العربية.
ولم تُعرف قضية الخلاف في كشف الوجه وعدمه إلا في هذا العصر، وقد أثيرت لا لأجل الترجيح العلمي في أن كشف الوجه أو تغطيته خلاف لا، ليس هذا هو المقصود، إنما عرضت لتخرج المرأة المسلمة عن حجابها، لتدع الحجاب بحجة أن تغطية الوجه فيه خلاف.
وأقول: من هؤلاء المجتهدون العلماء الثقات الذين يقولون: على المرأة أن تخرج حتى لا يتعطل نصف المجتمع، من أجل أن الرأي الراجح هو تغطية الوجه؟ من هؤلاء؟! إنهم ليسوا بعلماء، كل علماء المسلمين يوجبون على المرأة أن تغطي وجهها إذا كانت الفتنة، ولا شك على الإطلاق أن الفتنة قائمة وموجودة الآن على أشدها في كل مكان، لكن مع ذلك الرأي المرجوح والضعيف هو الذي يقول: إن كشف الوجه أو الكفان جائز.
عندما قال الله تبارك وتعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:31] ماذا فهم الصحابة؟ تريدون الخلاف الفقهي أم تريدون أن نأتي بما يدل من لغة العرب ومن كلام العرب؟ ما معنى الخمار؟ الخمار عندما يضرب على الجيب لا يحتمل في كلام العرب إلا أن يكون الوجه مغطى، هذه حقيقة، انظروا إلى القاموس -إلى لسان العرب - مادتين: مادة (خمر) وهو الخمار، ومادة (نصف) أي: النصيف، النصيف الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الشهداء في صفة الحور العين: (ولنصيف إحداهن خير من الدنيا وما فيها) ما هو النصيف في لغة العرب؟ النابغة الشاعر المشهور ماذا قال؟ قال:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
ما هو النصيف؟ ولماذا سمي النصيف؟ يقول اللغويون: النصيف هو الخمار حسناً هذه واحدة، وسمي كذلك لماذا؟ لأنه ينتصف بين المرأة وبين الناس فلا يرونها، كأنه في النصف بين المرأة وبين الناس فلا يرونها.
فإذاً: النصيف هو الخمار، ولذلك لما سقط عن المرأة الجاهلية هذه اتقت وجهها باليد، حتى قال بعض اللغويون وأظنه السيرافي أو ثعلب: ويجب أن يكون مغطياً للرأس كله، وإلا فلا معنى أن تغطي وجهها ويبقى شعرها.
المقصود: أن النصيف هو الخمار الذي يغطي المرأة {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:31] الخمار كل مادة خَمَرَ مأخوذة من الستر ومن التغطية، والخمار الذي شرعه الله تعالى للمرأة وكان معروفاً لديها، والذي تكفن فيه والذي جاء ذكره في الكتاب والسنة: هو الغطاء الساتر السادل لأعلى المرأة: رأسها ووجهها وصدرها ونحرها.(106/19)
تقوى الله سبحانه وتعالى هي الطريق
السؤال
إنني فتاة -إن شاء الله- مؤمنة، أضلني الشيطان فمشيت معه إلى طريقه وسبيله -إلى أن تقول- والآن أنا تبت، ولكن ما زال الشيطان يأتيني ويغريني، وأريد الرجوع إلى سبيل الخير، فكيف الطريق؟ الرجاء الإجابة عنه لأنني حائرة.
الجواب
الله تبارك وتعالى يقول: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً} [النساء:27 - 28] فأيها الأخت المؤمنة: الإنسان ضعيف، ولكن الله سبحانه وتعالى يريد أن يتوب علينا، فأطيعي الله ولا تطيعي الشيطان، ولا تطيعي الذين يتبعون الشهوات ويزينون لك هذه الشهوات، فالسبيل هو تقوى الله سبحانه وتعالى، إن الله تبارك وتعالى قد أوصانا وأوصى الأمم قبلنا بهذه الوصية العظيمة التي جمعت طريق الخير كله، يقول جل شأنه: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:131] فاتقي الله يا أختي المؤمنة، اتقِ الله وتذكري الموت وسكراته، وتذكري القبر ووحشته، وتذكري البعث والقيامة وأهوالها، وتذكري النار وورودها، وتذكري الصراط وعبوره؛ فإن هذا مما يعينك بإذن الله على الإقلاع عن اتباع سبيل الشيطان، ويجعلك تقاومينه.
واعلمي أن -والكلام للجميع أيها الإخوة- الشيطان لن يدع فرصة للمسلم شاباً أو شابة إلا ويثيره، إما إلى شهوة وإما إلى شبهة، فيجب علينا أن نقاومه، والمعركة لا تنتهي، فلا نيئس، لا نقول: الشيطان هزمني وغلبني لا نيئس أبداً، بل نقاوم ونقاوم حتى نلقى الله تبارك وتعالى ونحن على سبيل الطاعة والمجاهدة في ذات الله.(106/20)
حكم كشف المرأة وجهها أما م غير محرم
السؤال
إنني متزوجة وزوجي يطلب مني الكشف أمام إخوانه وأعمامه وأخواله؛ بحجة أن إخوانه محارم مؤقتون، ويجوز كشف الوجه واليدين أمامهم بدون زينة فهل يجوز؟
الجواب
أكثر من سؤال ورد عن حكم نظر الأقرباء إلى المرأة، الأقرباء الذين ليسوا بمحارم، مثل: أخو الزوج، ومثل ابن الخال وابن العم وابن الخالة وأشباه ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال: (الحمو الموت) فيجب علينا أن نحترز من الحمو كما يحترز من الموت، والحمو هو قريب الزوج أياً ما كان إذا لم يكن محرماً، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
فلا تطيعي زوجك، ولكن انصحيه وأقنعيه، أو أسمعيه ما يقنعه إن شاء الله.(106/21)
العوامل التي تساعد المرأة المسلمة على أداء وظيفتها التربوية
السؤال
ما هي العوامل التي تساعد على نجاح المرأة المسلمة في أداء وظيفتها التربوية؟
الجواب
أن تنظر إلى نساء المؤمنات، إلى ما كان عليه نساء النبي صلى الله عليه وسلم والصحابيات من سلوك وعمل وبر وطاعة وتقوى، فتبر زوجها وتربي أبناءها، وتسير في حياتها وفق ما كنّ يسرن عليه، فهن القدوة، وللأخت المسلمة فيهن الأسوة.
فأمر الله سبحانه وتعالى واضح، والنماذج هذه بين أيدينا، فلنقرأ عن سيرهن، ولندع سير الداعرات والفاجرات اللاتي تنتشر أنباء حياتهن -مع الأسف- في كثير من الوسائل المقروءة أو المرئية.(106/22)
المقصود بمصطلح تحرير المرأة
السؤال
ما المقصود بتحرير المرأة؟
الجواب
المقصود الذي يريده أعداء الله من تحرير المرأة هو: إفساد المرأة، وإخراجها من بيتها، أن تتحرر من أمر ربها تبارك وتعالى، أن تعصي الله مخالفةً لقول الله تبارك وتعالى: {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأنعام:15]، يريدون أن تعصي الله، فميزان التحرر عندهم هو التعري هو التبرج هو التهتك هو مزاحمة الرجل في الأسواق وفي كل مكان، هذا هو ميزان الحرية عندهم، وكما قال الشاعر:
إذا كان التقدم في التعري فما فضل الحصان على البغي
أما في دين الإسلام وفي كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الحرية هي طاعة الله، هي حرية القلب من العبودية لغير الله.
واقرءوا إن شئتم رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية العبودية، حيث فصل ذلك وبينه، فالعبودية هي عبودية القلب، والحرية حرية القلب، فالمؤمن عندما يحرر قلبه من العبودية لغير الله يكون عبداً لله وحده لا شريك له، أما أولئك فإنهم يتحررون، ويريدون أن يحرروا المرأة من عبودية الله؛ لتكون عبداً وتكون رقاً للشركاء المتشاكسين من أصحاب بيوت الأزياء، وأصحاب الدعارة، وأصاحب الهدم وتقويض المجتمعات.
هذه هي الحرية في الإسلام، وهذه هي الحرية عندهم.(106/23)
حكم النظر إلى صور النساء
السؤال
ما حكم النظر إلى صور النساء؟
الجواب
النظر إلى المرأة في الصورة حكمه حكم النظر إليها على الطبيعة والحقيقة {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور:30] هذا الغض -غض البصر- يشمل الصور المطبوعة أو المرئية في الأفلام كما يشمل المرأة الحقيقية التي ترى في الشارع، المحظور واحد، والحكمة واحدة، والعلة واحدة، والداء واحد، والنتيجة واحدة في هذا أو في هذا، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العين تزني وزناها النظر) فلا يقول الإنسان: إنني لم أرتكب الفاحشة الكبرى وإنما هذا مجرد النظر، فإن الوسائل تأخذ حكم المقاصد، وهذه محرمة في ذاتها ومحرمة لأنها وسيلة إلى غيرها، إلى الفاحشة الكبرى.
ومن غض نظره استجابةً لأمر الله وحياءً من الله أبدله الله تبارك وتعالى إيماناً يجد حلاوته في قلبه، كما روي ذلك من طرق عن النبي صلى الله عليه وسلم، فانظروا يا إخوان هل هناك قيمة أغنى من الإيمان؟ هل هناك شيء في هذه الدنيا أغلى من أن الله سبحانه وتعالى يقذف الإيمان في قلبك؟ والله لا يوجد شيء أبداً أغلى من ذلك ولا أعظم منه، وهذا تحصل عليه بهذه الطاعة، غض نظرك عن النظر إلى النساء المحرمات يبدلك الله سبحانه وتعالى إيماناً تجد حلاوته في قلبك.
جربوا ذلك، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحتاج إلى تجريب؛ لأنه حق صراح {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3 - 4].(106/24)
حكم زواج فتاة ملتزمة من شخص غير مستقيم
السؤال
هذه الأخت تسأل عدة أسئلة -ثلاثة أسئلة- أولاً تقول: تقدم شاب لخطبتي، وهذا الشاب يصلي ويؤدي جميع فرائضه، ولكنه غير ملتزم بالشريعة الإسلامية الالتزام الكامل، أي أنه يسمع الأغاني ويشاهد أفلام الفيديو، بالرغم أنني أنا ملتزمة جداً والحمد لله.
فما حكم الرفض في هذه الحالة؟
الجواب
مثل هذه الأمور -أيها الإخوان- يراعى فيها المصلحة الشرعية لا المصلحة الفردية، فإن تقدم لهذه الفتاة من هو خير منه في دينه فلا شك أنه يجب عليها أن ترفض ذلك العاصي، وأن تتزوج من الشاب التقي، وأما إن لم يتقدم غيره -إن كان هناك في نفس الوقت أمل في إصلاح هذا الشاب، كأن تكون محبته لها وتعلقه بها دافعاً لها بأن تنصحه وتثق وتطمئن بأن الله سبحانه وتعالى سيهديه على يديها- فإنه لا بأس، بشرط أن تبدأ مبدئياً منذ الخطبة في أن تكلمه في هذا الموضوع، وأن تباشر الدعوة معه إلى الله سبحانه وتعالى، فإن من نساء المسلمين من جعلت مهرها إسلام زوجها كما تعلمون ذلك، فالمرأة إذا استطاعت أن تهدي -والله تعالى هو الذي يهدي هداية التوفيق- هذا الشاب فإن لها بذلك الخير والأجر، لا سيما إن كان ذا قرابة ورحم.
وإلا فإن الأصل معلوم لديكم جميعاً، وهو أنه لا يجوز أن تتزوج الفتاة من الفاسق، ولا أيضاً الفتى من الفاسقة، وإنما عليك بذات الدين، فاظفر بذات الدين، وأيضاً عليكِ بذي الدين، فاظفري بذي الدين.(106/25)
حكم حضور حفلات الزفاف التي فيها منكرات
السؤال
ما حكم حفلات الزفاف التي فيها منكرات؟
الجواب
الله سبحانه وتعالى يقول في صفات المؤمنين: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان:72]، وشهود الزور هو حضور المنكرات والذنوب حيث اللغو واللغط أو الموسيقى أو المعاصي التي تغضب الله عز وجل، هذا من حضور الزور وشهود الزور، ومن سماع اللغو المحرم؛ ولهذا لا يجوز للفتاة المسلمة أن تذهب إلى هذه الحفلات إلا إذا كانت تضمن أن لوجودها تأثيراً بحيث يؤدي إلى إلغاء المنكر، أو تذهب لإقامة الحجة وإنكار المنكر ثم تنصرف ولا يحتمل الوقت تفصيلاً أكثر من ذلك.(106/26)
حكم زيارة المرأة للقبور
السؤال
ما حكم زيارة القبور أو قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بالنسبة للنساء، وهل هو محرم أم جائز أم مكروه؟
الجواب
زيارة القبور فصل فيها العلماء كما فصل ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالة الجواب الباهر وفي الرد على البكري والأخنائي وغير ذلك.
فالراجح والصحيح: أن زيارة القبور للنساء لا تجوز.
أما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فإن المرأة المسلمة تزور مسجده صلى الله عليه وسلم وتصلي فيه ما يكتب الله تبارك وتعالى لها ولا تذهب إلى القبر.(106/27)
نصيحة للآباء بتخفيض المهور
السؤال
نرجو أن توجه نصيحة إلى كل أب بتخفيض المهور ليتمكن الشباب من الزواج، وكذلك الرد على كل أب يريد من ابنته أن تأخذ الجامعة وبعدها تتزوج.
الجواب
نحن نحمد الله سبحانه وتعالى أنه قد وجد حتى من الفتيات المسلمات من تستنكر المغالاة في المهر ومن تريد أن تعف نفسها وتعف دينها، ولو أن رجلاً لا يملك من الدنيا إلا ما يقيم أوده، ولو أن إنساناً لم يدفع ذلك المبلغ المغالى فيه، ولا يملك الشقة الفاخرة ولا السيارة الفاخرة، هذه ولله الحمد من بشائر الصحوة، ومن علامة أن مجتمعنا ولله الحمد يسير في طريق الخير إن استمرت هذه المسيرة وعمت وانتشرت.
فيا إخوة أيها الآباء الكرام! أنصحكم وأنصح نفسي نصيحةً لوجه الله تبارك وتعالى -كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- أن تبحثوا عن الشاب المتدين، وألا تشترطوا إلا ما يقيم الحياة على الوجه المتيسر الحد الأدنى من السيارة أو الشقة أو العمل، وأن تيسروا سبيل الزواج، فوالله لئن تتزوج ابنتك شاباً فقيراً وتنفق عليه وعليها من جيبك، خير ألف مرة بل مليون مرة من أن ترتكب -والعياذ بالله- فاحشةً؛ فيبقى عار الأبد عليك فاحذروا أيها الآباء.
وكذلك ما يتعلق بالدراسة، ما معنى الجامعة؟ بأي كتاب أم بأية سنة لا تتزوج إلا الفتاة الجامعية؟ ألا تقرءون الصحف أن كثيراً من الشباب يعزف عن الزواج من الجامعيات؟ لأنه يريد التي أقل في سنها، التي لا تجادل ولا تماري، القوامة -أيها الإخوان- التي جعلها الله تعالى للرجل، إنما تتحقق إذا كان أعلى من المرأة حتى فكرياً، فإذا كان الشاب جامعياً والشابة جامعية فهما ندان، وهذا مما يضعف القوامة، لا نقول هذا تقليلاً من جهود، أو نهياً وزجراً عن مواصلة البنات المسلمات للدراسة الجامعية، لكن كما قلت: الأصل شيء، والاستثناءات شيء آخر، الأصل: أن تتزوج الفتاة مع سن البلوغ.
الأحنف بن قيس أحلم العرب، جيء له بابنه مقتولاً، قتله ابن أخيه، وهو محتب فما فك حبوته من الحلم، وهو يرى ابنه ميتاً أمامه، بل قال لابن أخيه: لقد قتلت أخاك -أو ما أشبه ذلك- فقيل له: إنك لحليم، ما هذا الحلم؟ قال: أما إني لحليم إلا في ثلاث -أول واحدة ذكرها- البنت إذا بلغت فإنني أزوجها ليس هناك حلم، سعة البال هذه التي عند قتل الولد لا تكون عند زواج البنت، مجرد أن تبلغ فإنه يزوجها، ثم ذكر والميت، والضيف إذا نزل.
الشاهد: أنه ليس هناك مفر من أمر الله، ولا مندوحة من السنن الطبيعية التي جعلها الله، وهي: أن الفتاة بمجرد أن تبلغ -أي تحيض- فإنها مستحقة للزواج، فمتى تقدم الشاب الكفء المتدين وجب زواجها وحرم الرفض، سواء كانت في الكفاءة أو دونها أو بعدها، لا يجوز ذلك بحجة أن تأخذ الجامعة، وقد يفوتها -كما يقولون- قطار الحياة وتبقى عانساً دائماً.(106/28)
كتب تُنصح المرأة بقراءتها
السؤال
هل هناك كتب تنصحون الأخت المسلمة بقراءتها بعد كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟
الجواب
ما كتب عن المرأة المسلمة وحجابها، مثل ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية، وأيضاً أكثر من رسالة للشيخ عبد العزيز بن باز، ورسالة للشيخ ابن عثيمين، وكتاب الشيخ البليهي، وأمثال ذلك من العلماء الثقات، وفتوى لهيئة كبار العلماء نشرتها مجلة البحوث العلمية، وخطبة الجمعة التي هي فتوى في الحقيقة التي كتبها فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين للنساء والرجال جميعاً عن المجلات الخليعة، هذه مما يجب أن ينشر، وأمثال هذه الرسائل والكتب، يجب أن تطبع وأن تذكر وأن توزع، أين المحسنون الذين يتبرعون بالآلاف وبالملايين لأعمال قد لا تكون خيرة؟ أين هم عن هذه الرسائل الموثوقة التي كتبها علماؤنا ولله الحمد بالدليل الشرعي الصحيح، يجب أن ينشروها وأن يبثوها في المجتمع لتقوم الحجة على العاصي، وليجد التقي فيها ما يعينه على تقواه.(106/29)
حكم لبس المرأة القصير أمام النساء
السؤال
هل يجوز لبس المرأة المسلمة لباساً قصيراً أمام النساء مثلها، والذي يظهر ساقيها أمامهن؟ س
الجواب
هو -بدون دخول في التفاصيل- ليس حراماً على المرأة المسلمة أن ترى أختُها المسلمة منها الساقين أو الشعر، ليس ذلك بحرام، لكن يجب علينا جميعاً أن نضع الأصل دائماً نصب أعيننا، وهو أن نسد الطريق والذرائع إلى الفساد وإلى الفتنة.
إن مما نبه عليه النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنه: أن تصف المرأةُ المرأة لزوجها، وهذا الوصف يكون إذا كشفت عن شعرها وعن ساقيها أكثر بلا شك، وإن مما انتشر في هذه الأيام من الفسق ومن المعاصي ومن قلة الثقة بالنساء، مما يوجب علينا أن نحترز ونلتزم بالمبادئ وبالأصول، حتى وإن لم تكن في الأصل حراماً، ولكنها من باب الآداب التي ينبغي مراعاتها، فإن الله سبحانه وتعالى ذكر أن العفة للقواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ} [النور:60]، فالقواعد: العجائز اللاتي لا يرجون نكاحاً، واللاتي رخص الله تعالى لهن أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة، ومع ذلك العفة لهن أفضل، والستر لهن أفضل.(106/30)
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
السؤال
بعض الرجال يجبرون زوجاتهم على الخروج والسفور أمام الرجال، فماذا تعمل المرأة في هذا؟
الجواب
( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، يجب عليها أن ترفض ذلك وأن تنصحه، فإن قبل وإلا فلتشتكه إلى من يثق فيه أو من يستطيع أن يقنعه أو إلى أهلها، ولو أدى الأمر أيضاً إلى القاضي في النهاية، لا يجوز لها أن تطيعه في معصية الله تبارك وتعالى.(106/31)