حَتَّى كَانَتْ تُسمَّى نِظَامِيَّة الشَّامِ، ثُمَّ درَّسَ بِالعَذْرَاويَّةِ سَنَةَ 593، وَمَاتَتِ السِّتُّ عذرَاءُ، وَبِهَا دُفِنَت، وَهِيَ أُخْتُ الأَمِيْرِ عِزِّ الدِّيْنِ فَرُّوخْشَاه.
وَكَانَ فَخْرُ الدِّيْنِ لاَ يَمَلُّ الشَّخْصُ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ، لحُسْنِ سَمْتِهِ، وَنُورِ وَجهِهِ، وَلطفِهِ، وَاقتصَادِهِ فِي ملبَسِهِ، وَكَانَ لاَ يَفتُرُ مِنَ الذِّكْرِ، وَكَانَ يُسَمِّعُ الحَدِيْثَ تَحْتَ النّسْرِ (1) .
قَالَ أَبُو شَامَةَ (2) : أَخذتُ عَنْهُ مَسَائِلَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ المُعَظَّم لِيُوَلِّيَهُ القَضَاءَ، فَأَبَى، وَطَلَبَهُ ليلاً فَجَاءهُ، فَتلقاهُ، وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأُحضرَ الطَّعَامُ، فَامْتَنَعَ، وَأَلحَّ عَلَيْهِ فِي القَضَاءِ، فَقَالَ: أَسْتخيرُ اللهَ، فَأَخْبرنِي مَنْ كَانَ مَعَهُ قَالَ: وَرجعَ وَدَخَلَ بَيْتَهُ الصَّغِيْرَ الَّذِي عِنْدَ مِحْرَابِ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ أَكْثَرَ النَّهَارِ فِيْهِ، فَلَمَّا أصبحَ أَتَوْهُ، فَأَصرَّ عَلَى الامتنَاعِ، وَأَشَارَ بِابْنِ الحَرَسْتَانِيِّ، فَوُلِّيَ، وَكَانَ قَدْ خَافَ أَنْ يُكْرَهَ، فَجَهَّزَ أَهْلَهُ لِلسَّفَرِ، وَخَرَجَتِ المحَابرُ (3) إِلَى نَاحِيَةِ حَلَبَ، فَرَدَّهَا العَادلُ، وَعَزَّ عَلَيْهِ مَا جَرَى.
قَالَ: وَكَانَ يَتورَّعُ مِنَ المرُوْرِ فِي زُقَاقِ الحَنَابِلَةِ لِئَلاَّ يَأْثَمُوا بِالوقيعَةِ فِيْهِ، وَذَلِكَ لأَنَّ عوَامَّهُم يُبغِضُونَ بنِي عَسَاكِرَ لِلتَّمَشْعُرِ (4) ، وَلَمْ يولِّهِ المُعَظَّم تدرِيسَ العَادليَّةِ لأَنَّه أَنْكَرَ عَلَيْهِ تَضْمِينَ الخَمْرِ وَالمكسِ، ثُمَّ لَمَّا حَجَّ أخذَ مِنْهُ التَّقَوِيَّةَ، وَصلاَحيَّةَ القُدْسِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ سِوَى الجَارُوْخِيَّةِ.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّرِ الجَوْزِيُّ (5) : كَانَ زَاهِداً، عَابِداً، وَرِعاً، مُنْقَطِعاً إِلَى
__________
(1) يعني قبة النسر من جامع دمشق الأموي.
(2) ذيل الروضتين: 138.
(3) يعني: أهل المحابر، وهم طلبة العلم الذين يستملون.
(4) أي بسبب كونهم أشاعرة، وهذا من اصطلاح الذهبي، وإلا فإن أبا شامة قال: " لانهم كانوا أعيان الشافعية الأشعرية ".
(5) المرآة: 8 / 631.(22/188)
العِلْمِ وَالعِبَادَةِ، حسنَ الأَخْلاَقِ، قَلِيْلَ الرَّغبَةِ فِي الدُّنْيَا، تُوُفِّيَ فِي عَاشرِ رَجَبٍ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقلَّ مَنْ تخلَّفَ عَنْ جِنَازَتِهِ.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : أَخْبَرَنِي مَنْ حضَرَهُ (2) قَالَ: صَلَّى الظُّهْرَ، وَجَعَلَ يَسْأَلُ عَنِ العصرِ، وَتوضَأَ، ثُمَّ تَشهَّدَ وَهُوَ جَالِسٌ، وَقَالَ: رضيتُ بِاللهِ ربّاً، وَبِالإِسْلاَمِ دِيناً، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيّاً، لقَّنَنِي اللهُ حُجَّتِي، وَأَقَالَنِي عَثْرَتِي، وَرَحِمَ غُرْبَتِي (3) ، ثُمَّ قَالَ: وَعليكُمُ السَّلاَمُ، فَعلِمْنَا أَنَّهُ حضَرَتِ المَلاَئِكَةُ، ثُمَّ انْقَلْبَ مَيتاً، غسَّلَهُ الفَخْرُ ابْنُ المَالِكِيِّ، وَابْنُ أَخِيْهِ تَاجُ الدِّيْنِ (4) ، وَكَانَ مَرَضُهُ بِالإِسهَالِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَخُوْهُ زَينُ الأُمَنَاءِ، وَمَنِ الَّذِي قَدِرَ عَلَى الوُصُوْلِ إِلَى سَرِيْرِهِ (5) ؟
وَقَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: هُوَ أَحَدُ الأَئِمَّةِ المُبرزِينَ، بَلْ وَاحدُهُم فَضْلاً وَقدراً، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، كَانَ زَاهِداً، ثِقَةً، متجهِّداً، غزِيْرَ الدَّمْعَةِ، حسنَ الأَخْلاَقِ، كَثِيْرَ التَّوَاضعِ، قَلِيْلَ التَّعَصُّبِ، سلكَ طَرِيْقَ أَهْل اليَقينِ، وَكَانَ أَكْثَرَ أَوقَاتِهِ فِي بَيْتِهِ فِي الجَامِعِ، يَنشرُ العِلْمَ، وَكَانَ مطَّرِحَ الكَلَفِ، عُرِضَتْ عَلَيْهِ (6) منَاصبُ فَتركهَا، وُلِدَ فِي رَجَبٍ، وَعَاشَ سَبْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ الجمعُ لاَ يَنحصرُ كَثْرَةً فِي جِنَازَتِهِ، حَدَّثَ بِمَكَّةَ وَدِمَشْقَ وَالقُدْسَ، وَصَنَّفَ عِدَّةَ مُصَنَّفَاتٍ، وَسَمِعنَا مِنْهُ.
__________
(1) ذيل الروضتين: 139.
(2) يعني من حضر وفاته.
(3) بعدها عند أبي شامة: وآنس وحدتي.
(4) يعني عبد الوهاب ابن زيد الامناء.
(5) الجملة الأخيرة اختصار من الذهبي لفقرة كاملة ذكرها أبو شامة عن ازدحام الناس عند تشييعه.
(6) في الأصل " عليها " ولعلها سبق قلم من الناسخ.(22/189)
وَقَالَ القُوْصِيُّ: كَانَ كَثِيْرَ البُكَاءِ، سرِيعَ الدُّمُوعِ، كَثِيْرَ الوَرَعِ وَالخشوعِ، وَافرَ التَّوَاضعِ وَالخضوعِ، كَثِيْرَ التَّهجُّدِ، قَلِيْلَ الهجوعِ، مبرزاً فِي عِلْمَي الأُصُوْلِ وَالفُرُوْعِ، وَعَلَيْهِ تَفقَّهْتُ، وَعرضتُ عَلَيْهِ (الخُلاَصَة) لِلْغزَالِيِّ، وَدفنَ عِنْدَ شَيْخِهِ القُطْبِ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيُّ، وَالضِّيَاءُ، وَالزَّيْنُ خَالِدٌ، وَالقُوْصِيُّ، وَابْنُ العَدِيْمِ، وَالتَّاجُ عَبْدُ الوَهَّابِ ابْنُ زَينِ الأُمَنَاءِ، وَالقَاضِي كَمَالُ الدِّيْنِ إِسْحَاقُ بنُ خَلِيْلٍ الشَّيْبَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَسَمِعنَا بِإِجَازتِهِ مِنْ عُمَرَ ابْنِ القَوَّاسِ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّيْنِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، وَغَيْرُهُ.
وَفِيْهَا مَاتَ: الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ ظَفَرِ بنِ هُبَيْرَةَ، وَصَالِحُ بنُ القَاسِمِ بنِ كَوّر، وَالحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى بنِ أَبِي الرَّدَّادِ المِصْرِيُّ، وَأَكْمَلُ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ العَلَوِيُّ الكَرْخِيُّ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بنُ المُبَارَكِ البَرْدَغولِيُّ، وَصَاحِبُ الغَرْبِ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ.
128 - صَاحِبُ توريزَ أُزبكُ بنُ مُحَمَّدٍ البَهْلَوَانِ بنِ إِلْدُكُزَ *
السُّلْطَانُ، مُظَفَّرُ الدِّيْنِ، أُزبكُ (1) بنُ مُحَمَّد البَهْلَوَانِ بنِ إِلْدُكُز.
عَظُمَ أَمرُهُ لَمَّا قُتِلَ طُغْرِل، آخرَ سلاَطينِ السَّلْجُوْقيَّةِ، وَامتدَّتْ أَيَّامُهُ، وَكَانَ مُنْهَمِكاً فِي الشُّرْبِ وَاللَّذَاتِ، فَنَازَلَتْهُ المُغلُ، فَصَانَعهُم، وَبَذَلَ لَهُم الأَمْوَالَ، فَسكتُوا عَنْهُ، ثُمَّ ضَايقُوا الخُوَارِزْمِيَّةَ، وَقَالُوا لَهُ: اقتُل مَنْ عِنْدَكَ مِنَ الخُوَارِزْمِيَّةِ، فَفَعَلَ، وَكَانَ تَزَوَّجَ بِبنتِ السُّلْطَانِ طُغْرِلَ، وَجَرَتْ لَهُ
__________
(*) توريز، هي تبريز المشهورة، وأخبار أزبك هذا في كتب التاريخ المستوعبة لعصره مثل " الكامل " لابن الأثير، وسيرة السلطان جلال الدين منكوبري للنسوي، فانظر تاريخ ابن الأثير خاصة 12 / 432 - 437 (ط. بيروت) .
(1) ويقال فيه " أوزبك ".(22/190)
أُمُوْرٌ، ثُمَّ دَهَمَهُ خُوَارِزْم شَاه جَلاَلُ الدِّيْنِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى أَذْرَبِيْجَانَ، وَعظُمَ سُلْطَانُهُ، فَهَرَبَ أُزبكُ إِلَى كَنْجَةَ، فَتزوَّجَ خُوَارِزْم شَاه بابْنَةِ السُّلْطَانِ، حَكَمَ لَهُ القَاضِي بوُقُوْعِ طلاَقِ أُزبكَ لَهَا، ثُمَّ هَرَبَ أُزبكُ مِنْهُ إِلَى بَعْضِ القِلاعِ، وَهَلَكَ، وَتلاشَى أَمرُهُ، وَكَانَ أَبُوْهُ ملكاً أَيْضاً.
129 - البَرْدَغُولِيُّ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ المُبَارَكِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، المُعَمَّرُ، أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ المُبَارَكِ بنِ أَبِي الغَنَائِمِ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، العَتَّابِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ البَرْدَغُولِيِّ.
شيخٌ، صَدُوْقٌ، مُتَيَقِّظٌ، مُسِنٌّ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ الطَّلاَّيَةِ الزَّاهِدِ، وَوَاثقِ بنِ تَمَّامٍ، وَعَبْدِ الخَالِقِ اليُوْسُفِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالبِرْزَالِيُّ، وَجمَالُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَرَجِ ابْن الدَّبَّابِ، عِنْدَهُ عَنْهُ (جزءُ ابْنِ الطَّلاَّيَةِ) .
تُوُفِّيَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
130 - ابْنُ صِرْمَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَزَجِيُّ **
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ ابْنِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 143 (باريس 5922) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 1915، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 264 (باريس 1582) ، والمختصر المحتاج إليه، الورقة 77، والنجوم الزاهرة: 6 / 257.
(* *) التقييد لابن نقطة، الورقة 47، وتكملة المنذري: 3 / 1988، وتاريخ الإسلام، الورقة: 2 / (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 82، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 226، =(22/191)
أَحْمَدَ بنِ صِرْمَا الأَزَجِيُّ، المُشْتَرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ ظَنّاً.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيِّ كِتَابَ (المَصَاحِفِ) ، وَ (صفَة المُنَافِقِ) ، وَ (المهروَانِيَّات) ، وَالتَّاسعَ مِنْ (فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ) لِلدَّارَقُطنِيِّ، وَالأَوَّلَ مِنْ (صَحِيْحِهِ) ، وَ (جُزْء ابْن شَاهِيْنَ) ، وَالثَّالِثَ مِنَ (الحَرْبيَّاتِ) .
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ الطَّلاَّيَةِ، وَعَبْدِ الخَالِقِ اليُوْسُفِيِّ، وَابْنِ نَاصِرٍ، وَسَعِيْدِ ابْنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي الوَقْتِ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاءُ، وَالدُّبَيْثِيُّ، وَمَكِّيُّ بنُ بَشَرٍ (1) ، وَالكَمَالُ الفُوَيْرِه، وَالجمَالُ مُحَمَّد ابْن الدَّبَّابِ، وَالشِّهَابُ الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
سمِعنَا مِنْ طرِيقِهِ (نُسْخَة) يَحْيَى بن مَعِيْنٍ، وَخَرَّجَ لَهُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ بُوْرندَاز (أَرْبَعِيْنَ) سَمِعَهَا مِنْهُ الكَمَالُ الفُوَيْرِه.
131 - النَّاصِرُ لِدِيْنِ اللهِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابنُ المُسْتَضِيْءِ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ المُسْتَضِيْءِ بِأَمْرِ اللهِ أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ
__________
= والنجوم الزاهرة: 6 / 260، وشذرات الذهب: 5 / 94. وله ذكر في كتاب منتخب المختار للفاسي: 94.
(1) بفتح الباء الموحدة والشين المعجمة.
(*) سيرته مشهورة في كتب التاريخ وانظر تلقيح ابن الجوزي، الورقة 26 فما بعد، رحلة ابن جبير: 206، والكامل لابن الأثير: 12 / 108 - 181، والنبراس لابن دحية: 164، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة 168 - 170، والتاريخ المظفري لابن أبي الدم، الورقة 211 فما بعد، وتاريخ بغداد للبنداري، الورقة 28 - 29 والتاريخ المنصوري (في مواضع متعددة) ، ومرآة الزمان: 8 / 635، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2070، ومختصر ابن العبري: 237 =(22/192)
ابْنِ المُسْتَنْجِدِ بِاللهِ يُوْسُفَ ابْنِ المُقْتَفِي مُحَمَّدٍ ابْنِ المُسْتَظْهِرِ بِاللهِ أَحْمَدَ ابْنِ المُقْتَدِي الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي عَاشرِ رَجَبٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَبُوْيِعَ فِي أَوَّلِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ، وَكَانَ أَبْيَضَ، مُعْتَدِلَ القَامَةِ، تُرْكِيَّ الوَجْهِ، مليحَ العَينَيْنِ، أَنورَ الجبهَةِ، أَقنَى الأَنفِ، خفِيفَ العَارضَينِ، أَشقرَ (1) ، رقيقَ المَحَاسِنِ، نَقْشَ خَاتَمِهِ: رجَائِي مِنَ اللهِ عَفْوُهُ.
وأَجَاز لَهُ: أَبُو الحُسَيْنِ اليُوْسُفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَسَاكِرَ البَطَائِحِيُّ، وَشُهْدَةُ الكَاتِبَةُ، وَطَائِفَةٌ.
وَقَدْ أَجَازَ لجَمَاعَةٍ مِنَ الأَئِمَّةِ وَالكُبَرَاءِ، فَكَانُوا يُحَدِّثُونَ عَنْهُ فِي أَيَّامِهِ، وَيَتنَافسُوْنَ فِي ذَلِكَ، وَيَتفَاخرُوْنَ بِالوَهْمِ.
وَلَمْ يَلِ الخِلاَفَةَ أَحَدٌ أَطولَ دَوْلَةٍ مِنْهُ، لَكِنَّ صَاحِبَ مِصْرَ المُسْتَنْصِرَ العُبَيْدِيِّ وَلِيَ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَكَذَا وَلِيَ الأَنْدَلُسَ النَّاصِرُ المَرْوَانِيُّ خَمْسِيْنَ سَنَةً.
كَانَ أَبُوْهُ المُسْتَضِيْءُ قَدْ تَخوَّفَ مِنْهُ، فَحَبَسَهُ، وَمَالَ إِلَى أَخِيْهِ أَبِي
__________
= ومفرج الكروب: 4 / 163 فما بعدها، ومختصر أبي الفداء: 3 / 142 - 143، وتاريخ الإسلام للذهبي، حوادث سنة 622 هـ، والورقة 10 - 15 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 87 - 88، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 179 - 180، ومستدركه لا ستاذنا العلامة مصطفى جواد: 34، ودول الإسلام: 2 / 95، والوافي بالوفيات، 6 / 310 - 316، ونكت الهميان: 93 - 96، وفوات الوفيات: 1 / 62، والاكتفاء لابن نباتة، الورقة 99 فما بعد، والبداية والنهاية: 13 / 106 - 107، والعقد الثمين 2 / الورقة 6، والسلوك للمقريزي: 1 / 1 / 217 - 218، والنجوم الزاهرة: 6 / 261 - 262 والمنهل الصافي 1 / 264 وسلم الوصول لحاجي خليفة، الورقة 76، وشذرات الذهب: 5 / 97 - 99، وعيون الاخبار للصديقي، الورقة 158 - 159.
(1) يعني: أشقر للحية، كما في تاريخ الإسلام وغيره.(22/193)
مَنْصُوْرٍ، وَكَانَ ابْنُ العَطَّارِ وَكُبَرَاءُ الدَّوْلَةِ مَيْلُهُم إِلَى أَبِي مَنْصُوْرٍ، وَكَانَتْ حَظِيَّةُ المُسْتَضِيْءِ بَنَفْشَا وَالمَجْدُ ابْنُ الصَّاحِبِ، وَطَائِفَةٌ مَعَ أَبِي العَبَّاسِ، فَلَمَّا بُوْيِعَ، قُبِضَ عَلَى ابْنِ العَطَّارِ، وَأُهْلِكَ، فَسُحِبَ فِي الشَّوَرَاعِ مَيْتاً، وَطَغَى ابْنُ الصَّاحِبِ إِلَى أَنْ قُتِلَ.
قَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ: كَانَ النَّاصِرُ شَابّاً مَرِحاً، عِنْدَهُ مَيْعَةُ الشَّبَابِ، يَشقُّ الدُّروبَ وَالأَسواقَ أَكْثَرَ اللَّيْلِ، وَالنَّاسُ يَتهيَّبُوْنَ لُقيَاهُ، وَظَهرَ الرَّفضُ بِسَبَبِ ابْنِ الصَّاحبِ، ثُمَّ انْطفَأَ بِهَلاَكِه، وَظهرَ التَّسَنُّنُ (1) ، ثُمَّ زَالَ، وَظَهرتِ الفُتوّةُ وَالبُندق وَالحَمام الهَادِي، وَتَفَنَّن النَّاسُ فِي ذَلِكَ، وَدَخَلَ فِيْهِ الأَجلاَّء ثُمَّ المُلُوْكُ، فَأُلْبِسَ العَادلُ وَأَوْلاَده سرَاويل الفُتوّة، وَشِهَاب الدِّيْنِ الغُوْرِيّ صَاحِب غَزْنَةَ وَالهِنْد (2) وَالأَتَابَك سَعْد صَاحِب شيرَاز، وَتَخوّف الدِّيْوَان مِنَ السُّلْطَانِ طُغْرِيْلَ، وَجَرَتْ مَعَهُ حُرُوْبٌ وَخُطُوبٌ، ثُمَّ اسْتدعُوا خُوَارِزْمشَاه تُكُش لِحَرْبِهِ، فَالتقَاهُ عَلَى الرَّيِّ، وَاحتزَّ رَأْسَه، وَنفذه إِلَى بَغْدَادَ، ثُمَّ تَقدّمَ تُكُشُ نَحْوَ بَغْدَادَ يَطلبُ رُسُومَ السَّلطنَةِ، فَتحرّكتْ عَلَيْهِ أُمَّةُ الخَطَا، فَردّ إِلَى خُوَارِزْم وَمَاتَ، وَقَدْ خطبَ النَّاصِر بِوِلاَيَةِ العَهْد لوَلَده الأَكْبَر أَبِي نَصْرٍ، ثُمَّ ضيّق عَلَيْهِ لِما اسْتشعر مِنْهُ وَعيّن أَخَاهُ، وَأُخِذَ خطّ بِاعترَاف أَبِي نَصْرٍ بِالعجز، أفسد مَا بَيْنهُمَا النّصيْر بن مَهْدِيٍّ الوَزِيْر، وَأَفسد قُلُوْب الرَّعِيَّة وَالجُنْد عَلَى النَّاصِر وَبغّضه إِلَى المُلُوْك، وَزَادَ الفسَاد، ثُمَّ قُبِض عَلَى الوَزِيْر، وَتَمَكَّنَ بِخُرَاسَانَ خُوَارِزْمشَاه مُحَمَّدُ بنُ تَكِشّ وَتَجبّر وَاسْتَعْبَد المُلُوْك وَأَبَاد الأُمَم مِنَ التّرك وَالخَطَا، وَظلم وَعسف (3) ، وَقطع خطبَة النَّاصِر مِنْ بلاَده، وَنَال مِنْهُ،
__________
(1) بعد هذا في تاريخ الإسلام، والوافي للصفدي الذي ينقل منه: " المفرط ".
(2) في تاريخ الإسلام والوافي بعد هذا: " وصاحب كيش وأتابك سعد صاحب شيراز والملك الظاهر صاحب حلب ".
(3) في تاريخ الإسلام: " وأساء إلى باقي الأمم الذين لم يصل إليهم سيفه ورهبه الناس كلهم ".(22/194)
وَقصد بَغْدَاد، وَوصل بوَادره إِلَى حُلْوَان فَأَهْلكهُم بِبَلْخَ، دَام عِشْرِيْنَ يَوْماً وَاتعظُوا بِذَلِكَ، وَجَمَعَ النَّاصِر الجَيْش، وَأَنفق الأَمْوَال،
وَاسْتعدّ، فَجَاءتِ الأَخْبَار أَنَّ التّرك قَدْ حشدُوا، وَطمعُوا فِي البِلاَد، فَكرّ إِلَيْهِم (1) وَقصدهُم فَقصدُوْهُ وَكثروهُ إِلَى أَنْ مزّقوهُ (2) ، وَبلبلُوا لُبّه وَشتّتُوا شَمله، وَملكُوا الأَقطَار، وَصَارَ أَيْنَ تَوجّه وَجد سيوفهُم متحكمَةً فِيْهِ، وَتَقَاذفتْ بِهِ البِلاَد، فَشرّق وَغرّب، وَأَنجد وَأَسهل، وَأَصحر وَأَجبل، وَالرّعب قَدْ زَلْزَلَ لُبَّهُ، فَعند ذَلِكَ قَضَى نَحْبَه.
قُلْتُ: جَرَى لَهُ وَلابْنِهِ منكوبرتي عَجَائِب وَسيرٌ، وَذَلِكَ عِنْدِي فِي مُجَلَّد أَلّفه النَّسَوِيّ كَاتِب الإِنشَاء (3) .
قَالَ المُوَفَّقُ: وَكَانَ الشَّيْخ شِهَاب الدِّيْنِ السُّهْرَوَرْدِيّ لَمّا ذهب فِي الرِّسَالَة خَاطب خُوَارِزْم شَاه مُحَمَّداً بِكُلِّ قَوْل، وَلاَطفه، وَلاَ يَزدَاد إِلاَّ عتُوّاً (4) ، وَلَمْ يَزَلِ النَّاصِر فِي عزّ وَقمع الأَعْدَاء، وَلاَ خَرَجَ عَلَيْهِ خَارِجِيّ إِلاَّ قمعه، وَلاَ مخَالف إِلاَّ دَمَغَهُ، وَلاَ عَدو إِلاَّ خذل، كَانَ شَدِيد الاهتمَام بِالملك، لاَ يَخفَى عَلَيْهِ كَبِيْر شَيْء مِنْ أُمُوْر رَعيته، أَصْحَاب أَخْبَاره فِي البِلاَد، حَتَّى كَأَنَّهُ شَاهِد جَمِيْع البِلاَد دفعَة وَاحِدَة، كَانَتْ لَهُ حيل لطيفَة، وَخدع لاَ يَفطُنُ إِلَيْهَا أَحَد، يُوقع صدَاقَة بَيْنَ مُلُوْك متعَادِيْنَ، وَيوقع عدَاوَة بَيْنَ مُلُوْك متوَادِّيْنَ وَلاَ يَفطنُوْنَ ... ،
__________
(1) يعني خوارزمشاه.
(2) في تاريخ الإسلام: " فقصدهم فقصدوه ثم كايدوه وكاثروه ".
(3) هو شهاب الدين محمد بن أحمد النسوي، وكتابه هو " سيرة السلطان جلال الدين منكوبري " كتبه بعد سنة 639 ونشره حافظ حمدي بالقاهرة سنة 1953 م.
(4) في تاريخ الإسلام: " إلا طغيانا وعتوا " والذهبي - كما هو معروف يتصرف -.(22/195)
إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَمَّا دَخَلَ رَسُوْل صَاحِب مَازندرَان (1) بَغْدَادَ كَانَتْ تَأتيه كُلّ صبَاح وَرقَة بِمَا فَعل فِي اللَّيْلِ فَصَارَ يُبَالِغ فِي التَّكتم، وَاختلَى لَيْلَة بِامْرَأَة فَصبحته وَرقَة بِذَلِكَ، فَتحيّر، وَخَرَجَ لاَ يَرتَاب أَنَّ الخَلِيْفَة يَعلم الغِيب.
قُلْتُ: أَظنّه كَانَ مخدوماً مِنَ الجِنّ (2) .
قَالَ: وَأَتَى رَسُوْل خُوَارِزْم شَاه برِسَالَة مخفِيَّة وَكِتَاب مختُوْم، فَقِيْل: ارْجِع فَقَدْ عرفنَا مَا جِئْت بِهِ!
فَرَجَعَ وَهُوَ يظنّ أَنَّ النَّاصِر وَلِي للهِ، وَجَاءَ مرَّة رَسُوْل لخُوَارِزْم شَاه فَحُبِسَ أَشهراً ثُمَّ أُعْطِي عَشْرَة آلاَف دِيْنَار فَذَهَبَ وَصَارَ منَاصحاً لِلْخَلِيْفَة، وَبَعَثَ قَاصداً يَكشف لَهُ عَسْكَر خُوَارِزْم شَاه، فَشوّه وَجهه وَتَجَانَنَ، وَأَنَّهُ ضَاع حِمَاره، فَسخرُوا مِنْهُ، وَضحكُوا، وَتردد بَيْنهُم أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، ثُمَّ رَدّ إِلَى بَغْدَادَ، وَقَالَ: القَوْمُ مائَة وَتِسْعُوْنَ أَلْفاً، يَزِيدُوْنَ أَلْفاً أَوْ يَنقصُوْنَ.
وَكَانَ النَّاصِر إِذَا أَطعم أَشبع، وَإِذَا ضَرَبَ أَوجع؛ وَصل رَجُل بِبّغَاء تَقرَأ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَد} هديَّة لِلنَّاصِر، فَأَصْبَحت مِيتَة وَحزن فَأَتَاهُ فرَاش يَطلب الببّغَاء فَبَكَى، وَقَالَ: مَاتَتْ.
قَالَ: عرفنَا، فَهَاتهَا ميتَة، وَقَالَ: كَمْ كَانَ أَمَلكَ؟
قَالَ: خَمْس مائَة دِيْنَارٍ.
قَالَ: خُذهَا، فَقَدْ بعثَهَا إِلَيْك أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ، فَإِنَّهُ عَالِم بِأَمرك مُنْذُ خَرَجت مِنَ الهِنْد!
وَكَانَ صدرجهَان قَدْ قَدِمَ بَغْدَادَ فِي جَمع مِنَ الفُقَهَاء، فَقَالَ وَاحِد مِنْهُم عَنْ فَرسه: لاَ يَقدر الخَلِيْفَة أَنْ يَأْخذهَا مِنِّي؛ قَالَ ذَلِكَ فِي سَمَرْقَنْد، وَعرف النَّاصِر، فَأَمر بَعْض الزّبّالين أَنْ يَتعرض لَهُ وَيَضربه وَيَأْخذ الْفرس مِنْهُ بِبَغْدَادَ، وَيهرب بِهَا فِي الزّحمَة، فَفَعَل، فَجَاءَ الفَقِيْه إِلَى الأَبْوَاب يَسْتَغِيث وَلاَ يُغَاث، فَلَمَّا رَجَعُوا مِنَ الحَجّ خُلِعَ عَلَى صدرجهَان
__________
(1) في الأصل: " مازندان "، والتصحيح من خطه في " تاريخ الإسلام ".
(2) كذا قال الذهبي، وهو تفسير ساذج غيبي، وما أدرك شدة عناية الناصر بالمخابرات واكثاره من الجواسيس فقال هذه القالة.(22/196)
وَأَصْحَابه سِوَى ذَلِكَ الفَقِيْه، ثُمَّ بَعْد خُلِعَ عَلَيْهِ، وَقدّمت لَهُ فَرسه وَعَلَيْهَا سرج مُذَهَّب، وَقِيْلَ لَهُ: لَمْ يَأْخُذْ فَرسك الخَلِيْفَة، إِنَّمَا أَخَذَهَا زبّال، فَغُشِيَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: مَا تَحْتَ هَذَا الفِعْل طَائِل، فُكُلُّ مَخْدُومِ وَكَاهن يَتَأَتى لَهُ أَضعَاف ذَلِكَ (1) .
قَالَ المُوَفَّقُ عَبْد اللَّطِيْفِ: وَفِي وَسط وِلاَيته اشْتَغَل برِوَايَة الحَدِيْث، وَاسْتنَاب نُوَاباً يَروون عَنْهُ، وَأَجرَى عَلَيْهِم جرَايَات، وَكَتَبَ لِلمُلُوْك وَالعُلَمَاء إِجَازَات، وَجَمَعَ كِتَاباً سَبْعِيْنَ حَدِيْثاً وَصل عَلَى يَد السُّهْرَوَرْدِيّ إِلَى حَلَب فَسَمِعَهُ الظَّاهِر، وَجمَاهير الدَّوْلَة وَشرخته، وَسَبَب مَيْله إِلَى الرِّوَايَة أَن قَاضِي القُضَاةِ العَبَّاسِيّ نُسِبَ إِلَيْهِ تَزوير فَأَحضروهُ وَثَلاَثَة مِنَ الشُّهُود، فَعزّر القَاضِي بتخرِيق عِمَامَته، وَطيف بِالثَّلاَثَة عَلَى جَمَال بِالذّرة، فَمَاتَ أَحَدهُم لَيْلَتَئِذٍ وَالآخر لبس لبس الفُسَّاق، وَالثَّالِث اخْتفَى وَهُوَ المُحَدِّثُ البَنْدَنِيْجِيّ رفِيقُنَا، وَاحتَاج وَبَاع فِي كُتُبِه فَوَجَد فِي الجزَاز إِجَازَة لِلنَاصِر مِنْ مَشَايِخ بَغْدَاد، فَرفعهَا إِلَيْهِ، فَخُلِع عَلَيْهِ وَأعْطي مائَة دِيْنَارٍ، ثُمَّ جُعِلَ وَكِيْلاً عَنِ النَّاصِر فِي الإِجَازَة وَالتّسمِيْع (2) .
قُلْتُ: مِمَّنْ يَرْوِي عَنِ النَّاصِر بِالإِجَازَةِ عَبْد الوَهَّابِ بن سُكَيْنَة، وَابْن الأَخْضَرِ، وَقَاضِي القُضَاةِ ابْن الدَّامَغَانِيّ، وَوَلِي العَهْد، وَالملك العَادل، وَبنوهُ، وَشيخَانَا؛ مَحْمُوْد الزَّنْجَانِيّ، وَالمِقْدَاد القَيْسِيّ.
__________
(1) انظر ما علقنا قبل قليل.
(2) هذا تفسير ساذج من الموفق لسبب عناية الناصر لدين الله برواية الحديث، ومانشك أن وراءها مقاصد سياسية أعظمها كسب الرأي العام وتثبيت قدسية الخلافة في نفوس الناس وملوك الاطراف.(22/197)
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: شرّفنِي النَّاصِر بِالإِجَازَةِ، وَرويت عَنْهُ بِالحَرَمَيْنِ وَدِمَشْق وَالقُدْس وَحَلَب وَبَغْدَاد وَأَصْبَهَان وَنَيْسَابُوْر وَمرو وَهَمَذَان.
قَالَ المُوَفَّقُ: وَأَقَامَ مُدَّة يُرَاسل جَلاَل الدِّيْنِ الصَّبَّاحِيّ صَاحِب الأَلموت يرَاوده أَنْ يَعيد شعَار الإِسْلاَم مِنَ الصَّلاَةِ وَالصّيَام مِمَّا تركوهُ فِي زَمَان سنَان، وَيَقُوْلُ لَهُم: إِنَّكُم إِذَا فَعَلتُم ذَلِكَ كُنَّا يَداً وَاحِدَة، وَاتّفقَ أَنَّ رَسُوْلَ خُوَارِزْم شَاه قَدِمَ فَزوّر عَلَى لِسَانه كتب فِي حق الملاَحدَة تَشتمل عَلَى الْوَعيد، وَعَزْم الإِيقَاع بِهِم، وَأَنَّهُ يَخرّب قلاعهُم وَيطلب مِنَ النَّاصِر المعونَة، وَأُحضر رَجُل مِنْهُم كَانَ قَاطناً بِبَغْدَادَ وَوقِّفَ عَلَى الكُتُب، وَأُخْرِج بِهَا وَبكُتُب مِنَ النَّاصِر عَلَى وَجه النّصح نِصْف اللَّيْل عَلَى البَرِيْدِ، فَقَدِم الأَلموت فَأَرهبهُم فَتظَاهِرُوا بِالإِسْلاَمِ وَإِقَامَة الشّعَار (1) ، وَبعثَوا رَسُوْلاً مَعَهُ مائَتَا شَابّ وَدَنَانِيْر كِبَاراً عَلَيْهَا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله مُحَمَّد رَسُوْل اللهِ، وَطَافَ المائَتَانِ بِهَا يَعلنُوْنَ بِالشهَادتين.
وَكَانَ (2) النَّاصِر قَدْ ملأَ القُلُوْب هَيْبَة وَخيفَة، حَتَّى كَانَ يَرهبه أَهْل الهِنْد، وَأَهْل مِصْرَ، فَأَحيَى هَيْبَة الخِلاَفَة.
لَقَدْ كُنْت بِمِصْرَ وَبِالشَّام فِي خلوَات المُلُوْك وَالأَكَابِر إِذَا جَرَى ذَكَرَهُ خفضُوا أَصوَاتهُم إِجلاَلاَ لَهُ.
وَردَ بَغْدَاد تَاجر مَعَهُ مَتَاع دِمْيَاط المُذَهَّب، فَسَأَلُوْهُ عَنْهُ فَأَخفَاهُ فَأُعْطِي علاَمَات فِيْهِ مِنْ عدده وَأَلوَانه وَأَصْنَافه، فَازدَاد إِنْكَاره، فَقِيْلَ لَهُ: مِنَ العلاَمَات أَنَّك نَقمْت عَلَى مَمْلُوْكك فُلاَن التُّرْكِيّ فَأَخَذتهُ إِلَى سَيْف (3) بَحر دِمْيَاط وَقتلته، وَدفنته هُنَاكَ خلوَة.
__________
(1) قد نوهنا في ترجمة جلال الدين إلى أن إقامته شعائر الإسلام إنما كان لأغراض سياسية بحتة، لذلك نعته الذهبي في غير هذا الموضع بلقب " ضلال الدين " بدلا من " جلال الدين ".
(2) الكلام للموفق عبد اللطيف.
(3) السيف - بكسر السين -: الساحل.(22/198)
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: دَانت لِلنَاصِر السَّلاَطِيْن، وَدَخَلَ تَحْتَ طَاعته المخَالفُوْنَ، وَذلَّت لَهُ العُتَاة، وَانقهرت بِسَيْفِهِ البُغَاة، وَاندحض أَضدَاده، وَفتح البِلاَد العَدِيْدَة، وَملك مَا لَمْ يَملكه غَيْرُه، وَخُطِبَ لَهُ بِالأَنْدَلُسِ وَبِالصّين، وَكَانَ أَسد بَنِي العَبَّاسِ تَتصدَّع لِهَيْبَتِهِ الجِبَال، وَتذل لسطوته الأَقيَال، وَكَانَ حَسَنَ الْخلق أَطيف الخُلق، كَامِل الظّرف، فَصِيْحاً، بَلِيْغاً، لَهُ التَّوقيعَات المُسَدّدَة وَالكَلِمَاتَ المُؤيدَة، كَانَتْ أَيَّامه غرَّة فِي وَجه الدَّهْر، وَدرَة فِي تَاج الفَخْر (1) .
حَدَّثَنِي الحَاجِب عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: برزَ مِنْهُ تَوقيع إِلَى صدْر الْمخزن (2) جَلاَل الدِّيْنِ ابْن يُوْنُسَ: لاَ يَنْبَغِي لأَربَاب هَذَا المقَام أَنْ يُقْدِمُوا عَلَى أَمْر لَمْ يَنظرُوا فِي عَاقبته، فَإِنَّ النَّظَر قَبْل الإِقدَام خَيْر مِنَ النّدم بَعْد الفوَات، وَلاَ يُؤْخَذ البرَآء بِقَوْل الأَعْدَاء، فَلكل نَاصِح كَاشح، وَلاَ يُطَالب بِالأَمْوَال مَنْ لَمْ يَخن فِي الأَعْمَال، فَإِنَّ المصَادرَة مكَافَأَة لِلظَالِمِين، وَليكن العفَاف وَالتُّقَى رَقِيبَيْنِ عَلَيْك.
وَبَرَزَ مِنْهُ تَوقيع: قَدْ تَكرّر تَقدّمنَا إِلَيْك مِمَّا افْترضه الله عَلَيْنَا وَيلزمنَا القِيَام بِهِ كَيْفَ يُهْمَل حَالُ النَّاس حَتَّى تَم عَلَيْهِم مَا قَدْ بُيِّنَ فِي باطنهَا، فَتنصْف الرَّجُل وَتقَابل العَامِل إِنْ لَمْ يَفْلُج بِحجَّة شرعيَة.
قَالَ القَاضِي ابْنُ وَاصِلٍ (3) : كَانَ النَّاصِر شَهْماً شُجَاعاً ذَا فَكرَة صَائِبَة وَعقل رَصِين وَمكر وَدَهَاء، وَكَانَتْ هَيْبَته عَظِيْمَة جِدّاً، وَلَهُ أَصْحَاب أَخْبَار بِالعِرَاقِ وَسَائِر الأَطرَاف يطَالعونه بجزِيئَات الأُمُوْر (4) حَتَّى ذُكِرَ أَنَّ رَجُلاً بِبَغْدادَ
__________
(1) في الأصل: " الفجر " وليس بشيء، والتصحيح من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام ".
(2) صدر المخزن: يشبه وزير المالية في عصرنا، أو مدير الخزانة.
(3) مفرج الكروب: 4 / 163 بتصرف - على عادته.
(4) " وكلياتها " كما في مفرج الكروب.(22/199)
عَمل دَعْوَة وَغسل يَده قَبْل أَضيَافه فَطَالعه صَاحِب الخَبَر، فَكَتَبَ (1) فِي جَوَاب ذَلِكَ: سوء أَدب مِنْ صَاحِب الدَّار وَفضول مِنْ كَاتِب المُطَالَعَة.
قَالَ: وَكَانَ رَدِيْءَ السّيرَة فِي الرَّعِيَّةِ، مَائِلاً إِلَى الظّلم وَالعسف، فَخربت فِي أَيَّامِهِ العِرَاق وَتَفرَّق أَهْلهَا وَأَخَذَ أَملاَكهُم، وَكَانَ يَفعل أَفعَالاً متضَادَّة، وَيَتشيع بِخلاَف آبَائِهِ (3) .
قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَرَى صِحَّة خِلاَفَة يَزِيْد، فَأَحضره ليعَاقبه، فَسَأَلَهُ: مَا تَقُوْلُ فِي خِلاَفَةِ يَزِيْد؟
قَالَ: أَنَا أَقُوْل لاَ يَنعزل بارتكَاب الفِسْق، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَأَمر بِإِطلاَقه، وَخَافَ مِنَ المحَاققَة.
قَالَ (4) : وَسُئِلَ ابْنُ الجَوْزِيِّ وَالخَلِيْفَة يسمع: مَنْ أَفْضَلِ النَّاس بَعْد رَسُوْل اللهِ (5) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
قَالَ: أَفْضَلهُم بَعْدَهُ مَنْ كَانَتْ بِنْته تَحْته.
وَهَذَا جَوَاب جَيِّد يَصدق عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعَلَى عليّ.
قِيْلَ (6) : كَتَبَ إِلَى النَّاصِر خَادم اسْمه يُمن يَتعتب، فَوَقَعَ فِيْهَا (7) : بِمَنْ يَمُنّ يُمْن، ثَمَنُ يُمْنٍ ثُمْن) (8) .
__________
(1) يعني الناصر.
(2) مفرج الكروب 4 / 163.
(3) قوله يتشيع بخلاف أبائه " نقل الذهبي معناها من مفرج الكروب بعد أزيد من صفحتين من كلامه السابق، قال ابن واصل: " وكان الناصر لدين الله يتشيع ويميل إلى مذهب الامامية، وهو خلاف ما كان عليه آباؤه من القادر إلى المستضئ فإنهم كانوا يذهبون مذهب السلف، وللقادر عقيدة مشهورة في ذلك ".
(4) مفرج الكروب: 4 / 166 - 167.
(5) كانت غاية السائل أن يجيب ابن الجوزي صريحا بما يخالف رأي الخليفة، فأتى بهذا الامر الموهم خوفا منه.
(6) مفرج الكروب: 4 / 170.
(7) كتب الخليفة التوقيع من غير نقط، وهذا هو المقصود من الحكاية، لأنها استعصت على جماعة بسبب تشابه الصورة وعدم النقط.
(8) يضيف بعضهم إليها صورة أخرى فتكون " ثمن ثمن " بدل " الثمن "، كما في الوافي =(22/200)
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (1) : قل بصر النَّاصِر فِي الآخَرِ، وَقِيْلَ: ذهب جُمْلَةً، وَكَانَ خَادمه رَشِيق قَدِ اسْتولَى عَلَى الخِلاَفَة، وَبَقِيَ يُوقع عَنْهُ، وَكَانَ بِالخَلِيْفَة أَمرَاض مِنْهَا عسر الْبَوْل وَالحصَى، فَشَقَّ ذكرهُ مرَاراً وَمآل أَمره مِنْهُ كَانَ المَوْت.
قَالَ: وَغسّله خَالِي مُحْيِي الدِّيْنِ.
قَالَ المُوَفَّقُ عَبْد اللَّطِيْفِ: أَمَا مرض مَوْته فَسهوٌ وَنسيَان؛ بَقِيَ بِهِ سِتَّة أَشْهُرٍ وَلَمْ يَشعر أَحَد مِنَ الرَّعِيَّةِ بكُنه حَاله حَتَّى خفِي عَلَى الوَزِيْر وَأَهْل الدَّار، وَكَانَ لَهُ جَارِيَة قَدْ علّمهَا الخطّ بِنَفْسِهِ، فَكَانَتْ تَكتب مِثْل خطّه، فَكَانَتْ تَكتب عَلَى التَّواقيع بِمشُوْرَة القهرمَانَة، وَفِي أَثْنَاء ذَلِكَ نَزل جَلاَل الدِّيْنِ مُحَمَّد بن تَكِشّ خُوَارِزْمشَاه عَلَى ضوَاحِي بَغْدَاد هَارباً منفضّاً مِنَ الرِّجَالِ وَالمَال وَالدّوَاب، فَأَفسد بِمَا وَصلت يَده إِلَيْهِ، فَكَانُوا يَدَارُوْنَهُ وَلاَ يُمضون فِيْهِ أَمر لغيبَة رَأْي النَّاصِر، ثُمَّ نهبَ دقوقا، وَرَاح إِلَى أَذْرَبِيْجَان.
نَقَلَ العَدْل شَمْس الدِّيْنِ الجَزَرِيّ فِي (تَارِيْخِهِ (2)) ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
سَمِعْتُ المُؤَيَّد ابْن العَلْقَمِيّ الوَزِيْر لَمَّا كَانَ عَلَى الأُسْتَاذ دَارِيَة يَقُوْلُ: إِنَّ المَاء الَّذِي يَشرَبُه الإِمَام النَّاصِر كَانَ تَجِيْء بِهِ الدَّوَابّ مِنْ فَوْقَ بَغْدَاد بِسَبْعَة فَرَاسخ وَيغلَى سَبْع غلوَات ثُمَّ يحبس فِي الأَوعيَة أُسْبُوْعاً ثُمَّ يَشرب مِنْهُ، وَمَا مَاتَ حَتَّى سقِي المُرقد ثَلاَث مرَار وَشق ذَكَرَهُ، وَأُخْرِج مِنْهُ الحصَى.
وَقَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (3) : بَقِيَ النَّاصِر ثَلاَث سِنِيْنَ عَاطلاً عَنِ الحركَة
__________
= للصفدي: 6 / 315، وفي المطبوع من مفرج الكروب، لكنها في " مفرج الكروب " مضطربة بسبب المحققين.
(1) مرآة الزمان: 8 / 635.
(2) هو كتاب " حوادث الزمان وأنبائه ووفيات الأكابر والأعيان من أبنائه "، وقد اختصر الذهبي هذا القسم من تاريخه، ووصل الينا هذا المختصر بخطه.
(3) الكامل: 12 / 440 (بيروت) .(22/201)
بِالكليَّة، وَقَدْ ذَهَبت إِحْدَى عينِيه (1) ، وَفِي الآخَرِ أَصَابه دوسنطَارِيَا (2) عِشْرِيْنَ يَوْماً وَمَاتَ، وَمَا أَطلق فِي مَرَضِهِ شَيْئاً مِمَّا كَانَ أَحَدثه مِنَ الرّسوم.
قَالَ: وَكَانَ سَيِّئ السّيرَة، خرّب العِرَاق فِي أَيَّامِهِ، وَتَفرَّق أَهْله فِي البِلاَد، وَأَخَذَ أَمْوَالهُم وَأَملاَكهُم ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَجَعَلَ همّه فِي رمِي الْبُنْدُق وَالطيور المنَاسيب وَسرَاويلاَت الفتوَّة.
وَنَقَلَ الظّهير الكَازَرُوْنِيّ فِيمَا أَجَاز لَنَا (3) : إِنَّ النَّاصِر فِي وَسط خِلاَفَته همّ بِترك الخِلاَفَة وَبِالاَنقطَاع إِلَى التّعبد، وَكَتَبَ عَنْهُ ابْن الضَّحَّاك (4) تَوقيعَا قُرئ عَلَى الأَعيَان، وَبَنَى رِبَاطاً لِلْفُقَرَاء، وَاتَّخَذَ إِلَى جَانب الرِّبَاط دَاراً لِنَفْسِهِ كَانَ يَتردَّد إِلَيْهَا وَيَحَادث الصُّوْفِيَّة، وَعمِلَ لَهُ ثيَاباً كَبِيْرَة بزِيّ القَوْم.
قُلْتُ: ثُمَّ نبذ هَذَا وَملّ (5) .
وَمِنَ الحوَادث فِي دَوْلَته قدوم أَسرَى الفِرَنْج إِلَى بَغْدَادَ وَقَدْ هزمهُم صَلاَح الدِّيْنِ نَوْبَة مَرج العُيُون (6) ، وَمِنَ التّحف ضلع حوت طوله عَشْرَة أَذرع فِي عرض ذِرَاع، وَجَوَاهر مثمنَة.
وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي آخِرِ دَوْلَة المُسْتَضِيْء.
__________
(1) وتمام الخبر: " والاخرى يبصر بها إبصارا ضعيفا ".
(2) هو المعروف عندنا بالدزانتري.
(3) الظاهر أن الذهبي نقل ذلك من تاريخه الكبير، وليس من " المختصر " الذي حققه الدكتور مصطفى جواد (بغداد: 1370) ، فما وجدته فيه.
(4) هو عضد الدين أبو نصر المبارك بن الضحاك، كان أستاذ الدار العزيزة (رئيس الديوان الملكي أو الجمهوري على عصرنا) وليها سنة 606 وبقي فيها إلى حين وفاته سنة 627 (الجامع المختصر لابن الساعي: 9 / 285، وتلخيص ابن الفوطي: 4 / 1 / 450 وغيرهما) .
(5) قال بشار عواد: قد وقفت على هذا التوقيع في كتاب " أخبار الزهاد " لابن الساعي الذي اكتشفته في دار الكتب المصرية سنة 1385 / 1965، ونشرت عنه بحثا في مجلة المورد العراقية (العدد الثالث من السنة الثالثة: 1974) .
(6) مرج واسع بين نهر اليرموك وشقيف أرنون.(22/202)
وَأُهْلِك وَزِيْر العِرَاق ظَهِيْر الدِّيْنِ ابْن العَطَّار (1) فَعرفت الغوَغَاءُ بجِنَازَته فَرجمُوْهُ، فَهَرَبَ الحمَّالُوْنَ فَأُخْرِجَ مِنْ تَابوته، وَسُحب، فَتعرَّى مِنَ الأَكْفَان، وَطَافُوا بِهِ، نَسْأَل اللهَ السّتر، وَكَانَ جَبَّاراً عنِيْداً.
أَنْبَأَنِي عِزّ الدِّيْنِ ابْن البُزُوْرِيّ فِي (تَارِيْخِهِ (2)) ، قَالَ: حَكَى التَّيْمِيّ، قَالَ:
كُنْتُ بحضرَة ابْن العَطَّار، وَقَدْ وَرد عَلَيْهِ شَيْخ فَوَعَظَهُ بكَلاَم لطيف وَنَهَاهُ، فَقَالَ: أَخرجُوهُ الكَلْب سحباً، وَكرر ذَلِكَ، وَقِيْلَ: هُوَ الَّذِي دسّ البَاطِنِيَّة عَلَى الوَزِيْر عَضُد الدِّيْنِ ابْن رَئِيْس الرُّؤَسَاء حَتَّى قتلُوْهُ (3) ، وَبَقِيَ النَّاصِر يَرْكَب وَيَتصيّد.
وَفِي سَنَةِ 78 (4) : نَازل السُّلْطَان (5) المَوْصِل مُحَاصراً، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الخَلِيْفَة يَلُوْمه.
وَفِيْهَا: افْتَتَحَ صَاحِب الرُّوْم مدينَة لِلنَّصَارَى، وَافتَتَح صَلاَح الدِّيْنِ حَرَّان وَسَرُوج وَنَصِيْبِيْن وَالرَّقَّة وَالبيرَة (6) .
__________
(1) أبو بكر منصور بن نصر المعروف بابن العطار، وقد أخرج ميتا في ليلة الثامن عشر من ذي القعدة سنة 575 فانظر الكامل لابن الأثير: 11 / 459 - 460 (بيروت) .
(2) توفي ابن البزوري سنة 694، وقد ذكره الذهبي في معجم شيوخه (م 2 / الورقة: 28) وذكر أنه ذيل به على " المنتظم " لابن الجوزي فأفاد وأجاد، وقد ذهب أكثر هذا التاريخ في الوقعة الغازانية على دمشق سنة 699 وأفاد منه الذهبي في كتبه (وانظر تاريخ الإسلام، الورقة: 198 من نسخة حلب) .
(3) وذلك سنة 573 كما هو مشهور.
(4) يعني سنة 578 وسيتكرر مثل هذا.
(5) يعني صلاح الدين يوسف - رضي الله عنه - وانظر كامل ابن الأثير: 11 / 485 - 487.
(6) انظر العبر: 4 / 232.(22/203)
وَفِيْهَا (1) : تَفَتَّى النَّاصِرُ إِلَى عَبْدِ الجَبَّارِ (2) شَرفَ الفُتوَّةِ، وَكَانَ شُجَاعاً مَشْهُوْراً تَخَافُه الرِّجَالُ، ثُمَّ تَعبَّدَ وَاشْتهرَ، فَطَلَبَهُ النَّاصِرُ، وَتَفَتَّى إِلَيْهِ، وَجَعَلَ المُعَوَّل فِي شَرْعِ الفُتُوَّةِ عَلَيْهِ، وَبَقِيَ النَّاصِرُ يُلبِّسُ سَرَاويلَ الفُتُوَّةِ لِسلاَطينِ البِلاَدِ.
وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ: وَردَ كِتَابُ السُّلْطَانِ مِنْ إِنشَاءِ الفَاضِلِ فِيْهِ (3) : وَكَانَ الفِرَنْجُ قَدْ رَكِبُوا مِنَ الأَمْرِ نُكراً، وَافتَضُّوا مِنَ البَحْرِ بكْراً، وَشَحنُوا مَرَاكِبَ، وَضَرَبُوا بِهَا سوَاحلَ الحِجَازِ، وَظُنَّ أَنَّهَا السَّاعَةُ، وَانتظرَ المُسْلِمُوْنَ غَضبَ اللهِ لِبَيْتِه وَمَقَامِ خَلِيْلِه وَضَرِيْحِ نَبِيِّهِ، فَعَمَّرَ الأَخُ سَيْفُ الدِّيْنِ مَرَاكِبَ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَوَقَعَ عَلَيْهَا أَصْحَابُنَا، فَأُخِذتِ المَرَاكِبُ بِأَسرِهَا، وَفَرَّ فِرَنْجُهَا، فَسَلَكُوا فِي الجِبَالِ مَهَاوِيَ المَهَالِكِ، وَمَعَاطِن المَعَاطِبِ، وَرَكِبَ أَصْحَابُنَا وَرَاءهُم خَيل العَرَبِ يَقتُلُوْنَ وَيَأْسِرُوْنَ حَتَّى لَمْ يَترُكُوا مُخبِّراً {وَسِيْقَ الَّذِيْنَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً (4) } .
وَفِيْهَا (5) : تسلّم صَلاَحُ الدِّيْنِ حَلَبَ.
وَفِيْهَا: تَمَكَّنَ شِهَابُ الدِّيْنِ الغُوْرِيُّ، وَامتدَّ سُلْطَانُه إِلَى لهاور، وَحَاصَرَ بِهَا خسروشاه مِنْ وَلَدِ مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِيْنَ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ، فَأَكْرَمَهُ، ثُمَّ غَدرَ بِهِ.
وَبَعَثَ صَلاَحُ الدِّيْنِ تَقدمَةً إِلَى الدِّيْوَانِ مِنْهَا شَمْسَة يَعْنِي الجتْر (6) مِنْ
__________
(1) العبر: 4 / 232 أيضا.
(2) عبد الجبار بن يوسف البغدادي المتوفي سنة 583.
(3) انظر نص الكتاب: في الروضتين: 2 / 37 (ط. القاهرة الجديدة) .
(4) الزمر / 71 وانظر الكامل لابن الأثير: 11 / 495 - 496.
(5) الكامل: 11 / 496 - 498.
(6) لفظة فارسية تعني الشمسة، وانظر معجم دوزي: 2 / 143 " وفرهنك أفندراج ".(22/204)
رِيش الطَّوَاويس عَلَيْهَا أَلقَابُ المُسْتَنْصِرِ العُبَيْدِيِّ.
ثُمَّ نَازَلَ صَلاَحُ الدِّيْنِ الكَركَ (1) حَتَّى كَادَ أَنْ يَفتَحَهَا، ثُمَّ بَلَغَهُ تَحزّبُ الفِرَنْجِ عَلَيْهِ، فَتَرَكَهَا، وَقَصَدَهُم، فَعَرَجُوا عَنْهُ، فَأَتَى دِمَشْقَ، وَوَهَبَ أَخَاهُ العَادِلَ حَلَبَ، ثُمَّ بَعَثَ بَعْدَهُ عَلَى نِيَابَةِ مِصْرَ ابْنَ أَخِيْهِ المَلِك المُظَفَّر عَمّ صَاحِبِ حَمَاةَ.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ: جَعَلَ الخَلِيْفَةُ مشْهد وَالجَوَاد أَمناً لِمَنْ لاَذَ بِهِ، فَحصَلَ بِذَلِكَ بَلاَءٌ وَمفَاسِدُ.
وَاستبَاحَ صَلاَحُ الدِّيْنِ نَابُلُسَ - وَللهِ الحَمْدُ - وَنَازلَ الكَركَ، فَجَاءتْهَا نَجدَاتُ العَدُوِّ، فَتَرَحَّلَ (2) .
وَفِيْهَا (3) : كَانَ خُرُوْجُ عَلِيِّ بنِ غَانِيَةَ المُلَثَّمِ صَاحِبِ مَيُوْرْقَةَ، فَسَارَ، وَتَمَلَّكَ بَجَايَةَ عِنْدَ مَوْتِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ، وَكثرتْ عَسَاكِرُه، ثُمَّ هَزمَ عَسْكَراً لِلموحدينَ، ثُمَّ حَاصرَ قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ (4) الهوَاءُ أَشْهُراً، ثُمَّ كُشِفَ عَنْهَا المُوحِّدُوْنَ، فَأَقْبَلَ ابْنُ غَانِيَةَ إِلَى القَيْرَوَانِ، فَحشدَ، وَاسْتخدمَ، وَالتفَّتْ عَلَيْهِ بَنُوْ سُلَيْمٍ وَرِيَاحٌ وَالتُّركُ المِصْرِيّونَ الَّذِيْنَ كَانُوا مَعَ بُوْزَبَا وَقرَاقوشَ، فَتَمَلَّكَ بِهِم أَفرِيقيَةَ سِوَى تُوْنُسَ وَالمَهْدِيَّةِ حَمَتْهُمَا الموحدُوْنَ، وَانضمَّ إِلَى ابْنِ غَانِيَةَ كُلُّ فَاسِدٍ وَمجرمٍ، وَعَاثُوا وَنَهَبُوا القُرَى وَسبَوا، وَأَقَامَ الخطبَةَ لِبَنِي العَبَّاسِ، وَأَخَذَ قَفْصَةَ، فَتَحَزَّبَ عَلَيْهِ الموحدُوْنَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ، وَأَقْبَلَ سُلْطَانُهُم يَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ فَخَيَّمَ بِتُوْنُسَ، وَجَهَّزَ لِلمَصَافِّ سِتَّةَ آلاَفِ فَارِسٍ مَعَ ابْنِ
__________
(1) الكامل: 11 / 502.
(2) نفسه: 11 / 506.
(3) نفسه: 11 / 507 - 508.
(4) هكذا في الأصل، والمعروف انها: " قسنطينية " كما في " معجم البلدان " و" مراصد الاطلاع " وغيرهما.(22/205)
أَخِيْهِ، فَهَزمَهُم ابْنُ غَانِيَةَ، ثُمَّ سَارَ يَعْقُوْبُ بِنَفْسِهِ، فَالتَقَوا، فَانْهَزَمَ عَلِيٌّ، وَاسْتَحَرَّ بِهِ، وَاسْتردَّ يَعْقُوْبُ البِلاَدَ، وَامتدتْ دَوْلَةُ ابْنِ غَانِيَةَ خَمْسِيْنَ عَاماً (1) .
وَجَدَّ صَلاَحُ الدِّيْنِ فِي محَاصرَةِ الكَرَكِ.
وَفِي سَنَةِ 581: نَازلَ صَلاَحُ الدِّيْنِ المَوْصِلَ، وَجدَّ فِي حصَارِهَا، ثُمَّ سَارَ وَتسلّمَ مَيَّافَارِقِيْنَ بِالأَمَانِ، ثُمَّ مرضَ بِحَرَّانَ مرضاً شدِيداً، وَتنَاثرَ شعرُ لِحْيتِه، وَمَاتَ صَاحِبُ حِمْصَ مُحَمَّدُ بنُ شِيرْكُوْه، فَملَّكَهَا السُّلْطَانُ وَلدَه أَسَدَ الدِّيْنِ، وَلُقِّبَ بِالملكِ المُجَاهِدِ.
وَفِي سَنَةِ 82: ابْتدَاءُ فِتْنَةٍ عَظِيْمَةٍ بَيْنَ الأَكرَادِ وَالتُّرُكْمَانِ بِالمَوْصِلِ وَالجَزِيْرَةِ وَأَذْرَبِيْجَانَ وَالشَّامِ وَشهرزور، وَدَامتْ أَعْوَاماً، وَقُتِلَ فِيْهَا مَا لاَ يُحصَى، وَانقطعتِ السُّبُلُ حَتَّى أَصلحَ بَيْنهُم قَايْمَازُ نَائِبُ المَوْصِلِ، وَأَصلُهَا عُرسٌ تركمَانِيٌّ.
وَفِيْهَا قَالَ العِمَادُ: أَجْمَعَ المنجّمُوْنَ فِي جَمِيْعِ البِلاَدِ بِخرَابِ العَالِمِ عِنْدَ اجْتمَاعِ الكَوَاكِبِ السّتَةِ فِي المِيزَانِ بطوفَانِ الرِّيْحِ فِي سَائِرِ البُلْدَانِ، فَشرعَ خلقٌ فِي حفرِ مغَائِرَ وَتوثيقِهَا، وَسُلْطَانُنَا مُتَنَمِّرٌ موقنٌ أَنَّ قَوْلَهُم مبنِيٌّ عَلَى الكَذِبِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي عيَّنُوْهَا، لَمْ تَتحرَّكْ نسمَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ البُزُوْرِيِّ: لَقَدْ تَوقفَ الهوَاءُ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ عَلَى السَّوَادِ، وَمَا ذَرّوا الغلَّةَ.
__________
(1) انظر عن دولة بني غانية تفاصيل أوسع في كتاب " المعجب " لعبد الواحد المراكشي، وهو مما لخصه الذهبي: ص 342 فما بعدها.(22/206)
وَفِيْهَا: جرتِ فِتْنَةٌ بِبَغْدَادَ بَيْنَ الرَّافِضَّةِ وَالسُّنَّةِ، قُتِلَ فِيْهَا خلقٌ كَثِيْرٌ، وَغلبُوا أَهْل الكَرْخِ.
وَكَانَ الخُلْفُ وَالحَرْبُ بَيْنَ الأَرمنِ وَالرُّوْمِ وَالفِرَنْجِ.
وَقَتَلَ (1) الخَلِيْفَةُ أُسْتَاذَ دَارِه ابْنَ الصَّاحِبِ، وَوَلِيَهَا قَوَامُ الدِّيْنِ يَحْيَى بنُ زَبَادَةَ، وَخلَّفَ ابْنُ الصَّاحبِ مِنَ الذّهبِ الْعين أَزْيدَ مِنْ أَلفِ أَلفِ دِيْنَارٍ، وَكَانَ عَسُوَفاً فَاجراً رَافِضِيّاً (2) ، وَوزرَ جَلاَل الدِّيْنِ عُبَيْد اللهِ بن يُوْنُسَ، وَكَانَ شَاهِداً، فَارتقَى إِلَى الوزَارَةِ.
وَفِيْهَا: بَعَثَ السُّلْطَانُ طُغْرِلُ بنُ أَرْسَلاَنَ بنِ طُغْرِلَ السَّلْجُوْقِيُّ أَنْ تُعَمَّرَ لَهُ دَارُ المَمْلَكَةِ ليَنْزِلَ بِهَا، وَأَنْ يُخْطَبَ لَهُ، فَهَدَّمَ النَّاصِرُ دَارَه، وَردَّ رَسُوْلَه بِلاَ جَوَابٍ (3) ، وَكَانَ ملكاً مُسْتضعفاً مَعَ المُلُوْكِ، فَمَاتَ البَهْلَوَانُ، فَتمكّنَ، وَطَاشَ.
وَفِيْهَا: فُتِحتِ القُدْسُ وَغَيْرُهَا، وَاندكَّتْ مُلُوْكُ الفِرَنْجِ، وَكُسرُوا وَأُسرُوا (4) ، قَالَ العِمَادُ: فُتحتْ سِتُّ مَدَائِنَ وَقلاعٍ فِي سِتِّ جُمعٍ: جَبلَةُ (5) ، وَاللاَّذِقِيَّةُ (6) ، وَصهيونُ (7) ، وَالشُّغْرُ، وَبكَاسُ (8) وَسُرْمَانِيَّةُ (9) ، ثُمَّ أُخِذَ حصن
__________
(1) هذا في سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة، وقد خلطها المؤلف بسنة 582 فليحرر، وكذلك ما بعدها من الحوادث.
(2) انظر التكملة: 1 / الترجمة: 15 وتعليقنا عليها.
(3) أنظر الكامل لابن الأثير: 11 / 560.
(4) عني الامام الذهبي بهذا الحدث التاريخي العظيم فخصص له ثماني أوراق كبيرة من تاريخه الكبير (الورقة: 210 - 217 حلب) .
(5) الفتح القسي: 233.
(6) نفسه: 235.
(7) نفسه: 241.
(8) نفسه: 245.
(9) نفسه: 247 ويقال فيها: " سرمينية " كما في تاريخ ابن الأثير: 12 / 13.(22/207)
بَرْزَيَةَ (1) بِالأَمَانِ، ثُمَّ رحلَ صَلاَحُ الدِّيْنِ - أَيَّدَهُ اللهُ - إِلَى دربسَاكَ (2) ، فَتسلّمَهَا، ثُمَّ إِلَى بَغْرَاسَ (3) ، فَتسلّمَهَا، وَهَادنَ صَاحِبَ أَنطَاكيَةَ (4) ، وَدَامَ الحصَارُ عَلَى الكَرَكِ وَالمطَاولَةُ، فَسلّمُوهَا لجوعِهم (5) ، ثُمَّ أَعْطَوا الشّوبكَ بِالأَمَانِ، ثُمَّ نَازل السُّلْطَان صَفَدَ (6) .
وَفِي سَنَةِ 84: كَانَ صَلاَحُ الدِّيْنِ لاَ يَفترُ وَلاَ يقرُّ عَنْ قِتَالِ الفِرَنْجِ، وَسَارَ عَسْكَرُ النَّاصِرِ عَلَيْهِم الوَزِيْرُ ابْنُ يُوْنُسَ (7) ، فَعملَ المَصَافَّ مَعَ السُّلْطَانِ طُغْرِلَ، فَانْهَزَمَ عَسْكَرُ النَّاصِرِ، وَتَقَاعسُوا، وَثبتَ ابْنُ يُوْنُسَ فِي نَفَرٍ، بِيَدِهِ مُصحفٌ مَنْشُوْرٌ وَسيفٌ مَشْهُوْرٌ، فَأَخَذَ رَجُلٌ بعِنَانِ فَرسِهِ، وَقَادَهُ إِلَى مخيَّمٍ، فَأَنْزَلَهُ، فَجَاءَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ وَوزِيْرُه، فَلزمَ مَعَهُم قَانُوْنَ الوزَارَةِ، وَلَمْ يَقمْ، فَعجبُوا، وَلَمْ يَزَلْ محترماً (8) حَتَّى ردَّ.
وَأَمَّا صَاحِبُ (المرَآةِ) ، فَقَالَ (9) : أُحضرَ ابْنُ يُوْنُسَ بَيْنَ يَدَي طُغْرِلَ، فَأَلْبَسَه طرطوراً بِجَلَاجِلَ، وَتَمَزَّقَ العَسْكَرُ، وَسَارَ قُزلُ أَخُو البَهْلَوَانِ، فَهَزمَ طُغْرِلَ، وَمَعَهُ ابْنُ يُوْنُسَ، فَسَارَ إِلَى خِلاَطٍ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ بُكْتَمُرُ مَا فَعلَه، قَالَ: هُمْ بَدَؤُونِي.
قَالَ: فَأُطلقَ الوَزِيْرُ، فَمَا قدرَ يُخَالِفُه، فَجَهَّزَهُ بُكْتَمُرُ بخيلٍ وَمَمَالِيْكٍ، فَردَّ ذَلِكَ، وَأَخَذَ بغلينِ برحلينِ، وَسَارَ مَعَهُ غُلاَمُه فِي زِيِّ صُوْفِيٍّ إِلَى المَوْصِلِ متنكِّراً، ثُمَّ ركبَ إِلَى بَغْدَادَ فِي سَفِيْنَةٍ.
__________
(1) نفسه: 248 والكامل: 12 / 14.
(2) نفسه: 255 وتكتب: " درب ساك " كما في الكامل: 12 / 17.
(3) نفسه: 257.
(4) نفسه: 260.
(5) نفسه: 266.
(6) نفسه: 268.
(7) جلال الدين عبيد الله بن يونس.
(8) تكررت " محترما " في الأصل، وليس بشيء.
(9) انظر حوادث السنة فيها.(22/208)
وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ: نَفذَ طُغْرِلُ تُحَفاً وَهدَايَا، وَاعْتَذَرَ، وَاسْتَغْفرَ.
وظهرَ ابْنُ يُوْنُسَ، فَولِيَ نَظَرَ المخزنِ، ثُمَّ عزلَ بَعْدَ أَشهرٍ.
وَفِيْهَا وَفِي المُقْبِلَةِ: كَانَ الحصَارُ الَّذِي لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ أَبَداً عَلَى عَكَّا، كَانَ السُّلْطَانُ قَدِ افْتتحَهَا وَأَسكنَهَا المُسْلِمِيْنَ، فَأَقْبَلتِ الفِرَنْجُ برّاً وَبَحْراً مِنْ كُلِّ فَجٍّ عمِيْقٍ، فَأَحَاطُوا بِهَا، وَسَارَ صَلاَحُ الدِّيْنِ فَيدفعُهُم، فَمَا تَزعزعُوا، وَلاَ فَكَّرُوا، بَلْ أَنْشَؤُوا سوراً وَخَنْدَقاً عَلَى معَسْكَرِهِم، وَجَرَتْ غَيْرُ وَقْعَةٍ، وَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، يَحتَاجُ بسطُ ذَلِكَ إِلَى جزءٍ، وَامتدتِ المنَازلَةُ وَالمطَاولَةُ وَالمُقَاتَلةُ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ شَهْراً، وَكَانَتِ الأَمْدَادُ تَأْتِي العَدُوَّ مِنْ أَقْصَى البِحَارِ، وَاسْتنجدَ صَلاَحُ الدِّيْنِ بِالخَلِيْفَةِ وَغَيْرِهِ حَتَّى أَنَّهُ نَفذَ رَسُوْلاً إِلَى صَاحِبِ المَغْرِبِ يَعْقُوْبَ المُؤْمِنِيِّ يَسْتَجِيْشُه، فَمَا نَفعَ، وَكُلُّ بلاَءِ النَّصَارَى ذهَابُ بَيْتِ المَقْدِسِ مِنْهُم.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (1) : لبسَ القسوس السَّوَادَ حزناً عَلَى القُدْسِ، وَأَخَذَهُم بِتركِ (2) القُدْسِ، وَركبَ بِهِمُ البَحْرَ يَسْتَنفرُوْنَ الفِرَنْجَ، وَصَوَّرُوا المَسِيْحَ وَقَدْ ضربَه النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجرحَه، فَعظمَ هَذَا المَنْظَرُ عَلَى النَّصَارَى، وَحشدُوا وَجَمَعُوا مِنَ الرِّجَالِ وَالأَمْوَالِ مَا لاَ يُحصَى، فَحَدَّثَنِي كردِيٌّ كَانَ يُغِيرُ مَعَ الفِرَنْجِ بِحصنِ الأَكرَادِ أَنَّهُم أَخَذُوهُ مَعَهُم فِي البَحْرِ، قَالَ: فَانْتَهَى بِنَا الطَّوَافُ إِلَى رُوْميةَ، فَخَرَجْنَا مِنْهَا وَقَدْ ملأْنَا الشّوَانِي الأَرْبَعَةَ فِضَّةً (3) .
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (4) : فَخَرَجُوا عَلَى الصّعبِ وَالذّلولِ برّاً وَبَحْراً، وَلَوْلاَ
__________
(1) الكامل: 12 / 32.
(2) وتكتب " البطرك " أيضا، وهو البطريرك.
(3) في الكامل: " نقرة ".
(4) الكامل: 12 / 33.(22/209)
لطفُ اللهِ بِإِهَلاَكِ ملكِ الأَلمَانِ، وَإِلاَّ لَكَانَ يُقَالُ: إِنَّ الشَّامَ وَمِصْرَ كَانَتَا لِلمُسْلِمِيْنَ.
قُلْتُ: كَانَتْ عَسَاكِرُ العَدُوِّ فَوْقَ المائَتَيْ أَلفٍ، وَلَكِنْ هلكُوا جوعاً وَوبَاءً، وَهلكتْ دوَابُّهُم، وَجَافتِ الأَرْضُ بِهِم، وَكَانُوا قَدْ سَارُوا، فَمرُّوا عَلَى جهَةِ القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ، ثُمَّ عَلَى مَمَالِكِ الرُّوْمِ تقتلُ وَتَسبِي، وَالتقَاهُ سُلْطَانُ الرُّوْمِ، فَكسرَه ملكُ الأَلمَانِ، وَهجمَ قُوْنِيَةَ، فَاسْتبَاحَهَا، ثُمَّ هَادنَه ابْنُ قِلْجَ رسلاَنَ، وَمَرُّوا عَلَى بلاَدِ سيسَ، وَوَقَعَ فِيهِمُ الفَنَاءُ، فَمَاتَ الملكُ، وَقَامَ ابْنُه.
قُلْتُ: قُتلَ مِنَ العَدُوِّ فِي بَعْضِ المَصَافّاتِ الكَبِيْرَةِ الَّتِي جرتْ فِي حِصَارِ عَكَّا فِي يَوْمٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفاً وَخَمْسُ مائَةٍ، وَالتَقَوا مَرَّةً أُخْرَى، فَقُتِلَ مِنْهُم سِتَّةُ آلاَفٍ، وَعَمَّرُوا عَلَى عكَّا بُرْجَيْنِ مِنْ أَخشَابٍ عَاتيَةٍ، البرجُ سَبْعُ طَبَقَاتٍ، فِيْهَا مسَامِيْرُ كِبَارٌ، يَكُوْنُ المِسْمَارُ نِصْفَ قنطَارٍ، وَصَفَّحُوا البُرجَ بِالحديدِ، فَبقِيَ مَنْظَراً مهولاً، وَدَفَعُوا البُرجَ بِبكرٍ تَحْتَه حَتَّى أَلصقوهُ بِسورِ عَكَّا، وَبَقِيَ أَعْلَى مِنْهَا بِكَثِيْرٍ، فَسلّطَ عَلَيْهِ أَهْلُ عكَّا المَجَانِيْقَ حَتَّى خلخلُوْهُ، ثُمَّ رَمُوْهُ بقدرَةِ نَفطٍ، فَاشتعلَ (1) مَعَ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ لبودٌ منقوعَةٌ بِالخَلِّ تَمنعُ عَملَ النفطِ، فَأُوْقِدَ، وَجَعَلَ الملاعِينُ يَرمُوْنَ نُفُوْسَهُم مِنْهُ، وَكَانَ يَوْماً مَشْهُوْداً، ثُمَّ عَملُوا كَبْشاً عَظِيْماً، رَأْسُه قنَاطيرُ مقَنْطَرَةٌ مِنْ حديدٍ؛ ليدفعُوْهُ عَلَى السُّوْرِ فَيخرقَه، فَلَمَّا دحرجُوهُ وَقَاربَ السُّوْرَ، سَاخَ فِي الرملِ لعظمِه، وَهدَّ الكِلاَبُ بدنَةً وَبُرجاً، فَسدَّ المُسْلِمُوْنَ ذَلِكَ وَأَحكمُوْهُ فِي لَيْلَةٍ، وَكَانَ السُّلْطَانُ يَكُوْنُ أَوّلَ رَاكِبٍ وَآخرَ نَازلٍ فِي هَذَيْنِ
__________
(1) لم يكن هذا في أول الامر لان النفاطين عجزوا عن إحراقه، ثم هيأ الله سبحانه أحد الكيماويين فابتدع نوعا من العقاقير تقوي عمل النار، فاستخدمت ونجحت نجاحا باهرا وفرح بها المسلمون، ولم يقبل هذا العالم الفاضل مكافأة من السلطان، وقال: إنما عملته لله تعالى، ولا أريد الجزاء إلا منه (انظر التفاصيل في كامل ابن الأثير: 12 / 45 - 47، والفتح القسي: 370 - 373) .(22/210)
العَامَيْنِ، وَمَرِضَ، وَأَشرفَ عَلَى التَّلَفِ، ثُمَّ عُوفِيَ (1) .
قَالَ العِمَادُ: حُزِرَ مَا قُتِلَ مِنَ العَدُوِّ، فَكَانَ أَكْثَرَ مِنْ مائَةِ أَلْفٍ.
وَمِنْ إِنشَاءِ الفَاضِلِ إِلَى الدِّيْوَانِ وَهُم عَلَى عَكَّا (2) : يَمُدُّهُمُ البَحْرُ بِمَرَاكِبَ أَكْثَرَ مِنْ أَمْوَاجِه، وَيَخْرُجُ لَنَا أَمَرَّ مِنْ أُجَاجِه، وَقَدْ زَرَّ هَذَا العَدُوُّ عَلَيْهِ مِنَ الخنَادقِ دُرُوْعاً، وَاسْتجنَّ (3) مِنَ الجنونَاتِ (4) بِحصُوْنٍ، فَصَارَ مُصحرّاً (5) ممتنِعاً، حَاسِراً مدرَّعاً، وَأَصْحَابُنَا قَدْ أَثَّرَتْ فِيهِمُ المُدَّةُ الطَّوِيْلَةُ فِي اسْتطَاعتِهِم لاَ فِي طَاعتِهِم، وَفِي أَجْوَالِهِم لاَ فِي شَجَاعَتِهِم، فَنَقُوْلُ: اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ العِصَابَةُ (6) ، وَنرجُو عَلَى يَدِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ الإِجَابَةَ، وَقَدْ حرَّمَ بَابَاهُم - لَعَنَهُ اللهُ - كُلَّ مُبَاحٍ، وَاسْتَخْرَجَ مِنْهُم كُلَّ مَذْخُورٍ، وَأَغلَقَ دُونَهُمُ الكَنَائِسَ، وَلبسُوا الحِدَادَ، وَحَكَمَ أَنْ لاَ يَزَالُوا كَذَلِكَ، أَوْ يَسْتَخلصُوا المَقْبَرَةَ، فَيَا عَصَبَةَ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اخْلُفْهُ فِي أُمَّتِه بِمَا تَطمئنُّ بِهِ مضَاجِعُه، وَوَفِّهِ الحَقَّ فِيْنَا، فَهَا نَحْنُ عِنْدَك وَدَائِعُه، وَلَوْلاَ أَنَّ فِي التَّصرِيحِ مَا يَعُوْدُ عَلَى العدَالَةِ بِالتّجرِيحِ، لقَالَ الخَادِمُ مَا يُبْكِي العُيُونَ وَيُنكِي القُلوبَ، وَلَكِنَّهُ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، وَللنّصرِ مُرتقِبٌ، رَبِّ لاَ أَملكُ إِلاَّ نَفْسِي، وَهَا هِيَ فِي سبيلِكَ مَبْذُوْلَةٌ، وَأَخِي وَقَدْ هَاجَرَ
__________
(1) قال الامام الذهبي في " تاريخ الإسلام " بعد ذكره لحصار عكا وبلاء السلطان صلاح الدين رضي الله عنه فيه: " ولعله وجبت له الجنة برباطه هذين العامين " الورقة 223 (حلب) .
(2) انظر النص الكامل في الروضتين: 157 وصبح الاعشى: 7 / 126 - 130، وقد اختصر الذهبي منه وغير بعض الألفاظ اليسيرة مما لا يخل بالمعنى.
(3) استجن: استتر.
(4) في الروضتين: " الجنانات ".
وهما جمع: جنان وجنانة: الترس.
وفي صبح الاعشى: الجنويات.
(5) أصحر الرجل: خرج إلى الصحراء، فهو مصحر.
(6) من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر الكبرى.(22/211)
هِجْرَةً نَرجوهَا مَقْبُوْلَةً، وَوُلْدِي وَقَدْ بذلتُ لِلْعدوِّ صفحَاتِ وُجُوْهِهِم، وَنقفُ عِنْد هَذَا الحدِّ، وَللهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) .
وَمِنْ كتاب إِلَى الدِّيْوَانِ (1) : قَدْ بُلِيَ الإِسْلاَمُ مِنْهُم بِقَوْمٍ اسْتطَابُوا المَوْتَ، وَفَارقُوا الأَهْلَ طَاعَةً لقسيسِهِم، وَغِيرَةً لِمَعْبَدِهِم، وَتهَالُكاً عَلَى قُمَامتِهِم (2) ، حَتَّى لسَارَتْ ملكَةٌ مِنْهُم بِخَمْسِ مائَةِ مُقَاتِلٍ التّزمتْ بنفقَاتِهِم، فَأَخَذَهَا المُسْلِمُوْنَ برِجَالهَا بِقُرْبِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَذوَاتُ المقَانِعِ مقنَّعَاتٌ دَارعَاتٌ، تحمل الطّوَارقَ وَالقبطَارِيَاتِ، وَوجدْنَا مِنْهُم عِدَّةً بَيْنَ القَتْلَى، وَبَابَا روميةَ حَكَمَ بِأَنَّ مَنْ لاَ يَتوجَّهُ إِلَى القُدْسِ فَهُوَ مُحرَّمٌ، لاَ مَنْكِحَ لَهُ وَلاَ مَطْعَمَ، فَلِهَذَا يَتهَافتُوْنَ عَلَى الوُرودِ، وَيَتهَالكُوْنَ عَلَى يَوْمِهِمُ الموعُوْدِ، وَقَالَ لَهُم: إِنَّنِي وَاصِلٌ فِي الرَّبِيْعِ، جَامِعٌ عَلَى اسْتنفَارِ الجَمِيْعِ، وَإِذَا نَهَضَ، فَلاَ يَقعدُ عَنْهُ أَحَدٌ، وَيَقْبَلُ مَعَهُ كُلُّ مَنْ قَالَ: للهِ وَلَدٌ.
وَمِنْ كِتَابٍ (3) :
وَمَعَاذَ اللهِ أَنْ يَفتحَ اللهُ عَلَيْنَا البِلاَدَ ثُمَّ يغلقُهَا، وَأَنْ يُسلمَ عَلَى يَدَيْنَا القُدْسَ ثُمَّ ننصرَه، ثُمَّ مَعَاذَ اللهِ أَن نغلبَ عَنِ النَّصْرِ أَوْ أَنْ نُغْلَبَ عَنِ الصَّبْرِ: {فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ، وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ، وَاللهُ مَعَكُمْ (4) } .
وَلَسْتُ بِقَرْمٍ هَازِمٍ لِنَظِيرِهِ ... وَلَكِنَّهُ الإِسْلاَمُ لِلشِّرْكِ هَازمُ
إِلَى أَنْ قَالَ: وَالمَشْهُوْرُ الآنَ أَنَّ ملكَ الأَلمَانِ خَرَجَ فِي مائَتَيْ أَلفٍ، وَأَنَّهُ الآنَ فِي دُوْنِ خَمْسَةِ آلاَفٍ.
__________
(1) انظر نص الكتاب كاملا في الروضتين: 161 - 162.
(2) يعني: كنيسة القيامة.
(3) انظر النص كاملا في الروضتين: 167 - 168.
(4) سورة محمد: 35 وأتممت من القرآن الكريم " وأنتم الاعلون ".(22/212)
وَخَرَجَ جَيْشُ الخَلِيْفَةِ عَلَيْهِم نَجَاحٌ إِلَى دقوقَا؛ لِحَرْبِ طُغْرِلَ، فَقَدِمَ بَعْدَ أَيَّامٍ وَلدُ طُغْرِلَ صَبِيٌّ مُمَيِّزٌ يَطلبُ العفوَ عَنْ أَبِيْهِ.
سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْن: اشتدَّتْ مُضَايقَةُ العَدُوِّ عَكَّا، وَأَمْدَادُهُم مُتَوَاتِرَةٌ، فَوَصَلَ مَلِكُ الإِنْكِيْتَرِ (1) ، وَقَدْ مرَّ بقُبْرُصَ (2) ، وَغدرَ بِصَاحِبهَا، وَتَملَّكَهَا كُلَّهَا، ثُمَّ سَارَ إِلَى عَكَّا فِي خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ قطعَةً، وَكَانَ مَاكراً، دَاهِيَةً، شُجَاعاً، فَخَارت قُوَى مَنْ بِهَا مِنَ المُسْلِمِيْنَ، وَضَعُفُوا بِخُرُوْجِ أَمِيْرَيْنِ مِنْهَا فِي شينِي (3) ، وَقَلقُوا، فَبَعَثَ إِلَيْهِم السُّلْطَانُ: أَنِ اخْرُجُوا كُلُّكُم مِنَ البَلَدِ عَلَى حَمِيَّةٍ، وَسيرُوا مَعَ البَحْرِ، وَاحْمِلُوا عَلَيْهِم، وَأَنَا أَجيئُهُم مِنْ وَرَائِهِم، وَأَكشِفُ عَنْكُم.
فَشرعُوا فِي هَذَا، فَمَا تَهَيَّأَ، ثُمَّ خَرَجَ أَمِيْرُ عَكَّا ابْنُ المَشْطُوْب إِلَى مَلِكِ الفِرَنْجِ، وَطلبَ الأَمَانَ، فَأَبَى، قَالَ (4) : فَنَحْنُ لاَ نُسلِّمُ عَكَّا حَتَّى نُقتَلَ جَمِيْعاً، وَرَجِعَ.
فَزحفَ العَدُوُّ عَلَيْهَا، وَأَشرفُوا عَلَى أَخْذِهَا، فَطَلبَ المُسْلِمُوْنَ الأَمَانَ عَلَى أَنْ يُسلّمُوا عَكَّا وَمائَتَيْ أَلْفِ دِيْنَارٍ وَخَمْسَ مائَةِ أَسيرٍ وَصَليبَ الصَّلبوتِ، فَأُجِيبُوا، وَتَمَلَّكَ العَدُوُّ عَكَّا فِي رَجَبٍ، وَوَقَعَ البُكَاءُ وَالأَسفُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ.
ثُمَّ سَارَتِ الفِرَنْجُ تَقصدُ عَسْقَلاَنَ، فَسَارَ السُّلْطَانُ فِي عرَاضهِم، وَبَقِيَ اليَزَكُ (5) يَقْتَتِلُوْنَ كُلَّ وَقتٍ، ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةُ نَهْرِ القَصَبِ، ثُمَّ وَقْعَةُ أَرْسُوْفَ، فَانْتصرَ المُسْلِمُوْنَ (6) ، وَأَتَى صَلاَحُ الدِّيْنِ عَسْقَلاَنَ، فَأَخلاَهَا، وَشرعَ فِي هَدمِهَا (7) ، وَهَدمَ الرَّمْلَةَ وَلُدَّ، وَشرعتِ الفِرَنْجُ
__________
(1) وتكتب: " الانكلتير "، وهو ملك أنكلترا ريتشارد قلب الاسد.
(2) هكذا بالصاد، والمشهور: " قبرس " بالسين المهملة.
(3) نوع من السفن الصغيرة.
(4) يعني ابن المشطوب.
(5) في الأصل: " الترك " والتصحيح من النوادر السلطانية (ص: 172 ط.
الشيال) وغيرها.
وهو لفظ فارسي معناه: طلائع الجيش، كما في معجم دوزي وغيره.
(6) انظر مسير صلاح الدين في النوادر السلطانية: 175 فما بعدها.
(7) النوادر السلطانية: 187 - 189.(22/213)
فِي عِمَارَة يَافَا، وَطَلَبُوا الهدنَةَ، ثُمَّ جرتْ وَقعَاتٌ صِغَارٌ، وَقصدتِ المَلاعِينُ بَيْتَ المَقْدِسِ وَبِهَا السُّلْطَانُ، فَبَالغَ فِي تَحْصِيْنِهَا.
وَفِيْهَا وُلِّيَ الأُسْتَاذُ دَارِيَة ابْنُ يُوْنُسَ الَّذِي كَانَ وَزِيْراً.
وَفِيْهَا ظَهَرَ السُّهْرَوَرْدِيُّ السَّاحرَ بِحَلَبَ، وَأَفتَى الفُقَهَاءُ بِقَتْلِهِ، فَقتِلَ بِالجوعِ، وَأُحرقَتْ جثَّتُهُ، وَكَانَ سيمَاوياً فَيلسوَفاً مُنحلاًّ (1) .
وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ شَرَعَتِ الفِرَنْجُ فِي بِنَاءِ عَسْقَلاَن.
وَالتَقَى شِهَابُ الدِّيْنِ الغُوْرِيُّ عَسَاكِرَ الهِنْدِ، فَهَزمَهُم، وَقَتَلَ ملكَهُم فِي الوقعَةِ.
وَكبَسَ الإِنكيتر فِي الرَّملِ عَسْكَراً مِنَ المِصْرِيّينَ، وَقفلا فَاسْتبَاحَهُم، فَللَّهِ الأَمْرِ، ثُمَّ انعقدَتِ الهدنَةُ ثَلاَثَ سِنِيْنَ وَثَمَانِيَةَ أَشهرٍ، وَدَخَلَ فِيْهَا السُّلْطَانُ وَهُوَ يَعضُّ يَدَهُ حَنَقاً، وَلَكِنْ كَثُرَتْ عَلَيْهِ الفِرَنْجُ، وَملَّ جندَهُ، وَحَلَفَ عَلَى الصُّلحِ عِدَّةٌ مِنْ مُلُوْكِ المُسْلِمِيْنَ مَعَ السُّلْطَانِ، وَعِدَّةٌ مِنْ مُلُوْكِ الفِرَنْجِ (2) .
وَفِيْهَا (3) قتلَ صَاحِب الرُّوْمِ قِلْج أَرْسَلاَن السَّلْجُوْقِيّ، وَقُتِلَ بُكْتَمُر صَاحِب خِلاَطٍ عَلَى يَدِ الإِسْمَاعِيْلِيَّةِ.
وَسَارَ السُّلْطَانُ طُغْرِلَ، فَبَدَّعَ فِي الرَّيِّ، وَقَتَلَ بِهَا خلقاً مِنَ المُسْلِمِيْنَ، وَعَادَ إِلَى هَمَذَان، فَبطل نِصْفه.
وَفِيْهَا افْتَتَحَ سُلْطَانُ غَزْنَةَ شِهَابُ الدِّيْنِ فِي بلاَدِ الهِنْدِ.
__________
(1) انظر تاريخ الإسلام، في وفيات سنة 587 وغيره، وهي حادثة مشهورة.
(2) انظر النوادر السلطانية: 234، والكامل: 12 / 85 - 87.
(3) الكامل: 12 / 87.(22/214)
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (1) : انْقضَّ كَوْكَبَانِ عَظِيْمَانِ اضطرمَا، وَسُمِعَ صَوْتُ هَدَّةٍ عَظِيْمَةٍ، وَغلبَ ضوؤهُمَا ضوءَ القَمَرِ وَالنَّهَارِ، وَذَلِكَ بَعْدَ طُلُوْعِ الفَجْرِ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ السُّلْطَانُ صَلاَحُ الدِّيْنِ، وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ أَزْيَدَ مِنْ عِشْرِيْنَ.
وَفِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ: كَانَتِ الحَرْبُ تَسْتَعِرُ بَيْنَ شِهَابِ الدِّيْنِ الغُوْرِيِّ وَبَيْنَ سُلْطَانِ الهِنْدِ بنَارس؛ قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (2) : فَالتَقَوا عَلَى نَهْرِ مَاخُونَ (3) ، وَكَانَ مَعَ الهندِيِّ سَبْعُ مائَةِ فِيلٍ، وَمِنَ العَسْكَرِ عَلَى مَا قِيْلَ: أَلفُ أَلفِ نَفْسٍ، وَفِيهِم عِدَّةُ أُمَرَاء مُسْلِمِيْن، فَنُصِرَ شِهَابُ الدِّيْنِ، وَكثُرَ القتلُ فِي المُشْرِكِيْنَ، حَتَّى جَافَتْ مِنْهُمُ الأَرْضُ، وَقُتِلَ بنَارس (4) ، وَعُرِفَ بِشدِّ أَسْنَانِهِ بِالذَّهَبِ، وَغَنِمَ شِهَابُ الدِّيْنِ تِسْعِيْنَ فِيلاً، فِيْهَا فِيلٌ أَبيضُ، وَمِنْ خَزَائِنِ بنَارس أَلْفاً وَأَرْبَعَ مائَةِ حملٍ.
وَبَعَثَ النَّاصِرُ إِلَى خُوَارِزْم شَاه ليحَاربَ طُغْرِلَ، فَبَادرَ وَالتقَاهُ، فَهَزمَهُ وَقتلَهُ، وَنهبَ خزَانتَهُ، وَهَزَمَ جَيْشَهُ، وَنفذَ الرَّأْسَ إِلَى بَغْدَادَ (5) .
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (6) : وَسَيَّرَ النَّاصِرُ لخُوَارِزْم شَاه نَجدَةً، وَسيَّرَ لَهُ مَعَ وَزِيْرِهِ المُؤَيَّدِ ابْنِ القَصَّابِ (7) خِلَعَ السَّلطنَةِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ المُؤَيَّدُ بَعْدَ الوقعَةِ: احضُرْ إِلَيَّ لِتَلْبِسَ الخِلْعَةَ، وَتردَّدَتِ الرُّسُلُ، وَقِيْلَ لخُوَارِزْم شَاه: إِنَّهَا حِيْلَةٌ لِتُمْسَكَ، فَأَقْبل ليَأْخذ ابْن القَصَّابِ، فَفَرَّ إِلَى جبلٍ حَمَاهُ.
__________
(1) الكامل: 12 / 104.
(2) الكامل: 12 / 105.
(3) في المطبوع من الكامل: " ماجون ".
(4) في الأصل: " نبارس " مصحف.
(5) انظر الكامل لابن الأثير: 12 / 106.
(6) الكامل: 12 / 108 - 109، بتصرف.
(7) مؤيد الدين أبو عبد الله محمد بن علي المعروف بابن القصاب.(22/215)
وَعُزِلَ مِنَ الأُسْتَاذِ دَارِيَة ابْن يُوْنُسَ، وَحُبِسَ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَوُلِّيَ مَكَانُهُ التَّاجُ بنُ رَزِيْنَ.
وَقُتِلَ أَلب غَازِي مُتَوَلِّي الحِلَّةِ.
وَفِيْهَا افْتَتَحَ ابْنُ القَصَّابِ بلاَدَ خُوْزِسْتَانَ.
وَوَقَعَ الرِّضَى عَنْ بنِي الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَسُلِّمَ ابْنُ الجَوْزِيِّ إِلَى أَحَدِهِم، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى وَاسِطَ، فَسَجَنَهُ بِهَا خَمْسَ سِنِيْنَ (1) .
وَتَمَلَّكَ مِصْرَ بَعْدَ السُّلْطَانِ ابْنُهُ العَزِيْزُ، وَدِمَشْقَ ابْنُهُ الأَفْضَلُ، وَحَلَبَ ابْنُهُ الظَّاهِرُ، وَالكَرَكَ وَحَرَّانَ وَموَاضِعَ أَخُوْهُ العَادلُ.
وَفِيْهَا جَاءَ العَزِيْزُ يُحَاصِرُ الأَفْضَلَ بِدِمَشْقَ، ثُمَّ جَاءَ عمُّهُمَا ليُصْلِحَ بَيْنهُمَا، وَكَانَ دَاهِيَةً، فَلعبَ بِهِمَا، إِلَى أَنْ مَاتَ العَزِيْزُ فَتَمَلَّكَ هُوَ مِصْرَ، وَطرَدَ عَنْ دِمَشْقَ الأَفْضَلَ إِلَى سُمَيْسَاطَ، فَقنعَ بِهَا، وَلَوْلاَ أَنَّ الظَّاهِرَ كَانَ زوجَ بِنْتِهِ لأَخَذَ مِنْهُ حَلَبَ، وَكَانَ الأَفْضَلُ صَاحِبَ شُرْبٍ وَأَغَانٍ، ثُمَّ إِنَّهُ أَصْبَحَ يَوْماً تَائِباً أَرَاقَ الخُمُوْرَ، وَلَبِسَ الخَشِنَ، وَتعبَّدَ وَصَامَ، وَجَالَسَ الصُّلَحَاءَ، وَنسَخَ فِي مصحفٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ قَلِيْلَ السَّعَادَةِ.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ: اسْتولَى ابْنُ القَصَّابِ عَلَى هَمَذَانَ، فَضُرِبَتِ الطُّبُولُ بِبَغْدَادَ، وَعظُمَ ابْنُ القَصَّابِ، وَنَفَّذَ إِلَيْهِ خُوَارِزْم شَاه يَتوعَّدُهُ لَمَّا عَاثَ بِأَطرَافِ بلاَدِهِ، ثُمَّ مَاتَ ابْنُ القَصَّابِ، وَأَقْبَلَ خُوَارِزْم شَاه فَهَزمَ جَيْشَ الخَلِيْفَةِ، وَنبَشَ الوَزِيْر مُوهِماً أَنَّهُ قُتِلَ فِي المَصَافِّ.
__________
(1) انظر تفاصيل ذلك في كتاب سبطه " المرآة ": 8 / 438 فما بعدها، وولد الشيخ عبد القادر الذي سلم ابن الجوزي إليه هو ركن الدين عبد السلام بن عبد الوهاب بن عبد القادر.(22/216)
وَفِيْهَا جَدَّدَ العَزِيْزُ هُدْنَةً مَعَ كُنْدَهْرِي (1) طَاغِيَةِ الفِرَنْجِ، فَمَا لَبِثَ الكَلْبُ أَنْ سقطَ مِنْ مَوْضِعٍ بعكَّا، فَمَاتَ، وَاختلَّتْ أَحْوَالُ الفِرَنْجِ قَلِيْلاً، وَأَقْبَلَ الأَفْضَلُ عَلَى التَّعبُّدِ، وَدبَّرَ ملكَهُ ابْنُ الأَثِيْرِ ضِيَاءُ الدِّيْنِ (2) ، فَاختلَّتْ بِهِ الأَحْوَالُ (3) .
وَكَانَتْ بِالأَنْدَلُسِ المَلْحَمَةُ العُظْمَى، وَقْعَةُ الزَّلاَّقَةِ بَيْنَ يَعْقُوْبَ وَبَيْنَ الفُنْشِ الَّذِي اسْتولَى عَلَى بلاَدِ الأَنْدَلُسِ، فَأَقْبَلَ اللَّعِينُ فِي مائَتَيْ أَلفٍ، وَعرضَ يَعْقُوْبُ جندَهُ، فَكَانُوا مائَةَ أَلْفٍ مرتزقَةٍ، وَمائَةَ أَلْفٍ مطَّوّعَةٍ، عدوا البَحْرَ إِلَى الأَنْدَلُسِ، فَنَزَلَ النَّصْرُ، وَنجَا قَلِيْلٌ مِنَ العَدُوِّ؛ قَالَ أَبُو شَامَةَ (4) : عِدَّةُ القَتْلَى مائَةُ أَلْفٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُوْنَ أَلْفاً، وَأُسِرَ ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، وَأُخِذَ مِنْ خِيَامِهِم مائَةُ أَلْفِ خيمَةٍ وَخَمْسُوْنَ أَلْفاً، وَمِنَ الخيلِ ثَمَانُوْنَ أَلفِ رَأْسٍ، وَمِنَ البغَالِ مائَةُ أَلْفٍ، وَمِنَ الحمِيْرِ الَّتِي لأَثقَالِهِم أَرْبَعُ مائَةِ أَلْفٍ، وَبِيْعَ الأَسيرُ بِدِرْهَمٍ، وَالحصَانُ بخَمْسَةٍ، وَقَسَمَ السُّلْطَانُ الغَنِيْمَةَ (5) عَلَى الشَّرِيعَةِ، وَاسْتَغْنَوا، وَكَانَتِ المَلْحَمَةُ يَوْمَ تَاسعٍ مِنْ شَعْبَانَ (6) .
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ: فِيْهَا (8) أُطلقَ طَاشتكين أَمِيْر الحَاجّ، وَأَعْطَي خُوْزِسْتَان.
وَفِيْهَا: حَاصرَ العَزِيْزُ دِمَشْقَ ثَالِثاً، وَمَعَهُ عَمُّهُ فَتملَّكَهَا، وَذلَّ الأَفْضَلَ، وَأَقْبَلَ خُوَارِزْم شَاه ليتَمَلَّكَ بَغْدَادَ.
__________
(1) يعني: الكونت هنري.
(2) ضياء الدين نصر الدين محمد المتوفى سنة 637، وسيأتي.
(3) إشارة من الذهبي إلى أن سيرته لم تحمد في وزارته للافضل وقد خرج متخفيا.
(4) ذيل الروضتين: 7 - 8.
(5) في الأصل " الغينة " وليس بشيء.
(6) قوله " وكانت الملحمة يوم تاسع شعبان " لم يرد في ذيل الروضتين.
(7) في الأصل: " وثمانين " وليس بشيء، فهو سبق قلم بلا ريب.
(8) لا معنى لقوله: " فيها " بعد أن قال في الأول: " وفي ".(22/217)
وَفِيْهَا التَقَى الفُونشُ وَيَعْقُوْبُ ثَانِياً، فَانْكَسَرَ الفُنش، وَسَاقَ يَعْقُوْبَ خلفَهُ إِلَى طليطلَةَ، وَنَازلهَا، وَضَرَبَهَا بِالمِنْجَنِيْق، وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَخْذَهَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أُمُّ الفُنش وَبنَاتُهُ يَبكينَ، فَرَقَّ لهُنَّ، وَمَنَّ عليهِنَّ، وَهَادَنَ الفُنش (1) ، لأَنَّ ابْنَ غَانِيَةَ غلبَ عَلَى أَطرَافِ المَغْرِبِ، فَتفرَّغَ يَعْقُوْبُ لَهُ.
وَفِيْهَا كَتَبَ الفَاضِلُ إِلَى القَاضِي مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنِ الزَّكِيِّ:
وَمِمَّا جَرَى بَأْسٌ مِنَ اللهِ طَرَقَ وَنَحْنُ نِيَامٌ، وَظُنَّ أَنَّهُ السَّاعَة، وَلاَ يَحسبُ المَجْلِسَ أَنِّي أَرْسَلتُ القلمَ مُحَرَّفاً، وَالقَوْلَ مُجَزَّفاً، فَالأَمْرُ أَعْظَمُ؛ أَتَى عَارضٌ فِيْهِ ظلمَات متكَاثفَة، وَبرُوْقٌ خَاطفَةٌ، وَرِيَاحٌ عَاصفَةٌ، قوِي أُلْهُوبُهَا، وَاشتدَّ هُبُوبُهَا، وَارتفعتْ لَهَا صعقَاتٌ، وَرَجَفَتِ الجُدُرُ، وَاصطَفَقَتْ وَتلاَقَتْ وَاعتنقَتْ وَثَارَ عجَاجٌ، فَقِيْلَ: لَعَلَّ هَذِهِ عَلَى هَذِهِ قَدِ انْطَبَقَتْ، فَفَرَّ الخلقُ مِنْ دُوْرِهِم يَسْتَغِيثُونَ، قَدِ انْقَطَعَتْ عُلُقُهُم، وَعمِيَتْ عَنِ النَّجَاةِ طُرُقُهُم، فَدَامَتْ إِلَى الثُّلُثِ الأَخِيْرِ، وَتَكسَّرَتْ عِدَّةُ مَرَاكِبَ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَالخطبُ أَشقُّ، وَمَا قضيتُ بِغَيْرِ الحَقِّ.
وَفِيْهَا (2) أَخذتِ الفِرَنْجُ بَيْرُوْتَ، وَهَرَبَ مُتَوَلِّيهَا سَامَةُ (3) .
وَفِي سَنَةِ 94: تَملَّكَ خُوَارِزْم شَاه بُخَارَى، أَخَذَهَا مِنْ صَاحِبِ الخَطَا بَعْدَ حُرُوْبٍ عَظِيْمَةٍ.
وَفِي سَنَةِ 95: حَاصرَ خُوَارِزْم شَاه الرَّيَّ، وَكَانَ عَصَى عَلَيْهِ نَائِبُهُ بِهَا، فَظفرَ
__________
(1) هذا تفسير ساذج، ومابعده معقول.
وهذا قول أبي شامة (ص: 8) الذي نقله من السبط (مرآة: 8 / 449) نقله الذهبي عن أحدهما، والسبط مجازف - رحمه الله -
(2) بل كان هذا في سنة 593 كما هو مذكور في المصادر مثل كامل ابن الأثير والذيل لأبي شامة.
ومفرج الكروب وغيرها.
(3) ويقال فيه " أسامة " كما في كامل ابن الأثير: 12 / 126، ومفرج الكروب: 3 / 71.(22/218)
بِهِ، وَنفذَ إِلَيْهِ النَّاصِرَ تَقليداً بِالسَّلطنَةِ، فَلَبِسَ الخِلْعَةَ، وَحَاصَرَ أَلموتَ، فَوَثَبَ باطنِيٌّ عَلَى وَزِيْرِهِ فَقَتَلَهُ، وَقَتلُوا رَئِيْسَ الشَّافِعِيَّةِ صَدْرَ الدِّيْنِ ابْنَ الوَزَّانِ.
وَمَاتَ: سُلْطَانُ المَغْرِبِ يَعْقُوْبُ، فَتَمَلَّكَ وَلدُهُ مُحَمَّدٌ.
وَمَاتَ: صَاحِبُ مِصْرَ الملكُ العَزِيْزُ صَلاَحُ الدِّيْنِ، وَأَقْبَلَ الأَفْضَلُ مِنْ صَرْخَدٍ إِلَى مِصْرَ، فَدبَّرَ دَوْلَةَ عَلِيِّ ابْنِ العَزِيْزِ، ثُمَّ سَارَ بِالجَيْشِ وَنَازلَ عَمَّهُ العَادلَ بِدِمَشْقَ، وَأَحرَقَ الحوَاضِرَ، وَكَادَ أَنْ يَملِكَ، وَضَايَقَ البلدَ أَشْهُراً، وَجَاءت النَّجدَةُ العَادلَ فَكبسُوا المِصْرِيّينَ، وَضَعفَ أَمرُ الأَفْضَلِ.
سَنَة 96: مَاتَ السُّلْطَانُ عَلاَءُ الدِّيْنِ تُكُشُ بنُ آتْسِز خُوَارِزْمشَاه، وَتسلْطَنَ بَعْدَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ.
وَاشتدَّ الحصَارُ عَلَى دِمَشْقَ، وَتَمحَّقَتْ خَزَائِنُ العَادلِ عَلَى العَسْكَرِ، وَاسْتدَانَ، وَاشتدَّ الغلاَءُ وَالبَلاَءُ بِدِمَشْقَ، وَأَقْبَلَ الشِّتَاءُ، فَترحَّلَ الأَفْضَلُ وَالظَّاهِرُ، فَبَادَرَ العَادلُ وَقصدَ الأَفْضَلَ، فَأَدْرَكَهُ بِالغُرَابِيِّ، وَدَخَلَ القَاهِرَةَ، وَتَمَكَّنَ، وَردَّ الأَفْضَلَ منَحْوساً إِلَى صَرْخَدٍ بَعْدَ مَصَافٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمِّهِ، ثُمَّ اسْتنَابَ العَادلُ بِمِصْرَ وَلدَهُ الكَامِلَ، وَعزلَ المَنْصُوْر عَلِيّ ابْن العَزِيْزِ، وَقَالَ: هَذَا صَبِيٌّ يُرِيْدُ المَكْتَبَ (1) .
وَنقصَ النِّيلُ، وَوَقَعَ القَحطُ، وَهَلَكَ أَهْلُ مِصْرَ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنَ الآيَاتِ الكِبَارِ، فَإِنَّ النِّيلَ كسر مِنْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ ذرَاعاً سِوَى ثَلاَثَة أَصَابع.
وَدَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ، وَالبَلاَءُ شَدِيدٌ، وَأَكلُوا الجِيَفَ وَلُحُوْمَ الآدَمِيِّينَ، وَجَرَى مَا لاَ يُعَبَّرُ عَنْهُ.
__________
(1) انظر العبر: 4 / 290.(22/219)
قَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ: وَعُدِمَ البَيْضُ، وَلَمَّا وُجِدَ بِيْعَتِ البيضَةُ بِدِرْهَمٍ، وَبيعَ فَرُّوجٌ بِمائَةٍ، وَبيعَ مُدَيدَة بدِيْنَارٍ، وَالَّذِي دَخَلَ تَحْتَ قَلَمِ الحُشْرِيَّةِ مِنَ الموتَى فِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ شَهْراً مائَةُ أَلْفٍ وَأَحَدَ عشرَ أَلْفاً، إِلاَّ شَيْئاً يَسيراً، وَهُوَ نَزْرٌ فِي جَنْبِ مَا هَلَكَ بِمِصْرَ وَالحوَاضرِ، وَكلُّهُ نَزرٌ فِي جَنْبِ مَا هَلَكَ بِالإِقْلِيْمِ، وَسَمِعنَا مِنْ ثِقَاتٍ عَنِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَنَّ الإِمَامَ صَلَّى يَوْمَ جُمُعَةٍ عَلَى سَبْعِ مائَةِ جَنَازَةٍ، ثُمَّ سَاقَ عِدَّةَ حِكَايَاتٍ فِي أَكْلِ لُحُوْمِ بنِي آدَمَ، وَتَمَّتْ زَلْزَلَةٌ فَكَانَتْ حَرَكَتُهَا كَالغَرْبَلَةِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، قَالَ: فَصحَّ عِنْدِي أَنَّهَا حَرَّكَتْ مِنْ قُوصٍ إِلَى الشَّامِ، وَتعفَّتْ بلاَدٌ كَثِيْرَةٌ، وَهَلَكَ أُمَمٌ لاَ تُحصَى، وَأَنْكَتْ فِي بلاَدِ الفِرَنْجِ أَكْثَرَ، وَسَمِعنَا أَنَّهَا وَصلَتْ إِلَى خِلاَطٍ، وَجَاءنِي كِتَابٌ مِنَ الشَّامِ فِيْهِ: كَادَتْ لَهَا الأَرْضُ تسيرُ سَيْراً، وَالجِبَالُ تَمورُ مَوْراً، وَمَا ظَنَنَّا إِلاَّ أَنَّهَا زَلْزَلَةُ السَّاعَةِ، وَأَتَتْ دُفْعَتَينِ: الأُوْلَى مِقْدَارَ سَاعَةٍ أَوْ أَزْيَدَ، وَالثَّانِيَةُ دُوْنَ ذَلِكَ، لَكِنْ أَشدُّ، وَفِي كِتَابٍ آخرَ: دَامَتْ بقدَرِ مَا قرَأَ سُوْرَةَ الكهفِ، وَأَنَّ صَفَدَ لَمْ يَسلَمْ بِهَا سِوَى وَلدِ صَاحِبِهَا ...
قُلْتُ: فِي هَذَا الكِتَابِ خسفٌ وَإِفكٌ، وَفِيْهِ أَنَّ عِرقَةَ وَصَافِيثَا خُسِفَ بِهِمَا.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : وَفِي شَعْبَانَ جَاءتْ زَلْزَلَةٌ عَمَّتِ الدُّنْيَا فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَهدمَتْ نَابُلُسَ، فَمَاتَ تَحْتَ الهَدْمِ ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، وَهدمَتْ عكَّا وَصُوْرَ، وَجَمِيْعَ قلاعِ السَّاحِلِ.
قُلْتُ: وَهَذِهِ مُجَازفَةٌ ظَاهِرَةٌ.
قَالَ: وَرُمَّتْ بَعْضُ المنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ، وَأَكْثَرُ الكَلاّسَةِ وَالمَارستَان وَعَامَّةُ
__________
(1) ذيل الروضتين: 20.(22/220)
دورِ دِمَشْقَ، وَهَرَبَ النَّاسُ إِلَى المِيَادِيْنِ، وَسقطَ مِنَ الجَامِعِ سِتَّةَ عشرَ شُرْفَةً، وَتشقَّقَتْ قُبَّةُ النَّسْرِ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ - وَالعُهْدَةُ عَلَيْهِ -: وَأُحْصِيَ مَنْ هَلَكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَكَانَ أَلفَ أَلفٍ وَمائَةَ أَلْفِ إِنْسَانٍ، ثُمَّ قَالَ: نقَلْتُ ذَلِكَ مِنْ تَارِيخِ أَبِي المُظَفَّرِ سِبْطِ ابْنِ الجَوْزِيِّ.
وَكَانَتْ خُرَاسَانُ فِي هَيْجٍ وَحُرُوْبٍ عَلَى المُلكِ، وَالتَقَى جَيْشُ السُّلْطَانِ غِيَاثِ الدِّيْنِ الغُوْرِيِّ كُفَّارَ الهِنْدِ، فَانْهَزَمَ الكُفَّارُ.
وَأَنْبَأَنِي ابْنُ البُزُوْرِيِّ فِي (تَارِيْخِهِ) قَالَ: زُلْزِلَتِ الجَزِيْرَةُ وَالشَّامُ وَمِصْرُ، فَتخرَّبَتْ أَمَاكنُ كَثِيْرَةٌ جِدّاً بِدِمَشْقَ وَحِمْصَ وَحَمَاةَ، وَاسْتَوْلَى الخرَابُ عَلَى صُوْرٍ وَعكَا وَنَابُلُسَ وَطَرَابُلُسَ، وَانخسفَتْ قَرْيَةٌ، وَخَرِبَتْ عِدَّةُ قلاعٍ.
وَحَارَبَ المُعِزُّ بنُ (1) إِسْمَاعِيْلَ بنِ سَيْفِ الإِسْلاَمِ صَاحِبُ اليَمَنِ عَلَويّاً (2) خَرَجَ عَلَيْهِ، فَهَزمَ العَلَوِيّ، وَقتلَ مِنْ جندِهِ سِتَّةَ آلاَفٍ، وَقهرَ (3) الرَّعِيَّةَ، وَادَّعَى أَنَّهُ أُمَوِيٌّ، وَتَسَمَّى بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
وَقَدِمَ مُدَرِّسُ النِّظَامِيَّةِ، وَكَانَ قَدْ بُعِثَ رَسُوْلاً مِنَ النَّاصِرِ إِلَى الغُوْرِيِّ.
وَنُدِبَ طَاشتكين لِلْحَجِّ، وَلمُحَارَبَة المُعِزِّ بِاليَمَنِ، فَبَعَثَ إِلَى أُمَرَاءَ يُنْذِرُهُم، وَيَحضُّهُم عَلَى طَاعَةِ الإِمَامِ، فَشدُّوا عَلَى المُعِزِّ فَقتلُوْهُ.
سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ: تَنَاقَصَ الفنَاءُ بِمِصْرَ لقلَّةِ مَنْ بَقِيَ، فَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ كَبِيْرَةٍ لَمْ يَبْقَ بِهَا بَشَرٌ، حَتَّى لِنَقَلَ بَعْضُهُم أَنَّ بَلَداً كَانَ بِهَا أَرْبَعُ مائَةِ نَولٍ لِلنَّسَّاجَةِ لَمْ يَبْقَ بِهَا أَحَدٌ.
__________
(1) في الأصل: المغرب، وهو تحريف.
(2) هو عبد الله بن حمزة العلوي المتغلب على جبال اليمن، وقارن الكامل لابن الأثير: 12 / 171.
(3) يعني: المعز بن اسماعيل.(22/221)
وَأَرَّخَ العِزُّ النَّسَّابَةُ خَبَرَ الزَّلْزَلَةِ فِيْهَا، فَوَهِمَ، وَقَالَ (1) : هِيَ الزَّلْزَلَةُ العُظْمَى الَّتِي هَدَمَتْ بلاَدَ السَّاحِلِ صُوْرَ وَطَرَابُلُسَ وَعِرقَةَ، وَرَمتْ بِدِمَشْقَ رُؤُوْسَ المآذنِ، وَأَهْلكَتِ اثْنَيْنِ (2) بِالكلاَّسَةِ.
سَنَة 599: قَالَ لَنَا ابْنُ البُزُوْرِيِّ: مَاجَتِ النُّجُوْمُ، وَتطَايرَتْ كَالجَرَادِ، وَدَامَ ذَلِكَ إِلَى الفَجْرِ، وَضجَّ الخلقُ إِلَى اللهِ.
وَمَاتَ سُلْطَانُ غَزْنَةَ غِيَاثُ الدِّيْنِ، وَقَامَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ شِهَابُ الدِّيْنِ.
وَأَبعدَ العَادلُ ابْنَ ابْنِ أَخِيْهِ المَنْصُوْرَ العَزِيْزَ إِلَى الرُّهَا، وَحَاصَرَ مَارْدِيْنَ، ثُمَّ صَالَحَهُ صَاحِبُهَا عَلَى حملِ مائَةٍ وَخَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ فِي العَامِ، وَأَنْ يَخطبَ لَهُ، وَالتَقَى صَاحِبُ حَمَاةَ المَنْصُوْرُ الفِرَنْجَ مرَّتينِ، وَيهزمُهُم.
وَفِي سَنَةِ سِتِّ مائَةٍ: التَقَى الأَشْرَفُ ابْنُ العَادلِ وَصَاحِبُ المَوْصِلِ نُوْرُ الدِّيْنِ، فَكسرَهُ الأَشْرَفُ، وَأَسَرَ أُمَرَاءهُ، ثُمَّ اصطلحَا، وَتَزَوَّجَ الأَشْرَفُ بِالأَتَابَكيَّةِ أُخْتِ نُوْرِ الدِّيْنِ.
وَدَخَلَتِ الفِرَنْجُ فِي النِّيلِ (3) ، فَاسْتبَاحُوا فوّة يَوْمِ العِيْدِ.
وَنَازلَ صَاحِبُ سيسَ أَنطَاكيَةَ، وَجدَّ فِي حصَارِهَا، ثُمَّ ترحَّلَ خَوْفاً مِنْ عَسْكَرِ حَلَبَ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ أَقْبَلَ وَهجمَ أَنطَاكيَةَ بِموَاطَأَةٍ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَابلَهُ البُرْنُسُ سَاعَةً، ثُمَّ التَجَأَ إِلَى القَلْعَةِ، وَنَادَى بشعَارِ صَاحِبِ حَلَبَ، وَسرَّحَ بطَاقَةً، فَسَارعَ لنجدتِهِ صَاحِبُ حَلَبَ، فَفَرَّ الأَرْمَنِيُّ.
وَأَقْبَلتْ جيوشُ الفِرَنْجِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ إِلَى عَكَّا، عَازمِينَ عَلَى قصدِ
__________
(1) نقل الذهبي ذلك من أبي شامة: 29.
(2) يعني: رجلين، وكان أحدهما مغربيا والآخر مملوكا تركيا.
(3) في جهة مدينة رشيد (انظر مفرج الكروب: 3 / 161) .(22/222)
القُدْسِ، وَنَزَلَ العَادلُ تَحْتَ الطُّورِ، وَجَاءتْهُ أَمْدَادُ العَسَاكِرِ، وَأَغَارتِ الفِرَنْجُ، وَعَاثَتْ، وَاسْتمرَّ الخوفُ شُهوراً.
وَمَا زَالتِ قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ لِلرُّومِ، فَتحزَّبَتِ الفِرَنْجُ وَملوكُهَا فِي هَذَا الوَقْتِ.
وَسَنَةُ إِحْدَى وَسِتِّ مائَةٍ: احترقَتْ دَارُ الخِلاَفَةِ، وَكَانَ أَمراً مهولاً، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّ قيمَةَ مَا ذهبَ ثَلاَثَةُ آلاَفِ أَلفِ دِيْنَارٍ وَسَبْعِ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، قَالَهُ أَبُو شَامَةَ (1) .
وَفِيْهَا: وَقعَتِ الهدنَةُ بَيْنَ العَادلِ وَبَيْنَ الفِرَنْجِ، بَعْدَ أَنْ عَاثُوا وَأَغَارُوا عَلَى حِمْصَ وَعَلَى حَمَاةَ، وَلَوْلاَ ثَبَاتُ المَنْصُوْرِ لرَاحَتْ حَمَاةُ، ثُمَّ أَغَارُوا عَلَى جبلَةَ وَاللاَّذِقِيَّةَ، وَاسْتضرُّوا، وَكَانَ العَادلُ قَدْ مَضَى إِلَى مِصْرَ، فَخَافَ وَأَهَمَّهُ أَمرُ العَدُوِّ، ثُمَّ عَملَ هِمَّةً، وَأَقْبَلَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّ مائَةٍ، فَحَاصَرَ عَكَّا مُدَّةً، فَصَالَحُوْهُ، فَلَمْ يَغْتَرَّ، وَطلبَ العَسْكَرَ مِنَ النَّوَاحِي، وَأَنفقَ الأَمْوَالَ، وَعلمَ أَنَّ الفِرَنْجَ لاَ يَنَامُوْنَ، فَنَازَلَ حصنَ الأَكرَادِ، وَأَخَذَ مِنْهَا بُرْجاً، ثُمَّ نَازلَ طَرَابُلُسَ مُدَّةً، فَملَّ جندُهُ، وَخضعَ لَهُ ملكُ طَرَابُلُسَ، وَسَيّرَ لَهُ تُحَفاً وَثَلاَثَ مائَةِ أَسيرٍ وَصَالح.
وَاستضرَّتِ الكُرْجُ، وَعَاثُوا بِأَذْرَبِيْجَانَ، وَقتلُوا خَلْقاً، وَعظُمَ البَلاَءُ، فَالتقَاهُم صَاحِبُ خِلاَطٍ وَنجدَةُ مِنَ الرُّومِيِّينَ، فَنَصْرَ اللهُ، وَقُتِلَ طَاغِيَةُ الكُرْجِ.
وَفِي سَنَةِ 602: وَزَرَ النَّصِيْر بن مَهْدِيٍّ العَلَوِيّ، وَركِبَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ دَوَاةٌ مُحلاَّةٌ بِأَلفِ مثقَالٍ، وَورَاءهُ المهدُ وَأَلويَةُ الحَمْدِ وَالكوسَاتُ (2) ، وَالعَهْدُ مَنْشُوْراً،
__________
(1) ذيل الروضتين: 51.
(2) جمع: كوسة، وهي صنوجات في نحاس شبه الترس الصغير، يدق بأحدهما على الآخر بايقاع مخصوص.
وكانت تضرب عادة لمثل هؤلاء الكبار في بعض أوقات الصلوات، حسب مقامهم. (انظر المنتظم: 9 / 6، وصبح الاعشى: 4 / 9، 43) وغيرهما.(22/223)
وَالأُمَرَاءُ مشَاةٌ، فَعذَّبَ الوَزِيْر ابْن حديدَة، وَصَادرَهُ، فَهَرَبَ مِنْهُ، ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ مُدَّةٍ خَبَرُهُ بِمَرَاغَةَ.
وَأَغَارتِ الأَرمنُ عَلَى نوَاحِي حَلَبَ، وَكبسُوا العَسْكَرَ، وَقَتَلُوا فِيهِم، فَسَارعَ الظَّاهِرُ، وَقصدَ ابْنَ لاَون، فَفَرَّ إِلَى قلاعِهِ.
وَسَلَّمَ خُوَارِزْم شَاه بلدَ تِرْمِذَ إِلَى الخَطَا مَكِيدَةً، ليتمكَّنَ مِنْ تَملُّكِ خُرَاسَانَ.
وَفِيْهَا وُجِدَ بِإِرْبِلَ خروفٌ وَجهُهُ وَجهُ آدَمِيٍّ.
وَسَارَ صَاحِبُ الرَّيِّ إِيدغمش، فَافْتَتَحَ خَمْسَ قلاعٍ لِلإسْمَاعِيليَّةِ، وَصمَّمَ عَلَى أَخْذِ ألموتَ، وَاسْتِئصَالهُم، وَكَانَتْ خُرَاسَانُ تَموجُ بِالحُرُوْبِ.
وفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ: قصدَ خوَارم شَاه الخَطَا فِي جَيْشٍ عَظِيْمٍ، فَالتَقَوا، وَتَمَّتْ بَيْنهُم مصَافَّاتٌ، ثُمَّ وَقعَتِ الهَزِيْمَةُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَأُسِرَ السُّلْطَانُ وَأَمِيْرٌ مِنْ أُمَرَائِهِ، فَأَظهرَ أَنَّهُ مَمْلُوْكٌ لِلأَمِيْرِ، فَبقِي الَّذِي أَسَرَهُمَا يَحترمُ الأَمِيْرَ.
فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ تُقَرِّرَ عليَّ مَالاً، وَأَبعثُ مَمْلُوْكِي هَذَا حَتَّى يَحضرُ المَالُ، فَانخدعَ الخطائِيُّ، وَسيَّبَ المَمْلُوْكَ، وَمَعَهُ مَنْ يَخْفُرُهُ وَيَحفظُهُ إِلَى خُوَارِزْم، فَنجَا السُّلْطَانُ، وَتَمَّتِ الحيلَةُ، وَزُيِّنَتِ البِلاَدُ.
ثُمَّ قَالَ الخطائِيُّ لذَاكَ الأَمِيْرِ: قَدْ عُدِمَ سُلْطَانُكُم.
قَالَ: أَومَا تَعرفُهُ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: هُوَ مَمْلُوْكِي الَّذِي رَاحَ.
قَالَ الخطائِيُّ: فَسِرْ بِنَا إِلَى خِدْمَتِهِ، وَهلاَّ عَرَّفْتَنِي حَتَّى كُنْتُ أَخدمُهُ (1) !؟ وَكَانَ خُوَارِزْم شَاه مُحَمَّد قَدْ عَظُمَ جِدّاً، وَدَانَتْ لَهُ الأُمَمُ، وَتحتَ يَدِهِ مُلُوْكٌ وَأَقَالِيمُ.
__________
(1) هذه إعادة لما ذكره المؤلف في ترجمته من " السير ".(22/224)
وَفِي سَنَةِ 605: كَانَتِ الزَّلْزَلَةُ العُظْمَى بِنَيْسَابُوْرَ، دَامت عَشْرَةُ أَيَّامٍ، وَمَاتَ الخلقُ تَحْتَ الرَّدْمِ.
وَفِي سَنَةِ 606: حَاصرَ ملكُ الكُرْجِ خِلاَط، وَكَادَ أَنْ يَأْخذَهَا، وَبِهَا الأَوحدُ ابْنُ الملكِ العَادلِ، فَقَالَ لإِيوَاي (1) الملكِ منجِّمُهُ: مَا تَبِيْتُ اللَّيْلَةَ إِلاَّ فِي قَلْعَةِ خِلاَط، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ سَكِرَ وَحَمَلَ فِي جَيْشِهِ، وَخَرَجَ المُسْلِمُوْنَ، وَالْتَحَمَ الحَرْبُ، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَأُسِرَ إِيوَاي، فَمَا بَاتَ إِلاَّ فِي القَلْعَةِ، وَنَازلَتِ الكُرْجُ أَرْجَيْش (2) ، وَافْتَتَحوهَا بِالسَّيْفِ.
وَكَانَ العَادلُ رُبَّمَا تركَ الجِهَادَ، وَقَاتَلَ عَلَى الدُّنْيَا، فَحَاصَرَ سِنْجَارَ مُدَّةً.
وَقَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (3) : سَارَ خُوَارِزْم شَاه، فَعبَرَ جَيْحُونَ بجيوشِهِ، فَالتقَاهُ طَاينكو طَاغِيَةُ الخَطَا، فَانْهَزَمَتِ الخَطَا، وَأُسِرَ ملكُهُم، وَأَتَى بِهِ خُوَارِزْمشَاه، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى خُوَارِزْم، وَعصَى صَاحِبُ سَمَرْقَنْدَ عَلَى حَمُوْهُ (4) خُوَارِزْمشَاه، وَظلمَ وَتَمرَّدَ، وَقَتَلَ مَنْ عِنْدَهِ مِنَ العَسْكَرِ الخُوَارِزْمِيَّةِ، فَنَازلَهُ خُوَارِزْم شَاه، وَأَخَذَ مِنْهُ سَمَرْقَنْدَ، وَبَذَلَ فِيْهَا السَّيْفَ، فَيُقَالُ: قتلَ بِهَا مائَتَا أَلف مُسْلِمٍ، ثُمَّ زَحَفَ عَلَى القَلْعَةِ، وَأَسَرَ ملكَهَا، فَذبَحَهُ.
وَفِي (5) هَذَا الوَقْتِ أَوَّلُ مَا سُمِعَ بذِكْرِ التَّتَارِ، فَخَرَجُوا مِنْ أَرَاضيهِم بَادِيَةِ الصِّينِ، وَرَاءَ بلاَدِ تُرْكُستَانَ، فَحَاربُوا الخَطَا مَرَّاتٍ، وَقووا بِكسرَةِ خُوَارِزْم
__________
(1) هذا اسم الملك.
(2) بالقرب من خلاط، كما في معجم البلدان.
(3) الكامل: 12 / 267 وذكر ابن الأثير ذلك في حوادث سنة 604، لكنه أشار إلى ان هذه الوقعة كانت سنة 606.
(4) لان خوارزمشاه كان قد زوجه ابنته.
(5) هذا من ابن الأثير أيضا: 12 / 269 - 271 بتصرف.(22/225)
شَاه لِلْخَطَا، وَعَاثُوا، وَكَانَ رَأْسُهُم يُدعَى كشلو خَان (1) ، فَكَتَبَ ملكُ الخَطَا إِلَى خُوَارِزْمشَاه: مَا جَرَى بَيْنَنَا مغفورٌ، فَقَدْ أَتَانَا عدوٌّ صعبٌ، فَإِنْ نُصِرُوا عَلَيْنَا، فَلاَ دَافع لَهُم عَنْكَ، وَالمصلحَةُ أَنْ تُنْجِدَنَا، فَكَتَبَ: هَا أَنَا قَادِمٌ لنصرتِكُم، وَكَاتَبَ كشلوخَان: إِنَّنِي قَادِمٌ وَأَنَا مَعَكَ عَلَى الخَطَا، فَكَانَ بِئسَ الرَّأْي، فَأَقْبَلَ وَالتَقَى الجمعَانِ، وَنَزَلَ خُوَارِزْم شَاه بِإِزَائِهِمَا، يُوهِمُ كُلاًّ مِنَ الفرقَيْنِ أَنَّهُ مَعَهُ، وَأَنَّهُ كَمِينٌ لَهُ، فَوَقَعتِ الكَسْرَةُ عَلَى الخَطَا، فَمَالَ خُوَارِزْم شَاه حِيْنَئِذٍ مُعِيناً لَكشلوخَان، وَاسْتَحَرَّ القتلُ بِالخَطَا، وَلجؤُوا إِلَى رُؤُوْسِ الجِبَالِ، وَانضمَّ مِنْهُم خلقٌ إِلَى خُوَارِزْم شَاه، وَخضعَ لَهُ كشلوخَان، وَقَالَ: نَتقَاسمُ مَمْلَكَةَ الخَطَا.
فَقَالَ خُوَارِزْم شَاه: بَلِ البِلاَدُ لِي، وَسَارَ لِحَرْبِهِ، ثُمَّ تَبيَّن لَهُ قوَّةَ التَّتَارِ، فَأَخَذَ يُرَاوِغُهُم وَيَكبِسُهُم، فَبَعَثَ إِلَيْهِ كشلو: مَاذَا فِعلُ ملكٍ، ذَا فِعْلُ اللُّصُوصِ، فَإِنْ كُنْتَ ملِكاً فَاعملْ مصَافّاً (2) .
فَلَمْ يُجِبْهُ، وَأَمرَ أَهْلَ فَرغَانَةَ وَالشَّاشَ وَمَدَائِنَ التُّرْكِ بِالجفلِ إِلَى بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ، وَخرَّبَ المَدَائِنَ وَدحَاهَا عجزاً عَنْ حَفِظِهَا مِنْهُم.
ثُمَّ خَرَجَ عَلَى كشلوخَان الطَّاغِيَةُ جِنْكِزْ خَان، فَتحَاربُوا مُدَّةً، وَظَفِرَ جِنْكِزْ خَان، وَطغَى وَتَمرَّدَ، وَأَبَاد البِلاَدَ وَالعِبَادَ، وَأَخَذَ أَقَالِيمَ الخَطَا، وَجَعَلَ خَان بِالق دَارَ مُلْكِهِ، وَأَفنَى الأُمَمَ بِإِقْلِيْمِ التُّرْكِ، وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَخُرَاسَانَ، وَهَزَمَ الجُيُوْشَ.
وَمَا جَرَى لَهُ فَسِيرَةٌ مُفْرَدَةٌ، وَقَدْ جَوَّدَ وَصفَهُم المُوَفَّقُ البَغْدَادِيُّ، فَقَالَ:
__________
(1) ويقال فيه: " كشلي خان " أيضا.
(2) في الأصل: مصاف.
وهذه التعابير معظمها للذهبي مع أنه نقل المادة من ابن الأثير، وقد اشرنا غير مرة أن الذهبي ينقل المعنى، ويغير في الألفاظ ويختصر النصوص ويصيغها بصياغته، وهذا تجوز منه رحمه الله.
وفي كامل ابن الأثير: " وإلا إن كنت سلطانا، كما تقول، فيجب أن نلتقي، فإما أن تهزمني وتملك البلاد التي بيدي، وإما أن أفعل أنا بك ذلك.
فكان يغالطه ولا يجيبه إلى ما طلب ".(22/226)
حَدِيْثُهُم حَدِيْثٌ يَأْكُلُ الأَحَادِيْثَ، وَخبرٌ يُنسِي التَّوَارِيخَ، وَنَازلَةٌ تُطْبِقُ الأَرْضَ، هَذِهِ أُمَّةٌ لغتُهَا مَشوبَةٌ بلُغَةِ الهِنْدِ لمُجَاوِرتِهِم، عِرَاضُ الوُجُوهِ، وَاسِعُو الصُّدُوْرِ، خفَافُ الأَعجَازِ، صِغَارُ الأَطرَافِ، سُمْرٌ، سرِيعُو الحركَةِ، تَصلُ إِلَيْهِم أَخْبَارُ الأُمَمِ، وَلاَ تَصلُ أَخْبَارُهَا إِلَيْهِم، وَقَلَّمَا يَقدِرُ جَاسوسٌ أَنْ يَتمكَّنَ مِنْهُم؛ لأَنَّ الغَرِيْبَ لاَ يُشْبِهُهُم، وَإِذَا أَرَادُوا وجهَةً كتمُوا أَمرَهُم، وَنهضُوا دَفْعَةً، فَتنسدُّ لِهَذَا عَلَى النَّاسِ وُجُوهُ الحِيَلِ، وَتضيقُ طُرُقُ الهربِ، وَيسبقُوْنَ التَأَهُّبَ، نِسَاؤهُم يقَاتِلْنَ، يَقتلُوْنَ النِّسَاءَ وَالوِلدَانَ بِغَيْرِ اسْتثنَاءٍ، وَرُبَّمَا أَبقَوا ذَا صنعَةٍ، أَوْ ذَا قُوَّةٍ، وَغَالِبُ سلاَحِهِم النُّشَّابُ، وَيطعنُوْنَ بِالسُّيوفِ أَكْثَرَ مِمَّا يَضربُوْنَ بِهَا، جَوَاشنُهُم مِنْ جُلُودٍ، وَخيلُهُم تَأْكلُ الكلأَ وَمَا تَجدُ مِنْ وَرقٍ وَخشَبٍ، وَسُرُوجُهُم صِغَارٌ، لَيْسَ لَهَا قيمَةٌ، وَأَكلُهُم أَيُّ حيوَانٍ وُجِدَ، وَتَمَسُّهُ النَّارُ تَحِلَّةَ القسمِ، لَيْسَ فِي قتلِهِم اسْتثنَاءٌ، كَانَ قصدُهُم إِفنَاءُ النَّوعِ، مَا سَلِمَ مِنْهُم إِلاَّ غَزْنَةَ وَأَصْبَهَانَ.
قُلْتُ: ثُمَّ اسْتبَاحُوا أَصْبَهَانَ سَنَة 632.
قَالَ: وَهَذِهِ القبيلَةُ الخبيثَةُ تُعْرَفُ بِالتّمرجِيِّ، سُكانَ برَارِي قَاطع الصَّينِ، وَمَشتَاهُم بِأَرغونَ، وَهُم مَشْهُوْرُوْنَ بِالشَّرِّ وَالغَدْرِ، وَالصِّينُ مُتَّسِعٌ، وَهُوَ سِتُّ مَمَالِكَ، قَانُهُمُ الأَكْبَرُ مُقِيْمٌ بطمغَاج، وَكَانَ سُلْطَانُ أَحَدِ المَمَالِكِ السِّتِّ دوش خَان، زوجَ عمَّةِ جِنْكِزْ خَان، فَزَارَ جِنْكِزْ خَان عَمَّتَهُ إِذْ مَاتَ زوجُهَا وَمَعَهُ كشلوخَان.
فَقَالَتْ: زوجِي مَا خلَّفَ ابْناً، فَأَرَى أَنْ تَقُوْمَ مقَامَهُ، فَقَامَ جِنْكِزْ خَان وَنفذَ تُحَفاً إِلَى القَانِ الكَبِيْرِ، فَتنمَّرَ وَأَنِفَ منْ تَملّكِ تَترِيٍّ (1) ، فَتعَاقدَ جِنْكِزْ خَان وَكشلوخَان عَلَى التَّنَاصُرِ، وَأَبدوا الخلاَفَ، وَكثُرَ
__________
(1) جاء في حاشسية الأصل: " التتري معناه الفلاح ".(22/227)
جمعُهُم، فَالتَقَوا، فَطحنُوا عَسَاكِرَ البِلاَدِ، وَعلمَ القَانُ قوَّتَهُم، فَأَرْسَلَ يُخَوِّفُهُم، ثُمَّ التقَوْهُ، فَكسرُوهُ أَقبحَ كَسْرَة، وَنجَا القَانُ بِنَفْسِهِ، وَاسْتَوْلَى جِنْكِزْ خَان عَلَى بلاَدِهِ، فَرَاسلَهُ القَانُ بِالمسَالَمَةِ، وَقنعَ بِمَا بَقِيَ فِي يَدِهِ، وَسَارَا إِلَى سَاقُوْنَ مِنَ الصِّيْنِ، فَملكَاهَا، ثُمَّ مَاتَ كشلوخَان، فَقَامَ بَعْدَهُ وَلدُهُ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَعَ جِنْكِزْ خَان كَبِيْر أَمرٍ، فَتَأَلَّمَ وَافترقَا، وَتحَاربَا، فَظَفِرَ جِنْكِزْ خَان بِهِ، وَانْفَرَدَ، وَدَانَتْ لَهُ قبَائِلُ المغولِ، وَوَضَعَ لَهُم يَاسَةً (1) يَتمسَّكُوْنَ بِهَا، لاَ يُخَالِفونَهَا أَلبتَةَ، وَتعبَّدُوا بطَاعتِهِ وَتعَظِيْمِهِ، ثُمَّ أَوَّلُ مَصَافٍّ وَقَعَ بَيْنَ خُوَارِزْم شَاه وَبَيْنَ التَّتَارِ كَانَ قَائِدُهُم وَلدُ جِنْكِزْ خَان دوشِي خَان، فَانْهَزَمَ دوشِي خَان، وَرجعَ خُوَارِزْم شَاه مِنْ بلاَدِ التُّرْكِ فِي هَمٍّ وَفِكْرٍ مِنْ هَذَا العَدُوِّ لما رَأَى مِنْ كثرَتِهِم وَإِقدَامِهِم وَشَجَاعَتِهِم.
وَفِي سَنَةِ 607: اتَّفَقتِ المُلُوْكُ عَلَى العَادلِ، سُلْطَانُ الرُّوْمِ وَصَاحِبُ المَوْصِلِ وَالظَّاهِرُ وَمَلِكُ الجَزِيْرَةِ وَصَاحِبُ إِرْبِلَ، وَعزمُوا عَلَى إِقَامَةِ الخطبَةِ بِالسَّلطنَةِ لِصَاحِبِ الرُّوْمِ خسروشاه بنِ قِلْج أَرْسَلاَن، وَحَسَّنُوا لِلْكُرجِ قصد خِلاَط، فَلَمَّا أُسِرَ مُقَدِّمُهُم تَفرَّقَتِ الآرَاءُ، وَصَالحُوا العَادلَ، وَافتكَّ إِيوَائِي نَفْسَهُ بِأَلْفَي أَسِيْرٍ وَثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ وَعِشْرِيْنَ قَلْعَةٍ كَانَ تغلَّبَ عَلَيْهَا، وَأَنَّ يُزَوِّجَ الملكَ الأَوحدَ بِابْنتِهِ، فَعَاد إِلَى مُلْكِهِ، وَسومِحَ بِبَعْضِ مَا التزَمَهُ، وَلَمَّا تَملَّكَ الأَشْرَفُ خِلاَط، تَزَوَّجَ بِابْنَةِ إِيوَائِي، وَتَزَوَّجَ صَاحِبُ المَوْصِلِ بِبنتِ العَادلِ، فَمَاتَ قَبْلَ وُصُوْلِهَا إِلَيْهِ (2) .
وَنقصَتْ دِجْلَةَ إِلَى الغَايَةِ حَتَّى خَاضَهَا النَّاسُ فَوْقَ بَغْدَادَ.
سَنَة 608: فِيْهَا اسْتبَاحَ رَكْبَ العِرَاقِ قَتَادَةُ صَاحِبُ مَكَّةَ، وَقُتِلَ عِدَّةٌ،
__________
(1) الياسة: هي شريعة المغول وقانونهم.
(2) من ذيل الروضتين: 75 - 76.(22/228)
وَخَرَجَ خلقٌ، فَيُقَالُ: ذهبَ لِلوفْدِ مَا قيمتُهُ أَلْفَا أَلفِ دِيْنَارٍ، وَزُفَّتْ بِنْتُ العَادلِ ضَيْفَةً إِلَى صَاحِبِ حَلَبَ الظَّاهِرِ، تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْسِيْنَ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَنفّذَ جهَازَهَا عَلَى ثَلاَثِ مائَةِ جَمَلٍ وَخَمْسِيْنَ بَغْلاً وَخَمْسُوْنَ جَارِيَةً، وَخلَعَ عَلَيْهَا الزَّوْجُ جَوَاهرَ بِثَلاَثِ مائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَتَمَلَّكَ أَلبَانُ صَاحِبُ عَكَّا أَنطَاكيَةَ، فَشنَّ الغَارَاتِ عَلَى التُّرُكْمَانِ، وَهجمَ عَلَى بُورَةَ (1) مِنْ إِقْلِيْمِ مِصْرَ، فَاسْتبَاحهَا، فَبَيَّتَهُ التُّرُكْمَانُ وَقتلُوْهُ، وَقتلُوا فُرْسَانَهُ.
وَفِي سَنَةِ 609: المَلْحَمَةُ الكُبْرَى بِالأَنْدَلُسِ، وَتُعْرَفُ بوقعَةِ العُقَابِ بَيْنَ النَّاصِرِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ المُؤْمِنِيِّ، وَبَيْنَ الفِرَنْجِ، فَنَزَلَ النَّصْرُ، لَكِنِ اسْتُشْهِدَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ.
سَنَة عشر: قَالَ أَبُو شَامَةَ: وَفِيْهَا خلصَ خُوَارِزْم شَاه مِنَ الأَسرِ، خطرَ لَهُ أَنْ يَكشِفَ التَّتَارَ بِنَفْسِهِ، فَدَخَلَ فِيهِم هُوَ وَثَلاَثَةٌ بِزِيِّهِم، فَقبضُوا عَلَيْهِم، فَضربُوا اثْنَيْنِ فَمَاتَا تَحْتَ العَذَابِ، وَرَسَمُوا عَلَى خُوَارِزْم شَاه وَآخرَ فَهَرَبا فِي اللَّيْلِ (2) .
وَقتلَتِ التُّرُكْمَانُ إِيدغمش صَاحِبَ الرَّيِّ وَهَمَذَانَ، فَتَأَلَّمَ الخَلِيْفَةُ، وَتَمَكَّنَ منْكلِي وَعظم.
فِي سَنَةِ 611: تَملَّكَ خُوَارِزْم شَاه كِرْمَانَ وَمُكْرَانَ وَالسِّنْدَ، وَخَطَبَ لَهُ بِهُرْمُزَ وَهلوَات، وَكَانَ يصيفُ بِسَمَرْقَنْدَ، وَإِذَا قصدَ بَلَداً سبقَ خَبَرُهُ.
__________
(1) مدينة على الساحل قرب دمياط.
(2) ذيل الروضتين: 83 - 84.(22/229)
وَفِي سَنَةِ 612: أَغَارتِ الكُرْجُ عَلَى أَذْرَبِيْجَانَ، وَغَنِمُوا الأَمْوَالَ، وَأَزْيَدَ مِنْ مائَةِ أَلْفِ أَسِيْرٍ، قَالَهُ أَبُو شَامَةَ (1) .
وَبَعَثَ الملكُ الكَامِلُ وَلَدَهُ المَسْعُوْدَ، فَأَخَذَ اليَمَنَ بِلاَ كُلْفَةٍ وَظَلَمَ وَعَتَا وَتَمرَّدَ.
وَتَوثَّبَ خُوَارِزْم شَاه عَلَى غَزْنَةَ، فَتَمَلَّكهَا، وَجَعَلَ بِهَا وَلدَهُ جَلاَلَ الدِّيْنِ منْكُوبرِي.
وَهَزَمَ صَاحِبُ الرُّوْمِ كيكَاوس الفِرَنْجَ، وَأَخَذَ مِنْهُم أَنطَاكيَةَ، ثُمَّ صَارَت لِبِرِنْسَ طَرَابُلُسَ.
وَفِيْهَا: كُسِرَ مُنْكلِي صَاحِبُ أَصْبَهَانَ وَالرَّيِّ وَهَمَذَانَ وَقُتِلَ.
وَفِي سَنَةِ 613: أُحْضِرَتْ أَرْبَعَةُ أَوتَارٍ (2) لِنَسْرِ القُبَّةِ (3) ، طُولُ اثْنَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ ذَرَاعاً، أُدْخِلَتْ مِنْ بَابِ الفَرَجِ (4) إِلَى بَابِ النَّاطِفِيِّينَ، وَأُقِيمَتْ لأَجْلِ القرنَة، ثُمَّ مُدِّدَتْ.
وَحُرِّرَ خَنْدَقُ القَلْعَةِ (5) ، وَعَمِلَ فِيْهِ كُلُّ أَحَدٍ، وَالفُقَهَاءُ وَالصُّوْفِيَّةُ. وَالمُعَظَّمُ بِنَفْسِهِ، وَأُنشِئَ المُصلَّى، وَعُمِلَ بِهِ الخَطْبَةُ.
وَوَقَعَ بِالبَصْرَةِ بَرَدٌ صِغَارُهُ كَالنَّارِنْجِ.
وَفِي سَنَةِ 614: كَانَ الغَرقُ.
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (6) - بِقِلَّةِ وَرَعٍ -:
__________
(1) ذيل الروضتين: 89.
(2) في ذيل الروضتين: " أوتاد " مصحف.
(3) يعني: لقبة النسر في جامع دمشق الأموي، وقد قال المؤلف في " تاريخ الإسلام " - ونقلت من خطه -: " قال أبو شامة: فيها أحضرت الاوتار الخشب لاجل نسر قبة الجامع " (الورقة: 230 أيا صوفيا: 3011) وقارن: ذيل الروضتين: 92.
(4) شطح قلم ناسخ الأصل فكتب " الفرنج ".
(5) هو خندق باب السر.
(6) مرآة الزمان: 8 / 582.(22/230)
فَانهدمَتْ بَغْدَادُ بِأَسْرِهَا، وَلَمْ يَبْقَ أَنْ يَطفحَ المَاءُ عَلَى رَأْسِ السُّوْرِ إِلاَّ قَدرَ إِصبعينِ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَبَقِيَتْ بَغْدَادُ مِنَ الجَانِبَينِ تُلُوْلاً لاَ أَثرَ لَهَا.
قُلْتُ: العجبُ مِنْ أَبِي شَامَةَ (1) يَنقلُ أَيْضاً هَذَا وَلاَ يُبَالِي بِمَا يَقُوْلُ.
وَقَالَ أَبُو المُظَفَّرِ (2) : نَزلَ خُوَارِزْم شَاه فِي أَرْبَعِ مائَةِ أَلْفٍ قَاصداً بَغْدَادَ، فَاسْتعدَّ النَّاصِرُ، وَفرَّقَ الأَمْوَالَ وَالعُدَدَ، وَنفَّذَ إِلَيْهِ رَسُوْلاً السُّهْرَوَرْدِيَّ (3) ، فَأَهَانَهُ، فَاسْتوقفَهُ وَلَمْ يُجْلِسْهُ، وَفِي الخِدْمَةِ مُلُوْكُ العجمِ.
قَالَ: وَهُوَ شَابٌّ عَلَى تَخْتٍ، وَعَلَيْهِ قبَاءٌ يُسَاوِي خَمْسَةَ درَاهِم، وَعَلى رَأْسِهِ قُبعُ جلدٍ يُسَاوِي دِرْهَماً، فَسَلَّمْتُ فَمَا ردَّ، فَخطبْتُ وَذكَّرْتُ فَضلَ بَنِي العَبَّاسِ، وَعَظَّمْتُ الخَلِيْفَةَ، وَالتَّرْجَمَانُ يُعيدُ عَلَيْهِ.
فَقَالَ لِلتَّرْجَمَانِ: قُلْ هَذَا الَّذِي يَصفُهُ: مَا هُوَ فِي بَغْدَادَ، بَلَى أَنَا أُقيمُ خَلِيْفَةً كَمَا تَصِفُ، وَرَدّنَا بِلاَ جَوَابٍ، وَنَزَلَ ثَلجٌ عَظِيْمٌ، فَهلكَتْ خَيْلُهُم وَجَاعُوا، وَكَانَ مَعَهُ سَبْعُوْنَ أَلْفاً مِنَ الخَطَا، فَصرَفَهُ اللهُ عَنْ بَغْدَادَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: أَنَا مَنْ (4) آذِيتُ أَحَداً مِنْ بَنِي العَبَّاسِ؟ بَلْ فِي جَيْشِ الخَلِيْفَةِ خَلْقٌ مِنْهُم، فَأَعِدْ هَذَا عَلَى مَسَامِعِ الخَلِيْفَةِ، وَمَنَعَهُ اللهُ بثلوجٍ لاَ تُوصَفُ.
وَفِيْهَا: أَقْبَلتْ جُيوشُ الفِرَنْجِ لِقَصدِ بَيْتِ المَقْدِسِ، وَالأَخْذِ بِالثَّأْرِ، وَوصلُوا إِلَى بَيْسَانَ، وَتَأَخَّرَ العَادلُ فَتَبِعُوْهُ، وَنَزَلَ بِمرْجِ الصُّفَّرِ (5) ، وَاسْتحثَّ العَسَاكِرَ وَالمُلُوْكَ، وَضَجَّ الخَلْقُ بِالدُّعَاءِ، وَكَانَتْ هُدنَةٌ، فَانْفسخَتْ وَنَهَبَتِ الفِرَنْجُ بلاَدَ
__________
(1) ذيل الروضتين: 100.
(2) مرآة الزمان: 8 / 582 - 583.
(3) شهاب الدين عمر المتوفي سنة 632.
(4) هكذا في الأصل، وفي " تاريخ الإسلام " - بخط المؤلف - وفي ذيل الروضتين: " ما "
(5) التقييد من معجم البلدان ".(22/231)
الشَّامِ، وَوصلُوا إِلَى الخربَةِ (1) ، وَحَاصرُوا قَلْعَةَ الطُّورِ الَّتِي بنَاهَا المُعَظَّمُ مُدَّةً، وَعَجَزُوا عَنْهَا، وَرَجَعُوا، فَجَاءَ المُعَظَّم، وَخَلَعَ عَلَى مَنْ بِهَا، ثُمَّ اتَّفَقَ هُوَ وَأَبُوْهُ عَلَى هَدْمِهَا، وَأَخَذَتْ خَمْسُ مائَةٍ مِنَ الفِرَنْجِ جِزِّينَ، وَفَرَّ رِجَالُهَا فِي الجبلِ، ثُمَّ بَيَّتُوا الفِرَنْجَ، فَاسْتَحَرَّ بِهِمُ القتلُ، حَتَّى مَا نَجَا مِنَ الفِرَنْجِ سِوَى ثَلاَثَةٌ.
وَبَادَرَتِ الفِرَنْجُ إِلَى قَصْدِ مِصْرَ لِخُلُوِّهَا مِنَ العَسَاكِرِ، وَأَشرفَ النَّاسُ عَلَى التَّلَفِ، وَمَا جَسَرَ العَادلُ عَلَى المُلْتَقَى لِقِلَّةِ مَنْ عِنْدَهِ مِنَ العَسَاكِرِ، فَتَقَهْقَرَ.
وَدَخَلتْ سَنَةُ 615: فَنَازَلَتِ الفِرَنْجُ دِمْيَاطَ، وَأَقْبَلَ الكَامِلُ ليكشِفَ عَنْهَا، فَدَامَ الحصَارُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَمَاتَ العَادلُ، وَخلصَ وَاسْترَاحَ.
وَفِيْهَا: كَسَرَ الأَشْرَفُ صَاحِبَ الرُّوْمِ، ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَخَذَ مَعَهُ عَسْكَرَ حَلَبَ مُغِيراً عَلَى سوَاحلِ الفِرَنْجِ.
وَأَخَذتِ الفِرَنْجُ بُرْجَ السِّلْسِلَةِ مِنْ دِمْيَاطَ، وَهُوَ قُفْلٌ عَلَى مِصْرَ؛ بُرجٌ عَظِيْمٌ فِي وَسطِ النِّيلِ، فَدِمْيَاطُ بحذَائِهِ، وَالجِيْزَةُ مِنَ الحَافَّةِ الغربيَّةِ، وَفِيْهِ سِلْسِلَتَانِ، تَمتَدُّ كُلُّ وَاحِدَةٍ عَلَى وَجْهِ النِّيلِ إِلَى سُورِ دِمْيَاطَ، وَإِلَى الجِيْزَةِ، يَمنعَانِ مَرْكَباً يَدخلُ مِنَ البَحْرِ فِي النِّيلِ، وَعَدَتِ الفِرَنْجُ إِلَى بَرِّ دِمْيَاطَ، فَفَرَّ العَسَاكِرُ مِنَ الخِيَامِ، فَطَمِعَ العَدُوُّ، ثُمَّ كَرَّ عَلَيْهِمُ الكَامِلُ، فَطَحَنَهُم، فَعَادُوا إِلَى دِمْيَاطَ.
وَمَاتَ كِيكَاوسُ صَاحِبُ الرُّوْمِ، وَكَانَ جَبَّاراً ظَلُوْماً.
وَمَاتَ القَاهِرُ مَسْعُوْدٌ صَاحِبُ المَوْصِلِ.
وَرجعَ مِنْ بلاَدِ بُخَارَى خُوَارِزْم شَاه إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَقَدْ بلغَهُ أَنَّ التَّتَارَ
__________
(1) وتعرف بخربة اللصوص.(22/232)
قَاصِدُوْهُ، وَجَاءهُ رَسُوْلُ جِنْكِزْ خَان يَطلبُ الهدنَةَ يَقُوْلُ: إِنَّ القَانَ الأَعْظَمَ يُسَلِّمُ عَلَيْكَ وَيَقُوْلُ: مَا يَخفَى عليَّ عِظَمُ سُلْطَانِكَ، وَأَنْت كَأَعزِّ أَوْلاَدِي، وَأَنَا بيدِي مَمَالِكُ الصِّيْنِ، فَاعقِدْ بَيْنَنَا المَوَدَّةَ، وَتَأَذَّنْ لِلتُّجَّارِ، وَتنْعَمِرُ البِلاَدُ.
فَقَالَ السُّلْطَانُ لِمَحْمُوْدٍ الخُوَارِزْمِيِّ الرَّسُولِ: أَنْتَ مِنَّا وَإِلَينَا.
وَأَعْطَاهُ جَوَاهرَ، وَطلبَ أَنْ يَكُوْنَ مُنَاصحاً لَهُ، فَأَجَابَهُ، فَقَالَ: اصدُقْنِي، تَملَّكَ جِنْكِزْ خَان طمغَاجَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَمَا المصلحَةُ؟
قَالَ: الصُّلحُ.
فَأَجَابَ، فَأَعْجَبَ ذَلِكَ جِنْكِزْ خَان، وَمَشَى الحَالُ.
ثُمَّ جَاءَ مِنْ جِهَةِ التَّتَارِ تُجَّارٌ، فَشَرِهَتْ نَفْسُ خَالِ السُّلْطَانِ مُتَوَلِّي مَا وَرَاءَ النَّهْرِ إِلَى أَخْذِ أَمْوَالِهِم، وَقبضَ عَلَيْهِم، وَظنَّهُم جَوَاسيسَ لِلتَّتَارِ، فَجَاءَ رَسُوْلُ جِنْكِزْخَانَ يَقُوْلُ:
إِنَّك أَمَّنْتَ تُجَّارَنَا، وَالغَدْرُ قَبِيحٌ، فَإِنْ قُلْتَ: فَعلَهُ خَالِي، فَسلِّمْهُ إِلَيْنَا، وَإِلاَّ سَترَى مِنِّي مَا تَعرِفُنِي بِهِ.
فَحَارَتْ نَفْسُ خُوَارِزْم شَاه، وَتَجَلَّدَ، وَأَمرَ بِقَتْلِ الرُّسُلِ - فَيَا بِئسَ مَا صَنَعَ - وَحصَّنَ سَمَرْقَنْدَ، وَشحنهَا بِالمُقَاتِلَةِ، فَمَا نَفعَ، وَقُضِيَ الأَمْرُ.
وَدَخَلتْ سَنَةُ 616: فَتقهقَرَ خُوَارِزْم شَاه، وَأَقْبَلتِ المُغْلُ كَاللَّيْلِ المُظْلِمِ، وَمَا زَالَ أَمرُ خُوَارِزْم شَاه فِي إِدبارٍ، وَسعدُهُ فِي سَفَالٍ، وَمُلْكُهُ فِي زوَالٍ، وَهُوَ فِي تَقهقُرٍ وَاندفَاعٍ، إِلَى أَنْ قَارَبَ هَمَذَانَ، وَتَفرَّقَ عَنْهُ جَمْعُهُ حَتَّى بَقِيَ فِي عِشْرِيْنَ أَلْفاً، فَمَا بَلَعَ رِيقَهُ إِلاَّ وَطلاَئِعُ المُغْلِ قَدْ أَظلَّتْهُ وَأَحَدقُوا بِهِ، فَنجَا بِنَفْسِهِ، وَاسْتَحَرَّ القتلُ بِجُندِهِ، وَفَرَّ إِلَى الجبلِ، ثُمَّ إِلَى مَازَندرَان، وَنَزَلَ بِمسجدٍ عَلَى حَافَّةِ البَحْرِ يُصَلِّي بِجَمَاعَةٍ، وَيَتلُو وَيَبْكِي، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ كَبَسَهُ العَدُوُّ، فَهَرَبَ فِي مَرْكبٍ صَغِيْرٍ، فَوَصَلَ إِلَيْهِ نَشَّابُهُم، وَخَاضَ وَرَاءهُ طَائِفَةٌ، فَبقِيَ فِي لُجَّةٍ، وَمَرِضَ بِذَاتِ الجَنْبِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَا بَقِيَ لَنَا مِنْ مَمْلَكَتِنَا قدرَ ذِرَاعَينِ نُدْفَنُ فِيْهَا.
فَوَصَلَ إِلَى جَزِيْرَةٍ، فَأَقَامَ بِهَا طرِيْداً وَحيداً مجهوداً، وَمَاتَ، فَكَفَّنَهُ فَرَّاشُهُ فِي عِمَامَتِهِ سَنَة سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ.(22/233)
وَفِي أَوَّلِ سَنَةِ 616: خرَّبَ أَسوَارَ القُدْسِ المُعَظَّم خَوْفاً مِنْ تَملُّكِ الفِرَنْجِ، وَهجَّ النَّاسُ مِنْهُ عَلَى وُجُوْهِهِم، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ أَحصنَ مَا يَكُوْنُ وَأَعمرَهُ، وَذَاكَ لأَنَّه كَانَ فِي نَجدَةِ أَخِيْهِ عَلَى دِمْيَاطَ، وَسَمِعَ أَنَّ الفِرَنْجَ عَلَى قصْدِهِ، وَكَانَ بِهِ أَخُوْهُ الملكُ العَزِيْزُ وَعزُّ الدِّينِ أَيْبَكُ صَاحِبُ صَرْخَدَ، فَشرعُوا فِي هَدْمِهِ، وَتَمَزَّقَ أَهْلُهُ، وَتعثَّرُوا، وَنَهَبُوا، وَبِيْعَ رَطْلُ النُّحَاسِ بنِصْفٍ، وَالزَّيْتُ عَشْرَةُ أَرطَالٍ بِدِرْهَمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (1) : لَمَّا أَخذَتِ الفِرَنْجُ برجُ السِّلْسِلَةِ، عَمِلَ الكَامِلُ عَلَى النِّيلِ جِسْراً عَظِيْماً، فَالتحَمَ القِتَالُ حَتَّى قطعَتْهُ الفِرَنْجُ، فَعمدَ الكَامِلُ إِلَى عِدَّةِ مَرَاكِبَ، وَملأَهَا حجَارَةً وَغَرَّقَهَا فِي المَاءِ ليمنَعَ مَرْكَباً مِنْ سُلُوْكٍ، فَحَفَرَتِ الفِرَنْجُ خَلِيْجاً وَأَخَّرُوهُ، وَأَدخلُوا مَرَاكِبَهُم مِنْهُ، حَتَّى دَخَلُوا بُورَةً، وَحَاذَوُا الكَامِلَ، وَقَاتَلُوْهُ مَرَّاتٍ فِي المَاءِ، وَلَمْ يَتغَيَّرْ عَنْ أَهْلِ دِمْيَاطَ شَيْءٌ، لأَنَّ المِيْرَةَ وَاصِلَةٌ إِلَيْهِم، وَمَاتَ العَادلُ، فَهَمَّ جَمَاعَةٌ (2) بِتَملِيكِ الفَائِزِ بِمِصْرَ، فَبَادرَ الكَامِلُ وَأَصْبَحَ الجَيْشُ فِي خَبْطَةٍ، وَقَدْ فَقَدُوا الكَامِلَ، فَشدَّتِ الفِرَنْجُ عَلَى دِمْيَاطَ، وَأَخَذُوا بَرَّهَا بِلاَ كُلْفَةٍ، وَلَوْلاَ لُطْفُ اللهِ وَقُدومُ المُعَظَّم بَعْدَ يَوْمَيْنِ لَرَاحتْ مِصْرُ، فَفَرحَ بِهِ الكَامِلُ، وَبعثَوا عِمَادَ الدِّيْنِ أَحْمَدَ بنَ المَشْطُوْبِ الَّذِي سَعَى لِلْفَائِزِ إِلَى الشَّامِ، وَتَمَادَى حِصَارُ الفِرَنْجِ لدِمْيَاطَ، وَصَبَرَ أَهْلُهَا صَبْراً عَظِيْماً، وَقُتِلَ مِنْهُم خلقٌ، وَقَلُّوا وَجَاعُوا، فَسلَّمُوهَا بِالأَمَانِ (3) ، فَحَصَّنَهَا العَدُوُّ، وَأَشرفَ النَّاسُ عَلَى خِطَّةٍ صَعْبَةٍ، وَهَمَّ أَهْلُ مِصْرَ بِالجلاَءِ، وَأُخِذَتْ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، وَدَامَ الكَامِلُ مُرَابِطاً إِلَى سَنَةِ ثَمَانِي عَشْرَةَ (4) ، وَأَقْبَلَ الأَشْرَفُ مُنْجِداً
__________
(1) الكامل: 12 / 324 فما بعدها بتصرف واختصار.
(2) يتزعمهم الأمير عماد الدين أحمد بن علي المعروف بابن المشطوب.
(3) شطح قلم ناسخ الأصل فكتب " بالالمان ".
(4) رابط معه عدد كبير من المحدثين والفقهاء وأبلوا بلاء عظيما في الجهاد واستشهد منهم =(22/234)
لأَخِيهِ، وَقَوِيَ المُسْلِمُوْنَ، وَحَاربُوا الفِرَنْجَ مَرَّاتٍ، وَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ فِي هُدنَةٍ، وَبَذَلُوا لِلْفرنجِ القُدْسَ وَعَسْقَلاَنَ وَقِلاَعاً سِوَى الكَرَكِ، فَأَبَوْا، وَطَلَبُوا ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ عِوَضاً عَنْ تَخرِيبِ
سُورِ القُدْسِ، فَاضطرَّ المُسْلِمُوْنَ إِلَى حَرْبِهِم.
فَقَلَّتِ المِيْرَةُ عَلَى الفِرَنْجِ، فَفَجَّرَ المُسْلِمُوْنَ النِّيلَ عَلَى مَنْزِلَةِ الفِرَنْجِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُم مَسْلَكٌ غَيْرُ جهَةٍ ضَيِّقَةٍ، فَنَصَبَ الكَامِلُ الجسورَ عَلَى النِّيلِ، وَدَخَلتِ العَسَاكِرُ، فَملَكُوا المضِيْقَ، وَسُقِطَ فِي أَيدِي الفِرَنْجِ، وَجَاعُوا، فَأَحرقُوا خِيَامَهُم وَأَثقَالَهُم وَمَجَانِيْقَهُم، وَعزمُوا عَلَى الزَّحْفِ إِلَى المُسْلِمِيْنَ، فَعَجَزُوا وَذلّوا، وَعَزَّ المُسْلِمُوْنَ عَلَيْهِم، فَطَلبُوا مِنَ الكَامِلِ الأَمَانَ، وَيَتْرُكُوا لَهُ دِمْيَاطَ، فَبَيْنَمَا هُم فِي ذَلِكَ إِذَا رَهَجٌ (1) عَظِيْمٌ، وَضجَّةٌ مِنْ جِهَةِ دِمْيَاطَ، فَظنُّوهَا نَجدَةً لِلْفرنجِ جَاءت، وَإِذَا بِهِ المَلِكُ المُعَظَّمُ فِي جُندِهِ، فَخُذِلَتِ الملاعِينُ وَسَلّمُوا دِمْيَاطَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ، وَدخلَهَا المُسْلِمُوْنَ، وَقَدْ بَالَغَتِ الكِلاَبُ فِي تَحْصِينِهَا - وَللهِ الحَمْدُ -.
أَنْبَأَنِي مَسْعُوْدُ بنُ حمويَه، قَالَ: لَمَّا تَقرَّرَ الصُّلحُ، جلسَ السُّلْطَانُ فِي مُخَيَّمِهِ، عَنْ يَمِيْنِهِ المُجَاهِدُ شِيرْكُوْهُ، ثُمَّ الأَشْرَفُ، ثُمَّ المُعَظَّم، ثُمَّ صَاحِبُ حَمَاةَ، ثُمَّ الحَافِظُ صَاحِبُ جَعْبَرَ، وَمقدَّمُ عَسْكَرِ حَلَبَ، وَمقدَّمُ المَوَاصِلَةِ، وَالمَاردَانِيْنَ، وَمقدَّمُ جُنْدِ إِرْبِلَ وَمَيَّافَارِقِيْنَ، وَعَنْ شِمَالِهِ نَائِبُ البَابَا، ثُمَّ صَاحِبُ عَكَّا، ثُمَّ صَاحِبُ قُبْرصَ، وَصَاحِبُ طَرَابُلُسَ، وَصَاحِبُ صَيْدَا، ثُمَّ أَربَابُ القلاعِ، وَمقدَّمُ الدّيويَةَ، وَمقدَّمُ الإِسبتَارِ، وَكَانَ يَوْماً مَشْهُوْداً، فَأَذِنَ السُّلْطَانُ بِأَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِم المَأْكولُ، فَكَانَ يَدخلُ إِلَيْهِم كُلَّ يَوْمٍ خَمْسُوْنَ أَلْفَ رَغِيْفٍ، وَمائتَا
__________
= عدد كبير دفاعا عن بيضة الإسلام، ذكر عددا منهم الزكي المنذري في " التكملة "، والذهبي في " تاريخ الإسلام " وهكذا كان العلماء رضي الله تعالى عنهم.
(1) الرهج: الغبار.(22/235)
أَردب شعير، وَكَانُوا يَبيعُوْنَ سِلاَحَهُم بِالخبزِ، وَكَانَ السُّلْطَانُ قَدْ أَنشَأَ هُنَاكَ مدينَةً سَمَّاهَا المَنْصُوْرَةَ، نَزلَهَا بِجَيْشِهِ وَسَوَّرَهَا.
وَفِي سَنَةِ 617: التقَى مُظَفَّرُ الدِّيْنِ صَاحِبُ إِرْبِلَ وَبدرُ الدِّينِ لُؤْلُؤ نَائِبُ المَوْصِلِ، فَانْهَزَمَ لُؤْلُؤٌ، وَنَازَلَ مُظَفَّرُ الدِّيْنِ المَوْصِلَ، فَنجَدَهَا الأَشْرَفُ وَاصطلحُوا.
وَفِي رَجَبٍ وَقْعَةُ البَرَلُّسِ (1) بَيْنَ الكَامِلِ وَالفِرَنْجِ، فَنَصَرَ اللهُ، وَقُتِلَ مِنَ الفِرَنْجِ عَشْرَةُ آلاَفٍ، وَانْهَزَمُوا، فَاجْتَمَعُوا بِدِمْيَاطَ.
وَفِيْهَا أَخذَتِ التَّتَارُ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ بِالسَّيْفِ، وَعَدَوا جَيْحُونَ.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (2) : لَوْ قِيْلَ: إِنَّ العَالِمَ مُنْذُ خُلِقَ إِلَى الآنَ لَمْ يُبْتَلَوا بِمِثْلِ كَائِنَةِ التَّتَارِ، لَكَانَ صَادِقاً، فَإِنَّ التَّوَارِيخَ لَمْ تَتضمَّنْ مَا يُقَارِبُهَا، قَوْمٌ خَرَجُوا مِنْ أَطرَافِ الصِّينِ، فَقصدُوا بِلاَدَ تركستَانَ، ثُمَّ إِلَى بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ، فَتملَّكُوهَا، ثُمَّ تَعبُرُ طَائِفَةٌ مِنْهُم إِلَى خُرَاسَانَ فَيَفْرَغُونَ مِنْهَا تَخرِيباً وَقَتلاً إِلَى الرَّيِّ وَهَمَذَانَ، ثُمَّ يَقصدُوْنَ أَذْرَبِيْجَانَ وَنوَاحيهَا، وَيستبيحونَهَا فِي أَقلَّ مِنْ سَنَةٍ، أَمرٌ لَمْ نَسْمَعْ بِمِثْلِهِ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى دَرْبَند شِرْوِينَ، فَملَكُوا مُدنَهُ، وَعبرُوا إِلَى بلاَدِ اللاَنِ وَاللّكز (3) قتلاً وَأَسراً، ثُمَّ قصدُوا بلاَدَ قَفْجَاقَ، فَقتلُوا مَنْ وَقَفَ، وَهَرَبَ مَنْ بَقِيَ إِلَى الشُّعَرَاءِ (4) وَالجِبَالِ، وَاسْتولَتِ التَّتَارُ عَلَى بِلاَدِهِم، وَمَضتْ فِرقَةٌ أُخْرَى إِلَى غَزْنَةَ وَسِجِسْتَان وَكِرمَانَ، فَفَعلُوا كَذَلِكَ وَأَشَدَّ.
هَذَا مَا لَمْ يَطرقِ
__________
(1) بليدة على شاطئ النيل قرب البحر من جهة الإسكندرية.
(2) الكامل: 12 / 358 فما بعدها.
(3) في الأصل: " الدكز " وما أثبتناه من " كامل " ابن الأثير، و" تاريخ الإسلام " للذهبي، وهو بخطه.
(4) في الكامل: " إلى الغياض " وأخذ الذهبي المعنى.(22/236)
الأَسْمَاعَ مِثْلُهُ، فَإِنَّ الإِسْكَنْدَرَ مَا ملَكَ الدُّنْيَا بِهَذِهِ السُّرْعَةِ، بَلْ فِي نَحْوِ عَشرِ سِنِيْنَ، وَلَمْ يَقتُلْ أَحَداً.
وَقَالَ (1) : وَخيلُهُم لاَ تَعرِفُ الشَّعيرَ، إِنَّمَا تَحفُرُ بِحوَافرِهَا وَتَأْكلُ عُرُوْقَ النَّبَاتِ، وَهُم يَسْجُدُوْنَ لِلشَّمْسِ، وَلاَ يُحَرِّمُوْنَ شَيْئاً، وَيَأْكلُوْنَ الحيوَانَاتِ وَبنِي آدَمَ (2) ، وَلاَ يَعرفُوْنَ زَوَاجاً، وَهُم صِنْفٌ مِنَ التُّرْكِ، مَسَاكِنُهُم جبالُ طمغَاج.
وَبَعَثَ خُوَارِزْم شَاه جَوَاسيسَ، فَأَتَوْهُ، فَأَخبرُوهُ أَنَّ التَّتَرَ يَفوقُوْنَ الإِحصَاءَ، وَأَنَّهُم أَصبرُ شَيْء عَلَى القِتَالِ، لاَ يَعرفُوْنَ هَزِيْمَةً، فَندِمَ خُوَارِزْم شَاه عَلَى قَتْلِ تُجَّارِهِم، وَتَقَسَّمَ فَكَرِهَ، ثُمَّ عَمِلَ مَعَهُم مَصَافّاً مَا سُمِعَ بِمِثْلِهِ، دَامَ ثَلاَثاً، وَقُتِلَ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ خَلاَئِقُ لاَ يُحصَوْنَ، حَتَّى لَقُتِلَ مِنَ المُسْلِمِيْنَ عِشْرُوْنَ أَلْفاً، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الوَاقعَةَ، وَأَنَّهَا مَا حَضَرهَا جِنْكِزْ خَان، وَتَحَاجَزَ الجمعَانِ، وَمَرَّ خُوَارِزْم شَاه، فَتركَ بِبُخَارَى عِشْرِيْنَ أَلْفَ فَارِسٍ، وَبِسَمَرْقَنْدَ خَمْسِيْنَ أَلْفاً، وَقَالَ: احْفظُوا البِلاَدَ حَتَّى أَجْمَعَ الجُيُوْشَ وَأَعُوْدَ.
فَعَسْكَرَ عَلَى بَلْخَ، فَلَمَّا أَحَاطَتِ التَّتَارُ بِبُخَارَى، خَرَجَ عَسْكَرُهَا فِي اللَّيْلِ عَلَى حَمِيَّةٍ وَتركُوهَا، فَخَرَجَ إِلَى القَانِ بدرُ الدِّينِ ابْنُ قَاضِي خَان يَطلبُ الأَمَانَ، فَأَعْطَاهُم، وَدخلوهَا فِي رَابعِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَمْ يَتعرَّضُوا أَوَّلاً إِلَى غَيْرِ الحوَاصِلِ السُّلطَانِيَّةِ، وَطَلَبُوا مِنْهُم العَوْنَ عَلَى حربِ مَنْ بِقَلعَتِهَا، فَطَمُّوا خَنْدَقهَا بِالتُّرَابِ وَالأَخشَابِ، حَتَّى بِالرَّبعَات، وَأُخِذَتْ بِالسَّيْفِ، وَصدَقَ أَهْلُهَا اللِّقَاءَ حَتَّى أُبِيدُوا، ثُمَّ غدَرَ جِنْكِزْ خَان بِالنَّاسِ، وَهلكُوا وَتَمزَّقُوا وَسَبُوا الذُّرِّيَّةَ، وَبقيَتْ بُخَارَى كَأَمسِ الذَّاهبِ، ثُمَّ أَحَاطُوا بِسَمَرْقَنْدَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ 617.
فَقِيْلَ: بَرزَ مِنْ أَهْلِهَا نَحْوُ سَبْعِيْنَ أَلْفاً، فَقَاتلُوا، فَانْهَزَمَ لَهُم التَّتَرُ، ثُمَّ
__________
(1) الكامل: 12 / 360 فما بعدها باختصار.
(2) لم يقل ابن الأثير انهم يأكلون بني آدم!(22/237)
حَالُوا بَيْنهُم وَبَيْنَ البلَدِ، وَحَصدُوْهُم، ثُمَّ جَهَّزَ جِنْكِزْ خَان خَلْفَ خُوَارِزْم شَاه، فَعبَرُوا جَيْحُونَ خوضاً وَسباحَةً، فَانْهَزَمَ مِنْهُم وَهُم وَرَاءهُ، ثُمَّ عطفُوا فَأَخذُوا الرَّيَّ وَمَازَندرَانَ، وَظفرُوا بِأُمِّ خُوَارِزْم شَاه، وَمَعَهَا خَزَائِنُهُ، فَأَسَرُوهَا، ثُمَّ أَخذُوا قَزْوِيْنَ بِالسَّيْفِ، وَبلغَتِ القَتْلَى أَرْبَعِيْنَ أَلفاً، ثُمَّ أَخذُوا أَذْرَبِيْجَانَ، وَصَالَحَهُم ملكُ تَبرِيزَ ابْنُ البَهْلَوَانِ عَلَى أَمْوَالٍ، فَمضَوْا لِيَشْتُوا بِمُوقَانَ، وَهَزمُوا الكُرْجَ، وَأَخَذُوا مَرَاغَةَ بِالسَّيْفِ، ثُمَّ قَصدُوا إِرْبِلَ، فَتَحَزَّبَ لَهُم عَسْكَرٌ، فَعَادُوا إِلَى هَمَذَانَ، وَكَانُوا قَدْ بدعُوا فِيْهَا، وَقرَّرُوا بِهَا شحنَةً، فَطَالبَهُم بِأَمْوَالٍ، فَقَتَلُوْهُ، وَتَمنَّعُوا، فَحَاصَرَهُم التَّتَارُ، فَبَرَزُوا لِمُحَارَبَتِهِم، وَقَتلُوا مِنَ التَّتَارِ، وَجُرِحَ فَقِيهُهُم جِرَاحَاتٍ، ثُمَّ بَرَزُوا مِنَ الغَدِ، فَالتحمَ القِتَالُ، ثُمَّ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ عَجِزَ الفَقِيْهُ عَنِ الرُّكوبِ، وَعزمَتِ التَّتَارُ عَلَى الرَّحيلِ لِكَثْرَةِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُم، فَمَا رَأَوا مَنْ خَرَجَ لقِتَالِهِم، فَطمِعُوا وَزَحَفُوا عَلَى البلَدِ فِي رَجَبٍ سَنَة ثَمَانِي عَشْرَةَ، فَدَخَلُوْهُ بِالسَّيْفِ، فَاقْتَتَلُوا فِي الأَزِقَّةِ قِتَالَ المَوْتِ، وَقُتِلَ مَا لاَ يُحصَى، وَأُحرِقَتْ هَمَذَانُ، وَسَارَتِ التَّتَارُ إِلَى تَبْرِيزَ، فَبذلَ أَهْلُهَا أَمْوَالاً، فَسَارُوا إِلَى بَيْلَقَانَ فَأَخَذُوهَا عَنْوَةً فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ، وَحَصَدُوا أَهْلَهَا حَتَّى كَانُوا يَزنُوْنَ بِالمَرْأَةِ، ثُمَّ
يَقتلُونَهَا، وَسَارُوا إِلَى كنجَةَ وَهِيَ أُمُّ أرَانَ، فَصَانَعُوهُم بِالأَمْوَالِ، ثُمَّ التَقَوُا الكُرْجَ، فَطحَنُوهُم، وَقُتِلَ مِنَ الكُرْجِ ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، ثُمَّ قصدُوا الدَّرْبَنْدَ، فَافْتتحُوا مدينَةَ سَمَاخِي عَنْوَةً، وَلَمْ يَقدرُوا عَلَى وُلُوجِ الدَّرْبَنْدِ، فَبعثَوا يَطلبُوْنَ مِنْ شَرْوَانَ شَاه رَسُوْلاً، فَبَعَثَ عَشْرَةً، فَقتَلُوا وَاحِداً، وَقَالُوا لِمَنْ بَقِيَ: إِنْ لَمْ تَدُلُّونَا عَلَى طَرِيْقٍ، قَتَلْنَاكُم.
قَالُوا: لاَ طَرِيْقَ، لَكِنْ هُنَا مَسلَكٌ ضَيِّقٌ.
فَمَرُّوا فِيْهِ قتلاً وَسبياً، وَأَسرفُوا فِي قَتْلِ اللاَنِ، ثُمَّ بَيَّتُوا القَفْجَاقَ، وَأَبَادُوا فِيهِم، وَأَتَوا سُودَاقَ (1) ، فَملَكُوهَا، وَأَقَامُوا هُنَاكَ إِلَى سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ
__________
(1) في الأصل: " سوادق " وما اثبتناه من كامل ابن الأثير وخط المؤلف =(22/238)
مائَةٍ.
وَأَمَّا جِنْكِزْ خَان فَجَهَّزَ فِرقَةً إِلَى تِرْمِذَ، وَطَائِفَةً إِلَى كلاَثَةَ عَلَى جَانبِ جَيْحُونَ، فَاسْتبَاحُوهَا، ثُمَّ عَادُوا إِلَيْهِ، وَهُوَ بِسَمَرْقَنْدَ، فَجَهَّزَ جَيْشاً كَثِيفاً مَعَ وَلدِهِ لِحَرْبِ جَلاَلِ الدِّيْنِ ابْنِ خُوَارِزْم شَاه، وَحَاصرُوا خُوَارِزْم ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ، وَأَخَذوهَا وَعَلَيْهِم أوكتَاي الَّذِي تَمَلَّكَ بَعْدَ جِنْكِزْ خَان، وَقُتِلَ بِهَا أُمَمٌ لَكِنْ بَعْدَ أَنْ قَتَلُوا خَلاَئِقَ مِنَ التَّتَارِ، وَأَخَذُوا بِالسَّيْفِ مَرْوَ وَبلْخَ وَنَيْسَابُوْرَ وَطُوسَ وَسَرْخَسَ وَهرَاةَ، فَلاَ يُحصَى مَنْ رَاحَ تَحْتَ السَّيْفِ.
وَقَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ: قصدَتْ فِرقَةٌ أَذْرَبِيْجَانَ وَأَرَّانَ وَالكُرْجَ، وَفِرقَةٌ هَمَذَانَ وَأَصْبَهَانَ، وَخَالطَتْ حُلْوَانَ قَاصدَةً بَغْدَادَ، وَمَاجُوا فِي الدُّنْيَا بِالإِفسَادِ يَعضُّونَ عَلَى مَنْ سَلَّمَ الأَنَاملَ مِنَ الغِيظِ ...
إِلَى أَنْ قَالَ: وَعَبرُوا إِلَى أُمَمِ القَفْجَاقِ وَاللاَنِ، فَغسلُوهُم بِالسَّيْفِ، وَخَرَجَ مِنْ رَقِيْقِ التُّرْكِ خلقٌ حَتَّى فَاضُوا عَلَى البِلاَدِ.
وَأَمَّا الخَلِيْفَةُ فَإِنَّهُ جَمعَ الجُمُوْعَ، وَجَيَّشَ الجُيُوْشَ، وَحشرَ فَنَادَى، وَأَتتْهُ البُعُوثُ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُوْنَ، وَلَمَّا جَاءَ رَسُوْلُ التَّتَارِ، احْتَفَلَ الجَيْشُ وَبَالغُوا، حَتَّى امتلأَ قَلْبُهُ رُعْباً، وَدِمَاغُهُ خيَالاً، فَرَجَعَ مُخَبِّراً.
وَأَمَّا أَهْلُ أَصْبَهَانَ فَفَتَحُوا، وَدَخَلَتِ التَّتَارُ، فَمَالَ عَلَيْهِمُ النَّاسُ قتلاً، فَقَلَّ مَنْ نَجَا مِنَ التَّتَارِ.
سُئِلَ عَنْهُمُ الملكُ الأَشْرَفُ، فَقَالَ: مَا أَقُوْلُ فِي قَوْمٍ لَمْ يُؤسَرْ أَحَدٌ مِنْهُم قَطُّ.
وَعَنْ نَيْسَابُوْرِيٍّ قَالَ: أُحْصِيَ مَنْ قُتِلَ بِنَيْسَابُوْرَ، فَبلَغُوا أَزْيَدَ مِنْ خَمْسِ مائَةِ أَلْفٍ، وَمِمَّا أَبَادُوْهُ بلاَدَ فَرغَانَةَ، وَهِيَ سَبْعُ مَمَالِكَ، وَمتَى التَمَسَ الشَّخْصُ رَحمتَهُم ازدَادُوا عُتُوّاً، وَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى خَمْرٍ، أَحضرُوا
__________
= في تاريخ الإسلام، الورقة: 244 أيا صوفيا 3011، وكانت هذه البلدة فرضة التجار يسافرون منها إلى خليج القسطنطينية (وانظر تقويم البلدان لأبي الفدا: 214 - 215) .(22/239)
أُسَارَى وَيُمَثِّلُوْنَ بِهِم، بِأَنْ يُقَطِّعُوا أَعضَاءهُم، فَكلَّمَا صَاحَ ضَحِكُوا - نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ - وَقَدْ جُمِعَ فِيهِم مِنْ كُلِّ وَحْشٍ رَدِيءُ خُلُقِهِ.
وَقَالَ ابْنُ وَاصِلٍ (1) : أَحصَيْتُ القَتْلَى بِمَرْوَ فَكَانُوا سَبْعَ مائَةِ أَلْفٍ.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانِي عَشْرَةَ: التقَى خُوَارِزْم شَاه وَتُولِّي بنُ جِنْكِزْ خَان فَانْهَزَمُوا، وَقُتِلَ تُولِّي، وَبلغَ الخَبَرَ أَبُوْهُ، فَجُنَّ وَتنمَّرَ وَأَسرعَ مُجِدّاً، فَالتقَاهُ خُوَارِزْم شَاه فِي شَوَّالِهَا، فَحَمَلَ عَلَى قَلْبِ جِنْكِزْ خَان، فَمَزَّقَهُ، وَانْهَزَمُوا لَوْلاَ كَمِينٍ لَهُم خَرَجُوا عَلَى المُسْلِمِيْنَ، فَانكَسَرُوا، وَأَسرُوا وَلدَ جَلاَلِ الدِّيْنِ، وَتَقهقَرَ إِلَى نَهْرِ السِّنْدِ، فَغَرِقَ حرمُهُ، وَنجَا فِي نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ حُفَاةً عُرَاةً لِيختفِي فِي الجِبَالِ وَالآجَامِ، يَعِيْشُوْنَ مِنَ النَّهْبِ، فَحَارَبَهُ ملكٌ مِنْ مُلُوْكِ الهِنْدِ، فَرمَاهُ جَلاَلُ الدِّيْنِ بِسَهْمٍ فِي فؤَادِهِ، فَسَقَطَ وَتَمَزَّقَ جَيْشُهُ، وَحَازَ جَلاَلُ الدِّيْنِ الغَنَائِمَ، وَعَاشَ، فَسَارَ إِلَى سِجِسْتَان، وَبِهَا خَزَائِنُ لَهُ، فَأَنفقَ فِي جندِهِ.
وَقَالَ ابْنُ وَاصِلٍ (2) : التقَاهُم جَلاَلُ الدِّيْنِ بكَابُلَ، فَهَزمَهُم، ثُمَّ فَارقَهُ شطْرُ جَيْشِهِ لفِتْنَةٍ جَرتْ، وَفَاجَأَهُ جِنْكِزْ خَان، فَتحَيَّرَ جَلاَلُ الدِّيْنِ، وَسَارَ إِلَى نَهْرِ السِّنْدِ، فَلَمْ يَجِدْ سُفُناً تَكفِيهِم، وَضَايقَهُ جِنْكِزْ خَان، فَالتقَاهُ حَتَّى دَامَ الحَرْبُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، وَجَاءت سُفُنٌ، فَعَدَوا فِيْهَا، وَنَازلَتِ التَّتَارُ غَزْنَةَ فَاسْتبَاحوهَا.
قُلْتُ: هَذَا كُلُّهُ وَجَيْشُ مِصْرَ وَالشَّامِ فِي مُصَابِرَةِ الفِرَنْجِ بدِمْيَاطَ، وَالأَمْرُ شَدِيدٌ.
وَدَخَلتْ سَنَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ: فَتحزَّبَتْ مُلُوْكُ الهِنْدِ عَلَى جَلاَلِ الدِّيْنِ لأَذِيَّتِهِ
__________
(1) مفرج الكروب: 4 / 60.
(2) مفرج الكروب: 4 / 61 - 63 باختصار وتصرف.(22/240)
لَهُم، فَاسْتنَابَ أَخَاهُ جَهَان عَلَى مَا فَتحَهُ مِنْ طَرِيْقِ الهِنْدِ، وَقصدَ العِرَاقَ، وَقَاسَى المشَاقَّ، فَتَوَصَّلَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفٍ مِنْهُم مَنْ هُوَ رَاكِبُ البقرِ وَالحُمُرِ فِي سَنَةِ 621، فَقَدِمَ شيرَازَ، فَأَتَاهُ علاَءُ الدَّوْلَةِ أَتَابَك مُذْعِناً بِطَاعتِهِ، فَتَزَوَّجَ جَلاَلُ الدِّيْنِ بِابْنتِهِ، وَقَدِمَ أَصْبَهَانَ، فَسَرَّهُم قُدومُهُ، وَكَانَ أَخُوْهُ غِيَاثُ الدِّيْنِ فِي ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَبَينَهُم إِحَنٌ، وَهَرَبَ غِيَاثُ الدِّيْنِ، ثُمَّ اصطَلَحَا وَاجتَمَعَا، وَالتفَّتِ العَسَاكِرُ عَلَى جَلاَلِ الدِّيْنِ، وَعظُمَ شَأْنُهُ.
وَفِي العَامِ: كَانَتِ الوقعَةُ بَيْنَ التَّتَارِ الدَّاخلينَ مِنَ الدَّرْبَنْد، وَبَيْنَ القفجَاقِ وَالرُّوْسِ، وَصَبَرُوا أَيَّاماً، ثُمَّ اسْتَحَرَّ القتلُ بِالرُّوْسِ وَالقفجَاقِ.
وَفِي سَنَةِ 621: أَخَذَ الأَشْرَفُ مِنْ أَخِيْهِ غَازِي خِلاَطَ، وَأَبقَى عَلَيْهِ مَيَّافَارِقِيْنَ.
وَفِيْهَا: سَارَ جَلاَلُ الدِّيْنِ خُوَارِزْم شَاه إِلَى أَذْرَبِيْجَانَ، فَاسْتولَى عَلَيْهَا، وَرَاسلَهُ (1) المُعَظَّم لِينصُرَهُ عَلَى أَخِيْهِ الأَشْرَفِ.
وَفِيْهَا: خَنَقَ بدرُ الدِّينِ لُؤْلُؤٌ الملكَ القَاهِرَ سِرّاً، وَتَمَلَّكَ المَوْصِلَ.
وَبُنِيَتْ دَارُ الحَدِيْثِ الكَامِليَّةُ، وَشيخُهَا ابْنُ دِحْيَةَ.
وَقَدِمَ صَاحِبُ اليَمَنِ أَقسيس ابْنُ الملكِ الكَامِلِ طَامعاً فِي أَخْذِ الشَّامِ، فَمَاتَ، وَورِثَ مِنْهُ أَبُوْهُ أَمْوَالاً عَظِيْمَةً.
وَفِيْهَا: رَجَعَتِ التَّتَارُ مِنْ بلاَدِ القَفْجَاقِ، فَاسْتبَاحُوا الرَّيَّ وَسَاوه وَقُمّ، ثُمَّ التَقَوا الخُوَارِزْمِيَّةَ.
__________
(1) في الأصل: " وأرسله " ولا يستقيم المعنى بها، والتصحيح من خط المؤلف في تاريخ الإسلام، الورقة: 227 (أيا صوفيا: 3012) .(22/241)
وَفِيْهَا: قصدَ غِيَاثُ الدِّيْنِ أَخُو خُوَارِزْم شَاه بلاَدَ شِيرَازَ، فَأَخَذَهَا مِنْ أَتَابَك سَعْدٍ، وَعَصَى أَتَابَك فِي قَلْعَةٍ، وَتَصَالَحَا.
وَفِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ 622: وَصلَ جَلاَلُ الدِّيْنِ، فَأَخَذَ دقوقا بِالسَّيْفِ، وَفعلَ كُلَّ قبيحٍ لِكَوْنِهِم سَبُّوهُ عَلَى الأَسْوَارِ، وَعَزَمَ عَلَى مُنَازِلَةِ بَغْدَادَ، فَانزعجَ الخَلِيْفَةُ، وَكَانَ قَدْ فُلِجَ، فَأَنفقَ أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ، وَفرَّقَ العُدَدَ وَالأَهرَاءَ.
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (1) : قَالَ لِي المُعَظَّم: كَتَبَ إِلَيَّ جَلاَلُ الدِّيْنِ يَقُوْلُ:
تَجِيْءُ أَنْتَ، وَاتَّفِقْ مَعِي حَتَّى نَقصدَ الخَلِيْفَةَ، فَإِنَّهُ كَانَ السَّبَبَ فِي هَلاَكِ أَبِي، وَفِي مَجِيْءِ التَّتَارِ، وَجَدْنَا كُتُبَهُ إِلَى الخَطَا، وَتَواقيعَهُ لَهُم بِالبِلاَدِ وَالخِلَعِ وَالخيلِ.
فَكَتَبتُ إِلَيْهِ: أَنَا مَعَكَ (2) إِلاَّ عَلَى الخَلِيْفَةِ، فَإِنَّهُ إِمَامُ الإِسْلاَمِ.
قَالَ: وَخَرَجَتْ عَلَيْهِ الكُرْجُ، فَكَرَّ نَحْوَهُم، وَعَمِلَ مَصَافّاً، فَقتلَ مِنْهُم سَبْعِيْنَ أَلْفاً - قَالَهُ أَبُو شَامَةَ (3) - وَأَخَذَ تَفلَيْسَ بِالسَّيْفِ، وَافتَتَحَ مَرَاغَةَ، ثُمَّ حَاصرَ تَبرِيزَ، وَتسلَّمَهَا، وَبدَّعَ وَظلَمَ كعوَائِدِهِ.
وَفِي سَلْخِ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ: تُوُفِّيَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، فَبُوْيِعَ ابْنُهُ الظَّاهِرُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدٌ كَهْلاً، فَكَانَتْ دَوْلَةُ النَّاصِرِ سَبْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (4) : بَقِيَ النَّاصِرُ ثَلاَثَ سِنِيْنَ عَاطلاً عَنِ الحركَةِ بِالكُلِّيَّةِ،
__________
(1) مرآة الزمان: 8 / 634.
(2) بعدها في " المرآة ": " على كل أحد ".
(3) يعني نقلا عن السبط، ذيل الروضتين: 144.
(4) الكامل: 12 / 440.(22/242)
وَقَدْ ذَهَبَتْ عينُهُ (1) -رَحِمَهُ اللهُ- ثُمَّ مَاتَ، وَبُوْيِعَ الظَّاهِرُ ابْنُهُ.
132 - جِنْكِزْ خَان *
ملكُ التَّتَارِ وَسُلْطَانُهُم الأَوّلُ الَّذِي خَرَّبَ البِلاَدَ، وَأَفنَى العِبَادَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى المَمَالِكِ، وَلَيْسَ لِلتَّتَارِ ذِكرٌ قَبْلَهُ، إِنَّمَا كَانَتْ طَوَائِفُ المغولِ بَادِيَةً بِأَرَاضِي الصِّينِ، فَقَدَّمُوْهُ عَلَيْهِم، فَهَزمَ جَيْشَ الخَطَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى مَمَالِكِهِم، ثُمَّ عَلَى تركستَانَ، وَإِقْلِيْمِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ، ثُمَّ إِقْلِيْمِ خُرَاسَانَ وَبلاَدِ الجبلِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَذعَنَتْ بطَاعتِهِ جَمِيْعُ التَّتَارِ، وَأَطَاعُوْهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَتقيَّدُ بدينِ الإِسْلاَمِ وَلاَ بِغَيْرِهِ، وَقَتْلُ المُسْلِمِ أَهوَنُ عِنْدَهُ مِنْ قَتْلِ البُرْغُوثِ، وَلَهُ شَجَاعَةٌ مُفْرِطَةٌ، وَعَقلٌ وَافرٌ، وَدَهَاءٌ وَمَكرٌ، وَأَوَّلُ مَظْهْرِهِ كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَمَاتَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ شَاخَ، وَاسْمُهُ تُمرجين، وَالملكُ فِي عَقِبِهِ إِلَى اليَوْمِ، وَكُرْسِيُّ مَمْلَكتِهِ خَان بِالق قَاعِدَةُ الخَطَا، وَخلَّفَ سِتَّةَ بَنِيْنَ، تَملَّكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أوكتَاي، ثُمَّ بَعْدَهُ مونكوقَا أَخُو هُولاَكو الطَّاغِيَة، ثُمَّ وَلِي قُبلاَي أَخُوْهُم، فَبقِي قُبلاَي إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَثَلاَثتُهُم بَنُوْ تُولِّي بنِ جِنْكِزْ خَان، وَقُتِلَ تُولِّي فِي مَلحَمَةٍ
__________
(1) الذي في الكامل: " وقد ذهبت إحدى عينيه والاخرى يبصر بها ابصارا ضعيفا ".
(*) اخباره مشهورة وقد كتب فيه عطا ملك الجويني كتابه المشهور " جهان كشاي " أي " غازي العالم " بالفارسية، وما أغلفه كتاب تاريخ استوعب هذه الحقبة، وانظر: معجم البلدان: 4 / 858، وذيل مرآة الزمان: 1 / 86، وتلخيص ابن الفوطي: 314 / 556، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 40 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 98، والوافي بالوفيات: 11 / 197 - 199، والبداية: 13 / 117، والنجوم الزاهرة: 6 / 268، وشذرات الذهب: 5 / 113 وغيرها.(22/243)
بَيْنَهُ وَبَيْنَ خُوَارِزْم شَاه جَلاَلِ الدِّيْنِ فِي حَيَاةِ جِنْكِزْ خَان، سَنَة ثَمَانِي عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ.
133 - ابْنُ الجَبَّابِ عَبْدُ القوِيِّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الحُسَيْنِ التَّمِيْمِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَدْلُ الكَبِيْرُ، فَخرُ الأَكَابِرِ، القَاضِي الأَسْعَدُ، صفِيُّ المُلْكِ، أَبُو البَرَكَاتِ عَبْدُ القوِيِّ ابْنُ القَاضِي الجَلِيْسِ أَبِي المَعَالِي عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ الجَبَّابِ (1) التَّمِيْمِيُّ، السَّعْدِيُّ، الأَغْلَبِيُّ، المِصْرِيُّ، المَالِكِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ رِفَاعَةَ الفَرَضِيِّ، وَأَبِي الفُتُوْحِ الخَطِيْبِ المُقْرِئِ، وَابْنِ العِرْقِيِّ، وَأَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي البقَاءِ عُمَرَ ابنِ المَقْدِسِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الأَنْمَاطِيِّ، وَعُمَرُ بنُ الحَاجِبِ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَالفَخْرُ عَلِيٌّ، وَشَرفُ القُضَاةِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجَبَّابِ، وَالنَّجِيْبُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ المُحْتَسِبُ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: مِنْ بَيْتِ السُّؤْدُدِ، وَالفَضْلِ، وَالكَرمِ، وَالتَّقَدُّمِ، لَهُ مِنَ
__________
(*) إكمال الإكمال لابن نقطة: مادة (الجباب) وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2002، والعبر للذهبي: 5 / 83، والمشتبه له: 205، وتاريخ الإسلام، الورقة: 5 - 6 (أيا صوفيا 3012) وذيل التقييد للفاسي، الورقة 207، والنجوم الزاهرة: 6 / 259، وتاريخ ابن الفرات، 1 / الورقة 42، وحسن المحاضرة: 1 / 176 - 177، وشذرات الذهب: 5 / 95.
(1) قال الذهبي في المشتبه: " كان جدهم عبد الله يعرف بالجباب لجلوسه في سوق الجباب ".(22/244)
الوَقَارِ وَالهَيْبَةِ مَا لَمْ يُعْرَفُ لغَيْرِهِ، وَكَانَ ذَا حِلْمٍ وَصمتٍ، وَلِيَ وِلاَيَاتٍ أَبَانَ فِيْهَا عَنْ أَمَانَةٍ وَنزَاهَةٍ، وَكَانَ كَثِيْرَ اللُّطْفِ، وَأَصلُهُ مِنَ القَيْرَوَانِ، تَفَرَّدَ بِالسِّيرَةِ عَنِ ابْنِ رِفَاعَةَ، سَمِعَهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ بقِرَاءةِ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ القَيْسِيِّ، وَتَحتَ الطَّبَقَةِ تَصْحِيْح ابْنِ رِفَاعَةَ.
قَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: وَكَانَ شَيْخاً ثِقَةً، ثَبْتاً، عَارِفاً بِمَا سَمِعَ، لاَ يُنْسَبُ فِي ذَلِكَ إِلَى غرضٍ.
قَالَ: وَرَأَيْتُ خطَّ تَقِيِّ الدِّيْنِ ابْنِ الأَنْمَاطِيِّ، وَهُوَ يُثْنِي عَلَى شَيْخِنَا هَذَا ثنَاءً جَمِيْلاً، وَيذكرُ مِنْ جُمْلَةِ مَسْمُوْعَاتِهِ السِّيرَةَ، وَكَانَ قَدْ صَارَتِ السِّيرَةُ عَلَى ذِكْرِ الشَّيْخِ بِمَنْزِلَةِ الفَاتِحَةِ، يُسَابِقُ القَارِئَ إِلَى قِرَاءتِهَا، وَكَانَ قَيِّماً بِهَا وَبِمُشْكِلِهَا، وَهُوَ أَنبلُ شَيْخٍ وَجَدْتُهُ بِمِصْرَ رِوَايَةً وَدرَايَةً، وَكَانَ لاَ يُحَدِّثُ إِلاَّ وَأَصلُهُ بِيَدِهِ، وَلاَ يَدعُ القَارِئَ يُدْغِمُ، وَكَانَ أَبُوْهُ جَلِيْساً لخَلِيْفَةِ مِصْرَ.
قَالَ: وَحَضَرتُهُ يَوْماً وَقَدْ أَهدَى لَهُ بَعْضُ السَّامعينَ هديَةً، فَرَدَّهَا، وَأَثَابَهُ عَلَيْهَا، وَقَالَ: مَاذَا وَقتُ هَدِيَّةٍ.
وَكَانَ طَوِيْلَ الرُّوحِ عَلَى السَّمَاعِ، كُنَّا نَسْمَعُ عَلَيْهِ مِنَ الصُّبْحِ إِلَى العصرِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ فِي رِحلتِي شَيْخاً لَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً أَحْسَنَ هَدْياً وَسَمْتاً وَاسْتقَامَةَ قَامَةٍ مِنْهُ، وَلاَ أَحْسَنَ كَلاَماً، وَلاَ أَظرفَ إِيرَاداً مِنْهُ، فَلَقَدْ كَانَ جَمَالاً لِلدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمِعْتُ الحَافِظَ عَبْدَ العَظِيْمِ يَتَكَلَّمُ فِي سَمَاعِهِ لِلسِّيرَةِ، وَيَقُوْلُ: هُوَ بقِرَاءةِ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ، وَكَانَ كَذَّاباً، وَكَانَ ابْنُ الأَنْمَاطِيِّ يُثَبِّتُ سَمَاعَهُ وَيُصَحِّحُهُ (1) .
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى (العُنوَانَ) فِي القِرَاءاتِ عَنِ الشَّرِيْفِ أَبِي الفُتُوْحِ
__________
(1) الذي قاله ابن نقطة: " ثم قدمت دمشق فذكرت ذلك لأبي الطاهر ابن الأنماطي فرأيته يثبت سماعه ويصححه ".(22/245)
الخَطِيْبِ، رَوَاهُ عَنْهُ شَيْخٌ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَرَأْتُ السِّيرَةَ عَلَى الأَبَرْقُوْهِيِّ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَمَاتَ فِي السَّنَةِ فِي سَلْخِ شَوَّالِهَا.
134 - ابْنُ مُكَرَّمٍ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ المُكَرَّمِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، المُسْنِدُ، الزَّاهِدُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ المُكَرَّمِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) .
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَأَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَاصِرٍ، وَالمُعَمَّرِ بنِ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَكَانَ وَالِدُهُ يَرْوِي عَنْ: نَصْرِ بنِ البَطِرِ، وَكَانَ أَخُوْهُ المكرَّمُ مِنْ رُوَاةِ (جُزءِ الأَنْصَارِيِّ) .
يَرْوِي عَنْهُ: الضِّيَاءُ، وَابْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ (2) .
حَدَّثَ أَبُو جَعْفَرٍ بِـ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) بِإِرْبِلَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالبِرْزَالِيُّ، وَالجمَالُ مُحَمَّد ابْن الدَّبَّابِ، وَالإِمَامُ مَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ الظَّهِيْرِ، وَالقَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ ابْنُ خَلِّكَانَ (3) ، وَأَخُوْهُ بَهَاءُ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ قَاضِي بَعْلَبَكَّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 172 171 (باريس 5921) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 1961، والعبر للذهبي: 5 / 85 - 86، وتاريخ اللاسلام، الورقة: 9 (أيا صوفيا 3012) ، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 158، والوافي بالوفيات (المحمدون) الورقة 106، والنجوم الزاهرة: 6 / 260، وشذرات الذهب: 5 / 96.
وقيد المنذري " المكرم " بالحروف فقال: " بضم الميم وفتح الكاف وتشديد الراء المهملة وفتحها ".
(1) هذا هو اختيار الذهبي، وإلا فقد قال الزكي المنذري في " التكملة ": " ومولده في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة، ويقال: سنة ست، ويقال: سنة سبع وثلاثين وخمس مئة ".
(2) وتوفي سنة 589 هـ.
(3) سمع ابن خلكان " صحيح البخاري " على ابن مكرم هذا بإربل في بعض شهور سنة 620 كما ذكر هو في ترجمة المحدث أبي الوقت السجزي.(22/246)
مَاتَ: بِبَغْدَادَ، فِي خَامِسِ المُحَرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
أَنبَانَا الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الإِرْبِلِيُّ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ مُكَرَّمٍ بِإِرْبِلَ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَمَاتَ مَعَهُ: أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ بنِ صِرْمَا الأَزَجِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ بنِ حَوْطِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ بِمَالَقَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ زَيْدُ بنُ يَحْيَى الأَزَجِيُّ البَيِّعُ، وَالمُقْرِئُ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ السَّمِيْعِ الهَاشِمِيُّ الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو البَرَكَاتِ عَبْدُ القوِيِّ بنُ الجَبَّابِ السَّعْدِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ عَلِيٍّ اللَّخْمِيُّ ابْنُ البَيْسَانِيِّ أَخُو القَاضِي الفَاضِلِ - قَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ (1) : كَانَ عِنْدَهُ زُهَاءُ مائَتَيْ أَلفِ كِتَابٍ (2) - وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ مُعَمَّرِ بنِ عَسْكَرَ، وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّشِيْدِ ابْنُ بُنَيْمَانَ الهَمَذَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّبِيْهِ الشَّاعِرُ صَاحِبُ (الدِّيْوَانِ) ، وَعَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بنِ صَبُوخَا، وَشَيْخُ الطِّبِّ شَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدَانَ الدِّمَشْقِيُّ ابْنُ اللّبودِيِّ، وَشَيْخُ المَالِكِيَّةِ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ الإِشْبِيْلِيُّ، وَالمُقْرِئُ الفَخْرُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَرَجِ المَوْصِلِيُّ، وَالقُدْوَةُ الكَبِيْرُ الشَّيْخُ عليٍّ الفرنثيِّ بِالجبلِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ اليَتِيْمِ الأَنْدَرَشِيُّ المُحَدِّثُ الرَّحَّالُ.
135 - ابْنُ البَنَّاءِ عَلِيُّ بنُ نَصْرِ بنِ المُبَارَكِ الوَاسِطِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحَسَنِ، عَلِيُّ ابنُ أَبِي الكَرَمِ نَصْرِ بنِ المُبَارَكِ
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 5 (أيا صوفيا 3012) .
(2) أضاف بعد هذا في تاريخ الإسلام: " من كل كتاب نسخ ".
(*) التقييد لابن نقطة، الورقة 186، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2021 وتاريخ =(22/247)
بنِ أَبِي السَّيِّدِ (1) بنِ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ الأَصْلِ، البَغْدَادِيُّ، ثُمَّ المَكِّيُّ، الخَلاَّلُ، ابْنُ البَنَّاءِ.
رَاوِي (الجَامِعِ) عَنْ عَبْدِ المَلِكِ الكَرُوْخِيِّ، وَمَا علمتُهُ رَوَى شَيْئاً غَيْرَهُ، حَدَّثَ بِهِ بِمَكَّةَ وَالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَمِصْرَ، وَدِمْيَاطَ، وَقُوصَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نُقْطَةَ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الحَضْرَمِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عُثْمَانَ القَابِسِيُّ، وَذَاكرُ بنُ عَبْدِ المُؤْمِنِ مُؤَذِّنُ الحرمِ، وَالبَهَاءُ زُهَيْرٌ المُهَلَّبِيُّ الشَّاعِرُ، وَإِسْحَاقُ بنُ قُرَيْشٍ المَخْزُوْمِيُّ، وَقُطْبُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ القَسْطَلاَنِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الخَالِقِ بنِ طَرْخَانَ الأُمَوِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ صَالِحٍ الحُسَيْنِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ إِسْحَاقَ الطَّبَرِيُّ المَكِّيَّانِ، وَمُحَمَّدُ بنُ تَرْجَمَ المِصْرِيُّ.
مَاتَ: بِمَكَّةَ، فِي صَفَرٍ (2) - وَقِيْلَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (3) - سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
136 - ابْنُ يُوْنُسَ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى الإِرْبِلِيُّ *
العَلاَّمَةُ، شَرَفُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ ابْنُ الشَّيْخِ الكَبِيْرِ كَمَالِ الدِّيْنِ
__________
= الإسلام، الورقة: 22 (أياصوفيا 3012) والعبر: 5 / 90، ودول الإسلام: 2 / 96، والعقد الثمين للفاسي: 3 / الورقة 160 - 161، والنجوم الزاهرة: 6 / 63، وحسن المحاضرة: 1 / 177، وشذرات الذهب: 5 / 101.
(1) قيده المنذري في " التكملة " كما قيدناه.
(2) جزم به الرشيد العطار وابن مسدي.
(3) هذا قول المنذري.
(*) تكملة المنذري: 3 / 2033، وتاريخ الإسلام، الورقة: 15 / (أياصوفيا 3012) ، ودول الإسلام: 2 / 95، وطبقات الاسنوي، الورقة 189 وطبقات السبكي: 5 / 17، ومرآة الجنان: 4 / 50، والبداية والنهاية: 13 / 111 - 112، والعقد المذهب لابن الملقن: الوقة =.(22/248)
مُوْسَى ابنِ الشَّيْخِ رَضِيِّ الدِّيْنِ يُوْنُسَ بنِ مُحَمَّدٍ الإِرْبِلِيُّ، ثُمَّ المَوْصِلِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ (شَرْحِ التَّنْبِيْهِ) .
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخَرِ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، كَهْلاً فِي حَيَاةِ أَبِيْهِ، وَقَدِ اخْتصرَ (الإِحيَاءَ) مَرَّتَينِ، وَلَهُ مَحْفُوْظَاتٌ كَثِيْرَةٌ، وَذِهْنٌ وَقَّادٌ.
137 - القَزْوِيْنِيُّ أَبُو المَجْدِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ *
القَاضِي، الإِمَامُ، الفَاضِلُ، المُحَدِّثُ الصَّالِحُ، الجَوَّالُ، مَجْدُ الدِّيْنِ، أَبُو المَجْدِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ ابنِ أَبِي المَكَارِمِ أَحْمَدَ بنِ حُسَيْنِ بنِ بَهْرَامَ القَزْوِيْنِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ، بقَزْوِيْنَ.
وَسَمِعَ: أَبَاهُ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَسْعَدَ العَطَّارِيَّ حَفَدَةَ، وَأَحْمَدَ بنَ يَنَالَ الأَصْبَهَانِيَّ التُّركَ، وَأَبَا الخَيْرِ القَزْوِيْنِيَّ الوَاعِظَ، وَأَبَا الفَرَجِ ثَابِتَ بنَ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيَّ، وَأَبَا حَفْصٍ المَيَانَشِيَّ، وَجَمَاعَةً.
وَحَدَّثَ بِأَذْرَبِيْجَانَ، وَبَغْدَادَ، وَالمَوْصِلَ، وَأَصْبَهَانَ، وَرَأْسَ عينٍ، وَدِمَشْقَ، وَبَعْلَبَكَّ، وَحَرَّانَ، وَأَقْصَرَا، وَنَصِيْبِيْنَ، وَأَبهرَ، وَقَزْوِيْنَ، وَخَوِي، وَإِرْبِلَ، وَدُوَيْنَ (1) ، وَالرَّيَّ، وَمِصْرَ، وَنَزَلَ بِخَانقَاه سَعِيْدِ السُّعدَاءِ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَتَفَرَّدَ بِرَاويَةِ هَذَيْنِ الكِتَابَينِ: (معَالِم التَّنْزِيلِ) ، وَ (شرح السُّنَّةِ) لِلْبَغَوِيِّ (2) .
__________
= 78، وتاريخ ابن الفرات، 1 / الورقة 61، وسلم الوصول لحاجي خليفة، الورقة 154، وشذرات الذهب: 5 / 99.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2065، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 25 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 92، ودول الإسلام: 2 / 96، والنجوم الزاهرة: 6 / 263، وشذرات الذهب: 5 / 102.
(1) يصح فيها الضم والفتح.
(2) " شرح السنة " هذا ما حققه وضبط نصه، وخرج أحاديثه وعلق عليه صديقنا العلامة المحدث الشيخ شعيب الأرناؤوط حفظه الله تعالى ونفعنا بعلمه، وهو يقع في خمسة عشر مجلدا.(22/249)
حَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاءُ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَعزُّ الدِّينِ عَبْدُ الرَّازقِ الرَّسْعَنِيُّ، وَالسَّيْفُ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ مَحْفُوْظٍ، وَالفَخْرُ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ يُوْسُفَ، وَالقَاضِي تَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ الخَالِقِ، وَالبَهَاءُ عَبْدُ اللهِ بنُ مَحْبُوبٍ، وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ مَحَاسِنَ المِعْمَارُ، وَعَبْدُ القَاهِرِ بنُ تَيْمِيَةَ، وَالفَقِيْهُ عَبَّاسُ بنُ عَبْدَانِ، وَأَبُو اليُمْنِ ابنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ عَمِّهِ شَرَفُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ، وَالمحيِي يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ ابْنُ القَلاَنسِيِّ، وَالكَمَالُ عَبْدُ اللهِ بنُ قوَامٍ، وَالجمَالُ عُمَرُ ابنُ العَقِيْمِيِّ، وَالعِزُّ إِسْمَاعِيْلُ ابنُ الفَرَّاءِ، وَالتَّقِيُّ إِبْرَاهِيْمُ ابنُ الوَاسِطِيِّ، وَأَخُوْهُ مُحَمَّدٌ، وَالتَّقِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَالعِزُّ أَحْمَدُ ابنُ العِمَادِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي الحَسَنِ الفَرَّاءُ، وَالعِمَادُ بنُ سَعْدٍ، وَالشَّمْسُ خَضِرُ بنُ عَبْدَانَ، وَالشِّهَابُ الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَالضِّيَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَانِ السُّلَمِيُّ خَطِيْبُ بَعْلَبَكَّ، وَبِهِ خُتِمَ حَدِيْثَهُ.
مَاتَ: بِالمَوْصِلِ، فِي ثَالِثَ عَشَرَ شَعْبَانَ (1) - وَقِيْلَ: فِي الحَادِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْهُ - سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: حَدَّثَ بِأَمَاكنَ، وَحصَلَ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الدُّنْيَا صَالِحٌ، وَهُوَ شَيْخٌ مُتَيَقِّظٌ، حسنُ الوَجْهِ، طلَبَ، وَكَتَبَ، وَحصَّلَ، وَهُوَ مِنْ بَيْتٍ مَشْهُوْرٍ بِالعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ، وَسَمِعَ مِنْ جدِّهِ أَبِي المَكَارِمِ، حَدَّثَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ بِبَغْدَادَ بِـ (أَرْبَعِيْنَ) مِنْ جَمْعِهِ.
138 - الأَنْدَرَشِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الجَوَّالُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) هذا قول الزكي المنذري في " التكملة ".
(*) تكملة ابن الابار: 2 / 613 وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2009، وتكملة ابن الصابوني: 334، وتاريخ الإسلام، الورقة: 8 (أيا صوفيا 3012) والعبر: 5 / 84 - 85، والوافي بالوفيات: 2 / 116 - 117، ولسان الميزان: 5 / 50، وشذرات الذهب: 5 / 95 - 96.(22/250)
عَبْدِ اللهِ، ابْنُ اليَتيمِ الأَنْدَلُسِيُّ، الأَنْصَارِيُّ، الأَنْدَرَشِيُّ، وَيُعْرَفُ أَيْضاً: بِابْنِ البَلَنْسِيِّ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ هُذَيْلٍ، وَابْنِ النِّعْمَةِ بِبَلَنْسِيَّةَ، وَمِنْ أَبِي مَرْوَانَ بنِ قُزْمَانَ بِأَشبونَةَ، وَمِنْ أَبِي إِسْحَاقَ بنِ قُرْقُوْلَ بِمَالقَةَ، وَمِنِ ابْنِ حُبَيْشٍ بِمُرْسِيَةَ، وَمِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ بَشْكُوَالَ بقُرْطُبَةَ، وَمِنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ حُنَيْنٍ بِفَاسَ، وَمِنْ عَبْدِ الخَالِقِ الحَافِظِ بِبَجَايَةَ، وَمِنَ السِّلَفِيِّ بِالثَّغْرِ، وَمِنْ عُثْمَانَ بنِ فَرَجٍ بِمِصْرَ، وَمِنْ شُهْدَةَ الكَاتِبَةِ بِبَغْدَادَ، وَمِنْ أَبِي الفَضْلِ الخَطِيْبِ بِالمَوْصِلِ، وَمِنِ ابْنِ عَسَاكِرَ بِدِمَشْقَ، وَمِنَ المَيَانَشِيِّ بِمَكَّةَ، وَجَمَعَ وَخَرَّجَ عَلَى لِيْنٍ فِيْهِ.
قَالَ ابْنُ مَسْدِيٍّ: لَمْ يَكُنْ سليماً مِنَ التَّرْكِيبِ حَتَّى كثُرَتْ سَقَطَاتُهُ، تَتبَّعَ عثرَاتِهِ أَبُو الرَّبِيْعِ الكَلاَعِيُّ، وَكَانَ أَبُوْهُ يُعْرَفُ بِالأُسْتَاذِ، فَجَالَ بِهِ فِي الطَّلَبِ، وَأَسْمَعَهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ مِنْ جَمَاعَةٍ تَفَرَّدَ عَنْهُم، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَافِظاً، وَكَانَ شَرِهاً يَرْوِي المَوْضُوْعَاتِ.
قَالَ ابْنُ مَسْدِي: سَمِعْتُ مِنْهُ كَثِيْراً، وَرَأَيْتُ بِخَطِّهِ إِسْنَادَ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) ، عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ السِّلَفِيِّ، عَنِ ابْنِ البَطِر، عَنِ ابْنِ البَيِّعِ، عَنِ المَحَامِلِيِّ، عَنْهُ.
قُلْتُ: لَيْسَ عِنْدَ أَحَدٍ مَنْ هَؤُلاَءِ بِهَذَا العُلُوِّ - أَعنِي السِّلَفِيَّ وَشيخَهُ - سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ، وَقَعَ فِي (الدُّعَاءِ) لِلمَحَامِلِيِّ، عَنِ البُخَارِيِّ.
وَقَدْ وَثَّقَ الأَنْدَرَشِيَّ جَمَاعَةٌ، وَحَمَلُوا عَنْهُ، وَمَا هُوَ بِمُتْقِنٍ، وَوَلِيَ خِطَابَةَ المَرِيَّةِ.(22/251)
قَالَ الأَبَّارُ (1) : كَانَ مُكْثِراً رَحَّالَةً، نَسَبَهُ بَعْضُ شُيُوْخِنَا إِلَى الاضْطِرَابِ، وَمَعَ ذَلِكَ انتَابَهُ النَّاسُ، وَأَخَذَ عَنْهُ أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ حَوْطِ اللهِ وَأَكَابِرُ أَصْحَابِنَا، وَأَجَاز لِي، وَأَوَّلُ رِحلَتِهِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (2) ، سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَلَى ظَهْرِ البَحْرِ، قَاصداً مَالقَةَ.
وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: سَمِعَ (المُوَطَّأَ) مِنِ ابْنِ حُنَيْنٍ بِفَاسَ، عَنِ ابْنِ الطَّلاَّعِ.
قُلْتُ: عِنْدَهُ مِنْ عَوَالِي مَالِكٍ مَا سَمِعَهُ مِنْ شُهْدَةَ.
139 - الرَّافِعِيُّ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، عَالِمُ العَجمِ وَالعَربِ، إِمَامُ الدِّينِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الكَرِيْمِ ابنُ العَلاَّمَةِ أَبِي الفَضْلِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ الفَضْلِ بنِ الحُسَيْنِ الرَّافِعِيُّ، القَزْوِيْنِيُّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقرَأَ عَلَى أَبِيْهِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ.
وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الفُتُوْحِ بنِ عِمْرَانَ الفَقِيْهِ، وَحَامِدِ بنِ
__________
(1) التكملة: 2 / 614 - 616.
(2) في الثامن والعشرين منه.
(*) وهو صاحب كتاب " التدوين في ذكر أهل العلم بقزوين " وغيره، وله ترجمة في تهذيب الأسماء واللغات 2 / 264 وتاريخ الإسلام، الورقة: 32 (أيا صوفيا: 3012) ، والعبر: 5 / 94، وتاريخ ابن الوردي: 2 / 148، وفوات الوفيات: 2 / 7 - 8، ومرآة الجنان 4 / 56، وطبقات السبكي الكبرى: 8 / 281 - 293، والنجوم الزاهرة: 6 / 266، والشذرات: 5 / 108 وغيرها.(22/252)
مَحْمُوْدٍ الخَطِيْبِ الرَّازِيِّ، وَأَبِي الخَيْرِ الطَّالْقَانِيّ، وَأَبِي الكَرَمِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الهَمَذَانِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ أَحْمَدَ بنِ حَسْنَوَيْه، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الخَلِيْلِ الخَلِيْلِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي طَالِبٍ الضَّرِيْرِ، وَالحَافِظِ أَبِي العَلاَءِ العَطَّارِ - وَأُرَاهُ بِالإِجَازَةِ - وَبِهَا عَنْ: أَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ، وَأَبِي الفَتْحِ بنِ البَطِّيِّ.
سَمِعَ مِنْهُ: الحَافِظُ عَبْدُ العَظِيْمِ بِالمَوْسِمِ، وَأَجَازَ لأَبِي الثَّنَاءِ مَحْمُوْدِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ الطَّاوُوْسِيِّ، وَعَبْدِ الهَادِي بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ خَطِيْبِ المِقيَاسِ، وَالفَخْرِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ابْنِ السُّكَّرِيِّ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ، يُذْكَرُ عَنْهُ تَعَبُّدٌ، وَنُسْكٌ، وَأَحْوَالٌ، وَتوَاضعٌ انْتَهَت إِلَيْهِ مَعْرِفَةُ المَذْهَبِ.
لَهُ: (الفَتْحُ العَزِيْزِ فِي شرحِ الوجِيْزِ) ، وَشرحٌ آخرُ صَغِيْرٌ، وَلَهُ (شرحُ مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ) فِي مُجَلَّدَيْنِ، تَعِبَ عَلَيْهِ، وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً مَرْوِيَّةً، وَلَهُ (أَمَالِي عَلَى ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً) ، وَ (كِتَابُ التَّذْنِيبِ) فَوَائِدُ عَلَى الوجِيْزِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلاَحِ: أَظَنُّ لَمْ أَرَ فِي بلاَدِ العجمِ مِثْلَهُ، كَانَ ذَا فُنُوْنٍ، حَسَنَ السِّيْرَةِ، جَمِيْلَ الأَمْرِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ الصَّفَّارُ: هُوَ شَيْخُنَا، إِمَامُ الدِّينِ، نَاصِرُ السُّنَّةِ صِدْقاً، أَبُو القَاسِمِ، كَانَ أَوحدَ عصرِهِ فِي الأُصُوْلِ وَالفُرُوْعِ، وَمُجْتَهِدَ زَمَانِهِ، وَفرِيْدَ وَقتِهِ فِي تَفْسِيْرِ القُرْآنِ وَالمَذْهَبِ، كَانَ لَهُ مَجْلِسٌ لِلتَّفْسِيرِ وَتَسمِيْعِ الحَدِيْثِ بِجَامِعِ قَزْوِيْنَ، صَنَّفَ كَثِيْراً، وَكَانَ زَاهِداً، وَرِعاً، سَمِعَ الكَثِيْرَ.
قَالَ الإِمَامُ النَّوَاوِيُّ: هُوَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ المُتَمَكِّنِيْنَ، كَانَتْ لَهُ كَرَامَاتٌ كَثِيْرَةٌ ظَاهِرَةٌ.(22/253)
وَقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ مِنْ أَبِي حُضُوْراً فِي الثَّالِثَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ الفَزَارِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ خَلِّكَانَ: أَنَّ خُوَارِزْم شَاه (1) غَزَا الكُرْجَ، وَقَتَلَ بسيفِهِ حَتَّى جَمَدَ الدَّمُ عَلَى يَدِهِ، فَزَارَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَالَ: هَاتِ يَدَكَ الَّتِي جَمَدَ عَلَيْهَا دَمُ الكُرْجِ حَتَّى أُقَبِّلَهَا (2) .
قَالَ: لاَ، بَلْ أَنَا أُقَبِّلُ يَدَكَ، وَقَبَّلَ يَدَ الشَّيْخِ.
قُلْتُ: وَلوَالِدِ الرَّافِعِيِّ رِحلَةٌ، لَقِيَ فِيْهَا عَبْدَ الخَالِقِ ابْنَ الشَّحَّامِيِّ وَطَبَقَتَهُ، وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (3) .
وَقَالَ مُظَفَّرُ الدِّيْنِ قَاضِي قَزْوِيْنَ: عِنْدِي بِخَطِّ الرَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ (التَّدْوِيْنِ فِي تَوَارِيخِ قَزْوِيْنَ) لَهُ أَنَّهُ مَنْسُوْبٌ إِلَى رَافِعِ بنِ خَدِيْجٍ الأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
قَالَ لِي أَبُو المَعَالِي بنُ رَافِعٍ: سَمِعْتُ الإِمَامَ رُكْنَ الدِّيْنِ عَبْدَ الصَّمَدِ بنَ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيَّ الشَّافِعِيَّ (4) يَحكِي ذَلِكَ سَمَاعاً مِنْ مُظَفَّرِ الدِّيْنِ، ثُمَّ قَالَ الرُّكْنُ: لَمْ أَسْمَعْ بِبلاَدِ قَزْوِيْنَ بِبلدَةٍ يُقَالُ لَهَا: رَافِعَانِ (5) .
__________
(1) يعني جلال الدين، وكان ذلك في هذه السنة، أي سنة 623.
(2) لان الكرج كانوا كفارا عتاة.
(3) قوله " بقي إلى سنة نيف وثمانين " خطأ، فقد ترجم له ولده عبد الكريم ترجمة حافلة في صدر كتابه " التدوين " وذكر أنه توفي ليلة الخميس سابع شهر رمضان سنة ثمانين وخمس مئة وعمره دون السبعين بيسير.
ونقل ذلك أيضا أبو عبد الله ابن الدبيثي في تاريخه عن ولده محمد (2 / الترجمة: 272) .
(4) انظر منتخب المختار، في ترجمة ركن الدين القزويني هذا (ص: 99) .
(5) هذا رد على من ادعى أنه أعجمي منسوب إلى بلدة يقال لها: رافعان.(22/254)
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَظِيْمِ الحَافِظُ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الكَرِيْم بنُ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيّ لَفْظاً بِمَسْجِدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ إِذْناً (ح) .
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الخَالِقِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ المُقَوِّمِيِّ إِجَازَةً - إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعاً - أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَطَّانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَاجَه (1) ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ رَاشِدٍ (2) ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الكَرِيْمِ (3) ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيْمَا سِوَاهُ، إِلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ، وَصَلاَةٌ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ) .
قَالَ عَبْدُ العَظِيْمِ: صوَابُهُ ابْنُ أَسَدٍ.
140 - البُخَارِيُّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ *
العَلاَّمَةُ، الأُصُوْلِيُّ، الشَّمْسُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، المُلَقَّبُ بِالبُخَارِيِّ، أَخُو الحَافِظِ الضِّيَاءِ، وَوَالِدُ الشَّيْخِ الفَخْرِ.
__________
(1) رقم (1406) ، كتاب الصلاة: باب ما جاء في فضل الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي الزوائد: إسناد حديث جابر صحيح ورجاله ثقات، لان اسماعيل بن أسد وثقه البزار والدارقطني والذهبي في الكاشف، وقال أبو حاتم: صدوق.
وباقي رجال الإسناد محتج بهم في الصحيحين.
(2) سيأتي أن الصواب فيه: " إسماعيل بن أسد ".
(3) هو عبد الكريم بن مالك الجزري.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2104، وبغية الطلب لابن العديم، 1 / الورقة 246 - 248، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 28 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 93 - 94، والوافي بالوفيات، 6 / الورقة 77، والذيل لابن رجب: 2 / 168 - 170، والنجوم الزاهرة: 6 / 266، وتاريخ ابن الفرات: 1 / 82، وشذرات الذهب: 5 / 107.(22/255)
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ (1) .
وَارْتَحَلَ فَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ شَاتيلَ، وَالقَزَّازِ، وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: عَبْدِ المُنْعِمِ ابنِ الفُرَاوِيِّ، وَبِهَمَذَانَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ العَطَّارِ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ: أَبِي المَعَالِي بنِ صَابِرٍ، وَأَبِي الفَهْمِ ابنِ أَبِي العَجَائِزِ، وَعِدَّةٍ.
وَأَقَامَ بِبُخَارَى مُدَّةً (2) يَشتغلُ عَلَى أَبِي الخَطَّابِ شرفٍ، وَأَخَذَ الخلاَفَ عَنِ الرَّضِيِّ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَكَانَ ذَكيّاً مُفَنَّناً، مُنَاظراً، وَقُوْراً، فَصِيْحاً، نَبيلاً، حُجَّةً، كُلُّ أَحَدٍ يُثنِي عَلَيْهِ.
رَوَى عَنْهُ: أَخُوْهُ، وَوَلَدُهُ، وَابْنُ أَخِيْهِ شَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابنُ الكَمَالِ، وَابْنُ خَالِهِ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ، وَالقُوْصِيُّ، وَالعِزُّ ابنُ العِمَادِ، وَابْنُ الفَرَّاءِ، وَمُحَمَّدُ ابنُ الوَاسِطِيِّ، وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ الرَّضِيِّ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، نَزلَ حِمْصَ مُدَّةً.
وَمَاتَ: فِي نِصْفِ جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
141 - ابْنُ دُمْدُمٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ الرَّبَعِيُّ *
فَقِيْهُ المَغْرِبِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابنُ العَلاَّمَةِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بنِ أَحْمَدَ الرَّبَعِيُّ، التُّوْنُسِيُّ، المَالِكِيُّ، مُفْتِي غَرْنَاطَةَ.
قَالَ ابْنُ مَسْدِيٍّ: هُوَ أَحْفَظُ مَنْ لَقِيْتُ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ، تَفَقَّهَ بِأَبِيْهِ دُمْدُمٍ، وَسَمِعَ مِنَ الحَافِظِ عَبْدِ الحَقِّ.
__________
(1) ذكر المنذري أن مولده في العشر الاواخر من شوال من السنة.
(2) لذلك عرف بالبخاري.
(*) ترجمه ابن الابار مع الغرباء من " التكملة ": 1 / 128 ولم يذكر وفاته، وترجمته في " تاريخ الإسلام " (الورقة: 28 أياصوفيا 3012) ملحقة بحاشية الورقة المذكورة بخط المؤلف نقلا عن ابن مسدي.(22/256)
مَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
142 - المِصْرِيُّ يُوْنُسُ بنُ بَدْرَانَ بنِ فَيْرُوْزِ بنِ صَاعِدٍ *
العَلاَّمَةُ، قَاضِي الشَّامِ، جَمَالُ الدِّيْنِ، يُوْنُسُ بنُ بَدْرَانَ بنِ فَيْرُوْزِ بنِ صَاعِدِ بنِ عَالِي القُرَشِيُّ، الشَّيْبِيُّ، الحِجَازِيُّ، ثُمَّ المليجِيُّ، المِصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ تَقَرِيْباً.
وَسَمِعَ مِنَ: السِّلَفِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ هِبَةِ اللهِ الكَامِلِيِّ، وَذَهَبَ رَسُوْلاً إِلَى الخَلِيْفَةِ، وَوَلِيَ وَكَالَةَ بَيْتِ المَالِ، وَتَدرِيسَ الأَمِينِيَّةِ، ثُمَّ قَضَاءَ القُضَاةِ، وَأَلقى بِالعَادليَّةِ جَمِيْعَ تَفْسِيْرِ القُرْآنِ دُروساً، وَاختصرَ (الأُمَّ) ، وَلَهُ مصَنَّفٌ فِي الفَرَائِضِ، وَكَانَ شَدِيدَ الأُدْمَةِ، يَلثغُ بِالقَافِ هَمزَةً.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : كَانَ فِي وِلاَيتِهِ عَفِيْفاً، نَزِهاً، مَهِيْباً، يَحكمُ بِالجَامِعِ، وَنُقِمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ وِرَاثَةُ شَخْصٍ يَأْمرُهُ بِمُصَالَحَةِ بَيْتِ المَالِ، وَلكونِهِ اسْتنَابَ ابْنَ أَخِيْهِ مُحَمَّدٍ (2) .
إِلَى أَنْ قَالَ: وَتُكُلِّمَ فِي نسبِهِ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ الحَافِظِ الضِّيَاءِ: تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ، وَقَلِيْلٌ مَنْ تَرَحَّمَ عَلَيْهِ.
__________
(*) مرآة الزمان: 8 / 643، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2098، وذيل الروضتين: 148، والعبر للذهبي: 5 / 97 وتاريخ الإسلام، الورقة: 38 (أيا صوفيا 3012) ، طبقات الاسنوي، الورقة 165، وطبقات السبكي: 8 / 366، والبداية والنهاية: 13 / 114 - 115، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 173، والنجوم الزاهرة: 6 / 266، وتاريخ ابن الفرات 1 / الورقة 86، وحسن المحاضرة: 1 / 191، والقضاة الشافعية للنعيمي: 64 - 65، وشذرات الذهب: 5 / 112.
(1) ذيل الروضتين: 148.
(2) كذا في الأصل، وما أظنه صوابا، فالذي جاء في ذيل الروضتين: " استنابته لولده التاج محمد ".
وفي: " تاريخ الإسلام " - وهو بخطه - " استنابته في القضاء لابنه التاج محمد " فكيف صار " ابن أخيه ".(22/257)
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: البِرْزَالِيُّ، وَعُمَرُ بنُ الحَاجِبِ، وَالقُوْصِيُّ.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ يُشَارِكُ فِي عُلُوْمٍ كَثِيْرَةٍ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بدَارِهِ بِقُرْبِ القليجيَّةِ.
143 - ابْنُ بَازٍ الحُسَيْنُ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرٍ المَوْصِلِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرِ بنِ حَسَنِ بنِ سَعْدٍ، ابْنُ بَازٍ المَوْصِلِيُّ، التَّاجِرُ، السَّفَّارُ.
مُحَدِّثٌ، مُتْقِنٌ، مُفِيْدٌ.
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَلاَحِقِ بنِ كَارِهٍ، وَأَبِي شَاكِرٍ السَّقْلاَطُوْنِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَنَا عَنْهُ: الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَكَتَبَ عَنْهُ ابْنُ مَسْدِيٍّ، وَالرَّحَّالَةُ، وَعُنِيَ بِالحَدِيْثِ مُدَّةً، وَسَافَرَ فِي التَّكَسُّبِ إِلَى مِصْرَ وَالشَّامِ، ثُمَّ صَارَ شَيْخَ دَارِ الحَدِيْثِ المُظَفَّرِيَّةِ بِالمَوْصِلِ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) .
وَسَمِعَ بِالمَوْصِلِ مِنْ خَطِيْبِهَا،
__________
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 26 (باريس 5922) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2027، وتاريخ الإسلام، الورقة: 17 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 89 - 90، والمختصر المحتاج إليه: 2 / 36، وتاريخ ابن الفرات، 1 / الورقة 64، وشذرات الذهب: 5 / 100، وتاج العروس: 4 / 10 في (باز) ونسبه بالبازي.
(1) ذكر المنذري في " التكملة " أن مولده في يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من ذي الحجة، من السنة.(22/258)
وَبهَا تُوُفِّيَ، فِي رَبِيْعٍ الآخَرِ (1) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
144 - الخَفِيْفِيُّ عَبْدُ المُحْسِنِ بنُ أَبِي العَمِيدِ بنِ خَالِدٍ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، حُجَّةُ الدِّيْنِ، أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ المُحْسِنِ بنُ أَبِي العَمِيدِ بنِ خَالِدٍ الخَفِيْفِيّ، الأَبْهَرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
تَفقَّهَ بِهَمَذَانَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ بنِ حَيْدَرٍ، وَعلَّقَ (التَّعْلِيقَةَ) عَنِ الفَخْرِ النَّوْقَانيِّ.
وَسَمِعَ بِأَصْبَهَانَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ يَنَالَ التُّركِ، وَأَبِي مُوْسَى المَدِيْنِيِّ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيلَ، وَنَصْرِ اللهِ القَزَّازِ، وَبأَبَهْرَ مِنْ: عَبْدِ الكَافِي الخَطِيْبِ، وَبِهَمَذَانَ مِنْ: عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ القُوْمَسَانِيِّ، وَعَبْدِ المُنْعِمِ بنِ الفُرَاوِيِّ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيٍّ ابْنِ الخِرَقِيِّ، وَبِمِصْرَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ البُوْصِيْرِيِّ، وَبِالثَّغْرِ مِنَ: القَاضِي الحَضْرَمِيِّ، وَبِمَكَّةَ مِنْ: مَحْمُوْدِ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ القَلاَنسِيِّ، وَبِوَاسِطَ مِنِ: ابْنِ البَاقِلاَنِيِّ، وَكَانَ كَثِيْرَ
__________
(1) في الثاني منه، كما ذكر المنذري.
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 184 (باريس 5922) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2147، ووقع فيه ضبط " الخفيفي " بضم الخاء المعجمة، وهو وهم مني كأنني ذهلت عنه، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 44 - 45 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 99 - 100،
والمختصر المحتاج إليه، الورقة 87، وطبقات السبكي: 5 / 132، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 250، والعقد الثمين للفاسي، 5 / 493 - 495 ونقل عن ابن النجار وفاته في الثامن من صفر ثم نقل عن المنذري والقطب القسطلاني التاريخ المذكور اعلاه، وقال: " وذكر القطب القسطلاني أنه حضر دفنه بمقابر الصوفية، يعني المعلى "، وشذرات الذهب: 5 / 115.
وتوهم محيي الدين القرشي فذكره في الجواهر المضية وظنه حنفيا ناقلا عن الذهبي ولم يذكر منه غير اسمه الأول قال التميمي في الطبقات السنية: " والذي رأيته في العبر للذهبي في حوادث (كذا) السنة المذكورة يدل على أن عبد المحسن المذكور ليس بحنفي المذهب فانه قال: وحجة الدين الخفيفي أبو طالب عبد المحسن بن أبي العميد الابدي الشافعي الصوفي ... إلى آخره، وكأن الخفيفي تصحف على صاحب الجواهر بالحنفي - والله تعالى أعلم ".(22/259)
الحَجِّ، وَالعِبَادَةِ، وَالتَّبَتُّلِ، وَالصَّوْمِ، وَالجِهَادِ، وَكَانَ يَحُجُّ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى سَبِيْلِ السَّيِّدَةِ (1) .
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاءُ، وَابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَقُطْبُ الدِّيْنِ ابْنُ القَسْطَلاَنِيِّ، وَالشِّهَابُ الأَبَرْقُوْهِيُّ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ كَثِيْرَ المُجَاهِدَةِ وَالعِبَادَةِ، دَائِمَ الصِّيَامِ سفراً وَحضراً، عَارِفاً بكَلاَمِ المَشَايِخِ، وَأَحْوَالِ القَوْمِ، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ وَحِفْظٌ وَإِتْقَانٌ، وَكَانَ ثِقَةً، ثُمَّ صَارَ إِمَامَ المقَامِ، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِمَكَّةَ.
145 - ابْنُ شِيْرَوَيْه أَبُو مُسْلِمٍ أَحْمَدُ بنُ شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو مُسْلِمٍ أَحْمَدُ بنُ شِيْرَوَيْه بنِ شَهْرَدَارَ بنِ شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيُّ، الهَمَذَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ، وَنَصْرِ بنِ المُظَفَّرِ البَرْمَكِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ، وَأَبِي الخَيْرِ البَاغبَانِ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: الزَّكِيُّ البِرْزَالِيُّ، وَالضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ، وَأَجَازَ لِلْفخرِ عليٍّ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ (2) : مُكْثِرٌ ثِقَةٌ، صَحِيْحُ السَّمَاعِ، سَمِعْتُ مِنْهُ بِهَمَذَانَ.
__________
(1) يعني على السبيل الذي سبلته السيدة وأظن المقصودة هي السيدة شجاع أم الخليفة المتوكل على الله المتوفاة سنة 248 وكانت ذات مال عظيم مشهورة بالبر والاحسان.
(*) التقييد لابن نقطة، الورقة: 21، وتاريخ الإسلام، الورقة: 49 (أيا صوفيا: 3012) ، والعبر: 5 / 103، وشذرات الذهب: 5 / 116 ولم يذكره المنذري في " التكملة " مع أنه من شرطه.
(2) التقييد، الورقة: 21.(22/260)
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
146 - ابْنُ عَبْدِ الحَقِّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الحَقِّ بنِ سُلَيْمَانَ الكُوْفِيُّ *
العَلاَّمَةُ، قَاضِي تِلِمْسَانَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الحَقِّ بنِ سُلَيْمَانَ الكُوْفِيُّ، البَرْبَرِيُّ، المَالِكِيُّ.
تفقَّهَ بِأَبِيْهِ، وَأَخَذَ القِرَاءاتِ وَالنَّحْوِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ عَنْ: أَبِي عَلِيٍّ بنِ الخَرَّازِ النَّحْوِيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ حُنَيْنٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ خَلِيْلٍ، وَأَجَازَ لَهُ: ابْنُ هُذَيْلٍ وَالسِّلَفِيُّ.
وَكَانَ إِمَاماً مُعَظَّماً، كَثِيْرَ التَّصَانِيْفِ، مِنْ ذَلِكَ غَرِيْبُ (المُوَطَّأِ) ، وَكِتَابُ (المُخْتَارِ فِي الجمعِ بَيْنَ المُنْتَقَى وَالاستذكَارِ) فِي عَشْرِ مُجَلَّدَاتٍ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
147 - ابْنُ عَطَاءٍ مُحَمَّدُ بنُ النَّفِيْسِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ **
الشَّيْخُ، أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ النَّفِيْسِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَطَاءٍ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
لبِسَ مِنْ أَبِي الوَقْتِ (1) ، وَسَمِعَ مِنْهُ جَمِيْعَ (الصَّحِيْحِ) .
__________
(*) التكملة لابن الابار: 2 / 623، وبغية الرواد: 1 / 45، وتاريخ الإسلام، الورقة: 53 (أيا صوفيا: 3012) ، وغاية النهاية: 2 / 195.
(* *) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 153 (باريس 5921) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2213، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 54 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 104، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 151 - 152، والوافي بالوفيات: (المحمدون) الورقة 99، وشذرات الذهب: 5 / 117.
(1) يعني: لبس خرقه التصوف من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي.
(2) للبخاري، وكان أبو الوقت أعظم رواة " الصحيح " في عصره.(22/261)
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَالسَّيْفُ، وَابْنُ نُقْطَةَ، وَشيخُنَا الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَكَانَ صَالِحاً.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (1) ، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ.
148 - البَيِّعُ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ القُرَشِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ، أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ ابنُ أَبِي الفَرَجِ هِبَةِ اللهِ ابنِ أَبِي حَامِدٍ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَجَا بنِ مُوْسَى ابنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ القُرَشِيُّ، الزُّهْرِيُّ، السَّعْدِيُّ، الدِّيْنَوَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، المَرَاتِبِيُّ، البَيِّعُ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (2) .
وَسَمِعَ مِنْ: عَمِّهِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حَامِدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ طِرَادٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَعَبْدِ الخَالِقِ اليُوْسُفِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ، وَتَفَرَّدَ فِي وَقْتِهِ، وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ حُجَّابِ الخِلاَفَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ الوَاسِطِيِّ، وَأَبُو الفَرَجِ ابْنُ الزَّيْنِ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
قَدِمَ الشَّامَ مَرَّاتٍ فِي التِّجَارَةِ، وَكَانَ ذَا ثَروَةٍ وَصلاَحٍ وَحسنِ طرِيقَةٍ، وَأَضرَّ فِي أَوَاخِرِ العُمُرِ.
__________
(1) قال المنذري في " التكملة ": " توفي في ليلة الرابع عشر من ذي القعدة ".
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 131 (باريس 5921) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2121، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 36 - 37 (أيا صوفيا 3012) والعبر: 5 / 96، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 158، والوافي بالوفيات: (المحمدون) الورقة 105 - 106، وشذرات الذهب: 5 / 110.
(2) قال المنذري في التكملة: " مولده في يوم عرفة سنة ثلاثين وخمس مئة ".(22/262)
مَاتَ: فِي سَادسَ عشرَ شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ بِضْعٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَقَعَ لَنَا مِنْ طرِيقِهِ الخَامِسِ (1) مِنْ (المَحَامِلِيَّاتِ) .
149 - ابْنُ أَبِي الجُوْدِ المُبَارَكُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُبَارَكِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، المُعَمَّرُ، أَبُو القَاسِمِ المُبَارَكُ بنُ عَلِيِّ ابنِ أَبِي القَاسِمِ المُبَارَكِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي الجُوْدِ البَغْدَادِيُّ، العَتَّابِيُّ، نِسبَةً إِلَى مَحَلَّةِ العَتَّابِيِّينَ، الوَرَّاقُ، خَاتمُ الرُّوَاةِ عَنْ أَبِي العَبَّاسِ بنِ الطَّلاَّيَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدُّبَيْثِيُّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالجمَالُ مُحَمَّد ابْن الدَّبَّابِ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ بِالمَوْصِلِ أَيْضاً.
مَاتَ: فِي سَلْخِ (2) المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
رَوَى لَنَا عَنْهُ: الأَبَرْقُوْهِيُّ التَّاسِعَ مِنْ حَدِيْثِ المُخَلِّصِ، عَنْ خَالِ أُمِّهِ أَحْمَدَ بنِ الطَّلاَّيَةِ، وَرَوَى أَيْضاً عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَرْبِيُّ، وَكَانَ جَدُّهُ مِنْ شُيُوْخِ الحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ.
150 - عَبْدُ البَرِّ ابنُ أَبِي العَلاَءِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ **
ابْنُ الحَافِظِ الكَبِيْرِ أَبِي العَلاَءِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ، الشَّيْخُ،
__________
(1) يعني الجزء الخامس.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة: 2090، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 37 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 96 - 97، والمختصر المحتاج إليه: الورقة 108، وشذرات الذهب: 5 / 110.
(2) قال المنذري في " التكملة ": " توفي في التاسع والعشرين من المحرم ".
(* *) التقييد لابن نقطة، الورقة: 171، وتاريخ الإسلام، الورقة 41 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 99.(22/263)
المُسْنِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الهَمَذَانِيُّ، العَطَّارُ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَعَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ المُشْكَانِيَّ؛ الَّذِي رَوَى (التَّارِيْخَ الصَّغِيْرَ) لِلْبُخَارِيِّ، وَنَصْرَ بنَ المُظَفَّرِ البَرْمَكِيَّ، وَأَبَا الوَقْتِ السِّجْزِيَّ، وَأَبَا الخَيْرِ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ البَاغبَانِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيُّ، وَالضِّيَاءُ، وَالصَّدْرُ البَكْرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَسَمِعنَا بِإِجَازَتِهِ مِنَ: الشَّرَفِ ابْنِ عَسَاكِرَ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ ابْنِ نُقْطَةَ: أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ المُشْكَانِيِّ (تَارِيخَ البُخَارِيِّ) .
قَالَ: وَذَكَرَ لِي إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُؤَيَّدِ المِصْرِيُّ أَنَّ عَبْدَ البَرِّ تَغَيَّرَ بَعْدَ سَنَةِ عَشْرٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ ثَابَ إِلَيْهِ عَقْلُهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِقَلِيْلٍ، وَحَدَّثَ، وَأَنَّهُ تُوُفِّيَ بِرُوذَرَاورَ، فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
151 - الظَّاهِرُ بِأَمْرِ اللهِ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ النَّاصِرِ لِدِيْنِ اللهِ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ ابنُ النَّاصِر لِدِيْنِ اللهِ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ ابنِ المُسْتَضِيْءِ حَسَنٍ ابْنِ المُسْتَنْجِدِ يُوْسُفَ ابْنِ المُقْتَفِي الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(*) الكامل لابن الأثير: 2 / 188 - 189، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة 18 (شهيد علي) ، ومرآة الزمان: 8 / 642 - 643، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2111، وذيل الروضتين لأبي شامة 149، ومختصر ابن العبري: 242 - 243 ومختصر أبي الفداء: 3 / 123، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 34 - 35 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 95، ودول الإسلام: 2 / 96، والوافي بالوفيات: 2 / 95 - 97، ونكت الهميان: 238 - 239، والبداية والنهاية: 13 / 112 - 113، والسلوك للمقريزي: ج 1 / 1 / 220 - 221، والنجوم الزاهرة: 6 / 265، والجمان للشطيبي، الورقة 368 - 369، وشذرات الذهب: 5 / 109 - 110 وغيرها.(22/264)
وَبُوْيِعَ بِوِلاَيَةِ العَهْدِ، وَخُطِبَ لَهُ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، وَاسْتمرَّ ذَلِكَ سِنِيْنَ، ثُمَّ خَلَعَهُ أَبُوْهُ، وَوَلَّى عَلِيّاً أَخَاهُ العَهْدَ، فَدَامَ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ عَلِيٌّ سَنَةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ، فَاحتَاجَ أَبُوْهُ أَنْ يُعِيدَهُ إِلَى العَهْدِ، وَقَامَ بِالأَمْرِ بَعْدَ النَّاصِرِ، وَلَمْ يُطوِّلْ، وَقُرِئَ عَلَيْهِ فِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ) بِإِجَازتِهِ مِنْ وَالِدِهِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ الجِيْلِيُّ، أَخْبَرَنَا الظَّاهِرُ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَنَا أَبِي كِتَابَةً، عَنْ عَبْدِ المُغِيْثِ بنِ زُهَيْرٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الحُصَيْنِ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (1) : وَلِيَ، فَأَظهرَ العَدْلَ وَالإِحسَانَ، وَأَعَادَ سُنَّةَ العُمَرَيْنِ، فَإِنَّهُ لَوْ قِيْلَ: مَا وَلِيَ بَعْدَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ مِثْلَهُ لَكَانَ القَائِلُ صَادِقاً، فَإِنَّهُ أَعَادَ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَملاَكِ المغصوبَةِ شَيْئاً كَثِيْراً، وَأَطلقَ المُكُوسَ فِي البِلاَدِ جَمِيْعِهَا، وَأَمرَ بِإِعَادَةِ الخَرَاجِ القَدِيْمِ فِي جَمِيْعِ العِرَاقِ، وَبإِسقَاطِ مَا جدَّدَهُ أَبُوْهُ، وَكَانَ لاَ يُحصَى (2) ، فَمِنْ ذَلِكَ بَعْقُوبَا خرَاجهَا القَدِيْم، عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ، فَأُخِذَ مِنْهَا زَمَنَ أَبِيْهِ ثَمَانُوْنَ أَلفَ دِيْنَارٍ، فَرَدَّهَا، وَكَانَ سَنْجَةَ (3) الخزَانَةِ، تَرْجح نِصْفَ قِيْرَاطٍ فِي المثقَالِ، يَأْخذُوْنَ بِهَا وَيُعطَونَ العَادَة، فَأَبطلَهُ، وَوَقَّعَ: {وَيلٌ لِلمطفِّفِيْنَ} (4) ، وَقَدِمَ صَاحِبُ الدِّيْوَانِ مِنْ وَاسِطَ بِأَكْثَرَ مِنْ مائَةِ أَلْفٍ ظُلْماً، فَرَدَّهَا عَلَى أَربَابِهَا، وَنفَّذَ إِلَى الحَاكِمِ عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ لِيُوَفِّيَهَا عَنِ المحبوسينَ، وَكَانَ يَقُوْلُ:
أَنَا قَدْ فَتحْتُ الدُّكَّانَ بَعْدَ العصرِ (5) ، فَذرُوْنِي أَفْعَلِ الخَيْرَ، فَكم بَقِيْتُ أَعيشُ.
وَقَدْ أَنفقَ وَتَصدَّقَ فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ مائَةَ أَلْفِ دِيْنَارٍ،
__________
(1) الكامل: 12 / 188.
(2) كان ابن الأثير - رحمه الله - سيء الظن بالخليفة الناصر لدين الله.
(3) السنجة أو الصنجة: عيار السكة.
(4) المطففين / 1.
(5) أي أنه ولي الخلافة على كبر السن.(22/265)
وَكَانَ نِعْمَ الخَلِيْفَةِ خُشوعاً وَخُضوعاً لرَبِّهِ، وَعدلاً فِي رعيَّتِهِ، وَازديَاداً فِي وَقتٍ مِنَ الخَيْرِ، وَرغبَةً فِي الإِحسَانِ (1) .
قَالَ أَبُو شَامَةَ: كَانَ أَبْيَضَ، جَمِيْلَ الصُّوْرَةِ، مُشْرَباً حُمْرَةً، حُلوَ الشَّمَائِلِ، شَدِيدَ القوَى، اسْتُخْلِفَ وَلَهُ اثْنَتَانِ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً.
فَقِيْلَ لَهُ: أَلاَ تَتَنَزَّهُ (2) ؟
قَالَ: قَدْ لَقَسَ (3) الزَّرْعُ.
ثُمَّ إِنَّهُ أَحْسَنَ وَفرَّقَ الأَمْوَالَ، وَأَبطلَ المُكُوسَ، وَأَزَالَ المظَالِمَ.
وَقَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (4) : حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ دَخَلَ إِلَى الخَزَائِنِ، فَقَالَ لَهُ خَادمٌ: فِي أَيَّامِكَ تَمتلَئُ.
قَالَ: مَا عُمِلَتِ الخَزَائِنُ لِتُمْلأَ، بَلْ لِتُفْرَغَ، وَتُنفَقَ فِي سَبِيْلِ اللهِ، إِنَّ الجمعَ شُغْلُ التُّجَّارِ!
وَقَالَ ابْنُ وَاصِلٍ (5) : أَظهرَ الظَّاهِرُ العَدْلَ، وَأَزَالَ المَكْسَ، وَظهرَ لِلنَّاسِ، وَكَانَ أَبُوْهُ لاَ يظهرُ إِلاَّ نَادراً.
قَالَ ابْنُ السَّاعِي: بَايَعَهُ أَوَّلاً أَهْلُهُ، وَأَوْلاَدُ الخُلَفَاءِ، ثُمَّ نَائِبُ الوزَارَةِ مُؤَيَّدُ الدِّيْنِ القُمِّيُّ، وَعضدُ الدَّوْلَةِ ابْنُ الضَّحَّاكِ أُسْتَاذُ الدَّارِ، وَقَاضِي القُضَاةِ مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ فَضلاَنَ، وَنقيبُ الأَشْرَافِ القَوَّامُ المُوْسَوِيُّ، وَجَلَسَ يَوْمَ الفطرِ لِلبَيْعَةِ بثِيَابٍ بِيْضٍ، بِطَرْحَةٍ، وَعَلَى كَتِفِهِ البُرْدُ النَّبَوِيُّ، وَلفظُ البَيْعَةِ: أُبَايِعُ مَوْلاَنَا الإِمَامُ المُفْتَرَضُ الطَّاعَة، أَبَا نَصْرٍ مُحَمَّداً الظَّاهِرَ بِأَمْرِ اللهِ عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَاجْتِهَادِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَأَنْ لاَ خَلِيْفَةَ سِوَاهُ. وَبعدَ أَيَّامٍ
__________
(1) في ترجمة أبيه الناصر من ذيل الروضتين: 145.
(2) في ذيل الروضتين: " ألا يتفسح "، والذهبي يتصرف كما ذكرنا غير مرة.
(3) اللقس: الجرب.
وفي ذيل الروضتين: " قد فات الزرع ".
(4) مرآة الزمان: 8 / 643
(5) مفرج الكروب: 4 / 193.(22/266)
عُزِلَ مِنَ القَضَاءِ ابْنَ فَضلاَنَ بِأَبِي صَالِحٍ نَصْرِ بنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الجِيْلِيِّ، وَكَانَ القَحطُ الشَّدِيدُ بِالجَزِيْرَةِ وَالفنَاء.
وَفِيْهَا: نُفِّذَتْ خِلَعُ المُلْكِ إِلَى الكَامِلِ وَالمُعَظَّم وَالأَشْرَفِ، وَكَانَ المُعَظَّم قَدْ صَافَى خُوَارِزْم شَاه، وَجَاءتْهُ خِلْعَتُهُ فَلَبِسَهَا.
وَفِي سَنَةِ 623: بلغَ خُوَارِزْم شَاه أَنَّ نَائِبَهُ عَلَى كِرْمَانَ خلعَهُ، فَسَارَ يَطوِي الأَرْضَ إِلَى كِرْمَان، فَتحصَّنَ نَائِبُهُ بِقَلْعَةٍ وَذَلَّ، فَنفَّذَ إِلَيْهِ بِالأَمَانِ، فَبَلَغَهُ أَنّ عَسْكَرَ الأَشْرَف هَزَمَ بَعْضَ عَسْكَرِهِ، فَكرَّ رَاجِعاً، حَتَّى قَدِمَ منَازكرد، ثُمَّ نَازلَ خِلاَط، وَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ، ثُمَّ بلغَهُ عبَثُ التُّرُكْمَانِ، فَسَارعَ وَكَبَسَهُم، وَبدَّعَ فِيهِم.
وَفِي شَعْبَانَ: سَارَ كَيْقُبَاذَ، فَأَخَذَ عِدَّةَ حصُوْنٍ لِصَاحِبِ آمد (1) .
وَفِيْهَا: حَاربَ البِرْنسُ بلاَدَ الأَرمنِ.
وَفِيْهَا: قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (2) : اصطَادَ صَدِيْقٌ لَنَا أَرنباً لَهَا ذَكَرٌ وَأُنْثيَانِ، وَلَهَا فَرْجُ أُنثَى، فَلَمَّا شَقُّوْهَا وَجَدُوا فِيْهَا جَرْوَيْنِ (3) ، سَمِعْتُ هَذَا مِنْ جَمَاعَةٍ كَانُوا مَعَهُ، وَقَالُوا: مَا زِلْنَا نَسْمَعُ أَنَّ الأَرنبَ تَكُوْنُ سَنَةً ذَكَراً وَسَنَةً أُنْثَى.
وَزُلِزْلَت المَوْصِل وَشهرزور، وَترددت الزَّلْزَلَة عَلَيْهِم نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ يَوْماً، وَخرب أَكْثَر قرَى تِلْكَ النَّاحيَة، وَانخسف القَمَر فِي السَّنَةِ مرَّتين، وَبرد مَاء القَيَّارَةِ كَثِيْراً، وَمَا زَالت حَارة، وَجَاءَ بِالمَوْصِلِ بَرَد عَظِيْم، زنَة الوَاحِدَة مائَتَا دِرْهَم وَأَقلّ، فَأَهْلك الدَّوَابّ (4) .
__________
(1) انظر كامل ابن الأثير: 12 / 458 - 459.
(2) الكامل: 12 / 467.
(3) في كامل ابن الأثير: " حريفين " مصحف.
(4) الكامل: 12 / 466 - 467.(22/267)
وَفِي رَجَبٍ (1) مِنْهَا: تُوُفِّيَ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ الظَّاهِر، فَكَانَتْ خِلاَفَته تِسْعَة أَشهر وَنِصْفاً -رَحِمَهُ اللهُ- وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَبَايعُوا وَلده المُسْتَنْصِر بِاللهِ أَبَا جَعْفَرٍ.
152 - عَامِرُ بنُ أَبِي الوَلِيْدِ هِشَامٍ، أَبُو القَاسِمِ الأَزْدِيُّ *
شَيْخُ الأَدب، أَبُو القَاسِمِ الأَزْدِيُّ القُرْطُبِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَابْنِ بَشْكُوَالَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ مُغِيْث.
وَكَانَ كَاتِباً، أَديباً، كَثِيْرَ النَّظم، تَنَسَّكَ وَلَزِمَ الخَيْرَ، فَحملُوا عَنْهُ.
قرَأَ عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَارُوْنَ الطَّائِيّ (مَقَامَاتَ) الحَرِيْرِيّ، وَبَعْض (مَقَامَاته) ، وَلاَزمه، وَتَخَرَّجَ بِهِ، وَأَخَذَ عَنْهُ (مقصُوْرته) ، وَقَدْ أَبدع وَأَجَادَ فِي مَقَامَاته.
تُوُفِّيَ - فِيمَا قَالَهُ الأَبَّار -: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
153 - دَاوُدُ بنُ مَعْمَرِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ الفَاخِرِ القُرَشِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الفُتُوْحِ القُرَشِيُّ، العَبْشَمِيّ، الأَصْبَهَانِيُّ.
وُلِدَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
__________
(1) في الرابع عشر منه كما ذكر ابن الأثير: 12 / 456 - 458.
(*) التكملة لابن الابار: 3 / الورقة: 89، والمغرب في حلى المغرب: 75، وتاريخ الإسلام، الورقة: 31 (أيا صوفيا 3012) .
(* *) التقييد لابن نقطة، الورقة: 94، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2162، وتلخيص ابن الفوطي: 5 / الترجمة 1945، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 40 (أيا صوفيا 3012) ، ودول الإسلام: 2 / 98، والمختصر المحتاج إليه: 2 / 62، والنجوم الزاهرة: 6 / 269.(22/268)
وَسَمِعَ حُضُوْراً: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَبعد ذَلِكَ، فَمِنْ ذَلِكَ (جُزْء البَيْتوتَة) مِنْ فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد البَغْدَادِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: غَانِم بن خَالِدٍ التَّاجِر، وَغَانِم بن أَحْمَدَ الجُلُوْدِيِّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عَلِيٍّ الحَمَّامِيّ، وَأَبِي الخَيْرِ البَاغبَانِ.
وَسَمِعَ بِهَمَذَانَ مِنْ: نَصْر بن المُظَفَّر البَرْمَكِيّ، وَبِالكُوْفَةِ مِنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ غَبْرَة، وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي الفَتْحِ بنِ البَطِّيِّ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَة - وَقرَأْته بِخَطِّهِ (1) -: ذكر لِي غَيْر وَاحِد أَنَّهُ سَمِعَ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مِنْ: غَانِم بن أَحْمَدَ، وَفَاطِمَة، بِسَمَاعِهِمَا مِنْ سَعِيْدٍ العَيَّارِ، وَسَمِعَهُ مِنْ أَبِي الوَقْت (2) ، وَسَمِعَ (الدُّعَاء) لابْنِ فُضَيْل (3) مِنِ ابْنِ غَبْرَة.
سَمِعْتُ مِنْهُ بِأَصْبَهَانَ، وَحَكَى لِي عَنْ شَيْخه أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد القَادِرِ الجِيْلِيِّ: وَهُوَ شَيْخ النَّاس بِأَصْبَهَانَ، وَاسِع الجَاه، رفِيع المَنْزِلَة، مُكرم لأَهْل العِلْمِ، بَلَغَنَا مَوْته بِأَصْبَهَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ (4) .
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: الزَّكِيّ البِرْزَالِيّ، وَالصَّدْر البَكْرِيّ، وَابْن النَّجَّارِ، وَالحَافِظ الضِّيَاء.
قَالَ المُنْذِرِيّ (5) : مَاتَ فِي رَجَبٍ، أَوْ شَعْبَان.
154 - البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، المُفْتِي، المُحَدِّث، بَهَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
__________
(1) التقييد، الورقة 94.
(2) عن الداودي..
(3) محمد بن فضيل بن غزوان الضبي.
(4) لم أجد وفاته في النسخة الأزهرية من " التقييد ".
(5) التكملة: 3 / الترجمة: 2162.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2173، وتاريح الإسلام للذهبي، الورقة 41 - 43 =(22/269)
بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مَنْصُوْرٍ المَقْدِسِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، شَارِحُ (المُقْنِعِ) ، وَابْن عَمِّ الحَافِظ الضِّيَاء، وَالشَّمْس أَحْمَد وَالِد الفَخْر بن البُخَارِيِّ.
وُلِدَ: بقَرْيَة السَّاويَا (1) - وَكَانَ أَبُوْهُ يُؤم بِهَا - فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَوْ فِي سَنَةِ سِتّ.
هَاجَرَ بِهِ أَبُوْهُ مِنْ حُكم الفِرَنْج، فَسَافَر تَاجراً إِلَى مِصْرَ - أَعنِي الأَب - ثُمَّ مَاتَتِ الأُمّ، فَكفلته عَمَّتُهُ فَاطِمَة زَوْجَة الشَّيْخ أَبِي عُمَرَ، وَخَتَمَ القُرْآن سَنَة سَبْعِيْنَ، وَتَنَبَّهَ بِالحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، ثُمَّ ارْتَحَلَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ فِي صُحْبَة الشَّيْخ العِمَاد، فَسَمِعَ بِحَرَّانَ مِنْ أَحْمَد بن أَبِي الوَفَاء، وَجَرَّدَ بِهَا الخَتْمَة، وَصَلَّى التّرَاويح، فَجمعُوا لَهُ فطرَة، وَاشتَرَوا لَهُ بهيمَة، وَسَارَ إِلَى بَغْدَادَ، وَقَدْ سَبَقَهُ العِمَاد وَمَعَهُ ابْنُ رَاجِح (2) وَعَبْد اللهِ بن عُمَرَ بنِ أَبِي بَكْرٍ.
وَسَمِعَ بِالمَوْصِلِ مِنْ خَطِيْبهَا، فَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ شُهْدَة الكَاتِبَة كَثِيْراً، وَمِنْ عَبْدِ الحَقِّ، وَأَبِي هَاشِمٍ الدُّوْشَابِيّ، وَمُحَمَّد بن نَسِيم، وَأَحْمَد بن النَّاعم، وَأَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيل، وَعَبْد المُحْسِنِ بن تُرَيْك، وَطَبَقَتهُم، وَنسخ الأَجزَاء، وَحَصَّلَ.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ بَرَكَةَ الصِّلْحِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَانِ بن أَبِي العَجَائِزِ، وَالقَاضِي كَمَال الدِّيْنِ الشَّهْرُزُوْرِيّ، وَجَمَاعَة، وَرَوَى الكَثِيْر بِدِمَشْقَ وَبنَابُلُس وَبَعْلَبَكَّ، وَكَانَ بَصِيْراً بِالمَذْهَبِ.
__________
= (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 99، والمختصر المحتاج إليه: 2 / 194، والذيل لابن رجب: 2 / 170 - 172، ومنتخب المختار للفاسي: 78، والنجوم الزاهرة: 6 / 269، وتذكرة ابن عبد الهادي، الورقة 27، وتاريخ ابن الفرات: 10 / الورقة 99، وشذرات الذهب: 5 / 114.
(1) من عمل نابلس كما ذكر الذهبي في " تاريخ الإسلام ".
(2) يعني: شهاب الدين محمد بن خلف بن راجح.(22/270)
قَالَ الضِّيَاء: كَانَ فَقِيْهاً، إِمَاماً، مُنَاظِراً، اشْتَغَل عَلَى ابْنِ المَنِّيِّ، وَسَمِعَ الكَثِيْر، وَكتبه، وَأَقَامَ سِنِيْنَ بِنَابُلُسَ بَعْد الفُتُوْح (1) بِجَامِعِهَا الغربِي، وَانتفع بِهِ خَلْق، وَكَانَ سمحاً، كَرِيْماً، جَوَاداً، حَسَنَ الأَخلاَق، مُتَوَاضِعاً، رَجَعَ إِلَى دِمَشْقَ قَبْل وَفَاته بِيَسِيْرٍ، وَاجتهَدَ فِي كِتَابَة الحَدِيْث وَتسمِيْعه، وَشرحَ كِتَاب (المُقْنِعِ) ، وَكِتَاب (العُمْدَة) لِشيخنَا مُوَفَّق الدِّيْنِ، وَوَقَفَ مَسْمُوْعَاته.
وَقَالَ الحَاجِب: كَانَ مليحَ المَنْظَر، مطرحاً لِلتَّكَلُّفِ، كَثِيْر الفَائِدَة، قَوَّالاً بِالْحَقِّ، ذَا دين وَخَيْرٍ، لاَ يَخَاف فِي اللهِ لَوْمَة لاَئِم، رَاغِباً فِي الحَدِيْثِ، كَانَ يَنْزِل مِنَ الْجَبَل قَاصداً لِمَنْ يسمع عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا أَطعم غدَاءهُ لِمَنْ يَقرَأُ عَلَيْهِ، وَانقطع بِمَوْته حَدِيْث كَثِيْر -يَعْنِي مِنْ دِمَشْقَ-.
وَمَاتَ: فِي سَابع ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: البِرْزَالِيّ، وَالضِّيَاء، وَابْن المَجْدِ، وَالشَّرَف ابْن النَّابُلُسِيِّ، وَالجمَال ابْن الصَّابُوْنِيّ، وَالشَّمْس ابْن الكَمَالِ، وَالتَّاج عَبْد الخَالِقِ، وَمُحَمَّد بن بلغزَا، وَدَاوُد بن مَحْفُوْظ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن زَيْدٍ، وَالعِزُّ ابْن الفَرَّاءِ، وَالعِزُّ ابْن العِمَاد، وَالعِمَاد عَبْد الحَافِظِ، وَالتَّقِيّ بن مُؤْمِنٍ، وَسِتّ الأَهْل بِنْت النَّاصِحِ، وَإِسْحَاق بن سُلْطَان، وَأَبُو جَعْفَرٍ ابْن الموَازِينِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ سُقْتُ مِنْ تَفَاصيل أَحْوَاله فِي (تَارِيْخ الإِسْلاَم) .
وَأَقدم شَيْء سَمِعَهُ بِدِمَشْقَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الكِنَانِيّ، سَمِعْتُ الكَثِيْرَ عَلَى أَصْحَابه.
وَفِيْهَا مَاتَ: القُدْوَة أَبُو أَحْمَدَ جَعْفَر بن عَبْدِ اللهِ بنِ سَيِّد بُونه الخُزَاعِيُّ صَاحِب ابْن هُذَيْلٍ، وَدَاوُد بن الفَاخِرِ، وَطَاغِيَة التَّتَار جِنْكِزْ خَان، وَقَاضِي
__________
(1) يعني فتوح السلطان المجاهد صلاح الدين يوسف رضي الله عنه.(22/271)
حَرَّان، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ نَصْرٍ الحَنْبَلِيّ، وَعَبْد البَرِّ بن أَبِي العَلاَءِ الهَمَذَانِيُّ، وَعَبْد الجَبَّارِ ابْن الحَرَسْتَانِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ السُّمَاتِيّ (1) ، وَالحُجَّة عَبْد المُحْسِنِ بن أَبِي العَمِيد الخَفِيْفِيّ، وَالمُعَظَّم عِيْسَى ابْن العَادِلِ، وَالمُسْنِدُ الفَتْح بن عَبْدِ السَّلاَمِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ مُحَمَّدُ بنُ اللَّيْثِ الوسْطَانِيّ.
155 - ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، عَمِيْدُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَرَجِ الفَتْحُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ عَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ ابْنِ الشَّيْخِ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ السَّلاَم بنِ يَحْيَى البَغْدَادِيُّ، الكَاتِبُ.
مِنْ بَيْت كِتَابَة وَرِوَايَة.
وَلد: يَوْم عَاشُورَاء، سَنَة سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: جدّه أَبِي الفَتْحِ، وَالقَاضِي مُحَمَّد بن عُمَرَ الأُرْمَوِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيّ، وَأَبِي غَالِبٍ مُحَمَّد بن الدَّايَةِ، وَأَحْمَد بن طَاهِرٍ المِيْهَنِيّ، وَهِبَة اللهِ بن أَبِي شَرِيْكٍ، وَأَبِي بَكْرٍ ابْن الزَّاغُوْنِيّ، وَقَاضِي القُضَاةِ
__________
(1) هكذا وجدتها مقيدة محررة بخط الذهبي، وهو أبو بكر عبد العزيز بن علي بن عبد العزيز بن زيدان السماتي القرطبي نزيل فاس (انظر تاريخ الإسلام، الورقة 44 أيا صوفيا 3012) .
(*) عقود الجمان لابن الشعار: 5 / الورقة 252 - 255.
وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2143، وتلخيص ابن الفوطي: 4 / الترجمة 1396، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 46 - 47 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 100 - 101، ودول الإسلام: 2 / 99، والمختصر المحتاج إليه، الورقة 104، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 10 - 11، والعسجد المسبوك المنسوب للخزرجي، الورقة 122، والنجوم الزاهرة: 6 / 269، وشذرات الذهب: 5 / 116.(22/272)
عَلِيّ بن الحُسَيْنِ الزَّيْنَبِيّ، وَنُوشْتِكِيْن الرَّضْوَانِيّ، وَأَبِي الكَرَمِ الشَّهْرُزُوْرِيّ، وَسَعِيْد ابْن البَنَّاءِ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ ابْنِ الإِخْوَةِ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيّ، وَعُمَر بن الحَاجِب، وَابْن المَجْدِ، وَالقَاضِي شَمْس الدِّيْنِ مُحَمَّد بن العِمَادِ، وَتَقِيّ الدِّيْنِ ابْن الوَاسِطِيّ، وَالجمَال ابْن الدَّبَّابِ، وَالكَمَال الفُوَيْرِه، وَالشَّمْس ابْن الزَّيْنِ، وَالشِّهَاب الأَبَرْقُوْهِيّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوّ الإِسْنَادِ.
قَالَ المُنْذِرِيّ (1) : كَانَ شَيْخاً حَسَناً، كَاتِباً أَديباً، لَهُ شعر وَتَصرف فِي الأَعْمَال الدِّيْوَانِيَة، أَضرَّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَانْفَرَدَ بِأَكْثَر شُيُوْخه وَمَرْوِيَّاته، وَهُوَ مِنْ بَيْت الحَدِيْث، حَدَّثَ هُوَ وَأَبُوْهُ وَجدّه وَجدّ أَبِيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: هُوَ مِنْ محلَّة الدِّينَارِيَّة بِبَابِ الأَزَج، وَكَانَ قَدِيْماً يَسكن بِدَارِ الخِلاَفَة، صَارَت إِلَيْهِ الرّحلَة، وَتَكَاثر عَلَيْهِ الطّلبَة، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَكَانَ مِنْ ذَوِي المنَاصب وَالولاَيَات، فَهماً بِصَنْعَتِهِ، ترك الخِدمَة، وَبَقِيَ قَانِعاً بِالكفَاف، وَأضَرَّ بِأَخَرَةٍ، وَتَعَلَّل حَتَّى أُقعد، وَكَانَ مَجْلِسُه مَجْلِسَ هَيْبَةٍ وَوَقَارٍ، لاَ يَكَاد يَشَذُّ عَنْهُ حرف مُحَقّق لِسَمَاعه، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُحبّ الرِّوَايَة؛ لِمَرَضِهِ، وَاشتِغَالِه بِنَفْسِهِ، وَكَانَ كَثِيْرَ الذِّكْرِ، وَكَانَ يَتَوَالَى، وَلَمْ يظهرْ لَنَا مِنْهُ مَا نُنكِرُه، بَلْ كَانَ يَترحَّمُ عَلَى الصَّحَابَة وَيلعنُ مَنْ يَسُبُّهُم، وَكَانَ يَقُوْلُ الشّعر فِي الزُّهْد وَالنَّدَم، وَكَانَ ثِقَةً، صَحِيْح السَّمَاع، وَمَا كَانَ مُكْثِراً ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَتُوُفِّيَ فِي الرَّابِع (2) وَالعِشْرِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) التكملة: 3 / الترجمة 2143.
(2) هذا قول ابن الحاجب، أما المنذري فقال: في الثالث والعشرين.(22/273)
وَحَدَّثَ عَنْهُ الدُّبَيْثِيّ، وَقَالَ: هُوَ مِنْ أَهْلِ بَيْت حَدِيْثٍ كُلُّهُم ثِقَات.
قُلْتُ: وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: فَاطِمَة بنْت سُلَيْمَان الدِّمَشْقِيِّ.
وَقَالَ المُبَارَك ابْنُ الشَّعَّارِ (1) : كَانَ الفَتْح يَرْجِع إِلَى أَدبٍ وَسَلاَمَة قَرِيحَة، وَكَانَ مُشتهراً بِالتَّشَيُّعِ وَالغُلوِّ فِيْهِ عَلَى مَذْهَب الإِمَامِيَّة.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ صَدُوْقاً جَلِيْلاً، أَديباً فَاضِلاً، حَسَنَ الأَخْلاَقِ نَبِيلاً.
أَنْشَدَنِي (2) أَبُو الحَسَنِ ابْنُ القَطِيْعِيِّ، أَنْشَدَنَا الفَتْحُ لِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ بِهَا إِلَى المُسْتَضِيْءِ بِأَمْرِ اللهِ يَسْتَقيلُ مِنْ خِدْمَتِهِ بِالبَرَكَاتِ:
يَا ابْنَ الخَلاَئِفِ مِنْ آلِ النَّبِيِّ وَمَنْ ... يَفُوقُ عِلْماً وَنُسْكاً سَائِرَ النَّاسِ
يَا مُسْتَضِيئاً بِأَمْرِ اللهِ مُقْتَدياً ... يَا خَيْرَ مُسْتَخْلَفٍ مِنْ آلِ عَبَّاسِ
أَشْكُو إِلَيْكَ مَعَاشِي إِنَّهُ كَدَرٌ ... مَا بَيْنَ باغٍ وَحَفَّارٍ لأَرْمَاسِ
تَأْتِي إِلَيَّ صَبَاحاً كُلّ عَانِيَةٍ ... يَضِيقُ مِنْ كَرْبِهَا صَدْرِي وَأَنْفَاسِي
فآهِ مِنْ حَالَتَيْ ضُرٍّ بُلِيتُ بِهَا ... سَوَادِ بَخْتِي وَشَيْبٍ حَلَّ فِي رَاسِي
156 - ابْنُ بَقِيٍّ أَحْمَدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأُمَوِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ، قَاضِي الجَمَاعَة، أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ ابنُ أَبِي الوَلِيْدِ يَزِيْد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَخْلَدِ بنِ عَبْدِ
__________
(1) عقود الجمان: 5 / الورقة: 252.
(2) القول لابن الشعار.
(*) تكملة الابار: 1 / 115 - 116، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2208، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 49 - 50 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 103، والمرقبة العليا للنباهي: 117 - 118، والنجوم الزاهرة: 6 / 270 - 271، وبغية الوعاة: 1 / 399، وسلم الوصول لحاجي خليفة، الورقة 159 - 160، وشذرات الذهب: 5 / 116 - 117.(22/274)
الرَّحْمَن بن أَحْمَدَ ابْنِ شَيْخ الأَنْدَلُسِ الحَافِظِ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ الأُمَوِيّ مَوْلاَهُمُ، البَقَوِيُّ، القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَجده؛ أَبَا الحَسَنِ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الحَقِّ الخَزْرَجِيَّ صَاحِبَ مُحَمَّد بن الفَرَجِ الطَّلاَّعِيِّ، وَخَلَفَ بنَ بَشْكُوَالَ، وَأَبَا زَيْدٍ السُّهَيْلِيَّ (1) ، وَطَائِفَةً.
وَأَجَاز لَهُ: المُقْرِئُ أَبُو الحَسَنِ شُرَيْح بن مُحَمَّدٍ، وَعَبْد المَلِكِ بن مَسَرَّةَ.
وَتَفَرَّد بِأَشيَاءَ، مِنْهَا (مُوَطَّأُ يَحْيَى بن يَحْيَى) ، عَنِ الخَزْرَجِيِّ.
وَقَدْ رَوَى الحَدِيْث هُوَ وَجَمِيْع آبَائِهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ (2) : هُوَ مِنْ رِجَالاَتِ الأَنْدَلُس جَلاَلاً وَكمَالاً، لاَ نَعلمُ بَيْتاً أَعرق مِنْ بَيْته فِي العِلْمِ والنَّباهَةِ إِلاَّ بَيْتَ بَنِي مُغِيْثٍ بِقُرْطُبَةَ، وَبَنِي البَاجِي بِإِشْبِيْلِيَة، وَلَهُ التَّقَدُّم عَلَى هَؤُلاَءِ، وَلِيَ قَضَاءَ الجَمَاعَةِ بِمَرَّاكُش، مُضَافاً إِلَى خُطَّتَي المَظَالِمِ وَالكِتَابَةِ العُليَا، فَحُمِدَت سِيرتُهُ، وَلَمْ تَزِده الرّفعَة إِلاَّ تَوَاضُعاً، ثُمَّ عُزل، وَأَقَامَ بَطَّالاً (3) إِلَى أَن قُلِّد قَضَاء بَلَده، وَذَهَبَ إِلَيْهِ، ثُمَّ عُزِلَ قَبْلَ مَوْته، فَازدحم الطَّلَبَة عَلَيْهِ، وَكَانَ لِذَلِكَ أَهْلاً.
وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ - أَوْ غَيْره -: كَانَ لَهُ بَاع مَدِيد فِي النَّحْوِ وَالأَدب، تَنَافس النَّاسُ فِي الأَخْذِ عَنْهُ، وَقرَأَ جَمِيْع (كِتَاب سِيْبَوَيْه) عَلَى أَبِي العَبَّاسِ ابْن مَضَاء، وَقَرَأَ عَلَيْهِ (المَقَامَات) .
وَقَالَ ابْنُ مَسْدِيّ: رَأَسَ شَيْخُنَا هَذَا بِالمَغْرِبَيْنِ، وَوَلِيَ القَضَاءَ بِالعُدْوَتَيْنِ، وَلَمَّا أَسنّ اسْتَعفَى، وَرجع إِلَى بَلَده، فَأَقَامَ قَاضِياً بِهَا إِلَى أَنْ
__________
(1) سمع منه " الروض الانف " تأليفه.
(2) التكملة: 1 / 115 - 116.
(3) هذه من تعابير الذهبي وتصرفه - رحمه الله - وانما قال ابن الابار: " ثم صرف عن ذلك كله وأقام بمراكش مدة طويلة إلى أن تقلد قضاء بلده ".(22/275)
غَلَبَ عَلَيْهِ الكِبَر، فَلزمَ مَنْزِلَهُ، وَكَانَ عَارِفاً بِالإِجْمَاعِ وَالخِلاَف، مَائِلاً إِلَى التَّرجيح وَالإِنصَاف.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ المُعَمَّرُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَارُوْنَ الَّذِي كَتَبَ إِلَيْنَا بِالإِجَازَةِ مِنَ المَغْرِب، وَجَمَاعَة.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: مُحَمَّد بن عَيَّاشٍ الخَزْرَجِيّ، وَالخَطِيْب أَبُو القَاسِمِ بن الأَيسر الجُذَامِيُّ، وَأَبُو الحَكَمِ مَالِك بن المُرَحّلِ الأَدِيْب، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ كَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- يَغْلِبُ عَلَيْهِ المَيْلُ إِلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الأَثَرِ وَالظَّاهِرِ فِي أُموره وَأَحكَامِهِ.
وَمِنَ الرُّوَاة عَنْهُ: العَلاَّمَةُ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ أَبِي الرَّبِيْعِ، وَبِالإِجَازَةِ: مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ المومنَائِيّ الفَاسِيُّ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الطَّائِيّ الفَقِيْه إِذْناً، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ يَزِيْدَ القَاضِي، عَنْ شُرَيْحِ بنِ مُحَمَّدٍ المُقْرِئِ، عَنِ الفَقِيْهِ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ حَزْم، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا قَاسم بن أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ العَبْسِيّ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الصَّوْمُ جُنَّةٌ (1)) .
وُلد ابْن بَقِيٍّ: سَنَة سَبْعٍ وَثَلاَثيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَمَاتَ: يَوْمَ الجُمُعَةِ، بَعْد الصَّلاَةِ، مُنْتَصَف رَمَضَان، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِقُرْطُبَة، وَقَدْ تَجَاوز ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً -رَحِمَهُ اللهُ- وَهُوَ آخِرُ مَنْ
__________
(1) رواه أحمد 2 / 273، والبخاري (1904) و (7492) ، ومسلم (1151) (163) ، والبغوي (1710) .(22/276)
حَدَّثَ (بِالمُوَطَّأ) فِي الدُّنْيَا عَالِياً بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِمَام مَالِكٍ، فِيْهِ سِتَّةُ رِجَال بِالسَّمَاع المُتَّصِل، وَهَكَذَا الْعدَد فِي (المُوَطَّأِ) لِيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ لِمُكْرَم بن أَبِي الصَّقْرِ البَزَّاز، وَفِي (مُوَطَّأِ القَعْنَبِيّ) لِلمُوَفَّقَيْنِ: ابْنِ قُدَامَةَ وَعَبْدِ اللَّطِيْفِ، وَابْن الخَيِّرِ، وَفِي (مُوَطَّأِ أَبِي مُصْعَبٍ) لأَبِي نَصْرٍ ابْن الشِّيْرَازِيِّ وَابْن البُرْهَان، وَفِي (مُوطَّأِ سُوَيْد بن سَعِيْدٍ) لِلبهَاء عَبْد الرَّحْمَنِ.
157 - ابْنُ البَرَّاجِ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، الخَيِّرُ الثِّقَةُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ ابْن البَرَّاجِ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ، الوَكِيْل.
سَمِعَ (سُنَنَ النَّسَائِيِّ) كُلَّه - أَعنِي (المُجْتَنَى (1)) - مِنْ أَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيّ، وَسَمِعَ (جُزءَ البَانْيَاسِيِّ) مِنْ أَبِي الفَتْحِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَكِتَابَ (أَخْبَارِ مَكَّةَ) لِلأَزْرَقِيِّ مِنْ أَحْمَد بن المُقَرّبِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السَّيْف ابْن المَجْدِ، وَعُمَرُ بنُ الحَاجِبِ، وَتَقِيُّ الدِّيْنِ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَشَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ الزَّيْنِ، وَالجمَال مُحَمَّد ابْن الدَّبَّابِ، وَطَائِفَةٌ.
وَأَخْبَرَتْنَا عَنْهُ: فَاطِمَة بِنْت سُلَيْمَان إِجَازَة.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: رَجُلٌ صَالِحٌ، كَثِيْرُ التِّلاَوَةِ وَالصَّمْتِ، لاَ يَكَادُ يَتَكَلَّمُ إِلاَّ جَوَاباً، سَمِعْتُ مِنْهُ مُعْظَمَ (السُّنَنِ) .
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2179، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 49 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 103، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين، الورقة 64، والنجوم الزاهرة: 6 / 270، وشذرات الذهب: 5 / 116.
(1) ويقال فيه " المجتبى " أيضا، ومن هذا النص يظهر أن " المجتبى " هو الذي كان يدور في الرواية، وليس " السنن الكبرى ".(22/277)
مَاتَ: فِي رَابع المُحَرَّمِ، سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
158 - ابْنُ الجَوَالِيْقِيِّ الحَسَنُ بنُ إِسْحَاقَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، العَالِم، العَدْل، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ إِسْحَاقَ ابْن العَلاَّمَة أَبِي مَنْصُوْرٍ مَوْهُوْبِ بنِ أَحْمَد ابْن الجَوَالِيْقِيِّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: ابْنَ نَاصِرٍ، وَنَصْر بن نَصْرٍ، وَابْن الزَّاغُوْنِيّ، وَأَبَا الوَقْت، وَجَمَاعَةً.
تَفَرَّد بِالعَاشرِ مِنَ (المُخَلِّصِيَّاتِ) وَبِثَالِثهَا الصَّغِيْر وَبِالأَوّل مِنَ السَّادِسِ، وَببَعْض الثَّانِي، وَ (بِدِيْوَان المُتَنَبِّي) وَسَمِعَ (الصَّحِيْح (1)) كُلّه، وَ (مُنْتَخَبَ عَبْدٍ (2)) كُلّه مِنْ أَبِي الوَقْت.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْن الدُّبَيْثِيِّ، وَابْن النَّجَّارِ، وَابْن الوَاسِطِيِّ، وَابْن الزَّيْنِ، وَالأَبَرْقُوْهِيُّ، وَالمَجْدُ ابْنُ الخَلِيْلِيِّ، وَعِدَّةٌ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ (3) ، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
159 - ابْنُ البُنِّ الحَسَن بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الأَسَدِيُّ **
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الثِّقَة، المُسْنِدُ، الصَّالِح، بَقِيَّة المَشَايِخ، نَفِيْس الدِّيْنِ، أَبُو
__________
(*) التقييد لابن نقطة، الورقة 78، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة 4 (باريس 5922) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2203، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 51 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 103، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 277، والنجوم الزاهرة: 6 / 271، وشذرات الذهب: 5 / 117.
(1) يعني صحيح البخاري.
(2) يعني منتخب مسند عبد بن حميد.
(3) في ليلة الثامن منه كما ذكر المنذري في التكملة ".
(* *) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2205، وذيل الروضتين لأبي شامة 154، وتاريخ =(22/278)
مُحَمَّدٍ الحَسَن بن عَلِيٍّ ابْن الشَّيْخ أَبِي القَاسِمِ الحُسَيْن بن الحَسَنِ بنِ البُنِّ الأَسَدِيّ، الدِّمَشْقِيّ، الخَشَّاب.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَسَمِعَ الكَثِيْر مِنْ جدّه، وَتَفَرَّد، وَعُمِّر، وَتَأَدَّب عَلَى الأَمِيْرِ مَحْمُوْدِ بنِ نِعْمَةَ الشِّيْزَرِيِّ وَصحبَهُ، وَلَهُ أُصُوْل وَأَجزَاء.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ دَائِم السُّكُوت، وَإِذَا نَفر مِنْ شَيْءٍ لاَ يَعُوْد إِلَيْهِ، وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، سَأَلتُ العَدْلَ عَلِيَّ ابْن الشَّيْرَجِيِّ عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ عَلَى خَيْرٍ، كَثِيْرَ الصَّدَقَة وَالإِحسَان.
وَقَالَ الضِّيَاء: شَيْخٌ حَسَنٌ، مَوْصُوْفٌ بِالخَيْرِ، قَلِيْلُ الكَلاَمِ وَالفُضُولِ.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: أَجَازَ لَهُ نَصْر بن نَصْرٍ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ ابْن الزَّاغُوْنِيّ.
تُوُفِّيَ: فِي ثَامِنَ (1) عَشَرَ شَعْبَان، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بَابِ الفَرَادِيْسِ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاءُ، وَالبِرْزَالِيُّ، وَابْنُ خَلِيْلٍ، وَالشَّرَفُ ابْن النَّابُلُسِيُّ، وَالجمَالُ ابْنُ الصَّابُوْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِلَيَاس، وَمُحَمَّدُ بنُ سَالِمٍ النَّابُلُسِيُّ، وَالعِزُّ ابْنُ الفَرَّاء، وَالشَّمْسُ ابْنُ الكَمَال، وَالشِّهَابُ الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَسَعْدُ الخَيْر، وَأَخُوْهُ؛ نَصْرُ، وَالفَخْرُ عَلِيٌّ، وَابْنَا الوَاسِطِيّ، وَالخَضِرُ بنُ عَبْدَانَ، وَعِدَّةٌ.
__________
= الإسلام للذهبي، الورقة 51 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 104، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين، الورقة 117، والنجوم الزاهرة: 6 / 271، وشذرات الذهب: 5 / 117.
(1) في تكملة المنذري: التاسع عشر.(22/279)
وَمَاتَ مَعَهُ: المُحِبُّ أَحْمَد بن تَمِيْم اللَّبْلِيُّ الأَنْدَلُسِيّ المُحَدِّث، وَأَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ الخَضِرِ بنِ طَاوُوْسٍ الدِّمَشْقِيُّ.
يَرْوِي عَنْ: حَمْزَةَ بنِ كَرَوَّسٍ، وَأَبُو مُسْلِمٍ أَحْمَد بن شِيْرَوَيْه بن شَهْرَدَار الدَّيْلَمِيّ، وَأَحْمَد بن السَّرَّاجِ، وَأَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ بَقِيٍّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الجَوَالِيْقِيِّ، وَصَاعِد بن عَلِيٍّ الوَاسِطِيّ الوَاعِظُ، وَكَاتِب المُعَظَّم جَمَال الدِّيْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن شِيث القُوْصِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ الشَّاطِبِيّ ابْن صَاحِب الصَّلاَة، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَنْدَنِيْجِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ النَّفِيْس بن عَطَاءٍ الصُّوْفِيّ، وَأَبُو الوَقْتِ مَحَاسِن بن عُمَرَ الخَزَائِنِيّ.
160 - ابْنُ عُفَيْجَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ البَنْدَنِيْجِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المُبَارَكِ بنِ كَرَمٍ البَنْدَنِيْجِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، البَيِّع، المَعْرُوف: بِابْنِ عُفَيْجَةَ الحَمَّامِيّ.
أَجَاز لَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ: أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ خَيْرُوْنَ المُقْرِئ، وَسِبْط الخَيَّاط أَبُو مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ ابْن الآبُنُوْسِيِّ، وَطَائِفَة.
وَسَمِعَ مِنَ: الحَافِظ ابْن نَاصِر، وَأَبِي طَالِبٍ بن خُضَيْرٍ.
وَلَيْسَ هُوَ بِالمُكْثِرِ.
خَرَّجَ لَهُ ابْنُ النَّجَّارِ (جُزءاً) ، وَابْنُ الخَيِّرِ (جُزءاً) ، وَحَصَلَ لَهُ فِي سَمْعِهِ ثقل.
وَعُفَيْجَةُ: هُوَ لَقَبٌ لوَالِدِهِ عَبْد اللهِ (1) .
__________
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 57 (شهيد علي) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2217، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 53 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 104، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 62 - 63، والنجوم الزاهرة: 6 / 271، وشذرات الذهب: 5 / 117.
(1) قيده المنذري في " التكملة ".(22/280)
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ يَأْوِي إِلَى بَعْضِ أَقَارِبه، وَكُنَّا نُقَاسِي مِنَ الوُصُوْل إِلَيْهِ مَشَقَّة وَيَمْنَعونَا.
قُلْتُ: تَعَلَّل وَافتقرَ، وَكَانَ عِنْدَهُ شَيْء مِنْ حَدِيْثِ أَبِي نُعَيْمٍ الحَافِظ، سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ نَاصِر.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْن الدُّبَيْثِيِّ، وَابْن النَّجَّارِ، وَابْن المَجْدِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ ابْن الوَاسِطِيّ، وَطَائِفَة، آخرهُم بِالحُضُوْر فِي الرَّابِعَةِ: العِمَاد إِسْمَاعِيْل ابْن الطَّبَّالِ.
وَقَرَأْتُ بِإِجَازتِهِ عَلَى أَبِي الحُسَيْنِ ابْنِ اليُوْنِيْنِيِّ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ سُلَيْمَان.
تُوُفِّيَ: فِي ثَانِيَ عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (1) .
وَمِنْ مَسْمُوْعِهِ خَمْسَةُ أَجزَاءَ مِنَ (الحِلْيَةِ) ، مِنْهَا السَّابِعُ وَالسَّبْعُوْنَ، وَتِلْوُهُ مِنِ ابْنِ نَاصِر.
161 - وَالِدُ الأَبَرْقُوْهِيِّ إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُؤَيَّدِ الهَمَذَانِيُّ *
القَاضِي، المُحَدِّثُ المُفِيْدُ، رَفِيْع الدِّيْنِ إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُؤَيَّدِ الهَمَذَانِيّ، ثُمَّ المِصْرِيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ: بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: الغَزْنَوِيّ (2) ، وَالأَرْتَاحِيّ (3) .
وَبِدِمَشْقَ مِنِ: ابْنِ
__________
(1) ومولده تقديرا سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة، كما ذكر المنذري وغيره.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2101، وبغية الطلب لابن العديم 2 / الورقة 296، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 29 (أيا صوفيا 3012) ، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 170، وذكره ابن حجر العسقلاني في ترجمة ولده أبي المعالي إسحاق المعروف بالشهاب المتوفى في التاسع عشر من ذي الحجة سنة 701 هـ.
(الدرر الكامنة: 1 / 103) .
(2) أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي.
(3) أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الارتاحي.(22/281)
طَبَرْزَد (1) ، وَبِوَاسِط مِنَ: المَنْدَائِيّ (2) ، وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ: عَفِيفَةَ (3) ، وَبَشِيْرَاز، وَهَمَذَان، وَبَغْدَاد.
وَوَلِيَ قَضَاءَ أَبَرْقُوْه، وَجَاءته الأَوْلاَد، فَرحل بِابْنَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقر بِمِصْرَ، وَكَانَ عَالِماً وَقُوْراً، مُقْرِئاً فَقِيْهاً.
مَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (4) .
حَدَّثَنَا عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو المَعَالِي.
162 - ابْنُ صَصْرَى الحُسَيْنُ بنُ هِبَة اللهِ بنِ مَحْفُوْظٍ الرَّبَعِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، القَاضِي، مُسْنِدُ الشَّام، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ ابنُ أَبِي الغَنَائِمِ هِبَة اللهِ بن مَحْفُوْظ بن الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ صَصْرَى الرَّبَعِيّ، التَّغْلِبِيّ، الجَزَرِيّ، البَلَدِيّ، الدِّمَشْقِيّ، أَخُو الحَافِظ أَبِي المَوَاهِب.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ (5) وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَجَدِّهِ، وَجَدِّهِ لأُمِّهِ؛ أَبِي المَكَارِمِ بنِ هِلاَلٍ، وَعَبْدَان بنِ زرّيْنَ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ البُنِّ، وَنَصْر بن مُقَاتِل، وَأَبِي طَالِبٍ بن
__________
(1) أبو حفص عمر بن محمد.
(2) أبو الفتح محمد بن أحمد.
(3) عفيفة بنت أحمد الفارفانية.
(4) في ليلة السابع عشر من جمادى الأولى من السنة، على ما ذكره المنذري في " التكملة ".
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2231، وتاريح الإسلام للذهبي، الورقة 56 - 57 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 105، والوافي بالوفيات: 11 / الورقة 114، والنجوم الزاهرة: 6 / 272 وتوهم فيه ناشروه واعطوه اسم أخيه (الحسن) وقيدوا (صصري) بضم الصاد الثانية، وهو وهم، وشذرات الذهب: 5 / 118 - 119.
(5) في تكملة المنذري: مولده قبل الأربعين وخمس مئة.(22/282)
حَيْدَرَة، وَحَمْزَة ابْن الحُبُوْبِيِّ، وَحَمْزَة بن كَرُّوْس، وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ الحَرَسْتَانِيّ، وَالفَلَكِيّ، وَالصَّائِن، وَأَخِيْهِ الحَافِظ (1) ، وَحَسَّان بن تَمِيْمٍ، وَعَبْد الوَاحِدِ بن قَزَّةَ، وَعَلِيّ بن عَسَاكِرَ بن سُرُوْر المَقْدِسِيّ، وَعَدَد كَثِيْر.
وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ: أَبِي حَنِيْفَةَ مُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللهِ الخَطِيْبيّ، وَبِحَلَبَ مِنْ: أَبِي طَالِبٍ ابْن العَجَمِيّ.
وَأَجَاز لَهُ: عَلِيُّ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَمُحَمَّد بن السَّلاَّل، وَأَبُو مُحَمَّدٍ سِبْط الخَيَّاط، وَأَحْمَد بنُ الآبُنُوْسِيِّ، وَمُحَمَّد بن طِرَاد، وَأَبُو الفَضْلِ الأُرْمَوِيُّ، وَالفَقِيْه نَصْر اللهِ بن مُحَمَّدٍ المَصِّيْصِيّ، وَخَلْق.
وَخَرَّج لَهُ البِرْزَالِيّ (مَشْيَخَة) فِي مُجَلَّد.
حَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاء، وَالقُوْصِيّ، وَالمُنْذِرِيّ، وَالجمَال ابْن الصَّابُوْنِيّ، وَالزَّيْن خَالِد، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ طَرْخَان، وَإِبْرَاهِيْم بن عُثْمَانَ اللَّمْتُوْنِيّ، وَالشَّرَف أَحْمَد بن أَحْمَدَ الفَرَضِيّ، وَالجمَال أَحْمَد بن أَبِي مُحَمَّدٍ المَغَارِيّ، وَالتَّقِيّ ابْن الوَاسِطِيّ، وَأَخُوْهُ، وَالتَّقِيّ بن مُؤْمِنٍ، وَالعِزّ بن الفَرَّاءِ، وَعَبْد الحَمِيْدِ بن حُوْلاَن، وَنَصْر اللهِ بن عَيَّاشٍ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ ابْن الموزَاينِي، وَخَلْق.
تَفقه قَلِيْلاً عَلَى أَبِي سَعْدٍ بنِ عصرُوْنَ.
قَالَ البِرْزَالِيّ: كَانَ يَسْأَل مِنْ غَيْرِ حَاجَة، وَهُوَ مُسْنِد الشَّام فِي زَمَانِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: رُبَّمَا كَانَ يَأْخذ مِنْ آحَاد الأَغنِيَاء عَلَى التّسمِيْع.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ سَلاَّمٍ: كَانَ فِيْهِ شُحٌّ بِالتسمِيْع إِلاَّ بِعَرَض مِنَ
__________
(1) يعني ابني عساكر.(22/283)
الدُّنْيَا، وَهُوَ مِنْ بَيْت حَدِيْثٍ وَأَمَانَةٍ وَصِيَانَة.
كَانَ أَخُوْهُ مِنْ عُلَمَاء الحَدِيْث، وَقَرَأْت عَلَيْهِ (عُلُوْم الحَدِيْث) لِلْحَاكِمِ فِي مِيْعَادَيْنِ، وَكَانَ مُتَمَوِّلاً، لَهُ مَال وَأَملاَك، رُزِئَ فِي مَالِهِ مَرَّات.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ أَيْضاً: كَانَ صَاحِبَ أُصُوْل، لَيِّن الجَانب، بَهيّاً، سَهْل الانْقِيَادِ، مُوَاظباً عَلَى أَوقَات الصَّلَوَات، مُتَجَنِّباً لِمُخَالَطَة النَّاسِ، وَهُوَ مِنْ رَبِيْعَة الفَرَس.
مَاتَ: فِي الثَّالِثِ وَالعِشْرِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ، سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الخَطِيْب الدَّوْلَعِيّ بِالجَامِع، وَالقَاضِي شَمْس الدِّيْنِ الخُوئِيّ بِظَاهِرِ البَلَدِ، وَالتَّاجُ القُرْطُبِيُّ بِمَقبَرَتِهِ بِسَفحِ قَاسِيُوْنَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: مُحَدِّثُ مِصْرَ عَبْد الوَهَّابِ بن عَتِيقِ بنِ وَرْدَانَ العَامِرِيُّ، وَشَرَف النِّسَاءِ بِنْت أَحْمَد بنِ الآبُنُوْسِيِّ، وَالشَّرِيْف البَهَاء الفَضْل بن عَقِيْلٍ العَبَّاسِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حربٍ النَّرْسِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ المُهَذَّبُ بنُ عَلِيِّ بنِ قُنَيْدَةَ (1) الأَزَجِيُّ، وَالشِّهَابُ يَاقُوْت الحَمَوِيّ الرُّوْمِيّ صَاحِب التَّوَالِيفِ، وَأَبُو البَقَاءِ يَعِيْشُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَعِيْشَ ابْنِ القَدِيْم الشِّلْبِيُّ، وَصَاحِب اليَمَن الْملك المَسْعُوْد أَقسيس ابْن الكَامِل.
163 - زَيْنُ الأُمَنَاءِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ ابْنُ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ، العَابِدُ الخَيِّرُ، زَيْنُ الأُمَنَاءِ، أَبُو البَرَكَاتِ
__________
(1) قيده المنذري في " التكملة: 3 / الترجمة 2262، قال: بضم القاف وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وبعدها دال مفتوحة وتاء تأنيث. وستأتي ترجمته في هذه الطبقة (رقم 86) .
(*) مرآة الزمان: 8 / 663، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2277، وذيل الروضتين =(22/284)
الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ: فِي سَلْخِ رَبِيْع الأَوَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي العشَائِر مُحَمَّد بن الخَلِيْلِ القَيْسِيّ فِي الخَامِسَة، وَأَبِي المُظَفَّرِ الفَلَكِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَانِ بن أَبِي الحَسَنِ الدَّارَانِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ البُنِّ الأَسَدِيّ، وَعَبْد الوَاحِدِ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ القُزَّةِ، وَالخَضِر بن عَبْدِ الحَارِثِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَسَنِ الحصنِيّ، وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ بنِ مُقَاتِل السُّوْسِيّ، وَمُحَمَّد بن أَسْعَد العِرَاقِيّ، وَحَسَّان بن تَمِيْم الزَّيَّات، وَأَبِي النَّجِيْبِ السُّهْرَوَرْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ ابْن المَوَازِيْنِيِّ، وَعَلِيّ بن مَهْدِيٍّ الهِلاَلِي، وَمُحَمَّد بن بَرَكَةَ الصِّلْحِيّ، وَالحَسَن بن عَلِيٍّ البَطَلْيَوْسِيّ، وَعَبْد الرَّشِيْد بن عَبْدِ الجَبَّارِ الخُوَارِيّ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الكُشْمِيْهَنِيّ، وَأَخِيْهِ؛ مَحْمُوْد، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الإِمَام عِزّ الدِّيْنِ ابْن الأَثِيْرِ، وَكَمَال الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم، وَابْنه؛ أَبُو المَجْدِ، وَزَكِيّ الدِّيْنِ المُنْذِرِيّ، وَالزَّيْن خَالِد، وَالشَّرَفُ ابْنُ النَّابُلُسِيِّ، وَالجمَال ابْن الصَّابُوْنِيّ، وَالشَّمْس ابْن الكَمَال، وَسَعْد الخَيْر بن أَبِي القَاسِمِ، وَأَخُوْهُ؛ نَصْر اللهِ، وَالعِمَاد عَبْد الحَافِظِ النَّابُلُسِيُّون، وَالشِّهَاب الأَبَرْقُوْهِيّ، وَالشَّرَف ابْن عَسَاكِرَ، وَأَمِيْن الدِّيْنِ أَبُو اليُمْنِ حَفِيْده، وَآخَرُوْنَ.
__________
= لأبي شامة: 158، وتكملة ابن الصابوني: 219 - 220، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 64 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 108، والوافي بالوفيات: 11 / الورقة 31 - 32، ونثر الجمان للفيومي: 2 / 19 - 20، وطبقات السبكي: 5 / 54 - 55، والبداية والنهاية: 13 / 127 - 128، والعقد المذهب لابن الملقن: الورقة 76، والنجوم الزاهرة: 6 / 273، وشذرات الذهب: 5 / 123.(22/285)
وَكَانَ شَيْخاً جَلِيْلاً، نبيلاً، عَابِداً، سَاجِداً، مُتَأَلِّهاً، حَسنَ السّمت، كيِّس المحَاضَرَة، مِنْ سروَات البَلَد، تَفَقَّهَ عَلَى جَمَال الأَئِمَّة عَلِيّ بن المَاسحِ، وَتَلاَ بِحرفِ ابْن عَامِرٍ عَلَى أَبِي القَاسِمِ العُمَرِيّ، وَتَأَدَّب عَلَى عَلِيِّ بنِ عُثْمَانَ السُّلَمِيّ، وَوَلِيَ نَظَرَ الخزَانَة، وَنظرَ الأَوقَافِ، وَأَقْبَلَ عَلَى شَأْنِه، وَكَانَ كَثِيْرَ الصَّلاَةِ، حَتَّى إِنَّهُ لُقِّب بِالسَّجَّاد، وَلَقَدْ بَالغ ابْن الحَاجِب فِي تَقرِيظه بِأَشيَاء تَركتُهَا، وَلأَنَّ ابْن المَجْدِ ضَرَبَ عَلَى بَعْضهَا.
وَقَالَ السَّيْف ابْن المَجْدِ: سَمِعْنَا مِنْهُ (1) ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ كَثِيْرَ الالتفَات فِي الصَّلاَةِ، وَيُقَالُ: كَانَ يُشَارِي فِي الصَّلاَةِ، وَيُشِيْر بِيَدِهِ لِمَنْ يَبتَاع مِنْهُ.
وَقَالَ البِرْزَالِيّ: ثِقَةٌ، نبيلٌ، كَرِيْمٌ، صَيِّنٌ.
مَاتَ زَين الأُمَنَاءِ -رَحِمَهُ اللهُ-: فِي سحر يَوْمَ الجُمُعَةِ، سَادِسَ (2) عَشَرَ صَفَرٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَشيَّعه الخلقُ، وَدُفن إِلَى جَانب أَخِيْهِ المُفْتِي فَخْر الدِّيْنِ عَبْد الرَّحْمَانِ، وَطَاب الثّنَاء عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: أَصَابته زَمَانَةٌ فِي الآخِرِ، فَكَانَ يُحْمَلُ فِي مِحَفَّةٍ إِلَى الجَامِع وَإِلَى دَارِ الحَدِيْثِ النُّورِيَّة، فَيُسَمِّع، وَعَاشَ ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
قَالَ القُوْصِيّ: سَمِعْتُ مِنْهُ (سُنَن الدَّارَقُطْنِيّ) .
قُلْتُ: قَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنِ الضِّيَاء بن هِبَةِ اللهِ بنِ عَسَاكِرَ عَمِّه.
وَفِيْهَا مَاتَ: عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن عَتِيق بن صِيْلاَ، وَعَبْد السَّلاَم بن عَبْدِ الرَّحْمَانِ بن عَلِيِّ بنِ سُكَيْنَة، وَأَبُو زَيْد عَبْد الرَّحْمَانِ بن يَخلَقِيْنَ بن أَحْمَدَ الفَازَازِيُّ القُرْطُبِيّ، وَأَبُو المَعَالِي مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ صَالِحِ بنِ شَافع الجِيْلِيّ
__________
(1) الاضافة من " تاريخ الإسلام " بخط المؤلف، سقطت من النسخة الأصل.
(2) في تكملة المنذري: السابع عشر.(22/286)
البَغْدَادِيّ، وَفَخْر الدِّيْنِ مُحَمَّد بن عَبْدِ الوَهَّابِ ابْن الشِّيْرَجِيّ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو غَانِم مُحَمَّد بن هِبَةِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ العَدِيْم العُقَيْلِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ نَصْر بن جرْو السَّعْدِيّ الحَنَفِيّ.
164 - عُمَرُ بنُ بَدْرِ بنِ سَعِيْدٍ أَبُو حَفْصٍ الكُرْدِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ المُفِيْدُ، الفَقِيْهُ، أَبُو حَفْصٍ الكُرْدِيّ، المَوْصِلِيّ، الحَنَفِيّ، ضِيَاء الدِّيْنِ.
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَمُحَمَّد بن المُبَارَكِ ابْن الحَلاَوِيّ، وَأَبِي الفَرَجِ ابْن الجَوْزِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَحَدَّثَ بِحَلَبَ وَدِمَشْق.
رَوَى عَنْهُ: الشِّهَاب القُوْصِيّ، وَالفَخْر ابْن البُخَارِيِّ، وَمَجْد الدِّيْنِ ابْن العَدِيْمِ، وَأُخْته شُهْدَةُ، فَكَانَتْ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ.
وَقَدْ حَدَّثَ أَيْضاً بِبَيْتِ المَقْدِس.
وَلَهُ تَوَالِيفُ مُفِيْدَةٌ، وَعَمَلٌ فِي هَذَا الفنِّ، عَاشَ نَيِّفاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِالبيمَارستَان النُّوْرِيّ بِدِمَشْقَ.
لَمْ يَرْوِ لَنَا عَنْهُ سِوَى شُهْدَةُ بِنْت العَدِيْم.
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ عُمَر الكَاتِبَة، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ بَدْرٍ قِرَاءةً عَلَيْهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ وَأَنَا حَاضِرَة، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ المُنْعِمِ بن
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2072، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 24 (ايا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 91، والجواهر المضية للقرشي: 1 / 387، منتخب المختار للفاسي: 158 - 159، قال ابن رافع صاحب الأصل: " توفي في ليلة الجمعة الثامن والعشرين من شهر رمضان، وقال المنذري: في الثاني من شوال ". وتاريخ ابن الفرات: 10 / الورقة 65، وتاج التراجم لقطلوبغا: 64، والطبقات السنية للتميمي، 2 / الورقة 925 - 926، وشذرات الذهب: 5 / 101.(22/287)
كُلَيْب، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سَالِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ (1) أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى سكَّةَ الحَرْثِ، فَقَالَ: (لاَ تَدْخُلُ هَذِهِ عَلَى قَوْمٍ إِلاَّ أَذَلَّهُمُ اللهُ) .
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ (2) ، عَنِ ابْنِ يُوْسُفَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: النَّاصِر لِدِيْنِ اللهِ، وَالشَّرَف أَحْمَد ابْن الكَمَالِ مُوْسَى بن يُوْنُسَ المَوْصِلِيّ شَارح (التَّنْبِيْهِ) ، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ الرَّحْمَانِ القَطِيْعِيّ، وَالمُحَدِّث إِبْرَاهِيْم بن عُثْمَانَ بنِ دِرْبَاسٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُظَفَّر البَرْنِيُّ، وَالأَمِيْر مَجْد الدِّيْنِ جَعْفَر ابْن شَمْسِ الخِلاَفَةِ، وَالحُسَيْن بن عُمَرَ بنِ بَاز المَوْصِلِيّ، وَظَفَرُ بنُ سَالِمٍ ابْن البَيْطَار، وَالوَزِيْر صَفِيّ الدِّيْنِ عَبْد اللهِ بن عَلِيِّ بنِ شكر الدَّمِيْرِيّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ عَبْد اللهِ بن نَصْرِ بن شَرِيْف الرّحبَة، وَعَبْد السَّلاَمِ العَبَرْتِيّ الخَطِيْب، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَرِيْقٍ البَلَنْسِيُّ أَحَد الشُّعَرَاءِ، وَعَلِيُّ بنُ البَنَّاءِ المَكِّيُّ، وَقَاضِي مِصْرَ زَيْنُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ الدِّمَشْقِيُّ، وَالأَفْضَلُ عَلِيُّ بنُ صَلاَحِ الدِّيْنِ، وَالفَخْرُ الفَارِسِيُّ، وَالمَجْدُ القَزْوِيْنِيُّ، وَالفَخْرُ بنُ تَيْمِيَةَ، وَالنَّفِيْسُ بنُ جُبَارَةَ، وَالزَّكِيُّ بنُ رَوَاحَةَ وَاقف الرَّوَاحيَّةِ، وَيَعِيْشُ بنُ الحَارِثِ الأَنْبَارِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ زَرْقُوْنَ شَيْخ المَالِكِيَّة.
165 - ابْنُ تَيْمِيَةَ مُحَمَّدُ بنُ الخَضِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الخَضِرِ الحَرَّانِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، المُفَسِّرُ، الخَطِيْبُ البَارِعُ، عَالِمُ حَرَّانَ،
__________
(1) أبو أمامة صدي بن عجلان بن وهب الباهلي.
(2) في المزارعة (2321) .
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2017، وعقود الجمان لابن الشعار، 6 / الورقة =(22/288)
وَخَطِيْبُهَا، وَوَاعِظُهَا، فَخْرُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابنُ أَبِي القَاسِمِ الخَضِرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الخَضِرِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ ابْن تَيْمِيَةَ الحَرَّانِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، صَاحِبُ (الدِّيْوَانِ) الخُطَبِ، وَ (التَّفْسِيْر الكَبِيْر) .
وُلِدَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ، بِحَرَّانَ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى: أَحْمَدَ بنِ أَبِي الوَفَاء، وَحَامِد بن أَبِي الْحجر.
وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى: نَاصِح الإِسْلاَم ابْن المَنِّيِّ، وَأَحْمَد بن بَكْروس، وَبَرَعَ فِي المَذْهَب وَسَاد.
وَأَخَذَ العَرَبِيَّة عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ ابْنِ الخَشَّابِ.
وَسَمِعَ الحَدِيْث مِنْ: أَبِي الفَتْحِ ابنِ البَطِّيِّ، وَيَحْيَى بن ثَابِتٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ النَّقُّوْرِ، وَسَعْدِ اللهِ ابْنِ الدَّجَاجِيِّ، وَجَعْفَرِ ابْنِ الدَّامَغَانِيِّ، وَشُهْدَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَصَنَّفَ (مُخْتَصَراً) فِي المَذْهَب، وَلَهُ النّظم وَالنَّثْر.
قِيْلَ: إِنَّ جدَّه حَجَّ عَلَى دربِ تَيْمَاءَ، فَرَأَى هُنَاكَ طِفْلَةً، فَلَمَّا رَجَعَ، وَجدَ امْرَأَتَه قَدْ وَلَدَتْ لَهُ بِنْتاً، فَقَالَ: يَا تَيْمِيَةُ! يَا تَيْمِيَةُ! فَلقِّبَ بِذَلِكَ.
وَأَمَّا ابْن النَّجَّارِ، فَقَالَ: ذكرَ لَنَا أَنَّ جَدَّه مُحَمَّداً كَانَتْ أُمُّهُ تُسَمَّى تَيْمِيَةَ، وَكَانَتْ وَاعِظَةً.
نَعَمْ، وَسَمِعَ الشَّيْخ فَخْرُ الدِّيْنِ بِحَرَّانَ مِنْ أَبِي النَّجِيْب السُّهْرَوَرْدِيّ، قَدِمَ عَلَيْهِم.
__________
= 267 - 269، ووفيات الأعيان لابن خلكان: 4 / 386 - 388، وتلخيص ابن الفوطي: 4 / الترجمة 2350، وتاريخ الإسلام، الورقة 25 - 26 (أيا صوفيا 3012) ، ودول الإسلام: 2 / 96، والعبر: 5 / 92، والوافي بالوفيات: 3 / 37 - 38، والبداية والنهاية: 13 / 109، والذيل لابن رجب: 2 / 151 - 162، والنجوم الزاهرة: 6 / 362 - 363، وتاريخ ابن الفرات، 1 / الورقة 65، وطبقات المفسرين للسيوطي: 32، وشذرات الذهب: 5 / 102، 103، والتاج المكلل للقنوجي: 124 - 129.(22/289)
حَدَّثَ عَنْهُ: الشِّهَاب القُوْصِيّ، وَقَالَ: قَرَأْت عَلَيْهِ خطبه بِحَرَّانَ.
وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ؛ الإِمَام مَجْد الدِّيْنِ، وَالجمَال يَحْيَى بن الصَّيْرَفِيّ، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي العِزّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِلَيَاس الرَّسْعَنِيّ، وَالسَّيْف بن مَحْفُوْظ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَالرَّشِيْد الفَارِقِيّ، وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَكَانَ صَاحِبَ فُنُوْنٍ وَجَلاَلَةٍ بِبَلَدِهِ، سَمِعْتُ مِنْ طَرِيقِهِ (جُزْءَ البَانْيَاسِيِّ) .
166 - ابْنُ دِرْبَاسٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ بنِ عِيْسَى المَارَانِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، جَلاَل الدِّيْنِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ بنِ عِيْسَى بنِ دِرْبَاسٍ المَارَانِيُّ، الكُرْدِيُّ، المِصْرِيُّ.
أَجَاز لَهُ: السِّلَفِيُّ.
وَسَمِعَ: فَاطِمَة بِنْت سَعْدِ الخَيْرِ، وَالأَرْتَاحِيّ، وَابْن طَبَرْزَدَ، وَالمُؤَيَّد الطُّوْسِيّ، وَأَبَا روح، وَزَيْنَب الشَّعْرِيَّة، وَخَلْقاً، وَكَتَبَ الكَثِيْر.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظ عَبْد العَظِيْمِ، وَغَيْرهُ، وَكَانَ عَارِفاً بِمَذْهَب الشَّافِعِيّ، تَفَقَّهَ بِأَبِيْهِ، وَكَانَ خَيِّراً، صَالِحاً، زَاهِداً، قَانِعاً، مُقلاًّ، مُقْبِلاً عَلَى شَأْنه.
تُوُفِّيَ: بَيْنَ الهِنْد وَاليَمَن، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسُوْنَ سَنَةً.
__________
(1) في الحادي عشر منه كما ذكر المنذري في " التكملة ".
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2081، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 16 (ايا صوفيا 3012) ، وطبقات الاسنوي، الورقة 24، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 170، وتاريخ ابن الفرات، 10 / الورقة 60.(22/290)
وَكَانَ أَبُوْهُ:
167 - الشَّيْخُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ *
مِنْ كِبَارِ الشَّافِعِيَّةِ.
تَفَقَّهَ بِإِرْبِلَ عَلَى: الخَضِرِ بنِ عَقِيْلٍ، وَبِدِمَشْقَ عَلَى: ابْنِ أَبِي عَصْرُوْنَ.
وَشَرَحَ (المُهَذَّبَ) فِي عِشْرِيْنَ مُجَلَّداً، وَشَرحَ (اللُّمَعَ) فِي الأُصُوْلِ فِي مُجَلَّدَيْنِ.
وَنَاب عَنْ أَخِيْهِ فِي القَضَاءِ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّ مائَةٍ.
عَمُّهُ:
168 - أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ المَلِكِ، صَدْرُ الدِّيْنِ **
قَاضِي الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، صَدْرُ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ المَلِكِ.
وُلِدَ: بِأَرَاضِي المَوْصِلِ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
تَفَقَّهَ بِحَلَبَ عَلَى: أَبِي الحَسَنِ المُرَادِيِّ.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ البُنِّ، وَبِمِصْرَ مِنْ: عَلِيِّ ابْنِ بِنْت أَبِي سَعْدٍ الزَّاهِدِ.
وَكَانَ صَالِحاً، مِنْ خيَار القُضَاة.
مَاتَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّ مائَةٍ.
169 - ابْنُ النَّرْسِيِّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حَرْبٍ ***
الشَّيْخُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حَرْبٍ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ ابْن
__________
(*) تكملة المنذري: 2 / الترجمة 935، ووفيات الأعيان: 3 / 242 - 243، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 137 (باريس 1582) ، وطبقات الاسنوي، الورقة 24، وطبقات السبكي: 5 / 143، وتاريخ ابن الفرات، 9 / الورقة 19، وشذرات الذهب: 5 / 7 وصحف فيه الماراني إلى " الحاراني ".
(1) في الثاني عشر من ذي قعدة السنة المذكورة، كما في " تكملة " المنذري وغيره.
(* *) تكملة المنذري: 2 / الترجمة 1062، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 148 (باريس 1582) ، والعبر: 5 / 13، والبداية والنهاية: 13 / 52، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 165، والسلوك للمقريزي: 1 / 1 / 170، ورفع الإصر لابن حجر، الورقة 75 (باريس 2149) ، وعقد الجمان للعيني، 17 / الورقة 316 - 317، والنجوم الزاهرة: 6 / 196، وتاريخ ابن الفرات، 9 / الورقة 33، وحسن المحاضرة: 1 / 190.
(2) في ليلة الخامس من رجب منها.
(* * *) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 133 - 134 (شهيد علي) ، وعقود الجمان لابن الشعار، =(22/291)
النَّرْسِيّ، الأَدِيْب، أَحَد الشُّعَرَاء بِبَغْدَادَ.
وُلِدَ: سَنَةَ 544.
وَسَمِعَ الأَوّل مِنْ حَدِيْثِ ابْن زُنْبُوْر الوَرَّاق مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ ابْنِ المَادِحِ، أَخْبَرَنَا الزَّيْنَبِيّ عَنْهُ.
وَالثَّانِي مِنْ حَدِيْثِ ابْن صَاعِد بِالإِسْنَادِ.
وَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ ابْن الشِّبْلِيّ، وَأَبِي الفَتْحِ ابْن البَطِّيِّ.
فَسَمِعَ مِنِ ابْنِ البَطِّيِّ (مُسْنَدَ حُمَيْد) عَنْ أَنَسٍ، لأَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ، وَكِتَابَ (الاسْتيعَاب) لابْنِ عَبْدِ البَرِّ عَنِ الحُمَيْدِيّ، إِجَازَةً عَنِ المُؤلف؛ أَجَازَهُ بِفَوْت.
وَسَمِعَ مِنْ: صَالِحِ بنِ الرّخلَة، وَتركنَاز بِنْت الدَّامَغَانِيّ رَابع (المَحَامِلِيَّات) ، بِسَمَاعِهِمَا مِنَ النِّعَالِيّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْن الدُّبَيْثِيِّ، وَالجمَال ابْن الصَّيْرَفِيّ، وَالتَّقِيّ ابْن الوَاسِطِيّ.
وَبِالإِجَازَةِ: فَاطِمَة بِنْت سُلَيْمَان، وَطَائِفَة.
وَكَانَ كَاتِباً سَيِّئَ التَّصرُّفِ، ظَرِيفاً، نَدِيْماً.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
170 - ابْنُ النَّرْسِيِّ عَبْدُ اللَّطِيْف بنُ المُبَارَكِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ العَالِمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّطِيْف بنُ المُبَارَكِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ هِبَة اللهِ النَّرْسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ وَغَيْرِهِ بِالأَنْدَلُسِ. وَلَهُ تَوَالِيف فِي
__________
= 6 / الورقة 139 - 140، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2246، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 59 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 106، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 131، والوافي بالوفيات: 1 / 146، والنجوم الزاهرة: 6 / 273، وشذرات الذهب: 5 / 119.
(*) تاريخ الإسلام، الورقة 33 (أيا صوفيا 3012) وهو مترجم في الحاشية بخطه في وفيات سنة 623 نقلا عن ابن مسدي.
وأشار إلى أنه كان قد ترجمه قبل هذا في وفيات سنة 615 (الورقة: 141 أيا صوفيا 3011) ، فكأنه ترجحت عنده وفاته في سنة 623.(22/292)
التَّصَوُّف، وَرَوَى كتباً كَثِيْرَة عَنْ مُصَنّفهَا ابْن الجَوْزِيِّ.
ضَعَّفه: مُحَمَّد بن سَعِيْدٍ الطّرَاز الأَنْدَلُسِيّ.
وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ بنُ مَسْدِيّ، فَرَوَى عَنْهُ، وَقَالَ: رَأَيْتُ (ثَبته) وَعَلَيْهِ خطّ أَبِي الوَقْت.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنِ: ابْنِ البَطِّيِّ، وَلَبِسَ مِنَ الشَّيْخ عَبْد القَادِرِ.
قَدِمَ غَرْنَاطَة، وَأَدخل البِلاَد تَوَالِيف لابْنِ الجَوْزِيّ، تَحَامِل عَلَيْهِ ابْن الرومِيَّة، وَلَيْسَ لأَبِي مُحَمَّدٍ فِي بَاب الرِّوَايَة كَبِيْر عنَايَة.
وَمَاتَ: بِمَرَّاكُش، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَادَّعَى أَنَّهُ هَاشِمِيّ.
171 - الهَمَذَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، الخَطِيْب، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الهَمَذَانِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَد بن سَعْدٍ البيع، وَأَبِي الوَقْت عَبْد الأَوَّل.
وَقَدِمَ بَغْدَادَ (1) ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَب - مَذْهَب الشَّافِعِيّ - عَلَى: أَبِي الخَيْرِ القَزْوِيْنِيّ، وَأَبِي طَالِبٍ صَاحِب ابْنِ الخَلِّ (2) .
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: بَرَعَ فِي المَذْهَب، وَأَفتَى، وَكَانَ متقشفاً عَلَى مِنْهَاج السَّلَف.
__________
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 89 (باريس 5922) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2062، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 18 (أيا صوفيا 3012) ، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 138 - 139، وطبقات السبكي: 5 / 58، 8 / 155 من الطبعة الحلبية الجديدة، وطبقات الاسنوي، الورقة 181 - 182، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 171.
(1) إضافة من " تاريخ الإسلام ".
(2) أعاد لابن الخل بالمدرسة النظامية ببغداد، كما في " تاريخ الإسلام " وغيره.(22/293)
قُلْتُ: كَانَ بَصِيْراً بِالمَذْهَبِ وَالخلاَف وَأُصُوْل الفِقْه، مُتَأَلِّهاً.
رَوَى عَنْهُ: ابْن النَّجَّارِ (1) ، وَعَلِيّ بن الأَخْضَر، وَالجمَال يَحْيَى بن الصَّيْرَفِيّ؛ سَمِعُوا مِنْهُ (جُزءَ عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ) رِوَايَةَ العَبَّادَانِيِّ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَحْمَدَ بنِ سَعْدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ ابْن شَاذَانَ.
وَقَدْ خطبَ بِبَعْض أَعْمَال هَمَذَان.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ (2) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
172 - ابْنُ شُكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ الشَّيْبِيُّ *
الوَزِيْر الكَبِيْر، صَفِيُّ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ الشَّيْبِيّ، الدَّمِيْرِيُّ، المَالِكِيُّ، ابْنُ شُكْرٍ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ (3) .
وَتَفَقَّهَ، وَسَمِعَ بِالثَّغْرِ يَسيراً: مِنَ السِّلَفِيِّ، وَابْن عَوْف، وَجَمَاعَة.
وَتَفَقَّهَ: بِمَخْلُوْف بن جَارَة.
رَوَى عَنْهُ: المُنْذِرِيّ، وَالقُوْصِيّ، وَأَثنَيَا عَلَيْهِ بِالبر وَالإِيثَار وَالتفقد لِلْعُلَمَاء وَالصُّلَحَاء.
أَنشَأَ بِالقَاهِرَةِ مَدْرَسَة، وَوزر، وَعظم، ثُمَّ غضب عَلَيْهِ العَادل، وَنَفَاهُ، فَبقِي بِآمِدَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ العَادل، أَقدمه الكَامِل.
__________
(1) زيادة من " تاريخ الإسلام " لا يستقيم من غيرها قوله بعد ذلك " سمعوا منه ".
(2) في الحادي عشر منه كما ذكر المنذري في " التكملة ".
(*) معجم البلدان: 2 / 602، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2061، وذيل الروضتين لأبي شامة: 147، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 8 / 20، (ايا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 90، ودول الإسلام، الورقة 96، وفوات الوفيات: 1 / 463 - 466، والبداية والنهاية 13 / 106، والنجوم الزاهرة: 6 / 263، وتاريخ ابن الفرات، 10 / الورقة 63، وتحفة السخاوي: 85 - 88، وشذرات الذهب: 5 / 100 - 105.
(3) قال المنذري في " التكملة ": " وسمعته يقول: مولدي في تاسع صفر سنة ثمان وأربعين وخمس مئة ".(22/294)
قَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : كَانَ خليقاً لِلوزَارَة، لَمْ يَلهَا بَعْدَهُ مِثْله، وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، يُسلِّم عَلَى النَّاسِ وَهُوَ رَاكِب، وَيُكرم العُلَمَاء.
قَالَ القُوْصِيّ: هُوَ كَانَ السَّبَب فِيمَا وَليته وَأَوليته، أَنْشَأَنِي وَأَنسَانِي الوَطَن، وَعَمَّرَ جَامِعَ المِزَّةَ، وَجَامِعَ حَرَسْتَا، وَبَلَّطَ جَامِعَ دِمَشْقَ، وَأَنْشَأَ الفَوَّارَة، وَبَنَى المصلَى.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّطِيْف: هُوَ دري اللَّوْنِ، طلق المحيَا، طُوَال، حُلْو اللِّسَان، ذُو دَهَاء فِي هوج، وَخبث فِي طَيْش، مَعَ رعونَة مفرطَة وَحقد، يَنْتقم وَلاَ يَقبل مَعْذِرَة، اسْتولَى عَلَى العَادل جِدّاً، قرب أَرَاذل؛ كَالجمَال المِصْرِيّ، وَالمَجْد البَهْنَسِيّ، فَكَانُوا يُوهِمُونه أَنَّهُ أَكْتَبُ مِنَ القَاضِي الفَاضِل وَابْن العَمِيد، وَفِي الفِقْه كَمَالِكٍ، وَفِي الشّعرِ أَكمل مِنَ المُتَنَبِّي، وَيَحلِفُوْنَ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ يظْهر أَمَانَة مُفرطَةً، فَإِذَا لاَح لَهُ مَال عَظِيْم احتجَنَهُ، إِلَى أَن ذَكَرَ أَنَّ لَهُ مِنَ القُرَى مَا يغل أَزْيَد مِنْ مائَة أَلْف دِيْنَار، وَقَدْ نُفِي، ثُمَّ اسْتوزره الكَامِل، وَقَدْ عَمِيَ، فَصَادر النَّاس، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَتَحَسَّرُ أَنَّ ابْنَ البَيْسَانِيِّ مَا تَمرَّغَ عَلَى عتبتِي -يَعْنِي: القَاضِي الفَاضِل- وَرُبَّمَا مَرَّ بِحَضْرَةِ ابْنِهِ وَكَانَ مُعجَباً تَيَّاهاً.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ (2) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ - عفَا الله عَنْهُ -.
173 - ابْنُ حَرِيْقٍ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المَخْزُوْمِيُّ *
فَحلُ الشُّعَرَاءِ، العَلاَّمَةُ، اللُّغَوِيّ، النَّحْوِيُّ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) ذيل الروضتين: 147.
(2) في الثامن منه على ما ذكره المنذري في " التكملة ".
(*) التكملة لابن الابار: 3 / الورقة: 73 - 74، وزاد المسافر: 22 - 27، وتاريخ الإسلام، الورقة: 22 (أيا صوفيا 3012) وفوات الوفيات: 2 / 70، وبغية الوعاة: 2 / 186.(22/295)
أَحْمَد بن حَرِيْق المَخْزُوْمِيّ، البَلَنْسِيّ.
قَالَ الأَبَّارُ (1) : هُوَ شَاعِرُ بَلَنْسِيَةَ، مُسْتبحر فِي الْآدَاب وَاللغَات، حَافِظ لأَشعَار الْعَرَب وَأَيَّامهَا، شَاعِر مُفلق، (دِيْوَانه) مُجلَّدَانِ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ، عَنْ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ ابْنُ مَسْدِيّ: كَانَ إِن نَظم أَعجز وَأَبدع، وَإِن نثر أَوجز وَأَبلغ، سَمِعْتُ مِنْ تَوَالِيفِهِ.
174 - القَاضِي عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ الدِّمَشْقِيُّ *
قَاضِي الدِّيَار المِصْرِيَّةِ، زَيْنُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ بن بُنْدَار الدِّمَشْقِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، رَاوِي (مُسْنَد الشَّافِعِيّ) عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بن طَاهِر.
تَفقه عَلَى: أَبِيْهِ، وَتَمَيَّزَ فِي المَذْهَب.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكِيَّانِ البِرْزَالِيّ وَالمُنْذِرِيّ، وَابْنه أَحْمَد.
وَأَخْبَرَنَا عَنْهُ: الأَبَرْقُوْهِيّ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ (2) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
__________
(1) التكملة: 3 / الورقة: 73.
(*) تاريخ ابن النجار، الورقة 78 (باريس) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2046، وتاريخ الإسلام، الورقة: 22 (أيا صوفيا 3012) ، ودول الإسلام: 2 / 96، والعبر: 5 / 91، وطبقات الاسنوي، الورقة 95، والوافي بالوفيات، 12 / الورقة 232، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 172، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 235 - 236، والنجوم الزاهرة: 6 / 263، وتاريخ ابن الفرات: 10 / الورقة 64، وحسن المحاضرة: 1 / 191 - 192، وشذرات الذهب: 5 / 101.
(2) في الثالث عشر منه، كما ذكر المنذري في " التكملة ".(22/296)
بِالقَاهِرَةِ، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً (1) .
175 - ابْنُ بُوْرندَازَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ النَّفِيْسِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ، الحَاجِب (2) ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ النَّفِيْس بن بُوْرندَازَ بن حُسَامٍ البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ ابْنِ المَادِحِ، وَأَبِي المُظَفَّرِ بن التُّرَيْكِيّ، وَمَحْمُوْد فُورجه، وَأَبِي الوَقْت السِّجْزِيّ، وَعُمَر بن عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيّ، وَأَبِي المَعَالِي ابْن اللَّحَّاس، وَابْن البَطِّيِّ، وَجَمَاعَة.
وَخَرَّج لَهُ (مَشْيَخَة) وَلده؛ المُحَدِّثُ المُفِيْد عَبْد اللَّطِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيّ، وَالسَّيْف ابْن المَجْدِ، وَالتَّقِيّ ابْن الوَاسِطِيّ، وَالشَّمْس ابْن الزَّيْنِ، وَعَبْد الرَّحِيْمِ ابْن الزجَاج، وَمُحَمَّد بن المُريح النَّجَّار.
وَبِالإِجَازَةِ: أَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ ابْن الوَاسِطِيّ.
تُوُفِّيَ: فِي السَّابِع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ (3) : هُوَ مِنْ أَوْلاَد الأَترَاك، حَفِظ القُرْآن، وَتَفَقَّهَ
__________
(1) قال المنذري: " وأملي علي ان مولده يوم السبت سابع عشر رجب سنة خمسين وخمس مئة ".
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 170 (كيمبرج) ، وتاريخ ابن النجار، الورقة 59 (باريس) ، وتكملة المنذري: 2 / الترجمة 2130، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 33 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 94 - 95، والمختصر المحتاج إليه: الورقة 101، وشذرات الذهب: 5 / 109.
(2) كان حاجبا بديوان الخلافة ببغداد.
(3) الورقة 59 من المجلد الباريسي: وهذا النص لم يذكره المؤلف في " تاريخ الإسلام:.(22/297)
لأَحْمَدَ، وَصَحِبَ مَكِّيّ بن الغَرَّاد، وَبإِفَادته سَمِعَ.
قَالَ: وَكَانَ مُتَدَيِّناً، صَالِحاً، مُنْقَطِعاً عَنِ النَّاس، كَثِيْر العِبَادَة، حَسَن السّمت، دُفِنَ بِمَقْبَرَة بَاب حَرْب -رَحِمَهُ اللهُ-.
وَفِيْهَا مَاتَ: العَلاَّمَة شَمْس الدِّيْنِ أَحْمَد بن عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيّ المُلَقَّب بِالبُخَارِيّ، وَالمُحَدِّث رَفِيْع الدِّيْنِ إِسْحَاق وَالِد الأَبَرْقُوْهِيّ، وَالتَّقِيّ خزعل بن عَسْكَر النَّحْوِيّ بِدِمَشْقَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الأُسْتَاذ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي العِزّ ابْن الخَبَّازَة البَغْدَادِيّ، وَشَيْخ الشَّافِعِيَّة إِمَام الدِّيْنِ عَبْد الكَرِيْمِ الرَّافِعِيّ، وَشبل الدَّوْلَة كَافُوْر وَاقف الشِّبليَّةِ، وَالظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ، وَابْن أَبِي لُقْمَةَ، وَمُحَمَّد بن عُمَرَ بنِ خَلِيْفَةَ الحَرْبِيُّ، وَأَبُو المَحَاسِنِ المَرَاتِبِيّ، وَالمُبَارَك بن أَبِي الجُوْدِ، وَ (1) قَاضِي دِمَشْق الجمَال يُوْنُس بن بَدْرَانَ الشَّيْبِيّ المِصْرِيّ.
176 - ابْنُ أَبِي لُقْمَةَ مُحَمَّدُ بنُ السَّيِّدِ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّر الصَّالِح، بَقِيَّة السَّلَف، أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ السَّيِّدِ بن فَارِس بن سَعْدِ بنِ حَمْزَةَ ابْن أَبِي لُقْمَةَ الأَنْصَارِيّ، الدِّمَشْقِيّ، الصَّفَّار، النَّحَاس.
مَوْلِدُهُ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَبعدهَا مِنَ: الفَقِيْه أَبِي الفَتْحِ نَصْر اللهِ بن مُحَمَّدٍ المَصِّيْصِيّ، وَهِبَة اللهِ بن طَاوُوْس المُقْرِئ، وَالقَاضِي المُنْتَجب أَبِي
__________
(1) زيادة مني كأنها سقطت من الأصل.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2092، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 36 (ايا صوفيا 3012) ، والعبر " 5 / 96، والنجوم الزاهرة: 6 / 266، وشذرات الذهب: 5 / 110.(22/298)
المَعَالِي مُحَمَّد بن عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَعَبْدَان بن زرّين المُلقِّن، وَالبهجَة عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصُّوْرِيُّ، وَأَبِي القَاسِمِ الخَضِرِ بنِ عَبْدَانَ الأَزْدِيِّ، وَنَصْرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُقَاتِلٍ، وَتَفَرَّدَ فِي وَقْتِهِ.
وَأَجَاز لَهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ السَّلاَّلِ، وَعَلِيُّ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ سِبْط الخَيَّاط، وَأَبُو الفَضْلِ الأُرْمَوِيُّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ الكَرُوْخِيّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالضِّيَاء مُحَمَّد، وَالسَّيْف ابْن المَجْدِ، وَالزَّكِيّ البِرْزَالِيّ، وَأَحْمَد بن يُوْسُفَ الفَاضِلِي، وَالشَّمْس ابْن الكَمَال، وَالتَّقِيّ ابْن الوَاسِطِيّ، وَأَخُوْهُ مُحَمَّد، وَالعِزّ ابْن الفَرَّاء، وَالعِزّ ابْن العِمَاد، وَالتَّقِيّ بن مُؤْمِنٍ، وَالخَضِر بن عَبْدَان - وَجَدْنَا سَمَاعه مِنْهُ - وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ.
قَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: كَانَ رَجُلاً صَالِحاً، كَثِيْر الخَيْرِ وَالتِّلاَوَة، رطب اللِّسَان بِالذّكر، مُحِبّاً لِلطَّلبَة، كَرِيْم النَّفْس، وَمُتِّعَ بِحَوَاسِّه، ثُمَّ انْحَطَمَ لِمَوْتِ ابْنِهِ، وَأُقعد، وَثَقُلَ سَمْعُهُ قَلِيْلاً، وَكَانَ بِالمِزَّةِ.
مَاتَ: فِي ثَالِثِ رَبِيْع الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَمَاتَ أَخُوْهُ أَبُو (1) يَعْلَى حَمْزَةَ بنِ أَبِي لُقْمَةَ الفَقِيْه فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ، كَانَ الأَصْغَرَ، رَوَى عَنْهُ: الزَّكِيّ البِرْزَالِيّ، وَمُحَمَّد وَعُمَر ابْنَا القَوَّاس، حَدَّثَ عَنِ: الخَضِر بن عَبْدَان، وَغَيْرِهِ.
__________
(1) تكملة المنذري: 2 / الترجمة 1698، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 225 (باريس 1582) ، والنجوم الزاهرة: 6 / 247.(22/299)
177 - ابْنُ شَمْسِ الخِلاَفَةِ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُخْتَارٍ الأَفْضَلِيُّ *
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، مَجْدُ المُلْكِ، أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ ابْن شَمْس الخِلاَفَة أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ مُخْتَارٍ الأَفْضَلِيُّ، المِصْرِيّ، القُوْصِيّ، سَيِّد الشُّعَرَاء.
وُلِدَ: فِي المُحَرَّم، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَكَانَ ذَكِيّاً، أَدِيباً، بَارِعاً، بَدِيْع الكِتَابَة، وَلَهُ (دِيْوَان) ، وَتَصَانِيف، وَامْتَدَح الكِبَار.
رَوَى عَنْهُ: القُوْصِيّ وَالمُنْذِرِيّ فِي (مُعْجَمَيْهِمَا) .
وَقِيْلَ (1) : بَلْ هُوَ جَعْفَر بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ، وَخدم مَعَ السُّلْطَان صَلاَحِ الدِّيْنِ أَمِيْراً، ثُمَّ مَعَ ابْنِهِ العَزِيْزِ، ثُمَّ خدم بِحَلَبَ مَعَ الظَّاهِرِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِصْرَ، وَلَهُ هَجْو فِي العَادل وَفِي القَاضِي الفَاضِل.
ثُمَّ قَالَ ابْن الشَّعَّارِ (2) : مَاتَ سَنَةَ عشر، فَغَلِطَ، بَلْ قَالَ المُنْذِرِيّ:
مَاتَ فِي المُحَرَّم (3) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2014 وتاريخ الإسلام، الورقة " 16 - 17 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 89، وتاريخ ابن الفرات: 10 / الورقة 22، وحسن المحاضرة: 1 / 271، وشذرات الذهب 5 / 100، وقد طبع له كتاب: " الآداب النافعة بالالفاظ المختارة الجامعة ".
(1) القائل هو كمال الدين ابن الشعار الموصلي صاحب " عقود الجمان " وهو في القسم الضائع من الكتاب حيث تقع ترجمته في المجلد الثاني.
(2) هذا من سرعة الذهبي رحمه الله تعالى، فهو ما ذكر ابن الشعار أولا حتى يقول: " ثم قال ابن الشعار "، لكنه واضح في تاريخ الإسلام إذ صرح بالنقل منه.
(3) في الثالث عشر منه، هكذا ذكر المنذري.(22/300)
178 - اللَّبْلِيُّ أَحْمَدُ بنُ تَمِيْمِ بنِ هِشَامِ بنِ حَيُّوْنَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مُحِبّ الدِّيْنِ أَحْمَدَ بن تَمِيْم بن هِشَامِ بنِ حَيُّوْنَ البَهْرَانِيّ، اللَّبْلِيّ.
وُلِدَ: بِلَبْلَةَ - مِنْ قرَى إِشْبِيْلِيَة - سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَابْن الجَدِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنِ: ابْنِ طَبَرْزَذَ، وَبِهَرَاةَ مِنْ: أَبِي رَوْح، وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنَ: المُؤَيَّد، وَزَيْنَب الشَّعْرِيَّة.
وَعُنِي بِالرِّوَايَة، وَكَتَبَ الكَثِيْر، وَتَفَقَّهَ لِلشَّافِعِيِّ.
وَقِيْلَ: كَانَ ظَاهِرِياً.
رَوَى عَنْهُ: مَجْد الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم، وَتَاج الدِّيْنِ عَبْد الخَالِقِ.
مَاتَ: بِدِمَشْقَ، سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
179 - ابْنُ شِيْثَ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ القُرَشِيُّ **
العَلاَّمَةُ، المنشِئُ البَلِيْغُ، جَمَال الدِّيْنِ عَبْد الرَّحِيْمِ بن عَلِيِّ بنِ حُسَيْنِ بنِ شِيث القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ، الأَشنَائِيُّ، القُوْصِيّ، كَاتِب السِّرِّ لِلمُعَظَّم.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2199، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 49 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 102، والوافي بالوفيات، 5 / الورقة 134، والنجوم الزاهرة: 6 / 427، وشذرات الذهب: 5 / 116.
(* *) عقود الجمان لابن الشعار: 3 / الورقة 259، ومرآة الزمان: 8 / 652 - 653، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2181، وتلخيص ابن الفوطي: 4 / الترجمة 252 ولقبه عز الدين فلعله لقب ثان له كما لكثير غيره، والطالع السعيد للادفوي: 160، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 52 (ايا صوفيا 3012) ، وفوات الوفيات: 1 / 560 - 563، وصبح الاعشى: 6 / 352، والنجوم الزاهرة: 6 / 270، وشذرات الذهب: 5 / 117. وهو صاحب كتاب: " معالم الكتابة ومغانم الإصابة ".(22/301)
وُلِدَ: سَنَةَ 557.
وَتَفنن فِي الآدَاب بِقُوْص مَعَ الدِّيْنِ وَالوَرَع وَالبَاع الأَطول فِي النّظم وَالنَّثْر، وَحسن التَّأْلِيْف وَالرصف.
وَلِي الدِّيْوَان بِقُوْص، ثُمَّ الثَّغْر، ثُمَّ القُدْس، ثُمَّ كتب لِصَاحِب مِصْر.
وَكَانَ قَاضِياً لِحوَائِج النَّاس، كيِّساً، كَبِيْرَ القَدْرِ.
أَنْشَدَنِي رَشِيدٌ الأَدِيْب، أَنْشَدَنَا الشِّهَاب القُوْصِيّ، قَالَ: أَنْشَدَنَا الوَزِيْر جَمَال الدِّيْنِ ابْن شِيْث لِنَفْسِهِ:
كُنْ مَعَ الدَّهْرِ كَيْفَ قَلَّبَكَ الدَّهْـ ... ـرُ بِقَلْبٍ رَاضٍ وَصَدْرٍ رَحِيبِ
وَتَيَقَّنْ أَنَّ اللَّيَالِي سَتَأْتِي ... كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِعَجِيبِ
مَاتَ: فِي المُحَرَّم (1) ، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
180 - السِّنْجَارِيُّ أَسَعْدُ بنُ يَحْيَى بنِ مُوْسَى السُّلَمِيُّ *
أَبُو السَّعَادَاتِ أَسَعْد بن يَحْيَى بنِ مُوْسَى السُّلَمِيّ، السِّنْجَارِي، الشَّافِعِيّ، المنَاظر.
شَاعِر مُحسِنٌ، لَهُ (دِيْوَان) .
مدح المُلُوْكَ وَالكِبَارَ، وَطَافَ البِلاَدَ، وَهُوَ القَائِلُ (2) :
للهِ أَيَّامِي عَلَى رَامَةٍ ... وَطِيبُ أَوْقَاتِي عَلَى حَاجِرِ
تَكَادُ لِلسُّرْعَةِ فِي مَرِّهَا ... أَوَّلُهَا يَعْثُرُ بِالآخِرِ
__________
(1) في السابع منه، كما ذكره المنذري.
(*) خريدة القصر (قسم الشام) : 2 / 401، ومعجم البلدان (سنجار) ، وعقود الجمان لابن الشعار: 1 / الورقة 254، ووفيات الأعيان: 1 / 214 - 217، وتاريخ الإسلام،
الورقة: 16 (أيا صوفيا 3012) ، والوافي بالوفيات: 9 / 32 - 34، وشذرات الذهب: 5 / 104.
(2) وفيات الأعيان: 1 / 216 وغيره.(22/302)
وَقَالَ فِي أُمِّ الخبَائِثِ (1) :
كَادَتْ تَطِيْرُ وَقَدْ طِرْنَا بِهَا طَرَباً ... لَوْلاَ الشِّبَاكُ الَّتِي صِيْغَتْ مِنَ الحَبَبِ
مَاتَ: بِسِنْجَارَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ نَيِّف وَثَمَانِيْنَ سَنَةً - سَامَحَهُ اللهُ - (2) .
181 - ابْنُ الأُسْتَاذِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُلْوَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ ابْن الأُسْتَاذِ الأَسَدِيّ، الحَلَبِيّ.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (3) .
وَسَمِعَ بِبلده مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ الأَشِيْرِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ يَاسِرٍ الجَيَّانِيّ، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ النُّوْقَانِيّ، وَأَبِي حَامِد مُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحِيْمِ الغَرْنَاطِي، وَأَبِي طَالِبٍ ابْن العَجَمِيّ، وَمُحَمَّد بن بَرَكَةَ الصِّلْحِيِّ.
وَارْتَحَلَ، فَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ العَبَّاسِيّ - وَهَذَا أَكْبَر شَيْخ لقِيه - وَبِدِمَشْقَ مِنْ: أَبِي المَكَارِمِ بن هِلاَلٍ، وَأَبِي القَاسِمِ ابنِ عَسَاكِرَ، وَأَبِي المَوَاهِب ابْن صَصْرَى.
وَأَجَاز لَهُ خلق مِنْ مِصْرَ، وَأَصْبَهَان، وَخُرَاسَان، وَكَانَ لَهُ فَهْم وَمَعْرِفَة وَعِنَايَة تَامَّة بِالحَدِيْثِ، وَفِيْهِ دِينٌ وَصلاَحٌ، وَمَعْرِفَةٌ بِفِقْهِ الشَّافِعِيّ.
سَمَّعَ أَوْلاَدَهُ: قَاضِي القُضَاةِ زَيْنَ الدِّيْنِ، وَقَاضِي
__________
(1) نفسه.
(2) وكانت ولادته سنة 533 على ما ذكره ابن خلكان.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2105، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 32 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 94، والمختصر المحتاج إليه: 2 / 101، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 171، وتاريخ ابن الفرات، 1 / الورقة 83، وشذرات الذهب: 5 / 108.
(3) في شهر ربيع الآخر من السنة، كما ذكر المنذري.(22/303)
القُضَاةِ جَمَالَ الدِّيْنِ مُحَمَّداً.
وَكَتَبَ الكَثِيْر.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيّ، وَالضِّيَاء، وَالسَّيْف أَحْمَد بن المَجْدِ، وَابْن العَدِيْم، وَابْنه؛ مَجْد الدِّيْنِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ ابْن الوَاسِطِيّ، وَالشَّمْس ابْن الزَّيْنِ، وَالأَمِيْن أَحْمَدَ بن الأَشْتَرِي، وَالكَمَال أَحْمَد ابْن النَّصِيْبِيِّ، وَالشَّمْس أَحْمَد الخَابُورِي، وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَ: فِي عَاشر جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
لَمْ أَلقَ أَحَداً سَمِعَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا أَجَازَ لِي طَائِفَة مِنْ أَصْحَابِهِ.
182 - الدَّاهِرِيُّ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ عَبْد اللهِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ الأُمِّي، أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ السَّلاَمِ ابْن الإِمَام عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ بَكْرَان الدَّاهِرِيُّ، البَغْدَادِيّ، الخَفَّاف، الخَرَّاز، كَانَ يَخرز بِالحَرِيْر عَلَى الخَفَّاف.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ تَقَرِيْباً (1) .
وَسَمِعَ مِنْ: نَصْر بن نَصْرٍ العُكْبَرِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ ابْن الزَّاغُوْنِيّ، وَأَبِي الوَقْت السِّجْزِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ أَحْمَد بن قَفَرْجَلَ، وَالوَزِيْر عَوْن الدِّيْنِ يَحْيَى بن هُبَيْرَةَ، وَهِبَة اللهِ الشِّبْلِيّ، وَأَبِي العَبَّاسِ بن نَاقَة، وَهِبَة اللهِ الدَّقَّاق، وَجَمَاعَة.
__________
(*) معجم البلدان: 2 / 542 والتقييد لابن نقطة، الورقة: 145، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة 143 (باريس 5922) والتكملة للمنذري: 3 / الترجمة: 2332، والعبر: 5 / 112، والمختصر المحتاج إليه، الورقة 77، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 71 (أيا صوفيا 3012) ، والنجوم الزاهر: 6 / 277، وشذرات الذهب: 5 / 128.
وقد أعجم كاتب الأصل دال " الداهري " وليس بشيء، وقد قيدها ياقوت والمنذري، وهي قرية من سواد بغداد.
(1) قال ابن نقطة في " التقييد ": " وسألته عن مولده فلم يعرفه ".(22/304)
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيّ، وَابْن الدُّبَيْثِيِّ، وَابْن نُقْطَة، وَابْن المَجْدِ، وَأَبُو المُظَفَّرِ ابْن النَّابُلُسِيّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ ابْن الوَاسِطِيّ، وَأَبُو الفَرَجِ ابْن الزَّيْنِ، وَالمَجْد ابْن الخَلِيْلِيّ، وَأَحْمَد ابْن العِمَادِ، وَالفَخْر عَلِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ المُؤْمِنِ، وَمَحْفُوْظ بن الحَامض، وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: فَاطِمَة بِنْت سُلَيْمَان.
وَكَانَ أُمِّيّاً لاَ يَكتب، فِيْهِ تَوَاضع وَحسن انْقِيَاد.
سَمِعَ: (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) ، وَ (عَبْدٍ (1)) وَ (الدَّارِمِيَّ) ، وَ (اللُّمَعَ) لِلسرَّاج، وَ (شَمَائِل الزُّهَّاد) مِنْ أَبِي الوَقْت، وَالأَوّل مِنَ (المُخَلِّصِيَّات) وَبَعْض الخَامِس وَالشطر الثَّانِي مِنَ السَّادِس مِنْهَا، وَالثَّامن مِنْ (حَدِيْثِ المِصْرِيّ) ، وَ (جُزء بِيْبِي) ، وَمَجْلِساً لِشيخ الإِسْلاَم، وَكِتَابَ (فَعَلت وَأَفْعَلت) لِلزجَّاج، وَكِتَاب (الوِلاَيَة) لابْنِ عقدَة نَازل (2) .
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: تُوُفِّيَ فِي تَاسِعِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (3) ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَسنُوْنَ النَّرْسِيّ البيع، وَالأَمْجَدُ صَاحِبُ بَعْلَبَكَّ، وَخُوَارِزْم شَاه جَلاَل الدِّيْنِ، وَالمُهَذَّب عَبْد الرَّحِيْمِ بن عَلِيٍّ الطَّبِيْب الدّخوَار، وَالحَافِظُ أَبُو الحَسَنِ ابْن القَطَّان، وَالنَّظَام عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ رَحَّالٍ المِصْرِيّ، وَأَبُو الرِّضَا مُحَمَّد بن
__________
(1) يريد: " منتخب مسند عبد بن حميد " كما نص على ذلك ابن نقطة في التقييد ومنه نقل المؤلف وإن لم يشر إلى ذلك.
(2) يعني باسناد نازل.
(3) في تكملة المنذري: ليلة الخامس من شهر ربيع الأول.(22/305)
المُبَارَك بن عصيَة.
قَالَ ابْنُ نُقْطَة: أَخْطَأَ مِنْ ضَمِّهِ (1) ، وَشَيْخ النَّحْو زَيْن الدِّيْنِ يَحْيَى بن معطِي الزُّوَاوِي، وَالبَدْر يُوْنُس بن مُحَمَّدٍ الفَارِقِيُّ.
183 - ابْنُ القَطَّانِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحِمْيَرِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، النَّاقِد، المُجَوِّدُ، القَاضِي، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ يَحْيَى بنِ إِبْرَاهِيْمَ الحِمْيَرِيّ، الكُتَامِيّ، المَغْرِبِيّ، الفَاسِي، المَالِكِيّ، المَعْرُوف: بِابْنِ القَطَّان.
قَالَ الحَافِظُ جَمَال الدِّيْنِ ابْنُ مَسْدِيّ: كَانَ مِنْ أَئِمَّة هَذَا الشَّأْن، قَصْرِي الأَصْل، مَرَّاكُشي الدَّار، كَانَ شَيْخَ شُيُوْخ أَهْل العِلْمِ فِي الدَّوْلَة المُؤْمِنِيَة، فَتمكن مِنَ الكُتُبِ، وَبلغ غَايَة الأُمنِيَة، وَوَلِيَ قَضَاء الجَمَاعَة فِي أَثْنَاء تَقَلُّبِ تِلْكَ الدُّوَلِ، فَنسخت أَوَاخِره الأُول، وَنُقِمَت عَلَيْهِ أَغرَاض اُنْتُهِكَتْ فِيْهَا أَعْرَاض ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
سَمِعَ: أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ زَرْقُوْنَ، وَأَبَا بَكْرٍ بن الجَدِّ، وَخَلْقاً، عَاقت الفِتَن المُدْلَهِمَّة عَنْ لِقَائِهِ، وَأَجَاز لِي.
قُلْتُ: وَسَمِعَ: أَبَا عَبْدِ اللهِ ابْن الفَخَّارِ - وَأَكْثَر عَنْهُ - وَأَبَا الحَسَنِ بنِ النقرَات، وَالخَطِيْب أَبَا جَعْفَرٍ بنَ يَحْيَى، وَأَبَا ذَرٍّ الخُشَنِيّ (2) .
وَقَالَ الأَبَّارُ (3) : كَانَ مِنْ أَبصرِ النَّاسِ بِصِنَاعَةِ الحَدِيْثِ، وَأَحْفَظِهِم
__________
(1) انظر تعليقنا على ترجمته من " التكملة " 3 / الترجمة: 2324 ففيه تفصيل مفيد إن شاء الله تعالى.
(*) التكملة لابن الابار: 3 / الورقة: 80 (مع الغرباء) ، وجذوة الاقتباس لابن القاضي: 298، وتاريخ الإسلام للذهبي: الورقة: 72 (أيا صوفيا 3012) ، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1407، والتبيان لابن ناصر الدين، الورقة: 152، وشذرات الذهب: 5 / 128، والرسالة المستطرفة: 133، وكتابنا: الذهبي ومنهجه: 173 - 175 (ط القاهرة 1976) .
(2) نقل الذهبي هذا عن ابن الابار.
(3) التكملة: 3 / الورقة 80 من النسخة الأزهرية.(22/306)
لأَسْمَاءِ رِجَالِهِ، وَأَشدِّهِم عِنَايَةً بِالرِّوَايَةِ، رَأَسَ طَلَبَةَ العِلْمِ بِمَرَّاكُش، وَنَال بِخدمَة السُّلْطَان دُنْيَا عرِيضَةً، وَلَهُ تَصَانِيْف، درس وَحَدَّثَ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَهُوَ عَلَى قَضَاء سِجِلْمَاسَةَ.
قُلْتُ: عَلَّقت مِنْ تَأْلِيْفِه كِتَابَ (الوَهْمِ وَالإِيهَامِ (1)) فَوَائِد تَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ ذَكَائِهِ، وَسَيَلاَنِ ذِهْنِهِ، وَبصره بِالعلل، لَكنَّه تَعَنَّتَ فِي أَمَاكنَ، وَلَيَّنَ هِشَام بن عُرْوَةَ، وَسُهَيْل بن أَبِي صَالِحٍ، وَنَحْوهُمَا.
184 - ابْنُ النَّرْسِيِّ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بن عَبْد اللهِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ ابْنِ الشَّيْخ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد اللهِ ابْن أَبِي نَصْرٍ أَحْمَد بن هِبَةِ اللهِ ابنِ أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حسنُوْنَ النَّرْسِيّ، البَغْدَادِيّ، البيع.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ (2) وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: جدّه؛ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَأَبِي الوَقْت السِّجْزِيّ.
وَعَنْهُ: ابْنُ نُقْطَة، وَابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ ابْن الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ بن مُعَلَّى الدَّبَاهِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) اسمه الكامل: " بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الاحكام " انتقد به كتاب " الاحكام الشرعية الكبرى " لأبي محمد عبد الحق بن عبد الرحمان بن عبد الله الأزدي الاشبيلي المعروف بابن الخراط المتوفى سنة 581.
وفي دار الكتب الظاهرية بدمشق مختصر رد الذهبي على ابن القطان (ضمن مجموع رقم 70) .
(*) التقييد لابن نقطة، الورقة: 18، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة 183 (باريس 5921) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2339، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 69 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 110، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 180، والنجوم الزاهرة: 6 / 277، وشذرات الذهب: 5 / 136.
(2) في تكملة المنذري: ولد تقريبا سنة خمس وأربعين وخمس مئة.(22/307)
وَبِالإِجَازَةِ: فَاطِمَة بِنْت سُلَيْمَان.
وَكَانَ دَيِّناً، صَالِحاً، مِنْ بَيْت الرِّوَايَة وَالعدَالَة، أَضَرَّ بِأَخَرَةٍ.
وَهُوَ مَنْسُوْب إِلَى النرس؛ وَهُوَ نَهْر بَيْنَ الحِلَّةِ وَالكُوْفَةِ، وَمِنْهُ أُبَيٌّ النَّرْسِيّ.
مَاتَ: فِي ثَالِث رَجَبٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
فَأَمَّا العَبَّاس بن الوَلِيْدِ النَّرْسِيُّ وَقَرَابَتُهُ، فَنَسَبَهُ إِلَى الْجد نَصْرٍ، فَعُجِمَ، وَقِيْلَ فِيْهِ: نَرْس (1) .
185 - يَاقُوْتُ مُهَذَّبُ الدِّيْنِ الرُّوْمِيُّ مَوْلَى أَبِي مَنْصُوْرٍ الجِيْلِيِّ *
الأَدِيْب البَارِع، مُهَذَّب الدِّيْنِ الرُّوْمِيّ، الشَّاعِرُ، مَوْلَى التَّاجِرِ أَبِي مَنْصُوْرٍ الجِيْلِيِّ.
كَانَ مِنْ أَهْلِ النِّظَامِيَّة، وَسَمَّى نَفْسه عَبْد الرَّحْمَانِ (2) ، وَحفظ القُرْآن، وَتَأَدَّب، وَتَقدَّم فِي النّظم، وَهُوَ القَائِلُ (3) :
__________
(1) هذا هو رأي المؤلف في " العباس بن الوليد النرسي " وقد كرره في المشتبه (636) . وتابع الذهبي فيه آخرين.
أما السمعاني في " الأنساب " وابن الأثير في " اللباب " فانهما نسبا العباس هذا إلى " النرس " النهر المذكور أولا، وذكرا وكذلك المنذري ان الذي ينسب هكذا هو عبد الأعلى بن حماد بن نصر النرسي (انظر تكملة المنذري: 1 / 293) ، وراجع تعليقنا على ترجمة العباس بن الوليد من " تهذيب الكمال ".
(*) إرشاد الاريب: 7 / 267، وعقود الجمان لابن الشعار: 9 / الورقة: 175 وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2041، ووفيات الأعيان: 6 / 122 - 126، والنجوم الزاهرة: 5 / 283، ومرآة الجنان: 4 / 49، وتاريخ ابن الفرات: 10 / الورقة 66، وشذرات الذهب: 5 / 105 - 106.
(2) لذلك ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه فيمن اسمه عبد الرحمان: الورقة: 36 (كميبرج) .
(3) وفيات الأعيان: 6 / 123.(22/308)
خَلِيْلَيَّ لاَ وَاللهِ مَا جَنَّ غَاسِقٌ ... وَأَظْلَمَ إِلاَّ حَنَّ أَوْ جُنَّ عَاشِقُ
وَمِنْ شِعْرِهِ (1) :
جَسَدِي لِبُعدِكَ يَا مُثِيرُ بَلاَبِلِي ... دَنِفٌ بِحُبِّك مَا أَبلَّ بَلَى بَلِي
يَا مَنْ إِذَا مَا لاَم فِيْهِ لَوَائِمِي ... أَوْضَحْتُ عُذرِي بِالعذَارِ السَّائِل
أَأُجِيْز قتلِي فِي (الوجِيْزِ) لِقَاتلِي ... أَمْ حَلَّ فِي (التَّهْذِيبِ) أَوْ فِي (الشَّامِلِ)
أَمْ طَرْفُك القَتَّالُ قَدْ أَفْتَاكَ فِي ... تَلَفِ النُّفُوْسِ بِسِحْرِ طَرْفٍ بَابِلِي
وَلأَبِي الدُّرِّ هَذَا (دِيْوَانٌ) صَغِيْر، وَنظمُهُ سَائِر بِالعِرَاقِ وَالشَّام فِي ذَلِكَ الوَقْتِ.
وَجَدُوْهُ مَيتاً فِي بَيْتِهِ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
أَمَا يَاقُوْت الملكِي: فَقَدْ مرّ فِي المُجَلَّد، وَسَيَأْتِي يَاقُوْت الحَمَوِيّ المُؤَرِّخ.
186 - المَنْجَنِيْقِيُّ أَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ صَابِرِ بنِ بَرَكَاتٍ *
الأَجَلُّ، الأَدِيْبُ، نَجْمُ الدِّيْنِ، أَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ صَابِرِ بنِ بَرَكَاتٍ الحَرَّانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الشَّاعِرُ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ (2) وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي مَنْصُوْرٍ ابْنِ الشِّطْرَنْجِيِّ، وَأَبِي المُظَفَّرِ ابْنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ.
__________
(1) انظر إرشاد الاريب: 7 / 267 ووفيات الأعيان: 6 / 124.
(*) عقود الجمان لابن الشعار، 10 / الورقة 144، تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2235، ووفيات الأعيان: 7 / 35 - 46، والحوادث الجامعة (المنسوب خطأ) : 8 - 11، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 62 (أيا صوفيا 3012) ، والمستفاد للدمياطي، الورقة 81 - 82، والبداية والنهاية: 13 / 125، وشذرات الذهب: 5 / 120.
وقد ترجم له ابن الدبيثي في تاريخه بدلالة نقل ابن خلكان منه. ولم تصل إلينا ترجمته فيه لضياع هذا القسم منه.
(2) في الرابع من المحرم من السنة كما ذكر المنذري.(22/309)
ذَكَرَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ، فَطوَّلَ تَرْجَمَتَهُ، وَقَالَ (1) : كَانَ جُندِيّاً مُقَدَّماً عَلَى المِنْجَنِيْقيِّينَ، مُغرَى بِآدَابِ السَّيْفِ وَالسِّلاَحِ، بَرعَ فِي ذَلِكَ، وَصَنَّفَ فِي سَيَاسَةِ المَمَالِكِ كِتَابَهُ فِي الحُرُوْبِ وَتَعْبِئَتِهَا، وَفَتحِ الثُّغُوْرِ، وَبِنَاءِ المعَاقلِ، وَالفُروسيَّةِ، وَالحيلِ (2) ، وَكَانَ كَيِّساً، طَيِّبَ المُحَاوَرَةِ، مُتودِّداً، سَائِرَ النّظمِ، مَدحَ الخُلَفَاءَ، وَكَانَ ذَا رُتْبَةٍ عِنْدَ النَّاصِرِ لِدِيْنِ اللهِ ... ، إِلَى أنْ قَالَ القَاضِي:
مَا زِلْتُ مَشغُوَفاً بِشِعرِهِ، مُسْتَعذِباً أُسلوبَهُ، وَلَمْ أَرَهُ، وَهُوَ القَائِلُ:
كَلِفْتُ بِعِلْمِ المِنْجَنِيْقِ وَرَمْيِهِ ... لِهَدْمِ الصَّيَاصِي وَافْتِتَاحِ المَرَابِطِ
وَعُدْتُ إِلَى فَنِّ (3) القَرِيضِ لِشَقْوَتِي ... فَلَمْ أَخْلُ فِي الحَالَيْنِ مِنْ قَصْدِ حَائِطِ
وَلَهُ:
وَجَارِيَةٍ مِنْ بَنَاتِ الحبوش ... بِذَاتِ جُفُوْنٍ صِحَاحٍ مِرَاضِ
تَعَشَّقْتُهَا لِلتَّصَابِي فَشِبْتُ ... غَرَاماً وَمَا كُنْتُ بِالشَّيْبِ رَاضِي
وَكُنْتُ أُعَيِّرُهَا بِالسَّوَادِ ... فَصَارَتْ تُعَيِّرُنِي بِالبَيَاضِ
وَلَهُ:
قَدْ لَبِسَ الصُّوْفَ لِتَرْكِ الصَّفَا ... مَشَايِخُ الوَقْتِ (4) لِشُرْبِ العَصِيرْ
الرَّقْصُ وَالأَمْرَدُ (5) مِنْ شَأْنِهِم ... شَرٌّ طَوِيْلٌ تَحْتَ ذَيْلٍ قَصِيرْ
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ (6) ، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) وفيات الأعيان: 7 / 36 فما بعدها.
(2) اسمه " عمدة السالك في سياسة الممالك " كما ذكر ابن خلكان.
(3) في الوفيات: إلى نظم.
(4) في الوفيات: العصر.
(5) في الوفيات: والشاهد.
(6) في ليلة الثامن والعشرين منه على ما ذكره المنذري.(22/310)
187 - ابْنُ زَرْقُوْنَ مُحَمَّدُ بن مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ *
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ ابْنُ الإِمَامِ الكَبِيْرِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ، ابْنُ زَرْقُوْنَ.
حَمَلَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَابْنِ الجَدِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ بن مَضَاءَ، وَطَائِفَةٍ.
وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ، وَصَنَّفَ كِتَابَ (المُعَلَّى فِي الرَّدِّ عَلَى المُحَلَّى) .
قِيْلَ: لَهُ إِجَازَةٌ مِنْ أَبِي مَرْوَانَ بنِ قُزْمَانَ، وَقَدِ امتُحِنَ وَقُيِّدَ وَسُجِنَ بَعْدَ أَنْ عَزَمُوا عَلَى قَتْلِهِ لِكَوْنِهِ مُنِعَ مِنْ إِقْرَاءِ الفِقْهِ؛ فَإِنَّ صَاحِبَ الغَرْبِ يُوْسُفَ بنَ يَعْقُوْبَ مَنَعَ مِنْ قِرَاءةِ الفُرُوْعِ جُمْلَةً، وَبَالَغَ فِي ذَلِكَ، وَأَلْزَمَ النَّاسَ بِأَخْذِ الفِقْهِ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَنِ عَلَى طرِيقَةِ أَهْلِ الظَّاهِرِ، فَنَشَأَ الطَّلَبَةُ عَلَى هَذَا بِالمَغْرِبِ مِنْ بَعْدِ سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَكَانَ القَاضِي أَبُو الحُسَيْنِ أَدِيْباً، لَهُ النَّظْمُ وَالنَّثْرُ، وَكَانَ كَامِلَ العَقْلِ، رَيِّضَ المِزَاجِ، قَلَّ أَنْ تَرَى العُيُونُ مِثْلَهُ، ظَفِرَ السُّلْطَانُ بِهِ وَبِعَالِمٍ آخَرَ يُقْرِئَانِ الفُرُوْعَ، فَأُخِذَا وَأُجْلِسَا لِلْقَتْلِ صَبْراً، ثُمَّ قُيِّدا وَسُجِنَا بَعْدَ سَنَةِ تِسْعِيْنَ، ثُمَّ مَاتَ رَفِيْقُهُ، وَطَالَ هُوَ حَبْسُهُ، وَشَدَّدَ ابْنُ عَبْدِ المُؤْمِنِ فِي ذَلِكَ، عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَدَ عِنْدَهُ وَرقَةً مِنَ الفُرُوْعِ قُتِلَ دُوْنَ مُرَاجَعَتِهِ، وَخُطِبَ بِذَلِكَ خُطَباً، فَانْظُرْ إِلَى هَذِهِ البَليَّةِ، وَأُحْرِقَتْ كُتُبُ المَذْكُوْرَيْنِ.
وَلأَبِي الحُسَيْنِ كِتَابُ (فِقْهِ حَدِيْث بَرِيرَةَ) ، وَكِتَابُ (قطب الشَّرِيعَةِ) .
رَوَى عَنْهُ عَدَدٌ كَثِيْرٌ.
__________
(*) التكملة لابن الابار: 2 / 616 - 617، وشذرات الذهب: 5 / 96.(22/311)
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (1) ، وَلَهُ نَحْوُ التِّسْعِيْنَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ شُرَيْحَ بنَ مُحَمَّدٍ.
188 - يَاقُوْتٌ شِهَابُ الدِّيْنِ الرُّوْمِيُّ مَوْلَى عَسْكَرٍ الحَمَوِيِّ *
الأَدِيْبُ الأَوحدُ، شِهَابُ الدِّيْنِ الرُّوْمِيُّ، مَوْلَى عَسْكَرٍ الحَمَوِيِّ، السَّفَّارُ، النَّحْوِيُّ، الأَخْبَارِيُّ، المُؤَرِّخُّ.
أَعتقَهُ مَوْلاَهُ، فَنسخَ بِالأُجرَةِ، وَكَانَ ذَكِيّاً، ثُمَّ سَافرَ مضَاربَةً إِلَى كيش، وَكَانَ مِنَ المُطَالَعَةِ قَدْ عَرفَ أَشيَاءَ، وَتَكلَّمَ فِي بَعْضِ الصَّحَابَةِ (2) ، فَأُهِينَ وَهَرَبَ إِلَى حَلَبَ، ثُمَّ إِلَى إِرْبِلَ وَخُرَاسَانَ، وَتَجرَ بِمَرْوَ وَبِخُوَارِزْمَ، فَابْتُلِيَ بِخُرُوْجِ التَّتَارِ، فَنَجَا بِرَقَبَتِهِ، وَتوصَّلَ فَقيراً إِلَى حَلَبَ، وَقَاسَى شَدَائِدَ، وَلَهُ كِتَابُ (الأُدَبَاءِ) فِي أَرْبَعَةِ أَسفَارٍ، وَكِتَابُ (الشُّعَرَاء المُتَأَخِّرِيْنَ وَالقُدَمَاءِ) ، وَكِتَابُ (مُعْجَم البُلْدَانِ) ، وَكِتَابُ (الْمُشْتَرك وَضَعاً، وَالمُخْتَلِف صقعاً) كَبِيْرٌ مُفِيْدٌ، وَكِتَابُ (المَبدَأِ وَالمآلِ فِي التَّارِيْخِ) ، وَكِتَابُ (الدُّوَلِ) ، وَكِتَابُ (الأَنسَابِ) ، وَكَانَ شَاعِراً مُتَفَنِّناً، جَيِّدَ الإِنشَاءِ، يَقُوْلُ فِي خُرَاسَان (3) :
__________
(1) ذكره صاحب الشذرات في وفيات سنة 621، وقال ابن الابار: " توفي يوم السبت رابع شوال سنة 621 ودفن بقبلي مسجده بالحصارين داخل إشبيلية ".
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2256، ووفيات الأعيان: 6 / 127 - 139، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 60 - 61 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 106، والمستفاد للدمياطي، الورقة 78 - 79، والفلاكة والمفلوكون: 92 - 93، وشذرات الذهب: 5 / 121 - 122.
وانظر تفاصيل ترجمته ورحلته الأخيرة إلى المشرق مقالنا " الغزو المغولي كما صوره ياقوت الحموي " المنشور في مجلة " الأقلام " البغدادية ج 12 / السنة الأولى / ص 48 - 65.
(2) كان ياقوت شديد الانحراف عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وإلى هذا يشير الذهبي.
(3) هذا النص جزء من رسالة بعث بها ياقوت إلى جمال الدين القفطي يصف حاله عند مداهمة التتر بلاد المشرق، وتجد نصها كاملا في انباه الرواة: 4 / 81 فما بعدها، وكنت نشرتها قبل طبع هذا الجزء سنة 1966.(22/312)
وَكَانَتْ - لَعَمْرُ (1) اللهِ - ذَاتَ رِيَاضٍ أَرِيضَةٍ، وَأَهويَةٍ صَحِيْحَةٍ مَرِيْضةٍ، غَنَّتْ أَطْيَارُهَا، وَتَمَايلَتْ أَشجَارُهَا، وَبكَتْ أَنْهَارُهَا، وَضحِكَتْ أَزهَارُهَا، وَطَابَ نَسِيمُهَا، فَصحَّ مِزَاجُ إِقليمِهَا، أَطفَالُهُم رِجَالٌ، وَشبَابُهُم أَبْطَالٌ، وَشُيُوْخُهُم أَبْدَالٌ، فَهَانَ عَلَى مَلِكِهِم ترك تِلْكَ المَمَالِكِ.
وَقَالَ: يَا نَفْسُ الهَوَا لَكِ، وَإِلاَّ فَأَنْتِ فِي الهَوَالِكِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَمررتُ بَيْنَ سُيوفٍ مَسْلُوْلَةٍ، وَعَسَاكِرَ مغلولَةٍ، وَنظَامِ عقودٍ مَحْلُوْلَةٍ، وَدِمَاءٍ مَسكُوبَةٍ مطلولَةٍ، وَلَوْلاَ الأَجَلُ لأُلْحِقْتُ بِالأَلفِ أَلفٌ أَوْ يَزِيدُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي العِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَوَقَفَ كتبَهُ بِبَغْدَادَ عَلَى مَشهدِ الزَّيْدِيِّ (2) ، وَتوَالِيفُهُ حَاكمَةٌ لَهُ بِالبَلاغَةِ وَالتَّبحُّرِ فِي العِلْمِ، اسْتوفَى ابْنُ خَلِّكَانَ تَرْجَمَتَهُ وَفَضَائِلَهُ.
189 - ابْنُ قُنَيْدَةَ المُهَذَّبُ بنُ عَلِيِّ بن هِبَةِ اللهِ الأَزَجِيُّ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ الثِّقَةُ، أَبُو نَصْرٍ المُهَذَّبُ بنُ عَلِيِّ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ، ابْنُ قُنَيْدَةَ الأَزَجِيُّ، الخَيَّاطُ، المُقْرِئُ.
سَمِعَ: (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) ، وَكِتَابَي (عَبْدٍ) وَ (الدَّارِمِيِّ) ، وَ (جُزءَ أَبِي الجَهْمِ) مِنْ أَبِي الوَقْتِ.
وَسَمِعَ: (مُسْنَدَ الشَّافِعِيِّ) مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَسَمِعَ:
__________
(1) في الأصل: لعمرو.
(2) عهد بها إلى المؤرخ عز الدين ابن الأثير ليوقفها هناك، وقد اتهم القفطي ابن الأثير بالتلاعب فيها، والقفطي كثير الوقيعة بالناس.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2262، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 60 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 106، والمختصر المحتاج إليه: الورقة 117، والنجوم الزاهرة: 6 / 273، وشذرات الذهب: 5 / 121.(22/313)
الجُزْءَ الثَّالِثَ مِنْ (مُسْنَدِ مَالِكٍ) لِلنَّسَائِيِّ مِنَ القَاضِي عَبْدِ القَاهِرِ.
أَخْبَرَنَا أَبِي أَبُو البَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الوَكِيْلُ، أَخْبَرْنَا ابْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا الأَسيوطِيُّ، عَنْهُ.
وَسَمِعَ: كِتَابَ (القنَاعَة) لابْنِ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ أَبِي الفَتْحِ بنِ البَطِّيِّ، بِفوتٍ مِنْ آخِرِهِ، وَسَمِعَ مِنَ العَوْنِ الوَزِيْرِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالسَّيْفُ ابنُ المَجْدِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَأَبُو الفَرَجِ ابْنُ الزَّيْنِ، وَالعِمَادُ ابْنُ الطَّبَّالِ، وَآخَرُوْنَ، وَأَسْمِعَتُهُ صَحِيْحَةٌ.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ (1) ، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِيْنَ.
190 - ابْنُ وَرْدَانَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَتِيقٍ العَامِرِيُّ *
مُفِيْدُ المِصْرِيِّينَ، الإِمَامُ، أَبُو المَيْمُوْنِ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَتِيقِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ وَرْدَانَ العَامِرِيُّ، المِصْرِيُّ، المَالِكِيُّ.
تَلاَ بِالسَّبْعِ عَلَى جَمَاعَةٍ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ بَرِّيٍّ النَّحْوِيِّ، وَخَلْقٍ.
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (2) .
__________
(1) في ليلة الثالث والعشرين منه، كما ذكر المنذري وغيره.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2245، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 58 (أيا صوفيا 3012) .
(2) في ليلة التاسع عشر من جمادى الآخرة من السنة، كما ذكر المنذري.(22/314)
191 - ابْنُ عِيْسَى عِيْسَى بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الشَّرِيْشِيُّ *
شَيْخُ القُرَّاءِ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، هُوَ مُطولٌ فِي (طَبَقَاتِ القُرَّاءِ) ، الإِمَامُ، أَبُو القَاسِمِ عِيْسَى ابنُ المُحَدِّثِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عِيْسَى بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الشَّرِيْشِيُّ.
مَوْلِدُهُ: بِالثَّغْرِ، سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَسَمِعَ الكَثِيْرَ مِنَ: السِّلَفِيِّ، وَغَيْرِهِ.
وَتَلاَ عَلَى جَمَاعَةٍ بِالمُتَوَاتِرِ وَالشَّاذِّ، وَصَنَّفَ فِي القِرَاءاتِ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَسَمَاعُهُ مِنَ السِّلَفِيِّ صَحِيْحٌ، وَأَمَّا فِي القِرَاءاتِ فَكَثِيْرُ الدَّعَاوِي.
حَدَّثَنَا عَنْهُ حسنٌ سِبْطُ زِيَادَةَ.
مَاتَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (1) .
192 - الحَسَنُ ابْنُ الزَّبِيْدِيِّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ المُبَارَكِ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، العَابِدُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ المُبَارَكِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ الزَّبِيْدِيِّ البَغْدَادِيُّ، الحَنَفِيُّ، أَخُو سرَاجِ الدِّينِ.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2398، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 85 - 88 (أيا صوفيا 3012) ، ومعرفة القراء، الورقة 191 - 193، والعبر: 5 / 116 - 117، وغاية النهاية للجزري: 1 / 609 - 610، ولسان الميزان لابن حجر: 4 / 401، والنجوم الزاهرة: 6 / 279، وحسن المحاضرة: 1 / 237، وشذرات الذهب: 5 / 133.
(1) في السابع من جمادى الآخرة منها، كما ذكر المنذري وغيره.
(* *) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 18 (باريس 5922) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2381، وتلخيص ابن الفوطي: 5 / الترجمة 1925 ولقبه موفق الدين، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 76 (أيا صوفيا 3012) ، والمختصر المحتاج إليه: 2 / 25، والعبر: 5 / 113، والوافي بالوفيات، 10 / الورقة 18، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 41، والبداية والنهاية: 13 / 133، والجواهر المضية للقرشي: 1 / 200، وبغية الوعاة: 1 / 517 - 518، والطبقات السنية للتميمي: 1 / 805 - 806، وشذرات الذهب: 5 / 130.(22/315)
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ أَوْ قَبْلَهَا.
وَسَمِعَ (الصَّحِيْحَ) مِنْ أَبِي الوَقْتِ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ أَحْمَدَ بنِ الخَرَّازِ، وَمَعْمَرِ بنِ الفَاخِرِ، وَأَبِي الفُتُوْحِ الطَّائِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَحَدَّثَ بِمَكَّةَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَكَانَ أَوَّلاً حَنْبَليّاً، ثُمَّ تَحَوَّلَ شَافِعِيّاً، ثُمَّ حَنَفِيّاً، وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ الفُقَهَاءِ، ذَا دِينٍ وَورَعٍ وَبَصَرٍ بِالعَرَبِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَالسَّيْفُ ابْنُ المَجْدِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ خَطِيْبُ المُصَلَّى، وَالمَجْدُ عَبْدُ العَزِيْزِ ابْنُ الخَلِيْلِيّ، وَالضِّيَاءُ عَلِيُّ بنُ البَالِسِيِّ، وَالخَطِيْبُ عِزُّ الدِّيْنِ أَحْمَدُ الفَارُوْثِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ عَالِماً، مُتَدَيِّناً، حسنَ الطَّرِيقَةِ، لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالنَّحْوِ، كَتَبَ الكَثِيْرَ مِنَ التَّفَاسِيْرِ، وَالحَدِيْثِ، وَالتَّارِيْخِ، وَكَانَتْ أَوقَاتُهُ مَحْفُوْظَةً.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: رَأَيتُهُم يَرمونَهُ بِالاعتزَالِ، فَكَتَبَ تَحْتَهُ ابْنُ المَجْدِ: قَصَّرَ ابْنُ الحَاجِبِ فِي وَصفِ شَيْخِنَا هَذَا، فَإِنَّهُ كَانَ إِمَاماً عَالِماً، لَمْ نَرَ فِي المَشَايِخِ مِثْلَهُ إِلاَّ يَسيراً.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَلْخِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ.
193 - الدّخوَارُ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَلِيِّ بنِ حَامِدٍ الدِّمَشْقِيُّ *
شَيْخُ الطِّبِّ، الأُسْتَاذُ، مُهَذَّبُ الدِّيْنِ، عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَلِيِّ بنِ حَامِدٍ
__________
(*) مرآة الزمان: 8 / 672، وذيل الروضتين: 159، وعيون الانباء لابن أبي أصيبعة: 2 / 239 - 246، وتاريخ الإسلام، الورقة: 71 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 112 - 113، والنجوم الزاهرة: 6 / 277، والقلائد الجوهرية: 231، وتنبيه الدارس: 2 / 127، وشذرات الذهب: 5 / 127.(22/316)
الدِّمَشْقِيُّ، وَاقفُ مَدْرَسَةِ الأَطبَّاء بِدَرْبِ العَمِيدِ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ وَمَقَالَةٌ فِي الاسْتفرَاغِ، انتهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ الصِّنَاعَةِ، وَحَظِيَ عِنْدَ المُلُوْكِ، وَنَالَ دُنْيَا عَرِيضَةً، وَنَسخَ بِخَطِّهِ (المَنْسُوْبَ) أَزْيَدَ مِنْ مائَةِ مُجَلَّدٍ، وَأَخَذَ العَرَبِيَّةَ عَنِ الكِنْدِيِّ، وَالعلاجَ عَنِ الرَّضِيِّ الرَّحْبِيِّ، وَالمُوَفَّقِ ابْنِ المَطَرَانِ، وَالفَخْرِ المَارْدِيْنِيِّ، وَخدمَ العَادلَ، وَالوَزِيْرَ ابْنَ شُكْرٍ، وَحصَّلَ مِنَ العَادلِ فِي مرضَةٍ حَادَّةٍ سَبْعَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ مِصْرِيَّةٍ، وَحَصَلَ لَهُ مِنْ وَلدِهِ الكَامِلِ أزْيَدَ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ سِوَى الخِلَعِ وَالبغلاَتِ، وَوَلِيَ رِئَاسَةَ الإِقْلِيْمَيْنِ، وَكَانَ خَبِيْراً بِكُلِّ مَا يُشرَحُ عَلَيْهِ، وَلاَزَمَ السَّيْفَ الآمِدِيَّ فِي العَقْلِيَّاتِ، وَنظرَ فِي الرِّيَاضِي، ثُمَّ عرضَ لَهُ اسْترخَاءٌ وَثِقَلُ لِسَانٍ، فَسَاس نَفْسَهُ، وَاسْتَعْمَلَ المَعَاجِينَ، فَعَرضَتْ لَهُ حُمَّى قَوِيَّةٌ زَلْزَلَتْ قوَاهُ، وَأُسْكِتَ أَشهُراً، وَذَهَبَتْ عَينُهُ، ثُمَّ مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِقَاسِيُوْنَ.
194 - أَبُو مُوْسَى ابْنُ الحَافِظِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ الجَمَّاعِيْليُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ المُفِيْدُ، المُذَكِّرُ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو مُوْسَى عَبْدُ اللهِ ابْنُ الحَافِظِ الكَبِيْرِ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيِّ بنِ سُرُوْرٍ الجَمَّاعِيْليُّ، المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الصَّالِحيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
__________
(*) مرآة الزمان: 8 / 675، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2416، وذيل الروضتين لأبي شامة: 161، وتاريخ الإسلام، الورقة 79 - 80 (أيا صوفيا 3012) ، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1408 - 1410، والعبر: 5 / 114 - 115، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 43، والبداية والنهاية: 13 / 133، والذيل لابن رجب: 2 / 185 - 187، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 173، والنجوم الزاهرة: 6 / 279، وشذرات الذهب: 5 / 131.(22/317)
وُلِدَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ الخِرَقِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلِ الجَنْزَوِيِّ، وَبَرَكَاتٍ الخُشُوْعِيِّ.
وَرَحَلَ بِهِ أَخُوْهُ عِزُّ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ، فَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَالمُبَارَكِ ابْنِ المَعْطُوْشِ، وَعِدَّةٍ.
وَسَمِعَ (المُسْنَدَ) مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي المَجْدِ، وَسَارَ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَسمِعَا مِنْ خَلِيْلِ بنِ بَدْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوْسِيِّ، وَمَسْعُوْدٍ الجَمَّالِ، وَأَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ، وَطَبَقَتِهِم.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنَ: الأَرْتَاحِيِّ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ سَعْدِ الخَيْرِ، وَوَالِدِهِ.
ثُمَّ ارْتَحَلاَ ثَانِياً إِلَى العِرَاقِ، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ المَنْدَائِيِّ بِوَاسِطَ.
وَسَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: مَنْصُوْرٍ الفُرَاوِيِّ، وَالمُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ.
وَعُنِيَ بِالفَنِّ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكُتُبَ، وَجَمَعَ، وَخَرَّجَ، وَأَفَادَ، وَتَفَقَّهَ بِالشَّيْخِ المُوَفَّقِ، وَأَخَذَ النَّحْوَ بِبَغْدَادَ عَنْ أَبِي البَقَاءِ، وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى عَمِّهِ العِمَادِ.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: سَأَلتُ الضِّيَاءَ عَنْهُ، فَقَالَ: حَافِظٌ مُتْقِنٌ، دَيِّنٌ ثِقَةٌ.
وَقَالَ البِرْزَالِيُّ: حَافِظٌ، دَيِّنٌ، مُتَمَيِّزٌ.
وَقَالَ الضِّيَاءُ: كَانَتْ قِرَاءتُهُ صَحِيْحَةً، سرِيعَةً، مليحَةً.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِثْلَهُ فِي عصرِهِ فِي الحِفْظِ وَالمَعْرِفَةِ وَالأَمَانَةِ، وَافرَ العَقْلِ، كَثِيْرَ الفَضْلِ، مُتَوَاضِعاً، مَهِيْباً، وَقُوْراً، جَوَاداً، سَخِيّاً، لَهُ القبولُ التَّامُّ، مَعَ العِبَادَةِ وَالوَرَعِ وَالمُجَاهِدَةِ.
وَقَالَ الضِّيَاءُ: اشْتَغَلَ بِالفِقْهِ وَالحَدِيْثِ، وَصَارَ عَلَماً فِي وَقْتِهِ، وَرَحَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ ثَانِياً، وَمَشَى عَلَى رِجْلَيْهِ كَثِيْراً، وَصَارَ قُدْوَةً، وَانتَفَعَ النَّاسُ بِمَجَالِسِهِ الَّتِي لَمْ يُسْبَقْ إِلَى مِثْلِهَا، وَكَانَ كَرِيْماً، وَاسِعَ النَّفْسِ، سَاعِياً فِي مَصَالِحِ أَصْحَابِنَا، حَتَّى كَانَ يَضِيقُ صَدْرِي عَلَيْهِ مِمَّا يَتَحَمَّلُ مِنَ الدُّيُونِ، وَكَثِيْرٌ مِنْهُم لاَ يُوَفِّيهِ ... ،(22/318)
ثُمَّ سَاقَ لَهُ الضِّيَاءُ مرَاثيَ حَسَنَةً، وَأَنَّهُ فِي نَعيمٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاءُ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَالفَخْرُ عَلِيٌّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ ابْنِ الوَاسِطِيِّ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، وَالشَّمْسُ مُحَمَّدُ بنُ حَازِمٍ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ أَبِي الفَرَجِ النَّابُلُسِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَتَفَرَّدَ بِإِجَازتِهِ القَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ، وَقَدْ رثَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بقصَائِدَ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ المُحَدِّثِ ابْنِ سَلاَمٍ، قَالَ: عقدَ أَبُو مُوْسَى مَجْلِسَ التَّذْكِيرِ، وَقِرَاءةِ الجمعِ، وَرغبَ النَّاسُ فِي حُضُوْرِ مَجْلِسِهِ، وَكَانَ جمَّ الفَوَائِدِ، وَيَبْكِي وَيَخشعُ.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: لَوِ اشْتَغَلَ أَبُو مُوْسَى حقَّ الاشتغَالِ، مَا سبقَهُ أَحَدٌ.
وَسَمِعْتُ أَبَا الفَرَجِ بنَ أَبِي العَلاَءِ يَقُوْلُ: كَانَ كَثِيْرَ المَيْلِ إِلَى الدَّوْلَةِ.
وَقَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (1) : كَانَتْ أَحْوَالُ أَبِي مُوْسَى مُسْتقيمَةً، حَتَّى خَالطَ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبْنَاءَ الدُّنْيَا، فَتغَيَّرَ.
قَالَ: وَمَرِضَ فِي بُستَانِ الصَّالِحِ عَلَى ثَوْرَا (2) ، وَمَاتَ فِيْهِ، فَكَفَّنَهُ الصَّالِحُ.
وَذَكَرَ غَيْرُهُ: أَنَّ الملكَ الأَشْرَفَ وَقَفَ دَارَ الحَدِيْثِ بِالبَلَدِ، وَجَعَلَ لِلْجمَالِ أَبِي مُوْسَى وَذُرِّيَّتِهِ رِزْقاً مَعْلُوْماً بِهَا، وَسَكَناً.
قَالَ الشَّيْخُ الضِّيَاءُ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ -رَحِمَهُ اللهُ- خَامِسَ رَمَضَانَ (3) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) مرآة الزمان: 8 / 674 - 675.
(2) العبارة في المرآة مضطربة وهي: " إلى أن مرض في بستان ابن شكر على (كذا) وكان الصالح إسماعيل علم به فكفنه " ويبدو أن لفظة " ثورا " سقطت.
(3) ذكر المنذري أنه توفي في الرابع من رمضان.(22/319)
وَفِيْهَا: تُوُفِّيَ أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي غَالِبٍ ابْنِ السِّمِّذِيِّ، وَأَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ بكرُوْنَ إِمَامُ النِّظَامِيَّةِ، وَالقَاضِي شَرَفُ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المَوْصِلِيِّ الشَّيْبَانِيُّ الحَنَفِيُّ بِدِمَشْقَ، وَالفَقِيْهُ زِيَادَةُ بنُ عِمْرَانَ المِصْرِيُّ الضَّرِيْرُ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ شُجَاعٍ المَحَلِّيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الطَّبَرِيِّ، وَمُقْرِئُ الثَّغْرِ أَبُو القَاسِمِ عِيْسَى بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عِيْسَى، وَآخَرُوْنَ.
195 - المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدٍ المَوْصِلِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الفَقِيْهُ، النَّحْوِيُّ، اللُّغَوِيُّ، الطَّبِيْبُ، ذُو الفُنُوْنِ، مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّطِيْفِ ابْنُ الفَقِيْهِ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي سَعْدٍ المَوْصِلِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ، نَزِيْلُ حَلَبَ، وَيُعْرَفُ قَدِيْماً بِابْنِ اللَّبَّادِ.
وُلِدَ: بِبَغْدَادَ، فِي أَحَدِ الرَّبِيْعَينِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمَّعَهُ أَبُوْهُ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ البَطِّيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ، وَالحَسَنِ ابْنِ عَلِيٍّ البَطَلْيَوْسِيِّ، وَيَحْيَى بنِ ثَابِتٍ، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ الحَقِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ النَّقُّوْرِ، وَجَمَاعَةٍ.
__________
(*) التقييد لابن نقطة، الورقة: 163، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة 163 (باريس 5922) ، وانباه الرواة للقفطي: 2 / 193 - 196، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2368، وعيون الانباء: 2 / 201 - 213، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 82 - 83 (أيا صوفيا 3012) ، والمختصر المحتاج إليه: الورقة 82، والعبر 5 / 115 - 116، وتلخيص ابن مكتوم، الورقة 114 - 117، والمستفاد للدمياطي، الورقة 51، وفوات الوفيات: 2 / 16 - 19، ومرآة الجنان: 4 / 68، وطبقات السبكي: 5 / 132، وطبقات الاسنوي، الورقة 38، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 171، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 209، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة، الورقة 190 - 191، والنجوم الزاهرة 6 / 279، وحسن المحاضرة 1 / 259، وبغية الوعاة: 2 / 106 - 107، وشذرات الذهب: 5 / 132.(22/320)
حَدَّثَ عَنْهُ: الزَّكِيَّانِ البِرْزَالِيُّ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَالشِّهَابُ القُوْصِيُّ، وَالتَّاجُ عَبْدُ الوَهَّابِ ابنُ عَسَاكِرَ، وَالكَمَالُ العَدِيْمِيُّ، وَابْنُهُ القَاضِي أَبُو المَجْدِ، وَالأَمِيْنُ أَحْمَدُ بنُ الأَشْتَرِيِّ، وَالكَمَالُ أَحْمَدُ ابْنُ النَّصِيْبِيِّ، وَالجمَالُ ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَالعِزُّ عُمَرُ بنُ الأُسْتَاذِ، وَخُطلبَا وَسُنْقُرُ مَوْلَيَا ابْنِ الأُسْتَاذِ، وَعَلِيُّ بنُ السَّيْفِ التَّيْمِيُّ، وَيَعْقُوْبُ بنُ فَضَائِلَ، وَسِتُّ الدَّارِ بِنْتُ مَجْدِ الدِّيْنِ ابْنِ تَيْمِيَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ: بِدِمَشْقَ، وَمِصْرَ، وَالقُدْسِ، وَحَلَبَ، وَحَرَّانَ، وَبَغْدَادَ.
وَصَنَّفَ: فِي اللُّغَةِ، وَفِي الطِّبِّ، وَالتَّوَارِيخِ، وَكَانَ يُوْصَفُ بِالذّكَاءِ وَسَعَةِ العِلْمِ.
وَذَكَرَهُ الجمَالُ القِفْطِيُّ فِي (تَارِيخِ النُّحَاةِ) فَمَا أَنْصَفَهُ، فَقَالَ (1) : المُوَفَّقُ، النَّحْوِيُّ، الطَّبِيْبُ، المُلَقَّبُ بِالمَطْحن (2) ، كَانَ يَدَّعِي النَّحْوَ، وَاللُّغَةَ، وَعِلْمَ الكَلاَمِ، وَالعُلُوْمَ القَدِيْمَةَ، وَالطِّبَّ، وَدَخَلَ مِصْرَ وَادَّعَى مَا ادَّعَاهُ، فَمَشَى إِلَيْهِ الطَّلَبَةُ، فَقَصَّرَ، فَجفَوهُ، ثُمَّ نَفَقَ عَلَى وَلدَي إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي الحَجَّاجِ الكَاتِبِ، فَنقلاَهُ إِلَيهِمَا، وَكَانَ دَمِيمَ الخِلْقَةِ نَحِيلَها.
وَيظهرُ الهَوَى مِنْ كَلاَمِ القِفْطِيِّ، حَتَّى نَسبَهُ إِلَى قِلَّةِ الغَيرَةِ.
وَقَالَ الدُّبَيْثِيُّ (3) : غَلَبَ عَلَيْهِ عِلْمُ الطِّبِّ وَالأَدبِ، وَبَرَعَ فِيْهِمَا.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ (4) : كَانَ حَسَنَ الخلقِ، جَمِيْلَ الأَمْرِ، عَالِماً بِالنَّحْوِ
__________
(1) انباه الرواة: 2 / 193 - 195.
(2) الذي وقع في المطبوع من الانباه: " المطجن " وليس بالضبط الصحيح
(3) ذيل تاريخ مدينة السلام، الورقة 163 (باريس 5922) .
(4) التقييد، الورقة: 163.(22/321)
وَالغَرِيبينِ، لَهُ يَدٌ فِي الطِّبِّ، سَمِعَ (سُنَنَ ابْنِ مَاجَه) ، وَ (مُسْنَدَ الشَّافِعِيِّ) مِنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَسَمِعَ (صَحِيْحَ الإِسْمَاعِيْلِيِّ) جَمِيْعَهُ مِنْ يَحْيَى بنِ ثَابِتٍ ...
إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ يَنْتقلُ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى حَلَبَ، وَمرَّةً سَكَنَ بِأَرزنكَانَ وَغَيْرِهَا.
قَالَ المُوَفَّقُ عَنْ نَفْسِهِ: سَمِعْتُ الكَثِيْرَ، وَكُنْتُ أَتلَقَّنُ وَأَتعلَّمُ الخطَّ، وَأَحْفَظُ المَقَامَاتِ، وَالفَصِيْحَ، وَ (دِيْوَانَ المُتَنَبِّي) ، وَمُخْتَصَراً فِي الفِقْهِ، وَمُخْتَصَراً فِي النَّحْوِ، فَلَمَّا ترعرَعْتُ حَمَلَنِي أَبِي إِلَى كَمَالِ الدِّيْنِ الأَنْبَارِيِّ ... ، وَذَكَرَ فَصلاً ...
إِلَى أَنْ قَالَ: وَصِرْتُ أَتكلَّمُ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ كَرَارِيْسَ، ثُمَّ حَفِظتُ (أَدبَ الكَاتِبِ) لابْنِ قُتَيْبَةَ، وَ (مُشْكِلَ القُرْآنِ) لَهُ، وَ (اللُّمَعَ) ، ثُمَّ انْتَقَلْتُ إِلَى كِتَابِ (الإِيضَاحِ) فَحَفِظتُهُ، وَطَالعتُ شُروحَهُ.
قَالَ: وَحفظتُ (التَّكملَةَ) فِي أَيَّامٍ يَسِيْرَةٍ، كُلُّ يَوْمٍ كُرَّاساً، وَفِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ لَا أُغْفِلُ سَمَاعَ الحَدِيْثِ، وَالتَّفَقُّهَ عَلَى ابْنِ فَضلاَنَ.
وَمِنْ وَصَايَاهُ، قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُوْنَ سِيرتُكَ سِيرَةَ الصَّدْرِ الأَوَّلِ، فَاقرَأِ السِّيرَةَ النَّبَوِيَّةَ، وَتَتَبَّعْ أَفعَالَهُ، وَاقتَفِ آثَارَهُ، وَتَشَبَّهْ بِهِ مَا أَمكنَكَ.
مَنْ لَمْ يَحْتَمِلْ أَلَمَ التَّعَلُّمِ لَمْ يَذُقْ لَذَّةَ العِلْمِ، وَمَنْ لَمْ يَكدَحْ لَمْ يُفْلِحْ.
إِذَا خلوتَ مِنَ التَّعَلُّمِ وَالتَّفَكُّرِ فَحرِّكْ لِسَانَكَ بِالذِّكْرِ، وَخَاصَّةً عِنْد النَّوْمِ، وَإِذَا حَدَثَ لَكَ فَرحٌ بِالدُّنْيَا فَاذْكُرِ المَوْتَ، وَسُرْعَةَ الزَّوَالِ، وَكَثْرَةَ المُنَغِّصَاتِ.
إِذَا حزَبَكَ أَمرٌ فَاسْترْجِعْ، وَإِذَا اعترَتْكَ غَفلَةٌ فَاسْتَغْفِرْ (1) .
وَاعلَمْ أَنَّ لِلدِّينِ عبقَةً وَعرقاً يُنَادِي عَلَى صَاحِبِهِ، وَنوراً وَضيئاً يُشرِفُ عَلَيْهِ وَيدلُّ عَلَيْهِ، يَا مُحيِي القُلُوْبِ المَيْتَةِ بِالإِيْمَانِ خُذْ بِأَيدينَا مِنْ مَهوَاةِ الهَلَكَةِ، وَطَهِّرْنَا مِنْ دَرَنِ الدُّنْيَا بِالإِخْلاَصِ لَكَ.
__________
(1) في الأصل: " فاسترجع " وما أثبتناه من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام " وهو الصحيح.(22/322)
وَلَهُ مُصَنّفَاتٌ كَثِيْرَةٌ، مِنْهَا: (غَرِيْبُ الحَدِيْثِ) ، وَ (الوَاضحَةُ فِي إِعرَابِ الفَاتِحَةِ) ، (شَرحُ خطبِ ابْنِ نُبَاتَةَ) ، (الرَّدُّ عَلَى الفَخْرِ الرَّازِيِّ فِي تَفْسِيْرِ سُوْرَةِ الإِخْلاَصِ) ، (مَسْأَلَةُ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرٍ قَبْلَ مَا بَعْدَ قَبْلِهِ رَمَضَان) ، (شرحُ فُصُولِ بُقرَاطَ) ، كِتَابُ (أَخْبَارِ مِصْرَ الكَبِيْرُ) ، كِتَابُ (الإِفَادَةِ فِي أَخْبَارِ مِصْرَ) ، (مَقَالَةٌ فِي النَّفْسِ) ، (مَقَالَةٌ فِي العطشِ) ، (مَقَالَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَى اليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى) ، وَأَشيَاءُ كَثِيْرَةٌ ذَكَرْتُهَا فِي (تَارِيخِ الإِسْلاَمِ) .
وَقَدْ سَافرَ مِنْ حَلَبَ لِيَحُجَّ مِنَ العِرَاقِ، فَدَخَلَ حَرَّانَ، وَحَدَّثَ بِهَا، وَسَارَ فَدَخَلَ بَغْدَادَ مَرِيْضاً، ثُمَّ حَضَرَتِ المَنِيَّةُ بِبَغْدَادَ، فِي ثَانِي عَشَرَ المُحَرَّمِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ السُّهْرَوَرْدِيُّ.
قَالَ المُوَفَّقُ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أُصَيْبِعَةَ (1) : كَانَ أَبِي وَعَمِّي يَشتغلاَنِ عَلَيْهِ، وَقَلَمُهُ أَجْوَدُ مِنْ لَفظِهِ، وَكَانَ يَنْتقِصُ بِالفُضَلاَءِ الَّذِيْنَ فِي زَمَانِهِ، وَيَحطُّ عَلَى ابْنِ سِينَا.
قَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ: أَقَمْتُ بِالمَوْصِلِ سَنَةً أَشتغِلُ، وَسَمِعْتُ النَّاسَ يَهرجُوْنَ فِي حَدِيْثِ السُّهْرَوَرْدِيِّ الفَيْلَسُوْفِ، وَيَعْتَقِدُوْنَ أَنَّهُ قَدْ فَاقَ الكُلَّ، فَطَلبتُ مِنَ الكَمَالِ ابْنِ يُوْنُسَ شَيْئاً مِنْ تَصَانِيْفِهِ، فَوَقَفْتُ عَلَى (التَّلْوِيْحَاتِ) ، وَ (المعَارجِ) ، وَفِي أَثْنَاءِ كَلاَمِهِ يُثْبِتُ حُرُوَفاً مُقَطَّعَةً يُوهِمُ بِهَا أَنَّهَا أَسرَارٌ إِلَهِيَّةٌ.
وَقَالَ: أَعربتُ الفَاتِحَةَ فِي نَحْوِ عِشْرِيْنَ كُرَّاساً.
__________
(1) انظر ترجمته من عيون الانباء: 2 / 202.(22/323)
196 - ابْنُ مُعْطِي يَحْيَى بنُ عَبْدِ المُعْطِي الزَّوَاوِيُّ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ النَّحْوِ، زَيْنُ الدِّيْنِ، أَبُو الحُسَيْنِ يَحْيَى بنُ عَبْدِ المُعْطِي بنِ عَبْدِ النُّوْرِ الزَّوَاوِيُّ، المَغْرِبِيُّ، النَّحْوِيُّ، الفَقِيْهُ، الحَنَفِيُّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: القَاسِمِ بنِ عَسَاكِرَ، وَصَنَّفَ (الأَلْفَيَّةَ) ، وَ (الفصولَ) .
وَلَهُ النَّظْمُ وَالنَّثْرُ، وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ بِمِصْرَ وَبِدِمَشْقَ، وَكَانَ يَشْهَدُ، فَحضرَ عِنْدَ الكَامِلِ مَعَ العُلَمَاءِ، فَسَأَلَهُم: زَيدٌ ذهبَ بِهِ، هَلْ يَجوزُ فِي زَيدٍ النَّصْبُ؟
فَقَالُوا: لاَ.
فَقَالَ ابْنُ معطٍ: يَجوزُ عَلَى أَنْ يَكُوْنَ المُرْتَفِعُ يُذْهَبُ بِهِ المصدرُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ ذَهبَ بِهِ، وَهُوَ الذَّهَابُ، وَيَكُوْنُ مَوْضِعٌ بِهِ النَّصْبُ، فَيَكُوْنُ مِنْ بَابِ: زَيدٌ مَرَرْتُ بِهِ.
فَأَعْجَبَ الكَامِلَ، وَقَرَّرَ لَهُ مَعْلُوْماً، وَقَدْ أَخَذَ عَنْ: أَبِي مُوْسَى الجُزُوْلِيِّ.
مَاتَ: فِي ذِي (1) القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِمِصْرَ.
__________
(*) هو صاحب الالفية المشهورة في النحو المسماة " الدرة الالفية في علم العربية ": وانظر: ارشاد الاريب: 7 / 292، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2357، وذيل الروضتين لأبي شامة: 160، ووفيات الأعيان: 6 / 197، ومختصر أبي الفداء: 3 / 159، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 73 - 74 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 112، ودول الإسلام: 2 / 101، ومرآة الجنان: 4 / 66، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 43، والبداية والنهاية: 13 / 129 ثم ذكره في سنة 629: 13 / 134 ناقلا عن ابن الساعي، الجواهر المضية للقرشي: 2 / 214، والفلاكة والمفلوكون: 93، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة، الورقة 269، والنجوم الزاهرة: 6 / 277، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة 4، وبغية الوعاة: 2 / 344، وحسن المحاضرة: 1 / 255، وتاج التراجم: 83، والطبقات السنية للتميمي، 3 / الورقة 1152 - 1154، وشذرات الذهب: 5 / 129 -، وطبقات الزيله لي، الورقة 360، ولصديقنا الدكتور محمود الطناحي المصري دراسة مفصلة في آرائه النحوية، في مقدمة تحقيقه لكتابه " الفصول " فراجعها تجد فائدة إن شاء الله تعالى.
(1) التكملة: توفي في سلخ ذي القعدة.(22/324)
197 - عُمَرُ بنُ كَرَمِ بنِ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ الدِّيْنَوَرِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ الأَمِيْنُ، أَبُو حَفْصٍ بنُ أَبِي المَجْدِ الدِّيْنَوَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الحَمَّامِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ (1) وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (2) .
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ لأُمِّهِ الإِمَامِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّابُوْنِيِّ، وَنَصْرِ بنِ نَصْرٍ العُكْبَرِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ، وَالمُبَارَكِ ابْنِ التَّعَاوِيْذِيِّ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ سَعْدِ اللهِ المِيْهَنِيِّ.
وَأَجَازَ لَهُ: أَبُو الفَتْحِ الكَرُوْخِيُّ، فَرَوَى عَنْهُ (جَامِعَ التِّرْمِذِيِّ) .
وَأَجَاز لَهُ: عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الصَّفَّارِ، وَأَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المَذَارِيِّ، وَعَبْدُ الخَالِقِ اليُوْسُفِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَتَفَرَّدَ، وَكَانَ شَيْخاً مُبَارَكاً، صَحِيْحَ السَّمَاعِ، وَالإِجَازَاتِ، وَتَفَرَّدَ بِأَجزَاءَ عَنْ أَبِي الوَقْتِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نُقْطَةَ، وَالدُّبَيْثِيُّ، وَالبِرْزَالِيُّ، وَابْنُ المَجْدِ، وَأَبُو المُظَفَّرِ ابْنُ النَّابُلُسِيِّ، وَالفَخْرُ عَلِيُّ ابْنُ البُخَارِيِّ، وَالتَّقِيُّ ابْنُ الوَاسِطِيِّ،
__________
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 198 - 199 (باريس 5922) ، وتاريخ ابن النجار، الورقة 117 (باريس) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2400، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 85 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 116، والمختصر المحتاج إليه، الورقة 91، وذيل التفييد للفاسي، الورقة 244، والنجوم الزاهرة: 6 / 279، وشذرات الذهب: 5 / 132.
(1) في الأصل: " سبع "، وهو سبق قلم من الناسخ، والتصحيح من تكملة المنذري وتاريخ ابن الدبيثي وتاريخ ابن النجار وخط الذهبي في تاريخ الإسلام.
(2) في السابع والعشرين من رمضان منها على ما ذكره المنذري.(22/325)
وَالشَّمْسُ ابْنُ الزَّيْنِ، وَالعِزُّ الفَارُوْثِيُّ، وَالعِمَادُ إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ الطَّبَّالِ، وَالرَّشِيْدُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، وَالمَجْدُ ابْنُ الخَلِيْلِيِّ، وَالشِّهَابُ الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: القَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ بنُ حَمْزَةَ الحَنْبَلِيُّ.
وَفِي (مُعْجَمِ الأَبَرْقُوْهِيِّ) قَالَ مُخَرِّجُهُ: كَانَ عُمَرُ بنُ كَرَمٍ مِنْ أَهْلِ العِبَادَةِ وَالعِفَافِ، مُنْقَطِعاً عَنِ النَّاسِ، خَاشِعاً عِنْدَ قِرَاءةِ الحَدِيْثِ.
تُوُفِّيَ: فِي سَادسِ رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ صَالِحاً، وَرِعاً، مُتَدَيِّناً، مُتَعَفِّفاً، مُتَعَبِّداً، وَمِنْ مَرْوِيَّاتِهِ: الخَامِسُ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ مَخْلَدٍ، عَنْ طَاهِرِ بنِ خَالِدِ بنِ نِزَارٍ، وَابْنِ كَرَامَةَ، سَمِعَهُ مِنْ نَصْرِ بنِ نَصْرٍ العُكْبَرِيِّ، وَالأَوَّلُ الكَبِيْرُ مِنَ (المُخَلِّصِيَّاتِ) ، وَكِتَابُ (الاعتبَارِ) لابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، سَمِعَهُ مِنْ نَصْرِ بنِ نَصْرٍ، وَالتَّاسعُ مِنَ (الجَعْدِيَّاتِ) ، سَمِعَهُ مِنْ أَبِي الوَقْتِ، وَ (جُزءُ النَّحَّاسِ وَالأَطعِمَةِ) لِلدَّارِمِيِّ، وَ (مُسْنَدُ عَبْدٍ) ، وَ (دَرَجَاتُ التَّائِبينَ) ، وَ (صَحِيْحُ البُخَارِيِّ) ، وَالخَامِسُ وَالسَّادِسُ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ صَاعِدٍ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ السَّيْفِ أَحْمَدَ: أَنَّ عُمَرَ بنَ كَرَمٍ لَمْ يُعْقِبْ، وَأَنَّهُ كَانَ لَهُم حَمَّامٌ فَصُودِرُوا، وَكَانَ يُزَيِّنُ، ثُمَّ عَجِزَ وَانقطعَ فِي دُوَيْرَةٍ، وَكَانَ لاَ يَرُدُّ شَيْئاً، وَرُبَّمَا عَرَّضَ، وَكَانَ يَتَزَهَّدُ وَيَتقَشَّفُ.
198 - خُوَارِزْمشَاه جَلاَلُ الدِّيْنِ مَنْكُوبرِي بنُ مُحَمَّدِ الخُوَارِزْمِيُّ *
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، جَلاَلُ الدِّيْنِ، مَنْكوبرِي ابْنُ السُّلْطَانِ الكَبِيْرِ عَلاَءِ الدِّيْنِ
__________
(*) سيرته مشهورة في كتب التواريخ المستوعبة لعصره مثل " كامل " ابن الأثير، وتاريخ السبط المعروف بمرآة الزمان (8 / 668 وما قبلها) وذكره الذهبي في " تاريخ الإسلام " في =(22/326)
مُحَمَّدِ ابْن السُّلْطَانِ خُوَارِزْمشَاه تَكِشّ ابْنِ خُوَارِزْمشَاه أَرْسَلاَن ابْنِ الملكِ آتْسِز بنِ مُحَمَّدِ بنِ نُوشْتِكِيْنَ الخُوَارِزْمِيُّ.
تَمَلَّكَ البِلاَدَ، وَدَانَتْ لَهُ الأُمَمُ، وَجَرَتْ لَهُ عَجَائِبُ، وَعِنْدِي سِيْرَتُهُ فِي مُجَلَّدٍ (1) ، وَلَمَّا دَهَمَتِ التَّتَارُ البِلاَدَ المَاورَاءَ النَّهْرِيَّةِ (2) ، بَادرَ وَالِدُهُ عَلاَءُ الدِّيْنِ، وَجَعَلَ جَاليشَهُ (3) وَلدَهُ جَلاَلَ الدِّيْنِ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفاً، فَتوَغَّلَ فِي البِلاَدِ، وَأَحَاطَتْ بِهِ المغولُ، فَالتقَاهُم، فَانْكَسَرَ، وَتَخلَّصَ بَعْدَ الجهدِ، وَتوصَّلَ.
وَأَمَّا أَبُوْهُ فَمَا زَالَ مُتقهقِراً بَيْنَ يَدَي العَدُوِّ، حَتَّى مَاتَ غرِيباً، سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي جَزِيْرَةٍ مِنَ البَحْرِ.
قَالَ الشِّهَابُ النَّسَوِيُّ المُوَقِّعُ (4) : كَانَ جَلاَلُ الدِّيْنِ أَسْمَرَ، تُركيّاً، قصِيْراً، مُنعجمَ العبَارَةِ، يَتَكَلَّمُ بِالتُرْكيَّةِ وَبِالفَارِسيَّةِ، وَأَمَّا شَجَاعَتُهُ فَحسبُكَ مَا أَوْرَدتُهُ مِنْ وَقعَاتِهِ، فَكَانَ أَسداً ضِرغَاماً، وَأَشجعَ فُرْسَانِهِ إِقدَاماً، لاَ غَضوباً، وَلاَ شَتَّاماً، وَقُوراً، لاَ يَضحكُ إِلاَّ تَبسُّماً، وَلاَ يُكثِرُ كَلاَماً، وَكَانَ يَختَارُ العَدْلَ، غَيْرَ أَنَّهُ صَادفَ أَيَّامَ الفِتْنَةِ، فَغُلِبَ.
وَقَالَ المُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيْفِ: كَانَ أَسْمَرَ، أَصْفَرَ، نَحِيْفاً، سَمْجاً، لأَنَّ أُمَّهُ
__________
= وفيات سنة 629 (الورقة: 76 - 78 أيا صوفيا 3012) ثم عمل له إحالة في وفيات سنة 628 وطلب تحويله إلى وفياتها (الورقة: 70 من المجلد المذكور) ، وانظر شذرات الذهب: 5 / 130 في وفيات سنة 629.
(1) هي " سيرة السلطان جلال الدين منكوبري " تأليف محمد بن أحمد النسوي المتوفى حوالي سنة 639، ونشرها حافظ حمدي في القاهرة سنة 1953.
(2) هذا من تعابير الذهبي الخاصة لم يستعمله أحد قبله.
(3) كلمة فارسية يريد بها: مقدم الجيش.
(4) صاحب السيرة التي ذكرناها قبل قليل.(22/327)
هِنديَّةٌ، وَكَانَ يَلبسُ طَرْطُوراً فِيْهِ مِنْ شِعرِ الخيلِ، مُصَبَّغاً بِأَلوَانٍ، وَكَانَ أَخُوْهُ غِيَاثُ الدِّيْنِ أَجْمَلَ النَّاسِ صُوْرَةً، وَأَرقَّهُم بَشَرَةً، لَكنَّهُ ظَلُوْمٌ، وَأُمُّهُ تُركِيَّةٌ.
قُلْتُ: وَكَانَ عَسْكَرُهُ أَوبَاشاً، فِيهِم شَرٌّ وَفِسْقٌ وَعُتُوٌّ.
قَالَ المُوَفَّقُ: الزِّنَى فِيهِم فَاشٍ، وَاللِّوَاطُ غَيْرُ مَعْذُوقٍ بِكِبَرٍ وَلاَ صِغَرٍ (1) ، وَالغَدْرُ خُلُقٌ لَهُم، أَخذُوا تَفلَيْسَ بِالأَمَانِ، ثُمَّ غدرُوا وَقتلُوا وَسَبَوا.
قُلْتُ: كَانَ يُضْرَبُ بِهِمُ المَثَلُ فِي النَّهْبِ وَالقَتلِ، وَعَمِلُوا كُلَّ قَبِيحٍ، وَهُم جِيَاعٌ مُجَمِّعَةٌ، ضِعَافُ العُدَدِ وَالخيلِ، التقَى جَلاَلُ الدِّيْنِ التَّتَارَ فَهَزمَهُم، وَهَلَكَ مُقدَّمُهُم ابْنُ (2) جِنْكِزْ خَان، فَعظُمَ عَلَى أَبِيْهِ، وَقصدَهُ، فَالتَقَى الجمعَانِ عَلَى نَهْرِ السِّنْدِ، فَانْهَزَم جِنْكِزْ خَان، ثُمَّ خَرَجَ لَهُ كَمِينٌ، فَتفلَّلَ جَمعُ جَلاَلِ الدِّيْنِ، وَفَرَّ إِلَى نَاحِيَةِ غَزْنَةَ فِي حَالٍ وَاهيَةٍ، وَمَعَهُ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ فِي غَايَةِ الضَّعْفِ، فَتوجَّهَ نَحْو كِرْمَانَ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ (3) مَلِكُهَا، فَلَمَّا تَقَوَّى، غدَرَ بِهِ وَقتلَهُ (4) ، وَسَارَ إِلَى شِيْرَازَ، وَعَسْكَرُهُ عَلَى بَقَرٍ وَحَمِيْرٍ وَمشَاةٌ، فَفَرَّ مِنْهُ صَاحِبُهَا، وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْرٌ يَطولُ شَرحُهَا، مَا بَيْنَ ارْتقَاءٍ وَانخفَاضٍ، وَهَابَتْهُ التَّتَارُ، وَلَولاَهُ لَدَاسُوا الدُّنْيَا، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَيْهِ مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ الجَوْزِيِّ رَسُوْلاً، فَوَجَدَهُ يَقرَأُ فِي مُصحَفٍ وَيَبْكِي.
ثُمَّ اعتذَرَ عَمَّا يَفعلُهُ جُندُهُ بِكَثرَتِهِم، وَعَدَمِ طَاعَتِهِم، وَقَدْ
__________
(1) أصل العبارة في تاريخ الإسلام: " واللواط ليس بقبيح ولا معذوقا بشرط الكبر والصغر "، فمعذوق هنا معناه: معلق، أخذه من العذق، وهو عذق النخلة ويشمل العرجون بما فيه من الشماريخ.
(2) إضافة منا يقتضيها السياق.
(3) في الأصل: " إليها " ولا يستقيم المعنى بها.
(4) أصل الخبر في تاريخ الإسلام: " وتوجه نحو كرمان، وكان هناك ملكان كبيران فأحسنا إليه فلما قوي شيئا غدر بهما وقتل أحدهما " والذهبي - رحمه الله كثير التصرف بالنصوص، كما بينا غير مرة.(22/328)
تَقَاذَفَتْ بِهِ البِلاَدُ إِلَى الهِنْدِ، ثُمَّ إِلَى كِرْمَانَ، ثُمَّ إِلَى أَعْمَالِ العِرَاقِ، وَسَاقَ إِلَى أَذْرَبِيْجَانَ، فَاسْتولَى عَلَى كَثِيْرٍ مِنْهَا، وَغدَرَ بِأَتَابَك أُزبكَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ بلاَدِهِ، وَأَخَذَ زَوجَهُ ابْنَةَ السُّلْطَانِ طُغْرِلَ، فَتَزَوَّجَهَا، ثُمَّ عمِلَ مَصَافّاً مَعَ الكُرْجِ، فَطَحَنَهُم، وَقَتَلَ مُلوكَهُم، وَقوِيَ مُلكُهُ، وَكثُرَتْ جُمُوْعُهُ، ثُمَّ فِي الآخِرِ تَلاَشَى أَمرُهُ لَمَّا كَسرَهُ الملكُ الأَشْرَفُ مُوْسَى، وَصَاحِبُ الرُّوْمِ بِنَاحيَةِ أَرْمِيْنِيَةَ، ثُمَّ كَبَسَتْهُ التَّتَارُ لَيْلَةً، فَنَجَا فِي نَحْوٍ مِنْ مائَةِ فَارِسٍ، ثُمَّ تَفرَّقُوا عَنْهُ، إِلَى أَنْ بَقِيَ وَحْدَهُ، فَأَلَحَّ فِي طَلَبِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنَ التَّتَارِ، فَثَبَتَ لَهُم، وَقَتَلَ اثْنَيْنِ، فَأَحجَمُوا عَنْهُ، وَصعِدَ فِي جَبلٍ بِنَاحيَةِ آمدَ يَنْزِلُهُ أَكرَادٌ، فَأَجَارَهُ كَبِيْرٌ مِنْهُم، وَعرَفَ أَنَّهُ السُّلْطَانُ، فَوَعَدَهُ بِكُلِّ خَيْرٍ، فَفَرحَ الكُرْدِيُّ، وَذَهَبَ لِيُحضِرَ خَيلاً لَهُ، وَيُعلِمَ بنِي عَمِّهِ، وَتركَهُ عِنْدَ أُمِّهِ، فَجَاءَ كردِيٌّ فِيْهِ جُرَأَةٌ، فَقَالَ: ليش (1) تخلُّوا هَذَا الخُوَارِزْمِيَّ عِنْدَكُم؟
قِيْلَ: اسكُتْ، هَذَا هُوَ السُّلْطَانُ.
فَقَالَ: لأَقتُلَنَّهُ، فَقَدْ قتلَ أَخِي بِخِلاَطَ.
ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ بِحَربَةٍ قَتَلَهُ فِي الحَالِ، فِي نِصْفِ شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
199 - أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّوَابطِيُّ *
مِنْ كِبَارِ الزُّهَّادِ بِالأَنْدَلُسِ.
أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ مَسْدِيٍّ.
وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، كَانَ يَسيحُ بِثُغُورِ الأَنْدَلُسِ، يَأْوِي فِي مَسَاجِدِ البِرِّ، لَهُ كَرَامَاتٌ، أُسِرَ إِلَى طرطوشَةَ وَقَيَّدُوْهُ، فَقَامَ النَّصْرَانِيُّ لَيْلَةً فَرَآهُ يُصَلِّي وَقَيْدُهُ إِلَى جَنْبِهِ، فَتَعَجَّبَ، فَلَمَّا
__________
(1) لفظة عامية معناها: لاي شيء.
(*) لم نعثر له على ترجمة في " تاريخ الإسلام ".(22/329)
أَصْبَحَ رَآهُ فِي رِجْلِهِ، فَرقَبَهُ ثَانِي لَيْلَةٍ، فَكَذَلِكَ، فَذَهَبَ فَأَخبرَ القُسس، فَقَالُوا: أَحضِرْهُ.
فَجَاءَ بِهِ، وَجَرَتْ بَيْنَهُ وَبَينهُم مُحَاوَرَةٌ، ثُمَّ قَالُوا: لاَ يَحِلُّ أَنْ نَأْسُرَكَ، فَاذهبْ.
وَلطرطوشَةَ نَهْرٌ تُعْمَلُ فِيْهِ السُّفُنَ، فَلَقِيَهُ أَسيرٌ، فَقَالَ: بِاللهِ خُذنِي.
فَأَخَذَ بِيَدِهِ، وَخَاضَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، فَتَعَجَّبَتِ النَّصَارَى وَشَاعَتِ القِصَّةُ.
200 - الأَمْجَدُ أَبُو المُظَفَّرِ بَهْرَام شَاه *
الملكُ، الأَمجدُ، مَجْدُ الدِّيْنِ، أَبُو المُظَفَّرِ بَهْرَام شَاه ابْنُ نَائِبِ دِمَشْقَ فَرُّوخشَاه ابْنِ الملكِ شَاهنشَاه بنِ أَيُّوْبَ صَاحِبِ بَعْلَبَكَّ بَعْدَ وَالِدِهِ، ملَّكَهُ إِيَّاهَا عَمُّ أَبِيْهِ السُّلْطَانُ صَلاَحُ الدِّيْنِ، فَدَامَتْ دَوْلَتُهُ خَمْسِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ جَوَاداً كَرِيْماً، شَاعِراً مُحْسِناً، لَهُ نَظْمٌ رَائِقٌ، وَلَهُ (دِيْوَانٌ) .
قَهرَهُ السُّلْطَانُ الملكُ الأَشْرَفُ مُوْسَى، وَأَخَذَ مِنْهُ بَعْلَبَكَّ قَبْلَ مَوْتِهِ بعَامٍ، وَملَّكَهَا لأَخِيهِ الصَّالِحِ، فَتحوَّلَ الأَمجدُ المَذْكُوْرُ إِلَى دِمَشْقَ، وَنَزَلَ بدَارِهِ دَاخِلَ بَابِ النَّصْرِ.
قتلَهُ مَمْلُوْكٌ لَهُ مَليحٌ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَدُفِنَ عِنْدَ وَالِدِهِ بِالمَدْرَسَةِ الفَرُّوخشَاهيَّةِ، وَهُوَ جدُّ الملكِ الحَافِظِ مُحَمَّدِ بنِ شَاهنشَاه، صَاحِبِ أَرَاضِي جِسْرِيْنَ، وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ بِهَا، وَفَرَّ قَاتِلُهُ إِلَى السَّطْحِ، وَخَافَ فَألقَى نَفْسَهُ فَهَلَكَ.
__________
(*) الاعلاق الخطيرة: 49، ومرآة الزمان: 8 / 668 - 668، ووفيات الأعيان: 2 / 453، ومفرج الكروب (في مواضع عديدة) ، وتاريخ الإسلام، الورقة: 70 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 110، والوافي بالوفيات: 10 / 304 - 307، وفوات الوفيات: 1 / 226، والبداية والنهاية: 13 / 131، ومرآة الجنان: 4 / 65، والسلوك للمقريزي: 1 / 1 / 237: والنجوم: 6 / 275، وشذرات الذهب: 5 / 126 وغيرها.(22/330)
201 - المَسْعُوْدُ أَقسيسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَيُّوْبَ *
صَاحِبُ اليَمَنِ، الملكُ المَسْعُوْدُ أَقسيسُ ابْنُ السُّلْطَانِ الملكِ الكَامِلِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَيُّوْبَ.
جَهَّزَهُ أَبُوْهُ، فَافْتَتَحَ اليَمَنَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ (1) ، وَقبضَ عَلَى سُلَيْمَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ بَنِي عَمِّهِم، وَتَزَوَّجَ بِابْنَةِ جوزَا مِنْ بنَاتِ سَيْفِ الإِسْلاَمِ، وَأَحَبَّهَا، وَحَارَبَ إِمَامَ الزَّيْدِيَّةِ مَرَّاتٍ، وَتَمَكَّنَ، وَعَمِلَ نِيَابَةَ الأَمِيْرِ عُمَرَ بنِ رَسُوْلٍ الَّذِي تَمَلَّكَ اليَمَنَ مِنْ بَعْدِهِ، وَتَمَلَّكَ مَكَّةَ، وَكَانَ شَهْماً، شُجَاعاً، زَعِراً، ظَلُوْماً، وَقمعَ الزَّيْدِيَّةَ وَالخَوَارِجَ، وَلَمَّا سَمِعَ بِمَوْتِ عَمِّهِ المُعَظَّمِ عَزَمَ عَلَى أَخْذِ دِمَشْقَ، وَكَانَتْ أَثقَالُهُ - عَلَى مَا نَقَلَ أَبُو المُظَفَّرِ (2) - فِي خَمْسِ مائَةِ مركبٍ، وَمَعَهُ أَلفُ خَادمٍ، وَمائَةُ قنطَارِ عنبرٍ وَعُوْدٍ، وَمائَةُ أَلْفِ ثَوْبٍ، وَمائَةُ صُنْدُوْقٍ مَالاً، فَقَدِمَ مَكَّةَ، وَقَدْ أَصَابَهُ فَالِجٌ، وَلَمَّا احتُضِرَ، قَالَ: وَاللهِ مَا أَرْضَى مِنْ مَالِي كَفَناً.
ثُمَّ بَعَثَ إِلَى فَقِيْرٍ، فَقَالَ: تَصدَّقْ عليَّ بِكَفَنٍ، وَدُفِنَ بِالمُعَلَّى.
قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ أَبَاهُ سُرَّ بِمَوْتِهِ، وَكَانَ يَعسفُ التُّجَّارَ، وَيَشربُ الخَمْرَ بِمَكَّةَ، وَيَرمِي بِالبُنْدُقِ عِنْدَ البَيْتِ.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ (3) : سَارَ آتسِزُ إِلَى مَكَّةَ وَهِيَ لِحَسَنِ بنِ قَتَادَةَ العَلَوِيِّ مِنْ
__________
(*) الكامل لابن الأثير: 12 / 413، ومرآة الزمان: 8 / 658، ووفيات الأعيان: 5 / 82 (في ترجمة الملك الكامل) ، وتاريخ الإسلام، الورقة: 62 (أيا صوفيا 3012) ، والوافي بالوفيات: 9 / 315، والبداية والنهاية: 12 / 124، والعقد الثمين للفاسي: 4 / 168 -
169، وعقد الجمان للعيني (حوادث 611، 615) والنجوم الزاهرة: 6 / 262، وشذرات الذهب: 5 / 120 وغيرها.
(1) يعني: وست مئة.
(2) مرآة الزمان 8 / 659.
(3) الكامل: 12 / 413 في حوادث سنة 620، باختصار شديد: وراجع العقد الثمين للفاسي في ترجمة حسن ففيه تفصيل مفيد: 4 / 168 فما بعدها.(22/331)
بَعْدِ أَبِيْهِ، فَأَسَاءَ إِلَى أَهْلِهَا، فَحَارَبَهُ بِبطنِ مَكَّةَ، فَانْهَزَمَ حسنٌ، وَنَهبَ آتسِز مَكَّةَ، وَتعثَّرُوا.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَخلَّفَ وَلداً، وَهُوَ الملكُ الصَّالِحُ يُوْسُفُ، عَاشَ إِلَى بَعْدِ الأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : أَطْسِيس، وَالعَامَّةُ تَقُوْلُهُ أَقسيس، وَهِيَ كلمَةٌ مُركَّبَةٌ، تَفسيرُهَا: مَا لَهُ اسْم، وَيَقُوْلُوْنَ: مَنْ لاَ يَعِيْشُ لَهُ وَلدٌ، فَسَمَّى وَلدَهُ أَطْسِيس عَاشَ.
202 - ابْنُ صِيْلاَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عَتِيقٍ *
الشَّيْخُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عَتِيقِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَلِيِّ بنِ صِيْلاَ الحَرْبِيُّ، المُؤَدِّبُ.
رَوَى عَنْ: أَبِي الوَقْتِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدٍ الوَرَّاقِ.
وَعَنْهُ: السَّيْفُ ابْنُ المَجْدِ، وَالتَّقِيُّ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَالشِّهَابُ الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَمِنْ سَمَاعِ ابْنِ الوَاسِطِيِّ مِنْهُ كِتَابُ (ذَمِّ الكَلاَمِ) .
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سِتٍّ (2) وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) في ترجمة الملك العادل: 5 / 78.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2285، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 65 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 108 - 109، والنجوم الزاهرة: 6 / 275، وشذرات الذهب: 5 / 124.
(2) هكذا وقع في الأصل، وهو وهم مبين، والصحيح: " سبع " هكذا ذكره المنذري في " التكملة " وذكر أنه توفي ليلة السادس والعشرين من شهر ربيع الأول من سنة سبع وعشرين وست =(22/332)
203 - ابْنُ سُكَيْنَةَ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُسْنِدُ، عَلاَءُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ الأَمِيْنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ عَلِيِّ بنِ عَلِيِّ ابْنِ سُكَيْنَةَ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا الوَقْتِ السِّجْزِيَّ، وَمَحْمُوْداً فورجَة، وَأَبَا المُظَفَّرِ مُحَمَّدَ بنَ التُّرَيْكِيِّ، وَيَحْيَى بنَ تَاجِ القُرَّاءِ، وَالوَزِيْرَ الفَلَكِيَّ.
وَسَمِعَ حُضُوْراً مِنْ: نَصْرِ بنِ نَصْرٍ العُكْبَرِيِّ، وَسَعِيْدِ ابْنِ البَنَّاءِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَابْنُ الحَاجِبِ، وَأَبُو المُظَفَّرِ ابْنُ النَّابُلُسِيِّ، وَالمَجْدُ عَبْدُ العَزِيْزِ ابْنُ الخَلِيْلِيِّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَابْنُ الزَّيْنِ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ النَّجَّارِ، نَسخَ الكَثِيْرَ، وَكَانَ إِنْسَاناً مُتَوَاضِعاً، رَوَى (2) لَنَا عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: فَاطِمَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (3) .
__________
= مئة، وكذا ذكره المؤلف في كتبه الأخرى، ولم يذكر غيره، ومنها " تاريخ الإسلام " و" العبر " ومن تابع الذهبي في وفاته فذكره صاحب " النجوم الزاهرة " و" الشذرات " في سنة سبع أيضا.
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 143 (باريس 5922) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2278، وتلخيص ابن الفوطي: 4 / الترجمة 1521 ولقبه علاء الدين، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 65 (أياصوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 109، والمختصر المحتاج إليه، الورقة 77، والنجوم الزاهرة: 6 / 275، وشذرات الذهب: 5 / 124 - 125.
(1) في الثالث عشر منه كما ذكر المنذري في التكملة ".
(2) لو قال: " روت " لكان أحسن.
(3) في ليلة الحادي والعشرين من صفر، منها، كما ذكر المنذري في " التكملة ".(22/333)
204 - ابْنُ بَرَّجَانَ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اللَّخْمِيُّ *
العَلاَّمَةُ، لُغوِي الْعَصْر، أَبُو الحَكَمِ عَبْدُ السَّلاَم بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ شَيْخِ الصُّوْفِيَّة أَبِي الحَكَمِ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابنِ أَبِي الرَّجَّالِ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ اللَّخْمِيّ، الإِفْرِيْقِيّ، ثُمَّ الإِشْبِيْلِيّ، المُقْرِئ.
وَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ بَرَّجَان، وَذَلِكَ مُخَفَّف مِنْ أَبِي الرَّجَّالِ.
أَخَذَ القِرَاءات عَنْ: جَمَاعَةٍ، وَالعَرَبِيَّةَ عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ بنِ مُلْكُوْنَ.
قَالَ الأَبَّارُ (1) : كَانَ مِنْ أَحْفَظِ أَهْلِ زَمَانِهِ لِلُّغَةِ، مُسَلَّماً ذَلِكَ لَهُ، ثِقَةً، صَدُوْقاً، لَهُ ردّ عَلَى ابْنِ سَيّده، وَكَانَ صَالِحاً، مُقْبِلاً عَلَى شَأْنه.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
205 - صَاحِبُ إِرْبِلَ كُوْكْبُرِي بنُ عَلِيٍّ التُّرُكْمَانِيُّ **
السُّلْطَانُ الدَّيِّنُ، المَلِك المُعَظَّمُ، مُظَفَّر الدِّيْنِ، أَبُو سَعِيْدٍ كُوْكْبُرِي بن عَلِيِّ بن بكتكين بن مُحَمَّدٍ التُّرُكْمَانِيّ، صَاحِب إِرْبِل، وَابْن صَاحِبهَا وَمُمَصِّرِهَا المَلِكِ زَيْنِ الدِّيْنِ عَلِيٍّ كُوجَكَ.
وَكُوجك: هُوَ اللَّطِيْف القدّ، كَانَ كُوجك شَهْماً، شُجَاعاً، مَهِيْباً، تَملَّك بلاَداً كَثِيْرَة، ثُمَّ وَهبهَا لأَوْلاَد صَاحِب
__________
(*) تاريخ الإسلام، الورقة: 65 - 66 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 109، وغاية النهاية لابن الجزري: 1 / 385، وبغية الوعاة: 2 / 95، وشذرات الذهب: 5 / 124.
(1) سقطت هذه الترجمة من نسخة الأزهر من المجلد الثالث من تكملة ابن الابار (3 / الورقة 36) .
(* *) مرآة الزمان: 8 / 680 - 683، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2498، ووفيات الأعيان: 4 / 113 - 121، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 97 - 99 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 121 - 122، ودول الإسلام: 2 / 102، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 32، والبداية والنهاية: 13 / 137، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة 5، والعقد الثمين للفاسي، 4 / الورقة 21 - 22، والنجوم الزاهرة: 6 / 282، وشذرات الذهب: 5 / 138 - 140.(22/334)
المَوْصِل، وَكَانَ يُوْصَف بِقُوَّةٍ مُفْرِطَةٍ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَحَجَّ هُوَ وَالأَمِيْرُ أَسَدُ الدِّيْنِ شِيرْكُوْهُ بنُ شَاذِي، وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ أَوقَافٌ وَبِرٌّ وَمَدْرَسَة بِالمَوْصِلِ.
فَلَمَّا مَاتَ، تَملك إِرْبِل ابْنه هَذَا وَهُوَ مُرَاهِق، وَصَارَ أَتَابَكه مُجَاهِد الدِّيْنِ قَيْمَاز، فَعمل عَلَيْهِ قَيْمَاز، وَكَتَبَ مَحضراً بِأَنَّهُ لاَ يَصلُح لِلمُلْك، وَقبضَ عَلَيْهِ، وَمَلَّكَ أَخَاهُ زَيْن الدِّيْنِ يُوْسُف، فَتوجّه مُظَفَّر الدِّيْنِ إِلَى بَغْدَادَ، فَمَا الْتَفَتُوا عَلَيْهِ، فَقَدِمَ المَوْصِلَ عَلَى صَاحِبِهَا سَيْفِ الدِّيْنِ غَازِي بنِ مَوْدُوْدٍ، فَأَقطعه حَرَّان، فَبقِي بِهَا مُدَيْدَة، ثُمَّ اتَّصل بِخدمَة السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ، وَغَزَا مَعَهُ، وَتَمَكَّنَ مِنْهُ، وَأَحَبّه، وَزَاده الرُّهَا، وَزَوَّجَهُ بِأُخْته رَبِيْعَةَ وَاقِفَةِ الصَّاحبيَّةِ.
وَأَبَان مُظَفَّر الدِّيْنِ عَنْ شجَاعَة يَوْم حِطِّين، وَبَيَّنَ، فَوَفَدَ أَخُوْهُ صَاحِب إِرْبِل عَلَى صَلاَح الدِّيْنِ نَجدَة، فَتمرض، وَمَاتَ عَلَى عَكَّا، فَأَعْطَى السُّلْطَان مُظَفَّر الدِّيْنِ إِرْبِل وَشهرزور، وَاسْترد مِنْهُ حَرَّان وَالرُّهَا.
وَكَانَ مُحِبّاً لِلصَّدقَة، لَهُ كُلّ يَوْم قنَاطير خُبْز يُفرِّقهَا، وَيَكسو فِي العَامِ خلقاً وَيُعْطِيهُم دِيْنَاراً وَدِيْنَارَيْنِ، وَبَنَى أَرْبَع خَوَانك لِلزَّمْنَى وَالأَضرَّاء، وَكَانَ يَأْتيهِم كُلّ اثْنَيْنِ وَخَمِيْس، وَيَسْأَل كُلّ وَاحِد عَنْ حَالِه، وَيَتفقَّده، وَيُبَاسِطه، وَيَمزح مَعَهُ.
وَبَنَى دَاراً لِلنِّسَاءِ، وَدَاراً لِلأَيتَامِ، وَدَاراً لِلُّقطَاءِ، وَرتَّبَ بِهَا المَرَاضِعَ.
وَكَانَ يَدُور عَلَى مَرْضَى البيمَارستَان.
وَلَهُ دَارٌ مُضِيف يَنْزِلهَا كُلّ وَارد، وَيُعْطَى كُلّ مَا يَنْبَغِي لَهُ.
وَبَنَى مَدْرَسَةً لِلشَّافِعِيَّة وَالحَنَفِيَّة، وَكَانَ يَمدّ بِهَا السِّمَاط، وَيَحضر السَّمَاع كَثِيْراً، لَمْ يَكُنْ لَهُ لَذَّة فِي شَيْءٍ غَيْره.
وَكَانَ يَمْنَع مِنْ دُخُوْلِ مُنْكَرٍ بَلَدَهُ، وَبَنَى لِلصُّوْفِيَة رِبَاطَينِ، وَكَانَ يَنْزِل إِلَيْهِم لأَجْل السَّمَاعَات.
وَكَانَ فِي السَّنَةِ يَفْتَكُّ أَسرَى بِجُملَةٍ، وَيُخْرِجُ سَبِيلاً لِلْحَجِّ، وَيَبعثَ لِلمُجَاوِرِيْنَ بِخَمْسَةِ آلاَف دِيْنَارٍ، وَأَجرَى المَاء إِلَى عرفَات.(22/335)
وَأَمَّا احتفَاله بِالمَوْلِدِ (1) ، فَيَقْصُر التَّعْبِيْر عَنْهُ؛ كَانَ الْخلق يَقصدُوْنَهُ مِنَ العِرَاقِ وَالجَزِيْرَة، وَتُنْصَب قِبَاب خَشَب لَهُ وَلأَمرَائِهِ وَتُزَيَّن، وَفِيْهَا جوق المغَانِي وَاللّعب، وَيَنْزِل كُلّ يَوْمٍ العَصرَ، فَيَقِف عَلَى كُلّ قُبَّة وَيَتفرج، وَيَعْمَل ذَلِكَ أَيَّاماً، وَيُخْرِجُ مِنَ البَقَر وَالإِبِل وَالغَنَم شَيْئاً كَثِيْراً، فَتُنْحَر، وَتُطْبَخ الأَلوَان، وَيَعْمَل عِدَّة خِلَع لِلصُّوْفِيَة، وَيَتكلَّم الوُعَّاظ فِي المَيْدَان، فَيُنفق أَمْوَالاً جَزِيْلَة.
وَقَدْ جَمَعَ لَهُ ابْن دِحْيَة (كِتَاب المَوْلِد) ، فَأَعْطَاهُ أَلف دِيْنَار.
وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، خَيِّراً، سُنِّيّاً، يُحبّ الفُقَهَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَرُبَّمَا أَعْطَى الشُّعَرَاء، وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ انْهَزَم فِي حَرْب، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا وَأَمثَاله ابْنُ خَلِّكَانَ، وَاعْتَذَرَ مِنَ التَّقْصِير.
مَوْلِدُهُ: فِي المُحَرَّم (2) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، بِإِرْبِل.
قَالَ ابْنُ السَّاعِي: طَالت عَلَيْهِ مُدَارَاة أَوْلاَد العَادل، فَأَخَذَ مَفَاتيح إِرْبِل وَقِلاعهَا، وَسَلَّم ذَلِكَ إِلَى المُسْتَنْصِر، فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ.
قَالَ: فَاحتفلُوا لَهُ، وَاجْتَمَعَ بِالخَلِيْفَةِ، وَأَكْرَمَهُ، وَقلَّدهُ سَيْفَيْنِ وَرَايَاتٍ وَخِلَعاً وَسِتِّيْنَ أَلْفَ دِيْنَار.
وَقَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (3) : كَانَ مُظَفَّر الدِّيْنِ يُنفق فِي السَّنَةِ عَلَى المَوْلِد ثَلاَث مائَة أَلْف دِيْنَار، وَعَلَى الخَانْقَاه مائَتَيْ أَلفِ دِيْنَار، وَعَلَى دَار الْمضيف مائَة (4) أَلْف.
وَعَدَّ مِنْ هَذَا الْخَسْف أشيَاء.
__________
(1) يعني المولد النبوي الشريف.
(2) ليلة السابع والعشرين منه، كما ذكر المنذري في " التكملة ".
(3) مرآة الزمان: 8 / 683.
(4) الاضافة من المرآة.(22/336)
وَقَالَ: قَالَ مَنْ حضَر المَوْلِد مرَّة: عددت عَلَى سِمَاطه مائَة فَرَس (1) قشلمِيش، وَخَمْسَة آلاَف رَأْس شوي، وَعَشْرَة آلاَف دَجَاجَة، وَمائَة أَلْف زُبديَة، وَثَلاَثِيْنَ أَلْفَ صحْن حلوَاء.
قُلْتُ: مَا أَعْتَقِد وُقُوع هَذَا، فَعُشر ذَلِكَ كَثِيْر جِدّاً (2) .
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ: حَنْبَل المُكَبِّر.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (3) : مَاتَ لَيْلَةَ الجُمُعَة، رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَان، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَعُمِلَ فِي تَابوت، وَحُمِلَ مَعَ الحُجَّاج إِلَى مَكَّةَ (4) ، فَاتَّفَقَ أَنَّ الوَفْد رَجَعُوا تِلْكَ السّنَة (5) ؛ لِعدم المَاء، فَدُفِنَ بِالكُوْفَةِ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً (6) .
وَعَاشَ أَبُوْهُ فَوْقَ المائَةِ، وَعَمِي، وَأَصَمّ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الدَّوْلَة الأَتَابَكيَة، مَا انْهَزَم قَطُّ.
وَمَدَحَهُ الحَيْصَ بَيْصَ، فَقَالَ: مَا أَعْرفُ مَا تَقُوْلُ، وَلَكِنِّي أَدْرِي أَنَّك تُرِيْدُ شَيْئاً!
وَأَمَرَ لَهُ بِخِلْعَةٍ وَفَرَسٍ وَخَمْسِ مائَةِ دِيْنَارٍ.
206 - صَاحِبُ الغَرْبِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ *
السُّلْطَانُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، المَلِكُ النَّاصِرُ مُحَمَّدُ ابْنُ السُّلْطَانِ يَعْقُوْبَ ابْنِ
__________
(1) في المطبوع من المرآة: " قرش "، مصحف.
(2) وقال في تاريخ الإسلام: " والعهدة عليه فإنه خساف مجازف لا يتورع في مقاله "! (3) وفيات الأعيان: 4 / 120.
(4) وكان قد أعد له بها قبة تحت الجبل يدفن فيها.
(5) وهي سنة إحدى وثلاثين.
(6) لم يذكر ابن خلكان عمره، لكن ذكر أنه ولد سنة 549.
(*) أخباره مفصلة في كتاب " المعجب " لعبد الواحد المراكشي، وانظر تاريخ الإسلام: =(22/337)
السُّلْطَانِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ عَلِيٍّ القَيْسِيُّ.
وَأُمُّه رُومِيَّة، اسْمهَا زهر.
تَمَلَّكَ البِلاَد بِعَهْدٍ مِنْ أَبِيْهِ مُتَقَدِّم.
وَكَانَ أَشقر، أَشهل، أَسِيْل الخدّ، مليح الشّكل، كَثِيْر الصَّمْت وَالإِطْرَاق، شُجَاعاً، مَهِيْباً، بعيد الغَوْر، حليماً، عَفِيْفاً عَنِ الدِّمَاء، وَفِي لِسَانه لثغَة، وَكَانَ يُبَخَّل، وَلَهُ عِدَّةُ أَوْلاَد.
اسْتَوْزَر أَبَا زَيْد بن يُوجَّان، ثُمَّ عَزَلَهُ، وَاسْتَوْزَرَ الأَمِيْر إِبْرَاهِيْم أَخَاهُ، وَكَتَبَ سرَّه ابْنُ عَيَّاشٍ، وَابْن يَخْلَفتنَ الفَازَازِي، وَوَلِيَ قَضَاءهُ غَيْر وَاحِد.
حَارَبَه ابْن غَانِيَة، وَاسْتَوْلَى عَلَى فَاس.
وَخَرَجَ عَلَيْهِ بِالسُّوس الأَقْصَى يَحْيَى بن الجَزَّارَة، وَاسْتفحل أَمره، وَهَزَمَ الموحِّدين مَرَّات، وَكَادَ أَنْ يَملك المَغْرِب، ثُمَّ قتل، وَيُلَقَّبُ بِأَبِي قصبَة.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتّ مائَةٍ: سَارَ السُّلْطَان وَحَاصَرَ المَهْدِيَّة أَشْهُراً، وَأَخَذَهَا بِالأَمَان مِنْ نُوَّاب ابْن غَانِيَة، وَانْحَازَ إِلَى السُّلْطَانِ أَخُو ابْن غَانِيَة سِيْر، فَاحْتَرَمه.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ فِي (تَارِيْخِهِ (1)) : بَلَغَنِي أَن جُمْلَةَ مَا أَنفقه أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي هَذِهِ السَّفرَة مائَة وَعِشْرُوْنَ حِمْلاً مِنَ الذَّهب، وَردّ إِلَى مَرَّاكُش سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَفرغت هُدنَة الفِرَنْج، فَعبر السُّلْطَان بِجُيوشه إِلَى إِشْبِيْلِيَة (2) .
ثُمَّ (3) تَحَرَّك فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّ مائَةٍ لِجِهَاد العَدُوّ، فَنَازل حِصناً لَهُم،
__________
= 18 / 1 / 409 - 412 من المطبوع، وهي ترجمة جيدة، والعبر: 5 / 36 - 38، ودول الإسلام: 2 / 85، والانيس المطرب: 164، والاستقصا: 1 / 189 - 194، وتاريخ ابن خلدون: 6 / 246، والحلل الموشية: 122 وغيرها.
(1) المعجب: 398. كما نقل الفقرة التي قبلها عنه أيضا 397.
(2) اختصر الذهبي ذلك اختصارا شديدا، وكان عبوره سنة 607.
(3) المعجب: 399.(22/338)
فَأَخَذَهُ (1) ، فَسَارَ الفُنْشُ (2) فِي أَقَاصي المَمَالِك يَسْتَنفر عُبَّاد الصَّلِيب، فَاجتمعت لَهُ جُيُوش مَا سُمِعَ بِمِثْلِهَا، وَنجدته فِرَنْج الشَّام، وَعَسَاكِر قُسْطَنْطِيْنِيَّة، وَملك أَرغُن (3) البَرْشَلُوْنِيّ، وَاسْتنفر السُّلْطَان أَيْضاً النَّاس، وَالتَقَى الجَمْعَان، وَتعرف بوقعَة العِقَاب، فَتحمَّل الفُنْشُ حَملَةً شَدِيْدَة، فَهَزم المُسْلِمِيْنَ، وَاسْتُشْهِدَ خلق كَثِيْر.
وَكَانَ أَكْبَر أَسبَاب الكسرَة غَضَب الجُنْد مِنْ تَأَخُّرِ عَطَائِهِم، وَثبت السُّلْطَان ثبَاتاً كُلِّياً، لولاَهُ لاَستُؤصل جَيْشُه، وَكَانَتِ المَلْحَمَة فِي صَفَرٍ، سَنَة تِسْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَرجع العَدُوّ بغَنَائِم لاَ تُوصَفُ، وَأَخَذُوا بيَّاسَة عَنْوَةً - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ -.
مرض السُّلْطَان أَيَّاماً بِالسكتَة، وَمَاتَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ عَشْرٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَكَانَتْ أَيَّامه خَمْسَةَ عَشَرَ عَاماً، وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنه المُسْتَنْصِر يُوْسُف عَشْرَة أَعْوَام.
وَيُقَالُ: تَنَكَّر مُحَمَّد ليلاً، فَوَقَعَ بِهِ العَسَسُ، فَانْتظمُوْهُ بِرمَاحهِم، وَهُوَ يَصيح: أَنَا الخَلِيْفَة، أَنَا الخَلِيْفَة.
ابْنُهُ:
207 - أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ المُؤْمِنِيُّ *
السُّلْطَانُ، المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ (4) ، أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ المُؤْمِنِيُّ.
__________
(1) اسم هذا الحصن: شلبترة.
(2) ويقال فيه: " الادفنش " ايضا، وهو ألفونس الثالث ملك قشتالة.
(3) وترسم أيضا " أرغون ".
(*) أخباره في المعجب لعبد الواحد: 404 فما بعد، وتاريخ الإسلام، الورقة 215 (أيا صوفيا 3011) ، والعبر: 5 / 81، وجذوة الاقتباس: 344، والانيس المطرب: 172، ومرآة الجنان: 4 / 47 وغيرها.
(4) وقع لقبه في الحلل الموشية (122) ، وتاريخ ابن خلدون، والاستقصا: " المنتصر بالله ".(22/339)
تَمَلَّكَ المَغْرِبَ سَنَةَ عَشْرٍ، وَكَانَ بَدِيْعَ الحُسْنِ، بَلِيْغ المَنْطِق، غَارقاً فِي وَادِي اللَّهْو وَالبطَالَة.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، فَملَّكوهُ وَلَهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، فَضيَّعُوا أَمر الأُمَّة، وَأُمّه أُمّ وَلَدٍ، اسْمهَا قَمَر الرُّوْمِيَّة، وَكَانَ يُشَبَّه بِجدِّه.
قَامَ بِبَيعته عِيْسَى بن عَبْدِ المُؤْمِنِ، فَهُوَ عَمّ جدّه، وَآخِرُ مَنْ تَبقَّى مِنْ أَوْلاَدِ السُّلْطَانِ عَبْدِ المُؤْمِنِ، وَقَدْ حَيّ إِلَى حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ، فَقَامَ يَوْم البَيْعَة كَاتِبُ سِرِّهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَ يَقُوْلُ لِلأَعيَانِ (1) : تُبَايعُوْنَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ ابْن أَمِيْر (2) المُؤْمِنِيْنَ عَلَى مَا بَايَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ (3) رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ السَّمْعِ وَالطَّاعَة فِي اليُسْرِ وَالعُسْرِ (4) .
وَخَرَجَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ؛ وَلد العَاضد بِاللهِ العُبَيْدِيّ المِصْرِيّ؛ الَّذِي هَرَبَ مِنْ بَنِي أَيُّوْبَ إِلَى المَغْرِب، فَقَامَتْ مَعَهُ صِنْهَاجَةُ، وَعَظُم البَلاَء بِهِ، وَكثرت جُمُوْعه، وَكَانَ ذَا سَمْت وَصَمْت وَتَعَبُّد، فَقصَد سِجِلْمَاسَةَ، فَالتقَاهُ مُتَوَلِّيهَا حَفِيْد عَبْد المُؤْمِنِ، فَانْتصر ابْنُ العَاضد، وَلَمْ يَزَلْ يَتنقَّل وَتَكثر جُمُوْعه، وَلاَ يَتُمّ لَهُ أَمر، لِغُربَة بَلَدِهِ، وَعدم عَشِيرَته، وَلأَنَّ لِسَانَهُ غَيْر لِسَان البَرْبَرِ، ثُمَّ أَمسكَهُ مُتَوَلِّي فَاسَ، وَصَلَبَه (5) .
مَاتَ المُسْتَنْصِر: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَمْ يُخلف وَلداً، فَمَلَّكت الموحدُوْنَ بَعْدَهُ عَمَّ أَبِيْهِ عَبْدَ الوَاحِدِ.
__________
(1) الذي روى ذلك هو عبد الواحد المراكشي، وكان حاضرا (المعجب: 407) .
(2) في الأصل والمعجب: أمراء.
(3) في المعجب: " أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(4) في المعجب: " في المنشط والمكره واليسر والعسر ... " ولنص البيعة تتمة في " المعجب ".
(5) انظر المعجب: 408 - 409.(22/340)
208 - عَبْدُ الوَاحِدِ ابْنُ السُّلْطَانِ يُوْسُفَ ابْنِ السُّلْطَانِ عَبْدِ المُؤْمِنِ *
صَاحِب المَغْرِب.
كَانَ شَيْخاً عَاقِلاً، لَكنَّه لَمْ يُدَار (1) القُوَّاد، فَقَامُوا عَلَيْهِ، وَخَلَعُوْهُ، وَخَنقُوهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، فَكَانَتْ دَوْلَته تِسْعَة أَشهر.
209 - عَبْدُ اللهِ ابْنُ السُّلْطَانِ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ القَيْسِيُّ **
المُلَقَّب: بِالملك العَادل.
كَانَ نَائِباً عَلَى الأَنْدَلُس، فَلَمَّا خُنِقَ عَمُّه عَبْد الوَاحِدِ، ثَارت الفِرَنْج بِالأَنْدَلُسِ، فَالتقَاهُم العَادلُ، فَانْهَزَمَ جَيْشُهُ، وَفَرَّ هُوَ إِلَى مَرَّاكُش فِي حَال نَحْسِهِ، فَقَبَضَ الموحدُوْنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَايَعُوا بِالسلطنَة يَحْيَى ابْن السُّلْطَانِ مُحَمَّد بن يُوْسُفَ لَمَّا (2) بَقَلَ وَجهُهُ، فَجَاءت الأَخْبَار بِأَنَّ إِدْرِيْس ابْن السُّلْطَان يَعْقُوْب قَدِ ادَّعَى الخِلاَفَة بِإِشْبِيْلِيَة، فَآل الأَمْر بيَحْيَى إِلَى أَنْ طَمِعت فِيْهِ الأَعرَاب، وَحَاصرته بِمَرَّاكُش، وَضجر مِنْهُ أَهْلُهَا، وَأَخْرَجُوهُ، فَهَرَبَ المِسْكِيْن إِلَى جَبَل
__________
(*) تاريخ الإسلام، الورقة: 7 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 83 - 84، والاستقصا: 1 / 195، والحلل الموشية: 123، وشذرات الذهب: 5 / 95، وقد ذكر عبد الواحد المراكشي أن الذي ولي عرش الموحدين بعد أبي يعقوب هو ولده الآخر أبو محمد عبد العزيز (انظر سيرته وأخباره في المعجب: 411 فما بعدها) ، لكنه روى الامر على التمريض لبعده عن مسرح الاحداث حيث كان ببغداد في تلك المدة، وهو ما يقوي رواية الذهبي هذه.
(1) في الأصل: " يداري ".
(* *) المعجب لعبد الواحد المراكشي: 416، وتاريخ الإسلام، الورقة 40 (أيا صوفيا 3012) ، والاستقصا: 1 / 196، والحلل الموشية: 123، وتاريخ الدولتين الموحدية والحفصية: 15 وغيرها.
(2) في الأصل: " كما "، ولا يستقيم بها المعنى.(22/341)
درن، ثُمَّ نَهَضَ مَعَهُ طَائِفَة، وَأَقْبَلَ وَتَمَكَّنَ، وَطَرَدَ نُوَّاب إِدْرِيْس، وَقَتَلَ مِنْهُم، وَتَوَثَّب بِالأَنْدَلُسِ ابْن هُوْدٍ الجُذَامِيُّ (1) ، وَدَعَا إِلَى بَنِي العَبَّاسِ، فَمَالَ إِلَيْهِ النَّاس، فَهَرَبَ إِدْرِيْس، وَعبر إِلَى مَرَّاكُش، فَالتَقَى هُوَ وَيَحْيَى، فَهَزم يَحْيَى، فَفَر يَحْيَى إِلَى الجَبَلِ، وَكَانَتْ وِلاَيَة العَادل فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ.
وَفِي دَوْلَته كَانَتِ المَلْحَمَة عِنْد طليطلَة، فَاندكَّ فِيْهَا المُسْلِمُوْنَ، ثُمَّ فِي الآخَرِ خُنِقَ العَادل، وَنُهِبَ قَصْرُهُ بِمَرَّاكُش، وَتَمَلَّكَ يَحْيَى بن مُحَمَّد بنِ يَعْقُوْبَ، فَحَارَبَهُ عَمّه - كَمَا ذكرنَا - ثُمَّ قُتِلَ.
210 - صَاحِبُ المَغْرِبِ إِدْرِيْسُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ القَيْسِيُّ *
السُّلْطَانُ، الْملك المَأْمُوْنُ، أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ - كَمَا زَعَمَ - أَبُو العُلَى إِدْرِيْسُ ابْنُ السُّلْطَانِ المَنْصُوْرِ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ عَلِيٍّ القَيْسِيُّ.
كَانَ بَطَلاً، شُجَاعاً، مَهِيْباً، دَاهِيَةً، فَقِيْهاً، عَلاَّمَةً، أُصُوْليّاً، نَاظماً، نَاثراً، وَافر الجَلاَلَة.
كَانَ بِالأَنْدَلُسِ مَعَ أَخِيْهِ العَادل عَبْد اللهِ، فَلَمَّا ثَارت الفِرَنْج عَلَيْهِ، تركَ الأَنْدَلُسَ العَادلُ، وَاسْتخلفَ عَلَى إِشْبِيْلِيَة إِدْرِيْس هَذَا، وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْر طَوِيْلَة، ثُمَّ خُطِبَ لَهُ بِالخِلاَفَةِ بِالأَنْدَلُسِ، ثُمَّ عَدَّى وَغلبَ عَلَى مَرَّاكُش، وَانتزع المُلك مِنْ يَحْيَى بنِ مُحَمَّد ابْنِ عَمِّهِ، وَالتَقَوا غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ ضَعُف أَمر يَحْيَى، وَاسْتجَار بِقَوْمٍ فِي حصن مِنْ عَمل تِلِمْسَانَ، فَقُتِلَ غِيْلَةً، وَتَمَكَّنَ إِدْرِيْس، وَكَانَ جَبَّاراً، جَرِيئاً عَلَى الدِّمَاءِ، وَأَزَال ذِكْرَ ابْن تُوْمَرْت مِنَ الخُطْبَةِ.
__________
(1) هو أبو عبد الله محمد بن يوسف، وهم أصحاب سرقسطة السابقون.
(*) المعجب للمراكشي: 416، وتاريخ الإسلام، الورقة: 92 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 118، والحلل الموشية: 123، والاحاطة لابن الخطيب: 1 / 147، وشذرات الذهب: 5 / 135، والاستقصا: 1 / 197.(22/342)
مَاتَ: فِي الغَزْو، فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَملَّكُوا بَعْدَهُ ابْنه الرَّشِيْد، فَبقِي عشر سِنِيْنَ.
وَلإِدْرِيْس رِسَالَةٌ طَوِيْلَةٌ، أَفصحَ فِيْهَا بِتَكذِيبِ مَهْدِيِّهم وَضَلاَلِه، نَقلَ ذَلِكَ المُؤَيَّد فِي (تَارِيْخِهِ) .
ابْنُهُ:
211 - الرَّشِيْدُ عَبْدُ الوَاحِدِ ابْنُ المَأْمُوْنِ إِدْرِيْسَ المُؤْمِنِيُّ *
السُّلْطَانُ، المُلَقَّب بِالرَّشِيْدِ، عَبْد الوَاحِدِ ابْنُ المَأْمُوْنِ إِدْرِيْسَ المُؤْمِنِيُّ.
تَمَلَّكَ، وَتَمَكَّنَ، ثُمَّ أَعَاد الخطبَة بذَكَرَ المَهْدِيّ المَعْصُوْم ابْن تُوْمَرْت، يَسْتَمِيْل بِذَلِكَ قُلُوْب الموحِّدين.
وَكَانَتْ أَيَّامه عَشْرَة أَعْوَام.
تُوُفِّيَ: غرِيقاً، فِي صهرِيج بُستَان لَهُ بِمَرَّاكُش، وَكتمُوا مَوْته شَهْراً، ثُمَّ ملَّكوا أَخَاهُ السَّعِيْد عَلِيّ بن إِدْرِيْسَ؛ الَّذِي قُتل.
غَرِقَ الرَّشِيْد فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
212 - الحَاجِرِيُّ حُسَامُ الدِّيْنِ عِيْسَى بنُ سَنْجَرَ بنِ بَهْرَامَ **
حُسَام الدِّيْنِ عِيْسَى بن سَنْجَر بن بَهْرَامَ بن جِبْرِيْل الإِرْبِلِيُّ، الشَّاعِر، المُلَقَّب: بِالحَاجِرِيِّ؛ لإِكثَاره مِنْ ذِكْرِ الحَاجِرِ فِي شِعْرِهِ، وَ (دِيْوَانُه) مَشْهُوْر.
كَانَ مِنْ أَوْلاَد الجُنْد، وَنَظْمُهُ فَائِقٌ، أَخَذَ عَنْهُ كَثِيْراً ابْنُ خَلِّكَانَ، وَهُوَ القَائِلُ:
__________
(*) المعجب لعبد الواحد المراكشي: 417 - 418، وتاريخ الإسلام، الورقة: 225 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 165 - 166، والحلل الموشية: 125، وشذرات الذهب: 5 / 208، والاستقصا: 1 / 201.
(* *) عقود الجمان لابن الشعار: 5 / الورقة 240، ووفيات الأعيان: 3 / 501 - 505، وتاريخ الإسلام، الورقة 127 (أيا صوفيا 3012) ، والنجوم الزاهرة: 6 / 290 - 291، وشذرات الذهب: 5 / 156.(22/343)
حَيَّا وَسَقَى الحِمَى سَحَابٌ هَامِي ... مَا كَانَ أَلذَّ عَامَهُ مِنْ عَامِ
يَا عَلْوَةُ! مَا ذَكَرْتُ أَيَّامَكُم ... إِلاَّ وَتَظَلَّمتُ عَلَى الأَيَّامِ
وَثَبَ عَلَيْهِ شَخْصٌ بَدَّدَ مَصَارِينهُ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِإِرْبِلَ، وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَلَهُ:
أَيُّ طَرْفٍ أُحَيْورٍ ... لِلْغَزَالِ الأُسَيْمِرِ
أَيُّهَذَا الأُرَيْبِلِي ... هَامَ فِيكَ الحُوَيْجِرَي
213 - الأَمِيْرُ السَّيِّدُ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُرْتَضَى العَلَوَيُّ *
المُسْنِدُ، السَّيِّد، الأَمِيْر، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَن ابْن الأَمِيْر السَّيِّد عَلِيِّ ابْنِ المُرْتَضَى أَبِي الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ العَلَوِيُّ، الحَسَنِيُّ، البَغْدَادَيُّ.
حَدَّثَ عَنِ: الحَافِظِ مُحَمَّدِ بنِ نَاصِرٍ بِكِتَابِ (الذُّرِّيَّة الطَّاهرَةِ) وَمَا مَعَهُ لِلدُّوْلاَبِيِّ.
وَكَانَ صَدْراً مُكَرَّماً، وَسَرِيّاً مُحْتَشِماً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّد بنُ المُبَارَكِ المخرمَي شَيْخ لِلْفرضِي، وَالشَّيْخ عِزّ الدِّيْنِ الفَاروثَيُّ، وَظَهِيْر الدِّيْنِ عَلَي ابْنِ الكَازرونِيِّ المُؤَرِّخ، وَالعِمَاد إِسْمَاعِيْل ابْن الطَّبَّالِ، وَالرَّشِيْد بن أَبِي القَاسِمِ.
وَآخر أَصْحَابه بِالإِجَازَةِ: تَقِيّ الدِّيْنِ سُلَيْمَان الحَاكِم.
وَسَمَاعه مِنِ ابْنِ نَاصِر فِي الخَامِسَة (1) .
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2480، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 92 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 119، والوافي بالوفيات، 11 / الورقة 5 - 6، والنجوم الزاهرة: 6 / 281، وشذرات الذهب: 5 / 135.
(1) فيكون سماعه حضورا.(22/344)
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ (1) ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً (2) .
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ: هِبَة اللهِ بن هِلاَلٍ الدَّقَّاق.
وَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّة جَعْفَر بن حَسَنِ ابْنِ السَّيِّد الحَسَن ابْنِ الإِمَام عَلِيّ بن أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
214 - العُبَادِيُّ أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ *
شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، العَلاَّمَةُ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ هَارُوْنَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَحْبُوْبِ بنِ الوَلِيْدِ بنِ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ الأَنْصَارِيّ، العَبَّادِيّ، المَحْبُوبِيّ، البُخَارِيّ، الحَنَفِيّ.
انْتَهَت إِلَيْهِ مَعْرِفَة المَذْهَبِ، وَكَانَ ذَا هَيْبَةٍ وَتعبُّدٍ.
تَفقَّه بِالعَلاَّمَة عِمَاد الدِّيْنِ عُمَر بن بَكْرٍ الزَّرَنْجَرِيّ، عَنْ أَبِيْهِ وَابْنِ مَازَة، كِلاَهُمَا عَنْ شَمْس الأَئِمَّة السَّرْخَسِيّ، عَنْ شَمْس الأَئِمَّة الحَلْوَائِيِّ، عَنِ الحُسَيْنِ بنِ الخَضِرِ النَّسَفِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الكُمَارِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الأُسْتَاذ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بنِ أَحْمَدَ بنِ حَفْصٍ البُخَارِيّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مُحَمَّد بنِ الحَسَنِ، عَنِ الإِمَامِ أَبِي حَنِيْفَةَ.
نَعَمْ، وَتَفَقَّهَ أَيْضاً بِفَخْرِ الدِّيْنِ حَسَنِ بنِ مَنْصُوْرٍ قَاضِي خَان، وَسَمِعَ مِنْهُ وَمِنْ أَبِي المُظَفَّرِ ابْنِ السَّمْعَانِيّ.
__________
(1) في الخامس والعشرين منه، كما ذكر المنذري في تكملته.
(2) ذكر المنذري أن مولده في الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة 544.
(*) كتب الذهبي ترجمته بورقة طيارة عند الورقة: 94 من " تاريخ الإسلام " (أيا صوفيا 3012) ، وانظر: العبر: 5 / 120، وشذرات الذهب: 5 / 137، وكتب طبقات الحنفية.(22/345)
تَفقه بِهِ خلق، وَسَمِعَ مِنْهُ: سَيْف الدِّيْنِ سَعِيْد بن مُطَهَّرٍ البَاخَرْزِيّ، وَشَرَف الدِّيْنِ مُحَمَّد بن مُحَمَّد العَدَوِيّ، وَجَمَال الدِّيْنِ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الحُسَيْنِيّ، وَالعَلاَّمَة حَافِظ الدِّيْنِ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بنِ نَصْر البُخَارِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تَرْجَمَه لَنَا الفَرَضِيُّ، وَقَالَ: مَاتَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
215 - القُمِّيُّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ *
الوَزِيْر الكَبِيْر، مُؤَيَّدُ الدِّيْنِ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الكَاتِب.
قَدِمَ بَغْدَادَ، وَصَحِبَ ابْنَ القَصَّابِ، ثُمَّ ابْن مَهْدِيٍّ، فَلَمَّا مَاتَ كَاتِبُ السِّرِّ ابْنُ زبَادَة رُتِّبَ القُمِّيّ مَكَانه، فَلَمْ يُغَيِّر زِيَّه؛ القَمِيْصَ وَالشَّربوشَ، عَلَى قَاعِدَة الْعَجم، ثُمَّ نَاب الوزَارَة، وَلَمْ يَزَلْ فِي ارْتقَاء، حَتَّى إِنَّ النَّاصِر كتب بِخَطِّهِ: القُمِّيّ نَائِبُنَا فِي البِلاَد وَالعبَادِ.
فَقُرِئَ ذَلِكَ عَاماً، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ الظَّاهِرُ، رَفَعَهُ، وَحكمه فِي العبَاد.
وَكَانَ كَاتِباً بَلِيْغاً، مُنشِئاً مُرتَجلاً، سَائِساً، وَقُوْراً، جَبَّاراً، شَدِيد الوَطْأَةِ.
نُكِبَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (1) ، وَسُجِنَ هُوَ وَابْنُهُ (2) ، فَهَلَكَا سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ.
__________
(*) مختصر التاريخ لظهير الدين الكازروني: 251، 257، 264، والكتاب المسمى بالحوادث الجامعة: 19، 20، 32، 33، والفخري لابن الطقطقي: 153، 326، وتاريخ الإسلام، الورقة: 100 (أيا صوفيا 3012) ، والوافي بالوفيات: 1 / 147.
(1) عزل بكرة السبت سابع عشر شوال سنة 629، على ما ذكره الظهير الكازروني.
(2) اسمه أحمد، وكان أحمد هذا قد أساء السيرة وتجبر وقطع الالسنة وسفك الدم الحرام ولم يكفه والده عن ذلك، فكان هو سبب النكبة.(22/346)
216 - ابْنُ نُقْطَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ أَبِي بَكْرٍ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، الحَافِظُ المُتْقِنُ، الرَّحَّالُ، مُعِيْنُ الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّد بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ بن أَبِي بَكْرٍ بنِ شُجَاعِ بنِ أَبِي نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
وُلِدَ: بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنَ الزُّهَّادِ، فَعُنِيَ أَبُو بَكْرٍ بِالحَدِيْثِ، وَجَمَعَ، وَأَلَّفَ.
سَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ بَوْشٍ، وَفَاتَهُ ابْنُ كُلَيْبٍ، ثُمَّ طَلَبَ (1) فِي سَنَةِ سِتِّ مائَةٍ وَبعدهَا.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ سُكَيْنَةَ، وَأَبِي الفَتْحِ المَنْدَائِيِّ، وَابْن طَبَرْزَدَ، وَعَبْد الرَّزَّاقِ الجِيْلِيّ، وَابْن الأَخْضَرِ، وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ القُبَّيْطِيّ، وَعِدَّة.
وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ: عفِيفَة الفَارفَانِيَة، وَزَاهِر الثَّقَفِيّ، وَالمُؤَيَّد بن الإِخْوَة، وَأَسَعْد بن رَوْحٍ، وَمَحْمُوْد بن أَحْمَدَ المُضَرِيّ، وَعَائِشَة بِنْت مُعَمَّر، وَعِدَّة.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: مَنْصُوْر الفُرَاوِيّ، وَالمُؤَيَّد الطُّوْسِيّ، وَزَيْنَب.
وَبِحَرَّانَ مِنْ: عَبْدِ القَادِرِ الحَافِظ.
وَبِدِمَشْقَ مِنَ: الكِنْدِيّ، وَابْن الحَرَسْتَانِيّ.
وَبِحَلَبَ مِنَ: الافْتِخَار الهَاشِمِيّ.
وَبِمِصْرَ مِنَ: الحُسَيْن بنِ أَبِي الفَخْرِ، وَعَبْدِ القوِيّ بن الجَبَّابِ.
وَبِالثَّغْرِ مِنْ: مُحَمَّد بنِ عِمَاد، وَبدَمَنْهُورَ، وَدُنَيْسَرَ، وَمَكَّة.
وَكَانَ ثِقَةً، حَسَنَ القِرَاءةِ، جَيِّدَ الكِتَابَةِ، مُتثبِّتاً فِيمَا يَقُولُه، لَهُ سَمت
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2374، ووفيات الأعيان: 4 / 392 - 393، وتلخيص ابن الفوطي: 5 / الترجمة 1508، والحوادث الجامعة (المنسوب خطأ) : 37، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 88 - 89 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 117، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1412 - 1414، والمشتبه،: 671، والوافي بالوفيات: 3 / 267 - 268، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 42، والبداية والنهاية: 13 / 133، والذيل لابن رجب: 1 / 182 - 184، والمستطرف: 2 / 199، والنجوم الزاهرة: 6 / 279، وشذرات الذهب: 5 / 133 - 134، والتاج المكلل للقنوجي: 129.
(1) يعني طلب العلم.(22/347)
وَوقَار، وَفِيْهِ وَرع وَصلاَح وَعِفَّةٌ وَقَنَاعَةٌ.
سُئِلَ عَنْهُ الضِّيَاءُ، فَقَالَ: حَافِظ، ديِّن ثِقَةٌ، ذُو مُروءة وَكَرَم.
وَقَالَ البِرْزَالِيُّ: ثِقَةٌ، دَيِّنٌ، مُفِيْدٌ.
قُلْتُ: أَخَذَ عَنْهُ: السَّيْف أَحْمَد ابْن المَجْدِ، وَالمُنْذِرِيّ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن مَنْصُوْرٍ الأَثَرِيّ، وَالشَّرَف حُسَيْن الإِرْبِلِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ عُمَرَ الحَاجِب، وَأَخُوْهُ؛ عُثْمَان، وَعِزُّ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَافِظِ، وَابْنه أَبُو مُوْسَى لَيْث، وَالشَّيْخ عِزّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيّ.
وَأَجَاز لِجَمَاعَة مِنْ مَشَايِخِنَا، مِنْهُم: فَاطِمَة بِنْت سُلَيْمَان.
وَصَنَّفَ كِتَاب (التَّقييد فِي مَعْرِفَة رُوَاة الكُتُب (1) وَالمسَانِيْد (2)) .
وَأَلَّفَ (مُسْتدركاً) عَلَى (الإِكمَال (3)) لابْنِ مَاكُوْلاَ يَدلّ عَلَى سَعَة مَعْرِفَتِه، قَالَ فِيْهِ فِي المُبَارَكِي: هُوَ سُلَيْمَان بن مُحَمَّد، سَمِعَ أَبَا شِهَابٍ الحَنَّاط، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الأَمِيْر: هُوَ سُلَيْمَان بن دَاوُدَ فَأَخْطَأَ، وَأَظُنُّ أَنَّهُ نَقَله مِنْ (تَارِيْخِ الخَطِيْبِ) ، فَإِنَّ الخَطِيْب ذَكَرَهُ فِي (تَارِيْخِهِ) عَلَى الوَهْمِ أَيْضاً، لَكِن ذَكَرَهُ عَلَى الصَّوَاب فِي تَرْجَمَةِ أَبِي شِهَابٍ عَبْدِ رَبِّهِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ فِي (الكُنَى) : أَبُو دَاوُدَ المُبَارَكُ سُلَيْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ كَنَّاهُ، وَسَمَّاهُ لَنَا عَبْد اللهِ بن مُحَمَّد الإِسْفَرَايِيْنِيّ، سَمِعَ أَبَا شِهَابٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ نُقْطَة: حَدَّثَ عَنِ المُبَارَك جَمَاعَةٌ، فَسَمّوا أَبَاهُ مُحَمَّداً، مِنْهُم خَلَفُ البَزَّار - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ - وَمُوْسَى بن هَارُوْنَ، وَعَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ، وَالمَعْمَرِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى، وَأَبُو يَعْلَى، وَأَحْمَد الصُّوْفِيّ.
__________
(1) المشهور: " السنن ".
(2) هو عندي ولم يحقق بعد: وقد أخذنا منه كثيرا.
(3) نسخة معروفة وعندنا منه غير نسخة.(22/348)
ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ أَوْرَدنَا لِكُلِّ رَجُل مِنْهُم حَدِيْثاً فِي كِتَابِنا الْمَوْسُوم بِـ (الْمُلْتَقط مِمَّا فِي كتب الخَطِيْبِ وَغَيْرِهِ مِنَ الوَهْمِ وَالغلط (1)) .
قُلْتُ: سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ نُقْطَة، فَقَالَ: هِيَ جَارِيَة عُرفنَا بِهَا، رَبَّت شُجَاعاً جَدَّنَا.
تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ: فِي الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ صَفَرٍ، سَنَة تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، كَهْلاً.
217 - الإِوَقِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ بنِ بَدَلٍ العَجَمِيُّ، الإِوَقِيُّ.
أَكْثَر عَنِ: الحَافِظ السِّلَفِيّ.
وَعَنْ: عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَسْكَرٍ، وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ الرَّحْبِيّ، وَمُشَرَّف بن المُؤَيَّدِ الهَمَذَانِيّ، وَالمُفَضَّل بن عَلِيٍّ المَقْدِسِيّ، وَأَقَامَ بِبَيْتِ المَقْدِس أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ صَاحِبَ مُجَاهِدَة وَأَحْوَال وَتَأَلُّه وَانقطَاع.
رَوَى عَنْهُ: الضِّيَاء، وَالبِرْزَالِيّ، وَالكَمَال ابْن الدُّخميسِيّ، وَالكَمَال العَدِيْمِيّ، وَابْنُه (2) أَبُو المَجْدِ، وَقَاضِي نَابُلُس مُحَمَّد بن مُحَمَّد بنِ صَاعِدٍ،
__________
(1) الظاهر لنا ان الامام الذهبي إنما أورد هذا المثال من كتاب ابن نقطة لسببين: الأول إظهار سعة علم الرحال في الرجال، وتتبعه للمصادر والروايات، والثاني لذكر تأليفه الآخر الذي رد فيه على كتب الخطيب وغيره في المشتبه.
(*) معجم البلدان: 1 / 408، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2447، وبغية الطلب لابن العديم، 4 / الورقة 157 - 159، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 92 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 119، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين، الورقة 36، وشذرات الذهب: 5 / 135.
(2) يعني ابن كمال الدين ابن العديم.(22/349)
وَرَضِيّ الدِّيْنِ أَبُو بَكْرٍ القُسَنْطِيْنِيّ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ.
وَالإِوَقِيُّ (1) - وَهُوَ بِكَسرِ الهمزَةِ -: مِنْ أَهْلِ إِوَه بُليدَة مِنْ أَعْمَالِ العَجَم بِقُرْبِ مَرَاغَةَ (2) ، وَأُدْخِلَتِ القَاف فِي النَّسَبِ بَدلاً مِنَ الهَاء.
قَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: سَأَلتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البِرْزَالِيّ عَنْهُ، فَقَالَ:
هُوَ زَاهِد أَهْل زَمَانِهِ، كَثِيْر التِّلاَوَة وَالعِبَادَة وَالاجْتِهَاد، مُعرِض عَنِ الدُّنْيَا، صَلِيب فِي دِيْنِهِ.
قُلْتُ: كَانَ لَهُ أُصُوْل يُحَدِّث مِنْهَا، وَلَهُ فَهْم وَمَعْرِفَة يَسِيْرَة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَاكِمُ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بنُ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَاضِي إِمْلاَءً سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ العَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ عُبَيْدٍ الكُوْفِيّ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً (3)) .
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
(1) في الأصل: " توفي الاوقي " ولا معنى لقوله هنا " توفي " لأنه لم يذكر وفاته في هذا وسيذكرها في آخر الترجمة، وهو سبق قلم من المؤلف - رحمه الله - تأتي في نقله السريع من " تاريخ الإسلام " حيث قال في آخر ترجمته هناك " توفي الاوقي - بكسر الهمزة - في عاشر صفر ".
ولو أنه لم يذكر وفاته في آخر الترجمة لا بقينا النص كما في " تاريخ الإسلام ".
(2) صرح المؤلف في تاريخ الإسلام أن الذي قال ذلك هو الحافظ عبد القادر الرهاوي.
(3) قال شعيب: صالح بن موسى هو ابن إسحاق بن طلحة التيمي الكوفي، قال الحافظ في " التقريب ": متروك وأخرجه الخطيب في " تاريخه " 4 / 54 و8 / 18 و14 / 49 من طرق عن هشام بن عروة بهذا الإسناد وأخرجه البزار (2101) و2102) من طريقين، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، وأخرجه أيضا (2103) من طريق علي بن حرب الموصلي، عن عبد الله ابن إدريس، عن هشام عن أبيه، عن عائشة، وأورده الهيثمي في " المجمع " 8 / 123، وزاد نسبته للطبراني في " الأوسط " وقال: وأجد أسانيد البزار رجاله رجال الصحيح غير علي بن حرب الموصلي، وهو ثقة.(22/350)
218 - ابْنُ بَاقَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الأَمِيْن، المُرْتَضَى، المُسْنِدُ، صَفِيّ الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيْزِ ابنُ أَبِي الفَتْحِ أَحْمَد بن عُمَرَ بنِ سَالِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَاقَا البَغْدَادِيّ، السِّيْبِيُّ (1) الأَصْل، الحَنْبَلِيّ، التَّاجِر، السَّفَّار، نَزِيْلُ مِصْر.
وُلِدَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيّ عِدَّة كُتبٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ النَّقُّوْرِ، وَعَلِيّ بن عَسَاكِرَ البَطَائِحِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ أَبِي سَعْدٍ، وَيَحْيَى بنِ ثَابِتٍ، وَعَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَشَهِدَ عِنْد القُضَاة، وَكَانَ تَالياً لِكِتَابِ اللهِ، صَدُوْقاً، جَلِيْلاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نُقْطَة، وَالمُنْذِرِيّ، وَالرَّشِيْد عُمَر الفَارُوْقِي، وَدَاوُد بن عَبْدِ القوِيّ، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ المَيْدُوْمِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ المُنْعِمِ الخِيَمِيّ، وَأَخُوْهُ؛ إِسْمَاعِيْل، وَالخَطِيْب عَلِيّ بن نَصْرٍ اللهِ الصَّوَّاف، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ شِهَابٍ المُؤَدِّب، وَأَخُوْهُ؛ عِيْسَى، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ القوِيّ بنِ عَزُّوْنَ، وَمُحَمَّد بن صَالِحٍ الجُهَنِيّ، وَغَازِي المَشْطُوْبِيّ، وَأَحْمَد ابْنُ الأَغْلاَقِيِّ، وَإِسْحَاق بن دِرْبَاسٍ، وَوَهْبَان بن عَلِيٍّ المُؤَذِّن، وَجِبْرِيْل بن الخَطَّابِ، وَجَعْفَر بن مُحَمَّد الإِدْرِيْسِيّ، وَالبَهَاء عَلِيّ بنِ القَيِّمِ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: القَاضِي تَقِيّ الدِّيْنِ سُلَيْمَان.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2486، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 93 - 94 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 119، والذيل لابن رجب: 2 / 187، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 200، وشذرات الذهب: 5 / 135 - 136.
(1) منسوب إلى " السيب " قرية كانت من سواد بغداد.(22/351)
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَتَبتُ بِخَطِّي عَنْهُ (سُنَنَ ابْنِ مَاجَه) ، وَكَانَ صَدُوْقاً جَلِيْلاً، قرَأَ فِي الفِقْه عَلَى أَبِي الفَتْحِ ابْنِ المَنِّيِّ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فُجَاءةً، فِي تَاسِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
219 - ابْنُ الجَوْزِيِّ عَلِيُّ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيٍّ البَكْرِيُّ *
الشَّيْخُ الفَاضِلُ، المُسْنِدُ، بَدْرُ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ ابْنُ الشَّيْخِ الإِمَامِ أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ ابْنِ الجَوْزِيِّ البَكْرِيُّ، البَغْدَادِيُّ، النَّاسخُ.
وُلِدَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ ابنِ البَطِّيِّ، وَيَحْيَى بنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ المُقَرَّبِ، وَالوَزِيْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، وَشُهْدَةَ.
وَعَمِلَ الوعظَ وَقتاً، ثُمَّ تَركَ، وَكَانَ كَثِيْرَ النَّوَادرِ، حُلوَ الدُّعَابَةِ، لَزِمَ البَطَالَةَ وَالنَّذَالَةَ مُدَّةً، ثُمَّ لَزِمَ النَّسْخَ وَلَيْسَ خَطُّهُ جَيِّداً، وَكَانَ مُتَعَفِّفاً، يَخدُمُ نَفْسَهُ، وَيَنَالُ مِنْ أَبِيْهِ، وَرُبَّمَا غلَّ (1) مِنْ كُتُبِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: السَّيْفُ، وَالعِزُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الحَافِظُ (2) ، وَالتَّقِيُّ ابْنُ
__________
(*) التقييد لابن نقطة، الورقة: 181، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة 144 (كيمبرج) ،
ومرآة الزمان: 8 / 678 - 679، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2489، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 95 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 120، والمختصر المحتاج إليه، الورقة 96، والوافي بالوفيات، 12 / الورقة 94، والبداية والنهاية: 13 / 136، وشذرات الذهب: 5 / 137.
(1) أي: سرق.
(2) يعني: عز الدين عبد الرحمان بن محمد بن عبد الغني المقدسي.(22/352)
الوَاسِطِيِّ، وَالكَمَالُ عَلِيُّ بنُ وَضَّاحٍ، وَأَبُو الفَرَجِ ابْنُ الزَّيْنِ، وَأَبُو العَبَّاسِ الفَارُوْثِيُّ، وَشَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ هُبَيْرَةَ نَزِيْلُ بِلْبِيْسَ، وَبِالإِجَازَةِ أَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ (1) : هُوَ صَحِيْحُ السَّمَاعِ ثِقَةٌ، كَثِيْرُ المَحْفُوْظِ، حَسَنُ الإِيرَادِ، سَمِعَ (صَحِيْحَ الإِسْمَاعِيْلِيِّ) مِنْ يَحْيَى بنِ ثَابِتٍ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: وَعظَ فِي صِبَاهُ، وَكَانَ كَثِيْرَ المَيْلِ إِلَى اللَّهْوِ وَالخَلاَعَةِ، فَتركَ الوعظَ، وَاشْتَغَلَ بِمَا لاَ يَجوزُ، وَصَاحَبَ المُفسدِينَ، سَمِعْتُ أَبَاهُ يَقُوْلُ: إِنِّيْ لأَدْعُو عَلَيْهِ كُلَّ لَيْلَةٍ وَقتَ السَّحَرِ، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى طَرِيقتِهِ إِلَى آخرِ عُمُرِهِ، وَكَانَ لاَ يقبلُ صِلَةً، وَيَكْتُبُ فِي اليَوْمِ عَشْرَةَ كَرَارِيْسَ، وَهُوَ قَلِيْلُ المَعْرِفَةِ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي سَلْخِ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
220 - ابْنُ الأَثِيْرِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الأَدِيْبُ، النَّسَّابَةُ، عِزُّ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ
__________
(1) التقييد، الورقة 181.
(*) معجم البلدان: 2 / 79، وإكمال الإكمال لابن نقطة، الورقة 8 (ظاهرية) ، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة 160 (كيمبرج) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2484، وذيل الروضتين لأبي شامة: 162، ووفيات الأعيان: 3 / 348 - 350، وتلخيص ابن الفوطي: 4 / الترجمة 337، والحوادث الجامعة: 88، ومختصر أبي الفداء: 3 / 161، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 95 - 96 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 120 - 121، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1399 - 1400، ودول الإسلام: 2 / 102، والوافي بالوفيات، 12 / الورقة 188 - 189، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 33، وطبقات السبكي: 5 / 127، وطبقات الاسنوي، الورقة 24، والبداية والنهاية: 13 / 139، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 166 - 187، ونزهة الانام =(22/353)
عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الجَزَرِيُّ، الشَّيْبَانِيُّ، ابْنُ الشَّيْخِ الأَثِيْرِ أَبِي الكَرَمِ، مُصَنِّفِ التَّارِيْخِ الكَبِيْرِ المُلَقَّبِ بِـ (الكَامِلِ) ، وَمُصَنِّفِ كِتَابِ (مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ (1)) .
مَوْلِدُهُ: بِجَزِيْرَةِ ابْنِ عُمَرَ، فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، وَنَشَأَ هُوَ بِهَا، وَأَخَوَاهُ العَلاَّمَةُ مَجْدُ الدِّيْنِ وَالوَزِيْرُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ بِهِم أَبُوْهُم إِلَى المَوْصِلِ، فَسَمِعُوا بِهَا، وَاشْتَغَلُوا، وَبَرَعُوا، وَسَادُوا.
سَمِعَ مِنَ: الخَطِيْبِ أَبِي الفَضْلِ الطُّوْسِيِّ، وَيَحْيَى بنِ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَمُسْلِمِ بنِ عَلِيٍّ السِّيْحِيِّ، وَبِبَغْدَادَ لَمَّا قدِمَهَا رَسُوْلاً مِنْ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَيَعِيْشَ بنِ صَدَقَةَ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ سُكَيْنَةَ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ صَصْرَى، وَزَينِ الأُمَنَاءِ.
وَكَانَ إِمَاماً، عَلاَّمَةً، أَخْبَارِيّاً، أَديباً، مُتَفَنِّناً، رَئِيْساً، مُحْتَشِماً، كَانَ مَنْزِلُهُ مَأْوَى طَلَبَةِ العِلْمِ، وَلَقَدْ أَقْبَلَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ عَلَى الحَدِيْثِ إِقبالاً تَامّاً، وَسَمِعَ العَالِي وَالنَّازلَ.
وَمِنْ تَصَانِيْفِهِ: (تَارِيخُ المَوْصِلِ) وَلَمْ يُتِمَّهُ، وَاختَصَرَ (الأَنسَابَ) لِلسمِعَانِيِّ، وَهَذَّبَهُ.
وَقَدِمَ الشَّامَ رَسُوْلاً، فَحَدَّثَ بِدِمَشْقَ وَبِحَلَبَ.
__________
= لابن دقماق، الورقة 5، والألقاب لابن حجر، الورقة 3، والنجوم الزاهرة: 6 / 281 - 282، وشذرات الذهب: 5 / 137، وديوان ابن الغزي، الورقة 12، وطبقات الزيله لي، الورقة 198 - 199، والتعليقات للكنوي: 14، والتاج المكلل: 93، والرسالة المستطرفة: 125، وغيرها كثير.
(1) المعروف بأسد الغابة في معرفة الصحابة.
(2) وفيات الأعيان: 3 / 349 بتصرف.(22/354)
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ بَيْتُهُ بِالمَوْصِلِ مَجْمَعَ الفُضَلاَءِ، اجْتَمَعْتُ بِهِ بِحَلَبَ، فَوَجَدتُهُ مُكَمَّلاً فِي الفَضَائِلِ وَالتَّوَاضُعِ وَكرَمِ الأَخْلاَقِ، فَتردَّدْتُ إِلَيْهِ، وَكَانَ الخَادِمُ أَتَابَك طُغْرِل قَدْ أَكرمَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ بِحَلَبَ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَالقُوْصِيُّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَأَبُوْهُ فِي (تَارِيخِ حَلَبَ) ، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ بنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو سَعِيْدٍ القضَائِيُّ (1) .
وَكَانَ يَكتبُ اسْمَهُ كَثِيْراً: عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ المُنْذِرِيُّ، وَالقُوْصِيُّ، وَابْنُ الحَاجِبِ، وَشيخُنَا ابْنُ الظَّاهِرِيِّ فِي تَخرِيجِهِ لابْنِ العَدِيْمِ، وَإِنَّمَا هُوَ - بِلاَ رَيْبٍ - عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ كَمَا هُوَ فِي نسبِ أَخَوَيْهِ وَابْنِ أَخِيْهِ شَرَفِ الدِّيْنِ، وَكَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ، وَابْنُ السَّاعِي، وَشَمْسُ الدِّيْنِ يُوْسُفُ ابْنُ الجَوْزِيِّ (2) .
فَأَمَّا الجَزِيْرَةُ المَذْكُوْرَةُ فَهِيَ مدينَةٌ بَنَاهَا ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ الأَمِيْرُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عُمَرَ البَرْقَعِيدِيُّ.
قَالَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ، وَقَالَ أَيْضاً: رَأَيْتُ فِي (تَارِيخِ ابْنِ المُسْتوفِي (3)) فِي تَرْجَمَةِ أَبِي السَّعَادَاتِ المُبَارَكِ ابنِ الأَثِيْرِ -يَعْنِي: مَجْدَ الدِّيْنِ- أَنَّهُ مِنْ جَزِيْرَةِ أَوسٍ وَكَامِلٍ ابْنَيْ عُمَرَ بنِ أَوْسٍ التَّغْلِبِيِّ.
وَقِيْلَ: بَلْ هِيَ مَنْسُوْبَةٌ إِلَى أَمِيْرِ العِرَاقِ يُوْسُفَ بنِ عُمَرَ الثَّقَفِيِّ - فَاللهُ أَعْلَمُ -.
قَالَ القَاضِي سَعْدُ الدِّيْنِ الحَارِثِيُّ: تُوُفِّيَ عِزُّ الدِّيْنِ فِي الخَامِسِ
__________
(1) في الأصل: " العضائي " مصحف، هو أبو سعيد سنقر القضائي شيخ الذهبي.
(2) هو يوسف بن قزأوغلي - أو قزغلي - بن عبد الله أبو المظفر شمس الدين، سبط أبي الفرج الجوزي، المتوفي سنة 654 هـ.
(3) يعني: تاريخ إربل، المعروف بنباهة البلد الخامل بمن ورده من الاماثل، الذي حقق مجلده الثاني صديقنا الدكتور سامي الصقار العراقي نزيل السعودية.(22/355)
وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابنُ الجَوْهَرِيِّ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ مِنَ السَّنَةِ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ، وَابْنُ خَلِّكَانَ، وَأَبُو المُظَفَّرِ سِبْطُ الجَوْزِيِّ، وَابْنُ السَّاعِي، وَابْنُ الظَّاهِرِيِّ: مَاتَ فِي شَعْبَانَ، لَمْ يُعَيِّنُوا اليَوْمَ، وَقَدْ عَيَّنَهُ الحَارِثِيُّ.
وَقَدْ رَأَيْتُ أَنَا خطَّهُ تَصْحِيْحاً عَلَى طَبَقَةِ سَمَاعٍ تَارِيخُهَا فِي نِصْفِ شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: بَهَاءُ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي اليُسْرِ شَاكِرٍِ التَّنُوْخِيُّ الفَقِيْهُ الكَاتِبُ، وَالحَسَنُ ابْنُ الأَمِيْرِ السَّيِّدِ عَلِيِّ بنِ المُرْتَضَى العَلَوِيُّ، وَالمُحَدِّثُ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَاجِبِ الأَمِينِيُّ، وَصَاحِبُ إِرْبِلَ مُظَفَّرُ الدِّيْنِ، وَالكَاتِبُ الشَّاعِرُ شَرَفُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرِ اللهِ بنِ عُنَيْنٍ، وَالفَقِيْهُ المُعَافَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي السِّنَانِ المَوْصِلِيُّ، وَالظَّهِيْرُ يَحْيَى بنُ جَعْفَرٍ ابْن الدَّامَغَانِيِّ، وَيُوْنُسُ بنُ سَعِيْدِ بنِ مُسَافِرٍ القَطَّانُ.
221 - ابْنُ بَاتكينَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الجَوْهَرِيُّ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، المُسْنِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ بَاتكينَ الجَوْهَرِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ (1) .
وَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ بنِ هِلاَلٍ، وَأَبِي المَعَالِي عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيِّ،
__________
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 147 (باريس 5921) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2554، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 106 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 123 - 124، والنجوم الزاهرة: 6 / 286، وشذرات الذهب: 5 / 144.
(1) في الثاني عشر من ذي الحجة، على ما ذكره المنذري في " التكملة ".(22/356)
وَأَبِي الفَتْحِ ابنِ البَطِّيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ المُقَرَّبِ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ الجَوْهَرِيِّ، وَعُمَرُ بنُ الحَاجِبِ، وَعِزُّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَجَمَاعَةٌ.
وَأَجَازَ: لِلْفَخْرِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ ابْنِ الشِّيْرَازِيِّ، وَغَيْرِهِم.
وَمِنْ مَسْمُوْعه (المَغَازِي) لِمُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، وَ (المَغَازِي) لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمِعْتُ مِنْهُ، وَسَمَاعُه صَحِيْحٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ ثِقَةٌ، صَالِحٌ.
مَاتَ: فِي الرَّابِعِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
222 - ابْنُ الزَّبِيْدِيِّ الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّبَعِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ الكَبِيْرُ، مُسْنِدُ الشَّام، سِرَاجُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ ابنُ أَبِي بَكْرٍ المُبَارَكِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مُسْلِمٍ الرَّبَعِيُّ،
__________
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 199 (باريس 5921) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2512، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 108 - 109 (أياصوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 124، والمختصر المحتاج إليه: 2 / 44 - 45، ودول الإسلام: 2 / 103، والوافي بالوفيات: 11 / الورقة 105، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 61، والجواهر المضية، 1 / 216، وقد ظنه حنفيا وهو مخطئ، وتابعه في ذلك التميمي في الطبقات السنية، 1 / الورقة 864، والذيل لابن رجب: 2 / 188 - 189، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 158، والنجوم الزاهرة: 6 / 286، وشذرات الذهب: 5 / 144.(22/357)
الزَّبِيْدِيُّ الأَصْلِ، البَغْدَادِيّ، البَابْصرِيّ، الحَنْبَلِيّ، مُدَرِّس مَدْرَسَة الوَزِيْر عَوْن الدِّيْنِ ابْن هُبَيْرَةَ.
وُلِدَ: سَنَةَ (1) خَمْسٍ - أَوْ سَنَةَ سِتٍّ - وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) .
وَسَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ، وَأَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ، وَأَبِي الفُتُوْحِ الطَّائِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ زَيْدٍ الحَمَوِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ الغَرْنَاطِيِّ.
وَأَجَاز لَهُ: أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ الخَرَّازُ.
وَرَوَى: بِبَغْدَادَ، وَدِمَشْق، وَحَلَبَ.
وَكَانَ إِمَاماً دَيِّناً، خَيِّراً، مُتَوَاضِعاً، صَادِقاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْن الدُّبَيْثِيِّ، وَالضِّيَاء، وَالبِرْزَالِيّ، وَسَالِم بن ركَاب، وَنَصْر بن عُبَيْدٍ، وَابْن أَبِي عُمَرَ، وَالشِّهَاب ابْن الخرزِيّ، وَالشَّيْخ إِبْرَاهِيْم الأُرْمَوِيّ، وَالمَلِكُ الحَافِظُ مُحَمَّدٌ الأَيُّوْبِيُّ، وَالشَّيْخ تَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ، وَالخَطِيْبانِ: مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ الحَرَسْتَانِيِّ وَابْنُ عَبْدِ الكَافِي، وَالمَجْدُ بنُ المهتَار، وَالفَخْر الكَرَجِيُّ، وَبَدْرٌ الأَتَابَكيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيُّ، وَالكَمَال بن قوَام، وَالعزُّ ابْن الفَرَّاءِ، وَالعِمَاد ابْن السّقَارِيّ، وَالشَّرَف ابْن عَسَاكِرَ، وَالعِمَاد بن سَعْدٍ، وَعَلِيّ وَعُمَر وَأَبُو بَكْرٍ؛ بَنُو ابْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالشَّمْسُ بنُ حَازِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي الذِّكْرِ، وَمُحَمَّد بنُ قَايْمَازَ، وَمُحَمَّدُ بنُ الطُّبَيْلِ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّد الثَّعْلَبِيّ، وَالشِّهَاب بنُ مُشَرِّفٍ، وَرَشِيْدُ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ المُعَلِّمِ، وَالشِّهَابُ أَحْمَدُ بنُ الشِّحْنَةِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ الإِسْعَرْدِيِّ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ جَوْهَرٍ، وَهَدِيَّةُ بِنْتُ
__________
(1) قال المنذري: " مولده سنة ست وأربعين أو سبع أو ثمان وأربعين وخمس مئة على شك منه ".(22/358)
عَسْكَرٍ، وَسِتُّ الوُزَرَاءِ بِنْتُ المُنَجَّى، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ ابْنِ المَجْدِ، قَالَ: بَقِيَ فِي نَفْسِي عِنْد سَفَرِي مِنْ بَغْدَادَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ أَنَّنِي أَقدِمُ بِلاَ شَيْخٍ يَرْوِي (صَحِيْح البُخَارِيِّ) ... ، ثُمَّ إِنَّهُ ذَكَرَ قِصَّةَ ابْنِ رُوْزْبَةَ، وَأَنَّهُ سَفَّرَهُ سَنَة 626، وَأَعْطَوْهُ خَمْسِيْنَ دِيْنَاراً مِنْ عِنْد الْملك الصَّالِح، فَلَمَّا وَصلَ إِلَى رَأْسِ عَيْنٍ، أَرغبُوهُ، فَقعدَ، وَحدَّثَهُم بِـ (الصَّحِيْحِ) ، ثُمَّ أَرغبوهُ فِي حَرَّانَ، فَرَوَاهُ لَهُم، ثُمَّ بِحَلَبَ كَذَلِكَ، وَخوَّفُوهُ مِنْ حِصَار دِمَشْق، فَرَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ.
قَالَ: فَأَتَيْتُه وَقَدْ ذَاق الكَسْبَ، فَاشتَطَّ، وَاشترطَ أُمُوْراً، فَكَلَّمْنَا ابْنَ القَطِيْعِيِّ (1) ، فَاشترطَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَمضيتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ ابْنِ الزَّبِيْدِيِّ، وَأَنَا لاَ أَطمعُ بِهِ، فَقَالَ: نَستخيرُ اللهَ.
ثُمَّ قَالَ: لاَ تُعْلِمْ أَحَداً.
وَحَرَّضَهُ عَلَى التَّوَجُّهِ ابْنُهُ عُمَرُ، وَكَانَ عَلَى الشَّيْخ دَينٌ نَحْوُ سَبْعِيْنَ دِيْنَاراً، فَرَافقنَاهُ، فَكَانَ خَفِيفَ المَؤُوْنَةِ، كَثِيْرَ الاحْتِمَال، حَسَن الصُّحْبَةِ، كَثِيْرَ الذِّكْرِ، فَنِعْمَ الصَّاحِبُ كَانَ.
قُلْتُ: فَرِحَ الأَشْرَفُ صَاحِبُ دِمَشْقَ بِقُدُوْمِهِ، وَأَخَذَه إِلَى عِنْدِهِ فِي أَثْنَاء رَمَضَانَ مِنَ العَامِ، وَسَمِعَ مِنْهُ (الصَّحِيْح) فِي أَيَّامِ مَعْدُوْدَةٍ، وَأَنْزَله إِلَى دَار الحَدِيْث، وَقَدْ فُتحت مِنْ نَحْو شَهْر، فَحشدَ النَّاس وَازْدَحَمُوا، وَسَمِعُوا الكِتَاب، ثُمَّ أَخَذَه أَهْل الْجَبَل، وَسَمِعُوا مِنْهُ الكِتَاب وَ (مُسْنَد الشَّافِعِيِّ) ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَرَدَّ إِلَى بَلَده، فَقَدِمَ مُتَعَلِّلاً، وَتُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ فِي الثَّالِثِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ صَفَرٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
223 - العُلْبِيُّ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بنُ عَلِيِّ بنِ حَسَّانٍ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ الكَبِيْرُ، أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بن عَلِيِّ بنِ حَسَّانِ بنِ عَلِيِّ بنِ
__________
(1) أبو الحسن صاحب تاريخ بغداد وشيخ الحديث بالمستنصرية.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2514، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 109، =(22/359)
حُسَيْنٍ البَغْدَادِيُّ، السَّقْلاَطُوْنِيُّ، الحَرِيْمِيُّ، ابْن العُلْبِيِّ الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَأَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ، وَأَبِي المَعَالِي ابْنِ اللَّحَّاسِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْن النَّجَّارِ، وَابْنُ المَجْدِ، وَأَبُو المُظَفَّرِ ابْنُ النَّابُلُسِيِّ، وَالمَجْدُ عَبْدُ العَزِيْزِ الخَلِيْلِيّ، وَالتَّقِيّ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَالشَّمْسُ ابْنُ الزَّيْنِ، وَالعِمَادُ إِسْمَاعِيْل ابْن الطَّبَّالِ، وَالشِّهَابُ الأَبَرْقُوْهِيّ، وَطَائِفَةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: الفَخْر ابْن عَسَاكِرَ، وَالقَاضِي تَقِيّ الدِّيْنِ الحَنْبَلِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْن الشِّيْرَازِيِّ.
وَكَانَ مِنْ صُوْفِيَّةِ رِبَاطِ الشَّيْخِ أَبِي النَّجِيْبِ، وَكَانَ سَاكِتاً، لاَ يَكَاد يَتَكَلَّم إِلاَّ جَوَاباً.
قَرَأْتُ (1) بِخَطِّ ابْنِ المَجْدِ، قَالَ: رَأَيْتُ اسْمَهُ قَدْ أُلْحِقَ فِي طَبَقَةِ (مُسْنَدِ عَبْدٍ) ، وَقَدْ كَانَ فِي الآخَرِ يَطلبُ عَلَى السَّمَاع أَجراً، وَيُصرِّح بِهِ، فَسَمِعَ عَلَيْهِ جَمَاعَة كِتَابَ (الدَّارِمِيّ) ، وَكِتَاب (ذَمِّ الكَلاَمِ) ، وَعِنْد إِنْهَائِهِ قَالُوا: قَدْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَى غَدٍ وَنُعْطِيَكَ.
ثُمَّ لَمْ يَعُوْدُوا إِلَيْهِ! فَكَانَ يَشتمهُم، وَيَنَال مِنْهُم.
قُلْتُ: مَاتَ فِي أَوَّلِ شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَمِنْ مَسْمُوْعِهِ (المائَةُ الشُّرَيْحِيَّةُ) وَالثَّانِي مِنْ حَدِيْثِ مَجَّاعَة، سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ اللَّحَّاس.
__________
= والعبر: 5 / 124، والمختصر المحتاج إليه: 2 / 73 - 74، والنجوم الزاهرة: 6 / 286، وشذرات الذهب: 5 / 144.
(1) في الأصل: " قرأ ".(22/360)
224 - هُمَامُ بنُ رَاجِي اللهِ بنِ سَرَايَا بنِ فُتُوْحٍ العَسْقَلاَنِيُّ *
المُحَدِّثُ، الفَقِيْهُ، جَلاَل الدِّيْنِ، أَبُو العزَائِم العَسْقَلاَنِيّ، ثُمَّ المِصْرِيّ، الشَّافِعِيّ، النَّحْوِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ، بِصَعِيدِ مِصْرَ.
وَتَأَدب: بِابْنِ بَرِّيٍّ، وَقرَأَ عِلمَ الأَصْلَيْنِ عَلَى: ظَافِرِ بنِ الحُسَيْنِ، وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى: ابْنِ فَضْلاَنَ، وَمَحْمُوْدِ بنِ المُبَارَكِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي سَعْدٍ بنِ حمويَه، وَابْن كُلَيْبٍ، وَدرس، وَأَفتَى، وَاشْتُهِرَ.
رَوَى عَنْهُ: الزَّكِيّ المُنْذِرِيّ، وَابْن النَّجَّارِ، وَالأَبَرْقُوْهِيّ، وَغَيْرهُم.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَابْنُهُ:
225 - عَلِيُّ بنُ هُمَامِ بنِ رَاجِي اللهِ بنِ سَرَايَا العَسْقَلاَنِيُّ *
هُوَ: الشَّيْخُ نُوْر الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ هُمَامٍ، إِمَام جَامِع الصَّالِحِ بنِ رُزِّيْكٍ بِالشَّارعِ، مِنْ أَعْيَانِ العُلَمَاء.
وَحَفِيْدُهُ:
226 - مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ هُمَامِ بنِ رَاجِي اللهِ العَسْقَلاَنِيُّ *
هُوَ: العَلاَّمَةُ، تَاج الدِّيْنِ، مُحَمَّد بن عَلِيٍّ.
حَدَّثَ عَنِ: النَّجِيْب الحَرَّانِيّ.
أَخَذَ عَنْهُ: القُطْب، وَغَيْرهُ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَتُوُفِّيَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَسَبْعِ مائَةٍ.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2457، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 102 (أيا صوفيا 3012) ، وطبقات السبكي: 5 / 164 - 165 (= 8 / 392 - 393 في طبعة الطناحي) ، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 173، وحسن المحاضرة: 1 / 192.(22/361)
وَنَافِلَتُهُ:
227 - مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ هُمَامٍ العَسْقَلاَنِيُّ *
هُوَ: الإِمَامُ البَارِعُ، تَقِيّ الدِّيْنِ، مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ؛ مُصَنِّفُ كِتَابِ (سِلاَحِ المُؤْمِنِ فِي الدُّعَاءِ) ، كَهْلٌ، يَؤُمُّ - كَأَبِيْهِ - بِالجَامِعِ المَذْكُوْرِ.
حَدَّثَ عَنِ: الأَبَرْقُوْهِيِّ، وَغَيْرِهِ، وَهُوَ بَاقٍ (1) .
228 - المَازِنِيُّ أَبُو الغَنَائِمِ المُسَلَّمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الغَنَائِمِ المُسَلَّمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ المَازِنِيُّ، النَّصِيْبِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، وَيَعْرِف فِي وَقْتِهِ: بِخَطِيْب الكتَانِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (2) .
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الحَسَنِ الدَّارَانِيِّ، وَالصَّائِنِ هِبَةِ اللهِ، وَأَخِيْهِ؛ الحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ.
وَسَمِعَ بِالثَّغْرِ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ - فِيْمَا ذُكِرَ -.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيّ، وَالضِّيَاء، وَالقُوْصِيّ، وَأَبُو المُظَفَّرِ ابْن النَّابُلُسِيّ، وَأَبُو حَامِدٍ ابْن الصَّابُوْنِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ ابْن عَسَاكِرَ، وَالخَضِرُ بن عَبْدَان، وَمُحَمَّد بن يُوْسُفَ الذَّهَبِيّ، وَفَاطِمَة بِنْت سُلَيْمَان، وَالشَّيْخ عَلِيّ بن
__________
(1) توفي في ربيع الأول سنة 745، وله ترجمة في طبقات الاسنوي: 2 / 146، ووفيات ابن رافع (الترجمة: 402) ، وغاية النهاية: 2 / 245، والسلوك: 2 / 3 / 699، وتاريخ ابن قاضي شهبة: 1 / الورقة: 70، وطبقات الشافعية له، الورقة: 118، والدرر الكامنة: 4 / 323 - 324، والنجوم الزاهرة: 10 / 146، وشذرات الذهب: 6 / 144.
وكتاب الذهبي ومنهجه: 243، وقد اختصر الذهبي كتابه " سلاح المؤمن " في سنة نيف وثلاثين وسبع مئة، ولم نقف على مختصر الذهبي هذا.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2520، وتكملة ابن الصابوني: 298، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 116، والعبر: 5 / 126، والنجوم الزاهرة: 6 / 287، وشذرات الذهب: 5 / 147.
(2) في المحرم منها، كما ذكر المنذري.(22/362)
هَارُوْنَ، وَعِدَّة.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِي الحَنْبَلِيّ، وَالفَخْر ابْن عَسَاكِرَ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْن الشِّيْرَازِيّ المِزِّيّ.
وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ يَخدمُ فِي المَكْسِ، ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ، وَحَسُنَتْ حَالُهُ، وَلَزِمَ البَيْت وَالجَامِعَ، وَبَاع ملكه، وَافتقر.
حَدَّثَ بِالكَثِيْرِ.
وَقَدْ سَمِعَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَتَفَرَّد.
تُوُفِّيَ: فِي الثَّامن وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
229 - ابْنُ عُنَيْنٍ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرِ اللهِ بنِ مَكَارِمَ الأَنْصَارِيُّ *
الصَّاحب، الرَّئِيْس، الأَدِيْب، شَاعِر وَقته، شَرَف الدِّيْنِ مُحَمَّد بن نَصْرِ اللهِ بن مَكَارِمَ بن حَسَنِ بنِ عُنَيْنٍ الأَنْصَارِيّ، الدِّمَشْقِيّ، الزُّرَعِيُّ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ (1) وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَسَمِعَ: مِنَ الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، وَكَانَ مِنْ فُحُوْل الشُّعَرَاء، وَلا سِيمَا فِي الهَجْوِ، وَكَانَ علاَمَةً يَسْتَحضِرُ (الجَمْهَرَة) .
وَقَدْ دَخَلَ إِلَى العَجَمِ وَاليَمَن، وَمدح المُلُوْك، وَكَانَ قَلِيْلَ الدِّينِ.
__________
(*) إرشاد الاريب: 7 / 121، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة 152 (باريس 5921) ، ومرآة الزمان: 8 / 696 - 698، وعقود الجمان لابن الشعار، 6 / الورقة 100 - 114، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2454، ووفيات الأعيان: 5 / 14 - 19، والحوادث الجامعة: 51 - 52، ومختصر أبي الفداء: 3 / 165 - 166، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة: 100 - 101 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 122 - 123، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 151، والوافي بالوفيات (المحمدون) ، الورقة 95 - 97، والبداية والنهاية: 13 / 137 - 138، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة 6 - 7، الفلاكة والمفلكون: 94، ولسان الميزان: 4 / 405، والنجوم الزاهرة: 6 / 82 و93 - 95، والمعزة لابن طولون: 24، وشذرات الذهب: 5 / 140 - 143.
(1) ذكره سبط ابن الجوزي وأبوالفدا في وفيات سنة 633.(22/363)
230 - السَّيْفُ عَلِيُّ بنُ أَبِي عَلِيٍّ بنِ مُحَمَّدٍ التَّغْلِبِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُصَنِّفُ، فَارِسُ الكَلاَمِ، سَيْفُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ أَبِي عَلِيٍّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَالِمٍ التَّغْلِبِيُّ، الآمِدِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، ثُمَّ الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقرَأَ بِآمِدَ القِرَاءاتِ عَلَى: عَمَّارٍ الآمِدِيِّ، وَمُحَمَّدٍ الصَّفَّارِ.
وَتَلاَ بِبَغْدَادَ عَلَى: ابْنِ عَبِيْدَةَ.
وَحَفِظَ (الهِدَايَةَ) ، وَتَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ المَنِّيِّ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ شَاتيل، وَغَيْرِهِ، ثُمَّ صَحِبَ ابْن فَضْلاَنَ، وَاشْتَغَل عَلَيْهِ فِي الخلاَف.
وَبَرَعَ، وَحَفِظَ طَرِيقَةَ الشَّرِيْفِ، وَنظرَ فِي طَرِيقَةِ أَسْعَدَ المِيْهَنِيِّ، وَتَفنَّنَ فِي حِكْمَةِ الأَوَائِلِ، فَرقَّ دِينُه وَاظلَمَّ، وَكَانَ يَتَوَقَّدُ ذَكَاءً.
قَالَ عَلِيُّ بنُ أَنْجَبَ (1) فِي (أَسْمَاءِ المُصَنِّفِيْنَ) : اشْتَغَل بِالشَّامِ عَلَى المُجِيْرِ البَغْدَادِيِّ، ثُمَّ وَردَ إِلَى بَغْدَادَ، وَاشْتَغَل بِـ (الشِّفَاءِ) وَبِـ (الشَّامِلِ) لأَبِي المَعَالِي، وَحَفِظَ عِدَّةَ كُتُبٍ، وَكرَّر عَلَى (المُسْتَصْفَى) ، وَتَبَحَّرَ فِي العُلُوْمِ، وَتَفَرَّدَ بِعِلْمِ المَعْقُوْلاَتِ وَالمَنْطِقِ وَالكَلاَمِ، وَقَصَدَهُ الطُّلاَّبُ مِنَ البِلاَد، وَكَانَ يُوَاسيهِم بِمَا يَقدرُ، وَيُفْهِم الطُّلاَّب، وَيُطَوِّلُ رُوحه.
__________
(*) تاريخ الحكماء للقفطي: 240 - 241، ومرآة الزمان: 8 / 691، وتكملة المنذري: 3 / 2508، وذيل الروضتين لأبي شامة: 161، ووفيات الأعيان: 3 / 293 - 294، ومختصر أبي الفداء: 3 / 163، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 112 - 113 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 124 - 125، ودول الإسلام: 2 / 103، والوافي بالوفيات، 12 / الورقة 124 - 126، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 60 - 61، وطبقات الاسنوي، الورقة 25 - 26، والبداية والنهاية: 13 / 140 - 141، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 175، والنجوم الزاهرة: 6 / 285، وحسن المحاضرة: 1 / 259، وشذرات الذهب: 5 / 142 - 144، وديوان ابن الغزي، الورقة 6.
(1) هو ابن الساعي المؤرخ العراقي المشهور المتوفى سنة 674، وكتابه هذا لم يصل إلينا، فلا نعرف له نسخة في خزائن الكتب المعروفة.(22/364)
قُلْتُ: ثُمَّ أَقرَأ الفَلْسَفَة وَالمَنْطِقَ بِمِصْرَ بِالجَامِعِ الظَّافرِيِّ، وَأَعَادَ بِقُبَّةِ الشَّافِعِيِّ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، ثُمَّ قَامُوا عَلَيْهِ، وَرَمَوْهُ بِالانْحِلاَلِ، وَكتبُوا مَحضراً بِذَلِكَ.
قَالَ القَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : وَضَعُوا خُطُوطَهُم بِمَا يُسْتَباح بِهِ الدَّمُ، فَخَرَجَ مُستخفِياً، وَنَزَلَ حَمَاةَ.
وَأَلَّف فِي الأَصْلَيْنِ، وَالحِكْمَةِ المشؤومَةِ (2) ، وَالمَنْطِقِ، وَالخلاَفِ، وَلَهُ كِتَابُ (أَبكَارِ الأَفكَارِ) فِي الكَلاَمِ، وَ (مُنتهَى السُّولِ فِي الأُصُوْلِ) ، وَ (طرِيقَةٌ) فِي الخلاَفِ، وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِيْنَ تَصنِيفاً.
ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى دِمَشْقَ، وَدرَّس بِالعَزِيْزِيَّةِ مُدَّة، ثُمَّ عُزِلَ عَنْهَا لِسَبَبٍ اتَّهُم فِيْهِ، وَأَقَامَ بَطَالاً فِي بَيْته.
قَالَ: وَمَاتَ فِي رَابِعِ صَفَرٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَقَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (3) : لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مَنْ يُجَارِيه فِي الأَصْلَيْنِ وَعِلمِ الكَلاَمِ، وَكَانَ يَظهرُ مِنْهُ رِقَّةُ قَلْبٍ، وَسُرعَةُ دَمعَةٍ، أَقَامَ بِحَمَاةَ، ثُمَّ بِدِمَشْقَ.
وَمِنْ عَجِيبِ مَا يُحَكَى عَنْهُ: أَنَّهُ مَاتَتْ لَهُ قِطَّةٌ بِحَمَاةَ، فَدَفَنَهَا، فَلَمَّا سَكَنَ دِمَشْقَ، بَعَثَ وَنَقَلَ عِظَامَهَا فِي كِيْسٍ، وَدفَنَهَا بقَاسِيُوْنَ.
قَالَ: وَكَانَ أَوْلاَدُ العَادِلِ كَلُّهُم يَكْرَهُوْنَه؛ لِمَا اشْتُهِرَ عَنْهُ مِنْ عِلْمِ الأَوَائِلِ وَالمَنطِقِ، وَكَانَ يَدخُلُ عَلَى المُعَظَّمِ فَلاَ يَتَحَرَّكُ لَهُ، فَقُلْتُ: قُمْ لَهُ عِوضاً عَنِّي (4) .
فَقَالَ: مَا يَقبَلُه قَلْبِي.
وَمَعَ ذَا وَلاَّهُ تَدرِيس العَزِيْزِيَّةِ، فَلَمَّا مَاتَ،
__________
(1) وفيات الأعيان: 3 / 293 - 294 باختصار.
(2) قوله " المشؤومة " من إضافات الذهبي، فابن خلكان لم يقلها!
(3) مرآة الزمان: 8 / 691.
(4) أصل كلام السبط الذي اختصره الذهبي: " وكان إذا دخل على المعظم والمجلس غاص لا يتحرك له، فكنت أخجل من الآمدي حتى قلت للمعظم يوما: عوض ما تقوم لي قم للآمدي ".(22/365)
أَخْرَجَهُ مِنْهَا الأَشْرَفُ، وَنَادَى فِي المَدَارِسِ: مَنْ ذَكَرَ غَيْرَ التَّفْسِيْرِ وَالفِقْهِ، أَوْ تَعرَّض لِكَلاَمِ الفَلاَسِفَةِ، نَفَيْتُهُ.
فَأَقَامَ السَّيْف خَامِلاً فِي بَيْتِه إِلَى أَنْ مَاتَ، وَدُفِنَ بِتُربته بِقَاسِيُوْن
قُلْتُ: أَخَذَ عَنْهُ: القَاضِيَان ابْن سَنِيِّ الدَّوْلَة صَدْر الدِّيْنِ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ ابْن الزَّكِيِّ.
وَكَانَ القَاضِي تَقِيّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ بنُ حَمْزَةَ يَحكِي عَنْ شَيْخه ابْنِ أَبِي عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا نَتردَّدُ إِلَى السَّيْفِ، فَشَكَكنَا هَلْ يُصَلِّي أَمْ لاَ؟
فَنَام، فَعَلَّمْنَا عَلَى رِجْلِهِ بِالحِبْرِ، فَبَقِيَتِ العَلاَمَةُ يَوْمَيْنِ مَكَانَهَا، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ مَا تَوَضَّأَ - نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ فِي الدِّيْنِ -!
وَقَدْ حَدَّثَ السَّيْفُ بِـ (الغَرِيْبِ) لأَبِي عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيل.
قَالَ لِي شَيْخنَا ابْنُ تَيمِيَةَ: يَغلِبُ عَلَى الآمِدِيِّ الحِيرَةُ وَالوَقف حَتَّى إِنَّهُ أَوْرَدَ عَلَى نَفْسِهِ سُؤَالاً فِي تَسَلسُلِ العِلَلِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ لاَ يَعْرِفُ عَنْهُ جَوَاباً، وَبَنَى إِثْبَاتَ الصَّانعِ عَلَى ذَلِكَ، فَلاَ يُقَرِّرُ فِي كُتُبِه إِثْبَاتَ الصَّانعِ، وَلاَ حُدوثَ العَالَمِ، وَلاَ وَحدَانِيَة الله، وَلاَ النّبوَات، وَلاَ شَيْئاً مِنَ الأُصُوْل الكِبَارِ.
قُلْتُ: هَذَا يَدلّ عَلَى كَمَال ذِهنِه، إِذْ تَقرِير ذَلِكَ بِالنَّظَرِ لاَ يَنهض، وَإِنَّمَا يَنهض بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (1) ، وَبِكُلٍّ قَدْ كَانَ السَّيْفُ غَايَةً، وَمَعْرِفَتُه بِالمَعْقُوْل نِهَايَةً، وَكَانَ الفُضَلاَءُ يَزْدَحِمُوْنَ فِي حَلْقَتِهِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبْدِ السَّلاَمِ يَقُوْلُ:
مَا سَمِعْتُ مَنْ يُلقِي الدَّرْسَ أَحْسَن مِنَ السَّيْفِ، كَأَنَّهُ يَخطُبُ، وَكَانَ يُعظِّمُهُ.
__________
(1) هذا هو الحق، ورأي الذهبي هو الصواب إن شاء الله تعالى، فالعقل قاصر عن إدراك مثل هذه الأمور.(22/366)
وَمَاتَ فِي السَّنَةِ أَكَابِر، مِنْهُم: الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ صَلاَحُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ السَّيِّدِ الإِرْبِلِيُّ الحَاجِبُ - وَلَهُ نَظْمٌ رَائِقٌ - وَالشَّرَفُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّابُوْنِيِّ، وَنَجْمُ الدِّيْنُ ثَابِتُ بنُ تَاوَانَ التّفْلِيْسِيُّ، وَزَكَرِيَّا بنُ عَلِيٍّ العُلْبِيُّ، وَالمُصَنِّفُ رَضِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ بنُ مُظَفَّرٍ الجِيْلِيُّ الشَّافِعِيُّ بِبَغْدَادَ، وَالقُدْوَةُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْنُسَ الأُرْمَوِيُّ الزَّاهِدُ بِسَفْحِ قَاسِيُوْنَ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَسَاكِرَ، وَشَيْخُ القُرَّاءِ الزَّاهِدُ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ يُوْسُفَ القُرْطُبِيُّ صَاحِبُ الشَّاطِبِيِّ، وَمُحَدِّثُ بُخَارَى أَبُو رَشِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ الغَزَّالُ الأَصْبَهَانِيُّ، وَمُدَرِّسُ المُسْتَنْصِرِيَّةِ مُحْيِي الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ فَضْلاَنَ الشَّافِعِيُّ - وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ القُضَاةِ قَلِيْلاً - وَأَبُو الفُتُوْحِ نَاصِرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الأَغْمَاتِيُّ، وَشَيْخُ الطِّبِّ رَضِيُّ الدِّيْنِ يُوْسُفُ بنُ حَيْدَرَةَ الرَّحْبِيُّ أَحَدُ المُصَنِّفِيْنَ - وَلَهُ سَبْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً - وَمُسْنِدُ الوَقْتِ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الزَّبِيْدِيِّ، وَالمُسَلَّمُ بنُ أَحْمَدَ المَازِنِيُّ.
231 - رَتَنُ الهِنْدِيُّ *
شَيْخٌ كَبِيْرٌ، مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
تَجَرَّأَ عَلَى اللهِ، وَزَعَمَ بِقِلَّةِ حَيَاءِ أَنَّهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَأَنَّهُ ابْن سِتِّ مائَةِ سَنَةٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، فَرَاجَ أَمرُهُ عَلَى مَنْ لاَ يَدْرِي.
وَقَدْ أَفردتُه فِي (جُزءٍ) ، وَهَتَكتُ بَاطِلَه (1) .
__________
(*) تاريخ الإسلام، الورقة: 120 (أيا صوفيا 3012) ، وميزان الاعتدال: 2 / 45، ولسان الميزان: 2 / 450 - 455، والمجمع المؤسس لابن حجر أيضا، الورقة: 160 - 161.
(1) سماه: " كسر وثن رتن " كما صرح بذلك في تاريخ الإسلام.
وانظر تفاصيل عنه في كتاب: الذهبي ومنهجه لافقر عباد الله بشار بن عواد: 213 - 214 تجد فائدة إن شاء الله تعالى.(22/367)
بَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَأَنَّ ابْنَه مَحْمُوْداً بَقِيَ إِلَى سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِ مائَةٍ، فَمَا أَكْثَر الكَذِبَ وَأَروجَهَ!
232 - ابْنُ الفَارِضِ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُرْشِدٍ الحَمَوِيُّ *
شَاعِرُ الوَقْتِ، شَرَفُ الدِّيْنِ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُرْشِدٍ الحَمَوِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، صَاحِب الاتِّحَادِ (1) الَّذِي قَدْ مَلأَ بِهِ التَّائِيَّةَ (2) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، وَلَهُ سِتٌّ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً.
رَوَى عَنِ: القَاسِمِ ابْن عَسَاكِرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيّ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ القصيدَة (3) صرِيح الاتِّحَاد الَّذِي لاَ حِيْلَة فِي وُجُوْدِه، فَمَا فِي العَالِمِ زَنْدَقَةٌ وَلاَ ضَلاَلٌ، اللَّهُمَّ أَلْهِمْنَا التَّقْوَى، وَأَعِذْنَا مِنَ الهَوَى، فَيَا أَئِمَّةَ الدِّيْنِ أَلاَ تَغضبُوْنَ للهِ؟! فَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / 2586، وتكملة ابن الصابوني: 270، ووفيات الأعيان: 3 / 454 - 456، ومختصر أبي الفداء: 3 / 164، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 123 - 124 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 129، وميزان الاعتدال: 2 / 266، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 68 - 70، والبداية والنهاية: 13 / 143، ولسان الميزان: 4 / 317، والنجوم الزاهرة: 6 / 288 - 290، وحسن المحاضرة: 1 / 246، ومجالس العشاق لبايقرا: 102 (بالفارسية) ، ومجالس المؤمنين للشوشتري: 2 / 56 - 57 (بالفارسية) ، وشذرات الذهب: 5 / 149 - 153، وطبقات الزيله لي: الورقة 97، وروضات الجنات للخونساري: 505.
وديوانه مشهور مطبوع.
(1) يعني ما يعرف في عصرنا: بوحدة الوجود.
(2) ومطلعها: نعم بالصبا قلبي صبا لاحبتي * فيا حبذا ذاك الشذا حين هبت
وقد أورد الذهبي منها جملة في " تاريخ الإسلام " دلل بها على اتحاده.
(3) في الأصل: " القصيد ".(22/368)
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، وَقَدْ حَجَّ وَجَاورَ، وَكَانَ بِزَنق الفَقْر.
وَشعره فِي الذِّرْوَةِ، لاَ يُلْحَق شَأْوُهُ.
233 - ابْنُ زِيْنَةَ مُهَذَّبُ بنُ حُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ
الحَافِظُ، مُفِيْد أَصْبَهَان، أَبُو غَانِمٍ مُهَذَّبُ بنُ حُسَيْنِ ابنِ أَبِي غَانِمٍ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ بنِ زِينَة.
كَهل، عَالِم، مُحَدِّث.
سَمِعَ: أَبَاهُ؛ أَبَا ثَابِتٍ، وَأَبَا مُوْسَى الحَافِظ، وَأَبَا الفَتْح الخِرَقِيّ، وَأَحْمَد بن يَنَالَ، وَأَكْثَر عَنْ أَصْحَابِ الحَدَّادِ.
رَوَى عَنْهُ: البِرْزَالِيّ، وَغَيْرهُ.
وَأَجَاز لِلْقَاضِي الحَنْبَلِيّ، فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
234 - ابْنُ غَانِيَةَ يَحْيَى بنُ إِسْحَاقَ بنِ حَمُّو الصِّنْهَاجِيُّ **
صَاحِبُ المَغْرِبِ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ إِسْحَاقَ بنِ حَمُّو الصِّنْهَاجِيُّ، المَيُوْرقِيُّ، أَخُو عَلِيِّ بنِ غَانِيَة المُتَوَثِّبِ عَلَى آلِ عَبْد المُؤْمِنِ بِمَيُوْرْقَةَ فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
ثُمَّ خَلفه أَبُو زَكَرِيَّا، فَامتدت أَيَّامه.
وَكَانَ فَارِساً شُجَاعاً سَائِساً، اسْتولَى عَلَى مَدَائِن، وَخَطَبَ لِبَنِي العَبَّاسِ، وَبَعَثَ لَهُ النَّاصِر الخِلَعَ وَالتَّقليد، وَعَاشَ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ عَنْ سنٍّ عَالِيَةٍ.
__________
(*) المعجب: 273، 275، 314، 317، والتكملة المنذرية: 3 / الترجمة 2671 والغصون اليانعة: 151، وتاريخ الإسلام، الورقة: 144 (أيا صوفيا 3012) وله ترجمة جيدة في أعلام الزركلي: 9 / 165.(22/369)
235 - الرَّضِيُّ الجِيْلِيُّ سُلَيْمَانُ بنُ مُظَفَّرِ بنِ غَنَائِمَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، رَضِيّ الدِّيْنِ، أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ مُظَفَّرِ بنِ غَنَائِمَ الجِيْلِيُّ، الشَّافِعِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
تَفقَّه بِالنِّظَامِيَّةِ، وَدرَّسَ، وَأَفتَى، وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَب وَغوَامضِه، وَتَخَرَّجَ بِهِ الأَصْحَاب، نُدِبَ إِلَى مَشْيَخَةِ الرِّبَاطِ الكَبِيْر، فَامْتَنَعَ، وَكَانَ مُلاَزِماً لِبَيْتِه، مُقْبِلاً عَلَى شَأْنه.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ طُلِبَ لِلْقَضَاء، فَامْتَنَعَ.
قَالَ القَاضِي شَمْس الدِّيْنِ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : كَانَ مِنْ أَكَابِر فُضلاَء عَصرِه، صَنَّفَ فِي الفِقْهِ كِتَاباً يَكُوْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ مُجَلَّدَةً، وَعُرِضَتْ عَلَيْهِ المَنَاصِبُ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَكَانَ دَيِّناً، نَيَّفَ عَلَى السِّتِّيْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي ثَانِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
236 - ابْنُ الحَاجِبِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ الأَمِيْنِيُّ **
المُحَدِّثُ البَارِعُ، مُفِيْدُ الطَّلَبَةِ، عِزُّ الدِّيْنِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ الأَمِيْنِيُّ،
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / 2515، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 110 (أيا صوفيا 3012) ، والوافي بالوفيات، 8 / الورقة 182، وطبقات السبكي: 5 / 56، وطبقات الاسنوي، الورقة 65، والبداية والنهاية: 13 / 141 وتصحف فيه اسمه فصار كنيته وقال في وفاته: الثالث من شهر ربيع الأول، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 78.
(1) لم يترجمه ابن خلكان في " الوفيات "، لكن ذكر هذا الكلام استطرادا في ترجمة شرف الدين ابن منعة.
(* *) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2481، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 96 - 97 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 121، وشذرات الذهب: 5 / 137 - 138.(22/370)
الدِّمَشْقِيّ، ابْنُ الحَاجِبِ الجُنْدِيُّ، صَاحِبُ (المُعْجَمِ الكَبِيْرِ) ، مِنْ أَذْكِيَاءِ الطَّلَبَةِ، وَأَشَدِّهِم عِنَايَةً.
سَمِعَ: هِبَةَ اللهِ بنَ طَاوُوْسٍ، وَمُوْسَى بنَ عَبْدِ القَادِرِ، وَالمُوَفَّقَ، وَالفَتْحَ، وَطَبَقَتَهُم، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَصَنَّفَ وَلَمْ يَبلُغِ الأَرْبَعِيْنَ.
سَمِعَ مِنْهُ: أَبُو حَامِدٍ ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَجَمَاعَة.
قَرَأْتُ بِخَطِّ الحَافِظِ الضِّيَاءِ: وَفِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ تُوُفِّيَ صَاحِبُنَا الشَّابُّ الحَافِظُ ابْنُ الحَاجِبِ.
قَالَ: وَكَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، ثَبْتاً، مُتَيَقِّظاً.
237 - الرَّحْبِيُّ رَضِيُّ الدِّيْنِ يُوْسُفُ بنُ حَيْدَرَةَ بنِ حَسَنٍ *
البَارِعُ، العَلاَّمَةُ، إِمَامُ الطِّبِّ، رَضِيُّ الدِّيْنِ يُوْسُفُ بنُ حَيْدَرَةَ بنِ حَسَنٍ الرَّحْبِيُّ، الحَكِيْمُ.
كَانَ أَبُوْهُ كَحَّالاً مِنْ أَهْلِ الرَّحبَةِ، فَوُلِدَ لَهُ يُوْسُفُ بِالجَزِيْرَةِ العُمَرِيَّةِ، وَأَقَامَ بِنَصِيْبِيْنَ مُدَّة، وَبِالرَّحْبَة، ثُمَّ قَدِمَا دِمَشْقَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ يُوْسُفُ عَلَى الدَّرسِ وَالنَّسخِ وَمُعَالَجَةِ المَرْضَى، وَلاَزَمَ المُهَذَّبَ ابْنَ النَّقَّاشِ، وَبَرَعَ، فَنَوَّهَ المُهَذَّبُ بِاسْمِهِ، وَحَسُنَ مَوقِعُهُ عِنْدَ السُّلْطَان صَلاَحِ الدِّيْنِ، وَقَرَّرَ لَهُ ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً عَلَى القَلْعَةِ وَالبيمَارستَانِ، وَاسْتمرَّتْ عَلَيْهِ حَتَّى نَقَّصَهَا المُعَظَّمُ، وَلَمْ يَزَلْ مُبَجَّلاً فِي الدَّوْلَةِ.
وَكَانَ رَئِيْساً، عَالِيَ الهِمَّةِ، كَثِيْرَ التَّحْقِيْقِ، فِيْهِ خَيْرٌ وَعدمُ شَرٍّ، تَصَدَّرَ لِلإِفَادَةِ، وَخَرَّجَ لَهُ عِدَّةُ أَطبَاءٍ كِبَارٍ.
__________
(*) ترجمة ابن أبي أصيبعة في عيون الانباء والذهبي في " تاريخ الإسلام " (الورقة 117 من مجلد أيا صوفيا) ، والعبر: 5 / 127 وهو " الرحبي " بخط الذهبي، لكن جاء في الشذرات: " وفيها الرضي الرخي - بتشديد الخاء المعجمة نسبة إلى الرخ ناحية بنيسابور - أبو الحجاج يوسف بن حيدرة شيخ الطب بالشام ... ".(22/371)
وَمِمَّنْ أَخَذَ عَنْهُ: المُهَذَّبُ الدّخوَار.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَةَ فِي (تَارِيْخِهِ) : حَدَّثَنِي رَضِيُّ الدِّيْنِ الرَّحْبِيُّ، قَالَ: جَمِيْع مَنْ قرَأَ عَلَيَّ سُعِدُوا، وَانتفعَ النَّاسُ بِهِم، وَكَانَ لاَ يُقرِئُ أَحَداً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
بَلَى، قرَأَ عَلَيْهِ مِنْهُم عِمْرَانُ اليَهُوْدِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ السَّامِرِيُّ تَشَفَّعَا إِلَيْهِ، وَكُلّ مِنْهُمَا بَرَعَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَةَ: قَرَأْت عَلَيْهِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ كُتُباً، وَانتَفَعتُ بِهِ، وَكَانَ مُحِبّاً لِلتِّجَارَةِ، مُغْرَىً بِهَا، وَيُرَاعِي مِزَاجَهُ، وَلاَ يَصعَدُ فِي سُلَّمٍ، وَلَهُ بُستَانٌ، وَكَانَ الوَزِيْرُ ابْنُ شُكْرٍ يَلزمُ أَكلَ الدَّجَاجِ حَتَّى شَحَبَ لَونُه، فَقَالَ لَهُ الرَّضِيُّ: الزمْ لَحمَ الضَأْنِ.
فَفَعَل، فَظَهَرَ دَمُهُ.
مَاتَ: يَوْم عَاشُورَاءَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، وَخَلَّف ابْنَيْنِ طَبِيْبَيْنِ: شَرَفَ الدِّيْنِ عَلِيّاً، وَجَمَالَ الدِّيْنِ عُثْمَانَ.
238 - ابْنُ صَبَّاحٍ أَبُو صَادِقٍ الحَسَنُ بنُ يَحْيَى المَخْزُوْمِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ الأَمِيْنُ، نُشوءُ الْملك، أَبُو صَادِقٍ الحَسَنُ بنُ يَحْيَى بنِ صَبَّاحِ بنِ حُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ المَخْزُوْمِيُّ، المِصْرِيُّ، الكَاتِبُ، أَحَدُ شُهُوْدِ الخزَانَةِ بِدِمَشْقَ.
مَوْلِدُهُ: بِمِصْرَ، فِي زُقَاقِ بَنِي جُمَحَ، فِي عَاشرِ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2600، وذيل الروضتين لأبي شامة: 163، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 119 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 128، والوافي بالوفيات، 11 / الورقة 50 - 51، وذيل التقييد للفاسي: الورقة 156، والنجوم الزاهرة: 6 / 292، وشذرات الذهب: 5 / 148.(22/372)
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ رِفَاعَة الفَرَضِيّ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءاً مِنَ (الخِلَعِيَّاتِ) ، وَأَجَاز لَهُ، وَهُوَ خَاتِمَة أَصْحَابِهِ، وَمَا سَمِعَ مِنْ غَيْرِه.
حَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاء، وَابْن خَلِيْلٍ، وَالبِرْزَالِيّ، وَابْن النَّابُلُسِيّ، وَوَلَده؛ عَلِيّ بن صَبَّاحٍ، وَالخَطِيْبُ مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ الحَرَسْتَانِيِّ، وَأَبُو اليُمْنِ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ عَمِّهِ؛ أَبُو الفَضْلِ، وَشَيْخُ العَرَبِيَّة جَمَالُ الدِّيْنِ ابْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو الحُسَيْنِ ابْنُ اليُوْنِيْنِيِّ، وَالعِزُّ ابْنُ الفَرَّاءِ، وَالعِزُّ ابْنُ العِمَادِ، وَمُحَمَّدُ بنُ قَايْمَازَ الدَّقِيْقِيُّ، وَالعِمَادُ بنُ سَعْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي الذِّكْرِ، وَعَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلْطَانَ الحَنَفِيُّ، وَخَلْقٌ، آخِرُهُم مَوْتاً: الشِّهَابُ بنُ مُشَرِّفٍ البَزَّازُ.
قَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: هُوَ شَيْخٌ ثِقَةٌ، وَقُورٌ، مُكْرِمٌ لأَهْلِ الحَدِيْثِ، كَثِيْرُ التَّوَاضُعِ.
قَالَ لِي: إِنَّهُ يَبْقَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ لاَ يَشربُ مَاءً.
قُلْتُ: فَتَرَكْتَهُ لِمَعْنَىً؟
فَقَالَ: لاَ أَشتَهِيهِ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ الضِّيَاءِ الحَافِظِ: تُوُفِّيَ شَيْخُنَا أَبُو صَادِقٍ وَحُمِلَ إِلَى الجَبَلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، سَادِسَ عَشَرَ رَجَبٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ: وَكَانَ خَيِّراً، قَلَّ مَنْ رَأَيْتُ إِلاَّ وَيَشكُرُه، وَيُثنِي عَلَيْهِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
239 - السُّهْرَوَرْدِيُّ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِم، القُدْوَة، الزَّاهِد، العَارِف، المُحَدِّث، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَوحدُ
__________
(*) معجم البلدان: 3 / 204، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة 202 (باريس 5922) ، ومرآة الزمان: 8 / 679 - 680، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2565، وذيل الروضتين لأبي شامة: 163، وأخباز الزهاد لابن الساعي، الورقة 95 - 102، ووفيات الأعيان: 3 / 446 - 448، والحوادث الجامعة: 74 - 75، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 124 - 126 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 129، والمختصر المحتاج إليه، الورقة 92، ودول الإسلام: 2 / 103، والمستفاد للدمياطي، الورقة 62 - 63، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 67 - 68، =(22/373)
الصُّوْفِيَّة، شِهَابُ الدِّيْنِ، أَبُو حَفْصٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ - وَهُوَ عمويه - بن سَعْدِ بنِ حُسَيْنِ بنِ القَاسِمِ بن النَّضْرِ بن القَاسِمِ بن مُحَمَّد بنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ فَقِيْهِ المَدِيْنَةِ وَابْنِ فَقِيْهِهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ القُرَشِيُّ، التَّيْمِيُّ، البَكْرِيُّ، السُّهْرَوَرْدِيُّ، الصُّوْفِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَقَدِمَ مِنْ سُهْرَوَرْدَ وَهُوَ شَابٌّ أَمردُ، فَصحِبَ عَمَّه الشَّيْخَ أَبَا النَّجِيْبِ، وَلاَزَمَه، وَأَخَذَ عَنْهُ الفِقْهَ وَالوَعظَ وَالتَصَوُّفَ، وَصَحِبَ قَلِيْلاً الشَّيْخَ عَبْدَ القَادِرِ، وَبِالبَصْرَةِ الشَّيْخَ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ عَبْدٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: هِبَة اللهِ بنِ أَحْمَدَ الشِّبْلِيِّ - وَهُوَ أَعْلَى شَيْخٍ لَهُ - وَأَبِي الفَتْحِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَخُزَيْفَةَ بنِ الهَاطرَا، وَأَبِي الفُتُوْحِ الطَّائِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ، وَمَعْمَرِ بنِ الفَاخِرِ، وَأَحْمَدَ بنِ المُقَرَّبِ، وَيَحْيَى بنِ ثَابِتٍ، وَطَائِفَةٍ لَهُ عَنْهُم جُزءٌ سَمِعْنَاهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نُقْطَةَ، وَابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالضِّيَاءُ، وَالقُوْصِيُّ، وَابْن النَّابُلُسِيِّ، وَظَهِيْرُ الدِّيْنِ مَحْمُوْدٌ الزَّنْجَانِيُّ، وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ عَلاَّنَ، وَأَبُو الفَرَجِ ابْنُ الزَّيْنِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَالرَّشِيْدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، وَآخَرُوْنَ.
__________
= وطبقات السبكي: 5 / 143، وطبقات الاسنوي، الورقة 122، والبداية والنهاية: 13 / 138 - 143، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 175، وطبقات الأولياء له، الورقة 23، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة 8 - 9 والفلاكة والمفلوكون: 120، والنجوم الزاهرة 6 / 283 - 285 (في وفيات سنة 631) ثم ذكره في وفيات هذه السنة: 6 / 292، ومجالس العشاق لبايقرا: 110 (بالفارسية) ، وقلائد التاذفي: 111 - 112، ومجالس المؤمنين للشوشتري: 2 / 70 - 72 (بالفارسية) ، وشذرات الذهب: 5 / 153 - 154، وطرائق الحقائق للشيرازي: 2 / 152، 153، 166، 315، 308، وغيرها (بالفارسية) .(22/374)
وَبِالإِجَازَةِ: الفَخْر ابنُ عَسَاكِرَ، وَالشَّمْسُ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ (1) : قَدِمَ بَغْدَادَ، وَكَانَ لَهُ فِي الطَّرِيقَةِ قَدَمٌ ثَابِتٌ وَلِسَانٌ نَاطِقٌ، وَوَلِيَ عِدَّةَ رُبُطٍ لِلصُّوْفِيَّةِ، وَنُفِّذَ رَسُوْلاً إِلَى عِدَّةِ جِهَاتٍ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ أَبُوْهُ أَبُو جَعْفَرٍ تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى أَسْعَدَ المِيْهَنِيِّ، وَوَعَظَ، قَالَ لِي ابْنُهُ: قُتلَ أَبِي بِسُهْرَوَرْدَ، وَلِي سِتَّةُ أَشْهُرٍ، كَانَ بِبَلَدِنَا شحنَة ظَالِم، فَاغتَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَادَّعَوْا أَنَّ أَبِي أَمَرَهُم، فَجَاءَ غِلمَانُ المَقْتُولِ، فَفَتَكُوا بِأَبِي، فَوَثَبَ العوَامُّ عَلَى الغِلمَانِ فَقَتلُوهُم، وَهَاجتِ الفِتْنَةُ، فَصلَبَ السُّلْطَانُ أَرْبَعَةً مِنَ العَوَامِّ، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى عَمِّي أَبِي النَّجِيْبِ، وَلَبِسَ القبَاء، وَقَالَ: لَا أُرِيْد التَّصَوُّفَ، حَتَّى اسْتُرْضِيَ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: وَكَانَ شِهَاب الدِّيْنِ شَيْخَ وَقتِه فِي عِلمِ الحَقِيْقَةِ، وَانتهتْ إِلَيْهِ الرِّيَاسَةُ فِي تَربِيَةِ المُرِيْدِينَ، وَدُعَاء الْخلق إِلَى اللهِ، وَالتَّسْلِيْك.
صَحِبَ عَمَّه، وَسلكَ طَرِيْق الرِّيَاضَات وَالمُجَاهِدَات، وَقرَأَ الفِقْه وَالخلاَف وَالعَرَبِيَّة، وَسَمِعَ، ثُمَّ لاَزمَ الخَلوَةَ وَالذِّكرَ وَالصَّوْمَ إِلَى أَنْ خطر لَهُ عِنْدَ عُلُوِّ سِنِّهِ أَنْ يَظهَرَ لِلنَّاسِ وَيَتَكَلَّمَ، فَعَقَدَ مَجْلِسَ الوَعظِ بِمَدْرَسَة عَمِّهِ، فَكَانَ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ مُفِيْدٍ مِنْ غَيْرِ تَزْويقٍ، وَيَحضر عِنْدَهُ خَلقٌ عَظِيْمٌ، وَظَهرَ لَهُ القَبُولُ مِنَ الخَاصِّ وَالعَامِّ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَقُصِدَ مِنَ الأَقطَارِ، وَظهرت بَرَكَات أَنفَاسِه عَلَى خَلقٍ مِنَ العُصَاةِ، فَتَابُوا، وَوصلَ بِهِ خلقٌ إِلَى اللهِ، وَصَارَ أَصْحَابُه كَالنُّجُوْم، وَنُفِّذَ رَسُوْلاً إِلَى الشَّامِ مَرَّاتٍ، وَإِلَى السُّلْطَانِ خُوَارِزْم شَاه، وَرَأَى مِنَ الجَاهِ وَالحُرمَةِ مَا لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ، ثُمَّ رُتِّب بِالرِّبَاط النَّاصِرِيِّ، وَبِرِبَاطِ المَأْمُوْنِيَّةِ، وَرِبَاطِ البِسْطَامِيِّ، ثُمَّ إِنَّهُ أَضرَّ وَأُقْعِدَ، وَمَعَ هَذَا فَمَا أَخلَّ بِالأَوْرَادِ
__________
(1) ذيل تاريخ مدينة السلام، الورقة 202 (باريس 5922) .(22/375)
وَدَوَامِ الذِّكرِ وَحُضُوْرِ الجُمَعِ فِي مِحَفَّةٍ وَالمُضِيِّ إِلَى الحَجِّ، إِلَى أَنْ دَخَلَ فِي عَشْرِ المائَةِ، وَضَعُفَ، فَانقطَعَ.
قَالَ: وَكَانَ تَامَّ المُرُوْءَةِ، كَبِيْرَ النَّفْسِ، لَيْسَ لِلمَالِ عِنْدَهُ قَدرٌ، لَقَدْ حصل لَهُ أُلُوفٌ كَثِيْرَةٌ، فَلَمْ يَدَّخِرْ شَيْئاً، وَمَاتَ وَلَمْ يُخلِّفْ كَفَناً.
وَكَانَ مَلِيْحَ الخَلقِ وَالخُلُقِ، مُتَوَاضِعاً، كَامِلَ الأَوْصَافِ الجَمِيْلَةِ.
قَرَأْت عَلَيْهِ كَثِيْراً، وَصَحِبتُه مُدَّة، وَكَانَ صَدُوْقاً نَبِيلاً، صَنَّفَ فِي التَّصَوُّفِ كِتَاباً، شَرحَ فِيْهِ أَحْوَال القَوْمِ، وَحَدَّثَ بِهِ مِرَاراً -يَعْنِي (عوَارف المعَارِف) -.
قَالَ: وَأَملَى فِي آخِرِ عُمُرِهِ كِتَاباً فِي الرَّدِّ عَلَى الفَلاَسِفَةِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ قَدِمَ بَغْدَادَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي الوَقْتِ المُحَدِّثِ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ (1) : كَانَ شَيْخَ العِرَاقِ فِي وَقْتِهِ، صَاحِبَ مُجَاهِدَةٍ وَإِيثَارٍ وَطَرِيقٍ حَمِيدَةٍ وَمُرُوءةٍ تَامَّة، وَأَورَادٍ عَلَى كِبَرِ سِنِّه.
قَالَ يُوْسُفُ الدِّمَشْقِيُّ: سَمِعْتُ وَعْظَ أَبِي جَعْفَرٍ وَالِدِ السُّهْرَوَرْدِيِّ بِبَغْدَادَ فِي جَامِعِ القَصْرِ وَفِي النِّظَامِيَّةِ، تَولَى قَضَاءَ سُهْرَوَرْدَ، وَقُتِلَ.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: يَلتَقِي السُّهْرَوَرْدِيُّ وَابْنُ الجَوْزِيِّ فِي النَّسَبِ فِي القَاسِمِ بنِ النَّضْرِ.
أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ حَمُّوْيَه إِجَازَةً، أَنَّ قَاضِي القُضَاةِ بَدْرَ الدِّيْنِ يُوْسُفَ السِّنْجَارِيَّ حَكَى عَنِ الملكِ الأَشْرَفِ مُوْسَى:
أَنَّ السُّهْرَوَرْدِيَّ جَاءهُ رَسُوْلاً، فَقَالَ فِي بَعْضِ حَدِيْثِهِ: يَا مَوْلاَنَا، تَطلبتُ كِتَابَ (الشِّفَاءِ) لابْنِ سِيْنَا مِنْ خَزَائِنِ الكُتُبِ بِبَغْدَادَ، وَغَسَلْتُ جَمِيْعَ النُّسَخِ، ثُمَّ فِي أَثْنَاءِ الحَدِيْثِ قَالَ: كَانَ السَّنَةَ
__________
(1) التقييد، الورقة: 176.(22/376)
بِبَغْدَادَ مَرَضٌ عَظِيْمٌ وَمَوتٌ.
قُلْتُ: كَيْفَ لاَ يَكُوْنُ وَأَنْتَ قَدْ أَذهبتَ (الشِّفَاءَ) مِنْهَا؟!
أَلْبَسَنِي خِرَقَ التَّصَوُّفِ شَيْخُنَا المُحَدِّثُ الزَّاهِدُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ عِيْسَى بنُ يَحْيَى الأَنْصَارِيُّ بِالقَاهِرَةِ، وَقَالَ: أَلْبَسَنِيهَا الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّيْنِ السُّهْرَوَرْدِيُّ بِمَكَّةَ عَنْ عَمِّهِ أَبِي النَّجِيْبِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيِّ: أَخْبَرَكُم أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الشِّبْلِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الوَرْقَاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ قَالَ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ أَحَداً صَمَداً لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُوْلَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوُاً أَحَدٌ، كَتَبَ اللهُ لَهُ أَلْفَي أَلْفِ حَسَنَةٍ (1)) .
تُوُفِّيَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ-: بِبَغْدَادَ، فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِي ذُرِّيَته فُضلاَءُ وَكُبَرَاءُ.
وَمَاتَ وَلدُهُ العِمَادُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، رَوَى عَنِ: ابْنِ الجَوْزِيّ، وَالقَاسِمِ ابنِ عَسَاكِرَ.
حَدَّثَنَا عَنْهُ: إِسْحَاقُ ابْنُ النَّحَّاسِ، وَسَافَرَ رَسُوْلاً.
وَفِيْهَا مَاتَ: صَاحِب إِلبيرَة المَلِكُ الزَّاهِرُ دَاوُدُ ابْنُ السُّلْطَانِ صَلاَحِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ - وَلَهُ نَظْمٌ وَفضِيْلَةٌ - وَالطّوَاشِيُّ صَوَابٌ العَادِلِيُّ مُقَدَّمُ
__________
(1) قال شعيب: أبو الورقاء - واسمه فائد بن عبد الرحمن الكوفي - متروك اتهموه، وأحاديثه عن عبد الله بن أبي أوفى بواطيل، لا تكاد ترى لها أصلا.
وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " لوحة 811، ونسبه لعبد بن حميد والطبراني، وأخرجه من حديث تميم الداري أحمد 4 / 103، والترمذي (3473) والطبراني (1278) وفي سنده عندهم خليل بن مرة وهو ضعيف.(22/377)
الجُيُوْشِ، وَالشِّهَابُ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ المُطَهِّرِ بن أَبِي عَصْرُوْنَ، وَالشَّرَفُ عَلِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ جُبَارَةَ الكِنْدِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ رُشَيْدٍ البَغْدَادِيُّ، وَالمُقْرِئُ تَقِيُّ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ بَاسُوَيْه الوَاسِطِيُّ، وَشَاعِرُ زَمَانِهِ شَرَفُ الدِّيْنِ عُمَرُ بنُ عَلِيّ ابْن الفَارِضِ الحَمَوِيّ بِمِصْرَ، وَشَيْخُ بَيْتِ المَقْدِسِ غَانِمُ بنُ عَلِيٍّ الزَّاهِدُ، وَالشَّاعِرُ حُسَامُ الدِّيْنِ عِيْسَى بنُ سَنْجَرَ الحَاجِرِيُّ الإِرْبِلِيُّ الجُنْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي غَالِبٍ شعرَانَة صَاحِبُ أَبِي الوَقْتِ، وَخَلْقٌ بِسَيْفِ التَّتَارِ بِأَصْبَهَانَ، وَوَاثِلَةُ بنُ بَقَاءِ بنِ كَرَّازٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو الوَفَاءِ مَحْمُوْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَنْدَةَ، وَأَبُو صَادِقٍ بنُ صَبَّاحٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ.
240 - المَدِيْنِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي سَعْدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُفْتِي، الوَاعِظُ، بَقِيَّةُ المَشَايِخِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي سَعْدٍ المَدِيْنِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ، المُذَكِّرُ.
مَوْلِدُهُ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، بِمَدِيْنَةِ جَيٍّ (1) .
وَسَمِعَ (جُزْءَ مَأْمُوْنٍ) وَمَا مَعَهُ مِنَ: المُعَمَّرِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَلِيٍّ الحَمَّامِيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ (جُزْءَ بِيْبَى) ، وَغَيْرَ ذَلِكَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الخَيْرِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَاغبَانِ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاءُ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَطَائِفَةٌ.
__________
(*) تاريخ الإسلام، الورقة: 127 (أيا صوفيا 3012) ، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1458، والعبر: 5 / 130، وطبقات الشافعية للسبكي: 8 / 75 (ط. الطناحي والحلو) ، والنجوم الزاهرة: 6 / 292، وشذرات الذهب: 5 / 155.
(1) هي التي تعرف عند المحدثين ب (المدينة) فنسب إليها هذا المديني وغيره، وهي اسم ناحية أصبهان القديمة، وكانت قد خربت عندما زارها ياقوت الحموي في أوائل القرن السابع الهجري.(22/378)
وَسَمِعْنَا بِإِجَازتِه عَلَى: أَبِي الفَضْلِ بنِ عَسَاكِرَ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ سُلَيْمَانَ، وَالأَمِيْنِ ابْنِ رِسْلاَنَ البَعْلِيِّ، وَالقَاضِي تَقِيِّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِم.
وَكَانَ أَسندَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِأَصْبَهَانَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: هُوَ وَاعِظٌ، مُفْتِي، شَافعِيُّ المَذْهَبِ، لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ، وَلَهُ قَبولٌ عِنْدَ أَهْلِ بَلدِه، حَدَّثَنِي (بِجُزءِ بِيْبَى) عَنْ أَبِي الوَقْت، وَفِيْهِ ضَعْفٌ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ قُتِلَ بِأَصْبَهَانَ، شهيداً عَلَى يَد التَّتَارِ، فِي أَواخِرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: سَلِمَتْ أَصْبَهَانُ مِنَ الكَفَرَةِ إِلَى هَذَا التَّارِيْخِ، فَاسْتبَاحُوهَا، وَرَاحَ تَحْتَ السَّيْفِ خَلقٌ لاَ يُحْصَوْنَ، مِنْهُم عِدَّةٌ مِنَ الرُّوَاةِ (1) .
241 - شعرَانَةُ مُحَمَّدُ بنُ زُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ *
الزَّاهِدُ، وَجِيْه الدِّيْنِ، مُحَمَّدُ ابنُ أَبِي غَالِبٍ زُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ.
سَمِعَ (الصَّحِيْحَ) بِأَصْبَهَانَ مِنْ: أَبِي الوَقْت.
وَأَجَاز فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ: لِفَاطِمَةَ بِنْتِ سُلَيْمَانَ، وَإِبْرَاهِيْمَ المُخَرِّمِيِّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيِّ (2) .
242 - ابْنُ عِمَادٍ مُحَمَّدُ بنُ عِمَادِ بنِ مُحَمَّدٍ الجَزَرِيُّ **
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عِمَادِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) أكثر العلماء ما ماتوا صبرا، لكن خرجوا لقتال العدو، فجاهدوا بسيوفهم جهاد الابطال، فرزقوا بالشهادة، وأخبارهم مشهورة.
(*) تاريخ الإسلام، الورقة: 127 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 130، وشذرات الذهب: 5 / 155.
(2) وذكره الذهبي في وفيات سنة 632.
(* *) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 94 (شهيد علي) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2573، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 127 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر 5 / 130، =(22/379)
الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي يَعْلَى الجَزَرِيّ، الحَرَّانِيّ، التَّاجِر.
وُلِدَ: بِحَرَّانَ، يَوْم النَّحْر، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ رِفَاعَةَ (الخِلَعِيَّاتِ) العِشْرِيْنَ (1) .
وَسَمِعَ بِالثَّغْرِ مِنَ: السِّلَفِيّ.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنِ: ابْنِ البَطِّيِّ، وَأَبِي حَنِيْفَةَ الخَطِيْبِيِّ، وَأَحْمَد بن المُقَرَّبِ، وَيَحْيَى بن ثَابِتٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ النَّقُّوْرِ، وَابْنِ الخَشَّاب، وَشُهْدَةَ، وَجَمَاعَة.
وَسَمِعَ بِالقَاهِرَةِ مِنْ: عَلِيِّ بنِ نَصْرٍ الأَرْتَاحِيّ الرَّاوِي عَنْ أَبِي عَلِيٍّ بنِ نَبْهَانَ.
وَأَجَاز لَهُ: هِبَة اللهِ بن أَبِي شَرِيْكٍ الحَاسِب، وَأَبُو القَاسِمِ سَعِيْد ابْن البَنَّاءِ، وَأَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ بِإِفَادَة خَالِهِ المُحَدِّثِ حَمَّادٍ الحَرَّانِيِّ.
سَافَرَ مُدَّةً، وَسكنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ، وَصَارَ مُسْنِدَهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْن النَّجَّارِ، وَالمُنْذِرِيّ، وَعَبْد المُنْعِمِ ابْن النَّجِيْب، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الشَّمْعَةِ، وَأَبُو العِزِّ بنُ مَحَاسِنَ، وَعَلِيّ بن عَبْدِ اللهِ المَنْبِجِيُّ، وَعطيَّة بن مَاجِد، وَكَافُوْر الصَّوَّاف، وَجَمَال الدِّيْنِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ الشَّرِيْشِيّ.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ: مُحَمَّد بنُ الحُسَيْنِ الفُوِّيُّ، وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ الحُسَيْنِيّ، وَيَحْيَى بن أَحْمَدَ الجُذَامِيّ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: القَاضِي تَقِيّ الدِّيْنِ بن قُدَامَةَ.
قَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: شَيْخ، عَالِم، فَقِيْه صَالِحٌ، كَثِيْر المَحْفُوْظ، ثِقَة، حَسَن الإِنصَات، كَثِيْر السَّمَاع، وَأُصُوْله بِأَيدِي المُحَدِّثِيْنَ.
قُلْتُ: طَالَ عُمُرُهُ، وَرُحِلَ إِلَيْهِ.
__________
= والمختصر المحتاج إليه: 1 / 105 - 106، والوافي بالوفيات: 4 / 229، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 61، والنجوم الزاهرة: 6 / 292، وشذرات الذهب: 5 / 155.
(1) يعني: عشرين جزءا من " الخلعيات "، وكانت تتكون من ثلاثين جزءا.(22/380)
تُوُفِّيَ: فِي عَاشرِ صَفَرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
243 - ابْنُ غَسَّانَ مُحَمَّدُ بنُ غَسَّانَ بنِ غَافِلٍ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ، الأَمِيْرُ، سَيْفُ الدَّوْلَةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ غَسَّانَ بنِ غَافِلِ بنِ نِجَادِ بنِ غَسَّانَ بنِ ثَامِرٍ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيّ، الحِمْصِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ (1) .
قَدِمَ دِمَشْق وَهُوَ صَبِيّ، فَسَمِعَ كَثِيْراً مِنْ: أَبِي المُظَفَّرِ الفَلَكِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ الحَرَسْتَانِيِّ، وَأَبِي المَكَارِمِ بنِ هِلاَلٍ، وَعَبْدِ الخَالِقِ بنِ أَسَدٍ، وَالصَّائِنِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَأَخِيْهِ؛ أَبِي القَاسِمِ الحَافِظِ، وَغَيْرِهِم.
وَتَفَرَّد بِأَجزَاءَ، وَكَانَ يَعِيْش مِنْ عِقَاره، وَيُوَاظبُ غَالِباً عَلَى الجَمَاعَات.
حَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاء، وَابْن خَلِيْلٍ، وَابْن النَّابُلُسِيِّ، وَابْن الصَّابُوْنِيِّ، وَسَعْدُ الخَيْرِ النَّابُلُسِيُّ، وَأَخُوْهُ، وَعَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ اللَّمْتُوْنِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ ابنُ عَسَاكِر، وَأَحْمَد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُنْقِذِيّ، وَمُحَمَّد بن حَازِمٍ، وَأَحْمَد ابْن العِمَادِ، وَسُلَيْمَان بن كَسَا، وَالمُؤَيَّد عَلِيّ بن إِبْرَاهِيْمَ العَقْرَبَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَآخِرُ أَصْحَابِه بِالحُضُوْرِ: بَهَاءُ الدِّيْنِ القَاسِمُ الطَّبِيْبُ.
تُوُفِّيَ: فِي ثَالِثَ عَشَرَ شَعْبَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2607، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 129، والعبر: 5 / 131، والوافي بالوفيات: 4 / 313، والجواهر المضية: 2 / 106، والنجوم الزاهرة: 6 / 192، والطبقات السنية للتميمي، 3 / الورقة 547.
(1) في الثالث عشر من شهر ربيع الآخر بحمص، كما ذكر هو عندما سأله المنذري.(22/381)
244 - الرَّشِيْدِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ ابنُ أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ البَغْدَادِيُّ، الظَّفَرِيُّ، البَزَّازُ.
وَيُعْرَفُ: بِالرَّشِيْدِيِّ.
ذَكَرَ: أَنَّ جَدَّهُم كَانَ مُحْتَسِبَ بَغْدَادَ زَمَنَ الرَّشِيْدِ.
سَمِعَ: عَبْدَ الوَاحِدِ بنَ الحُسَيْنِ البَارِزِيَّ، وَيَحْيَى بنَ ثَابِتٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ.
وَقَالَ (1) : كَانَ صَالِحاً، دَيِّناً، أَدِيباً، لَهُ نَظْمٌ وَنَثْرٌ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ نَاهزَ التِّسْعِيْنَ.
245 - ابْنُ مَنْدَةَ مَحْمُوْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُفْيَانَ العَبْدِيُّ **
الشَّيْخُ الأَصِيلُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ أَصْبَهَانَ، أَبُو الوَفَاءِ مَحْمُوْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُفْيَانَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ ابْنِ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو عَبْدِ الوَهَّابِ ابْنِ حَافِظِ المَشْرِقِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ العَبْدِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسِيْنَ، وَقِيْلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَبَكَّرَ بِهِ أَبُوْهُ، فَسَمَّعَهُ مِنْ: أَبِي الخَيْرِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَاغبَانِ، وَمِنْ: أَبِي رَشِيْدٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الفِيْجِ، وَمَسْعُوْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الرُّسْتَمِيِّ، وَعَبْدِ المُنْعِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدوَيْه، وَأَبِي المُطَهَّرِ الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَعِدَّةٍ.
__________
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 137 (كيمبرج) ، وتاريخ ابن النجار، الورقة 201 (ظاهرية) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2581، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 122 (أيا صوفيا 3012) .
(1) التاريخ المجدد، الورقة 201 (ظاهرية) .
(* *) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2621، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 129 - 131، والعبر، 5 / 131، ودول الإسلام: 2 / 103، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 251، والنجوم الزاهرة: 6 / 292، وشذرات الذهب: 5 / 155 - 156.(22/382)
حَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاء، وَابْن النَّجَّارِ، وَالشَّيْخ عَبْد الصَّمَدِ بن أَحْمَدَ بنِ أَبِي الجَيْش، وَالكَمَال عَبْد الرَّحْمَنِ الفُوَيْرِه، وَجَمَاعَةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِيَان؛ شِهَابُ الدِّيْنِ الخُوَيِّيُّ وَتَقِيُّ الدِّيْنِ الحَنْبَلِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ ابنُ عَسَاكِر، وَأَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيّ، وَالعِمَادُ ابْن الطَّبَّالِ، وَإِبْرَاهِيْمُ ابْنُ الحُبُوْبِيِّ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، وَالشَّيْخُ عَلِيُّ بنُ هَارُوْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُشَرِّفٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي الحَسَنِ المُخَرِّمِيُّ، وَعِزِّيَّةُ بِنْتُ غَنَائِمَ الكَفْرَبَطْنَانِيَّةُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: سَمِعَ كِتَابَ (المُحْتَضِرِيْنَ) ، وَكِتَاب (الرِّقَّةِ) ، وَكِتَاب (المَوْت) ، وَكِتَاب (التَّهجُّد) ، وَكِتَاب (حِلْمِ مُعَاوِيَة) لابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَسَمِعَ كِتَاب (الإِيْمَان) لابْنِ مَنْدَة.
وَقَرَأْتُ أَنَا بِخَطّ أَبِي الوَفَاء: وَمِنْ مَسْمُوْعَاتِي كِتَاب (مَعْرِفَة الصَّحَابَة) لِلإِمَامِ جَدِّي، سَمِعته مِنْ أَبِي الخَيْرِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ.
قُلْتُ: أَكْثَر سَمَاعَاته فِي الخَامِسَة (1) ، فَإِنَّهُ كَتَبَ: وَمَوْلِدِي فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ.
مَاتَ: شَهِيداً، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ.
وَلَقَبُهُ: جَمَالُ الدِّيْنِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَسْمَعَهُ وَالِدُهُ الكَثِيْرَ مِنْ: أَبِي الخَيْرِ البَاغبَانِ، وَالرُّسْتمِيِّ، وَمَسْعُوْدٍ، وَجَمَاعَةٍ.
246 - ابْنُ شَدَّادٍ يُوْسُفُ بنُ رَافِعِ بنِ تَمِيْمٍ الأَسَدِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، قَاضِي القُضَاةِ، بَقِيَّةُ الأَعْلاَمِ، بَهَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو العِزِّ، وَأَبُو
__________
(1) فتكون حضورا بإفادة أبيه.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2574، وذيل الروضتين لأبي شامة: 163، ووفيات =(22/383)
المَحَاسِنِ يُوْسُفُ بنُ رَافِعِ بنِ تَمِيْمِ بنِ عُتْبَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَتَّابِ الأَسَدِيُّ، الحَلَبِيُّ الأَصْلِ وَالدَّارِ، المَوْصِلِيُّ المَوْلِدِ وَالمَنْشَأِ، الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ، المُقْرِئُ، المَشْهُوْرُ: بِابْنِ شَدَّادٍ؛ وَهُوَ جَدُّهُ لأُمِّهِ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) .
وَلاَزَمَ يَحْيَى بنَ سَعْدُوْنَ القُرْطُبِيَّ، فَأَخَذَ عَنْهُ القِرَاءاتِ وَالنَّحْوَ وَالحَدِيْثَ.
وَسَمِعَ مِنْ: حَفَدَةَ العَطَّارِيِّ، وَابْنِ يَاسِرٍ الجَيَّانِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ الطُّوْسِيِّ، وَأَخِيْهِ؛ خَطِيْبِ المَوْصِلِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَالقَاضِي سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الشَّهْرُزُوْرِيِّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، فَسَمِعَ مِنْ شُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَجَمَاعَةٍ.
وَتَفَقَّهَ، وَبَرَعَ، وَتَفَنَّنَ، وَصَنَّفَ، وَرَأَسَ، وَسَادَ.
حَدَّثَ بِمِصْرَ، وَدِمَشْقَ، وَحَلَبَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الفَاسِيُّ، وَالمُنْذِرِيّ، وَالعَدِيْمِي (2) ، وَابْنه؛ مَجْد الدِّيْنِ، وَأَبُو حَامِدٍ ابْن الصَّابُوْنِيّ، وَسَعْدُ الخَيْرِ ابْنُ النَّابُلُسِيِّ، وَأَخُوْهُ، وَأَبُو صَادِقٍ مُحَمَّد بن الرَّشِيْد، وَأَبُو
__________
= الأعيان: 7 / 84 - 100، ومختصر أبي الفداء: 3 / 163 - 164، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 132 - 133 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 132، ومعرفة القراء، الورقة 193 - 194، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 66 - 67، وطبقات السبكي: 5 / 151 - 152، وطبقات الاسنوي، الورقة 134 - 135، والبداية والنهاية: 13 / 123، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 79 - 80، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة 18، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 266، وغاية النهاية: 2 / 395 - 396، والنجوم الزاهرة: 6 / 292، وشذرات الذهب: 5 / 158 - 159.
(1) قال المنذري في " التكملة ": وسألته عن مولده فقال: في شهر رمضان ... وبلغني عنه انه قال: في العاشر من رمضان بالموصل.
(2) يعني كمال الدين صاحب " بغية الطلب ".(22/384)
المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيّ، وَسُنْقُرُ القَضَائِيُّ، وَالصَّاحب مُحْيِي الدِّيْنِ ابْن النَّحَّاسِ سِبْطه، وَجَمَاعَة.
وَبِالإِجَازَةِ: قَاضِي القُضَاةِ تَقِيّ الدِّيْنِ سُلَيْمَان، وَأَبُو نَصْرٍ ابْن الشِّيْرَازِيّ.
قَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: كَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، عَارِفاً بِأُمُوْر الدِّيْنِ، اشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَسَارَ ذِكْرُهُ، وَكَانَ ذَا صَلاَحٍ وَعِبَادَةٍ، كَانَ فِي زَمَانِهِ كَالقَاضِي أَبِي يُوْسُفَ فِي زَمَانِهِ، دَبَّرَ أُمُوْرَ المُلْكِ بِحَلَبَ، وَاجتمعتِ الأَلْسُنُ عَلَى مَدْحِهِ، أَنشَأَ دَارَ حَدِيْثٍ بِحَلَبَ، وَصَنَّفَ كِتَابَ (دَلاَئِل الأَحكَامِ) فِي أَرْبَع مُجَلَّدَاتٍ.
وَقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : انْحدرَ ابْنُ شَدَّاد (2) إِلَى بَغْدَادَ، وَأَعَاد بِهَا (3) ، ثُمَّ مَضَى إِلَى المَوْصِل، فَدرَّس بِالكَمَاليَّة (4) ، وَانتفع بِهِ جَمَاعَة، ثُمَّ حَجَّ سَنَةَ 583، وَزَار الشَّامَ، فَاسْتحضرَهُ السُّلْطَان صَلاَح الدِّيْنِ (5) وَأَكْرَمَهُ، وَسَأَلَهُ عَنْ جُزء حَدِيْث ليسمع مِنْهُ، فَأَخَرَجَ لَهُ (جُزْءاً) فِيْهِ أَذكَارٌ مِنَ البُخَارِيِّ، فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ جَمَعَ كِتَاباً مُجَلَّداً فِي فَضَائِل الجِهَاد (6) ، وَقَدَّمه لَهُ، وَلاَزَمه، فَوَلاَّهُ قَضَاءَ العَسْكَرِ، ثُمَّ خَدَمَ بَعْدَهُ وَلدَهُ المَلِكَ الظَّاهِرَ غَازِياً، فَوَلاَّهُ قَضَاءَ مَمْلَكَتِهِ وَنَظَرَ الأَوقَافَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَلَمْ يُرْزَق ابْناً، وَلاَ كَانَ لَهُ أَقَاربُ، وَاتَّفَقَ أَنَّ الْملك الظَّاهِر أَقطعه إِقطَاعاً يَحصُل لَهُ مِنْهُ جُمْلَةٌ كَثِيْرَةٌ، فَتَصَمَّدَ لَهُ مَالٌ كَثِيْرٌ،
__________
(1) وفيات الأعيان: 7 / 86 - 87 باختصار.
(2) شطح قلم ابن طوغان فكتب " ابن رشيد " وليس بشيء.
(3) أعاد بها في المدرسة النظامية نحو أربع سنين.
(4) منسوبة إلى كمال الدين أبو الفضل محمد ابن الشهرزوري.
(5) كان السلطان - رضي الله عنه - محاصرا لقلعة كوكب يومئذ.
(6) يتكون الكتاب من ثلاثين كراسة وفيه ما أعد الله سبحانه وتعالى للمجاهدين الصابرين، وهذا علم في غاية النفع.(22/385)
فَعَمَّرَ مِنْهُ مَدْرَسَةً سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّ مائَةٍ، وَدَارَ حَدِيْثٍ وَتُربَة.
قَصَدهُ الطَّلبَةُ، وَاشْتَغَلُوا عَلَيْهِ لِلْعِلْمِ وَللدُّنْيَا، وَصَارَ المُشَارَ إِلَيْهِ فِي تَدبِيرِ الدَّوْلَةِ بِحَلَبَ، إِلَى أَنِ اسْتولتْ عَلَيْهِ البرودَات وَالضَّعف، فَكَانَ يَتَمَثَّلُ (1) :
مَنْ يَتَمَنَّ العُمْرَ، فَلْيَدَّرِعْ ... صَبْراً عَلَى فَقْدِ أَحْبَابِهِ
وَمَنْ يُعَمَّرْ يَلْقَ فِي نَفْسِهِ ... مَا قَدْ تَمَنَّاهُ لأَعْدَائِهِ
قَالَ الأَبَرْقُوْهِيُّ (2) : قَدِمَ مِصْرَ رَسُوْلاً غَيْرَ مَرَّةٍ، آخِرُهَا القدْمَة الَّتِي سَمِعْتُ مِنْهُ فِيْهَا.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (3) : كَانَ يُكْنَى أَوَّلاً بِأَبِي العِزِّ، ثُمَّ غَيَّرَهَا بِأَبِي المَحَاسِنِ.
قَالَ: وَقَالَ فِي بَعْضِ تَوَالِيفِه: أَوَّلُ مَنْ أَخذتُ عَنْهُ: شَيْخِي صَائِنُ الدِّيْنِ القُرْطُبِيّ، لاَزمتُ القِرَاءةَ عَلَيْهِ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَرَأْت عَلَيْهِ مُعْظَمَ مَا رَوَاهُ مِنْ كُتُبِ القِرَاءاتِ وَالحَدِيْثِ وَشُروحِه وَالتَّفْسِيْرِ، وَمِنْ شُيُوْخِي: سِرَاجُ الدِّيْنِ الجَيَّانِيُّ؛ قَرَأْتُ عَلَيْهِ (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ) كُلَّهُ، وَ (الوَسِيطَ) لِلوَاحِدِيِّ سَنَة تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ بِالمَوْصِلِ، وَمِنْهُم: فَخْر الدِّيْنِ أَبُو الرِّضَا (3) ابْن الشَّهْرُزُوْرِيّ، سَمِعْتُ عَلَيْهِ: (مُسْنَدَ أَبِي عَوَانَةَ) ، وَ (مُسْنَدَ أَبِي دَاوُدَ) ، وَ (مُسْنَدَ الشَّافِعِيِّ) ، وَ (جَامِعَ التِّرْمِذِيِّ) ... إِلَى أَنْ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (5) : أَخذتُ عَنْهُ كَثِيْراً، وَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُ إِرْبِلَ فِي حَقِّي وَحقِّ أَخِي، فَتفضَّلَ وَتَلقَّانَا بِالقَبُولِ
__________
(1) هذان البيتان لأبي إسحاق إبراهيم بن نصر بن عسكر المعروف بقاضي السلامية، ذكرهما ابن الشعار الموصلي في ترجمته من عقود الجمان: 1 / الورقة: 28، وانظر وفيات الأعيان: 7 / 93.
(2) انظر معجمه، الورقة.
(3) وفيات الأعيان: 7 / 84 - 86.
(4) سعيد بن عبد الله بن القاسم.
(5) الوفيات: 7 / 90 - 91.(22/386)
وَالإِكرَامِ، وَلَمْ يَكُنْ لأَحدٍ مَعَهُ كَلاَم، وَلاَ يَعمل الطّوَاشِي طُغْرِيْل شَيْئاً إِلاَّ بِمشُوْرَتِهِ.
وَكَانَ لِلْفُقَهَاءِ بِهِ حُرمَةٌ تَامَّةٌ ... إِلَى أَنْ قَالَ: أَثَّرَ الهَرَمُ فِيْهِ، إِلَى أَنْ صَارَ كَالفَرْخِ، وَكَانَ يَسلكُ طَرِيْق البَغَاددَة فِي أَوضَاعهِم، وَيلبس زِيَّهُم، وَالرُّؤَسَاءُ يَنْزِلُوْنَ عَنْ دَوَابِّهِم إِلَيْهِ، وَقَدْ (1) سَارَ إِلَى مِصْرَ لإِحضَار بِنْتِ السُّلْطَانِ الكَامِلِ إِلَى زَوْجِهَا المَلِكِ العَزِيْزِ، ثُمَّ اسْتَقلَّ العَزِيْزُ بِنَفْسِهِ، فَلاَزمَ القَاضِي بَيْتَه، وَأَسْمَعَ الحَدِيْثَ إِلَى أَنْ مَاتَ وَهُوَ عَلَى القَضَاءِ.
قَالَ (2) : وَظهرَ عَلَيْهِ الخَرَفُ، وَعَادَ لاَ يَعرِفُ مَنْ كَانَ يَعرِفُهُ، وَيَسْأَلُهُ عَنِ اسْمِهِ وَمَنْ هُوَ، ثُمَّ تَمرَّضَ، وَمَاتَ يَوْمَ الأَرْبعَاءِ، رَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
247 - ابْنُ رُوْزْبَةَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبِي بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ رُوْزْبَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، القَلاَنسِيُّ، العَطَّارُ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَسَمِعَ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) وَ (جُزْء ابْن العَالِي) مِنَ الشَّيْخِ أَبِي الوَقْتِ.
وَرَوَى (الصَّحِيْح) بِحَلَبَ، وَبَغْدَاد، وَحَرَّان، وَرَأْسِ عَيْنٍ، وَازْدَحَمُوا
__________
(1) وفيات الأعيان: 7 / 99.
(2) نفسه: نفسه.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2641، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 137 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 134، ودول الإسلام: 2 / 103، والوافي بالوفيات: 12 / الورقة 14، ونكت الهميان: 203، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 236، والنجوم الزاهرة: 6 / 296، وشذرات الذهب: 5 / 160.(22/387)
عَلَيْهِ، وَكَانَ عَزْمه عَلَى دِمَشْقَ، فَخوَّفُوهُ بِحَلَبَ مِنْ حِصَار دِمَشْق، فَرَدَّ، فَطَالَبَه بَعْضُ الدَّمَاشِقَةِ بِمَا كَانَ أَعْطَاهُ، فَأَعْطَاهُ البَعْضَ وَمَاطلَ (1) .
وَقَدْ أَضَرَّ بِأَخَرَةٍ، وَنَاطحَ التِّسْعِيْنَ، وَكَانَ حَسَنَ الهَيْئَةِ، مَلِيْحَ الشَّيْبَةِ، حُلْوَ الكَلاَمِ، قَوِيَّ الهِمَّةِ، وَيَسْكُنُ برِبَاطِ الخِلاَطِيَّةِ (2) .
حَدَّثَ عَنْهُ: عِزُّ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّازق الرَّسْعَنِيُّ، وَشَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ النَّابُلُسِيّ، وَكَمَالُ الدِّيْنِ يَحْيَى بنُ الصَّيْرَفِيِّ، وَالقَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ ابْنُ العِمَادِ، وَنَصْر اللهِ بنُ حوَارِيّ، وَعِزّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيّ، وَجَمَال الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيّ، وَأَمِيْن الدِّيْنِ ابْن الأَشْتَرِيِّ، وَتَاج الدِّيْنِ الغَرَّافِيّ، وَأَبُو الغَنَائِمِ الكَفَرَابِيّ، وَالجمَال عُمَر بن العقيمِيِّ، وَيَعْقُوْبُ بنُ فَضَائِلَ الحَلَبِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ تَيْمِيَةَ، وَالتَّاج ابْن أَبِي عَصْرُوْنَ، وَأَبُو سَعِيْدٍ سُنْقُرُ القَضَائِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَةِ: أَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَسَعْد الدِّيْنِ بن سَعْدٍ، وَالبَهَاء بن عَسَاكِرَ، وَالشِّهَاب ابْن الشِّحْنَةِ.
قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيّ: جَاوَزَ التِّسْعِيْنَ، وَتُوُفِّيَ فُجَاءةً لَيْلَة خَامِسِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (3) .
وَفِيْهَا مَاتَ: الجمَال أَبُو حَمْزَةَ أَحْمَد بن عُمَرَ ابْن الشَّيْخ أَبِي عُمَرَ، وَزُهْرَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بن حَاضِرٍ، وَالمُقْرِئُ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُغَرْبِلِ الشَّارِعِيُّ، وَالوَجِيْه عَبْد الخَالِقِ بن إِسْمَاعِيْلَ التِّنِّيْسِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ النَّسَّاجُ
__________
(1) العبارة في تاريخ الإسلام أكثر وضوحا، وهي: " فرد إلى بغداد فطالبوه بما كانوا أعطوه ليذهب إلى دمشق، فأعطى البعض وماطل بما بقي ".
(2) في الأصل: " الخلاطة " وليس بشيء فهو رباط مشهور ببغداد.
(3) التكملة: 3 / الترجمة: 2641.(22/388)
الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ ابْن الرَّمَّاحِ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّد بنِ أَبِي المَفَاخِرِ المَأْمُوْنِيُّ، وَصَاحِبُ المَغْرِبِ يَحْيَى بن إِسْحَاقَ بنِ غَانِيَة الصِّنْهَاجِيّ المَيُوْرقِيّ، وَيُوْسُف بن جِبْرِيْل اللَّوَاتِيّ بِمِصْرَ، وَأَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ فِتْيَانَ، وَعُمَر بن يَحْيَى بنِ شَافع المُؤَذِّن، وَخَطِيْب زَمْلَكَا عَبْد الكَرِيْمِ.
248 - ابْنُ دِحْيَةَ أَبُو الخَطَّابِ عُمَرُ بنُ حَسَنٍ الكَلْبِيُّ *
الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ المُتَفَنِّنُ، مَجْدُ الدِّيْنِ، أَبُو الخَطَّابِ عُمَرُ بنُ حَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ الجُمَيِّلِ - وَاسْمُ الجُمَيِّلِ مُحَمَّدٌ - بنِ فَرَحِ بنِ خَلَفِ بنِ قُوْمِسَ بن مَزْلاَلِ بنِ مَلاَّلِ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَدْرِ بنِ دِحْيَةَ بنِ خَلِيْفَةَ الكَلْبِيُّ، الدَّانِيُّ، ثُمَّ السَّبْتِيُّ.
هَكَذَا سَاق نَسبَه، وَمَا أَبعدَه مِنَ الصّحَّةِ وَالاتِّصَالِ! وَكَانَ يَكتب لِنَفْسِهِ: ذُو النِّسْبَتَيْنِ بَيْنَ دِحيَةَ وَالحُسَيْنِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ (1) : كَانَ يَذكرُ أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ دِحْيَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-
__________
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة: 194 (باريس 5922) ، وتاريخ ابن النجار، الورقة: 97 - 98 (باريس) ، ومرآة الزمان: 8 / 698، وذيل الروضتين: 163، والذيل على ابن نقطة لمنصور بن سليم الإسكندراني، الورقة: 73، ووفيات الأعيان: 3 / 448 - 450، وتلخيص مجمع الآداب: 5 / الترجمة: 406، والمختصر المحتاج، الورقة: 90، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1420 - 1422، ودول الإسلام: 2 / 103، وميزان الاعتدال: 2 / 252، والعبر: 5 / 134 - 135، وتاريخ الإسلام، الورقة: 138 - 139 (أيا صوفيا 3012) ، والمستفاد للدمياطي الحسامي، الورقة 62، ونثر الجمان للفيومي: 2 / الورقة: 75، والبداية والنهاية: 13 / 144 - 145، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة: 20 - 21، وذيل التقييد للفاسي، الورقة: 238 - 239، والفلاكة والمفلوكون: 88، ولسان الميزان: 4 / 292، والنجوم الزاهرة: 6 / 295 - 296، والألقاب للسخاوي، الورقة: 54، وحسن المحاضرة: 1 / 166، وبغية الوعاة: 2 / 218، وشذرات الذهب: 5 / 160 - 161، ونفح الطيب: 1 / 368 وغيرها.
(1) التكملة: 3 / الورقة: 52، من مجلد الأزهر.(22/389)
وَأَنَّهُ سِبْطُ أَبِي البَسَّامِ الحُسَيْنِيِّ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بن الجَدِّ، وَأَبَا القَاسِمِ بن بَشْكُوَالَ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ المُجَاهِد، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ زَرْقُوْنَ، وَأَبَا القَاسِمِ بن حُبَيْش، وَأَبَا مُحَمَّد بنَ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ بُونُه.
وَحَدَّثَ بِتُوْنُسَ بِـ (صَحِيْح مُسْلِم) عَنْ طَائِفَة، وَرَوَى عَنْ آخرِيْنَ، مِنْهُم: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَشْكُوَالَ - وَقَالَ: سَمِعْتُ مِنْهُ كِتَاب (الصِّلَةِ) - وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ المُنَاصِفِ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ دَحْمَانَ، وَصَالِح بن عَبْدِ المَلِكِ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ قُرْقُوْل، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ سِيْده، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ عَمِيْرَةَ، وَأَبُو خَالِدٍ بن رِفَاعَةَ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ رُشْدٍ الوَرَّاقُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ القُبَاعِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مُغَاوِرٍ.
قَالَ: وَكَانَ بَصِيْراً بِالحَدِيْثِ، مُعتنِياً بِتَقيِيدِهِ، مُكبّاً عَلَى سَمَاعِه، حَسَنَ الخطِّ، مَعْرُوْفاً بِالضَّبْط، لَهُ حَظّ وَافر مِنَ اللُّغَة، وَمشَاركَة فِي العَرَبِيَّة، وَغَيْرهَا، وَلِيَ قَضَاءَ دَانِيَة مَرَّتَيْنِ، وَصُرفَ لِسِيرَةٍ نُعِتَتْ (1) عَلَيْهِ، فَرَحَلَ، وَلقِيَ بِتِلِمْسَانَ أَبَا الحَسَنِ بنَ أَبِي حَيُّوْنَ، فَحَمَلَ عَنْهُ، وَحَدَّثَ بِتُوْنُسَ فِي سَنَةِ 595، ثُمَّ حَجَّ، وَكَتَبَ بِالمَشْرِق: بِأَصْبَهَانَ وَنَيْسَابُوْر عَنْ أَصْحَابِ الحَدَّاد وَالفُرَاوِيّ، وَعَاد إِلَى مِصْرَ، فَاسْتَأْدبه الْملك العَادل لابْنِهِ الكَامِل وَلِيِّ عَهْدِهِ، وَأَسكنه القَاهِرَة، فَنَالَ بِذَلِكَ دُنْيَا عرِيضَة، وَكَانَ يُسَمِّعُ وَيُدرِّس.
وَلَهُ تَوَالِيف، مِنْهَا: كِتَابُ (إِعلاَمِ النَّصِّ المُبِين، فِي المُفَاصَلَةِ بَيْنَ أَهْلِ صِفِّيْن) .
قُلْتُ: سَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ البُوْصِيْرِيّ بِمِصْرَ، وَمِنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ بِأَصْبَهَانَ، وَمِنْ مَنْصُوْر الفُرَاوِيّ بِنَيْسَابُوْرَ؛ سَمِعَ بِهَا (صَحِيْح مُسْلِم) عَالِياً، بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ نَازلاً، وَحَدَّثَ بِدِمَشْقَ، وَسَمِعَ بِهَا، وَسَمِعَ بِوَاسِط مِنْ أَبِي الفَتْحِ المَنْدَائِيِّ، سَمِعَ مِنْهُ (مُسْنَدَ أَحْمَدَ) .
__________
(1) هكذا هي أيضا في تاريخ الإسلام " بخط المؤلف، وفي التكملة الابارية: " نقمت ".(22/390)
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ.
فَقَالَ (1) : كَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَأَنَسَةٌ بِالحَدِيْثِ، فَقِيْهاً عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنَّهُ حَفِظَ (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ) جَمِيْعَهُ، وَإِنَّهُ قَرَأَهُ عَلَى شَيْخٍ بِالمَغْرِبِ مِنْ حِفْظِهِ، وَيَدَّعِي أَشيَاءَ كَثِيْرَةً.
وَلابْنِ عُنَيْنٍ فِيْهِ:
دِحْيَةُ لَمْ يُعْقِبْ فَلِمْ تَعْتَزِي ... إِلَيْهِ بِالبُهْتَانِ وَالإِفْكِ
مَا صَحَّ عِنْدَ النَّاسِ شَيْءٌ سِوَى ... أَنَّكَ مِنْ كَلْبٍ بِلاَ شَكِّ
قُلْتُ: كَانَ هَذَا الرَّجُلُ صَاحِبَ فُنُوْنٍ وَتَوسُّع وَيد فِي اللُّغَة، وَفِي الحَدِيْثِ عَلَى ضَعْفٍ فِيْهِ.
قَالَ ابْنُ مَسْدِيٍّ: رَأَيْت بِخَطِّهِ أَنَّهُ سَمِعَ قَبْل سَنَة سَبْعِيْنَ مِنْ جَمَاعَة؛ كَأَبِي بَكْرٍ بنِ خَلِيْل، وَاللَّوَاتِيّ، وَابْن حُنَيْن.
قَالَ: وَلَيْسَ يُنكر عَلَيْهِ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يسمع حَتَّى سَمِعَ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَحَصَّلَ مَا لَمْ يُحَصِّلْهُ غَيْرُهُ.
قَالَ الضِّيَاء: لَقِيْتُهُ بِأَصْبَهَانَ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، وَلَمْ يُعْجِبنِي حَاله؛ كَانَ كَثِيْرَ الوقيعَة فِي الأَئِمَّة.
وَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيْم السَّنْهُوْرِيُّ بِأَصْبَهَانَ: أَنَّهُ دَخَلَ المَغْرِبَ، وَأَنَّ مَشَايِخ المَغْرِبِ كَتَبُوا لَهُ جَرْحه وَتَضْعِيْفَه.
قَالَ الضِّيَاءُ: وَقَدْ رَأَيْتُ مِنْهُ غَيْرَ شَيْءٍ، مِمَّا يَدلُّ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ (2) : كَانَ مَوْصُوَفاً بِالمَعْرِفَة وَالفَضْلِ وَلَمْ أَرَهُ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَدَّعِي أَشيَاءَ لاَ حَقِيْقَةَ لَهَا، ذكر لِي أَبُو القَاسِمِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ ثِقَة، قَالَ: نَزل
__________
(1) ذيل تاريخ مدينة السلام، الورقة: 194 (باريس 5922) .
(2) لم يذكره في التقييد: ولم أجده في نسختي الأزهرية.(22/391)
عِنْدنَا ابْنُ دِحْيَةَ، فَكَانَ يَقُوْلُ: أَحْفَظُ (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ) وَ (التِّرْمِذِيَّ) .
قَالَ: فَأَخَذتُ خَمْسَةَ أَحَادِيْثَ مِنَ التِّرْمِذِيِّ، وَخَمْسَةً مِنَ (المُسْنَدِ) وَخَمْسَةً مِنَ المَوْضُوْعَاتِ، فَجَعَلْتُهَا فِي جُزْءٍ، ثُمَّ عَرَضتُ عَلَيْهِ حَدِيْثاً مِنَ التِّرْمِذِيِّ، فَقَالَ: لَيْسَ بِصَحِيْحٍ، وَآخَرَ، فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُهُ، وَلَمْ يَعرِفْ مِنْهَا شَيْئاً!
وَقَالَ ابْنُ وَاصِلٍ الحَمَوِيّ: كَانَ ابْنُ دِحْيَةَ - مَعَ فَرطِ مَعْرِفَته بِالحَدِيْثِ وَحِفْظِهِ الكَثِيْرِ لَهُ - مُتَّهَماً بِالمُجَازفَةِ فِي النَّقلِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ الْملك الكَامِل، فَأَمره أَنْ يُعلِّقَ شَيْئاً عَلَى كِتَابِ الشِّهَابِ، فَعلَّقَ كِتَاباً تَكَلَّمَ فِيْهِ عَلَى أَحَادِيْثِه وَأَسَانِيْدِهِ، فَلَمَّا وَقَفَ الكَامِلُ عَلَى ذَلِكَ، خَلاَّهُ أَيَّاماً، وَقَالَ: ضَاعَ ذَاكَ الكِتَابُ، فَعَلِّقْ لِي مِثْلَهُ.
فَفَعَلَ، فَجَاءَ الثَّانِي فِيْهِ مُنَاقضَةٌ لِلأَوَّلِ، فَعَلِمَ السُّلْطَانُ صِحَّةَ مَا قِيْلَ عَنْهُ، وَنَزَلت مَرْتَبَتُهُ عِنْدَهُ، وَعَزلَهُ مِنْ دَارِ الحَدِيْثِ الَّتِي أَنْشَأَهَا آخِراً، وَوَلاَّهَا أَخَاهُ أَبَا عَمْرٍو (1) .
قَرَأْت بِخَطِّ ابْنِ مَسْدِيٍّ فِي (مُعْجَمِهِ) ، قَالَ:
كَانَ وَالِدُ ابْنِ دِحْيَةَ تَاجراً يُعرَفُ بِالكَلْبِيِّ - بَيْنَ الفَاء وَالبَاء - وَهُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ بِدَانِيَةَ، وَكَانَ أَبُو الخَطَّابِ أَوَّلاً يَكتبُ: الكَلْبِيّ مَعاً، إِشَارَةً إِلَى المَكَانِ وَالنَّسَبِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُعرف بِابْنِ الجُمَيِّلِ؛ تَصَغِيْرُ جَمَلٍ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو الخَطَّابِ عَلاَّمَةَ زَمَانِه، وَقَدْ وَلِيَ أَوَّلاً قَضَاءَ دَانِيَةَ.
قُلْتُ: وَذَكَرَ أَنَّ سَبَبَ عَزْلِ ابْنِ دِحْيَةَ أَنَّهُ خَصَى مَمْلُوْكاً لَهُ، فَغَضِبَ الْملك، وَهَرَبَ ابْنُ دِحْيَةَ.
وَلفظ ابْن مَسْدِيٍّ، قَالَ: كَانَ مَمْلُوْكٌ يُسَمَّى
__________
(1) عثمان بن الحسن اللغوي، وبقي فيها إلى حين وفاته في الثالث عشر من جمادى الأولى سنة 634، فتولاها بعده حافظ الديار المصرية زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، فبقي فيها إلى حين وفاته سنة 656. (أنظر المنذري وكتابه التكملة: 134 فما بعد) .(22/392)
رَيْحَانَ، فَجَبَّهُ، وَاسْتَأْصلَ أُنْثَيَيْهِ وَزُبَّهُ، وَأَتَى بِزَامِرٍ (1) ، فَأَمَرَ بِثَقْبِ شَدْقِهِ، فَغَضِبَ عَلَيْهِ المَنْصُوْرُ، وَجَاءهُ النَّذِيْرُ، فَاخْتَفَى، ثُمَّ سَارَ مُتَنَكِّراً.
قُلْتُ: وَكَانَ مِمَّنْ يَترخص فِي الإِجَازَة، وَيطلق عَلَيْهَا: حَدَّثَنَا.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ: أَبُو عَمْرٍو بنُ الصَّلاَحِ (المُوَطَّأَ) بُعيدَ سَنَةِ سِتِّ مائَةٍ.
وَأَخْبَرَهُ بِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ، مِنْهُم: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ زَرْقُوْنَ، بِإِجَازتِه مِنْ أَحْمَد بن مُحَمَّد الخَوْلاَنِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو القيشطَالِيّ سَمَاعاً، أَخْبَرَنَا أَبُو عِيْسَى يَحْيَى بن عَبْدِ اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ دِحْيَةَ مَرَّةً أُخْرَى: حَدَّثَنِي القَاضِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ اللَّوَاتِيّ، وَابْن زَرْقُوْنَ، قَالاَ: حَدَّثَنَا الخَوْلاَنِيُّ.
وَقَدْ قَرَأْتُ بِخَطِّ الحَافِظِ عَلَمِ الدِّيْنِ القَاسِمِ (2) : أَنَّهُ قرَأَ بِخَطِّ ابْنِ الصَّلاَحِ:
سَمِعْتُ (المُوَطَّأَ) عَلَى الحَافِظِ ابْنِ دِحْيَةَ، وَحَدَّثَنَا بِهِ بِأَسَانِيْدَ كَثِيْرَةٍ جِدّاً، وَأَقْرَبُهَا: مَا حَدَّثَهُ بِهِ الفَقِيْهَانِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حُنَيْنٍ الكِنَانِيُّ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَلِيْلٍ القَيْسِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ فَرَجِ بنِ الطَّلاَّعِ، وَأَبُو بَكْرٍ خَازِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغِيْثٍ.
قَالَ ابْنُ الذَّهَبِيِّ: لَمْ يَلق ابْنُ دِحْيَةَ هَذَيْنِ، وَبِالجُهْدِ أَنْ تَكُوْنَ رِوَايَتُه عَنْهُمَا إِجَازَةً، وَكَانَا بِبلاَد العَدْوَة، لَمْ يَكُوْنَا بِالأَنْدَلُسِ، فَكَانَ القَيْسِيُّ بِمَرَّاكُش، وَكَانَ ابْنُ حُنَيْنٍ بِفَاسَ، وَلِمُتَأَخِّرِي المغَاربَةِ مَذْهَبٌ فِي إِطلاَقِ: حَدَّثَنَا عَلَى الإِجَازَةِ، وَهَذَا تَدْلِيْسٌ.
__________
(1) لم يرض الجوهري عن هذا الاستعمال، فقال: كما جاء في مختار الرازي: " زمر الرجل من باب ضرب ونصر فهو زمار، ولا يقال زامر، ويقال للمرأة زامرة ولا يقال: زمارة ". ولكن الفيروزآبادي، قال: " وهي زامرة وهو زمار وزامر قليل ".
(2) هو صاحبه العلامة البرزالي المتوفى سنة 739.(22/393)
قَالَ التَّقِيُّ عُبَيْدٌ (1) : أَبُو الخَطَّابِ ذُو النَّسَبَيْنِ صَاحِب الفُنُوْنِ وَالرحلَة الوَاسِعَة، لَهُ المُصَنَّفَات الفَائِقَة وَالمَعَانِي الرَّائِقَة، كَانَ مُعَظَّماً عِنْد الخَاص وَالعَام، سُئِلَ عَنْ مَوْلِده، فَقَالَ: سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَحُكِيَ عَنْهُ فِي مَوْلِدِهِ غَيْرُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: فَقِيْلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: شَيْخَانَا؛ شَرَفَا الدِّيْنِ أَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيُّ، وَابْنُ خَوَاجَا إِمَامٌ، وَغَيْرُهُمَا.
قَرَأْت بِخَطِّ الحَافِظِ الضِّيَاءِ: أَنَّ ابْنَ دِحْيَةَ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الثُّلاَثَاءِ، رَابِعَ عَشَرَ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ (2) : قَدِمَ عَلَيْنَا، وَأَملَى مِنْ حِفْظِهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنِ ابْنِ الجَوْزِيّ، وَسَمِعَ بِأَصْبَهَانَ (مُعْجَم الطَّبَرَانِيِّ) مِنَ الصَّيْدَلاَنِيّ، وَسَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ وَبِمَرْوَ وَوَاسِطَ، وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنْ جَمَاعَةٍ بِالأَنْدَلُسِ، غَيْرَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّاسَ مُجمِعِينَ عَلَى كَذِبِه وَضَعْفِه وَادِّعَائِهِ مَا لَمْ يَسْمَعْهُ، وَكَانَتْ أَمَارَاتُ ذَلِكَ لاَئِحَةً عَلَى كَلاَمِه وَفِي حَركَاتِه، وَكَانَ القَلْب يَأْبَى سَمَاعَ كَلاَمِه.
سَكَنَ مِصْرَ، وَصَادفَ قَبُولاً مِنَ السُّلْطَانِ الكَامِلِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ إِقبالاً عَظِيْماً، وَسَمِعْتُ أَنَّهُ كَانَ يُسوِّي لَهُ المَدَارِس حِيْنَ يَقومُ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَنَسَبُهُ لَيْسَ بِصَحِيْحٍ، وَكَانَ حَافِظاً مَاهِراً، تَامَّ المَعْرِفَةِ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَة، ظَاهِرِيَّ المَذْهَبِ، كَثِيْرَ الوَقِيعَةِ فِي
__________
(1) هو الاسعردي.
(2) التاريخ المجدد، الورقة: 97 - 98 (باريس) .(22/394)
السَّلَفِ، أَحْمَقَ، شَدِيدَ الكِبْر، خَبِيثَ اللِّسَانِ، مُتَهَاوِناً فِي دِيْنِهِ، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
حكَى ابْنُ النَّجَّارِ فِي (تَارِيْخِهِ) ، وَابْنُ العَدِيْمِ فِي (تَارِيخِ حَلَبَ) ، وَأَبُو صَادِقٍ مُحَمَّدُ بنُ العَطَّارِ، وَابْنُ المُسْتَوْفِي فِي (تَارِيْخِهِ) عَنْهُ أَشْيَاءَ تُسقِطه.
249 - الإِرْبِلِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُسَلَّمٍ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، فَخْر الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُسَلَّمِ بنِ سَلْمَانَ الإِرْبِلِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ مَرَّةً: فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ النَّقُّوْرِ، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَعَلِيِّ بنِ عَسَاكِرَ المُقْرِئِ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ البَطَلْيَوْسِيِّ، وَهِبَةِ اللهِ بنِ يَحْيَى الوَكِيْلِ، وَخمرتَاش فَتَى ابْنِ رَئِيْس الرُّؤَسَاءِ، وَتَجَنِّي عَتِيْقَةِ ابْنِ وَهْبَانَ، وَغَيْرِهِم، وَلَهُ عَنْهُم (جُزءٌ) سَمِعْنَاهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ ابْنُ الصَّابُوْنِيّ، وَالجمَالُ الدِّيْنَوَرِيّ الخَطِيْب، وَالعِمَاد يُوْسُفُ ابْن الشَّقَارِيِّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ ابْن اليُوْنِيْنِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْن
__________
(*) تاريخ إربل لابن المستوفي: 1 / 214 - 215، وتاريخ ابن الدبيثي: 1 / الترجمة 77 من المطبوع، وتاريخ الإسلام، الورقة 140 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 135، والمختصر المحتاج: 1 / 23، والمشتبه: 499، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1423، والوافي بالوفيات: 2 / 9، وشذرات الذهب: 5 / 161. وذكره الزكي المنذري في ترجمة ابن عمه محمد بن اسماعيل المتوفى سنة 618 وذكر انه لقيه بدمشق وانه سيذكره في كتابه (3 / الترجمة: 1802) لكنني لم أجد له ترجمة في الكتاب.
ولم يذكره ابن الفوطي في تلخيصه مع انه من شرطه، فاستدركه عليه محققه شيخنا الدكتور مصطفى جواد رحمه الله (4 / 3 / 296) من طبعة الشام.(22/395)
الظَّاهِرِيِّ، وَأَبُو الفَضْلِ ابنُ عَسَاكِرَ، وَعَلِيّ بن بَقَاءٍ الملقِّنُ، وَالعِمَاد بن سَعْدٍ، وَعَلِيّ وَعُمَر وَأَبُو بَكْرٍ؛ بَنُو ابْنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَعُمَرُ بن طَرْخَانَ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ مُؤْمِنٍ، وَمُحَمَّد بن يُوْسُفَ الإِرْبِلِيّ الذَّهَبِيّ، وَعِيْسَى بن أَبِي مُحَمَّدٍ المَغَارِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي الذِّكْرِ القُرَشِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْن خَطِيْب الأَبَّار، وَعَبْد المُنْعِمِ بن عَسَاكِرَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَمِنْ بَقَايَاهُم: عِيْسَى بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُطَعِّمُ، وَالقَاسِمُ بنُ عَسَاكِرَ، وَالقَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ.
قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ سَامَة (1) : لَقَبُهُ: قَنْوَرُ (2) .
وَقَرَأْت بِخَطِّ ابْنِ مَسْدِيٍّ: إِنَّهُ يُعرفُ بِالقَنْوَرِ.
قَالَ: وَكَانَ لاَ يَتحقّقُ مَوْلِدَهُ، وَلِهَذَا امْتَنَعُوا مِنَ الأَخْذِ عَنْهُ بِإِجَازَات أَقْوَامٍ مَوْتُهُم قَدِيْمٌ.
قَالَ ابْنُ الصَّلاَحِ: لاَ نَسْمَع بِهَذِهِ الإِجَازَات؛ لأَنَّه يذكر مَا يَدلّ عَلَى أَنَّ مَوْلِدَهُ بَعْد تَارِيخهَا.
وَقَالَ شَيْخنَا ابْنُ الظَّاهِرِيِّ - وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ -: تُوُفِّيَ بِإِرْبِل، فِي رَمَضَانَ - أَوْ شَوَّالٍ - سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَوجدت بِخَطِّ السَّيْفِ ابْنِ المَجْدِ، قَالَ: رَأَيْتُ أَصْحَابنَا وَمَشَايِخنَا يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ؛ بِسَبَبِ قِلَّةِ الدِّيْنِ وَالمُرُوْءَةِ، وَكَانَ سَمَاعُه صَحِيْحاً.
250 - نَصْرُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الجِيْلِيُّ *
ابْنِ شَيْخِ الإِسْلاَمِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، الإِمَامُ، العَالِم الأَوْحَدُ،
__________
(1) هو شيخه محمد بن سامة بن كوكب.
(2) انظر مشتبه الذهبي: 499.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2667، وتلخيص ابن الفوطي: 4 / الترجمة 1295، والحوادث الجامعة: 86 - 87، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 143 - 144 (أيا صوفيا =(22/396)
قَاضِي القُضَاةِ، عِمَاد الدِّيْنِ، أَبُو صَالِحٍ، وَلَدُ الحَافِظِ الزَّاهِدِ أَبِي بَكْرٍ، الجِيْلِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، فَأَجَاز لَهُ وَهُوَ ابْنُ شَهْرٍ: أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ البَطِّيِّ، وَالمُبَارَكُ بنُ مُحَمَّدٍ البَادرَائِي، وَطَائِفَةٌ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبَوَيْهِ، وَعَلِيّ بن عَسَاكِرَ البَطَائِحِيّ، وَخَدِيْجَة بِنْت النُّهْرُوَانِيِّ، وَشُهْدَة الكَاتِبَة، وَمُسْلِم بن ثَابِتٍ، وَعَبْد الحَقِّ بن يُوْسُفَ، وَأَحْمَد بن المُبَارَكِ المُرَقَّعَاتِيّ، وَعِيْسَى بن أَحْمَدَ الدُّوْشَابِيّ، وَمُحَمَّد بن بَدْرٍ الشِّيْحِيّ، وَفَاطِمَة بِنْت أَبِي غَالِبٍ المَاوَرْدِيِّ، وَأَبِي شَاكِر السَّقْلاَطُوْنِيِّ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى: وَالِدِه، وَأَبِي الفَتْحِ ابْنِ المَنِّيِّ، وَدرَّس، وَأَفتَى، وَنَاظرَ، وَسَادَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْن النَّجَّارِ، وَأَبُو المُظَفَّرِ ابْن النَّابُلُسِيّ، وَالشَّمْس بن هَامِلٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ الفَارُوْثِيّ، وَالتَّاج الغَرَّافِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّد بنُ أَحْمَدَ الشَّرِيْشِيُّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي الفَرَجِ ابْن الدَّبَّابِ، وَأَبُو الحَسَنِ ابْنُ بَلْبَانَ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَعِدَّة.
وَجَمَعَ (الأَرْبَعِيْنَ) لِنَفْسِهِ، وَدرَّسَ بِمَدْرَسَةِ جَدِّه، وَبِالمَدْرَسَةِ الشَّاطِئَةِ، وَتَكلّم فِي الْوَعْظ، وَأَلَّف فِي التَّصَوُّف، وَوَلِيَ القَضَاءَ لِلظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ، وَأَوَائِل دَوْلَة المُسْتَنْصِر، ثُمَّ عُزِلَ.
قَالَ الضِّيَاءُ: هُوَ فَقِيْهٌ، كَرِيْمُ النَّفْسِ، خَيِّرٌ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَرَأَ الخِلاَفَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي عَلِيٍّ النُّوْقَانِيِّ
__________
= 3012) ، والعبر: 5 / 136، والمختصر المحتاج إليه، الورقة 118، ودول الإسلام: 2 / 103، والذيل لابن رجب: 2 / 189 - 192، والعسجد المسبوك للخزرجي، الورقة 151، وقلائد التاذفي: 45 - 46، وشذرات الذهب: 5 / 161 - 162، والتاج للزبيدي: 3 / 44.(22/397)
الشَّافِعِيِّ، وَبُنِيت لَهُ دَكَّة بِجَامِعِ القَصْرِ لِلْمُنَاظَرَة، وَوَعَظَ، فَكَانَ لَهُ قبولٌ تَامٌّ، وَأُذِنَ لَهُ فِي الدُّخُول عَلَى الأَمِيْرِ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ ابْنِ النَّاصِرِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ لِسَمَاعِ (المُسْنَدِ) بِإِجَازته مِنَ النَّاصِر وَالِدِه، فَأَنِسَ بِهِ، فَلَمَّا اسْتُخلِفَ، لُقِّبَ بِالظَّاهِرِ، فَقلَّدَ القَضَاءَ أَبَا صَالِحٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ، فَسَارَ السِّيرَةَ الحَسَنَةَ، وَسَلكَ الطَّرِيقَةَ المُسْتَقِيمَةَ، وَأَقَامَ نَامُوسَ الشَّرْعِ، وَلَمْ يُحَابِ أَحَداً، وَلاَ مَكَّنَ مِنَ الصِّيَاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ.
وَكَانَ يَمضِي إِلَى الجُمُعَةِ مَاشِياً، وَيَكْتُب الشُّهُودُ مِنْ دَوَاتِه فِي المَجْلِسِ، فَلَمَّا اسْتُخلفَ المُسْتَنْصِرُ، أَقرَّهُ أَشْهُراً، وَعَزَلَهُ.
وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَكَانَ ثِقَةً، مُتحرِّياً، لَهُ فِي المَذْهَبِ اليَدُ الطُّوْلَى، وَكَانَ لَطِيفاً، مُتَوَاضِعاً، مَزَّاحاً، كَيِّساً، وَكَانَ مِقْدَاماً، رَجُلاً مِنَ الرِّجَالِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
كُنْتُ فِي دَارِ الوَزِيْرِ القُمِّيِّ (1) ، وَهُنَاكَ جَمَاعَةٌ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ ذُو هَيْئَةٍ، فَقَامُوا لَهُ وَخَدَمُوْهُ، فَقُمْتُ وَظننتُه بَعْض الفُقَهَاء، فَقِيْلَ: هَذَا ابْنُ كَرَمٍ اليَهُوْدِيُّ عَامِلُ دَارِ الضَّرْبِ.
فَقُلْتُ لَهُ: تَعَالَ إِلَى هُنَا.
فَجَاءَ، وَوَقَفَ، فَقُلْتُ: وَيْلَكَ! تَوَهَّمْتُكَ فَقِيْهاً (2) ، فَقُمْتُ إِكرَاماً لَكَ، وَلَسْتَ - وَيْلَكَ - عِنْدِي بِهَذِهِ الصِّفَةِ.
ثُمَّ كَرَّرتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَائِمٌ يَقُوْلُ: اللهُ يَحفظُكَ! اللهُ يُبقِيكَ!
ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: اخْسَأْ هُنَاكَ بَعِيداً عَنَّا، فَذَهَبَ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ: أَنَّهُ رُسِمَ لَهُ بِرِزْقٍ مِنَ الخَلِيْفَةِ، وَأَنَّهُ زَارَ يَوْمَئِذٍ قَبْرَ الإِمَامِ أَحْمَدَ، فَقِيْلَ لِي: دُفِعَ رَسْمُكَ إِلَى ابْنِ تُوْمَا النَّصْرَانِيِّ، فَامضِ إِلَيْهِ، فَخُذْهُ.
فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَمضِي وَلاَ أَطلبه.
فَبقِي ذَلِكَ الذَّهَبُ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ قُتِلَ - إِلَى لَعنَةِ اللهِ - فِي السَّنَةِ الأُخْرَى، وَأُخِذَ الذَّهَبُ مِنْ دَارِهِ، فَنفذ إِلَيَّ.
تُوُفِّيَ أَبُو صَالِحٍ: فِي سَادِسَ عَشَرَ شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
__________
(1) مؤيد الدين الذي مرت ترجمته في هذا المجلد.
(2) في الأصل: " فقيه ".(22/398)
وَدُفِنَ عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ، فَعَلَ ذَلِكَ الرَّعَاعُ، فَقُبِضَ عَلَى مَنْ فَعَل ذَلِكَ، وَعُوقِبَ، وَحُبِسَ، ثُمَّ نُبِشَ أَبُو صَالِحٍ لَيلاً بَعْدَ أَيَّامٍ، وَدُفِنَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَحْدَهُ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: الفَخْرُ ابنُ عَسَاكِرَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ حَاتِمٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَسَعْدُ الدِّيْنِ، وَعِيْسَى المُطَعِّمُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الشِّحْنَةِ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشيرَازِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بِقِرَاءتِي، أَخْبَرَكُم نَصْرُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ الوقَايَاتِيِّ سَنَة تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، قَالَتْ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُظَفَّر التَّمَّارُ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُرْفِيُّ (1) ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّهْقَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بنُ عِيْسَى بنِ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحِلٌّ (2) الضَّبِّيُّ:
سَمِعْتُ عَدِيَّ بنَ حَاتِمٍ يُحَدِّثُنَا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا، فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ) (3) .
__________
(1) بضم الحاء المهملة وسكون الراء، هذه النسبة للبقال ببغداد ولمن يبيع الاشياء التي تتعلق بالبقالين، وهو أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن الحسين الحرفي، بغدادي روى عنه الخطيب، وقال: كان صدوقا غير أن بعض سماعه من النجاد كان مضطربا.
(2) محل بن محرز الضبي الكوفي، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، وهو شيخ لا بأس به، مات سنة 153.
(3) حديث صحيح أخرجه البخاري (3595) في المناقب عن محمد بن الحكم عن النضر ابن شميل، عن اسرائيل، عن سعد أبي مجاهد الطائي، عن محل بن خليفة الطائي، وفي الزكاة (1413) عن عبد الله بن محمد، عن أبي عاصم، عن سعدان بن بشر، عن أبي مجاهد الطائي، به.
ورواه النسائي في الزكاة (5 / 74 - 75) عن نصر بن علي الجهضمي، عن خالد ابن الحارث الهجيمي، عن شعبة، عن محل، به مختصرا.(22/399)
بِعَونِهِ تَعَالَى وَتَوْفِيْقِهِ تَمَّ الجُزْءُ الثَّانِي وَالعِشْرُوْنَ مِنْ (سِيَرِ أَعْلاَمِ النُّبَلاءِ) ، وَيَلِيهِ الجُزْءُ الثَّالِثُ وَالعِشْرُوْنَ، وَأَوَّلُهُ تَرْجَمَةُ: ابْنِ يَاسِيْنَ مِنَ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ وَالثَّلاَثُوْنَ.(22/400)
الجُزءُ الثَّالِثُ وَالعِشْرُونَ
1 - ابْنُ يَاسِيْنَ أَبُو مَنْصُوْرٍ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ البَزَّازُ السَّفَّارُ
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ الأَمِيْنُ، الحَجَّاجُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُفَرِّجٍ البَغْدَادِيُّ، البَزَّازُ، السَّفَّارُ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الدَّامَغَانِيِّ، وَأُخْتِهِ تُركُنَازَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخُ عِزُّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَلْبَانَ.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِيَانِ؛ ابْنُ الخُوَيِّيِّ وَالحَنْبَلِيِّ، وَالفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالقَاسِمُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ.
قَالَ ابْنُ أَنْجَبَ فِي (تَارِيْخِهِ (1)) : حَجَّ تِسْعاً وَأَرْبَعِيْنَ حَجَّةً.
قُلْتُ: أُسْقِطَتْ شَهَادَتُهُ لِسُوْءِ طَرِيْقَتِهِ وَظُلْمِهِ.
تُوُفِّيَ: فِي خَامِسِ صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2699، وذيل منصور بن سليم، الورقة 93، والعبر للذهبي: 5 / 137 وتاريخ الإسلام، الورقة: 147 (أياصوفيا 3012) ، والنجوم الزاهرة: 6 / 298، وشذرات الذهب: 5 / 164.
(1) هو تاج الدين علي بن أنجب المعروف بابن الساعي البغدادي خازن كتب المدرسة المستنصرية وصاحب التصانيف الكثيرة المشهورة، ومنها تاريخه هذا الذي تظهر النقول عنه أنه كان من التواريخ المفصلة المستوعبة وقد رتبه على السنين، وفيه الحوادث والوفيات. توفي ابن الساعي سنة 674.(23/5)
2 - النَّاصِحُ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ نَجْمِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُفْتِي الأَوْحَدُ، الوَاعِظُ الكَبِيْرُ، نَاصِحُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ نَجْمِ ابنِ الإِمَامِ شَرَفِ الإِسْلاَمِ أَبِي البِرَكَاتِ عَبْدِ الوَهَّابِ ابنِ الشَّيْخِ الكَبِيْرِ أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الأَنْصَارِيُّ، السَّعْدِيُّ، العُبادِيُّ، الشِّيْرَازِيُّ الأَصْلِ، الشَّامِيُّ، المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ ومائَةٍ (1) .
وَتَفَقَّهَ، وَبَرَعَ فِي الوَعْظِ، وَارْتَحَلَ، وَسَمِعَ مِنْ: شُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّةِ، وَأَبِي شَاكِرٍ يَحْيَى السَّقْلاَطُوْنِيِّ، وَعَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَمُسْلِمِ بنِ ثَابِتٍ، وَنِعْمَةَ بِنْتِ القَاضِي أَبِي خَازِمٍ بنِ الفَرَّاءِ، وَطَائِفَةٍ بِبَغْدَادَ.
وَمِنْ: أَبِي مُوْسَى المَدِيْنِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ التُّركِ بِأَصْبَهَانَ.
وَمِنْ: عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ أَبِي العَلاَءِ بِهَمَذَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَالضِّيَاءُ، وَالبِرْزَالِيُّ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ الصَّابُوْنِيُّ، وَالشَّمْسُ بنُ حَازِمٍ، وَالعِزُّ بنُ العِمَادِ، وَالتَّقِيُّ بنُ مُؤْمِنٍ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، وَعَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ بطّيخٍ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَّاغُ، وَالشِّهَابُ بنُ مُشَرَّفٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الوَاسِطِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ.
__________
(*) مرآة الزمان: 8 / 700 - 702، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2688، وذيل الروضتين لأبي شامة: 164، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 150 (أياصوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 138، والمختصر المحتاج إليه، الورقة 73، ودول الإسلام: 2 / 104، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 81، والبداية والنهاية: 13 / 146، والذيل لابن رجب: 2 / 193 - 201، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة 23، والنجوم الزاهرة: 6 / 298، وشذرات الذهب: 5 / 164 - 166، والتاج المكلل للقنوجي: 232.
(1) في ليلة السابع عشرة من شوال منها، كما ذكر المنذرى وغيره.(23/6)
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: القَاضِيَانِ ابْنُ الخُوَيِّيِّ وَابْنُ حَمْزَةَ، وَالبَهَاءُ ابنُ عَسَاكِرَ.
وَدَرَّسَ، وَأَفْتَى، وَصَنَّفَ، وَكَانَ رَئِيْسَ الحَنَابِلَةِ فِي وَقْتِهِ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ لَهُ قَبولٌ زَائِدٌ.
حَدَّثَ وَوَعظَ بِمِصْرَ وَبِدِمَشْقَ.
لَهُ خُطَبٌ وَمَقَامَاتٌ، وَكِتَابُ (تَارِيخِ الوُعَّاظِ) .
وَكَانَ حُلوَ الإِيرَادِ، صَارِماً، مَهِيْباً، شَهْماً، كَبِيْرَ القَدْرِ.
تُوُفِّيَ: فِي ثَالِثِ المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْمٍ، أَخْبَرَنَا الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ (ح) .
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: وَحَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَزِيْنٍ الخَيَّاطُ، حَدَّثَنَا البَاغَنْدِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَابِرٍ، حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَنْمٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبو عَامِرٍ أَوْ أَبُو مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ - وَاللهِ مَا كَذَبَنِي -:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لَيَكُوْنَنَّ فِي أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّوْنَ الحَرِيْرَ وَالخَمْرَ وَالمَعَازفَ، وَلَيَنْزِلنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَروحُ عَلَيْهِم بِسَارِحَةٍ فَيَأْتِيهِم رَجُلٌ لِحَاجَةٍ فَيَقُوْلُوْنَ لَهُ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَداً، فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ -تَعَالَى- وَيَضعُ العَلَمَ عَلَيْهِم، وَيُمسَخُ آخَرُوْنَ قِرَدَةً وَخَنَازِيْرَ) .
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (1) تَعلِيقاً لِهِشَامٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ فِي (تَارِيْخِهِ) عَنِ النَّاصحِ.
__________
(1) في صحيحه (5590) في الاشربة: باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، وقد وصله أبو داود (4039) والطبراني (3417) ، والبيهقي 10 / 221 وغيرهم، وهو حديث صحيح. (شعيب) .(23/7)
أَخُوْهُ:
3 - أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ نَجْمٍ *
الشَّيْخُ، الفَقِيْهُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ نَجْمٍ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي ذِي القَعْدَةِ، وَلَهُ سَبْعٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي تَمِيْمٍ سَلْمَانَ الرَّحَبِيِّ، وَالكَمَالِ ابنِ الشَّهْرُزُوْرِيِّ، وَالحَيْصَ بَيْصَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الصَّفِيُّ خَلِيْلٌ المَرَاغِيُّ فِي (مَشْيَخَتِهِ) .
4 - القَطِيْعِيُّ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ حُسَيْنٍ **
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، المُفِيْدُ، المُؤَرِّخُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، شَيْخُ المُسْتَنْصِرِيَّةِ أَوَّلَ مَا فُتِحَتْ (1) ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ حُسَيْنٍ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ القَطِيْعِيِّ.
وُلِدَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمَّعَهُ وَالِدُهُ الفَقِيْهُ أَبُو العَبَّاسِ القَطِيْعِيُّ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ ابْنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَنَصْرِ بنِ نَصْرٍ العُكْبَرِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ العَبَّاسِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ؛ فَرَوَى عَنْهُ (الصَّحِيْحَ) ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ الخَلِّ الفَقِيْهِ، وَسَلْمَانَ الشَّحَّامِ، وَطَائِفَةٍ.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2266، وذيل الروضتين لأبي شامة: 158، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 55 (أيا صوفيا 3012) ، والذيل لابن رجب: 2 / 174، وشذرات الذهب: 5 / 119.
(* *) تاريخ ابن الدبيثي: 1 / الترجمة: 57 (من المطبوع) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2723، وتاريخ الإسلام، الورقة: 154 (أيا صوفيا 3012) ، ودول الإسلام: 2 / 104، والوافي بالوفيات: 2 / 130، والذيل لابن رجب: 2 / 212 - 214، وغربال الزمان، الورقة: 181 (باريس 1593) ، ولسان الميزان: 5 / 64، وشذرات الذهب: 5 / 162 - 163، 168، وتاريخ علماء المستنصرية للدكتور ناجي معروف: 1 / 324، ومقدمة تاريخ ابن الدبيثي.
(1) يعني شيخ دار الحديث بالمستنصرية.(23/8)
ثُمَّ طَلبَ هُوَ بِنَفْسِهِ، وَارْتَحَلَ، فَسَمِعَ بِالمَوْصِلِ مِنْ: يَحْيَى بنِ سَعدُوْنَ القُرْطُبِيِّ، وَخَطِيْبِهَا أَبِي الفَضْلِ الطُّوْسِيِّ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الكِنَانِيِّ، وَأَبِي المَعَالِي بنِ صَابِرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ القُرَشِيِّ.
وَقَدْ لَزِمَ الشَّيْخَ أَبَا الفَرَجِ ابْنَ الجَوْزِيِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ كَثِيْراً، وَأَخَذَ عَنْهُ الوَعْظَ، وَجَمَعَ (ذَيْلَ التَّارِيْخِ) لِبَغْدَادَ، وَمَا تَمَّمَهُ، وَخَدَمَ فِي بَعْضِ الجِهَاتِ، وَنَابَ عَنِ الصَّاحبِ مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنِ الجَوْزِيِّ فِي الحِسْبَةِ، وَفترَ عَنِ الحَدِيْثِ، بَلْ تَرَكَهُ، ثُمَّ طَالَ عُمُرُهُ، وَعَلاَ سَنَدُهُ، وَاشْتُهِرَ ذِكْرُهُ، فَأُعْطِيَ مَشْيَخَةَ المُسْتَنْصِرِيَّةِ.
وَكَانَ يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ، ثُمَّ تَرَكَهُ.
وَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ بِبَلدِهِ (بِالصَّحِيْحِ) كَامِلاً عَنْ أَبِي الوَقْتِ، وَتَفَرَّدَ بِعِدَّةِ أَجزَاءَ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: هُوَ شَيْخٌ صَالِحُ السَّمَاعِ، صَنَّفَ لبَغْدَادَ (تَارِيخاً) إِلاَّ أَنَّهُ مَا أَظَهْرَهُ.
قُلْتُ: وَكَانَ لَهُ أُصُوْلٌ يَرْوِي مِنْهَا، وَكَانَ يَتَعَاسَرُ فِي الرِّوَايَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالسَّيْفُ ابْنُ المَجْدِ، وَالجَمَالُ الشَّرِيْشِيُّ، وَالعِزُّ الفَارُوْثِيُّ، وَالعَلاَءُ بنُ بَلْبَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ ابنِ الكَسَّارِ، وَالفَقِيْهُ سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ الطِّيْبِيُّ، وَالمَجدُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الخَلِيْلِيِّ، وَالشِّهَابُ الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَالتَّاجُ الغَرَّافِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِيَانِ الخُوَيِّيُّ وَالحَنْبَلِيُّ، وَالفَخْرُ ابنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ عَمِّهِ البَهَاءُ، وَسَعْدُ الدِّيْنِ ابْنُ سَعْدٍ، وَعِيْسَى المُطَعِّمُ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: جَمعَ (تَارِيْخاً (1)) ، وَلَمْ يَكُنْ مُحَقِّقاً فِيمَا يَنقُلهُ
__________
(1) سماه " درة الاكليل في تتمة التذييل "، قال ابن رجب: رأيت أكثره بخطه، وقد نقلت =(23/9)
وَيَقُوْلُهُ - عَفَا اللهُ عَنْهُ -.
وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ، أَذْهَبَ عُمُرَهُ فِي (التَّارِيْخِ) الَّذِي عَمِلَه، طَالعتُهُ فَرَأَيْتٌ فِيْهِ كَثِيْراً مِنَ الغَلَط وَالتَّصحيفِ، فَأَوْقَفتُه عَلَى وَجهِ الصَّوَابِ فِيْهِ فَلَمْ يَفْهَم، وَقَدْ نَقَلْتُ عَنْهُ، مِنْهُ أَشيَاءُ لاَ يَطمئنُّ قَلْبِي إِلَيْهَا، وَالعُهدَة عَلَيْهِ، وَسَمِعْتُ عَبْدَ العَزِيْز بنَ دُلَفٍ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ الوَزِيْر أَبَا المُظَفَّرِ بنَ يُوْنُسَ يَقُوْلُ لأَبِي الحَسَنِ ابْنِ القَطِيْعِيِّ: وَيْلَك! عُمُرَكَ تَقرَأُ الحَدِيْث، وَلاَ تُحسنُ تَقرَأُ حَدِيْثاً وَاحِداً صَحِيْحاً.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: وَكَانَ لُحنَةً، قَلِيْلَ المَعْرِفَةِ بِأَسْمَاءِ الرِّجَالِ، أَسَنَّ وَعُزِلَ عَنِ الشَّهَادَةِ، وَأُلْزِمَ مَنْزِلَه.
تُوُفِّيَ: فِي رَابعِ - أَوْ خَامِسِ - رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: الْملك المُحْسِنُ أَحْمَدُ ابنُ السُّلْطَانِ صَلاَحِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ، وَالشَّيْخ إِسْحَاق بن أَحْمَدَ العَلْثِيُّ الزَّاهِدُ، وَالمُحَدِّث وَجِيْهُ الدِّيْنِ بَرَكَاتُ بنُ ظَافِرِ بنِ عَسَاكِرَ المِصْرِيُّ، وَالمُوَفَّقُ حَمْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ صُدَيْقٍ الحَرَّانِيُّ الحَنْبَلِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ خَلِيْل بن أَحْمَدَ الجَوْسَقِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ، وَالحَافِظُ أَبُو الرَّبِيْعِ الكَلاَعِيُّ، وَالضَّحَّاكُ بنُ أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَالنَّاصِحُ ابْنُ الحَنْبَلِيِّ، وَأَبُو البَرَكَاتِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القُبَّيْطِيِّ، وَالنَّاصحُ عَبْدُ القَادِرِ بنُ عَبْدِ القَاهِرِ الحَرَّانِيُّ الحَنْبَلِيُّ، وَالشَّرَفُ عَبْدُ القَادِرِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ ثُمَّ المِصْرِيُّ، وَعَبْدُ اللَّطِيْفِ ابْنُ شَاعِرِ العِرَاقِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ ابْن التَّعَاوِيْذِيِّ، وَعَبْد الوَاحِدِ بن نِزَارٍ ابْنُ الجَمَالِ، وَأَبُو عَمْرٍو عُثْمَان بن حَسَنِ بنِ دِحْيَةَ اللُّغَوِيُّ السَّبْتِيُّ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ كُبَّةَ (1) ،
__________
= منه في هذا الكتاب كثيرا، وفيه فوائد جمة من أوهام وأغلاط ".
وكتابه هذا يشبه تاريخ ابن الدبيثي، من حيث هو ذيل على ذيل السمعاني.
(1) قيده المنذري في " التكملة ": 3 / الترجمة: 2746، وقال: " بضم الكاف وتشديد =(23/10)
وَالكَمَالُ عَلِيّ بن أَبِي الفَتْحِ الكُنَارِيّ (1) الطَّبِيْب بِحَلَبَ، وَصَاحِب الرُّوْم كيقبَاد بن كيخسرو، وَالصَّاحب مُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ مُهَاجِرٍ بِدِمَشْقَ، وَصَاحِب حَلَب الْملك العَزِيْز مُحَمَّد ابْن الظَّاهِر، وَخَطِيْب شُقْر أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَضَّاحٍ المُقْرِئ، وَالمُحْتَسِبُ فَخْر الدِّيْنِ مَحْمُوْدُ بن سيمَا (2) ، وَمُرْتَضَى بنُ العَفِيْف، وَأَبُو بَكْرٍ هِبَةُ اللهِ بنُ كَمَالٍ، وَيَاسَمِينُ بِنْتُ البَيْطَارِ.
5 - مُرْتَضَى بنُ العَفِيْفِ أَبِي الجُوْدِ حَاتِمِ بنِ المُسَلَّمِ بنِ أَبِي العَرَبِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحَسَنِ الحَارِثِيُّ، المِصْرِيُّ، الحَوْفِيُّ.
مَوْلِدُهُ: بِالحَوْفِ (3) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ تَقْرِيْباً.
وَقَرَأَ بِالسَّبْعِ عَلَى (.... (4)) .
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَالقَاضِي مُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن قَاسمٍ الزَّيَّاتِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَرِّيٍّ، وَسَلامَةَ بنِ عَبْدِ البَاقِي، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ المُنْذِرِيُّ، وَحَفِيْدُهُ حَاتِمُ بنُ حُسَيْنِ
__________
= الباء الموحدة وتاء تأنيث " وانظر تاريخ ابن الدبيثي، الورقة: 176 (كيمبرج) ، والمشتبه: 542، وتاريخ الإسلام، الورقة: 153 (أيا صوفيا 3012) .
(1) قيدها الذهبي بخطه في تاريخ الإسلام، الورقة: 153 (أيا صوفيا 3012) .
(2) محمود بن عبد اللطيف بن محمد بن سيما بن عامر، أبو الثناء السلمي الدمشقي المحتسب.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2760، وتكملة ابن الصابوني: 302 - 303، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 155 - 156، والعبر: 5 / 140، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 256، والنجم الزاهرة: 6 / 299، وشذرات الذهب: 5 / 168 - 169.
(3) كورة مشهورة قصبتها بلبيس من ديار مصر، قيدها المنذري.
(4) فراغ في الأصل تركه المؤلف لعدم معرفته به، فكأنه تركه ليعود إليه فما عاد، ويفسره قوله في آخر الترجمة: " ما ذكر المنذري على من تلا بالسبع " وجاء في " غاية النهاية " 2 / 93: أنه أخذ القراءات عن الشاطبي.(23/11)
بنِ مُرْتَضَى، وَأَحْمَد بن عَبْدِ الكَرِيْمِ المُنْذِرِيُّ، وَالتَّاج الغَرَّافِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ غَيْرُ وَاحِدٍ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ حُضُوْراً الجَمَالُ مُحَمَّدُ بنُ مُكَرَّمٍ الكَاتِبُ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ (1) : كَانَ عَلَى طَرِيقَةٍ حَسَنَةٍ، كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ لَيْلاً وَنَهَاراً، وَأَبُوْهُ أَحَدُ المُنْقَطِعِيْن المَشْهُوْرِيْنَ بِالصَّلاَحِ.
قُلْتُ: حَدَّثَ مُرْتَضَى بِدِمَشْقَ، وَكَانَ عِنْدَهُ فِقْهٌ وَمَعْرِفَةٌ وَنَبَاهَةٌ. كَتَبَ بِخَطِّهِ الكَثِيْرِ.
وَقَالَ التَّقِيُّ عبيد (2) : كَانَ فَقِيراً صَبُوْراً لَهُ قَبُوْلٌ، يَخْتِم فِي الشَّهْر ثَلاَثِيْنَ ختمَةً، وَلَهُ فِي رَمَضَانَ سِتُّوْنَ ختمَةً -رَحِمَهُ اللهُ-.
تُوُفِّيَ: بِالشَّارِعِ (3) ، فِي التَّاسعِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَكَانَ شَافِعِيّاً.
قُلْتُ: مَا ذَكَرَ المُنْذِرِيُّ عَلَى مَنْ تَلاَ بِالسَّبْعِ.
6 - ابْنُ كَمَالٍ أَبُو بَكْرٍ هِبَةُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ حَسَنٍ الحَرْبِيُّ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، الخَاشِعُ، أَبُو بَكْرٍ هِبَةُ اللهِ بن عُمَرَ بنِ حَسَنٍ الحَرْبِيُّ، البَغْدَادِيُّ، القَطَّانُ، الحَلاَّجُ، المَعْرُوفُ بِابْنِ كَمَالٍِ.
__________
(1) التكملة: 3 / الترجمة: 2760.
(2) هو الاسعردي.
(3) محلة بظاهر القاهرة.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2729، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 157 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 140 - 141، والنجوم الزاهرة: 6 / 299، وشذرات الذهب: 5 / 169.(23/12)
حَدَّثَ عَنْ: هِبَة اللهِ بنِ أَحْمَدَ الشِّبْلِيِّ، وَكَمَالِ بِنْت الحَافِظِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَأَبِي المَعَالِي بنِ اللَّحَّاسِ.
وَتَفَرَّد فِي وَقْتِهِ، وَكَانَ مِنَ الأَخيَارِ.
أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ المَجْدِ، وَالكَمَالُ ابْن الدّخميسِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَلْبَانَ، وَطَائِفَة.
وَبِالإِجَازَةِ: الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَالفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ عَمِّهِ البَهَاءُ، وَالمُطَعِّمُ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ الشِّيْرَازِيّ، وَابْنُ الشِّحنَةِ، وَعِدَّةٌ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
7 - يَاسَمِيْنُ أُمُّ عَبْدِ اللهِ يَاسَمِيْنُ بِنْتُ سَالِمِ بنِ عَلِيٍّ الحَرِيْمِيَّةُ *
الشَّيخَةُ المُعَمَّرَةُ المُبَارَكَةُ، أُمُّ عَبْدِ اللهِ يَاسَمِينُ بِنْتُ سَالِمِ بنِ عَلِيِّ بنِ سَلاَمَةَ ابْنِ البَيْطَارِ الحَرِيْمِيَّةُ، أُخْتُ المُسْنِدِ ظَفَرِ الدِّيْنِ الَّذِي (1) رَوَى لَنَا عَنْهُ الأَبَرْقُوْهِيُّ.
رَوَتْ جُزْءاً عَنْ أَبِي المُظَفَّرِ هِبَة اللهِ ابْنِ الشِّبْلِيِّ، تَفَرَّدَتْ بِهِ.
حَدَّثَ عَنْهَا: تَقِيُّ الدِّيْنِ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَابْنُ الزَّينِ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ أَبُو بَكْرٍ الشَّرِيْشِيُّ، وَابْنُ بَلْبَانَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِي، وَابْنُ سَعْدٍ، وَالمُطَعِّمُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَالبَهَاءُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ الشِّحنَةِ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2689، وتاريخ الإسلام، الورقة: 157 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 141، وشذرات الذهب: 5 / 169.
(1) إضافة منا لدفع اللبس.(23/13)
تُوُفِّيَت: يَوْمَ عَاشُورَاءَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
8 - الأَنْجَبُ بنُ أَبِي السَّعَادَاتِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، الصَّدُوْق، المُكْثِرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، الحَمَّامِيُّ (1) ، وَيُسَمَّى أَيْضاً مُحَمَّداً.
وُلِدَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ البَطِّيِّ شَيْئاً كَثِيْراً، وَمِنْ أَبِي المَعَالِي بنِ اللَّحَّاسِ، وَأَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ المُقَرِّبِ، وَيَحْيَى بنِ ثَابِتٍ، وَسَعْدِ اللهِ ابْنِ الدَّجَاجِيِّ.
وَأَجَاز لَهُ مِنْ أَصْبَهَان: مَسْعُوْدٌ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الرُّسْتَمِيُّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَعِزُّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَكَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابنُ الدَّبَّابِ، وَتَقِيُّ الدِّيْنِ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَعَلاَءُ الدِّيْنِ ابْنُ بَلْبَانَ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ ابنُ الزَّينِ، وَمُحَمَّد بن مَكِّيٍّ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ سُنْقُر القَضَائِيُّ، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي السَّعَادَاتِ، وَالمُجَاوِر أَحْمَد بن أَبِي طَالِبٍ بن أَبِي بَكْرٍ بنِ مُحَمَّدٍ الحَمَّامِيّ، وَعِدَّةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِي الحَنْبَلِيّ، وَالفَخْر بن عَسَاكِرَ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَالمُطَعِّمُ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الشِّحنَةِ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَجَمَاعَةٌ.
__________
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 274 (باريس 5921) ، وتكملة المنذري: 3 / 2794، والعبر: 5 / 142، والمختصر المحتاج إليه: 1 / 257 - 258، ودول الإسلام: 2 / 105 وتاريخ الإسلام، الورقة 159 (أيا صوفيا 3012) ، والنجوم الزاهرة: 6 / 301، وشذرات الذهب: 5 / 170.
(1) قيده المنذري بفتح الحاء المهملة وتشديد الميم.(23/14)
وَمِنْ مَسْمُوْعَاتِه: (حِلْيَةُ الأَوْلِيَاءِ) كُلّه عَلَى ابْنِ البَطِّيِّ، وَ (المُنْتَقَى) مِنْ سَبْعَة أَجزَاء، (المُخَلِّص) سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ اللَّحَّاسِ، وَ (سُنَن ابْنِ مَاجَه) عَلَى أَبِي زُرْعَةَ، وَ (مُسْنَدُ الحُمَيْدِيِّ) : أَخْبَرْنَا ابْنُ الدَّجَاجِيّ، وَكَانَ شَيْخاً حَسَناً مُحِباً لِلرِّوَايَةِ طَيِّبَ الأَخْلاَقِ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: كَانَ سَمَاعُهُ صَحِيْحاً.
قَالَ المُنْذِرِيّ (1) : تُوُفِّيَ بِالمَارستَان العَضُدِيّ، فِي تَاسِعَ عَشَرَ رَبِيْع الآخِرِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ فِي جِوَار شَيْخنَا ابْنِ مَشِّقْ فَأَسْمَعَهُ الكَثِيْرَ، وَكَانَ شَيْخاً لَا بَأْسَ بِهِ، حَسَنَ الأَخْلاَقِ، صَبُوْراً، عَزِيْزَ النَّفْسِ مَعَ فَقْرِهِ.
9 - ابْنُ اللَّتِّيِّ أَبُو المُنَجَّى عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّر، رحلَة الوَقْت، أَبُو المُنَجَّى عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، ابنُ اللَّتِّيِّ البَغْدَادِيُّ، الحَرِيْمِيُّ، الطَّاهِرِيُّ، القَزَّاز.
وُلِدَ: بِشَارع دَار الرَّقيق، فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَسَمَّعَهُ عَمُّهُ مِنْ أَبِي القَاسِمِ سَعِيْد بن أَحْمَدَ ابْنِ البَنَّاءِ حُضُوْراً فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الوَقْت السِّجْزِيِّ كَثِيْراً (كَالدَّارِمِيّ) وَ (مُنْتَخَب مُسْنَدِ عَبْدٍ) وَأَشيَاءَ.
وَمِنْ: أَبِي الفُتُوْح الطَّائِيِّ، وَأَبِي المَعَالِي ابْنِ اللَّحَّاسِ،
__________
(1) التكملة: 3 / الترجمة: 2794.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2804، وتاريخ الإسلام، الورقة 163 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 143، والمختصر المحتاج إليه: 2 / 149 - 150، ودول الإسلام: 2 / 104، والمستفاد للدمياطي، الورقة 42 - 43، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 174 - 175، والنجوم الزاهرة: 6 / 301، وشذرات الذهب: 5 / 171، والتاج للزبيدي: في " حرم ".(23/15)
وَأَبِي الفَتْحِ ابْن البَطِّيِّ، وَعُمَر بن عَبْدِ اللهِ الحَرْبِيّ، وَالحَسَن بن جَعْفَرٍ المُتَوَكّلِيّ، وَأَحْمَد بن المُقَرَّبِ، وَمُقْبل ابْنِ الصَّدْرِ، وَعُمَر بنِ بُنَيْمَانَ، وَمَسْعُوْدِ بنِ شُنَيف، وَجَمَاعَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ: المُفْتِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الرُّسْتَمِيُّ، وَمَسْعُوْد الثَّقَفِيُّ، وَمَحْمُوْد فُورجه، وَإِسْمَاعِيْل بن شَهْرَيَارَ، وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ اللّبَّادُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الصَّيْدَلاَنِيّ، وَعِدَّة (1) .
وَرَوَى الكَثِيْر بِبَغْدَادَ، وَبِحَلَبَ، وَدِمَشْقَ، وَالكَرَك.
وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَبَعُدُ صِيْتُهُ.
وَرَوَى عَنْهُ خَلاَئِقُ، مِنْهُم: ابْنُ النَّجَّارِ، وَابْنُ الدُّبَيْثِيّ، وَالضِّيَاءُ، وَابْنُ النَّابلسِيِّ، وَابْنُ هَامِلٍ، وَابْنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَالشِّهَابُ ابْنُ الخرزِيِّ (2) ، وَابْنُ الظَّاهِرِيِّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيُّ، وَالمَجْدُ بنُ المِهتَارِ، وَبَهَاءُ الدِّيْنِ ابْنُ النَّحَّاسِ، وَأَبُو حَامِدٍ المُكَبِّرُ، وَعِيْسَى المُطَعِّمُ، وَعَلِيُّ بنُ هَارُوْنَ، وَالفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ قَايْمَازَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الإِرْبِلِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ ابْنُ الحُبُوبِيِّ، وَعُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ العَقْربَائِيُّ (3) ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مَكتُوْمٍ، وَعَبْدُ الأَحَدِ بنُ تَيْمِيَةَ، وَالقَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ، وَهَدِيَّةُ بِنْتُ عَسْكَرٍ، وَالقَاسِمُ بنُ عَسَاكِرَ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ شكرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي طَالِبٍ الدَّيرمُقَرنِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَازر، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
__________
(1) ذكر السيد مرتضى الزبيدي صاحب " التاج " جميع شيوخه بالسماع والاجازة، في ورقة كبيرة وبخط دقيق بورقة طيارة وضعت بين الورقتين 174 - 175 من مخطوطة " ذيل التقييد " للفاسي التي بدار الكتب المصرية، وفيها فوائد جمة.
(2) في الأصل: " الخزري " وليس بشيء، وقيده مجودا الذهبي بخطه في تاريخ الإسلام.
(3) نسبة إلى عقرباء، اسم مدينة الجولان بالشام.(23/16)
سَمِعْتُ مِنْ نَحْو ثَمَانِيْنَ نَفْساً مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً، مُبَارَكاً، عَامِّياً، عَرِيّاً مِنَ العِلْمِ!
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: بِهِ خُتِمَ حَدِيْث أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيّ بِعُلُوّ، وَكَانَ سَمَاعُه صَحِيْحاً.
قُلْتُ: أَقدمه مَعَهُ المُحَدِّثُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابنُ الجَوْهَرِيِّ، وَأَكْثَر عَنْهُ شَيْخنَا أَبُو عَلِيٍّ ابْن الحَلاَّلِ (1) بِقَرْيَةِ جديَا، وَحَدَّثَ بِالبَلَدِ، وَبِالجَامِع المُظَفَّرِيِّ، وَبِالكَرَكِ، وَأَمَاكنَ، وَسكنَ الكَرَك أَشْهُراً، وَحَدَّثَ بِحَلَبَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَسَارَ إِلَى بَغْدَادَ بَعْدَ إقَامَتِهِ بِالشَّامِ سَنَةً وَشَهْراً، وَحَصَّلَ جُمْلَةً مِنَ الهِبَاتِ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَة: سَمَاعُه صَحِيْحٌ، وَلَهُ أَخ زوَّر لأَخِيه عَبْد اللهِ إِجَازَاتٍ مِنِ ابنِ نَاصِر وَغَيْرِهِ، وَإِلَى الآنَ مَا عَلمته رَوَى بِهَا شَيْئاً وَهِيَ إِجَازَة بَاطِلَة، وَأَمَّا (2) الشَّيْخ فَشيخ صَالِح، لاَ يَدْرِي هَذَا الشَّأْن أَلبتَّةَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ، فِي رَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَمَا رَوَى مِنَ المُزَوَّر (3) لَهُ شَيْئاً.
10 - المَلِكُ المُحْسِنُ أَحْمَد بنُ صَلاَحِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، ظَهِيْر الدِّيْنِ أَحْمَدُ ابْن السُّلْطَان صَلاَحِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ.
__________
(1) بالحاء المهملة، قيده الذهبي في المشتبه (269) وهو منسوب إلى حل الزيج.
(2) اضافة من خط الذهبي في " تاريخ الإسلام "، ولم أعثر على ترجمته في نسختي من " التقييد ".
(3) في الأصل: " المروز " وليس بشيء.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2693، وبغية الطلب لابن العديم، 2 / الورقة 139 - =(23/17)
رَوَى عَنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَابْنِ صَدَقَةَ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَقَرَأَ، وَأَحْسَن إِلَى طَلبَة الحَدِيْث كَثِيْراً.
حَدَّثَنَا عَنْهُ سُنْقُر القَضَائِيُّ، وَقِيْلَ: لَقَبُهُ يَمِيْنُ الدِّيْنِ.
مَاتَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ أَخُوْهُ الزَّاهر دَاوُد: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ (1) .
وَمَاتَ أَخُوْهُمَا المُفَضَّلُ قُطْبُ الدِّيْنِ مُوْسَى: سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
11 - ابْنُ طِرَادٍ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ اللهِ بنُ المُظَفَّرِ بنِ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ *
الشَّرِيْفُ الجَلِيْلُ، المُعَمَّرُ، أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ اللهِ بنُ المُظَفَّرِ ابْنِ الوَزِيْرِ الكَبِيْرِ أَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ ابنِ النَّقِيْب أَبِي الفَوَارِسِ طِرَادِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، الزَّيْنَبِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
= 141، وتاريخ الإسلام، الورقة: 145 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 136 - 137، ودول الإسلام: 2 / 104، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة 22 - 23، والنجوم الزاهرة: 6 / 298، وشذرات الذهب: 5 / 162.
(1) التكملة: 3 / الترجمة: 2572.
(2) التكملة: 3 / الترجمة: 2562.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2832، وذيل منصور بن سليم: في " الزينبي " الورقة 78، وترجمه ثانية في " طراد " الورقة 85، وتاريخ الإسلام، الورقة 163 (أيا صوفيا 3012) والعبر: 5 / 143، وشذرات الذهب: 5 / 171.(23/18)
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ البَطِّيِّ فِي الخَامِسَةِ، وَمِنْ يَحْيَى بنِ ثَابِتٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السَّكَن، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ النَّقُّوْرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ بَلْبَانَ، وَجَمَال الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ، وَعِزُّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِي الحَنْبَلِيّ، وَالفَخْر بن عَسَاكِرَ، وَسَعْد الدِّيْنِ، وَعِيْسَى المُطَعِّمُ، وَابْن الشِّيْرَازِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الشِّحنَة، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي سَادِسَ عَشَرَ رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
12 - ابْنُ سُكَيْنَةَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المَهِيْب، شَيْخُ الشُّيُوْخِ، صَدْرُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضَائِلِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ابنُ أَبِي أَحْمَدَ عَبْدِ الوَهَّابِ ابْنِ الأَمِيْنِ عَلِيِّ بنِ عَلِيِّ بنِ سُكَيْنَةَ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ ابْنِ البَطِّيِّ حُضُوْراً، وَمِنْ شُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَمِنْ جَدِّهِ لأُمِّهِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ أَبِي سَعْدٍ.
حَدَّثَ بِدِمَشْقَ وَبَغْدَادَ؛ رَوَى عَنْهُ: البِرْزَالِيُّ، وَسَعْدُ الخَيْرِ ابْنُ النَّابلسِيِّ، وَابْنُ بَلْبَانَ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ عَسَاكِر.
وَبِالإِجَازَةِ: أَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيّ.
__________
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة 160 (باريس 5922) ، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2807، وتاريخ الإسلام، الورقة 164 (أياصوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 144، والمختصر المحتاج إليه، الورقة 81، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة 33 - 34، والنجوم الزاهرة: 6 / 301، وشذرات الذهب: 5 / 171.(23/19)
وَنُفِّذَ رَسُوْلاً.
مَاتَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
13 - ابْنُ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الصُّوْفِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الصَّدْر، أَبُو مُحَمَّدٍ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ هِبَةِ اللهِ ابْنِ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ ابْنِ المُسْلِمَةِ الصُّوْفِيُّ، النَّاسخُ.
سَمِعَ: أَبَا الفَتْحِ ابْنَ البَطِّيِّ، وَأَحْمَدَ بنَ المُقَرَّبِ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ حَسَنَ الطّرِيْقَةِ، مُتَدَيِّناً، يُوَرِّق لِلنَّاسِ.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: مَوْلِدُهُ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخُ عِزُّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ بَلْبَانَ.
وَبِالإِجَازَةِ: فَاطِمَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَطَائِفَةٌ.
مَاتَ: فِي ثَالِثِ رَجَبٍ.
14 - مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ هُودٍ الأَنْدَلُسِيُّ **
السُّلْطَانُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ.
قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي الوَلِيْدِ بنِ الحَاجِّ، قَالَ: لَمَّا قَضَى اللهُ -تَعَالَى- بِهَلاَكِ
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / 2817، وتاريخ الإسلام، الورقة: 160 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 142 - 143، والنجوم الزاهرة: 6 / 301، وشذرات الذهب: 5 / 170.
(* *) المعجب للمراكشي: 417 - 419، والحلة السيراء: 247، وتاريخ ابن خلدون: 3 / 536، والاستقصى: 1 / 198.(23/20)
المُوَحِّدِيْنَ بِالأَنْدَلُسِ، وَذَلِكَ أَنَّهُم ابْتُلُوا بِالصَّلاَحِ فِي الظَّاهِرِ، وَالأَعْمَالِ الفَاسِدَةِ فِي البَاطِنِ، فَأَبْغَضَهُمُ النَّاسُ بُغْضاً شَدِيْداً، وَتَرَبَّصُوا بِهِمُ الدَّوَائِرَ، إِلَى أَنْ نَجَمَ ابْنُ هُودٍ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بِشَرقِ الأَنْدَلُسِ، فَقَامَ النَّاسُ كُلُّهُم بِدَعْوَتِهِ وَتَعَصَّبُوا مَعَهُ، وَقَاتَلُوا المُوَحِّدِيْنَ فِي البُلْدَانِ، وَحَصَرُوهُم فِي القِلاعِ، وَقَهَرُوهُم، وَقَتلُوا فِيهِم، وَنُصِرَ عَلَى المُوَحِّدِيْن، وَخَلُصَت الأَنْدَلُسُ كُلُّهَا لَهُ، وَفَرِحَ النَّاسُ بِهِ فَرَحاً عَظِيْماً، فَلَمَّا تَمَهَّدَ أَمْرُهُ أَنْشَأَ غَزْوَةً لِلْفِرَنْجِ عَلَى مَدِيْنَة مَارِدَةَ بِغَربِ الأَنْدَلُسِ، وَاسْتَدعَى النَّاسَ مِنَ الأَقْطَارِ، فَانْتدبَ الخَلْقُ لَهُ بِجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ وَخُلُوصِ نِيَّةِ المُرْتَزِقَة وَالمُطّوعَة، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الأَنْدَلُسِ كُلُّهُم، وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ العُذْرُ، فَدَخَلَ بِهِم إِلَى الإِفرنجِ، فَلَمَّا تَرَاءَى الجمعَان وَقعتِ الهَزِيْمَةُ عَلَى المُسْلِمِيْنَ أَقبحَ هَزِيْمَةٍ فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، وَكَانَتْ تِلْكَ الأَرْضُ مَدْيَسَةً بِمَاءٍ وَعَزْقٍ، تَسَمَّرَت فِيْهَا الخَيْل إِلَى آباطهَا، وَهَلَكَ الخَلْقُ، وَأَتبعهُم الفِرَنْجُ بِالقَتْلِ وَالأَسْرِ وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ القَلِيْلُ، وَرَجَعَ ابْنُ هُودٍ فِي أَسْوَأِ حَالٍ إِلَى إِشْبِيْلِيَةَ، فَنَعُوذُ بِهِ مِنْ سُوْءِ المُنْقَلَبِ، فَلَمْ تَبق بُقعَة مِنَ الأَنْدَلُس إِلاَّ وَفِيْهَا البُكَاءُ وَالصِّيَاح العَظِيْم وَالحُزْن الطَّوِيْل، فَكَانَتْ إِحْدَى
هَلَكَات الأَنْدَلُس، فَمَقَتَ النَّاسُ ابْنَ هود، وَصَارُوا يُسَمّونه المَحْرُومَ، وَلَمْ يَقدر أَنْ يَفعلَ مَعَ الفِرَنْج كَبِيْر فَعل قَطُّ إِلاَّ مرَّة أَخَذَ لَهُم غَنَماً كَثِيْرَةً جِدّاً، ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ شُعَيْب بن هِلاَلَة بِلَبْلَة، فَصَالَحَ ابْنُ هود الأَدفوش عَلَى مُحَاصرَة لَبْلَةَ وَمُعَاونته عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ قُرْطُبَةَ، وَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ: لاَ يَسُوغ أَنْ يَدخلهَا الفِرَنْج عَلَى البَدِيْهَةِ، وَإِنَّمَا تُهمِلُ أَمرَهَا، وَتُخلِيهَا مِنْ حرس، وَوَجِّهْ أَنْتَ الفِرَنْج يَتَعَلَّقُوْنَ بِأَسوَارِهَا بِاللَّيْلِ وَيَغدرُوْنَ بِهَا، فَفَعلُوا كَذَلِكَ.
وَوَجَّه ابْنُ هُوْدٍ إِلَى وَالِيهِ بِقُرْطُبَةَ فَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ، وَأَمره بِضِيَاعهَا مِنْ حَيِّزِ الشَّرْقِيَّة فَجَاءَ الفِرَنْجُ، فَوَجَدُوْهُ خَالِياً، فَجَعَلُوا السَّلاَلِمَ وَاسْتوَوا عَلَى السُّوْر - فَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّة إِلاَّ بِاللهِ -.(23/21)
وَكَانَتْ قُرْطُبَة مَدينَتَيْنِ: إِحدَاهُمَا الشَّرْقِيَّةُ وَالأُخْرَى المَدِيْنَة العُظْمَى، فَقَامَتِ الصَّيْحَة وَالنَّاس فِي صَلاَةِ الفَجْر، فَرَكِبَ الجُنْد وَقَالُوا لِلوَالِي: اخْرُج بِنَا لِلمُلْتَقَى.
فَقَالَ: اصْبِرُوا حَتَّى يضحِي النَّهَار.
فَلَمَّا أَضْحَى رَكِبَ وَخَرَجَ مَعَهُم، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى الفِرَنْج قَالَ:
ارجعُوا حَتَّى أَلبس سلاَحِي!
فَرَجَعَ بِهِم وَهُم يُصَدِّقُونه، وَذَا أَمرٌ قَدْ دُبر بِليلٍ، فَدَخَلَ الفِرَنْج عَلَى أَثرِهِم، وَانْتَشَرُوا، وَهَرَبَ النَّاسُ إِلَى البَلَدِ، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الشُّيُوْخ وَالولدَان وَالنسوَان، وَنُهِبَ لِلنَّاسِ مَا لَا َيُحْصَى، وَانحصرت المَدِيْنَة العُظْمَى بِالخَلْقِ، فَحَاصَرَهُم الفِرَنْج شُهُوْراً، وَقَاتلوهُم أَشَدّ القِتَال، وَعدم أَهْلُهَا الأَقوَات، وَمَاتَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ جُوْعاً، ثُمَّ اتَّفَقَ رَأْيُهُم مَعَ أَدفونش - لَعَنَهُ اللهُ - عَلَى أَنْ يُسلموهَا وَيَخْرُجُوا بِأَمتعتِهِم كُلّهَا، فَفَعَل، وَوَفَّى لَهُم، وَوصّلهُم إِلَى مَأْمَنِهِم فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَلَمْ يُمتّع بَعْدهَا ابْن هُود، بَلْ أَخَذَهُ اللهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، فَكَانَتْ دَوْلَتُه تِسْعَةَ أَعْوَامٍ وَتِسْعَةَ أَشهر وَتِسْعَةَ أَيَّام، وَهَلَكَ بِالمَرِيَّةِ جُهّز عَلَيْهِ مَن غَمَّهُ وَهو نَائِم، وَحُمِلَ إِلَى مُرْسِيَة فَدُفِنَ هُنَاكَ، وَلَمْ يَمت حَتَّى قَوِيَ أَمرُ المُوَحِّدِيْن، وَقَامَ بَعْدَهُ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ نَصْر ابْن الأَحْمَر، وَدَامَ الْملك فِي ذُرِّيَته.
وَقَدِمَ عَلَيْنَا دِمَشْق ابْن أَخِيْهِ الزَّاهِدُ الكَبِيْرُ بَدْر الدِّيْنِ بن هُود، وَرَأَيْتُهُ، وَكَانَ فَلسفِيَّ التَّصَوُّف يَشْرَب الخَمْر، أَخَذَه الأَعْوَانُ مَخْمُوْراً (1) !
15 - الرُّعَيْنِيُّ أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ سُلَيْمَانَ الأَنْدَلُسِيُّ الرُّنْدِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُتْقِن، الرَّحَّالُ، أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ سُلَيْمَانَ الرُّعَيْنِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، الرُّنْدِيُّ.
__________
(1) هذا الفاسد من صلب ذاك الفاسد الذي باع المسلمين بثمن بخس فإنا لله وإنا إليه راجعون، فأي تصوف هذا؟ !
(*) التكملة لابن الابار: 3 / الورقة: 84، وتاريخ الإسلام، الورقة: 126 (أيا صوفيا 3012) ، وشذرات الذهب: 5 / 156.(23/22)
سَمِعَ بِمَالَقَةَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ القُرْطُبِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ الجَيَّارِ، وَبأَصْطبَّةَ (1) مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بن عَلِيٍّ الخَوْلاَنِيّ.
وَحَجّ وَأَكْثَر بِدِمَشْقَ عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ البُنِّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ صَصْرَى، وَالطَّبَقَة.
ذكره الأَبَّارُ، فَقَالَ (2) : كَانَ ضَابِطاً مُتْقِناً، كتبَ الكَثِيْرَ، ثُمَّ امتُحِنَ فِي صَدَرِهِ بأَسر العَدُوِّ، فَذَهَبَ أَكْثَر مَا جَلب (3) ، وَوَلِيَ خطَابَة مَالَقَة، وَأَجَاز لِي مَرْوِيَّاتِه.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، وَلَهُ إِحْدَى وَخَمْسُوْنَ سَنَةً (4) .
وَذكره رفِيقُه عُمَر بن الحَاجِب، فَقَالَ: كَانَ حَافِظاً مُتْقِناً، أَدِيْباً نَبِيْلاً، سَاكِناً وَقُوْراً، نَزِهاً.
قَالَ لِي الحَافِظ الضِّيَاءُ: مَا فِي الطّلبَة مِثْله.
وَقَالَ لِي الزَّكِيّ البِرْزَالِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ، حَدَّثَنَا مِنْ حِفْظِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ قُزْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ الطَّلاَّعِيُّ بِحَدِيْثٍ مِنَ (المُوَطَّأِ) .
وَذَكَرَهُ ابْنُ مَسْدِي، فَقَالَ: أَخَذَ بِمَكَّةَ عَنْ يُوْنُسَ القَصَّارِ الهَاشِمِيّ، وَأَقَامَ بِتِلْكَ البِلاَدِ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ ضَابطاً، نَقَّاداً، عَارِفاً بِالرِّجَال،
__________
(1) حصن بالاندلس.
(2) التكملة: 3 / الورقة: 84.
(3) أصل كلام ابن الابار أوضح، قال: " ورحل إلى أداء الفريضة، وسماع العلم، فاستوسع في روايته وأقام في رحلته نحوا من ستة عشر عاما كتب فيها بخطه علما كثيرا، وكان حسن الوراقة ضابطا متقنا عارفا بالرجال، وعاد إلى بلده، وقد لقي شيوخا عدة وجلب فوائد وغرائب وعوالي من روايته، على أنه امتحن في صدرة بأسر العدو إياه فذهب كثير مما جلب ".
(4) أصل كلام ابن الابار: " وكتب الينا بإجازة ما رواه غير مرة، وتوفي في الثالث من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وست مئة، ولم يطل الامتاع به، ومولده في أحد شهري ربيع سنة إحدى وثمانين وخمس مئة ". والذهبي رحمه الله يختصر ويأخذ المعنى.(23/23)
أَلَّفَ (مُعْجَمَه) وَكِتَاباً فِي الصَّحَابَة، أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ فُرتُوْنَ بِسَبْتَةَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الطّنّجَالِيُّ.
16 - صَاحِبُ الرُّوْمِ عَلاَءُ الدِّيْنِ كَيْقُبَاذُ بنُ كيخسرو السَّلْجُوْقِيُّ *
السُّلْطَان، عَلاَء الدِّيْنِ كيقُباذ ابْن السُّلْطَان كيخسرو ابْن السُّلْطَان قِلِج أَرْسَلاَن ابْن السُّلْطَان مَسْعُوْد ابْن السُّلْطَان قِلِج أَرْسَلاَن ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَانَ بن قُتُلمشَ السَّلْجُوْقِيُّ، أَصْحَاب مَمْلَكَة الرُّوْمِ.
كَانَ شُجَاعاً، مَهِيْباً، وَقُوْراً، سَعِيْداً، هَزَمَ خُوَارِزْم شَاه، وَاسْتَوْلَى عَلَى عِدَّةِ مَدَائِنَ، وَتَزَوَّجَ بِابْنَةِ العَادلِ، فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا.
وَكَانَ قَبْلَهُ قَدْ تَملَّكَ أَخُوْهُ كِيكَاوس، فَاعْتقل أَخَاهُ هَذَا مُدَّة، فَلَمَّا نَزل بِهِ المَوْت أَحْضَرَ كيقُباذ وَفَكَّ قَيْدَهُ وَعَهِدَ إِلَيْهِ بِالسَّلْطَنَةِ، وَوصَّاهُ بِأَطفَالِهِ، فَطَالَتْ أَيَّامُهُ، وَكَانَ فِيْهِ عَدْل وَإِنْصَاف فِي الجُمْلَةِ.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ وَلدُهُ غِيَاثُ الدِّيْنِ كيخسرو، وَكَانَتْ دَوْلَة كيقُباذ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
17 - الدَّوْلَعِيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَضْلِ بنِ زَيْدِ بنِ يَاسِيْنَ التَّغْلِبِيُّ **
خَطِيْبُ دِمَشْق، المُفْتِي، جَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّد بن أَبِي الفَضْلِ بنِ زَيْدِ بنِ يَاسِيْنَ التَّغْلِبِيُّ، الأَرْقَمِيُّ، الدَّوْلَعِيُّ.
__________
(*) مرآة الزمان: 8 / 703، وذيل الروضتين: 165، وتاريخ الإسلام، الورقة: 153 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 139، وشذرات الذهب: 5 / 168.
(* *) مرآة الزمان: 8 / 710 - 711، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2805، وذيل الروضتين لأبي شامة: 166، وتاريخ الإسلام، الورقة 169 (أيا صوفيا 3012) ، ودول الإسلام: 2 / 106، العبر: 5 / 146، والوافي بالوفيات: 4 / 327، ونثر الجمان للفيومي، =(23/24)
وُلِدَ بِالدَّولعيَة - مِنْ قُرَى المَوْصِل - وَقَدِمَ دِمَشْق، فَتَفَقَّهَ بِعَمِّه خَطِيْبِ دِمَشْق ضِيَاء الدِّيْنِ.
وَرَوَى عَنِ: ابْنِ صَدَقَة الحَرَّانِيّ، وَجَمَاعَة.
وَوَلِيَ بَعْد عَمِّه مُدَّة.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّة، وَالجَمَال ابْن الصَّابُوْنِيّ، وَخَادمُهُ سُلَيْمَان بن أَبِي الحَسَنِ.
وَدَرَّسَ مُدَّة بِالغَزَّاليَة.
وَكَانَ فَصِيْحاً، مَهِيْباً، شَدِيداً عَلَى الرَّافِضَّةِ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : مَنَعَهُ المُعَظَّمُ مِنَ الفَتْوَى مُدَّةً، وَلَمْ يَحُجّ لِحِرْصِهِ عَلَى المَنْصِب، مَاتَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ أَرْبَعٍ (2) وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَوَلِيَ الخَطَابَة أَخٌ لَهُ جَاهِل.
قُلْتُ: لَمْ يُطَوِّل أَخُوْهُ، وَدُفِنَ الدَّوْلَعِيُّ بِجيروْنَ بِمَدْرَسَتِه، وَكَانَ مِنْ أَعيَان الشَّافِعِيَّة.
18 - ابْنُ البَغْدَادِيِّ عَبْدُ القَادِرِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ المِصْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُفْتِي، شَرَفُ الدِّيْنِ عَبْدُ القَادِرِ بن مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ ابْن البَغْدَادِيِّ المِصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
__________
= 2 / الورقة 95، والبداية والنهاية: 13 / 150 - 151، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 78، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة 30، وعقد الجمان للعيني، 18 / الورقة 211، والنجوم الزاهرة: 6 / 302، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، الورقة 70، وشذرات الذهب: 5 / 174.
(1) ذيل الروضتين: 166.
(2) هكذا في الأصل، وهو وهم من الذهبي أو ناسخ كتابه ابن طوغان أو سبق قلم منهما، فأبو شامة ذكره في وفيات سنة 635 وهو الصحيح الذي لا خلاف فيه ولم يذكر الذهبي غيره في " تاريخ الإسلام " و" العبر " وغيرهما من كتبه.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2751، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 151 (أيا صوفيا 3012) ، وطبقات السبكي: 5 / 119، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 248.(23/25)
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَفَقَّهَ بِدِمَشْقَ عَلَى القُطْب النَّيْسَابُوْرِيّ، وَبِمِصْرَ عَلَى الشِّهَاب الطُّوْسِيّ.
وَدَرَّسَ بِجَامِع السَّرَّاجين وَبِالقُطْبِيَّة، وَكَانَ يُشَار إِلَيْهِ بِالتَّقْوَى وَبِالفَتْوَى.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ الأَغْلاَقِيّ، وَابْن مَسْدِي.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: القَاضِي شِهَاب الدِّيْنِ ابْن الخُوَيِّيّ، وَأَحْمَد بن المُسَلَّم بن عَلاَّنَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي القَاسِمِ بنِ عَسَاكِرَ.
وَقَالَ المُنْذِرِيّ فِي (مُعْجَمِهِ) : كَانَ فَقِيْهاً حَسَناً، مِنْ أَهْلِ الدِّيْنِ وَالعَفَاف، طَارِحاً لِلتَّكَلُّفِ، مُقْبِلاً عَلَى مَا يَعْنِيْهِ.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
19 - أَخُو ابْنِ دِحْيَةَ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ حَسَنِ بنِ عَلِيٍّ الجُمَيّلُ *
اللُّغَوِيُّ، العَلاَّمَة، المُحَدِّثُ، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَان بن حَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ فَرْح الجُمَيّلُ، السَّبْتِيُّ.
سَمِعَ مَعَ (1) أَخِيْهِ أَبِي الخَطَّابِ المَذْكُوْر، وَمُنْفَرِداً الكَثِيْرَ مِنِ: ابْنِ بَشْكُوَالَ، وَأَبِي بَكْرٍ بن الجَدِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ خَيْر، وَأَبِي القَاسِمِ السُّهَيْلِيّ - لَكِنَّهُ أَبَى أَنْ يَرْوِي عَنْهُ وَذمَّهُ - وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ بُوْنُهْ، وَعَبْد المُنْعِمِ بن الخَلُوْف.
وَحَجّ، وَنَزَلَ عَلَى أَخِيْهِ بِمِصْرَ، ثُمَّ وَلِيَ
__________
(*) مرآة الزمان: 8 / 698، وذيل الروضتين: 164، والذيل لمنصور بن سليم، الورقة: 73، وتاريخ الإسلام، الورقة: 152 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 139، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1422، ونثر الجمان للفيومي: 2 / الورقة: 82، والبداية والنهاية: 13 / 146، ونزهة الانام، الورقة: 24، وبغية الوعاة: 2 / 133، وحسن المحاضرة: 2 / 159.
(1) في الأصل: " من " ولا يستقيم بها المعنى، وما أثبتناه من " تاريخ الإسلام " بخط المؤلف، ويدل عليه قوله بعد ذلك " ومنفردا ".(23/26)
مَشْيَخَة الكَامِليَة، وَكَانَ يَتَقَعَّرُ فِي رَسَائِله، وَيُلْهِج بوحشِي اللُّغَة كَأَخِيْهِ.
سَمِعَ مِنْهُ: الجَمَال أَبُو مُحَمَّدٍ الجَزَائِرِيّ كِتَاب (المُلَخَّص) لِلْقَابسِيِّ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: رَأَيْتُهُ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ لَمَّا قَدِمَ وَهُمْ يَسْمَعُوْنَ مِنْهُ (التِّرْمِذِيّ) فَقُلْتُ لِرَجُلٍ: أَمن أَصل؟
فَقَالَ: قَدْ قَالَ الشَّيْخُ: لاَ أَحتَاج إِلَى أَصلٍ، اقرَؤُوا فَإِنِّي أَحْفَظُه.
ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُ كَلاَم قَبِيْحٌ فِي ذَمِّ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا، فَتَرَكْتُ الاجتمَاعَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْدِيٍّ: أَرْبَى عَلَى أَخِيْهِ بِكَثْرَة السَّمَاع، كَمَا أَرْبَى أَخُوْهُ عَلَيْهِ بِالفِطْنَة وَكَرَمَ الطِّبَاع، وَكَانَ مُتَزَهِّداً، لَمْ يَكُنْ لَهُ أُصُوْل، وَكَانَ شَيْخُه ابْن الجَدِّ يَصِلُهُ وَيُعْطِيه، ثُمَّ نَهَدَ إِلَى أَخِيْهِ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ خَرِفَ أَخُوْهُ فِيمَا أُنْهِيَ إِلَى الكَامِلِ، فَجَعَله عوضه، أَلَّفَ (مُنْتَخَباً (1)) فِي الأَحكَام.
وَمَاتَ: فِي جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ ثَمَان وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
20 - ابْنُ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ أَبُو البَرَكَاتِ يَحْيَى بنُ هِبَة اللهِ الدِّمَشْقِيُّ *
قَاضِي القُضَاةِ، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو البَرَكَاتِ يَحْيَى ابْن سَنِيّ الدَّوْلَةِ هِبَة اللهِ بن يَحْيَى الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ، مِنْ أَوْلاَد الخَيَّاطِ الشَّاعِرِ صَاحِبِ (الدِّيْوَانِ) .
__________
(1) في الأصل: " منتجبا " والتصحيح من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام ".
(*) مرآة الزمان: 8 / 717 - 718، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة: 2837، وذيل الروضتين لأبي شامة: 166، وتاريخ الإسلام، الورقة: 174 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 147، ودول الإسلام: 2 / 106، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 96، وطبقات السبكي: 5 / 105، والبداية والنهاية: 13 / 151، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 79، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة 31، وعقد الجمان للعيني، 18 / الورقة 211، والنجوم الزاهرة: 6 / 301، وشذرات الذهب: 5 / 177 - 178.(23/27)
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَفَقَّهَ بِالقَاضِي شَرَف الدِّيْنِ بن أَبِي عَصْرُوْنَ، وَأَخَذَ الخلاَف عَنِ القُطْب النَّيْسَابُوْرِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَد بن حَمْزَةَ بن المَوَازِيْنِيّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَأَسْمَعَ وَلَدَهُ قَاضِي القُضَاةِ صَدْر الدِّيْنِ أَحْمَدَ (1) مِنَ الخُشُوْعِيّ.
وَكَانَ وَقُوْراً، مَهِيْباً، إِمَاماً، حَمِيدَ الأَحكَامِ.
حَدَّثَ بِالشَّامِ وَبِمَكَّةَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ عَمِّهِ الفَخْر إِسْمَاعِيْل، وَالبَهَاء الطَّبِيْب.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
21 - ابْنُ الشَّوَّاءِ أَبُو المَحَاسِنِ يُوْسُفُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الكُوْفِيُّ *
الأَدِيْبُ الشَّهير، شَاعِرُ وَقته، شِهَاب الدِّيْنِ، أَبُو المَحَاسِنِ يُوْسُف بنُ إِسْمَاعِيْلَ الكُوْفِيُّ، ثُمَّ الحَلَبِيُّ، الشِّيْعِيُّ.
لَهُ (دِيْوَان) كَبِيْر فِي أَرْبَع مُجَلَّدَاتٍ.
تُوُفِّيَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
__________
(1) توفي سنة 658، وقد خرج له الدمياطي مشيخة، وذكره في معجم شيوخه (ص 79 من ترجمة جورج فايدا بالفرنسية) وانظر ذيل المرآة: 2 / 10 / 14، والتعليق على ترجمة والده من " التكملة ".
(*) عقود الجمان لابن الشعار: 10 / الورقة 119 - 170 وهي ترجمة رائقة، ووفيات الأعيان: 7 / 231 - 237، وتاريخ الإسلام، الورقة: 174 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 147، وشذرات الذهب: 5 / 178، وإعلام النبلاء: 4 / 397، 533 وغيرها.(23/28)
22 - ابْنُ البَاجِيِّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ اللَّخْمِيُّ *
العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، قَاضِي الجَمَاعَةِ، أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَحْمَدَ ابنِ مُحَدِّثِ الأَنْدَلُسِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ شَرِيعَةَ اللَّخْمِيُّ، البَاجِيُّ، ثُمَّ الإِشْبِيْلِيُّ، المَالِكِيُّ.
مِنْ بَيْت كَبِيْر شَهِيْر، وَلِيَ خطَابَة إِشْبِيْلِيَة زَمَاناً، ثُمَّ اسْتَقضَاهُ العَادل عَلَيْهَا، ثُمَّ أُضِيْفَ إِلَيْهِ قَضَاءُ الجَمَاعَة فِي أَوَّلِ مُدَّة المَأْمُوْنِ، فَلَمْ يُطَوِّلْ.
وَكَانَ عَدْلاً فِي الأَحكَامِ، حَسَنَ التِّلاَوَةِ، سَرِيعَ السَّرْدِ لِلْحَدِيْثِ، لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالرِّجَالِ.
رَوَى عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ، وَتَلاَ بِالسَّبْعِ وَيَعْقُوْبَ (1) عَلَى أَبِي عَمْرٍو بنِ عَظِيْمَة، وَسَمِعَ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مِنْ أَبِي بَكْرٍ بن الجَدِّ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ عِدَّة كتب، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ المُجَاهِد.
وَقَدِمَ دِمَشْق مِنْ مِيْنَاء عَكَّا، وَحَدَّثَ بِهَا بـ (المُوَطَّأ) ، ثُمَّ حَجَّ، وَمَاتَ عَقِيْب حَجِّهِ بِمِصْرَ (2) ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَشَيَّعَهُ أُمَمٌ، وَتَبَرَّكُوا بِهِ، وَبَنَوْا عَلَيْهِ قُبَّةً فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2797، وتكملة ابن الادبار: 2 / 637، وتاريخ الإسلام، الورقة 166 (أيا صوفيا 3012) ، والوافي بالوفيات: 2 / 118.
(1) يعني: وبقراءة يعقوب.
(2) ذكر المنذري أن وفاته كانت في ليلة الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر، فيكون حجه سنة 634، وقال: " وتوجه إلى الحج وعاد إلى مصر فتوفي في ثاني يوم قدومه ". (التكملة) .(23/29)
23 - ابْنُ بَهْرُوْزَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ الفَاضِلُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّر، الطَّبِيْب، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ بَهْرُوْزَ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ بِإِفَادَة خَالِه يَحْيَى ابْنِ الصَّدْر مِنْ أَبِي الوَقْت السِّجْزِيِّ ثَلاَثَة كتب: (مُسْنَد عَبْد) وَكِتَاب (الدَّارِمِيّ) وَ (ذَمّ الكَلاَم) .
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ ابْن البَطِّيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ بن طَاهِر، وَأَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ المُعَمَّرِ العَلَوِيِّ، وَتَفَرَّدَ بِبَغْدَادَ بِالسَّمَاعِ مِنْ أَبِي الوَقْتِ وَقْتاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو المُظَفَّرِ ابْنُ النَّابلسِي، وَابْن بَلْبَانَ، وَالشَّرِيْشِيُّ، وَالفَارُوْثِيُّ، وَالغَرَّافِيُّ، وَأَخُوْهُ مُحَمَّد، وَأَحْمَد بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْن الأَشْقَر الخَطِيْب بِالحَرِيْمِ، وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي البَدْر، وَأُخْته سِتّ المُلُوْك، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي السَّعَادَاتِ، وَيُوْسُف بن صَعْنِيْنَ، وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَةِ القَاضِي الحَنْبَلِيّ، وَابْن سَعْدٍ، وَالمُطَعِّم، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَابْن الشِّحنَة، وَعِدَّة.
وَكَانَ جَدُّهُ بَهْرُوْز مِنْ أَهْلِ العَجَم، قَدِمَ بَغْدَادَ لِلاشتغَال فِي عِلمِ الطِّبِّ.
__________
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2831، وذيل منصور بن سليم، الورقة 42 (مادة: بيروز) ، وتاريخ الإسلام، الورقة 167 (أيا صوفيا 3012) ، العبر: 5 / 145، ودول الإسلام: 2 / 106 وتصحف فيه بهروز إلى " ميرور "، والوافي بالوفيات (المحمدون) الورقة 64، والبداية والنهاية: 13 / 151، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 82، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين، مادة " بهروز " الورقة 117، وعقد الجمان للعيني، 18 / الورقة 212، والنجوم الزاهرة: 6 / 302، وشذرات الذهب: 5 / 173 - 174 وتصحف فيه (بهروز) إلى " مهروز ".(23/30)
مَاتَ أَبُو بَكْرٍ: فِي مُسْتهلِّ رَمَضَان، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِيْنَ (1) .
وَفِيْهَا مَاتَ: قَاضِي القُضَاةِ شَمْس الدِّيْنِ يَحْيَى بن هِبَةِ اللهِ بنِ سَنِيّ الدَّوْلَة الشَّافِعِيّ بِدِمَشْقَ، وَالشَّاعِر المُجِيْد صَاحِب (الدِّيْوَان) شِهَابُ الدِّيْنِ يُوْسُف بن إِسْمَاعِيْلَ ابْن الشّوَّاء الحَلَبِيُّ، وَخَطِيْب دِمَشْق جَمَال الدِّيْنِ مُحَمَّد بن أَبِي الفَضْلِ التَّغْلِبِيُّ الدَّوْلَعِيُّ وَاقفُ الدَّولعيَّةِ، وَالمُبَارَك بن عَلِيٍّ المُطَرِّز، وَالشَّرَف مُحَمَّد بن نَصْرٍ القُرَشِيُّ ابْنُ أَخِي أَبِي البَيَانِ، وَعَبْد الرَّزَّاقِ بن عَبْدِ الوَهَّابِ ابْن سُكَيْنَةَ الصُّوْفِيُّ، وَالرَّضِيّ عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ المُقْرِئ، وَعَبْد اللهِ بن المُظَفَّر ابْن الوَزِيْر عَلِيِّ بن طِرَادٍ، وَقَاضِي حَلَب زَيْنُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ ابْنُ الأُسْتَاذِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ ابْنِ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ ابْن الزَّبَّالِ الوَاعِظ بِبَغْدَادَ.
24 - ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ مُحَمَّدُ بنُ هِبَة اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، المُفْتِي، المُسْنِدُ الكَبِيْرُ، جَمَالُ الإِسْلاَمِ، القَاضِي، شَمْس الدِّيْنِ، أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ العَدْل الإِمَامِ هِبَة اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ هبَة
__________
(1) قال المنذري: " وقد جاوز التسعين ".
(*) مرآة الزمان: 8 / 709 - 710 وتصحف فيه مميل إلى ممليط، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2810، وذيل الروضتين لأبي شامة: 166، وتاريخ الإسلام، الورقة 168 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 145، ودول الإسلام: 2 / 106، والوافي بالوفيات (المحمدون) ، الورقة 107، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 95، وطبقات السبكي: 5 / 43 - 44، وطبقات الاسنوي، الورقة 135، والبداية والنهاية: 13 / 151، والعقد المذهب لابن الملقن، الورقة 176، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة 30، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 85، وعقد الجمان للعيني، 18 / الورقة 210، والنجوم الزاهرة: 6 / 302، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، الورقة 65، وشذرات الذهب: 5 / 174.(23/31)
الله بن يَحْيَى بنِ بُنْدَار بن مَمِيْل الشِّيْرَازِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأَجَاز لَهُ: أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، وَنَصْرُ بنُ سَيَّار الهَرَوِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي يَعْلَى حَمْزَةَ ابْن الحُبُوبِيِّ، وَالخَطِيْب أَبِي البَرَكَاتِ الخَضِر بن عَبْدٍ الحَارِثِيِّ، وَأَبِي طَاهِرٍ بن الحصْنِيِّ، وَالصَّائِن ابْن عَسَاكِرَ، وَأَخِيْهِ الحَافِظ، وَعَلِيّ بن مَهْدِيٍّ الهِلاَلِيِّ، وَأَبِي المَكَارِمِ بن هِلاَلٍ، وَمُحَمَّد بن حَمْزَةَ ابْن المَوَازِيْنِيِّ، وَمُحَمَّد بن بَرَكَةَ الصِّلْحِيّ، وَالحَسَنِ بنِ البَطَلْيَوْسِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَلَهُ (مَشْيَخَةٌ) بِانتقَاء النَّجِيْب الصَّفَّارِ سَمِعْنَاهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيُّ، وَابْنُ خَلِيْل، وَالمُنْذِرِيُّ، وَابْنُ النَّابُلُسِيُّ، وَابْنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَشُيُوْخنَا: أَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي الذِّكْرِ، وَخَدِيْجَة بِنْت غَنمَة، وَعَبْد المُنْعِمِ بن عَسَاكِرَ، وَمُحَمَّد بن يُوْسُفَ الإِرْبِلِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ ظَافر النَّابلسِيّ، وَالشِّهَاب ابْنُ مُشَرِّفٍ، وَالعزُّ ابْن العِمَاد، وَأَبُو حَفْصٍ ابْن القَوَّاس، وَبَهَاء الدِّيْنِ ابْن عَسَاكِرَ، وَحَفِيْدُهُ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ (1) : وَلِيَ القَضَاءَ بِبَيْتِ المَقْدِسِ وَغَيْرهُ، وَدَرَّسَ وَأَفتَى، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ: أَبِي البَرَكَاتِ وَالصَّائِنِ وَالحصْنِيِّ، وَانْفَرَدَ بِرِوَايَةٍ أَكْثَر مِنْ مائَتَيْ جُزْء مِنْ (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) .
وَمَمِيْل: بِالفَارِسيَة هُوَ مُحَمَّد.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: هُوَ أَحَدُ قُضَاة الشَّامِ اسْتَقلاَلاً بَعْد نِيَابَةٍ.
__________
(1) التكملة: 3 / الترجمة: 2810.(23/32)
قُلْتُ: اسْتَقلَّ بِالقَضَاء مَعَ مُشَاركَة غَيْره لَهُ مُدَيْدَة، ثُمَّ لَمَّا اسْتَقلَّ بِالقَضَاء الشَّمْسَان ابْن سنِيّ الدَّوْلَة وَالخُوَيِّيّ، عُرِضَتْ عَلَيْهِ النِّيَابَةُ فَامْتَنَعَ، ثُمَّ عُزِلاَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ بِالعِمَادِ ابْنِ الحَرَستَانِيِّ، ثُمَّ عُزِلَ العِمَادُ وَأُعيدُ ابْنُ سَنِيِّ الدَّوْلَة.
دَرَّسَ أَبُو نَصْرٍ بِمَدْرَسَة العِمَاد الكَاتِب ثُمَّ تَرَكَهَا، ثُمَّ دَرَّسَ بِالشَّامِيَّة الكُبْرَى.
وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- رَئِيْساً جَلِيْلاً، مَاضِي الأَحكَام، عَدِيْم المُحَابَاة، سَاكناً وَقُوْراً، مَلِيْحَ الشَّكل، مُنَوَّر الوَجْه، أَكْثَر وَقته فِي نشر العِلْمِ وَالرِّوَايَة وَالتَّدْرِيس.
تَفَقَّهَ: بِالقُطْب النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبِي سَعْدٍ بنِ أَبِي عَصْرُوْنَ وَغَيْرهُمَا، وَفِي ذُرِّيَته كُبَرَاء وَعُدُول..
تُوُفِّيَ: فِي ثَانِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَمَاتَ وَلده تَاج الدِّيْنِ أَبُو المَعَالِي أَحْمَد سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: مِنَ الفَضْل ابْن البَانْيَاسِيّ، وَعَبْد الرَّزَّاقِ.
أَخْبَرَنَا الحَافِظُ أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُؤْمِن، وَعُمَر بن عَبْدِ المُنْعِمِ، وَعَبْد المُنْعِمِ ابْن زَين الأُمَنَاءِ، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ المِزِّيّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ الفَقِيْهُ، وَأَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المُعَدَّل، وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ الشَّافِعِيّ، وَالحَسَن بن عَلِيٍّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَحْمَد بن مُؤْمِنٍ، وَسِتُّ الفَخْر بِنْتُ الشِّيْرَازِيّ، قَالُوا:
أَخْبَرَتْنَا كَرِيْمَة بِنْت عَبْدِ الوَهَّاب، وَأَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ ابْن الحَلاَّل (1) ، وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ يُوْسُفَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُكْرَمُ بن أَبِي
__________
(1) بالحاء المهملة.(23/33)
الصَّقر، وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ ابْنُ صَصْرَى، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا حَمْزَة بن عَلِيٍّ الثَّعْلَبِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو البَرَكَات الحَسَن بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الخَلِيْلِ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا السُّلَمِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ صَصْرَى، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ، قَالُوا جَمِيْعاً:
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ سُوَيْدٍ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
نَهَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ نَبِيذِ الجَرِّ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِم (1) مِنْ طرِيقِ إِسْحَاقَ بنِ سُوَيْد، هَذَا.
25 - مُكْرَمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ القُرَشِيُّ *
ابْنِ سَلاَمَةَ بنِ أَبِي جَمِيْل بنِ أَبِي الصَّقْرِ، الشَّيْخُ الأَمِيْن، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، أَبُو المُفَضَّل، نَجْمُ الدِّيْنِ، وَلَدُ الإِمَامُ المُحَدِّثِ العَدْلِ أَبِي عَبْدِ اللهِ ابْنِ الشَّيْخ أَبِي يَعْلَى، القُرَشِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، التَّاجِرُ، السَّفَّارُ.
وُلِدَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(1) رقم (1995) (38) في الاشربة: باب النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء والختم وبيان أنه منسوخ، وأنه اليوم حلال ما لم يصر مسكرا.
(*) تكملة المنذري: 3 / الترجمة 2816، وتاريخ الإسلام، الورقة: 170 (أيا صوفيا 3012) ، والعبر: 5 / 146، ودول الإسلام: 2 / 106، والمستفاد للدمياطي، الورقة 71، والنجوم الزاهرة: 6 / 302، وشذرات الذهب: 5 / 174 - 175.(23/34)
وَسَمِعَ مِنْ: حَسَّان بن تَمِيْم الزَّيَّات، وَحَمْزَة ابْنِ الحُبُوبِيِّ، وَحَمْزَةَ بنِ كَرَوَّسٍ، وَأَبِي المُظَفَّرِ الفَلَكِيِّ، وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ بنِ مُقَاتِلٍ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي الحَسَنِ الدَّارَانِيِّ، وَالصَّائِنِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ الحَرَسْتَانِيِّ، وَأَبِي المَعَالِي بنِ صَابِرٍ، وَغَيْرِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيُّ، وَابْنُ خَلِيْل، وَالضِّيَاءُ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَالجَمَال ابْن الصَّابُوْنِيِّ، وَالشَّرَف ابْن النَّابلسِيّ، وَابْن هَامِل، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الحَلاَّلِ، وَالفَخْرُ بنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ عَمِّهِ الشَّرَفُ، وَابْنُ عَمِّهِ عَبْدُ المُنْعِمِ، وَالمُؤَيَّدُ عَلِيّ ابْن خَطِيْبِ عَقْربا، وَعَلِيّ بن عُثْمَانَ اللَّمْتُوْنِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي الذِّكْرِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيّ، وَمُحَمَّد بن يُوْسُفَ الإِرْبِلِيُّ، وَالشِّهَابُ بنُ مُشَرِّفٍ، وَسُنْقُرُ الحَلَبِيُّ، وَالبَهَاءُ أَيُّوْبُ ابْنُ النَّحَّاسِ، وَالصَّدْرُ بنُ مَكْتُوْمٍ، وَمُوْسَى بنُ عَلِيٍّ الحُسَيْنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ بِمِصْرَ، وَحَلَبَ، وَبَغْدَادَ، وَدِمَشْقَ.
قَالَ المُنْذِرِيُّ (1) : كَانَ يَقدم مِصْر كَثِيْراً لِلتِّجَارَةِ.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ يُوَاظبُ عَلَى الخَمْس فِي جَمَاعَةٍ، وَكَانَ كَثِيْرَ المُجُوْنِ مَعَ أَصْحَابِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُكْرِماً لأَصْحَابِ الحَدِيْثِ بَلْ يَتعَاسرُ عَلَيْهِم.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي ثَانِي رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ عَلَى وَالِدِه بِمَقْبَرَةِ بَابِ الصَّغِيْرِ.
__________
(1) التكملة: 3 / الترجمة: 2816.(23/35)
الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّلاَثُوْنَ
26 - الهَمْدَانِيُّ أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ، المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ، الفَقِيْهُ، بَقِيَّةُ السَّلَفِ، أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ هِبَةِ اللهِ أَبِي البَرَكَاتِ بنِ جَعْفَرِ بنِ يَحْيَى بنِ أَبِي الحَسَنِ بنِ مُنِيْرِ بنِ أَبِي الفَتْحِ الهَمْدَانِيُّ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي عَاشرِ صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
تَلاَ بِالسَّبْعِ وَيَعْقُوْبَ عَلَى: أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خَلفِ الله بنِ عَطِيَّةَ صَاحِبِ ابْنِ الفَحَّامِ، وَابْنِ بليمَةَ.
وَسَمِعَ الحَدِيْثَ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ فَأَكْثَرَ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْراً.
وَمِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ العُثْمَانِيِّ،
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة: 3 الترجمة: 2855، وذيل الروضتين: 167، ودول الإسلام: 2 / 107، وتذكرة الحفاظ: 1424، والعبر: 5 / 149، ومعرفة القراء الكبار 2 / 497، إذ عده في الطبقة الرابعة عشرة، وتاريخ الإسلام، الورقة: 173، والوافي بالوفيات 11 / 117 الترجمة 197، والبداية والنهاية 13 / 153، وذيل التقييد الورقة 151، وغاية النهاية في طبقات الفراء 1 / 193 الترجمة 891، وعقد الجمان للعيني ج: 18 الورقة 220، والنجوم الزاهرة: 6 / 314، وحسن المحاضرة: 1 / 215، وشذرات الذهب: 5 / 180.(23/36)
وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَسْكَرٍ، وَأَبِي الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَالقَاضِي مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الغَافقِيِّ، وَأَبِي يَحْيَى اليَسَعِ بنِ حَزْمٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ طَوَائِفُ مِنَ الأَنْدَلُسِ وَأَصْبَهَانَ وَهَمَذَانَ، وَأَمَّ بِمسجدِ النَّخْلَةِ، وَأَقْرَأَ بِهِ مُدَّةً، وَحَدَّثَ بِالثَّغْرِ وَمِصْرَ وَالسَّاحِلِ وَدِمَشْقَ، وَكَانَ لَهُ أُصُوْلٌ بِكَثِيْرٍ مِنْ رِوَايَاتهِ يَرْجِعُ إِلَيْهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَابْن نُقْطَة، وَابْن المَجْدِ، وَالكَمَالُ ابْنُ الدُّخميسِيّ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَنْبِجِيّ، وَالعزُّ ابْنُ العِمَادِ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابْن الخَلاَّل، وَأَبُو المَحَاسِنِ ابْن الخِرَقِيّ، وَنصرُ الله بنُ عَيَّاشٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الذَّهَبِيّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَهَدِيَّةُ بِنْتُ عَسْكَرٍ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ شكرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بن جَمَاعَة الرَّبَعِيُّ، وَسَعْدُ الدِّيْنِ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ.
وَأَخَذَ عَنْهُ القِرَاءاتِ: الشَّيْخُ عَلِيٌّ الدّهَّانُ، وَعَبْدُ النَّصِيْر المريُوطِيّ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ المُنْذِرِيّ: أَقْرَأَ وَانتفعَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَكَانَ بُعِثَ إِلَيْهِ ليحضرَ، فَقَدِمهَا وَمَعَهُ جُمْلَةٌ مِنْ مَسْمُوْعَاتهِ، وَأَقَامَ بِالقَاهِرَةِ مُدَّةً، ثُمَّ تَوجَّه إِلَى دِمَشْقَ، وَرَوَى الكَثِيْر (1) .
قُلْتُ: أَقَامَ بِدِمَشْقَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، أَقْدَمَهُ ابْنُ الجَوْهَرِيّ المُحَدِّثُ، وَقَامَ بِوَاجِبِ حَقِّهِ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَة:
__________
(1) التكملة 3 / 501، وفيها أنه لم يزل بها إلى حين وفاته.(23/37)
سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحاً مِنْ أَهْلِ القُرْآن.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّادِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِدِمَشْقَ (1) .
وَللبِرْزَالِيِّ فِيْهِ:
اسْتفدنَا مِنْ جَعْفَرِ الهَمْدَانِي ... مَا حُرِمْنَا فِي سَائِرِ الأَزْمَانِ
مِنْ أَسَانِيْدَ عَالِيَاتٍ صِحَاحٍ ... وَحِكَايَاتٍ مُطرِبَاتٍ حِسَانِ
وَتَوَارِيخَ مُحكمَاتٍ صِحَاحٍ ... عَنْ شُيُوْخٍ أَجِلَّةٍ أَعْيَانِ
كَأَبِي طَاهِرٍ هُوَ السِّلَفِيُّ الـ ... أَصْبَهَانِيُّ الحَبْرُ وَالعُثْمَانِي
وَلكُم عِنْدَهُ مِنَ الأَدبيَا ... تِ قرَاهَا وَمِنْ عُلُوْمِ القُرَانِ
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ التَّنُوْخِيُّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدٍ بِالدُّوْن (2) ، وَبَدْر بن دُلَفٍ بِالفَرَك (3) ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا القَاضِي أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الدِّيْنَوَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ حَكِيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الحَسَنُ - هُوَ ابْنُ صَالِحٍ - عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ،
__________
(1) وأضاف المنذري أنه دفن من الغد بمقبرة الصوفية، (التكملة: 1 / 500) ، قال أبو شامة: حضرت الصلاة عليه خارج باب النصر وشيعته إلى المقبرة المذكورة المظلمة (كذا ولعلها المطلة) على وادي البردى (ذيل الروضتين: 167) .
(2) قرية من أعمال الدينور نسب إليها عبد الرحمان هذا.
(3) ناحية باصبهان، وبعضهم يسكن الراء.(23/38)
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لاَ يَتَوَضَّأُ بَعْدَ الغُسْلِ (1) .
وَفِي سَنَةِ سِتٍّ: مَاتَ صَاحِبُ مَارْدِيْنَ الملكُ المَنْصُوْرُ أَرْتقُ بنُ أَرْسَلاَنَ الأَرتقِيُّ التُّرُكْمَانِيُّ وَكَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ، امتدَّتْ أَيَّامُهُ، وَالفَقِيْهُ القُدْوَةُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ القَسْطلاَنِيُّ المَالِكِيُّ صَاحِبُ الشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اللهِ القُرَشِيِّ، ُوَأَسَعْدُ بنُ المُسَلَّمِ بنِ عَلاَّنَ، وَالمُحَدِّث بَدَلُ بنُ أَبِي المُعَمَّرِ التِّبْرِيْزِيُّ، وَحَسَّانُ بنُ أَبِي القَاسِمِ المَهْدَوِيّ، وَشَيْخُ نَصِيْبِيْنَ عَسْكَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ عَسْكَرٍ، وَالوَزِيْرُ جَمَالُ الدِّيْنِ عَلِيّ بنُ جَرِيْرٍ الرَّقِّيّ وَزِيْرُ الأَشْرَفِ، وَالصَّاحب عِمَادُ الدِّيْنِ عُمَرُ ابْنُ شَيْخِ الشُّيُوْخِ الجُوَيْنِيُّ، وَالحَافِظُ زَكِيُّ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ البِرْزَالِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ السَّبَّاكِ، وَشَيْخُ الحَنَفِيَّةِ جَمَالُ الدِّيْنِ مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ الحَصِيْرِيُّ.
27 - صَاحِبُ حِمْصَ أَسَدُ الدِّيْنِ أَبُو الحَارِثِ شِيرْكُوْه بنُ نَاصِرِ الدِّيْنِ مُحَمَّدٍ *
الملكُ، المُجَاهِدُ، أَسَدُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَارِثِ شِيرْكُوْه ابْنُ صَاحِبِ حِمْص نَاصِرِ الدِّيْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الملكِ أَسَدِ الدِّيْنِ شِيرْكُوْه بنِ شَاذِي.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ، بِمِصْرَ.
__________
(1) رواه النسائي في الطهارة عن أحمد بن عثمان بن حكيم الاودي، عن أبيه، عن الحسن بن صالح، به.
(*) التكملة لوفيات النقلة: 3 / 535 رقم الترجمة 2937، ومرآة الزمان: 8 / 731 - 732، وذيل الروضتين: 169، والحوادث الجامعة: 137، والمختصر في أخبار البشر: 3 / 173، ودول الإسلام: 2 / 108، والعبر: 5 / 153، وتاريخ الإسلام، الورقة: 189، نثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة: 111 - 112، والبداية والنهاية: 13 / 154 - 155، ونزهة الانام لابن دقماق: الورقة 40، وعقد الجمان للعيني: ج 17 الورقة 235 - 236، والنجوم الزاهرة: 6 / 316، وشذرات الذهب: 5 / 184، وغيرها.(23/39)
وَملّكه السُّلْطَانُ صَلاَحُ الدِّيْنِ حِمْصَ بَعْدَ أَبِيْهِ، فَتملَّكهَا (1) سِتّاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
سَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنَ: الفَضْلِ ابْنِ البَانْيَاسِيّ، وَأَجَازَ لَهُ ابْنُ بَرِّيّ، وَحَدَّثَ.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً مَهِيْباً، وَكَانَتْ بِلاَدُهُ نَظيفَةً مِنَ الخُمُوْرِ، وَمَنَعَ النِّسَاءَ مِنَ الخُرُوجِ مِنْ أَبْوَابِ حِمْصَ جُمْلَةً، وَدَامَ ذَلِكَ خَوْفاً مِنْ أَنْ يَنزحَ بِهِنَّ رِجَالُهنَّ لِعَسفهِ، وَكَانَ يُدِيْمُ الصَّلَوَاتِ، وَلاَ يُحِبّ لَهواً، وَكَانَ ذَا رَأْيٍ وَدهَاءٍ وَشكلٍ مليحٍ وَجَلاَلَة، كَانَتِ المُلُوْكُ تُدَارِيهِ وَيَخَافُوْنَهُ، اسْتوحشَ مِنْهُ الكَامِلُ، وَظَنَّ أَنَّهُ أَوقَعَ بَيْنَ الأَشْرَفِ وَبَيْنَهُ، فَصَادَرَهُ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَمْوَالاً، فَنَفَّذَ نِسَاءهُ يَشْفَعْنَ فِيْهِ، فَمَا أَفَادَ، فَهيَّأَ الأَمْوَالَ، فَبَغَتَهُ مَوْتُ الكَامِلِ، فَجَاءَ وَجَلَسَ عِنْد قَبْرِ الكَامِلِ وَتَصرَّفَ.
وَهُوَ الَّذِي جَاءَ مَعَ الصَّالِح إِسْمَاعِيْلَ، وَأَعَانَهُ عَلَى أَخْذِ دِمَشْقَ، وَكَانَ المُظَفَّرُ صَاحِبُ حَمَاةَ قَدْ شَعرَ بِسَعْيِهِمَا، فَجَهَّزَ عَسْكَرَهُ نَجْدَةً لِحِمَايَةِ دِمَشْقَ مَعَ نَائِبهِ سَيْفِ الدِّيْنِ بن أَبِي عَلِيٍّ فِي أهبَةٍ وَسلاَحٍ مُظهرِيْنَ أَنَّ ابْنَ أَبِي عَلِيٍّ قَدْ غَضِبَ مِنَ المُظَفَّر، وَفَارقَ حَمَاة لِكَوْنِ صَاحِبِهَا يُرِيْدُ أَنْ يُسلّمهَا إِلَى الفِرَنْجِ، فَمَا نَفَقَ هَذَا عَلَى شِيرْكُوْه، فَنَزَلُوا بِظَاهِرِ حِمْصَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ شِيرْكُوْه، وَشَكَرَه عَلَى مُنَابذَةِ المُظَفَّر، وَقَالَ: بِاسْمِ اللهِ يَا خُوند علمنَا مَاكُوْلاَ فَرَكِبَ مَعَهُ، ثُمَّ اسْتدعَى بَقِيَّةَ الكِبَارِ مِنْ جُنْدِهِ، فَدَخَلُوا البَلَدَ، فَقَبَضَ عَلَى الجَمَاعَةِ وَعَذَّبَهُم، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُم، وَهَرَبَ بَاقِي العَسْكَرِ إِلَى حَمَاةَ، وَتَضَعْضَعَ لِذَلِكَ المُظَفَّرُ، وَمَاتَ نَائِبُهُ ابْنُ أَبِي عَلِيٍّ فِي الحَبْسِ.
تُوُفِّيَ: بِحِمْصَ، فِي رَجَبٍ (2) ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) في البداية والنهاية: ولاه اياها الملك الناصر صلاح الدين بعد موت أبيه سنة إحدى وثمانين وخمس مئة فمكث فيها سبعا وخمسين سنة.
(2) في التكملة: في التاسع عشر من رجب، وفي المرآة: العشرين من رجب.(23/40)
وَشِيرْكُوْه بِالعَرَبِيِّ: أَسَدُ الجَبَلِ.
وَتَمَلَّكَ حِمْصَ بَعْدَهُ المَنْصُوْرُ إِبْرَاهِيْمُ وَلَدُهُ سَبْعَ سِنِيْنَ.
28 - الصَّفْرَاوِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، المُفْتِي، المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ، عَالِمُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عَبْدِ المَجِيْدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُثْمَانَ بنِ يُوْسُفَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ حَفْصٍ ابْنُ الصَّفْرَاوِيِّ - نِسبَةً إِلَى الصَّفْرَاء الَّتِي عِنْدَ بَدْرٍ - الإِسْكَنْدَرِيُّ، الفَقِيْهُ، المَالِكِيُّ، شَيْخُ المُقْرِئِينَ.
وُلِدَ: بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فِي أَوَّلِ عَامِ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى: أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن خَلَفِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَطِيَّةَ القُرَشِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الغَافِقِيِّ، وَأَبِي يَحْيَى اليَسعِ بنِ حَزْمٍِ، وَأَبِي الطَّيِّبِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ الخَلُوْفِ.
وَبَرَعَ فِي القِرَاءاتِ، وَأَلَّفَ فِيْهَا كِتَابَ (الإِعْلاَنِ) .
وَتَفَقَّهَ عَلَى: العَلاَّمَةِ أَبِي طَالِبٍ صَالِحِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ بِنْتِ مُعَافَى.
وَسَمِعَ كَثِيْراً مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ العُثْمَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَتَفَقَّهَ بِهِ أَهْلُ الثَّغْرِ.
حَدَّثَ بِالثَّغْرِ، وَبِالمَنْصُوْرَةِ، وَبِمِصْرَ.
تَلاَ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَاتِ: الرَّشِيْدُ
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة اسعد أفندي 2324) ج 3 الورقة 205 ب، والتكملة لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 2863، ودول الإسلام: 2 / 107، العبر: 5 / 150، تذكرة الحفاظ: 1424، معرفة القراء الكبار: 2 / 498، وتاريخ الإسلام، الورقة: 178 (أيا صوفيا: 3012) ، نزهة الانام لابن دقماق الورقة 37 - 38، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 / 373 رقم الترجمة 1587، والنجوم الزاهرة: 6 / 314، وحسن المحاضرة: 1 / 251، وشذرات الذهب: 5 / 180.(23/41)
ابْنُ أَبِي الدُّرّ، وَالمكينُ عَبْدُ اللهِ الأَسْمَرُ، وَالشَّرَفُ يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ ابْنِ الصَّوَّافِ، وَعَبْدُ النَّصِيْرِ المريُوطِي، وَأَبُو القَاسِمِ الدُّكَالِي سُحْنُوْن.
وَتَلاَ عَلَيْهِ بِبَعْضِ الرِّوَايَات: النّظَامُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ التِّبْرِيْزِيّ، وَيُوْسُفُ بنُ حَسَنٍ القَابِسِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَطِيَّةَ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو الهُدَى عِيْسَى بن يَحْيَى السَّبْتِيّ، وَالقَاضِي عَبْدُ القَادِرِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَجْرِيّ، وَعَبْدُ المُعْطِي بنُ عَبْدِ النَّصِيْرِ الأَنْصَارِيُّ، وَعُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ الكَدُّوفِ، وَعِدَّةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: عَلِيُّ بن سيمَا، وَمُحَمَّدُ بنُ مشرقٍ، وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ، خَرَّجَ لِنَفْسِهِ (مَشْيَخَةً) .
تُوُفِّيَ (1) : فِي الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
29 - ابْنُ السَّبَّاكِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الفَقِيْه، المُسْنِدُ، وَكِيْلُ القُضَاةِ، أَبُوَ الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، ابْنُ السَّبَّاكِ البَغْدَادِيُّ، رَبِيْبُ أَزْهَرَ ابْنِ السَّبَّاكِ، وَهُوَ الَّذِي سَمّعَهُ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَأَبِي المَعَالِي ابْنِ اللَّحَّاسِ؛
__________
(1) في التكملة: بثغر الإسكندرية، ودفن من الغد.
(*) ذيل تاريخ مدينة الإسلام لابن الدبيثي: (نسخ باريس 5921) الورقة 134 - 135، والتكملة لوفيات النقلة: 3 / 502 رقم الترجمة: 2861، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي: 1 / 132 - 133، والعبر: 5 / 151، تذكرة الحفاظ: 1424 - 1425، وتاريخ الإسلام، الورقة: 183، والنجوم الزاهرة: 6 / 315، وشذرات الذهب 5 / 181.(23/42)
سَمِعَ مِنْهُ (المُنْتَقَى) مِنْ سَبْعَةِ أَجزَاء المُخَلِّصِ، وَسَمِعَ مِنْ عُمَرَ بنِ بُنَيْمَانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عِزّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيّ، وَعَلاَءُ الدِّيْنِ ابْنُ بَلْبَانَ، وَأَبُو سَعِيْدٍ القَضَائِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَةِ القَاضِي الحَنْبَلِيّ، وَالمُطَعِّمُ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الشِّحنَةِ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ مَنْسُوْباً إِلَى الدَّهَاءِ وَكَثْرَةِ الشَّرِّ فِي الحُكُومَاتِ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي سَابِعَ عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (1) .
30 - ابْنُ الطُّفَيْلِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ يُوْسُفَ بنِ هِبَةِ اللهِ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الثِّقَةُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ ابْنُ المُحَدِّثِ يُوْسُفَ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ مَحْمُوْدِ بن الطُّفَيْلِ الدِّمَشْقِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ المُكَبِّسِ الصُّوْفِيُّ.
سَمِعَ بِدِمَشْقَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (2) مِنَ
__________
(1) ذكر المنذري أنه توفي في ليلة السابع عشر من شهر ربيع الآخر ببغداد، ودفن بالشونيزية من الغد، ومولده سنة إحدى ويقال سنة أربع وخمسين وخمس مئة.
(*) التكملة لوفيات النقلة: 3 / 546 - 547 رقم الترجمة 2957، والعبر: 5 / 153، وتاريخ الإسلام، الورقة: 190 - 191، وذيل التقييد الورقة 196، النجوم الزاهرة 6 / 317، شذرات الذهب: 5 / 184.
(2) قال المنذري: انه سمع بإفادة والده بدمشق (التكملة: 3 / 547) .(23/43)
الوَزِيْر أَبِي المُظَفَّرِ الفَلَكِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي المَكَارِمِ بنِ هِلاَلٍ، وَأَبِي البَرَكَاتِ الخَضِرِ بنِ شِبْلٍ الخَطِيْبِ، وَأَبِي المَعَالِي مُحَمَّدِ بن حَمْزَةَ بنِ المَوَازِيْنِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ بَرَكَةَ الصِّلْحِيّ، وَبِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَابْنِ عَوْفٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَبِمِصْرَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ هِبَةِ اللهِ الكَامِلِي، وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ الرَّحَبِيّ، وَعُثْمَان بن فَرَجٍ، وَعَبْد اللهِ بن بَرِّيّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ (1) ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَلْبَانَ، وَأَبُو حَامِدٍ ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَأَبُو الحَسَنِ الغَرَّافِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَأَبُو الهُدَى عِيْسَى السَّبْتِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ كوركيك.
وَأَجَازَ لابْنِ سَعْدٍ، وَابْنِ الشِّيْرَازِيّ، وَعِيْسَى المُطَعِّمِ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْدِيٍّ فِي (مُعْجَمِهِ) : لَمْ تَكُنْ حَالُهُ مَرَضِيَّةً، لَكِنَّ سَمَاعَهُ صَحِيْحٌ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ سَمِعَ مِنَ الفَلَكِيِّ، طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، وَلَزِمَ بَيْتَهُ، فَأَكْثَرْتُ عَنْهُ لابْنِي.
تُوُفِّيَ: فِي رَابعِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: وُلِدَ فِي عَاشِرِ صَفَرٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (2) .
31 - ابْنُ دُلَفَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ دُلَفَ بنِ أَبِي طَالِبٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ دُلَفَ بنِ
__________
(1) ذكر ذلك المنذري في التكملة 3 / 547.
(2) فيكون سماعه من الفلكي حضورا، وهو في الخامسة.
(*) ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس 5921) الورقة 149، والتكملة لوفيات النقلة: 3 / 526، رقم الترجمة 2920، وتلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي: ج 4 ص 492 رقم =(23/44)
أَبِي طَالِبٍ البَغْدَادِيّ، المُقْرِئُ، النَّاسخُ، الخَازِنُ.
مَوْلِدُهُ: بَعْدَ الخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) .
وَقَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى: ابْنِ عَسَاكِر البَطَائِحِيِّ، وَأَبِي الحَارِثِ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيِّ، وَيَعْقُوْبَ الحَرْبِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ القَاصِّ، وَغَيْرِهِم.
تَلاَ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَاتِ: الشَّيْخُ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ أَبِي الجَيْشِ.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّحَبِيّ، وَخَدِيْجَةَ النَّهْرَوَانِيَّةِ، وَشُهْدَةَ الإِبرِيَّةِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الرَّشِيْدُ مُحَمَّدُ ابْنُ أَبِي القَاسِمِ، وَغَيْرُهُ.
وَبِالإِجَازَةِ: فَاطِمَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، وَالقَاضِي، وَابْنُ سَعْدٍ، وَطَائِفَةٌ.
وَسَمِعَ (مُوَطَّأ مَالِكٍ) مِنْ رِوَايَةِ القَعْنَبِيّ عَلَى شُهْدَةَ، وَ (مُحَاسَبَةَ النَّفْس) وَ (الغُربَاءَ) لِلآجُرِّيّ، وَ (سِتَّةَ مَجَالِسِ ابْنِ البَخْتَرِيِّ) .
وَوَلاَّهُ المُسْتَنْصِرُ خِزَانَةَ كُتُبِهِ، وَكَانَ عَدْلاً ثِقَةً إِمَاماً صَالِحاً خَيِّراً مُتَعَبِّداً، لَهُ صُوْرَةٌ كَبِيْرَةٌ، وَجَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ، وَفِيْهِ نَفعٌ لِلنَّاسِ.
__________
= الترجمة 713 ولقبه عفيف الدين، والحوادث الجامعة: 134 - 135، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي للذهبي: 3 / 50 رقم الترجمة 828، ومعرفة القراء الكبار 2 / 499، وتاريخ الإسلام، الورقة: 191، ذيل طبقات الحنابلة: 2 / 217 - 220، ونزهة الانام لابن دقماق الورقة 44، وذيل التقييد للفاسي الورقة 201، وغاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 393 رقم الترجمة 1674، والنجوم الزاهرة: 6 / 317، والتاج المكلل للقنوجي: 237، وراجع تاريخ علماء المستنصرية للدكتور ناجي معروف: 2 / 69 - 73.
(1) قال المنذري: ومولده تقديرا سنة احدى أو اثنتين وخمسين وقيل سنة تسع واربعين وخمس مئة (التكملة لوفيات النقلة: 3 / 526) .(23/45)
رَوَى عَنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ، وَقَالَ: كَانَ دَائِمَ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ، كَثِيْرَ العِبَادَةِ، سَعَّاءً فِي مَصَالِحِ النَّاسِ، لَمْ تَرَ العُيُونُ مِثْلَهُ.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
32 - صَاحِبُ مَارْدِيْنَ نَاصِرُ الدِّيْنِ أَرْتَقُ بنُ أَرْسَلاَنَ بنِ أَلبِي التُّرُكْمَانِيُّ *
الملكُ المَنْصُوْرُ، نَاصِرُ الدِّيْنِ أَرْتَقُ ابْنُ المَلِكِ أَرْسَلاَنَ بنِ أَلبِي بنِ تمرتَاشَ التُّرُكْمَانِيُّ، الأَرْتَقِيُّ.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَخِيْهِ حُسَامِ الدِّيْنِ إِيلغَازِي، وَهُوَ حَدَثٌ، فَعَمِلَ نِيَابَةً مَمْلُوْكُهُم زَوجُ وَالِدتِه مُدَّةً، فَلَمَّا تَمَكَّنَ أَرتَقُ، قَتَلَهُ فِي سَنَةِ سِتّ مائَةٍ، وَامْتَدَّتْ أَيَّامُهُ، وَكَانَ فِيْهِ عَدْلٌ وَحُسْنُ سِيْرَةٍ، وَيَصُوْمُ كَثِيْراً، وَيَدَعُ الخَمْرَ فِي الثَّلاَثَةِ أَشْهُرٍ، قَتَلَهُ غِلمَانُه بِمُوَاطَأَةِ ابْنِ ابْنهِ أَلبِي بنِ غَازِي بنِ أَرتقَ، وَكَانَ شَدِيدَ المَحَبَّةِ لَهُ، ثُمَّ خَافَ، وَأَبْعَدَ أَبَاهُ غَازِياً، فَحلقَ رَأْسَه، وَتَمَفْقَرَ (2) فَحَبَسَهُ وَالِده أَرتق، فَلَمَّا قَتَلُوْهُ، أَخرجُوا غَازِياً وَملَّكوهُ، وَلُقِّبَ بِالمَلِكِ السَّعِيْدِ، ثُمَّ خَافَ مِنْ وَلَدِهِ أَلبِي، فَسَجَنَهُ.
قُتِلَ أَرتقُ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ سِتّاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَكَذَلِكَ طوّل وَلدُه.
__________
(1) ذكر المنذري ان وفاته في ليلة السادس والعشرين من صفر، ثم ذكر بعد ذلك قائلا وقبل كانت وفاته ليلة التاسع عشر (التكملة: 3 / 526) .
(*) مرآة الزمان: 8 / 730، والحوادث الجامعة: 115، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة: 175 (أيا صوفيا 3012) ، دول الإسلام: 2 / 107، العبر: 5 / 148 - 149، الوافي بالوفيات: 8 / 336، الترجمة 3763، والعسجد المسبوك: 485، والنجوم الزاهرة: 6 / 314، وذكره مرة اخرى في حوادث سنة 637 في ج 6 ص 315، شذرات الذهب: 5 / 180.
(2) يعني: تصوف، من الفقر.(23/46)
33 - الحَرَالِّيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنٍ التُّجِيْبِيُّ *
هُوَ: العَلاَّمَةُ المُتَفَنِّن، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنٍ التُّجِيْبِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ.
وَحرَالَّة: قَرْيَةٌ مِنْ عَمل مُرْسِيةَ.
وُلِدَ بِمَرَّاكُشَ، وَأَخَذَ النَّحْوَ عَنِ ابْنِ خروفٍ، وَلقِي العُلَمَاءَ، وَجَالَ فِي البِلاَدِ، وَلهجَ بِالعَقْلِيَّاتِ، وَسَكَنَ حَمَاةَ، وَعَمِلَ (تَفْسِيْراً) عَجِيْباً ملأَه باحتمَالاَتٍ لاَ يَحْتَمِله الخَِطَابُ العربِيّ أَصْلاً، وَتَكلَّمَ فِي علمِ الحُرُوْفِ وَالأَعدَادِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ اسْتَخْرَجَ مِنْهُ وَقتَ خُرُوْجِ الدَّجَّالِ وَوقتَ طُلُوْعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَوعظَ بِحَمَاةَ، وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ، وَصَنَّفَ فِي المَنْطِق، وَفِي شرحِ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى، وَكَانَ شَيْخُنَا مَجْدُ الدِّيْنِ التُّوْنُسِيُّ يَتَغَالَى فِي تَعْظِيْمِ (تَفْسِيْرهِ) ، وَرَأَيْتُ عُلَمَاءَ يَحطُّونَ عَلَيْهِ - وَاللهُ أَعْلَمُ بِسِرِّهِ - وَكَانَ يُضْرَبُ بِحِلمِهِ المَثَلُ.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ (1) وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَمِمَّنْ يُعَظِّمُهُ شَيْخُنَا شَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ البَارِزِيّ قَاضِي حَمَاةَ، فَمَنْ شَاءَ فَليَنظُرْ فِي تَوَالِيفِهِ، فَإِنَّ فِيْهَا العظَائِمَ.
__________
(1) التكملة لابن الابار (المخطوطة الأزهرية) ج 3 الورقة 80، عنوان الدراية 143 - 156 الترجمة 31، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) الورقة: 192، والعبر: 5 / 157، وميزان الاعتدال: 3 / 114، والعسجد المسبوك: 495 - 496، ولسان الميزان: 4 / 204، الترجمة 536، والنجوم الزاهرة: 6 / 317، وطبقات المفسرين للسيوطي (تحقيق علي محمد عمر) ص 76 الترجمة 68، وطبقات المفسرين للداوودي: 1 / 386 - 387 الترجمة 338، ونفح الطيب: 2 / 187 - 190 الترجمة 115، وشذرات الذهب: 5 / 189 وفيه الحراني (النون) وهو تصحيف.
(1) نسب في لسان الميزان وفي طبقات المفسرين للداوودي إلى ابن الابار انه قيد وفاته سنة 638 ولم نجد ذلك في التكملة بل قيدها لسنة 637.(23/47)
34 - ابْنُ العَرَبِيِّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الطَّائِيُّ *
العَلاَّمَةُ، صَاحِبُ التَّوَالِيفِ الكَثِيْرَةِ، مُحْيِي الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الطَّائِيُّ، الحَاتِمِيُّ، المُرْسِيُّ، ابْنُ العَرَبِيِّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنِ: ابْنِ بَشْكُوَالَ، وَابْنِ صَافٍ.
وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ: زَاهِرِ ابْنِ رُسْتُمٍ، وَبِدِمَشْقَ مِنِ: ابْنِ الحَرَسْتَانِيّ، وَبِبَغْدَادَ.
وَسكنَ الرُّوْمَ مُدَّةً، وَكَانَ ذَكِيّاً، كَثِيْرَ العِلْمِ، كَتَبَ الإِنشَاءَ لبَعْضِ الأُمَرَاءِ بِالمَغْرِبِ، ثُمَّ تَزَهَّدَ وَتَفَرَّدَ، وَتَعَبَّدَ وَتَوَحَّدَ، وَسَافَرَ وَتَجَرَّدَ، وَأَتْهَمَ وَأَنْجَدَ، وَعَمِلَ الخَلَوَاتِ، وَعلَّقَ شَيْئاً كَثِيْراً فِي تَصَوُّفِ أَهْلِ الوحدَةِ.
وَمِنْ أَرْدَإِ تَوَالِيفِهِ كِتَابُ (الفُصُوْصِ) ، فَإِنْ كَانَ لاَ كُفْرَ فِيْهِ، فَمَا فِي الدُّنْيَا كُفْرٌ، نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ وَالنَّجَاةَ، فَوَاغَوْثَاهُ بِاللهِ!
وَقَدْ عَظَّمَهُ جَمَاعَةٌ، وَتَكَلَّفُوا لِمَا صَدَرَ مِنْهُ بِبَعيدِ الاحْتِمَالاَتِ، وَقَدْ حَكَى العَلاَّمَةُ ابْنُ دَقِيقِ العِيْدِ شَيْخُنَا، أَنَّهُ سَمِعَ الشَّيْخَ عِزَّ الدِّيْنِ ابْنَ عَبْدِ
__________
(*) هو العالم المشهور الذي تغني شهرته عن التعريف، وقد ذكر الأستاذ الدكتور صلاح الدين المنجد كثيرا من مظان ترجمته في مقدمة كتاب " الدرر الثمين في مناقب الشيخ محيي الدين " كما ذكر عددا من الكتب المؤلفة في سيرته من المؤيدين والمهاجمين وما كتب عنه باللغات الاعجمية، واليك مظان ترجمته مضافة إلى ما ذكره واكثرها لم يطلع عليها الأستاذ الفاضل المذكور وهي: تاريخ ابن الدبيثي (نسخة شهيد علي) الورقة 92، عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة أسعد افندي 2328) ج 7 الورقة 179، التكملة لوفيات النقلة للمنذري الترجمة 2972، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) ج 19 الورقة 204 - 206، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد الورقة 11، نثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة: 124 - 125، طبقات الأولياء لابن الملقن (دار الكتب الظاهرية 4407 عام) الورقة: 36، وفي المطبوعة: 469 - 470 الترجمة 153، نزهة الانام لابن دقماق الورقة 50 - 53، العقد الثمين للفاسي (التيمورية) ج 1 الورقة 157 - 167 وفي المطبوعة: 2 / 160 - 199، الترجمة 322، وعقد الجمان للعيني: ج 18 الورقة 243 - 244.(23/48)
السَّلاَمِ يَقُوْلُ عَنِ ابْنِ العَرَبِيِّ: شَيْخُ سُوءٍ، كَذَّابٌ، يَقُوْلُ بِقِدَمِ العَالِمِ، وَلاَ يُحَرِّمُ فَرْجاً.
قُلْتُ: إِنْ كَانَ مُحْيِي الدِّيْنِ رَجَعَ عَنْ مَقَالاَتِهِ تِلْكَ قَبْلَ المَوْتِ، فَقَدْ فَازَ، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيْزٍ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ (1) ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَدْ أَوْرَدْتُ عَنْهُ فِي (التَّارِيْخِ الكَبِيْرِ (2)) .
وَلَهُ شِعْرٌ رَائِقٌ، وَعِلمٌ وَاسِعٌ، وَذهنٌ وَقَّادٌ، وَلاَ رَيْبَ أَنَّ كَثِيْراً مِنْ عِبَارَاتِهِ لَهُ تَأْوِيْلٌ إِلاَّ كِتَابَ (الفُصُوْصِ) !
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ ابْنَ رَافِعٍ: أَنَّهُ رَأَى بِخَطِّ فَتحِ الدِّيْنِ اليَعْمُرِي: أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ دَقِيقِ العِيْدِ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ الشَّيْخ عِزَّ الدِّيْنِ، وَجَرَى ذِكْرُ ابْنِ العَرَبِيِّ الطَّائِيِّ فَقَالَ:
هُوَ شَيْخُ سُوءٍ مَقْبُوْحٌ كَذَّابٌ (3) .
35 - ابْنُ المُسْتَوفِي المُبَارَكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُبَارَكِ اللَّخْمِيُّ *
المَوْلَى، الصَّاحِبُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، شَرَفُ الدِّيْنِ، أَبُو البَرَكَاتِ المُبَارَكُ
__________
(1) في التكملة لوفيات النقلة انه توفي في ليلة الثاني والعشرين منه.
(2) يعني: تاريخ الإسلام، الورقة: 204 - 206.
(3) هذا تكرار من المؤلف لما ذكره قبل قليل.
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة اسعد افندي 2327) ج 6 الورقة 18 ب - 37 / أ، والتكملة لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 2908، ووفيات الأعيان لابن خلكان: 4 / 147 - 152 الترجمة 554، والحواث الجامعة: 135، وتاريخ الإسلام، الورقة: 196 - 197 (أيا صوفيا 3012) ، ونثر الجمان للفيومي: ج 2 الورقة 113 - 115، والبداية والنهاية 13 / 139، ونزهة الانام لابن دقماق الورقة 40 - 42، وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 233 - 234، والنجوم الزاهرة: 6 / 318، وبغية الوعاة للسيوطي: 2 / 272، الترجمة 1962، وشذرات الذهب: 5 / 186 - 187.(23/49)
بنُ أَحْمَدَ بنِ المُبَارَكِ بنِ مَوْهُوْبِ بنِ غَنِيْمَةَ بنِ غَالِبٍ اللَّخْمِيُّ، الإِرْبِلِيُّ، الكَاتِبُ، عُرِفَ بِابْنِ المُسْتَوْفِي.
وُلِدَ (1) : بِإِرْبِلَ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ وَالأَدَبَ عَلَى: أَبِي عَبْدِ اللهِ البَحْرَانِيِّ، وَمَكِّيِّ بنِ رَيَّانَ المَاكِسِيْنِيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ أَبِي حَبَّةَ، وَمُبَارَكِ بنِ طَاهِرٍ، وَحَنْبَلٍ، وَابْنِ طَبَرْزَذَ، وَنَصْرِ اللهِ بنِ سَلاَمَةَ الهِيْتِيّ، وَخَلْقٍ مِنَ الوَافدينَ إِلَى إِرْبِلَ.
وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَجَمَعَ فَأَوعَى، وَعَمِلَ لِبَلَدِهِ (تَارِيْخاً (2)) فِي خَمْسَةِ أَسفَارٍ، وَكَانَتْ دَارُهُ مَجْمَعاً لِلْفُضَلاَءِ، وَكَانَ كَثِيْرَ المَحْفُوْظِ، قَوِيَّ الخَطِّ، حُلْوَ الإِيرَادِ، لَهُ النَّظْمُ وَالنَّثْرُ، وَالتَّفُنُّنُ فِي الفَضَائِلِ، وَلَهُ إِجَازَةٌ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَغَيْرِهِ.
أَجَازَ لِشَيْخِنَا شَمْسِ الدِّيْنِ ابْنِ الشِّيْرَازِيِّ.
وَلِي نَظَرَ إِرْبِلَ مُدَّةً، وَنَزَحَ مِنْهَا وَقتَ اسْتيلاَءِ التَّتَارِ عَلَيْهَا، فَأَقَامَ بِالمَوْصِلِ، وَكَانَ وَالِدُهُ وَجدُّهُ مِنْ قَبْلِهِ عَلَى الاسْتيفَاءِ بِإِرْبِلَ.
قُلْتُ: فَمِنْ شِعرِهِ مِمَّا أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ الفُوَطِيِّ:
وَفَى لِيَ دَمْعِيْ يَوْمَ بَانُوا بِوَعْدِهِ ... فَأَجْرَيْتُهُ حَتَّى غَرِقْتُ بِمَدِّهِ
__________
(1) ذكر ابن خلكان والمنذري ان ولادته في النصف من شوال.
(2) هو المسمى " بنباهة البلد الخامل بمن ورده من الاماثل " الذي حقق الجزء الثاني منه الأستاذ سامي ابن السيد خماس الصقار تحقيقا جيدا وطبعه باسم تاريخ اربل ضمن منشورات دار الرشيد في وزارة الثقافة والاعلام بالجمهورية العراقية في سلسلة كتب التراث رقم 99 (ط المركز العربي للطباعة والنشر بيروت 1980) في قسمين ضخمين بلغ مجموع صفحاتهما مع الفهارس
والتقديم (1746) صفحة بقطع متوسط، شغل النص المحقق منها 428 صفحة.(23/50)
وَلَوْ لَمْ يُخَالِطْهُ دَمٌ غَالَ لَوْنَهُ ... لَمَا مَالَ حَادِي الرَّكْبِ عَنْ قَصْدِ وِرْدِهِ
أَأَحْبَابَنَا هَلْ ذَلِكَ العَيْشُ رَاجِعٌ ... بِمقتبلٍ غَضِّ الصِّبَى مُسْتَجَدِّهِ؟
زَمَاناً قَضَيْنَاهُ انْتِهَاباً وَكُلُّنَا ... يَجُرُّ إِلَى اللَّذَّاتِ فَاضِلَ بُرْدِهِ
وَإِنَّ عَلَى المَاءِ الَّذِي يَرِدُوْنَهُ ... غَزَالٌ كَجِلْدِ المَاءِ رِقَّةَ جِلْدِهِ
يَغَارُ ضِيَاءُ البَدْرِ مِنْ نُوْرِ وَجْهِهِ ... وَيَخْجَلُ غُصْنُ البَانِ مِنْ لِيْنِ قَدِّهِ
وَلَهُ:
حَيَّا الحَيَا وَطَناً بِإِرْبِلَ دَارساً ... أَخْنَتْ عَلَيْهِ حَوَادِثُ الأَيَّامِ
أَقْوَتْ مَرَابِعُهُ وَأَوْحَشَ أُنْسُهُ ... وَخَلَتْ مَرَاتِعُهُ مِنَ الآرَامِ
عُنِيَ الشَّتَاتُ بِأَهْلِهِ فَتَفَرَّقُوا ... أَيدِي سَبَا فِي غَيْر دَارِ مقَامِ
إِنْ يُمْسِ قَدْ لَعِبَتْ بِهِ أَيدِي البِلَى ... عَافِي المعَاهِدِ دَارِسَ الأَعْلاَمِ
فَلَكَمْ قَضَيْتُ بِهِ لُبَانَاتِ الصِّبَى ... مَعَ فِتيَةٍ شُمِّ الأُنوفِ كِرَامِ
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : كَانَ شَرَفُ الدِّيْنِ جَلِيْلَ القَدْرِ، وَاسِعَ الكَرَمِ، مُبَادِراً إِلَى زِيَارَةِ مَنْ يَقدِمُ، مُتَقَرِّباً إِلَى قَلْبِهِ، وَكَانَ جَمَّ الفَضَائِلِ، عَارِفاً بِعِدَّةِ فُنُوْنٍ، مِنْهَا الحَدِيْثُ وَفُنُونُهُ وَأَسْمَاؤُهُ (2) ، وَكَانَ مَاهِراً فِي الآدَابِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالشِّعرِ وَأَيَّامِ العَرَبِ، بَارِعاً فِي حِسَابِ الدِّيْوَانِ.
صَنَّف شرحاً لِـ (دِيْوَان المُتَنَبِّي) وَ (أَبِي تَمَّامٍ) فِي عَشْرِ مُجَلَّدَاتٍ، وَلَهُ فِي أَبيَاتِ (المُفَصَّل) مُجَلَّدَان.
سَمِعْتُ مِنْهُ كَثِيْراً، وَبِقِرَاءتِهِ، وَلَهُ (دِيْوَانُ شعرٍ) أَجَادَ فِيْهِ.
قَالَ ابْنُ الشَّعَّارِ فِي (قَلاَئِد الجُمَانِ (3)) : كَانَ الصَّاحِبُ مَعَ فَضَائِلِهِ
__________
(1) انظر وفيات الأعيان (ط: احسان عباس) 4 / 147 رقم الترجمة 554، وقد تصرف العلامة الذهبي بالعبارة على عادته.
(2) في وفيات الأعيان: واسماء رجاله.
(3) انظر نسخة اسعد افندي، رقم 2327، ج 6 الورقة 18 ب، وهو الاسم الذي ذكره مؤلفه في مقدمة كتابه.(23/51)
مُحَافِظاً عَلَى عَملِ الخَيْرِ وَالصَّلاَحِ، مُوَاظباً عَلَى العِبَادَةِ، كَثِيْرَ الصَّوْمِ، دَائِمَ الذِّكرِ، مُتَتَابعَ الصَّدَقَاتِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : وَلِيَ الوزَارَةَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ، فَلَمَّا صَارَتْ إِرْبِل لِلمُسْتَنْصِر بِاللهِ (2) ، لَزِمَ بَيْتَهُ، وَاقْتَنَى مِنْ نَفِيْسِ الكُتُبِ شَيْئاً كَثِيْراً، خَرَجَ (3) مِنْ دَارِهِ مرَّةً لَيْلاً، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ بِسكينٍ فِي عَضُدِهِ، فَقَمّطهَا الجرَائِحِيُّ بِلفَائِفَ وَسَلِمَ، فَكَتَبَ إِلَى الملكِ مُظَفَّرِ الدِّيْنِ:
يَا أَيُّهَا المَلِكُ الَّذِي سَطَوَاتُهُ ... مِنْ فِعْلِهَا يَتَعَجَّبُ المرِيخُ
آيَاتُ جُوْدِكَ مُحْكَمٌ تَنْزِيْلُهَا ... لاَ نَاسِخٌ فِيْهَا وَلاَ مَنْسُوْخُ
أَشكُو إِلَيْكَ وَمَا بُلِيْتُ بِمِثْلِهَا ... شَنْعَاءَ ذِكْرُ حَدِيْثِهَا تَارِيخُ
هِيَ لَيْلَةٌ فِيْهَا وُلِدْتُ وَشَاهِدِي ... فِيمَا ادَّعَيْتُ القَمْطُ وَالتَّمْرِيْخُ
تُوُفِّيَ الصَّاحِبُ: فِي خَامِسِ (4) المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: قَاضِي دِمَشْقَ شَمْسُ الدِّيْنِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الخَلِيْلِ الخُوَيِّيُّ الشَّافِعِيُّ، وَالصَّفِيُّ أَحْمَدُ بنُ أَبِي اليُسْرِ شَاكِرٍ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ الرُّوْمِيَّةِ الإِشْبِيْلِيُّ النَّبَاتِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى البَغْدَادِيُّ المُؤَدِّبُ، وَعَلاَءُ الدِّيْنِ أَبُو سَعْدٍ ثَابِتُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الخُجَنْدِيِّ الأَصْبَهَانِيُّ الَّذِي حَضَرَ (البُخَارِيَّ) عَلَى أَبِي الوَقْتِ، وَحُسَيْنُ بنُ يُوْسُفَ الصِّنْهَاجِيُّ الشَّاطِبِيُّ نَظَامُ الدِّيْنِ النَّاسخُ، وَأَمِيْنُ الدِّيْنِ سَالِمُ بنُ
__________
(1) وفيات الأعيان: 4 / 150 - 151.
(2) في الوفيات: في منتصف شوال من السنة المذكورة.
(3) هذا الخبر في الوفيات 4 / 149 وقد ذكر ابن خلكان ان ذلك كان في غالب ظنه في سنة 618 هـ.
(4) ذكر ابن خلكان ان ذلك كان في يوم الأحد (وفيات الأعيان 4 / 151) .(23/52)
الحَسَنِ بنِ صَصْرَى، وَصَاحِبُ حِمْص شِيرْكُوْه، وَالقَاضِي عَبْدُ الحَمِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّشِيْدِ الهَمَذَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ يُوْسُفَ بنِ الطُّفَيْلِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ دُلَف المُقْرِئُ النَّاسخُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحَرَّانِيُّ بِحَمَاةَ، وَشَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ ابْنِ الكَرِيْم الكَاتِب (1) ، وَالحَافِظُ ابنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَرْخَانَ السُّلَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي المَعَالِي بنِ صَابرٍ، وَالرَّشِيْدُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ ابْنُ الهَادِي مُحْتَسِبُ دِمَشْقَ، وَالصَّاحِبُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ نَصْرُ اللهِ ابْنُ الأَثِيْرِ.
36 - الحَصِيْرِيُّ أَبُو المَحَامِدِ مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ السَّيِّدِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو المَحَامِدِ مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ السَّيِّدِ البُخَارِيُّ، الحَصِيْرِيُّ، التَّاجِرِيُّ، الحَنَفِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةً.
__________
(1) هو محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن إبراهيم، الأديب العالم، شمس الدين أبو عبد الله ابن الكريم البغدادي الكاتب الماسح الحاسب المحدث. (تاريخ الإسلام، الورقة: 193) .
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 2 / 720 - 721، والتكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 رقم الترجمة 2850، وذيل الروضتين: 161، وذيل مشتبه الأسماء لمنصور بن سليم الورقة 16 - 17، وتكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 127 - 129، ودول الإسلام للذهبي 2 / 107 وفيه انه الحصري، والعبر: 5 / 152، تاريخ الإسلام، الورقة: 184، ونثر الجمان للفيومي: ج 2 الورقة 102 - 103، والبداية والنهاية: 13 / 152 - 153، والجواهر المضية للقرشي: 2 / 155، ونزهة الانام لابن دقماق: الورقة 36، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 251، وعقد الجمان للعيني: ج 18 الورقة 219 - 220، والنجوم الزاهرة 6 / 313، وتاج التراجم لابن قطلوبغا: 69، وطبقات الفقهاء المنسوب لطاش كبري زادة (وهو لابن الحنائي) : 107، والطبقات السنية للتميمي ج 3 الورقة 773 - 809 وطول في ترجمته كثيرا كما ترى في عدد الصفحات، وشذرات الذهب: 5 / 182، وطبقات الزيله لي: الورقة: 31، والفوائد البهية: 205، وجعل وفاته سنة 637 هـ.(23/53)
وَتَفَقَّهَ بِبُخَارَى وَبَرَعَ، وَلَوْ أَنَّهُ سَمِعَ فِي صِبَاهُ لَصَارَ مُسْنِدَ زَمَانِهِ، وَلَكِنَّهُ سَمِعَ فِي الكُهُوْلَةِ مِنْ: أَبِي سَعْدٍ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ ابْنِ الصَّفَّارِ، وَمَنْصُوْرِ ابْنِ الفُرَاوِيِّ، وَالقَاضِي إِبْرَاهِيْم بنِ عَلِيِّ بنِ حَمَكَ المُغِيْثِيِّ، وَالمُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ.
وَحَدَّثَ بِـ (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) .
رَوَى عَنْهُ: زَكِيُّ الدِّيْنِ البِرْزَالِيُّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَابْنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ جَوْهَرٍ البَطَائِحِيَّةُ (1) .
وَبِالإِجَازَةِ القَاضِيَانِ: الخُوَيِّيّ، وَالحَنْبَلِيُّ.
دَرَّسَ، وَنَاظَرَ، وَأَفتَى، وَتَخَرَّجَ بِهِ الأَصْحَابُ، وَسَكَنَ دِمَشْقَ، وَوَلِيَ تَدرِيسَ النُّورِيَةِ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَكَانَ يَنطَوِي عَلَى دِيْنٍ وَعِبَادَةٍ وَتَقْوَى، وَلَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ، وَمَنْزِلَةٌ مَكِيْنَةٌ، وَحُرْمَةٌ وَافِرَةٌ.
وَهُوَ مَنْسُوْبٌ إِلَى مَحلَّةٍ بِبُخَارَى يَنسجُوْنَ الْحصْر فِيْهَا (2) .
تُوُفِّيَ: فِي ثَامنِ صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً، وَازْدَحَمَ الخَلْقُ عَلَى نَعْشِهِ، وَحَمَلَهُ الفُقَهَاءُ عَلَى الرُّؤُوسِ، وَكَانَ يَوْماً مَشْهُوْداً، وَدُفِنَ بِمقَابِرِ الصُّوْفِيَّةِ.
رَأَيْتُ سَمَاعَهُ لِجَمِيْعِ (سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيّ) مِنَ الصَّفَّارِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَفِيْهَا سَمِعَ مِنْ قَاضِي القُضَاةِ المُغِيْثيّ (مُوَطَّأَ أَبِي مُصْعَبٍ) ، وَرَأَيْتُ خَطَّ مَنْصُوْرٍ الفُرَاوِيِّ وَخَطَّ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ لَهُ بِسَمَاعِهِ مِنْهُمَا لِـ (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) سَنَةَ 603، وَعَظَّمَاهُ وَفَخَّمَاهُ.
__________
(1) هي من شيخات الذهبي، وقد سمعت منه صحيح مسلم، وهي فاطمة بنت إبراهيم.
(2) في الأصل: " فيه ".(23/54)
37 - البِرْزَالِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، مُفِيْدُ الجَمَاعَةِ، زَكِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي يَدَّاسَ (1) البِرْزَالِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ.
وُلِدَ - تَقْرِيْباً -: سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَقَدِمَ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّ مائَةٍ، فَحُبِّبِ إِلَيْهِ طَلَبُ الحَدِيْثِ، وَكِتَابَةُ الآثَارِ، فَسَمِعَ مِنَ الحَافِظِ عَلِيِّ بنِ المُفَضَّلِ، وَعَبْدِ اللهِ العُثْمَانِيِّ، وَبِمِصْرَ مِنَ القَاضِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُجَلِّي، وَبِمَكَّةَ مِنْ زَاهِرِ بنِ رُسْتُمَ، وَيُوْنُس بن يَحْيَى الهَاشِمِيِّ.
وَجَاوَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقَدِمَ دِمَشْقَ، فَسَمِعَ مِنَ الكِنْدِيِّ، وَالخَضِرِ بن كَامِلٍ، وَطَائِفَةٍ، وَرَدَّ إِلَى مِصْرَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى خُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا.
فَسَمِعَ بِأَصْبَهَانَ مِنْ: عَيْنِ الشَّمْسِ الثَّقفِيَّةِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجُنَيْدِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي طَاهِرٍ بنِ غَانِمٍ.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ الفُرَاوِيِّ، وَالمُؤَيَّد بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيِّ، وَزَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ.
وَبِمَرْوَ مِنْ: أَبِي المُظَفَّرِ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ، وَبِهَرَاةَ مِنْ: أَبِي رَوْحٍ، وَبِهَمَذَانَ مِنْ: عَبْدِ البَرِّ بنِ أَبِي العَلاَءِ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الأَخْضَرِ،
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 2893، تكملة ابن الابار: 2 / 643 - 644 الترجمة 1662، وذيل الروضتين: 168، والعبر للذهبي: 5 / 151، وتذكرة الحفاظ 4 / 1423 - 1424 رقم 1137، وتاريخ الإسلام (ايا صوفيا 3012) الورقة 183 - 184، والوافي بالوفيات: 5 / 252 رقم 2331، والبداية والنهاية: 13 / 153، والنجوم الزاهرة 6 / 314، وطبقات الحفاظ للسيوطي: 498، الترجمة 1105، الدارس: 1 / 86، وذيل وفيات الأعيان المسمى درة الحجال في اسماء الرجال لابن القاضي: 2 / 298 الترجمة 838، وشذرات الذهب: 5 / 182، وهدية العارفين: 2 / 113.
وقد قيده الناسخ بفتح الباء، وقد قيده السيد الزبيدي بكسر الباء تقييد الحروف، وهو المشهور.
(1) تصحف في العبر إلى (بداس) بالباء، وفي الشذرات: يداش (بالشين) وفي الوافي حين ذكر نسبه: محمد بن يداس (بسقوط لفظة: أبي) .
وقيده المنذري بالحروف.(23/55)
وَأَحْمَدَ بنِ الدَّبِيْقِيِّ، وَبِالمَوْصِلِ، وَإِرْبِلَ، وَتَكرِيتَ، وَحَرَّانَ، ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَوْطَنَ دِمَشْقَ، وَأَكْثَرَ، وَكَتَبَ عَمَّنْ دَبَّ وَدَرَجَ، وَنَسخَ الكَثِيْرَ لِنَفْسِهِ وَلِلنَّاسِ، بِخَطٍّ حلوٍ مَغْرِبِيٍّ، وَخَرَّجَ لِعدَّةٍ مِنَ الشُّيُوْخِ، وَأَمَّ بِمَسجِدِ فُلوس، وَسَكَنَ هُنَاكَ، وَكَانَ مَطْبُوْعاً، رَيِّضَ الأَخْلاَقِ بَشُوشاً، سَهلَ الإِعَارَةِ كَثِيْرَ الاحْتِمَالِ.
وَلِيَ مَشْيَخَةَ مَشهدِ عُرْوَةَ، وَاتَّفَقَ مَوْتُهُ بِحَمَاةَ، فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي رَابعِ عَشَرِهِ (1) .
قَالَ المُنْذِرِيُّ (2) : كَانَ يَحفظُ وَيُذَاكِرُ مُذَاكرَةً حَسَنَةً، صَحِبَنَا مُدَّةً عِنْدَ شَيْخِنَا ابْنِ المُفَضَّلِ (3) ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ، وَسَمِعَ مِنِّي.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الجَمَالُ ابْنُ الصَّابُوْنِيّ (4) ، وَعُمَرُ بنُ يَعْقُوْبَ الإِرْبِلِيّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ ابْنُ وَاصِلٍ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ عَسَاكِرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الذَّهَبِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّلِ، وَآخَرُوْنَ.
وَبَرزَالَةُ: قَبِيلَةٌ بِالأَنْدَلُسِ.
عمل الحَافِظُ عَلَمُ الدِّيْنِ لَهُ تَرْجَمَةً طَوِيْلَةً، فِيْهَا: أَنَّ ابْنَ الأَنْمَاطِيّ اسْتَعَارَ ثَبْتَ رِحلَتِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ ضَاعَ، فَبَكَى الزَّكِيُّ وَتَحَسَّر عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الحَافِظُ، أَخْبَرَتْنَا
__________
(1) في النجوم الزاهرة في رابع عشرين وهو سهو لان كل من ذكر ليلة وفاته نص على أنها ليلة الرابع عشر من رمضان.
(2) التكملة لوفيات النقلة ج 3 ص 515 الترجمة 2893.
(3) في التكملة: عند شيخنا الحافظ ابي الحسن المقدسي بالقاهرة. أ. هـ. وهو الامام الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي المتوفى 611 هـ وقد مرت ترجمته.
(4) انظر حديثه عنه في تكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 175 - 176.(23/56)
زَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ عَنْ زَيْنَبَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، أَخْبَرَنَا عُمرُ بنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الصُّعْلوكِيُّ الفَقِيهُ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ الأَوْدِيّ، عَنْ سُوَيْدِ بنِ غَفَلَةَ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ يَقْرَؤُوْنَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُوْنَ مِنَ الدِّيْنِ مُرُوْقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، قِتَالُهُمْ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) (1) .
وَتُوُفِّيَ وَلَدُهُ المُحَدِّثُ:
38 - يُوْسُفُ
إِمَامُ مَسْجِدِ فُلُوسٍ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ شَابّاً، لَهُ ثَلاَثٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَلَمْ يُحَدِّثْ.
وَخَلَّفَ وَلَدَهُ:
39 - الشَّيْخَ بَهَاءَ الدِّيْنِ مُحَمَّداً كَاتِبَ الحكمِ *
صَغِيراً، فَربَّاهُ جَدُّهُ لأُمِّهِ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّيْنِ الأَنْدَلُسِيُّ المُقْرِئُ، وَأَقرَأَهُ بِالسَّبْعِ، وَكَتَبَ الخطَّ المَنْسُوْبَ.
سَمِعْتُ مِنْهُ، وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (2) .
وَقَرَأَ عَلَيْهِ كَثِيْراً مِنَ الحَدِيْثِ وَلَدُهُ الحَافِظُ الأَوحدُ عَلَمُ الدِّيْنِ القَاسِمُ (3) - رَحِمَ اللهُ الجَمِيْع -.
__________
(1) ورواه البخاري في علامات النبوة (3611) وفي فضائل القرآن (5057) وفي استتابة المرتدين (6930) ومسلم (1066) في الزكاة وأبو داود (4767) ، والنسائي 7 / 119 (شعيب) .
(2) ذكره في معجم شيوخه.
(3) صديق الذهبي والمتوفى سنة 739.(23/57)
40 - ابْنُ الرُّوْمِيَّةِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُفَرِّجٍ الإِشْبِيْلِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، الطَّبِيْبُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُفَرِّجٍ الإِشْبِيْلِيُّ، الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ، الحَزْمِيُّ، الظَّاهِرِيُّ، النَّبَاتِيُّ، الزَّهْرِيُّ، العَشَّابُ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زرْقُوْنَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ الجَدِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ أَحْمَدَ بنِ جُمْهُوْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ التُّجِيْبِيِّ، وَأَبِي ذَرٍّ الخُشَنِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَفِي الرِّحلَةِ مِنْ أَصْحَابِ الفُرَاوِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ (1) : كَانَ ظَاهِرِيّاً، مُتَعَصِّباً لابْنِ حَزْمٍ، بَعْدَ أَنْ كَانَ مَالِكيّاً.
قَالَ: وَكَانَ بَصِيْراً بِالحَدِيْثِ وَرِجَالِهِ، وَلَهُ مُجَلَّدٌ مُفِيْدٌ فِيْهِ اسْتِلحَاقٌ عَلَى (الكَامِلِ) لابْنِ عَدِيّ، وَكَانَتْ لَهُ بِالنّبَاتِ وَالحشَائِش مَعْرِفَةٌ فَاقَ فِيْهَا أَهْلَ العصرِ، وَجَلَسَ فِي دُكَّانٍ لبيعهَا، سَمِعَ مِنْهُ جُلُّ أَصْحَابِنَا.
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة رقم 2928، وتكملة الصلة لابن الابار: 1 / 121 - 122 رقم 304، وعيون الانباء لابن أبي اصيبعة: 2 / 81، واختصار القدح المعلى لابن سعيد الأندلسي: 181، وبغية الطلب لابن العديم م 2 الورقة 4، وتذكرة الحفاظ للذهبي: 4 / 1425 - 1426 الترجمة 1138، والمشتبه: 339، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة: 186، والوافي بالوفيات 8 / 45 الترجمة 3451، والاحاطة في اخبار غرناطة لابن الخطيب: 1 / 88 والديباج المذهب لابن فرحون (دار التراث) 1 / 191 - 193 الترجمة 69، والتوضيح لكتاب المشتبة في الرجال لابن ناصر الدين الورقة 115، وتبصير المنتبه بتحرير المشتبه: 662 وفيه انه أحمد بن أحمد بن محمد بن مفرج..وهو سهو، ونفح الطيب: 1 / 634، وطبقات الحفاظ للسيوطي: 498 الترجمة 1106، وشذرات الذهب: 5 / 184، وتاج العروس (مادة زهر) 3 / 250، والتاج المكلل للقنوجي: 322 - 323، والرسالة المستطرفة: 145.
(1) التكملة لكتاب الصلة: 1 / 121 - 122.(23/58)
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً، حَافِظاً، صَالِحاً.
وَالزَّهْرِيُّ: بِفَتحِ أَوَّلِه.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ (1) : سَمِعَ ابْنَ الرُّومِيَّةِ بِبَغْدَادَ، وَلَقِيْتُهُ بِمِصْرَ بَعْدَ عَوْدِهِ، وَحَدَّثَ بِأَحَادِيْثَ مِنْ حِفْظِهِ بِمِصْرَ، وَلَمْ يَتَّفِقْ لِيَ السَّمَاعُ مِنْهُ، وَجَمَعَ مَجَامِيْعَ.
قُلْتُ: لَهُ كِتَابُ (التَّذكِرَةِ) فِي مَعْرِفَةِ شُيُوْخِهِ، وَلَهُ كِتَابُ (المُعَلِّمِ بِمَا زَادَ البُخَارِيُّ عَلَى مُسْلِم) .
مَاتَ: فُجَاءةً، فِي سَلْخِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَرُثِيَ بِقصَائِدَ.
41 - الخُجَنْدِيُّ أَبُو سَعْدٍ ثَابِتُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الصَّدْرُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، عَلاَءُ الدِّيْنِ، أَبُو سَعْدٍ ثَابِتُ بنُ مُحَمَّدِ ابنِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الخُجَنْدِيّ الأَصْبَهَانِيُّ، نَزِيْلُ شِيرَازَ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيّ (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) حُضُوْراً فِي الرَّابِعَةِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَضْلِ مَحْمُوْدِ بن مُحَمَّدٍ الشّحَّام، وَكَانَ فِي أَصْبَهَانَ إِذِ اسْتبَاحَتْهَا كَفَرَةُ المَغُولِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ
__________
(1) التكملة لوفيات النقلة 3 / 531 (من طبعة مؤسسة الرسالة) .
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 2958، وتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي ج 4 الترجمة 1494، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) الورقة: 188 والعبر: 5 / 153، والوافي بالوفيات: 10 / 471، الترجمة 4982، وذيل التقييد للفاسي: الورقة 150، والنجوم الزاهرة 6 / 316، وشذرات الذهب: 5 / 183.(23/59)
وَسِتِّ مائَةٍ، فَنَجَا، وَلَمْ يَكَدْ.
وَذَهَبَ إِلَى شِيرَازَ، فَعَاشَ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، كَذَا ذَكَرَهُ الحَافِظُ المُنْذِرِيّ (1) .
رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: القَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ، وَجَمَاعَةٌ، وَهَذَا آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي الوَقْتِ حُضُوْراً، وَمَعَ هَذَا فَلاَ أَسْتحضر أَحَداً سَمِعَ مِنْهُ.
وَلَعَلَّ أَهْلَ شِيْرَازَ إِنْ كَانُوا اعتَنُوا بِرِوَايَاتِهِ تَأَخَّرَ بَعْضُهُم، فَإِنَّ شِيرَازَ أُمُّ ذَلِكَ الإِقْلِيْمِ، وَهِيَ عَامِرَةٌ لَمْ يَصِلْ إِلَيْهَا كَفَرَةُ المَغُولِ وَأَمِنَتْ إِلَى اليَوْمِ، وَهِيَ مَدِينَةٌ مُحْدَثَةٌ، أَنْشَأَهَا الأَمِيْرُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الثَّقَفِيُّ ابْنُ عَمِّ الحجَّاجِ، وَسُمِّيَتْ بِشِيْرَازَ تَشبِيهاً بِجَوفِ الأَسَدِ، وَذَلِكَ لأَنَّ التُّجَّارَ تَجْلِبُ وَتَحمِلُ إِلَيْهَا، وَلاَ عوضَ بِهَا، وَفِي البَلَدِ عُيونٌ فِي دُورِهِم، وَمِنْهَا إِلَى أَصْبَهَانَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ، وَبِهِا خَلقٌ لاَ يُحْصَوْنَ، وَملكهَا مِنْ تَحْتَ يَدِ صَاحِبِ العِرَاقِ أَبِي سَعِيْدٍ، عَرضُهَا تِسْعٌ وَعِشْرُوْنَ دَرَجَةً، وَطُولُهَا تِسْعٌ وَسَبْعُوْنَ دَرَجَةً، هِيَ شَرقِيّ مِصْرَ وَوَادِي مُوْسَى وَتَبُوْكَ فَهنّ عَلَى خطّ وَاحِدٍ.
42 - سَالِمُ ابْنُ الحَافِظِ أَبِي المَوَاهِبِ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ التَّغْلِبِيُّ *
ابْنِ مَحْفُوْظِ بنِ صَصْرَى، الشَّيْخُ العَدْلُ، الرَّئِيْسُ، أَمِيْنُ الدِّيْنِ، أَبُو الغَنَائِمِ التَّغْلِبِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
رَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ وَلَهُ خَمْسُ سِنِيْنَ، فَسَمَّعَهُ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيلَ، وَأَبِي
__________
(1) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 2958.
(*) التكملة لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 2933، والعبر: 5 / 153، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة: 189، الوافي بالوفيات: 15 / 79، الترجمة: 104، ونثر الجمان للفيومي: ج 2 الورقة 115 - 116، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة 42، والنجوم الزاهرة: 6 / 316، وشذرات الذهب: 5 / 184.(23/60)
السَّعَادَاتِ القَزَّازِ، وَأَبِي العَلاَءِ بنِ عَقِيْلٍ، وَأَبِي الفَرَجِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَبْهَانَ، وَأَحْمَدَ بن دُرّك (1) ، وَشَيْخِ الشُّيُوْخِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَعِدَّةٍ.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنَ: الفَضْلِ ابْنِ البَانْيَاسِيِّ، وَالأَمِيْرِ أُسَامَةَ بنِ مُنْقِذٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ النَّجَّارِ، وَالخَضِرِ بنِ طَاوُوْسٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَحَفِظَ القُرْآنَ وَتَفَقَّهَ، وَتَأَدَّبَ قَلِيْلاً، وَتَفَرَّدَ بِجُملَةٍ مِنْ مَرْوِيَّاتِهِ، مَعَ عَدَمِ تَعْمِيْرِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيُّ (2) ، وَالقُوْصِيُّ، وَالمَجْدُ ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَسَعْدُ الخَيْرِ، وَأَبُو الفَضْلِ ابنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ عَمِّهِ الفَخْرُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الإِرْبِلِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّلِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ (3) ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ القُوْصِيُّ فِي (مُعْجَمِهِ) : أَخْبَرَنَا القَاضِي الرَّئِيْسُ العَدْلُ أَبُو الغَنَائِمِ بِمَنْزِلهِ (4) وَكَانَ جَمِيْلَ الصُّحْبَةِ وَالمُعَاشَرَةِ، فَكِهَ المُحَاضَرَةِ، حَسنَ المُحَاوَرَةِ، حُمِدَتْ سِيْرَتُهُ فِيمَا تَولاَّهُ مِنَ المَارِستَانَاتِ وَالموَارِيثِ.
قُلْتُ: عَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِتُربتِهِ بِسفحِ جَبلِ قَاسِيُوْنَ، وَخَلَّفَ أَوْلاَداً نُبَلاَءَ، وَهُوَ جَدُّ قَاضِي دِمَشْقَ نَجْمِ الدِّيْنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ.
43 - ابْنُ عَلاَّنَ أَبُو المَعَالِي أَسَعْدُ بنُ المُسَلَّمِ بنِ مَكِّيٍّ القَيْسِيُّ *
الشَّيْخُ الأَمِيْنُ، تَاجُ الدِّيْنِ، أَبُو المَعَالِي أَسْعَدُ بنُ المُسَلَّمِ بنِ مَكِّيِّ بنِ عَلاَّنَ القَيْسِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
__________
(1) هو: أحمد بن المبارك بن درك.
(2) حدث عنه في حياته.
(3) ابن عبد الدائم هو آخر من حدث عنه.
(4) كان منزل أبي الغنائم مجاورا لمنزل القوصي بدرب زكري.
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري: ج 3 الترجمة 2881، وتكملة إكمال =(23/61)
سَمِعَ: أَبَاهُ أَبَا الغَنَائِمِ، وَعَلِيَّ بنَ خَلْدُوْنَ، وَأَبَا القَاسِمِ بنَ عَسَاكِرَ، وَأَبَا الفَهْمِ ابْنَ أَبِي العَجَائِزِ، وَجَمَاعَةً.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظُ عَبْدُ العَظِيْمِ، وَالقُوْصِيُّ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَتَاجُ العربِ بِنْتُ عَلاَّنَ.
وَبِالإِجَازَةِ: مُحَمَّدُ بنُ مُشْرقٍ.
حَدَّثَ بِدِمَشْقَ وَبِمِصْرَ، وَعَاشَ سِتّاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الشُّهُودِ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ (1) ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَهُوَ أَخُو المُعَمَّر مَكِّيّ (2) .
44 - التِّبْرِيْزِيُّ أَبُو الخَيْرِ بَدَلُ بنُ أَبِي المُعَمَّرِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو الخَيْرِ بَدَلُ بنُ أَبِي المُعَمَّرِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ التِّبْرِيْزِيُّ.
__________
= الإكمال لابن الصابوني: 304 الترجمة 298 وذكر أنه سمع منه بدمشق، والعبر للذهبي 5 / 149، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة: 175 - 176، والنجوم الزاهرة: 6 / 314، وشذرات الذهبي: 5 / 180.
(1) ذكر الحافظ المنذري وفاته قائلا: وفي الثامن من رجب وقيل في منتصفه توفي الشيخ الأصيل أبو المعالي أسعد.. (التكملة: 3 / 510 (طبعة مؤسسة الرسالة) وذكر ابن الصابوني أنه توفي بدمشق في الثامن من رجب في ليلة الثلاثاء.. (تكملة اكمال الإكمال 305) .
(2) وهو أكبر من مكي.
(*) التكملة لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 2865، وفيها أنه بلغ السبعين أو جاوزها، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) ، الورقة: 176، والعبر: 5 / 149، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1424، وفيها أنه توفي عن أربع وثمانين سنة، والوافي بالوفيات 10 / 100، الترجمة 4551، وله ذكر في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 156، 370، والنجوم الزاهرة: 6 / 314، وشذرات الذهب: 5 / 180.(23/62)
وُلِدَ: بَعْدَ الخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) .
وَقَدِمَ فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي سَعْدٍ بنِ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَأَحْمَدَ ابْن المَوَازِيْنِيّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَلاَزَمَ بَهَاءَ الدِّيْنِ ابْنَ عَسَاكِرَ.
وَسَمِعَ بِأَصْبَهَانَ مِنْ: أَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ الكَرَّانِيّ، وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ أَبِي سَعْدٍ الصَّفَّارِ، وَبِمِصْرَ مِنَ البُوْصِيْرِيّ.
وَكَتَبَ وَتَعِبَ وَخَرَّجَ، وَخطُّه رَدِيءٌ.
وَكَانَ دَيِّناً فَاضِلاً، لَهُ فَهْمٌ.
وَلِيَ مَشْيَخَةَ دَارِ الحَدِيْثِ بِإِرْبِلَ، فَلَمَّا اسْتبَاحَتْهَا التَّتَارُ، نَزَحَ إِلَى حَلَب.
رَوَى عَنْهُ: القُوْصِيُّ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ سُرَاقَةَ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ المِزِّيّ (2) .
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
لَمْ يُحَدِّثْنِي عَنْهُ أَحَدٌ.
رَأَيْتُ لَهُ مُصَنَّفاً فِي فَنِّ الحَدِيْثِ بِأَسَانِيْدِهِ، وَأَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً نَسخهَا البِرْزَالِيُّ عَنِ الشَّرِيْشِيِّ.
45 - حَامِدُ بنُ أَبِي العَمِيدِ بنِ أَمِيْرِي بنِ وَرشِي بنِ عُمَرَ القَزْوِيْنِيُّ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو الرِّضَا القَزْوِيْنِيُّ.
__________
(1) قال في تاريخ الإسلام: " ولد سنة اثنتين وخمسين ظنا ".
(2) هو الشيرازي. وممن حدث عنه بالاجازة أيضا فخر الدين ابن عساكر.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي، الورقة: 177 (أيا صوفيا: 3012) ، والوافي بالوفيات: 11 / 280 الترجمة 411، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 140 الترجمة 1130، وطبقات الشافعية للاسنوي: 2 / 323 الترجمة 954.(23/63)
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، بِقَزْوِيْنَ.
وَصَحِبَ القُطْبَ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَلاَزَمَهُ، وَقَدِمَ مَعَهُ دِمَشْقَ.
وَسَمِعَ مِنْ: شُهْدَة الكَاتِبَةَ، وَخَطِيْبَ المَوْصِلِ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ.
وَعَنْهُ: شِهَابُ الدِّيْنِ ابْنُ تَيْمِيَةَ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِي (1) ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيّ.
وَوَلِيَ قَضَاءَ حِمْصَ، ثُمَّ دَرَّسَ بِحَلَبَ، وَأَفتَى.
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَكَانَ ابْنُهُ:
46 - عِمَادُ الدِّيْنِ
مِنَ المُدَرِّسِيْنَ أَيْضاً.
47 - الخُوَيِّيُّ شَمْسُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ الخَلِيْلِ بنِ سَعَادَةَ بنِ جَعْفَرٍ *
قَاضِي القُضَاةِ، شَمْسُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ الخَلِيْلِ بنِ سَعَادَةَ بنِ جَعْفَرٍ الخُوَيِّيُّ، الشَّافِعِيُّ.
__________
(1) يعني: تقي الدين الحنبلي.
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (أسعد أفندي 2323) ج 1 الورقة 149 ب، ومرآة الزمان: 8 / 730، والتكملة لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 2941، وعيون الانباء 2 / 171، وبغية الطلب لابن العديم م 1 الورقة 76 - 78، وذيل الروضتين لأبي شامة: 169، وتكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 106 - 109، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) ، الورقة: 186، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1415، والمشتبه: 193، والعبر: 5 / 152 - 153، والوافي بالوفيات: 6 / 375 - 376 الترجمة 2878، ونثر الجمان ج 2 الورقة 112 - 113، ومرآة الجنان لليافعي: 4 / 222، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 16 - 17 الترجمة 1044، وطبقات الشافعية للاسنوي: 1 / =(23/64)
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَرَأَ العَقْلِيَّاتِ عَلَى فَخْرِ الدِّيْنِ الرَّازِيِّ، وَالجَدَلَ عَلَى الطَّاوُوْسِيِّ.
وَسَمِعَ: مِنَ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ.
وَكَانَ مِنِ أَذْكِيَاءِ المُتَكَلِّمِينَ وَأَعيَانِ الحُكَمَاءِ وَالأَطِبَّاءِ، ذَا دِيْنٍ وَتَعَبُّدٍ، وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي النَّحْوِ، وَآخَرُ فِي الأُصُوْلِ، وَآخَرُ فِيْهِ رُمُوْزٌ فَلْسَفِيَّةٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبعَةَ (1) : قَرَأْتُ عَلَيْهِ (التَّبْصِرَةَ) لابْنِ سَهْلاَنَ.
وَسَمِعَ مِنْهُ: المُعْيِنُ القُرَشِيُّ، وَالجَمَالُ ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَابْنُهُ قَاضِي القُضَاةِ شِهَابُ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ.
وَخُوِي: مِنْ إِقْلِيْمِ أَذْرَبِيْجَانَ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، كَهْلاً، بِحُمَّى دقيَّة، وَوَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ فَحُمِدَ.
48 - ابْنُ عَسْكَرٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَضِرٍ الغَسَّانِيُّ *
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَضِرٍ
__________
= 500 الترجمة 458، والبداية والنهاية 13 / 155، ونزهة الانام لابن دقماق الورقة 40، وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة الورقة 83، وتبصير المنتبه: 1 / 376، وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 232 - 233، والنجوم الزاهرة: 6 / 316، والقضاة الشافعية للنعيمي: 65 - 66، وشذرات الذهب: 5 / 183.
(1) عيون الانباء في طبقات الاطباء: 2 / 171.
(*) تكملة الصلة لابن الابار: 2 / 641 - 642 الترجمة 1661، والاحاطة في أخبار غرناطة للسان الدين ابن الخطيب: 2 / 122 - 125، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) ، الورقة: 183، طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة (تحقيق الدكتور محسن =(23/65)
الغَسَّانِيُّ، المَالَقِيُّ، المَالِكِيُّ، ابْنُ عَسْكَرٍ.
ذَكَرَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: رَوَى عَنْ: أَبِي الحَجَّاجِ ابْنِ الشَّيْخِ، وَأَبِي زَكَرِيَّا الأَصْبَهَانِيّ، وَأَبِي الخَطَّابِ بنِ وَاجِبٍ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ بنِ حَوْطِ اللهِ، وَعِدَّةٍ.
وَاعْتَنَى بِالرِّوَايَةِ عَلَى كِبَرٍ، وَكَانَ جَلِيْلَ القَدْرِ، دَيِّناً، صَاحِبَ فُنُوْن؛ فَقهٍ وَنَحْوٍ وَأَدَبٍ وَكِتَابَةٍ، وَكَانَ شَاعِراً مُتَقَدِّماً فِي الشُّرُوْطِ، حَسَنَ العِشْرَةِ، سَمْحاً جَوَاداً، وَلِيَ قَضَاءَ بَلَدِهِ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ نِيَابَةً، وَصَنَّفَ وَمَالَ إِلَى الاجْتِهَادِ، تَأَسَّفَ عَلَى تَفْرِيْطِهِ فِي تَرْكِ الأَخْذِ عَنِ الكِبَارِ.
وَلَهُ كِتَابُ (المَشْرعُ (1) الرّوِيُّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى غَرِيبي الهَرَوِيِّ) ، وَكِتَابُ (الإِتمَامِ عَلَى كِتَابِ التَّعرِيفِ وَالإِعلاَمِ) لِلسُّهَيْلِيِّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (2) .
49 - عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّشِيْدِ بنِ عَلِيِّ بن بُنَيْمَانَ الهَمَذَانِيُّ
قَاضِي الجَانبِ الشَّرْقِيّ بِبَغْدَادَ، أَبُو بَكْرٍ الهَمَذَانِيّ، الشَّافِعِيّ.
__________
= فياض) 1 / 197 الترجمة 143، وبغية الوعاة للسيوطي 1 / 179 - 180 الترجمة 302، وهدية العارفين: 3 / 113، وشجرة النور الزكية في طبقات المالكية، تأليف محمد بن محمد مخلوف 1 / 181 الترجمة 591، ومعجم المؤلفين: 11 / 7.
وهذه الترجمة تزيد على الترجمة التي في " تاريخ الإسلام ".
(1) في الأصل (المبرع) بدون تنقيط وما أثبتناه عن تكملة ابن الابار وبغية الوعاة.
(2) في تكلمة ابن الابار: توفي وهو يتولى قضاء بلده ظهر يوم الأربعاء الرابع لجمادى الآخرة..وفي بغية الوعاة: ومات يوم الأربعاء لاربع خلون من جمادى الآخرة..وذكر فيه أنه ولد قريبا من سنة أربع وثمانين وخمس مئة.
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 2952، وقال: إن له اجازة منه، =(23/66)
حضر وَهُوَ ابْنُ أَرْبَع سِنِيْنَ عَلَى جَدِّهِ الحَافِظِ أَبِي العَلاَءِ العَطَّارِ (جَامِعَ مَعْمَرٍ (1)) وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: شُهْدَةَ، وَابْنِ شَاتيلَ.
وَأُمُّهُ هِيَ عَاتِكَةُ بِنْتُ الحَافِظِ.
أَعَادَ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَنَابَ بِالجَانبِ الغَرْبِي عَنْ أَخِيْهِ القَاضِي عَلِيٍّ، وَكَانَ صَالِحاً، قَانِتاً.
حَدَّثَ بِدِمَشْقَ بَعْدَ العِشْرِيْنَ، وَنَزَلَ فِي الغزَاليَّةِ، ثُمَّ رَجَعَ فَولِيَ القَضَاءَ وَحُمِدَ فِيْهِ.
رَوَى عَنْهُ: الشَّرِيْشِيُّ، وَابْنُ بَلْبَانَ، وَالخَطِيْبُ عَبْدُ الحَقِّ بنُ شَمَائِلَ، وَالشَّيْخُ عِزّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ.
وَأَجَاز: لِفَاطِمَةَ بِنْتِ سُلَيْمَانَ، وَلأَبِي نَصْرٍ ابْن الشِّيْرَازِيِّ، وَجَمَاعَةٍ، وَلابْنِ سَعْدٍ، وَمُحَمَّدٍ البِجَّدِيّ (2) ، وَسِتِّ الفُقَهَاءِ الوَاسِطِيَّةِ، وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالسَّمَاعِ: العِمَادُ إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ الطَّبَّالِ (3) .
مَاتَ: فِي سَابع شَوَّالٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
__________
= وذيل كتاب مشتبه الأسماء لابن نقطة تأليف منصور بن سليم (مادة الحدادي) الورقة: 11 وتاريخ الإسلام، الورقة: 190 (أيا صوفيا 3012) ، وطبقات الاسنوي: 2 / 533 الترجمة 1237، والعقد المذهب لابن الملقن الورقة 174، ونزهة الانام لابن دقماق الورقة 44.
(1) وهو جزآن يرويه أبو العلاء العطار عن أبي علي الحداد وغانم البرجي، عن الحافظ أبي نعيم الأصبهاني.
كما حضر على جده أيضا " سنن أبي مسلم الكجي ". ذكر ذلك المؤلف في " تاريخ الإسلام ".
(2) قيده الذهبي في المشتبه بكسر الباء وبعدها الجيم المفتوحة المشددة، ويتصحف في كثير من المصادر إلى " النجدي " فليحرر.
(3) شيخ المستنصرية. كما سمع منه شيخ المستنصرية عبد الله بن أبي السعادات.(23/67)
50 - الدُّبَيْثِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ الثِّقَةُ، الحَافِظُ، شَيْخُ القُرَّاءِ، حُجَّةُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابنُ أَبِي المَعَالِي سَعِيْدِ بنِ يَحْيَى بنِ عَلِيِّ بنِ حَجَّاجٍ الدُّبَيْثِيُّ، ثُمَّ الوَاسِطِيُّ، الشَّافِعِيُّ، المُعَدَّلُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَالِبٍ الكَتَّانِيِّ، وَهِبَةِ اللهِ بنِ قَسَّامٍ، وَعِدَّةٍ بِوَاسِطَ بَعْدَ سَنَةِ سَبْعِيْنَ.
وَتَلاَ بِالعَشْرِ عَلَى: خَطِيْبِ شَافِيَا (1) ، وَابْنِ البَاقِلاَنِيِّ صَاحِبَيِ أَبِي العِزّ القَلاَنسِيّ.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيل، وَعَبْدِ المُنْعِمِ ابْنِ الفُرَاوِيّ إِذْ حَجَّ، وَنَصْرِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَزَّازِ، وَأَبِي العَلاَءِ بنِ عَقِيْلٍ، وَطَبَقَتِهِم.
وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ يَرْوِيَ عَنْ: أَصْحَابِ أَبِي الوَقْتِ، وَأَبِي الفَتْحِ ابْنِ البَطِّيِّ.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى جَمَاعَةٍ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ البُوقِيِّ.
وَقَرَأَ العَرَبِيَّةَ وَالأُصُوْلَ وَالخلاَفَ، وَعُنِيَ بِالحَدِيْثِ وَبَالَغَ، وَكَتَبَ العَالِيَ وَالنَّازلَ، وَصَنَّفَ (تَارِيخاً) كَبِيْراً لِوَاسطَ (2) ، وَذَيَّل عَلَى (تَارِيخِ بَغْدَادَ) المُذَيَّل لابْنِ السَّمْعَانِيِّ عَلَى (تَارِيْخ الخَطِيْبِ) ، وَعَمِلَ (المُعْجَمَ) لِنَفْسِهِ، وَخَرَّجَ لِغِيْرِ وَاحِدٍ، وَكَانَ مُشْرِفَ الأَوقَافِ، وَمِنْ كُبَرَاء العُدُوْلِ، ثُمَّ اسْتَعْفَى مِنَ العَدَالَةِ ضَجَراً مِنْ كُلْفَتِهَا، فَإِنَّ العَدَالَةَ بِبَغْدَادَ كَانَتْ مَنْصِباً
__________
(*) مؤرخ بغداد العظيم انظر بحث الدكتور بشار عواد معروف عنه في المجلة التاريخية العدد الثاني ص 17 فما بعدها، وما صدر به لكتابه ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد (من منشورات وزارة الاعلام في الجمهورية العراقية - سلسلة كتب التراث رقم 36 دار الحرية للطباعة بغداد 1974 م / 1394 هـ) من ص: 1 - 77.
(1) خطيب شافيا هو: أبو الحسن علي بن المظفر.
(2) لم يصل الينا.(23/68)
وَرُتْبَةً كَبِيْرَةً، وَإِذَا عُزِلَ الرَّجُل مِنْهَا لاَ يُفَسَّقُ، ثُمَّ لاَزَمَ العِلْمَ وَالإِقْرَاءَ وَالتَّسمِيْعَ.
قَالَ الحَافِظُ مُحِبّ الدِّيْنِ ابْنُ النَّجَّارِ: سَكَنَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بتَصَانِيْفِهِ، وَقَلَّ أَنْ جَمَعَ شَيْئاً إِلاَّ وَأَكْثَرُهُ عَلَى ذهنِه، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ وَالأَدَبِ وَالشِّعْرِ، وَهُوَ سَخِيٌّ بِكُتُبِهِ وَأُصُوْلِهِ، صَحِبْتُهُ عِدَّةَ سِنِيْنَ، فَمَا رَأَيْتُ مِنْهُ إِلاَّ الجَمِيْلَ وَالدِّيَانَةَ وَحُسنَ الطَّرِيقَةِ، وَمَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ فِي حِفْظِ السِّيَرِ وَالتَّوَارِيخِ وَأَيَّامِ النَّاسِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ نُقْطَةَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البِرْزَالِيُّ، وَالمُؤَرِّخُ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الكَازَرُوْنِيُّ، وَعِزُّ الدِّيْنِ أَحْمَدُ الفَارُوْثِيّ الوَاعِظُ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ المُفَسِّرُ، وَتَاجُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الغَرَّافِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ مِنْ شُيُوْخِهِ المُحَدِّثُ أَحْمَدُ بنُ طَارِقٍ، وَأَبُو طَالِبٍ بنُ عَبْدِ السَّمِيْعِ.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: القَاضِي تَقِيّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي عُمَرَ الحَنْبَلِيُّ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: لَقَدْ مَاتَ عَدِيْم النَّظِيْر فِي فَنِّهِ وَأَضَرَّ بِأَخَرَةٍ.
تُوُفِّيَ: فِي ثَامنِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَفِيْهَا مَاتَ: قَاضِي دِمَشْقَ شَمْسُ الدِّيْنِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الخَلِيْلِ بن سعَادَةَ الخُوَيِّيُّ الأُصُوْلِيُّ، وَمُسْنَدُ الوَقْتِ بِشِيْرَازَ الإِمَامُ عَلاَءُ الدِّيْنِ أَبُو سَعْدٍ ثَابِتُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الخُجَنْدِيِّ الأَصْبَهَانِيّ - وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ بِـ (الصَّحِيْحِ) عَنْ أَبِي الوَقْتِ حُضُوْراً، وَمُقْرِئ بَغْدَادَ عَبْدُ العَزِيْزِ(23/69)
ابْنُ دُلَفَ النَّاسخُ الخَازنُ، وَالعَدْلُ الأَمِيْن أَبُو الغَنَائِمِ سَالِمُ ابْنُ الحَافِظِ أَبِي المَوَاهِبِ بنِ صَصْرِى، وَالرَّئِيْسُ صَفِيُّ الدِّيْنِ أَبُو العَلاَءِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي اليُسْرِ شَاكِرٍ التَّنُوْخِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، وَرَاوِي (مُسْنَدِ ابْنِ رَاهَوَيْهِ) أَبُو البَقَاءِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المُؤَدِّبُ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو عَلِيٍّ حُسَيْنُ بنُ يُوْسُفَ الشَّاطِبِيُّ ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَالقَاضِي عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّشِيْدِ سِبْطُ أَبِي العَلاَءِ الهَمَذَانِيِّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ يُوْسُفَ ابْن الطُّفَيْلِ بِمِصْرَ، وَإِمَامُ الرَّبوَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ بَرَكَاتِ ابْن الخُشُوْعِيّ، وَالمُحْتَسِبُ رَشِيْدُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ ابْنِ الهَادِي (1) القَيْسِيّ، وَالزَّاهِدُ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي المَعَالِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ صَابِرٍ السُّلَمِيّ، وَفَخْرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي نَصْرٍ النُّوْقَانِيُّ الفَقِيْهُ، وَتَقِيّ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ طرخَاتَ بنِ أَبِي الحَسَنِ السُّلَمِيّ، وَالمُحَدِّثُ الأَدِيْبُ شَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ الكَرِيْم الكَاتِبُ البَغْدَادِيُّ؛ سِتَّتُهُم
بِدِمَشْقَ (2) ، وَمُحَدِّثُ إِرْبِلَ وَعَالِمُهَا الإِمَامُ شَرَفُ الدِّيْنِ أَبُو البَرَكَاتِ المُبَارَكُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْتوفِيّ، وَالصَّاحِبُ الأَوحَدُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الأَثِيْرِ الجَزَرِيُّ صَاحِبُ (المَثَلِ السَّائِر) وَآخَرُوْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ العَلَوِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الحَافِظُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَذَكَرَ جُزْءاً فِيْهِ نَوَادِرُ وَحِكَايَاتٌ.
__________
(1) يعني: المعروف بابن الهادي.
(2) يعني الستة الاخيرين.(23/70)
51 - ابْنُ خَلْفُوْنَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ *
الحَافِظُ المُتْقِنُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَلْفُوْنَ الأَزْدِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، الأَوْنَبِيُّ (1) ، نَزِيْلُ إِشْبِيْلِيَةَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ (2) : وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ بن الجَدِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّيَّارِ، وَعِدَّةٍ.
قُلْتُ: مَا عَلِمتُ أَحَداً رَوَى عَنْهُ وَالشُّقَّةُ بَعْيِدَةٌ؛ بَلَى رَوَى عَنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ ابْن الطّبَّاعِ، وَابْنُ مَسْدِي، وَأَكْثَرَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ سِتِّ النَّاس.
قَالَ: وَكَانَ بَصِيْراً بِصِنَاعَةِ الحَدِيْثِ، حَافِظاً لِلرِّجَالِ، مُتْقِناً، أَلَّفَ كِتَابَ (المُنْتَقَى فِي الرِّجَالِ) خَمْسَةَ أَسفَارٍ، وَكِتَابَ (المُفْهِم فِي شُيُوْخ البُخَارِيّ وَمُسْلِم) وَكِتَابَ (عُلُوْمِ الحَدِيْثِ) .
وَوَلِيَ القَضَاءَ بِبَعْضِ النَّوَاحِي، فَشُكِرَ فِي قَضَائِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ جَمَاعَة، وَكَانَ أَهْلاً لِذَلِكَ.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: اعْتَنَى بِالرِّوَايَةِ وَالنَّقْلِ اعْتِنَاءً تَامّاً، وَعَكَفَ عَلَى
__________
(*) تكملة الصلة لابن الابار: 2 / 643 - 644 الترجمة 1663، وتذكرة الحفاظ 4 / 1400 - 1401 الترجمة 1125، وتاريخ الإسلام، الورقة: 182 (أيا صوفيا 3012) ، والوافي بالوفيات: 2 / 218 الترجمة 611، وطبقات الحفاظ للسيوطي 492 - 493 الترجمة 1093، وهدية العارفين: 2 / 114، وشجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد بن محمد مخلوف 1 / 181 الترجمة 590، ومعجم المؤلفين: 9 / 61.
(1) الا ونبي نسبة إلى أونبة قال ياقوت: بالفتح ثم السكون وفتح النون وباء موحدة وهاء قرية في غربي الأندلس على خليج البحر المحيط (معجم البلدان - صادر 1 / 283) .
(2) تكملة الصلة 2 / 643 وليس فيها العبارة (ولد سنة خمس وخمسين وخمس مئة) فليعلم.(23/71)
ذَلِكَ عُمُرَهُ، وَكَانَ حَافِظاً لِلأَسَانِيْدِ عَارِفاً بِالرِّجَالِ.
قُلْتُ: لاَ أَعْلَمُ أَنَّنِي وَقَعَ لِي شَيْءٌ مِنْ رِوَايَةِ هَذَا الحَافِظِ؛ حَدَّثَ أَثِيْرُ الدِّيْنِ (1) عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
52 - ابْنُ الأَثِيْرِ أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ *
الصَّاحِبُ، العَلاَّمَةُ، الوَزِيْرُ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الشَّيْبَانِيُّ، الجَزَرِيُّ، المُنشِئُ، صَاحِبُ كِتَابِ (المَثَلِ السَّائِرِ فِي أَدَبِ الكَاتِبِ وَالشَّاعِرِ) .
مَوْلِدُهُ: بِجَزِيْرَةِ ابْنِ عُمَرَ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَتَحَوَّلَ مِنْهَا مَعَ أَبِيْهِ وَإِخْوَتِهِ، فَنَشَأَ بِالمَوْصِلِ، وَحَفِظَ القُرْآنَ، وَأَقْبَلَ عَلَى النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالشِّعْرِ وَالأَخْبَارِ.
وَقَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ (الوَشْيِ) لَهُ: حَفِظْتُ مِنَ الأَشْعَارِ مَا لاَ
__________
(1) يعني: أثير الدين أبا حيان الغرناطي النحوي المفسر المشهور.
(*) سيرته مشهورة انظر مثلا: معجم البلدان لياقوت 2 / 79، وإكمال الإكمال، الورقة: 3، وذيل الروضتين لأبي شامة 169، والتكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 2937، وتكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 4 - 6، ووفيات الأعيان: 5 / 389 - 397 الترجمة 763، والمستفاد للدمياطي الورقة 72 - 73، والحوادث الجامعة: 136، ودول الإسلام: 2 / 108، والعبر 5 / 156، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) ، الورقة: 197، طبقات الشافعية للاسنوي: 1 / 133 الترجمة 120، ونثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة 117 118، والعقد المذهب لابن الملقن الورقة 166، ونزهة الانام لابن دقماق الورقة 43، والألقاب لابن حجر الورقة 3، والنجوم الزاهرة: 6 / 318، وبغية الوعاة 2 / 351، وشذرات الذهب 5 / 187 - 188، وديوان ابن الغزي الورقة 12 وانظر مقدمة كتاب الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور ص 3 - 40 تحقيق الدكتور مصطفى جواد والدكتور جميل سعيد، ومقدمة كتاب كفاية الطالب في نقد كلام الشاعر والكاتب تحقيق الدكتور نوري القيسي وجماعته، ومقدمة كتاب رسائل ابن الأثير تحقيق الدكتور نوري القيسي وجماعته.(23/72)
أُحْصِيْهِ، ثُمَّ اقْتَصَرْتُ عَلَى الدَّوَاوِيْنِ لأَبِي تَمَّامٍ وَالبُحْتُرِيِّ وَالمُتَنَبِّي فَحَفِظْتُهَا.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: قَصَدَ السُّلْطَانَ صَلاَحَ الدِّيْنِ فَقَدَّمهُ، وَوصَلَه القَاضِي الفَاضِل، فَأَقَامَ عِنْدَهُ أَشْهُراً، ثُمَّ بَعَثَ بِهِ إِلَى وَلدِهِ الملكِ الأَفْضَلِ فَاسْتَوْزَرَهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ صَلاَحُ الدِّيْنِ، تَمَلَّكَ الأَفْضَلُ دِمَشْقَ، وَفَوَّضَ الأُمُوْرَ إِلَى الضِّيَاءِ، فَأَسَاءَ العِشْرَةَ، وَهَمُّوا بِقَتْلِهِ، فَأُخْرِجَ فِي صُنْدُوْقٍ، وَسَارَ مَعَ الأَفْضَلِ إِلَى مِصْرَ، فَرَاحَ المُلْكُ مِنَ الأَفْضَلِ، وَاخْتَفَى الضِّيَاءُ، وَلَمَّا اسْتَقرَّ الأَفْضَلُ بِسُمَيْسَاطَ، ذَهَبَ إِلَيْهِ الضِّيَاء، ثُمَّ فَارَقَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، فَاتَّصَل بِصَاحِبِ حَلَبَ، فَلَمْ ينفُقْ، فَتَأَلَّمَ، وَذَهَبَ إِلَى المَوْصِلِ، فَكَتَبَ لِصَاحِبِهَا.
وَلَهُ يَدٌ طُولَى فِي التَّرَسُّلِ، كَانَ يُجَارِي القَاضِيَ الفَاضِلَ، وَيُعَارِضُهُ، وَبَيْنَهُمَا مُكَاتَبَاتٌ وَمُحَارَبَاتٌ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَدِمَ بَغْدَادَ رَسُوْلاً غَيْرَ مَرَّةٍ، وَحَدَّثَ بِهَا بِكِتَابِهِ، وَمَرِضَ، فَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
وَقِيْلَ: كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيْهِ عِزِّ الدِّيْنِ مُقَاطعَةٌ وَمُجَانبَةٌ شَدِيْدَةٌ.
53 - ابْنُ المُعِزِّ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُوْدٍ الحَرَّانِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ الصَّالِحُ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ ابْنُ القَاضِي أَبِي الفَتْحِ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ المُعِزِّ بن إِسْحَاقَ الحَرَّانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ، مِنْ أَهْلِ رِبَاطِ شُهْدَةَ.
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 2961، وذكر أن له منه اجازة، والعبر للذهبي: 5 / 158، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا: 3012) ، الورقة: 199، والنجوم الزاهرة: 6 / 340، وشذرات الذهب: 5 / 189.(23/73)
سَمَّعَهُ أَبُوْهُ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَأَحْمَدَ ابْنِ المُقَرِّبِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السَّكَنِ، وَيَحْيَى بنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي المَكَارِمِ البَاذَرَائِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ وَقَالَ: شَيْخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ مُتَوَدِّدٌ لَطِيْفُ الأَخْلاَقِ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَلْبَانَ، وَعِزُّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: القَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَالفَخْرُ بنُ عَسَاكِرَ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي سَلْخِ المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: الصَّاحِبُ نَجِيْبُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ فَارِسٍ التَّمِيْمِيُّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ وَالِدُ الكَمَالِ شَيْخِ القُرَّاءِ، وَالقَاضِي نَجْمُ الدِّيْنِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ رَاجِحٍ المَقْدِسِيُّ الحَنْبَلِيُّ ثُمَّ الشَّافِعِيُّ، وَجَمَالُ المُلكِ عَلِيُّ بنُ مُخْتَارِ ابْنِ الجَمَل (1) العَامِرِيُّ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَاتِمِيُّ الطَّائِيُّ ابْنُ العَرَبِيِّ، وَقَاضِي حَلَبَ جَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ ابْنُ الأُسْتَاذِ الأَسَدِيّ الشَّافِعِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خُلَيْفٍ الجُذَامِيُّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَأَبُو البَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَحْفُوْظٍ ابْنُ تَاجرِ عِينَة، وَالشَّيْخُ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ أَبِي العَجَائِزِ الدِّمَشْقِيُّ، وَالتَّقِيُّ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ نِعْمَةَ بنِ سُلْطَانَ النَّابلسِيُّ الحَنْبَلِيُّ.
__________
(1) انظر تاريخ الإسلام للمؤلف، الورقة: 203، بخطه، وسيأتي في الرقم (204) .(23/74)
54 - ابْنُ رَاجِحٍ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ المَقْدِسِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، البَارِعُ، الحَافِظُ، نَجْمُ الدِّيْنِ، أَقْضَى القُضَاةِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ الإِمَامِ شِهَابِ الدِّيْنِ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ رَاجِحِ بن بِلاَلٍ المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الصَّالِحِيُّ، الحَنْبَلِيُّ (1) ، ثُمَّ الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيِّ (2) ، وَابْنِ صَدَقَةَ الجَنْزَوِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَانِ ابْنِ الخِرَقِيِّ، وَبِبَغْدَادَ مِنِ ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَلاَزَمَ بِهَمَذَانَ الرُّكْنَ الطَّاوُوْسِيَّ حَتَّى صَارَ مُعيدَهُ، ثُمَّ سَارَ إِلَى بُخَارَى، وَاشْتَغَلَ وَبَرَعَ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَأَحَكْمَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ.
وَمِنْ مَحْفُوْظَاتِهِ كِتَابُ (الجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ (3)) .
اشْتَغَلَ وَتَخَرَّجَ بِهِ العُلَمَاءُ، وَكَانَ ذَا تَهَجُّدٍ وَتَأَلُّهٍ وَتَعَبُّدٍ وَذَكَاءٍ مُفْرِطٍ.
قَالَ الشَّيْخُ الضِّيَاءُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ صَوْمَعٍ (4) يَذكرُ أَنَّهُ رَأَى الحَقَّ
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 735 - 736، والتكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 2994، وذيل الروضتين: 171، والعبر: 5 / 158، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) ، الورقة: 199 - 200، ونثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة: 123 - 124،
وطبقات الشافعية للاسنوي: 1 / 448 الترجمة 404، والبداية والنهاية: 13 / 156 - 157، والعقد المذهب لابن الملقن الورقة 174، وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة: 242 - 243، والنجوم الزاهرة: 6 / 340 وشذرات الذهب: 5 / 189، وايضاح المكنون: 2 / 505، ومعجم المؤلفين 2 / 99.
(1) قال الاسنوي: يعرف بالحنبلي لأنه كان في صباه كذلك (طبقات 1 / 448) .
(2) وهو في الخامسة، فسماعه حضورا.
(3) للحميدي.
(4) الضبط من خط الذهبي في " تاريخ الإسلام ".(23/75)
تَعَالَى فِي النَّوْمِ، فَسَأَلَهُ عَنِ النَّجْمِ بنِ خَلَفٍ، فَقَالَ: هُوَ مِنَ المُقَرَّبِيْنَ.
قُلْتُ: وَذَكَرَ النَّجْمُ أَنَّهُ رَأَى البَارِئَ -عَزَّ وَجَلَّ- فِي النَّوْمِ إِحْدَى عَشْرَةَ مرَّةً، قَالَ لَهُ فِي بَعْضِهَا: أَنَا عَنْكَ رَاضٍ.
وَقَدْ وَلِي تَدْرِيْسَ العَذْرَاويَّةِ، وَقَدْ كَانَ أَوَّلاً قَرَأَ (المقنعَ) عليّ المُؤلّفِ، وَدَرَّسَ أَيْضاً بِالصَّارِمِيَة بِحَارَةِ الغُرَبَاءِ، وَبِمَدْرَسَةِ أُمِّ الصَّالِحِ، وَبِالشَّامِيَّةِ البَرَّانِيَّةِ، وَنَابَ فِي القَضَاءِ عَنْ جَمَاعَةٍ (1) ، مِنْهُم الرّفِيعُ الجِيلَيُّ، وَصَنَّفَ (طَرِيقَةً فِي الخِلاَفِ) فِي مُجَلَّدَيْنِ، وَأَشيَاءَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ ابنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ عَمِّهِ الفَخْرُ، وَالعِمَادُ بنُ بَدْرَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الإِرْبِلِيُّ.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ (2) ، سَنَةَ ثَمَانٍ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
55 - صَلاَحُ الدِّيْنِ مُوْسَى
وَكَانَ أَخُوْهُ الشَّيْخُ.
مِنَ العُلَمَاءِ الصُّلَحَاءِ، لَهُ شِعْرٌ رَائِقٌ.
56 - ابْنُ مُخْتَارٍ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُخْتَارِ بنِ نَصْرٍ العَامِرِيُّ *
الشَّيْخُ، الأَمِيْرُ، المُعَمَّرُ، جَمَالُ المَلِكِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُخْتَارِ بنِ
__________
(1) نقل النعيمي عن الذهبي أنه ناب عن الخويي (قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خليل) انظر القضاة الشافعية في دمشق للنعيمي (ضمن كتاب قضاة دمشق بن طولون) : 66.
(2) ذكر في العبر أنه وفاته كانت في الخامس من شوال (العبر 5 / 158) وذكر الحافظ المنذري أنه توفي في الخامس أو السادس منه.
(*) التكملة لوفيات النقلة للمنذري: ج 3 الترجمة 2988، وتكملة اكمال الإكمال لابن =(23/76)
نَصْرِ بنِ طُغَانَ العَامِرِيُّ، المَحَلِّيُّ، ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ الجَمَلِ.
مَوْلِدُهُ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ، بِالمحلَّةِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ العُثْمَانِيِّ، وَتَفَرَّدَ بِأَجزَاءَ.
وَكَانَ مِنْ أَوْلاَدِ الأُمَرَاءِ المِصْرِيِّيْنَ (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجَبَّابِ، وَأَبُو صَادِقٍ مُحَمَّدُ ابنُ الرَّشِيْدِ العَطَّارُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الدُّكَّالِيُّ سُحْنُوْنُ، وَعَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ الحَافِظُ، وَالزَّيْنُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ ابْن الجَبَّابِ، وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ غَنِيْمَةَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: شَمْسُ الدِّيْنِ ابْنُ الحَظِيْرَيِّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَابْنُ سَعْدٍ.
مَاتَ: فِي ثَامِنَ عَشَرَ شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِيْنَ.
لَمْ يَسْمَعْ عَلَى مِقْدَارِ سنِّهِ.
57 - المَارِستَانِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ
__________
= الصابوني 251 - 252، والعبر: 5 / 158، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا: 3012) الورقة: 203، والمشتبه: 421، والوافي بالوفيات م 12 الورقة 202، والعسجد المسبوك ص 501، ولم يرد ذكره في تبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حجر حين ذكر " طغان " بضم الطاء، والنجوم الزاهرة: 6 / 340، وشذرات الذهب 5 / 189 - 190، وتصحف فيه طغان إلى طغان والجمل إلى الحبل.
(1) يعني العبيديين المعروفين غلطا عند بعض المؤرخين بالفاطميين، وحاشا أن يكونوا من نسل بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد شوه كثير من هؤلاء الامراء الإسلام، ولا يضير المترجم أنه منهم.
(*) التكملة لوفيات النقلة: ج 3 الترجمة 3059 وذكر أن له منه اجازة، والعبر: 5 / =(23/77)
الوَاحِد البَغْدَادِيُّ، المَارستَانِي، الصُّوْفِيُّ، قَيِّمُ جَامِعِ المَنْصُوْرِ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَكَانَ يُمْكِنُهُ السَّمَاعُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ، وَلَكِنَّ السَّمَاعَ رِزْقٌ!
سَمِعَ مِنْ: أَبِي المَعَالِي بنِ اللَّحَّاسِ، وَأَبِي عَلِيٍّ الرَّحَبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَسْعَدَ حَفَدَةَ العَطَّارِ العَطَّارِيِّ، وَعُمَرَ بنِ بُنَيْمَانَ البَقَّالِ، وَخَدِيْجَةَ بِنْتِ النُّهْرُوَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَكَانَ صَالِحاً خَيِّراً مُعَمَّراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَعِزُّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَابْنُ بَلْبَانَ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الدَّبَّابِ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الشَّرِيْشِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي السَّعَادَاتِ، وَأَبُو الحَسَنِ الغَرَّافِيُّ، وَطَائِفَةٌ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ بِالإِجَازَةِ، وَابْنُ سَعْدٍ (1) ، وَعِيْسَى المُطَعِّمُ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الشِّحنَةِ، وَجَمَاعَةٌ.
وَسَمَاعُهُ صَحِيْحٌ، وَكَانَ رَجُلاً صَالِحاً.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ (2) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ يَعْقُوْبَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البُنْدَارُ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الصُّوْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّارُ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ
__________
= 159، وتاريخ الإسلام، الورقة: 209 (أيا صوفيا 3012) ، والنجوم الزاهرة: 6 / 344، وشذرات الذهب: 5 / 203.
(1) يعني الذين ذكرهم بعد ذلك قد حدثوا عنه بالاجازة أيضا وهم: ابن سعد والمطعم وابن الشحنة.
(2) ذكر الحافظ المنذري أن وفاته كانت في الثالث والعشرين من ذي الحجة. التكملة ج 3 الترجمة 3059.(23/78)
بنُ يَعْقُوْبَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ هَاشِمِ بنِ البَرِيْدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ لِعَلِيٍّ: (أَنْتَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي، وَأَنْتَ أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُنِي يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَنْتَ الصِّدِّيْقُ الأَكْبَرُ، وَأَنْتَ الفَارُوْقُ يَفْرُقُ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَأَنْتَ يَعسُوبُ المُؤْمِنِيْنَ، وَالمَالُ يَعْسُوبُ الكَافِرِيْنَ -) ، إِسْنَادُهُ وَاهٍ.
وَفِيْهَا - أَعنِي سَنَة تِسْعٍ - مَاتَ: الفَقِيْهُ إِسْحَاقُ بنُ طَرْخَانَ بنِ مَاضِي الشَّاغُوْرِيُّ (1) الرَّاوِي عَنْ حَمْزَةَ بنِ كَرَوَّسٍ (2) فِي كِتَابِ (البسملَةِ) ، وَالقَاضِي النَّفِيْسُ أَبُو الكَرَمِ أَسَعْدُ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ قَادوسٍ عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً وَهُوَ آخِرُ أَصْحَابِ ابْنِ الحُطيئَة، وَالشَّرِيْفُ الخَطِيْبُ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ دِيْنَارٍ المِصْرِيُّ الصَّائِغُ، وَالمُحَدِّثُ سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هِبَةِ اللهِ الإِسْعَردِيُّ خَطِيْبُ بَيْتِ (3) لِهْيَا، وَالفَقِيْهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَقَاضِي بَغْدَادَ عِمَادُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مقبلٍ الوَاسِطِيُّ الشَّافِعِيُّ الزَّاهِدُ شَيْخُ زِيَادٍ المَرْزُبَانِيِّ، وَعَبْدُ السَّيِّدِ بنُ أَحْمَدَ خَطِيْبُ بعقوبَا، وَسَيْفُ الدِّيْنِ عَبْدُ الغَنِيِّ ابْن الشَّيْخِ الفَخْرِ ابْنِ تَيْمِيَةَ خَطِيْبُ حَرَّانَ، وَالفَقِيْهُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَبْدِ الجَلِيْلِ الرَّازِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو فُصَيْدٍ قَيْمَازُ المُعَظَّمِيّ، وَقَاضِي القُضَاةِ شَرَفُ الدِّيْنِ (4) أَبُو المَكَارِمِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ ابْنِ عَيْنِ الدَّوْلَةِ
__________
(1) في الأصل: " الشاعوري " بالعين المهملة، وليس بشيء.
(2) كروس: قيده المنذري في التكملة.
(3) في الأصل: " بنت " وليس بشيء.
(4) " الدين " سقطت من الأصل.(23/79)
الإِسْكَنْدَرَانِيُّ ثُمَّ المِصْرِيُّ عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مُظَفَّرِ بنِ نُعَيْمٍ البَغْدَادِيُّ الشَّافِعِيُّ ابْنُ الحُبَيْرِ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ، وَأَبُو القَاسمِ نَصْرُ بنُ عَلِيِّ بنِ نَغُوْبَا الوَاسِطِيُّ لَهُ إِجَازَة ابْنِ البَطِّيِّ، وَالأُصُوْلِيُ المُتَكَلِّم الإِمَامُ أَبُو عَامِرٍ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ رَبِيْعٍ الأَشْعَرِيُّ
القُرْطُبِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ الكَلاَمِيَّةِ وَوَالِدُ المُتَكَلِّمِ أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدٍ تُوُفِّيَ بِمَالَقَةَ.
58 - عُمَرُ بنُ أَسَعْدَ بنِ المُنَجَّى بنِ أَبِي البَرَكَاتِ التَّنُوْخِيُّ ثُمَّ المَعَرِيُّ
القَاضِي، الإِمَامُ، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَتْحِ (1) ابْنُ القَاضِي الكَبِيْر وَجِيْهِ الدِّيْنِ التَّنُوْخِيُّ، ثُمَّ المَعَرِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، مُدَرِّس المِسْمَارِيَّة، وَقَاضِي حَرَّانَ مُدَّةً، وَبِهَا وُلدَ حَالَ وِلاَيَةِ أَبِيْهِ قَضَاءهَا.
سَمِعَ: أَبَا المَعَالِي بنَ صَابرٍ، وَكَمَالَ الدِّيْنِ ابْنَ الشَّهْرُزُوْرِيِّ، وَابْنَ عَصْرُوْنَ، وَيَحْيَى بنَ بَوْشٍ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: بِنْتُهُ سِتُّ الوُزَرَاءِ (2) ، وَالحَافِظُ الزَّكِيُّ البِرْزَالِيُّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَالبَدْرُ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَبِالحُضُوْرِ العِمَادُ ابْنُ البَالِسِيِّ.
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 173 وصلة التكملة للحسيني الورقة 3، والعبر: 5 / 170، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1435، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ، الورقة: 8، والبداية والنهاية: 13 / 163، وذيل طبقات الحنابلة 2 / 225 - 226 رقم الترجمة: 330، والنجوم الزاهرة: 6 / 349، وشذرات الذهب: 5 / 210 - 211.
(1) هكذا أيضا كناه في " تاريخ الإسلام " وهو بخطه، وفي بعض المصادر: أبو الفتوح.
(2) هي آخر من حدث عنه وكانت من المعمرات.(23/80)
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ (1) ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَابْنُهُ:
59 - العِمَادُ الزَّاهِدُ
هُوَ وَاقِفُ حَلْقَةِ العِمَادِ الَّتِي لِلْحَنَابِلَةِ.
وَكَانَ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ وَافرَ الجَلاَلَةِ، بَصِيْراً بِالأَحكَامِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
60 - ابْنُ ظَفَرٍ أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ ظَفَرِ بنِ أَحْمَدَ المُنْذِرِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ الجَوَّالُ، الصَّالِحُ العَابِدُ، أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ ظَفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُفَرَّجِ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ ثَعْلَبِ بن عُنَيْبَةَ - مِنَ العِنَبِ - المُنْذِرِيُّ (2) ، المَقْدِسِيُّ، النَّابُلُسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
وُلِدَ: بِدِمَشْقَ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(1) ذكر أبو شامة وابن رجب أن وفاته كانت في السابع عشر من ربيع الآخر. وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: في الثامن عشر.
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3044 وذكر أنه سمع منه بحران ودمشق، وذيل الروضتين لأبي شامة: 171، والعبر 5 / 160، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا: 3012) ، الورقة: 211، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: 2 / 224 - 225 الترجمة 329، وذيل التقييد للفاسي الورقة 142، والنجوم الزاهرة: 6 / 344، وشذرات الذهب 5 / 203 - 204.
(2) قال في تاريخ الإسلام: " من ولد النعمان بن المنذر ملك عرب الشام ".(23/81)
سَمِعَ: أَبَا المَكَارِم اللَّبَّانَ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي زَيْدٍ الكَرَّانِيَّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيَّ بِأَصْبَهَانَ وَأَبَا القَاسِمِ البُوصِيْرِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ يَاسِيْنَ بِمِصْرَ، وَالمُبَارَكَ ابْنَ المَعْطُوشِ، وَأَبَا الفَرَجِ ابْنَ الجَوْزِيِّ، وَابْنَ أَبِي المَجْدِ الحَرْبِيَّ بِبَغْدَادَ، وَأَبَا سَعْدٍ الصَّفَّارَ، وَمَنْصُوْراً الفُرَاوِيَّ، وَعِدَّةً بِنَيْسَابُوْرَ، وَالحَافِظَ عَبْدَ القَادِرِ بِحَرَّانَ وَلَزِمَهُ مُدَّةً، وَابْنَ الحُصْرِيِّ بِمَكَّةَ، وَجَاورَ لأَجَلهِ سَنَةً، وَكَانَ عَالِماً فَقيراً مُتَعَفِّفاً كَثِيْرَ السَّفَر.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيُّ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَالعِمَادُ إِبْرَاهِيْمُ المَاسحُ، وَالعِمَادُ إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ الطَّبَّالِ، وَالحُسَامُ عَبْدُ الحَمِيْدِ اليُوْنِيْنِيُّ، وَالبَدْرُ حَسَنُ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَالشَّمْسُ مُحَمَّدُ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَالنَّجْمُ مُوْسَى الشَّقرَاوِيُّ، وَالفَخْرُ إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَعِدَّةٌ.
تُوُفِّيَ: بِقَاسِيُوْنَ، فِي شَوَّالٍ (1) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ عَبداً صَالِحاً، ذَا مُرُوءةٍ، مَعَ فَقْرٍ مُدقِعٍ، صَاحِبَ كَرَامَاتٍ.
قُلْتُ: نَسَخَ الكَثِيْرَ، وَخَطُّه مَعْرُوفٌ رَدِيءٌ.
61 - ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ أَحْمَدَ المَحْمُوْدِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، المُسْنِدُ، عَلَمُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ ابْنُ الشَّيْخِ
__________
(1) ذكر الحافظ المنذري وابن رجب أنه توفي في الرابع من شوال.
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3102 وذكر أنه سمع منه، وذيل كتاب مشتبه الأسماء لابن نقطة تأليف منصور بن سليم الورقة 65 من نسخة الدكتور بشار، وتكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 97 - 98، وتلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي ج 4 الترجمة 883، =(23/82)
العَارِفِ أَبِي الفَتْحِ مَحْمُوْدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ المَحْمُوْدِيُّ، الجَوِّيْثيُّ، العِرَاقِيُّ، الصُّوْفِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ الصَّابُوْنِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، بِالجَوِّيْثِ، وَهِيَ حَاضِرٌ كَبِيْرٌ بِظَاهِرِ البَصْرَةِ وَتَفْصِلُ بَيْنَهُمَا دِجْلَةُ.
لَهُ إِجَازَةٌ فِي صِبَاهُ مِنْ أَبِي المُطَهَّرِ القَاسِمِ بنِ الفَضْلِ الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَالخَضِرِ بنِ الفَضْلِ عُرِفَ بِرَجُلٍ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الحَاجِّيِّ، وَأَبِي الفَتْحِ ابنِ البَطِّيِّ، وَارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَمِنْ وَالِدِهِ.
وَرَوَى الكَثِيْرَ؛ حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ المُحَدِّثُ أَبُو حَامِدٍ، وَحَفِيْدُهُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالضِّيَاءُ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَعِيْسَى بنُ يَحْيَى السَّبْتِيُّ، وَالتَّاجُ ابنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَعَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ المَشْهَدِيُّ، وَأَخُوْهُ عَبْدُ الرَّحْمَانِ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابْنُ السَّقَطِيِّ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ سُنْقَرُ القَضَائِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَصَارَ شَيْخاً لِلصُّوْفِيَّةِ بِرِبَاطِ الخَاتُونِيِّ، وَبِجَامِعِ الفِيَلَةِ، وَأَمَّ بِالسُّلْطَانِ المَلِكِ الأَفْضَلِ عَلِيٍّ بِدِمَشْقَ مُدَّةً، وَكَانَ كَيِّساً، مُتَوَاضِعاً، ثِقَةً، لَدَيهِ فَضِيْلَةٌ.
تُوُفِّيَ: بِالرِّبَاطِ المُجَاوِر لِلسَّيِّدَةِ نَفِيْسَةَ، فِي ثَالِثَ عَشَرَ شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
= والعبر 5 / 166، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة: 226 (أيا صوفيا 3012) ، والوافي بالوفيات مجلد 12 الورقة 200، وشذرات الذهب 5 / 208.(23/83)
62 - ابْنُ شُفنِيْنَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ القُرَشِيُّ *
الشَّرِيْفُ الأَجْلُّ، المُسْنِدُ، أَبُو الكَرَمِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَاحِد بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عِيْسَى بنِ المُتَوَكِّلِ عَلَى اللهِ جَعْفَرٍ ابْنِ المُعْتَصِمِ القُرَشِيُّ، العَبَّاسِيُّ، المُتَوكِّلِيُّ، البَغْدَادِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ شُفنِيْنَ، وَهُوَ لَقَبٌ لِعُبَيْدِ اللهِ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَجَازَ لَهُ: أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الزَّاغُوْنِيِّ، وَنَصْرُ بنُ نَصْرٍ الوَاعِظُ، وَأَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الرُّطَبِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ العَبَّاسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ (1) التُّريكيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَمِّهِ أَبِي تَمَّامٍ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ أَحْمَدَ، وَيَحْيَى بنِ السَّدَنْكِ، وَكَانَ صَدْراً مُعَظَّماً فَاضِلاً حَسَنَ الطّرِيقَة.
أَثْنَى عَلَيْهِ ابْنُ النَّجَّارِ وَغَيْرُهُ.
وَرَوَى عَنْهُ: مَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ، وَجَمَاعَةٌ (2) .
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: العِمَادُ ابْنُ البَالِسِيِّ، وَالمُطَعِّمُ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النَّجدِيُّ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الرَّضِيِّ، وَابْنُ الشِّحنَةِ، وَجَمَاعَةٌ.
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3090 وذكر أنه حدث وأن له منه إجازة، والعبر 5 / 166، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة 227، والوافي بالوفيات: 4 / 68 الترجمة 1519 والنجوم الزاهرة 6 / 346، وشذرات الذهب: 5 / 209.
(1) من تاريخ الإسلام.
(2) منهم محب الدين ابن النجار البغدادي في تاريخه، وأثنى عليه ثناء جميلا.(23/84)
تُوُفِّيَ: فِي رَابعِ رَجَبٍ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: الزَّينُ أَحْمَدَ بنُ عَبْدِ المَلِكِ المَقْدِسِيُّ النَّاسخُ، وَالصَّاحِبُ مُقَدَّمُ الجُيُوْشِ كَمَالُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ حَمُّوَيْه الجُوَيْنِيُّ ابْنُ الشَّيْخِ بِغَزَّةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَرَكَاتٍ الخُشُوْعِيُّ، وَالمُحَدِّثُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ ابْنِ الدُّردَانَةِ الحَرْبِيُّ، وَالملكُ الحَافِظُ صَاحِبُ جَعْبَرَ، وعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مَكِّيّ بنِ كَرْسَا البَغْدَادِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ ابْنِ النَّقَّارِ العِمَادُ الكَاتِبُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَبِيْهِ الصَّالِحيُّ (1) ، وَمَعَالِي بنُ سَلاَمَةَ الحَرَّانِيُّ العَطَّارُ، وَصَاحِبُ الغَرْبِ الرَّشِيْدُ المُؤْمِنِيُّ، وَالمُسْتَنْصِرُ بِاللهِ العَبَّاسِيُّ، وَشَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو عَلِيٍّ مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَامِعٍ الضّرِيرُ، وَالزَّيْنُ يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ الحَضْرَمِيُّ المَالَقِيُّ النَّحْوِيُّ بِدِمَشْقَ.
63 - ابْنُ يُوْنُسَ أَبُو الفَتْحِ مُوْسَى بنُ يُوْنُسَ بنِ مُحَمَّدٍ المَوْصِلِيُّ *
الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، ذُو الفُنُوْنِ، كَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَتْحِ مُوْسَى بنُ يُوْنُسَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَنْعَةَ بنِ مَالِكٍ المَوْصِلِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ فِي: سَنَةِ 551.
وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِيْهِ، وَأَخَذَ العَرَبِيَّةَ عَنْ يَحْيَى بنِ
__________
(1) ويعرف أيضا بابن الدجاجية (تاريخ الإسلام، الورقة: 224) .
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3038، ووفيات الأعيان ج 5 ص: 311 - 318 الترجمة 747، والحوادث الجامعة 149 - 150، والمختصر في أخبار البشر لأبي الفدا: 3 / 178، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) ، الورقة 218، ودول الإسلام 2 / 109، والعبر 5 / 162 - 163 ومرآة الجنان: 4 / 101، ونثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة 129، وطبقات السبكي 8 / 378 - 386 الترجمة 1278 والبداية والنهاية 13 / 158، والعقد المذهب لابن الملقن: الورقة 79، ونزهة الانام لابن دقماق الورقة 55، والفلاكة والمفلوكون للدلجي: 84، وعقد الجمان للعينى ج 18 الورقة 226 - 227، والنجوم الزاهرة: 6 / 342 - 344، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي، الورقة 92، وشذرات الذهب 5 / 206 - 207.(23/85)
سَعدُوْنَ القُرْطُبِيِّ، وَبِبَغْدَادَ عَنِ الكَمَالِ الأَنْبَارِيِّ.
وَتَفَقَّهَ بِالنِّظَامِيَةِ عَلَى السَدِيْدِ السَّلَمَاسِيِّ فِي الخِلاَفِ (1) .
وَكَانَ يُضْرَبُ المَثَلُ بِذَكَائِهِ وَسَعَةِ عُلُوْمِهِ.
اشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَصَنَّفَ، وَدَرَّسَ، وَتَكَاثَرَ عَلَيْهِ الطَّلَبَةُ، وَبَرَعَ فِي الرِّيَاضِيِّ.
وَقِيْلَ: كَانَ يُشغلُ (2) فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَنّاً، بِحَيْثُ أَنَّهُ يَحُلُّ مَسَائِلَ (الجَامِعِ الكَبِيْرِ) لِلْحنفِيَّةِ، وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ أَهْل (3) الذِّمَّةِ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ، حَتَّى إِنَّ العَلاَّمَةَ الأَثِيْرَ الأَبْهَرِيَّ كَانَ يَجلسُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَحَتَّى أَنَّهُ فَضَّلَهُ عَلَى الغَزَّالِيِّ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ وَهُوَ مِنْ تلاَمِيذتهِ (4) : كَانَ شَيْخُنَا يَعْرِفُ الفِقْهَ وَالأَصْلَينِ، وَالخِلاَفَ، وَالمنطقَ، وَالطبيعِيَّ، وَالإِلَهِيَّ، وَالمَجْسِطِيَّ، وَأَقليدسَ، وَالهَيْئَةَ، وَالحسَابَ، وَالجبرَ، وَالمسَاحَةَ، وَالمُوْسِيْقَى، مَعْرِفَةً لاَ يُشَاركُهُ فِيْهَا غَيْرُه، وَكَانَ يُقْرِئُ (كِتَابَ سِيْبَوَيْهِ) وَ (مُفَصّلَ الزَّمَخْشَرِيِّ) ، وَكَانَ لَهُ فِي التَّفْسِيْرِ وَالحَدِيْثِ وَأَسْمَاءِ الرِّجَالِ يَدٌ جَيّدَةٌ، وَكَانَ شَيْخُنَا ابْنُ الصَّلاَحِ يُبَالِغُ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَيُعظِّمهُ ... ، وَبَالَغَ ابْنُ خَلِّكَانَ، إِلَى أَنْ قَالَ (5) :
إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ - سَامَحَهُ اللهُ - يُتَّهَمُ فِي دِيْنِهِ، لِكَوْنِ العُلُوْمِ العَقليَّةِ غَالِبَةً عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَةَ (6) : لَهُ مُصَنّفَاتٌ فِي غَايَةِ الجَوْدَةِ. وَقِيْلَ: كَانَ
__________
(1) كان السلماسي معيدا بالنظامية يومئذ.
(2) أي: يدرس، من الاشتغال.
أما الاشتغال: فهو طلب العلم.
(3) سقطت من النسخة، وهي من تاريخ الإسلام.
(4) وفيات الأعيان: 5 / 312 بتصرف في اللفظ.
(5) وفيات الأعيان 5 / 316.
(6) عيون الانباء في طبقات الاطباء، (طبعة دار الفكر بيروت 1376 / 1956) 2 / 337.(23/86)
يَعرِفُ السِّيمِيَاءَ، وَلَهُ (تَفْسِيْرٌ) لِلْقُرْآنِ، وَكِتَابٌ فِي النُّجُوْمِ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ (1) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
64 - القُبَّيْطِيُّ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الثِّقَةُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ اللَّطِيْفِ ابنُ أَبِي الفَرَجِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ بنِ فَارِسٍ، ابْنُ القُبَّيْطِيِّ الحَرَّانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، التَّاجِرُ، الجَوْهَرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فِي شَعْبَانَ.
وَسَمِعَ مِنْ: جَدِّه عَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ، وَالشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيِّ، وَهبةِ الله بنِ هِلاَلٍ الدَّقَّاقِ، وَأَبِي الفَتْحِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ المُقَرِّبِ، وَيَحْيَى بنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ النَّقُّوْرِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ، وَتَقِيُّ الدِّيْنِ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَشَمْسُ الدِّيْنِ ابْنُ الزَّينِ، وَعِزُّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَعَلاَءُ الدِّيْنِ ابْنُ بَلْبَانَ، وَرَشِيدُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي القَاسِمِ، وَعِمَادُ الدِّيْنِ ابْنُ الطَّبَّالِ، وَعِزُّ الدِّيْنِ ابْنُ البُزُوْرِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ حُصَيْنٍ، وَسُنْقَرُ القَضَائِيُّ، وَتَاجُ الدِّيْنِ الغَرَّافِيُّ، وَعِدَّةٌ.
__________
(1) ذكر الاحفظ المنذري أن وفاته كانت في الرابع عشر من شعبان.
(*) تاريخ ابن الدبيثي، الورقة: 163 (باريس 5922) ، والتكملة لوفيات النقلة: ج 3 الترجمة 3126، وذكر أنه حدث بالكثير وأن له منه اجازة، وصلة التكملة للحسيني الورقة 6، والعبر للذهبي 5 / 168، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ، الورقة 5، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي للذهبي: ج 3 ص 66، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 209 والنجوم الزاهرة: 6 / 349، وراجع تاريخ علماء المستنصرية لاستاذنا العلامة الدكتور ناجي معروف - رحمه الله تعالى -: 1 / 329 - 330.(23/87)
وَبِالإِجَازَةِ: أَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الشِّحنَةِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ البُخَارِيُّ، وَابْنُ العِمَادِ الكَاتِبُ، وَسِتُّ الفُقَهَاءِ بِنتُ الوَاسِطِيِّ.
وَقَدْ سَافرَ فِي التِّجَارَةِ مُدَّةً، وَكَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، حَافِظاً لِكِتَابِ اللهِ، صَادِقاً، مَأْمُوْناً، لاَ يُحَدِّث إِلاَّ مِنْ أَصْلِهِ، وَكَانَ يَتَّجِرُ.
تَكَاثَرَ عَلَيْهِ الطَّلَبَةُ، وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَسَمِعَ (سُنَنَ ابْنِ مَاجَه) بِفَوتٍ، فَاتَهُ النِّصْفُ الأَوّلُ مِنَ الجُزْءِ الثَّانِي عَشَرَ: نِصْفَ جُزءِ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ.
وَحَدَّثَ بِـ (المَقَامَاتِ) عَنِ ابْنِ النَّقُّوْرِ، وَحَدَّثَ بِكِتَابِ (المُسْتَنِيْرِ فِي القِرَاءاتِ) عَنِ ابْن المُقَرَّبِ، وَرَوَى (دِيْوَانَ المتنبِي) عَنْ شَيْخٍ لَهُ؛ أَبِي البَرَكَاتِ الوَكِيْلِ، وَ (غَرِيْبَ أَبِي عُبَيْدٍ) عَنْ عَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَ (المُصَافحَةَ) لِلبَرْقَانِيِّ عَنْ شُهْدَةَ، وَ (مَغَازِي الأُمَوِيِّ) عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْصُوْرٍ المَوْصِلِيِّ، وَ (سُنَنَ الدَّارَقُطْنِيِّ) عَنْ عَبْدِ الحَقِّ، وَ (فَضَائِلَ القُرْآنِ لأَبِي عُبَيْدٍ) عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، وَأَشيَاءَ.
وَوَلِيَ مَشْيَخَةَ المُسْتَنْصِرِيَّةِ بَعْد أَبِي الحَسَنِ ابْنِ القَطِيْعِيِّ، ثُمَّ كَبِرَ فَأُعْفِيَ مِنَ الحُضُوْرِ، فَكَانَ يُحَدِّثُ بِمَنْزِلِهِ، وَقد بَعَثَ ابْنَ زَوجتِهِ بِمَالِهِ إِلَى المَغْرِبِ، فَذَهَبَ المَالُ، وَبَقِيَتْ لَهُ دُوَيْرَاتٌ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي شَهْرِ جُمَادَى الأُوْلَى (1) .
وَقُبَّيْطٌ: حَلاَوَةٌ عَسَليَّةٌ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَزَجِيُّ ابْنُ البَنَّاءِ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ
__________
(1) ذكر الحافظ المنذري أن وفاته كانت في السادس عشر من جمادى الآخرة وكذا ذكر الحسيني في صلة التكملة وذكر الذهبي في العبر: أنه توفي في جمادى الآخرة، بينما ذكر في التاريخ أنه توفي في منتصف جمادى الآخرة.(23/88)
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المَنْدَائِيِّ، وَأَعَزُّ بنُ كَرَمٍ الحَرْبِيُّ الإِسكَافُ، وَحَمْزَةُ بنُ عُمَرَ بنِ عَتِيقِ بنِ أَوْسٍ الغَزَّالُ، وَعَبْدُ الحَقِّ بنُ خَلَفٍ الضِّيَاءُ الصَّالِحيُّ الحَنْبَلِيُّ، وَالمُخْلِصُ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي المَكَارِمِ بنِ هِلاَلٍ، وَأَبُو الوَفَاءِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ الحَقِّ ابْن الحَنْبَلِيِّ، وَعزّ الدِّيْنِ عُثْمَانُ بنُ أَسَعْدَ بنِ المُنَجَّى، وَعَمُّه القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ عُمَرُ بنُ أَسْعَدَ، وَكَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الحَقِّ بِمِصْرَ، وَقَيْصَرُ بنُ فَيْرُوْزَ البوَّابُ، وَالمُحَدِّثُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَارِبٍ القَيْسِيُّ بِالإِسْكَنْدَرِيَّة.
65 - الصَّرِيْفِيْنِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، تَقِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ العِرَاقِيُّ، الصَّرِيْفِيْنِيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
مَوْلِدُهُ: بِصَرِيْفِيْنَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: حَنْبَلٍ، وَابْنِ طَبَرْزَذَ بِإِرْبِلَ، وَمِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الأَخْضَرِ وَطَبَقَتهِ بِبَغْدَادَ، وَمِنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ وَطَبَقَتِهِ بِدِمَشْقَ، وَمِنَ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، وَزَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ بِنَيْسَابُوْرَ، وَمِنْ أَبِي رَوْحٍ الهَرَوِيِّ بِهَرَاةَ، وَمِنْ عَلِيِّ بنِ مَنْصُوْرٍ الثَّقَفِيِّ بِأَصْبَهَانَ، وَمِنْ عَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ بِحَرَّانَ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَجَمَعَ وَأَفَادَ، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاءُ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ،
__________
(*) صلة التكملة للحسيني: الورقة: 3، والعبر 5 / 167، وتذكرة الحفاظ 4 / 1433 الترجمة 1142، وتاريخ الإسلام (أياصوفيا 3013) الورقة 2، والوافي بالوفيات 6 / 141، والبداية والنهاية: 13 / 163، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2 / 227 - 230 رقم 335، والنجوم الزاهرة: 6 / 349 - 350، وطبقات الحفاظ للسيوطي: ص: 500 - 501 الترجمة 1110، وشذرات الذهب 5 / 209.(23/89)
وَالشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ، وَأَخُوْهُ، وَالشَّيْخُ زَيْنُ الدِّيْنِ الفَارِقِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَالفَخْرُ ابنُ عَسَاكِرَ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ المُنْذِرِيّ (1) : كَانَ ثِقَةً، حَافِظاً، صَالِحاً، لَهُ جُمُوْعٌ حَسَنَةٌ لَمْ يُتِمَّهَا.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: إِمَامٌ ثَبْتٌ، وَاسِعُ الرِّوَايَةِ، سخِيُّ النَّفْسِ مَعَ القلّةِ، سَافرَ الكَثِيْرَ، وَكَتَبَ وَأَفَادَ، وَكَانَ يَرْجِع إِلَى ثِقَةٍ وَوَرعٍ.
وَلِيَ مَشْيَخَةَ دَارِ الحَدِيْثِ بِمَنْبِجَ، ثُمَّ سَكَنَ حَلَبَ، فَولِيَ مَشْيَخَةَ الحَدِيْثِ الَّتِي لابْنِ شَدَّادٍ.
سَأَلتُ الضِّيَاءَ عَنْهُ، فَقَالَ: إِمَامٌ حَافِظٌ، ثِقَةٌ، فَقِيْهٌ، حَسَنُ الصُّحْبَةِ.
قُلْتُ: ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى دِمَشْقَ، وَرَوَى بِهَا.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى (2) ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِسَفحِ قَاسِيُوْنَ.
66 - ابْنُ أَبِي الفَخَارِ أَبُو التَّمَّامِ عَلِيُّ بنُ هِبَة اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ *
الشَّرِيْفُ، المُعَمَّرُ، أَبُو التَّمَّامِ عَلِيُّ ابنُ أَبِي الفَخَارِ هِبَة اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) نقل الذهبي هذا الكلام هنا وفي تاريخ الإسلام وفي تذكرة الحفاظ عن الحافظ المنذري، ونقل السيوطي شطرا منه في طبقات الحفاظ، غير أننا لم نجد هذا الكلام في التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري، بل لم يترجم المنذري للصريفيني، وانما تجد هذا الكلام في صلة التكملة للشريف الحسيني وزاد فيها " وكتب بخطه الكثير " وهو يقول في ترجمته أيضا " وصحبته مدة وكتبت عنه كثيرا " (انظر صلة التكملة الورقة 3) وقد لاحظ ابن رجب هذا ونبه عليه (ذيل طبقات الحنابلة: 2 / 229) ، فليلاحظ.
(2) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام (الورقة: 2) أن وفاته كانت في السادس عشر من جمادى الأولى وذكر الحسيني أنها في ليلة السادس عشر منه (صلة التكملة الورقة 3) ونقل ابن رجب عن أبي شامة (ولم نجده في ذيل الروضتين) أن الحافظ الصريفيني توفي في خامس عشر من جمادى الأولى (ذيل 2 / 230) .
(*) تاريخ ابن الدبيثي (نسخة كيمبرج) الورقة 172، وتاريخ ابن النجار (باريس) الورقة =(23/90)
هِبَةِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، خَطِيْبُ جَامِعِ فَخْرِ الدِّيْنِ ابْنِ المُطَّلِبِ.
وُلِدَ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ البَطِّيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ المُقَرَّبِ، وَأَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ، وَسَعْدِ اللهِ ابْنِ الدَّجَاجِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَابْنُ بَلْبَانَ، وَابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ سُنْقُرُ القَضَائِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: أَبُو المَعَالِي ابْنُ البَالِسِيِّ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ النَّاصِحِ بنِ عَيَّاشٍ، وَهَدِيَّةُ بِنْتُ مُؤْمِنٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ بِجُزءينِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ المَادحِ أَحْمَدَ (1) نُسْخَةَ مُحَمَّدِ بن السَّرِيِّ فِيمَا بَلَغَنِي، وَبِهِ خُتم السَّمَاعُ مِنِ ابْنِ المَادحِ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: كَانَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ غَيْرَ طَيِّبٍ.
قُلْتُ: عَاشَ بَعْد هَذَا القَوْلِ مُدَّةً، وَلَعَلَّهُ صَلُحَ حَالُهُ.
مَاتَ: فِي ثَانِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
= 67 - 68، والتكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3123، وصلة التكملة للحسيني الورقة 4، والعبر للذهبي 5 / 169، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) الورقة 7، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي ج 3 ص 147 الترجمة 1068، وذيل التقييد للفاسي الورقة 235، والنجوم الزاهرة 6 / 349، وشذرات الذهب: 5 / 212.
(1) هكذا في الأصل وهي صحيحه، فابن المادح هو: أبو محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم التميمي البغدادي المتوفى سنة 556.
وقال المؤلف في تاريخ الإسلام - وهو مما أفاضه بأخرة -: " وحدث عن ابن المادح بنسخة محمد بن السري فيما بلغني ".(23/91)
67 - التَّسَارِسِيُّ أَبُو الرِّضَا عَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُفَرِّجٍ *
الشَّيْخُ، أَبُو الرِّضَا عَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُفَرِّجٍ الجُذَامِيُّ، التَّسَارَسِيُّ، البَرْقِيُّ، ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ، الخَيَّاطُ، مِنْ أَصْحَابِ السِّلَفِيِّ (1) .
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَعِيْسَى السَّبْتِيُّ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، وَالغَرَّافِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ جَمَاعَةٍ.
تُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ (2) ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
68 - كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ أُمُّ الفَضْلِ القُرَشِيَّةُ الأَسَدِيَّةُ **
بِنْتُ المُحَدِّثِ العَدْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَلِيِّ بنِ الخَضِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ، الشَّيْخَةُ، الصَّالِحَةُ، المُعَمَّرَةُ، مُسْنِدَةُ الشَّامِ، أُمُّ الفَضْلِ القُرَشِيَّةُ، الأَسَدِيَّةُ، الزُّبَيْرِيَّةُ، الدِّمَشْقيَّةُ، وَتُعرَفُ بِبنتِ الحَبَقْبَقِ.
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3135 وذكر أنه حدث وأن له منه اجازة كتب بها إليه من الإسكندرية غير مرة، وصلة التكملة للشرف الحسيني الورقة 8، والعبر: 5 / 169، وتذكرة الحفاظ ج 4 ص 1435، وتاريخ الإسلام، الورقة: 6 (أيا صوفيا 3013) ، والنجوم الزاهرة 6 / 349، شذرات الذهب: 5 / 212، وقد تصحف فيه التسارسي إلى البسارسي، وقد ضبطها المنذري بالتاء.
وتسارس: من قرى برقة.
(1) قال المؤلف في تاريخ الإسلام: " ولد سنة ستين وخمس مئة، وسمع من السلفي، وقدم دمشق في شبيبته، سمع منه عمر بن الحاجب وقال: كان شاعرا فاضلا حسن السمت ".
(2) ذكر الحافظ المنذري وشرف الدين الحسيني أن وفاته كانت في الثامن والعشرين من شهر رمضان، وكذا قال المؤلف في " تاريخ الإسلام ".
(* *) التكملة لوفيات النقلة: ج 3 الترجمة 3125، وذكر أنها حدثت بدمشق وأنه قد سمع منها، وذيل الروضتين: 173، وتكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 281 - 284، صلة التكملة للحسيني، الورقة: 5، والعبر 5 / 170، وتذكرة الحفاظ 4 / 1434، وتاريخ الإسلام، الورقة 8، (أيا صوفيا 3013) ، وذيل التقييد للفاسي الورقة 293، والألقاب لابن حجر، الورقة 12، والنجوم الزاهرة: 6 / 349، والألقاب للسخاوي، الورقة 26، وشذرات الذهب 5 / 212، وقد قرأ عليها ابن المطعم سنة 639 وذكرها في مشيخته الورقة 117 (نسخة الدكتور بشار) .(23/92)
وُلِدْت: سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعت أَجزَاءَ قَلِيْلَةً مِنْ: أَبِي يَعْلَى ابْنِ الحُبُوبِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي الحَسَنِ الدَّارَانِيِّ، وَحَسَّانِ بنِ تَمِيْمٍ الزَّيَّاتِ، وَعَلِيِّ بنِ مَهْدِيٍّ الهِلاَلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ الحَرَسْتَانِيِّ، وَتَفرّدتْ فِي الدُّنْيَا عَنْهُم، وَتَفرّدتْ بِإِجَازَةِ أَبِي الوَقْتِ السِّجْزِيِّ، فَرَوَتِ (الصَّحِيْحَ) غَيْرَ مَرَّةٍ، وَرَوَتْ بِالإِجَازَةِ عَنْ مَسْعُوْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الرُّسْتَمِيِّ، وَأَبِي الخَيْرِ البَاغْبَانِ، وَرَجَاءِ بنِ حَامِد، وَخَلْقٍ.
خَرَّجَ لَهَا زَكِيُّ الدِّيْنِ البِرْزَالِيُّ (مَشْيَخَةً) فِي ثَمَانِيَةِ أَجزَاء سَمِعْنَاهَا.
حَدَّثَ عَنْهَا خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْهُم: الضِّيَاءُ، وَابْنُ خَلِيْلٍ، وَابْنُ هَاملٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الظَّاهِرِيِّ، وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ غَنِيْمَةَ، وَخَطِيْبُ كفر بَطْنَا جَمَالُ الدِّيْنِ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَالشَّرَفُ النَّاسخُ، وَالصَّدْرُ الأُرْمَوِيُّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الإِرْبِلِيُّ، وَعِيْسَى المُطَعِّمُ، وَسِتُّ القُضَاةِ بِنْتُ الشِّيْرَازِيِّ، وَبنتُ عمّهَا سِتُّ الفَخْرِ، وَأَخُوْهَا زَيْنُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً جَلِيْلَةً، طَوِيْلَةَ الرّوحِ عَلَى الطلبَةِ، لاَ تَملُّ مِنَ الرِّوَايَةِ.
مَاتَتْ: بِبستَانِهَا بِالميطورِ، فِي رَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
69 - عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مِهْرَانَ، مُحْيِي الدِّيْنِ القَرْمِيْسِيْنِيُّ *
المُفْتِي الكَبِيْرُ، مُحْيِي الدِّيْنِ القَرْمِيْسِيْنِيُّ، ثُمَّ
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3121، صلة التكملة للحسيني الورقة 3، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 7، والوافي بالوفيات مجلد 12، الورقة 190.(23/93)
الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ، مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ.
رَوَى عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَوْفٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَتَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَةٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالمُنْذِرِيُّ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى (1) ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
70 - عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ الحَقِّ
ابْنُ شَرَفِ الإِسْلاَمِ عَبْدِ الوَهَّابِ ابْنِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ ابْن الحَنْبَلِيِّ، الفَقِيْهُ أَبُو الوَفَاءِ.
حَدَّثَ عَنِ السِّلَفِيِّ (بِالأَرْبَعِيْنَ) ، وَعَنْ أَحْمَدَ ابْنِ المَوَازِيْنِيِّ، وَأَمَّ زَمَاناً بِمَسْجِدِ الرَّمَّاحِيْنَ.
حَدَّثَنَا عَنْهُ: ابْنُ الخَلاَّلِ، وَابْنُ مُشَرِّفٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ (2) ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) ذكر الحافظ المنذري والشرف الحسيني أن وفاته كانت في الحادي والعشرين من جمادى الأولى.
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3124، وذكر أنه حدث بدمشق وأن له منه اجازة كتب بها إليه من دمشق، وصلة التكملة للحسيني، الورقة 5، والعبر: 5 / 169، وتذكرة الحفاظ 4 / 1435، وتاريخ الإسلام الورقة 6، وذيل طبقات الحنابلة 2 / 226 - 227 الترجمة 332، والنجوم الزاهرة: 6 / 349، وشذرات الذهب: 5 / 212.
(2) ذكر الحفاظ المنذري أن وفاته في الثامن من جمادى الآخرة، وذكر الحسيني أنها في التاسع منه. وبقول المنذري: أخذ الذهبي في " تاريخ الإسلام ".(23/94)
71 - ابْنُ مُحَارِبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَيْسِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُحَارِبٍ القَيْسِيُّ، الغَرْنَاطِيُّ الأَصْلِ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ المَوْلِدِ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، قَيَّدَهُ الأَبَّارُ (1) .
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَبِمِصْرَ مِنْ هِبَةِ اللهِ البُوْصِيْرِيِّ، وَبِمُرْسِيةَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي حَمْزَةَ، وَبغَرْنَاطَةَ مِنَ القَاضِي عَبْدِ المُنْعِمِ ابْنِ الفَرَسِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ حَكَمٍ.
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّادَلِيُّ مَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عَتَّابٍ.
وَكَانَ يذكرُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ السِّلَفِيِّ (الأَرْبَعِيْنَ) لَهُ، وَلَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَحَدَّثَنِي ابْنُ رَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ الكَرِيْمِ الحَافِظَ أَرَاهُ أَصلَ سَمَاعِ ابْنِ مُحَارِبٍ بِالأَرْبَعِيْنَ مِنَ السِّلَفِيِّ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ مُحَارِبٍ لَهُ عنَايَةٌ قَوِيَّةٌ بِالحَدِيْثِ وَإِتْقَانٌ، كتب وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ وَطَالَ عُمُرُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ بَلْبَانَ، وَعَبْدُ المُؤْمِنِ الحَافِظُ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، وَالضِّيَاءُ عِيْسَى السَّبْتِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
اتَّفَقَ مَوْتُهُ وَموتُ كَرِيْمَةَ الزُّبَيْرِيَّةِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(*) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار ج 2 ص 668 الترجمة 1698، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) الورقة: 10 - 11.
(1) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار ج 2 ص 668 الترجمة 1698.(23/95)
وَمِنْ سِمَاعِهِ كِتَابُ (الشِّفَاءِ) لِلْقَاضِي عِيَاضٍ، سَمِعَهُ عَلَى ابْنِ بَلْبَانَ وَرَوَاهُ.
72 - ابْنُ حَمُّوَيْه أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ الجُوَيْنِيُّ *
الإِمَامُ الفَاضِلُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الشُّيُوْخِ، تَاجُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ - وَيُدْعَى عَبْدَ السَّلاَمِ - ابْنُ الشَّيْخِ القُدْوَةِ أَبِي الفَتْحِ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ ابْنِ القُدْوَةِ العَارِفِ مُحَمَّدِ بنِ حَمُّوَيْهِ الجُوَيْنِيُّ، الخُرَاسَانِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الصُّوْفِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: بِدِمَشْقَ، سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: مِنَ الحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ فَخْرِ النِّسَاءِ شُهْدَةَ، وَدَخَلَ إِلَى المَغْرِبِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، فَأَقَامَ هُنَاكَ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ، وَأَخَذَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ حَوْطِ اللهِ، وَطَائِفَةٍ.
وَسَكَنَ مَرَّاكُشَ.
وَكَانَ فَاضِلاً مُؤرخاً، أَديباً، لَهُ مَجَامِيْعُ، وَكَانَ ذَا تَوَاضُعٍ وَعِفَّةٍ، لاَ يَلتفتُ إِلَى أَوْلاَد أَخِيْهِ الأُمَرَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَالشَّيْخُ زَيْنُ الدِّيْنِ الفَارِقِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 8 / 748 - 749، والتكملة لوفيات النقلة للمنذري ج 3 الترجمة 3156 وذكر انه حدث بمصر وانه اجتمع معه بعد ذلك بدمشق، وذيل الروضتين لأبي شامة: 174، وتكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني 82 - 85، وصلة التكملة للحسيني الورقة 13، والعبر 5 / 172، تاريخ الإسلام (ايا صوفيا 3013) الورقة 17، والبداية والنهاية 13 / 165، ونزهة الانام لابن دقماق الورقة 60 - 61، وذيل التقييد للفاسي الورقة 176، وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 265 - 266، والنجوم الزاهرة 6 / 350، وشذرات الذهب 5 / 214.(23/96)
ابْنُ غَانِمٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَالرُّكْنُ الطَّاوُوْسِيُّ، وَالفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ.
وَبِالحُضُوْرِ: أَبُو المَعَالِي ابْن البَالِسِيِّ.
وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ الملكِ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ.
مَاتَ: فِي خَامِسِ صَفَرٍِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: ظَافرُ ابْنُ شَحْمٍ المُطَرِّزُ (1) ، وَالقَاضِي الرَّفِيعُ، وَقَمَرُ بنُ بطَاحٍ البَقَّالُ، وَالنَّفِيْسُ مُحَمَّدُ بنُ رَوَاحَةَ، وَخَاطبٌ (2) المِزِّيُّ، وَالنَّجْمُ حَسَنُ بنُ سَلاَّمٍ الكَاتِبُ.
أَوْلاَدُ أَخِيْهِ (3) :
73 - العِمَادُ أَبُو الفَتْحِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ حَمُّوَيْه *
المَوْلَى، الصَّاحِبُ، شَيْخُ الشُّيُوْخِ، أَبُو الفَتْحِ عُمَرُ ابْنُ شَيْخِ الشُّيُوْخِ صَدْرِ الدِّيْنِ مُحَمَّدِ ابْنِ عِمَادِ الدِّيْنِ عُمَرَ بنِ حَمُّوَيْه.
وُلِدَ: بِدِمَشْقَ، سَنَةَ 581.
وَنَشَأَ بِمِصْرَ، وَسَمِعَ مِنَ: الأَثِيْرِ ابْنِ بُنَانَ، وَالشِّهَابِ الغَزْنَوِيِّ،
__________
(1) هو ظافر بن طاهر بن ظافر بن إسماعيل بن الحكم، أبو المنصور الإسكندراني المالكي المطرز المعروف بابن شحم (تاريخ الإسلام، الورقة 170)
(2) خاطب بن عبد الكريم بن أبي المعالي الحارثي المزي.
(3) يعني اولاد أخي ابن حمويه وهم المترجمون الأربعة الآتون العماد، والكمال، والمعين، والفخر.
(*) مرآة الزمان: 8 / 721 - 724، والتكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 2870، وذيل الروضتين لأبي شامة: 167 - 168، وتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب: ج 4 الترجمة 1160، والعبر: 5 / 150 - 151، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة 181، ونثر الجمان للفيومي: ج 2 الورقة 103 - 104، والعقد المذهب لابن الملقن الورقة 175 - 176، وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 220 - 221، والنجوم الزاهرة: 1 / 313 - 314، وشذرات الذهب: 5 / 181.(23/97)
وَوَلِيَ بَعْد أَبِيْهِ تَدرِيسَ قُبَّةِ الشَّافِعِيّ، وَمشهدِ الحُسَيْنِ، وَمَشْيَخَةِ السَّعيديَة، وَكَانَ ذَا وَقَارٍ وَجَلاَلَةٍ وَفضلٍ وَحِشْمَةٍ، حضَرَ مَوْتَ الكَامِلِ، وَنَهضَ بِتَمليكِ دِمَشْقَ لِلْجَوَادِ؛ فَأَعْطَاهُ جَوْهَراً كَثِيْراً وَذَهَباً، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، فَلاَمَهُ العَادلُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ:
أَنَا أَرجعُ إِلَى دِمَشْقَ، وَأَبعثُ بِالجَوَادِ إِلَيْك، وَإِنِ امْتَنَعَ أَقَمْتُ نَائِباً لَكَ بِدِمَشْقَ.
فَقَدِمَ، فَتلقَاهُ الجَوَادُ، وَخضَعَ، فَنَزَلَ بِالقَلْعَةِ وَحكَمَ، وَقَالَ: أَنَا نَائِبُ صَاحِبِ مِصْرَ.
وَقَالَ لِلْجَوَادِ: سِرْ إِلَى مِصْرَ.
فَتَأَلَّمَ، وَأَضمرَ لَهُ الشَّرَّ، وَكَانَ العِمَادُ قَدِمَ مَرِيْضاً فِي مِحَفَّةٍ، فَقَالَ الجَوَادُ: اجعلونِي نَائِباً لَكُم، وَإِلاَّ سلّمتُ دِمَشْقَ إِلَى نَجْمِ الدِّيْنِ أَيُّوْبَ وَآخذُ مِنْهُ سِنْجَارَ.
قَالَ: إِنْ فَعَلتَهَا تُصلحُ بَيْنَ الأَخوينِ وَتبقَى أَنْتَ بِلاَ شَيْء.
قَالَ سَعْدُ الدِّيْنِ ابْن حَمُّوَيْه: خَرَجْنَا مِنْ مِصْرَ، فَودَّعَ العِمَادُ إِخْوَتَهُ، فَقَالَ لَهُ فَخْر الدِّيْنِ: مَا روَاحُكَ جَيِّداً، رُبَّمَا آذَاكَ الجَوَادُ.
قَالَ: أَنَا مَلّكتُهُ.
قَالَ: فَارقتَه أَمِيْراً وَتعُوْدُ إِلَيْهِ ملكاً، فَكَيْفَ يَسمحُ لَكَ؟ فَانزلْ عَلَى طَبَرَيَّةَ وَكَاتِبْهُ، فَلَمْ يَقبلْ.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الجَوَادَ جَاءهُ صَاحِبُ حِمْص أَسَدُ الدِّيْنِ، وَقَالَ لَهُ: إِنِ اتَّفَقَ العَادلُ وَأَخُوْهُ شَحَذْنَا فِي المخَالِي.
ثُمَّ جَاءَ أَسَدُ الدِّيْنِ إِلَى العِمَادِ، وَقَالَ: المصلحَةُ أَنْ تثنِيَ عزمَ العَادلِ عَنْ هَذَا.
قَالَ: حَتَّى أَمضِيَ إِلَى بَرْزَةَ، وَأُصَلِّيَ لِلاستِخَارَةِ.
قَالَ: بَلْ تَهربُ مِنْهَا إِلَى بَعْلَبَكَّ.
فَغَضِبَ، فَردّ أَسَدُ الدِّيْنِ إِلَى بَلَده، فَبَعَثَ الجَوَادُ يَقُوْلُ: إِنْ شِئْتَ فَاركَبْ وَتَنَزَّهْ.
فَظَنَّ أَنَّ هَذَا عَنْ رِضَىً، فَلَبِسَ الخِلْعَةَ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِحصَانٍ، فَلَمَّا خَرَجَ إِذَا شَخْصٌ بِيَدِهِ قِصَّة، فَاسْتغَاثَ، فَأَرَادَ حَاجِبُهُ أَنْ يَأْخذَهَا، فَقَالَ: لِي مَعَ الصَّاحِبِ شُغْلٌ.
فَقَالَ العِمَاد: دعُوْهُ.
فَتَقَدَّم فَنَاوَلَهُ القِصَّةَ، وَيَضربه بِسِكِّيْنٍ بَدَّدَ أَمعَاءهُ، وَشَدَّ آخرُ فَضَرَبَه بِسِكِّيْنٍ فِي(23/98)
ظَهْرِهِ، فَحُمِلَ إِلَى الدَّارِ مَيِّتاً، وَعَمِلَ الجَوَادُ مَحضراً أَنَّهُ مَا مَالَى عَلَى ذَلِكَ، فَجهّزنَاهُ وَخيَّطنَا جِرَاحَهُ، وَكَانَتْ لَهُ جَنَازَةٌ عَظِيْمَةٌ فَدَفَنَّاهُ فِي زَاويَةِ سَعْدِ الدِّيْنِ بِقَاسِيُوْنَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : قَفَزَ عَلَيْهِ ثَلاَثَةٌ دَاخِلَ القَلْعَةِ، وَكَانَ مِنْ بَيْتِ التَّصُوّفِ وَالإِمْرَةِ مِنْ أَعْيَانِ المُتَعصِّبِيْنَ لِلأَشعرِيِّ، قُتِلَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ.
74 - الكَمَالُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَسَنِ الشَّافِعِيُّ الصُّوْفِيُّ *
هُوَ: الصَّاحِبُ الجَلِيْلُ، مُقَدَّمُ جُيُوشِ مِصْرَ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ صَدْرِ الدِّيْنِ أَبِي الحَسَنِ الشَّافِعِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: بِدِمَشْقَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ طَائِفَةٍ، وَدَرَّسَ بِقُبَّةِ الشَّافِعِيّ، وَبِالنَّاصِرِيَّةِ، وَمَشْيَخَةِ الشُّيُوْخِ، وَدَخَلَ فِي المَمْلَكَةِ، وَكَانَ صَدْراً مُطَاعاً كَإِخْوَتِهِ، بَرَزَ بِالجُيُوْشِ لِمُضَايَقَةِ الصَّالِحِ أَبِي الخِيْشِ، فَأَدْرَكَهُ المَوْتُ بِغَزَّةَ، فَدُفِنَ بِهَا فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (3) .
__________
(1) ذيل الروضتين: 168.
(2) ذكر الحافظ المنذري وأبو شامة انه توفي في السادس والعشرين من جمادى الأولى.
(*) وهو أخو العماد (عمر بن محمد بن عمر بن حمويه) الذي مرت ترجمته الآن انظر بشأن ترجمة الكمال: مرآة الزمان 8 / 739، والتكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 3072، وذيل الروضتين 172، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة 221، والعسجد المسبوك 515، وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 254، والنجوم الزاهرة 6 / 345.
(3) في التكملة لوفيات النقلة انه توفي في ليلة الثاني عشر من صفر ودفن من الغد، وفي ذيل الروضتين أنه توفي في الثالث عشر من صفر.(23/99)
75 - المُعِيْنُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ صَدْرِ الدِّيْنِ *
المَوْلَى الصَّالِحُ، مُقَدَّمُ الجُيُوْشِ، الأَمِيْرُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ ابْنُ شَيْخِ الشُّيُوْخِ صَدْرِ الدِّيْنِ.
مَوْلِدُهُ: بِدِمَشْقَ، سَنَةَ بِضْعٍ (1) وَثَمَانِيْنَ.
وَتَقَدَّمَ فِي دَوْلَةِ الكَامِلِ، ثُمَّ عظمَ جِدّاً فِي أَيَّامِ الصَّالِحِ، وَوزَرَ لَهُ، ثُمَّ تَقَدَّمَ عَلَى جَيْش مِصْرَ، وَعَلَى الخُوَارِزْمِيَّةِ، وَنَازَلَ دِمَشْقَ إِلَى أَنْ أَخَذَهَا مِنَ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيْلَ، وَدَخَلَ إِلَى القَلْعَةِ، وَأَمرَ وَنَهَى، ثُمَّ لَمْ يُمَتَّع وَمَرِضَ بِالإِسهَالِ وَالدَّمِ، وَمَاتَ فِي الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ كَهْلاً، وَدُفِنَ بِجَنبِ أَخِيْهِ العِمَادِ، فَكَانَ بَيْنَ حُصولِ الأُمْنِيّةِ وَحُضُوْرِ المَنِيَّةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَنِصْفٌ.
وَكَانَ ذَا كَرَمٍ وَجُوْدٍ، وَكَانَ أَخُوْهُ فَخْر الدِّيْنِ مَسجوناً.
76 - الفَخْرُ يُوْسُفُ ابْنُ شَيْخِ الشُّيُوْخِ **
الصَّاحِبُ الكَبِيْرُ، مَلِكُ الأُمَرَاءِ، فَخْرُ الدِّيْنِ يُوْسُفُ ابْنُ شَيْخِ الشُّيُوْخِ.
__________
(*) وهو أخو العماد والكمال اللذين مرت ترجمتهما الآن، انظر بشأن ترجمة المعين (الحسن بن شيخ الشيوخ محمد بن عمربن حمويه الجويني) : مرآة الزمان 8 / 755 - 756، وصلة التكملة للحسيني الورقة 36، والعبر للذهبي: 5 / 175، ودول الإسلام للذهبي: 2 / 112، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) الورقة 26، والبداية والنهاية: 13 / 171، والنجوم الزاهرة: 6 / 352، وشذرات الذهب: 5 / 218.
(1) في صلة التكملة: مولده سنة ست وثمانين وقيل سنة ثمان وثمانين وخمس مئة.
(* *) وهو أخو العماد والكمال والمعين الذين مرت ترجماتهم انظر بشان ترجمة الفخر: مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 8 / 776 - 778، وذيل الروضتين: 184، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني الورقة 58، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) الورقة 83، والعبر: =(23/100)
مَوْلِدُهُ: بِدِمَشْقَ، بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ (1) وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: مَنْصُوْرٍ الطَّبَرِيِّ، وَالشِّهَابِ الغَزْنَوِيِّ.
وَحَدَّثَ، وَكَانَ صَدْراً مُعَظَّماً عَاقِلاً شُجَاعاً مَهِيْباً جَوَاداً خَلِيقاً لِلإِمَارَة، غضب عَلَيْهِ السُّلْطَانُ نَجْمُ الدِّيْنِ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسَجَنَهُ ثَلاَثَ سِنِيْنَ، وَقَاسَى شَدَائِدَ، ثُمَّ أَنْعَمَ عَلَيْهِ، وَوَلاَّهُ نِيَابَةَ المَمْلَكَةِ، وَكَانَ يَتَنَاوَلُ المسكرَ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ السُّلْطَانُ، نَدَبُوا فَخْرَ الدِّيْنِ إِلَى السَّلْطنَةِ، فَامْتَنَعَ، وَلَوْ أَجَابَ لَتَمَّ لَهُ.
قِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا قَدِمَ مَعَ السُّلْطَانِ دِمَشْقَ، نَزَلَ فِي دَارِ سَامَة، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ العِمَادُ ابْنُ النَّحَّاسِ، فَقَالَ لَهُ: يَا فَخْرَ الدِّيْنِ، إِلَى كَمْ مَا بَعْد هَذَا شَيْء؟
فَقَالَ: يَا عِمَادَ الدِّيْنِ، وَاللهِ لأَسبقنَّكَ إِلَى الجَنَّةِ، فَصدَّقَ اللهُ قَوْلَهُ - إِنْ شَاءَ اللهُ - وَاسْتُشْهِدَ يَوْم وَقْعَة المَنْصُوْرَةِ.
وَلَمَّا مَاتَ الصَّالِحُ، نَهَضَ بِأَعبَاءِ الأَمْرِ، وَأَحْسَنَ، وَأَنفقَ فِي الجُنْدِ مائَتَيْ أَلفِ دِيْنَارٍ، وَبَطَّلَ بَعْضَ المكوسِ، وَرَكِبَ بِالشَّاوِيْشِيَّةِ، وَبَعَثَ الفَارِسَ أَقطَايَا (2) إِلَى حصنِ كِيْفَا لإِحضَارِ وَلَدِ الصَّالِحِ المُعَظَّمِ تُوْرَانْشَاه، فَأَقدمَهُ، وَلَقَدْ هَمَّ تُوْرَانْشَاه بِإِمسَاكهِ لَمَّا رَأَى مِنْ تَمكُّنِهِ، فَاتَّفَقَ قصدُ الفِرَنْجِ وَزحفُهُم عَلَى الجَيْشِ، فَتقهقرَ الجَيْشُ وَانْهَزَمُوا، فَرَكِبَ فَخرُ
__________
= 5 / 194 - 195، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8 / 97 ضمن ترجمة ابيه، والبداية والنهاية 13 / 178، والعسجد المسبوك 571 - 572 وفيه انه يوسف ابن شيخ الشيوخ ابي الفتح عمر بن علي ... بسقوط اسم أبيه محمد، والنجوم الزاهرة 6 / 363، وشذرات الذهب: 5 / 238 - 239.
(1) في صلة التكملة للحسيني وتاريخ الإسلام للذهبي ان مولده كان بدمشق سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة.
(2) ويرسم: " اقطاي " كما هو بخطه في " تاريخ الإسلام ".(23/101)
الدِّيْنِ وَقتَ السّحرِ، وَبَعَثَ النُّقَبَاء وَرَاء المقدّمِين، وَسَاقَ فِي طَلَبِهِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ طَلب الدّيويَّة (1) ، فَتفلّل عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَجَاءتْهُ طعنةٌ، فَسَقَطَ وَقُتِلَ، وَنَهَبتْ مَمَالِيْكُهُ أَمْوَالَهُ، وَقُتِلَ مَعَهُ جَمْدَارُه، وَقُتِلَ عِدَّةٌ (2) .
ثُمَّ تَنَاخَى المُسْلِمُوْنَ، وَحُمِلَ فَدُفِنَ بِالقَاهِرَةِ.
قُتِلَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (3) ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
77 - ابْنُ الخُشُوْعِيِّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَرَكَاتِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الشَّيْخُ، زَكِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ ابنُ أَبِي طَاهِرٍ بَرَكَاتِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَاهِرٍ الخُشُوْعِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَكَانَ خَاتِمَةَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي المَكَارِمِ بن هِلاَلِ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ عَسَاكِرَ، وَأَبِي الفَهْمِ بنِ أَبِي العَجَائِزِ، وَأَبِي المَعَالِي بنِ صَابرٍ، وَعِدَّةٍ، فَأَكْثَر.
وَلَهُ (مَشْيَخَةٌ) انتقَاهَا زَكِيُّ الدِّيْنِ البِرْزَالِيُّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظُ الضِّيَاءُ - وَقَالَ: مَا علمتُ فِيْهِ إِلاَّ الخَيْرَ - وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَالشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ
__________
(1) فرقة مشهورة من فرسان الصليبيين.
(2) التفاصيل في " تاريخ الإسلام " نقلا عن سعد الدين - ابن عمه -.
والجمدار: لفظة فارسية، وتعني صاحب الصوان. انظر معجم دوزي: 2 / 267.
(3) ذكر الحسيني في صلة التكملة انه توفي في الرابع من ذي القعدة.
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3094 وذكر انه حدث وأن له منه اجازة، وذيل الروضتين: 172، والذيل على كتاب مشتبه الأسماء لمنصور بن سليم الورقة 7، وذكر انه سمع منه بدمشق ولم يذكر تاريخ وفاته، والعبر: 5 / 164، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة 221، وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 254، والنجوم الزاهرة 6 / 346، وشذرات الذهب: 5 / 207.(23/102)
الكَنْجِيُّ، وَأَبُو عَلِيِّ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَأَبُو الفَضْلِ الذَّهَبِيُّ، وَالفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَيُوْسُفُ بنُ عُبَادَةَ البَقلِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَقَّالِ، وَآخَرُوْنَ، وَلَهُ عِدَّةُ إِخْوَةٍ.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ (1) ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
78 - ابْنُ سَهْلٍ أَبُو الحَسَنِ سَهْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلٍ الأَزْدِيُّ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو الحَسَنِ سَهْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَالِكٍ الأَزْدِيُّ، الغَرْنَاطِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: خَالِهِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَرُوسٍ، وَخَالِ أُمِّهِ يَحْيَى بن عَروسٍ، وَابْنِ كَوْثَرٍ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ حُبَيْشٍ، وَابْنِ الجِدِّ، وَعِدَّةٍ.
قَالَ الأَبَّارُ (2) : كَانَ مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ وَالأَئِمَّةِ البُلغَاءِ الخُطَبَاءِ، مَعَ التَّفَنُّنِ
__________
(1) ذكر أبو شامة أن وفاته كانت يوم الجمعة وأضاف متابعا المنذري أن وفاته كانت في سلخ رجب.
(*) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار (نسخة الأزهر) ج 3 الورقة 116، وأورد نسبه فيها على الوجه الآتي: سهل بن محمد بن سهل بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن مالك الأزدي من أهل غرناطة يكنى أبا الحسن..الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة لابن عبد الملك (ط بيروت 1964 - 1965) 4 / 152، وتاريخ الإسلام، الورقة: 223 (أيا صوفيا 3012) ، الديباج المذهب في معرفة اعيان علماء المذهب لابن فرحون (دار التراث بالقاهرة) 1 / 395 - 397 الترجمة 2 وفيه انه سهل بن محمد بن سهل بن مالك الأزدي، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: 1 / 605 الترجمة 1287، وفيها أنه سهل بن محمد بن سهل بن أحمد بن مالك وبهذا النسب ثبته كحالة في معجم المؤلفين 4 / 285 مشيرا إلى أن له ترجمة في الوافي بالوفيات.
(2) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار (نسخة الأزهر) ج 3 الورقة 116، وزاد قائلا: رأيته باشبيلية في سنة سبع عشرة وست مئة، وكتب إلي باجازة ما رواه وجمعه وأنشأه من مرسية في جمادي الأولى سنة إحدى وثلاثين..إلى أن قال ومولده سنة تسع وخمسين وخمس مئة.(23/103)
فِي العُلُوْمِ، وَكَانَ رَئِيْساً مُعَظَّماً جَوَاداً، امتُحِنَ وَغُرِّبَ إِلَى مُرْسِيةَ، فَسكنهَا مُدَّةً إِلَى أَنْ هَلَكَ المَلكُ ابْن هَوْدٍ (1) ، فَسُرِّحَ إِلَى بلدهِ.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمِمَّا قِيْلَ فِيْهِ:
عجباً لِلنَّاسِ تَاهُوا ... فِي بُنَيَّاتِ المَسَالِكْ
وَصَفُوا بِالفَضْلِ قَوْماً ... وَهُمُ لَيْسُوا هُنَالِكْ
كَثُرَ الوَصْفُ وَلَكِنْ ... صَحَّ عَنْ سَهْلِ بنِ مَالِكْ
وَهُوَ القَائِلُ:
مُنَغَّصُ العَيشِ لاَ يَأْوِي إِلَى دَعَةٍ ... مَنْ كَانَ فِي بَلَدٍ أَوْ كَانَ ذَا وَلَدِ وَالسَّاكنُ النَّفْسِ مَنْ لَمْ تَرْضَ هِمَّتُهُ ... سُكْنَى مَكَانٍ وَلَمْ يَسْكُنْ إِلَى أَحَدِ
79 - ابْنُ مُقْبِلٍ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ مُقْبِلِ بنِ حُسَيْنٍ الوَاسِطِيُّ *
العَلاَّمَةُ، قَاضِي القُضَاةِ، عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو المَعَالِي عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ مُقبِلِ بنِ حُسَيْنٍ الوَاسِطِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
__________
(1) وهو محمد بن يوسف بن هود وذلك في أواخر جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وست مئة كما في تكملة ابن الآبار.
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3057، والعبر: 5 / 161، وتاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة 214، وطبقات السبكي: 8 / 187 الترجمة 1171، وطبقات الاسنوي: 2 / 553 الترجمة 1259، والبداية والنهاية 13 / 158 - 159، العسجد المسبوك: 505، والعقد المذهب لابن الملقن الورقة 175، عقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 248، وشذرات الذهب: 5 / 204 وفيه تصحيف مقبل إلى نفيل، وقد كتب العلامة الدكتور ناجي معروف - رحمه الله - ترجمة له في كتابه تاريخ علماء المستنصرية 1 / 210 - 212.(23/104)
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ (1) .
وَتَفَقَّهَ بِابْنِ البوقِيِّ، وَعَلَى المُجِيْرِ البَغْدَادِيِّ، وَابْنِ فَضْلاَنَ، وَابْنِ الرَّبِيْعِ.
وَبَرَعَ، وَدَرَّسَ، وَأَفتَى، وَوَلِيَ القَضَاءَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ، وَوَلِيَ تدرِيسَ المُسْتَنْصِرِيَّة (2) سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ، ثُمَّ عُزل مِنَ الكُلّ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَزِمَ بَيْتَهُ وَتعبَّدَ، وَتنسّك، ثُمَّ وَلِيَ مَشْيَخَةَ رِبَاطِ المرزبَانِيَّةِ، إِلَى أَنْ مَاتَ.
حَدَّثَ عَنِ ابْنِ كُلَيْبٍ.
وَكَانَ مِنْ عُقَلاَءِ الأَئِمَّةِ.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (3) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
80 - ابْنُ عَيْنِ الدَّوْلَةِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ *
قَاضِي القُضَاةِ، شَرَفُ الدِّيْنِ، أَبُو المَكَارِمِ مُحَمَّدُ ابْنُ القَاضِي الرَّشِيْدِ
__________
(1) في طبقات السبكي وطبقات الاسنوي ان مولده سنة احدى أو اثنتين وسبعين وخمسمائة.
(2) راجع تفاصيل ذلك في تاريخ علماء المستنصرية للدكتور ناجي معروف 1 / 210 - 212.
(3) ذكر الحافظ المنذري أو وفاته في ليلة الخامس والعشرين من ذي القعدة، وجاء في العسجد المسبوك ان وفاته في الثالث عشر من ذي الحجة، وفي تاريخ علماء المستنصرية في الثالث والعشرين من ذي الحجة، والصحيح ما ذكره الذهبي ان وفاته في ذي القعدة وهو الموافق لما ذكره ابن النجار وتابعهما السبكي وابن الملقن والعيني وابن العماد.
(*) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3056، وذكر أنه علق عنه في المذاكرة فوائد، والمغرب في حلى المغرب لابن سعيد الأندلسي (القسم المصري) 1 / 256 - 257، والعبر للذهبي 5 / 162، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3012) الورقة 216، والوافي بالوفيات: 3 / 352 - 353 الترجمة 1433، وطبقات السبكي: 8 / 63 - 66 الترجمة 1077، وطبقات الاسنوي 1 / 544 - 545 الترجمة 501، ونثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة: 13، والعسجد المسبوك: 505 - 506، والعقد المذهب لابن الملقن الورقة 176، وحسن المحاضرة للسيوطي: 2 / 119، وشذرات الذهب: 5 / 181 - 182، وذكره مرة أخرى في 5 / 205.(23/105)
عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ ابنِ أَبِي القَاسِمِ بنِ صَدَقَةَ ابْنِ الصَّفْرَاوِيِّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ عَيْنِ الدَّوْلَةِ.
مَوْلِدُهُ: بِالثَّغْرِ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَقَدِمَ القَاهِرَةَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ، فَنَابَ عَنِ ابْنِ درْبَاسٍ، وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ الثَّغْرِ مِنْ أَقَاربهِ ثَمَانِيَةٌ، ثُمَّ اسْتَقلَّ بِقَضَاءِ القَاهِرَةِ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، ثُمَّ وَلِي قَضَاءَ الإِقْلِيْمِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ.
وَلَهُ فَقهٌ وَفَضَائِلُ وَنَظمٌ وَنَثرٌ مَعَ العِفَّةِ وَالنَّزَاهَةِ.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (1) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
81 - عَبْدُ الحَقِّ بنُ خَلَفِ بنِ عَبْدِ الحَقِّ، أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ *
الفَقِيْهُ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ، الصَّالِحيُّ، الحَنْبَلِيُّ، المُغَسِّلُ، إِمَامَ مَسْجِدِ الأَرْزَةِ، الَّذِي بِطرِيقِ الصَّالِحيَّةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ (2) تَقْرِيْباً.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَهْمِ بنِ أَبِي العَجَائِزِ، وَأَبِي الغَنَائِمِ بنِ صَصْرَى، وَأَحْمَدَ بن أَبِي الوَفَاءِ، وَأَبِي المَعَالِي بنِ صَابرٍ، وَعِدَّةٍ.
وَلَهُ (مَشْيَخَةٌ) .
__________
(1) قيد الحافظ المنذري وفاته في التاسع عشر من ذي القعدة وجعل ابن العماد وفاته كذلك وكان قد قيد وفاته قبلها في حوادث سنة 636.
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 3131، وذكر أنه حدث وأن له منه إجازة كتب بها إليه من دمشق غير مرة، وصلة التكملة للحسني، الورقة: 7، والعبر للذهبي: 5 / 168، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) الورقة 4 - 5، وذيل طبفات الحنابلة لابن رجب: 2 / 227 الترجمة 334، والنجوم الزاهرة: 6 / 349، وشذرات الذهب: 5 / 211.
(2) ذكر الحسيني في " صلة التكملة " ان مولده في شهر ربيع الآخر سنة احدى واربعين وخمس مئة وقيل غير ذلك.(23/106)
رَوَى عَنْهُ: حَفِيْدُهُ العَدْلُ عِزُّ الدِّيْنِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَسِبْطُهُ القَاضِي كَمَالُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحَنَفِيُّ، وَالبِرْزَالِيُّ، وَالضِّيَاءُ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَالنَّجمُ ابْنُ الخَبَّازِ، وَالعزُّ أَحْمَدُ ابْنُ العِمَادِ، وَبِالحُضُوْرِ القَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ.
قَالَ الضِّيَاءُ: دَيِّنٌ خَيِّرٌ.
وَقَالَ المُنْذِرِيّ (1) : مَشْهُوْرٌ بِالصَّلاَحِ وَالخَيْرِ، عَجَزَ وَانقطَعَ.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
82 - ابْنُ الحُبَيْرِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مُظَفَّرٍ البَغْدَادِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مُظَفَّرِ بن عَلِيِّ بنِ نُعَيمٍ البَغْدَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ، القَاضِي، عُرف بِابْنِ الحُبَيْرِ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ (2) .
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ السُّلَمِيِّ، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَمُحَمَّدِ
__________
(1) التكملة لوفيات النقلة ج 3 الترجمة 3131 ص 628 من طبعة مؤسسة الرسالة.
(*) تاريخ ابن الدبيثي (باريس 5921) الورقة 175 - 176، والتكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 3045، والذيل على مشتبه الأسماء لمنصور بن سليم (مخطوطة الدكتور بشار) الورقة 64، والعبر للذهبي 5 / 162، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) ج 19 الورقة 217، والمختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي للذهبي 1 / 161 - 162، الترجمة 313، والوافي بالوفيات: 5 / 207 - 208 الترجمة 2271، ونقل عن ابن النجار، وطبقات السبكي: 8 / 108 - 109 الترجمة 1100، وطبقات الاسنوي 1 / 449 الترجمة 405، والبداية والنهاية: 13 / 158، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (ضمن ترجمة أبيه) 2 / 63 الترجمة 231، والتوضيح لابن ناصر الدين الورقة 73، وعقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 248، ومعجم الشافعية لابن عبد الهادي الورقة 70، وشذرات الذهب: 5 / 205، والمدارس الشرابية: 126.
(2) مولده في اوائل المحرم على ما ذكر الحافظ المنذري.(23/107)
بنِ نَسيمٍ، وَأَبِي الفَتْحِ بنِ المَنِّيِّ، وَتَفَقَّهَ بِهِ، ثُمَّ تَحَوَّلَ شَافِعِيّاً، وَلَزِمَ المُجِيْرَ البَغْدَادِيَّ، وَتَأَدَّبَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ ابْنِ العَصَّارِ.
حَدَّثَنَا عَنْهُ تَاجُ الدِّيْنِ الغَرَّافِيُّ.
وَكَانَ بَصِيْراً بِالمَذْهَبِ وَدَقَائِقِه، دَيِّناً عَابِداً، كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ وَالحَجِّ وَالتَّهجُّدِ، وَلَهُ بَاعٌ مَديدٌ فِي المُنَاظَرَةِ، وَنَابَ فِي القَضَاءِ عَنِ ابْنِ فَضْلاَنَ، ثُمَّ دَرَّسَ بِالنِّظَامِيَّةِ (1) فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ (2) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
83 - ابْنُ النَّاقِدِ أَبُو الأَزْهَرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
الوَزِيْرُ المُعَظَّمُ، نَصِيْرُ الدِّيْنِ (3) ، أَبُو الأَزْهَرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ.
قرَأَ النَّحْوَ وَتَعَانَى الكِتَابَةَ، وَتَنقَّلَ، وَكَانَ أَخَا الخَلِيْفَةِ الظَّاهِرِ مِنَ الرَّضَاعِ.
تولَّى أُسْتَاذَ دَارِيَةِ الخِلاَفَةِ، ثُمَّ وَزرَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
__________
(1) انظر تفصيل ذلك في تلخيص مجمع الآداب 2 / 855، المدارس الشرابية: 126.
(2) ذكر المنذري والسبكي وغيرهما ان وفاته كانت في السابع من شوال.
(*) مرآة الزمان: 8 / 747، وعقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة اسعد افندي 2323) ح 1 الورقة 150 / أ، ومختصر التاريخ لابن الكازروني: 263، 264، 267، 277، والفخري في الآداب السلطانية (طبعة محمد على صبيح) 267 - 268 وخلاصة الذهب المسبوك للاربلي: 289، 290، والحوادث الجامعة: 33 - 35، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 13 - 14، والوافي بالوفيات 8 / 64 - 65 الترجمة 2487، وفوات الوفيات 3 / 254، والبداية والنهاية: 13 / 165، والعسجد المسبوك 527 - 528، والنجوم الزاهرة: 6 / 350.
(3) في مرآة الزمان والنجوم الزاهرة: شهاب الدين.(23/108)
وَكَانَ فِي مَبْدَئِهِ (1) كَثِيْرَ التَّعَبُّدِ وَالتِّلاَوَةِ، وَتَعَلَّلَ بِأَلَمِ المفَاصلِ، فَعَجِزَ عَنِ الحَرَكَةِ، فَاسْتَنَابَ مَنْ يُعَلِّمُ عَنْهُ، وَحضرَ يَوْم بَيْعَةِ المُسْتَعْصِمِ فِي مِحَفَّةٍ، وَجَلَسَ لأَخْذِ البَيْعَةِ، وَبَقِيَ عَالِي الرُّتبَةِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (2) .
84 - الرَّفِيعُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الجِيْلِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الأُصُوْلِيُّ، الفَيْلَسُوْفُ، رَفِيْعُ الدِّيْنِ، قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو حَامِدٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الجِيْلِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
كَانَ قَدْ أَمْعَنَ فِي عِلْمِ الأَوَائِلِ، وَاظلَمَّ قَلْبُهُ وَقَالبُهُ، وَقَدِمَ دِمَشْقَ وَتَصَدَّرَ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ بَعْلَبَكَّ لِلصَّالحِ إِسْمَاعِيْلَ، فَنفقَ عَلَيْهِ وَعَلَى وَزِيْرهِ الأَمِيْنِ المسلمَانِيّ، وَلَمَّا غلَبَ إِسْمَاعِيْلُ عَلَى دِمَشْقَ وَلاَّهُ قَضَاءهَا، فَكَانَ مَذْمُوْمَ السِّيْرَةِ، خَبِيثَ السَّرِيرَةِ، وَوَاطَأَهُ أَمِيْنُ الدَّوْلَةِ عَلَى أَذِيَّةِ النَّاسِ، وَاسْتَعْمَلَ شُهُوْدَ زُوْرٍ وَوُكَلاَءَ، فَكَانَ يُطْلَبُ ذُو المَالِ إِلَى مَجْلِسِهِ، فَيبث (3)
__________
(1) في الأصل: مبدأه، وفي تاريخ الإسلام: " شبيبته ".
(2) في تاريخ الإسلام والعسجد المسبوك: توفي في سادس ربيع الأول، وقد ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام أن مولده في سنة احدى وسبعين وخمس مئة.
(*) مرآة الزمان 8 / 749 - 751، وذيل الروضتين 173 - 174، وعيون الانباء في طبقات الاطباء لابن أبي اصيبعة: 2 / 171، ودول الإسلام للذهبي: 2 / 111، والعبر: 5 / 172، وتاري الإسلام (أيا صوفيا 2013) ج 20 الورقة 18 - 19، وفوات الوفيات: 2 / 352 - 354، الترجمة 288، وطبقات الشافعية للاسنوي: 1 / 592 - 594، الترجمة 547، والعسجد المسبوك: 534، وفيه انه عبد العزيز بن اسماعيل (بسقوط اسم ابيه وهو خطأ) والفلاكة والمفلوكون للدلجي: 75، والنجوم الزاهرة: 6 / 350 - 351، الدارس للنعيمي: 1 / 188، وشذرات الذهب: 5 / 214 - 215.
(3) هكذا قرأناها وهي موافقة لما جاء في " تاريخ الإسلام " حيث جاء فيه: " فيحضر الرجل إلى مجلسه من المتولين فيدعي عليه المدعي بأن له في ذمته ألف دينار أو ألفي دينار فيبهت الرجل..الخ ".(23/109)
مُدَّعٍ عَلَيْهِ بِأَلفِ دِيْنَارٍ وَيَحضرُ شُهُوْدُهُ، فَيتحيّر الرَّجُلُ وَيُبْهَتُ، فَيَقُوْلُ الرّفِيعُ: صَالِحْ غرِيْمَكَ.
فَيُصَالِح عَلَى النِّصْفِ، فَاسْتُبيحت أَمْوَالُ المُسْلِمِيْنَ، وَعظُمَ الخطبُ، وَتعثّر خَلقٌ، وَعَظُمَت الشّنَاعَاتُ، وَاسْتغَاثُوا إِلَى الصَّالِحِ، فَطَلَبَ وَزِيْرَهُ، وَقَالَ: مَا هَذَا؟
فَخَافَ، وَكَانَ أُسّ البَلاَءِ المُوَفَّق الوَاسِطِيّ فَتحَ أَبْوَابَ الظُّلمِ، فَبَادرَ الوَزِيْرُ وَأَهْلَكَهُمَا لِئَلاَّ يُقرَّا عَلَيْهِ وَلِيُرضِيَ النَّاسَ، وَيُقَالُ: كَانَ الصَّالِحُ يَدْرِي أَيْضاً.
ذَكَرَ الصَّدْرُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَسَاكِرَ فِي (جَرِيْدَتِه) : أَنَّ القَاضِيَ الرّفِيعَ دَخَلَ مِنْ تَوجههِ إِلَى بَغْدَادَ رَسُوْلاً، فَرَكِبَ لِتلقِّيه الوَزِيْرُ أَمِيْنُ الدَّوْلَةِ، وَالمَنْصُوْرُ وَلدُ السُّلْطَان، فَدَخَلَ فِي زخمٍ عَظِيْمٍ، وَعَلَيْهِ خِلْعَةٌ سَوْدَاءُ وَعَلَى جَمِيْعِ أَصْحَابِهِ، فَقِيْلَ: مَا دَخَلَ بَغْدَادَ وَلاَ أَخذت مِنْه الرِّسَالَةُ، فَرَدَّ، وَاشْتَرَى الخلعَ لأَصْحَابِهِ مِنْ عِنْدِهِ.
قَالَ: وَشرعَ الصَّالِحُ فِي مصَادرَةِ النَّاسِ عَلَى يَدِ الرّفِيعِ، وَكَتَبَ إِلَى نُوَّابهِ فِي القَضَاءِ يَطلبُ مِنْهُم إِحضَارَ مَا تَحْتَ أَيَدِيهِم مِنْ أَمْوَالِ اليَتَامَى، وَكَانَ يَسلُكُ طَرِيْقَ الوُلاَةِ، وَيْحَكمُ بِالرشوَةِ، وَيَأْخذُ مِنَ الخَصْمَينِ، وَلاَ يُعدّل أَحَداً إِلاَّ بِمَالٍ، وَيَأْخذُ جَهراً، وَاسْتعَارَ أَرْبَعِيْنَ طَبَقاً ليهدِيَ فِيْهَا إِلَى صَاحِبِ حِمْص فَلَمْ يَردّهَا، وَغَارتِ المِيَاهُ فِي أَيَّامِهِ، وَيَبِسَتِ الشَّجَرُ وَصعقتْ، وَبطلت الطّوَاحينُ، وَمَاتَ عَجَمِيٌّ خلّفَ مائَةَ أَلْفٍ فَمَا أَعْطَى بِنْتَه فَلْساً، وَأَذِنَ لِلنِّسَاءِ فِي عُبورِ جَامِعِ دِمَشْقَ، وَقَالَ: مَا هُوَ بِأَعْظَمَ مِنَ الحَرَمَيْنِ، فَامتلأَ بِالرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لَيْلَةَ النِّصْفِ.
وَقَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (1) : حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ أَعيَانٌ: أَنَّ الرّفِيع كَانَ فَاسِدَ العقيدَةِ، دَهْرِيّاً، يَجِيْءُ إِلَى الجُمُعَةِ سكرَاناً، وَأَنَّ دَارَهُ مِثْلُ الحَانَةِ.
__________
(1) مرآة الزمان: 8 / 750.(23/110)
وَحَكَى لِي جَمَاعَةٌ: أَنَّ الوَزِيْرَ السَّامرِيَّ بَعَثَ بِهِ فِي اللَّيْلِ عَلَى بغلٍ بِأَكَافٍ إِلَى قَلْعَةِ بَعْلَبَكَّ، وَنفذَ بِهِ إِلَى مغَارَةٍ أفقه (1) فَأَهْلكه بِهَا، وَتُرِكَ أَيَّاماً بِلاَ أَكلٍ، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِبَيعِ أَملاَكهِ لِلسَامرِيّ، وَأَنَّهُ لَمَّا عَاينَ المَوْتَ قَالَ: دَعُوْنِي أُصَلِّي.
فَصَلَّى، فَرَفَسه دَاوُدُ مِنْ رَأْسِ شقيفٍ، فَمَا وَصل حَتَّى تَقطّع، وَقِيْلَ: بَلْ تَعلّقَ ذَيلُهُ بِسنِّ الجبلِ، فَضَرَبوهُ بِالحجَارَةِ حَتَّى مَاتَ.
وَقَالَ رَئِيْسُ النَّيْرَبِ (2) : سُلِّم الرَّفِيعُ إِلَيَّ وَإِلَى (3) سَيْفِ النقمَة دَاوُد، فَوصلنَا بِهِ إِلَى شقيفٍ فِيْهِ عينُ مَاءٍ فَقَالَ: دَعُوْنِي أَغتسلْ.
فَاغتسل وَصَلَّى وَدَعَا، فَدَفَعه دَاوُد فَمَا وَصل إِلاَّ وَقَدْ تلفَ، وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (4) .
85 - ابْنُ سَلاَّمٍ الحَسَنُ بنُ سَالِمِ بنِ سَلاَّمٍ الكَاتِبُ *
رَئِيْسُ البلدِ، نَجْمُ الدِّيْنِ الحَسَنُ بنُ سَالِمٍ بنِ سَلاَّمٍ (5) الكَاتِبُ.
سَمِعَ: يَحْيَى الثَّقَفِيَّ، وَابْنَ صَدَقَةَ، وَجَمَاعَةً.
__________
(1) هكذا أيضا في " تاريخ الإسلام " بخط المؤلف، وفي المرآة: " أفنة ".
(2) أصل السند في " تاريخ الإسلام ": " وذكر ناصر الدين محمد ابن المنيطري، عن عبد الخالق رئيس النيرب ".
(3) إضافة لابد منها لا يستقيم المعنى من غيرها، والخبر في تاريخ الإسلام: " لما سلم القاضي الرفيع إلى المقدم داود سيف النقمة وإلي أيضا، وصلنا به..".
(4) قيد أبو شامة وفاته ضمن حوادث سنة 641 وتابعه ابن أبي اصيبعة وقال الملك الأشرف الغساني في العسجد المسبوك انه توفي في آخر سنة اثنتين واربعين وقيل سنة احدى واربعين، وجعل الدلجي وفاته سنة 643.
(*) مرآة الزمان 8 / 747، وصلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني الورقة 21، ذيل الروضتين لاببي شامة: 177، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 15، الوافي بالوفيات 12 / 26 الترجمة 19.
(5) في صلة التكملة للحسيني: " ابن علي بن سلام " وهو الذي ثبته الذهبي في تاريخ الإسلام وفي تذكرة الحفاظ 4 / 1427.(23/111)
وَعَنْهُ: ابْنُ الخَلاَّلِ، وَشَرَفُ الدِّيْنِ الفَزَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ خَطِيْبِ بَيْتِ الأَبَّارِ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ ذَا أَمْوَالٍ وَحِشْمَةٍ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (1) ، وَهُوَ فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ (2) ، وَتَبِعَهُ وَلدُهُ، وَكَانَ كَثِيْرَ البِرِّ بِالحَنَابِلَةِ.
86 - الكَرْدرِيُّ أَبُو الوحدَةِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّتَّارِ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ المَشْرِقِ، شَمْسُ الأَئِمَّةِ، أَبُو الوحدَةِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّتَارِ (3) بن مُحَمَّدٍ العِمَادِيُّ، الكَرْدرِيُّ، الحَنَفِيُّ، البرَاتقينِيُّ.
وَبرَاتقين: مِنْ أَعْمَالِ كَرْدَرَ، وَكَرْدَرُ: نَاحِيَةٌ كَبِيْرَةٌ مِنْ بِلاَدِ خُوَارِزْمَ.
أَنْبَأَنِي بتَرْجَمَتِهِ أَبُو العَلاَءِ الفَرَضِيُّ، فَقَالَ:
هُوَ أُسْتَاذُ الأَئِمَّةِ عَلَى الإِطلاَقِ، وَالموفودُ عَلَيْهِ مِنَ الآفَاقِ، قرَأَ بِخُوَارِزْمَ عَلَى بُرْهَانِ الدِّيْنِ نَاصِرِ بنِ عَبْدِ السَّيِّدِ المُطَرِّزِيِّ مُؤلِّفِ (شرحِ المَقَامَاتِ) ، وَتَفَقَّهَ بِسَمَرْقَنْدَ عَلَى
__________
(1) ذكر سبط ابن الجوزي في المرآة أنه توفي في ذي الحجة، وذكر الشرف الحسيني في صلة التكملة لوفيات النقلة أنه توفي في سادس عشر ذي الحجة وهو الذي قيده الذهبي في تاريخ الإسلام.
(2) في صلة التكملة لوفيات النقلة انه ولد سنة خمس وستين وخمس مئة وهو الذي فيده الذهبي في تاريخ الإسلام.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 في ورقة ملحقة بالورقة 22 الوافي بالوفيات: 3 / 254، الترجمة 1276، والجواهر المضية: 2 / 82، الترجمة 243، العسجد المسبوك: 533 وفيه انه (الكردوزي) وان (كردوز من اعمال خوارزم) وكله تحريف، النجوم الزاهرة 6 / 351، طبقات الفقهاء المنسوب خطأ إلى طاش كبري زادة 107، طبقات الحنفية للمولى علي بن أمر الله الحنائي المعروف بقنالي زادة (نسخة جامعة براغ رقم 79 الورقة 32، شذرات الذهب: 5 / 316، الفوائد البهية: 176 - 177.
(3) تصحف الاسم في الشذرات إلى: محمد بن عبد الغفار بن محمد العلماوي.(23/112)
شَيْخِ الإِسْلاَمِ بُرْهَانِ الدِّيْنِ عَلِيّ بن أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الجَلِيْلِ المَرْغِيْنَانِيِّ وَسَمِعَ مِنْهُ، وَتَفَقَّهَ بِبُخَارَى عَلَى العَلاَّمَةِ بدرِ الدِّيْنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الورسكِيِّ، وَأَبِي المَحَاسِن حَسَنِ بنِ مَنْصُوْرٍ قَاضِي خَان، وَجَمَاعَةٍ.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ وَأُصُوْلِهِ، وَتَفَقَّهَ عَلَى خلقٍ، وَرحلُوا إِلَيْهِ إِلَى بُخَارَى، مِنْهُم: ابْنُ أَخِيْهِ العَلاَّمَةُ مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الفَقِيْهِيُّ، وَالشَّيْخُ سَيْفُ الدِّيْنِ البَاخَرْزِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ حَافِظُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ البُخَارِيُّ، وَظَهِيْرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ النوجَابَاذِيُّ، وَطَائِفَةٌ، سَمَّاهُم الفَرَضِيُّ، ثُمَّ قَالَ:
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بِبُخَارَى، فِي مُحرِّمٍ (1) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (2) ، وَدُفن عِنْد الإِمَام عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الحَارِثِيّ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: المَوْلَى تَاجُ الدِّيْنِ أَحْمَدَ ابْن القَاضِي أَبِي نَصْرٍ ابْن الشِّيْرَازِيّ فِي رَمَضَانَ، وَالوَزِيْر الكَبِيْر نصِيْر الدِّيْنِ أَبُو الأَزْهَرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ ابنُ النَّاقِدِ البَغْدَادِيُّ، وَنَجمُ الدِّيْنِ الحَسَنُ بنُ سَالِمِ بنِ سَلامٍ الدِّمَشْقِيُّ الكَاتِبُ وَالِدُ المُحَدِّثِ الذَّكيِّ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو طَالِبٍ خَاطبُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الحَارِثِيُّ المِزِّيُّ، وَالمُقْرِئُ سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الأَنْصَارِيُّ وَالِدُ شَيْخَتِنَا فَاطِمَةَ، وَأَبُو المَنْصُوْرِ ظَافرُ بنُ طَاهِرٍ المُطَرِّزُ ابْنُ شَحْمٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَشَيْخُ الشُّيُوْخِ تَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمُّوَيْه الجُوَيْنِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، وَالمُغِيْثُ جَلاَلُ الدِّيْنِ عُمَرُ ابْنُ السُّلْطَانِ نَجْمِ الدِّيْنِ أَيُّوْبَ ابْنِ الكَامِلِ، وَالحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ ابْنُ
__________
(1) في الجواهر المضية انه توفي يوم الجمعة تاسع محرم.
(2) قيد ابن العماد الحنبلي في الشذرات وفاته في سنة 643 هـ وقال: " وفيها - اي في سنة 643 - وجزم ابن كمال انه توفي في التي قبلها شمس الأئمة الكردري.(23/113)
الطَّيْلَسَانِ الأَنْصَارِيُّ القُرْطُبِيُّ، وَأَبُو الضوءِ قمرُ بنُ هِلاَلِ بنِ بطَاحٍ القَطِيْعِيُّ البَقَّالُ، وَالنَّفِيْسُ أَبُو البَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ رَوَاحَةَ الحَمَوِيّ الضّرِير، وَالأَدِيْب مُهَذَّب الدِّيْنِ مُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ عَلِيِّ بنِ عَلِيٍّ ابْنُ القَامغَارِ الحِلِّيُّ الشَّاعِرُ بِمِصْرَ فِي عَشْرِ المائَةِ، وَصَاحِبُ حَمَاةَ المُظَفَّرُ تَقِيُّ الدِّيْنِ مَحْمُوْدُ ابنُ المَنْصُوْرِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الأَيُّوْبِيُّ، وَالنَّجِيْبُ نَاصِرُ بنُ مَنْصُوْرٍ العرضِيُّ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ يُوْسُفُ ابْنُ المَخِيلِيِّ (1) .
87 - ابْنُ الطَّيْلَسَانِ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ *
الحَافِظُ المُفِيْدُ، مُحَدِّثُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو القَاسِمِ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ، القُرْطُبِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ تَقْرِيْباً.
وَرَوَى عَنْ: جَدِّهِ لأُمِّهِ أَبِي القَاسِمِ ابْنِ الشَّرَّاطِ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ مِقْدَامٍ، وَعَبْدِ الحَقِّ الخَزْرَجِيِّ، وَأَبِي الحَكَمِ بنِ حَجَّاجٍ، وَخَلْقٍ.
وَصَنَّفَ الكُتُبَ، وَكَانَ بَصِيْراً بِالقِرَاءات وَالعَرَبِيَّةِ أَيْضاً.
وَلِيَ خَطَابَةَ مَالَقَةَ بَعْد ذهَابِ قُرْطُبَةَ، وَأَقرَأَ بِهَا، وَحَدَّثَ.
__________
(1) منسوب إلى " مخيل " بفتح ثم كسر، من بلاد برقة بالمغرب، وسيأتي (رقم 238) .
(*) تكملة الصلة لابن الابار (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 102، وفيه يسوق نسبه فيقول: القاسم بن محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان الأنصاري الاوسي من أهل قرطبة يكنى أبا القاسم ويعرف بابن الطيلسان، برنامج الرعيني: 27، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة لابن عبد الملك المراكشي (احسان عباس) قسم 2 من السفر الخامس 557 - 566 الترجمة 1090، تذكرة الحفاظ للذهبي 4 / 1426 - 1428 الترجمة 1139، وفيه أنه القاسم بن أحمد بن محمد (وهو سهو) ، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 21، غاية النهاية: 2 / 23 الترجمة 2601، بغية الوعاة للسيوطي 2 / 261 الترجمة 1931، شذرات الذهب: 5 / 215 - 216.(23/114)
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (1) .
كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ هَارُوْنَ: أَنَّهُ سَمِعَ مِنِ ابْنِ الطَّيْلَسَانِ كِتَابَ (الوَعْد) فِي العَوَالِي.
88 - ابْنُ العَجَمِيِّ عُمَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيُّ *
مِنْ بَيْتِ عِلمٍ وَسِيَادَةٍ بِحَلَبَ، العَلاَّمَةُ، كَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو هَاشِمٍ (2) عُمَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَسَنِ (3) الشَّافِعِيُّ.
تَفَقَّهَ بطَاهِرِ بن جَهْبلٍ، وَسَمِعَ مِنْ يَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَغَيْرِهِ.
يُقَالُ: أَلقَى (المُهَذَّبَ) دُروساً خَمْساً وَعِشْرِيْنَ مرَّةً.
وَكَانَ ذَا وَسوَاسٍ فِي المِيَاهِ.
رَوَى عَنْهُ: عَبَّاسُ بنُ بَزْوَانَ، وَغَيْرُهُ.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ (4) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً (5) .
__________
(1) ذكر ابن الابار وابن عبد الملك المراكشي والذهبي في تاريخ الإسلام انه توفي في شهر ربيع الآخر.
(*) صلة التكملة لشرف الدين الحسيني بورقة ملحقة بالورقة 17 ضمن وفيات سنة 642 هـ وفيها يسوق نسبه كالآتي: أبو القاسم عمر ابن الشيخ أبي صالح عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن طاهر بن محمد بن محمد بن الحسين بن علي الكرابيسي الحلبي الشافعي المعروف بابن العجمي المنعوت بالكمال ... انتهى، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 20.
(2) في صلة التكملة للحسيني: أبو القاسم.
(3) ذكر الاسنوي انه (الحسين) بدلا من الحسن، وذكر ذلك في ترجمة عبد الرحمن (جد المترجم له) انظر طبقات الشافعية 1 / 440 الترجمة 396 وذلك تصحيف.
(4) ذكر الحسيني في الصلة والذهبي في تاريخ الإسلام أن وفاته كانت في الحادي عشر من رجب.
(5) ذكر الحسيني انه ولد في الثالث عشر من محرم واضاف وتابعه الذهبي في تاريخ الإسلام أن ذلك كان سنة 557 هـ.(23/115)
وَمِنْ وَسْوَاسِهِ أَنَّهُ نَزَلَ فِي قدرِهِ حَمَامٌ، فَضَاقَ نَفَسُهُ ثُمَّ مَاتَ!
89 - ابْنُ شَحْمٍ أَبُو المَنْصُوْرِ ظَافِرُ بنُ طَاهِرِ بنِ ظَافِرٍ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ *
أَبُو المَنْصُوْرِ ظَافرُ بنُ طَاهِرِ بنِ ظَافر بن إِسْمَاعِيْلَ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ، عُرِفَ: بِابْنِ شحمٍ (1) المُطَرِّزِ.
عَاشَ ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ (2) سَنَةً.
سَمِعَ: مِنَ السِّلَفِيِّ، وَابْنِ عَوْفٍ.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالغَرَّافِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (3) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
90 - ابْنُ المَخِيْلِيِّ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ المُعْطِي بنِ مَنْصُوْرٍ الغَسَّانِيُّ **
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الصَّدْرُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضْلِ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ المُعْطِي بنِ مَنْصُوْرِ بنِ نَجَا بنِ مَنْصُوْرٍ الغَسَّانِيّ (4) ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، ابْنُ
__________
(1) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 3160 وذكر أن له منه اجازة كتب بها إليه من الإسكندرية، صلة التكملة للحسيني الورقة 14، العبر للذهبي: 5 / 172، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 17، النجوم الزاهرة 6 / 352، شذرات الذهب 5 / 313 - 314.
(1) في النجوم والشذارت: سحم بالسين المهملة، مصحف فقد ضبطها المنذري والحسيني باالشين المعجمة.
(2) ذكر المنذري والحسيني والذهبي في تاريخ الإسلام ان مولده سنة 554 هـ.
(3) ذكر المنذري والحسيني والذهبي في تاريخ الإسلام أن وفاته كانت في النصف من شهر ربيع الأول.
(* *) صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني، الورقة 16، العبر للذهبي: 5 / 173 تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 20، تبصير المنتبه بتحرير المشتبه 1349، النجوم الزاهرة: 6 / 352، شذرات الذهب 5 / 216.
(4) في النجوم الزاهرة: " العسالي " مصحف.(23/116)
المَخِيلِيِّ (1) المَالِكِيّ، مِنْ كُبَرَاءِ أَهْلِ الثَّغْرِ.
وَمَخِيلُ: مِنْ بِلاَدِ برقَةَ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ (2) .
وَسَمِعَ مِنَ: الحَافِظِ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَأَبِي الطَّيِّبِ بنِ الخَلُوْفِ.
حَدَّثَنَا عَنْهُ: الضِّيَاءُ السَّبْتِيُّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَالأَبَرْقُوْهِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الصَّقَلِّيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ المُنيّرِ، وَالمُفَسِّرُ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ النَّقِيْبِ، وَغَيْرُهُم.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: قَالَ لِي: إِنَّهُ دَخَلَ دِمَشْقَ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَابعِ (3) جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ المُفَسِّرِ، وَعَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ خَلَفٍ الحَافِظِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ المُعْطِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ العُكْبَرِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عُمَرَ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو جَدِّي عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
أَحَبُّ الكَلاَمِ إِلَى اللهِ - عزَّ وجلَّ - أَنْ يَقُوْلَ العَبْدُ وَهُوَ سَاجِدٌ: رَبِّ إِنِّيْ ظَلَمْتُ، رَبِّي
__________
(1) تصحفت لفظة المخيلي في المطبوع من تذكرة الحفاظ إلى المحبلي بالحاء المهملة
والباء الموحدة (تذكرة الحفاظ: 1428) .
(2) ذكر الحسيني ان مولده في جماددى الآخرة من هذه السنة.
(3) ذكر الحسيني في صلة التكملة أن وفاته كانت في ليلة السابع من جمادى الآخرة. وقد ذكر العلامة المرحوم الدكتور مصطفى جواد وفاته في سنة 643 وهو سهو.(23/117)
فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ.
91 - ابْنُ المَجْدِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى بنِ عِبدِ اللهِ المَقْدِسِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، المُتْقِنُ، القُدْوَةُ، الصَّالِحُ، سَيْفُ الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ المُحَدِّثِ الفَقِيْهِ مَجْدِ الدِّيْنِ عِيْسَى ابْن الإِمَامِ العَلاَّمَةِ مُوَفَّقِ الدِّيْنِ عِبدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَقْدِسِيُّ، الصَّالِحيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسِ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا اليُمْنِ الكِنْدِيَّ، وَابْنَ الحَرَسْتَانِيِّ، وَابْنَ مُلاعِبٍ، وَجَدَّهُ، وَجَمَاعَةً.
وَتَخَرّج بِخَالهِ الحَافِظِ ضِيَاءِ الدِّيْنِ، وَارْتَحَلَ، وَلَهُ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً، فَسَمِعَ مِنَ الفَتْحِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ (2) ، وَعَلِيِّ بنِ بوزندَار، وَأَبِي عَلِيٍّ ابنِ الجَوَالِيْقِيِّ وَطَبَقَتِهِم، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ أَيْضاً سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي الحَدِيْثِ.
وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتاً، ذكياً، سَلَفِيّاً، تَقيّاً، ذَا وَرَعٍ وَتَقوَى، وَمَحَاسِنَ جَمَّةٍ، وَتَعَبُّدٍ وَتَأَلّهٍ، وَمُروءةٍ تَامَّةٍ، وَقَولٍ بِالْحَقِّ، وَنَهْيٍ عَنِ المُنْكَرِ، وَلَوْ عَاشَ لَسَادَ فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ - فَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
وَكَتَبَ لِنَفْسِهِ وَبِالأُجرَةِ وَأَفَادَ الطَّلبَةَ.
__________
(1) موقوف وسنده حسن.
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة: 35، تذكرة الحفاظ 4 / 1446 - 1447 الترجمة 1147، العبر للذهبي: 5 / 174، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 24 - 25، الوافي بالوفيات 7 / 273 الترجمة 3249، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: 2 / 241 الترجمة 347، النجوم الزاهرة: 6 / 353، طبقات الحفاظ للسيوطي: 504 الترجمة 1116، شذرات الذهب: 5 / 217.
(2) في تاريخ الإسلام: ورحل إلى بغداد سنة ثلاث وعشرين فسمع الفتح بن عبد السلام..الخ.(23/118)
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّشْتِيُّ وَغَيْرُهُ، وَعَاشَ ثَمَانِياً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً (1) .
تُوُفِّيَ: فِي أَوَّلِ شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ عِنْدِ آبَائِهِ، وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي السَّمَاعِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي المَعَالِي الصُّوْفِيُّ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الزَّاغُوْنِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ ابْنُ البُسْرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ الذَّهَبِيُّ، حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ وَالعَيْشِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهوَاتِ) .
غَرِيْبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ حَمَّادٌ.
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ (2) ، عَنِ القَعْنَبِيِّ، عَنْهُ، وَيَرْوِيْهِ حَمَّادٌ أَيْضاً عَنْ خَالِهِ حُمَيْدٍ الطَّوِيْلِ عَنْ أَنَسٍ.
92 - ابْنُ المُقَيَّرِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الصَّالِحُ، رحلَةُ الوَقْتِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ ابنُ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَنْصُوْرٍ، ابْنُ المُقَيَّرِ البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، المُقْرِئُ، الحَنْبَلِيُّ، النَّجَّارُ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
__________
(1) في تاريخ الإسلام: حدثنا عنه أبو بكر الدشتي ومات قبل أوان الرواية فانه عاش ثمانيا وثلاثين سنة.
(2) في الجنة (2822) . ورواه الترمذي في صفة الجنة (2562) .
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 37 - 38، تكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 342 - 347، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 33، دول الإسلام 2 / 113، العبر للذهبي 5 / 178 وقد ذكره فيمن توفوا في سنة 643 في تذكرة الحفاظ 4 / 1432، وانظر أيضا النجوم الزاهرة 6 / 355، شذرات الذهب 5 / 223 وتوضيح المشتبه، 3 / الورقة: 51، تاج العروس شرح القاموس (مادة قير 3 / 513) .(23/119)
وُلدَ: لَيْلَةَ الفطرِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ: نَصْرُ بنُ نَصْرٍ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ ابْنُ الزَّاغُوْنِيِّ، وَالحَافِظُ ابْنُ نَاصِرٍ، وَسَعِيْدُ ابْنُ البَنَّاءِ، وَأَبُو الكَرَمِ ابْنُ الشَّهْرُزُوْرِيِّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ العَبَّاسِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَقَدْ كَانَ يُمكنه السَّمَاعُ مِنْهُم.
ثُمَّ سَمِعَ بِنَفْسِهِ مِنْ: مَعْمَرِ بنِ الفَاخِرِ، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَعَبْدِ الحَقِّ بنِ يُوْسُفَ، وَأَحْمَدَ بنِ النَّاعمِ، وَعِيْسَى بنِ أَحْمَدَ الدُّوْشَابِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ شِيْرَوَيْهِ، وَبِدِمَشْقَ مِنِ ابْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيِّ.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ، ثُمَّ قَدِمَ دِمَشْقَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، فَحَدّثَ، وَأَقَامَ بِهَا نَحْواً مِنْ سَنَتَيْنِ، ثُمَّ حَجَّ، وَحَدَّثَ بِخَيْبَرَ، وَبِالحرمِ، وَجَاورَ، ثُمَّ سَارَ إِلَى مِصْرَ، وَرَوَى بِهَا الكَثِيْرَ.
قَالَ الحَافِظُ تَقِيّ الدِّيْنِ عُبيدٌ: كَانَ شَيْخاً صَالِحاً، كَثِيْرَ التَّهَجُّدِ وَالعِبَادَةِ وَالتِّلاَوَةِ، صَابراً عَلَى أَهْلِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الحَافِظُ عِزُّ الدِّيْنِ الحُسَيْنِيّ (1) : كَانَ مِنْ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ، كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ، مُشْتَغِلاً بِنَفْسِهِ، مَاتَ فِي نِصْفِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ أَئِمَّةٌ وَحُفَّاظٌ؛ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالسَّبْتِيُّ، وَأَبُو عَلِيِّ بنُ الخَلاَّلِ، وَالجلاَلُ عَبْدُ المُنْعِمِ القَاضِي، وَزَيْنَبُ بِنْتُ القَاضِي مُحيِي الدِّيْنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الذَّهَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ المُنْذِرِيُّ (2) ،
__________
(1) صلة التكملة لوفيات النقلة، الورقة 38.
(2) هذا هو ابن أخي الحافظ عبد العظيم المنذري.(23/120)
وَعِيْسَى المَغَازِي، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الحَنْبَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُكَرَّمٍ الكَاتِبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُظَفَّرٍ المَالِكِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو الحُسَيْنِ ابْنُ الفَقِيْهِ، وَشِهَابُ بنُ عَلِيٍّ، وَصليحٌ الصوَابِي، وَبِيْبَرْسُ القيمرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الجُمَّيْزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُشَرِّفٍ، وَالبَهَاءُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَخَلْقٌ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالسَّمَاعِ: يُوْنُسُ العَسْقَلاَنِيُّ.
93 - الغَزَّالُ حَمْزَةُ بنُ عُمَرَ بنِ عَتِيْقِ بنِ أَوْسٍ الأَنْصَارِيُّ
الفَقِيْهُ، العَالِمُ، أَبُو القَاسِمِ الأَنْصَارِيُّ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ، الغَزَّالُ، الدَّلاَّلُ، وَكَانَ لَهُ حَانُوْتٌ بِقَيْسَارِيَّةِ الغَزْلِ بِالثَّغْرِ.
حَدَّثَ عَنْ: السِّلَفِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَأَبُو حَامِدٍ ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ (1) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيُّ، وَالضِّيَاءُ السَّبْتِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي ثَالِثِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: الصَّرِيْفِيْنِيُّ المُحَدِّثُ، وَأَعزُّ بنُ كَرَمٍ البَزَّازُ، وَعَبْدُ الحَقِّ بنُ خَلَفٍ الحَنْبَلِيُّ، وَالمُخَلِّصُ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ هِلاَلٍ، وَابْنُ القُبَّيْطِيِّ، وَالوَفَاءُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَنْبَلِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدٍ التَّسَارَسِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي الفَخَارِ، وَقَيْصَرُ بنُ فَيْرُوْز البَوَّابُ، وَكَرِيْمَةُ الزُّبَيْرِيَّةُ، وَكَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الحَقِّ
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 3140 وفيه أنه الغزولي، صلة التكملة للحسيني: الورقة 10 وذكر انه مولود سنة 564 أو 565 وفيها أنه الغزلي، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 4 وفيه أنه الغزالي، العبر للذهبي: 5 / 168، شذرات الذهب: 5 / 211.
(1) لم يذكره ابن الصابوني في تكملة اكمال الإكمال.(23/121)
القُضَاعِيَّةُ بِمِصْرَ، وَكَرِيْمَةُ بِنْتُ المُحَدِّثِ عَبْد الرَّحْمَنِ بنِ نَسِيمٍ الدِّمَشْقيَّةُ، وَابْنُ مُحَارِبٍ القَيْسِيُّ، وَمَحَاسِنُ الجَوْبرِيُّ، وَيُوْنُسُ السَّقْبَانِيُّ.
94 - السَّخَاوِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ القُرَّاءِ وَالأُدَبَاءِ، عَلَمُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَطَّاسِ (1) الهَمْدَانِيُّ، المِصْرِيُّ، السَّخَاوِيُّ، الشَّافِعِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، أَوْ سَنَة تِسْع.
وَقَدِمَ الثَّغْرَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَمِنْ أَبِي الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَبِمِصْرَ مِنْ أَبِي الجُيُوْش عَسَاكِرَ بنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي القَاسِمِ البُوصِيْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسينَ، وَبِدِمَشْقَ مِنِ ابْنِ طَبَرْزَذَ،
__________
(1) معجم الأدباء لياقوت (دار المأمون) 15 / 65 - 66، وذكر فيه أنه كتب هذه الترجمة سنة 619 والسخاوي بدمشق كهل يحيا، إنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطي: 2 / 311 - 312 الترجمة 494، مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 758 - 759، عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (اسعد افندي 2326) ج 5 الورقة 10 ب، وفيات الأعيان 3 / 340 - 341 الترجمة 456، صلة التكملة للحسيني الورقة 32، تلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي ج 4 الترجمة 880، تاريخ ابي الفدا: 4 / 174 تاريخ الإسلام للذهبي (ايا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 33 - 35، العبر للذهبي: 5 / 178، دول الإسلام للذهبي: 2 / 112، معرفة القراء الكبار للذهبي 503، تلخيص أخبار النحويين واللغويين لابن مكتوم الورقة 154 - 155، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي، 8 / 297 - 298 الترجمة 1200، طبقات الشافعية للاسنوي 2 / 68 - 69 الترجمة 658، البداية والنهاية: 13 / 170، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 / 568 - 571، الترجمة 2318، النجوم الزاهرة: 6 / 354، بغية الوعاة للسيوطي: 2 / 192 - 194 الترجمة 1768، طبقات المفسرين للسيوطي: 25 - 26، حسن المحاضرة للسيوطي: 1 / 412 - 413 الترجمة 83، شذرات الذهب: 5 / 222.
(1) في صلة التكملة للحسيني: غطاس (بالغين المعجمة) .(23/122)
وَالكِنْدِيِّ، وَحَنْبَلٍ.
وَتَلاَ بِالسَّبْعِ عَلَى: الشَّاطِبِيِّ، وَأَبِي الجُوْدِ، وَالكِنْدِيِّ، وَالشِّهَابِ الغَزْنَوِيِّ.
وَأَقرَأَ النَّاسَ دَهْراً، وَمَا أَسندَ القِرَاءاتِ عَنِ الغَزْنَوِيِّ وَالكِنْدِيِّ، وَكَانَا أَعْلَى إِسْنَاداً مِنَ الآخَرِيْنَ، امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لأَنَّه تَلاَ عَلَيْهِمَا بِـ (المُبْهِج (1)) ، وَلَمْ يَكُنْ بِأَخرَةٍ يَرَى الإِقْرَاءَ بِهِ وَلاَ بِمَا زَادَ عَلَى السَّبْع، فَقِيْلَ: إِنَّهُ اجْتنبَ ذَلِكَ لِمَنَامٍ رَآهُ.
وَكَانَ إِمَاماً فِي العَرَبِيَّةِ، بَصِيْراً بِاللُّغَةِ، فَقِيْهاً، مُفْتِياً، عَالِماً بِالقِرَاءاتِ وَعِلَلِهَا، مُجَوِّداً لَهَا، بَارِعاً فِي التَّفْسِيْرِ.
صَنَّفَ وَأَقرَأَ وَأَفَاد، وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَبَعُدَ صِيتُه، وَتَكَاثَرَ عَلَيْهِ القُرَّاءُ.
تَلاَ عَلَيْهِ: شَمْسُ الدِّيْنِ أَبُو الفَتْحِ الأَنْصَارِيُّ، وَشِهَابُ الدِّيْنِ أَبُو شَامَةَ، وَرَشِيدُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي الدُّرِّ، وَزَيْنُ الدِّيْنِ الزوَاوِيُّ، وَتَقِيُّ الدِّيْنِ يَعْقُوْبُ الجَرَائِدِيُّ، وَالشَّيْخُ حسنٌ الصَّقَلِّيّ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ الفَاضِلِيُّ، وَرَضِي الدِّيْنِ جَعْفَر بن دَنُوقَا، وَشَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابْن الدِّمْيَاطِيّ، وَنظَامُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ التِّبْرِيْزِيُّ، وَالشِّهَابُ ابْن مزهرٍ، وَعِدَّةٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّيْنِ الفَارِقِيُّ، وَالجَمَالُ ابْنُ كَثِيْرٍ، وَالرَّشِيْدُ بنُ المُعَلِّمِ، وَمُحَمَّدُ بنُ قَايْمَازَ الدَّقِيْقِيُّ، وَالخَطِيْبُ شَرَفُ الدِّيْنِ الفَزَارِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ ابْنُ المُخَرِّمِيِّ، وَأَبُو عَلِيِّ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ النّصِيْرِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مَكْتُوْمٍ، وَالزَّيْنُ إِبْرَاهِيْمُ ابْنُ الشيرَازِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مَعَ سَعَةِ عُلُوْمِهِ وَفَضَائِلِهِ دَيِّناً، حَسنَ الأَخْلاَقِ، مُحبَّباً إِلَى النَّاسِ، وَافِرَ الحُرْمَةِ، مُطَّرحاً لِلتَّكَلُّفِ، لَيْسَ لَهُ شغلٌ إِلاَّ العِلْمُ وَنشرُهُ.
__________
(1) المبهج في القراآت السبعة لسبط الخياط.(23/123)
شَرَحَ (الشَّاطبيَةَ) فِي مُجَلَّدَيْنِ، وَ (الرَّائِيَةَ) فِي مُجَلَّدٍ، وَلَهُ كِتَابُ (جَمَالِ القُرَّاءِ) ، وَكِتَابُ (مُنِيْر الدّيَاجِي فِي الآدَابِ) ، وَبلغَ فِي التَّفْسِيْرِ إِلَى الكَهفِ، وَذَلِكَ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، وَشَرَحَ (المُفَصّلَ) فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، وَلَهُ النّظمُ وَالنَّثْرُ.
وَكَانَ يَترخّصُ فِي إِقْرَاءِ اثْنَيْنِ فَأَكْثَر كُلّ وَاحِدٍ فِي سُوْرَةٍ، وَفِي هَذَا خِلاَفُ السُّنَّةِ، لأَنَّنَا أُمرنَا بِالإِنصَاتِ إِلَى قَارِئٍ لِنَفْهَمَ وَنعقلَ وَنَتَدَبَّرَ.
وَقَدْ وَفَدَ علَى السُّلْطَان صَلاَحِ الدِّيْنِ بِظَاهِرِ عَكَّا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ زَمَنَ المحَاصرَةِ، فَامْتَدَحَهُ بِقَصيدَةٍ طَوِيْلَةٍ، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ امْتَدَحَ أَيْضاً الرَّشِيْدَ الفَارِقِيَّ، وَبَيْنَ المَمْدُوحَيْنِ فِي المَوْتِ أَزْيَدُ مِنْ مائَةِ عَامٍ.
قَالَ الإِمَامُ أَبُو شَامَةَ (1) : وَفِي ثَانِي عشرَ جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، تُوُفِّيَ شَيْخُنَا عَلَمُ الدِّيْنِ علاَمَةُ زَمَانِهِ وَشَيْخُ أَوَانِهِ بِمَنْزِلِهِ بِالتُّرْبَةِ الصَّالِحيَّةِ، وَكَانَ عَلَى جِنَازَتِهِ هَيبَةٌ وَجَلاَلَةٌ وَإِخبَاتٌ، وَمِنْهُ اسْتَفَدْتُ عُلُوْماً جَمَّةً كَالقِرَاءات، وَالتَّفْسِيْرِ، وَفُنُوْنِ العَرَبِيَّة.
قُلْتُ: كَانَ يُقْرِئُ بِالتُّرْبَةِ، وَلَهُ حَلْقَةٌ بِالجَامِعِ.
95 - ابْنُ الخَازِنِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ المُوَفَّقِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الصَّالِحُ، المُسْنِدُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ (2) ابنِ أَبِي البقَاءِ
__________
(1) ذيل الروضتين: 177.
(*) ذيل تاريخ مدينة السلام لابن الدبيثي 1 / 283 - 284 الترجمة 192، صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 38 - 39، تاريخ الإسلام للذهبي (ايا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 38، المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي للذهبي 1 / 52 - 53 الترجمة 102، العبر للذهبي: 5 / 179 وقد تصحف اسم ابيه فيه إلى (سعد) ، النجوم الزاهرة 6 / 355، شذرات الذهب: 5 / 226.
(2) في العبر: " سعد " وهو تصحيف.(23/124)
المُوَفَّق بنِ عَلِيِّ ابْن الخَازنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا زُرْعَةَ المَقْدِسِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ المُقَرَّبِ، وَشُهْدَةَ الكَاتِبَةَ، وَأَبَا العَلاَءِ بنَ عَقِيْلٍ، وَجَمَاعَةً.
وَهُوَ مِنْ رُوَاةِ (مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ) .
حَدَّثَ عَنْهُ: مَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَعِزُّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيُّ، وَعَلاَءُ الدِّيْنِ ابْنُ بَلْبَانَ، وَتَقِيُّ الدِّيْنِ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَابْنُ الزَّينِ، وَمُحيي الدِّيْنِ بنُ النَّحَّاسِ، وَابْنُ عَمِّهِ بَهَاءُ الدِّيْنِ أَيُّوْب، وَجَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ، وَتَاجُ الدِّيْنِ الغَرَّافِيُّ.
وَمِنَ القُدَمَاءِ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: بِيْبَرْسُ العَدِيْمِيُّ.
وَكَانَ شَيْخاً صَيِّناً، مُتَدَيِّناً، مُسَمَّتاً، مِنْ جِلَّةِ الصُّوْفِيَّةِ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: المُطَعِّمُ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَالبَهَاءُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَسِتُّ الفُقَهَاءِ بِنْتُ الوَاسِطِيِّ، وَهَديَّةُ بِنْتُ مُؤْمِنٍ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي السَّابِعِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِبَغْدَادَ.
96 - ابْنُ أَبِي الدَّمِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ الهَمْدَانِيُّ *
العَلاَّمَةُ، شِهَابُ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي الدَّمِ الهَمْدَانِيُّ، الحَمَوِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
__________
(*) كتب الدكتور محيي هلال السرحان دراسة موسعة عن ابن أبي الدم في الجزء الأول من رسالته التي قدمها إلى كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر لنيل شهادة الدكتوراه سنة 1982 بعنوان (أدب القضاء) لابن أبي الدم ونالت مرتبة الشرف الأولى، وهي الآن تحت الطبع ضمن سلسلة احياء التراث الإسلامي التي تصدرها وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في الجمهورية العراقية، وفي مفتتحها قائمة بالمصادر القديمة والحديثة التي ترجمت له.(23/125)
سَمِعَ: أَبَا أَحْمَدَ بنَ سُكَيْنَةَ.
وَحَدَّثَ بِمِصْرَ وَدِمَشْقَ وَحَمَاةَ بِـ (جُزءِ الغِطْرِيْفِ) ، حَدَّثَنَا عَنْهُ الشِّهَابُ الدَّشْتِيُّ، وَوَلِيَ القَضَاءَ بِحَمَاةَ، وَترسَّلَ عَنْ مَلِكِهَا، وَصَنَّفَ (أَدبَ القُضَاةِ) وَ (مُشْكِلَ الوَسِيْطِ) وَجَمَعَ (تَارِيخاً) ، وَأَلَّفَ فِي الفِرَقِ الإِسلاَمِيَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ، وَفَضَائِلُ وَشُهْرَةٌ.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ سِتُّوْنَ سَنَةً سِوَى أَشْهُرٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
97 - الضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ
ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مَنْصُوْرٍ، الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، المُحَقِّقُ، المُجَوِّدُ، الحُجَّةُ، بَقِيَّةُ السَّلَفِ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيُّ، المَقْدِسِيُّ، الجَمَّاعِيْلِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الصَّالِحيُّ، الحَنْبَلِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ وَالرِّحْلَةِ الوَاسِعَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، بِالدَّيْرِ المُبَارَكِ، بقَاسِيُوْنَ،
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة 177، صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 33، تذكرة الحفاظ 4 / 1405 - 1406 الترجمة 1129، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 39 - 41، دول الإسلام: 2 / 112 - 113، العبر للذهبي ايضا: 5 / 179، الوافي بالوفيات: 4 / 65 - 66، الترجمة 1515، فوات الوفيات لابن شاكر: 3 / 426 - 427، الترجمة 477، البداية والنهاية: 13 / 169 - 170، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: 2 / 236 - 240 الترجمة 345، النجوم الزاهرة: 6 / 354، شذرات الذهب: 5 / 224.
واعلم أن الذهبي لم يذكر هنا وفاته وقد قيدها في تاريخ الإسلام بأنها كانت يوم الاثنين الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة ثلاث واربعين وست مئة وهو الموافق لما ذكره الحسيني في صلة التكملة والصفدي في الوافي بالوفيات، وهو الصواب، وقد تصحفت (ثامن عشرين) إلى ثامن عشر في ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب، وقد وردت وفاته في العبر في السادس والعشرين من جمادى الآخرة، فليلاحظ ذلك.(23/126)
وَأَجَازَ لَهُ الحَافِظُ السِّلَفِيُّ، وَشُهْدَةُ الكَاتِبَةُ، وَعَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَبَعْدَهَا مِنْ: أَبِي المَعَالِي بنِ صَابرٍ، وَالخَضِرِ بنِ طَاوُوْسٍ، وَالفَضْلِ بنِ البَانْيَاسِيِّ، وَعُمَرَ بنِ حَمُّوَيْهِ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ بنِ المَوَازِيْنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ بنِ أَبِي الصَّقْرِ، وَابْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيٍّ الخِرَقِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الجَنْزَوِيِّ، وَبَرَكَاتٍ الخُشُوْعِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِدِمَشْقَ، وَأَبِي القَاسِمِ البُوْصِيْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسِيْنَ، وَعِدَّةٍ بِمِصْرَ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَالقَاسِمِ بنِ أَبِي المُطَهَّرِ الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَعَفِيفَةَ الفَارفَانِيَةِ، وَخَلَفِ بنِ أَحْمَدَ الفَرَّاءِ، وَأَسَعْدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ رَوْحٍ، وَزَاهِرِ بنِ أَحْمَدَ الثَّقَفِيِّ، وَالمُؤَيَّدِ بنِ الإِخْوَةِ، وَخَلْقٍ بِأَصْبَهَانَ، وَالمُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، وَزَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ، وَعِدَّةٍ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبِي رَوْحٍ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، وَطَائِفَةٍ بِهَرَاةَ، وَأَبِي المُظَفَّرِ ابْن السَّمْعَانِيِّ، وَجَمَاعَةٍ بِمَرْوَ، وَالافتِخَارِ الهَاشِمِيِّ بِحَلَبَ، وَعَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ، وَغَيْرِهِ بِحَرَّانَ، وَعَلِيِّ بنِ هَبَلٍ بِالمَوْصِلِ، وَبِهَمَذَانَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَبَقِيَ فِي الرِّحْلَةِ المَشْرِقيَةِ مُدَّةَ سِنِيْنَ.
نَعَمْ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنَ: المُبَارَكِ بنِ المَعْطُوْشِ، وَأَبِي الفَرَجِ ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَابْنِ أَبِي المَجْدِ الحَرْبِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ بنِ سُكَيْنَةَ، وَالحُسَيْنِ بنِ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَالحَسَنِ بنِ أُشْنَانَةَ الفَرْغَانِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِبَغْدَادَ، وَتَخرَّجَ بِالحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَكَتَبَ عَنْ أَقرَانِهِ، وَمَنْ هُوَ دُوْنَهُ كَخَطِيْبِ مَرْدَا، وَالزَّيْنِ بنِ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ الكَثِيْرَةَ وَجَرَّحَ وَعَدَّلَ، وَصَحَّحَ وَعَلَّلَ، وَقَيَّدَ وَأَهْمَلَ، مَعَ الدِّيَانَةِ وَالأَمَانَةِ وَالتَّقْوَى،(23/127)
وَالصِّيَانَةِ وَالوَرَعِ وَالتَّوَاضُعِ، وَالصِّدْقِ وَالإِخْلاَصِ وَصِحَةِ النَّقْلِ.
وَمِنْ تَصَانِيفِهِ المَشْهُوْرَةِ كِتَابُ (فَضَائِل الأَعْمَالِ) مُجَلَّدٌ، كِتَابُ (الأَحكَامِ) وَلَمْ يَتِمَّ فِي ثَلاَثِ مُجَلَّدَاتٍ، (الأَحَادِيْثُ المُخْتَارَةُ) وَعَمِلَ نِصْفَهَا فِي سِتِّ مُجَلَّدَاتٍ، (المُوَافقَاتُ) فِي نَحْوٍ مِنْ سِتِّيْنَ جُزْءاً، (مَنَاقِبُ المُحَدِّثِيْنَ) ثَلاَثَةُ أَجْزَاءٍ، (فَضَائِلُ الشَّامِ) جُزآنِ، (صِفَةُ الجَنَّةِ) ثَلاَثَةُ أَجْزَاءٍ، (صِفَةُ النَّارِ) جُزآنِ، (سِيْرَةُ المَقَادِسَةِ) مُجَلَّدٌ كَبِيْرٌ، (فَضَائِلُ القُرْآنِ) جُزءٌ، (ذِكْرُ الحَوْضِ) جزءٌ، (النَّهْي عَنْ سَبِّ الأَصْحَابِ) جُزءٌ، (سِيْرَةُ شَيْخَيْهِ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ وَالشَّيْخُ المُوَفَّقُ) أَرْبَعَةُ أَجزَاءٍ، (قِتَالُ التُّركِ) جُزءٌ، (فَضْلُ العِلْمِ) جزءٌ.
وَلَمْ يَزَلْ مُلاَزِماً لِلْعِلْمِ وَالرِّوَايَةِ وَالتَّأْلِيْفِ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَتَصَانِيْفُهُ نَافِعَةٌ مُهَذَّبَةٌ.
أَنشَأَ مَدْرَسَةً إِلَى جَانِبِ الجَامِعِ المُظَفَّرِيِّ، وَكَانَ يَبنِي فِيْهَا بِيَدِهِ وَيَتَقَنَّعُ بِاليَسِيرِ، وَيَجْتَهِدُ فِي فِعْلِ الخَيْرِ وَنَشْرِ السُّنَّةِ، وَفِيْهِ تَعَبُّدٌ وَانْجِمَاعٌ عَنِ النَّاسِ، وَكَانَ كَثِيْرَ البِرِّ وَالموَاسَاةِ، دَائِمَ التَّهَجُّدِ، أَمَّاراً بِالمَعْرُوفِ، بَهِيَّ المَنْظَرِ، مَلِيْحَ الشَيْبَةِ، مُحَبَّباً إِلَى المُوَافِقِ وَالمُخَالفِ، مُشْتَغِلاً بِنَفْسِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
قَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ فِيمَا قَرَأْتُ بِخَطِّهِ: سَأَلتُ زَكِيَّ الدِّيْنِ البِرْزَالِيَّ عَنْ شَيْخِنَا الضِّيَاءِ، فَقَالَ: حَافِظٌ ثِقَةٌ، جَبَلٌ دَيِّنٌ، خَيِّرٌ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ إِسْمَاعِيْلَ المُؤَدِّبِ: أَنَّهُ سَمِعَ الشَّيْخَ عِزَّ الدِّيْنِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ العِزِّ يَقُوْلُ: مَا جَاءَ بَعْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ مِثْلُ شَيْخِنَا الضِّيَاءِ، أَوْ كَمَا قَالَ.
وَقَالَ الحَافِظُ شَرَفُ الدِّيْنِ يُوْسُفُ بنُ بَدْرٍ: رَحِمَ اللهُ شَيْخَنَا ابْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ، كَانَ عَظِيْمَ الشَّأْنِ فِي الحِفْظِ وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ، هُوَ كَانَ المُشَارَ إِلَيْهِ(23/128)
فِي عِلْمِ صَحِيْحِ الحَدِيْثِ وَسَقِيْمِهِ، مَا رَأَتْ عَيْنِي مِثْلَهُ.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ: شَيْخُنَا الضِّيَاءُ شَيْخُ وَقتِهِ، وَنَسِيجُ وَحْدِهِ عِلْماً وَحِفْظاً وَثِقَةً وَدِيْناً، مِنَ العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَدلَّ عَلَيْهِ مِثْلِي.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْهُم: ابْنُ نُقْطَةٍ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَسَيْفُ الدِّيْنِ ابْنُ المجدِ، وَابْنُ الأَزْهَرِ الصَّرِيْفِيْنِيُّ، وَزَكِيُّ الدِّيْنِ البِرْزَالِيُّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَشَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ النَّابلسِيِّ، وَابْنَا أَخَوَيْهِ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ البُخَارِيِّ، وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الكَمَالِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ، وَالحَافِظُ أَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الظَّاهِرِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ حَازِمٍ، وَالعزُّ بنُ الفَرَّاءِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ ابْنُ المَوَازِيْنِيِّ، وَنَجْمُ الدِّيْنِ مُوْسَى الشَّقْرَاوِيُّ، وَالقَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ بنُ حَمْزَةَ، وَأَخوَاهُ مُحَمَّدٌ وَدَاوُدُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الخَبَّازِ، وَعُثْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحِمْصِيُّ، وَسَالِمُ بنُ أَبِي الهيجَاءِ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ خَطِيْبِ بَيْتِ الأَبَّارِ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّلِ، وَعَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ المُلَقِّنُ، وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ جَعْوَانَ، وَعِيْسَى بنُ مَعَالِي السِّمْسَارُ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ العَطَّارُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي الطَّاهِرِ المَقْدِسِيُّ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الرَّضِيِّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الحَافِظُ مُحِبُ الدِّيْنِ ابْنُ النَّجَّارِ فِي (تَارِيْخِهِ) : كَتَبَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بِخَطِّهِ، وَحَصَّلَ الأُصُوْلَ، وَسَمِعنَا مِنْهُ وَبِقِرَاءتِهِ كَثِيْراً، ثُمَّ إِنَّهُ سَافَرَ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَسَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَمِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ فَاطِمَةَ الجُوْزْدَانِيَّةَ.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَقَامَ بِهَرَاةَ وَمَرْوَ مُدَّةً، وَكَتَبَ الكُتُبَ الكِبَارَ بِخَطِّهِ، وَحَصَّلَ النُّسَخَ بِبَعْضِهَا بِهِمَّةٍ عَالِيَةٍ، وَجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ، وَتَحْقِيْقٍ وَإِتْقَانٍ، كَتَبْتُ عَنْهُ بِبَغْدَادَ وَنَيْسَابُوْرَ وَدِمَشْقَ، وَهُوَ حَافِظٌ مُتْقِنٌ ثَبْتٌ صَدُوْقٌ نبيلٌ حجَّةٌ، عَالِمٌ(23/129)
بِالحَدِيْثِ وَأَحْوَالِ الرِّجَالِ، لَهُ مَجموعَاتٌ وَتَخرِيجَاتٌ، وَهوَ وَرِعٌ تَقِيٌ زَاهِدٌ عَابِدٌ مُحتَاطٌ فِي أَكلِ الحَلاَلِ، مُجَاهِدٌ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَلَعَمرِي مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ فِي نَزَاهَتِهِ وَعِفَّتِهِ وَحُسْنِ طَرِيْقَتِهِ فِي طَلَبِ العِلْمِ.
ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الصَّيْدَلاَنِيُّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ -يَعْنِي حُضُوْراً- أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا ابْنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَجُحِشَ شَقُّهُ أَوْ فَخذُهُ، وَآلَى مِنْ نسَائِهِ شَهْراً، فَجَلَسَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ دَرَجُهَا مِنْ جُذُوْعٍ، فَأَتَاهُ أَصْحَابهُ يَعُوْدُوْنَهُ، فَصَلَّى بِهِم جَالِساً وَهُم قِيَامٌ، فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ: (إِنَّمَا جُعَلَ الإِمَامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى قَائِماً فَصَلُّوا قيَاماً، وَإِن صَلَّى قَاعِداً فَصلُّوا قُعُوْدَا، وَنَزَلَ التِّسْعَ وَعِشْرِيْنَ.
قَالُوا: يَا رَسُوْلَ اللهِ، إِنَّكَ آليْتَ شَهْراً.
قَالَ: إِنَّ الشَهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُوْنَ (1) .
أَخْبَرَنِي بِهَذَا القَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ بنُ حَمْزَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَيْخنَا الحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ، فَذَكَرَهُ.
__________
(1) قال شعيب: أخرجه البخاري (378) في الصلاة: باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب من طريق محمد بن عبد الرحيم، عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد، وأخرجه من طرق عن حميد بن البخاري (1911) و (5201) و (5289) و (6684) والنسائي 6 / 66) ، والترمذي (690) وأخرجه من طرق عن ابن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك 1 / 135 والبخاري (689) و (732) و (733) و (805) و (1114) ، ومسلم (411) في الصلاة: باب أئتمام المأموم بالامام، والشافعي في الرسالة (696) .(23/130)
98 - ابْنُ النَّجَّارِ مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ حَسَنٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، مُحَدِّثُ العِرَاقِ، مُؤرِّخُ العَصرِ، مُحِبُّ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ حَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ مَحَاسِنَ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ النَّجَّارِ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَوَّلُ سَمَاعِهِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَهُوَ قَلِيْلٌ، وَأَوَّلُ دُخُوْلِهِ فِي الطَّلَبِ وَهُوَ حَدَثٌ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ؛ فَسَمِعَ مِنْ أَبِي الفَرَجِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَيَحْيَى بنِ بَوْشٍ، وَذَاكِرِ بنِ كَامِلٍ، وَالمُبَارَكِ بنِ المَعْطُوشِ، وَأَبِي الفَرَجِ ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَأَصْحَابِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَقَاضِي المَرَسْتَانِ، ثُمَّ أَصْحَابِ ابْنِ نَاصِرٍ، وَأَبِي الوَقْتِ، ثُمَّ يَنْزِلُ إِلَى أَصْحَابِ ابْنِ البَطِّيِّ، وَشُهْدَةَ.
وَتَلاَ بِالعَشْرَةِ وَغَيْرهَا عَلَى: أَبِي أَحْمَدَ عَبْدِ الوَهَّابِ ابْنِ سُكَيْنَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَارْتَحَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَسَمِعَ بِهَا مِنْ عَينِ الشَّمْسِ الثَّقَفِيَّةِ، وَالمَوْجُوْدين، وَإِلَى هَرَاةَ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي رَوْحٍ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، وَإِلَى
__________
(*) معجم الأدباء لياقوت (دار المأمون) 19 / 49 - 51 الترجمة 13، عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (اسعد افندي 2327) ج 6 الورقة 217 ب صلة التكملة للحسيني الورقة 35، الحوادث الجامعة المنسوب لابن الفوطي 205 الترجمة 707، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 42 - 43، تذكرة الحفاظ 4 / 1428 - 1429، الترجمة 1140، العبر للذهبي: 5 / 180، دول الإسلام للذهبي: 2 / 113، المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي للحافظ الذهبي: 1 / 137 الترجمة 268، الوافي بالوفيات 5 / 9 - 11 الترجمة 1963، فوات الوفيات، 4 / 36 - 37 الترجمة 494، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 98 - 99، الترجمة 1093، طبقات الشافعية للاسنوي: 2 / 502 - 503 الترجمة 1199، البداية والنهاية 13 / 169، العسجد المسبوك 539 - 540، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (نسخة باريس 2102) الورقة 69 النجوم الزاهرة 6 / 355 وفيها تصحف لقبه محب الدين إلى مجد الدين، معجم الشافعية لابن عبد الهادي الورقة 58، طبقات الحفاظ للسيوطي: 499 الترجمة 1108، شذرات الذهب: 5 / 226.(23/131)
نَيْسَابُوْر؛ فَسَمِعَ مِنَ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيّ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ الشَّعْرِيِّ، وَبِمِصْرَ مِنَ الحَافِظِ عَلِيّ بن المُفَضَّلِ، وَخَلْقٍ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، وَابْنِ الحَرَسْتَانِيِّ.
قَالَ فِي أَوَّلِ (تَارِيْخِهِ (1)) : كُنْتُ وَأَنَا صَبِيٌّ عزمتُ عَلَى تَذيِيلِ (الذَّيلِ) لابْنِ السَّمْعَانِيّ، فَجمعتُ فِي ذَلِكَ مسودَةً، وَرحلتُ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، فَدَخَلتُ الحِجَازَ وَالشَّامَ وَمِصْرَ وَالثَّغْرَ وَبلاَدَ الجَزِيْرَةِ وَالعِرَاقَ وَالجِبَالَ وَخُرَاسَانَ، وَقَرَأْتُ الكُتُبَ المطوّلاَتِ، وَرَأَيْتُ الحُفَّاظَ، وَكُنْتُ كَثِيْرَ التَّتَبُّعِ لأَخْبَارِ فُضَلاَءِ بَغْدَادَ وَمَنْ دَخَلَهَا.
قُلْتُ: سَادَ فِي هَذَا العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ ابْنُ الصَّابُوْنِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ الفَارُوْثِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّرِيْشِيّ، وَالغَرَّافِيّ، وَابْنُ بَلْبَانَ النَّاصِرِيُّ، وَالفَتْحُ مُحَمَّدٌ القَزَّازُ، وَآخَرُوْنَ.
وَبِالإِجَازَةِ جَمَاعَةٌ.
وَاشتهَرَ، وَكَتَبَ عَمَّنْ دَبَّ وَدَرَجَ مِنْ عَالٍ وَنَازلٍ، وَمَرْفُوْعٍ وَأَثرٍ، وَنَظْمٍ وَنثْرٍ، وَبَرَعَ وَتَقَدَّمَ، وَصَارَ المُشَارَ إِلَيْهِ بِبَلَدِهِ، وَرَحَلَ ثَانِياً إِلَى أَصْبَهَانَ فِي حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ، وَحَجَّ وَجَاوَرَ، وَعَمِلَ (تَارِيْخاً) حَافلاً لِبَغْدَادَ ذَيَّل بِهِ وَاسْتدركَ عَلَى الخَطِيْبِ، وَهُوَ فِي مائَتَيْ جُزءٍ، يُنْبِئ بِحِفظِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَكَانَ مَعَ حِفْظِهِ فِيْهِ دِيْنٌ وَصِيَانَةٌ وَنُسُكٌ.
__________
(1) هو " التاريخ المجدد لمدينة السلام وأخبار فضلائها الاعلام ومن وردها من علماء الانام " الذي ذيل به على الخطيب، وضاع أكثره، ولم يصل الينا غير مجلدتين فيهما قسم من حرف العين وبعض الفاء، وهما العاشر والحادي عشر، من نسخة نقدر انها من خمسة عشر مجلدا، والعاشر في الظاهرية، والحادي عشر في باريس، وبوشر بطبعه في الهند طبعة رديئة!(23/132)
قَالَ ابْنُ السَّاعِيِّ: اشتَمَلَتْ مَشْيَخَتُهُ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ (1) شَيْخٍ وَأَرْبَع مائَةِ امْرَأَةٍ.
عَرَضُوا عَلَيْهِ السَّكْنَى فِي رِبَاطِ شَيْخِ الشُّيُوْخِ فَأَبَى، وَقَالَ: مَعِي ثَلاَثُ مائَةِ دِيْنَارٍ فَلاَ يَحلّ لِي أَنْ أَرتفقَ مِنْ وَقْفٍ، فَلَمَّا فُتِحت المُسْتَنْصِرِيَّةُ، كَانَ قَدِ افْتقر فَجُعِلَ مُشغلاً (2) بِهَا فِي علم الحَدِيْث.
أَلَّفَ كِتَابَ (القَمَرِ المُنِيْرِ فِي المُسْنَدِ الكَبِيْرِ) ، فَذَكَر كُلّ صَحَابِيٍّ وَمَا لَهُ مِنَ الحَدِيْثِ، وَكِتَابَ (كَنْزِ الإِمَام فِي السُّنَن وَالأَحكَام) ، وَكِتَابَ (المُؤتلفِ وَالمُخْتَلِف) ذَيَّل بِهِ عَلَى الأَمِيْرِ ابْن مَاكُوْلاَ، وَكِتَابَ (الْمُتَّفق وَالمفترق) ، وَكِتَابَ (انتسَاب (3) المُحَدِّثِيْنَ إِلَى الآبَاء وَالبُلْدَان) ، وَكِتَابَ عَوَالِيهِ، وَكِتَابَ (جَنَّةِ النَّاظرِيْنَ فِي مَعْرِفَةِ التَّابِعِيْنَ) ، وَكِتَابَ (العَقدِ الفَائِقِ) ، وَكِتَابَ (الكَمَالِ فِي الرِّجَالِ) .
وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ (ذَيلَ التَّارِيْخِ) ، وَلَهُ كِتَابُ (الدُّرَرِ الثَّمِينَةِ فِي أَخْبَارِ المَدِيْنَةِ) ، وَكِتَابُ (رَوْضَةِ الأَوْلِيَاءِ فِي مَسْجِدِ إِيليَاءَ) ، وَكِتَابُ (نُزهَةِ القِرَى فِي ذكر أُمِّ القُرَى) ، وَكِتَابُ (الأَزهَارِ فِي أَنْوَاع الأَشعَار) ، وَكِتَابُ (عُيونِ الفَوَائِدِ) سِتَّةُ أَسفَارٍ، وَكِتَابُ (مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ) ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَأَوْصَى إِلَيَّ، وَوَقَفَ كُتُبَهُ بِالنِّظَامِيَةِ، فَنفذ إِلَيَّ الشَّرَابِيُّ (4) مائَةَ دِيْنَارٍ لِتجهِيزِ جِنَازَتِهِ.
وَرثَاهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ، وَكَانَ مِنْ مَحَاسِنِ الدُّنْيَا.
تُوُفِّيَ: فِي خَامِسِ شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ فِي تَرْجَمَة ابْنِ دِحْيَةَ: لَمَّا دَخَلتُ مِصْرَ طَلَبَنِي
__________
(1) في الأصل: ثلاثة ألف، ومما اثبتناه في " تاريخ الإسلام " نقلا عن ابن الساعي، والنسخة بخطه.
(2) الاشغال: الرواية، والاشتغال: طلب العلم.
(3) في " تاريخ الإسلام " نقلا عن ابن الساعي: نسب.
(4) هو إقبال الشرابي القائد العسكري المشهور وصاحب المدارس الشرابية، ولاستاذنا العلامة الدكتور معروف - رحمه الله - كتاب في حياته، وآخر في مدارسه، مطبوعان مشهوران.(23/133)
السُّلْطَانُ -يَعْنِي الكَامِلَ- فَحَضَرتُ عِنْدَهُ، وَكَانَ يَسْأَلنِي عَنْ أَشيَاء مِنَ الحَدِيْثِ وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَأَمرنِي بِمُلاَزِمَةِ القَلْعَةِ، فَكُنْت أَحضرُ فِيْهَا كُلَّ يَوْمٍ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا حَبِيْبُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَيُّوْبَ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَلِيِّ بنِ الحَكَمِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَتَمَ عِلْماً عَلِمَه، أَلْجَمَهُ اللهُ -تَعَالَى- بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ (1)) .
وَأَخْبَرْنَاهُ عَالِياً أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ.
وَفِي (تَارِيخِ ابْن النَّجَّارِ) أَنَّ وَالِدَهُ مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ مُقَدَّمَ النّجَارِيْنَ بِدَارِ الخِلاَفَةِ، وَكَانَ مِنَ العوَامِّ.
99 - أَبُو الرَّبِيْعِ بنُ سَالِمٍ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى بنِ سَالِمٍ الحِمْيَرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الأَدِيْبُ البَلِيْغُ، شَيْخُ الحَدِيْثِ وَالبَلاغَةِ
__________
(1) قال شعيب: هو حديث صحيح، أخرجه من طريق أبي هريرة أحمد 2 / 263 و305 و344 و353 و495، وأبو داود (3658) والترمذي (2649) ، والطبراني في " الصغير " 1 / 61 و114 و162، والخطيب 2 / 268، وحسنه الترمذي بلفظ " من سئل عن علم فكتمه ألجمه بلجام من نار يوم القيامة "، وصححه ابن حبان (95) بلفظ " من كتم علما يلجم بلجام من نار يوم القيامة " ورواه ابن ماجة (261) ولفظه " ما من رجل يحفظ علما فيكتمه إلا أتي به يوم القيامة ملجما بلجام من نار "، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو عند الخطيب 5 / 39، وصححه ابن حبان (96) ، والحاكم 1 / 102، ووافق الأخير الذهبي.
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 2770، التكملة لكتاب الصلة =(23/134)
بِالأَنْدَلُسِ، أَبُو الرَّبِيْعِ سُلَيْمَانُ بنُ مُوْسَى بنِ سَالِمِ بن حَسَّانٍ الحِمْيَرِيُّ، الكَلاَعِيُّ، البَلَنْسِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
ذكرَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنً الأَبَّارِ فِي (تَارِيْخِهِ (1)) فَقَالَ:
سَمِعَ بِبَلَنْسِيَةَ مِنْ أَبِي العَطَاءِ بنِ نَذيْرٍ، وَأَبِي الحَجَّاجِ بنِ أَيُّوْبَ، وَارْتَحَلَ فَسَمِعَ: أَبَا بَكْرِ بنَ الجَدِّ، وَأَبَا القَاسِمِ بنَ حُبَيْش، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ بُوْنُهْ، وَأَبَا الوَلِيْدِ بنَ رُشْدٍ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ الفَرَسِ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنِ عَرُوسٍ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ جَهورٍ، وَأَبَا الحَسَنِ نَجبَة بن يَحْيَى، وَخَلْقاً (2) سِوَاهُم.
وَأَجَاز لَهُ أَبُو العَبَّاسِ بنُ مضَاء، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الحَقِّ الأَزْدِيُّ مُؤلِّفُ (الأَحكَامِ) ، وَعُنِي كُلَّ العِنَايَةِ بِالتَّقْيِيدِ وَالرِّوَايَةِ.
قَالَ (3) : وَكَانَ إِمَاماً فِي صِنَاعَةِ الحَدِيْثِ، بَصِيْراً بِهِ، حَافِظاً حَافِلاً،
__________
= لابن الابار (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 109 - 110، ومنها استفاد الذهبي معظم الترجمة، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي: 4 / 83 - 95 الترجمة 203، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3012) ج 19 الورقة 148، تذكرة الحفاظ للذهبي: 4 / 1417 - 1420 الترجمة 1135، العبر للذهبي: 5 / 137 - 138، الوافي بالوفيات للصفدي 15 / 432 - 436، الترجمة 585، فوات الوفيات: 2 / 80 الترجمة 182، نثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة 79 - 80، المرقبة العليا في من يستحق القضاء والفتيا: 119، الديباج المذهب 1 / 385 - 388، الترجمة 8، النجوم الزاهرة: 6 / 298، صفة جزيرة العرب للحميري: 32، شذرات الذهب: 5 / 164، شجرة النور الزكية: 1 / 180 الترجمة 588، الرسالة المستطرفة: 198.
(1) التكملة لكتاب الصلة (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 109.
(2) في الأصل " وخلق "، وهو سبق قلم.
(3) اي قال ابن الابار، التكملة لكتاب الصلة ج 3 الورقة 109.(23/135)
عَارِفاً بِالجَرْحِ وَالتَّعديلِ، ذَاكراً لِلمَوَاليدِ وَالوَفِيَّاتِ، يَتقدّمُ أَهْلَ زَمَانِهِ فِي ذَلِكَ، وَفِي حِفْظِ أَسْمَاءِ الرِّجَالِ، خُصُوْصاً مَنْ تَأَخَّرَ زَمَانُهُ وَعَاصَرَهُ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَكَانَ خطُّه لاَ نَظِيْرَ لَهُ فِي الإِتْقَانِ وَالضَّبْطِ، مَعَ الاسْتِبحَارِ فِي الأَدبِ وَالاشتهَارِ بِالبَلاغَةِ، فَرداً فِي إِنشَاءِ الرَّسَائِلِ، مُجِيْداً فِي النَّظْم، خَطِيْباً فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً مُدْرِكاً، حَسنَ السَّرْدِ وَالمَسَاقِ لِمَا يَقولُهُ، مَعَ الشَّارَةِ الأَنِيقَةِ، وَالزِّيِّ الحَسَنِ، وَهُوَ كَانَ المُتَكَلِّمَ عَنِ المُلُوْكِ فِي المَجَالِسِ، وَالمُبينَ عَنْهُم لَمَا يُرِيْدُوْنَهُ عَلَى المِنْبَرِ فِي المَحَافلِ.
وَلِيَ خَطَابَةَ بَلَنْسِيَةَ فِي أَوقَاتٍ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ مُفِيْدَةٌ فِي فُنُوْنٍ عَدِيْدَةٍ؛ أَلَّفَ كِتَابَ (الاكتفَا فِي مَغَازِي المُصْطَفَى وَالثَّلاَثَةِ الخُلفَا) وَهُوَ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، وَلَهُ كِتَابٌ حَافلٌ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِيْنَ لَمْ يُكْمِلْهُ، وَكِتَابُ (مِصْبَاحِ الظُّلَمِ) يُشبِهُ كِتَابَ (الشِّهَابِ) ، وَكِتَابُ (أَخْبَارِ البُخَارِيِّ) ، وَكِتَابُ (الأَرْبَعِيْنَ) ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَإِلَيه كَانَتِ الرِّحلَةُ لِلأَخْذِ عَنْهُ.
إِلَى أَنْ قَالَ (1) : انتفعتُ بِهِ فِي الحَدِيْثِ كُلَّ الانتفَاعِ، وَأَخَذتُ عَنْهُ كَثِيْراً.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الأَبَّار، وَالقَاضِي أَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الغمَازِ (2) ، وَطَائِفَةٌ مِنَ المَشَايِخِ لاَ أَعْرِفُهُم.
وَرَأَيْتُ لَهُ إِجَازَةً كَتَبَهَا الكَمَالُ بنُ شَاذِي الفَاضِلِيُّ وَطَوَّلَهَا، وَذَكَرَ شُيُوْخَهُ وَمَا رَوَى عَنْهُم، مِنْهُم: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مغَاور، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ بنِ سُكَّرَةَ، وَأَجَازَ لَهُ مِنَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَبُو الطَّاهِرِ بنُ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الحَضْرَمِيِّ.
__________
(1) أي ابن الابار الورقة 109.
(2) ابن الغماز هذا هو قاضي تونس، وقد روي عنه عدة دواوين.(23/136)
قَالَ: وَمِنْ تَصَانِيْفِي كِتَابُِ (الاكتِفَا فِي مَغَازِي رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالثَّلاَثَة الخُلفَا) ، وَكِتَابُ (الصَّحَابَةِ) إِذَا كمل يَكُوْن ضعفَ كِتَابِ ابْنِ عَبْدِ البَرِّ، وَكِتَابُ (المِصْبَاح) عَلَى نَحْوِ (الشِّهَابِ) ، وَ (سِيْرَةُ البُخَارِيِّ) أَرْبَعَةُ أَجزَاءٍ، وَ (حِليَة الأَمَالِي فِي المُوَافِقَات العَوَالِي) أَرْبَعَةُ أَجزَاءٍ، وَ (الأَبْدَال) أَرْبَعَة أَجزَاء، وَ (مَشْيَخَة) خَرَّجهَا لِشَيخهِ ابْنِ حُبَيْشٍ ثَلاَثَة أَجزَاء، وَ (المُسَلْسَلاَت) جُزء، وَعِدَّةُ تَوَالِيْف صِغَارٍ، وَ (الخطبُ) لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِيْنَ خُطبَةً.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ مَسْدِي: لَمْ أَلقَ مِثْلَه جَلاَلَةً وَنُبْلاً، وَرِيَاسَةً وَفَضْلاً، كَانَ إِمَاماً مُبرِّزاً فِي فُنُوْنٍ مِنْ مَنْقُوْلٍ وَمَعْقُوْلٍ وَمَنْثُوْرٍ وَمَوزونٍ، جَامِعاً لِلْفَضَائِل، بَرعَ فِي عُلُوْمِ القُرْآنِ وَالتَّجوِيدِ.
وَأَمَّا الأَدبُ فَكَانَ ابْنُ بَجْدَتِهِ، وَأَبَا نَجْدَتِهِ، وَهُوَ خِتَامُ الحُفَّاظِ، نُدِبَ لِدِيْوَانِ الإِنشَاءِ فَاسْتعفَى.
أَخَذَ القِرَاءاتِ عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ هُذَيْلٍ، وَارْتَحَلَ، وَاختصَّ بِالحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ بنِ حُبَيْشٍ بِمُرْسِيَةَ، أَكْثَرتُ عَنْهُ.
وَقَالَ الكَلاَعِيُّ فِي إِجَازتِه لِلْقَاضِي الأَشْرَفِ وَآله: قَرَأْتُ جَمِيْعَ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) عَلَى ابْنِ حُبَيْشٍ بِسَمَاعه مَنْ يُوْنُس بن مُغِيْث سَنَة 503، قَالَ: سَمِعتُه فِي سَنَةِ 465 بقِرَاءة الغَسَّانِيِّ عَلَى أَبِي عُمَرَ ابْنِ الحَذَّاء، حَدَّثَنَا بِهِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ الجُهَنِيّ البَزَّازُ الثِّقَةُ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ السَّكن بِمِصْرَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنِ الفَرَبْرِيّ عَنْهُ.
وَقَرَأْتُ (مصَنّف النَّسَائِيّ) عَلَى ابْنِ حُبَيْشٍ، وَسَمِعَهُ مِنِ ابْنِ مُغِيْثٍ، قَالَ: قَرَأْتُه عَلَى مَوْلَى الطّلاعِ، قَالَ: سَمِعتُه عَلَى يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَرَأْتُهُ عَلَى ابْنِ الأَحْمَرِ عَنْهُ (1) .
__________
(1) يعني: " سنن النسائي الكبرى ". برواية ابن الاحمر، وقد عثر عليها، وهي تطبع الآن.(23/137)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الأَبَّارِ (1) : كَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- أَبَداً يُحَدِّثنَا أَنَّ السَّبْعِيْنَ منتهَى عُمُرِهِ لِرُؤْيَا رَآهَا، وَهُوَ آخِرُ الحُفَّاظِ وَالبُلغَاءِ بِالأَنْدَلُسِ، اسْتُشْهِدَ فِي كَائِنَةٍ أنيشَةَ، عَلَى ثَلاَث فَرَاسِخَ مِنْ مُرْسِيَةَ، مُقْبِلاً غَيْر مُدْبر، فِي العِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (2) .
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ المُنْذِرِيّ (3) : تُوُفِّيَ شهيداً بِيَدِ العَدُوّ.
قَالَ: وَكَانَ مَوْلِدُهُ بِظَاهِرِ مُرْسِيَةَ، فِي مُسْتهلِّ رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، وَسَمِعَ بِبَلَنْسِيَةَ وَمُرْسِيَةَ وَشَاطِبَةَ وَإِشْبِيْلِيَةَ وَغَرْنَاطَةَ وَمَالَقَةَ وَدَانِيَةَ وَسَبْتَةَ، وَجَمَعَ مَجَامِيْعَ تَدُلُّ عَلَى غَزَارَةِ علمِهِ، وَكَثْرَةِ حِفْظِهِ، وَمَعْرِفَتِهِ بِهَذَا الشَّأْنِ، كَتَبَ إِلَيَّ بِالإِجَازَةِ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشَرَ وَسِتِّ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ جَابِرٍ القَيْسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَاكِمُ بتُونسَ (4) ، أَخْبَرَنَا العَلاَّمَة أَبُو الرَّبِيْعِ بن سَالِمٍ الكَلاَعِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَجْرِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ زُغَيْبَة (5) ، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ العُذْرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الرَّازِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ الحجَّاجِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَفلحُ بنُ حُمَيْدٍ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ
__________
(1) الورقة 110.
(2) هكذا كان علماء الأمة، والمحدثون خاصة، أول المدافعين عن بلاد الإسلام وحفظ بيضته من كل عدو مخذول، ومشوه للاسلام.
(3) التكملة لوفيات النقلة ج 3 ص 461 من طبعة مؤسسة الرسالة.
(4) هذا هو ابن الغماز، القاضي أبو العباس.
(5) قيده المؤلف في " المشتبه " (320) ، قال: " وبزاي وغين: محمد بن عبد العزيز الكلابي الزغيني الفقيه، مؤلف احكام القضاة، أخذ عنه الاشيري وضبطه ".(23/138)
عَائِشَةَ، قَالَتْ:
طَيّبتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِي لِحَرَمهِ حِيْنَ أَحْرَمَ، وَلِحِلِّهِ حِيْنَ أَحلَّ، قَبْلَ أَنْ يَطُوْفَ بِالبَيْتِ (1) .
أَخْبَرْنَاهُ عَالِياً أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ كِنْدِيّ، عَنِ المُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ (2) ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ عَمْرويه، فَذَكَره.
مَاتَ مَعَ ابْنِ سَالِمٍ فِي العَامِ: المُحَدِّثُ العَالِمُ الملكُ المحسنُ أَحْمَدُ بنُ السُّلْطَانِ صَلاَحِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ وَلَهُ سَبْعٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً، وَالشَّيْخُ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ غَانِمٍ العَلْثيُّ زَاهِدُ بَغْدَادَ، وَمُحَدِّثُ مِصْرَ المُفِيْدُ وَجِيْهُ الدِّيْنِ بَرَكَاتُ بنُ ظَافرِ بنِ عَسَاكِرَ، وَالفَقِيْهُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ حَمْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ صُدَيْقٍ الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ الجَوْسَقِيُّ، وَالمُعَمَّرُ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ السَّفَّارُ، وَالإِمَامُ النَّاصِحُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَجْم ابْن الحَنْبَلِيِّ، وَمُفْتِي حَرَّانَ النَّاصحُ عَبْدُ القَادِرِ بنُ عَبْدِ القَاهِرِ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ، وَالمُفْتِي شَرَفُ الدِّيْنِ عَبْدُ القَادِرِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ ابْن البَغْدَادِيُّ المِصْرِيُّ، وَخَطِيْبُ بَلَنْسِيَةَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَيْرَةَ المُقْرِئُ، وَالمُسْنِدُ أَبُو نِزَارٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَبِي نِزَارٍ البَغْدَادِيُّ الجَمَالُ، وَالمُسْنِدُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بن كُبَّةَ بِبَغْدَادَ، وَالحَافِظُ المُؤَرِّخُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ
__________
(1) قال شعيب: هو في صحخيح مسلم (1189) (33) في الحج: باب الطيب للمحرم عند الاحرام، وأخرجه مالك 1 / 328، والبخاري (1539) و (1754) و (5922) وأبو داود (1754) والترمذي (917) والنسائي 5 / 136، والدارمي 2 / 33، وأحمد 6 / 39 و98 و181 و186، والبغوي (1863) ، والبيهقي 5 / 34 و136، وابن ماجة (2926) والطيالسي (1418) و (1431) وابن الجارود (414) والطحاوي في شرح معاني الآثار 2 / 130.
(2) فراغ في الأصل، عرفناه من " تذكرة الحفاظ ".(23/139)
ابْن أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ القَطِيْعِيُّ، وَالمُسْنِدُ المُحَدِّثُ أَبُو الحَسَنِ مُرْتَضَى بنُ حَاتِمٍ الحَارِثِيُّ المِصْرِيُّ، وَالمُسْنِدُ أَبُو بَكْرٍ هِبَةُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ حَسَنِ بنِ كَمَالٍ الحلاّجُ، وَالمُعَمَّرَةُ يَاسَمِينُ بِنْتُ سَالِمِ بنِ عَلِيٍّ ابْنِ البَيْطَارِ.
100 - ابْنُ الصَّلاَحِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ الكُرْدِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، تَقِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ ابْنُ المُفْتِي صَلاَحِ الدِّيْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بنِ عُثْمَانَ بنِ مُوْسَى الكُرْدِيُّ، الشَّهْرُزُوْرِيُّ، المَوْصِلِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ (عُلُوْمِ الحَدِيْثِ) .
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى وَالِدهِ بِشَهْرَزُوْرَ، ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالمَوْصِلِ مُدَّةً، وَسَمِعَ مِنْ: عُبَيْدِ اللهِ ابْنِ السَّمِينِ، وَنَصْرِ بن سَلاَمَةَ الهِيْتِيِّ، وَمَحْمُوْدِ بنِ عَلِيٍّ المَوْصِلِيِّ، وَأَبِي المُظَفَّرِ بنِ البَرْنِيِّ، وَعَبْدِ المُحْسِنِ ابْنِ الطُّوْسِيِّ، وَعِدَّةٍ بِالمَوْصِلِ.
وَمِنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ سُكَيْنَةَ، وَأَبِي حَفْصِ بنِ طَبَرْزَذَ، وَطَبَقَتِهِمَا بِبَغْدَادَ، وَمِنْ أَبِي الفَضْلِ بنِ المُعَزّمِ بِهَمَذَانَ.
وَمِنْ: أَبِي الفَتْحِ مَنْصُوْرِ بنِ
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 757 - 758، ذيل الروضتين لأبي شامة: 175، وفيات الأعيان: 2 / 243 - 245 الترجمة 411، صلة التكملة للحسيني الورقة: 27، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 31 - 32، تذكرة الحفاظ للذهبي 4 / 1430 - 1433، الترجمة 1141، دول الإسلام: 2 / 112، العبر: 5 / 177 - 178، طبقات السبكي: 8 / 326 - 336 الترجمة 1229، طبقات الاسنوي: 2 / 133 - 134 الترجمة 730، البداية والنهاية 13 / 168 - 169، تاريخ علماء بغداد المسمى منتخب المختار لابن رافع: 130 - 133، النجوم الزاهرة: 6 / 354، طبقات الحفاظ للسيوطي: 499 - 500 الترجمة 1109، الانس الجليل بتاريخ القدس والخليل للعليمي (ط: النجف) 2 / 104، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 377 - 378، الترجمة 327، شذرات الذهب: 5 / 221 ومصادر أخرى ذكرها الدكتور محيي هلال السرحان في مقدمة تحقيقه لكتاب " أدب المفتي والمستفتي " لابن الصلاح.(23/140)
عَبْدِ المُنْعِمِ ابْنِ الفُرَاوِيِّ، وَالمُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الطُّوْسِيِّ، وَزَيْنَب بِنْتِ أَبِي القَاسِمِ الشَّعْرِيَّةِ، وَالقَاسِمِ بن أَبِي سَعْدٍ الصَّفَّارِ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الصَّرَّامِ، وَأَبِي المَعَالِي بنِ نَاصِرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي النَّجِيْبِ إِسْمَاعِيْلَ القَارِئ، وَطَائِفَةٍ بِنَيْسَابُوْرَ.
وَمِنْ أَبِي المُظَفَّرِ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ بِمَرْوَ، وَمِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ ابنِ الأُسْتَاذِ وَغَيْرهِ بِحَلَبَ.
وَمِنَ الإِمَامَيْنِ فَخْرِ الدِّيْنِ ابْنِ عَسَاكِرَ وَمُوفَّقِ الدِّيْنِ ابْنِ قُدَامَةَ، وَعِدَّةٍ بِدِمَشْقَ، وَمِنَ الحَافِظِ عَبْدِ القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ بِحَرَّانَ.
نَعَمْ، وَبِدِمَشْقَ أَيْضاً مِنَ: القَاضِي أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَرَسْتَانِيِّ، ثُمَّ دَرّسَ بِالمَدْرَسَةِ الصَّلاَحيَةِ بِبَيْتِ المَقْدِسِ مُديدَةً، فَلَمَّا أَمَرَ المُعَظَّمُ بِهدمِ سُورِ المَدِيْنَةِ، نَزحَ إِلَى دِمَشْقَ، فَدَرَّسَ بِالروَاحيَةِ مُدَّةً عِنْدَمَا أَنشَأَهَا الوَاقفُ، فَلَمَّا أُنشِئْتِ الدَّارُ الأَشْرَفِيَةُ صَارَ شَيْخَهَا، ثُمَّ وَلِي تَدرِيسَ الشَّامِيّةِ الصُّغْرَى.
وَأَشْغَلَ، وَأَفتَى، وَجَمَعَ وَأَلَّفَ، تَخرَّجَ بِهِ الأَصْحَابُ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الإِمَامُ شَمْسُ الدِّيْنِ ابْنُ نُوْحٍ المَقْدِسِيُّ، وَالإِمَامُ كَمَالُ الدِّيْنِ سَلاّرُ، وَالإِمَامُ كَمَالُ الدِّيْنِ إِسْحَاقُ، وَالقَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ بنُ رَزِيْن، وَتَفَقَّهوا بِهِ.
وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً: العَلاَّمَةُ تَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَخُوْهُ الخَطِيْبُ شَرَفُ الدِّيْنِ وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ المهتَارِ، وَفَخْرُ الدِّيْنِ عُمَرُ الكَرَجِيُّ، وَالقَاضِي شِهَابُ الدِّيْنِ ابْنُ الخُوَيِّيّ، وَالمُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى الجَزَائِرِيُّ، وَالمُفْتِي جَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الشَّرِيْشِيُّ، وَالمُفْتِي فَخْرُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يُوْسُفَ البَعْلَبَكِّيّ، وَنَاصِرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَرَبْشَاه، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي الذِّكْرِ، وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّهْرُزُوْرِيُّ النَّاسِخُ، وَكَمَالُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ الشَّيْبَانِيُّ، وَالشِّهَابُ مُحَمَّدُ بنُ مُشَرِّفٍ،(23/141)
وَالصَّدْرُ مُحَمَّدُ بنُ حَسَنٍ الأُرْمَوِيُّ، وَالشَّرَفُ مُحَمَّدُ ابْنُ خَطِيْبِ بَيْتِ الأَبَّارِ، وَنَاصِرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابْنُ المَجْدِ بنِ المهتَارِ، وَالقَاضِي أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الجِيْلِيُّ، وَالشِّهَابُ أَحْمَد ابْنُ العَفِيْفِ الحَنَفِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : بَلَغَنِي أَنَّهُ كَرَّرَ عَلَى جَمِيْعِ (المُهَذَّبِ) قَبْلَ أَنْ يَطرَّ شَارِبهُ، ثُمَّ أَنَّهُ صَارَ مُعيداً عِنْد العَلاَّمَةِ عِمَادِ الدِّيْنِ بنِ يُوْنُسَ.
وَكَانَ تَقِيُّ الدِّيْنِ أَحَدَ فُضلاَءِ عصرِهِ فِي التَّفْسِيْرِ وَالحَدِيْثِ وَالفِقْهِ، وَلَهُ مُشَاركَةٌ فِي عِدَّةِ فُنُوْنٍ، وَكَانَتْ فَتَاويهِ مُسدّدَةً، وَهُوَ أَحَدُ شُيُوْخِي الَّذِيْنَ انتفعْتُ بِهِم، أَقَمْتُ عِنْدَهُ لِلاشتغَالِ، وَلاَزمتُهُ سَنَةً، وَهِيَ سَنَةُ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، وَلَهُ إِشكَالاَتٌ عَلَى (الْوَسِيط) .
وَذَكَرَهُ المُحَدِّثُ عُمَرُ بنُ الحَاجِبِ فِي (مُعْجَمِهِ) ، فَقَالَ: إِمَامٌ وَرِعٌ، وَافرُ العَقْلِ، حَسَنُ السَّمتِ، مُتبحِّرٌ فِي الأُصُوْلِ وَالفُرُوْعِ، بِالغَ فِي الطَّلَبِ حَتَّى صَارَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ، وَأَجهَدَ نَفْسَهُ فِي الطَّاعَةِ وَالعِبَادَةِ.
قُلْتُ: كَانَ ذَا جَلاَلَةٍ عَجِيْبَةٍ، وَوقَارٍ وَهَيْبَةٍ، وَفَصَاحَةٍ، وَعلمٍ نَافِعٍ، وَكَانَ مَتينَ الدّيَانَةِ، سَلفِيَّ الجُمْلَةِ، صَحِيْحَ النِّحْلَةِ، كَافّاً عَنِ الخوضِ فِي مَزلاَّتِ الأَقدَامِ، مُؤْمِناً بِاللهِ، وَبِمَا جَاءَ عَنِ اللهِ مِنْ أَسمَائِهِ وَنُعوتهِ، حَسَنَ البِزَّةِ، وَافِرَ الحُرْمَةِ، مُعَظَّماً عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَقَدْ سَمِعَ الكَثِيْرَ بِمَرْوَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المُوْسَوِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ السَّنْجِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ المَسْعُوْدِيِّ، وَكَانَ قُدُومُهُ دِمَشْقَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ بَعْدَ أَنْ فَرغَ مِنْ خُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ.
وَكَانَ مَعَ تَبحُّرِهِ فِي الفِقْهِ مُجَوِّداً لِمَا يَنقُلُه، قَوِيَّ المَادَّةِ مِنَ اللُّغَةِ وَالعَرَبِيَّةِ، مُتَفَنِّناً فِي الحَدِيْثِ،
__________
(1) وفيات الأعيان: 3 / 243 - 244.(23/142)
مُتَصَوِّناً، مُكِبّاً عَلَى العِلْمِ، عَدِيْمَ النَّظِيْرِ فِي زَمَانِهِ، وَلَهُ مَسْأَلَةٌ لَيْسَتْ مِنْ قَوَاعِدِهِ شَذَّ فِيْهَا، وَهِيَ صَلاَةُ الرَّغَائِبِ قَوَّاهَا وَنَصَرهَا مَعَ أَنَّ حَدِيْثَهَا بَاطِلٌ بِلاَ تَرَدُّدٍ، وَلَكِنَّ لَهُ إِصَابَات وَفَضَائِل.
وَمِنْ فَتَاويه أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ يَشتغلُ بِالمنطقِ وَالفَلْسَفَةِ، فَأَجَابَ: الفَلْسَفَةُ أُسُّ السَّفَهِ وَالانحَلاَلِ، وَمَادَةُ الحيرَة وَالضَّلاَلِ، وَمثَارُ الزَّيْغ وَالزَّنْدَقَة، وَمَنْ تَفلسَفَ عَمِيَتْ بَصِيْرتُهُ عَنْ مَحَاسِن الشرِيعَة المُؤيّدَة بِالبرَاهينِ، وَمَنْ تَلبَّس بِهَا قَارَنَهُ الخِذلاَنُ وَالحِرمَانُ، وَاسْتحوذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، وَأَظلم قَلْبُه عَنْ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَاسْتعمَالُ الاصطلاَحَاتِ المنطقيَّةِ فِي مبَاحثِ الأَحكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مِنَ المنكرَاتِ المُسْتبشعَةِ، وَالرقَاعَاتِ المُسْتحدثَةِ، وَلَيْسَ بِالأَحكَامِ الشَّرْعِيَّةِ - وَللهِ الحَمْدُ - افْتِقَارٌ إِلَى المنطقِ أَصلاً، هُوَ قعَاقعُ قَدْ أَغنَى الله عَنْهَا كُلَّ صَحِيْحِ الذِّهْنِ، فَالوَاجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ - أَعزَّهُ اللهُ - أَنْ يَدفَعَ عَنِ المُسْلِمِيْنَ شَرَّ هَؤُلاَءِ المشَائِيم، وَيُخْرِجَهُم مِنَ المدَارسِ وَيُبعدَهُم.
تُوُفِّيَ الشَّيْخُ تَقِيّ الدِّيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ-: فِي سَنَةِ الخُوَارِزْمِيَّة، فِي سَحَرِ يَوْمِ الأَرْبعَاء، الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَحُملَ عَلَى الرُّؤُوسِ، وَازدحم الخلقُ عَلَى سَرِيْرِهِ، وَكَانَ عَلَى جِنَازَتِهِ هَيبَةٌ وَخُشوعٌ، فَصُلِيَّ عَلَيْهِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَشَيَّعُوْهُ إِلَى دَاخِلِ بَابِ الفَرَجِ، فَصَلَّوْا عَلَيْهِ بِدَاخِلهِ ثَانِي مرَّةٍ، وَرجعَ النَّاسُ لِمَكَانِ حِصَارِ دِمَشْقَ بِالخُوَارِزْمِيَّةِ وَبعَسْكَرِ الملكِ الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّيْنِ أَيُّوْب لعَمِّه الملكِ الصَّالِحِ عِمَادِ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْل، فَخَرَجَ بِنَعشِهِ نَحْوُ العَشْرَةِ مُشمِّرِيْنَ، وَدَفنوهُ بِمقَابرِ الصُّوْفِيَّةِ!
__________
(1) قام شعيب: وقد درست، وقام مكانها عمائر ومستشقفي ومسجد.(23/143)
وَقَبْرُه ظَاهِرٌ يُزَارُ فِي طَرفِ المَقْبَرَةِ مِنْ غَربِيِّهَا عَلَى الطَّرِيْقِ، وَعَاشَ سِتّاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ (عُلُوْمَ الحَدِيْثِ) لَهُ: الشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ، وَأَخُوْهُ، وَالفَخْرُ الكَرَجِيّ، وَالزَّيْنُ الفَارِقِيُّ، وَالمَجْدُ ابْنُ المهتَارِ، وَالمَجْدُ ابْنُ الظهيرِ، وَظَهِيْرُ الدِّيْنِ مَحْمُوْدٌ الزَّنْجَانِيُّ، وَابْنُ عربشَاه، وَالفَخْرُ البعلِيُّ، وَالشَّرِيْشِيُّ، وَالجَزَائِرِيُّ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الخِرَقِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي الذِّكْرِ، وَابْنُ الخُوَيِّيِّ، وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الشَّهْرُزُوْرِيُّ، وَالصَّدْرُ الأُرْمَوِيُّ، وَالصَّدْرُ خَطِيْبُ بَعْلَبَكَّ، وَالعِمَادُ مُحَمَّدُ ابْن الصَّائِغِ، وَالكَمَالُ ابْنُ العَطَّارِ، وَأَبُو اليُمْنِ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ المُعَدَّلُ، وَكُلُّهُم أَجَازُوا لِي سِوَى الأَوَّلِ (1) .
101 - يَعِيْشُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَعِيْشَ بنِ أَبِي السَّرَايَا مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ
ابْنُ عَلِيِّ بنِ المُفَضَّلِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بن حَيَّانَ ابْنِ القَاضِي بِشْرِ بن حَيَّانَ، العَلاَّمَةُ، مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، أَبُو البَقَاءِ الأَسَدِيُّ، المَوْصِلِيُّ، ثُمَّ الحَلَبِيُّ، النَّحْوِيُّ، وَيُعرَفُ قَدِيْماً بِابْنِ الصَّائِغِ.
__________
(1) وهم مذكورون في " معجم شيوخه " الذي حققه الدكتور بشار عواد معروف وجماعته، وطبع في مؤسسة الرسالة.
(*) إنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطي 4 / 39 - 44 الترجمة 823، عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة مكتبة اسعد افندي 2330) ج 10 الورقة 108 / أ، وفيات الأعيان: 7 / 46 - 53، الترجمة 833، صلة التكملة للحسيني الورقة 31، تاريخ ابي الفدا: 2 / 174، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (3013 أيا صوفيا) ج 20 الورقة 46، العبر للذهبي: 5 / 181، تلخيص اخبار النحويين واللغويين لابن مكتوم (النسخة التيمورية) ص 274، النجوم الزاهرة: 6 / 355، بغية الوعاة للسيوطي: 2 / 351 - 352، الترجمة 2165، شذرات الذهب: 5 / 228.(23/144)
مَوْلِدُهُ: بِحَلَبَ، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: القَاضِي أَبِي سَعْدٍ بنِ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَأَبِي الحَسَنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الطَّرَسُوْسِيِّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ.
وَسَمِعَ بِالمَوْصِلِ مِنْ: خَطِيْبهَا أَبِي الفَضْلِ الطُّوْسِيّ (مَشْيَخَتَه) وَغَيْرَ ذَلِكَ.
وَأَخَذَ النَّحْوَ عَنْ: أَبِي السّخَاءِ الحَلَبِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ المَغْرِبِيّ، وَجَالَسَ الكِنْدِيَّ بِدِمَشْقَ، وَبَرَعَ فِي النَّحْوِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَبَعُد صِيتُه، وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ.
رَوَى عَنْهُ: الصَّاحِبُ ابْنُ العَدِيْمِ، وَابْنُه مَجْدُ الدِّيْنِ، وَابْنُ هَامل، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الظَّاهِرِيّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ العُنَيِّقَةِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّشْتِيّ، وَإِسْحَاقُ النَّحَاس، وَأَخُوْهُ بَهَاءُ الدِّيْنِ، وَسُنْقُر القَضَائِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ طَوِيْلَ الرُّوحِ، حَسَنَ التَّفَهُّمِ، طَوِيْلَ البَاعِ فِي النَّقْلِ، ثِقَةً عَلاَّمَةً كَيِّساً، طَيِّبَ المزَاحِ، حُلْوَ النَّادِرَةِ، مَعَ وَقَارٍ وَرَزَانَةٍ.
صَنَّفَ شَرْحاً (لِلتَّصرِيفِ) لابْنِ جِنِّيٍّ، وَشَرحاً (لِلمُفَصَّلِ) وَغَيْر ذَلِكَ.
عَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَتُوُفِّيَ: فِي الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِحَلَبَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ - وَتُعرفُ بِسَنَةِ الخُوَارِزْمِيَّةِ -: القَاضِي الأَشْرَفُ أَحْمَدُ ابْنُ القَاضِي الفَاضِلِ عَنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً، وَالمُحَدِّثُ صَفِيُّ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الخَالِقِ بن أَبِي هِشَامٍ القُرَشِيُّ عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَالعَلاَّمَةُ كَمَالُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ كَشَاسْبَ الدِّزْمَارِيُّ (1) الشَّافِعِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ تَقِيُّ الدِّيْنِ أَحْمَدَ ابْنُ العِزّ
__________
(1) منسوب إلى دزمار، قلعة حصينة، من نواحي اذربيجان، قيده المؤلف بخطه بسكون الزاي، ولكن ياقوت قيده بتشديد الزاي، وقد ترجمه المؤلف في تاريخ الإسلام، الورقة: 25 (أيا صوفيا 3013) بخطه.(23/145)
مُحَمَّد ابْن الحَافِظِ الحَنْبَلِيِّ، وَمُحَدِّثُ وَقتِهِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدِ ابْنِ الجَوْهَرِيِّ الدِّمَشْقِيُّ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي القَاسِمِ بنِ صَصْرَى التَّغْلِبِيُّ، وَمُقَدَّمُ الجُيُوْشِ مُعينُ الدِّيْنِ حَسَنُ ابْن الشَّيْخِ ابْن حَمُّوَيْهِ، وَخَطِيْبُ عَقْرَبا السَّدِيْد سَالِمُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَشَعْبَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّارَانِيُّ، وَالأَمِيْرُ سَيْفُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ قليج وَدُفِنَ بِالقليجيَةِ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ ابْنُ النَّخَّالِ، وَخَطِيْبُ الصَّالِحيَةِ الشَّرَفُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي عُمَرَ، وَمُفِيْدُ بَغْدَادَ أَبُو مَنْصُوْرِ بنُ الوَلِيْدِ كَهْلاً، وَحَافِظُ بَغْدَادَ مُحِبّ الدِّيْنِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ النَّجَّارِ، وَالمُفْتِي أَبُو سُلَيْمَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ الحَافِظِ، وَمُحَدِّث الجَزِيْرَةِ السَّرَّاج عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن شُحَانَة (1) ، وَمُحَدِّثُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَسْعَدُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُقَرَّبٍ الكِنْدِيّ، وَالعَلاَّمَةُ الوَجِيْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ القُوْصِيُّ الحَنَفِيُّ المُفْتِي عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَالأَدِيْبُ العَلاَّمَةُ أَمِيْنُ الدِّيْنِ عَبْدُ المُحْسِنِ بن حَمُّودٍ التَّنُوْخِيُّ، وَالعَدْلُ عَتِيْقُ بنُ أَبِي الفَضْلِ
السَّلَمَانِيُّ وَلَهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً، وَالإِمَامُ تَقِيّ الدِّيْنِ أَبُو عَمْرٍو ابْنُ الصَّلاَحِ، وَالمُعَمَّرُ أَبُو الحَسَنِ ابْنُ المُقَيَّرِ، وَقَاضِي كفر بَطنَا عَلِيُّ بنُ مَحَاسِنَ بن عَوَانَةَ النُّمَيْرِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ عَلَمُ الدِّيْنِ السَّخَاوِيُّ، وَعِيْسَى بن حَامِدٍ الدَّارَانِيُّ، وَالفَلَكُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن هِبَةِ اللهِ المسيرِيُّ الوَزِيْرُ، وَالنَسَّابَةُ عِزّ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَسَاكِرَ، وَالمُحَدِّثُ تَاجُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ القُرْطُبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زُهَيْرٍ بِدَارَيَّا، وَمُحَمَّدُ بنُ تَمِيْمٍ البَنْدَنِيْجِيُّ، وَالمُعَمَّرُ أَبُو بَكرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ ابْن الخَازنِ، وَالظهيرُ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ الجَبَّابِ، وَمُفِيْدُ مِصْرَ أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الحَافِظِ زَكِيّ الدِّيْنِ المُنْذِرِيّ وَلَهُ ثَلاَثُوْنَ سَنَة، وَحَافِظُ دِمَشْقَ ضِيَاءُ الدِّيْنِ
__________
(1) عبد الرحمان بن عمر بن بركات بن شحانة المحدث العالم سراج الدين أبو محمد الحراني.(23/146)
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَقْدِسِيّ، وَالفَخْر مُحَمَّد بن عُمَرَ ابْن المَالِكِيّ الدِّمَشْقِيّ، وَالفَخْر مُحَمَّد بن عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدٍ المَقْدِسِيّ، وَشَيْخ الحَنَابِلَةِ الزَّاهِدُ القُدْوَةُ الضِّيَاءُ مَحَاسِن بن عَبْدِ المَلِكِ التَّنُوْخِيّ الحَمَوِيّ، وَمُحَمَّد بن حُمَيْدٍ الدَّارَانَي مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَالإِمَامُ معينُ الدِّيْنِ مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأُرْمَوِيّ الشَّافِعِيُّ وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَالمُفِيْدُ أَبُو العِزّ مُفَضَّل بن عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَالمُقْرِئ النَّحْوِيّ المُنْتَجبُ بنُ أَبِي العِزّ الهَمَذَانِيُّ، وَالمُعَمَّرُ أَبُو غَالِبٍ مَنْصُوْر بن أَحْمَدَ بنِ السَّكَن المَرَاتِبِيّ ابْن المُعَوَّجِ
لقِيَ مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ ابْن الصَّابِي، وَالصَّلاَح مُوْسَى بن مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بن رَاجِحٍ، وَالنَّجم نَبَأُ بن أَبِي المَكَارِمِ بن هَجَّامٍ (1) الحَنَفِيُّ المِصْرِيُّ، وَابْنُ خَطِيْب عَقْرَبا يَحْيَى بن عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَالشِّهَاب يَعْقُوْب بن مُحَمَّدِ ابْنِ المُجَاوِر الوَزِيْر، وَيُوْسُف بن يُوْنُسَ المُقْرِئ البَغْدَادِيّ سِبْط ابْن مدَاح، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
102 - العَامِرِيُّ صَائِنُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ حَسَّانِ بنِ رَافِعٍ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، صَائِنُ الدِّيْنِ مُحَمَّد بن حَسَّان بن رَافِعٍ العَامِرِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، المُعَدَّلُ، خَطِيْب المُصَلَّى.
سَمِعَ مِنَ: الخُشُوْعِيّ فَمَنْ بَعْدَهُ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ.
__________
(1) غير واضحة في الأصل، وضبطناه من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام "، الورقة: 45 (أيا صوفيا 3013) .
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 179 ولقبه فيه بالضياء، صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني الورقة: 400، وكناه فيها بأبي عبد الله، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 52، العبر للذهبي: 5 / 184، البداية والنهاية: 13 / 172، النجوم الزاهرة: 6 / 357، شذرات اللذهب: 5 / 230.(23/147)
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ ابْنُ خَطِيْبِ بَيْت الأَبَّارِ، وَخَطِيْبُ دِمَشْقَ شَرَف الدِّيْنِ الفُرَاوِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: القُدْوَة الشَّيْخ أَبُو السُّعُوْد البَاذبينِي بِمِصْرَ، وَالكَبِيْر الزَّاهِد الشَّيْخ أَبُو الحَجَّاجِ الأَقْصُرِيّ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بن غُزي القُرَشِيّ بِالصَّعيدِ، وَالشَّيْخ أَبُو اللَّيْثِ بِحَمَاةَ، وَالنَّجْم عَلِيّ بن عَبْدِ الكَافِي بن عَلِيٍّ الصَّقَلِّيّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ، وَالرُّكْن عَبْد الرَّحْمَنِ بن سُلْطَان التَّمِيْمِيّ الحَنَفِيّ، وَالشَّيْخ حَسَن بن عَدِيٍّ شَيْخُ الأَكْرَادِ، وَالملك المَنْصُوْر إِبْرَاهِيْم بن شِيرْكُوْه صَاحِب حِمْص، وَالعِزّ أَحْمَدُ بنُ مَعْقِلٍ شَيْخُ الرَّافِضَّةِ، وَكَبِيْرُ الخُوَارِزْمِيَّةِ بركَة خَان.
103 - الكَاشْغَرِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ بنِ يُوْسُفَ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ العِرَاق، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ بنِ يُوْسُفَ بن أُزَرْتُق التُّرْكِيّ، الكَاشْغَرِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، الزركشِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ (2) .
__________
(1) ذكر الحسيني في صلة التكملة أنه توفي في ليلة التاسع من صفر.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 54 - 55 وذكر فيه انه قد فات الشريف وفاته (يقصد الحسيني صاحب صلة التكملة لوفيات النقلة) وهو كما قال، العبر للذهبي: 5 / 185، الوافي بالوفيات للصفدي: 6 / 55 الترجمة 2494، مرآة الجنان لليافعي: 4 / 112، الجواهر المضية للقرشي 1 / 42 الترجمة 30، المنهل الصافي لابن تغري بردي: 1 / 99 - 100 الترجمة: 52، الطبقات السنية في تراجم الحنفية: 1 / 241 - 242 الترجمة 53، شذرات الذهب: 5 / 230 - 231.
(2) في الجواهر المضية نقلا عن الدمياطي ان ولادته كانت ببغداد في الثاني عشر من جمادي الأولى.(23/148)
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ البَطِّيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاغَدِيّ، وَعَلِيّ بن تَاج القُرَّاء، وَأَحْمَدَ بن عَبْدِ الغَنِيِّ البَاجِسْرَائِيّ، وَيَحْيَى بن ثَابِتٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ النَّقُّوْرِ، وَنَفِيسَةَ البَزَّازَةِ، وَهِبَةِ اللهِ بن يَحْيَى البُوقِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَقَدْ حَدَّثَ بِدِمَشْقَ وَحَلَبَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَرَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ، وَبَقِيَ إِلَى هَذَا الوَقْت، وَتَكَاثر عَلَيْهِ الطلبَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نُقْطَةَ، وَالبِرْزَالِيُّ، وَالضِّيَاءُ، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالمحبّ عَبْد اللهِ، وَمُوْسَى بن أَبِي الفَتْحِ، وَعَبْد الرَّحِيْمِ ابْن الزَّجَّاج، وَمُحْيِي الدِّيْنِ يَحْيَى ابْن القَلاَنسِيّ، وَالمُدَرِّس كَمَال الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْم ابْن أَمِيْن الدَّوْلَة، وَتَقِيُّ الدِّيْنِ ابْن الوَاسِطِيّ وَأَخُوْهُ، وَعزُّ الدِّيْنِ ابْنُ الفَرَّاء، وَالتَّقِيّ بن مُؤْمِنٍ، وَمَجْد الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم، وَفتَاهُ بَيْبَرْسُ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ ابْن النَّحَّاسِ، وَابْنُ عَمِّهِ أَيُّوْب، وَمَجْد الدِّيْنِ ابْن الظَّهِير، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ ابْنِ العِمَاد، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن المُعَذَّل، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَعَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ الطِّيْبِيّ، وَعَدَد كَثِيْر.
وَبِالإِجَازَةِ عِدَّة.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمَاعُهُ صَحِيْحٌ.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ شَيْخاً سَهْلاً سَمحاً، ضَحُوكَ السِّنِّ، لَهُ أُصُوْلٌ يُحَدِّثُ مِنْهَا، وَكَانَ سَلِيمَ البَاطِنِ، مُشْتَغِلاً بِصَنْعَتهِ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَتشيَّعُ، وَلَمْ يَظهر مِنْهُ إِلاَّ الجَمِيْل.
وَقَالَ ابْنُ السَّاعِي: رُتّب مُسْمِعاً بِمَشْيَخَةِ المُسْتَنْصِرِيَّةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ -يَعْنِي بَعْدَ ابْنِ القُبَّيْطِيّ-.(23/149)
قُلْتُ: وَقَدْ عُمِّرَ، وَسَاءَ خُلقُه، وَبَقِيَ يُحَدِّث بِالأُجرَةِ، وَيَتعَاسرُ، وَحِكَايَة المُحِبِّ مَعَهُ اشْتهرت، فَإِنَّهُ رَحل وَبَادَرَ إِلَيْهِ بِـ (جُزء البَانْيَاسِيّ) وَهُوَ عَلَى حَانُوْت، فَقَالَ: مَا لِي فَرَاغ السَّاعَة.
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَتركه وَقَامَ، فَتبِعَه، وَابتدَأَ فِي الجُزْء، فَقَرَأَ وَرقَةً، وَوصلَ الشَّيْخ إِلَى بَيْته، فَضَرَبَه بِالعَصَا ضربتَيْنِ وَقعت الوَاحِدَة فِي الجُزْءِ، وَدَخَلَ وَأَغلق البَاب.
قَرَأْتُ هَذَا بِخَطِّ المُحبِّ، فَالذَّنْب مركّب مِنْهُمَا!
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: هُوَ صَحِيْحُ السَّمَاع، إِلاَّ أَنَّهُ عَسِرٌ جِدّاً، يَذْهَب إِلَى الاعتزَال.
قَالَ: وَيُقَالُ: إِنَّهُ يَرَى رَأْي الفلاسفَةِ، وَيَتهَاون بِالأُمُوْر الدّينِيَّةِ، مَعَ حُمقٍ ظَاهِرٍ فِيْهِ، وَقِلَّةِ عِلْمٍ.
قُلْتُ: ثُمَّ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ اندَكّ وَتَعَلَّلَ، وَوَقَعَ فِي الْهَرم، وَلَزِمَ بَيْته، وَهُوَ مِنْ آخر مَنْ رَوَى حَدِيْث مَالِك الإِمَامَ بِعُلُوٍّ، كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ خَمْسَةُ أَنْفُسٍ (1) .
مَاتَ: فِي حَادِي عَشَرَ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو مَدْيَن شُعَيْب بن يَحْيَى الزَّعْفَرَانِيّ بِمَكَّةَ، وَالشَّيْخ عَبْد الرَّحْمَانِ بن أَبِي حَرَمِي المَكِّيّ النَّاسخ، وَإِمَام النَّحْو أَبُو عَلِيٍّ عُمَر بن مُحَمَّدٍ الأَزْدِيّ الشَّلَوْبِيْن، وَالمُنْشِئ جَلاَل الدِّيْنِ مُكَرَّم بن أَبِي الحَسَنِ الأَنْصَارِيّ، وَالصَّاحب هِبَة اللهِ بن الحَسَنِ ابْن الدَّوَامِيّ، وَالأَمِيْرُ شَرَفُ الدِّيْنِ يَعْقُوْب بن مُحَمَّدٍ الهَذَبَانِيّ، وَصَاحِبُ مَيَّافَارِقِيْن المُظَفَّر غَازِي ابْن العَادل، وَشَيْخُ الفُقَرَاء عليّ الحَرِيْرِيّ.
__________
(1) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام أنهم: ابن البطي وغيره عن البانياسي عن أبي الصلت عن الهاشمي عن أبي مصعب عن مالك.(23/150)
104 - يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلِ بنِ قَرَاجَا عَبْدِ اللهِ، أَبُو الحَجَّاجِ الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، الرَّحَّال، النَّقَال، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، راوِيَة الإِسْلاَم، أَبُو الحَجَّاجِ شَمْس الدِّيْنِ الدِّمَشْقِيّ، الأَدَمِيّ، الإِسكَاف، نَزِيْلُ حَلَب وَشيخُهَا.
وُلِدَ فِي: سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَتشَاغل بِالسَّبَب (1) حَتَّى كَبِرَ وَقَاربَ الثَّلاَثِيْنَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ حُبِّب إِلَيْهِ الحَدِيْثُ، وَعُنِيَ بِالرِّوَايَةِ، وَسَمِعَ الكَثِيْرَ، وَارْتَحَلَ إِلَى النَّوَاحِي، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ المُتْقنِ الحُلو شَيْئاً كَثِيْراً، وَجَلَب الأُصُوْل الكِبَار، وَكَانَ ذَا عِلْمٍ حسنٍ وَمَعْرِفَةٍ جَيِّدَةٍ وَمشَاركَةٍ قويَّةٍ فِي الإِسْنَادِ وَالمَتْنِ وَالعَالِي وَالنَّازلِ وَالانتخَابِ.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ بَعْد الثَّمَانِيْنَ مِنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ صَدَقَة، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَلِيٍّ الخِرَقِيّ، وَأَحْمَدَ بن حَمْزَةَ بن عَلِيٍّ ابْن المَوَازِيْنِيّ، وَإِسْمَاعِيْل الجَنْزَوِيّ، وَأَبِي طَاهِرٍ الخُشُوْعِيّ، وَأَقرَانِهِم.
وَصحبَ الحَافِظَ عَبْد الغَنِيِّ، وَتَخَرَّجَ بِهِ مُدَّة، فَنَشَّطه لِلارتِحَالِ، فَمَضَى إِلَى بَغْدَادَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مَنْصُوْرٍ عَبْد اللهِ بن عَبْدِ السَّلاَمِ،
__________
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني الورقة 62، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 91 - 92، تذكرة الحفاظ للذهبي: 4 / 1410 - 1412، الترجمة 1132، العبر للذهبي: 5 / 201، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لأحمد بن أيبك الدمياطي الورقة 82 / أ، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2 / 244 - 245 الترجمة 353، النجوم الزاهرة: 7 / 22، طبقات الحفاظ للسيوطي: 495 - 496 الترجمة 1100، شذرات الذهب: 5 / 243 - 244، التاج المكل للقنوجي 240 - 241.
(1) يعني بطلب الرزق.(23/151)
وَذَاكِرِ بنِ كَامِلٍ، وَيَحْيَى بن بَوْشٍ، وَعَبْد المُنْعِمِ بن كُلَيْبٍ، وَأَبِي طَاهِرٍ المُبَارَك بن المَعْطُوشِ، وَرَجَبِ بنِ مَذْكُوْرٍ، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ بِبَغْدَادَ.
وَمِنْ: هِبَة اللهِ بن عَلِيٍّ البُوْصِيْرِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسِيْنَ، وَجَمَاعَةٍ بِمِصْرَ.
وَمِنْ: خَلِيْلِ بن بَدْرٍ الرَّارَانِيّ، وَمَسْعُوْدِ بنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ الخَيَّاطِ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوْسِيِّ، وَأَبِي الفَضَائِلِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الكَاغَدِيِّ، وَأَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ الكَرَّانِيِّ، وَنَاصِرِ بنِ مُحَمَّدٍ الويرج، وَعَلِيِّ بنِ سَعِيْدِ بنِ فَاذشَاه، وَغَانِم بن مُحَمَّدٍ الصَّفَّار، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَهَّادِ المُقْرِئِ، وَأَبِي المَحَاسِنِ مُحَمَّد بن الحَسَنِ الأَصبهبد، وَمَسْعُوْدِ بنِ مَحْمُوْدٍ العِجْلِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الفَضْلِ الكَرَّانِيّ بِأَصْبَهَانَ، وَطَاهِرِ بنِ مَكَارِم المَوْصِلِيِّ المُؤَدِّبِ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الطُّوْسِيِّ بِالمَوْصِلِ.
وَ (مَشْيَختُهُ) نَحْو الخَمْس مائَة، سَمِعتهَا مِنْ أَصْحَابِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ القُدَمَاءِ، وَكَتَبَ عَنْهُ: الحَافِظُ إِسْمَاعِيْلُ ابْن الأَنْمَاطِيّ، وَزَكِيُّ الدِّيْنِ البِرْزَالِيُّ، وَشِهَابُ الدِّيْنِ القُوْصِيّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْن الحُلوَانِيَّةِ، وَكَمَالُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَابْنُهُ مَجْدُ الدِّيْنِ.
وَرَوَى لَنَا عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو العَبَّاسِ ابْن الظَّاهِرِيّ، وَشَرَفُ الدِّيْنِ مَحْمُوْد التَّادفِي، وَمُحَمَّدُ بنُ جَوْهَر التَّلعفرِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ ابْن المَغْرِبِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الغَرَّافِيّ، وَطَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْن العَجَمِيّ، وَعَبْدُ المَلِكِ ابْن العُنَيِّقَة، وَسُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأُسْتَاذِيّ (1) ، وَالصَّاحِبُ فَتح الدِّيْنِ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ الخَالِدِيّ، وَأَمِيْنُ الدِّيْنِ عَبْد اللهِ بن شُقير، وَتَاجُ الدِّيْنِ صَالِح الفَرَضِيّ، وَالقَاضِي عَبْد العَزِيْزِ
__________
(1) وهو القضائي.(23/152)
ابْن أَبِي جَرَادَة، وَأَخُوْهُ عَبْدُ المُحْسِنِ، وَإِسْحَاقُ وَأَيُّوْبُ وَمُحَمَّدٌ بَنُوْ ابْنِ النَّحَّاسِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَإِسْمَاعِيْلُ وَإِبْرَاهِيْمُ أَوْلاَدُ ابْن العَجَمِيّ، وَنَسِيْبهُم أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النَّصِيْبِيّ، وَعَمَّتُهُ نَخْوَةُ (1) ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ، وَالعَفِيْفُ إِسْحَاق الآمِدِيّ، وَأَبُو حَامِدٍ المُؤَذِّن، وَغَيْرُهُم، وَكَانَ خَاتِمَتُهُم إِبْرَاهِيْم ابْن العَجَمِيّ بِحَلَبَ، وَإِجَازتُه مَوْجُوْدَة لِزَيْنَبَ بِنْتِ الكَمَال بِدِمَشْقَ.
وَكَانَ حَسَنَ الأَخْلاَقِ، مَرضِيَّ السِّيرَةِ، خَرَّجَ لِنَفْسِهِ (الثّمانِيَّات) ، وَأَجزَاء عَوَالِي (كعَوَالِي هِشَام بن عُرْوَةَ) ، وَ (عَوَالِي الأَعْمَش) ، وَ (عَوَالِي أَبِي حنفِيَة) ، وَ (عَوَالِي أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْل) ، وَ (مَا اجْتَمَع فِيْهِ أَرْبَعَة مِنَ الصَّحَابَةِ) ، وَغَيْر ذَلِكَ.
سَمِعْتُ مِنْ حَدِيْثِهِ شَيْئاً كَثِيْراً، وَمَا سَمِعْتُ العُشْرَ مِنْهُ، وَهُوَ يَدخل فِي شَرط الصَّحِيْح لِفَضِيْلتِهِ، وَجَوْدَة مَعْرِفَته، وَقُوَّة فَهْمه، وَإِتْقَان كتبه، وَصِدْقَه وَخَيْرِهِ، أَحَبَّه الحَلَبِيُّوْنَ وَأَكرمُوْهُ، وَأَكْثَرُوا عَنْهُ، وَوَقَفَ كُتُبَهُ، لَكِنَّهَا تَفَرَّقَت وَنُهِبت فِي كَائِنَة حَلَب سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، وَقُتِلَ فِيْهَا أَخُوْهُ المُسْنِدُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَلِيْلٍ، وَكَانَ قَدْ سَمَّعَهُ مِنْ جَمَاعَةٍ، وَتَفَرَّدَ بِأَجزَاءَ كَ (مُعْجَم الطَّبَرَانِيِّ) ، عَنْ يَحْيَى الثَّقَفِيّ وَغَيْر ذَلِكَ.
وَأَخُوْهُمَا الثَّالِث يُوْنُس بن خَلِيْل الأَدَمِيّ مَاتَ مَعَ أَخِيْهِ الحَافِظ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنِ البُوْصِيْرِيّ، وَجَمَاعَة؛ حَدَّثَنَا عَنْهُ ابْن الخَلاَّل وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ أَبُو الحَجَّاجِ -رَحِمَهُ اللهُ- يَنطوِي عَلَى سُنَّة وَخَيْرٍ.
بَلَغَنِي أَنَّهُ أَنْكَر
__________
(1) هي نخوة بنت زين الدين محمد بن عبد القاهر بن هبة الله بن عبد القاهر بن عبد الواحد بن النصير الحلبي ام محمد بنت النصيبي.
وقد سمعت منه التاسع والعاشر من " المستخرج عن صحيح البخاري " لأبي نعيم وتفردت برواية ذلك.
قال الذهبي المؤلف: ما أظن روى عن ابن خليل امرأة سواها. ولدت سنة 634 وتوفيت سنة 719.(23/153)
عَلَى ابْنِ رَوَاحَة أَخْذه علَى الرِّوَايَةِ، فَاعْتذر بِالحَاجَة، وَكَذَا بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يذمُّ الحَرِيْرِيّ (1) وَطرِيقَةَ أَصْحَابه، وَلَمْ يَزَلْ يُسْمِع، وَيطوّل روحه عَلَى الطلبَة وَالرّحَّالين وَيَكْتُب لَهُم الطِّباق، وَإِلَى أَنْ مَاتَ.
رَوَى كتباً كِبَاراً (كَالحلْيَةِ) ، وَ (المُعْجَم الكَبِيْر) ، وَ (الطَّبَقَات) لابْنِ سَعْد، وَ (سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيّ) ، وَكِتَابِ (الآثَارِ) لِلطحَاوِي، وَ (مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيّ) ، وَ (السُّنَنِ) لأَبِي قُرَّةَ، وَ (الدُّعَاءِ) لِلطَّبَرَانِيِّ، وَجُملَة مِنْ تَصَانِيْفِ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَكَثِيْراً مِنْ تَصَانِيْفِ أَبِي الشَّيْخِ وَالطَّبَرَانِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَانقطعَ بِمَوْتِهِ سَمَاعُ أَشيَاءَ كَثِيْرَةٍ لِخرَاب أَصْبَهَانَ.
تُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ الله: فِي عَاشر جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ أَخُوْهُ يُوْنُسُ قَبْله فِي المُحَرَّم، وَكَانَ قَدْ أَخَذَه وَسَمَّعَهُ مِنَ البُوْصِيْرِيّ وَابْن يَاسين وَلَزِمَ الصَّنْعَة، رَوَى عَنْهُ أَبُو الفَضْلِ الإِرْبِلِيّ، وَابْن الخَلاَّل، وَالعِمَاد ابْن البَالِسِيّ، وَجَمَاعَة.
وَفِيْهَا مَاتَ: مُسْنَد الإِسْكَنْدَرِيَّة أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوَهَّابِ ابْن رَوَاج وَلَهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، وَالعَدْل فَخر القُضَاة أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ ابْن الجَبَّاب السَّعْدِيّ بِمِصْرَ، وَمُسْنِدُ بَغْدَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ إِبْرَاهِيْم بن مَحْمُوْدٍ ابْن الخَيِّر الأَزَجِيّ وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَالمُسْنِدُ مُظَفَّر بن عَبْدِ المَلِكِ ابْن الفُوِّيّ بِالثَّغْرِ، وَعَلِيّ بن سَالِمِ بنِ أَبِي بَكْرٍ البَعْقُوبِيّ، وَالمُفْتِي مُحَمَّد بن أَبِي السَّعَادَاتِ الدَّبَّاس الحَنْبَلِيّ، حَدَّثَا (2) عَنِ ابْنِ شَاتيلَ.
__________
(1) صاحب الطريقة الصوفية المشهورة.
(2) يعني: اليعقوبي والدباس.(23/154)
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْح نَاصِر بن مُحَمَّدٍ القَطَّان، وَغَيْرهُ، أَنَّ جَعْفَر بن عَبْدِ الوَاحِدِ الثَّقَفِيّ أَخْبَرَهُم: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ سَنَة ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَرَّة بِصَنْعَاءَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَر، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الكَعْبَةَ يَوْم الفَتْحِ وَحَوْلَ الكَعْبَة ثَلاَثُ مائَة وَسِتُّوْنَ صَنَماً، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُوْدٍ وَيَقُوْلُ: (جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ، إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهَوْقاً) . فَتَسَّاقَطُ لِوُجُوهِهَا (1) .
قَرَأْتُ عَلَى مَحْمُودِ بنِ مُحَمَّدٍ المُقْرِئ: أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاء، قَالَتْ:
ذَبَحنَا فَرساً عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَكَلنَا مِنْ لَحمِهِ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (2) مِنْ حَدِيْثِ هِشَام بن عُرْوَةَ.
105 - المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ أَبُو جَعْفَرٍ مَنْصُوْرُ بنُ الظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ العَبَّاسِيُّ *
أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، أَبُو جَعْفَرٍ مَنْصُوْرُ ابْن الظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ مُحَمَّد ابْن النَّاصِرِ
__________
(1) قال شعيب: إسناده صحيح، وهو في معجم الطبراني الصغير 1 / 77، 78 من طريق إبراهيم بن محمد بن برة بهذا الإسناد، وأخرجه البخاري (4287) ومسلم (1781) والترمذي (3137) وأحمد 1 / 377، ونسبه المزي في تحفة الاشراف 7 / 66 إلى النسائي في الكبرى.
(2) قال شعيب: هو في البخاري (5510) و (5511) و (5512) و (5519) ومسلم (1942) وأخرجه النسائي 7 / 231، وأحمد 6 / 345 و346 و353، وابن الجارود (886) وابن ماجة (3190) والطحاوي في شرح معاني الآثار 4 / 211 والدارقطني 4 / 290، والبيهقي 9 / 327.
(*) سيرته مشهورة جدا وأخباره مثبوتة في معظم الكتب التي تناولت هذه المدة منها: مرآة =(23/155)
لِدِيْنِ اللهِ أَحْمَد ابْن المُسْتَضِيْء بِأَمْرِ اللهِ حسن ابْن المُسْتَنْجِد بِاللهِ يُوْسُف ابْن المُقْتَفِي العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، وَاقفُ المُسْتَنْصِرِيَّة الَّتِي لاَ نَظِير لَهَا.
مَوْلِدُه: سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأُمّه تُركيَّة، وَكَانَ أَبْيَضَ أَشقر، سَمِيناً، رَبْعَة، مَليح الصُّوْرَة، عَاقِلاً حَازِماً سَائِساً، ذَا رَأْيٍ وَدَهَاءٍ وَنُهُوْض بِأَعبَاءِ المُلْك، وَكَانَ جَدُّهُ النَّاصِرُ يُحِبُّه وَيُسمِّيه القَاضِي لِحُبِّه لِلْحقِّ وَعَقلِهِ.
وَبُوْيِعَ عِنْدَ مَوْتِ وَالِده يَوْمَ الجُمُعَةِ، ثَالِثَ عَشَرَ رَجَبٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ البَيْعَةَ الخَاصَّة مِنْ إِخْوَته وَبنِي عَمِّهِ وَأُسرتِه، وَبَايَعَهُ مِنَ الغَدِ الكُبَرَاء وَالعُلَمَاء وَالأُمَرَاء.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: فَنشرَ العَدْلَ، وَبثَّ المَعْرُوفَ، وَقَرَّبَ العُلَمَاء وَالصُّلَحَاء، وَبَنَى المَسَاجِد وَالمدَارس وَالرُّبط، وَدُورَ الضِّيَافَة وَالمَارستَانَات، وَأَجرَى العطيَات، وَقمعَ المُتمرِّدَةَ، وَحَمَلَ النَّاسَ عَلَى أَقوم سَنَنٍ، وَعَمَّرَ طُرُقَ الحَاجِّ، وَعَمَّرَ بِالحَرَمَيْنِ دُوراً لِلمَرْضَى، وَبَعَثَ إِلَيْهَا الأَدويَةَ:
__________
= الزمان لسبط ابن الجوزي 8 / 739 - 740، التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 3 الترجمة 3095، ذيل الروضتين: 172، مختصر ابن العبري: 253، الحوادث الجامعة: 155 - 158، المختصر في اخبار البشر لأبي الفدا: 3 / 179، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3012) ج 19 الورقة 228، دول الإسلام للذهبي: 2 / 110 العبر للذهبي: 5 / 166، نثر الجمان للفيومي ج 2 الورقة 133، البداية والنهاية: 13 / 159 - 160، العسجد المسبوك: 506 - 508، السلوك للمقريزي ج 1 قسم 1 / 211 - 312، عقد الجمان للعيني ج 18 الورقة 248 - 251، النجوم الزاهرة: 6 / 345 - 346، شذرات الذهب 5 / 209، عيون الاخبار للصديقي الورقة 161 وما قبلها، ويراجع الملحق الأول من تاريخ علماء المستنصرية 2 / 145 - 164، وكتاب المدارس الشرابية لاستاذنا الدكتور ناجي معروف ففيهما تفصيل يغني.(23/156)
تَخْشَى الإِلَهَ فَمَا تَنَامُ عِنَايَةً ... بِالمُسْلِمِيْنَ وَكُلُّهُم بِكَ نَائِمُ
إِلَى أَنْ قَالَ: ثُمَّ قَامَ بِأَمر الجِهَاد أَحْسَن قيَامٍ، وَجَمَعَ العَسَاكِر، وَقمع الطغَام، وَبَذَلَ الأَمْوَالَ، وَحفظَ الثُّغُوْر، وَافتَتَح الحُصُون، وَأَطَاعَهُ المُلُوْك.
قَالَ: وَبيعت كُتب العِلْم فِي أَيَّامِهِ بِأَغلَى الأَثَمَان لِرَغبته فِيْهَا، وَلوَقفِهَا.
وَخَطَهُ الشَّيبُ، فَخَضَّب بِالحِنَّاءِ، ثُمَّ تَركه.
قُلْتُ: كَانَتْ دَوْلَتُه جيِّدَةَ التّمكن، وَفِيْهِ عدلٌ فِي الجُمْلَةِ، وَوَقْعٌ فِي النُّفُوْس.
اسْتَجَدَّ عَسْكَراً كَثِيْراً لَمَّا عَلِمَ بِظُهُوْرِ التَّتَارِ، بِحَيْثُ إِنَّهُ يُقَالَ: بَلغَ عِدَّةُ عَسْكَرِهِ مائَةَ أَلْفٍ، وَفِيْهِ بُعْدٌ، فَلَعَلَّ ذَلِكَ نَمَى فِي طَاعَتِهِ مِنْ مُلُوْكِ مِصْر وَالشَّام وَالجَزِيْرَة، وَكَانَ يُخْطَبُ لَهُ بِالأَندلسِ وَالبِلاَدِ البعيدةِ.
قَالَ السَّاعِي: حَضَرتُ بَيعَتَهُ، فَلَمَّا رُفِعَ السَّتر شَاهَدتُه وَقَدْ كَمَّل اللهُ صُوْرَتَه وَمَعْنَاهُ، كَانَ أَبْيَضَ بِحُمْرَةٍ، أَزَجَّ الحَاجِبَيْن، أَدعَجَ الْعين، سَهْلَ الخَدَّيْنِ، أَقْنَى، رَحْبَ الصَّدْرِ، عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبيَضُ وَبَقيَار (1) أَبيض، وَطَرْحَةُ قَصَب بيضَاء، فَجَلَسَ إِلَى الظُّهْر.
قَالَ: فَبَلَغَنِي أَن عِدَّة الخِلَع بلغتْ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَ مائَةٍ وَسَبْعِيْنَ خِلْعَةًَ.
قُلْتُ: بلغَ مَغَلُّ وَقْفِ المُسْتَنْصِرِيَّة مَرَّةً نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ أَلْفَ دِيْنَار فِي العَامِ، وَاتَّفَقَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي أَيَّامِهِ مَعَهُ سُلْطَانٌ يَحكمُ عَلَيْهِ، بَلْ مُلُوْك الأَطرَاف خَاضِعُوْنَ لَهُ، وَفِكْرُهُم مُتَقَسِّم بِأَمر التَّتَار وَاسْتيلاَئِهِم عَلَى خُرَاسَانَ.
__________
(1) ضرب من العمائم (معجم دوزي: 1 / 407) .(23/157)
تُوُفِّيَ (1) : فِي بُكرَة الجُمُعَة، عَاشرَ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ: التقَى خُوَارِزْم شَاه التَّتَار بِبلاَد أَصْبَهَانَ فَهَزمَهُم وَمَزَّقَهُم، ثُمَّ تَنَاخَوْا وَكرُّوا عَلَيْهِ، فَانْفلَّ جَمعُه، وَبَقِيَ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَارِساً وَأُحِيْطَ بِهِ، فَخَرَقهُم عَلَى حَمِيَّة، فَكَانَتْ وَقْعَة مُنْكئَة لِلْفَرِيقَينِ، فَتَحَصَّنَ بِأَصْبَهَانَ (2) .
وَقتلت الإِسْمَاعِيْلِيَّةُ أَمِيْرَ كنجَة، فَتَأَلَّمَ جَلاَلُ الدِّيْنِ، وَقَصدَ بِلاَدَ الإِسْمَاعِيْلِيَّةِ، فَقتَلَ وَسَبَى، ثُمَّ تَحَزَّبُوا لَهُ، وَسَارَ جَيْشُ الأَشْرَفِ مَعَ الحَاجِبِ عَلِيٍّ، فَافْتَتَحَ مِرَند وَخُوَي، وَرَدُّوا إِلَى خِلاَط، وَأَخَذُوا زَوْجَةَ خُوَارِزْم شَاه، وَهِيَ بِنْتُ السُّلْطَان طُغْرِل بن رسلاَن السَّلْجُوْقِيّ، وَكَانَ تَزَوَّجَ بِهَا بَعْد أزبك ابْن البَهْلَوَان صَاحِب تِبْرِيْز، فَأَهملهَا، فَكَاتَبَتِ الحَاجِبَ، وَسَلَّمت إِلَيْهِ البِلاَدَ.
وَمَرِضَ المُعَظَّم، فَتصدَّق بِأَلف غرَارَة وَثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِرْهَم، وَحَلَّفَ الأُمَرَاء لوَلَده النَّاصِر دَاوُد، وَمَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ.
وَفِيْهَا مَاتَ القَان جِنْكزخان المَغُلي، طَاغِيَةُ التَّتَار، فِي رَمَضَانَ، وَكَانَتْ أَيَّامُهُ المشؤومَةُ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: كَانَ أَوّلُ أَمره حَدَّاداً يُدعَى تَمرجين، وَتسلطن بَعْدَهُ ابْنه أوكتَاي.
وَعَاشَ المُعَظَّم تِسْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ يَعْرِفُ مَذْهَب أَبِي حَنِيْفَةَ
__________
(1) ذكر الحافظ المنذري أن وفاته كانت في العشرين من جمادى الأولى وورد في دول الإسلام انه مات في جمادى الآخرة وسينقل الحافظ الذهبي بعد قليل عن ابن البزوري انه توفي يوم الجمعة بكرة عاشر جمادى الآخرة فليلاحظ ذلك.
(2) انظر تفاصيل ذلك في تاريخ الإسلام، الورقة: 238 - 239 (أيا صوفيا 3012) .(23/158)
وَالقُرْآن وَالنَّحْو، وَشَرَحَ (الجَامِع) فِي عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ بِإِعَانَةِ غَيْرِهِ.
وَفِي سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ (1) : جَاءَ المَنْشُوْرُ مِنَ الكَامِلِ لابْنِ أَخِيْهِ النَّاصِرِ بِسَلطَنَةِ دِمَشْقَ، ثُمَّ بَعْدَ أَشْهُرٍ قَدِمَ الكَامِلَ لِيَأْخُذَ دِمَشْقَ، وَأَتَاهُ صَاحِبُ حِمْص وَالعَزِيْزُ أَخُوْهُ، فَاسْتنجدَ النَّاصِرُ بعَمِّهِ الأَشْرَفِ، فَسَارَ وَنَزَلَ بالدّهشَة، فَرَجَعَ الكَامِل، وَقَالَ: لاَ أُقَاتِل أَخِي.
فَقَالَ الأَشْرَفُ: المَصْلَحَةُ أَنْ أُدْركَ السُّلْطَانَ وَأُلاَطِفَهُ.
فَاجْتَمَعَ بِهِ بِالقُدْس، وَاتَّفَقَا عَلَى النَّاصِرِ وَأَنَّ تَكُوْنَ دِمَشْقُ لِلأَشْرَفِ، وَتبْقَى الكركُ لِلنَّاصِرِ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّاصِر، حَصَّن البَلَدَ.
وَفِيْهَا عُزِلَ الصَّدْرُ البَكْرِيُّ عَنْ حسْبَة دِمَشْق، وَمَشْيَخَةِ الشُّيُوْخ.
وَفِيْهَا جَرَى الكُوَيز (2) السَّاعِي مِنْ وَاسِطَ إِلَى بَغْدَادَ فِي يَوْمٍ وَليلَةٍ، وَرُزِقَ قَبُولاً، وَحَصَلَ لَهُ سِتَّةُ آلاَفِ دِيْنَارٍ وَنَيِّفٌ وَعِشْرُوْنَ فَرساً.
وَشَرَعُوا فِي أَسَاسِ المُسْتَنْصِرِيَّة، وَدَامَ البِنَاءُ خَمْس سِنِيْنَ، وَكَانَ مشدّ العمَارَةِ أُسْتَاذ دَارِ الخَلِيْفَةِ.
وَكَانَتْ فَرقَةٌ مِنَ التَّتَار قَدْ أَبعدَهُم جَنْكِز خَان وَغَضِبَ عَلَيْهِم، فَأَتَوا خُرَاسَان، فَوَجَدُوهَا بلاَقع، فَقصدُوا الرَّيَّ، فَالتقَاهُم خُوَارِزْم شَاه مَرَّتين وَيَنهزِمُ، فَنَازلُوا أَصْبَهَان، ثُمَّ أَقْبَلَ خُوَارِزْم شَاه، وَخرق التَّتَار، وَدَخَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ وَأَهْلُهَا مِنْ أَشجعِ الرِّجَالِ، ثُمَّ خَرَجَ بِهِم، فَهَزم التَّتَارَ وَطَحَنَهُم، وَسَاقَ خَلْفَهُم إِلَى الرَّيِّ قَتْلاً وَأَسْراً، ثُمَّ أَتَتْهُ رُسُلٌ مِنَ القَانِ بِأَنَّ هَؤُلاَءِ أَبعَدْنَاهُم، فَاطْمَأَنَّ لِذَلِكَ، وَعَادَ إِلَى تِبْرِيْز.
وَاستولَى الفِرَنْج عَلَى صَيْدَا، وَقَوِيَت نُفُوْسُهُم، وَجَاءهُم مَلِكُ الأَلمَانِ
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 239 - 243.
(2) الضبط من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام " واسمه معتوق الموصلي، والذهبي ينقل هنا عن تاج الدين ابن الساعي.(23/159)
الأَنبرُوْرُ وَقَدِ اسْتولَى عَلَى قُبرس، فَكَاتَبَهُ الكَامِلُ لِيعينه عَلَى النَّاصِرِ، وَخَافَتْهُ مُلُوْكُ السّوَاحلِ وَالمُسْلِمُوْنَ، فَكَاتَبَ مُلُوْكُ الفِرَنْجِ الكَامِلَ بِأَنَّهُم يُمْسِكُوْن الأَنبرُوْر، فَبَعَثَ وَأَوْقَفَهُ عَلَى عَزْمِهِم، فَعَرفَهَا لِلكَامِلِ (1) ، وَأَجَابَهُ إِلَى هَوَاهُ، وَتردَّدتِ المرَاسلاَت، وَخضع
الأَنبرُوْر، وَقَالَ (2) : أَنَا عَتِيْقُكَ، وَإِنْ أَنَا رَجَعت خَائِباً انْكَسَرت حُرمتِي، وَهَذِهِ القُدْس أَصلُ دِيْنِنَا وَهِيَ خرَابَةٌ، وَلاَ دَخَلَ لَهَا، فَتَصَدَّقْ عَلَيَّ بِقصبَةِ البَلَدِ وَأَنَا أَحْمِلُ مَحْصُوْلَهَا إِلَى خزَانَتِكَ، فَلاَنَ (3) لِذَلِكَ.
وَفِي سَنَةِ 626: سلّم الكَامِل القُدْسَ إِلَى الفِرَنْجِ - فَواغوثَاهُ بِاللهِ (4) - وَأَتبعَ ذَلِكَ بِحصَارِ دِمَشْقَ، وَأَذِيَّة الرَّعِيَّة، وَجَرَتْ بَيْنهُم وَقعَاتٌ، مِنْهَا وَقْعَةٌ قُتِلَ فِيْهَا خلق مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، وَأُحرقت الحوَاضرُ، وَزحفُوا عَلَى دِمَشْقَ مرَاراً، وَاشتدَّ الغلاَء، وَدَام البَلاَء أَشْهُراً، ثُمَّ قَنِعَ النَّاصِر بِالكَرَك وَنَابُلُس وَالغُوْر، وَسلّم الكَامِل دِمَشْق لِلأَشْرَف، وَعُوِّضَ عَنْهَا بِحَرَّانَ وَالرَّقَّة وَرَأْس عين، ثُمَّ حَاصرُوا الأَمْجَدَ بِبَعْلَبَكَّ، وَرَمَوْهَا بِالمَجَانِيْقِ، وَأُخِذَت، فَتحوَّلَ الأَمْجَدُ إِلَى دَارِهِ بِدِمَشْقَ.
وَنَازل خُوَارِزْم شَاه خِلاَطَ بِأَوبَاشه، وَبَدَّعَ، وَأَخَذَ حَيْنَةَ (5) ، وَقَتَلَ أَهْلَهَا، ثُمَّ أَخَذَ خِلاَطَ.
__________
(1) العبارة ملبسة بسبب الاختصار المخل وسرعة الصياغة، والاصل في " تاريخ الإسلام ": فكاتبوا الكامل: إذا حصل مصاف نمسك الانبرور، فسير إلى الامبرور كتبهم، وأوقفه عليها، فعرف الانبرور ذلك للكامل، وأجابه إلى كل ما يريد..".
(2) يعني: للكامل.
(3) الكامل.
(4) قال في " تاريخ الإسلام ": وكانت هذه من الوصمات التي دخلت على المسلمين ".
(5) بلد في ديار بكر، ويقال لها: حاني أيضا. وقيدها ياقوت بكسر الحاء المهملة وكسر النون، والضبط أعلاه من خط المؤلف.(23/160)
وَفِي سَنَةِ 627 (1) : هَزمَ الأَشْرَفُ وَصَاحِبُ الرُّوْمِ جَلاَلَ الدِّيْنِ خُوَارِزْم شَاه، وَتَمَزَّقَ جَمْعُهُ، وَاسْتردَّ الأَشْرَفُ خِلاَط.
وَقَدِمَ رَسُوْلُ مُحَمَّد بن هود الأَنْدَلُسِيّ بِأَنَّهُ تَمَلَّكَ أَكْثَر المَغْرِب، وَخَطَبَ بِهَا لِلمُسْتَنْصِر، فَكُتِبَ لَهُ تَقليدٌ بِسلطنَةِ تِلْكَ الدِّيَار، وَنفذت إِلَيْهِ الخِلَعُ وَاللِّوَاء.
وَبَعَثَ خُوَارِزْم شَاه يَطلُبُ مِنَ الخَلِيْفَةِ لِبَاسَ الفُتَوَّةِ، فَأُجِيبَ.
وَقَدْ أَخذتِ الْعَرَب مِنْ مُخَيَّم خُوَارِزْم شَاه يَوْمَ كَسْرَتِهِ (2) باطيَةً (3) مِنْ ذَهَبٍ وَزْنُهَا رُبُعُ قِنطَارٍ، وَالعجب أَنّ هَذِهِ المَلْحَمَة (4) مَا قُتل فِيْهَا مِنْ عَسْكَر الشَّامِ سِوَى وَاحِد جُرِحَ، لَكِنْ قُتِلَ مِنَ الرُّوْمِيِّيْنَ أُلُوف، وَأَمَّا الخُوَارِزْمِيَّةِ فَاسْتَحَرَّ بِهِمُ القَتلُ، وَزَالت هَيْبَتُهُم مِنَ القُلُوْبِ، وَوَلَّتْ سَعَادَتُهُم، وَالوَقْعَةُ فِي رَمَضَانَ.
وَفِي سَنَةِ 628 (5) : فِيْهَا خَرَجَ عَلَى ابْنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ، وَظَفِرَ بِالمُلْكِ، وَقتله، وَقتلَ مِنَ البَرْبَر خَلاَئِق.
وَفِي رَجَبٍ بَلَغَنَا (6) كسرَة التَّتَار لِخُوَارِزْم شَاه، وَتَفرَّق جَمْعُهُ، وَذَاقَ
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 244 - 245.
(2) كان ينبغي أن توضع هذه الفقرة بعد قوله: " واسترد الأشرف خلاط ".
(3) الباطية: إناء من الخزف أو الفخار أو البلور لتقديم النبيذ.
أو الذي يوضع فيه ماء العطر (معجم دوزي 1 / 484) .
(4) يعني: الحرب بين الأشرف وصاحب الروم من جهة وجلال الدين خوارزم شاه من جهة أخرى.
(5) تاريخ الإسلام، الورقة: 245 - 248.
(6) أصل الخبر في " تاريخ الإسلام ": " وفي رجب وصل قزويني إلى الشام فأخبر..".(23/161)
الذُّلّ؛ وَذَاكَ أَن خُوَارِزْم شَاه لَمَّا انْهَزَم فِي العَامِ المَاضِي، بعثَت الإِسْمَاعِيْلِيَّة تُعَرِّف التَّتَار ضَعْفه، فَسَارعت طَائِفَةٌ تَقصدهُ بتورِيز فَلَمْ يَقدم عَلَى الملتقَى، وَأَخَذُوا مَرَاغَة وَعَاثُوا، وَتَقَهْقَرَ هُوَ إِلَى آمد فَكبَسَته التَّتَار، وَتَفرَّقَ جَمْعُهُ فِي كُلِّ جهَة، وَطَمِعَ فِيهِم الفَلاَّحُوْنَ وَالكُرْد، وَأَخَذت التَّتَار إِسعَرد بِالأَمَان، ثُمَّ غَدَرُوا كَعوَائِدِهِم، ثُمَّ طَنْزَة (1) وَبلاَد نَصِيْبِيْن.
وَفِيْهَا سَجَنَ الأَشْرَفُ بِعَزَّتَا (2) عَلِيّاً الحَرِيْرِيَّ، وَأَفتَى جَمَاعَةٌ بِقَتْلِهِ (3) .
وَأُسِّسَتْ دَارُ الحَدِيْثِ الأَشْرفِيَّةِ بِدِمَشْقَ.
وَفِيْهَا ظُفِرَ بِالتَاجِ الكَحَّالِ، وَقَدْ قَتَلَ جَمَاعَةً ختلاً فِي بَيْتِهِ، فَفَاح الدَّرب، فَسَمَّرُوهُ.
وَفِي سَنَةِ 629 (4) : انْهَزَمَ جَلاَلُ الدِّيْنِ خُوَارِزْم شَاه ابْن عَلاَء الدِّيْنِ فِي جِبَالٍ، فَقَتَلَهُ كُرْدِيٌّ بِأَخٍ لَهُ (5) .
وَقصدتْ عَسَاكِرُ الخَلِيْفَةِ مَعَ صَاحِبِ إِرْبِل التَّتَارَ، فَهَرَبُوا.
وَأُمسك الوَزِيْر مُؤَيَّد الدِّيْنِ القُمِّيّ وَابْنه، وَكَانَتْ دَوْلَته ثَلاَثاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً باسم نِيَابَة الوزَارَة، لَكِن لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَزِيْر، فَولِّيَ مَكَانه شَمْس الدِّيْنِ ابْن النَّاقِد، وَجُعِلَ مَكَان ابْن النَّاقِد فِي الأُسْتَاذ دَارِيَّةِ ابْنُ العَلْقَمِيّ.
وَفِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ (6) : حَاصرَ الكَامِلُ آمد، فَأَخَذَهَا مِنَ الْملك المَسْعُوْد
__________
(1) بلد بجريرة ابن عمر، من ديار بكر (معجم ياقوت) .
(2) الضبط من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام "، وهي قلعة معروفة.
(3) ولكن السلطان أحجم عن القتل.
(4) تاريخ الإسلام، الورقة: 248.
(5) وقيل ان ذلك كان سنة 628.
(6) تاريخ الإسلام، الورقة: 248 - 249.(23/162)
الأَتَابَكِي، وَكَانَ فَاسِقاً يَأْخذ بنَاتِ النَّاسِ قَهْراً.
وَفِيْهَا عَاثَ الرُّومِيُّونَ بِحَرَّانَ وَمَارْدِيْنَ، وَفَعَلُوا شَرّاً مِنَ التَّتَار وَبَدَّعُوا.
وَمَاتَ مُظَفَّر الدِّيْنِ صَاحِب إِرْبِل، فَوُلِّيهَا بَاتكينُ نَائِب البَصْرَة.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ (1) : سَارَ الكَامِلُ لِيفتحَ الرُّوْم، فَالتَقَى صوَاب مُقَدَّم طلاَئِعه وَعَسْكَر الرُّوْم، فَأُسِرَ صوَاب، وَتَمَزَّقَ جندُهُ، وَرجعَ الكَامِل.
وَأُديرت (2) المُسْتَنْصِرِيَّة بِبَغْدَادَ، وَلاَ نَظيرَ لَهَا فِي الحُسْنِ وَالسَّعَة، وَكَثْرَةِ الأَوقَافِ، بِهَا مائَتَانِ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ فَقِيْهاً، وَأَرْبَعَةُ مُدَّرِسِيْنَ، وَشَيْخٌ لِلْحَدِيْثِ، وَشَيْخٌ لِلطِبِّ، وَشَيْخٌ لِلنَّحْوِ، وَشَيْخٌ لِلْفَرَائِضِ، وَإِذَا أَقْبَلَ وَقْفُهَا، غَلَّ أَزيدَ مِنْ سَبْعِيْنَ أَلْفَ مِثْقَالٍ، وَلَعَلَّ قِيمَةَ مَا وَقَفَ عَلَيْهَا يُسَاوِي أَلفَ أَلفِ دِيْنَارٍ (3) .
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ (4) : عُمِلَ (5) جَامِع العُقَيْبَةِ، وَكَانَ حَانَةً.
وَقَدِمَت (6) هديَة مَلِك اليَمَن عُمَر بن رَسُوْل التُّرُكْمَانِيّ، فَالمُلك فِي نَسْلِهِ إِلَى اليَوْمِ.
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 250 - 251.
(2) يعني: افتتحت.
(3) تفاصيل ذلك في الكتاب القيم الذي ألفه الدكتور ناجي معروف - رحمه الله - في تاريخ علمائها وطبع ثلاث مرات في بغداد والقاهرة، في مجلدين.
(4) تاريخ الإسلام، الورقة: 250.
(5) الذي بناه هو الملك الأشرف. قال شعيب: ولا يزال إلى يومنا هذا عامرا بالمصلين ويسمى جامع التوبة، وهو يقع شمالي الجامع بدمشق، وتسمى المحلة التي هو فيها بالعقيبة، وبالعامة تحذف (القاف) وتقول العيبة.
(6) إلى بغداد.(23/163)
وَفِيْهَا تُرِكَتِ المُعَامِلَة بِبَغْدَادَ بِقرَاضَة الذَّهبِ، وَضُرِبَت لَهُم دَرَاهِمُ، كُلّ عَشْرَة مِنْهَا بدِيْنَارٍ إِمَامِيٍّ.
وَعَاثتِ التَّتَار بِأَرْضِ إِرْبِل وَالمَوْصِل، وَقَتلُوا، وَأَخَذُوا أَصْبَهَان بِالسَّيْف - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ - فَاهتمَّ الخَلِيْفَةُ، وَبَذَلَ الأَمْوَال.
وَعُزِلَ ابْنُ مقبلٍ عَنْ قَضَاء العِرَاق وَتَدرِيس المُسْتَنْصِرِيَّة، وَدَرَّس أَبُو المَنَاقِب الزَّنْجَانِيّ، وَقضَى عَبْد الرَّحْمَنِ ابْن اللَّمَغَانِيّ.
وَفِيْهَا سَارَ الكَامِل وَالأَشْرَف وَاسْتعَادُوا حَرَّان وَالرُّهَا مِنْ صَاحِب الرُّوْم.
وَوصلت التَّتَار إِلَى سِنْجَار قَتْلاً وَأَسْراً وَسَبْياً.
ثُمَّ فِي آخِرِ العَامِ حَشَدَ صَاحِبُ الرُّوْم، وَحَاصَرَ حَرَّان، وَتعثَّر أَهْلُهَا.
وَاستبَاحت الفِرَنْج قُرْطُبَة بِالسَّيْف، وَهِيَ أُمُّ الأَنْدَلُس، مَا زَالت دَار إِسْلاَم مُنْذُ افْتَتَحَهَا المُسْلِمُوْنَ فِي دَوْلَةِ الوَلِيْدِ.
وَفِي سَنَةِ 634 (1) : مَاتَ صَاحِبُ حَلَبَ الملكُ العَزِيْزُ ابْنُ الظَّاهِرِ ابْن صَلاَح الدِّيْنِ، وَصَاحِبُ الرُّوْمِ عَلاَءُ الدِّيْنِ كيقبَاد، وَأَخَذتِ التَّتَارُ إِرْبِلَ بِالسَّيْفِ.
وَفِي سَنَةِ 635 (2) : مَاتَ بِدِمَشْقَ السُّلْطَان الْملك الأَشْرَف، وَتَمَلَّكَهَا بَعْدَهُ أَخُوْهُ الكَامِل، فَمَاتَ بَعْدَهُ بِهَا، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنِ اقْتتلَ بِهَا الكَامِل وَأَخُوْهُ الصَّالِح عِمَاد الدِّيْنِ عَلَى المُلْك، وَتعبت الرَّعِيَّة.
وَبعده تَمَلَّكَهَا الجَوَاد، ثُمَّ ضَعُفَتْ هِمَّتُهُ، وَأَعْطَاهَا لِلملك الصَّالِح نَجْم الدِّيْنِ أَيُّوْب ابْن الكَامِل، وَتسلطنَ
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 252.
(2) تاريخ الإسلام، الورقة: 252 - 254.(23/164)
بِمِصْرَ العَادلُ أَبُو بَكْرٍ ابْن الكَامِل، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ طَوِيْلَة، آخرهَا أَنَّ الصَّالِح تَمَلَّكَ الدِّيَار المِصْرِيَّة، وَاعْتَقَلَ أَخَاهُ، وَغلبَ عَلَى دِمَشْقَ عَمُّه الصَّالِح، فَتحَاربا عَلَى المُلْك مُدَّة طَوِيْلَةً، ثُمَّ اسْتَقرَّت مِصْرُ وَالشَّامُ لِنَجمِ الدِّيْنِ أَيُّوْب.
وَفِي سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ (1) : أَخذت الفِرَنْجُ بَلَنْسِيَةَ وَغَيْرهَا مِنْ جَزِيْرَة الأَنْدَلُس.
وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ (2) : هَجَمَ الصَّالِحُ عِمَاد الدِّيْنِ دِمَشْقَ، وَتَمَلَّكَهَا، وَأَخَذَ القَلْعَةَ بِالأَمَانِ، وَنَكثَ، فَحبسَ المُغِيْث عُمَر ابْن الصَّالِح، وَتَفَلَّلَ الأُمَرَاء عَنِ الصَّالِح نَجْم الدِّيْنِ، وَجَاؤُوا وَحلفُوا لعَمِّه، وَبَقِيَ هُوَ فِي مَمَالِيكِه بِالغُوْرِ، ثُمَّ أَخَذَه ابْن عَمِّهِ النَّاصِر صَاحِب الكَرَك، وَاعْتَقَلَهُ مُكَرَّماً، ثُمَّ أَخَذَه وَمَضَى بِهِ إِلَى مِصْرَ، فَتَمَلَّكَ، فَكَانَ يَقُوْلُ:
خلفنِي النَّاصِر عَلَى أَشيَاء يَعْجِزُ عَنْهَا كُلّ أَحَد، وَهِيَ أَنْ آخذ لَهُ دِمَشْق وَحِمْص وَحَمَاةُ وَحَلَبَ أَوِ الجَزِيْرَة وَالمَوْصِل وَدِيَار بَكْرٍ وَنِصْف ديَار مِصْر، وَأَنْ أُعْطيه نِصْف مَا فِي الخَزَائِنِ بِمِصْرَ، فَحلفت لَهُ مِنْ تَحْتَ قَهره.
وَوَلِيَ خطَابة دِمَشْق بَعْد الدَّوْلَعِيِّ الشَّيْخُ عِزّ الدِّيْنِ ابْن عَبْدِ السَّلاَمِ، فَأَزَال العَلَمَين المُذَهَّبَيْنِ، وَأَقَامَ عوضهَا سُوداً بِكِتَابَة بَيضَاءَ، وَلَمْ يُؤذِّن قُدَّامه سِوَى وَاحِد، وَأَمرَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبَاءَ أَنْ يَخطبُوا لِصَاحِب الرُّوْم مَعَهُ.
وَفِي العِيْد خلعَ المُسْتَنْصِر عَلَى أَربَاب دَوْلَته؛ قَالَ ابْنُ السَّاعِي: حُزِرت الخِلَع بِثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلْفاً (3) .
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 256.
(2) تاريخ الإسلام، الورقة: 256 - 259.
(3) النص ملبس بهذه الصورة حيث يفهم منه أن قيمة الخلع: ثلاثة عشر ألفا، والصحيح =(23/165)
وَفِي سَنَةِ 638: فِيْهَا سَلَّم الصَّالِحُ إِسْمَاعِيْلُ قَلْعَةَ الشَّقِيْف إِلَى الفِرَنْج لِيُنجِدُوْهُ عَلَى المِصْرِيّين، فَأَنْكَر عَلَيْهِ ابْنُ الحَاجِب وَابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، فَسَجَنَهُمَا مُدَّة.
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (1) : قَدِمَ رَسُوْل التَّتَار إِلَى شِهَاب الدِّيْنِ غَازِي ابْن العَادل، وَإِلَى المُلُوْكِ عنوَان الكِتَاب:
مِنْ نَائِبِ رَبِّ السَّمَاءِ مَاسِحِ وَجهِ الأَرْضِ مَلِكِ الشَّرْق وَالغرب يَأْمر مُلُوْكَ الإِسْلاَم بِالدُّخُوْل فِي طَاعَةِ القَانِ الأَعْظَمِ.
وَقَالَ الرَّسُولُ لِغَازِي: قَدْ جَعَلك سلحدَاره (2) ، وَأَمَرَكَ أَنْ تُخَرِّبَ أَسوارَ بِلاَدِكِ.
وَفِيْهَا كَسَرَ النَّاصِر دَاوُد الفِرَنْجَ بِغَزَّةَ.
وَأُخِذَ الرَّكْبُ الشَّامِيُّ بِقُرْبِ تَيمَاءَ.
وَالتَقَى صَاحِب حِمْصَ وَمَعَهُ عَسْكَر حَلَب الخُوَارِزْمِيَّةَ، فَكَسَرهُم بِأَرْضِ حَرَّان، وَأَخَذَ حَرَّان، وَأَخَذَ صَاحِبُ الرُّوْمِ آمد بَعْدَ حِصَار طَوِيْل، وَكَانَتِ التَّتَارُ تعيثُ فِي البِلاَد قَتْلاً وَسَبياً، وَقَلَّتِ الخُوَارِزْمِيَّة، فَكَانُوا بِالجَزِيْرَةِ يَعيثُونَ.
وَفِي سَنَةِ 639 (3) : دَخَلتِ التَّتَار مَعَ بايجونَوِينَ بِلاَد الرُّوْم، وَعَاثُوا وَنَهبُوا القُرَى، فَهَرَبَ مِنْهُم صَاحِبُهَا.
__________
= أن المخلوع عليهم حزروا بهذا العدد، كما يظهر في النص الذي اقتبسه في " تاريخ الإسلام " قال: " وقال ابن الساعي: " وفيها رفل الخلائق ببغداد في الخلع في العيد بحيث حزر المخلوع عليهم بأكثر من ثلاثة عشر ألفا " (الورقة: 258 أيا صوفيا 3012) .
(1) مرآة الزمان 8 / 733 (بتصرف) .
(2) وتكتب أيضا: سلاح دار، وهو مسؤول السلاح.
(3) تاريخ الإسلام، الورقة: 259 - 260.(23/166)
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ (1) : التقَى صَاحِبُ مَيَّارفَارقين غَازِي وَالحَلَبِيُّوْنَ، فَظَهَرَ الحَلَبِيُّوْنَ، وَاسْتَحَرَّ القَتْل بِالخُوَارِزْمِيَّةِ، وَنُهِبَتْ نَصِيْبِيْن وَغَيْرُهَا، وَاسْتَوْلَى غَازِي عَلَى مدينَة خِلاَطَ.
وَفِي المُحَرَّم: أَخذتِ التَّتَار أَرْزنَ الرُّوْمِ، وَاسْتَبَاحُوهَا، وَعَنْ رَجُلٍ
قَالَ: نُهِبت نَصِيْبِيْنُ فِي هَذِهِ السّنَة سَبْعَ عَشْرَةَ مرَّةً مِنَ الموَاصِلَة وَالمَاردَانِيين وَالفَارِقِيِّيْنَ، وَلَوْلاَ بَسَاتِينُهَا لَجَلاَ أَهْلُهَا.
وَكَانَ لِلمُسْتَنْصِرِ مَنْظَرَةٌ يَجْلِسُ فِيْهَا يَسْمَعُ دُروسَ المُسْتَنْصِرِيَّة، وَاسْتخدمَ جَيْشاً عَظِيْماً، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُم بَلَغُوا أَزْيَدَ مِنْ مائَة أَلْف، وَكَانَ ذَا شَجَاعَةٍ وَإِقْدَامٍ، وَكَانَ أَخُوْهُ الخَفَاجِيّ مِنَ الأَبْطَال يَقُوْلُ: إِنْ وَليتُ، لأَعبُرنَّ بِالجَيْش جَيْحُونَ، وَأَسْترد البِلاَد، وَاسْتَأْصل التَّتَار.
فَلَمَّا مَاتَ المُسْتَنْصِر، زَوَاهُ عَنِ الخِلاَفَةِ الدُّوَيْدَار وَالشَّرَابِيّ خَوْفاً مِنْ بَأْسِه.
أَنْبَأَنِي ابْن البُزُوْرِيّ: أَنَّ المُسْتَنْصِر تُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، بُكرَة عَاشرِ جُمَادَى الآخِرَةِ.
وَقَالَ المُنْذِرِيُّ (2) : جُمَادَى الأُوْلَى، فَوَهِمَ.
عَاشَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ سَنَةً وَأَشْهُراً، وَخُطِبَ يَوْمَ مَوْتِهِ لَهُ، كتمُوا ذَلِكَ، فَأَتَى إِقبال الشَّرَابِيّ وَالخدم إِلَى وَلَدِه المُسْتَعْصِمِ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ المُؤْمِنِيْنَ، وَأَقعدُوْهُ فِي سُدَّة الخِلاَفَةِ، وَأُعْلِمَ الوَزِيْر وَأُسْتَاذ الدَّار فِي اللَّيْلِ، فَبَايَعَاهُ.
__________
(1) انظر " البداية والنهاية " 13 / 161، و" تتمة المختصر " 2 / 251.
(2) التكملة لوفيات النقلة ج 3 ص 607 من طبعة مؤسسة الرسالة.(23/167)
وَلِلنَّاصِر دَاوُدَ يَرْثِي المُسْتَنْصِرَ:
أَيَا رَنَّة النَّاعِي عَبَثْتِ بِمَسْمِعَي ... وَأَجَّجْتِ نَارَ الحُزْنِ مَا بَيْنَ أَضْلُعِي وَأَخْرَسْتِ مِنِّي مِقولاً ذَا بَرَاعَةٍ ... يَصُوغُ أَفَانِيْنَ القَرِيضِ المُوشَّعِ
نَعَيْتِ إِلَيَّ البَأْسَ وَالجُودَ وَالحِجَى ... فَأَوْقَفتِ آمَالِي وَأَجرَيتِ أَدمُعِي
وَقَالَ صَفِيُّ الدِّيْنِ ابْنُ جَمِيْلٍ:
عَزّ العَزَاءُ وَأَعْوَزَ الإِلْمَامُ ... وَاسْترجَعَتْ مَا أَعْطَتِ الأَيَّامُ
فَدَعِ العُيُونَ تَسُحُّ يَوْمَ فِرَاقِهِم ... عِوَضَ الدُّمُوعِ دَماً فَلَيْسَ تُلاَمُ
بَانُوا فَلاَ قَلْبِي يَقِرُّ قَرَارُهُ ... أَسفاً وَلاَ جفنِي القَرِيحُ يَنَامُ
فَعَلَى الَّذِيْنَ فَقَدتُهُم وَعَدِمْتُهُم ... مِنِّي تَحِيَّةُ مَوْجَعٍ وَسَلاَمُ
وَكَانَتْ دَوْلَتُه سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ وَسَامَحَه -.
106 - المُسْتَنْصِرُ أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ ابنُ الظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ الهَاشِمِيُّ *
الخَلِيْفَةُ، الإِمَامُ، أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ ابنُ الظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّد ابْنِ النَّاصِرِ لِدِيْنِ اللهِ أَحْمَد ابْن المُسْتَضِيْءِ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، أَخُو الخَلِيْفَةِ المُسْتَنْصِرِ بِاللهِ مَنْصُوْرٍ وَاقِفِ المُسْتَنْصِرِيَّة.
بُوْيِعَ بِالخِلاَفَةِ أَحْمَدُ بَعْدَ خُلوِّ الوَقْت مِنْ خَلِيْفَةٍ عَبَّاسِيٍّ ثَلاَث سِنِيْنَ وَنِصْفَ سَنَةٍ، وَكَانَ هَذَا مُعْتَقَلاً بِبَغْدَادَ مَعَ غَيْرِه مِنْ أَوْلاَدِ الخُلَفَاءِ، فَلَمَّا
__________
(*) أخبار مشهورة في الكتب التي أرخت لهذا العصر فانظر ذيل الروضتين: 213، ذيل مرآة الزمان 2 / 441 - 452 تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 189 - 190، دول الإسلام للذهبي 2 / 125، العبر للذهبي: 5 / 258 - 259، البداية والنهاية: 13 / 231 - 233، النجوم الزاهرة: 7 / 109 - 117، 206، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 477 - 478.(23/168)
اسْتولَى هُوْلاَكُو عَلَى بَغْدَادَ، نَجَا هَذَا، وَانضمَّ إِلَى عَرَبِ العِرَاقِ، فَلَمَّا سَمِعَ بِسلطنَة الْملك الظَّاهِر (1) وَفَدَ عَلَيْهِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ فِي عَشْرَة مِنْ آلِ مهَارش، فَرَكِبَ السُّلْطَان لِلْقَائِهِ وَالقُضَاة وَالدَّوْلَة، وَشَقَّ قصبَةَ القَاهِرَة، ثُمَّ أَثْبَتَ نَسَبَهُ عَلَى القُضَاة، وَبُوْيِعَ، فَرَكِبَ يَوْمَ الجُمُعَةِ مِنَ القَلْعَةِ فِي السَّوَادِ حَتَّى أَتَى جَامِعَ القَلْعَةِ، فَصَعِدَ المِنْبَرَ، وَخَطَبَ وَلَوَّحَ بِشَرفِ آلِ العَبَّاسِ، وَدَعَا لِلسُّلْطَانِ وَلِلرَّعيَّةِ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ.
قَالَ القَاضِي جَمَال الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ سُومرَ المَالِكِيُّ: حَدَّثَنِي شَيْخُنَا ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، قَالَ:
لَمَّا أَخذنَا فِي بَيْعَةِ المُسْتَنْصِر، قُلْتُ لِلملكِ الظَّاهِر: بَايِعْهُ.
فَقَالَ: مَا أُحْسِنُ، لَكِن بَايِعْهُ أَنْتَ أَوَّلاً وَأَنَا بَعْدَكَ.
فَلَمَّا عقدنَا البَيْعَةَ، حَضَرنَا مِنَ الغَدِ عِنْد السُّلْطَان، فَأَثْنَى عَلَى الخَلِيْفَة، وَقَالَ: مِنْ جُمْلَةِ بَرَكَتِهِ أَنَّنِي دَخَلتُ أَمسِ الدَّارَ، فَقصدتُ مَسْجِداً فِيْهَا لِلصَّلاَةِ، فَأَرَى مصطبَة نَافرَة، فَقُلْتُ لِلْغلمَان: أَخرِبُوا هَذِهِ.
فَلَمَّا هَدَمُوهَا، انفتَحَ تَحْتهَا سَرب، فَنَزَلُوا، فَإِذَا فِيْهِ صنَادِيق كَثِيْرَة مَمْلُوْءة ذهباً وَفِضَّة مِنْ ذخَائِر الْملك الكَامِل -رَحِمَهُ اللهُ-.
قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الخَلِيْفَةُ الثَّامنُ وَالثَّلاَثُونَ مِنْ بَنِي العَبَّاسِ، بُوْيِعَ بِقَلْعَةِ الجبلِ، فِي ثَالِثَ عَشَرَ رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ (2) .
وَكَانَ أَسْمَرَ آدَمَ، شُجَاعاً، مَهِيْباً، ضَخْماً، عَالِي الهِمَّةِ.
وَرَتَّبَ لَهُ السُّلْطَان أَتَابَكاً وَأُسْتَاذَ دَار، وَشرَابياً وَخَزْنَدَاراً وَحَاجِباً وَكَاتِباً، وَعيَّن لَهُ خزَانَةً، وَعِدَّةَ مَمَالِيْكَ، وَمائَة فَرَسٍ وَعشر قطَارَاتِ جمالٍ وَعشرَ قطَارَاتِ بغَالٍ إِلَى أَمثَالِ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (3) : قُرِئَ بِالعَادليَة كِتَابُ السُّلْطَانِ إِلَى قَاضِي القُضَاةِ
__________
(1) بيبرس البند قداري.
(2) يعني: وخمسين وست مئة.
(3) ذيل الروضتين: 213.(23/169)
نَجْم الدِّيْنِ ابْن سنِيِّ الدَّوْلَة بِأَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْهِم أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ ابْنُ الظَّاهِر وَهُوَ أَخُو المُسْتَنْصِر، وَجَمَعَ لَهُ النَّاس، وَأَثْبَت فِي المَجْلِسِ نَسَبَه عِنْد قَاضِي القُضَاةِ، وَبَدَأَ بِالبَيْعَةِ السُّلْطَانُ، ثُمَّ الكِبَارُ عَلَى مَرَاتِبِهِم، وَنُقِشَ اسْمُهُ عَلَى السِّكَّةِ، وَلُقِّبَ بِلَقَبِ أَخِيْهِ.
قَالَ قُطْب الدِّيْنِ البَعْلِيُّ (1) : وَفِي شَعْبَانَ رَسَمَ الخَلِيْفَةُ بِعَمَلِ خِلْعَةٍ لِلسُّلطَانِ وَبِكِتَابَة تَقليدٍ، وَنُصِبَتْ خَيْمَةٌ بِظَاهِرِ مِصْر، وَركب المُسْتَنْصِر وَالظَّاهِر إِلَيْهَا فِي رَابع شَعْبَان، وَحضرَ القُضَاة وَالأُمَرَاء وَالوَزِيْر، فَأَلبسَ الخَلِيْفَةُ السُّلْطَانَ الخِلْعَة بِيَدِهِ، وَطَوَّقَهُ وَقَيَّدَهُ،
وَنُصِبَ مِنْبَرٌ صَعِدَ عَلَيْهِ فَخْر الدِّيْنِ ابْنُ لُقْمَانَ كَاتِب السِّرِ، فَقَرَأَ التَّقْلِيد الَّذِي أَنشَأَه، ثُمَّ ركب السُّلْطَانُ بِالخِلْعَة، وَدَخَلَ مِنْ بَاب النَّصْر، وَزُيِّنَت القَاهِرَة، وَحَمَلَ الصَّاحِبُ التّقليد عَلَى رَأْسه رَاكِباً وَالأُمَرَاءُ مشَاةٌ.
قُلْتُ: ثُمَّ عَزَمَ المُسْتَنْصِر عَلَى التَّوجّه إِلَى بَغْدَادَ بِإِشَارَةِ السُّلْطَان وَإِعَانته، فَذَكَر ابْنُ عَبْدِ الظَّاهِر فِي (سِيْرَةِ المَلِكِ الظَّاهِرِ) أَنَّ السُّلْطَانَ قَالَ لَهُ: أَنفقت علَى الخَلِيْفَة وَالمُلُوْك الموَاصِلَة أَلفَ أَلفٍ وَسِتَّ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
قَالَ قُطْب الدِّيْنِ البَعْلِيُّ (2) : ثُمَّ سَارَ هُوَ وَالسُّلْطَان مِنْ مِصْرَ فِي تَاسِعَ عَشَرَ رَمَضَان، وَدخلاَ دِمَشْقَ فِي سَابعِ ذِي القَعْدَةِ، ثُمَّ سَارَ الخَلِيْفَةُ وَمَعَهُ صَاحِب المَوْصِل وَصَاحِب سِنْجَارَ بَعْد أَيَّام.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (3) : نَزَلَ الخَلِيْفَة بِالتُّرْبَةِ النَّاصِرِيَّةِ، وَدَخَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ
__________
(1) ذيل مرآة الزمان: 1 / 443.
(2) ذيل مرآة الزمان: 1 / 453.
(3) ذيل الروضتين: 213.(23/170)
إِلَى جَامِع دِمَشْقَ، إِلَى المَقْصُوْرَةِ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُ السُّلْطَان فَصَلَّيَا وَخَرَجَا، وَمشيَا إِلَى نَحْو مَرْكُوب الخَلِيْفَة بِبَابِ البَرِيْد، ثُمَّ رَجَعَ السُّلْطَان إِلَى بَابِ الزِّيَادَة (1) .
قَالَ القُطْب (2) : فَسَافر الخَلِيْفَة وَصَاحِبُ المَوْصِلِ إِلَى الرّحبَة، ثُمَّ افْترقَا، ثُمَّ وَصل الخَلِيْفَة بِمَنْ مَعَهُ إِلَى مشْهد عَلِيّ، وَلَمَّا أَتُوا عَانَة وَجَدُوا بِهَا الحَاكِم فِي سَبْع مائَة نَفْسٍ، فَأَتَى إِلَى المُسْتَنْصِر وَبَايع، وَنَزَلَ فِي مُخيَّمِه مَعَهُ، وَتَسَلَّمَ الخَلِيْفَة عَانَة، وَأَقطعهَا جَمَاعَةً، ثُمَّ وَصل إِلَى الحَدِيْثَة، فَفَتَحهَا أَهْلُهَا لَهُ، فَلَمَّا اتَّصل الخَبَرُ بِمقدمِ المَغُوْلِ بِالعِرَاقِ، وَبشحنَة بَغْدَاد سَارُوا فِي خَمْسَة آلاَف، وَعَسْكَرُوا بِالأَنْبَار، وَنَهبُوا أَهْلَهَا وَقتلُوا، وَسَارَ الخَلِيْفَة إِلَى هيت فَحَاصَرَهَا، ثُمَّ دخلهَا فِي آخِرِ ذِي الحِجَّةِ، وَنَهب ذِمَّتهَا، ثُمَّ نَزَلَ الدُّور، وَبَعَثَ طلاَئِعه، فَأَتَوُا الأَنْبَارَ فِي ثَالِثِ المُحَرَّمِ سنَةَ سِتِّينَ، فَعَبَرَتِ التَّتَارُ فِي اللَّيْلِ فِي المَرَاكِبِ وَفِي المَخَائِضِ، وَالتَقَى مِنَ الغَدِ الجَمْعَانِ، فَانْكَسَرَ أَوَّلاً الشِّحنَةُ، وَوَقَعَ مُعْظَمُ أَصْحَابِهِ فِي الفُرَاتِ، ثُمَّ خَرَجَ كَمِيْنٌ لَهُم، فَهَرَبَتِ الأَعرَابُ وَالتُّرُكْمَانُ، فَأَحَاطَ الكَمِيْنُ بِعَسْكَرِ الخَلِيْفَةِ، فَحَمَلَ الخَلِيْفَةُ بِهِم، فَأَفرجَ لَهُم التَّتَار، وَنَجَا جَمَاعَة مِنْهُم الحَاكِم فِي نَحْو الخَمْسِيْنَ، وَقُتِلَ عِدَّةٌ، وَالظَّاهِر أَنَّ الخَلِيْفَة قُتِلَ، وَيُقَالُ: بَلْ سَلِمَ، وَأَضمرته البِلاَد، وَلَمْ يَصِحَّ.
وَقِيْلَ: بَلْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ ثَلاَثَة مِنَ التَّتَار، وَقُتِلَ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي أَوَائِل المُحَرَّم، كَهْلاً، وَبعدَ سَنَتَيْنِ بُوْيِع الحَاكِم بِأَمْرِ اللهِ أَحْمَد.
__________
(1) في المطبوع من ذيل الروضتين (الزيارة) بالراء وما أثبتناه عن الأصل وعن تاريخ الإسلام وعن ذيل مرآة الزمان 1 / 453، ومعجم البلدان (صادر) 2 / 469.
(2) ذيل مرآة الزمان: 1 / 454 - 457 باختصار وتصرف.(23/171)
107 - المَخْزُوْمِيُّ أَبُو المَعَالِي عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عَلِيِّ بنِ عُثْمَانَ *
الإِمَامُ العَدْلُ، المُحَدِّثُ، ظَهِيْرُ الدِّيْنِ، وَيُلَقَّبُ بِالقَاضِي المُكَرَّمِ، أَبُو المَعَالِي عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن عَلِيِّ بنِ عُثْمَانَ بنِ يُوْسُفَ المَخْزُوْمِيُّ، المُغِيرِيُّ، المِصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الشَّاهدُ.
وُلِدَ: فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ.
وَأَجَازَ لَهُ مِنْ بَغْدَادَ: فَخْر النِّسَاءِ شُهْدَةُ، وَعَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيّ، وَمِنَ المَوْصِلِ خَطِيْبُهَا أَبُو الفَضْلِ الطُّوْسِيّ، وَمِنْ دِمَشْق الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ، وَمِنَ الثَّغْر أَبُو الطَّاهِرِ السِّلَفِيّ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم، كعِيْسَى الدُّوْشَابِيّ وَابْن شَاتيلَ، وَمُسْلِم بن ثَابِتٍ، وَأَبِي شَاكِر السَّقْلاَطُوْنِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ بَرِّي، وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ الرَّحْبِيّ، وَالبُوْصِيْرِيّ، وَالقَاسِمِ بنِ عَسَاكِرَ، وَالأَثِيْرِ بنِ بُنَانٍ، وَعِدَّةٍ.
وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَهُوَ مِنْ بَيْت رِيَاسَة وَجَلاَلَة.
رَوَى عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَرُكْن الدِّيْنِ بَيْبَرْس القيمرِي، وَابْنُ العِمَادِيَّة، وَالتَّاج إِسْمَاعِيْل بن قُرَيْش، وَطَائِفَة.
وَبِالإِجَازَةِ: المُعَمَّرَة وَجيهيَة بِنْتُ أَبِي الحَسَنِ المُؤَدِّبِ.
وَكَانَ دَيِّناً، كَثِيْرَ التِّلاَوَة، مُتنزِّهاً عَنِ الخدَمِ.
__________
(*) وهو أحد شيوخ ابن الصابوني ذكره في تكملة اكمال الإكمال وروى عنه ص 65، 87، 178، وانظر صلة التكملة للحسيني الورقة 54، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (3013 أيا صوفيا) ج 20 الورقة 68.
(1) ذكر الشريف الحسيني أن ولادته كانت في الحادي والعشرين من صفر سنة تسع وستين وخمسمائة.(23/172)
وَهُوَ أَخُو القَاضِي حَمْزَةَ بنِ عَلِيٍّ الأَشْرَفِ.
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِتُربَة آبَائِهِ بِالقرَافَةِ.
108 - صَاحِبُ اليَمَنِ المَنْصُوْرُ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ رَسُوْلِ بنِ هَارُوْنَ *
السُّلْطَانُ، المَلِكُ المَنْصُوْرُ، نُوْرِ الدِّيْنِ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ رَسُوْل بن هَارُوْنَ بن أَبِي الفَتْحِ.
قِيْلَ: إِنَّهُ مِنْ وَلدِ جَبَلَة بن الأَيْهَمِ الغَسَّانِيّ.
تَملّك بِزَبِيْد، وَجَرَتْ لَهُ حُرُوْب وَسِيَرٌ، وَتَمَكَّنَ، وَكَانَ شُجَاعاً سَائِساً جَوَاداً مَهِيْباً، لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَلف مَمْلُوْك.
وَقَدْ كَانَ الكَامِل جَهَّز مِنْ مِصْرَ عَسْكَراً، فَقصدهُم المَنْصُوْر، فَفَرُوا مِنْهُ.
وَقِيْلَ: بَلْ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ العَسْكَر أَجوبَة، فَظَفِرَ بِهَا مقدمهُم جغرِيل، فَخَافَ وَقفز أَمِيْرَانِ: فَيْرُوْز وَابْن بُرطَاس إِلَى المَنْصُوْرِ.
حَدَّثَنِي تَاج الدِّيْنِ عَبْد البَاقِي: أَن مَمَالِيْك المَنْصُوْر قَتلُوْهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (1) ، وَسَلطنُوا ابْنَ أَخِيْهِ فَخْرَ الدِّيْنِ أَبَا بَكْرٍ بنَ حسنٍ، وَلَقَّبوهُ
__________
(*) مرآة الزمان: 8 / 771، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 90 (، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 292 العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني: 578، العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية للخرزجي 1 / 44 - 88، الذهب المسبوك في ذكر من حج من الخلفاء والملوك للمقريزي 79 - 80، العقد الثمين في تاريخ البلد الامين للفاسي ج 6 ص 339 - 349 الترجمة 3082، بهجة الزمن في تاريخ اليمن لعبد الباقي اليماني: 85 - 88.
(1) سلك سبط ابن الجوزي وفاته في حوادث سنة 646، وجعلها المقريزي سنة 647 ونص الفاسي في العقد الثمين على أن وفاته كانت في التاسع من ذي القعدة سنة 647 وما ذكره الذهبي هنا وفي تاريخ الإسلام متابع فيه لمن سبقه، أما ما ذكره ابن شاكر من أنه كان حيا سنة 661 فانما هو يقصد ابنه وقد سها الناسخ في ذلك، واغفله المحققان.(23/173)
بِالمُعَظَّمِ، فَلَمْ يَسْتَمرَّ ذَلِكَ، وَتَمَلَّكَ المُظَفَّرُ ابْنُ المَقْتُولِ.
109 - المُسْتَعْصِمُ بِاللهِ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ المُسْتَنْصِرِ بِاللهِ الهَاشِمِيُّ *
الخَلِيْفَةُ، الشَّهِيْدُ، أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ المُسْتَنْصِرِ بِاللهِ مَنْصُوْرٍُ ابْنِ الظَّاهِرِ مُحَمَّدٍ ابْنِ النَّاصِرِ أَحْمَد ابْنِ المُسْتَضِيْءِ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَاستخلف سَنَة أَرْبَعِيْنَ يَوْم مَوْت أَبِيْهِ فِي عَاشر (1) جُمَادَى الآخِرَة، وَكَانَ فَاضِلاً، تَالياً لِكِتَابِ اللهِ، مليح الكِتَابَة.
خَتَمَ (2) عَلَى ابْنِ النَّيَّار، فَأَكْرَمَهُ يَوْم الْخَتْم سِتَّة آلاَف دِيْنَار، وَبلغت الخِلَعُ يَوْمَ بيعَته أَزْيَدَ مِنْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلفَ خِلْعَةٍ.
استَجَازَ لَهُ ابْنُ النَّجَّارِ المُؤَيَّد الطُّوْسِيَّ وَعَبْد المُعِزِّ الهَرَوِيّ، وَسَمِعَ مِنْهُ بِهَا شَيْخُه أَبُو الحَسَنِ ابْن النَّيَّار، وَحَدَّثَ عَنْهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ بِهَذِهِ الإِجَازَة فِي حيَاته: البَاذَرَائِيُّ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ الجَوْزِيِّ.
__________
(*) سيرته مستوفاة في الكتب التي ذكرت نكبة سقوط بغداد بيد التتار منها: صلة التكملة لشرف الدين الحسيني ج 2 الورقة 34 - 35، مختصر التاريخ لابن الكازروني: 266 - 280، خلاصة الذهب المسبوك: 289 - 291، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 155 - 156، دول الإسلام للذهبي: 2 / 121، العبر للذهبي: 230 - 231، فوات الوفيات لابن شاكر: 2 / 230 - 235، الترجمة 237، البداية والنهاية: 13 / 204، العسجد المسبوك 630، تاريخ ابن خلدون: 3 / 536، " العقد الثمين في تاريخ البلد الامين " للفاسي 5 / 290 الترجمة 1644 النجوم الزاهرة: 7 / 63، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 464 - 477، شذرات الذهب 5 / 270 - 272.
(1) في تاريخ الإسلام في العشرين من جمادى الأولى ثم قال معقبا على ذلك في الحاشية التي كتبها الذهبي بخطه: والاصح أنه بويع بعد موت أبيه في عاشر شهر جمادى الآخرة..
(2) يعني، ختم القرآن، وابن النيار قتل في الوقعة.(23/174)
وَكَانَ كَرِيْماً، حَلِيماً، دَيِّناً، سَلِيمَ البَاطِنِ، حَسَنَ الهَيْئَةِ (1) .
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ بِمَرَاغَةَ وَلَدُه الأَمِيْرُ مُبَارَكٌ (2) .
قَالَ قُطْبُ الدِّيْنِ اليُوْنِيْنِيُّ (3) : كَانَ مُتَدَيِّناً مُتمسِّكاً بالسُّنَّةِ كَأَبِيْهِ وَجَدِّهِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي حزم أَبِيْهِ، وَتيقّظه، وَعُلُوِّ هِمْتِهِ، وَإِقدَامِهِ، وَإِنَّمَا قَدَّمُوْهُ عَلَى عَمِّهِ الخَفَاجِيّ لِمَا يَعلمُوْنَ مِنْ لِينهِ وَانْقِيَادِهِ وَضَعفِ رَأْيِه لِيَستَبِدُّوا بِالأُمُوْر.
ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَوْزَر المُؤَيَّد ابْنَ العَلْقَمِيّ الرَّافضِيّ، فَأَهْلك الحَرْثَ وَالنَّسْلَ، وَحَسَّن لَهُ جَمعَ الأَمْوَال، وَأَنَّ يَقتصِرَ عَلَى بَعْض العَسَاكِر، فَقطع أَكْثَرهُم، وَكَانَ يَلعبُ بِالحَمَّامِ، وَفِيْهِ حرص وَتوَانٍ.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (4) : عَاثت الخُوَارِزْمِيَّةُ بقُرَى الشَّامِ.
وَصَالَحَتِ التَّتَارُ صَاحِبَ الرُّوْمِ عَلَى أَلفِ دِيْنَارٍ، وَفرس وَمَمْلُوْك وَجَارِيَة (5) فِي كُلِّ نَهَارٍ، بَعْدَ أَنِ اسْتبَاحُوا قَيْصَرِيَّةَ.
وَأُهْلِكَ قَاضِي القُضَاةِ بِدِمَشْقَ الرّفِيع الجِيْلِيّ.
وَدَخَلت الفِرَنْج القُدْس، وَرشُّوا الخَمْرَ عَلَى الصَّخْرَةِ، وَذَبَحُوا عِنْدَهَا خِنْزِيْراً، وَكَسَرُوا مِنْهَا شقفَةً.
__________
(1) غير واضحة في الأصل، وقرأناها من " تاريخ الإسلام " وذيل المرآة: 1 / 254.
(2) الأمير مبارك هذا سلم من قتل المغول.
(3) ذيل مرآة الزمان 1 / 254 - 255.
(4) تاريخ الإسلام، الورقة: 261 (أيا صوفيا 3012) بخطه.
(5) يضيف في " تاريخ الإسلام ": وكلب صيد.(23/175)
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ (1) : كَانَ حِصَارُ الخُوَارِزْمِيَّةِ عَلَى دِمَشْقَ فِي خدمَةِ صَاحِب مِصْر، وَاشتدَّ القَحط بِدِمَشْقَ، ثُمَّ التَقَى الشَّامِيُّوْنَ وَمَعَهُم عَسْكَر مِنَ الفِرَنْج، وَالمِصْرِيّون وَمَعَهُمُ الخُوَارِزْمِيَّةُ بَيْنَ عَسْقَلاَنَ وَغَزَّةَ، فَانْهَزَم الجمعَانِ، وَلَكِن حَصَدَتِ الخُوَارِزْمِيَّةُ الفِرَنْجَ فِي سَاعَةٍ، ثُمَّ أَسرُوا مِنْهُم ثَمَانِي مائَةٍ.
وَيُقَالُ: زَادت القَتْلَى عَلَى ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
وَاندكَّ صَاحِب حِمْص، وَنُهِبَتْ خَزَائِنُه وَبَكَى، وَقَالَ: قَدْ علمت بِأَنَّا لاَ نُفلح لَمَّا سِرْنَا تَحْتَ الصُّلبَانِ، وَاشتدَّ الحصَارُ عَلَى دِمَشْقَ.
وَجَاءت مِنَ الحَجّ أُمُّ المُسْتَعْصِم وَمُجَاهِد الدِّيْنِ الدُّوَيْدَار وَقيرَان (2) ، وَكَانَ وَفداً عَظِيْماً.
وَمَاتَ الوَزِيْرُ ابْنُ النَّاقِدِ، فَوزرَ المُؤَيَّدُ ابْنُ العَلْقَمِيّ وَالأُسْتَاذُ دَارِيَة لِمُحْيِي الدِّيْنِ ابْنِ الجَوْزِيِّ.
وَدَخَلت سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ: وَالحصَار عَلَى دِمَشْقَ، وَتَعَثَّرت الرَّعِيَّة، وَخَربت الحوَاضرُ، وَكَثُرَ الفنَاءُ، وَفِي الآخَرِ ترك البَلَدَ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيْلُ، وَصَاحِبُ حِمْص، وَتَرَحَّلاَ إِلَى بَعْلَبَكَّ، وَدَخَلَ البَلَدَ مُعِيْنُ الدِّيْنِ حَسَنٌ ابْنُ الشَّيْخِ، وَحَكَمَ وَعَزل مِنَ القَضَاء مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنَ الزَّكِيّ، وَوَلَّى صَدْر الدِّيْنِ ابْنَ سَنِيِّ الدَّوْلَة.
وَجَاءَ رَسُوْلُ الخِلاَفَةِ ابْنُ الجَوْزِيِّ (3) بِخِلَعِ السَّلْطَنَةِ لِلملكِ الصَّالِح نَجْم الدِّيْنِ.
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 261 - 263.
(2) قير ان الظاهري، وكان من كبار القواد.
(3) هو جمال الدين عبد الرحمان ابن الصاحب محيي الدين يوسف بن عبد الرحمان ابن الجوزي.(23/176)
وَفِيْهَا جَاءت فِرقَة مِنَ التَّتَار إِلَى بعقوبَا، فَالتقَاهُم الدُّوَيْدَار، فَكسرهُم.
وَفِي ذِي القَعْدَةِ: بلغت غرَارَة الْقَمْح بِدِمَشْقَ أَلْفاً وَمائتَيْ دِرْهَمٍ (1) .
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ (2) : عَاثَت الخُوَارِزْمِيَّة وَتَخَرّبت القُرَى، فَالتقَاهُم عَسْكَرُ حَلَبَ وَحِمْصَ، فَكُسرُوا شَرَّ كَسْرَةٍ عَلَى بُحَيْرَةِ حِمْصَ، وَقُتِلَ مُقَدَّمُهُم بَرَكَة خَان، وَحَار الصَّالِح إِسْمَاعِيْل فِي نَفْسِهِ، وَالْتَجَأَ إِلَى صَاحِبِ حَلَبَ.
وَفِيْهَا خِتَانُ أَحْمَدَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَلَدِيِ الخَلِيْفَة وَأَخِيْهِ عليّ (3) ، فَمَنِ الوليمَة أَلفٌ وَخَمْسُ مائَةِ رَأْسِ شوَاءٍ (4) .
وَقَدِمَ رَسُوْلاَنِ مِنَ التَّتَار أَحَدهُمَا مِنْ بَركَة، وَالآخرِ مِنْ بايجُو، فَاجْتَمَعُوا بِابْنِ العَلْقَمِيّ، وَتعمّت الأَخْبَار (5) .
وَفِيْهَا أَخذتِ الفِرَنْجُ شَاطِبَةَ.
وَفِي سَنَة خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ (6) : رَاح الصَّالِح إِلَى مِصْرَ، وَخلّف جَيْشَهُ يُحَاصِرُوْنَ عَسْقَلاَن وَطَبَرِيَة فَافْتَتَحُوهُمَا، وَحَاصَرَ الحَلَبِيُّوْنَ حِمْص أَشْهُراً، وتَعِبَ صَاحِبهَا الأَشْرَف فَسلَّمهَا، وَعُوِّضَ عَنْهَا بِتَلِّ بَاشِرَ فِي سَنَةِ سِتّ.
وَفِي سَنَةِ سَبْعٍ (7) : هَجَمت الفِرَنْج دِمْيَاط فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، فَهَرَبَ
__________
(1) من الدراهم الكاملية.
(2) تاريخ الإسلام، الورقة: 265 - 267.
(3) يعني: الأمير علي ابن الأمير أبي القاسم عبد العزيز ابن المستنصر.
(4) هذا غير ما أخرج من الخبز، والدجاج، والبيض، والسكر، والحلوى وغيرها مما ذكره
ابن الساعي نقلا من خط متولي مطبخ الاقامات بالخزن (انظر العسجد المسبوك: 545) .
(5) في " تاريخ الإسلام ": " وتعمت على الناس بواطن الأمور ".
(6) تاريخ الإسلام، الورقة: 267.
(7) تاريخ الإسلام، الورقة: 270.(23/177)
النَّاسُ مِنَ البَابِ الآخرِ، وَتَمَلَّكَهَا الفِرَنْج صَفْواً عَفْواً - نَعُوذ بِاللهِ مِنَ الخِذْلاَنِ - وَكَانَ السُّلْطَان بِالمَنْصُوْرَةِ، فَغَضِبَ عَلَى أَهْلِهَا، وَشَنَقَ سِتِّيْنَ مِنْ أَعيَانِ أَهْلهَا، وَذَاقُوا ذُلاً وَجوعاً، وَاسْتوحشَ العَسْكَر مِنَ السُّلْطَانِ - وَقِيْلَ: هَمَّ مَمَالِيْكُه بِقَتْلِهِ - فَقَالَ نَائِبه فَخْرُ الدِّيْنِ ابْن الشَّيْخ: اصبِرُوا فَهُوَ عَلَى شفَا.
فَمَاتَ فِي نِصْفِ شَعْبَانَ، وَأُخْفِيَ مَوْتُهُ إِلَى أَنْ أُحْضِرَ ابْنُهُ المُعَظَّمُ تُوْرَانْشَاه مِنْ حِصنِ كَيْفَا، فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ قَلِيْلاً وَقَتَلُوْهُ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ المَنْصُوْرَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، فَسَاقت الفِرَنْج إِلَى الدِّهْلِيْز، فَخَرَجَ نَائِب السّلطنَةِ فَخْرُ الدِّيْنِ ابْن الشَّيْخ وَقَاتَلَ فَقُتِلَ، وَانْهَزَم المُسْلِمُوْنَ وَعَظُمَ الخَطْبُ، ثُمَّ تَنَاخَى العَسْكَر، وَكَرُّوا عَلَى العَدُوِّ فَطَحَنُوهُم، وَقَتَلُوا خَلْقاً، وَنَزَلَ النَّصْرُ.
ثُمَّ فِي ذِي الحِجَّةِ: كَانَ وُصُوْل المُعَظَّمِ، وَكَانَ نَوَى أَنْ يَفتك بِفَخْرِ الدِّيْنِ، لأَنَّه بَلَغَهُ أَنَّهُ رَامَ السَّلْطَنَةَ.
وَاستهلّت سَنَةَ ثَمَانٍ: وَالفِرَنْج عَلَى المَنْصُوْرَةِ بِإِزَاء المُسْلِمِيْنَ، وَلَكِنهُم فِي ضَعْفٍ وَجُوْعٍ، وَمَاتَتْ خَيلهُم، فَعزم الفَرنسِيسُ (1) عَلَى الرُّكوبِ ليلاً إِلَى دِمْيَاط، فَعَلِمَ المُسْلِمُوْنَ، وَكَانَتِ الفِرَنْج قَدْ عَملُوا جِسْراً عَظِيْماً عَلَى النِّيلِ، فَذَهلُوا عَنْ قطعه، فَدَخَلَ مِنْهُ المُسْلِمُوْنَ فَكَبَسُوهُم، فَالتَجَأَتِ الفِرَنْج إِلَى مُنْيَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَأَحَاطَ بِهِم الجَيْش، وَظَفِرَ أصطول المُسْلِمِيْنَ بِأصطولهم، وَغنمُوا مَرَاكِبَهُم، وَبَقِيَ الفَرنسيس فِي خَمْس مائَة فَارِسٍ وَخُذِلَ، فَطَلبَ الطّوَاشِي رشيد وَسَيْف الدِّيْنِ القيمرِي، فَأَتَوْهُ، فَطَلبَ أَمَاناً، فَأَمَّنَاهُ عَلَى أَنْ لاَ يَمرُّوا بِهِ بَيْنَ النَّاس، وَهَرَبَ جُمْهُوْرِ الفِرَنْج، وَتَبِعَهُم العَسْكَر، وَبقوا جُمْلَةً وَجُملَةً حَتَّى أُبِيْدت خَضْرَاؤُهُم، حَتَّى قِيْلَ: نَجَا مِنْهُم فَارِسَانِ، ثُمَّ غَرِقَا فِي البَحْر! وَغنم المُسْلِمُوْنَ مَا لاَ يُعَبَّر عَنْهُ.
__________
(1) هو ملك فرنسا لويس التاسع، لعنه الله.(23/178)
أَنْبَأَنِي الخَضِرُ بنُ حَمُّوَيْه، قَالَ: لَوْ أَرَادَ ملكهُم لنجَا عَلَى فَرَسِهِ وَلَكِنَّهُ حَمَى سَاقيه، فَأُسر هُوَ وَجَمَاعَة مُلُوْك وَكُنُوْد (1) ، فَأُحْصِي الأَسرَى فَكَانُوا نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ أَلْفاً، وَغَرِقَ وَقُتِلَ سَبْعَة آلاَف، وَكَانَ يَوْماً مَا سَمِعَ المُسْلِمُوْنَ بِمِثْلِهِ، وَمَا قُتِلَ مِنَ المُسْلِمِيْنَ نَحْو المائَة، وَاشْتَرَى الفرنسيسُ نَفْسه بِرَدِّ دِمْيَاط وَبِخَمْس مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
وَجَاءَ كِتَابُ المُعَظَّم، وَفِيْهِ فِي أَول السّنَة ترك العَدُوّ خِيَامهُم، وَقَصَدُوا دِمْيَاطَ، فَعملَ السَّيْفُ فِيهِم عَامَّةَ اللَّيْلِ، وَإِلَى النَّهَار، فَقَتَلنَا مِنْهُم ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً غَيْرَ مَنْ أَلقَى نَفْسَهُ فِي المَاء، وَأَمَّا الأَسرَى فَحَدِّثْ عَنِ البَحْرِ وَلاَ حَرَجَ.
وَفِي أَوَاخِرِ المُحَرَّم قتلُوا المُعَظَّم.
وَفِيْهَا اسْتولَى صَاحِب حَلَب عَلَى دِمَشْقَ، ثُمَّ سَارَ ليَأْخُذَ مِصْرَ، وَهَزَمَ المِصْرِيّينَ، ثُمَّ تَنَاخَوْا وَهَزَمُوْهُ وَقتلُوا نَائِبَهُ.
وَاستولَى لُؤْلُؤٌ عَلَى جَزِيْرَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَقُتِلَ مَلِكُهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ.
وَفِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ أَغَارتِ التَّتَارُ عَلَى مَيَّافَارِقِيْنَ وَسروج، وَعَلَيْهِم كشلوخَان المَغُلِي.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ: أَخَذَ المُسْلِمُوْنَ صَيْدَا، وَهَرَبَ أَهْلُهَا إِلَى قَلعَتِهَا.
وَفِيْهَا: قَدَمت بِنْتُ عَلاَءِ الدِّيْنِ صَاحِب الرُّوْم، فَدَخَلَ بِهَا صَاحِبُ دِمَشْقَ الْملك النَّاصِرُ، فَكَانَ عُرْساً مَشْهُوْداً، وَعُملت القِبَابُ، وَكَانَ الخُلْفُ وَاقِعاً بَيْنَ النَّاصِرِ وَبَيْنَ صَاحِبِ مِصْرَ المُعِزِّ، ثُمَّ بَعْد مُدَّةٍ وَقَعَ الصُّلحُ.
__________
(1) جمع: كند، وهو الكونت.(23/179)
وَفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ: كَانَ ظُهُوْرُ الآيَةِ الكُبْرَى - وَهِيَ النَّارُ - بِظَاهِرِ المَدِيْنَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَدَامت أَيَّاماً تَأْكُل الحجَارَةِ، وَاسْتغَاثَ أَهْلُ المَدِيْنَةِ إِلَى اللهِ وَتَابُوا، وَبَكَوْا، وَرَأَى أَهْلُ مَكَّةَ ضَوْءهَا مِنْ مَكَّةَ، وَأَضَاءتْ لَهَا أَعْنَاقُ الإِبِل بِبُصْرَى، كَمَا وَعَدَ بِهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيمَا صَحَّ عَنْهُ.
وَكُسِفَ فِيْهَا الشَّمْسُ وَالقَمَرُ، وَكَانَ فِيْهَا الغَرَقُ العَظِيْمُ بِبَغْدَادَ، وَهَلَكَ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِهَا، وَتَهدَّمتِ البُيُوْتُ، وَطَفَحَ المَاء عَلَى السُّوْر.
وَفِيْهَا: سَارَ الطَّاغِيَة هُوْلاَكُو بنُ تولي بن جنكزخَان فِي مائَةِ أَلْفٍ، وَافتَتَح حصن الأَلموت، وَأَبَادَ الإِسْمَاعِيْلِيَّة، وَبَعَثَ جَيْشاً عَلَيْهِم باجونَوِين، فَأَخذُوا مَدَائِنَ الرُّوْمِ، وَذلَّ لَهُم صَاحِبهَا، وَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَفِيْهَا كَانَ حَرِيْق مَسْجِدِ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَمِيْعِهِ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ مِنْ مسرجَة القَيِّمِ - فَلله الأَمْرُ كُلُّهُ -.
وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ: مَاتَ صَاحِبُ مِصْرَ الملكُ المُعِزُّ أَيبك التُّرُكْمَانِيّ، قَتَلَتْه زَوجَتُه شَجَرُ الدُّرِّ فِي الغِيْرَةِ، فَوُسِّطَتْ.
وَجَرَتْ فِتْنَةٌ مَهُولَةٌ بِبَغْدَادَ بَيْنَ النَّاس وَبَيْنَ الرَّافِضَّةِ، وَقُتِلَ عِدَّة مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، وَعَظُمَ البَلاَءُ، وَنُهِبَ الكَرْخُ، فَحنقَ ابْن العَلْقَمِيّ الوَزِيْرُ الرَّافضِيُّ، وَكَاتَبَ هُوْلاَكُو، وَطَمَّعَهُ فِي العِرَاق، فَجَاءت رُسُل هُوْلاَكُو إِلَى بَغْدَادَ، وَفِي البَاطِنِ مَعَهُم فَرمَانَات لِغَيْرِ وَاحِدٍ، وَالخَلِيْفَةُ لاَ يَدْرِي مَا يَتُم، وَأَيَّامُه قَدْ وَلّت، وَصَاحِب دِمَشْق شَابٌّ غرٌّ جبَانٌ، فَبَعَثَ وَلَدَهُ الطِّفْلَ مَعَ الحَافِظِيِّ بِتقَادمٍ وَتُحَفٍ إِلَى هُوْلاَكُو، فَخَضَعَ لَهُ، وَمِصْرُ فِي اضْطِرَابٍ بَعْدَ قَتلِ المُعِزِّ، وَصَاحِبُ الرُّوْمِ قَدْ هَرَبَ إِلَى بِلاَدِ الأَشكرِيِّ، فَتَمَرَّدَ هُوْلاَكُو وَتَجَبَّرَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى المَمَالِكِ، وَعَاثَ جُندُه الكَفرَةُ يَقْتُلُوْنَ وَيَأْسرُوْنَ وَيَحرِقُوْنَ.(23/180)
وَدَخَلتْ سَنَةُ سِتٍّ: فَسَارَ عَسْكَرُ النَّاصِرِ وَعَلَيْهِم المُغِيْثُ ابْنُ صَاحِبِ الكَرَكِ لِيَأْخذُوا مِصْرَ، فَالتقَاهُمُ المُظَفَّرُ قُطُزُ، وَهُوَ نَائِبٌ لِلْمَنْصُوْرِ عَلِيٍّ وَلَدِ المُعِزّ بِالرَّملِ، فَكَسَرهُم، وَأَسَرَ جَمَاعَةَ أُمَرَاءَ، فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُم.
وَأَمَّا هُوْلاَكُو، فَقصدَ بَغْدَادَ، فَخَرَجَ عَسْكَرُهَا إِلَيْهِ، فَانكَسَرُوا، وَكَاتَبَ لُؤْلُؤٌ صَاحِبُ المَوْصِلِ وَابْنُ صلاَيَا مُتَوَلِّي إِرْبِلَ الخَلِيْفَةَ سِرّاً يَنْصَحَانِه، فَمَا أَفَادَ، وَقُضِيَ الأَمْرُ، وَأَقْبَلَ هُوْلاَكُو فِي المَغُوْلِ وَالتُّركِ وَالكُرْجِ وَمَددٍ مِنِ ابْنِ عَمِّهِ بَرَكَةَ وَمَددٍ مِنْ عَسْكَرِ لُؤْلُؤٍ عَلَيْهِم ابْنُه الملكُ الصَّالِحُ، فَنَزَلُوا بِالجَانبِ الغَربِيِّ، وَأَنشَأَوا عَلَيْهِم سُوراً، وَقِيْلَ: بَلْ أَتَى هُوْلاَكُو البلدَ مِنَ الجَانبِ الشَّرْقِيِّ (1) ، فَأَشَارَ الوَزِيْرُ عَلَى الخَلِيْفَةِ بِالمدَارَاةِ، وَقَالَ: أَخرُجُ إِلَيْهِ أَنَا.
فَخَرَجَ، وَاسْتوثَقَ لِنَفْسِهِ، وَردَّ، فَقَالَ: القَانُ رَاغِبٌ فِي أَنْ يُزوِّج بِنْتَهُ بِابْنِكَ أَبِي بَكْرٍ، وَيُبْقَي لَكَ مَنصِبَك كَمَا أَبْقَى صَاحِبَ الرُّوْم فِي مَمْلَكتِه مِنْ تَحْتِ أَوَامرِ القَانِ، فَاخرُجْ إِلَيْهِ.
فَخَرَجَ فِي كُبَرَاءِ دَوْلَتِه لِلنِّكَاحِ يَعْنِي، فَضَرَبَ أَعْنَاق الكُلِّ بِهَذِهِ الخَديعَةِ، وَرُفِسَ المُسْتَعْصِمُ حَتَّى تلف، وَبَقِيَ السَّيْفُ فِي بَغْدَادَ بَضْعَةً وَثَلاَثِيْنَ يَوْماً، فَأَقلُّ مَا قِيْلَ: قُتلَ بِهَا ثَمَانُ مائَةِ أَلْفِ نَفْسٍ، وَأَكْثَرُ مَا قِيْلَ: بَلَغُوا أَلفَ أَلفٍ وَثَمَانِ مائَةِ أَلْفٍ، وَجَرَتِ السُّيُولُ مِنَ الدِّمَاءِ - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ -.
ثُمَّ بَعْدَ ذَهَابِ البلدِ وَمَنْ فِيْهِ إِلاَّ اليَسِيْرَ، نُودِيَ بِالأَمَانِ، وَانعكسَ عَلَى الوَزِيْرِ مَرَامُه، وَذَاقَ ذُلاًّ وَوَيلاً، وَمَا أَمهلَهُ اللهُ.
وَمِنَ القَتْلَى: مُجَاهِدُ الدِّيْنِ الدُّوَيْدَارُ، وَالشَّرَابِيُّ، وَابْنُ الجَوْزِيِّ أُسْتَاذُ الدَّارِ، وَبَنُوهُ، وَقُتِلَ بَايْجُو نَوِيْنَ نَائِبُ هُوْلاَكُو، اتَّهمَه بِمُكَاتِبَةِ الخَلِيْفَةِ،
__________
(1) أتى هولاكو من الجانب الشرقي، وأتى قائده بايجو من الجانب الغربي، فأحاطوا بها من الجانبيين (انظر الحوادث الجامعة: 323 والعسجد المسبوك: 630) .(23/181)
وَرجع هُوْلاَكُو بِالسَّبْيِ وَالأَمْوَال إِلَى أَذْرَبِيْجَانَ، فَنَزَلَ إِلَى خِدْمَتِه لُؤْلُؤٌ، فَخلعَ عَلَيْهِ، وَردَّه إِلَى المَوْصِلِ، وَنَزَلَ إِلَيْهِ ابْنُ صلاَيَا، فَضَرَبَ عُنُقَه، وَبَعَثَ عَسْكَراً حَاصرُوا مَيَّافَارِقِيْنَ، وَبَعَثَ رَسُوْلاً إِلَى النَّاصِرِ وَكِتَابُه: خِدْمَة ملك نَاصِر طَالَ عُمُرُهُ إِنَّا فَتحنَا بَغْدَادَ، وَاسْتَأْصلنَا مَلِكَهَا وَمُلْكَهَا، وَكَانَ ظَنَّ إِذْ ضنَّ بِالأَمْوَالِ وَلَمْ يُنَافس فِي الرِّجَالِ أَن ملكه يَبْقَى عَلَى ذَلِكَ الحَال، وَقَدْ علاَ قدرُه وَنَمَى ذِكْرُهُ، فَخُسف فِي الكَمَال بَدرُه:
إِذَا تَمَّ أَمرٌ بَدَا نَقصُهُ ... تَوقَّعْ زَوَالاً إِذَا قِيْلَ: تَمّ
وَنَحْنُ فِي طَلَبِ الازْدِيَادِ عَلَى مَمرِّ الآبَادِ، فَأَبدِ مَا فِي نَفْسِك، وَأَجِبْ دَعْوَةَ ملكِ البَسيطَةِ تَأْمنْ شَرَّه، وَتَنَلْ بِرَّهُ، وَاسْعَ إِلَيْهِ، وَلاَ تُعوِّقْ رَسُوْلنَا، وَالسَّلاَمُ.
ذَكرَ جَمَالُ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ بنُ رَطْلَيْن الحَنْبَلِيُّ، قَالَ:
جَاءَ هُوْلاَكُو فِي نَحْوِ مائَتَيْ أَلْفٍ، ثُمَّ طَلبَ الخَلِيْفَةَ، فَطَلَعَ مَعَهُ القُضَاةُ وَالأَعيَانُ فِي نَحْوٍ مِنْ سَبْعِ مائَةِ نَفْسٍ، فَمُنعُوا، وَأُحضرَ الخَلِيْفَةُ وَمَعَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ كَانَ أَبِي (1) مِنْهُم، وَضَرَبَ رِقَابَ سَائِرِ أُوْلَئِكَ، فَأُنْزِلَ الخَلِيْفَةُ فِي خَيمَةٍ وَالسَّبْعَةَ عَشَرَ فِي خَيمَةٍ.
قَالَ أَبِي: فَكَانَ الخَلِيْفَةُ يَجِيْءُ إِلَيْنَا فِي اللَّيْلِ، وَيَقُوْلُ: ادعُوا لِي.
قَالَ: فَنَزَلَ عَلَى خَيمَتِه طَائِرٌ، فَطَلَبَهُ هُوْلاَكُو، فَقَالَ: أَيش عَملُ هَذَا الطَّائِرِ؟ وَمَا قَالَ لَكَ؟
ثُمَّ جَرَتْ لَهُ مُحَاوَرَةٌ مَعَهُ، وَأَمرَ بِهِ وَبِابْنِه أَبِي بَكْرٍ، فَرُفِسَا حَتَّى مَاتَا، وَأَطلَقُوا السَّبْعَةَ عَشَرَ وَأَعْطوهُم نشَابَةً، فَقُتل مِنْهُم اثْنَانِ،
__________
(1) أبوه هو فخر الدين أبو محمد عبد الله بن علي بن منصور بن رطلين الحنبلي، كان من العدول الأعيان، سلم من الوقعة المشؤومة وتوفي في شهر رجب سنة 679، ودفن بباب حرب، فهو شاهد عيان لها. ترجمه ابن الفوطي في تلخيصه: 4 / الترجمة: 2143.(23/182)
وَأَتَى البَاقُوْنَ دُورَهُم، فَوَجَدُوهَا بَلاَقعَ، فَأَتيتُ أَبِي بِالمُغِيْثِيَّةِ، فَوَجَدتُه مَعَ رِفَاقِه، فَلَمْ يَعرِفْنِي أَحَدٌ مِنْهُم، وَقَالُوا: مَا تُرِيْدُ؟
قُلْتُ: أُرِيْدُ فَخْرَ الدِّيْنِ ابْنَ رَطْلَيْن، وَقَدْ عَرَفْتُهُ.
فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، وَقَالَ: مَا تُرِيْدُ مِنْهُ؟
قُلْتُ: أَنَا وَلدُهُ.
فَنَظَرَ، فَلَمَّا تَحَقَّقنِي، بَكَى، وَكَانَ مَعِي قَلِيْلُ سِمْسِمٍ، فَتركتُه بَيْنَهُم.
وَعَمِلَ ابْنُ العَلْقَمِيِّ عَلَى تَركِ الجُمُعَاتِ، وَأَنْ يَبنِيَ مَدْرَسَةً عَلَى مَذْهَبِ الرَّافِضَّةِ، فَمَا بلغَ أَملُه، وَأُقيمتِ الجُمعَاتُ.
وَحَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كَانَ قَدْ مَشَى حَالُ الخَلِيْفَةِ بِأَنْ يَكُوْنَ لِلتَّتَارِ نِصْفُ دَخْلِ العِرَاقِ، وَمَا بَقِيَ شَيْءٌ، أَنْ يَتم ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ العَلْقَمِيّ: بَلِ المَصْلحَةُ قَتْلُه، وَإِلاَّ فَمَا يَتم لَكُم مُلك العِرَاق (1) .
قُلْتُ: قَتلُوْهُ خنقاً.
وَقِيْلَ: رَفساً.
وَقِيْلَ: غمّاً فِي بِسَاطٍ، وَكَانُوا يُسمُّونَهُ: الأَبْلَهَ.
وَأَنْبَأَنِي الظَّهِيْرُ الكَازَرُوْنِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ (2)) : أَنَّ المُسْتَعْصِمَ دَخَلَ بَغْدَادَ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ إِلَى هُوْلاَكُو، فَأَخَرَجَ لَهُ الأَمْوَالَ، ثُمَّ خَرَجَ فِي رَابِعِ صَفَرٍ، وَبُذِلَ السَّيْفُ فِي خَامِسِ صَفَرٍ.
قَالَ: وَقُتِلَ المُسْتَعْصِمُ بِاللهِ يَوْم الأَرْبعَاء، رَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ.
فَقِيْلَ: جُعِلَ فِي غرَارَةٍ وَرُفس إِلَى أَنْ مَاتَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَدُفِنَ وَعُفِي أَثره، وَقَدْ بلغَ سِتّاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.
قَالَ: وَقُتِلَ ابْنَاهُ أَحْمَدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَقِيَ وَلدُهُ مُبَارَكٌ، وَفَاطِمَةُ، وَخَدِيْجَةُ، وَمَرْيَمُ فِي أَسرِ التَّتَارِ.
__________
(1) أعمى الحقد والتعصب هذا الخائن، وقتل الناس ودمرت بلاد الإسلام بسبب حقده وتعصبه واعتقاده الفاسد.
(2) مختصر التاريخ لابن الكازروني ص 272 - 274.(23/183)
قُلْتُ: وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ إِلَى اليَوْمِ بِأَذْرَبِيْجَانَ، وَانقطعتِ الإِمَامَةُ العَبَّاسِيَّةُ ثَلاَثَ سِنِيْنَ وَأَشْهُراً بِمَوْتِ المُسْتَعْصِمِ، فَكَانَتْ دَوْلَتُهُم مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ، إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَذَلِكَ خَمْسُ مائَةٍ وَأَرْبَعٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً - وَللهِ الأَمْرُ -.
110 - الجَوَادُ يُوْنُسُ بنُ مَمْدُوْدِ بنِ العَادِلِ أَبِي بَكْرٍ الأَيُّوْبِيُّ *
السُّلْطَانُ، المَلِكُ، الجَوَادُ، مُظَفَّرُ الدِّيْنِ يُوْنُسُ بنُ مَمْدُوْدٍ (1) ابْنِ السُّلْطَانِ المَلِكِ العَادِلِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَيُّوْبَ الأَيُّوْبِيُّ.
نَشَأَ فِي خِدمَةِ عَمِّهِ الكَامِلِ، فَوَقَعَ بَيْنَهُمَا، فَتَأَلَّمَ، وَجَاءَ إِلَى عَمِّهِ المُعَظَّمِ، فَأَكْرَمَه، ثُمَّ عَادَ إِلَى مِصْرَ، وَاصطلحَ هُوَ وَالكَامِلُ، وَلَمَّا (2) تُوُفِّيَ الأَشْرَفُ، جَاءَ الكَامِلُ وَمَعَهُ هَذَا، ثُمَّ مَاتَ الكَامِلُ، فَمَلَّكُوا الجَوَادَ دِمَشْقَ.
وَكَانَ جَوَاداً، مُبَذِّراً لِلْخَزَائِن، قَلِيْلَ الحَزْمِ، وَفِيْهِ مَحبَّةٌ لِلصَّالحينَ، وَالتفَّ حَوْلَهُ ظَلَمَةٌ، ثُمَّ تَزَلْزَلَ أَمرُهُ، فَكَاتَبَ الملكَ الصَّالِحَ أَيُّوْبَ ابْنَ الكَامِلِ صَاحِبَ سِنْجَارَ وَغَيْرَهَا، فَبَادَرَ إِلَيْهِ وَأَعْطَاهُ دِمَشْقَ، وَعَوَّضَهُ بِسِنْجَارَ وَعَانَةَ، فَخَابَ البَيْعُ، فَذَهَبَ إِلَى الجَزِيْرَةِ، فَلَمْ يَتِمَّ لَهُ أَمرٌ، وَأُخِذت مِنْهُ
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 743 - 744، تاريخ أبي الفدا: 3 / 169، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 12، العبر للذهبي: 171، فوات الوفيات: 4 / 396 - 397 الترجمة 599، مرآة الجنان وعبرة اليقظان لليافعي: 4 / 104، البداية والنهاية: 13 / 163، السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي: 1 / 214، النجوم الزاهرة: 6 / 348، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب للحنبلي: 388 - 392 الترجمة 92، شذرات الذهب: 5 / 212.
(1) في فوات الوفيات: مودود (وهو تصحيف أصر عليه محققه على الرغم من وجود إحدى نسخ التحقيق تذكر الاسم كما ورد هنا، وكما هو عند سائر أصحاب التراجم) .
(2) إضافة يقتضيها السياق.(23/184)
سِنْجَارُ، وَبَقِيَ فِي عَانَة حَزِيناً، فَتركهَا، وَمَضَى إِلَى بَغْدَادَ، فَبَاع عَانَةَ لِلمُسْتَنْصِر بِمَالٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى الملكِ الصَّالِح أَيُّوْبَ، فَمَا أَقْبَل عَلَيْهِ، وَهَمَّ بِاعْتقَالِه، فَفَرَّ إِلَى الكَرَكِ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ النَّاصِرُ، ثُمَّ هَرَبَ مِنْ مَخَالِيبِهِ، فَقَدم عَلَى صَاحِب دِمَشْقَ يَوْمَئِذٍ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيْلَ عَمِّه، فَمَا بشَّر بِهِ، وَتَرَاجَمَتْهُ الأَحْوَالُ، فَقصدَ الفِرَنْجِيَّ ملكَ بَيْرُوْتَ، فَأَكرمُوْهُ، وَحضر مَعَهُم وَقْعَةَ قلنسوَةَ مِنْ عَملِ نَابُلُسَ، قتلُوا بِهَا أَلفَ مُسْلِم - نَعُوذ بِاللهِ مِنَ الْمَكْر وَالخزي - ثُمَّ تَحَيَّل عَمُّه الصَّالِح إِسْمَاعِيْل عَلَيْهِ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ ابْن يغمور، فَخدعه، وَجَاءَ فَقَبَضَ عَلَيْهِ الصَّالِح، فَسَجَنَهُ بِعَزّتَا.
وَقِيْلَ: إِنَّ الجَوَادَ لَمَّا تَسَلطنَ، التَقَى هُوَ وَالنَّاصِرُ دَاوُدُ بِظهْر حِمَار، فَانْهَزَم دَاوُدُ، وَأَخَذَ الجَوَادُ خَزَائِنه، وَدَخَلَ دَارَ المُعَظَّم الَّتِي بِنَابُلُسَ، فَاحتَوَى عَلَى مَا فِيْهَا، وَكَانَ بِمِصْرَ قَدْ تَمَلَّكَ العَادلُ وَلدُ الكَامِلِ، فَنفذ يَأْمر الجَوَادَ بِردِّ بِلاَده إِلَيْهِ، وَأَنْ يردّ إِلَى دِمَشْقَ، فَرَدَّ إِلَيْهَا، وَدَخَلَهَا فِي تَجمُّلٍ زَائِدٍ، وَزَيَّنُوا البَلَد، وَكَانَ يُخطبُ لَهُ بَعْد ذِكْرِ العَادلِ ابْنِ عَمِّهِ، مَضَى هَذَا، ثُمَّ إِنَّ الفِرَنْج أَلَحُّوا عَلَى الصَّالِحِ، وَكَانَ مُصَافِياً لَهُم، فِي إِطلاَقِ الجَوَادِ، وَقَالُوا: لاَ بُدَّ لَنَا مِنْهُ.
وَكَانَتْ أُمُّه إِفرَنْجيَةً - فِيْمَا قِيْلَ - فَأَظهر لَهُم أَنَّهُ قَدْ تُوُفِّيَ، فَقِيْلَ: خَنَقهُ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَحُمِلَ، فَدُفِنَ عِنْدَ المُعَظَّمِ بِسَفحِ قَاسِيُوْنَ - سَامَحَهُ اللهُ تَعَالَى -.
111 - صَاحِبُ تُوْنُسُ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عُمَرَ الهَنْتَانِيُّ *
المَلِكُ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى ابْنُ الأَمِيْرِ عَبْدِ الوَاحِدِ ابْنِ الشَّيْخِ عُمَرَ الهَنتَانِيُّ، الموحّدِيُّ.
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة مكتبة أسعد أفندي =(23/185)
كَانَ أَبُوْهُ متولِّياً لِمَدَائِنِ إِفْرِيْقِيَةَ لآلِ عَبْدِ المُؤْمِنِ، فَمَاتَ وَوَلِيَ بَعْدَهُ الأَمِيْرُ عَبُّو، فَولِي مُدَّةً، ثُمَّ تَوثَّب عَلَيْهِ يَحْيَى هَذَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى إِفْرِيْقِيَة وَتَمَكَّنَ، وَامتدت دَوْلَته بِضْعاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَاشْتَغَل عَنْهُ بَنُوْ عَبْد المُؤْمِنِ بِأَنْفُسِهِم، وَقَوِيَ أَيْضاً عَلَيْهِم يَغَمْرَاسَنُ (1) صَاحِبُ تِلِمْسَانَ.
مَاتَ الْملك يَحْيَى: بِمدينَةِ بُوْنَةَ مِنْ إِفْرِيْقِيَة، فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةَ تِسْعٍ.
وَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنه.
وَهِيَ مَمْلَكَةٌ كَبِيْرَةٌ فِي قدرِ مَمْلَكَةِ اليَمَن بَلْ أَكْبَر، وَعَسْكَره نَحْوٌ مِنْ سَبْعَةِ آلاَفِ فَارِسٍ، وَسُلْطَانهَا اليَوْمَ هُوَ أَبُو بَكْرٍ الهَنْتَانِيُّ أَحَد الشُّجعَانِ مُصَالِحٌ لِلسُّلْطَانِ أَبِي الحَسَنِ المَرِيْنِيِّ وَمُصَاهرٌ لَهُ.
112 - صَاحِبُ الغَرْبِ المُعْتَضِدُ بِاللهِ عَلِيُّ بنُ إِدْرِيْسَ المُؤْمِنِيُّ *
السُّلْطَانُ السَّعِيْدُ - وَيُقَالُ لَهُ: المُعْتَضِدُ بِاللهِ - عَلِيُّ ابْنُ المَأْمُوْنِ إِدْرِيْسَ بنِ يَعْقُوْبَ المُؤْمِنِيُّ.
__________
= 2330) ج 10 الورقة 3 ب، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 حاشية الورقة 83 كتبها الذهبي بخطه عليها، فوات الوفيات لابن شاكر الكتبي: 4 / 293 - 295، الترجمة 572، تاريخ ابن خلدون (بولاق) 6 / 280، تاريخ الدولتين الوحدية والحفصية للزركشي (ط 2 المكتبة العتيقة تونس 1966) ص 23 - 31، أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض: 3 / 208.
(1) هو يغمراسن بن زيان بن ثابت بن محمد العبد الوادي، أول من استقل بتلمسان من سلاطين بني عبد الواد، بويع سنة 633 وبقي إلى حين وفاته سنة 681 (انظر بغية الرواد: 1 / 109 - 116) .
(*) وفيات الأعيان لابن خلكان: 7 / 17 - 18 الترجمة 363، العبر للذهبي 5 / 190، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 70 وحواشيها العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني 568، تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية للمراكشي (ط 2 المكتبة العتيقة =(23/186)
تَملَّكَ المَغْرِبَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ بَعْدَ أَخِيْهِ الرَّشِيْدِ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَكَانَ أَسوَدَ الجِلدَةِ.
قُتِلَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَقَامَ بَعْدَهُ المُرْتَضَى عُمَرُ بنُ أَبِي إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو دَبوس، وَقتلَه سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : سَارَ السَّعِيْدُ، وَحَاصَرَ قَلْعَةً بِقُرْبِ تِلِمْسَانَ، وَقُتِلَ هُنَاكَ عَلَى ظَهرِ جَوَادِه (2) .
113 - المَلِكُ الصَّالِحُ أَبُو الفُتُوْحِ أَيُّوْبُ ابنُ الكَامِلِ ابْنِ العَادِلِ *
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، المَلِكُ الصَّالِحُ، نَجْمُ الدِّيْنِ، أَبُو الفُتُوْحِ أَيُّوْبُ ابْنُ السُّلْطَانِ المَلِكِ الكَامِلِ مُحَمَّدِ ابْنِ العَادِلِ.
وَأُمُّه جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ اسْمهَا: وَرْدُ المُنَى.
__________
= بتونس 1966) ص 30 - 31، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي: 5 / 236، الاعلام لخير الدين الزركلي (ط: 4) 4 / 263 وفي هامشها مصادر.
(1) وفيات الأعيان: 7 / 17 - 18.
(2) قتله يغمراسن بن زيان.
(*) سيرته مشهورة في الكتب التي أرخت لهذه الحقبة ومنها: مرآة الزمان: 8 / 775، ذيل الروضتين 182 - 183، أخبار الايوبيين للمكين جرجيس بن العميد: 159، مفرج الكروب لابن واصل (في صفحات كثيرة منه) ، الحوادث الجامعة: 245، المختصر في تاريخ البشر لأبي الفدا: 3 / 139، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 73 - 80، دول الإسلام للذهبي أيضا: 2 / 115، العبر للذهبي كذلك 5 / 193، تاريخ ابن لوردي: 2 / 260، السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي: 1 / 296، والمواعظ والاعتبار لمسماة بخطط المقريزي: 2 / 236، النجوم الزاهرة: 6 / 361، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب لأحمد بن إبراهيم الحنبلي: 367 - 382، الترجمة 83، بدائع الزهور لابن اياس: 1 / 83، شذرات الذهب: 5 / 237.(23/187)
مَوْلِدُه: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّ مائَةٍ، بِالقَاهِرَةِ.
وَنَاب عَنْ أَبِيْهِ لَمَّا جَاءَ لِحصَارِ النَّاصِرِ دَاوُدَ، فَلَمَّا رَجَعَ، انتقدَ أَبُوْهُ عَلَيْهِ أَشيَاءَ، وَمَالَ عَنْهُ إِلَى وَلَدِهِ الآخِر العَادلِ، فَلَمَّا اسْتولَى الكَامِل عَلَى آمدَ وَحصنِ كَيْفَا وَسِنْجَارَ، سَلْطَنَ نَجْمَ الدِّيْنِ، وَجَعَلَهُ عَلَى هَذِهِ البِلاَد، فَبَقِيَ بِهَا إِلَى أَنْ جَاءَ وَتَمَلَّكَ دِمَشْقَ، ثُمَّ سَاقَ إِلَىالغَوْر، فَوَثَبَ عَلَى دِمَشْقَ عَمُّه إِسْمَاعِيْل، فَأَخَذَهَا، وَنَزَلَ عَسْكَر الكَرَكِ، فَأَحَاطُوا بِالصَّالِحِ، وَأَخَذوهُ إِلَى الكَرَكِ، ثُمَّ ذهب بِهِ النَّاصِرُ لَمَّا كَاتَبَهُ الأُمَرَاءُ الكَامِليَّةُ، فَعَزَلُوا أَخَاهُ العَادلَ وَمَلَّكُوهُ، وَرَجَعَ النَّاصِر بِخُفَّي حُنَيْنٍ.
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: كَانَ لاَ يَجتمعُ بِالفُضَلاَءِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مُشَاركَةٌ، بِخلاَفِ أَبِيْهِ، وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ اصطَلَحَ الصَّالِحُ وَعَمُّه الصَّالِحُ (1) عَلَى أَنَّ دِمَشْقَ لِعَمِّه، وَأَنْ يُقيم هُوَ وَالحَلَبِيُّوْنَ وَالحِمْصيون الخُطبَة لِلصَّالح نَجْمِ الدِّيْنِ، وَأَنْ يُبعَثَ إِلَيْهِ وَلدُهُ الملكُ المُغِيْثُ وَابْنُ أَبِي عَلِيٍّ وَمُجِيْرُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي زكرِي، فَأَطلَقهُم عَمُّه، وَاتَّفَقتِ المُلُوْكُ عَلَى عَدَاوَةِ صَاحِبِ الكَرَكِ، وَبَعَثَ إِسْمَاعِيْلُ جَيْشاً يُحَاصرُوْنَ عَجلُوْنَ، وَهِيَ بِيَدِ النَّاصِرِ، ثُمَّ انْحلَّ ذَلِكَ؛ لِورقَةٍ وَجَدَهَا إِسْمَاعِيْلُ مِنْ أَيُّوْبَ إِلَى الخُوَارِزْمِيَّةِ يَحَثُّهُم علَى المَجِيْءِ لِيُحَاصرُوا عَمَّه، فَحَبَسَ حِيْنَئِذٍ المُغِيْثَ، وَصَالَحَ صَاحِبَ الكَرَكِ، وَاتَّفَقَ مَعَ صَاحِبِ حِمْصَ وَصَاحِبِ حَلَبَ، وَاعتضدَ بِالفِرَنْجِ، فَأَقْبَلَ المِصْرِيُّونَ، عَلَيْهِم بِيْبَرْسُ الصَّالِحيُّ البُنْدُقْدَارُ الكَبِيْرُ الَّذِي قَتلَه أُسْتَاذُه، وَأَعْطَى إِسْمَاعِيْلُ الفِرَنْجَ بَيْتَ المَقْدِسِ، وَعمرُوا طَبرِيَةَ وَعَسْقَلاَنَ، وَوضَعَتِ الرُّهبَانُ قَنَانِي الخَمْرِ عَلَى الصَّخْرَةِ، وَأُبطِلَ الأَذَانُ
__________
(1) يعني: اسماعيل.(23/188)
بِالحَرَمِ، وَعَدَّت الخُوَارِزْمِيَّةُ الفُرَاتَ فِي عَشْرَةِ آلاَفٍ، فَمَا مَرُّوا بِشَيْءٍ إِلاَّ نَهبُوْهُ، وَأَقْبَلُوا، فَهَرَبتِ الفِرَنْجُ مِنْهُم مِنَ القُدْسِ، فَقَتلُوا عِدَّةً مِنَ النَّصَارَى، وَهَدمُوا قُمَامَةَ (1) ، وَنَبشُوا عِظَامَ الموتَى، وَجَاءتْهُ الخِلَعُ وَالنَّفقَةُ مِنْ مِصْرَ، ثُمَّ سَارَ عَلَى الشَّامِيّينَ المَنْصُوْرُ صَاحِبُ حِمْصَ، وَوَافَتْهُ الفِرَنْجُ.
قَالَ المَنْصُوْرُ: لَقَدْ قَصَّرتُ يَوْمَئِذٍ، وَعرفتُ أَنَّنَا لاَ نُفلِحُ بِالنَّصَارَى، فالَتَقَوْا.
قَالَ: فَانْهَزَمَ الشَّامِيُّوْنَ، ثُمَّ جَاءَ جَيْشُ السُّلْطَانِ نَجْمِ الدِّيْنِ، وَعَلَيْهِم مُعِيْنُ الدِّيْنِ ابْنُ الشَّيْخِ، وَمَعَهُ خِزَانَةُ مَالٍ، فَنَازَلُوا دِمَشْقَ مُدَّةً، ثُمَّ أُخِذَتْ بِالأَمَانِ؛ لِقلِّةِ مَنْ مَعَ صَاحِبِهَا؛ وَلِمُفَارقَةِ الحَلَبِيِّينَ لَهُ، فَتَرَكَهَا، وَذَهَبَ إِلَى بَعْلَبَكَّ، وَحَصلَ لِلْخُوَارِزْمِيَةِ إِدلاَلٌ، وَطَمِعُوا فِي كِبَارِ الأَخبَازِ، فَلَمْ يَصِحَّ مَرَامُهُم، فَغَضِبُوا، وَنَابَذُوا، ثُمَّ حَلَفُوا لإِسْمَاعِيْلَ، وَجَاءَ تَقلِيدُ الخِلاَفَةِ لِلسُّلْطَانِ بِمِصْرَ وَالشَّامِ وَالشَّرْقِ، وَلَبِسَ العِمَامَةَ وَالجُبَّةَ السَّوْدَاءَ.
ثُمَّ إِنَّ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيْلَ كَرَّ بِالخُوَارِزْمِيَّةِ إِلَى دِمَشْقَ، وَنَازَلَهَا، وَمَا بِهَا كَبِيْرُ عَسْكَرٍ، فَكَانَ بِالقَلْعَةِ رَشِيْدٌ الخَادِمُ، وَبِالمَدِيْنَةِ حُسَامُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي عَلِيٍّ، فَقَامَ بِحِفظِهَا، وَاشتَدَّ بِهَا القَحطُ حَتَّى أَكَلُوا الجِيَفَ، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّ رَجُلاً مَاتَ فِي الحَبْسِ، فَأَكلُوْهُ.
وَجَرَتْ أُمُوْرٌ مُزعجَةٌ، ثُمَّ التَقَى الحَلَبِيُّوْنَ وَالخُوَارِزْمِيَّةُ، فَكُسرَتِ الخُوَارِزْمِيَّةُ، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنْهُم، وَفَرَّ إِسْمَاعِيْلُ إِلَى حَلَبَ، فَبَعَثَ السُّلْطَانُ يَطلبُهُ مِنْ صَاحِبِهَا الملكِ النَّاصِرِ يُوْسُفَ، فَقَالَ: كَيْفَ يَلِيقُ أَنْ يَلتَجِئَ إِلَيَّ خَالُ أَبِي؟!
فَأَسلمَه، ثُمَّ سَارَ عَسْكَرٌ، فَأَخذُوا بَعْلَبَكَّ مِنْ أَوْلاَدِ إِسْمَاعِيْلَ، وَبُعِثَوا تَحْتَ الحَوطَةِ إِلَى مِصْرَ وَأَمِيْنُ الدَّوْلَةِ الوَزِيْرُ وَابْنُ يَغْمُوْرَ، فَحُبِسُوا، وَصَفتِ البِلاَدُ لِلسُّلْطَانِ، وَبَقِيَ صَاحِبُ الكَرَكِ كَالمَحْصُوْرِ.
ثُمَّ رَضِي السُّلْطَانُ
__________
(1) يعني: كنيسة القيامة.(23/189)
عَنْ فَخْرِ الدِّيْنِ (1) ابْنِ الشَّيْخِ، وَأَطلَقَه، وَجَهَّزَه فِي جَيْشٍ، فَاسْتولَى عَلَى بِلاَدِ النَّاصِرِ، وَخَرَّبَ قُرَى الكَرَكِ، وَحَاصَرَه، وَقَلَّ نَاصِرُ النَّاصِرِ، فَعَمِلَ تِيْكَ القَصيدَةَ البَدِيْعَةَ يُعَاتِبُ السُّلْطَانَ:
قُلْ لِلَّذِي قَاسَمْتُهُ مُلْكَ اليَدِ ... وَنَهَضْتُ فِيْهِ نَهْضَةَ المُتَأَسِّدِ:
عَاصَيْتُ فِيْهِ ذَوِي الحجَى مِنْ أُسرتِي ... وَأَطَعْتُ فِيْهِ مَكَارِمِي وَتَوَدُّدِي
يَا قَاطِعَ الرَّحِمِ الَّتِي صِلَتِي بِهَا ... كُتِبَتْ عَلَى الفَلَكِ الأَثِيْرِ بِعَسْجَدِ
إِنْ كُنْتَ تَقدَحُ فِي صرِيح منَاسبِي ... فَاصْبِرْ بِعرضكِ لِلَّهِيبِ المُرصَدِ عَمِّي أَبُوْكَ وَوَالِدِي عَمٌّ بِهِ ... يَعلو انتسَابُك كُلّ ملْك أَصْيدِ
صَالاَ وَجَالاَ كَالأُسْوَدِ ضَوَارِياً ... وَارتد تيَّارُ الفُرَاتِ المُزْبِدِ
دَعْ سَيْفَ مِقولِيَ البَلِيْغَ يَذُبُّ عَنْ ... أَعْرَاضِكُم بِفِرَنْدِهِ المُتَوَقِّدِ
فَهُوَ الَّذِي قَدْ صَاغَ تَاجَ فَخَارِكُم ... بِمُفصَّلٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدِ
يَا مُحرجِي بِالقَوْلِ وَاللهِ الَّذِي ... خضعتْ لِعزَّتِه جِباهُ السُّجَّدِ
لَوْلاَ مَقَالُ الهُجْرِ مِنْكَ لَمَا بَدَا ... مِنِّي افْتخَارٌ بِالقرِيضِ المُنْشَدِ
إِنْ كُنْتُ قُلْتُ خِلاَفَ مَا هُوَ شِيمتَي ... فَالحَاكِمُوْنَ بِمَسْمَعٍ وَبِمَشْهَدِ
ثُمَّ طَلبَ السُّلْطَانُ حُسَامَ الدِّيْنِ، وَاسْتنَابَه بِمِصْرَ، وَبَعَثَ عَلَى دِمَشْقَ جَمَالَ الدِّيْنِ ابْنَ مَطْرُوْحٍ، وَقَدِمَ الشَّامَ، فَجَاءَ إِلَى خِدْمَتِه صَاحِبُ حَمَاةَ المَنْصُوْرُ صَبِيٌّ وَصَاحِبُ حِمْصَ، وَرَجعَ إِلَى مِصْرَ مُتَمرِّضاً، وَأَعدمَ العَادِلُ أَخَاهُ سِرّاً، وَلَهُ ثَمَانٍ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَحَصلَ لَهُ قَرحَةٌ، وَمَرِضَ فِي أُنْثَيَيْهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى دِمَشْقَ عَلِيلاً فِي مِحَفَّةٍ لَمَّا بَلَغه أَنَّ الحَلَبيينَ أَخَذُوا حِمْصَ، فَبَلَغَهُ حَركَةُ الفِرَنْجِ لِقَصدِ دِمْيَاطَ، فَرُدَّ فِي المِحَفَّةِ، ثُمَّ خيَّمَ
__________
(1) فخر الدين يوسف ابن شيخ الشيوخ ابن حمويه المتوفى سنة 647 في وقعة دمياط كما يأتي بعد قليل.(23/190)
بِأَشْمُوْنَ، وَأَقْبَلتِ الفِرَنْجُ مَعَ ريْذَا فرنس (1) ، فَأُملِيَتْ (2) دِمْيَاطُ بِالذَّخَائِرِ، وَأُتْقِنت (3) الشَّوَانِي، وَنَزَلَ فَخْرُ الدِّيْنِ ابْنُ الشَّيْخِ بِالجَيْشِ عَلَى جِيْزَةِ دِمْيَاطَ، وَأَرسَتْ مَرَاكِبُ الفِرَنْجِ تلقَاءهُم فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، ثُمَّ طَلعُوا وَنَزَلُوا فِي البِرِّ مَعَ المُسْلِمِيْنَ، وَوَقَعَ قِتَالٌ، فَقُتِلَ الأَمِيْرُ ابْنُ شَيْخِ الإِسْلاَمِ (4) ، وَالأَمِيْرُ الوَزِيْرِيُّ، فَتحوَّلَ الجَيْشُ إِلَى البَرِّ الشَّرْقِيِّ الَّذِي فِيْهِ دِمْيَاطُ، ثُمَّ تَقَهقَرُوا، وَوَقَعَ عَلَى أَهْلِ دِمْيَاطَ خِذلاَنٌ عَجِيبٌ، فَهَرَبُوا مِنْهَا طُولَ اللَّيْلِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِهَا آدَمِيٌّ، وَذَلِكَ بِسُوءِ تَدبِيْرِ ابْنِ الشَّيْخِ، هَرَبُوا لَمَّا رَأَوْا هَرَبَ العَسْكَرِ، وَعَرفُوا مَرضَ السُّلْطَانِ، فَدَخَلَتْهَا الفِرَنْجُ بِلاَ كُلفَةٍ، مَمْلُوْءةً خَيْرَاتٍ وَعُدَّةً وَمَجَانِيْقَ، فَلَمَّا عَلِمَ السُّلْطَانُ، غَضبَ وَانزعجَ، وَشَنقَ مِنْ مُقَاتِلِيهَا سِتِّيْنَ، وَردَّ، فَنَزَلَ بِالمَنْصُوْرَةِ فِي قَصْرِ أَبِيْهِ، وَنُودِيَ بِالنَّفِيرِ العَامِ، فَأَقْبَلَ خَلاَئِقُ مِنَ المُطوّعَةِ، وَنَاوَشُوا الفِرَنْجَ، وَأُيِسَ مِنَ السُّلْطَانِ.
وَأَمَّا الكَرَكُ، فَذَهَبَ النَّاصِرُ إِلَى بَغْدَادَ، فَسَارَ وَلدُه الأَمْجَدُ إِلَى بَابِ السُّلْطَانِ، وَسَلَّمَ الكَرَكَ إِلَيْهِ، فَبَالغَ السُّلْطَانُ فِي إِكرَامِ أَوْلاَدِ النَّاصِرِ، وَأَقطَعَهُم بِمِصْرَ.
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: كَانَ الملكُ الصَّالِحُ نَجْمُ الدِّيْنِ عَزِيزَ النَّفْسِ، أَبِيَّهَا، عَفِيْفاً، حَيِّياً، طَاهِرَ اللِّسَانِ وَالذَّيْلِ، لاَ يَرَى الهَزلَ وَلاَ العَبَثَ، وَقُوْراً، كَثِيْرَ الصَّمْتِ، اقْتَنَى مِنَ التُّركِ مَا لَمْ يَشتَرِهِ مَلِكٌ، حَتَّى صَارُوا
__________
(1) هو اسم ملك فرنسا هكذا قيده الذهبي، وهو: روا دو فرانس، أي ملك فرنسا، وهو لويس التاسع، قال الذهبي في تاريخ الإسلام: " وتواترت الاخبار بان ريذا فرنس مقدم الافرنسيسية قد خرج من بلاده في جموع عظيمة وشتا بجزيرة قبرص، وكان من أعظم ملوك الافرنج وأشدهم بأسا، وريذ بلسانهم: الملك ".
(2) في تاريخ الإسلام: وشحنت.
(3) في تاريخ الإسلام: وأحكمت.
(4) يعني: فخر الدين.(23/191)
مُعْظَمَ عَسْكَرِهِ، وَرَجَّحَهُم عَلَى الأَكرَادِ، وَأَمَّرَ مِنْهُم، وَجَعَلَهُم بِطَانَتَه وَالمُحِيطِيْنَ بِدِهلِيزِه، وَسَمَّاهُمُ البَحْرِيَّةَ.
قُلْتُ: لِكَوْنِ التُّجَّارِ جَلَبُوهُم فِي البَحْرِ مِنْ بِلاَدِ القَفْجَاقِ.
قَالَ ابْنُ وَاصِلٍ: حَكَى لِي حُسَامُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي عَلِيٍّ:
أَنَّ هَؤُلاَءِ المَمَالِيْكَ مَعَ فَرطِ جَبَروتِهِم وَسَطوتِهِم، كَانُوا أَبلغَ مَنْ يَهَابُ السُّلْطَانَ، وَإِذَا خَرَجَ يُرعدُوْنَ مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَمْ يَقعْ مِنْهُ فِي حَالِ غَضِبِه كَلمَةٌ قَبِيحَةٌ قَطُّ، وَأَكْثَرُ مَا يَقُوْلُ: يَا مُتَخَلِّفُ.
وَكَانَ كَثِيْرَ البَاهِ بِجَوَارِيه، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِي الآخِرِ سِوَى زَوْجَتَينِ؛ الوَاحِدَةُ شَجَرُ الدُّرِّ، وَالأُخْرَى بِنْتُ العَالِمَةِ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ مَمْلُوْكِهِ الجُوْكَنْدَارِ، وَكَانَ إِذَا سَمِعَ الغِنَاءَ لَمْ يَتَزعزَعْ، لاَ هُوَ وَلاَ مَنْ فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ لاَ يَسْتَقلُّ أَحَدٌ مِنَ الكِبَارِ فِي دَوْلَتِه بِأَمرٍ، بَلْ يُرَاجع مَعَ الخُدَّامِ بِالقصص، فَيوقِّعُ هُوَ مَا يَعتمِدُهُ كُتَّابُ الإِنشَاءِ، وَكَانَ يُحبُّ أَهْلَ الفَضْلِ وَالدِّيْنِ، يُؤثرُ العُزلَةَ وَالانْفِرَادَ، لَكِنْ لَهُ نهمَةٌ فِي لَعِبِ الكُرَةِ، وَفِي إِنشَاءِ الأَبنِيَةِ العَظِيْمَةِ.
وَقِيْلَ: كَانَ لاَ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَنْ يُخَاطِبَه ابْتدَاءً.
وَقِيْلَ: كَانَ فَصِيْحاً، حَسَنَ المُحَاوَرَةِ، عَظِيْمَ السَّطوَةِ، تَعَلَّلَ، وَوقَعَتِ الآكلَةُ فِي فَخِذِه، ثُمَّ اعتَرَاهُ إِسهَالٌ؛ فَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بقَصْرِ المَنْصُوْرَة، مُرَابِطاً، فَأَخفَوْا مَوْتَه، وَأَنَّهُ عَليلٌ حَتَّى أَقدمُوا ابْنَه المَلِكَ المُعَظَّمَ تُوْرَانْشَاهَ مِنْ حِصْنِ كَيْفَا، ثُمَّ نُقلَ، فَدُفِنَ بِتُربَتِهِ بِالقَاهِرَةِ، وَكَانَ بَنُوْ شَيْخِ الشُّيُوْخِ قَدْ تَرقَّوا لَدَيه، وَشَارَكوهُ فِي المَمْلَكَةِ، وَقَدْ غَضِبَ مُدَّةً عَلَى فَخْرِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ، وَصَيَّرَهُ نَائِبَ السَّلْطنَةِ؛ لِنُبلِهِ، وَكَمَالِ سُؤْدُدِهِ، وَكَانَ جَوَاداً، مُحَبَّباً إِلَى النَّاسِ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَتَنَاوَلُ النَّبِيذَ.
وَلَمَّا مَاتَ السُّلْطَانُ، عُيِّنَ فَخْرُ الدِّيْنِ لِلسَّلطنَةِ، فَجَبُنَ (1) ، وَنَهضَ بِأَعبَاءِ
__________
(1) يعني: جبن عن أن يتولاها من بني أيوب.(23/192)
الأُمُوْرِ، وَسَاسَ الجَيْشَ، وَأَنفقَ فِيهِم مائَتَيْ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَأَحضَرَه تُوْرَانْشَاه، وَسَلطَنَه.
وَيُقَالُ: إِنْ تُوْرَانْشَاه هَمَّ بِقَتْلِهِ.
اتَّفَقَ (1) حَركَةُ الفِرَنْجِ وَتَأَخُّرُ العَسَاكِرِ، فَرَكِبَ فَخْرُ الدِّيْنِ فِي السَّحَرِ، وَبَعَثَ خَلفَ الأُمَرَاءِ لِيَركَبُوا، فَسَاقَ فِي طَلَبِه، فَدَهَمَهُ طُلب الدَّوَايَّةِ، فَحَملُوا عَلَيْهِ، فَتفلَّلَ عَنْهُ أَجنَادُه، وَطُعنَ وَقُتِلَ، وَنَهبتْ غِلمَانُه أَمْوَالَه وَخَيلَه، فَرَاحَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ.
قَالَ ابْنُ عَمِّهِ سَعْدُ الدِّيْنِ: كَانَ الضَّبَابُ شَدِيداً، فَطُعنَ، وَجَاءتْه ضَربَةُ سَيْفٍ فِي وَجْهِهِ، وَقُتِلَ مَعَهُ جَمْدَارُه وَعِدَّةٌ، وَتَرَاجَعَ المُسْلِمُوْنَ، فَأَوقَعُوا بِالفِرَنْجِ، وَقَتَلُوا مِنْهُم أَلْفاً وَسِتَّ مائَةِ فَارِسٍ، ثُمَّ خَنْدَقَتِ الفِرَنْجُ عَلَى نُفُوْسِهِم.
قَالَ: وَأُخربَتْ دَارُ فَخْرِ الدِّيْنِ لِيَوْمِهَا، وَبِالأَمسِ كَانَ يَصطفُّ عَلَى بَابِهَا عصَائِبُ سَبْعِيْنَ أَمِيْراً (2) .
قُتِلَ: فِي رَابِعِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
114 - المُعَظَّمُ تُوْرَانْشَاه بنُ أَيُّوْبَ ابْنِ الكَامِلِ ابْنِ العَادِلِ *
السُّلطَانُ، المَلِكُ، المُعَظَّمُ، غِيَاثُ الدِّيْنِ تُوْرَانْشَاه ابْنُ السُّلْطَانِ المَلِكِ الصَّالِحِ أَيُّوْبَ ابْنِ الكَامِلِ ابْنِ العَادِلِ.
__________
(1) وانظر مرآة الزمان: 8 / 776 - 777.
(2) قال السبط: " أخرجها الامراء الذين كانوا يركبون كل يوم إلى خدمته ويقفون على بابه، وهم أكثر من سبعين أميرا، كانوا يتمنون أن ينظر إلى أحد منهم فطرة، أخربوا داره بأيديهم، وحمل من المقياس إلى الشافعي فدفن عند والدته، وكان يوما مشهودا، وحمل على الاصابع، وبكى عليه الناس، وعمل له العزاء العظيم، وكان له يوم مات ست وثلاثون سنة (كذا) (مرآة 8 / 777) .
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 781 - 783، ذيل الروضتين لأبي شامة: 185 تاريخ مختصر الدول لابن العبري: 260، مفرج الكروب لابن واصل (في صفحات متفرقة من المطبوع: تلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي: ج 4 الترجمة 1761، والحوادث الجامعة المنسوب إليه خطأ: 246 - 247، المختصر في أخبار البشر لأبي الفدا: 3 / 181، كنز الدرر =(23/193)
وُلِدَ بِمِصْرَ، وَعَمِلَ نِيَابَةَ أَبِيْهِ، ثُمَّ تَمَلَّكَ بِحِصنِ كَيْفَا وَآمدَ وَتِلْكَ البِلاَدِ، وَكَانَ أَبُوْهُ لاَ يَختَارُ أَنْ يَجِيْءَ لَمَّا مَلكَ مِصْرَ، كَانَ لاَ يُعجبُه هَوَجُهُ وَلاَ طَيشُه، سَارَ لإِقدَامِه الأَمِيْرُ الفَارِسُ أَقْطَاي، وَسَافَرَ بِهِ يَتحَايدُ مُلُوْكَ الأَطرَافِ فِي نَحْوٍ مِنْ خَمْسِيْنَ فَارِساً عَلَى الفُرَاتِ وَعَانَةَ، ثُمَّ عَلَى أَطرَافِ السَّمَاوَةِ، وَعَطِشُوا، فَدَخَلَ دِمَشْقَ، وَزُيِّنتْ لَهُ، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا بَعْدَ شَهرٍ، فَاتَّفَقتْ كَسرَةُ الفِرَنْجِ عِنْدَ وُصُوْلِه، وَتَيمَّنَ النَّاسُ بِهِ، فَبدَا مِنْهُ حَركَاتٌ مُنفِّرَةٌ، وَتَركَ بِحصنِ كَيْفَا ابْنَه الملكَ المُوَحِّدَ صَبِيّاً، فَطَالَ عُمُرُه، وَاسْتَولَتِ التَّتَارُ عَلَى الحصنِ، فَبقِيَ فِي مَمْلَكَةٍ صَغِيرَةٍ حَقِيرَةٍ مِنْ تَحْتِ يَدِ التَّتَارِ إِلَى بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَالَ لِي تَاجُ الدِّيْنِ الفَارِقِيُّ: عَاشَ إِلَى بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَهُ ابْنُه -يَعْنِي الملكَ الكَامِلَ ابْنَ المُوَحِّدِ- الَّذِي قَتلَه قَازَانُ سَنَةَ سَبْعِ مائَةٍ، وَأُقيمَ بَعْدَهُ ابْنُه الصَّالِحُ فِي رُتْبَةِ جُندِيٍّ، وَكَانَ السُّلْطَانُ يَقُوْلُ: تُوْرَانْشَاهُ مَا يَصلُحُ لِلمُلكِ.
وَكَانَ حُسَامُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي عَلِيٍّ يَلحُّ عَلَيْهِ فِي إِحضَارِه، فَيَقُوْلُ: أُحضِرُه لِيَقتلُوْهُ، فَكَانَ كَمَا قَالَ.
قَالَ ابْنُ حَمُّوَيْه سَعْدُ الدِّيْنِ: لَمَّا قَدِمَ، طَالَ لِسَانُ كُلُّ خَامِلٍ،
__________
= وجامع الغرر (الدرر المطلوب في اخبار بني أيوب) للداوداري (تحقيق عاشور - القاهرة 1972) 7 / 381، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 86 - 87 وحواشيهما، دول الإسلام للذهبي: 2 / 116، العبر للذهبي: 5 / 199 - 200، تاريخ ابن الوردي: 2 / 262، الوافي بالوفيات: 10 / 441 - 443 الترجمة 4933، فوات الوفيات لابن شاكر: 1 / 263 - 265 الترجمة 91، طبقات السبكي 8 / 134 - 136 الترجمة 1123، البداية والنهاية: 13 / 180، العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني: 576، السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي: 1 / 359، النجوم الزاهرة: 6 / 364 - 372، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب لأحمد بن إبراهيم الحنبلي: 426 - 431، الترجمة 125، حسن المحاضرة للسيوطي: 2 / 35 - 36، شذرات الذهب 5 / 241 - 242.(23/194)
وَوجدُوْهُ خَفِيفَ العَقْلِ، سَيِّئَ التَّدْبِيْرِ، وَقَعَ بِخُبزِ فَخْرِ الدِّيْنِ لِلاَلاَهُ جَوْهَرٍ (1) ، وَتطلَّع الأُمَرَاء إِلَى أَنْ يُنفق فِيهِم كَمَا فَعلَ بِدِمَشْقَ، فَمَا أَعْطَاهُم شَيْئاً، وَكَانَ لاَ يَزَالُ يَتحرَّكُ كتفُه الأَيْمَنُ مَعَ نِصْفِ وَجهِه، وَيُكثر الولَعَ بِلِحيتِهِ، وَمتَى سَكِرَ ضَرَبَ الشُّموعَ بِالسَّيْفِ، وَيَقُوْلُ: هَكَذَا أَفْعَلُ بِمَمَالِيْكِ أَبِي.
وَيَتَهَدَّدُ الأُمَرَاءَ بِالقَتلِ، فَتَنكَّرُوا لَهُ، وَكَانَ ذَكيّاً، قَوِيَّ المُشَاركَةِ، يَبحثُ، وَيَنْقلُ.
قَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (2) : كَانَ يَكُوْنُ (3) عَلَى السِّمَاطِ بِدِمَشْقَ، فَإِذَا سَمِعَ فَقِيْهاً يَنقلُ مَسْأَلَةً، صَاحَ: لاَ نُسَلِّمْ.
وَاحتجبَ عَنْ أُمُوْرِ النَّاسِ، وَانْهَمَكَ فِي الفَسَادِ بِالغِلمَانِ، وَمَا كَانَ أَبُوْهُ كَذَلِكَ.
وَيُقَالُ: تَعرَّضَ لِسرَارِي أَبِيْهِ، وَقَدَّمَ أَرذَال (4) ، وَوعد أَقطَاي بِالإِمْرَةِ، فَمَا أَمَّرَه، فَغَضِبَ، وَكَانَتْ شَجَرُ الدُّرِّ قَدْ ذَهَبتْ مِنَ المَنْصُوْرَةِ إِلَى القَاهِرَةِ، فَمَا (5) وَصلَ بَقِيَ يَتهدَّدُهَا، وَيُطَالبُهَا بِالأَمْوَالِ، فَعَامَلتْ عَلَيْهِ.
وَلَمَّا كَانَ فِي المُحَرَّمِ (6) ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ: وَثَبَ عَلَيْهِ بَعْضُ البَحرِيَّةِ عَلَى السِّمَاطِ، فَضَرَبَه عَلَى يَدِه، فَقطعَ أَصَابعَه، فَقَامَ إِلَى البُرْجِ الخَشَبِ، وَصَاحَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟
قَالُوا: إِسْمَاعِيْلِيٌّ.
قَالَ: لاَ وَاللهِ، بَلْ مِنَ البَحْرِيَّةِ، وَاللهِ لأُفْنِيَنَّهُم.
وَخَاطَ المُزَيِّنُ يَدَه، فَقَالُوا: بُتُّوهُ (7) ، وَإِلاَّ رُحنَا.
فَشدُّوا عَلَيْهِ، فَطَلَعَ إِلَى أَعْلَى البُرجِ، فَرَمَوُا البُرجَ بِالنفطِ وَبِالنشَابِ،
__________
(1) يعني: اصدر توقيعا باعطاء مربيه جوهر واردات فخر الدين ابن شيخ الشيوخ. واللاله: المربي أو الخادم الخاص.
(2) مرآة الزمان: 8 / 782 - 782.
(3) في مرآة الزمان: كان يجلس.
(4) في مرآة الزمان: وقدم الاراذل.
(5) هكذا في الأصل، وفي تاريخ الإسلام: فجاء هو إلى المنصورة وارسل يتهددها.. (6) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام وسبط ابن الجوزي والملك الأشرف ان ذلك كان في السابع والعشرين من المحرم.
(7) في تاريخ الإسلام: " تمموه ".(23/195)
فَرمَى المِسْكِيْنُ بِنَفْسِهِ، وَعدَا إِلَى النِّيلِ وَهُوَ يَصيحُ: مَا أُرِيْدُ المُلكَ، خَلُّونِي أَرجعْ إِلَى الحِصْنِ يَا مُسْلِمِيْنَ (1) ، أَمَا فِيْكُم مَنْ يَصْطَنِعُنِي؟!
فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَد، وَتعلّقَ بِذَيلِ أَقطَاي، فَمَا أَجَارَه، وَعَجِزَ، فَنَزَلَ فِي المَاءِ إِلَى حَلقِهِ، فَقُتِلَ فِي المَاءِ.
وَكَانَ قَدْ نَزَلَ بِحِصْنِ كَيْفَا وَلَدُهُ:
115 - المَلِكُ المُوَحِّدُ عَبْدُ اللهِ
وَهُوَ مُرَاهِقٌ، فَتَمَلَّكَ حِصنَ كَيْفَا مُدَّةً، وَجَاءهُ عِدَّةُ أَوْلاَدٍ.
قَالَ لِي تَاجُ الدِّيْنِ الفَارِقِيُّ: رَأَيْتهُ مَربُوعاً، وَكَانَ شُجَاعاً، وَهُوَ تَحْتَ أَوَامرِ التَّتَارِ، تُوُفِّيَ بَعْدَ سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ ابْنٌ تَمَلَّكَ بَعْدَهُ بِالحِصنِ.
قُلْتُ: وَلقَّبُوهُ بِالمَلِكِ الكَامِلِ، وَبَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْع مائَةٍ، وَمَاتَ.
فَأُقِيْمَ بَعْدَهُ بِحِصْنِ كَيْفَا ابْنُهُ:
116 - المَلِكُ الصَّالِحُ *
فِي رُتْبَةِ جُندِيٍّ وَالأَمْرُ لِلتَّتَارِ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا قَدِمَ الشَّامَ، وَذَهَبَ إِلَى خدمَةِ السُّلْطَانِ، فَمَا أُكرِمَ، ثُمَّ ردَّ إِلَى حِصنِ كَيْفَا، فَتلقَّاهُ أَخٌ لَهُ، ثُمَّ جَهَّزَ عَلَيْهِ مَنْ قَتَلَه، وَقُتِلَ وَلدُه، وَأَخَذَ مَوْضِعَه فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَسَبْعِ مائَةٍ، نَعم.
__________
(1) (مسلمين) كذا بالنصب هنا وفي مرآة الزمان وفي تاريخ الإسلام.(23/196)
وَأَمَّا المُعَظَّمُ المَقْتُولُ: فَأُخْرِجَ مِنَ المَاءِ، وَتُرِكَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مُلقَىً حَتَّى انتفخَ.
بَاشرَ قَتْلَهُ أَرْبَعَةٌ، ثُمَّ خطبُوا لأُمِّ خَلِيْلٍ شَجَرِ الدُّرِّ.
وَقِيْلَ: ضَربَه البُنْدُقْدَارِيُّ بِالسَّيْفِ.
وَقِيْلَ: اسْتغَاثَ بِرَسُوْلِ الخَلِيْفَةِ: يَا عَمِّي عِزَّ الدِّيْنِ، أَدْرِكْنِي.
فَجَاءَ، وَكَلَّمَهُم فِيْهِ، فَقَالُوا: ارْجِعْ.
وَتَهَدَّدُوْهُ، ثُمَّ بَعْد أَيَّامٍ سَلطَنُوا المُعِزَّ التُّرُكْمَانِيَّ.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ أَيْضاً: قُتلَ صَاحِبُ اليَمَنِ السُّلْطَانُ نُوْرُ الدِّيْنِ عُمَرُ بنُ رَسُوْلٍ التُّرُكْمَانِيُّ؛ قَتلَه غِلمَانُه، وَسَلطَنُوا ابْنَه الملكَ المُظَفَّرَ يُوْسُفَ بنَ عُمَرَ، فَدَام فِي الملكِ بِضْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَفِي شَعْبَانِهَا: هُدِمتْ أَسوَارُ دِمْيَاطَ، وَعَادتْ كَقَرْيَةٍ.
وَأَمَّا:
117 - الفَارِسُ أَقْطَايُ (1)
فَعظم، وَصَارَ نَائِبَ المَمْلَكَة لِلمعزِّ، وَكَانَ بَطَلاً، شُجَاعاً، جَوَاداً، مَلِيْحَ الشَّكلِ، كَثِيْرَ التَّجَمُّلِ، أُبيعَ بِأَلفِ دِيْنَارٍ، وَأَقطع مِنْ جُمْلَة إِقطَاعِهِ الإِسْكَنْدَرِيَّة، وَكَانَ طَيَّاشاً، ظلُوْماً، عَمَّالاً عَلَى السّلطنَةِ، بَقِيَ يَرْكُب فِي دست الْملك، وَلاَ يَلتفت عَلَى المُعِزّ، وَيَأْخذ مَا شَاءَ مِنَ الخَزَائِن، بِحَيْثُ إِنَّهُ قَالَ: اخْلُوا لِي القَلْعَة حَتَّى أَعمل عُرسَ بِنْت صَاحِب حَمَاة بِهَا.
فَهَيَّأَ لَهُ المُعِزّ مَمْلُوْكَه قُطُزَ، فَقَتَلَهُ، فَرَكبت حَاشيته نَحْو السَّبْع مائَة، فَأُلْقِيَ إِلَيْهِمُ الرَّأْس، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) سيترجم له الذهبي انظر الترجمة 353.(23/197)
118 - المُعِزُّ أَيْبَكُ التُّرُكْمَانِيُّ الصَّالِحِيُّ الجَاشنكير *
السُّلطَانُ، الملكُ المُعِزُّ، عِزُّ الدُّنْيَا وَالدِّيْنِ، أَيْبَكُ التُّرُكْمَانِيُّ، الصَّالِحِيُّ، الجَاشنكِيْرُ، صَاحِبُ مِصْرَ.
لَمَّا قَتلُوا المُعَظَّم، وَخطبُوا لأُمِّ خَلِيْل أَيَّاماً، وَكَانَتْ تُعَلِّم عَلَى المنَاشير، وَتَأْمُر وَتَنْهَى، وَيُخطَبُ لَهَا بِالسلطنَة.
وَكَانَ المُعِزُّ أَكْبَرَ الصَّالِحيَّةِ، وَكَانَ دَيِّناً، عَاقِلاً، سَاكِناً، كَرِيْماً، تَارِكاً لِلشرب.
مَلَّكوهُ فِي أَواخِرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ، وَتَزَوَّجَ بِأُمِّ خَلِيْلٍ، فَأَنِفَ مِنْ سَلطَنَتِه جَمَاعَةٌ، فَأَقَامُوا فِي الاسْم الملكَ الأَشْرَفَ مُوْسَى بنَ النَّاصِرِ يُوْسُفَ ابْنِ المَسْعُوْدِ أَطسزَ ابْنِ السُّلْطَانِ الملكِ الكَامِلِ وَلَهُ عشر سِنِيْنَ، وَذَلِكَ بَعْد خَمْسَة أَيَّام، فَكَانَ التَّوقيع يَبرزُ وَصُوْرتُه: رُسِمَ بِالأَمْرِ العَالِي السُّلطَانِي الأَشْرَفِيِّ وَالمَلِكِيِّ المُعِزِّيِّ.
وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ وَالأُمُوْر بِيَدِ المُعِزِّ، وَكَاتَبَ عِدَّةٌ المُغِيْثَ الَّذِي بِالكَرَكِ، وَأَخَذُوا فِي الخُطبَة لَهُ، فَقَالَ المُعِزّ: نَادُوا أَنَّ الدِّيَار المِصْرِيَّة لِمَوْلاَنَا المُسْتَعْصِمِ بِاللهِ، وَأَنَّ المَلِكَ المُعِزَّ نَائِبُهُ.
ثُمَّ جُدِّدَتِ الأَيْمَانُ، وَفَاجَأَهُم صَاحِبُ الشَّام الْملك النَّاصِرُ الحَلَبِيّ، فَالتَقَوا، وَكَادَ النَّاصِر أَنْ يَملِكَ، فَتنَاختِ الصَّالِحيَّةُ، وَحَمَلُوا، فَكَسَرُوهُ، وَذَبَحُوا نَائِبَه لُؤْلُؤاً وَجَمَاعَةً.
وَكَانَ فِي المُعِزِّ تَؤُدَةٌ وَمُدَارَاةٌ، بَنَى مَدْرَسَةً كَبِيْرَة، ثُمَّ إِنَّهُ خَطَبَ ابْنَةَ
__________
(*) ذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 / 54، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة: 137، دول الإسلام للذهبي: 2 / 120، العبر للذهبي: 5 / 222، الوافي بالوفيات: 9 / 469 - 474 الترجمة 4430، طبقات السبكي 8 / 269 البداية والنهاية: 13 / 198 - 199، النجوم الزاهرة: 7 / 3 - 41، وفيها تفصيل لسنوات ولايته على مصر، حسن المحاضرة: 2 / 38 - 39، شذرات الذهب: 5 / 267.(23/198)
بَدْرِ الدِّيْنِ صَاحِبِ المَوْصِلِ، فَغَارتْ أُمُّ خَلِيْلٍ، فَقَتَلَتْهُ فِي حَمَّامٍ، وَثَبَ عَلَيْهِ سَنْجَرُ الجوجرِي وَخدَّام، فَأَمسكُوا عَلَى بيضِهِ، فَتَلِفَ، وَقُطعتْ هِيَ نِصْفَيْنِ.
وَقِيْلَ: بَلْ خُنِقَت، وَلَمْ تُوسط، وَرُمِيت مَهتُوكَةً، وَصُلِب الجوجرِي وَالخدَام، وَمَلَّكُوا وَلده الْملك المَنْصُوْر عَلِيَّ بنَ أَيْبَكَ وَلَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَصَيَّرُوا أَتَابَكَهُ عَلَمَ الدِّيْنِ الحَلَبِيَّ.
عَاشَ المُعِزُّ نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ، وَقُتِلَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَكَانَتْ شَجَرُ الدُّرِّ (1) أُمُّ خَلِيْلٍ أُمَّ وَلَدٍ لِلصَّالِحِ، ذَاتُ حُسنٍ وَظَرْفٍ وَدَهَاء وَعَقْلٍ، وَنَالت مِنَ العِزِّ وَالجَاهِ مَا لَمْ تَنَلْه امْرَأَةٌ فِي عَصرهَا، وَكَانَ مَمَالِيْك الصَّالِح يَخضعُوْنَ لَهَا، وَيَرَوْنَ لَهَا، فَملَّكُوهَا بَعْد قَتْلِ المُعَظَّمِ أَزْيَدَ مِنْ شَهْرَيْنِ، وَكَانَ المُعِزُّ لاَ يَقطع أَمراً دُونَهَا، وَلَهَا عَلَيْهِ صَوْلَة، وَكَانَتْ جرِيئَةً وَقِحَةً، قَتَلَت وَزِيْرَهَا الأَسْعَدَ، وَقَدْ وَلَدَت بِالكَرَكِ مِنَ الصَّالِحِ خَلِيْلاً، فَمَاتَ صَغِيراً، وَكَانَ الصَّالِحُ يُحبُّهَا كَثِيْراً، وَكَانَتْ تَحْتجِرُ عَلَى المُعِزِّ، فَأَنِفَ مِنْ ذَلِكَ.
قِيْلَ: لَمَّا تَيقَّنَتِ الهَلاَكَ، أَخَذَتْ جَوَاهرَ مُثمَّنَةً وَدَقَّتْهَا فِي الهَاونِ.
وَلَمَّا قَتلُوا الفَارِسَ أَقطَاياً، تَمَكَّنَ المُعِزُّ، وَاسْتقَلَّ بِالسَّلطنَةِ، وَعَزلَ الملكَ الأَشْرَفَ، وَأَبطل ذِكْرَهُ، وَبَعَثَ إِلَى عَمَّاتِه القُطبِيَّاتِ، وَدَافَعَ مَمَالِيْكُ الصَّالِحِ عَنْ شَجَرِ الدُّرِّ، فَلَمْ تُقتَلْ إِلاَّ بَعْدَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ يَوْماً، فَقُتِلَتْ، وَرُمِيتْ مَهتُوكَةً.
وَقِيْلَ: خُطِبَ لَهَا ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ، وَكَانَ المَنْصُوْرُ وَأُمُّه يُحرِّضَانِ عَلَى قَتلِهَا، فَقُتِلتْ فِي حَادِي عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ، بَعْد مَقْتَلِ المُعِزِّ بِدُوْنِ الشَّهْرِ، وَدُفِنتْ بِتُربَتِهَا، بِقُرْبِ قَبْرِ السَّيِّدَةِ نَفِيْسَةَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهَا أَودعَتْ
__________
(1) انظر تاريخ الإسلام، الورقة: 139 (أيا صوفيا 3013) .(23/199)
أَمْوَالاً كَثِيْرَةً، فَذَهَبت.
وَكَانَتْ حَسَنَةَ السِّيْرَةِ، لَكِن هَلَكتْ بِالغِيرَةِ.
وَكَانَ الخُطَبَاءُ يَقُوْلُوْنَ: وَاحفَظِ اللَّهُمَّ الحُرمَةَ الصَّالِحَةَ مَلِكَةَ المُسْلِمِيْنَ عِصْمَةَ الدُّنْيَا وَالدِّيْنِ أُمَّ خَلِيْلٍ المُسْتَعْصِمِيَّةَ صَاحِبَةَ السُّلْطَانِ الملكِ الصَّالِحِ.
وَأَمَّا المَنْصُوْرُ عَلِيٌّ، فَعُزلَ، وَتَمَلَّكَ قُطزُ الَّذِي كَسَرَ التَّتَارَ، فَبَعَثَ بِعَلِيٍّ وَبأَخِيْهِ قليج إِلاَّ بِلاَد الأَشكرِي؛ فَحَدَّثَنِي سَيْف الدِّيْنِ قليج هَذَا:
أَنْ أَخَاهُ تَنصَّرَ بِقُسْطَنْطِيْنِيَّةَ، وَتَزَوَّجَ، وَجَاءته أَوْلاَدٌ نَصَارَى، وَعَاشَ إِلَى نَحْوِ سَنَةِ سَبْعِ مائَةٍ، وَسَمَّى نَفْسَه: مِيْخَائِيْلَ.
قُلْتُ: نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّقَاءِ، فَهَذَا بَعْدَ سَلْطَنَةِ مِصْرَ كَفَرَ وَتَعَثَّرَ.
119 - المُظَفَّرُ قُطُزُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُعِزِّيُّ *
السُّلْطَانُ الشَّهِيْدُ، المَلِكُ المُظَفَّرُ، سَيْف الدِّيْنِ قُطُزُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُعِزِّيُّ.
كَانَ أَنبل مَمَالِيْك المُعِزّ، ثُمَّ صَارَ نَائِب السّلطنَة لوَلَده المَنْصُوْر.
وَكَانَ فَارِساً شُجَاعاً، سَائِساً، دَيِّناً، مُحبَّباً إِلَى الرَّعِيَّةِ.
هَزَمَ التَّتَار، وَطَهَّرَ الشَّام مِنْهُم يَوْم عَينِ جَالُوت، وَهُوَ الَّذِي كَانَ قَتَلَ الفَارِس أَقطَاي فَقُتل بِهِ، وَيَسْلَمُ لَهُ - إِنْ شَاءَ اللهُ - جِهَادُهُ (1) ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ ابْنُ أُخْتِ خُوَارِزْم شَاه جَلاَلِ الدِّيْنِ، وَإِنَّهُ حُرٌّ وَاسْمُهُ مَحْمُوْد بن مَمْدُوْدٍ.
__________
(*) ذيل الروضتين: 210، ذيل مرآة الزمان لليونيني: 2 / 28 - 36، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 181، العبر: 5 / 247، فوات الوفيات لابن شاكر الكتبي: 3 / 201 - 203، الترجمة 398، طبقات السبكي: 8 / 277 البداية والنهاية 13 / 225 - 227، النجوم الزاهرة: 7 / 72 - 89، حسن المحاضرة للسيوطي: 2 / 38 - 39، شذرات الذهب: 5 / 293.
(1) قال في " تاريخ الإسلام ": وله اليد البيضاء في جهاد التتار فعوض الله شبابه بالجنة ورضي عنه ".(23/200)
وَيُذكر عَنْهُ أَنَّهُ يَوْم عين جَالُوت لَمَّا أَن رَأَى انكشَافاً فِي المُسْلِمِيْنَ، رَمَى عَلَى رَأْسه الخُوذَةَ وَحَمَلَ، وَنَزَلَ النَّصْر.
وَكَانَ شَابّاً أَشقر، وَافر اللِّحْيَة، تَامّ الشّكل، وَثَبَ عَلَيْهِ بَعْض الأُمَرَاء وَهُوَ رَاجع إِلَى مِصْرَ بَيْنَ الغُرَابِي وَالصَّالِحيَّة، فَقُتل فِي سَادِسَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَمْ يَكملْ سَنَةً فِي السّلطنَة -رَحِمَهُ اللهُ-.
120 - الكَامِلُ مُحَمَّدُ بنُ غَازِي بنِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ *
المَلِكُ الكَامِلُ، الشَّهِيْدُ، نَاصِرُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابنُ المَلِكِ المُظَفَّرِ شِهَابِ الدِّيْنِ غَازِي ابْنِ السُّلْطَانِ الملكِ العَادلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ.
تَملَّكَ مَيَّافَارِقِيْنَ وَغَيْرهَا بَعْد أَبِيْهِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَكَانَ شَابّاً، عَاقِلاً، شُجَاعاً، مَهِيْباً، مُحسناً إِلَى رَعيَّتِهِ، مُجَاهِداً، غَازِياً، دَيِّناً، تَقيّاً، حَمِيْدَ الطَّرِيقَةِ، حَاصره عَسْكَر هُولاَكو نَحْواً مِنْ عِشْرِيْنَ شَهْراً حَتَّى فَنِي النَّاسُ جُوعاً وَوبَاء، حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِالبَلَدِ سِوَى سَبْعِيْنَ رَجُلاً - فِيْمَا قِيْلَ -.
فَحَدَّثَنِي الشَّيْخ مَحْمُوْد بن عَبْدِ الكَرِيْمِ الفَارِقِيّ، قَالَ:
سَار الكَامِل إِلَى قِلاعٍ بِنوَاحِي آمدَ فَأَخَذَهَا، ثُمَّ نَقل إِلَيْهَا أَهْلَه، وَكَانَ أَبِي فِي خِدْمَتِه، فَرحلَ بِنَا إِلَى قَلْعَةٍ مِنْهَا، فَعبرتِ التَّتَار عَلَيْنَا، فَاسْتَنْزلُوا أَهْل الْملك الكَامِل بِالأَمَان مِنْ قَلْعَة أُخْرَى، وَردُّوا بِهِم عَلَيْنَا، وَأَنَا صَبِيّ مُمِيِّز، وَحَاصرُوا مَيَّافَارِقِيْن أَشْهُراً، فَنَزَلَ عَلَيْهِم الثَّلج، وَهَلَكَ بَعْضهُم، وَكَانَ الكَامِل يَبرزُ إِلَيْهِم وَيُقَاتِلهُم، وَيُنْكِي فِيهِم فَهَابُوهُ، ثُمَّ بَنَوا عَلَيْهِم سُوراً بِإِزَاء
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 205، ذيل مرآة الزمان: 2 / 75، المختصر في أخبار البشر لأبي الفدا: 3 / 203، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة: 186 - 187، دول الإسلام: 2 / 124، العبر للذهبي: 5 / 249 - 250، تاريخ ابن الوردي: 2 / 293، الوافي بالوفيات: 4 / 306 - 307 الترجمة 1849.(23/201)
البَلَد، بِأَبرجَة، وَنَفَدَتِ الأَقوَات، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَموت فَيُؤكل، وَوَقَعَ فِيهِمُ المَوْتُ، وَفتر عَنْهُم التَّتَارُ وَصَابَرُوهُم، فَخَرَجَ إِلَيْهِم غُلاَم أَوْ أَكْثَر وَجَلَوْا لِلتَّتَارِ أَمرَ البَلَدِ، فَمَا صَدَقُوا، ثُمَّ قَربُوا مِنْ السُّورِ وَبَقوا أَيَّاماً لاَ يَجسرُوْنَ عَلَى الْهُجُوم، فَدلَى إِلَيْهِم مَمْلُوْك لِلْكَامِل حِبالاً، فَطَلعُوا إِلَى السُّوْرِ، فَبَقُوا أُسبوعاً لاَ يَجسرُوْنَ، وَبَقِيَ بِالبَلَدِ نَحْوُ التِّسْعِيْنَ بَعْد أُلوف مِنَ النَّاسِ، فَدَخَلتِ التَّتَارُ دَارَ الكَامِل وَأَمَّنوهُ، وَأَتَوا بِهِ هُولاَكو بِالرُّهَا، فَإِذَا هُوَ يَشرب الخَمْر، فَنَاول الكَامِلَ كَأْساً فَأَبَى، وَقَالَ: هَذَا حَرَامٌ.
فَقَالَ لامْرَأَتِهِ: نَاوِلِيهِ أَنْتِ.
فَنَاولته، فَأَبَى، وَشتم وَبصق - فِيْمَا قِيْلَ - فِي وَجهِ هُولاَكو.
وَكَانَ الكَامِل مِمَّنْ سَارَ قَبْل ذَلِكَ وَرَأَى القَانَ الكَبِيْرَ، وَفِي اصطِلاَحِهِم مَنْ رَأَى وَجه القَان لاَ يُقتل، فَلَمَّا وَاجه هُولاَكو بِهَذَا، اسْتشَاط غضباً، وَقَتَلَهُ.
ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ الكَامِلُ شَدِيدَ البَأْسِ، قَوِيَّ النَّفْسِ، لَمْ يَنقهر لِلتَّتَارِ بِحَيْثُ إِنَّهُم أَخَذُوا أَوْلاَده مِنْ حِصنِهِم، وَأَتَوهُ بِهِم إِلَى تَحْتَ سُورِ مَيَّافَارِقِيْنَ، وَكلَّمُوْهُ أَنْ يُسلِّم البَلَد بِالأَمَان، فَقَالَ: مَا لَكُم عِنْدِي إِلاَّ السَّيْف.
قُلْتُ: طِيفَ بِرَأْسِهِ بِدِمَشْقَ بِالطُّبولِ، وَعُلِّق عَلَى بَابِ الفَرَادِيْسِ، فَلَمَّا انْقَلَعُوا، وَجَاءَ المُظَفَّرُ وَدُفِنَ الرَّأْس.
وَكَانَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ قَدِمَ دِمَشْق مُسْتنجداً بِالنَاصِر، فَبَالغ فِي إِكرَامه وَاحترَامِه، وَوعدَه بِالإِنجَادِ، وَرجع إِلَى مَيَّافَارِقِيْنَ، وَقُتِلَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
121 - العَزِيْزُ غِيَاثُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابْنُ الظَّاهِرِ بنِ صَلاَحِ الدِّيْنِ *
السُّلْطَانُ، الْملك العَزِيْز، غِيَاث الدِّيْنِ مُحَمَّد ابْنُ السُّلْطَانِ الملكِ الظَّاهِرِ ابْنِ السُّلْطَانِ الكَبِيْرِ صَلاَحِ الدِّيْنِ.
__________
(1) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 703، الحوادث الجامعة المنسوب خطأ لابن =(23/202)
ملَّكوهُ حَلَب بَعْد أَبِيْهِ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَع سِنِيْنَ، وَجَعَلَ أَتَابَكَهُ الطّوَاشِيَّ طُغْرِيْلَ، فَأَجَاز ذَلِكَ السُّلْطَان الْملك العَادل، لِمَكَانِ بِنْتِهِ الصَّاحبَةِ ضيفَة أُمّ العَزِيْز، وَكَانَ شَابّاً عَادِلاً شَفوقاً عَلَى الرَّعِيَّةِ مُتودِّداً لاَ بَأْسَ بِهِ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَملكُوا بَعْدَهُ ابْنَةَ النَّاصِر.
وَفِيْهَا مَاتَ بِحَلَبَ عَمُّهُ:
122 - المَلِكُ المُحْسِنُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ *
المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ، العَالِم، يَمِيْن الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابنُ السُّلْطَان يُوْسُف بن أَيُّوْبَ.
حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ صَدَقَة الحَرَّانِيّ، وَهِبَة اللهِ البُوْصِيْرِيّ، وَحَنْبَل، وَخَلْق.
وَنسخ وَقَرَأَ وَحصل، وَكَانَ صَحِيْح النَّقْل، مُتَوَاضِعاً، مفضلاً عَلَى أَهْلِ الحَدِيْثِ وَعَلَى الرُّوَاة، يَتجمَّل بِهِ المُحَدِّثُونَ، وَقَدِ ارْتَحَلَ وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنِ
__________
(1) = الفوطي: 96، وقد ذكره ابن الفوطي في مجمع الآداب حين ترجم لابيه ج 4 الترجمة 1781، المختصر في أخبار البشر لأبي الفدا: 3 / 158، كنز الدرر وجامع الغرر (الدر المطلوب في أخبار بني أيوب) للداوداري: 7 / 318، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3012) ج 19 الورقة: 155، العبر للذهبي: 5 / 140، الوافي بالوفيات للصفدي: 4 / 306، الترجمة 1848، تاريخ ابن الوردي: 2 / 236، البداية والنهاية: 13 / 145، العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني: 478، السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي 1 / 253، النجوم الزاهرة: 6 / 297، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب: 340 - 342، شذرات الذهب: 5 / 168.
(*) التكملة للمنذري: 3 / الترجمة: 2693، وبغية الطلب لابن العديم: 2 / الورقة: 139 - 141، وتاريخ الإسلام، الورقة: 142 (أيا صوفيا 3012) ، ودول الإسلام: 2 / 104، ونزهة الانام لابن دقماق، الورقة: 32 - 33، والنجوم الزاهرة: 6 / 298، وشذرات الذهب: 5 / 162.(23/203)
ابْن الحُصَرِيّ، وَابْنِ البَنَّاء، وَبِبَغْدَادَ مِنْ عَبْدِ السَّلاَمِ الدَّاهِرِيِّ، وَطَائِفَة.
قَالَ الضِّيَاء: حصل المُحْسِنُ الكَثِيْرَ، وَانتفعَ الخَلقُ بِإِفَادَتِهِ، وَطَلَبَ الحَدِيْثَ عَلَى وَجهِهِ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ أَحَد شُيُوْخِهِ، وَمَجْد الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم، وَشيخُنَا سُنْقُر الزَّيْنِي.
مَاتَ: فِي المُحَرَّم، سَنَةَ أَرْبَعٍ.
وَبَقِيَ أَخُوْهُ الصَّالِح أَحْمَد صَاحِب عَيْنتَابَ حيّاً إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ، وَأُمُّه أُمّ وَلد.
123 - النَّاصِرُ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَازِي بنِ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ *
السُّلْطَان، الْملك النَّاصِر، صَلاَحُ الدُّنْيَا وَالدِّينِ، يُوْسُفُ ابْنُ الملكِ العَزِيْزِ مُحَمَّدِ ابنِ الملكِ الظَّاهِر غَازِي ابْنِ السُّلْطَانِ صَلاَحِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ بنِ أَيُّوْبَ صَاحِبُ حَلَبَ وَدِمَشْقَ.
مَوْلِدُهُ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَملكه خالُه السُّلْطَان الْملك الكَامِل فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ رِعَايَةً لأُخْتِهِ الصَّاحِبَةِ جَدَّةِ النَّاصِرِ، فَدَبَّرَ دَوْلَتَهُ الْمقر شَمْس الدِّيْنِ لُؤْلُؤ الأَمِينِي،
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 212، ذيل مرآة لليونيني: 1 / 461 - 469، 2 / 134، المختصر في اخبار البشر لأبي الفدا: 3 / 211، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 194 - 195، دول الإسلام: 2 / 125، العبر للذهبي: 5 / 256 - 257 تاريخ ابن الوردي: 2 / 303، أمراء دمشق في الإسلام للصفدي (طبعة مجمع اللغة العربية في دمشق 1955) ص 102، فوات الوفيات لابن شاكر الكتبي 4 / 361 - 366، ترجمة (595) ، مرآة الجنان لليافعي 4 / 151، والنجوم الزاهرة 7 / 203، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب: 408 - 421 الترجمة 107، الدارس في تاريخ المدارس للنعيمي: 1 / 115، 459، القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية لابن طولون: 88، شذرات الذهب: 5 / 299، أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء لمحمد راغب الطباخ: 2 / 302.(23/204)
وَإِقبال، وَالجَمَالُ القِفْطِيُّ الوَزِيْرُ، وَالأُمُوْرُ كُلَّهَا مَنُوطَة بِالصَّاحبَةِ، وَتَوَجَّه رَسُوْلاً قَاضِي حَلَب زَيْن الدِّيْنِ ابْن الأُسْتَاذ إِلَى الكَامِل وَمَعَهُ سلاَح العَزِيْز وَعدته، فَحزن عَلَيْهِ الكَامِل.
وَفِي سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ نَازل السُّلْطَان دِمَشْق، فَفُتِحت لَهُ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَجَعَلهَا دَار مُلكه، ثُمَّ سَارع لِيَأْخذ مِصْر فَانْكَسَرَ، وَقُتِلَ نَائِبُه لُؤْلُؤ.
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ: كَانَ عُرسُه عَلَى بِنْت صَاحِب الرُّوْم وَأَولَدَهَا.
وَكَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً، حَسَنَ الأَخلاَقِ، مَزَّاحاً، لَعَّاباً، كَثِيْر الحِلمِ، مُحِبّاً لِلأَدبِ وَالعِلْم، وَفِي دَوْلَته انْحَلاَل وَانخنَاث؛ لِعدمِ سَطوتِه، وَكَانَ يَمدُّ سِمَاطه بَاهِراً مِنَ الدَّجَاج المحشِي، وَيُذبح لَهُ فِي اليَوْمِ أَرْبَعُ مائَة رَأْس، فَيَبِيعُ الفراشُوْنَ مِنَ الزبَادِي الكِبَار الفَاخِرَة الأَطعمَة شَيْئاً كَثِيْراً؛ بِحَيْثُ إِنَّ النَّاصِر زَار يَوْماً العِزّ المُطَرِّز، فَمدَّ لَهُ أَطعمَة فَاخِرَة، فَتعجب وَكَيْفَ تَهَيَّأَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا خُوند، لاَ تَعجبْ، فَكله مِنْ فَضلة سِمَاط السُّلْطَان أَيده الله.
وَكَانَ السُّلْطَان يَحْفَظ كَثِيْراً مِنَ النَّوَادر وَالأَشعَار، وَيُبَاسِط جُلَسَاءهُ، وَقِيْلَ: رُبَّمَا غرم عَلَى السِّمَاط عِشْرِيْنَ أَلْفاً.
أَنْشَأَ مَدْرَسَتَهُ بِدِمَشْقَ، وَحَضَرَهَا يَوْم التَّدرِيسِ، وَأَنشَأَ الرِّبَاط الكَبِيْر، وَأَنشَأَ خَان الطّعْم، وَلَمَّا أَقْبَلت التَّتَارُ، تَأَخَّر إِلَى قطيَا، ثُمَّ خَاف مِنَ المِصْرِيّين، فَشرَّقَ نَحْو التِّيهِ، وَردَّ إِلَى البلقَاء، فَكَبَستْهُ التَّتَار فَهَرَبَ، ثُمَّ انْخَدَعَ وَاغترَّ بِأَمَانِهِم، فَذَهَبَ وَنَدِمَ، وَبَقِيَ فِي هوَانٍ وَغُربَة، هُوَ وَأَخُوْهُ الْملك الظَّاهِر.
وَقِيْلَ: لَمَّا كَبسوهُ دَخَلَ البرِيَة، فَضَايقوهُ حَتَّى عَطش، فَسَلَّمَ نَفْسه، فَأَتَوا بِهِ إِلَى كَتْبُغَا وَهُوَ يُحَاصر عَجلُوْنَ، فَوَعَده وَكذبه(23/205)
وَسقَاهُ خَمراً - وَقِيْلَ: أَكرمه هولاَوَو (1) مُدَّة - فَلَمَّا جَاءهُ قَتْلُ كتبغَا انْزَعَجَ، وَأَخْرَج غَيْظه فِي النَّاصِر وَأَخِيْهِ، فَيُقَالُ: قُتِلَ بِالسَّيْف بِتِبْرِيْز رَمَاهُ بِسَهمٍ، وَضُربت عُنُق أَخِيْهِ وَجَمَاعَة مِمَّنْ مَعَهُ فِي أَوَاخِرِ سَنَة ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَعَاشَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً -رَحِمَهُ اللهُ-.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مَا سلَّم نَفْسه إِلَى التَّتَارِ حَتَّى بلغت عِنْدَهُ الشربَة مائَةَ دِيْنَارٍ (2) .
ذكر قُطْب الدِّيْنِ (3) : إِنَّ هُولاَكو لَمَّا سَمِعَ بِهَزِيْمَةِ عَيْنِ جَالُوتَ غَضِبَ، وَتَنَكَّرَ لِلنَّاصِرِ، وَلَمَّا بَلَغَهُ وَقْعَةُ حِمْصَ انزعجَ، وَقَتَلَهُ، وَقِيْلَ: خَصَّه بِعَذَابٍ دُوْنَ رِفَاقه، وَلَهُ شعر جَيِّد.
قَالَ ابْنُ وَاصِل: عُمل عَزَاؤُه بِدِمَشْقَ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ تِسْع.
قَالَ: وَصُوْرَة ذَلِكَ مَا تَوَاتر أَن هُوْلاَكُو لمَا بلغه كسرَة جَيْشه بِعَيْنِ جَالُوتَ وَحِمْص، أَحضر النَّاصِرَ وَأَخَاهُ، وَقَالَ لِلتَّرْجَمَان: قل أَنْتَ زعمت البِلاَد مَا فِيْهَا أَحَد وَهُم فِي طَاعتك حَتَّى غَررت بِي.
فَقَالَ النَّاصِر: هُم فِي طَاعتِي لَوْ كُنْتُ هُنَاكَ، وَمَا كَانَ يشهر أَحَدٌ سَيْفاً، أَمَّا مَنْ هُوَ بِتورِيز كَيْفَ يَحكم عَلَى الشَّامِ؟
فَرمَاهُ هُولاَكو بِسَهْمٍ أَصَابه (4) ، فَاسْتغَاث، فَقَالَ أَخُوْهُ: اسكُتْ وَلاَ تَطلُبْ مِنْ هَذَا الكَلْبِ عَفْواً، فَقَدْ حضرت.
ثُمَّ رَمَاهُ بِسَهْمٍ آخرَ أَتلفَه، وَضُربت عُنُق الظَّاهِر وَأَتْبَاعُهُمَا.
وَفِيْهَا: قُتل السُّلْطَان قُطز بَعْد المَصَافّ مائَة، وَصَاحِب (5)
__________
(1) يعني: هولاكو، فيرسمها البعض ويلفظها هكذا وهي معروفة في الكتب.
(2) في تاريخ الإسلام: " وكان قد هرب إلى البراري فساقوا خلفه فأخذوه وقد بلغت عنده شربة الماء نحو مئة دينار..".
(3) ذيل مرآة الزمان: 1 / 464 - 465.
(4) في الأصل: " أصابعه " وليس بشيء، والتصحيح من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام ".
(5) إضافة منا لابد منها.(23/206)
الصُّبيبَة (1) الْملك السَّعِيْد حَسَن ابْن العَزِيْز عُثْمَان ابْن السُّلْطَان الْملك العَادل، تَملك الصُّبيبة بَعْد أَخِيْهِ الْملك الظَّاهِر سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْهُ السُّلْطَان الْملك الصَّالِح بَعْد سِنِيْنَ، وَأَعْطَاهُ خُبزاً (2) بِمِصْرَ، فَلَمَّا قتلُوا المُعَظَّم سَاق إِلَى غَزَّة، وَأَخَذَ مَا فِيْهَا، ثُمَّ تَسَلَّمَ الصُّبَيبةَ، فَلَمَّا تَملَّك النَّاصِرُ دِمَشْقَ، أَخَذَ السَّعِيْدَ، وَسَجَنَهُ بِقَلْعَةِ إِلبِيْرَةَ، فَلَمَّا أَخَذَ أَصْحَابُ هُولاَكُو إِلْبِيْرَةَ، أَحضَرُوهُ مُقَيَّداً عِنْد القَانِ، فَأَطلقه، وَخلعَ عَلَيْهِ بِسرَاقوج وَصَارَ تَتَرِيّاً، فَردُّوا إِلَيْهِ الصُّبيبةَ، وَلاَزَمَ خدمَة كَتبُغَا، وَقَاتَلَ مَعَهُ يَوْم عَينِ جَالُوت، ثُمَّ جَاءَ بِوَجْه بَسِيط إِلَى بَيْنَ يَدِي قُطُزَ، فَأَمر بِضربِ عُنُقه فِي آخِرِ رَمَضَان، وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً (3) .
124 - الشَّلَوْبِيْنُ أَبُو عَلِيٍّ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الأَزْدِيُّ *
الأُسْتَاذ، العَلاَّمَة، إِمَام النَّحْو، أَبُو عَلِيٍّ عُمَر بن مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الأَزْدِيّ، الإِشْبِيْلِيّ، الأَنْدَلُسِيّ، النَّحْوِيّ، المُلَقَّب بِالشَّلَوْبِيْنِ.
__________
(1) كان صاحب الصبيبه وبانياس (انظر تاريخ الإسلام، الورقة 177 - 178 (أيا صوفيا 3013) .
(2) خبزا، يعني: عطاء معلوما، يدر عليه.
(3) وأيش فائدة بطولته وشجاعته وقد عضد الكفرة ضد المسلمين! ؟
(*) معجم البلدان (مادة شلوبينية) دار صادر 3 / 360، إنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطي: 2 / 332، التكملة لابن الابار (مخطوطة الأزهر) ج 3 الورقة 50 / أ، وفيات الأعيان لابن خلكان: 3 / 451 - 452 الترجمة 498، المغرب في حلى المغرب لابن سعيد الأندلسي: 2 / 129، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي: 5 / 460 - 464 الترجمة 807، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 62 - 63 العبر للذهبي: 5 / 186، تلخيص اخبار النحويين واللغويين لابن مكتوم (النسخة التيمورية) الورقة 162 - 165، البداية والنهاية 13 / 173، الديباج المذهب لابن فرحون: 2 / 78 - 80، الترجمة: 3 / العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني: 557، النجوم الزاهرة: 6 / 358 بغية الوعاة للسيوطي: 2 / 224 - 225 الترجمة 1855، شذرات الذهب: 5 / 232.(23/207)
وَالشَّلَوْبِيْنُ فِي لُغَة الأَنْدَلُسِيّين: هُوَ الأَبيض الأَشْقَر.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، بِإِشْبِيْلِيَة.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ ابْن الجَدِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ زَرْقُوْنَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ بُوْنُهْ، وَأَبِي زَيْدٍ السُّهَيْلِي، وَعَبْد المُنْعِمِ بن الفَرَسِ، وَطَائِفَة.
وَلَهُ إِجَازَة خَاصَّة مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ خَيْر، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ حُبَيْش.
اخْتصَّ بِابْن الجَدِّ، وَرُبِّي فِي حَجْرِهِ؛ لأَنَّ أَبَاهُ كَانَ خَادِماً لابْنِ الجَدِّ، وَلَهُ سَمَاع كَثِيْر.
وَأَخَذَ النَّحْو عَنِ: ابْنِ مُلكُوْن، وَأَبِي الحَسَنِ نَجبَةَ.
وَكَانَ إِمَاماً فِي العَرَبِيَّة لاَ يُشَقُّ غُبَارُهُ وَلاَ يُجَارَى.
تَصَدَّرَ لإِقْرَائِهَا سِتِّيْنَ سَنَةً، ثُمَّ فِي أَوَاخِرِ عُمُرِهِ تَرَكَ الإِقْرَاءَ لإِطباقِ الفِتَنِ وَاسْتيلاَءِ العَدُوِّ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ مُفِيْدَةٌ، وَعَمِلَ لِنَفْسِهِ (مَشْيَخَةً) نصَّ فِيْهَا عَلَى اتِّسَاعِ مَسْمُوْعَاتِهِ، فَقَالَ الأَبَّارُ: سَمِعْتُ مَنْ يُنكِرُ ذَلِكَ وَيَدفَعُهُ -يَعْنِي الاتِّسَاعَ- وَكَانَ أَنِيقَ الكِتَابَةِ، أَخَذَ عَنْهُ عَالِمٌ لاَ يُحْصَوْنَ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : قَدْ رَأَيْت جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكُلّ مِنْهُم يَقُوْلُ: مَا يَتقَاصر أَبُو عَلِيٍّ شَيْخنَا عَنِ الشَّيْخ أَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيّ، وَقَالُوا: كَانَ فِيْهِ مَعَ فَضِيْلتِه غَفلَة وَصُوْرَة بَلَهٍ حَتَّى قَالُوا: كَانَ إِلَى جَانب نَهْرٍ، وَبِيَدِهِ كُرَّاس، فَوَقَعَ فِي المَاءِ، فَاغتَرَفَهُ بِكُرَّاسٍ آخرَ، فَتَلِفَا.
وَلَهُ عَلَى (الجزوليَة) شرحَان.
عَاشَ: ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَة خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) وفيات الأعيان (طبعة احسان عباس) 3 / 451 - 452.(23/208)
125 - الدَّبَّاجُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ جَابِرِ بنِ عَلِيٍّ الإِشْبِيْلِيُّ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ القُرَّاءِ وَالنُّحَاةِ بِالأَنْدَلُسِ.
أَخَذَ القِرَاءات عَنْ: أَبِي الحَسَنِ نَجبَة بن يَحْيَى، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ صَاف.
وَأَخَذَ العَرَبِيَّة عَنْ: أَبِي ذَرٍّ بن أَبِي رُكبٍ الخُشَنِيّ، وَابْن خَرُوْف، وَتَصَدَّرَ لِلْعِلْمَينِ خَمْسِيْنَ عَاماً.
قَالَ الأَبَّارُ (1) : أَمَّ بِجَامِعِ العَدَبَّسِ (2) .
وَهُوَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ جَابِرٍ بنِ عَلِيٍّ الإِشْبِيْلِيّ الدَّبَّاجُ، مِنْ أَهْلِ الفَضْلِ وَالصَّلاَحِ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بِإِشْبِيْلِيَة، فِي شَعْبَانَ (3) ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بَعْد دُخُوْلِ الرُّوْمِ - لَعَنَهُم الله - صُلحاً بِأَيَّام، فَإِنَّهُ تَأَسَّفَ، وَهَالَهُ نطق النَّوَاقِيسِ، وَخَرَس الآذَان، فَاضْطَرَب، وَارتَمَضَ لِذَلِكَ، إِلَى أَنْ قَضَى نَحْبَه، وَقِيْلَ: بَلْ مَاتَ يَوْمَ دُخُوْلِهِم.
قُلْتُ: كَانَ حُجَّة فِي النَّقل، مُسدداً فِي الْبَحْث، يُقْرِئُ (كِتَاب سِيْبَوَيْه) .
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ عُصْفُور، وَغَيْرُهُ، تَسَلَّمَ صَاحِبُ قَشتَالَة البَلَدَ
__________
(*) التكملة لابن الابار (المخطوطة الأزهرية) ج 3 الورقة 76، المغرب في حلى المغرب لابن سعيد الأندلسي: 1 / 255 واختصار القدح المعلى لابن سعيد ايضا: 155 الترجمة 37، صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني الورقة 54، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة للمراكشي: 5 / 198 - 201، الترجمة 394، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 70 العبر للذهبي: 5 / 190، غاية النهاية 1 / 528 الترجمة 2181 النجوم الزاهرة: 6 / 361، بغية الوعاة للسيوطي: 2 / 153 رقم 1682، نفح الطيب للمقري: 3 / 461، 478 (من طبعة إحسان عباس) شذرات الذهب: 5 / 235.
(1) التكملة (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 76.
(2) في غاية النهاية: جامع العريس بالراء والياء وهو تصحيف.
(3) في بغية الوعاة انه مات في الحادي والعشرين من شعبان، وحدد المراكشي وفاته بيوم الأربعاء لتسع بقين من شعبان.(23/209)
بَعْدَ حِصَارٍ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَاسْتقلَّ بِهَا، وَمَاتَ زَمَنَ الحصَارِ الحَافِظ المُحَدِّثُ الأَدِيْب الشَّاعِر أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ القَاسِمِ اللَّخْمِيّ الإِشْبِيْلِيّ الحَرِيْرِيّ كَهْلاً؛ سَمِعَ (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيٍّ الزُّهْرِيِّ.
وَلَهُ كِتَابٌ فِي النَّسَبِ، وَآخَرُ فِي تَارِيْخِ عُلَمَاءِ الأَنْدَلُسِ، وَغَيْر ذَلِكَ.
126 - صَاحِبُ حَمَاةَ المُظَفَّرُ مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الأَيُّوْبِيُّ *
المَلِكُ، المُظَفَّرُ، تَقِيُّ الدِّيْنِ مَحْمُوْدُ ابْنُ المَنْصُوْرِ مُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّرِ تَقِيِّ الدِّيْنِ عُمَرَ بنِ شَاهِنْشَاه الأَيُّوْبِيُّ، الحَمَوِيُّ.
كَانَتْ دَوْلَته خَمْساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَخِيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ عَاماً وَأَشْهُراً، وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً إِلَى الغَايَة، وَكَانَ دَائِماً يَرْكُب بِاللتّ (1) عَلَى كَتِفِهِ، قل مَنْ يَقدر أَنْ يَحمله، وَلَهُ موَاقف مَشْهُوْدَة.
ذكره: ابْن وَاصِل، وَبَالَغَ.
وَكَانَ فَطناً، قَوِيّ الفرَاسَة، طَيِّب المُفَاكهَة، وَكَانَ نَاقص الْحَظ مَعَ جِيرَانه المُلُوْك، وَحرص جِدّاً عَلَى قيَام مُلْكِ الْملك الصَّالِح نَجْم الدِّيْنِ،
__________
(*) المختصر في أخبار البشر لأبي الفدا 3 / 173، كنز الدرر وجامع الغرر (الدر المطلوب في اخبار بني أيوب) للداوداري 7 / 356، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 22 مع حاشيتها، تاريخ ابن الوردي 2 / 250، العسجد المسبوك للاشرف الغساني 533، وقد وهم محققه في الاحالة إلى ما ذكر في ذيل الروضتين 170 فإن المذكور هناك ليس هو المقصود، السلوك في معرفة دول الملوك للمقريزي 1 / 318، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب 397 - 406، الترجمة 104، وقد وهم محققه في الاحالة إلى ما ذكر في البداية والنهاية 14 / 5، إذ إن المذكور هناك هو حفيد لهذا.
(1) في تاريخ الإسلام - بخطه -: " وكان أبدا يحمل لتا من حديد على كتفه في ركوبه ".(23/210)
وَخَطَبَ لَهُ بِحَمَاةَ، ثُمَّ تَعلَّل طَوِيْلاً أَزْيَد مِنْ سَنَتَيْنِ، وَفُلِجَ، ثُمَّ مَرِضَ بِحُمَّى، وَمَاتَ، وَقَامَتِ بِالأُمُوْر زَوجتُه أُخْتُ الْملك الصَّالِح، وَحزن الصَّالِح لِمَوْتِهِ كَثِيْراً، وَجَلَسَ لِلْعزَاء ثَلاَثَة أَيَّام.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَعَاشَ ثَلاَثاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً، فَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنه المَنْصُوْر مُحَمَّد، وَلَهُ عشر سِنِيْنَ وَأَيَّام.
127 - ابْنُ الفَاضِلِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ عَلِيٍّ المِصْرِيُّ *
الوَزِيْرُ، القَاضِي الأَشْرَف أَحْمَد ابْن القَاضِي الفَاضِل عَبْد الرَّحِيْمِ بن عَلِيٍّ المِصْرِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنَ: القَاسِمِ ابْن عَسَاكِرَ، وَالأَثِيْر بن بُنَانٍ، وَبنت سَعْد الخَيْرِ، وَأَبِيْهِ، وَأَقْبَلَ عَلَى طلب الحَدِيْث فِي كُهولته إِلَى الغَايَة، وَاجتهد، وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازل، وَأَنفق عَلَى المُحَدِّثِيْنَ.
وَكَانَ سَرِيع القِرَاءة، صَدْراً عَالِماً مُعَظَّماً، وَزرَ لِلْعَادل، فَلَمَّا مَاتَ عُرضت عَلَيْهِ الوَزَارَة فَأَبَى، وَدرَّس بِمَدْرَسَة أَبِيْهِ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعُوْنَ سَنَةً (1) .
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (أسعد افندي 2323) ج 1 الورقة 89 ب، صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني الورقة: 31 - 32، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة: 24 العبر للذهبي: 5 / 175، الوافي بالوفيات: 7 / 57 - 58 الترجمة 2989 شذرات الذهب: 5 / 218.
(1) ذكر شرف الدين الحسيني أنه توفي في ليلة السادس من جمادى الآخرة.(23/211)
128 - ابْنُ العِزِّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيُّ *
شَيْخُ الحَنَابِلَة، تَقِيّ الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ المُحَدِّث عِزّ الدِّيْنِ مُحَمَّد ابْنِ الحَافِظِ عَبْد الغَنِيِّ المَقْدِسِيّ، الصَّالِحيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: الخُشُوْعِيّ، وَعِدَّةٍ، وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ: أَسَعْد بن رَوْحٍ، وَعفِيفَةَ، وَخَلْق.
وَلَزِمَ جدّه لأُمِّهِ الشَّيْخ مُوَفَّق الدِّيْنِ حَتَّى بَرَعَ وَحفظ (الكَافِي) لَهُ، وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى الفَخْر غُلاَم ابْن المَنِّي، وَدرَّس وَأَفتَى، وَتَخَرَّجَ بِهِ الفُقَهَاء.
رَوَى عَنْهُ: العِزُّ ابْنُ العِمَادِ، وَالشَّمْسُ ابْنُ الوَاسِطِيِّ، وَالقَاضِي تَقِيّ الدِّيْنِ، وَمُحَمَّد بن مُشْرِق.
وَكَانَ دَيِّناً مُؤثراً فَصِيْحاً مَهِيْباً، مَلِيحَ الشّكل، وَافِرَ الحُرْمَةِ عِنْد الدَّوْلَة، أَمَر زَمَنَ الخُوَارِزْمِيَة بِتَدرِيبِ الطُّرقِ فِي الصَّالِحيَّةِ، وَتَحْصِيْلِ الْعدَد وَالرِّجَال، وَبِالاحْتِرَاز، وَلَمَّا قربت الخُوَارِزْمِيَّة مِنَ الميطور برز بِالرِّجَالِ إِلَيْهِم، فَجَاءَ رَسُوْلُهُم يُبَشِّرُ بِالأَمَانِ، وَأَنَّهُم لاَ يَمُرُّوْنَ بِهِم إِلاَّ بِأَمْرِ الشَّيْخِ، وَلَمَّا رَأَوُا الشَّيْخَ، نَزَلَ الخَانَات عَنْ خيلهِم وَرحَّبُوا بِالشَّيْخ، وَقبَّلُوا يَده، وَمَرُّوا بِسَفْحِ الْجَبَل إِلَى العقبَة، ثُمَّ إِلَى المِزَّة، وَلَمْ يُؤذُوا، لَكِن حسن غُلاَم ابْن المُعْتَمِد قَاتلهُم، فَقتلُوْهُ.
ثُمَّ مَاتَ الشَّيْخ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ (1) .
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 770، ذيل الروضتين لأبي شامة: 176 صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني الورقة 27، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 25، العبر للذهبي: 5 / 174 - 175 الوافي بالوفيات: 8 / 55 الترجمة 3467، ذيل طبقات الحنابلة: 2 / 232 - 233 الترجمة 339، النجوم الزاهرة 6 / 354 - 355، شذرات الذهب: 5 / 217
(1) ذكر الشريف الحسيني أنه توفي في الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول، وذكر ابن =(23/212)
129 - ابْنُ النَّخَّالِ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبِي بَكْرٍ البَوَّابُ *
الصَّالِح، المُسْنِدُ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبِي بَكْرٍ ابْن النخَال (1) البوَابُ.
سَمِعَ (مُصَافحَة) لِلبرقَانِي، وَرَابع (المَحَامِلِيَّات) مِنْ شُهْدَة.
رَوَى عَنْهُ: مَجْد الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم، وَمَوْلاَهُ؛ بِيْبَرْس، وَالشَّيْخ مُحَمَّد ابْن القَزَّاز.
وَبِالإِجَازَةِ: مُحَمَّد البِجَّدِيّ (2) ، وَفَقْهَاءُ بِنْت الوَاسِطِيّ.
بَقِيَ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (3) .
130 - ابْنُ الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الوَلِيْدِ البَغْدَادِيُّ **
مُفِيْد بَغْدَاد، المُحَدِّثُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْد اللهِ ابْن أَبِي الفَضْلِ مُحَمَّد ابْن أَبِي
__________
= رجب في ذيل طبقات الحنابلة انه توفي في الثامن عشر من ربيع الآخر، وقد ذكر الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام أنه توفي في الثامن والعشرين من شهر ربيع الآخر، وذكر هنا ما ذكره في العبر ونقلها عنه ابن تغري بردئ في النجوم الزاهرة.
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ضمن ترجمة أخيه محمد ج 3 الترجمة 2494، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 27 وفيها يذكر نسبه انه عبد الله ابن عمر بن ابي بكر بن عبد الله بن النخال ابو بكر البغدادي البواب، تذكرة الحفاظ: 4 / 1432.
(1) النخال بالخاء كما ضبطها العلامة الحافظ زكي الدين المنذري وكما وردت بخط الذهبي في التاريخ، وقد تصحفت في تذكرة الحفاظ إلى (النحال) بالحاء المهملة.
(2) قيده الذهبي في " المشتبه: 632) ، قال عند ذكر (النجدي) : وبموحدة مكسورة، شيخنا محمد بن أحمد البجدي، الرجل الصالح ".
وقد نص الحافظ ابن ناصر الدين على تشديد الجيم.
(3) قال الذهبي في " تاريخ الإسلام ": وما أدري توفي في هذه السنة أو على أثرها.
(* *) صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 28، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 28، وقد ذكره ضمن وفيات هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 / =(23/213)
مُحَمَّدٍ بن الوَلِيْدِ البَغْدَادِيّ، أَحَد الرَّحَّالِيْنَ وَالمُكْثِرِيْنَ.
سَمِعَ: عَبْدَ العَزِيْزِ بنَ الأَخْضَرِ، وَابْنَ مَنِيْنَا، وَمَسْعُوْد بن بَرَكَةَ، وَعَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيّ، وَأَبَا اليَمَنِ الكِنْدِيَّ، وَالافتخَار الهَاشِمِيّ، وَخَلْقاً.
وَكَانَ يُوْصَف بِسرعَة القِرَاءة وَجُوْدتِهَا، وَخطه رَدِيء الْوَضع، وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّة، لَهُ تَوَالِيف.
تُوُفِّيَ: كَهْلاً، فِي جُمَادَى الأُوْلَى (1) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
131 - ابْنُ شُحَانَةَ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عُمَرَ بنِ بَرَكَاتٍ الخُرَاسَانِيُّ *
مُحَدِّثُ خُرَاسَانَ، سِرَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عُمَرَ بنِ بَرَكَاتِ بنِ شُحَانَةَ.
رَحَلَ وَتَعِبَ وَتَمَيَّزَ فِي الحَدِيْثِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ ابْنِ الحَرَسْتَانِيِّ، وَالافتخَارِ الحَلَبِيِّ، وَدَاوُدَ بنِ مُلاَعِبٍ، وَمِسْمَارِ بنِ العُوَيْسِ.
وَكَانَ ثِقَةً، فَهماً.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِمَيَّافَارقين.
__________
= 1432، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب الحنبلي: 2 / 233 الترجمة 340، شذرات الذهب: 5 / 219.
(1) ذكر الشرف الحسيني وفاته انها كانت في الثالث من جمادى الأولى وهو الذي ثبته الذهبي في " تاريخ الإسلام " وابن العماد في " الشذرات ".
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (اسعد افندي 2324) الورقة 246 / ب، صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 34، وقال كان أحد المشهورين بالطلب والتحصيل وتوفي قبل بلوغ أمنيته، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 29 وكناه بأبي محمد وذكر في نسبه (الحراني) ، وذكر أنه روى عنه بالاجازة أبو نصر الشيرازي، وقد ذكره في من توفي في هذه السنة في تذكرة الحفاظ: 4 / 1432، وله ترجمة في ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2 / 240 - 241 الترجمة 346، وقد ضبط لفظة (شحانة) بضم الشين وفتح الحاء المهملة الخفيفة وبعد الالف نون.(23/214)
132 - ابْنُ مُقَرَّبٍ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ مُقَرَّبٍ الكِنْدِيُّ *
مُحَدِّثُ الإِسْكَنْدَرِيَّة، المُجَوِّدُ، أَسْعَد الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بن مُقرَّبِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الكِنْدِيّ، الإِسْكَنْدَرَانِي، المُعَدَّل.
مَوْلِده: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ (1) .
كَتَبَ عَنِ: البُوْصِيْرِيِّ، وَابْنِ مُوقَا، وَبنتِ سَعْدِ الخَيْرِ، وَالأَرتَاحِيِّ.
وَتَخَرَّجَ بِابْنِ (2) المُفَضَّلِ، وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ، وَكَانَ مِنْ نُبهَاء الطَّلَبَةِ.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَمُحَمَّد بن مَنْصُوْرٍ الوَرَّاق، وَابْنه مُقرَّبٌ.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ (3) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
قَالَ ابْنُ العِمَادِيَّةِ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، ذَا حِفْظٍ وَإِتْقَانٍ وَمُرُوءةٍ وَإِحسَانٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ يَدْرِي الأَنسَابَ.
133 - ابْنُ حَمُوْدٍ عَبْدُ المُحْسِنِ بنُ حَمْوُدِ بنِ المُحَسِّنِ التَّنُوْخِيُّ **
المَوْلَى، الإِمَام البَلِيْغُ، البَارِع، أَمِيْن الدِّيْنِ، أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ المُحْسِنِ بن
__________
(*) صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 23، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 29، العبر للذهبي 5 / 177، وذكره في من توفي من هذه السنة في تذكرة الحفاظ: 4 / 1432، النجوم الزاهرة 6 / 354، شذرات الذهب 5 / 220.
(1) ذكر شرف الدين الحسيني انه ولد بالإسكندرية في الثالث عشر من ربيع الأول، منها.
(2) في الأصل: " بأبي " وليس بشيء، والصحيح ما اثبتناه إذ تخرج ابن مقرب بأبي الحسن علي بن المفضل المقدسي المتوفى سنة 611 هـ.
(3) ذكر شرف الدين الحسيني انه توفي في ليلة الثالث عشر من صفر وثبت الذهبي في تاريخ الإسلام ان وفاته في الثالث عشر منه.
(* *) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (اسعد افندي 2325) ج 4 الورقة 53 / أ، مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 8 / 757، صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 34، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 30، العبر للذهبي: 5 / 177، =(23/215)
حَمودِ بنِ المُحَسِّن (1) بن عَلِيٍّ التَّنُوْخِيّ، الحَلَبِيّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ.
وَسَمِعَ فِي كبره مِنْ: حَنْبَل، وَابْن طَبَرْزَذَ، وَالكِنْدِيّ، وَعِدَّة.
وَأَلَّف كِتَاباً فِي الأَخْبَار وَالنَّوَادر عِشْرِيْنَ سِفراً بِأَسَانِيْده، وَلَهُ (دِيْوَان) وَكِتَاب فِي التَّرسُّل.
رَوَى عَنْهُ: القُوْصِيّ، وَابْن الجلاَل، وَزَيْن الدِّيْنِ الفَارِقِيّ، وَالعِمَاد ابْن البَالِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ كَاتِب الإِنشَاء لِصَاحِب صرخدَ الأَمِيْرِ عِزِّ الدِّيْنِ أَيبكَ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ (2) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
134 - النَسَّابَةُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ ابْنُ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، الفَاضِل، النَسَّابَة، عِزّ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ الدِّمَشْقِيّ، ابْن عَسَاكِرَ.
سَمِعَ مِنْ: عَمّ أَبِيْهِ؛ الحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ، وَأَبِي المَعَالِي بنِ صَابِرٍ، وَعَبْدِ
__________
= وذكره في من توفي في هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 / 1432، النجوم الزاهرة: 6 / 353، شذرات الذهب: 5 / 220.
(1) قيده بالتشديد الذهبي بخطه في " تاريخ الإسلام ".
(2) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام متابعا الشريف الحسيني في صلة التكملة أنه توفي في الرابع والعشرين من شهر رجب.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 176، وهو احد شيوخ ابن الصابوني، تكملة اكمال الإكمال 177 - 178، صلة التكملة للشرف الحسيني: الورقة 28، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 36، العبر للذهبي: 5 / 179، وقد ذكره في من توفي في هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 / 1432، النجوم الزاهرة 6 / 355، شذرات الذهب 5 / 226.(23/216)
الصَّمَدِ النَّسَوِيِّ، وَأَبِي الفَهْمِ العَجَائِزِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ، وَأَخُوْهُ؛ الخَطِيْبُ، وَرَشِيدُ الدِّيْنِ ابْنُ المُعَلِّمِ، وَالفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُ عَمِّهِ البَهَاءُ، وَالزَّيْنُ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ رُؤسَاءِ البَلَدِ، لَهُ بَغْلَةٌ وَبزَّةٌ فَاخِرَةٌ، وَلَهُ (تَارِيْخٌ) فِيْهِ بوَارد (1) ، وَلَهُ نَظْمٌ وَسيط.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى (2) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ أَيْضاً.
135 - ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ القُرْطُبِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الجَلِيْل، العَدْل، تَاج الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ ابنُ العَلاَّمَة أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَد بن عَلِيٍّ القُرْطُبِيّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ، إِمَام الكَلاَّسَة، وَابْن إِمَامهَا.
وُلِدَ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَحَجَّ مَعَ أَبِيْهِ سَنَةَ تِسْعٍ، فَسَمِعَ فِي آخِرِ الخَامِسَة مِنْ عَبْدِ المُنْعِمِ الفُرَاوِيِّ، وَمِنْ عَبْدِ الوَهَّاب بنِ سُكَيْنَة، وَزُهَيْرٍ شعرَانَة، وَمُحَمَّد بن المُطَهَّر الفَاطِمِي.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنِ: ابْنِ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَأَحْمَدَ بنِ المَوَازِيْنِيِّ،
__________
(1) قال المؤلف في " تاريخ الإسلام ": " وله تاريخ على الحوادث فيه الدرة والبعرة وأشياء باردة، ولم يظهره الرجل، وإنما هو تعاليق في جريدة. وتسمى ميوامة النسابة ".
(2) ذكر الحسيني في صلة التكملة انه توفي في ليلة الثالث من جمادى الأولى بعد ان ذكر أن مولده في الثالث عشر من شهر رجب سنة خمس وستين وخمس مئة.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 176، تكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 32، 293، صلة التكملة لوفيات النقلة للشرف الحسيني: الورقة 28، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 36 - 37، العبر للذهبي: 5 / 179 وقد ذكره الذهبي ضمن الذين توفوا سنة 643 في تذكرة الحفاظ: 4 / 1432، وانظر ايضا الوافي بالوفيات للصفدي 2 / 118 الترجمة 460، النجوم الزاهرة: 6 / 355، شذرات الذهب: 5 / 226.(23/217)
وَالفَضْلِ ابْنِ البَانْيَاسِيِّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَعِدَّةٍ.
فَلَمَّا تَكهَّلَ أَقْبَلَ عَلَى الحَدِيْث، وَبَالَغَ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ.
وَكَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، مُحبَّباً إِلَى النَّاسِ، ثِقَةً.
رَوَى عَنْهُ: البِرْزَالِيُّ، وَأَبُو المُظَفَّرِ ابْنُ النَّابُلُسِيِّ، وَالشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ، وَأَخُوْهُ، وَابْنُ الجَلاَلِ، وَمُحَمَّد بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ ابْن الدِّمْيَاطِيّ، وَزَيْن الدِّيْنِ الفَارِقِيّ، وَعِدَّة.
وَبِالحُضُوْر: العِمَاد ابْن البَالِسِيّ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ، وَحُمِلَ عَلَى الرُّؤُوس، وَدُفن بقَاسِيُوْن.
136 - ابْنُ المُنْذِرِيِّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ بنِ عَبْدِ القَوِيِّ *
الحَافِظُ الذّكيُّ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابنُ العَلاَّمَة الحَافِظ زَكِيّ الدِّيْنِ عَبْد العَظِيْمِ بن عَبْدِ القوِيّ المُنْذِرِيّ، رَشِيدُ الدِّيْنِ المِصْرِيُّ، أَحَدُ الشَّبَابِ الفُضَلاَءِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ (1) .
__________
(*) التكملة لوفيات النقلة للحافظ المنذري ج 2 ضمن الترجمة 1488، صلة التكملة للشرف الحسيني الورقة 38، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 38 - 39، الوافي بالوفيات 2 / 264 - 265، الترجمة 1303، وما كتبه الدكتور بشار عواد معروف ضمن كتابه (المنذري وكتابه التكملة لوفيات النقلة - مطبعة الآداب - النجف 1968) ص 170 174، وما كتبه الدكتور بشار أيضا هو وعمه المرحوم الدكتور ناجي معروف في مقدمة تحقيقهما لكتاب (مشيخة النعال البغدادي صائن الدين بن الانجب تخريج الحافظ رشيد الدين محمد بن عبد العظيم المنذري - مطبعة المجمع العلمي العراقي ببغداد 1975) ص 44 - 47، وفيهما مصادر أخرى عن المترجم له هنا.
(1) قيد أبوه الحافظ زكي الدين عبد العظيم ولادته في التكملة بيوم السبت الثالث عشر من شهر رمضان.(23/218)
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ القَوِيِّ ابْنِ الجَبَّابِ، وَالفَخْرِ الفَارِسِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ بنِ حَدِيدٍ، وَعِدَّةٍ.
وَارْتَحَلَ، وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ.
رَوَى عَنْهُ: رَفِيقُهُ؛ أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيُّ.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ (1) ، وَلَوْ عَاشَ لَسَادَ.
137 - المُنْتَجِبُ مُنْتَجِبُ الدِّيْنِ بنُ أَبِي العِزِّ بنِ رَشِيْدٍ الهَمَذَانِيُّ *
شَيْخُ القُرَّاءِ، مُنْتَجب الدِّيْنِ بن أَبِي العِزّ بن رشيد الهَمَذَانِيّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ، وَشَيْخ القِرَاءة بِالزّنجيليَة.
صَنّف لِلشَّاطِبِيَّةِ شَرحاً مُفِيْداً، وَشرح (المُفصَّل) فَجَوَّدَهُ، وَأَعربَ القُرْآن.
وَرَوَى عَنِ: ابْنِ طَبَرْزَذَ، وَالكِنْدِيِّ.
وَتَلاَ عَلَى: أَبِي الجُوْدِ.
تَلاَ عَلَيْهِ: الصَّائِن الوَاسِطِيُّ نَزِيْلُ قُوْنِيَةَ، وَالنّظَامُ التِّبْرِيْزِيّ شَيْخُنَا.
__________
(1) ذكر الحافظ الحسيني في صلة التكملة وفاته في السابع والعشرين من ذي القعدة، وهي التي ثبتها الذهبي في تاريخ الإسلام.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 175، صلة التكملة للحسيني الورقة 24، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 44، العبر 5 / 180، معرفة القراء الكبار للذهبي: 2 / 509 الترجمة الخامسة من الطبقة الخامسة عشرة، وقد ذكره مع الذين توفوا في هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 / 1432، غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 310 الترجمة 3646، بغية الوعاة للسيوطي: 2 / 300 الترجمة 2022، شذرات الذهب 5 / 227 واعلم أنه قد تصحف اسمه إلى المنتخب (بالخاء) في ذيل الروضتين والعبر وتذكرة الحفاظ وبغية الوعاة والشذرات، والصواب ما أثبتناه عن المصادر المخطوطة كصلة التكملة وتاريخ الإسلام والسير هنا والمطبوعة كفاية النهاية إذ وضعه بتسلسله الهجائي.(23/219)
قَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : كَانَ مُقْرِئاً مُجَوِّداً؛ قرَأَ عَلَى الكِنْدِيِّ، وَأَبِي الجُوْدِ، وَانتفعَ بِشَيخِنَا السَّخَاوِيّ فِي مَعْرِفَةِ (الشَّاطِبِيَّةِ) .
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (2) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
138 - ابْنُ المُعَوَّجِ مَنْصُوْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو غَالِبٍ مَنْصُوْرُ بن أَحْمَدَ بنِ أَبِي غَالِبٍ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السكن البَغْدَادِيّ، المَرَاتِبِيّ، الخَلاَّل، ابْن المُعَوَّجِ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ ابْن الصَّابِيِّ، وَابْنَ الخَشَّابِ، وَالمُبَارَكَ بنَ خُضَيْرٍ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: مَجْد الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم.
وَبِالإِجَازَةِ: الفَخْر ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو المَعَالِي ابْنُ البَالِسِيِّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَعِيْسَى المُطَعِّمُ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَأَحْمَدُ ابنُ الشِّحْنَةِ، وَسِتّ الفُقَهَاء الوَاسطيَةُ.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ (3) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) ذيل الروضتين: 175.
(2) ذكر أبو شامة والحسيني والذهبي في تاريخ الإسلام أنه توفي في ثالث عشر ربيع الأول.
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 32، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 44 - 45، العبر للذهبي: 5 / 181، وقد ذكره ضمن الذين توفوا هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 / 1433، النجوم الزاهرة: 6 / 355، شذرات الذهب: 5 / 227.
(3) ذكر الحسيني في صلة التكملة والذهبي في تاريخ الإسلام أنه توفي في الثاني عشر منه.(23/220)
139 - صَاحِبُ حِمْصَ المَنْصُوْرُ نَاصِرُ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ شِيرْكُوْه *
الْملك المَنْصُوْر، نَاصِرُ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ ابْنُ المَلِكِ المُجَاهِدِ شِيْرْكُوْه.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ، بِدِمَشْقَ، وَحُمِلَ إِلَى حِمْصَ، وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ سِتّ سِنِيْنَ وَنِصْفَ سَنَةٍ.
وَكَانَ فَارِساً شُجَاعاً وَافر الهَيْبَة، سَارَ بِعَسْكَره وَعَسْكَر حَلَب، وَعَمِلَ المَصَافّ مَعَ الخُوَارِزْمِيَة وَالمُظَفَّر صَاحِب مَيَّافَارِقِيْن، فَالتَقَوا فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ، فَهَزمهُم صَاحِب حِمْص أَقبح هَزِيْمَة، وَتعثَّرت الخُوَارِزْمِيَة، وَنَزَلَ صَاحِب حِمْص فِي مُخيَّم المُظَفَّر، وَاحتوَى عَلَى خَزَائِنِه، وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنه الأَشْرَف.
140 - عَتِيْقُ بنُ أَبِي الفَضْلِ بنِ سَلاَمَةَ، أَبُو بَكْرٍ السَّلْمَانِيُّ **
العَدْلُ، أَبُو بَكْرٍ السَّلْمَانِيّ، مِنْ كِبَارِ شُهُوْد دِمَشْق.
بلغ التِّسْعِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنِ: الحَافِظ ابْن عَسَاكِرَ، وَأَبِي المَعَالِي بن
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 764، ذيل الروضتين لأبي شامة: 178 - 179، وفيات الأعيان لابن خلكان 2 / 481 ضمن الترجمة 298، المختصر في أخبار البشر لأبي الفدا 2 / 176، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 48 - 49، العبر: 5 / 183، الوافي بالوفيات للصفدي: 6 / 20 الترجمة 2448، البداية والنهاية: 13 / 172، النجوم الزاهرة: 6 / 356، شفاء القلوب في مناقب بني أيوب: 331 - 332 الترجمة 58، شذرات الذهب: 5 / 229، ترويح القلوب في ذكر ملوك بني أيوب للمرتضى الزبيدي: 41.
(1) ذكر سبط ابن الجوزي وأبو شامة والذهبي في " العبر " وأحمد بن إبراهيم الحنبلي في " شفاء القلوب " ان وفاته في الحادي عشر منه، وزاد الحنبلي أنها في يوم الأربعاء.
(* *) صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني الورقة 38، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 31، العبر: 5 / 177، وقد ذكره ضمن الذين توفوا في هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 / 1432.(23/221)
خَلْدُوْنَ.
وَكَانَ مُلاَزِماً لِلْجَمَاعَة، كَثِيْر التِّلاَوَة، عِنْدَهُ دُعَابَة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الحرَائِرِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ الذَّهَبِيُّ، وَابْن الخَلاَّلِ، وَالفَخْرُ بنُ عَسَاكِرَ، وَالعَلاَءُ بنُ البَقَّالِ، وَعِدَّةٌ.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (1) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
141 - ابْنُ الجَبَّابِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بنِ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيُّ *
الرَّئِيْسُ، ظَهِيْرُ الدِّيْنِ، أَبُو إِبْرَاهِيْمَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ السَّعْدِيُّ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ.
سَمِعَ: مِنَ السِّلَفِيِّ، وَالعُثْمَانِيِّ.
وَعَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالتَّقِيُّ الإِسعَردِيُّ، وَالضِّيَاءُ السَّبْتِيُّ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي خَامِسِ المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
142 - ابْنُ مَعْقِلٍ عِزُّ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَعْقِلٍ المُهَلَّبِيُّ **
كَبِيْرُ الرَّافِضَّةِ، النَّحْوِيّ، العَلاَّمَة، عِزّ الدِّيْنِ أَحْمَدَ بن عَلِيِّ بنِ مَعْقِلٍ المُهَلَّبِيّ، الحِمْصِيّ.
__________
(1) ذكر الحسيني في صلة التكملة والذهبي في تاريخ الإسلام أنه توفي في الثاني والعشرين منه وذكر الحسيني أن مولده في العشرين من شعبان سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة وقد ذكر الذهبي سنة ولادته دون ذكر اليوم والشهر.
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني وقد ضبط الاسم قائلا والجباب بفتح الجيم والباء الموحدة وتشديدها وبعد الالف باء موحدة أيضا انظر الورقة 23، وتاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 38، وتذكرة الحفاظ 4 / 1432.
(* *) صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني الورقة 41 - 40، تاريخ الإسلام =(23/222)
أَخَذَ التَّشَيُّع بِالحِلَّةِ، وَالنَّحْو عَنِ الكِنْدِيِّ، وَأَبِي البَقَاء، وَلَهُ النَّظم البَدِيْع، وَالنثر الصَّنِيع، وَكَانَ أَحْوَلَ، قصِيْراً، ثَخِيْنَ الرَّفضِ.
نَظَمَ (الإِيضَاحَ) وَ (التَّكملَة) .
وَسَكَنَ بَعْلَبَكَّ فِي صُحْبَة الْملك الأَمْجَد، وَقرَّر لَهُ جَامكيَّة، وَتَخَرَّجُوا بِهِ فِي المَذْهَب.
تُوُفِّيَ: بِدِمَشْقَ، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (1) ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
143 - ابْنُ عَدِيٍّ حَسَنُ بنُ عَدِيِّ بنِ أَبِي البَرَكَاتِ الكُرْدِيُّ *
الشَّيْخُ الكَبِيْرُ، المَدْعُو بِتَاجِ العَارِفِيْنَ حَسَنُ بنُ عَدِيِّ بنِ أَبِي البَرَكَاتِ بنِ صَخْرِ بنِ مُسَافِرٍ شَيْخُ الأَكْرَادِ، وَجَدُّهُ هُوَ أَخُو الشَّيْخ الكَبِيْر عَدِيّ.
كَانَ هَذَا مِنْ رِجَالِ العَالَم دَهَاءً وَهِمَّةٍ وَسُمُوّاً، لَهُ فَضِيْلَةٌ وَأَدَبٌ وَتَوَالِيْفُ فِي التَّصَوُّفِ الفَاسِدِ، وَلَهُ أَتْبَاعٌ لاَ يَنْحَصِرُوْنَ وَجَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ.
بَلَغَ مِنْ تَعْظِيْمِهِم لَهُ أَنَّ وَاعِظاً أَتَاهُ فَتَكَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَبَكَى تَاجُ العَارِفِيْن وَغُشِيَ عَلَيْهِ،
__________
= للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 48، العر 5 / 182 - 183، الوافى بالوفيات 7 / 239 - 240، الترجمة 3195، البلغة في تاريخ أئمة اللغة للفيروز آبادي ص 27 الترجمة 48، بغية الوعاة للسيوطي 1 / 348 الترجمة 666، شذرات الذهب: 5 / 229، أعيان الشيعة: 9 / 184. معجم المؤلفين 2 / 24.
(1) توفي في الخامس والعشرين من ربيع الأول كما ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام والسيوطي في البغية، وذكر الشرف الحسيني أنه توفي في ليلة الخامس والعشرين منه وذكر أن مولده سنة سبع وستين وخمس مئة.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 50، العبر للذهبي: 5 / 183 وفيه أنه الحسن بن علي وهو تصحيف، الوافي بالوفيات 12 / 101 - 103 الترجمة 88، فوات الوفيات 1 / 334 - 336 الترجمة 117، شذرات الذهب: 5 / 229.(23/223)
فَوَثَبَ كُرْدِيٌّ، وَذَبَحَ الوَاعِظَ، فَأَفَاقَ الشَّيْخُ، فَرَأَى الوَاعِظَ يَخْتَبِطُ فِي دَمِهِ، فَقَالَ: أَيشٍ هَذَا؟
فَقَالُوا: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا مِنَ الكِلاَبِ حَتَّى يُبْكِي سَيْدِي الشَّيْخ.
وَزَادَ تَمَكُّنُ الشَّيْخ حَتَّى خَافَ مِنْهُ بدر الدِّيْنِ صَاحِب المَوْصِل، فَتَحَيَّلَ عَلَيْهِ حَتَّى اصْطَادَهُ، وَخَنَقَهُ بِالمَوْصِلِ؛ خَوْفاً مِنْ غَائِلَتِهِ.
وَهُنَاكَ جَهَلَةٌ يَعْتَقِدُوْنَ أَنَّ الشَّيْخَ حَسَناً لاَ بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَكَانَ يُلَوِّحُ فِي نَظمِه بِالإِلْحَادِ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ رَأَى رَبَّ العِزَّةِ عَيَاناً، وَاعْتِقَادُهُ ضَلاَلَة.
قُتِلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَةً.
144 - الحَرِيْرِيُّ عَلِيُّ بنُ أَبِي الحَسَنِ بنِ مَنْصُوْرٍ الحَوْرَانِيُّ *
كَبِيْر الفُقَرَاء البَطَلَةِ، الشَّيْخ عَلِيُّ بنُ أَبِي الحَسَنِ بنِ مَنْصُوْرٍ ابْنُ الحَرِيْرِيِّ الحَوْرَانِيُّ، مِنْ عَشِيرٍ يُقَالُ لَهُم: بَنُوْ الرُّمَانِ.
مَوْلِدُهُ: بِبُسْرَ، وَبِهَا مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي رَمَضَانَ، وَقَدْ قَارب التِّسْعِيْنَ.
قَدِمَ دِمَشْق صَبِيّاً، فَتعلم نَسجَ المَرْوَزِيّ وَبَرَعَ، ثُمَّ وَقَفَ عَلَيْهِ دينٌ فَحُبِسَ.
وَأُمُّهُ دِمَشْقيَة مِنْ ذُرِّيَّة الأَمِيْر مُسَيب العُقَيْلِيّ، وَكَانَ خَالُه صَائِغاً،
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 180، الحوادث الجامعة 235، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 57 - 62، العبر للذهبي 5 / 185، البداية والنهاية 13 / 170، العسجد المسبوك الغساني: 556 - 557، الفلاكة والمفلوكون للدلجي: 72، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي وقد ذكره مرتين الأولى ضمن وفيات سنة 645 والاخرى ضمن وفيات سنة 646 مع تصحيف اسمه فقال علي بن أبي الجن بن منصور الشيخ أبو الجن وأبو محمد الحريري (كذا) فجعل اسمه لشخصين، جامع كرامات الأولياء، للنبهاني 2 / 340.(23/224)
وَرُبِي الشَّيْخ يَتيماً، ثُمَّ عَمل العَتَّابِيّ، ثُمَّ تَزَهَّد، وَصَحِبَ أَبَا عَلِيٍّ المُغَرْبَل خَادمَ الشَّيْخِ رسلاَنَ.
قَرَأْت بِخَطّ السَّيْف الحَافِظ: كَانَ الحَرِيْرِيّ مِنْ أَفتن شَيْء وَأَضرِّهِ عَلَى الإِسْلاَمِ، تَظهرُ مِنْهُ الزَّنْدَقَة وَالاستهزَاء بِالشرع، بَلَغَنِي مِنَ الثِّقَاتِ أَشيَاءُ يُسْتَعظم ذِكرُهَا مِنَ الزَّنْدَقَةِ وَالجُرْأَةِ عَلَى اللهِ، وَكَانَ مُسْتَخِفّاً بِأَمر الصَّلَوَاتِ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الصَّرِيْفِيْنِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَرِيْرِيِّ: مَا الحُجَّةُ فِي الرَّقصِ؟
قَالَ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) } .
وَكَانَ يُطعِمُ وَيُنفِقُ وَيَتبعه كُلّ مُرِيب.
شَهِدَ عَلَيْهِ خَلقٌ كَثِيْر بِمَا يُوجب القتلَ، وَلَمْ يُقْدِم السُّلْطَانُ عَلَى قَتْلِهِ، بَلْ سَجَنَهُ مَرَّتَيْنِ.
أَنْبَأَنَا العَلاَّمَة ابْن دَقِيق العِيْد، عَنِ ابْنِ عَبْد السَّلاَمِ سَمِعَهُ يَقُوْلُ فِي ابْن (2) العَرَبِيِّ: شَيْخُ سُوءٍ كَذَّاب.
وَعِنْدِي مَجمُوعٌ مِنْ كَلاَمِ الشَّيْخِ الحَرِيْرِيِّ فِيْهِ: إِذَا دَخَلَ مرِيْدِي بِلاَد الرُّوْم، وَتنصَّر، وَأَكل الخِنْزِيْر، وَشرب الخَمْر كَانَ فِي شغلِي!
وَسَأَله رَجُل: أَيُّ الطّرق أَقْرَب إِلَى اللهِ؟
قَالَ: اترك السَّيرَ وَقَدْ وَصلتَ!
وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: بَايِعُونِي عَلَى أَنَّ نَمُوْت يَهُوْدَ (3) ، وَنُحْشَرَ إِلَى النَّارِ حَتَّى لاَ يَصْحَبنِي أَحَدٌ لِعِلَّةٍ.
__________
(1) الآية الاولي من سورة الزلزلة.
(2) الزيادة من تاريخ الإسلام ج 20 الورقة 58 وهنا ذكر قبل هذه الجملة كلاما كثيرا عن الشيخ ابن عربي، وكتابه الفصوص.
(3) (يهود) كذا بالمنع من الصرف في الأصل وفي تاريخ الإسلام الورقة 59.(23/225)
وَقَالَ: لَوْ قَدِمَ عَلَيَّ مَنْ قَتَلَ وَلَدِي وَهُوَ بِذَلِكَ طَيِّبٌ وَجَدَنِي أَطيَبَ مِنْهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: أَمردُ يُقدِّمُ مدَاسِي أَخْيَرُ مِنْ رِضْوَانِكُم، وَربع قَحبَةٍ عِنْدِي أَحْسَنُ مِنَ الولدَان، أَودُّ أَشتهِي قَبْلَ مَوْتِي أَعشق وَلَوْ صُوْرَة حَجر، أَنَا مُتَّكِل مُحَيّر وَالعشق بِي مَشْغُوْل!!
قَالَ ابْنُ إِسْرَائِيْل: قَالَ لِي الشَّيْخ: مَا مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {كُلَمَّا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ} (1)
قُلْتُ: يَقُوْلُ سَيْدِي.
قَالَ: وَيْحَكَ مِنِ المُوْقِدُ وَمَنِ المُطْفِئُ، لاَ يَسْمَعُ للهِ كَلاَماً إِلاَّ مِنْكَ فِيْكَ، فَامْحُ إِنِّيَتَكَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ أَنْجَبَ فِي (تَارِيْخِهِ (2)) : الفَقِيْرُ الحَرِيْرِيُّ شَيْخٌ عَجِيْبٌ، كَانَ يُعَاشِرُ الأَحدَاثَ، كَانَ يُقَالُ عَنْهُ: إِنَّهُ مبَاحِيٌّ وَلَمْ تَكن لَهُ مُرَاقبَة، كَانَ يُخرِّب، وَالفُقَهَاءُ يُنكِرُوْنَ فِعلَهُ، وَكَانَ لَهُ قَبُولٌ عَظِيْمٌ.
وَرُوِيَ عَنِ الحَرِيْرِيِّ: لَوْ ضَرَبنَا عُنُقَكَ عَلَى هَذَا القَوْلِ وَلَعَنَّاكَ لاَعتَقَدْنَا أَنَّا مُصِيْبُوْنَ.
وَمِمَّنِ انْتَصر لَهُ وَخضع لِكشفه الإِمَامُ أَبُو شَامَةَ (3) ، فَقَالَ: كَانَ عِنْدَهُ مِنَ القِيَام بوَاجِب الشرِيعَة مَا لَمْ يَعرفه أَحَد مِنَ الْمُتَشَرِّعِينَ ظَاهِراً وَبَاطِناً، وَأَكْثَرُ النَّاس يَغلطُوْنَ فِيْهِ، كَانَ مُكَاشَفاً لمَا فِي الصُّدُوْرِ بِحَيْثُ قَدْ أَطلعه الله عَلَى سرَائِر أَوليَائِهِ.
__________
(1) سورة المائدة من الآية 64.
(2) هو التاج ابن الساعي المؤرخ العراقي المشهور.
(3) لم نجد هذا الكلام في ذيل الروضتين لأبي شامة حين ترجم له في وفاته سنة 645 ص 180 بل نجد خلاف ذلك ذما له، وقد نسب ابن تغري بردي إلى أبي شامة أيضا أنه أثنى على الحريري (النجوم الزاهرة 6 / 360) .(23/226)
قُلْتُ: مَا هَذَا؟ اتَّقِ اللهَ؛ فَالكهنَةُ وَابْنُ صَائِدٍ مُكَاشَفُوْنَ لِمَا فِي الضَّمَائِرِ.
كَانَ الحَرِيْرِيُّ يَلْبَسُ مَا اتَّفَقَ وَالمُطَرِّزُ وَالمُلَوَّنُ، وَقَالَ عَنْ نَفْسِهِ:
فَقِيْرٌ وَلَكِنْ مِنْ صَلاَحٍ وَمِنْ تُقَىً ... وَشَيْخٌ وَلَكِن لِلْفُسُوْقِ إِمَامُ
وَبَاقِي سِيْرَتِهِ فِي (تَارِيْخِ الإِسْلاَمِ) (1) .
145 - القِفْطِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
القَاضِي الأَكْرَمُ، الوَزِيْرُ الأَوْحَدُ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الشَّيْبَانِيُّ، القِفْطِيُّ، المِصْرِيُّ، صَاحِبُ (تَارِيْخ النُّحَاةِ) .
وَلَهُ: (أَخْبَار المُصَنّفِيْن وَمَا صَنَّفُوهُ) ، وَ (أَخْبَار السَّلْجُوْقِيَّة) ، وَ (تَارِيْخ مِصْر) .
وَكَانَ عَالِماً مُتَفَنِّناً، جَمَعَ مِنَ الكُتُبِ شَيْئاً كَثِيْراً يَتَجَاوَزُ الوَصْف.
وَوَزَرَ بِحَلَبَ.
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) ج 20 الورقة 60 وما بعدها.
(*) معجم الأدباء (رفاعي) 15 / 175 - 204 الترجمة 34، معجم البلدان 3 / 55 - 56 عقود الجمان لابن الشعار (أسعد افندي 2326) ج 5 الورقة الأولى تاريخ مختصر الدول لابن العبري: 272، الحوادث الجامعة: 237، الطالع السعيد للادفوي: 237 - 238 تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 70، العبر: 5 / 191، فوات الوفيات 3 / 117 - 118 الترجمة 369، عيون التواريخ لابن شاكر أيضا 20 / 26 - 27، العسجد المسبوك للغساني 567، النجوم الزاهرة 6 / 361، بغية الوعاة 1 / 212 - 213 الترجمة 1816، حسن المحاضرة للسيوطي 1 / 554 الترجمة 12، شذرات الذهب: 5 / 236، مقدمة كتاب إنباه الرواة على أنباه النحاة للقفطي بقلم محققه محمد أبي الفضل إبراهيم.(23/227)
146 - الخُوْنَجِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ نَامَاورَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ *
القَاضِي، المُتَكَلِّمُ البَاهِرُ، أَفْضَلُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ نَامَاورَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الخُوْنَجِيُّ، الشَّافِعِيُّ، نَزِيْلُ مِصْر.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (1) .
وَوَلِيَ القَضَاءَ بِمِصْرَ وَأَعْمَالهَا، وَدَرَّسَ بِالصَّالِحِيَّةِ، وَأَفْتَى، وَصَنَّفَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (2) : كَانَ حَكِيْماً، مَنْطِقِيّاً، وَكَانَ قَاضِي القُضَاةِ بِمِصْرَ.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَة (3) : تَمَيَّزَ فِي العُلُوْمِ الحكمِيَّة، وَأَتْقَنَ الأُمُوْرَ الشَّرْعِيَّةَ، فَوَجَدته لَمَّا رَأَيْتُهُ الغَايَةَ القُصْوَى فِي سَائِرِ العُلُوْمِ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي الطِّبِّ وَالمَنْطِقِ.
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ (4) ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 182، عيون الانباء في طبقات الاطباء لابن أبي أصيبعة (دار الفكر بيروت 1957) 3 / 199 - 200، صلة التكملة لوفيات النقلة لشرف الدين الحسيني الورقة 54، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 71، العبر للذهبي: 5 / 191، الوافي بالوفيات 5 / 108 - 109 الترجمة 2121، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي 20 / 25 - 26، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8 / 105 - 106 الترجمة 1097، طبقات الشافعية للاسنوي 1 / 502 - 503، الترجمة 460، البداية والنهاية 13 / 175، حسن المحاضرة للسيوطي: 1 / 541 الترجمة 15، مفتاح السعادة ومصباح السيادة لطاش كبرى زادة (البكري وأبو النور) 1 / 246، شذرات الذهب: 5 / 236.
(1) قيد شرف الدين الحسسيني في صلة التكملة مولده في جمادى الأولى (الورقة 54) .
(2) ذيل الروضتين: 182.
(3) عيون الانباء في طبقات الاطباء (دار الفكر) 3 / 199 - 200.
(4) ذكر أبو شامة وابن أبي أصيبعة والحسين والذهبي في تاريخ الإسلام والسبكي في طبقاته أن وفاته كانت في الخامس من شهر رمضان.(23/228)
147 - مُهَنَّا بنُ مَانِعِ بنِ حُدَيْثَةَ بنِ فَضْلِ بنِ رَبِيْعَةَ *
أَمِيْر عَربِ الشَّامِ، وَابْنُ أُمَرَائِهِم، وَأَبُو الأَمِيْر عِيْسَى، وَجَدُّ مَلِكِ العَرَبِ مُهَنَّا بنِ عِيْسَى.
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
148 - ابْنُ رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ المُبَارَكُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ **
العَلاَّمَةُ، الفَيْلَسُوْف، أَبُو الفَتْحِ (1) المُبَارَك ابْنُ الوَزِيْرِ أَبِي الفَرَجِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ هِبَة اللهِ بنِ المُظَفَّرِ ابْن رَئِيْس الرُّؤَسَاء ابْن المُسْلِمَةِ البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ: فِي رَجَبٍ، سَنَة سِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بن ثَابِتٍ، وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّةِ.
رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: أَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ البِجَّدِيّ.
وَأَقرَأَ علم الأَوَائِل فِي دَارِهِ، وَكَانَ بَارِعاً فِي الهَنْدَسَةِ وَالطِّبِّ وَالشِّعرِ وَالآدَابِ.
وَلِي صَدْرِيَّةَ المَخزَنِ (2) سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّ مائَةٍ أَشْهُراً، وَعُزِلَ،
__________
(*) تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 حاشية الورقة 72 بخط المؤلف.
(* *) الكامل في التاريخ: 12 / 118، تلخيص مجمع الآداب: 4 / 1 / الترجمة: 638، والحوادث الجامعة: 227، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 63 - 64، العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني: 560، ولقبه عضد الدين مثل لقب أبيه.
(1) في الجامع المختصر لابن الساعي وتلخيص مجمع الآداب: أبو الفتوح.
(2) المخزن: يشبه في عصرنا: وزارة المالية، قال تاج الدين ابن الساعي في حوادث سنة 605 من " الجامع المختصر ": " وفي يوم الثلاثاء عاشر شعبان ولي عضد الدين أبو الفتوح ابن الوزير أبي الفرج محمد ابن رئيس الرؤساء صدرية المخزن المعمور نقلا من أشراف دار
التشريفات الشريفة المعروفة وخلع عليه بها وشافعه بالولاية عز الدين نجاح الشرابي " (ص: 264) .(23/229)
وَكَانَ وَافِرَ الحِشْمَةِ، وَقَفَ رِبَاطاً عَلَى الفُقَرَاءِ.
وَتُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (1) ، سَنَة خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
149 - ابْنُ الدَّوَامِيِّ هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ البَغْدَادِيُّ *
الصَّاحب، عِزُّ الكُفَاةِ، أَبُو المَعَالِي هِبَةُ اللهِ ابْنُ الصَّاحبِ أَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بن هِبَةِ اللهِ بنِ الحَسَنِ ابْن الدَّوَامِيّ البَغْدَادِيّ، حَاجِب الحُجَّاب (2) .
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: تَجَنِّي الوَهْبَانِيَّة (حَدِيْث الحَفَّار) ، وَمِنْ أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيل.
وَكَانَ وَالِدُهُ وَكِيْل النَّاصِر.
وَوَلِيَ هِبَة اللهِ وَاسِط، ثُمَّ صُرف لِلِينِهِ وَجَوْدَتِه، فَكَتَبَ فِيْهِ الخَلِيْفَةُ: يُلحق الثِّقَة العَاجز بِالخَائِن (3) الجَلَدِ، فَلَزِمَ دَاره فِي تَعبُّدٍ وَخَيْرٍ وَبِرٍّ.
__________
(1) ذكر الملك الأشرف الغساني أنه توفي في الرابع من ذي القعدة من السنة، وفي الكتاب المسمى " بالحوادث الجامعة " أنه توفي سنة 646.
(*) الحوادث الجامعة: 227، ولقبه نظام الدين، تلخيص مجمع الآداب ج 4 الترجمة 921 ولقبه فيه: علم الدولة، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة الملحقة بالورقة 64 من خط المؤلف، العبر للذهبي: 5 / 187، المختصر المحتاج إليه من تاريخ الحافظ أبي عبد الله ابن الدبيثي للحافظ الذهبي: 3 / 222 الترجمة 1286، العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني 558 - 559، شذرات الذهب: 5 / 233.
(2) ذكر محب الدين ابن النجار في تاريخه أنه ولي حجابة الحجاب في صفر سنة تسع وثمانين وخمس مئة وعزل سنة ست مئة.
(3) في الأصل: " بالجائز "، ولا معنى لها، والصحيح ما أثبتناه، قال المؤلف في تاريخ الإسلام بخطه -: " وانحدر إلى أعمال واسط فلم يؤذ أحدا وحمدت سيرته، فعزل للين جانبه وخيره، كما عزل الذي قبله لخيانته، وكتب الامام: يلحق الثقة العاجز بالخائن الجلد، فلزم الرجل منزله في حال تعفف وانقطاع وعبادة وكثرة تلاوة وصوم وصدقة ".(23/230)
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ العَدِيْمِ، وَفَتَاهُ؛ بِيْبَرْسُ التُّرْكِيُّ.
وَبِالإِجَازَةِ: الفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَطَائِفَةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ النَّجَّارِ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى (1) ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ (2) .
قُلْتُ: وَمَاتَ ابْنُهُ:
150 - الصَّدْرُ تَاجُ الدِّيْنِ عَلِيٌّ الحَاجِبُ
فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، فِي عَشْرِ السَّبْعِيْنَ.
رَوَى عَنِ: ابْنِ كُلَيْبٍ.
أَخَذَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَهُوَ أَخُو مُحَمَّد بن هِبَةِ اللهِ.
151 - الهَذَبَانِيُّ يَعْقُوْبُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عِيْسَى الكُرْدِيُّ *
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، الإِمَام، العَالِم، شَرَف الدِّيْنِ يَعْقُوْب بن مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عِيْسَى الكُرْدِيّ، المَوْصِلِيّ، مِنْ أَعيَانِ أُمَرَاء مِصْر.
__________
(1) في تاريخ الإسلام توفي في السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وأربعين، وسنة وفاته قد ذكرها معظم المؤرخين له إلا أن صاحب الحوادث الجامعة ذكر أن وفاته سنة 646.
(2) هذا ذهول شديد من الامام الذهبي، إذ كيف يذكر ابن النجار وفاته سنة 645، وهو المتوفى سنة 643، والظاهر أن هذا التاريخ مما أضيف إلى نسخة تاريخ ابن النجار بعد وفاته، فذهل الامام الذهبي، حال النقل عن هذه الحقيقة، ومثل هذا كثير في " طبقات ابن سعد " وغيرها من الكتب.
(*) صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 45، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 64، العبر للذهبي: 5 / 187 - 188، العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني: 558، حسن المحاضرة للسيوطي: 1 / 377 الترجمة 67، مفتاح السعادة 1 / 204، شذرات الذهب 5 / 223.(23/231)
قرَأَ عَلَى أَبِي السَّعَادَاتِ ابْنِ الأَثِيْرِ تَصَانِيْفَهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَمَنْصُوْرٍ الطَّبَرِيِّ، وَالقَاسِمِ بنِ عَسَاكِرَ، وَعِدَّةٍ.
وَحَدَّثَ (بِمُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى) وَ (بِجَامِعِ الأُصُوْلِ) .
وَكَانَ بَيْتُه مَأْوَى الفُضَلاَء.
رَوَى عَنْهُ: الصَّدْرُ القُوْنوِيّ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَنَاصِر الدِّيْنِ المَاكِسِيْنِيّ، وَالعِمَادُ خَطِيْبُ المُصَلَّى.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (1) ، سَنَةَ خَمْسٍ (2) وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً (3) .
152 - عَجِيْبَةُ ضَوْءُ الصَّبَاحِ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي غَالِبٍ البَاقِدَارِيِّ *
الشَّيْخَة، المُعَمَّرَةُ، المُسْنَدَة، ضَوْءُ الصَّبَاحِ بِنْتُ الحَافِظ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي غَالِبٍ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَرْزُوْقٍ البَاقِدَارِيُّ، البَغْدَادِيَّة.
سَمِعَتْ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْصُوْرٍ المَوْصِلِيّ، وَعَبْد الحَقِّ اليُوْسُفِيّ.
وَأَجَاز لَهَا: أَبُو عبْدِ اللهِ الرُّسْتَمِيّ، وَمَسْعُوْد الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو الخَيْرِ البَاغْبَان، وَابْن عَمِّهِ؛ أَبُو رَشِيْدٍ، وَهِبَة اللهِ بن أَحْمَدَ الشِّبْلِيّ، وَرَجَاء بن حَامِدٍ المَعْدَانِيّ،
__________
(1) ذكر الحسيني أن وفاته كانت في ليلة الثامن عشر من ربيع الأول.
(2) جعل السيوطي وفاته سنة ست وأربعين وست مئة (حسن المحاضرة 1 / 377) .
(3) قيد الحسيني ولادته في أواخر سنة اثنتين أو أوائل سنة ثلاث وستين وخمس مئة بينما حددها الذهبي في (التاريخ) بأنه ولد في صدر سنة ثلاث وستين.
(*) تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 81، العبر للذهبي 5 / 194، العسجد المسبوك للاشرف الغساني 573، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي 5 / 238، الاعلام للزركلي (ط 4) 4 / 217.(23/232)
وَعِدَّة.
وَتفرَّدت فِي الدُّنْيَا، وَخَرَّجُوا لَهَا (مَشْيَخَةً) فِي عَشْرَةِ أَجزَاءَ.
مَوْلِدُهَا: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَالعَجَبُ مِنْ وَالِدِهَا كَيْفَ لَمْ يُسْمِعْهَا مِنْ أَبِي الفَتْحِ بنِ البَطِّيِّ وَطَبَقَتِه؟!
وَكَانَتِ امْرَأَة صَالِحَة.
حَدَّثَ عَنْهَا: المُحِبّ عَبْد اللهِ، وَمُوْسَى بن أَبِي الفَتْحِ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ ابْن عَبْدِ الهَادِي، وَالشَّيْخ عَبْد الصَّمَدِ المُقْرِئ، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ الجَعْفَرِيّ، وَعَبْد الرَّحِيْمِ ابْن الزَّجَّاج، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الْمُحسن الوَاعِظ، وَجَمَاعَة.
وَتفرَّدت زَيْنَب بِنْت الكَمَال بِإِجَازَتِهَا.
تُوُفِّيَت: فِي صَفَرٍ، سَنَة سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَمِنْ مَسْمُوْعِهَا: الثَّانِي مِنْ حَدِيْثِ أَبِي أَحْمَدَ حُسَيْنَك مِنْ يَحْيَى بنِ ثَابِتٍ البَقَّال، وَ (مُخْتَلف الحَدِيْث) لِلشَّافِعِيِّ مِنْ عَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيّ، وَ (تَارِيْخ البُخَارِيّ الكَبِيْر) مِنْ عَبْدِ الحَقِّ أَيْضاً.
وَفِيْهَا مَاتَ: صَاحِبُ مِصْرَ الْملك الصَّالِح نَجْم الدِّيْنِ أَيُّوْب ابْن الكَامِل بِالمَنْصُوْرَةِ مُرَابِطاً، وَالرَّشِيْدُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ أَبِي الطَّاهِر بنِ عَوْفٍ، وَالصَّفِيُّ عُمَرُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ ابْن البرَاذع، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ ابْن السَّيِّدِيِّ، وَمَلِكُ الأُمَرَاءِ فَخْرُ الدِّيْنِ يُوْسُف ابْنُ شَيْخ الشُّيُوْخِ الجُوَيْنِيُّ، وَالشَّمْسُ يُوْسُفُ بنُ مَحْمُوْدٍ السَّاوِيُّ.
153 - السَّاوِيُّ أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ الحُسَيْنِ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ الصَّالِح، شَمْس الدِّيْنِ، أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُف بن مَحْمُوْدِ بن
__________
(*) صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 57، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا =(23/233)
الحُسَيْن بن الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ السَّاوِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ المَوْلِد، المِصْرِيّ الدَّار، الصُّوْفِيّ، وَيُعْرَف قَدِيْماً: بِابْنِ المُخَلِّصِ.
وُلِدَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ عِدَّة أَجزَاءَ، وَمِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بَرِّي، وَهِبَةِ اللهِ البُوْصِيْرِيِّ، وَالتَّاجِ المَسْعُوْدِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيّ، وَأَبُو المَعَالِي الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ ابْنُ القَيْسَرَانِيِّ، وَشَرَفُ الدِّيْنِ حَسَن ابْن الصَّيْرَفِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ النّشو، وَالأَمِيْن الصَّفَّار، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ مِنْ صُوْفِيَّةِ خَانْقَاه سَعِيْدِ السُّعَدَاءِ.
تُوُفِّيَ: فِي حَادِي عَشَرَ رَجَب، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ تَفَرَّد بِأَجزَاء عَالِيَة.
154 - ابْنُ الجَبَّابِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّمِيْمِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، فَخر القُضَاة، أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بن الحُسَيْنِ ابْن الجَبَّابِ التَّمِيْمِيّ، السَّعْدِيُّ، المِصْرِيُّ، المَالِكِيّ، العَدْل، نَاظِرُ الأَوقَافِ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ.
__________
= 3013) ج 20 الورقة 84، العبر للذهبي: 5 / 195، العسجد المسبوك للملك الأشرف الغساني: 572، النجوم الزاهرة 6 / 363، حسن المحاضرة: 1 / 378، شذرات الذهب: 5 / 239.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 84 - 85، العبر للذهبي 5 / 198، الوافي بالوفيات: 8 / 55 الترجمة 3465، النجوم الزاهرة 7 / 22، شذرات الذهب 5 / 240، ويتصحف " الجباب " إلى " الحباب " بالحاء المهملة في كثير من المصادر، كما في " الوافي " و" النجوم " و" الشذرات " وغيرها.(23/234)
وَسَمِعَ: أَبَا طَاهِرٍ السِّلَفِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ بَرِّيٍّ، وَأَبَا المَفَاخِرِ المَأْمُوْنِيَّ.
وَحَدَّثَ (بِصَحِيْحِ مُسْلِمٍ) غَيْرَ مَرَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ الظَّاهِرِيِّ، وَفَتْحُ الدِّيْنِ ابْنُ القَيْسَرَانِيِّ، وَالشَّيْخُ مُحَمَّدٌ القَزَّازُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ) مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ مُحسِناً إِلَيَّ، بَارّاً (1) بِي.
تُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
155 - ابْنُ الخَيِّرِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ سَالِمِ بنِ مَهْدِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُقْرِئ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ بَغْدَادَ، أَبُو إِسْحَاقَ، وَأَبُو مُحَمَّد إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ سَالِمِ بنِ مَهْدِيٍّ البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، الحَنْبَلِيّ، المَشْهُوْرُ بِابْنِ الخَيِّرِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ الكَثِيْر مِنْ: فَخْر النِّسَاءِ شُهْدَة، وَأَبِي الحُسَيْنِ اليُوْسُفِيّ، وَخَدِيْجَة بِنْت النُّهْرُوَانِيّ، وَأَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيلَ، وَالحَسَن بن شِيْرَوَيْه، وَطَائِفَة.
__________
(1) في الأصل: بار بالرفع وما أثبتناه يقتضيه الاعراب ويؤيده ما جاء في تاريخ الإسلام.
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 61، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 85، العبر للذهبي: 5 / 198، المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي اختصار الذهبي 1 / 235 - 236 الترجمة 472، المشتبه للذهبي: 194، الوافي بالوفيات: 6 / 142 - 143، الترجمة 2586، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: 2 / 243 - 244 الترجمة 352، غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 27 الترجمة 113، تبصير المنتبه بتحرير المشتبه: 553، النجوم الزاهرة: 7 / 22، شذرات الذهب: 5 / 240.(23/235)
وَأَجَاز لَهُ: أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّيِّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَتَلاَ بِالرِّوَايَاتِ، وَأَقرَأَ مُدَّةً طَوِيْلَةً، وَكَانَ صَالِحاً، دَيِّناً، فَاضِلاً، دَائِمَ البِشْرِ، عَالِيَ الرِّوَايَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الحُلْوَانِيَّةِ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ العُقَيْلِيُّ، وَجَمَالُ الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيُّ، وَعِزّ الدِّيْنِ الفَارُوْثِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ القَزَّاز، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن المُقَيَّرِ، وَتَاج الدِّيْنِ الغَرَّافِيّ، وَعَفِيْف الدِّيْنِ ابْن الدوَالِيبِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كتب بِخَطِّهِ كَثِيْراً مِنَ الكُتُبِ المُطَوَّلاَتِ، وَلَقَّنَ خَلْقاً، كَتَبْتُ عَنْهُ شَيْئاً يَسِيْراً عَلَى ضَعْفٍ فِيْهِ.
وَقَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: تُوُفِّيَ فِي سَابِعَ عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُوْدَةً.
قُلْتُ: تَفَرَّدَت بِإِجَازتِه زَيْنَب بِنْت الكَمَال، وَقَدْ رَوَت عَنْهُ مَرَّات (جُزء الحَفَّار) ، وَ (مَشْيَخَة شُهْدَة) ، وَثَانِي (المَحَامِلِيَّات) ، وَ (جُزء حَنْبَل) ، وَ (أَمَالِي الدَّقِيْقِيِّ) ، وَ (جُزء ابْن علم) ، وَ (قَصْر الأَمل) ، وَ (الشُّكر) ، وَ (القَنَاعَةَ) ، وَ (المُوَطَّأ) لِلْقَعْنَبِيِّ، وَ (المُوَطَّأَ) لِسُوْيَدٍ وَأَشيَاءَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ الشَّيْخ مَحْمُوْدٌ الضَّرِيرُ مُقْرِئاً خَيِّراً مِنْ أَهْلِ بَابِ الأَزجِ.
سَمِعَ الكَثِيْر مِنْ: أَبِي الوَقْتِ، وَابْنِ نَاصِرٍ.
وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ.
وَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّ مائَةٍ.(23/236)
156 - ابْنُ رَوَاجٍ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ رَوَاجٍ الأَزْدِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مُسنِدُ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، رَشِيدُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ رَوَاجٍ - وَاسْمُهُ: ظَافرٌ - بنِ عَلِيِّ بنِ فُتُوْح بن حُسَيْنٍ الأَزْدِيّ، القُرَشِيُّ حَلِيفُهُمُ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيّ، الجَوْشَنِي.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَطلب بِنَفْسِهِ - فَأَكْثَر - عَنِ السِّلَفِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الطَّاهِر بن عَوْف، وَمَخْلُوْف بن جَارة، وَأَبِي طَالِبٍ أَحْمَد بن المُسَلَّم، وَمشرف بن عَلِيٍّ الأَنْمَاطِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَضْرَمِيّ، وَأَخِيْهِ؛ أَحْمَد، وَمُقَاتِل بن عَبْدِ العَزِيْزِ البَرْقِيّ، وَظَافر بن عَطِيَّةَ، وَيَحْيَى بن قلُنبا، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الكِرْكنتِي، وَعَبْد الوَاحِدِ بن عَسْكَر، وَطَائِفَة.
وَنسخَ الأَجزَاء، وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ (الأَرْبَعِيْنَ) .
وَكَانَ فَقِيْهاً فَطناً، دَيِّناً، مُتَوَاضِعاً، صَحِيْح السَّمَاع، وَانقطعَ بِمَوْتِهِ شَيْءٌ كَثِيْرٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نُقْطَة، وَابْنُ النَّجَّارِ، وَالمُنْذِرِيُّ، وَالرَّشِيْدُ العَطَّارُ، وَالضِّيَاءُ السَّبْتِيّ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَالشَّرَفُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ، وَالتَّاجُ الغَرَّافِيُّ، وَبِلاَلٌ المُغِيْثِيُّ، وَشِهَابُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الصَّقَلِّيُّ، وَعَبْدُ القَادِرِ ابْنُ الخَطِيْرِيِّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ النّشو، وَيُوْسُف بن عُمَرَ الختَنِيُّ، وَعِدَّة.
__________
(*) تكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 11، 252، 307، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 89، العبر: 5 / 200، وأورده الذهبي أيضا ضمن الذين توفوا في هذه السنة في تذكرة الحفاظ: 4 / 1411، السلوك في معرفة دول الملوك للمقريزي: 1 / 381، النجوم الزاهرة: 7 / 22 وفيها (رواح) بالحاء المهملة، مصحف، شذرات الذهب 5 / 242.(23/237)
تُوُفِّيَ: فِي ثَامِنَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِالثَّغْرِ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: فَخر القُضَاة أَحْمَد بن مُحَمَّدِ ابْن الجَبَّابِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ إِبْرَاهِيْم بن مَحْمُوْد ابْن الخَيِّرِ الأَزَجِيّ، وَالعَدْل مُظَفَّر بن عَبْدِ المَلِكِ بنِ الفُوِّيّ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو الحَجَّاجِ يُوْسُف بن خَلِيْل، وَصَاحِبُ اليَمَنِ نُوْر الدِّيْنِ عُمَرُ بنُ رَسُوْلٍ التُّرُكْمَانِيُّ - قُتِلَ - وَصَاحِبُ مِصْرَ المُعَظَّمُ ابْن الصَّالِح - قُتِل - وَصَاحِب دِمَشْق الصَّالِح إِسْمَاعِيْل أَبُو الخِيش - قُتِلَ -.
وَفِي سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسَبْع مائَة شَيْخ مُعَمَّرٌ يَرْوِي عَنْهُ بِالإِجَازَةِ، وَهُوَ أَخُو مُحْيِي الدِّيْنِ المَقْدِسِيِّ.
157 - ابْنُ العُلَّيْقِ أَبُو نَصْرٍ أَعَزُّ بنُ فَضَائِلَ بنِ أَبِي نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّالِح، المُعَمَّرُ، أَبُو نَصْرٍ أَعزُّ بنُ فَضَائِلَ بن أَبِي نَصْرٍ بنِ عَبَّاسوهُ، ابْن العُلَّيْقِ البَغْدَادِيّ، البَابَصْرِيّ.
وَيُعْرَفُ أَيْضاً: بِابْنِ بُنْدُقَةَ.
سَمِعَ مِنْ: شُهْدَةَ الكَاتِبَةِ (مُوَطَّأَ القَعْنَبِيِّ) وَ (القَنَاعَةَ) لابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَ (الكَرَامَاتِ) لِلْخلاَل، وَ (مُجَابِي الدَّعوَةِ) وَالرَّابِعَ مِنْ (حَدِيْثِ الصَّفَّارِ) .
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الحَقِّ بنِ يُوْسُفَ، وَأَبِي المُظَفَّرِ بنِ حَمْدِي، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَعِيْشَ القَوَارِيْرِيِّ، وَالمُبَارَكِ بنِ الزَّبَيْدِيّ.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِالإِجَازَةِ: أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ.
وَكَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، فَاضِلاً، يَقظاً، كَثِيْر التِّلاَوَة، عَالِي الرِّوَايَة.
__________
(*) صلة التكملة لشرف الدين الحسيني الورقة 65، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة: 93 - 94، العبر 5 / 202، الوافي بالوفيات: 9 / 290، الترجمة 4216 وفيه غباسوه بالغين المعجمة مصحف، النجوم الزاهرة 7 / 24، شذرات الذهب: 5 / 244.(23/238)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّة، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَمَجْد الدِّيْنِ العَدِيْمِي، وَجَمَال الدِّيْنِ الشَّرِيْشِيّ، وَالفَقِيْه سُلَيْمَان بن رَطْلَيْن، وَجَمَاعَة.
وَحَدَّثَ عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: عَبْد المَلِكِ بن تَيْمِيَةَ، وَابْنُ عَمِّهِ، وَعَلاَء الدِّيْنِ ابْنُ السَّكَاكِرِيِّ، وَعِدَّة.
تُوُفِّيَ: فِي سَادِسَ عَشَرَ رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالسَّمَاعِ: مُحَمَّدٌ ابنُ الدَّوَالِيبِيِّ الوَاعِظ، وَتَفرَّدَتْ بِنْتُ الكَمَالِ بِإِجَازَتِهِ فِي وَقْتِنَا.
158 - النِّشْتِبْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ الأَنْجَبِ بنِ مَعْمَرٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ الجَلِيْل، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ الأَنْجَبِ بنِ مُعَمَّرِ بنِ حَسَنٍ العِرَاقِيّ، النِّشْتِبْرِيّ، ثُمَّ المَارْدِيْني، الشَّافِعِيّ، وَيُعْرَفُ: بِالحَافِظ.
رَحل، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيل، وَأَبِي بَكْرٍ الحَازِمِيِّ الحَافِظِ، وَعَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَأَبِي الفَرَجِ ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
__________
(*) معجم البلدان (صادر) 5 / 286، اكمال الإكمال لابن نقطة (دار الكتب) : 50، صلة التكملة للشرف الحسيني الورقة 67، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 94 - 95، العبر للذهبي: 5 / 202، المشتبه للذهبي: 1 / 380، تبصير المنتبه بتحرير المشتبه 673، النجوم الزاهرة: 7 / 24، شذرات الذهب لابن العماد: 5 / 244 - 245، وفيها أنه البشيري وقال بفتح الباء الموحدة وكسر المعجمة وبعد الياء راء نسبة إلى قلعة بشير بنواحي الدوران من بلاد الاكراد، وهو سهو لان الذين ترجموا له ضبطوا نسبته بنون مكسورة وقد تفتح ثم شين معجمة ساكنة ثم تاء مثناة مفتوحة ثم موحدة ساكنة ثم راء فياء نسبة إلى نشتبرى قرية كبيرة ذات نخل وبساتين تختلط بساتينها ببساتين شهربان من طريق خراسان من نواحي بغداد، كما في معجم البلدان واكمال الإكمال والمشتبه وغير ذلك.(23/239)
وَبِمِصْرَ مِنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسِيْنَ، وَطَائِفَةٍ.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: إِسْمَاعِيْلَ الجَنْزَوِيِّ، وَالخُشُوْعِيِّ.
وَرَأَيْت إِجَازَةً صَحِيْحَةً فِي قطع لطيف فِيْهَا اسْمُ عَبْد الخَالِقِ هَذَا مِنْ: وَجيه الشَّحَّامِيّ، وَعَبْد اللهِ ابْن الفُرَاوِيِّ، وَعَبْد الخَالِقِ بن زَاهِر، وَأَبِي الأَسْعَدِ القُشَيْرِيِّ، وَالحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ الشَّحَّامِيِّ، وَشَهْرَدَارَ بنِ شِيْرَوَيْه، وَعَبْدِ الخَالِقِ اليُوْسُفِيِّ، وَنَصْرِ بنِ نَصْرٍ العُكْبَرِيِّ، وَهِبَةِ اللهِ ابْنِ أُخْتِ الطَّوِيْلِ، وَمَوْهُوْبِ ابْنِ الجَوَالِيْقِيِّ، وَعَبْدِ المَلِكِ الكَرُوْخِيِّ، وَطَبَقَتِهِم، فَاسْتبعدتُ ذَلِكَ وَلَمْ أَحتفل بِأَمرِهَا إِذْ ذَاكَ، وَتَوقَّفْنَا فِي شَأْنِهَا.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: سَأَلتُ الحَافِظ الضِّيَاءَ عَنْهُ، فَقَالَ: صَحِبنَا فِي السَّمَاعِ بِبَغْدَادَ وَمَا رَأَينَا مِنْهُ إِلاَّ الخَيْرَ، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ فَقِيْه حَافِظٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مُنَاظِراً، مُتَفَنِّناً، كَثِيْرَ الموَاد.
وَقَالَ الحَافِظُ عِزّ الدِّيْنِ الشَّرِيْفُ (1) : كَانَ يذكر أَنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَنَّهُ أَجَاز لَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُم أَبُو الفَتْحِ الكَرُوْخِيّ.
قُلْتُ: التَّردُّدُ مَوْجُوْدٌ فِي هَذِهِ الإِجَازَةِ هَلْ هِيَ لَهُ أَوْ لأَخٍ لَهُ بِاسْمِهِ مَاتَ قَدِيْماً؛ فَإِنِّي رَأَيْت شُيُوْخنَا كَالدِّمْيَاطِيّ وَابْن الظَّاهِرِي، فَقَدِ ارْتحلُوا إِلَيْهِ، وَسَمِعُوا مِنْهُ مِنْ رِوَايَته عَنِ ابْنِ شَاتيل، وَغَيْرِهِ، وَسَمِعُوا بِهَذِهِ الإِجَازَة، وَرَأَيْت (جَامِع أَبِي عِيْسَى) قَدْ قرَأَه شَيْخنَا ابْنُ الظَّاهِرِي عَلَيْهِ، وَلَوْلاَ صِحَّة الإِجَازَة عِنْدَهُ، لَمَا أَتعب نَفْسه.
وَقَدْ قَالَ الدِّمْيَاطِيّ: إِنَّهُ جَاوَزَ المائَةَ، وَقَالَ: كَانَ فَقِيْهاً عَالِماً.
ثُمَّ ضبط النِّشْتِبْرِيَّ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: بَلَغَنِي أَنَّهُ ادَّعَى الإِجَازَةَ مِنْ مَوْهُوْب ابْن الجَوَالِيْقِيّ وَالكَرُوْخِيّ وَجَمَاعَة، وَرَوَى
__________
(1) الحسيني: صلة التكملة لوفيات النقلة (نسخة مكتبة كوبريللي 1101) الورقة 67.(23/240)
عَنْهُم، وَمَا أَظُنُّ سِنَّهُ تَحْتملُ ذَلِكَ.
قُلْتُ: قَرَأَ عَلَيْهِ السَّرَّاج عُمَر بن شُحَانَة (الأَرْبَعِيْنَ) لِعَبْدِ الخَالِقِ الشَّحَّامِيِّ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ بِآمِدَ بِإِجَازَتِهِ مِنْهُ - فَاللهُ أَعْلَمُ -؛ وَلاَ رَيْب أَنَّهُ رَجُل فَقِيْه النَّفْس يَدْرِي مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ كَانَ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ أَو لَا، وَقَدِ ادَّعَى أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، فَعَلَى هَذَا يَكُوْن قَدْ عَاشَ مائَة وَاثْنَيْ عَشَرَ عَاماً (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: مَجْد الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم، وَشَمْس الدِّيْنِ ابْن الزَّين، وَشَمْس الدِّيْنِ مُحَمَّد بن التِّيْتِيِّ (2) الآمِدِيّ، وَالحَافِظَان الدِّمْيَاطِيّ وَابْن الظَّاهِرِي، وَطَائِفَة.
وَمِنَ القُدَمَاء: أَبُو عَبْدِ اللهِ البِرْزَالِيّ.
وَبِالإِجَازَةِ: أَبُو المَعَالِي ابْن البَالِسِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْن الدَّباهِيّ، وَزَيْنَب بِنْت الكَمَالِ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ تُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ.
وَرَأَيْت شُيُوْخنَا كَالدِّمْيَاطِيّ وَابْن الظَّاهِرِي قَدِ ارْتحلُوا إِلَيْهِ، وَسَمِعُوا مِنْهُ مِنْ رِوَايَته عَنِ ابْنِ شَاتيل وَغَيْرِهِ، وَسَمِعُوا بِهَذِهِ الإِجَازَة (3) ؛ فَمِنَ المُجِيْزِينَ لَهُ كِبَارٌ مِنْهُم:
__________
(1) قد ذكره الذهبي في كتابه النافع: " أهل المئة فصاعدا "، وقال: " ما زال المحدثون يترددون - يتوقفون في سن هذا الرجل، ويظنون أن هذه الاجازة لأخ له باسمه، فأنا رأيتها عتيقة سالمة من كشط، فيها خط وجيه الشحامي والكبار، فالله أعلم بحقيقة حاله ". ص 137 بتحقيق الدكتور بشار عواد معروف.
(2) قيده المؤلف في " المشتبه: 117 " قال: " وبمثناتين بينهما ياء: الأمير شمس الدين محمد ابن الصاحب شرف الدين ابن التيتي الأديب، حدثنا عن ابن المقير والنشتبري، وزر أبوه بماردين، وله النظم والنثر ".
وترجمه في معجم شيوخه الكبير.
(3) قد ذكر هذا الامر قبل قليل فكأنه تكرر عليه - رحمه الله.(23/241)
نَصْر بن نَصْرٍ العُكْبَرِيّ عِنْدَهُ عوَال، مِنْ ذَلِكَ: الأَوّل الكَبِيْر مِنْ حَدِيث المُخَلِّص، وَ (مَشْيَخَة) أَبِي الغَنَائِم بن أَبِي عُثْمَانَ مِنْهُ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ (1) وَخَمْسِ مائَةٍ.
العَلاَّمَة (2) أَبُو مَنْصُوْرٍ مَوْهُوْب بن أَحْمَدَ بنِ الجَوَالِيْقِيّ، سَمِعَ الكَثِيْر مِنِ: ابْنِ البُسْرِيّ، وَأَبِي طَاهِرٍ بنِ أَبِي الصَّقْرِ، وَخَطِيْب الأَنْبَار عَلِيّ بن مُحَمَّد، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَبُو الفَتْحِ عَبْد المَلِكِ ابْن أَبِي القَاسِمِ عَبْد اللهِ بن أَبِي سَهْل الكَرُوْخِيّ الصُّوْفِيّ رَاوِي (الجَامِع) ، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحاً، يَتبلَّغُ مِنَ النَّسْخَ، مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَبُو بَكْرٍ هِبَةُ اللهِ بنُ الفَرَجِ ابْن أُخْت الطَّوِيْل شَيْخ هَمَذَان، سَمِعَ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) مِنْ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَجَلِيّ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ لاَل، أَخْبَرْنَا ابْنُ دَاسَة، وَسَمِعَ مِنْ جَمَاعَة، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، عَنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمِنَ المُحَدِّثِيْنَ أَبُو المَعَالِي ابْنُ السَّمِيْنِ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن الحَسَنِ الكَاتِب، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ الَّذِي حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ القَادِرِ الحَافِظُ، وَطَاهِر بن زَاهِر بن طَاهِرٍ الشَّحَّامِيّ، وَأَخُوْهُ؛ الفَضْل، وَابْن عَمِّهِمَا؛ مُحَمَّد بن وَجيه - وَاللهِ سُبْحَانه أَعْلَم -.
وَقَدْ كَانَ النِّشْتِبْرِيّ بَعَثَ الإِجَازَةَ إِلَى ابْنِ الوَلِيْدِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَتكلّم لَهُ عَلَى أَكْثَرهِم وَمَا رَأَينَاهُ أَنْكَر ذَلِكَ، وَكَانَ عَالِماً، صَاحِب
__________
(1) إضافة منا، كأنها سقطت من النسخة، ووفاة العكبري معروفة مشهورة سنة 552.
(2) يعني ومن الذين أجازوه.(23/242)
حَدِيْث، وَكَانَ النِّشْتِبْرِيّ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ، مَعْرُوْفاً بِالسَّتْر وَالصِّيَانَة، وَمَا كَانَ لِيستحل مَعَ ذَكَائِهِ وَفَهمه وَطَلَبِهِ لِلْحَدِيْثِ وَرِحلَتِه فِيْهِ أَنْ تَكُوْن الإِجَازَةُ لأَخٍ لَهُ بِاسْمِهِ قَدْ مَاتَ صَغِيْراً وَسُمِّيَ الضِّيَاء بِاسْمِهِ فَيَدَّعِيهَا، وَيُؤكِّد ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنَّنِي وُلِدْت سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَيُحَدِّث بِهَا مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ وَإِلَى أَنْ مَاتَ، وَهَذَا عُلُوّ مُفْرِط يُقتصَرُ مِنْهُ العَجَبُ، وَيَهَابُهُ صَاحِب الحَدِيْث فِي البَدِيْهَةِ، ثُمَّ يَترجَّحُ عِنْدَهُ بِالقرَائِنِ صِحَّة ذَلِكَ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَقَدْ قَرَأْت بِهَذِهِ الإِجَازَةِ أَنَا فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سَبعٍ مائَة عَلَى شَيْخِنَا أَبِي عَبْدِ اللهِ الدُّباهِي بِإِجَازَتِهِ مِنَ النِّشْتِبْرِيِّ أَنَّ الكَرُوْخِيّ أَنبَأَهُم، وَالآنَ - وَهُوَ سَنَة سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسَبْع مائَة - تَرْوِي عَنْهُ بِالإِجَازَةِ بِنْتُ الكَمَالِ الَّتِي كَتَبَ بِهَا إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَمَنْ أَرَادَ الْعُلُوّ الَّذِي لاَ نَظِيْرَ لَهُ، فَليَسْمِعْ بِهَا، فَلَو ارْتَحَلَ الطَّالب لسَمَاع جُزْء وَاحِد مِنْ ذَلِكَ شَهْراً، لَمَا ضَاعت رحلته فَالمُجِيْزُونَ لَهُ:
وَجيه الشَّحَّامِيّ سَمَّعَهُ أَبُوْهُ الكَثِيْر وَارْتَحَلَ هُوَ إِلَى هَرَاةَ وَبَغْدَادَ، وَسَمِعَ (الصَّحِيْح) مِنْ أَبِي سَهْلٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الحَفْصِيِّ بِسَمَاعِهِ مِنَ الكشْمهينِي، وَسَمِعَ (فَوَائِد المَخْلَدين) سِتَّة وَعِشْرِيْنَ جُزْءاً مِنْ أَبِي حَامِد الأَزْهَرِيّ، وَسَمِعَ (مُسْنَد السَّرَّاجِ) مِنَ القُشَيْرِيّ وَ (رِسَالَته) ، وَحَدَّثَ بِهَا، قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الوَلِيْدِ، قَالَ: وَسَمِعَ (الزُّهرِيَات) لِلذهلِي مِنَ الأَزْهَرِيّ عَنِ ابْنِ حَمْدُوْنَ عَنِ ابْنِ الشَّرْقِيّ عَنْهُ، وَسَمِعَ (سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ) مِنْ أَبِي الفَتْحِ نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الحَاكمِي: أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذبارِي، أَخْبَرْنَا ابْنُ دَاسَة، قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً إِمَاماً، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
هبَة الرَّحْمَن عَبْد الوَاحِدِ ابْن القُشَيْرِيِّ أَبُو الأَسْعَد، خَطِيْب نَيْسَابُوْر،(23/243)
سَمِعَ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) مِنَ الحَاكمِي أَيْضاً، وَسَمِعَ مِنْ جدّه حُضُوْراً فِي الخَامِسَة، وَسَمِعَ (صَحِيْح أَبِي عَوَانَة) مِنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ البحيْرِيّ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ المَهْرَجَانِي عَنْهُ، قَالَهُ ابْنُ الوَلِيْدِ.
قُلْتُ: وَلَهُ (أَرْبَعُوْنَ) عَوَالٍ، تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَمِنْهُم: الحُسَيْن بن عَلِيٍّ الشَّحَّامِيُّ.
قُلْتُ: هَذَا مَا عرفه ابْن الوَلِيْدِ، وَهُوَ ابْنُ ابْن عَمِّ وَجيه صدر رَئِيْس، سَمِعَ الثَّالِث مِنَ (المُسْنَد) لِلسرَاج مِنِ ابْنِ المُحِبِّ، وَ (صَلاَة الضُّحَى) لِلْحَاكِمِ يَرْوِيْهِ عَنِ ابْنِ خَلَفٍ عَنْهُ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ خَلَفِ بنِ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيّ المُعَدَّل، أَبُو المُظَفَّرِ سَمِعَ مِنِ: ابْنِ المُحِبّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ خَلَفٍ، مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
عَبْدُ الخَالِقِ بنُ زَاهِرٍ الشَّحَّامِيُّ، قَالَ ابْنُ الوَلِيْدِ: عَالِمٌ ثِقَةٌ، اسْتملَى سِنِيْنَ علَى الشُّيُوْخِ وَأَملَى وَحَدَّثَ، قُلْتُ: لَهُ (أَرْبَعُوْنَ) وَ (أَرْبَعُوْنَ) سَمِعْنَاهُمَا، عدم فِي الكَائِنَة سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ (1) .
أَبُو البَرَكَاتِ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ ابْن الفُرَاوِيّ، ثِقَة عَالِم، سَمِعَ مِنْ جَدَّيه، وَسَمِعَ (صَحِيْح أَبِي عَوَانَة) مُلَفَّقاً عَلَى ثَلاَثَة.
أَبُو مَنْصُوْرٍ شَهْرَدَار بن شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيّ الهَمَذَانِيّ، سَمِعَ أَبَاهُ أَبَا شُجَاع، وَأَبَا الفَتْح بن عَبْدُوْس، وَابْن حَمْدٍ الدُّوْنِيَّ، مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ خَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(1) يعني في فتنة الغز، وهي كائنة مستوعبة في تواريخ ذلك العصر.(23/244)
أَبُو العَلاَءِ الحَسَن بن أَحْمَدَ الهَمَذَانِيّ العَطَّار المُقْرِئ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، إِمَام.
أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ أَحْمَدَ اليُوْسُفِيّ المُحَدِّث، سَمِعَ مِنْ: أَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيِّ، وَعَاصِمِ بنِ الحَسَنِ، وَخَلْقٍ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
أَبُو القَاسِمِ نَصْر بن نَصْرٍ العُكْبَرِيّ الوَاعِظ، سَمِعَ أَبَا القَاسِمِ بن البُسْرِيِّ.
وَقَرَأْت تَرْجَمَة طَوِيْلَة لِلنِّشتبرِي بِخَطِّ أَبِي الفَتْحِ الحَافِظِ، فَقَالَ:
عَبْدُ الخَالِقِ بنُ أَنْجَب بن المُعَمَّرِ بنِ حَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ بنِ رُوحين النِّشْتِبْرِيّ المَوْلِد - قرِيَة بِقُرْبِ شهرَابَان - قَالَ فِيْهِ ابْن مَسدِي: شَيْخٌ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ مِمَّنْ رُحِلَ فِيْهِ إِلَى البُلْدَانِ مَعَ الحِفْظِ وَالإِتْقَانِ.
سَمِعَ بِأَمَاكِنَ وَكَانَ كَثِيْرَ السَّمَاعِ مُتَّسِعَ الرِّوَايَاتِ، لَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى سَمَاعٍ قَبْلَ عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ، وَلَهُ إِجَازَاتٌ مِنْ جَمَاعَةٍ انفَرَدَ عَنْهُم، مِنْهُم: أَسَعْدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ ابْن القُشَيْرِيِّ، وَوَجِيْه الشَّحَّامِيّ، وَالكَرُوْخِيّ، وَابْن الجَوَالِيْقِيّ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجه الأَرْضِ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ مَنْ يُحَدِّثُ عَنْهُم سِوَاهُ.
وَاخْتَلَف الحُفَّاظ فِي هَذِهِ الإِجَازَةِ بَيْنَ التَّوقف وَالإِجَازَةِ، فَمِنْ قَائِلٍ: دُلّسَ عَلَيْهِ فِيْهَا، فَتلقَاهَا بِالقَبُولِ، وَمِنْ قَائِلٍ: هِيَ صَحِيْحَة، وَطرق الظِّنَّة إِلَيْهَا اضْطِرَابُهُ فِي تَارِيْخ مَوْلِدِهِ، وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ أَنَّهُ قَبْلَ الأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ بِسَنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، سَكَنَ دُنَيْسر مُدَّةً ثُمَّ مَارْدِيْن.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ: أَخرج إِلَيْنَا الأَمِيْر ابْن التِّيْتِيّ إِجَازَة عَبْدِ الخَالِقِ فَنَقَلَهَا وَخطُّ الكَرُوْخِيّ فِيْهَا فِي الورقَةِ المَكْتُوْبِ فِيْهَا الاسْتِدْعَاء، وَهُوَ: إِنْ رَأَى السَّادَةُ أَنْ يُجِيْزُوا لِعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ التُّوْنُسِيّ، وَللأَنْجَبِ بن المُعَمَّر بن الحَسَنِ، وَلِوَلَدَيه يَحْيَى وَعَبْد الخَالِقِ جَمِيْع صَحَّ وَيَصح عِنْدَهُم مِنْ جَمِيْع مَا(23/245)
تسوَغ رِوَايَته عَنْهُم فَعلُوا مُنْعِمِين فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ.
قَالَ: وَعَلَى التَّارِيْخ ضَرْبَ، فَكَتَبَ الشُّيُوْخ: أَجزت لَهُم أَدَام الله عزهُم فِيمَا اسْتَجَازوهُ، وَكَتَبَ وَجيه بن طَاهِر كَذَلِكَ: أَجزت لَهُم، وَكَتَبَ الحُسَيْن بن عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الشَّحَّامِيّ، وَسردَ أَبُو الفَتْحِ سَائِرهُم، ثُمَّ قَالَ:
وَرَأَيْت خطّ الصَّاحب شَرَف الدِّيْنِ ابْن التِّيْتِيّ: عَبْد الخَالِقِ النِّشْتِبْرِيّ المَعْرُوف بِالحَافِظ، فَقِيْه أَديب بَارِع، لَهُ الذّهن الحَاضِر وَالخَاطر العَاطر، كَانَ يَحْفَظ مِنْ أَشعَار الْعَرَب جُمْلَةً وَافرَة، سَمِعَ بِالعِرَاقِ ابْن شَاتيل، وَبِدِمَشْقَ، وَمِصْر، وَبلاَد كَثِيْرَة، سَمِعْتُ عَلَيْهِ وَابْنِي مُحَمَّد، وَحَدَّثَ بِـ (جَامِع التِّرْمِذِيِّ) عَنِ الكَرُوْخِيِّ إِجَازَة، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الخَالِقِ، وَهُوَ أَوّلُ حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ ... ، وَسَاقَ الحَدِيْث، فَزَادَ فِي إِسْنَادِه رَجُلاً فَصَلَهُ بَيْنَ زَاهِر وَبَيْنَ المُؤَذِّنِ.
ثُمَّ قَالَ: وَسَمِعَ مِنَ الحَازِمِي (النَّاسخ وَالمَنْسُوْخ) ، وَمِنِ ابْنِ كُلَيْبٍ كِتَاب (أَدب الكَاتِب) عَنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ الكَاتِب سِوَى الخُطْبَةِ عَنْ أَبِي القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ، وَسَمِعَ مِنْ درَّة بِنْت عُثْمَان عَنِ ابْنِ الطّبر، وَمِنْ أَحْمَد ابْن خَطِيْب المَوْصِل وَطُغْدِي الأَمِيْرِي، وَالخُشُوْعِيُّ؛ سَمِعَ مِنْهُ (المَقَامَات) وَ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) ، وَمَنْصُوْر بن أَبِي الحَسَنِ الطَّبَرِيّ، وَمُسْلِم بن عَلِيٍّ السِّيْحِيّ (1) الشَّاهد، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ شدقينِي، وَعَبْد اللهِ عَبْد الغَنِيِّ (2) ابْن عُلَيَّانَ،
__________
(1) قيده الامام الذهبي في كتابه النافع " المشتبه: 350 "، فقال: وبمهملتين بينهما ياء: أبو منصور مسلم بن علي ابن السيحي الموصلي، راوي " مسند المعافى " عن أبي البركات بن خميس، سمعناه من البهاء ابن النحاس، عن ابن خليل، عنه. قيده ابن نقطة " (يعني في اكمال الإكمال) ".
(2) هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد القاهر ابن عليان البغدادي الحربي المتوفى =(23/246)
وَعَبْد اللهِ بن أَبِي المَجْدِ، وَعَبْد القَادِرِ الرُّهَاوِيِّ، وَأَبِي الفَرَجِ ابْن البَنْدَنِيْجِيّ، وَحَمَّاد الحَرَّانِيّ، وَابْن هَبَلٍ، وَمُحَمَّد بن المُبَارَكِ بن مَيْمُوْنٍ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن النَّاقِد، وَعَبْد اللهِ ابْن الطَّوِيْلَة، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي غَالِبٍ بنِ نزال، وَمُحَمَّد بن أَبِي المُعَمَّر، وَابْن الخُرَيف، وَعَبْد العَزِيْزِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عِيْسَى لقِيه بِبعقوبَا، وَالعِمَاد الكَاتِب، وَأَبِي تُرَاب يَحْيَى بن إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن حَمَّادٍ، وَالتَّاج الكِنْدِيّ، وَنَصْر اللهِ بن أَبِي سُرَاقَة، وَالحَسَن بن مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَهِبَة اللهِ البُوْصِيْرِيّ، وَعَبْد اللهِ بن سرَايَا البَلَدِيّ بِالمَوْصِلِ، وَمَكِّيّ بن رَيَّان المَاكِسِيْنِيّ، وَالمُبَارَك ابْن المَعْطُوْشِ، وَإِسْمَاعِيْل بن عَلِيِّ بنِ عُبَيْدٍ بِالمَوْصِلِ، وَيَحْيَى بن المُظَفَّرِ المَوْصِلِيّ، وَأَحْمَد بن عُثْمَانَ الزرزَارِي الزَّاهِد، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ الصِّلْحِيّ سَمِعَ مِنْهُ بِسِنْجَارَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ، وَالزَّاهِد أَبِي أَحْمَدَ عَبْد اللهِ بن الحَسَنِ بنِ البَنَّاءِ بِنِيْنَوَى وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَه، وَعَبْد اللهِ بن نَصْرٍ المَوْصِلِيّ، وَأَبِي الفَتْحِ نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ بدُنَيْسِر، وَمُسْلِم بن أَحْمَدَ بنِ مُسْلِمٍ بِسِنْجَار، وَقَاضِي نَصِيْبِيْن القوَام مَحْمُوْد بن أَبِي مَنْصُوْرٍ رَوَى عَنِ التَّاج المَسْعُوْدِيّ، وَعَلِيّ بن أَبِي مَنْصُوْرٍ بن مَكَارِم، وَسُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ الشِّيْرَجِيّ بِالمَوْصِلِ، وَإِسْمَاعِيْل بن يَاسِيْنَ بِمِصْرَ، وَمُحَمَّد بن غَنِيْمَة بن العَاقِ، وَأَبِي البَرَكَاتِ بنِ خَيْرُوْنَ المَاكِسِيْنِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن نَصْرِ بن عَسْكَر بِالمَوْصِلِ، وَمُحَمَّد ابْن الدُّبَيْثِيّ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن يَحْيَى القَيْسِيّ، وَالبَهَاء ابْن عَسَاكِرَ، سَمِعَ مِنْهُ (تَفْسِيْر سليم) ، وَأَبِي الفُتُوْح البَكْرِيّ، وَأَبِي
__________
= ببغداد سنة 599، وكان يسمى أيضا: عبد الغني ويكنى بأبي الغنائم ويكتب بخطه: " عبد الله عبد الغني "، قال المنذري: " والغالب عليه عبد الله وهو المثبت في سماعه ". انظر تاريخ ابن الدبيثي، الورقة: 105 (باريس 5922) ، وتكملة المنذري (1 / الترجمة: 712) .(23/247)
القَاسِمِ الدَّوْلَعِيّ، وَمَكِّيّ بن عَلِيٍّ الحَرْبِيِّ، وَأَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتيلَ، وَنَصْرِ اللهِ بنِ مَنْصُوْرٍ النُّمَيْرِيِّ؛ سَمِعَ مِنْهُ خُطَبَ ابْنِ نُبَاتَةَ: أَخْبَرْنَا ابْنُ نَبْهَانَ.
159 - الكَمَالُ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ المَعَرِيُّ * (1)
المُفْتِي الأَوْحَدُ، مُعِيدُ الرَّوَاحِيَّةِ عِنْد ابْنِ الصَّلاَحِ، مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (2) : كَانَ عَالِماً، زَاهِداً، مُتَوَاضِعاً، مُؤثراً.
قُلْتُ: تَصَدَّرَ لِلإِفَادَة وَالفَتْوَى مُدَّة، وَتَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَة، وَكَانَ قُدْوَة فِي الوَرَع، عُرِضَتْ عَلَيْهِ مَنَاصبُ، فَامْتَنَعَ، وَقَالَ: فِي البَلَد مَنْ يَقوم مَقَامِي.
وَكَانَ يُدمن الصَّوْمَ، وَيَتصدَّق بِثُلُثِ جَامكيَّتِهِ، وَيُؤثر رَحِمَهُ، وَكَانَ فِي كُلِّ رَمَضَانَ يَكتبُ ختمَةً وَيُوقفهَا.
مَرِضَ بِالبطنِ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، وَتُوُفِّيَ وَلَهُ نَيِّفٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، وَكَانَ أَسْمَر طَوِيْلاً، كَانَ شَيْخنَا البُرْهَان الإِسْكَنْدَرَانِي يُعظِّمه وَيَصف شَمَائِله.
وَمَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة خَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَمَاتَ يَوْمَئِذٍ كَبِيْر
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 187، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 101، العبر للذهبي: 5 / 205، الوافي بالوفيات: 8 / 403، الترجمة 3847، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 126 الترجمة 1114، طبقات الاسنوي 1 / 141 الترجمة 127، الدارس في أخبار المدارس للنعيمي 1 / 21، 25، 274، شذرات الذهب: 5 / 249 - 250.
(1) المعري هكذا ضبطه الذهبي بخطه في تاريخ الإسلام وكذا ورد في العبر، وقد تصحفت هذه النسبة بفعل النساخ: ففي ذيل الروضتين والوافي وردت بلفظ (المقرئ) وفي طبقات الشافعية للسبكي وللاسنوي وشذرات الذهب والبداية والنهاية وغيرها وردت (المغربي) .
(2) ذيل الروضتين: 187 (3) في تاريخ الإسلام أنه توفي في ثمان وعشرين من ذي القعدة سنة خمسين وست مئة وفي البداية والنهاية أدرج اسمه ضمن المتوفين في سنة ست وخمسين وست مئة (البداية والنهاية 13 / 213) .(23/248)
الشرفَاء ابْنُ عَدْنَان الشِّيْعِيّ، بِدِمَشْقَ، فَرَآهُ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَر لِي، وَلِمَنْ مَاتَ ذَلِكَ اليَوْمَ بِبَرَكَةِ الكَمَالِ إِسْحَاقَ المَعَرِيِّ.
160 - ابْنُ سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ *
الصَّدْر الأَدِيْب، البَلِيْغُ، شَمْس الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدِ بنِ مُفلح بن نُمَيْرٍ الأَنْصَارِيّ، المَقْدِسِيّ، ثُمَّ الصَّالِحيّ، الحَنْبَلِيّ، الكَاتِب.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ ابنِ المَوَازِيْنِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ ابْن الخِرَقِيّ، وَابْنِ صَدَقَةَ، وَإِسْمَاعِيْل الجَنْزَوِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ يَنَالَ التُّرك، وَابْنِ شَاتِيلَ، وَأَبِي (1) مُوْسَى المَدِيْنِيِّ، وَلَهُ النَّظمُ وَالتَّرسُّل وَالفَضَائِلُ وَالسُّؤْدُدُ، كتبَ الإِنشَاء لِلصَّالِحِ عِمَادِ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْلَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ سَعْدُ الدِّيْنِ يَحْيَى، وَالحَافِظُ ضِيَاءٌ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَالقَاضِي تَقِيّ الدِّيْنِ، وَالعَفِيْفُ إِسْحَاقُ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ (2) ، سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة أسعد أفندي 2327) ج 6 الورقة 160 / أ، مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي 523، صلة التكملة للحسيني الورقة 72، تاريخ الإسلام ج 20 الورقة 103، العبر 5 / 206 الوافي بالوفيات 3 / 91 - 92 الترجمة 1020، فوات الوفيات: 3 / 358 الترجمة 454، البداية والنهاية 13 / 182 - 183، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: 2 / 248 - 249 الترجمة 357، العسجد المسبوك: 592، النجوم الزاهرة 7 / 26 - 27، شذرات الذهب 5 / 251.
(1) في الأصل: (وأبو) ولا يصح ذلك.
(2) ذكر الحسيني في صلة التكملة والذهبي في التاريخ أنه توفي في ثاني شوال.(23/249)
161 - اللَّمْغَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
قَاضِي القُضَاةِ، كَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بن إِسْمَاعِيْلَ اللَّمْغَانِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، الحَنَفِيّ، مُدَرِّس المُسْتَنْصِرِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ؛ القَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ.
رَوَى عَنْهُ الدِّمْيَاطِيّ فِي (مُعْجَمِهِ) ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا قَاضِي القُضَاةِ شرقاً وَغرباً كَمَال الدِّيْنِ.
قُلْتُ: تَخرَّج بِهِ أَئِمَّة فِي مَذْهَب أَبِي حَنِيْفَةَ، وَعَاشَ خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي حَادِي عَشَرَ رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
162 - الرُّنْدِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَاصِمِ بنِ عِيْسَى **
العَلاَّمَةُ، خَطِيْبُ رُنْدَةَ - مَدِينَةٍ بِالأَنْدَلُسِ - أَبُو الحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَاصِمِ بنِ عِيْسَى الأَسَدِيُّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ الجَدِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ، وَأَبِي القَاسِمِ ابْنِ حُبَيْشٍ، وَأَبِي زَيْدٍ السُّهَيْلِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَتَفَرَّد، وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَعُنِيَ
__________
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة لعز الدين الحسيني الورقة 65، الحوادث الجامعة: 157 تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 95، البداية والنهاية: 13 / 181 - 182، الجواهر المضية للقرشي: 1 / 301 - 302 الترجمة 803 العسجد المسبوك 584 - 585.
(* *) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار 2 / 941 الترجمة 2186، صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني: الورقة 68، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 96، النجوم الزاهرة 7 / 24.(23/250)
بِالرِّوَايَةِ، مَعَ الفِقْهِ وَالجَلاَلَةِ وَالأَصَالَةِ.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِرُنْدَةَ.
163 - ابْنُ عَمْرُوْنَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَلِيٍّ الحَلَبِيُّ *
إِمَامُ النَّحْوِ بِحَلَبَ، جَمَالُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي سَعْدٍ بنِ عَمْرُوْنَ الحَلَبِيُّ، تِلْمِيْذُ المُوَفَّقِ بنِ يَعِيْشَ.
سَمِعَ مِنْ: عُمَرَ بنِ طَبَرْزَذَ، وَغَيْرِهِ.
وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّة؛ كَشَيخِنَا بَهَاءِ الدِّيْنِ ابْنِ النَّحَّاسِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ المُؤْمِنِ الحَافِظُ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (1) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
164 - ابْنُ الزَّبِيْدِيِّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ يَحْيَى بنِ المُبَارَكِ الرَّبَعِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّر، مُسْند بَغْدَادَ فِي وَقْتِهِ، أَبُو نَصْرٍ عَبْد العَزِيْزِ بن يَحْيَى بنِ المُبَارَكِ بن مُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْدِيِّ الرَّبَعِيّ، اليَمَانِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(*) صلة التكملة للشرف الحسيني، الورقة 62، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 98، الوافي بالوفيات 1 / 197 الترجمة 120، البلغة في تاريخ أئمة اللغة 246 - 247 الترجمة 354، طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة ج 1 ص 254 الترجمة 192، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي: 1 / 231، الترجمة 417.
(1) ذكر الحسيني في الصلة، والذهبي في التاريخ والسيوطي في البغية أنه توفي في الثالث من ربيع الأول، وذكر الصفدي أن مولده كان في سنة ست وتسعين خمس مئة.
(* *) صلة التكملة للشرف الحسيني الورقة 63، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 95 - 96، العبر للذهبي: 5 / 203، العسجد المسبوك 583 وفيه أنه عبد العزيز المبارك بن محمد الزبيدي (وهو سهو) ، النجوم الزاهرة 7 / 24، شذرات الذهب 5 / 245.(23/251)
سَمِعَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الرَّحَبِيِّ، وَأَبِي المَكَارِمِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ الظَّاهِرِي، وَشُهْدَة الكَاتِبَة؛ سَمِعَ مِنْهَا (مَصَارع العُشَّاق) فِي مُجَلَّدَيْنِ، وَغَيْر ذَلِكَ.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ: أَبِي نَصْرٍ يَحْيَى بنِ السَّدَنك، وَحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ السَّمَّاكِ.
حَدَّثَ عَنْهُ الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيّ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي سَلْخِ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَأَجَازَ لأَبِي نَصْرٍ ابْن الشِّيْرَازِيّ، وَعَلِيّ ابْن السكَاكرِيِّ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ تَيْمِيَةَ، وَطَائِفَةٍ.
165 - ابْنُ المَنِّيِّ أَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بنُ مُقْبِلِ بنِ فِتْيَانَ النَّهْرَاوِيُّ *
المُفْتِي، المُعَمَّر، المُسْنِدُ، سَيْف الدِّيْنِ، أَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّد بن مُقبلِ بنِ فِتْيَانَ بنِ مَطَرٍ النَّهْرَاوِنِيُّ، ابْنُ المَنِّيِّ الحَنْبَلِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ (1) وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: شُهْدَةَ الكَاتِبَةِ (مَشْيَخَتِهَا) ، وَأَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ الحَقِّ، وَأَسَعْدَ بن يَلدَرك، وَالحَيْصَ بَيْصَ الشَّاعِر.
وَتَلاَ بِالعشرِ عَلَى: ابْنِ البَاقِلاَنِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّة، وَالشَّرِيْشِيُّ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَمُحَمَّد بن بَرَكَةَ الشَّمْعِيُّ، وَالشَّيْخ مُحَمَّدٌ القَزَّاز، وَعِدَّة.
__________
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 64، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 99، العبر للذهبي: 5 / 204، المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي اختصار الذهبي: 1 / 150 الترجمة 290، الوافي بالوفيات: 5 / 52 - 53 الترجمة 2041، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: 2 / 248 الترجمة 356، النجوم الزاهرة: 7 / 24، شذرات الذهب: 5 / 246.
(1) قال ابن رجب ولد في خامس رجب سنة سبع وقيل تسع وستين وخمس مئة.(23/252)
وَأَجَازَ لِخَلْقٍ، وَكَانَ عَدْلاً، رَئِيْساً، إِمَاماً، فَقِيْهاً، بَصِيْراً بِالاخْتِلاَفِ، أَعَاد بِالمُسْتَنْصِرِيَّة، وَخضبَ مُدَّةً بِالسَّوَادِ، ثُمَّ تركَ.
وَكَانَ مِنْ جِلَّةِ العُلَمَاءِ، خدمَ فِي دِيْوَانِ التَّشرِيفَاتِ، وَأَمَّ بِمَسجِدِ المَأْمُوْنِيَّةِ، وَعُمِّرَ دَهْراً.
مَاتَ: فِي سَابع جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
166 - ابْنُ الجُمَّيْزِيِّ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ سَلاَمَةَ اللَّخْمِيُّ *
شَيْخ الدِّيَار المِصْرِيَّة، العَلاَّمَة، المُفْتِي، المُقْرِئ، بَهَاء الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ سَلاَمَةَ بن المُسَلَّمِ اللَّخْمِيُّ، المِصْرِيُّ، الشَّافِعِيّ، الخَطِيْب، المُدَرِّس، ابْنُ بِنْتِ الشَّيْخِ أَبِي الفَوَارِسِ الجُمَّيْزِيِّ.
وُلِدَ: يَوْمَ النَّحْرِ، سَنَة تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، بِمِصْرَ.
وَحفظ القُرْآن صَغِيراً، وَارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ، فَسَمِعَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ مِنَ الحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ شُهْدَةَ الكَاتِبَةِ.
وَتَلاَ بِالعشرِ عَلَى: أَبِي الحَسَنِ البَطَائِحِيِّ، وَعَلَى القَاضِي شَرَفِ الدِّيْنِ ابْنِ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ، وَأَكْثَر عَنْهُ.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ: عَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيّ، وَيَحْيَى ابنِ السَّقْلاَطُوْنِيّ، وَمُحَمَّد بن نَسيمٍ، وَبَادرَ فَسَمِعَ مِنْ أَبِي الطَّاهِر السِّلَفِيّ، وَأَبِي طَالِبٍ اللَّخْمِيّ، وَابْن عَوْفٍ، وَابْن بَرِّيٍّ النَّحْوِيّ.
وَتَلاَ عَلَى الشَّاطِبِيّ
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 2 / 786، ذيل الروضتين: 187، صلة التكملة للحسيني: الورقة 67 - 68، تاريخ الإسلام للذهبي (3013 أيا صوفيا) ج 20 الورقة 96 - 97، دول الإسلام للذهبي: 2 / 118 (وفيه الحميري بالراء) مصحف، العبر للذهبي 5 / 203، المشتبه للذهبي: 1 / 176 العسجد المسبوك 583 - 584، غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 583، الترجمة 2366، حسن المحاضرة للسيوطي: 1 / 413، الترجمة 85، شذرات الذهب 5 / 246.(23/253)
ختمَات. وَتَفَقَّهَ أَيْضاً عَلَى: العِرَاقِيِّ، وَالشِّهَاب الطُّوْسِيّ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ، وَخَطَبَ بِجَامِع القَاهِرَةِ، وَانتهتْ إِلَيْهِ مَشْيَخَة العِلْم.
وَرَوَى الكَثِيْر بِدِمَشْقَ وَبِمَكَّةَ وَالقَاهِرَة وَقُوصَ؛ رَوَى عَنْهُ: البِرْزَالِيّ، وَالمُنْذِرِيّ، وَابْن النَّجَّار، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَابْن الصَّيْرَفِيّ، وَالفَخْر التَّوزرِيُّ، وَالأَمِيْنُ مُحَمَّدُ ابنُ النَّحَّاسِ، وَالرَّضِيُّ الطَّبَرِيُّ، وَابْنُ الشِّيْرَازِيِّ، وَأَبُو الفَتْحِ القُرَشِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنْ شُيُوْخِنَا، وَعَاشَ أَرجحَ مِنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً وَأَيَّاماً.
تُوُفِّيَ: فِي الرَّابِع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
وَهُوَ مُسَدَّد الفَتَاوى، وَافِرُ الجَلاَلَةِ، حَسَنُ التَّصَوُّنِ، مُسْنَدُ زَمَانِه.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ قُمَيْرَةَ التَّاجِر، وَمُدَرِّس المُسْتَنْصِرِيَّة أَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الأَنْصَارِيّ الحَلَبِيّ الحَنَفِيّ وَقَدْ درَّس بِحَلَبَ، وَأَبُو نَصْرٍ الأَعزُّ بنُ العُلَّيْقِ البَابَصْرِيّ، وَالمُحَدِّث سَالِمُ بنُ ثمَالِي بن عِنَان العُرْضِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ عَبْد اللهِ بن عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عشَائِر الحَلَبِيّ، وَالصَالِح عَبْد الجَلِيْل بن مُحَمَّدٍ الطَّحَاوِيُّ، وَضِيَاء الدِّيْنِ عَبْدُ الخَالِقِ بن أَنْجَب النِّشْتِبْرِيُّ، وَعَبْد الدَّائِمِ بن عَبْدِ المحسنِ ابْن الدَّجَاجِيّ المِصْرِيّ عِمَادُ الدِّيْنِ، وَمُدَرِّس المُسْتَنْصِرِيَّة القَاضِي أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عَبْدِ السَّلاَمِ اللَّمْغَانِيّ الحَنَفِيّ كَمَال الدِّيْنِ قَاضِي القُضَاةِ، وَالرَّشِيْد عَبْد الظَّاهِر بن نشوَان الجُذَامِيّ المُقْرِئ الضّرِير، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْد العَزِيْزِ بن يَحْيَى ابْنِ الزَّبَيْدِيّ وَلَهُ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَخَطِيْب رُنْدَة المُحَدِّثُ أَبُو الحُسَيْنِ عُبَيْد اللهِ بن عَاصِمٍ الأَسَدِيّ الرُّنْدِيّ وَلَهُ سَبْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَالحَافِظ أَبُو الحَسَنِ عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الغَافِقِيُّ الشَّارِيُّ، وَالسَّدِيْد عِيْسَى بن مَكِّيٍّ العَامِرِيّ المُقْرِئ(23/254)
إِمَام جَامِع الحَاكِم، وَالعِلْم قَيْصَر بن أَبِي القَاسِمِ السُّلَمِيّ الكَاتِب تَعَاسيف (1) ، وَمُدَرِّس الأَمِينِيَّة شَمْس الدِّيْنِ مُحَمَّد بن عَبْدِ الكَافِي بن عَلِيٍّ الرَّبَعِيّ الصَّقَلِّيّ، وَنَحْوِيُّ حَلَب جَمَال الدِّيْنِ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ عَمْرُوْنَ، وَمُفْتِي العِرَاق سَيْف الدِّيْنِ مُحَمَّد بن مُقبل ابْن المَنِّيِّ، وَالأَمِيْر الصَّاحب جَمَال الدِّيْنِ يَحْيَى بن عِيْسَى بنِ مَطْرُوْح المِصْرِيّ الشَّاعِر.
167
- بَشِيْرُ * بنُ حَامِدِ (2) بنِ سُلَيْمَانَ بنِ يُوْسُفَ، أَبُو النُّعْمَانِ الهَاشِمِيُّ
العَلاَّمَةُ، ذُو الفُنُوْنِ، نَجْم الدِّيْنِ، أَبُو النُّعْمَانِ الهَاشِمِيّ، الجَعْفَرِيّ، الشَّافِعِيّ، التِّبْرِيْزِيّ، الصُّوْفِيّ، صَاحِب (التَّفْسِيْر الكَبِيْر) ، كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ المَذْهَب.
مَوْلِدُهُ: بِأَرْدَبِيْلَ، سَنَة سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَابْن كُلَيْبٍ، وَأَبِي الفَتْحِ المَنْدَائِيِّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَالمُحِبّ الطَّبَرِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْن الظَّاهِرِي، وَالضِّيَاء السَّبْتِيّ، وَغَيْرهُم.
__________
(1) هذا لقب له عرف به (انظر تاريخ الإسلام، الورقة: 98) ولعله لقب بذلك لأنه ولي نظر الدواوين المصرية فلم تشكر سيرته وكثر عسفه وظلمه.
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 51 وأوصل نسبه إلى جعفر بن أبي طالب، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 66، المختصر المحتاج إليه من تاريخ الدبيثي اختصار الذهبي: 1 / 263 - 264 الترجمة 534، الوافي بالوفيات: 10 / 161 - 162 الترجمة 4633، طبقات الشافعية للسبكي: 8 / 133 - 134 الترجمة 1122، العقد الثمين: 3 / 371، طبقات المفسرين للسيوطي (ط: وهبة تحقق على محمد عمر) ص 39 الترجمة 24، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 115 - 116، الترجمة 109.
(2) الزيادة من تصحيح الذهبي بخطه على حاشية تاريخ الإسلام ومن المصادر الأخرى باستثناء الوافي فان اسمه ورد (بشير بن أبي حامد سليمان) ، وسيرد ذكره على الوجه الذي أثبتناه في الترجمة 329 ضمن الذين توفوا سنة 646 من هذا الكتاب.(23/255)
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى ابْنِ فَضلاَن، وَيَحْيَى بن الرَّبِيْعِ، وَحفظ المَذْهَب وَالأُصُوْل وَالخلاَف، وَأَفتَى وَنَاظر، وَأَعَاد بِالنِّظَامِيَّةِ، ثُمَّ وَلِي نَظَرَ الْحرم وَعمَارته.
مَاتَ: بِمَكَّةَ، فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَة سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
أَنبَأنِي قُطْبُ الدِّيْنِ الحَافِظ، حَدَّثَنِي قُطْب الدِّيْنِ ابْن القَسْطَلاَنِيِّ، قَالَ:
حَكَى لِي أَبُو النُّعْمَانِ بَشِيْر، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ الخوَافِي بِبَغْدَادَ، فَسُرقت مشَّايتِي، فَكَتَبتُ إِلَيْهِ:
دَخَلتُ إِلَيْكَ يَا أَملِي بَشِيْراً ... فَلَمَّا أَنْ خَرَجتُ بَقِيت (2) بِشْرَا
أَعِدْ يَائِي الَّتِي سَقَطَتْ مِنِ اسْمِي ... فَيَائِي فِي الحِسَابِ تُعَدُّ عَشْرَا
فَسَيَّرَ لِي نِصْف مِثْقَالٍ.
168 - ابْنُ البَيْطَارِ ضِيَاءُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المَالَقِيُّ *
العَلاَّمَةُ، ضِيَاء الدِّيْنِ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ المَالَقِيّ، النَّبَاتِيّ، الطَّبِيْب، ابْن البَيْطَار، مُصَنِّفُ كِتَابِ (الأَدويَة المفردَة) ، وَمَا صُنِّفَ فِي مَعْنَاهُ مِثْله.
انْتَهَت إِلَيْهِ مَعْرِفَة الحشَائِش، وَسَافَرَ إِلَى أَقَاصي بِلاَد الرُّوْمِ، وَحرر شَأْن النّبَاتِ، وَكَانَ أَحَدَ الأَذكيَاء، وَخدم الْملك الكَامِل، وَابْنه الْملك الصَّالِح.
__________
(1) مات في الثالث من صفر كما في صلة التكملة وتاريخ الإسلام وطبقات السبكي.
(2) في الوافي: فلما أن خرجت خرجت بشرا.
(*) عيون الانباء في طبقات الاطباء (دار الفكر بيروت 1957) 3 / 220 - 222، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 66 - 67، العبر: 5 / 189، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 28، فوات الوفيات لابن شاكر: 2 / 159 - 160 الترجمة 215، العسجد المسبوك: 567 - 568، حسن المحاضرة للسيوطي: 1 / 542، الترجمة 16، نفح الطيب: 2 / 691 - 692 الترجمة 304، شذرات الذهب: 5 / 234.(23/256)
تُوُفِّيَ (1) : بِدِمَشْقَ، سَنَة سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
169 - اللاَّرَدِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَتِيْقِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ *
العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَتِيْقِ بن عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حُمَيْدٍ التُّجِيْبِيّ، الأَنْدَلُسِيّ، الغَرْنَاطِي، المَالِكِيّ، المَعْرُوف: بِاللاَّرَدِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ حَمِيْدٍ، وَطَائِفَة.
وَعَاشَ ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً (2) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ (3) : وَلِيَ القَضَاءَ، وَمِنْ تَوَالِيفه (أَنوَار الصبَاح، فِي الْجمع بَيْنَ الكُتُب السِّتَّة الصِّحَاح) ، وَكِتَاب (شَمَائِل المُخْتَار) ، وَكِتَاب (النّكت الكَافِيَة فِي أَحَادِيْث مَسَائِل الخلاَف) ، وَكِتَاب (مِنْهَاج الْعَمَل، فِي صِنَاعَة الجَدَل) ، وَكِتَاب (المسَالك النورِيَة، إِلَى المَقَامَاتَ الصدفِيَة) .
مَاتَ: سَنَةَ سِتّ (4) - أَوْ سَبْع - وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) ذكر ابن ابي أصيبعة والذهبي في التاريخ وفي العبر وابن شاكر وغيرهم أن وفاته كانت في شعبان.
(*) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار: 2 / 661 - 662 الترجمة 1685، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة: 6 / 429 - 430 الترجمة 1147، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 71، الوافي بالوفيات: 4 / 80 الترجمة 1539 وفيه ساق نسبه انه محمد ابن عتيق بن عبد الله (باسقاط اسم جده علي) ، العسجد المسبوك: 569.
(2) ولد كما في تاريخ الإسلام في صفر سنة 563.
(3) التكملة لكتاب الصلة: 2 / 661 - 662.
(4) لم يذكر ابن الابار وفاته بل سلكه مع من توفي سنة 646 وجعل المراكشي في الذيل والصلة وفاته بغرناطة لثلاث عشرة ليلة بقيت من رجب سنة سبع وثلاثين وستمائة ونقل عن أبي علي ابن الناظر انه قال توفي سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وقد ذكر الذهبي في التاريخ انه قد بقي حيا إلى =(23/257)
170 - الإِسْفَرَايِيْنِيُّ مَجْدُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ *
المُحَدِّثُ الزَّاهِدُ، مَجْدُ الدِّيْنِ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ أَبِي بَكْرٍ الصُّوْفِيّ، الإِسْفَرَايِيْنِيّ، ابْنُ الصَّفَّارُ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
حَدَّثَ عَنْ: المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ بِـ (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) ، وَعَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّة، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ قَارِئ دَار الحَدِيْث عَلَى ابْنِ الصَّلاَح، مليح القِرَاءة، خَيِّراً، كَثِيْر السُّكُوْنِ.
رَوَى عَنْهُ: زَيْنُ الدِّيْنِ الفَارِقِيُّ، وَشَرَف الدِّيْنِ الفَزَارِيُّ، وَبَهَاء الدِّيْنِ ابْن المَقْدِسِيّ، وَجَلاَل الدِّيْنِ النَّابلسِي القَاضِي، وَعَلاَء الدِّيْنِ ابْن الشَّاطِبِيّ.
تُوُفِّيَ: بِالسُّمَيْسَاطِيَّةِ، فِي ذِي القَعْدَةِ (1) ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَهُوَ وَالِدُ الفَقِيْهِ مَجْد الدِّيْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيّ أَحَدِ شُيُوْخنَا.
171 - الطَّرَّازُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ عَلِيٍّ الأَنْصَارِيُّ **
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ، الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ
__________
= هذا العام (أي 646) وتوفي فيه أو على أثره، ونص الصفدي في الوفيات والملك الأشرف في العسجد على ان وفاته في سنة 646.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 90 وكناه بأبي عبد الله وقد ترجم له في وفيات سنة 648 وذكر انه ولد يوم عاشوراء سنة سبع وثمانين وخمس مئة، وقد ذكره في تذكرة الحفاظ ضمن وفيات سنة 646 (تذكرة الحفاظ 4 / 1412) ، وقد ترجم له ابن العماد الحنبلي في حوادث سنة 648 (شذرات الذهب 5 / 243) ونجد عن المترجم له نقولا في تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2 / 264، وفي طبقات الشافعية الكبرى 8 / 284، ومفتاح السعادة (تحقيق البكري وأبي النور) 2 / 115.
(1) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام انه توفي في تاسع عشر ذي القعدة.
(* *) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار: 2 / 659 - 660 الترجمة 1683، الذيل والتكملة =(23/258)
سَعِيْد بن عَلِيِّ بنِ يُوْسُفَ الأَنْصَارِيّ، الأَنْدَلُسِيّ، الغَرْنَاطِي، المُقْرِئ.
قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: كَانَ مُقْرِئاً جَلِيْلاً، وَمُحَدِّثاً حَافلاً، خُتم بِهِ هَذَا البَاب ألبَتَّةَ.
رَوَى عَنِ: القَاضِي أَبِي القَاسِمِ ابْنِ سَمْجُوْنَ؛ أَكْثَرَ عَنْهُ وَلاَزَمه، وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بن شرَاحيلَ، وَمُحَمَّد بن يُوْسُفَ ابْن صَاحِب (الأَحكَامِ) ، وَعَبْد المُنْعِمِ بن الضَّحَّاكِ، وَعَلِيّ بن جَابِرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي زَكَرِيَّا الأَصْبَهَانِيّ، وَعَبْد الصَّمَدِ بن أَبِي رَجَاءٍ البَلَوِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ المَلاَحِي، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الكَوَّاب، وَسَعْد الحَفَّار، وَسَهْل بنِ مَالِكٍ بغَرْنَاطَة، وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَد بن يَحْيَى الحِمْيَرِيّ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ الغَافِقِيِّ الشَّقُوْرِيِّ بقُرْطُبَةَ، وَالحَافِظ أَبِي مُحَمَّدٍ القُرْطُبِيّ بِمَالقةَ وَلاَزمه وَانتفع بِهِ فِي صِنَاعَة الحَدِيْث، وَعَتِيْق بن خَلَفٍ، وَأَبِي عَلِيٍّ الرُّنْدِيّ، وَابْني حَوْطِ اللهِ بِهَا، وَعَنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ زَرْقُوْنَ بِإِشْبِيْلِيَةَ، وَأَبِي الصَّبْرِ أَيُّوْب الفِهْرِيّ، وَأَبِي العَبَّاسِ العَزَفِيّ (1) ، وَلاَزَمَهُ بِسَبتَةَ.
وَتَلاَ بِالسَّبْعِ عَلَى: أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِدْرِيْسَ الأُمَوِيّ، وَأَخَذَ بفَاس عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الفتُوتِ، وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالسَّبْع، وَيَعِيْشَ بنِ القَدِيْمِ.
وَأَخَذَ عِلمَ الكَلاَم عَنْ أَبِي العَبَّاسِ ابْن البَقَّال.
وَأَجَاز لَهُ: ابْن نُوْح، وَابْن عَوْنِ اللهِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ
__________
= لكتابي الموصل والصلة 6 / 210 - 212 الترجمة 613، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 63، الديباج المذهب في معرفة اعيان علماء المذهب لابن فرحون 2 / 277 - 279 الترجمة 89، غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 144 الترجمة 3026، ذيل وفيات الأعيان المسمى درة الحجال في اسماء الرجال لابن القاضي: 2 / 49 - 50 الترجمة 495، شجرة النور الزكية: 1 / 182 - 183، الترجمة 600.
وهذه الترجمة أوسع من ترجمته في " تاريخ الإسلام " ولا تناسب بينهما.
(1) قيده الذهبي عند الكلام على العرفي في " المشتبه "، فقال: " وبزاي: رئيس سبتة الأمير العالم أبو العابس أحمد بن محمد بن أحمد اللخمي العرفي، كان زاهدا إماما مفتيا، ألف كتاب المولد وجوده، مات سنة 633، وأولاده أصحاب سبتة ".
(ص: 453) .(23/259)
ابْنُ عَاتٍ، وَخَلْق مِنْ أَهْلِ المَشْرِقِ.
قَالَ: وَكَانَ ضَابطاً مُتْقِناً، وَمُفِيْداً حَافلاً، بَارِع الْخط، حَسَن الورَاقَةِ، عَارِفاً بِالأَسَانِيْد وَالطّرق وَالرِّجَال وَطَبَقَاتِهِم، مُقدَّماً عَارِفاً بِالقِرَاءاتِ، مُشَاركاً فِي عُلُوْم العَرَبِيَّة وَالفِقْه وَالأُصُوْلِ، كَاتِباً نَبِيلاً، مَجْمُوعاً فَاضِلاً مُتَخَلِّقاً، ثِقَة عَدلاً، كَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْراً وَأُمَّهَات (1) ، وَأَوضح كَثِيْراً مِنْ كِتَاب (مَشَارِق الأَنوَار) لعيَاض، وَجَمَعَ عَلَيْهِ أُصُوْلاً حَافلَة وَأُمَّهَاتٍ هَائِلَةً مِنَ الأَغربَة وَكُتُبِ اللُّغَات، وَعَكَف عَلَى ذَلِكَ مُدَّة، وَبَالَغَ فِي الْبَحْث وَالتفتيش، حَتَّى تَخلَّص الكِتَابُ عَلَى أَتَمِّ وَجه، وَبَرَزَتْ مَحَاسِنُهُ، ثُمَّ يُبَالِغ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي مَدحِ هَذَا الكِتَابِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الطّنّجَالِيّ، وَحُمَيْدٌ القُرْطُبِيّ، وَالكَاتِب أَبُو الحَسَنِ بنُ فَرجٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ البَلَّفِيقِيُّ، اخْتلفتُ إِلَيْهِ (2) فِي مَرَضِهِ، وَحَضَرتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ تَصرُّفَاتِهِ، وَانتفعتُ بِهِ إلاَّ أَنَّنِي لَمْ آخذْ عَنْهُ بِقِرَاءةٍ وَلاَ بِغَيْرِ ذَلِكَ تَفرِيطاً مِنِّي.
تُوُفِّيَ: فِي ثَالِث (3) شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَكَانَ (4) جِنَازَتُه مِنْ أَحْفَلِ جَنَازَةٍ شَاهدتُهَا، وَوصَّى أَنْ لاَ يُقرَأَ عَلَى قَبْرِهِ وَلاَ يُبنَى عَلَيْهِ، وَكَانَ مِمَّنْ وَضَع الله لَهُ ودّاً فِي قُلُوْب عِبَاده، مُعَظَّماً عِنْد جَمِيْع النَّاس خُصُوْصاً فِي غَيْر بلدِه، وَلَقَدْ كَانَ مِنْ أَشدّ النَّاس غيرَةً عَلَى السّنَة وَأَهْلهَا وَأَبغَضِهِم فِي أَهْلِ الأَهوَاء وَالبِدَع.
__________
(1) يعني: من الكتب الامهات الكبيرة.
(2) الكلام لابن الزبير.
(3) ذكر المراكشي في الذيل والتكملة انه توفي بغرناطة في أول شوال.
(4) هكذا في الأصل.(23/260)
قُلْتُ: أَظنّه مَاتَ كَهْلاً، أَوْ فِي أَوِّلِ الشيخوخَة (1) .
كَتَبَ إِلَيْنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَارُوْنَ بِمَرْوِيَّاته، فَمَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ سَمِعَ كِتَاب (الشَّمَائِل) مِنَ الحَافِظ الطّرَّاز، وَأَجَاز لَهُ مَرْوِيَّاته.
172 - ابْنُ رَوَاحَةَ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، عِزُّ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ بنِ عُبَيْدِ بن مُحَمَّدٍ ابنِ صاحِب رَسُوْلِ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَبْدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ بن ثَعْلَبَةَ بن امْرِئ الْقَيْس بن عَمْرٍو الأَنْصَارِيّ، الخَزْرَجِيّ، الشَّامِيّ، الحَمَوِيّ، الشَّافِعِيّ، الشَّاهد.
وُلِدَ: بِجَزِيْرَةٍ فِي بَحْرِ المَغْرِبِ - وَهِيَ صَقِلِّيَّة - وَأَبوَاهُ فِي الأَسر فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، فَإِنَّهُمَا أُسرَا وَأُمُّه حَامِل بِهِ، ثُمَّ خَلَّصَهُمَا الله.
ارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ إِلَى الثَّغْرِ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ، فَأَسْمَعَهُ الكَثِيْرَ مِنْ أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، مِنْ ذَلِكَ (السِّيْرَةُ النَّبَوِيَّةُ) بِكَمَالِهَا، وَقَدْ رَوَاهَا بِبَعْلَبَكَّ وَسَمِعَهَا مِنْهُ شَيْخُنَا تَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ الخَالِقِ، وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ بَرِّيّ، وَعَلِيِّ بنِ هِبَةِ اللهِ الكَامِلِيِّ، وَأَبِي الجُيُوْشِ عَسَاكِر بنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي سَعْدٍ بنِ أَبِي عَصْرُوْنَ،
__________
(1) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام أنه توفي عن سبع وخمسين سنة، وذكر ابن الابار في التكملة انه ولد في العشر الأول لذي الحجة سنة ثمان وثمانين وخمس مئة.
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة أسعد افندي 2324) ج 3 الورقة 159 / أ، صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني الورقة 52، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 67 - 68، العبر للذهبي 5 / 189، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 24، العسجد المسبوك: 568، النجوم الزاهرة: 6 / 361، شذرات الذهب: 5 / 234.(23/261)
وَأَبِي الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَسَمِعَ مِنْ تَقيَة (1) الأَرمنَازِيَة كَثِيْراً مِنْ نَظْمِهَا وَكَذَا مِنْ وَالِدِهِ، وَتَأَدَّبَ عَلَى أَبِيْهِ، وَعَلَى ابْنِ بَرِّيٍّ، وَتَفَقَّهَ وَعَالَجَ الشُّرُوْط، وَسَمَاعَاتُه صَحِيْحَةٌ، وَكَانَ يَطلبُ عَلَى الرِّوَايَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البِرْزَالِيّ، وَالمُنْذِرِيّ، وَابْن الصَّابُوْنِيّ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَابْن الظَّاهِرِيِّ، وَالشَّرَفُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيُّ، وَإِدْرِيْسُ بنُ مُزَيْزٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ، وَبَهَاءُ الدِّيْنِ ابْنُ النَّحَّاسِ، وَأَخُوْهُ إِسْحَاقُ، وَالشِّهَابُ الدَّشْتِيُّ، وَعَبْدُ الأَحَدِ بنُ تَيْمِيَةَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ جَوْهَرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ ابنِ العَجَمِيّ، وَسِتُّ الدَّارِ بِنْتُ مُزِيزٍ، وَعددٌ كَبِيْرٌ.
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ، قَالَ: بَعَثَ شَيْخُنَا ابْنُ خَلِيْلٍ إِلَى ابْنِ رَوَاحَةَ، يَعتبُ عَلَيْهِ فِي أَخْذِهِ عَلَى الرِّوَايَةِ، فَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ فَقِيْرٌ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ ابْنِ الحَاجِبِ: قَالَ لِي الحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، قَالَ (2) :
ذَكَرَ لِي أَخِي الشَّمْس أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِحِمْصَ، وَردَ عَلَيْهِ ابْنُ رَوَاحَةَ، فَأَرَادَ أَنْ يَسْمَع مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ جَمَاعَة حِمْصيُّون: إِنَّ ابْنَ رَوَاحَة يَشْهَد بِالزُّور، قَالَ: فَتركته.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: وَقَالَ لِي تَقِيّ الدِّيْنِ ابْن العِزّ: كُلّ مَا سَمِعتُه عَلَى ابْنِ رَوَاحَة، فَقَدْ تركتُه للهِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البِرْزَالِيّ: كَانَ عِنْدَهُ تَسَامح.
قُلْتُ: وَلَهُ شعر كَانَ يَمتدِحُ بِهِ، وَيَأْخذ الصِّلاَت، وَقَدْ حَدَّثَ بِأَمَاكن، وَرَوَى عَنْهُ حُفَّاظ.
قَالَ المُنْذِرِيّ (3) : قَالَ لِي: وُلِدَتْ فِي جَزِيْرَة مَسِّينَة بِالمَغْرِبِ، سَنَة
__________
(1) في الأصل: " بقية " وليس بشيء.
(2) هكذا في الأصل، وهو تكرار.
(3) لعله قال ذلك في " معجم شيوخه " وإلا فانه لم يترجم له في التكملة، نعم، ترجم =(23/262)
سِتِّيْنَ، كَانَ أَبِي قَدْ سَافر إِلَى المَغْرِب، فَأُسر.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بَيْنَ حَمَاةَ وَحَلَب، فَحُمِلَ إِلَى حَمَاةَ، فَدُفِنَ بِهَا فِي ثَامِنِ جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَمَاتَ النَّفِيْسُ أَبُو البَرَكَاتِ مُحَمَّد بن دَاوُدَ أَخُو العِزّ قَبْله فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ، عَنْ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، رَوَى عَن عَبْد المُنْعِمِ ابْنِ الفُرَاوِيّ، وَأَبِي الطَّاهِر بن عَوْف، وَأَضَرَّ بِأَخَرَةٍ، حَدَّثَنَا عَنْهُ: الشِّهَاب الدَّشْتِيّ، وَسُنْقُر الزَّيْنَبِيّ.
173 - ابْنُ البَرَاذعِيِّ أَبُو البَرَكَاتِ عُمَرُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ القُرَشِيُّ *
العَدْل، صَفِيُّ الدَّيْنِ، أَبُو البَرَكَاتِ عُمَرُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ القُرَشِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: ابْنُ عَسَاكِرَ، وَأَبَا سَعْد بن أَبِي عَصْرُوْنَ، وَجَمَاعَة.
خَرَّجَ لَهُ البِرْزَالِيُّ.
وَرَوَى عَنْهُ: هُوَ، وَحَفِيْدُهُ بَهَاءُ الدِّيْنِ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَمُحَمَّد بن خَطِيْب بَيْت الأَبَّار، وَمُحَمَّد بن عَتِيق، وَمُحَمَّد ابْن البَالِسِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى (1) الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ بِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
= لأبيه، وقال في ترجمته: " وسافر إلى المغرب فأسر وولد له أبو القاسم " (التكملة: 1 / الترجمة: 80) .
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني الورقة 56، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 82، العبر للذهبي: 5 / 194، النجوم الزاهرة: 6 / 363 شذرات الذهب: 5 / 238.
(1) كذا في الأصل، ولعل الذهبي قدسها في ذكر جمادى بدل ربيع، فقد ذكر في التاريخ =(23/263)
174 - ابْنُ الجَوْهَرِيِّ أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مُفِيْد الشَّامِ، شَرَف الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَبْهَانَ الدِّمَشْقِيّ، ابْنُ الجَوْهَرِيِّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي المَجْدِ القَزْوِيْنِيِّ، وَالمُسَلَّمِ المَازِنِيِّ، وَعُمَرَ بنِ كَرَمٍ، وَالقَطِيْعِيِّ، وَابْنِ الزَّبِيْدِيِّ، وَالصَّفْرَاوِيِّ، وَابْنِ الجَمَلِ، وَخَلاَئِق.
وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازِلَ.
وَكَانَ صَدُوْقاً، فَهماً، غَزِيْرَ الإِفَادَةِ، نَظِيفَ الأَجزَاءِ، أَنفقَ مِيْرَاثه فِي الطَّلَب.
وَتُوُفِّيَ: قَبْل أَوَان الرِّوَايَة، فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَوَقَفَ أَجزَاءهُ وَانتفعنَا بِهَا -رَحِمَهُ اللهُ- مَا أَظنّه تَكهل.
175 - ابْنُ الحَاجِبِ عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ بنِ أَبِي بَكْرٍ الكُرْدِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُقْرِئُ، الأُصُوْلِي، الفَقِيْه، النَّحْوِيّ، جَمَال الأَئِمَّة
__________
= وفي العبر أنه توفي في ربيع الآخر وهو الذي قيده الحسيني ووضعه في تسلسله من " الصلة " ونص عليه ابن تغري بردي في " النجوم " وابن العماد في " الشذرات "، فليلاحظ ذلك.
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني الورقة 24، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 25، تذكرة الحفاظ للذهبي 4 / 1459 الترجمة 1155، العبر للذهبي: 5 / 175، الوافي بالوفيات: 8 / 167 الترجمة 3589، النجوم الزاهرة: 6 / 354، طبقات الحفاظ للسيوطي: 506 الترجمة 1123، الدارس في تاريخ المدارس للنعيمي: 1 / 111، شذرات الذهب: 5 / 218.
(1) ذكر الحسيني أنه توفي في ليلة الرابع والعشرين من صفر.
(* *) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة اسعد افندي 2325) ج 4 الورقة 142 / أ، ذيل الروضتين لأبي شامة: 182، وفيات الأعيان لابن خلكان ج 3 / 248 - 250 الترجمة 413، صلة التكملة لشرف الدين الحسيني: الورقة 55، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 69 - 70، طبقات القراء للذهبي 2 / 516 =(23/264)
وَالملَة وَالدّين، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَان بن عُمَرَ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ يُوْنُسَ الكُرْدِيّ، الدُّوِيْنِيّ (1) الأَصْل، الإِسنَائِي المَوْلِد، المَالِكِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ (2) وَخَمْسِ مائَةٍ، أَوْ سَنَة إِحْدَى - هُوَ يَشك - بِإِسْنَا مِنْ بِلاَدِ الصَّعِيْدِ، وَكَانَ أَبُوْهُ حَاجِباً لِلأَمِيْرِ عِزِّ الدِّيْنِ مُوْسَكَ الصَّلاَحِيِّ.
اشْتَغَل أَبُو عَمْرٍو بِالقَاهِرَةِ، وَحَفِظَ القُرْآنَ، وَأَخَذَ بَعْض القِرَاءات عَنِ الشَّاطِبِيِّ، وَسَمِعَ مِنْهُ (التَّيْسِيْرَ) ، وَقَرَأَ بِطرقِ (المُبْهِجِ (3)) عَلَى الشِّهَاب الغَزْنَوِيِّ، وَتَلاَ بِالسَّبْع عَلَى أَبِي الجُوْدِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ البُوْصِيْرِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن يَاسِيْنَ، وَبَهَاء الدِّيْنِ القَاسِمِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَفَاطِمَةَ بِنْت سَعْدِ الخَيْرِ، وَطَائِفَةٍ، وَتَفَقَّهَ عَلَى: أَبِي المَنْصُوْر الأَبيَارِيِّ، وَغَيْرِهِ.
وَكَانَ مِنْ أَذكيَاء العَالِم، رَأْساً فِي العَرَبِيَّة وَعلم النَّظَرِ، دَرَّسَ بِجَامِع دِمَشْقَ، وَبِالنُّورِيَّةِ المَالِكِيَّةِ، وَتَخَرَّجَ بِهِ الأَصْحَابُ، وَسَارَتْ بِمُصَنَّفَاتِهِ الرُّكبَانُ، وَخَالَفَ النُّحَاةَ فِي مَسَائِلَ دَقِيقَةٍ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِم إِشكَالاَتٍ مُفحِمَةً.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ ابْنُ الحَاجِبِ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي عَمْرٍو بنِ الحَاجِبِ: هُوَ
__________
= 517 الترجمة 23، العبر للذهبي: 5 / 189، الطالع السعيد للادفوي: 188، عيون التواريخ لابن شاكر 20 / 24 - 25، البداية والنهاية لابن كثير: 13 / 176، الديباج المذهب لابن فرحون: 2 / 86 - 89 الترجمة 6، طبقات ابن قنفذ: 319 - 320 الترجمة 647، البلغة في تاريخ أئمة اللغة للفيروزآبادي: 140 الترجمة 220، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 508 - 509 الترجمة 2104، بغية الوعاة للسيوطي: 2 / 134 - 135 الترجمة 1632، حسن المحاضرة للسيوطي: 1 / 456، الترجمة 62، شذرات الذهب 5 / 234، شجرة النور الزكية: 1 / 167 - 168 الترجمة 525، الفتح المبين في طبقات الاصوليين: 2 / 65 - 66.
(1) وقد تفتح دال " دوين " كما عند ياقوت وغيره.
(2) تصحفت في الديباج المذهب إلى تسعين، وقد نص الحسيني على ان ولادته في اواخر سنة سبعين وكذا في الوفيات.
(3) لسبط الخياط، وهو من الكتب المشهورة، لكن لم يطبع إلى اليوم.(23/265)
فَقِيْهٌ، مُفْتٍ، مُنَاظر، مُبَرِّز فِي عِدَّة عُلُوْمٍ، مُتَبَحِّرٌ، مَعَ دينٍ وَوَرَعٍ وَتَوَاضُعٍ وَاحتمَالٍ وَاطِّرَاحٍ لِلتَّكَلُّفِ.
قُلْتُ: ثُمَّ نَزَح عَنْ دِمَشْق هُوَ وَالشَّيْخُ عِزُّ الدِّيْنِ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ عِنْدَمَا أَعْطَى صَاحِبُهَا بلدَ الشّقيفِ لِلْفرنج، فَدَخَلَ مِصْر، وَتَصَدَّرَ بِالفَاضِليَة.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) : كَانَ مِنْ أَحْسَن خلق الله ذِهْناً، جَاءنِي مرَاراً لأَدَاء شهَادَات، وَسَأَلته عَنْ موَاضِع مِنَ العَرَبِيَّة، فَأَجَابَ أَبلغ إِجَابَة بِسكُوْن كَثِيْر وَتثبُّت تَامّ، ثُمَّ انْتقل إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّة، فَلَمْ تَطل مُدَّته هُنَاكَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ فِي السَّادِس وَالعِشْرِيْنَ (2) مِنْ شَوَّال، سَنَةَ سِتٍّ (3) وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: تَلاَ عَلَيْهِ بِالسَّبْع: شَيْخنَا المُوَفَّق ابْن أَبِي العَلاَءِ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيّ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَزَائِرِيّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الفَاضِلِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابنُ الخَلاَّل، وَأَبُو الحَسَنِ ابْن البَقَّال، وَجَمَاعَة.
وَأَخَذَ عَنْهُ العَرَبِيَّة جَمَاعَةٌ، مِنْهُم: شَيْخنَا رضِي الدِّيْنِ القسُرطينِي، وَقَدْ رُزقت كُتُبُهُ الْقبُول التَّام لجزَالتهَا وَحُسنِهَا.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ يَاقُوْت الحَمَوِيّ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ النَّحْوِيّ المَالِكِيّ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا السِّلَفِيُّ: أَنَّ النسبَة إِلَى دُوَيْن دَبِيْلِي.
176 - السَّيِّدِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مُحَمَّدٍ *
المُسْنِدُ الأَجَلُّ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السَّيِّدِيّ
__________
(1) وفيات الأعيان 3 / 250.
(2) ذكر ابن الجزري ان وفاته في سادس عشر شوال وربما تصحف ذلك على الطباع لان المؤرخين ربما عبروا عن ذلك بقولهم سادس عشري شوال كما فعل السيوطي في البغية.
(3) ذكر ابن قنفذ القسنطيني ان وفاته سنة سبع واربعين وست مئة وهو سهو بلا شك لان كل الذين ترجموا له وذكروا وفاته لم يختلفوا في أنها سنة ست وأربعين وست مئة فليلاحظ ذلك.
(*) تاريخ مدينة السلام بغداد لابن الدبيثي (تحقيق الدكتور بشار عواد معروف) 2 / 68 =(23/266)
الأَصْبَهَانِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، الحَاجِب.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: تَجَنِّي الوَهْبَانِيَّة (جُزْء الحَفَّار) ، وَالثَّانِي وَالرَّابِع مِنْ (المَحَامِلِيَّات) ، وَ (الصَّمْت) ، وَ (جُزْء المَرْوَزِيّ) ، وَ (المُخَرِّمِيّ) .
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ يُوْسُفَ (مَشْيَخته) ، وَ (التَّصْدِيق) لِلآجُرِّيّ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ شَاتيل الثَّانِي مِنْ (حَدِيْثِ سعدَان) وَالثَّامن مِنْ (حَدِيْثِ ابْن السَّمَّاكِ) ، وَسَمِعَ مِنَ: القَزَّاز، وَأَبِي العَلاَءِ بنِ عَقِيْلٍ، وَعِدَّة، وَتَفَرَّد.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَالمُحِبّ، وَالشَّرِيْشِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن المُقَيَّرِ، وَأَجَاز لِلبِجَّدِيِّ (1) ، وَسِتّ الفُقَهَاء بِنْت الوَاسِطِيّ، وَبنت الكَمَال.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ (2) وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقَدْ ذَمه ابْن النَّجَّار، وَالمُحِبّ، وَاتَّهمَاهُ، فَلاَ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ إِلاَّ مِنْ أَصلٍ.
قُلْتُ: لأَنَّه أَخرجَ إِجَازَةً مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ كَانَتْ لأَخٍ لَهُ اسْمُه
__________
= الترجمة 277، وهي ترجمة كتبت قبل وفاة المترجم له ولهذا لم يذكر وفاته وقال: سمع منه قوم من الطلبة في هذا الوقت، صلة التكملة للحسيني الورقة 58 - 59، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 83، العبر للذهبي: 5 / 194، المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي اختصار الذهبي: 1 / 76 الترجمة 143، لسان الميزان 5 / 264 الترجمة 908، وفيه (السندي) بالنون وهو تصحيف، شذرات الذهب 5 / 238.
(1) في الأصل: " للنجدي " مصحف.
(2) وهم محقق المختصر المحتاج إليه من تاريخ ابن الدبيثي في جعل وفاته سنة 646 واضافها إلى متن الكتاب حاصرا لها بين قوسي الزيادة، اعتمادا على ما ذكر في لسان الميزان كذلك وهو سهو.(23/267)
بِاسْمِهِ وَكُنْيَتُهُ بِكُنْيَتِهِ، وَقَدْ وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، فَزَعَمَ أَنَّهُ هُوَ، فَعَنَّفُوهُ عَلَى ذَلِكَ، وَخوَّفه المُحِبُّ مِنَ اللهِ، فَانْكَسَرَ، وَخجل.
177 - مُظَفَّرُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَتِيْقٍ، ابْنُ الفُوِّيِّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ *
العَدْل، أَبُو مَنْصُوْرٍ ابْنُ الفُوِّيِّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَسَمِعَ: مِنَ السِّلَفِيِّ.
وَعَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَابْن بَلْبَان، وَالضِّيَاء السَّبْتِيّ، وَالحَسَن ابْن الصَّيْرَفِيّ، وَعِدَّة.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (1) ، سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
178 - شُعَيْبُ بنُ يَحْيَى بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَطِيَّةَ القَيْرَوَانِيُّ **
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ الصَّالِح، أَبُو مَدْيَنَ القَيْرَوَانِي، ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، التَّاجِر، ابْنُ الزَّعْفَرَانِيِّ التَّاجِر المُجَاوِر بِمَكَّةَ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 91، العبر للذهبي
5 / 201، وضبط النسبة في المشتبه: 2 / 512، وذكره ايضا ضمن من توفوا في هذه السنة في تذكرة الحفاظ 4 / 1411 وفيه تصحف (الفوي) إلى (القوي) ، النجوم الزاهرة: 7 / 22، شذرات الذهب: 5 / 243.
(1) في العبر وتاريخ الإسلام توفي في سلخ ذي القعدة.
(* *) صلة التكملة للحسيني الورقة 49، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 55 - 56، العبر 5 / 186، النجوم الزاهرة 6 / 359، شذرات الذهب: 5 / 231.(23/268)
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ، وَجَاور مُدَّة، وَكَانَ سَمْحاً ذَا بِرٍّ وَصدقَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيّ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَابْن الظَّاهِرِي، وَالمُحِبّ مُؤلف (الأَحكَام) ، وَرضِيُّ الدِّيْنِ إِمَامُ المقَامِ، وَأَخُوْهُ؛ الصفِيُّ أَحْمَد، وَبَهَاء الدِّيْنِ أَيُّوْب ابْن النَّحَّاسِ، وَأَخُوْهُ الأَمِيْنُ مُحَمَّدٌ، وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَ: فِي الثَّالِثِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
رَوَى (الأَرْبَعِيْنَيْنِ) حَسْبُ.
179 - ابْنُ أَبِي حَرَمِيٍّ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ فُتُوْحِ بنِ بَنِيْنَ المَكِّيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّر، العَالِم، المُسْنِدُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ أَبِي حَرَمِيٍّ فُتُوْحِ بنِ بَنِيْنَ المَكِّيُّ، الكَاتِبُ، العَطَّارُ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ - وَهُوَ شَابّ - (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مِنْ طرِيقِ أَبِي ذَرٍّ عَلَى المُقْرِئ عَلِيِّ بنِ عَمَّارٍ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي مَكْتُوْمٍ عِيْسَى بنِ أَبِي ذَرٍّ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتِيلَ، وَنَصْر اللهِ القَزَّازِ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ: أَبِي الفَضْلِ بن الحُسَيْنِ البَانْيَاسِيّ، وَالقَاضِي أَبِي سَعْدٍ بنِ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَأَجَاز لَهُ السِّلَفِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَجْد الدِّيْنِ العُقَيْلِيّ، وَمُحِبُّ الدِّيْنِ الطَّبَرِيّ، وَالحَافِظُ أَبُو
__________
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 47، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 56 - 57.(23/269)
مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيّ، وَرَضِيُّ الدِّيْنِ إِمَامُ المَقَامِ، وَأَخُوْهُ؛ صَفِيُّ الدِّيْنِ.
تُوُفِّيَ: فِي نِصْفِ رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
180 - صَفِيَّةُ بِنْتُ العَدْلِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَلِيِّ بنِ الخَضِرِ الأَسَدِيَّةُ
المُعَمَرَّةُ الجَلِيْلَةُ، أُمُّ حَمْزَةَ الأَسَدِيَّةُ، الزُّبَيْرِيَّةُ، الدِّمَشْقيَّةُ، ثُمَّ الحَمَوِيَّةُ، أُخْتُ الشَّيخَةِ كَرِيْمَةَ.
تَهَاونَ أَبُوْهَا وَلَمْ يُسْمِعْهَا شَيْئاً، وَلَكِن عمَّهَا الحَافِظَ عُمَرَ بنَ عَلِيٍّ اسْتَجَازَ لَهَا، فَرَوَتْ عَنْ: مَسْعُوْدٍ الثَّقَفِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الرُّسْتَمِيِّ، وَالقَاسِم بنِ الفَضْلِ الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَرَجَاءِ بنِ حَامِدٍ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ تَاجِ القُرَّاءِ، وَعِدَّةٍ.
وَطَال عُمُرُهَا، وَاحتِيجَ إِلَيْهَا، وَرَوَتْ أَشيَاءَ.
حَدَّثَ عَنْهَا: مَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ الحُلْوَانِيَّةِ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَتَقِيُّ الدِّيْنِ ابْنُ مُزَيْزٍ، وَالأَمِيْنُ مُحَمَّدُ بنُ النَّحَّاسِ، وَأَبُو بَكْرٍ الدَّشْتِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الظَّاهِرِيِّ، وَطَائِفَةٌ.
وَبِالحُضُوْرِ: حَفِيْدُهَا؛ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الشَّاهِدُ، وَالتَّاجُ أَحْمَدُ بنُ مُزَيْزٍ.
وَقَدْ سَمِعَ التَّقِيُّ ابْنُ الأَنْمَاطِيِّ مِنْهَا قَدِيماً.
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: حَضَرتُ جنَازتَهَا بِحَمَاةَ، فِي خَامِسِ رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: قَارَبتْ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيه مَاتَ: الصَّالِحُ أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ النَّجَّارُ مُحَدِّثُ حَرَّانَ، وَأَبُو النُّعْمَانِ
__________
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 52 - 53 تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 66، العبر: 5 / 188 - 189، الجوم الزاهرة: 6 / 361، شذرات الذهب: 5 / 234.(23/270)
بَشِيْرُ بنُ حَامِدِ بنِ سُلَيْمَانَ الهَاشِمِيُّ التِّبْرِيْزِيُّ بِمَكَّةَ، وَشَيْخُ الأَطِبَّاءِ ضِيَاءُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ البَيْطَارِ المَالَقِيُّ العَشَّابُ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ رَوَاحَةَ الأَنْصَارِيُّ شَيْخُ الحَدِيْثِ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ الحَاجِبِ شَيْخُ العَرَبِيَّةِ وَالأُصُوْلِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الدَّبَّاجِ النَّحْوِيُّ شَيْخُ القُرَّاءِ، وَصَاحِبُ الغَرْبِ السَّعِيْدُ عَلِيُّ بنُ المَأْمُوْنِ القَيْسِيُّ، وَوزِيْرُ حَلَبَ الأَكْرَمُ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ القِفْطِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ يَاقُوْتٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَأَبُو عَلِيٍّ مَنْصُوْرُ بنُ سَنَدِ ابْنِ الدِّمَاغِ، وَشَيْخُ المُتَكَلِّمِينَ الأَفْضَلُ مُحَمَّدُ بنُ نَامَاورَ الخُوْنَجِيُّ الشَّافِعِيُّ الحَكِيْمُ بِمِصْرَ.
181 - سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ العُبَيْدِيُّ *
ابْنِ آخِرِ الفَاطَمِيَّةِ العَاضِدِ بِاللهِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الأَمِيْرِ يُوْسُفَ ابْنِ الحَافِظِ العُبَيْدِيِّ.
كَانَتِ الدَّعوَةُ بَيْنَ الإِسْمَاعِيْلِيَّةِ لَهُ، وَكَانَ مُعتَقلاً بِقَلْعَةِ الجَبَلِ، وَلهُم فِيْهِ مَعَ فَرطِ جَهلِه وَغَبَاوتِه اعْتِقَادٌ زَائِدٌ، وَلَمَّا هَلكَ العَاضِدُ، خلَّفَ صَبِيّاً حَبَسَه السُّلْطَانُ صَلاَحُ الدِّيْنِ، ثُمَّ كَبِرَ، وَتَحيَّلُوا، فَأَدخَلُوا إِلَيْهِ سُرَيَّةً بِهَيْئَةِ غُلاَمٍ فَأَحْبَلَهَا، وَأُخْرِجَتْ، فَوَلَدَتْهُ بِالصَّعِيدِ - أَعنِي: سُلَيْمَانَ بنَ دَاوُدَ - وَأُخفِيَ، وَلُقِّبَ الحَامِدَ للهِ، فَوَقَعَ بِهِ الملكُ الكَامِلُ، فَاعْتقَلَه حَتَّى مَاتَ فِي الحَبْسِ بِلاَ عَقِبٍ، وَتَقُوْلُ الجَهَلَةُ: لَهُ وَلدٌ مَخْفِيٌّ.
مَاتَ سُلَيْمَانُ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَبَقِيَ بَعْدَهُ شَيْخٌ مِنْ بَنِي عَمِّه اسْمُه قَاسِمٌ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ، وَنَسَبُهُم مَطعُوْنٌ فِيْهِ.
وَأَمَّا دَاوُدُ، فَمَاتَ فِي أَيَّامِ العَادِلِ.
__________
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 في ورقة ملحقة بالورقة 55، الوافي بالوفيات 15 / 377 الترجمة 524.(23/271)
182 - ابْنُ أَبِي السَّعَادَاتِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابنُ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ ابنِ أَبِي السَّعَادَاتِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، الدَّبَّاسُ، المُقْرِئُ، الحَنْبَلِيُّ.
مُقْرِئٌ مُجَوِّدٌ، وَفَقِيْهٌ مُحَقِّقٌ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ شَاتِيْلَ، وَنَصْرِ اللهِ القَزَّازِ، وَعِدَّةٍ.
وَطَلبَ بِنَفْسِهِ، فَقَرَأَ عَلَى أَصْحَابِ ابْنِ الحُصَيْنِ، وَقَاضِي المَرَسْتَانِ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى: أَبِي الفَتْحِ ابْنِ المَنِّيِّ، وَعَلِيٍّ النُّوْقَانِيِّ الشَّافِعِيِّ.
وَبَرَعَ فِي الجَدَلِ وَالخلاَفِ، وَنَاظَرَ، وَنَظَرَ فِي وَقْفِ المَارستَانِ، وَأَعَادَ بِالمُسْتَنْصِرِيَّةِ، وَكَانَ ذَا دِينٍ وَتَعَبُّدٍ وَزُهْدٍ، مُتَصَدِّياً لِلإِفَادَةِ، لَمْ تُعْرَفْ لَهُ صَبوَةٌ، وَكَانَ حَسَنَ النَّوَادِرِ، فَصِيْحاً، مُعرِباً، مُنْقَطِعاً عَنِ الرُّؤَسَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَعَظَّمَه.
قَرَأْتُ وَفَاتَه بِخَطِّ الشَّيْخِ كَمَالِ الدِّيْنِ ابْنِ الفُوَطِيِّ: فِي لَيْلَةِ الجُمُعَةِ، الحَادِيَ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِبَابِ حَرْبٍ، وَقَدْ نَاهَزَ الثَّمَانِيْنَ، أَوْ بَلَغَهَا.
183 - الرِّيْغِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدِ بنِ قَايِدٍ **
قَاضِي الإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَخَطِيْبُهَا، العَلاَّمَةُ، الصَّالِحُ، المُفْتِي، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو
__________
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 90، ذيل طبقات الحنابلة: 2 / 245 - 246 الترجمة 354، شذرات الذهب: 5 / 242 - 243.
(* *) صلة التكملة للحسيني الورقة 46، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 56، تبصير المنتبه بتحرير المشتبه: 1 / 624.(23/272)
مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدِ بنِ قَايِدٍ - بِقَافٍ - الهِلاَلِيُّ، المَغْرِبِيُّ، المَالِكِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ تَقْرِيْباً، بِالرِّيْغِ؛ وَهِيَ نَاحِيَةٌ جَنوبيَّةٌ مِنَ المَغْرِبِ، وَقَدِمَ مِصْرَ شَابّاً، فَتَفَقَّهَ.
وَأَجَاز لَهُ: السِّلَفِيُّ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ بَرِّيٍّ، وَابْنِ عَوْفٍ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الشَّاطِبِيِّ؛ سَمِعَ مِنْهُ (المُوَطَّأَ) .
وَقِيْلَ: الرِّيْغُ: مِنْ عَمِلِ قسطيليَةَ؛ مِنْ بِلاَدِ الجرِيْدِ.
وَلَهُ مصَنَّفٌ جَلِيْلٌ فِي عِلمِ اللُّغَةِ، وَكَانَ يَكتبُ طرِيقَةَ المغَاربَةِ وَطرِيقَةَ المَشَارقَةِ.
رَوَى عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَابْنُ العِمَادِيَّةِ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تَفقَّهَ: بِأَبِي القَاسِمِ بنِ جَارَةَ، وَبَعْلِيٍّ الطُّوْسِيِّ، وَابْنِ أَبِي المَنْصُوْرِ.
وَكَانَ تَقِيّاً، وَرِعاً، عَادِلاً، لاَ تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ، كَانَ الكَامِلُ يَفتخِرُ بِهِ، وَيَعتقِدُ بَرَكَتَه، وَلِيَ الخطَابَةَ وَالقَضَاءَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ، ثُمَّ بَعْدَ دَهْرٍ عَزلَ نَفْسَه مِنَ الخطَابَةِ، ثُمَّ تَركَ القَضَاءَ، وَقَالَ: دَعُوْنِي أَخدمُ رَبِّي.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَطبقَ الدَّوَاةَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعلمُ أَنِّي دَاجَيْتُ فِي حُكمٍ، فَأَحرِقْنِي بِهِ فِي جَهَنَّمَ، وَإِنْ كُنْتَ تَعلمُ أَنَّهُ عُمل عَلَيَّ فِي حُكمٍ، فَأَنْتَ أَوْلَى مَنْ عَذَرَ.
وَبَقِيَ فِي القَضَاءِ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَتُوُفِّيَ: فِي الثَّامنِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بَعْد تَركِهِ القَضَاءَ بِسَنَةٍ.
184 - ابْنُ مَطْرُوْحٍ يَحْيَى بنُ عِيْسَى بنِ إِبْرَاهِيْمَ الصَّعِيْدِيُّ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، صَاحِبُ النَّظْمِ الفَائِقِ، جَمَالُ الدِّيْنِ يَحْيَى بنُ عِيْسَى بنِ
__________
(*) مرآة الزمان: 8 / 788 - 789 (وجعله في وفيات سنة 650) ، عقود الجمان في =(23/273)
إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مَطْرُوْحٍ الصَّعِيْدِيُّ.
خدمَ مَعَ الملكِ الصَّالِحِ نَجْمِ الدِّيْنِ بِآمِدَ وَحرَّانَ وَحصنِ كَيْفَا، فَلَمَّا تَسَلْطنَ بِمِصْرَ، وَلاَّهُ نَظَرَ الخِزَانَةِ، ثُمَّ وَزَرَ لَهُ بِدِمَشْقَ، ثُمَّ عَزَلَهُ، وَتغَيَّرَ عَلَيْهِ.
وَلَهُ (دِيْوَانٌ) مَشْهُوْرٌ (1) .
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ (2) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ قَارَبَ السِّتِّيْنَ (3) .
185 - المُوَفَّقُ قَاسِمُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيُّ
ابْنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الحَدِيْدِ المَدَائِنِيّ، ثُمَّ
__________
= شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (اسعد افندي 2330) ج 10 الورقة: 5 / أ، ذيل الروضتين لأبي شامة: 187، وجعل وفاته سنة 650، وفيات الأعيان: 6 / 258 - 266 الترجمة 811، صلة التكملة للحسيني: الورقة 65، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 99، العبر: 5 / 204، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 54 - 61، العسجد المسبوك: 585، النجوم الزاهرة 7 / 24 (في حوادث ووفيات سنة 649) وترجم له في 7 / 27 (في حوادث ووفيات سنة 650) ، حسن المحاضرة 1 / 567 الترجمة 48 وجعل وفاته سنة 654، شذرات الذهب 5 / 247 - 248.
(1) طبع في الاستانة بمطبعة الجوائب سنة 1298.
(2) ذكرنا الاختلاف في وفاته ولكن الذين ذكروا انه توفي في شعبان وهم الكثرة قيدوا وفاته بمستهل شعبان، وذكر ابن شاكر الكتبي ان ذلك حدث في يوم الأربعاء.
(3) ذكر ابن خلكان وابن شاكر انه ولد في يوم الاثنين الثامن من رجب سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة.
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة اسعد افندي 2326) ج 5 الورقة 301 / أ، وفيات الأعيان: 5 / 392، صلة التكملة لوفيات النقلة المجلد الثاني الورقة 44، الحوادث الجامعة 336، ذيل مرآة الزمان لليونيني 1 / 104 - 105، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 161 - 162، العبر: 5 / 234، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 163، فوات الوفيات 1 / 154 - 155 الترجمة 58، الوافي بالوفيات 8 / 225 - 226 الترجمة 3661، العسجد المسبوك: 641، شذرات الذهب: 5 / 280 - 281، وسيترجم له الذهبي ترجمة اخرى هي الترجمة 415.(23/274)
البَغْدَادِيُّ، الأُصُوْلِيُّ، الأَدِيْبُ، صَاحِبُ الإِنشَاءِ، وَيُدعَى: أَحْمَدَ.
أَجَازَ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي المَجْدِ.
أَخَذَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ شِعراً.
مَاتَ: فِي وَسطِ (1) سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، فَرثَاهُ أَخُوْهُ عِزُّ الدِّيْنِ عَبْدُ الحَمِيْدِ (2) ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَهُ بِقَلِيْلٍ فَي العَامِ، وَكَانَا مِنْ كِبَارِ الفُضَلاَءِ وَأَربَابِ الكَلاَمِ وَالنَّظمِ وَالنَّثرِ وَالبَلاغَةِ، وَالمُوَفَّقُ أَحْسَنُهُمَا عَقِيدَةً، فَإِنَّ العِزَّ مُعْتَزِلِيٌّ - أَجَارنَا اللهُ -!
186 - الشَّارِّيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، الأَنبَلُ، الأَمْجَدُ، شَيْخُ المَغْرِبِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى الغَافِقِيُّ، الشَّارِيُّ، ثُمَّ السَّبْتِيُّ.
وَشَارَةُ: بُليدَةٌ مِنْ عَملِ مُرْسِيَةَ، وَهِيَ مَحتَدُهُ، وَسَبْتَةُ مَوْلِدُهُ.
__________
(1) ذكر الحسيني في الصلة والذهبي في العبر انه توفي في رجب، وذكروا أنه ولد سنة تسعين وخمس مئة.
(2) الذين ترجموا لعز الدين عبد الحميد (صاحب شرح نهج البلاغة) ذكروا أن وفاته كانت سنة 655 أي قبل وفاة الموفق، انظر بشأن ترجمة العز: عقود الجمان لابن الشعار الموصلي، (نسخة اسعد افندي 2325) ج 4 الورقة 107 ب، وفيات الأعيان: 5 / 392، ذيل مرآة الزمان: 1 / 62، فوات الوفيات: 2 / 259 - 262 الترجمة 246 البداية والنهاية: 13 / 199، ومقدمة شرح نهج البلاغة تحقيق أبي الفضل إبراهيم.
(*) التكملة لكتاب الصلة لابن الابار (المخطوطة الأزهرية) ج 3 الورقة 80، صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني الورقة 66، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 96، العسجد المسبوك: 583، غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 574 - 575 الترجمة 2330.(23/275)
قَالَ تِلْمِيْذُهُ أَبُو جَعْفَرٍ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وُلِدَ فِي خَامِسِ رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَخَذَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الحَجْرِيِّ وَلاَزَمَهُ، فَتَلاَ عَلَيْهِ ختمَةً بِالسَّبْعِ، وَأَخَذَ القِرَاءاتِ أَيْضاً: عَنْ أَبِي بَكْرٍ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ الهَوْزَنِيِّ فِي خَتمَاتٍ، وَالمُقْرِئِ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ بنِ الكَمَّادِ، إِلاَّ أَنَّهُ اعتمدَ عَلَى ابْنِ عُبَيْدِ اللهِ؛ لِعُلُوِّ سَندِه، وَقَرَأَ عَلَيْهِ (المُوَطَّأَ) ، وَسَمِعَ عَلَيْهِ الكُتُبَ الخَمْسَةَ سِوَى يَسيرٍ مِنْ آخرِ (كِتَابِ مُسْلِمٍ) ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَيْضاً (مُسْنَدَ أَبِي بَكْرٍ البَزَّارِ الكَبِيْرَ) وَ (السِّيَرَ (1)) تَهْذِيْبَ ابْنِ هِشَامٍ.
وَحَمَلَ عَنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ غَازِي السَّبْتِيِّ، وَأَبِي ذَرٍّ الخُشَنِيِّ، وَأَيُّوْبَ بنِ عَبْدِ اللهِ الفِهْرِيِّ، وَعِدَّةٍ.
وَقَرَأَ عَلَى أَبِيْهِ أَشيَاءَ، وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالسَّبْعِ، وَلاَزَمَ بِفَاسَ الأُصُوْلِيَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الفَنْدَلاَوِيَّ الكَتَّانِيَّ، وَتَفَقَّهَ عِنْدَهُ فِي عِلمِ الكَلاَمِ وَفِي أُصُوْلِ الفِقْهِ، وَعَلَى جَمَاعَةٍ بفَاسَ، وَسَمِعَ بِهَا مِنْ: عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ المَلْجُوْمِ، وَلاَزَمَ فِي العَرَبِيَّة: ابْنَ خَرُوْفٍ، وَأَبَا عَمْرٍو مُرَجَّىً المرجيقِيَّ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ عَاشِرٍ الخُزَاعِيَّ.
وَأَجَازَ لَهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ حُبَيْشٍ، وَأَبُو زَيْدٍ السُّهَيْلِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الفَخَّارِ، وَنَجَبَةُ بنُ يَحْيَى، وَعِدَّةٌ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنِ ابْنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَآخِرَ مَنْ أَسندَ عَنْهُ السَّبْعَ تِلاَوَةً بِالأَنْدَلُسِ وَبِالعَدْوَةِ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَكَانَ ثِقَةً، متحرِّياً، ضَابطاً، عَارِفاً بِالأَسَانِيْدِ وَالرِّجَالِ وَالطُّرقِ، بَقِيَّةً صَالِحَةً، وَذَخيرَةً نَافِعَةً، رَحلتُ إِلَيْهِ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ كَثِيْراً، وَتَلوتُ عَلَيْهِ، وَكَانَ مُنَافِراً لأَهْل البِدَعِ وَالأَهوَاءِ، مَعْرُوْفاً بِذَلِكَ، حَسنَ النِّيَّةِ، مِنْ أَهْلِ المُرُوْءَةِ وَالفَضْلِ التَّامِّ وَالدِّينِ القَوِيمِ، مُنْصِفاً، مُتَوَاضِعاً، حَسنَ الظَّنِّ بِالمُسْلِمِيْنَ، مُحِبّاً فِي الحَدِيْثِ وَأَهْلِه، كَانَ يَجلسُ لَنَا بِمَالَقَةَ نَهَارَه كُلَّه إِلاَّ القَلِيْلَ، وَكُنْتُ أَتلُو عَلَيْهِ فِي اللَّيْلِ؛ لاستِغرَاقِ نَهَارِه، وَكَانَ شَدِيدَ التَّيقُّظِ
__________
(1) يعني، السيرة النبوية.(23/276)
مَعَ شَاختِه وَهَرَمِه، مَا امْتَنَعَ قَطُّ عَمَّنْ قَصَدهُ، وَلاَ اعتذرَ إِلاَّ مِنْ ضرُوْرَةٍ بَيِّنَةٍ، وَكَانَ قَدْ تحصَّلَ عِنْدَهُ مِنَ الأَعلاَقِ النَّفِيسَةِ وَأُمَّهَاتِ الدَّوَاوِيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ مَنْ أَبْنَاءِ عَصرِه، وَبَنَى مَدْرَسَةً بِسَبتَةَ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا الكُتُبَ، وَشرعَ فِي تَكمِيْلِ ذَلِكَ عَلَى السَّنَنِ الجَارِي بِالمدَارسِ الَّتِي بِبلاَدِ المَشْرِقِ، فَعَاقَ عَنْ ذَلِكَ قوَاطعُ الفِتَنِ المُوجِبَةِ لإِخرَاجِه عَنْ سَبْتَةَ وَتَغرِيبِه، فَدَخَلَ الأَنْدَلُسَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَنَزَلَ المرِّيَّةَ، فَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَأَخَذَ عَنْهُ بِهَا عَالَمٌ كَثِيْرٌ، وَأَقرَأَ بِهَا القُرْآنَ، ثُمَّ قَدِمَ مَالَقَةَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ.
وَحَدَّثَ بِغَرْنَاطَةَ، وَأَخَذَ عَنْهُ بِمَالَقَةَ جِلَّةٌ؛ كَأَبِي عَبْدِ اللهِ الطّنّجَالِيِّ، وَالأُسْتَاذِ حُمَيْدٍ القُرْطُبِيِّ، وَأَبِي (1) الزّهْرِ بنِ رَبِيْعٍ.
وَكَذَلِكَ عَظَّمَهُ وَفَخَّمَه أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَبَّارُ (2) ، وَقَالَ: شَاركَ فِي عِدَّةِ فُنُوْنٍ، مَعَ الشَّرَفِ وَالحِشْمَةِ وَالمُرُوْءَةِ الظَّاهِرَةِ، وَاقتَنَى مِنَ الكُتُبِ شَيْئاً كَثِيْراً، وَحصَّلَ الأُصُوْلَ العَتِيْقَةَ، وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَكَانَ مُحَدِّثَ تِلْكَ النَّاحيَةِ.
حَكَى لِي أَبُو القَاسِمِ بنُ عِمْرَانَ الحَضْرَمِيُّ عَنْ سَبَبِ إِخرَاجِ الشَّارِيِّ مِنْ سَبْتَةَ أَنَّ ابْنَ خلاَصٍ وَكُبَرَاءَ أَهْلِ سَبْتَةَ عزمُوا عَلَى تَمليكِ سَبْتَةَ لِصَاحِبِ إِفْرِيْقِيَةَ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ، فَقَالَ لَهُم الشَّارِيُّ: يَا قَوْمِ! خَيْرُ إِفْرِيْقِيَة بَعِيدٌ عَنَّا، وَشرُّهَا بَعيدٌ، وَالرَّأْيُ مُدَارَاةُ مَلِكِ مَرَّاكُشَ.
فَمَا هَانَ عَلَى ابْنِ خلاَصٍ، وَكَانَ فِيهِم مُطَاعاً، فَهَيَّأَ مَركباً، وَأَنْزَلَ فِيْهِ أَبَا الحَسَنِ الشَّارِيَّ، وَغَرَّبَه إِلَى مَالَقَةَ، وَبَقِيَ بِسبتَةَ أَهْلُه وَمَالُه، وَلَهُ بِسبتَةَ مَدْرَسَةٌ مليحَةٌ كَبِيْرَةٌ.
قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: تُوُفِّيَ أَبُو الحَسَنِ -رَحِمَهُ اللهُ- بِمَالَقَةَ، فِي التَّاسِعِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) في الأصل: (وأبو) ولا يصح ذلك.
(2) التكملة لكتاب الصلة (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 80 بتصرف في الجملة(23/277)
وَمِنْ مَسْمُوْعِ ابْنِ الزُّبَيْرِ كِتَابُ (السُّنَنِ الكَبِيْرِ) لِلنَّسَائِيِّ مِنْ أَبِي الحَسَنِ الشَّارِيِّ، بِسَمَاعِه لِجَمِيْعِه مِنِ ابْنِ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ البِطْرَوْجِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الطَّلاَّعِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ مُغِيْثٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُعَاوِيَةَ ابْنِ الأَحْمَرِ، عَنِ النَّسَائِيِّ.
قَالَ ابْنُ رشيدٍ: أَحيَا الشَّارِيُّ بِسَبْتَةَ العِلْمَ حَيّاً وَمَيِّتاً، وَحَصَّلَ الكُتُبَ بِأَغلَى الأَثْمَانِ، وَكَانَ لَهُ عَظَمَةٌ فِي النُّفُوْسِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
قَالَ ابْنُ رشيد: حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُنَا أَبُو فَارِسٍ عَبْد العَزِيْزِ بن إِبْرَاهِيْمَ بِـ (البُخَارِيِّ) سَمَاعاً عَنْ رِجَالِهِ، مِنْهُم: ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ سَمَاعاً سَنَة تِسْعِيْنَ، عَنْ شُرَيْحٍ، قَالَ:
وَرَوَاهُ شَيْخُنَا أَبُو فَارِسٍ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ الشِّيْرَازِيِّ إِجَازَةً، عَنْ أَبِي الوَقْتِ.
187 - السِّبْطُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ بنُ مَكِّيٍّ الطَّرَابُلُسِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَانِ ابْنُ الحَاسِبِ مَكِّيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ عَتِيْقٍ، جَمَالُ الدِّيْنِ الطَّرَابُلُسِيُّ، ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، سِبْطُ الحَافِظِ أَبِي طَاهِرٍ (1) .
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ كَثِيْراً، وَحَضَرَ عَلَيْهِ فِي الرَّابِعَةِ كَثِيْراً، وَمَا رَأَيْتُهُ حضَرَ شَيْئاً قَبْلَهَا.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ.
وَسَمِعَ: جُزْءاً مِنِ ابْنِ مُوقَا، وَمِنْ بَدْرٍ الحُذَادَاذِيِّ،
__________
(*) تكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 193، صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني ج 2 الورقة 4 - 5، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 111، دول الإسلام للذهبي 2 / 118 - 119، العبر للذهبي: 5 / 208، النجوم الزاهرة: 7 / 31، حسن المحاضرة: 1 / 379 الترجمة 76، شذرات الذهب: 5 / 253 - 254.
(1) السلفي.(23/278)
وَعَبْدِ المَجِيْدِ بنِ دُلَيْلٍ، وَبِمِصْرَ مِنَ البُوْصِيْرِيِّ.
أَجَاز لَهُ: جدُّه، وَالكَاتِبَةُ شُهْدَةُ، وَعَبْدُ الحَقِّ بنُ يُوْسُفَ، وَمِنْ مَكَّةَ: أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حُمَيْدِ بنِ عَمَّارٍ رَاوِي (الصَّحِيْحِ) ، وَمِنَ المَوْصِلِ: خَطِيْبُهَا أَبُو الفَضْلِ، وَمِنَ الشَّامِ: أَبُو سَعْدٍ بنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَمِنَ الأَنْدَلُسِ: الحَافِظُ خَلَفُ بنُ بَشْكُوَالَ، وَمِنْ مِصْرَ: ابْنُ بَرِّيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ الكَامِلِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَتَفَرَّدَ، وَرَحَلَ إِلَيْهِ الطلبَةُ، وَرَوَى الكَثِيْرَ بِالقَاهِرَةِ، وَلَهُ سَمَاعَاتٌ كَثِيْرَةٌ مَا قُرِئتْ عَلَيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ دَقِيْقِ العِيْدِ، وَالتَّقِيُّ عُبَيْدٌ، وَالضِّيَاءُ السَّبْتِيُّ، وَالفَخْرُ التَّوْزَرِيُّ، وَمِثْقَالٌ الأَشْرَفِيُّ، وَالشِّهَابُ القَرَافِيُّ، وَالعِمَادُ مُحَمَّدُ ابْنُ الجَرَائِدِيِّ، وَالخَطِيْبُ عَبْدُ الرَّحِيْمِ الحَنْبَلِيُّ، وَالفَخْرُ أَحْمَدُ بنُ الجَبَّابِ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ الرَّسِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ ابْنِ الدِّمَاغِ، وَالنُّوْرُ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الوَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَبِالإِجَازَةِ: خَطِيْبُ حَمَاةَ مُعِيْن الدِّيْنِ أَبُو بَكْرٍ ابْن المُغَيْزِلِ، وَأَبُو بَكْرٍ ابْنُ الرَّضِيِّ، وَالقَاضِي شَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ الحَافِظِ، وَالشَّيْخُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ ابْنُ العَفِيْفِ، وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ قَلِيْلَ العِلْمِ.
تُوُفِّيَ: فِي دَارِ ابْنِ القَسْطَلاَنِيِّ، بِمِصْرَ، لَيْلَةَ رَابِعِ شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو التُّقَى صَالِحُ بنُ شُجَاعٍ المُدْلِجِيّ المَالِكِيُّ بِمِصْرَ، رَاوِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) ، وَعَبْدُ القَادِرِ بنُ الحُسَيْنِ البَنْدَنِيْجِيُّ البَوَّابُ آخِرُ أَصْحَابِ عَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَالزَّاهِدُ عُثْمَانُ شَيْخُ دَيْرِ نَاعِسَ، وَالزَّاهِدُ(23/279)
مُحَمَّدُ ابْنُ الشَّيْخِ عَبْدِ اللهِ اليُوْنِيْنِيُّ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الطّنّجَالِيُّ.
188 - عَبْدُ القَادِرِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ جَمِيْلٍ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَنْدَنِيْجِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَنْدَنِيْجِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، البَوَّابُ.
سَمِعَ: عَبْد الحَقِّ اليُوْسُفِيّ، وَتَفَرَّد عَنْهُ، وَعُبَيْد اللهِ بن شَاتيل.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَنْجِيُّ، وَشيخنَا الدِّمْيَاطِيّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (1) ، سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
189 - عِيْسَى بنُ سَلاَمَةَ بنِ سَالِمِ بنِ ثَابِتٍ الحَرَّانِيُّ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، مُسْنَد حرَان، أَبُو الفَضْلِ، وَأَبُو العزَائِم الحَرَّانِيّ، الخَيَّاط.
وُلِدَ: فِي سَلْخِ شَوَّال، سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ، وَفَاتته الإِجَازَة العَامَّة مِنْ أَبِي الوَقْت السِّجْزِيّ.
وَأَجَاز لَهُ: أَبُو الفَتْحِ ابْن البَطِّيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ النَّقُّوْرِ، وَالمُبَارَك بن مُحَمَّدٍ البَاذَرَائِيّ، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ العَلَوِيّ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ السكن، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الرَّحَبِيِّ، وَيَحْيَى بن ثَابِتٍ، وَأَحْمَد المُرَقَّعَاتِيُّ، وَشُهْدَة، وَعِدَّةٌ، هُوَ آخِرُ مِنْ رَوَى عَنْهُم فِي الدُّنْيَا.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ
__________
(*) صلة التكملة للحسيني ج 2 الورقة 5، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 111، النجوم الزاهرة: 7 / 31.
(1) في صلة التكملة أنه توفي في السابع منه.
(* *) صلة التكملة للحسيني ج 2 الورقة 14 - 15، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 120، العبر للذهبي: 5 / 212 - 213، النجوم الزاهرة: 7 / 33، شذرات الذهب: 5 / 259.(23/280)
أَحْمَد بن أَبِي الوَفَاء، وَمِنَ المُحَدِّث حَمَّاد، وَرَوَى الكَثِيْر، وَحَدَّثَ بِدِمَشْقَ قَدِيْماً وَبِحَرَّانَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَابْن الظَّاهِرِي، وَجَمَال الدِّيْنِ عَبْد الغَنِيِّ، وَمُحَمَّد بن زباط، وَأَمِيْن الدِّيْنِ ابْن شُقَيْرٍ، وَعَبْد الأَحَدِ بن تَيْمِيَةَ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الدَّشْتِيّ، وَمُحَمَّد بن دِرباس الحَاكِي، وَطَائِفَةٌ، خَاتِمُهُم القَاسِم بن عَلِيٍّ ابْن الحُبيشِيِّ.
وَكَانَ شَيْخاً دَيِّناً سَاكناً.
مَاتَ: فِي أَوَاخِرِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ مائَةِ عَامٍ وَعَامٍ وَشُهورٍ.
وَمَاتَ مَعَهُ: أَبُو المَكَارِمِ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَقَّاش السكَّةِ بِمِصْرَ، وَالرَّشِيْد إِسْمَاعِيْل ابْن الفَقِيْه المُقْرِئ أَحْمَد بن الحُسَيْنِ العِرَاقِيّ الجَابِي، وَالمُعَمَّر عَبْد اللهِ بن الحَسَنِ الهكَارِي عَنْ مائَة وَخَمْس سِنِيْنَ، قرَأَ عَلَيْهِ الدِّمْيَاطِيّ (الصَّحِيْح) عَنْ أَبِي الوَقْت، وَالمُتَكَلِّمُ شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عِيْسَى الخُسْرُوْشَاهِي، وَابْن تَيْمِيَةَ مُؤلف (الأَحكَام) ، وَالنَّاصح فَرج الحَبَشِيّ خَادم أَبِي جَعْفَرٍ القُرْطُبِيّ، وَأَبُو الخَطَّابِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ خَلِيْل الأَنْدَلُسِيّ، وَكَمَال الدِّيْنِ مُحَمَّد بن طَلْحَةَ النَّصِيْبِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ بقَاءِ ابْنِ السَّبَّاكِ، وَالشَّدِيد بن عَلاَّنَ.
190 - ابْنُ مَسْلَمَةَ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ المُفَرَّجِ بنِ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، العَدْلُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ دِمَشْق، رَشِيدُ الدِّيْنِ، أَبُو العَبَّاسِ
__________
(*) صلة التكملة لحسيني الورقة 73، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 100 - 101، دول الإسلام للذهبي: 2 / 118، العبر للذهبي: 5 / 205، الوافي بالوفيات: 8 / 185 الترجمة 3612، النجوم الزاهرة: 7 / 30، شذرات الذهب: 5 / 249.(23/281)
أَحْمَدُ بنُ المُفَرّج بن عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَسْلَمَةَ الدِّمَشْقِيُّ، نَاظِرُ الأَيْتَامِ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحَافِظِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَأَبِي اليُسْرِ شَاكِرٍ التَّنُوْخِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدَانَ.
وَأَجَاز لَهُ: هِبَةُ اللهِ بنُ هِلاَلٍ الدَّقَّاقُ، وَأَبُو الحَسَنِ ابْنُ تَاجِ القُرَّاءِ، وَأَبُو الفَتْحِ ابنُ البَطِّيِّ، وَالشَّيْخ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ القَادِرِ الجِيْلِيّ، وَأَحْمَد بن المُقَرَّبِ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ الحَرَّانِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن يَحْيَى الزُّهْرِيّ، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاقَ الصَّابِي، وَمَعْمَر بن الفَاخِرِ، وَخرِيفَة بنُ الهَاطرَا، وَعَدَد كَثِيْر تَفَرَّد بِالرِّوَايَة عَنْ طَائِفَة مِنْهُم، وَرَوَى الكَثِيْر، وَكَانَ عدلاً وَقُوْراً مَهِيْباً حَمِيْد السِّيْرَةِ، لَهُ (مَشْيَخَة) فِي ثَلاَثَةِ أَجزَاء سَمِعْنَاهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَالفَارِقِيّ شَيْخ دَار الحَدِيْث، وَكَمَال الدِّيْنِ ابْن العَطَّار، وَالعِمَاد ابْن البَالِسِيّ، وَشَمْس الدِّيْنِ ابْن التَّاج، وَابْنُ ابْنِ أَخِيْهِ؛ عَبْد الرَّحِيْمِ بن مَسْلَمَةَ، وَبَهَاءُ الدِّيْنِ ابْنُ نُوْح، وَمَحْمُوْدُ ابْنُ المَرَاتِبِيِّ، وَمُحَمَّدُ ابنُ المُحِبِّ، وَالشَّمْس مُحَمَّد ابْن الصَّلاَحِ، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ السَّكَاكينِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي ثَامِنَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَة خَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
191 - الصَّاغَانِيُّ أَبُو الفَضَائِلِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، إِمَامُ اللُّغَةِ، رَضِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضَائِلِ
__________
(*) معجم الأدباء 9 / 189 - 191 الترجمة 15، صلة التكملة للحسيني الورقة 71، الحوادث الجامعة 262 - 264، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 101 - 102، دول الإسلام: 2 / 118، العبر: 5 / 205 - 206، الوافي بالوفيات 1 / 240 - 243 الترجمة 219، فوات الوفيات 1 / 358 - 260، الترجمة 129، منتخب المختار لابن رافع 48 - 49، الترجمة 43، الجواهر المضية: 1 / 201 - 202 الترجمة 496، العسجد =(23/282)
الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ حَيْدرِ بنِ عَلِيٍّ القُرَشِيّ، العَدَوِيّ، العُمَرِيّ، الصَّاغَانِيّ الأَصْل، الهندِي، اللُّهَوْرِي المَوْلِد، البَغْدَادِيّ الوَفَاة، المَكِّيّ الْمَدْفن، الفَقِيْه، الحَنَفِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: بِلُهَوْرَ، فِي صَفَرٍ، سَنَة سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَنَشَأَ بغَزْنَة، وَقَدِمَ بَغْدَادَ، ثُمَّ ذهب رَسُوْلاً مِنَ الخَلِيْفَة إِلَى ملك الهِنْد سَنَة سَبْعَ عَشْرَةَ، فَبقِي مُدَّة، ثُمَّ قَدِمَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ، ثُمَّ أُعِيْد إِلَيْهَا رَسُوْلاً لِسَنَتِهِ، فَمَا رَجَعَ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَدْ سَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ: أَبِي الفُتُوْح نَصْرِ ابْنِ الحُصَرِيّ.
وَسَمِعَ بِاليَمَنِ مِنَ: القَاضِي خَلَفِ بنِ مُحَمَّدٍ الحسنَابَاذِي، وَالنّظَام مُحَمَّد بن حَسَنٍ المَرْغِيْنَانِيّ.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ: سَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الرَّزَّاز.
وَكَانَ إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي مَعْرِفَةِ اللِّسَان العربِي؛ لَهُ كِتَاب (مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ) فِي اللُّغَة اثْنَا عَشرَ مُجَلَّداً، وَكِتَابُ (العُبَابِ (1) الزَّاخرِ) فِي اللُّغَة عِشْرُوْنَ مُجَلَّداً، وَ (الشَّوَارد) فِي اللُّغَة مُجَلَّد، وَكُتُبٌ عِدَّةٌ فِي اللُّغَةِ، وَكِتَابٌ فِي عِلمِ الحَدِيْثِ، وَكِتَابُ (مَشَارِق الأَنوَار فِي الْجمع بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَكِتَاب فِي الضُّعَفَاءِ، وَمُؤلف فِي الفَرَائِضِ، وَأَشيَاء.
قَالَ الدِّمْيَاطِيّ: كَانَ شَيْخاً صَالِحاً صَدُوْقاً صموتاً إِمَاماً فِي اللُّغَة وَالفِقْه وَالحَدِيْث، قَرَأت عَلَيْهِ الكَثِيْر.
__________
= المسبوك: 589، العقد الثمين: 4 / 176 - 179، الترجمة 1013، النجوم الزاهرة: 7 / 26، بغية الوعاة: 1 / 519 - 521 الترجمة 1076، شذرات الذهب: 5 / 250 وانظر مقدمة العباب الزاخر واللباب الفاخر للشيخ محمد حسن آل ياسين (ط 1 المعارف بغداد 1977) ومقدمة العباب ايضا للدكتور قير محمد حسن (مطبعة المجمع العلمي العراقي بغداد 1978) ، ومقدمة التكملة والذيل والصلة له بتحقيق عبد العليم الطحاوي (دار الكتب 1970) .
(1) في الأصل: الغبار، وما أثبتناه عن تاريخ الإسلام وهو الذي في المطبوعتين.(23/283)
تُوُفِّيَ: فِي تَاسِعَ عَشَرَ شَعْبَان، سَنَة خَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَحَضَرت دَفنه بدَاره بِالحرِيْم الطَّاهِرِيّ، ثُمَّ نُقل بَعْد خُرُوْجِي مِنْ بَغْدَادَ إِلَى مَكَّةَ، فَدُفِنَ بِهَا، كَانَ أَوْصَى بِذَلِكَ، وَأَعدَّ لِمَنْ يَحمله خَمْسِيْنَ دِيْنَاراً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ القُرَشِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفُتُوْحِ النُّهَاوَنْدِي بِمَكَّةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَلَوِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ التُّسْتَرِيّ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُؤْلُؤَيّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا، وَيَزِيْد بن هَارُوْنَ، عَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْم الخَنْدَقِ: (حَبَسُوْنَا عَنْ صَلاَةِ الوُسْطَى صَلاَةِ العَصْرِ، مَلأَ اللهُ بُيُوْتَهُم وَقُبُوْرَهُم نَاراً) (1) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، مَا عَارضه شَيْء فِي صِحَّتِهِ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: الرَّشِيْد بن مَسْلَمَةَ، وَالمُؤْتَمَن بن قُمَيْرَةَ، وَالكَمَال إِسْحَاق بن أَحْمَدَ المَعَرِيّ الشَّافِعِيّ أَحَدُ الأَئِمَّةِ، وَالكَاتِب البَارِع شَمْس الدِّيْنِ مُحَمَّد بن سَعْدٍ المَقْدِسِيّ الحَنْبَلِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي السَّهْل، وَالجَمَال مُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ مَحْمُوْد ابْن العَسْقَلاَنِيّ، وَالتَّاج مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ سَعْدِ اللهِ ابْن الوَزَّان الحَنَفِيّ، وَالشَّيْخ سَعْد الدِّيْنِ مُحَمَّد بن المُؤَيَّدِ بن حَمُّوَيْه الجُوَيْنِيّ، وَجَمَال الدِّيْنِ هِبَة اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ مُفَرِّجٍ المَقْدِسِيّ ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِي عِنْدَهُ عَنِ السِّلَفِيّ، وَفخرُ القُضَاةِ نَصْر اللهِ بن أَبِي العِزّ بن قصَافَة الكَاتِبُ.
__________
(1) قال شعيب: أخرجه البخاري (4533) ومسلم (627) (25) وأبو داود (234) وأحمد 1 / 144 و151 و153 و154 و392، وابن ماجة (686) والدارمي 1 / 280، والطبري (5420) والبيهقي 1 / 46، والطيالسي 1 / 111.(23/284)
192 - ابْنُ قُمَيْرَةَ يَحْيَى بنُ نَصْرِ بنِ أَبِي القَاسِمِ التَّمِيْمِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، مُسْنَدُ الوَقْتِ، مُؤْتَمَنُ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ يَحْيَى ابنُ أَبِي السُّعُوْدِ نَصْرِ ابنِ أَبِي القَاسِمِ بنِ أَبِي الحَسَنِ ابْنُ قُمَيْرَةَ التَّمِيْمِيُّ، اليَرْبُوْعِيُّ، الحَنْظَلِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ، التَّاجِرُ، السَّفَّارُ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: شُهْدَةَ الكَاتِبَةِ، وَتَجَنِّي الوَهْبَانِيَّةِ، وَعَبْدِ الحَقِّ اليُوْسُفِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَدْرٍ الشِّيْحِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ شِيْرَوَيْه.
وَحَدَّثَ فِي أَسْفَارِهِ بِمِصْرَ وَدِمَشْقَ وَحَلَبَ وَبَغْدَادَ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ الحُفَّاظُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ الظَّاهِرِيِّ، وَالبَهَاءُ أَيُّوْبُ الأَسَدِيُّ، وَأَخُوْهُ؛ إِسْحَاقُ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَبِيْبَرْسُ العَدِيْمِيُّ، وَالعِمَادُ ابْنُ البَالِسِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي اليُسْرِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ ابْنُ المُقَيَّرِ، وَعَلِيُّ بنُ جَعْفَرٍ المُؤَذِّن، وَعَبْدُ اللهِ ابْنُ الشَّيْخِ، وَمُحَمَّدُ ابنُ الصَّلاَحِ، وَالتَّقِيُّ بنُ تَمَّامٍ، وَخَلْقٌ، آخِرُهُم: ابْنُ الخَرَّاط، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشِّيْرَازِيِّ.
مَاتَ: بِبَغْدَادَ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى (1) ، سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: شَيْخٌ حَسَنٌ، لاَ بَأْسَ بِهِ.
__________
(*) صلة التكملة للحسيني الورقة 70، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 105، دول الإسلام: 2 / 118، وتصحف فيه إلى ابن العميرة - بالعين - العبر للذهبي ايضا: 5 / 206 - 207، شذرات الذهب: 5 / 253.
(1) ذكر الحسيني في صلة التكملة والذهبي في التاريخ وفي العبر أنه توفي في السابع والعشرين من جمادى الأولى.(23/285)
أَخُوْهُ: المُعَمَّرُ المُسْنِدُ
193 - أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ التَّمِيْمِيُّ (1)
التَّاجر، شَيْخ كَبِيْر.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، وَلَمْ يظْهر لَهُ سِوَى نِصْفِ جُزْء الترَاجم، سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ ابْن النَّرْسِيّ، فَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ.
رَوَى عَنْهُ: القَاضِي مَجْد الدِّيْنِ ابْن العَدِيْم، وَالحَافِظُ شَرَف الدِّيْنِ ابْن الدِّمْيَاطِيّ، وَابْن الدوَالِيبِيِّ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: شَيْخٌ مُتَيَقِّظٌ، حَسَنُ الطّرِيقَةِ، مُتَمَوِّلٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي أَوَائِل سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
194 - ابْنُ عَلاَّنَ أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيُّ بنُ المُسَلَّمِ بنِ مَكِّيٍّ القَيْسِيُّ **
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، العَدْلُ، المُعَمَّرُ، سَدِيْدُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيُّ بنُ المُسَلَّم بنِ مَكِّيِّ بنِ خَلَفِ بنِ المُسَلَّمِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حِصْنِ بنِ صَقْرِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَلاَّنَ القَيْسِيُّ، العَلاَّنِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، المِسْكِيُّ، الطِّيْبِيُّ.
وُلِدَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحَافِظ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَأَبِي الفَهْمِ بنِ أَبِي العَجَائِزِ، وَعلِيِّ
__________
(1) تاريخ الإسلام، الورقة: 93 (أيا صوفيا 3013) .
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 188، تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني: 305، صلة التكملة للحسيني ج 2 الورقة 7، وفيه ضبط المسلم بتشديد اللام، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 122، العبر: 5 / 213، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 77، البداية والنهاية: 13 / 186، النجوم الزاهرة: 7 / 33، شذرات الذهب: 5 / 260.(23/286)
ابْن خَلْدُوْنَ، وَتَفَرَّد بِهِم، وَمِنَ: المَجْدِ ابْن البَانْيَاسِيّ.
وَأَجَاز لَهُ: أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ الرَّحَبِيّ.
وَرَوَى الكَثِيْر، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَبعُدَ صِيْتُهُ، وَكَانَ شَيْخاً معتبراً متودداً، وَافِرَ الحُرْمَةِ، مِنْ بَيْت تَقدمٍ وَرِوَايَةٍ، وَرِوَايَاته صَحِيْحَة، وَقَدْ سَمِعَ أَخَوَاهُ أَسْعَدُ وَمُحَمَّدٌ مِنِ ابْنِ عَسَاكِر أَيْضاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَابْن الظَّاهِرِي، وَزَيْن الدِّيْنِ الفَارِقِيّ، وَالعِمَاد ابْنُ البَالِسِيّ، وَأَخُوْهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَطَلْحَةُ القُرَشِيُّ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ يَحْيَى بنُ المَقْدِسِيِّ، وَالقَاضِي شَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ الحَافِظِ، وَإِسْمَاعِيْلُ وَعَبْدُ اللهِ ابْنَا أَبِي النَّائِبِ، وَأَمِيْنُ الدِّيْنِ سَالِمُ بنُ صَصْرَى، وَأُخْتُهُ؛ أَسْمَاءُ، وَتَاج الدِّيْنِ أَحْمَدَ بن مُزَيْزٍ، وَخَلْق.
تُوُفِّيَ: بِدِمَشْقَ، فِي العِشْرِيْنَ مِنْ صفر، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ- وَأَجَاز لِجَمِيْعِ مَنْ أَدْرَكَ حَيَاتَهُ مِنَ المُسْلِمِيْنَ.(23/287)
الطَّبَقَةُ الخَامِسَةُ وَالثَّلاَثُوْنَ
195 - القُوْصِيُّ شِهَابُ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَامِدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، الأَدِيْبُ، الرَّئِيْسُ، شِهَابُ الدِّيْنِ، أَبُو المَحَامِدِ، وَأَبُو العَرَبِ، وَأَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَامِدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُرَجَّى بنِ المُؤَمَّلِ بن مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، المِصْرِيُّ، القُوْصِيُّ، الشَّافِعِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ، وَكِيْلُ بَيْتِ المَالِ.
وُلِدَ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ وَمائَةٍ.
وَقَدِمَ القَاهِرَةَ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ، وَدِمَشْقَ فِي سَنَةِ إِحْدَى، فَاسْتَوْطَنَهَا.
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (مخطوطة اسعد افندي 2323: ج 1 الورقة 294 / ب، ذيل الروضتين: 189، الغصون اليانعة في شعراء المئة السابعة لابن سعيد الأندلسي: ص 24، صلة التكملة للحسيني ج 2 الورقة 15 - 16 تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 124، دول الإسلام للذهبي 2 / 119، العبر للذهبي: 5 / 214، الوافي بالوفيات: 9 / 105 - 106 الترجمة: 4021، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 82 - 83، مرآة الجنان لليافعي: 4 / 129، البداية والنهاية 13 / 186، العسجد المسبوك للملك الغساني: 613، النجوم الزاهرة 7 / 35، الدارس في تاريخ المدارس للنعيمي: 1 / 438، شذرات الذهب: 5 / 260.(23/288)
سَمِعَ (التَّيْسِيْر) بِقُوْص مِنِ ابْنِ إِقبالٍ المَرِينِيِّ، وَسَمِعَ مِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسِيْنَ، وَمِنَ الأَرتَاحِيِّ، وَالخُشُوْعِيِّ، فَأَكْثَرَ، وَالقَاسِمِ ابْن عَسَاكِرَ، وَالعِمَادِ الكَاتِبِ، وَأَسْمَاءَ بِنْت الرَّانِ، وَمَنْصُوْر بن عَلِيٍّ الطَّبَرِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الخصِيْب، وَمَحْمُوْدِ بنِ أَسَدٍ، وَعَبْدِ المَلِكِ الدَّوْلَعِيِّ، وَحَنْبَلٍ، وَابْنِ طَبَرْزَذَ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَعَمِلَ لِنَفْسِهِ (مُعْجَماً) كَبِيْراً فِي أَرْبَع مُجَلَّدَاتٍ فِيْهِ أَوهَامٌ عِدَّةٌ، وَعَنْ خلقٍ بِالإِجَازَةِ وَشُعَرَاءَ، وَاتَّصلَ بِالصَّاحبِ صَفِيِّ الدِّيْنِ ابْنِ شُكرٍ، فَتَقَدَّمَ، وَنَفَذَ رَسُوْلاً عَنِ العَادِلِ، وَوَلِيَ الوكَالَةَ مُدَّةً، وَدرَّسَ، وَأَفْتَى، وَوَقَفَ حَلْقَةَ تَدرِيسٍ وَدَارَ حَدِيْث وَتُربَة، وَكَانَ يَلْبَسُ الطَّيْلَسَانَ المِصْرِيَّ، وَيَرْكَبُ البَغْلَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَالكَنْجِي، وَالزَّيْن الأَبِيْوَرْدِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابنُ الخَلاَّلِ، وَالعِمَادُ ابْن البَالِسِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الزَّرَّادِ، وَالرَّشِيْدُ الرَّقِّيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي سَابِعَ عَشَرَ رَبِيْع الأَوّل، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: المُفْتِي الضِّيَاء صَقْرُ بنُ يَحْيَى الحَلَبِيّ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، وَعَلِيّ بن مَعَالِي الرُّصَافِيّ المُقْرِئُ، وَالنُّوْر البَلْخِيّ، وَنَقِيْبُ الأَشْرَافِ بِحَلَبَ عِزُّ الدِّيْنِ المُرْتَضَى ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الحُسَيْنِيُّ الحَلَبِيُّ.
196 - صَالِحُ بنُ شُجَاعِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَيِّدِهِم بنِ عَمْرٍو المُدْلِجِيُّ *
الشَّيْخُ الصَّدُوْقُ، أَبُو التُّقَى ابْنُ شَيْخِ
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 2، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 2 الورقة 110 - 111، العبر: 5 / 208، النجوم الزاهرة: 7 / 31 حسن المحاضرة: 1 / 379 الترجمة 75، شذرات الذهب: 5 / 253.(23/289)
المُقْرِئِينَ أَبِي الحَسَنِ المُدْلِجِيُّ، المِصْرِيُّ، المَالِكِيُّ، الخَيَّاطُ.
وُلِدَ: بِمَكَّةَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ) مِنْ أَبِي المفَاخر المَأْمُوْنِي، وَحَدَّثَ بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَهُ إِجَازَة مِنَ السِّلَفِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظَان المُنْذِرِيّ وَشيخنَا الدِّمْيَاطِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ ابْنِ القَزَّاز، وَالبَدْر يُوْسُف الخُتَنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، خَيَّاطاً، مُتعفِّفاً، قَنُوعاً.
تُوُفِّيَ: فِي المُحَرَّمِ (1) ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ تَلاَمِذَةِ أَبِي العَبَّاسِ بنِ الحُطَيْئَةِ.
197 - فَرَجُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَبُو الغَيْثِ الحَبَشِيُّ
الخَادِم الفَاضِل، نَاصِح الدِّيْنِ، أَبُو الغَيْثِ الحَبَشِيُّ، مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ القُرْطُبِيُّ، ثُمَّ عَتِيْقُ المَجْدِ البَهْنَسِيِّ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَسَمِعَ الكَثِيْر مِنَ: الخُشُوْعِيّ، وَعَبْد اللَّطِيْفِ ابْن أَبِي سَعْدٍ، وَالبَهَاء ابْن عَسَاكِرَ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن سُلْطَان القُرَشِيّ، وَحَنْبَل، وَابْن طَبَرْزَذَ، وَمِنَ الافتخَارِ الهَاشِمِيّ بِحَلَبَ، وَمِنْ مَوْلاَهُ أَبِي جَعْفَرٍ.
__________
(1) ذكر الشرف الحسيني والحافظ الذهبي في التاريخ انه توفي في السادس عشر من المحرم.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 188 وقد تصحف الحبشي فيه إلى الحسيني، تكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني: 271، الترجمة 260، وفيها كناه بأبي الغياث، صلة التكملة للحسيني م 2 الورقة 13، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 2 الورقة 121، العبر: 5 / 213، البداية والنهاية: 13 / 186، النجوم الزاهرة: 7 / 33، شذرات الذهب: 5 / 259.(23/290)
وَعَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّة، وَالعِمَاد ابْنُ البَالِسِيِّ، وَعَبْد الغَفَّارِ المَقْدِسِيّ، وَالعَلاَء ابْن الشَّاطبِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ دَيِّناً، كَيِّساً، مُتيقِّظاً، سَمِعَ وَتعبَ، وَوَقَفَ كتبه.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ (1) ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسين وَسِتّ مائَةٍ.
198 - ابْنُ تَيْمِيَةَ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الخَضِرِ الحَرَّانِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، فَقِيْه الْعَصْر، شَيْخ الحَنَابِلَة، مَجْد الدِّيْنِ، أَبُو البَرَكَاتِ عَبْد السَّلاَمِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ الخَضِر بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الحَرَّانِيّ، ابْن تَيْمِيَةَ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَخَمْسِيْنَ مائَة تَقْرِيْباً.
وَتَفَقَّهَ عَلَى عَمِّهِ فَخْر الدِّيْنِ الخَطِيْب، وَسَارَ إِلَى بَغْدَادَ وَهُوَ مُرَاهِق مَعَ السَّيْف ابْن عَمِّهِ، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ سُكَيْنَةَ، وَابْنِ طَبَرْزَذَ يُوْسُفَ بنِ كَامِل، وَضِيَاءِ بن الخُرَيْفِ، وَعِدَّة.
وَسَمِعَ بِحَرَّانَ مِنْ: حَنْبَل المُكَبِّرِ، وَعَبْد القَادِرِ الحَافِظ.
وَتَلاَ بِالعشر عَلَى: الشَّيْخ عَبْد الوَاحِدِ بن سُلْطَان.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ شِهَاب الدِّيْنِ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَأَمِيْن الدِّيْنِ ابْن شُقَيْرٍ، وَعَبْد الغَنِيِّ بن مَنْصُوْرٍ المُؤَذِّن، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الكَنْجِي، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن القَزَّاز، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن زباطرَ، وَالوَاعِظ مُحَمَّد بن عَبْدِ المُحْسِنِ الخرَاط، وَعِدَّة.
__________
(1) ذكر ابن الصابوني والحسيني والذهبي في التاريخ انه توفي في الرابع منه.
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 13، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 119 - 120، دول الإسلام 2 / 119، العبر: 5 / 212، معرفة القراء الكبار للذهبي: 2 / 520 - 521 الترجمة 28، فوات الوفيات 2 / 323 - 324 الترجمة 278، البداية والنهاية: 13 / 185، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: 2 / 249 - 254 الترجمة 359، طبقات القراء لابن الجزري 1 / 385 - 386، الترجمة 1647، النجوم الزاهرة: 7 / 33، شذرات الذهب: 5 / 257.(23/291)
وَتَفَقَّهَ، وَبَرَعَ، وَاشْتَغَل، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَانتهت إِلَيْهِ الإِمَامَة فِي الفِقْه، وَكَانَ يَدْرِي القِرَاءات، وَصَنَّفَ فِيْهَا أُرْجُوزَةً.
تَلاَ عَلَيْهِ: الشَّيْخ القَيْرَوَانِيُّ.
وَقَدْ حَجَّ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ عَلَى درب العِرَاق، وَانبهر عُلَمَاء بَغْدَاد لِذَكَائِهِ وَفَضَائِلِهِ، وَالتَمَسَ مِنْهُ أُسْتَاذ دَارِ الخِلاَفَةِ مُحْيِي الدِّيْنِ ابْنُ الجَوْزِيِّ الإِقَامَةَ عِنْدَهُم، فَتعلَّل بِالأَهْل وَالوَطَن.
سَمِعْتُ الشَّيْخ تَقِيّ الدِّيْنِ أَبَا العَبَّاسِ يَقُوْلُ: كَانَ الشَّيْخ جَمَال الدِّيْنِ بن مَالِك يَقُوْلُ: أُلِينَ لِلشيخِ المَجْدِ الفِقْهُ كَمَا أُلِينَ لِدَاوُدَ الحديدُ.
ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ: وَكَانَتْ فِي جَدِّنَا حِدَّةٌ (1) .
قَالَ: وَحَكَى البُرْهَان المَرَاغِيّ أَنَّهُ اجْتَمَع بِالشَّيْخ الْمجد، فَأَوَرَدَ عَلَى الشيح نُكتَةً، فَقَالَ: الجَوَاب عَنْهَا مِنْ سِتِّيْنَ وَجهاً: الأَوّل كَذَا، الثَّانِي كَذَا ... ، وَسَرَدَهَا إِلَى آخرهَا، وَقَالَ: قَدْ رَضِينَا مِنْكَ بِإِعَادَةِ الأَجوبَةِ، فَخضعَ البُرْهَانُ لَهُ وَانبَهَرَ.
وَقَالَ العَلاَّمَة ابْنُ حَمْدَانَ: كُنْت أُطَالِعُ عَلَى درس الشَّيْخ وَمَا أُبقِي مُمْكِناً، فَإِذَا أَصْبَحت وَحَضَرت يَنقلُ أَشيَاء كَثِيْرَة لَمْ أَعْرفهَا قَبْل.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيّ الدِّيْنِ: كَانَ جدُّنَا عجباً فِي سرد المُتُوْنِ، وَحِفْظِ مَذَاهِب النَّاس، وَإِيرَادهَا بِلاَ كلفَة.
حَدَّثَنِي الإِمَام عَبْد اللهِ بن تَيْمِيَةَ: أَن جدّه رُبِّي يَتيماً، ثُمَّ سَافر مَعَ ابْنِ عَمّه إِلَى العِرَاقِ لِيَخْدمَهُ وَيُنفقه، وَلَهُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَكَانَ يَبَيْت عِنْدَهُ وَيَسْمَعُهُ يُكرر عَلَى مَسَائِل الخلاَف فَيحفظ المَسْأَلَة، فَقَالَ الفَخْر إِسْمَاعِيْل
__________
(1) قلت: وفي إمام الأئمة أبي العباس حدة أيضا، وما وراء ذلك إلا الدفاع عن بيضة الإسلام.(23/292)
يَوْماً: أَيشٍ حِفْظ النُّنِيْنَ (1) ، فَبَدَرَ المَجْدُ، وَقَالَ: حَفِظتُ يَا سَيْدِي الدَّرْسَ.
وَسَرَدَهُ، فَبُهِت الفَخْر، وَقَالَ: هَذَا يَجِيْء مِنْهُ شَيْء.
ثُمَّ عرض عَلَى الفَخْر مُصَنّفه (جَنَّة النَّاظر) ، وَكَتَبَ لَهُ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّ مائَةٍ وَعظَّمه، فَهُوَ شَيْخه فِي علم النَّظَر، وَأَبُو البَقَاءِ شَيْخُه فِي النَّحْوِ وَالفَرَائِض، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ غَنِيْمَةَ صَاحِبُ ابْن المَنِّيِّ شَيْخُه فِي الفِقْه، وَابْنُ سُلْطَان شَيْخُهُ فِي القِرَاءاتِ، وَقَدْ أَقَامَ بِبَغْدَادَ سِتَّةَ أَعْوَامٍ مُكِبّاً عَلَى الاشتغَال (2) ، وَرجعَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ قَبْل العِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فَتَزَيَّدَ مِنَ العِلْمِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، مَعَ الدِّيْنِ وَالتَّقْوَى، وَحُسن الاتِّبَاع، وَجَلاَلَة العِلْمِ.
تُوُفِّيَ: بِحَرَّانَ، يَوْم الفِطْرِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
199 - ابْنُ طَلْحَةَ أَبُو سَالِمٍ مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ *
العَلاَّمَةُ الأَوْحَدُ، كَمَال الدِّيْنِ، أَبُو سَالِمٍ مُحَمَّد بن طَلْحَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ القُرَشِيّ، العَدَوِيّ، النَّصِيْبِيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَب وَأُصُوْلِهِ، وَشَاركَ فِي فُنُوْنٍ، وَلَكِنَّهُ دَخَلَ فِي هَذِيَان عِلْمِ الحُرُوْفِ، وَتَزَهَّدَ.
وَقَدْ ترسَّل عَنِ المُلُوْك، وَوَلِيَ وِزَارَة دِمَشْق يَوْمَيْنِ وَتركهَا، وَكَانَ ذَا جَلاَلَةٍ وَحِشْمَةٍ.
__________
(1) يعني: الصبي الصغير (وانظر تاريخ الإسلام، الورقة: 120) .
(2) في الأصل: " الاشتغال " ولا يستقيم المعنى بها، والصحيح ما اثبتناه وهو: الطلب.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 188، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 11، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 121، العبر 5 / 213، الوافي بالوفيات: 3 / 176، الترجمة 1146 عيون التواريخ لابن شاكر: 20 / 78، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 63 الترجمة 1076، البداية والنهاية: 13 / 186، النجوم الزاهرة: 7 / 33، شذرات الذهب: 5 / 259، اعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء لمحمد راغب الطباخ (حلب 1342) 4 / 437.(23/293)
حَدَّثَ عَنْ (1) : المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، وَزَيْنَبَ الشَّعْرِيَّةِ.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَمَجْدُ الدِّيْنِ ابْنُ العَدِيْمِ، وَشِهَابُ الدِّيْنِ الكَفْرِيُّ، وَالجَمَالُ بنُ الجُوخِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ التَّاج ابْن عَسَاكِرَ: وَفِي سَنَةِ 648 خَرَجَ ابْن طَلْحَةَ عَنْ جَمِيْعِ مَا لَهُ مِنْ مَوْجُوْدٍ وَمَمَالِيْك وَدوَاب وَمَلبُوسٍ، وَلَبِسَ ثَوْباً قُطنِيّاً وَتَخفِيفَة، وَكَانَ يَسكن بِالأَمِينِيَّة، فَخَرَجَ مِنْهَا، وَاخْتَفَى، وَسَبَبُهُ أَنَّ النَّاصِر كتب تَقليده بِالوزَارَة، فَكَتَبَ هُوَ إِلَى السُّلْطَانِ يَعتذر.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِحَلَبَ، فِي رَجَبٍ (2) ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
200 - النِّظَامُ البَلْخِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
مُفْتِي الحَنَفِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ.
بَغْدَادِيٌّ، سَكَنَ حَلَبَ، وَسَمِعَ مِنَ: المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الفَامِيِّ، وَتَفَقَّهَ بِخُرَاسَانَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الوَهَّابِ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَالتَّاج صَالِح، وَالبَدْرُ ابنُ التَّوزِيِّ، وَآخَرُوْنَ، وَحَدَّثَ (بِصَحِيْحِ مُسْلِمٍ) .
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ (3) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
(1) الزيادة يقتضيها السياق، وفي التاريخ سمع بنيسابور من المؤيد.
(2) ذكر الحسيني والذهبي في التاريخ والسبكي انه توفي في السابع والعشرين منه.
(*) صلة التكملة للشرف الحسيني المجلد الثاني الورقة 17، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 127، العبر للذهبي: 5 / 215، الجواهر المضية في طبقات الحنفية للقرشي: 2 / 125 الترجمة 384 شذرات الذهب: 5 / 161.
(3) ذكر شرف الدين الحسيني والذهبي في التاريخ وعنه القرشي أنه توفي في التاسع والعشرين من جمادى الآخرة.(23/294)
201 - عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ التَّنُوْخِيُّ البَعْلَبَكِّيُّ *
الزَّاهِدُ، شَيْخُ دَيْرِ نَاعِس.
صَاحِبُ أَحْوَالٍ وَمُجَاهِدَاتٍ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ البِرِّ، وَهُوَ الَّذِي بَعَثَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ الفَقِيْهُ وَقَدْ مَغَصَهُ جَوفُه: لَئِنْ لَمْ يَسكُنْ وَجَعِي ضَربتُكَ مائَةً، فَقِيْلَ لِلْفَقِيْهِ: كَيْفَ هَذَا؟
قَالَ: هُوَ أَكرمُ عَلَى اللهِ مِنْ أَنْ أَضرِبَهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ يُخَاطبه الجِنّ، وَأُخبر بِلَيلَةِ كَسرَةِ الفِرَنْج عَلَى المَنْصُوْرَةِ، وَكَانَ قَدْ لَبِسَ مِنَ الشَّيْخ عَبْد اللهِ اليُوْنِيْنِيّ، وَلَهُ تَهجُّد وَأَورَاد.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ (1) ، سَنَةَ إِحْدَى (2) وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بِأَيَّام الزَّاهِد الكَبِيْر الشَّيْخ مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ عَبْد اللهِ اليُوْنِيْنِيّ.
وَمَاتَ فِيْهَا: الصَّالِح الوَرِع الشَّيْخ مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ عليّ الحَرِيْرِيّ كَهْلاً، وَكَانَ يُنكِرُ عَلَى أَصْحَابِ وَالِدِهِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
202 - السَّفَاقُسِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ **
العَدْل، المُعَمَّر، المُسْنِدُ، الفَقِيْه، شَرَف الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَم بنِ عَتِيق بنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ، السَّفَاقُسِيُّ، المَغْرِبِيُّ، ثُمَّ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ، الشَّاهدُ، المَعْرُوف: بِابْنِ المَقْدِسيَّةِ، ابْنُ أُخْتِ الحَافِظِ عَلِيِّ بنِ المُفَضَّلِ المَقْدِسِيِّ.
__________
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 112 - 113، العبر للذهبي 5 / 209، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي 20 / 72، شذرات الذهب 5 / 253.
(1) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام انه توفي في سادس شعبان.
(2) جعل وفاته ابن العماد الحنبلي في سنة 650.
(* *) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 22، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 134، العبر للذهبي: 5 / 219، الوافي بالوفيات 2 / 352 الترجمة 816، شذرات الذهب: 5 / 266.(23/295)
وُلِدَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ (1) وَسَبْعِيْنَ، وَحَضَرَ قِرَاءةَ حَدِيْثِ الأَوليَّة (2) فَقَطْ عَلَى السِّلَفِيِّ، فَكَانَ خَاتِمَةَ أَصْحَابِهِ.
وَرَوَى بِالإِجَازَةِ عَنْهُ، وَعَنْ أَبِي الطَّاهِرِ بنِ عَوْفٍ، وَأَبِي طَالِبٍ التَّنُوْخِيِّ، وَبَدْرٍ الخَادِمِ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَضْلِ الحَضْرَمِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البُوْصِيْرِيِّ، وَبَهَاءِ الدِّيْنِ ابْنِ عَسَاكِرَ، وَخَرَّجَ لَهُ مَنْصُوْرُ بنُ سَلِيمٍ (3) (مَشْيَخَةً) .
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ عُثْمَانَ بنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ، وَالشَّرَف مُحَمَّدٌ وَالوَجِيْه عَبْد الوَهَّابِ ابْنَا عَبْد الرَّحْمَنِ الشُقَيْرِيِّ، وَالفَخْر مُحَمَّد وَالجلاَل يَحْيَى وَلَدَا مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ السَّفَاقُسِيّ، وَالحَافِظ شَرَف الدِّيْنِ التُّوْنِيّ، وَعِدَّة، وَيُقَالُ: إِنَّهُ نَاب فِي القَضَاءِ بِالثَّغْرِ وَقتاً.
تُوُفِّيَ: فِي ثَالِث جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
203 - ابْنُ قُزْغُلِيٍّ يُوْسُفُ بنُ قُزْغُلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ التُّرْكِيُّ العَوْنِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُتَفَنِّن، الوَاعِظُ، البَلِيْغُ، المُؤَرِّخ، الأَخْبَارِيُّ، وَاعِظُ الشَّامِ،
__________
(1) في الوافي بالوفيات انه ولد سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة.
(2) يعني: الحديث المسلسل بالاولية.
(3) صاحب " تاريخ الإسكندرية " والذي ذيل على ابن نقطة وتوفي سنة 673.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 195، وفيات الأعيان 3 / 142 صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 25، ذيل مرآة الزمان لليونيني 1 / 39 - 43، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 135، العبر: 5 / 220، ميزان الاعتدال: 4 / 471 فوات الوفيات: 4 / 356 - 357 الترجمة 592، عيون التواريخ لابن شاكر: 20 / 103 - 104، مرآة الجنان: 4 / 136، منتخب المختار لابن رافع: 236 - 239 الترجمة 196، الجواهر المضية: 2 / 230 - 232، الترجمة 719، البداية والنهاية: 13 / 194، العسجد المسبوك: 623، لسان الميزان: 6 / 328، الترجمة 1968، النجوم الزاهرة 7 / 39، الدارس للنعيمي: 1 / 478، شذرات الذهب: 5 / 266، الفوائد البهية 183.(23/296)
شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو المُظَفَّرِ يُوْسُف بن قُزْغُلِيّ بن عَبْدِ اللهِ التُّرْكِيُّ، العَوْنِيّ، الهُبَيْرِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الحَنَفِيُّ، سِبْط الإِمَام أَبِي الفَرَجِ ابْن الجَوْزِيِّ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسن مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ: جَدِّه، وَمِنْ: عَبْدِ المُنْعِمِ بن كُلَيْبٍ، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي المَجْدِ الحَرْبِيّ.
وَبِالمَوْصِل مِنْ: أَحْمَدَ وَعَبْدِ المُحْسِنِ ابْنَيْ الخَطِيْبِ الطُّوْسِيِّ.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: أَبِي حَفْصٍ ابْنِ طَبَرْزَذَ، وَأَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَعَبْدُ الحَافِظِ الشُّرُوْطِيُّ، وَالزَّيْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدٍ، وَالنَّجْمُ الشَّقرَاوِي، وَالعِزُّ أَبُو بَكْرٍ بنُ الشَّايِبِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الزَّرَّادِ، وَالعِمَادُ ابْنُ البَالِسِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
انتَهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ الوَعْظِ وَحُسنِ التَّذكِيرِ وَمَعْرِفَةِ التَّارِيْخِ، وَكَانَ حُلو الإِيرَادِ، لَطيف الشَّمَائِل، مليح الهَيْئَة، وَافِرَ الحُرْمَةِ، لَهُ قبُول زَائِد، وَسُوْق نَافق بِدِمَشْقَ.
أَقْبَل عَلَيْهِ أَوْلاَد الْملك العَادل، وَأَحَبّوهُ، وَصَنَّفَ (تَارِيْخ مرَآة الزَّمَان) وَأَشيَاء، وَرَأَيْت لَهُ مُصَنّفاً يَدلّ عَلَى تَشيعه، وَكَانَ العَامَّة يُبَالِغون فِي التَّغَالِي فِي مَجْلِسِهِ.
سَكَنَ دِمَشْقَ مِنَ الشَّبِيْبَةِ، وَأَفتَى، وَدرَّس.
تُوُفِّيَ: بِمَنْزِلهِ، بِسَفْحِ قَاسِيُوْن، وَشيَّعه السُّلْطَان وَالقُضَاة، وَكَانَ كيِّساً، ظرِيفاً، مُتَوَاضِعاً، كَثِيْر المَحْفُوْظ، طَيِّب النَّغمَة، عَدِيْم المَثَلِ، لَهُ (تَفْسِيْر) كَبِيْر فِي تِسْعَة وَعِشْرِيْنَ مُجَلَّداً.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي الحِجَّةِ (1) ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) ذكر ابو شامة والحسيني والذهبي في التاريخ انه توفي في الحادي والعشرين منه.(23/297)
204 - أَقْطَايُ فَارِسُ الدِّيْنِ التُّرْكِيُّ الصَّالِحِيُّ النَّجْمِيُّ *
كَبِيْر الأُمَرَاء، فَارِس الدِّيْنِ التُّرْكِيّ، الصَّالِحيّ، النّجمِي.
كَانَ مليح الشَّكْلِ، وَافَرَ الحِشْمَة، مَوْصُوَفاً بِالْكَرَمِ وَالشَّجَاعَةِ.
اشترَاهُ تَاجرٌ بِدِمَشْقَ فَربَّاهُ، وَبَاعَهُ بِأَلفِ دِيْنَارٍ، وَكَانَتِ الإِسْكَنْدَرِيَّةُ إِقطَاعَهُ، وَلَهُ مِنَ الخَيلِ وَالمَمَالِيْكِ مَا لاَ يَكُوْن لِسُلْطَانٍ، وَكَانَ عَامِلاً عَلَى المُلكِ، انْضَمَّ إِلَيْهِ كُبَرَاء البحرِيَة كَالرَّشِيْدِيّ البُنْدُقْدَارِي، وَكَانَ فِيْهِ عَسف وَجبروت، وَصَارَ يَرْكُب ركبَة المُلُوْك، وَلاَ يَلتفت عَلَى الْملك المُعِزّ، وَيدخل بيُوت الأَمْوَال، وَيَأْخذ مَا شَاءَ، ثُمَّ إِنَّهُ تَزَوَّجَ بِابْنةِ صَاحِب حَمَاة، فَطَلبَ أَنْ تخلَى لَهُ دَار السّلطنَة ليعْمَل عرْسه وَلِيَسْكُن (1) بِهَا، وَصمَّم عَلَى ذَلِكَ، فَاتَّفَقت شجر الدُّرّ وَزوجهَا المُعِزّ عَلَى الفَتكِ بِهِ، وَانتَدَبَ لَهُ قُطُز الَّذِي تَسَلَّطن فِي عَشْرَةٍ فَقتلُوْهُ، وَأَغلق بَاب القَلْعَة، فَرَكبت حَاشيته نَحْو سَبْع مائَة، وَأَحَاطُوا بِالقَلْعَة، فَرُمِي إِلَيْهِم بِرَأْسِهِ، فَهَرَبُوا فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ هُوَ الَّذِي قتل ابْن أُسْتَاذه المَلِك المُعَظَّم ابْن الصَّالِح.
__________
(*) ذكره الذهبي في الترجمة 265، انظر ترجمته في مرآة الزمان: 8 / 792 - 793، ذيل الروضتين: 188، تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي: ج 4 القسم الثالث ص 11 - 12 الترجمة 1836، تاريخ ابي الفدا: 2 / 199، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 116 - 117، دول الإسلام: 2 / 119، العبر: 5 / 211 الوافي بالوفيات: 9 / 317 - 318 الترجمة 4250، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 76 - 77، البداية والنهاية: 13 / 185، العسجد المسبوك: 605، النجوم الزاهرة: 7 / 33، شذرات الذهب: 5 / 255.
(1) في الأصل: وليس بها وما أثبتناه عن تاريخ الإسلام.(23/298)
205 - ابْنُ خَلِيْلٍ أَبُو الخَطَّابِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ السَّكُوْنِيُّ *
المُنْشِئ، شَيْخ البَلاغَة وَالإِنشَاء، القَاضِي، أَبُو الخَطَّابِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ خَلِيْل السَّكُوْنِيّ، الأَنْدَلُسِيّ، الكَاتِب.
تَفَرَّد بِتِلْكَ البِلاَد بِإِجَازَة أَبِي طَاهِرٍ السِّلَفِيِّ.
أَخَذَ عَنْهُ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ الزُّبَيْرِ، وَلاَزمه، وَقَالَ: كَانَ رَوْضَة مَعَارِف، مُتَقَدِّماً فِي العُلُوْمِ الأَدبيَة، لَمْ أَلق مِثْله.
كَانَ يَخْطُب عَلَى الْبَدِيهِ، وَيَكْتُب مِنْ غَيْرِ تَكلُّف، عَلَّقُوا كَثِيْراً مِنْ كَلاَمِه، وَكَانَ مُشَاركاً فِي العُلُوْمِ، وَكَثُر انتفَاعِي بِهِ، وَكَانَ عَالِي الرِّوَايَة، ثَبْتاً، لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالرِّجَال.
وَأَجَاز لَهُ أَيْضاً: ابْن زَرْقُوْنَ، وَالسُّهَيْلِي، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي الحَكَم بن حَجَّاج، وَأَبِي العَبَّاسِ بن مِقْدَام.
قَالَ: وَكَانَ مِنَ الأَسخيَاء الأَجْوَادِ.
تُوُفِّيَ (1) : سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
206 - عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ بنِ إِلْيَاسَ اليُوْنِيْنِيُّ **
الزَّاهِدُ، القُدْوَة، العَابِدُ، الشَّيْخ عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ بنِ إِلْيَاس اليُوْنِيْنِيّ، مُرِيْد الشَّيْخ عَبْد اللهِ.
__________
(*) الذيل والتكملة لكتابي الموصل والصلة لأبي عبد الله محمد الأنصاري المراكشي ج 5 ص 630 - 635، الترجمة 1200، وذكر له ثلاثه أخوة بنفس الاسم (محمد بن أحمد بن خليل) لا يفرق بينهم الا بالكنية والوفاة الأول ابو الحكم والثاني ابو عمر والثالث أبو الفضل.
فانظر الترجمات 1199، 1201، 1202، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 121، وذكر المقري أن لابن خليل السكوني فهرسا نقل هو منه انظر نفح الطيب: 3 / 304.
(1) ذكر المراكشي في الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة انه توفي عن سن عالية في العشر الاخر من شعبان سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة: 5 / 635.
(* *) ذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 / 24 - 33، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 131 - 133، العبر للذهبي: 5 / 218 - 219، عيون التواريخ لابن شاكر =(23/299)
لَمْ يَشتغل إِلاَّ بِالعِبَادَة وَالمُطَالَعَة، وَمَا تَزَوَّجَ، بَلْ عَقَدَ عَلَى عَجُوْزٍ تخدمُهُ.
زَاره البَاذَرَائِيّ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَتركه وَدَخَلَ، وَكَانَ الأُمَرَاء يَقبلُوْنَ شَفَاعَته بِالأَورَاق، وَكَانَ عَلَيْهِ هَيْبَة شَدِيْدَة، وَسردَ الصَّوْم أَزْيَد مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: سَلاَّب الأَحْوَال، وَلَهُ كَرَامَات، وَكَانَ كَثِيْرَ الودِّ لِلشيخ الفَقِيْه.
قَالَ قُطْب الدِّيْنِ: زُرته كَثِيْراً، وَأَخبرَ بِأَنَّ مُلُوْك بَنِي أَيُّوْبُ يَنقرضون وَيَتملَّك التُّركُ، وَيَفتحُوْنَ السَّاحِلَ كُلّه (1) .
قُلْتُ: طوَّلتُ سيرتَه فِي (تَارِيْخ الإِسْلاَم (2)) .
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِيُوْنِيْنَ.
207 - الطُّوْسِيُّ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَامِرٍ *
المُقْرِئ، الأَدِيْب، أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَامِرٍ الطَّوْسِيّ - بِفَتح الطَّاء - الغَرْنَاطِي.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَأَجَاز لَهُ فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ خَلِيْلٍ القَيْسِيّ، خَاتِمَةُ
__________
= الكتبي: 20 / 100 - 101، العسجد المسبوك: 622، وقد تصحف اسمه إلى (عيس) بدون ألف وهو تصحيف مطبعي وقع في المتن وفي الحاشية، وكناه بابي الفضل، السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي: ج 1 قسم 2 ص 401، شذرات الذهب: 5 / 266.
(1) شغلت ترجمته الأوراق 131، 132، 133 من تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 (2) إن من أعظم مأثر المماليك أنهم نظفوا السواحل كلها من العدو الصليبي المخذول سنة 690 على عهد الأشرف خليل رضي الله عنه.
(*) تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 حاشية الورقة 137، الوافي بالوفيات 8 / 398 الترجمة 3839، غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 155 الترجمة 721.(23/300)
أَصْحَابِ أَبِي عَلِيٍّ الغَسَّانِيِّ، وَسَمِعَ بَعْضَ (مُسْلِمٍ) مِنْ خَالِ أُمِّه أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَتَلاَ بِالسَّبْع عَلَى عَلِيِّ بنِ هِشَامٍ الجُذَامِيّ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَتَفَرَّد.
وَحَمَلَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ الزُّبَيْرِ، وَعِدَّةٌ، وَقَالَ: كَانَ أَدِيباً شَاعِراً عَالِماً أُقعِدَ، وَكَانَ يَتلُو كُلّ يَوْمٍ ختمَةً، وَعَاشَ تِسْعِيْنَ (1) سَنَةً، اخْتلفتُ إِلَيْهِ كَثِيْراً.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ (2) وَسِتِّ مائَةٍ.
208 - العِمَادُ دَاوُوْدُ بنُ عُمَرَ بنِ يُوْسُفَ الزُّبَيْدِيُّ المَقْدِسِيُّ *
الإِمَامُ، الخَطِيْبُ البَلِيْغُ، عِمَادُ الدِّيْنِ دَاوُوْدُ بنُ عُمَرَ بنِ يُوْسُفَ الزُّبَيْدِيُّ، المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، أَبُو المَعَالِي خَطِيْبُ بَيْتِ الأَبَّارِ، وَابْنُ خَطِيْبِهَا.
سَمِعَ: الخُشُوْعِيَّ، وَعَبْدَ الخَالِقِ بنَ فَيْرُوْزٍ، وَالقَاسِمَ ابْنَ عَسَاكِرَ، وَابْنَ طَبَرْزَدَ.
وَعَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالعِمَادُ ابْنُ البَالِسِيِّ، وَالفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَابْنُهُ مُحَمَّد بنُ دَاوُدَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ فَاضِلاً، دَيِّناً فَصِيْحاً، مَلِيْحَ المَوْعِظَةِ، دَرَّسَ بِالغَزَاليَّةِ، وَخَطَبَ بِدِمَشْقَ بَعْد انفصَالِ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّيْنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ، ثُمَّ بَعْدَ سِتِّ
__________
(1) في غاية النهاية خمس وثمانون.
(2) في غاية النهاية: " مات سنة خمسين وست مئة ". لعله محرف سقط منه " خمس ".
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني المجلد الثاني الورقة 39، ذيل مرآة الزمان لليونيني 1 / 126، تاريخ الإسلام للذهبي (ايا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 149، العبر للذهبي: 5 / 229، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 168، البداية والنهاية 13 /
213، العسجد المسبوك: 645، شذرات الذهب: 5 / 275.(23/301)
سِنِيْنَ عُزِلَ العِمَادُ، وَرُدَّ إِلَى خَطَابَةِ قَرْيَتِهِ.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ (1) ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
وَمَاتَ أَخُوْهُ:
209 - الضِّيَاءُ أَبُو الطَّاهِرِ يُوْسُفُ
سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، عَنْ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
رَوَى عَنِ: الجَنْزَوِيِّ، وَالخُشُوْعِيِّ.
210 - القُمّينِيُّ الشَّيْخُ يُوْسُفُ القُمّينِيُّ *
المُوَلَّهُ بِدِمَشْقَ، كَانَ لِلنَّاسِ فِي هَذَا اعْتِقَادٌ زَائِدٌ لِمَا يَسْمَعُوْنَ مِنْ مكَاشفتِه الَّتِي تَجرِي عَلَى لِسَانِهِ كَمَا يَتم لِلْكَاهنِ سَوَاءٌ فِي نطقِهِ بِالمغِيّبَاتِ.
كَانَ يَأْوِي إِلَى القَمَامِين وَالمزَابلِ الَّتِي هِيَ مَأْوَى الشيَاطين، وَيَمْشِي حَافِياً، وَيَكنس الزبل بِثيَابِه النّجسَة بِبَولِهِ، وَيَترنَّحُ فِي مَشْيِهِ، وَلَهُ أَكمَامٌ (2) طوَالٌ، وَرَأْسُهُ مَكْشُوْفٌ، وَالصِّبْيَانُ يَعبثُونَ بِهِ، وَكَانَ طَوِيْلَ السُّكوتِ، قَلِيْلَ التَّبَسُّمِ، يَأْوِي إِلَى قُمّينِ حَمَّامِ نُوْر الدِّيْنِ، وَقَدْ صَارَ
__________
(1) ذكر الحسيني والذهبي في التاريخ انه توفي في الحادي عشر منه، وانه ولد في سنة ست وثمانين وخمس مئة، ويحدد الحسيني ولادته بانها في الثاني عشر من شوال.
(*) ذيل الروضتين: 202، ذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 / 348، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 174، العبر للذهبي: 5 / 240، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 221، البداية والنهاية: 13 / 216 - 217 وفيها انه (الاقميني) ، شذرات الذهب: 5 / 289 - 290.
(2) في الأصل: اكمال، وما أثبتاه عن تاريخ الإسلام.(23/302)
باطنَهُ مَأْوَى لِقَرِينهِ، وَيَجرَى فِيْهِ مَجرَى الدَّمِ، وَيَتكلَّمُ فَيخضعُ لَهُ كُلُّ تَالِفٍ، وَيَعتقدُ أَنَّهُ وَلّي لله، فَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.
وَقَدْ رَأَيْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا النَّمَط الَّذين زَالَ عقلُهُم أَوْ نَقَصَ يَتقَلَّبُوْنَ فِي النّجَاسَاتِ، وَلاَ يُصلُّوْنَ وَلاَ يَصومُوْنَ، وَبِالفحشِ يَنطقُوْنَ، وَلهُم كشفٌ كَمَا وَاللهِ لِلرُّهبَانِ كشفٌ وَكَمَا لِلسَاحرِ كشفٌ وَكَمَا لِمَنْ يصْرَع كشفٌ، وَكَمَا لِمَنْ يَأْكُلُ الحيَّةَ وَيدخل النَّارَ حَالٌ مَعَ ارْتكَابِه لِلْفوَاحشِ، فَوَاللهِ مَا ارْتبطُوا عَلَى مُسَيْلِمَةَ وَالأَسْوَدِ إِلاَّ لإِتْيَانِهِم بِالمُغَيَّبَاتِ.
تُوُفِّيَ (1) يُوْسُف: سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
211 - ابْنُ وَثِيقٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأُمَوِيُّ *
الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ وَثِيقٍ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ، المَغْرِبِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ، المُقْرِئُ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ سَبْعٍ وسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، بِإِشْبِيْلِيَةَ.
وَعُنِيَ بِالقِرَاءاتِ، فَتَلاَ عَلَى: أَبِي الحُسَيْنِ حَبِيْبِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ سِبْطِ شُرَيحٍ، وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ مِقْدَامٍ الرُّعَيْنِيِّ، وَخَالصِ بن التَّرَّابِ، تَلاَمِذَةِ أَبِي الحَسَنِ شُرَيْحٍ، وَسَمِعَ مِنْهُم وَمِنْ جَمَاعَةٍ.
وَرُوِيَ (التَّيْسِيْرَ) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ بِالإِجَازَةِ، وَسَمِعَهُ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ، عَنْ أَبِيْهِ.
__________
(1) ذكر أبو شامة انه توفي في سادس عشر شعبان (ذيل الروضتين: 202) .
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 21، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 129، دول الإسلام: 2 / 120، العبر 5 / 217، معرفة القراء الكبار للذهبي: 2 / 522 - 523 الترجمة 29 من الطبقة الخامسة عشرة، غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 24 - 25، الترجمة 101، النجوم الزاهرة 7 / 40، شذرات الذهب: 5 / 264.(23/303)
وَمِنْ مَشْيَخَتِهِ فِي القِرَاءاتِ أَنَّهُ تَلاَ عَلَى أَبِي الحَكَمِ بنِ حِجَّاجٍ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّيَّارِ، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ شُرَيْحٍ بِكِتَابِ (الكَافِي) فَهُوَ فِي كِتَابِ (الكَافِي) فِي طَبَقَةِ الإِمَامِ الشَّاطِبِيِّ، وَتَارِيْخِ تِلاَوَةِ ابْنِ وَثيقٍ عَلَى شَيْخِهِ حَبِيْبٍ كَانَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ.
أَكْثَرَ التِّرحَالَ وَأَقرَأَ بِالمَوْصِلِ، وَبِالشَّامِ وَالثَّغْرِ، تَلاَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّيْنِ ابْنُ أَبِي زهرَان، وَالنُّوْرُ عَلِيُّ بنُ ظهيرٍ الكفنِيُّ، وَيَحْيَى بن فَضَائِلَ الإِسْكَنْدَرَانِيّ، وَعِدَّةٌ، وَمِنْهُم شَيْخَانَا الفَخْرُ التَّوزرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَوْهَر التَّلعفَرِيُّ، وَأَثْنَى عَلَى فَضَائِلِهِ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَسدِي، ثُمَّ غَمَزَهُ وَقَالَ: رَأَيْتُ لَهُ تَخليطاً وَتَخَارِيجَ بِمَعزِلٍ عَنِ الصِّدْقِ وَالإِتْقَانِ.
ثُمَّ قَالَ: أَنْشَدَنَا ابْنُ وَثيق قَبْلَ الاخْتِلاَطِ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: الرَّشِيْدُ العَطَّار، وَالمُحَدِّثُ مَنْصُوْرُ بنُ سَلِيْمٍ، وَالمكينُ الأَسْمَر، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ الدُّمرَاوِيّ.
تُوُفِّيَ (1) : سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
212 - ابْنُ قُطرَالَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ القُرْطُبِيُّ *
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ يُوْسُفَ الأَنْصَارِيُّ، القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
__________
(1) ذكر عز الدين الحسيني في صلة التكملة والذهبي في التاريخ وابن الجزري انه توفي في الرابع من ربيع الآخر.
(*) التكملة لابن الابار (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 76 - 77، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 113، العبر: 5 / 209 - 210، العسجد المسبوك: 597، شذرات الذهب: 5 / 254، شجرة النور الزكية: 1 / 183 الترجمة 604.(23/304)
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ ابْنَ الشَّرَّاط، وَأَبَا العَبَّاسِ بنَ مضَاء وَأَخَذَ عَنْهُ أُصُوْلَ الفِقْهِ، وَأَبَا خَالِدٍ بنَ رِفَاعَةَ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ كوثرٍ، وَابْن الفَخَّارِ، وَعَبْدَ الحَقِّ بن بُوْنُهْ، لقِيه بِالمُنَكَّبِ.
وَأَخَذَ قِرَاءةَ نَافِعٍ وَالنَّحْوَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بن يَحْيَى.
وَسَمِعَ بِسبتَةَ: مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَجَاز لَهُ أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الجَدِّ، وَالكِبَارُ.
وَوَلِيَ قَضَاءَ أُبّذَةَ، فَأَسره العَدُوُّ لَمَّا أَخَذُوهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، ثُمَّ تَخلَّص، وَوَلِيَ قَضَاءَ شَاطِبَةَ، ثُمَّ شرِيش، ثُمَّ قَضَاءَ قُرْطُبَةَ، ثُمَّ أُعِيْد إِلَى قَضَاءِ شَاطِبَةَ وَخطبتِهَا، ثُمَّ سَبْتَةَ، ثُمَّ قَضَاءِ فَاس، وَكَانَ مِنْ رِجَالِ الكَمَالِ عِلْماً وَعملاً، يُشَاركُ فِي عِدَّةِ فُنُوْنٍ، وَيَمتَازُ بِالبَلاغَةِ.
أَخذتُ عَنْهُ بِشَاطِبَةَ - قَالَهُ الأبَّار (1) - وَأَرَّخ مَوْتَهُ بِمَرَّاكُشَ، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
عَاشَ: ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَهُوَ أَحَدُ الأَعْلاَمِ فِي زَمَانِهِ.
213 - الرَّشِيْدُ العِرَاقِيُّ أَبُو الفَضْلِ إِسْمَاعِيْلُ الأَوَانِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ *
ابْنُ الإِمَامِ المُقْرِئِ نَزِيْلِ دِمَشْقَ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ العِرَاقِيُّ، الأَوَانِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، مِنْ جُباة دَارِ الطُّعْمِ.
رَوَى عَنِ: السِّلَفِيِّ، وَشُهْدَةَ، وَعَبْدِ الحَقِّ، وَخَطِيْبِ المَوْصِلِ، وَأَبِي العَبَّاسِ التُّركِ، وَجَمَاعَةٍ بِالإِجَازَةِ.
__________
(1) التكملة (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 77.
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 9، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 116، العبر للذهبي: 5 / 210 - 211، النجوم الزاهرة: 7 / 33، شذرات الذهب: 5 / 255.(23/305)
وَعَنْهُ: المُنْذِرِيُّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَشَمْسُ الدِّيْنِ ابْن التَّاجِ، وَالجَمَالُ ابْن شُكرٍ، وَالعِمَادُ ابْن البَالِسِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمُ ابْنُ الملكِ الحَافِظِ.
تُوُفِّيَ فِي: جُمَادَى الأُوْلَى (1) ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
214 - صَقْرُ بنُ يَحْيَى بنِ سَالِمِ بنِ يَحْيَى بنِ عِيْسَى بنِ صَقْرٍ الكَلْبِيُّ *
المُفْتِي، كَبِيْرُ الشَّافِعِيَّةِ، ضِيَاءُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الكَلْبِيُّ، الحَلَبِيُّ، مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّة.
دَرَّس مُدَّةً، وَأَفَادَ، مَعَ الدِّين وَالصيَانَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَحَنْبَلٍ، وَالخُشُوْعِيِّ.
وَعَنْهُ: ابْنُ الظَّاهِرِي، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَسُنْقُرُ القَضَائِيّ، وَتَاجُ الدِّيْنِ الجَعْبَرِيُّ، وَإِسْحَاقُ ابْنُ النَّحَّاسِ، وَالعَفِيْفُ إِسْحَاقُ.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَعَاشَ رَجُلٌ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَسَبْعِ مائَةٍ شَيْخٌ حرَّانِيٌّ بِحَلَبَ يَرْوِي عَنْهُ، لَقِيَهُ ابْنُ رَافِعٍ (2) .
__________
(1) ذكر الحسيني والذهبي في التاريخ وفي العبر انه توفي في النصف من جمادى الأولى.
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 188 وفيه انه سقر بن يحيى بن سقر (بالسين بدلا من الصاد) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 15، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 125، العبر: 5 / 214 - 215، نكت الهميان: 174، عيون التواريخ
لابن شاكر الكتبي: 20 / 82، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 153 الترجمة 1147، البداية والنهاية: 13 / 186، العسجد المسبوك 612، السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي ج 1 قسم 2 ص 397، النجوم الزاهرة 7 / 34، شذرات الذهب: 5 / 261.
(2) محمد بن رافع السلامي صاحب كتاب " الوفيات " المتوفى سنة 774.(23/306)
215 - البَلْخِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَحْمَدَ بنِ خَلَفٍ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُسْنِدُ، المُقْرِئُ، صَاحِبُ الأَلحَانِ، نَجْمُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَحْمَدَ بنِ خَلَفِ ابْن النُّوْرِ البَلْخِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ (1) وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ (2) مائَةٍ.
وَاجْتَمَعَ بِالسِّلَفِيِّ، وَأَجَازَ لَهُ، وَقَالَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ وَهُوَ صَدُوْقٌ، لَكِن مَا ظَهْرِ سَمَاعُهُ مِنْهُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ بِالإِسكندرِيَّةِ حِيْنَئِذٍ جُزْءاً مِنَ المُطَهَّرِ بنِ خَلَفٍ الشَّحَّامِيِّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ، وَسَمِعَ بِالقَاهِرَةِ مِنَ: التَّاجِ المَسْعُوْدِيِّ، وَالقَاسِمِ ابْن عَسَاكِرَ، وَقَدْ سَمِعَ بِمِصْرَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ مِنْ: مَنْصُوْرِ بن طَاهِرٍ الدِّمَشْقِيّ (الأَرْبَعِيْنَ الودعَانِيَّة) ، وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ، وَرَوَى الكَثِيْرَ بِالإِجَازَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَابْن الظَّاهِرِيِّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَجَوْزَةُ البَلْخِيَّة، وَالبدرُ مُحَمَّدُ ابْنُ التُّوزِيِّ، وَالعِمَادُ ابْن البَالِسِيّ، وَالجَمَالُ عَلِيُّ ابْنُ الشَّاطِبِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمُ ابْنُ الظَّاهِرِيِّ، وَمُحْيِي الدِّيْنِ ابْن المَقْدِسِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْن الزَّرَّادِ.
وَرَوَى عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ زَكِيّ الدِّيْنِ المُنْذِرِيُّ.
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: كَانَ صَالِحاً، قَدِيْمَ السَّمَاعِ، وُلِدَ بِدربِ العَجَم، وَمَاتَ فِي الرَّابِعِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: المُحَدِّثُ الفَقِيْهُ كَمَالُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ وَالِدُ شَيْخَتِنَا (3) ، وَالمُحَدِّثُ المُقْرِئُ نَاصِحُ الدِّيْنِ أَبُو بَكْرٍ بنُ يُوْسُفَ الحَرَّانِيُّ.
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 16، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 127، شذرات الذهب: 5 / 261.
(1) في صلة التكملة وتاريخ الإسلام: في سنة تسع.
(2) في الأصل " وست مئة " وهو سبق قلم بلا ريب.
(3) يعني: زينب بنت الكمال.(23/307)
216 - ابْنُ النَّحَّاسِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ الحَسَنِ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ الصَّالِحُ الجَلِيْلُ، المُعَمَّرُ، بَقِيَّةُ المَشَايِخِ، عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ ابنُ أَبِي المَجْدِ الحَسَنِ (1) بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ البَاقِي بنِ مَحَاسِنَ الأَنْصَارِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ النَّحَّاسِ الأَصَمُّ.
وُلِدَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، بِمِصْرَ.
وَنَشَأَ بِدِمَشْقَ، وَسَمِعَ مِنَ: القَاضِي أَبِي سَعْدٍ بنِ أَبِي عَصْرُوْنَ - وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ - وَمِنِ ابْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيّ، وَالفَضْلِ بن الحُسَيْنِ البَانْيَاسِيّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ حَمْزَةَ ابْنِ المَوَازِيْنِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الجَنْزَوِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ مَنْصُوْرٍ الثَّقَفِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي نَصْرٍ الصَّبَّاغِ.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنَ: المُؤَيَّد الطُّوْسِيّ، وَمَنْصُوْرٍ الفُرَاوِيّ.
وَبِحَلَبَ مِنَ: الافتخَارِ الهَاشِمِيّ.
وَكَانَ ذَا دِيْنٍ وَفَضلٍ وَخَيْرٍ، وَلَهُ عقَارٌ يَقومُ بِهِ، وَكَانَ يُحَدِّثُ مِنْ لَفظِهِ بِمَكَانِ الطَّرَشِ.
خَرَّج لَهُ ابْن الصَّابُوْنِيّ جُزْءاً.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالبدرُ ابْن التُّوزِيِّ، وَالكَمَالُ مُحَمَّدُ ابْنُ النَّحَّاسِ، وَالجَمَالُ عَلِيُّ ابْن الشَّاطِبِيِّ، وَالشَّمْسُ مُحَمَّدُ ابْنُ الزَّرَّاد، وَعِدَّةٌ.
__________
(*) مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي: 8 / 794، ذيل الروضتين لأبي شامة 189، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 20 - 21، ذيل مرآة الزمان: 1 / 24، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 130، العبر: 5 / 217 - 218، وفيه انه ابو بكر بن عبد الله، وهو سهو، عيون التواريخ لابن شاكر: 20 / 100، البداية والنهاية: 13 / 193، العسجد المسبوك: 622، النجوم الزاهرة: 7 / 35 - 40، شذرات الذهب: 5 / 265.
(1) ورد نسبه في عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي هكذا: " عبد الله بن الحسين بن علي ابن عبدا لباقي.." بتصحيف الحسن إلى الحسين وبسقوط اسم جده، وفي المطبوع من هذا الكتاب الكثير من التصحيف والتحريف لسوء تحقيقه.(23/308)
تُوُفِّيَ: فِي الثَّانِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَثِيقٍ الإِشْبِيْلِيّ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَالمُفْتِي شَمْسُ الدِّيْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن نُوْحٍ المَقْدِسِيّ تِلْمِيْذُ ابْن الصَّلاَح، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ الصُّوْرِيُّ، وَالشَّيْخُ عِيْسَى اليُوْنِيْنِيُّ الزَّاهِدُ، وَالشَّرَفُ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ ابْنِ المَقْدِسِيَّةِ السَّفَاقُسِيُّ، وَالمُؤَرِّخُ أَبُو البَرَكَاتِ المُبَارَكُ بنُ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ الشَّعَّارِ المَوْصِلِيُّ، وَأَبُو المُظَفَّرِ يُوْسُفُ سِبْطُ الجَوْزِيِّ.
217 - الحَلَبِيُّ عِزُّ الدِّيْنِ أَيبَكُ الحَلَبِيُّ الصَّالِحيُّ *
رَأْسُ الأُمَرَاءِ، عِزُّ الدِّيْنِ أَيبَكُ الحَلَبِيُّ، الصَّالِحيُّ.
عُيّنَ لِلمُلْكِ عِنْدَ قتلهِ المُعِزَّ أَيبَكَ، وَفِي مَمَالِيْكهِ عِدَّةُ أُمَرَاء، فَلَمَّا كَانَ عَاشرُ رَبِيْعٍ الآخرِ هَاجتْ فِتْنَةٌ بِمِصْرَ، وَركبَ الجَيْشُ، وَفَزِعَ السُّلْطَانُ الملكُ المَنْصُوْرُ عَلِيّ بنُ المُعِزِّ، وَقبضُوا عَلَى نَائِب السّلطنَةِ الجديدِ عَلَم الدِّيْنِ سَنْجَر الحَلَبِيّ، وَهربتْ أُمَرَاءُ إِلَى الشَّامِ فَتقنطر بعزِّ الدِّيْنِ المَذْكُوْر فَرسُهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ، وَسجنُوا سنجراً لأَنَّهُم تخيّلُوا مِنْهُ أَنَّهُ يُرِيْد السّلطنَةَ، وَكَذَلِكَ تَقنطَرَ يَوْمَئِذٍ بِالأَمِيْرِ الكَبِيْرِ رُكْنِ الدِّيْنِ خَاص، ترك فَرسُهُ خَارِجَ القَاهِرَةِ فَهَلَكَ أَيْضاً، وَأُمْسِك الوَزِيْرُ الفَائِزِيُّ وَأُخَذتْ حَوَاصِلُهُ، وَخُنِقَ، وَوَزَرَ بَدْرُ الدِّيْنِ السِّنْجَارِيُّ، وَنَاب فِي المُلكِ قُطُزُ وَتَمَكَّنَ، ثُمَّ فِي رَمَضَانَ مِنَ السَّنَةِ - سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ - ثَارَتِ فِتْنَةٌ، وَركب بغدَى وَيلغَان الأَشْرَفِي وَعِدَّة، وَأَحَاطُوا
__________
(*) ذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 / 60 - 61، تاريخ الإسلام لذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 138، الوافي بالوفيات 9 / 474 - 475 الترجمة 4431، النجوم الزاهرة: 7 / 42، 56 - 57، حسن المحاضرة: 2 / 223.(23/309)
بِقَلْعَة مِصْر لِحَرْب قُطُز وَالمعزِّيَّة، فَتَفَلَّلُوا، وَجرح بغدَى، وَقبضَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ قَامَ مَعَهُ مِنَ الأَشْرَفِيَّةِ كَأَيْبَكَ الأَسْمَر، وَأَرْز الرُّوْمِيّ، وَالسَّائِق الصَّيْرَفِيّ، وَنُهبت دُورُهُم، وَقَوِيَتِ الأُمَرَاء المُعِزِّيَّةُ، ثُمَّ مَلَّكُوا قُطُز.
218 - ابْنُ الحَلاَوِيِّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الوَفَاءِ الرَّبَعِيُّ *
شَاعِرُ زَمَانِهِ، شَرَفُ الدِّيْنِ، أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الوَفَاءِ بنِ أَبِي الخَطَّابِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الهزبرِ الرَّبَعِيُّ، المَوْصِلِيُّ، الجُنْدِيُّ، ابْنُ الحَلاَوِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَكَانَ مِنْ مِلاَحِ المَوْصِلِ، وَخدم جُندياً، وَكَانَ ذَا لُطفٍ وَظُرفٍ وَحُسْنِ عِشْرَة وَخِفَّةِ رُوح.
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ (1) .
أَنْبَأَنِي الدِّمْيَاطِيّ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُوْلُ لِنَفْسِهِ:
حَكَاهُ مِنَ الغُصن الرَّطيب وَرِيقُه ... وَمَا الخَمْرُ (2) إِلاَّ وَجنَتَاهُ وَرِيقُهُ
هِلاَلٌ وَلَكِنْ أُفْقُ قَلْبِي محلُّه ... غَزَالٌ وَلَكِن سَفْحُ عَيْنِي عَقِيقُه
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (نسخة أسعد أفندي 2323) ج 1 الورقة 194 / أ، ذيل مرآة لليونيني 1 / 96 - 104، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 146، العبر للذهبي: 5 / 227، الوافي بالوفيات: 8 / 102 - 108 الترجمة 3524، وفيه انه أحمد بن محمد بن أبي الوفاء بن الخطاب محمد، فوات الوفيات: 1 / 143 - 148، الترجمة 54، وفيه أنه أحمد بن محمد بن أبي الوفاء بن الخطاب بن الهزبر، عيون التواريخ: 20 / 154 - 159 النجوم الزاهرة: 7 / 60، شذرات الذهب: 5 / 274.
(1) ذكر اليونيني انه توفي في شهر ربيع الآخر أو جمادى الأولى من هذه السنة (أي سنة 656) وذكر الذهبي في تاريخ الإسلام انه توفي في جمادى الأولى.
(2) في الأصل: " وبالخمر " ولا معنى لها، والتصحيح من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام " والصفدي.(23/310)
مِنهَا:
حكَى وَجهُهُ بَدرَ السَّمَاءِ فَلَو بدَا ... مَعَ البَدْرِ قَالَ النَّاسُ: هَذَا شَقِيقُه
وَأَشْبَهَ زَهرَ الرَّوضِ حُسناً وَقَدْ بدَا ... علَىعَارِضَيْهِ أُسُّه وَشَقِيقُه
وَأَشْبَهتُ مِنْهُ الخصْرَ سقماً فَقَدْ غَدَا ... يُحمِّلُنِي كَالخَصْرِ مَا لاَ أُطِيْقه
219 - اليَلْدَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ، الرَّحَّال، تَقِيُّ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابنُ أَبِي الفَهْمِ عَبْد المُنْعِمِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ اليَلْدَانِيّ، الدِّمَشْقِيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ: بِيلدَانَ، فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَطَلَبَ الحَدِيْثَ وَهُوَ كَبِيْر، وَرَحَلَ فَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ بوش، وَابْن كُلَيْبٍ، وَالمُبَارَك بن المَعْطُوْش، وَهِبَة اللهِ ابْن السِّبْط، وَدُلَف بن قوفَا، وَبقَاء بن جُنّد، وَطَبَقَتِهِم، وَبِدِمَشْقَ: يُوْسُفَ بنَ مَعَالِي الكِنَانِيّ، وَأَبَا طَاهِرٍ الخُشُوْعِيّ، وَعَبْد الخَالِقِ بن فَيْرُوْز، وَالبَهَاء ابْن عَسَاكِرَ، وَعِدَّة، وَبِالمَوْصِل: أَبَا مَنْصُوْرٍ مُسْلِم بن عَلِيٍّ السِّيْحِيَّ (1) ، وَكَتَبَ الكَثِيْر مَعَ الصِّدْقِ وَالصِّيَانَةِ وَالفَهْم وَالإِفَادَة وَالتَّقْوَى.
رَوَى الكَثِيْر؛ حَدَّثَ عَنْهُ: سِبْطُهُ عَبْد الرَّحْمَنِ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَالبَدْرُ ابْنُ
__________
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 195، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 26، ذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 / 70، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 140 - 141 دول الإسلام: 2 / 120، العبر: 5 / 223 - 224، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 115، البداية والنهاية 13 / 197، العسجد المسبوك: 627 - 628، النجوم الزاهرة: 7 / 59، الدارس للنعيمي: 1 / 93، شذرات الذهب: 5 / 299.
(1) في الأصل: " الشيخي " مصحف، وقد قيده المؤلف في " المشتبه " (350) ونبهنا عليه سابقا.(23/311)
التُّوزِي، وَالجَمَالُ ابْن الشَّاطِبِيّ، وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن زباطر، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ القصَاص، وَيَحْيَى بن مَكِّيٍّ العقربَانِي، وَعَبْد اللهِ ابْنُ المُرَّاكُشِي، وَزَيْنَبُ بِنْتُ الرَّضِيِّ، وَزَيْنَب بِنْت عَبْدِ السَّلاَمِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَلِي خِطَابَة قَرْيَتِهِ مُدَّةً، وَبِهَا تُوُفِّيَ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : دُفِنَ بِقَرْيَتِهِ، وَكَانَ صَالِحاً، مُشْتَغِلاً بِالحَدِيْثِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.
أَخْبَرَنِي أَنَّهُ كَانَ مُرَاهِقاً حِيْنَ خَتَنَ الملكُ نُورُ الدِّيْنِ وَلَدَهُ، وَأَنَّهُ حضَر لعبَ الأُمَرَاء بِالمَيْدَانِ مَعَ صِبيَانِ قَرْيَتِه.
وَقِيْلَ: وُلِدَ فِي أَوِّلِ المُحَرَّم، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ - فَاللهُ أَعْلَم - فَإِنَّهُ كتب هَذَا أَيْضاً بِيَدِهِ.
مَاتَ: فِي ثَامن رَبِيْع الأَوّل، سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
220 - المُرْسِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، البَارِع، القُدْوَة، المُفَسِّرُ، المُحَدِّثُ، النَّحْوِيّ، ذُو الفُنُوْنِ، شَرَف
__________
(1) ذيل الروضتين: 195.
(*) معجم الأدباء لياقوت (ط: رفاعي) 18 / 209 - 213، الترجمة 62، التكملة لابن الابار: 2 / 663 - 664 الترجمة 1689 وفيها أنه أجاز له سنة ثلاث عشرة وسنة أربعين، ذيل الروضتين لأبي شامة: 195 - 196، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 26 - 27، وذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 / 76 - 79، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 142 - 143، ودول الإسلام: 2 / 120، العبر 5 / 224، الوافي بالوفيات: 3 / 354 - 355 الترجمة 1435، عيون التواريخ 20 / 117 - 119، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 69 - 72 الترجمة 1079، طبقات الشافعية للاسنوي: 2 / 451 - 452 الترجمة 1133، مرآة الجنان لليافعي: 4 / 137، البلغة في تاريخ أئمة اللغة للفيروزآبادي: 228 الترجمة 330، العقد الثمين للفاسي: 2 / 81 - 86 الترجمة 234، طبقات النحاة واللغويين لابن قاضي شهبة: 141 - 143 الترجمة 102 وفيه أن اسمه محمد بن محمد بن عبد الله، النجوم الزاهرة: 7 / 59، طبقات المفسرين للسيوطي (ليدن) : 35، و (ط وهبة بتحقيق علي محمد عمر) : 106 - 107 الترجمة 104، بغية الوعاة للسيوطي: 1 / 144 - 146 الترجمة 241، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 168 - 172 الترجمة 513، نفح الطيب: 2 / 241 - 242 الترجمة 158، شذرات الذهب: 5 / 269.(23/312)
الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَضْلِ السُّلَمِيّ، المُرْسِيّ، الأَنْدَلُسِيّ.
وُلِدَ: بِمُرْسِيَة، فِي أَوَّلِ سَنَة سَبْعِيْنَ، أَوْ قَبْلُ بِأَيَّامٍ.
وَسَمِعَ (المُوَطَّأ) مِنَ: المُحَدِّث أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الحَجْرِيّ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ الفَرَسِ، وَنَحْوِهِ، وَحَجّ، وَدَخَلَ إِلَى العِرَاقِ وَإِلَى خُرَاسَانَ وَالشَّامِ وَمِصْرَ، وَأَكْثَرَ الأَسفَارَ قَدِيْماً وَحَدِيْثاً، وَسَمِعَ مِنْ: مَنْصُوْر الفُرَاوِيّ، وَالمُؤَيَّد الطُّوْسِيّ، وَزَيْنَب الشَّعْرِيَّة، وَعَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، وَعِدَّة.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَصْحَابِ قَاضِي المَرَسْتَان، وَكَتَبَ، وَقَرَأَ وَجَمَعَ مِنَ الكُتُبِ النفِيسَة كَثِيْراً، وَمَهْمَا فَتح بِهِ عَلَيْهِ صَرَفَهُ فِي ثمنِ الكُتُب، وَكَانَ متضلِّعاً مِنَ العِلْمِ، جَيِّدَ الفَهْم، مَتِيْنَ الدّيَانَة.
حَدَّثَ (بِالسُّنَنِ الكَبِيْرِ) غَيْرَ مرَّةٍ عَنْ مَنْصُوْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ النَّجَّارِ، وَالمُحِبّ الطَّبَرِيّ، وَالدِّمْيَاطِيّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيّ، وَالقَاضِي كَمَال الدِّيْنِ المَالِكِيّ، وَشَرَف الدِّيْنِ الفَزَارِيّ الخَطِيْب، وَأَبُو الفَضْلِ الإِرْبِلِيّ، وَالعِمَاد ابْن البَالِسِيّ، وَمُحَمَّد بنُ المهتَارِ، وَبَهَاء الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْم ابْن المَقْدِسِيّ، وَالشَّرَف عَبْد اللهِ ابْن الشَّيْخ، وَالشَّمْس مُحَمَّد بن التَّاج، وَابْن سَعْدٍ، وَمُحَمَّد بن نِعمَةَ، وَمَحْمُوْدُ ابْنُ المَرَاتِبِيِّ، وَعلِي القصِيْرِي، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَدِمَ طَالباً سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّ مائَةٍ، فَسَمِعَ الكَثِيْر، وَقَرَأَ الفِقْه وَالأُصُوْل، ثُمَّ سَافر إِلَى خُرَاسَانَ، وَعَاد مُجتازاً إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ حَجَّ.
قُلْتُ: وَسَمِعَ مِنْهُ الإِرْبِلِيُّ الذَّهَبِيُّ (السُّنَنَ الكَبِيْرَ) كُلَّهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ.(23/313)
قَالَ: وَقَدِمَ بَغْدَادَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَنَزَلَ بِالنّظَامِيَّةِ، وَحَدَّثَ (بِالسُّنَن الكَبِيْر (1)) وَ (بِالغَرِيْبِ) لِلْخطَابِي، وَهُوَ مِنَ الأَئِمَّةِ الفُضَلاَء فِي جَمِيْع فُنُوْن العِلْم، لَهُ فَهْم ثَاقب، وَتَدقيق فِي المَعَانِي، وَلَهُ تَصَانِيْف عِدَّة وَنظم وَنثر ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَهُوَ زَاهِد مُتَوَرِّع كَثِيْر العِبَادَة، فَقير مُجَرَّدُ، مُتعفِّف نَزه، قَلِيْل المُخَالَطَة، حَافِظ لأَوقَاته، طَيِّب الأَخلاَق، كَرِيْم متودد، مَا رَأَيْتُ فِي فَنه مِثْلَه، أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ:
مَنْ كَانَ يَرغب فِي النَّجَاة فَمَا لَهُ ... غَيْر اتِّبَاع المُصْطَفَى فِيمَا أَتَى
ذَاك السَّبِيل المُسْتقيم وَغَيْرهُ ... سبل الضَّلاَلَة وَالغوَايَة وَالرَّدَى
فَاتَّبعْ كِتَابَ اللهِ وَالسُّنَنَ الَّتِي ... صَحَّتْ فَذَاكَ إِنِ اتَّبَعتَ هُوَ الهُدَى
وَدعِ السُّؤَال بِلِمْ وَكَيْفَ فَإِنَّهُ ... بَابٌ يَجرُّ ذَوِي البصِيْرَةِ لِلْعمَى
الدِّيْنُ مَا قَالَ الرَّسُولُ وَصحبُهُ ... وَالتَّابِعُوْنَ وَمَنْ مَنَاهِجَهُم قَفَا
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: سَأَلت الضِّيَاء عَنِ المُرْسِيّ، فَقَالَ: فَقِيْه منَاظر نَحْوِي مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، صَحِبَنَا فِي الرِّحلَةِ، وَمَا رَأَينَا مِنْهُ إِلاَّ خَيراً.
وَقَالَ أَبُو شَامَةَ (2) : كَانَ مُتَفَنِّناً مُحققاً، كَثِيْرَ الحَجِّ، مُقتصداً فِي أُموره، كَثِيْرَ الكُتُبِ مُحصلاً لَهَا، وَكَانَ قَدْ أُعْطِي قبولاً فِي البِلاَد.
وَقَالَ يَاقُوْت (3) : هُوَ أَحَد أُدبَاء عصرنَا، تَكَلَّمَ عَلَى (الْمفصل) لِلزَّمَخشرِي، وَأَخَذَ عَلَيْهِ سَبْعِيْنَ مَوْضِعاً، وَهُوَ عذرِيُّ الهَوَى، عَامِرِيُّ
__________
(1) الذي للبيهقي، وقد حدث به عن منصور بن عبد المنعم الفراوي.
(2) ذيل الروضتين: 195 - 196 وفيه وردت العبارة: وكان شيخا فاضلا مفتيا كثير الحج محقق البحث مقتصدا في اموره..".
(3) معجم الأدباء: 18 / 209 - 213 بتصرف.(23/314)
الجَوَى، كُلَّ وَقتٍ لَهُ حَبِيْب، وَمِنْ كُلِّ حُسنٍ لَهُ نصِيْب.
رَحَلَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ، وَأَقَامَ بِدِمَشْقَ وَبِحَلَبَ، وَرَأَيْتُهُ بِالمَوْصِلِ، ثُمَّ يَتبع مَنْ يَهْوَاهُ إِلَى طيبهِ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ وُلِدَ بِمُرْسِيَةَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ، وَهُوَ مِنْ بَيْتٍ كَبِيْرٍ وَحِشْمَةٍ، وَانْتَقَلَ إِلَى مِصْرَ، وَقَدْ لَزِمَ النُّسْكَ وَالانْقِطَاعَ، وَكَانَ لَهُ فِي العُلُوْمِ نَصِيْبٌ وَافِرٌ، يَتَكَلَّمُ فِيْهَا بِعَقْلٍ صَائِبٍ، وَذِهْنٍ ثَاقِبٍ.
وَأَخْبَرَنِي فِي سَنَةِ 626 أَنَّهُ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى غَلبُوْنَ بنِ مُحَمَّدٍ المُرْسِيِّ صَاحِبِ ابْنِ هُذَيْلٍ، وَعَلِيِّ بنِ الشَّرِيْكِ (1) ، وَقَرَأَ الفِقْهَ وَالنَّحْوَ وَالأُصُوْلَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى مَالقَةَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ، فَقَرَأَ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ بنِ دهَاقٍ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ المَرْأَةِ.
قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ فِي فَنِّهِ مِثْلُهُ، يَقُوْمُ بِعِلْمِ التَّفْسِيْرِ وَعُلُوْمِ الصُّوْفِيَّةِ، كَانَ لَوْ قَالَ: هَذِهِ الآيَةُ تَحْتَمِلُ أَلفَ وَجْهٍ، قَامَ بِهَا، قَالَ: وَمَا سَمِعْتُ شَيْئاً إِلاَّ حَفِظْتُهُ، قَرَأَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّوْذِيِّ التِلِمْسَانِيِّ الصَّالِحِ.
قَالَ يَاقُوْتُ (2) : فَحَدَّثَنِي شَرَفُ الدِّيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ دهَاق:
حَفِظْتُ وَأَنَا شَابٌّ القُرْآنَ، وَكُتُباً مِنْهَا (إِحْيَاء عُلُوْم الدِّيْنِ) لِلْغزَالِيِّ، فَسَافَرْتُ إِلَى تِلمسَانَ، فَكُنْتُ أَرَى رَجُلاً زرِّياً قَصِيْراً طُوْلُهُ نَحْو ذِرَاعٍ، وَكَانَ يَأْخُذُ زَنْبِيْلَهُ وَيَحْمِلُ السَّمَكَ بِالأُجْرَةِ، وَمَا رَآهُ أَحَدٌ يُصَلِّي، فَاتَّفَقَ أَنِّي اجْتزتُ يَوْماً وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَمَّا رَآنِي قَطَعَ الصَّلاَةَ، وَأَخَذَ يَعْبَثُ، ثُمَّ جَاءَ العِيْدُ، فَوَجَدْتُهُ فِي المُصَلَّى، فَقُلْتُ: سَآخُذُهُ مَعِي أُطْعِمُهُ.
فَسَبَقَنِي، وَقَالَ: قَدْ سَبَقْتُكُ، احْضر عِنْدِي.
فَمَضَيْتُ مَعَهُ إِلَى المَقَابِرِ، فَأَحْضَرَ طَعَاماً حَارّاً يُؤْكَلُ فِي الأَعيَادِ، فَعَجِبْتُ وَأَكَلْتُ، ثُمَّ شَرَعَ يُخْبِرُنِي بِأَحْوَالِي كَأَنَّهُ كَانَ مَعِي، وَكُنْتُ إِذَا صَلَّيْتُ يُخَيَّلُ لِي نُوْرٌ عِنْدَ قَدَمِي، فَقَالَ لِي: أَنْتَ مُعْجَبٌ تَظُنُّ نَفْسَكَ شَيْئاً، لاَ، حَتَّى تَقْرَأَ
__________
(1) هو علي بن يوسف بن شريك الداني، أبو الحسن.
(2) هذا النص غير موجود في ترجمة المرسي في " معجم الأدباء "، ولا بعض الذي قبله.(23/315)
العُلُوْمَ.
قُلْتُ: إِنِّيْ أَحْفَظُ القُرْآنَ بِالرِّوَايَاتِ.
قَالَ: لاَ، حَتَّى تَعْلَمَ تَأْوِيْلَهُ بِالْحَقِيْقَةِ.
فَقُلْتُ: عَلِّمْنِي.
فَقَالَ: مِنْ غَدٍ مُرَّ بِي فِي السَّمَّاكِيْنَ.
فَبَكَّرْتُ، فَخَلاَ بِي فِي مَوْضِعٍ، ثُمَّ جَعَلَ يُفَسِّرُ لِيَ القُرْآنَ تَفْسِيْراً عَجِيْباً مُدْهِشاً، وَيَأْتِي بِمَعَانِي (1) ، فَبَهَرَنِي، وَقُلْتُ: أُحِبُّ أَنْ أَكْتُبَ مَا تَقُوْلُ.
فَقَالَ: كَمْ تَقُوْلُ عُمُرِي؟
قُلْتُ: نَحْو سَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ: بَلْ مائَةٌ وَعشر سِنِيْنَ، وَقَدْ كُنْتُ أَقرأُ العِلْمَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ تَرَكْتُ الإِقْرَاءَ، فَاسْأَلِ اللهَ أَنْ يُفَقِّهَكَ فِي الدِّيْنِ.
فَجَعَلَ كُلَمَّا أَلقَى عَلَيَّ شَيْئاً حَفِظْتُهُ.
قَالَ: فَجَمِيْع مَا تَرَوْنَهُ مَسّنِي مِنْ بَرَكَتِهِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: قطبُ الأَرْضِ اليَوْمُ ابْنُ الأَشْقَرِ -أَوْ قَالَ: الأَشْقَرُ- وَإِن مَاتَ قَبْلِي فَأَنَا أَصِيْر القُطْبَ.
ثُمَّ قَالَ المُرْسِيُّ: أَنْشَدَنِي ابْنُ دهَاقٍ، أَنْشَدَنِي الشَّوْذِيّ لِنَفْسِهِ:
إِذْ نَطَقَ الوُجُوْدُ أَصَاخَ قَوْمٌ ... بِآذَانٍ إِلَى نُطْقِ الوُجُوْدِ
وَذَاكَ النُّطْقُ لَيْسَ بِهِ انْعِجَامٌ ... وَلَكِنْ جَلَّ عَنْ فَهْمِ البَلِيْدِ
فَكُنْ فَطِناً تُنَادى مِنْ قَرِيْبٍ ... وَلاَ تَكُ مَنْ يُنَادى مِنْ بَعِيْدِ
وَلَقَي المُرْسِيُّ بِفَاسٍ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد ابْن الكَتَّانِيّ، وَكَانَ إِمَاماً فِي الأُصُوْلِ وَالزُّهْدِ، قَالَ: فَكَتَبْتُ إِلَى ابْنِ المَرْأَةِ:
يَا أَيُّهَا العَلَمُ المرفَّعُ قَدْرُهُ ... أَنْتَ الَّذِي فَوْقَ السِّمَاك حُلُوْلُهُ
أَنْتَ الصَّبَاحُ المُسْتَنِيْرُ لِمُبْتَغِي ... عِلْمِ الحَقَائِقِ أَنْتَ أَنْتَ دَلِيْلُهُ
بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ يَتَّضِحُ الهُدَى ... بِكَ تَسْتَبِيْنُ فُرُوْعُهُ وَأُصُوْلُهُ
مَنْ يَزْعُمُ التَّحْقِيْقَ غَيْرَكَ إِنَّهُ ... مِثْلُ المُجَوِّزِ مَا العُقُوْلُ تُحِيْلُهُ ... إِلَى أَنْ قَالَ: وَقَرَأْت (كِتَاب سِيْبَوَيْه) عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الشَّلَوْبِيْنِ
__________
(1) هكذا في الأصل.(23/316)
جَمِيْعه، فَكَتَبَ لِي بِخَطِّهِ: تَفقَّهتُ مَعَ فُلاَن فِي (كِتَاب سِيْبَوَيْه) وَقدمت إِسكندرِيَة فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَوصل مَكَّة فِي رَجبِهَا، فَسَمِعَ بِهَا، وَقَدِمَ بَغْدَادَ، فَأَقَامَ بِهَا نَحْو عَامَيْنِ يَشتغل بِالعَقْلِيَّات، وَسَمِعَ بِوَاسِط مِنِ ابْنِ المَنْدَائِيّ (المُسْنَد) ، فَمَاتَ فِي أَثْنَاء القِرَاءة، ثُمَّ رَحل إِلَى هَمَذَان سَنَة سَبْعٍ، وَإِلَى نَيْسَابُوْرَ وَهرَاة وَبَحَثَ مَعَ العَمِيدِيِّ فِي (الإِرْشَادِ) وَمَعَ القُطْب المِصْرِيّ، وَقَرَأَ عَلَى الْمعِين الجَاجرمِي تَعَاليقَه فِي الخلاَف، وَدَخَلَ مَرْو وَأَصْبَهَانَ، وَقَرَأَ بِدِمَشْقَ عَلَى الكِنْدِيِّ (كِتَابَ سِيْبَوَيْه) ، وَحَجّ مَرَّات، وَشرع فِي عَملِ تَفْسِيْرٍ، وَلَهُ كِتَابُ (الضَّوَابط) فِي النَّحْوِ، وَبدَأَ بِكِتَاب فِي الأَصْلَيْنِ، وَصَنَّفَ كِتَاباً فِي البَلاغَة وَالبَدِيْع، وَأَملَى عَلَيَّ (دِيْوَانَ المتنبِي) ... ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ وَقَدْ تَمَارَوْا عِنْدَهُ فِي الصِّفَاتِ:
مَنْ كَانَ يَرغب فِي النَّجَاة فَمَا لَهُ ... غَيْر اتِّبَاع المُصْطَفَى فِيمَا أَتَى
... ، وَذَكَرَ الأَبيَات.
قَالَ: وَأَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ:
أَبُثك مَا فِي القَلْب مِنْ لَوعَة الحبِّ ... وَمَا قَدْ جَنَتْ تِلْكَ اللِّحَاظ عَلَى لُبِّي
أَعَارَتْنِي السُّقم الَّتِي بِجُفُونِهَا ... وَلَكِنْ غَدَا سُقمِي عَلَى سُقمِهَا يُربِي
قُلْتُ: وَلَهُ أَبيَات رَقيقَةٌ هَكَذَا، وَكَانَ بَحرَ مَعَارِفَ -رَحِمَهُ اللهُ-.(23/317)
قَرَأْت بِخَطّ الكِنْدِيّ فِي (تَذكرته) : أَنَّ كتب المُرْسِيّ كَانَتْ مُودعَة بِدِمَشْقَ، فَرسم السُّلْطَان بِبيعهَا، فَكَانُوا فِي كُلِّ ثُلاَثَاء يَحملُوْنَ مِنْهَا جُمْلَةً إِلَى دَار السعَادَة، وَيَحضر العُلَمَاء، وَبيعت فِي نَحْو من سَنَةٍ، وَكَانَ فِيْهَا نَفَائِسُ، وَأَحرزتْ ثَمناً عَظِيْماً، وَصَنَّفَ (تَفْسِيْراً) كَبِيْراً لَمْ يُتِمَّهُ.
قَالَ: وَاشْتَرَى البَاذَرَائِيُّ مِنْهَا جُمْلَةً كَثِيْرَةً.
وَقَالَ الشَّرِيْفُ عِزُّ الدِّيْنِ فِي (الوَفِيَّاتِ (1)) : تُوُفِّيَ المُرْسِيّ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، فِي مُنتصفِه، بِالعرِيش، وَهُوَ مُتوجّه إِلَى دِمَشْقَ، فَدُفِنَ بتل الزَّعقَة، وَكَانَ مِنْ أَعيَانِ العُلَمَاءِ، ذَا مَعَارِفَ مُتعدِّدَة، وَلَهُ مُصَنّفَات مُفِيْدَة.
قُلْتُ: تَأَخَّر مِنْ روَاته يُوْسُف الخُتَنِي بِمِصْرَ، وَأَيُّوْب الكَحَّال بِدِمَشْقَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: إبراهيمُ بنُ أَبِي بَكرٍ الحَمَّامِيُّ الزُّعبِيُّ صاحبُ ابْنِ شَاتِيلَ، والمُفتِي عِمَادُ الدِّيْنِ إِسْمَاعِيْل بن هِبَةِ اللهِ بِشْر بن بَاطِيش المَوْصِلِيّ، وَالسُّلْطَان الْملك المُعِزّ أَيبك التُّرُكْمَانِيّ قتلته زَوجته شجر الدُّرّ وَقُتلت، وَالعَلاَّمَة نَجْم الدِّيْنِ عَبْد اللهِ ابْن أَبِي الوَفَاء مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ البَاذَرَائِيّ رَسُوْلُ الخِلاَفَةِ، وَالمُعَمَّرُ المُحَدِّث تَقِيّ الدَّين عَبْد الرَّحْمَنِ اليَلْدَانِيُّ، والمُحَدِّث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ جوبر البَلَنْسِيّ، وَالعَلاَّمَة التَّاج مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ الأُرْمَوِيّ صَاحِب (المَحْصُوْل) .
__________
(1) صلة التكملة لوفيات النقلة المجلد الثاني الورقة 26.(23/318)
221 - ابْنُ بَاطِيْشَ أَبُو المَجْدِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ هِبَةِ اللهِ المَوْصِلِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُتَفَنِّن، عِمَاد الدِّيْنِ، أَبُو المَجْدِ إِسْمَاعِيْل بن هِبَةِ اللهِ بنِ بَاطِيش المَوْصِلِيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ (1) : سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَسَمِعَ مِنِ: ابْنِ الجَوْزِيّ، وَابْن سُكَيْنَة، وَحَنْبَل.
وَلَهُ: كِتَابُ (طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ) ، وَ (مُشتَبَهُ النِّسْبَةِ) ، وَ (المُغْنِي فِي لُغَات المُهَذَّبِ وَرِجَاله) .
وَكَانَ أُصُوْلياً، مُتَفَنِّناً.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيّ، وَالتَّاج الصَّالِح، وَالبَدْر ابْن التُّوزِيِّ، وَجَمَاعَة.
درس مُدَّة بِالنُّورِيَّةِ بِحَلَبَ.
وَتُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى (2) الآخِرَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
222 - عَبْدُ العَظِيْمِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِ القَوِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ المُنْذِرِيُّ **
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، المُحَقِّقُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، زَكِيّ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
__________
(*) عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار الموصلي (اسعد افندي 2323 ج 1 الورقة 296 / أ، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 28 - 29، تلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي الجزء الرابع الترجمتان 987، 999 إذ ترجم له مرتين، ذيل مرآة الزمان لليونيني 1 / 54، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 136 - 137، العبر 5 / 221 - 222، الوافي بالوفيات: 9 / 234 - 235، الترجمة 4139، طبقات السبكي: 8 / 131 - 132 الترجمة 1119، طبقات الاسنوي: 1 / 275 - 276، الترجمة 253، شذرات الذهب: 5 / 267، وترجم له الدكتور مصطفي جواد في مقدمة تحقيقه لكتاب تكملة اكمال الإكمال لابن الصابوني ص 17 - 18.
(1) ذكر الحسيني في صلة التكملة انه ولد في السادس عشر من محرم.
(2) ذكر الحسيني والذهبي في تاريخ الإسلام انه توفي في الرابع عشر من جمادى الآخرة.
(* *) انظر ما كتبه الدكتور بشار عواد معروف عنه في كتابه (المنذري وكتابه التكملة لوفيات =(23/319)
العَظِيْمِ بن عَبْدِ القوِيّ بن عَبْدِ اللهِ بنِ سَلاَمَةَ بنِ سَعْدٍ المُنْذِرِيّ، الشَّامِيّ الأَصْل، المِصْرِيّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ: فِي غُرَة شَعْبَان، سَنَة إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدٍ الأَرتَاحِي، وَهُوَ أَوّل شَيْخٍ لَقِيَهُ، وَذَلِكَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ، وَمِنْ عُمَرَ بنِ طَبَرْزَذَ، وَهُوَ أَعْلَى شَيْخ لَهُ، وَمِنْ أَبِي الجُوْدِ غِيَاث المُقْرِئ، وَسِتّ الكَتَبَةِ بِنْت عَلِيِّ ابنِ الطّرَاح، وَمَنْ يُوْنُس بن يَحْيَى الهَاشِمِيّ لقِيه بِمَكَّةَ، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ آمُوسَانَ، أَملَى عَلَيْهِ بِالمَدِيْنَةِ، وَعَلِيِّ بنِ المُفَضَّلِ الحَافِظ، وَلاَزَمَهُ مُدَّةً، وَبِهِ تَخرَّجَ، وَعَبْدِ المُجِيْبِ بنِ زُهَيْرٍ الحَرْبِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن البُتَيتِ، وَأَبِي رَوحٍ البَيْهَقِيّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ ابْنِ البَنَّاءِ الصُّوْفِيِّ، وَعَلِيّ بن أَبِي الكَرَمِ ابْن البَنَّاء الخَلاَّل، وَأَبِي المَعَالِي مُحَمَّد بن الزَّنْفِ (1) ، وَأَبِي اليُمْنِ زَيْدِ بنِ الحَسَنِ الكِنْدِيِّ، وَأَبِي الفُتُوْح ابْن الجَلاَجُلِيّ، وَأَبِي المَعَالِي أَسَعْد بن المُنَجَّى مُصَنِّفِ (الخلاَصَة) ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَيِّدِهِم الأَنْصَارِيّ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيّ العَطَّار، وَالشَّيْخ أَبِي عُمَرَ بن قُدَامَةَ، وَدَاوُد بن مُلاَعِبَ، وَأَبِي نَزَارٍ رَبِيْعَة بن الحَسَنِ الحَضْرَمِيّ، وَالإِمَام مُوَفَّق الدِّيْنِ ابْنِ قُدَامَةَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد اللهِ بن عَبْدِ الجَبَّارِ العُثْمَانِيّ، وَمُوْسَى بن عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيّ، وَالعَلاَّمَة أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد اللهِ بن نَجْم بن شَاس المَالِكِيِّ،
__________
= النقلة) (مطبعة الآداب بالنجف 1388 هـ / 1968 م) في 385 صفحة مع الفهارس وهو مقدمة رسالته التي نال بها رتبة الماجستير من دائرة التاريخ والآثار بجامعة بغداد بدرجة الامتياز في 17 تشرين الأول 1967، وانظر مقدمة تحقيقه لكتاب التكملة لوفيات النقلة نشر مؤسسة الرسالة (1401 هـ / 1981 م) ج 1 / 1 - 47.
(1) قيده المنذري في " التكملة " بالحروف: 1 / الترجمة: 509، 2 / الترجمة: 907.(23/320)
وَالقَاضِي أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُجَلِّي (1) ، وَعَبْد الجَلِيْل بن مَنْدَوَيْه الأَصْبَهَانِيّ، وَالوَاعِظ عَلِيّ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَجَا الأَنْصَارِيّ - سَمِعَهُ يَعظ - وَنَجِيْب بن بِشَارَة السَّعْدِيّ (2) ، سَمِعَ مِنْ كِتَابِ
(العُنوَان) ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ بَاقَا، وَمُحَمَّد بن عِمَادٍ، وَأَبِي المَحَاسِن بن شَدَّادٍ، وَأَبِي طَالِبٍ بنِ حَدِيد، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ لَقِيَهُم بِالحَرَمَيْنِ وَمِصْر وَالشَّام وَالجَزِيْرَة.
وَعَمِلَ (المُعْجَم) فِي مُجَلَّد، وَ (المُوَافِقَاتِ) فِي مُجَلَّد، وَاختصرَ (صَحِيْح مُسْلِم) وَ (سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ) ، وَتَكلَّمَ عَلَى رِجَالِهِ، وَعَزَاهُ إِلَى (الصَّحِيْحَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ لَيَّنَهُ، وَصَنَّفَ شَرحاً كَبِيْراً (لِلتَّنبِيهِ) فِي الفِقْهِ، وَصَنَّفَ (الأَرْبَعِيْنَ) ، وَغَيْرَ ذَلِكَ.
وَقَرَأَ القِرَاءاتِ عَلَى: أَبِي الثَّنَاءِ حَامِدِ بنِ أَحْمَدَ الأَتَارحِيِّ، وَتَفَقَّهَ عَلَى الإِمَامِ أَبِي القَاسِمِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ القُرَشِيّ الشَّافِعِيّ، وَأَخَذَ العَرَبِيَّة عَنْ: أَبِي الحُسَيْنِ يَحْيَى بن عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيّ.
قَالَ الحَافِظُ عِزّ الدِّيْنِ الحُسَيْنِيّ (3) : درس شَيْخنَا بِالجَامِع الظَّافرِي، ثُمَّ وَلِي مَشْيَخَة الدَّار الكَامِليَّة، وَانقطع بِهَا عَاكفاً عَلَى العِلْم، وَكَانَ عَدِيْم النَّظِيْر فِي علم الحَدِيْث عَلَى اخْتِلاَف فُنُونه، ثَبْتاً، حُجَّة، وَرِعاً، مُتحرِّياً، قَرَأْت عَلَيْهِ قِطعَة حَسَنَة مِنْ حَدِيْثِهِ، وَانتفعتُ بِهِ كَثِيْراً.
__________
(1) قيده المنذري في ترجمة والده من " التكملة " (1 / الترجمة: 188) وفي ترجمته في " التكملة " (2 / الترجمة: 1511) ، قال: " وجده أبو المعالي المجلي كان عاقد الانكحة بالرملة..والمجلي: بضم الميم وفتح الجيم وتشديد اللام وكسرها ".
(2) توفي سنة 613 (التكملة 2 / الترجمة: 1464، وتاريخ الإسلام، الورقة: 206) (باريس 1582) .
(3) صلة التكملة لوفيات النقلة المجلد الثاني الروقة 41.(23/321)
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ اليُوْنِيْنِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيّ، وَالشَّرَف المَيْدُوْمِي، وَالتَّقِيّ عبيد، وَالشَّيْخ مُحَمَّد القَزَّاز، وَالفَخْر ابْن عَسَاكِرَ، وَعَلَم الدِّيْنِ الدوَادَارِي، وَقَاضِي القُضَاةِ ابْن دَقِيق العِيْد، وَعَبْد القَادِرِ بن مُحَمَّدٍ الصَّعْبِي، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْمَ الوزِيْرِي، وَالحُسَيْن بن أَسَدِ ابْن الأَثِيْرِ، وَعَلِيّ بن إِسْمَاعِيْلَ بن قُرَيْش المَخْزُوْمِيّ، وَالعِمَادُ ابْن الجرَائِدِيِّ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْن الدُّفوفِي، وَيُوْسُف بن عُمَرَ الخُتَنِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَدرَّس بِالجَامِعِ الظَّافرِي مُدَّة قَبْل مَشْيَخَة الكَامِليَّة، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنَ الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَلَمْ نَظفر بِذَلِكَ، وَأَجَاز لَهُ مَرْوِيَّاتِه، وَكَانَ مَتِينَ الدّيَانَةِ، ذَا نُسكٍ وَورعٍ وَسَمْتٍ وَجَلاَلَةٍ.
قَالَ شَيْخُنَا الدِّمْيَاطِيُّ: هُوَ شَيْخِي وَمُخَرِّجِي، أَتيتُه مُبتدِئاً، وَفَارَقْتُهُ مُعِيداً لَهُ فِي الحَدِيْثِ.
ثُمَّ قَالَ: تُوُفِّيَ فِي رَابعِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَرَثَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِقَصَائِدَ حَسَنَةٍ.
وَقَالَ الشَّرِيْف عِزّ الدِّيْنِ (1) أَيْضاً: كَانَ شَيْخنَا زَكِيّ الدِّيْنِ عَالِماً بِصَحِيْحِ الحَدِيْثِ وَسَقِيمِهِ، وَمَعلُولِهِ وَطُرُقِهِ، مُتبحِّراً فِي مَعْرِفَةِ أَحكَامِهِ وَمَعَانِيْهِ وَمُشكِلِهِ، قَيِّماً بِمَعْرِفَةِ غَرِيبِهِ وَإِعرَابِهِ وَاخْتِلاَفِ أَلْفَاظِهِ، إِمَاماً، حُجَّة.
قُلْتُ: وَمَاتَ مَعَهُ فِي هَذِهِ السّنَة: أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ المُسْتَعْصِم بِاللهِ أَبُو أَحْمَدَ مَقْتُولاً شهيداً عِنْد أَخْذِ بَغْدَاد، وَابْنَاهُ؛ أَحْمَدُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَعمَامُه؛ عَلِيٌّ وَحسنٌ وَسُلَيْمَان وَيُوْسُف وَحَبِيْبٌ بَنُوْ الخَلِيْفَة الظَّاهِر، وَابْنَا عَمّه؛ حُسَيْن وَيَحْيَى وَلَدَا عَلِيٍّ، وَملك الأُمَرَاء مُجَاهِد الدِّيْنِ أَيبك الدويدَار، وَسُلَيْمَان
__________
(1) صلة التكملة الورقة 41 - 42.(23/322)
شَاه، وَفتح الدِّيْنِ ابْن كرّ، وَعِدَّة أُمَرَاء كِبَارِ، وَالمُحْتَسِب عَبْد الرَّحْمَنِ ابْن الجَوْزِيّ، وَأَخُوْهُ؛ تَاج الدِّيْنِ عَبْد الكَرِيْمِ، وَالقَاضِي أَبُو المَنَاقِب مَحْمُوْد بن أَحْمَدَ الزَّنْجَانِيّ عَالِم الوَقْت، وَشَرَف الدِّيْنِ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ سُكَيْنَة قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَنَقِيْب العَلَوِيَّة أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ النَسَّابَة، وَشَيْخ الشُّيُوْخ صَدْر الدِّيْنِ ابْن النَّيَّار، وَابْن أَخِيْهِ عَبْد اللهِ، وَمُهَذَّب الدِّيْنِ عَبْد اللهِ بن عَسْكَر البعقوبِي، وَالقَاضِي بُرْهَان الدِّيْنِ القَزْوِيْنِيّ، وَالقَاضِي إِبْرَاهِيْم النَّهْرفصلِيُّ، وَالخَطِيْب عَبْد اللهِ بن عَبَّاسٍ الرَّشِيْدِيّ، وَشَيْخ التَّجْوِيد عَلِيٌّ ابنُ الكُتُبِيِّ، وَتَقِيّ الدِّيْنِ المُوْسَوِيّ نَقيب المَشْهَد، وَشَرَف الدِّيْنِ مُحَمَّد بن طَاوس العَلَوِيّ، وَخَلْقٌ مِنَ الصُّدُوْرِ قُتِلُوا صَبْراً، وَأُسْتَاذ الدَّار مُحْيِي الدِّيْنِ يُوْسُف ابْن الجَوْزِيِّ، وَسَيِّد الشُّعَرَاء جَمَال الدِّيْنِ يَحْيَى بن يُوْسُفَ الصَّرصرِيُّ، وَشَيْخ القُرَّاء عَفِيْف الدِّيْنِ المُرَجَّى بن الحَسَنِ بنِ شُقَيْرَاءَ الوَاسِطِيّ السَّفَّار، وَعَالِم الإِسْكَنْدَرِيَّة أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القُرْطُبِيّ، وَالحَافِظ صَدْر الدِّيْنِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ
بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ ابنِ البَكْرِيِّ، وَشَيْخ اللُّغَة شَرَف الدِّيْنِ الحُسَيْن بن إِبْرَاهِيْمَ الإِرْبِلِيّ، وَالصَّاحب بَهَاء الدِّيْنِ زُهَيْر بن مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيُّ المِصْرِيُّ الشَّاعِر، وَصَاحِب الكَرَك الْملك النَّاصِر دَاوُد ابْن المُعَظَّم عِيْسَى ابْن العَادل، وَخَطِيْب بَيْت الأَبَّارِ عِمَاد الدِّيْنِ دَاوُد بن عُمَرَ المَقْدِسِيّ خَطِيْب دِمَشْق، وَالشَّيْخ الزَّاهِد أَبُو الحَسَنِ الشَّاذلِي عَلِيّ بن عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ المَغْرِبِيّ بِعيذَابَ، وَشَيْخ القُرَّاء أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الفَاسِي بِحَلَبَ، وَمُقْرِئ المَوْصِل الإِمَام مُحَمَّد بن أَحْمَدَ الحَنْبَلِيّ شُعْلَة شَابّاً، وَخَطِيْب مَرْدَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَقْدِسِيّ الحَنْبَلِيّ، وَالمُسْنِدُ ابْن خَطِيْب القَرَافَةِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَان بن عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَالمُحَدِّث شَمْس الدِّيْنِ عَلِيّ بن مُظَفَّر النُّشْبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم فِي (تَارِيخِي الكَبِيْرِ) .(23/323)
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُؤَدِّبُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَظِيْمِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَمْدٍ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ المَوْصِلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ قُسَيْمٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ القَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا اعْتَكَفَ، يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ، فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لاَ يَدْخُلُ البَيْتَ إِلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ (1) ، عَنْ يَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيِّ.
223 - الكَفْرَطَابِيُّ أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ بَيَانٍ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الأُسْتَاذُ، أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ بَيَانِ بنِ سَالِمِ بنِ الخَضِرِ الكَفْرَطَابِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الرَّامِي، القَوَّاسُ.
مَوْلِدُهُ: فِي شَوَّالٍ (2) ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ عِدَّةَ أَجزَاءٍ مِنْ يَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَتَفَرَّدَ بِبَعْضِهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالخَطِيْبُ أَبُو العَبَّاسِ الفَزَارِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَالنَّجْمُ ابْنُ الخَبَّازِ، وَأَحْمَدُ بنُ عُبَادَةَ، وَعَلِيٌّ الغرَّاوِيُّ، وَالشَّمْسُ ابْنُ الزَّرَّادِ، وَأَبُو الحَسَنِ الكِنْدِيُّ، وَالفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي الحَادِي وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَوَّالٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(1) قال شعيب: هو في سنن النسائي الكبرى في الاعتكاف كما في تحفة الاشراف 12 / 79.
وأخرجه مالك 1 / 312، والبخاري (2029) ومسلم (297) (6) (7) ، وأحمد 6 / 104 و181، وابن ماجة (1778) .
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 40، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 158، العبر: 5 / 231، شذرات الذهب 5 / 277.
(2) قال في تاريخ الإسلام: ليلة عيد الفطر.(23/324)
224 - خَطِيْبُ مَرْدَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُسْنِدُ، الخَطِيْبُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الفَتْحِ المَقْدِسِيُّ، النَّابُلُسِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، خَطِيْبُ مَرْدَا.
مَوْلِدُهُ: بِهَا، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ تَقْرِيْباً.
وَقَدِمَ دِمَشْقَ، فَاشْتَغَلَ، وَحَفظَ القُرْآنَ، وَتَفَقَّهَ، وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى الثَّقَفِيِّ، وَابْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ حَمْزَةَ المَوَازِيْنِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَارْتَحَلَ، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ البُوْصِيْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ يَاسِيْنَ، وَعَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ سَعْدِ الخَيْرِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالفَخْرُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالقَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ، وَالقَاضِي شَرَفُ الدِّيْنِ حَسَنٌ، وَشَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابْنُ التَّاجِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ عَمِّي (1) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الزَّرَّادِ، وَالتَّقِيُّ أَحْمَدُ بنُ العِزِّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّبَدَانِيُّ، وَالزَّيْنُ أَبُو بَكْرٍ الحَرِيْرِيُّ، وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ ابْنُ الفَخْرِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ الكَمَالِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَصَّاصُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّرْخَدِيُّ، وَالأَسَدُ عَبْدُ القَادِرِ العَادِلِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَانتَشرَتْ مَرْوِيَّاتُه بِدِمَشْقَ، وَنِعْمَ الشَّيْخُ كَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ إِلَى قَرْيتِه، وَحَدَّثَ بِهَا أَيْضاً.
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 44، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 162 - 163، العبر: 5 / 235، الوافي بالوفيات: 2 / 219، الترجمة 613، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب: 2 / 267 الترجمة 375، النجوم الزاهرة: 7 / 69 شذرات الذهب: 5 / 283.
(1) هكذا يلقب، وقد ذكره الذهبي في معجم شيوخه، فقال: أحمد بن علي بن مسعود الكلبي الصالحي أبو العباس الملقب عمي..كل أحد يناديه: يا عمي حتى الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر رحمه الله وذكر انه توفي سنة 723.(23/325)
تُوُفِّيَ: فِي (1) سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، سَمِعْتُ عَلَى نَحْوٍ مِنْ سِتِّيْنَ نَفْساً مِنْ أَصْحَابِهِ.
225 - النُّشْبِيُّ شَمْسُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ المُظَفَّرِ بنِ القَاسِمِ الرَّبَعِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، شَمْسُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ المُظَفَّرِ بنِ القَاسِمِ الرَّبَعِيُّ، النُّشْبِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، العَدْلُ.
طَلبَ الحَدِيْثَ فِي كِبَرِه، فَسَمِعَ: الخُشُوْعِيَّ، وَالقَاسِمَ، وَحَنْبَلاً، وَطَبَقَتَهُم.
وَكَانَ فَصِيْحاً، طَيِّبَ الصَّوتِ، مُعْرِباً، كَانَ يُؤدِّب، ثُمَّ صَارَ شَاهِداً.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَابْنُ الخَلاَّلِ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ خَطِيْبِ بَيْتِ الأَبَّارِ، وَآخَرُوْنَ، وَنَابَ فِي الحِسْبَةِ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ (2) الأَوَّلِ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً وَأَشْهُرٌ.
226 - البَكْرِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُفِيْدُ، الرَّحَّالُ، المُسْنِدُ، جَمَالُ المَشَايِخِ، صَدْرُ
__________
(1) ذكر الحسيني انه توفي في العشر الأول من ذي الحجة، وقال الذهبي انه توفي في اوائل ذي الحجة.
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 36، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 161، العبر: 5 / 233 المشتبه: 74، 348، توضيح المشتبه لابن ناصر الدين: 1 / الورقة: 57، النجوم الزاهرة: 7 / 68، شذرات الذهب: 5 / 280.
وهو من نشبة، بطن من تيم الرباب.
(2) ذكر الحسيني والذهبي في تاريخ الإسلام انه توفي في سلخ شهر ربيع الأول.
(* *) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 44، ذيل مرآة الزمان لليونيني 1 / 124 - 125 تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 148 - 149، دول الإسلام 2 / 121، العبر 5 / 227 - 228 وتذكرة الحفاظ: 4 / 1444، الوافي بالوفيات: 12 / =(23/326)
الدِّيْنِ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ الشَّيْخِ أَبِي الفُتُوْحِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرُوْكَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ عَلْقَمَةَ بنِ النَّضْرِ بنِ مُعَاذِ ابْنِ فَقِيْهِ المَدِيْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الصِّدِّيْقِ أَبِي بَكْرٍ القُرَشِيُّ، التَّيْمِيُّ، البَكْرِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: بِدِمَشْقَ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ جَدِّهِ، وَمِنْ أَبِي حَفْصٍ المَيَانَشِيِّ.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: حَنْبَلٍ، وَابْنِ طَبَرْزَذَ، وَأَسَمَعَ مِنْهُمَا بِنْتَه شَامِيَّةَ.
وَرَحَلَ، فَسَمِعَ بِهَرَاةَ مِنْ: أَبِي رَوْحٍ الهَرَوِيِّ.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنَ: المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ.
وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ: أَبِي الفُتُوْحِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجُنَيْدِ، وَعَيْنِ الشَّمْسِ الثَّقَفِيَّةِ، وَعِدَّةٍ.
وَبِمَرْوَ مِنْ: أَبِي المُظَفَّرِ ابْنِ السَّمْعَانِيِّ.
وَبِبَغْدَادَ مِنِ: ابْنِ الأَخْضَرِ، وَبِالمَوْصِلِ وَإِرْبِلَ وَحَلَبَ وَمِصْرَ وَأَمَاكِنَ.
وَعَمِلَ (الأَرْبَعِيْنَ البَلَدِيَّةَ) ، وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ، وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازِلَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَشرعَ فِي (تَأْرِيخٍ) لِدِمَشْقَ ذَيلاً عَلَى (تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ) ، وَعُدمت المسودَّةُ.
رَوَى الكَثِيْرَ، وَسَمِعَ مِنْهُ: ابْنُ الصَّلاَحِ، وَالبِرْزَالِيُّ، وَالكِبَارُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالقُطْبُ القَسْطَلاَنِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي ابْنُ البَالِسِيِّ، وَالبَدْرُ ابْنُ التُّوْزِيِّ، وَالزَّيْنُ أَبُو بَكْرٍ بنُ يُوْسُفَ الحَرِيْرِيُّ، وَالتَّاجُ أَحْمَدُ بنُ مُزَيْزٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الزَّرَّادِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُحِبِّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ يَعْقُوْبَ الدِّمْيَاطِيُّ، وَالعَلاَءُ الكِنْدِيُّ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ سُلَيْمَانَ المَغْرِبِيُّ، وَالجَمَالُ عَلِيُّ ابْنُ الشَّاطِبِيِّ، وَعِدَّةٌ.
__________
= 251 - 252، الترجمة: 228 وميزان الاعتدال: 1 / 522، عيون التواريخ لابن شاكر 20 / 167، ومرآة الجنان: 4 / 139، النجوم الزاهرة: 7 / 69، حسن المحاضرة للسيوطي 1 / 356 الترجمة 74، شذرات الذهب: 5 / 274.(23/327)
وَوَلِيَ حِسبَةَ دِمَشْقَ، وَمَشْيَخَةَ الخوَانكَ، وَنفقَ سُوقُه فِي دَوْلَةِ المُعَظَّمِ.
وَكَانَ جَدُّهُم عَمْروكُ بنُ مُحَمَّدٍ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَتَحَوَّلَ، وَسَكَنَ نَيْسَابُوْرَ.
مَرِضَ أَبُو عَلِيٍّ بِالفَالِجِ مُدَّةً، ثُمَّ تَحَوَّلَ فِي أَواخِرِ عُمُرِه إِلَى مِصْرَ، فَلَمْ يُطَلْ مَقَامُه بِهَا، وَتُوُفِّيَ فِي حَادِي عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، وَمَا هُوَ بِالبَارِعِ فِي الحِفْظِ، وَلاَ هُوَ بِالمُتْقِنِ.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: كَانَ إِمَاماً، عَالِماً، لَسِناً، فَصِيْحاً، مَلِيْحَ الشَّكلِ، إِلاَّ أَنَّهُ كَثِيْرَ البهتِ، كَثِيْرَ الدَّعَاوِي، عِنْدَهُ مُدَاعبَةٌ وَمُجُوْنٌ، دَاخَلَ الأُمَرَاءَ، وَوَلِيَ الحِسْبَةَ، ... إِلَى أَنْ قَالَ:
وَلَمْ يَكُنْ مَحْمُوْداً، جَدَّد مَظَالِمَ، وَعِنْدَهُ بَذَاءةُ لِسَانٍ.
سَأَلتُ الحَافِظَ ابْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ عَنْهُ، فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَقرَأُ عَلَى الشُّيُوْخِ، فَإِذَا أَتَى إِلَى كلمَةٍ مُشْكِلَةٍ تَركَهَا وَلَمْ يُبَيِّنْهَا، وَسَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البِرْزَالِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ كَثِيْرَ التَّخليطِ.
قُلْتُ: رَوَى (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ) وَ (مُسْنَدَ أَبِي عَوَانَةَ) وَكِتَاب (الأَنْوَاعِ) لابْنِ حِبَّانَ، وَأَشيَاءَ؛ أَكْثَرَ عَنْهُ ابْنُ الزَّرَّادِ.
أَنْبَأَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الجَزَائِرِيُّ: أَنَّهُ قرَأَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ البَكْرِيِّ (أَرْبَعِيْنَ البُلْدَانِ) لِلْبَكْرِيِّ، يَقُوْلُ فِيْهَا: اجْتَمَعَ لِي فِي رِحلتِي وَأَسفَارِي مَا يَزِيْدُ عَلَى مائَةٍ وَسِتِّيْنَ بَلَداً وَقَرْيَةً، أَفردتُ لَهَا (مُعْجَماً) ، فَسَأَلنِي بَعْضُ الطَّلَبَةِ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً لِلبُلْدَانِ، فَجَمَعتُهَا فِي أَرْبَعِيْنَ مِنَ المُدُنِ الكِبَارِ عَنْ أَرْبَعِيْنَ صَحَابِيّاً لأَرْبَعِينَ تَابِعِيّاً، نَعَمْ.
وَأَخْرَج أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً مِنْ أَرْبَعِيْنَ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً، وَاختصرَ كِتَابَ (الكُنَى) لِلنَّسَائِيِّ.
وَمَاتَ أَخُوْهُ:(23/328)
227 - شَرَفُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَكْرِيُّ *
فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، بِالقَاهِرَةِ، عَنْ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
يَرْوِي عَنْ: جَدِّهِ، وَحَنْبَلٍ، وَابْنِ طَبَرْزَذَ.
وَعَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الزَّرَّادِ، وَعَلِيُّ ابْنُ الشَّاطبِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَبَقِيتْ شَامِيَّةُ بِنْتُ الصَّدْرِ إِلَى سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ، وَتَفرَّدتْ بِأَجزَاءَ عَنْ حَنْبَلٍ وَابْنِ طَبَرْزَذَ.
228 - ابْنُ شُقَيْرَا أَبُو الفَضْلِ المُرَجَّى بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُقْرِئُ، الإِمَامُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، عَفِيْفُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضْلِ المُرَجَّى بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ هِبَةِ اللهِ بنِ غَزَالٍ، عُرِفَ: بِابْنِ شُقَيْرَا الوَاسِطِيُّ، التَّاجِرُ، السَّفَّارُ.
وُلِدَ: بِوَاسِطَ، يَوْمَ عَرَفَةَ، سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الكَتَّانِيِّ المُحْتَسِبِ، فَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى عَنْهُ، وَمِنِ ابْنِ نَغُوْبَا.
وَتَلاَ بِالعَشرِ عَلَى: أَبِي بَكْرٍ ابْنِ البَاقِلاَّنِيِّ، وَتَفَقَّهَ لِلشَّافِعِيِّ عَلَى: يَحْيَى بنِ الرَّبِيْعِ الفَقِيْهِ، وَكَانَ صَحِيْحَ الرِّوَايَاتِ، مَسْمُوْعَ الكَلِمَةِ، أَقرَأَ بِالرِّوَايَاتِ، وَحَدَّثَ بِمِصْرَ وَالشَّامِ وَالعِرَاقِ، ثُمَّ شَاخَ وَعجزَ وَانقطعَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالفَارُوْثِيُّ، وَأَبُو المَحَاسِنِ ابْنُ الخِرَقِيِّ، وَأَبُو
__________
(*) صلة التكملة لوفيات النقلة: 2 / الورقة: 84 وذكر وفاته في الرابع من المحرم منها، وتاريخ الإسلام، وفيات سنة 665 (أيا صوفيا 3013) .
(* *) تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب لابن الفوطي ج 4 الترجمة 775، وفيه انه ابن شقيرة تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 166، العبر: 5 / 236 وفيه انه ابن شقير معرفة القراء الكبار للذهبي: 2 / 523 - 524 وفيه (شقير) غاية النهاية لابن الجزري 2 / 293 الترجمة 3586 وفيه أنه يعرف بابن شقيرة شذرات الذهب 5 / 285.(23/329)
عَلِيٍّ ابْنُ الخَلاَّلِ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الإِرْبِلِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي ابْنُ البَالِسِيِّ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الخَطِيْبِ دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ المهتَارِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّيْنِ (1) : بَقِيَ ابْنُ الشُّقَيْرَا إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، مَاتَ قَبْلَ قُدُومِ التَّتَارِ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ.
وَقيَّدَ ابْنُ أَبِي الحَسَنِ مَوْتَه فِي ثَانِي صَفَرٍ.
229 - فَضْلُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيُّ *
ابْنُ الحَافِظِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ابْنِ الإِمَامِ القُدْوَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ بنِ أَبِي صَالِحٍ بنِ جنكِي دُوستَ الجِيْلِيُّ، الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُعَمَّرُ، مُوَفَّقُ الدِّيْنِ، أَبُو المَحَاسِنِ الحَنْبَلِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَأَوّلُ سَمَاعِه فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ، فِي شَوَّالٍ، مِنْ أَبِي الفَتْحِ بنِ شَاتِيلَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي السَّعَادَاتِ القَزَّازِ، وَابْنِ بَوْشٍ، وَابْنِ كُلَيْبٍ، وَهِبَةِ اللهِ بنِ رَمَضَانَ.
وَأَجَاز لَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ: أَبُو الحُسَيْنِ اليُوْسُفِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ ابْنُ عَقِيْلٍ، وَعَبْدُ المُغِيْثِ بنُ زُهَيْرٍ.
حَدَّثَنَا عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيُّ، وَأَبُو الصَّبْرِ ابْنُ النَّحَّاسِ، وَتَفرَّدَتِ ابْنَةُ الكَمَالِ بِإِجَازَتِهِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ سَمِعُوا مِنْهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ ثَلاَثَةَ أَجزَاءِ أَبِي الأَحْوَصِ العُكْبَرِيِّ.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ (2) .
__________
(1) أي الفاروتي كما في تاريخ الإسلام.
(2) كأنه عرف وفاته بأخرة، ولم يذكره في " تاريخ الإسلام ".(23/330)
230 - ابْنُ السَّرَّاجِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ المَغْرِبِ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قَاسِمٍ، ابْنُ السَّرَّاجِ الأَنْصَارِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ (1) وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: خَالِهِ؛ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ خَيْرٍ، وَالحَافِظِ أَبِي القَاسِمِ بنِ بَشْكُوَالَ، وَعَبْدِ الحَقِّ بنِ بُوْنُهْ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ زَرْقُوْنَ، وَحَدَّثَ عَنْهُم، وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ الجَدِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَبِي القَاسِمِ الشَّرَّاطِ، وَأَبِي زَيْدٍ السُّهَيْلِيِّ، وَأَكْثَرَ عَنِ السُّهَيْلِيِّ، فَسَمِعَ مِنْهُ (المُوَطَّأَ) ، وَ (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ) ، وَ (الرَّوْضَ الأُنُفَ) ، وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَتَفَرَّدَ، وَصَارَتِ الرِّحلَةُ إِلَيْهِ بِالمَغْرِبِ، وَحَمَلَ عَنْهُ الحُفَّاظُ.
قَالَ ابْنُ السَّرَّاج فِي (بَرْنَامَجِهِ) : لَقِيتُ ابْنُ بَشْكُوَالَ بقُرْطُبَةَ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ عِدَّةَ دَوَاوِيْنَ، مِنْهَا (تَفْسِيْرُ النَّسَائِيِّ) بِسَمَاعِه مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عَتَّابٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ القَابِسِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ الكِنَانِيِّ، عَنْهُ، وَكِتَابُ (الصِّلَةِ) لَهُ، وَأَشيَاءُ.
قُلْتُ: كَانَ مُوَثَّقاً، فَاضِلاً.
وَمِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ يَحْيَى بنُ الحَاج المَعَافِرِيُّ، سَمِعَ مِنْهُ (الرَّوْضَ الأُنُفَ) ، فَسَمِعَهُ مِنْهُ فِي سَنَةِ ثَمَانِي عَشْرَةَ وَسَبْعِ مائَةٍ ابْنُ جَابِرٍ الوَادِيَاشِيُّ (2) .
__________
(*) صلة التكملة للحسيني، المجلد الثاني الورقة 46، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 169، العبر 5 / 239، شذرات الذهب: 5 / 289.
(1) تصحفت في المطبوع من العبر إلى سنة ست وخمسين وخمس مئة.
(2) انظر برنامج الوادياشي: 74 بتحقيق صديقنا الدكتور محمد الحبيب الهيلة (تونس 1981) .(23/331)
تُوُفِّيَ ابْنُ السَّرَّاجِ: بِبجَايَةَ، فِي سَابِعِ صَفْرٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: المَجْدُ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الإِرْبِلِيُّ نَحْوِيُّ دِمَشْقَ، وَالمُحَدِّثُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ تَامِتِّيت (1) اللَّوَاتِيُّ الفَاسِيُّ بِمِصْرَ، وَواقفُ الصَّدْرِيَّةِ صَدْرُ الدِّيْنِ أَسَعْدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ المُنَجَّى، وَصَاحِبُ الرُّوْمِ عَلاَءُ الدِّيْنِ كيقباذ بن كيخسرو، وَصَاحِبُ المَوْصِلِ بَدْرُ الدِّيْنِ لُؤْلُؤٌ الأَرْمَنِيُّ الأَتَابَكِيُّ، وَالشَّيْخُ يُوْسُفُ القمِّينِي المُوَلَّه.
231 - البَاذَرَائِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ *
الإِمَامُ، قَاضِي القُضَاةِ، نَجْمُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ ابنُ أَبِي الوَفَاءِ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُثْمَانَ البَاذَرَائِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الفَرَضِيُّ.
مَوْلِدُه (2) : سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَنَيْنَا، وَسَعِيْدِ بنِ هِبَةِ اللهِ الصَّبَّاغِ، وَجَمَاعَةٍ.
__________
(1) التقييد من خط المؤلف في " تاريخ الإسلام " (الورقة: 169) .
(*) ذيل الروضتين لأبي شامة: 198، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 31، مختصر التاريخ لابن الكازروني: 278 - 279، ذيل مرآة الزمان: 1 / 70 - 72، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 139 - 140، دول الإسلام: 2 / 120، العبر: 5 / 223، المشتبه 1 / 41، عيون التواريخ لابن شاكر الكتبي: 20 / 115 - 116، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 8 / 159 الترجمة 1156، طبقات الشافعية للاسنوي: 1 / 276 - 277 الترجمة 254، البداية والنهاية 13 / 196، السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي: ج 1 الترجمة ص 407، تبصير المنتبه بتحرير المشتبه: 119، 1335، النجوم الزاهرة: 7 / 57، شذرات الذهب: 5 / 269، واعلم أن معظم المترجمين ذكروا نسبته بالدال المهملة نسبة إلى بادرايا قرية من اعمال واسط، لكن الذهبي هنا وفي تاريخ الإسلام ذكرها بالذال المعجمة وقد ذكرت هذه النسبة في المشتبه وتبصير المنتبه بالدال والذال، وهو اسم أعجمي يحتمل الوجهين.
(2) ذكر الحسيني واليونيني والذهبي في " تاريخ الإسلام " وابن شاكر انه ولد في آخر المحرم.(23/332)
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَالرُّكْنُ الطَّاوُوْسِيُّ، وَالتَّاجُ الجَعْبَرِيُّ الفَرَضِيُّ، وَالبَدْرُ ابْنُ التُّوْزِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
تَفَقَّه وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ، وَنَاظرَ، وَدَرَّسَ بِالنِّظَامِيَّةِ، وَنَفَذَ رَسُوْلاً لِلْخِلاَفَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَنشَأَ مَدْرَسَةً كَبِيْرَةً بِدِمَشْقَ، وَحَدَّثَ بِهَا بِحَلَبَ وَمِصْرَ.
قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ: أَحْسَنَ إِلَيَّ، وَبَرَّنِي فِي السَّفَرِ وَالحَضَرِ، وَصَحِبْتُهُ تِسْعَ سِنِيْنَ، وَوَلِيَ القَضَاءَ بِبَغْدَادَ، فَمَاتَ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً.
قُلْتُ: لَمْ يَحكُمْ إِلاَّ سَاعَةَ قِرَاءةِ التَّقْلِيدِ، وَوَلِيَ عَلَى كُرْهٍ.
قَالَ أَبُو شَامَةَ (1) : عُملَ عَزَاؤُه بِدِمَشْقَ، ثَامِنَ (2) عَشَرَ ذِي الحِجَّةِ، وَكَانَ فَقِيْهاً، عَالِماً، دَيِّناً، مُتَوَاضِعاً، دَمْثَ الأَخْلاَقِ، مُنْبَسِطاً.
قُلْتُ: وَاشْتُهِرَ أَنَّ الحَافِظَ زَيْنَ الدِّيْنِ خَالِداً بَاسَطَه، وَقَالَ: أَتَذكُرُ وَنَحْنُ بِالنِّظَامِيَّةِ وَالفُقَهَاءُ يُلَقِّبُونَنِي: حولتَا، وَيلقِّبُونكَ: بِالدعشُوشِ؟
فَتَبَسَّمَ، وَكَانَ يَرْكُبُ بِالطّرحَةِ، وَيُسَلِّمُ عَلَى العَامَّةِ، وَوَقَفَ كُتُباً نَفِيْسَةً بِمَدْرَسَتِه.
وَمِنْ (تَارِيْخِ ابْنِ الكَازَرُوْنِيِّ (3)) : أَنَّ نَجْمَ الدِّيْنِ نُدِبَ إِلَى القَضَاءِ فِي شَوَّالٍ، فَحَضَرَ وَهُوَ عَلِيلٌ، فَخُلِعَ عَلَيْهِ، وَحَكَمَ، وَلَمْ يَجْلِسْ بَعْدَهَا، انْقَطَعَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْماً، وَتُوُفِّيَ، وَكَانَ عَالِماً مُحَقِّقاً، تَولَّى القَضَاءَ بَعْدَهُ النِّظَامُ عَبْدُ المُنْعِمِ البَنْدَنِيْجِيُّ.
__________
(1) ذيل الروضتين 198 وفيه أنه في يوم الأربعاء ثامن عشر ذي الحجة عمل صلاة الغائب عنه، وهو الموافق لما في تاريخ الإسلام.
(2) في الأصل: ثاني عشر، وما اثبتناه عن تاريخ الإسلام وعن ذيل الروضتين والبداية والنهاية.
(3) مختصر التاريخ لابن الكازروني: 278 - 279.(23/333)
قُلْتُ: عَافَاهُ مَوْلاَهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ سَيْفِ التَّتَارِ، وَكَانَ كَثِيْرَ الصَّدَقَاتِ -رَحِمَهُ اللهُ- (1) .
232 - الأُرْمَوِيُّ أَبُو الفَضَائِلِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
العَلاَّمَةُ، الأُصُوْلِيُّ، تَاجُ الدِّيْنِ، أَبُو الفَضَائِلِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ (2) بنِ عَبْدِ اللهِ الأُرْمَوِيُّ، صَاحِبُ (الحَاصل مِنَ (3) المَحْصُوْل) ، وَتِلْمِيْذُ فَخْر الدِّيْنِ ابْن الخَطِيْب مِنْ مَشَاهِيْرِ أَئِمَّةِ المَعْقُوْلِ.
رَوَى عَنْهُ: شَيْخُنَا شَرَفُ الدِّيْنِ الدِّمْيَاطِيُّ أَبيَاتاً سَمِعَهَا مِنَ الفَخْرِ الرَّازِيِّ.
عَاشَ: نَحْواً مِنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ (4) ، قَبْل كَائِنَةِ بَغْدَادَ بِيَسِيْرٍ.
__________
(1) لم يذكر الذهبي هنا تاريخ وفاته وقد ذكرها في تاريخ الإسلام وفي العبر، وقد قيدها عز الدين الحسيني واليونيني وابن شاكر الكتبي بأن وفاته كانت في مستهل ذي القعدة سنة خمس وخمسين وست مئة.
(*) الحواث الجامعة 310 تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 142، الوافي بالوفيات 2 / 253 الترجمة 818، طبقات الشافعية للاسنوي: 1 / 451، الترجمة 407، معجم المؤلفين: 9 / 244 وفيه احالات إلى ترجمات ليست له.
(2) في الوافي محمد بن الحسن وقيل محمد بن الحسين.
(3) الزيادة من مقدمة الكتاب التي نقلها حاجي خليفة في كشف الظنون: 2 / 1615 وقد ورد في حاشية الأصل تعليق على كلمة المحصول من المتن قوله (صوابه الحاصل) أما تاريخ الإسلام فقد سماه كما ورد في متن السير هنا ب (المحصول) ، ومن المعلوم أن (المحصول) لاستاذه الفخر الرازي صاحب التفسير المسمى بمفاتح الغيب وقد سماه في الوافي ب (التحصيل) وقال الاسنوي: واختصر المحصول وسماه (الحاصل) .
ومن الكتاب نسخة مخطوطة في دار الكتب المصرية برقم 61 اشار إلى ذلك فهرس دار الكتب المصرية 1 / 385.
(4) في الوافي: توفي عن نيف وثمانين سنة في سنة ثلاث وخمسين ... وقيل توفي سنة خمس وخمسين، وذكر الاسنوي نقلا عن الحافظ الدمياطي في معجمه أنه توفي قبل واقعة التتار ثم قال وكانت واقعة التتار في المحرم سنة ست وخمسين وست مئة وفي حفظي أنه توفي سنة ثلاث
وخمسين وست مئة.(23/334)
233 - ابْنُ عُلَيْمٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الأَنْصَارِيُّ *
مُحَدِّثُ تُوْنُسَ، الحَافِظُ، العَالِمُ، أَمِيْنُ الدِّيْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ ابنُ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ طَلْحَةَ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، الشَّاطِبِيُّ، ثُمَّ السَّبْتِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ عُلَيْمٍ.
وُلِدَ (1) : سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ حَوْطِ اللهِ، وَأَبَا القَاسِمِ بن بَقِيٍّ، وَحَجَّ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ ابْنِ البَنَّاءِ المَكِّيِّ، وَعَبْدِ القوِيّ بن الجَبَّابِ، وَشِهَابِ الدِّيْنِ السُّهْرَوَرْدِيّ، وَابْن الزُّبَيْدِيِّ، وَابْنِ عِمَادٍ، وَطَبَقَتِهِم.
قَالَ الأَبَّارُ (2) : قَدِمَ تُوْنُسَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ، فَسَمِعْتُ عَلَيْهِ جُمْلَةً.
وَقَالَ الشَّرِيْفُ عِزّ الدِّيْنِ (3) : حَصَّلَ المُصَنّفَاتِ وَالأَجزَاءَ، وَرَوَى بِتُونُسَ الكَثِيْرَ، وَكَانَ يُعْرَفُ بِالمُحَدِّثِ، وَكَانَ صَدُوْقاً، صَحِيْحَ السَّمَاعِ، مُحِبّاً فِي هَذَا الشَّانِ.
قَالَ: وَامْتَنَعَ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ مِنَ التَّحْدِيْثِ.
وَقَالَ: قَدِ اخْتلطت، وَكَانَ كَذَلِكَ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ (4) ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
__________
(*) التكملة لابن الابار (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 21 / أ، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 27، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 141.
(1) ذكر ابن الاار انه ولد في عصر يوم الجمعة السادس عشر من ذي القعدة وذكر الحسيني انه ولد في السادس عشر من ربيع الآخر منها.
(2) التكملة لابن الابار (النسخة الأزهرية) ج 3 الورقة 21 / أ.
(3) صلة التكملة لوفيات النقلة الورقة 27 من المجلد الثاني.
(4) قيد الشريف عز الدين الحسيني وفاته في الحادي والعشرين من ربيع الأول (صلة التكملة المجلد 2 الورقة 27) .(23/335)
قُلْتُ: أَخَذَ الوَادِيَاشِي عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ (1) .
234 - ابْنُ الأَبَّارِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ القُضَاعِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، البَلِيْغُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، المُقْرِئُ، مَجدُ العُلَمَاءِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي بَكْرٍ القُضَاعِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، البَلَنْسِيُّ، الكَاتِبُ، المُنشِئُ، وَيُقَالُ لَهُ: الأَبَّارُ، وَابْن الأَبَّارِ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ الإِمَام أَبِي مُحَمَّدٍ الأَبَّار، وَالقَاضِي أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ نُوْحٍ الغَافِقِيّ، وَأَبِي الخَطَّابِ بنِ وَاجِبٍ، وَأَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بنِ حَوْطِ اللهِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ سَعَادَةَ، وَحُسَيْنِ بنِ زلاَلٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ ابْنِ اليَتِيْمِ، وَالحَافِظِ أَبِي الرَّبِيْعِ بنِ سَالِمٍ، وَلاَزَمَهُ، وَتَخَرَّجَ بِهِ.
وَارْتَحَلَ فِي مَدَائِنِ الأَنْدَلُسِ، وَكَتَبَ العَالِيَ وَالنَّازلَ، وَكَانَتْ لَهُ إِجَازَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَمْزَةَ، اسْتَجَازَهُ لَهُ أَبُوْهُ.
__________
(1) انظر برنامجه: 45، 50، 54، 60، 63، 230، 253، 263. (بتحقيق الدكتور الحبيب الهيلة) .
(*) اختصار القدح المعلى لابن سعيد: 192 - 195، الترجمة 58، المغرب في حلى المغرب لابن سعيد ايضا 2 / 309، صلة التكملة لوفيات النقلة للحسيني المجلد الثاني الورقة 50، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة لابن عبد الملك المراكشي: 6 / 253 - 275 الترجمة 709، عنوان الدراية للغبريني: 309 - 313، الترجمة 95، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 185، تذكرة الحفاظ: 4 / 1452، ولم يذكر له ترجمة وافية وقال ذكرته في " الممتع "، العبر: 5 / 249، الوافي بالوفيات: 3 / 355 - 358 الترجمة 1436، فوات الوفيات: 3 / 404 - 407، الترجمة: 471، عيون التواريخ: 20 / 245، النجوم الزاهرة: 7 / 92 أزهار الرياض 3 / 204 - 221، نفح الطيب: 2 / 589 - 594 الترجمة 218 وأحال على ترجمته الموسعة التي كتبها في ازهار الرياض، شذرات الذهب: 5 / 275.(23/336)
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَيَّانَ الأَوسِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وذكرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ الزُّبَيْرِ، وَقَالَ: هُوَ مُحَدِّثٌ بارعٌ، حَافلٌ، ضَابطٌ، مُتْقِنٌ، وَكَاتِبٌ (1) بليغٌ، وَأَديبٌ حَافلٌ حَافِظٌ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ كَثِيْراً ... ، وَسَمَّى جَمَاعَةً ... ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَاعْتَنَى بِبَابِ الرِّوَايَة اعتنَاءً كَثِيْراً، وَأَلَّفَ (مُعْجَمَه) وَكِتَابَ (تُحْفَةِ القَادِم) ، وَوصل (صلَة) ابْنِ بَشْكُوَالَ، عَرفْتُ بِهِ بَعْد تَعليقِي هَذَا الكِتَاب بِمُدَّةٍ -يَعْنِي كِتَابَ (الصِّلَةِ) لابْنِ الزُّبَيْرِ-.
قَالَ: وَكَانَ مُتَفَنِّناً مُتَقَدِّماً فِي الحَدِيْثِ وَالآدَاب، سَنِيّاً، مُتَخَلِّقاً فَاضِلاً، قُتِلَ صَبْراً ظُلْماً وَبَغْياً، فِي أَوَاخِرِ عَشْرِ سِتِّيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ بَصِيْراً بِالرِّجَالِ المُتَأَخِّرِيْنَ، مُؤرِّخاً، حُلوَ التَّتَرْجُمِ، فَصيحَ العبَارَة، وَافرَ الحِشْمَةِ، ظَاهِرَ التَّجَمُّلِ، مِنْ بُلغَاءِ الكَتَبَةِ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ جَمَّةٌ مِنْهَا (تَكمِلَةُ الصِّلَةِ) فِي ثَلاَثَةِ أَسفَارٍ، اخْترتُ مِنْهَا نَفَائِسَ.
انْتقل مِنَ الأَنْدَلُسِ عِنْدَ اسْتيلاَءِ النَّصَارِى، فَنَزَلَ تُوْنس مُدَّة، فَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْض أَعدَائِهِ شَغبَ عَلَيْهِ عِنْد مَلِكَ تُوْنسَ، بِأَنَّهُ عَمل (تَارِيخاً) وَتَكلّم فِي جَمَاعَةٍ، وَقَالُوا: هُوَ فُضولِيٌّ يَتَكَلَّم فِي الكِبَار، فَأُخِذَ، فَلَمَّا أَحسّ بِالتَّلَفِ، قَالَ لِغُلاَمَه: خُذِ البَغْلَة لَكَ، وَامضِ حَيْثُ شِئْتَ.
فَلَمَّا أُدْخِلَ، أَمَرَ المَلِكُ بِقَتْلِهِ، فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ، هَذَا مَعْنَى مَا حَكَى لِي الإِمَامُ أَبُو الوَلِيْدِ ابْن الحَاج -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ قَتْله.
وَمِنْ تَوَالِيفِه (الأَرْبَعُوْنَ) عَنْ أَرْبَعِيْنَ شَيْخاً مِنْ أَرْبَعِيْنَ تَصنِيفاً لأَرْبَعِينَ
__________
(1) في الأصل: " وكان بليغ " وهو سهو.(23/337)
عَالِماً مِنْ أَرْبَعِيْنَ طرِيقاً إِلَى أَرْبَعِيْنَ تَابِعِيّاً عَن أَرْبَعِيْنَ صَحَابِيّاً لَهُم أَرْبَعِونَ اسْماً مِنْ أَرْبَعِيْنَ قبيلَةً فِي أَرْبَعِيْنَ بَاباً.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ جَابِرٍ المُقْرِئُ (1) سَنَة 734، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَيَّانَ بتُونُسَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عبْدِ اللهِ ابْنُ الأَبَّار، حَدَّثَنَا أَبُو عامِرٍ نَذِيرُ بنُ وَهْبِ بنِ لُبّ الفِهْرِيّ بِقِرَاءتِي، حَدَّثَنَا أَبِي أَبُو العَطَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي القَاضِي أَبُو عِيْسَى لُبّ بن عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الجُذَامِيّ صَاحِبُ الصَّلاَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي زمنينَ الإِلبيرِيّ فِي كِتَاب (أَدبِ الإِسْلاَمِ) ، حَدَّثَنِي الفَقِيْه إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الطليطلِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ وَضَّاحٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيْرٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ يَرْحَمُ اللهُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ النَّاسَ (2)) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَقَعَ لَنَا نَازلاً بِسَبْعِ دَرَجَاتٍ عَمَّا أَخْبَرْنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَغَيْرُهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَيْلاَنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ شدَّاد، حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّانُ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بِهَذَا.
وَقَدْ رَأَيْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الأَبَّارِ جُزْءاً سَمَّاهُ (دُرر السِّمط فِي خَبَر السِّبْط -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-) يَعْنِي الحُسَيْنَ بِإِنشَاءٍ بَدِيْعٍ يَدلّ عَلَى تَشَيُّعٍ فِيْهِ ظَاهِرٍ، لأَنَّه يَصف عَلِيّاً - رَضِي اللهُ عَنْهُ - بِالوَصيِّ، وَيَنَالُ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَآلِهِ، وَأَيْضاً رَأَيْتُ لَهُ
__________
(1) هو الوادياشي صاحب " البرنامج " المشهور.
(2) قال شعيب: وأخرجه البخاري (6013) و (7376) ومسلم (2319) والترمذي (1923) وأحمد 4 / 358 و360 و361 و362 و365 و366 والحميدي (802) والطبراني في الكبير (2238) وله (2239) و (2240) و (2386) و (2492) و (2504) .(23/338)
أَوهَاماً فِي تِيكِ (الأَرْبَعِيْنَ) نَبَّهتُ عَلَيْهَا.
وَكَانَ مَصرَعُهُ فِي العِشْرِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ، عَامَ ثَمَانِيَةٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، بِتُونُسَ.
235 - البَيَّاسِيُّ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَنْصَارِيُّ *
العَلاَّمَةُ، النَّحْوِيُّ، أَبُو الحَجَّاجِ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَنْصَارِيُّ، المَغْرِبِيُّ.
صَاحِبُ فُنُوْنٍ وَذكَاءٍ، وَحَفِظَ (الحمَاسَةَ) وَالعَقْلِيَّات وَدَوَاوِيْن أَبِي تَمَّام وَالمُتَنَبِّي وَالمَعَرِّي وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَصَنَّفَ لِصَاحِب تُوْنسَ كِتَابَ (حُرُوْبِ الإِسْلاَمِ) خَتَمَهُ بِمَقْتَلِ الوَلِيْدِ بنِ طَرِيْفٍ، وَهُوَ مُجَلَّدَانِ، وَأَلَّفَ (حَمَاسَةً) فِي مُجَلَّدَيْنِ.
مَاتَ: فِي ذِي (1) القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِيْنَ (2) بِيَسِيْرٍ.
236 - العِمَادُ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الهَادِي بنِ يُوْسُفَ المَقْدِسِيُّ **
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُقْرِئُ، الفَقِيْهُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّر، عِمَادُ الدِّيْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ
__________
(*) وفيات الأعيان لابن خلكان: 7 / 238 - 244، الترجمة 851، القدح المعلى في التاريخ المحلى لابن سعيد 94 - 97 الترجمة 13، المغرب في حلى المغرب لابن سعيد 1 / 205 - 437، 3 / 73، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 128، عيون التواريخ 20 / 83 - 84، بغية الوعاة للسيوطي: 2 / 359، الترجمة 2189، نفح الطيب 3 / 316 - 317 الترجمة 94 وذكره في مواضع كثيرة، شذرات الذهب 5 / 262.
(1) ذكر ابن خلكان أنه توفي في يوم الأحد الرابع من ذي القعدة.
(2) ذكر ابن خلكان ان مولده يوم الخميس الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة 573.
(* *) ذيل الروضتين لأبي شامة: 204، صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 53، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 179، العبر 5 / 246 - 247، شذرات الذهب: 5 / 293.(23/339)
الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الهَادِي بنِ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ بنِ مِقْدَام بن نَصْرٍ المَقْدِسِيّ، الجَمَّاعِيْلِيّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيّ، الصَّالِحيّ، الحَنْبَلِيّ، المُؤَدِّبُ.
وُلِدَ: بِجَمَّاعِيلَ، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ ظَنّاً.
وَقَدِمَ دِمَشْقَ صَبِيّاً، فَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بن حَمْزَةَ ابْن المَوَازِيْنِيّ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ ابْن الخِرَقِيّ، وَالجَنْزَوِيِّ، وَالخُشُوْعِيِّ، وَيُوْسُف بن مَعَالِي، وَجَمَاعَةٍ.
وَكَانَ شَيْخاً حسناً فَاضِلاً جَيِّد التَّعْلِيْم، لَهُ مكتبٌ بِالقصَّاعِينَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَوْلاَدُهُ؛ شَيْخُنَا العِزُّ أَحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ وَعَبْدُ الهَادِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البِرْزَالِيُّ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَتَاجُ الدِّيْنِ صَالِحٌ الجَعْبَرِيّ، وَشَرَفُ الدِّيْنِ الفَزَارِيّ، وَبَدْرُ الدِّيْنِ ابْنُ التُّوْزِيِّ، وَابْنُ الخَبَّازِ، وَالشَّيْخُ مُحَمَّدُ بنُ زباطر، وَالقَاضِي شَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ الحَافِظِ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ المُحِبِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الزَّرَّادِ، وَعِدَّةٌ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَخُوْهُ المُعَمَّر مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الهَادِي، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ خَلِيْلٍ تَحْتَ السَّيْفِ، وَالفَقِيْهُ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الحَسَنِ ابْنِ العَجَمِيّ الحَلَبِيُّ الشَّافِعِيُّ مَاتَ شهيداً مِنْ عَذَاب التَّتَارِ لَهُ، وَلَهُ تِسْعٌ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَسَمِعَ مِنْ يَحْيَى الثَّقَفِيّ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: المُعَمَّر أَبُو طَالِبٍ تَمَّام بن أَبِي بَكْرٍ السُّرُوْرِيّ الدِّمَشْقِيّ الجُنْدِيُّ الوَالِي، يَرْوِي عَنْ يَحْيَى الثَّقَفِيّ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: المُعَظَّمُ أَبُو المَفَاخِرِ تُوْرَانْشَاه وَلَدَ السُّلْطَان الكَبِيْرِ صَلاَح الدِّيْنِ بِحَلَبَ، عَنْ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، رَوَى عَنْ يَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَابْن صَدَقَة.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: الشِّهَاب أَبُو العَبَّاسِ الخَضِر بن أَبِي طَالِبٍ الحَمَوِيُّ ثُمَّ(23/340)
الدِّمَشْقِيُّ الكَاتِبُ، يَرْوِي عَنِ الخُشُوْعِيِّ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: المُحَدِّث مُفِيْد المَقَادسَةِ مُحِبُّ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي بَكْرٍ الحَنْبَلِيّ عَنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا: المُسْنِدُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ بَرَكَاتِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الخُشُوْعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الرَّفَّاءُ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، يَرْوِي عَنْ: أَبِيْهِ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَعَبْد الرَّزَّاقِ النَّجَّار.
وَفِيْهَا: الشَّيْخُ عَفِيْف أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا بنِ رَحْمَة بن أَبِي الغَيْثِ الخَيَّاط.
وَفِيْهَا: المُسْنِدُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ القَزْوِيْنِيّ الحَلَبِيّ عَنْ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، يَرْوِي عَنْ يَحْيَى الثَّقَفِيّ.
وَفِيْهَا: الصَّالِح أَبُو الكَرَمِ لاَحِقُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ قَاسمٍ الأَرتَاحِي ثُمَّ المِصْرِيّ، سَمِعَ مِنْ عَمّ جدِّه أَبِي عَبْدِ اللهِ الأَرتَاحِي.
وَفِيْهَا: الشَّيْخُ الفَقِيْهُ وَقَاضِي القُضَاةِ صَدْرُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بنُ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ.
337 - ابْنُ الهَنِيِّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ البَغْدَادِيُّ الخَيَّاطُ *
المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ، المُحَدِّثُ، الرّحَّالُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ البَغْدَادِيُّ، الخَيَّاطُ.
سَمِعَ: ابْنَ طَبَرْزَذَ، وَابْنَ الأَخْضَرِ، وَابْنَ مَنِيْنَا، وَبِدِمَشْقَ مِنَ الكِنْدِيّ وَطَبَقَتِهِ.
وَتَلاَ بِالعَشْرِ عَلَى أَصْحَابِ أَبِي الكَرَمِ الشَّهْرُزُوْرِيّ؛ كَابْنِ النَّاقِد وَغَيْرِهِ.
تَلاَ عَلَيْهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ مُظَفَّرٍ البَعْقُوبِيُّ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَعَلِيُّ بنُ مَمْدُوْدٍ البَنْدَنِيجِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) غاية النهاية لابن الجزري: 2 / 205 الترجمة: 3266.(23/341)
حَدَّثَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، وَلَعَلَّهُ اسْتُشْهِدَ بِسيفِ التَّتَارِ، سَمِعَ مَا لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً.
238 - مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الهَادِي بنِ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ *
ابْنِ قُدَامَةَ بنِ مِقْدَامٍ، الفَقِيْهُ، المُقْرِئُ، المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، شَمْسُ الدِّيْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ المَقْدِسِيُّ، الجَمَّاعِيْلِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، أَخُو العِمَاد المَذْكُوْرِ، وَكَانَ أَبُوْهُمَا ابْنَ عَمِّ الشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ.
قَدِمَ وَهُوَ شَابٌّ، فَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الصَّقْرِ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ بن نَصْرٍ النَّجَّارِ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَابْنِ صَدَقَةَ الحَرَّانِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ: أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَشُهْدَةُ الكَاتِبَةُ، فَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْهَا بِالإِجَازَةِ.
وَكَانَ دَيِّناً، خَيِّراً، كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ، مُتعفِّفاً، مُشْتَغِلاً بِنَفْسِهِ، يَؤُمُّ بقرِيَةِ السَّاويَةِ مِنْ جَبلِ نَابُلُسَ، أَثْنَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ الضِّيَاءُ وَغَيْرُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الحُلوَانِيَّةِ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ تَقِيّ الدِّيْنِ، وَالقَاضِي شَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ الحَافِظِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ البِجَّدِيُّ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ الزَّرَّادِ، وَعَائِشَةُ أُخْتُ مَحَاسِنَ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ الكَمَالِ، وَجَمَاعَةٌ.
رَوَى (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ) بِالجبلِ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ عَنِ ابْنِ صَدَقَةَ، وَرجع إِلَى قَرْيَتِهِ.
قَالَ الشَّرِيْفُ عِزّ الدِّيْنِ (1) : اسْتُشْهِدَ بِسَاويَةَ مِنْ عَملِ نَابُلُسَ عَلَى يَدِ
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 54، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 185، العبر: 5 / 249، الوافي بالوفيات: 4 / 61 الترجمة 1509، شذرات الذهب: 5 / 295.
(1) صلة التكملة لوفيات النقلة المجلد الثاني الورقة 54.(23/342)
التَّتَارِ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ،
قَالَ: وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى المائَةِ.
239 - ابْنُ الخُشُوْعِيِّ عَبْدُ اللهِ بنُ بَرَكَاتِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ بَرَكَاتِ بن إِبْرَاهِيْمَ ابْن الخُشُوْعِيّ الدِّمَشْقِيّ، الرَّفَّاء.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَيَحْيَى الثَّقَفِيّ، وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ النَّجَّار، وَجَمَاعَةً.
وَأَجَازَ لَهُ: السِّلَفِيُّ، وَأَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَالتُّرك.
رَوَى عَنْهُ: الدِّمْيَاطِيُّ، وَابْنُ البَالِسِيّ، وَالعَلاَءُ الكِنْدِيُّ، وَابْنُ الزَّرَّادِ، وَحَفِيْدُهُ عَلِيّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: بِدِمَشْقَ، فِي صَفَرٍ (1) ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
240 - النَّعَّالُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَنْجَبَ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ الصَّالِحُ، الزَّاهِدُ، صَائِنُ الدِّيْنِ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَنْجَبَ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ، النَّعَّالُ.
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 52، تاريخ الإسلام (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 179، العبر 5 / 246، عيون التواريخ 20 / 237 وفيه ورد اسمه عبد الرحمن خطأ، النجوم الزاهرة 7 / 91 شذرات الذهب 5 / 292.
(1) ذكر عز الدين الحسيني انه توفي في ليلة الثامن والعشرين من صفر، وذكر الذهبي في التاريخ انه توفي في الثامن والعشرين منه، وذكر ايضا انه ولد سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة.
(* *) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 59، ذيل مرآة الزمان لليونيني: 1 / 471، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 193 العبر: 5 / 255، الوافي بالوفيات: 2 / 231 الترجمة 628، النجوم الزاهرة: 7 / 205، شذرات الذهب: 5 / 299، مقدمة مشيخة النعال التي سيرد ذكرها الآن.(23/343)
مَوْلِدُهُ: بِبَغْدَادَ، فِي سَلْخِ شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ لأُمِّهِ هِبَةِ اللهِ بنِ رَمَضَانَ، وَمِنْ ظَاعِنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزُّبَيْرِيِّ.
وَأَجَاز لَهُ: وَفَاءُ بنُ البَهِيِّ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ ابْن الفُرَاوِيّ، وَمَحْمُوْد بن نَصْرٍ الشَّعَّارُ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ شَاتيل، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَقِيْلٍ، وَعِدَّةٌ.
خَرَّج لَهُ المُحَدِّثُ الحَافِظُ رشيدُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ ابْنُ الحَافِظِ عَبْدِ العَظِيْمِ (مَشْيَخَةً (1)) ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الصُّوْفِيَّةِ وَصُلحَائِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: قَاضِي القُضَاةِ تَقِيُّ الدِّيْنِ أَبُو الفَتْحِ القُشَيْرِيّ، وَالحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الدِّمْيَاطِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ النشو، وَالشَّيْخُ شَعْبَانُ الإِرْبِلِيُّ، وَالمِصْرِيّونَ، وَكَانَ مِنْ بَقَايَا المُسْنِدين.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ (2) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ حَامِدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الأَرْتَاحِيِّ، وَالمُسْتَنْصِرُ بِاللهِ (3) أَحْمَدُ ابْنُ الظَّاهِرِ، وَالصَّاحِبُ صَفِيُّ الدِّيْنِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَرْزُوْقٍ العَسْقَلاَنِيُّ، وَمُدَرِّسُ الجَوْزِيَةِ شَرَفُ الدِّيْنِ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الحَافِظِ، وَالإِمَامُ سَيْفُ الدِّيْنِ سَعِيْد بن المُطَهَّر البَاخَرْزِيُّ، وَالوَاعِظُ جَمَالُ الدِّيْنِ عُثْمَانُ بنُ مَكِّيِّ بنِ عُثْمَانَ الشَّارعِيّ، وَصَاحِبُ صهيونَ مُظَفَّر الدِّيْنِ عُثْمَان بن مِنْكَوْرَس، تَملَّكهَا بِضْعاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ ابْن سَيِّد النَّاسِ اليَعْمَرِيّ، وَكَمَال الدِّيْنِ مُحَمَّد ابْن القَاضِي صَدْر الدِّيْنِ عَبْد المَلِكِ بن دِرْباس، وَمَكِّيّ بن عَبْدِ الرَّزَّاقِ بن يَحْيَى ابْنِ خَطِيْبِ عَقربا، وَالملكُ
__________
(1) حققها وقدم لها الدكتور ناجي معروف والدكتور بشار عواد معروف (مطبعة المجمع العلمي العراقي 1395 / 1975) في 204 صفحات مع الفهارس.
(2) في " صلة التكملة " وفي " تاريخ الإسلام " انه توفي في الرابع عشر منه.
(3) هو المستنصر بالله الثاني الذي قتل وهو يحاول استرداد العراق.(23/344)
النَّاصِرُ يُوْسُفُ بِأَذْرَبِيْجَانَ شَهِيْداً.
241 - الزَّنْجَانِيُّ أَبُو المَنَاقِبِ مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْدٍ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو المَنَاقِبِ مَحْمُوْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ بَختيَارَ الزَّنْجَانَيّ.
تَفَقَّهَ وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ وَالأُصُوْلِ وَالخلاَفِ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَوَلِيَ الإِعَادَة بِالثِّقَتِيَّةِ بِبَابِ الأَزَجِ، وَتَزَوَّجَ بِبِنْتِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ابْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَنَابَ فِي القَضَاءِ، وَوَلِيَ نَظَرَ الوقفِ العَامّ، وَعَظُمَ شَأْنُهُ.
ذكرَهُ ابْنُ النَّجَّار، فَقَالَ: تَكبَّرَ وَتَجَبَّرَ، فَأَخَذَهُ اللهُ، وَعُزِلَ عَنِ القَضَاءِ وَغَيْرِهِ، وَحُبِسَ وَعُوْقِبَ وَصُوْدِرَ عَلَى أَمْوَالٍ احتَقَبَهَا مِنَ الحَرَامِ وَالغُلولِ، فَأَدَّى نَحْو خَمْسَةَ عَشَرَ أَلفَ دِيْنَارٍ، بَعْدَ أَنْ كَانَ فَقيراً مُدْقعاً، ثُمَّ أُطْلِقَ، وَبَقِيَ عَاطلاً إِلَى أَنْ قُلِّدَ القَضَاءَ بِمدينَةِ السَّلاَمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ، ثُمَّ عُزِلَ مِنْ قَضَاءِ القُضَاةِ بَعْد سِتَّةِ أَشهرٍ، ثُمَّ رُتِّبَ مُدَرِّساً بِالنِّظَامِيَّةِ سَنَةَ 625، ثُمَّ عُزِلَ مِنْهَا بَعْدَ سَنَةٍ وَنِصْفٍ، ثُمَّ رُتِّب دِيْوَاناً، ثُمَّ عُزِلَ مَرَّاتٍ، وَعِنْدَهُ ظُلْمٌ، وَحبٌّ لِلدُّنْيَا، وَحرصٌ عَلَى الجَاهِ، وَكَلَبٌ عَلَى الحطَامِ.
رَوَى بِالإِجَازَةِ عَنِ النَّاصِر، وَجَمَعَ (تَفْسِيْراً) ، ثُمَّ دَرَّس بِالمُسْتَنْصِرِيَّةِ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَنُفذَ رَسُوْلاً مَرَّاتٍ إِلَى شيرَازَ.
وَقَالَ تَاجُ الدِّيْنِ عَلِيُّ بنُ أَنْجَبَ ابْن السَّاعِيّ: نَابَ فِي الحكمِ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ القُضَاةِ بِالجَانبين وَبِحرِيْمِ دَارِ الخِلاَفَةِ، وَوَلِيَ نَظَرَ الأَوقَافِ،
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 35، تاريخ الإسلام للحافظ الذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 166، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8 / 368 الترجمة 1265، طبقات الشافعية للاسنوي: 2 / 15 الترجمة 587 وهو فيه أبو الثناء، النجوم الزاهرة: 7 / 68.(23/345)
وَعَظُمَ، ثُمَّ عُزِلَ، وَسُجِنَ مُدَّةً، ثُمَّ أُطْلِقَ وَرُتّب مُشْرِفاً فِي أَعْمَالِ السَّوَادِ، ثُمَّ وَلِي تدرِيس النِّظَامِيَّةِ ثُمَّ عُزِلَ، ثُمَّ لَمَّا عُزِلَ قَاضِي القُضَاةِ ابْنُ مُقْبلٍ مِنْ تَدرِيسِ المُسْتَنْصِرِيَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَلِيَهَا الزَّنْجَانِيُّ.
وَأَنبَأنِي ظَهِيْرُ الدِّيْنِ عليّ الكَازَرُوْنِيّ (1) ، قَالَ: الَّذِيْنَ قُتِلُوا صَبْراً: المُسْتَعْصِمُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَابْنَاهُ، وَأَعمَامَهُ، وَعمَّا أَبِيْهِ حُسَيْن وَيَحْيَى، وَالدُّويدَار مُجَاهِدُ الدِّيْنِ زوجُ بِنْتِ صَاحِبِ المَوْصِلِ، وَالملكُ سُلَيْمَان شَاه عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَسَنْجَر الشِّحنَة، وَمُحَمَّد بن قيرَان أَمِيْر وَأَلبَقَرَا الشَّحنَة كَانَ، وَبَلْبَانُ المُسْتَنْصِرِي، وَابْنُ الجَوْزِيِّ أُسْتَاذ الدَّار، وَبنوهُ أَبُو يُوْسُفَ، وَعَبْد الكَرِيْمِ، وَعَبْد اللهِ، وَالشَّيْخ شِهَابُ الدِّيْنِ مَحْمُوْد بن أَحْمَدَ الزَّنْجَانِيّ عَلاَّمَةُ وَقتهِ وَلَهُ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَةٌ، وَشَرَفُ الدِّيْنِ ابْنُ سُكَيْنَةَ، وَسَمَّى آخرينَ.
بَنَاتُ الكَامِلِ:
242 - الخَاتُوْنُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بنِ العَادِلِ *
أُمُّ السُّلْطَانِ المَلكِ النَّاصِرِ يُوْسُفَ صَاحِبِ الشَّامِ ابْنِ المَلِكِ العَزيزِ، هِيَ الصَّاحبَةُ الخَاتُوْنُ بِنْتُ السُّلْطَانِ الملكِ الكَامِلِ مُحَمَّدِ ابْنِ العَادلِ.
مَاتَتْ بِالرَّسْتَنِ ذَاهبَةً إِلَى حَمَاةَ، فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَمَاتَتْ أُخْتُهَا قَبْلَهَا بِأَيَّامٍ صَاحِبَةُ حَمَاةَ:
__________
(1) لم يرد هذا النص في المطبوع من كتابه المسمى " مختصر التاريخ " ولعله منقول من كتابه الآخر المسمى (روضة الاريب) وهو تاريخ مطول تصل حوادثه إلى قبيل وفاة ابن الكازروني (توفي سنة 697) فانظر مقدمة الدكتور مصطفى جواد لكتابه مختصر التاريخ ص 18 - 20.
(*) أخبارهن مفصلة في " تاريخ الإسلام " ج 20 الورقة 142 (أيا صوفيا 3013) .(23/346)
243 - غَازِيَةُ بِنْتُ السُّلْطَانِ الكَامِلِ
وَالِدَةُ الملكِ المَنْصُوْرِ مُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّرِ (1) .
وَمَاتَتِ:
244 - الخَاتُوْنَ أُخْتُهُمَا
وَالِدَةُ الملكِ الكَامِلِ مُحَمَّدِ ابْنِ الملكِ السَّعِيْدِ عَبْدِ المَلِكِ بِدِمَشْقَ، فِي الأُسْبُوْعِ، فَدُفِنَتْ عِنْدَ أَبيهَا بِالكَامِليَّةِ، وَشهدهَا ابْن أُخْتهَا صَاحِبُ الشَّامِ الملكُ النَّاصِرُ، وَكَانَتْ قَدْ تَرَبَّتْ عِنْد أُخْتِهَا بِحَمَاةَ، فَتزوَّج بِهَا السَّعِيْدُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ.
245 - ابْنُ خَطِيْبِ القَرَافَةِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ القُرَشِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ الحُسَيْنِ القُرَشِيُّ، الأَسَدِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، النَّاسخُ، ابْنُ خَطِيْبِ القَرَافَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ (2) .
لَهُ إِجَازَةٌ خَاصَّةٌ مِنَ السِّلَفِيِّ رَوَى بِهَا الكَثِيْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ البِرْزَالِيُّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ، وَالعِمَادُ ابْنُ البَالِسِيِّ، وَنَاصِرُ الدِّيْنِ ابْن المهتَار، وَضِيَاءُ الدِّيْنِ ابْن الحَمَوِيّ، وَشَمْسُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ النَّقِيْبُ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) لما مات زوجها المظفر كانت هي مدبرة دولة حماة، وكانت دينة صالحة محتشمة.
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة 36، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 159، العبر: 5 / 232، النجوم الزاهرة: 7 / 68، شذرات الذهب 5 / 278.
(2) في صلة التكملة ان مولده كان في الثامن والعشرين من شعبان.(23/347)
نَسخَ الكَثِيْرَ بِالأُجرَةِ.
وَتُوُفِّيَ: فِي ثَالِث رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
وَسَمِعنَا عَلَى زَيْن الدِّيْنِ عَبْد الرَّحِيْمِ ابْن كَاميَارَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ بإِجَازتِهِ مِنْهُ، تَفَرَّد بِهَا.
أَخُوهُ الإِمَامُ المُحَدِّثُ الرَّحَّالُ:
246 - أَبُو العِزِّ مُفَضَّلُ بنُ عَلِيٍّ الشَّافِعِيُّ *
الفَقِيْهُ.
سَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجُنَيْدِ بِأَصْبَهَانَ، وَمِنَ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيّ وَعِدَّةٍ بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ بِهَرَاةَ، وَأَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ بِدِمَشْقَ، وَأَجَازَ لَهُ السِّلَفِيُّ أَيْضاً.
رَوَى عَنْهُ: الشَّيْخُ تَاجُ الدِّيْنِ الفَزَارِيّ، وَأَخُوْهُ، وَالفَخْرُ بنُ عَسَاكِرَ، وَمُحَمَّدُ ابْنُ خَطِيْب بَيْتِ الأبَّارِ، وَبِالحُضُوْرِ العِمَادُ ابْن البَالِسِيّ.
وَكَانَ عَالِماً صَالِحاً صَيِّناً مُتَحِرِّياً، صَاحِبَ سُنَّةٍ وَمَعْرِفَةٍ.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ (1) ، سَنَةَ الخُوَارِزْمِيَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
247 - ابْنُ العَجَمِيِّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَلَبِيُّ **
المُفْتِي، المَوْلَى، الرَّئِيْسُ، أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ ابْنِ
__________
(*) صلة التكملة للحسيني المجلد الأول الورقة 36، تاريخ الإسلام، الورقة: 44 (أيا صوفيا 3013) .
(1) في صلة التكملة وتاريخ الإسلام أنه توفي في الثالث منه.
(* *) صلة التكملة للحسيني المجلد الثاني الورقة: 52، تاريخ الإسلام للذهبي (أيا صوفيا 3013) ج 20 الورقة 179، العبر: 5 / 247، عيون التواريخ 20 / 236، البداية والنهاية: 13 / 225، شذرات الذهب: 5 / 293.(23/348)