أَصْحَابِ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيّ، وَانْتَقَى عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَقَدْ أَمْلَى مِنْ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ بَصِيْراً بِالمَذْهَبِ، فَقِيْهَ النَّفْسِ، يفهمُ الكَلاَمَ، وَقُلِّدَ قَضَاءَ نَيْسَابُوْر مُدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجُوَيْنِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّار، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المُقْرِئ، وَمُحَمَّدُ بنُ مأْمُوْنَ المُتَولِّي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ المُظَفَّرِي، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكِسَائِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى المُزَكِّي، وَقَاضِي القُضَاة أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّاصحِي، وَشَيْخُ الحَنَفِيَّة مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بن حَسْنُويه، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُميرِيُّ الزَّاهِدُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلَف، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ الرَّئِيْسُ، وَمَكِّيُّ بنُ مَنْصُوْرٍ السَّلاَّر، وَأَسَعْدُ بنُ مَسْعُوْدٍ العُتْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الكَامخِي، وَنَصْرُ اللهِ بن أَحْمَدَ الخُشْنَامِيّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الأَخْرَم، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْرُوْيِي خَاتمَةُ أَصْحَابِهِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ) :أَصَابه وَقْرٌ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَكَانَ يُقْرأُ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ، وَيحتَاطُ، إِلَى أَنِ اشْتَدَّ ذَلِكَ قَرِيْباً مِنْ سَنَتَيْن أَوْ ثَلاَث، فَمَا كَانَ يُحسِنُ أَنْ يَسْمَعَ، وَكَانَ مِنْ أَصحِّ أَقرَانِهِ سَمَاعاً، وَأَوْفَرِهِم إِتقَاناً، وَأَتَمِّهم ديَانَةً وَاعْتِقَاداً.
صَنَّفَ فِي الأُصُوْلِ وَالحَدِيْثِ.
قُلْتُ: وَقَدْ قَرَأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى أَحْمَدَ بنِ العَبَّاسِ الإِمَامِ تِلْمِيْذ الأُشْنَانِي، وَسَمِعْنَا (مُسْند الشَّافِعِيّ) مِنْ طَرِيقه.(17/357)
أَثْنَى عَلَيْهِ الحَاكِم، ُوَفَخَّمَ أَمْرَهُ، وَقَالَ: كَانَ جَدُّهُم الأَكبَرُ سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَرَشِيّ خَلِيْفَةَ الأَمِيْرِ عَبْدَِ اللهِ بنِ عَامِرِ بنِ كُرَيز عَلَى نَيْسَابُوْر.
تَلاَ أَبُو بَكْرٍ بِأَحرفٍ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الإِمَام، وَعَقَدَ لَهُ مَجْلِس النَّظَرِ فِي حَيَاةِ الأُسْتَاذ أَبِي الوَلِيْد.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي عليٍّ المَعْقِلِي: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا بِعُلُوِّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَكِّيٍّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بنُ عَلاَّنَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ المَيْدَانِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَخْبَرَنَا مَعْمر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَلاَ تَقَاطَعُوا -) وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (1) .
مَاتَ: الحِيْرِيُّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ -.
222 - السُّتَيْتِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمَةَ *
الشَّيْخُ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمَة بن عَبْدِ اللهِ السُّتَيْتِيُّ،
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " المصنف " (20222) ولفظه بتمامه " لا تحاسدوا، ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " وأخرجه مالك 2 / 907 في حسن الخلق، ومن طريقه البخاري (6076) ومسلم (2559) وأبو داود (4910) عن الزهري، عن أنس ولفظه " لا تباغضوا ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا ... " وأخرجه البخاري أيضا (6065) من طريق شعيب عن الزهري ... ، وأخرجه الترمذي (1935) من طريقين عن سفيان عن الزهري ولفظه " لا تقاطعوا ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانا ... ".
(*) الإكمال 5 / 128، الأنساب 7 / 41، اللباب 2 / 103، تهذيب تاريخ دمشق 2 / 58، 59.
والستيتي: نسبة إلى ستيتة مولاة يزيد بن معاوية.(17/358)
الدِّمَشْقِيُّ، الأَدِيْبُ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ الطَّحَّان.
حَدَّثَ عَنْ: خَيْثَمَة الطَّرَابُلُسِيّ، وَأَبِي الطَّيِّبِ المُتَنَبِّي، وَأَبِي القَاسِمِ الزَّجَّاجِيّ النَّحْوِيّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمَّانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَذْلَم، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي العَلاَءِ المِصِّيْصِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَنَامُ فِي مَجْلِس خَيْثَمَة بنِ سُلَيْمَانَ، فَيُنَبِّهَنِي أَبِي، فَأَنْظُرُ إِلَى خَيْثَمَةَ عَظِيْمَ الهَامَةِ، كَبِيْر الأُذُنَيْن وَالأَنف.
قَالَ الكَتَّانِيّ: وُلِدَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَمَاتَ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، وَكَانَ يُتَّهُم بِتَشَيُّعٍ، فَحَلَفَ لَنَا أَنَّهُ برِيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ مِنْ مَوَالِي يَزِيْد مِنْ وَلد سُتَيْتَة مولاَة يَزِيْد، وَأَنَّهُ قَدْ زَار قَبْر يَزِيْد (1) .
قَالَ: وَكَانَتْ لَهُ أُصُوْل حسَنَة.
223 - ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
قَاضِي القُضَاة، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاس ابْن المُحَدِّث مُحَمَّدِ بن أَبِي الشَّوَارِبِ الأُمَوِيُّ.
وَلِي بَعْد أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الأَكفَانِي.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ عَفِيْفاً نَزِهاً رَئِيْساً (2) .
سَمِعَ مِنِ: ابْنِ قَانع، وَأَبِي
__________
(1) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 2 / 59.
(*) تاريخ بغداد 5 / 47 - 49، المنتظم 8 / 25 - 27، دول الإسلام 1 / 248، العبر 3 / 124، الوافي بالوفيات 8 / 35، البداية والنهاية 12 / 20، 21، النجوم الزاهرة 4 / 264، قضاة دمشق 33، شذرات الذهب 3 / 206.
(2) كلمة " رئيسا " ليست في المطبوع من " تاريخ بغداد ".(17/359)
عُمَر الزَّاهِد، وَلَمْ يروِ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ أَنَّهُ أَنْشَدَهُ بَيْتَيْن، قَالَ: أنْشَدنَا أَبُو عُمَرَ (1) .
يُقَالُ: عَرَضَ المُتَوَكِّلُ القَضَاءَ عَلَى جَدِّهِم مُحَمَّدٍ، فَامْتَنَعَ، فَيَرَوْنَ أَن بَرَكَةَ امْتِنَاعِهِ دَخَلَتْ عَلَى وَلده، فَوَلِيَ مِنْهُم القَضَاءَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُوْنَ، فثَمَانِيَةٌ مِنْهُم تَقَلَّدُوا قَضَاءَ القُضَاة، آخِرُهُم، هَذَا وَمَا رأَينَا مِثْلَهُ جَلاَلَةً وَشَرَفاً، وَلِي أَوَّلاً قَضَاء البَصْرَة، ثُمَّ وَلِي بَغْدَادَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة، وَمَاتَ: فِي شَوَّالٍ سنةسَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة وَلَهُ ثَمَان وَثَمَانُوْنَ سَنَةً (2) .
224 - العُكْبَرِيُّ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ *
العُكْبَرِيُّ، البَزَّازُ، أَحَدُ المُسْنِدِيْن.
سَمِعَ: أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الطَّائِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ النَّقَّاش، وَعَلِيَّ بنَ صَدَقَة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَنَصْرُ بنُ البَطِر، وَجَمَاعَة.
أَرَّخَ الخَطِيْبُ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (3) .
__________
(1) قال: أنشدنا الأستاذ أبو العباس أحمد بن يحيى:
عجبت لمن يخاف حلول فقر * ويأمن ما يكون من المنون
أتأمن ما يكون بغير شك * وتخشى ما ترجمه الظنون
(2) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 47، 48.
(*) تاريخ بغداد 11 / 273، المنتظم 8 / 27، العبر 3 / 126، شذرات الذهب 3 / 209.
والعكبري: نسبة إلى عكبرا بضم العين وفتح الباء الموحدة وقيل بضمها أيضا، وهي بلدة على الدجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ من الجانب الشرقي.
انظر " الأنساب " و" معجم البلدان " و" تبصير المنتبه " 3 / 1017، و" وفيات الأعيان " 3 / 101.
(3) ونقل أن مولده في سنة عشرين وثلاث مئة. " تاريخ بغداد " 11 / 273.(17/360)
قُلْتُ: إِنَّمَا سَمِعَ مِنَ الطَّائِيّ وَلَهُ عِشْرُوْنَ سَنَةً، وَلَوْ سَمِعَ فِي صِبَاهُ، لجَاءَ بِالمَحَامِلِيّ وَذويه.
225 - الرِّبَاطِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الأَصْبَهَانِيُّ، الرِّبَاطِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا أَحْمَد العَسَّال، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدٍ الرِّقَاعِي - الرَّاوِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِي - وَعَبْدِ اللهِ بن الحَسَنِ بنِ بُنْدَار، وَأَبَا بَكْرٍ الجِعَابِيَّ وَالطَّبَرَانِيَّ.
وَزَارَ بَيْت المَقْدِس، وَأَمْلَى بِهِ مَجَالِس.
رَوَى عَنْهُ: عُمَر بن الحَسَنِ بنِ سُلَيْم المُعَلِّم، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَرْدَوَيْه، وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
226 - المُسَبِّحِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ **
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، عِزُّ الملكِ، وَيُلَقَّبُ بِالمُخْتَارِ، مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ (1) اللهِ بنِ أَحْمَدَ المُسَبِّحِيّ، الجُنْدِي.
___________
(*) العبر 3 / 138، 139، شذرات الذهب 3 / 216.
(* *) الأنساب (المسبحي) ، اللباب 3 / 207، وفيات الأعيان 4 / 377 - 380، العبر 3 / 139، الوافي بالوفيات 4 / 7، 8، مرآة الجنان 3 / 36، النجوم الزاهرة 4 / 271، حسن المحاضرة 1 / 554، كشف الظنون 1 / 304، شذرات الذهب 3 / 216، تاج العروس 2 / 158، روضات الجنات 178، هدية العارفين 2 / 63، 64.
والمسبحي: نسبة إلى الجد.
(1) تحرف في " حسن المحاضرة " و" كشف الظنون " إلى " عبد " بحذف الياء.(17/361)
نَالَ دُنْيَا وَرتبَةً مِنَ الحَاكِم.
وَكَانَ رَافِضِيّاً مُنَجِّماً، رَدِيءَ الاعْتِقَاد.
لَهُ كِتَاب (التَّنْجِيم وَالإِصَابَات) فِي عشر مُجَلَّدَات، وَكِتَاب (الدّيَانَات) فِي اثْنَيْ عَشَرَ مُجَلَّداً، وَكِتَاب (الشّعر) ثَلاَثُ مُجَلَّدَات، وَكِتَاب (أَصنَاف الجِمَاع) ثَلاَث مُجَلَّدَات، وَكِتَاب (التَّارِيْخ (1)) وَأَشْيَاء (2) .
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَخمسُوْنَ سَنَة (3) .
وَلَهُ يدٌ طولِى فِي الشِّعر (4) وَالأَدب وَالأَخْبَار.
وَكَانَ أَبُوْهُ (5) مِنَ الأَعيَان، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ سِنٍّ عَالِيَة.
__________
(1) نقل ابن خلكان عن المسبحي قوله في هذا الكتاب: وهو أخبار مصر ومن حلها من الولاة والأمراء والائمة والخلفاء، وما بها من العجائب والابنية، واختلاف أصناف الاطعمة، وذكر نيلها، وأحوال من حل بها من الشعراء، وأخبار المغنين ومجالس القضاة والحاكم والمعدلين والأدباء والمتغزلين وغيرهم.
قال ابن خلكان: وهو ثلاثة عشر ألف ورقة.
وقال حاجي خليفة: وهو كبير في اثني عشر مجلدا، واختصره تقي الدين الفاسي، وذيل عليه محمد بن علي بن الميسر.
ويوجد من هذا الكتاب نسخة مخطوطة في الاسكوريال ثان 543: 2.
(2) انظر بعض تصانيفه في " وفيات الأعيان " 4 / 377، 378، و" الوافي بالوفيات " 4 / 8، و" هدية العارفين " 2 / 63، 64.
(3) وولادته في عاشر رجب سنة ست وستين وثلاث مئة. " وفيات الأعيان " 4 / 379.
(4) ومن شعره يرثي أم ولده:
ألا في سبيل الله قلب تقطعا * وفادحة لم تبق للعين مدمعا
أصبرا وقد حل الثرى من أوده * فلله هم ما أشد وأوجعا
فيا ليتني للموت قدمت قبلها * وإلا فليت الموت أذهبنا معا
انظر " وفيات الأعيان " 4 / 378، و" الوافي " 4 / 8.
(5) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 4 / 379.(17/362)
227 - التُّبَانِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ تُبَانَ التُّبَانِيُّ، الوَاسِطِيُّ، البَيِّع.
لَهُ مَجْلِسٌ مَشْهُوْرٌ.
رَوَى عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ السَّقَّا (1) ، وَعَلِيِّ بن أَحْمَدَ الغَزَّال، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرٍ الشِّمْشَاطِي (2) .
وَعَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ الجُمَّارِي، وَأَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ البَزَّاز، وَأَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ نَفِيس، وَهِبَةُ اللهِ الصَّفَّار.
وَثَّقَهُ خمِيسٌ الحَوْزِي (3) .
بقِي إِلَى سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
وَمن قَاله: البُنَانِي بِموحدَة ثُمَّ نُونَيْنِ، فَقَدْ وَهُم.
___________
(*) الإكمال 1 / 443، 4444، سؤالات الحافظ السلفي ترجمة رقم (22) ، الأنساب 3 / 19، اللباب 1 / 206، تبصير المنتبه 1 / 173.
والتباني ضبط في الأصل وفي " الإكمال " وفي " تبصير المنتبه " بضم التاء المثناة من فوق ثم موحدة خفيفة وبعد الالف نون، وضبطها السمعاني في " الأنساب " بفتح التاء وقال: هذه النسبة ظني إلى موضع بواسط، وتابعه ابن الأثير في " اللباب ".
وانظر تعليق العلامة المعلمي اليماني على هذه النسبة في " الإكمال " 1 / 443، 444 فهو هام مفيد.
(1) هو عبد الله بن محمد بن عثمان المزني الواسطي، متوفى سنة 371 هـ، مرت ترجمته
في الجزء السادس عشر.
(2) هذه النسبة إلى شمشاط.
قال السمعاني: وهي بلدة من الشام فيما أظن من بلاد الساحل.
وقال ابن الأثير: وهي مشهورة من بلاد الثغور الجزرية بالقرب من مدينة آمد، بينها وبين خربترت.
ومحمد بن جعفر الشمشاطي هذا مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر " سؤالات الحافظ السلفي " ص 27.(17/363)
228 - أَبُو أُسَامَةَ الهَرَوِيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُقْرِئُ، أَبُو أُسَامَة مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ الهَرَوِيُّ، شَيْخُ الحَرَم.
تَلاَ عَلَى السَّامَرِّيّ (1) ، وَأَبِي الطَّيِّبِ بن غَلْبُوْنَ (2) .
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ النَّقَّاش مُحَدِّث تِنِّيس، وَأَبِي عَلِيِّ بنِ أَبِي الرَّمْرَام، وَالفَضْلِ بنِ جَعْفَرٍ المُؤَذِّن، وَمُحَمَّد بن وَصيف الغَزِّي، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ المَكِّيّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ السَّلاَمِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ الفَرَّاء، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المُطَرِّز.
وَحَدَّثَ بِمَكَّةَ وَبِدِمَشْقَ، وَسَمِعَ مِنْهُ طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الجِيْرُفْتِي (3) .
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: رَأَيْتُهُ يُقْرِئُ بِمَكَّةَ، وَرُبَّمَا أَمْلَى الحَدِيْثَ مِنْ حِفْظِهِ، فَقَلَبَ الأَسَانيد، وَغَيَّرَ المُتُوْنَ (4) .
__________
(*) ميزان الاعتدال 3 / 464، لسان الميزان 5 / 55، العقد الثمين 1 / 382، غاية النهاية لابن الجزري 2 / 86، 87.
(1) هو عبد الله بن الحسين بن حسنون، أبو أحمد السامري البغدادي المقرئ مسند القراء بالديار المصرية، المتوفى سنة 386، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) هو عبد المنعم بن غلبون بن المبارك أبو الطيب الحلبي المقرئ المحقق، مؤلف
كتاب " الارشاد في القراءات " المتوفى سنة 389، ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 285، 286، وابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 470.
(3) نسبة إلى جيرفت، ضبطها السمعاني بضم الراء وياقوت بفتحها، وهي إحدى بلاد كرمان.
(4) انظر " ميزان الاعتدال " 3 / 464، و" لسان الميزان " 5 / 55، و" العقد الثمين " 1 / 382، و" غاية النهاية " 2 / 87.(17/364)
عَاشَ ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ، سَنَةَ سَبْعَ (1) عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍِ.
229 - ابْنُ دَرَّاجٍ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَاصِ *
الأَدِيْبُ، إِمَامُ البُلَغَاء وَالشُّعَرَاء، أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَاصِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بن عِيْسَى بنِ دَرَّاجٍ القَسْطَلِّيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَوْ قُلْتُ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ أَشْعَرُ مِنْهُ، لَمْ أُبْعِد، وَقَالَ: لاَ يتَأَخَّر عَنْ شَأْوِ حَبِيْبٍ وَالمُتَنَبِّي (2) .
وَكَانَ مِنْ كُتَّاب الإِنْشَاء فِي دَوْلَةِ المَنْصُوْرِ بن أَبِي عَامِر (3) .
لَهُ دِيْوَانٌ مَشْهُوْرٌ (4) .
عَاشَ أَرْبَعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ. وقَسْطَلَّة (5) بُلَيْدَة.
__________
(1) تحرفت في " الميزان " و" اللسان " إلى " تسع ".
(*) يتيمة الدهر 2 / 103 - 116، جذوة المقتبس 110 - 114، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول / المجلد الأول / 59 - 96، الصلة 1 / 40، بغية الملتمس 158 - 161، معجم البلدان 4 / 347، المطرب ورقة 120، المغرب 2 / 60، 61، وفيات الأعيان 1 / 135، العبر 3 / 142، الوافي بالوفيات 8 / 49 - 52، مسالك الابصار 11 / 201
الروض المعطار 479، 480، النجوم الزاهرة 4 / 272، صفة جزيرة الأندلس 160، نفح الطيب 3 / 178، 195، 196، 231، 341، 342، 441، الرايات ص 73، تاريخ بروكلمان 5 / 121.
(2) انظر " جذوة المقتبس " 113، 114، و" بغية الملتمس " 161، و" نفح الطيب " 3 / 178.
(3) وله فيها مدائح حسنة، منها قصيدة يعارض بها قصيدة أبي نواس الحكمي التي مدح بها الخصيب بن عبد الحميد صاحب الخراج بمصر.
انظر " يتيمة الدهر " 2 / 112 - 114، و" وفيات الأعيان " 1 / 135 - 137، و" الذخيرة " 1 / 1 / 82 - 84.
(4) وقد طبع في دمشق سنة 1961 بتحقيق الدكتور محمود علي مكي.
(5) بفتح القاف وسكون السين المهملة وفتح الطاء المهملة وتشديد اللام، وهي مدينة =(17/365)
230 - ابْنُ أَبِي نَصْرٍ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ بنِ القَاسِمِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُعَدَّلُ، الرَّئِيْسُ، مُسْنِدُ الشَّامِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ عُثْمَانَ بنِ القَاسِمِ بنِ مَعْرُوف بن حَبِيْب التَّمِيْمِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، المُلَقَّب: بِالشَّيْخِ العَفِيْف.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَتَلاَ لأَبِي عَمْرٍو عَلَى أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ، غُلاَم السَّبَّاك.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ الغدَادِيّ - صَاحِبِ الحَسَن بنِ عَرَفَةَ -، وَعَنْ أَبِي عَلِيٍّ بنِ حَبِيْبٍ الحَصَائِرِي، وَخَيْثَمَةَ بنِ سُلَيْمَانَ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ حَذْلَم، وَجَعْفَر بن عَدَبَّس، وَأَحْمَد بنِ سُلَيْمَانَ بن زبَّان الكِنْدِيّ (1) ، ثُمَّ امْتَنَعَ مِنَ التَّحْدِيْث عَنْهُ لضَعْفِهِ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَارَة اللَّيْثِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ هَارُوْنَ، وَعِدَّة.
وَتَفَرَّد بِالرِّوَايَة عَنْ كَثِيْرٍ مِنْ هَؤُلاَءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَرشَأُ بنُ نَظِيْف، وَأَبُو القَاسِمِ الحِنَّائِيّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ طَلاَّب، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمَّان، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي العَلاَءِ المِصِّيْصِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّرْبَنْدِي، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ آخِرُهُم مَوْتاً عَبْدُ الكَرِيْم بنُ
__________
= بالاندلس يقال لها: قسطلة دراج. قال ابن خلكان: ولا أعلم أهي منسوبة إلى جده دراج المذكور أم إلى غيره والله أعلم.
انظر " جذوة المقتبس " 110، و" وفيات الأعيان " 1 / 139، و" معجم البلدان " 4 / 347.
ولم ترد هذه النسبة عند السمعاني في " الأنساب " ولا استدركها ابن الأثير في " اللباب ".
(*) العبر 3 / 137، شذرات الذهب 3 / 215، 216.
(1) انظر ترجمته في " الإكمال " لابن ماكولا 4 / 120.(17/366)
المُؤَمَّل الكَفْرطَابِي.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ الدَّرْبَنْدِي: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ بِدِمَشْقَ، وَكَانَ خَيراً مِنْ أَلفٍ مِثْلِه إِسْنَاداً وَإِتقَاناً وَزُهْداً مَعَ تَقَدُّمِهِ (1) .
قَالَ رشَأ بنُ نَظِيْف: قَدْ شَاهَدْتُ سَادَاتٍ، فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي نَصْرٍ، كَانَ قُرَّةَ عين (2) .
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ: تُوُفِّيَ شَيْخُنَا ابْنُ أَبِي نَصْرٍ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَة عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَلَمْ أَرَ جِنَازَةً كَانَتْ أَعْظَمَ مِنْ جِنَازَتِهِ، كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْث يُهَلِّلُوْنَ وَيُكَبِّرُوْنَ، وَيُظهرُوْنَ السُّنَّة، وَحَضَرَهَا جَمِيْعُ أَهْلِ البَلَد، حَتَّى اليَهُوْدُ وَالنَّصَارَى، وَلَمْ أَلقَ شَيْخاً مِثْلَهُ زُهْداً، وَوَرَعاً وَعِبَادَةً وَرِئَاسَة (3) .
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً عَدْلاً رضىً.
وَكَانَ يُلَقَّبُ بِالعَفِيْفِ.
وَكَانَتْ أُصُوْلُهُ حِسَاناً بخطِّ ابْنِ فُطَيْس (4) وَالحَلَبِيّ (5) ، وَقَدْ جمع لَهُ أَبُو العَبَّاسِ ابْنُ السِّمْسَار طُرُقَ حَدِيْثِ: (نِعْمَ الإِدَامُ الخَلُّ) (6) .
__________
(1) انظر " العبر " 3 / 137، و" الشذرات " 3 / 251.
(2) المصادر السابقة.
(3) " العبر " 3 / 137، و" الشذرات " 3 / 215، 216.
(4) هو عبد الرحمن بن محمد بن فطيس، تقدمت ترجمته برقم (123) .
(5) هو أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق القاضي الحلبي المتوفي سنة 396، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (404) .
(6) أخرجه من حديث جابر بن عبد الله أحمد 3 / 301 و304 و352 و364 و371 و389 و390 و400، ومسلم (2052) وأبو داود (3820) و (3821) والترمذي (1839) والدارمي 2 / 101، وابن ماجة (3317) وأخرجه من حديث عائشة مسلم (2051) والترمذي (1840) والدارمي 2 / 101، وابن ماجة (3316) .(17/367)
قُلْتُ: آخِرُ مَنْ رَوَى حَدِيْثَهُ عَالِياً كَرِيْمَةُ القُرَشِيَّة (1) .
وَقَعَ لَنَا جُمْلَةٌ مِنْ طَرِيْقِهِ مِنْهَا أَكْثَرُ مغَازِي ابْنِ عَائِذ (2) .
231 - الكَاغَدِيُّ مَنْصُوْرُ بنُ نَصْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ *
مُسْنِدُ سَمَرْقَنْد، الشَّيْخُ، أَبُو الفَضْلِ مَنْصُوْرُ بنُ نَصْرِ بن عَبْدِ الرَّحِيْمِ بن مَتّ السَّمَرْقَنْدِيُّ، الكَاغَديُّ، وَإِليه يُنْسَبُ الوَرَقُ العَالِي المَنْصُوْرِي.
كَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنِ الهَيْثَمِ بنِ كُلَيْب الشَّاشِيّ، وَأَبِي جَعْفَر مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الجَمَّال، وَعَاشَ نَحْواً مِنْ مائَة عَام.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ خِذَام (3) ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الأَصْبَهَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ البُخَارِيّ، وَالفَقِيْه أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ، وَآخَرُوْنَ مِنْ أَهْلِ مَا وَرَاء النَّهر.
تُوُفِّيَ: بِسَمَرْقَنْدَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(1) هي كريمة بنت المحدث العدل أبي محمد عبد الوهاب بن علي، مسندة الشام، أم الفضل القرشية الاسدية الزبيرية الدمشقية، وتعرف ببنت الحبقبق، توفيت سنة 641 هـ، ستأتي ترجمتها في الجزء الثاني والعشرين.
(2) هو الامام المؤ رخ أبو عبد الله محمد بن عائذ القرشي الدمشقي، المتوفى سنة 234 هـ، مرت ترجمته في الجزء الحادي عشر برقم (33) .
(*) الأنساب 10 / 327، اللباب 3 / 76، العبر 3 / 152، 153، شذرات الذهب 3 / 226.
والكاغدي: نسبة إلى الكاغد بالدال والذال فارسي معرب، وهو ورق الكتابة.
(3) كذا الأصل بالخاء والذال المعجمتين، وفي " مشتبه المؤلف " 1 / 146: وبخاء معجمة علي بن محمد الخذامي في أجداده خذام ... وعلق ابن ناصر الدين في " توضيح المشتبه " 1 / 126 فقال: وجدت المصنف (أي الذهبي) نقط الدال فوقه بخطه في الموضعين، والصواب إهمالهما، وقبلها خاء معجمة مكسورة، وهكذا قيده الأمير 3 / 7، وابن السمعاني 5 / 57، وغيرهما، وكأن المصنف تبع ابن نقطة، فإنه عطفه على الجذامي بالجيم والذال المعجمة، فقال: وأما الخذامي بكسر الخاء المعجمة والباقي مثله وذكره.(17/368)
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الحُرْفِيّ (1) ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القُوْمِسَانِيّ (2) ، وَأَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن شَهْرَيَار، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسْنُوَيْه المُعَلِّم، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ رَجَاء بعسقلاَن.
232 - الرَّزَّازُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ البَغْدَادِيُّ، الرَّزَّاز.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلَاث مائَة.
وَسَمِعَ: عُثْمَانَ بنَ أَحْمَدَ بنِ السَّمَّاكِ، وَأَبَا بَكْرٍ النَّجَّاد، وَعَبْدَ الصَّمَدِ بن عَلِيٍّ الطَّسْتِي، وَأَبَا سَهْل بنَ زِيَادٍ، وَأَبَا عُمَرَ غُلاَم ثَعْلَب، وَمَيْمُوْنَ بن إِسْحَاقَ، وَجَعْفَراً الخُلْدِيّ، وَعَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ القُرَشِيّ، وَدعْلَجاً السِّجْزِيَّ.
وَتَلاَ لحَمْزَةَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ مِقْسَم، عَنْ إِدْرِيْس الحَدَّاد.
تَلاَ عَلَيْهِ: عَبْد السَّيِّد بنُ عتَّاب (3) وَغَيْرهُ.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيُّ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ البَغَاددَة وَالخُرَاسَانيَة، وَغَيْرهُم.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (270) .
(2) سترد ترجمته برقم (296) .
(*) تاريخ بغداد 11 / 330، الأنساب 6 / 108، اللباب 2 / 23، العبر 3 / 132، ميزان الاعتدال 3 / 113، لسان الميزان 4 / 196، غاية النهاية 2 / 523، شذرات الذهب 3 / 213. والرزاز اسم لمن يبيع الرز.
(3) ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 356.(17/369)
وَرَوَى الكَثِيْر، وَكُفَّ بَصَره بِأَخَرَة، وَكَانَ لَهُ حَانُوْتٌ فِي الرَّزَّازين (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ كَثِيْرَ السَّمَاع وَالشُّيُوْخ، وَإِلَى الصِّدْقِ مَا هُوَ، شَاهدتُ جُزءاً مِنْ أُصُوْله مِنْ أَمَالِي ابْنِ السَّمَّاكِ، فِي بَعْضِهَا سَمَاعُهُ بِالخَطِّ القَدِيْمِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ قَدْ غُيِّر بَعْد وَقتٍ وَفِيْهِ إِلحَاقٌ بخطٍّ جَدِيد.
مَاتَ: فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة (2) .
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْر العَالِي (3) بهَرَاة، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جِبارَة - بِكَسْر الْجِيم - الجَوْهَرِيُّ بِدِمَشْقَ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مِشْماس الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَلِيٍّ أَحْمَد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّكْوَانِيّ (4) ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ البَزَّاز، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ حِيْدٍ (5) ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الثَّقَفِيّ.
233 - ابْنُ مَخْلَدٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ وَقْتِهِ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَخْلَدٍ البَغْدَادِيُّ، البَزَّاز (6) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 330.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 331.
(3) سترد ترجمته برقم (241) .
(4) سترد ترجمته برقم (289) .
(5) سترد ترجمته برقم (249) .
(*) تاريخ بغداد 3 / 231، 232، المنتظم 8 / 37، العبر 3 / 133، الوافي بالوفيات 1 / 118، البداية والنهاية 12 / 25، النجوم الزاهرة 4 / 270، شذرات الذهب 3 / 214.
(6) تصحف في " تاريخ بغداد " 3 / 231 إلى " البزار " بالراء المهملة.(17/370)
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ الصَّفَّار، وَأَبِي جَعْفَرٍ بن البَخْتَرِيّ، وَعُمَر بن الحَسَنِ الأُشْنَانِيّ، وَعُثْمَان بنِ السَّمَّاكِ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَجَعْفَرٍ الخُلْدِيّ، وَغَيْرهم.
وَهُوَ خَاتمَةُ أَصْحَابِ ابْن البَخْتَرِيِّ وَالصَّفَّار.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَعَلِيُّ بنُ طَاهِرٍ المَوْصِلِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ المِصِّيْصِيّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ البُسْرِيّ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الرَّبَعِيّ، وَعَبْدُ السَّمِيع بنُ عَلِيٍّ الهَاشِمِيّ، وَأَبُو تَمَّام هِبَةُ اللهِ بن مُحَمَّدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ بن خُشَيْش، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَيَانٍ الرَّزَّاز، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ صَدُوْقاً، أَثْنَى عَلَيْهِ أَبُو القَاسِمِ اللاَّلْكَائِيُّ، وَكَانَ جَمِيْلَ الطَّريقَةِ لَهُ أُنْسَةٌ بِالعِلْم، وَمَعْرِفَةٌ بِشَيْءٍ مِنَ الفِقْه عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ العِرَاقِ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، كتبنَا عَنْهُ.
وَبلغنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ كفن (1) .
قُلْتُ: مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 331، 232.
قال ابن الجوزي: وكان ذا حال ونعمة، وعرضت عليه الشهادة، فأباها، وأشفق من المصادرة، فخرج إلى مصر، فأقام بها سنة، ثم عاد، فألزم في التقسيط على الكرخ الذي وقع في سنة سبع عشرة ما أفقره، حتى إنه توفي في ربيع الأول من هذه السنة ولم يكن عنده كفن، فبعث القادر بالله أكفانه من عنده. " المنتظم " 8 / 37.(17/371)
234 - ابْنُ الفَخَّارِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ يُوْسُفَ القُرْطُبِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، عَالِمُ الأَنْدَلُس، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ يُوْسُفَ بنِ الفَخَّار القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عِيْسَى اللَّيْثِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ البَاجِي، وَأَبِي جَعْفَرٍ بن عَوْنِ اللهِ، وَطَبَقَتِهِم، وَحَجَّ، وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنْ طَائِفَة.
وَجَاوَرَ بِالمَدِيْنَةِ.
وَقَدْ تَفَقَّهَ بِأَبِي مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي، وَأَبِي عُمَرَ بن المكْوِي.
وَكَانَ رَأْساً فِي الفِقْهِ، مُقَدَّماً فِي الزُّهْد، مَوْصُوَفاً بِالحِفْظ، مُفْرِطَ الذَّكَاء، عَارِفاً بِالإِجْمَاعِ وَالاخْتِلاَف، عَدِيْمَ النَّظِيْر، يَحْفَظُ المُدَوَّنَة سرداً، وَالنَّوَادر لأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ (1) .
أُريد عَلَى الرُّسليَّة إِلَى أُمرَاء البَرْبَر، فَأَبَى وَقَالَ: بِي جفَاءٌ، وَأَخَافُ أَنْ أُوذى.
فَقَالَ الوَزِيْر: وَرَجُلٌ صَالِحٌ يخَافُ المَوْتَ!
فَقَالَ: إِنْ أَخَفْهُ، فَقَدْ خَافَهُ أَنْبِيَاءُ الله، هَذَا مُوْسَى قَدْ حَكَى اللهُ عَنْهُ: {فَرَرَرْتُ مِنْكُم لَمَّا خِفْتُكُم} (2) [الشُّعَرَاء:21] .
قَالَ ابْنُ حَيَّان: تُوُفِّيَ الفَقِيْهُ الحَافِظُ المُشَاوَرُ، المُسْتَبْحِرُ
__________
(*) ترتيب المدارك 4 / 724 - 726، الصلة 2 / 510 - 512، العبر 3 / 132، دول الإسلام 1 / 249، الوافي بالوفيات 4 / 245، الديباج المذهب 2 / 235، 236، النجوم الزاهرة 4 / 268، نفح الطيب 2 / 60، 61، شذرات الذهب 3 / 213، شجرة النور 1 / 112.
(1) انظر " الصلة " 2 / 510، و" نفح الطيب " 2 / 61.
(2) انظر " الصلة " 2 / 510.(17/372)
الرِّوَايَة، البَعِيْدُ الأَثَر، الطَّوِيْلُ الهِجْرَةِ فِي طَلَبِ العِلْمِ، النَّاسكُ المُتَقَشِّفُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الفَخَّار بِمَدِينَةِ بَلَنْسِيَة فِي عَاشر ربيع الأَوّل سَنَة تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
فَكَانَ الحفلُ فِي جِنَازَتِهِ عَظِيْماً.
وَعَاين النَّاسُ فِيْهَا آيَةً مِنْ طيورٍ شبهِ الخُطَّافِ (1) - وَمَا هِيَ بِهَا - تخلَّلتِ الجمعَ رَافَّةً فَوْقَ النَّعشِ، جَانحَةً إِلَيْهِ مشِفَّةً إِلَيْهِ، لَمْ تُفَارق نَعْشَهُ إِلَى أَنْ وُورِي، فَتَفَرَّقَتْ وَتَحَدَّثَ النَّاسُ بِذَلِكَ وَقتاً.
مَكَثَ مُدَّة بِبَلَنْسِيَة مُطَاعاً، عَظِيْمَ القَدْرِ عِنْد السُّلْطَان وَالعَامَّة، وَكَانَ ذَا مَنْزِلَةٍ عَظِيْمَةٍ فِي الفِقْهِ وَالنُّسك، صَاحِبَ أَنباء بَدِيْعَة (2) .
قَالَ جُمَاهر بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: صَلَّى عَلَى ابْنِ الفَخَّار الشَّيْخُ خَلِيْلٌ التَّاجِرُ، وَرَفْرَفَتْ عَلَيْهِ الطَّيرُ إِلَى أَنْ تَمَّتْ مُوَارَاتُهُ (3) .
وَكَذَا ذَكَرَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ القُبَّشِيُّ مِنْ خَبَرِ الطُّيُور، وَزَاد: كَانَ عُمُرُه نَحْو الثَّمَانِيْنَ، وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ مُجَابُ الدَّعْوَةِ.
وَاخْتُبِرَتْ دَعْوَتُهُ فِي أَشْيَاء (4) .
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: مَاتَ فِي سَابع ربيع الأَوّل سَنَة 419 عَنْ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَهُوَ آخِر الفُقَهَاء الحُفَّاظ، الرَّاسِخِيْن العَالِمِين بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالإِندلس - رَحِمَهُ اللهُ - (5) .
__________
(1) في " اللسان " نقلا عن ابن سيده: والخطاف: العصفور الأسود، وهو الذي تدعوه العامة عصفور الجنة، وجمعه خطاطيف.
(2) " الصلة " 2 / 511، و" نفح الطيب " 2 / 61.
(3) " الصلة " 2 / 512.
(4) المصدر السابق.
(5) " الصلة " 2 / 511، و" نفح الطيب " 2 / 61.(17/373)
وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: كَانَ أَحَفَظَ النَّاسِ، وَأَحَضَرَهَم عِلْماً، وَأَسْرَعَهُم جَوَاباً، وَأَوقَفَهُم عَلَى اخْتِلاَفِ الفُقَهَاء وَتَرْجِيْحِ المَذَاهب، حَافِظاً للأَثر، مَائِلاً إِلَى الحُجَّة وَالنَّظَر.
فَرَّ عَنْ قُرْطُبَة إِذْ نذرت البَرْبَر دَمَهُ عِنْدَ غَلَبَتِهِم عَلَى قُرْطُبَة (1) .
قُلْتُ: سَمِيُّه الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الفَخَّار المَالقِي، مَاتَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَخَمْس مائَة.
235 - ابْنُ العَجُوْزِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَحْمَدَ الكُتَامِيُّ *
مُفْتِي المَغْرِب، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ الرَّحِيْم بنُ أَحْمَدَ الكُتَامِيُّ (2) ، المَالِكِيُّ، مِنْ بَيْت حِشْمَةٍ وَرِئاسَةٍ.
دَارَتِ الفُتْيَا عَلَيْهِ بِسَبْتَة، وَفِي عَقِبِهِ أَئِمَّةٌ نُجَبَاء (3) .
لاَزَمَ أَبَا مُحَمَّدٍ بن أَبِي زَيْدٍ، وَسَمِعَ مِنَ الأَصِيْلِي.
رَوَى عَنْهُ: قَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ المَأْمُوْنِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يَعْقُوْبَ الكَلاَعِيّ، وَأَهْلُ سَبْتَة، وَكَانَ مِنْ بُحُور العِلْم.
مَاتَ: سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة أَوْ بَعْدهَا.
وَمَاتَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وفِي ذُرِّيَّتِهِ أَئِمَّةٌ كِبَار بِالمَغْرِب.
__________
(1) " ترتيب المدارك " 4 / 724، 725.
(*) ترتيب المدارك 4 / 720، 721، العبر 3 / 138، الديباج المذهب 2 / 4، 5، شذرات الذهب 3 / 216، شجرة النور 1 / 115.
(2) نسبة إلى كتامة، وهي قبيلة من البربر نزلت ناحية من بلاد المغرب.
(3) ترجم لهم القاضي عياض باختصار في " ترتيب المدارك " 4 / 721.(17/374)
236 - صَالِحُ بنُ مِرْدَاسٍ أَسَدُ الدَّوْلَةِ الكِلاَبِيُّ *
المَلِكُ، أَسَدُ الدَّوْلَةِ الكِلاَبِيُّ، مِنْ وُجُوْهِ العَرَبِ.
تَمَلَّكَ حَلَبَ، وَانْتَزَعَهَا مِنْ مُرْتَضَى الدَّوْلَةِ نَائِبِ الظَّاهِرِ العُبِيْدِيِّ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَأَقبَلَ لِمُحَارَبَتِهِ المِصْرِيُّونَ، عَلَيْهِم الدِّزْبَرِي (1) ، فَكَانَ المَصَافُّ بِالأُقْحُوَانَة (2) فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَة عِشْرِيْنَ، فَقُتِلَ صَالِح، وَكَانَ بِيَدِهِ بَعْلَبَكَّ أَيْضاً (3) . وَنَجَا وَلدُهُ أَبُو كَامِلٍ نَصْرٌ، فَتَمَلَّكَ حَلَبَ، وَلُقِّبَ سَيِّد الدَّوْلَة (4) .
وَبَقِيَ إِلَى سَنَة تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ، فَاقتتل هُوَ وَعسكرُ مِصْر عِنْد حمَاة، فَقُتِلَ نَصْرٌ وَأَخَذَ الدِّزْبَرِيُّ حَلَبَ وَالشَّامَ كُلَّه، إِلَى أَنْ مَاتَ بِحَلَب فِي سَنَةِ 434 (5) فَأَقبل مِنَ الرَّحْبَة ثُمَالُ بنُ صَالِحٍ، وَهُوَ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ، فَتَمَلَّكَ حَلَبَ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ، فَقَاتله المِصْرِيُّون، فَهَزمَهُم، ثُمَّ التَقَوهُ، فَهَزَمَهُم، وَتَمَكَّنَ، ثُمَّ صَالَحَ صَاحِبَ مِصْر، وَرَاحَ إِلَى
__________
(*) الكامل في التاريخ 9 / 210 و227 - 234، زبدة الحلب 1 / 277، وفيات الأعيان 2 / 487، 488، المختصر في أخبار البشر 2 / 140 - 142، العبر 3 / 250، دول الإسلام 1 / 250، تتمة المختصر 1 / 488 - 490، تاريخ ابن خلدون 4 / 271، 272، شذرات الذهب 3 / 136.
(1) هو أمير الجيوش نوشتكين بن عبد الله التركي، سترد ترجمته برقم (334) وقد تحرف في " تاريخ " ابن خلدون 4 / 272 و273 إلى " الدريدي " و" الوزيري ".
(2) الاقحوانة: اسم لعدة مواضع، والمقصود هنا: بليدة بالشام من أعمال فلسطين بالقرب من طبرية.
انظر " معجم البلدان " 1 / 234، و" وفيات الأعيان " 2 / 488.
(3) انظر " الكامل " 9 / 230، 231، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 272.
(4) في " الكامل " 9 / 241 و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 272 و" المختصر في أخبار البشر " 2 / 141: " شبل الدولة ".
(5) " الكامل " 9 / 231، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 272، 273.(17/375)
مِصْر (1) ، فَتَوَثَّبَ ابْنُ أَخِيْهِ مَحْمُوْد (2) ، وَحَارَبَ وَتَمَلَّكَ، وَجرت لَهُ أَحْوَالٌ، حَتَّى مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (3) .
وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ نَصْرُ بنُ مَحْمُوْدِ بن نَصْرِ بن صَالِح بن مِرْدَاس أَيَّاماً، وَقُتِلَ فَتَمَلَّكَ أَخُوْهُ سَابِق (4) ، فَدَام إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
فَانتزع مِنْهُ صَاحِبُ المَوْصِل حَلَبَ، وَهُوَ مُسْلِمُ بنُ قُرَيْش (5) .
237 - إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَنَالَ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ المَحْبُوْبِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو إِبْرَاهِيْمَ المَحْبُوْبِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: مَوْلاَهُ؛ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَحْبُوْبٍ المَرْوَزِيُّ (جَامِعَ أَبِي عِيْسَى) .
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ الدَّاربُرْدِي وَهُوَ خَاتِمَةُ مَنْ سَمِعَ مِنِ: ابْنِ مَحْبُوْب.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ ثِقَةً عَالِماً، أَدْرَكْتُ بِحَمْدِ اللهِ نَفَراً مِنْ أَصْحَابِهِ.
قُلْتُ: وَلأَبِي الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَدَّاد مِنْهُ إِجَازَةٌ مَشْهُوْرَةٌ بِمَرْوِيَّاتِهِ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ: مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) انظر " الكامل " 9 / 232، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 273.
(2) في الأصل: " فتوثب أخوه محمد " وهو خطأ.
(3) انظر تفصيل ذلك في " الكامل " 9 / 232 - 234 و10 / 11، 12، وذكر ابن الأثير وفاته سنة ثمان وستين، ثم أورد وفاته في 10 / 105 سنة تسع وستين، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 273 - 275، و" المختصر في أخبار البشر " 2 / 140، 142.
(4) " الكامل " لابن الأثير 9 / 234، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 275.
(5) " الكامل " 10 / 114، 115، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 275.
(*) العبر 3 / 142، 143، شذرات الذهب 3 / 219.(17/376)
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
زَادَ غَيْره: مَاتَ فِي صَفَرٍ مِنْهَا.
238 - الجَمَّالُ الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، الجَمَّالُ.
لَهُ جُزْءٌ مَشْهُوْرٌ سمِعنَاهُ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ فَارِس، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الثَّقَفِيّ.
وَعَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الخَبَّاز، وَعَلِيُّ بنُ الفَضْلِ بنِ عَبْدِ الرَّزَّاق اليَزْدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَرْدَوَيْه، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
239 - البَجَّانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ **
الشَّيْخُ، الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ يَعْقُوْبَ الأَنْدَلُسِيُّ، البَجَّانِيُّ، المَالِكِيُّ.
وَبَجَّانَة: بُلِيْدَةٌ بِالأَنْدَلُسِ (1) ، مُسْتَفَادٌ مَعَ بِجَايَة (2) المَدِيْنَةِ النَّاصِرِيَةِ، الَّتِي أَنشأَهَا الأَمِيْرُ النَّاصرُ بنُ عَلنَاس بغربِي إِفْرِيْقِيَة، وَهِيَ بَلَد كَبِيْرَةٌ عَامرَة.
__________
(*) العبر 3 / 143، شذرات الذهب 3 / 219.
(* *) جذوة المقتبس 193، الصلة لابن بشكوال 1 / 141، 142، بغية الملتمس 266، العبر 3 / 143، 144، شذرات الذهب 3 / 219.
(1) انظر الصفحة 188 ت رقم (3) .
(2) بكسر الباء وتخفيف الجيم وألف وياء. انظر " معجم البلدان " 1 / 339.(17/377)
سَمِعَ: أَبُو عَلِيٍّ مِنْ أَبِي عُثْمَانَ سَعِيْدِ بن فَحْلُوْنَ خَاتمَةِ أَصْحَابِ يُوْسُف المغَامِي (1) .
وَتُوُفِّيَ ابْنُ فَحْلُوْنَ شَيْخُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ هُوَ آخِرَ مَنْ رَأَى ابْنَ فَحْلُوْنَ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَوْلاَنِيُّ، وَقَالَ: كَانَ قَدِيْمَ الطَّلَبِ، كَثِيْرَ السَّمَاع، مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، عُمّر طَوِيْلاً، وَاحْتِيْجَ إِلَيْهِ، وَقَارب المائَة (2) .
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عتَّاب، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو بَكْرٍ المُصْحَفِي، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ العُذْرِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ علوُّ الإِسْنَاد بِالأَنْدَلُسِ.
مَاتَ: سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: الكِبَار: القَاضِي أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ (3) ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ مُوْسَى الصَّيْرَفِيّ (4) ، وَسُلْطَانُ الوَقْتِ مَحْمُوْدُ بنُ سُبُكْتِكِيْن (5) ، وَأَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَنَال المَحْبُوْبِي (6) ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ البَاطِرْقَانِيّ،
__________
(1) نسبة إلى مغام كسحاب كما في " معجم البلدان " 5 / 161 وكغراب كما في " اللباب " 3 / 240، وهي قرية من أعمال طليطلة، وانظر " جذوة المقتبس " 373، و" تاج العروس " 9 / 70.
(2) " الصلة " 1 / 141.
(3) تقدمت ترجمته برقم (221) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (218) .
(5) سترد ترجمته برقم (319) .
(6) تقدمت ترجمته برقم (237) .(17/378)
وَأَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْد بن الحُسَيْنِ السَّلِيْطِيّ (1) ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المُعَاذِي (2) الأَصَمُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجَمَّالُ (3) .
240 - القَرَّابُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ الحَافِظِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّرَخْسِيُّ، ثُمَّ الهَرَوِيُّ، القَرَّابُ، أَخُو الحَافِظِ الكَبِيْرِ أَبِي يَعْقُوْبَ إِسْحَاقَ (4) .
كَانَ مِنْ أَفرَاد الدَّهْرِ، قُدوَةً فِي الزُّهْد، عَظِيْمَ القَدْرِ.
وُلِدَ: بَعْدَ الثَّلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: مَنْصُوْر بنَ العَبَّاسِ، وَأَبَا بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّد بن مِقْسَم المُقْرِئ، وَأَبَا أَحْمَد بن الغِطْرِيْفِيّ، وَأَبَا عُمَرَ بنَ حَمْدَان، وَأَبَا أَحْمَد الحَاكِم، وَمَخْلَد بن جَعْفَرٍ البَاقَرْحِي، وَبِشْرَ بن أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَعَلِيَّ بنَ عِيْسَى العَاصمِي (5) ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَطَاءٍ عَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَلِيْحِيّ، وَشَيْخُ الإِسْلاَمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَجَمَاعَة.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (251) .
(2) سترد ترجمته برقم (252) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (238) .
(*) طبقات ابن الصلاح 41 ب، طبقات السبكي 4 / 266 - 270، طبقات الاسنوي 2 / 309، 310، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 160، كشف الظنون 599 و745 وتحرف اسمه فيه إلى إسماعيل بن أحمد بن الفرات و1022 و1379 و1839، وهدية العارفين 1 / 209. والقراب: نسبة لمن يعمل القرب.
(4) سترد ترجمته برقم (376) .
(5) نسبة إلى عاصم أحد أجداده.(17/379)
وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيْرَةٌ، مِنْهَا كِتَابُ (درجَات التَّائِبين) ، الَّذِي يَرْوِيْهِ أَبُو الوَقْتِ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْهُ.
وَكَانَ مُقَدَّماً فِي عِدَّةِ عُلُوم، رَأْساً فِي الزُّهْد وَالتَّأَلُّه.
وَصَنَّفَ كِتَاباً فِي (منَاقب الشَّافِعِيّ (1)) .
قَالَ الحَافِظُ يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيُّ: كَانَ فِي عِدَّةٍ مِنَ العُلُوم إِمَاماً، مِنْهَا القرَاءاتُ وَالحَدِيْثُ وَالفِقْهُ وَمعَانِي القُرْآن وَالأَدبُ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِيْهَا فِي غَايَةِ الحُسْن.
قَالَ: وَلَهُ كِتَاب (الجمعِ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ) ، بِأَسَانيده، وَكَانَ فِي الزُّهْدِ وَالتَّقلُّل مِنَ الدُّنْيَا آيَةً، فَلَمْ تَجِدْ سُوقُ فضلِهِ بهَرَاةَ نَفَاقاً، كَانَ الصِّيْتُ إِذْ ذَاكَ لِيَحْيَى بنِ عَمَّار (2) .
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ الصَّلاَح: رَأَيْتُ كِتَاب أَبِي مُحَمَّدٍ القَرَّاب المُسَمَّى بـ (الكَافِي فِي علم القُرْآن) ، فِي عِدَّة مُجَلَّدَات، وَهُوَ كِتَابٌ مُمْتِعٌ، مُشْتَمِلٌ عَلَى عِلْمٍ كَثِيْرٍ، وَقَدْ قَالَ فِي (منَاقب الشَّافِعِيّ) :لقيتُ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَاب ابْن سُرَيْج (3) .
وَكَانَ القَرَّابُ قَدْ تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى الإِمَامِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدَّارَكِي (4) .
__________
(1) قال السبكي في " طبقاته الكبرى " 4 / 266: رتبه على مئة وستة عشر بابا، أولها في نسب النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرجع إليه نسب الشافعي، وآخرها أربعون بابا، جمع فيها أربعين حديثا من أحاديث الاحكام من رواية الشافعي بسنده إليه، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو كتاب حافل، رأيت منه نسخة في مجلدين في خزانة كتب دار الحديث الأشرفية بدمشق.
(2) انظر " طبقات " السبكي 4 / 267، 268. ويحيى بن عمار سترد ترجمته برقم (318) .
(3) انظر " طبقات " السبكي 4 / 268.
وابن سريج هو الامام شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج البغدادي القاضي الشافعي، متوفى سنة 306، مرت ترجمته في الجزء الرابع عشر برقم (114) .
(4) انظر " طبقات " السبكي 4 / 268، 269 وعبد العزيز الداركي مرت ترجمته في =(17/380)
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
وَمَاتَ أَخُوْهُ أَبُو يَعْقُوْبَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَمَاتَ أَبوهُمَا الإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي سَنَةِ (1) ...
241 - ابْنُ العَالِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ الخُرَاسَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الصِّدْقُ، خَطِيْبُ بُوْشَنْجَ (2) ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْر بن العَالِي الخُرَاسَانِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا أَحْمَد بنَ عَدِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ السَّرَّاج النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ السَّلِيْطِيّ، وَمُحَمَّدَ بن عَلِيٍّ الغَيْسَقَانِي (3) ، وَأَبَا سَعِيْدٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ كَثِيْر بن دَيْسَم، وَالإِمَامَ أَبَا بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيَّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَاصِمِي البُوْشَنْجِيّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَقَعَ لَنَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيْثه.
تُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة - رَحِمَهُ اللهُ -.
242 - التِّهَامِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَهْدٍ **
شَاعِرُ وَقْتِهِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَهْدٍ التِّهَامِيُّ.
__________
= الجزء السادس عشر.
(1) كذا الأصل، لم يذكر سنة وفاته، ولم نجدها في مصادر ترجمته.
(*) الأنساب 8 / 318، اللباب 2 / 305، العبر 3 / 131، المشتبه 2 / 429، تبصير المنتبه 3 / 891، شذرات الذهب 3 / 211.
(2) ويقال فوشنج بالفاء، كأصبهان واصفهان وغيرها من الكلمات الفارسية التي تقال بالباء والفاء.
(3) لم نعثر على هذه النسبة في كتب الأنساب.
(* *) دمية القصر 1 / 135 - 153، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / =(17/381)
لَهُ (دِيْوَانٌ) صَغِيْرٌ (1) ، وَكَانَ دَيِّناً، وَرِعاً عَنِ الهجَاء.
وُلِدَ: بِاليَمَنِ، وَقَدِمَ الشَّامَ وَالعِرَاقَ وَالجبل، وَامتدح ابْنَ عَبَّاد، وَصَارَ مُعتزليّاً، ثُمَّ وَلِي خطَابَةَ الرَّمْلَة، وَزعم أَنَّهُ علوِيٌّ.
وَذَهَبَ إِلَى مِصْرَ بِخَبَرٍ لحَسَّان بنِ مُفَرِّج، فَقُتِلَ سِرّاً سَنَة سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة (2) .
243 - الجَرْجَرَائِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، المُفِيْدُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ بنِ سُلَيْمَانَ الجَرْجَرَائِيُّ، الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ، تِلْمِيْذُ مُحَدِّث بَلَدِهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المُفِيْد (3) .
__________
= المجلد الثاني / 537 - 549، وفيات الأعيان 3 / 378 - 381، المختصر في أخبار البشر 2 /
155، 156، العبر 3 / 122، تتمة المختصر 1 / 508، 509، مرآة الجنان 3 / 30، تتمة اليتيمة 1 / 37، البداية والنهاية 12 / 19، 20، النجوم الزاهرة 4 / 263، شذرات الذهب 3 / 204.
(1) وهو مطبوع عام 1813 في الإسكندرية.
ومن جيد شعره مرثيته التي قالها في رثاء ولده وكان قد مات صغيرا، وأولها: حكم المنية في البرية جار * ما هذه الدنيا بدار قرار ومنها: جاورت أعدائي وجاور ربه * شتان بين جواره وجواري وتلهب الاحشاء شيب مفرقي * هذا الشعاع شواظ تلك النار ومنها في ذم الدنيا: طبعت على كدر وأنت تريدها * صفوا من الاقذاء والاكدار ومكلف الايام ضد طباعها * متطلب في الماء جذوة نار وقد طبعت مرثيته هذه في كتاب " بلوغ الارب " بشرح قصيدة من كلام العرب.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 381.
(*) الأنساب 3 / 224، الوافي بالوفيات 2 / 181، طبقات السبكي 4 / 114، 115، شذرات الذهب 3 / 203.
والجرجرائي: نسبة إلى جرجرايا، وهي بلدة قريبة من الدجلة بين بغداد وواسط.
(3) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.(17/382)
سَمِعَ بِبَغْدَادَ لَمَّا قَدِمَهَا مِنْ: أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الذَّارع وَطَبَقَتِهِ، وَبِجُرْجَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَأَبِي أَحْمَدَ بنِ الغِطْرِيْف، وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بن المُقْرِئ، وَطَائِفَة.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الخَلاَّل وَغَيْرِهِ.
وَببلخ وَأَنطَاكيَة وَالنَّوَاحِي، وَسَمِعَ المُحَدِّثُونَ بَانْتِخَابه.
وَمَا علمْتُ بِهِ بَأْساً.
ذَكَرَهُ الحَافِظُ ابنُ عَسَاكِر مُختصراً، وَعَرفه أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ النَّجَّار، وَذكر أَنَّهُ رَوَى عَنْهُ: هَنَّادُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّسَفِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَامَا الحَافِظ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُخَارِيُّ الحَافِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ البَاطِرْقَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِح العَطَّار، وَآخَرُوْنَ.
سَكَنَ بُخَارَى فِي آخِرِ عُمُرِهِ.
وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالفَهْم وَالمعرفَة.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
أَحسبه مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ.
244 - ابْنُ فَنْجَوَيْهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُفِيْدُ، بَقِيَّةُ المَشَايِخ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحِ بنِ شُعَيْب بنِ فَنْجَوَيْهِ الثَّقَفِيُّ، الدِّيْنَوَرِيُّ.
رَوَى عَنْ: هَارُوْنَ العَطَّارِ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ حَبَش، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ السُّنِّي، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَعِيْسَى بنِ حَامِد الرُّخَّجِي (1) ، وَأَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ حَمْدَانَ الدِّيْنَوَرِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ النِّعَالِيّ، وَعددٍ
__________
(*) العبر 3 / 116 وتصحف فيه إلى " فتحويه " بالتاء المثناة من فوق والحاء المهملة، تبصير المنتبه 3 / 1084، شذرات الذهب 3 / 200 وتصحف فيه كالعبر.
(1) سترد ترجمة هذه النسبة في الترجمة رقم (336) .(17/383)
كَثِيْرٍ، مِنْ أَهْلِ هَمَذَان وَغيرِهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرٌ الأَبْهَرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَة، وَسَعْدُ بنُ حَمْد وَابنَاهُ سُفْيَانُ وَمُحَمَّدٌ، وَأَبُو الفَضْلِ القُوْمِسَانِي، وَأَبُو الفَتْحِ عَبْدُوْس بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعد، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ الأَخْرَم المُؤَذِّن، وَأَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ المُؤَذِّن، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى الكَرْمَانِيّ، وَخَلْق.
قَالَ شِيْرَوَيْه فِي (تَارِيْخِهِ) :كَانَ ثِقَةً صَدُوْقاً، كَثِيْرَ الرِّوَايَةِ لِلْمَنَاكِير، حسنَ الخَطِّ، كَثِيْرَ التَّصَانِيْفِ، دَخَلَ هَمَذَان فَقيراً، فَجَمَعُوا لَهُ، وَسَارَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، فَوَقَعَ لَهُ بِهَا حِشْمَةٌ جَلِيْلَةٌ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيّ فِي التَّفْسِيْر، وَتَكَلَّمَ فِيْهِ الحَافِظُ أَبُو الفَضْلِ الفَلَكِيُّ، وَقَالَ:
مَا سَمِعَ مِنْ [عُبَيْد اللهِ بنِ شَيْبَةَ] (1) .
فَخَرَجَ سَاخِطاً مِنْ هَمَذَان، فَتَبِعَهُ الفَلَكِيُّ، وَاعْتَذَرَ، وَرَجَعَ عَنْ مَقَالَتِهِ، فَكَانَ يَدْعُو عَلَى الفَلَكِيّ.
مَاتَ: بِنَيْسَابُوْرَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
وَقَدْ حَدَّثَ بِالمُجْتبَى مِنْ [ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) ] (2) .
245 - الجَارُوْدِيُّ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ المُتْقِنُ، الجَوَّالُ، أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الجَارُوْدِيُّ، الهَرَوِيُّ.
سَمِعَ: حَامِدَ بنَ مُحَمَّدٍ الرَّفَّاء، وَسُلَيْمَانَ بن أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيّ، وَمُحَمَّدَ
__________
(*) الأنساب 3 / 159، اللباب 1 / 249، 250، تذكرة الحفاظ 3 / 1054 - 1056، العبر 3 / 114، الوافي بالوفيات 2 / 61، طبقات السبكي 4 / 115، 116، طبقات الحفاظ 413، شذرات الذهب 3 / 199.
والجارودي: نسبة إلى الجارود، وهو اسم لبعض أجداده.(17/384)
ابْن عَبْدِ اللهِ السَّلِيْطِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ نُجَيْد السُّلَمِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ الحُسَيْنِ النَّضْرِيَّ المَرْوَزِيَّ، وَأَبَا إِسْحَاقَ القَرَّاب، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ سَلْمَوَيْهِ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَعُمَر بن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الأَهْوَازِيَّ، وَخَلْقاً سُوَاهُم بِنَيْسَابُوْرَ وَأَصْبَهَان وَمَرو وَالحِجَازِ وَالعِرَاقِ وَالرَّيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَطَاءٍ عَبْدُ الأَعْلَى المَلِيْحِيّ، وَشَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ وَأَهْلُ هَرَاة.
وَكَانَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا إِمَامُ أَهْلِ المَشْرِق أَبُو الفَضْلِ الجَارُوْدِيّ (1) .
قَالَ أَبُو النَّضْر (2) الفَامِي: كَانَ أَبُو الفَضْلِ عَدِيْمَ النَّظِيْر فِي العُلُوم، خُصُوْصاً فِي عِلْمِ الحِفْظِ وَالتَّحْدِيْثِ، وَفِي التَّقَلُّل مِنَ الدُّنْيَا وَالاَكتفَاءِ بِالقُوْت، كَانَ وَحيداً فِي الوَرَع، وَقَدْ رَأَى بَعْضُ النَّاس رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ، فَأوصَاهُ بزيَارَة قَبْر الجَارُوديُّ، وَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ فَقيراً سُنّياً (3) .
وَقَالَ بَعْضُ الكِبَار: الجَارُوْدِيِّ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ بهَرَاة تَخْرِيْجَ الفوائِد، وَشرح الرِّجَال وَالتَّصْحِيْح (4) .
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْمَاعِيْل الأَنْصَارِيَّ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ الجَارُوْدِيَّ يَقُوْلُ:
رَحَلْتُ إِلَى الطَّبَرَانِيّ، فَقَرَّبَنِي وَأَدنَانِي، وَكَانَ
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1055، و" طبقات " السبكي 4 / 116.
(2) في " تذكرة الحفاظ " و" طبقات " السبكي: أبو النصر بالصاد المهملة، وهو تصحيف وستأتي ترجمته في الجزء العشرين برقم (203) .
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1055، و" طبقات " السبكي 4 / 116.
(4) المصدران السابقان.(17/385)
يَتَعَسَّر عَلِيَّ، وَيبذُلُ لِآخَرين، فَكَلَّمته فِي هَذَا.
فَقَالَ: لأَنَّكَ تَعْرِفُ قدر هَذَا الشَّأْنِ (1) .
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة وَقَدْ شَاخَ وَأَسنَّ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُوْدِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ القَاضِي بِأَصْبَهَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ الأَخْرَم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْر الطُّوْسِيُّ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ الحُبَاب، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أُسَامَة بن زَيْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاَ يَسْرُدُ سَرْدَكُم هَذَا، يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَةٍ فَصْلٍ يَحْفَظُهُ كُلُّ مِنْ سَمِعَهُ (2) .
246 - السُّكَّرِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّر، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ البَغْدَادِيُّ، السُّكَّرِيُّ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ وَجْهِ العَجُوزِ.
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1055، و" طبقات " السبكي 4 / 116.
(2) سنده حسن أسامة بن زيد صدوق يهم، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 6 / 138 من طريق وكيع بن سفيان بهذا الإسناد، وأخرجه أيضا 6 / 257 من طريق روح، عن أسامة بن زيد به، وأخرجه الترمذي في جامعه (3639) والشمائل (223) من طريق حميد بن مسعدة، عن حميد بن الأسود، عن أسامة بن زيد ... وأخرجه أحمد 6 / 118 و157، ومسلم (2493) وأبو داود (3655) من طريق يونس، عن الزهري به، وعلقه البخاري في صحيحه (3568) ، فقال: وقال الليث: حدثني يونس ... وأخرج البخاري (3567) من طريق الحسن بن الصباح البزار، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحدث حديثا لو عده العاد لاحصاه وقولها: " لا يسرد سردكم " أي: يتابعه، ومثله: فلان يسرد الصوم سردا، أي: يواليه ومنه قوله تعالى (وقدر في السرد) " وهو متابعة حلق الدرع شيئا بعد شيء حتى يتناسق.
(*) تاريخ بغداد 10 / 199، العبر 3 / 125، شذرات الذهب 3 / 208.(17/386)
سَمِعَ مِنْ: إِسْمَاعِيْل الصَّفَّار عِدَّةَ أَجزَاء انْفَرد بِعلُوِّهَا، وَسَمِعَ مِنْ: جَعْفَر الخُلْدِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَجَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ البُسْرِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْنَا عَنْهُ وَكَانَ صَدُوْقاً (1) .
مَاتَ: فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة - رَحِمَهُ اللهُ -.
247 - سَابُوْرُ بنُ أَرْدَشيْرَ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ أَبُو نَصْرٍ *
الوَزِيْرُ الأَوْحَدُ، البَلِيْغُ، بَهَاءُ الدَّوْلَةِ، أَبُو نَصْرٍ.
وزر لبهَاءِ الدَّوْلَة بنِ عَضُدِ الدَّوْلَة.
وَكَانَ شَهْماً مَهِيْباً كَافياً، جَوَاداً مُمَدَّحاً، لَهُ بِبَغْدَادَ دَارُ عِلْم (2) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ مخدومُه (3) بِأَرَّجَان سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة كَهْلاً.
وَقَدْ مَدَحَ سَابورَ البَبَّغَاءُ، وَطَائِفَةٌ (4) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 199.
(*) يتيمة الدهر 3 / 124 - 131، المنتظم 8 / 22، 23، الكامل في التاريخ 9 / 350، وفيات الأعيان 2 / 354 - 356 وانظر فيه معنى سابور وأردشير، البداية والنهاية 12 / 19.
(2) قال ابن الجوزي: وابتاع دارا بين السورين في سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة، وحمل إليها كتب العلم من كل فن، وسماها دار العلم، وكان فيها أكثر من عشرة آلاف مجلد، ووقف عليها الوقوف، وبقيت سبعين سنة، وأحرقت عند مجئ طغرلبك في سنة خمسين وأربع مئة. " المنتظم " 8 / 22.
قال ابن خلكان: وإليها أشار أبو العلاء المعري بقوله في القصيدة المشهورة.
وغنت لنا في دار سابور قينة * من الورق مطراب الاصائل ميهال
(3) بهاء الدولة، وقد تقدمت ترجمته برقم (106) .
(4) انظر مدائحهم له في " يتيمة الدهر " 3 / 124 - 131، و" وفيات الأعيان " 2 / 355(17/387)
248 - غُلاَمُ مُحْسِنٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَزْدَادَ الأَصْبَهَانِيُّ، غُلاَم مُحْسِنٍ.
سَمِعَ: أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ فَارِس، وَأَبَا أَحْمَد العَسَّال.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ عُمَر بنُ أَحْمَدَ المُعَلِّم، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَافِظِ ابْن مَرْدَوَيْه، وَجَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايخ الحَافِظ السِّلَفِيّ.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثمَانِي عَشْرَة وَأَرْبَع مائَة.
249 - ابْنُ حِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
العَدْلُ، الرَّئِيْسُ، المُجَاهِدُ، الغَازِي، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حِيْدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الجَوْهَرِيُّ، الصَّيْرَفِيُّ، أَحَدُ الكُبَرَاء، وَإِليه يُنْسَبُ قَصْرُ حِيْد.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَمِنْ أَبِي عَمْرٍو بنِ نُجَيْدٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى المُزَكِّي، وَجَمَاعَةٌ آخرهُم حَفِيْدُهُ مَنْصُوْرُ بنُ بَكْر بن مُحَمَّدِ بنِ حِيْدٍ (1) .
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ سَنَة تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
وَلَهُ جُزءٌ مَشْهُوْرٌ عَنِ الأَصَمّ، سمِعنَاهُ عَالِياً.
__________
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة لنا.
(* *) لم نقف له على ترجمة في المصادر.
(1) ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر.(17/388)
250 - السَّهْلِيُّ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ، أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ السَّهْلِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الأَدِيْبُ، شَيْخُ النَّحْوِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَأَبِي الوَلِيْد الفَقِيْه، وَأَبِي الفَضْلِ المُزَكِّي.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ الوَاحِديُّ، وَبِهِ تَأَدَّبَ، وَأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ القُشَيْرِيّ.
وَعَاشَ إِلَى حُدُوْد العِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (1) .
251 - السَّلِيْطِيُّ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ **
الشَّيْخُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ سُلَيْمَانَ السَّلِيْطِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، النَّحْوِيُّ، المُعَدَّل.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى المُزَكِّي، وَشَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ.
وَثَّقَهُ عَبْدُ الغَافِرِ الفَارِسِيّ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(*) تتمة اليتيمة 2 / 23، معجم الأدباء 4 / 261 - 263، إنباه الرواة 1 / 119 ونسبه فيه السهلكي، تلخيص ابن مكتوم: 18، بغية الوعاة 1 / 369 وفيه النهشلي.
(1) قال ياقوت والسيوطي: ومات بعد سنة ست عشرة وأربع مئة.
(* *) إنباه الرواة 1 / 129، تلخيص ابن مكتوم: 21. والسليطي: نسبة إلى سليط أحد أجداده.(17/389)
252 - المُعَاذِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّر، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المُعَاذِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ مَجْلِسَيْن مِنْ أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ: سَمَاعهُ مِنْهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، وَجَمَاعَة.
وَثَّقَه عَبْدُ الغَافِرِ.
253 - الجَصَّاصُ أَبُو مُحَمَّدٍ طَاهِرُ بنُ حَسَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ **
شَيْخُ الزُّهَّاد، أَبُو مُحَمَّدٍ طَاهِرُ بنُ حَسَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الهَمَذَانِيُّ، الجَصَّاصُ.
رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الكِسَائِيّ، صَاحِبِ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيّ، وَعَنْ غَيْرِهِ قَليلاً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُسْلِم بنُ غَزْو.
وَحَكَى عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنَ الفُقَرَاء (1) .
وَلَهُ أَحْوَالٌ وَخَوَارِقُ، وَبَعْضُهُم رمَاهُ بِالزَّنْدَقَةِ.
وَقَدْ عَظَّمَهُ شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيُّ، وَبَالَغَ.
__________
(*) العبر 3 / 143، شذرات الذهب 3 / 219.
(* *) الأنساب 3 / 260، 261.
(1) يعني الصوفية.(17/390)
وَلَهُ مُصَنَّفَات عِدَّة، مِنْهَا (أَحْكَام المُرِيْدِين) مُجَلَّد.
وَكَانَ يقَرَأُ القُرْآنَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيْلَ وَالزَّبُور، وَيَعْرِفُ تَفْسِيْرَهَا فِيْمَا قِيْلَ.
وَسُئِلَ عَنِ التَّوحيد، فَقَالَ: أَنْ يَكُوْنَ رُجُوعُك إِلَى نَفْسِكَ وَنظرُكَ إِلَيْهَا أَشَدَّ عَلَيْكَ مِنْ ضَرْبِ العُنُق.
قَالَ جَعْفَرٌ الأَبْهَرِيُّ: كَانَ لطَاهِرٍ الجَصَّاصِ ثَلاَثُ مائَة تِلْمِيْذ، كُلُّهُم مِنَ الأَوتَاد.
قَالَ مَكِّيُّ بنُ عُمَرَ البَيِّع: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى يَقُوْلُ:
صَامَ طَاهِرٌ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً أَرْبَعِيْنَ مرَّة، فآخرُ أَرْبَعِيْنَ عَمِلَهَا صَامَ عَلَى قِشْرِ الدُّخْنِ، فَلِيُبْسِهِ قَرِعَ رَأَسُهُ، وَاخْتَلَطَ فِي عقله، وَلَمْ أَرَ أَكْثَرَ مُجَاهَدَةً مِنْهُ.
قُلْتُ: فِعْلُ هَذِهِ الأَرْبَعينَات حَرَامٌ قَطْعاً، فعُقباهَا مَوْتٌ مِنَ الخَوَر أَوْ جُنُوْنٌ وَاخْتِلاَطٌ، أَوْ جَفَافٌ يُوْجب للمَرْءِ سَمَاعَ خِطَابٍ لاَ وَجودَ لَهُ أَبَداً فِي الخَارج، فَيَظُنُّ صَاحِبُهُ أَنَّهُ خِطَابٌ إِلِّي (1) ، كلاَ وَاللهِ.
قَالَ شِيْرَوَيْه كَانَ طَاهِرٌ يَذْهَبُ مَذْهَبَ أَهْلِ المَلاَمَة.
وَقَالَ ابْنُ زيرك: حَضَرتُ مَجْلِساً ذُكِرَ فِيْهِ الجَصَّاصُ، فَبَعْضُهُم نَسَبَهُ إِلَى الزَّنْدَقَة وَبَعْضُهُم نَسَبَهُ إِلَى المَعْرِفَة.
وَقِيْلَ: كَانَ تَركَ اللَّحْمَ وَالخُبْزَ، فحوقق فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِذَا أَكَلتُهَا طَالبتْنِي نَفْسِي بِتَقْبِيل أَمرد مليح.
__________
(1) أي: إلهي، فقد جاء في اللسان: الال: الله عزوجل..والمعنى أنه مما يوسوس له يخيل إليه أنه يسمع كلاما ويظن أن الله يخاطبه به.(17/391)
وَكَانَ عَلَيْهِ قَمْلٌ مُفْرِطٌ، لاَ يَقْتلُهُ، وَيَقُوْلُ: لاَ يُؤذِينِي.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَان عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة وَقَبْره يزَار بِهَمَذَان.
254 - النَّسَائِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ زُهَيْرِ بنِ أَخْطَلَ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ زُهَيْر بن أَخطل النَّسَائِيُّ، خَطِيْبُ نَسَا.
سَمِعَ: مِنَ الأَصَمِّ، وَأَبِي حَامِدٍ الحَسْنَوِي، وَابْن عَبْدُوْس الطَّرَائِفِيّ، وَحَسَّان بن مُحَمَّدٍ، وَأَبِي سَهْل بنِ زِيَادٍ القَطَّان، وَعُمِّرَ دَهْراً.
رَوَى عَنْهُ: البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَطَائِفَةٌ.
وَرَحَلَ إِلَيْهِ الفُقَهَاءُ.
تُوُفِّيَ: لَيْلَةَ عِيْدِ الفِطْرِ سَنَة ثمَانِي عَشْرَة وَأَرْبَع مائَة - رَحِمَهُ اللهُ -.
255 - الرَّبَعِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى بنِ الفَرَجِ **
إِمَامُ النَّحْو، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى بنِ الفَرَجِ الرَّبَعِيُّ، البَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
___________
(*) العبر 3 / 129، الوافي بالوفيات 3 / 78، طبقات السبكي 4 / 149، طبقات ابن هداية الله 72، شذرات الذهب 3 / 210، والنسائي: نسبة إلى نسا، وهي مدينة بخراسان
(* *) تاريخ بغداد 12 / 17، 18، نزهة الالباء 341، 342، المنتظم 8 / 46، معجم الأدباء 14 / 78 - 85، إنباه الرواة 2 / 297، الكامل في التاريخ 9 / 392، وفيات الأعيان 3 / 336، العبر 3 / 138، تلخيص ابن مكتوم: 146، عيون التواريخ وفيات 420 هـ، الوافي بالوفيات خ 12 / 134، الفلاكة والمفلوكين 113، 114، طبقات ابن قاضي شهبة 224، 225، النجوم الزاهرة 4 / 271، بغية الوعاة 2 / 181، 182، إشارة التعيين 34، 35، شذرات الذهب 3 / 216، روضات الجنات 843، إيضاح المكنون 1 / 172، هدية العارفين 1 / 686.(17/392)
لاَزَمَ أَبَا سَعِيْدٍ السِّيْرَافِيّ بِبَغْدَادَ، وَأَبَا عَلِيٍّ الفَارِسِيّ بِشِيْرَاز، حَتَّى بَلَغَ الغَايَة.
بَلَغَنَا أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ قَالَ: قُوْلُوا لعلِيٍّ البَغْدَادِيِّ: لَوْ سرتَ مِنَ الشَّرْقِ إِلَى الغَرْبِ، لَمْ تَجِدْ أَحَداً أَنْحَى مِنْكَ (1) .
وَيُقَالُ: وَاظبه بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً (2) .
وَصَنَّفَ (شَرْحاً للإِيْضَاح (3)) ، وَشَرْحاً (لمُخْتَصَر الجَرْمِيّ (4)) .
وَتَخَرَّجَ بِهِ كِبَارٌ.
مَاتَ: فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَقَدْ بَلَغَ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: أَصْلُهُ مِنْ شِيْرَاز.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
256 - ابْنُ مَرْزُوْقٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ المِصْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الجَلِيْلُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ مَرْزُوْقٍ المِصْرِيُّ، الأَنْمَاطِيُّ، المُعَدَّل.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الْورْد (السِّيْرَةَ) ، وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدٍ
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 12 / 17، و" وفيات الأعيان " 3 / 336، و" المنتظم " 8 / 46، و" إنباه الرواة " 2 / 297، و" معجم الأدباء " 14 / 78.
(2) في " الوفيات " و" المنتظم " و" الانباه " و" معجم الأدباء " و" تاريخ بغداد " أنه قرأ عليه عشرين سنة.
(3) وهو في النحو لأبي علي الفارسي المتوفى سنة 377 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) وهو في النحو أيضا، والجرمي هو إمام العربية، صالح بن إسحاق المتوفى 225 هـ، مرت ترجمته في الجزء العاشر برقم (194) . وانظر بقية تصانيف الربعي في " معجم الأدباء " 14 / 79، و" هدية العارفين " 1 / 686.
(*) تهذيب تاريخ دمشق 2 / 77، 78.(17/393)
الحِمْصِيِّ الصَّفَّار، وَحَمْزَةَ الكِنَانِيّ، وَالحُسَيْنِ بن إِبْرَاهِيْمَ الفَرَائِضي الدِّمَشْقِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّال، وَسَمِعَ مِنْهُ الحَبَّالُ (السِّيْرَةَ) تَهْذِيْبَ ابْنِ هِشَام، وَإِنَّمَا يُعْرف الحَبَّالُ بروَايته للسِّيْرَة عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ النَّحَاس.
مَاتَ: ابْنُ مَرْزُوْق سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة - رَحِمَهُ اللهُ -.
257 - ابْنُ المَغْرِبِيِّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ المِصْرِيُّ *
الوَزِيْرُ، الأَدِيْبُ، البَلَيْغُ، أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ ابْنُ الوَزِيْرِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ (1) بنِ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ، المَعْرُوفُ: بِابْنِ المَغْرِبِيِّ.
قَتَلَ الحَاكِمُ أَبَاهُ وَعَمَّه وَإِخْوَتَهُ، فَهَرَبَ هَذَا وَنَجَا، فَأَجَارَهُ أَمِيْرُ العَرَبِ حَسَّانُ بنُ مُفَرِّج الطَّائِيُّ، فَامْتَدَحَهُ، وَأَخَذَ صِلاَتِهِ (2) .
رَوَى عَنِ: الوَزِيْر جَعْفَر بن حِنْزَابه.
وَعَنْهُ: وَلَدُهُ عَبْدُ الحَمِيْدِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الطَّيِّب الفَارِقِي.
__________
(*) الرجال للنجاشي: 51، دمية القصر 1 / 115 - 120، الإشارة إلى من نال الوزارة: 47، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 475 - 515، المنتظم 8 / 32، 33، معجم الأدباء 10 / 79 - 90، الكامل في التاريخ 9 / 321، 331، 335، 362، بغية الطلب 5 / 14 - 30، وفيات الأعيان 2 / 172 - 177، المختصر في أخبار البشر 2 / 155، تتمة اليتيمة 1 / 24، العبر 3 / 128، تتمة المختصر 1 / 507، البداية والنهاية 12 / 23، أعتاب الكتاب 206، لسان الميزان 2 / 301، فحول البلاغة 189، شذرات الذهب 3 / 210، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 312 - 314، النجوم الزاهرة 4 / 266، الدرة المضية 6 / 309 - 312.
(1) في " معجم الأدباء ": " الحسن " بدل " الحسين ".
(2) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 174، 175 و" معجم الأدباء " 10 / 80، 81.(17/394)
وَوَزَرَ لِصَاحِب مَيَّافَارِقِيْن أَحْمَدَ بنِ مَرْوَانَ (1) .
وَلَهُ نَظْمٌ فِي الذّروَة (2) ، وَرَأْيٌ وَدهَاءٌ وَشهرَةٌ وَجلاَلَةٌ، وَكَانَ جَدُّهُم يُلَقَّبُ بِالمَغْرِبِيّ لِكَوْنِهِ خدم كَاتِباً عَلَى دِيْوَان المَغْرِبِ، وَأَصْلُهُ بَصْرِيٌّ (3) .
وَقَدْ قَصَدَ أَبُو القَاسِمِ الوَزِيْر فَخْرَ المُلك، وَتَوَصَّلَ إِلَى أَنْ وَلِيَ الوزَارَةَ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة (4) .
وَلَهُ ترسُّلٌ فَائِقٌ (5) وَذَكَاءٌ وَقَّاد.
وَقَالَ مِهْيَارٌ الشَّاعِر (6) :وَزر ابْنُ المَغْرِبِيّ بِبَغْدَادَ، وَتَعَظَّمَ وَتَكَبَّرَ، وَرهِبَهُ النَّاسُ، فَانقبضتُ عَنْ لقَائِه، ثُمَّ عَمِلْتُ فِيْهِ قَصِيْدَتِي البَائِيَّة، وَدَخَلْتُ فَأَنْشَدتُهُ، فَرَفَعَ طَرْفَه إِليَّ، وَقَالَ: اجلسْ أَيُّهَا الشَّيْخ! فَلَمَّا بَلَغْتُ:
جَاءَ بِكَ اللهُ عَلَى فَتْرَةٍ ... بآيَةٍ مَنْ يَرَهَا يَعْجَبِ
لَمْ تَأْلَفِ الأَبْصَارُ مِنْ قَبْلِهَا ... أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنَ المَغْرِبِ
فَقَالَ: أَحْسَنْتَ يَا سَيِّدِي.
وَأَعْطَانِي مائَتَي دِيْنَار.
وَمن نظم الوَزِيْر:
وَكُلُّ امرِئٍ يَدْرِي مَوَاقِعَ رُشْدِهِ ... وَلَكِنَّهُ أَعْمَى أَسِيْرُ هَوَاهُ
__________
(1) انظر " المنتظم " 8 / 32، و" معجم الأدباء " 10 / 82، وقال ابن خلكان: وقصد أبا نصر بن مروان بميافارقين، وأقام عنده على سبيل الضيافة إلى أن توفي.
" وفيات الأعيان " 4 / 176.
(2) انظر " الذخيرة " 4 / 2 / 507 - 514، و" معجم الأدباء " 10 / 85 - 90.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 177.
(4) انظر تفصيل ذلك في " وفيات الأعيان " 2 / 175، 176، و" معجم الأدباء " 10 / 81، 82.
(5) انظر بعض رسائله في " الذخيرة " 4 / 2 / 480 و496 - 507.
(6) هو مهيار بن مرزويه الديلمي، سترد ترجمته برقم (310) .(17/395)
هَوَى نَفْسِهِ يُعْمِيهِ عَنْ قُبْحِ عَيْبِهِ ... وَيَنْظُرُ، عَنْ حِذْقٍ عُيُوبَ سِوَاهُ
وَقَدْ وَصل القَاضِي ابْنُ خَلِّكَان (1) نسب الوَزِيْر ببَهْرَام جُور، وَقَالَ لَهُ: دِيْوَانُ شِعْر، وَ (مُخْتَصر إِصْلاَح الْمنطق) ، وَكِتَاب (الإِينَاس) ، وُلِدَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَحَفِظَ كتباً فِي اللُّغَة وَالنَّحْو، وَتَحَفَّظَ مِنَ الشِّعْر نَحْو خَمْسَةَ عَشَرَ أَلف بَيْت، وَبَرَعَ فِي الحسَاب، وَلَهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَهُوَ القَائِلُ:
أَرَى النَّاسَ فِي الدُّنْيَا كَرَاعٍ تَنَكَّرتْ ... مَرَاعِيهِ حَتَّى لَيْسَ فِيْهِنَّ مَرْتَعُ فَمَاءٌ بِلاَ مَرْعَىً وَمَرْعَىً بِغَيْرِ مَا ... وَحَيْثُ يُرَى مَاءٌ وَمَرْعَىً فَمَسْبَعُ (2)
وَكَانَ مِنْ دُهَاةِ العَالَم، هَرَبَ مِنَ الحَاكِمِ، فَأَفْسَدَ نيَّاتِ صَاحِبِ الرَّمْلَة (3) أَقَاربه، وَسَارَ إِلَى الحِجَازِ، فَطَمَّعَ صَاحِبَ مَكَّة فِي الخِلاَفَة، وَأَخْذِ مِصْر، فَانزعج الحَاكِمُ، وَقَلِقَ.
وَهُوَ القَائِلُ وَكَتَبَ إِلَى الحَاكِم:
وَأَنْتَ وَحَسْبِي أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي ... لِسَاناً أَمَامَ المَجْدِ يَبْنِي وَيَهْدِمُ
وَلَيْسَ حَلِيْماً مَنْ تُقَبَّلُ كَفُّهُ ... فَيْرْضَى وَلَكِنْ مَنْ تُعَضُّ فَيَحْلُمُ (4)
قَالَ: وَمَاتَ بَمَيَّافَارِقِيْن سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، فَحُمِلَ تَابُوْتُهُ إِلَى الكُوْفَةِ بِوَصِيَّةٍ مِنْهُ، فَدُفِنَ بقُرْبِ المَشْهَد (5) .
وَكَانَ شِيْعِيّاً.
__________
(1) في " وفيات الأعيان " 2 / 172، 173.
(2) البيتان في " وفيات الأعيان " 2 / 173، و" معجم الأدباء " 10 / 87، والمسبع: الأرض تكثر فيها السباع.
(3) يعني حسان بن مفرج بن دغفل الجراحي.
(4) لم يرد هذان البيتان في المطبوع من " وفيات الأعيان " ولا في المصادر المذكورة التي ترجمت لأبي القاسم المغربي.
(5) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 176.(17/396)
258 - المُسْتَكْفِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ *
ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَاصِرِ الأُمَوِيُّ، المَرْوَانِيُّ (1) .
خَرَجَ عَلَى ابْنِ عَمِّهِ المُلَقَّب بِالمُسْتَظْهِر (2) بقُرْطُبَة، فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، وَقتله، وَتَمَكَّنَ.
وَكَانَ أَحْمَقَ طَائِشاً (3) .
وزر لَهُ أَحْمَدُ الحَايك، ثُمَّ إِنَّهُ قَتَلَ وَزِيْرَهُ هَذَا، فَقَامُوا عَلَيْهِ، وَخَلَعُوهُ (4) ، وَسُجِنَ ثَلاَثاً لاَ يُطعَمُ فِيْهَا، ثُمَّ طَردُوهُ، فَلَحِقَ بِالثُّغُوْر، ثُمَّ إِنَّ بَعْضَ أُمرَائِه سَمَّهُ فِي دَجَاجَةٍ فِي سَنَةِ بِضْع عَشْرَة وَأَرْبَع مائَة.
259 - ابْنُ عَبْدَانَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيُّ **
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ ابْنُ الحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ
__________
(*) جمهرة الأنساب 100، 101، جذوة المقتبس 26، 27، الذخيرة: القسم الأول، المجلد الأول / 433 - 437، بغية الملتمس 33، الكامل في التاريخ 9 / 277، 278، المغرب في حلي المغرب 1 / 54، 55، البيان المغرب 3 / 141، الوافي بالوفيات 3 / 230، تاريخ ابن خلدون 4 / 152، أعمال الاعلام: 135، نفح الطيب 1 / 432، 437.
وقد أورد المؤلف ترجمته أثناء ترجمة المعتلي بالله رقم (82) .
(1) وهو والد الاديبة الشاعرة ولادة، صاحبة ابن زيدون.
(2) وهو عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار، تقدمت ترجمته برقم (215) .
(3) انظر عن حمقه وطيشه " المغرب في حلي المغرب " 1 / 54، 55 و" الكامل " 9 / 277، و" الذخيرة " 1 / 1 / 433 - 436.
وقال الحميدي في " الجذوة " ص 27: وكان هذا المستكفي في غاية التخلف، وله في ذلك أخبار يقبح ذكرها.
(4) ورجع الامر إلى يحيى بن علي بن حمود المعتلي بالله، الذي تقدمت ترجمته برقم (82) .
(* *) لم نعثر له على مصادر ترجمة.(17/397)
عَبْدَانَ بنِ الفَرَجِ بنِ سَعِيْدِ بنِ عَبْدَانَ الشِّيْرَازِيُّ، ثُمَّ الأَهْوَازِيُّ.
ثِقَةٌ مَشْهُوْرٌ، عَالِي الإِسْنَاد.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَأَحْمَدَ بن عُبَيْد الصَّفَّار، وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُويه الأَزْدِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ الجِعَابِيّ، وَأَبَا القَاسِم الطَّبَرَانِيّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي تَصَانِيْفه، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الثَّقَفِيّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: بِخُرَاسَانَ فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
وَقَدْ مرّ أَبُوْهُ (1) فِي زَمَن ابْنِ المُقْرِئِ (2) .
260 - ابْنُ شَهْرَيَارَ الفَضْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الأَمِيْنُ، أَبُو القَاسِمِ الفَضْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الفَضْلِ بن شَهْرَيَارَ الأَصْبَهَانِيُّ، التَّاجِرُ، السَّفَّارُ.
سَمِعَ: عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارس، وَعمَّ وَالدِهِ الفَضْلَ بنَ عَلِيِّ بنِ شَهْرَيَار، وَأَحْمَدَ بنَ بُنْدَار الشَّعَّار، وَعُمَر بن مُحَمَّدٍ الجُمَحِيَّ المَكِّيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيَّ، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو بنُ مَنْدَة، وَالرَّئِيْسُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَفَّار بنِ أُشْتَه، وَأَبُو الفَتْحِ السُّوْذَرْجَانِيّ، وَأَخُوْهُ مُحَمَّدٌ، وَأَبُو صَادِق
__________
(1) وهو الحافظ أحمد بن عبدان، المتوفى سنة 388 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) ابن المقرئ هو الامام الحافظ أبو بكر بن إبراهيم بن علي الأصبهاني، المتوفى سنة 381 هـ.
مرت ترجمته أيضا في الجزء السادس عشر.
(*) تاريخ أصبهان 2 / 157.(17/398)
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَرْدَوَيْه، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ سَنَة سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
261 - ابْنُ الخَلاَّلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيُّ *
الشَّيْخُ، الجَلِيْلُ، الثِّقَةُ، الرَّئِيْسُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ يُوْنُسَ الطَّائِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الدَّارَانِيُّ، القَطَّانُ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ الخَلاَّلِ.
حَدَّثَ عَنْ: خَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسِيّ، وَأَبِي المَيْمُوْنِ بنِ رَاشِد، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ حَذْلَم، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَذْرَعِيّ، وَجَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحِنَّائِيّ، وَأَخُوْهُ أَبُو القَاسِمِ إِبْرَاهِيْم، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمَّان، وَالقَاضِي أَبُو يَعْلَى بنُ الفَرَّاء، وَعَبْد الوَاحِدِ البُرِّي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ كُبَيبَة النَّجَّار، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ.
وَكَانَ ذَا زهدٍ وَصَلاَحٍ وَتَقْوَى.
قَالَ الكَتَّانِيُّ: تُوُفِّيَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ القَطَّان فِي رَابِعَ عَشَرَ ربيع الأَوّل، سَنَة سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ: وَكَانَ قَدْ كُفَّ بَصَرُه فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَكَانَ ثِقَةً نَبِيْلاً.
مَضَى عَلَى سَدَادٍ وَأَمرٍ جَمِيْل.
__________
(*) الوافي بالوفيات 3 / 230.(17/399)
262 - عَبْدُ المُحْسِنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الصُّوْرِيُّ *
شَاعِرُ الشَّامِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الصُّوْرِيُّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظُ مُحَمَّدٌ الصُّوْرِيُّ، وَمبشِّرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَسلاَمَةُ بنُ حُسَيْنٍ.
وَنَظْمُهُ فَائِقٌ، وَسَارَ لَهُ:
بِالَّذِي أَلْهَمَ تَعْـ ... ـذِيْبِي ثَنَايَاكَ العِذَابا
مَا الَّذِي قَالته عِيـ ... ـنَاك لقلبِي فَأَجَاْبَا (1)
تُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
263 - ابْنُ هَارُوْنَ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ **
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المَأْمُوْنُ، أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ بنِ مُوْسَى بنِ عَبْدَانَ الغَسَّانِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، القَاضِي، المَعْرُوفُ: بِابْنِ الجُنْدِيِّ، إِمَامُ جَامِعِ دِمَشْق، وَقَاضيهَا نِيَابَةً، وَمُحَدِّثُهَا.
قَالَ الكَتَّانِيُّ: وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) يتيمة الدهر 1 / 296 - 309، تتمة اليتيمة: 35، وفيات الأعيان 3 / 232 - 235، العبر 3 / 131، النجوم الزاهرة 4 / 269، شذرات الذهب 3 / 211 - 213.
(1) البيتان في " العبر " 3 / 131 و" شذرات الذهب " 3 / 213، و" النجوم الزاهرة " 4 / 269، و" يتيمة الدهر " 1 / 297، 298، وفيه قبل البيت الأخير قوله:
والذي ألبس خد * يك من الورد نقابا
والذي صير حظي * منك هجرا واجتنابا
يا غزالا صاد باللحـ * ـظ فؤادي فأصابا
(* *) الإكمال 2 / 222، 223، الأنساب 3 / 322، العبر 3 / 126، الوافي بالوفيات 2 / 61، تبصير المنتبه 1 / 359، شذرات الذهب 3 / 209.(17/400)
سَمِعَ مِنْ: خَيْثَمَة بن سُلَيْمَانَ أَحَادِيْثَ صَالِحَةً، وَمن عَلِيِّ بنِ أَبِي العَقب، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ جَابِر الفَرَائِضي، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَرْوَانَ، وَجَمَاعَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الحبَّانِ، وَأَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئ الأَهْوَازِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي الحَدِيْد، وَأَبُو نَصْرٍ الحُسَيْنُ بنُ طَلاَّب، وَالحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمَّان، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ الكَتَّانِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ المِصِّيْصِيّ.
قَالَ الكَتَّانِيّ: تُوُفِّيَ القَاضِي ابْنُ هَارُوْنَ إِمَامُ جَامع دِمَشْق وَقَاضيهَا فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً.
264 - أَبُو صَادِقٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، الأَدِيْبُ المُسْنِدُ، أَبُو صَادِق مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ شَاذَانَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الصَّيْدَلاَنِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم، وَأَبِي بَكْرٍ الصِّبْغِي.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَيْهَقِيُّ، وَالرَّئِيْسُ الثَّقَفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المُؤَذِّن.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
__________
(*) لم نعثر له على مصادر ترجمة.(17/401)
265 - الحَمَّامِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مُقْرِئُ العِرَاق، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ حَفْص بن الحَمَّامِي، البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عُثْمَان بن السَّمَّاكِ، وَأَبِي سَهْلٍ القَطَّان، وَأَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الأَدَمِيِّ، وَعَلِيِّ بن مُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَالنَّجَّاد، وَابنِ قَانع، وَمُحَمَّدِ بن جَعْفَرٍ الأَدَمِيّ، وَعِدَّة.
وَتلاَ عَلَى النَّقَّاش، وَزَيْدِ بنِ أَبِي بلاَل، وَأَبِي عِيْسَى بكَّار، وَهِبَةِ اللهِ بن جَعْفَرٍ، وَابْن أَبِي هَاشِم، وَغَيْرهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَرزقُ الله، وَعَبْدُ اللهِ بنُ زِكْرِي الدَّقَّاق، وَطِرَادٌ الزَّيْنَبِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ العَلاَّف، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ فَهد، وَآخَرُوْنَ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ: خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْهُم: أَبُو الفَتْح بنُ شِيطَا، وَنَصْرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الفَارِسِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ غُلاَمُ الهَرَّاس، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الخَيَّاط، وَأَبُو الخَطَّاب الصُّوْفِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الشَّرْمَقَانِي (1) ، وَحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ العَطَّار، وَعلِيُّ
__________
(*) تاريخ بغداد 11 / 329، 330، الإكمال 3 / 289، الأنساب 4 / 207، المنتظم 8 / 28، اللباب 1 / 385، الكامل في التاريخ 9 / 356، العبر 3 / 125، معرفة القراء الكبار 1 / 302، 303، دول الإسلام 1 / 248، البداية والنهاية 12 / 21، غاية النهاية 1 / 521، 522، شذرات الذهب 3 / 208، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 381.
(1) هذه النسبة إلى شرمقان، وهي بلدة قريبة من إسفرايين يقال لها: جرمقان. انظر " الأنساب "، و" معجم البلدان ".(17/402)
ابْنُ مُحَمَّدِ بنِ فَارِس الخَيَّاطُ، وَعَبْدُ السَّيِّدِ بنُ عتَّاب، وَيَحْيَى السِّيبِي (1) ، وَرزقُ اللهِ التَّمِيْمِيُّ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :كَانَ صَدُوْقاً دَيِّناً فَاضِلاً، تَفَرَّدَ بِأَسَانِيْدِ القِرَاءات وَعُلُوِّهَا فِي وَقْتِهِ، مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ سُلَيْمٌ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الفَتْح بنَ أَبِي الفَوَارِس يَقُوْلُ:
لَوْ رَحَلَ رَجُلٌ مِنْ خُرَاسَان لِيَسْمَعَ كَلِمَةً مِنْ أَبِي الحَسَنِ الحَمَّامِي أَوْ مِنْ أَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِيّ، لَمْ تَكُنْ رِحْلَتُهُ عِنْدنَا ضَائِعَةً.
هَذِهِ الحِكَايَةُ رَوَاهَا الخَطِيْبُ فِي (تَارِيْخِهِ (3)) عَنْ نَصْرٍ المَقْدِسِيّ، عَنْهُ.
266 - ابْنُ المَحَامِلِيِّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الضَّبِّيُّ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ القَاسِم بن إِسْمَاعِيْلَ الضَّبِّيُّ، البَغْدَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ، ابْنُ المَحَامِلِيّ، أَحدُ الأَعلاَم.
__________
(1) هو أبو القاسم يحيى بن أحمد السيبي القصري من أهل بغداد، متوفى سنة 490 ببغداد، ترجم له المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 307، 358، وابن الجزري في " غاية النهاية " 2 / 365.
(2) في " تاريخ بغداد " 11 / 329، 330.
(3) المصدر السابق.
(*) طبقات العبادي 113 تاريخ بغداد 4 / 372، طبقات الشيرازي 108، المنتظم 8 / 17، الكامل 9 / 341، طبقات ابن الصلاح 35 ب، طبقات النووي: 58، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 210 ضمن ترجمة أبي حامد الاسفراييني، وفيات الأعيان 1 / 74، 75، العبر 3 / 119، دول الإسلام 1 / 247، الوافي بالوفيات 7 / 321، مرآة الجنان 3 / 29، طبقات السبكي 4 / 48 - 56، طبقات الاسنوي 2 / 381، 382، البداية والنهاية 12 / 18، النجوم الزاهرة 4 / 262، طبقات ابن هداية الله 132، 133، كشف الظنون: 351 و1130 و1366 و1541 و1606 و1810، شذرات الذهب 3 / 202، هدية العارفين 1 / 72.(17/403)
تَفَقَّهَ عَلَى الشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ (1) ، وَخَلَفَهُ فِي حَلْقَتِهِ، وَكَانَ عَجَباً فِي الفَهْمِ وَالذَّكَاءِ وَسعَة العِلْم.
ارْتَحَلَ بِهِ وَالدُهُ، فَأَسمعَهُ مِنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيّ (2) ، وَغَيْرِهِ.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي الحُسَيْنِ بنِ المُظَفَّر، وَالطَّبَقَة.
تُلْمِذَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَرَوَى عَنْهُ.
وَرَوَى أَبُوْهُ إِسْمَاعِيْل الصَّفَّار وَنَحْوهُ، وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ الشَّرِيْفُ المُرْتَضَى: دَخَلَ عليَّ أَبُو الحَسَنِ بنُ المَحَامِلِيّ مَعَ الشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ، وَلَمْ أَكن عَرَفْتُهُ، قَالَ لِي أَبُو حَامِدٍ: هَذَا أَبُو الحَسَنِ بنُ المَحَامِلِيّ، وَهُوَ اليَوْمَ أَحْفَظُ لِلْفقه مِنِّي (3) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ: تَفَقَّهَ بِأَبِي حَامِدٍ، وَلَهُ عَنْهُ تَعليقَةٌ (4) تُنْسَبُ إِلَيْهِ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيْرَةٌ فِي الخِلاَف وَالمَذْهَب.
قُلْتُ: أَلَّفَ كِتَاب (الْمَجْمُوع) فِي عِدَّة مُجَلَّدَات، وَ (المُقنع) (5)
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (111) .
(2) نسبة إلى بني البكاء: وهم من بني عامر بن صعصعة.
" الأنساب " 2 / 270.
(3) انظر " تاريخ بغداد " 4 / 373، و" طبقات " السبكي 4 / 49.
(4) هي التعليقة الكبرى في الفروع لأبي حامد الاسفراييني: قال النووي: واعلم أن مدار كتب أصحابنا العراقيين أو جماهير هم مع جماعات من الخراسانيين عن تعليق الشيخ أبي حامد، وهو في نحو خمسين مجلدا، جمع فيه من النفائس ما لم يشارك في مجموعه من كثرة المسائل والفروع، وذكر مذاهب العلماء، وبسط أدلتها والجواب عنها، وعنه انتشر فقه طريقة أصحابنا العراقيين.
" تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 210.
(5) نقل النووي أن المحاملي لما عمل " المقنع " أنكر عليه شيخه أبو حامد الاسفراييني لكونه جرد فيه المذهب، وأفرده عن الخلاف، وذهب إلى أن ذلك مما يقصر الهمم عن تحصيل الفنين، ويحمل على الاكتفاء بأحدهما، ومنعه من حضور مجلسه، حتى احتال لسماع درسه من حيث لا يحضر المجلس. " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 210.(17/404)
مُجَلَّد، وَكِتَاب (الّلبَاب (1)) وَغَيْر ذَلِكَ (2) .
وَلَمْ يَطُلْ عُمُره (3) ، تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، وَلَهُ سبعٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَة - رَحِمَهُ اللهُ -.
267 - القَفَّالُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيُّ، الخُرَاسَانِيُّ.
__________
(1) وقد اختصره أبو زرعة العراقي المتوفى سنة 826 هـ بعنوان " تنقيح اللباب " ثم اختصر هذا المختصر شيخ الإسلام زكريا الأنصاري المتوفى سنة 926 هـ بعنوان " تحرير تنقيح اللباب " ثم شرح مختصره هذا بكتاب " تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب " وكلاهما مطبوع، وعلى هذا الشرح الحواشي التالية: حاشية عبد البر بن عبد الله الاجهوري المتوفى في حدود سنة 1070 هـ، وحاشية المدابغي المتوفى سنة 1070 هـ وحاشية القليوبي، وحاشية عبد الله بن حجازي الشرقاوي المتوفى سنة 1227 هـ وشرح كتاب " اللباب " نفسه عبد الرؤوف المناوي المتوفى سنة 1031 هـ.
انظر " كشف الظنون " 1541، 1542، و" تاريخ الأدب العربي " لبروكلمان النسخة العربية 3 / 304، 305.
و" تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 191، 192.
(2) انظر " هدية العارفين " 1 / 72 و" تاريخ " بروكلمان 3 / 305، و" تاريخ " سزكين 2 / 192.
(3) قال النووي: ولما بلغ الشيخ أبا حامد أن المحاملي صنف " المجموع " و" التجريد " و" المقنع " قال أبو حامد: بتر كتبي، بتر الله عمره. فما عاش بعد ذلك إلا قليلا انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 210، " طبقات " السبكي 4 / 49، و" طبقات " الاسنوي 2 / 383.
(*) طبقات العبادي 105، الأنساب 10 / 212، طبقات ابن الصلاح ورقة 51 ب، وفيات الأعيان 3 / 46، المختصر في أخبار البشر 2 / 156، العبر 3 / 124، دول الإسلام 1 / 248، تتمة المختصر 1 / 509، طبقات السبكي 5 / 53 - 62، طبقات الاسنوي 2 / 298، 299، البداية والنهاية 12 / 21، 22، تراجم الرجال: 20، النجوم الزاهرة 4 / 265، مفتاح السعادة 2 / 323، 324، طبقات ابن هداية الله 134، 135، شذرات الذهب 3 / 207، روضات الجنات 448، 449، إيضاح المكنون 2 / 188، هدية العارفين 1 / 450.(17/405)
حَذَقَ فِي صنعَة الأَقْفَال حَتَّى عَمل قُفْلاً بآلاَته وَمِفتَاحه، زنَة أَرْبَع حبَّات، فَلَمَّا صَارَ ابْنَ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، آنَس مِنْ نَفْسه ذكَاءً مُفرطاً، وَأَحَبَّ الفِقْهَ، فَأَقبل عَلَى قرَاءته حَتَّى بَرَع فِيْهِ، وَصَارَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ، وَهُوَ صَاحِبُ طريقَة الخُرَاسَانيين فِي الفِقْه (1) .
تَفَقَّهَ بِأَبِي زَيْدٍ الفَاشَانِي (2) ، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَمِنَ الخَلِيْلِ بنِ أَحْمَدَ السِّجْزِيّ، وَسَمِعَ بِبُخَارَى وَهَرَاة.
تَفَقَّهَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ المَسْعُوْدِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ شُعَيْب السِّنْجِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فُورَان المَرَاوزَة.
قَالَ الفَقِيْه نَاصِرٌ العُمَرِيّ: لَمْ يَكُنْ فِي زَمَان أَبِي بَكْرٍ القَفَّال أَفْقَهُ مِنْهُ، وَلاَ يَكُون بَعْدَهُ مثلهُ، وَكُنَّا نَقُوْلُ: إِنَّهُ مَلَكٌ فِي صورَة الإِنسَان، حَدَّثَ، وَأَمْلَى، وَكَانَ رَأْساً فِي الفِقْه، قُدْوَةً فِي الزُّهْد (3) .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ فِي (أَمَاليه) :كَانَ وَحيدَ زَمَانِهِ فقهاً وَحفظاً وَوَرِعاً وَزُهْداً، وَلَهُ فِي المَذْهَبِ مِنَ الآثَارِ مَا لَيْسَ لغيره مِنْ أَهْلِ عصره، وَطَرِيْقَتُهُ المُهَذَّبَة (4) فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيّ الَّتِي حملهَا عَنْهُ أَصْحَابه أَمتنُ طريقَة، وَأَكْثَرُهَا تَحْقِيْقاً، رَحل إِلَيْهِ الفُقَهَاءُ مِنَ البِلاَد، وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ.
__________
(1) كما أن أبا حامد الاسفراييني هو صاحب طريقة العراقيين، وعنهما انتشر المذهب. انظر الصفحة 194 ت رقم (4) .
(2) هو محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد الفاشاني المروزي، من قرية فاشان إحدى قرى مرو، متوفى سنة 371، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر " طبقات " السبكي 5 / 55.
(4) في " طبقات " السبكي: " المهدية " وهو تصحيف.(17/406)
ابْتَدَأَ بِطَلَبِ العِلْمِ وَقَدْ صَارَ ابْنَ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، فَتَرَكَ صَنْعَتَهُ، وَأَقبلَ عَلَى العِلْمِ (1) .
وَذكر نَاصِر المَرْوَزِيُّ أَنَّ بَعْضَ الفُقَهَاء المُختلفين إِلَى القَفَّال احتسبَ عَلَى بَعْضِ أَتْبَاع مُتَوَلِّي مَرْو، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ مَحْمُوْدٍ، فَقَالَ: أَيَأْخذُ القَفَّال شَيْئاً مِنْ دِيْوَاننَا؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَهَلْ يتلبَّسُ بِشَيْءٍ مِنَ الأَوقَاف؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَإِنَّ الاحْتِسَابَ لَهُم سَائِغٌ دَعْهُم (2) .
حَكَى القَاضِي حُسَيْنٌ عَنِ القَفَّال أُسْتَاذِهِ أَنَّهُ كَانَ فِي كَثِيْرٍ مِنَ الأَوقَاتِ يَقَعُ عَلَيْهِ البُكَاءُ حَالَةَ الدَّرْسِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَقُوْلُ:
مَا أَغْفَلَنَا عَمَّا يُرَادُ بِنَا (3) .
تَخَرَّجَ القَفَّال كَمَا قَدَّمنَا عَلَى أَبِي زَيْدٍ، وَقَبْرُهُ بِمَرْو يُزَار.
مَاتَ: فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمر تِسْعُوْنَ سَنَة، وَسَمَاعَاتُهُ نَازلَةٌ، لأَنَّه سَمِعَ فِي الكُهُوْلَة وَقبلَهَا.
وَمَاتَ فِيْهَا: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سلاَمَة السُّتَيْتِيُّ (4) الأَدِيْبُ الرَّاوِي عَنْ خَيْثَمَة بِدِمَشْقَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ أَبِي الشَّوَارِبِ (5) الأُمَوِيُّ قَاضِي القُضَاة بِبَغْدَادَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى السُّكَّرِيّ (6) الرَّاوِي عَنِ الصَّفَّار، وَمُقْرِىءُ العَصْر
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 53، 54.
(2) " طبقات " السبكي 5 / 55. والسلطان محمود سترد ترجمته برقم (319) .
(3) " طبقات " السبكي 5 / 55، و" طبقات " الاسنوي 2 / 299.
(4) تقدمت ترجمته برقم (222) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (223) .
(6) تقدمت ترجمته برقم (246) .(17/407)
أَبُو الحَسَنِ بنُ الحَمَّامِي (1) ، وَحَافِظُ نَيْسَابُوْر أَبُو حَازِمٍ العَبْدُويي (2) ، وَالمُسْنِدُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ العُكْبَرِيُّ (3) شَيْخُ ابْنِ البَطِر، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ هَارُونَ (4) الجُنْدِي بِدِمَشْقَ، وَلأَكْثَرهُم (5) هُنَا ترَاجمُ، وَإِنَّمَا أَحْبَبْتُ الجمعَ لينضَبِطَ مَوْتُهُم.
268 - مُشَرِّفُ الدَّوْلَةِ أَبُو عَلِيٍّ بنُ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ بنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بنِ بُوَيْه * (6)
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً.
كَانَتْ دَوْلَتُهُ خَمْسَ سِنِيْنَ، وَكَانَ فِيْهِ عدلٌ فِي الجُمْلَةِ.
وَكَانَ لَهُ العِرَاقُ فِي وَقت (7) وَشيرَاز وَكَرْمَان، وَلأَخِيهِ سُلْطَان الدَّوْلَة (8) صَاحِب فَارس وَبُخَارَى ثُمَّ اصطلحَا (9) .
وَتَمَلَّكَ بَعْد مُشَرِّف الدَّوْلَة أَخُوْهُ جَلاَلُ الدَّوْلَة (10) بِبَغْدَادَ.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (265) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (204) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (224) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (263) .
(5) بل لكلهم كما رأيت.
(*) المنتظم 8 / 24، الكامل في التاريخ 9 / 178، 317، 323، 327، 335، 346، المختصر في أخبار البشر 2 / 151، 154، 155، تتمة المختصر 1 / 502، 503، 506، 507، 508، تاريخ ابن خلدون 4 / 472 و474، النجوم الزاهرة 4 / 262، 263.
(6) واسمه الحسن.
(7) وذلك في سنة 411، انظر " الكامل " 9 / 317 - 319.
(8) وهو الذي تقدمت ترجمته برقم (214) .
(9) وذلك في سنة 413 على أن يكون العراق جميعه لمشرف الدولة، وفارس وكرمان لسلطان الدولة.
(10) سترد ترجمته برقم (382) .(17/408)
269 - الطِّرَازِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ الكَبِيْرُ، مُسْنِدُ خُرَاسَان، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ البَغْدَادِيُّ، الطِّرَازِي، الحَنْبَلِيُّ، الأَدِيْبُ، مِنْ كِبَارِ النِّيسَابوريين.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَأَبِي حَامِدٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَسْنُوَيْه، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ المُؤَمَّل، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ مَطَر، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَصَاعدُ بنُ سَيَّار، وَأَبُو سَعْدٍ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي صَادِق، وَجَمَاعَةٌ.
وَهُوَ آخر مَنْ حَدَّثَ عَنِ الأَصَمِّ بِالسَّمَاع، وَبَقِيَ بَعْدَهُ يَرْوِي بِالأَجَازَة أَبُو نُعَيْمٍ (1) الحَافِظُ عَنْهُ.
مَاتَ: فِي الرَّابِع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمَاتَ أَبُوْهُ بَعْد الثَّمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ يَرْوِي عَنْ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرْوَذِيُّ، وَطَائِفَة.
وَفِيْهَا مَاتَ: قَبْلَ أَبِي الحَسَنِ الطِّرَازِيِّ بِأَشهرٍ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ مَنْصُوْرُ بنُ الحُسَيْنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ المُفَسِّر (2) يَرْوِي أَيْضاً عَنِ الأَصَمِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَبِي القَاسِمِ القُشَيْرِيّ.
وَعَاشَ خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ الخَلِيْفَةُ القَادِر بِاللهِ أَحْمَد بنُ
__________
(*) الأنساب 8 / 225، العبر 3 / 150، شذرات الذهب 3 / 225. والطرازي: نسبة لمن يعمل الثياب المطرزة أو يستعملها.
(1) سترد ترجمته برقم (305) .
(2) سترد ترجمته برقم (295) .(17/409)
إِسْحَاقَ بنِ المُقتدر العَبَّاسِيُّ عَنْ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَطَلْحَةُ بنُ الصَّقْر الكَتَّانِيّ (1) ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدَكُويه (2) الإِمَام، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ المُعَلِّم - سَمِعَ العَسَّالَ -، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ فِرَاس (3) بِمَكَّةَ، وَالقَاضِي عَبْدُ الوَهَّابِ (4) شَيْخُ المَالِكِيَّة، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ القَطَّان (5) ، المُحَدِّث، وَيَحْيَى بنُ عَمَّار (6) الوَاعِظ، وَأَبُو الحَسَنِ يَحْيَى بنُ نَجَاح (7) القُرْطُبِيّ مُؤَلّف (سبل الخيرَات) .
__________
(1) سترد ترجمته برقم (317) .
(2) سترد ترجمته برقم (316) .
(3) له ترجمة في " العقد الثمين " 4 / 66.
(4) سترد ترجمته برقم (287) .
(5) سترد ترجمته برقم (279) .
(6) سترد ترجمته برقم (318) .
(7) سترد ترجمته برقم (280) .(17/410)
الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ وَالعِشْرُونَ
270 - الحُرْفِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، العَالِمُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، الحَرْبِيُّ، الحُرْفِيُّ.
سَمِعَ: عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ القُرَشِيَّ، وَحَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدٍ الدِّهْقَان، وَأَبَا بَكْرٍ النَّجَّاد، وَأَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ النَّقَّاش، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَيْهَقِيُّ، وَالخَطِيْبُ، وَالقَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الثَّقَفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الأَنْصَارِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّرَّاج، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ قندَاس، وثَابِتُ بنُ بُنْدَار، وَأَحْمَدُ بنُ سَوْسَنٌ التَّمَّار، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ علوَان، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ بنِ يُوْسُفَ، وَأَبُو الحَسَنِ عليُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَيُّوْبَ البَزَّاز، وَأَبُو بَكْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَأَمْلَى عِدَّةَ مَجَالِس، وَقَعَ لَنَا مِنْهَا.
__________
(*) تاريخ بغداد 10 / 303، 304، الإكمال 3 / 282، الأنساب 4 / 112، اللباب 1 / 357، العبر 3 / 152، شذرات الذهب 3 / 226.
والحرفي: قال السمعاني: هذه النسبة للبقال ببغداد، ومن يبيع الاشياء التي تتعلق بالبزور والبقالين.(17/411)
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً، غَيْرَ أَنّ سَمَاعَهُ فِي بَعْضِ مَا رَوَاهُ عَنِ النَّجَّاد كَانَ مُضْطرباً، وَمَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
271 - عَطِيَّةُ بنُ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَنْدَلُسِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الوَقْت، أَبُو مُحَمَّدٍ الأَنْدَلُسِيُّ، القَفْصِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَاجِي، وَطَائِفَةٍ بِالأَنْدَلُسِ، وَقَاضِي أَذَنَة عَلِيّ بن الحُسَيْنِ بِمِصْرَ، وَزَاهِر بن أَحْمَدَ بِسَرخس، وَابْن فِرَاس بِمَكَّةَ، وَإِسْمَاعِيْل بن حَاجِب الكُشَانِي (2) بِمَا وَرَاء النَّهر.
وَتلاَ بِالأَنْدَلُسِ عَلَى ابْنِ بشرٍ الأَنْطَاكِيّ، وَبِمِصْرَ عَلَى أَبِي أَحْمَدَ السَّامَرِّيّ، وَكَتَبَ الكَثِيْر بِالشَّامِ وَالعِرَاق وَخُرَاسَان وَبُخَارَى.
ثُمَّ اسْتوطن نَيْسَابُوْر مُدَّةً عَلَى قَدِمَ التَّوَكُّل، وَرُزق القَبُولَ، وَكثُر
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 10 / 303، 304.
(*) تاريخ بغداد 12 / 322، 323، جذوة المقتبس 319 - 322، الصلة 2 / 447 - 449، بغية الملتمس 433 - 435، تذكرة الحفاظ 3 / 1088، 1089، طبقات الحفاظ 321، 422.
(2) هذه النسبة إلى الكشانية، وهي بلدة من بلاد السند بنواحي سمرقند على اثني عشر فرسخا منها.
انظر " الأنساب " 10 / 431 وفيه ترجمة إسماعيل هذا، وهو أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن حاجب الحاجبي، آخر من روى " صحيح " البخاري عن الفربري، مات سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة، وقد تصحفت نسبة " الحاجبي " في " الجذوة " 320 إلى " الحاجني " وتحرفت في " البغية " 434 إلى " الحاجي ".(17/412)
أَتْبَاعُهُ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ أَصْحَابُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَهْدِيّ قَالَ: وَكَانَ زَاهِداً لاَ يَضَعُ جَنْبَهُ إِلَى الأَرْضِ، إِنَّمَا يَنَامُ مُحْتَبِياً.
حَدَّثَ بـ (صَحِيْح البُخَارِيِّ (2)) بِمَكَّةَ، وَكَانَ عَارِفاً بِأَسْمَاءِ الرِّجَال، وَكَانَ يَحْضُرُ السَّمَاع.
وَذَكَرَهُ الدَّانِي فِي طَبَقَات المُقْرِئين، وَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، كتب مَعَنَا بِمَكَّةَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مَتّ البُخَارِيِّ، وَغَيْره.
قَالَ: وَبِمَكَّةَ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ (3) :لَمَّا نزح عطيَّةُ إِلَى مَكَّةَ مِنْ بَغْدَادَ كَانَ قَدْ جمع كتباً حَمَلَهَا عَلَى بَخَاتِي (4) كَثِيْرَةٍ، وَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ ركوَةٌ وَوِطَاءٌ، وَكَذَلِكَ سَارَ إِلَى الحَجِّ، وَكَانَ كُلّ يَوْم يَعْزِمُ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْوَفْد، قَالَ منْ رَافقه (5) :مَا رَأَيْتُهُ يَحْمِلُ زَاداً.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ بُنْدَار الشِّيْرَازِيُّ: لَقِيْتُهُ بِبَغْدَادَ وَصَحِبْتُهُ، وَكَانَ مِنَ الإِيثَار وَالسَّخَاء عَلَى أَمرٍ عَظِيْمٍ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى فوطَةٍ وَمُرَقَّعَةٍ، وَلَهُ كتبٌ تُحْمَلُ عَلَى جمَال، رَافقتُهُ وَخرجنَا جَمِيْعاً إِلَى اليَاسريَّة عَلَى التَّجْرِيد، فَعَجِبْتُ مِنْ
__________
(1) انظر " جذوة المقتبس " 319 وفيه: حتى ضاق صدر أبي عبد الرحمن به، ثم عاد إلى بغداد.
(2) بروايته عن إسماعيل بن حاجب الكشاني بما وراء النهر.
انظر " جذوة المقتبس " 320، و" بغية الملتمس " 434، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1088.
(3) وهو الحميدي في " جذوة المقتبس " 320.
(4) البخاتي جمع، واحده بختي، وهي جمال طوال الاعناق. انظر " لسان العرب ".
(5) وهو أبو القاسم عبد العزيز بن بندار الشيرازي، كما في " الجذوة "، وسينقل المؤلف كلامه.(17/413)
حَاله، فَلَمَّا بلغنَا المنزلَة، ذَهَبْنَا نَتَخَلَّلُ الرِّفَاقَ، فَإِذَا شَيْخٌ خُرَاسَانِي حَوْلَهُ حَشَم، فَقَالَ لَنَا انزلُوا: فَجَلَسْنَا، فَأَتَى بِسُفْرَة، فَأَكَلْنَا وَقُمْنَا، فَلَمْ نزل هَكَذَا، يتَّفقُ لَنَا كُلَّ يَوْم مَنْ يُطْعِمُنَا وَيَسْقِيْنَا إِلَى مَكَّةَ، وَمَا حَمَلْنَا مِنَ الزَّاد شَيْئاً، وَحَدَّثَ بِمَكَّةَ (بِالصَّحِيْح) ، فَكَانَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الرِّجَال وَأَحْوَالهم، فَيَتَعَجَّبُ مِنْ حَضَرَ، وَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ سَنَة ثَمَان أَوْ تِسْع وَأَرْبَع مائَة (1) .
قَالَ الحُمَيْدِيُّ (2) :لَهُ كِتَابٌ فِي تَجْوِيْزِ السَّمَاعِ، فَكَانَ كَثِيْرٌ مِنَ المَغَاربَة يتحَامَوْنه لِذَلِكَ، وَجَمَعَ طُرُقَ حَدِيْث المِغْفر فِي أَجزَاء عِدَّةٍ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَالِبٍ بنُ بِشْرَان النَّحْوِيُّ، حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بنُ سَعِيْد، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ عَلْقَمَة، حَدَّثَنَا بَهْز (3) .
فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
__________
(1) انظر " جذوة المقتبس " 320، 321، و" بغية الملتمس " 433، 434.
(2) في " جذوة المقتبس " 321 وتمام الخبر: ومن رواه عن مالك بن أنس في أجزاء كثيرة إلا أنه عول في بعضه على لاحق بن حسين.
وحديث المغفر هو في " الموطأ " 1 / 423 في الحج: باب جامع الحج عن الزهري، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه، جاءه رجل فقال: يا رسول الله ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقتلوه " وأخرجه البخاري (1846) و (3044) و (4286) و (5808) ومسلم (1357) وأبو داود (2685) والترمذي (1693) والنسائي 5 / 201، والدارمي 2 / 73 و221، وابن ماجة (2805) وأحمد 3 / 109 و164 و180 و186 و224 و231، 232، و240.
(3) في " الجذوة ": 321: حدثنا محمد بن صالح الطبري بدل " بهز "، قال: حدثنا مرار بن حمويه الهمذاني، حدثنا أبو غسان الكناني، حدثنا مالك، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: لما ودع أهل خيبر عبد الله بن عمر، قام عمر خطيبا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال: نقركم ما أقركم الله وان عبد الله بن عمر خرج إلى ماله بخيبر، فعدي عليه من الليل [ففدعت يداه ورجلاه] وليس لنا هناك عدو غيرهم، وهم عدونا وتهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم، فقام إليه ابن أبي الحقيق، فقال: أتخرجنا وقد أقرنا محمد وعاملنا على الاموال؟، فقال له عمر: أتراك نسيت قول رسول الله صلى الله عليه =(17/414)
272 - الجَوْبَرِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى *
الشَّيْخُ، أَبُو الحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ يَاسِرٍ التَّمِيْمِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الجَوْبَرِيُّ.
عَنِ ابْنِ أَبِي العَقب، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَرْوَانَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سِنَان، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ: القَاسِمُ الحِنَّائِيّ، وَحَيْدَرَةُ المَالِكِيُّ، وَسَعْدٌ الزَّنْجَانِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، وَالكَتَّانِيّ.
وَقَالَ: كَانَ لاَ يَقْرأُ وَلاَ يَكْتُب، سمّعه أَبُوْهُ، وَضَبَطَ لَهُ، وَكَانَ يُحْسِنُ المُتُوْنَ، وَجدتُ سَمَاعه فِي (صَحِيْح البُخَارِيِّ) فَقَالَ لِي: قَدْ سَمَّعنِي أَبِي الكَثِيْر، فَمَا أُحَدِّثُك حَتَّى أَدْرِي مَذْهَبَكَ فِي مُعَاوِيَة.
فَقُلْتُ: صَاحِبُ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرَحَّمْتُ عَلَيْهِ، فَأَخْرَجَ إِليَّ كتبَ أَبِيهِ جَمِيعهَا، ثُمَّ قَالَ:
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
273 - ابْنُ شَاذَانَ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ، الفَاضِلُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ العِرَاق، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَبِي
__________
= وسلم: " كيف بك إذا أخرجت من خيبر تعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة " فقال: [كان ذلك هزيلة من أبي القاسم، فقال: كذبت يا عدو الله] فأجلاهم عمر وأعطاهم قيمة ما كان لهم من الثمر إبلا ومالا.
قال الحميدي: وهو حديث عزيز أخرجه البخاري في الصحيح (2730) عن أبي أحمد مرار بن حمويه مسندا، وهو غريب من حديث مالك، وليس في " الموطأ " قلت: والزيادات من البخاري.
(*) الأنساب 3 / 344، العبر 3 / 157، 158، شذرات الذهب 3 / 229، تاريخ التراث العربي 1 / 383.
والجوبري: نسبة إلى جوبر، وهي قرية من قرى دمشق.
(* *) تاريخ بغداد 7 / 279، 280، تبيين كذب المفتري 245، 246، المنتظم 8 / =(17/415)
بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ (1) بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شَاذَانَ البَغْدَادِيُّ، البَزَّاز، الأُصُوْلِيُّ.
وُلِدَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَبَكَّرَ بِهِ وَالده إِلَى الغَايَة، فَأَسمعه وَلَهُ خَمْسُ سِنِيْنَ أَوْ نحوهَا مِنْ أَبِي عَمْرٍو بنِ السَّمَّاكِ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ العَبَّادَانِي (2) ، وَمَيْمُوْنَ بنِ إِسْحَاقَ، وَأَبِي سَهْل بن زِيَادٍ، وَحَمْزَة الدِّهْقَان، وَجَعْفَرٍ الخُلْدِيّ، وَالنَّجَّاد، وَعَبْدِ اللهِ بن دُرُسْتَوَيْه النَّحْوِيُّ، وَأَبِي عُمَرَ الزَّاهِد، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَاتِي (3) ، وَأَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الأَدَمِيّ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ الطَّسْتِي، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ القُرَشِيّ، وَمُكْرَم بنِ أَحْمَدَ، وَعَبْدِ اللهِ بن إِسْحَاقَ الخُرَاسَانِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ بنِ نَجِيْح، وَأَحْمَد بن كَامِل القَاضِي، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ علم، وَأَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن سِيمَا المُجبر، وَإِسْمَاعِيْل بن عَلِيٍّ الخُطَبِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بن بُرَيه الهَاشِمِيّ، وَدَعْلَج بن أَحْمَدَ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّقَّاش، وَأَحْمَد بن نيخَاب (4) الطّيبِي، وَابْن قَانع، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ مِقْسَم، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ الصَّوَّاف، وَحَامِدٍ الرَّفَّاء، وَشُجَاع بنِ جَعْفَر، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الإِسكَافِي، وَأَبِي سُلَيْمَانَ الحَرَّانِيّ، وَعبدِ
__________
= 86، 87، الكامل في التاريخ 9 / 445، العبر 3 / 157، دول الإسلام 1 / 253، تذكرة الحفاظ 3 / 1075، البداية والنهاية 12 / 39، الجواهر المضية 2 / 38، 39، النجوم الزاهرة 4 / 280، الطبقات السنية برقم (647) ، شذرات الذهب 3 / 228، 229.
(1) ورد اسمه في " تاريخ بغداد " الحسن بن إبراهيم بن أحمد.
(2) نسبة إلى عبادان، وهي بليدة بنواحي البصرة في وسط البحر. انظر " الأنساب " 8 / 335 وفيه ترجمة أبي بكر هذا.
(3) بالتاء المثناة الفوقية. انظر " تبصير المنتبه " 4 / 1243.
(4) بالنون المكسورة ثم ياء ثم خاء معجمة بعدها ألف ثم باء موحدة. انظر " تبصير المنتبه " 4 / 1429.
وأحمد بن نيخاب هذا مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.(17/416)
الرَّحْمَن بنُ عُبَيْد الهَمَذَانِيّ، وَعَبْدِ الخَالِقِ بن أَبِي رُوبَا، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحْرِم، وَمُحَمَّدِ بن جَعْفَرٍ القَارِئ، وَعِدَّة.
وَلَهُ (مَشْيَخَةٌ كُبرَى) هِيَ عوَالِيه عَنِ الكِبَار، وَ (مَشْيَخَةٌ صُغرَى (1)) عَنْ كُلّ شَيْخ حَدِيْث.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَالشَّيْخ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاق، وَأَبُو يَاسِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الخَيَّاط، وثَابِتُ بنُ بُنْدَار، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ التِّكَكِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ الحُسَيْنُ بنُ الحُسَيْنِ الفَانيذِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَابِر بن يَاسِيْنَ، وَأَبُو مُسْلِم عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عمر السِّمْنَانِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الأَنْصَارِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الأَسَدِيّ، وَالمُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ بن الطُّيُوْرِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ خُشَيش، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَّاج، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَاقِلاَّنِيّ، وَعَلِيُّ بنُ بَيَانٍ الرَّزَّاز، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ نَبْهَان الكَاتِبُ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَتَفَرَّد بِالرِّوَايَة عَنْ جَمَاعَة.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعِ، صَدُوْقاً يَفْهَمُ الكَلاَمَ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ، وَيَشْرَبُ النَّبِيذَ عَلَى مَذْهَبِ الكُوْفِيِّين، ثُمَّ تَرَكَهُ بِأَخَرَة، كَتَبَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوخِنَا كَالبَرْقَانِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الخَلاَّل.
وَسَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ بنَ زَرْقويه يَقُوْلُ:
أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ ثِقَةٌ، وَسَمِعْتُ أَبَا القَاسِم الأَزْهَرِيَّ يَقُوْلُ:
أَبُو عَلِيٍّ أَوْثَقُ مَن بَرَأَ اللهُ فِي الحَدِيْثِ.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الكَرْمَانِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ يَوْماً بِحَضْرَة أَبِي عَلِيٍّ بنِ شَاذَانَ فَدَخَلَ شَابٌّ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُم أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ؟
__________
(1) منها نسخة خطية في الظاهرية: حديث 347.
وانظر النسخ الخطية لبعض آثاره في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 385، 386.(17/417)
فَأَشَرْنَا إِلَيْهِ.
فَقَالَ: أَيُّهَا الشَّيْخُ؟ رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ، فَقَالَ لِي: سَلْ عَنْ أَبِي عَلِيِّ بنِ شَاذَانَ، فَإِذَا لَقِيْتَهُ، فَاقْرِهِ مِنِّي السَّلاَمَ.
وَانْصَرَفَ الشَّابُّ، فَبَكَى الشَّيْخُ، وَقَالَ: مَا أَعْرِفُ لِي عَمَلاً أَسْتَحِقُّ بِهِ هَذَا، إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ صَبْرِي عَلَى قِرَاءةِ الحَدِيْث وَتكرير الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا ذُكِرَ.
ثُمَّ قَالَ الكَرْمَانِيّ: وَلَمْ يلبثْ أَبُو عَلِيٍّ بَعْدَ ذَلِكَ إِلاَّ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلاَثَة حَتَّى مَاتَ (1) .
تُوُفِّيَ: أَبُو عَلِيٍّ فِي سَلْخ عَام خَمْسَة وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَدُفِنَ فِي أَوَّلِ يَوْم مِنْ سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ.
وآخرُ منْ رَوَى عَن رَجُلٍ عَنْهُ: عَبْدُ الْمُنعم بنُ كُلَيْب.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ الفَرَّاءِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْح بنُ البَطِّي، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ الخُرَسَانِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعْد، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بن جَثَّامَة قَالَ:
أَهديتُ لِرَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حمَارَ وَحْشٍ وَهُوَ بِالبيدَاءِ مُحْرِمٌ، فَرَدَّهُ عليَّ، فَعَرفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِي، فَقَالَ: (أَمَّا إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنَّا حُرُمٌ) .
اتفقَا عَلَيْهِ مِنْ غَيْر وَجه عَنِ الزُّهْرِيِّ.
__________
(1) الخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 7 / 279، 280.
(2) البخاري (1825) في الحج و (2573) في الهبة، و (2596) ومسلم (1193) وأخرجه مالك 1 / 353، والترمذي (849) والنسائي 5 / 183، 184، وابن ماجة (3090) والدارمي 2 / 39، وأحمد 4 / 38، 71، 72، 73.(17/418)
274 - اللاَّلْكَائِيُّ هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ مَنْصُوْرٍ الطَّبَرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، المُفْتِي، أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ مَنْصُوْرٍ الطَّبَرِيُّ، الرَّازِيُّ، الشَّافِعِيُّ، اللاَّلْكَائِيُّ، مُفِيْدُ بَغْدَاد فِي وَقْتِهِ.
سَمِعَ: عِيْسَى بنَ عَلِيٍّ الوَزِيْر، وَأَبَا طَاهِرٍ المُخَلِّص، وَجَعْفَر بن فَنَّاكِي الرَّازِيّ، وَأَبَا الحَسَنِ بن الجُنْدِي، وَعَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ القَصَّار، وَالعَلاَء بنَ مُحَمَّدٍ، وَأَبَا أَحْمَد الفَرَضِيّ، وَعِدَّة.
وَتَفَقَّهَ بِالشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَب.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَابنُهُ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيّ، وَمَكِّيٌّ الكَرَجِيُّ السَّلاَّر، وَعِدَّة.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ يَفْهَمُ وَيَحْفَظُ، وَصَنَّفَ كِتَاباً فِي السُّنَّة (1) ، وَعَاجلَتْهُ المَنيَّة، خَرَجَ إِلَى الدِّيْنَوَر، فَأَدركه أَجلُه بِهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة (2) .
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ جَدَّاء العُكْبَرِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ هِبَةَ اللهِ الطَّبَرِيَّ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَرَ لِي. قُلْتُ:
__________
(*) تاريخ بغداد 14 / 70، 71، المنتظم 8 / 34، الكامل في التاريخ 9 / 364، تذكرة الحفاظ 3 / 1083 - 1085، العبر 3 / 130، البداية والنهاية 12 / 24، طبقات الحفاظ 420، كشف الظنون 835 و1040، شذرات الذهب 3 / 211، هدية العارفين 2 / 504، الرسالة المستطرفة 37.
واللالكائي: نسبة إلى بيع اللوالك التي تلبس في الارجل، كما في " اللباب " 3 / 401. أي: صانع النعال.
(1) النص في " تاريخ بغداد " 14 / 70: وصنف كتابا في السنن، وكتابا في معرفة أسماء من في الصحيحين، وكتابا في شرح السنة.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 70، 71، وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 194.(17/419)
بِمَاذَا؟ فَقَالَ كلمَة خفيَّة: بِالسُّنَّة (1) .
وَقَالَ شُجَاعٌ الذُّهْلِيُّ: لَمْ يخرج عَنْهُ شَيْءٌ مِنَ الحَدِيْثِ إِلاَّ اليَسِيْر.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيّ كِتَابهُ فِي (شَرْح السُّنَّة) .
275 - الخَرْجَانِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحَسَنِ (2) عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الأَصْبَهَانِيُّ، الخَرْجَانِيُّ، الرَّجُلُ الصَّالِحُ.
رَحل وَسَمِعَ مِنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ الهُجَيْمِيّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ الحَافِظ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ فِرَاس المَكِّيّ، وَالقَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبِي الشَّيْخ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ السَّيْلَقِيّ، وَرَوْحُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّارَانِيّ (3) ، وَعُمَر بنُ حَسَنِ بنِ سُلَيْم، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغَفَّار بنِ أُشْتَه، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبَ إِلَيَّ بِالإِجَازَةِ بِمَا يصِحُّ عِنْدِي مِنْ حَدِيْثه.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: المُحَدِّثُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ مَرْدَوَيْه وَغَيْرهُ.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 71.
(*) الإكمال 3 / 231، الأنساب 5 / 75، 76، معجم البلدان 2 / 356، المشتبه 1 / 147، تبصير المنتبه 1 / 314.
والخرجاني: نسبة إلى خرجان، وهي محلة كبيرة بأصبهان.
(2) في " الأنساب ": أبو حامد.
(3) بالراءين المهملتين، نسبة إلى راران، وهي قرية من قرى أصبهان. انظر " الأنساب " 6 / 38، 39 وفيه ترجمة روح بن محمد.(17/420)
ويُعْرَفُ بعَلِيِّ بنِ أَبِي حَامِدٍ الخَرْجَانِيّ.
وَخَرْجَان: بخَاء مُعْجَمِه مَفْتُوحَة.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ ببُرَاب.
يَقَعُ لَنَا حَدِيْثُهُ فِي أَرْبَعِيْنَ الرَّئِيْس الثَّقَفِيّ عَنْهُ.
وَمِنْ طَبَقَتِهِ:
276 - أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الجُرْجَانِيُّ *
بِجِيْمَيْنِ - الحَنَّاطِيُّ، المُعَلِّمُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ عَدِيٍّ، وَطَائِفَة.
وَبَقِيَ إِلَى حُدُوْد العِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
ذَكَرْتُهُ لِلتَّمْيِيْزِ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ عَرَفَة.
277 - الخَرَقَانِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البِسْطَامِيُّ **
وَالزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الخَرَقَانِيُّ، البِسْطَامِيُّ.
مِنْ قَرْيَة خَرَقَان بِالتَّحريك (1) .
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: هُوَ شَيْخُ العَصر، لَهُ الكَرَامَاتُ وَالأَحْوَالُ، وَكَانَ يُكْرِي عَلَى بهيمَةٍ، ثُمَّ فُتح عَلَيْهِ، زَارهُ مَحْمُوْدُ بنُ سُبُكْتِكِيْن، فَوَعَظَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ شَيْئاً (2) .
__________
(*) تاريخ جرجان 279.
(* *) الأنساب 5 / 86، 87، اللباب 1 / 434.
(1) قال السمعاني: وهي قرية في جبال بسطام كبيرة كثيرة الخير على طريق إستراباذ إن شاء الله.
(2) انظر تفصيل الخبر في " الأنساب " 5 / 87.(17/421)
تُوُفِّيَ: يَوْم عَاشُورَاء سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ ثَلاَث وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
278 - ابْنُ زُهْرٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَرْوَانَ الإِيَادِيُّ *
المُفْتِي، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَرْوَانَ بنِ زُهْرٍ الإِيَادِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ.
أَخذ بقُرْطُبَة عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مُعَاوِيَةَ الأُمَوِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبِي عليٍّ القَالِي، وَمُحَمَّدِ بن حَارث القَيْرَوَانِيّ.
وَكَانَ مِنْ رُؤُوْس المَالِكِيَّة، بَصِيْراً بِالمَذْهَب، أَكْثَر النَّاسُ عَنْهُ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الخَوْلاَنِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ خَزْرج، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّلَيْطُلِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الزَّهْرَاوِيُّ، وَحَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَجُمَاهِرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو المُطَرِّف بنُ سَلَمَةَ.
وَعَاشَ ستاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَرَوَى الكَثِيْرِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَهُوَ وَالِدُ شَيْخِ الطِّبِّ أَبِي مَرْوَان عَبْدِ المَلِكِ (1) ، وَجَدُّ رَئِيْسِ الأَطباء
__________
(*) ترتيب المدارك، 4 / 747، الصلة 2 / 514، 515 بغية الملتمس 130، وفيات الأعيان 4 / 437، العبر 3 / 150، الوافي بالوفيات 5 / 16، نفح الطيب 2 / 244، 245، شذرات الذهب 3 / 225.
(1) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 4 / 436، 437، و" المغرب في حلي المغرب " 1 / 270، و" طبقات الاطباء " 517، و" تكملة " ابن الابار: 616، و" المطرب " لابن دحية 203، و" نفح الطيب " 2 / 244.(17/422)
أَبِي العَلاَءِ زُهْرِ (1) بنِ عَبْدِ المَلِكِ، وَجَدُّ جَدِّ العَلاَّمَةِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ (2) بن عَبْدِ المَلِكِ، الَّذِي بَقِيَ إِلَى سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَخَمْس مائَة.
279 - القَطَّانُ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الحَافِظُ، البَارِعُ، الجَوَّالُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، القَطَّانُ، الأَعْرَجُ.
رَوَى عَنِ: الحَاكِمِ ابْن البَيِّع، وَأَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِيّ، وَأَبِي عُمَرَ الهَاشِمِيِّ البَصْرِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ النَّحَّاسِ المِصْرِيِّ، وَأَمثَالِهِم.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ.
مَاتَ: فِي الكُهُوْلَة سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقلَّ مَا خُرِّجَ عَنْهُ.
280 - ابْنُ نَجَاحٍ أَبُو الحُسَيْنِ يَحْيَى بنُ نَجَاحٍ القُرْطُبِيُّ **
الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، أَبُو الحُسَيْنِ يَحْيَى بنُ نَجَاحٍ القُرْطُبِيُّ، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ الفَلاَّسِ.
كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْن.
صَنَّفَ كِتَاب (سبل الخيرَات) فِي الرَّقَائِق، وَاشْتهرَ عَنْهُ، وَحَدَّثَ بِهِ
__________
(1) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 4 / 436، و" طبقات الاطباء ": 517، و" التكملة " 344، و" المطرب ": 203، و" نفح الطيب " 2 / 245.
(2) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 4 / 434، و" طبقات الاطباء ": 521 - 528، و" المطرب " 203، و" معجم الأدباء " 18 / 216 - 225، و" التكملة " 555، و" نفح الطيب " 2 / 247 - 253 و3 / 434، و" شذرات الذهب " 4 / 320.
(*) العبر 3 / 150، شذرات الذهب 3 / 225.
(* *) الصلة لابن بشكوال 2 / 665، النجوم الزاهرة 4 / 276، كشف الظنون 977، هدية العارفين 2 / 518.(17/423)
بِمَكَّةَ، حمله عَنْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ الشَّنْتَجَالِيُّ (1) ، وَأَبُو يَعْقُوْبَ ابْنُ حَمَّاد، وَغيرُهُمَا.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
281 - الصَّبَّاغُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الطَّيِّبِ بنِ سَعْدٍ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الطَّيِّبِ بنِ سَعْدٍ (2) البَغْدَادِيُّ، الصَّبَّاغُ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ النَّجَّادَ، وَأَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيَّ.
رَوَى الخَطِيْبُ عَنِ الوَزِيْر عَلِيِّ بنِ المُسْلِمَة أَنَّ هَذَا تَزَوَّجَ بِأَزيدَ مِنْ تِسْع مائَة امْرَأَة (3) .
مَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
282 - الفَشِيْدِيْزَجِيُّ الحُسَيْنُ بنُ الخَضِرِ بنِ مُحَمَّدٍ **
قَاضِي بُخَارَى، نُعْمَانُ زَمَانِهِ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ الخَضِرِ بنِ
__________
(1) نسبة إلى شنتجالة، وهي مدينة بالاندلس. انظر " معجم البلدان " 3 / 367 وفيه ترجمة أبي محمد عبد الله بن سعيد.
(*) تاريخ بغداد 5 / 383، المنتظم 8 / 71، البداية والنهاية 12 / 35، النجوم الزاهرة 4 / 277.
(2) في " تاريخ بغداد "، و" المنتظم ": سعيد.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 383.
(* *) الأنساب 9 / 309 - 311، اللباب 2 / 433، العبر 3 / 154، 155، الوافي بالوفيات 12 / 361، الجواهر المضية 2 / 109، طبقات الفقهاء لطاش كبري زاده: 69، كتائب أعلام الاخيار برقم (209) ، الطبقات السنية برقم (754) ، شذرات الذهب 3 / 227، الفوائد البهية 66، هدية العارفين 1 / 309، إيضاح المكنون 2 / 157.
والفشيديزجي: بفتح =(17/424)
مُحَمَّدٍ البُخَارِيُّ، الحَنَفِيُّ.
انْتَهَت إِلَيْهِ إِمَامَةُ أَهْلِ الرَّأْي، وَقَدْ قَدِمَ بَغْدَادَ، وَتَفَقَّهَ وَنَاظر، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَضْلِ الزُّهْرِيِّ، وَسَمِعَ بِبُخَارَى مِنْ أَبِي عَمْرٍو مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ صَابر.
وَانْتَشَر لَهُ التَّلاَمذَةُ، وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: سبطُه عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ البُخَارِيّ.
قِيْلَ: نَاظَرَهُ الشَّرِيْفُ المُرْتَضَى الشِّيْعِيُّ فِي خبر: (مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ (1)) .
فَقَالَ للمُرْتَضَى: إِذَا صَيَّرتَ مَا نَافيَةً، خَلاَ الحَدِيْثُ مِنْ فَائِدَة، فُكُلُّ أَحدٍ يَدْرِي أَنَّ الْمَيِّت يَرثُه أَقربَاؤُه، وَلاَ تَكُون تَرِكَتُهُ صَدَقَةً.
وَلَكِن لَمَّا كَانَ المُصْطَفَى بِخِلاَفِ الأُمَّة، بَيَّنَ ذَلِكَ، وَقَالَ: (مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ) (2) .
__________
= الفاء، وكسر الشين المعجمة، وسكون الياء آخر الحروف، وكسر الدال المهملة كما في الأصل، وضبطها السمعاني والصفدي بالفتح، وسكون الياء - وجعلها الصفدي نونا، وفتح الزاي، وبعدها جيم، وهي نسبة إلى فشيديزه، سكت عنها السمعاني وقال ياقوت: فشيذبزه - بالذال المعجمة: من قرى بخارى.
(1) أخرجه عن غير واحد من الصحابة البخاري (3093) و (3094) في الخمس، و (4034) (4036) في المغازي، (3712) في فضائل الصحابة، و (6726) و (6727) و (6730) في الفرائض، (5358) في النفقات، و (7305) في الاعتصام، وأخرجه مسلم (1757) (49) و (1759) (52) و (1761) في الجهاد والسير: باب حكم الفئ، وباب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا نورث ما تركنا فهو صدقة " وأبو داود (2963) و (2968) و (2969) (2976) (2977) ، والترمذي (1610) والنسائي 7 / 132، ومالك 2 / 993، وأحمد 1 / 4 و6 و9 و10 و25 و47 و48 و49 و60 و162، و164 و179 و191 و208 و6 / 145 و262.
(2) انظر " الأنساب " 9 / 310، و" الوافي بالوفيات " 12 / 361، و" الفوائد البهية " 66.(17/425)
وَلأَبِي عَلِيٍّ سَمَاعٌ مِنِ ابْنِ شَبُّوْيَه، وَجَعْفَرِ بن فَنَّاكِي.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
283 - ابْنُ ذُنِّيْنَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّدَفِيُّ *
العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدِ بنِ ذُنِّيْنَ الصَّدَفِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، الطُّلَيْطُلِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدُوْس بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ عَيْشُوْن، وَأَبِي جَعْفَرٍ بنِ عَوْن الله، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُفَرِّجٍ، وَبِمِصْرَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ المُهَنْدس، وَأَبِي الطَّيِّبِ بنِ غَلْبُوْنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدٍ الوَشَّاء، وَبِمَكَّةَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ السَّقَطِيّ وَبَالغَرْب عَنْ أَبِي (1) مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ، وَلاَزَمَهُ.
وَرَحَلَ إِلَى بَلَده بعلمٍ جَمٍّ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ الطُّلَيٍطِليُّون، وَرُحَلَ إِلَيْهِ مِنَ النَّوَاحِي لعلمِه وَتَأَلُّهِهِ وَتَبَتُّله وَخُشُوعه وَاتِّبَاعه (2) .
يُقَالُ: كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
وَكَانَ سُنّياً، أَثرياً، ثَبْتاً، مُتَحَرِّياً، قَوَّالاً، بِالْحَقِّ، لاَ يَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لاَئِم.
صَنَّفَ فِي الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ كِتَاباً، وَكَانَ
__________
(*) الصلة 1 / 264 - 266، بغية الملتمس 346، العبر 3 / 155، شذرات الذهب 3 / 227، هدية العارفين 1 / 450.
وكلمة " ذنين " ضبطت في الأصل بضم الذال المعجمة، وكسر النون المشددة، وسكون الياء.
وجاءت في " العبر " و" الشذرات ": " دنين " بالدال المهملة والنون المفتوحة المخففة، وفي " الصلة " و" بغية الملتمس ": " ذنين " بذال معجمة، وقال محقق " البغية ": كذا ضبطه المؤلف مجودا.
(1) سقط لفظ " أبي " من الأصل، وهو خطأ. وأبو محمد هذا تقدمت ترجمته برقم (4) .
(2) " الصلة " 1 / 265.(17/426)
مَهِيْباً فِي اللهِ مُطَاعاً، لاَ يَخْتلِفُ اثْنَان فِي فَضْلِهِ، وَكَانَ يَخْدُمُ كَرْمَهُ بِنَفْسِهِ، وَيتبَلَّغُ مِنْهُ (1) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَشَيَّعَهُ أُمَمٌ لاَ يُحصَوْنَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
284 - ابْنُ كُرْدَانَ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ طَلْحَةَ الوَاسِطِيُّ *
إِمَامُ النَّحْو، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ طَلْحَةَ بن كُرْدَان الوَاسِطِيُّ.
تِلْمِيْذُ أَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيّ، وَابنِ عِيْسَى الرُّمَّانِي.
قرأَ عَلَيْهِمَا كِتَاب سِيبَوَيْهٍ.
وَأَهْلُ وَاسِط يتغَالَوْنَ فِيْهِ، وَيُرَجِّحونه عَلَى ابْنِ جِنِّي (2) .
عَمِلَ إِعرَاباً لِلْقرآن فِي بَضْعَةَ عشر مُجَلَّداً، ثُمَّ غسلَه قَبْلَ مَوْته (3) .
وكَانَ دَيِّناً صَيِّناً نَزِهاً.
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو الفَتْح بنُ مُخْتَار، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ.
قَالَ خَمِيسٌ الحَوْزِيُّ (4) :تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(1) " الصلة " 1 / 265، وكتابه " الامر بأداء الفرائض واجتناب المحارم " منه نسخة خطية في مكتبة الولايات المتحدة الأمريكية جاريت 2053 / 1.
(*) سؤالات الحافظ السلفي 14 - 16، معجم الأدباء 13 / 259 - 264، إنباه الرواة 2 / 284، 285، بغية الوعاة 2 / 170.
(2) " سؤالات السلفي ": 15، و" إنباه الرواة " 2 / 284.
(3) المصدر السابق.
(4) " سؤالات السلفي " 16.(17/427)
285 - الأَرْدَسْتَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الجَوَّالُ، الصَّالِحُ، العَابِدُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الأَرْدَسْتَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: عَدَدٍ كَثِيْرٍ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي الشَّيْخِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئ، وَيُوْسُف القَوَّاس، وَعُمَر بنِ شَاهِيْن، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَالقَاسِمِ بن عَلْقَمَة الأَبْهَرِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن حَاجِب الكُشَانِي.
وَحَدَّثَ عَنْهُ بـ (الصَّحِيْح) ، وَلقِي بِعَكَّا أَبَا زُرْعَةَ المُقْرِئ، وَتلاَ عَلَى جَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ القُوْمِسَانِي، وَابْنُ ممَان، وَظَفَرُ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَغَيْرُهُم مِنَ الهَمَذَانيين.
ورَوَى عَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ الشِّيْرَازِيُّ المُقْرِئ، وَالبَيْهَقِيُّ فِي كُتُبِهِ، وَوَصَفَهُ بِالحِفْظ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: كَانَ ثِقَةً يُحْسِنُ هَذَا الشَّأْن، سَمِعْتُ عِدَّةً يَقُوْلُوْنَ: مَا مِنْ رَجُلٍ لَهُ حَاجَةٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَة يَزُوْرُ قَبْره وَيدعُوهُ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ.
قَالَ: وَجَرَّبْتُ أَنَا ذَلِكَ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ بـ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ طَاهِرٍ بِهَمَذَان.
قُلْتُ: هُوَ مِمَّنْ فَاتَ ابْنَ عَسَاكِر ذكرُه فِي (تَارِيْخِهِ) .
وَكَانَ مَعَ عِلْمِهِ بِالأَثر قَيِّماً بكتَاب الله، رَفِيْعَ الذِّكر، أَخذ بِالبَصْرَةِ عَنْ
__________
(*) تاريخ بغداد 1 / 417، الأنساب 1 / 178، المنتظم 8 / 90، العبر 3 / 155، النجوم الزاهرة 4 / 279، شذرات الذهب 3 / 227.
والأردستاني: نسبة إلى أردستان ضبطها السمعاني بفتح الهمزة والدال المهملة وسكون الراء بينهما، وضبط ياقوت الدال بالكسر، وقال ابن الأثير: وقيل بكسر الهمزة والدال، وهي بليدة قريبة من أصبهان على طرف البرية، وهي على ثمانية عشر فرسخا من أصبهان.(17/428)
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ الأَسْفَاطيّ، وَأَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ النَّهْرَدَيْرِيّ (1) .
وَيُكْنَى أَيْضاً بِأَبِي جَعْفَرٍ.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (2) .
286 - الفَارِسِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَشَّاطُ *
فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَارِسِيُّ المَشَّاط، فَمِنْ أَقرَانِ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَمْرٍو بنِ مَطَر، وَجَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ: البَيْهَقِيُّ أَيْضاً، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الأَخْرَم.
لاَ أَعلمُ مَتَى تُوُفِّيَ.
287 - القَاضِي عَبْدُ الوَهَّابِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَلِيٍّ التَّغْلِبِيُّ **
هُوَ: الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَلِيّ
__________
(1) بفتح النون وسكون الهاء وبعدها راء ودال مهملة مفتوحة وياء ساكنة تحتها نقطتان وبعدها راء، هذه النسبة إلى قرية كبيرة عند البصرة. " اللباب " 3 / 337.
(2) في " الأنساب " و" تاريخ بغداد " و" المنتظم " أن وفاته سنة سبع وعشرين.
(*) لم نقف له على ترجمة فيما بين أيدينا من مصادر.
(* *) تاريخ بغداد 11 / 31، 32، طبقات الشيرازي 143، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 515 - 529، ترتيب المدارك 4 / 691 - 695، تاريخ ابن عساكر 10 / 305 أ - 306 أ، تبيين كذب المفتري 249 - 250، المنتظم 8 / 61، 62، الكامل في التاريخ 9 / 422، وفيات الأعيان 3 / 219 - 222، العبر 3 / 149، فوات الوفيات 2 / 419 - 421، مرآة الجنان 3 / 41، 42، البداية والنهاية 12 / 32، 33، الرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا للنباهي: 400، الديباج المذهب 2 / 26 - 29، وفيات ابن قنفد 233، 234، عقود الجمان للزركشي ورقة 202، النجوم الزاهرة 4 / 276، حسن المحاضرة 1 / 314، كشف الظنون 481، شذرات الذهب 3 / 223، 224، هدية العارفين 1 / 637، شجرة النور الزكية 1 / 103، 104.(17/429)
بن نَصْرِ بن أَحْمَدَ بنِ حُسَيْن بن هَارُوْنَ ابْنِ أَمِيْرِ العَرَبِ مَالِكِ بن طوق (1) التَّغْلِبِيُّ، العِرَاقِيُّ، الفَقِيْهُ، المَالِكِيُّ، مِنْ أَولاَد صَاحِب الرَّحْبَة (2) .
صَنَّفَ فِي المَذْهَب كِتَاب (التَّلقين) ، وَهُوَ مِنْ أَجود المُخْتَصَرَات، وَلَهُ كِتَابُ (المعرفَة (3)) فِي شرح (الرِّسَالَة (4)) ، وَغَيْر ذَلِكَ (5) .
ذَكَرَهُ أَبو بكرٍ الخَطِيْبُ، فَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، رَوَى عَنِ الحُسَيْن بن مُحَمَّد بنِ عُبَيْدٍ العَسْكَرِي، وَعُمر بنِ سَبَنْك (6) ، كَتَبْتُ عَنْهُ، لَمْ نلقَ أَحداً مِنَ المَالِكيين أَفقهَ مِنْهُ، وَلِي قَضَاءَ بَادَرَايَا وَبَاكُسَايَا (7) .
وَخَرَجَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ إِلَى مِصْرَ، وَاجتَاز بِالمَعَرَّة فضيَّفه أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ، وَفِيْهِ يَقُوْلُ أَبُو العَلاَءِ:
وَالمَالِكِيُّ ابْنُ نَصْرٍ زَار (8) فِي سَفَرٍ ... بِلاَدَنَا فَحَمِدْنَا النَّأيَ وَالسَّفَرَا
__________
(1) تحرف في " كشف الظنون " 1743 إلى " طوف " بالفاء.
(2) صاحب الرحبة هو مالك بن طوق التغلبي، ورحبته أحدثها في خلافة المأمون كما قال البلاذري، وهي بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات أسفل من قرقيسيا. انظر المزيد عنها في " معجم البلدان " 3 / 34 - 36.
(3) في " كشف الظنون " 1743، و" هدية العارفين " 2 / 637: " المعونة ".
(4) أي " رسالة " ابن أبي زيد القيرواني.
(5) انظر تصانيفه في " فوات الوفيات " 2 / 419، 420، و" ترتيب المدارك " 4 / 692، و" شجرة النور " 1 / 104، و" الديباج المذهب " 2 / 27، 28، و" هدية العارفين " 2 / 637.
(6) بفتح السين المهملة والموحدة وسكون النون. انظر " تبصير المنتبه " 2 / 674.
(7) " تاريخ بغداد " 11 / 31، وبادرايا وباكسايا: بليدتان من أعمال العراق، انظر " وفيات الأعيان " 3 / 222 و" الأنساب " 2 / 23 و53، و" معجم البلدان " 1 / 316 و327 و499.
(8) في الأصل: " زان " بالنون، والمثبت من " شروح سقط الزند " وغيرها.(17/430)
إِذَا تَفَقَّهَ أَحْيَا (1) مَالِكاً جَدَلاً ... وَيَنْشُرُ المَلِكَ الضَّلِّيْلَ إِنْ شَعَرَا (2)
وَلَهُ أَشْعَارٌ رَائِقَةٌ، فَمِنْ ذَلِكَ:
وَنَائِمَةٍ قَبَّلْتُهَا فَتَنَبَّهَتْ ... وَقَالَتْ (3) تَعَالُوا فَاطْلُبُوا اللِّصَّ بِالحَدِّ
فَقُلْتُ لَهَا: إِنِّيْ فَدَيْتُكِ غَاصِبٌ ... وَمَا حَكَمُوا فِي غَاصِبٍ بِسِوَى الرَّدِّ
خُذِيْهَا وَكُفِّي (4) ، عَنْ أَثِيْمٍ ظُلاَمَةً ... وَإِنْ أَنْتِ لَمْ تَرْضَي فَأَلْفاً عَلَى العَدِّ
فَقَالَتْ: قِصَاصٌ يَشْهَدُ العَقْلُ أَنَّهُ ... عَلَى كَبِدِ الجَانِي أَلَذُّ مِنَ الشَّهْدِ
وَبَانَتْ يَمِيْنِي وَهِيَ (5) هِمْيَانُ خَصْرِهَا ... وَبَانَتْ يَسَارِي وَهِيَ وَاسِطَةُ العِقْدِ
فَقَالَتْ: أَلَمْ أُخْبَرْ بِأَنَّكَ زَاهِدٌ ... فَقُلْتُ: بَلَى مَا زِلْتُ أَزْهَدُ فِي الزُّهْدِ (6)
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (الطَّبَقَات) :أَدْرَكْتُ عَبْد الوَهَّابِ وَسمِعتُهُ يُنَاظر، وَكَانَ قَدْ رَأَى القَاضِي الأَبْهَرِيَّ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ.
وَلَهُ كُتُبٌ كَثِيْرَةٌ فِي الفِقْهِ.
خَرَجَ إِلَى مِصْرَ وَحَصلَ لَهُ هُنَاكَ حَالٌ مِنَ الدُّنْيَا بِالمغَاربَة (7) .
وَقِيْلَ: كَانَ ذَهَابُهُ إِلَى مِصْرَ لإِفلاسٍ لحقَهُ. فَمَاتَ بِهَا فِي شَهْر صفر
__________
(1) في " شروح السقط ": أعيا.
(2) البيتان في " شروح سقط الزند " 1700، وأوردهما ابن خلكان في " الوفيات " 3 / 220، وابن بسام في " الذخيرة " 4 / 2 / 516، والكتبي في " الفوات " 2 / 420 والملك الضليل: هو امرؤ القيس بن حجر الكندي، سمي بذلك لأنه أضل ملك أبيه.
(3) في الأصل: " وقالوا " والمثبت من مصادر التخريج.
(4) في " الذخيرة ": " وحطي ".
(5) في " الذخيرة ": " رهن " بدل " وهي " في الموضعين من البيت.
(6) الابيات في " الذخيرة " 4 / 2 / 518، و" وفيات الأعيان " 3 / 220، 221، و" فوات الوفيات " 2 / 420، 421، و" البداية والنهاية " 12 / 33، و" شذرات الذهب " 3 / 224.
(7) انظر " طبقات الفقهاء " 143، و" ترتيب المدارك " 4 / 692، و" تبيين كذب المفتري " 250.(17/431)
سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ سِتُّوْنَ سَنَة (1) .
وَكَانَ أَخُوْهُ مِنَ الشُّعَرَاء المَذْكُوْرِين، وَلِي كِتَابَة الإِنْشَاء لجلاَل الدَّوْلَة، ثُمَّ نَفَّذَهُ رَسُولاً، وَهُوَ أَبُو الحَسَنِ (2) مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ.
مَاتَ: بِوَاسِط فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمَاتَ أَبُوْهُمَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (3) .
288 - ابْنُ شُبَانَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الهَمَذَانِيُّ *
الشَّيْخُ، العَدْلُ الكَبِيْرُ، مُسْنِدُ هَمَذَانَ، أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بُنْدَار بن شُبَانَة الهَمَذَانِيُّ.
وَقَعَ لَنَا مِنْ حَدِيْثِهِ الجُزء الثَّانِي.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عُبَيْدٍ، وَالفَضْلِ بن الفَضْلِ الكِنْدِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بُرزَة، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ مَحْمُويه النَّسَوِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَجَمَاعَة.
قَالَ الحَافِظُ شِيْرَوَيْه: حَدَّثَنَا عَنْهُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ الغَفَّار، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ العَابِد، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّوْذَبَارِيُّ، وَسَعْدُ بنُ الحَسَنِ القَصْرِي، وَأَحْمَدُ بنُ طَاهِرٍ القُوْمِسَانِي، وَأَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 220، و" ترتيب المدارك " 4 / 693.
(2) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 3 / 222، و" الديباج المذهب " 2 / 29 وفيه وفاته سنة 430 هـ، و" شذرات الذهب " 3 / 225.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 222.
(*) الإكمال 5 / 12، 13، العبر 3 / 157، المشتبه 2 / 387، النجوم الزاهرة 4 / 280، شذرات الذهب 3 / 229.(17/432)
ابْنُ مُحَمَّدِ بنِ القَارِئ العَدْل.
قَالَ: وَكَانَ صَدُوْقاً مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَات، وَمن تُنَّاءِ البَلَد (1) ، مَاتَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَتُوُفِّيَ صَاحِبه (2) أَبُو غَالِبٍ بن القَارِئ سَنَة بِضْع وَخَمْس مائَة (3) .
289 - الذَّكْوَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
العَالِمُ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَلِيٍّ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ حَفْصٍ الهَمْدَانِيُّ، الذَّكْوَانِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، المُعَدَّلُ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ فَارِسٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الكُشَانِيِّ، وَالقَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العَسَّالِ، وَأَحْمَدَ بنِ مَعَبْدٍ السِّمْسَارِ، وَمُحَمَّدِ بنِ قَاسِمٍ العَسَّالِ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَصَّارِ، وَأَحْمَدَ بنِ بُنْدَارَ الشَّعَّارِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ الحَافِظِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بنِ بُنْدَارَ المَدِيْنِيِّ، وَعَاتكةَ بِنْتِ الإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ الجِعَابِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وَإِبْرَاهِيْم بنِ مُحَمَّدِ
__________
(1) تناء البلد: المقيمون فيه لا يغزون مع الغزاة، جمع تانئ.
(2) في الأصل: " صاحب ".
(3) وستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر.
(*) تاريخ أصبهان 2 / 310، الأنساب 6 / 15، اللباب 1 / 530، العبر 3 / 132، شذرات الذهب 3 / 213.(17/433)
بن إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِي (1) ، وَأَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ بنِ الرَّيَّانِ اللُّكِّي (2) المِصْرِيّ، وَفَارُوْق الخَطَّابِي، وَمُحَمَّدِ بن إِسْحَاقَ بن عَبَّاد التَّمَّار، وَعِدَّة.
وَلَهُ مُعْجَمٌ فِي جُزءين يَرْوِيْهِ عَبْدُ الرَّحيم بنُ الطُّفَيْل عَنِ السِّلَفِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو صَادِق مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بنِ مَرْدَوَيْه، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ السَّيْلَقِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ السِّمْسَار، وَعُمَر بنُ حَسَنِ بنِ سُلَيْم، وَعَلِيُّ بنُ الفَضْلِ اليَزْدِيّ، وَالفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَدَّاد، وَأَخُوْهُ أَبُو الفَتْحِ، وَفضلاَنُ بنُ عُثْمَانَ القَيْسِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الفُرْسَانِي (3) ، وَهَؤُلاَءِ مِنْ شُيُوْخ السِّلَفِيّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ (4) :شهد وَحَدَّثَ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَسَمِعَ بِمَكَّةَ وَالبَصْرَةِ وَالأَهْوَازِ وَالرَّيِّ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَكَانَ حَسَنَ الخُلُق، قَوِيْمَ المَذْهَب.
تُوُفِّيَ: فِي غُرَة شَعْبَان سَنَة تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا سَبْعَةُ مَجَالِسَ لَهُ (5) .
__________
(1) نسبة إلى ديبل، وهي بلدة من بلاد ساحل البحر من بلاد الهند قريبة من السند.
انظر " الأنساب " 5 / 393 وقد أورد السمعاني ترجمة إبراهيم هذا.
(2) بضم اللام وتشديد الكاف، نسبة إلى اللك، وهي بليدة من أعمال برقة الغرب. " اللباب ".
(3) نسبة إلى فرسان، بكسر الفاء أو ضمها وسكون الراء المهملة وبعدها السين المهملة وفي آخرها النون، وهي قرية من قرى أصبهان.
انظر " الأنساب " 9 / 270 وفيه ترجمة أبي العلاء محمد هذا.
(4) في " تاريخ أصبهان " 2 / 310.
(5) انظر النسخ الخطية لاماليه في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 382.(17/434)
290 - أَبُو طَاهِرٍ بنُ سَلَمَةَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ هَمَذَانَ، أَبُو طَاهِرٍ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ الكَعْبِيُّ، الهَمَذَانِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ: الفَضْلِ بنِ الفَضْلِ الكِنْدِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ السُّنِّيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَدِيٍّ، وَأَبِي بَحْرٍ البَرْبَهَارِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَانَ.
وَلَهُ رحلَةٌ وَاسِعَةٌ وَمَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الصُّوْفِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ طَاهِرٍ القُوْمِسَانِي، وثَابِتُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّائِغ، وَأَبُو طَالِبٍ بنُ هُشَيْم الصَّيْرَفِيُّ، وَعِدَّةٌ مِمَّنْ لَقِيَهُم شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيُّ، وَقَالَ: كَانَ صَدُوْقاً، صَحِيْحَ السَّمَاع، كَثِيْرَ الرّحلَة.
سَمِعْتُ ثَابِتَ بنَ حُسَيْن بن شُرَاعَة يَقُوْلُ لَمَّا مَاتَ أَبُو طَاهِرٍ: غربت شَمْسُ أَصْحَابِ الحَدِيْث.
فَقُلْتُ: مَاذَا؟
قَالَ: مَضَى الشَّيْخُ أَبُو طَاهِرٍ بنُ سَلَمَةَ لسَبِيله.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة - رَحِمَهُ اللهُ -.
291 - الثَّعْلَبِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ التَّفْسِيْر، أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
__________
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة.
(* *) معجم الأدباء 5 / 36 - 39، إنباه الرواة 1 / 119، 120، اللباب 1 / 238، وفيات الأعيان 1 / 79، 80، المختصر في أخبار البشر 2 / 160، دول الإسلام 1 / 254، العبر 3 / 161، تذكرة الحفاظ 3 / 1090، تلخيص ابن مكتوم: 19، تتمة المختصر 1 / =(17/435)
بنِ إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
كَانَ أَحدَ أَوْعِيَة العِلْمِ.
لَهُ كِتَاب (التَّفْسِيْر الكَبِيْر (1)) ، وَكِتَاب (العرَائِس (2)) فِي قصَص الأَنْبِيَاء.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: يُقَال لَهُ: الثَّعْلَبِي وَالثَّعَالِبِي؛ وَهُوَ لَقَبٌ لَهُ لاَ نَسَب (3) .
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ مِهْرَان المُقْرِئ، وَأَبِي طَاهِرٍ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ بن خُزَيمَة، وَالحَسَنِ بن أَحْمَدَ المَخْلَدِي، وَأَبِي الحُسَيْنِ الخفَّاف، وَأَبِي بكر بنِ هَانِئ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الرُّوْمِيِّ، وَطَبَقَتهم.
__________
= 518، الوافي بالوفيات 7 / 307، مرآة الجنان 3 / 46، طبقات السبكي 4 / 58، 59، طبقات الاسنوي 1 / 329، 330، البداية والنهاية 12 / 40، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 100، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 233، 234، النجوم الزاهرة 4 / 283، سلم الوصول 115، طبقات المفسرين للسيوطي: 5، بغية الوعاة 1 / 356، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 65، 66، مفتاح السعادة 2 / 67، كشف الظنون 1131 و1496، شذرات الذهب 3 / 230، روضات الجنات: 68، هدية العارفين 1 / 75.
(1) واسمه: " الكشف والبيان في تفسير القرآن " ولم يطبع بعد، ومنه نسخ كثيرة، منها مصورة في معهد المخطوطات المصورة، انظر فهرس المعهد 1 / 37 - 40، وقد نقل ابن تغري بردي في " النجوم الزاهرة " عن ابن الجوزي قوله في هذا " التفسير ": ليس فيه ما يعاب به إلا ما ضمنه من الأحاديث الواهية التي هي في الضعف متناهية خصوصا في أوائل السور، وقال ابن تيمية في مقدمة أصول التفسير: 76: والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين، ولكنه كان حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع وقال ابن كثير في " البداية " 12 / 40: وكان كثير الحديث، واسع السماع، ولهذا يوجد في كتبه من الغرائب شيء كثير.
(2) واسمه: " عرائس المجالس في قصص الأنبياء "، وقال في أوله: إنه يشتمل على قصص الأنبياء المذكورة في القرآن بالشرح والبيان. وقد طبع غير مرة. وفيه كثير من الاسرائيليات والاخبار الواهيات والغرائب.
(3) هذا القول قد قاله ابن الأثير في " اللباب " إذ ترجم لأبي إسحاق الثعلبي مستدركا على السمعاني حيث لم يترجمه في " الأنساب ".(17/436)
وَكَانَ صَادقاً مُوثَّقاً، بَصِيْراً بِالعَرَبِيَّة، طَوِيْلَ البَاعِ فِي الوَعظ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ الوَاحِديُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: قَالَ الأُسْتَاذُ أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ: رَأَيْتُ رَبَّ العِزَّةِ فِي المَنَامِ وَهُوَ يُخَاطِبُنِي وَأُخَاطِبُهُ، فَكَانَ فِي أَثْنَاء ذَلِكَ أَنْ قَالَ الرَّبُّ جَلَّ اسْمُه: أَقبل الرَّجُلُ الصَّالِحُ، فَالتفتُّ فَإِذَا أَحْمَدُ الثَّعْلَبِيُّ مُقْبِلٌ (1) .
تُوُفِّيَ الثَّعْلَبِيّ: فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو النُّعْمَان تُرَابُ (2) بنُ عُمَرَ بنِ عُبَيْد الكَاتِبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بن مُحَمَّدٍ المُزَكِّي (3) المُحَدِّث، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّد بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ الرَّزْجَاهِيّ (4) ، وَالظَّاهِرُ عَلِيُّ (5) بنُ الحَاكِم صَاحِبِ مِصْر، وَالهَيْثَمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الخَرَّاط، وَأَبُو نَصْرٍ مَنْصُوْرُ بنُ رَامِش (6) .
292 - الثَّعَالِبِيُّ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
أَمَّا الثَّعَالِبِيُّ العَلاَّمَةُ شَيْخُ الأَدَبِ، فَهُوَ أَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 1 / 80، و" إنباه الرواة " 1 / 120، و" الوافي بالوفيات " 7 / 308، و" طبقات " السبكي 4 / 58، و" طبقات " المفسرين 1 / 66.
(2) سترد ترجمته برقم (324) .
(3) سترد ترجمته برقم (367) .
(4) سترد ترجمته برقم (326) .
(5) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(6) سترد ترجمته برقم (360) .
(*) طبقات النحويين واللغويين: 387 - 389، دمية القصر 2 / 966، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 56 - 583، نزهة الالباء 365، وفيات الأعيان 3 / 178 - 180، المختصر في أخبار البشر 2 / 162، العبر 3 / 172، عيون التواريخ 12 / 179 / 2 - 181 / 2، تتمة المختصر 1 / 521، مرآة الجنان 3 / 53، 54، =(17/437)
بنِ إِسْمَاعِيْلَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّاعِرُ.
مُصَنِّفُ كِتَاب (يتيمَة الدَّهْرِ فِي مَحَاسِن أَهْلِ العَصْر (1)) ، وَلَهُ كِتَاب (فَقه اللُّغَة (2)) ، وَكِتَاب (سحر البلاغَة (3)) .
وَكَانَ رَأْساً فِي النَّظْم وَالنَّثْر (4) .
مَاتَ: سَنَة ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
293 - ابْن مَنْجُويه أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ اليَزْدِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
__________
= البداية والنهاية 12 / 44، مفتاح السعادة 1 / 187، 213، معاهد التنصيص 3 / 266 - 271، شذرات الذهب 3 / 246، 247، روضات الجنات 462، 463، هدية العارفين 1 / 625.
(1) طبع في دمشق سنة 1304 هـ في أربعة أجزاء، وفي القاهرة سنة 1943 م، وفي بيروت سنة 1947 بتحقيق محيي الدين عبد الحميد نشر دار الفكر، وأعادت طبعه سنة 1973 م.
وقد أكمل المؤلف الثعالبي هذا الكتاب بعنوان " تتمة اليتيمة " أو " اليتيمة الثانية " أو " ذيل يتيمة الدهر " ونشره أحمد إقبال في طهران سنة 1934 م، وهناك تتمة أخرى للباخرزي موسومة ب " دمية القصر وعصرة اهل العصر " وقد نشره محمد راغب الطباح في حلب سنة 1930 م ثم نشرته دار الفكر في دمشق سنة 1971 م بتحقيق محمد التونجي.
(2) طبع عدة طبعات، منها في القاهرة سنة 1938 نشر مصطفى السقا وإبراهيم الابياري وعبد الحفيظ الشلبي.
انظر " معجم المطبوعات " 658، و" تاريخ " بروكلمان 5 / 189.
(3) واسمه: " سحر البلاغة وسر البراعة " طبع في دمشق سنة 1350 هـ، وطبع منتخب منه على أنه الرسالة الثالثة في " أربع رسائل منتخبة من مؤلفات العلامة أبي منصور الثعالبي " في الاستانة بمطبعة الجوائب سنة 1301 هـ والرسالة الأولى هي منتخبات كتاب التمثيل والمحاضرة
والثانية هي منتخبات كتاب المبهج، والرابعة هي منتخبات كتاب النهاية في الكناية.
وللثعالبي مصنفات كثيرة انظر أماكن نسخها الخطية في مكتبات العالم مع ما طبع منها في " تاريخ بروكلمان 5 / 186 - 198، وانظر " معجم المطبوعات " 656 - 660، و" هدية العارفين " 1 / 625.
(4) انظر بعض نظمه في " دمية القصر " 2 / 967 - 970، و" الذخيرة " 4 / 2 / 581 - 583.
(*) الأنساب (المنجويي) ، اللباب 3 / 261، دول الإسلام 1 / 255، تذكرة الحفاظ =(17/438)
ابْن مَنْجُوَيْه اليَزْدِيُّ (1) ، الأَصْبَهَانِيُّ، نَزِيْلُ نَيْسَابُوْر، مِنَ الحُفَّاظِ الأَثبَات المُصَنِّفِيْن.
حَدَّثَ عَنْ: الإِمَام أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بنِ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ نُجَيْد، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئ، وَأَبِي مُسْلِمٍ عَبْد الرَّحْمَنِ بن شَهْدل، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَة، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَارْتَحَلَ إِلَى بُخَارَى وَسَمَرْقَنْد وَهَرَاة وَجُرْجَان، وَلَمْ أَره وَصلَ إِلَى العِرَاقِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَة، وَالحَسَنُ بنُ تَغْلِب (2) الشِّيْرَازِيّ، وَسَعِيْدٌ البَقَّال، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الأَخْرَم، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَخَلْقٌ.
قَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيّ: أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتُ مِنَ البَشَر (3) .
وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ: رَأَيْتُ فِي سَفَرِي وَحَضَرِي حَافِظاً وَنِصْفَ حَافِظ؛
__________
= 3 / 1085 - 1087، العبر 3 / 164، المشتبه 2 / 510، الوافي بالوفيات 7 / 217، مرآة الجنان 4 / 47، تبصير المنتبه 3 / 1085، طبقات الحفاظ 420، 421، شذرات الذهب 3 / 233، هدية العارفين 1 / 74 وتحرف فيه إلى " فنجويه " بالفاء.
(1) سبقت ترجمة هذه النسبة في الترجمة رقم (186) .
(2) في " تذكرة الحفاظ " " ثعلب " بدل " تغلب ".
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1085.(17/439)
فَأَمَّا الحَافِظُ، فَأَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ مَنْجُوَيْه، وَأَمَّا نِصْفُ حَافِظ، فَالجَارُوْدِيّ (1) .
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: كتب عَنْهُ عمِّي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَة كِتَاب (السُّنَن) لَهُ، الَّذِي عَمله عَلَى هَيْئَة (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) ، وَكَانَ يُثنِي عَلَيْهِ كَثِيْراً.
وَقَالَ: سَمِعْتُ مِنْهُ المُسندَات الثَّلاَثَةَ لِلْحَسَنِ بنِ سُفْيَان (2) .
قُلْتُ: قَدْ صَنَّفَ ابْنُ مَنْجُوَيْه عَلَى (الصَّحِيْحَيْنِ) مُسْتَخْرَجاً، وَعَلَى (جَامع أَبِي عِيْسَى) وَ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ (3)) .
مَاتَ: يَوْم الخَمِيْس خَامِس المُحَرَّم سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ إِحْدَى وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ الحَنَفِيَّة أَبُو الحُسَيْنِ القُدُوْرِي (4) ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّقْر بن النَّمْط، وَأَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّب، وَأَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دُوْست (5) العَلاَّف، وَالقُدْوَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحِنَّائِيّ (6) بِدِمَشْقَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَاكويه (7) الشِّيْرَازِيُّ الصُّوْفِيُّ، وَشَاعِرُ وَقْتِهِ مِهْيَار الدَّيْلَمِيّ (8) ، وَصِلَةُ بنُ المُؤَمَّل البَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ، وَالعَلاَّمَةُ
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1085، 1086.
(3) وله أيضا " رجال صحيح الامام مسلم " ومنه نسخة خطية في بلدية الإسكندرية 1245 ب، وانظر الترجمة رقم (58) .
(4) سترد ترجمته برقم (380) .
(5) سترد ترجمته برقم (309) .
(6) سترد ترجمته برقم (373) .
(7) سترد ترجمته برقم (363) .
(8) سترد ترجمته برقم (310) .(17/440)
صَاحِبُ الخَطِّ الفَائِقِ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ شِهَاب العُكْبَرِيُّ (1) الحَنْبَلِيُّ، وَشَيْخُ الفَلاَسِفَة الرَّئِيْسُ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سينَا (2) ، وَشَيْخُ الحَنَابِلَة أَبُو عَلِيٍّ بنُ أَبِي مُوْسَى الهَاشِمِيّ.
294 - النَّجِيْرَمِيُّ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
لُغوِيُّ مِصْر، أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ بن إِسْمَاعِيْلَ بن خُرَّزَاذ البَصْرِيُّ، مِنْ أَهْلِ بَيْتِ علمٍ وَعربيَّة.
وَكَانَ علاَمَةً مُتْقِناً، رَاويَةً لِكُتُبِ الآدَاب، بَصِيْراً بِمعَانِيهَا، وَكَانَ أَسمرَ، كَثَّ اللِّحْيَة.
ونَجِيْرَم: مَحَلَّةٌ بِالبَصْرَةِ.
وَقِيْلَ: قَرْيَةٌ مِنْ أَعمَالهَا.
مَاتَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَان وَسَبْعِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ -.
295 - المُفَسِّرُ مَنْصُوْرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، أَبُو نَصْرٍ مَنْصُوْرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُفَسِّر.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَكَادَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (362) .
(2) سترد ترجمته برقم (356) .
(*) الأنساب (النجيرمي) ، معجم البلدان 5 / 274، اللباب 3 / 300، وفيات الأعيان 7 / 75، 77، بغية الوعاة 2 / 364، وقد أورده المؤلف في " العبر " 2 / 358 في وفيات 370 هـ وتابعه ابن العماد في " الشذرات " 3 / 75.
(* *) العبر 3 / 151، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 338.(17/441)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ القُشَيْرِيّ، وَجَمَاعَة.
وَقَدْ سَمِعَ أَيْضاً مِنْ: أَبِي الحَسَنِ الفَارِسِيّ، وَالحَافِظ أَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَعُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، قَبْلَ وَفَاة الطِّرَازِي (1) بِيَسِيْرٍ، فَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، فليُضمَّ إِلَيْهِ.
296 - القُوْمِسَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَزْدِيْنَ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَزْدِيْنَ القُوْمِسَانِيُّ، الهَمَذَانِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَلاَّب، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدٍ، وَعَمْرو بن حُسَيْنٍ الصَّرَّام، وَأَوسِ بن أَحْمَدَ، وَأَبِي عَلِيٍّ الرَّفَّاء، وَأَبِي جَعْفَرٍ بن بَرْزَة، وَالفَضْلِ بنِ الفَضْلِ الكِنْدِيّ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ طَاهِر، وَحَفِيْدُهُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ طَاهِرٍ بن مُحَمَّدٍ، وَابْن أَخِيْهِ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، وَأَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّوْذَبَارِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ شِيْرَوَيْه: ثِقَةٌ صَدُوْقٌ.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وأَرْبَع مائَة.
__________
(1) وهو صاحب الترجمة رقم (269) .
(*) معجم البلدان 4 / 414، وهذه النسبة إلى قومسان من نواحي همذان.(17/442)
297 - حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ أَبُو طَاهِرٍ البَغْدَادِيُّ *
الحَافِظُ، المُفِيْدُ، المُحَدِّثُ، أَبُو طَاهِرٍ البَغْدَادِيُّ، الدَّقَّاق.
وُلِدَ: سَنَةَ 366.
وَسَمِعَ: أَبَا الحُسَيْن بنَ المُظَفَّر، وَأَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبَا حَفْص بنَ شَاهِيْن، وَطَبَقَتهُم.
قَالَ الخَطِيْبُ: كتبنَا عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً فَهماً عَارِفاً (1) .
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: مَا اجتمعتُ قَطُّ مَعَ حَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ فَفَارقتهُ إِلاَّ بفَائِدَة علم (2) .
قَالَ الخَطِيْبُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الكَرْمَانِيّ وَابْن جَدَّا أَنَّهُمَا رأَيَا حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ فِي النَّوْمِ، فَأَخبرهُمَا أَنَّ اللهَ رضيَ عَنْهُ (3) .
وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ الحَنَفِيَّة وَقَاضِي بُخَارَى؛ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ الخَضِر الفَشِيْدِيْزَجِيّ (4) ، وَالإِمَامُ القُدْوَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ذُنِّيْن (5) الطُّلَيْطُلِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ شَنْبُويه.
__________
(*) تاريخ بغداد 8 / 184، 185، العبر 3 / 155، شذرات الذهب 3 / 227.
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 184.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 184، 185.
(4) تقدمت ترجمته برقم (282) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (283) .(17/443)
298 - ابْنُ الحَذَّاءِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيُّ *
العَلاَّمَةُ المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيُّ، القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ، ابْنُ الحَذَّاء (1) .
رَوَى عَنْ: أَحْمَدَ بنِ ثَابِت التَّغْلِبِيّ، وَأَبِي عِيْسَى اللَّيْثِيّ، وَابنِ القُوْطِيَّة، وَابنِ عَوْن الله، وَحَجّ، فسَمِعَ: مِنْ مُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ الأُدْفُوِي، وَأَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَبْدِ اللهِ الجوهوِي، وَعِدَّة.
وَكَانَ بَصِيْراً بِالفِقْهِ وَالحَدِيْث.
صَحِبَ أَبَا مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي (2) .
قَالَ وَلدُه أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ الحَذَّاء: كَانَ لأَبِي عِلمٌ بِالحَدِيْثِ وَالفِقْهِ وَالتَّعْبِير.
صَنَّفَ كِتَاب (الإِنباهُ عَنْ أَسْمَاء الله (3)) ، وَأَوْصَى أَنْ يُدْفَنَ عَلَى صَدْرِهِ، وَكِتَابَ (الرُّؤيَا) فِي عَشْرَة أَسفَار، وَكِتَابَ (سير الخُطَبَاء) مُجَلَّدين (4) .
وَلِي قَضَاء إِشْبِيْليَة ثُمَّ سَرَقُسْطَة، وَبِهَا مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتّ
__________
(*) ترتيب المدارك 4 / 733، 734، فهرست ابن خير 93، 242، 267، الصلة 2 / 505 - 507، بغية الملتمس 146، معجم الأدباء 19 / 108، 109، العبر 3 / 122، عيون التواريخ 12 / 180 / 1، الوافي بالوفيات 5 / 196، مرآة الجنان 3 / 29، الديباج المذهب 2 / 237، 238، النجوم الزاهرة 4 / 264، شذرات الذهب 3 / 206، هدية العارفين 2 / 63، شجرة النور 1 / 112.
(1) قال القاضي عياض: هكذا نسبهم " الحذاء " بالذال المعجمة، وحكى ابن عفيف أنهم يأبون ذلك، ويقولون: هو بدال مهملة من حداء الابل، وأن جدهم الذي ينسبون إليه هو حادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: ولكن لما سكن أولنا في ربض الحذائين بقرطبة، تصحف على الناس نسبنا لقرب الحرفين.
(2) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 733.
(3) في " ترتيب المدارك " و" الصلة " و" الديباج ": " الانباء على أسماء الله "، وفي " معجم " ياقوت: " الانباء بمعاني الأسماء ".
(4) وله أيضا كتاب " التعريف بمن ذكر في موطأ مالك من الرجال والنساء " ومنه نسخة خطية بفاس القرويين 118، 176.
انظر " تاريخ " سزكين 1 / 164.(17/444)
عَشْرَة وَأَرْبَع مائَة.
رَوَى عَنْهُ: الصَّاحبَان (1) ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَحَاتِم بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو عمَر بن سُمَيْق، وَآخَرُوْنَ (2) .
299 - النُّعَيْمِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُتْقِنُ، الأَدِيْبُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نُعَيم النُّعَيْمِيُّ، البَصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ العَبَّاس الأَسْفَاطِي، وَأَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ النَّهْرَدَيْرِيّ (3) ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَدِيّ بنِ زَحْر المِنْقَرِيّ، وَعَلِيِّ بنِ عُمَرَ الحَرْبِيّ السُّكَّرِيّ، وَأَبِي أَحْمَدَ العَسْكَرِي، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ الكُوْفِيِّ الحَافِظِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ اليَسَعِ الأَنْطَاكِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّر، وَالدَّارَقُطْنِيّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ حَافِظاً عَارِفاً مُتَكَلِّماً شَاعِراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَرْقَانِيُّ فِي جَمْعِهِ لِحَدِيْثِ الثَّوْرِيّ (4) .
__________
(1) تقدمت ترجمتهما برقمي (92) و (93) .
(2) انظر " الصلة " 2 / 506، 507. وانظر بقية تصانيفه في " ترتيب المدارك " 4 / 734، و" معجم الأدباء " 19 / 109، و" الديباج المذهب " 2 / 237، 238، و" شجرة النور " 1 / 112.
(*) تاريخ بغداد 11 / 331، طبقات الشافعية للشيرازي 131، الأنساب (النعيمي) ، تبيين كذب المفتري 250، اللباب 3 / 318، طبقات ابن الصلاح الورقة 65 ب، تذكرة الحفاظ 3 / 1112، العبر 3 / 152، طبقات السبكي 5 / 237 - 239، طبقات الاسنوي 2 / 488، 489، النجوم الزاهرة 4 / 277، طبقات الحفاظ 426، 427، شذرات الذهب 3 / 226.
(3) في الأصل: النهرتيري، وما أثبتناه من " اللباب " وفيه ذكر أحمد بن عبيد الله هذا، وقد تقدمت ترجمة هذه النسبة في الصفحة 429 ت رقم (1) .
(4) " تاريخ بغداد " 11 / 331، 332.(17/445)
قَالَ: وَسَمِعْتُ الصُّوْرِيَّ يَقُوْلُ: لَمْ أَرَ بِبَغْدَادَ أَحداً أَكملَ مِنَ النُّعَيْمِيّ، قَدْ جمع مَعْرِفَة الحَدِيْثِ وَالكَلاَمِ وَالأَدبِ، وَدَرَسَ شَيْئاً مِن فَقهِ الشَّافِعِيّ.
قَالَ: وَكَانَ البَرْقَانِيُّ يَقُوْلُ: هُوَ كَامِلٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَوْلاَ بِأْوٌ فِيْهِ (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: وَحَدَّثَنِي الأَزْهَرِيُّ قَالَ: وضع النُّعَيْمِيُّ عَلَى ابْنِ المُظَفَّر حَدِيْثاً لشُعْبَة، فتنبَّه أَصْحَابُ الحَدِيْثِ عَلَى ذَلِكَ، فَخَرَجَ النُّعَيْمِيُّ عَنْ بَغْدَاد، وَغَاب حَتَّى مَاتَ ابْنُ المُظَفَّر، وَمَاتَ مَن عرف قِصَّتَهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ (2) .
مَاتَ: النُّعَيْمِيّ وَهُوَ فِي عَشر الثَّمَانِيْنَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
كتب إِلَيْنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ: أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ النُّعَيْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الْفَيْض الأَصْبَهَانِيُّ ثِقَة، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ السَّرِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالبَيْتِ وَالسَّعْيُ لإِقَامَةِ ذِكْرِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ (3) -) .
صوَابه: الثَّوْرِيّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي زِيَاد، عَنِ القَاسِمِ.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 332، والبأو: العجب والفخر.
(2) المصدر السابق.
(3) هو في تاريخ بغداد 11 / 331، 332، وعبيد الله بن أبي زياد ليس بالقوي، ومع ذلك فقد صححه الحاكم 1 / 459، ووافقه المؤلف في مختصره، وأخرجه من طرق عن عبيد الله بن أبي زياد بهذا الإسناد أحمد 6 / 64 و75 و139، وأبو داود (1888) والترمذي (902) وأبو داود (1888) والدارمي 2 / 50.(17/446)
وَمِنْ شِعْرِ النُّعَيْمِيّ المَشْهُوْرِ لَهُ:
إِذَا أَظْمَأَتْكَ أَكُفُّ الِّلئام ... كَفَتْكَ القَنَاعَةُ شِبْعاً وَرِيَّا
فَكُنْ رَجُلاً رِجْلُهُ فِي الثَّرَى ... وَهَامَةُ هِمَّتِهِ فِي الثُّرَيَّا
أَبِيّاً لِنَائِلِ ذِي ثَرْوَةٍ ... تَرَاهُ بِمَا فِي يَدَيْهِ أَبِيَّا
فَإِنَّ إِرَاقَةَ مَاءِ الحَيَاة ... دُوْنَ إِرَاقَةِ مَاءِ المُحَيَّا (1)
300 - الأُرْمَوِيُّ عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الجَوَّالُ، أَبُو النَّجِيْبِ عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأُرْمَوِيُّ.
سَمِعَ: ابْنَ نَظِيْف بِمِصْرَ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيّ بِبَغْدَادَ، وَأَبَا نُعَيْمٍ بِأَصْبَهَانَ.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالكَتَّانِيُّ، وَنَجَا بنُ أَحْمَدَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :جَاوَرَ بِمَكَّةَ، فَأَكْثَر عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَرجعَ إِلَى الشَّامِ، فَمَاتَ بَيْنَ دِمَشْق وَالرَّحْبَة، فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَذَكَرَ الحَبَّال أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، فَغَلطَ.
مَاتَ قَبْلَ حِيْنَ الرِّوَايَة شَابّاً.
__________
(1) الابيات في " تبيين كذب المفتري " 251، 252، و" تاريخ بغداد " 11 / 332، و" طبقات " السبكي 5 / 338، 339، والبيتان الاولان منها في " النجوم الزاهرة " 4 / 396 وفيه " عطشتك " بدل " أظمأتك ".
(*) تاريخ بغداد 11 / 117. والارموي: نسبة إلى أرمية، وهي من بلاد أذربيجان.
(2) في " تاريخ بغداد " 11 / 117.(17/447)
301 - عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ أَبُو الفَضْلِ الهَرَوِيُّ *
الحَافِظُ، القُدْوَةُ، أَبُو الفَضْلِ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الهَرَوِيُّ، الزَّاهِدُ، خَالُ شَيْخِ الإِسْلاَم أَبِي عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيِّ (1) .
سَمِعَ: عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ بن عَلَّك الجَوْهَرِيَّ، وَطبقته بِمَرْو، وَالحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْد العَسْكَرِي، وَعِدَّةً بِبَغْدَادَ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيّ بِالكُوْفَةِ، وَأَبَا بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ بِجُرْجَانَ، وَبِشْرَ بنَ أَحْمَدَ بِإِسْفَرَايِيْن، وَأَبَا عَمْرٍو بنَ حَمْدَان بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَمثَالَهُم.
وَكَانَ مُقَدَّماً فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ وَالزُّهْدِ وَالوَرَعِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أُخْته أَبُو عُثْمَانَ، وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُمَيْرِيُّ الزَّاهِدُ، وَعَبْدُ الأَعْلَى بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَلِيْحِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُحَدِّثَ هَرَاة وَشَيْخَهَا.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاء، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَتُوُفِّيَ أَبُو الفَضْلِ الزَّاهِدُ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (2) ، مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُصْعَب التَّاجِر، وَمُسْنِدُ العِرَاق أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ (3) البَزَّاز، وَسُفْيَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنكويه السُّفْيَانِيّ، وَعبدُ
__________
(*) تاريخ بغداد 11 / 273، 274، العبر 3 / 158، شذرات الذهب 3 / 229.
(1) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (17) .
(2) قال الخطيب في " تاريخ بغداد ": وبلغني أنه توفي بهراة في سنة ست وعشرين وأربع مئة.
(3) تقدمت ترجمته برقم (273) .(17/448)
الرَّحْمَن بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ يَاسِر الجَوْبَرِيّ (1) ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ اللهِ المُرِّيّ (2) ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ غَالِب البَرْقَانِيّ (3) ، وَأَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ شُبَانه (4) ، وَزَاهدُ وَقْته أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الخَرَقَانِيّ (5) .
302 - ابْنُ مُصْعَبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ *
الشَّيْخُ، الأَمِيْنُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُصْعَبِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُصْعَب بن إِسْحَاقَ ابْنِ صَاحِبِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، التَّاجِرُ، بَقِيَّةُ المَشَايِخ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارس، وَأَحْمَدَ بن جَعْفَرٍ السِّمْسَار، وَشَاكرَ بنَ عُمَرَ المُعَدَّل، وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الكِسَائِيّ، وَسُلَيْمَانَ الطَّبَرَانِيّ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بشرويه، وَأَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَدَّاد، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُطَرِّز، وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَهْرَيَار، وَالمُقْرِئ أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَعِدَّة.
وَكَانَ مِنْ كُبَرَاء أَهْل أَصْبَهَان، لَهُ أَوقَافٌ كَثِيْرَةٌ، وَهُوَ عَمُّ أُمِّ الحَافِظِ
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (272) .
(2) سترد ترجمته برقم (307) .
(3) سترد ترجمته برقم (306) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (288) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (277) .
(*) العبر 3 / 158، تذكرة الحفاظ 3 / 1076، شذرات الذهب 3 / 229.(17/449)
إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ التَّيْمِيِّ؛ مُصَنِّفِ (التَّرْغِيْب وَالتَّرْهِيْب) .
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدْ نَاطح التِّسْعِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
قرأنَا عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِق، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُودٌ الجَمَّال (ح) .
وَنَبَّأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ مَسْعُوْد، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَلاَء، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ هِشَام، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِت، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يَقُوْلُ اللهُ: يَا ابْنَ آدم: اذْكُرْنِي فِي نَفْسِكَ أَذْكُرْكَ فِي نَفْسِي، اذْكُرْنِي فِي مَلأٍ مِنَ النَّاسِ أَذْكُرْكَ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُم) .
تَفَرَّد بِهِ مُعَاوِيَة (1) .
303 - ابْنُ بِشْرَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ الأُمَوِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، الوَاعِظُ، المُذَكِّرُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ؛ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بِشْرَان بن مُحَمَّدِ بنِ بِشْرَان
__________
(1) هو من رجال مسلم وقد وصفه الحافظ في " التقريب " بأن صدوق له أوهام، وأخرجه بأطول مما هنا البخاري (7405) ومسلم (2675) (21) والترمذي (3603) وابن ماجة (3822) وأحمد 2 / 251 و413، و480 من طرق عن الأعمش، سمعت أبا صالح، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: " أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملا ذكرته في ملا خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا، تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ".
(*) تاريخ بغداد 10 / 432، 433، المنتظم 8 / 102، العبر 3 / 171، 172، دول الإسلام 1 / 256، تذكرة الحفاظ 3 / 1097، النجوم الزاهرة 5 / 30، شذرات الذهب 3 / 246، هدية العارفين 1 / 625، إيضاح المكنون 1 / 123.(17/450)
بْن مِهْرَانَ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ الأَمَالِي (1) الكَثِيْرَة.
مَوْلِدُهُ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: الكَثِيْر هُوَ وَأَخُوْهُ أَبُو الحُسَيْنِ (2) بنُ بِشْرَانَ المُعَدَّل مِنْ جَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَأَبِي سَهْل بنِ زِيَادٍ، وَحَمْزَةَ الدِّهْقَان، وَأَحْمَدَ بنِ الفَضْلِ بنِ خُزَيْمَة، وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدٍ الفَاكهِي المَكِّيّ، وَدَعْلَجٍ السِّجْزِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ، وَعُمَر بن مُحَمَّدٍ الجُمَحِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وَعَبْدِ الخَالِقِ بن أَبِي رُوبَا، وَعَبْدِ البَاقِي بنِ قَانع، وَأَحْمَدَ بن نيخَاب (3) الطّيبِي، وَأَبِي عَلِيِّ بن الصَّوَّاف، وَالحَسَنِ بن الخَضِر الأُسْيُوْطِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الكِنْدِيّ، وَالقَطِيْعِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالكَتَّانِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ لُوبَا، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الفقيرَة، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ بن طَيْبَان، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ المُزَرِّر، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الخَل، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الخَيَّاط، وَأَبُو الخَطَّاب بنُ الجَرَّاحِ، وَأَبُو سَعْدٍ الأَسَدِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ بنُ البَاقِلاَّنِيّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ فَتْحَان الشَّهْرُزُوْرِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتاً صَالِحاً.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَأَوْصَى أَنْ يُدُفِنَ بجَنْبِ الشَّيْخِ أَبِي طَالِبٍ
__________
(1) انظر النسخ الخطية لبعض هذه الامالي في " تاريخ " سزكين 1 / 387.
(2) وقد تقدمت ترجمته برقم (189) .
(3) تقدم ضبطه في الصفحة 416 ت رقم (4) .(17/451)
المَكِّيِّ، وَكَانَ الجمعُ فِي جِنَازَتِهِ يَتَجَاوَزُ الحدّ، وَيفوتُ الإِحصَاءَ - رَحِمَهُ اللهُ (1) -.
أَخْبَرَنَا حسنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرٍ الخَيَّاطُ وَأَبُو سَعْدٍ الأَسَدِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَان، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ بنِ خُزَيْمَة، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الطّبَّاع، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرٌ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! كَيْفَ يَمْشُون عَلَى وُجُوْهِهِم؟
قَالَ: (إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُم عَلَى أَقْدَامِهِم يُمْشِيهُم عَلَى وُجُوْهِهِم) (2) .
304 - المَنِيْنِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ رِزْقِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، خَطِيْبُ مَنِيْنَ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ رِزْق اللهِ بن عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي عَمْرٍو المَنِيْنِيُّ، الأَسْوَدُ.
عَاشَ بِضْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
سَمِعَ: عَلِيَّ بن أَبِي الْعقب، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 432، 433.
(2) إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن عبد الله بن زهير بن عبد الله بن جدعان - وجهالة أبي خالد واسمه أوس بن أبي أوس، وأخرجه الترمذي (3142) في التفسير، وأحمد 2 / 354 و363 من طريق حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بهذا الحديث، وقد صح الحديث من طريق آخر عن أنس أن رجلا قال: يا نبي الله يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: " أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟ " قال قتادة راويه عن أنس: بلى وعزة ربنا.
أخرجه البخاري (4760) و (6523) ومسلم (2806) .
(*) الأنساب (المنيني) ، معجم البلدان 5 / 218، اللباب 3 / 266، العبر 3 / 160، الوافي بالوفيات 3 / 70، شذرات الذهب 3 / 230.(17/452)
مَرْوَان، وَالحُسَيْنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبَا عَلِيّ بنَ آدَمَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الوَلِيْدِ الدَّرْبَنْدِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّرْبَنْدِيُّ: لَمْ يَكُنْ فِي جَمِيْع الشَّام مَنْ يُكْنَى بِأَبِي بَكْرٍ غَيْرُهُ، وَكَانَ ثِقَةً.
قُلْتُ: وَكَذَا لَمْ يَكُنْ يُوجَدُ بِمِصْرَ مُنْذُ تَمَلَّكَ بنُو عُبيد أَحدٌ يُكْنَى بِأَبِي بَكْرٍ، وَكَانَتِ الدُّنْيَا تَغلِي بِهِم رفضاً وَجَهلاً.
مَاتَ: أَبُو بَكْرٍ سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: العَلاَّمَةُ شَيْخُ البَلاَغَة أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ شُهَيْد (1) الأَنْدَلُسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي الكِرَام بِمِصْرَ.
305 - أَبُو نُعَيْمٍ المِهْرَانِيُّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بن إِسْحَاقَ بنُ مُوسَى بنُ مِهْرَانَ *
__________
(1) سترد ترجمته برقم (323) .
* تبيين كذب المفتري 246، المنتظم 8 / 100، معجم البلدان 1 / 210، الكامل في التاريخ 9 / 466، طبقات الاطباء 108، المبهمات للنووي 35 أ، وفيات الأعيان 1 / 91، 92 تذكرة الحفاظ 3 / 1092 - 1098، العبر 3 / 170، ميزان الاعتدال 1 / 111، دول الإسلام 1 / 255، 256، الوافي بالوفيات 7 / 81 - 84، عيون التواريخ 12 / 176 / 2، مرآة الجنان 3 / 52، 53، طبقات السبكي 4 / 18 - 25، طبقات الاسنوي 2 / 474، 475، البداية والنهاية 12 / 45، غاية النهاية 1 / 71، لسان الميزان 1 / 201، النجوم الزاهرة 5 / 30، طبقات الحفاظ 423، طبقات ابن هداية الله 141، 142، منهج المقال 37، تنقيح المقال 1 / 65، منتهى المقال 36، شذرات الذهب 3 / 245، روضات الجنات 75، هدية العارفين 1 / 74، 75، أعيان الشيعة 9 / 5 - 13.(17/453)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو نُعَيْمٍ المِهْرَانِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، الصُّوْفِيُّ، الأَحْوَلُ، سِبْطُ الزَّاهِدِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ البَنَّاءِ، وَصَاحِبُ (الحِلْيَةِ) .
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ عُلَمَاء المُحَدِّثِيْنَ وَالرَّحَّالِيْن، فَاسْتجَازَ لَهُ جَمَاعَةً مِنْ كِبَارِ المُسْنِدِيْن، فَأَجَازَ لَهُ مِنَ الشَّام خَيْثَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ حَيْدرَة، وَمن نَيْسَابُوْر أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَمن وَاسِط عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ شَوْذَب، وَمن بَغْدَاد أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَاد القَطَّان، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نُصَيْر الخُلْدِيّ، وَمن الدِّيْنَوَر أَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّي، وَآخَرُوْنَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارس، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَمن القَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَحْمَد بنِ بُنْدَار الشَّعَّار، وَأَحْمَدَ بنِ معَبْد السِّمْسَار، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ القَصَّار، وَعَبْدِ اللهِ بن الحَسَنِ بنِ بُنْدَار المَدِيْنِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ التَّيْمِيِّ، وَالحَسَنِ بن سَعِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ العبَّادَانِي المُطَّوِّعِيّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ، وَأَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العُقَيْلِيِّ، وَأَبِي مُسْلِمٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سِيَاهُ، وَمُحَمَّدِ بن مَعْمَر بن نَاصِح الذُّهْلِيّ، وَالحَافِظ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الجِعَابِيّ - قَدِمَ عَلَيْهِم -، وَأَبِي الشَّيْخ بنِ حَيَّانَ، وَابنِ المُقْرِئ (1) ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِأَصْبَهَانَ، وَمن أَبِي بَكْرٍ بنِ الهَيْثَمِ الأَنْبَارِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ بنِ
__________
(1) وهو محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني، المتوفى سنة 381 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.(17/454)
خلاَّد النَّصِيْبِيّ (1) .
وَأَبِي عَلِيِّ بن الصَّوَّاف (2) ، وَأَبِي بَحْرِ بن كَوْثَر البَرْبَهَارِيّ (3) ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ العَبَّاسِ؛ وَالد المُخَلِّص، وَعِيْسَى بن مُحَمَّدٍ الطُّوْمَارِيِّ (4) ، وَمَخْلَدِ بن جَعْفَرٍ الدَّقِيْقِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَطَبَقَتِهِم بِبَغْدَادَ، وَحَبِيْب بن الحَسَنِ القَزَّاز، وَفَارُوْقِ بنِ عَبْدِ الكَبِيْر الخَطَّابِي، وَعَبْدِ اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ إِسْحَاقَ الجَابِرِي، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ الرَّيَّانِ اللُّكِّي، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُسْلِمٍ العَامِرِيِّ، وَطَبَقَتِهِم بِالبَصْرَةِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي العَزَائِم، وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بن يَحْيَى الطَّلْحِيّ، وَعِدَّةٍ بِالكُوْفَةِ، وَمن أَبِي عَمْرٍو بن حَمْدَان، وَأَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم، وَحُسَيْنَك التَّمِيْمِيّ (5) ، وَخَلْقٍ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الكِنْدِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وَغيرِهمَا بِمَكَّةَ.
وَعمل (مُعْجَم) شُيُوْخه، وَكِتَاب (الحِلْيَة) ، وَ (الْمُسْتَخْرج)
__________
(1) نسبة إلى نصيبين، وهي مدينة مشهورة من بلاد الجزيرة، وأحمد بن يوسف هذا متوفى سنة 359 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) هو محمد بن أحمد بن الحسن بن إسحاق البغدادي، المتوفى سنة 359 هـ.
مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) هذه النسبة إلى بربهار، وهي الادوية التي تجلب من الهند من الحشيش والعقاقير وغيرها، ومن يجلبها يقال له: البربهاري.
وأبو بحر وهو محمد بن الحسن بن كوثر بن علي البربهاري، المتوفى سنة 362 هـ قد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) هذه النسبة إلى طومار، وهو لقب رجل، وقد مرت ترجمة عيسى بن محمد الطوماري هذا في الجزء السادس عشر، وهو متوفى سنة 360 هـ.
(5) وهو الحسين بن علي بن محمد التميمي، المتوفى سنة 375 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.(17/455)
عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ (1)) ، وَ (تَاريخ أَصْبَهَان (2)) ، وَ (صفَة الجَنَّة) ، وَكِتَاب (دلاَئِل النُّبُوَّة (3)) ، وَكِتَاب (فَضَائِل الصَّحَابَة) ، وَكِتَاب (عُلُوم الحَدِيْث) ، وَكِتَاب (النِّفَاق) . وَمُصَنَّفَاتُهُ كَثِيْرَةٌ جِدّاً (4) .
رَوَى عَنْهُ: كُوشيَار بن ليَاليزور الجِيْلِيّ وَمَاتَ قَبْلَهُ بِأَزيد مِنْ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ وَمَاتَ قَبْلَهُ بثَمَانِيَةَ عشرَ عَاماً، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الهَمْدَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو عَلِيٍّ الوَخْشِي (5) ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُسْتَمْلِي، وَسُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْرَازِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ الحَسَنِ التَّفَكُّرِي (6) ، وَعَبْدُ السَّلاَّم بنُ أَحْمَدَ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ بن يَيَّا (7) ، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُطَرِّز، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّحَّاف، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَدَمِيُّ الفَقِيْه، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي الرَّجَاءِ القَاضِي، وَأَبُو الفَضَائِل مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدِ بنِ ممّك العَطَّار، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ
__________
(1) ولكتابه " المستخرج على صحيح مسلم " عدة نسخ خطية.
انظر " تاريخ " بروكلمان 6 / 226، 227.
(2) واسمه " ذكر أخبار أصبهان " وقد طبع في ليدن في جزأين في سنة 1931، 1934، ثم صور.
(3) وقد طبع في المطبعة النظامية بحيدر أباد سنة 1320 هـ، ويغلب على الظن أن المطبوع ناقص.
(4) انظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ " بروكلمان 6 / 227.
(5) هذه النسبة إلى وخش، وهي بلدة بنواحي بلخ من ختلان، وهي كورة واسعة كثيرة الخير، طيبة الهواء، وأبو علي الوخشي هو الحسن بن علي بن محمد الوخشي الحافظ، متوفى سنة 471 هـ، ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (175) .
(6) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (280) .
(7) بياءين الثانية ثقيلة، انظر " تبصير المنتبه " 1 / 221.(17/456)
ابْن سَرْفَرْتج (1) ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَوَيْه الشُّرُوطي، وَالأَدِيْبُ مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْد الثَّقَفِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ كنْدُوج، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المَرْزُبَان، وَمُحَمَّدُ بنُ حُسَيْن بن مُحَمَّد بنِ زيْله، وَأَبُو طَالِبٍ أَحْمَد بن الفَضْلِ الشَّعيرِي، وَأَحْمَد بن مَنْصُوْرٍ القَاص، وَأَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ رَشِيد الأَدَمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ اللَّبَّان، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ الحَسَنِ العَلَوِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ المُحسن بن طرَّاق، وَبُنْدَار بن مُحَمَّدٍ الخُلْقَانِي، وَحَمْدُ بنُ عَلِيٍّ البَاهِلِيّ الدَّلاَّل، وَأَبُو العَلاَءِ حَمْد بن عُمَرَ الشَّرَابِيّ، وَحَمْدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّاجِر، وَحَمْد بن مَحْمُوْد البَقَّال، وَأَبُو العَلاَءِ حُسَيْنُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الصَّفَّار، وَحَيْدَرُ بنُ الحَسَنِ السُّلَمِيّ، وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ التَّاجِرُ، وَأَبُو بَكْرٍ ذُو النُّوْنِ بنُ سَهْل الأُشْنَانِيُّ، وَزَكَرِيَّا بنُ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ، وَسَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيّ، وَأَبُو زَيْدٍ سَعْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّحَّاف، وَسَهْلُ بنُ مُحَمَّدٍ المَغَازلِيُّ، وَصَالِحُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَقَّال، وَأَبُو عَلِيٍّ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَابَجَانِيّ (2) ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاق بن رَرَا، وَأَبُو زَيْدٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الخِرقِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْد اللهِ بنُ الخَصِيْب الحَلاَوِيُّ، وَأَبُو الرِّجَاء عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ الشَّرَابِيُّ، وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ فُورُويه الصَّفَّار، وَأَبُو طَاهِرٍ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ
__________
(1) هو الرئيس أبو سعد محمد بن علي بن محمد إبراهيم المديني الثاني الكاتب، المتوفى سنة 505 هـ. ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (194) .
(2) نسبة إلى الفابجان - بكسر الباء الموحدة - قال السمعاني: وهي قرية من قرى أصبهان ولا أدري هي الفابزان ... أو غيرها، وظني أنهما قريتان. وقد رجح ابن الأثير في " اللباب " أنهما قرية واحدة.(17/457)
ابْن فَاذْشَاهُ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البُرْجِي، وَغَانِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ البُرْجِي، وَعَبَّادُ بنُ مَنْصُوْرٍ المُعَدَّل، وَالفَضْلُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَالفَضْلُ بنُ عُمَرَ بنِ سَهْلُوَيْه، وَأَبُو طَاهِرٍ المُحَسَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُبِشِّرُ بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيّ الوَاعِظُ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَأَخُوْهُ أَبُو الفَضْلِ حَمْدٌ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنْ مَشْيَخة السِّلَفِيّ خَاتِمَتُهُم بَعْد الحَدَّاد أَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّشْتَج الذَّهَبِي.
وَكَانَ حَافِظاً مُبَرِّزاً عَالِي الإِسْنَاد، تَفَرَّد فِي الدُّنْيَا بِشَيْءٍ كَثِيْرٍ مِنَ العوَالِي، وَهَاجر إِلَى لُقِيِّه الحُفَّاظُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الخَطِيْبَ يَقُوْلُ:
لَمْ أرَ أَحداً أُطْلِقُ عَلَيْهِ اسْم الحِفْظِ غَيْرَ رَجُلَيْنِ؛ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيّ وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدُويي (1) .
قَالَ ابْنُ المُفَضَّلِ الحَافِظ: جَمَعَ شَيْخُنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ أَخْبَارَ أَبِي نُعَيْمٍ وَذكر مِنْ حَدَّثَهُ عَنْهُ، وَهُم نَحْو الثَّمَانِيْنَ، وَقَالَ:
لَمْ يُصَنَّف مِثْلُ كِتَابهُ (حِلْيَة الأَوْلِيَاءِ) ، سمِعنَاهُ مِنْ أَبِي المُظَفَّر القَاسَانِي (2) عَنْهُ سِوَى فَوْتٍ يَسِيْر (3) .
__________
(1) تقدم هذا الخبر وتخريجه في ترجمة العبدويي رقم (204) .
قال السبكي: والحافظ أبو بكر الخطيب وهو من أخص تلامذته (يعني أبا نعيم) وقد رحل إليه، وأكثر عنه، ومع ذلك لم يذكره في " تاريخ بغداد " ولا يخفى عليه أنه دخلها، ولكن النسيان طبيعة الإنسان، وكذلك أغفله الحافظ أبو سعد ابن السمعاني، فلم يذكره في " الذيل ". " الطبقات الكبرى " 4 / 20.
(2) بالسين المهملة - والناس يقولونها بشين معجمة - نسبة إلى قاسان: بلدة عند قم على ثلاثين فرسخا من أصبهان.
وفي " تذكرة الحفاظ ": " القاشاني " بالشين المعجمة، وتصحف في " طبقات " السبكي إلى " الفاشاني " بالفاء والشين المعجمة.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1093، 1094، و" طبقات " السبكي 4 / 21.(17/458)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَرْدَوَيْه: كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي وَقتِهِ مرحُولاً إِلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي أُفُقٍ مِنَ الآفَاقِ أَسندُ وَلاَ أَحفظُ مِنْهُ، كَانَ حُفَّاظُ الدُّنْيَا قَدِ اجتمعُوا عِنْدَهُ، فَكَانَ كُلّ يَوْم نَوْبَة وَاحِد مِنْهُم يقرأُ مَا يُرِيْدُهُ إِلَى قَرِيْب الظُّهر، فَإِذَا قَامَ إِلَى دَاره، رُبَّمَا كَانَ يُقْرَأ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيْق جُزءٌ، وَكَانَ لاَ يَضْجَرُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ غَدَاءٌ سِوَى التَّصْنِيف وَالتَّسْمِيع (1) .
قَالَ حَمْزَةُ بنُ العَبَّاسِ العَلَوِيُّ: كَانَ أَصْحَابُ الحَدِيْث يَقُوْلُوْنَ: بَقِيَ أَبُو نُعَيْمٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلاَ نَظِير، لاَ يُوجد شرقاً وَلاَ غرباً أَعْلَى مِنْهُ إِسْنَاداً، وَلاَ أَحفَظُ مِنْهُ.
وَكَانُوا يَقُوْلُوْنَ: لَمَّا صَنَّفَ كِتَابَ (الحِلْيَة) حُمِلَ الكِتَابُ إِلَى نَيْسَابُوْرَ حَالَ حَيَاتِهِ، فَاشترَوهُ بِأَرْبَع مائَة دِيْنَارٍ (2) .
قُلْتُ: رَوَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، فَقَالَ فِي كِتَاب (طبقَات الصُّوْفِيَّة) :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُبيش المُقْرِئُ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلٍ الأَدَمِيُّ فَذَكَرَ حَدِيْثاً (3) .
قَالَ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا العَلاَء مُحَمَّدَ بن عَبْدِ الجَبَّارِ الفُرْسَانِيَّ يَقُوْلُ:
حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيّ المُعَدَّل فِي صِغَرِي مَعَ أَبِي، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ إِملاَئِه قَالَ إِنسَانٌ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَ أَبِي نُعَيْمٍ، فَلْيَقُم.
وَكَانَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ مَهْجُوراً بِسبب المَذْهَب، وَكَانَ بَيْنَ الأَشْعَرِيَّةِ وَالحنَابِلَة تَعَصُّبٌ
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1094، و" طبقات " السبكي 4 / 21.
(2) المصدران السابقان.
(3) انظر الحديث في " طبقات الصوفية " 266، 267.(17/459)
زَائِدٌ يُؤَدِّي إِلَى فِتْنَة، وَقِيْلٍ وَقَالٍ، وَصُدَاعٍ طَوِيْلٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْث بسكَاكين الأَقْلاَم، وَكَادَ الرَّجُلُ يُقْتَل (1) .
قُلْتُ: مَا هَؤُلاَءِ بِأَصْحَابِ الحَدِيْث، بَلْ فَجرَةٌ جَهَلَة، أَبعد اللهُ شَرَّهُم.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِر: ذكر الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ عَمَّنْ أَدْرَكَ مِنْ شُيُوْخِ أَصْبَهَان أَنَّ السُّلْطَانَ مَحْمُوْدَ بنَ سُبُكْتِكِيْن لَمَّا اسْتولَى عَلَى أَصْبَهَان، أَمَّر عَلَيْهَا وَالِياً مِنْ قِبَله، وَرَحَلَ عَنْهَا، فَوَثَبَ أَهلُهَا بِالوَالِي، فَقتلُوهُ، فَرَجَعَ السُّلْطَانُ إِلَيْهَا، وآمَنَهُم حَتَّى اطمأَنُّوا، ثُمَّ قصدهُم فِي يَوْم جُمُعَةٍ وَهُم فِي الجَامع، فَقَتَلَ مِنْهُم مَقْتَلَةً عَظِيْمَةً، وَكَانُوا قَبْل ذَلِكَ منعُوا الحَافِظَ أَبَا نُعَيْمٍ مِنَ الجُلُوس فِي الجَامع، فَسَلِمَ مِمَّا جَرَى عَلَيْهِم، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ كَرَامِتِهِ (2) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الوَهَّاب الأَنْمَاطِيَّ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ بخطِّ أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْب: سَأَلتُ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ العَطَّار مُستملِي أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ جُزء مُحَمَّدِ بنِ عَاصِم: كَيْفَ قرأْتَه عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ، وَكَيْفَ رَأَيْتَ سَمَاعَه؟
فَقَالَ: أَخرجَ إِليَّ كِتَاباً، وَقَالَ: هُوَ سَمَاعِي، فَقرأْتُه عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ الخَطِيْبُ: قَدْ رَأَيْتُ لأَبِي نُعَيْم أَشْيَاء يَتَسَاهَلُ فِيْهَا، مِنْهَا أَنْ يَقُوْلَ فِي الإِجَازَةً: أَخْبَرَنَا، مِنْ غَيْر أَنْ يُبَيِّن (3) .
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1095.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1095، و" طبقات " السبكي 4 / 21، 22، و" تبيين كذب المفتري " 247.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1095، 1096، و" الوافي بالوفيات " 7 / 83، و" طبقات " السبكي 4 / 23.(17/460)
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ النَّجَّار: جُزْءُ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِم قَدْ رَوَاهُ الأَثبَاتُ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَالحَافِظُ الصَّادِقُ إِذَا قَالَ: هَذَا الكِتَابُ سَمَاعِي، جَازَ أَخذهُ عَنْهُ بِإِجمَاعِهم (1) .
قُلْتُ: قَوْلُ الخَطِيْب: كَانَ يَتَسَاهلُ - إِلَى آخرِهِ، هَذَا شَيْءٌ قَلَّ أَنْ يَفْعَلَه أَبُو نُعَيْمٍ، وَكَثِيْراً مَا يَقُوْلُ: كَتَبَ إِلَيَّ الخُلْدِيّ.
وَيَقُوْلُ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو المَيْمُوْنِ بنُ رَاشِد فِي كِتَابِهِ، وَلَكِنِّي رَأَيْتهُ يَقُوْلُ: فِي شَيْخِهِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ فَارس الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ كَثِيْراً وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَر فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ، فيُوهِمُ أَنَّهُ سَمِعَهُ، وَيَكُونُ مِمَّا هُوَ لَهُ بِالإِجَازَةِ، ثُمَّ إِطلاَقُ الإِخبارِ عَلَى مَا هُوَ بِالإِجَازَةِ مَذْهَبٌ مَعْرُوفٌ قَدْ غلب اسْتَعمَالُهُ عَلَى مُحَدِّثِي الأَنْدَلُس، وَتَوَسَّعُوا فِيْهِ، وَإِذَا أَطلق ذَلِكَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مِثْل الأَصَمِّ وَأَبِي المَيْمُوْنِ البَجَلِيّ وَالشُّيُوْخِ الَّذِيْنَ قَدْ عُلم أَنَّهُ مَا سَمِعَ مِنْهُم بَلْ لَهُ مِنْهُم إِجَازَة، كَانَ لَهُ سَائِغاً، وَالأَحْوَطُ تجنّبهُ.
حَدَّثَنِي أَبُو الحَجَّاج الكَلْبِيُّ الحَافِظُ أَنَّهُ رَأَى خَطَّ الحَافِظِ ضِيَاءِ الدِّيْنِ قَالَ: وَجدتُ بخطِّ أَبِي الحَجَّاج بنِ خَلِيْل أَنَّهُ قَالَ:
رَأَيْتُ أَصل سَمَاع الحَافِظ أَبِي نُعَيْمٍ لجُزء مُحَمَّدِ بنِ عَاصِم.
قُلْتُ: فَبطَلَ مَا تَخَيَّلهُ الخَطِيْبُ، وَتَوهَّمَهُ، وَمَا أَبُو نُعَيْمٍ بِمُتَّهَم بَلْ هُوَ صَدُوْقٌ عَالِمٌ بِهَذَا الْفَنّ، مَا أَعلمُ لَهُ ذَنْباً - وَاللهِ يعْفُو عَنْهُ - أَعظَم مِنْ روَايتِهِ للأَحَادِيْثِ المَوْضُوْعَة فِي توَالِيفه، ثُمَّ يسكتُ عَنْ تَوهِيَتِهَا.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1096، و" الوافي بالوفيات " 7 / 83، و" طبقات " السبكي 4 / 24.(17/461)
قَالَ الحَافِظُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ أَبِي عَمْرٍو: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْن القَاضِي، سَمِعْتُ عَبْدَ العَزِيْز النَّخْشَبِيّ يَقُوْلُ:
لَمْ يَسْمَعْ أَبُو نُعَيْمٍ (مُسْند) الحَارِثِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ بِتَمَامِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ خَلاَّد، فَحَدَّثَ بِهِ كُلِّهِ، فَقَالَ الحَافِظُ بنُ النَّجَّار: قَدْ وَهمَ فِي هَذَا، فَأَنَا رَأَيْتُ نُسخَةَ الكِتَابِ عتيقَةً وَخَطُّ أَبِي نُعَيْمٍ عَلَيْهِ يَقُوْلُ:
سَمِعَ مِنِّي فُلاَنٌ إِلَى آخر سَمَاعِي مِنْ هَذَا (المُسْنَد) مِنِ ابْنِ خَلاَّد، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ رَوَى البَاقِي بِالإِجَازَةِ، ثُمَّ قَالَ:
لَوْ رَجَمَ النَّجْمَ جمِيْعُ الوَرَى ... لَمْ يَصِلَ الرَّجْمُ إِلَى النَّجْمِ (1)
قُلْتُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة يُقذِعُ فِي المَقَال فِي أَبِي نُعَيْمٍ (2) لمَكَان الاعْتِقَادِ المُتَنَازع فِيْهِ بَيْنَ الحَنَابِلَةِ وَأَصْحَابِ أَبِي الحَسَنِ، وَنَال أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضاً مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ فِي (تَارِيْخِهِ) ، وَقَدْ عُرف وَهنُ كَلاَم الأَقرَانِ المُتَنَافِسين بَعْضِهُم فِي بَعْض.
نَسْأَلُ اللهَ السَّمَاح.
وَقَدْ نقل الحَافِظَان ابْنُ خَلِيْل وَالضِّيَاءُ جُمْلَةً صَالِحَةً إِلَى الشَّامِ مِنْ توَالِيف أَبِي نُعَيْمٍ وَرِوَايَاتِهِ، أَخذهَا عَنْهُمَا شُيُوْخُنَا، وَعِنْد شَيْخِنَا أَبِي الحَجَّاجِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَثِيْرٌ بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ (كَالحِلْيَة) ، وَ (المُسْتَدرك عَلَى صَحِيْح مُسْلِم) .
مَاتَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: فِي العِشْرِيْنَ مِنَ المُحَرَّم سَنَة ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1096، 1097، و" الوافي بالوفيات " 7 / 83، 84.
(2) انظر الصفحة (32) تعليق رقم (5) في ترجمة ابن منده رقم (13) .(17/462)
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ وَسُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَة قَالاَ:
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنِيْر، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَرْدَوَيْه، وَحَمْدُ بنُ سَهْلُوَيْه الشَّرَابِيُّ، وَأَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ الشَّعِيْرِي، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيّ، حَدَّثَنَا عبَادَةُ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي يَعْفُور، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلاَّ سَبَبِي وَنَسَبِي (1)) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الآنمِي غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الجَمَّال (ح) .
وَأَنْبَأَنِي ابْنُ سَلاَمَةَ عَنِ الجَمَّال، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَصَّار، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ سُفْيَانَ، سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، سَمِعْتُ ابْنَ المُسَيِّب يَقُوْلُ:
طُوبَى لمَنْ كَانَ عَيْشُهُ كَفَافاً وَقَوْلُهُ سَدَاداً.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ: مُسْنِدُ العِرَاق؛ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بِشْرَان (2) الوَاعِظُ، وَمِسْنِدُ الأَنْدَلُس أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هِشَام بن جَهْور لَهُ إِجَازَةُ الآجُرِّيّ، وَشَيْخُ التَّفْسِيْر أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ الحِيْرِيُّ (3) الضَّرِيْرُ، وَصَاحِبُ الآدَاب أَبُو مَنْصُوْرٍ عبدُ
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف يونس بن أبي يعفور، فإنه كثير الخطأ، لكن في الباب ما يقويه عن عمر بن الخطاب عند ابن سعد 8 / 463، والخطيب 6 / 182، والحاكم 3 / 142، وأبي نعيم 2 / 34، ورجاله ثقات لكنه منقطع، وعن ابن عباس عند الخطيب 10 / 271، وعن المسور عند أحمد 4 / 323 و332، فالحديث صحيح بها.
(2) تقدمت ترجمته برقم (303) .
(3) سترد ترجمته برقم (359) .(17/463)
الْملك بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الثَّعَالِبِيُّ (1) ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَوْفِيُّ (2) المِصْرِيُّ؛ صَاحِبُ كِتَاب (الإِعرَاب) ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ عِيْسَى بنِ أَبِي حَاج الفَاسِيُّ (3) شَيْخُ المَالِكِيَّة بِالقَيْرَوَان.
306 - البَرْقَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الفَقِيْهُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الفُقَهَاءِ وَالمُحَدِّثِيْنَ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ غَالِبٍ الخُوَارَزْميُّ، ثُمَّ البَرْقَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ (4) .
سَمِعَ فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بخُوَارزْم مِن: أَبِي العَبَّاسِ بنِ حَمْدَانَ الحِيْرِيِّ النَّيْسَابُوْرِيِّ أَخِي (5) أَبِي عَمْرٍو، حَدَّثَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الضُّرَيْس، وَالكِبَارِ، وَسَمِعَ بِهَا مِنْ: مُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ الحَسَّانِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَنَابٍ الخُوَارزْميَّين.
وَسَمِعَ بِهَرَاة مِنْ: أَبِي الفَضْلِ بن خَمِيْرُوَيْه.
وَبِجُرْجَانَ مِنَ: الإِمَام أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ بنِ الغِطْرِيْف.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (292) .
(2) سترد ترجمته برقم (346) .
(3) سترد ترجمته برقم (364) .
(*) تاريخ بغداد 4 / 373 - 376، طبقات الشيرازي 106، الأنساب 2 / 156، 157، تاريخ دمشق 2 / 47 / 2، 48 / 2، المنتظم 8 / 79، معجم البلدان 1 / 387، اللباب 1 / 140، طبقات ابن الصلاح ورقة 35، تذكرة الحفاظ 3 / 1074 - 1076، العبر 3 / 156، دول الإسلام 1 / 253، المشتبه 1 / 66، الوافي بالوفيات 7 / 331، عيون التواريخ 12 / 138، طبقات السبكي 4 / 47، 48، طبقات الاسنوي 1 / 231، 232، البداية والنهاية 12 / 36، النجوم الزاهرة 4 / 280، طبقات الحفاظ 418، شذرات الذهب 3 / 228، هدية العارفين 1 / 74.
والبرقاني: نسبة إلى قرية من قرى كاث بنواحي خوارزم، خرب أكثرها، وصارت مزرعة. وهي بفتح الباء كما ضبطها السمعاني، وقال ياقوت: وبعضهم يقول بكسرها.
(4) انظر النسخ الخطية لبعض آثاره في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 384.
(5) في الأصل: " أخو ".(17/464)
وبِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ بنِ الصَّوَّاف، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ البُنْدَار، وَأَبِي بَحْر بنِ كَوْثَر، وَأَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الخُتُّلِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ مَاسِي، وَابنِ كَيْسَان، وَخَلْق.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَانَ، وَأَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم، وَعِدَّة.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الحَدِيد.
وَبِمِصْرَ مِنَ الحَافِظ عَبْدِ الغَنِيّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ المَالِكِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الصُّوْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَالفَقِيْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظُ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَبِي العَلاَءِ المِصِّيْصِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الكَرَجِي، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَيَحْيَى بن بُنْدَار البَقَّال، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الأَنْصَارِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ الكَتَّانِيّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَاسْتوطن بَغْدَاد دَهْراً.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ البَرْقَانِيُّ ثِقَةً وَرِعاً ثَبْتاً فَهماً، لَمْ نَرَ فِي شُيُوْخنَا أَثبتَ مِنْهُ، عَارِفاً بِالفِقْه، لَهُ حظٌّ مِنْ علمِ العَرَبِيَّة، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، صَنَّفَ (مُسْنَداً) ضمَّنَهُ مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ (صَحِيْحُ البُخَارِيِّ وَمُسْلِم) ، وَجمع حَدِيْثَ سُفْيَان الثَّوْرِيِّ، وَأَيُّوْب، وَشُعْبَة، وَعُبَيْد اللهِ بنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ المَلِكِ بن عُمَيْر، وَبَيَان بنِ بِشْر، وَمَطَرٍ الوَرَّاق، وَغَيْرِهِم، وَلَمْ يقطع التَّصْنِيْفَ إِلَى حِيْنَ وَفَاتِهِ، وَمَاتَ وَهُوَ يَجْمَعُ حَدِيْث مِسْعَر، وَكَانَ حَرِيْصاً عَلَى العِلْم، مُنْصَرِفَ الهِمَّة إِلَيْهِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ يَوْماً لِرَجُلٍ مِنَ الفُقَهَاء مَعْرُوفٍ بِالصَّلاَحِ: ادْعُ اللهَ - تَعَالَى - أَنْ ينْزع شَهْوَةَ الحَدِيْثِ مِنْ قَلبِي، فَإِنَّ حُبَّه قَدْ غَلَبَ عَلَيَّ، فلَيْسَ لِي اهتمَامٌ إِلاَّ بِهِ.
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 374.(17/465)
قَالَ أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ: البَرْقَانِيُّ إِمَامٌ، إِذَا مَاتَ ذهبَ هَذَا الشَّأْن (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الكَرْمَانِيَّ الفَقِيْهَ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ فِي أَصْحَابِ الحَدِيْث أَكْثَرَ عبَادَةً مِنَ البَرْقَانِيّ.
وَسَأَلتُ الأَزْهَرِيَّ: هَلْ رَأَيْتَ شَيْخاً أَتْقَنَ مِنَ البَرْقَانِيّ؟
قَالَ: لاَ.
وَذكره أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّل، فَقَالَ: هُوَ نسيجُ وَحدِه (2) .
قَالَ الخَطِيْبُ: أَنَا مَا رَأَيْتُ شَيْخاً أَثبتَ مِنْهُ (3) .
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: البَرْقَانِيُّ ثِقَةٌ حَافِظٌ (4) .
وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (طبقَات الشَّافِعِيَّة) ، فَقَالَ:
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَسَكَنَ بَغْدَادَ، وَبِهَا مَاتَ فِي أَوَّلِ رَجَب سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
ثُمَّ قَالَ: تَفَقَّهَ فِي حدَاثتِهِ، وَصَنَّفَ فِي الفِقْه، ثُمَّ اشْتغل بعلمِ الحَدِيْثِ، فَصَارَ فِيْهِ إِمَاماً (5) .
قَالَ البَرْقَانِيُّ: دَخَلتُ إِسْفَرَايِيْن وَمعِي ثَلاَثَةُ دَنَانِيْر وَدِرْهَم، فضَاعت الدَّنَانِيْرُ، وَبَقِيَ الدِرْهَم فدفعْتُه إِلَى خبَّاز، فكُنْتُ آخُذ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيْفَيْنِ، وآخُذُ مِنْ بِشْرِ بن أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيّ جُزءاً فَأَكتُبُهُ، وَأَفْرُغُه
__________
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 374، 375.
(2) " تاريخ بغداد " 4 / 375.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 374 والنص فيه: لم ير في شيوخنا أثبت منه.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1075.
(5) انظر " طبقات " الشيرازي 106، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1075.(17/466)
بِالعشِي، فكتبتُ ثَلاَثِيْنَ جُزءاً، وَنَفِدَ مَا عِنْد الخَبَّاز، فسَافرتُ (1) .
قُلْتُ: كَانَ الخبزُ رَخِيْصاً إِلَى الغَايَة.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ غَانِم - وَكَانَ صَالِحاً - قَالَ: نقَلْتُ البَرْقَانِيَّ مِنْ بَيْته، فَكَانَ مَعَهُ ثَلاَثَة وَسِتُّوْنَ سَفَطاً وَصندوقَان، كُلُّ ذَلِكَ مملوءٌ كتباً (2) .
قُلْتُ: وَمن هِمَّتِهِ أَنَّهُ سَمِعَ (3) مِنْ تلمِيذِهِ أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْبِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ فِي حيَاتِهِ، وَقَدْ سَمِعْنَا المُصَافَحَة لَهُ فِي مُجَلَّد بِإِسْنَادٍ عَالٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كُنْتُ أُذَاكِرُهُ الأَحَادِيْثَ، فيكتُبهَا عَنِّي، وَيُضَمِّنُهَا جُمُوعه، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
كَانَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ يقرأُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ يحضُرُه وَرقَةً بلفظِه، ثُمَّ يقرأَ عَلَيْهِ، وَكَانَ يقرأُ لِي وَرقتين، وَيَقُوْلُ:
للحَاضِرين إِنَّمَا أُفَضِّلُهُ عليكُم لأَنَّه فَقِيْه (4) .
قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَنِ: الإِسْمَاعِيْلِيِّ (صَحِيْحَه) .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْح بنُ البَطِّي، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيّ:
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي حَاتِمٍ مُحَمَّدِ بن يَعْقُوْبَ، أَخبركُم مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِي، حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بن زَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
أَمرنِي رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَتَعَلَّمَ كِتَابَ يَهُوْد،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 375.
(2) المصدر السابق.
(3) في الأصل: " سمعه ".
(4) " تاريخ بغداد " 4 / 374 و375.(17/467)
فَمَا مَرَّ بِي نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى تَعَلَّمْتُ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَاللهِ إِنِّيْ لاَ آمَنُ اليَهُوْدَ عَلَى كِتَابِي) .
قَالَ: فَلَمَّا تَعَلَّمْتُ كُنْتُ أَكتُبُ لَهُ إِلَى يَهُوْد إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِم، فَإِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ، قَرَأْتُ كِتَابَهُمْ لَهُ (1) .
ذكره البُخَارِيُّ تَعليقاً (2) ، فَقَالَ: وقَالَ خَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ، لأَنّ ابْنَ أَبِي الزِّنَادِ لَيْسَ مِنْ شَرْطه، وَمَعَ هَذَا فَذَكَره بصيغَة جزمٍ لصدقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَعْرِفَتِهِ بعلمِ أَبِيهِ.
307 - المُرِّيُّ أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ أَيُّوْبَ المُرِّيُّ، الأَذْرَعِيُّ (3) ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الشُّروطي، ابْنُ الجَبَّانِ (4) .
__________
(1) إسناده حسن، وأخرجه أبو داود (3645) في العلم، والترمذي (2716) في الاستئذان، وأحمد 5 / 186 كلهم من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 1 / 75، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وله طريق آخر صحيح أخرجه أحمد 5 / 182، والحاكم 3 / 422 عن جرير، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اتحسن السريانية إنها تأتيني كتب؟ قال: قلت: لا، قال: فتعلمها، فتعلمتها في سبعة عشر يوما.
انظر " فتح الباري " 13 / 161.
(2) 13 / 161 في الاحكام: باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد، قال الحافظ: وهذا التعليق من الأحاديث التي لم يخرجها البخاري إلا معلقة وقد وصله مطولا في كتاب التايخ عن اسماعيل بن أبي أويس، حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن زيد.
(*) الإكمال 2 / 261، معجم البلدان 1 / 131، العبر 3 / 158 وتصحف فيه إلى " المزي " بالزاي، تذكرة الحفاظ 3 / 1076 وتصحف فيه كالعبر، توضيح المشتبه: " الجبان " 1 / الورقة / 112، شذرات الذهب 3 / 229.
(3) نسبة إلى أذرعات، وهو بلد في أطراف الشام. انظر " معجم البلدان ".
(4) بالجيم، وقد تصحف في " العبر " و" شذرات الذهب " إلى " الحبان " بالحاء المهملة.(17/468)
حَدَّثَ عَنْ: الحُسَيْنِ بنِ أَبِي الزّمزَام (1) ، وَأَبِي عُمَرَ بنِ فَضَالَةٌوَمُظَفَّر بن حَاجِب بن أَركين، وَالفَضْلِ المُؤَذِّن، وَجُمح (2) ، وَعِدَّة.
وَلَمْ يَرْحَلْ.
وَعَنْهُ: الأَهْوَازِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الحِنَّائِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمَّانُ، وَالكَتَّانِيُّ، وَابْنُ أَبِي العَلاَءِ.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الحَدَّاد.
وَقَالَ الكَتَّانِيّ: هُوَ أُسْتَاذُنَا وَشَيْخُنَا، صَنَّفَ كُتُباً كَثِيْرَةً، وَكَانَ يَحْفَظُ شَيْئاً مِنْ علمِ الحَدِيْث (3) .
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
308 - السَّهْمِيُّ أَبُو القَاسِمِ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُحَدِّثُ المُتْقِنُ، المُصَنِّفُ، أَبُو القَاسِمِ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، السَّهْمِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّة صَاحِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِشَامِ بنِ العَاص بن وَائِلٍ السَّهْمِيّ، مُحَدِّثُ جُرْجَان.
__________
(1) تحرف في " معجم البلدان " 1 / 131 إلى " الزمام ".
(2) هو جمح بن القاسم بن عبد الوهاب الجمحي الدمشقي، المتوفى سنة 363 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر " معجم البلدان " 1 / 131، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1076.
(*) الأنساب 7 / 202، المنتظم 8 / 87، 88، معجم البلدان 2 / 122 (جرجان) ، الكامل 9 / 445 (وفيات سنة 426) ، اللباب 2 / 158، 159، تذكرة الحفاظ 3 / 1089، العبر 3 / 161، الوافي خ 11 / 143، النجوم الزاهرة 4 / 283، طبقات الحفاظ 422، شذرات الذهب 3 / 231، هدية العارفين 1 / 336، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 456.(17/469)
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَوّل سَمَاعه بِجُرْجَانَ كَانَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ، سَمِعَ مِنْ: أَبِيهِ المُحَدِّث أَبِي يَعْقُوْبَ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الصَّرَّام، وَأَبِي أَحْمَدَ بنِ عَدِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَخَلْق.
وَارْتَحَلَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ إِلَى أَصْبَهَانَ وَالرَّيِّ وَبغدَاد وَالبَصْرَة وَالشَّام وَمِصْر وَالحَرَمَيْنِ وَواسط وَالأَهْوَاز وَالكُوْفَة.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ مَاسِي، وَأَبِي حَفْصٍ الزَّيَّات، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ غُلاَم الزُّهْرِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الوَرَّاق، وَعَبْدِ الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدَان الشِّيْرَازِيّ، وَأَبِي الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ مُحَمَّدِ بن يُوْسُفَ الكَشِّي، وَجَعْفَرِ بن حِنْزَابَة الوَزِيْر، وَمَيْمُوْنَ بنِ حَمْزَةَ العَلَوِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّبْحِيُّ (1) ، وَإِسْمَاعِيْل بنُ مَسْعَدَةَ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ الجُرْجَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَف الشِّيْرَازِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ (2) ، وَتكلَّم فِي العِلَلِ وَالرِّجَال.
__________
(1) بفتح الزاي، وسكون الباء الموحدة - كما في الأصل وضبطها السمعاني بالفتح، وقال: هذه النسبة إلى الزبح، وظني أنها قرية من قرى جرجان. ثم أورد ترجمة علي بن محمد هذا. " الأنساب " 6 / 240.
(2) وقد طبع من تصانيفه: " تاريخ جرجان " و" سؤالات في الجرح " كلاهما بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد في الهند سنة 1950، وذكر حاجي خليفة من تصانيفه كتاب " تاريخ إستراباذ " وكتاب " الأربعين في فضائل العباس " انظر " كشف الظنون " 1 / 55، 57، 281.(17/470)
مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَة سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ.
حدث الخَطِيْبُ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
309 - ابْنُ دُوْسْتَ عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بن دُوْسْتَ البَغْدَادِيُّ، العَلاَّفُ.
وَكَانَ وَالِدُهُ يَرْوِي عَنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَمَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ المُهْتَدِي بِاللهِ فِي مَشْيَخته، وَجَمَاعَة.
وَسَمِعَ: أَبَا عَمْرٍو وَلدَهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِسْحَاقَ الخُرَاسَانِيّ، وَعُمَر بن سَلْم الخُتُّلِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّد بنِ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيِّ، وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ هَذَا (بِمُوَطَّأَ القَعْنَبِيّ) .
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ وَكَانَ صَدُوْقاً.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (1) .
قُلْتُ: قَارب التِّسْعِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرَ اليُوْسُفِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عُلْوَانَ، وثَابِتُ بنُ بُنْدَار، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) تاريخ بغداد 11 / 314، الأنساب 9 / 98 (العلاف) المنتظم 8 / 92، العبر 3 / 166، شذرات الذهب 3 / 238.
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 314.(17/471)
310 - مِهْيَارُ بنُ مَرْزَوَيْه أَبُو الحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ الفَارِسِيُّ *
الأَدِيْبُ، البَاهِرُ، ذُو البَلاَغَتَيْنِ، أَبُو الحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ، الفَارِسِيُّ.
كَانَ مَجُوْسِيّاً، فَأَسْلَمَ (1) ، فَقِيْلَ: أَسلمَ عَلَى يَد الشَّرِيْفِ الرَّضِيِّ فَهُوَ شَيْخُه فِي النَّظمِ وَفِي التَّشَيُّع، فَقَالَ لَهُ: ابْنُ بَرْهَان:
انتقلتَ بِإِسلاَمِكَ فِي النَّارِ مِنْ زَاويَةٍ إِلَى زَاويَةٍ، كُنْتَ مَجُوْسِيّاً، فَصِرْتَ تَسُبُّ الصَّحَابَةَ فِي شعرك (2) .
وَلَهُ دِيْوَانٌ، وَنظمُهُ جزلٌ حُلو، يَكُون دِيْوَانُهُ مائَة كُرَّاس (3) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
311 - ابْنُ بُكَيْرٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ بُكَيْرِ (4) بنِ وُدٍّ
__________
(*) تاريخ بغداد 13 / 276، دمية القصر 1 / 303 - 309، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 549 - 560، المنتظم 8 / 94، 95، الكامل في التاريخ 9 / 456، وفيات الأعيان 5 / 359 - 363، المختصر في أخبار البشر 2 / 160، 161، العبر 3 / 167، تتمة المختصر 1 / 518، 519، الوافي خ 26 / 121 - 125، عيون التواريخ 12 / 166 / 2 - 171 / 1، البداية والنهاية 12 / 41، 42، النجوم الزاهرة 5 / 26، 27، شذرات الذهب 3 / 242 - 243، تاج العروس 3 / 551 (مهر) .
وانظر كتاب: " مهيار الديلمي، بحث ونقد وتحليل " لاسماعيل حسين.
(1) سنة أربع وتسعين وثلاث مئة كما قال ابن الأثير.
(2) انظر " الكامل " 9 / 456، و" وفيات الأعيان " 5 / 359، و" المنتظم " 8 / 94، و" المختصر في أخبار البشر " 2 / 160، و" تتمة المختصر " 1 / 518، و" شذرات الذهب " 3 / 242، وابن برهان تقدمت ترجمته برقم (161) .
(3) وقد طبع " ديوانه " في دار الكتب المصرية بالقاهرة سنة 1930 في أربع مجلدات.
(* *) تاريخ بغداد 3 / 39، العبر 3 / 177، غاية النهاية لابن الجزري 2 / 216، شذرات الذهب 3 / 250.
(4) تحرف في " تاريخ بغداد " إلى " بكر " وتصحف في " الشذرات " إلى " نكير ".(17/472)
البَغْدَادِيُّ، النَّجَّارُ، جَارُ أَبِي القَاسِمِ بنِ بِشْرَانَ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ خَلاَّد النَّصِيْبِيّ، وَأَبَا بَحْرٍ البَرْبَهَارِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ جَعْفَرٍ الخُتُّلِيّ، وَأَبَا إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَطَائِفَة.
وقرأَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كِبَارٌ، مِنْهُم عَبْدُ السَّيِّدِ بنُ عتَّاب، وَأَبُو الخَطَّابُ بنُ الجرَّاح، وَأَبُو البَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الوَكِيْل، وثَابِتُ بنُ بُنْدَار البَقَّال، وَذَلِكَ (1) لحق قرَاءته عَلَى البُزُورِي (2) ، صَاحِب أَحْمَد بن فَرح (3) المُفَسِّر.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَابْنُ الطُّيُوْرِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ بُنْدَار البَقَّال.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً مِنْ أَهْلِ القُرْآن، تَلاَ عَلَى إِبْرَاهِيْم بن أَحْمَدَ البُزُورِي.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (4) .
312 - ابْنُ غَرْسِيَّةَ القُرْطُبِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ *
العَلاَّمَةُ، قَاضِي الجَمَاعَة، أَبُو المُطَرِّفِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
__________
(1) أي: ابن بكير صاحب الترجمة.
(2) وهو إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم أبو إسحاق البزوري، المتوفي سنة 361 هـ، مترجم في " غاية النهاية " 1 / 4.
(3) فرح بالحاء المهملة، وقد تصحف في " تاريخ بغداد " إلى فرج بالجيم، وانظر ترجمة أحمد بن فرح في " غاية النهاية " 1 / 95، 96.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 39.
(*) ترتيب المدارك 4 / 736، الصلة 2 / 326 - 328، العبر 3 / 148، 149، الديباج المذهب 1 / 475، 476، شذرات الذهب 3 / 223، شجرة النور 1 / 113.(17/473)
سَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بِشْر بن غَرسِيَّةَ القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ، ابْنُ الحَصَّار، وَيُعْرَفُ: بِمَولَى بَنِي فُطَيْسٍ.
تَفَقَّه بِأَبِي عُمَرَ الإِشْبِيْلِيّ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَالإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي.
وَكَانَ أَحدَ الأَذكيَاء المُتفنِّنين.
قَالَ ابْنُ حَيَّان: لَمْ يَكُنْ فِي وَقتِهِ مثلُه، وَبِهِ تَفَقَّهَ مُحَمَّدُ بنُ عتَّاب، وَكَانَ ابْنُ عتَّاب يفخَرُ بِذَلِكَ (1) .
قُلْتُ: وَلاَّهُ مُتَوَلِّي قُرْطُبَة عَلِيُّ بنُ حَمُّوْد الحَسَنِي القَضَاءَ، سَنَة سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَأحسنَ السِّيْرَةَ، ثُمَّ وَلِي لِلْقَاسِمِ بنِ حَمُّوْد القَضَاءَ مَعَ الخطَابَةِ، ثُمَّ عَزَلَهُ المُعتمدُ لأُمُورٍ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ (2) .
ابْنُ بَشْكُوَالٍ (3) :حَدَّثَنَا ابْنُ عتَّاب، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
كُنْتُ أَرَى القَاضِي ابْن بِشْرٍ فِي المَنَامِ فِي هَيئته، فَأُسَلِّم عَلَيْهِ وَأَدرِي أَنَّهُ مِيِّتٌ، فَيَقُوْلُ: صرتُ إِلَى خَيْرٍ وَيُسرٍ بَعْد شِدَّة (4) .
فكُنْتُ أَقُولُ لَهُ فِي فضل العِلْم، فَيَقُوْلُ:
لَيْسَ هَذَا العِلْمَ، لَيْسَ هَذَا العِلْمَ - يُشِير إِلَى المَسَائِل وَيَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الَّذِي نفعَه علمُ القُرْآن وَالحَدِيْث -.
وَقَالَ ابْنُ حَزْم: مَا لقيتُ أَشدَّ إِنصَافاً فِي المُنَاظرَة مِنِ ابْنِ بِشر، وَلَقَدْ كَانَ مِنْ أَعْلَمِ مِنْ لَقِيْتُهُ بِمَذْهَب مَالِكٍ مَعَ قُوَّتِهِ فِي علم اللُّغَةِ وَالنَّحْو، وَدِقَّةِ فَهْمِهِ.
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 736.
(2) انظر " الصلة " 2 / 326، 327، و" ترتيب المدارك " 4 / 736.
(3) في " الصلة " 2 / 327.
(4) في " الصلة ": " ويشير بيده بعد شدة " وهو تحريف.(17/474)
قَالَ ابْنُ عتَّاب: كَانَ لاَ يفتَحُ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ روَايَةٍ، وَصحبْتُه عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَذهبَ فِي أَوّلِ أَمرِهِ إِلَى التَّكلُّم عَلَى (المُوَطَّأ) ، فَقرأتُهُ عَلَيْهِ فِي أَرْبَعَة أَنفس، فَلَمَّا عُرف ذَلِكَ، أَتَاهُ جَمَاعَةٌ ليسمعُوا، فَامْتَنَعَ، وَكُنَّا نجتمعُ عِنْدَهُ مَعَ شُيُوْخ الفَتْوَى، فيُشَاوَرُ فِي المَسْأَلَة، فَيُخَالِفُونه، فَلاَ يَزَالُ يُحَاجُّهُم وَيستظهِرُ عَلَيْهِم حَتَّى يَقُوْلُوا بِقَوله (1) .
تُوُفِّيَ ابْنُ بِشرٍ: فِي نِصْفِ شَعْبَان سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَان وَخمسُوْنَ سَنَة - رَحِمَهُ اللهُ -، وَلَمْ يجئْ بَعْدَهُ قَاضٍ مثلُه.
313 - المَرْزُوْقِيُّ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ *
إِمَامُ النَّحْوِ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ المَرْزُوْقيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، أَحَدُ أَئِمَّةِ اللِّسَانِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ فَارِسٍ.
وَتَصَدَّرَ، وَأَخَذَ النَّاسُ عَنْهُ، وَرَحَلُوا إِلَيْهِ.
وَلَهُ (شَرْح الحمَاسَة (2)) فِي غَايَة الحُسَن، وَ (شَرْح الفَصِيْح) ، وَغَيْر ذَلِكَ (3) .
__________
(1) " الصلة " 2 / 327.
(*) معجم الأدباء 5 / 34، 35، إنباه الرواة 1 / 106، الذريعة 1 / 53، تلخيص ابن مكتوم 18، الوافي بالوفيات 8 / 5، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 239، بغية الوعاة 1 / 365، سلم الوصول 123، كشف الظنون 2 / 1273، روضات الجنات 67، 68، إيضاح المكنون 1 / 191، هدية العارفين 1 / 73، 74، أعيان الشيعة 9 / 351 - 353.
(2) سماه " شرح الاختيار المنسوب إلى أبي تمام الطائي المعروف بكتاب الحماسة " وقد طبع بتحقيق الاستاذين أحمد أمين وعبد السلام هارون في القاهرة سنة 1951، وأعيد تصويره سنة 1967.
(3) انظر بقية تصانيفه في " معجم الأدباء " 5 / 35، و" بغية الوعاة " 1 / 365، و=(17/475)
رَوَى عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَقَّال، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الزَّجَّاج، شَيْخُ السِّلَفِيّ.
تَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَارب تِسْعِيْنَ سَنَةً.
314 - ابْنُ نَظِيْفٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ المِصْرِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّر، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ نَظِيْف المِصْرِيُّ، الفَرَّاءُ؛ أَخُو الشَّيْخ أَحْمَدَ بنِ الفَضْلِ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي صَفَرٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَوَارِس أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السِّنْدِيّ الصَّابُوْنِيّ، وَالعَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَصْر الرَّافِقِي (1) ، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ عُتْبَةَ الرَّازِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي المَوْت المَكِّيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عطيَّة الحَدَّاد، وَأَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْد الشَّمْعِي، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَر بنِ الْورْد، وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بن مَسْرُور الحَطَّاب، وَعِدَّة.
وَتَفَرَّد فِي الدُّنْيَا بِعُلُوّ الإِسْنَاد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ كَاكو، شَيْخٌ لوَجِيْه الشَّحَّامِي، وَأَبُو القَاسِمِ سَعْدُ بنُ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ،
__________
= " الوافي " 8 / 5، و" هدية العارفين " 1 / 74، ومقدمة شرح الحماسة 1 / 20، وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ " بروكلمان 5 / 368.
(*) العبر 3 / 175، 176، الوافي بالوفيات 4 / 323، حسن المحاضرة 1 / 373، النجوم الزاهرة 5 / 31، شذرات الذهب 3 / 249.
(1) نسبة إلى الرافقة، وهي بلدة كبيرة على الفرات سميت فيما بعد: الرقة. " الأنساب " 6 / 49.
وقد تحرفت في " شذرات الذهب " إلى " الرافعي " بالعين المهملة.(17/476)
وَأَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ المِصِّيْصِيّ، وَالرَّئِيْس أَبُو عَبْدِ اللهِ الثفقيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
ووَقَعَ لِي جُزْآنِ مِنْ حَدِيْثه.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ نَظِيْف يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي مَسْجِد عَبْد اللهِ سبعينَ سَنَةً، وَكَانَ شَافِعِيّاً يقنُتُ، فَأَمَّ بَعْدَهُ رَجُلٌ مَالِكِيٌّ، وَجَاءَ النَّاسُ عَلَى عَادتهم، فَلَمْ يَقْنُت، فتركُوهُ وَانصرَفُوا، وَقَالُوا: لاَ يُحسنُ يُصَلِّي.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ (1) وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَقَدْ نيَّف عَلَى التِّسْعِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
315 - المُنَقِّي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ طَلْحَةَ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الوَاعِظُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ البَغْدَادِيُّ، المُنَقِّي - يَعْنِي المُغَرْبِل -.
سَمِعَ: أَبَا جَعْفَرٍ بن بُرَيه (2) ، وَعَبْدَ الصَّمَدِ الطَّسْتِي، وَأَبَا بَكْرٍ النَّجَّاد.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو الحَطَّاب بنُ البَطِر، وَجَمَاعَة.
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :كَانَ ثِقَةً مَسْتُوْراً، مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
__________
(1) في " الوافي ": اثنتين وثلاثين.
(*) تاريخ بغداد 4 / 212، العبر 3 / 136، شذرات الذهب 3 / 214.
(2) تحرف في " تاريخ بغداد " إلى " بويه " بالواو، وهو عبد الله بن إسماعيل الهاشمي بن بريه المتوفى سنة 350 هـ، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(3) في " تاريخه " 4 / 212.(17/477)
316 - ابْنُ عَبْدكُويه عَلِيُّ بنُ يَحْيَى بنِ جَعْفَر الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ يَحْيَى بنِ جَعْفَرِ بنِ عَبْدكُويه الأَصْبَهَانِيُّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بن الحَسَنِ بنِ بُنْدَار، وَأَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الكِسَائِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الفَابَجَانِيّ، وَأَحْمَدَ بن بُنْدَار الشَّعَّار، وَمُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ سِيَاهُ، وَفَارُوْق بنِ عَبْدِ الكَبِيْر الخَطَّابِي، وَمُحَمَّدِ بنِ مَعْمَر بن نَاصِح، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ عَبَّاد، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَهْوَازِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ بنِ الرَّيَّانِ اللُّكِّي، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ بن أَفرجه، وَعَلِيِّ بن الفَضْلِ بنِ شَهْرَيَار، وَأَحْمَدَ بن عِمْرَانَ الأُشْنَانِي بصرِيّ، وَأَحْمَدَ بن مَحْمُوْد بن خُرَّزَاذ، وَإِبْرَاهِيْم بنِ مُحَمَّدٍ الدَّيْبُلِي بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ المُنْذِرِ المَدِيْنِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ سَهْل العَسْكَرِي، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ بن كُوشيذ.
وَأَمْلَى مَجَالِسَ كَثِيْرَةً، وَقَعَ لِي مِنْهَا ثَلاَثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَمجلسَان (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَلاَءِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ قَوْلُوْنَ، وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الفُرْسَانِي، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مِهْرَان اللَّبَّاد، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ فورجه الفِرَّاش، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ أَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ بنِ مِهْرَانَ؛ وَهُم مِنْ شُيُوْخ السِّلَفِيّ.
__________
(*) العبر 3 / 150، شذرات الذهب 3 / 225.
(1) انظر " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 382.(17/478)
تُوُفِّيَ: فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُطِيع مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الصَّحَّاف.
أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيْع سُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَةَ وَأَخُوْهُ دَاوُد، وَعِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَة سبعِ مائَة، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْزَةَ، وَهديَّةُ بِنْتُ عليّ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّوَّاف، وَابْنُ مُؤْمِن، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ بِأَصْبَهَانَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدكُويه سَنَة عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ بِالبَصْرَةِ سَنَة 357، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِم، عَنْ سُهَيْل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْداً، دَعَا جِبْرِيْلَ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيْلُ: إِنِّيْ أُحِبُّ فُلاَناً، فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيْلُ، وَيُنَادِي فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَناً فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُجْعَلُ لَهُ القَبُول فِي الأَرْضِ ... ) الحَدِيْث (1) .
وَذكَر فِي الْبُغْض نَحْو ذَلِكَ.
317 - طَلْحَةُ بنُ عَلِيِّ بنِ الصَّقرِ أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، الخَيِّر، الصَّالِحُ، بَقِيَّةُ السَّلَف، أَبُو
__________
(1) وأخرجه مالك 2 / 953 من طريق سهيل بن أبي صالح بهذا الإسناد، وأخرجه مسلم (2637) في البر والصلة، والترمذي (3161) من طرق عن سهيل به، وأخرجه البخاري (3209) في بدء الخلق، و (6040) في الأدب من طريقين عن ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة، عن نافع مولى ابن عمر، عن أبي هريرة، وأخرجه أيضا (7485) في التوحيد من طريق إسحاق بن منصور، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عبد الوهاب بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وفي الباب عن ثوبان وأبي أمامة عند أحمد 5 / 273 و279.
(*) تاريخ بغداد 9 / 252، 353، الأنساب 10 / 354 (الكتاني) ، المنتظم 8 / 61، =(17/479)
القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ، الكَتَّانِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الأَدَمِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَدَعْلَج وَالشَّافِعِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ الصَّوَّاف، وَأَبِي سُلَيْمَانَ الحَرَّانِيّ، وَأَحْمَدَ بن ثَابِتٍ الوَاسِطِيِّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَقَالَ: كَانَ ثِقَةً صَالِحاً (1) ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ المِصِّيْصِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَيَانٍ الرَّزَّازُ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ السَّيِّد بِالمِزَّة، أَخْبَرَنَا القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى القُرَشِيّ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مسلمَة، حَدَّثَنَا مُوْسَى الطَّوِيْل، حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ:
رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ عَلَيْهِمَا النَّعْلاَن.
هَذَا حَدِيْثٌ تِسَاعِي لَنَا، لَكِن مُوْسَى لَيْسَ بِثِقَةٍ (2) ، زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ مَوَالِي
__________
= العبر 3 / 148، شذرات الذهب 3 / 223.
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 353.
(2) قال المؤلف في " الميزان " 4 / 209: قال ابن حبان: روى عن أنس أشياء موضوعة، وقال ابن عدي: روى عن أنس مناكير، وهو مجهول، وأورد هذا الحديث في جملة ما أورد من مناكيره.
وفي مشروعية المسح على الجوربين أحاديث ثابتة من حديث المغيرة بن شعبة عند أحمد 4 / 252 وأبي داود (159) والترمذي (99) والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 1 / =(17/480)
أَنَس بنِ مَالِكٍ، وَزعم أَنَّهُ رَأَى أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ بِالبَصْرَةِ.
318 - يَحْيَى بنُ عَمَّارِ بنِ يَحْيَى بنِ عَمَّارِ بنِ العَنْبَسِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الوَاعِظُ، شَيْخُ سِجِسْتَان، أَبُو زَكَرِيَّا الشَّيْبَانِيُّ، النِّيهِيُّ، السِّجِسْتَانِيُّ، نَزِيْلُ هَرَاة.
حَدَّثَ عَنْ: حَامِدِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّفَّاء، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَدِيّ بنِ حَمْدُوَيْه الصَّابُوْنِيِّ، وَأَخِيْهِ مُحَمَّدِ بنِ عَدِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَنَاح، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ الطَّبَسِي (1) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الوَاحِدِ الهَرَوِيُّ، وَشَيْخ الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُتحرِّفاً عَلَى المُبتدعَة وَالجَهْمِيَّة بِحَيْثُ يؤولُ بِهِ ذَلِكَ إِلَى تجَاوُزِ طريقَةِ السَّلَف، وَقَدْ جعل اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً، إِلاَّ أَنَّه كَانَ لَهُ جَلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ بهَرَاة وَأَتْبَاعٌ وَأَنصَار.
وَقَدْ رَوَى أَيْضاً عَنْ وَالده عَمَّار.
وَكَانَ فَصِيْحاً مُفَوَّهاً، حسنَ المَوْعِظَةِ، رَأْساً فِي التَّفْسِيْر، أَكمل
__________
= 97، وابن ماجة (559) والبيهقي 1 / 283، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة (198) وابن حبان (176) ، ومنها حديث ثوبان عند أحمد 5 / 277 وأبي داود (146) وصححه الحاكم 1 / 199، ووافقه الذهبي، ومنها حديث أبي موسى الأشعري عند ابن ماجة (560) وروى الدولابي في الكنى والاسماء 1 / 181 من طريق أحمد بن شعيب النسائي، عن عمرو بن علي الفلاس، عن سهل بن زياد الطحان، عن الازرق بن قيس قال: رأيت أنس بن مالك أحدث، فغسل وجهه ويديه، ومسح على جوربين من صوف، فقلت: أتمسح عليهما؟ فقال: إنهما خفان ولكن من صوف.
(*) العبر 3 / 151، شذرات الذهب 3 / 226.
(1) نسبة إلى طبس، وهي بلدة في برية بين نيسابور وأصبهان وكرمان، فتحت في زمن عمر، ولم يفتح زمانه من خراسان سواها.
" الأنساب " 8 / 209.(17/481)
التَّفْسِيْر عَلَى المِنْبَر فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ افتَتَح خَتْمَةً أُخْرَى فَمَاتَ وَهُوَ يُفَسِّرُ فِي سُوْرَة القِيَامَة، وَعَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ السِّلَفِيُّ فِي (مُعْجَم) بَغْدَاد: قَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ: كَانَ يَحْيَى بنُ عَمَّار مَلِكاً فِي زِيِّ عَالِمٍ، كَانَ لَهُ مُحِبٌّ مُتَمُوِّلٌ يحملُ إِلَيْهِ كُلَّ عَام أَلف دِيْنَار هَرَويَّة، فَلَمَّا مَاتَ يَحْيَى، وَجَدُوا لَهُ أَرْبَعِيْنَ بَدْرَةً لَمْ يَفُكَّ خَتْمهَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْل: سمعتُ يَحْيَى بنَ عَمَّار يَقُوْلُ:
العلومُ خَمْسَةٌ؛ علمٌ هُوَ حَيَاةُ الدِّين وَهُوَ علمُ التَّوحيد، وَعلمٌ هُوَ قوتُ الدِّيْنِ وَهُوَ العِظَةُ وَالذِّكر، وَعلم هُوَ دوَاءُ الدِّيْنِ وَهُوَ الفِقْهُ، وَعلمٌ هُوَ دَاء الدِّين وَهُوَ أَخْبَارُ مَا وَقَعَ بَيْنَ السَّلَف، وَعلمٌ هُوَ هلاَكُ الدِّيْنِ وَهُوَ الكَلاَمُ.
قُلْتُ: وَعلم الأَوَائِل.
وَكَانَ يَحْيَى بنُ عَمَّار مِنْ كِبَارِ المُذَكّرين، لَكِن مَا أَقبح بِالعَالِمِ الدَّاعِي إِلَى اللهِ الحِرْص وَجمع المَال!
وَكَانَ قَدْ تحوَّل مِنْ سِجِسْتَان عِنْد جَوْر الوُلاَة، فعَظُم بهَرَاة جِدّاً، وَتغَالَوا فِيْهِ، وَتَخَرَّجَ بِهِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، وَخلَفَه مِنْ بَعْدَهُ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا دَعْلَج، (ح) .
وَبَالإِسْنَادِ إِلَى عَبْدِ اللهِ قَالَ:
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَمَّار إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا حَامِدُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِم، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِم، عَنْ ثَوْر بنِ يَزِيْدَ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَان، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَمْرو، عَنْ عِرْباضِ بنِ سَارِيَةَ قَالَ:
وَعَظَنَا رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوْعِظَةً بَلِيْغَةً ذَرَفَت مِنْهَا العُيُونُ، وَوَجِلَت مِنْهَا القُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! كَأنَّ(17/482)
هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟
قَالَ: (أَوصِيْكُم بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَة -) وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (1) .
هَذَا حَدِيْثٌ عَالٍ، صَالِح الإِسْنَاد.
تُوُفِّيَ يَحْيَى بنُ عَمَّار بهَرَاة، فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الإِمَامُ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزَّاهِد (2) ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُوْدَة.
ورثَاهُ جمَالُ الإِسْلاَم الدَّاوُوْدِيّ، فَقَالَ:
وَسَائِلٍ مَا دَهَاكَ اليَوْمَ؟ قُلْتُ لَهُ: ... أَنْكَرْتَ حَالِي وَأَنَّى وَقْتُ إِنكَارِ
أَمَا تَرَى الأَرْضَ مِنْ أَقْطَارِهَا نَقَصَتْ ... وَصَارَ أَقْطَارُهَا تَبْكِي لأَقْطَارِ
لِمَوْتِ أَفْضَلِ أَهْلِ العَصْرِ قَاطِبَةً ... عَمَّارِ دينِ الهُدَى يَحْيَى بنِ عَمَّارِ
319 - السُّلْطَانُ أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّدُ بنُ سُبُكْتِكِيْنَ التُّرْكِيُّ *
المَلِكُ، يَمِينُ الدَّوْلَة، فَاتِحُ الهِنْدِ، أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّودُ ابنُ سَيِّد الأُمَرَاء
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه الدارمي 1 / 44، 45، من طريق أبي عاصم النبيل الضحاك ابن مخلد بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 1 / 95، ووافقه الذهبي، وأخرجه أحمد 4 / 126، 127، وأبو داود (4607) وابن أبي عاصم في السنة (32) و (57) من طريق الوليد بن مسلم حدثنا ثور بن يزيد به، وصححه ابن حبان (1021) وأخرجه الترمذي (2676) وابن أبي عاصم (27) من طريق بقية بن الوليد، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان به، وأخرجه ابن ماجة (42) وابن أبي عاصم (55) من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء، حدثنى يحيى بن أبي المطاع، سمعت العرباض بن سارية ...
(2) وقد تقدمت ترجمته برقم (301) .
(*) المنتظم 8 / 52 - 54، الكامل في التاريخ 9 / 139، 401، وفيات الأعيان 5 / 175 - 182، المختصر في أخبار البشر 2 / 134 و157، دول الإسلام 1 / 251، العبر 3 / 145، تتمة المختصر 1 / 511، 512، طبقات السبكي 5 / 314 - 327، البداية والنهاية 12 / 29 - 31، الجواهر المضية 2 / 157، 158، تاريخ ابن خلدون 4 / 357، 358، 363، 364، 369، 378، النجوم الزاهرة 4 / 373، 374، كشف الظنون 426، شذرات الذهب 3 / 220، 221، هدية العارفين 2 / 401، نزهة الخواطر لعبد الحي الحسني 1 / 69 - 74.(17/483)
نَاصِرِ الدَّوْلَة سُبُكْتِكِيْن التُّرْكِيُّ، صَاحِبُ خُرَاسَان وَالهِنْد وَغَيْرِ ذَلِكَ.
كَانَ وَالِدُهُ أَبُو مَنْصُوْرٍ (1) قَدْ قَدِمَ بُخَارَى فِي أَيَّام نُوْحِ بنِ مَنْصُوْر، فِي صُحْبَة ابْنِ السُّكين (2) مُتَولِّياً عَلَى غَزْنَة، فَعُرِفَ بِالشَّهَامَةِ وَالإِقدَامِ وَالسُّمُو، فَلَمَّا سَارَ ابْنُ السُّكين مُتَولِّياً عَلَى غَزْنَة، ذهب فِي خِدْمَته أَبُو مَنْصُوْرٍ، فَلَمْ يلْبَث ابْنُ السُّكين أَن مَاتَ، وَاحتَاج النَّاسُ إِلَى أَمِيْرٍ، فَأَمَّرُوا عَلَيْهِم أَبَا مَنْصُوْر، فتمكَّن وَعَظُم، وَأَخَذَ يُغير عَلَى أَطرَافِ الهِنْدِ، وَافتَتَح قِلاَعاً، وَتمَّت لَهُ مَلاَحِمُ مَعَ الهُنُود، وَافتَتَح نَاحِيَةَ بُسْت، وَاتصل بخِدْمَته أَبُو الفَتْح البُسْتِيُّ الكَاتِبُ (3) وَقَرُب مِنْهُ، وَكَانَ كَرَّامِياً (4) .
قَالَ جَعْفَرٌ المُسْتَغْفِرِي (5) :كَانَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ النَّضْرِيّ قَاضِي مَرْو وَنَسَف صُلْبَ المَذْهَب، فَدَخَلَ صَاحِبُ غَزْنَة سُبُكْتِكِيْن بَلْخَ، وَدَعَا إِلَى مُنَاظرَة الكَرَّامِيَّة، وَكَانَ النَّضْرِيُّ يَوْمَئِذٍ قَاضِياً ببَلْخ، فَقَالَ سُبُكْتِكِيْن: مَا تقولُوْنَ فِي هَؤُلاَءِ الزُّهَّاد الأَوْلِيَاء؟
فَقَالَ النَّضْرِيُّ: هَؤُلاَءِ عِنْدنَا كَفَرَة.
قَالَ: مَا تقولُوْنَ فِيَّ؟
قَالَ: إِنْ كُنْتَ تَعْتَقِدُ مَذْهَبَهُم، فَقولُنَا فِيْكَ كَذَلِكَ. فَوَثَبَ، وَجَعَلَ يضربُهُم بِالدّبوس حَتَّى
__________
(1) مرت ترجمة الملك أبي منصور والد السلطان محمود في الجزء السادس عشر.
(2) كذا في الأصل، وجاء في " الكامل " 8 / 683، و" وفيات الأعيان " 5 / 175: ابن البتكين، وأثبت محققا " طبقات " السبكي 5 / 316: ابن البتكين نقلا عن كتاب " اليميني " وأوردا قول شارح الكتاب أحمد المنيني: هو بهمز، بعدها لام، فباء موحدة ساكنة، بعدها تاء مثناة فوقية، ثم كاف مكسورة، ثم ياء بعدها نون ساكنة، من أعلام الترك.
(3) تقدمت ترجمته برقم (89) .
(4) انظر " الكامل " 8 / 683 - 687، و" وفيات الأعيان " 5 / 175، 176، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 360، 361، و" طبقات " السبكي 5 / 316، و" المختصر في أخبار البشر " 2 / 117.
(5) سترد ترجمته برقم (372) .(17/484)
أَدمَاهُم، وَشجَّ النَّضْرِيَّ، وَقيَّدهُم وَسَجَنَهُم، ثُمَّ أَطلقهُم خوفَ الملاَمَة، ثُمَّ تمرَّض ببَلْخ، وَسَارَ إِلَى غَزْنَة، فَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَعَهِدَ بِالإِمرَة إِلَى ابْنِهِ إِسْمَاعِيْل، وَكَانَ مَحْمُوْدٌ ببَلْخ، وَكَانَ أَخُوْهُمَا نَصْرٌ عَلَى بُسْت، وَكَانَ فِي إِسْمَاعِيْل خَلَّة (1) ، فَطَمِعَ فِيْهِ جُنْدِهِ، وَشغَّبُوا، فَأَنفق فِيْهِم خزَائِنَ، فَدَعَا مَحْمُوْدٌ عَمَّه، فَاتفقَا، وَأَتَاهُمَا نَصْرٌ، فَقصدُوا غَزْنَة، وَحَاصرُوهَا، وَعمل هُوَ وَأَخُوْهُ مَصَافّاً مَهُولاً، وَقُتِلَ خَلْقٌ، فَانهزم إِسْمَاعِيْلُ، ثُمَّ آمن إِسْمَاعِيْلَ، وَحَبَسَهُ مُعَزَّزاً مُرَفَّهاً، ثُمَّ حَارب مَحْمُوْدٌ النَّوَّاب السَّامَانيَّة، وَخَافته المُلُوكُ.
وَاسْتَوْلَى عَلَى إِقلِيم خُرَاسَان، وَنفَّذ إِلَيْهِ القَادِرُ بِاللهِ خِلَع السَّلْطَنَة، فَفَرضَ عَلَى نَفْسِهِ كُلَّ سَنَة غَزْوَ الهِنْدِ، فَافْتَتَحَ بلاَداً شَاسعَةً، وَكسر الصَّنَم سُومنَات؛ الَّذِي كَانَ يَعْتَقِدُ كَفَرَةُ الهِنْد أَنَّهُ يُحْيَى وَيُمِيت وَيَحُجُّونه، وَيُقَرِّبُوْنَ لَهُ النَّفَائِسَ، بحيثُ إِنَّ الوُقُوْفَ عَلَيْهِ بلغتْ عَشْرَةَ آلاَف قريَة، وَامتلأَت خزَائِنُه مِنْ صنُوف الأَمْوَالِ، وَفِي خِدْمَته مِنَ البَرَاهُمَة أَلْفَا نَفْس، وَمائَةُ جَوْقَة مغَانِي رِجَال وَنسَاء، فَكَانَ بَيْنَ بلاَدِ الإِسْلاَم وَبَيْنَ قلعَة هَذَا الصَّنَم مفَازَةٌ نَحْو شَهْر، فَسَارَ السُّلْطَانُ فِي ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، فيسَّرَ اللهُ فتحَ القلعَةِ فِي ثَلاَثَة أَيَّام، وَاسْتَوْلَى مَحْمُوْدٌ عَلَى أَمْوَالٍ لاَ تُحصَى، وَقِيْلَ:
كَانَ حَجَراً شَدِيدَ الصَّلاَبَة طولُه خَمْسَةُ أَذْرُع، مُنَزَّلٌ مِنْهُ فِي الأَسَاس نَحْو ذرَاعِين، فَأَحرقه السُّلْطَانُ، وَأَخَذَ مِنْهُ قطعَةً بنَاهَا فِي عتبَة بَابِ جَامعِ غَزْنَة، وَوجدُوا فِي أُذُن الصَّنَم نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ حَلْقَةً؛ كُلُّ حَلْقَةٍ يَزْعُمُوْنَ أَنَّهَا عبَادَتُهُ أَلفَ سَنَة (2) .
__________
(1) قال ابن خلكان: وكان فيه لين ورخاوة. وقال السبكي: وكان إسماعيل جبانا.
(2) انظر " الكامل " 9 / 130، 131 و139 و146 و148 و206، 207 و244 و342 - 346، و" طبقات " السبكي 5 / 317، 318، و" وفيات الأعيان " 5 / 176 - 179، و" المنتظم " 8 / 52، 53، و" النجوم الزاهرة " 4 / 266 وانظر فيه الحاشية التي كتبها محققه.(17/485)
وَكَانَ السُّلْطَانُ مَائِلاً إِلَى الأَثر إِلاَّ أَنَّهُ مِنَ الكَرَّامِيَّة.
قَالَ أَبُو النَّضْر الفَامِيُّ: لَمَّا قَدِمَ التَّاهَرْتِيُّ الدَّاعِي مِنْ مصر علَى السُّلْطَان يدعُوه سِرّاً إلَى مَذْهَبِ البَاطِنِيَّة، وكَانَ التَّاهَرْتِيُّ يَركَبُ بَغْلاً يتلَوَّنُ كُلَّ سَاعَةٍ مِنْ كُلِّ لُوْنَ، فَفَهُم السُّلْطَانُ سِرَّ دعوتِهم، فَغَضِبَ، وَقَتَلَ التَّاهَرْتِيُّ الخَبِيْث، وَأَهدَى بغلَهُ إِلَى القَاضِي أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدٍ الأَزْدِيّ (1) ؛شَيْخ هَرَاة، وَقَالَ: كَانَ يَرْكَبُه رَأْسُ المُلْحِدين، فليَرْكَبْه رَأْسُ المُوحِّدين (2) .
وَذكر إِمَامُ الحَرَمَيْنِ أَنَّ مَحْمُوْدَ بنَ سُبُكْتِكِيْن كَانَ حَنَفِيّاً يُحِبُّ الحَدِيْثَ، فَوَجَد كَثِيْراً مِنْهُ يُخَالِفُ مَذْهَبَهُ، فجمعَ الفُقَهَاء بِمَرْو، وَأَمر بِالبحثِ فِي أَيّمَا أَقوَى مَذْهَبُ أَبِي حَنِيْفَةَ أَوِ الشَّافِعِيّ.
قَالَ: فَوَقَعَ الاَتِّفَاق عَلَى أَنْ يُصَلُّوا رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى المَذْهَبين.
فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ القَفَّال (3) بوُضوءٍ مُسْبغٍ وَستْرَةٍ وَطَهَارَةٍ وَقِبْلَةٍ وَتَمَّامِ أَركَانٍ لاَ يُجَوِّزُ الشَّافِعِيُّ دونهَا، ثُمَّ صَلَّى صَلاَةً عَلَى مَا يُجَوِّزُهُ أَبُو حَنِيْفَة، فَلَبِسَ جِلْد كلبٍ مَدبوَغاً قَدْ لُطِخَ رُبُعُه بِنَجَاسَةٍ، وَتَوَضَّأَ بنَبِيْذ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ الذُّبَّان، وَكَانَ وُضوءاً مُنَكّساً، ثُمَّ كبّر بِالفَارسيَّة، وَقرأَ بِالفَارسيَة، دَوْبَرْكَك سَبْز (4) ، وَنَقَر وَلَمْ يَطْمئنَّ وَلاَ رَفَعَ مِنَ الرُّكُوع، وَتَشَهَّدَ، وَضَرَطَ بِلاَ سَلاَم.
فَقَالَ لَهُ: إِنْ لَمْ تكن هَذِهِ الصَّلاَةُ يُجِيزُهَا الإِمَامُ، قَتَلْتُكَ. فَأَنكرت الحَنَفِيَّةُ الصَّلاَةَ، فَأَمر القَفَّال بِإِحضَار
__________
(1) وقد تقدمت ترجمته برقم (166) .
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 319، 320.
(3) تقدمت ترجمته برقم (267) .
(4) والمعنى: ورقتان خضراوان، وهو معنى قوله تعالى في سورة الرحمن: (مدهامتان) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 182، و" المعجم الذهبي " فارسي عربي.(17/486)
كُتُبِهم، فَوُجِدَ كَذَلِكَ، فتحوَّل مَحْمُوْدٌ شَافِعِيّاً. هَكَذَا ذكره الإِمَامُ أَبُو المَعَالِي بِأَطولَ مِنْ هَذَا (1) .
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ فِي تَرْجَمَة مَحْمُوْد: كَانَ صَادِقَ النِّيَّةِ فِي إِعلاَءِ الدِّين مُظَفّراً كَثِيْر الغَزْوِ، وَكَانَ ذَكيّاً بعيدَ الغَور، صَائِبَ الرَّأْي، وَكَانَ مَجْلِسُهُ مورِد العُلَمَاء، وَقبرُهُ بغَزْنَة يُزَار.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ البَنَّاء: حَكَى عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ العُكْبَرِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَسْعُوْد أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَجَلِيَّ قَالَ:
دَخَلَ ابْنُ فُوْرَك عَلَى السُّلْطَان مَحْمُوْد، فَقَالَ: لاَ يَجُوْزُ أَنْ يُوصف اللهُ بِالفوقيَّة لأَنَّ لاَزمَ ذَلِكَ وَصفُه بِالتّحتيَّة، فَمَنْ جَازَ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ فَوْقٌ جَازَ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ تَحْتٌ.
فَقَالَ السُّلْطَانُ: مَا أَنَا وَصفتُه حَتَّى يلزمَنِي، بَلْ هُوَ وَصفَ نَفْسَه.
فَبُهِتَ ابْن فُوْرَك، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ مَاتَ.
فيُقَالُ: انْشَقَّت مرَارَتُه.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ: قَدْ صُنِّفَ فِي أَيَّام مَحْمُوْد وَأَحْوَالِهِ لحظَة لحظَة، وَكَانَ فِي الخَيْرِ وَمصَالِحِ الرَّعِيَّةِ يُسِّرَ لَهُ الإِسَارُ (2) وَالجنودُ وَالهيبَةُ وَالحِشْمَةُ مِمَّا لَمْ يرهُ أَحد.
وَقَالَ أَبُو النَّضْر مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ العُتْبِيّ فِي كِتَاب (اليَمِينِي (3)) فِي
__________
(1) في " مغيث الخلق في اختيار الاحق "، ونقله عنه ابن خلكان في " وفيات الأعيان " 5 / 180، 181.
وهذه الحكاية التي يغلب على الظن أنها ملفقة مفتراة تنبئ عن ذميم التعصب الذي يفعل أفاعيله في النفوس، فيحملها على الكراهية، وعرض رأي المخالف عرضا مشوها مبتورا، والاغضاء عن فضائله الكثيرة، ومحاسنه الجمة، وكان على إمام الحرمين أن يسلك مع مخالفيه سبيل أهل العلم والعرفان، ويناقشهم بالحجة والبرهان، ويصون كتابه عن مثل هذا الهراء والهذيان.
(2) الاسار: القوة. " لسان العرب ".
(3) سماه " اليميني " نسبة إلى يمين الدولة، وهو لقب السلطان محمود.(17/487)
سيرَة هَذَا الْملك: قِيْلَ فِيْهِ:
تَعَالَى اللهُ مَا شَاءَ ... وَزَادَ اللهُ إِيْمَانِي
أَأَفرِيدُوْنَ فِي التَّاجِ ... أمِ الإِسْكَنْدَرُ الثَّانِي
أمِ الرَّجْعَةُ قَدْ عَادَتْ ... إِليْنَا بِسُلَيْمَانِ
أَظَلَّتْ شَمْسُ مَحْمُوْدٍ ... عَلَى أَنجمِ سَامَانِ
وَأَمسَى آلُ بَهْرَامٍ ... عَبِيْداً لابْنِ خَاقَانِ
فَمَنْ وَاسِطَةِ الهِنْدِ ... إِلَى سَاحَةِ جُرْجَانِ
وَمن قَاصِيَة السِّنْدِ ... إِلَى أَقْصَى خُرَاسَانِ
فَيَوماً رُسُل الشَّاهِ ... وَيَوْماً رُسُلِ الخَانِ
مولدُ مَحْمُوْد: فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ: بغَزْنَة فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَتَسَلْطَنَ بَعْدَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ مُديدَةً، وَقبضَ عَلَيْهِ أَخُوْهُ مَسْعُوْدٌ، وَتَمَكَّنَ، وَحَارَبَ السَّلْجُوْقِيَّة مَرَّاتٍ إِلَى أَنْ قُتِلَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، ثُمَّ قَامَ ابْنه (1) .
وكَانَتْ غَزَوَاتُ السُّلْطَان مَحْمُوْدٍ مَشْهُوْرَةً عَدِيْدَةً وَفُتُوْحَاتُهُ المبتكرَة عَظِيْمَة.
قَرَأْتُ بخَطِّ الوَزِيْر جَمَال الدِّيْنِ بن عَلِيٍّ القِفْطي فِي سيرَته: قَالَ كَاتبه الوَزِيْرُ ابْنُ المِيمندِي:
جَاءنَا رَسُوْلُ الملكِ بَيدَا عَلَى سريرٍ كَالنَّعش؛ بِأَرْبَعِ قَوَائِم يَحْمِلُهُ أَرْبَعَةٌ.
وَكَانَ السُّلْطَانُ يُعَظِّمُ أَمرَ الرُّسُلِ لِمَا يَفْعَلُهُ أَصحَابُهُم
__________
(1) سيذكر المؤلف تفصيل ذلك في ترجمة السلطان مسعود بن السلطان محمود والتي سترد عقب هذه الترجمة مباشرة.(17/488)
برُسُله.
قَالَ: فَحُمِلَ عَلَى حَالَتِهِ حَتَّى صَارَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الهنديُّ:
أَيُّ رَجُلٍ أَنْتَ؟
قَالَ: أَدْعُو إِلَى اللهِ، وَأُجَاهِدُ مَنْ يُخَالِفُ دِيْنَ الإِسْلاَم.
قَالَ: فَمَا تُرِيْد منَا؟
قَالَ: أَنْ تَتْرُكُوا عبَادَةَ الأَصْنَام، وَتَلْتَزِمُوا شُرُوط الدِّيْنِ، وَتَأكُلُوا لحم البَقَر.
وَتردَّد بينهُمَا الكَلاَمُ، حَتَّى خَوَّفَهُ مَحْمُوْدٌ وَهدَّده، وَقَالَ الحَاجِبُ للهِنْدِي:
أَتَدْرِي لِمَنْ تُخَاطِبُ؟ وَبَيْنَ يَدَيْ أَيِّ سُلْطَانٍ أَنْتَ؟
فَقَالَ الهنديُّ: إِنْ كَانَ يدعُو إِلَى اللهِ كَمَا يَزْعُمُ، فلَيْسَ هَذَا مِنْ شُرُوط ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ سُلطَاناً قَاهِراً لاَ يُنصف، فَهَذَا أَمرٌ آخر.
فَقَالَ الوَزِيْرُ: دَعُوهُ.
ثُمَّ وَرد الخَبَرُ بِتَشْوِيشِ خُرَاسَان، وضَاقَ عَلَى صَاحِب الهِنْدِ الأَمْرُ، وَرَأَى أَنَّ بلاَدَهُ تَخْرَبُ، فَنَفَّذَ رَسُولاً آخر، وَتَلَطَّفَ، وَقَالَ: إِنَّ مُفَارقَة دينِنَا لاَ سَبِيْل إِلَيْهِ، وَلَيْسَ هُنَا مَال نُصَالِحُكَ عَلَيْهِ، وَلَكِن نجعلُ بَيْنَنَا هُدْنَةً، وَنكُونُ تَحْتَ طَاعَتِك.
قَالَ: أُريد أَلفَ فيل وَأَلف مَناً (1) ذهباً.
قَالَ: هَذَا لاَ قُدرَة لَنَا عَلَيْهِ.
ثُمَّ تقرّر بينهُمَا تَسْلِيمُ خَمْس مائَة فيلٍ وثَلاَثَةِ آلاَف مِنْ فِضَّة، وَاقترح مَحْمُوْدٌ عَلَى الْملك بَيْدَا أَنْ يلبس خِلْعَتَه، وَيَشُدَّ السَّيْفَ وَالمِنْطَقَة (2) ، وَيضرب السِّكَةَ باسمه.
فَأَجَابَ لَكِنَّهُ اسْتَعفَى مِنَ السِّكَة، فَكَانَتِ الخِلْعَةُ قَبَاءً نُسِج بِالذَّهَبِ وَعِمَامَةَ قصبٍ، وَسَيْفاً مُحَلَّى، وَفرساً وَخُفّاً، وَخَاتَماً عَلَيْهِ اسْمُه، وَقَالَ لرَسُوله: امضِ حَتَّى يَلْبَس ذَلِكَ، وَينزِلَ إِلَى الأَرْضِ، وَيقطعَ خَاتَمَه وَأُصْبُعَهُ، وَيُسَلِّمهَا إِلَيْك، فذَلِكَ علاَمَةُ التَّوثِقَة.
قَالَ: وَكَانَ عِنْد مَحْمُوْدٍ شيءٌ كَثِيْرٌ مِنْ أَصَابع المُلُوك الَّذِيْنَ هَادنَهَم.
قَالَ ابْنُ المِيمندِي الوَزِيْرُ: فَذَهَبْتُ فِي عَشْرَة مَمَالِيْك أَترَاك، وَجئنَا
__________
(1) المنا، بفتح الميم مقصور يكتب بالالف: ميزان يوزن به، والمكيال الذي يكيلون به
السمن وغيره، وقد يكون من الحديد أوزانا، وتثنيته: منوان ومنيان. والاول أعلى.
(2) المنطقة: كل ما شد في الوسط.(17/489)
وَصحنَا: رَسُوْل رَسُول.
فكفُّوا عَنِ الرَّمْي، فَأُدْخِلْنَا عَلَى المَلِكِ، وَهُوَ شَابٌّ مليحُ الوَجْه عَلَى سَرِير فِضَّة، فَخدمتُه بِأَن صفقْتُ بيدَيَّ، وَانحنيتُ عَلَيْهِمَا، وَقُلْتُ: جُوْ.
فَكَانَ جَوَابه: بَاهُ.
وَأَجلسنِي، وَقرَّبنِي، وَأَخَذَ يَشْكُو مَا لَحِقَ البِلاَدَ مِنَ الخَرَاب، ثُمَّ لبس الخِلْعَةَ بَعْد تَمنُّع وَتَعَمَّمَّ لَهُ تركِيٌّ، وَطَالبتُه بِالحَلف، قَالَ: نَحْلِفُ بِالأَصْنَام وَالنَّار، وَأَنْتُم لاَ تَقْنَعُوْنَ بِذَلِكَ.
قُلْتُ: لاَ بُدَّ وَأَحجمتُ عَنْ ذكر الأُصْبُع، فَأَخْرَجَ حَدِيْدَةً قطع بِهَا أُصْبُعهُ الصُّغْرَى وَلَمْ يَكْتَرِثْ، وَعمل عَلَى يَده كَافُوْراً، وَدُفِعتْ إِليَّ وَقَالَ:
قُل لصَاحِبكَ: اكفُفْ عَنْ أَذَى الرَّعِيَّة.
فَرَجَعَ السُّلْطَانُ إِلَى خُرَاسَانَ، وَنفَّذَ إِلَيْهِ ابْنُ مَرْوَانَ صَاحِبُ ديَار بكر هديَّةً، فَرَدَّهَا وَقَالَ:
لم أَردَّهَا اسْتَقلاَلاً، وَلَكِن علمتُ أَنَّ قصدكَ المُخَالَطَةُ وَالمصَادقَةُ، وَيقبُحُ بِي أَنْ أَصَادِقَ مَنْ لاَ أَقدِرُ أَنْ أَنصُره، وَرُبَّمَا طرقَكَ عدوٌّ وَأَنَا عَلَى أَلف فرسخٍ مِنْكَ، فَلاَ أَتمكَّنُ مِنْ نُصرتك.
ثُمَّ بَلَغَ السُّلْطَانَ أَنَّ الهنودَ قَالُوا: أَخرب أَكْثَرَ بلاَدِ الهِنْد غضبُ الصَّنمِ الكَبِيْر سُومنَات عَلَى سَائِر الأَصْنَام وَمَنْ حولهَا، فعزَم عَلَى غَزْو هَذَا الوَثن، وَسَارَ يَطوِي القِفَار فِي جَيْشِهِ إِلَيْهِ، وَكَانُوا يَقُولُوْنَ: إِنَّهُ يَرزُق وَيُحيي وَيُمِيت وَيسمع وَيَعِي، يَحُجُّوْنَ إِلَيْهِ، وَيُتحِفونه بِالنَّفَائِس، وَيتغَالَوْنَ فِيْهِ كَثِيْراً، فَتَجمَّع عِنْد هَذَا الصَّنم مَالٌ يَتَجَاوَزُ الوَصْفَ، وَكَانُوا يَغسِلُونه كُلّ يَوْم بِمَاءٍ وَعَسل وَلبن، وَينقلُوْنَ إِلَيْهِ المَاءَ مِنْ نهرِ حيل مسيرَةَ شَهْر، وَثَلاَثِ مائَةٍ يَحلِقُوْنَ رُؤُوْس حُجَّاجِهِ وَلِحَاهُم، وَثَلاَثُ مائَةٍ يُغَنُّوْنَ.
فَسَارَ الجَيْشُ مِنْ غَزْنَة، وَقطعُوا مَفَازَةً صعبَةً، وَكَانُوا ثَلاَثِيْنَ أَلف فَارس وَخلقاً مِنَ الرَّجَّالَة وَالمُطَّوِّعَة، وَقَوَّى المُطَّوِّعَةَ بخَمْسِيْنَ أَلف دِيْنَار، وَأَنفقَ فِي الجَيْشِ فوقَ الكِفَايَة، وَارْتَحَلَ مِنَ المُليَا ثَانِي يَوْم الْفطر سَنَة 416، وَقَاسُوا مشَاقَّ، وَبقُوا لاَ يجدُوْنَ المَاءَ إِلاَّ بَعْد ثَلاَث غطَّاهُم فِي يَوْمٍ ضبَابٌ عَظِيْم، فَقَالَتِ(17/490)
الكَفَرَةُ: هَذَا مِنْ فعل الإِله سُومَنَات.
ثُمَّ نَازل مدينَةَ أَنْهَلْوَارَة، وَهَرَبَ مِنْهَا مَلِكُهَا إِلَى جَزِيْرَةٍ، فَأَخرب المُسْلِمُوْنَ بَلَدَهُ، وَدكُّوهَا، وَبينهَا وَبَيْنَ الصَّنَم مسيرَةُ شَهْرٍ فِي مفَاوز، فسَارُوا حَتَّى نَازَلُوا مدينَة دَبُولوَارَة؛ وَهِيَ قَبْل الصَّنَمِ بيومِين، فَأُخذت عَنْوَةً، وَكُسِرت أَصنَامُهَا، وَهِيَ كَثِيْرَةُ الفواكِه، ثُمَّ نَازلُوا سُومنَات فِي رَابِعَ عَشَرَ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَلَهَا قلعَةٌ منيعَةٌ عَلَى البَحْر، فَوَقَعَ الحِصَارُ، فنُصِبَت السَّلاَلِمُ عَلَيْهَا فَهَرَبَ المُقَاتِلَةُ إِلَى الصَّنَمِ، وَتضرَّعُوا لَهُ، وَاشتدَّ الحَالُ وَهُم يَظُنُّوْن أَنَّ الصَّنَمَ قَدْ غضب عَلَيْهِم، وَكَانَ فِي بَيْتٍ عَظِيْمٍ منيع، عَلَى أَبوَابه السُّتُورُ الدِّيباجُ، وَعَلَى الصَّنم مِنَ الحُلِيِّ وَالجَوَاهِر مَا لاَ يُوصف، وَالقنَادِيل تُضيءُ ليلاً وَنهَاراً، عَلَى رَأْسِه تَاجٌ لاَ يُقَوَّم، يَنْدَهِشُ مِنْهُ النَّاظِرُ، وَيَجْتَمُعُ عِنْدَهُ فِي عِيْدِهِم نَحْو مائَة أَلْف كَافِر، وَهُوَ عَلَى عرشٍ بَدِيْعِ الزَّخْرفَة؛ علو خَمْسَةِ أَذْرُع، وَطولُ الصَّنَم عَشْرَةُ أَذْرُع، وَلَهُ بَيْتُ مَال فِيْهِ مِنَ النَّفَائِسِ وَالذَّهَبِ مَالاَ يُحصَى، فَفَرَّق مَحْمُوْدٌ فِي الجُنْدِ مُعْظَمَ ذَلِكَ، وَزعزعَ الصَّنَم بِالمعَاوِل، فَخَرَّ صَرِيْعاً، وَكَانَتْ فِرْقَةٌ تَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَنَات، وَأَنَّهُ تَحَوَّلَ بِنَفْسِهِ فِي أَيَّام النُّبُوَّة مِنْ سَاحِل جُدَّة، وَحَصَلَ بِهَذَا المَكَان ليُقْصَد وَيُحَجَّ مُعَارَضَةً للكعبَة.
فَلَمَّا رَآهُ الكُفَارُ صَرِيْعاً مهيناً، تَحَسَّرُوا، وَسُقِط فِي أَيديهُم، ثُمَّ أُحْرِقَ حَتَّى صَارَ كلساً، وَأُلقِيْت النِّيرَانُ فِي قُصُور القَلْعَة، وَقُتِلَ بِهَا خمسُوْنَ أَلْفاً، ثُمَّ سَارَ مَحْمُوْدٌ لأَسر المَلِك بَهِيم، وَدخلُوا بِالمرَاكب، فَهَرَبَ، وَافتَتَح مَحْمُوْدٌ عِدَّةَ حصُوْن وَمدَائِن، وَعَاد إِلَى غَزْنَة، فَدَخَلَهَا فِي ثَامن صفر سَنَة سَبْعَ عَشْرَةَ، وَدَانت لَهُ المُلُوكُ، فَكَانَتْ مُدَّةُ الغَيْبَة مائَةً وثَلاَثَة وَسِتِّيْنَ يَوْماً (1) .
__________
(1) انظر " الكامل " 9 / 342 - 346، و" المنتظم " 8 / 29، 30، و" البداية والنهاية " 12 / 22، 23، و" المختصر في أخبار البشر " 2 / 155، و" تتمة المختصر " 1 / 508، و" طبقات " السبكي 5 / 317 - 319.(17/491)
وفِي سَنَة ثَمَان عشرَة سَارَ إِلَى بَلْخَ، وَجَهَّزَ جَيْشَه إِلَى مَا وَرَاء النَّهر فِي نُصْرَة الخَانيَّة، وَكَانَ عَلِيُّ بنُ تكين (1) قَدْ أَغَار عَلَى بُخَارَى، فضَاق قدرخَانُ بِهِ ذرعاً، وَاسْتنجد مَحْمُوداً، فَفَرَّ ابْنُ تكين، وَدَخَلَ البَرِّيَّة.
ثُمَّ حَارب مَحْمُوْدٌ الغُزَّ، وَقبضَ عَلَى ابْنِ سُلْجُوْق مُقَدَّمِهم، فثَارت الغُزُّ، وَأَفسدُوا، وَتَفَرَّغُوا للأَذَى، وَتعبت بِهِم الرَّعِيَّةُ وَاسْتحكم الشَّرُّ، وَأَقَامَ مَحْمُوْدٌ بِنَيْسَابُوْرَ مُدَّةً، ثُمَّ فِي عِشْرِيْنَ قصدَ الرَّيَّ، وَأَخذهَا، وَقبضَ عَلَى مَلِكِهَا مَجْدِ الدَّوْلَة بنِ بُويه؛ وَكَانَ ضَعِيْفَ التَّدْبِيْر، فَضَرَبَ حَتَّى حمل أَلفَ أَلفِ دِيْنَار، وَصلبَ مَحْمُوْدٌ أُمرَاءَ مِنَ الدَّيْلَم، وَجرت قبَائِحُ وَظُلم (2) ، ثُمَّ جهَّزَ مَحْمُوْدٌ وَلدَهُ مسعُوداً، فَاسْتولَى عَلَى أَصْبَهَان، ثُمَّ رَجَعَ السُّلْطَانُ إِلَى غَزْنَة عَلِيْلاً، فَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى، وَأَمسَى وَقَدْ فَارقته الجُنُود، وَتنكَّسَتْ لحُزنه البُنُود، وَنَاح عَلَيْهِ الوَالد وَالمَوْلُوْدُ، وَسَكَنَ ظُلْمَة اللُّحُود.
وَقَدْ خُطبَ لَهُ بِالغُور وَبِخُرَاسَانَ وَالسِّند وَالهِنْد، وَنَاحيَة خُوَارَزْم وَبلخ؛ وَهِيَ مِنْ خُرَاسَان، وَبِجُرْجَانَ وَطَبَرِسْتَان وَالرَّيّ وَالجِبَالِ، وَأَصْبَهَان وَأَذْرَبِيْجَان، وَهَمْدَانِ وَأَرْمِيْنِيَةَ.
وَكَانَ مُكرِماً لأُمرَائِه وَأَصْحَابِهِ، وَإِذَا نقم عَاجَلَ، وَكَانَ لاَ يفتُر وَلاَ يكَاد يَقِرُّ.
سَارَ مرَّةً فِي خَمْسِيْنَ أَلف فَارس، وَفِي مائَتَي فيل، وَأَرْبَعِيْنَ أَلف جَمَّازَة (3) تَحْمِلُ ثِقْل العَسَاكِر، وَكَانَ يَعْتَقِدُ فِي الخَلِيْفَة، وَيخضَعُ لجَلاَلِهِ، وَيَحْمِلُ إِلَيْهِ قنَاطيرَ مِنَ الذَّهَب، وَكَانَ إِلْباً عَلَى القَرَامطَة وَالإِسْمَاعِيْلِيَّة وَعَلَى المُتَكَلِّمِيْن، عَلَى بدعَةٍ فِيْهِ - فِيْمَا قِيْلَ -، وَيغضَبُ
__________
(1) في (الكامل ": علي تكين دون لفظ " ابن ".
(2) انظر " الكامل " 9 / 475 - 477.
(3) الجمازة: ناقة تعدو الجمزى، وهو ضرب من العدو دون الحضر الشديد وفوق العنق.(17/492)
للكرَّامِيَّة، وَكَانَ يشربُ النَّبِيذَ دَائِماً، وَتَصَرُّفه عَلَى الأَخلاَق الزَّكِيَة، وَكَانَ فِيْهِ شِدَّةُ وَطأَةٍ عَلَى الرَّعِيَّة؛ وَلَكِن كَانُوا فِي أَمنٍ وَإِقَامَة سيَاسيَة، وَلاَزَمَهُ علَّةٌ نَحْو ثَلاَثِ سِنِيْنَ، وَكَانَ يعترِيه إِسهَالٌ، وَلاَ يتركُ الرُّكُوبَ وَالسَّفَر، قُبض وَهُوَ فِي مَجْلِسه وَدَسْتِه مَا وضَع جَنْبَه، وَلَمَّا احتُضر، قَالَ لوَزِيْره: يَا أَبَا الحَسَنِ: ذَهَبَ شَيْخُكُم.
ثُمَّ مَاتَ يَوْمَ الخَمسين لِتِسْعٍ بَقِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخِرِ، فَكُتم مَوْته، ثُمَّ فَشَى، وَأَتَى ابْنُه السُّلْطَان مُحَمَّدٌ مِنَ الجوزجَان، فوصلَ فِي أَرْبَعِيْنَ يَوْماً.
كَانَ السُّلْطَانُ مَحْمُوْدٌ رَبْعَةً، فِيْهِ سِمَنٌ، تركِيَّ العَيْنِ، فِيْهِ شُقْرَةٌ، وَلحيتُه مُستديرَةٌ، غليظُ الصَّوْتِ، وَفِي عَارِضَيه شَيْبٌ.
وَكَانَ ابْنُه مُحَمَّدٌ فِي قَدِّهِ، وَكَانَ ابْنُه مَسْعُوْدٌ طَوِيْلاً.
قَالَ مَحْمُوْدٌ يَوْماً للأَمِيْر أَبِي طَاهِرٍ السَّامَانِي: كم جمع آبَاؤك مِنَ الجَوْهر؟
قَالَ: سَمِعْتُ أَنَّهُ كَانَ عِنْد الأَمِيْر الرَّضي سَبْعَةُ أَرطَال.
فَسَجَدَ شكراً، وَقَالَ: أَنَا فِي خِزَانتِي سَبْعُوْنَ رطلاً.
وَكَانَ صمَّم عَلَى التَّوَغُّل فِي بلاَد الخَانيَة، وَقَالَ مَعِي أَرْبَعُ مائَة فيل مُقَاتلَة مَا يثبُتُ لَهَا أَحد.
فَبلغه أَنَّ الخَانيَة قَالُوا: نَحْنُ نَأْخذُ أَلفَ ثَوْرٍ تُركيَّة؛ وَهِيَ كِبَارٌ ضِخَامٌ، فَنَجعَلُ عَلَيْهَا أَلف عَجَلَة، وَنَملؤُهَا حَطَباً، فَإِذَا دنت الفِيَلَةُ، أَوقدنَا الحَطَب، فتطلُبُ البقَر أَمَامَهَا، وَتُلقِي النَّارَ عَلَى الأَفيلَة وَعَلَى مَنْ حولهَا، فتتمُّ الهَزِيْمَةُ، فَأَحجم مَحْمُوْدٌ.
وَكَانَ يعظِّم المِيمنديَّ كَاتِبَه، لأَنَّهم لَمَّا نَازلُوا مدينَةَ بَيدَا (1) ،
__________
(1) قال ابن الأثير في بيدا هذا: وهو أعظم ملوك الهند مملكة، وأكثرهم جيشا، وتسمى مملكته كجوراهة. الكامل " 9 / 308.(17/493)
حصل السُّلْطَانُ وَكَاتبه فِي عِشْرِيْنَ فَارِساً فَوْقَ تَلٍّ تُجَاهُ البَلَد، فَبرز لَهُم عَسْكَرٌ أَحَاطُوا بِالتَّلِّ، فَعَاينُوا التَّلَف، فَتَقَدَّم كَاتبه وَنَادَوا الهنودَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا مَحْمُوْد.
قَالُوا أَنْتَ المُرَاد.
قَالَ: هَا أَنَا فِي أَيديكُم، وَعِنْدِي مِنْ مُلُوكِكُم جَمَاعَةٌ أَفدِي نَفْسِي بِهِم، وَأَحضِرُهُم، وَأَنزِلُ عَلَى حُكمِكُم.
فَفَرحُوا، وَقَالُوا: فَأَحضِر (1) المُلُوك.
فَالتفتَ إِلَى شَابٍّ، وَقَالَ: امضِ إِلَى وَلدِي، وَعرِّفْه خَبَرِي.
ثُمَّ قَالَ: لاَ! أَنْتَ لاَ تنهَضُ بِالرِّسَالَة.
وَقَالَ لمَحْمُوْدٍ: امضِ، أَنْتَ عَاقلٌ وَأَسْرَعُ.
فَلَمَّا جَاوز نهراً، لقيَهُ بَعْضُ جُنْده، فَتَرَجَّلُوا، وَعَاين ذَلِكَ مَنْ فَوْقَ القلعَة، فَقَالُوا لكَاتبه: مَنْ رسولُك؟
قَالَ: ذَاكُم السُّلْطَانُ فديتُهُ بنفسِي، فَافْعَلُوا مَا بدَا لَكُم.
وَبَلَغَ ذَلِكَ بَيدَا فَأَعجبَه، وَقَالَ: نِعْمَ مَا فَعَلْتَ، فتوسَّطْ لَنَا عِنْد سلطَانك.
فَهَادَنَهُم، وَزَادت عظمَةُ المِيمندِي عِنْد مَحْمُوْد، حَتَّى إِنَّهُ زوَّج أَخَاهُ يُوْسُف بزَليخَا ابْنَةِ المِيمندِي، ثُمَّ فِي الآخر قَبَضَ عَلَيْهِ، وَصَادره، لأَنَّه أَرَادَ أَنْ يَسُمَّ مَحْمُوْداً، وَوزن لَهُ أَلفَ أَلفِ دِيْنَار، وَمن التُّحف وَالذَّخَائِر مَا لاَ يُوصف بَعْد العَذَاب، ثُمَّ أُطلق المِيمندِي بَعْد وَفَاة مَحْمُوْدٍ، وَوزَرَ لمَسْعُوْد.
أُحضر إِلَى مَحْمُوْدٍ بغَزْنَة شخصَان مِنَ النَّسْنَاسِ مِنْ بَادِيَة بلاصيغون؛ وَهِيَ مملكَةُ قدرخَان، وَعَدْوُ النَّسْنَاسِ فِي شِدَّة عَدْوِ الفَرَس، وَهُوَ فِي صورَة آدمِي، لَكِنَّهُ بدنُهُ ملبَّس بِالشَّعر، وَكَلاَمُهُ صفيرٌ، وَيَأْكُلُ حَشِيْشاً، وَأَهْلُ تِلْكَ البِلاَد يصطَادُونهُم، وَيَأْكُلُونهُم.
__________
(1) في الأصل: " وقال: فأحضروا " والصواب ما أثبتناه.(17/494)
فسَأَلَ مَحْمُوْدٌ الفُقَهَاء عَنْ أَكْل لَحْمِهِم، فَنَهوا عَنْهُ (1) .
320 - مَسْعُوْدُ بن مُحَمَّدٍ السُّلْطَان شِهَاب الدَّوْلَة *
كَانَ طُوَالاً، جَسِيماً، مَلِيحاً، كَبِيْرَ الْعين، شدِيداً، حَازماً، كَثِيْرَ البِرِّ، سَادَّ الجَوَاب، رُؤُوَفاً بِالرَّعِيَّة، مُحبّاً لِلْعِلْمِ.
صُنِّفَ لَهُ كُتُبٌ فِي فُنُوْن، وَكَانَ أَبُوْهُ يخشَى مَكَانَهُ، وَيحبُّ أَخَاهُ مُحَمَّداً، فَأَبعد مسعُوداً، وَأَعطَاهُ الرَّيَّ وَالجِبَال، وَطلب مِنْهُ أَنْ يَحْلِفَ لأَخِيه أَنَّهُ لاَ يُقَاتِلُه.
قَالَ: أَفعلُ إِن أَشهدَ مولاَنَا عَلَى نَفْسِهِ أَنِّي لَسْتُ وَلدَه، أَوْ يحلفُ لِي أَخِي أَنَّهُ لاَ يُخْفِينِي مِنْ مِيرَاثِي شَيْئاً.
وَلَمَّا سَمِعَ: مَسْعُوْدٌ بِموت أَبِيهِ، لبس السَّوَادَ وَبَكَى، وَعمل عزَاءه بِأَصْبَهَانَ، وَخطب لِنَفْسِهِ بِأَصْبَهَانَ وَالرَّيِّ وَأَرْمِيْنِيَةَ، ثُمَّ سَارَ وَاسْتقرَّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَمَالت الأُمَرَاءُ إِلَى شِهَاب الدَّوْلَة مَسْعُوْدٍ، وَجرت بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيْهِ مُحَمَّد مُرَاسلاَتٌ، ثُمَّ قَبَضُوا عَلَى مُحَمَّدٍ، وَبَادرُوا إِلَى خِدمَة السُّلْطَان مَسْعُوْد، فَقَدم هَرَاة، وَكَانَ أَخُوْهُ مُحَمَّدٌ المُلَقَّب بجمَال الدَّوْلَة مُنْهمِكاً فِي اللذَات المُردِيَة وَالسُّكْر.
ثُمَّ قبض مَسْعُوْدٌ عَلَى عَمِّه يُوْسُف وَعَلَى عليٍّ الحَاجِب.
وَدَانت لَهُ الممَالِكُ، وَأَظهر كِتَابَ القَادِرِ بِاللهِ، وَأَنَّهُ لقَّبه بِالنَاصِرِ لِدِيْنِ اللهِ ظهيرِ خَلِيْفَةِ الله.
وَلبس خِلَعاً وَتَاجاً، ثُمَّ
__________
(1) انظر " المنتظم " 8 / 53، 54، وحياة الحيوان 2 / 357 للدميري.
(*) المنتظم 8 / 113، الكامل في التاريخ 9 / 395، 398، 412، 414، 428، 429، 433، 441، 442، 462، 467، 477 - 488، وفيات الأعيان 5 / 181، المختصر في أخبار البشر 2 / 157، 164، 165، دول الإسلام 1 / 256، العبر 3 / 180، تتمة المختصر 1 / 514، 524، البداية والنهاية 12 / 50، تاريخ ابن خلدون 4 / 379، 380، 382، 383، 384، شذرات الذهب 3 / 253، نزهة الخواطر 1 / 74 - 76.(17/495)
أَطلق الوَزِيْرَ أَحْمَدَ بن الحَسَنِ المِيمندِي، وَاسْتوزَرَه (1) ، ثُمَّ أُخذت الرَّيُّ مِنْ مَسْعُوْد، فَجَهَّزَ جَيْشاً اسْتبَاحوهَا، وَعملُوا قبَائِح (2) ، وَجرت لَهُ حُرُوبٌ عَلَى الدُّنْيَا، وَقَدِمَ عَلَيْهِ رَسُوْلُ الدِّيْوَان، فَاحتفل لقُدُومه، وَزُيِّنَت خُرَاسَان، وَكَانَ يَوْمُ قُدُومه بَلْخ يَوْماً مَشْهُوداً كدُخُول السُّلْطَان.
وَكَانَ فِي المَوْكِب مئتَا فيلٍ وَالجَيْش ملبس.
وَوَقع الوبَاءُ فِي عَام ثَلاَثَة وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (3) بِالهِنْد وَغَزْنَة وَأَطرَاف خُرَاسَان، حَتَّى إِنَّهُ خَرَجَ مِنْ أَصْبَهَان فِي مُدَّةٍ قَرِيْبَة أَرْبَعُوْنَ أَلف جِنَازَة، وَكَانَ مَلِكُهَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ كَاكويه وَالخَلِيْفَةُ القَائِمُ وَسُلْطَانُ العِرَاق جَلاَلُ الدَّوْلَة، وَأَبُو كَاليجَارَ عَلَى فَارس، وَمَسْعُوْد بن مُحَمَّد عَلَى خُرَاسَان وَالجِبَال وَالغُور وَالهِنْد.
وَتُوُفِّيَ قدرخَانُ التُّرْكِيُّ؛ صَاحِب مَا وَرَاء النَّهر فِي هَذَا العَام، وَتَأَهَّب مَسْعُوْدٌ، وَحشد يقصِدُ العِرَاقَ، فَجَاءهُ أَمرٌ شغلَه؛ وَهُوَ عصيَانُ نَائِبه عَلَى الهِنْد، فَسَارَ لقَصده، وَجهّزه مَسْعُوْد؛ وَهُوَ الأَمِيْر أَحْمَدُ بنُ يَنَال تكين (4) ، ثُمَّ عَاثت التُّركُ الغُزِّيَّةُ بِمَا وَرَاء النَّهر، فَقصدَهُم مَسْعُوْدٌ، وَأَوقع بِهِم، وَأَثْخَنَ فِيْهِم، ثُمَّ كرَّ إِلَى طَبَرِسْتَان، لأَنَّ نَائِبهَا فَارقَ الطَّاعَةَ، وَجرتْ لَهُ خُطُوب (5) .
ثُمَّ اضْطربَ جندُ مَسْعُوْد، وَتجرَّؤُوا عَلَيْهِ، وَبَادرت الغُزُّ، فَأخذُوا نَيْسَابُوْرَ وَبدّعُوا، فَاسْتنجد مَسْعُوْدٌ بِمُلُوْك مَا وَرَاءِ النَّهْرِ فَمَا نفعُوا، ثُمَّ سَارَتِ الغُزُّ لِحَرْبِهِ، وَعَلَيْهِم طُغْرُلْبَك، وَأَخُوْهُ دَاوُد،
__________
(1) انظر " الكامل " 9 / 398 - 400.
(2) انظر " الكامل " 9 / 402، 403.
(3) انظر " المنتظم " 8 / 69، و" الكامل " 9 / 426، و" البداية والنهاية " 12 / 34.
(4) انظر " الكامل " 9 / 428، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 380.
(5) انظر " الكامل " 9 / 441، 442، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 381.(17/496)
فَهَزمُوهُ، وَأُخذت خزَائِنُه، وَركب هُوَ فيلاً مَاهراً حَرِكاً يُعِدُّهُ للحُرُوب، فنجَا عَلَيْهِ فِي قُلٍّ مِنْ غِلمَانه، وَكَانَ جسيماً لاَ يعدُو بِهِ فَرَسٌ إِلاَّ قَلِيْلاً، ثُمَّ أَقَامَ بغَزْنَة، وَأخلدَ إِلَى اللَّذَاتِ، وَذهبت مِنْهُ خُرَاسَان، فَعزم عَلَى سُكنَى الهِنْد بآلِه وَرجَاله.
وَشَرَعَ فِي ذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ فِي الشِّتَاء لفَرْطِ برد غَرْنَة، وَأَخَذَ مَعَهُ أَخَاهُ مُحَمَّداً مَسمولاً، فَلَمَّا وَصل إِلَى نهر الهِنْد، نَزَلَ عَلَيْهِ، وَوَاصل السُّكْرَ، وَاسْتقرّ بقلعَةٍ هُنَاكَ، وَتَخطَّفَه بَعْض العَسْكَر، وَذلَّ، فَخَلَعُوهُ، وَملَّكُوا المسمُوْل مُحَمَّداً، وَقبضَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ، وَقَال: لأُقَابلنَّك عَلَى فعلِكَ بِي، فَاخَتَرْ مَكَاناً تنزِلُهُ بحشمِكَ.
فَاختَار قلعَةً، فَبعَثَهُ إِلَيْهَا مُكَرماً.
فَعمل عَلَيْهِ وَلدُ مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٌ.
وَبيَّتوهُ وَقتلُوهُ حَنَقاً عَلَيْهِ، وَجَاؤُوا بِرَأْسِهِ إِلَى السُّلْطَانِ المسمُوْل، فَبَكَى، وَغَضِبَ عَلَى ابْنه، وَدَعَا عَلَيْهِ، وَكَانَ مَوْدُودُ بنُ مَسْعُوْد مقيماً بغَزْنَة وَبينهُمَا عَشْرَةُ أَيَّام، فسَارع فِي خَمْسَة آلاَف، وَبيَّت مُحَمَّداً، وَقتلَ أُمرَاء، وَقبض عَلَى عَمِّه مُحَمَّدٍ، وَقتلَ الَّذِيْنَ قتلُوا أَبَاهُ؛ وَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ، ثُمَّ قتل عَمَّه مُحَمَّداً (1) .
321 - ابْن الطُّبَيزِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَحْمَدَ الحَلَبِيُّ، السَّرَّاجُ، الرَّامِي، المَشْهُوْرُ: بِابْنِ الطُّبَيز، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
__________
(1) انظر " المنتظم " 8 / 99 و107، و" الكامل " 9 / 477 - 489، و" البداية والنهاية " 12 / 43 و48، 49، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 383، 384.
(*) الإكمال 5 / 257، العبر 3 / 174، تبصير المنتبه 3 / 462 (الطبيز) ، شذرات الذهب 3 / 248.(17/497)
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى البَغْدَادِيِّ العَلاَّف، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ السَّبِيْعِيّ، وَمُحَمَّدِ بن جَعْفَرِ بنِ السَّقَّا، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن عُمَرَ الجِعَابِيّ الحَافِظ، وَجَمَاعَةٍ تَفَرَّد فِي الدُّنْيَا عَنْهُم.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّبَعِيّ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي الحَدِيْد، وَوَالدُهُ أَحْمَد، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي الصَّقْرِ الأَنْبَارِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ المِصِّيْصِيّ، وَالفَقِيْهُ نَصْرٌ المَقْدِسِيّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَلاَعِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: هُوَ شَيْخٌ لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ: تُوُفِّيَ شَيْخُنَا ابْنُ الطُّبَيز فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ يذكرُ أَنَّ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ: وَكَانَتْ لَهُ أُصُوْلٌ حسنَة، وَكَانَ يَذْهَب إِلَى التَّشَيُّع.
قُلْتُ: كَانَ شَيْخُهُ العَلاَّف يَرْوِي عَنْ: أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيّ، وَالكِبَار.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظ بنُ بَدْرَان، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الخَضِر، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ كَرُّوس، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ السَّرَّاج، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ هِشَام الحَلَبِيّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ المُعَافى بِحَلَب، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي الأَشْهَبِ، عَنْ عِمْرَان بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمر، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ دَخَلَ السُّوقَ،(17/498)
فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيي وَيُمِيتُ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ، كتَبَ اللهُ لَهُ بِهَا أَلفَ أَلفِ حسنَة، وَمحَا عَنْهُ أَلفَ أَلفِ سيئَة، وَبنَى لَهُ بَيْتاً فِي الجَنَّةِ) .
هَذَا إِسْنَادٌ صَالِحٌ (1) غَرِيْبٌ.
322 - المَيْدَانِيُّ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ جَعْفَرِ الدِّمَشْقِيّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ المَيْدَانِيِّ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي عَلِيٍّ بنِ هَارُوْنَ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَارَة، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَرْوَانَ، وَالحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دُجَانَة، وَأَبِي عُمَرَ بن فَضَالَة، وَخَلْقٍ بَعْدهُم.
وَعُنِي بِالرِّوَايَة وَالإِكثَار.
وَعَنْهُ: رَشَأ بنُ نَظِيْف، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمَّان، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَأَبُو القَاسِمُ بنُ أَبِي العَلاَءِ، وَأَحْمَدُ بنُ قُبيس المَالِكِيُّ، وَطَائِفَة.
__________
(1) كيف يكون إسناده صالحا وعمران بن مسلم، قال البخاري فيه: منكر الحديث، وأخرجه الدارمي 2 / 293، والترمذي (3428) والحاكم 1 / 538 عن يزيد بن هارون، أخبرنا أزهر بن سنان، حدثنا محمد بن واسع، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، وأزهر ضعيف، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 1 / 47، والترمذي (3429) وابن ماجة (2235) عن حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، عن سالم بن عبد الله ... وعمرو بن دينار ضعيف منكر الحديث، فالحديث يتقوى بهذه الطرق الثلاث، فهو حسن بهاء إن شاء الله.
(*) ميزان الاعتدال 2 / 679، العبر 3 / 128، 129، المغني في الضعفاء 2 / 412، المشتبه 2 / 623، لسان الميزان 4 / 86، شذرات الذهب 3 / 210.(17/499)
قَالَ الكَتَّانِيّ: ذكرَ أَنَّهُ كتب بِمائَة رِطل حِبْر، احْتَرَقت كُتُبُه وَجَدَّدهَا.
ثُمَّ قَالَ: كَانَ فِيْهِ تسَاهلٌ، وَاتُّهِم فِي ابْن هَارُوْنَ (1) .
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
229 - ابْن دَرَّاجٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَاصِ القَسْطَلِّيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُنشئُ، البَلَيْغُ، أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَاصِ القَسْطَلِّيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، مِنْ أَعْيَانِ الأُدَبَاء، وَفُحُول الشُّعَرَاء.
قَالَ الثَّعَالِبِيُّ: كَانَ بِالأَنْدَلُسِ كَالمُتَنَبِّي بِالشَّامِ.
قُلْتُ: هُوَ مِنْ كُتَّاب المَنْصُوْر الحَاجِبِ.
فَقَالَ: فِيْهِ قصيدَةً، مِنْهَا يَقُوْلُ:
أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ الثَّوَاءَ هُوَ النَّوَى ... وَأَنَّ بُيُوتَ العَاجِزِينَ قُبُوْرُ
تُخوِّفُنِي طولَ السِّفَار وَإِنَّهُ ... لِتَقبيلِ كَفِّ العَامِرِيِّ (2) سَفيرُ
دَعِينِي أَرِدْ مَاءَ المَفَاوِزِ آجِناً ... إِلَى حَيْثُ مَاءُ المَكْرُمَات (3) نَمِيْرُ
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
___________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " 2 / 679.
(*) تقدمت ترجمته برقم (229) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(2) في الأصل: " العامرين "، وهو خطأ، والتصويب من " ديوانه " ص 298.
(3) الآجن: الماء المتغير الطعم واللون، والنمير: النامي الناجع في الري(17/500)
323 - ابْن شُهَيدٍ أَبُو عَامِرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ *
العَلاَّمَةُ، البَلِيْغُ، جَاحظُ وَقته، أَبُو عَامِرٍ أَحْمَدُ ابنُ أَبِي مَرْوَان عَبْدِ المَلِكِ بن مَرْوَانَ ابْن ذِي الوَزَارَتَيْنِ أَحْمَد بن عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَرَ بن شُهيد الأَشْجَعِيُّ، القُرْطُبِيُّ، الشَّاعِر.
كَانَ حَاملَ لوَاءِ النَّظمِ وَالنَّثرِ بِالأَنْدَلُسِ، وَلَهُ تَرسُّلٌ فَائِق (1) .
وَلَهُ توَالِيفُ أَنيقَةُ الجِدِّ، مطبوعَةُ الْهزْل، مِنْهَا: كِتَاب (جُوْنَة عطَّار (2)) .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْم: وَلنَا مِنَ البُلغَاء أَبُو عَامِرٍ، لَهُ مِنَ التَّصرُّف فِي وُجُوه البَلاغَة وَشِعَابِهَا مِقدَارٌ يَنْطِقُ فِيْهِ بلسَانٍ مُرَكَّبٍ مِنْ عَمْرو - يَعْنِي الجَاحظ وَسهلٍ - يَعْنِي ابْن هَارُوْنَ - (3) .
__________
(*) يتيمة الدهر 2 / 35 - 49، الإكمال 5 / 90، جذوة المقتبس 133 - 136، مطمح الانفس 19، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول / المجلد الأول / 191 - 336، بغية الملتمس 191 - 194، معجم الأدباء 3 / 220 - 223، المطرب 174، المغرب في حلي المغرب 1 / 78 - 85، وفيات الأعيان 1 / 116 - 118، العبر 3 / 159، مسالك الابصار 11 / 280، الوافي بالوفيات 7 / 144 - 148، الخريدة 2 / 555، إعتاب الكتاب 74، نفح الطيب 1 / 621 - 623، و3 / 244 - 246 و358 - 363 وغيرها، شذرات الذهب 3 / 230، هدية العارفين 1 / 74، النثر الفني لزكي مبارك 2 / 302 - 318.
(1) وفي ترجمته من " اليتيمة " و" الذخيرة " شيء من نظمة ونثره.
(2) وله أيضا رسالة " التوابع والزوابع " أثبت ابن بسام في " الذخيرة " فصولا منها، وقد أفردت هذه الفصول بالطبع، بتحقيق وشرح بطرس البستاني وقد صدرها بدراسة عن حياة ابن شهيد وأدبه، وله أيضا كتاب " كشف الدك وإيضاح الشك " انظر " وفيات الأعيان " 1 / 116، وقال الدكتور إحسان عباس: وقد جمع شارل بلا " ديوانه " فأخل بكثير من شعره الموجود في المصادر.
(3) انظر " جذوة المقتبس " 133، و" بغية الملتمس " 191، 192، و" معجم الأدباء " 3 / 222، و" نفح الطيب " 3 / 178.(17/501)
وَمن نَظمه:
فَكَأَنَّ النُّجُوْمَ فِي اللَّيْلِ جَيْشٌ ... دَخَلُوا لِلْكُمُوْنَ (1) فِي جَوْفِ غَابِ
وَكَأَنَّ الصَّبَاحَ قَانِصُ طَيْرٍ ... قَبَضَتْ كَفُّه بِرِجْلِ غُرَاب (2)
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ حَزْم: كَانَ حَاملَ لوَاء الشِّعرِ وَالبلاغَةِ، مَا خلّف لَهُ نظيراً، وَانقرض عقب جَدِّه الوَزِيْرِ بِموته، وَكَانَ سَمْحاً جَوَاداً (3) .
324 - تُرَاب بن عُمَرَ بنِ عُبَيْد المِصْرِيُّ *
أَبُو النُّعْمَان المِصْرِيُّ، الكَاتِبُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ النَّاصح، وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَعَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، وَالقَاضِي الخِلَعِيُّ.
عَاشَ بِضْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
325 - الفَلَكِيّ أَبُو الفَضْلِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ **
الحَافِظُ الأَوْحَدُ، أَبُو الفَضْلِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ
__________
(1) في " المغرب ": للكمين.
(2) البيتان في " الذخيرة " 1 / 1 / 257، و" المغرب " 1 / 81، والثاني منهما في " اليتيمة " 2 / 40.
(3) انظر " جذوة المقتبس " 135، 136، و" بغية الملتمس " 193، و" معجم الأدباء " 3 / 223.
(*) العبر 3 / 161، حسن المحاضرة 1 / 373، شذرات الذهب 3 / 231.
(* *) الأنساب 9 / 330، اللباب 2 / 440، طبقات ابن الصلاح 66 / 2، تذكرة الحفاظ =(17/502)
الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ، عُرف بِالفَلَكِيِّ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: سَمِعَ عَامَّةَ مَشَايِخِ هَمَذَان وَالعِرَاق وَخُرَاسَان.
حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ رَزْقُوَيْه، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَانَ، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الحِيْرِيّ، حَدَّثَنَا عَنْهُ: الحَسَنِي، وَالمَيْدَانِيّ.
وَكَانَ حَافِظاً مُتْقِناً يُحْسِنُ هَذَا الشَّأْنَ جَيِّداً جيداً.
صَنَّفَ الكُتُب مِنْهَا: الطَّبَقَات المُلَقَّب بـ (المُنْتَهَى فِي مَعْرِفَةِ الرِّجَال (1)) فِي أَلف جُزْء.
سَمِعْتُ (2) حَمْزَةَ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ شَيْخَ الإِسْلاَم الأَنْصَارِيَّ يَقُوْلُ:
مَا رَأَتْ عينَايَ أَحداً مِنَ الْبشر أَحفظَ مِنِ ابْنِ الفَلَكِيّ، وَكَانَ صُوفيّاً مُشَمِّراً (3) .
قُلْتُ: مَاتَ بِنَيْسَابُوْرَ فِي شَعْبَانَ، سَنَة سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ كَهْلاً.
وَكَانَ جَدُّهُ (4) بارعاً فِي علم الفَلَك وَالحسَابِ، هَيُوباً مُحْتَشِماً،
__________
= 3 / 1125، العبر 3 / 162، عيون التواريخ 12 / 127 / 1، الوافي 12 / 48، طبقات الاسنوي 2 / 268، طبقات الحفاظ 431 - 432، كشف الظنون 1858، شذرات الذهب 3 / 185 و231، هدية العارفين 1 / 687، الرسالة المستطرفة 121.
(1) اسم الكتاب في " العبر ": " المنتهى في الكمال في معرفة الرجال "، وفي " الأنساب " و" طبقات الاسنوي " و" كشف الظنون ": " منتهى الكمال في معرفة الرجال "، وذكر السمعاني مصنفا آخر للفلكي وهو كتاب " معرفة ألقاب المحدثين ".
(2) القائل شيرويه.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1125 و" طبقات " الاسنوي 2 / 268.
(4) وهو أبو بكر أحمد بن الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي الحاسب الفلكي الهمذاني، المتوفى سنة 384، انظر ترجمته في " الأنساب " 9 / 329، 330، و" معجم الأدباء " 3 / 9، 10 و" الوافي " 6 / 305، و" بغية الوعاة " 1 / 303 وكنيته فيه: أبو علي.(17/503)
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
326 - الرَّزْجَاهِيُّ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ *
العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الأَدِيْبُ، أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ الرَّزْجَاهِيُّ، البَسْطَامِيُّ (1) ، الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ؛ تِلْمِيْذُ أَبِي سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيّ (2) .
كتب الكَثِيْر عَن: ابْنِ عَدِيّ، وَالإِسْمَاعِيْلِيِّ، وَابنِ الغِطْرِيْف، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ المُغِيْرَةِ، وَتصدَّر للإِفَادَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَيْهَقِيُّ، وَالرَّئِيْسُ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ أَبِي صَادِق، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفُقَاعِي (3) ، وَعِدَّة.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ صَاحِبَ فُنُوْن.
___________
(*) تاريخ جرجان 419، الأنساب 6 / 110، اللباب 2 / 23، العبر 3 / 160، طبقات السبكي 4 / 151، 152، شذرات الذهب 3 / 230.
والرزجاهي ضبط في الأصل بضم الراء وفتحها، وحكى السبكي الوجهين عن المؤلف، واقتصر السمعاني وياقوت على الفتح.
وهذه النسبة إلى رزجاه قرية من قرى بسطام.
(1) نسبة إلى بسطام، وهي بلدة كبيرة بقومس على جادة الطريق إلى نيسابور، وقد ضبطه ياقوت بكسر الباء، وضبط في الأصل بفتحها، وبسطام أيضا اسم لرجل، ففرق الذهبي في " المشتبه " بين اسم البلدة فضبطه بالفتح، واسم الرجل فضبطه بالكسر، وكذا فعل السمعاني في " الأنساب "، وقال ابن الأثير: إنما الجميع مكسور لأنه اسم أعجمي عرب بكسر الباء.
(2) وهو أبو سهل محمد بن سليمان بن محمد بن سليمان بن هارون الحنفي، المتوفى سنة 369 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) قال في " الأنساب ": بضم الفاء، وفتح القاف، وفي آخرها العين المهملة، هذه النسبة إلى بيع الفقاع وعمله.
وقال في " اللسان ": " الفقاع: شراب يتخذ من الشعير، سمي به لما يعلوه من الزبد.(17/504)
327 - الزَّيْدِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، المُقْرِئُ، المُعَمَّرُ، شَيْخُ حَرَّان، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ، العَلَوِيُّ، الحُسَيْنِيُّ، الزَّيْدِيُّ، الحَرَّانِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، السُّنِّيُّ.
تَلاَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى الأُسْتَاذِ أَبِي بَكْرٍ النَّقَّاش (1) .
وَرَوَى عَنْهُ: تَفْسِيْره (شفَاء الصُّدور) ، فَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى عَنْهُ: القرَاءاتِ وَالحَدِيْثَ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو مَعْشَرٍ عَبْدُ الكَرِيْم الطَّبَرِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الهُذَلِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الفَتْح المَوْصِلِيُّ؛ نَزِيْلُ زهر الْملك.
وَكَانَ مفخَر أَهْلِ حَرَّان.
قَالَ أَبُو عَمرٍو الدَّانِيُّ: هُوَ آخرُ مِنْ قرأَ عَلَى النَّقَّاش.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً ضَابطاً مَشْهُوْراً، أَقرأَ بِحَرَّانَ دَهْراً طَوِيْلاً (2) .
وَقَالَ هِبَةُ اللهِ بن أَحْمَدَ الأَكفَانِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ العَزِيْز الكَتَّانِيّ - وَقَدْ أَريتُهُ جُزْءاً مِنْ كُتُب إِبْرَاهِيْم بن شُكْر مِنْ مُصَنَّفَات الآجُرِّيّ، وَالسَّمَاعُ عَلَيْهِ مُزَوَّرٌ بَيِّنُ التَّزْوير - فَقَالَ: مَا يكفِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْدِيُّ الحَرَّانِيُّ أَنْ يَكْذِبَ حَتَّى يُكْذَبَ عَلَيْهِ (3) .
__________
(*) معرفة القراء الكبار 1 / 315، ميزان الاعتدال 3 / 155، المغني في الضعفاء 2 / 454، العبر 3 / 178، 179، غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 572، 573، لسان الميزان 4 / 259، 260، شذرات الذهب 3 / 251.
(1) وهو محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي النقاش المفسر نزيل بغداد، متوفى سنة 351 هـ، مرت ترجمته في آخر الجزء الخامس عشر.
(2) انظر " معرفة القراء الكبار " 1 / 315، و" غاية النهاية " 1 / 573.
(3) " معرفة القراء الكبار " 1 / 315.(17/505)
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارب المائَة.
وَأَعْلَى شَيْءٍ عِنْدَهُ القرَاءاتُ وَالتَّفْسِيْرُ عَنِ النَّقَّاش، وَالنَّقَّاشُ مُجمَعٌ عَلَى ضَعفِهِ فِي الحَدِيْثِ لاَ فِي القِرَاءاتِ، فَإِنْ كَانَ كَانَ الزَّيْدِيُّ مقدوحاً فِيْهِ، فَلاَ يُفْرَحُ بِعُلُوِّ رِوَايَاتِهِ للأَمْرَين، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَبُو عَمرٍو الدَّانِيُّ فِي الجُمْلَةِ، كَمَا وثَّق شَيْخَهُ النَّقَّاش، وَلَكِنَّ الجَرْح مُقَدَّم، وَمَا أَدْرِي مَا أَقُولُ.
وبلغنِي أَنَّ الزَّيْدِيَّ نُفِّذ رسولاً إِلَى مَلِكِ الرُّوْم، فَلَمَّا جلس، غنّت النَّصَارِى، وَحرَّكُوا الأَرغلَ، فثبتَ الزَّيْدِيُّ عِنْد سَمَاعه، وَتعجَّبُوا مِنْ ثَبَاتِهِ كَثِيْراً، فَلَمَّا قَامَ، وَجَدُوا تَحْتَ كَعبه الدَّمَ مِمَّا ثَبَّت نَفْسَه، وَلَمْ يَتَحَرَّك.
328 - ابْنُ السِّمْسَارِ عَلِيُّ بنُ مُوْسَى بن الحُسَيْنِ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ، العَالِمُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُوْسَى بن الحُسَيْنِ، ابْنُ السِّمْسَارِ الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ المُحَدِّث أَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّد، وَأَخِيْهِ الآخَر أَحْمَد، وَأَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ بنِ أَبِي العَقب، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَرْوَانِ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي دُجَانَة، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ آدَمَ الفَزَارِيّ، وَأَبِي عُمَرَ بنِ فَضَالَة وَمُظَفَّر بن حَاجِب بن أَركين، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالفَقِيْه أَبِي زَيْدٍ المَرْوَزِيِّ، وَحمل عَنْهُ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) ، وَرَوَى عَنْ خَلْقٍ كَثِيْرٍ.
__________
(*) ميزان الاعتدال 3 / 158، العبر 3 / 179، المغني في الضعفاء 2 / 456، لسان الميزان 4 / 264، 265، شذرات الذهب 3 / 252.(17/506)
وَكَانَ مُسْنِد أَهْل الشَّام فِي زَمَانِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ طَلاَّب، وَأَبُو القَاسِمِ المِصِّيْصِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَدِيْد، وَالفَقِيْهُ نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ الكُريديُّ، وَسَعْدُ بنُ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الكَتَّانِيُّ: كَانَ فِيْهِ تشيُّعٌ وَتسَاهلٌ.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: فِيْهِ تشيُّعٌ يُفْضَي بِهِ إِلَى الرَّفْض، وَهُوَ قَلِيْلُ المعرفَة، فِي أُصُوْله سُقْم (1) .
مَاتَ ابْنُ السِّمْسَار: فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدْ كمل التِّسْعِيْنَ، وَتَفَرَّد بِالرِّوَايَة عَنِ ابْنِ أَبِي العَقب وَطَائِفَة، وَلَعَلَّ تَشَيُّعَهُ كَانَ تقيَّة لاَ سجيَّة، فَإِنَّهُ مِنْ بَيْتِ الحَدِيْث، وَلَكِن غلت الشَّامُ فِي زَمَانِهِ بِالرَّفض، بَلْ وَمِصْرُ وَالمَغْرِبُ بِالدَّوْلَة العُبَيْدِيَّة، بَلْ وَالعِرَاقُ وَبَعْضُ الْعَجم بِالدَّوْلَة البُوَيْهِيَّة، وَاشتدَّ البلاَءُ دَهْراً، وَشَمَخَت الغلاَةُ بِأَنْفِهَا، وَتواخى الرَّفضُ وَالاعتزَالُ حِيْنَئِذٍ، وَالنَّاسُ عَلَى دين المَلِك، نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ فِي الدِّيْن.
329 - صَاعدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ الأُسْتُوائِيُّ *
القَاضِي، أَبُو العَلاَءِ الأُسْتُوائِيُّ (2) ،
__________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " 3 / 158.
(*) تاريخ بغداد 9 / 344، 345، الأنساب 1 / 221 (الاستوائي) ، المنتظم 8 / 108، اللباب 1 / 52، العبر 3 / 174، الجواهر المضية 2 / 265 - 267، طبقات الفقهاء لطاش كبري: 81، النجوم الزاهرة 5 / 32، تاج التراجم 29، الطبقات السنية رقم (987) ، شذرات الذهب 3 / 248، الفوائد البهية 83.
(2) بضم الالف، وسكون السين المهملة، وفتح التاء المثناة الفوقية أو ضمها وبعدها الواو =(17/507)
النَّيْسَابُوْرِيُّ، الفَقِيْهُ، شَيْخُ الحَنَفِيَّة وَرَئِيْسُهُم، وَقَاضِي نَيْسَابُوْر.
سَمِعَ: أَبَا عَمْرٍو بن نُجَيْد، وَبِشْرَ بنَ أَحْمَدَ، وَعَلِيَّ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيّ.
وَعَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالقَاضِي صَاعدُ بنُ سَيَّار.
سَمِعْنَا جُزءاً مِنْ حَدِيْثه مِنْ أَبِي نَصْرٍ المِزِّيّ عَنْ جدِّه.
مولدُهُ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
330 - سَيَّارُ بنُ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ *
العَلاَّمَةُ القَاضِي، أَبُو عَمْرٍو الكِنَانِيُّ الهَرَوِيُّ الحَنَفِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي عَاصِمٍ محبوبِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَاكِم، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ: ابْنَاهُ؛ القَاضِي أَبُو العَلاَءِ صَاعد، وَالقَاضِي أَبُو الفَتْحِ نَصْر.
مَاتَ: سَنَة ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَخلَفَه ابْنُه أَبُو الفَتْحِ إِلَى أَنْ قُتل مظلوماً فِي سَنَةِ 446، فَخلفه أَخُوْهُ، فَامتدت أَيَّامُه.
__________
= والالف..هذه النسبة إلى أستوا، وهي ناحية بنيسابور كثيرة القرى والخير.
(*) الجواهر المضية 2 / 243، الطبقات السنية برقم (859) .(17/508)
331 - ابْنُ عَلِيَّكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الحَافِظُ الحُجَّةُ الإِمَامُ، أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيَّك النَّيْسَابُوْرِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم، وَأَبِي سَعِيْدٍ الرَّازِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ شَاذَانَ، وَالدَّارَقُطْنِيِّ، وَخَلْق.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِي، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَإِمَام الحَرَمَيْنِ أَبُو المَعَالِي، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ القُشَيْرِيّ.
وجَمَعَ وَصَنَّفَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ.
أَخذ بِالكُوْفَةِ عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ التَّيْمُلِي، وَأَبِي المُفَضَّل الشَّيْبَانِيّ، وَبِبَغْدَادَ أَيْضاً عَلِيِّ بن عُمَرَ السُّكَّرِيّ، وَبِمَرْوَ عَنْ طَائِفَة.
332 - ابْنُ دُوْسْتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الحَاكِمُ، العَلاَّمَةُ، النَّحْوِيُّ، أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَزِيْز بن مُحَمَّد بن دُوْسْتَ النَّيْسَابُوْرِيُّ؛ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ
__________
(*) الإكمال 6 / 262، تبصير المنتبه 3 / 966.
(* *) يتيمة الدهر 4 / 425 - 428، دمية القصر 2 / 970 - 972، إنباه الرواة 2 / 167، عيون التواريخ 12 / 189 / 2 - 190 / 2، فوات الوفيات 2 / 297، 298، الجواهر المضية 2 / 403، 404، تاج التراجم 25، بغية الوعاة 2 / 89، الزركشي 196، الطبقات السنية 1201، ودوست: لقب جده محمد بن عزيز، وقد تحرف في " الجواهر المضية " إلى " درست " بالراء بدل الواو.(17/509)
الأَدبيَة (1) ، وَلَهُ (دِيْوَان) شعر (2) .
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَانَ، وَبِشْرِ بن أَحْمَدَ، وَأَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم، وَعِدَّة.
وَكَانَ أَصَمَّ لاَ يَسْمَعُ شَيْئاً.
أَخَذَ اللغَاتِ عَنْ أَبِي نَصْرٍ الجَوْهَرِيّ.
وَعَنْهُ: أَخَذَ المُفَسِّر أَبُو الحَسَنِ الوَاحِدِيّ، وَغَيْرهُ.
وَكَانَ ذَا زُهْدٍ وَصَلاَحٍ.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
333 - القَيْشَطَالِيُّ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، مُسْنِدُ وَقْتِهِ، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ المَعَافِرِيُّ، القُرْطُبِيُّ، القَيْشَطَالِيُّ - بِشِيْنٍ مَشُوبَةٍ بِجِيمٍ - نَزِيْلُ إِشْبِيْليَةَ.
__________
(1) ذكر في " فوات الوفيات " أن له ردا على الزجاجي فيما استدركه على ابن السكيت في " إصلاح المنطق ".
(2) ومن شعره: وشادن قلت له * هل لك في المنادمة فقال رب عاشق * سفكت بالمنى دمه وانظر " اليتيمة " و" الدمية ".
(*) الصلة 2 / 404 وورد ذكره في العبر 3 / 174، شذرات الذهب 3 / 248، برنامج الوادي آشي ص 187، ونفح الطيب 5 / 200 في سند " الموطأ " رواية يحيى الليثي.(17/510)
سَمِعَ مَعَ أَبِيهِ مِنْ أَبِي عِيْسَى اللَّيْثِيّ (المُوَطَّأ) وَتَفْسِيْرَ ابْن نَافِع، وَسَمِعَ مِنَ: القَاضِي ابْنِ السَّلِيم، وَابنِ القُوْطِيَّة، وَالزُّبَيْدِيّ.
وَكَانَ نديماً للمُؤَيَّد بِاللهِ هِشَام.
قَالَ ابْنُ خَزْرج: كَانَ مِنْ أَهْل الطَّهَارَة وَالعفَاف وَالثِّقَة، وَروَايتُه كَثِيْرَةٌ.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً (1) .
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ شُرَيْح المُقْرِئ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الخَوْلاَنِيّ، وَابنُه أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَآخَرُوْنَ.
334 - الدِّزْبرِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ نُوشتكينُ بنُ عَبْدِ اللهِ التُّرْكِيُّ *
أَمِيْرُ الجُيُوش، المُظَفَّر، سَيْفُ الخِلاَفَة، عَضُدُ الدَّوْلَة، أَبُو مَنْصُوْرٍ نوشتكين (2) بنُ عَبْدِ اللهِ التُّرْكِيُّ.
اشترَاهُ بِدِمَشْقَ سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ القَائِدُ تِزْبرُ الدَّيْلَمِيُّ، فَرَأَى مِنْهُ فرطَ شَهَامَةٍ وَإِقدَامٍ، وَشَاعَ ذِكرُه، فَقَدَّمَهُ لِلْحَاكِمِ.
وَقِيْلَ: بَلْ نفَّذ الحَاكِمُ بِطَلَبِهِ فِي سَنَةِ
__________
(1) " الصلة " 2 / 404.
(*) الكامل في التاريخ 9 / 230 و392 و500، 501، المختصر في أخبار البشر 2 / 166، تتمة المختصر 1 / 525، تاريخ ابن القلانسي: 71 (طبعة ليدن) ، تاريخ ابن خلدون 4 / 272، 273، النجوم الزاهرة 4 / 252، و5 / 34، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 45 و51 و204.
والدزبري: ضبط في الأصل بفتح الباء الموحدة وضبطه ابن خلكان بكسرها، وهي نسبة إلى القائد الذي اشتراه وهو دزبر، ويقال: تزبر بالتاء المثناة الفوقية أيضا.
انظر " وفيات الأعيان " 2 / 487، وقد غلط محقق " النجوم الزاهرة " 4 / 252 نسبة " الدزبري " بالدال، وصوبها بالتاء، وفي ذلك نظر، إذ كلاهما صحيح كما ذكر ابن خلكان، وقد تحرفت هذه النسبة في " تاريخ " ابن خلدون إلى الدريدي تارة، والوزيري تارة أخرى، وتحرفت في " الكامل " إلى البربري مرة، والبريدي مرة أخرى.
(2) ورد اسمه في مصادر ترجمته: أنوشتكين بزيادة ألف في أوله.(17/511)
ثَلاَث وَأَرْبَع مائَة.
وَجُعِلَ بَيْنَ المَمَالِيْك الحُجَريَّة (1) ، فَقهرهُم وَاسْتطَال، فَضَرَبَهُ وَاليهُم، ثُمَّ لزم الخِدْمَةَ، وَتودَّدَ إِلَى الأُمَرَاء، فَارتضَاهُ الحَاكِمُ، وَأُعْجِبَ بِهِ، فَأَمَّرَهُ وَبَعَثَهُ إِلَى دِمَشْق سَنَة سِتٍّ، فتلقَّاهُ تِزْبر، فتَأَدَّبَ وَتَرَجَّل لمَوْلاَهُ، ثُمَّ أُعِيْدَ إِلَى مِصْرَ، وَجُرِّدَ إِلَى الرِّيْف، ثُمَّ بُعِثَ وَالِياً عَلَى بَعْلَبَك وَحَسُنَتْ سِيْرَتُهُ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى قَيْسَارِيَّة، وَاتَّفَقَ قتلُ مُتَوَلِّي حلب فَاتِك؛ قتلَه غُلاَمه، ثُمَّ وَلِي فِلَسْطِيْنَ، فَخَافَهُ مَلِكُ العَرَب حَسَّانُ بنُ مُفَرِّج الطَّائِيُّ، وَقلق، وَجرتْ لأَمِيْرِ الجُيُوش هَذَا وَقَائِع، وَدَوَّخ العَرَبَ، فَخبُثَ حَسَّانُ، وَكَاتبَ فِيْهِ وَزِيْرَ مِصْر الحَسَنَ بنَ صَالِح، فَأَمسكه بحيلَةٍ دُبِّرَتْ لَهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، فشَفعَ فِيْهِ سَعِيْدُ السُّعَدَاء، فَأُطْلِقَ لَهُ، ثُمَّ ترقَّى، وَكَثُرت غِلْمَانُهُ وَأَمْوَالُهُ.
وَأَمَّا الشَّامُ، فَعَاثت العَرَبُ فِيْهَا، وَأَفْسَدَتْ، وَوزرَ نَجِيْبُ الدَّوْلَة الجَرْجَرَائِيّ، فَقَدَّم نوشتكين عَلَى العَسَاكِر سَبْعَة آلاَف، فَقصد حَسَّانَ وَصَالِح بنَ مِرْدَاس، فَكَانَتِ المَصَافُّ عَلَى الأُقْحُوَانَة، فَهَزَم العَرَبَ، وَقُتِلَ صَالِح (2) ، فَبُعثَت الخِلَعُ إِلَى نوشتكين، ثُمَّ نَازل حلبَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى دِمَشْق، وَنَزَلَ بِالقصرِ، ثُمَّ ردّ إِلَى حلب وَدخلَهَا، فَأَحسن إِلَى الرَّعِيَّة، وَعدل، ثُمَّ تغيَّر، وَشرب الخَمْرَ، فَجَاءَ كِتَابٌ بذَمِّه وَتهديده، فَقَلِقَ وَتَنَصَّلَ، وَكَتَبَ: مِنْ عَبْدِ الدَّوْلَة العَلَوِيَّة، وَالإِمَامِيَّة الفَاطمِيَة مُتَبرِّئاً مِنْ ذُنُوبه
__________
(1) المماليك الحجرية، ويقال لهم أيضا صبيان الحجر (جمع حجرة) قال ابن خلكان: ومعناه عندهم، أن يكون لكل واحد منهم فرس وسلاح، فإذا قيل له عن شغل، ما يحتاج أن يتوقف فيه، وذلك على مثال الداوية والاسبتار (منظمتان للصليبيين) .
فإذا تميز صبي من هؤلاء بعقل وشجاعة، قدم للامرة.
انظر " وفيات الأعيان " 3 / 418، و" تكملة المعاجم العربية " لدوزي، الجزء الثالث (النسخة العربية) .
(2) انظر وفيات الأعيان 2 / 487، و" الكامل " 5 / 369، و" النجوم الزاهرة " 4 / 252، 253.(17/512)
لاَئِذاً بِالعَفْو، ثُمَّ حُمَّ، وَطَلَبَ طَبِيْباً، فَوَصَفَ لَهُ مُسْهِلاً، فَأَبَى، وَأَصَابَهُ فَالِجٌ أَبطلَ يَدَهُ وَرِجْلَه، ثُمَّ مَاتَ بَعْد أَيَّام مِنْ جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ بِحَلَب (1) ، وَمِمَّا خَلَّف مِنَ النَّقْد سِتُّ مائَة أَلْف دِيْنَار، وَأَصلُهُ مِنْ بلاَد خُتَن، وَمن قوَاده مُقَلَّدُ بنُ مُنْقِذ الكِنَانِيّ.
335 - شُعَيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المِنْهَالِ أَبُو عَبْدِ اللهِ المِصْرِيُّ *
مُسْنِدُ مِصْر، أَبُو عَبْدِ اللهِ المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ عُتْبَةَ الرَّازِيِّ، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَطَّاب الرَّازِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، وَطَائِفَة.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّال: يُتَكَلَّمُ فِي مَذْهَبِهِ، مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
336 - الرُّخَّجِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ **
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ، وَزِيْرُ بَني بُويه بِالعجم، ثُمَّ عَظُمَ عَنِ الوزَارَة وَتَرَكَهَا فَكَانَتِ الوُزَرَاءُ يَغْشَونه، وَيتَأَدَّبُوْنَ مَعَهُ، حَتَّى مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(1) انظر " الكامل " 9 / 500، 501، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 272، 273.
(*) لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(* *) المنتظم 8 / 100 - 102، الكامل 9 / 466، المختصر في أخبار البشر 2 / 162، تتمة المختصر 1 / 521، الوافي بالوفيات 12 / 356، 357، أعيان الشيعة 25 / 291، 292.
والرخجي: بضم الراء، وفتح الخاء المعجمة المشددة، وفي آخرها الجيم، نسبة إلى الرخجية، وهي قرية على نحو فرسخ من بغداد وراء باب الازج. " الأنساب " 6 / 96.(17/513)
337 - الكَسَّارُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ *
القَاضِي الجَلِيْلُ، العَالِمُ، أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بَوَّان الدِّيْنَوَرِيُّ.
سَمِعَ (سُنَن النَّسَائِيّ) المُخْتَصر مِنَ الحَافِظ أَبِي بَكْرٍ بنِ السُّنِّي، وَسَمَاعُهُ لَهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَحَدَّثَ بِهِ فِي جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بدرُ بنُ خَلَفٍ الفَرْكِي (1) ، وَعَبْدُوْسُ بنُ عَبْدِ اللهِ الهَمَذَانِيّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْد الدّوْنِي، وَأَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ المُؤَذِّن.
وَكَانَ الكَسَّار صَدُوْقاً، صَحِيْحَ السَّمَاع، ذَا عِلْمٍ وَجَلاَلَة.
مَاتَ فِي هَذَا الوَقْت بَعْد تَحْدِيْثه بِالكِتَابِ بِيَسِيْرٍ، وآخرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ مُسْنِدُ أَصْبَهَان أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد.
338 - ابْنُ رِزْمَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيٍّ البَزَّازُ **
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيٍّ بن رِزْمَة البَزَّازُ، مِنْ مُحَدِّثِي بَغْدَاد.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ خَلاَّد العَطَّار، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ سَلْم، وَأَبِي سَعِيْدٍ السِّيْرَافِيّ، وَطَائِفَة.
__________
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر.
(1) بفتح الفاء وسكون الراء كما في الأصل وضبطها السمعاني بالفتح، وقال: هذه النسبة إلى فرك، وهي قرية من قرى أصبهان.
ثم أورد ترجمة بدر بن خلف هذا. " الأنساب " 9 / 280، 281.
(* *) تاريخ بغداد 2 / 361، العبر 3 / 184، شذرات الذهب 3 / 255.(17/514)
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ سِوَار المُقْرِئ، وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ التَّاجِر.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ صَدُوْقاً، كَثِيْرَ السَّمَاع، كَتَبْتُ عَنْهُ (1) .
وَعَاشَ أَرْبَعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، مَاتَ فِي جُمَادَى الأُولَى، سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المِيمَاسِي؛ رَاوِي (مُوطأَ) يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَشَارح (الصَّحِيْح) أَبُو القَاسِمِ المُهَلَّبُ (2) بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي صُفْرَةَ.
339 - ابْنُ فَاذشَاه أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الرَّئِيْسُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ فَاذشَاهُ الأَصْبَهَانِيُّ، التَّانِيُّ (3) .
سَمِعَ الكَثِيْرَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَكَانَ سَمَاعُهُ مَعَ جَدِّهِ الحُسَيْن فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
رَوَى (المُعْجَم الكَبِيْر) كُلَّه عَنِ الطَّبَرَانِيّ، وَغَيْر ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَعْمَرُ بنُ أَحْمَدَ اللُّنْبَانِي (4) ، وَالمُحَسَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الإِسكَاف، وَطَاهرُ بنُ مَحْمُوْد الصَّبَّاغ، وَأَبُو الفَتْحِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الخِرقِيّ،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 361.
(2) سترد ترجمته برقم (384) .
(*) العبر 3 / 178، الوافي بالوفيات 7 / 383، شذرات الذهب 3 / 250.
(3) قال السمعاني: هذه النسبة إلى " التناية " وهي الدهقنة، ويقال لصاحب الضياع والعقار: التأني. " الأنساب " 3 / 13.
(4) نسبة إلى محلة كبيرة بأصبهان، ولها باب يقال له: باب لنبان.(17/515)
وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الغَسَّال، وَعَبْدُ الجَبَّارِ بن مُحَمَّدٍ التَّاجِر، وَعَبْدُ الأَحد بن أَحْمَدَ العَنْبَرِيّ، وَنَصْر بن أَبِي القَاسِمِ الصَّبَّاغ، وَالهَيْثَمُ بنُ مُحَمَّدٍ المَعْدَانِي، وَسَتَّانُ بِنْتُ حُسَيْن الصَّالِحَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عُزَيْزَة، وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الأُطْرُوش، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَمَحْمُوْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الأَشقر، وَخَلْقٌ مِنْ شُيُوْخ السِّلَفِيّ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: كَانَ ابْنُ فَاذشَاهُ صَاحِبَ ضِيَاعٍ كَثِيْرَة، صَحِيْحَ السَّمَاع، رَدِيء المَذْهَبَ.
قُلْتُ: كَانَ يُرمَى بِالاعتزَال وَالتَّشَيُّع.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمن شعره:
سِهَام الشَّيْب نَافذَةٌ مُصيبَه ... وَسَابِقَةُ المُلمَّةِ وَالمصيبَه
وَمَنْ نَزَلَ المَشِيْبُ بِعَارِضَيْهِ ... قَدِ اسْتوفَى مِنَ الدُّنْيَا نَصِيْبَه
340 - ذُو القَرنَيْنِ أَبُو المُطَاعِ بنُ حَمْدَانَ بنِ الحَسَنِ التَّغْلِبِيُّ *
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، الشَّاعِرُ المُجِيْدُ، وَجِيه (1) الدَّوْلَة، أَبُو المُطَاع (2) ذُو
__________
(*) معجم الأدباء 11 / 119 - 121، وفيات الأعيان 2 / 279 - 281، العبر 3 / 165،
166، دول الإسلام 1 / 255، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد لابن الدمياطي: 114 - 116، مرآة الجنان 3 / 51، النجوم الزاهرة 5 / 27، شذرات الذهب 3 / 238، تهذيب تاريخ دمشق 5 / 262، 263، المجمع العلمي العراقي 24 / 263 - 284 و25 / 115 - 141.
وسيكرر المؤلف ترجمته بعد الترجمة رقم (356) .
(1) في الأصل: " وحيد " بدل " وجيه " وهو خطأ، والتصويب من مصادر ترجمته، وسيذكره المؤلف على الصواب في ترجمته المكررة عقب الترجمة (356) .
(2) سماه في " النجوم الزاهرة ": الحسن، وفي " شذرات الذهب ": المطاع.(17/516)
القَرنين بنُ حَمْدَان ابنِ صَاحِب المَوْصِل نَاصِرِ الدَّوْلَة الحَسَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْدَانَ التَّغْلِبِيُّ.
فَمِنْ نَظْمِهِ:
إِنِّيْ لأَحسد لاَ فِي أَسْطُر الصُّحُفِ ... إِذَا رَأَيْتُ اعْتِنَاقَ (1) اللاَّمَ للأَلِفِ وَمَا أَظُنُّهُمَا طَال اعتِنَاقُهُمَا ... إِلاَّ لِمَا لَقِيَا مِنْ شِدَّةِ الشَّغَفِ (2)
وَكَانَ قَدْ سَارَ إِلَى مِصْرَ، وَولِي الإِسْكَنْدَرِيَّة فِي دَوْلَة الظَّاهِرِ بنِ الحَاكِم، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى دِمَشْق.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
81 - الإِدْرِيْسِيُّ القَاسِمُ بنُ حَمُّوْدِ بنِ مَيْمُوْنِ * (مُكَرر 81)
ابْنِ أَحْمَدَ بن عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ إِدْرِيْسَ بنِ إِدْرِيْسَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ العَلَوِيُّ، الحَسَنِيُّ، الإِدْرِيْسِيُّ.
وَلِي قُرْطُبَة سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَع مائَة عِنْد قتل أَخِيْهِ عَلِيِّ بن حَمُّوْد.
وَكَانَ سَاكناً وَادعاً، أَمِنَ النَّاسُ بِهِ، وَفيه تَشَيُّعٌ قَلِيْلٌ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيْهِ يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، فَفَرَّ مِنْهُ القَاسِمُ إِلَى إِشْبِيْليَة، ثُمَّ حَشَدَ، وَأَقبلَ إِلَى قُرْطُبَة، فَهَرَبَ مِنْهُ يَحْيَى أَيْضاً، ثُمَّ بَعْد أَشهر اضْطربَ أَمر القَاسِم، وَانهزم عَنْهُ البَرْبَرُ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَتغلَّبتْ كُلُّ فرقَةٍ عَلَى بَلَد، وَجرت خُطُوبٌ وَزلاَزل، ثُمَّ لحق القَاسِمُ بشَريش، فَقصدهُ يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ،
__________
(1) في " المستفاد " و" الشذرات ": " عناق ".
(2) البيتان في " وفيات الأعيان " 2 / 279، و" المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 115، و" شذرات الذهب " 3 / 238.
(*) تقدمت ترجمته برقم (81) وذكرت مصادر ترجمته هناك.(17/517)
وَحَاصَرَه، وَظَفِرَ بِهِ، وَأَسَرَهُ فَبَقِيَ فِي اعتقَاله دَهْراً، وَفِي اعتقَالَ ابْنِه إِدْرِيْسَ بنِ يَحْيَى، فَلَمَّا مَاتَ إِدْرِيْسُ، خنقُوا القَاسِمَ هَذَا وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً، سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، ثُمَّ حُمِلَ تَابوتُهُ إِلَى الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاء، فَدُفِنَ بِهَا، وَبِهَا يَوْمَئِذٍ وَلده مُحَمَّد.
341 - الأُمْلُوكِيُّ أَبُو المُعَمَّرِ المُسَدَّدُ بنُ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، أَبُو المُعَمَّر المُسَدَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأُمْلُوْكِيُّ، خَطِيْبُ حِمْص.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَلَبِيّ، وَيُوْسُفَ المَيَانَجِي، وَالحُسَيْنَ بن خَالويه، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ الحَلَبِيّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ بنُ طَلاَّب، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَدِيْد، وَوَلَدُهُ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاق الكَلاَعِيّ (1) .
وَصَارَ فِي الآخر إِمَامَ مَسْجِد سُوق الأَحد (2) بِدِمَشْقَ.
قَالَ الكَتَّانِيّ: كَانَ فِيْهِ تسَاهلٌ، مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
342 - الإِسْمَاعِيْلِيُّ المُفَضَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي بَكْرٍ **
العَلاَّمَةُ، مُفْتِي جُرْجَان، أَبُو مَعْمر المُفَضَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بن العَلاَّمَةِ
____________
(*) العبر 3 / 176، شذرات الذهب 3 / 249.
والاملوكي: بضم الالف وسكون الميم وضم اللام وفي آخرها كاف، نسبة إلى أملوك، وهو بطن من ردمان، وردمان بطن من رعين، وهو ردمان بن وائل بن رعين. " الأنساب " 1 / 349.
(1) نسبة إلى قبيلة يقال لها: كلاع نزلت الشام، وأكثرهم نزل حمص. " الأنساب " 10 / 514.
(2) انظر " ثمار المقاصد في ذكر المساجد " ص 83، 84.
(* *) تاريخ جرجان 421، الأنساب 1 / 252، تبيين كذب المفتري 240، العبر 3 / =(17/518)
شَيْخِ الإِسْلاَم أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ الجُرْجَانِيُّ الشَّافِعِيُّ، رَئِيْسُ البَلَدِ وَعَالِمُهُ وَمُحَدِّثُهُ.
رَوَى عَنْ جَدِّهِ كَثِيْراً، وَحفظ القُرْآن، وَجملَةً مِنَ الفِقْه وَهُوَ ابْنُ سَبْعَةِ أَعْوَام، وَرَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ، فَأَكْثَر عَنِ ابْنِ شَاهِيْن، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَيُوْسُفَ بنِ الدَّخِيل (1) ، وَالحَافِظ أَبِي زُرْعَةَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ.
وَكَانَ مِمَّنْ يُضربُ المَثَلُ بذكَائِه، رَوَى الكَثِيْرَ، وَأَمْلَى وَعَاشَ أَخُوْهُ مسْعدَة بَعْدَهُ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَتُوُفِّيَ: هُوَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، بَعْد مَوْتِ أَخِيْهِ الإِمَام أَبِي العَلاَءِ بِسَنَة.
343 - الخَوْلاَنِيُّ شَيْخُ المَالِكِيَّة، مُفْتِي القَيْرَوَانِ *
رَفِيْقُ أَبِي عِمْرَانَ الفَاسِي (2) .
تَفَقَّهَ بِأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ (3) ، وَأَبِي الحَسَنِ القَابسِي (4) .
تَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ كَأَبِي القَاسِمِ بنِ مُحْرِز، وَأَبِي إِسْحَاقَ التُّوْنُسِيّ، وَأَبِي
__________
= 176، طبقات السبكي 5 / 331، 332، شذرات الذهب 3 / 249.
(1) في " تاريخ جرجان ": " الفضيل " بدل " الدخيل " وهو خطأ، ويوسف بن الدخيل مترجم في " العقد الثمين " 7 / 482.
(*) ترتيب المدارك 4 / 700 - 702، الوافي بالوفيات 7 / 38، الديباج المذهب 1 / 177، 178، بغية الوعاة 1 / 324، شجرة النور الزكية 1 / 107، وهو أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الخولاني.
(2) سترد ترجمته برقم (364) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (4) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (99) .(17/519)
القَاسِم السُّتُوْرِيّ (1) ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الحَقِّ الصَّقَلِّيّ (2) ، وَأَبِي حَفْصٍ العَطَّار.
وَكَانَ رَأْساً فِي المَذْهَب، وَاسِعَ الأَدب، ذَا تَأَلُّهٍ وَصَلاَحٍ وَتَعَبُّدٍ.
مَاتَ: سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَدْ دَخَلَ إِلَى مِصْرَ وَسَمِعَ بِهَا.
344 - الإِسْمَاعِيْلِيُّ السَّرِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَحْمَدَ *
مُفْتِي جُرْجَان وَعَالِمُهَا، أَبُو العَلاَءِ السَّرِيُّ ابنُ العَلاَّمَةِ الكَبِيْرِ أَبِي سَعْدٍ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ شَيْخ عَصرِهِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، الجُرْجَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الأَدِيْبُ.
تَفَقَّهَ بِأَبِيهِ، وَسَمِعَ الكَثِيْر مِنْ جَدِّه، وَتَفَرَّد عَنْهُ ببَعْض توَالِيفه، وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ الغِطْرِيْف، وَابنِ شَاهِيْن، وَالدَّارَقُطْنِيّ.
وَتَخَرَّجَ بِهِ الفُقَهَاء.
وَكَانَ عَالِمَ تِلْكَ الدّيَارِ، مُتَوَاضِعاً مُحِبّاً للعُلَمَاء وَالصُّلَحَاء.
عَاشَ سبعينَ سَنَةً وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
__________
(1) تقدمت ترجمته هذه النسبة في الصفحة 266 ت رقم (1) وقد تصحفت في " الديباج المذهب " و" شجرة النور " إلى " السيوري " بالمثناة التحتية.
(2) ضبطه السمعاني بفتح الصاد المهملة والقاف وفي آخرها اللام، وتابعه ابن الأثير والسيوطي، وزاد عليهم ابن خلكان 3 / 215 تشديد اللام، وقال ياقوت: صقلية: بثلاث كسرات وتشديد اللام والياء أيضا مشددة، وبعض يقول بالسين، وأكثر أهل صقلية يفتحون الصاد واللام.
(*) تاريخ جرجان 185، طبقات السبكي 4 / 381.(17/520)
345 - الدَّبُوْسِيُّ أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحَنَفِيَّة، القَاضِي، أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ اللهِ (1) بنُ عُمَرَ بنِ عِيْسَى الدَّبُوْسِيُّ، البُخَارِيُّ، عَالِمُ مَا وَرَاء النَّهر، وَأَوّلُ مَنْ وضع عِلمَ الخلاَفِ وَأَبرزَهُ.
وَكَانَ مِنْ أَذكيَاء الأُمَّة.
وَلَهُ كِتَاب: (تَقْوِيم الأَدلَة) ، وَكِتَاب (الأَسرَار) ، وَكِتَاب (الأَمد الأَقْصَى (2)) ، وَأَشْيَاء.
مَاتَ: بِبُخَارَى، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
346 - الحَوْفِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ **
العَلاَّمَةُ، نَحْوِيُّ مِصْر، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدٍ
____________
(*) الأنساب 5 / 273، معجم البلدان 2 / 437، اللباب 1 / 490، وفيات الأعيان 3 / 48، العبر 3 / 171، البداية والنهاية 12 / 46، 47، النجوم الزاهرة 5 / 76، 77 وفيات سنة 457، الجواهر المضية 2 / 499، 500، طبقات الفقهاء لطاش كبري 71، تاج التراجم رقم 107، مفتاح السعادة 1 / 307، 308، كتائب أعلام الاخيار برقم 242، الطبقات السنية رقم (1079) ، كشف الظنون 84، 168، 196، 334، 352، 467، 568، 703، شذرات الذهب 3 / 245، 246، الفوائد البهية 109، هدية العارفين 1 / 648.
والدبوسي بفتح الدال المهملة وضم الباء الموحدة المخففة وبعدها واو ساكنة وسين مهملة نسبة إلى الدبوسية - وقال ابن خلكان: الدبوسة -، وهي بليدة بين بخارى وسمرقند.
(1) في " الجواهر المضية " و" الفوائد البهية " و" مفتاح السعادة " و" النجوم الزاهرة " و" معجم البلدان " و" هدية العارفين ": عبيد الله.
(2) انظر النسخ الخطية لهذه الكتب الثلاثة وغيرها في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 117، 118.
(* *) الأنساب 4 / 273، معجم الأدباء 12 / 221، 222، معجم البلدان 2 / 322، إنباه الرواة 2 / 219، اللباب 1 / 402، وفيات الأعيان 3 / 300، 301، العبر 3 / 172، تلخيص ابن مكتوم 124، البداية والنهاية 12 / 47، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2 / 132، =(17/521)
الحَوْفِيُّ، صَاحِبُ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الأُدْفُوِيُّ (1) .
لَهُ: (إِعرَابُ القُرْآنِ) فِي عشر مُجَلَّدَات (2) .
تَخَرَّجَ بِهِ المِصْرِيُّون.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
347 - الرَّازِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ *
الحَافِظُ الأَوْحَدُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ، ثُمَّ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، الزَّاهِدُ، الثَّبْتُ.
أَمْلَى بِإِسْفَرَايِيْن عَنْ: نَافِعِ بنِ مُحَمَّد، وَزَاهِرِ السَّرَخْسِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ المَخْلَدِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَانْتَقَى عَلَيْهِ الشُّيُوْخُ، وَتَعِبَ وَجَمَعَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ.
مَاتَ: كَهْلاً فِي قرب الثَّلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
= طبقات المفسرين للسيوطي 25، حسن المحاضرة 1 / 532، بغية الوعاة 2 / 140، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 381، 382، مفتاح السعادة 2 / 107، كشف الظنون 241، 1905، شذرات الذهب 3 / 247، هدية العارفين 1 / 687.
والحوفي نسبة إلى حوف بمصر، وقال ياقوت في " معجم الأدباء " عنه: أصله من قرية تسمى شبرا النخلة من حوف بلبيس من الديار المصرية. وسماها القفطي وابن خلكان: شبرا اللنجة.
(1) انظر الصفحة 27 ت رقم (2) .
(2) وله أيضا تفسير سماه " البرهان " قال ياقوت: بلغني أنه في ثلاثين مجلدا بخط دقيق، وكتاب " الموضح في النحو ".
انظر " معجم الأدباء " 12 / 222، و" هدية العارفين " 1 / 687.
(*) تذكرة الحفاظ 3 / 1087، طبقات الحفاظ 421.(17/522)
348 - البَرَاذعِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ خَلَفُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الأَزْدِيُّ *
شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو سَعِيْدٍ خَلَفُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الأَزْدِيُّ، القَيْرَوَانِيُّ، المَغْرِبِيُّ، المَالِكِيُّ، صَاحِبُ (التَّهْذِيب (1)) فِي اختِصَارِ (المُدَوَّنَةِ) .
قَالَ القَاضِي عِيَاض: كَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَاب ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَأَبِي الحَسَنِ القَابِسِي، وَعَلَى كِتَابه المعوَّلُ بِالمَغْرِب، سَكَنَ صَقَلِّيَّة وَاشتهرت كُتُبه هُنَاكَ وَقَرُبَ مِنَ السُّلْطَانِ، وَالله يسمحُ لَهُ، لَمْ أَظفر بوَفَاته (2) .
قَالَ القَاضِي عِيَاض: كَانَ مُبْغَضاً عِنْدَ أَصْحَابِهِ لصُحْبَتِهِ سلاَطين القَيْرَوَان، وَيُقَالُ: لحقَه دعَاءُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، لأَنَّه كَانَ يَنْتقِصُهُ، وَيَطْلُبُ مثَالبه (3) .
بقِي إِلَى بَعْد الثَّلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
349 - ابْنُ غَالِبٍ عَبْدُ اللهِ بنُ غَالِبِ بنِ تَمَّامٍ الهَمْدَانِيُّ **
شَيْخُ المَالِكِيَّة، القُدْوَةُ، الزَّاهِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ غَالِبِ بنِ
__________
(*) ترتيب المدارك 4 / 708، 709، وفيه البرادعي بالدال المهملة، الديباج المذهب 1 / 349 - 351، معالم الايمان لابن ناجي 3 / 183، شجرة النور 1 / 105، هدية العارفين 1 / 347، 348.
(1) قال ابن فرحون: " اتبع فيه طريقة اختصار أبي محمد، إلا أنه ساقه على نسق " المدونة " وحذف ما زاده أبو محمد ".
وعلى هذا التهذيب الشرح الصغير لأبي القاسم محمد بن الناجي المتوفى سنة 837، وشرح لمجهول بعنوان: " تهذيب لمسائل التهذيب "، وعليه حاشية لأبي مهدي عيسى الوانوغي، وتكملة لها لمحمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الصمد البجائي المشدالي المتوفى سنة 866 هـ.
انظر النسخ الخطية لتهذيب المدونة وشرحيه وحاشيته وتكملته في " تاريخ " بروكلمان 3 / 290، 291.
وانظر بقية تآليفه في " الديباج المذهب " 9 / 349، 350.
(2) " ترتيب المدارك " 4 / 708، 709.
(3) " ترتيب المدارك " 4 / 709.
(* *) الصلة 1 / 299، العبر 3 / 181، الديباج المذهب 1 / 435، 436، شذرات =(17/523)
تَمَّامٍ الهَمْدَانِيُّ، المَغْرِبِيُّ، شَيْخُ أَهْل سَبْتَة.
ارْتَحَلَ وَحمل بِالأَنْدَلُسِ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ الزُّبَيْدِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي، وَبِمِصْرَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ المُهَنْدس، وَطبقتِهِ، وَبَالقَيْرَوَان عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ.
أَخَذَ عَنْهُ: وَلَدُهُ الفَقِيْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدٌ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ حَمْزَة، وَابْنُ جمَاح (1) القَاضِي المَالِكِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ المَسِيْلِي.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، بَصِيْراً بِالمَذْهَب، مُتَفَنِّناً أَدِيْباً، بَلِيْغَناً شَاعِراً، حَافِظاً نَظَّاراً، مَدَارُ الفتَاوِي عَلَيْهِ.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
350 - الزُّهْرِيُّ أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدٍ *
الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدٍ الزُّهْرِيُّ، الوَقَّاصِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّة صَاحِب رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، بَغدَادِيٌّ، مِنْ كِبَارِ الشَّافِعِيَّة بِبَغْدَادَ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ حَمَامَةَ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
كتب عَنْ: أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَابْن مَاسِي، وَعِيْسَى بنِ مُحَمَّدٍ الرُّخَّجِي، وَعِدَّة.
__________
= الذهب 3 / 254.
(1) في " الديباج المذهب ": ابن الحجاج.
(*) تاريخ بغداد 11 / 274، طبقات الشيرازي 125، طبقات ابن الصلاح الورقة 73، طبقات السبكي 5 / 299، 300، طبقات الاسنوي 1 / 424.(17/524)
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ وَوَثَّقَهُ (1) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
83 - جَهْورُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَهْوَرِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ *
رَئِيْسُ قُرْطُبَةَ وَأَمِيْرُهَا وَصَاحِبُهَا بَعْد هَيْج الفِتَنِ بِالجَزِيْرَة.
نصبَ نَفْسَهُ مُمْسِكاً لقُرْطُبَة إِلَى أَنْ تَهَيَّأَ مَنْ يَصْلُح للمُلْكِ، وَعَاشَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
حَدَّثَ عَنْ: عَبَّاس بنِ أَصْبَغ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُفَرِّجٍ، وَخَلَف بن القَاسِمِ.
وَكَانَ مِنْ وُزَرَاء الدَّوْلَة العَامِرِيَّة، وَمن رِجَال الكَمَالِ دهَاءً وَرَأْياً وَسُؤْدُداً وَتَصَوُّناً.
وَثَبَ عَلَى قُرْطُبَة، وَتَمَلَّكَ مِنْ غَيْر أَنْ يَتَلَقَّب بِإِمرَةٍ، وَلاَ تحوَّلَ مِنْ دَارِهِ، وَجَعَلَ بيوتَ الأَمْوَالِ تَحْتَ أَيدِي جَمَاعَةٍ وَدَائِعَ، وَصيَّر أَهْلَ الأَسواقِ أَجنَاداً، وَرزقَهُم مِنْ أَمْوَالٍ أَعطَاهَا إِيَّاهم مضَاربَةً، وَفرَّق عَلَيْهِم الأَسلحَةَ، وَكَانَ يعُودُ المرضَى، وَيَشْهَد الجنَائِز وَهُوَ بِزِي النُّسَّاكِ.
واستمرَّ فِي الأَمْرِ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وقَام فِي الإِمرَة كَذَلِكَ بَعْدَهُ ابْنُه الأَمِيْر أَبُو الوَلِيْدِ (2) ؛مُحَمَّدُ بنُ جَهْوَر.
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 11 / 274.
(*) تقدمت ترجمته برقم (83) ، وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(2) تقدمت ترجمته أيضا برقم (84) .(17/525)
وَحَدَّثَ عَنْهُ (1) :مُحَمَّدُ بنُ عتَّاب، وَغَيْرهُ.
351 - ابْنُ شُعَيْبٍ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ المَرْوَزِيُّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْب - وَيُقَالُ: اسْمه الحُسَيْنُ بنُ شُعَيْب - السِّنْجِيُّ (2) ، المَرْوَزِيُّ.
مُصَنِّفُ شرح (3) كِتَاب (الفُرُوْع) لابْنِ الحَدَّاد، وَهُوَ مِنْ أَنفسِ كُتُبِ المَذْهَب، وَلَهُ كِتَابُ (الْمَجْمُوع (4)) .
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جمع بَيْنَ طريقتِي خُرَاسَان وَالعِرَاق.
أَخذ الفِقْه عَنْ: أَبِي بَكْرٍ المَرْوَزِيِّ القَفَّال (5) .
وَكَانَ مِنْ رُفَقَاء القَاضِي حُسَيْن (6) ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الجُوَيْنِيّ (7) .
__________
(1) أي عن أبي الحزم جهور بن محمد.
(*) الأنساب 7 / 165، 166، (السنجي) ، معجم البلدان 3 / 264، اللباب 2 / 147، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 261، وفيات الأعيان 2 / 135، 136، الوافي بالوفيات 12 / 378، عيون التواريخ 12 / 183، طبقات السبكي 4 / 344 - 348، طبقات الاسنوي 2 / 28، 29، البداية والنهاية 12 / 57، طبقات ابن هداية الله 142، 143، هدية العارفين 1 / 309.
(2) نسبة إلى سنج، وهي قرية كبيرة من قرى مرو.
(3) قال ابن خلكان في شرحه هذا: لم يقاربه فيه أحد مع كثرة شروحها، فإن القفال شيخه شرحها، والقاضي أبو الطيب الطبري شرحها وغيرهما. " وفيات الأعيان " 2 / 135.
وابن الحداد هو أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر الكتاني ابن الحداد، متوفى سنة 334 هـ، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(4) وقد نقل منه أبو حامد الغزالي في كتاب " الوسيط ". وله أيضا شرح كبير لكتاب " التلخيص " لأبي العباس بن القاص.
(5) تقدمت ترجمته برقم (267) .
(6) وهو القاضي أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد المروروذي، المتوفى سنة 462 هـ، ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (130) .
(7) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (413) .(17/526)
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
352 - الطَّحَّانُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ البَاقِي بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ البَاقِي بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ زَكَرِيَّا البَغْدَادِيُّ، الطَّحَّانُ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيّ، وَأَبَا عَلِيّ بنَ الصَّوَّاف.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَطَاهرُ بنُ أَسَدٍ الطّبّاخ، وَجَمَاعَةٌ.
عُمّر ثَمَانِياً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
353 - ابْنُ كُرْدِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الأَنْمَاطِيُّ **
المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ كُردِي البَغْدَادِيُّ، الأَنْمَاطِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَالفَضْلُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ القَطَّان، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَارِثِيُّ.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
354 - ابْنُ عَبَّادٍ أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ اللَّخْمِيُّ ***
القَاضِي الكَبِيْر، أَمِيْرُ إِشْبِيْليَة وَمُدبِّرُهَا وَحَاكمهَا، أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّدُ
__________
(*) تاريخ بغداد 11 / 90، العبر 3 / 177، شذرات الذهب 3 / 250.
(* *) تاريخ بغداد 5 / 70، 71.
(* * *) جذوة المقتبس 80، 81، الذخيرة: القسم الثاني / المجلد الأول / 13 - 23، =(17/527)
بنُ إِسْمَاعِيْلَ بن عَبَّاد بن قُرَيْش اللَّخْمِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّة أَمِيْرِ الحيرَة النُّعْمَانِ بنِ المُنْذِرِ، أَصْلُهُ مِنَ الشَّام مِنْ بَلَدِ العَرِيْش، فَدَخَلَ أَبُوْهُ الأَنْدَلُسَ، وَنَشَأَ أَبُو القَاسِمِ، فَبَرَعَ فِي العِلْمِ، وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحْوَالُ، وَوَلِيَ قَضَاءَ إِشْبِيْليَة فِي أَيَّام بَنِي حَمُّوْدٍ العَلَوِيَّة، فسَاس البَلَدَ، وَحُمِدَ، وَرمَقَتْهُ العُيُونُ، ثُمَّ سَارَ يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ حَمُّوْد، وَكَانَ ظَلُوْماً فَحَاصَرَ إِشْبِيْليَة، فَاجْتَمَعَ الأَعْيَانُ عَلَى القَاضِي، وَأَطَاعُوهُ، ثُمَّ قَالُوا: انْهَضْ بِنَا إِلَى هَذَا الظَالِم، وَنُمَلِّكَكَ.
فَأَجَابهُم، وَتَهَيَّأَ للحَرْبِ، وَذكرنَا (1) أَنَّ يَحْيَى ركب إِلَيْهِم سكرَانَ، فَقُتِلَ، وَتَمَكَّنَ القَاضِي، وَدَانت لَهُ الرَّعِيَّةُ، وَلُقِّبَ بِالظَّافر، ثُمَّ إِنَّهُ تَمَلَّكَ قُرْطُبَة وَغيرَهَا (2) .
وقِصَّتُهُ مَشْهُوْرَةٌ مَعَ الشَّخْصِ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ المُؤَيَّدُ بِاللهِ المَرْوَانِيّ، وَكَانَ خَبَرُ المَرْوَانِيّ قَدِ انْقَطَعَ مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَجَرَتْ فِتَنٌ صَعْبَةٌ فِي هَذِهِ السِّنين.
فَقِيْلَ لابْنِ عَبَّاد: إِنَّ المُؤَيَّد حَيٌّ بِقَلْعَةِ رَبَاح فِي مَسْجِد، فَطَلَبَهُ، وَاحْتَرَمَهُ، وَبَايَعَهُ بِالخِلاَفَة، وَصَيَّرَ نَفْسَهُ كَوَزِيْرٍ لَهُ (3) .
قَالَ الأَمِيْرُ عَزِيْز: حُسِدَ ابْنُ عَبَّاد.
وَقَالُوا: قُتِلَ يَحْيَى الإِدْرِيْسِيّ مِنْ أَهْلِ البَيْت، وَقُتِلَ ابْنُ ذِي النُّوْنِ ظُلْماً، فَبَقِيَ يُفَكِّرُ فِيمَا يَفْعَلُهُ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ:
رَأَيْتُ المُؤَيَّد.
فَقَالَ: انْظُرْ مَا تَقُولُ! قَالَ: إِي وَاللهِ هُوَ
__________
= الصلة 2 / 523، بغية الملتمس 117، 118، الكامل في التاريخ 9 / 275، 279، 280، 285 - 287، الحلة السيراء 2 / 34 - 39، وفيات الأعيان 5 / 22، 23، البيان المغرب 3 / 194 و314، دول الإسلام 1 / 256، العبر 3 / 179، 180، الوافي بالوفيات 2 / 212 - 214، تاريخ ابن خلدون 4 / 156، نفح الطيب 4 / 226، 227، شذرات الذهب 3 / 252، 253.
(1) في ترجمة يحيى بن علي المتقدمة برقم (282) .
(2) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 22.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 22، و" الوافي بالوفيات " 2 / 212.(17/528)
هُوَ. وَقَالَ: تُومَرْت - عبدٌ كَانَ يَخْدُم المُؤَيَّد - وَأَنَا إِذَا رَأَيْتُ سَيِّدِي، عَرَفْتُهُ، وَلِي فِيْهِ علاَمَاتٌ.
فَأَرْسَلَ رَجُلاً مَعَ ذَلِكَ الرَّجُل إِلَى قَلْعَة رَبَاح، فَوَجَدَاهُ، فَقَدِمَ مَعَهُمَا، فَلَمَّا رَآهُ تُومَرْت، وَثَبَ، وَقَبَّلَ قَدَمَهُ، وَقَالَ: مَوْلاَيَ وَاللهِ!
فَقَبَّلَ حِيْنَئِذٍ القَاضِي يَده، ثُمَّ بُوْيِع، وَأَخرجه يَوْم الجُمُعَة، وَمَشَوا بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى الجَامع، ثُمَّ خطبَ المُؤَيَّد النَّاسَ، وَصَلَّى بِهِم، وَبَقِيَ ابْنُ عَبَّاد كَالحَاجِبِ لَهُ عَلَى قَاعدَة الحَاجِبِ المَنْصُوْر بنِ أَبِي عَامِر، غَيْر أَنَّ المُؤَيَّد يَخْرُجُ إِلَى الجمعَة دَائِماً، وَدَانَتْ لَهُ أكثرُ المُدن.
قَالَ عَزِيْز: هَرَبَ المُؤَيَّدُ مِنْ قُرْطُبَة عَام أَرْبَع مائَة مُتَنَكِّراً حَتَّى قَدِمَ مَكَّة وَمَعَهُ كيسُ جَوَاهر، فَشَعر بِهِ حرَامِيَّةُ مَكَّة، فَأَخَذُوْهُ مِنْهُ، وَبَقِيَ يَوْمَيْن لَمْ يَطْعَم، ثُمَّ عَمل فِي الطِّين وَتقوَّتَ، ثُمَّ تَوَصَّل إِلَى القُدس، فَتَعَلَّمَ نَسْج الحُصْر، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الأَنْدَلُسِ سَنَة 24.
قَالَ عَزِيْز: هَذَا رَوَاهُ مَشَايِخ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْم: فضيحَة! أَرْبَعَةُ رِجَالِ فِي مسَافَةِ ثَلاَثَةِ أَيَّام يُسَمَّوْنَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فِي وَقت؛ أَحَدُهُم خَلَفٌ الحُصْرِي بِإِشْبِيْليَة عَلَى أَنَّهُ المُؤَيَّدُ بِاللهِ، وَالثَّانِي مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ الإِدْرِيْسِيّ بِالجَزِيْرَة الخضرَاء، وَالثَّالِث مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمُّوْد بِمَالَقَة، وَالرَّابِع إِدْرِيْسُ بنُ يَحْيَى بنِ عَلِيِّ بنِ حَمُّوْد بشَنْتَرِين.
فَهَذِهِ أُخلوقَةٌ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا!
وَخُطب لَخَلَفٍ عَلَى المنَابر، وَسُفِكَتِ الدِّمَاءُ، وَتصَادمت الجُيُوشُ، فَأَقَامَ فِي الأَمْر نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَابْنُ عَبَّاد القَاضِي كَالوَزِيْرِ بَيْنَ يَدَيْهِ (1) .
قُلْتُ: مَاتَ القَاضِي فِي جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِقصر إِشْبِيْليَة، وَخَلَفه ابْنُهُ المُعْتَضِدُ بِاللهِ عَبَّاد (2) ، فَدَامت دَوْلَتُهُ
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 22، و" الوافي " 2 / 213.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (128) .(17/529)
إِلَى سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: بَلْ بَقِيَ القَاضِي مُحَمَّدٌ إِلَى سَنَة تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ يَسْتَعينُ بِالوَزِيْرِ مُحَمَّدِ بن الحَسَنِ الزُّبَيْدِيّ، وَبعِيْسَى بن حَجَّاجٍ الحَضْرَمِيِّ، وَبعَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ الهَوْزَنِيّ، وَكَانَ لَهُ ابْنَان؛ إِسْمَاعِيْلُ قُتِلَ فِي مَصَافّ (1) ، وَالمُعْتَضِدُ الَّذِي تَمَلَّكَ بَعْدَهُ.
355 - الأَرْدَسْتَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الفَضْلِ بنِ شَهْرَيَارَ الأَرْدَسْتَانِيُّ، ثُمَّ الأَصْبَهَانِيُّ، مُصَنِّفُ كِتَاب (الدّلاَئِلِ السَّمْعيَة عَلَى المَسَائِل الشَّرعيَة) ؛وَهُوَ فِي ثَلاَثَةِ أَسفَار.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ يَعْقُوْبَ بن إِسْحَاقَ بن جَمِيْل، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ البَغْدَادِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ جِشْنِس، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَة، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العَبْقَسِيّ، وَأَبِي عُمَرَ بنِ مَهْدِيٍّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بن الحَسَنِ الصَّرْصَرِي، وَإِبْرَاهِيْم بن خُرشِيذ قوْله، وَعِدَّة.
وَينزلُ إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ الحَافِظ وَنَحْوهُ.
وينصبُ الخلاَفَ مَعَ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَالِك، وَينتصِرُ لإِمَامِهِ الشَّافِعِيّ، وَلَكِنَّهُ لاَ يَتَكَلَّم عَلَى الأَسَانيد.
وَفِي كِتَابِهِ مُخبّآتٌ تُنْبِئُ بِإِمَامته وَحفظه.
رَوَى عَنْهُ: سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَدَّادِ وَغيرُهُمَا.
__________
(1) انظر عن هذا المصاف " جذوة المقتبس " 30، 31، و" بغية الملتمس " 37، 38، و" الكامل " 9 / 280، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 157.
(*) طبقات السبكي 4 / 180 - 182، كشف الظنون 760، هدية العارفين 2 / 61.
وقد تقدمت ترجمة نسبة " الادرستاني " في الترجمة رقم (285) .(17/530)
وَقَعَ لِي مِنْ حَدِيْثه فِي (مُعْجَم) الحَدَّاد.
مَاتَ: بَعْد الثَّلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
356 - ابْنُ سِيْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَلْخِيُّ *
العَلاَّمَةُ الشَّهِيْرُ، الفَيْلَسُوفُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ (1) بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بن عَلِيِّ بنِ سِينَا البَلْخِيُّ، ثُمَّ البُخَارِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ فِي الطِّبِّ وَالفَلْسَفَةِ وَالمنطِقِ.
كَانَ أَبُوْهُ كَاتِباً مِنْ دُعَاة الإِسْمَاعِيْلِيَّة، فَقَالَ:
كَانَ أَبِي تولَّى التَّصرُّف بقريَةٍ كَبِيْرَةٍ، ثُمَّ نزل بُخَارَى، فَقَرَأْت القُرْآنَ وَكَثِيْراً مِنَ الأَدب وَلِي عشرٌ، وَكَانَ أَبِي مِمَّنْ آخَى دَاعِي المِصْرِيّين، وَيُعَدُّ مِنَ الإِسْمَاعِيْلِيَّة.
ثُمَّ ذكرَ مبَادئَ اشتغَالِهِ، وَقُوَّةَ فَهْمِهِ، وَأَنَّهُ أَحكم المَنْطِقَ وَكِتَاب إِقليدس إِلَى أَنْ قَالَ:
وَرغبتُ فِي الطِّبِّ، وَبَرَّزْتُ فِيْهِ، وَقرؤُوا عليَّ، وأَنَا
__________
(*) تاريخ حكماء الإسلام للبيهقي 52 - 72، تاريخ الحكماء للشهرستاني 413 - 426، الكامل في التاريخ 9 / 456، عيون الانباء في طبقات الاطباء 437 - 459، وفيات الأعيان 2 / 157 - 162، الذريعة 2 / 48، 96 و7 / 184، المختصر في أخبار البشر 2 / 161، 162، العبر 3 / 165، دول الإسلام 1 / 255، ميزان الاعتدال 1 / 539، تتمة المختصر 1 / 519، 520، عيون التواريخ 12 / 159 / 1 - 166 / 2، الوافي بالوفيات 12 / 391 - 412، إغاثة اللهفان 2 / 266، مرآة الجنان 3 / 47 - 51، البداية والنهاية 12 / 42، 43، الجواهر المضية 2 / 63، 64، طبقات الفقهاء لطاش كبري 70، تاريخ مختصر الدول لابن العبري 325 - 330، الشقائق النعمانية 1 / 475 - 478، المجد دون في الإسلام 185 - 189، لسان الميزان 2 / 291 - 293، النجوم الزاهرة 5 / 25، 26، تاج التراجم 19، تاريخ فلاسفة الإسلام 53 - 66، تاريخ الفلسفة في الإسلام 164 - 188، الخالدون 101 - 116، الطبقات السنية 761، خزانة الأدب 4 / 466، شذرات الذهب 3 / 234 - 237، روضات الجنات 3 / 170 - 185، إيضاح المكنون 2 / 555، 672، هدية العارفين 1 / 308، 309، أعيان الشيعة 26 / 287 - 337، دائرة المعارف الإسلامية 1 / 203، الفهرس التمهيدي 453 - 464 و516 - 566.
(1) في " الجواهر المضية ": " الحسن " وهو تحريف.(17/531)
مَعَ ذَلِكَ أَختلِفُ إِلَى الفِقْه، وَأُنَاظِرُ وَلِي سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً.
ثُمَّ قَرَأْتُ جَمِيعَ أَجزَاءِ الفَلْسَفَةِ، وَكُنْتُ كلَمَّا أَتَحَيَّرُ فِي مَسْأَلَةٍ، أَوْ لَمْ أَظْفَرَ بِالحدِّ الأَوسطِ فِي قيَاسٍ، ترددتُ إِلَى الجَامع، وَصَلَّيْتُ، وَابتهَلْتُ إِلَى مبدعِ الكُلِّ حَتَّى فُتِحَ لِي المُنغلِقُ مِنْهُ، وَكُنْتُ أَسهَرُ، فمهمَا غَلبَنِي النَّومُ، شربْتُ قَدَحاً.
إِلَى أَنْ قَالَ: حَتَّى اسْتحكم مَعِي جَمِيْعُ الْعُلُوم، وَقَرَأْتُ كِتَاب (مَا بَعْد الطّبيعَة) ، فَأَشكل عليَّ حَتَّى أَعدتُ قرَاءتَه أَرْبَعِيْنَ مرَّةً، فَحَفِظتُهُ وَلاَ أَفهمُه، فَأَيسْتُ.
ثُمَّ وَقَعَ لِي مُجَلَّدٌ لأَبِي نَصْرٍ الفَارَابِيّ فِي أَغرَاض كِتَاب (مَا بَعْد الحِكْمَة الطّبيعيَّة (1)) ، ففتحَ عليّ أَغرَاض الكُتُب، فَفَرحتُ، وَتَصَدَّقْتُ بِشَيْءٍ كَثِيْر.
واتَّفَقَ لسُلْطَان بُخَارَى نوح مرضٌ صعبٌ، فَأُحْضِرتُ مَعَ الأَطباء، وَشَاركتُهُم فِي مُدَاواتِه، فسأَلتُ إِذْناً فِي نظرِ خزَانَةِ كُتُبِه، فَدَخَلتُ فَإِذَا كُتُبٌ لاَ تُحصَى فِي كُلِّ فَنّ، فَظفرتُ بفَوائِدَ ... إِلَى أَنْ قَالَ: فَلَمَّا بلغتُ ثَمَانِيَةَ عشرَ عَاماً، فَرَغْتُ مِنْ هَذِهِ العُلُوم كُلِّهَا، وَكُنْتُ إِذْ ذَاكَ للعلمِ أَحفَظُ، وَلَكِنَّهُ مَعِي اليَوْمَ أَنضَجُ، وَإِلاَّ فَالعِلْمُ وَاحِدٌ لَمْ يتجدَّد لِي شَيْءٌ، وَصنَّفْتُ (الْمَجْمُوع) ، فَأَتيتُ فِيْهِ عَلَى علومٍ، وَسأَلنِي جَارُنَا أَبُو بَكْرٍ البَرْقِيّ وَكَانَ مَائِلاً إِلَى الفِقْهِ وَالتَّفْسِيْرِ وَالزُّهْد، فصنَّفْتُ لَهُ (الحَاصل وَالمَحْصُوْل) فِي عِشْرِيْنَ مُجلَّدَة، ثُمَّ تقلَّدتُ شَيْئاً مِنْ أَعمَال السُّلْطَان، وَكُنْتُ بزِيِّ الفُقَهَاء إِذْ ذَاكَ؛ بطَيْلَسَانٍ مُحَنَّك، ثُمَّ انتقلْتُ إِلَى نَسَا، ثُمَّ أَباورد (2) وَطُوس
__________
(1) في " طبقات الاطباء " و" الوافي بالوفيات ": " ما بعد الطبيعة " وهو الذي ذكره المؤلف آنفا.
(2) ويقال لها: أبيورد أيضا، وهو الاشهر.(17/532)
وَجَاجرم، ثُمَّ إِلَى جُرْجَان (1) .
قُلْتُ: وَصَنَّفَ الرَّئِيْسُ بِأَرْضِ الجبلِ كُتُباً كَثِيْرَةً، مِنْهَا (الإِنصَاف) ؛عِشْرُوْنَ مُجَلَّداً، (البِرّ وَالإِثم) ؛مُجَلَّدَان، (الشِّفَاء) ، ثَمَانِيَة عَشْرَة مُجَلَّداً، (القَانُوْنَ) ؛مُجَلَّدَات (2) .
(الإِرصَاد) ، مُجَلَّد، (النَّجَاة) ثَلاَث مُجَلَّدَات، (الإِشَارَات) مُجَلَّد، (الْقُولنْج) مُجَلَّد، (اللُّغَة) عشر مُجَلَّدَات، (أَدويَة القَلْب) مُجَلَّد، (الْمُوجز) مُجَلَّد، (المعَاد) مُجَلَّد، وَأَشْيَاء كَثِيْرَة وَرسَائِل (3) .
ثُمَّ نَزَلَ الرَّيَّ وَخدم مجدَ الدَّوْلَة وَأُمَّه، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى قَزْوين وَهَمَذَان، فوزَر بِهَا، ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الأُمَرَاءُ، وَنهبُوا دَارَهُ، وَأَرَادُوا قتلَه، فَاخْتَفَى، فَعَاود مُتَوَلِّيهَا شمسَ الدَّوْلَةِ القُولَنْجُ، فَطَلبَ الرَّئِيْس، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَعَالجه، فَبرَأَ وَاسْتوزرَهُ ثَانياً، وَكَانُوا يشتغِلُوْنَ عَلَيْهِ، فَإِذَا فرغُوا، حضَر المُغَنُّوْنَ، وَهُيِّئَ مَجْلِسُ الشَّرَاب.
ثُمَّ مَاتَ الأَمِيْرُ، فَاخْتَفَى أَبُو عَلِيٍّ عِنْد شخصٍ، فَكَانَ يُؤلِّفُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسِيْنَ وَرقَةً، ثُمَّ أُخِذَ، وَسُجِنَ أَرْبَعَةَ أَشهر، ثُمَّ تسحَّب إِلَى أَصْبَهَانَ مُتَنَكِّراً فِي زِيِّ الصَّوَفَة هُوَ وَأَخُوْهُ وَخَادِمُه وَغُلاَمَان.
__________
(1) انظر " الوافي بالوفيات " 12 / 391 - 395، و" طبقات الاطباء " 437 - 439 بأطول مما هنا.
(2) كذا في الأصل لم يذكر عدد المجلدات، وهو مطبوع في ثلاث أجزاء.
قال الصفدي: وكان ينبغي أن يسمى هذا " القانون " كتاب " الشفاء " لكونه في الطب وعلاج الامراض، وأن يسمى كتاب " الشفاء " كتاب " القانون " لان " الشفاء " فيه العلوم الأربع التي هي الحكمة، و" القانون " هو الامر الكلي الذي ينطبق على جميع جزئيات ذلك الشئ. " الوافي " 12 / 404.
(3) انظر تصانيفه ورسائله في " الوافي بالوفيات " 12 / 404 - 406، و" عيون الانباء " 457 - 459، و" هدية العارفين " 1 / 308، 309، وكتاب " مؤلفات ابن سينا " وضع الاب جورج قنواتي، وانظر ما طبع منها في " معجم المطبوعات " 127 - 132.(17/533)
وَقَاسُوا شدَائِدَ، فَبالغ صَاحِبُ أَصْبَهَان علاَءُ الدَّوْلَةِ فِي إِكرَامِهِ، إِلَى أَنْ قَالَ خَادِمُهُ: وَكَانَ الشَّيْخُ قويَّ القُوَى كُلِّهَا، يُسْرِفُ فِي الجِمَاع، فَأَثَّر فِي مِزَاجه، وَأخذه القُولَنْجُ حَتَّى حقن نَفْسَهُ فِي يَوْم ثَمَان مَرَّات، فتقرَّحَ مِعَاهُ، وَظهر بِهِ سَحْجٌ (1) ، ثُمَّ حصل لَهُ الصَّرعُ الَّذِي يتبع علَّةَ القُولَنْج، فَأَمر يَوْماً بدَانِقَين مِنْ بِزْرِ الكَرَفْسِ فِي الحُقْنَة، فَوَضَع طبيبُه عمداً أَوْ خطأً زنَةَ خَمْسَةِ دَرَاهِم، فَازدَاد السَّحْجُ، وَتنَاول مثروذيطوس (2) لأَجل الصَّرعِ، فكثَّرهُ غُلاَمُه، وَزَادَهُ أَفيون، وَكَانوا قَدْ خَانوهُ فِي مَالٍ كَثِيْر، فتمنَّوا هلاَكَهُ، ثُمَّ تصلَّح، لَكِنَّهُ مَعَ حَاله يُكْثِرُ الجمَاع، فينتكِسُ، وَقصد علاَءُ الدَّوْلَة هَمَذَانَ، فَسَارَ مَعَهُ الشَّيْخُ، فَعَاودته العِلَّةُ فِي الطَّرِيْق، وَسقطت قوتُه فَأَهمل الْعِلَاج، وَقَالَ:
مَا كَانَ يُدَبِّر بدنِي عَجَزَ، فَلاَ تنفعُنِي المعَالجَة (3) .
وَمَاتَ: بِهَمَذَانَ بَعْد أَيَّام وَلَهُ ثَلاَثٌ وَخمسُوْنَ سَنَة.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَان (4) :ثُمَّ اغتسلَ وَتَابَ، وَتصدَّق بِمَا مَعَهُ عَلَى الفُقَرَاء، وَردَّ المَظَالِمَ، وَأَعتقَ مماليكَه، وَجَعَلَ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي كُلِّ ثَلاَثٍ، ثُمَّ مَاتَ يَوْم الجُمُعَة فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ: وَمَوْلِدُهُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: إِن صَحَّ مولدُه، فَمَا عَاشَ إِلاَّ ثَمَانِياً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَأَشهراً، وَدُفن عِنْد سُور هَمَذَان.
وَقيل: نُقِلَ تَابوتُه إِلَى أَصْبَهَانَ.
__________
(1) أي تقشر.
(2) في " عيون الانباء ": " المثرود بطوس "، وفي " الوافي ": " المثروديطوس ".
(3) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 159، 160، و" طبقات الاطباء " 440 - 442، و" الوافي بالوفيات " 12 / 400، 401.
(4) في " وفيات الأعيان " 2 / 160.(17/534)
وَمن وَصيَّة ابْنِ سينَا لأَبِي سَعِيْدٍ، فضلِ الله المِيْهَنِي: ليكنِ اللهُ - تَعَالَى - أَوّلَ فكرٍ لَهُ وآخِرَه، وَبَاطِنُ كُلِّ اعتبَارٍ وَظَاهِرَهُ، وَلتكن عينُه مكحولَةً بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ، وَقَدَمُه موقُوفَةً عَلَى المُثُول بَيْنَ يَدَيْهِ، مُسَافراً بعقلهِ فِي المَلَكُوتِ الأَعْلَى وَمَا فِيْهِ مِنْ آيَات رَبِّه الكُبْرَى، وَإِذَا انْحَطَّ إِلَى قرَاره، فليُنَزِّه اللهَ فِي آثَاره، فَإِنَّهُ باطنٌ ظَاهِرٌ تجلَّى لِكُلِّ شَيْءٍ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَتَذَكَّرَ نَفْسَهُ (1) ، وَودَعَهَا، وَكَانَ مَعَهَا كَأنْ لَيْسَ مَعَهَا، فَأَفضلُ الحَرَكَاتِ الصَّلاَةُ، وَأَمثلُ السّكنَاتِ الصِّيَامُ، وَأَنفعُ البِرِّ الصَّدَقَةُ، وَأَزكَى السِّرِّ الاحْتِمَالُ، وَأَبطُل السَّعْي (2) الرِّياءُ، وَلَنْ تخلُصَ النَّفسُ عَنِ الدوْنِ مَا التفتَتْ إِلَى قِيْلٍ وَقَالٍ وَجدَالٍ، وَخيرُ العَمَلِ مَا صَدَرَ عَنْ خَالصِ نِيَّة، وَخَيْرُ النِّيَّة مَا انفرجَ عَنْ علمٍ، وَمَعْرِفَةُ الله أَوّلُ الأَوَائِل، إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّب.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَالمشروبُ فيُهجَرُ تَلَهِّياً لاَ تَشَفِّياً (3) ، وَلاَ يقصِّرُ فِي الأَوضَاع الشَّرعيَة، وَيُعظِّمُ السُّنَن الإِلهيَة (4) .
قد سقتُ فِي (تَاريخ الإِسْلاَم) أَشْيَاءَ اختصرتُهَا، وَهُوَ رَأْسُ الفَلاَسِفَة الإِسلاَمِيَة، لَمْ يَأْت بَعْد الفَارَابِي مثلُه، فَالحَمْدُ للهِ عَلَى الإِسْلاَم وَالسُّنَّة.
وَلَهُ كِتَاب (الشِّفَاء) ، وَغَيْرُهُ، وَأَشْيَاءُ لاَ تُحْتَمل، وَقَدْ كَفَّرَهُ الغزَالِيُّ فِي كِتَاب (المُنْقِذ مِنَ الضَّلاَل (5)) ، وَكفَّر الفَارَابِيّ.
__________
(1) أسقط المؤلف من الوصية قبل هذه الجملة ما لايتم المعنى إلا به.
انظر " عيون الانباء في طبقات الاطباء " 445.
(2) تحرفت في " عيون الانباء " إلى " السهي " بالهاء.
(3) في " عيون الانباء " زيادة: وتداويا.
(4) انظر نص هذه الوصية في " عيون الانباء " 445، 446.
(5) يقول شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه " درء تعارض العقل والنقل " 1 / 8 وهو بصدد البحث عن انحراف الفلاسفة: ولهؤلاء في نصوص الأنبياء طريقتان: طريقة التبديل وطريقة التجهيل، أما أهل التبديل، فهم نوعان: أهل الوهم والتخييل، وأهل التحريف والتأويل، فأهل الوهم والتخييل هم الذين يقولون: إن الأنبياء أخبروا عن الله وعن اليوم الآخر، وعن الجنة والنار، بل =(17/535)
وَقَالَ الرَّئِيْسُ: قَدْ صَحَّ عِنْدِي بِالتَّواتُر مَا كَانَ بجوزجَان فِي زَمَانِنَا مِنْ أَمرِ حَدِيْدٍ - لَعَلَّهُ زنَةُ مائَة خَمْسِيْنَ مَنّاً - نزلَ مِنَ الهوَاءِ، فَنشَبَ فِي الأَرْض، ثُمَّ نَبا نَبْوَة الكُرَة، ثُمَّ عَادَ فَنشَبَ فِي الأَرْضِ، وَسُمِعَ لَهُ صَوْتٌ عَظِيْمٌ هَائِلٌ، فَلَمَّا تَفَقَّدُوا أَمره، ظَفِرُوا بِهِ، وَحُمِلَ إِلَى وَالِي جوزجَان، فَحَاولُوا كَسْرَ قِطْعَةٍ مِنْهُ، فَمَا عَمِلَتْ فِيْهِ الآلاَتُ إِلاَّ بِجَهْدٍ، فرَامُوا عَمل سَيْفٍ مِنْهُ،
__________
= وعن الملائكة، بأمور غير مطابقة للامر في نفسه، لكنهم خاطبوهم بما يتخيلون به ويتوهمون به أن
الله جسم عظيم، وأن الابدان تعاد، وأن لهم نعيما محسوسا، وعقابا محسوسا، وإن كان الامر ليس كذلك في نفس الامر، لان من مصلحة الجمهور أن يخاطبوا بما يتوهمون به ويتخيلون أن الامر هكذا، وإن كان هذا كذبا فهو كذب لمصلحة الجمهور، إذ كانت دعوتهم ومصلحتهم لا تمكن إلا بهذه الطريق.
وقد وضع ابن سينا وأمثاله قانونهم على هذا الأصل، كالقانون الذي ذكره في رسالته الاضحوية ص 44 - 51.
وهؤلاء يقولون: الأنبياء قصدوا بهذه الألفاظ ظواهرها، وقصدوا أن يفهم الجمهور منها هذه الظواهر، وإن كانت الظواهر في نفس الامر كذبا وباطلا ومخالفة للحق، فقصدوا إفهام الجمهور بالكذب والباطل للمصلحة.
ثم من هؤلاء من يقول: النبي كان يعلم الحق ولكن أظهر خلافه للمصلحة.
ومنهم من يقول: ما كان يعلم الحق كما يعلمه نظار الفلاسفة وأمثالهم، وهؤلاء يفضلون الفيلسوف الكامل على النبي، ويفضلون الولي الكامل الذي له هذا المشهد على النبي، كما يفضل ابن عربي الطائي خاتم الأولياء في زعمه على الأنبياء، وكما يفضل الفارابي ومبشر بن فاتك وغيرهما الفيلسوف على النبي.
وأما الذين يقولون: إن النبي كان يعلم ذلك، فقد يقولون: إن النبي أفضل من الفيلسوف، لأنه علم ما علمه الفيلسوف وزيادة، وأمكنه أن يخاطب الجمهور بطريقة يعجز عن مثلها الفيلسوف، وابن سينا وامثاله من هؤلاء.
وهذا في الجملة قول المتفلسفة والباطنية، كالملاحدة الاسماعيلية، وأصحاب رسائل اخوان الصفا، والفارابي وابن سينا والسهروردي المقتول وأبن رشد الحفيد، وملاحدة الصوفية الخارجين عن طريقة المشايخ المتقدمين من أهل الكتاب والسنة، كابن عربي وابن سبعين وابن الطفيل صاحب رسالة حي بن يقطان.
وخلق كثير غير هؤلاء.
وقد خص شيخ الإسلام قسما كبيرا من هذا الكتاب العظيم في تتبع سقطات ابن سينا وضلالاته، وبيان ما فيها من زيف وانحراف بالحجة والبرهان على طريقة السلف الصالح من لدن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان من الأئمة والعلماء المشهود لهم بالعلم والايمان
والاستقامة والعرفان.(17/536)
فَتَعَذَّرَ. نَقله فِي (الشِّفَاء) .
340 - ذُو القَرْنَيْنِ أَبُو مُطَاعٍ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ التَّغْلِبِيُّ * (مُكَرر340)
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، نَائِبُ دِمَشْق، وَجيهُ الدَّوْلَة، أَبُو مُطَاعٍ ابْنُ صَاحِب المَوْصِلِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْدَانَ التَّغْلِبِيُّ، الشَّاعِرُ.
وَلِيَ دِمَشْقَ بَعْد لُؤْلُؤٍ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَجَاءته الخِلَعُ مِنَ الحَاكِم، ثُمَّ عَزَلَهُ بِابْنِ بزَّال، ثُمَّ وَلِي دِمَشْقَ للظَّاهِر بنِ الحَاكِم، ثُمَّ عُزِلَ بَعْد أَشهر بسُختكين، ثُمَّ وَلِيَهَا سَنَة خَمْسَ عَشْرَةَ، ثُمَّ عُزِلَ بِالدِّزْبرِي بَعْد أَرْبَعَةِ أَعْوَام.
وَلَهُ نَظْمٌ فِي الذِّروَة، وَكَانَ ابْنُهُ مِنْ خيَارِ الدَّوْلَة المِصْرِيَّة.
مَاتَ ذُو القَرنين: فِي صَفَرٍ سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
وَلَهُ:
لَوْ كُنْتَ سَاعَةَ بَيْنِنَا مَا بَيْنَنَا ... وَشَهِدْتَ حِيْنَ نُكَرِّرُ التَّوْدِيْعَا
أَيْقَنْتَ أَنَّ مِنَ الدُّمُوع مُحَدِّثاً ... وَعَلِمْتَ أَنَّ مِنَ الحَدِيْثِ دُمُوْعَا (1)
وَمن شعرِهِ:
أَفْدِي الَّذِي زُرْتُهُ بِالسَّيْفِ مُشْتَمِلاً ... وَلَحْظُ عَيْنَيْهِ أَمْضَى مِنْ مَضَارِبِهِ
فَمَا خَلَعْتُ نِجَادِي لِلعنَاقِ لَهُ ... إِلاَّ لَبِسْتُ نِجَاداً مِنْ ذَوَائِبِهِ
__________
(*) تقدمت ترجمته برقم (340) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(1) البيتان في " وفيات الأعيان " 2 / 280، و" معجم الأدباء " 11 / 120، و" تهذيب تاريخ دمشق " 5 / 262.(17/537)
فَبَاتَ أَسْعَدَنَا فِي نَيْلِ بُغْيَتِهِ ... مَنْ كَانَ فِي الحُبِّ أَشْقَانَا بصَاحِبِهِ
357 - المَحَامِلِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ *
الشَّيْخُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الضَّبِّيُّ، المَحَامِلِيُّ.
سَمِعَ: النَّجَّاد، وَأَبَا سَهْل بن زِيَادٍ، وَدَعْلَجاً، وَطَائِفَة.
وَعَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَأَبُو غَالِبٍ البَاقِلاَّنِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :سَمَاعُهُ صَحِيْحٌ، حَدَثَ لَهُ صَمَمٌ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ، وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ عَنْ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
358 - ابْنُ الحَارِثِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ **
الإِمَامُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ التَّمِيْمِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، المُقْرِئُ، النَّحْوِيُّ، الزَّاهِدُ، المُحَدِّثُ، نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الشَّيْخ بنِ حَيَّانَ، وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ القبَّاب، وَأَبِي الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
__________
(1) الابيات في " وفيات الأعيان " 2 / 279، و" معجم الأدباء " 11 / 121، و" تهذيب تاريخ دمشق " 5 / 262، والاولان منها في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد " 115.
(*) تاريخ بغداد 4 / 238.
(2) المصدر السابق.
(* *) إنباه الرواة 1 / 130، 131، تلخيص ابن مكتوم 22، العبر 3 / 170، شذرات الذهب 3 / 245.(17/538)
حَدَّثَ عَنْهُ: البَيْهَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى المُزَكِّي، وَمَنْصُوْرُ بنُ حِيْدٍ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْرُوْيِي، وَآخَرُوْنَ.
وَتَخَرَّجَ بِهِ أَهْل نَيْسَابُوْر فِي العَرَبِيَّة.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَحَدَّثَ (بِسُنَن الدَّارَقُطْنِيّ) .
359 - الحِيْرِيُّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيّ *
العَلاَّمَةُ، المُفَسِّرُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحِيْرِيُّ، الضَّرِيْرُ، الزَّاهِدُ، أَحدُ الأَعلاَم.
لَهُ التَّصَانِيْفُ فِي القُرْآنِ وَالقرَاءاتِ، وَالحَدِيْثِ وَالوعظِ، وَنفع الْخلق.
رَوَى عَنْ: زَاهِرٍ السَّرَخْسِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ المَخْلَدِيِّ، وَحفيدِ ابْن خُزَيْمَةَ، وَأَبِي الهَيْثَمِ الكُشْمِيْهَنِيّ.
وَعَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَمَسْعُوْدُ بنُ نَاصِر.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :قَدِمَ عَلَيْنَا، وَنِعْمَ الشَّيْخُ كَانَ، لَهُ تَفْسِيْرٌ مَشْهُوْرٌ، قَرَأْتُ عَلَيْهِ (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) فِي ثَلاَثَةِ مَجَالِس؛ مِيعَادَانِ فِي لَيْلتين،
__________
(*) تاريخ بغداد 6 / 313، 314، الأنساب 4 / 289، المنتظم 8 / 105، معجم الأدباء 6 / 128، 129، العبر 3 / 171، نكت الهميان 119، طبقات السبكي 4 / 265، طبقات المفسرين للسيوطي 7، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 104، 105، كشف الظنون 442، شذرات الذهب 3 / 245 وتصحف فيه إلى " الجيزي " بالجيم والزاي، هدية العارفين 1 / 209، 210.
(1) في " تاريخ بغداد " 6 / 314.(17/539)
وقَرَأْتُ الثَّالِثَ مِنْ ضَحْوَةٍ إِلَى اللَّيْلِ، ثُمَّ إِلَى طُلُوع الفَجْر.
قُلْتُ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
360 - ابْنُ رَامِشٍ مَنْصُوْرُ بنُ رَامش بن عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
المَوْلَى الكَبِيْرُ، مُتَوَلِّي نَيْسَابُوْر، أَبُو عَبْدِ اللهِ مَنْصُوْرُ بنُ رَامش بن عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْد النَّيْسَابُوْرِيُّ.
حدث بِخُرَاسَانَ وَبِبَغْدَادَ وَالحرم وَدِمَشْق عَنْ: أَبِي الفَضْلِ عُبَيْد اللهِ الزُّهْرِيّ، وَأَبِي الطَّيِّبِ مُحَمَّدِ بن الحُسَيْنِ التَّيْمُلِي، وَعُبَيْد اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الفَامِي، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ المَخْلَدِيِّ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالكَتَّانِيّ، وَالحَسَنُ بنُ أَبِي الحَدِيْد، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ الفُرَاتِ، وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ المُطَرِّز.
وَكَانَ صَدْراً مُعَظَّماً ثِقَةً، مُحَدِّثَا كَثِيْرَ الرِّوَايَة، وَجَّهَ بوِقْرٍ مِنْ مَسْمُوْعَاتِه، وَتَفَرَّد بِأَشْيَاء.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فِي (السّيَاق) :كنيتُه أَبُو نَصْرٍ الرَّئِيْسُ، السَّلاَّر الغَازِي، رَجُلٌ مِنَ الرِّجَالِ، وَدَاهٍ مِنَ الدُّهَاة، وَلِي رِئاسَةَ نَيْسَابُوْر فِي دَوْلَة مَحْمُوْدٍ، وَتَرْتِيْب نَيْسَابُوْر بِعدْلِهِ وَإِنصَافه، ثُمَّ حَجَّ وَجَاور سَنَتين، ثُمَّ عَادَ فولِي البلدَ، فَلَمْ يتمكَّنْ مِنَ العَدْل، فَاسْتعفَى، وَلَزِمَ العِبَادَة، وَكَانَ ثِقَةً.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
____________
(*) تاريخ بغداد 13 / 86.(17/540)
361 - ابْنُ مُغَلِّسٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ بنِ السَّيِّدِ الأَنْدَلُسِيُّ *
الأُسْتَاذُ، اللُّغَوِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ بنِ السِّيْد بن مُغَلِّس القَيْسِيُّ (1) ، الأَنْدَلُسِيُّ، نَزِيْلُ مِصْر، مِنْ أَئِمَّةِ الأَدَب.
وَلَهُ نَظْمٌ بَدِيْع، وَهُوَ القَائِلُ:
مَرِيْض الجَفُونِ بِلاَ عِلَّةٍ ... وَلَكِنَّ قَلْبِي بِهِ مُمْرَضُ
وَمَا زَارَ شَوْقاً وَلَكِنْ أَتَى ... يُعَرِّضُ لِي أَنَّهُ مُعْرِضُ (2)
أَخذ عَنْ: صَاعدِ بن الحَسَنِ الرَّبَعِيّ وَغَيْرِه.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
82 - المُعْتَلِي أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ الإِدْرِيْسِيُّ *
أَمِيْرُ الأَنْدَلُس، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ حَمُّوْدٍ الحَسَنِيُّ، الإِدْرِيْسِيُّ، المَغْرِبِيُّ، المُلَقَّبُ بِالمُعْتَلِي بِاللهِ.
تَوَثَّبَ عَلَى عَمِّه الأَمِيْر القَاسِمِ بنِ حَمُّوْد، وَزَحَفَ إِلَيْهِ مِنْ مَالِقَة، وَتَمَلَّكَ قُرْطُبَة، ثُمَّ ترَاجع أَمرُ القَاسِمِ، وَاسْتمَال البَرْبَرَ، وَحَشَدَ وَقَصَدَ قُرْطُبَة فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، فَفَرَّ المُعْتَلِي إِلَى مَالِقَة، ثُمَّ اضطربَ
__________
(*) جذوة المقتبس 288، الصلة 2 / 369، 370، بغية الملتمس 384، وفيات الأعيان 3 / 193، 194، بغية الوعاة 2 / 98، نفح الطيب 2 / 132.
(1) في الأصل: القليسي، وهو تحريف، والصواب من " الصلة " و" الجذوة " و" بغية الملتمس " و" وفيات الأعيان ".
وفي " نفح الطيب ": القيسي البلنسي، وفي " بغية الوعاة ": البلنسي.
(2) البيتان في " وفيات الأعيان " 3 / 194، و" بغية الوعاة " 2 / 98، و" نفح الطيب " 2 / 132.
(* *) تقدمت ترجمته برقم (82) وذكرت هناك مصادر ترجمته.(17/541)
أَمرُ القَاسِمِ بَعْد يَسِيْرٍ، وَتغلَّبَ المُعْتَلِي عَلَى الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاءِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ عَلَويَّةً أَيْضاً، ثُمَّ تَلَقَّبَ بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَاسْتفحل أَمرُه، وَتسلَّم قُرْطُبَةَ ثَانياً، وَتَسَلَّمَ القِلاعَ قَبْل سَنَة عِشْرِيْنَ، ثُمَّ حَاصر إِشْبِيْليَةَ، وَكبيرُهَا القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بن عَبَّاد، فَبرز عِدَّةُ فوَارس للمُبَارزَة، فسَاق لقتَالهم المُعْتَلِي بِنَفْسِهِ وَهُوَ مَخْمُورٌ، فَقتلُوهُ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَقَامَ بَعْدَهُ وَلده إِدْرِيْس.
واتَّفَقَ فِي العَام مَوْتُ الأَمِيْرِ المُعَتَدِّ بِاللهِ أَبِي بَكْرٍ هِشَامِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ النَّاصر المَرْوَانِيّ، وَكَانَ قَدْ بُوْيِع، وَنهضَ بِأَمره عَمِيْدُ قُرْطُبَة أَبُو الحَزْم جَهْوَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، فعقدُوا لَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ، وَبَقِيَ مُتَرَدِّداً فِي الثُّغُوْر ثَلاَث سِنِيْنَ، وَثَارَت فتنٌ وَبلاَيَا وَاضطرَابٌ، ثُمَّ خلعه الجُنْدُ، وَأُهين، فَالتَجَأَ إِلَى ابْنِ هود بسَرَقُسْطَة إِلَى أَنْ مَاتَ عَنْ ثَلاَث وَسِتِّيْنَ سَنَةً، فَهُوَ آخِر المَرْوَانِيَّة.
362 - ابْنُ شِهَابٍ الحَسَنُ بنُ شِهَابِ بنِ الحَسَنِ العُكْبَرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ الأَوْحَدُ، الكَاتِبُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ شِهَاب بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ العُكْبَرِيُّ، الفَقِيْهُ، الحَنْبَلِيُّ.
مَولِدُه: سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَطلب الحَدِيْثَ فِي رجوليَّتهِ، فسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ بنِ الصَّوَّاف،
__________
(*) تاريخ بغداد 7 / 329، 330، طبقات الحنابلة 2 / 186 - 188، المنتظم 8 / 92، الوافي بالوفيات 12 / 55، مختصر طبقات الحنابلة 370، البداية والنهاية 12 / 40، 41، شذرات الذهب 3 / 241، 242.(17/542)
وَأَبِي بَكْرٍ بنِ خَلاَّد، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيِّ، وَحَبِيْبِ بنِ الحَسَنِ القَزَّاز، فَمَنْ بَعْدهُم.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَب، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الفِقْهِ وَالعَرَبِيَّةِ وَالشِّعرِ وَكِتَابَةِ المَنْسُوب (1) .
وَثَّقَه أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيّ (2) .
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَعِيْسَى بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ.
وَكَانَ يُضرب المَثَلُ بحُسْنِ كتَابته.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ قَالَ:
قَالَ لِي أَبُو عَلِيٍّ بنُ شِهَاب يَوْماً: أَرنِي خَطَّكَ، فَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّك سريعُ الكِتَابَة، فَنظر فِيْهِ، فَلَمْ يُرضه، ثُمَّ قَالَ لِي:
كسبتُ فِي الورَاقَة خَمْسَة وَعِشْرِيْنَ أَلْف دِرْهَم رَاضِيَّة (3) ، كُنْتُ أَشترِي كَاغَداً بخمسَة دَرَاهِم، فَأَكتبُ فِيْهِ دِيْوَان المُتَنَبِّي فِي ثَلاَث لَيَالٍ، وَأَبيعُه بمائَتَي دِرْهَم، وَأَقلُّه بِمائَة وَخَمْسِيْنَ دِرْهَماً، وَكَذَلِكَ كتبُ الأَدبِ المطلوبَة (4) .
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: أَوْصَى بِالثُّلُث لفُقَهَاء الحَنَابِلَة، فَلَمْ يُعْطَوا شَيْئاً، أَخذ السُّلْطَانُ مِنْ تَرِكَتِهِ ألفَ دِيْنَار سِوَى العَقَار (5) .
مَاتَ: ابْنُ شِهَاب فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(1) أي: ذو قاعدة.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 7 / 329.
(3) نسبة إلى الخليفة العباسي أبي العباس أحمد الراضي بالله بن المقتدر، المتوفى سنة 329 هـ، وقد مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(4) " تاريخ بغداد " 7 / 329، 330.
(5) " تاريخ بغداد " 7 / 330.(17/543)
363 - ابْنُ بَاكُويَه مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الشِّيْرَازِيُّ *
الإِمَامُ، الصَّالِحُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة؛ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ بَاكُويَه الشِّيْرَازِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَطلب هَذَا الشَّأْنَ، وَارْتَحَلَ فِيْهِ.
وَسَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ خَفِيف الزَّاهِد، وَمُحَمَّدَ بن نَاصِح الكَرَجِي، وَأَبَا أَحْمَد بنَ عَدِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيَّ، وَأَبَا يَعْقُوْب النَّجِيْرمِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبَا الفَضْل مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ خَمِيْرُوَيْه الهَرَوِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيّ الكُوْفِيَّ، وَمُغِيْرَةَ بنَ عَمْرٍو المَكِّيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدٍ البَلْخِيَّ الفَرَّاء، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ المُقْرِئ، وَأَبَا بَكْرٍ يُوْسُفَ بنَ القَاسِمِ المَيَانَجِي، وَلقِي بِبُخَارَى أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ القَاسِمِ الفَارِسِيَّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ وَلدُ القُشَيْرِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلَف الشِّيْرَازِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي صَادِق الحِيْرِيُّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْرُوْيِي، وَآخَرُوْنَ.
وَقَعَ لِي جُزْءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ وَجموع.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ: نظرتُ فِي أَجزَاء أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ بَاكُويَه، فَلَمْ أَجِدْ عَلَيْهَا آثَار السَّمَاع، وَأَحسنُ مَا سَمِعْتُ عَلَيْهِ الحكَايَاتُ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الكُتبِي: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
364 -
__________
(*) الأنساب 2 / 54، اللباب 1 / 113، المشتبه 1 / 44، العبر 3 / 167، الوافي بالوفيات 3 / 322، شذرات الذهب 3 / 242، هدية العارفين 2 / 65.(17/544)
364 - أَبُو عِمْرَانَ الفَاسِيُّ مُوْسَى بنُ عِيْسَى*
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، العَلاَّمَةُ، عَالِمُ القَيْرَوَان، أَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ عِيْسَى بنِ أَبِي حَاجّ (1) يَحُجّ (2) البَرْبَرِيُّ، الغَفَجومِي (3) ، الزَّنَاتِيُّ، الفَاسِيُّ، المَالِكِيُّ، أَحدُ الأَعلاَمِ.
تَفَقَّهَ بِأَبِي الحَسَنِ القَابِسِي، وَهُوَ أَكْبَرُ تَلاَمِذَتِهِ، وَدَخَلَ إِلَى الأَنْدَلُسِ، فتَفَقَّهَ بِأَبِي مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الوَارِث بنِ سُفْيَان، وَسَعِيْدِ بنِ نَصْرٍ، وَأَحْمَد بنِ القَاسِمِ التَّاهَرْتِي.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: كَانَ صَاحِبِي عِنْدَهُم، وَأَنَا دَلَلْتُهُ عَلَيْهِم (4) .
قُلْتُ: حَجَّ غَيْر مَرَّةٍ، وَأَخَذَ القرَاءاتِ بِبَغْدَادَ عَنْ أَبِي الحَسَنِ الحَمَّامِي، وَغَيْرِه، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْح بنِ أَبِي الفَوَارِس، وَالموجودين، وَأَخَذَ علم العَقْلِيَّات عَنِ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ بنِ البَاقِلاَّنِيّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَسنَة أَرْبَع مائَة (5) .
__________
(*) الإكمال 7 / 80، 81 و189، جذوة المقتبس 388، ترتيب المدارك 4 / 702 - 706، الأنساب 9 / 224، الصلة 2 / 611، 612، بغية الملتمس 457، معجم البلدان 4 / 207، اللباب 2 / 407، معرفة القراء الكبار 1 / 312، العبر 3 / 172، 173، الديباج المذهب 2 / 337، 338، غاية النهاية 2 / 321، 322، تبصير المنتبه 4 / 1410، النجوم الزاهرة 5 / 30، شذرات الذهب 3 / 247، 248، شجرة النور الزكية 1 / 106.
(1) تحرف في " الديباج المذهب " إلى " حجاج ".
(2) بفتح الياء وضم المهملة ثم جيم ثقيلة كالمضارع من الحج، وهو اسم أبي حاج.
انظر " الإكمال " 7 / 189، و" تبصير المنتبه " 4 / 1410.
(3) نسبة إلى غفجوم بالغين المعجمة والفاء المفتوحة والجيم المضمومة، وهي فخذ من زناتة: قبيلة من البربر بالمغرب.
انظر " ترتيب المدارك " 792 و" الديباج المذهب " 2 / 337.
(4) " الصلة " 2 / 611.
(5) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 702، 703.(17/545)
قَالَ حَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ أَبُو عِمْرَانَ مِنْ أَعلم النَّاسِ وَأَحْفَظِهم، جمع حِفْظَ الفِقْهِ إِلَى الحَدِيْثِ وَمَعْرِفَةِ معَانيه، وَكَانَ يقرأُ القرَاءاتِ وَيُجَوِّدُهَا، وَيَعرفُ الرِّجَالَ وَالجَرْحَ وَالتَّعْدِيْل، أَخَذَ عَنْهُ النَّاسُ مِنْ أَقطَارِ المَغْرِب، لَمْ أَلقَ أَحداً أَوسعَ عِلْماً مِنْهُ، وَلاَ أَكْثَرَ رِوَايَةً (1) .
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَالٍ (2) :أَقرأَ النَّاسَ بِالقَيْرَوَان، ثُمَّ تركَ ذَلِكَ، وَدَرَّسَ الفِقْهَ، وَرَوَى الحَدِيْثَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: وَلدتُ مَعَ أَبِي عِمْرَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (3) .
قَالَ أَبُو عَمرٍو الدَّانِيُّ: تُوُفِّيَ فِي ثَالث عشر رَمَضَان، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (4) .
قُلْتُ: تخرَّج بِهَذَا الإِمَام خلقٌ مِنَ الفُقَهَاء وَالعُلَمَاء.
وحكَى القَاضِي عِيَاض (5) قَالَ: حَدَثَ فِي القَيْرَوَان مَسْأَلَةٌ فِي الكُفَّار؛ هَلْ يَعْرِفُوْنَ اللهَ - تَعَالَى - أُم لاَ؟
فَوَقَعَ فِيْهَا اختلاَفُ العُلَمَاء، وَوقعتْ فِي أَلْسِنَةِ العَامَّةِ، وَكثُر المِرَاءُ، وَاقْتَتَلُوا فِي الأَسواق إِلَى أَنْ ذهبُوا إِلَى أَبِي عِمْرَانَ الفَاسِيّ.
فَقَالَ: إِن أَنصَتُّم، عَلَّمْتُكُم.
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: لاَ يكلِّمُنِي إِلاَّ رَجُلٌ، وَيَسْمَعُ البَاقُوْنَ.
فَنَصَبُوا وَاحِداً، فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ لقيتَ رَجُلاً،
__________
(1) " الصلة " 2 / 612، و" ترتيب المدارك " 4 / 703، 704، و" معرفة القراء الكبار " 1 / 312.
(2) في " الصلة " 2 / 611.
(3) " الصلة " 2 / 612.
(4) " الصلة " 2 / 612، و" معرفة القراء الكبار " 1 / 312.
(5) في " ترتيب المدارك " 4 / 705.(17/546)
فَقُلْتُ لَهُ: أَتعرفُ أَبَا عِمْرَان الفَاسِيَّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَقُلْتَ لَهُ: صِفْهِ لِي (1) .
قَالَ: هُوَ بقَّالٌ فِي سُوق كَذَا، وَيسكُن سَبْتَة، أَكَانَ يعرِفُنِي؟
فَقَالَ: لاَ.
فَقَالَ: لَوْ لقيتَ آخَرَ فسأَلتَه كَمَا سَأَلتَ الأَوَّل، فَقَالَ (2) :أَعرفُه يُدرِّس العِلْمَ، وَيُفْتِي، وَيَسْكُنُ بِغَربٍ الشَّماط (3) ، أَكَانَ يَعْرِفُنِي؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فكَذَلِكَ الكَافِرُ قَالَ: لرَبِّه صَاحِبةٌ وَولدٌ، وَأَنَّهُ جسمٌ، فَلَمْ يَعْرِف اللهَ وَلاَ وَصَفَهُ بِصِفَتِهِ بِخِلاَف المُؤْمِن.
فَقَالوا: شَفَيْتَنَا.
وَدعَوا لَهُ، وَلَمْ يخوضُوا بَعْدُ فِي المَسْأَلَة.
قُلْتُ: المشركُون وَالكتَابيُّون وَغَيْرُهُم عَرَفُوا اللهَ - تَعَالَى - بِمعنَى أَنَّهُم لَمْ يَجْحَدُوهُ، وَعَرَفُوا أَنَّهُ خَالِقُهُم، قَالَ - تَعَالَى -: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَنْ خَلَقَهُم لَيَقُولُنَّ الله} [الزُّخرف:87]
وَقَالَ: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ} [إِبْرَاهِيْم:10] فَهَؤُلاَءِ لَمْ يُنْكِرُوا البَارِئَ، وَلاَ حَجَدُوا الصَّانعَ، بَلْ عَرَفُوهُ، وَإِنَّمَا جَهِلُوا نُعُوتَهُ المُقَدَّسَة، وَقَالُوا عَلَيْهِ مَا لاَ يَعْلَمُوْنَ، وَالمُؤْمِنُ فَعَرف رَبَّهُ بِصِفَاتِ الكَمَال، وَنفَى عَنْهُ سمَاتِ النَّقْصِ فِي الجُمْلَةِ، وآمن بِرَبِّهِ، وَكفَّ عَمَّا لاَ يعلَمُ، فَبهَذَا يتبيَّنُ لَكَ أَنَّ الكَافِر عَرَفَ اللهَ مِنْ وَجْهٍ، وَجَهِلَهُ مِنْ وُجُوه، وَالنبيُّون عرفُوا اللهَ - تَعَالَى -، وَبَعْضُهُم أَكملُ مَعْرِفَةً لله، وَالأَوْلِيَاءُ فَعَرفُوهُ مَعْرِفَةً جَيِّدَةً، وَلَكِنَّهَا دُوْنَ مَعْرِفَةِ الأَنْبِيَاء، ثُمَّ المُؤْمِنُوْنَ العَالِمُوْنَ بعدَهُم، ثُمَّ الصَّالِحُوْنَ دونَهُم.
فَالنَّاسُ فِي مَعْرِفَةِ رَبِّهم مُتَفَاوِتُوْنَ، كَمَا أَنَّ إِيْمَانَهُم يَزِيْدُ وَيَنْقُص، بَلْ وَكَذَلِكَ الأُمَّةُ فِي الإِيْمَانِ بِنَبِيِّهم وَالمعرفَةِ لَهُ عَلَى مرَاتب، فَأَرفعُهُم فِي ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مثلاً، ثُمَّ عددٌ
__________
(1) في الأصل: " هو " بدل " لي "، والمثبت من " ترتيب المدارك ".
(2) من قوله: قال: هو بقال ... إلى هنا ليس في المطبوع من " ترتيب المدارك ".
(3) في " ترتيب المدارك ": بقرب السماط.(17/547)
مِنَ السَّابِقِيْن، ثُمَّ سَائِر الصَّحَابَة، ثُمَّ عُلَمَاءُ التَّابِعِيْنَ، إِلَى أَنْ تَنْتَهِي المعرفَةُ بِهِ وَالإِيْمَانُ بِهِ إِلَى أَعْرَابِيٍّ جَاهِلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْ نسَاء القُرَى، وَدُوْنَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ القَوْلُ فِي مَعْرِفَةِ النَّاسِ لدين الإِسْلاَم.
365
- بُشْرَى * بنُ مَسِيسٍ (1) أَبُو الحَسَنِ الرُّوْمِيُّ
وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ، الشَّيْخُ، المُعَمَّر، الصَّالِحُ، الصَّادِقُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحَسَنِ الرُّوْمِيُّ، الفَاتِنِيُّ (2) ؛مَوْلَى فَاتِنٍ الأَمِيْرِ، مَوْلَى المُطِيعِ للهِ.
أُسِرَ مِنْ أَرْضِ الرُّوْم وَهُوَ أَمردُ، فحكَى قَالَ: أَهدَانِي بَعْضُ بنِي حَمْدَان إِلَى فَاتن، فَأَدَّبنِي، وَأَسْمَعَنِي، ثُمَّ وَردَ أَبِي إِلَى بَغْدَادَ سرّاً لِيَتَلَطَّفَ فِي أَخْذِي، فَلَمَّا رَآنِي عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ مِنَ الإِسْلاَمِ وَالاشتغَالِ بِالعِلْم، يئسَ مِنِّي، وَرَجَع (3) .
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ الهَيْثَم الأَنْبَارِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَدْر الحَمَامِي (4) ، وَعُمَر بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَاتِم التِّرْمِذِيِّ، وَسَعْدِ بن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، وَمُحَمَّدِ بن حُمَيْد المُخَرّمِيّ، وَابنِ سَلْمٍ الخُتُّلِيّ، وَالحَافِظ أَبِي
__________
(*) تاريخ بغداد 7 / 135، 136، الإكمال 7 / 51 و79 و255، الأنساب 9 / 208 (الفاتني) ، المنتظم 8 / 106، اللباب 2 / 401، المشتبه 2 / 491، العبر 3 / 173، الوافي بالوفيات 10 / 159، 160، البداية والنهاية 12 / 47، تبصير المنتبه 3 / 1092 و4 / 1289، شذرات الذهب 3 / 248.
(1) بوزن عظيم.
(2) تحرف في " شذرات الذهب " إلى " القاضي ".
(3) انظر " الوافي " 10 / 159، 160.
(4) نسبة إلى الحمام، وهي الطيور، يقال لمن يطيرها ويرسلها من البلاد: حمامي.
انظر " الأنساب " 4 / 208 وفيه ترجمة محمد بن بدر هذا.(17/548)
مُحَمَّد بن السّقَّاء، وَأَبِي يَعْقُوْبَ النَّجِيْرَمِي، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَخَالِدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ التَّاجِر، وَهِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المَوْصِلِيُّ، وَالأَمِيْر أَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلاَ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَيَانٍ الرَّزَّاز، وَأَبُو يَاسِرٍ أَحْمَدُ بنُ بُنْدَار، وَعِدَّة.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً صَالِحاً، تُوُفِّيَ يَوْم عِيْد الفِطْرِ سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي عشر المائَة.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :حَدَّثَنِي أَنَّ أَبَاهُ وَرد بَغْدَادَ سِرّاً لِيَتَلَطَّفَ فِي أَخْذِهِ، قَالَ: فَلَمَّا رَآنِي عَلَى تِلْكَ الحَالَةِ مِنَ الاشتغَالِ بِالعِلْمِ وَالمُثَابَرَة عَلَى لِقَاء الشُّيُوْخِ، عَلِمَ ثُبُوت الإِسْلاَمِ فِي قَلْبِي، فَانْصَرَفَ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ دُومَا النِّعَالِيّ، وَالقَاضِي أَبُو عَمْرٍو سَيَّارُ بنُ يَحْيَى الهَرَوِيُّ (3) وَالدُ صَاعد، وَالقَاضِي أَبُو العَلاَءِ صَاعدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأُسْتَوَائِيّ (4) ، وَأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيَّك (5) ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ ابْن الطُّبَيز (6) بِدِمَشْقَ، وَعُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ القَيْشَطَالِيّ (7) ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيّ الجَوَالِيقِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 7 / 136.
(2) المصدر السابق.
(3) تقدمت ترجمته برقم (330) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (329) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (331) .
(6) تقدمت ترجمته برقم (321) .
(7) تقدمت ترجمته برقم (333) .(17/549)
عَبْد اللهِ بن شَاذَانَ الأَعْرَجُ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الهَمَذَانِيّ (1) ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ نَظِيْف (2) الفَرَّاء، وَالمُسَدَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأُمْلُوْكِيُّ (3) ، وَالمُفَضَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بن أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ (4) ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ المُزَنِيُّ بِدِمَشْقَ.
366 - مُحَمَّدُ بنُ عَوْفِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُزَنِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحُجَّةُ، أَبُو الحَسَنِ المُزَنِيُّ (5) ، الدِّمَشْقِيُّ.
وَكَانَ تَكنَّى قَدِيْماً بِأَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا مَنَعت الدَّوْلَة العُبَيْدِيَّة مِنَ التَّكنِّي بِذَلِكَ، تَكَنَّى بِأَبِي الحَسَنِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بنِ مُنِيْر، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي الرّمرَام، وَمُحَمَّد بن مَعْيُوف، وَالفَضْلِ بنِ جَعْفَرٍ المُؤَذِّن، وَالقَاضِي يُوْسُف المَيَانَجِيّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ بنِ زَبْرٍ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَدِيْد، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، وَأَبُو الطَّاهِرِ بنُ أَبِي الصَّقْرِ الأَنْبَارِيّ، وَالفَقِيْهُ نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَلِيُّ بنُ بَكَّار الصُّوْرِيّ، وَسَعْدُ بنُ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الكَتَّانِيّ: كَانَ شَيْخاً ثِقَةً نَبِيْلاً مَأْمُوْناً، تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ
__________
(1) سترد ترجمته برقم (371) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (314) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (341) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (342) .
(*) العبر 3 / 175، الوافي بالوفيات 4 / 294، شذرات الذهب 3 / 249.
(5) تحرف في " العبر " إلى " المزي ".(17/550)
إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ أَوْ دونَهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصَّالِحيّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بن الحَسَنِ الأَسَدِيُّ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتّ مائَة، أَخْبَرَنَا جَدِّي، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَوْف، أَخْبَرَنَا الفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ بنِ الرّوَّاس، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بن يَحْيَى، حَدَّثَنِي الوَلِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
قَالَ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي العَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ حَيَّةٌ، فَيَذْهَب الذَّاهبُ إِلَى العوَالِي، فَيَأْتيهَا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَة (1) .
العوَالِي عَنِ المَدِيْنَة: أَرْبَعَة أَمِيَالٍ.
367 - ابْنُ المُزَكِّي مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، المُعَمَّر، أَبُو عَبْدِ اللهِ (2) مُحَمَّدُ ابْنُ المُحَدِّثِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ سَخْتُويه النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُزَكِّي، أَحدُ
__________
(1) وأخرجه مالك 1 / 9 في وقوت الصلاة، ومن طريقه البخاري (551) ومسلم (621) (193) عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، وأخرجه البخاري (550) من طريق أبي اليمان عن شعيب عن الزهري وأخرجه مسلم (621) وأبو داود (404) والنسائي 1 / 252 من طريق قتيبة عن الليث، عن الزهري ... والعوالي: هي القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها، وأما ما كان من جهة تهامتها، فيقال لها: السافلة، وبعد بعض العوالي من المدينة أربعة أميال، وأبعدها ثمانية أميال، وأقربها ميلان وبعضها ثلاثة أميال، فقوله: والعوالي عن المدينة أربعة أميال مدرج من كلام الزهري بينه عبد الرزاق في " المصنف " (2069) عن معمر عن الزهري في هذا الحديث، فقال فيه بعد قوله والشمس ومرتفعة: قال الزهري: والعوالي: على ميلين أو ثلاثة، قال: وأحسبه قال: وأربعة.
(*) العبر 3 / 163، الوافي بالوفيات 1 / 350، شذرات الذهب 3 / 233.
(2) في " الوافي ": أبو إسحاق.(17/551)
الإِخوَة (1) الخَمْسَةِ وَهُوَ أَصغرُهُم.
حَدَّثَ عَنْ: وَالدِهِ أَبِي إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَأَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ، وَحَامِدِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّفَّاء، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ مَطَر، وَيَحْيَى بنِ مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ الهَيْثَمِ الأَنْبَارِيّ، وَأَبِي بَحْر البَرْبَهَارِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى الطَّلْحِيّ، وَعِدَّة.
وَانْتَقَى عَلَيْهِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَنْجُوَيْه (2) الحَافِظُ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدُويي (3) وَكَانَ صَحِيْحَ الأُصُوْل.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ: كَانَ أَبِي يتَأَسَّفُ عَلَى فواتِ السَّمَاع مِنْهُ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَنْهُ أَخوَالِي؛ أَبُو سَعْدٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ، وَنَافِعُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبِيْوَردِي، وَفُلاَنٌ الشَّقَّانِي، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى المُزَكِّي بنُ أَخِيْهِ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العُثْمَانِيّ.
قُلْتُ: وَأَبُو سَعْدٍ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي صَادِق، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بن مُحَمَّدٍ الشِّيْرُوْيِي، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
368 - القُرَشِيُّ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، المُسْنِدُ، العَدْلُ، أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) تقدمت ترجمة أخيه يحيى برقم (179) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (293) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (204) .
(*) تاريخ بغداد 9 / 113، 114، الأنساب 10 / 94، العبر 3 / 178، شذرات الذهب 3 / 250.(17/552)
عَلِيِّ بنِ سَعِيْدٍ القُرَشِيُّ، الهَرَوِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا عَلِيٍّ حَامِدَ بنَ مُحَمَّدٍ الرَّفَّاء، وَأَبَا حَامِدٍ بنَ حَسْنُوَيْه، وَأَبَا الفَضْل بنَ خَمِيْرُوَيْه، وَمَنْصُوْرَ بن العَبَّاسِ البُوْشَنْجِيّ، وَجَمَاعَةً تَفَرَّد بِالرِّوَايَةِ عَنْهُم.
وَانتخب عَلَيْهِ الحَافِظ أَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّاب (1) أَجزَاء كَثِيْرَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُمَيْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
عَاشَ أَرْبَعَا وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ: فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَكَانَ مِنْ سَرَوَاتِ الرِّجَالِ وَبقَايَا المُسْنِدِين بهَرَاة.
369 - النَّصْرُوييُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَان بن مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَانَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ بن نَصْرُويه النَّصْروييُّ - بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ (2) - النَّيْسَابُوْرِيُّ.
رَحل وَكَتَبَ الكَثِيْر، وَرَوَى (مُسند) إِسْحَاق وَغَيْرَ ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَمْرٍو بنِ نُجَيْد، وَأَبِي الحَسَنِ السَّرَّاج، وَأَبِي مُحَمَّدٍ
__________
(1) وسترد ترجمته برقم (376) .
(*) الأنساب (النصرويي) ، اللباب 3 / 311، العبر 3 / 178، شذرات الذهب 3 / 250، 251.
(2) وتصحف في المطبوع من " العبر " إلى " النضرويي " بالضاد المعجمة.(17/553)
ابْن مَاسِي، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المُفِيْد، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ العُصْمِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُويه، وَعَبْدُ الغَفَّارِ الشِّيْرُوْيِي، وَعِدَّةٌ.
وَسَمَاعُهُ لمُسْنَد إِسْحَاق مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد السِّمِّذِي.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ الطَّيَّان بِدِمَشْقَ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الكَسَّار (1) ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ العَبَّاسِ القُرَشِيّ (2) الهَرَوِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السِّمْسَار (3) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ البَاجِي، وَالسُّلْطَانُ مَسْعُوْدُ (4) ابْن السُّلْطَانِ مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِيْن، وَقَاضِي إِشْبِيْليَةَ المَلِكُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبَّاد (5) ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَاذشَاهُ (6) ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْدِيّ (7) ؛شَيْخُ حَرَّان.
370 - أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحرمِ، أَبُو ذَر عَبْدُ بنُ
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (337) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (368) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (328) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (320) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (354) .
(6) تقدمت ترجمته برقم (339) .
(7) تقدمت ترجمته برقم (327) .
(*) تاريخ بغداد 11 / 141، ترتيب المدارك 4 / 696 - 698، تبيين كذب المفتري 255، 256، المنتظم 8 / 115، 116، الكامل لابن الأثير 9 / 514، العبر 3 / 180، 181،، تذكرة الحفاظ 3 / 1103 - 1108، دول الإسلام 1 / 257، البداية والنهاية 12 / =(17/554)
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ غُفير (1) بن مُحَمَّدٍ، المَعْرُوفُ بِبَلَدِهِ: بِابْنِ السَّمَّاك الأَنْصَارِيُّ، الخُرَاسَانِيُّ، الهَرَوِيُّ، المَالِكِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَرَاوي (الصَّحِيْح) عَنِ الثَّلاَثَةِ: المُسْتَمْلِي، وَالحَمْوِيِّ، وَالكُشْمِيْهَنِيِّ.
قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ خَمْسٍ أَوْ سِتّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا الفَضْل مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ خَمِيْرُوَيْه، وَبِشْرَ بنَ مُحَمَّدٍ المُزَنِيّ، وَعِدَّةً بهَرَاةَ، وَأَبَا بَكْرٍ هِلاَلَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد، وَشَيْبَانَ بنَ مُحَمَّدٍ الضُّبَعِيّ بِالبَصْرَةِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيّ، وَأَبَا عُمَرَ بنَ حَيُّوَيْه، وَعَلِيَّ بنَ عُمَرَ السُّكَّرِيّ، وَأَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَطَبَقَتهُم بِبَغْدَادَ، وَعَبْدَ الوَهَّاب الكِلاَبِيّ وَنَحْوهُ بِدِمَشْقَ، وَأَبَا مُسْلِمٍ الكَاتِبَ وَطبقَتَهُ بِمِصْرَ، وَزَاهِرَ بنَ أَحْمَدَ الفَقِيْهَ بسَرْخَس، وَأَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَحْمَدَ المُسْتَمْلِي ببَلْخ، وَأَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الدِّيْنَوَرِيَّ، وَغَيْرهُ بِمَكَّةَ.
وَأَلَّف (مُعْجَماً) لِشُيُوخِهِ، وَحَدَّثَ بِخُرَاسَانَ وَبغدَاد وَالحَرَم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو مَكْتُوْم عِيْسَى، وَمُوْسَى بنُ عَلِيٍّ الصَّقَلِّي، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الْهَوْل، وَالقَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ، وَأَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ أَبِي حَاج الفَارِسِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ دِلْهَاث، وَمُحَمَّدُ بنُ شُرَيْح، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْظُوْر، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ التِّنِّيْسِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ
__________
= 50، 51، الديباج المذهب 2 / 132، 133، العقد الثمين 5 / 539 - 541، النجوم الزاهرة 5 / 36، طبقات الحفاظ 425، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 366 - 368، نفح الطيب 2 / 70، 71، كشف الظنون 441، 1673، 1830، شذرات الذهب 3 / 254، تاج العروس 3 / 453، هدية العارفين 1 / 437، 438، الرسالة المستطرفة 23، شجرة النور الزكية 104، 105، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 388.
(1) بالغين المعجمة كما في " تبصير المنتبه " 3 / 1047، وقد تصحف في " ترتيب المدارك " و" الديباج المذهب " و" العقد الثمين " إلى " عفير " بالمهملة. وانظر " الإكمال " 6 / 228.(17/555)
الْملك المُؤَذِّن، وَعَلِيُّ بنُ بَكَّار الصُّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيّ، وَأَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَعِيْدٍ النَّحْوِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ الشَّنْتَجَالِي (1) ، وَعَبْدُ الحَقِّ بنُ هَارُوْنَ السَّهْمِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الغَالِب البَغْدَادِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيُّ، وَأَبُو شَاكر أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ العُثْمَانِيّ، وَعِنْدَهُ عَنْهُ فردُ حَدِيْث، وَعِدَّة.
وَرَوَى عَنْهُ: بِالإِجَازَةِ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ اليُوْسُفِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَد بنُ مُحَمَّدِ بنِ غَلْبُوْنَ الخَوْلاَنِيُّ المتُوُفَّى فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الجَرْبَاذْقَانِي (2) بهَرَاة (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الغرَّافِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ رُوزبه بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ السَّمَّاك الحَافِظُ صَدُوْقٌ، تَكَلَّمُوا فِي رَأْيِهِ، سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيْثاً وَاحِداً عَنْ شَيْبَان بن مُحَمَّدٍ الضُّبَعِيّ، عَنْ أَبِي خَلِيْفَة، عَنْ عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ حَدِيْث جَابِر بطُولِهِ فِي الحَجِّ (3) قَالَ لِي:
اقرأهُ عليَّ حَتَّى تَعتَادَ قِرَاءةَ الحَدِيْثِ، وَهُوَ أَوّلُ حَدِيْثٍ
__________
(1) نسبة إلى شنتجالة بالاندلس.
انظر " معجم البلدان " 3 / 367 وفيه ترجمة عبد الله بن سعيد هذا.
(2) بفتح الجيم، وسكون الراء، والباء الموحدة المفتوحة بعدها ألف، وسكون الذال المعجمة، والقاف المفتوحة وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى بلدتين، إحداهما بين جرجان وإستراباذ، والثانية بين أصبهان والكرج.
ولا أدري إلى أيتهما ينسب علي بن أحمد هذا.
انظر " الأنساب " 3 / 218، 219، و" معجم البلدان " 2 / 118.
(3) حديث جابر في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم مخرج بطوله في صحيح مسلم (1218) في الحج: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم.(17/556)
قرأتُهُ عَلَى الشَّيْخِ، وَنَاولتُهُ الجُزْء، فَقَالَ: لَسْتُ عَلَى وُضُوْءٍ، فَضَعْهُ (1) .
قَالَ أَبُو ذَر: سَمِعْتُ الحَدِيْثَ مِنِ ابْنِ خَمِيْرُوَيْه.
قُلْتُ: هُوَ أَقدمُ شَيْخٍ لَهُ.
قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي حَاتِمٍ بنِ أَبِي الفَضْلِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَسمِعتُهُ يُمْلِي يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ:
قَدِمَ أَبُو ذَر بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا وَأَنَا غَائِبٌ، وَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، وَجَاور، ثُمَّ تَزَوَّجَ فِي العَرَب، وَأَقَامَ بِالسَّرَوَات، فَكَانَ يَحُجُّ كُلَّ عَام، وَيُحَدِّثُ ثُمَّ يرجِعُ إِلَى أَهلِهِ، وَكَانَ ثِقَةً ضَابطاً دَيِّناً، مَاتَ بِمَكَّةَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (2) .
وَقَالَ الأَمِيْنُ ابْنُ الأَكْفَانِيِّ: حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ أَبِي حَرِيْصَةَ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا ذَرٍّ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ بِمَكَّةَ، وَكَانَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَمَذْهب الأَشْعَرِيِّ (3) .
قُلْتُ: أَخذ الكَلاَمَ وَرَأْيَ أَبِي الحَسَنِ عَنِ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ بنِ الطَّيِّب، وَبثَّ ذَلِكَ بِمَكَّةَ، وَحمله عَنْهُ المغَاربَةُ إِلَى المَغْرِب، وَالأَنْدَلُس، وَقبل ذَلِكَ كَانَتْ عُلَمَاءُ المَغْرِب لاَ يدخُلُوْنَ فِي الكَلاَم، بَلْ يُتْقِنُوْنَ الفِقْهَ أَوِ الحَدِيْثَ أَوِ العَرَبِيَّةَ، وَلاَ يَخُوْضُون فِي المعقولاَتِ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الأَصِيْلِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِيّ، وَأَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ، وَمَكِّيٌّ القَيْسِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَالعُلَمَاءُ.
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1106، 1107.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 11 / 141، و" تبيين كذب المفتري " 255.
(3) " تبيين كذب المفتري " 255.(17/557)
وَقَدْ مدح إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَعِيْدٍ النَّحْوِيُّ أَبَا ذَرٍّ بقصيدَة.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ فِي كِتَاب (اختصَار فرق الفُقَهَاء) مِنْ تَأْلِيْفه، فِي ذكر القَاضِي ابْنِ البَاقِلاَّنِيّ: لَقَدْ أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو ذَر وَكَانَ يَمِيلُ إِلَى مَذْهَبِهِ، فَسَأَلْتُهُ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟
قَالَ: إِنِّيْ كُنْتُ مَاشياً بِبَغْدَادَ مَعَ الحَافِظ الدَّارَقُطْنِيّ، فَلَقِيْنَا أَبَا بَكْرٍ بنَ الطَّيِّب فَالتزمه الشَّيْخُ أَبُو الحَسَنِ، وَقبَّلَ وَجهَهَ وَعَيْنَيْهِ، فَلَمَّا فَارقنَاهُ، قُلْتُ لَهُ: مَنْ هَذَا الَّذِي صَنَعْتَ بِهِ مَا لَمْ أَعْتَقِدْ أَنَّكَ تَصْنَعُهُ وَأَنْتَ إِمَامُ وَقْتِكَ؟
فَقَالَ: هَذَا إِمَامُ المُسْلِمِيْنَ، وَالذَّابُّ عَنِ الدِّيْنِ، هَذَا القَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الطَّيِّب.
قَالَ أَبُو ذَر: فَمِنْ ذَلِكَ الوَقْت تَكَرَّرْتُ إِلَيْهِ (1) مَعَ أَبِي، كُلُّ بَلَد دَخَلْتُهُ مِنْ بلاَد خُرَاسَان وَغيرِهَا لاَ يُشَارُ فِيْهَا إِلَى أَحدٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّة إِلاَّ مَنْ كَانَ عَلَى مَذْهَبِهِ وَطَرِيْقِهِ.
قُلْتُ: هُوَ الَّذِي كَانَ بِبَغْدَادَ يُنَاظِرُ، عَنِ السُّنَّة وَطَرِيْقَةِ الحَدِيْث بِالجَدَلِ وَالبُرْهَانِ، وَبَالحضرَةِ رُؤُوْسُ المُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ وَالقَدَرِيَّة وَأَلوَانِ البِدَع، وَلهُم دَوْلَةٌ وَظُهورٌ بِالدَّوْلَة البُوَيْهِيَّة، وَكَانَ يَرُدُّ عَلَى الكَرَّامِيَّة، وَينصُرُ الحَنَابِلَةَ عَلَيْهِم، وبَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْل الحَدِيْث عَامِرٌ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَخْتَلِفُون فِي مَسَائِل دقيقَة، فلهَذَا عَامَلَه الدَّارَقُطْنِيُّ بِالاحْتِرَام، وَقَدْ أَلَّفَ كِتَاباً سَمَّاهُ: (الإِبَانَة) ، يَقُوْلُ فِيْهِ: فَإِن قِيْلَ: فَمَا الدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ للهِ وَجهاً وَيداً؟
قَالَ قَوْله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرَّحْمَن:27] وَقوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:75] فَأَثبت تَعَالَى لِنَفْسِهِ وَجهاً وَيداً.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِن قِيْلَ: فَهَلْ تقولُوْنَ: إِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَان؟
قِيْلَ: مَعَاذَ اللهِ بَلْ هُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ كَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَصِفَاتُ ذَاتِهِ الَّتِي لَمْ يَزَلْ
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1104، 1105.(17/558)
وَلاَ يزَالُ مَوْصُوَفاً بِهَا: الحَيَاةُ وَالعِلْمُ وَالقُدرَةُ وَالسَّمْعُ وَالبَصَرُ وَالكَلاَمُ وَالإِرَادَةُ وَالوَجْهُ وَاليدَانِ وَالعينَانِ وَالغضبُ وَالرِّضَى، فَهَذَا نَصُّ كَلاَمه.
وَقَالَ نحوَهُ فِي كِتَاب (التَّمهيد) لَهُ، وَفِي كِتَاب (الذَّبِّ عَنِ الأَشْعَرِيِّ) .
وَقَالَ: قَدْ بَيِّناً دينَ الأُمَّة وَأَهْلِ السُّنَّة أَنَّ هَذِهِ الصِّفَات تُمَرُّ كَمَا جَاءت بِغَيْر تكييفٍ وَلاَ تحَدِيْدٍ وَلاَ تجنيسٍ وَلاَ تصويرٍ.
قُلْتُ: فَهَذَا المنهجُ هُوَ طريقَةُ السَّلَف، وَهُوَ الَّذِي أَوضحه أَبُو الحَسَنِ وَأَصْحَابُه، وَهُوَ التَسْلِيمُ لنُصُوص الكِتَاب وَالسُّنَّة، وَبِهِ قَالَ ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ، وَابْنُ فُوْرَك، وَالكِبَارُ إِلَى زَمَن أَبِي المعَالِي، ثُمَّ زَمَنِ الشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ، فَوَقَعَ اختلاَفٌ وَأَلْوَانٌ، نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ.
وَلأَبِي ذَرٍّ الهَرَوِيِّ مُصَنَّفٌ فِي الصِّفَات عَلَى منَوَال كِتَاب أَبِي بَكْرٍ البَيْهَقِيِّ بحَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا.
قَالَ الحَسَنُ بنُ بَقِيٍّ المَالِقِي: حَدَّثَنِي شَيْخٌ قَالَ:
قِيْلَ لأَبِي ذَرٍّ: أَنْتَ هَرَوِيٌّ فمِنْ أَيْنَ تَمَذْهَبْتَ بِمَذْهَبِ مَالِك وَرَأْي أَبِي الحَسَنِ؟
قَالَ قَدِمْتُ بَغْدَاد.
فَذَكَرَ نَحْواً مِمَّا تقدَّم فِي ابْنِ الطَّيِّب.
قَالَ: فَاقتديتُ بِمَذْهَبِهِ (1) .
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ فِي (تَاريخ نَيْسَابُوْر) :كَانَ أَبُو ذَر زَاهِداً وَرِعاً عَالِماً، سَخِيّاً لاَ يَدَّخِرُ شَيْئاً، وَصَارَ مِنْ كِبَار مَشْيَخَة الحَرَم، مُشَاراً إِلَيْهِ فِي التَّصوُّف، خَرَّجَ عَلَى (الصَّحِيْحَيْنِ) تَخْرِيجاً حَسَناً، وَكَانَ حَافِظاً كَثِيْرَ الشُّيُوْخ (2) .
قُلْتُ: لَهُ: (مُسْتَدْرَكٌ) لَطِيْفٌ فِي مُجَلَّد عَلَى (الصَّحِيْحَيْنِ) علَّقتُ
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1105، و" تبيين كذب المفتري " 255، 256، و" نفح الطيب " 2 / 70.
(2) انظر " نفح الطيب " 2 / 70.(17/559)
مِنْهُ، يدلُّ عَلَى مَعْرِفَته، وَلَهُ كِتَابُ (السُّنَّة) ، وَكِتَابُ (الجَامع) ، وَكِتَاب (الدُّعَاء) ، وَكِتَاب (فَضَائِل القُرْآن) ، وَكِتَاب (دلاَئِل النُّبُوَّة) ، وَكِتَاب (شهَادَة الزُّور) ، وَكِتَاب (الْعِيدَيْنِ) ، الكُلُّ بِأَسَانِيْدِهِ، وَلَهُ كِتَاب (فَضَائِل مَالِك) كَبِيْر، وَكِتَاب (الصَّحِيْح المُسْنَد الْمخْرج عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَ (مسَانيد المُوَطَّأ) ، وَ (كَرَامَاتَ الأَوْلِيَاء) ، وَ (المنَاسك) ، وَ (الرِّبا) ، وَ (اليمِين الفَاجرَة) ، وَكِتَاب (مَشْيَخته) ، وَأَشْيَاء.
وَهَذِهِ التَّوَالِيفُ لَمْ أَرهَا، بَلْ سمَّاهَا القَاضِي عِيَاض (1) .
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المُفَضَّلِ الحَافِظ: رَوَى لَنَا السِّلَفِيّ شَيْخُنَا أَحَادِيْثَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيّ بسَمَاعِهِ مِنْ أَبِي ذَرٍّ، وَعَنْ أَبِي شَاكر العُثْمَانِيّ حَدِيْثاً وَاحِداً بسَمَاعه مِنْهُ.
وَسَمِعْنَا مِنَ السِّلَفِيّ جَمِيْع (صَحِيْح البُخَارِيِّ) بِإِجَازته مِنْ أَبِي مَكْتُوْم عِيْسَى بنِ أَبِي ذَرٍّ، وَكَانَ شَيْخُنَا أَبُو عُبَيْدٍ نعمَةُ بنُ زيَادَة الله الغِفَارِيُّ سَمِعَ الكِتَابَ بِمَكَّةَ مِنْ أَبِي مَكْتُوْم فَسَمِعْتُ عَلَيْهِ أَكثَره، وَأَجَاز لِي مَا بَقِيَ مِنْ آخِره، وآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي مَكْتُوْم أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حُمَيْد بن عَمَّار الأَنْصَارِيُّ بِمَكَّةَ، وَأَجَازَهُ لِي.
قَالَ: وَقَرَأْتُ الكِتَابَ كُلَّه عَلَى شَيْخِنَا أَبِي طَالِبٍ صَالِحِ بنِ سَنَد بسَمَاعه مِنَ الطُّرْطُوْشِيّ، عَنْ أَبِي الوَلِيْد البَاجِي، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَقرأتُهُ عَلَى أَبِي القَاسِمِ مَخْلُوفِ بن عَلِيٍّ القَرَوِيِّ، عَنْ أَبِي الحَجَّاج يُوْسُف بن نَادر الَّلخْمِي، عَنْ عَلِيِّ بنِ سَلْمَان النَّقَّاش، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ شُيُوْخه الثَّلاَثَة (2) .
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ: أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي الوَلِيْد
__________
(1) في " ترتيب المدارك " 4 / 697، 698.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1105.(17/560)
البَاجِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبِي: أَنَّ الفَقِيْهَ أَبَا عِمْرَان الفَاسِيّ (1) مَضَى إِلَى مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ قرأَ عَلَى أَبِي ذَرٍّ شَيْئاً، فَوَافق أَبَا ذَرٍّ فِي السَّرَاة مَوْضِع سُكنَاهُ، فَقَالَ لخَازن كُتُبه: أَخْرِجْ إِليَّ مِنْ كُتُب الشَّيْخ مَا أَنْسَخُهُ مَا دَام غَائِباً، فَإِذَا حضَر، قرأتُهُ عَلَيْهِ.
فَقَالَ الخَازنُ: لاَ أَجترِئُ عَلَى هَذَا، وَلَكِن هَذِهِ المفَاتيحُ إِنْ شِئْتَ أَنْتَ، فَخُذْ وَافْعَلْ ذَلِكَ.
فَأَخَذَهَا، وَأَخرجَ مَا أَرَادَ، فسَمِعَ أَبُو ذَر بِالسَّرَاةِ بِذَلِكَ، فَرَكِبَ، وَطرقَ مَكَّةَ وَأَخَذَ كُتُبَه، وَأَقسم أَنْ لاَ يُحَدِّثهُ.
فَلَقَدْ أُخْبِرتُ أَنَّ أَبَا عِمْرَان كَانَ بَعْدُ إِذَا حَدَّثَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ يُورِّي عَنِ اسْمه، فَيَقُوْلُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عِيْسَى.
وَبِذَلِكَ كَانَتِ العَرَبُ تُكَنِّيَهُ باسم وَلده (2) .
قُلْتُ: قَدْ مَاتَ أَبُو عِمْرَانَ الفَاسِيُّ قَبْلَ أَبِي ذَرٍّ، وَكَانَ قَدْ لَقِيَ القَاضِي بن البَاقِلاَّنِيّ وَالكِبَار، وَمَا لاِنزِعَاجِ أَبِي ذَرٍّ وَجهٌ، وَالحِكَايَةُ دَالَّةٌ عَلَى زَعَارَّةِ الشَّيْخِ وَالتّلمِيذِ رحمهُمَا الله.
وَكَانَ وَلدُهُ أَبُو مَكْتُوْم يَحُجُّ مِنَ السَّرَاة، وَيَروِي إِلَى أَنْ قَدِمَ فُلاَنٌ المُرَابِطُ مِنْ أُمَرَاءِ المَغْرِب، فجَاور وَسَمِعَ (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مِنْ أَبِي مَكْتُوْم، وَأَعطَاهُ ذهباً جَيِّداً، فَأَبَاعه نُسْخَةَ (الصَّحِيْح) ، وَذهَبَ بِهَا إِلَى المَغْرِب.
وَحَجَّ أَبُو مَكْتُوْم فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ بِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَحَجَّ فِيْهَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ، وَجَمَعَهُم الموقفُ.
فَقَالَ السَّمْعَانِيُّ لِلسِّلَفِيِّ: اذهبْ بِنَا نَسْمَعْ مِنْهُ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: فَقُلْتُ لَهُ: دَعْنَا نشتغلْ بِالدُّعَاء، وَنجعله شَيْخَ مَكَّة.
قَالَ: فَاتَّفَقَ أَنَّهُ نَفَر مِنْ مِنَى فِي النَّفرِ الأَوَّلِ مَعَ السَّرَويِّين وَذهبَ، وَفَاتَهُمَا الأَخْذُ عَنْهُ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: فلاَمنِي ابْنُ السَّمْعَانِيّ.
فَقُلْتُ: أَنْتَ قَدْ سَمِعْتَ (الصَّحِيْح) مثلَه
__________
(1) تحرف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1105 إلى " القابسي ".
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1105، 1106.(17/561)
مِنْ أَبِي الخَيْرِ بنِ أَبِي عِمْرَانَ صَاحِب الكُشْمِيهَنِي، وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ مرويَّاتِهِ سِوَاهُ.
قُلْتُ: وَلَمْ يُسْمَعْ لأَبِي مَكْتُوْم بَعْد هَذَا العَام بذكرٍ وَلاَ وُرِّخَ لَنَا مَوْتُه.
وَقَدْ أَرَّخ القَاضِي عِيَاضٌ مَوْتَ أَبِي ذَرٍّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَالصَّوَابُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة: تُوُفِّيَ عَقِبَ شَوَّال.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظ بنُ بَدْرَان، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ طَاوُوس سَنَة 617، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ كَرّوس، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو ذَر عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ كِتَابَةً، أَنَّ بِشْر بن مُحَمَّدٍ المُزَنِيَّ حدثهُم إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوبَان، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ الجَنَّةَ لتُزَخْرَفُ لرَمَضَان مِنْ رَأْسِ الحَوْلِ، فَإِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَان، هَبَّتْ رِيحٌ مِنْ تَحْتِ العَرْش، فَشَققت وَرق الجَنَّة عَنِ الْحور الْعين، فَقُلْن: يَا ربّ! اجعَلْ لَنَا مِنْ عِبَادِكَ أَزواجاً تَقَرُّ بِهِم أَعيُنُنَا، وَتَقَرُّ أَعيُنُهُم بِنَا (1)) .
قَالَ الفَقِيْهُ نَصْر: تَفَرَّد بِهِ الوَلِيْدُ بنُ الوَلِيْدِ العَنْسِي، وَقَدْ تركُوهُ (2) .
__________
(1) في الأصل: " وتقر أعيننا بهم " وهو خطأ.
(2) في ميزان المؤلف 4 / 350: قال أبو حاتم: صدوق، وقال الدارقطني وغيره متروك، وروى له نصر المقدسي حديثا منكرا (يعني هذا الحديث) وقال: تركوه، وذكره الهيثمي في " المجمع " 3 / 142، ونسبه للطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وأعله بالوليد هذا وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " ص 193، وزاد نسبته لأبي نعيم، والبيهقي، والدارقطني في الافراد، وتمام وابن عساكر، وأعله بالوليد أيضا.(17/562)
قُلْتُ: وَهَّاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقوَّاهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ.
وَفِيْهَا - أَعنِي سَنَةَ أَرْبَعٍ - تُوُفِّيَ شُعَيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المِنْهَال (1) بِمِصْرَ، وَأَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزُّهْرِيّ (2) ، وَهَارُوْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ فِي رَمَضَانَ.
371 - مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ عَبدِ العَزِيْزِ بنِ الصَّبَّاحِ الهَمَذَانِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّئِيْسُ الأَوْحَدُ، شَيْخُ هَمَذَان، أَبُو مَنْصُوْرٍ الهَمَذَانِيُّ، الصُّوْفِيُّ، العَبْدُ الصَّالِح.
حَدَّثَ عَنْ: الحَافِظِ صَالِحِ بنِ أَحْمَدَ، وَجِبْرِيْل العَدْل، وَالهَمَذَانيين، وَسَهْلِ بن أَحْمَدَ الدِّيباجِي، وَابنِ المُظَفَّر، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ القَطِيْعِيّ، وَالبَغْدَادِيِّيْنَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئ، وَالأَصْبَهَانيين، وَيُوْسُفَ بنِ أَحْمَدَ بنِ الدَّخِيل المَكِّيّ، وَطَبَقَتِهم.
قَالَ شِيْرَوَيْه فِي (تَارِيْخِهِ) :حَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ العَلَوِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ القُوْمِسَانِي، وَمُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ، وَيَحْيَى وثَابِتٌ ابْنَا الحُسَيْن بنِ شُرَاعَة، وَنَصْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَذِّن، وَعَبْدُوْس بن عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: وَكَانَ صَدُوْقاً ثِقَةً، وَكَانَ مُتَوَاضِعاً رَحِيْماً، يُصَلِّي آنَاءَ اللَّيْل وَالنَّهَارِ، حَجَّ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ حَجَّةً، وَوقف الضِّيَاعَ وَالحوَانيتَ عَلَى الفُقَرَاء، وَأَنفقَ أَمْوَالاً لاَ تُحْصَى عَلَى وُجُوه البِرِّ، وَتُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَتِ التُّركُ الغُزُّ قَدْ أَغَارُوا عَلَى هَمَذَان، فصُودر مُحَمَّدُ بنُ
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (335) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (350) .
(*) لم نعثر له على مصادر ترجمته.(17/563)
عِيْسَى حَتَّى سلَّم إِلَيْهِم جَمِيْعَ مَا يملِكُ، وَبَقِيَ فَقيراً مُحْتَاجاً عَليلاً ذَليلاً فِي الخَانقَاهُ، ثُمَّ قَضَى نَحْبَه، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَمن الرُّوَاةِ عَنْهُ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ.
372 - المُسْتَغْفِرِيُّ أَبُو العَبَّاسِ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُعْتَزِّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، المصَنِّفُ، أَبُو العَبَّاسِ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنُ المُعْتَزِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُسْتَغْفِرِ بنِ الفَتْحِ بنِ إِدْرِيْسَ المُسْتَغْفِرِيُّ، النَّسَفِيُّ.
مُؤَلّف كِتَاب (مَعْرِفَة الصَّحَابَة) ، وَكِتَاب (الدَّعَوات) ، وَكِتَاب (دلاَئِل النُّبُوَّة) ، وَكِتَاب (فَضَائِل القُرْآن) ، وَكِتَاب (الشَّمَائِل) ، وَكِتَاب (خُطبَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، وَكِتَاب (تَاريخ نَسَف) ، وَكِتَاب (الطِّبّ (1)) ، وَكِتَاب (تَاريخ كِشْ) ، وَغَيْر ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْ: زَاهِرِ بنِ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ لُقْمَان، وَأَبِي سَعِيْدٍ عَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الرَّازِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ السَّرَخْسِيّ، وَجَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ البُخَارِيّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَلَمْ يَرْحَلْ إِلَى العِرَاقِ فِيمَا أَعلم.
__________
(*) دمية القصر 1 / 664، الأنساب (المستغفري) ، اللباب 3 / 208، العبر 3 / 177، تذكرة الحفاظ 3 / 1102، الوافي بالوفيات 11 / 149، 150، مرآة الجنان 3 / 54، طبقات الاسنوي 2 / 403، الجواهر المضية 2 / 19 - 20، لسان الميزان 6 / 100، النجوم الزاهرة 5 / 33، تاج التراجم 21، شذرات الذهب 3 / 249، 250، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 125، 126، أعلام الاخيار رقم (245) ، الطبقات السنية 614، شذرات الذهب 3 / 249، 250، الفوائد البهية 57، هدية العارفين 1 / 253، الرسالة المستطرفة 39، أعيان الشيعة 16 / 246 - 248.
(1) وقد طبع في طهران سنة 1293، وانظر النسخ الخطية لبعض آثاره في " تاريخ " بروكلمان 6 / 227، 228، و" تاريخ " سزكين 1 / 572.(17/564)
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ النَّسَفِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الكَاسَنِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ الحَافِظُ، وَالخَطِيْبُ إِسْمَاعِيْلُ بنَ مُحَمَّدٍ النُّوحِي، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُحْدِّثَ مَا وَرَاء النَّهر فِي زَمَانِهِ.
مَوْلِدُهُ: بَعْد الخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِيَسِيْرٍ.
وَمَاتَ: بنَسَف سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ -.
وَفِيْهَا مَاتَ: حَمَّادُ بنُ عَمَّار القُرْطُبِيّ عَنْ مائَةِ عَام، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ البَاقِي بنُ مُحَمَّدٍ الطَّحَّان (1) ، وَأَبُو حَسَّانٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ المُزَكِّي (2) ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بن مَزْدَة المُقْرِئُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ؛ سِبْط أَبِي مُسْلِمٍ الجَلاَّب، وَأَبُو العَلاَءِ صَاعدُ بنُ مُحَمَّدٍ (3) بِنَيْسَابُوْرَ عَلَى الأَصحّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ بُكَيْر (4) المقرِئ.
373 - الحِنَّائِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الحَافِظُ، المُقْرِئُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حُسَيْنٍ الدِّمَشْقِيُّ، الحِنَّائِيُّ، الزَّاهِدُ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الوَهَّابِ الكِلاَبِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الحَدِيْد، وَأَبِي
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (352) .
(2) سترد ترجمته برقم (398) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (329) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (311) .
(*) العبر 3 / 166، 167، شذرات الذهب 3 / 238.(17/565)
الحُسَيْن بنِ جُمَيْع، وَابْن فِرَاس المَكِّيّ، وَأَحْمَدَ بنِ ثرثَال، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ النَّحَّاسِ، بِالحَرَمَيْنِ وَمِصْر وَالشَّام.
وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ (مُعْجَماً) لِنَفْسِهِ فِي مُجَلَّد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمَّان، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَسَعْدُ بنُ عَلِيٍّ الزَّنْخَانِي، وَسَعْد الله بن صَاعِدٍ الرَّحَبِي، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ: تُوُفِّيَ شَيْخُنَا وَأُسْتَاذُنَا أَبُو الحَسَنِ الحِنَّائِيّ؛ الشَّيْخُ الصَّالِحُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَولد: سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
كتبَ الكَثِيْرَ، وَكَانَ مِنَ العُبَّاد، وَكَانَتْ لَهُ جِنَازَةٌ عَظِيْمَةٌ، مَا رَأَيْتُ مثلَهَا! وَلَمْ يَزَلْ يُحمَلُ مِنْ بَعْد صَلاَة الجُمُعَة إِلَى قَرِيْب العَصْر، وَانحلَّ كَفَنُه.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ: دُفِنَ بِبَابِ كَيْسَان.
قُلْتُ: هُوَ أَخُو أَبِي القَاسِمِ الحُسَيْن الحِنَّائِيّ، وَعمُّ الشَّيْخِ أَبِي طَاهِرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ شَيْخ السِّلَفِيّ.
374 - الطَّلَمَنْكِيُّ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُحَقِّقُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الأَثَرِيُّ، أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ
__________
(*) جذوة المقتبس 114، ترتيب المدارك 4 / 749 - 751، الصلة 1 / 44، 45، بغية الملتمس 162، معجم البلدان 4 / 39، العبر 3 / 168، معرفة القراء الكبار 1 / 309، 310، تذكرة الحفاظ 3 / 1098 / 1100، عيون التواريخ 12 / 173 / 1، الوافي بالوفيات 8 / 32، 33، الديباج المذهب 1 / 178 - 180، غاية النهاية 1 / 120، النجوم الزاهرة 5 / 28، طبقات الحفاظ 423، 424، طبقات المفسرين للسيوطي 5، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 77 - 79، صفة جزيرة الأندلس 128، شذرات الذهب 3 / 243، 244، شجرة النور الزكية 1 / 113.(17/566)
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عِيْسَى لُبِّ بنِ يَحْيَى المَعَافِرِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، الطَّلَمَنْكِيُّ.
وَطَلَمَنْكُ - بِفَتحَاتٍ وَنُوْنَ سَاكنَةٍ -:مَدِينَةٌ اسْتولَى عَلَيْهَا العَدُوُّ قَدِيْماً.
كَانَ مِنْ بُحور العِلْمِ، وَأَوّلُ سَمَاعه فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عِيْسَى يَحْيَى بنِ عَبْدِ اللهِ اللَّيْثِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الزُّبَيْدِيّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ بِشْرٍ الأَنْطَاكِيّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ عَوْن الله، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُفَرِّج، وَأَبِي مُحَمَّدٍ البَاجِي، وَخَلَفِ بن مُحَمَّدٍ الخَوْلاَنِيّ، وَعِدَّة.
وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المُهَنْدس بِمِصْرَ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ عَمَّار بدِمِيَاط، وَأَبِي الطَّيِّبِ بن غَلْبُوْنَ، وَأَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَوْهَرِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الأُدْفُوِي، وَالفَقِيْهِ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ رَحمُوْنَ، وَيَحْيَى بن الحُسَيْنِ المُطَّلبِي لقيهُ بِالمَدِيْنَةِ، وَأَبِي الطَّاهِرِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ العُجَيفيِّ، وَأَبِي العَلاَءِ بنِ مَاهَان، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْم، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَهْل المُقْرِئُ، وَعِدَّةٌ.
أَدخل الأَنْدَلُس عِلْماً جمّاً نَافعاً، وَكَانَ عجباً فِي حفظِ عُلُوم القُرْآن - قرَاآتِه وَلُغَتِه وَإِعرَابِه وَأَحكَامِه وَمنسوخِه وَمعَانِيه -.
صَنَّفَ كُتُباً كَثِيْرَةً فِي السُّنَّة يلوحُ فِيْهَا فضلُه وَحفظُه وَإِمَامتُه وَاتِّبَاعُه للأَثر.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: أَخَذَ القِرَاءةَ عَنِ الأَنْطَاكِيّ، وَابنِ غَلْبُوْنَ، وَمُحَمَّد بنِ الحُسَيْنِ بنِ النُّعْمَانِ.(17/567)
قَالَ: وَكَانَ فَاضِلاً ضَابطاً، شدِيداً فِي السُّنَّة (1) .
وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَالٍ: كَانَ سيفاً مُجَرَّداً عَلَى أَهْلِ الأَهوَاء وَالبِدَع، قَامعاً لَهُم، غَيُوراً عَلَى الشَّريعَةِ، شَدِيداً فِي ذَات الله، أَقرأَ النَّاسَ مُحتَسِباً، وَأَسمع الحَدِيْث، وَالتزم للإِمَامَة بِمَسْجِد مُنْعَة (2) ، ثُمَّ خَرَجَ، وَتحوَّل فِي الثَّغْرِ وَانْتَفَعَ النَّاسُ بعِلمه، وَقصد بَلَدَهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَتُوُفِّيَ بِهَا.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عِيْسَى بن مُحَمَّدِ بنِ بَقِيّ الحِجَازِيُّ، عَنْ أَبِيهِ،
قَالَ:
خَرَجَ أَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ نَقْرَأُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: رَأَيْتُ البَارِحَةَ فِي مَنَامِي مَنْ يُنشِدُنِي:
اغْتَنِمُوا البِرَّ بشَيْخٍ ثَوَى ... تَرْحَمُهُ (3) السُّوْقَةُ وَالصِّيْدُ
قَدْ خَتَمَ العُمْرَ بعيدٍ مَضَى ... لَيْسَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ عِيْدُ
فَتُوُفِّيَ فِي ذَلِكَ العَام فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (4) .
قُلْتُ: عَاشَ تِسْعِيْنَ عَاماً سِوَى أَشهر، وَقَدِ امتُحن لفَرط إِنكَارِه، وَقَامَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَضدَادِه، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حرورِيٌّ يرَى وضعَ السَّيْفِ فِي صَالحِي المُسْلِمِيْنَ، وَكَانَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَقِيْهاً، فنصرهُ قَاضِي سَرَقُسْطَة؛ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَأَشهد عَلَى نَفْسه بِإِسقَاط الشُّهُود، وَهُوَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قرنُوْنَ (5) .
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 750، و" معرفة القراء الكبار " 1 / 310.
(2) تصحف في " الصلة " إلى " متعة " بالمثناة الفوقية.
(3) في " الديباج المذهب " 1 / 180: " يفقده ".
(4) " الصلة " 1 / 45.
(5) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1099، 1100.(17/568)
وحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً قَاضِي سَرَقُسْطَة عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَقَاضِي المَرِيَّة مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ المُرَابِط، وَالخَطِيْبُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَبْدرِي.
رَأَيْت لَهُ كِتَاباً فِي السُّنَّة فِي مُجَلَّدين عَامَّتُه جَيِّد، وَفِي بَعْض تَبْوِيبه مَا لاَ يُوَافَقُ عَلَيْهِ أَبَداً مِثْل: بَاب الجَنْب للهِ، وَذكر فِيْهِ: {يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ الله} [الزُّمر:56] فَهَذِهِ زَلَّةُ عَالِم، وَأَلَّفَ كِتَاباً فِي الرَّدِّ عَلَى البَاطنيَة.
فَقَالَ: وَمِنْهُم قَوْمٌ تَعَبَّدُوا بِغَيْر علمٍ، وَزعمُوا أَنَّهُم يَرَوْنَ الجَنَّةَ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَيَأْكُلُوْنَ مِنْ ثِمَارِهَا، وَتنزلُ عَلَيْهِم الحُورُ العِيْنُ، وَأَنَّهُم يلوذُوْنَ بِالعرش، وَيَرَوْنَ اللهَ بغيرِ وَاسطَةٍ وَيُجَالِسُونه.
375 - ابْنُ مُغِيْثٍ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ القُرْطُبِيُّ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ الأَنْدَلُس، قَاضِي القُضَاةِ، بَقِيَّةُ الأَعيَانِ، أَبُو الوَلِيْدِ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُغِيْثِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الصَّفَّارِ القُرْطُبِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ بِـ (سُنَنِ النَّسَائِيِّ) وَغَيْرهِ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن مُعَاوِيَةَ المَرْوَانِي بنِ الأَحْمَر، وَعَنْ أَبِي عِيْسَى اللَّيْثِيّ راويَة (المُوَطَّأ) ، وَإِسْمَاعِيْلَ بن بدْرٍ، وَأَحْمَد بن ثَابِتٍ التَّغْلِبِيّ، وَتَمِيْمِ بن مُحَمَّدٍ القَرَوِي، وَمُحَمَّدِ بن
__________
(*) جذوة المقتبس 384، 385، مطمح الانفس 59، 60، الصلة 2 / 684 - 686، بغية الملتمس 512، 513، العبر 3 / 169، مرآة الجنان 3 / 52، الديباج المذهب 2 / 374 - 376، وفيات ابن قنفذ 238، كشف الظنون 495، 1707، شذرات الذهب 3 / 244، إيضاح المكنون 1 / 285 - 287، هدية العارفين 2 / 572.(17/569)
إِسْحَاق بن السَّلِيم القَاضِي، وَتَفَقَّهَ بِالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ بنِ زَرب، وَرَوَى أَيْضاً عَنْ خلق مِنْهُم: أَبُو بَكْرٍ بنُ القُوْطِيَّة، وَيَحْيَى بنُ مُجَاهِد، وَأَبُو جَعْفَرٍ بنُ عَوْن الله، وَعُنِي بِالحَدِيْثِ جِدّاً، وَأَجَاز لَهُ مِنْ مِصْرَ الحَسَنُ بنُ رَشِيْق، وَمن العِرَاق أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ.
وَلِي خطَابَةَ مدينَةِ الزَّهْرَاء مُدَّةً، ثُمَّ وَلِي القَضَاءَ وَالخطَابَة بقُرْطُبَة مَعَ الوزَارَة، ثُمَّ عُزِلَ فَلَزِمَ بَيْتَهُ ثُمَّ وَلِي قَضَاءَ الجَمَاعَةِ وَالخطَابَةِ سَنَة تِسْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة حَتَّى مَاتَ.
وَكَانَ بَلِيْغَ المَوْعِظَةِ، وَافِرَ العِلْم، ذَا زُهْدٍ وَقُنوع، وَفضلٍ وَخُشوع، قَدْ أَثَّر البُكَاءُ فِي عَيْنَيْهِ، وَعَلَى وَجهه النُّوْرُ، وَكَانَ حُفَظَةً لأَخْبَارِ الصَّالِحِيْنَ.
صَنَّفَ كُتُباً نَافعَةً مِنْهَا (كِتَاب مَحَبَّة الله) ، وَكِتَاب (الْمُسْتَصْرِخِينَ بِاللهِ) ، وَكِتَاب (الْمُتَهَجِّدِينَ) .
حَدَّثَ عَنْهُ: مَكِّيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَابِد، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَابْنُ حَزْم، وَمُحَمَّدُ بنُ عتَّاب، وَأَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ، وَحَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء، وَمُحَمَّدُ بنُ فَرَج الطَّلاَّعِي، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَشيَّعَهُ خلقٌ لاَ يُحصُوْنَ.
376 - القَرَّابُ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، المصَنِّفُ، أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ
__________
(*) طبقات ابن الصلاح 41 / ب، تذكرة الحفاظ 3 / 1100 - 1102، العبر 3 / 168، =(17/570)
أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّرَخْسِيُّ، ثُمَّ الهَرَوِيُّ، القَرَّابُ، مُحَدِّثُ هَرَاة، وَصَاحِبُ التَّوَالِيفِ الكثيرَة، وَقَدْ مرَّ أَخُوْهُ (1) .
وَلد هَذَا: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَبَالَغَ فِي الطَّلَب إِلَى الغَايَة.
قَالَ أَبُو النَّضْر الفَامِي: زَادَ عددُ شُيُوْخه عَلَى أَلفٍ وَمائَتَيْنِ، وَعمل (الوفيَات) عَلَى السِّنين فِي، مُجَلَّدين وَكِتَاب (نَسِيم المُهج) ، وَكِتَاب (الأُنس وَالسّلوَة) ، وَكِتَاب (شمَائِل العبَاد) ، وَغَيْر ذَلِكَ.
قَالَ: وَكَانَ زَاهِداً مُقِلاًّ مِنَ الدُّنْيَا.
قُلْتُ: سَمِعَ العَبَّاسَ بن الفَضْلِ النَّضرويي، وَجدَّه لأُمِّهِ مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ بن حفصويه، وَأَبَا الفَضْل مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ السَّيَّارِي، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حمّويه السَّرَخْسِيّ، وَزَاهِرَ بنَ أَحْمَدَ الفَقِيْه، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ اللهِ النُّعَيْمِيّ، وَالخَلِيْلَ بنَ أَحْمَدَ السِّجْزِيّ، وَأَبَا الحَسَنِ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بن حَمْزَةَ، وَالحُسَيْنَ بنَ أَحْمَدَ الشَّمّاخِي (2) الصَّفَّار (3) ، وَأَبَا مَنْصُوْر مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ البَزَّاز، فَمَنْ بَعْدهُم، حَتَّى كتب عَنِ أقرَانه وَمَن دُوْنَهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُ الإِسْلاَمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
__________
= 169، عيون التواريخ 12، 172، 2، الوافي بالوفيات 8 / 394، طبقات السبكي 4 / 264، 265، طبقات الاسنوي 2 / 311، طبقات الحفاظ 244، كشف الظنون 1059، شذرات الذهب 3 / 244، إيضاح المكنون 2 / 53، هدية العارفين 1 / 200.
(1) برقم (240) من هذا الجزء.
(2) ضبط في الأصل بتشديد الميم، وضبطه السمعاني بفتح الشين المعجمة والميم وفي آخرها الخاء المعجمة، وقال: هذه النسبة إلى الشماخ، وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه، وهو أبو عبد الله الحسين بن أحمد ... وساق ترجمته.
" الأنساب " 7 / 380، 381.
(3) في الأصل: " الصفا " وهو خطأ، والمثبت من " الأنساب " و" تذكرة الحفاظ ".(17/571)
أَبِي عَاصِمٍ الصِّيدَلاَنِيّ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَتّ، وَأَهْل هَرَاة.
وَكَانَ مِمَّنْ يُرجع إِلَيْهِ فِي العِلَل، وَالجَرْح وَالتَّعديل.
مَاتَ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقع لَنَا كِتَاب (الرَّمْي) لَهُ.
377 - عَبْدُ القَاهِرِ بنُ طَاهِرٍ أَبُو مَنْصُوْرٍ البَغْدَادِيُّ *
العَلاَّمَةُ، البَارِعُ، المُتَفَنِّنُ، الأُسْتَاذُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ البَغْدَادِيُّ، نَزِيْلُ خُرَاسَان، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ البَدِيْعَةِ، وَأَحَدُ أَعلاَمِ الشَّافِعِيَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بن نُجَيْد، وَأَبِي عَمْرٍو مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ مَطَر، وَبِشْرِ بن أَحْمَدَ، وَطَبَقَتهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْرُوْيِي، وَخَلْقٌ.
وَكَانَ أَكبَر تَلاَمِذَةِ إِبِي إِسْحَاق الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَكَانَ يُدَرِّس فِي سَبْعَةَ عَشَرَ فَنّاً، وَيُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ، وَكَانَ رَئِيْساً مُحْتَشِماً مُثرياً، لَهُ كِتَاب (التَّكملَة) فِي الحسَاب.
قَالَ أَبُو عثْمَان الصَّابُوْنِيّ: كَانَ الأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُوْرٍ مِنْ أَئِمَّةِ الأُصُوْلِ،
__________
(*) تبيين كذب المفتري 253، إنباه الرواة 2 / 185، 186، منتخب السياق 105، طبقات ابن الصلاح 59 ب، وفيات الأعيان 3 / 203، تلخيص ابن مكتوم 111، فوات الوفيات 2 / 370 - 372، عيون التواريخ 12 / 105 / 1 - 106 / 2، مرآة الجنان 3 / 52، طبقات السبكي 5 / 136 - 148، طبقات الاسنوي 1 / 194 - 196، البداية والنهاية 12 / 44، طبقات ابن قاضي شهبة 94، بغية الوعاة 2 / 105، مفتاح السعادة 2 / 185، 186، طبقات ابن هداية الله 139، 140، كشف الظنون 254، 335، هدية العارفين 1 / 606، إيضاح المكنون 2 / 234، 375، تراث العرب العلمي 304.(17/572)
وَصُدُور الإِسْلاَمِ بِإِجمَاعِ أَهْلِ الفَضْل، بَدِيْعَ التَّرتيب، غَرِيْبَ التَأْلِيْفِ، إِمَاماً مُقَدَّماً مُفَخّماً، وَمن خرَاب نَيْسَابُوْر خُرُوْجُه مِنْهَا (1) .
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا حصل بِإِسْفَرَايِيْن، ابتهجُوا بِمَقْدَمَه إِلَى الغَايَة (2) .
قُلْتُ: وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ، وَكُنْتُ أَفردْتُ لَهُ تَرْجَمَةً لَمْ أَظْفر السَّاعَةَ بِهَا.
مَاتَ: بِإِسْفَرَايِيْن فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَقَدْ شَاخَ (3) .
وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي النَّظَر وَالعَقْلِيَّات (4) .
أَمَّا:
378 - أَبُو مَنْصُوْرٍ الأَيُّوْبِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ *
المُتَكَلِّمُ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، فَهُوَ إِمَامٌ باهرٌ ذكيّ.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ: هُوَ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَبِي أَيُّوْبَ، الأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُوْرٍ، حجّةُ الدِّيْنِ، صَاحِبُ البيَان وَالحُجَّة وَالنَّظَرِ الصَّحِيْح، أَنْظَرُ مَنْ كَانَ فِي عصره عَلَى مَذْهَب الأَشْعَرِيّ، تَلْمَذَ لابْنِ فُوْرَك، وَكَانَ فَقيراً نَزِهاً قَانعاً، مُصَنِّفاً (5) .
تُوُفِّيَ: فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(1) انظر " تبيين كذب المفتري " 253.
(2) " تبيين كذب المفتري " 253، وقد فارق نيسابور بسبب فتنة وقعت بها من التركمان
(3) ودفن إلى جنب شيخه أبي إسحاق الاسفراييني.
(4) انظر تصانيفه في " فوات الوفيات " 2 / 372، و" طبقات " السبكي 5 / 140.
وقد طبع له منها كتاب " الفرق بين الفرق وبيان الفرق الناجية منهم " في مصر عام 1328 هـ، و" أصول الدين " في استانبول عام 1346 هـ. انظر " معجم المطبوعات " 144، 145.
(*) تبيين كذب المفتري: 249.
(5) انظر " تبيين كذب المفتري " 249.(17/573)
379 - ابْنُ المِيْرَاثِيِّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى البَلَوِيُّ *
الحَافِظُ الأَوْحَدُ، المُجَوِّدُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بن إِسْمَاعِيْلَ البَلَوِيُّ، القُرْطُبِيُّ، المَعْرُوفُ: بِابْنِ المِيْرَاثِيِّ، أَحدُ أَئِمَّة الحَدِيْثِ.
رَوَى عَن: أَبِي الفَتْح بن سِيبُخْت (1) ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الكَاتِب، وَيُوْسُفَ بنِ الدَّخِيل، وَعُبَيْدِ اللهِ السَّقَطِيّ، وَسَعِيْدِ بن نَصْرٍ القُرْطُبِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ قَاسِم البَزَّاز، وَطَبَقَتِهم.
وَلَمَّا رَأَى عَبْدُ الغَنِيّ بنُ سَعِيْد حِذْقَه وَاجْتِهَادَهُ، لَقَّبَهُ غُنْدَراً (2) .
رَجَعَ، وَبثَّ حَدِيْثَه، فَرَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الخَوْلاَنِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ دِلْهَاث، وَأَبُو العَبَّاسِ المهدوِي، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ خَزْرج.
تُوُفِّيَ: فِي حُدُوْدِ سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ بِضْعٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
380 - القُدُوْرِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ **
شَيْخُ الحَنَفِيَّة، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ
__________
(*) جذوة المقتبس 114، الصلة 1 / 43، بغية الملتمس 162، 163 وفيه ابن اليراثي، الوافي بالوفيات 8 / 75.
(1) بكسر السين المهملة ثم ياء ساكنة وضم الموحدة وسكون الخاء المعجمة، أبو الفتح
إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن سيبخت الكتاب، آخر من روى عن أبي القاسم البغوي وغيره.
انظر " تبصير المنتبه " 2 / 696.
(2) تشبيها له بمحمد بن جعفر غندر المحدث، وقد مرت ترجمته في الجزء التاسع برقم (33) .
(* *) تاريخ بغداد 4 / 377، الأنساب 10 / 76، المنتظم 8 / 91، اللباب 3 / 19، 20، وفيات الأعيان 1 / 78، 79، المختصر في أخبار البشر 2 / 161، العبر 3 / 164، 165، تذكرة الحفاظ 3 / 1086، دول الإسلام 1 / 255، تتمة المختصر 1 / 519، الوافي =(17/574)
حَمْدَانَ البَغْدَادِيُّ، القُدُوْرِيُّ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً، انْتَهَت إِلَيْهِ بِالعِرَاقِ رِئاسَةُ الحَنَفِيَّة، وَعظُمَ وَارتفَعَ جَاهُهُ، وَكَانَ حَسَنَ العِبَارَةِ (2) ، جَرِيء اللِّسَان، مُديماً للتلاَوَة.
قُلْتُ: رَوَى عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الحَوْشَبِي، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ سُوَيْد المُؤَدِّب.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الدَّامَغَانِي.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ سِتٌّ وَسِتُّوْنَ سَنَةً (3) .
__________
= بالوفيات 7 / 320، 321، عيون التواريخ 12 / 159 /، مرآة الجنان 3 / 47، البداية والنهاية 12 / 4، الجواهر المضية 1 / 247 - 250، النجوم الزاهرة 5 / 24، 25، تاج التراجم 7، مفتاح السعادة 2 / 280، 281، كتائب أعلام الاخيار رقم (243) ، الطبقات السنية رقم (94)) ، كشف الظنون 1 / 46، 155، شذرات الذهب 3 / 233، الفوائد البهية 30، 31، روضات الجنات 1 / 240، 241، هدية العارفين 1 / 73، والقدوري: نسبة إلى صنعة القدور أو بيعها، أو هي اسم قرية من قرى بغداد يقال لها: قدورة.
(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 377.
(2) في الأصل: " العبادة " بالدال، والمثبت من " تاريخ بغداد " وفيه: وكان حسن العبارة في النظر.
(3) وله عدة مصنفات نفيسة، انظرها في " الجواهر المضية " 1 / 248، و" هدية العارفين " 1 / 73، ومن أسير كتبه وأشهرها كتاب " المختصر في فروع الحنفية " وهو من الكتب المعتمدة في فقه أبي حنيفة، واشتهر باسم " الكتاب " فإذا أطلق لفظ الكتاب عند الحنفية ينصرف إليه، كما إذا أطلق لفظ الكتاب عند النحاة ينصرف إلى كتاب سيبويه.
وقد طبع عدة طبعات في دلهي ولاهور وقازان وبومباي واستنبول والقاهرة، وأفرد من هذا " المختصر " بالطبع كتاب " الجهاد " في ليبزغ 1825 م.
وقد كان هذا " المختصر " موضع عناية العلماء، فتناولوه بالشرح والايضاح والنقد والاختصار، انظر هذه الشروح وأماكن وجود نسخها الخطية في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 109 - 115، وقد طبع من شروحه كتاب " الجوهرة النيرة " لأبي بكر محمد ابن علي بن موسى الحداد العبادي اليمني المتوفى سنة 800 هـ، طبع باستنبول 1301 هـ و1316 هـ و1323، وفي دلهي 1327 وفي لاهور 1328 هـ، وطبع أيضا كتاب " اللباب في شرح =(17/575)
381 - الأَبْهَرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ *
القُدْوَةُ، شَيْخُ الزُّهَّادِ، أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الأَبْهَرِيُّ، ثُمَّ الهَمَذَانِيُّ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: كَانَ وَحيدَ عَصْره فِي علم المعرفَةِ وَالطَّريقَةِ، بعيدَ الإِشَارَةِ، دقيقَ النَّظَر.
حَدَّثَ عَنْ: صَالِحِ بنِ أَحْمَدَ، وَعَلِيِّ بن الحُسَيْنِ بنِ الرَّبِيْع، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ صَالِح القَزْوِيْنِيّ، وَالمُفِيْد الجَرْجَرَائِيّ، وَابْن المُظَفَّرِ.
وَارْتَحَلَ وَعُنِي بِالرِّوَايَة.
حَدَّثَنَا (1) عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ طَاهِرٍ القُوْمِسَانِي، وَأَحْمَدُ بنُ عُمَرَ، وَعَبْدُوْس بنُ عَبْدِ اللهِ، وَينجيرُ بنُ مَنْصُوْر.
وَكَانَ ثِقَةً عَارِفاً، لَهُ شَأْنٌ وَخطر، وَكَرَامَاتٌ ظَاهِرَة.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَان وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قِيْلَ: إِنَّهُ عَمل لَهُ خلوَةً، فَبَقِيَ خَمْسِيْنَ يَوْماً لاَ يَأْكُلُ شَيْئاً.
وَقَدْ قُلْنَا: إِنَّ هَذَا الْجُوع المُفْرِط لاَ يَسُوَغُ، فَإِذَا كَانَ سَرْدُ الصِّيَامِ وَالوصَالُ قَدْ نُهِي عَنْهُمَا، فَمَا الظَّنُّ؟ وَقَدْ قَالَ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَعوذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ فَإِنَّهُ بِئسَ الضَّجِيعُ (2)) .
ثُمَّ قَلَّ مَنْ عَمل هَذِهِ الخَلَواتِ
__________
= الكتاب " لعبد الغني الميداني المتوفى 1289 هـ طبع في استنبول 1275 هـ، وفي القاهرة بتحقيق محيي الدين عبد الحميد.
(*) لم نقف على ترجمة له في المصادر.
(1) الكلام لشيرويه.
(2) أخرجه أبو داود (1547) والنسائي 8 / 263، وابن ماجة (3354) من حديث =(17/576)
المُبْتَدعَة إِلاَّ وَاضطرَبَ، وَفَسَدَ عَقْلُه، وَجفَّ دمَاغُه، وَرَأَى مرَأْىً، وَسَمِعَ خِطَاباً لاَ وُجودَ لَهُ فِي الخَارج، فَإِنْ كَانَ مُتَمَكِّناً مِنَ العِلْمِ وَالإِيْمَان، فَلَعَلَّهُ ينجُو بِذَلِكَ مِنْ تَزَلْزُل توحيدِهِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً بِالسُّنَن وَبقَواعد الإِيْمَان، تَزَلْزَلَ تَوحيدُه، وَطمع فِيْهِ الشَّيْطَانُ، وَادَّعَى الوُصُوْلَ، وَبَقِيَ عَلَى مَزلَّةِ قَدِمَ، وَرُبَّمَا تزَنْدَقَ، وَقَالَ: أَنَا هُو.
نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ النَّفسِ الأَمَّارَة، وَمن الهوَى، وَنسأَلُ اللهَ أَنْ يحْفَظَ عَلَيْنَا إِيْمَانَنَا آمِين.
382 - جَلاَلُ الدَّوْلَةِ فَيْرُوْزَجِرْدُ بنُ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ الدَّيْلَمِيُّ *
صَاحِبُ العِرَاقِ، المَلِكُ، جَلاَلُ الدَّوْلَةِ، أَبُو طَاهِرٍ فَيْرُوْزَجِرْدُ ابْنُ المَلِكِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ أَبِي نَصْرٍ ابْنِ السُّلْطَانِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بنِ رُكنِ الدَّوْلَةِ بنِ بُوَيه الدَّيْلَمِيُّ.
تَمَلَّكَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ لَيِّنَةً، وَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنُه المَلِكُ العَزِيْزُ أَبُو مَنْصُوْرٍ، فَكَانَتْ أَمورُه وَاهيَةً كَأَبِيهِ.
وَكَانَ جَلاَلُ الدَّوْلَة شِيْعِيّاً كَأَهْل بَيْتِه وَفِيْهِ جُبْنٌ، وَعسكَرُهُ مَعَ قلَّتِهم طَامعُوْنَ فِيْهِ.
عَاشَ نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَذَاق نكداً كَثِيْراً كَمَا ذكرنَاهُ فِي (تَاريخنَا) فِي الحوَادث.
__________
= أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة " وسنده حسن.
(*) المنتظم 8 / 118، الكامل في التاريخ 9 / 361، 362، 366، 374، 408، 430، 431، 446، 453، 455، 459، 471، 489، 511، 516، المختصر في أخبار البشر، 2 / 166 و167، العبر 3 / 183، 184، تتمة المختصر 1 / 526، البداية والنهاية 12 / 52، النجوم الزاهرة 5 / 37، شذرات الذهب 3 / 255، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة 12 و66.(17/577)
تُوُفِّيَ: سَنَةَ 435. وَإِنَّمَا كَانَ سُلْطَانَ العَصْر ابْنُ سُبُكْتِكِيْن (1) .
383 - الأَزْهَرِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ البَغْدَادِيُّ *
المُحَدثُ، الحُجَّةُ، المُقْرِئُ، أَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ (2) اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الأَزْهَرِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الصَّيْرَفِيُّ، ابْنُ السَّوَادِي (3) ، وَهُوَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي الفَتْحِ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ مَاسِي، وَأَبِي سَعِيْدٍ الحُرْفِيّ، وَابنِ عُبَيْد العَسْكَرِي، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيّ، وَعِدَّة.
وَكَانَ مِنْ بحور الرِّوَايَة.
قَالَ الخَطِيْبُ (4) :كَانَ أَحَدَ المَعْنِيِّين بِالحَدِيْثِ وَالجَامعين لَهُ، مَعَ صدقٍ وَاسْتقَامَةٍ وَدوَام تلاَوَة.
سَمِعْنَا مِنْهُ المُصَنَّفَاتِ الكِبَار، وَكَمَّل الثَّمَانِيْنَ.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (319) .
(*) تاريخ بغداد 10 / 385، الأنساب 1 / 206 (الازهري) 7 / 180 (السوادي) ، المنتظم 8 / 117، 118، اللباب 1 / 48 و2 / 151، العبر 3 / 183، البداية والنهاية 12 / 51، 52، غاية النهاية 1 / 485، النجوم الزاهرة 5 / 37، شذرات الذهب 3 / 255.
(2) تحرف في " البداية " إلى " عبد ".
(3) نسبة إلى سواد العراق. قال الخطيب: ذكر لي أن جده عثمان من أهل إسكاف قدم بغداد، واستوطنها، فعرف بالسوادي.
(4) في " تاريخ بغداد " 10 / 385.(17/578)
384
- المُهَلَّبُ بنُ أَحْمَدَ * بنِ أَبِي صُفْرَةَ أَسِيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ (1) الأَسَدِيُّ
الأَنْدَلُسِيُّ، المَرِيِيُّ (2) ، مُصَنِّفُ (شَرْحِ صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) .
وَكَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ الفُصحَاء، الْمَوْصُوفين بِالذَّكَاء.
أَخذ عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي، وَفِي الرّحلَة عَنْ أَبِي الحَسَنِ القَابِسِي، وَأَبِي الحَسن عَلِيِّ بنِ بُنْدَار القَزْوِيْنِيّ، وَأَبِي ذَرٍّ الحَافِظ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء، وَوصفَه بِقَوَّة الفهمِ وَبَرَاعَةِ الذِّهن (3) .
وحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَابِد، وَحَاتِمُ بنُ مُحَمَّد.
وَلِي قَضَاءَ المَرِيَّة.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ (4) وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(*) جذوة المقتبس 352، ترتيب المدارك 4 / 751، 752، الصلة 2 / 626، 627، بغية الملتمس 471، العبر 3 / 184، 185، الوافي بالوفيات خ 26 / 117، الديباج المذهب 2 / 346، كشف الظنون 545، شذرات الذهب 3 / 255، 256، هدية العارفين 2 / 485، شجرة النور الزكية 1 / 114.
(1) وكنية المهلب هذا أبو القاسم.
(2) نسبة إلى المرية، وهي مدينة كبيرة من كورة إلبيرة من أعمال الأندلس، كانت هي وبجانة بابي الشرق، منها يركب التجار، وفيها تحل مراكبهم، ويضرب ماء البحر سورها. " معجم البلدان " 5 / 119.
(3) انظر " الصلة " 2 / 627، و" ترتيب المدارك " 4 / 752.
(4) في " الديباج المذهب ": سنة ثلاث، وفي " البغية " و" الجذوة ": مات بعد العشرين وأربع مئة.(17/579)
385 - ابْنُ مَامَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْيَدَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الحَافِظُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْيَدَ بنِ مَامَا الأَصْبَهَانِيُّ، المَامَائِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي شُرَيْح، وَأَبِي عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلَ بنِ حَاجِب الكُشَانِي، وَأَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المَلاَحمِي، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الحَلِيْمِي، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَلَمْ يقْدَم العِرَاقَ، بَلِ ارْتَحَلَ إِلَى مَا وَرَاء النَّهر، وَيَعِزُّ وَقوعُ حَدِيْثِهِ إِلَيْنَا، وَقَدْ ذيَّل عَلَى (تَاريخ بُخَارَى) لغُنْجَار، لَمْ تَتَّصِل بِنَا أَحْوَالُه كَمَا يَجِبُ.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
386 - الرَّبَعِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُفِيْدُ، المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَيْمُوْنِ بنِ أَبِي زِرْوَانَ (1) الرَّبَعِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: الحَسَنَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ الكِنْدِيَّ، وَالعَبَّاسَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(*) الأنساب (الماماني) ، اللباب 3 / 156، تذكرة الحفاظ 3 / 1117، 1118، الوافي بالوفيات 7 / 361، طبقات الحفاظ 428، هدية العارفين 1 / 74.
(* *) الإكمال 4 / 194، تذكرة الحفاظ 3 / 1108، 1109، غاية النهاية 1 / 532.
(1) ضبط في الأصل بكسر الزاي - وضبطها ابن ماكولا وابن حجر بالفتح - وسكون الراء بعدها واو مفتوحة، وقد تحرف في " غاية النهاية " إلى " ذروان " بالذال. انظر " الإكمال " 4 / 193، و" تبصير المنتبه " 2 / 646.(17/580)
حِبَّان، وَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ أَبِي فَرْوَة، وَعَبْدَ الوَهَّاب بن الحَسَنِ الكِلاَبِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ عُتْبَةَ بن مَكِين، وَعِدَّة.
وَتلاَ وَجوَّد عَلَى الإِمَامِ عَلِيِّ بن دَاوُدَ الدَّارَانِي، وَعَلِيِّ بنِ زُهَيْر.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمَّان، وَالكَتَّانِيّ، وَنَجَا بنُ أَحْمَدَ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَدِيْد، وَآخَرُوْنَ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
قَالَ الكَتَّانِيّ: كَانَ يَحْفَظُ (غَرِيْبَ الحَدِيْث) لأَبِي عُبَيْدٍ، وَيَحْفَظُ أَلفَ حَدِيْثٍ بِأَسَانيدِهَا مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ جَوْصَا، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً، وَانتهتْ إِلَيْهِ الرِّئاسَةُ فِي قِرَاءة الشَّامِيِّين (1) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا المُؤَيَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بن أَحْمَدَ السُّلَمِيّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، أَخْبَرَنَا الرَّبَعِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكِنْدِيّ، أَخْبَرَنَا العَبَّاسُ بنُ الخَلِيْل بحِمْص، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ خُزَيْمَة، أَخْبَرَنَا أَبِي عَن نَصْرِ بنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَخِيْهِ محفوظِ بنِ عَلْقَمَة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَائِذ، حَدَّثَنِي جُبَيْر بنُ نُفَيْر قَالَ:
قَالَ عَوْفُ بنُ مَالِك: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
(إِنَّ الأَنْبِيَاءَ يَتَكَاثَرُوْنَ بِأُمَمِهم غَيْرَ مُوْسَى، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ أَكْثُرَهُ، وَلَقَدْ أُعْطِي خَصَلاَتٍ: مَكَث يُنَاجِي رَبَّهُ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، وَلاَ يَنْبَغِي لِمُتَنَاجِيَيْن أَنْ يَتَنَاجَيَا أَطْوَلَ مِنْ نجَوَاهُمَا، وَلاَ يَصْعَقُ مَعَ النَّاس) (2) .
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1108.
(2) نصر بن خزيمة مجهول، وكذا أبوه، والعباس بن خليل، قال فيه أبو أحمد الحاكم شيخ صاحب المستدرك: فيه نظر كما في " ميزان " المؤلف، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " ص 191، ونسبه للطبراني وابن عساكر.(17/581)
387 - الدَّلُّوْيِيُّ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
العَلاَّمَةُ الكَبِيْرُ، أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ (1) بنِ دَلُّويه الدَّلُّوييُّ، الأُسْتَوَائِيُّ، الشَّافِعِيّ.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ تَقْرِيْباً.
ذَكَرَهُ الخَطِيْبُ فِي (تَارِيْخِهِ (2)) فَقَالَ: وَأُسْتُوا (3) مِنْ قُرَى نَيْسَابُوْر.
سَمِعَ: أَبَا سَعِيْد بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الرَّازِيَّ، وَأَبَا أَحْمَد الحَاكِم، وَبِبَغْدَادَ الدَّارَقُطْنِيَّ، وَوَلِيَ قَضَاءَ عُكْبَرَا، وَكَانَ شَافِعِيّاً أُصُوْليّاً أَشْعَرِيّاً، لَهُ حَظٌّ مِنْ مَعْرِفَةِ الأَدَبِ وَالعَرَبِيَّة، كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً ... إِلَى أَنْ قَالَ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
388 - الجَرْجَرَائِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ **
الوَزِيْرُ الكَامِلُ، نَجِيْبُ الدَّوْلَةِ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَزِيْرُ الدِّيَار المِصْرِيَّة للظَاهِر العُبَيْدِي، وَكَانَ مِنْ دُهَاة المُلُوك.
خَدَمَ الحَاكِمَ، فَغَضِبَ عَلَيْهِ، فَقطع يَدَيْهِ مِنْ مِرْفَقَيه فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ
__________
(*) تاريخ بغداد 4 / 377، 378، الأنساب 5 / 333، 334، تبيين كذب المفتري 247، معجم الأدباء 5 / 38، 39، اللباب 1 / 507، الوافي بالوفيات 7 / 351، طبقات السبكي 4 / 60، 61، بغية الوعاة 1 / 358.
والدلويي: ضبط في الأصل بفتح الدال، وضبطها السمعاني بالكسر، وتابعه ابن الأثير والسيوطي، واللام بعدها مشددة مضمومة.
(1) في " الوافي " و" بغية الوعاة " و" معجم الأدباء ": " محمود " بدل " محمد ".
(2) 4 / 377، 378.
(3) بضم الالف، وسكون السين المهملة، وفتح التاء المثناة من فوق أو ضمها.
(* *) الإشارة إلى من نال الوزارة 35، الكامل في التاريخ 9 / 525، وفيات الأعيان 3 / 407، 408، الولاة للكندي 497 و499، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة 148، أعلام الزركلي 4 / 254.
والجرجرائي: نسبة إلى جرجرايا، وهي قرية من أرض العراق.(17/582)
وَأَرْبَع مائَة لِكَوْنِهِ خَانَ فِي مُبَاشرَة دِيْوَانٍ، ثُمَّ رَضِي عَنْهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة، وَوَلاَّهُ دِيْوَان النَّفقَات، ثُمَّ عَظُمَ أَمْرُهُ إِلَى أَنْ وَزَرَ فِي سَنَةِ ثمَانِي عَشْرَة وَأَرْبَع مائَة، فَكَانَ يَكْتُبُ العلامَةَ عَنْهُ القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ القُضَاعِي، وَهِيَ: الحَمْدُ للهِ شُكْراً لِنِعْمَتِهِ (1) .
وَكَانَ شَهْماً كَافِياً سَائِساً، ذَا أَمَانَةٍ وَعِفَةٍ.
وَقَدْ هَجَاهُ جَاسوسُ الْفلك بِأَبيَات مِنْهَا:
فَمِنَ الأَمَانَةِ وَالتُّقَى ... قُطِعَتْ يَدَاكَ مِنَ المَرَافِقْ (2) ؟!
واستمرَّ فِي الوزَارَة للظَاهِر، ثُمَّ لِابْنِهِ المُسْتَنْصِر، فكَانَتْ دَوْلَته ثمَانِي عَشْرَة سَنَةً، إِلَى أَنْ مَاتَ فِي سَابع رَمَضَان، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
389 - المَنَازِيُّ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الكَاتِبُ *
الوَزِيْرُ البَلِيْغُ، ذُو الصِّنَاعَتَينِ، أَبُو نَصْرٍ (3) أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ الكَاتِبُ، مِنْ أَهْلِ مَنَازجِرد (4) .
وزر لأَحْمَدَ بنِ مَرْوَانَ صَاحِبِ دِيَار بَكْر، وَتَرَسَّل عَنْهُ إِلَى القُسْطَنْطِيْنِيَّة
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 408.
(2) البيت في " وفيات الأعيان " 3 / 408، وقبله قوله:
يا أحمقا اسمع وقل * ودع الرقاعة والتحامق
أأقمت نفسك في الثقا * ت وهبك فيما قلت صادق
(*) معجم البلدان 5 / 202 (منازجرد) ، وفيات الأعيان 1 / 143 - 145، المختصر في أخبار البشر 2 / 168، العبر 3 / 187، المشتبه 2 / 616، تتمة المختصر 1 / 528، الوافي بالوفيات 8 / 285 - 288، تبصير المتنبه 4 / 1393، شذرات الذهب 3 / 259، 260.
(3) في " المشتبه " و" تبصير المنتبه ": أبو العباس.
(4) في الأصل: مناز جهد، وهو تحريف، والتصويب من مشتبه المؤلف و" العبر " و" وفيات الأعيان " و" شذرات الذهب ".(17/583)
غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَهُ كُتُبٌ كَثِيْرَةٌ وَقَفهَا (1) ، وَهُوَ القَائِلُ لأَبِي العَلاَء: فَمَا لَهُم يُؤذُونَكَ وَقَدْ تَرَكْتَ لَهُم الدُّنْيَا وَالآخِرَة (2) .
وَلَهُ نَظْمٌ فَائِقٌ قَلِيْلُ الوجُود (3) كَمَا قِيْلَ:
وَأَقْفَر مِنْ شِعْرِ المَنَازِي المَنَازِلُ ...
وَمنَازجِرد: بقُرْبِ خرت برت، وَلَيْسَتْ منَاز كِرْدَ القلعَة الَّتِي مِنْ عَمل خِلاَط (4) .
390 - التَّيَّانِيُّ أَبُو غَالِبٍ تَمَّامُ بنُ غَالِبِ بنِ عُمَرَ *
حَاملُ لوَاءِ اللُّغَة، أَبُو غَالِبٍ تَمَّامُ بنُ غَالِبِ بنِ عُمَرَ القُرْطُبِيُّ، ابْنُ التَّيَّانِيِّ، نَزِيْلُ مُرْسِيَةَ.
__________
(1) قال ابن خلكان: وقفها على جامع ميافارقين وجامع آمد، وهي موجودة بخزائن الجامعين، ومعروفة بكتب المنازي.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 1 / 143، و" الوافي " 8 / 285.
(3) انظر بعض نظمه في " الوافي " 8 / 285 - 288.
(4) وفيات الأعيان والزيادة منه 1 / 144، وذكر في ترجمة القالي 1 / 227 أن منازجرد من ديار بكر.
(*) الإكمال 1 / 443، جذوة المقتبس 183، الصلة 1 / 120، 121، بغية الملتمس 252، معجم الأدباء 7 / 135 - 138، إنباه الرواة 1 / 259، 260، المغرب في حلي المغرب 1 / 166، وفيات الأعيان 1 / 300، 301، العبر 3 / 185، المشتبه 1 / 93، تلخيص ابن مكتوم 46، مسالك الابصار ج 4 م 2 / 298 - 299، عيون التواريخ 12 / 208، الوافي بالوفيات 10 / 398، 399، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 285، إشارة التعيين 5، بغية الوعاة 1 / 478، 479، نفح الطيب 3 / 172، كشف الظنون 481، شذرات الذهب 3 / 256، روضات الجنات 140، 141، إيضاح المكنون 2 / 607، هدية العارفين 1 / 245، 246.
قال ابن خلكان: والتياني: أظنه منسوبا إلى التين وبيعه والله أعلم.
وقد تصحفت هذه النسبة في " هدية العارفين " إلى " التباني " بالموحدة التحتية، وجاء في بعض المصادر: " ابن التيان ".(17/584)
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي بَكْرٍ الزُّبَيْدِيِّ، وَعَبْدِ الوَارِثِ بنِ سُفْيَانَ، وَطَائِفَةٍ.
قَالَ الحُمَيْدِيُّ (1) :كَانَ إِمَاماً فِي اللُّغَةِ، ثِقَةً، وَرِعاً، خَيِّراً، لَهُ كِتَابٌ فِي اللُّغَة (2) لَمْ يُؤلَّفْ مِثْلُهُ اخْتِصَاراً وَإِكثَاراً، حَدَّثَنِي ابْنُ حَزْم قَالَ (3) :
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ الفَرَضِيّ أَنَّ الأَمِيْر مُجَاهِداً العَامِرِيَّ وَجَّه إِلَى أَبِي غَالِب إِذْ غَلَب عَلَى مُرْسِيَة أَلفَ دِيْنَار عَلَى أَنْ يَزِيْد فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الكِتَاب مِمَّا أَلَّفْتُه (4) لأَبِي الجَيْش مُجَاهِدٍ العَامِرِيِّ (5) ، فَرَدَّ الدَّنَانِيْرَ، وَلَمْ يَفْعَلْ، وَقَالَ: لَوْ بُذِلَتْ لِي الدُّنْيَا عَلَى ذَلِكَ، مَا فَعَلْتُ، وَلاَ اسْتجزتُ الكَذِبَ فَإِنِّي لَمْ أَجْمَعْهُ لَهُ خَاصَّة.
تُوُفِّيَ: بِالمَرِيَّة سَنَة سِتٍّ (6) وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
391 - الصَّفَّارُ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ *
المُسْنِدُ، أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ الأَصْبَهَانِيُّ، الصَّفَّارُ، أَخُو الفَقِيْه أَبِي سَهْل الصَّفَّار.
__________
(1) في " جذوة المفتبس " 183.
(2) هو كتاب " تلقيح العين " وانظر بقية تواليفه في " هدية العارفين " 1 / 246.
(3) انظر " نفح الطيب " 3 / 172.
(4) في " الجذوة " و" نفح الطيب ": مما ألفه تمام بن غالب.
(5) هو مجاهد بن عبد الله العامري، أبو الجيش، مولى عبد الرحمن الناصر بن المنصور محمد بن أبي عامر، غلب على الجزائر التي في شرق الأندلس، ثم غلب على دانية وما يليها، واستقرت إقامته فيها، وكان من الكرماء على العلماء، باذلا للرغائب في استمالة الأدباء، توفي سنة 436. انظر ترجمته في " جذوة المقتبس " 352 - 354، و" بغية الملتمس " 472، 473.
(6) تحرف في " بغية الوعاة " إلى " ثلاث ".
(*) لم نعثر له على مصادر ترجمة.(17/585)
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ بُنْدَار الشَّعَّارِ، وَأَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ.
رَوَى عَنْهُ: جَمَاعَةٌ مِنْ شُيُوْخ السِّلَفِيّ مِنْهُم: مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ العَلَوِيُّ الرَّسِّيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد.
تُوُفِّيَ: لَيْلَةَ عَرَفَة سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
392 - ابْنُ مِيْقُلَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ المُرْسِيُّ *
عَالِمُ قُرْطُبَة، وَعَابِدُهَا، وَشَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو الوَلِيْدِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مِيْقُل المُرْسِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي، وَهَاشِمِ بنِ يَحْيَى، وَسَهْلِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ.
وَتَحَوَّلَ إِلَى قُرْطُبَة، وَتَفَقَّهَ وَبَرَع.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء: مَا لَقَيْتُ أَتمَّ وَرَعاً وَلاَ أَحْسَنَ خُلُقاً وَلاَ أَكْمَلَ عِلْماً مِنْهُ، كَانَ يَخْتِمُ القُرْآنَ عَلَى قَدَمِيْه فِي كُلِّ يَوْمٍ وَليلَةٍ، وَتَرَكَ اللَّحْمَ مِنْ أَوَّلِ الفِتْنَةِ إِلاَّ مِنْ طَيْرٍ أَوْ حُوْتٍ أَوْ صَيْدٍ، وَكَانَ سَخِيّاً عَلَى توسُّط مَالِهِ، وَكَانَ أَحفظَ النَّاسِ للمَذْهَب، وَأَقوَاهُم احتجَاجاً، مَعَ علمِه بِالحَدِيْثِ وَرجَالِه، وَاللُّغَةِ وَالقرَاءاتِ وَالشِّعر.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ بِمُرْسِيَة، وَدُفِنَ فِي قبلَة جَامِعِهَا، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً (1) .
__________
(*) ترتيب المدارك 4 / 751، وتحرف فيه إلى: ابن مقبل، الصلة 2 / 527، النجوم الزاهرة 5 / 39 وتحرف فيه إلى: ابن منقذ.
(1) انظر " الصلة " 2 / 527، و" ترتيب المدارك " 4 / 751.(17/586)
393 - أَبُو الحُسَيْنِ البَصْرِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّيِّبِ *
شَيْخُ المُعْتَزِلَة، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ الكَلاَمِيَّة، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّيِّبِ البَصْرِيُّ.
كَانَ فَصِيْحاً بَلِيْغاً، عَذْبَ العِبَارَة، يتوَقَّدْ ذكَاءً.
وَلَهُ اطِّلاعٌ كَبِيْرٌ.
حَدَّثَ عَنْ: هِلاَلِ بنِ مُحَمَّد بِحَدِيْثٍ رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) .
تُوُفِّيَ: بِبَغْدَادَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَقَدْ شَاخَ.
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ الوَلِيْدِ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ التَّبَّان الْمَعْقُول، أَجَارنَا اللهُ مِنَ البِدَع.
وَلَهُ كِتَابُ (المُعْتَمِد فِي أُصُوْل الفِقْه (2)) ، مِنْ أَجودِ الكُتُب، يغترفُ
__________
(*) طبقات المعتزلة 118، تاريخ بغداد 3 / 100، تاريخ الحكماء 293، 294، المنتظم 8 / 126، 127، الكامل في التاريخ 9 / 527، وفيات الأعيان 4 / 271، المختصر في أخبار البشر 2 / 167، 168، دول الإسلام 1 / 258، العبر 3 / 187، ميزان الاعتدال 3 / 654، 655، تتمة المختصر 1 / 527، وتحرف فيه إلى " أبو الحسن "، الوافي بالوفيات 4 / 125، عيون التواريخ 12 / 212 - 213 / 1، البداية والنهاية 12 / 53، 54، الجواهر المضية 2 / 93، 94، لسان الميزان 5 / 298، النجوم الزاهرة 5 / 38، كشف الظنون 413، 1200، 1272، شذرات الذهب 3 / 259، روضات الجنات 178، تراجم الرجال 35، هدية العارفين 2 / 69.
(1) وهو حديث: " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت " انظر " تاريخ بغداد " 3 / 100.
(2) نشر محمد حميد الله الجزء الأول منه ببيروت 1964 م، والجزء الثاني 1965 م، والمعتمد هذا هو اختصار شرحه لكتاب العهد للقاضي عبد الجبار الهمذاني.
ولهذا الكتاب تلخيص لمجهول بعنوان " تجريد المعتمد " ويوجد شرح لسليمان بن ناصر بن سعيد ألفه سنة 571 لمختصر " المعتمد " الذي قام به البصري نفسه.
انظر النسخ الخطية لكتاب " المعتمد " وتلخيصه وشرح مختصره ولكتاب آخر للبصري هو " شرح السماع الطبيعي " في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 415.(17/587)
مِنْهُ ابْنُ خطيب الرَّيّ (1) .
وَلَهُ كِتَاب (تَصَفُّح الأَدلَة) كَبِيْر (2) .
394 - المُرْتَضى عَلِيُّ بنُ حُسَيْنِ بنِ مُوْسَى القُرَشِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الشَّرِيْفُ، المُرْتَضَى، نَقِيْبُ العَلَوِيَّة، أَبُو طَالِبٍ (3) عَلِيُّ بنُ حُسَيْنِ بن مُوْسَى القُرَشِيُّ، العَلَوِيُّ، الحُسَيْنِيُّ، المُوْسَوِيُّ، البَغْدَادِيُّ، مِنْ وَلد مُوْسَى الكَاظِم.
__________
(1) وهو الامام فخر الدين الرازي صاحب " التفسير " المتوفى سنة 606 هـ، وقد ألف في أصول الفقه كتابا سماه " المحصول " وهو كتاب عظيم في بابه يقع في ستة مجلدات ضخام، عول فيه على ما هو مدون في الكتب الأربعة التي تناولت جملة المباحث الاصولية وهي " البرهان " لامام الحرمين، و" المستصفى " للغزالي، و" العهد " للقاضي عبد الجبار المهداني، و" المعتمد " لأبي الحسين البصري، فضمنه ما فيها من مسائل الأصول ومباحث مجردة عن جميع المآخذ التي أخذت عليها بأسلوب يتسم بالترتيب، والوضوح والعمق، والاستقصاء، وقد ذكروا أنه كان يحفظ عن ظهر قلب كتابين من هذه الكتب الأربعة، وهما " المستصفى " و" المعتمد ".
(2) وانظر بقية تصانيفه في " وفيات الأعيان " 4 / 271، و" الوافي " 4 / 125، و" هدية العارفين " 2 / 69.
(*) جمهرة أنساب العرب: 63، تاريخ بغداد 11 / 402، 403، دمية القصر 1 / 299 - 300، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الرابع / المجلد الثاني / 465 - 475، المنتظم 8 / 120 - 126، معجم الأدباء 13 / 146 - 157، إنباه الرواة 2 / 249، 250، الكامل في التاريخ 9 / 526، تتمة اليتيمة 1 / 53 - 56، وفيات الأعيان 3 / 313 - 316، الذريعة 2 / 401، المختصر في أخبار البشر 2 / 167، تاريخ الإسلام وفيات 436 هـ، العبر 3 / 186، ميزان الاعتدال 3 / 124، دول الإسلام 1 / 258، تلخيص ابن مكتوم 134، 135، تتمة المختصر 1 / 527، عيون التواريخ 12 / 204 - 208، الوافي بالوفيات خ 12 / 40 - 42، مرآة الجنان 3 / 55 - 57، البداية والنهاية 12 / 53، لسان الميزان 4 / 223 - 225، النجوم الزاهرة 5 / 39، بغية الوعاة 2 / 162، منهج المقال 231، 232، منتهى المقال 214، تنقيح المقال 2 / 284، 285، نزهة الجليس 2 / 373، 374، فهرست الطوسي 97 - 100، كشف الظنون 748، 794، شذرات الذهب 3 / 256 - 258، روضات الجنات 383 - 388، كتاب الرجال 192، 193، إيضاح المكنون 1 / 5 و136، هدية العارفين 1 / 688، تذكرة المتبحرين 486، 487، الدرجات الرفيعة 458، أعيان الشيعة 41 / 188 - 197.
(3) وفي بعض المصادر: أبو القاسم.(17/588)
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: سَهْلِ بنِ أَحْمَدَ الدِّيباجِي، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ المَرْزُبَانِيّ، وَغيرهمَا.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَتَبْتُ عَنْهُ.
قُلْتُ: هُوَ جَامعُ كِتَابِ (نَهْجِ البلاغَة) ، المنسوبَة أَلفَاظُه إِلَى الإِمَامِ عَلِيّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وَلاَ أَسَانيدَ لِذَلِكَ، وَبَعْضُهَا بَاطِلٌ، وَفِيْهِ حقٌّ، وَلَكِن فِيْهِ مَوْضُوْعَاتٌ حَاشَا الإِمَامَ مِنَ النُّطْقِ بِهَا، وَلَكِنْ أَيْنَ المُنْصِفُ؟!
وَقِيْلَ: بَلْ جَمْعُ أَخِيْهِ الشَّرِيْف الرَّضي (2) .
وَدِيْوَانُ المُرْتَضَى كَبِيْرٌ وَتوَالِيفُه كَثِيْرَةٌ، وَكَانَ صَاحِبَ فُنُوْن.
وَلَهُ كِتَاب (الشَّافِي فِي الإِمَامَة) ، وَ (الذَّخِيرَة فِي الأُصُوْل) ، وَكِتَاب (التَّنْزِيه) ، وَكِتَاب فِي إِبطَال القيَاس، وَكِتَاب فِي الاختلاَف فِي الفِقْه، وَأَشْيَاء كَثِيْرَة (3) .
وَدِيْوَانه فِي أَرْبَع مُجَلَّدَات (4) .
وَكَانَ مِنَ الأَذكيَاء الأَوْلِيَاء، المُتَبَحِّرين فِي الكَلاَم وَالاعتزَالِ، وَالأَدبِ وَالشِّعْرِ، لَكِنَّهُ إِمَامِيٌّ جَلْدٌ - نَسْأَلُ اللهَ الْعَفو -.
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 11 / 402.
(2) وهذا هو المشهور، وقد تقدمت ترجمة الشريف برقم (174) .
(3) انظر " هدية العارفين " 1 / 688.
وقد طبع من تصانيفه كتاب " الشهاب في الشيب والشباب " ومعه " سلوة الحريف بمناظرة الربيع والخريف " للجاحظ بمطبعة الجوائب في الآستانة عام 1302 هـ، وكتاب " المسائل الناصرية " في الفقه طبع مع كتاب " الجوامع الفقهية " لمحمد باقر بن محمد رحيم طهران عام 1276 هـ، وكتاب " أمالي المرتضى " المسمى " غرر الفوائد ودرر القلائد " طبع عدة طبعات، منها بتحقيق الأستاذ محمد أبي الفضل إبراهيم في مصر سنة 1954 م وقد بدأه بمقدمة عن الشريف المرتضى، ثم أورد سردا بمؤلفاته.
(4) طبع " ديوانه " في القاهرة عام 1958 في ثلاث مجلدات.(17/589)
قَالَ ابْنُ حَزْم: الإِمَامِيَّةُ كُلُّهُم عَلَى أَنَّ القُرْآن مُبَدَّلٌ، وَفِيْهِ زيَادَةٌ وَنقصٌ سِوَى المُرْتَضَى، فَإِنَّهُ كَفَّر مَنْ قَالَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ صَاحِباهُ أَبُو يَعْلَى الطُّوْسِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الرَّازِيّ.
قُلْتُ: وَفِي توَالِيفه سَبُّ أَصْحَابِ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ علمٍ لاَ ينفع.
تُوُفِّيَ المُرْتَضَى: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: إِمَامُ اللُّغَة تَمَّامُ بنُ غَالِب التَّيَّانِي (1) المُرْسِيُّ، وَالمُحَدِّثُ الفَقِيْه أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الصَّيْمَرِيّ (2) ، وَأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الصَّفَّار (3) صَاحِبُ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُسَيْن الوَضَّاحِيّ القُدْوَةُ بِدِمَشْقَ، وَشَيْخُ المَالِكِيَّة أَبُو الوَلِيْدِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مِيْقَل (4) المُرْسِيّ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ النِّيلِي النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَشَيْخُ المُعْتَزِلَةِ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَصْرِيُّ (5) .
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (390) .
(2) سترد ترجمته برقم (412) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (391) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (392) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (393) .(17/590)
395 - مَكِّيٌّ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَمُّوْشِ بنِ مُحَمَّدٍ القَيْسِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُقْرِئُ، أَبُو مُحَمَّدٍ مَكِّيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ حَمُّوشِ (1) بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُختَارٍ القَيْسِيُّ، القَيْرَوَانِيُّ، ثُمَّ القُرْطُبِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: بِالقَيْرَوَان سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأخذ عَنِ: ابْنِ (2) أَبِي زَيْدٍ، وَأَبِي الحَسَنِ القَابسِي.
وَتلاَ بِمِصْرَ عَلَى: أَبِي عَدِيِّ ابْنِ الإِمَام، وَأَبِي الطَّيِّبِ بنِ غَلْبُوْنَ، وَوَلَدِه طَاهِر.
وَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الأُدْفُوي، وَأَحْمَدَ بنِ فِرَاس المَكِّيّ، وَعِدَّة.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ مَعَ الدّينِ وَالسَّكِينَةِ وَالفَهُمِ، ارْتَحَلَ مَرَّتين، الأُوْلَى فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ.
__________
(*) جذوة المقتبس 351، ترتيب المدارك 4 / 737، نزهة الالباء: 347، الصلة 2 / 631 - 633، بغية الملتمس 469، معجم الأدباء 19 / 167 - 171، إنباه الرواة 3 / 313 - 319، وفيات الأعيان 5 / 274 - 277، معالم الايمان 3 / 213، العبر 3 / 187، دول الإسلام 1 / 258، معرفة القراء الكبار 1 / 316 - 317، تلخيص ابن مكتوم 251 - 254، عيون التواريخ 12 / 217، الوافي بالوفيات خ 26 / 68،، مرآة الجنان 3 / 57، 58، الديباج المذهب 2 / 342، 343، غاية النهاية 2 / 309، 310، طبقات ابن قاضي شهبة 257، 258، النجوم الزاهرة 5 / 41، بغية الوعاة 2 / 298، مفتاح السعادة 1 / 419، إشارة التعيين 55، كشف الظنون 1 / 33، 121، 174، شذرات الذهب 3 / 260، 261، إيضاح المكنون 1 / 85، هدية العارفين 2 / 470، 471.
(1) لفظ " حموش " يقال في بلاد المغرب لمن اسمه محمد تحببا، وقد تحرف في " معرفة القراء الكبار " إلى " حيوس " وفي " غاية النهاية " إلى " ابن حيوس ".
(2) سقط لفظ " ابن " من الأصل، وهو أبو محمد بن أبي زيد، تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (4) .(17/591)
وَقَالَ صَاحِبُه أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ مَهْدِيّ المُقْرِئُ: أَخْبَرَنِي مَكِّيّ أَنَّهُ سَافرَ إِلَى مِصْرَ وَلَهُ ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَاشتغلَ، ثُمَّ رحلَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، وَأَنَّهُ جَاور ثَلاَثَةَ أَعْوَام، وَدَخَلَ الأَنْدَلُسَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، وَأَقرأَ بِجَامعِ قُرْطُبَة، وَعظم اسْمه، وَبَعُدَ صِيْتُه (1) .
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَالٍ (2) :قَلَّده أَبُو الْحزم جَهْوَر خطَابَةَ قُرْطُبَة بَعْد يُوْنُس بن عَبْدِ اللهِ، وَقَدْ نَاب عَنْ يُوْنُس.
قَالَ: وَلَهُ ثَمَانُوْنَ مُصَنَّفاً (3) ، وَكَانَ خَيِّراً مُتَدَيِّناً، مَشْهُوْراً بِإِجَابَة الدَّعوَة، دَعَا رَجُلٍ كَانَ يُؤذِيهِ، وَيسخر بِهِ إِذَا خطبَ، فَزَمِنَ الرَّجُلُ.
تُوُفِّيَ: فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: تَلاَ عَلَيْهِ خلقٌ مِنْهُم: عَبْدُ اللهِ بنُ سَهْلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُطَرِّف.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عتَّاب.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو مُحَمَّدٍ السَّكَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جُمَيْع (4) الغَسَّانِيّ بِصَيْدَا عَنْ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، يَرْوِي عَنْ جَدِّهِ (المُوَطَّأ) . وَفِيْهَا
__________
(1) انظر " الصلة " 2 / 632، 633، بأطول مما هنا، و" وفيات الأعيان " 5 / 274، 275، و" معرفة القراء الكبار " 2 / 309، 310.
(2) في " الصلة " 2 / 633، وانظر " وفيات الأعيان " 5 / 275، و" إنباه الرواة " 3 / 314، 315.
(3) انظر أشهرها في " وفيات الأعيان " 5 / 275 - 277، و" إنباه الرواة " 3 / 315 - 319، و" معجم الأدباء " 19 / 169 - 171، و" هدية العارفين " 2 / 470، 471، وقد طبع له منها فيما نعلم " الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها " و" الابانة عن معاني القراءة " و" تفسير مشكل إعراب القرآن " و" الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة " و" الوقف على كلا وبلى " و" اختصار الوقف على كلا وبلى ونعم " و" الايضاح في الناسخ والمنسوخ " و" العمدة في غريب القرآن " و" التبصرة في القراءات السبع ".
(4) تقدمت ترجمته برقم (98) .(17/592)
مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزْدَة المِلَنْجِي المُقْرِئُ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الأَسوَارِي.
396 - الخَلاَّلُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، مُحَدِّثُ العِرَاق، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ، الخَلاَّلُ، أَخُو الحُسَيْن.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ الوَرَّاق، وَأَبَا سَعِيْدٍ السِّيْرَافِيّ، وَمُحَمَّدَ بن المُظَفَّرِ، وَأَبَا عُمَرَ بنَ حَيُّوَيْه، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ العَسْكَرِي، وَأَبَا الفَضْل الزُّهْرِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ شَاذَان، وَأَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَخلقاً كَثِيْراً، وَمَا أَظنُّه رحلَ فِي الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَّاج، وَالمُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الصَّيْرَفِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الصَّنْدلِي، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَالمُعَمَّر بنُ أَبِي عِمَامَة، وَجَعْفَرُ بنُ المُحَسِّنِ السَّلَمَاسِي، وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الصَّيْرَفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كتبنَا عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً، لَهُ مَعْرِفَةٌ، وَتنبُّه، وَخَرَّجَ (المُسْنَد) عَلَى (الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَجمع أَبوَاباً وَترَاجم كَثِيْرَةً، وَمَاتَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَة تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد 7 / 425، الأنساب 5 / 218، المنتظم 8 / 132، 133، اللباب 1 / 473، تذكرة الحفاظ 3 / 1109 - 1111، العبر 3 / 189، دول الإسلام 1 / 258، مرآة الجنان 3 / 60، غاية النهاية 1 / 231، طبقات الحفاظ: 426، كشف الظنون 26، شذرات الذهب 3 / 262، هدية العارفين 1 / 275، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 389.
(1) في " تاريخ بغداد " 7 / 425.(17/593)
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْن بنَ الطُّيُوْرِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الصُّوْرِيَّ يَقُوْلُ:
مَا رأَتْ عينَانِي بَعْدَ عَبْدِ الغَنِيّ بن سَعِيْدٍ أَحفظَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الخَلاَّل البَغْدَادِيّ (1) .
كتب إِلَيْنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الشَّافِعِيّ: أَخْبَرَنَا زينُ الأُمنَاء الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ، وَقَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِق، أَخْبَرَكُم ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّل إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَاشِمٍ البَغَوِيُّ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيق، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ وَاقِد، حَدَّثَنَا ابْنُ بُريدَة، سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:
(العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُم تَرْكُ الصَّلاَة، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ) سقط مِنْهُ رَجُل (2) .
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَسَد، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّل، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيّ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ الوَاسِطِيّ، سَمِعْتُ أَبَا هَاشِم أَيُّوْبَ بنَ مُحَمَّد بِوَاسِط، سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَان المَازِنِيَّ يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا سِيبَوَيْهٍ، عَنِ الخَلِيْل، عَنْ ذَرِّ بنِ عَبْدِ اللهِ الهَمْدَانِيّ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَهْلُ
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1110.
(2) هو بريدة والد عبد الله، فقد أخرجه أحمد 5 / 346، والترمذي (2621) في الايمان، وابن ماجة (1079) من طريق علي بن الحسن بن شقيق، عن الحسين بن واقد، عن عبد الله ابن بريدة، عن أبيه، وصححه ابن حبان (255) والحاكم 1 / 6، 7، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حسن صحيح، وهو كما قالوا.(17/594)
المَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُم أَهْلُ المَعْرُوفِ فِي الآخِرَةِ، وَأَهْلُ المُنْكَرِ فِي الدُّنْيَا أَهْلُ المُنْكَر فِي الآخِرَةِ (1)) .
سقط مِنْ بَيْنِ الخَلِيْل وَبَيْنَ ذَر.
397 - ابْنُ رِيْذَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الأَدِيْبُ، الرَّئِيْسُ، مُسْنِدُ العصرِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ زِيَادٍ الأَصْبَهَانِيُّ، التَّانِيُّ، التَّاجِرُ، المَشْهُوْرُ: بِابْنِ رِيْذَةَ.
سَمِعَ (مُعْجَمي) الطَّبَرَانِيّ: الأَكْبَر وَالأَصغر، وَ (الفِتَن) لنُعَيْم بنِ حَمَّادٍ، مِنْ أَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَمَا أَظنُّه سَمِعَ مِنْ غَيْره.
وَعُمِّرَ دَهْراً، وَتَفَرَّد فِي الدُّنْيَا.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: خلقٌ لاَ يُحصُوْنَ، مِنْهُم: أَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الكَاغَدِي، وَأَخُوْهُ أَبُو بَكْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عُزيزَة، وَالصَّدْرُ مُحَمَّدُ بنُ جهَاربُختَان، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي الفَرَجِ المُلْحَمِي، وَمُحَمَّدُ بنُ مَرْدَوَيْه الصَّبَّاغ،
__________
(1) هو في تاريخ بغداد 11 / 326 من طريق الخلال بهذا الإسناد، والحارث - وهو ابن عبد الله الاعور - ضعيف، وأخرجه الحاكم 4 / 321 من طريق آخر عن علي، وفي سنده ضعف، وفي الباب عن سلمان الفارسي عند البخاري في " الأدب المفرد " (223) والطبراني (6112) ، وعن أبي موسى الأشعري عند الطبراني في " الصغير " 1 / 73، 74، وعن أبي هريرة عند أبي نعيم في " الحلية " 9 / 319 والطبراني في " الصغير " 1 / 261، 263، وعن أبي الدرداء عند الخطيب 10 / 420، وعن أبن عباس، وقبيصة بن برمة عند البخاري في " الأدب المفرد " (221) والطبراني (11078) و (11460) ، وعن ابن عمر عند البزار، فالحديث صحيح بهذه الشواهد.
(*) الإكمال 4 / 175، المشتبه 1 / 332، دول الإسلام 1 / 259، العبر 3 / 193، الوافي بالوفيات 3 / 323، تبصير المنتبه 2 / 617، النجوم الزاهرة 5 / 46، شذرات الذهب 3 / 265، تاج العروس 2 / 564.(17/595)
وأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخِرقِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الشَّرَابِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّجَّار الأَصَمُّ، وَأَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ العَبَّاسِ الكوشيذِي (1) ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شذرَة، وَالحَافِظ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مَنْدَة، وَمَعْمَرُ بنُ أَحْمَدَ اللُّنْبَانِي، وَهَادِي بنُ الحَسَنِ العَلَوِيّ، وَالمُقْرِئُ أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَأَبُو عدنَان مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ العَبْدِيّ، وَأَبُو عدنَان مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي نِزَار، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ القَصَّار الزَّاهِد، وَأَبُو الرَّجَاءِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَاجه، وَنوشروَان بن شيرزَاذ الدَّيْلَمِيّ، وَطَلْحَةُ بنُ حُسَيْنِ بن أَبِي ذَرٍّ الصَّالِحَانِي، وَحَمْدُ بنُ عَلِيٍّ المُعَلِّم، وَالهَيْثَمُ بنُ مُحَمَّدٍ المَعْدَانِي، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْد اللهِ الجوزدَانيَة.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: كَانَ أَحدَ الوُجُوه، ثِقَةً أَمِيناً، وَافِرَ العقلِ، كَامِلَ الفَضْلِ، مُكْرِماً لأَهْل العِلْم، حَسَنَ الخطِّ، يَعْرِفُ طَرَفاً مِنَ النَّحْوِ وَاللُّغَة، قُرِئَ عَلَيْهِ الحَدِيْثُ مَرَّاتٍ لاَ أُحصيهَا بِالبلدِ وَالرَّسَاتيق، ثُمَّ أَرَّخ مولده، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَة أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: عَاشت فَاطِمَة (2) بَعْدَهُ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْس مائَة، وَعَاشَ صَاحِبهَا أَبُو الْفَخر أَسَعْدُ بنُ رَوْح إِلَى سَنَةِ سِتّ وَسِتّ مائَة.
398 - أَبُو حَسَّانٍ المُزَكِّي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، مُسْنِدُ نَيْسَابُوْر، أَبُو حَسَّانٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ المُولْقَاباذيُّ (3) ، المُزَكِّي، أَحَدُ الثِّقَاتِ الصُّلَحَاء، وَكَانَ إِلَيْهِ التَّزكيَةُ
__________
(1) نسبة إلى كوشيذ اسم أحد أجداده.
(2) ستأتي ترجمتها في الجزء التاسع عشر.
(*) العبر 3 / 177، الوافي بالوفيات 2 / 64، شذرات الذهب 3 / 250.
(3) نسبة إلى مولقاباذ، وهي محلة كبيرة بنيسابور.(17/596)
بِنَيْسَابُوْرَ، وَلَهُ الحِشْمَةُ الوَافرَةُ وَالجَلاَلَة.
حَدَّثَ عَنْ: وَالدِه أَبِي الحَسَنِ، وَأَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ الصِّبْغِي، وَمُحَمَّدِ بن الحَسَنِ السَّرَّاج، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ مَطَر، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ نُجَيْد، وَجَعْفَر المَرَاغِي، وَطَائِفَة.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي الفَضْلِ عُبَيْدِ اللهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيّ، وَغَيْره.
وَخَرَّجُوا لَهُ الفوائِدَ، وَرَوَى الكَثِيْر.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الغَافِرِ الفَارِسِيّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بن مُحَمَّدٍ الشِّيْرُوْيِي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو البَحِيْرِي، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَهُوَ فِي عشر التِّسْعِيْنَ.
399 - الخَلاَّلُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ *
الخَلاَّل، المُؤَدِّب، أَخُو الحَافِظ الحَسَنِ.
سَمِعَ أَبَا حَفْص الزَّيَّات، وَسَمِعَ بِمَا وَرَاء النَّهر (الصَّحِيْح) ، وَرَوَاهُ عَنِ الحَاجِبِي.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَطَائِفَةٌ، وَالخَطِيْبُ، وَقَالَ (1) :لاَ بَأْسَ بِهِ، مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد 8 / 108، المنتظم 8 / 102، البداية والنهاية 12 / 45.
(1) في " تاريخ بغداد " 8 / 108.(17/597)
400 - ابْنُ غَيْلاَنَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الهَمْدَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الأَمِيْنُ، المُعَمَّر، مُسْنِدُ الوَقْت، أَبُو (1) طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ (2) بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ غَيْلاَنَ بن عَبْدِ اللهِ بنِ غَيْلاَنَ بن حَكِيْمٍ الهَمْدَانِيُّ، البَغْدَادِيُّ، البَزَّاز، أَخُو غَيْلاَن بنِ مُحَمَّدٍ الْمُكنى بِأَبِي القَاسِمِ.
سَمِعَ غَيْلاَن مِنَ: النَّجَّاد، وَدَعْلَج، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ وَوَثَّقَهُ.
وَمَاتَ: فِي سَنَة عَشْرَة وَأَرْبَع مائَة (3) .
مَوْلِدُ أَبِي طَالِبٍ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ فِيمَا سَمِعَهُ الخَطِيْبُ مِنْهُ، ثُمَّ سَمِعَهُ الخَطِيْبُ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَغلَطُ فِي مولدِي حَتَّى رَأَيْتُهُ بِخَطّ جَدِّي: فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ (4) .
قُلْتُ: وَسَمِعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيِّ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ، وَسنةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع، فعِنْدَه عَنْهُ أَحَدَ عشرَ جُزْءاً لُقِّبت بـ (الغَيْلاَنِيَّات) .
تَفَرَّد فِي الدُّنْيَا بعُلُوِّهَا.
وَسَمِعَ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ المُزَكِّي جزئين، وَسَمِعَ مِنَ الشَّافِعِيّ جُزئين مِنْ تَفْسِيْر سُفْيَان الثَّوْرِيّ.
__________
(*) تاريخ بغداد 3 / 234، 235، الأنساب 9 / 204 (الغيلاني) ، المنتظم 8 / 139، 140، اللباب 2 / 398، الكامل في التاريخ 9 / 552، المختصر في أخبار البشر 2 / 169، العبر 3 / 193، 194، دول الإسلام 1 / 259، تتمة المختصر 1 / 530، الوافي بالوفيات 1 / 119، البداية والنهاية 12 / 58، 59، النجوم الزاهرة 5 / 47، شذرات الذهب 3 / 265، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 389، 390.
(1) تحرف في " البداية والنهاية " إلى " أخو ".
(2) في " البداية والنهاية ": أحمد وهو خطأ.
(3) انظر ترجمة غيلان بن محمد في " تاريخ بغداد " 12 / 333، 334، و" الأنساب " 9 / 204، 205.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 235.(17/598)
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً دَيِّناً صَالِحاً.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَابْنُ خَيْرُوْنَ، وَأَبُو عَلِيٍّ البَرَدَانِي، وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ سِوَار، وَأَحْمَدُ بنُ قُرَيْش البَنَّاء، وَأَبُو البَرَكَاتِ أَحْمَدُ بنُ طَاوُوس المُقْرِئ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَّاج، وَجَعْفَرُ بنُ المُحَسِّن السَّلمَاسِي، وَعُبَيْدُ اللهِ بن عُمَرَ البَقَّال، وَالمُعَمَّرَ بن أَبِي عِمَامَة، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الفَرَّاء، وَأَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البُخَارِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المَهْدِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الصَّيْرَفِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المُعَيِّر، وَأَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي العَطَّار، وَأَبُو غَالِبٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ البَزَّاز، وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ اليُوْسُفِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الدّبَّاس، وَعَبْدُ البَاقِي بنُ مُحَمَّدٍ الوَرَّاق، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ الأَنْبَارِيُّ الوَاعِظُ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ الأَزْرَق، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ بنِ السَّمَّاكِ، وَأَبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاغ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ مُبَارَك الوِقَايَاتِي (2) ، وَأَبُو البَرَكَاتِ هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ البُخَارِي، وَهِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّرْسِيّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بن الحُصَيْنِ الشَّيْبَانِيّ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: قَرَأْتُ بِخطِّ أَبِي: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مَحْمُوْد الرَّشِيْدِيّ يَقُوْلُ:
لَمَّا أَردتُ الحَجّ، أَوْصَانِي أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيّ وَغَيْرُهُ بسَمَاع (مُسْنَد أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ) ، وَ (فوائِدِ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ) ، فَدَخَلتُ بَغْدَاد، وَاجتمعتُ بِابْنِ المُذْهِب، فَقَالَ: أُريدُ مائَتَي دِيْنَار.
فَقُلْتُ: كُلُّ نَفَقَتِي سَبْعُوْنَ دِيْنَاراً، فَإِنْ كَانَ وَلاَ بُدَّ، فَأَجِزْ لِي.
قَالَ: أُريدُ عِشْرِيْنَ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 234، 235.
(2) هذه النسبة إلى الوقاية وهي المقنعة، ويقال لمن يبيعها: الوقاياتي " اللباب ".(17/599)
دِيْنَاراً عَلَى الإِجَازَة.
فتركتُه، وَقُلْتُ لابْنِ حَيْدر: أُريد السَّمَاع مِنِ ابْنِ غَيْلاَن.
قَالَ: إِنَّهُ مبطونٌ وَهُوَ ابْنُ مائَة سَنَةٍ.
قُلْتُ: فَأَعجلُ فَأَسمعُ مِنْهُ.
قَالَ: لاَحَتَّى تحج.
فَقُلْتُ: كَيْفَ يسْمَح قَلْبِي بذَا؟
قَالَ: إِنَّ لَهُ أَلفَ دِيْنَار يُجَاءَ بِهَا فَتُفْرَغُ فِي حَجْره، فَيُقَلِّبهَا، وَيَتَقَّوَى بِذَلِكَ.
فَاسْتَخرتُ اللهَ، وَحججتُ، وَلحقتُه، قرأَ لِي عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :مَاتَ ابْنُ غَيْلاَن فِي سَادس شَوَّال سَنَة أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ أَرْبَعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَالرَّشِيْدِيُّ المَذْكُوْرُ صَدُوْقٌ مَاتَ سَنَةَ 498 عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ: أَبُو بَكْرٍ بنُ رِيْذَة (3) صَاحِبُ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو ذَر مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الصَّالِحَانِي، وَالحَسَنُ بنُ عِيْسَى بنِ المُقْتَدَر، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ شَاهِيْن، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنُ أَحْمَدَ الحَكِيمِي، وَعَلِيُّ بنُ رَبِيْعَةَ الرَّبَعِيّ، وَشَيْخُ خُرَاسَان، وَأَبُو سَعِيْدٍ فضلُ اللهِ بنُ أَبِي الخَيْرِ المِيْهَنِي (4) ، وَالحَافِظُ الصُّوْرِيّ (5) ، وَشَيْخُ القُرَاء الكَارَزِينِي، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّوَّاق (6) بِبَغْدَادَ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو حَاتِمٍ مَحْمُوْدُ بنُ الحَسَنِ القَزْوِيْنِيّ بآمِد.
__________
(1) انظر " الوافي بالوفيات " 1 / 119.
(2) في " تاريخ بغداد " 3 / 235.
(3) تقدمت ترجمته برقم (397) .
(4) سترد ترجمته برقم (419) .
(5) سترد ترجمته برقم (424) .
(6) سترد ترجمته برقم (420) .(17/600)
401 - ابْنُ شَاهِيْنٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّادِقُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الفَتْحِ (1) عُبَيْدُ اللهِ (2) بنُ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بن أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ شَاهِيْنٍ البَغْدَادِيُّ، الوَاعِظُ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيهِ الحَافِظِ حَفْصٍ، وَأَبِي بَحْرٍ البَرْبَهَارِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ مَاسِي، وَحُسَيْنك التَّمِيْمِيّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَجَعْفَر بن أَحْمَدَ السَّرَّاج، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المَهْدِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً، مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: سَمِعْنَا مِنْ طَرِيْقَهِ كِتَاب (سُجُود القُرْآن) للحربِي، بسَمَاعه مِنْ أَبِي بَحْرٍ، عَنْهُ.
402 - ابْنُ حِمِّصَةَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرَّانِيُّ **
المُعَمَّر، الأَمِيْنُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرَّانِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، عُرِفَ: بِابْنِ حِمِّصَةَ الصَّوَّافِ.
____________
(*) تاريخ بغداد 10 / 386، المنتظم 8 / 138، العبر 3 / 192، البداية والنهاية 12 / 58، شذرات الذهب 3 / 264.
(1) في " البداية والنهاية ": أبو القاسم.
(2) في " البداية والنهاية ": هبة الله.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 386.
(* *) الإكمال 2 / 508، 509، الأنساب 4 / 224 (الحمصي) ، اللباب 1 / 390، العبر 3 / 196، حسن المحاضرة 1 / 373، 374، شذرات الذهب 3 / 266، تاج العروس 4 / 383 (حمص) .
وحمصة: بكسر الحاء المهملة، وتشديد الميم المكسورة ويجوز فتحها، وفي آخرها الصاد المهملة.(17/601)
مَا سَمِعَ شَيْئاً سِوَى مَجْلِس البطَاقَة (1) ، وَتَفَرَّد فِي الدُّنْيَا عَنْ حَمْزَة الكِنَانِيّ.
وُلِدَ: فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْرَازِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِر اليُوْسُفِيّ، وَمُرْشِدٌ أَبُو صَادِق المَدِيْنِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّازِيّ، وَعِدَّة.
مَاتَ: فِي ثَالث رَجَب سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَان وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
403 - العَتِيْقِيُّ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ البَغْدَادِيُّ، العَتِيْقِيُّ، المُجَهِّز (2) ، السَّفَّار.
سَمِعَ: عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الرَّزَّاز، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَإِسْحَاقَ بنَ سَعْدٍ النَّسَوِيَّ، وَالقَاضِي أَبَا بَكْرٍ الأَبْهَرِيَّ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ
__________
(1) وهو الجزء الحديثي المعروف بجزء البطاقة، رواه عن أبي القاسم حمزة بن محمد الكناني المصري.
انظر " حسن المحاضرة " 1 / 351، 373، 374، و" الرسالة المستطرفة " ص 90.
وهو تخريج لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص الطويل المروي في " المسند " 2 / 312، والترمذي (2639) وابن ماجة (4300) وصححه ابن حبان (2524) والحاكم 1 / 529، ووافقه الذهبي وهو كما قالوا.
(*) تاريخ بغداد 4 / 379، الأنساب: (العتيقي) 8 / 393 و (المجهز) ، المنتظم 8 / 143، اللباب 2 / 323 و3 / 170، العبر 3 / 195، المشتبه 2 / 465، الوافي بالوفيات 7 / 358، 359، البداية والنهاية 12 / 60، تبصير المنتبه 3 / 996 و1014، شذرات الذهب 3 / 265.
(2) يقال هذا لمن يحمل مال التجار من بلد إلى بلد، ويسلمه إلى شريك من أرسله معه، ويعيد إليه مثله. " اللباب ".(17/602)
الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ، وَالحُسَيْنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ فَهْدٍ المَوْصِلِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُظَفَّر، وَعِدَّة.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ تَمَّامٍ الرَّازِيِّ، وَبِمِصْرَ مِنْ عَبْدِ الغَنِيّ، وَجَمَع وَخَرَّجَ، وَكَتَبَ الكَثِيْر.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي الحَدِيْد، وَعَبْد المُحْسن بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْحِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي العَلاَءِ المِصِّيْصِيُّ، وَالمُبَارَكُ بنُ الطُّيُوْرِيِّ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المَهْدِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ الَّذِي يَقُوْلُ فِيْهِ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ القَطِيْعِيّ (1) وَقَالَ (2) :
كَانَ صَدُوْقاً، وُلِدَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَذكر لِي أَنَّ بَعْضَ أَجدَاده كَانَ يُسَمَّى عَتِيْقاً، وَإِليه يُنْسَبُ.
وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: قَالَ لِي شَيْخُنَا العَتِيْقِيُّ: إِنَّهُ رُوْيَانِيُّ الأَصلِ، خَرَّجَ عَلَى (الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَكَانَ ثِقَةً مُتْقِناً، يَفْهَمُ مَا عِنْدَهُ (3) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ (4) :مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَقَعَ لِي أَجزَاءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ، وَلَهُ وَفَيَاتٌ فِي جُزء كَبِيْر.
__________
(1) أي يدلسه.
(2) الخطيب في " تاريخ بغداد " 4 / 379.
(3) انظر " الوافي " 7 / 359.
(4) في " تاريخه " 4 / 379.(17/603)
404 - ابْنُ سَخْتَامَ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرَوَيْه الغَزِّيُّ *
الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرَوَيْه بن سَخْتَامَ بن هَرْثَمَة الغَزِّي (1) ، السَّمَرْقَنْدِيّ، الحَنَفِيّ، حَجَّ فِي آخر أَيَّامه.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ وَدِمَشْق عَنْ: أَبِيهِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَتّ الإِشْتِيْخَنِيّ (2) ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الرَّازِيِّ ثُمَّ البُخَارِيِّ، وَأَبِي سَعدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الإِدْرِيْسِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بن نصر الكَاغَدِي، وَمُحَمَّدِ بن يَحْيَى الغِيَاثِي، وَطَائِفَة.
وَلَهُ ثَلاَثَةُ أَجزَاءٍ سَمِعْنَاهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ السَّمْعَانِيّ، وَالفَقِيْه نَصْرٌ المَقْدِسِيّ، وَفَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَمَذَانِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :كَانَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالتَّقَدُّم فِي مَذْهَب أَبِي حَنِيْفَةَ،
__________
(*) تاريخ بغداد 11 / 342، الأنساب (الخطيبي) 5 / 152، اللباب 1 / 454، العبر 3 / 196، الجواهر المضية 2 / 533، 534، الطبقات السنية رقم (1438) ، شذرات الذهب 3 / 266. وكان في الأصل سختام..بدون لفظ " ابن ".
(1) كذا الأصل بالغين والزاي المعجمتين، وقد أثبت فوق الزاي شدة، وفي " الشذرات " الغزني بزيادة نون، ويغلب على الظن أن الصواب " العربي " كما في " تاريخ بغداد " و" الأنساب " فإن المؤلف سينقل عن المترجم أن أباه كان يذكر أنه من العرب.
(2) هذه النسبة إلى " إشتيخن "، وهي قرية من قرى السغد بسمرقند على سبعة فراسخ منها.
انظر " الأنساب " 1 / 268 وفيه ترجمة محمد هذا.
(3) في " تاريخ بغداد " 11 / 342.(17/604)
قَالَ لِي: وُلِدْتُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ: وَكَانَ أَبِي يذكر أَنَّهُ مِنَ العَرَب.
قَالَ: وَأَدْرَكَهُ أَجَلُهُ فِي الطَّرِيْق - يَعْنِي فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ -.
وَفِيْهَا مَاتَ: المُحَدِّثُ أَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيّ (1) ، وَشَيْخُ اللُّغَة أَبُو القَاسِمِ إِبْرَاهِيْم بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الإِفليلِيّ الزُّهْرِيُّ بقُرْطُبَة، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ حِمّصَة (2) الحَرَّانِيُّ، وَصَاحِبُ المَوْصِل معتمدُ الدَّوْلَة قِرْوَاش بنُ مُقَلَّدِ بنِ المُسَيِّب العُقَيْلِيّ (3) ، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى السَّعْدِيّ بِمِصْرَ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ القُهُسْتَانِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ المُظَفَّر بن أَحْمَدَ بنِ يَزْدَاد الوَاسِطِيُّ العَطَّار، وَالفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ الثَّقَفِيّ وَالدُ الرَّئِيْسِ أَبِي عَبْدِ اللهِ.
405 - البَرْمَكِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُفْتِي، بَقِيَّةُ المُسْنِدِيْن، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَرْمَكِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
قِيْلَ: أَصْلُهُ مِنْ قَرْيَة البَرْمَكيَّةِ.
وَقِيْلَ: سَكَنَ آبَاؤُهُ محلَّةً تُعْرَفُ بِالبَرْمَكيَّة.
مَوْلِدُهُ فِي: سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (403) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (402) .
(3) سترد ترجمته برقم (427) .
(*) تاريخ بغداد 6 / 139، طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 2 / 190، 191، الأنساب 2 / 168، المنتظم 8 / 158، 159، اللباب 1 / 142، الكامل في التاريخ 9 / 596، العبر 3 / 208، 209، دول الإسلام 1 / 262، الوافي بالوفيات 6 / 73، النجوم الزاهرة 5 / 55، شذرات الذهب 3 / 273.(17/605)
وَسَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ مَاسِي، وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِي، وَالحَافِظ أَبَا الفَتْحِ الأَزْدِيَّ المَوْصِلِيّ، وَابنَ بَخِيْت الدَّقَّاق، وَإِسْحَاقَ بن سَعْدٍ النَّسَوِيَّ، وَعِدَّة.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَب، وَكَانَ لَهُ حَلقَةٌ للفَتْوَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الشَّيْبَانِيّ، وَأَبُو طَالِبٍ اليُوْسُفِيّ، وَابْنُ عَمِّهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو العِزِّ مُحَمَّدُ بنُ المُخْتَار، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّقُّوْر، وَأَبُو البَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَرَزِي، وَمُبَارَكُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّدَنْك، وَهِبَةُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ الوِقَايَاتِي، وَهِبَةُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ الدَّواتِي، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الفَرَّاء، وَهِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ الطَّبَر، وَأَبِي عَلِيٍّ بنُ المَهْدِيّ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً دَيِّناً، فَقِيْهاً عَلَى مَذْهَب أَحْمَد، وَلَهُ حَلقَةٌ للْفَتْوَى، مَاتَ يَوْم التَّرويَة، مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ ذَا زُهْدٍ وَصَلاَحٍ، وَمَعْرِفَةٍ تَامَّة بِالفَرَائِض.
تَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ بطَّة، وَابنِ حَامِد، وَلَهُ إِجَازَةٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ العَزِيْزِ غُلاَم الخَلاَّل.
وَتُوُفِّيَ ابْنُهُ أَحْمَد بَعْدَهُ بِثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
رَوَى عَنِ ابْنِ أَبِي الفَوَارِس.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 6 / 139.(17/606)
وَمَاتَ فِيْهَا: أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الكَاتِبُ (1) ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ رَوح النَّهْروَانِيّ، وَأَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ السَّوَادِي، وَمُقْرِئ مِصْر أَبُو العَبَّاسِ بنُ هَاشِم، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ فَدُّويَه (2) الكُوْفِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ العَلَوِيّ (3) .
406 - الكُرَاعِيُّ أَبُو غَانِمٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، مُسْنِدُ مَرْوَ، أَبُو غَانِمٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ المَرْوَزِيُّ، الكُرَاعِيُّ - نِسْبَةً إِلَى بَيْعِ الأَكَارِعِ -.
كَانَ خَاتِمَةَ مَنْ حَدَّثَ عَنْ: أَبِي العَبَّاسِ عَبْدِ اللهِ بن الحُسَيْنِ النَّضْرِيِّ؛ صَاحِبِ الحَارِثِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ، وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: أَبِي الفَضْلِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الحَدَّادِيّ، وَغيرهمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّبَسِي، وَالإِمَامُ أَبُو المُظَفَّرِ مَنْصُوْرُ بنُ السَّمْعَانِيّ، والقَاضِي أَبُو المَحَاسِنِ الرُّويَانِي، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الكُرَاعِيّ حَفِيْدُهُ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
وَعَاشَ حَفِيْدُهُ بَعْدَهُ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (433) .
(2) سترد ترجمته برقم (431) .
(3) سترد ترجمته برقم (430) .
(*) الأنساب 10 / 374، العبر 3 / 205، شذرات الذهب 3 / 271.(17/607)
407 - ابْنُ العَلاَّفِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، الوَاعِظُ، أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ العَلاَّفِ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ القَطِيْعِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ سَلْمٍ الخُتُّلِيَّ، وَمَخْلَد بنَ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِي، وَطَائِفَة.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو الحَسَنِ الحَاجِبُ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الطُّيُوْرِيِّ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاقَرْحيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً، ظَاهِرَ الوقَار، لَهُ حَلْقَةٌ بِجَامع المَنْصُوْر وَمَجْلِسُ وَعْظ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (1) .
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
408 - الذَّكْوَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، بَقِيَّةُ المُسْنِديْنَ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَلِيٍّ أَحْمَدَ بنِ عَبْد الرَّحْمَنِ الهَمْدَانِي، الذَّكْوَانِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، المُعَدَّل، مِنْ كُبَرَاء أَهْلِ بَلَدِهِ، وَمن بَيْت الحِشْمَة وَالرِّوَايَة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الشَّيْخ الحَافِظ، وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ القَبَّاب، وَإِسْحَاق بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّائِغ، وَعبدِ
__________
(*) تاريخ بغداد 3 / 103، 104، الأنساب 9 / 98، المنتظم 8 / 148، العبر 3 / 200، شذرات الذهب 3 / 269.
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 104.
(* *) لم نقف له على ترجمة في المصادر التي في حوزتنا.(17/608)
العَزِيْز بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ، وَأَبِي بَكْرٍ المُقْرِئ، وَجَمَاعَةٍ، وَهُوَ آخرُ مَنْ رَوَى فِي الدُّنْيَا بِالإِجَازَةِ عَنْ أَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ.
أَمْلَى عِدَّةَ مَجَالِس.
حَدَّثَ عَنْهُ: هَادِي بنُ إِسْمَاعِيْلَ العَلَوِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَأَبُو سَعْدٍ المُطَرِّزُ، وَبُنْدَارُ بنُ مُحَمَّدٍ الخُلْقَانِي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ الفَضْلِ السَّرَّاج، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: تَكَلَّمُوا فِيْهِ، أَلْحَقَ فِي بَعْض سَمَاعِهِ، وَسَمَاعُه كَثِيْرٌ بخطِّ أَبِيهِ، وَمَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ.
409 - القَزْوِيْنِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، العَارِفُ، شَيْخُ العِرَاقِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّد، ابْنُ القَزْوِيْنِيِّ البَغْدَادِيُّ، الحَرْبِيُّ (1) ، الزَّاهِدُ.
سَمِعَ: أَبَا عُمَرَ بنَ حَيُّوَيْه، وَأَبَا حَفْص بنِ الزَّيَّات، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ شَاذَان، وَالقَاضِي أَبَا الحَسَنِ الجَرَّاحِيَّ، وَأَبَا الفَتْحِ القَوَّاس وَطَبَقَتَهُم، وَأَمْلَى عِدَّة مَجَالِس.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَابْنُ خَيْرُوْنَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَرَدَانِي، وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِر الطَّرَسُوْسِيّ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَّاج، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاقَرْحِي، وَأَبُو العِزِّ مُحَمَّدُ بنُ
__________
(*) تاريخ بغداد 12 / 43، الأنساب 10 / 138، المنتظم 8 / 146، 147، اللباب 3 / 35، التدوين في تاريخ قزوين ورقة 295 / 2، طبقات ابن الصلاح ورقة 68 - 71، العبر 3 / 199، 200، دول الإسلام 1 / 260، طبقات السبكي 5 / 260 - 266، طبقات الاسنوي 2 / 311، 312، البداية والنهاية 12 / 62، النجوم الزاهرة 5 / 49، شذرات الذهب 3 / 268، 269، هدية العارفين 1 / 689.
(1) نسبة إلى محلة الحربية غربي بغداد.(17/609)
المُخْتَار، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بغرَاج، وَهِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الرَّحبِيّ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كتبنَا عَنْهُ، وَكَانَ أَحدَ الزُّهَّاد، وَمن عبَاد الله الصَّالِحِيْنَ، يُقرِئُ القُرْآن، وَيروِي الحَدِيْثَ، وَلاَ يخرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلاَّ للصَّلاَة - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ -.
قَالَ لِي: وُلِدْتُ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَمَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَغُلِّقت جَمِيْعُ بَغْدَاد يَوْم دَفْنه، لَمْ أَرَ جمعاً عَلَى جِنَازَة أَعْظَمَ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بن المُجْلِي: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ طَلْحَةَ بن المُنَقِّي قَالَ: حَضَرَتْ وَالدِي الوَفَاةُ، فَأَوْصَى إِليَّ بِمَا أَفعلُهُ، وَقَالَ: تمْضِي إِلَى القَزْوِيْنِيّ، وَتَقُولُ لَهُ: رَأَيْتُ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ، وَقَالَ لِي:
اقرأْ عَلَى القَزْوِيْنِيّ مِنِّي السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ: بِالعَلاَمَةِ أَنَّكَ كُنْتَ بِالموقِفِ فِي هَذِهِ السَّنَة، فَلَمَّا مَاتَ، جِئْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي ابْتِدَاءً: مَاتَ أَبُوكَ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: رَحِمَهُ اللهُ، وَصدق رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَصدَقَ أَبُوك.
وَأَقسم عليَّ أَنْ لاَ أُحَدِّثَ بِهِ فِي حيَاته.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ قَالَ:
سَأَلتُ شُجَاعاً الذُّهْلِيّ عَنْ أَبِي الحَسَنِ القَزْوِيْنِيّ، فَقَالَ:
كَانَ عَلَمَ الزُّهَّاد وَالصَّالِحِيْنَ، وَإِمَامَ الأَتْقِيَاء الوَرِعِين، لَهُ كَرَامَاتٌ ظَاهِرَةٌ مَعْرُوْفَةٌ يَتَدَاولُهَا النَّاسُ، لَمْ يَزَلْ يُقرِئُ وَيُحَدِّثُ إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ فِي (مُعْجَمِه) :أَبُو الحَسَنِ القَزْوِيْنِيُّ الشَّافِعِيُّ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 43.(17/610)
المشَارُ إِلَيْهِ فِي زَمَانِهِ بِبَغْدَادَ فِي الزُّهْدِ وَالوَرَع وَكَثْرَةِ القِرَاءة، وَمَعْرِفَةِ الفِقْهِ وَالحَدِيْثِ، تَلاَ عَلَى أَبِي حَفْصٍ الكَتَّانِيّ، وَقرأَ القرَاءاتِ، وَلَمْ يَكُنْ يُعطي مَنْ يقرأُ عَلَيْهِ إِسْنَاداً بِهَا.
وَقَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ المُجْلِي فِي كِتَاب (منَاقب القَزْوِيْنِيّ) :كَانَ يَعْنِي كلمَة إِجمَاعٍ فِي الخَيْر، وَمِمَّنْ جُمعت لَهُ القُلُوْب، فَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَمِيْن قَالَ:
كَتَبْتُ عَنْهُ مَجَالِسَ أَملاَهَا فِي مَسْجِدِهِ، وَكَانَ أَيّ جُزء وَقَعَ بِيَدِهِ، خَرَّجَ مِنْهُ عَنْ شَيْخٍ وَاحِد جَمِيْعَ المَجْلِس، وَيَقُوْلُ:
حَدِيْثُ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاَ يُنفَى (1) .
وَكَانَ أَكْثَرُ أُصُوْلِهِ بخطِّه.
وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ سَبْعُوْنَ القَيْرَوَانِيّ يَقُوْلُ:
القَزْوِيْنِيّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ، مَا رَأَيْتُ أَعقل مِنْهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا الحَسَنِ علق تَعليقَة عَنْ أَبِي القَاسِمِ الدَّارَكِيّ، وَلَهُ تَعليق فِي النَّحْوِ عَنِ ابْنِ جِنِّي، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ المُؤَدِّب وَغَيْرهُ يَقُوْلاَنِ: إِنَّ القَزْوِيْنِيّ سَمِعَ الشَّاة تذكر الله - تَعَالَى -.
وَحَدَّثَنِي هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الكَاتِبُ أَنَّهُ زَار قَبْرَ ابْنِ القَزْوِيْنِيّ، فَفَتَح ختمَةً هُنَاكَ، وَتفَاءَل لِلشَّيْخِ، فَطَلَعَ أَوّلُ ذَلِكَ: {وَجِيْهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبِيْن (2) } [آل عِمْرَان:45]
وَرُوِيَ عَنِ أَقضَى القُضَاةِ المَاوَرْدِيِّ، قَالَ:
صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي الحَسَنِ القَزْوِيْنِيِّ، فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ قَمِيْصاً نَقِيّاً مُطَرَّزاً، فَقُلْتُ فِي نَفسِي: أَيْنَ الطّرزُ مِنَ الزُّهْدِ؟
فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! الطّرزُ لاَ ينقُضُ حُكْمَ الزُّهْدِ (3) .
وَذَكَرَ: مُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ القَزَّازُ، قَالَ:
كَانَ بِبَغْدَادَ زَاهِدٌ، خَشِنُ العَيشِ، وَكَانَ يبلُغُه أَنَّ ابْنَ القَزْوِيْنِيِّ يَأْكُلُ الطَّيِّبَ، وَيَلْبَسُ الرَّقِيقَ، فَقَالَ: سُبْحَانَ
__________
(1) في " طبقات " السبكي: لا ينتقى.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 261.
(3) انظر " طبقات " السبكي 5 / 262.(17/611)
اللهِ! رَجُلٌ مُجْمَعٌ عَلَى زُهْدِهِ وَهَذَا حَالُه! أَشتَهِي أَنْ أَرَاهُ.
فَجَاءَ إِلَى الحَربيَّةِ، فَرَآهُ، فَقَالَ الشَّيْخُ: سُبْحَانَ اللهِ! رَجُلٌ يُوْمَأُ إِلَيْهِ بِالزُّهْدِ، يُعَارِضُ اللهَ فِي أَفعَالِهِ، وَمَا هُنَا مُحَرَّمٌ وَلاَ مُنْكَرٌ.
فَشَهَقَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، وَبَكَى (1) .
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ بنُ الصَّبَّاغَ الفَقِيْهُ: حَضَرتُ عِنْدَ ابْنِ القَزْوِيْنِيِّ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ بنُ الرَّحَبِيِّ، فَقَالَ:
أَيُّهَا الشَّيْخُ! أَيَّ شَيْءٍ أَمَرَتْنِي نَفسِي أُخَالِفُهَا؟
قَالَ: إِنْ كُنْتَ مُرِيداً، فَنَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَارِفاً، فَلاَ.
فَانْصَرَفْتُ، وَأَنَا مُفَكِّرٌ، وَكَأَنَّنِي لَمْ أُصوِّبْهُ، فرَأَيْتُ لَيْلَتِي كَأَنَّ مَنْ يَقُوْلُ لِي وَقَدْ هَالَنِي أَمرٌ: هَذَا بِسَبَبِ ابْنِ القَزْوِيْنِيِّ (2) .
وَحَدَّثَنِي أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ السَّمِيْعِ الهَاشِمِيُّ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ الصَّحْرَاوِيِّ الزَّاهِدِ، قَالَ:
كُنْتُ أَقرأُ عَلَى القَزْوِيْنِيِّ، فَجَاءَ رَجُلٌ مُغَطَّى الوَجْهِ، فَوَثَبَ الشَّيْخُ إِلَيْهِ، وَصَافَحَه، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاعَةً، فَسَأَلتُ صَاحِبِي: مَنْ هَذَا؟
قَالَ: تَعرِفُهُ؟ هَذَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ القَادِرُ بِاللهِ.
وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الأَمِيْنُ، قَالَ: رَأَيْتُ المَلِكَ أَبَا كَالَيْجَارَ (3) قَائِماً، يُشِيرُ إِلَيْهِ أَبُو الحَسَنِ بِالجُلُوسِ، فَلاَ يَفْعَلُ.
وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّرَّاحُ الوَكِيْلُ، قَالَ: رَأَيْتُ المَلِكَ أَبَا طَاهِرٍ بنَ بُوَيْه قَائِماً بَيْنَ يَدَي الشَّيْخِ أَبِي الحَسَنِ يُوْمِئُ بِالجُلُوسِ، فَيَأْبَى،
ثُمَّ سَرَدَ لَهُ ابْنُ المُجْلِي كَرَامَاتٍ، مِنْهَا: شُهُوْدُهُ عَرَفَةَ وَهُوَ بِبَغْدَادَ، وَمِنْهَا: ذَهَابُهُ إِلَى مَكَّةَ، فَطَافَ، وَرَجَعَ مِنْ لَيْلَتِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّلِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ،
__________
(1) الخبر بأطول مما هنا في " طبقات " السبكي 5 / 262.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 263.
(3) سترد ترجمته برقم (425) .(17/612)
سَمِعْتُ جَعْفَراً السَّرَّاجَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ القَزْوِيْنِيِّ ثَوباً رَقيقاً، فَخَطَرَ لِي: كَيْفَ مِثْلُهُ فِي زُهدِه يَلبَسُ هَذَا؟
فَنَظَرَ فِي الحَالِ إِلَيَّ، وَقَالَ: {قُلْ: مَنْ حَرَّمَ زِيْنَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ ... } [الأَعْرَافُ:32] .
وَحَضرْتُ عِنْدَهُ يَوْماً لِلسَّمَاعِ إِلَى أَنْ وَصلَتِ الشَّمْسُ إِلَيْنَا وَتَأَذَّينَا بِحَرِّهَا، فَقُلْتُ فِي نَفسِي: لَوْ تَحَوَّلَ الشَّيْخُ إِلَى الظِّلِّ؟
فَقَالَ فِي الحَالِ: {قُلْ: نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً ... } [التَّوْبَةُ:81] .
وَمَاتَ مَعَ القَزْوِيْنِيِّ فِي سَنَةِ 442:أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ التَّوَّزِيُّ، وَشَيْخُ العَرَبِيَّةِ أَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ ثَابِتٍ الثَّمَانِيْنِيُّ (1) صَاحِبُ ابْنِ جِنِّيٍّ، وَالوَاعِظُ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ العَلاَّفُ (2) ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ بنِ فَاذُوَيْه.
410 - الفَارِسِيُّ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الأَمِيْنُ، الجَلِيْلُ، مُسْنِدُ الدِّيَارُ المِصْرِيَّةِ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى الفَارِسِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ.
شَيْخٌ مُعَمَّرٌ، عَالِي الرِّوَايَةِ، مُكْثِرٌ عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ النَّاصِحِ المُفَسِّرِ، وَالقَاضِي أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَيُّوَيْه، وَالحَسَنِ بنِ رَشِيْقٍ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ البَغْدَادِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو صَادِقٍ مُرْشِدُ بنُ يَحْيَى المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) تقدم ذكر مصادر ترجمته في التعليقات على ترجمة ابن جني المتقدمة برقم (9) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (407) .
(*) العبر 3 / 202، حسن المحاضرة 1 / 374.(17/613)
قَالَ الرَّازِيُّ فِي (مَشْيَخَتِهِ) :سَمِعْتُ عَلَيْهِ سِتِّيْنَ جُزْءاً، أَوْ أَزْيَدَ.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ نُصَيْرٍ المُفِيْدُ، أَخْبَرَنَا رَوَاجٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَسْكَرَ المَخْزُوْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُرْشِدُ بنُ يَحْيَى المَدِيْنِيُّ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الفَسَوِيُّ سَنَةَ 441، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الوَكِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَنْ لَمْ يُصَلِّ، فَلاَ دِيْنَ لَهُ (1) .
وَمَاتَ فِيْهَا: الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الشَّامُوْخِيُّ (2) بِالبَصْرَةِ، وَمُسْنِدُ أَصْبَهَانَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ (3) ، وَالمُسْنِدُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ سَعْدَانَ (4) بِدِمَشْقَ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ صَخْرٍ (5) الأَزْدِيُّ.
411 - ابْنُ عَابِدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ المَعَافِرِيُّ *
المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدِ بنِ
__________
(1) هو في " الايمان " رقم (47) لابن أبي شيبة، وإسناده ضعيف لضعف شريك من جهة حفظه، لكن له طريق آخر عند الطبراني (8941) و (8942) بسند حسن فيتقوى به.
(2) نسبة إلى شاموخ، وهي قرية بنواحي البصرة. انظر " الأنساب " 7 / 264، 265 وفيه ترجمة أبي علي الحسن هذا.
(3) تقدمت ترجمته برقم (408) .
(4) سترد ترجمته برقم (429) .
(5) سترد ترجمته برقم (432) .
(*) الصلة 2 / 530، 531، بغية الملتمس 92، العبر 3 / 190، الديباج المذهب 2 / 324، شذرات الذهب 3 / 263.(17/614)
عَابِدٍ المَعَافِرِيُّ، القُرْطُبِيُّ.
حَجَّ، وَسَمِعَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ المُهَنْدِسِ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُفَرِّجٍ، وَعَبَّاسِ بنِ أَصْبَغَ، وَخَلَفِ بنِ القَاسِمِ، وَعِدَّةٍ.
قَالُوا: وَكَانَ ثِقَةً، مَعنِيّاً بِالآثَارِ، خَيِّراً، صَالِحاً، مُتُوَاضِعاً، دُعِيَ إِلَى الشُّوْرَى، فَأَبَى (1) .
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مَرْوَانَ الطُّبْنِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَتَّابٍ، وَأَبُوْهُ؛ مُحَمَّدٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ الطَّلاَّعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقِيْلَ: بَلْ رِوَايَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْهُ إِجَازَةٌ، وَالمَغَارِبَةُ يَتَسمَّحُونَ فِي إِطلاَقِ ذَلِكَ.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ بِضْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ فِيْهَا: المُحَدِّثُ عَلِيُّ بنُ مُنِيْرِ (2) بنِ أَحْمَدَ الخَلاَّلُ الشَّاهِدُ بِمِصْرَ، وَالمُحَدِّثُ العَالِمُ أَبُو الفَرَجِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الطَّنَاجِيْرِيُّ (3) بِبَغْدَادَ، وَمُشْرِفُ الجَامِعِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ شوَاشٍ الكِنَانِيُّ بِدِمَشْقَ.
412 - الصَّيْمَرِيُّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الحَنَفِيُّ *
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ
__________
(1) انظر " الصلة " 2 / 530، و" الديباج المذهب " 2 / 324.
(2) سترد ترجمته برقم (415) .
(3) سترد ترجمته برقم (414) .
(*) تاريخ بغداد 8 / 98، 79، الأنساب المتفقة 91، 92، الأنساب 8 / 128، المنتظم 8 / 119، معجم البلدان 3 / 439، اللباب 2 / 255، المختصر في أخبار البشر 2 / =(17/615)
الصَّيْمَرِيُّ، الحَنَفِيُّ.
رَوَى عَنْ: هِلاَلِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَالمُفِيْدِ (1) ، وَابنِ شَاهِيْنٍ (2) ، وَالحَرْبِيِّ (3) ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الدَّامَغَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الفُقَهَاءِ المُنَاظِرِينَ، صَدُوْقاً، وَافِرَ العَقْلِ.
قَالَ الخَطِيْبُ (4) :قَالَ لِي:
سَمِعْتُ مِنَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَجْزَاءً مِنْ (سُنَنِهِ) ، وَانقَطَعتُ لِكَوْنِهِ لَيَّنَ أَبَا يُوْسُفَ، وَلَيْتَنِي لَمْ أَفْعَلْ، أَيْشٍ ضَرَّ أَبَا الحَسَنِ انصِرَافِي؟
قَالَ الخَطِيْبُ (5) :مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
__________
= 167، العبر 3 / 186، تتمة المختصر 1 / 527، البداية والنهاية 12 / 52، الجواهر المضية 2 / 116 - 118، النجوم الزاهرة 5 / 38، تاج التراجم 26، طبقات الفقهاء لطاش كبري 80، الطبقات السنية (770) ، كشف الظنون 2 / 1628، 1837، شذرات الذهب 3 / 256، الفوائد البهية 67، هدية العارفين 1 / 309، تهذيب ابن عساكر 4 / 347، 348.
وقد تقدمت ترجمة نسبة " الصيمري " في الترجمة رقم (6) .
(1) وهو أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الجرجرائي المفيد، المتوفى سنة 378 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) هو أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن أحمد البغدادي، المعروف بابن شاهين، متوفى سنة 385 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) هو أبو زكريا يحيى بن إسماعيل بن يحيى بن زكريا النيسابوري المزكي الحربي، المتوفى سنة 394 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) " تاريخ بغداد " 8 / 79.
(5) المصدر السابق.(17/616)
413 - الجُوَيْنِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ الطَّائِيُّ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَيُّوَيْه الطَّائِيُّ، السِّنْبِسِيُّ - كَذَا نَسَبَه: المَلِكُ المُؤَيَّدُ (1) - الجُوَيْنِيُّ، وَالِدُ إِمَامِ الحَرَمَيْنِ.
كَانَ فَقِيْهاً، مُدَقِّقاً، مُحَقِّقاً، نَحْوِيّاً، مُفَسِّراً.
تَفَقَّهَ بِنَيْسَابُوْرَ عَلَى أَبِي الطَّيِّبِ الصُّعْلُوْكِيُّ، وَبِمَرْوَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ القَفَّالِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي نُعَيْمٍ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ، وَابنِ مَحْمِشٍ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَانَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ؛ أَبُو المَعَالِي، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ الأَخْرَمِ، وَسَهْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَسْجِدِيُّ.
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيُّ: لَوْ كَانَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ، لَنُقِلَتْ إِلَيْنَا شَمَائِلُه، وَافتَخَرُوا بِهِ (2) .
__________
(*) طبقات العبادي 112، دمية القصر 2 / 998، 999، الأنساب 3 / 385، تبيين كذب المفتري 257، 258، المنتظم 8 / 130، 131، معجم البلدان 2 / 193، منتخب السياق ورقة 55، اللباب 1 / 315، الكامل في التاريخ 9 / 535، طبقات ابن الصلاح الورقة 55، وفيات الأعيان 3 / 47، المختصر في أخبار البشر 2 / 168، العبر 3 / 188، تتمة المختصر 1 / 529، مرآة الجنان 3 / 58، طبقات السبكي 5 / 73 - 93، طبقات الاسنوي 1 / 338 - 340، البداية والنهاية 12 / 55، النجوم الزاهرة 5 / 42، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 253 - 255، طبقات ابن قاضي شهبة 20 أ، مفتاح السعادة 2 / 184، طبقات ابن هداية الله 144، 145، كشف الظنون 339، 385، 445، شذرات الذهب 3 / 261، 262، هدية العارفين 1 / 451.
والجويني: نسبة إلى جوين، وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور، تشتمل على قرى كثيرة مجتمعة.
(1) في " المختصر في أخبار البشر " 2 / 168.
(2) انظر " طبقات " الاسنوي 1 / 339.(17/617)
قَالَ ابْنُ الأَخْرَمِ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: أَنَا مِنْ سِنْبِسٍ؛ قَبِيْلَةٍ مِنَ العَرَبِ.
وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ: غَسَلتُ أَبَا مُحَمَّدٍ، فَلَمَّا لَفَفتُهُ فِي الكَفَنِ، رَأَيْتُ يَدَه اليُمْنَى إِلَى الإِبطِ مُنِيْرَةً كَلَوْنِ القَمَرِ، فَتَحيَّرتُ، وَقُلْتُ: هَذِهِ بَرَكَاتُ فَتَاوِيْهِ (1) .
قُلْتُ: رَجَعَ مِنْ عِنْدِ القَفَّالِ، وَتَصَدَّرَ لِلإِفَادَةِ وَالفَتْوَى سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ مُجْتَهِداً فِي العِبَادَةِ، مَهِيْباً بَيْنَ التَّلاَمِذَةِ، صَاحِبَ جِدٍّ وَوَقَارٍ وَسَكِيْنَةٍ، تَخَرَّجَ بِهِ ابْنُهُ.
وَلَهُ مِنَ التَّوَالِيفِ (كِتَابُ التَّبْصِرَةِ) فِي الفِقْهِ، وَكِتَابُ (التَّذْكِرَةِ) ، وَكِتَابُ (التَّفْسِيْرِ الكَبِيْرِ) ، وَكِتَابُ (التَّعْلِيْقَةِ (2)) .
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَهُوَ صَاحِبُ وَجهٍ فِي المَذْهَبِ، وَكَانَ يَرَى تَكْفِيْرَ مَنْ تَعَمَّدَ الكَذبَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: شَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ، وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَيُّوَيْه المُؤَدِّبُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ التَّبَّانُ، وَآخَرُوْنَ.
414 - الطَّنَاجِيْرِيُّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُبَيْدِ اللهِ *
المُحَدِّثُ، الحُجَّةُ، أَبُو الفَرَجِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُبَيْدِ اللهِ
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 75.
(2) انظر مصنفاته في " تبيين كذب المفتري " 257، 258، و" طبقات " السبكي 5 / 39، 40، و" طبقات " الاسنوي 1 / 339، و" هدية العارفين " 1 / 451.
(*) تاريخ بغداد 8 / 79، 80، الأنساب 8 / 251، المنتظم 8 / 133، اللباب 2 / 285.(17/618)
البَغْدَادِيُّ، الطَّنَاجِيْرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَتَبَ عَنِ القَطِيْعِيِّ مَجَالِسَ، وضَاعتْ مِنْهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَرْوَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ شَاذَانَ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَتَبنَا عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً، دَيِّناً.
تُوُفِّيَ: فِي سَلْخِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
415 - ابْنُ مُنِيْرٍ عَلِيُّ بنُ مُنِيْرِ بنِ أَحْمَدَ الخَلاَّلُ المِصْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُنِيْرِ بنِ أَحْمَدَ الخَلاَّلُ، المِصْرِيُّ، الشَّاهِدُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ النَّاصِحِ، وَالقَاضِي أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: القَاضِي الخِلَعِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَسَعْدُ بنُ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ صَابِرٍ، سَمِعْتُ سَهْلَ بنَ بِشْرٍ يَقُوْلُ:
اجْتَمَعْنَا بِمِصْرَ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَنَا عَلِيُّ بنُ مُنِيْرٍ، وَصَاحَ عَبْدُ العَزِيْزِ فِي كُوَّةٍ: (مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ، فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ (2)) . فَفَتَحَ لَنَا،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 79.
(*) العبر 3 / 189، حسن المحاضرة 1 / 373، شذرات الذهب 3 / 262.
(2) حديث صحيح أخرجه من حديث أبي هريرة أحمد 2 / 263، و305، و344 و=(17/619)
وَقَالَ: لاَ أُحَدِّثُ إِلاَّ بِذَهَبٍ.
وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الغُرَبَاءِ، وَكَانَ ثِقَةً، فَقِيراً.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
416 - الوَزِيْرُ أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ بنِ فَسَانْجِسَ *
المُلَقَّبُ: بِذِي السَّعَادَاتِ.
وَزَرَ بِبَغْدَادَ لِلسُّلْطَانِ أَبِي كَالَيْجَارَ ثَلاَثَ سِنِيْنَ، وَكَانَ ذَا أَدَبٍ غَزِيْرٍ (1) ، وَبَاعٍ فِي اللُّغَةِ، وَتَرَسُّلٍ بَاهِرٍ، وَخَطٍّ فَائِقٍ.
وَكَانَ جَدُّهُ مِنَ الوُزَرَاءِ، وَلَهُم نَسَبٌ إِلَى بَهْرَامَ جُورَ (2) ، وَكَانَ يَرجِعُ إِلَى دِينٍ وَمُرُوْءةٍ.
تُوُفِّيَ: مُعْتَقَلاً، فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
417 - ابْنُ حَمْدَانَ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ التَّغْلِبِيُّ **
الأَمِيْرُ الأَوْحَدُ، نَائِبُ دِمَشْقَ لِلْمِصْرِيِّيْنَ، نَاصِرُ الدَّوْلَةِ وَسَيْفُهَا، أَبُو
__________
= 353 و495، وأبو داود (3658) والترمذي (2651) وابن ماجة (261) وصححه ابن حبان (95) وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو صححه ابن حبان (96) والحاكم 1 / 102، ووافقه الذهبي.
(*) المنتظم 8 / 138، 139، الكامل في التاريخ 9 / 542، 543، الوافي بالوفيات 2 / 304، البداية والنهاية 12 / 58، النجوم الزاهرة 5 / 45.
(1) انظر بعض نظمه في " الكامل " 9 / 542، 543 و" النجوم الزاهرة " 5 / 45.
(2) انظر " الوافي " 2 / 304.
(* *) الإشارة للصيرفي 41، الوافي بالوفيات 11 / 419، النجوم الزاهرة 5 / 45 و90، 91، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 173، أمراء دمشق: 27.(17/620)
مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ (1) بنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْدَانَ التَّغْلِبِيُّ.
وَلِيَ دِمَشْقَ بَعْدَ أَمِيْرِ الجُيُوشِ الدِّزْبَرِيّ (2) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، فَبَقِيَ إِلَى أَنْ قُبضَ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَهُ طَارِقٌ الصَّقْلَبِيُّ.
وَهُوَ وَالِدُ الأَمِيْرِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ حُسَيْنٍ؛ الَّذِي أَذلَّ المُسْتَنْصِرَ بِمِصْرَ، وَقَهَرَه، وَجَرَتْ لَهُ سِيرَةٌ إِلَى أَنْ قُتِلَ بَعْدَ السِّتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
418 - حَفِيْدُ المُقْتَدِرِ الحَسَنُ بنُ عِيْسَى بنِ المُقْتَدِرِ بِاللهِ العَبَّاسِيُّ *
الأَمِيْرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عِيْسَى ابنِ المُقْتَدِرِ بِاللهِ جَعْفَرِ بنِ المُعْتَضِدِ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: مُؤَدِّبِه؛ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ اليَشْكُرِيِّ، وَمِنْ أَبِي الأَزْهَرِ عَبْدِ الوَهَّابِ الكَاتِبِ.
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :كَتَبنَا عَنْهُ، وَكَانَ دَيِّناً، حَافِظاً لأَخْبَارِ الخُلَفَاءِ، عَارِفاً بِأَيَّامِ النَّاسِ، فَاضِلاً.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ (4) وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
__________
(1) في " الوافي ": الحسن.
(2) وقد تقدمت ترجمته برقم (334) .
(*) تاريخ بغداد 7 / 354، 355، الأنساب: (المقتدري) ، المنتظم 8 / 137، الكامل في التاريخ 9 / 552، اللباب 3 / 246، العبر 3 / 192، الوافي بالوفيات 12 / 199، 200، البداية والنهاية 12 / 58، شذرات الذهب 3 / 264.
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 354.
(4) في " اللباب ": ست وأربعين.(17/621)
قُلْتُ: غَسَّلَه أَبُو الحُسَيْنِ ابْنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ الحُصَيْنِ.
419 - المِيْهَنِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ فَضْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
القُدْوَةُ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ خُرَاسَانَ، أَبُو سَعِيْدٍ فَضْلُ ابنُ أَبِي الخَيْرِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ (1) المِيْهَنِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: زَاهِرِ بنِ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ أَبِي طَاهِرٍ الخُتُّلِيُّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْرُوْيِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: بِقَرْيَتِهِ مِيْهَنَه (2) ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
وَلَهُ: أَحْوَالٌ، وَمَنَاقِب، وَوَقْعٌ فِي النُّفُوْسِ، وَتَأَلُّهٌ، وَجَلاَلَةٌ.
420 - السَّوَّاقُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ البَغْدَادِيُّ **
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ السَّوَّاقِ.
__________
(*) الأنساب: (الميهني) ، اللباب 3 / 285، طبقات السبكي 5 / 306 - 308، طبقات الأولياء 272، 273، النجوم الزاهرة 5 / 46، كشف المحجوب 1 64 - 166، دائرة المعارف الإسلامية 1 / 145 - 147، جامع كرامات الأولياء 2 / 235، وانظر كتاب " أسرار التوحيد في مقامات الشيخ أبي سعيد " لابن المنور، ترجمه من الفارسية إلى العربية إسعاد عبد الهادي.
(1) في " طبقات " السبكي: فضل الله بن أحمد بن محمد. وفي " طبقات الأولياء ": فضل الله بن أحمد بن علي.
(2) وهي إحدى قرى خراسان.
(* *) تاريخ بغداد 3 / 235، الأنساب 7 / 181، 182، اللباب 2 / 152، العبر 3 / 194، شذرات الذهب 3 / 265.
والسواق: نسبة إلى بيع السويق.(17/622)
سَمِعَ: القَطِيْعِيَّ، وَابْن مَاسِي، وَمَخْلَدَ البَاقَرْحِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ لُؤْلُؤٍ.
وَثَّقَهُ: الخَطِيْبُ (1) .
وَرَوَى عَنْهُ: هُوَ، وثَابِتُ بنُ بُنْدَار، وَأَخُوْهُ؛ أَبُو يَاسِرٍ، وَابْنُ الطُّيُوْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
421 - اللَّبِيْدِيُّ أَبُو القَاسِمِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَضْرَمِيُّ *
مُفْتِي المَغْرِبِ، أَبُو القَاسِمِ (2) بنُ مُحَمَّدٍ الحَضْرَمِيُّ، المَالِكِيُّ، اللَّبِيْدِيُّ، وَلَبِيْدَةُ: مِنْ قُرَى إِفْرِيْقِيَةَ.
صَحِبَ القُدْوَةَ أَبَا إِسْحَاقَ الجُبْنَيَانِيَّ (3) ، وَلاَزَمَهُ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سَعْدُوْنَ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ الأَبرَارِ، كَبِيرَ الشَّأْنِ، رَفِيْعَ الذِّكرِ، عَابداً، مُخلِصاً، مُتَفَنِّناً، شَاعِراً مُفْلِقاً.
لَهُ: كِتَابٌ فِي المَذْهَبِ، فِي بَضْعَةَ عَشَرَ مُجَلَّداً، وَكِتَابٌ فِي بَسطِ
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 235.
(*) ترتيب المدارك 4 / 707، 708، الأنساب: (اللبيدي) ، اللباب 3 / 128، الديباج المذهب 1 / 484، 485، تاج العروس 2 / 492، هدية العارفين 1 / 516، شجرة النور الزكية 1 / 109.
(2) واسمه عبد الرحمن.
(3) ضبط في الأصل بضم الجيم وسكون الباء الموحدة وفتح النون، ونقل المعلمي في تعليقه على " الأنساب " 3 / 185 عن " التوضيح " ضبطه بكسر الجيم ثم موحدة ساكنة ثم نون مكسورة تليها مثناة تحت ثم ألف ثم نون.
وهذه النسبة إلى جبنيانة، وهي قرية بإفريقية قريب سفاقس. وأبو إسحاق هذا له ترجمة في " الديباج المذهب " 1 / 264، 265، و" شجرة النور الزكية " 1 / 95.(17/623)
مَسَائِلِ (المُدَوَّنَةِ) ، وَكِتَابُ (زِيَادَاتُ الأُمَّهَاتِ وَنَادِرُ الرِّوَايَاتِ) ، وَمُؤَلَّفٌ فِي سِيرَةِ شَيْخِه الجُبْنَيَانِيِّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (1) .
ذَكَرَه: القَاضِي عِيَاضٌ.
422 - خَامُوْشٌ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الوَاعِظُ، أَبُو حَاتِمٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، البَزَّازُ أَبُوْهُ، المُلَقَّبُ بِخَامُوْشٍ.
لَهُ: رِحلَةٌ، وَمَعْرِفَةٌ، وَشُهرَةٌ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ، وَمِنْ فَاتِكِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَطَائِفَةٍ بِأَصْبَهَانَ.
وَمِنْ: أَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِيِّ، وَطَبَقَتِه بِبَغْدَادَ.
وَمِنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ الحَسَنِ بِصَرْصَرَ (2) .
وَمِنْ: عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الرَّازِيِّ بِالرَّيِّ.
وَمِنْ: أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِ بِنَيْسَابُوْرَ.
وَكَانَ شَيْخَ أَهْلِ الرَّيِّ فِي زَمَانِهِ.
رَوَى عَنْهُ: شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ، وَجَمَاعَةٌ.
وَلَهُ تَرْجَمَةٌ فِي (تَارِيْخِ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ) مُختَصَرَةٌ، وَقَالَ: سَمِعَ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ بُلدَانٍ شَتَّى.
أَنْبَؤُونَا عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ التُّوَيِيّ (3) بِهَمَذَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ
__________
(1) في " اللباب ": توفي قريبا من سنة ثلاثين وأربع مئة. وفي " شجرة النور " وفاته سنة 446.
(*) لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(2) صرصر: قرية من فرسخين من بغداد، ينسب إليها أبو القاسم إسماعيل بن الحسن هذا.
(3) بضم التاء المثناة من فوق، وفتح الواو، بعدها الياء آخر الحروف مشددة، هذه النسبة =(17/624)
بِالرَّيِّ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا فَاتِكٌ مَوْلَى ابْنِ هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمد بن فَارِسٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ حَبِيْبٍ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَبِهِ: إِلَى أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ القَطِيْعِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: خَامُوْشٌ فِي عَقِبِ حَدِيْثٍ: كَتَبَ عَنِّي هَذَا الحَدِيْثَ أَبُو نُعَيْمٍ بِأَصْبَهَانَ.
وَيَرْوِي أَيْضاً عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ المَخْلَدِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ القَطَّانِ، وَالفَقِيْهِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَرْوَزِيِّ، وَالحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مَنْصُوْرٍ حُجْرُ بنُ مُظَفَّرٍ، وَالشَّرِيْفُ يَحْيَى بنُ حُسَيْنٍ.
وَحِكَايَةُ شَيْخِ الإِسْلاَمِ مَعَهُ مَشْهُوْرَةٌ لَمَّا قَبَضَ عَلَيْهِ بَعْضُ الجُفَاةِ، وَحَمَلَهُ إِلَى أَبِي حَاتِمٍ، وَقَالَ:
إِنَّ هَذَا ذَكَرَ لَهُ مَذْهَباً مَا سَمِعْتُ بِهِ، قَالَ: هُوَ حَنْبَلِيٌّ.
فَقَالَ: دَعْهُ وَيْلَكَ! مَنْ لَمْ يَكُنْ حَنْبَلِيّاً، فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ (1) .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ قَايْمَازَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ جُوْهَرٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ المُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفُتُوْحِ الطَّائِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ التُّوَيِيُّ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَنْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ
__________
= إلى قرية من قرى همذان يقال لها: توي. " الأنساب " 3 / 110.
(1) في حاشية الأصل ما نصه: أخطأ أبو حاتم في هذه العبارة قطعا، وكذلك من يوافقه عليها.(17/625)
يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ، فَلاَ تُضَيِّعُوْهَا، وَحَدَّ حُدُوْداً فَلاَ تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ، فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُم مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ، فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْهَا) (1) .
423 - عَلِيُّ بنُ رَبِيْعَةَ بنِ عَلِيٍّ أَبُو الحَسَنِ التَّمِيْمِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الحَسَنِ التَّمِيْمِيُّ، المِصْرِيُّ، البَزَّازُ.
كَانَ مِنَ الرُّوَاةِ المُكْثِرِيْنَ عَنِ الحَسَنِ بنِ رَشِيْقٍ.
أَجَازَ لأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الحَطَّابِ الرَّازِيِّ مَرْوِيَّاتِه فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَالَ هَذَا ثَبَتُ مَا عِنْدِي عَنْهُ بِالسَّمَاعِ: نُسخَةُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ جُزْءٌ كَبِيْرٌ رَوَاهُ ابْنُ رَشِيْقٍ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ التُّجِيْبِيِّ ابْن زغبَةَ عَنْهُ.
نُسخَةُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدٍ رِوَايَة ابْنِ رَشِيْقٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي السَّوَّارِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْهُ.
الجُزءُ الثَّانِي مِنْ (مُسْنَدِ مَالِكٍ) لِلنَّسَائِيِّ رِوَايَة ابْنِ رَشِيْقٍ، عَنْهُ.
وَالثَّالِثُ مِنْهُ، وَالجُزءُ الرَّابِعُ انْتِخَابُ الدَّارَقُطْنِيِّ عَلَى ابْنِ رَشِيْقٍ.
كِتَابُ الطَّلاَقِ مِنَ (السُّنَنِ) لِلنَّسَائِيِّ.
الفَرَائِضُ مِنَ (المُوَطَّأِ) رِوَايَةُ يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مَالِكٍ.
__________
(1) رجال ثقات إلا أن مكحولا لا يصح له سماع من أبي ثعلبة، وأخرجه الدارقطني ص 205، والحاكم 4 / 115، والبيهقي 10 / 12، 13، من طرق عن داود بن أبي هند بهذا الإسناد، وله شاهد من حديث أبي الدرداء عند الحاكم وصححه والبيهقي 10 / 12، والبزار كما في " المجمع " 7 / 75، وقال البزار: إسناده صالح، وآخر من حديث سلمان الفارسي عند الترمذي (1726) وابن ماجة (3367) والحاكم 4 / 115، والبيهقي 9 / 320 و10 / 12 فالحديث حسن، وانظر " جامع العلوم والحكم " ص 261 وما بعدها.
(*) العبر 3 / 192، حسن المحاضرة 1 / 373، شذرات الذهب 3 / 264.(17/626)
تُوُفِّيَ ابْنُ رَبِيْعَةَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَصَلَّى عَلَيْهِ: أَبُو العَبَّاسِ بنُ هَاشِمٍ المُقْرِئُ.
424 - الصُّوْرِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ الشَّامِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، الأَوْحَدُ، الحُجَّةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ (1) بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ رُحَيْمٍ (2) الشَّامِيُّ، السَّاحلِيُّ، الصُّوْرِيُّ، أَحَدُ الأَعلاَمِ.
وُلِدَ - فِيمَا ذَكَرَه -:سَنَةَ سِتٍّ، أَوْ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ جُمَيْعٍ الصَّيْدَاوِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ الزَّرَافِيَّ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ أَبِي كَامِلٍ الأَطْرَابُلُسِيَّ، وَعَبْدَ الغَنِيِّ بنَ سَعِيْدٍ المِصْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ الكَلاَعِيَّ، وَأَبَا نَصْرٍ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ بُنْدَار، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ.
وَصَحِبَ الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ، وَتَخَرَّجَ بِهِ، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ، وَلَحِقَ بِهَا البَقَايَا، فسَمِعَ مِنْ: أَبِي الحَسَنِ بنِ مَخْلَدٍ (جُزْءَ ابْنِ عَرَفَةَ) ، وَمِنْ أَحْمَدَ بنِ طَلْحَةَ المُنَقِّي، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ شَاذَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ البَرْقَانِيِّ، وَعُثْمَانَ بنِ دُوْسْتَ، وَخَلْقٍ، فَأَكْثَرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُهُ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَالقَاضِي
__________
(*) تاريخ بغداد 3 / 103، الأنساب 8 / 106، المنتظم 8 / 143 - 145، معجم البلدان 3 / 433، اللباب 2 / 250، 251، الكامل في التاريخ 9 / 561، تذكرة الحفاظ 3 / 1114 - 1117، العبر 3 / 197، 198، دول الإسلام 1 / 260، البداية والنهاية 12 / 60، 61، النجوم الزاهرة 5 / 48، طبقات الحفاظ 428، شذرات الذهب 3 / 267، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 391.
(1) في " تذكرة الحفاظ " محمد بن عبد الله بن علي.
(2) في " تذكرة الحفاظ " دحيم بالدال، وهو تحريف.(17/627)
أَبُو عَبْدِ اللهِ الدَّامَغَانِيُّ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَيَانٍ الرَّزَّازُ، وَسَعْدُ اللهِ بنُ صَاعِدٍ الرَّحَبِيُّ، وَالمُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الصَّيْرَفِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: أَبُو سَعْدٍ بنُ الطُّيُوْرِيِّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ الصُّوْرِيُّ مِنْ أَحرَصِ النَّاسِ عَلَى الحَدِيْثِ، وَأَكْثَرِهِم كَتْباً لَهُ، وَأَحْسَنِهِم مَعْرِفَةً بِهِ، لَمْ يَقْدَمْ عَلَيْنَا أَحدٌ أَفهَمُ مِنْهُ لِعِلْمِ الحَدِيْثِ، وَكَانَ دَقِيقَ الخَطِّ، صَحِيْحَ النَّقلِ.
حَدَّثَنِي أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ فِي الوجهَةِ مِنْ ثَمَنِ الكَاغَدِ الخُرَاسَانِيِّ ثَمَانِيْنَ سَطراً، وَكَانَ مَعَ كَثْرَةِ طَلَبِه صَعبَ المَذْهَبِ فِي الأَخذِ، رُبَّمَا كَرَّرَ قِرَاءةَ الحَدِيْثِ الوَاحِدِ عَلَى شَيْخِه مَرَّاتٍ، وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - يَسْرُدُ الصَّوْمَ إِلاَّ الأَعيَادَ، وَلَمْ يَزَلْ بِبَغْدَادَ حَتَّى تُوُفِّيَ بِهَا.
وَذَكَرَ لِي أَنَّ شَيْخَه الحَافِظَ عَبْدَ الغَنِيِّ كَتَبَ عَنْهُ أَشْيَاءَ فِي تَصَانِيْفِه، وَصَرَّحَ بِاسْمِهِ فِي بَعْضِهَا، وَمَرَّةً يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي الوَرْدُ بنُ عَلِيٍّ (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ الصُّوْرِيُّ صَدُوْقاً، كَتبَ عَنِّي، وَكَتَبتُ عَنْهُ (2) .
وَقَالَ القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: الصُّوْرِيُّ أَحفَظُ مَنْ رَأَينَاهُ (3) .
وَقَالَ غَيْثُ بنُ عَلِيٍّ الأَرْمَنَازِيُّ: رَأَيْتُ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يَقُوْلُوْنَ: مَا رَأَينَا أَحفَظَ مِنَ الصُّوْرِيِّ (4) .
وَقَالَ عَبْدُ المُحْسِنِ الشِّيْحِيُّ التَّاجِرُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ الصُّوْرِيِّ! كَانَ كَأَنَّهُ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 103.
(2) المصدر السابق.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1115.
(4) المصدر السابق.(17/628)
شُعلَةُ نَارٍ بِلسَانٍ كَالحُسَامِ القَاطعِ (1) .
قَالَ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ: كَتبَ الصُّوْرِيُّ (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) فِي سَبْعَةِ أَطبَاقٍ مِنَ الوَرقِ البَغْدَادِيِّ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى عَيْنٍ وَاحِدَةٍ.
قَالَ: وَذَكَرَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ فِي كِتَابِ (فِرَقِ الفُقَهَاءِ) لَهُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَرَّاقُ - وَكَانَ ثِقَةً، مُتْقِناً -:
أَنَّهُ شَاهدَ أَبَا عَبْدِ اللهِ الصُّوْرِيَّ، وَكَانَ فِيْهِ حُسنُ خُلُقٍ وَمُزَاحٌ وَضَحِكٌ، لَمْ يَكُنْ وَرَاءَ ذَلِكَ إِلاَّ الخَيْرُ وَالدِّينُ، وَلَكِنَّهُ كَانَ شَيْئاً جُبِلَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ بِالخَارِقِ لِلعَادَةِ، فَقَرَأَ يَوْماً جُزءاً عَلَى أَبِي العَبَّاسِ الرَّازِيِّ، وَعَنَّ لَهُ أَمرٌ ضَحَّكَهُ، وَكَانَ بِالحضرَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ، فَأَنكَرُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا:
هَذَا لاَ يَصلُحُ، وَلاَ يَلِيقُ بِعِلمِكَ وَتَقدُّمِكَ أَنْ تَقرَأَ حَدِيْثَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْت تَضْحَكُ.
وَكثَّرُوا عَلَيْهِ، وَقَالُوا: شُيُوْخُ بَلَدِنَا لاَ يَرضُوْنَ بِهَذَا.
فَقَالَ: مَا فِي بَلَدِكُم شَيْخٌ إِلاَّ يَجِبُ أَنْ يَقْعُدَ بَيْنَ يَدَيَّ، وَيَقْتَدِي بِي، وَدَلِيْلُ ذَلِكَ: أَنِّي قَدْ صِرتُ مَعَكُم عَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ، فَانظُرُوا إِلَى أَيِّ حَدِيْثٍ شِئْتُمْ مِنْ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، اقْرَؤُوا إِسْنَادَه، لأَقْرَأَ مَتنَهُ، أَوِ اقْرَؤُوا مَتْنَهُ حَتَّى أُخْبِرَكُم بِإِسْنَادِهِ.
ثُمَّ قَالَ البَاجِيُّ: لَزِمتُ الصُّوْرِيَّ ثَلاَثَةَ أَعْوَامٍ، فَمَا رَأَيْتُهُ تَعرَّضَ لِفَتْوَى (2) .
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الطُّيُوْرِيِّ: كَتبتُ عَنْ عِدَّةٍ، فَمَا رَأَيْتُ فِيْهِم أَحفَظَ مِنَ الصُّوْرِيِّ، كَانَ يَكْتُبُ بِفَردِ عَينٍ، وَكَانَ مُتَفَنِّناً، يَعرِفُ مِنْ كُلِّ (3) عِلمٍ، وَقَولُهُ حُجَّة، وَعَنْهُ أَخذَ الخَطِيْبُ عِلْمَ الحَدِيْثِ (4) .
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1115، 1116.
(3) في الأصل: " كلم " وهو خطأ.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1116.(17/629)
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، وَلَهُ شِعرٌ رَائِقٌ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ جُبَارَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيُّ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بنُ مَرْثَدٍ، حَدَّثَنَا المُعَافَى - هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ -، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ أَعْيَنَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (تَجَوَّزُوا فِي الصَّلاَةِ، فَإِنَّ خَلْفَكُمُ الضَّعِيْفَ وَالكَبِيْرَ وَذَا الحَاجَةِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ (1) .
وَعَبْدُ اللهِ: هُوَ بِشْرٌ الرَّقِّيُّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ، وَمُحَمَّد بنُ عَلِيِّ ابْنِ الوَاسِطِيِّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ سَلاَمَةَ المَنْبِجِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بَيَانٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ الهِلاَلِيُّ، حَدَّثَنَا المِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الأَحَدِ بنُ اللَّيْثِ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ الحَكَمِ الجُذَامِيِّ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ
، قَالَتْ:
أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الوَحي الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا، إِلاَّ جَاءتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ (2) .
أَنْشَدَنَا أَبُو الحَسَنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
__________
(1) وأخرجه مالك 1 / 134، والبخاري، (703) ومسلم (467) ، وأبو داود (794) و (795) والنسائي 2 / 94، والترمذي (236) وعبد الرزاق (3713) .
(2) وأخرجه من طرق عن الزهري بهذا الإسناد أحمد 6 / 153 و232، والبخاري (3) و (4953) و (6982) ومسلم (160) (252) و (253) و (254) .(17/630)
الطُّيُوْرِيِّ، أَنْشَدَنَا الصُّوْرِيُّ لِنَفْسِهِ:
قُلْ لِمَنْ عَانَدَ الحَدِيْثَ وَأَضْحَى ... عَائِباً أَهلَهُ وَمَنْ يَدَّعِيهِ
أَبِعِلمٍ تَقُولُ هَذَا أَبِنْ لِي ... أَمْ بِجَهلٍ، فَالجَهْلُ خُلُقُ السَّفِيهِ
أَيُعَابُ الَّذِيْنَ هُم حَفِظُوا الدِّيْ ... ـنَ مِنَ التُّرَّهَاتِ وَالتَّمْوِيهِ
وَإِلَى قَوْلِهِم وَمَا قَدْ رَوَوْهُ ... رَاجِعٌ كُلُّ عَالِمٍ وَفَقِيْهِ (1)
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :مَاتَ الصُّوْرِيُّ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
425 - أَبُو كَالَيْجَارَ مَرْزُبَانُ بنُ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ ابْنِ بُوَيْه *
السُّلْطَانُ، صَاحِبُ العِرَاقِ، أَبُو كَالَيْجَارَ مَرْزُبَانُ بنُ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ بنِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ بنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ ابْنِ بُوَيْه.
تَمَلَّكَ بَعْدَ ابْنِ عَمِّهِ جَلاَلِ الدَّوْلَةِ، فَكَانَتْ أَيَّامُه خَمْسَ سِنِيْنَ، وَجَرتْ لَهُ خُطُوبٌ وَحُرُوبٌ، وَعَاشَ نَيِّفاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَقَهرَ ابْنَ عَمِّهِ المَلِكَ العَزِيْزَ، وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، بِكَرْمَانَ، وَمَلَّكُوا بَعْدَهُ ابْنَهُ المَلِكَ الرَّحِيْمَ أَبَا نَصْرٍ، وَولَّتْ دَوْلَةُ بَنِي بُوَيْه، وَقَامَتْ دَوْلَةُ بَنِي سُلْجُوْق.
__________
(1) الابيات في " المنتظم " 8 / 145، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1117، و" البداية والنهاية " 12 / 61.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 103.
(*) المنتظم 8 / 136، الكامل في التاريخ 9 / 547، المختصر في أخبار البشر 2 / 169، العبر 3 / 191، دول الإسلام 1 / 258، 259، تتمة المختصر 1 / 529، 530، البداية والنهاية 12 / 57، 58 و59، النجوم الزاهرة 5 / 46، شذرات الذهب 3 / 263.(17/631)
426 - العَزِيْزُ أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ جَلاَلِ الدَّوْلَةِ بنِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ *
المَلِكُ العَزِيْزُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ (1) ابْنُ المَلِكِ جَلاَلِ الدَّوْلَةِ أَبِي طَاهِرٍ بنِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ بنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، مِنْ بَقَايَا مُلُوْكِ بَنِي بُوَيْه.
كَانَ بَارعَ الأَدبِ، مَلِيحَ النَّظمِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ لُقِّبَ بِأَلقَابِ مُلُوْكِ زَمَانِنَا، وَكَانَتْ دَوْلتُهُ مَحْلُولَةً، قَهرَهُ أَبُو كَالَيْجَارَ - كَمَا ذَكَرنَا -، وَبَقِيَ فِي مُلْكٍ مُزَلْزَلٍ سَبْعَةَ أَعْوَامٍ، وَاتَّفَقَ مَوْتُهُ بِظَاهِرِ مَيَّافَارِقِيْنَ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَاسمُهُ: خُسْرُو فَيْرُوْزُ بنُ فَيْرُوْزَ بنِ خُرَّه فَيْرُوْزَ بنِ فَنَّا خُسْرُو بنِ حَسَنِ بنِ بُوَيْه.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ: بِالبَصْرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
عَملَ إِمرَةَ وَاسِطَ لأَبِيهِ، وَبَرَعَ فِي الأَدبِ وَالأَخْبَارِ، وَأَكبَّ عَلَى اللَّهوِ وَالخلاعَةِ - نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَةَ -.
وَهُوَ القَائِلُ:
مَنْ مَلَّنِي فَلْيَنْأَ عَنِّي رَاشِداً ... فَمَتَى عَرَضْتُ لَهُ، فلَسْتُ بِرَاشِدِ
مَا ضَاقَتِ الدُّنْيَا عَلَيَّ بِأَسرِهَا ... حَتَّى تَرَانِي رَاغِباً فِي زَاهِدِ
وَلَمَّا مَاتَ أَبُوْهُ الجَلاَلُ، فَارقَ العَزِيْزُ وَاسطاً، وَأَقَامَ عِنْدَ أَمِيْرِ العَرَبِ دُبَيْسِ بنِ مَزْيَدٍ الأَسَدِيِّ، ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى دِيَارِ بَكْرٍ مُنْتَجِعاً لِلمُلُوْكِ، وَقَدْ تَلاَشَى حَالُه، فَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، بَمَيَّافَارِقِيْن، مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(*) الكامل 9 / 561، المختصر في أخبار البشر 2 / 170، العبر 3 / 199، دول الإسلام 1 / 260، تتمة المختصر 1 / 531، شذرات الذهب 3 / 268.
(1) في " المختصر " و" تتمة المختصر " أبو بكر منصور.(17/632)
427
- قِرْوَاشُ * بنُ مُقَلَّدِ (1) بنِ المُسَيَّبِ بنِ رَافِعٍ العُقَيْلِيُّ
الأَمِيْرُ، صَاحِبُ المَوْصِلِ، أَبُو المَنِيعِ مُعْتَمِدُ الدَّوْلَةِ ابْنُ صَاحِبِ المَوْصِلِ حُسَامِ الدَّوْلَةِ أَبِي حَسَّانٍ العُقَيْلِيُّ.
تَمَلَّكَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَطَالتْ أَيَّامُه، وَاتَّسَعَ مُلكُه، فَكَانَ لَهُ المَوْصِلُ، وَالكُوْفَةُ، وَالمَدَائِنُ، وَسَقْيُ الفُرَاتِ.
وَقَدْ خَطبَ فِي بِلاَدٍ لِلْحَاكِمِ العُبَيْدِيِّ، ثُمَّ تَركَ، وَأَعَادَ الخُطبَةَ العَبَّاسِيَّةَ، فَغَضِبَ الحَاكِمُ، وَجَهَّزَ جَيْشاً لِحَرْبِهِ، وَأَتَوْا، وَنَهَبُوا دَارَه بِالمَوْصِلِ، وَأَخَذُوا لَهُ مائَتَيْ أَلْفِ دِيْنَارٍ، فَاسْتَنجَدَ بِدُبَيْسٍ الأَسَدِيِّ، فَانتَصَرَ (2) .
وَكَانَ أَدِيباً، شَاعِراً، جَوَاداً، مُمَدَّحاً، نَهَّاباً، وَهَّاباً، فِيْهِ جَاهِلِيَّةُ وَطَبعُ الأَعرَابِ.
يُقَالُ: إِنَّهُ جَمعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ، فَلاَمُوهُ، فَقَالَ: حَدِّثُونِي مَا الَّذِي نَعْمَلُ بِالشَّرعِ حَتَّى تَذْكُرُوا هَذَا؟
وَقَالَ مَرَّةً: مَا فِي عُنُقِي غَيْرُ دَمِ خَمْسَةٍ سِتَّةٍ مِنَ العَرَبِ، فَأَمَّا الحَاضِرَةُ، فَمَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِم (3) .
ثُمَّ إِنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ أَخِيْهِ بَرَكَةَ، فَظَفِرَ بِهِ بَرَكَةُ، وَحَبَسَهُ،
__________
(*) دمية القصر 1 / 49، 50، المنتظم 8 / 147، الكامل في التاريخ 9 / 553، 554، 564، وفيات الأعيان 5 / 263، المختصر في أخبار البشر 2 / 170 و172، العبر 3 / 196، 197، دول الإسلام 1 / 259، تتمة المختصر 1 / 531 و533، فوات الوفيات 3 / 198، البداية والنهاية 12 / 62، النجوم الزاهرة 5 / 49، 50، شذرات الذهب 3 / 266.
وقرواش: بكسر القاف وسكون الراء.
(1) تقدمت ترجمة المقلد والد قرواش في أول الجزء برقم (1) .
(2) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 263، و" فوات الوفيات " 3 / 198.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 267، و" المنتظم " 8 / 147.(17/633)
وَتَمَلَّكَ، وَتَلقَّبَ زَعِيمَ الدَّوْلَةِ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَلمْ تَطُلْ دَوْلَةُ بَرَكَةَ، وَمَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ، فَقَامَ بَعْدَهُ المَلِكُ أَبُو المَعَالِي قُرَيْشُ بنُ بَدْرَانَ بنِ مُقَلَّدٍ، فَأَخْرَجَ عَمَّه، وَذَبَحَه صَبراً فِي رَجَبٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ (1) .
وَقِيْلَ: بَلْ مَاتَ مَوتاً.
وَتَمكَّنَ قُرَيْشٌ، وَنَهضَ مَعَ البَسَاسِيْرِيِّ، وَنَهبَ دَارَ الخِلاَفَةِ، وَكَانَ هَلاَكُه بِالطَّاعُونِ، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ كَهْلاً، فتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنُه شَرَفُ الدَّوْلَةِ مُسْلِمُ بنُ قُرَيْشٍ، فَعظُمَ سُلطَانُه، وَاسْتَوْلَى عَلَى الجَزِيْرَةِ وَحَلَبَ، وَحَاصَرَ دِمَشْقَ، وَكَادَ أَنْ يَأْخُذَهَا، وَأَخَذَ الإِتَاوَةَ مِنْ بِلاَدِ الرُّوْمِ، وَخَرَجَ عَلَيْهِ أَهْلُ حَرَّانَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، فَظَفِرَ بِهِم، وَقَتَلَ قَاضِيهَا، وَكَانَ مُحَبَّباً إِلَى الرَّعِيَّةِ، مَهِيْباً، وَكَانَ يَصرِفُ جَمِيعَ الجِزيَةِ إِلَى الطَّالِبِينَ، وَأَنشَأَ سُورَ المَوْصِلِ.
428 - صَاحِبُ غَزْنَةَ وَالهِنْد
ِ: مَوْدُوْدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِيْنَ *
السُّلْطَانُ مَوْدُوْدُ ابْنُ السُّلْطَانِ مَسْعُوْدِ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِيْنَ.
كَانَ بَطَلاً، شُجَاعاً.
كَانَتْ دَوْلَتُه ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ.
وَمَاتَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً.
مَاتَ بِغَزْنَةَ، فَأَخرَجُوا عَمَّه عَبْدَ الرَّشِيْدِ مِنَ السِّجنِ، وَسَلطَنُوهُ، وَلُقِّبَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ.
__________
(1) في " العبر " و" دول الإسلام " و" الشذرات " وفاته سنة 441، وفي " المنتظم " و" البداية " و" النجوم الزاهرة " وفاته سنة 442.
(*) المنتظم 8 / 148، الكامل في التاريخ 9 / 558، 559، المختصر في أخبار البشر 2 / 169، 170، العبر 3 / 198، دول الإسلام 1 / 260، تتمة المختصر 1 / 531، البداية والنهاية 12 / 60، شذرات الذهب 3 / 267.(17/634)
429 - ابْنُ سَعْدَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الجُذَامِيُّ *
الشَّيْخُ، الجَلِيْلُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ دِمَشْقَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدِ بنِ سَعْدَانَ الجُذَامِيُّ، الزِّنْبَاعِيَّ مَوْلاَهُمُ الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: جُمَحَ بنَ القَاسِمِ، وَأَبَا عَلِيٍّ الحَسَنَ بنَ مُنِيْرٍ، وَأَبَا عُمَرَ بنَ فَضَالَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيَّ، وَأَبَا سُلَيْمَانَ بنَ زَبْرٍ، وَالقَاضِي يُوْسُفَ بنَ القَاسِمِ المَيَانَجِيَّ، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيُّ، وَابْنُ أَبِي العَلاَءِ الفَقِيْهُ، وَأَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ، وَنَجَا العَطَّارُ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الحِنَّائِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ المَوَازِيْنِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَرَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ حَمْزَةَ السُّلَمِيُّ، وَذَلِكَ وَهْمٌ، وَلَعَلَّهُ لَهُ مِنْهُ إِجَازَةٌ.
قَالَ الكَتَّانِيُّ: عِنْدَهُ سِتَّةُ أَجزَاءٍ، أَوْ نَحْوُهَا، تُوُفِّيَ يَوْمَ عَرَفَةَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العِزِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ الفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو البَرَكَاتِ الخَضِرُ بنُ شِبْلٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ الحِصْنِيُّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ ابْنِ المَوَازِيْنِيِّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ سَعْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ
__________
(*) العبر 3 / 202، 203، شذرات الذهب 3 / 270.(17/635)
فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ الفَرَجِ الغَزِّيُّ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
كُنْتُ أَبِيعُ الذَّهَبَ بِالفِضَّةِ وَالفِضَّةَ بِالذَّهَبِ، فَأَتَيتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: (إِذَا بَايَعْتَ صَاحِبَكَ، فَلاَ تُفَارِقْهُ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ، غَرِيْبٌ، خَرَّجُوا نَحْواً مِنْهُ فِي السُّنَنِ (1) مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ.
430 - العَلَوِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ، الفَقِيْهُ، مُسْنِدُ الكُوْفَةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَلَوِيُّ، الكُوْفِيُّ.
انْتَقَى عَلَيْهِ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الصُّوْرِيُّ، وَغَيْرُهُ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيِّ، وَأَبِي الفَضْلِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ حُطَيْطٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَيْدِ بنِ مَرْوَانَ، وَأَبِي الطَّيِّبِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ التَّيْمُلِيِّ، وَأَبِي المُفَضَّلِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الشَّيْبَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) أخرجه أبو داود (3354) و (3355) في البيوع: باب في اقتضاء الذهب من الورق، والترمذي (1242) في البيوع: باب ما جاء في الصرف، وابن ماجة (2262) في التجارات: باب اقتضاء الذهب من الورق، والنسائي 7 / 281 و282 في البيوع، وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر موقوفا.
وقال الحافظ في " التلخيص " 3 / 26: وروى البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي، قال: سئل شعبة عن حديث سماك هذا، فقال شعبة: سمعت أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، ولم يرفعه،
وحدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، ولم يرفعه، وحدثنا يحيى بن أبي إسحاق، عن سالم، عن ابن عمر، ولم يرفعه، ورفعه لنا سماك بن حرب، وأنا أفرقه.
(*) العبر 3 / 210، شذرات الذهب 3 / 274.(17/636)
عَلِيِّ بنِ أَبِي الجَرَّاحِ، وَعِدَّةٍ.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي حَفْصٍ الكَتَّانِيِّ، وَأَبِي طَاهِرٍ المُخَلِّصِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مَنْصُوْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العَلَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الشَّعِيْرِيُّ، وَأَبُو الحَارِثِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجَابِرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ قُطُّرٍ الهَمْدَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَلِيِّ بنِ الرَّطَابِ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بنُ يَحْيَى بنِ هِقْلٍ، وَأَبُو الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّرْسِيُّ، الكُوْفِيُّوْنَ شُيُوْخُ السِّلَفِيِّ، وآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزَّيْدِيُّ النَّحْوِيُّ.
قَالَ ابْنُ النَّرْسِيِّ: مَاتَ بِالكُوْفَةِ، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ: وَمَوْلِدُهُ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، مَا رَأَيْتُ مَنْ كَانَ يَفْهَمُ فِقْهَ الحَدِيْثِ مِثلَهُ.
قَالَ: وَكَانَ حَافِظاً، خَرَّجَ عَنْهُ الحَافِظُ الصُّوْرِيُّ، وَأَفَاد عَنْهُ، وَكَانَ يَفتَخِرُ بِهِ.
431 - ابْنُ فَدُّوْيَه أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الكُوْفِيُّ *
العَدْلُ، الأَمِيْنُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ فَدُّوْيَه الكُوْفِيُّ، صَاحِبُ البَكَّائِيِّ.
أَثْنَى عَلَيْهِ الصُّوْرِيُّ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ثِقَةً، ذَا وَقَارٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد 1 / 263، الأنساب 9 / 243، اللباب 2 / 413.
(1) في " تاريخ بغداد " 1 / 263.(17/637)
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: أَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيُّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ (1) ، مَعَ العَلَوِيِّ.
432 - ابْنُ صَخْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ *
القَاضِي، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ صَخْرٍ الأَزْدِيُّ، البَصْرِيُّ، صَاحِبُ المَجَالِسِ المَعْرُوْفَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
حَدَّثَ بِمِصْرَ، وَالحِجَازِ، وَاليَمَنِ، وَانْتَقَى عَلَيْهِ الحَافِظ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ حَمْدَانَ السَّقَطِيِّ صَاحِبِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الدَّوْرَقِيِّ، وَفَهْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ فَهْدٍ السَّاجِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ النَّجِيْرَمِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَارَكِيِّ، وَالحَافِظِ أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ ابْنِ غُلاَم الزُّهْرِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَكِّيٍّ الجُرْجَانِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَصْبَهَانِيِّ الغَزَّالِ، وَأَبِي الطَّيِّبِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ المُقْرِئِ صَاحِب أَبِي خَلِيْفَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ مُوْسَى الكَرَابِيْسِيِّ، وَعُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَيْفٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي غَسَّانَ، وَعِدَّةٍ.
وَتَفَرَّدَ فِي وَقتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرُ بنُ يَحْيَى الحَكَّاكُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ القَرَوِيُّ، وَأَبُو خَلَفٍ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ الآمُلِيُّ، وَمُطَهّرُ بنُ عَلِيٍّ المَيْبُذِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عِيْسَى القُرْطُبِيُّ جَدُّ أَبِي بَكْرٍ
__________
(1) في الأصل: " ست " وهو خطأ.
(*) العبر 3 / 203، الوافي بالوفيات 4 / 129، 130، شذرات الذهب 3 / 271.(17/638)
الطُّرْطُوْشِيِّ (1) لِلأُمِّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ الحَسَنِ العَلَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ بنِ يُوْسُفَ، وَخَلْقٌ.
وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: مُرْشِدُ بنُ يَحْيَى المَدِيْنِيُّ.
وَقَدْ رَوَى: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي الطَّلاَقِ مِنْ (سُنَنِهِ) ، فَقَالَ:
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ صَخْرٍ فِي كِتَابِهِ مِنْ مَكَّةَ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ: تُوُفِّيَ ابْنُ صَخْرٍ بِزَبِيْدَ، فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
433 - أَبُو طَاهِرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الأَصْبَهَانِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، بَقِيَّةُ المُسْنِدِيْنَ، أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الأَصْبَهَانِيُّ، الكَاتِبُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الشَّيْخِ بِشَيْءٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ القَبَّابِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئِ.
وَارْتَحَلَ إِلَى الدَّارَقُطْنِيِّ، فَأَخَذَ عَنْهُ (سُنَنَهُ) ، وَأَتقَنَ نُسْخَتَه، وَأَخَذَ عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعُمَرَ بنِ شَاهِيْنٍ، وَهَذِهِ الطَّبَقَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الشِّيْرَازِيُّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ نَصْرَوَيْه، وَأَبُو زَكَرِيَّا بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو الرَّجَاءِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي زَيْدٍ أَحْمَدَ
__________
(1) بسكون الراء المهملة بين الطائين المهملتين المضموتين - وضبط ياقوت الأولى بالفتح - وبعدهما الواو، وفي آخرها الشين المعجمة، نسبة إلى طرطوشة، وهي بلدة من آخر بلاد المسلمين بالاندلس. " الأنساب " 8 / 234، و" معجم البلدان " 4 / 30.
(*) العبر 3 / 209، دول الإسلام 1 / 362، شذرات الذهب 1 / 362.(17/639)
الجَرْكَانِيُّ (1) ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ الكِرْمَانِيُّ، وَأَبُو الطَّيِّبِ حَبِيْبُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ الطِّهْرَانِيّ، وَأَبُو الفَتْحِ رَجَاءُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الخَبَّازُ، وَأَبُو الفَتْحِ سَعِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الصَّفَّارُ، وَهِبَة اللهِ بن الحَسَنُ الأَبَرْقُوْهِيُّ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْرُوْيِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ الفَضْلِ الإِخْشِيْذُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السَّاجِيُّ، وَأَبُو الوَفَاءِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ برَاذجَةَ، وَالقَاضِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ الدَّيْلَمِيُّ، وَجَوَامَرْدُ الأَرْمَنِيُّ، وَحَمْزَةُ بنُ العَبَّاسِ العَلَوِيُّ، وَسِيْنُ بنُ حَمْد التَّانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنْ مَشْيَخَةِ السِّلَفِيِّ، وَأَبِي مُوْسَى المَدِيْنِيِّ، خَاتِمَتُهُم: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي ذَرٍّ الصَّالحَانِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، وَسَمَاعُه فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: ثِقَةٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الغَافِرِ النَّخْشَبِيُّ: لَمْ يُحَدِّثْ فِي وَقتِه أَوثَقُ مِنْهُ، وَأَكثَرُ حَدِيْثاً، صَاحِبُ الأُصُوْلِ الصِّحَاحِ، مَاتَ فِي حَادِي عَشَر رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
434 - ابْنُ المُذْهِبِ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ
__________
(1) بفتح الجيم وسكون الراء، نسبة إلى جركان: وهي قرية من قرى أصبهان.
(*) تاريخ بغداد 7 / 390 - 392، الأنساب (المذهبي) ، المنتظم 8 / 155، 156، الكامل في التاريخ 9 / 592، اللباب 3 / 187، العبر 3 / 205، دول الإسلام 1 / 261، 262، ميزان الاعتدال 1 / 510 - 512، الوافي بالوفيات 12 / 121، 122، البداية والنهاية 12 / 63، 64، لسان الميزان 2 / 236، 237، النجوم الزاهرة 5 / 53، شذرات الذهب
3 / 271.(17/640)
بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ وَهْبٍ التَّمِيْمِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الوَاعِظُ، ابْنُ المُذْهِبِ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيِّ: (المُسْنَدَ) ، وَ (الزُّهْدَ) ، وَ (فَضَائِلَ الصَّحَابَةِ) ، وَغَيْرَ ذَلِكَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ مَاسِي، وَأَبِي سَعِيْدٍ الحُرْفِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ لُؤْلُؤٍ الوَرَّاقِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ شَاذَانَ، وَطَائِفَةٍ كَثِيْرَةٍ.
وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَطَلَبٍ، وَغَيْره أَقوَى مِنْهُ، وَأَمثَلُ مِنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَابْنُ خَيْرُوْنَ، وَابْنُ مَاكُوْلاَ، وَالحُسَيْنُ بنُ الطُّيُوْرِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ بَكْرِ بنِ حِيْدٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ الهَاشِمِيُّ الخَطِيْبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَكِّيِّ بنِ دُوْسْتَ، وَأَبُو طَالِبٍ عَبْدُ القَادِرِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَابْنُ عَمِّهِ؛ أَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ اليُوْسُفِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الشَّهْرُزُوْرِيُّ، وَأَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ البُخَارِيِّ، وَأَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُصَيْنِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ يَرْوِي عَنِ القَطِيْعِيِّ (مُسْنَدَ أَحْمَدَ) بِأَسرِهِ، وَكَانَ سَمَاعُهُ صَحِيحاً إِلاَّ فِي أَجزَاءٍ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَلحَقَ اسْمَه (2) ، وَكَانَ يَرْوِي (الزُّهْدَ) لأَحْمَدَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ أَصلٌ، إِنَّمَا كَانَتِ النُّسْخَةُ بِخَطِّه، وَلَيْسَ هُوَ مَحلّ الحُجَّةِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَعِيْدٍ الحُرْفِيِّ، وَابنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 390، 391.
(2) قال ابن الجوزي: وهذا لا يوجب القدح، لأنه إذا تيقن سماعه للكتاب جاز أن يكتب سماعه بخطه. " المنتظم " 8 / 155.(17/641)
الحَرَّانِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى البَابْلُتِّيُّ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا هَارُوْنُ بنُ رِيَابٍ، قَالَ:
مَنْ تَبرَّأَ مِنْ نَسَبٍ لدِقَّتِه أَوِ ادَّعَاهُ، فَهُوَ كُفْرٌ (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :وَجَمِيعُ مَا عِنْدَهُ عَنِ ابْنِ مَالِكٍ لِلْبَابْلُتِّيِّ جُزءٌ لَيْسَ هَذَا فِيْهِ (3) ، وَكَانَ كَثِيْراً يَعْرِضُ عليَّ أَحَادِيْثَ، فِي أَسَانيدهَا أَسْمَاءُ قَوْمٍ غَيْرِ مَنْسُوْبِيْنَ، وَيسأَلُنِي عَنْهُم، فَأَنسُبُهُم لَهُ، فَيُلحِقُ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الأَحَادِيْثِ مَوْصُوْلةً بِالأَسْمَاءِ، فَأَنَهَاهُ، فَلاَ يَنْتَهِي (4) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ نُقْطَةَ: لَيْتَ الخَطِيْبَ نَبَّهَ فِي أَيِّ مُسْنِدٍ تِلْكَ الأَجزَاءُ الَّتِي اسْتَثنَى، وَلَوْ فَعَلَ، لأَتَى بِالفَائِدَةِ، وَقَدْ ذَكرنَا أَنَّ (مُسْنَدَي) فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ، وَعَوْفِ بنِ مَالِكٍ، لَمْ يكُونَا فِي نُسْخَةِ ابْنِ المُذْهِبِ، وَكَذَلِكَ أَحَادِيْثُ مِنْ (مُسْنَدِ جَابِرٍ) لَمْ تُوجَدْ فِي نُسْخَتِه، رَوَاهَا الحَرَّانِيُّ عَنِ القَطِيْعِيِّ، وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يُلحِق اسْمَه كَمَا قِيْلَ، لأَلْحَقَ مَا ذَكَرنَاهُ أَيْضاً، وَالعجبُ مِنَ الخَطِيْبِ يَردُّ قَولَه بِفعلِه، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنَ (الزُّهْدِ) لأَحْمَدَ فِي مُصَنَّفَاته (5) .
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ:
سَأَلتُ شُجَاعاً الذُّهْلِيَّ عَنِ ابْنِ المُذْهِبِ، فَقَالَ: كَانَ شَيْخُنَا عَسِراً فِي الرِّوَايَةِ،
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 391.
(2) المصدر السابق.
(3) نص كلام الخطيب: وجميع ما كان عند ابن مالك عن أبي شعيب جزء واحد، وليس هذا الحديث فيه.
(4) قال ابن الجوزي ردا على الخطيب: هذا قلة فقه من الخطيب، فإني إذا انتقيت في الرواية عن ابن عمر أنه عبد الله، جاز أن أذكر اسمه، ولا فرق بين أن أقول: حدثنا ابن
المذهب، وبين أن أقول: أخبرنا الحسن بن علي بن المذهب.
ثم قال ابن الجوزي: وقد كان في الخطيب شيئان: أحدهما الجري على عادة عوام المحدثين من قبله من قلة الفقه، والثاني التعصب في المذهب، ونحن نسأل الله السلامة. " المنتظم " 8 / 155، 156.
(5) انظر " ميزان الاعتدال " 1 / 511، و" لسان الميزان " 2 / 236، 237.(17/642)
سَمِعَ حَدِيْثاً كَثِيْراً، وَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ، فَإِنَّهُ خَلَّطَ فِي شَيْءٍ مِنْ سَمَاعِهِ.
ثُمَّ قَالَ السِّلَفِيُّ: كَانَ مُتَكَلِّماً فِيْهِ (1) .
قَالَ أَبُوَ الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ: مَاتَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، تَاسِعَ عَشَرَ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، سَمِعْتُ مِنْهُ جَمِيْعَ مَا عِنْدَهُ، وَسَمِعَ ابْنُ أَخِي مِنْهُ (الزُّهْدَ) لأَحْمَدَ.
وَقَدْ مَرَّ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ غَيْلاَنَ (2) :أَنَّ الرَّشِيْدِيَّ اسْتَجَازَ أَبَا عَلِيٍّ (مُسْنَدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ) ، فَأَبَى أَنْ يَكْتُبَ لَهُ الإِجَازَةَ إِلاَّ بعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً - سَامَحَهُ اللهُ -، وَأَمَّا قَولُ ابْنِ نُقْطَةَ: وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يُلحِقُ اسْمَه: لاَ شَيْءٌ، فَإِنَّ إِلحَاقَ اسْمِه مِنْ بَابِ نَقْلِ مَا فِي بَيْتِه إِلَى النُّسْخَةِ، لاَ مِنْ قَبِيلِ الكَذِبِ فِي ادِّعَاءِ السَّمَاعِ، وَفِي ذَلِكَ نِزَاعٌ، وَمَا الرَّجُلُ بِمُتَّهَمٍ (3) .
435 - العُمَرِيُّ أَبُو الفَتْحِ نَاصِرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو الفَتْحِ نَاصِرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ القُرَشِيُّ، العُمَرِيُّ، المَرْوَزِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ السَّرَخْسِيَّ، وَغَيْرَهُ بِمَرْوَ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ المَخْلَدِيَّ،
__________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " 1 / 511.
(2) وهي برقم (400) .
(3) قال المؤلف في " الميزان " 1 / 512: الظاهر من ابن المذهب أنه شيخ ليس بالمتقن، وكذلك شيخه ابن مالك، ومن ثم وقع في " المسند " أشياء غير محكمة المتن ولا الإسناد، والله أعلم.
(*) طبقات العبادي 112، طبقات النووي ورقة 75، العبر 3 / 208، طبقات السبكي 5 / 350، 351، طبقات الاسنوي 2 / 188، طبقات ابن هداية الله: 146 - 147، شذرات الذهب 3 / 272، هدية العارفين 2 / 487، 488.
والعمري: نسبة إلى عمر بن الخطاب لأنه من ولده.(17/643)
وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الرَّازِيَّ، وَجَمَاعَةً بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي شُرَيْحٍ الزَّاهِدَ بِهَرَاةَ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى: أَبِي بَكْرٍ القَفَّالِ، وَعَلَى: أَبِي الطَّيِّبِ الصُّعْلُوْكِيِّ، وَابنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيِّ.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ، وَدرَّسَ فِي أَيَّام مَشَايِخِه، وَتَفَقَّهَ بِهِ أَهْلُ نَيْسَابُوْرَ، وَكَانَ مَدَارُ الفَتْوَى وَالمُنَاظَرَة عَلَيْهِ.
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الجِيْلِيُّ، وَمَسْعُوْدُ بنُ نَاصِرٍ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَأَمْلَى مُدَّةً، وَصَنَّفَ.
وَكَانَ خَيِّراً، مُتُوَاضِعاً، فَقيراً، مُتَعَفِّفاً، قَانعاً بِاليَسِيرِ، كَبِيْرَ القَدْرِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
مَاتَ: بِنَيْسَابُوْرَ، فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمَاتَ مَعَهُ: رَاوِي المُسْنَدِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ ابْن المُذْهِبِ (1) ، وَأَبُو غَانِمٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الكُرَاعِيُّ (2) المَرْوَزِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ السِّجْزِيُّ (3) ، وَالحَافِظُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ، وَقَاضِي المَوْصِلِ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ السِّمْنَانِيُّ (4) المُتَكَلِّمُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَكِّيٍّ السَّوَّاقُ المُقْرِئُ، وَشَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (434) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (406) .
(3) سترد ترجمته برقم (445) .
(4) سترد ترجمته برقم (441) .(17/644)
436 - سُلَيْمُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ سُلَيْمٍ أَبُو الفَتْحِ الرَّازِيُّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الفَتْحِ الرَّازِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الجُعْفِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ التَّمِيْمِيِّ، وَالحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ البَصِيْرِ الرَّازِيِّ، وَحَمْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ صَاحِبَي ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ المُجْبِرِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ اللُّغَوِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِيِّ، وَالأُسْتَاذِ أَبِي حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ - وَتَفَقَّهَ بِهِ -، وَطَائِفَةٍ سِوَاهُم.
وَسَكَنَ الشَّامَ مُرَابِطاً، نَاشِراً لِلْعِلْمِ احْتِسَاباً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الكَتَّانِيُّ، وَالفَقِيْهُ نَصْرٌ المَقْدِسِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ النَّسِيْبُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسِيْبُ: هُوَ ثِقَةٌ، فَقِيْهٌ، مُقْرِئٌ، مُحَدِّثٌ.
وَقَالَ سَهْلُ بنُ بِشْرٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمٌ:
أَنَّهُ كَانَ فِي صِغَرِه بِالرَّيِّ، وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ، فَحَضَرَ بَعْضَ الشُّيُوْخِ وَهُوَ يُلقِّنُ، قَالَ: فَقَالَ لِي: تَقدَّمْ،
__________
(*) طبقات الشيرازي: 111، تبيين كذب المفتري 262، 263، إنباه الرواة 2 / 69، 70، طبقات ابن الصلاح ورقة 48 ب، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 231، 232، وفيات الأعيان 2 / 397 - 399، العبر 3 / 213، دول الإسلام 1 / 263، تلخيص ابن مكتوم 81، الوافي بالوفيات 15 / 334، مرآة الجنان 3 / 64، طبقات السبكي 4 / 388 - 391، طبقات الاسنوي 1 / 562 - 564، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 196، 197، طبقات ابن قاضي شهبة 22 ب، طبقات ابن هداية الله 147، 148، كشف الظنون 98، 466، 915، شذرات الذهب 3 / 275، 276، هدية العارفين 1 / 409.(17/645)
فَاقرَأْ. فَجهدْتُ أَنْ أَقرَأَ الفَاتِحَةَ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ؛ لانْغِلاَقِ لِسَانِي، فَقَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: قُلْ لَهَا تَدعُو لَكَ أَنْ يَرزُقَكَ اللهُ قِرَاءةَ القُرْآنِ وَالعِلْمَ. قُلْتُ: نَعَمْ.
فَرَجَعتُ، فَسَأَلتُهَا الدُّعَاءَ، فَدَعتْ لِي، ثُمَّ إِنِّيْ كَبِرتُ، وَدَخَلتُ بَغْدَادَ، قَرَأتُ بِهَا العَرَبِيَّةَ وَالفِقْهَ، ثُمَّ عُدتُ إِلَى الرَّيِّ، فَبَيْنَا أَنَا فِي الجَامعِ أُقَابِلُ (مُخْتَصَر المُزَنِيِّ) ، وَإِذَا الشَّيْخُ قَدْ حَضَرَ، وَسلَّمَ عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَعْرِفُنِي، فسَمِعَ مُقَابَلَتَنَا وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ مَاذَا نَقُوْلُ، ثُمَّ قَالَ: مَتَى يُتَعَلَّمُ مِثْلُ هَذَا؟
فَأَردتُ أَنْ أَقُوْلَ: إِنْ كَانَتْ لَكَ وَالِدَةٌ، فَقُلْ لَهَا تَدعُو لَكَ، فَاسْتَحيَيتُ (1) .
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيُّ: سَمِعْتُ سُلَيْماً يَقُوْلُ:
علَّقْتُ عَنْ شَيْخِنَا أَبِي حَامِدٍ جَمِيْعَ التَّعْلِيقَةِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
وَضَعَتْ مِنِّي صُورٌ، وَرفَعتْ بَغْدَادُ مِنْ أَبِي الحَسَنِ ابْنِ المَحَامِلِيِّ (2) .
قَالَ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: بَلَغَنِي أَنَّ سُلَيْماً تَفَقَّهَ بَعْدَ أَنْ جَازَ الأَرْبَعِيْنَ.
قَالَ: وَقَرَأْتُ بِخَطِّ غَيْثٍ الأَرْمَنَازِيِّ: غَرِقَ سُلَيْمٌ الفَقِيْهُ فِي بَحْرِ القُلْزُمِ عِنْد سَاحِلِ جَدَّةَ بَعْدَ أَنْ حَجَّ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِيْنَ.
قَالَ: وَكَانَ فَقِيْهاً مُشَاراً إِلَيْهِ، صَنَّفَ الكَثِيْرَ فِي الفِقْه وَغَيْرِهِ، وَدَرَّسَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَشرَ هَذَا العِلْمَ بِصُور، وَانْتَفَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُم الفَقِيْهُ نَصْرٌ، وَحُدِّثتُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يُحَاسِبُ نَفْسَه فِي الأَنفَاسِ، لاَ يَدَعُ وَقتاً يَمضِي بِغَيرِ فَائِدَةٍ، إِمَّا يَنسَخُ، أَوْ يُدَرِّسُ، أَوْ يَقرَأُ.
وَحُدِّثتُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يُحرِّكُ شَفَتَيْهِ إِلَى أَنْ يَقُطَّ القَلَمَ (3) .
__________
(1) وانظر " طبقات " السبكي 4 / 390، 391.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 262، 263، و" وفيات الأعيان " 2 / 398، و" إنباه الرواة " 2 / 70.
وأبو الحسن ابن المحاملي تقدمت ترجمته برقم (266) .
(3) " تبيين كذب المفتري " 263.(17/646)
قُلْتُ: وَلَهُ كِتَابُ (البَسْمَلَةِ) سَمِعنَاهُ، وَكِتَابُ (غُسْلُ الرِّجْلَيْنِ) ، وَلَهُ تَفْسِيْرٌ كَبِيْرٌ شَهِيْرٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ (1) - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
437 - ابْنُ سِلْوَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى المَازِنِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ سِلْوَانَ المَازِنِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ القَمَّاحِ.
لَيْسَ عِنْدَهُ شَيءٌ سِوَى نُسْخَةِ أَبِي مُسْهِرٍ وَمَا مَعَهَا.
سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ: الفَضْلِ بنِ جَعْفَرٍ التَّمِيْمِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالكَتَّانِيُّ، وَالفَقِيْهُ نَصْرٌ المَقْدِسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَدِيْدِ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَنَجَا بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ النَّسِيْبُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيٌّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدٌ ابْنَا المَوَازِيْنِيِّ، وَعَبْدُ المُنْعِمِ بن الغَمْرِ، وَآخَرُوْنَ.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمِثْلُهُ فِي زَمَنِه: أَبُو الحَسَنِ بنُ حِمِّصَةَ (2) الحَرَّانِيُّ رَاوِي مَجْلِسِ البِطَاقَةِ، مَا عِنْدَهُ سِوَاهُ.
وَهَكَذَا جَمَاعَةٌ اشتَهَرُوا، وَسَمَاعُهُم قَلِيْلٌ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِتَعْمِيرِهِم وَعُلُوِّهِم، كَمَا أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ لاَ يكَادُوْنَ يُعْرَفُوْنَ لِمَوتِهِم فِي الكُهُوْلَةِ قَبْلَ أَوَانِ الرِّوَايَةِ.
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 2 / 397، و" هدية العارفين " 1 / 409.
(*) دول الإسلام 1 / 263، العبر 3 / 215، شذرات الذهب 3 / 277.
(2) تقدمت ترجمته برقم (402) .(17/647)
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ القَادسِيُّ البَزَّازُ صَاحِبُ القَطِيْعِيِّ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو القَاسِمِ مَنْصُوْرُ بنُ عُمَرَ الكَرْخِيُّ، وَقَاضِي القُضَاةِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَاكُوْلاَ العِجْلِيُّ، وَمُسْنِدُ قُرْطُبَةَ أَبُو العَاصِ حَكَمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَكَمٍ الجُذَامِيُّ (1) ، وَالمُفْتِي رَافِعُ بنُ نَصْرٍ الحَمَّالُ، وَسُلَيْمُ بنُ أَيُّوْبَ (2) أَبُو الفَتْحِ الرَّازِيُّ غَرِيْقاً، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عُمَرَ بنِ بَرْهَانَ الغَزَّالُ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدٍ الغَنْدَجَانِيُّ (3) ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ المُعْتَزِّ (4) النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ المُحَسِّنِ التَّنُوْخِيُّ (5) .
438 - ابْنُ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْد الرَّحْمَنِ التَّمِيْمِيُّ *
العَدْلُ الكَبِيْرُ، المَأْمُوْنُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ ابْنُ الشَّيْخِ العَفِيْفِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ عُثْمَانَ بنِ القَاسِمِ بنِ مَعْرُوْفٍ التَّمِيْمِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَالقَاضِي يُوْسُفَ بنَ القَاسِمِ المَيَانَجِيَّ، وَأَبَا سُلَيْمَانَ بنَ زَبْرٍ، وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالكَتَّانِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ، وَمُوْسَى الصَّقَلِّيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ النَّسِيْبُ، وَأَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ المَوَازِيْنِيِّ، وَعِدَّةٌ.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (449) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (436) .
(3) سترد ترجمته برقم (452) .
(4) سترد ترجمته برقم (453) .
(5) سترد ترجمته برقم (440) .
(*) العبر 3 / 211، شذرات الذهب 3 / 274.(17/648)
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَشَيَّعَه نَائِبُ دِمَشْقَ، وَكَانَتْ جِنَازَتُه مَشْهُوْدَةٌ، أُغلِقَ لَهُ البَلَدُ، وَكَانَ مُحْتَشِمَ وَقتِه.
وَمَاتَ مَعَهُ: أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أُبَي الفُرَاتِي، وَعَلِيُّ بنُ الفَضْلِ بنِ الفُرَاتِ إِمَامُ جَامِعِ دِمَشْقَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ اللَّبَّانِ المُتَكَلِّمُ.
أَخُوْهُ:
439 - أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّمِيْمِيُّ *
العَدْلُ، الأَمِيْنُ، الأَنبَلُ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيُّ.
حَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: يُوْسُفَ المَيَانَجِيِّ، وَابنِ زَبْرٍ.
وَسَمِعَ هُوَ وَأَخُوْهُ مَعاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الكَتَّانِيُّ، وَنَجَا العَطَّارُ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ، وَأَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ العَطَّارُ.
قَالَ الكَتَّانِيُّ: كَانَ ثِقَةً، مَأْمُوْناً، صَاحِبَ أُصُوْلٍ، لَمْ أَرَ أَحسَنَ مِنْهُ، وَكَانَ سَمَاعُهُ وَسَمَاعُ أَخِيْهِ بِخَطِّ أَبِيْهِمَا، وَكَانَتْ لَهُ جِنَازَةٌ عَظِيْمَةٌ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
440 - التَّنُوْخِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ المُحَسِّنِ بنِ عَلِيٍّ **
القَاضِي، العَالِمُ، المُعَمَّرُ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ ابْنُ القَاضِي أَبِي عَلِيٍّ
__________
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة لنا.
(* *) تاريخ بغداد 12 / 115، الأنساب 3 / 94، المنتظم 8 / 168، الكامل في التاريخ 9 / 615، اللباب 1 / 225، وفيات الأعيان 4 / 162، العبر 3 / 214، فوات الوفيات 3 / =(17/649)
المُحَسِّنِ بنِ عَلِيٍّ التَّنُوْخِيُّ، البَصْرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ كِتَابِ (الطّوَالاَتِ) ، وَوَلَدُ صَاحِبِ كِتَابِ (الفَرَجِ بَعْدِ الشِدَّةِ) ، وَكِتَابِ (النُّشْوَارِ) ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وُلِدَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِالبَصْرَةِ.
وَسَمِعَ لَمَّا كَمَّلَ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ مِنْ: عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الرَّزَّازِ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَانَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الحُرْفِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ العَسْكَرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الخِرقِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ مُتَحَفِّظاً فِي الشَّهَادَةِ عِنْدَ الحُكَّامِ، صَدُوْقاً فِي الحَدِيْثِ، تَقَلَّدَ قَضَاءَ المَدَائِنِ وَقِرْمِيْسِيْنَ وَالبَرَدَانِ.
وَقَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ: قِيْلَ: كَانَ رَأْيَهُ الرَّفْض وَالاعْتِزَال.
وَقَالَ شُجَاعٌ الذُّهْلِيُّ: كَانَ يَتَشَيَّعُ، وَيَذْهَبُ إِلَى الاعْتِزَالِ.
قُلْتُ: نَشَأَ فِي الدَّوْلَةِ البُوَيْهِيَّةِ، وَأَرْجَاؤُهَا طَافِحَةً بِهَاتَيْنِ البِدْعَتَيْنِ.
قِيْلَ: إِنَّهُ صَحِبَ أَبَا العَلاَءِ المَعَرِيَّ، وَصَادَقَه، وَأَسْمَعَهُ صَحِيحَهُ (2) .
مَاتَ: فِي ثَانِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أُبَيٌّ النَّرْسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاقَرْحِيُّ، وَنُوْر الهُدَى حُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ المَهْدِيِّ، وَأَبُو شُجَاعٍ بَهْرَامُ بنُ
__________
= 60 - 62، البداية والنهاية 12 / 67، النجوم الزاهرة 5 / 58، شروح السقط 1593، شذرات الذهب 3 / 276.
(1) في " تاريخ بغداد " 12 / 115.
(2) كذا الأصل، وفي " الوفيات ": وكان يصحب أبا العلاء، وأخذ عنه كثيرا.(17/650)
بَهْرَامَ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ النَّقُّوْرِ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ الحُصَيْنِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَرَوَى شَيْئاً كَثِيْراً.
يَقَعُ لَنَا حَدِيْثُهُ عَالِياً، وَهُوَ رَاوِي كِتَابِ (الأَشْرِبَةِ) ، لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
441 - السِّمْنَانِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ، قَاضِي المَوْصِلِ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ السِّمْنَانِيُّ، الحَنَفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: نَصْرٍ المَرْجِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عُمَرَ الحَرْبِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَلاَزَمَ ابْنَ البَاقِلاَّنِيّ حَتَّى بَرَعَ فِي عِلْمِ الكَلاَمِ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً، فَاضِلاً، حَنَفِيّاً، يَعْتَقِدُ مَذْهَبَ الأَشْعَرِيِّ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَذْكِيَاءِ العَالِمِ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ، فَقَالَ: هُوَ أَبُو جَعْفَرٍ السِّمْنَانِيُّ المَكْفُوْفُ، هُوَ أَكْبَرُ أَصْحَابِ أَبِي بَكْرٍ البَاقِلاَّنِيّ، وَمُقَدَّمُ الأَشْعَرِيَّةِ فِي وَقْتِنَا، وَمِنْ مَقَالَتِه قَالَ:
مَنْ سَمَّى اللهَ جِسماً مِنْ أَجلِ أَنَّهُ حَاملٌ لِصِفَاتِه فِي ذَاتِه، فَقَدْ أَصَابَ المَعْنَى،
__________
(*) تاريخ بغداد 1 / 355، الأنساب 7 / 149، تبيين كذب المفتري 259، المنتظم 8 / 156، الكامل في التاريخ 9 / 592، اللباب 2 / 141، الوافي بالوفيات 2 / 65، نكت الهميان 237، البداية والنهاية 12 / 64، الجواهر المضية 2 / 21، تاج التراجم 45، الفوائد البهية 159، 160.
والسمناني بكسر السين وسكون الميم كما في الأصل وضبط السمعاني الميم بالفتح، نسبة إلى سمنان، وهي قرية من قرى نسا في العراق.
(1) في " تاريخ بغداد " 1 / 355.(17/651)
وَأَخْطَأَ فِي التَّسمِيَةِ فَقَطْ.
ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ حَزْمٍ يُشنِّعُ عَلَى السِّمْنَانِيِّ، وَذَكَرَ عَنْهُ تَجْوِيْزَ الرِّدَةِ عَلَى الرَّسُولِ بَعْدَ أَدَاءِ الرِّسَالَةِ - نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الضَّلاَلِ -.
تُوُفِّيَ أَبُو جَعْفَرٍ: بِالمَوْصِلِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
تَخَرَّجَ بِهِ فِي العَقْلِيَّاتِ: القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَابْنُهُ:
442 - أَحْمَدُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ أَبُو الحُسَيْنِ السِّمْنَانِيُّ *
وَهُوَ الإِمَامُ، القَاضِي، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ.
وُلِدَ: بِسِمْنَانَ، فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَدِمَ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنَ: الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ النُّوْبَخْتِيِّ، وَمِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ هِشَامٍ الصَّرْصَرْيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَوَلِيَ قَضَاءَ بَابِ الطَّاقِ، وَطَالَ عُمُرُهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً.
قُلْتُ: يَأْتِي فِي الطَّبَقَةِ الأُخْرَى.
443 - الكِسَائِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ **
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الرَّحَّالُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الهَمَذَانِيُّ، الكِسَائِيُّ، الصُّوْفِيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ عَبْدَانَ الشِّيْرَازِيَّ بِالأَهْوَازِ، وَنَصْرَ بنَ أَحْمَدَ المَرْجِيَّ بِالمَوْصِلِ، وَعَبْدَ الوَهَّابِ الكِلاَبِيَّ بِدِمَشْقَ، وَأَبَا الفَتْحِ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ
__________
(*) تاريخ بغداد 4 / 382.
(* *) لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.(17/652)
النَّحْوِيَّ بِالرَّمْلَةِ، وَمُنِيْرَ بنَ عَطِيَّةَ بِقَيْسَارِيَّةَ، وَالضَّرَّابَ بِمِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ المُحْسِنِ الشِّيْحِيُّ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ.
وَانتَقَى عَلَيْهِ الحَافِظَانِ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ النَّخْشَبِيُّ.
وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الرَّازِيُّ صَاحِب السُّدَاسِيَّاتِ.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
444 - ابْنُ اللَّبَّانِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) بنِ أَحْمَدَ ابْنِ المُحَدِّثِ عَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ ابْنِ عَالِمِ أَصْبَهَانَ النُّعْمَانِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّيْمِيُّ.
رَوَى عَنِ: ابْنِ المُقْرِئِ، وَالمُخَلِّصِ، وَأَحْمَدَ بنِ فِرَاسٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَلَزِمَ أَبَا بَكْرٍ البَاقِلاَّنِيّ وَأَبَا حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيَّ، وَبَرَعَ فِي الأُصُوْلِ وَالفُرُوْعِ، وَتلاَ بِالرِّوَايَاتِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَوَلِيَ قَضَاءَ إِيْذَجَ (2) .
عَظَّمَهُ الخَطِيْبُ، وَقَالَ (3) :كَتَبنَا عَنْهُ، وَكَانَ أَحَدَ أَوْعِيَة العِلْمِ،
__________
(*) تاريخ بغداد 10 / 144، 145، الأنساب (اللبان) ، تبيين كذب المفتري 261، 262، المنتظم 8 / 162، اللباب 3 / 127، الكامل في التاريخ 9 / 604، العبر 3 / 211، طبقات السبكي 5 / 72، 73، طبقات الاسنوي 1 / 90، 91، البداية والنهاية 12 / 66، غاية النهاية 1 / 449، النجوم الزاهرة 5 / 38، كشف الظنون 931، شذرات الذهب 3 / 274، هدية العارفين 1 / 451، 452.
(1) في " المنتظم ": عبد الله بدلا من عبد الرحمن.
(2) وهي كورة وبلد بين خوزستان وأصبهان، وهي أجل مدن هذه الكورة " معجم البلدان " 1 / 288.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 144.(17/653)
ثِقَةً، وَجِيزَ العِبارَةِ، مَعَ تَدَيُّنٍ وَعِبَادَةٍ وَوَرَعٍ بَيِّنٍ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
حَفِظتُ القُرْآنَ وَلِي خَمْسُ سِنِيْنَ، وَأُحضِرتُ مَجْلِسَ ابْنِ المُقْرِئِ، وَلِي أَرْبَعُ سِنِيْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :لَمْ أَرَ أَحسَنَ قِرَاءةً مِنْهُ، أَدرَكَ رَمَضَانَ بِبَغْدَادَ، فَصَلَّى التَّرَاوِيحَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ يُحْيِي بَقِيَّةَ اللَّيْلِ صَلاَةً، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
لَمْ أَضَعْ جَنْبِي لِلنَّوْمِ فِي هَذَا الشَّهْرِ لَيْلاً وَلاَ نَهَاراً.
وَقِيْلَ: إِنَّ القَاضِي أَبَا يَعْلَى الحَنْبَلِيَّ قَرأَ عَلَيْهِ فِي الأُصُوْلِ سِرّاً، وَحَدَّثَ عَنْهُ أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ فِي (مُعْجَمِهِ) ، وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَاتِ غَيْرُ وَاحِدٍ.
وَمَاتَ: بِأَصْبَهَانَ، فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
445 - أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ حَاتِمٍ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، شَيْخُ السُّنَّةِ، أَبُو نَصْرٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدِ بنِ حَاتِمِ بنِ أَحْمَدَ الوَائِلِيُّ (2) ، البَكْرِيُّ، السِّجِسْتَانِيُّ، شَيْخُ الحَرَمِ، وَمُصَنِّفُ (الإِبَانَةِ الكُبْرَى) فِي أَنَّ القُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَهُوَ مُجَلَّدٌ كَبِيْرٌ، دَالٌّ عَلَى سَعَةِ عِلمِ الرَّجُلِ بِفَنِّ الأَثَرِ.
طَلَبَ الحَدِيْثَ فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعِ مائَةٍ، وَسَمِعَ بِالحِجَازِ وَالشَّامِ وَالعِرَاقِ
__________
(1) في " تاريخه " 10 / 145.
(*) الأنساب المتفقة 164، الأنساب (الوائلي) ، معجم البلدان 5 / 356 (وايل) الاستدراك لابن نقطة 1 / 253 / أ، اللباب 3 / 352، تذكرة الحفاظ 3 / 1118 - 1120، المشتبه 1 / 354، العبر 3 / 206، 207، دول الإسلام 1 / 262، الجواهر المضية 2 / 495، العقد الثمين 5 / 307، 308، تبصير المنتبه 2 / 727، تاج التراجم 29، طبقات الحفاظ 429، الطبقات السنية رقم (1376) ، كشف الظنون 1 / 2، شذرات الذهب 3 / 271، 272، هدية العارفين 1 / 648، الرسالة المستطرفة 30.
(2) نسبة إلى قرية بسجستان يقال لها: وائل.(17/654)
وَخُرَاسَانَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ فِرَاسٍ العَبْقَسِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِيِّ، وَالحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِمِ، وَأَبِي الحَسَنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ المُجْبِرِ، وَأَبِي عُمَرَ بنِ مَهْدِيٍّ الفَارِسِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ السُّوْسِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ بنِ أَبِي جَرَادَةَ الحَلَبِيِّ؛ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَحَمْزَةَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ المُهَلَّبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ الهِزَّانِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ المِصْرِيِّ، وَأُمَمٍ سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو مَعْشَرٍ الطَّبَرِيُّ المُقْرِئُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ الحَسَنِ العَلَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادِرِ بنُ يُوْسُفَ، وَجَعْفَرُ بنُ يَحْيَى الحَكَّاكُ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ، وَخَلْقٌ.
وَهُوَ رَاوِي الحَدِيْثِ المُسَلْسَلِ بِالأَوَّلِيَّةِ (1) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ: سَأَلتُ الحَافِظَ أَبَا إِسْحَاقَ الحَبَّالَ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ السِّجْزِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الصُّوْرِيِّ: أَيُّهُمَا أَحفَظُ؟
فَقَالَ: كَانَ السِّجْزِيُّ أَحفَظَ مِنْ خَمْسِيْنَ مِثْلِ الصُّوْرِيِّ.
ثُمَّ قَالَ إِسْحَاقُ: كُنْت يَوْماً عِنْدَ أَبِي نَصْرٍ السِّجْزِيِّ، فَدُقَّ البَابَ، فَقُمْتُ، فَفَتَحتُ، فَدَخَلتِ امْرَأَةٌ، وَأَخرَجَتْ كِيساً فِيْهِ أَلفُ دِيْنَارٍ، فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَي الشَّيْخِ، وَقَالَتْ: أَنْفِقْهَا كَمَا تَرَى!
قَالَ: مَا المَقْصُوْدُ؟
قَالَتْ: تَتَزَوَّجُنِي، وَلاَ حَاجَةَ لِي فِي الزَّوجِ، لَكِنْ لأَخْدُمَكَ.
فَأَمَرَهَا بِأَخذِ الكِيسِ، وَأَنْ تَنْصَرِفَ، فَلَمَّا انَصْرَفَتْ، قَالَ:
خَرَجتُ مِنْ سِجِسْتَان بِنِيَّةِ طَلَبِ العِلْمِ، وَمَتَى تَزَوَّجتُ، سَقطَ عَنِّي هَذَا الاسْمُ، وَمَا أُوثِرُ
__________
(1) سيورده المؤلف في آخر ترجمته.(17/655)
عَلَى ثَوَابِ طَلَبِ العِلْمِ شَيْئاً (1) .
قُلْتُ: كَأَنَّهُ يُرِيْدُ مَتَى تَزَوَّجَ لِلذَّهَبِ، نَقَص أَجرُهُ، وَإِلاَّ فَلَو تَزَوَّجَ فِي الجُمْلَةِ، لكَانَ أَفضَلَ، وَلَمَّا قَدَحَ ذَلِكَ فِي طَلَبِهِ العِلْمَ، بَلْ يَكُونُ قَدْ عَمِلَ بِمُقتَضَى العِلْمِ، لَكِنَّهُ كَانَ غَرِيْباً، فَخَافَ العَيْلَةَ، وَأَنْ يَتَفَرَّقَ عَلَيْهِ حَالُه عَنِ الطَّلَبِ.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ فِي كِتَابِ (الإِبَانَةِ) :وَأَئِمَّتُنَا كَسُفْيَانَ وَمَالِكٍ، وَالحَمَّادَيْنِ، وَابنِ عُيَيْنَةَ، وَالفُضَيْلِ، وَابنِ المُبَارَكِ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ مُتَّفِقُوْنَ عَلَى أَنَّ اللهَ - سُبْحَانَهُ - فَوْقَ العَرشِ، وَعِلمُه بِكُلِّ مَكَانٍ، وَأَنَّهُ يَنزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ يَغضَبُ وَيَرضَى، وَيَتَكلَّمُ بِمَا شَاءَ.
تُوُفِّيَ أَبُو نَصْرٍ: بِمَكَّةَ، فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحُسَيْنِيُّ بِقِرَاءتِي عَلَيْهِ بِالثَّغْرِ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ بِبَغْدَادَ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيُّ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيْثٍ سَمِعتُه (ح) .
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عُلْوَانَ بِبَعْلَبَكَّ، وَعَبْدُ الحَافِظِ بنُ بَدْرَانَ بِنَابُلُسَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُقَرِّبِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَّاجُ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيْثٍ سَمِعنَاهُ مِنْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المُهَلَّبِيُّ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ بنُ بِلاَلٍ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ، وَهُوَ أَوَّلُ حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْهُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَهُوَ أَوَّلُ
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1119.(17/656)
حَدِيْثٍ سَمِعتُه مِنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي قَابُوْسٍ مَوْلَىً لِعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (الرَّاحِمُوْنَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ، يَرْحَمْكُم مَنْ فِي السَّمَاءِ) (1) .
446 - العَالِي بِاللهِ إِدْرِيْسُ بنُ يَحْيَى بنِ عَلِيِّ بنِ حَمُّوْدٍ *
العَلَوِيُّ، الإِدْرِيْسِيُّ.
أَخرجَتْه البَرْبَرُ مِنَ السِّجْنِ، وَملَّكُوهُ بَعْدَ مَصْرَعِ نَجَا الخَادِمِ، وَبَعدَ مَوْتِ أَخِيْهِ الحَسَنِ بنِ يَحْيَى.
وَكَانَ العَالِي فِيْهِ رِقَّةٌ وَرَحْمَةٌ، لَكِنَّهُ قَلِيْلُ العَقلِ، يُقرِّبُ السُّفَهَاءَ، وَلاَ يَحجُبُ عَنْهُم خَطَايَاهُ، وَكَانَ سَيِّئَ التَّدْبِيْرِ، فَمَالتِ البَرْبَرُ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ الإِدْرِيْسِيِّ، فَملَّكُوهُ بِالجَزِيْرَةِ الخَضرَاءِ، وَلقَّبُوهُ بِالمَهْدِيِّ، وَصَارتِ الأَنْدَلُسُ ضُحْكَةً، بِهَا أَرْبَعَةٌ كُلُّ وَاحِدٍ يُدعَى أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فِي مَسِيرَةِ أَرْبَعِ لَيَالٍ، ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ أَمرُ المَهْدِيِّ، وَفَجَأَهُ المَوْتُ عَنْ ثَمَانِ بَنِينَ، وَقَامَ بِالجَزِيْرَةِ
__________
(1) أبو قابوس مقبول في المتابعات، وقد توبع عليه فيما قاله ابن ناصر الدين الدمشقي في بعض مجالسه المحفوظة في ظاهرية دمشق، فرواه أحمد، وعبد بن حميد من طريق أبي خداش حبان بن زيد الشرعبي أحد الثقات، عن عبد الله بن عمرو بمعناه، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أبو داود (4941) والترمذي (1924) ، وأحمد 2 / 160، والحميدي (591) كلهم من طريق سفيان بن عيينة بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم 4 / 159، وصححه غير واحد من الأئمة، وله شاهد بسند رجاله ثقات عن جرير بن عبد الله عند الطبراني في " الكبير " (2497) .
(*) جذوة المقتبس 33 - 36، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول / المجلد الثاني / 861 - 864، بغية الملتمس 39 - 42، الكامل في التاريخ 9 / 281، 282، الحلة السيراء 2 / 26 - 30، البيان المغرب 3 / 218، الوافي بالوفيات 8 / 324 - 326، تاريخ ابن خلدون 4 / 155.(17/657)
ابْنُهُ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ يَتلقَّبْ بِالخِلاَفَةِ، وَقَامَ بَعْدَ العَالِي وَلدُهُ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ مَاتَ بِمَالِقَةَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، ثُمَّ رَدُّوا أَبَاهُ إِلَى مَالِقَةَ وَغَرْنَاطَةَ، ثُمَّ قَهَرهُم مَلِكُ إِشْبِيْلِيَةَ المُعْتَضِدُ بنُ عَبَّادٍ، وَزَالَت دَوْلَةُ الإِدْرِيْسِيَّةِ.
447
- عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ بنِ سَعْدِ (1) بنِ بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ *
الإِمَامُ، المُفْتِي، أَبُو مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، المَالِكِيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
سَمِعَ بِقُرْطُبَةَ مِنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ القَطَّانِ، وَارْتَحَلَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ، فَأَخَذَ (السِّيْرَةَ) عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ، وَكِتَابَ (الرِّسَالَةِ) ، وَأَخَذَ عَنْ أَبِي الحَسَنِ القَابِسِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ دَحْمُوْنَ، وَأَخَذَ بِمَكَّةَ عَنْ أَبِي العَبَّاسِ بنِ بُنْدَار الرَّازِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ خَلَفٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ، وَجَمَاعَةٌ لَقِيَهُمُ السِّلَفِيُّ، وَسَمِعَ (السِّيْرَةَ) مِنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
اتَّفَقَ أَنَّهُ خَرجَ فِي آخِرِ أَيَّامِه إِلَى الشَّامِ، فَتُوُفِّيَ بِهِ بَعْدَ أَشْهُرٍ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (2) .
__________
(*) جذوة المقتبس 266، الصلة 1 / 275، 276، بغية الملتمس: 352، العبر 3 / 216، حسن المحاضرة 1 / 451، شذرات الذهب 3 / 277.
(1) في الأصل: " سعيد " وهو خطأ، والتصويب من مصادر ترجمته.
(2) انظر " الصلة " 1 / 276.(17/658)
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَا رَأَيْتُهُ رَوَى بِالشَّامِ شَيْئاً.
448 - الخَفَّافُ أَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الشَّيْخ، المُسْنِدُ، الْمَصْدُوق، أَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيّ، الخفَّاف.
سَمِعَ: أَبَا حَفْصٍ بنَ الزَّيَّاتِ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُظَفَّرِ، وَأَبَا الفَضْلِ الزُّهْرِيَّ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَقَاضِي المَرسْتَانِ أَبُو بَكْرٍ، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلاَ بَأْسَ بِهِ.
449 - حَكَمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَكَمِ بنِ إِفْرَانْكَ الجُذَامِيُّ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، مُسنِدُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو العَاصِ الجُذَامِيُّ، القُرْطُبِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ المُهَنْدِسِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ التَّمَّارِ، وَعَبْدِ المُنْعِمِ بنِ غَلْبُوْنَ - وَتَلاَ عَلَيْهِ -، وَيُوْسُفَ بنِ أَحْمَدَ بنِ الدَّخِيْلِ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ، وَعَبَّاسِ بنِ أَصْبَغَ، وَخَلَفِ بنِ القَاسِمِ، وَهَاشِمِ بنِ يَحْيَى، وَعِدَّةٍ.
وَلَقِيَ بِطُلَيْطُلَةَ عَبْدُوْسَ بنَ مُحَمَّدٍ.
وكَانَتْ رِحلَتُه وَحجُّهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد 11 / 276، العبر 3 / 223، شذرات الذهب 3 / 287.
(* *) الصلة 1 / 149، 150، العبر 3 / 213، شذرات الذهب 3 / 275.(17/659)
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مَرْوَانَ الطُّبْنِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الغَسَّانِيُّ: كَانَ رَجُلاً صَالِحاً، ثِقَةً، مُسنِداً، صَلْباً فِي السُّنَّةِ، مُشَدِّداً عَلَى أَهْلِ البِدَعِ، عَفِيْفاً، وَرِعاً، صَبُوْراً عَلَى القُلِّ، رَافِضاً للدُّنْيَا، مُهِيناً لأَهلِهَا، يَتمعَّشُ مِنْ بُضَيِّعَةِ حِلٍّ مُضَاربَة مَعَ سفَارٍ، عَاشَ بِضْعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: فِي صَدرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (1) .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خَلَفٍ: رَأَيْتُ عَلَى نَعشِ حَكَمٍ يَوْمَ دَفنِهِ طُيُوراً تُرفرِفُ لَمْ تُعهدْ بَعْدُ، كَالَّذِي رُئِيَ عَلَى نَعشِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الفَخَّارِ (2) .
450 - النَّاصِحِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ *
قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ النَّاصِحِيُّ، الحَنَفِيُّ، الخُرَاسَانِيُّ.
رَوَى عَنْ: بِشْرِ بنِ أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَعَظُمَ قَدرُهُ، وَكَانَ قَاضِي السُّلْطَانِ مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِيْنَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: طَائِفَةٌ.
__________
(1) " الصلة " 1 / 150.
(2) " الصلة " 1 / 150.
(*) تاريخ بغداد 9 / 443، الجواهر المضية 2 / 305، 306، تاج التراجم: 31، طبقات الفقهاء لطاش كبري 80، الطبقات السنية 1058، كتائب أعلام الاخيار رقم (246) ، كشف الظنون 21، 283، الفوائد البهية 102، إيضاح المكنون 1 / 467، هدية العارفين 1 / 451، 452، والناصحي: نسبة إلى الناصح اسم رجل.(17/660)
451 - ابْنُ مِسْكِيْنٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ اللهِ المِصْرِيُّ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، أَبُو الحَسَنِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ صُهَيْبِ بنِ مِسْكِيْنٍ المِصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبْيَضَ بنِ مُحَمَّدٍ الفِهْرِيِّ صَاحِبِ النَّسَائِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي غَالِبٍ البَزَّازِ، وَمُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَاضِي أَذَنَه أَبِي الحَسَنِ الأَنْطَاكِيِّ، وَابنِ المُهَنْدِسِ.
وَكَانَ يُعْرَفُ أَيْضاً بِالزَّجَّاجِ.
رَوَى عَنْهُ: طَائِفَةٌ، آخرهُم: أَبُو عَبْدِ اللهِ الرَّازِيُّ.
452 - الغَنْدَجَانِيُّ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى **
الشَّيْخُ، أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الغَنْدَجَانِيُّ.
رَاوِي (تَارِيْخِ البُخَارِيِّ) عَنِ الحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَانَ، وَيَروِي أَيْضاً عَنِ المُخَلِّصِ، وَغَيْرِهِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، وَالمُبَارَكُ بنُ الطُّيُوْرِيِّ، وَأَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :حَدَّث بِـ (التَّارِيْخِ) بَعْضه بِقَولِهِ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُوْنَ صَدُوْقاً.
__________
(*) طبقات السبكي 5 / 164، حسن المحاضرة 1 / 403.
(* *) تاريخ بغداد 11 / 33، 34، الأنساب 9 / 179، 180، اللباب 2 / 390، 391، العبر 3 / 212، شذرات الذهب 3 / 276.
والغندجاني: بفتح الغين المعجمة كما في " الأنساب " - وضبطها باقوت بالضم - وسكون النون، وفتح الدال المهملة - وضبطها ياقوت بالكسر - بعدها جيم، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى غندجان، وهي بلدة من كور الاهواز من بلاد الخوذ.
(1) في " تاريخ بغداد " 11 / 34.(17/661)
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ (1) ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
453 - ابْنُ المُعْتَزِّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ المُعْتَزِّ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو الحَسَنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ المُعْتَزِّ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْزَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، رَاوِي الأَجزَاءِ الأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيْثِ عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَضْلِ بنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبِي الفَضْلِ الفَامِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الجَوْزَقِيِّ، وَحَدَّثَ بِأَصْبَهَانَ وَبَالرَّيِّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، وَإِسْحَاقُ الرَّاشْتِيْنَانِيُّ (2) ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خُوْرُوْستَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَهُوَ أَخُو مَنْصُوْرٍ شَيْخِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ المُؤَذِّنِ.
454 - البَاقِلاَّنِيُّ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عِيْسَى البَغْدَادِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ الصَّادِقُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عِيْسَى البَغْدَادِيُّ، البَاقِلاَّنِيُّ، المُقْرِئُ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ مَالِكٍ القَطِيْعِيَّ، وَحُسَيْنَكَ بنَ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :كَتَبنَا عَنْهُ، وَكَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ. مَاتَ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": جمادى الأولى.
(*) لم نعثر له على مصادر ترجمة.
(2) نسبة إلى راشتينان من قرى أصبهان " معجم البلدان " 3 / 15.
(* *) تاريخ بغداد 11 / 342، 343، العبر 3 / 216، شذرات الذهب 3 / 278.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 342.(17/662)
وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَابْنُ مَاكُوْلاَ، وَابْنُ خَيْرُوْنَ، وَأَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيُّ، وَقَاضِي المَرَسْتَانِ أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، وَمُسَدَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ علكَانَ الجِيْزِيُّ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم.
وَهُوَ رَاوِي أَمَالِي القَطِيْعِيِّ وَالوَرَّاقِ.
455 - ابْنُ حَمْدَانَ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْدَانَ، خُرَاسَانِيٌّ، رَحَّالٌ.
صَحبَ الحَاكِمَ ابْنَ البَيِّعِ، وَتَخَرَّجَ بِهِ، وَسَمِعَ مِنَ: الحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ الجَوْزَقِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الطِّرَازِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ الخَفَّافِ، وَجَعْفَرِ بنِ فَنَّاكِي بِالرَّيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ السُّلَيْمَانِيِّ الحَافِظِ بِبِيْكَنْدَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الغُنْجَارِ، وَأَبِي سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيِّ بِسَمَرْقَنْدَ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ المَالِكِيِّ بِالرَّيِّ، وَأَبِي الفَضْلِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الحَدَّادِيِّ (1) بِمَرْوَ.
وَلَهُ تَوَالِيفُ، مِنْهَا: (طُرُقُ حَدِيْثِ الطَّيْرِ) .
سَمِعَ مِنْهُ: أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
لَمْ أَقعْ بِوَفَاتِه، وَقَدْ سُقتُ لَهُ فِي (تَذْكرَةِ الحُفَّاظِ) حَدِيْثاً مِنَ الَمجَالِسِ السَّلَمَاسِيَّةِ (2) .
__________
(*) تذكرة الحفاظ 3 / 1111، 1112، طبقات الحفاظ 426 وفيه وفاته 441.
(1) بالحاء المهملة المفتوحة والدال المشددة. انظر ترجمته في " تبصير المنتبه " 1 / 308.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1112.(17/663)
وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ وَمُحَمَّدٌ ابْنَا حَمْزَةَ سَمَاعاً مِنَ الأَوَّلِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بِالرَّيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ الزُّبَيْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجهِهَا سَفعَةً، فَقَالَ: (اسْتَرْقُوا لَهَا، فَإِنَّ بِهَا النَّظرَةَ (1)) .
غَرِيْبٌ، فَرد، مُسَلسَلٌ بِالمُحَمَّدِينَ، وَهُم خَمْسَةَ عَشَرَ نَفَساً.
456 - الطَّفَّالُ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُقْرِئُ، مُسنِدُ مِصْرَ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ السَّرِيِّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، البَزَّازُ، التَّاجِرُ، المَعْرُوف: بِابْنِ الطَّفَّالِ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: القَاضِي أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ حَيُّوَيْه
__________
(1) وأخرجه البخاري (5739) في الطب: باب رقية العين من طريق محمد بن خالد، حدثنا محمد بن وهب به، وأخرجه مسلم (2197) (59) في السلام: باب استحباب الرقية من العين ... من طريق أبي الربيع سليمان بن داود، حدثنا محمد بن حرب به.
(*) الأنساب 8 / 243، اللباب 2 / 282، 283، العبر 3 / 217، حسن المحاضرة 1 / 374، شذرات الذهب 3 / 278.
والطفال: نسبة إلى بيع الطفل، وهو الطين الذي يؤكل، كما في " الأنساب ".(17/664)
النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ رَشِيْقٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ الخَيَّاشِ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ قُتَيْبَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الأُسْوَانِيِّ، وَأَبِي الطَّيِّبِ العَبَّاسِ بنِ أَحْمَدَ الهَاشِمِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو صَادِقٍ مُرْشِدُ بنُ يَحْيَى المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ، وَالخفرَةُ بِنْتُ مُبَشِّرِ بنِ فَاتِكٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: كَانَ بِمِصْرَ مِنْ مَشَاهيرِ الرُّوَاةِ وَمِنَ الثِّقَاتِ الأَثبَاتِ.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَمَاتَتِ الخفرَةُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
سَمِعَ الرَّازِيُّ مِنْهُ جُمْلَةً وَافرَةً.
457 - العَادِلُ أَبُو عَبْدِ اللهِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ حُسَيْنٍ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، المُلَقَّبُ: بِالعَادِلِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ (1) بنُ حُسَيْنٍ.
وَزَرَ لِلمَلِكِ الرَّحِيْمِ أَبِي نَصْرٍ بنِ أَبِي كَالَيْجَارَ، وَكَانَ سَمْحاً، جَوَاداً، مَهِيْباً، عَسُوْفاً، سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ.
تَنَمَّرَ لَهُ أَبُو نَصْرٍ، فَأَهلَكَه؛ طَلَبه إِلَى دَارِه وَقَدْ حَفَرَ لَهُ جُبّاً، وَبَسطَ عَلَيْهِ حَصِيرَةً، فَتَردَّى فِيْهِ، وَطُمَّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
__________
(*) الكامل في التاريخ 9 / 615، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة 326.
(1) في " الكامل "، عبد الرحمن.(17/665)
458 - الخَلِيْلِيُّ الخَلِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ القَزْوِيْنِيُّ *
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الخَلِيْلِ الخَلِيْلِيُّ، القَزْوِيْنِيُّ، وَمُصَنِّفُ كِتَابِ (الإِرْشَادِ فِي مَعْرِفَةِ المُحَدِّثِيْنَ (1)) ، وَهُوَ كِتَابٌ كَبِيْرٌ انتَخَبَه الحَافِظُ السِّلَفِيُّ.
سَمِعْنَا (المُنْتَخَبَ) .
سَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ القَزْوِيْنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الكَيْسَانِيِّ، وَالقَاسِمِ بنِ عَلْقَمَة، وَأَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الكَتَّانِيِّ، وَأَبِي طَاهِرٍ المُخَلِّصِ، وَأَبِي الحُسَيْنِ الخَفَّافِ القَنْطَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ يَزِيْدَ الفَامِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِمِ، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ.
وَرَوَى بِالإِجَازَةِ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئِ، وَأَبِي حَفْصٍ بنِ شَاهِيْنٍ، وَمُسْنِدِ الكُوْفَةِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيِّ كَتَبَ إِلَيْهِ مِنَ الكُوْفَةِ، وَالحَافِظِ أَبِي أَحْمَدَ الغِطْرِيْفِيِّ؛ أَجَازَ لَهُ مِنْ جُرْجَانَ.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَعَلاَ إِسْنَادُه.
حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُه أَبُو بَكْرٍ بنُ لاَلَ، وَوَلَدُه أَبُو زَيْدٍ وَاقِدُ بنُ الخَلِيْلِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مَاكِي، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ ثِقَةً، حَافِظاً، عَارِفاً بِالرِّجَالِ وَالعِلَلِ، كَبِيرَ الشَّأْنِ، وَلَهُ غَلطَاتٌ فِي (إِرشَادِه) ، قَرأْنَاهُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ بنِ الخَلاَّلِ، عَنِ الهَمْدَانِيِّ، عَنِ
__________
(*) الإكمال 3 / 174، التدوين في تاريخ قزوين الورقة 203، اللباب 1 / 458، تذكرة الحفاظ 3 / 1123 - 1125، العبر 3 / 211، دول الإسلام 1 / 262، طبقات الحفاظ 431، كشف الظنون 70، شذرات الذهب 3 / 274، هدية العارفين 1 / 350، 351، الرسالة المستطرفة 97.
(1) انظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 6 / 228.(17/666)
السِّلَفِيِّ، عَنِ ابْنِ مَاكَ، عَنْهُ (1) .
وَحَكَى (2) :أَنَّهُ حَضَر عِنْد الحَاكِمِ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مَا اسْمُهُ؟
فَتَفكَّرَ، وَقَالَ: مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ. فَعُرِفَ لَهُ ذَلِكَ.
تُوُفِّيَ أَبُو يَعْلَى: بِقَزْوِيْنَ، فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَهْوَازِيُّ بِدِمَشْقَ، وَالرَّئِيْسُ المُحَدِّثُ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَمْرٍو بنِ أُبَي الفُرَاتِيّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ ابْنُ اللَّبَّانِ (3) ، وَمُسْنِدُ دِمَشْقَ الصَّدْرُ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ العَفِيْفِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ (4) التَّمِيْمِيُّ، وَمُقْرِئُ الأَنْدَلُسِ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَسَنِ بنِ سَعِيْدٍ القُرْطُبِيُّ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ اليُوْنُسِيُّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ بِقَزْوِيْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ بن الصَّبَّاحِ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1124.
(2) أي الخليلي في " الارشاد " عند ذكر الحاكم. " التدوين في تاريخ قزوين ": الورقة 203.
(3) تقدمت ترجمته برقم (444) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (438) .(17/667)
صَلَّى بِهِم صَلاَةَ الكُسُوْفِ رَكْعَتَيْنِ، كُلُّ رَكْعَةٍ بِرُكُوْعَيْنِ وَسَجْدَتَيْنِ (1) .
وَبِهِ: إِلَى أَبِي يَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَلَمَةَ القَزْوِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ الهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ مِثلَهُ.
تَفَرَّد بِهِ: الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ.
وَالإِمَامُ أَحْمَدُ قَدْ أَخَذَ عَنْ يَحْيَى بنِ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيِّ، وَرَوَى هُنَا عَنْ رَجُلٍ، عَنْ آخَرَ، عَنْهُ.
459 - أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، القَاضِي، أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرِ بنِ عُمَرَ الطَّبَرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، فَقِيْهُ بَغْدَادَ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِآمُلَ.
وَسَمِعَ بِجُرْجَانَ مِنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ الغِطْرِيْفِ جُزْءاً تَفَرَّدَ فِي الدُّنْيَا
__________
(1) وأخرجه البيهقي 3 / 324 من طريق الشافعي بهذا الإسناد، ويحيى بن سليم سيء الحفظ.
لكن اشتهرت الرواية عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة الكسوف في كل ركعة ركوعين رواه الأئمة عن عائشة، وأسماء بنت أبي بكر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عباس، وجابر، وأبي موسى الأشعري، وسمرة بن جندب.
(*) طبقات العبادي 114، تاريخ بغداد 9 / 358 - 360، طبقات الشيرازي 127، الأنساب 8 / 207، المنتظم 8 / 198، اللباب 2 / 274، الكامل في التاريخ 9 / 651، طبقات ابن الصلاح ورقة 50، 51، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 247، 248، وفيات الأعيان 2 / 512 - 515، المختصر في أخبار البشر 2 / 179، العبر 3 / 222، دول الإسلام 1 / 265، تتمة المختصر 1 / 549، الوافي بالوفيات خ 14 / 93 - 95، مرآة الجنان 3 / 70 - 72، طبقات السبكي 5 / 12 - 50، طبقات الاسنوي 2 / 157 - 158، البداية والنهاية 12 / 79، 80، تاريخ دولة آل سلجوق 22، النجوم الزاهرة 5 / 63، طبقات ابن هداية الله: 150، 151، كشف الظنون 424، 1100، شذرات الذهب 3 / 284، 285، روضات الجنات 338، هدية العارفين 1 / 429، تاريخ التراث العربي لسزكين 2 / 195.(17/668)
بِعُلُوِّهِ، وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ مُفقِّهِه أَبِي الحَسَنِ المَاسَرْجَسِيِّ، وَبِبَغْدَادَ مِنَ: الدَّارَقُطْنِيِّ، وَمُوْسَى بنِ عَرَفَةَ، وَعَلِيِّ بنِ عُمَرَ السُّكَّرِيِّ، وَالمُعَافَى الجَرِيْرِيِّ.
واستَوطَنَ بَغْدَادَ، وَدرَّسَ، وَأَفتَى، وَأَفَادَ، وَوَلِيَ قَضَاءَ رُبُعِ الكَرْخِ بَعْدَ القَاضِي الصَّيْمَرِيِّ.
وَقَالَ: سِرتُ إِلَى جُرْجَانَ لِلقَاءِ أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيِّ، فَقَدمْتُهَا يَوْمَ الخَمِيْسِ، فَدَخَلتُ الحَمَّامَ، وَمِنَ الغَدِ لَقِيتُ وَلدَهُ أَبَا سَعْدٍ، فَقَالَ لِي: الشَّيْخُ قَدْ شَرِبَ دَوَاءً لِمَرضٍ.
وَقَالَ لِي: تَجِيْءُ غَداً لِتَسمَعَ مِنْهُ.
فَلَمَّا كَانَ بَكرَةُ السَّبتِ، غَدَوتُ، فَإِذَا النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ: مَاتَ الإِسْمَاعِيْلِيُّ (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ شَيْخُنَا أَبُو الطَّيِّبِ وَرِعاً، عَاقِلاً، عَارِفاً بِالأُصُوْلِ وَالفُرُوْعِ، مُحَقِّقاً، حَسَنَ الخُلُقِ، صَحِيْحَ المَذْهَبِ، اختَلَفتُ إِلَيْهِ، وَعلَّقتُ عَنْهُ الفِقْهَ سِنِيْنَ (2) .
قِيْلَ: إِنَّ أَبَا الطَّيِّبِ دَفَعَ خُفّاً لَهُ إِلَى مَنْ يُصْلِحُهُ، فَمَطَلَه، وَبَقِيَ كُلَّمَا جَاءَ نَقَعَهُ فِي المَاءِ، وَقَالَ: الآنَ أُصلِحُهُ.
فَلَمَّا طَال ذَلِكَ عَلَيْهِ، قَالَ: إِنَّمَا دَفَعتُهُ إِلَيْكَ لِتُصلِحَه، لاَ لِتُعَلِّمَهُ السِّباحَةَ (3) .
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ المُؤَدِّبَ، سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ البَافِيَّ يَقُوْلُ:
أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَريُّ أَفقَهُ مِنْ أَبِي حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيِّ.
وَسَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ يَقُوْلُ: أَبُو الطَّيِّبِ أَفقَهُ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ البَافِيِّ (4) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 359.
(2) المصدر السابق.
(3) انظر " المنتظم " 8 / 198، و" طبقات " الشيرازي 127.
(4) " تاريخ بغداد " 9 / 359، وأبو محمد البافي تقدمت ترجمته برقم (36) ، وأبو حامد =(17/669)
قَالَ القَاضِي ابْنُ بَكْرَانَ الشَّامِيُّ: قُلْتُ لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ شَيْخِنَا وَقَدْ عُمِّر: لَقَدْ مُتِّعتَ بِجَوَارِحِكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ!
قَالَ: وَلِمَ؟ وَمَا عَصَيتُ اللهَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا قَطُّ - أَوْ كَمَا قَالَ -.
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: سَمِعْنَا أَبَا الطَّيِّبِ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَرَأَيْتَ مَنْ رَوَى أَنَّكَ قُلْت: (نَضَّرَ اللهُ امْرَءاً سَمِعَ مَقَالَتِي، فَوَعَاهَا) ، أَحقٌّ هُوَ؟
قَالَ: نَعَمْ (1) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (الطَّبَقَاتِ (2)) :وَمِنْهُم شَيْخُنَا وَأُسْتَاذُنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، تُوُفِّيَ عَنْ مائَةٍ وَسنتينَ، لَمْ يَختَلَّ عَقلُهُ، وَلاَ تَغيَّرَ فَهمُهُ، يُفْتِي مَعَ الفُقَهَاءِ، وَيَستدرِكُ عَلَيْهِمُ الخَطَأَ، وَيَقْضي، وَيَشهَدُ، وَيَحضُرُ المَوَاكِبَ إِلَى أَنْ مَاتَ.
تَفَقَّهَ بِآمُلَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الزَّجَّاجِيّ صَاحِبِ أَبِي العَبَّاسِ بنِ القَاصِّ.
وَقَرأَ عَلَى أَبِي سَعْدٍ بنِ الإِسْمَاعِيْلِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ كَجَّ بِجُرْجَانَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى أَبِي الحَسَنِ المَاسَرْجِسِيِّ (3) ، وَصَحِبَهُ أَرْبَعَ سِنِيْنَ، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ، وَعلَّقَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ البَافِيِّ الخُوَارَزْمِيِّ صَاحِبِ الدَّارَكِيِّ، وَحَضَرَ مَجْلِسَ أَبِي حَامِدٍ، وَلَمْ أَرَ فِيْمَنْ رَأَيْتُ أَكمَلَ اجْتِهَاداً، وَأَشَدَّ تَحْقِيْقاً، وَأَجوَدَ نَظراً
__________
= الاسفراييني تقدمت ترجمته برقم (111) .
(1) وتمام الحديث: " وأداها، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه " وهو حديث صحيح، أخرجه من حديث ابن مسعود الشافعي 1 / 14، والترمذي (2659) ، وابن ماجة (232) والرامهرمزي ص 165، وأخرجه من حديث زيد بن ثابت أحمد 5 / 183، وأبو داود (3660) والترمذي (2658) وابن ماجة (230) والدارمي 1 / 75، والرامهرمزي ص 164، وأخرجه من حديث جبير بن مطعم أحمد 4 / 81، وابن ماجة (231) والدارمي 1 / 74، 75، وأخرجه من حديث أبي الدرداء الدارمي 1 / 75، 76، وأخرجه الرامهرمزي ص 165، 166 من حديث ابن عباس، وأبي سعيد الخدري.
(2) 127، ونقله عنه النووي في " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 247.
(3) في الأصل: " السرخسي " والمثبت من " الطبقات ".(17/670)
مِنْهُ. شَرَحَ (مُخْتَصَرَ المُزَنِيِّ) ، وَصَنَّفَ فِي الخلاَفِ وَالمَذْهَبِ وَالأُصُوْلِ وَالجَدَلِ كُتُباً كَثِيْرَةً، لَيْسَ لأَحَدٍ مِثْلَهَا، لاَزمتُ مَجْلِسَه بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَدَرَّسْتُ أَصْحَابَهُ فِي مَسْجِدِه سِنِيْنَ بِإِذْنِهِ، وَرَتَّبَنِي فِي حَلْقَتِهِ، وَسَأَلَنِي أَنْ أَجلِسَ لِلتَّدرِيسِ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَفَعلتُ.
قُلْتُ: مِنْ وُجُوهِ أَبِي الطَّيِّبِ فِي المَذْهَبِ أَنَّ خُرُوْجَ المَنِيِّ يَنْقُضُ الوُضُوْءَ، وَمِنْهَا: أَنَّ الكَافِرَ إِذَا صَلَّى فِي دَارِ الحَرْبِ، فَصَلاَتُه إِسْلاَمٌ (1) .
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَابْنُ بَكْرَانَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الآبَنُوْسِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ الطُّيُوْرِيِّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ المَهْدِيِّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو العِزِّ بنُ كَادِش، وَأَبُو المَوَاهِبِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُلُوْكٍ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي الأَنْصَارِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :مَاتَ صَحِيْحَ العَقلِ، ثَابِتَ الفَهْمِ، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ مائَةٌ وَسَنَتَانِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
__________
(1) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 1248.
وقال النووي في المسألة الأولى: والصحيح الذي قاله جمهور أصحابنا: لا ينقضه، بل يوجب الغسل فقط.
وقال في المسألة الثانية: والصحيح المنصوص للشافعي وجمهور الأصحاب أنها ليست بإسلام إلا أن تسمع منه الشهادتان.
(2) في " تاريخ بغداد " 9 / 360.(17/671)
بِعَوْنِهِ تَعَالَى وَتَوْفِيْقِهِ، تَمَّ الجُزْءُ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ (سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ) ،
وَيَلِيهِ الجُزْءُ الثَّامِنَ عَشَرَ، وَأَوَّلُهُ: تَرْجَمَةُ السَّعْدِيِّ، مِنَ الطَّبَقَةِ الرَّابِعِةِ وَالعِشْرِيْنَ.(17/672)
الجُزءُ الثَّامِنَ عَشَرَ
الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ وَالعِشْرُوْنَ
1 - السَّعْدِيُّ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى *
الإِمَامُ، البَارعُ، القَاضِي، أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ، نَزِيل مِصْرَ، وَرَاوِي (مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ) لِلْبَغَوِيِّ (1) ، عَنِ ابْنِ بَطَّةَ العُكْبَرِيِّ (2) .
وَسَمِعَ: أَبَا الفَضْلِ الزُّهْرِيَّ، وَمُوْسَى بنَ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ السِّمْسَارَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ شَاذَانَ، وَأَبَا طَاهِرٍ المُخَلِّص، وَابْنَ زُنْبُوْر.
وَسَمِعَ: أَبَا عَبْدِ اللهِ الجُعْفِيّ الهَرَوَانِيّ وَغَيْرَهُ بِالكُوْفَةِ، وَأَبَا الحُسَيْنِ بنَ جُمَيْع بِصَيْدَا، وَحَامِدَ بنَ إِدْرِيْسَ بِالمَوْصِل، وَأَبَا مُسْلِمٍ الكَاتِبَ بِمِصْرَ.
وَأَملَى مَجَالِسَ، وَأَشغل، وَهُوَ مِنْ تَلاَمِذَةِ أَبِي حَامِدٍ الإِسفرَايينِيّ (3) .
حَدَّثَ عَنْهُ: سَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسفرَايينِيّ، وَعَلِيّ بن مَكِّيّ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو
__________
(*) العبر 3 / 197، الوافي بالوفيات 2 / 65، طبقات السبكي 4 / 103، حسن المحاضرة 1 / 403، شذرات الذهب 3 / 267.
(1) هو أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان البغوي، المتوفى سنة 317 هـ.
وقد مرت ترجمته في الجزء الرابع عشر من هذا الكتاب برقم (247) .
(2) هو الامام أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن حمدان العكبري، الفقيه الحنبلي، المتوفى سنة 387 هـ.
مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (389) .
(3) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (111) .(18/5)
نَصْرٍ الطُّرَيْثِيْثِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ كتب عَنْهُ شَيْخُه الحَافِظ عَبْدُ الغَنِيِّ (1) ، وَمَاتَ قَبْلَهُ بدَهْر.
مَاتَ أَبُو الفَضْلِ السَّعْدِيُّ: فِي شَعْبَانَ - وَقِيْلَ: فِي شَوَّال - سَنَة إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ.
2 - النَّوقَانِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ *
الإِمَامُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ، رَاوِي (سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ) عَنْهُ، سَمِعَهُ مِنْهُ بِفَوْتٍ قَلِيْلٍ مُعَيَّنٍ فِي النُّسْخَةِ: الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبِيوَرْدِيُّ العَطَّارُ بِنَيْسَابُوْرَ، فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَالفَوتُ جُزآنِ، فَسَمِعَهُمَا مِنْ أَبِي عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيِّ (2) بِإِجَازَتِهِ مِنَ الدَّارَقُطْنِيِّ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ السَّمْعَانِيّ: كَانَ ثِقَةً، فَاضِلاً، مُكْثِراً.
مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
3 - ابْنُ المَأْمُوْنِيِّ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ ** (3)
السَّبْتِيُّ (4) ، المَالِكِيُّ،
__________
(1) هو أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري، صاحب كتاب " مشتبه النسبة "، المتوفى سنة 409 هـ مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (164) .
(*) التقييد: الورقة 189 / ب، المشتبه 2 / 650، توضيح المشتبه 3 / ورقة 81 ب، تبصير المنتبه 1 / 143، تاج العروس 9 / 356 مادة (نقنه) .
والنوقاني: بفتح النون كما ضبطها السمعاني وبضمها عند ياقوت وسكون الواو وفتح القاف وبعد الالف نون، نسبة إلى نوقان إحدى مدينتي طوس، والاخرى طابران. انظر " اللباب " 3 / 332، و" معجم البلدان " 5 / 311.
(2) سترد ترجمته برقم (17) في هذا الجزء.
(* *) ترتيب المدارك 4 / 784، الصلة 2 / 470.
(3) بضم الراء وفتح العين المهملة وسكون الياء وفي آخرها النون، نسبة إلى ذي رعين، وهو من أقيال اليمن.
" الأنساب " 6 / 139.
(4) نسبة إلى سبتة: مدينة في المغرب على مضيق جبل طارق.(18/6)
الفَقِيْهُ، عُرِفَ: بِابْنِ المَأْمُوْنِيِّ.
أَخَذَ عَنْ: عَبْدِ الرَّحِيْمِ بن العَجُوْز، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الشَّيْخ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ البَاجِي، وَحَجَّ، وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنَ الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن مُنِيْر.
تصدَّر بِالمرِيَّة (1) لِلإِقْرَاءِ وَالفِقْه.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو المُطرِّفِ الشَّعْبِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ ابنُ صَاحِب الأَحباس القَاضِي، وَغَانِمٌ المَالقِي، وَوَلَده حجَّاج.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَلَدُهُ:
4 - حَجَّاجُ بنُ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ *
الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي ذَرٍّ الهَرَوِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ المُطَّوِّعِيّ (2) .
وَحَدَّثَ (بصَحِيْح البُخَارِيّ) .
وَكَانَ رَأْسَ العُلَمَاء بِالمَرِيَّة، ثُمَّ تَحَوَّل إِلَى سَبْتَةَ.
رَوَى عَنْهُ: القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَنْصُوْرٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ طَرِيْف، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ العَجُوْز.
__________
(1) بالفتح ثم الكسر وتشديد الياء، وهي مدينة كبيرة من كورة إلبيرة من أعمال الأندلس. " معجم البلدان " 5 / 119.
(*) الصلة 1 / 152، بغية الملتمس: 280. وسيعيد المؤلف ترجمته في الصفحة 526.
(2) نسب إلى المطوعة، وهم جماعة فرغوا أنفسهم للغزو ومرابطة الثغور. " اللباب " 3 / 226.(18/7)
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَع مائَة.
ذكرتُهُ تَبعاً لِلأَب.
5 - مَنْصُوْرُ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ * (1)
العَلاَّمَةُ، أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ، الكَرْخِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
ذكره أَبُو إِسْحَاقَ فِي (طَبَقَات الفُقَهَاء) فَقَالَ: وَمِنْهُم شَيْخُنَا أَبُو القَاسِمِ الكَرْخِيّ، تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي حَامِدٍ الإِسفرَايينِيّ، وَلَهُ عَنْهُ تَعليقَةٌ، وَصَنَّفَ فِي المَذْهَب كِتَاب (الغُنْيَة (2)) وَدرَّس بِبَغْدَادَ.
قُلْتُ: وَحَدَّثَ عَنْ أَبِي طَاهِرٍ المُخَلِّص، وَأَبِي القَاسِمِ الصَّيْدَلاَنِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَقَالَ (3) :هُوَ مِنْ أَهْلِ كَرْخَ جِدَّانَ (4) .
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
6 - الخُوَارَزْمِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ **
العَلاَّمَةُ، أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ نُمَيْرٍ الخُوَارَزْمِيُّ،
__________
(*) تاريخ بغداد 13 / 87، طبقات الفقهاء للشيرازي: 129، 130، الأنساب 10 / 393 (الكرخي) ، الكامل 9 / 616، الوافي بالوفيات خ 26 / 94، طبقات السبكي 5 / 334، طبقات الاسنوي 2 / 341، 342.
(1) في " الكامل ": منصور بن حمزة بن إبراهيم. وفي الهامش أنه ورد في نسخة أخرى كما هو هنا.
(2) أورده صاحب " كشف الظنون " 2 / 1212 باسم " الغنية في فروع الشافعية ".
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 87.
(4) ضبطت في الأصل بكسر الجيم، وضبطها ياقوت بالضم، قال: وسمعت بعضهم يفتحها والضم أشهر، والدال مشددة، وآخره نون: وهي بليدة في آخر ولاية العراق، وهو الحد بين ولاية شهر زور والعراق. " معجم البلدان ": 4 / 449.
(* *) تاريخ بغداد: 5 / 71، طبقات الفقهاء للشيرازي: 131، طبقات الشافعية لابن الصلاح: الورقة 38 ب، الوافي بالوفيات: 8 / 63 - 64، نكت الهميان: 115، طبقات السبكي: 4 / 83 - 84، طبقات الاسنوي: 2 / 150 - 151.(18/8)
الشَّافِعِيُّ، الضَّرِيرُ، أَحَدُ أَئِمَّةِ المَذْهَبِ بِبَغْدَادَ، وَتِلْمِيْذُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :دَرَّس وَأَفتَى، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ القَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ (2) أَحَدٌ أَفْقَهَ مِنْهُ.
رَوَى عَنْ: عُبَيدِ اللهِ بن أَحْمَدَ الصَّيْدَلاَنِيّ.
كَتَبْتُ عَنْهُ، وَتُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَكَانَ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْصُوْرٍ الكَرْخِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ النَّابتِي.
7 - ابْنُ مَأْمُوْنٍ حُمَيْدُ بنُ المَأْمُوْنِ بنِ حُمَيْدٍ القَيْسِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الأَدِيْبُ، الصَّادِقُ، أَبُو غَانِمٍ حُمَيْدُ بنُ المَأْمُوْنِ بنِ حُمَيْدِ بنِ رَافِعٍ القَيْسِيُّ، الهَمَذَانِيُّ، النَّحْوِيُّ، رَاوِي كِتَابِ (الأَلقَابِ (3)) عَنْ مُؤَلِّفِهِ أَبِي بَكْرٍ الشِّيرَازِيِّ.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ لاَل، وَأَحْمَد بن تُرْكَانَ، وَعَلِيِّ بن أَحْمَدَ البَيِّع، وَأَبِي عُمَرَ بن مَهْدِيٍّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَصِيْر الرَّازِيّ، وَأَبِي الحَسَنِ بن جَهْضَم، وَعِدَّة.
قَالَ شِيْرَوَيْه: مَا أَدْرَكتُه، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ القُوْمَسَانِي، وَابْنُ ممَان، وَأَحْمَدُ بنُ عُمَرَ البَيِّع، وَعَامَّةُ مَشَايِخِي، وَسَمِعَ مِنْهُ كُهُولُنَا، وَهُوَ صَدُوْقٌ، مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ: وَأَجَاز لِعَبْدِ الْمُنعم بنِ القُشَيْرِيّ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 71.
(2) هو الطبري، وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (459) .
(*) لم نعثر له على ترجمة في المصادر المتيسرة لنا.
(3) هو كتاب " ألقاب الرواة " ومؤلفه أبو بكر، تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (149) .(18/9)
8 - ابْنُ مَسْرُوْرٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الصَّالِحُ، القُدْوَةُ، الزَّاهِدُ، مُسْنَدُ خُرَاسَان، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَسْرُوْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا عَمْرٍو إِسْمَاعِيْلَ بن نُجَيْد، وَبِشْرَ بنَ أَحْمَدَ الإِسفرَايينِيّ، وَأَبَا سهلٍ الصُّعلوكِي، وَحُسَيْنَ بن عَلِيٍّ التَّمِيْمِيّ، وَأَبَا عَمْرٍو بنَ حَمْدَان، وَالحَافِظَ أَبَا أَحْمَد الحَاكِم، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ البَالَوِي (1) ، وَمُحَمَّدَ بن حُسَيْنٍ السِّمْسَار، وَمُحَمَّدَ بن أَحْمَدَ الْمَحْمُودِي، وَأَبَا نَصْر بنَ أَبِي مَرْوَانَ الضَّبِّيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُبَيْد اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ بَالويه، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ مهرَان المُقْرِئ، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ البَحيرِي، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْمَ العَبْدُوِي، وَمُحَمَّدَ بن الفَضْلِ بنِ (2) مُحَمَّدِ بنِ خُزَيْمَة، وَأَبَا مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدَ بن مُحَمَّدِ بنِ سَمْعَانَ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُبَيْد اللهِ بنُ أَبِي القَاسِمِ القُشَيْرِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَلَمُويه، وَسَهْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَسْجِدِي (3) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الفرَاوِيّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي بَكْرٍ القَارِئ، وَتَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الجُرْجَانِيّ، وَهِبَةُ اللهِ بن سَهْلٍ السَّيِّدي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عبدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: هُوَ أَبُو حَفْصٍ المَاورديّ، الفَامِيُّ،
__________
(*) السياق: الورقة 58 أ، العبر: 3 / 216 - 217، شذرات الذهب: 3 / 278.
(1) بفتح الباء واللام، هذه النسبة إلى بالويه، وهو اسم لبعض أجداده " اللباب ".
(2) سقطت من الأصل، ولابد منها، ومحمد بن الفضل هذا مترجم في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب برقم (360) .
(3) قيل له ذلك، لأنه كان خادم مسجد المطرز، ويعرف أيضا بالسبعي، وسترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (304) .(18/10)
الزَّاهِدُ، الفَقِيْه، كَانَ كَثِيْرَ العِبَادَة وَالمُجَاهِدَة، وَكَانَ المَشَايِخ يَتبركُوْن بدُعَائِهِ.
عَاشَ: تِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَتُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة - رَحِمَهُ اللهُ -.
9 - القَادِسِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ القَادسِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، البَزَّازُ.
أَملَى مَجَالِسَ بِجَامِع المَنْصُوْر عَنْ: أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الوَرَّاق، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ شَاذَان.
وَعَنْهُ: أَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيّ، وَقَالَ: كَانَ يَسْمع لِنَفْسِهِ، وَلَهُ سَمَاعٌ صَحِيْح، مِنْهُ جُزْء الكُدَيْمِيّ (1) ، وَجزءٌ مِنْ حَدِيْثِ القَعْنَبِيّ (2) ، وَأَجزَاء مِنْ (مُسْنَد الإِمَام أَحْمَد) ، سمِعنَا مِنْهُ.
قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا جُزء الكُدَيْمِيّ مِنْ طرِيقِ أُبَيٍّ عَنْهُ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ (3) :حضَرتُه يَوْماً، وَطَالبتُهُ بِأُصُوْله، فَدَفَعَ إِلَيَّ عَنِ ابْنِ شَاذَان وَغَيْرهِ أُصُوْلاً صَحِيْحَة، فَقُلْتُ: أَرنِي أَصلك عَنِ القَطِيْعِيّ. فَقَالَ:
__________
(*) تاريخ بغداد: 8 / 16 - 17، الإكمال: 7 / 80، الأنساب: 10 / 10، العبر: 3 / 212، ميزان الاعتدال: 1 / 529 - 530، المغني في الضعفاء 1 / 170، لسان الميزان 2 / 264، شذرات الذهب 3 / 275.
(1) هو أبو العباس محمد بن يونس بن موسى القرشي السامي البصري الكديمي المتوفى سنة (286) هـ.
(2) هو الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي المتوفى سنة (221) هـ، مرت ترجمته في الجزء العاشر برقم (68) .
(3) تاريخ بغداد 8 / 17 - 18.(18/11)
أَنَا لاَ يُشَكُّ فِي سَمَاعِي مِنَ القَطِيْعِيّ، سمَّعَنَا مِنْهُ خَالِي هِبَةُ اللهِ المفسرُ (المُسْنَد) كُلَّه.
فَقُلْتُ: لاَ تَروِ (1) هَا هُنَا شَيْئاً إِلاَّ بَعْدَ أَنْ تُحضِرَ أُصُوْلَكَ.
فَانقطع، وَمَضَى إِلَى مَسْجِد بَرَاثَا (2) ، فَأَملَى فِيْهِ، وَكَانَتِ الرَّافِضَّةُ تجتمعُ هُنَاكَ، فَقَالَ لَهُم: مَنَعَتنِي النَّوَاصبُ أَنْ أَروِيَ فِي جَامِع المَنْصُوْر فَضَائِل أَهْل البَيْت.
ثُمَّ اجْتَمَع عَلَيْهِ فِي مَسْجِد الشَّرْقِيَّة الروَافضُ، وَلهُم إِذْ ذَاكَ قُوَّةٌ، وَحَمِيَّتُهُم ظَاهِرَةٌ، فَأَملَى عَلَيْهِم العَجَائِبَ مِنَ المَوْضُوْعَات فِي الطعنِ عَلَى السَّلَف.
قُلْتُ: مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَمَاتَ فِي العَامِ قَبْلَهُ:
10 - أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوْسٍ الزَّعْفَرَانِيُّ *
أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدُوْسٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، المُؤَدِّبُ بِبَغْدَادَ.
رَوَى عَنِ: القَطِيْعِيّ (3) ، وَابْن مَاسِي (4) .
قَالَ الخَطِيْبُ (5) :كَتَبْتُ عَنْهُ مِنْ سَمَاعه الصَّحِيْحَ، وَعَاشَ تِسْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
__________
(1) في الأصل: " تروي " والجادة ما أثبتنا.
(2) قال ياقوت: بالثاء المثلثة والقصر، محلة كانت في طرف بغداد في قبلة الكرخ، وجنوبي باب محول. انظر " معجم البلدان " 1 / 362 - 364.
(*) تاريخ بغداد 4 / 380.
(3) هو أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان البغدادي القطيعي المتوفى سنة (368) هـ.
وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب برقم (143) .
(4) هو أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي البغدادي البزاز المتوفى سنة (369) هـ.
وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (176) .
(5) " تاريخ بغداد " 4 / 380.(18/12)
11 - الأَهْوَازِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَزْدَادَ *
قَدْ ذَكَرْتُهُ فِي (التَّارِيْخِ) ، وَفِي (طَبَقَاتِ القُرَّاءِ) ، وَفِي (مِيْزَانِ الاعْتِدَالِ (1)) مُسْتوفَىً، فَلْنَذْكُرْهُ مُلَخَّصاً.
كَانَ رَأْساً فِي القِرَاءات، مُعَمِّراً، بعيدَ الصِّيْت، صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَرحلَةٍ وَإِكثَار، وَلَيْسَ بِالمُتْقِن لَهُ، وَلاَ المُجَوِّدُ، بَلْ هُوَ حَاطِبُ ليلٍ، وَمَعَ إِمَامتِهِ فِي القِرَاءات فَقَدْ تُكُلِّمَ فِيْهِ وَفِي دعَاويه تِلْكَ الأَسَانِيْدَ العَالِيَة.
وَهُوَ الشَّيْخُ الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، مُقْرِئُ الآفَاق، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَزدَادَ بن هُرْمُزَ الأَهْوَازِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَزَعَمَ أَنَّهُ تَلاَ عَلَى عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الغضَائِرِي (2) - مَجْهُولٌ لاَ يُوثَقُ بِهِ، ادَّعَى أَنَّهُ قرَأَ عَلَى الأُشنَانِي (3) ، وَالقَاسِم المَطَرز (4) - وَذَكَرَ أَنَّهُ تَلاَ
__________
(*) تبيين كذب المفتري: 364 - 420، معجم الأدباء 9 / 34 - 39، ميزان الاعتدال 1 / 512، 513، معرفة القراء الكبار 1 / 322 - 325، العبر 3 / 210 - 211، مرآة الجنان 3 / 63، غاية النهاية 1 / 220 - 221، لسان الميزان 2 / 237، 240، النجوم الزاهرة 5 / 65، كشف الظنون 1 / 140، 211، و2 / 1303، شذرات الذهب 3 / 274، تهذيب تاريخ ابن عساكر 4 / 197 - 198.
(1) انظر مصادر الترجمة.
(2) ترجم له الذهبي في " معرفة القراء الكبار " 1 / 271، وذكر أنه بقي إلى قريب الثمانين وثلاث مئة.
(3) بضم الالف وسكون الشين نسبة إلى بيع الاشنان وشرائه، وهو أبو العباس أحمد بن سهل المقرئ المتوفى سنة (307) هـ، ترجم له المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 200، 201، وابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 59، 60.
(4) هو أبو بكر القاسم بن زكريا بن عيسى البغدادي المطرز، المتوفى سنة (305) هـ، ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 195، وابن الجزري في " غاية النهاية " 2 / 17.(18/13)
لِقَالُوْنَ (1) فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة بِالأَهْوَازِ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ فَيْرُوْز، عَنِ الحَسَنِ بنِ الحُبَاب، وَأَنَّهُ قرَأَ عَلَى شَيْخٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ سَيْف، وَعَلِي الشَّنَبُوذِيّ (2) ، وَأَبِي حَفْصٍ الكَتَّانِي، وَجَمَاعَة، قَبْل التِّسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: نَصْر بن أَحْمَدَ المُرجِي؛ صَاحِب أَبِي يَعْلَى، وَمِنَ المُعَافَى الجَرَيْرِيّ، وَالكتَّانِي، وَعِدَّة.
وَلحق بِدِمَشْقَ عَبْد الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَأَنَّهُ سَمِعَ بِمِصْرَ مِنْ أَبِي مُسْلِم الكَاتِب، وَيَرْوِي العَالِي وَالنَّازل، وَخطه رَدِيء الْوَضع، جمع سيرَةً لِمُعَاوِيَةَ، وَ (مُسْنَداً) فِي بَضْعَةَ عشر جُزْءاً، حشَاهُ بِالأَبَاطيل السَّمجَة.
تَلاَ عَلَيْهِ: الهُذَلِيُّ (3) ، وَغُلاَم الهَرَّاس (4) ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي الأَشْعَثِ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ المصِّينِي، وَعَتِيْقٌ الرِّدَائِي (5) ، وَأَبُو الْوَحْش سُبيع بن قيرَاط، وَخَلْقٌ.
__________
(1) هو مقرئ المدينة الامام أبو موسى عيسى بن مينا الملقب بقالون، المتوفى سنة (220) هـ وقد مرت ترجمته في الجزء العاشر من هذا الكتاب برقم (79) .
(2) قال ابن الأثير: الشنبوذي: بفتح الشين المعجمة والنون وضم الباء الموحدة وسكون الواو وفي آخرها ذال معجمة، هذه النسبة إلى شنبوذ - جد المنتسب إليه - والمذكور هو أبو الفرج محمد بن أحمد بن إبراهيم الشنبوذي البغدادي المتوفي سنة (388) هـ، مترجم في " معرفة القراء " رقم (252) طبع مؤسسة الرسالة.
(3) هو أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي، المتوفى سنة (465) هـ، له ترجمة وافية في " معرفة القراء الكبار " 1 / 346 - 349، و" غاية النهاية " 2 / 397 - 401.
(4) هو أبو علي الحسن بن القاسم بن علي الواسطي المتوفى سنة (468) هـ.
انظر ترجمته في " معرفة القراء الكبار " 1 / 344، 346، و" غاية النهاية " 1 / 228، 229.
(5) هو عتيق بن محمد أبو بكر الردائي شيخ الاقراء بقلعة حماد من أرض المغرب، دخل دمشق فقرأ على الاهوازي، مترجم في " غاية النهاية " 1 / 500، 501، وقد تصحف فيها 1 / 222 إلى " الرذاني " بالذال المعجمة والنون.(18/14)
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالكَتَّانِي، وَالفَقِيْهُ نَصْرٌ المَقْدِسِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِي، وَأَبُو القَاسِمِ النَّسِيْب وَوَثَّقَهُ، وَبَالإِجَازَة أَبُو سَعْدٍ بنُ الطُّيُورِيّ (1) .
وَأَلَّفَ كِتَاباً طَوِيْلاً فِي الصِّفَات (2) فِيْهِ كَذِبٌ، وَمِمَّا فِيْهِ حَدِيْث عَرَقِ الْخَيل (3) ، وَتِلْكَ الفضَائِح، فَسبَّه عُلَمَاء الكَلاَم وَغَيْرهُم.
وَكَانَ يَنَالُ مِنِ ابْنِ أَبِي بِشْرٍ (4) ، وَعلَّق فِي ثَلْبِهِ، وَالله يَغْفِرُ لَهُمَا.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر (5) :كَانَ عَلَى مَذْهَب السَّالمِيَّة (6) ؛يَقُوْلُ بالظَّاهِر، وَيَتمسكُ بِالأَحَادِيْث الضَعِيْفَة الَّتِي تُقَوِّي رَأْيه.
وَسَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ بنَ قُبَيْسٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا ظهر مِنْ أَبِي عليٍّ الإِكثَارُ مِنَ الروَايَات فِي القِرَاءات اتُّهِمَ، فَسَارَ رشَأُ بنُ نَظيف (7) ، وَابْنُ الفُرَاتِ، وَقَرَؤُوا بِبَغْدَادَ عَلَى الَّذِيْنَ رَوَى عَنْهُم الأَهْوَازِيّ، وَجَاؤُوا، فَمَضَى إِلَيْهِم أَبُو عَلِيٍّ، وَسَأَلهُم أَنْ يُروه
__________
(1) واسمه أحمد بن عبد الجبار الصيرفي، المتوفى سنة 517 هـ. ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر من هذا الكتاب برقم (270) .
(2) ذكره ابن عساكر باسم " البيان في شرح عقود أهل الايمان " انظر " تبيين كذب المفتري " 369.
(3) انظر اللآلي المصنوعة 1 / 3 و" تنزيه الشريعة " 1 / 134.
(4) يعني أبا الحسن الأشعري، له فيه كتاب " مثالب ابن أبي بشر الأشعري " وقد رد عليه ابن عساكر ردا وافيا في كتابه " تبيين كذب المفتري ": 364 - 420.
(5) انظر " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 4 / 197.
(6) قال العلامة الكوثري في تعليقه على " تبيين كذب المفتري " 369: السالمية فرقة من المشبهة، يقولون: إن الله تعالى يرى في صورة آدمي، وإنه تعالى يقرأ على لسان كل قارئ، وإنهم إذا سمعوا القرآن من قارئ يرون أنهم إنما يسمعونه من الله تعالى، ويعتقدون أن الميت يأكل في القبر ويشرب وينكح إلى غير ذلك.
وهذه النحلة معروفة بالبصرة وسوادها بالسالمية نسبة إلى مقالة الحسن بن محمد بن أحمد بن سالم السالمي البصري وابنه أبي عبد الله المتصوف.
(7) هو المقرئ أبو الحسن رشأ بن نظيف بن ما شاء الله، الدمشقي، المتوفي سنة 444 هـ، مترجم في " معرفة القراء الكبار " 1 / 321، 322، و" غاية النهاية " 1 / 284.(18/15)
الإِجَازَاتِ، فَأَخَذَهَا، وَغَيَّر أَسْمَاءَ مَنْ سَمَّى ليستُرَ دعوَاهُ، فَعَادت عَلَيْهِ بركَةُ القُرْآن، فَلَمْ يُفْتَضَحْ، وَعُوتِبَ رَجُل فِي القِرَاءةِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَقرَأ عَلَيْهِ لِلْعِلْمِ، وَلاَ أُصدقه فِي حَرْفٍ (1) .
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِي: اجْتَمَعتُ بِهِبَةِ اللهِ اللاَّلْكَائِيّ، فَسَأَلنِي: مَنْ بِدِمَشْقَ؟
فَذَكَرت مِنْهُم الأَهْوَازِيّ.
فَقَالَ: لَوْ سَلِمَ مِنَ الروَايَات فِي القِرَاءات (2) .
ثُمَّ قَالَ الكَتَّانِي: وَكَانَ مُكْثِراً مِنَ الحَدِيْثِ، وَصَنَّفَ الكَثِيْر فِي القِرَاءات وَفِي أَسَانِيْدهَا، لَهُ غَرَائِبُ يذكر أَنَّهُ أَخَذَهَا رِوَايَةً وَتِلاَوَةً. وَمِمَّنْ وَهَّاهُ ابْنُ خَيْرُوْنَ.
وَقَالَ الدَّانِي: أَخَذَ القِرَاءات عَرْضاً وَسَمَاعاً مِنْ أَصْحَابِ ابْن شَنَبُود، وَابْنِ مُجَاهِد.
قَالَ: وَكَانَ وَاسِع الرِّوَايَة، حَافِظاً ضَابطاً، أَقرَأَ دَهْراً بِدِمَشْقَ.
قُلْتُ: فِي نَفْسِي أُمُوْرٌ مِنْ علُوِّهِ فِي القِرَاءات.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِر: عقيب حَدِيْثٍ كذِبٍ: الأَهْوَازِيّ مِتَّهم.
قُلْتُ: الحَدِيْثُ أَنْبَأَني بِهِ ابْنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ ابْنِ بَوْش، عَنْ أَحْمَدَ بن عبد الجَبَّار، عَنِ الأَهْوَازِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَطرَابُلُسِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ القَاضِي، عَنِ البَغَوِيّ، عَنْ هُدْبَةَ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ وَكِيْع بنِ عُدَس، عَنْ أَبِي رَزِيْنٍ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (رَأَيْتُ
__________
(1) " تبيين كذب المفتري ": 415، 416، و" تهذيب تاريخ ابن عساكر " 4 / 198.
(2) " تبيين كذب المفتري ": 368.(18/16)
رَبِّي بِمِنَىً عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ عَلَيْهِ جُبَّة (1)) .
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِر فِي (تَبيين كذب المفترِي (2)) :لاَ يَسْتَبعدنَّ جَاهِلٌ كَذِبَ الأَهْوَازِيّ فِيمَا أَوْرَدَهُ مِنْ تِلْكَ الحِكَايَات، فَقَدْ كَانَ مِنْ أَكذبِ النَّاسِ فِيمَا يَدَّعِي مِنَ الروَايَاتِ فِي القِرَاءاتِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ المِلحِي: كُنْت عِنْد رَشَأُ بن نَظيف فِي دَارِهِ عَلَى بَابِ الجَامِع، فَاطَّلع مِنْهَا، وَقَالَ: قَدْ عبر رَجُلٌ كَذَّابٌ.
فَاطَّلعتُ، فَوَجَدتُهُ الأَهْوَازِيّ (3) .
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ السَّمَرْقَنْدِيّ: قَالَ لَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: أَبُو
__________
(1) هو في تهذيب تاريخه 4 / 197، وقال: هذا الحديث منكر، وفي إسناده غير واحد من المجهولين، وللاهوازي أمثاله في كتاب جمعه في الصفات سماه كتاب " البيان في عقود أهل الايمان " أودعه أحاديث منكرة، كحديث: " إن الله لما أراد أن يخلق نفسه خلق الخيل، فأجراها حتى عرقت، ثم خلق نفسه من ذلك العرق " مما لا يجوز أن يروى، ولا يحل أن يعتقد، وكان مذهبه مذهب السالمية يقول بالظاهر، ويتمسك بالاحاديث الضعيفة التي تقوي له رأيه، وحديث إجراء الخيل موضوع وضعه بعض الزنادقة، ليشنع على أصحاب الحديث في روايتهم لينتحل فيقبله بعض من لا عقل له، وهو مما يقطع ببطلانه شرعا وعقلا.
وقد علق الشيخ عبد القادر بدران رحمه الله على كلام الحافظ ابن عساكر هذا، فقال: إن بعض ضعفاء العقول ممن ينتسب إلى العلم في زمننا هذا يسلكون مسالك السالمية على غير معرفة بمذهبهم، فيتمسكون بكل ما قيل: إنه حديث، فيأخذون بالموضوع والمفترى، وإذا قيل لهم: إن هذا حديث موضوع، قالوا: أو ليس وقد قيل بأنه حديث، ويزعمون أن فعلهم هذا محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونسوا الحديث المجمع على تواتره - وهو قوله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار، فتراهم يسردون الأحاديث المكذوبة في دروسهم ليغشوا بها العامة، وليوهموا الاغراب على السامع، ويكون كلامهم بدرجة أن كل غافل يأبى سماعه، ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم لا تحصل بالكذب عليه، وهو صلى الله عليه وسلم لم يتكلم بما يناقضه العقل الصحيح والكتاب المبين، فليربأ العاقل بنفسه عن نسبة شيء إلى الرسول تكون الزنادقة قد دسته، لافساد شرعه الطاهر بزعمهم، ومن فعل ذلك كان ظهيرا للزنادقة غاشا للمسلمين.
وانظر الكلام على هذا الخبر في " اللآلي المصنوعة " 1 / 27 - 28، وتنزيه الشريعة 1 / 138 - 139، و" الفوائد المجموعة " ص 447، و" ميزان الاعتدال " 1 / 513.
(2) ص: 415.
(3) " تبيين كذب المفتري ": 416.(18/17)
عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ كَذَّابٌ فِي القِرَاءاتِ وَالحَدِيْثِ جَمِيْعاً (1) .
قُلْتُ: يُرِيْد تركيبَ الإِسْنَادِ، وَادِّعَاء اللِّقَاءِ، أَمَّا وَضَع حُرُوف أَوْ متُوْن فَحَاشَا وَكلاَّ، مَا أُجَوِّزُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَهُوَ بَحرٌ فِي القِرَاءاتِ، تلقَّى المُقْرِئون تَوَالِيفه وَنَقْلَه لِلفنِّ بِالقَبُولِ، وَلَمْ يَنْتقدُوا عَلَيْهِ انتقَاد أَصْحَاب الحَدِيْث، كَمَا أَحْسَنُوا الظَّنَّ بِالنقَاش (2) وَبِالسَّامرِيّ (3) ، وَطَائِفَة رَاجُوا عَلَيْهِم.
تُوُفِّيَ أَبُو عَلِيٍّ - سَامَحَهُ اللهُ -:فِي رَابع ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
12 - الأَزَجِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُفِيْدُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ الفَضْلِ بنِ شَكَّرَ البَغْدَادِيُّ، الأَزَجِيُّ.
سَمِعَ الكَثِيْر مِنِ: ابْنِ كَيْسَان، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ العَسْكَرِيّ، وَأَبِي الحَسَنِ ابْن لُؤْلُؤ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الحُرْفِي (4) ، وَعَبْد العَزِيْزِ الخِرَقِيّ، وَمُحَمَّد
__________
(1) المصدر السابق.
(2) هو المقرئ أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد النقاش الموصلي البغدادي المتوفى سنة (351) هـ.
انظر ترجمته في " معرفة القراء الكبار ": 1 / 236 - 240، و" غاية النهاية " 2 / 119 - 121.
(3) هو المقرئ أبو أحمد عبد الله بن الحسين بن حسنون السامري البغدادي المتوفى سنة (386) هـ، وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب برقم (379) .
(*) تاريخ بغداد 10 / 468، الأنساب 1 / 197، اللباب 1 / 46، العبر 3 / 206، شذرات الذهب 3 / 271.
قال السمعاني: الازجي، بفتح الالف والزاي وفي آخرها الجيم: هذه النسبة إلى باب الازج، وهي محلة كبيرة ببغداد قيل: كان بها أربعة آلاف طاحونة، وكان منها جماعة كثيرة من العلماء والزهاد والصالحين، وكلهم إلا ما شاء الله على مذهب أحمد بن حنبل رضي الله عنه.
(4) بضم الحاء وسكون الراء وكسر الفاء، هذه النسبة للبقال ببغداد ومن يبيع الاشياء التي تتعلق =(18/18)
بن أَحْمَدَ الجَرجَرَائِيّ المُفِيْد، وَابْنِ المُظفر، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَخَلْق.
وَعُنِي بِالحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالقَاضِي أَبُو يَعْلَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَبْعُوْنَ القَيْرَوَانِيّ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الكَاشْغَرِيّ (1) ، وَحَمْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الهَمَذَانِيّ، وَالمُبَارَكُ بنُ الطُّيُوْرِيّ، وَخَلْق.
لَهُ مصَنّف فِي الصِّفَاتِ لَمْ يُهَذِّبْهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :كتبنَا عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً كَثِيْرَ الكِتَاب.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَتُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
13 - عَبْدُ الغَافِرِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ *
ابْنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، الصَّالِحُ، أَبُو الحُسَيْنِ الفَارِسِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ مُحَمَّدِ بن عِيْسَى بنِ عَمْرويه الجُلُودي بـ (صَحِيْح مُسْلِم) سَمِعَهُ مِنْهُ سَنَة خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ:
__________
= بالبزور والبقالين، وقد تصحفت في المطبوع من " تاريخ بغداد " 10 / 468 إلى " الخزفي ".
وأبو سعيد هذا هو الحسن بن جعفر بن محمد البغدادي الحربي الحرفي المتوفى سنة (376) هـ، وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (265) .
(1) ضبطه السمعاني: بفتح الكاف وسكون الشين المعجمة وفتح الغين وفي آخرها الراء، وقال: هذه النسبة إلى بلدة من بلاد المشرق يقال لها: كاشغر.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 468.
(*) التقييد: الورقة 143 / أ، العبر 3 / 216، شذرات الذهب 3 / 277، 278.(18/19)
الإِمَام أَبِي سُلَيْمَانَ الخَطَّابِيّ بـ (غَرِيْب الحَدِيْث) لَهُ، وَحَدَّثَ عَنْ: بِشْرِ بنِ أَحْمَدَ الإِسفرَايينِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ مِيكَال، وَكَانَ يُمكنه السَّمَاعُ مِنْ أَبِي عَمْرٍو بنِ نُجيد، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ مَطَر، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: نَصْرُ بنُ الحَسَنِ التُنْكَتِي (1) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الطَّبرِيّ، وَعبيدُ الله بن أَبِي القَاسِمِ القُشَيْرِيّ، وَعبدُ الرَّحْمَن بن أَبِي عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الصَّاعدي الفَرَاوِيّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي بَكْرٍ القَاري، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ زَعْبَل العَالِمَة، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ حَفِيْدُهُ الحَافِظُ عبدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بن عبدِ الغَافِر: هُوَ الشَّيْخ الجَدُّ، الثِّقَةُ، الأَمِيْن، الصَّالِح، الصَّيِّنُ، الدَّيِّن، الْمَحْظُوظ مِنَ الدُّنْيَا وَالِدّين، الملحوظُ مِنَ الحَقِّ تَعَالَى بِكُلِّ نُعمَى، كَانَ يَذكر أَيَّام أَبِي سهلٍ الصُّعلوكِيّ، وَيَذكُره، وَمَا سَمِعَ مِنْهُ شَيْئاً، وَسَمِعَ مِنَ الخَطَّابِيّ بِسَبَب نُزوله عِنْدَهُم حِيْنَ قَدِمَ نَيْسَابُوْر، وَلَمْ تَكن مسموعَاتُهُ إِلاَّ مِلءَ كُمَّين مِنَ الصَّحِيْح وَالغَرِيْب، وَأَعدَادٍ قَلِيْلَةٍ مِنَ المتفرِّقَات مِنَ الأَجزَاءِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ محظوظاً مجدوداً فِي الرِّوَايَة، حَدَّثَ قَرِيْباً مِنْ خَمْسِيْنَ سَنَةً مُنفرداً عَنْ أَقرَانِهِ، مَذكوراً، مَشْهُوْراً فِي الدُّنْيَا، مقصوداً مِنَ الآفَاق، سَمِعَ مِنْهُ الأَئِمَّةُ وَالصُّدُوْر، وَقَدْ قرَأَ عَلَيْهِ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيّ الحَافِظ (صَحِيْح مُسْلِم) نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ مرَّة، وَقرَأَه عَلَيْهِ أَبُو سَعْدٍ البَحِيرِيّ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ مرَّة، هَذَا سِوَى مَا قرَأَهُ عَلَيْهِ المشَاهيرُ مِنَ الأَئِمَّةِ.
اسْتكمل خَمْساً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَطعنَ فِي السَّادِسَة وَالتِّسْعِيْنَ، وَأَلحق الأَحفَاد بِالأَجدَاد، وَعَاشَ فِي النِّعمَة
__________
(1) بضم التاء، وسكون النون، وفتح الكاف عند السمعاني وابن الأثير وضمها عند ياقوت وابن حجر، وفي آخرها تاء أخرى، نسبة إلى تنكت، وهي مدينة من الشاش من وراء نهر جيحون وسيحون.
وفي الأصل: البنكتي بباء موحدة بدل التاء الأولى وهو تصحيف.(18/20)
عزِيزاً مُكرَّماً فِي مُروءةٍ وَحِشْمَة إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - فِي خَامِسِ شَوَّال سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة بِنَيْسَابُوْرَ.
وفيهَا مَاتَ: شَيْخُ الشَّافِعِيَّة مَعَ القَاضِي أَبِي الطَّيب، أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نُمَيْر الخُوَارَزْمِيّ الضّرِير (1) ، وَالفَقِيْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ الأَنْدَلُسِيّ (2) بِمِصْرَ، وَالزَّاهِد أَبُو حَفْصٍ بنُ مَسْرُوْر (3) ، وَعَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَاقِلاَّنِيّ (4) ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الطَّفَّال (5) ، وَالزَّاهِدُ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ ابْنِ التَّرْجُمَان (6) بغزَة، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ بِشْرَان (7) ، وَالمُفْتِي أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّارِمِيُّ الشَّافِعِيّ (8) .
14 - الخَوْلاَنِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثَّبْتُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدِ بنِ غَلْبُوْنَ الخَوْلاَنِيُّ، القُرْطُبِيُّ؛ وَالِدُ المُسْنِدِ أَبِي عَبْدِ اللهِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ.
كَانَ أَحَدَ عُلَمَاءِ الأَثَرِ بقُرْطُبَة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَمِّه أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي مُحَمَّدِ بنِ أَسَد، وَأَحْمَدَ بنِ
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (6) .
(2) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (447) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (8) .
(4) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (454) .
(5) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (456) .
(6) سترد ترجمته برقم (22) .
(7) سترد ترجمته برقم (27) .
(8) سترد ترجمته برقم (24) .
(*) الصلة 2 / 535 - 536.(18/21)
القَاسِم التَّاهَرْتِيّ، وَأَبِي عُمَرَ بنِ الجَسُور، وَأَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ البَاجِي، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي زَمَنِيْنَ، وَأَبِي المُطَرِّف بن فُطَيْس، وَخَلْق.
وَكَانَ مَعْنِيَّا بِالحَدِيْثِ وَجَمْعِهِ، ثِقَةً، ثَبْتاً، صَيِّناً، خَيِّراً.
عَاشَ سِتَّا وَسَبْعِيْنَ سَنَةً (1) .
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ (2) .
15 - ابْنُ الصَّبَّاغِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ *
مُفْتِي الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، البَيِّعُ، ابْنُ الصَّبَّاغِ.
سَمِعَ: أَبَا حَفْصٍ بنَ شَاهِيْنٍ، وَالمُعَافَى بنَ طَرَارَا (3) ، وَابْنَ حَبَابَة (4) ، وَعِدَّةً.
وَتَفَقَّهَ بِالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ.
وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ وَلَدُهُ أَبُو نَصْرٍ (5) ؛صَاحِبُ (الشَّامِلِ) .
قَالَ الخَطِيْبُ (6) :كتبنَا عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً، لَهُ حَلْقَةٌ لِلفَتْوَى، مَاتَ فِي
__________
(1) " الصلة " 2 / 536.
(2) أي: وأربع مئة.
(*) تاريخ بغداد 2 / 362 - 363، الأنساب 2 / 372، اللباب 1 / 199، الوافي بالوفيات 4 / 63، طبقات السبكي 4 / 188 - 189، طبقات الاسنوي 2 / 131 - 132. وسيعيد المؤلف ترجمته في الصفحة (466) عند ذكر ولده.
(3) هو القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني الجريري، ويعرف بابن طرارا، المتوفى سنة (390) هـ، وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر رقم (398) .
(4) هو أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن إسحاق البغدادي المتوثي المعروف بابن حبابة، المتوفى سنة (389) هـ، وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر رقم (400) .
(5) سترد ترجمته برقم (238) فانظرها ثم.
(6) " تاريخ بغداد " 2 / 362.(18/22)
ذِي القَعْدَةِ، سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ: ورَوَى عَنْهُ: أُبَيٌّ النَّرْسِيُّ.
16 - أَبُو العَلاَءِ المَعَرِّيُّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ *
هُوَ: الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الآدَابِ، أَبُو العَلاَءِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ (1) بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ بن مُطَهِّرِ بن زِيَادِ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ الحَارِثِ (2) بنِ رَبِيْعَةَ بنِ أَنْوَرَ (3) بنِ أَرْقَمَ (4) بنِ أَسْحَمَ بنِ
__________
(*) تتمة اليتيمة 1 / 9، تاريخ بغداد 4 / 240 - 241، دمية القصر 1 / 157 - 165، الأنساب 3 / 90 - 93 (التنوخي) و (المعري) ، فهرست ابن خير: 343، نزهة الالبا: 353 - 354، المنتظم 8 / 184 - 188، معجم البلدان 5 / 156، معجم الأدباء 3 / 107 - 218، الكامل في التاريخ: 9 / 636 - 637، اللباب 1 / 225 (التنوخي) و3 / 234 (المعري) ، إنباه الرواة 1 / 46 - 83، الإنصاف والتحري لابن العديم، وفيات الأعيان 1 / 113 - 116، المختصر في أخبار البشر 2 / 176 - 177، تاريخ الإسلام م 11 / قسم 3 / 461 - 470، العبر 3 / 218، دول الإسلام 1 / 264، ميزان الاعتدال 1 / 112، تتمة المختصر 1 / 539 - 547، مسالك الابصار م 10 / 2 / 282 - 319، الوافي بالوفيات 7 / 94 - 111، نكت الهميان: 101 - 110، مرآه الزمان حوادث سنة 449، مرآة الجنان 3 / 66 - 69، البداية والنهاية 12 / 72 - 76، روض الناظر لابن الشحنة 8 / 161، طبقات النحويين واللغويين لابن قاضي شهبة: 169 - 181، لسان الميزان 1 / 203 - 208، عقد الجمان للعيني 1 / 20 / 140 - 148، النجوم الزاهرة 5 / 61 - 62، بغية الوعاة 1 / 315 - 317، مفتاح السعادة 1 / 237 - 238، معاهد التنصيص 1 / 136 - 145، شذرات الذهب 3 / 280 - 282، كشف الظنون 1 / 46 و85 وغيرها، نزهة الجليس 1 / 278 - 284، روضات الجنات: 33 - 75، إيضاح المكنون 2 / 427، هدية العارفين 1 / 77، اعلام النبلاء 4 / 77 و180 و378.
وانظر " تعريف القدماء بأبي العلاء " الذي نشرته وزارة الثقافة المصرية بتحقيق عدد من الاساتذة.
(1) من هنا إلى لفظ " سليمان " الثالث سقط من " معجم الأدباء "، وفي " تتمة المختصر " سقط من لفظة " سليمان " الثانية إلى الثالثة.
(2) قوله: " ابن الحارث " سقط من " النجوم الزاهرة ".
(3) في " تاريخ بغداد " أيوب بدل " أنور ".
(4) في " معجم الأدباء ": أرقم بن أنور.(18/23)
النُّعْمَانِ - وَيُلَقَّبُ بِالسَّاطِعِ لِجَمَالِهِ - ابْنِ عَدِيِّ بنِ عَبْدِ غَطَفَانَ (1) بنِ عَمْرِو بنِ (2) برِيحِ (3) بنِ جَذِيْمَةَ (4) بنِ تَيْمِ اللهِ (5) - الَّذِي هُوَ مُجْتَمعُ تَنُوخ (6) - بنِ أَسَدِ بنِ وَبْرَةَ بنِ تَغْلِبَ (7) بنِ حُلْوَانَ بنِ عِمْرَانَ بنِ الحَافِ (8) بنِ قُضَاعَةَ بنِ مَالِكِ بنِ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ بنِ زَيْدِ بنِ مَالِكِ بنِ حِمْيَرِ بنِ سَبَأَ بنِ يَشْجُبَ بنِ يَعْرُبَ بنِ قَحْطَانَ بنِ عَامِرٍ - وَهُوَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ - القَحْطَانِيُّ، ثُمَّ التَّنُوْخِيُّ، المَعَرِّيُّ، الأَعْمَى، اللُّغَوِيُّ، الشَّاعِرُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ السَّائِرَةِ، وَالمُتَّهَمُ فِي نِحْلَتِهِ.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ (9) وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَأَضرَّ بِالجُدَرِيِّ وَلَهُ أَرْبَعُ سِنِيْنَ وَشهر؛ سَالتْ وَاحِدَةٌ، وَابيضَّتِ اليُمْنَى، فَكَانَ لاَ يذكُرُ مِنَ الأَلوَانِ إِلاَّ الأَحْمَر، لثَوْبٍ أَحْمَر أَلبسوهُ إِيَّاهُ (10)
__________
(1) في " إنباه الرواة ": بن غطفان، بدون " عبد ".
(2) في الأصل تكرار كلمة (ابن) وهو خطأ.
(3) في الأصل: سريج، وهو خطأ، وفي " معجم الأدباء ": يربح، وفي " تتمة المختصر ": شريح، وكلاهما خطأ أيضا.
(4) في " معجم الأدباء " و" الوافي بالوفيات " و" البداية والنهاية " و" النجوم الزاهرة ": خزيمة، وهو خطأ.
انظر " الصحاح " و" تاج العروس " 8 / 223 مادة " جذم ".
(5) ما بين معقوفتين مستدرك من بقية المصادر.
(6) تحرفت في " الوافي بالوفيات " إلى: " يجتمع بنوح ".
(7) في الأصل: ثعلب، ومثله في " تاريخ بغداد " و" الوافي بالوفيات " وهو خطأ، والتصويب من " جمهرة أنساب العرب " ص: 453.
(8) قال أبو ذر الخشني في " شرح السيرة " لابن هشام 1 / 5: الحاف، منهم من يكسر همزته ويقطعها، كأنه سمي بمصدر ألحف في المسألة: إذا بالغ فيها ... ومنهم من يجعل الالف واللام فيه للتعريف بمنزلة اسم الفاعل فهو من حفي يحفى.
وعلى الوجه الأخير حذفت ياؤه اجتزاء بالكسرة، كما تقول في العاصي: العاص. " أمالي ابن الشجري " 2 / 73.
(9) ساقطة من الأصل، واستدركت من مصادر ترجمته.
(10) زيادة يقتضيها السياق.(18/24)
وَقَدْ جُدِّر، وَبَقِيَ خَمْساً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً لاَ يَأْكُل اللَّحْم تَزُهُّداً فَلسفِيّاً (1) .
وَكَانَ قَنوعاً مُتَعفِّفاً لَهُ وَقْفٌ يَقومُ بِأَمرِهِ، وَلاَ يَقبلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً، وَلَوْ تَكسَّبَ بِالمديحِ، لحصَّلَ مَالاً وَدُنْياً، فَإِنَّ نَظمه فِي الذِّروَة، يُعَدُّ مَعَ المتنبِيّ وَالبُحْتُرِيّ.
سَمِعَ جُزْءاً مِنْ يَحْيَى بنِ مِسْعَر، رَوَاهُ عَنْ أَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيّ.
وَأَخَذَ الأَدب عَنْ بنِي كوثر، وَأَصْحَاب ابْنِ خَالويه (2) ، وَكَانَ يَتوَقَّدُ ذكَاء.
وَمِنْ أَرْدَأ تَوَالِيفه (رِسَالَة الغفرَان) فِي مُجَلَّد (3) ، قَدِ احْتَوَتْ عَلَى مَزْدَكَةٍ وَفرَاغ، وَ (رِسَالَة المَلاَئِكَة (4)) وَرِسَالَة (الطَّير) عَلَى ذَلِكَ الْأُنْمُوذَج، وَديوَانه (سقط الزَّنْد (5)) مَشْهُوْر، وَلَهُ (لُزُوم مَا لاَ يَلزم (6)) مِنْ نَظمه، وَكَانَ إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي حَفِظ اللغَات.
__________
(1) انظر الخبر بأطول مما هنا في " إنباه الرواة " 1 / 49، وانظر " المنتظم " 8 / 184، و" معجم الأدباء " 3 / 125.
(2) هو الأستاذ أبو عبيد الله الحسين بن أحمد الهمذاني النحوي اللغوي، المتوفى سنة (370) هـ.
مترجم في " إنباه الرواة " 1 / 324، و" بغية الوعاة " 1 / 529، و" وفيات الأعيان " 2 / 178 - 179، " الفهرست " 84، " يتيمة الدهر " 1 / 107 - 108، " معجم الأدباء " 9 / 200 205، " نزهة الالبا ": 311 - 312، " اعلام النبلاء " 4 / 54 - 56، " طبقات ابن قاضي شهبة " 1 / 317 - 319، " مرآة الجنان " 2 / 394، " البداية والنهاية " 11 / 297، " النجوم الزاهرة " 4 / 139، " تلخيص ابن مكتوم " 62.
(3) كتبها إلى الشيخ علي بن منصور الحلبي المعروف بابن القارح جوابا عن رسالة بعث بها إليه.
(4) طبعت بتحقيق وشرح العلامة محمد سليم الجندي، عضو المجمع العلمي العربي بدمشق.
(5) وهو ديوان شعر تزيد أبياته على ثلاثة آلاف بيت، وهو مطبوع مع شروح عدة لائمة اللغة والأدب، بعناية وزارة الثقافة والارشاد القومي في مصر عام 1945 وبتحقيق لجنة من الاساتذة.
(6) ويعرف أيضا باللزوميات، وقد بين في مقدمته القوافي ولوازمها، ومعنى لزوم ما لا يلزم، وهو مطبوع متداول.(18/25)
ارْتَحَلَ فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعِ مائَة إِلَى طرَابلس وَبِهَا كتب كَثِيْرَةٌ، وَاجتَاز بِاللاَّذقيَّة، فَنَزَلَ ديراً بِهِ رَاهِبٌ مُتفلسِفٌ، فَدَخَلَ كَلاَمُه فِي مسَامعِ أَبِي العَلاَءِ، وَحَصَلَتْ لَهُ شكوكٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ نورٌ يَدفعُهَا، فَحصلَ لَهُ نوعُ انحَلاَلٍ دَلَّ عَلَيْهِ مَا يَنظمه وَيلهج بِهِ.
وَيُقَالُ: تَابَ مِنْ ذَلِكَ وَارعوَى (1) .
وَقَدْ سَارَتِ الفُضَلاَءُ إِلَى بَابه، وَأَخَذُوا عَنْهُ.
وَكَانَ أَخَذَ اللُّغَة عَنْ أَبِيْهِ، وَبحلبَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعْدٍ النَّحْوِيّ.
وَكَانَتْ غَلَّتُه فِي العَامِ نَحْو ثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً، أَفرز مِنْهَا نِصْفهَا لمَنْ يَخدُمه.
وَكَانَ غذَاؤُه العَدَسَ وَنَحْوهُ، وَحلوَاهُ التِّين، وَثيَابُه الْقطن، وَفِرَاشه لبَّادٌ وَحصِيْر بَرْدِي (2) ، وَفِيْهِ قوَةُ نَفْس، وَتَرْكٌ لِلْمِنَنِ، عُورِضَ فِي وَقْفِهِ، فَسَافر إِلَى بَغْدَادَ يَتظلَّم فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ، وَحَدَّثَ بِهَا بسَقط الزّند (3) .
يُقَالُ: كَانَ يَحفظُ كُلَّ مَا مرَّ بِسَمِعَهُ، وَيُلاَزم بَيْتَه، وَسَمَّى نَفْسه رهن المَحْبِسَيْنِ؛ لِلزومه مَنْزِلَه وَلِلعمَى،
وَقَالَ الشِّعرَ فِي حدَاثته، وَكَانَ يُمْلِي تَصَانِيْفَه عَلَى الطَّلَبَةِ مِنْ صَدْره (4) .
خَرَجَ صَالِح بنُ مِرْدَاسٍ ملك حلب (5) ، فَنَازل المَعَرَّة يُحَاصرهَا،
__________
(1) الخبر بنحوه في " إنباه الرواة " 1 / 49.
وانظر ما كتبه الأستاذ العلامة محمود شاكر في كتابه العظيم " أباطيل وأسمار " في نقد هذا الخبر وابطاله ص 32 - 80.
(2) البردي: نبات تصنع منه الحصر، واحدته بردية، ويعرف في بلاد الشام " معجم متن اللغة ".
(3) انظر " إنباه الرواة " 1 / 49 - 50.
(4) " معجم الأدباء " 3 / 124.
(5) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (236) .(18/26)
وَرمَاهَا بِالمجَانِيق، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو العَلاَءِ يَتشفَّع، فَأَكْرَمَه، وَقَالَ: أَلكَ حَاجَة؟
قَالَ: الأَمِيْرُ - أَطَالَ الله بقَاءهُ - كَالسَّيْف القَاطع، لاَن مسُّهُ، وَخَشُنَ حدُّهُ، وَكَالنَّهَار المَاتِع (1) ، قَاظ (2) وَسطُه، وَطَابَ أَبْردَاهُ (3) {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِين} [الأَعرَاف:199] .
فَقَالَ: قَدْ وَهبتُكَ المَعَرَّةَ، فَأَنْشِدنَا مِنْ شعرِكَ.
فَأَنْشَدَهُ عَلَى البديهِ أَبيَاتاً، وَترحَّل صَالِحٌ (4) .
كَانَ لأَبِي العَلاَءِ خلوَةٌ يَدخُلهَا لِلأَكلِ، وَيَقُوْلُ: الأَعْمَى عورَة، وَالوَاجِبُ اسْتَتَارُهُ.
فَأَكَلَ مرَّةً دُبسَا، فَنقط عَلَى صَدْرِهِ مِنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ لِلإِفَادَة؛ قِيْلَ لَهُ: أَكَلتُم دُبساً؟ فَأَسرع بِيَدِهِ إِلَى صَدْره، فَمسحه وَقَالَ: نَعَمْ، لَعَنَ اللهُ النَّهَم.
فَعجبُوا مِنْ ذكَائِهِ، وَكَانَ يَعتذر إِلَى مَنْ يَرحل إِلَيْهِ، وَيَتَأَوَّهُ لعدم صلته (5) .
قَالَ البَاخَرزِي (6) :أَبُو العَلاَءِ ضرِيرٌ مَا لَهُ ضرِيب (7) ، وَمكفوفٌ فِي قَمِيْص الفَضْل مَلْفُوف، وَمحجوبٌ خَصمه الأَلد مَحْجُوج، قَدْ طَالَ فِي ظلّ (8) الإِسْلاَم آنَاؤُهُ، وَرشَح (9) بِالإِلْحَاد إِنَاؤُه، وَعِنْدنَا خَبَرُ بصرِهِ، وَاللهُ العَالِمُ بِبصِيْرتِهِ وَالمطَّلعُ عَلَى سرِيرته، وَإِنَّمَا تحدَّثتِ الأَلْسُنُ (10) بِإِسَاءته
__________
(1) الماتع: المرتفع، قال في " القاموس ": متع النهار: ارتفع قبل الزوال. وفي الأصل " المانع " وهو خطأ.
(2) قاظ من القيظ، وهو شدة الحر.
(3) أبرداه: أي طرفاه، وهما الغداة والعشي. وفي الأصل " إبراده ".
(4) الخبر في " إنباه الرواة " 1 / 53 - 54، وانظر " معجم الأدباء " 3 / 216 - 217.
(5) " إنباه الرواة " 1 / 55.
(6) " دمية القصر " 1 / 175.
(7) في " الدمية ": ما له في أنواع الأدب ضريب.
(8) في الدمية: ظلال.
(9) في " دمية القصر ": ولكن ربما رشح.
(10) ما بين معقوفتين زيادة من " الدمية ".(18/27)
بِكِتَابه (1) الَّذِي عَارض بِهِ القُرْآن، وَعنونه بـ (الْفُصُول وَالغَايَات فِي محَاذَاة السُّوْر (2) وَالآيَات) .
وَقَالَ غَرسُ النِّعمَة مُحَمَّدُ بنُ هِلاَلٍ بن المُحَسَّن (3) :لَهُ شِعْرٌ كَثِيْر، وَأَدب غزِيْر، وَيُرمَى بِالإِلْحَاد، وَأَشعَارُه دَالَّة عَلَى مَا يُزَنُّ (4) بِهِ، وَلَمْ يَأْكُل لحماً وَلاَ بيضاً وَلاَ لَبَناً، بَلْ يَقتصر عَلَى النّبَات، وَيُحرِّمُ إِيلاَمَ الحيوَان، وَيُظهر الصَّوْم دَائِماً.
قَالَ: وَنَحْنُ نَذكُر مِمَّا رُمِي بِهِ فَمِنْهُ (5) :
قِرَانُ المُشْتَرِي زُحَلاً يُرَجَّى ... لإِيقَاظِ النَّوَاظِرِ مِنْ كرَاهَا
تَقضَّى النَّاسُ جِيلاً بَعْدَ جِيْلٍ ... وَخُلِّفتِ النُّجُوْمُ كَمَا ترَاهَا
تَقدَّم صَاحِبُ التَّوْرَاةِ مُوْسَى ... وَأَوقَعَ بِالخَسَارِ مَنِ اقْترَاهَا
فَقَالَ رِجَالُهُ (6) :وَحْيٌّ أَتَاهُ ... وَقَالَ الآخرُوْنَ: بَلِ افْترَاهَا
وَمَا حَجِّي (7) إِلَى أَحْجَارِ بَيْتٍ ... كؤوسُ الخَمْرِ تُشْرَبُ فِي ذُرَاهَا
إِذَا رَجَعَ الحَكِيمُ (8) إِلَى حِجَاهُ ... تَهَاوَنَ بِالمذَاهبِ وَازْدَرَاهَا
__________
(1) عند الباخرزي: لكتابه الذي زعموا أنه عارض به ...
(2) في إحدى نسخ " الدمية ": ومحاذاة السور، وفي غيرها: محاذاه للسور، وفي أخرى: في معارضة السور.
وحول تسمية الكتاب بهذا الاسم والخلاف حوله انظر مقدمة الكتاب
نفسه، حيث سماه المحقق: الفصول والغايات في تمجيد الله والمواعظ.
طبعة دار الآفاق الجديدة.
تحقيق محمود حسن زناتي.
(3) هو أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابئ، الملقب بغرس النعمة المتوفى سنة (480) هـ، ذيل على " تاريخ " والده الذي ذيله على " تاريخ " ثابت بن سنان، و" تاريخ " ثابت هو ذيل على " تاريخ " ابن جرير (4) أي: يتهم.
(5) الابيات في " اللزوم " 2 / 622 - 623 بتقديم وتأخير.
(6) في " اللزوم ": وقال.
(7) في " اللزوم ": وما سيري.
(8) في " اللزوم ": الحصيف.(18/28)
وَلَهُ (1) :
صَرْفُ الزَّمَانِ مُفَرِّقُ الإِلْفَيْنِ ... فَاحْكُم إِلهِي بَيْنَ ذَاكَ وَبَينِي
أَنَهيْتَ عَنْ قَتْلِ النُّفُوْس تَعمُّداً ... وَبَعَثْتَ أَنْتَ لِقَبْضِهَا مَلَكَيْنِ
وَزَعَمْتَ أَنَّ لَهَا مَعَاداً ثَانِياً ... مَا كَانَ أَغنَاهَا عَنِ الحَالَيْنِ
وَلَهُ (2) :
عُقُوْلٌ تَسْتَخِفُّ بِهَا سُطور (3) ... وَلاَ يَدْرِي الفَتَى لِمَنِ الثُّبورُ
كِتَابُ مُحَمَّدٍ وَكِتَابُ مُوْسَى ... وَإِنجيلُ ابْنِ مَرْيَمَ وَالزَّبُورُ
وَمِنْه (4) :
هَفَتِ الحنِيفَةُ وَالنَّصَارَى مَا اهتدَتْ ... وَيَهُوْدُ حَارتْ وَالمَجُوْسُ مُضَلَّلَهْ
رَجُلاَنِ أَهْلُ الأَرْضِ هَذَا عَاقلٌ ... لاَ دينَ فِيْهِ وَدَيِّنٌ لاَ عَقْلَ لَهُ
وَمِنْه (5) :
قُلْتُمْ لَنَا خَالِقٌ قَدِيْمُ ... صَدَقْتُمُ هَكَذَا (6) نَقُوْلُ
زَعَمْتُمُوْهُ بِلاَ زَمَانٍ ... وَلاَ مَكَانٍ أَلاَ فَقُوْلُوا
هَذَا كَلاَمٌ لَهُ خَبِيءٌ ... مَعْنَاهُ لَيْسَتْ لَكُم عُقُوْلُ
__________
(1) الابيات مما لم يرو في الديوانين.
(2) " اللزوم " 1 / 443.
(3) في " اللزوم ": أمور تستخف بها حلوم.
(4) " اللزوم " 2 / 301، وقد ورد البيت الثاني فيه هكذا: اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا * دين، وآخر دين لا عقل له (5) " اللزوم " 2 / 270.
(6) في " اللزوم ": كذا بدل هكذا.(18/29)
وَمِنْه (1) :
دينٌ وَكفرٌ وَأَنبَاءٌ تقَال وَفُر ... قَانٌ يُنَصُّ وَتَوْرَاةٌ وَإِنجيلُ
فِي كُلِّ جيلٍ أَبَاطيلُ يُدَانُ بِهَا ... فَهَلْ تَفَرَّد يَوْماً بِالهُدَى جيلُ؟
فَأَجَبْتُه:
نَعَمْ أَبُو القَاسِمِ الهَادِي وَأُمَّتُهُ ... فَزَادَكَ اللهُ ذُلاً يَا دُجَيْجِيلُ
وَمِنْه (2) - لُعِنَ -:
فَلاَ تَحْسَبْ مَقَالَ الرُّسْلِ حَقّاً ... وَلَكِنْ قَوْلُ زُورٍ سَطَّرُوهُ
وَكَانَ النَّاسُ فِي عَيْشٍ رَغِيدٍ ... فَجَاؤُوا بِالمُحال فَكَدَّرُوهُ
وَمِنْه (3) :
وَإِنَّمَا حَمَّلَ التَّوْرَاةَ قَارِئَهَا ... كسبُ الفَوَائِدِ لاَ حُبُّ التِّلاَوَاتِ
وَهل أُبِيحَتْ نِسَاءُ الرُّوْم (4) عَنْ عُرُضٍ (5) ... لِلعُرْبِ إِلاَّ بِأَحكَامِ النُّبُوَّاتِ
أَنشدتنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عليّ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا فَرْقَدُ الكِنَانِيّ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتّ مائَة، أَنشدنَا السِّلَفِيّ، سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا التبرِيزِي (6) يَقُوْلُ:
لَمَّا قَرَأْتُ عَلَى أَبِي العَلاَءِ بِالمَعَرَّة قَوْله (7) :
__________
(1) " اللزوم " 2 / 268، وفيه: وأنباء تقص، بدل " تقال ".
(2) الابيات مما لم يرو في الديوانين.
(3) " اللزوم " 1 / 228.
(4) في " اللزوم ": " القوم " بدل " الروم ".
(5) في " القاموس ": ويضربون الناس عن عرض: لا يبالون من ضربوا. وفي الأصل: غرض بالغين المعجمة.
(6) في الأصل: أبا بكر الهريري وهو تحريف، والمثبت من ترجمة أبي العلاء في " تاريخ الإسلام " للمؤلف، المطبوعة في " تعريف القدماء بأبي العلاء ".
(7) " اللزوم " 1 / 386.(18/30)
تَنَاقُضٌ مَا لَنَا إِلاَّ السُّكوتُ لَهُ ... وَأَن نَعُوذَ بِمَوْلاَنَا مِنَ النَّارِ
يَدٌ بِخَمْسِ مِئٍ (1) مِنْ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ ... مَا بِالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِيْنَارِ؟
سَأَلتُهُ، فَقَالَ: هَذَا كَقَوْل الفُقَهَاء: عبَادَة لاَ يُعْقَلُ معنَاهَا.
قَالَ كَاتِبهُ: لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ؛ لقَالَ: تَعَبُّدٌ.
وَلَمَّا قَالَ: تَنَاقضٌ.
وَلَمَّا أَرْدَفَه بِبَيْتٍ آخَر يَعترِضُ عَلَى رَبّهُ.
وَبإِسْنَادِي قَالَ السِّلَفِيّ: إِنْ كَانَ قَالَهُ مُعْتَقداً مَعْنَاهُ، فَالنَّارُ مأوَاهُ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الإِسْلاَمِ نصِيْب.
هَذَا إِلَى مَا يُحَكَى عَنْهُ فِي كِتَابِ (الْفُصُول وَالغَايَات) فَقِيْلَ لَهُ: أَيْنَ هَذَا مِنَ القُرْآن؟
فَقَالَ: لَمْ تَصْقُلْهُ المحَارِيب أَرْبَعِ مائَةِ سَنَةٍ.
وَبِهِ قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الخَلِيْلُ بنُ عبد الجَبَّار بقَزْوِيْن وَكَانَ ثِقَةً، حَدَّثَنَا أَبُو العَلاَءِ بِالمَعَرَّة، حَدَّثَنَا أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا خَيْثَمَةُ ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
ثُمَّ قَالَ السِّلَفِيّ: وَمِنْ عَجِيْب رَأْي أَبِي العَلاَءِ تركُهُ أَكل مَا لاَ يَنْبُتُ حَتَّى نُسِبَ إِلَى التَّبَرْهُم، وَأَنَّهُ يَرَى رَأْي البرَاهِمَةِ (2) فِي إِثْبَات الصَّانعِ وَإِنْكَارِ الرُّسلِ، وَتَحْرِيْم إِيذَاء الحيوَانَاتِ، حَتَّى العقَارب وَالحيَّات، وَفِي شِعْرِهِ مَا يَدلُّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لاَ يَسْتَقِرُّ بِهِ قرَار، فَأَنشدنِي أَبُو المَكَارِمِ الأَسَدِيّ، أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ لِنَفْسِهِ (3) :
أَقَرُّوا بِالإِلهِ وَأَثْبِتُوهُ ... وَقَالُوا: لاَ نَبِيَّ وَلاَ كِتَابُ
__________
(1) في " اللزوم " 1 / 544: بخمس مئين عسجد. ومئ بميم مكسورة وهمزة منونة: من جموع المئة.
(2) قال الجوهري: البراهمة قوم لا يجوزون على الله بعثة الرسل. " الصحاح ": (برهم) .
(3) " اللزوم " 1 / 99.(18/31)
وَوطءُ بنَاتِنَا حِلٌّ (1) مُبَاحٌ ... رُوَيْدَكُمُ فَقَدْ طَالَ (2) العِتَابُ
تَمَادَوا فِي الضَّلاَل فَلَمْ (3) يَتوبُوا ... وَلَوْ سَمِعُوا صَليلَ السَّيْفِ تَابُوا
قَالَ: وَأَنشدنَا أَبُو تَمَّام غَالِبُ بنُ عِيْسَى بِمَكَّةَ، أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ المَعَرِّيّ لِنَفْسِهِ (4) :
أَتَتْنِي مِنَ الإِيْمَان سِتُّوْنَ حِجَّةً ... وَمَا أَمْسَكَتْ كَفِّي بِثِنْيِ عِنَانِ
وَلاَ كَانَ لِي دَارٌ وَلاَ رُبْعُ مَنْزِلٍ ... وَمَا مسَّنِي مِنْ ذَاكَ رَوْعُ جَنَانِ
تَذكَّرتُ أَنِّي هَالكٌ وَابْنُ هَالِكٍ ... فَهَانَتْ عليَّ الأَرْضُ وَالثَّقَلاَنِ
وَبِهِ: قَالَ السِّلَفِيّ: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّة عَقيدَتِهِ مَا سَمِعْتُ الخَطِيْب حَامِدَ بنَ بختيَار، سَمِعْتُ أَبَا المَهْدِيّ (5) بنَ عبدِ الْمُنعم بن أَحْمَدَ السَّرُوجِي، سَمِعْتُ أَخِي أَبَا الفَتْح القَاضِي يَقُوْلُ:
دَخَلتُ عَلَى أَبِي العَلاَءِ التنوخِي بِالمَعَرَّة بَغْتَةً، فَسمِعتُهُ يُنشدُ (6) :
كَمْ غُودِرَتْ (7) غَادَةٌ كَعَابٌ ... وَعُمِّرت أُمُّهَا العَجُوْزُ
أَحرَزَهَا الوَالِدَانِ خَوفاً ... وَالقَبْرُ حِرْزٌ لَهَا حَرِيزُ
يَجوزُ أَنْ تُخْطِئ (8) المنَايَا ... وَالخُلْدُ فِي الدَّهْرِ لاَ يَجُوْزُ
ثُمَّ تَأَوَّهَ مَرَّات، وَتَلاَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ
__________
(1) في الأصل: " كل " والمثبت من " اللزوم ".
(2) في " اللزوم ": بطل.
(3) في " اللزوم ": تمادوا في العتاب ولم ... (4) الابيات مما لم يرو في الديوانين.
(5) في " تعريف القدماء " 199 نقلا عن نص " تاريخ الإسلام ": أبا المهذب.
(6) هذه الابيات من شعره في " ملقى السبيل ".
(7) في " ملقى السبيل ": هلكت، وقد أثبت محققو " تعريف القدماء " 199: بودرت.
(8) في ترجمته من " تاريخ الإسلام " المنشورة في " تعريف القدماء " 199: تبطئ.(18/32)
الآخِرَةِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَمِنْهُم شَقِيٌّ وَسَعِيْدٌ} [هود:103 - 105] .
ثُمَّ صَاح وَبَكَى، وَطرح وَجهه عَلَى الأَرْضِ زَمَاناً، ثُمَّ مَسحَ وَجْهَهُ، وَقَالَ: سُبْحَانَ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَذَا فِي القِدَمِ! سُبْحَانَ مَنْ هَذَا كَلاَمُه! فَصبرتُ سَاعَةً، ثُمَّ سَلَّمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: أَرَى فِي وَجْهِكَ أَثَرَ غِيظٍ؟
قَالَ: لاَ، بَلْ أَنشدتُ شَيْئاً مِنْ كَلاَم المَخْلُوْق، وَتَلَوْتُ شَيْئاً مِنْ كَلاَم الخَالِق، فَلَحِقَنِي مَا تَرَى.
فَتحققت صِحَّة دينه.
وَبِهِ: قَالَ السِّلَفِيّ: سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا التبرِيزِي يَقُوْلُ: أَفْضَلُ مَنْ قَرَأْتُ عَلَيْهِ أَبُو العَلاَءِ (1) .
وَسَمِعْتُ أَبَا المَكَارِم (2) بِأَبهر - وَكَانَ مِنْ أَفرَاد الزَّمَان - يَقُوْلُ: لمَّا تُوُفِّيَ أَبُو العَلاَءِ اجْتَمَع عَلَى قَبْرِهِ ثَمَانُوْنَ شَاعِراً (3) ، وَخُتِمَ فِي أُسْبُوْعٍ وَاحِدٍ مِئتَا ختمَة، إِلَى أَنْ قَالَ السِّلَفِيّ: وَفِي الجُمْلَةِ فَكَانَ مِنْ أَهْلِ الفَضْل الوَافر، وَالأَدبِ البَاهرِ، وَالمَعْرِفَةِ بِالنَّسبِ وَأَيَّامِ العَرَبِ، قَرَأَ القُرْآنَ بِروَايَات، وَسَمِعَ الحَدِيْثَ عَلَى ثِقَات، وَلَهُ فِي التَّوحيد وَإِثْبَات النّبوَات، وَمَا يَحُضُّ عَلَى الزُّهْدِ، وَإِحيَاء طرق الفتوَّة وَالمُروءة شعرٌ كَثِيْرٌ، وَالمُشكل مِنْهُ، فَلَهُ عَلَى زَعْمِهِ تَفْسِيْر.
قَالَ غَرْسُ النِّعمَة: حَدَّثَنَا الوَزِيْرُ أَبُو نَصْرٍ بنُ جَهِير، حَدَّثَنَا المنَازِي الشَّاعِر (4) قَالَ:
اجْتَمَعتُ بِأَبِي العَلاَءِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا الَّذِي يُرْوَى عَنْكَ؟ قَالَ:
__________
(1) في ترجمته من " تاريخ الإسلام " المنشورة في " تعريف القدماء " 200: أفضل من رأيته ممن قرأت عليه أبو العلاء.
(2) هو عبد الوارث بن عبد المنعم الابهري، أحد الأدباء الفضلاء تلميذ لأبي العلاء المعري، وقرأ عليه الأدب، والابهري نسبة إلى أبهر، وهي موضعان: أحدهما بلدة بالقرب من زنجان والمذكور منسوب إليها، والثانية قرية من قرى أصبهان.
انظر " الأنساب " 1 / 126.
(3) الخبر إلى هنا في " المنتظم " 8 / 188.
(4) هو أبو نصر أحمد بن يوسف الكاتب الوزير، المتوفى سنة (437) هـ. وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (389) .(18/33)
حسدونِي، وَكَذَبُوا عليّ.
فَقُلْتُ: عَلَى مَاذَا حَسَدُوك، وَقَدْ تركتَ لَهُم الدُّنْيَا وَالآخِرَة؟
فَقَالَ: وَالآخِرَة؟!
قُلْتُ: إِي وَاللهِ.
ثُمَّ قَالَ غَرس النِّعمَة: وَأَذْكُرُ عِنْد وَرود الخَبَر بِمَوْته وَقَدْ تذَاكرنَا إِلحَادَهُ، وَمَعَنَا غُلاَمٌ يُعْرَفُ بِأَبِي غَالِب بن نَبْهَانَ مِنْ أَهْلِ الخَيْر وَالفِقْه، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ، حَكَى لَنَا قَالَ: رَأَيْتُ البَارِحَةَ شَيْخاً ضرِيراً عَلَى عَاتقه أَفعيَان مُتدَلِّيَان إِلَى فَخِذَيْهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَرْفَعُ فَمَهُ إِلَى وَجهِهِ، فِيقطع مِنْهُ لحماً، وَيَزْدَرِدُهُ، وَهُوَ يَسْتَغِيثُ، فَهَالنِي، وَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيْلَ لِي: هَذَا أَبُو العَلاَءِ المعرِّي المُلْحِدِ (1) .
وَلأَبِي العَلاَءِ (2) :
لاَ تَجْلِسَنْ حُرَّة، موفَّقَةٌ ... مَعَ ابْنِ زَوْجٍ لَهَا وَلاَ خَتَنِ
فَذَاكَ خَيْرٌ لَهَا وَأَسْلَمُ لِلـ ... إِنْسَانِ إِنَّ الفَتَى مِنَ الفِتَنِ (3)
أَنشدنَا أَبُو الحُسَيْنِ الحَافِظُ بِبَعْلَبَك، أَنشدنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيّ، أَنشدنَا السِّلَفِيّ، أَنشدنَا أَبُو المَكَارِمِ عَبْدُ الوَارِثِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيُّ، أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ لِنَفْسِهِ (4) :
رَغِبْتُ إِلَى الدُّنْيَا زَمَاناً فَلَمْ تَجُدْ ... بِغَيْرِ عَنَاءٍ وَالحَيَاةُ بلاغُ
وَأَلقَى (5) ابْنَه اليَأْسُ الكَرِيْمُ وَبِنْتَهُ ... لَدَيَّ فَعِنْدِي رَاحَةٌ وَفرَاغُ
__________
(1) الخبر بأطول مما هنا في " إنباه الرواة " 1 / 80 - 81، والجزء الأخير منه في " المنتظم " 8 / 188.
(2) " اللزوم " 2 / 575.
(3) في " اللزوم ": مع.
(4) الابيات الآتية مما لم يرو في الديوانين.
(5) في الأصل: ألفى.(18/34)
وَزَادَ فَسَادَ النَّاسِ فِي كُلِّ بلدَةٍ ... أَحَادِيْثُ مَيْنٍ (1) تُفْتَرَى وَتُصَاغُ
وَمِنْ شَرِّ مَا أَسْرَجْتَ فِي الصُّبْح وَالدُّجَى ... كُمَيْتٌ (2) لَهَا بِالشَّاربينَ مَرَاغُ
وَبِهِ (3) :
أَوحَى المليكُ إِلَى مَنْ فِي بَسيطتِهِ ... مِنَ البَرِيَّةِ جُوسُوا الأَرْضَ أَوْ حُوسُوا (4)
فَأَنْتُم قَوْمُ سُوءٍ لاَ صلاَحَ لَكُم ... مَسْعُوْدُكُم عِنْدَ أَهْل الرَّأْي منَحْوسُ
أَنشدنَا مُوْسَى بنُ مُحَمَّدٍ بِبَعْلَبَك، أَنشدنَا الشَّرَف الإِرْبِلِيّ، أَنشدنَا أَحْمَدُ بنُ مُدْرِك القَاضِي، أَنشدنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُؤيد بن أَحْمَدَ بنِ حوَارِيّ، أَنشدنَا جَدِّي أَبُو اليَقْظَان أَحْمَد، أَنشدنَا أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ لِنَفْسِهِ:
يَا سَاهِرَ البَرْقِ أَيقظ رَاقد السَّمُرِ (5) ... لَعَلَّ بِالجِزْعِ (6) أَعْوَاناً عَلَى السَّهَرِ
وَإِن بَخِلْتَ عَلَى الأَحْيَاءِ كُلِّهمِ ... فَاسْقِ المَوَاطِرَ (7) حيّاً مِنْ بَنِي مَطَرِ
وَيَا أَسيرَةَ حِجْلَيْهَا (8) أَرَى سَفَهاً ... حَمْلَ الحُلِيِّ لِمَنْ أَعيَى عَنِ النَّظَرِ
مَا سِرْتُ إِلاَّ وَطَيْفٌ مِنْكَ يَطرحُنِي (9) ... يَسرِي (10) أَمَامِي وَتَأْويباً (11) عَلَى أَثَرِي
__________
(1) المين: الكذب.
(2) الكميت من أسماء الخمر التي فيها حمرة وسواد.
(3) " اللزوم " 2 / 26.
(4) الحوس: مرادف للجوس، وهو طلب القوم وتخلل ديارهم.
(5) السمر: ضرب من العضاه يعظم ويطول، وليس في العضاه شيء أجود خشبا منه.
(6) الجزع: منعطف الوادي، وقيل: منقطعه.
(7) المواطر: السحب التي فيها المطر.
(8) الحجل: الخلخال.
(9) في " سقط الزند " يصحبني.
(10) في السقط: سرى.
(11) التأويب: سير النهار كله إلى الليل، ثم جعلوا قدوم الغائب إيابا.(18/35)
لَوْ حَطَّ رَحْلِي فَوْقَ النَّجْمِ رَافِعُهُ ... أَلْفَيْتُ ثَمَّ خيَالاً مِنْكَ مُنْتَظِرِي
يَوَدُّ أَنَّ ظلاَمَ اللَّيْل دَامَ لَهُ ... وَزِيْدَ فِيْهِ سوَادُ القَلْبِ وَالبَصَرِ
لَوِ اخْتَصَرتُم مِنَ (1) الإِحسَانِ زُرْتُكُمُ ... وَالعَذْبُ يُهْجَرُ لِلإِفرَاط فِي الخَصَرِ (2)
وَهِيَ طَوِيْلَة بَدِيْعَة نَيِّفٌ وَسَبْعُوْنَ بَيْتاً (3) ، وَشِعْرُه مِنْ هَذَا النَّمَط.
قِيْلَ: إِنَّهُ أَوْصَى أَنْ يُكتب عَلَى قَبْرِهِ:
هَذَا جنَاهُ أَبِي عليَّ ... وَمَا جَنِيْتُ عَلَى أَحَدِ
قُلْتُ: الفَلاَسِفَة يَعدُّوْنَ اتخَاذ الوَلَدِ (4) وَإِخرَاجَهُ إِلَى الدُّنْيَا جنَايَةً عَلَيْهِ، وَيظهرُ لِي مِنْ حَال هَذَا المَخْذُول أَنَّهُ مُتَحَيِّرٌ لَمْ يَجزِم بِنِحْلَةٍ.
اللَّهُمَّ فَاحفظ عَلَيْنَا إِيْمَاننَا.
وَنَقَلَ القِفْطِيّ (5) أَنَّ أَبَا العَلاَء قَالَ: لَزِمْتُ مسكنِي مُنْذُ سَنَةَ أَرْبَع مائَة، وَاجتهدتُ أَنْ أَتوفَّرَ عَلَى الحمدِ وَالتَّسْبيحِ، إِلاَّ أَنْ أُضْطَرَّ إِلَى غَيْر ذَلِكَ، فَأَمْلَيْتُ أَشيَاءَ تَولَّى نسخَهَا أَبُو الحَسَنِ ابْن أَبِي هَاشِمٍ (6) فِي الزُّهْدِ وَالعظَاتِ وَالتَّمجيدِ؛ فَمِنْ ذَلِكَ (الْفُصُول وَالغَايَات) مائَة كُرَّاسة، وَمُؤلَّفٌ فِي غَرِيْب ذَلِكَ عِشْرُوْنَ كرَّاسَة (7) ، وَ (إِقليد الغَايَات فِي اللُّغَة) عَشر كَرَارِيْس، وَكِتَاب (الأَيك وَالغصُوْنَ) أَلف وَمائتَا كرَّاسَة. وَكِتَاب (مُخْتَلف
__________
(1) في الأصل: في. وما أثبتناه من ديوانه " سقط الزند ".
(2) الخصر، بفتحتين: البرد، وقد حصر الرجل إذا آلمه البرد في أطرافه، وماء خصر: بارد.
(3) انظر " شروح سقط الزند " 1 / 114 وما بعدها.
(4) في الأصل: الوالد. وهو خطأ.
(5) في " إنباه الرواة " 1 / 56.
(6) في " الانباه ": علي بن عبد الله بن أبي هاشم.
(7) في " الانباه ": وهو كتاب مختصر لقبه " السادن ".(18/36)
الْفُصُول) (1) نَحْو أَرْبَع مائَة كُرَّاس، وَ (تَاج الحرّة فِي وَعظ النِّسَاء) نَحْو أَرْبَع مائَة كرَّاسَة، وَ (الْخطب (2)) مُجَلَّد، وَكِتَاب فِي الْخَيل (3) عشر كَرَارِيْس، وَكِتَاب (خطبَة الفَصِيْح) خَمْسَ عَشْرَةَ كرَّاسَة، وَ (ترسِيْل الرُّمُوز (4)) مُجَلد، وَ (لُزُوم مَا يَلزم) نَحْو مائَة وَعِشْرِيْنَ كرَّاسَة، وَ (زجر النَّابح (5)) مُجَلد، وَكِتَاب (نَجر الزّجر (6)) مِقْدَاره، وَكِتَاب (شَرْح لُزُوم مَالاَ يَلزم (7)) ثَلاَث مُجَلَدَات، وَكِتَاب (مُلْقَى السَّبِيل (8)) جُزْء، وَ (موَاعِظ) (9)
__________
(1) سماه في " الانباه ": الفصول، وعبارة ياقوت 3 / 148: والكتاب المعروف بتضمين الآي، وهو مختلف الفصول.
(2) في " الانباه ": " سيف الخطب "، وعند ياقوت: " سيف الخطبة "، وفي " كشف الظنون ": " سيف الخطيب ".
(3) في " الانباه ": خطب الخيل وكذلك عند ابن العديم وقال: يتكلم فيه على ألسنة الخيل، ويذكر على لسان كل فرس خطبة يحمد الله تعالى فيها ويعظمه.
(4) في " تاريخ " الذهبي و" الانباه ": وسيل الراموز، وفي ياقوت: رسل الراموز.
والراموز: البحر، ورسيله: ماؤه العذب.
(5) ذكره ياقوت في " معجم الأدباء " 3 / 153 بقوله: كتاب زجر النابح يتعلق بلزوم ما لا يلزم، وذلك أن بعض الجهال تكلم على أبيات من لزوم ما لا يلزم، يريد بها التشرد والاذية، فألزم أبا العلاء أصدقاؤه أن ينشئ هذا، فأنشأ هذا الكتاب وهو كاره، وقد نشر مجمع اللغة العربية بدمشق مقتطفات منه، جمعها وحققها الدكتور أمجد الطرابلسي وذلك عام 1965 م، ثم أعيد طبعه عام 1982 م.
(6) في الأصل: بحر الرجز، وهو خطأ، والنجر، بفتح النون وسكون الجيم: الأصل، كما نص على ذلك ابن العديم، وقيد به اسم الكتاب كما هو مثبت، وهو كذلك في " تاريخ " الذهبي و" الانباه "، وتصحف في " معجم الأدباء " إلى: " بحر ".
(7) عبارة القفطي: وكتاب يعرف براحة اللزوم، يشرح فيه ما في كتاب لزوم ما لا يلزم من الغريب.
(8) وهي رسالة فلسفية نشرتها مجلة المقتبس بدمشق سنة 1912 م، وطبعت على حدة في 18 صفحة وعلق عليها حسن حسني عبد الوهاب ... وطبعت أيضا في كتاب " رسائل البلغاء ".
معجم سركيس: 329.
(9) في " الانباه ": مواعظ الست، وعند ياقوت وابن العديم: المواعظ الست، ومعنى هذا اللقب أن الفصل الأول منه في خطاب رجل، والثاني في خطاب اثنين، والثالث في خطاب =(18/37)
فِي مُجَلَّد، وَ (خُمَاسيَّة الرَّاح (1) فِي ذَمّ الخَمْر) عشر كَرَارِيْس - قُلْتُ: أَظنّه يَعْنِي بِالكرَّاسَة: ثَلاَث وَرقَات - وَكِتَاب (سقط الزَّنْد) وَكِتَاب (القوَافِي وَالأَوزَان (2)) سِتُّوْنَ كرَّاسَة، وَسرد أَشيَاء كَثِيْرَة أَدبيَات، وَكِتَابُه فِي الزُّهْد، يُعرفُ بِكِتَاب (اسْتَغْفر وَاسْتَغْفرِي) مَنظومٌ نَحْو عَشْرَة آلاَف بَيْت، الْمَجْمُوع خَمْسَة وَخَمْسُوْنَ مُصَنّفاً (3) .
قَالَ: فِي نَحْو أَرْبَعَة آلاَف وَمائَة وَعِشْرِيْنَ (4) كرَّاسَة. قُلْتُ: قَدْ قدَّرتُ لَكَ الكرَّاسَة.
قَالَ القِفْطِيّ (5) :أَكْثَرُ كتبِهِ عُدِمَتْ، وَسلم مِنْهَا مَا خَرَجَ عَنِ المَعَرَّة قَبْل اسْتبَاحَةِ الكُفَّار لَهَا.
قُلْتُ: قَبْرُهُ دَاخِل المَعَرَّة فِي مَكَان دَاثِرٍ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَاهِرٍ بنُ أَبِي الصَّقْر الأَنْبَارِيّ، وَطَائِفَة، وَقَدْ طَالَ المَقَالُ، وَمَا عَلَى الرَّجُلِ أُنْسُ زُهَّادِ
__________
= جماعة، والرابع في خطاب امرأة، والخامس في خطاب امرأتين، والسادس في خطاب نسوة " الانباه " 1 / 60.
(1) في الأصل: حماسة الراح، والصواب ما أثبتناه.
قال القفطي: ومعنى هذا الوسم أنه بني على حروف المعجم، نذكر لكل حرف يمكن حركته خمس سجعات مضمومات وخمسا مفتوحات، وخمسا مكسورات، وخمسا موقوفات.
(2) ذكره القفطي باسم: جامع الاوزان الخمسة التي ذكرها الخليل بجميع ضروبها، ويذكر فيه قوافي كل ضرب، وفي " معجم ياقوت " و" كشف الظنون ": جامع الاوزان، وقد ذكره القفطي مرة أخرى بهذه التسمية عند ما عرض للكتب التي رآها لأبي العلاء.
(3) لم يذكر المصنف جميع المصنفات التي ذكرها القفطي، انظر " الانباه " 1 / 56 وما بعدها، و" معجم الأدباء " 3 / 145 وما بعدها.
ومن مؤلفاته غير المذكورة في الترجمة والتي طبعت كتاب " عبث الوليد " في الكلام على شعر أبي عبادة الوليد بن عبيد البختري، وقد نشرته الشركة المتحدة في بيروت بتحقيق ناديا علي الدولة و" رسالة الهناء " نشرها المكتب التجاري ببيروت بشرح وتحقيق كامل كيلاني.
(4) ما بين معقوفتين من " الانباه ".
(5) " الانباه " 1 / 66.(18/38)
المُؤْمِنِيْنَ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا خُتِمَ لَهُ.
وَمِنْ خَبِيْثِ قَوْله (1) :
أَتَى عِيْسَى فَبَطَّلَ شَرْعَ مُوْسَى (2) ... وَجَاءَ مُحَمَّدٌ بصَلاَةِ خَمْسٍ
وَقَالُوا: لاَ نَبِيَّ بَعْدَ هَذَا ... فَضلَّ القَوْمُ بَيْنَ غَدٍ وَأَمْسِ (3)
وَمهمَا عِشْتَ مِنْ دُنْيَاك هذِي (4) ... فَمَا تُخْلِيكَ مِنْ قَمَرٍ وَشَمْسِ
إِذَا قُلْتُ المُحَالَ رَفَعتُ صَوْتِي ... وَإِنْ قُلْتُ الصَّحِيْحَ (5) أَطَلْتُ هَمْسِي
وَمِمَّنْ رثَاهُ تِلْمِيْذُه أَبُو الحَسَنِ عليّ، فَقَالَ (6) :
إِنْ كُنْتَ لَمْ تُرِقِ الدِّمَاءَ زَهَادَةً ... فَلَقَدْ أَرَقْتَ اليَوْمَ مِنْ جَفْنِي دمَا
سَيَّرْتَ ذِكْرَكَ (7) فِي البِلاَدِ كَأَنَّهُ ... مِسْكٌ فَسَامِعَةً (8) يُضَمَّخُ أَوْ فَمَا
وَأَرَى (9) الحَجِيْجَ إِذَا أَرَادُوا لَيْلَةً ... ذِكرَاكَ أَخرجَ (10) فِديَةً مَنْ أَحرمَا
وَومن رَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ المُحَسّن التَّنوخِي - وَمَاتَ قَبْلَهُ -، وَغَالِبُ بنُ عِيْسَى الأَنْصَارِيّ.
وَكَانَتْ عِلَّتُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَمَاتَ فِي أَوَائِل شَهْر ربيع الأَوَّل مَنْ سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَعَاشَ سِتّاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
__________
(1) " اللزوم " 2 / 55 - 56.
(2) في " اللزوم ": دعا موسى فزال وقام عيسى.
(3) في " اللزوم ": وقيل يجئ دين غير هذا * وأودى الناس بين غد وأمس وفي الأصل: غدا، وهو خطأ.
(4) في " اللزوم ": ومهما كان في دنياك أمر.
(5) في " اللزوم ": اليقين.
(6) الابيات في " معجم الأدباء " 3 / 126 - 127، و" وفيات الأعيان " 1 / 115.
(7) في " معجم الأدباء ": ذكرا.
(8) في " معجم ياقوت ": مسامعها.
(9) في " معجم الأدباء ": وترى.
(10) في " معجم ياقوت ": أوجب.(18/39)
17 - الصَّابُونِيُّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، المُفَسِّرُ، المُذَكِّرُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عُثْمَانَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَابِدِ (1) بن عَامِرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الصَّابُوْنِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَأَوّل مَجْلِس عَقدَه لِلْوَعْظِ إِثر قَتْلِ أَبِيْهِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَهُوَ ابْنُ تِسْع سِنِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَعِيْدٍ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَأَبِي بَكْرٍ ابْن مِهْرَانَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ المَخْلَدي، وَأَبِي طَاهِر بنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبِي الحُسَيْنِ الخفَّاف، وَعبد الرَّحْمَن بنِ أَبِي شُرَيْح، وَزَاهِرِ بنِ أَحْمَدَ الفَقِيْه، وَطَبَقَتهم، وَمِنْ بَعْدهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الكتَّانِي، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ صَصْرَى، وَنجَا بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَابْنُه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَخَلْقٌ آخِرهُم أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الفَرَاوِي.
__________
(*) تتمة اليتيمة 2 / 115، الأنساب 8 / 5 - 6، تاريخ دمشق خ 428 / 2 - 431 / 2، معجم الأدباء: 7 / 16 - 19، المنتخب: ورقة 38 / أ، الكامل 9 / 638، اللباب 2 / 228 - 229، المختصر 2 / 177، دول الإسلام 1 / 264، العبر 3 / 219، الوافي بالوفيات 9 / 143 - 144، تتمة المختصر 1 / 547، طبقات السبكي 4 / 271 - 292، البداية والنهاية 12 / 76، طبقات ابن قاضي شهبة: ورقة 223 أ، النجوم الزاهرة 5 / 62، طبقات المفسرين للسيوطي: 7، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 107 - 108، شذرات الذهب: 3 / 282 - 283، الرسالة المستطرفة: 103، تهذيب تاريخ ابن عساكر 3 / 30 - 36.
(1) بالباء الموحدة والدال المهملة كما في " تبصير المنتبه " 3 / 887، وقد تصحف في " تهذيب " ابن عساكر، و" طبقات " السبكي إلى " عائذ " بالهمزة والذال المعجمة.(18/40)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ: حَدَّثَنَا إِمَام المُسْلِمِيْنَ حَقّاً، وَشيخُ الإِسْلاَم صدقاً، أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيّ.
ثُمَّ ذَكَرَ حِكَايَة (1) .
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ المَالِكِيّ: أَبُو عُثْمَانَ مِمَّنْ شَهِدَتْ لَهُ أَعيَانُ الرِّجَال بِالكَمَال فِي الحِفْظِ وَالتَّفْسِيْر (2) .
وَقَالَ عبد الغَافِر فِي (السِّيَاق (3)) :الأُسْتَاذُ أَبُو عُثْمَانَ إِسْمَاعِيْلُ الصَّابُوْنِيّ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، المُفَسِّرُ المُحَدِّث، الوَاعِظ، أَوحدُ وَقته فِي طرِيقه، وَعَظَ المُسْلِمِينَ سبعينَ سَنَةً، وَخَطَبَ وَصَلَّى فِي الجَامِع نَحْواً مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ حَافِظاً، كَثِيْرَ السَّمَاع وَالتَّصَانِيْف، حرِيصاً عَلَى العِلْم، سَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ وَهرَاةَ وَسَرْخَس وَالحِجَازِ وَالشَّامِ وَالجِبَالِ، وَحَدَّثَ بِخُرَاسَانَ وَالهِنْد وَجُرْجَان وَالشَّام وَالثُّغُوْرِ وَالحِجَازِ وَالقدس، وَرُزِقَ العِزَّ وَالجَاهَ فِي الدِّين وَالدُّنْيَا، وَكَانَ جَمَالاً لِلبلد، مقبولاً عَنِ المُوَافِق وَالمُخَالف، مجمعٌ عَلَى أَنَّهُ عديمُ النّظير، وَسيفُ السُّنَّةِ، وَدَامغُ البِدعَة، وَكَانَ أَبُوْهُ الإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ مِنْ كِبَارِ الوَاعِظين بِنَيْسَابُوْرَ، فَفُتِكَ بِهِ لأَجْلِ المَذْهَب، وَقُتِلَ، فَأُقْعِدَ ابْنُه هَذَا ابْنُ تِسْعِ (4) سِنِيْنَ، فَأُقْعِدَ بِمَجْلِس الْوَعْظ، وَحضرهُ أَئِمَّةُ الوَقْت، وَأَخَذَ
__________
(1) وهي كما في " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 3 / 31 - 32، قال أبو الحسين البغدادي: كان الشيخ الامام أبو الطيب إذا حضر محفلا من محافل التهنئة أو التعزية أو سائر ما لم يكن يقصد إلا بحضوره، فكان المفتتح والمختتم الرئيس باجماع المخالف والموالف المقدم أمرا بالقاء مسألة، وكان المتفقهة لا يسألون غيره في مجلس حضره، فإذا تكلم عليها، ووفى حق الكلام فيها، وانتهى إلى آخرها أمر أبا عثمان (الصابوني) فترقل الكرسي (أي صعد إليه بسرعة) وتكلم للناس على طريق التفسير والحقائق ثم يدعو ويقوم أبو الطيب فيتفرق الناس وهو يومئذ في أوائل سنه.
(2) المصدر السابق 3 / 33.
(3) وانظر " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 3 / 33 - 34، " معجم الأدباء " 7 / 17 - 18.
(4) تحرفت في " تهذيب تاريخ دمشق " إلى: " سبع " بدل " تسع ".(18/41)
الإِمَامُ أَبُو الطَّيِّبِ الصُّعلوكِيُّ (1) فِي تَرْتِيْبهِ وَتهيئَةِ شَأْنِهِ، وَكَانَ يَحضُر مَجْلِسَهُ هُوَ وَالأُسْتَاذ أَبُو إِسْحَاقَ الإِسفرَايينِيّ، وَالأُسْتَاذ أَبُو بَكْرٍ بنُ فُورَك، وَيَعْجَبُوْنَ مِنْ كَمَال ذكَائِهِ، وَحُسْنِ إِيرَاده، حَتَّى صَارَ إِلَى مَا صَارَ إِلَيْهِ، وَكَانَ مُشْتَغِلاً بكَثْرَةِ العِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ، حَتَّى كَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَل.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الكُتُبِيّ فِي (تَارِيْخِهِ) :فِي المُحَرَّمِ تُوُفِّيَ أَبُو عُثْمَانَ سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَقَالَ السِّلَفِيّ فِي (مُعْجَم السَّفَر) :سَمِعْتُ الحَسَنَ بن أَبِي الْحر بِسَلَمَاسَ (2) يَقُوْلُ: قَدِمَ أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيّ بَعْد حجِّه وَمَعَهُ أَخُوْهُ أَبُو يَعْلَى فِي أَتْبَاعٍ وَدوَابّ، فَنَزَلَ عَلَى جَدِّي أَحْمَدَ بن يُوْسُفَ الهِلاَلِي، فَقَامَ بِجمِيْع مُؤَنِه، وَكَانَ يَعْقدُ المَجْلِسَ كُلَّ يَوْم، وَافْتَتَنَ النَّاسُ بِهِ، وَكَانَ أَخُوْهُ فِيْهِ دُعَابَة، فَسَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ يَقُوْلُ وَقت أَن وَدَّع النَّاس (3) :يَا أَهْل سَلَمَاسَ! لِي عِنْدكُم أَشْهُرٌ أَعِظُ وَأَنَا فِي تَفْسِيْر آيَةٍ وَمَا يَتعلَّقُ بِهَا، وَلَوْ بَقِيْتُ عِنْدكُم تَمَّام سَنَةٍ لمَا تَعرَّضتُ لغَيْرهَا، وَالحَمْدُ للهِ.
قَالَ عبد الغَافِر فِي (تَارِيْخِهِ (4)) :حَكَى الثِّقَاتُ أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ كَانَ يَعِظُ، فَدُفِعَ إِلَيْهِ كِتَابٌ وَردَ مِنْ بُخَارَى، مُشْتَمِلٌ عَلَى ذكرِ وَبَاءٍ عَظِيْم بِهَا، لِيَدْعُوَ لَهُم، وَوصف فِي الكِتَاب أَنَّ رَجُلاً أَعْطَى خَبَّازاً دِرْهَماً، فَكَانَ يَزِنُ، وَالصَّانِعُ يَخْبِزُ، وَالمُشْتَرِي وَاقف، فَمَاتَ ثَلاَثتهُم فِي سَاعَة.
__________
(1) هو الامام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان العجلي الصعلوكي المتوفى سنة (404) هـ، وقد تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (121) .
(2) قال ياقوت: بفتح أوله وثانيه: وآخره سين أخرى: مدينة مشهورة بأذربيحان، بينها وبين أرمية يومان، وبينها وبين تبريز ثلاثة أيام وهي بينهما.
(3) في الأصل تكرار فعل " يقول " بعد لفظ " الناس "، ولا داعي له.
(4) انظر " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 3 / 34، 35.(18/42)
فَلَمَّا قرَأَ الكِتَابَ هَالَهُ ذَلِكَ، وَاسْتقرَأَ مِنَ القَارِئ {أَفأَمِنَ الَّذِيْنَ مَكَرُوا السَّيِّآتِ} [النَّحْل:45] الآيَات، وَنظَائِرهَا، وَبَالَغَ فِي التّخويف وَالتَّحذِير، وَأَثَّرَ ذَلِكَ فِيْهِ وَتغَيَّرَ، وَغَلَبَهُ وَجعُ البَطنِ، وَأُنْزِلَ مِنَ المِنْبَرِ يَصيح مِنَ الوجعِ، فَحُمِلَ إِلَى حمَّامٍ، فَبَقِيَ إِلَى قَرِيْب المَغْرِب يَتقَلَّب ظَهْراً لبَطْن، وَبَقِيَ أُسْبُوْعاً لاَ يَنفَعُهُ عِلَاج، فَأَوْصَى، وَودَّعَ أَوْلاَدَهُ، وَمَاتَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ عقيبَ عصرِ الجُمُعَة رَابع المحرَّم، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُه أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ أَخُوْهُ أَبُو يَعْلَى.
وَأَطنب عبدُ الغَافِرِ فِي وَصْفِهِ، وَأَسهب ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَقَرَأْتُ فِي كِتَابٍ كتَبَهُ زَيْنُ الإِسْلاَم مِنْ طُوْس فِي التَّعزِيَة لِشيخِ الإِسْلاَم: أَلَيْسَ لَمْ يَجْسُرْ مُفْتَرٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ فِي وَقته؟ أَلَيْسَتِ السُّنَّةُ كَانَتْ بِمَكَانِهِ مَنْصُوْرَة، وَالبِدْعَةُ لِفَرْطِ حِشمتِهِ مقهورَة؟ أَلَيْسَ كَانَ دَاعِياً إِلَى اللهِ، هَادِياً عِبَادَ اللهِ، شَابّاً لاَ صَبْوَةَ لَهُ، كَهْلاً لاَ كَبْوَةَ لَهُ، شَيْخاً لاَ هَفْوَة لَهُ؟ يَا أَصْحَابَ المحَابر، وَطِّؤُوا رِحَالكُم، قَدْ غُيِّبَ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ إِلمَامكُم، وَيَا أَربَابَ المَنَابِر، أَعْظَمَ اللهُ أُجوركُم، فَقَدْ مَضَى سَيِّدَكُم وَإِمَامُكُم.
قَالَ الكَتَّانِي: مَا رَأَيْتُ شَيْخاً فِي مَعْنَى أَبِي عُثْمَانَ زُهْداً وَعِلماً، كَانَ يَحفَظُ مِنْ كُلِّ فَن لاَ يَقْعُدُ بِهِ شَيْءٌ، وَكَانَ يَحفظُ التَّفْسِيْر مِنْ كُتُب كَثِيْرَة، وَكَانَ مِنْ حُفَّاظ الحَدِيْث.
قُلْتُ: وَلَقَدْ كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثر، لَهُ مُصَنَّف فِي السُّنَةِ وَاعْتِقَادِ السَّلَف، مَا رَ?هُ مُنْصِفٌ إِلاَّ وَاعْتَرف لَهُ (1) .
قَالَ مَعْمَر بن الفَاخر: سَمِعْتُ عبدَ الرَّشِيْد بنَ نَاصِر الوَاعِظ بِمَكَّةَ،
__________
(1) وهي مطبوعة في مجموعة الرسائل المنيرية 1 / 105 - 135، باسم عقيدة السلف وأصحاب الحديث، ثم نشرتها مفردة الدار السلفية في الكويت: 1977 م.(18/43)
سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ عبد الغَافِر، سَمِعْتُ الإِمَام أَبَا المعَالِي الجُوَيْنِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ بِمَكَّةَ أَترَدَّدُ فِي المذَاهب، فَرَأَيْت النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لِي: عَلَيْك بَاعْتِقَاد ابْن الصَّابُوْنِيّ.
قَالَ عبدُ الغَافِر: وَمِمَّا قِيْلَ فِي أَبِي عُثْمَانَ قَوْلُ الإِمَام أَبِي الحَسَنِ؛ عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ الدَّاوُوْدِيّ:
أَودَى الإِمَامُ الحَبْرُ إِسْمَاعِيْلُ ... لَهَفِي عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْهُ بَدِيْلُ
بَكَتِ السَّمَا وَالأَرْضُ يَوْمَ وَفَاتِهِ ... وَبَكَى عَلَيْهِ الوَحْيُ وَالتَّنْزِيلُ
وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ المُنِير تَنَاوحَا ... حُزْناً عَلَيْهِ وَللنُّجومِ عَوِيلُ
وَالأَرْضُ خَاشِعَةً تَبْكِي شَجْوَهَا ... وَيْلِي تَوَلْوِلُ أَيْنَ إِسْمَاعِيْلُ؟
أَيْنَ الإِمَامُ الفَرْدُ فِي آدَابِهِ ... مَا إِنْ لَهُ فِي العَالِمِينَ عَدِيْلُ
لاَ تَخْدَعَنْكَ مُنَى الحَيَاةِ فَإِنَّهَا ... تُلهِي وَتُنسِي وَالمُنَى تَضليلُ
وَتَأَهَّبَنْ لِلموتِ قَبْلَ نُزُولِهِ ... فَالموتُ حَتْمٌ وَالبقَاءُ قَلِيْلُ (1)
18 - الخَبَّازِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الخَبَّازِيُّ.
حَدَّثَ بِـ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) عَنِ الكُشْمِيهَنِيِّ (2) رَوَاهُ عَنْهُ
__________
(1) الابيات في " تهذيب " ابن عساكر 3 / 35 - 36.
(*) تبيين كذب المفتري: 263 - 264، الاستدراك 1 / ورقة 154 أ، اللباب 1 / 417، معرفة القراء الكبار: 332، العبر 3 / 219 - 220، الوافي بالوفيات 4 / 130، غاية النهاية 2 / 207، شذرات الذهب 3 / 283.
(2) هو أبو الهيثم محمد بن مكي بن محمد المروزي الكشميهني - نسبة إلى كشيمهن، قرية من قرى مرو - المتوفى سنة (389) هـ، وقد تقدمت ترجمته في الجزء السادس عشر رقم (361) .(18/44)
الفَرَاوِيُّ (1) ، وَكَانَ ارْتَحَلَ إِلَى الكُشْمِيهَنِيِّ.
قَالَ ابْنُ نقطَة (2) :قَالَ عبدُ الغَافِر: شَيْخ نَبِيل، مُشَاور فِي فَهْمِ الأُمُوْر، مُبَجَّلٌ فِي المحَافلِ، عَارِفٌ بِالقِرَاءات.
تُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ: وَوُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَتَلاَ عَلَى: وَالِده أَبِي الحُسَيْنِ الخَبَّازِي، وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ الطِّرَازِي، صَاحِب ابْنِ مُجَاهِد (3) .
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ ذَا تَعبُّدٍ وَتَهَجُّدٍ.
رَوَى عَنْهُ: مَسْعُوْدٌ الركَّاب، وَتَلاَ عَلَيْهِ الهُذَلِيّ (4) وَغَيْرهُ.
وَمَاتَ: أَبُوْهُ نَحْو سَنَةِ أَرْبَعِ مائَة.
19 - عَمِيْدُ الرُّؤَسَاءِ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ المَرَاتِبِيُّ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْر، أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ ابنُ الوَزِيْرِ أَبِي الفَضْلِ أَيُّوْبَ بنِ سُلَيْمَانَ المَرَاتِبِيُّ.
__________
(1) هو الامام أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي - نسبة إلى فراوة، بليدة
متطرفة من جهة خوارزم بناها ابن طاهر، وقد اختلف في ضم الفاء وفتحها، قال ابن نقطة: الفتح أكثر وأشهر - وسترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (362) .
وقد تحرف في معرفة القراء الكبار " و" غاية النهاية " إلى: العزاوي.
(2) " الاستدراك " 1 / ورقة 154 أ.
(3) هو شيخ القراء أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي البغدادي المتوفى سنة (324) هـ.
(4) تقدم التعريف به في الصفحة (14) ت (3) .
(*) المنتظم 8 / 175، ديوان مهيار 1 / 256 و276 و309، الوافي بالوفيات 2 / 234 - 235.(18/45)
كَانَ أَبُوْهُ كَاتِبَ القَادِر.
وَوزرَ هَذَا لِلقَائِمِ أَيَّامَ وِلاَيَةِ عَهْده، ثُمَّ وَزر لِلقَادِر بَعْد ابْنِ حَاجِب النُّعْمَان، ثُمَّ وَزر لِلقَائِمِ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَكَانَ بَلِيْغاً مُتَرَسِّلاً، صَاحِبَ فُنُوْن، صَنّف كِتَاباً فِي الخَرَاج، وَرَوَى (ديوَان) البُحْتُرِيّ، عَنِ الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ الخَالع، عَنْ أَبِي سَهْلٍ القَطَّان، عَنْ أَبِي الْغَوْث بن البُحْتُرِيّ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي نَصْرٍ بن نُبَاتَة (1) شِعره.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الجَوَائِز هِبَةُ اللهِ بنُ حَمْزَةَ، وَغَيْرهُ.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَمَاتَ: فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ (2) .
وَهُوَ القَائِلُ: الكُتَّابُ سَبْعَةٌ: الكَامِلُ الَّذِي يُنشِئُ وَيُمْلِي وَيَكْتُب، وَالأَعزل: وَهُوَ المُنشِئُ وَلاَ خطَّ لَهُ (3) ، وَالثَّالِث: المُبْهَمُ: وَهُوَ صَاحِبُ الخَطِّ وَلاَ إِنشَاءَ لَهُ، الرَّابِع: الرُّقَاعِي: وَهُوَ مَنْ يُجِيْد رُقْعَةً وَلاَ خَطَّ لَهُ فِي طول نَفَسٍ (4) ، الخَامِس: المُخَبَّل: وَهُوَ ذُو الحِفْظ وَالرِّوَايَة، وَلاَ عبَارَة لَهُ، فِيجِيْءُ مِنْهُ نَديم (5) ، السَّادِس: المُخَلِّط؛ وَهُوَ الآتِي بِدُرِّهِ مَعَ بَعْرِهِ (6) ،
__________
(1) هو أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن محمد بن أحمد بن نباتة التميمي السعدي أحد شعراء العصر ببغداد، المتوفى سنة (405) هـ.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (139) .
(2) أي وأربع مئة.
(3) أي الذي ينشئ ويملي، ولا يكتب خطا رائقا، كما في " الوافي بالوفيات ".
(4) زاد الصفدي: وتنوع معان.
(5) في " الوافي ": فإذا كان عاقلا صلح أن يكون نديما للملوك.
(6) عند الصفدي: هو الذي يأتي فيما ينشئه بدرة وبعرة يقرن بينهما، فيذهب رونق ما ينشئه.(18/46)
السَّابِع: السُّكَّيْتُ؛ وَهُوَ الَّذِي يُجهد نَفْسَهُ حَتَّى يَأْتِي بِمَا يَسْتَحْسِن (1) .
20 - ابْنُ بَطَّالٍ عَلِيُّ بنُ خَلَفِ بنِ بَطَّالٍ القُرْطُبِيُّ *
شَارِحُ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) ، العَلاَّمَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ خَلَفِ بنِ بَطَّالٍ البَكْرِيُّ، القُرْطُبِيُّ، ثُمَّ البَلَنْسِيُّ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ اللَّجَّامِ (2) .
أَخَذَ عَنْ: أَبِي عُمَرَ الطَّلَمَنْكِي (3) ، وَابْنِ عَفِيْف، وَأَبِي المُطرَّف القَنَازعِي، وَيُوْنُس بنِ مُغِيْث.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال (4) :كَانَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالمَعْرِفَة، عُنِي بِالحَدِيْثِ العنَايَة التَّامَة؛ شرح (الصَّحِيْح) فِي عِدَّة أَسفَار، رَوَاهُ النَّاس عَنْهُ (5) ، وَاسْتُقضِيَ (6) بِحِصْن لُوْرَقَةَ.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ تِسْعٍ (7) وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
__________
(1) في " الوافي ": السكيت: يشبه بالمتأخر في الحلبة، وربما جهد نفسه، فأتى بعد
اللتيا والتي بمعنى يفهم.
(*) ترتيب المدارك 4 / 827، الصلة 2 / 414، العبر 3 / 219، الوافي بالوفيات م 12 / 56، الديباج المذهب 2 / 105 - 106، شذرات الذهب 3 / 283، شجرة النور الزكية 1 / 115.
(2) تصحف في " الصلة ": إلى: ابن اللحام، بالمهملة، وتحرف في " ترتيب المدارك " إلى، ابن النجام.
وفي " شجرة النور ": وعرف باللجام، بدون (ابن) .
واللجام: نسبة إلى عمل اللجم.
(3) نسبة إلى طلمنكة: مدينة بالاندلس، اختطها محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام الأموي " معجم ياقوت ".
(4) في " الصلة " 2 / 414.
(5) وله أيضا " الاعتصام " في الحديث. وكتاب في الزهد والرقائق.
(6) تصحفت في " الصلة " إلى: واستقصى. ولورقة، بالضم ثم السكون، وفتح الراء والقاف، ويقال: لرقة، بسكون الراء من غير واو: مدينة بالاندلس من أعمال تدمير ... " معجم البلدان ".
(7) في حاشية الأصل: في نسخة: أربع.
وفي " ترتيب المدارك " سنة (474) .(18/47)
قُلْتُ: كَانَ مِنْ كِبَارِ المَالِكِيَّة.
ذَكَرَهُ القَاضِي عِيَاض (1) .
21 - العُشَارِيُّ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الفَتْحِ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الأَمِيْنُ، أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الفَتْحِ الحَرْبِيُّ، العُشَارِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبَا الفَتْح القوَّاس، وَأَبَا حَفْصٍ بنَ شَاهِيْن، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بن بطَّة، وَمُحَمَّدَ بن يُوْسُفَ العلاَّف، وَالكَتَّانِي، وَالمُخَلِّص، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ شَاذَانَ، وَعِيْسَى بن الوَزِيْر، وَالمُعَافَى (2) .
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً صَالِحاً، وُلِدَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ لِي: كَانَ جَدِّي طُوَالاً فَقِيْلَ لَهُ: العُشَارِي (4) .
قُلْتُ: قَدْ كَانَ أَبُو طَالِبٍ فَقِيْهاً، عَالِماً، زَاهِداً، خَيِّراً، مُكْثِراً، صحب أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ بَطَّة، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ حَامِدٍ، وَتَفَقَّهَ لأَحْمَدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ ابْن الطُّيورِي، وَأَبُو عَلِيٍّ البرَادَانِي، وَشُجَاعٌ الذُّهْلِيّ، وَأَبُو الْعِزّ بن كَادش (5) ، وَأَحْمَدُ بنُ قُرَيْش، وَأَبُو بَكْرٍ
__________
(1) انظر مصادر الترجمة.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 107، طبقات الحنابلة 2 / 191 - 192، الأنساب 8 / 459، المنتظم 8 / 214، اللباب 2 / 341، الكامل 10 / 9، ميزان الاعتدال 3 / 656، العبر 3 / 226، الوافي بالوفيات 4 / 130، البداية والنهاية 12 / 85، شذرات الذهب 3 / 289.
(2) تقدم التعريف به ص: 22 ت (3) .
(3) " تاريخ بغداد ": 3 / 107.
(4) تحرفت كلمة " جد " في " المنتظم " و" البداية " و" الشذرات " إلى: " جسد ".
(5) هو أبو العز أحمد بن عبيد الله بن محمد العكبري المعروف بابن كادش، المتوفى سنة (526) هـ.
وسترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (324) .(18/48)
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي القَاضِي، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ أُدْخِلَ فِي سَمَاعه مَا لَمْ يَتَفَطَّنْ لَهُ.
قَالَ ابْنُ الطُّيُوْرِيِّ (1) :لَمَّا قَدِمَ عَسْكَرُ طُغْرُلْبَك (2) لقِي بَعْضُهُم ابْن العُشَارِي، فَقَالَ: يَا شَيْخ! أَيْشٍ مَعَكَ؟
قَالَ: مَا مَعِي شَيْءٌ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَن فِي جَيبه نَفَقَةً، فَنَادَاهُ، وَأَخْرَج مَا مَعَهُ، وَقَالَ: هَذَا مَعِي.
فَهَابه الرَّجُلُ وَعَظَّمَهُ وَلَمْ يَأْخُذ النفقَة.
قَالَ ابْنُ الطُّيُوْرِيِّ (3) :قَالَ لِي بَعْضُ أَهْل البَادِيَة: نَحْنُ إِذَا قُحِطْنَا اسْتَسقينَا بِابْنِ العُشَارِي، فَنُسْقَى.
وَقِيْلَ: إِنَّ رَجُلاً قرَأَ عَلَى العُشَارِي كِتَاب (الرُّؤيَا) لِلدَارقطنِي، فَلَمَّا وَصلَ إِلَى خَبَر أُمِّ الطُّفَيْل؛ قَالَ: وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (4) ، فَقَالَ لِلقَارِئ:
__________
(1) انظر " طبقات الحنابلة " 2 / 192.
(2) هو السلطان ركن الدولة محمد بن ميكائيل السلجوقي، سترد ترجمته برقم (52) في هذا الجزء.
(3) انظر " طبقات الحنابلة " 2 / 192.
(4) أخرجه الخطيب في " تاريخه " 13 / 311 من طريق نعيم بن حماد، حدثنا ابن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن مروان بن عثمان، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل امرأة أبي أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه تعالى في المنام في أحسن صورة شابا موقرا رجلاه في خضرة له نعلان من ذهب على وجهه فراش من ذهب " وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال: موضوع، نعيم وثقه قوم، وقال ابن عدي: يضع، وصفه ابن عدي بسبب هذا الحديث، ومروان كذاب، وعمارة مجهول، وسئل أحمد عن هذا الحديث، فقال: منكر.
وفي " الميزان " 4 / 92: مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المعلى الزرقي: ضعفه أبو حاتم، وقال أبو بكر محمد بن أحمد الحداد الفقيه: سمعت النسائي يقول: ومن مروان بن عثمان حتى يصدق على الله؟ ! قاله في حديث أم الطفيل.
وأورده في " الميزان " 4 / 229 في ترجمة نعيم بن حماد في جملة الأحاديث التي أنكرت عليه.
وقال الحافظ في " الإصابة " 4 / 470 في ترجمة أم الطفيل بعد أن أورده عن الدارقطني من طريق مروان بن عثمان ... : ومروان متروك، قال ابن معين: ومن مروان حتى يصدق =(18/49)
اقرَأَ الحَدِيْثَ عَلَى وَجهه فَهُوَ مِثْلُ السَّارِيَة.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
22 - ابْنُ التَّرْجُمَانِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ العَزِّيُّ *
الإِمَامُ، الصَّالِحُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو الحُسَيْنِ (1) مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ (2) بنِ عَلِيِّ بنِ التَّرْجُمَانِ العَزِّيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ الحُنْدُرِي (3) المُقْرِئ، وَبُكير ابْن مُحَمَّدٍ الطَّرَسُوْسِيّ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بن الحَسَنِ الكِلاَبِيّ، وَالحَسَنِ بن إِسْمَاعِيْلَ الضَّرَّاب (4) ، وَأَبِي سَعدٍ المَالِيْنِيّ (5) ، وَعَلِيِّ بن أَحْمَدَ
__________
= فقول العشاري: فهو مثل السارية (يريد أنه ثابت ثبوت السارية) قول متهافت في غاية السقوط ينبئ عن جهله بعلم الجرح والتعديل الذي يتيح له غربلة الاخبار، وتمييز صحيحها من سقيمها.
" طبقات الحنابلة " 2 / 192 وفيه: فلما بلغ القارئ إلى حديث أم الطفيل وحديث ابن عباس، قال القارئ: وذكر الحديث، فقال له ابن العشاري: اقرأ الحديث على وجهه، فلهذين الحديثين رجال مثل هذه السواري.
(*) الأنساب 3 / 38 - 39، اللباب 1 / 211، العبر 3 / 217، الوافي بالوفيات 3 / 10، حسن المحاضرة 1 / 515، شذرات الذهب 3 / 278.
وسمي بابن الترجمان نسبة إلى جده، وقيل له ذلك لأنه كان ترجمان سيف الدولة.
" الأنساب ".
(1) في " الأنساب " و" اللباب ": أبو الحسن.
(2) تحرف في " اللباب " إلى: الحسن.
(3) قال السمعاني: بضم الحاء والدال المهملتين بينهما النون الساكنة، وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى حندر، وظني أنها من قرى عسقلان بالشام.
وجزم ياقوت بذلك وسماها: حندرة بزيادة تاء. وأبو بكر هذا هو أخو علي الآتي ذكره.
(4) نسبة إلى ضرب الدراهم والدنانير.
(5) قال ابن الأثير: هذه النسبة إلى مالين، وأهل هراة يقولون: مالان، وأبو سعد هذا هو أحمد بن محمد بن أحمد الأنصاري الماليني الصوفي، المتوفى سنة (412) هـ، وقد تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (183) .(18/50)
الحُنْدُرِي (1) ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ القُضَاعِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَقِيْل الكَرَجِي، وَأَحْمَدُ بنُ أَسَد، وَعبدُ البَاقِي بنُ جَامِع، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسفرَايينِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّازِيّ، وَبَالإِجَازَة أَبُو الحَسَنِ ابْنُ الموَازِينِي.
وَكَانَ شَيْخَ المَشَايِخ بِمِصْرَ فِي زَمَانِهِ.
عَاشَ خَمْساً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَقبرُه عِنْد ذِي النُّوْنِ المِصْرِيّ، رحمهُمَا الله.
23 - الحَمَّالُ أَبُو الحَسَنِ رَافِعُ بنُ نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، الزَّاهِد، أَبُو الحَسَنِ رَافِعُ بنُ نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الحَمَّالُ.
رَوَى عَنْ: أَبِي عُمَرَ بنِ مَهْدِيٍّ، وَأَخَذَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ البَاقِلاَّنِيّ، وَغَيْره.
وَكَانَ يَدْرِي الأُصُوْلَ، وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ (2) .
__________
(1) انظر ضبط نسبته في التعليق رقم (3) من الصفحة السابقة.
وقد تصحف في " العبر " إلى الجندري، وتصحف في " الشذرات " إلى: الحيدري.
(*) الأنساب 4 / 205 - 206، طبقات السبكي 4 / 377 - 378، طبقات الاسنوي 1 / 426 - 427، العقد الثمين 4 / 381 - 382.
(2) أورد السبكي في " طبقاته " هذين البيتين من شعره:
اقطع الآمال عن فضـ * ـل بني آدم طرا
أنت ما استغنيت عن مث * - لك أعلا الناس قدرا(18/51)
قَالَ: هَيَّاجُ بنُ عُبَيْد: كَانَ لرَافِع قَدمٌ (1) فِي الزُّهْد، وَإِنَّمَا تَفَقَّهَ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاقَ (2) ، وَأَبُو يَعْلَى بنُ الفَرَّاء بِمعَاونَة رَافِع لَهُمَا، لأَنَّه كَانَ يَحْمِلُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمَا (3) ، وَتَفَقَّهَ بِالشَّيْخ أَبِي حَامِد.
جَاور، وَتُوُفِّيَ بِمَكَّةَ، وَلَهُ قَدمٌ رَاسخ فِي التَّقْوَى.
رَوَى عَنْهُ: سَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسفرَايينِي، وَجَعْفَرٌ السَّرَّاج.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة وَقَدْ شَاخَ.
24 - أَبُو الفَرَجِ الدَّارِمِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ مَيْمُوْن الدَّارِمِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
سَمِعَ: أَبَا الحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بنَ المُظفر، وَأَبَا عُمَر بن حَيّويَه، وَأَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ شَاذَانَ، وَجَمَاعَة.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ مَاسِي، وَضَاع سَمَاعهُ مِنْهُ.
__________
(1) أي سابقة وتقدم، قال الله تعالى: (وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) وأخطأ محقق " العقد الثمين " فضبطها بكسر القاف.
(2) هو الشيرازي كما في " الأنساب ".
(3) " الأنساب " 4 / 205.
(*) تاريخ بغداد 2 / 361 - 362، طبقات الفقهاء للشيرازي: 128، الأنساب: 5 / 251، الكامل: 9 / 632، طبقات ابن الصلاح: الورقة / 18 أ، الوافي بالوفيات 4 / 63، طبقات السبكي 4 / 182 - 188، طبقات الاسنوي 1 / 510 - 511، كشف الظنون 1 / 78، هدية العارفين 2 / 70 - 71.
والدارمي: بفتح الدال المهملة وكسر الراء، هذه النسبة إلى بني دارم، وهو دارم بن مالك ابن حنظلة بن زيد مناة بن تميم " الأنساب ".(18/52)
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَالكَتَّانِي، وَأَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِي، وَالفَقِيْهُ نَصْر المَقْدِسِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :هُوَ أَحَدُ الفُقَهَاء، مَوْصُوْفٌ بِالذّكَاء، وَحُسنِ الفِقْه وَالحسَاب، وَالكَلاَمِ فِي دقَائِق المَسَائِل، وَلَهُ شِعْرٌ حسن، كَتَبْتُ عَنْهُ بِدِمَشْقَ، وَقَالَ لِي: كَتَبتُ عَنِ ابْنِ مَاسِي، وَأَبِي بَكْرٍ الوَرَّاق، وَوُلِدتُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
سَكَنَ الرَّحْبَةَ (2) مُدَّة، وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عُمَر بن حَيُّويَه يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ بن سُرَيْج (3) يَقُوْلُ - وَقَدْ سُئِلَ عَنِ القِرد - فَقَالَ: هُوَ طَاهِر، هُوَ طَاهِر.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (الطَّبَقَات (4)) :كَانَ فَقِيْهاً حَاسباً، شَاعِراً مُتَصَرِّفاً، مَا رَأَيْتُ أَفصحَ مِنْهُ لَهْجَةً، قَالَ لِي: مرضتُ، فَعَادنِي الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، فَقُلْتُ:
مَرِضْتُ فَارتَحْتُ إِلَى عَائِدٍ ... فَعَادَنِي العَالَمُ فِي وَاحِدِ
ذَاكَ الإِمَامُ ابْنُ أَبِي طَاهِرٍ ... أَحْمَدُ ذُو الفَضْلِ أَبُو حَامِدِ
وَرَوَى عَنْهُ مَنْ شعره: أَبُو الحُسَيْنِ ابْنُ النَّقُّوْرِ، وَالحَسَنُ بنُ أَبِي الحَدِيْد.
وَلَهُ كِتَاب (الاسْتَذْكَار) فِي المَذْهَب، كَبِيْر (5) .
__________
(1) " تارخ بغداد " 2 / 361 - 362.
(2) هي مدينة على شاطئ الفرات، وتسمى رحبة مالك بن طوق، انظر " معجم البلدان " 3 / 34.
(3) بالسين المهملة والجيم، وقد تصحف في " تاريخ بغداد " إلى: شريح، بالشين المعجمة والحاء المهملة.
(4) ص 128.
(5) قال السبكي: وهذا الكتاب عندي منه أصل صحيح على خطه، وهو كما قال ابن الصلاح: نفيس كثير الفوائد، ذو نوادر وغرائب، لا تصلح مطالعته إلا لعارف بالمذهب.
انظر " طبقات " السبكي 4 / 184.(18/53)
مَاتَ: فِي أَوّل ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ (1) وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة وَلَهُ تِسْعُوْنَ عَاماً، وَدُفِنَ بِبَابِ الفَرَادِيْس (2) ، وَشَيَّعَهُ خَلْقٌ عَظِيْم - رَحِمَهُ اللهُ -.
25 - الفَالِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ النَّحْوِيُّ *
بِفَاءٍ، الإِمَامُ، النَّحْوِيُّ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ سَلَّك (3) الفَالِيُّ، الخُوزِسْتَانِيُّ، الشَّاعِرُ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي عُمَرَ الهَاشِمِيّ، وَابنِ خَرْبَان النُّهَاوَنْدي، وَأَبِي الحَسَنِ بن النَّجَّار (4) ، وَعِدَّة.
وَسَكَنَ بَغْدَاد.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْب فِي (تَارِيْخِهِ (5)) وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الطُّيورِي، وَطَائِفَة.
__________
(1) كما قال ابن الصلاح: وفي " طبقات " الاسنوي 1 / 511 نقلا عن أبي إسحاق أنه توفي سنة تسع.
(2) هو أحد أبواب دمشق، ويقع شمال المسجد الأموي، وقريب منه المقبرة، وتسمى مقبره الدحداح، ولا يزال يدفن فيها إلى يومنا هذا.
(*) تاريخ بغداد 11 / 334، الأنساب 9 / 233، المنتظم 8 / 174 - 175، معجم البلدان 4 / 232، معجم الأدباء 12 / 226 - 230، الكامل 9 / 632، اللباب 2 / 409، العبر 3 / 216، البداية والنهاية 12 / 69، القاموس المحيط (فيل) ، تبصير المنتبه 2 / 787، النجوم الزاهرة 5 / 60، كشف الظنون 2 / 1389، شذرات الذهب 3 / 278، تاج العروس 8 / 69 (فيل) ، إيضاح المكنون 2 / 266، هدية العارفين 1 / 688.
والفالي: نسبة إلى فالة، بلدة قريبة من أيذج من بلاد خوزستان كما في " معجم " ياقوت، وقد وهم ابن كثير في " البداية " فوصفه بأنه صاحب " الامالي " وليس كذلك، فذاك هو أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي (بالقاف) المتوفى سنة (356) هـ، وقد صحفه صاحب " الشذرات " 3 / 278 إلى: القالي (بالقاف) ونسبه خطأ إلى قالي قلا من ديار بكر.
(3) ضبط في الأصل بفتح السين، وتشديد اللام وفتحها، وكذلك ضبطه ابن خلكان في الوفيات 3 / 316، وقال: هكذا وجدته مقيدا، ورأيته في موضع آخر بكسر السين وسكون اللام.
وضبطه الحافظ في " التبصير " بفتح السين وإسكان اللام، وضبطت في " الأنساب " ضبط قلم، سلك: بكسر ففتح.
وقد تحرف في " كشف الظنون " و" إيضاح المكنون " و" هدية العارفين ".
إلى " سليمان " بدل " سلك " و" أبو الحسن " إلى " أبو الحسين ".
(4) في " تاريخ بغداد " و" الأنساب " النجاد " بالدال ".
(5) 11 / 334.(18/54)
وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّد وَفضَائِل، وَقَدِ اشْتَرَى مِنْهُ الشَّرِيْفُ المرتضَى كِتَاب (الجَمْهَرَة (1)) بِسِتِّيْنَ دِيْنَاراً، فَإِذَا عَلَيْهَا لِلفَالِي (2) :
أَنِسْتُ بِهَا عِشْرِيْنَ حَوْلاً وَبِعْتُهَا ... لَقَدْ طَالَ وَجدِي بَعْدهَا وَحَنِينِي
وَمَا كَانَ ظَنِّي أَنَّنِي سَأَبِيعُهَا ... وَلَوْ خَلَّدَتْنِي فِي السُّجُونِ دُيُونِي
وَلَكِنْ لِضَعْفٍ وَافتِقَارٍ وَصِبْيَةٍ ... صِغَارٍ عَلَيْهِم تَسْتَهِلُّ شُؤُونِي (3)
وَقَدْ (4) تُخْرِجُ الحَاجَاتُ يَا أُمَّ مَالِك ... كَرَائِمَ مِنْ رَبٍّ بهنَّ ضَنِيْنِ (5)
تُوُفِّيَ الفَالِي: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
26 - السَّمَّانُ أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ *
الإِمَامُ الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ البَارِعُ المُتْقِنُ، أَبُو
__________
(1) هو كتاب " الجمهرة في اللغة " لابن دريد، وقد تحرف في الأصل إلى " الحميرة ".
(2) الابيات في " المنتظم " 8 / 174 - 175، و" معجم الأدباء " 12 / 228 - 229، و" وفيات الأعيان " 3 / 316.
(3) تستهل: تبكي.
وشؤوني: جمع شأن، وهو مجرى الدمع إلى العين.
وفي " المنتظم ": جفوني بدل: شؤوني.
وقد أورد ابن الجوزي وياقوت بعد هذا البيت بيتا آخر هو: فقلت ولم أملك سوابق عبرتي * مقالة مكوي الفؤاد حزين (4) في " المنتظم ": لقد.
(5) رواية هذا الشطر في " المنتظم ". ذخائر من رزء بهن ضنين.
وهذا البيت تضمين قاله أعرابي فيما ذكره الزبير بن بكار عن يوسف بن عياش، قال: ابتاع حمزة بن عبد الله بن الزبير جملا من أعرابي بخمسين دينارا، ثم نقده ثمنه، فجعل الاعرابي ينظر إلى الجمل ويقول: وقد تخرج الحاجات يا أم مالك * كرائم من رب بهن ضنين فقال له حمزة: خذ جملك والدنانير لك، فانصرف بجمله وبالدنانير.
(*) الأنساب 7 / 130 - 131، دول الإسلام 10 / 262، العبر 3 / 209، ميزان الاعتدال 1 / 239، تذكرة الحفاظ 3 / 1121 - 1123، مرآة الجنان 3 / 62 - 63، البداية والنهاية =(18/55)
سَعْدٍ (1) إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ.
وَقِيْلَ فِي جدِّهِ: الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَنْجُوَيْه الرَّازِيّ (2) ، السَّمَّان.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَلحق السَّمَاع مِنْ: أَبِي طَاهِر المُخَلِّص بِبَغْدَادَ، وَسَمِعَ بِالرَّيّ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ فَضَالَة، وَبِمَكَّةَ أَحْمَدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ فِرَاس، وَبِدِمَشْقَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيّ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ ابْنِ النَّحَّاسِ بِمَكَّةَ.
وَمَا أَظنُّهُ دَخَلَ مِصْرَ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر (3) :قَدِمَ دِمَشْق طَالبَ علم، وَكَانَ مِنَ المُكْثِرِيْنَ الجوَالِين، سَمِعَ مِنْ نَحْو أَرْبَعَةِ آلاَف (4) شَيْخ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكتَّانِي، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرَّيّ مِنْهُم: ابْنُ أَخِيْهِ طَاهِرُ بنُ الحُسَيْنِ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد.
__________
= 12 / 65، الجواهر المضية 1 / 424 - 427، لسان الميزان 1 / 421 - 422، النجوم الزاهرة 5 / 51، طبقات الحفاظ: 430، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 109، الطبقات السنية: رقم 514، منتهى المقال: 57، كشف الظنون 2 / 1890، شذرات الذهب 3 / 273، إيضاح المكنون 1 / 181، 602 و2 / 18، هدية العارفين 1 / 210، الرسالة المستطرفة: 59، تهذيب تاريخ دمشق 3 / 38، أعيان الشيعة 12 / 61 - 62.
(1) تحرف في " ميزان الاعتدال " و" البداية " و" كشف الظنون " إلى: سعيد.
(2) وهم محقق " النجوم الزاهرة "، فقال عند هذه النسبة: وفي " تاريخ بغداد ": الاستراباذي وهذا خطأ، إذ ليس له ترجمة في " تاريخ بغداد " إنما ذاك أبو سعد آخر.
(3) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 3 / 38.
(4) في " تهذيب " ابن عساكر: سمع الحديث من نحو من أربع مئة شيخ.(18/56)
أُنْبِئت عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ: أَخْبَرَنَا أَبِي (1) ، سَمِعْتُ مَعْمَرَ بن الفَاخر، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْل، وَعبد الرَّحِيْم بن عَلِيٍّ الحَاجِي يَقُوْلاَنِ:
سمِعنَا مُحَمَّدَ بنَ طَاهِرٍ الحَافِظ، سَمِعْتُ المرتضَى أَبَا الحَسَنِ المُطَهِّر بن عَلِيٍّ العَلَوِيّ بِالرَّيّ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا سَعدٍ السَّمَّان إِمَام المُعْتَزِلَة، يَقُوْلُ: مَنْ لَمْ يَكتُبِ الحَدِيْثَ لَمْ يَتَغَرْغَرْ بِحَلاَوَةِ الإِسْلاَم (2) .
وَبِهِ: قَالَ عَلِيٌّ: سَأَلْتُ أَبَا مَنْصُوْر عَبْدَ الرَّحِيْم بن مُظَفَّر بِالرَّيِّ عَنْ وَفَاة أَبِي سَعْدٍ السَّمَّان الرَّازِيّ، فَقَالَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ (3) .
قَالَ: وَكَانَ عَدْلِيَّ المَذْهَب - يَعْنِي: مُعْتَزِليَا (4) - وَكَانَ لَهُ ثَلاَثَةُ آلاَف وَسِتُّ مائَة شَيْخ (5) ، وَصَنَّفَ كتباً كَثِيْرَة، وَلَمْ يَتَأَهَّل قَطُّ.
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِي: كَانَ أَبُو سَعْدٍ مِنَ الحُفَّاظِ الكِبَار، زَاهِداً وَرِعاً، وَكَانَ يَذْهَب إِلَى الاعتزَال (6) .
أَنبؤونَا عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَلْبِيّ قَالَ:
وَجَدْتُ عَلَى ظهر جُزْء: مَاتَ الزَّاهِدُ أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ السَّمَّانُ فِي شَعْبَانَ سَنَة خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، شَيْخُ العَدْليَّة
__________
(1) هو الامام أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي، المعروف بابن عساكر، المتوفى سنة (571) هـ سترد ترجمته.
(2) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 3 / 38.
(3) في " تهذيب " ابن عساكر: وكانت وفاته سنة ثلاث، وقيل سبع، وقيل خمس وأربعين، وقد أورده ابن تغري بردي في وفيات سنة ثلاث وأربعين، وأورده ابن كثير في وفيات خمس وأربعين.
(4) لانهم يسمون أنفسهم " أهل العدل ".
(5) عقب الذهبي على هذا القول في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1122 بقوله: قلت: هذا العدد لشيوخه لا أعتقد وجوده ولا يمكن.
(6) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 3 / 38 - 39.(18/57)
وَعَالِمُهُم، وَفَقِيْهُهُم وَمُحَدِّثُهُم، وَكَانَ إِمَاماً بِلاَ مُدَافعَة فِي القِرَاءات، وَالحَدِيْثِ وَالرِّجَال، وَالفَرَائِضِ وَالشروط، عَالِماً بفقهِ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَبَالخلاَفِ بَيْنَ أَبِي حَنِيْفَةَ وَالشَّافِعِيّ وَفقه الزَّيْدِيَّة.
قَالَ: وَكَانَ يَذْهَبُ مَذْهَبَ الحَسَن البَصْرِيّ (1) ، وَمَذْهَبَ الشَّيْخ أَبِي هَاشِمٍ (2) ، وَدَخَلَ الشَّام وَالحِجَاز وَالمَغْرِب، وَقرَأَ عَلَى ثَلاَثَة آلاَف شَيْخ، وَقصد أَصْبَهَانَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ لطلب الحَدِيْث (3) .
قَالَ: وَكَانَ يُقَالُ فِي مَدحه: إِنَّهُ مَا شَاهَد مِثْلَ نَفْسِهِ، كَانَ تَارِيخ الزَّمَان وَشيخَ الإِسْلاَمِ (4) .
قُلْتُ: وَذَكَرَ أَشيَاء فِي وَصْفِهِ، وَأَنَّى يُوصَفُ مِنْ قَدِ اعتزلَ وَابتدعَ، وَبَالكِتَاب وَالسّنَة فَقَلَّ مَا انْتفع؟ فَهَذَا عِبْرَة، وَالتَّوفِيقُ فَمِنَ الله وَحْدَه.
هَتَفَ الذَّكَاءُ وَقَالَ لَسْتُ بنَافِعٍ ... إِلاَّ بتَوفِيقٍ مِنَ الوَهَّابِ
وَأَمَّا قَوْل القَائِل: كَانَ يَذْهَبُ مَذْهَبَ الحَسَنِ، فَمَرْدُوْدٌ، قَدْ كَانَتْ هَفْوَةٌ فِي ذَلِكَ مِنَ الحَسَنِ، وَثَبَتَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا (5) وَللهِ الحَمْدُ.
__________
(1) في " الجواهر المضية ": وكان يذهب مذهب أبي الحسين البصري، وأشار محققه إلى أنه ورد في " الطبقات السنية ": أبو الحسن، ثم قال: ولعل الصواب: " أبو عبد الله الحسين بن علي المتوفى سنة (369) هـ.
وهو ممن أخذ الكلام عن الجبائي " وكل ذلك خطأ.
والصواب ما هنا، وسيبين المؤلف ذلك في تعليقه على هذا الخبر.
(2) هو شيخ المعتزلة أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب البصري الجبائي،
المتوفى سنة (321) هـ، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (32) .
(3) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 3 / 38، 39.
(4) المصدر السابق.
(5) المقصود بذلك كلامه في القدر الذي ابتدعه المعتزلة، انظر ترجمة الحسن البصري في الجزء الرابع من هذا الكتاب برقم (223) .(18/58)
وَأَمَّا أَبُو هَاشِمٍ الجُبَّائِيُّ، وَأَبُوْهُ أَبُو عَلِيٍّ فَمِنْ رُؤُوْس المُعْتَزِلَة، وَمِنَ الجَهَلَةِ بآثَار النُّبُوَّة، برعُوا فِي الفلسفَة وَالكَلاَم، وَمَا شَمُّوا رَائِحَةَ الإِسْلاَم، وَلَوْ تَغَرْغَرَ أَبُو سَعدٍ بحَلاَوَة الإِسْلاَم، لاَنتَفَعَ بِالحَدِيْثِ.
فَنسَأَلُ الله تَعَالَى أَنْ يَحْفَظُ عَلَيْنَا إِيْمَاننَا وَتوحيدنَا.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنِيْر، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مَرْدَكْ بِالرَّيّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ عَلِيٍّ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بِمَكَّةَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ العَبَّاسِ الوَرَّاق، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ خَيْر، عَنْ عَلِيّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ:
خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا (1) -.
قَرَأْتُ عَلَى عِيْسَى بن عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَسُلَيْمَانَ بنِ قُدَامَةَ، وَأَبِي (2) عَلِيّ بن الخَلاَّل:
أَخبركُم جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا كُوهِي ابْنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَهْل بنِ عَسْكَر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ صَلاَةً مِنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخَذَ عَنْ عَطَاء، وَأَخَذَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَخَذَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 1 / 112 و113 و114 و115 و126 و128 من طرق عن عبد خير، عن علي، وأخرجه أحمد وابنه عبد الله 1 / 106 و110 و127 من طرق عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي، عن علي، وأخرجه البخاري (3671) في فضائل الصحابة، وأبو داود (4729) كلاهما من طريق محمد بن كثير، حدثنا سفيان، حدثنا جامع بن أبي راشد، حدثنا أبو يعلى، عن محمد بن الحنفية، قال: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: عمر، وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.
(2) في الأصل: أبو.(18/59)
الصِّدِّيْق، وَأَخَذَهَا أَبُو بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخَذَهَا عَنْ جِبْرِيْل عَنِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - (1) .
27 - ابْنُ بِشْرَانَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الأُمَوِيُّ *
الشَّيْخُ العَالِمُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ الوَاعِظِ الإِمَامِ أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الْملك بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بِشْرَانَ الأُمَوِيُّ؛ مَوْلاَهُم البَغْدَادِيُّ، رَاوِي (سُنَن الدَّارَقُطْنِيِّ) عَنِ المُصَنِّفِ.
وَسَمِعَ: عُبيدَ الله بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيّ، وَأَبَا عُمَر بن حَيُّويَه، وَمُحَمَّدَ بن المُظَفَّر، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ شَاذَانَ، وَطَبَقَتهُم.
وَكَانَ مِنَ المُكْثِرِيْنَ الثِّقَات.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيّ، وَأَبُو طَالِبٍ بنُ يُوْسُفَ، وَابْنُ عَمِّهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أَحْمَدَ رَاوِي (السُّنَن) وَأَبُو عَلِيٍّ البَرَدَانِي، وَعِدَّة.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ شُجَاعاً الذُّهْلِيّ عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ شَيْخاً جَيِّدَ السَّمَاع، حسنَ الأُصُوْلِ، صَدُوْقاً فِيمَا يَرْوِي مِنَ الحَدِيْثِ، قَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (2) :مَوْلِدُهُ فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
__________
(1) انظر مسند أبي بكر لأبي بكر المروزي رقم (137) بتحقيقنا.
(*) تاريخ بغداد 2 / 348 - 349، المنتظم 8 / 176، العبر 3 / 217، شذرات الذهب 3 / 278.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 349.(18/60)
وَفِيْهَا مَاتَ: كَبِيْرُ الشَّافِعِيَّة - بَعْد أَبِي الطَّيِّبِ (1) الإِمام - أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ نُمَيْرٍ الخُوَارَزمِيّ الضّرِير (2) ، وَالأَدِيْب أَبُو غَانِمٍ حُمَيْدُ ابْن المَأْمُوْن الهَمَذَانِيّ (3) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ المَالِكِيّ (4) ، رَاوِي (السيرَة) عَنِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (5) ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عبدُ الغَافِرِ بن مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيّ (6) ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الفَالِي المُؤَدِّب (7) ، بَصْرِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَاقِلاَّنِيّ (8) ، وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ مَسْرُوْر الزَّاهِد (9) ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمّدُ بنُ الحُسَيْنِ ابْن الطَّفَّال (10) بِمِصْرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ التَّرْجُمَان الغزِي (11) ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، وَالعَلاَّمَة أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّد بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الصّبَّاغُ (12) الشَّافِعِيّ؛ وَالِد العَلاَّمَة أَبِي نَصْرٍ (13) الشَّافِعِيّ، وَأَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّارِمِيُّ (14) ، الشَّافِعِيُّ، مُفْتِي دِمَشْق.
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (459) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (6) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (7) .
(4) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (447) .
(5) وهو أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (4) ، وقد حدث عنه عبد الله بن الوليد بالسيرة النبوية تهذيب ابن هشام.
(6) تقدمت ترجمته برقم (13) .
(7) تقدمت ترجمته برقم (25) .
(8) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (454) .
(9) تقدمت ترجمته برقم (8) .
(10) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (456) .
(11) تقدمت ترجمته برقم (22) .
(12) تقدمت ترجمته برقم (15) .
(13) سترد ترجمته برقم (238) .
(14) تقدمت ترجمته برقم (24) .(18/61)
28 - أَبُو مَسْعُوْدٍ البَجَلِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الإِمَامُ الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ، بَقِيَّةُ المَشَايِخِ، أَبُو مَسْعُوْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ شَاذَانَ (1) البَجَلِيُّ، الرَّازِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَبَكَّر بِهِ أَبُوْهُ المُحَدِّث الزَّاهِد مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، فَأَسَمَعَهُ مِنْ: أَبِي سَعِيْدٍ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الرَّازِيّ، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَان، وَحُسَيْنَك بن عَلِيٍّ التَّمِيْمِيّ، وَأَبِي طَاهِر بن خُزَيْمَةَ.
وَطلب هَذَا الشَّأْن، وَبَرَّزَ فِيْهِ عَلَى الأَقرَان.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ: أَبِي النَّضْرِ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ الشَّرْمَغُولِي (2) ، وَأَبِي بَكْرٍ الطِّرَازِي، وَأَبِي الحُسَيْنِ القَنْطَرِي، وَأَبِي مُحَمَّدٍ المَخْلَدي، وَشَافعٍ الإِسفرَايينِي، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ لاَل، وَأَحْمَدَ بن فِرَاس المَكِّيّ، وَأَبِي الحَسَنِ ابْن جَهْضَم، وَابْن فَارِس اللُّغَوِيّ، وَخَلْق.
__________
(*) تاريخ جرجان: 85 - 86، الأنساب 2 / 86، المنتخب: الورقة 26 ب - 27 أ، العبر 3 / 218 - 219، تذكرة الحفاظ 3 / 1125 - 1127، الوافي بالوفيات 8 / 28، طبقات الحفاظ: 431، شذرات الذهب 3 / 282.
والبجلي: بفتح الباء الموحدة والجيم، هذه النسبة إلى قبيلة بجيلة، وهو ابن أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث أخي الاسد بن الغوث، وقيل: إن بجيلة اسم أمهم، وهي من سعد العشيرة، وأختها باهلة ولدتا قبيلتين عظيمتين نزلت بالكوفة. " الأنساب " 2 / 85.
(1) في " تاريخ جرجان ": 85: ابن أبي بكر بن شاذان، وفي " الأنساب " 2 / 86: ابن أبي عمر بن شاذان.
(2) بفتح الشين وسكون الراء وفتح الميم وسكون الواو وفي آخرها لام، هذه النسبة إلى شر مغول، وهي قرية فيها قلعة حصينة بنسا، يقال لها بالعجمية: جمغول " الأنساب " 7 / 322.(18/62)
وَكَانَ يُسَافر فِي التجَارَة كَثِيْراً، كَثِيْرَ الأُصُوْل، عَارِفاً بِالحَدِيْثِ، جَيِّدَ الْفَهم، وَثَّقَهُ جَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ شرَاعَة، وَعبدُ الوَاحِد بنُ أَحْمَدَ الهَمْدَانِيّ الخَطِيْبُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيّ، وَظرِيفٌ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَعبدُ الرَّحْمَن بن مُحَمَّدٍ التَّاجِر، وَالحَافِظ إِسْمَاعِيْل بنُ عَبْدِ الغَافِر، وَآخَرُوْنَ.
اتَّفَقَ مَوْتُهُ بِبُخَارَى فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: كَانَ ثِقَةً، تَاجراً، كَثِيْرَ الكُتُب، عَارِفاً بِالحَدِيْثِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو العَلاَءِ بنُ سُلَيْمَانَ التَّنُوْخِي المَعَرِّي (1) صَاحِب التَّوَالِيف، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ الأَصْبَهَانِيُّ الصَّائِغ، وَشيخ الإِسْلاَم أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيّ (2) ، وَشَارح (الصَّحِيْح) أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ خَلَف بنِ بطّالٍ القُرْطُبِيّ (3) ، وَالمُقْرِئ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الخَبَّازِيُّ النَّيْسَابُوْرِيّ (4) ، وَشيخُ الإِمَامِيَّة أَبُو الفَتْحِ الكَرَاجَكِيُّ الرَّافضِيّ (5) .
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (16) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (17) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (20) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (18) .
(5) سترد ترجمته برقم (61) .(18/63)
29 - المَاوَرْدِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ *
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، أَقْضَى القُضَاةِ، أَبُو الحَسَنِ (1) عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ البَصْرِيُّ، المَاوَرْدِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ عَنِ: الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الجَبَلِي (2) ، صَاحِب أَبِي خَلِيْفَةَ الجُمَحِيّ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَدِيّ المِنْقَرِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُعَلَّى، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ الفَضْل.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَوَثَّقَهُ، وَقَالَ (3) :مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَقَدْ بلغَ سِتّاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَوَلِيَ القَضَاءَ بِبلدَان شَتَّى، ثُمَّ سَكَنَ بَغْدَاد.
__________
(*) تاريخ بغداد 12 / 102 - 103، طبقات الفقهاء للشيرازي: 131، الأنساب: ورقة 504 أ، المنتظم 8 / 199 - 200، معجم الأدباء 15 - 52 - 55، الكامل لابن الأثير 9 / 651، اللباب / 156، مختصر تاريخ دولة آل سلجوق: 24، طبقات ابن الصلاح: الورقة 70 ب، وفيات الأعيان 3 / 282 - 284، المختصر في أخبار البشر، دول الإسلام 1 / 265، العبر 3 / 223، ميزان الاعتدال 3 / 155، تتمة المختصر 1 / 549، مرآة الجنان 3 / 72 - 73، طبقات السبكي 5 / 267 - 285، طبقات الاسنوي 2 / 387 - 388، البداية والنهاية 12 / 80، طبقات ابن قاضي شهبة: ورقة / 23 / أ، لسان الميزان 4 / 260 - 261، النجوم الزاهرة 5 / 64، طبقات المفسرين للسيوطي: 25، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 423 - 425، مفتاح السعادة 1 / 322، طبقات ابن هداية الله: 151 - 152، كشف الظنون 1 / 19، 45، 140، 168، 408، 628 و2 / 1101، 1315، 1978، شذرات الذهب 3 / 285 - 287، روضات الجنات: 483، هدية العارفين 1 / 689.
(1) في " كامل " ابن الأثير، و" مختصر " أبي الفداء، وتتمته لابن الوردي: أبو الحسين.
(2) من بلاد الجبل كما نص عليه الحافظ في " التبصير " 1 / 294، وقد تحرفت في " العبر " و" الشذرات " إلى: الجيلي بالياء المثناة التحتية، وفي " لسان الميزان " إلى: الخليلي، وفي " طبقات السبكي " إلى: الحيلي، بالحاء المهملة والمثناة التحتية.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 102، 103.(18/64)
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (الطَّبَقَات (1)) :وَمِنْهُم أَقضَى القُضَاة المَاورديُّ، تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ الصَّيْمَرِيّ بِالبَصْرَةِ، وَارْتَحَلَ إِلَى الشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ الإِسفرَايينِي، وَدرس بِالبَصْرَةِ وَبغدَاد سِنِيْنَ، وَلَهُ مُصَنّفَات كَثِيْرَة فِي الفِقْه وَالتَّفْسِيْر، وَأُصُوْلِ الفِقْه وَالأَدب، وَكَانَ حَافِظاً لِلمَذْهَب.
مَاتَ بِبَغْدَادَ.
وَقَالَ القَاضِي شَمْسُ الدِّيْنِ فِي (وَفِيَات الأَعيَان (2)) :مَنْ طَالَعَ كِتَاب (الحَاوِي (3)) لَهُ يَشْهَد لَهُ بِالتَّبَحُّر وَمَعْرِفَة المَذْهَب، وَلِيَ قَضَاءَ بلاَد كَثِيْرَة، وَلَهُ تَفْسِيْر القُرْآن سَمَّاهُ (النّكت (4)) وَ (أَدب الدُّنْيَا وَالِدّين (5)) وَ (الأَحكَام السّلطَانِيَّة (6)) وَ (قَانُوْنَ الوزَارَة وَسيَاسَة
__________
(1) ص 131.
(2) 3 / 382.
(3) ويسمى " الحاوي الكبير ".
وقد نقل ابن الجوزي في " المنتظم " 8 / 199 عن الماوردي قوله: بسطت الفقه في أربعة آلاف ورقة، واختصرته في أربعين، يريد بالمبسوط: " الحاوي "، وبالمختصر: " الاقناع ". وقد ألفه في شرح " مختصر " المزني. وأجزاؤه المخطوطة مفرقة في مكتبات العالم.
وقد طبع منه أربعة أجزاء منتزعة في " أدب القاضي " بتحقيق الأستاذ يحيى هلال السرحان - بغداد - ديوان الاوقاف 1971 - 1978. وقد نقل السبكي في " طبقاته " عدة مسائل منه أثناء ترجمة المؤلف.
(4) ويسمى " النكت والعيون " وتوجد منه أجزاء مخطوطة. (انظر مقدمة: " أدب الدنيا والدين " لمصطفى السقا) .
(5) ويسمى أيضا: " البغية العليا في أدب الدين والدنيا " وموضوعه الاخلاق والفضائل الدينية من الناحية العلمية الخالصة، وبعضه في الآداب الاجتماعية، وهي التي سماها المؤلف " آداب المواضعة "، وقد جعله على خمسة أبواب، وقد طبع أول مرة في مطبعة الجوائب سنة 1299، ثم طبع بعد ذلك عدة مرات منها طبعة البابي الحلبي التي حققها الأستاذ مصطفى السقا.
(6) ويسمى: " الاحكام السلطانية في السياسة المدنية الشرعية "، و" الاحكام السلطانية والولايات الدينية "، ويعد هذا الكتاب هو وكتاب " غياث الأمم " لامام الحرمين أبي المعالي الجويني مثلا عاليا للفقه السياسي الإسلامي، وقد جعله مؤلفه على عشرين بابا، وهو أشبه =(18/65)
المُلك (1)) وَ (الإِقنَاع) مُخْتَصَر فِي المَذْهَب (2) .
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمْ يُظْهِرْ شَيْئاً مِنْ تَصَانِيْفه فِي حيَاتِهِ، وَجَمَعهَا فِي مَوْضِع، فَلَمَّا دَنَتْ وَفَاتُه، قَالَ لمَنْ يَثِقُ بِهِ: الكُتُبُ الَّتِي فِي المَكَان الفُلاَنِي كُلُّهَا تَصنِيفِي، وَإِنَّمَا لَمْ أُظْهِرهَا لأَنِّي لَمْ أَجِدْ نِيَّة خَالصَةً، فَإِذَا عَايَنْتُ المَوْتَ، وَوَقَعْتُ فِي النزع، فَاجعل يَدَكَ فِي يَدي، فَإِنَّ قبضتُ عَلَيْهَا وَعَصَرْتُهَا، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يُقبلْ مِنِّي شَيْءٌ مِنْهَا، فَاعْمَدْ إِلَى الكُتُب، وَأَلقهَا فِي دِجْلَة (3) ، وَإِن بَسَطْتُ يَدي، فَاعْلَمْ أَنَّهَا قُبِلَتْ.
قَالَ الرَّجُلُ: فَلَمَّا احتُضِرَ، وَضَعْتُ يَدي فِي يَدِهِ، فَبَسطهَا،
__________
= بدستور عام للدولة، وللاسس التي تقوم عليها، وقد نشر في بون عام 1853، وترجم إلى الفرنسية، ونشر في الجزائر عام 1915. وقد طبع بعد ذلك عدة طبعات بالعربية غير محققة.
(1) وهو كتاب واحد، وقد ذكره حاجي خليفة في موضعين في " كشف الظنون " 2 / 1011 و1315، وقد شرح فيه مؤلفه حال الوزير ومزاياه ووظيفته، بحيث يعد مرجعا في بابه، وقد نشرته مكتبة الخانجي بمصر عام 1929، ثم أعادت نشره دار الطليعة في بيروت عام 1979 بتحقيق ودراسة الدكتور رضوان السيد.
(2) وقد ألفه بطلب من الخليفة القادر بالله، فقال له بعد ما عرض عليه: حفظ الله عليك دينك كما حفظت علينا ديننا.
انظر " معجم الأدباء " 15 / 54 - 55.
ومن مؤلفاته الأخرى المطبوعة، كتاب " أعلام النبوة " وهو مختصر اشتمل على أمرين: أحدهما فيما اختص بأعلام النبوة، والثاني فيما يختلف من أقسامها وأحكامها، ويقع في أحد
وعشرين بابا، وقد طبع في مطبعة مصطفى محمد عام 1319 هـ.
وله من المؤلفات غير المطبوعة: " أمثال القرآن "، أو " الأمثال والحكم "، و" تسهيل النظر وتعجيل الظفر " في السياسة وأنواع الحكومات.
انظر مقدمة " أدب الدين والدنيا " بتحقيق مصطفى السقا.
ومن الابيات المنسوبة له: وفي الجهل قبل الموت موت لاهله * فأجسادهم دون القبور قبور وإن امرءا لم يحي بالعلم صدره * فليس له حتى النشور نشور انظر " معجم الأدباء " 15 / 53.
(3) زاد ابن خلكان: ليلا.(18/66)
فَأَظْهَرْتُ كُتُبهُ (1) .
قُلْتُ: آخرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ أَبُو العزِّ بنُ كَادش.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ: كَانَ رَجُلاً عَظِيْمَ القَدْرِ، مُتَقَدِّماً عِنْد السُّلْطَان، أَحَد الأَئِمَّةِ، لَهُ التَّصَانِيْفُ الحِسَان فِي كُلِّ فَن، بَيْنَهُ وَبَيْنَ القَاضِي أَبِي الطَّيب فِي الوَفَاة أَحَدَ عشرَ يَوْماً (2) .
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ الصَّلاَح: هُوَ مُتَّهَمٌ بِالاعتزَال (3) ، وَكُنْتُ أَتَأَوّلُ لَهُ، وَأَعْتَذِر عَنْهُ، حَتَّى وَجَدْتُهُ يَختَارُ فِي بَعْضِ الأَوقَات أَقْوَالهُم، قَالَ فِي تَفْسِيْرِهِ: لاَ يَشَاءُ عبَادَة الأَوثَان.
وَقَالَ فِي {جَعَلنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً} [الأَنعَام:112] مَعْنَاهُ: حَكَمْنَا بِأَنَّهُم أَعْدَاء، أَوْ تركنَاهُم عَلَى العدَاوَة، فَلَمْ نَمْنَعهُم مِنْهَا.
فَتَفْسِيْرُه عَظِيْم الضّرر، وَكَانَ لاَ يَتظَاهِر بِالاَنتسَاب إِلَى المُعْتَزِلَة، بَلْ يَتكتَّمُ، وَلَكِنَّهُ لاَ يُوَافقهُم فِي خَلْقِ القُرْآن، وَيُوَافقهُم فِي القَدَرِ (4) ، قَالَ فِي قَوْله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القَمَر:49] أَي: بِحُكْمٍ سَابِق.
وَكَانَ لاَ يَرَى صِحَّة الرِّوَايَة بِالإِجَازَة.
وَرَوَى خطيبُ المَوْصِلِ، عَنِ ابْنِ بَدْرَان الحُلْوَانِيّ، عَنِ المَاورديّ.
__________
(1) " وفيات الأعيان " 3 / 282 - 283، و" طبقات السبكي " 5 / 268، وفيه عقب هذه القصة: لعل هذا بالنسبة إلى " الحاوي "، وإلا فقد رأيت من مصنفاته غيره كثيرا وعليه خطه، ومنه ما أكملت قراءته عليه في حياته.
(2) " طبقات السبكي " 5 / 268.
(3) قال المؤلف في " ميزان الاعتدال " 3 / 155: صدوق في نفسه لكنه معتزلي، فتعقبه ابن حجر في " اللسان " 4 / 260 بقول: ولا ينبغي أن يطلق عليه اسم الاعتزال.
(4) الخبر بنحوه إلى هنا في " طبقات السبكي " 5 / 270.(18/67)
وَفِيْهَا مَاتَ: القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيّ (1) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَنِّي (2) ، وَالمُحَدِّثُ عَلِيُّ بنُ بَقَاءٍ الوَرَّاق، وَأَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ الحُسَيْنِ الخفَّاف (3) ، وَرَئِيْسُ الرُّؤَسَاء عَلِيّ بن المُسْلِمَة (4) الوَزِيْر، وَأَبُو الفَتْحِ مَنْصُوْر بن الحُسَيْنِ التَّانِي (5) .
30 - الجَوْهَرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ الآفَاقِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الشيرَازِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الجَوْهَرِيُّ، المُقَنَّعِي.
قَالَ: وُلِدَتُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ العَسْكَرِي، وَعَلِيّ بن لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَعَلِيّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَان، وَمُحَمَّدِ بن إِبْرَاهِيْمَ العَاقولِي، وَأَبِي (6) عَلِيٍّ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ العَطَشِيّ، وَعَلِيّ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي عَزَّة، وَعَلِيِّ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي العَصَب، وَأَبِي حَفْصٍ الزَّيَّات، وَالحُسَيْنِ بن مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْد الدَّقَّاق، وَعَبْد العَزِيْزِ بن الحَسَنِ
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (459) .
(2) سترد ترجمته برقم (46) .
(3) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (448) .
(4) سترد ترجمته برقم (104) .
(5) سترد ترجمته برقم (84) .
(*) تاريخ بغداد: 7 / 393، الأنساب 3 / 379، المنتظم 8 / 227 - 228، الكامل 10 / 24، اللباب 1 / 313 (الجوهري) و3 / 248 (المقنعي) ، دول الإسلام 1 / 267، العبر 3 / 231، البداية والنهاية 12 / 88، كشف الظنون 1 / 164، شذرات الذهب 3 / 292.
(6) ما بين معقوفتين سقط من الأصل، واستدرك من " المنتظم " 8 / 227.(18/68)
الصَّيْرَفِيّ، وَالحَسَنِ بن جَعْفَرٍ السِّمْسَار، وَعُبيدِ الله بن أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ، وَعُمَرَ بنِ شَاهِيْن، وَمُحَمَّدِ بن إِسْحَاقَ القَطِيْعِيّ، وَمُحَمَّد بن زَيْدِ بنِ مَرْوَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ كَيْسَان، وَمُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّر، وَعَبْد العَزِيْزِ بنِ جَعْفَرٍ الخِرَقِي، وَأَبِي عُمَرَ بن حَيُّويَه، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ شَاذَان، وَأَبِي الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَعَدَدٍ كَثِيْر.
وَكَانَ مِنْ بُحُوْر الرِّوَايَة.
رَوَى الكَثِيْر، وَأَملَى مَجَالِسَ عِدَّة.
وَحَدَّثَ عَنِ القَطِيْعِيّ بِمُسْنَدِ العَشْرَة، وَمُسْنَدِ أَهْل البَيْت مِنَ (المُسْنَد) وَبَالأَجزَاء القَطْيعيَّات الخَمْسَة، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى فِي الدُّنْيَا عَنْهُ بِالسَّمَاعِ وَالإِذنِ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ثِقَةً أَمِيناً، كَتَبْنَا عَنْهُ.
مَاتَ: فِي سَابع ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ: عَاشَ نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وقِيْلَ لَهُ: المُقَنَّعِي، لأَنَّه كَانَ يَتَطَيْلَسُ وَيَتَحَنَّكُ (2) كَالمِصْرِيّين.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلاَ، وَأَبُو عَلِيٍّ البردَانِي، وَأُبَيّ النَّرْسِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ بَدْرَان الحُلْوَانِيّ، وَالحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ السَّقْلاَطُونِي، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ المَأْمُوْن، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي الدُّوْرِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ طَالب الخِرَقِي، وَمُبَارَكُ بنُ عَمَّارٍ الوتَار، وَالمُعَمَّر بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْمَاطِيّ، وَأَبُو الخَطَّاب مَحْفُوْظُ بنُ أَحْمَدَ الحَنْبَلِيّ، وَمُظَفَّرُ بنُ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 393.
(2) يتطيلس: أي يلبس الطيلسان، وهو نوع من الاكسية الاعجمية، وأطلقه أحمد تيمور على ما يسمى الشال: انظر " معجم من اللغة " 3 / 620 - 621.
وتحنك: أدار العمامة من تحت حنكه، " القاموس ".(18/69)
عليّ المَالِحَانِي، وَأَبُو الوَفَاء عَلِيُّ بنُ عَقِيْل، وَهِبَة اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَرَضِي، وَهِبَةُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ الدِّيْنَوَرِيّ، وَيَحْيَى بنُ حَمْزَةَ الحَدَّاد، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيّ بن عَيَّاش الدَّباس، وَأَبُو طَالِبٍ بنُ يُوْسُفَ، وَقرَاتكين بنُ أَسْعَد، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُلُوْك، وَهِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ الكَاتِب، وَأَبُو غَالِبٍ ابْنُ البَنَّاء، وَقَاضِي المَرستَان أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيّ؛ خَاتمَة مِنْ سَمِعَ مِنْهُ.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَة: زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيّ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ ابْنِ خَيْرُوْنَ المُقْرِئ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي شَمْسٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ المُقْرِئ (1) ، وَالعَلاَّمَة أَبُو نَصْرٍ زُهَيْر بنُ الحَسَنِ السَّرْخَسِيّ (2) ، تِلْمِيْذُ أَبِي حَامِدٍ الإِسفرَايينِي؛ يَرْوِي عَنْ زَاهِر (3) بن أَحْمَدَ؛ وَكَبِيْرُ النُّحَاة أَبُو الحُسَيْنِ طَاهِرُ بنُ بَابْشَاذ المِصْرِيُّ الجَوْهَرِيُّ (4) ، وَالإِمَامُ أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن أَحْمَدَ بنِ بُنْدَار الرَّازِيُّ المُقْرِئ (5) ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ المُظَفَّرِ المِصْرِيّ الكَحَّال، وَمُسْنِد سَمَرْقَنْد أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَاهِيْن الفَارِسِيّ (6) ، وَالحَافِظُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ عبيدِ الله الزّهرَاوِيُّ القُرْطُبِيّ (7) يَرْوِي عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بن أَسَد. وَقَاضِي مِصْرَ أَبُو
__________
(1) سترد ترجمته برقم (62) .
(2) سترد ترجمته برقم (72) .
(3) هو زاهر بن أحمد بن محمد بن عيسى، أبو علي السرخسي، المتوفي سنة 389، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (352) .
(4) سترد ترجمته برقم (225) وفيها: أبو الحسن بدلا من: أبي الحسين، وفيها أيضا أنه توفي سنة (469) هـ وهو الصواب.
(5) سترد ترجمته برقم (73) .
(6) سترد ترجمته برقم (65) .
(7) سترد ترجمته برقم (105) .(18/70)
عَبْد اللهِ بنُ سَلاَمَةَ القُضَاعِي (1) ، مُؤلِّف (الشِهَاب) وَصَاحِبُ المَغْرِب المُعِزُّ بنُ بَادِيسَ الحِمْيَرِيّ شَرَفُ الدَّوْلَة (2) .
وَطَالَتْ أَيَّامُه.
31 - السُّمَيْسَاطِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الرَّئِيْسُ، النَّبِيْلُ، أَبُو القَاسِمِ (3) عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ، الحُبْشِيُّ (4) ، الدِّمَشْقِيُّ، المَعْرُوْف بِالسُّمَيْسَاطِيِّ، وَاقِفُ الخَانقَاهُ (5) الَّتِي كَانَتْ دَارَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ وَعَبْدِ الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْنُسَ المَقْدِسِيّ،
__________
(1) سترد ترجمته برقم (41) .
(2) سترد ترجمته برقم (75) .
(*) الإكمال 5 / 141 - 142، الأنساب 7 / 153، معجم البلدان 3 / 258، وفيه أن ابن عساكر أورده في ترجمة عبد العزيز بن مروان، الكامل 10 / 19، دول الإسلام 1 / 267، العبر 3 / 229، 230، القاموس المحيط (سميساط) ، تبصير المنتبه 2 / 751، النجوم الزاهرة 5 / 70، شذرات الذهب 3 / 291، الدارس 2 / 151، مختصر تنبيه الطالب: 144 - 145.
والسميساطي: بضم السين وفتح الميم وسكون الياء المثناة من تحتها، وفتح السين الثانية، وبعد الالف طاء مهملة، هذه النسبة إلى سميساط، وهي مدينة على شاطئ الفرات من الغرب في طرف بلاد الروم.
وقد تحرفت في " الكامل " إلى: الشمشاطي، وأشار في هامشه إلى أنه في نسخة أخرى: السميساطي.
(3) في " النجوم الزاهرة ": أبو محمد وأبو القاسم.
(4) قال السيوطي في " لب اللباب " 75: الحبشي، بفتحتين إلى الحبشة، وحبش بطن من حمير، وجد، وبالضم والسكون لغة فيهما.
وفي " معجم البلدان " 3 / 258: المعروف بالجميش، نقل ذلك عن ابن الاكفاني، ونقل عن ابن عساكر: الحبيش.
(5) كلمة فارسية، معرب: خانكاه، ويطلق على رباط الصوفية.(18/71)
وَأَبُو القَاسِمِ النَّسِيْب، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ قُبيسٍ المَالِكِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ ابْنُ سَعِيْد، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر: كَانَ مُتَقَدِّماً فِي علمِ الهَنْدَسَةِ وَالهَيْئَة (1) .
وَقَالَ الكَتَّانِي: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَقَدْ أَشْرَف عَلَى الثَّمَانِيْنَ، وَدُفِنَ بدَاره الَّتِي وَقفهَا عَلَى الصُّوْفِيَّة، وَوَقَفَ عُلوهَا عَلَى الجَامِع، وَوَقَفَ أَكْثَرَ نِعمته، وَكَانَ يذكُرُ أَنَّهُ وُلِدَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ (2) وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
سَمِعَ (المُوَطَّأ) وَجُزءَ ابْنِ خُرَيْم مِنَ الكِلاَبِيّ (3) .
قُلْتُ: قَبْرُه بِالخَانقَاه يُزَار.
32 - الجِيْلِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ العَبَّاسِ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ العَبَّاسِ الجِيْلِيُّ، الشَّافِعِيُّ، مِنْ عُلَمَاءِ جُرْجَانَ وَأَذْكِيَائِهِم.
رَوَى عَنْ: أَبِي طَاهِر بن مَحْمِش، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيّ فِي (تَارِيْخِهِ) :لَمْ يَبْقَ بِنَيْسَابُوْرَ مَنْ يَقَارِبُه وَلاَ مَنْ يُقَارنه.
صَارَ إِلَيْهِ التَّدرِيس وَالفَتْوَى، وَتُوُفِّيَ فِي رَجَب سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
__________
(1) انظر " الإكمال " 5 / 142.
(2) في " معجم البلدان ": سنة (77) .
(3) انظر " معجم البلدان " 3 / 258.
(*) لم نعثر على ترجمة في المصادر التي وقعت لنا.
والجيلي: بكسر الجيم وسكون الياء، هذه النسبة إلى بلاد متفرقة وراء طبرستان، ويقال لها: كيل وكيلان، فعرب ونسب إليها، وقيل: جيلي وجيلاني. " الأنساب ".(18/72)
33 - سِبْطُ بَحْرُوَيْه إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ السُّلَمِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّالِحُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو القَاسِمِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ، الكَرَّانِيُّ (1) ، الأَصْبَهَانِيُّ، وَيُعْرَفُ بِسِبْط بَحْرُوَيْه.
وَكَرَّان: مَحَلَّة مِنْ أَصْبَهَان.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ (مُسْنَد) أَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئ، وَكِتَاب (التَّفْسِيْر) لعَبْدِ الرَّزَّاقِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ مَنْدَة، وَقَالَ: كَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - صَالِحاً عَفِيْفاً، ثَقيلَ السَّمْع، مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (2) .
قُلْتُ: وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: سَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الخَلاَّل، وَفَاطِمَةُ العَلَوِيَّةُ أُمُّ المُجتَبَى، وَآخَرُوْنَ.
34 - ابْنُ عُمْرُوْسٍ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ
__________
(*) الأنساب 10 / 378 (الكراني) ، التقييد: الورقة / 50 / أ، العبر 3 / 235، شذرات الذهب 3 / 296.
(1) تحرفت في " الشذرات " إلى: الكيراني.
(2) انظر " الأنساب " 10 / 378.
(* *) تاريخ بغداد 2 / 339 - 340، طبقات الشيرازي: 169، ترتيب المدارك 4 / 762 - 763، الأنساب 9 / 54 - 55 (العمروسي) ، تبيين كذب المفتري: 264 - 265، المنتظم 8 / 218، الكامل لابن الأثير 10 / 13، العبر 3 / 228، البداية والنهاية 12 / 86، الديباج المذهب 2 / 238، القاموس المحيط مادة (العمرس) ، شذرات الذهب 3 / 290، تاج العروس 4 / 196 مادة (العمرس) .
وعمروس: ضبطه السمعاني بفتح العين، وضبطه الفيروز ابادي بضمها، ثم قال: وفتحه من لحن المحدثين.(18/73)
عُبَيْد (1) اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمْروس (2) البَغْدَادِيُّ، المَالِكِيُّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
سَمِعَ: أَبَا حَفْصٍ بنَ شَاهِيْن، وَأَبَا القَاسِمِ بن حَبَابَةَ (3) ، وَأَبَا طَاهِرٍ المُخَلِّص، وَغَيْرهُم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَقَالَ (4) :انْتَهَت إِلَيْهِ الفَتْوَى بِبَغْدَادَ.
قُلْتُ: وَكَانَ مِنْ كِبَارِ المُقْرِئِين.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (طَبَقَات الفُقَهَاء (5)) :كَانَ فَقِيْهاً أُصُوْليّاً صَالِحاً.
وَقَالَ أَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيّ: كَانَ رَجُلاً صَالِحاً، مِمَّنِ انْتَهَى إِلَيْهِ مَعْرِفَةُ مَذْهَب مَالِك بِبَغْدَادَ.
وَذَكَرَ ابْن عَسَاكِرَ فِي (تَبيين كذب المفترِي (6)) أَنَّهُ تُوُفِّيَ: فِي أَوّل سَنَة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (7) .
قُلْتُ: وَفِيْهَا مَاتَ أَمِيْرُ مِصْر بَعْد دِمَشْق، المَوْصُوْف بِالشَّجَاعَة،
__________
(1) تحرف في " العبر " إلى: عبد الله.
وفي " الكامل " " عبيد " بدون إضافة.
(2) تحرف في " المنتظم " إلى " عمرو بن " وفي " الكامل " إلى " أبو عمرو بن ".
(3) تصحف في " ترتيب المدارك " إلى: جباية، وفي " البداية " إلى: حبانة.
(4) " تاريخ بغداد " 2 / 339.
(5) ص 169.
(6) ص: 265.
(7) وهم صاحب " الديباج المذهب " فذكر أنه توفي سنة اثنتين وسبعين وثلاث مئة، وليس
كذلك، بل هذا تاريخ ولادته كما قاله المصنف وغيره، وقد وهم محقق الكتاب أيضا، فذكر في التعليق على ذلك أن مولده سنة (137) وهو خطأ أيضا.
وقد أورد الزبيدي في " تاج العروس " وفاته سنة (453) .(18/74)
نَاصِر الدَّوْلَة الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ صَاحِب المَوْصِل الحَسَنِ بن عَبْد اللهِ بنِ حَمْدَان التَّغْلِبِيّ (1) ، وَشيخُ هَمَذَان أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حُمَيْدٍ الذُّهْلِيُّ العَابِدُ (2) ، وَمُقْرِئُ مِصْر أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي سَعْدٍ القَزْوِيْنِيّ.
35 - أَبُو يَعْلَى الصَّابُوْنِيُّ إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ المُسْنِدُ، العَالِمُ، أَبُو يَعْلَى إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الصَّابُوْنِيُّ، أَخُو شَيْخِ الإِسْلاَمِ أَبِي عُثْمَانَ المَذْكُوْر (3) .
سَمِعَ كَأَخِيْهِ مِنْ: أَبِي سَعِيْدٍ عَبْد اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الرَّازِيّ، وَأَبِي طَاهِر بنِ خُزَيْمَةَ، وَالحَسَنِ بن أَحْمَدَ المَخْلَدِي، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ القَنْطرِي الخفَّاف، وَأَبِي مُعَاذٍ الشَّاه، وَأَبِي طَاهِرٍ المُخَلِّص، وَعبد الرَّحْمَنِ بن أَبِي شُرَيْح الهَرَوِيّ، وَعِدَّة.
وَخُرِّجَتْ لَهُ عَشْرَةُ أَجزَاء سمِعنَاهَا.
وَكَانَ يَنوبُ فِي الْوَعْظ عَنْ أَخِيْهِ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ عَسَاكِرَ: حَدَّثَنَا عَنْهُ زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الفَرَاوِي، وَهِبَةُ اللهِ السَّيِّدي، وَعُبيدُ الله بن مُحَمَّدٍ البَيْهَقِيّ.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (165) ، وفيها أنه توفي سنة (465) وهو الصواب.
(2) سترد ترجمته برقم (47) .
(*) الأنساب 8 / 6، المنتخب: الورقة 46 ب، المختار من ذيل السمعاني: الورقة / 148، العبر 3 / 235، الوافي بالوفيات 8 / 417، تبصير المنتبه 3 / 887، شذرات الذهب 3 / 296، تهذيب تاريخ ابن عساكر 2 / 448 - 449.
(3) تقدمت ترجمته برقم (17) .(18/75)
وَقَالَ عبدُ الغَافِرِ الفَارِسِيّ: هُوَ شَيْخٌ ظرِيفٌ ثِقَةٌ عَلَى طرِيقَة الصُّوْفِيَّة، سَمِعَ بنِيسَايورَ وَهرَاةَ وَبغدَاد.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ (1) .
وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ فِي تَاسع رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ خَمْسٍ (2) وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ سعَادَة بسَلَمَاس يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيّ وَأَخُوْهُ، فَنَزَلَ عَلَى جَدِّي، فَسمِعنَا مِنْهُمَا، وَكَانَ أَبُو يَعْلَى فِيْهِ دُعَابَة، فَكَانَ بَيْنَ يَدي أَخِيْهِ صَحْنُ حَلاَوَةٍ، فَأَكله، فَأَخَذَ جَدِّي صحناً مِنْ جِهَةِ أَبِي يَعْلَى، فَقرَّبَهُ إِلَى أَبِي عُثْمَانَ، فَقَالَ أَبُو يَعْلَى: أَخِي مَا يَكفِيه مَا هُوَ فِيْهِ مِنَ الأَمْوَال وَالحِشْمَة حَتَّى زَاحمنِي هَذِهِ الحَلاَوَة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ، عَنْ عبدِ المُعز بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الصَّابُوْنِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ السِّمْسَار، حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ وَمَالِك، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكلُوا وَاشربُوا حَتَّى تسَمِعُوا تَأْذِيْنَ ابْن أُمِّ مَكْتُوْم) (3) .
__________
(1) " تهذيب " ابن عساكر.
(2) في " تهذيب " ابن عساكر: وقيل: ست.
(3) إسناده صحيح، وهو في " مصنف عبد الرزاق " (1885) و (1886) ، وأخرج مالك في " الموطأ " برواية أبي مصعب كما في " شرح السنة " 2 / 299 بتحقيقنا، ومن طريقه البخاري (617) في الاذان: باب أذان الاعمى إذا كان له من يخبره، والبيهقي 10 / 426، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1 / 137 وأخرجه من طرق عن ابن شهاب بهذا الإسناد البخاري (2656) ومسلم (1092) (36) و (37) والترمذي (203) والنسائي 2 / 10، وابن خزيمة (401) والدارمي 1 / 269 وأحمد 2 / 9 و123، والطيالسي 1 / 186 =(18/76)
36 - أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ عُثْمَانَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، المُقْرِئُ، الحَاذِقُ، عَالِمُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدِ بنِ عُمَرَ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ، الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ، ثُمَّ الدَّانِي، وَيُعْرَف قَدِيْماً: بِابْنِ الصَّيْرَفِيِّ، مُصَنِّفُ (التَيْسِيْر) ، وَ (جَامِع البَيَانِ) وَغَيْر ذَلِكَ.
ذكر أَنَّ وَالِدَهُ أَخْبَرَهُ أَن مولدِي فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، فَابْتدَأْتُ بِطَلَب العِلْم فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ، وَرحلتُ إِلَى المَشْرِق سَنَة سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ، فَمَكَثْتُ بِالقَيْرَوَان أَرْبَعَةَ أَشهر، ثُمَّ تَوَجَّهتُ إِلَى مِصْرَ، فَدَخَلتُهَا فِي شَوَّال مِنَ السّنَة، فَمَكَثْتُ بِهَا سَنَةً، وَحَجَجْتُ.
__________
= وأخرجه من طريق عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر البخاري (622) و (1918) ومسلم (1092) (38) وابن خزيمة (1931) والدارمي: 1 / 270، وأحمد: 2 / 57، والبيهقي: 4 / 218، وابن الجارود في " المنتقى " (163) .
وأخرجه البخاري أيضا (7248) من طريق موسى ابن إسماعيل، عن عبد العزيز بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، وأخرجه مالك 1 / 74 من طريق عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، ومن طريقه البخاري (620) والنسائي:
2 / 10، والطحاوي: 1 / 138.
(*) جذوة المقتبس: 305، الصلة 2 / 405 - 407، بغية الملتمس: 411 - 412، معجم البلدان 2 / 434، معجم الأدباء 12 / 124 - 128، الاستدراك 1 / الورقة 213 ب، إنباه الرواة 2 / 341 - 342، صفة جزيرة الأندلس: 76، معرفة القراء الكبار 1 / 325 - 328، العبر 3 / 207، تذكرة الحفاظ 3 / 1120 - 1121، دول الإسلام 1 / 262، تلخيص ابن مكتوم: 166 - 167، مرآة الجنان 2 / 62، الديباج المذهب 2 / 84 - 85، غاية النهاية 1 / 503 - 505، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 2 / 127، تبصير المنتبه 2 / 621، طبقات المفسرين للسيوطي: 159، النجوم الزاهرة 5 / 54، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 373 - 376، مفتاح السعادة 2 / 47 - 48، نفح الطيب 2 / 135 - 136، كشف الظنون 1 / 135، 355، 520، شذرات الذهب 3 / 272، روضات الجنات: 467، هدية العارفين 1 / 653، الرسالة المستطرفة: 139، شجرة النور الزكية 1 / 115.
والداني: نسبة إلى دانية، مدينة بالاندلس من أعمال بلنسية على ضفة البحر شرقا، لها مرسى يسمى السمان. " معجم " ياقوت.(18/77)
قَالَ: وَرَجعتُ إِلَى الأَنْدَلُسِ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ، وَخَرَجتُ إِلَى الثَّغْرِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِ مائَة، فَسَكَنْتُ سَرَقُسْطَةَ سَبْعَةَ أَعْوَام، ثُمَّ رَجَعتُ إِلَى قُرْطُبَة.
قَالَ: وَقَدِمْتُ دَانِيَةَ سَنَة سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة (1) .
قُلْتُ: فَسكنهَا حَتَّى مَاتَ.
سَمِعَ: أَبَا مُسْلِمٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ الكَاتِب؛ صَاحِبَ البَغَوِيّ، وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخ لَهُ، وَأَحْمَدَ بن فِرَاس المَكِّيّ، وَعبدَ الرَّحْمَن بن عُثْمَانَ القُشَيْرِيَّ الزَّاهِد، وَعَبْدَ العَزِيْزِ بن جَعْفَرِ بنِ خوَاستَى (2) الفَارِسِيّ، نَزِيلَ الأَنْدَلُس، وَخَلَفَ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ خَاقَان المِصْرِيّ، وَتَلاَ عَلَيْهِمَا، وَحَاتِمَ بن عَبْدِ اللهِ البَزَّاز، وَأَحْمَدَ بنَ فَتحِ بن الرسَّان، وَمُحَمَّدَ بنَ خَلِيْفَةَ بنِ عبدِ الجَبَّار، وَأَحْمَدَ بنَ عُمَرَ بنِ مَحْفُوْظ الجِيْزِي، وَسَلَمَةَ بن سَعِيْدٍ الإِمَام، وَسلمُوْنَ بن دَاوُدَ القَرَوِي (3) ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ النَّحَّاسِ المِصْرِيّ، وَعَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ بَشِيْر الرَّبَعِي، وَعَبْدَ الوَهَّابِ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُنِيْر، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عِيْسَى الأَنْدَلُسِيّ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ أَبِي زَمَنِيْنَ، وَأَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بن مُحَمَّدٍ القَابسِي، وَعِدَّة.
وَتَلاَ أَيْضاً عَلَى أَبِي الحَسَنِ طَاهِر بن غَلبُوْنَ، وَأَبِي الفَتْحِ فَارِسِ بن أَحْمَدَ الضّرِير.
وَسَمِعَ: سَبْعَةَ ابْن مُجَاهِد (4) مِنْ أَبِي مُسْلِمٍ الكَاتِب
__________
(1) انظر " الصلة " 2 / 407، و" معجم الأدباء " 12 / 125 - 127، و" إنباه الرواة " 2 / 342.
(2) في " معرفة القراء الكبار ": خواست. وهي كلمة فارسية.
وفي الفارسية إذا وقعت الواو بين الخاء والالف، فإنها لا تلفظ، وتضم الخاء، فتقول: خاستى.
(3) نسبة إلى مدينة القيروان.
(4) في " معرفة القراء الكبار ": وسمع كتاب ابن مجاهد في اختلاف السبع.
وابن مجاهد: هو أبو بكر أحمد بن موسى بن مجاهد المتوفى سنة 324، وهو أول من اختار سبعة من أئمة القراء الكثيرين، فألف كتابه هذا في قراءاتهم، وقد طبع بتحقيق الدكتور شوقي ضيف.(18/78)
بسَمَاعِه مِنْهُ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ المُتْقنَة السَّائِرَة.
حَدَّثَ عَنْهُ وَقرَأَ عَلَيْهِ عددٌ كَثِيْر، مِنْهُم: وَلدُه أَبُو العَبَّاسِ، وَأَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي القَاسِمِ نَجَاح، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْن الدُّش، وَأَبُو الحُسَيْنِ يَحْيَى بنُ أَبِي زَيْدٍ ابْن البَيَّاز، وَأَبُو الذَّوَّاد (1) مُفرّج الإِقبالِي، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ المُفرِّج البَطَلْيَوْسِي، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ الفَصِيْح، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مُزَاحِم، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُبَشِّر، وَأَبُو القَاسِمِ خَلَفُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الطُّلَيطُلِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ فَرجٍ المُغَامِي (2) ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيّ؛ نَزِيلُ الإِسْكَنْدَرِيَّة، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ العَرَبِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ الفَرَجِ التُّجِيْبِيُّ المُغَامِي، وَأَبُو تَمَّام غَالِبُ بنُ عُبَيْد اللهِ القَيْسِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُعُوْد الدَّانِي، وَخَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرِيِّي ابْن العُرَيبِي، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَة: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَوْلاَنِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي حَمْزَةَ المُرسِي؛ خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَعَاشَ بَعْدَهُ سَبْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَهَذَا نَادر وَلاَ سِيَّمَا فِي المَغْرِب.
قَالَ المُغَامِي: كَانَ أَبُو عَمْرٍو مُجَابَ الدَّعْوَةِ، مَالِكِيَّ المَذْهَب (3) .
وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ (4) :هُوَ مُحَدِّثٌ مُكْثِر، وَمُقْرِئٌ مُتَقَدِّم، سَمِعَ بِالأَنْدَلُسِ وَالمَشْرِق.
__________
(1) تحرف في " تذكرة الحفاظ " إلى الدؤاد.
(2) نسبة إلى مغامة، مدينة بالاندلس، وقد تحرفت في الأصل إلى المقامي (بالقاف) .
(3) " الصلة " 2 / 406.
(4) في " جذوة المقتبس ": 305.(18/79)
قُلْتُ: المَشْرِق فِي عُرف المغَاربَة مِصْرُ وَمَا بَعْدهَا مِنَ الشَّام وَالعِرَاق، وَغَيْر ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ المَغْرِب فِي عُرف العَجم وَأَهْل العِرَاقِ أَيْضاً مِصْرُ، وَمَا تغرَّب عَنْهَا.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ بَشْكُوَال (1) :كَانَ أَبُو عَمْرٍو أَحَدَ الأَئِمَّةِ فِي علم القُرْآن روَايَاتِهِ وَتَفْسِيْرِهِ وَمعَانِيه، وَطُرُقِهِ وَإِعرَابه، وَجَمَعَ فِي ذَلِكَ كُلّه تَوَالِيف حسَاناً مُفِيْدَة، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بِالحَدِيْثِ وَطُرقه، وَأَسْمَاءِ رِجَاله وَنَقَلَتِهِ، وَكَانَ حَسَنَ الخطِّ، جَيِّدَ الضَّبْط، مِنْ أَهْلِ الذّكَاء وَالحِفْظِ، وَالتَّفَنُّنِ فِي العِلْمِ، دَيِّناً فَاضِلاً، وَرِعاً سُنِّيّاً.
وَفِي فَهرس ابْنِ عُبَيْدِ اللهِ الحَجَرِيّ قَالَ: وَالحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، قَالَ بَعْضُ الشُّيُوْخ: لَمْ يَكُنْ فِي عصره وَلاَ بَعْدَ عصره أَحَدٌ يُضَاهيه فِي حِفظه وَتحقيقه، وَكَانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ شَيْئاً قَطُّ إِلاَّ كَتَبتُهُ، وَلاَ كَتَبتُهُ إِلاَّ وَحَفِظْتُهُ، وَلاَ حَفِظتُهُ فَنسيتُهُ.
وَكَانَ يُسْأَل عَنِ المَسْأَلَةِ مِمَّا يَتَعَلَّق بِالآثَار وَكَلاَمِ السَّلَف، فَيُوردهَا بِجمِيْعِ مَا فِيْهَا مُسْنَدَة مِنْ شُيُوْخِهِ إِلَى قَائِلهَا.
قُلْتُ: إِلَى أَبِي عَمْرٍو المُنْتَهَى فِي تحَرِيْر عِلمِ القِرَاءات، وَعلمِ المَصَاحِف، مَعَ البرَاعَة فِي علم الحَدِيْث وَالتَّفْسِيْر وَالنَّحْو، وَغَيْر ذَلِكَ.
أَلف كِتَاب (جَامِع البيَان فِي السَّبْع) ثَلاَثَة أَسفَار فِي مَشْهُوْرهَا وَغرِيبهَا، وَكِتَاب (التَيْسِيْر (2)) ، وَكِتَاب (الاَقتصَاد) فِي السَّبْع،
__________
(1) في " الصلة " 2 / 406.
(2) وقد طبع في الهند.(18/80)
وَ (إِيجَاز البيَان) فِي قِرَاءة وَرش، وَ (التَّلخيص) فِي قِرَاءة وَرش أَيْضاً، وَ (الْمقنع) فِي الرَّسم، وَكِتَاب (المُحتوَى فِي القِرَاءات الشَّواذ) فَأَدخل فِيْهَا قِرَاءة يَعْقُوْب وَأَبِي جَعْفَرٍ، وَكِتَاب (طَبَقَات القُرَّاءِ) فِي مُجَلَّدَات، وَ (الأَرْجُوزَة فِي أُصُوْل الدِّيَانَة) ، وَكِتَاب (الْوَقْف وَالاَبتدَاء) ، وَكِتَاب (الْعدَد) ، وَكِتَاب (التَّمهيد فِي حرف نَافِع) مجلّدَان، وَكِتَاب (اللاَمَات وَالرَّاءات) لِوَرْشٍ، وَكِتَاب (الفِتَن الكَائِنَة) مُجَلَّد يَدلُّ عَلَى تَبَحُّرِهِ فِي الحَدِيْثِ، وَكِتَاب (الْهَمْزَتَيْنِ) مُجَلَّد، وَكِتَاب (اليَاءات) مُجَلَّد، وَكِتَاب (الإِمَالَة) لابْنِ العَلاَء مُجَلَّد.
وَلَهُ تَوَالِيف كَثِيْرَة صِغَار فِي جُزْء وَجزئِين (1) .
وَقَدْ كَانَ بَيْنَ أَبِي عَمْرٍو، وَبَيْنَ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ حَزْم وَحْشَةٌ وَمُنَافرَة شَدِيْدَة، أَفْضَتْ بِهِمَا إِلَى التَّهَاجِي، وَهَذَا مَذْمُومٌ مِنَ الأَقرَان، مَوْفُورُ الوجُوْد.
نَسْأَل اللهَ الصَّفْحَ.
وَأَبُو عَمْرٍو أَقوم قِيلاً، وَأَتبعُ لِلسُّنَّة، وَلَكِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ أَوسعُ دَائِرَةً فِي العُلُوْم، بلغتْ تَوَالِيف أَبِي عَمْرٍو مائَةً وَعِشْرِيْنَ كِتَاباً.
وَهُوَ القَائِلُ فِي أَرْجُوزته السَّائِرَة:
تَدْرِي أَخِي أَيْنَ طَرِيْقُ الجَنَّهْ ... طرِيْقُهَا القُرْآنُ ثُمَّ السُّنَّهْ
كِلاَهُمَا بِبَلَدِ الرَّسُولِ ... وَمَوْطِنِ الأَصْحَابِ خَيْرِ جيلِ
فَاتَّبِعَنْ جَمَاعَةَ المَدِيْنَهْ ... فَالعِلْمُ عَنْ نَبِيِّهم يَرْوُونَه
__________
(1) ومن كتبه المطبوعة: " المقنع في القراءات والتجويد "، وطبع باسم: " المقنع في معرفة رسوم مصاحف أهل الأمصار " بتحقيق محمد أحمد دهمان - مطبعة الترقي بدمشق 1960.
وانظر حول كتبه المخطوطة: معجم الدراسات القرآنية المطبوعة والمخطوطة، للدكتورة ابتسام مرهون الصفار، القسم الثالث.
المنشور في مجلة المورد البغدادية.
المجلد العاشر، العدد 3 - 4، 1981 ص: 391 - 416.(18/81)
وَهُمْ فَحُجَّةٌ عَلَى سِوَاهُمْ ... فِي النَّقلِ وَالقَوْلِ وَفِي فَتْوَاهُمْ
وَاعْتَمِدَنْ عَلَى الإِمَامِ مَالِك ... إِذْ قَدْ حوَى عَلَى جمِيْعِ ذَلِك
فِي الفِقْه وَالفَتْوَى إِلَيْهِ المُنْتَهَى ... وَصِحَّة النقلِ وَعلمِ مَنْ مَضَى
منهَا:
وَحُكَّ مَا تَجِدُ لِلقيَاسِ ... دَاوُدَ فِي دَفترٍ أَوْ قِرْطَاس
مِنْ قَوْله إِذْ خَرقَ الإِجمَاعَا ... وَفَارقَ الأَصْحَابَ وَالأَتْبَاعَا
وَاطَّرِحِ الأَهوَاءَ وَالمِرَاءَ ... وَكُلَّ قَوْلٍ وَلَّدَ الآرَاء
منهَا:
وَمِنْ عُقُودِ السُّنَّة الإِيْمَانُ ... بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ القُرْآنُ
وَبَالحَدِيْثِ المُسْنَد المَروِيِّ ... عَنِ الأَئِمَّةِ عَنِ النَّبِيِّ
وَأَنَّ رَبَّنَا قَديمٌ لَمْ يَزَلْ ... وَهُوَ دَائِمٌ إِلَى غَيْرِ أَجْل
منهَا:
كَلَّمَ مُوْسَى عَبْدَهُ تَكليمَا ... وَلَمْ يَزَلْ مُدَبِّراً حَكِيْمَا
كَلامُهُ وَقولُه قَدِيْمُ ... وَهُوَ فَوْقَ عَرْشِهِ العَظِيْمُ
وَالقَوْلُ فِي كِتَابِهِ المُفَصَّلُ ... بِأَنَّهُ كَلامُه المُنْزَّلُ
عَلَى رَسُوْلِهِ النَّبِيِّ الصَّادِقِ ... لَيْسَ بِمَخْلُوْق وَلاَ بِخَالِقِ
مَنْ قَالَ فِيْهِ: إِنَّهُ مَخْلُوْقُ ... أَوْ مُحْدَثٌ فَقولُه مُرُوْقُ
وَالوَقْفُ فِيْهِ بِدْعَةٌ مُضِلَّهْ ... وَمِثْلُ ذَاكَ اللَّفْظُ عِنْدَ الجِلَّهْ
كِلاَ الفَرِيْقَيْنِ مِنَ الجَهْمِيَّهْ ... الوَاقفُوْنَ فِيْهِ وَاللَّفْظِيَّهْ
أَهْوِنْ بِقَوْلِ جَهْمٍ الخَسِيسِ ... وَوَاصِلٍ وَبِشْرٍ المَرِيسِي
ذِي السُّخْفِ وَالجَهْلِ وَذِي العِنَادِ ... مُعَمَّر وَابْنِ أَبِي دُوَاد
وَابْن عُبَيْدٍ شَيْخِ الاعتزَالِ ... وَشَارِعِ البِدْعَةِ وَالضَّلاَلِ(18/82)
وَالجَاحِظ القَادحِ فِي الإِسْلاَمِ ... وَجبتِ هذِي الأُمَّةِ النَّظَّام
وَالفَاسِقِ المَعْرُوف بِالجُبَّائِي ... وَنَجْلِهِ السَّفِيهِ ذِي الخنَاء
وَاللاَّحِقِيِّ وَأَبِي هُذَيْلِ ... مُؤَيدي الكُفْر بِكُلِّ وَيْلِ
وَذِي العَمَى ضِرَارٍ المُرتَابِ ... وَشِبْهِهُم مِنْ أَهْلِ الارتيَابِ
وَبعدُ فَالإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمِلٌ ... وَنِيَّة عَنْ ذَاكَ لَيْسَ يَنْفَصِلْ
فَتَارَةٌ يَزِيْدُ بِالتَّشْمِيْرِ ... وَتَارَةٌ يَنْقُصُ بِالتَّقْصِير
وَحُبُّ أَصْحَابِ النَّبِيِّ فَرضٌ ... وَمَدْحُهُم تَزَلُّفٌ وَفَرْضُ
وَأَفْضَلُ الصَّحَابَةِ الصِّدِّيْقُ ... وَبَعْدَهُ المُهَذَّبُ الفَارُوْقُ
منهَا:
وَمِنْ صَحِيْحِ مَا أَتَى بِهِ الخَبَرْ ... وَشَاعَ فِي النَّاسِ قَديماً وَانتشر
نُزُولُ رَبِّنَا بِلاَ امتِرَاءِ ... فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ
مِنْ غَيْرِ مَا حدٍّ وَلاَ تَكييفِ ... سُبْحَانَهُ مِنْ قَادِرٍ لَطيفِ
وَرُؤْيَةُ المُهَيْمِنِ الجَبَّارِ ... وَأَنَّنَا نَرَاهُ بِالأَبْصَارِ
يَوْمَ القِيَامَةِ بِلا ازدِحَامِ ... كرُؤْيَةِ البَدْرِ بِلاَ غَمَامِ
وَضَغْطَةُ القَبْرِ عَلَى المقُبُوْرِ ... وَفِتنَةُ المُنْكَرِ وَالنَّكِيرِ
فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي هدَانَا ... لِوَاضِحِ السُّنَّةِ وَاجَتَبَانَا
وَهِيَ أَرْجُوزَة طَوِيْلَةٌ جِدّاً.
مَاتَ أَبُو عَمْرٍو: يَوْم نِصْفِ شَوَّال سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَدُفِنَ ليَوْمِهِ بَعْدَ العَصْر بِمَقْبَرَة دَانِيَة، وَمَشَى سُلْطَانُ البَلدِ أَمَام نَعْشِهِ، وَشَيَّعَهُ خَلْقٌ عَظِيْم - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - (1) .
__________
(1) انظر " الصلة " 2 / 407.(18/83)
37 - النَّرْسِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُقْرِئُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ ابْنُ الشَّيْخِ أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَسنُوْنَ، ابْن النَّرْسِيِّ البَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ تِلْكَ (المَشْيَخَةِ) .
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاق، وَعَلِيَّ بن عُمَرَ الحَرْبِيّ، وَابْنَ أَخِي مِيمِي، وَالمُعَافَى الجَرِيْرِيّ، وَطَبَقَتهُم بِبَغْدَادَ.
وَعَبْدَ الوَهَّابِ ابْن الحَسَنِ الكِلاَبِيّ، وَغَيْرهُ بِدِمَشْقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَقَالَ (1) :كَانَ ثِقَةً مِنْ أَهْلِ القُرْآن، وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو الْعِزّ بنُ كَادش، وَأَبُو غَالِبٍ بنُ البَنَّاء، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ البَاقِي، وَآخَرُوْنَ.
سمِعنَا (مشيختَه) مِنْ أَبِي حَفْصٍ القوَاس: أَنْبَأَنَا الكِنْدِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
وَمَاتَ مَعَهُ: أَبُو الوَلِيْدِ الدَّرْبَنْدي (2) ، وَقَاضِي قُرْطُبَة سرَاجُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأُمَوِيّ (3) ، وَشَمْسُ الأَئِمَّة عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ الحَلْوَائِي (4) ، وَالمُحَدِّث عَبْدُ
__________
(*) تاريخ بغداد 1 / 356، العبر 3 / 240، شذرات الذهب 3 / 301.
والنرسي: نسبة إلى نرس، وهو نهر حفره نرس بن بهرام بن بهرام بن بهرام بنواحي الكوفة، مأخذه من الفرات، عليه عدة قرى، وإليه تنسب الثياب النرسية. " معجم البلدان ".
(1) " تاريخ بغداد " 1 / 356.
(2) سترد ترجمته برقم (138) .
(3) سترد ترجمته برقم (95) .
(4) سترد ترجمته برقم (94) .(18/84)
العَزِيْز النَّخْشَبِيّ (1) ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بَرْهَان النَّحْوِيّ المُتَكَلِّم (2) ، وَأَبُو مُحَمَّدِ بنُ حَزْمٍ (3) ، وَأَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الخَشَّاب (4) ، وَالوَزِيْرُ عَمِيْد المُلك الكُنْدُرِي (5) .
38 - ابْنُ الآبَنُوْسِيِّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، ابْنُ الآبَنُوْسِيِّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ بن حَبَابَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنَ شَاهِيْن، وَابْن أَخِي مِيمِي، وَعَبْدَ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَارِب الإِصْطَخْرِيّ (6) ، وَأَبَا حَفْصٍ الكتَّانِي.
قَالَ الخَطِيْبُ (7) :كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ سَمَاعُهُ صَحِيْحاً (8) ، مَاتَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ: وَلَهُ (مشيخَةٌ) فِي جزئِين، رَوَاهَا عَنْهُ: أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ البَنَّاء.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (135) .
(2) سترد ترجمته برقم (64) .
(3) سترد ترجمته برقم (99) .
(4) سترد ترجمته برقم (83) .
(5) سترد ترجمته برقم (55) .
(*) تاريخ بغداد 1 / 356، الأنساب 1 / 93، المنتظم 8 / 238، الكامل لابن الأثير 10 / 49، اللباب 1 / 18.
(6) بكسر الالف وسكون الصاد وفتح الطاء المهملتين وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى إصطخر، وهي من بلاد فارس.
(7) " تاريخ بغداد " 1 / 356.
(8) زاد الخطيب: وكان يسكن التوثة، وسألته عن مولده، فقال: سنة إحدى وثمانين وثلاث مئة، وفي " المنتظم ": ولد ستة ست وسبعين وثلاث مئة.(18/85)
وَمَاتَ فِيْهَا: أَبُو إِبْرَاهِيْمَ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ مَيْمُوْن الحُسَيْنِيّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ العَيَّار، وَالمُوحِّد بنُ عَلِيِّ بنِ البُرِّي الدِّمَشْقِيّ.
39 - العَيَّارُ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ (1) ابْنُ أَبِي سَعِيْدٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نُعَيْمِ بنِ إِشكَابَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الصُّوْفِيُّ، المَعْرُوْفُ بِالعَيَّارِ.
ارْتَحَلَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَسَمِعَ (صَحِيْح البُخَارِيّ) بِمَرْو مِنْ مُحَمَّد بن عُمَرَ الشَّبُّوِي (2) .
وَسَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ المَخْلَدي، وَأَبِي طَاهِر بن خُزَيْمَةَ، وَأَبِي الفَضْل عُبيدِ الله بن مُحَمَّدٍ الفَامِي، وَأَبِي الحُسَيْنِ الخفَّاف، وَطَائِفَة.
انتقَى عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الفرَاوِي، وَزَاهِرٌ الشَّحَّامِيّ، وَأَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيّ، وَعِدَّة.
وَمِنْ أَصْبَهَان غَانِمُ بنُ أَحْمَدَ الجُلُودي، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيّ، وَحُسَيْنُ بنُ طَلْحَةَ الصَّالِحَانِي.
__________
(*) الإكمال 6 / 287، اللباب 1 / 66 (الاشكابي) ، التقييد: الورقة 107 أ - ب، العبر 3 / 241، الوافي بالوفيات 15 / 197 - 198، لسان الميزان 3 / 30 - 31، شذرات الذهب 3 / 304، تهذيب تاريخ ابن عساكر 6 / 118 - 119.
(1) سقط في " الشذرات " لفظ " سعيد " اسم المترجم، وذكر اسم أبيه مباشرة، ولم يذكر أيضا نسبته " العيار ".
(2) نسبة إلى شبويه، وهو اسم لبعض أجداد المذكور، كما في " العبر "، وقد تحرف شبويه هذا في " الشذرات " إلى (شبه) .
ويقال أيضا في نسبته الشبوبي (بياءين) ، وقد تحرفت في " الوافي " إلى الشبوني (بالنون) .
وانظر الكلام عن هذه النسبة في " الإكمال " 5 / 107 تعليق رقم (5) للعلامة اليماني رحمه الله.(18/86)
وَعَتِيْقُ بنُ الحُسَيْنِ الرُّوَيْدَشْتِي (1) ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عبدُ الغَافِرِ بن إِسْمَاعِيْلَ: سَمِعَ (الصَّحِيْح) بِمَرْو.
قُلْتُ: وَسَمِعَ بهَرَاة مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي شُرَيْح.
قَالَ السِّلَفِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ السَّمْعَانِيّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ صَالِح بن أَبِي صَالِحٍ المُؤَذِّن يَقُوْلُ:
كَانَ أَبِي سَيِّءَ الرَّأْي فِي سَعِيْد العَيَّار، وَيَطعنُ فِيمَا رَوَى عَنْ بِشْرِ بنِ أَحْمَدَ الإِسفرَايينِيّ خَاصَّة.
قُلْتُ: لِهَذَا مَا خَرَّجَ لَهُ البَيْهَقِيّ عَنْ بِشْرٍ شَيْئاً، وَسَمَاعُه مِنْهُ مُمْكِن، فَقَدْ ذَكَرَ الحَافِظ ابْنُ نَقطَة أَنَّ مَوْلِدَ العيَّار فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَخَرَّج لَهُ البَيْهَقِيّ، عَنْ زَاهِر بن أَحْمَدَ.
قَالَ فَضلُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّبَسِي: كَانَ العَيَّار شَيْخاً بَهِيّاً ظرِيفاً، مِنْ أَبْنَاءِ مائَةٍ وَاثنتِي عَشْرَة سَنَةً.
وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ لاَ يُحَدِّثُ بِشَيْءٍ، فَرَأَى بِدِمَشْقَ رُؤْيَا حَمَلَتْهُ عَلَى أَنْ رَوَى.
قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَلَقَّانِي أَبُو بَكْرٍ برِسَالَة مِنْهُ يَقُوْلُ: كَيْفَ لاَ تَروِي أَخْبَارِي وَتَنْشُرُهَا؟
قَالَ: فَأَنَا مُنْذُ ذَلِكَ أَطُوْفُ فِي البُلْدَان، وَأَروِي مَسموعَاتِي (2) .
قَالَ غَيْثٌ الأَرْمنَازِي: سَأَلتُ جَمَاعَة: لِمَ سُمِّيَ العَيَّار؟
قَالُوا: لأَنَّه كَانَ فِي ابْتدَائِهِ يَسلُكُ مسَالِكَ العَيَّارِيْنَ (3) .
__________
(1) بضم الراء وفتح الواو وسكون الياء وفتح الدال المهملة وسكون الشين المعجمة وفي آخرها تاء مثناة، هذه النسبة إلى رويدشت، قرية من قرى أصبهان.
انظر " الأنساب ".
(2) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 6 / 119.
(3) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 6 / 119.(18/87)
قَالَ ابْنُ طَاهِر فِي كِتَابِ (الضُّعَفَاءِ (1)) :يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ لرِوَايَته كِتَاب (اللُّمَع) عَنْ أَبِي نَصْرٍ السَّرَّاج، وَكَانَ يَزْعُم أَنَّهُ سَمِعَ الأَرْبَعِيْنَ لِمُحَمَّدِ بنِ أَسْلَمَ مِنْ زَاهِر السَّرْخَسِيّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدَ الوَاحِدِ الدَّقَّاق: رَوَى العَيَّار عَنْ بِشْرِ بنِ أَحْمَدَ، وَبِئسَ مَا فَعل، أَفسدَ سَمَاعَاتِه الصّحيحَة بِرِوَايَته عَنْهُ.
قَالَ عبدُ الغَافِر: مَاتَ العَيَّار بغَزْنَة فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَة سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَم، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ عَسَاكِر، عَنْ عبدِ الْمعز ابْن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الفُضِيْلِيُّ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَيَّار، أَخْبَرَنَا عُبيدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قضَى رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَنِيْنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَان سَقَطَ مَيتاً بِغُرَّةٍ، عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، ثُمَّ إِنَّ المَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا تُوُفِّيَت، فَقَضَى رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ مِيْرَاثهَا لِبَنِيهَا وَزوجِهَا، وَأَنَّ العَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ (2) .
__________
(1) الخبر في " تهذيب ابن عساكر " وفيه: في كتابه " تكملة الكامل في ضعفاء المحدثين ". و" لسان الميزان " 3 / 30 - 31.
(2) هو في صحيح البخاري (5758) في الطب: باب الكهانة، و (6740) في الفرائض: باب ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره، و (6909) و (6910) في الديات: باب جنين المرأة، ومسلم (1681) (35) في القسامة: باب دية الجنين، وسنن أبي داود (4576) و (4577) والترمذي (2111) والنسائي 8 / 47 و48 و49 في القسامة: باب دية جنين المرأة، وأخرج أحمد 2 / 236 و274 و438 و498 و535 و539 والشافعي (1458) و1459، والدارمي 2 / 197، والطحاوي 3 / 205، والطيالسي 1 / 295، وابن الجارود (776) ، والبيهقي 8 / 70 و105 و112 و114.(18/88)
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو إِبْرَاهِيْمَ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ مَيْمُوْن الحُسَيْنِيّ بِمِصْرَ، وَالموحَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ البُرِّي بِدِمَشْقَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الآبَنُوْسِيّ (1) ، وَعَالِي بن النَّحْوِيّ عُثْمَان بن جِنِّي.
40 - القَاضِي أَبُو يَعْلَى البَغْدَادِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحنَابِلَةِ، القَاضِي، أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، ابْنُ الفَرَّاءِ، صَاحِبُ (التَّعليقَةِ) الكُبْرَى، وَالتَّصَانِيْفِ المُفِيْدَةِ فِي المَذْهَبِ.
وُلِدَ: فِي أَوّل سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ: عَلِيَّ بن عُمَرَ الحَرْبِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بن سُوَيْدٍ، وَأَبَا القَاسِمِ بن حَبَابَةَ، وَعِيْسَى بنَ الوَزِيْر، وَابْنَ أَخِي مِيمِي، وَأُمَّ الفَتْح بِنْتَ أَحْمَدَ بنِ كَامِل، وَأَبَا طَاهِرٍ المُخَلِّص، وَأَبَا الطّيب بنَ مُنتَاب، وَابْنَ مَعْرُوفٍ القَاضِي، وَطَائِفَة.
وَأَملَى عِدَّة مَجَالِس.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَأَبُو الخَطَّاب الكَلْوَذَانِيّ، وَأَبُو الوَفَاء بنُ عَقِيْل، وَأَبُو غَالِبِ بنُ البَنَّاء، وَأَخُوْهُ يَحْيَى بنُ البَنَّاء، وَأَبُو العِزِّ بنُ كَادش، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، وَابْنُه القَاضِي أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّد
__________
(1) تقدمت ترجمته قبل هذه الترجمة مباشرة.
(*) تاريخ بغداد 2 / 256، طبقات الحنابلة 2 / 193 - 230، الأنساب 9 / 246 (الفراء) ، مناقب الامام أحمد: 520 - 521، المنتظم 8 / 243 - 244، الكامل لابن الأثير 10 / 52، اللباب 2 / 413 - 414 (الفراء) ، المختصر في أخبار البشر 2 / 186، دول الإسلام 1 / 269، العبر 3 / 243 - 244، تتمة المختصر 1 / 560، الوافي بالوفيات 3 / 7 - 8، البداية والنهاية 12 / 94، 95، مختصر طبقات الحنابلة للنابلسي: 377، كشف الظنون 1 / 3 و2 / 1732، شذرات الذهب 3 / 306 - 307، هدية العارفين 2 / 72.(18/89)
بنِ الفَرَّاء، وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الزَّوزنِي.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ المُقْرِئ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ.
أَفتَى وَدرَّس، وَتَخرَّج بِهِ الأَصْحَاب، وَانتهتْ إِلَيْهِ الإِمَامَةُ فِي الفِقْهِ، وَكَانَ عَالِمَ العِرَاق فِي زَمَانِهِ، مَعَ مَعْرِفَةٍ بعلُوْمِ القُرْآن وَتَفْسِيْرِهِ، وَالنَّظَرِ وَالأُصُوْل، وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ أَعْيَانِ الحَنَفِيَّة، وَمِنْ شُهُوْد الحَضْرَة، فَمَاتَ وَلأَبِي يَعْلَى عَشْرَةُ أَعْوَام، فَلَقَّنَهُ مُقْرِئُهُ العِبَادَات مِنْ (مُخْتَصَر) الخِرَقِي، فَلَذَّ لَهُ الفِقْهُ، وَتَحَوَّل إِلَى حَلْقَة أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ حَامِد (1) ، شَيْخ الحنَابلَة، فَصحبه أَعْوَاماً، وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ عِنْدَهُ، وَتَصدَّر بِأَمره لِلإِفَادَة سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِ مائَة، وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ مِنْ عَلِيِّ بنِ مَعْرُوف فِي سَنَةِ (385) .
وَقَدْ سَمِعَ بِمَكَّةَ وَدِمَشْقَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ، وَبحلبَ، وَجَمَعَ كِتَاب (إِبطَال تَأْويل الصِّفَات) فَقَامُوا عَلَيْهِ لمَا فِيْهِ مِنَ الوَاهِي وَالمَوْضُوْع، فَخُرِجَ إِلَى العُلَمَاء مِنَ القَادِر بِاللهِ المُعْتَقِدُ الَّذِي جَمَعه، وَحُمِلَ إِلَى القَادِر كِتَابُ (إِبطَال التَّأْوِيْل) فَأَعْجَبه، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ وَفتن - نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَة - ثُمَّ أَصلحَ بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ الوَزِيْرُ عَلِيُّ بنُ المُسْلِمَة، وَقَالَ فِي الملأَ: القُرْآن كَلاَمُ الله، وَأَخْبَارُ الصِّفَات تُمَرُّ كَمَا جَاءتْ (2) .
ثُمَّ وَلِي أَبُو يَعْلَى القَضَاءَ بِدَارِ الخِلاَفَة وَالحَرِيْم، مَعَ قَضَاء حَرَّان (3) وَحُلْوَان (4) ، وَقَدْ تَلاَ بِالقِرَاءاتِ الْعشْر، وَكَانَ ذَا عِبَادَة وَتَهَجُّدٍ، وَمُلاَزِمَةٍ
__________
(1) هو أبو عبد الله الحسن بن حامد البغدادي الوراق الحنبلي، المتوفى سنة (403) هـ.
وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر من هذا الكتاب برقم (116) .
(2) انظر " طبقات الحنابلة " 2 / 197 - 198.
(3) هي قصبة ديار مضر، بينها وبين الرها يوم، وبين الرقة يومان، وهي على طريق الموصل والشام والروم " معجم البلدان ".
(4) هي حلوان العراق، وهي في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد " معجم " ياقوت.
وانظر الخبر بأطول مما هنا في " طبقات الحنابلة " 2 / 199.(18/90)
لِلتَّصنِيف، مَعَ الجَلاَلَة وَالمهَابَة، وَلَمْ تَكن لَهُ يَدٌ طُولَى فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْث، فَرُبَّمَا احتجَّ بِالوَاهِي.
تَفقَّه عَلَيْهِ أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الهَاشِمِيّ، وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ الغُبَارِي، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ البَنَّاء، وَأَبُو الوَفَاءِ بنُ القوَاس، وَأَبُو الحَسَنِ النَّهْرِي، وَابْنُ عَقِيْلٍ، وَأَبُو الخَطَّاب، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَدَّا، وَأَبُو يَعْلَى الكَيَّال، وَأَبُو الفَرَجِ الشِّيْرَازِيّ.
أَلَّف كِتَاب (أَحكَام القُرْآن) ، وَ (مَسَائِل الإِيْمَان) ، وَ (المُعْتَمِد) ، وَمُخْتَصَره، وَ (الْمُقْتَبس) ، وَ (عُيُون المَسَائِل) ، وَ (الرَّدّ عَلَى الكَرَّامِيَّة) ، وَ (الرَّدّ عَلَى السَّالمِيَّة وَالمجِسْمَة) ، وَ (الرَّدّ عَلَى الجَهْمِيَّة) ، وَ (الكَلاَم فِي الاسْتِوَاء) ، وَ (الْعدة) فِي أُصُوْل الفِقْه (1) ؛وَمُخْتَصَرهَا، وَ (فضَائِل أَحْمَد) ، وَكِتَاب (الطِّبّ) ، وَتوَالِيف كَثِيْرَة سُقتهَا فِي (تَارِيخ الإِسْلاَم (2)) .
وَكَانَ مُتَعَفِّفاً، نَزِهَ النَفْسِ، كَبِيْرَ القَدْرِ، ثَخين الوَرَع.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَمَاتَ فِيْهَا: البَيْهَقِيّ (3) ، وَقَاضِي سَارِيَة أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّرَوِي (4) ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ غَالِبٍ المُقْرِئ، وَأَبُو الطَّيِّبِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ شَمَةَ (5) ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ سيدَه (6) - صَاحِب
__________
(1) وقد طبع في ثلاثة أجزاء بتحقيق الدكتور أحمد علي المباركي.
(2) وأوردها أيضا ابنه أبو الحسين في " طبقات الحنابلة " 2 / 205 - 206.
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (86) .
(4) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (80) .
(5) ضبطت في الأصل بتشديد الميم، وانظر ضبطها في ترجمته الواردة برقم (82) .
(6) سترد ترجمته برقم (78) .(18/91)
(المُحْكَم) - وَالقَاضِي أَبُو عَاصِمٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ العَبَّادِيُّ بهَرَاة (1) .
41 - القُضَاعِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمَةَ بنِ جَعْفَرٍ *
الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، القَاضِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمَةَ بنِ جَعْفَرِ بنِ عَلِيٍّ القُضَاعِيُّ، المِصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، قَاضِي مِصْرَ، وَمُؤلِّفُ كِتَاب (الشِّهَاب (2)) مُجَرَّداً وَمُسْنَداً.
سَمِعَ: أَبَا مُسْلِمٍ مُحَمَّدَ بن أَحْمَدَ الكَاتِب، وَأَحْمَدَ بن ثَرْثَال (3) ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ جَهْضَم، وَأَحْمَدَ بن عُمَرَ الجِيْزِي، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ النَّحَّاسِ المَالِكِيّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلاَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ عَبْد
__________
(1) سترد ترجمته برقم (97) .
(*) الإكمال 7 / 147، الأنساب 10 / 180 - 181، اللباب 3 / 43، وفيات الأعيان 4 / 212، 213، المختصر في أخبار البشر 2 / 181، دول الإسلام 1 / 267، العبر 3 / 233، مرآة الجنان 3 / 75، الوافي بالوفيات 3 / 116 - 117، طبقات السبكي 4 / 150 - 151، طبقات الاسنوي 2 / 312 - 313، حسن المحاضرة 1 / 403، 404، كشف الظنون 1 / 165، 172، 293 و2 / 1067، شذرات الذهب 3 / 293، إيضاح المكنون 1 / 462، هدية العارفين 2 / 71، الرسالة المستطرفة: 76.
(2) واسمه: " شهاب الاخبار في الحكم والامثال والآداب، من الأحاديث النبوية ".
قال في أوله: " جمعت كتابي هذا مما سمعته من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف كلمة من الحكمة في الوصايا والآداب والمواعظ والامثال، وجعلتها مسرودة يتلو بعضها بعضا، محذوفة الأسانيد مبوبة أبوابا على حسب تقارب الألفاظ، ثم زدت مئتي كلمة، وختمت الكتاب بأدعية مروية عنه عليه الصلاة والسلام، وأفردت الأسانيد جميعها كتابا يرجع في معرفتها إليه " وله " مسند الشهاب " جمع فيه أسانيد ما تضمنه كتاب الشهاب، وقد قام بتحقيقه، وتخريج أحاديثه الشيخ الفاضل حمدي عبد المجيد السلفي، وتتولى نشره مؤسسة الرسالة، ويقع في ثلاثة مجلدات.
(3) تصحف في " طبقات " السبكي إلى: " بربال ".(18/92)
الجَلِيْل السَّاوِي (1) ، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ الإِسفرَايينِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ النَّسِيْب، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الرَّازِيّ، وَآخَرُوْنَ مِنَ المغَاربَة وَالرَّحَّالَة.
قَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ (2) :كَانَ مُتَفَنِّناً فِي عِدَّة علُوْم، لَمْ أَرَ بِمِصْرَ مَنْ يَجرِي مجرَاهُ.
قَالَ غِيثٌ الأَرْمَنَازِي: كَانَ يَنوبُ فِي القَضَاءِ بِمِصْرَ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ مِنْهَا: (تَارِيخٌ مُخْتَصَر) ؛مِنْ مُبتدَأَ الْخلق إِلَى زَمَانه فِي مُجَيْلِيد (3) ، وَكِتَاب (أَخْبَار الشَّافِعِيّ) .
وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ (مُعْجَمٌ) لِشُيُوْخه، وَكِتَاب (دُسْتُور الحكم) كتب عَنْهُ الحُفَّاظ كَأَبِي بَكْرٍ الخَطِيْب، وَأَبِي نَصْرِ بنِ مَاكُوْلاَ.
وَقَالَ الفَقِيْه نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: قَدِمَ عَلَيْنَا القُضَاعِي صُوْرَ رَسُوْلاً مِنَ المِصْرِيّين إِلَى بلد الرُّوْم، فَذَهَبَ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ، ثُمَّ رويتُ عَنْهُ بِالإِجَازَة.
وَقَالَ السِّلَفِيُّ: كَانَ مِنَ الثِّقَاتِ الأَثْبَاتِ، شَافعِيَّ المَذْهَب وَالاعْتِقَاد، مَرْضِيَّ الجُمْلَة (4) .
قَالَ الحَبَّال: مَاتَ بِمِصْرَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
__________
(1) بفتح السين المهملة وبعد الالف واو. هذه النسبة إلى ساوة، وهي مدينة بين الري وهمذان.
(2) في " الإكمال " 7 / 147.
(3) واسمه: " عيون المعارف وفنون أخبار الخلائف "، جمع فيه مؤلفه جملا من أنباء الأنبياء، وتاريخ الخلفاء، وولايات الملوك والأمراء، ورتبه على السنين الهجرية، ووصل فيه إلى سنة 422، اي إلى الدولة العبيدية.
ويوجد منه عدة نسخ منها نسخة بدار الكتب المصرية 1779 تاريخ.
انظر " فهرس المخطوطات المصورة " الجزء الثاني رقم (347) و (747) و (1146) .
(4) انظر " الوافي بالوفيات " 3 / 116، و" طبقات السبكي " 4 / 151.(18/93)
42 - المَغْرِبِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ خَلَفٍ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الأَمِيْنُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ خَلَفِ بنِ حَمُّوْد المَغْرِبِيُّ الأَصْلِ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي طَاهِر بن خُزَيْمَةَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيّ، وَالحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ الجَوْزَقِي، وَأَبِي مُحَمَّدٍ المَخْلَدي، وَعُبَيْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ الفَامِي، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الخفَّاف، وَأَبِي عَمْرٍو أَحْمَدَ بن أُبَيّ الفُرَاتِي، وَطَائِفَة.
قَالَ عبدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: أَمَا شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ المَغْرِبِيّ البَزَّاز؛ أَخُو خلف، فَشَيْخٌ نَظيف، طَاف بِهِ وَبأَخِيْهِ أَبُوْهُمَا الشَّيْخ مَنْصُوْرٌ عَلَى مَشَايِخ عصره، فَسمِعَا الكَثِيْر، وَجَمَعَ لأَبِي بَكْرٍ الفَوَائِد.
سَمِعَ مِنْهُ الأَئِمَّةُ الكِبَار، وَرُزقَ الرِّوَايَة سِنِيْنَ، وَعَاشَ عيشاً نَقِيّاً.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، كَذَا قَالَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتِّيْنَ.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ عَسَاكِرَ: تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ (1) وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: عبدُ الغَافِرِ الفَارِسِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الفرَاوِي، وَأَبُو القَاسِمِ الشحَّامِيُّ، وَعبدُ الرَّحْمَن بنُ عَبْدِ اللهِ البَحيرِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً سمِعنَاهَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، عَنْ عبدِ المُعزِّ بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيْم
__________
(*) التقييد: الورقة 46 أ - ب، العبر 3 / 245، شذرات الذهب 3 / 307.
(1) أورده الذهبي في " العبر " في وفيات هذه السنة.(18/94)
بن أَبِي سَعِيْدٍ المُعَلِّم، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنَا عُقيل، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (المُسْلِمُ أَخو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَشْتِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيْهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمِنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَة مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ) .
أَخْرَجَهُ (1) البُخَارِيّ، عَنِ ابْنِ بُكير، وَمُسْلِم عَنْ قُتَيْبَةَ مَعاً عَنِ اللَّيْثِ (2) .
وَفِيْهَا (3) مَاتَ: أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي بن طَوق (4) بِالمَوْصِل، وَأَبُو القَاسِمِ الحِنَّائِي (5) بِدِمَشْقَ، وَمُسْنِد وَاسِط القَاضِي أَبُو تَمَّام عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ المُعْتَزِلِي (6) ، وَأَبُو مُسْلِمٍ بن مِهْرَبْزُدا (7) ، وَشيخ المَالِكِيَّة عبدُ الجَلِيْل بنُ مَخْلُوف المِصْرِيّ، وَقَدْ شَاخَ.
43 - كُلهْ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ العَبْدِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، الأَمِيْنُ، أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) هو في البخاري (2442) في المظالم: باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، ومسلم (2580) في البر والصلة: باب تحريم الظلم، وأخرجه الترمذي (1426) وأبو داود (4893) كلاهما من طريق قتيبة عن الليث بهذا الإسناد.
(3) أي في سنة (459) .
(4) الموصلي صاحب أبي يعلى، وهو مترجم في " العبر " 3 / 245، و" شذرات الذهب " 3 / 307.
(5) سترد ترجمته برقم (68) .
(6) سترد ترجمته برقم (100) .
(7) سترد ترجمته برقم (79) وفيها: ابن مهربزد، بدون ألف في آخره.
(*) العبر 3 / 229، شذرات الذهب 3 / 291.(18/95)
بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَحْيَى بنِ مَندَةَ العَبْدِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، المُؤَدِّبُ، البَقَّالُ (1) ، وَيُلَقَّبُ بِكُلهْ، وَهُوَ مِنْ أَقَارِبِ الحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ.
حَدَّثَ عَنْ: عُبَيْد اللهِ بن جَمِيْل بـ (مُسْنَد أَحْمَدَ بن مَنِيْعٍ) .
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ جِشْنِسَ، وَمُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ بنِ شَهرِيَار، وَعَبْدِ اللهِ بن عُمَرَ بنِ الهَيْثَمِ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَة، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ الصَّيْرَفِيّ؛ وَسَمِعَ مِنْهُ الصَّيْرَفِيُّ هَذَا فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة وَبعدهَا (مُسْنَد ابْن مَنِيْع) .
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
44 - ابْنُ غَزْوٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَزْوِ بنِ مُحَمَّدٍ النُّهَاوَنْدِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِم، الثِّقَة، أَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ غَزوِ بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى النُّهَاوندي، العَطَّار.
لَهُ (جُزءٌ) سَمِعنَاهُ مِنْ طَرِيْقِ السِّلَفِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ زَنبيل النُّهَاوندي، وَأَحْمَدَ بنِ فِرَاس المَكِّيّ، وَأَبِي الحَسَنِ الرَفَّاء، وَمُحَمَّدِ بن بكرَان الرَّازِيّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِي، وَحَمْزَة بن العَبَّاسِ الطَّبرِيّ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: أَبُو طَاهِرٍ المطهّر وَلدُهُ، وَأَبُو الفَتْحِ المُظَفَّرُ بنُ شُجَاع الهَمَذَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الأَخْبَارِي.
__________
(1) في " العبر " و" الشذرات ": المعلم.
(*) لم نعثر على مصادر ترجمته.(18/96)
قَالَ شِيْرَوَيْه: كَانَ ثِقَةً صَدُوْقاً، سَمِعَ مِنْهُ الكِبَار.
وَقَالَ السِّلَفِيّ: سَمِعْتُ وَلدَه أَبَا طَاهِرٍ يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ أَبِي فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ: حَدَّثَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ.
نعم، وَفِيْهَا (1) مَاتَ: العَلاَّمَة أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ رضوَان المِصْرِيّ الفَيْلَسُوْف، صَاحِبُ التَّصانِيفِ فِي الطِّبّ وَالرِيَاضِي (2) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ، وَشيخُ المُقْرِئِين بِمِصْرَ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ نَفِيْس (3) ، عَنْ نَيِّف وَتِسْعِيْنَ سَنَة، وَصَاحِبُ مَاردين وَمِيَّافَارقين وَتِلْكَ الدِّيَار نَصْرُ الدَّوْلَة أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ الكُرْدِيّ (4) ، وَكَانَتْ أَيَّامه إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَأَبُو أَحْمَدَ عبدُ الوَاحِد بن أَحْمَدَ البَقَّال الأَصْبَهَانِيّ (5) ، وَقَدْ ذُكِرَ، وَالفَقِيْهُ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ جَابِرٍ التِّنِّيْسِيّ، رَاوِي نسخَة فُلَيْح، وَواقِفُ الخَانقَاهُ دَارِ عُمَر بن عَبْدِ العَزِيْزِ الشَّيْخُ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيّ السُّمَيْسَاطِيّ (6) ، وَأَبُو طَاهِرٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَاده الخِرَقِي الدّلاَل؛ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئ (7) ، وَالأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الطَّبَرِيّ، صَاحِبُ الخَبَّازِي المُقْرِئ (8) ،
__________
(1) أي في سنة (453) .
(2) سترد ترجمته برقم (50) .
(3) هو أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس المصري كما في " العبر " 3 / 228.
(4) سترد ترجمته برقم (58) .
(5) تقدمت ترجمته قبل هذه الترجمة مباشرة.
(6) تقدمت ترجمته برقم (31) .
(7) هو أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي الأصبهاني المقرئ، المتوفي سنة (381) هـ، وقد تقدمت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (288) .
(8) هو أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن الخبازي المقرئ، المتوفى سنة (398) هـ.(18/97)
وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيّ (1) ، وَصَاحِبُ المَوْصِلِ أَبُو المَعَالِي قُرَيْش بن بَدْرَان ابْن مُقلَّد العُقَيْلِيّ (2) .
45 - ابْنُ حَمْدُوْنَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوْنَ السُّلَمِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَان، وَأَبِي القَاسِمِ بن يَاسِيْنَ القَاضِي، وَأَبِي عَمْرٍو أَحْمَد بن أُبَيّ الفُرَاتِي.
رَوَى عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الغَافِر، وَزَاهِرُ بنُ طَاهِر، وَتَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الجُرْجَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَأَلحق الصّغَارَ بِالكِبَارِ.
وَكَانَ مُقيماً بقَرْيَة بِقُرْبِ نَيْسَابُوْر.
وَثَّقَهُ: عبدُ الغَافِرِ وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (48) .
(2) انظر شيئا من ترجمته في ترجمة ابنه مسلم الواردة برقم (246) .
(*) العبر 3 / 236، شذرات الذهب 3 / 296.(18/98)
46 - الوَنِّيُّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ *
إِمَامُ الفَرَضِيِّينَ، العَلاَّمَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ (1) بنُ مُحَمَّدِ (2) بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ، ابْنُ الوَنِّي البَغْدَادِيُّ، الضَّرِيرُ، الحَاسِبُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الحَسَنِ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْت، وَأَبِي الحَسَنِ ابْن رَزْقُوَيْه، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ البَنَّاء، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الطُّيورِي، وَأَبُو زَكَرِيَّا التَّبرِيزِي اللُّغَوِيّ.
وَكَانَ ذَا اخْتصَاصٍ بِالقَائِم بِأَمْرِ اللهِ، يُكثر الحُضُوْرَ عِنْدَهُ، فَرَوَى ابْنُ النَّجَّار قَالَ: أَخْبَرَنَا الفخرُ الفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَنشدنَا عُبَيْد اللهِ بن عَبْدِ العَزِيْزِ الرَّسُوْلِي، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الوَنِّي الفرضِي يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ القَائِم بِأَمْرِ اللهِ يَنشد لِنَفْسِهِ:
القَلْبُ مِنْ خَمْرِ التَّصَابِي مُنْتَشِي ... هَلْ لِي غَدِيْرٌ مِنْ شرَابٍ مُعْطِشِ
__________
(*) الإكمال 7 / 401، الأنساب: الورقة 586 ب، المنتظم 8 / 197 - 198، معجم البلدان 5 / 385، اللباب 3 / 375، الكامل لابن الأثير 9 / 651، وفيات الأعيان 2 / 138، دول الإسلام 1 / 265، العبر 3 / 222، نكت الهميان: 145، طبقات السبكي 4 / 374، طبقات الاسنوي 2 / 543، البداية والنهاية 12 / 85، القاموس المحيط مادة (الون) ، شذرات الذهب 3 / 283 - 284 وفيه نقص بحيث تداخلت ترجمته مع الترجمة التي تليها، تاج العروس 9 / 363 - 364 مادة (الون) ، هدية العارفين 1 / 310.
والوني: بفتح الواو وفي آخرها نون مشددة، هذه النسبة إلى ون، وهي قرية من قرى قوهستان. " معجم " ياقوت.
وقد تحرفت في " المنتظم " إلى " الولي ".
(1) في " المنتظم ": الحسن.
(2) في " الكامل " بدل محمد: علي، وفي " طبقات " الاسنوي: عبد الله، وفي " هدية العارفين " سقط لفظ " ابن " قبله.(18/99)
وَالنَّفْسُ مِنْ بَرْحِ الهَوَى مَقْتُوْلَةٌ ... وَلكَم قَتِيْلٍ فِي الهَوَى لَمْ يُنْعَشِ
جُمِعَتْ عَليَّ مِنَ الغَرَام عَجَائِبٌ ... خَلَّفْنَ قَلْبِي فِي إِسَارٍ مُوْحِشِ
خِلٌّ يَصُدُّ وَعَاذِل مُتَنَصِّحٌ ... وَمُنَازِعٌ يُغْرِي وَنَمَامٌ يَشِي (1)
قَالَ ابْنُ مَاكُوْلا (2) :كَانَ الوَنِّي مُتَقَدِّماً فِي الفَرَائِضِ، لَهُ فِيْهِ تَصَانِيْفُ جيدَة (3) ، وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ فِي علُوْم، كَانَ حَسَنَ الذّكَاء، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الخَطِيْب يَقُوْلُ: حَضَرْنَا مَجْلِسَ مُحَدِّثٍ وَمَعَنَا الوَنِّي، فَأَملَى أَحَادِيْثَ، وَقمنَا وَقَدْ حَفِظ الوَنِّي مِنْهَا بَضْعَة عشر حَدِيْثاً.
سَمِعَ: مِنْهُ أَبُو حَكِيْمٍ الخَبْرِي (4) ، وَغَيْره.
وَقَالَ ابْنُ خَيْرُوْنَ: مَاتَ الوَنِّي فِي رَابع ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ (5) وَأَرْبَعِ مائَة، وَكَانَ عِنْدَ الخَلِيْفَة، فَاتَّفَقَ أَن كُبِسَتْ دَارُ الخَلِيْفَةُ، وَخَرَجَ الخَلِيْفَةُ، وَقُتِلَ جَمَاعَةٌ فِي الدَّار، وَضُرب الوَنِّي بِدَبُّوس فِي رَأَسه، وَجُرح فِي وَجْهِهِ، وَمَاتَ مِنْهَا شهيداً، وَكَانَ أَحَدَ أَئِمَّة المُسْلِمِيْنَ، سَمِعْتُ مِنْهُ. قُلْتُ: قُتِلَ فِي كَائِنَة البَسَاسيرِي (6) .
47 - الذُّهْلِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حُمَيْدِ بنِ عَلِيٍّ*
إِمَامُ جَامِعِ هَمَذَانَ، وَرُكْنُ السُّنَّةِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حُمَيْدِ بنِ
__________
(1) البيتان الاخيران في " فوات الوفيات " 2 / 158، وقد وردت فيه الشطرة الثانية من البيت الأخير هكذا: ومعارض يؤذي ونمام يشي (2) " الإكمال " 7 / 401.
(3) ذكر الاسنوي في " طبقاته ": أن له كتاب " الكافي " في الفرائض.
(4) سيأتي تعريف هذه النسبة في الترجمة رقم (287) .
(5) في " وفيات الأعيان " و" البداية " وفاته سنة (451) .
(6) سنرد ترجمته برقم (70) في هذا الجزء.
(*) العبر 3 / 227 - 228، شذرات الذهب 3 / 289.(18/100)
عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ، الهَمَذَانِيُّ.
رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ لاَل، وَابْن تُرْكَانَ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدٍ البصِيْر، وَأَبِي عُمَرَ بن مَهْدِيٍّ، وَطَبَقَتهم.
رَوَى عَنْهُ: يُوْسُف بن مُحَمَّدٍ الخَطِيْب، وَغَيْرهُ.
وَكَانَ وَرِعاً، تَقيّاً، مُحْتَشِماً، يُتَبَرَّك بِقَبرهِ.
مَاتَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة وَقَدْ قَارب الثَّمَانِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ: المُقْرِئ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ القَزْوِيْنِيّ بِمِصْرَ، وَشيخُ المَالِكِيَّة أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بن عُمْروس (1) بِبَغْدَادَ، لقِيَ ابْنَ شَاهِيْن.
48 - الكَنْجَرُوْذِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، الأَدِيْبُ، النَّحْوِيُّ، الطَّبِيْبُ، مُسْنِدُ خُرَاسَانَ، أَبُو سَعْدٍ (2) مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الكَنْجَرُوذِيُّ وَالجَنْزَروِذِيُّ. وَجَنْزَرُوذُ: مَحَلَّة (3) .
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (34) .
(*) الأنساب 10 / 479، معجم البلدان 2 / 171، المنتخب: الورقة 9 ب - 10 أ، إنباه الرواة 3 / 165 - 166، اللباب 3 / 113، العبر 3 / 230، تلخيص ابن مكتوم: 218، الوافي بالوفيات 3 / 231، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 78، بغية الوعاة 1 / 157 - 158، شذرات الذهب 3 / 291.
(2) في " اللباب " و" الوافي " و" بغية الوعاة ": أبو سعيد.
(3) قال ياقوت: هي قرية من قرى نيسابور: وأضاف أنه ذكر المترجم في كتابه الأدباء. ولم نجده في المطبوع من " معجمه ".(18/101)
وُلِدَ: بَعْدَ السِّتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَان، وَأَبِي سَعِيْدٍ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ الرَّازِيّ، وَحُسَيْنَك بن عَلِيٍّ التَّمِيْمِيّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ دَهْثَم، وَأَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ البَحيرِيّ، وَمُحَمَّد بن بِشْرٍ البَصْرِيّ، وَشَافعٍ ابْن مُحَمَّدٍ الإِسفرَايينِي، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ مِهْرَانَ المُقْرِئ، وَالحَافِظِ أَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الطَّرَازِي، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدٍ البَالُوِي، وَأَحْمَد بن الحُسَيْنِ المَرْوَانِي، وَطَبَقَتهم.
وَعَنْهُ (1) :البَيْهَقِيّ وَالسُّكَّرِيّ، وَرَوَى الكَثِيْر، وَانْتَهَى إِلَيْهِ علوُّ الإِسْنَاد.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الغَافِر، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الفرَاوِي، وَهِبَةُ اللهِ بنُ سَهْلٍ السَّيِّدي، وَتَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الجُرْجَانِيّ، وَزَاهِرٌ الشَّحَّامِيّ، وَعبدُ الْمُنعم بن القُشَيْرِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عبدُ الغَافِرِ بن إِسْمَاعِيْلَ: لَهُ قَدَمٌ فِي الطِّبّ وَالفروسيَّة، وَأَدبِ السِّلاَح، كَانَ بارعَ وَقته لاستجمَاعِهِ فُنُوْن العِلْم، أَدْرَكَ الأَسَانِيْدَ العَالِيَة فِي الحَدِيْثِ وَالأَدب، وَأَدْرَكَ بِبَغْدَادَ أَئِمَّة النَّحْو، وَسَمِعَ مِنْهُ الخلقُ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَخُتم بِمَوْته أَكْثَر هَذِهِ الروَايَات، وَلَهُ شِعر حسن، أَجَاز لِي جمِيْع مسموعَاته، وَخَطُّه عِنْدِي (2) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
سمِعنَا كَثِيْراً مِنْ حَدِيْثِهِ بِالإِجَازَة العَالِيَة.
__________
(1) في الأصل: عليه.
(2) انظر " بغية الوعاة " 1 / 157.(18/102)
49 - البَحِيْرِيُّ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الجَلِيْلُ، الثَّقَةُ، أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ ابنِ أَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَحِيْرٍ البَحِيْرِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: جدّه أَبِي الحُسَيْنِ، وَزَاهِر بن أَحْمَدَ السَّرْخَسِيّ، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَان، وَأَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بن أَحْمَدَ الحِيْرِيّ؛ وَالِد أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي الهَيْثَمِ الكُشْمِيهنِيّ، وَأَبِي حَفْصٍ الكَتَّانِي، وَابْن أَخِي مِيمِي، وَمُحَمَّد بن عُمَرَ بنِ بَهْتَة، وَالحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الإِسفرَايينِي بِهَا، وَأَبِي سَعْدٍ بن الإِسْمَاعِيْلِيّ بجُرْجَان، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الجوزقِي، وَأَبِي القَاسِمِ بن حَبَابَةَ، وَالحَسَن ابْن أَحْمَدَ المَخْلَدي، وَالحَسَنِ بن عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ؛ صَاحِب ابْن خُزَيْمَةَ، وَأَبِي الحُسَيْنِ الخفَّاف، وَأَمَةِ السَّلاَم بِنْتِ أَحْمَد بن كَامِل، وَأَبِي أَحْمَدَ بن جَامِع الدهَّان، وَمِنْ أَحْمَدَ بن عَبْدِ اللهِ بنِ رُزَيْق (1) البَغْدَادِيّ بِمَكَّةَ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: هِبَةُ اللهِ بنُ سَهْلٍ، وَزَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الفرَاوِي، وَطَائِفَة. وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ.
__________
(*) السياق: الورقة 22 ب، الأنساب 2 / 98 - 99، المنتخب: الورقة 67 أ - ب، الاستدراك: 1 / ورقة 49 ب، العبر 3 / 226، شذرات الذهب 3 / 288.
والبحيري: بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء المهملة بعدها ياء وفي آخرها الراء، هذه النسبة إلى بحير وهو اسم لبعض أجداده، وقد تحرفت في " العبر " و" الشذرات " إلى " النجيرمي ".
(1) ضبط في الأصل بتقديم الزاي على الراء، وضبطه المؤلف في " المشتبه " وابن ماكولا وابن حجر بتقديم الراء على الزاي.
انظر " الإكمال " 4 / 54، و" تبصير المنتبه " 2 / 600، وهو مترجم في " تاريخ بغداد " 4 / 236.(18/103)
قَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيّ الحَافِظ: وَرَدَ أَبُو عُثْمَانَ جُرْجَان مَعَ أَبِيْهِ، فَسَمِعَ بِهَا، وَحَدَّثَ زَمَاناً عَلَى السَّدَاد، وَخُرِّج لَهُ الفَوَائِد، وَحَجَّ ثَلاَثَ مَرَّات، وَغَزَا الهِنْد وَالرُّوْم، غَزَا مَعَ السُّلْطَان مَحْمُوْد (1) ، وَعَقَدَ مَجْلِس الإِملاَء بَعْد مَوْتِ أَخِيْهِ عَبْد الرَّحْمَنِ.
وَقَالَ عبدُ الغَافِرِ فِي (سيَاقه) :شَيْخ كَبِيْر، ثِقَةٌ فِي الحَدِيْثِ، سَمِعَ الكَثِيْر بِخُرَاسَانَ وَالعِرَاق، وَخُرّج لَهُ.
ثُمَّ سمَّى شُيْوخَهُ (2) .
وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَفِيْهَا: قُتِلَ البَسَاسيرِي (3) ، وَالمُقْرِئ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَبِي الفَضْل الشَّرْمَقَانِي (4) ، وَالمُقْرِئ أَبُو المظفَّر عَبْدُ اللهِ بنُ شَبِيْبٍ، وَأَبُو طَالِبٍ العُشَارِي (5) ، وَالسُّلْطَان جَغْرِيْبَك السَّلْجُوْقِيّ (6) ، بسَرْخَس، وَأَخُوْهُ الْملك إِبْرَاهِيْم يَنَال (7) ؛خَنَقهُ أَخُوْهُ طُغْرُلْبَك (8) ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْد الزَّوْزَنِي (9) ، وَذو الفُنُوْن قَاسِمُ بنُ الفَتْح الأَنْدَلُسِيّ (10) .
__________
(1) ابن سبكتكين، وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (319) .
(2) انظر " الاستدراك " 1 / 49 ب.
(3) سترد ترجمته برقم (70) .
(4) قال السمعاني: بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء، وفتح الميم والقاف، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى شرمقان، وهي بلدة قريبه من إسفراين بنواحي نيسابور يقال لها جرمغان.
(5) تقدمت ترجمته برقم (21) .
(6) سترد ترجمته برقم (51) .
(7) سترد ترجمته برقم (53) .
(8) سترد ترجمته برقم (52) .
(9) نسبة إلى زوزن، وهي بلدة كبيرة بين هراة ونيسابور.
(10) سترد ترجمته برقم (56) .(18/104)
50 - ابْنُ رِضْوَانَ عَلِيُّ بنُ رِضْوَانَ بنِ عَلِيٍّ المِصْرِيُّ *
الفَيْلَسُوْفُ البَاهِرُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ رِضْوَانَ بنِ عَلِيِّ بنِ جَعْفَرٍ المِصْرِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَلَهُ دَارٌ كَبِيْرَةٌ بِمِصْرَ قَدْ تَهَدَّمَت.
كَانَ صَبِيّاً فَقيراً، يَتكسَّبُ بِالتَّنجيم، وَاشْتَغَل فِي الطِّبّ، فَفَاق فِيْهِ، وَأَحكمَ الفلسفَةَ وَمَذْهَبَ الأَوَائِل وَضلاَلَهم، فَقَالَ: أَجهدتُ نَفْسِي فِي التعَلِيْم، فَلَمَّا بلغتُ، أَخذتُ فِي الطِّبّ وَالفلسفَة، وَكُنْتُ فَقيراً، ثُمَّ اشتهرتُ بِالطِّب، وَحَصَّلْتُ مِنْهُ أَملاَكاً، وَأَنَا الآنَ فِي السِّتِّيْنَ.
قُلْتُ: كَانَ أَبُوْهُ خَبَّازاً، وَلَمَّا تَميَّز، خدم الحَاكِمَ (1) بِالطب، فَصِيَّره رَئِيْس الأَطبَّاء، وَعَاشَ إِلَى القَحط الكَائِن فِي الخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، فَسَرَقَتْ يَتيمَةٌ رَبَّاهَا (2) عِنْدَهُ نَفَائِسَ، وَهربت، فَتعثَّر وَاضْطَرَبَ، وَكَانَ ذَا سَفَهٍ فِي بَحْثِهِ (3) ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْخٌ، بَلِ اشْتَغَل بِالأَخْذَ عَنِ الكُتُب، وَصَنَّفَ كِتَاباً فِي تَحْصِيل الصّنَاعَة مِنَ الكُتُب، وَأَنَّهَا أَوفق مِنَ المُعَلِّمِين.
وَهَذَا غَلَطٌ، وَكَانَ مُسْلِماً موحِّداً وَمِنْ قَوْله: أَفْضَلُ الطَّاعَاتِ النَّظَرُ فِي المَلَكُوت، وَتَمجيدُ المَالِك لَهَا.
وَشرح عِدَّة تَوَالِيف لجَالينوس، وَلَهُ مَقَالَةٌ فِي دفع المضَار بِمِصْرَ عَنِ الأَبدَان، وَرِسَالَةٌ فِي عِلَاج دَاء الفِيْل، وَرِسَالَة فِي الفَالِج، وَرِسَالَةٌ فِي
__________
(*) تاريخ الحكماء: 443، 444، عيون الانباء: 561 - 567، العبر 3 / 229، تاريخ مختصر الدول: 331 - 334، النجوم الزاهرة 5 / 69، عقود الجواهر: 161 - 166، شذرات الذهب 3 / 291، هدية العارفين 1 / 689 - 690، إيضاح المكنون 1 / 474، الفهرس التمهيدي: 529 - 533.
(1) هو الحاكم بأمر الله، الذي تقدمت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (70) .
(2) في الأصل: تربيه، والمثبت من " عيون الانباء ": 563.
(3) في " النجوم الزاهرة ": وكان فيه سعة خلق عند بحثه، وهو مخالف لما قاله المؤلف وابن أبي أصيبعة في " طبقاته ".(18/105)
بقَاء النَفْس بَعْدَ المَوْتِ، مَقَالَةٌ فِي نُبُوَّة نَبِيّنَا (1) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مَقَالَةٌ فِي حَدَثِ العَالَم، مَقَالَةٌ فِي الرَّدِّ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الرَّازِيّ فِي العِلْمِ الإِلهِي وَإِثْبَات الرُّسل، مَقَالَةٌ فِي حِيَلِ المُنَجِّمِين، وَقَدْ سَرَدَ لَهُ ابْن أَبِي أُصَيْبِعَة عِدَّة تَصَانِيْف (2) .
ثُمَّ قَالَ (3) :مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
51 - جَغْرِيْبَكَ دَاوُدُ بنُ مِيْكَائِيْلَ بنِ سَلْجُوْقَ التُّرُكْمَانِيُّ *
هُوَ: السُّلْطَانُ دَاوُدُ ابْنُ الأَمِيْرِ مِيْكَائِيْلَ بنِ سَلْجُوْقِ بنِ دُقَاقٍ التُّرُكْمَانِيُّ، السَّلْجُوْقِيُّ، صَاحِبُ خُرَاسَانَ؛ وَوَالِدُ السُّلْطَانِ أَلب آرسلاَن؛ وَأَخُو صَاحِبِ العِرَاقِ وَالعَجَمِ طُغْرُلْبَك؛ وَهُمَا أَوَّلُ المُلُوْك السَّلْجُوْقيَّة، اسْتولَوا عَلَى الممَالِكِ، وَأَبَادُوا الدَّوْلَة البُوَيْهِيَّة.
وَكَانَ جَغْرِيْبِك يُنكر عَلَى أَخِيْهِ الظُّلم، وَفِيْهِ ديَانَة وَعدل.
عَاشَ سبعينَ سَنَةً وَامتدت أَيَّامُهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بسَرْخَس، فِي رَجَب سَنَة إِحْدَى.
وَقِيْلَ: فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (4) .
فَنُقِلَ وَدُفِنَ بِمَرْو.
__________
(1) سماها صاحب " عيون الانباء ": مقالة في بعث نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة والفلسفة.
(2) انظر " عيون الانباء ": 566 - 567، ومن تصانيفه الأخرى رسالة: " كلام علي بن رضوان في القوى الطبيعية "، وقد نشرتها مجلة المورد العراقية في المجلد التاسع. العدد الثالث - 1980، ص 159 - 166، بتحقيق الدكتور عادل البكري.
وينسب له أيضا: كتاب الكفاية في الطب، أو كفاية الطبيب، فيما صح لدي من التجارب، وقد حققه الدكتور سلمان قطاية، ونشرته دار الرشيد في العراق عام 1981 م.
(3) " عيون الانباء ": 564.
(*) المنتظم 8 / 198، الكامل لابن الأثير 10 / 5 - 7، دول الإسلام 1 / 266، العبر 3 / 225، تتمة المختصر 1 / 549 - 550، البداية والنهاية 12 / 79، تاريخ الخلفاء: 419 - 420، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 80.
(4) أورده ابن الجوزي في وفيات سنة (450) وتابعه على ذلك ابن كثير.(18/106)
وَأَوّلُ ظُهُوْرهم كَانَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ، بَلْ قَبْلهَا، وَكَانَ جَدُّهُم دُقَاق مِنَ الأُمَرَاء، وَكَذَا وَلدُه سَلْجُوْق، فَقَدَّمَهُ الخَان بيغو، وَكثُر جندُه، وَصَارَ يَغْزُو كَفَرَةَ التُّرك، وَعُمِّرَ دَهْراً، وَجَاز المائَة، وَقَامَ ابْنُه مِيْكَائِيْل مُدَّة، ثُمَّ اسْتُشْهِدَ فِي الغَزْو، وَجَرَى لِوَلَدَيْهِ حُرُوْبٌ فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعِ مائَة حَتَّى تَوطَّد ملكهُم (1) .
تمَلَّك بَعْد جَغْرِيبك ابْنُهُ أَلب آرسلاَن (2) .
52 - طُغْرُلْبَكَ مُحَمَّدُ بنُ مِيْكَائِيْلَ *
السُّلْطَانُ الكَبِيْرُ، رُكْنُ الدِّيْنِ، أَبُو طَالِبٍ.
أَصلُ السَّلْجُوْقيَّة، مِنْ بَرِّ بُخَارَى؛ لَهُم عددٌ وَقوَةٌ وَإِقدَام، وَشجَاعَة وَشَهَامَة وَزعَارَة، فَلاَ يَدخُلُوْنَ تَحْتَ طَاعَة، وَإِذَا قصدهُم ملكٌ، دَخَلُوا البَرِّيَّة
__________
(1) انظر " الكامل " 9 / 473 وما بعدها، وانظر " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 7 - 11.
(2) سترد ترجمته برقم (210)
(*) المنتظم 8 / 190، 201، 231 - 234، الكامل 9 / 473 - 477 و496، 497، 504 - 511، 536، 556، 562، 594، 598، 605، 609، 611، 626، 633، و10 / 12 و20 و25 - 28، مختصر دولة آل سلجوق: 12 - 29، وفيات الأعيان 5 / 63 - 68، العبر 3 / 220، 234، 235 - 236، دول الإسلام 1 / 267، تتمة المختصر 1 / 547، 548 - 549، 553، 556، الوافي بالوفيات 5 / 102 - 104، البداية والنهاية 12 / 79، 81 - 83، 85، 86، 87 - 90، النجوم الزاهرة 5 / 73، تاريخ الخلفاء: 418 - 420، شذرات الذهب 3 / 294 - 296، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة، 12، 73، 322، 333.
قال ابن خلكان: طغرلبك، بضم الطاء المهملة وسكون الغين المعجمة، وضم الراء، وسكون اللام، وفتح الباء الموحدة، وبعدها كاف، وهو اسم علم تركي، مركب من طغرل وهو اسم علم بلغة الترك لطائر معروف عندهم، وبه سمي الرجل، وبك معناه الأمير، وضبطه ابن تغري بردي بكسر الراء.(18/107)
عَلَى قَاعِدَة الأَعرَاب، وَلَمَّا عَبَرَ السُّلْطَانُ مَحْمُوْدُ بنُ سُبُكْتِكِين إِلَى بلاَد مَا وَرَاء النَّهْر وَجَدَ رَأْسَ السَّلْجُوْقيَّة قويَّ الشوكَة، فَاسْتمَاله، وَخَدَعَهُ، حَتَّى جَاءَ إِلَيْهِ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ، وَاسْتشَار الأُمَرَاءَ، فَأَشَارَ بَعْضُهُم بتغرِيق كِبَارهُم، وأَشَارَ آخرُوْنَ بِقطع إِبهَامَاتهم لِيَبْطُلَ رَمْيُهُم، ثُمَّ اتَّفَقَ الرَّأْيُ عَلَى تَفرِيقهم فِي النَّوَاحِي، وَوَضَعَ الخَرَاج عَلَيْهِم، فَتَهَذَّبُوا، وَذَلُّوا، فَانْفصل مِنْهُم أَلْفاً خَركَاهُ (1) ، وَمضُوا إِلَى كَرْمَان (2) ، وَمَلِكُهَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ (3) بَهَاء الدَّوْلَة بن عَضُدِ الدَّوْلَةِ بن بُوَيه، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِم، وَلَمْ يَلبَثْ أَن مَاتَ بَعْدَ الأَرْبَع مائَة (4) ، فَقصدُوا أَصْبَهَان، وَنَزَلُوا بِظَاهِرهَا، وَكَانَ صَاحِبُهَا علاَء الدَّوْلَة (5) بن كَاكويه، فَرغب فِي اسْتِخْدَامهُم، فَكَتَبَ إِلَيْهِ السُّلْطَانُ مَحْمُوْدُ يَأْمرهُ بِحَرْبِهِمْ، فَوَقَعَ بَيْنهُم مَصَافّ (6) ، ثُمَّ ترحلُوا إِلَى أَذْرَبِيْجَان، وَانحَاز أَخوَانُهُم الَّذِيْنَ بِخُرَاسَانَ إِلَى خُوَارَزْم وَجبالهَا، فَجَهَّزَ السُّلْطَانُ جَيْشاً ضَايقوهُم نَحْو سنتَيْن، ثُمَّ قصدهُم مَحْمُوْدُ بِنَفْسِهِ، وَمَزَّقَهُم، وَشتَّتهُم، فَمَاتَ وَتَسَلْطَن ابْنُهُ مَسْعُوْد (7) ، فَتَأَلَّف الَّذِيْنَ نَزلُوا بِأَذْرَبِيْجَان، فَأَتَاهُ أَلفُ فَارِس، فَاسْتَخدمهُم، ثُمَّ لاَطف الآخرِيْنَ، فَأَجَابُوا إِلَى طَاعته، ثُمَّ اشْتَغَل بِحَرب الهِنْد، فَإِنَّهُم
__________
(1) كلمة فارسية معناها الخيمة الكبيرة.
وفي " وفيات الأعيان ": فانفصل منهم ألفا بيت.
(2) قال ياقوت: بفتح فسكون، وربما كسرت، والفتح أشهر بالصحة، وهي ولاية مشهورة ذات بلاد وقرى ومدن واسعة بين فارس ومكران وسجستان وخراسان ... إلى أن قال: وكرمان أيضا: مدينة بين غزنة وبلاد الهند، وهي من أعمال غزنة.
(3) في الأصل: ابنه وهو خطأ، والمقصود أبو الفوارس بن بهاء الدولة كما في " وفيات الأعيان " 5 / 64.
وانظر ترجمته في " الكامل " 9 / 293 و320 و337 - 339 و346 و360، 368 وأبوه بهاء الدولة مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (106) .
(4) مات سنة تسع عشره وأربع مئة كما في " الكامل " 9 / 368.
(5) هو أبو جعفر بن دشمنزيار المتوفى سنة (433) ، انظر أخباره في " الكامل " 9 / 207 و381 - 383 و424 - 428 و495 وغيرها.
(6) انظر " الكامل " 9 / 377، 378 و473 - 476.
(7) تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (320) .(18/108)
خَرَجُوا عَلَيْهِ، فَخلتِ البِلاَد لِلسَلْجُوْقيَّة، فَهَاجُوا وَأَفسدُوا (1) .
هَذَا كُلُّه وَالأَخَوَان طُغْرُلْبَك وَجَغْرِيْبَك فِي أَرْضهم بِأَطرَاف بُخَارَى، ثُمَّ جرت ملحمَةٌ بَيْنَ السَّلْجُوْقيَّة وَبَيْنَ مُتَوَلِّي بُخَارَى، قُتِلَ فِيْهَا خلقٌ مِنَ الفِئَتَيْنِ، ثُمَّ نَفّذُوا رَسُوْلاً إِلَى السُّلْطَانِ، فَحَبَسَهُ، وَجَهَّزَ جَيْشه لحرَبّهُم، فَالتَقَوا، فَانْكَسَرَ آلُ سَلْجُوْق، وَذلُّوا، وَبذلُوا الطَّاعَة لمَسْعُوْد، وَضمنُوا لَهُ أَخَذَ خُوَارَزْم، فَطَيَّبَ قُلُوبَهُم، وَانخدع لَهُم، ثُمَّ حشد الأَخَوَانِ وَعَبَرُوا إِلَى خُرَاسَانَ، وَانضمَّ الآخرُوْنَ إِلَيْهِم وَكَثُرُوا، وَجَرَتْ لَهم أُمُوْرٌ يَطولُ شرحهَا إِلَى أَنِ اسْتولَوا عَلَى الممَالِك، فَأَخذُوا الرَّيَّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَع مائَة، وَأَخَذُوا نَيْسَابُوْر فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ، وَأَخَذُوا بَلخ وَغَيْرَ ذَلِكَ (2) ، وَضَعُفَ عَنْهم مَسْعُوْد، وَتحيَّز إِلَى غَزْنَة، وَبقُوا فِي أَوَائِل الأَمْر يَخطبُوْنَ لَهُ حَتَّى تَمكنُوا، فَرَاسلهم القَائِمُ بِأَمْرِ اللهِ بقَاضِي القُضَاة أَبِي الحَسَنِ المَاوردي، ثُمَّ إِنَّ طُغْرُلْبَك المَذْكُوْر عَظُم سُلْطَانُه، وَطوَى الممَالِك، وَاسْتَوْلَى عَلَى العِرَاقِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ (3) ، وَتَحَبَّبَ إِلَى الرَّعِيَّةِ بَعْدلٍ مشوبٍ بِجَوْر، وَكَانَ فِي نَفْسِهِ يَنطوِي عَلَى حلم وَكرم، وَقِيْلَ: كَانَ يُحَافِظُ عَلَى الجَمَاعَة، وَيَصُوْمُ الخَمِيْس وَالاَثْنَيْن (4) ، وَيَبنِي المَسَاجِد، وَيَتَصَدَّقُ، وَقَدْ جهَّزَ رَسُوْلَه نَاصِرَ بن إِسْمَاعِيْلَ العَلَوِيّ إِلَى مَلِكَة النَّصَارَى، فَاسْتَأذنهَا نَاصِرٌ فِي الصَّلاَةِ بِجَامِع قُسْطَنْطِيْنِيَّة جَمَاعَةٌ يَوْم جُمُعَة، فَأَذنت لَهُ، فَخطب لِلْخَلِيْفَة القَائِم، وَكَانَ هُنَاكَ رَسُوْلُ خَلِيْفَة مِصْر المُسْتنصر، فَأَنْكَر ذَلِكَ (5) .
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 63 - 65، و" الكامل ": 9 / 477 - 479.
(2) انظر " الكامل ": 9 / 479 - 484.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 65 - 66، و" الكامل " 9 / 609 - 610.
(4) انظر " الكامل " 10 / 28.
(5) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 66.(18/109)
وَذَكَرَ المُؤَيَّد فِي (تَارِيْخِهِ (1)) أَن فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ بَعَثَ ملكُ الرُّوْم إِلَى طُغْرُلْبَك هدَايَا وَتحفاً، وَالتمس الهدنَةَ، فَأَجَابَهُ، وَعَمَّرَ مَسْجِد القُسْطَنْطِيْنِيَّة (2) ، وَأَقَامَ فِيْهَا الخطبَة لطُغْرُلْبَك، وَتَمَكَّنَ مُلْكُه.
وَحَاصَرَ بِأَصْبَهَانَ صَاحِبهَا ابْنَ كَاكويه أَحَدَ عَشَرَ شَهراً، ثُمَّ أَخَذَهَا بِالأَمَان، وَأَعْجَبته، وَنَقَلَ خَزَائِنَه مِنَ الرَّيّ إِلَيْهَا (3) .
وَلَمَّا تَمَهَّدَتِ البِلاَدُ لِطُغْرلْبَك خَطَبَ بِنْت الخَلِيْفَة القَائِم، فَتَأَلَّمَ القَائِمُ، وَاسْتعفَى فَلَمْ يُعْفَ، فَزَوَّجَهُ بِهَا (4) ، ثُمَّ قَدِمَ طُغْرُلْبَك بَغْدَاد لِلعُرس.
وَكَانَتْ لَهُ يَدٌ عَظِيْمَة عَلَى القَائِم فِي إِعَادَةِ الخِلاَفَة إِلَيْهِ، وَقَطعِ خُطبَة المِصْرِيّين الَّتِي أَقَامَهَا البَسَاسيرِي (5) .
ثُمَّ نَفَّذَ طُغْرُلْبَك مائَة أَلْف دِيْنَار برسم نَقل الجهَاز، فَعُمِلَ العرسُ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، وَأُجْلِسَتْ عَلَى سرِيرٍ مُذَهَّب، وَدَخَلَ السُّلْطَانُ إِلَى بَيْنَ يَديهَا، فَقبَّل الأَرْضَ، وَلَمْ يَكشف المِنْدِيل عَنْ وَجههَا، وَقَدَّمَ تُحَفاً سنِيَّة، وَخدم وَانْصَرَفَ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهَا عِقْدَيْن مَجوْهَرِيْنَ، وَقطعَة يَاقُوْت عَظِيْمَة، ثُمَّ دَخَلَ مِنَ الغَدِ، فَقبَّلَ الأَرْضَ، وَجَلَسَ عَلَى سرِيرٍ إِلَى جَانبهَا
__________
(1) " المختصر " 2 / 169.
(2) في " الكامل ": وعمر ملك الروم الجامع الذي بناه مسلمة بن عبد الملك بالقسطنطينية ...
(3) انظر " الكامل " 9 / 534 و562 - 563، و" المختصر " 2 / 170، وابن كاكويه هنا هو أبو منصور بن علاء الدولة بن كاكويه.
(4) انظر " الكامل " 10 / 20 - 21.
(5) انظر تفصيل ذلك في " الكامل " 9 / 640 - 650، و" المختصر " 2 / 177 - 179.(18/110)
سَاعَةً، وَخَرَجَ، وَبَعَثَ لَهَا فَرجيَّة (1) نسيجٍ مُكَلَّلَة بِالجَوْهَر وَمُخْنِقَة أَي قلاَدَة مُثَمّنَة، وَسُرَّ بِهَا (2) .
هَذَا وَالخَلِيْفَةُ فِي أَلَمٍ وَحُزنٍ وَكَظْمٍ، فَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الخُلَفَاء الضُّعَفَاء فَودُّه لَوْ زَوَّجَ بِنْته بِأَمِيْرٍ مِنْ عتقَاء السُّلْطَان، ثُمَّ إِنَّ طُغْرُلْبَك خَلاَ بِهَا، وَلَمْ يُمتَّع بِنعيم الدُّنْيَا، بَلْ مَاتَ فِي رَمَضَانَ مِنَ السّنَة بِالرَّيّ سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، وَحُمِلَ إِلَى مَرْو، فَدُفن عِنْد أَخِيْهِ، وَقِيْلَ: بَلْ دُفِنَ بِالرَّيّ (3) ، وَعَاشَتِ الزَّوْجَةُ الخَلِيفتيَّة إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَصَارَ مُلكه مِنْ بَعْدِهِ إِلَى ابْنِ أَخِيْهِ السُّلْطَان أَلب آرسلاَن (4) .
وَلَمْ يُرْزَق طُغْرُلْبَك وَلداً، وَعَاشَ سَبْعِيْنَ عَاماً، وَكَانَ بِيَدِهِ خُوَارَزْم وَنِيسَابور وَبغدَاد وَالرَّيّ وَأَصْبَهَان، وَكَانَ أَخُوْهُ إِبْرَاهِيْم يَنَالُ قَدْ حَارَبه، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ، وَحصل فِي يَدِهِ مَلِكٌ كَبِيْر لِلروم، فَبَذَلَ فِي نَفْسِهِ أَمْوَالاً عَظِيْمَة، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَبَعَثَ نَصْر الدَّوْلَة (5) صَاحِبُ الجَزِيْرَة وَميَّافَارِقين يَشفَعُ فِي فِكَاكه، فَبعثَه طُغْرُلْبَك إِلَى نَصْر الدَّوْلَة بِلاَ فِدَاء، فَانْتخَى مَلِكُ الرُّوْم، وَأَهدَى إِلَى طُغْرُلْبَك مائَتَيْ أَلف دِيْنَار، وَخَمْس مائَةِ أَسير، وَأَلفاً وَخَمْس مائَةِ ثَوْب، وَمائَةِ لبنَة فِضَّة، وَأَلف عنزٍ أَبيض، وَثَلاَثِ مائَةٍ شِهْرِي (6) ، وَبَعَثَ إِلَى نَصْر الدَّوْلَة تُحَفاً وَمسكاً كَثِيْراً (7) .
__________
(1) الفرجية: ثوب مفرج من أمام، وربما فرج من خلف. معجم " متن اللغة ".
(2) انظر " المنتظم " 8 / 229 - 230، و" الكامل " 10 / 25، و" وفيات الأعيان " 5 / 66 - 67، و" المختصر " 2 / 183.
(3) انظر " وفيات الأعيان ": 5 / 67، والكامل: 9 / 26 - 27، والمختصر: 2 / 183.
(4) وانظر هذه الاخبار في " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 20 - 23 و26 - 27.
(5) سترد ترجمته برقم (58) .
(6) قال في " الاساس ": والبرذون الشهري: بين الرمكة والفرس العتيق.
(7) انظر " الكامل " 10 / 28.(18/111)
53 - يَنَالُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مِيْكَائِيْلَ السَّلْجُوْقِيُّ *
المَلِكُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مِيْكَائِيْلَ (1) السَّلْجُوْقِيُّ، أَحَدُ الأَبْطَالِ المَذْكُوْرِيْنَ.
حَارب أَخَاهُ طُغْرُلْبَك، وَقَهَرَهُ، وَجَرَتْ لَهُ فُصُولٌ، ثُمَّ انفلَّ جَيْشُه، وَأَخَذَه أَخُوْهُ أَسِيْراً، وَخَنَقَهُ بِوَتَرٍ مَعَ إِخْوَته سَنَة إِحْدَى (2) وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة بنوَاحِي الرَّيّ.
54 - قُتُلْمِشُ بنُ إِسْرَائِيْلَ بنِ سَلْجُوْقَ بنِ دُقَاقَ التُّرُكْمَانِيُّ **
المَلِكُ، شِهَابُ الدَّوْلَةِ التُّرُكْمَانِيُّ، السَّلجوقِيُّ؛ وَالِدُ صَاحِبِ الرُّوْمِ سُلَيْمَانَ (3) بنِ قُتُلْمِشَ، وَمَا زَالَتْ مَمْلَكَةُ إِقْلِيْمِ الرُّوْمِ فِي يَد ذُرِّيَّته إِلَى أَنْ أَخَذَهَا مِنْهم هُولاَكُو.
كَانَتْ لِقُتُلْمِش قلاعٌ بعرَاق الْعَجم، عصَى عَلَى ابْنِ عَمِّهِ أَلب آرسلاَن، ثُمَّ عَمِلا المَصَافَّ بنوَاحِي الرَّيّ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، فَانحلَّت المعركَةُ، فَوُجِدَ قُتُلْمِش مَيتاً.
فَيُقَالُ: مَاتَ خَوَراً وَرُعباً - فَاللهُ أَعْلَم - فَلَمَّا رَآهُ أَلب آرسلاَن حزن، وَبَكَى عَلَيْهِ، وَجَلَسَ لِلعزَاء، فَعزَّاهُ وَزِيْره نَظَام الْملك (4) .
__________
(*) المنتظم 8 / 202، الكامل لابن الأثير 9 / 639، 640، 645، تتمة المختصر 1 / 548، الوافي بالوفيات 6 / 152، وتحرف اسم " ينال " فيه إلى " نيال " بتقديم النون، البداية والنهاية 12 / 76، 79، 81، تاريخ الخلفاء: 418.
(1) تحرف في " الوافي بالوفيات " إلى: إبراهيم بن نيال بن سلجق.
(2) أورده ابن الوردي في وفيات سنة (450) .
(* *) الكامل لابن الأثير 10 / 36 - 37، مختصر تاريخ دولة آل سلجوق: 30، وفيات الأعيان 5 / 71، العبر 3 / 240، تتمة المختصر 1 / 558، وفيه (قطلومش) ، البداية والنهاية 12 / 90، النجوم الزاهرة 5 / 73، شذرات الذهب 3 / 301.
(3) وسترد ترجمته برقم (232) .
(4) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 71، و" الكامل ": 10 / 37، و" مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 30.(18/112)
وَكَانَ قُتُلْمِش يَتعَانَى التَّنجيم وَالهَذَيَان.
55 - الكُنْدُرِيُّ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، عَمِيْدُ الملكِ، أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ مُحَمَّدٍ الكُنْدُرِيُّ، وَزِيْرُ السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَكَ.
كَانَ أَحَدَ رِجَال الدَّهْر سُؤْدُداً وَجُوْداً وَشَهَامَةً وَكِتَابَةً (1) ، وَقَدْ سَمَّاهُ مُحَمَّدُ بنُ الصَّابِئ فِي (تَارِيْخِهِ) وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ البَاخرزِي (2) فِي (الدُّميَة (3)) :مَنْصُوْر بن مُحَمَّدٍ.
وَسَمَّاهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ: أَبَا نَصْرٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْر.
وَكُنْدُر مِنْ قرَى نَيْسَابُوْر، وُلِدَ بِهَا سَنَة خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة.
تَفَقَّهَ وَتَأَدَّبَ، وَكَانَ كَاتِباً لرَئِيْس، ثُمَّ ارْتقَى وَوَلِيَ خُوَارِزْم، وَعَظُم، ثُمَّ عصَى عَلَى السُّلْطَان، وَتَزَوَّجَ بِامْرَأَةِ مَلِكِ خُوَارِزْم، فَتحيَّل السُّلْطَان حَتَّى ظَفِرَ بِهِ، وَخصَاهُ لِتزوُّجِه (4) بِهَا، ثُمَّ رَقَّ لَهُ وَتَدَاوَى وَعُوفِي، وَوزر لَهُ (5) ،
__________
(*) دمية القصر 2 / 796 - 813، الأنساب المتفقة: 132، الأنساب: 1 / 483 - 484، المنتظم 8 / 234، 235، اللباب 3 / 114، الكامل لابن الأثير 10 / 31 - 34 وانظر الفهرس، مختصر تاريخ دولة آل سلجوق: 30 - 31، وفيات الأعيان 5 / 138 - 143، العبر 3 / 240 - 241، تتمة المختصر 1 / 557 - 558، الوافي بالوفيات 5 / 71 - 74، البداية والنهاية 12 / 90، النجوم الزاهرة 5 / 76، شذرات الذهب 3 / 301 - 304، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 338.
(1) " الأنساب " 10 / 483.
(2) تصحف في الأصل إلى: التاخرزي بالتاء.
(3) 2 / 796.
(4) في الأصل: لتزويجه.
(5) انظر " الكامل " 10 / 32، وفيه: وقيل: بل أعداؤه أشاعوا عنه أنه تزوجها، فخصى نفسه ليخلص من سياسة السلطنة، وكذا ذكر ابن خلكان في " وفيات الأعيان " 5 / 141، وانظر " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق " 31.(18/113)
وَقَدِمَ بَغْدَاد، وَلقَّبه القَائِم سَيِّدَ الوزرَاء، وَكَانَ مُعْتَزِلياً، لَهُ النّظم وَالنثر (1) ، فَلَمَّا مَاتَ طُغْرُلْبَك؛ وَزَر لأَلب آرسلاَن قَلِيْلاً وَنُكب.
يُقَالَ: غَنَّتْهُ بِنْتُ الأَعْرَابِيّ فِي جَوْقِهَا (2) ، فَطَرِبَ، وَأَمر لَهَا بِأَلفِي دِيْنَار، وَوهب أَشيَاء، ثُمَّ أَصْبَحَ، وَقَالَ: كَفَّارَةُ المَجْلِس أَنْ أَتصدَّقَ بِمِثْلِ مَا بَذَلْتُ البَارِحَةَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَنْشَدَ عِنْد قَتله (3) :
إِنْ كَانَ بِالنَّاسِ ضِيْقٌ عَنْ مُنَافَسَتِي (4) ... فَالمَوْتُ قَدْ وَسَّعَ الدُّنْيَا عَلَى النَّاسِ
مَضَيْتُ وَالشَّامِتُ المغبُوْنُ يَتْبَعُنِي ... كُلٌّ بكَأسِ (5) المنَايَا شَارِبٌ حَاسِي
مَا أَسْعَدَنِي بدولَة بنِي سَلْجُوْق! أَعْطَانِي طُغْرُلْبَك الدُّنْيَا، وَأَعْطَانِي أَلب آرسلاَن الآخِرَة.
وَوَزَرَ تِسْع سِنِيْنَ، وَأَخَذُوا أَمْوَاله، مِنْهَا ثَلاَثُ مائَة مَمْلُوْك.
وَقُتِلَ صَبْراً، وَطيف بِرَأْسِهِ، وَمَا بَلَغَنَا عَنْهُ كَبِيْرُ إِسَاءةٍ، لَكِن مَا عَلَى غضب الْملك عِيَار.
قُتِلَ بِمَرْوِ الرُّوْذ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً (6) .
قِيْلَ: كَانَ يُؤذِي الشَّافِعِيَّة، وَيُبَالغ فِي الاَنتصَار لمَذْهَب أَبِي حَنِيْفَةَ (7) .
__________
(1) أورد الباخرزي في " الدمية " 2 / 808 وما بعدها شيئا من نظمه ونثره.
(2) الجوق: الجماعة من الناس. (القاموس) .
(3) البيتان في " الكامل " 10 / 32.
(4) في " الكامل " مناقشتي.
(5) في " الكامل ": لكأس.
(6) انظر " الكامل " 10 / 31، و" وفيات الأعيان " 5 / 142، وقد أورده صاحب " النجوم الزاهرة " في وفيات سنة (457) .
(7) ونقل ابن خلكان عن السمعاني في " الذيل " أنه صحب أبا المعالي الجويني إمام =(18/114)
وَوَزَرَ بَعْدَهُ نِظَامُ المُلْكِ (1) .
56 - الرّيُوْلِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ القَاسِمُ بنُ الفَتْحِ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ القَاسِمُ (2) بنُ الفَتْحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الأَنْدَلُسِيُّ، الفَرَجِيُّ، المَالِكِيُّ.
عُرِفَ بِابْنِ الرّيُولِي، مِنْ أَهَالِي مدينَة الفَرَج (3) .
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَأَبِي عُمَرَ الطَّلَمَنْكِي، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الشَّنْتَجَالِي (4) .
__________
= الحرمين. وهو خلاف ما قاله ابن الأثير. " وفيات الأعيان " 5 / 138.
وقال ابن الأثير: وقيل إنه تاب من الوقيعة في الشافعي. " الكامل " 10 / 33، وفي " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 31 أنه فارق التعصب وجمع بين العصابتين.
(1) " مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 32، و" وفيات الأعيان " 5 / 142، وسترد ترجمة نظام الملك في الجزء التاسع عشر برقم (93) .
(*) جذوة المقتبس: 390، الصلة 2 / 470 - 472، بغية الملتمس: 515 - 516، طبقات المفسرين للسيوطي: 27 - 28، طبقات المفسرين للادنه وي: ورقة 33 ب، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 37 - 39، نفح الطيب 3 / 423 و4 / 335.
ونسبته " الريولي " لم ترد هكذا في كتب الأنساب، ووردت في " الجذوة ": الاوريوالي، وهي نسبة إلى " أوريوالة " ضبطها ابن خلكان بفتح الهمزة وسكون الواو وكسر الراء وضم الياء المثناة من تحتها وفتح الواو وبعد الالف لام مفتوحة بعدها هاء " وفيات الأعيان " 3 / 107.
ووردت في " معجم البلدان " و" الروض المعطار ": أوريولة، وهي من أعمال مرسية تقع على بعد 23 كيلو مترا إلى الشمال الشرقي منها، وذكر الحميدي نسبة أخرى وهي " الحجاري ".
انظرت التعليق الآتي.
(2) أورده الحميدي في " الجذوة " في باب من ذكر بالكنية ولم أتحقق اسمه. وقال: ويغلب على ظني أن اسمه إسماعيل بن أحمد الحجاري، لأنه موصوف بمثل هذه الصفة، وقد أدركت زمانه، وذكرناه في بابه.
وكذا ذكره الضبي في " البغية " متابعة للحميدي، وزاد: ورأيت بعضهم قد ذكر أن اسمه القاسم بن الفتح.
(3) هي مدينة بالاندلس بين الجوف والشرق من قرطبة وتعرف بوادي الحجارة " معجم البلدان " 4 / 247، ولذا وردت نسبته في " الجذوة " و" البغية "، و" نفح الطيب ": الحجاري.
(4) نسبة إلى شنتجالة، ويقال لها أيضا جنجالة: حصن بالاندلس في شمالي مرسية انظر " معجم البلدان " 3 / 367، و" الروض المعطار ": 347 وورد في " الصلة ": الشنتجيالي.(18/115)
وَحَجَّ، وَأَخَذَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الفَاسِي.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، عَالِماً بِالحَدِيْثِ، بَصِيْراً بِالاخْتِلاَف وَالتَّفْسِيْر وَالقِرَاءات، لَمْ يَكُنْ يَرَى التَّقْلِيد، وَلَهُ تَوَالِيف كَثِيْرَةٌ وَنظمٌ وَبلاغَة، وَكَانَ يَنطوِي عَلَى دين وَورع، وَعِفَّة وَتَقَلُّل (1) .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ صَاعِد القَاضِي: كَانَ القَاسِمُ بنُ فَتح وَاحِدَ النَّاس فِي وَقته فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ، سَالكاً سَبِيْلَ السَّلَف فِي الصِّدْق وَالوَرَع، مُتَقَدِّماً فِي علم اللِّسَان وَفِي القُرْآن، وَأُصُوْلِ الفِقْه وَفروعه، ذَا حَظٍّ مِنَ البلاغَة، عَدِيْمَ النَّظير (2) .
وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ (3) :هُوَ فَقِيْهٌ مَشْهُوْر، عَالِمٌ زَاهِد، يَتَفَقَّه بِالحَدِيْثِ، وَلَهُ أَشعَار فِي الزُّهْد.
قُلْتُ: مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَمَاتَ: فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْر وَاحِد.
وَلَهُ:
أَيَّامُ عُمْرِكَ تَذْهَبُ ... وَجمِيْعُ سَعْيِكَ يُكْتَبُ
ثُمَّ الشَّهِيْدُ عَلَيْك مِنْـ ... كَ فَأَيْنَ أَيْنَ المَهْرَبُ (4)
__________
(1) انظر " الصلة " 2 / 470 - 471.
(2) المصدر السابق.
(3) في " جذوة المقتبس ": 390.
(4) البيتان في " الصلة " 2 / 472، و" طبقات " الداوودي 2 / 38، وسقط فيهما لفظ " أين " الثانية فاختل الوزن.(18/116)
57 - الإِسْكَافُ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ، الأُسْتَاذُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسْكَانَ الإِسْفَرَايينِيُّ، الأَصَمُّ، المُتَكَلِّمُ.
عُرِفَ بِالإِسكَاف.
أَخَذَ عَنِ: الأُسْتَاذ أَبِي إِسْحَاقَ الإِسفرَايينِي، وَغَيْرِهِ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ الأَصْبَهَانِيّ، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَعِيْدٍ بنُ أَبِي نَاصِر، وَغَيْرهُ.
وَقرَأَ عَلَيْهِ إِمَامُ الحَرَمَيْنِ فَنَّ الأُصُوْل.
وَكَانَ وَرِعاً، قَانِتاً، عَابِداً، زَاهِداً، مُفْتِياً مُتَبَحِّراً، مُبَرِّزاً فِي رَأْي أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيّ (1) .
تُوُفِّيَ: فِي الثَّامن وَالعِشْرِيْنَ مِنْ صفر سَنَة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
ذكره ابْن عَسَاكِرَ فِي (طَبَقَات العُلَمَاء الأَشعرِيَّة) (2) .
58 - نَصْرُ الدَّوْلَةِ أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ بنِ دوسْتكَ الكُرْدِيُّ **
صَاحِبُ دِيَارِ بَكْرٍ وَمَيَّافَارِقين، المَلِكُ، نَصْرُ الدَّوْلَةِ (3) ، أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ
__________
(*) تبيين كذب المفتري: 265، السياق الورقة 99، طبقات الشافعية لابن الصلاح: 55 / ب، طبقات السبكي 5 / 99 - 100، طبقات الاسنوي 1 / 91، هدية العارفين 1 / 499.
والاسكاف، بالكسر: نسبة لمن يعمل الخفاف. وذكر الاسنوي 1 / 91 أن إسكاف بلدة من نواحي النهروان. فعلى هذا ينبغي أن تكون نسبته الاسكافي.
(1) انظر " تبيين كذب المفتري ": 265.
(2) انظر مصادر الترجمة.
(* *) المنتظم 8 / 222 - 223، الكامل لابن الأثير 10 / 17 - 18، وفيات الأعيان 1 / 177 - 178، العبر 3 / 299، دول الإسلام 1 / 266، تتمة المختصر 1 / 553، الوافي بالوفيات 8 / 176 - 177، البداية والنهاية 12 / 87، تاريخ ابن خلدون 316 - 320، شذرات الذهب 3 / 290 - 291.
(3) في " دول الإسلام " و" تاريخ " ابن خلدون: نصير الدولة.(18/117)
بنِ دوسْتك (1) الكُرْدِيُّ.
قَتَلَ أَخَاهُ مَنْصُوْراً بِقَلْعَة الهَتَّاخ (2) ، وَتَمَكَّنَ، وَكَانَتْ دَوْلَتُه إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَكَانَ رَئِيْساً حَازِماً عَادِلاً، مُكِبّاً عَلَى اللَّهْو، وَمَعَ ذَا فَلَمْ تَفُتْهُ صَلاَةُ الصُّبْح فِيْمَا قِيْلَ، وَكَانَ لَهُ ثَلاَثُ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ سُرِّيَّة، يَخلو كُلّ لَيْلَةٍ بوَاحِدَة، خَلَّفَ عِدَّة أَوْلاَد، مَدَحَتْهُ الشُّعَرَاء، وَوزر لَهُ الوَزِيْرُ أَبُو القَاسِمِ ابْن المَغْرِبِيّ (3) - صَاحِب الأَدب - مرَّتين، ثُمَّ وَزر لَهُ فَخر الدَّوْلَة بن جَهِيْر، وَكَانَ مُحْتَشِماً، كَثِيْرَ الأَمْوَال، نَفَّذ إِلَى السُّلْطَانِ طُغْرُلْبَك تَقدِمة سَنِّيَّة، وَتُحَفاً مِنْ جملتهَا الْجَبَل (4) اليَاقُوْت، الَّذِي كَانَ لِبَنِي بُويه، أَخَذَه بِالثمن مِنِ ابْنِ جَلاَل الدَّوْلَة، وَكَانَ مِنْ كَرَمِهِ يَبذُرُ الْقَمْح مِنَ الأَهرَاءِ لِلطُّيور (5) .
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّال سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَعَاشَ نَحْوَ الثَّمَانِيْنَ وَتَملَّكَ بَعْدَهُ ابْنُه نِظَام الدَّوْلَة نَصْر (6) .
فَمِنْ أَخْبَار نَصْر الدَّوْلَة - وَالحَدِيْثُ شجُوْنٌ - أَنَّ مملكَةَ المَوْصِلِ ذَهَبت مِنْ أَوْلاَد نَاصِر الدَّوْلَة (7) ابْنَ حَمْدَان سَنَوَات، وَانضمَّ وَلدَاهُ إِبْرَاهِيْمُ وَحُسَيْن إِلَى شرف الدَّوْلَة (8) ، ابْنِ عَضُدِ الدَّوْلَة، فَكَانَا مِنْ أُمَرَائِهِ، فَلَمَّا تَملَّكَ أَخُوْهُ بَهَاءُ
__________
(1) دوست: كلمة فارسية معناها صاحب أو صديق، والكاف علامة التصغير.
(2) قال ياقوت: هي قلعة حصينة في ديار بكر قرب ميافارقين.
(3) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (257) .
(4) كذا في الأصل بالجيم، ومثله في " الكامل "، وفي " البداية " و" الوافي ": حبل بالحاء.
(5) انظر " المنتظم " 8 / 222 - 223، و" الكامل " 10 / 17 - 18، و" وفيات الأعيان " 1 / 177.
والاهراء، جمع هري بالضم: وهو بيت كبير يجمع فيه طعام السلطان.
(6) " الكامل " 10 / 18، و" وفيات الأعيان " 1 / 178.
(7) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (131) .
(8) مرت ترجمة شرف الدولة في الجزء السابع عشر برقم (268) وفيها: مشرف الدولة.(18/118)
الدَّوْلَة (1) ؛اسْتَأْذنَاهُ فِي المَسِيْر لأَخذ المَوْصِل، فَأَذنَ لَهُمَا، فَقَاتَلهُمَا عَامِلُهَا، فَمَالتِ المَوَاصلَةُ إِلَى الأَخوين، فَهَرَبَ العَامِلُ وَجُنده، وَدَخَلَ الأَخَوَانِ المَوْصِلَ، فَطَمِعَ فِيْهِمَا الأَمِيْرُ بَاد، صَاحِبُ ديَار بكر، فَالتقَاهُمَا، فَقِيْلَ: فَبَادَرَ ابْنُ أُخْته الأَمِيْرُ أَبُو عَلِيٍّ بنُ مَرْوَانَ الكُردي فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة إِلَى حصنِ كَيْفَا (2) ، وَهُنَاكَ زَوْجَةُ بَاد، فَقَالَ لَهَا: قُتِلَ خَالِي، وَأَنَا أَتَزَوَّجُكِ، فَمَلَّكَتْهُ الحِصنَ وَغَيْرهُ، وَاسْتَوْلَى عَلَى بلاَد خَالِهِ، وَحَارَبَ وَلَدَي نَاصِرِ الدَّوْلَة مَرَّات، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، وَتَقلَّد مِنَ العَزِيْز حلبَ وَأَمَاكن، وَرجَعَ فَوَثَبَ عَلَيْهِ شُطَّارُ آمِدَ (3) بِالسكَاكين، فَقتلُوْهُ، وَتَملَّك بآمِدَ ابْنُ دمنَة، وَقَامَ مُمَهِّدُ الدَّوْلَة أَخُو أَبِي عَلِيٍّ، فَتَمَلَّك مَيَّافَارِقين، فَعمل الأَمِيْرُ شروَةُ لَهُ دَعْوَةً قَتَلَهُ فِيْهَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى ممَالِك بنِي مَرْوَان سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِ مائَة، وَحَبَس مُمَهِّدُ الدَّوْلَة أَخَاهُ، وَهُوَ أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ صَاحِبُ التَّرْجَمَة لأَجْل رُؤْيَا، فَإِنَّهُ رَأَى الشَّمْس فِي حَجْره، وَقَدْ أَخَذَهَا مِنْهُ أَحْمَدُ، فَأَخْرَجَهُ شروَةٌ مِنَ السجْن، وَأَعْطَاهُ أَرْزَن (4) .
هَذَا كُلّه وَأَبُوْهم مَرْوَان باقٍ أَعْمَى، مقيمٌ بِأَرْزَنَ، فَتمكَّن أَحْمَدُ، وَخَرَجتِ البِلاَدُ عَنْ طَاعَة شَروَة، وَاسْتَوْلَى أَحْمَدُ عَلَى مَدَائِن ديَار بكر، وَامتدت أَيَّامُهُ، وَأَمَّا المَوْصِل فَقصدهَا الأَمِيْرُ أَبُو الذّوَّاد مُحَمَّدُ بنُ المُسيِّب العُقَيْلِيّ، وَحَارَبَ، وَظفر بصَاحِبهَا أَبِي الطَّاهِر إِبْرَاهِيْمَ بن نَاصِر الدَّوْلَة، وَبأَوْلاَدِه وَبجَمَاعَةٍ مِنْ قُوَاده، فَقَتَلَهُم، وَتَملَّك زَمَاناً (5) .
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (106) .
(2) قال الفيروزآبادي: وحصن كيفى، كضيزي: بين آمد وجزيرة ابن عمر.
(3) قال ياقوت: هي أعظم مدن ديار بكر وأجلها قدرا وأشهرها ذكرا.
(4) قال ياقوت: هي مدينة مشهورة قرب خلاط، ولها قلعة حصينة، وكانت من أعمر نواحي ارمينية.
وأرزن الروم: بلدة أخرى من بلاد ارمينية أيضا، وأهلها أرمن، وأرزن أيضا: موضع بأرض فارس قرب شيراز.
(5) انظر هذه الاخبار في " الكامل " 9 / 66، 67، 70 - 74.(18/119)
طَالت إِمْرَةُ ابْنِه نَصْر.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنه مَنْصُوْر.
59 - المَلِكُ الرَّحِيْمُ أَبُو نَصْرٍ خُسْرُو بنُ أَبِي كَالِيْجَارَ بنِ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ *
المَلِكُ، أَبُو نَصْرٍ خُسْرُو ابْنُ المَلِكِ أَبِي كَالَيْجَارَ ابْنِ المَلِكِ سُلْطَانِ الدَّوْلَةِ ابْنِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ ابْنِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ ابْنِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ ابْنِ بُوَيْه.
كَانَ خَاتِمَةَ مُلُوْك بنِي بُويه الدَّيْلَم.
انْتزع مِنْهُ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَك المُلك، وَأَخَذَه، وَسَجَنَهُ مُدَّة بِقَلْعَة الرَّيّ بَعْدَ أَنْ (1) أَتَى بِرجليه إِلَيْهِ مُسْتَأمناً، فَغَدَرَ بِهِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ (2) .
وَتُوُفِّيَ محبوساً فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَكَانَ ضَعِيْفَ الدَّوْلَة (3) .
60 - الرَّاغِبُ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُفَضَّلِ الأَصْبَهَانِيُّ **
العَلاَّمَةُ المَاهِرُ، المُحَقِّقُ البَاهِرُ، أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ (4) بنُ مُحَمَّدِ
__________
(*) المنتظم 8 / 164، الكامل لابن الأثير 9 / 573 - 575، و609 - 613، و650، المختصر 2 / 173، 174 و179، دول الإسلام 1 / 265، العبر 3 / 224، تتمة المختصر 1 / 536، 549، تاريخ ابن خلدون 3 / 459 - 460، شذرات الذهب 3 / 287، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 12، 66، 326.
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) انظر " المنتظم " 8 / 164، و" الكامل " 9 / 612، و" المختصر " 2 / 173.
(3) " الكامل " 9 / 650، و" المختصر " 2 / 179.
(* *) تاريخ حكماء الإسلام: 112 - 113، بغية الوعاة 2 / 297، كشف الظنون 1 / 36، 131، 377 وغيرها، روضات الجنات: 249 - 256، هدية العارفين 1 / 311، الذريعة 5 / 45، سفينة البحار 1 / 528، أعيان الشيعة 27 / 220 - 228، الاعلام: 2 / 255.
(4) انفرد السيوطي في " بغية الوعاة " بتسميته: المفضل بن محمد الأصبهاني، وورد في فهرس الخزانة التيمورية: الحسين بن المفضل بن محمد. وسماه صاحب " كشف الظنون " بتسمية المؤلف إلا في ص: 881 فسماه الحسين بن علي.(18/120)
بنِ المُفَضَّلِ الأَصْبَهَانِيُّ، المُلَقَّبُ بِالرَّاغِبِ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ (1) .
كَانَ مِنْ أَذكيَاء المتكلِّمِين، لَمْ أَظفر لَهُ بِوَفَاة وَلاَ بتَرْجَمَة (2) .
وَكَانَ - إِنْ شَاءَ اللهُ - فِي هَذَا الوَقْت حياً، يُسْأَل عَنْهُ، لَعَلَّهُ فِي (الأَلقَاب) لابْنِ الفُوَطِيِّ.
61 - الكَرَاجَكِيُّ أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ *
شَيْخُ الرَّافِضَّةِ، وَعَالِمُهُم، أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ (3) .
__________
(1) وقد طبع من تصانيفه كتاب " الذريعة إلى مكارم الشريعة " وهو كتاب جليل كان الامام الغزالي يحمله معه دائما في رحلاته، وكتاب " المفردات في غريب القرآن " تتبع فيه دوران كل لفظ في الآيات القرآنية، وأتى بالشواهد عليه من الحديث والشعر، وأورد ما أخذ منه من مجاز وتشبيه، ورتبه على الالفباء، طبع بتحقيق وضبط محمد سيد كيلاني، وكتاب " تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين " بمطبعة ثمرات الفنون بيروت 1319، وكتاب " محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء البلغاء " في جزأين، بضم مختارات من الاخبار والاقوال والاشعار بجمعية
المعارف في القاهرة 1305 هـ، وطبعت أيضا مقدمة كتابه " جامع التفاسير " الذي لم يكمله، واستفاد منه الامام البيضاوي في تفسيره.
وله من الكتب التي لم تطبع كتاب " الاخلاق " أو " أخلاق الراغب "، وكتاب " حل متشابهات القرآن "، وكتاب " تحقيق البيان في تأويل القرآن " و" أفانين البلاغة "، و" أدب الشطرنج "، وكتاب في الاعتقاد.
(2) ذكر السيوطي أنه كان في أوائل المئة الخامسة، وذكر صاحب " كشف الظنون " 1 / 36، أنه توفي سنة نيف وخمس مئة وهو الذي في " سفينة البحار " 1 / 528، وذكر ص: 881 و1773 أنه توفي سنة (502) هـ وهو الذي في " روضات الجنات ": 249، ولم يذكر البيهقي في " تاريخ حكماء الإسلام " له تاريخ وفاة، وإنما ذكر على هامشه أن وفاته كانت سنة (402) في أصح الروايات، وفي " فهرس الخزانة التيمورية " 3 / 108 أن وفاته سنة 503 كما حققه بعض المستشرقين، أما مجلة المجمع العلمي العربي 24 / 275، ففيها أن وفاته كانت سنة 452 هـ، وهو مقارب لايراد الذهبي له في هذه الطبقة.
(*) العبر 3 / 220، مرآة الجنان 3 / 69 - 70، لسان الميزان 5 / 300، شذرات الذهب 3 / 283، الذريعة 4 / 429، روضات الجنات: 579 - 580، هدية العارفين 2 / 70، إيضاح المكنون 1 / 70، 71، 102، 205، 320، أعيان الشيعة 46 / 160.
(3) في " العبر " 3 / 220: وهو مؤلف كتاب " تلقين أولاد المؤمنين ". وله تصانيف أخرى، انظرها في " هدية العارفين " 2 / 70.(18/121)
مَاتَ: بِمدينَة صُوْر سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
62 - ابْنُ أَبِي شَمْسٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، الرَّئِيْسُ، شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى بنِ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّامَاتِيُّ (1) ، المُقْرِئُ.
عُرِفَ بِابْنِ أَبِي شَمْس، صَاحِبُ تِيْك الأَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ المَخْلَدي، وَأَبِي طَاهِر بن خُزَيْمَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ الجَوزقِي، وَأَبِي نُعَيْمٍ عَبْدِ الْملك بن الحَسَنِ، وَأَبِي القَاسِمِ بن حَبِيْبٍ المُفسر، وَالقَاضِي أَبِي مَنْصُوْرٍ الأَزْدِيّ؛ لقِيه بهَرَاة.
وَسَمِعَ: كِتَاب (الغَايَة فِي القِرَاءات) مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ مِهْرَانَ المُؤَلّف (2) .
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِد القَاضِي، وَزَاهِرُ بنُ طَاهِر، وَأَبُو المُظَفَّرِ عبدُ الْمُنعم بن القُشَيْرِيّ، وَطَائِفَة.
قَالَ عبدُ الغَافِرِ فِي (السيَاق) :شَيْخٌ فَاضِلٌ ثِقَةٌ، عَالِمٌ بِالقِرَاءات، متصرفٌ فِي الأُمُوْر، اخْتَاره المَشَايِخُ لنِيَابَة الرِّئَاسَة بِنَيْسَابُوْرَ مُدَّةً، لحُسن كَفَاءته وَفَضْلِهِ بِالتَّوسط بَيْنَ الْخُصُوم، عَقَدَ مَجْلِس الإِملاَء، وَأَملَى سِنِيْنَ، وَمَاتَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَلَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ -.
__________
(*) العبر 3 / 231، غاية النهاية 1 / 36، شذرات الذهب 3 / 292.
(1) قال السمعاني: هذه النسبة إلى الشامات، وهو اسم لموضعين، أحدهما اسم لأحد أرباع نيسابور وهو من الجامع إلى حدود بست طولا، والثاني قرية بالسيرجان من نواحي كرمان.
(2) هو المقرئ أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني النيسابوري، المتوفى سنة (381) هـ وقد تقدمت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (294) .(18/122)
63 - أَبُو طَاهِرٍ الثَّقَفِيُّ أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، مُسْنِدَ أَصْبَهَانَ، أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، المُؤَدِّبُ، جَدٌّ لِيَحْيَى بنِ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيِّ المتَأَخِّرِ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي الشَّيْخِ (1) .
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئ، وَأَبِي أَحْمَدَ بن جَمِيْل، وَأَبِي مُسْلِم عَبْد الرَّحْمَنِ بن شَهِدل، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ الخُلْقَانِي، وَالحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْده، وَطَائِفَةٍ كَبِيْرَة.
وَعُنِي بِهَذَا الشَّأْن، وَارْتَحَلَ إِلَى الرَّيّ، وَسَمِعَ مِنْ جَعْفَر بن فَنَّاكِي (مُسْنَد) ابْن هَارُوْنَ الرُّويَانِي (2) .
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: سَمِعَ كِتَاب (العظمَة) مِنْ أَبِي الشَّيْخِ بن حَيَّانَ، وَكَانَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مِنْ أَبِي الشَّيْخِ، فَلَمْ يُظهر سَمَاعَه إِلاَّ بَعْدَ مَوْته.
قَالَ: وَهُوَ شَيْخٌ صَالِحٌ ثِقَة، وَاسِعُ الرِّوَايَة، صَاحِبُ أُصُوْل، حسنُ الْخط، مقبولٌ، مُتَعَصِّبٌ لأَهْل السُّنَّة، ظهر سَمَاعُه لـ (مُسْنَد) الرُّويَانِي بَعْدَ مَوْته، وَظهر سَمَاعُهُ لِكِتَابِ (العظمَة) بَعْد مَوْته بِقَلِيْلٍ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ مَنْدَة، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ، وَمُحَمَّدُ
__________
(*) العبر 3 / 234 - 235، الوافي بالوفيات 8 / 165، شذرات الذهب 3 / 296.
(1) هو الامام أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري الأصبهاني المعروف بأبي الشيخ، توفي سنة (369) هـ وهو صاحب كتاب " العظمة " الذي سيرد ذكره بعد قليل، وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (196) .
(2) هو الحافظ أبو بكر محمد بن هارون الروياني المتوفي سنة (307) هـ، مرت ترجمته في الجزء الرابع عشر برقم (284) .(18/123)
بنُ مُحَمَّدٍ القَطَّان، وَسَهْلُ بنُ نَاصِر الكَاتِب، وَالحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الخَلاَّل، وَحَمْدُ بنُ الفَضْلِ الخَوَّاص الحَافِظ، وَخَلْقٌ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
64 - ابْنُ بَرْهَانَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ العُكْبَرِيُّ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ العَرَبِيَّةِ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيِّ بنِ بَرْهَانَ العُكْبَرِيُّ (1) .
سَمِعَ الكَثِيْر مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ بَطَّة، وَلَمْ يَروِ عَنْهُ.
وَذَكَرَهُ الخَطِيْب فِي (تَارِيْخِهِ) فَقَالَ (2) :كَانَ مُضطلعاً بعلُوْم كَثِيْرَة
__________
(*) تاريخ بغداد 11 / 17، دمية القصر 3 / 1512 - 1514، الإكمال 1 / 246، 247، نزهة الالبا: 356 - 357، المنتظم 8 / 236 - 237، الكامل لابن الأثير 10 / 42 - 43، إنباه الرواة 2 / 213، المختصر في أخبار البشر 2 / 185، دول الإسلام 1 / 268، ميزان الاعتدال 2 / 675، العبر 3 / 237 - 238، تلخيص ابن مكتوم: 121 - 122، تتمة المختصر 1 / 559، فوات الوفيات 2 / 414 - 416، مرآة الجنان 3 / 78، البداية والنهاية 12 / 92، الجواهر المضية 2 / 481 - 482، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 113 - 114، لسان الميزان 4 / 82، النجوم الزاهرة 5 / 75، بغية الوعاة 2 / 120 - 121، طبقات الفقهاء لطاش كبري زاده: 91، كتائب أعلام الاخيار: رقم 283، الطبقات السنية: رقم 1348، كشف الظنون 1 / 114، شذرات الذهب 3 / 297، الفلاكة والمفلوكين: 117 - 118، الفوائد البهية: 113، هدية العارفين 1 / 634.
وبرهان ضبطه ابن ماكولا بفتح الباء كما هو في الأصل.
(1) نسبة إلى عكبرا، بضم العين وفتح الباء الموحدة، وقيل بضمها أيضا.
انظر " الأنساب " 9 / 27، و" معجم البلدان " 4 / 142، و" تبصير المنتبه " 3 / 1017، و" وفيات الأعيان " 3 / 101.
وهي بلدة على الدجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ من الجانب الشرقي، والنسبة إليها عكبري وعكبراوي، وقد ورد في " الكامل " و" المختصر " وتتمته و" فوات الوفيات ".
الأسدي، نسبة إلى أسد أحد أجداده.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 17.(18/124)
مِنْهَا: النَّحْو، وَالأَنسَاب، وَاللُّغَة، وَأَيَّامُ العَرَب وَالمُتَقَدِّمِيْنَ، وَلَهُ أُنْسٌ شَدِيد بِعِلْم الحَدِيْث.
وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: هُوَ مِنْ أَصْحَابِ ابْن بَطَّة.
وَأَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ التَّمِيْمِيّ أَنْ أَصل ابْن بطَّة بـ (مُعْجَم) البَغَوِيّ وَقَعَ عِنْدَهُ، وَفِيْهِ سَمَاعُ ابْن بَرْهَان، وَأَنَّهُ قرَأَ عَلَيْهِ لِوَلَدَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَاكُوْلا: ذهب بِمَوْته علمُ العَرَبِيَّة مِنْ بَغْدَادَ، وَكَانَ أَحَدَ (1) مَنْ يَعرف الأَنسَاب، وَلَمْ أَرَ مِثْله، وَكَانَ حَنَفِيّاً، تَفَقَّهَ، وَأَخَذَ الكَلاَم، عَنْ أَبِي الحُسَيْنِ البَصْرِيّ وَتَقدَّم فِيْهِ، وَصَارَ لَهُ اخْتِيَارٌ فِي الفِقْه (2) .
وَكَانَ يَمْشِي فِي الأَسواقِ مكشوفَ الرَّأْس، وَلَمْ يَقبلْ مِنْ أَحَد شَيْئاً (3) .
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَة سِتٍّ (4) وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة وَقَدْ جَاوَزَ الثَّمَانِيْنَ.
وَكَانَ يَمِيْلُ إِلَى مَذْهَب مُرْجِئَة المُعْتَزِلَة، وَيَعتقد أَنَّ الكُفَّار لاَ يُخلَّدُوْنَ فِي النَّارِ (5) .
وَذكره يَاقُوْت فِي (الأُدبَاء (6)) فَقَالَ: نَقلْتُ مَنْ خطّ عَبْد الرَّحِيْمِ بن وَهْبَانَ قَالَ:
نَقلْتُ منْ خطّ أَبِي بَكْرٍ بنِ السَّمْعَانِيّ، سَمِعْتُ المُبَارَك بن
__________
(1) في " الإكمال " وكان آخر.
(2) " الإكمال " 1 / 246، 247.
(3) انظر " المنتظم " 8 / 237، و" الكامل " 10 / 43، و" إنباه الرواة " 2 / 215، و" المختصر " 2 / 185.
(4) ذكر صاحب " الفوائد البهية " أنه توفي سنة (450) هـ، وهو مخالف لجميع مصادر ترجمته.
(5) " المنتظم " 8 / 237، و" الكامل " 10 / 43، و" المختصر " 2 / 185.
(6) لم نجده في المطبوع من " معجم الأدباء ".(18/125)
الطُّيورِي، سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ بنَ بَرْهَان يَقُوْلُ: دَخَلتُ عَلَى الشَّرِيْف المُرْتَضَى فِي مَرَضِهِ وَقَدْ حوَّل وَجهه إِلَى الحَائِطِ وَهُوَ يَقُوْلُ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَليَا فَعدلا، وَاسْتُرحمَا فَرحِمَا، أَفَأَنَا أَقُوْل: ارْتدَا بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَا؟
قَالَ: فَقُمنَا وَخَرَجتُ، فَمَا (1) بلغت عتبَةَ البَاب حَتَّى سَمِعْتُ الزَّعقَةَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: حُجَّتُه فِي خُرُوْج الكُفَّارِ هُوَ مَفْهُوم الْعدَد مِنْ قَوْله: {لاَبِثِيْنَ فِيْهَا أَحْقَابَا} [النّبأَ:23] وَلاَ يَنفعُه ذَلِكَ لِعُموم قَوْله: {وَمَا هُمْ بِخَارِجين مِنَ النَّارِ} [البَقَرَة:167] وَلقوله: {خَالِدّينَ فِيْهَا أَبَداً} [النِّسَاء:169] إِلَى غَيْر ذَلِكَ، وَفِي المَسْأَلَةِ بَحْثٌ عِنْدِي أَفْرَدْتُهَا فِي جُزْء.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ: شَمْس الأُمَّة الحَلوَائِي (2) ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو الوَلِيْدِ الدَّرَبَنْدِي (3) ، وَقَاضِي الأَنْدَلُس أَبُو القَاسِمِ سرَاجُ بنُ عَبْدِ اللهِ (4) ، وَالحَافِظُ عَبْدُ العَزِيْزِ النَّخْشَبِيّ (5) ، وَأَبُو شَاكِر القَبْرِي ثُمَّ القُرْطُبِيّ (6) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ الفَقِيْهُ (7) ، وَالملك شِهَابُ الدَّوْلَة قُتُلْمِش (8) بن إِسْرَائِيْل بن سَلْجُوْق صَاحِبُ الرُّوْم؛ هُوَ جدُّ مُلُوْك الرُّوْم، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّرْسِيّ (9) ، وَأَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ الخَشَّاب (10) ، وَالوَزِيْر
__________
(1) في الأصل: فلما.
(2) سترد ترجمته برقم (94) .
(3) سترد ترجمته برقم (138) .
(4) سترد ترجمته برقم (95) .
(5) سترد ترجمته برقم (135) .
(6) سترد ترجمته برقم (96) .
(7) سترد ترجمته برقم (99) .
(8) تقدمت ترجمته برقم (54) .
(9) تقدمت ترجمته برقم (37) .
(10) سترد ترجمته برقم (83) .(18/126)
عَمِيْدُ الْملك أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الكُنْدُرِي (1) ؛وَزِيْر طُغْرُلْبَك.
65 - ابْنُ شَاهِيْنٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ *
الشَّيْخ، المُسْنِدُ الكَبِيْرُ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ بنِ شَاهِيْنٍ الفَارِسِيُّ، الشَّاهينِيُّ، السَّمَرْقَنْدِيُّ.
سَمِعَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة مِنْ: أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن جَعْفَرٍ ابْن جَابِر بسَمَاعِه مِنْ مُحَمَّد بن الفَضْلِ البَلْخِيّ الوَاعِظ؛ صَاحِب قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلَ بنِ حَاجِب، صَاحِبِ الفَرَبْرِي (2) ، وَمِنَ الحَافِظ أَبِي سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيّ، وَطَائِفَة.
ذكره أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، فَقَالَ (3) :رَوَى عَنْهُ أَهْل سَمَرْقَنْد، وَلَهُ أَوقَافٌ كَثِيْرَة، وَمَعْرُوْف.
وَتُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ: عَاشَ نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيّ، وَجَمَاعَةٌ كَانُوا أَحْيَاء بَعْد الخَمْسِ مائَة، لاَ أَكَاد أَعْرِفُهُم.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (55) .
(*) الأنساب 7 / 272 (الشاهيني) ، اللباب: 2 / 181.
(2) وهو أبو عبد الله محمد بن يوسف راوية " صحيح " البخاري، توفي سنة 320، مرت
ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (5) .
(3) " الأنساب ": 7 / 272.(18/127)
66 - أَبُو حَاتِمٍ القَزْوِيْنِيُّ مَحْمُوْدُ بنُ حَسَنٍ الطَّبَرِيُّ *
العَلاَّمَةُ الأَوْحَدُ، أَبُو حَاتِمٍ مَحْمُوْدُ بنُ حَسَنٍ (1) الطَّبَرِيُّ، القَزْوِيْنِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الفَقِيْهُ، الأُصُوْلِيُّ، الفَرَضِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ الغزِيْرَةِ فِي الخلاَفِ وَالأُصُوْلِ وَالمَذْهَبِ (2) .
أَخَذَ الأُصُوْل عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ البَاقِلاَّنِيّ، وَالفَرَائِض عَنِ ابْنِ اللَّبَّان، وَالفِقْه عَنِ الشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ مَشَايِخ آمُل.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ (3) :لَمْ أَنْتفع بِأَحد فِي الرّحلَة مَا انتفعتُ بِهِ وَبَالقَاضِي أَبِي الطّيب.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ القَزْوِيْنِيّ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النَّاتلِي (4) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى. فَذَكَرَ حَدِيْثاً (5) .
__________
(*) طبقات الفقهاء للشيرازي: 130، تبيين كذب المفتري: 260، طبقات الشافعية لابن الصلاح: الورقة / 75 / أ، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 207، طبقات السبكي 5 / 312 - 314، طبقات الاسنوي 2 / 300 - 301، طبقات ابن هداية الله: 145 - 146، هدية العارفين 2 / 402.
(1) في " طبقات " ابن هداية الله: " الحسين " بدل " الحسن ".
(2) ذكر السبكي من مصنفاته: كتاب " تجريد التجريد " الذي ألفه رفيقه المحاملي.
وذكر صاحب " هدية العارفين " له كتابا آخر وهو " الحيل ".
(3) في " طبقات الفقهاء ": 130.
(4) بنون ومثناة فوقية كما ذكره ابن حجر في " تبصير المنتبه " 1 / 116، وانظر " اللباب " 3 / 286 - 287.
(5) أغفل المؤلف ذكر وفاته، وأغفلها أيضا الشيرازي ولم نجد في " طبقاته " ما نقله عنها محققا " طبقات " السبكي 5 / 313 أن وفاته سنة 414 أو 415، وأغفلها النووي والسبكي، ونقل الاسنوي عن المؤلف الذهبي وفاته في حدود سنة 460 هـ، ونقل عن السمعاني وفاته سنة 440 هـ وهو ما ذكره ابن هداية الله.(18/128)
67 - ابْنُ شُقَّ اللَّيْلُ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الرَّحَّال، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الأَنْصَارِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، الطُّلَيْطِلِيُّ، المَعْرُوف بِابْنِ شُقَّ اللَّيْلُ.
حَجَّ، وَلقِي بِمَكَّةَ أَحْمَدَ بنَ فِرَاس العَبْقَسِي، وَعُبَيْد اللهِ السَّقَطِيّ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ جَهْضَم.
وَبمصر أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الغَنِيِّ بن سَعِيْدٍ الحَافِظ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بن النَّحَّاسِ، وَأَحْمَد بنَ ثَرْثَال، وَابْن مُنِيْر الخشَاب، وَعِدَّة.
وَبَالأَنْدَلُس الصَّاحبين (1) أَبَا إِسْحَاقَ بن شَنْظِيْر، وَأَبَا جَعْفَرٍ بن مَيْمُوْن، فَأَكْثَر عَنْهُمَا، وَهُوَ أَعْلَى إِسْنَاداً مِنْهُمَا، وَرَوَى أَيْضاً عَنِ المُنْذِر بن المُنْذِرِ، وَأَبِي الحَسَنِ بن مُصلح.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال (2) وَغَيْرهُ: كَانَ ابْنُ شُقَّ اللَّيْلُ فَقِيْهاً، إِمَاماً، مُتكُلَّماً، عَارِفاً بِمَذْهَب مَالِك، حَافِظاً مُتْقِناً، بَصِيْراً بِالرِّجَال وَالعلل، مَليحَ الخطِّ، جَيِّدَ المُشَارَكَة فِي الفُنُوْنِ، نَحْويّاً، شَاعِراً مُجيداً، لُغوياً، دَيِّناً، فَاضِلاً، كَثِيْرَ التَّصَانِيْف (3) ، حُلوَ العبَارَة (4) .
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَتُوُفِّيَ بِمدينَة طَلْبِيرَة (5) فِي نِصْفِ شَعْبَان، سَنَة خَمْسٍ
__________
(*) الصلة 2 / 539 - 540، بغية الملتمس: 57، الوافي بالوفيات 1 / 343، الديباج المذهب 2 / 263 - 264، بغية الوعاة 1 / 15، نفخ الطيب 2 / 53 - 54، كشف الظنون: 2 / 1452، هدية العارفين 2 / 70.
(1) مرت ترجمتهما في الجزء السابع عشر، الأول برقم (93) والثاني برقم (92) .
(2) في " الصلة " 2 / 540.
(3) أورد حاجي خليفة من تصانيفه كتاب " الكرامات وبراهين الصالحين ".
(4) في " الصلة " زيادة: وكانت له عناية بأصول الديانات وإظهار الكرامات.
(5) ضبطت في الأصل بفتح الطاء وسكون اللام، وضبطها ياقوت بفتحهما، وكسر الباء الموحدة ثم ياء ساكنة وراء مهملة، وهي مدينة كبيرة بالاندلس من أعمال طليطلة.(18/129)
وَخَمْسِيْنَ (1) وَأَرْبَعِ مائَة، وَلَهُ بِضْعٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
68 - الحِنَّائِيُّ أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، العَدْلُ، أَبُو القَاسِمِ (2) الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحُسَيْنِ الدِّمَشْقِيُّ، الحِنَّائِي؛ صَاحِبُ الأَجْزَاءِ الحِنَّائِيَات العَشْرَة، الَّتِي انتقَاهَا لَهُ الحَافِظُ عَبْدُ العَزِيْزِ النَّخْشَبِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَالحَسَنِ بن دُرُسْتَوَيْه، وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدٍ الحِنَّائِي، وَتَمَّام بن مُحَمَّدٍ الرَّازِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الحَدِيْد، وَمُحَمَّدِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَطَّان، وَأَبِي الحَسَنِ بن جَهْضَم، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ السَّمَّانُ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَمكِيٌّ الرَّمْلِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلا، وَسَهْلُ بنُ بِشْرٍ، وَعبدُ الْمُنعم بن عَلِيٍّ الكِلاَبِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ النَّسِيْب، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّد، وَأَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ؛ وَلدَاهُ.
وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الموَازِينِي، وَطَاهِرُ بنُ سَهْلٍ الإِسفرَايينِيّ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ حَمْزَةَ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ الأَكْفَانِي، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ سَعِيْد، وَثَعْلَبُ بنُ جَعْفَرٍ السَّرَّاج، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُحَدِّث البَلَد فِي وَقته.
قَالَ النَّسِيْب (3) :سَأَلتُ الشَّيْخ الثِّقَة، الدَّيِّن الفَاضِل، أَبَا القَاسِمِ
__________
(1) في " كشف الظنون " و" هدية العارفين " أنه توفي سنة (445) وهو خطأ.
(*) الإكمال 3 / 60، الأنساب 4 / 244 - 245، العبر 3 / 245، شذرات الذهب 3 / 307، تهذيب تاريخ ابن عساكر 4 / 358.
(2) تحرف في " الأنساب ": إلى أبي عبد الله.
(3) هو أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني الدمشقي صاحب الاجزاء العشرين التي خرجها له الخطيب، توفي سنة (508) هـ، وسترد ترجمته في الجزء التاسع عشر.(18/130)
الحِنَّائِي المُحَدِّث عَنْ مَوْلِده، فَقَالَ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة (1) .
وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلا (2) :كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً، وَهُوَ مَنْسُوْبٌ إِلَى بيع الحِنَّاء.
قَالَ الكتَّانِي: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة تِسْعٍ (3) وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قَالَ: وَهُوَ آخِرُ أَصْحَاب ابْن دُرُسْتَوَيْه، وَدُفِنَ عَلَى أَخِيْهِ عليّ بِمَقْبَرَة بَاب كَيْسَان (4) ، وَكَانَتْ لَهُ جِنَازَة عَظِيْمَة؛ مَا رَأَينَا مِثْلهَا مِنْ مُدَّة (5) .
69 - صَاحِبُ اليَمَنِ *
كَانَ مِنْ بَقَايَا مُلُوْكِ اليَمَنِ، طِفْلٌ مِنْ آلِ ابْنِ زِيَادٍ، الَّذِي اسْتَولَى عَلَى اليَمَنِ بَعْدَ المائَتَيْنِ، فَدَامَ الأَمْرُ بِيَدِ أَوْلاَدِهِ أَزْيَدَ مِنْ مائَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ سَنَةً (6) ، وَدَبَّرَ الأُمُوْرَ مَوَالِي الصَّبيِّ؛ كَالخَادِم مرجَان، وَنجَاحٍ الحَبشِيّ، وَنَفِيْسٍ، وَثَلاَثتهم مِنْ عبيد الوَزِيْر حُسَيْن النُّوْبِيّ (7) ، الَّذِي مرَّ بَعْد الأَرْبَعِ مائَة، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ إِلَى أَنْ دُفن الصَّبيّ (8) ، وَعَمَّتُهُ السَّيِّدَةُ حَيَّيْن (9) .
وَكَانَتْ هَذِهِ الدَّوْلَةُ الزِّيَادِيَّةُ فِي طَاعَة بَنِي العَبَّاسِ، وَيُهَادُونَهُم، ثُمَّ عَسْكَر نَجَاحٌ، وَحَارَبَ نَفِيساً
__________
(1) انظر " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 4 / 358.
(2) " الإكمال " 3 / 60.
(3) في " الأنساب " أنه توفي في حدود سنة خمسين وأربع مئة.
(4) باب كيسان، هو المعروف الآن بباب كنيسة القديس بولص، ويقع في الجنوب الشرقي لمدينة دمشق، وهو مسدود اليوم.
(5) انظر " تهذيب تاريخ ابن عساكر " 4 / 358.
(*) تاريخ ابن خلدون 4 / 214 - 218.
(6) انظر أخبار هذه الدولة في " تاريخ " ابن خلدون 4 / 213 وما بعدها.
(7) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (102) .
(8) قيل إن اسمه إبراهيم كما في " العبر " لابن خلدون.
(9) انظر " تاريخ " ابن خلدون 4 / 214.(18/131)
مَرَّاتٍ، وَتَمَكَّنَ هَذَا وَدُعَاةُ بنِي عُبيد يَأْتُوْنَ مِنْ مِصْرَ، وَورَاءهم خَلاَئِق مِنْ أَتْبَاعهُم، وَزَادَ الهَرْجُ إِلَى أَنْ ظهر الصُّلَيحِي (1) .
وَكَانَ المَلِكُ نَجَاحٌ (2) حَازِماً سَائِساً، وَلَهُ عِدَّةُ أَوْلاَد نُبَلاَء.
امْتَدَّتْ أَيَّامُ نَجَاح الحَبشِيّ نَحْواً مِنْ أَرْبَعِيْنَ عَاماً فَقِيْلَ: إِنَّ الصُّليحِي أَهدَى إِلَيْهِ سُرِّيَّةً، فَسَمَّتْهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ (3) ، وَتَملَّكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ سَعِيْد الأَحْوَل ثَلاَثَ سِنِيْنَ، وَغَلَبَ الصُّليحِي، فَهَرَبَ الأَحْوَلُ إِلَى الحَبَشَةِ، ثُمَّ أَقْبَل بَعْد زَمَان، فَقُتِلَ الصُّليحِيُّ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ وَعَجَائِب.
70 - أَبُو الحَارِثِ البَسَاسِيْرِيُّ المُلَقَّبُ بِالمُظَفَّرِ *
مَلِكُ الأُمَرَاءِ آرسلاَن التُّرْكِيُّ، البَسَاسِيْرِيُّ، نِسْبَةً إِلَى تَاجرٍ بَاعَهُ مِنْ أَهْلِ فَسَا.
وَالصَّوَاب: فَسَوِي، فَقيلت عَلَى غَيْر قيَاس كَعَادَة الْعَجم.
تَرقَّت بِهِ الأَحْوَالُ إِلَى أَنْ نَابذ الخَلِيْفَةَ (4) ، وَخَرَجَ عَلَيْهِ (5) ، وَكَاتَبَ
__________
(1) واسمه أبو الحسن علي بن محمد بن علي الصليحي.
سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (173) .
(2) انظر ترجمته في " الاعلام " للزركلي 8 / 9.
(3) الخبر في " وفيات الأعيان " 3 / 412 في ترجمة الصليحي.
(*) المنتظم 8 / 190 - 196 و201 - 212، الكامل لابن الأثير 9 / 555 - 560، 588، 589، 596، 601 - 602، 607 - 608، 625، 645، 648 - 650، مختصر تاريخ دولة آل سلجوق: 17، و18 و20، وفيات الأعيان: 1 / 192 - 193، المختصر 2 / 177، 179، 180، دول الإسلام 1 / 263، 264 - 266، العبر 3 / 220 - 221، 225 - 226، الوافي بالوفيات 8 / 340، تتمة المختصر 1 / 547 - 549، البداية والنهاية 12 / 83 - 84، شذرات الذهب 3 / 287 - 288، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 4 / 66، 205.
(4) القائم بأمر الله، وسترد ترجمته في هذا الجزء برقم (146) .
(5) ذكر ابن خلكان في " وفياته " 1 / 192: يقال إنه كان مملوكا من مماليك بهاء الدولة بن =(18/132)
صَاحِب مِصْر المُسْتنصر (1) ، فَأَمَدَّهُ بِأَمْوَالٍ وَسِلاَحٍ، فَأَقْبَل فِي عَسْكَرٍ قَلِيْل، وَتوثَّب عَلَى بَغْدَاد، فَفَرَّ مِنْهُ القَائِم، وَتَذَمَّمَ بِأَمِيْر العَرَب مُهَارش (2) ، وَعَاث جَمْعُ البسَاسيرِي، وَأَقَامَ الدعوَةَ بِالعِرَاقِ لِلمُسْتنصر سَنَة، وَقَتَلَ الوَزِيْر (3) ، وَفَعَل القبَائِح (4) ، حَتَّى أَقْبَل طُغْرُلْبَك، وَنَصَرَ الخَلِيْفَةَ، وَنزح البسَاسيرِيُّ، فَاتَّبعه عَسْكَرٌ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ - فَلله الْحَمد - قِيْلَ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ فِي ذِي الحِجَّةِ (5) .
71 - صَاحِبُ غَزْنَةَ فَرُّخْزَادُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ مَحْمُوْدٍ *
السُّلْطَانُ فرُّخْزَادُ ابْنُ السُّلْطَانِ مَسْعُوْدِ ابْنِ السُّلْطَانِ الكَبِيْرِ مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِينَ.
كَانَ مَلِكاً سَائِساً، مَهِيْباً شُجَاعاً، مُتَّسِعَ الممَالِك، هجم عَلَيْهِ ممَاليكُه الحَمَّام، فَكَانَ عِنْدَهُ سَيْفُه، فَشَدَّ عَلَيْهِم، وَسَلِمَ، وَأَدْرَكَهُ الحرسُ، وَقتلُوا أَولئك، ثُمَّ صَارَ بَعْدُ يُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِ المَوْت، وَيَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا، فَأَخَذَهُ قَوْلَنْجٌ (6)
__________
= عضد الدولة بن بويه، وأن الخليفة القائم بأمر الله قد قدمه على جميع الاتراك، وقلده الأمور بأسرها.
(1) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (72) .
(2) هو أمير العرب أبو الحارث مهارش بن المجلي العقيلي صاحب الحديثة، المتوفى سنة (499) هـ، ستأتي ترجمته برقم (104) .
(3) هو رئيس الرؤساء أبو القاسم علي بن الحسن بن المسلمة، سترد ترجمته برقم (104) .
(4) انظر " المنتظم " 8 / 192 وما بعدها، و" المختصر " 2 / 177 - 179، و" الكامل " 9 / 640 وما بعدها.
(5) " المنتظم " 8 / 212، و" الكامل " 9 / 648 - 650، و" مختصر تاريخ دولة آل سلجوق ": 20، و" وفيات الأعيان " 1 / 192.
(*) الكامل 10 / 5، تتمة المختصر 1 / 549، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 418.
(6) هو مرض معوي مؤلم، يعسر معه خروج الثفل والريح.(18/133)
فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، فَمَاتَ.
وَتَمَلَّكَ أَخُوْهُ إِبْرَاهِيْمُ، فَجَاهد، وَنشر العَدْل، وَفتحَ قِلاعاً مِنَ الهِنْد (1) .
72 - زُهَيْرُ بنُ حَسَنِ بنِ عَلِيٍّ أَبُو نَصْرٍ السَّرْخَسِيُّ * (2)
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو نَصْرٍ السَّرْخَسِيُّ (3) .
وُلِدَ: بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ: زَاهِر بن أَحْمَدَ السَّرْخَسِيّ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي طَاهِر المُخَلِّص، وَبِالبَصْرَةِ (السُّنَن (4)) مِنَ القَاضِي أَبِي عُمَرَ الهَاشِمِيّ.
وَتَفَقَّهَ بِالشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ الإِسفرَايينِي.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: لَقيتُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَبَا نَصْر مُحَمَّدَ بن أَبِي عَبْدِ اللهِ بِسَرْخَس.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّة: مَا رَأَيْتُ تَعليقَةً، أَحْسَن مِنْ تَعليقَة زُهَيْر عَنْ أَبِي حَامِدٍ الإِسفرَايينِي، لاَزمه سِتَّ سِنِيْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّال سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ
__________
(1) " الكامل " 10 / 5.
(*) " الأنساب 5 / 56 (الخدامي) ، المنتظم 8 / 232، وسقط منه " زهير " اسم المترجم، اللباب 1 / 425، العبر 3 / 232، مرآة الجنان 3 / 74، طبقات السبكي 4 / 379 - 380، طبقات الاسنوي 2 / 42، البداية والنهاية 12 / 90، كشف الظنون 1 / 171، 293، شذرات الذهب 3 / 292 - 293، هدية العارفين 1 / 375.
(2) ورد اسمه في " البداية ": زهير بن علي بن الحسن.
(3) وله نسبة أخرى أورده فيها صاحب " الأنساب ".
وهي " الخدامي " بكسر الخاء المعجمة وبالدال المهملة نسبة إلى جده خدام، وقد تصحف في " المنتظم " و" البداية " إلى: حزام، وتصحفت النسبة في " المنتظم " و" هدية العارفين " إلى: الجذامي، بالجيم والذال المعجمة،
وفي " البداية " إلى " الحزامي " بالحاء المهملة والزاي.
(4) أي " سنن أبي داود ".(18/134)
وَأَرْبَعِ مائَة وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
وَقِيْلَ: بَلْ تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَكَانَ رَئِيْسَ المُحَدِّثِيْنَ بسَرْخَس.
وَفِيْهَا (1) مَاتَ: أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَد بن مَحْمُوْد الثَّقَفِيّ (2) ، وَإِبْرَاهِيْم (3) بن مَنْصُوْر سِبْط بَحْرُويه، وَأَبُو يَعْلَى الصَّابُوْنِيّ (4) ، وَمُصَنِّفُ (العنوَان) أَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ خَلَف (5) بِمِصْرَ، وَالسُّلْطَانُ طُغْرُلْبَك السَّلْجُوْقِي (6) ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حمدُوْنَ السُّلَمِيّ (7) ، وَأَبُو الخَطَّاب العَلاَء بن عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ حَزْمٍ الرَّحَّال نَسيبُ أَبِي مُحَمَّدٍ الفَقِيْه شَابّاً.
73 - ابْنُ بُنْدَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ العِجْلِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ المُحَدِّثِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ بُنْدَارٍ العِجْلِيُّ، الرَّازِيُّ، المَكِّيُّ المَوْلِدِ، المُقْرِئُ.
تَلاَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ المُجَاهِدي؛ تِلْمِيْذِ ابْن مُجَاهِد، وَتَلاَ بِحرف ابْن
__________
(1) أي في سنة (455) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (63) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (33) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (35) .
(5) الأنصاري الأندلسي السرقسطي، وكتابه " العنوان " في القراءات، مترجم في: " الصلة " 1 / 105، و" معجم الأدباء " 6 / 165 - 167، و" وفيات الأعيان " 1 / 233، و" معرفة القراء " 1 / 341، و" الوافي بالوفيات " 9 / 116، و" غاية النهاية " 1 / 164.
(6) تقدمت ترجمته برقم (52) .
(7) تقدمت ترجمته برقم (45) .
(*) التقييد: الورقة: 50 أ، العبر 3 / 232، تذكرة الحفاظ 3 / 1128، معرفة القراء الكبار 1 / 335 - 338، غاية النهاية 1 / 361 - 363، النجوم الزاهرة 5 / 71، بغية الوعاة 2 / 75، شذرات الذهب 3 / 293.(18/135)
عَامِرٍ عَلَى مُقْرِئ دِمَشْق عَلِيِّ بن دَاوُدَ الدَّارَانِي، وَتَلاَ بِبَغْدَادَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ الحَمَّامِي، وَجَمَاعَة.
وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ: أَحْمَد بن فِرَاس، وَعَلِيِّ بن جَعْفَرٍ السيروَانِي الزَّاهِد، وَوَالدِه أَبِي العَبَّاسِ بن بُنْدَار، وَبَالرَّيّ مِنْ جَعْفَرِ بن فنَاكِي.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي الحَسَنِ الرّفَاء، وَعِدَّة.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ عَبْدِ الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ.
وَبِأَصْبَهَانَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَة.
وَبِالبَصْرَةِ، وَالكُوْفَة، وَحَرَّان، وَتستر، وَالرُّهَا، وَفَسَا، وَحِمْص، وَمِصْر، وَالرّملَة، وَنِيسَابور، وَنَسَا، وَجُرْجَان، وَجَال فِي الآفَاق عَامَّة عُمُره، وَكَانَ مِنْ أَفرَادِ الدَّهْر عِلْماً وَعملاً.
أَخَذَ عَنْهُ: المُسْتغفرِي (1) أَحَدُ شُيُوْخِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّن، وَنَصْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الشيرَازِيُّ؛ شَيْخٌ لِلسِّلَفِيِّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاق، وَالحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الخلاَّل، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ سَعْدَوَيْه، وَفَاطِمَةُ بِنْت البَغْدَادِيّ، وَخَلْق.
وَلحقَ بِمِصْرَ أَبَا مُسْلِمٍ الكَاتِب (2) .
قَالَ عبدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: كَانَ ثِقَةً، جَوَّالاً، إِمَاماً فِي القِرَاءات، أَوحدَ فِي طرِيقِهِ، كَانَ الشُّيُوْخ يُعَظِّمُونَهُ، وَكَانَ لاَ يَسْكُنُ الخَوَانِق، بَلْ يَأْوِي إِلَى مَسْجِد خرَابٍ، فَإِذَا عُرِفَ مَكَانُه نَزَحَ، وَكَانَ لاَ يَأْخُذُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئاً، فَإِذَا فُتِحَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ آثَرَ بِهِ (3) .
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: قرَأَ عَلَيْهِ القُرْآن جَمَاعَةٌ، وَخَرَجَ مِنْ عِنْدنَا إِلَى
__________
(1) هو أبو العباس جعفر بن محمد المستغفري النسفي، المتوفى سنة (342) هـ.
وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (372) .
(2) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (411) .
(3) انظر " معرفة القراء الكبار " 1 / 336.(18/136)
كَرْمَان، فَحَدَّثَ بِهَا.
وَتُوُفِّيَ فِي بلد أَوْشِير: فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قَالَ: وَوُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَهُوَ ثِقَةٌ، وَرع، مُتَدَيِّن، عَارِفٌ بِالقِرَاءات، عَالِمٌ بِالأَدب وَالنَّحْو، هُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ مِثْلِي، وَأَشهرُ مِنَ الشَّمْس، وَأَضوَأُ مِنَ القَمَر، ذُو فُنُوْن مِنَ العِلْمِ، وَكَانَ مَهِيْباً منظوراً، فَصِيْحاً، حسنَ الطّرِيقَة، كَبِيْرَ الْوَزْن (1) .
قَالَ السِّلَفِيّ: سَمِعْتُ عبدَ السَّلام بن سَلَمَةَ بِمَرَنْدَ (2) يَقُوْلُ: اقْتَدَى أَبُو الفَضْلِ الرَّازِيُّ بِالسيروَانِي شَيْخِ الحَرم، وَصَحِبَ السيروَانِيُّ أَبَا مُحَمَّدٍ المُرْتَعِشَ (3) صَاحِبَ الجُنَيْدِ.
وَقَالَ الخلاَّل: خَرَجَ أَبُو الفَضْلِ الإِمَامُ نَحْو كَرْمَان، فَشيَّعه النَّاسُ، فَصرفهُم، وَقصد الطَّرِيْق وَحْدَه، وَهُوَ يَقُوْلُ:
إِذَا نَحْنُ أَدْلَجْنَا وَأَنْتَ إِمَامُنَا ... كَفَى لِمَطَايَانَا بِذِكْرَاكَ حَادِيَا (4)
قَالَ الخَلاَّلُ: وَأَنشدنِي لِنَفْسِهِ:
يَا مَوْتُ مَا أَجْفَاكَ مِنْ زَائِرٍ ... تَنْزِلُ بِالمَرْءِ عَلَى رَغْمِهِ
وَتَأْخُذُ العَذْرَاءَ مِنْ خِدْرِهَا ... وَتَأْخُذُ الوَاحِدَ مِنْ أُمِّهِ
قَالَ السَّمْعَانِيّ فِي (الذّيل) :كَانَ مُقْرِئاً فَاضِلاً، كَثِيْرَ التَّصَانِيْف،
__________
(1) انظر " معرفة القراء الكبار " 1 / 337.
(2) قال ياقوت: بفتح أوله وثانيه ونون ساكنة ودال: من مشاهير مدن أذربيجان، بينها وبين تبريز يومان ...
(3) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (87) .
(4) البيت مع الخبر في " معرفة القراء الكبار " 1 / 337.(18/137)
حَسَنَ السِّيْرَةِ، زَاهِداً، مُتَعَبِّداً، خَشِنَ الْعَيْش، منفرداً، قَانِعاً، يُقرِئ وَيُسمِعُ فِي أَكْثَر أَوقَاتِهِ، وَكَانَ يُسَافر وَحْدَه، وَيدخل البَرَارِي (1) .
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ الأَسَدِيِّ: أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا خَلِيْلُ بنُ بَدْرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاق قَالَ:
وَردَ عَلَيْنَا الإِمَامُ الأَوحدُ أَبُو الفَضْلِ الرَّازِيّ - لَقَّاهُ اللهُ رضوَانه، وَأَسكنه جنَانَه - وَكَانَ إِمَاماً مِنَ الأَئِمَّةِ الثِّقَات فِي الحَدِيْثِ وَالروَايَات وَالسّنَة وَالآيَات، ذِكْرُهُ يَملأُ الْفَم، وَيَذْرِفُ الْعين، قَدِمَ أَصْبَهَان مرَاراً، سَمِعْتُ مِنْهُ قطعَةً صَالِحَةً، وَكَانَ رَجُلاً مَهِيْباً، مديدَ القَامَة، وَلياً مِنْ أَوْلِيَاء الله، صَاحِبَ كَرَامَات، طَوَّفَ الدُّنْيَا مُفِيداً وَمُسْتفِيداً (2) .
وَقَالَ الخلاَّل: كَانَ أَبُو الفَضْلِ فِي طَرِيْق، وَمَعَهُ خُبْز وَفَانِيذ (3) ، فَأَرَادَ قُطَّاعَ الطَّرِيْق أَخَذَه مِنْهُ، فَدَفَعهم بعَصَاهُ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: لأَنَّه كَانَ حَلاَلاً، وَرُبَّمَا كُنْت لاَ أَجِدُ مِثْله (4) .
وَدَخَلَ كَرْمَان فِي هَيئَةٍ رَثَّةٍ وَعَلَيْهِ أَخلاَقٌ وَأَسمَال، فَحُمِلَ إِلَى الْملك، وَقَالُوا: جَاسوس.
فَقَالَ المَلِكُ: مَا الخَبَر؟
قَالَ: تسَأَلُنِي عَنْ خَبَرِ الأَرْضِ أَوْ خَبَر السَّمَاء؟ فَإِنْ كُنْتَ تسَأَلُنِي عَنْ خَبَر السَّمَاء ف* ـ {كُلُّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرَّحْمَن:29] وَإِنْ كُنْتَ تسَأَلُنِي عَنْ خَبَر الأَرْض فـ {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} [الرَّحْمَن:26] فَتَعَجَّبَ المَلِكُ مِنْ كَلاَمِهِ، وَأَكْرَمَهُ، وَعرض عَلَيْهِ مَالاً، فَلَمْ يَقبله (5) .
__________
(1) انظر " معرفة القراء الكبار " 1 / 336.
(2) " معرفة القراء الكبار " 1 / 337.
(3) نوع من الحلواء يعمل بالنشاء معرب بانيذ، وقد تصحفت في " معرفة القراء الكبار " إلى: القانيد.
(4) " معرفة القراء الكبار " 1 / 337.
(5) " معرفة القراء الكبار " 1 / 338.(18/138)
74 - الحُصْرِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ تَمِيْمٍ *
الأَدِيْبُ، شَاعِرُ المَغْرِبِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ تَمِيْمٍ القَيْرَوَانِيُّ.
وَشعره سَائِر مدُوَّن (1) .
وَلَهُ كِتَاب: (زهر الآدَاب (2)) ، وَكِتَاب (المصُوْنَ فِي الهَوَى (3)) .
مدح الكُبَرَاء.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ (4) .
وَهُوَ ابْنُ خَالَة الشَّاعِر الشَّهِير أَبِي الحَسَنِ الحُصْرِي (5) .
__________
(*) ديوان ابن رشيق: 174 - 175، الذخيرة ق 4 / م 2 / 584 - 597، معجم الأدباء 2 / 94 - 97، وفيات الأعيان 1 / 54 - 55، مسالك الابصار 11 / 309، الوافي بالوفيات 6 / 61، عنوان الاريب 1 / 43، كشف الظنون 1 / 785 و2 / 957، هدية العارفين 1 / 8، مقدمة زهر الآداب لمحيي الدين عبد الحميد وأبي الفضل إبراهيم.
والحصري: بضم الحاء وسكون الصاد المهملتين، هذه النسبة إلى عمل الحصر وبيعها.
(1) انظر بعض نظمه في " معجم الأدباء " 2 / 95 - 96، و" الذخيرة " ق 4 / م 2 / 593 - 597، ومنه:
وحبك مالك لحظي ولفظي * وإظهاري وإضماري وحسي
فإن أنطق ففيك جميع نطقي * وإن أسكت ففيك حديث نفسي
(2) واسمه الكامل: " زهر الآداب وثمار الالباب " وقد طبع عدة مرات.
(3) وسماه ابن بسام: " المصون من الدواوين " وسماه ياقوت: " المصون والدرر المكنون " وسماه ابن خلكان: " المصون في سر الهوى المكنون "، ومنه نسخة بمكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت بالمدينة المنورة وله كتب أخرى أوردتها مصادر ترجمته.
(4) كما قال ابن بسام في " الذخيرة "، وذكر ياقوت أنه توفي سنة 413، وصحح ابن خلكان القول الأول، فنقل قول القاضي الرشيد بن الزبير أن الحصري المذكور ألف كتاب " زهر الآداب " في سنة (450) هـ، وهذا يدل على صحة ما قاله ابن بسام والله أعلم.
" وفيات الأعيان " 1 / 55.
(5) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (16) .(18/139)
75 - ابْنُ بَادِيْسَ المُعِزُّ بنُ بَادِيْسَ بنِ مَنْصُوْرٍ الحِمْيَرِيُّ *
صَاحِبُ إِفْرِيْقِيَةَ، المُعِزُّ بنُ بَادِيسِ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ بُلُكِّينَ (1) بنِ زِيْرِي بنِ مَنَادٍ الحِمْيَرِيُّ، الصُّنْهَاجِيُّ، المَغْرِبِيُّ، شَرَفُ الدَّوْلَةِ ابْنُ أَمِيْرِ المَغْرِبِ.
نَفَّذ إِلَيْهِ الحَاكِمُ مِنْ مِصْرَ التقليدَ وَالخِلَع فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَة، وَعلاَ شَأْنُه (2) .
وَكَانَ ملكاً مَهِيْباً، سَرِيّاً شُجَاعاً، عَالِي الهِمَّة، مُحِباً لِلْعِلْمِ، كَثِيْرَ البذلِ، مدحته الشُّعَرَاءُ.
وَكَانَ مَذْهَب الإِمَام أَبِي حَنِيْفَةَ قَدْ كَثُرَ بِإِفْرِيْقِيَةَ، فَحَمَلَ أَهْلَ بِلاَده عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ حسماً لمَادَة الخلاَف (3) ، وَكَانَ يَرْجِعُ إِلَى إِسْلاَم، فَخلع طَاعَة العُبَيْدِيَّة، وَخَطَبَ لِلقَائِم بِأَمْرِ اللهِ العَبَّاسِيّ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ المُسْتنصر يَتهددُه، فَلَمْ يَخَفْهُ، فَجَهَّزَ لمُحَارِبته مِنْ مِصْرَ العَرَب، فَخربُوا حصُوْنَ بَرْقَة وَإِفْرِيْقِيَة، وَأَخَذُوا أَمَاكن، وَاسْتوطنُوا تِلْكَ الدِّيَار مِنْ هَذَا الزَّمَان، وَلَمْ يُخْطَب لِبَنِي عُبيدٍ بَعْدَهَا بِالقَيْرَوَان (4) .
قِيْلَ: كَانَ مولد المُعِزِّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
__________
(*) الكامل لابن الأثير 9 / 355، 450، 492، 521، 617، و10 / 15 - 16، الحلة السيراء 2 / 21 في سياق ترجمة ابنه تميم، وفيات الأعيان 5 / 233 - 235، البيان المغرب 1 / 267، رحلة التجاني: 17 وما بعدها و29 وانظر الفهرس، المختصر 2 / 170، 180، العبر 3 / 233، تتمة المختصر 1 / 513، 552، الوافي خ 26 / 22، تاريخ ابن خلدون 6 / 158 - 159، شذرات الذهب 3 / 294، الخلاصة النقية: 47، إيضاح المكنون 2 / 666، هدية العارفين 2 / 465.
(1) ضبطت في الأصل بضم الباء وتشديد اللام، وما أثبتناه عن ابن خلكان 1 / 287.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 233.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 233 - 234.
(4) انظر " الكامل " 9 / 521 - 522، و" وفيات الأعيان " 5 / 234.(18/140)
وَمَاتَ: فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ (1) وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَمَرِضَ بِالبرص، وَرثَاهُ شَاعِره الحَسَنُ بنُ رَشِيق القَيْرَوَانِيّ (2) ، وَكَانَ مَوْتُه بِالمَهْدِيَّة (3) .
وَقَام بَعْدَهُ وَلده تَمِيْم (4) بن الْمعز.
76 - الجَعْفَرِيُّ أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ *
عَالِمُ الإِمَامِيَّةِ، الشَّرِيْفُ أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، الجَعْفَرِيُّ.
مِنْ دُعَاة الشِّيْعَة.
لاَزمَ الشَّيْخَ المُفِيْدَ (5) ، وَبَرَعَ فِي فِقههم، وَأُصُوْلِهم، وَعلمِ الكَلاَم، وَزوَّجَهُ المُفِيْد بِبنته، وَخَصَّهُ بِكُتُبِهِ.
وَأَخَذَ أَيْضاً عَنِ الشَّرِيْف المرتضَى، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَكَانَ يَحْتَجّ عَلَى حَدَثِ القُرْآن بدُخُوْل النَّاسخ فِيْهِ وَالمَنْسُوْخ، وَكَانَ بَصِيْراً بِالقِرَاءات.
قَالَ ابْنُ أَبِي طيّ فِي (تَارِيخ الشِّيْعَة) :كَانَ مِنْ صَالِحِي طَائِفتِهِ
__________
(1) وفي " الكامل " 10 / 15، و" المختصر " 2 / 180، و" تتمته " 1 / 552 أنه توفي سنة ثلاث.
(2) سترد ترجمته برقم (148) وانظر مرثيته في مجموع " ديوانه " 137 - 139، ومطلعها:
لكل حي وإن طال المدى هلك * لا عز مملكة يبقى ولا ملك
(3) انظر " الكامل " 10 / 15، 16، و" وفيات الأعيان " 5 / 234، والمهدية هي مدينة المسيلة بالمغرب، ويقال لها المحمدية، لأنه اختطها أبو القاسم محمد بن المهدي سنة 315. انظر " معجم البلدان " 5 / 64 و130.
(4) ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (164) .
(*) الوافي بالوفيات: خ 11 / 143.
(5) هو الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي الشيعي عالم الشيعة وصاحب التصانيف الكثيرة.
المتوفى سنة (413) هـ. وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (213) .(18/141)
وَعُبَّادِهم وَأَعيَانهِم، شَيَّعَ جِنَازَته خلقٌ عَظِيْم.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة بِبَغْدَادَ.
فَأَمَّا مَا زَعمه مِنْ حَدَثِ القُرْآن، فَإِن عَنَى بِهِ خَلْقَ القُرْآن، فَهُوَ مُعْتَزِلِيٌّ جَهْمِيٌّ، وَإِن عَنَى بِحُدُوثِهِ إِنزَاله إِلَى الأُمَّة عَلَى لِسَانِ نَبيِّهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ كَلاَمُ الله لَيْسَ بِمَخْلُوْق، فَلاَبَأْس بِقَوْله، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {مَا يَأْتيهم مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبّهم مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتمعُوْهُ وَهُمْ يَلعبُوْنَ} [الأَنْبِيَاء:2] .
أَي مُحْدث الإِنزَال إِلَيْهِم.
77 - البسْطَامِيُّ أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ وَمُحتشِمُهُم، أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ ابْنُ الإِمَامِ جَمَالِ الإِسْلاَمِ المُوَفْقِ هِبَةِ اللهِ ابْنِ العَلاَّمَةِ المُصَنِّفِ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ البِسْطَامِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، زَينُ أَهْلِ الحَدِيْثِ.
انْتَهَت إِلَيْهِ زعَامَةُ الشَّافِعِيَّة بَعْد أَبِيْهِ، وَكَانَ مدرساً رَئِيْساً، ذكيّاً، وَقُوْراً، قَلِيْلَ الكَلاَم، مَاتَ شَابّاً عَنْ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
سَمِعَ مِنَ: النَّصْرويِي، وَأَبِي حَسَّانٍ المُزَكِّي.
وَكَانَتْ دَارُه مجمعَ العُلَمَاء، وَاحتفَّ بِهِ الفُقَهَاء رعَايَةً لأُبُوَّته، وَظهر لَهُ القبولُ، وَشدّ مِنْهُ القُشَيْرِيّ (1) ، وَظهر لَهُ خصومٌ وَحُسَّاد، وحرَّفُوا عَنْهُ
__________
(*) منتخب السياق: 19، طبقات السبكي 4 / 208 - 210 و3 / 390 - 393، طبقات الاسنوي 1 / 226، والبسطامي: بفتح الباء كما في الأصل و" الأنساب " نسبة إلى بسطام: بلدة بقومس.
وأما البسطامي، بكسر الباء فهي نسبة إلى الجد بسطام كما في " الأنساب " و" المشتبة " وجزم ابن الأثير بأن الصواب الكسر مطلقا سواء أكان نسبة إلى البلد أم إلى الجد.
انظر " اللباب " 1 / 152 - 153.
(1) هو أبو القاسم القشيري، وسترد ترجمته برقم (109) .(18/142)
السُّلْطَان، وَنِيلَ مِنَ الأَشعرِيَّة، وَمُنِعُوا مِنَ الْوَعْظ، وَعُزِلُوا مِنْ خَطَابَة نَيْسَابُوْر، وَقَوِيَتِ المُعْتَزِلَةُ وَالشِّيْعَةُ، وَآل الأَمْرُ إِلَى تَوظيف اللَّعْنِ فِي الجُمَعِ، ثُمَّ تَعدَى اللَّعْنُ إِلَى طوَائِفَ، وَهَاجتْ فِتْنَةٌ بِخُرَاسَانَ حَتَّى سُجِنَ القُشَيْرِيّ، وَالرَئِيْسُ الفُرَاتِي، وَإِمَامُ الحَرَمَيْنِ، وَأَبُو سَهْلٍ هَذَا، وَأُمِرَ بِنَفْيِهِمْ، فَاخْتَفَى الجُوَيْنِيّ، وَفَرَّ إِلَى الحِجَاز مِنْ طرِيقِ كَرْمَان، فَتَهَيَّأَ أَبُو سَهْلٍ، وَجَمَعَ أَعْوَاناً وَمُقَاتلَةً، وَالتقَى فِي البَلَد هُوَ وأَمِيْرُ البَلَد، فَانْتصر أَبُو سَهْلٍ، وَجُرِحَ الأَمِيْرُ، وَعَظُمَتِ المِحنَةُ، وَبَادر أَبُو سَهْلٍ إِلَى السُّلْطَانِ، فَأُخِذَ، وَحُبس أَشْهُراً، وَصُودر، وَأُخِذَت ضيَاعُه، ثُمَّ أُطلق، فَحَجَّ، ثُمَّ عَظُمَ بَعْد عِنْد أَلب آرسلاَن (1) ، وَهَمَّ بِأَنْ يَسْتَوزره، فَقُصِدَ وَاغتِيل إِلَى رَحْمَة الله فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، وَأَظهر عَلَيْهِ أَهْلُ نَيْسَابُوْر مِنَ الْجزع مَا لاَ يُعَبَّرُ عَنْهُ، وَنَدَبَتْهُ النَّوَائِحُ مُدَّة، وَأُنشدت مرَاثيه فِي الأَسواقِ (2) .
وَقِيْلَ: بَلْ بعثَه السُّلْطَانُ رَسُوْلاً إِلَى بَغْدَادَ، فَمَاتَ فِي الطَّرِيْق، وَخلَّفَ دُنْيَا وَاسِعَة.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (210) في هذا الجزء.
(2) انظر خبر هذه الفتنة في " طبقات " السبكي 3 / 389 - 393 و4 / 209 - 210.(18/143)
78 - ابْنُ سِيْدَه أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المُرْسِيُّ *
إِمَامُ اللُّغَةِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ (1) المُرسِيُّ (2) ، الضَّرِيرُ، صَاحِبُ كِتَابِ (المُحْكَم (3)) فِي لِسَانِ العَرَبِ، وَأَحَدُ مَنْ يُضْرَبُ بذكَائِهِ المَثَل.
قَالَ أَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِي: دَخَلتُ مُرْسِية، فَتشبَّثَ بِي أَهْلُهَا لِيسْمعُوا عليَّ (غَرِيْب المُصَنَّف (4)) فَقُلْتُ: انْظُرُوا مَنْ يَقرَأُ لَكُم، وَأُمسك أَنَا كِتَابِي، فَأَتونِي بِإِنْسَان أَعْمَى يُعْرَفُ بِابْنِ سِيْده، فَقَرَأَهُ عليَّ كُلَّهُ، فَعجبتُ مِنْ حِفْظِهِ.
قَالَ: وَكَانَ أَعْمَى ابْنَ أَعْمَى (5) .
__________
(*) طبقات الأمم الصاعد: 119، جذوة المقتبس: 311 - 312، مطمح الانفس، القسم الثاني المنشور في مجلة المورد البغدادي. المجلد العاشر - العدد 3 - 4 - 1981 م بتحقيق هدى شوكة بهنام من ص: 364 - 366، فهرسة ابن خير: 423، الصلة 2 / 417 - 418، بغية الملتمس: 418 - 419، معجم الأدباء 12 / 231 - 235، إنباه الرواة 2 / 225 - 227، المغرب في حلى المغرب 2 / 259، وفيات الأعيان 3 / 330 - 331، المختصر في أخبار البشر 2 / 186، العبر 3 / 243، دول الإسلام 1 / 269، تلخيص ابن مكتوم: 125، تتمة المختصر 1 / 560، مسالك الابصار ج 4 م 2 / 259 - 260، نكت الهميان: 204 - 205، مرآة الجنان 3 / 83، البداية 12 / 95، الديباج المذهب 2 / 106 - 107، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 132 - 140، لسان الميزان 4 / 205 - 206، بغية الوعاة 2 / 143، مفتاح السعادة 1 / 114 - 115، نفح الطيب 4 / 27 - 28، كشف الظنون 1 / 691، و2 / 1616، 1617، شذرات الذهب 3 / 305 - 306، هدية العارفين 1 / 691.
(1) في بعض المصادر " أحمد " بدل " اسماعيل " وفي بعضها " محمد ".
(2) نسبة إلى مرسية، وهي مدينة في شرق الأندلس.
(3) واسمه الكامل: " المحكم والمحيط الأعظم "، وهو كتاب كبير مشتمل على أنواع اللغة، وقد رتبه على حروف المعجم.
وذكر ياقوت أنه اثنا عشر مجلدا، وقد طبع منه أربعة مجلدات.
(4) هو لأبي عبيد القاسم بن سلام، المتوفى سنة (224) هـ.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء العاشر برقم (164) .
(5) انظر " الصلة " 2 / 417 - 418، و" معجم الأدباء " 12 / 233، و" إنباه الرواة " 2 / 226 - 227، و" وفيات الأعيان " 3 / 330.(18/144)
قُلْتُ: وَكَانَ أَبُوْهُ أَيْضاً لغوياً، فَأَخَذَ عَنْ أَبِيْهِ، وَعَنْ صَاعِد بن الحَسَنِ.
قَالَ الحُمَيْدِيُّ (1) :هُوَ إِمَامٌ فِي اللُّغَة والعَرَبِيَّة، حَافظٌ لَهُمَا، عَلَى أَنَّهُ كَانَ ضرِيراً، وَقَدْ جمع فِي ذَلِكَ جُمُوْعاً، وَلَهُ مَعَ ذَلِكَ حظٌّ فِي الشّعر وَتَصرُّف.
وَأَرَّخ صَاعِدُ بنُ أَحْمَدَ القَاضِي مَوْتَه فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَقَالَ: بلغَ السِّتِّيْنَ أَوْ نَحْوهَا (2) .
قَالَ اليَسع بنُ حَزْم: كَانَ شُعُوْبِيَّا يُفَضِّلُ العَجَم عَلَى العَرَب (3) .
وَحَطَّ عَلَيْهِ أَبُو زَيْد السُّهَيْلِي فِي (الرَّوْض (4)) فَقَالَ: تَعَثَّرَ فِي (المُحْكَم) وَغَيْرِهِ عثرَاتٍ يَدمَى مِنْهَا الأَظَلُّ (5) ، وَيدحَضُ دَحَضَاتٍ تُخرجه إِلَى سَبِيْل مَنْ ضَلَّ، حَتَّى إِنَّهُ قَالَ فِي الجِمَار: هِيَ الَّتِي تُرمَى بِعَرَفَة (6) .
__________
(1) " جذوة المقتبس ": 311.
(2) " الصلة " 2 / 418، و" إنباه الرواة " 2 / 227، وقد ذكر قولا آخر في وفاته وهو سنة (448) ، وما ذكره المؤلف هو الصواب، وانظر " وفيات الأعيان " 3 / 330 - 331.
(3) انظر " لسان الميزان " 4 / 206.
(4) هو كتاب " الروض الانف " في تفسير " السيرة النبوية " لابن هشام، وأبو زيد السهيلي - ويقال أبو القاسم وأبو الحسن: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الأندلسي النحوي صاحب التصانيف المتوفى 581 هـ.
انظر " العبر " 4 / 244، و" شذرات الذهب " 4 / 271 - 272.
(5) الاظل: بطن الاصبع.
(6) انظر " الروض الانف " 2 / 128.
وقد اعتذر ابن حجر عن كلامه هذا في " لسان الميزان " 4 / 205 - 206، فقال بعد أن أورد قول السهيلي، قلت: والغالط في هذا يعذر لكونه
لم يكن فقيها ولم يحج، ولا يلزم من ذلك أن يكون غلط في اللغة التي هي فنه الذي يحقق به من هذا القبيل.(18/145)
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ الصَّلاَح: أَضَرَّت بِهِ ضَرَارتُهُ (1) .
قُلْتُ: هُوَ حُجَّةٌ فِي نَقل اللُّغَة، وَلَهُ كِتَاب (العَالَم فِي اللُّغَة) نَحْو مائَة سفر، بدَأَ بِالفَلَكِ، وَختم بِالذَّرَّة (2) .
وَلَهُ: (شَوَاذ اللُّغَة) خَمْسَة أَسفَار (3) .
وَكَانَ مُنْقَطِعاً إِلَى الأَمِيْر مُجَاهِد العَامِرِيّ (4) .
79 - ابْنُ مِهْرَبْزُدَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، النَّحْوِيُّ، المفسِّرُ، المُعْتَزِلِيُّ، أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مِهْرَبْزُد الأَصْبَهَانِيُّ، صَاحِبُ (التَّفْسِيْر الكَبِيْر) الَّذِي هُوَ فِي عِشْرِيْنَ سِفراً.
كَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ بِأَصْبَهَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئ.
قَالَ الحَافِظُ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: كَانَ عَارِفاً بِالنَّحْوِ، غَاليَا فِي مَذْهَب الاعتزَال.
__________
(1) انظر " لسان الميزان " 4 / 206.
(2) الذرة: النملة الصغيرة.
(3) وله أيضا كتاب " المخصص " وهو كتاب عظيم في اللغة يعد مرجعا في بابه.
وقد طبع في سبعة عشر جزءا في المطبعة الاميرية ببولاق بين عامي 1316 و1321 هـ.
وله كتب أخرى انظرها في " معجم الأدباء " 12 / 232 - 233، و" هدية العارفين " 1 / 691.
(4) انظر " جذوة المفتبس ": 311.
(*) إنباه الرواة 3 / 194 - 195، المغني في الضعفاء 2 / 618، العبر 3 / 245، ميزان
الاعتدال 3 / 655، دول الإسلام 1 / 269، تلخيص ابن مكتوم: 226، مرآة الجنان 3 / 83، الوافي بالوفيات 4 / 130 - 131، لسان الميزان 5 / 298 - 299، طبقات المفسرين للسيوطي: 32، بغية الوعاة 1 / 188، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 211، شذرات الذهب 3 / 307.
ومهربزد، هكذا رسمت في الأصل بكسر الميم وسكون الهاء وفتح الراء وسكون الباء وضم الزاي وبعدها دال في " إنباه الرواة " و" بغية الوعاة " و" طبقات المفسرين ": مهرايزد.(18/146)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاق: سَأَلتُهُ عَنْ مَوْلِده فَقَالَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
قُلْتُ: آخر مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: المُعَمَّر إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ الحمّامِي؛ يَرْوِي عَنْهُ نسخَة مَأْمُوْن.
وَرَوَى عَنْهُ: نَاضر - بضَاد مُعْجَمَة - ابْن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيّ، وَعددٌ مِنْ مَشيخَة السِّلَفِيّ الصّغَار.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَة تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (1) .
وَتَفْسِيْرُه كَانَ بِمِصْرَ لِلإِمَام الشَّرَف المُرسِي (2) .
عَاشَ ثَلاَثاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمِمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ الصَّيْرَفِيّ، وَالحُسَيْنُ الخلاَّل، وَمُحَمَّدُ بنُ حَمْد الكِبرِيتِي.
80 - السَّرَوِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى السَّرَوِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ: المُطَهَّرِيُّ: نسبَة إِلَى قَرْيَة مُطَهَّر: بِفَتْحِ الهَاءِ الثَّقِيْلَة (3) .
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ السِّتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَة بِبلد سَارِيَة.
__________
(1) " إنباه الرواة " 3 / 194.
(2) انظر قصة هذا التفسير في " إنباه الرواة " 3 / 194 - 195.
(*) الأنساب في / 534 / ب (المطهري) ، معجم البلدان 5 / 151، اللباب 3 / 226، طبقات الشافعية لابن الصلاح: الورقة 31، الوافي 6 / 122، طبقات السبكي 4 / 263، طبقات الاسنوي 2 / 43.
والسروي: بفتح السين المهملة والراء، وقبل بسكون الراء أيضا هذه النسبة إلى سارية: مدينة بمازندران (وهي طبرستان) ، وربما نسب إليها، فقيل: الساري.
(3) وهي قرية من أعمال سارية بطبرستان، وقد ضبطت الهاء في المطبوع من " معجم البلدان " بالكسر ضبط قلم.(18/147)
وَقَدِمَ بَغْدَاد وَهُوَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّلاَثِيْنَ، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي حَفْصٍ الكَتَّانِي، وَأَبِي طَاهِر المُخَلِّص.
وَتَفَقَّهَ بِالشَّيْخ أَبِي حَامِد، وَأَخَذَ الفَرَائِض عَنِ ابْنِ اللَّبَّان (1) .
وَرَوَى عَنْهُ: مَالِكُ بنُ سِنَان، وَغَيْرهُ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي الأُصُوْل وَالفروع، وَوَلِيَ قَضَاءَ سَارِيَة، وَصَارَ إِمَام تِلْكَ النَّاحيَة.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة عَنْ مائَة عَام.
81 - عُمَرُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ البُخَارِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَالِمُ، مُحَدِّثُ مَا وَرَاء النَّهْرِ، أَبُو حَفْصٍ البُخَارِيُّ، البَزَّازُ.
سَمِعَ: أَبَا عليٍّ إِسْمَاعِيْل بن حَاجِب الكُشَانِي، وَأَبَا نَصْر أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المَلاَحِمِي (2) ، وَأَبَا الفَضْل أَحْمَدَ بنَ عَلِيٍّ السُّليمَانِي، وَأَبَا نَصْر أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْن الكَلاَبَاذِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ يَزدَاد الرَّازِيّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظ عَبْدُ العَزِيْزِ النَّخْشَبِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَعِيْد
__________
(1) هو أبو الحسين محمد بن عبد الله البصري. المتوفى سنة (402) هـ.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (127) .
(*) الأنساب 5 / 188 - 189 (الخنبي) ، اللباب 1 / 464 - 465، تذكرة الحفاظ 3 / 1158.
(2) نسبة إلى الملاحم، وقد تصحف في " الأنساب " 5 / 188 إلى الملاجمي بالجيم.(18/148)
المُطَهَّرِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْد اللهِ السُّرْخَكَتِي (1) ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَافِظُ النَّخْشَبِيّ: هُوَ مُكْثِر صَحِيْح السَّمَاع، فِيْهِ هَزْل.
قُلْتُ: هَذَا هُوَ سِبْط المُحَدِّث مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ خَنْب (2) .
ذَكَرَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ بَعْدَ سَنَةِ سِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (3) .
آخر مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: ركنُ الإِسْلاَم إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بن أَبِي نَصْرٍ الصّفَارِي؛ شَيْخ قَاضِي خَان (4) .
82 - ابْنُ شَمَةَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ عُمَرَ بنِ مُوْسَى الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، أَبُو الطَّيِّبِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ عُمَرَ بنِ مُوْسَى بنِ شمَة - بِالفَتْح وَالتَّخفِيف (5) - الأَصْبَهَانِيُّ، التَّاجِرُ، رَاوِي كِتَاب (السُّنَن) لأَبِي قُرَّة الزُّبَيْدِيِّ اليَمَانِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئ.
__________
(1) في الأصل: السرخكي، وهو خطأ، والصواب ما أثبت، نسبة إلى سرخكت، بزيادة مثناة بعد الكاف، وهي بليدة بغرجستان سمرقند كما في " الأنساب " 7 / 70، و" اللباب " 2 / 112 - 113، و" تبصير المنتبه " 2 / 732.
وأما السرخكي فهي نسبة إلى سرخك: قرية بنيسابور.
(2) ولذا أورده السمعاني عند نسبة " الخنبي " نسبة إلى جده خنب هذا.
(3) " الأنساب " 5 / 189، وقد أورده الذهبي في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1158 في وفيات سنة (461) هـ.
(4) هو القاضي أبو بكر محمد بن عبدا لباقي بن محمد الأنصاري البغدادي الحنبلي البزاز، المتوفى سنة (535) هـ، وسترد ترجمته في الجزء العشرين برقم (12) .
(*) التقييد: الورقة / 145 / 2، الاستدراك 2 / ورقة / 62، تذكرة الحفاظ 3 / 1135، العبر 3 / 242، تبصير المنتبه 2 / 789، شذرات الذهب 3 / 305.
(5) وقد ضبطت في الأصل بفتح الشين وكسرها، وكتب فوقها: معا.
وقد وردت في " تبصير المنتبه " 2 / 789: شمة " هكذا " بالكسر، وقيل بالفتح، والميم مفتوحة، وقد تصحفت في " العبر " إلى سمه بالسين المهملة، وتحرفت في " الشذرات " إلى " شماسة ".(18/149)
حَدَّثَ عَنْهُ: سَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ، وَغَانِمُ بنُ خَالِدٍ التَّاجِر، وَالحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَقَدْ قَيَّدَهُ بَعْضُهم شِمَة بِالكَسْرِ كسِمَة.
وَكَذَا وَجِدَ بِخَط أَبِي العَلاَءِ العَطَّار.
83 - الصَّفَّارُ الخَشَّابُ أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ المُحَدِّثُ، المُفِيْدُ، الثِّقَةُ، أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَبِيْبٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الخَشَّابُ، الصَّفَّارُ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ المَخْلَدي، وَأَبِي الحُسَيْنِ الخَفَّاف، وَالحَاكِم، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، وَابْن مَحْمِش (2) ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم. وَعُنِي بِهَذَا الشَّأْن.
قَالَ عبدُ الغَافِرِ فِي (سيَاق تَارِيخ نَيْسَابُوْر) :كَانَ مُحَدِّثاً مُفِيداً، مِنْ خوَاص خَدَمِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَكَانَ صَاحِبَ كتب، صَارَ بُنْدَار (3) كُتبِ الحَدِيْث بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَكْثَر أَقرَانِهِ سَمَاعاً وَأُصُوْلاً، رزقه الله الإِسْنَاد
__________
(*) الأنساب 5 / 120 (الخشاب) ، العبر 3 / 240، تذكرة الحفاظ 4 / 1154، الوافي 4 / 136، شذرات الذهب 3 / 301.
والصفار، بفتح الصاد وتشديد الفاء، وفي آخرها الراء، هذه اللفظة تقال لمن يبيع الاواني الصفرية (أي النحاسية) .
(1) هو الامام أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، المتوفى سنة (412) هـ.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (152) .
(2) هو العلامة أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، المتوفى سنة (414) هـ.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (169) .
(3) أي: الجامع لكتب الحديث بنيسابور.(18/150)
العَالِي، وَجَمَعَ الأَبْوَاب، وَأَسَمِع الصِّبْيَان، وَهُوَ مِنْ بَيْت حَدِيْث وَصلاَح.
حَدَّثَنِي ثِقَة أَنَّ أَبَا سَعِيْدٍ أَظهرَ سَمَاعه مِنْ أَبِي طَاهِر بن خُزَيْمَةَ بَعْد وَفَاة أَبِي عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيّ، فَتكلَّم أَصْحَابُ الحَدِيْث فِيْهِ، وَمَا رضُوا ذَلِكَ مِنْهُ - وَاللهُ أَعْلَمُ بحَاله - وَأَمَّا سَمَاعُهُ مِنْ غَيْره، فَصَحِيْح، وَقَدْ أَجَازَ لِي مَرْوِيَّاته، وَأَخْبَرَنَا عنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْهم الوَالِد، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّن، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ رَامش.
قُلْتُ: آخر مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: زَاهِرٌ الشَّحَّامِيّ.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَفِيْهَا مَاتَ: قَاضِي الجَمَاعَة سِرَاجُ بنُ عَبْدِ اللهِ (1) ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الحَسَنُ ابْن مُحَمَّدٍ الدَّرَبَنْدي (2) ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ النَّخْشَبِيّ (3) ، وَالعَلاَّمَة أَبُو القَاسِمِ عبدُ الوَاحِد بن بَرْهَان (4) ، وَأَبُو شَاكِر عبدُ الوَاحِد بن مُحَمَّدٍ القَبْرِي (5) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِي (6) ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّرْسِيّ (7) ، وَعَمِيْدُ الْملك الكُنْدُرِي الوَزِيْر (8) .
أَخْبَرْنَا ابْنُ عَسَاكِر، عَنْ أَبِي رَوْح، أَخبرنَا زَاهِر، أَخبرنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الخَشَّاب، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
__________
(1) سترد ترجمته برقم (95) .
(2) سترد ترجمته برقم (138) .
(3) سترد ترجمته برقم (135) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (64) .
(5) سترد ترجمته برقم (96) .
(6) سترد ترجمته برقم (99) .
(7) تقدمت ترجمته برقم (37) .
(8) تقدمت ترجمت برقم (55) .(18/151)
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (يَنْزِل الله - عَزَّ وَجَلَّ - إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلّ لَيْلَة، فَيَقُوْلُ: أَنَا المَلِكُ، أَنَا المَلِكُ ... ) وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (1) .
84 - التَّانِيُّ أَبُو الفَتْحِ مَنْصُوْرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المَأْمُوْنُ، أَبُو الفَتْحِ مَنْصُوْرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ رَوَّادٍ الأَصْبَهَانِيُّ، التَّانِيّ، صَاحِبُ أَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئ (2) .
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة فِي (تَارِيْخِهِ) :كَانَ صَاحِبَ أُصُوْل، كتب الحَدِيْثَ، وَكَانَ مِنْ أَرْوَى النَّاسِ عَنِ ابْنِ المُقْرِئ (3) .
__________
(1) وتمامة " من ذا الذي يدعوني، فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني، فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني فأغفر له؟ فلا يزال كذلك حتى يضئ الفجر " وأخرجه مسلم (758) (169) في صلاة المسافرين: باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والاجابة فيه من طريق قتيبة بهذا الإسناد.
وأخرجه مالك 1 / 214، ومن طريقه البخاري (1145) و (6321) و (7494) ومسلم (758) وأبو داود (1315) والترمذي (3498) وأحمد 8 / 487، والبيهقي في الأسماء والصفات ص 316 وفي السنن 3 / 2، وابن أبي عاصم عن ابن شهاب الزهري، عن أبي عبد الله الاغر وأبي سلمة (492) ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له " وأخرجه أحمد 2 / 264 و267، والدارمي 1 / 347 وابن ماجه (1366) من طرق عن ابن شهاب به، وله طرق أخرى عن أبي هريرة عند أحمد 1 / 120 و258 و282 و419 و433 و509 و521، والترمذي (446) والبيهقي في الأسماء والصفات ص 316، 317، والدارمي 1 / 348، والطيالسي (2516) وابن أبي عاصم (498) وفي الباب عن غير واحد من الصحابة.
(*) الاستدراك 1 / ورقة 48 أ، العبر 3 / 224، تبصير المنتبه 1 / 115، شذرات الذهب 3 / 287.
والتاني: بالتاء المثناة الفوقية وبعدها ألف ثم نون، هذه النسبة إلى " التناية " وهي الدهقنة، ويقال لصاحب الضياع والعقار: التأني. وانظر تعليق العلامة اليماني رحمه الله على " الأنساب " 3 / 13، و" الإكمال " 1 / 576 - 578.
(2) تقدم التعريف به في الصفحة 97 ت 7.
(3) " الاستدراك " 1 / ورقة / 48 / 1.(18/152)
وَقَالَ ابْنُ نَقطَة: رَوَى (مُعْجَم) ابْنِ المُقْرِئ، وَ (مُسْنَد أَبِي حَنِيْفَةَ) جَمْعَ ابْنِ المُقْرِئ، رَوَى عَنْهُ هذِيْن الكِتَابين سَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ الصَّيْرَفِيّ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ كِتَابَ (تَهْذِيْب الآثَار) لأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيّ (1) ، إِسْمَاعِيْلُ بنُ الإِخشيذ السَّرَّاج، بسَمَاعه مِنِ ابْنِ المُقْرِئ، وَقَدْ رَوَى السِّلَفِيّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ التَّانِيّ.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
85 - ابْنُ عَبْدِ البَرِّ أَبُو عُمَرَ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّمَرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، حَافظُ المَغْرِبِ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عُمَرَ يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَرِّ بنِ عَاصِمٍ النَّمَرِيُّ (2) ، الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ الفَائِقَة.
__________
(1) هو الامام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي، المتوفى سنة (321) هـ، وقد تقدمت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (15) .
(*) جمهرة أنساب العرب: 302، جذوة المقتبس: 367 - 369، مطمح الانفس: القسم الثاني المنشور في مجلة المورد البغدادية - المجلد العاشر - العدد 3 - 4، 1981 بتحقيق هدى شوكة بهنام ص: 367 - 369، ترتيب المدارك 4 / 808 - 810، فهرسة ابن خير: 214، الصلة 2 / 677 - 679، وفيات الأعيان 7 / 66 - 72، المختصر في أخبار البشر 2 / 187 - 188، العبر 3 / 255، دول الإسلام 1 / 273، المشتبه 1 / 117، تذكرة الحفاظ 3 / 1128 - 1132، تتمة المختصر 1 / 564، مرآة الجنان 3 / 89، البداية 12 / 104، الديباج المذهب 2 / 367 - 370، القاموس المحيط مادة (نمر) ، طبقات الحفاظ: 432 - 433، كشف الظنون 1 / 12، 43، 78، 81، 142، شذرات الذهب 3 / 314 - 316، تاج العروس 3 / 586 مادة (نمر) ، روضات الجنات 4 / 239 - 240، إيضاح المكنون 2 / 266، هدية العارفين 2 / 550 - 551، الرسالة المستطرفة: 15، شجرة النور 1 / 119.
(2) قال ابن خلكان: النمري، بفتح النون والميم وبعدها راء، هذه النسبة إلى النمر بن قاسط، بفتح النون وكسر الميم، وإنما تفتح الميم في النسبة خاصة، وهي قبيلة كبيرة مشهورة.(18/153)
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَة فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ.
وَقِيْلَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى.
فَاخْتَلَفتِ الروَايَاتُ فِي الشَّهْر عَنْهُ.
وَطَلَبَ العِلْم بَعْد التِّسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَأَدْرَكَ الكِبَار، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَعلاَ سندُه، وَتَكَاثر عَلَيْهِ الطلبَةُ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَوثَّق وَضَعَّف، وَسَارَتْ بتَصَانِيْفه الرُّكبَانُ، وَخَضَعَ لعلمه عُلَمَاء الزَّمَان، وَفَاتَهُ السَّمَاعُ مِنْ أَبِيْهِ الإِمَام أَبِي مُحَمَّدٍ (1) ، فَإِنَّهُ مَاتَ قَدِيْماً فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، فَكَانَ فَقِيْهاً عَابِداً مُتَهَجِّداً، عَاشَ خَمْسِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ قَدْ تَفَقَّهَ عَلَى التُّجِيْبِيّ (2) ، وَسَمِعَ مِنْ أَحْمَد بن مُطرف، وَأَبِي عُمَرَ بن حَزْم المُؤَرِّخ.
نعم وَابْنُهُ صَاحِب التَّرْجَمَة أَبُو عُمَرَ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المُؤْمِن (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) ، بِرِوَايَته عَنِ ابْنِ دَاسَة (3) ، وَحَدثه أَيْضاً عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّفَّار، وَحدَّثَهُ بـ (النَّاسخ وَالمَنْسُوْخ) لأَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ النّجَاد، وَنَاوله (4) (مُسْنَد أَحْمَدَ) بن حَنْبَلٍ بِرِوَايَته عَنِ القَطِيْعِي.
نَعم، وَسَمِعَ مِنَ: المُعَمَّر مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ ابْن ضَيْفُوْنَ (5) أَحَادِيْث الزَّعْفَرَانِيّ بسَمَاعه مِنِ ابْنِ الأَعْرَابِيّ عَنْهُ، وَقرَأَ عَلَيْهِ (تَفْسِيْر) مُحَمَّد بن سَنْجَر فِي مُجَلَّدَات، وَقرَأَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ الوَارِثِ
__________
(1) انظر ترجمة أبي محمد والد صاحب الترجمة في " جذوة المقتبس " 256 - 257، " ترتيب المدارك " 4 / 556، " الصلة " 1 / 242 - 243، " بغية الملتمس ": 336.
(2) في الأصل: أفتجيبي وهو إسحاق بن إبراهيم بن مسرة أبو إبراهيم التجيبي، المتوفى سنة 354 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (61) .
(3) هو أبو بكر محمد بن بكر بن محمد البصري التمار المعروف بابن داسه، المتوفى سنة (346) هـ وقد مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (317) .
(4) تقدم تعريف المناولة في الجزء العاشر ص: 213 - 214، وانظر " شرح ألفية الحديث " للسخاوي 2 / 101، و" شرح ألفية السيوطي ": 133 - 135.
(5) تصحفت في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1128 إلى: صيفون (بالصاد المهملة) .(18/154)
ابْن سُفْيَان (مُوَطَّأَ) ابْن وَهْبٍ بِرِوَايَته عَنْ قَاسِم بن أَصْبَغ، عَنِ ابْنِ وَضَّاح، عَنْ سُحْنُوْن، وَغَيْره، عَنْهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: سَعِيْد بن نَصْر - مَوْلَى النَّاصر لِدِيْنِ اللهِ - (المُوَطَّأ) وَأَحَادِيْثَ وَكِيْع؛ يَرويهَا عَنْ قَاسِم بن أَصْبَغ، عَنِ القَصَّار، عَنْهُ.
وَسَمِعَ مِنْهُ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة كِتَاب: (الْمُشكل (1)) لابْنِ قُتَيْبَة، وَقرَأَ عَلَيْهِ: (مُسْنَد) الحُمَيْدِيّ وَأَشيَاء.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عُمَرَ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الْجسُور (المُدَوَّنَة) .
وَسَمِعَ مِنْ خَلَف بن القَاسِمِ بن سَهْلٍ الحَافِظ تَصنِيف عَبْد اللهِ بن عَبْدِ الحَكَم.
وَسَمِعَ مِنَ الحُسَيْن بن يَعْقُوْبَ البَجَّانِي.
وَقرَأَ عَلَى: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بن خَالِدٍ الوَهرَانِي (موطَأَ) ابْن القَاسِمِ، وَقرَأَ عَلَى أَبِي عُمَرَ الطَّلَمَنْكِي أَشيَاء، وَقرَأَ عَلَى الحَافِظ أَبِي الوَلِيْد بن الفَرَضِي (مُسْنَد مَالِك) ، وَسَمِعَ مِنْ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَجه الجَنَّة، وَمُحَمَّد بن رَشِيق المُكْتِب (2) ، وَأَبِي المُطَرِّف عَبْد الرَّحْمَنِ بن مَرْوَانَ القنَازعِي، وَأَحْمَد بنِ فَتح بنِ الرَّسَّان، وَأَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بنِ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ البَاجِي، وَأَبِي عُمَرَ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ المَكْوِي، وَأَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ التَّاهَرْتِي، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَسَد الجُهَنِيّ، وَأَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بن حُسَيْن بن نَابِلٍ، وَمُحَمَّد بن خَلِيْفَةَ الإِمَام، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ دِلْهَاث الدِّلاَئِي، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي قُحَافَةَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ مُفَوِّز، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ، وَالحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ، وَأَبُو بَحْرٍ سُفْيَانُ بنُ العَاصِ، وَمُحَمَّدُ بنُ فُتُوْح الأَنْصَارِيّ، وَأَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي القَاسِمِ نَجَاح، وَأَبُو
__________
(1) هو كتاب " تأويل مشكل القرآن " المعروف.
(2) المكتب، بضم الميم وسكون الكاف وكسر التاء، يقال لمن يعلم الصبيان الخط والأدب. " اللباب ".(18/155)
عِمْرَانَ مُوْسَى بن أَبِي تَلِيد، وَطَائِفَة سِوَاهُم.
وَقَدْ أَجَاز لَهُ مِنْ ديَار مِصْر أَبُو الفَتْحِ بن سِيْبُخْت (1) ، صَاحِبُ البَغَوِيّ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ بن سَعِيْدٍ الحَافِظ، وَأَجَاز لَهُ مِنَ الحَرَم أَبُو الفَتْحِ عُبَيْد اللهِ السَّقَطِيّ، وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَة عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بن مَوْهب الجُذَامِيّ.
قَالَ الحُمَيْدِيُّ (2) :أَبُو عُمَرَ فَقِيْهٌ حَافظٌ مُكْثِرٌ، عَالِم بِالقِرَاءات وَبَالخلاَف، وَبعلُوْم الحَدِيْث وَالرِّجَال، قَدِيْمُ السَّمَاع، يَمِيْل فِي الفِقْه إِلَى أَقْوَال الشَّافِعِيّ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ بِبلدنَا فِي الحَدِيْثِ مِثْلَ قَاسِم بن مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَد بن خَالِدٍ الجَبَّاب.
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَلَمْ يَكُنِ ابْنُ عبد الْبر بدونهمَا، وَلاَ متخلفاً عَنْهُمَا، وَكَانَ مِنَ النَّمِرِ بن قَاسِط، طلب وَتَقدَّم، وَلَزِمَ أَبَا عُمَر أَحْمَدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ الفَقِيْه، وَلَزِمَ أَبَا الوَلِيْدِ بن الفَرَضِي، وَدَأَب فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ، وَافْتَنَّ بِهِ، وَبَرَعَ برَاعَة فَاقَ بِهَا مَنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ رِجَال الأَنْدَلُس، وَكَانَ مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي علم الأَثر وَبَصَرِهِ بِالفِقْه وَالمَعَانِي لَهُ بسطَةٌ كَبِيْرَةٌ فِي علم النّسَب وَالأَخْبَار، جلاَ عَنْ وَطَنه، فَكَانَ فِي الغَرْب مُدَّةً، ثُمَّ تَحَوَّل إِلَى شَرْقِ الأَنْدَلُس، فَسَكَنَ دَانِية، وَبَلَنْسِية، وَشَاطِبَة (3) ، وَبِهَا تُوُفِّيَ (4) .
وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِد أَنَّ أَبَا عُمَر وَلِيَ قَضَاءَ أُشْبُونَة مُدَّة (5) .
__________
(1) ضبطت في الأصل بفتح السين، وضبطها الحافظ ابن حجر بكسر السين، انظر " تبصير المنتبه " 2 / 696.
(2) " جذوة المقتبس ": 367.
(3) قال ياقوت: هي مدينة في شرقي الأندلس، وشرقي قرطبة، وهي مدينة كبيرة قديمة، يجوز أن يقال إن اشتقاقها من الشطبة وهي السعفة الخضراء الرطبة.
(4) انظر " الصلة " 2 / 678، و" وفيات الأعيان " 7 / 66 - 67.
(5) وممن ذكر ذلك ابن خلكان 7 / 67.
وأشبونة، ويقال لشبونة: هي عاصمة البرتغال اليوم.(18/156)
قُلْتُ: كَانَ إِمَاماً ديِّناً، ثِقَة، مُتْقِناً، علاَمَة، مُتَبَحِّراً، صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاع، وَكَانَ أَوَّلاً أَثرِياً ظَاهِرِياً فِيْمَا قِيْلَ، ثُمَّ تَحَوَّلَ مَالِكيّاً مَعَ مَيْلٍ بَيِّنٍ إِلَى فَقه الشَّافِعِيّ فِي مَسَائِل، وَلاَ يُنكر لَهُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مِمَّنْ بلغَ رُتْبَة الأَئِمَّة المُجْتَهِدين، وَمَنْ نَظَرَ فِي مُصَنَّفَاتِهِ، بانَ لَهُ مَنْزِلَتُهُ مِنْ سعَة العِلْم، وَقُوَّة الفَهم، وَسَيَلاَن الذّهن، وَكُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذ مِنْ قَوْله وَيُتْركُ إِلاَّ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِن إِذَا أَخْطَأَ إِمَامٌ فِي اجْتِهَادِهِ، لاَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ ننسَى مَحَاسِنهُ، وَنُغطِي معَارِفه، بَلْ نستغفرُ لَهُ، وَنَعْتَذِرُ عَنْهُ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ بَشْكُوَال (1) :ابْنُ عبدُ البَرِّ إِمَامُ عَصْرِهِ، وَوَاحِدُ دَهْرِهِ، يُكْنَى أَبَا عُمَر.
رَوَى بقُرْطُبَة عَنْ: خَلَف بن القَاسِمِ، وَعبد الوَارِث بن سُفْيَانَ، وَسَعِيْدِ بن نَصْرٍ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بن عبد المُؤْمِن، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بن أَسَد، وَجَمَاعَةٍ يَطُولُ ذكرهُم.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ مِنَ المَشْرِق السَّقَطِيّ، وَالحَافِظ عَبْدُ الغَنِيِّ، وَابْنُ سِيْبُخْت، وَأَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الدَّاوُوْدِيّ، وَأَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة: سَمِعْتُ أَبَا الوَلِيْدِ البَاجِي يَقُوْلُ: لَمْ يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ مِثْل أَبِي عُمَرَ بنِ عَبْدِ الْبر فِي الحَدِيْثِ، وَهُوَ أَحْفَظُ أَهْلِ المَغْرِب (2) .
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ: أَلَّف أَبُو عُمَرَ فِي (المُوَطَّأِ) كتباً مُفِيْدَة مِنْهَا: كِتَاب (التّمهيد لمَا فِي المُوَطَّأِ مِنَ المَعَانِي وَالأَسَانِيْد) فَرتَّبَهُ عَلَى أَسْمَاء شُيُوْخ مَالِك، عَلَى حُرُوف المُعْجَم، وَهُوَ كِتَابٌ لَمْ يَتَقَدَّمه أَحَدٌ
__________
(1) " الصلة " 2 / 677.
(2) " الصلة " 2 / 677، 678، و" وفيات الأعيان " 7 / 66.(18/157)
إِلَى مِثْلِهِ، وَهُوَ سَبْعُوْنَ جُزْءاً (1) .
قُلْتُ: هِيَ أَجزَاء ضَخْمَة جِدّاً.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لاَ أَعْلَمُ فِي الكَلاَم عَلَى فِقه الحَدِيْث مِثْلَه فَكَيْفَ أَحْسَن مِنْهُ (2) ؟
ثُمَّ صَنَعَ كِتَاب (الاسْتذكَار لمَذْهَب عُلَمَاء الأَمصَار فِيمَا تَضَمَّنَهُ المُوَطَّأ مِنْ معَانِي الرَّأْي وَالآثَار (3)) شرح فِيْهِ (المُوَطَّأ) عَلَى وَجهه، وَجَمَعَ كِتَاباً جَلِيْلاً مُفِيْداً وَهُوَ (الاسْتيعَاب فِي أَسْمَاء الصَّحَابَة (4)) ، وَلَهُ كِتَاب (جَامِع بيَان العِلْم وَفضله، وَمَا يَنْبَغِي فِي رِوَايَته وَحمله (5)) وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ تَوَالِيفه.
وَكَانَ مُوَفَّقاً فِي التَأْلِيف، مُعَاناً عَلَيْهِ، وَنَفَع الله بتوَالِيفه، وَكَانَ مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي علم الأَثر وَبَصَرِهِ بِالفِقْه وَمعَانِي الحَدِيْث لَهُ بَسْطَةٌ كَبِيْرَة فِي علم النّسَب وَالخَبَر (6) .
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ أَبَا عُمَر وَلِيَ قَضَاءَ الأُشبونَة وَشَنْتَرِيْنَ (7) فِي مُدَّة المُظَفَّر ابْن الأَفْطَس (8) .
__________
(1) " الصلة " 2 / 678، و" وفيات الأعيان " 7 / 67.
وهذا الكتاب يطبع منذ سنوات عدة في المغرب، وقد صدر منه عشرة أجزاء.
(2) " الصلة " 2 / 678، و" بغية الملتمس ": 490.
(3) وقد طبع منه الجزء الأول في القاهرة عام 1971 م.
(4) وقد طبع على هامش كتاب " الإصابة "، ونشر أيضا مستقلا.
(5) وقد نشر في القاهرة عدة مرات.
(6) انظر " الصلة " 2 / 678 - 679.
(7) شنترين مركبة من شنت ورين، وهي مدينة غربي الأندلس بينها وبين قرطبة خمسة عشر يوما. انظر " معجم البلدان ".
(8) انظر " وفيات الأعيان ": 7 / 67، وسترد ترجمة المظفر المشار إليه برقم (314) .(18/158)
وَلأَبِي عُمَرَ كِتَاب (الكَافِي فِي مَذْهَب مَالِك (1)) خَمْسَةَ عَشَرَ مُجلداً، وَكِتَاب (الاَكتفَاء فِي قِرَاءة نَافِع وَأَبِي عَمْرٍو) ، وَكِتَاب (التقصّي فِي اخْتصَار المُوَطَّأ) ، وَكِتَاب (الإِنباهُ عَنْ قبَائِل الرُّوَاة) ، وَكِتَاب (الاَنتقَاء لمذَاهب الثَّلاَثَة العُلَمَاء مَالِك وَأَبِي حَنِيْفَةَ وَالشَّافِعِيّ) ، وَكِتَاب (البيَان فِي تِلاَوَة القُرْآن) ، وَكِتَاب (الأَجوبَة الموعبَة) ، وَكِتَاب (الكنَى) ، وَكِتَاب (المَغَازِي) ، وَكِتَاب (الْقَصْد وَالأُمَم فِي نسب العَرَب وَالعجم) ، وَكِتَاب (الشوَاهد فِي إِثْبَات خَبَر الوَاحِد) ، وَكِتَاب (الإِنصَاف فِي أَسْمَاء الله) ، وَكِتَاب (الفَرَائِض) ، وَكِتَاب (أَشعَار أَبِي العتَاهية (2)) وَعَاشَ خَمْسَةً وَتِسْعِيْنَ عَاماً.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ المُقْرِئ: مَاتَ أَبُو عُمَرَ لَيْلَة الجُمُعَة سلخ ربيع الآخر، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَاسْتكمل خَمْساً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً وَخَمْسَةَ أَيَّام - رَحِمَهُ اللهُ -.
قُلْتُ: كَانَ حَافظَ المَغْرِب فِي زَمَانِهِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: حَافظُ المَشْرِقِ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (3) ، وَمُسْنِدُ نَيْسَابُوْر أَبُو
__________
(1) وقد طبع في جزأين، بتحقيق وتقديم الدكتور محمد محمد أحيد ولد ماديك الموريتاني، ونشرته مكتبة الرياض الحديثة باسم " كتاب الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ".
(2) طبع من هذه الكتب: " التقصي لحديث الموطأ أو تجريد التمهيد "، " الانباه عن قبائل الرواة "، رسالة طبعت مع كتاب " القصد والامم "، " الانتقاء في فضائل الثلاثة الفقهاء "، وديوان أبي العتاهية بروايته.
وطبع له أيضا مما لم يذكره المؤلف كتاب " الإنصاف فيما في بسم الله من الخلاف ".
وكتاب " بهجة المجالس وأنس المجالس " في ثلاثة أجزاء، وقد جمع فيه من الأمثال السائرة، والابيات النادرة، والحكم البالغة، والحكايات الممتعة في فنون كثيرة وأنواع جمة مما انتهى إليه حفظه، وضمته روايته و" التمهيد لما في الموطأ من الأسانيد " وهو أجود كتبه، وأوعبها طبعت منه عشرة مجلدات وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية.
(3) سترد ترجمته برقم (137) .(18/159)
حَامِد أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الأَزْهَرِيّ الشُّروطِي (1) ، عَنْ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَشَاعِرُ الأَنْدَلُس الوَزِيْر أَبُو الوَلِيْدِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ غَالِب بن زِيدُوْنَ المَخْزُوْمِيّ القُرْطُبِيّ (2) ، وَرَئِيْس خُرَاسَان أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بنُ سَعِيْدٍ المَخْزُوْمِيّ المَنِيْعِيّ (3) وَاقفُ الجَامِع المَنِيْعِيّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَشَاعِر القَيْرَوَان أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ رَشيق الأَزْدِيّ (4) ، وَمُسْنِدُ هَرَاة أَبُو عُمَرَ عبدُ الوَاحِد بن أَحْمَدَ المَلِيْحِي (5) ، وَمُسْنِدُ بَغْدَاد أَبُو الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَلِيِّ بنِ الدَّجَاجِي المُحْتَسِب (6) ، وَمُسْنِدُ مَرْو أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الهَيْثَمِ عبدَ الصَّمد التُّرَابِي (7) ، وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، وَالمُسْنِد أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ وَشَاح الزَّيْنَبِيّ مَوْلاَهم البَغْدَادِيّ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا عُمَر كَانَ يَنْبَسِط إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ بن حَزْم، وَيُؤَانسُهُ، وَعَنْهُ أَخَذَ ابْنُ حَزْمٍ فَنَّ الحَدِيْث.
قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي الفَتْحِ: كَانَ أَبُو عُمَرَ أَعْلَمَ مَنْ بِالأَنْدَلُسِ فِي السُّنَن وَالآثَار وَاخْتِلاَفِ عُلَمَاء الأَمصَار.
قَالَ: وَكَانَ فِي أَوّل زَمَانه ظَاهِرِيَّ المَذْهَب مُدَّةً طَوِيْلَةً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى القَوْلِ بِالقيَاس مِنْ غَيْرِ تَقليدِ أَحَد، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ كَثِيْراً مَا يَمِيْلُ إِلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ. كَذَا قَالَ. وَإِنَّمَا المَعْرُوفُ أَنَّهُ مَالِكِيّ.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (127) .
(2) سترد ترجمته برقم (116) .
(3) سترد ترجمته برقم (134) .
(4) سترد ترجمته برقم (148) .
(5) سترد ترجمته برقم (128) .
(6) سترد ترجمته برقم (132) .
(7) سترد ترجمته برقم (124) .(18/160)
وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ (1) :أَبُو عُمَرَ فَقِيْهٌ حَافظ، مُكْثِر، عَالِم بِالقِرَاءات وَبَالخلاَف وَعُلُوْم الحَدِيْث وَالرِّجَال، قَدِيْمُ السَّمَاع، لَمْ يَخْرُج مِنَ الأَنْدَلُس، وَكَانَ يَمِيْلُ فِي الفِقْه إِلَى أَقْوَال الشَّافِعِيّ.
قُلْتُ: وَكَانَ فِي أُصُوْل الدّيَانَة عَلَى مَذْهَب السَّلَف، لَمْ يَدْخُلْ فِي علم الكَلاَم، بَلْ قفَا آثَارَ مَشَايِخه رَحِمَهُمُ الله.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ الخَطِيْب، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الرُّعَيْنِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ هُذَيل، أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ بنُ نَجَاح قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ الْبر، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا قَاسِمُ بنُ أَصْبَغ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَضاح، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بنُ الوَلِيْدِ بن عُبَادَة، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جدِّه قَالَ:
بَايَعنَا رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي اليُسْرِ وَالعُسْرِ، وَالمَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ، وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُوْلَ أَوْ نَقُوْمَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا، لاَ نَخَافُ فِي اللهِ لُوْمَةَ لاَئِمٍ.
وَأَخْبَرَنَاهُ عَالِياً بدرجَات إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ المُبَارَكُ بنُ المُبَارَكِ السِّمْسَار بِقِرَاءتِي سَنَة (561) ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ طَلْحَةَ، أَخْبَرَنَا عبدُ الوَاحِد بن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَدَنِيّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، فَذَكَره.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (2) ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مَالِك.
__________
(1) " جذوة المقتبس ": 367، وقد سبق للمؤلف أن أورد هذا القول في أول الترجمة.
(2) رقم (7055) و (7199) في الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: سترون بعدي أمورا تنكرونها، وباب كيف يبايع الامام الناس، وهو في " الموطأ " 2 / 445، 446 في الجهاد: باب الترغيب في الجهاد، وأخرجه من طرق عن عبادة مسلم (1079) (41) (43) (44) في الحدود: =(18/161)
كتبَ إِلَيَّ القَاضِي أَبُو الْمجد عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ العُقَيْلِيّ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بنِ قُشَام الحَنَفِيّ بِحَلَب، أَخْبَرَنَا الحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَشيرِي (1) ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ مَوْهب، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا خَلَفُ بنُ القَاسِمِ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ رَشيق، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْنُس، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ رَجَاء، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ جَمِيْل، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ، وَأَهْلُ السَّموَاتِ وَالأَرْض، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الحُوْتَ فِي البَحْرِ، لَيُصَلُّوْنَ عَلَى مُعَلِّمِ الخَيْرِ) تَفَرَّد بِهِ الوَلِيْد، وَلَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ (2) .
أَنْبَأَنَا عِدَّة، عَنْ أَمثَالهم، عَنْ أَبِي الفَتْح بن البَطِّي، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي نَصْرٍ الحَافِظ، عَنِ ابْنِ عبدِ الْبر، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ العَبْسِيّ، عَنْ وَكِيْعٍ، عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الوَالبِيّ قَالَ: كُنَّا نُجَالِسُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
__________
= باب الحدود كفارات لاهلها، والنسائي 7 / 137 و138 و139 في أول البيعة، وابن ماجه (2866) ، وأحمد 3 / 444 و5 / 314 و316 و319، والطيالسي 2 / 167، وابن أبي عاصم (1029) و (1030) و (1031) (1032) و (1034) و (1035) والخطيب في " تاريخه " 1 / 376، 377، والبيهقي 8 / 145.
(1) قال ابن الأثير: بفتح الهمزة وكسر الشين المعجمة وسكون الياء، وبعدها راء، هذه النسبة إلى أشير: حصن بالمغرب.
(2) قال الحافظ في " التقريب ": صدوق يخطئ، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه الترمذي (2685) في العلم، والطبراني (7911) و (7912) وابن عبد البر في جامع بيان العلم ص 38، كلهم من طريق الولد بن جميل بهذا الإسناد، وأورده الضياء المقدسي في " المختارة " وله شاهد يتقوى به من حديث أبي الدرداء عند أحمد 5 / 196، وأبى داود (3641) والترمذي (2684) والدارمي 1 / 98 وابن ماجة (223) وابن حبان (88) وآخر من حديث جابر عند الطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " 1 / 124.(18/162)
فِيتنَاشدُوْنَ الأَشعَارَ، وَيَتَذَاكَرُوْنَ أَيَّامَ الجَاهِلِيَّةِ (1) .
قَالَ ابْنُ الأَبَّار (2) فِي (الأَرْبَعِيْنَ) لَهُ: وَفِي (التّمهيد) يَقُوْلُ مُؤَلّفُه:
سَمِيْرُ فُؤَادِي مُذْ ثَلاَثُونَ حِجَّةً ... وَصَيْقَلُ ذِهْنِي وَالمُفَرِّجُ عَنْ هَمِّي
بَسَطْتُ لَكُم فِيْهِ كَلاَمَ نَبِيِّكُم ... بِمَا فِي مَعَانِيهِ مِنَ الفِقْهِ وَالعِلْمِ
وَفِيْهِ مِنَ الآثَارِ مَا يُقْتَدَى بِهِ ... إِلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَيَنَهَى عَنِ الظُّلْمِ
86 - البَيْهَقِيُّ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُوْسَى *
هُوَ الحَافِظُ العَلاَّمَةُ، الثَّبْتُ، الفَقِيْهُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ
__________
(1) إبراهيم العبسي: هو ابن عثمان أبو شيبة الكوفي قاضي واسط متروك الحديث كما في " التقريب " وأخرج أحمد 5 / 91، ومسلم (670) في المساجد: باب فضل الجلوس في مصلاه بعد صلاة الصبح من طريقين عن سماك بن حرب قال: سألت جابر بن سمرة: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كثيرا، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمس، قام، فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويبتسم، وكانوا يتحدثون.
وهو في سنن النسائي 3 / 80، 81، وفي رواية لأحمد، شهدت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مئة مرة في المسجد وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، فربما تبسم معهم، ولابن أبي شيبة بسند حسن فيما قاله الحافظ في " الفتح " 10 / 540 عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منحرفين ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الاشعار في مجالسهم، ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحدهم على شيء دارت حماليق عينيه، ومن طريق عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: كنت أجالس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي في المسجد، فيتناشدون الاشعار، ويذكرون حديث الجاهلية.
(2) هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي، المعروف بابن الابار، المتوفى سنة (658) هـ صاحب كتاب " الحلة السيراء ".
(*) الأنساب 2 / 381، تبيين كذب المفتري: 265 - 267، المنتظم 8 / 242، معجم البلدان 1 / 538، و2 / 370، منتخب السياق، 30، الكامل لابن الأثير 10 / 52، اللباب 1 / 202، طبقات الشافعية لابن الصلاح: الورقة 32 ب، المبهمات للنووي ورقة 35 أ، أسماء الرجال للطيبي ورقة 47 أ، وفيات الأعيان 1 / 75، 76، المختصر في أخبار البشر 2 / 185، 186، تذكرة الحفاظ 2 / 1132 - 1135، العبر 3 / 242، دول الإسلام 1 / 269، تتمة المختصر 1 / 559، 560، الوافي بالوفيات 6 / 354، طبقات السبكي 4 / 8 - 16، طبقات =(18/163)
بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُوْسَى الخُسْرَوْجِرديُّ (1) ، الخُرَاسَانِيُّ.
وَبَيْهَق: عِدَّة قُرَى مِنْ أَعْمَالِ نَيْسَابُوْر عَلَى يَوْمَيْن مِنْهَا.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة فِي شَعْبَانَ.
وَسَمِعَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ: أَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ العَلَوِيّ؛ صَاحِبِ أَبِي حَامِدٍ بن الشَّرْقِيّ، وَهُوَ أَقدمُ شَيْخٍ عِنْدَهُ، وَفَاته السَّمَاعُ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ الإِسفرَايينِي؛ صَاحِبِ أَبِي عوَانَة، وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَة فِي الْبيُوع.
وَسَمِعَ مِنَ: الحَاكِم أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَافِظ، فَأَكْثَر جِدّاً، وَتَخَرَّج بِهِ، وَمِنْ أَبِي طَاهِر بن مَحْمِش الفَقِيْه، وَعَبْدِ اللهِ بن يُوْسُفَ الأَصْبَهَانِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الرُّوْذْبارِي، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ فُوْرَك المُتَكَلِّم، وَحَمْزَة بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ المُهَلَّبِيّ، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الحِيْرِيّ، وَيَحْيَى بنِ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، وَأَبِي سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السقَّا، وَظَفَرِ بن مُحَمَّدٍ العَلَوِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَان، وَأَبِي سَعْدٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَالِيْنِيّ الصُّوْفِيّ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ المُؤمّلِي، وَأَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بن الحُسَيْنِ البِسْطَامِي، وَمُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الفَقِيْه، بِالطابَرَان (2) ، وَخَلْقٍ سِوَاهُم.
وَمِنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْر، بنَوقَان.
وَأَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الشيرَازِي، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ
__________
= الاسنوي 1 / 198 - 200، البداية 12 / 94، النجوم الزاهرة 5 / 77، 78، طبقات الحفاظ: 433، 434، مفتاح السعادة 2 / 143، طبقات ابن هداية الله: 159، 160، كشف الظنون 1 / 9، 53، 175، 261، شذرات الذهب 3 / 304، 305، روضات الجنات: 69، 70، هدية العارفين 1 / 78، الرسالة المستطرفة: 33.
(1) بضم الخاء المعجمة وسكون السين المهملة وفتح الراء (وضمها ياقوت) وسكون الواو وكسر الجيم وفي آخرها دال مهملة، هذه النسبة إلى خسروجرد، وهي قرية من ناحية بيهق، وكانت قصبتها.
" الأنساب " 5 / 116.
(2) هي إحدى مدينتي طوس وأكبرهما، والاخرى نوقان.
انظر " معجم البلدان " 3 / 4.(18/164)
ابْن رَجَاء الأَدِيْب، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الشَّاذْيَاخِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُزَاحِم الصَّفَّار، وَأَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ الفَامِي، وَإِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ الفَقِيْه، وَإِبْرَاهِيْم بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاوِيَةَ العَطَّار، وَإِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ السُّوسِي، وَالحَسَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ الْمُفَسّر، وَسَعِيْدِ بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدَان، وَأَبِي الطَّيِّبِ الصُّعْلُوْكِي، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المِهْرَجَانِي (1) ، وَعبد الرَّحْمَن بن أَبِي حَامِدٍ المُقْرِئ، وَعبدِ الرَّحْمَن ابْن مُحَمَّدِ بنِ بَالويه، وَعُبَيْدِ بن مُحَمَّدِ بنِ مَهْدِيّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ الإِسفرَايينِي، وَعَلِيِّ بن مُحَمَّدٍ السُّبْعِي، وَعَلِيِّ بن حَسَن الطَّهْمَانِي، وَمَنْصُوْرِ بنِ الحُسَيْنِ المُقْرِئ، وَمَسْعُوْدِ بنِ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيّ؛ وَهَؤُلاَءِ العِشْرُوْنَ مِنْ أَصْحَابِ الأَصَمّ (2) .
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: هِلاَلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الحَفَّار، وَعَلِيِّ بنِ يَعْقُوْبَ الإِيَادِيّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَان، وَطَبَقَتهم.
وَبِمَكَّةَ مِنَ: الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فِرَاس، وَغَيْره.
وَبَالكُوْفَةِ مِنْ: جَنَاح بنِ نذِير القَاضِي، وَطَائِفَة.
وَبُورِكَ لَهُ فِي عِلمه، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ النَّافعَةَ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ (سُنَن النَّسَائِيّ) ، وَلاَ (سُنَن ابْنِ مَاجَه) ، وَلاَ (جَامِعُ أَبِي عِيْسَى) بَلَى عِنْدَهُ عَنِ الحَاكِم وِقْرُ بعيرٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ، وَعِنْدَهُ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) عَالِياً، وَتَفَقَّهَ عَلَى نَاصِر العُمَرِيّ، وَغَيْرِهِ.
وَانقطع بقرِيته مُقْبِلاً عَلَى الْجمع وَالتَأْلِيف، فَعمل (السُّنَن الكَبِيْر) فِي
__________
(1) بكسر الميم، وقد ذكر ابن الأثير في " اللباب " 3 / 274 أن هذه النسبة إلى شيئين، أحدهما مدينة إسفراين، لقبها والد كسرى أنو شروان بالمهرجان لحسنها وخضرتها وصحة هوائها.
والثاني: نسبة إلى الجد.
(2) هو مسند العصر أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف الأموي مولاهم النيسابوري، المتوفي سنة 346 هـ.
مرت ترجمته في الجزء الخامش عشر برقم (258) .(18/165)
عشر مُجَلَّدَات (1) ، لَيْسَ لأَحدٍ مِثْلُهُ، وَأَلَّفَ كِتَابَ (السُّنَن وَالآثَار) فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَات (2) ، وَكِتَابَ (الأَسْمَاء وَالصِّفَات) فِي مُجَلَّدتين (3) ، وَكِتَابَ (المُعتقد) مُجَلَّد، وَكِتَابَ (البَعْث) مُجَلَّد، وَكِتَابَ (التَّرغِيب وَالتَّرهيب) مُجَلَّد، وَكِتَابَ (الدَّعوَات) مُجَلَّد، وَكِتَابَ (الزُّهْد) مُجَلَّد، وَكِتَابَ (الخلاَفِيَات) ثَلاَث مُجَلَّدَات، وَكِتَابَ (نُصُوص الشَّافِعِيّ) مُجَلَّدَان، وَكِتَابَ (دلاَئِل النُّبُوَّة) أَرْبَع مُجَلَّدَات (4) ، وَكِتَابَ (السُّنَن الصَّغِيْر) مُجَلَّد ضَخْم، وَكِتَابَ (شُعَب الإِيْمَان) مُجَلَّدَان (5) ، وَكِتَابَ (الْمدْخل إِلَى السُّنَن) مُجَلَّد، وَكِتَابَ (الآدَاب) مُجَلَّد، وَكِتَابَ (فَضَائِل الأَوقَات) مُجيليد، وَكِتَابَ (الأَرْبَعِيْنَ الكُبْرَى) مُجيليد، وَكِتَابَ (الأَرْبَعِيْنَ الصُّغْرَى) ، وَكِتَابَ (الرُّؤْيَة) جُزْء، وَكِتَابَ (الإِسْرَاء (6)) ، وَكِتَابَ (مَنَاقِب الشَّافِعِيّ) مُجَلَّد (7) ، وَكِتَابَ (مَنَاقِب أَحْمَد) مُجلَّد، وَكِتَابَ (فَضَائِل
__________
(1) وقد طبع في الهند بمطبعة دائرة المعارف النظامية في حيدر أباد سنة 1344 - 1355 هـ في عشر مجلدات، وفي ذيله " الجوهر النقي " للعلامة علاء الدين بن علي بن عثمان المارديني الشهير بابن التركماني، المتوفي سنة 745 هـ.
(2) ويسمى أيضا " معرفة السنن والآثار " وقد طبع الجزء الأول منه بتحقيق السيد أحمد صقر في مصر نشر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، لجنة إحياء أمهات كتب السنة.
(3) طبع في حيدر آباد بالهند عام 1333 هـ في مجلد واحد، ثم أعيد طبعه في القاهرة في مطبعة السعادة عام 1358 هـ بتعليق العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثري.
(4) توجد منه عدة أجزاء في دار الكتب المصرية، انظر فهرس المخطوطات المصورة، الجزء الثاني، القسم الأول ص 133، 134.
(5) توجد نسخة منه في ثلاث مجلدات في مكتبة أحمد الثالث برقم 499 حديث وعندنا منه نسخة مصورة.
وقد اختصره عدة علماء، منهم الامام أبو القاسم عمر بن عبد الرحمن القزويني الشافعي المتوفى سنة 699 هـ، وهو مختصر لطيف جدا اقتصر فيه على ذكر الشعب، مع إيراد دليل من الكتاب والسنة على كل شعبة وهو مطبوع.
(6) ورد اسمه في " طبقات " السبكي: الاسرى، وفي " هدية العارفين ": الاسرار.
(7) نشرته مكتبة دار التراث بالقاهرة عام 1971 م في مجلدين بتحقيق السيد أحمد صقر.(18/166)
الصَّحَابَة) مُجلد، وَأَشيَاءَ لاَ يَحضُرنِي ذكرهَا (1) .
قَالَ الحَافِظُ عبد الغَافِر بن إِسْمَاعِيْلَ فِي (تَارِيْخِهِ) :كَانَ البَيْهَقِيّ عَلَى سيرَة العُلَمَاء، قَانِعاً بِاليَسِيْر، مُتَجَمِّلاً فِي زُهْده وَوَرَعه.
(2) وَقَالَ أَيْضاً: هُوَ أَبُو بَكْرٍ الفَقِيْهُ، الحَافِظُ الأُصُوْلِي، الدَّيِّنُ الوَرِع، وَاحِدُ زَمَانِهِ فِي الحِفْظِ، وَفَردُ أَقرَانه فِي الإِتْقَان وَالضَّبط، مِنْ كِبَارِ أَصْحَاب الحَاكِم، وَيَزِيْدُ عَلَى الحَاكِم بِأَنْوَاع مِنَ العلُوْم، كتبَ الحَدِيْثَ، وَحَفِظه مِنْ صبَاهُ، وَتَفَقَّهَ وَبَرَعَ، وَأَخَذَ فَنَّ الأُصُوْل، وَارْتَحَلَ إِلَى العِرَاقِ وَالجِبَال وَالحِجَاز، ثُمَّ صَنَّف، وَتوَالِيفُهُ تُقَارِبُ أَلفَ جُزْءٍ مِمَّا لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ أَحَدٌ، جمع بَيْنَ علم الحَدِيْث وَالفِقْه، وَبيَانِ علل الحَدِيْث، وَوجهِ الْجمع بَيْنَ الأَحَادِيْث، طلبَ مِنْهُ الأَئِمَّةُ الاَنتقَالَ مَنْ بَيْهَقَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، لسَمَاع الكُتُب، فَأَتَى فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَعَقدُوا لَهُ المَجْلِس لسَمَاع كِتَاب (المَعْرِفَة (3)) وَحضره الأَئِمَّة (4) .
قَالَ شَيْخُ القُضَاة أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ البَيْهَقِيّ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حِيْنَ ابْتدَأْتُ بتصنِيف هَذَا الكِتَاب - يَعْنِي: كِتَاب (المَعْرِفَة فِي السُّنَن وَالآثَار) - وَفرغتُ مِنْ تَهْذِيْب أَجزَاء مِنْهُ، سَمِعْتُ الفَقِيْه مُحَمَّد بن أَحْمَدَ (5) - وَهُوَ مِنْ صَالِحِي أَصْحَابِي وَأَكْثَرهم تِلاَوَة وَأَصدقهم لَهْجَة - يَقُوْلُ: رَأَيْتُ الشَّافِعِيّ -
__________
(1) منها " المبسوط في فروع الشافعية " قال في " كشف الظنون " 2 / 1582: وهو من أعظم كتبه قدرا، وأبسطها علما، يكون في عشرين مجلدا - اهـ.
وله رسالة مطبوعة في دلهي بالهند باسم: " القراءة خلف الامام ".
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 266، 267.
(3) أي " معرفة السنن والآثار ".
(4) انظر " تبيين كذب المفتري ": 266.
(5) في " تبيين كذب المفتري ": سمعت الفقيه أبا محمد أحمد بن أبي علي ...(18/167)
رَحِمَهُ اللهُ - فِي النَّوْمِ، وَبِيَدِهِ أَجزَاءُ مِنْ هَذَا الكِتَاب وَهُوَ يَقُوْلُ: قَدْ كَتَبتُ اليَوْم مِنْ كِتَاب الفَقِيْه أَحْمَد سَبْعَة أَجزَاء - أَوْ قَالَ: قرَأْتُهَا -.
وَرَآهُ يَعْتَدُّ بِذَلِكَ.
قَالَ: وَفِي صبَاح ذَلِك اليَوْم رَأَى فَقِيْهٌ آخر منْ إِخْوَانِي الشَّافِعِيَّ قَاعِداً فِي الجَامِع عَلَى سرِير وَهُوَ يَقُوْلُ: قَدِ اسْتفدتُ اليَوْمَ مِنْ كِتَاب الفَقِيْهِ حَدِيْثَ كَذَا وَكَذَا (1) .
وَأَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ الفَقِيْه أَبَا مُحَمَّدٍ الحَسَنَ بنَ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيّ الحَافِظ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ الفَقِيْه مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ المَرْوَزِيّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأنَّ تَابوتاً علاَ فِي السَّمَاءِ يَعلُوْهُ نورٌ.
فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟
قَالَ: هَذِهِ تَصنِيفَاتُ أَحْمَد البَيْهَقِيّ.
ثُمَّ قَالَ شَيْخُ القُضَاة: سَمِعْتُ الحِكَايَاتِ الثَّلاَثَة مِنَ الثَّلاَثَة المَذْكُوْرِيْنَ (2) .
قُلْتُ: هَذِهِ رُؤْيَا حق، فَتصَانِيفُ البَيْهَقِيّ عَظِيْمَةُ الْقدر، غزِيْرَةُ الفَوَائِد، قلَّ مَنْ جَوَّد تَوَالِيفَهُ مِثْل الإِمَام أَبِي بَكْرٍ، فَيَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَعتَنِي بِهَؤُلاَءِ سِيمَا (سُننَه الكَبِيْر) وَقَدْ قَدِمَ قَبْلَ مَوْته بِسَنَة أَوْ أَكْثَر إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَتَكَاثر عَلَيْهِ الطلبَةُ، وَسَمِعُوا مِنْهُ كُتُبهُ، وَجُلِبَتْ إِلَى العِرَاقِ وَالشَّام وَالنَّوَاحِي، وَاعْتَنَى بِهَا الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ الدِّمَشْقِيّ، وَسَمِعَهَا مِنْ أَصْحَابِ البَيْهَقِيّ، وَنقلَهَا إِلَى دِمَشْقَ هُوَ وَأَبُو الحَسَنِ المُرَادِيّ.
وَبَلَغَنَا عَنْ إِمَام الحَرَمَيْنِ أَبِي المَعَالِي الجُوَيْنِيّ قَالَ: مَا مِنْ فَقِيْهٍ شَافعِيٍّ إِلاَّ وَللشَافعِيّ عَلَيْهِ مِنَّةٌ إِلاَّ أَبَا بَكْرٍ البَيْهَقِيّ، فَإِنَّ المِنَّةَ لَهُ عَلَى الشَّافِعِيّ لِتَصَانِيْفه فِي نُصرَة مَذْهَبِهِ (3) .
__________
(1) " تبيين كذب المفتري ": 267.
(2) المصدر السابق.
(3) " تبيين كذب المفتري " 266، و" وفيات الأعيان " 1 / 76، و" المختصر في أخبار البشر " 2 / 186.(18/168)
قُلْتُ: أَصَاب أَبُو المَعَالِي، هَكَذَا هُوَ، وَلَوْ شَاءَ البَيْهَقِيّ أَنْ يَعمل لِنَفْسِهِ مَذْهَباً يَجتهد فِيْهِ؛ لَكَانَ قَادِراً عَلَى ذَلِكَ، لسعَة علُوْمه، وَمَعْرِفَته بِالاخْتِلاَف، وَلِهَذَا ترَاهُ يُلوِّح بِنَصْر مَسَائِل مِمَّا صَحَّ فِيْهَا الحَدِيْثُ.
وَلَمَّا سَمِعُوا مِنْهُ مَا أَحَبّوا فِي قَدَمته الأَخيرَة، مرض، وَحَضَرت المنِيَّة، فَتُوُفِّيَ: فِي عَاشر شَهْر جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَة ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ (1) وَأَرْبَعِ مائَة، فَغُسِّلَ وَكُفِّنَ، وَعُمِلَ لَهُ تَابوت، فَنُقِلَ وَدُفِنَ بِبيهق؛ وَهِيَ نَاحِيَةٌ قصبتُهَا خُسْرَوْجِرد، هِيَ مَحْتِدهُ، وَهِيَ عَلَى يَوْمَيْن مِنْ نَيْسَابُوْر، وَعَاشَ أَرْبَعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَمِنَ الرُّوَاة عَنْهُ: شَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، بِالإِجَازَة، وَوَلَده إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ، وَحَفِيْده أَبُو الحَسَنِ عبيدُ الله بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ، وَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَنْدَة الحَافِظ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الفَرَاوِي، وَزَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيّ، وَأَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيّ، وَعبدُ الجَبَّار بن عَبْدِ الوَهَّابِ الدَّهَان، وَعبدُ الجَبَّار بن مُحَمَّدٍ الخُوَارِي (2) ، وَأَخُوْهُ عبدُ الحمِيد بن مُحَمَّدٍ الخُوَارِي، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَحيرِي النَّيْسَابُوْرِيّ؛ المُتوفَى سَنَة أَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم.
وَمَاتَ مَعَهُ: أَبُو الطَّيِّبِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ عُمَرَ بنِ شَمَة الأَصْبَهَانِيّ (3) ، صَاحِبُ ابْنِ المُقْرِئ، وَإِمَام اللُّغَة أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ سيدَة (4) ، وَشيخُ الحنَابلَة القَاضِي أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الفَرَّاء البَغْدَادِيّ (5) .
__________
(1) تفرد ياقوت بذكر وفاته سنة أربع وخمسين.
انظر " معجم البلدان " 1 / 538.
(2) نسبة إلى خوار: قرية من أعمال بيهق من نواحي نيسابور " معجم البلدان " 3 / 394.
(3) تقدمت ترجمته برقم (82) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (78) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (40) .(18/169)
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ سَمَاعاً، عَنْ زَيْنَبَ بِنْت عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عبدَان، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ حِجَّة، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ العَلاَءِ اليَشْكُرِيّ، عَنْ صَالِحِ بنِ سَرْج (1) ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حِطَّانَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يُؤْتَى بِالقَاضِي العَدْلِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الحِسَابِ مَا يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثنِيْنِ فِي تَمْرَةٍ قَطُّ (2)) .
غَرِيْبٌ جِدّاً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا زَينُ الأُمنَاء الحَسَن بن مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بن الشِّيْرَجِي، وَابْنُ غَسَّان قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ البَيْهَقِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ المَدَائِنِيّ، حَدَّثَنَا فِطْرُ بنُ حَمَّاد بن وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي:
سَمِعْتُ مَالِكَ بنَ دِيْنَارٍ يَقُوْلُ: يَقُوْلُوْنَ: مَالِكٌ زَاهِد! أَيُّ زُهْدٍ عِنْد مَالِك وَلَهُ جُبَّةٌ وَكِسَاء؟ إِنَّمَا الزَّاهِد عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَتَتْهُ الدُّنْيَا فَاغرَةً فَاهَا، فَأَعرضَ عَنْهَا.
87 - حَيْدَرَةُ بنُ الحُسَيْنِ الأَمِيْرُ المُؤَيَّدُ *
نَائِبُ دِمَشْقَ لِلمُسْتَنْصِرِ، مِنْ كِبَارِ الدَّوْلَةِ.
__________
(1) في الأصل " شريح " وهو خطأ، والتصويب من " الجرح والتعديل " 4 / 405، وانظر " الإكمال " 4 / 289، و" تبصير المنتبه " 2 / 679.
(2) صالح بن سرج لم يوثقه غير ابن حبان على عادته في توثيق المجاهيل، وهو في " المسند " 6 / 75، وصحيح ابن حبان (1563) من طريقين عن عمرو بن العلاء بهذا الإسناد.
(*) تاريخ ابن القلانسي: 85، تهذيب تاريخ دمشق 5 / 24، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 45.(18/170)
وَلِي سَنَة إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَدَام تِسْع سِنِيْنَ ثُمَّ صُرف، ثُمَّ وَلِي سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ، ثُمَّ عُزل بَعْد عَامَيْن بِبَدْرٍ الجَمالِي (1) - ذَكَرَهُ ابْن عَسَاكِرَ مُخْتَصَراً - ثُمَّ فَرَّ بدرٌ مِنَ البَلَد بَعْدَ سَنَةِ، فَوليَه حَيْدَرَة (2) بنُ منزو (3) الكُتَامِي، عُرف بِحِصْن الدَّوْلَة، فَقَدم فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ، ثُمَّ عُزل بَعْد شَهْرَيْنِ (4) ، وَوَلِيَ دُرِّي المُسْتنصِرِي.
88 - الكَازَرُوْنِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ بَيَانِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ الأَوْحَدُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ بَيَان (5) بنِ مُحَمَّدٍ الكَازَرُوْنِيُّ، المُقْرِئُ، فَقِيْهُ أَهْلِ آمِد.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ بنِ الصَّيَّاح الْبَلَدِي، وَالقَاضِي أَبِي عُمَرَ الهَاشِمِيّ، وَابْن رَزْقُوَيْه (6) ، وَابْن أَبِي الفوَارس (7) .
وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى الحَمَّامِي (8) ، أَوْ غَيْره.
__________
(1) ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (294) .
(2) سترد ترجمة ولده معلى بن حيدرة برقم (263) .
(3) كذا ذكره هنا، وذكره في ترجمة معلى: " منزه " بالهاء بدل الواو.
(4) انظر " تهذيب تاريخ دمشق " 5 / 25.
(*) طبقات السبكي 4 / 122، 123، طبقات الاسنوي 2 / 347، كشف الظنون 1 / 1 هدية العارفين 2 / 71.
والكازروني نسبة إلى كازرون بتقديم الزاي وآخره نون: مدينة بفارس بين البحر وشيراز.
(5) بالموحدة والياء المثناة التحتية، وقد تصحف في " طبقات " الاسنوي و" كشف الظنون "
إلى " بنان " بالنون بدل الياء المثناة التحتية وقال في " هدية العارفين ": بالنون وقيل بالياء المثناة.
(6) هو الامام أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزق البغدادي المتوفى سنة 412 هـ.
مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (155) .
(7) هو أبو الفتح محمد بن أحمد بن محمد بن فارس البغدادي المتوفى سنة 412 هـ.
مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (133) .
(8) هو مقرئ العراق أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر البغدادي المتوفى سنة 417 هـ، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (265) .(18/171)
ارْتَحَلَ إِلَيْهِ الفَقِيْه نَصْر المَقْدِسِيّ، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ.
وَقرَأَ عَلَيْهِ القُرْآن أَبُو عَلِيٍّ الفَارِقِيُّ الفَقِيْه.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو غَانِمٍ عَبْد الرَّزَّاقِ المَعَرِّي (1) ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ النَّحَاس، وَإِبْرَاهِيْم بن فَارِس، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ بِدِمَشْقَ، قَدِمهَا لِلْحَجِّ.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر: حَدَّثَنِي ضَبَّةُ بنُ أَحْمَدَ أَنَّهُ لقِيه وَسَمِعَ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (2) .
89 - الخِضْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ *
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الخِضْرِيُّ (3) - مَنْسُوْبٌ إِلَى بَعْضِ أَجْدَادِهِ - المَرْوَزِيُّ، الشَّافِعِيُّ؛ صَاحِبُ القَفَّالِ المَرْوَزِيُّ (4) .
__________
(1) تصحفت في " طبقات " السبكي إلى " العدي ".
(2) وله كتاب " الابانة " في فقه الشافعي، كما في " كشف الظنون "، و" طبقات " الاسنوي و" هدية العارفين ".
(*) طبقات العبادي 96، الإكمال 3 / 252، الأنساب 5 / 141، اللباب 1 / 451،
تهذيب الأسماء واللغات 2 / 276، وفيات الأعيان 4 / 215، 216، الوافي بالوفيات 2 / 72، 73، طبقات السبكي 3 / 100 - 101، طبقات الاسنوي 1 / 469، تبصير المنتبه 2 / 504، طبقات ابن هداية الله: 109، شذرات الذهب 3 / 82.
(3) بكسر الخاء وسكون الضاد المعجمتين كما في الأصل، و" الإكمال "، و" التبصير "، قال السمعاني: والصحيح في هذه النسبة الخضري بفتح الخاء وكسر الضاد، ولكن لما ثقل عليهم قالوا: الخضري.
وجعلها ابن خلكان نسبة إلى الخضر في إحدى اللغتين، قال: وأما من يقول: الخضر [ككبد] ، فقياسه أن يقال: الخضري بفتح الضاد، كما قالوا في النسبة إلى نمرة: نمري، وهو باب مطرد لا يخرج عنه شيء.
(4) وكذا ذكر ابن خلكان، فقال: وكان [أي الخضري] من أعيان تلامذة أبي بكر القفال الشاشي اهـ.
أما السبكي، فقال: وما أرى القفال إلا من المتفقهة عليه [أي على الخضري] وطالما قال القفال: سألت أبا زيد، وسألت الخضري.
انظر " الطبقات " 3 / 100.(18/172)
كَانَ مِنْ أَسَاطين المَذْهَب، يُضْرَبُ بذكَائِهِ وَقُوَة حَفِظه المَثَلُ، وَإِذَا حَفِظ شَيْئاً لاَ يَكَاد يَنسَاهُ، وَهُوَ صَاحِبُ وَجهٍ فِي المَذْهَب، لَهُ وُجُوهٌ غرِيبَة نَقلهَا الخُرَاسَانِيون، وَقَدْ نَقَلَ أَنَّ الشَّافِعِيّ صَحَّحَ دلاَلَة الصَّبيّ عَلَى القِبْلَة (1) .
وَكَانَ مُوَثَّقاً فِي نَقلِهِ، وَلَهُ خِبْرَةٌ بِالحَدِيْثِ.
عَاشَ نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ حَيّاً فِي حُدُوْدِ الخَمْسِيْنَ إِلَى السِّتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (2) .
90 - ابْنُ أَبِي الطَّيِّبِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، المُفَسِّر الأَوْحَدُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبِي الطَّيْبِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
لَهُ تَفْسِيْرٌ فِي ثَلاَثِيْنَ مجلداً، وَآخر فِي عَشْرَة، وَضَعهُ فِي ثَلاَث مُجَلَّدَات.
وَكَانَ يُمْلِي ذَلِكَ مِنْ حِفْظِهِ، وَمَا خَلَّفَ مِنَ الكُتُب سِوَى أَرْبَعِ مُجَلَّدَات، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ آيَةً فِي الحِفْظِ، مَعَ الوَرَع وَالعِبَادَة وَالتَّأَلُّه.
قِيْلَ: إِنَّهُ حُمِلَ إِلَى السُّلْطَانِ مَحْمُوْدِ بنِ سُبُكْتِكِين ليسمع وَعْظَهُ، فَلَمَّا
__________
(1) قال الخضري: معناه أن يدل على قبلة تشاهد في الجامع، فأما في موضع الاجتهاد فلا يقبل.
انظر " وفيات الأعيان " 4 / 215، و" طبقات " السبكي 3 / 100، 101.
(2) اضطربت المصادر التي ترجمت له في تحديد تاريخ وفاته، ففي " الأنساب " و" اللباب " أنه توفي في حدود الأربع مئة، وفي " وفيات الأعيان " و" طبقات " الاسنوي أنه توفي في عشر الثمانين وثلاث مئة، وأورده السبكي في الطبقة الثالثة فيمن توفي بين الثلاث مئة وأربع مئة، ولم يذكر سنة وفاته، وفي " الوافي " أنه توفي في عشر الستين وأربع مئة، قال محققه: الصواب: وثلاث مئة.
وفي " الشذرات " يقول ابن العماد: وفيها (أي سنة 373) ، أو في التي قبلها كما جزم ابن الاهدل، أو فيما بعدها أبو عبد الله الخضري محمد بن أحمد.
(*) معجم الأدباء 13 / 273 - 276، الوافي خ: 12 / 91، طبقات المفسرين للسيوطي: 23، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 405.(18/173)
دَخَلَ جلسَ بِلاَ إِذن، وَأَخَذَ فِي رِوَايَة حَدِيْثٍ بِلاَ أَمر، فَتَنَمَّرَ لَهُ السُّلْطَانُ، وَأَمر غُلاَماً، فَلَكَمَهُ لَكْمَةً أَطْرَشَتْهُ، فَعَرَّفَهُ بَعْضُ الحَاضِرِيْنَ منزلَتَهُ فِي الدِّينِ وَالعِلْمِ، فَاعْتذر إِلَيْهِ، وَأَمَرَ لَهُ بِمَال، فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ: إِنَّ لِلمُلْكِ صَولَةً، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى السِّيَاسَة، وَرَأَيْتُ أَنَّكَ تَعَدَّيْتَ الوَاجِبَ، فَاجعلْنِي فِي حِلٍّ.
قَالَ: اللهُ بَيْنَنَا بِالمِرصَاد، وَإِنَّمَا أَحَضَرتَنِي لِلوعظ، وَسَمَاعِ أَحَادِيْث الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَللخشوع لاَ لإِقَامَة قوَانِيْنَ الرِّئَاسَة.
فَخَجِلَ المَلِكُ وَاعْتَنَقَهُ (1) .
ذكره يَاقُوْت فِي (تَارِيخ الأُدبَاء) وَقَالَ (2) :تُوُفِّيَ فِي شَوَّال سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة بِسَانْزُوَار (3) .
قُلْتُ: رُتْبَةُ مَحْمُوْدٍ رفِيعَةٌ فِي الجِهَادِ وَفتحِ الهِنْد وَأَشيَاء مليحَة، وَلَهُ هَنَاتٌ، هَذِهِ مِنْهَا، وَقَدْ نَدِمَ وَاعْتَذَرَ، فَنَعُوذ بِاللهِ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ جَبَّار.
وَقَدْ رَأَينَا الجَبَّارِيْنَ المُتَمَرِّدين الَّذِيْنَ أَمَاتُوا الجِهَاد، وَطَغُوا فِي البِلاَد، فَوَاحسرَةً عَلَى العِبَاد.
91 - اللَّوْزَنْكِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَنْدَلُسِيُّ *
مُفْتِي طُلَيْطُلَةَ، الإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَنْدَلُسِيُّ، اللَّوْزَنْكِيُّ المَالِكِيُّ.
امْتَحَنَهُ ملك طُليطلَة المَأْمُوْن (4) ، هُوَ وَابْنَ مُغِيْث، وَابْنَ أَسَد،
__________
(1) انظر " معجم الأدباء " 13 / 274 - 275.
(2) " معجم الأدباء " 13 / 273.
(3) لم نعثر على ترجمة هذه البلدة في معاجم البلدان.
(*) ترتيب المدارك 4 / 819 - 821، الصلة 1 / 64 - 65.
واللوزنكي: ضبطت في الأصل بفتح اللام وسكون الواو وفتح الزاي وسكون النون، ولم نعثر على هذه النسبة في كتب الأنساب، وفي " ترتيب المدارك " و" الصلة ": يعرف بابن اللورانكي.
(4) هو يحيى بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذي النون، سترد ترجمته برقم (106) .(18/174)
وَجَمَاعَة، اتَّهمهم عَلَى سُلْطَانه، فَأَحضرهم مَعَ قَاضِيهم أَبِي زَيْدٍ (1) القُرْطُبِيّ، وَقَيَّدهُم، فَهَاجتِ العَامَّةُ، وَنفرُوا إِلَى السِّلاَح، فَقُتِلَ طَائِفَة، فَكفوا، وَاسْتبيحت دورُ المَذْكُوْرِيْنَ فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة وَسُجِنُوا، وَسُجِنَ الوَزِيْر ابْن غُصن الأَدِيْب (2) ، فَصَنّف كِتَاب (المُمْتَحَنِيْنَ) مِنْ لَدُنْ آدَم - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إِلَى زَمَانه؛ اتُّهم بِالنمِّ عَلَى المَذْكُوْرين ابْنُ الْحَدِيدِي كَبِيْرُ طُلَيْطُلَةَ، ثُمَّ مَاتَ المَأْمُوْنُ، وَقَامَ بَعْدَهُ حَفِيْدُه القَادِر (3) ، وَالعَقْدُ وَالحِلُّ بِالبَلَد لابْنِ الْحَدِيدِي (4) ، فَخُوطِبَ فِيْهِ القَادِرُ، فَأَخْرَجَ أَضدَادَه مِنَ السجْن، فَقتلُوا ابْن الْحَدِيدِي (5) ، وَطِيْفَ بِرَأْسِهِ، وَأَضر ابْنُ اللَّوْزَنْكِي فِي الحَبْسِ (6) .
__________
(1) في الأصل: ابن زيدون، وهو خطأ، والصواب ما أثبت.
وهو: أبو زيد عبد الرحمن بن عيسى بن محمد المعروف بابن الحشاء القاضي، استقضاه المأمون يحيى بن ذي النون بطليطلة في الخمسين وأربع مئة، وحمده أهلها في أحكامه وحسن سيرته، ثم صرف عنها إلى طرطوشة، ثم إلى دانية، فتوفي بها سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة.
مترجم في: " ترتيب المدارك " 4 / 817، و" الصلة " 2 / 340 - 341.
(2) انظر ترجمته في: " جذوة المقتبس " 402 - 403، و" بغية الملتمس " 529 - 530، و" الذخيرة " القسم الثالث / المجلد الأول: 331 - 336، و" نفح الطيب " 3 / 363 - 364، و" المغرب " 2 / 33، و" الخريدة " 2 / 12، و" المسالك " 11 / 447، و" التكملة " رقم 1610 وهو الأديب أبو مروان: عبد الملك بن غصن الحجاري من أهل وادي الحجارة.
(3) هو يحيى بن إسماعيل بن المأمون بن ذي النون، الملقب بالقادر، عهد إليه جده المأمون أن يخلفه في الملك انظر ترجمته في: " الذخيرة " القسم الثالث / المجلد الأول: 92 - 93، والقسم الرابع / المجلد الأول: 149 - 169، و" المغرب في حلي المغرب " 2 / 13، و" أعمال الاعلام ": 207، و" تاريخ ابن خلدون " 4 / 161، وفي " ترتيب المدارك " 4 / 820: " ولده " بدل " حفيده " وهو غلط إلا إن قصد به الحفيد.
(4) هو يحيى بن سعيد بن أحمد بن يحيى الحديدي من أهل طليطلة، يكنى أبا بكر، كانت له مكانة عند المأمون يحيى بن ذي النون، فلا يقطع في أمر إلا عن مشورته، قتله القادر حفيد المأمون سنة 468 هـ.
انظر ترجمته في " الصلة " 2 / 669 - 670.
(5) انظر خبر مقتله مفصلا في " الذخيرة " القسم الرابع / المجلد الأول: 152 - 155.
(6) وانظر " ترتيب المدارك " 4 / 819 - 821.(18/175)
92 - ثَابِتُ بنُ أَسْلَمَ أَبُو الحَسَنِ الحَلَبِيُّ *
العَلاَّمَةُ أَبُو الحَسَنِ الحَلَبِيُّ، فَقِيْهُ الشِّيْعَةِ، وَنَحْوِيُّ حَلَبَ، وَمِنْ كِبَارِ تَلاَمِذَةِ الشَّيْخِ أَبِي الصَّلاَحِ.
تصدَّر لِلإِفَادَة، وَلَهُ مصَنّف فِي كشف عُوَار الإِسْمَاعِيليَّة وَبَدْءِ دعوتِهم، وَأَنَّهَا عَلَى المخَارِيق، فَأَخَذَهُ دَاعِي القَوْم، وَحُمِلَ إِلَى مِصْرَ، فَصَلَبَهُ المُسْتنصر (1) ، فَلاَ رَضِيَ اللهُ عَمَّنْ قَتله، وَأُحرقت لِذَلِكَ خِزَانَةُ الكُتُب بِحَلَب، وَكَانَ فِيْهَا عَشْرَةُ آلاَف مجلدَة، فَرَحِمَ الله هَذَا المُبْتَدِع الَّذِي ذَبَّ عَنِ المِلَّة، وَالأَمْرُ للهِ.
93 - الحَمَّادِيُّ أَبُو عَلِيٍّ حَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَكِّيٍّ **
شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، العَلاَّمَةُ أَبُو عَلِيٍّ حَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَكِّيِّ بنِ إِسْرَافِيْلَ بنِ حَمَّادٍ الحَمَّادِيُّ النَّسَفِيُّ أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
كَانَ حَنَفِيّاً، ثُمَّ تَحَوَّل شَافعياً.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي نُعَيْمٍ عَبْد الْملك الإِسفرَايينِي، وَإِسْمَاعِيْل بن حَاجِب الكُشَانِي.
وَعُمِّرَ دَهْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: حُسَيْن بن الخَلِيْلِ، شَيْخ أَبِي سَعْدٍ السَّمْعَانِيّ.
__________
(*) الوافي بالوفيات 10 / 470، بغية الوعاة 1 / 480، روضات الجنات: 142، هدية العارفين: 1 / 248، أعيان الشيعة 15 / 12.
(1) في حدود الستين والاربع مئة كما في " الوافي " و" بغية الوعاة " وقال في " هدية العارفين ": في حدود (420) ، وذكر الصفدي أنه صنف كتابا في تعليل قراءة عاصم وأنها قراءة قريش.
(* *) الأنساب 4 / 201 - 202، اللباب 1 / 383، الوافي بالوفيات 12 / 164، طبقات
الاسنوي 2 / 491.(18/176)
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
94 - الحَلْوَائِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ *
الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، رَئِيْسُ الحَنَفِيَّةِ، شَمْسُ الأَئِمَّةِ الأَكْبَرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ (1) عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرِ بنِ صَالِحٍ البُخَارِيُّ، الحَلْوَائِي - بِفَتح الحَاء وَبَالمَدِّ (2) - إِمَامُ أَهْلِ الرَّأْي بِتِلْكَ الدِّيَار.
تَفقَّه بِالقَاضِي أَبِي عَلِيٍّ الحُسَيْن بن الخَضِر النسفِي.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حُسَيْن الكَاتِب، وَأَبِي سَهْلٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَكِّيّ الأَنْمَاطِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ غُنْجَار الحَافِظ، وَصَالِحِ بن مُحَمَّدٍ، وَجَمَاعَة.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَتَخَرَّجَ بِهِ الأَعْلاَم.
أَخَذَ عَنْهُ: شَمْسُ الأَئِمَّة مُحَمَّدُ بنُ أَبِي سَهْل السَّرْخَسِيّ، وَفخرُ الإِسْلاَم عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ البَزْدَوي، وَأَخُوْهُ صدرُ الإِسْلاَم أَبُو الْيَسْر مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالقَاضِي جَمَالُ الدِّيْنِ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَشَمْسُ الأَئِمَّة أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الزَّرَنْجَرِي (3) ، وَآخَرُوْنَ سمَّاهم أَبُو
__________
(*) الإكمال 3 / 111، و303، الأنساب 4 / 194، اللباب 1 / 380 - 381، المشتبه: 244، الجواهر المضية 2 / 429 - 430، القاموس المحيط مادة " حلو " تبصير المنتبه 2 / 511، تاج التراجم: 35، طبقات الفقهاء لطاش كبري: 70، كتائب أعلام الاخيار رقم: 241، الطبقات السنية رقم 253 كشف الظنون 1 / 46 و568، و2 / 1224، 1580، تاج العروس مادة " حلو " 10 / 96، الفوائد البهية: 95 - 97، تراجم الاعاجم: لوحة 151 / 2.
(1) في " الإكمال " 3 / 111: أبو أحمد.
(2) نسبة إلى عمل الحلوى وبيعها، ويقال له: الحلواني بالنون بدل الهمزة كما في " القاموس " مادة " حلو " و" الحلاوي " كما في " الإكمال " 3 / 303.
(3) بفتح الزاي والراء وسكون النون وفتح الجيم بعدها راء نسبة إلى زرنجرى: قرية من قرى بخارى، وربما قيل لها: زرنكرى.
" معجم البلدان " 3 / 138.(18/177)
العَلاَء الفرضِي.
ثُمَّ قَالَ: وَمَاتَ بِبُخَارَى فِي شَعْبَانَ سَنَة سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَة الصُدُوْر.
وَأَمَّا السَّمْعَانِيّ فَقَالَ فِي (الأَنسَاب (1)) :تُوُفِّيَ بِكسّ، وَحُمِلَ إِلَى بُخَارَى سَنَة ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ النَّخْشَبِيّ فِي (مُعجمه) :هُوَ شَيْخٌ عَالِم بِأَنْوَاع العُلُوْم، مُعْظِّمٌ لِلْحَدِيْثِ، غَيْرَ أَنَّهُ مُتسَاهل فِي الرِّوَايَة.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (2) .
وَفِيْهَا (3) مَاتَ: عَلِيّ بن حُمَيْدٍ الذُّهْلِيّ (4) ؛خطيب هَمَذَان وَشيخُهَا، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَزْوِيْنِيّ؛ مُقْرِئ مِصْر، وَشيخ المَالِكِيَّة أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمْروس البَغْدَادِيّ (5) .
95 - ابْنُ سِرَاجٍ سِرَاجُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الأُمَوِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، قَاضِي الجَمَاعَةِ، أَبُو القَاسِمِ سِرَاجُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ (6) بنِ سِرَاجٍ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُم (7) ، الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ؛ قَاضِي قُرْطُبَةَ.
__________
(1) 4 / 194، وتابعه ابن الأثير في " اللباب " 1 / 381، وابن أبي الوفاء القرشي في " الجواهر المضية " 2 / 430.
(2) الخبر بنحوه في " الأنساب " 4 / 194.
(3) أي في سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة، كما هو في تراجم المذكورين.
(4) تقدمت ترجمته برقم (47) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (34) .
(*) الصلة: 1 / 226، 227، بغية الملتمس: 304، المغرب في حلي المغرب 1 / 161 - 162، شجرة النور الزكية 1 / 118.
(6) سقط لفظ: " بن محمد " من " البغية " و" المغرب ".
(7) في " البغية " و" المغرب ": أن جده سراج كان مولى الأمير عبد الرحمن الداخل.(18/178)
سَمِعَ: (صَحِيْح البُخَارِيّ) مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الأَصيلِي، بِفَوْتٍ يَسير، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ بَرْطَال، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بن مَسْلَمَةَ، وَأَبِي المَطَرف عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن فُطَيْس.
وَوَلِيَ القَضَاءَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَحُمدَ إِلَى الغَايَة، وَلاَ حُفِظَتْ عَلَيْهِ سَقْطَة.
كَانَ فَقِيْهاً صَالِحاً، خَيِّراً حليماً، عَلَى مِنْهَاج السَّلَف، حمل عَنْهُ جَمَاعَة جِلَّةٌ، وَعَاشَ سِتّاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً (1) .
مَاتَ: فِي شَوَّال سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَهُوَ وَالِدُ عَبْد الْملك بنِ سِرَاج، إِمَام اللُّغَة (2) .
96 - القَبْرِيُّ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَوْهَبٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو شَاكِرٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَوْهَبٍ التُّجِيْبِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، القَبْرِي - نِسْبَة إِلَى مَدِيْنَة قَبْرَة (3) - المَالِكِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَتَفَرَّد فِي وَقتِهِ بِالإِجَازَة مِنَ الفَقِيْه أَبِي مُحَمَّدٍ بن أَبِي زَيْدٍ (4) .
__________
(1) انظر " الصلة " 1 / 226 - 227.
(2) ستأتي ترجمة ولده عبد الملك في الجزء التاسع عشر برقم (70) .
(*) جذوة المقتبس: 290 - 291، الصلة 2 / 384 - 385، العبر 3 / 238، شذرات الذهب 3 / 298 - 299 وتحرفت فيه " القبري " إلى " القنبري ".
(3) قال ياقوت: قبرة بلفظ تأنيث القبر، أظنها عجمية رومية، وهي: كورة من أعمال الأندلس تتصل بأعمال قرطبة من قبليها.
(4) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (4) .(18/179)
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ الأَصِيلِي، وَأَبِي حَفْصٍ بن نَابِلٍ، وَأَبِي عُمَرَ ابْن أَبِي الحُبَابِ، وَطَائِفَة.
وَلَهُ أَيْضاً إِجَازَة مِنْ أَبِي الحَسَنِ القَابِسِي (1) ، وَوَلِيَ القَضَاءَ وَالخطَابَة بِبَلَنْسِية.
ذكره الحُمَيْدِيّ (2) ، فَقَالَ فِيْهِ: مُحَدِّثٌ أَديب، خطيبٌ شَاعِر.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (3) .
قُلْتُ: أَخَذَ عَنْهُ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ، وَغَيْرهُ.
وَهُوَ خَالُ أَبِي الوَلِيْد البَاجِي، وَكَانَ وَالِدُهُ قَدْ رَحل، وَتَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَالقَابِسِي، فَاسْتجَازَ مِنْهُمَا لوَلَده، وَسَكَنَ أَبُو شَاكِر شَاطِبَةَ مُدَّة. وَلَهُ شِعرٌ رَائِق (4) .
97 - العَبَّادِيُّ أَبُو عَاصِمٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، القَاضِي، أَبُو عَاصِمٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عبَّادٍ العَبَّادِيُّ، الهَرَوِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ سَهْل القَرَّاب، وَغَيْرِهِ.
__________
(1) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (99) .
(2) في " الجذوة ": 290.
(3) كما في " الصلة " 2 / 384، ولم يذكر الحميدي تاريخ وفاته.
(4) من ذلك ما أورده الحميدي في " الجذوة ": 291، وابن بشكوال في " الصلة " 2 / 384:
يا روضتي ورياض الناس مجدبة * وكوكبي وظلام الليل قد ركدا
إن كان صرف الليالي عنك أبعدني * فإن شوقي وحزني عنك ما بعدا
(*) الأنساب 8 / 336 - 337، اللباب 2 / 309، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 249، وفيات الأعيان 4 / 214، العبر 3 / 243، الوافي بالوفيات 2 / 82 - 83، مرآة الجنان 3 / 82، طبقات السبكي: 4 / 104 - 112، طبقات الاسنوي 2 / 190 - 191، طبقات ابن هداية الله: 161 - 162، كشف الظنون: 47 - 964، 1100، 1581، 2026، شذرات الذهب 3 / 306، إيضاح المكنون 2 / 269، هدية العارفين 2 / 71 - 72.(18/180)
وَتَفَقَّهَ عَلَى القَاضِي أَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيّ بهَرَاة، وَعَلَى أَبِي عُمَرَ البِسْطَامِي بِنَيْسَابُوْرَ.
تَفقَّه بِهِ القَاضِي أَبُو سَعْدٍ الهَرَوِيّ، وَغَيْرهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ المُؤَذِّن.
وَكَانَ إِمَاماً مُحَقِّقاً مُدَقِّقاً، صَنَّفَ كِتَاب (المبسَوْط) ، وَكِتَاب (الهَادِي) ، وَكِتَاب (أَدب القَاضِي) ، وَكِتَاب (طَبَقَات الفُقَهَاء (1)) وَغَيْر ذَلِكَ (2) .
وَتَنَقَّلَ فِي النَّوَاحِي وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ.
عَاشَ ثَلاَثاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَتُوُفِّيَ: فِي شَوَّال سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ (3) ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَقَاضِي سَارِيَة أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدٍ السَّرَوِي الشَّافِعِيّ (4) ، وَالمُعَمَّر أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ غَالِبٍ بن المُبَارَكِ المُقْرِئ بِبَغْدَادَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ شَمَة الأَصْبَهَانِيّ (5) ، وَصَاحِب (المُحْكَم) أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المُرسِي اللُّغَوِيّ الضّرِير (6) ، وَالعَارِف الزَّنجَانِي فَرَج الزَّاهِد، المُلَقَّب بِأَخِي فَرج، وَشيخُ الحنَابلَة القَاضِي أَبُو يَعْلَى بن الفَرَّاء (7) .
__________
(1) وقد طبع في ليدن عام 1964 بعناية المستشرق Gosta Vitestam، ثم أعيد طبعه بالاوفست في مكتبه المثنى ببغذاد.
(2) انظر مصنفاته في " هدية العارفين " 2 / 71 - 72.
(3) تقدمت ترجمته برقم (86) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (80) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (82) .
(6) تقدمت ترجمته برقم (78) .
(7) تقدمت ترجمته برقم (40) .(18/181)
98 - البَاطَرْقَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الأَصْبَهَانِيُّ، البَاطَرْقَانِيُّ.
حمل الكَثِيْر عَنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَة، وَإِبْرَاهِيْم بنِ خُرَّشيذ قُوْله (1) ، وَأَبِي مُسْلِم بن شَهْدَل، وَأَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ الثَّقَفِيّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الأَبْهَرِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بن جَعْفَرٍ، وَالحَسَن بن يَوَه، وَعِدَّة.
وَتَلاَ بِالروَايَات عَلَى الكِبَار، وَصَنَّفَ كِتَاب (طَبَقَات القُرَّاءِ) ، وَكِتَاب (الشَّوَاذ) .
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، وَتَلاَ عَلَيْهِ بِالروَايَات، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الأَدِيْب، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الدَّقَّاق، وَأَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ المَهَّاد، وَشَبِيْب بن مُحَمَّدِ بنِ جُوره (2) ، وَعَبْدُ السَّلاَمِ بن مُحَمَّدٍ الحَسَنَابَاذِي (3) ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ الحَافِظَان: عَبْدُ العَزِيْزِ النَّخْشَبِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الوَخْشِي.
__________
(*) الأنساب 2 / 41، معجم الأدباء 4 / 100 - 102، العبر 3 / 246، معرفة القراء الكبار 1 / 342 - 343، الوافي 7 / 288، طبقات القراء 1 / 96 - 97، شذرات الذهب 3 / 308، إيضاح المكنون 2 / 79، هدية العارفين 1 / 73.
والباطرقاني: ضبطت في الأصل بفتح الطاء، وضبطها السمعاني وياقوت وابن الأثير بكسرها وهي نسبة إلى باطرقان: قرية من قرى أصبهان.
(1) مرت ترجمة إبراهيم بن خرشيذ قوله في الجزء السابع عشر برقم (37) ، وضبط المؤلف لفظ " خرشيد قوله " هناك فراجعه.
(2) بالجيم كما في الأصل، وفي " الأنساب " 2 / 41 " خورة " بالخاء.
(3) ضبطت في الأصل بفتح الحاء والسين وكذا ضبطها ياقوت، وضبطها السمعاني وابن الأثير بفتح الحاء وسكون السين، وهي نسبة إلى حسناباذ: قرية من قرى أصبهان.(18/182)
وَتَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو القَاسِمِ الهُذَلِيّ.
وَأَمَّ بِجَامِع أَصْبَهَان بَعْد أَبِي المُظَفَّر بن شَبِيْب (1) .
قَالَ يَحْيَى بنُ مَندَة: هُوَ كَثِيْرُ السَّمَاع، وَاسِعُ الرِّوَايَة، دقيقُ الْخط، قرَأَ عَلَى جَمَاعَة.
وَقَالَ لِي: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَذكره عمِي يَوْماً وَالحَافِظُ عَبْدُ العَزِيْزِ النَّخْشَبِيّ - وَجَمَاعَة حَاضِرُوْنَ - فَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ: صَنَّف (مُسْنَداً) مُخَرَّجاً عَلَى (صَحِيْح البُخَارِيّ) إِلاَّ أَنَّهُ كتبَ أَكْثَرَه مِنَ الأَصْل، ثُمَّ أَلحقه الإِسْنَادَ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ شَرط أَصْحَاب الحَدِيْث.
ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: وَتَكَلَّم فِي مَسَائِلَ لَا يَسع المَوْضِع ذكرهَا، لَوِ اقْتصر عَلَى التَّحَدِيْث وَالإِقْرَاء كَانَ خَيراً لَهُ (2) .
وَقَالَ الدَّقَّاق: لَمْ أَرَ بِأَصْبَهَانَ شَيْخاً جمع بَيْنَ علم القُرْآن وَالقِرَاءات وَالحَدِيْث وَالروَايَات، وَكَثْرَة الكِتَابَة وَالسَمَاعَات أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ البَاطَرْقَانيّ، وَكَانَ حَسَنَ الْخلق وَالهيئَة وَالقِرَاءة وَالِدِّرَايَة، ثِقَةً فِي الحَدِيْثِ (3) .
قَالَ ابْنُ مَنْدَة: تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (4) .
__________
(1) انظر " الأنساب " 2 / 41.
(2) انظر " معجم الأدباء " 4 / 102، و" معرفة القراء " 1 / 343.
(3) انظر " معرفة القراء " 1 / 342.
(4) في " إيضاح المكنون " 2 / 79، و" هدية العارفين " 1 / 73 أن وفاته سنة (421) وهو خطأ.(18/183)
99 - ابْنُ حَزْمٍ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ القُرْطُبِيُّ *
الإِمَامُ (1) الأَوْحَدُ، البَحْرُ، ذُو الفُنُوْنِ وَالمعَارِفِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ حَزْمِ بنِ غَالِبِ بنِ صَالِحِ بنِ خَلَفِ بنِ مَعْدَانَ (2) بنِ سُفْيَانَ بنِ يَزِيْدَ الفَارِسِيُّ الأَصْلِ، ثُمَّ الأَنْدَلُسِيُّ القُرْطُبِيُّ اليَزِيْدِيُّ مَوْلَى الأَمِيْر يَزِيْدَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ بنِ حَرْبٍ الأُمَوِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - المَعْرُوف بيَزِيْد الخَيْر، نَائِب أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ أَبِي حَفْصٍ عُمَر عَلَى دِمَشْقَ، الفَقِيْهُ الحَافِظُ، المُتَكَلِّمُ، الأَدِيْبُ، الوَزِيْرُ، الظَّاهِرِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، فَكَانَ جَدُّهُ يَزِيْد
__________
(*) جذوة المقتبس: 308 - 311، مطمح الانفس، القسم الثاني المنشور في مجلة المورد العراقية، المجلد العاشر، العدد، 3 - 4 / 1981 بتحقيق هدى شوكة بهنام ص: 354 - 357، الذخيرة المجلد الأول، القسم الأول: 167 - 175، تاريخ الحكماء، 232 - 233 الصلة 2 / 415 - 417، بغية الملتمس: 415 - 418، معجم الأدباء 12 / 235، المطرب: 92، المعجب: 32 - 35، المغرب 1 / 354 - 357، وفيات الأعيان، 3 / 325 - 330، تذكرة الحفاظ 3 / 1146 - 1155، العبر 3 / 239، دول الإسلام: 1 / 268، مسالك الابصار: انظر الجزء الثامن، الوافي بالوفيات: المجلد الثاني من الجزء الأول الورقة: 374، مرآة الجنان 3 / 79 - 81، البداية والنهاية 12 / 91 - 92، الاحاطة 4 / 111 - 116، لسان الميزان 4 / 198 - 202، النجوم الزاهرة 5 / 75، طبقات الحفاظ: 436 - 437، طبقات الأمم لصاعد: 86، الاعلام بتاريخ الإسلام: حوادث عام 456، أخبار العلماء: 156، نفح الطيب 2 / 77 - 84، كشف الظنون: 21، 118، 466، شذرات الذهب 3 / 299 - 300، هدية العارفين 1 / 690 - 691، إيضاح المكنون 1 / 319، دائرة المعارف الإسلامية 1 / 136 - 144، ابن حزم فقهه وآراؤه لمحمد أبو زهرة، مقدمة جمهرة أنساب العرب: 5 - 12، ابن حزم الأندلسي: بقلم الدكتور زكريا إبراهيم سلسلة أعلام العرب " 56 "، وانظر الدراسة القيمة التي كتبها الدكتور عبد الحليم عويس: " ابن حزم الأندلسي وجهوده في البحث التاريخي والحضاري " نشر دار الاعتصام بالقاهرة.
وقد أفردت ترجمة ابن حزم بالطبع سنة 1941 م في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق بتحقيق الأستاذ الفاضل سعيد الأفغاني، وقد ذكر أن هذه الترجمة أرسلها إليه الشيخ محمد نصيف منقولة من نسخة لسير أعلام النبلاء بصنعاء في خزانة الامام يحيى حميد الدين صاحب اليمن، وقد قمنا بمقابلة طبعة المجمع هذه على الأصل الذي عندنا وأثبتنا الفروق بينهما.
(1) لفظ " الامام " ليس في طبعة مجلة المجمع.
(2) سقط " ابن معدان " من " معجم الأدباء " 12 / 235.(18/184)
مَوْلَى لِلأَمِيْر يَزِيْد أَخِي مُعَاوِيَة.
وَكَانَ جَدُّهُ خَلَفُ بنُ مَعْدَانَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ الأَنْدَلُس فِي صحَابَة (1) ملك الأَنْدَلُس عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن مُعَاوِيَةَ بنِ هِشَامٍ؛ المَعْرُوف بِالدَّاخل.
وَلد: أَبُو مُحَمَّدٍ بقُرْطُبَة فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ أَرْبَع مائَة وَبعدهَا مِنْ طَائِفَة مِنْهُم: يَحْيَى بن مَسْعُوْدِ بنِ وَجه الجَنَّة؛ صَاحِبِ قَاسِم بن أَصْبَغ، فَهُوَ أَعْلَى شَيْخ عِنْدَهُ، وَمِنْ أَبِي عُمَرَ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ (2) الجَسور، وَيُوْنُس بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُغِيْث القَاضِي، وَحُمَامِ (3) بن أَحْمَدَ القَاضِي، وَمُحَمَّدِ بن سَعِيْدِ بنِ نبَات، وَعَبْدِ اللهِ بن رَبِيْع التَّمِيْمِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ، وَأَبِي عُمَرَ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الطَّلَمَنْكِي، وَعَبْدِ اللهِ بن يُوْسُفَ بنِ نَامِي، وَأَحْمَد (4) بن قَاسِم بن مُحَمَّدِ بنِ قَاسِم بن أَصْبَغ.
وَيَنْزِلُ إِلَى أَنْ يَرْوِي عَنْ: أَبِي عُمَرَ بن عبدِ البرِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ أَنَس العُذْرِيّ.
وَأَجْوَد مَا عِنْدَهُ مِنَ الكُتُب (سُنَن النَّسَائِيّ) يَحمله (5) عَنِ ابْنِ رَبيع، عَنِ ابْنِ الأَحْمَر، عَنْهُ.
وَأَنْزَل مَا عِنْدَهُ (صَحِيْحُ مُسْلِم) ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ خَمْسَةُ رِجَال، وَأَعْلَى مَا رَأَيْتُ لَهُ حَدِيْثٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَكِيْع فِي ثَلاَثَةُ أَنْفُس.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو رَافِعٍ الفَضْل، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيُّ، وَوَالِد (6)
__________
(1) في طبعة المجمع " زمن " بدل " صحابة " وليس فيها عبارة " ملك الأندلس ".
(2) لفظ " بن " ليس في طبعة المجمع.
(3) بضم الحاء المهملة كما في " الإكمال " 2 / 528، و" تبصير المنتبه " 1 / 452، وحمام بن أحمد هذا مترجم في " الصلة " لابن بشكوال 1 / 155 - 156.
(4) في طبعة المجمع: وأحمد بن قاسم بن أصبغ.
(5) في طبعة المجمع: مجمله، وهو خطأ.
(6) في طبعة المجمع: " وولد " وهو خطأ.(18/185)
القَاضِي أَبِي بَكْرٍ بنِ العَرَبِي، وَطَائِفَة.
وَآخر مَنْ رَوَى عَنْهُ مَرْوِيَّاتِهِ بِالإِجَازَة أَبُو الحَسَنِ شُرَيْح (1) بن مُحَمَّد.
نشَأَ فِي تَنَعُّمٍ وَرفَاهيَّة، وَرُزِقَ ذكَاء مُفرطاً، وَذِهْناً سَيَّالاً، وَكُتُباً نَفِيْسَةً كَثِيْرَةً، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ كُبَرَاء أَهْل قُرْطُبَة؛ عَمل الوزَارَةَ فِي الدَّوْلَة العَامِرِيَّة، وَكَذَلِكَ وَزَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي شَبِيْبته، وَكَانَ (2) قَدْ مَهر أَوَّلاً فِي الأَدب وَالأَخْبَار وَالشّعر، وَفِي الْمنطق وَأَجزَاءِ الفلسفَة، فَأَثَّرت فِيْهِ (3) تَأْثيراً لَيْتَهُ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَقَدْ وَقفتُ لَهُ عَلَى تَأَلِيف يَحضُّ فِيْهِ عَلَى الاعتنَاء بِالمنطق، وَيُقَدِّمه (4) عَلَى العلُوْم، فَتَأَلَّمت لَهُ، فَإِنَّهُ رَأْسٌ فِي علُوْم الإِسْلاَم، مُتَبَحِّر فِي النَّقْل، عَديمُ النّظير عَلَى يُبْسٍ فِيْهِ، وَفَرْطِ ظَاهِرِيَّة فِي الْفُرُوع لاَ الأُصُوْل.
قِيْلَ: إِنَّهُ تَفَقَّهَ أَوَّلاً لِلشَافعِيّ، ثُمَّ أَدَّاهُ اجْتِهَاده إِلَى القَوْل بنفِي القيَاس كُلّه جَلِيِّه وَخَفِيِّه، وَالأَخْذ بِظَاهِرِ النَّصّ وَعمومِ الكِتَاب وَالحَدِيْث، وَالقَوْلِ بِالبَرَاءة الأَصْليَّة، وَاسْتصحَاب الحَال، وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ كتباً كَثِيْرَة، وَنَاظر عَلَيْهِ، وَبسط لِسَانَه وَقلمَه، وَلَمْ يَتَأَدَّب مَعَ الأَئِمَّة فِي الخَطَّاب، بَلْ فَجَّج (5) العبَارَة، وَسبَّ وَجَدَّع (6) ، فَكَانَ جزَاؤُه مِنْ جِنس فِعله، بِحَيْثُ إِنَّهُ أَعْرَضَ
__________
(1) في الأصل " سريج " بالسين المهملة والجيم، وهو غلط، والصواب ما أثبت، وهو أبو الحسن شريح بن محمد بن شريح الرعيني الاشبيلي، خطيب إشبيلية ومقرؤها ومسندها، متوفي سنة 539 هـ.
وستأتي ترجمته في الجزء العشرين برقم (85) .
(2) لفظ " كان " ليس في طبعة المجمع.
(3) طبعة المجمع: " به ".
(4) طبعة المجمع: " وتقدمه ".
(5) طبعة المجمع: " فحج " بالحاء المهملة قبل الجيم، وشرحها المحقق بقوله: " تكبر ".
وقال: لعل " في " ساقطة قبل كلمة " العبارة ".
وفي الأصل عندنا " فجج " بجيمين، والمعنى أن ساق العبارة فجة قاسية.
(6) الجدع في الأصل: القطع، وهو هنا كناية عن الذم والشتم.(18/186)
عَنْ تَصَانِيْفه جَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ، وَهَجَرُوهَا، وَنفرُوا مِنْهَا، وَأُحرقت فِي وَقت، وَاعْتَنَى بِهَا آخرُوْنَ مِنَ العُلَمَاءِ، وَفَتَّشوهَا انتقَاداً وَاسْتفَادَة، وَأَخذاً وَمُؤَاخذَة، وَرَأَوا فِيْهَا الدُّرَّ الثّمِينَ ممزوجاً فِي الرَّصْفِ بِالخَرَزِ المَهين، فَتَارَةٌ يَطربُوْنَ، وَمرَّةً يُعجبُوْنَ، وَمِنْ تَفَرُّدِهِ يهزؤُون.
وَفِي الجُمْلَةِ فَالكَمَالُ عزِيز، وَكُلُّ أَحَد يُؤْخَذ مِنْ قَوْله وَيُتْرَك، إِلاَّ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَكَانَ يَنهض بعلُوْمٍ جَمَّة، وَيُجيد النَّقل، وَيُحْسِنُ النّظم وَالنثر.
وَفِيْهِ دِينٌ وَخير، وَمقَاصدُهُ جمِيْلَة، وَمُصَنّفَاتُهُ مُفِيدَة، وَقَدْ زهد فِي الرِّئَاسَة، وَلَزِمَ مَنْزِله مُكِبّاً عَلَى العِلْم، فَلاَ نغلو فِيْهِ، وَلاَ نَجْفو عَنْهُ، وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ قَبْلنَا الكِبَارُ.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ الغزَالِي (1) :وَجَدْتُ فِي أَسْمَاء الله تَعَالَى كِتَاباً أَلفه أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيّ يَدلُّ عَلَى عِظَمِ حَفِظه وَسَيَلاَن ذِهنه.
وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو القَاسِمِ صَاعِدُ بنُ أَحْمَدَ: كَانَ ابْنُ حَزْمٍ أَجْمَعَ أَهْل الأَنْدَلُس قَاطبَة لعلُوْم الإِسْلاَم، وَأَوسعَهم مَعْرِفَة مَعَ تَوسعه فِي عِلم اللِّسَان، وَوُفور حَظِّه مِنَ البلاغَة وَالشّعر، وَالمَعْرِفَة بِالسير وَالأَخْبَار؛ أَخْبَرَنِي ابْنُه الفَضْل أَنَّهُ اجْتَمَع عِنْدَهُ بِخَط أَبِيْهِ أَبِي مُحَمَّدٍ مِنْ تَوَالِيفه أَرْبَعُ مائَةِ مُجَلد تَشتمِل عَلَى قَرِيْب مِنْ ثَمَانِيْنَ أَلفِ وَرقَة (2) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ (3) :كَانَ ابْنُ حَزْمٍ حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ وَفقهه،
__________
(1) في " شرح الأسماء الحسنى " كما ذكر ابن حجر في " لسان الميزان " 4 / 201، وانظر " العبر " 3 / 239: و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1117، و" نفخ الطيب " 2 / 78.
(2) " الصلة " 2 / 416، و" وفيات الأعيان " 3 / 326، و" معجم الأدباء " 12 / 238 - 239، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1147، و" لسان الميزان " 4 / 199، و" نفح الطيب " 2 / 78.
(3) في " جذوة المقتبس ": 308 - 309.(18/187)
مُسْتنبطاً لِلأَحكَام مِنَ الكِتَاب وَالسُّنَّة، مُتَفَنِّناً فِي عُلُوْمٍ جَمَّة، عَامِلاً بِعِلْمه، مَا رَأَينَا مِثْلَه فِيمَا اجْتَمَع لَهُ مِنَ الذّكَاء، وَسُرعَةِ الحِفْظ، وَكَرَمِ النَفْس وَالتَّدين، وَكَانَ لَهُ فِي الأَدب وَالشّعر نَفَس وَاسِع، وَبَاعٌ طَوِيْل، وَمَا رَأَيْتُ مَنْ يَقُوْلُ الشِّعر عَلَى البَديهِ أَسرعَ مِنْهُ، وَشِعره كَثِيْر جَمَعتُه عَلَى حُرُوف المُعْجَم.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ صَاعِد: كَانَ أَبُوْهُ أَبُو عُمَرَ مِنْ وَزرَاء المَنْصُوْر مُحَمَّد بن أَبِي عَامِرٍ، مُدبِّر دَوْلَة المُؤَيَّد بِاللهِ بن المُسْتنصر المَرْوَانِي، ثُمَّ وَزَرَ لِلمظفر، وَوَزَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ لِلمُسْتظهر عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن هِشَامٍ، ثُمَّ نَبذ هَذِهِ الطّرِيقَة، وَأَقْبَلَ عَلَى العلُوْم الشرعيَّة، وَعُنِي بِعِلْم الْمنطق وَبَرَعَ فِيْهِ، ثُمَّ أَعرض عَنْهُ.
قُلْتُ: مَا أَعرض عَنْهُ حَتَّى زرع فِي بَاطِنه أُمُوْراً وَانحرَافاً عَنِ السّنَة.
قَالَ: وَأَقْبَلَ عَلَى علُوْم الإِسْلاَم حَتَّى نَال مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَنَلْهُ أَحَد بِالأَنْدَلُسِ قَبْلَهُ (1) .
وَقَدْ حَطَّ أَبُو بَكْرٍ بنُ العَرَبِي عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِ (القوَاصم وَالعوَاصم (2)) وَعَلَى الظَّاهِرِيَّة، فَقَالَ: هِيَ أمة سخيفَة، تَسَوَّرتْ عَلَى مرتبَة لَيْسَتْ لَهَا، وَتَكلمت بكَلاَمٍ لَمْ نَفْهمه (3) ، تَلَقَّوهُ (4) مِنْ إِخْوَانهم الخَوَارِج حِيْنَ حكَّم عليّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يَوْمَ صفِّين، فَقَالَتْ: لاَ حُكْمَ إِلاَّ للهِ.
وَكَانَ أَوّلَ
__________
(1) انظر " معجم الأدباء " 12 / 237 - 238، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1148، و" لسان
الميزان " 4 / 199.
(2) اسمه " العواصم من القواصم "، وهو مطبوع بتحقيق المرحوم العلامة محب الدين الخطيب، ولابن الوزير المتوفى سنة 840 هـ العواصم والقواصم وهو كتاب حافل لا نظير له في بابه، ويقع في عشرة مجلدات وتتولى نشره مؤسسة الرسالة بتحقيق شعيب الأرناؤوط وسيصدر الجزء الأول منه قريبا إن شاء الله.
(3) طبعة المجمع: " تفهمه " بالتاء
(4) طبعة المجمع: تلقفوه.(18/188)
بدعَة لقيتُ فِي رحلتِي القَوْلُ بِالبَاطِن، فَلَمَّا عُدتُ وَجَدْت القَوْل بِالظَّاهِر قَدْ ملأَ بِهِ المَغْرِبَ سخيفٌ كَانَ مِنْ بَادِيَة إِشْبِيلِية يُعْرَفُ بِابْنِ حَزْم، نشَأَ وَتعلَّق بِمَذْهَب الشَّافِعِيّ، ثُمَّ انْتسب إِلَى دَاوُد، ثُمَّ خلع الكُلَّ، وَاسْتقلَّ بِنَفْسِهِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ إِمَام الأُمَّة يَضع وَيَرفع، وَيْحَكم وَيَشرع، يَنْسِبُ إِلَى دين الله مَا لَيْسَ فِيْهِ، وَيَقُوْلُ عَنِ العُلَمَاء مَا لَمْ يَقولُوا تَنفِيراً لِلقُلُوْب مِنْهُم، وَخَرَجَ عَنْ طَرِيْق المُشبِّهَة فِي ذَات الله وَصِفَاته، فَجَاءَ فِيْهِ بطوَامَّ، وَاتَّفَقَ كَوْنُهُ بَيْنَ (1) قَوْم لاَ بَصَرَ لَهم إِلاَّ بِالمَسَائِل، فَإِذَا طَالبهم بِالدليل كَاعُوا (2) ، فَيَتَضَاحكُ مَعَ أَصْحَابه مِنْهُم، وَعَضَدَتْهُ الرِّئَاسَةُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ أَدب، وَبشُبَهٍ كَانَ يُورِدُهَا عَلَى المُلُوْك، فَكَانُوا يَحملونه، وَيَحمُونه، بِمَا كَانَ يُلقِي إِلَيْهِم مِنْ شُبه البِدَع وَالشِّرْك، وَفِي حِيْنَ عَوْدي مِنَ الرّحلَة أَلفيتُ حضَرتِي مِنْهم طَافحَة، وَنَارَ ضلاَلهم لاَفحَة، فَقَاسيتهم مَعَ غَيْر أَقرَان، وَفِي عدمِ أَنْصَار إِلَى حسَاد يَطؤون عَقِبِي، تَارَة تَذْهَب لَهم نَفْسِي، وَأُخْرَى يَنكشر (3) لَهم ضِرسِي، وَأَنَا مَا بَيْنَ إِعرَاضٍ عَنْهم أَوْ تَشغِيبٍ بِهِم، وَقَدْ جَاءنِي رَجُلٌ بِجُزء لابْنِ حَزْم سَمَّاهُ (نكت الإِسْلاَم) فِيْهِ دوَاهِي، فَجردت عَلَيْهِ نوَاهِي، وَجَاءنِي آخر برِسَالَة فِي الاعْتِقَاد، فَنَقَضْتُهَا برِسَالَة (الغُرَّة (4)) وَالأَمْرُ أَفحش مِنْ أَنْ يُنقض.
يَقُوْلُوْنَ: لاَ قَوْلَ إِلاَّ مَا قَالَ اللهُ، وَلاَ نَتْبَعُ إِلاَّ رَسُوْل اللهِ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَأْمر بِالاَقتدَاءِ بِأَحد، وَلاَ بِالاَهتدَاء بِهَدْيِ بشر.
فِيجب أَنْ يَتحققُوا أَنَّهم لَيْسَ لَهم دَلِيل، وَإِنَّمَا هِيَ سَخَافَة فِي تَهويل، فَأُوصيكُم بِوَصِيَّتَيْنِ: أَنْ لاَ تَسْتدلُوا عَلَيْهِم، وَأَن تُطَالبوهم بِالدَّليل، فَإِنَّ المُبْتَدِع إِذَا اسْتدللت عَلَيْهِ شَغَّبَ
__________
(1) في الأصل: " من " والمثبت من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1149.
(2) أي: " جبنوا ".
(3) في " تذكرة الحفاظ ": تنكسر.
(4) في طبعة المجمع: " العزة " بالعين المهملة والزاي.(18/189)
عَلَيْك، وَإِذَا طَالبته بِالدليل لَمْ يَجِدْ إِلَيْهِ سَبِيلا.
فَأَمَّا قَوْلهُم: لاَ قَوْلَ إِلاَّ مَا قَالَ اللهُ، فَحق، وَلَكِنْ أَرنِي مَا قَالَ.
وَأَمَّا قَوْلهُم: لاَ حُكْمَ إِلاَّ للهِ، فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ عَلَى الإِطلاَق، بَلْ مِنْ حُكْمِ الله أَنْ يَجْعَلَ الحُكْمَ لغَيْرِهِ فِيمَا قَالَهُ وَأَخبر بِهِ.
صَحَّ (1) أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَلاَ تُنْزِلْهم عَلَى حُكْمِ الله، فَإِنَّكَ (2) لاَ تَدْرِي مَا حُكْمُ اللهِ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهم عَلَى حُكْمِكَ (3)) .
وَصَحَّ أَنَّهُ قَالَ: (عَلَيْكُم بِسَنَّتِي وَسُنَّة الخُلَفَاء ... ) الحَدِيْث (4) .
قُلْتُ: لَمْ يُنْصِفِ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللهُ - شَيْخَ أَبِيْهِ فِي العِلْمِ، وَلاَ تَكَلَّمَ فِيْهِ بِالقِسْطِ، وَبَالَغَ فِي الاسْتخفَاف بِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ فَعَلَى عَظمته فِي العِلْمِ لاَ يَبْلُغُ رُتْبَة أَبِي مُحَمَّدٍ، وَلاَ يَكَاد، فَرحمهُمَا الله وَغفر لَهُمَا.
قَالَ اليَسَعُ ابْنُ حَزْمٍ الغَافِقِيّ وَذَكَرَ أَبَا مُحَمَّدٍ فَقَالَ: أَمَا مَحْفُوْظُهُ فَبحرٌ عَجَّاج، وَمَاءٌ ثَجَّاج، يَخْرُج مِنْ بحره مَرجَان الحِكَم، وَيَنبت بِثَجَّاجه أَلفَافُ النِّعم فِي رِيَاض الهِمم، لَقَدْ حَفِظ علُوْمَ المُسْلِمِيْنَ، وَأَربَى عَلَى كُلّ أَهْل دين، وَأَلَّف (الْملَل وَالنحل) وَكَانَ فِي صِبَاهُ يَلْبَس الحَرِيْر، وَلاَ يَرْضَى مِنَ المَكَانَة إِلاَّ بِالسَّرِيْر (5) .
أَنْشَدَ المعتمدَ، فَأَجَاد، وَقصد بَلَنْسِيةَ وَبِهَا المُظَفَّر
__________
(1) طبعة المجمع: " مع ".
(2) طبعة المجمع: " لانك ".
(3) أخرجه مسلم (1731) ، وأبو داود (2612) من حديث بريدة بن الحصيب الاسلمي.
(4) أخرجه من حديث العرباض بن سارية أحمد 4 / 126، 127، وأبو داود (4607) والترمذي (2687) وابن ماجة (43) والدارمي 1 / 44، وابن أبي عاصم (26) و (27) و (29) و (30) و (31) و (32) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه ابن حبان (102) والحاكم 1 / 95، ووافقه الذهبي.
(5) طبعة المجمع: " السرير " بحذف الباء.(18/190)
أَحَد الأَطوَاد.
وَحَدَّثَنِي عَنْهُ (1) عُمَرُ بنُ وَاجِب قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْد أَبِي بِبَلَنْسِيةَ وَهُوَ يُدَرِّسُ المَذْهَب، إِذَا بِأَبِي مُحَمَّدٍ بن حَزْم يَسْمَعُنَا، وَيَتَعَجَّب، ثُمَّ سَأَلَ الحَاضِرِيْنَ مَسْأَلَةً مِنَ الفِقْهِ، جُووب فِيْهَا، فَاعْترَض فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الحُضَّار: هَذَا العِلْمُ لَيْسَ مِنْ مُنْتَحَلاَتِكَ، فَقَامَ وَقَعَدَ، وَدَخَلَ مَنْزِله فَعكَف، وَوَكَفَ (2) مِنْهُ وَابِلٌ فَمَا كَفَّ، وَمَا كَانَ بَعْدَ أَشْهُرٍ قَرِيْبَة حَتَّى قَصَدْنَا إِلَى ذَلِكَ المَوْضِع، فَنَاظر أَحْسَن منَاظرَة، وَقَالَ فِيْهَا: أَنَا أَتبع الحَقَّ، وَأَجتهد، وَلاَ أَتَقَيَّدُ بِمَذْهَب (3) .
قُلْتُ: نَعم، مَنْ بَلَغَ رُتْبَة الاجْتِهَاد، وَشَهِد لَهُ بِذَلِكَ عِدَّة (4) مِنَ الأَئِمَّةِ، لَمْ يَسُغْ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ، كَمَا أَنَّ الفَقِيْه المُبتدئ وَالعَامِي الَّذِي يَحفظ القُرْآن أَوْ كَثِيْراً مِنْهُ لاَ يَسوَغُ لَهُ الاجْتِهَاد أَبَداً، فَكَيْفَ يَجْتَهِدُ، وَمَا الَّذِي يَقُوْلُ؟ وَعلاَم يَبنِي؟ وَكَيْفَ يَطيرُ وَلَمَّا يُرَيِّش؟
وَالقِسم الثَّالِث: الفَقِيْهُ المنتهِي اليَقظ الفَهِم المُحَدِّث، الَّذِي قَدْ حَفِظ مُخْتَصَراً فِي الْفُرُوع، وَكِتَاباً فِي قوَاعد الأُصُوْل، وَقرَأَ النَّحْو، وَشَاركَ فِي الفضَائِل مَعَ حِفْظِهِ لِكِتَابِ اللهِ وَتشَاغله بتَفْسِيْره وَقوَةِ مُنَاظرتِهِ، فَهَذِهِ رُتْبَة مِنْ بلغَ الاجْتِهَاد المُقيَّد، وَتَأَهَّل لِلنظر فِي دلاَئِل الأَئِمَّة، فَمتَى وَضحَ لَهُ الحَقُّ فِي مَسْأَلَة، وَثبت فِيْهَا النَّصّ، وَعَمِلَ بِهَا أَحَدُ الأَئِمَّةِ الأَعْلاَمِ كَأَبِي حَنِيْفَةَ مِثْلاً، أَوْ كَمَالِك، أَوِ الثَّوْرِيِّ، أَوِ الأَوْزَاعِيِّ، أَوِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاق، فَلْيَتَّبع فِيْهَا الحَقّ وَلاَ يَسْلُكِ الرّخصَ، وَلِيَتَوَرَّع، وَلاَ يَسَعُه فِيْهَا بَعْدَ قيَام الحُجَّة عَلَيْهِ تَقليدٌ.
فَإِن خَاف مِمَّنْ
__________
(1) لفظ " عنه " ليس في طبعة المجمع.
(2) وكف: فطر.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1148، و" لسان الميزان " 4 / 199.
(4) طبعة المجمع: عدد.(18/191)
يُشَغِّب (1) عَلَيْهِ مِنَ الفُقَهَاء فَلْيَتَكَتَّم بِهَا وَلاَ يَترَاءى بِفعلهَا، فَرُبَّمَا أَعْجَبته نَفْسُهُ، وَأَحَبّ الظُهُوْر، فَيُعَاقب، وَيَدخل عَلَيْهِ الدَّاخلُ مِنْ نَفْسِهِ، فَكم مِنْ رَجُلٍ نَطَقَ بِالْحَقِّ، وَأَمر بِالمَعْرُوف، فَيُسَلِّطُ اللهُ عَلَيْهِ مَنْ يُؤذِيْه لِسوء قَصدهِ، وَحُبِّهِ لِلرِّئَاسَة الدِّينِيَّة، فَهَذَا دَاءٌ خَفِيٌّ سَارٍ فِي نُفُوْسِ الفُقَهَاء، كَمَا أَنَّهُ دَاءٌ سَارٍ فِي نُفُوْسِ المُنْفِقِين مِنَ الأَغنِيَاء وَأَربَاب الوُقُوْف وَالتُّرب المُزَخْرَفَة، وَهُوَ دَاءٌ خفِيٌّ يَسرِي فِي نُفُوْس الجُنْد وَالأُمَرَاء وَالمُجَاهِدِيْنَ، فَترَاهم يَلتقُوْنَ العَدُوَّ، وَيَصْطَدِمُ الجمعَان وَفِي نُفُوْس المُجَاهِدِيْنَ مُخَبّآتُ (2) وَكمَائِنُ مِنَ الاختيَالِ وَإِظهَار الشَّجَاعَةِ ليُقَالَ، وَالعجبِ (3) ، وَلُبْسِ القرَاقل (4) المُذَهَّبَة، وَالخُوذ المزخرفَة، وَالعُدد المُحلاَّة عَلَى نُفُوْس مُتكبّرَةٍ، وَفُرْسَان مُتجبِّرَة، وَيَنضَاف إِلَى ذَلِكَ إِخلاَلٌ بِالصَّلاَة، وَظُلم لِلرَّعيَّة (5) ، وَشُرب لِلمسكر، فَأَنَّى يُنْصرُوْن؟ وَكَيْفَ لاَ يُخذلُوْن؟ اللَّهُمَّ: فَانصر دينَك، وَوَفِّق عِبَادك.
فَمَنْ طَلَبَ العِلْمَ لِلعمل كَسره (6) العِلْمُ، وَبَكَى عَلَى نَفْسِهِ، وَمِنْ طلب العِلْم لِلمدَارس وَالإِفتَاء وَالفخر وَالرِّيَاء، تحَامقَ، وَاختَال، وَازدرَى بِالنَّاسِ، وَأَهْلكه العُجْبُ، وَمَقَتَتْهُ الأَنْفُس* {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ... وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشَّمْس:9 و10] أَي دسَّسَهَا بِالفجُور وَالمَعْصِيَة.
__________
(1) طبعة المجمع: من تشغب.
(2) طبعة المجمع: مخبأة.
(3) لفظ " العجب " ليس في طبعة المجمع.
(4) أثبت محقق طبعة المجمع هنا كلمة " العراقي " وقال في الحاشية: " العرقية ما يلبس تحت العمامة والقلنسوة، مولدة.
" التاج " وفي الأصل: العراقل، وهي تصحيف " اهـ.
وأما عندنا في الأصل: " القراقل " وفي " اللسان ": القرقل: ضرب من الثياب، وقيل: هو ثوب بغير كمين، وقال أبو تراب: القرقل قميص من قمص النساء بلا لبنة، وجمعه قراقل.
(5) طبعة المجمع: الرعية، وشرب المسكر.
(6) طبعة المجمع: " كره " وهو تحريف.(18/192)
قُلِبَتْ فِيْهِ السِّينُ أَلِفاً (1) .
قَالَ الشَّيْخُ عزّ الدِّيْنِ بنُ عَبْدِ السَّلاَم - وَكَانَ أَحَدَ المُجْتَهِدين -:مَا رَأَيْتُ فِي كُتُبِ الإِسْلاَم فِي (2) العِلْمِ مِثْل (المحلَّى (3)) لابْنِ حَزْم، وَكِتَاب (المُغنِي) لِلشَّيْخِ مُوَفَّق الدِّيْنِ (4) .
قُلْتُ: لَقَدْ صَدَقَ الشَّيْخُ عزّ الدِّيْنِ.
وَثَالِثهُمَا: (السُّنَن الكَبِيْر) لِلبيهقِي.
وَرَابعهَا (5) : (التّمهيد) لابْنِ عبدِ الْبر.
فَمَنْ حصَّل هَذِهِ الدَّوَاوِيْن، وَكَانَ مِنْ أَذكيَاء الْمُفْتِينَ (6) ، وَأَدمنَ المُطَالعَة فِيْهَا (7) ، فَهُوَ العَالِم حَقّاً.
وَلابْنِ حَزْم مُصَنّفَات جَلِيْلَة: أَكْبَرُهَا كِتَاب (الإِيصَال إِلَى فَهم كِتَاب الخِصَال) خَمْسَةَ عَشَرَ أَلف وَرقَة (8) ، وَكِتَاب (الخِصَال (9) الحَافِظ لِجمل
__________
(1) في الأصل مطبعة المجمع: " قلبت فيه الالف سينا " وهو غلط، قال ابن قتيبة في " تأويل مشكل القرآن " 267: ودساها من دسست، فقلبت إحدى السينات ياء، كما يقال: لبيت، والاصل: لببت، وقصيت أظفاري، وأصله: قصصت ومثله كثير أهـ.
وانظر " معاني القرآن " للفراء 3 / 267.
(2) في طبعة المجمع " من " بدل " في ".
(3) تصحف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1150 إلى " المجلى " بالجيم.
(4) هو الامام موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الدمشقي، أحد الاعلام في مذهب الامام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، المتوفي سنة 620 هـ، وكتابه " المغني " الذي شرح به " مختصر " الخرقي يعد من أعظم الكتب الفقهية الجامعة لمذاهب الأئمة الفقهاء، مع عناية خاصة بإيراد أقوال الأئمة الذين انقرضت مذاهبهم والترجيح فيما بينها.
وهو كتاب مطبوع متداول، يسر الله لنا تحقيقه وإيفاء حقه من العناية وحسن الاخراج.
(5) في الأصل: ورابعهم.
(6) في الأصل: المفتيين.
(7) في الأصل: فيهم.
(8) قال الذهبي في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1147: أورد فيه أقوال الصحابة فمن بعدهم والحجة لكل قول أهـ.
وهذا الكتاب هو شرح لكتابه " الخصال الجامعة لجمل شرائع الإسلام والحلال والحرام والسنة والإجماع " الذي سيذكره المؤلف هنا.
وقد اختصر بعض هذا الكتاب ابنه أبو رافع ليكمل بعض أجزاء " المحلى ".
انظر فهرس دار الكتب المصرية 1 / 555.
(9) في الأصل وطبعة المجمع: " الايصال " بدل " الخصال " وهو غلط، و" الايصال " كما =(18/193)
شرَائِع الإِسْلاَم) مُجَلَّدَان، وَكِتَاب (المُجَلَّى (1)) فِي الفِقْه مُجَلَّد، وَكِتَاب (المُحَلَّى فِي شرح المُجَلَّى بِالحجج وَالآثَار) ثَمَانِي مُجَلَّدَات (2) ، كِتَاب (حَجَّة الوَدَاعِ) (3) مائَة وَعِشْرُوْنَ وَرقَة، كِتَاب (قسمَة الخَمْس فِي الرَّدِّ عَلَى إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي) مُجَلَّد، كِتَاب (الآثَار الَّتِي ظَاهِرهَا التعَارض وَنفِي التنَاقض عَنْهَا) يَكُوْن عَشْرَة آلاَف وَرقَة، لَكِن لَمْ يُتِمَّه، كِتَاب (الجَامِع فِي صَحِيْح الحَدِيْث) بِلاَ أَسَانِيْد، كِتَاب (التَّلخيص وَالتَّخليص فِي المَسَائِل النّظرِيَّة (4)) كِتَاب (مَا انْفَرد بِهِ مَالِك وَأَبُو حنِيفَة وَالشَّافِعِيّ (5)) ، (مُخْتَصَر الْموضح) لأَبِي الحَسَن بن (6) الْمُغلس الظَّاهِرِي، مُجَلد، كِتَاب (اخْتِلاَف الفُقَهَاء الخَمْسَة مَالِك، وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد، وَدَاوُد) كِتَاب (التَّصفح فِي الفِقْه) مُجَلَّد، كِتَاب (التَّبيين فِي هَلْ عَلِمَ المُصْطَفَى أَعيَان المُنَافِقين) ثَلاَثَة كَرَارِيْس، كِتَاب (الإِملاَء فِي شرح المُوَطَّأ) أَلف وَرقَة.
__________
= تقدم هو شرح لكتاب " الخصال " هذا، وسماه حاجي خليفة: " الخصال الجامعة لمحصل شرائع الإسلام في الواجب والحلال والحرام " وذكر أنه مجلد. " كشف الظنون " 1 / 704.
(1) سقط اسم هذا الكتاب من طبعة المجمع، وهو المتن الذي عمل عليه شرحا سماه بالمحلى وهو التالي.
(2) طبع بتحقيق العلامة الشيخ أحمد شاكر، ثم طبعه محمد منير الدمشقي في أحد عشر جزءا طبعة مقابلة على نسخة الشيخ أحمد شاكر.
(3) طبع في دار اليقظة العربية بدمشق سنة 1959 بتحقيق الأستاذ ممدوح حقي.
(4) ذكره ياقوت، وزاد في اسمه: وفروعها التي لا نص عليها في الكتاب ولا الحديث.
وقد نشر الدكتور إحسان عباس رسالة له بعنوان " التلخيص لوجوه التخليص " في الجزء الثالث من " رسائل ابن حزم الأندلسي " وهي عبارة عن أجوبة على أسئلة وردت إليه مثل: ما أفضل ما يعمله المرء ليحصل على
عفو ربه، وهل تتفاضل الكبائر، وما القدر الذي يطلبه المرء من العلوم..الخ.
(5) في الأصل: " أو أبو حنيفة أو الشافعي " والمثبت من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1152، ومن كتاب " المحلى " لابن حزم في كتاب الفرائض 9 / 273 حيث ذكر كتابه هذا، فقال: وقد أفردنا أجز؟ ؟ ؟ خمة فيما خالف فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي جمهور العلماء، وفيما قاله كل واحد منهم، مما لا يعرف أحد قال به قبله، وقطعة فيما خالف فيه كل واحد منهم الاجماع المتيقن المقطوع به.
(6) لفظ " بن " ليس في طبعة المجمع، وهو غلط.(18/194)
كِتَاب (الإِملاَء فِي قوَاعد الفِقْه) أَلف وَرقَة أَيْضاً، كِتَاب (در القوَاعد فِي فَقه الظَّاهِرِيَّة) أَلف وَرقَة أَيْضاً (1) ، كِتَاب (الإِجْمَاع (2)) مُجيليد، كِتَاب (الفَرَائِض) مُجَلَّد، كِتَاب (الرِّسَالَة البلقَاء فِي الرَّدِّ عَلَى عبد الحَقّ بن مُحَمَّدٍ الصَّقَلِي) مُجيليد، كِتَاب (الإِحكَام لأُصُوْل الأَحكَام (3)) مُجَلَّدَان، كِتَاب (الفِصَل فِي الْملَل وَالنِّحل (4)) مُجَلَّدَان كَبِيْرَان، كِتَاب (الرَّدّ عَلَى مَنِ اعْترض عَلَى الفَصْل) لَهُ، مُجَلَّد، كِتَاب (اليَقين فِي نَقض تَمويه المعتذرِيْنَ عَنْ إِبليس وَسَائِر المُشْرِكِيْنَ) مُجَلَّد كَبِيْر، كِتَاب (الرَّدّ عَلَى ابْنِ زَكَرِيَّا الرَّازِيّ) مائَة وَرقَة، كِتَاب (التَّرشيد فِي الرَّدّ عَلَى كِتَابِ الفرِيْد) لابْنِ الرَّاوندي فِي اعترَاضه عَلَى النّبوَات مُجَلَّد، كِتَاب (الرَّدّ عَلَى مَنْ كفر المتَأَوِّلين مِنَ المُسْلِمِيْنَ) مُجَلَّد، كِتَاب (مُخْتَصَر فِي علل الحَدِيْث) مُجَلَّد، كِتَاب (التَّقَرِيْب لَحْد الْمنطق بِالأَلْفَاظ العَامِيَّة) مُجَلَّد، كِتَاب (الاسْتجلاَب) مُجَلَّد، كِتَاب (نَسَب البَرْبَر) مُجَلَّد، كِتَاب (نَقْطُ الْعَرُوس (5)) مُجيليد، وَغَيْر ذَلِكَ. وَمِمَّا لَهُ فِي جُزْء أَوْ كُرَّاس: (مُرَاقبَة أَحْوَال الإِمَام) ، (مِنْ ترك الصَّلاَة
__________
(1) سقط اسم هذا الكتاب من طبعة المجمع.
(2) في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1152: " منتقى الاجماع "، وزاد ياقوت في اسمه: " وبيانه من جملة ما لا يعرف فيه اختلاف ".
انظر " معجم الأدباء " 12 / 252، و" نفح الطيب " 2 / 79.
(3) نشر بتحقيق العلامة أحمد شاكر سنة 1345 - 1348 في ثمانية أجزاء، ثم صورته دار الآفاق الجديدة سنة 1980 م بتقديم الدكتور إحسان عباس.
(4) طبع لأول مرة في المطبعة الأدبية سنة 1317 هـ في خمسة أجزاء وبهامشه " الملل والنحل " للشهرستاني، وأعيد طبعه بعد ذلك، والفصل بكسر ففتح: جمع فصلة، وهي النخلة المنقولة من محلها إلى محل آخر لتثمر.
(5) في تواريخ الخلفاء، وسماه ابن حيان في " المقتبس " 5 / 37 " نقط العروس في نوادر الاخبار " نشره المستشرق زيبولد في مجلة مركز الدراسات التاريخية بغرناطة سنة 1911، وأعاد نشره الدكتور شوقي ضيف بمجلة كلية الآداب العدد: 13، سنة 1951، ونشره الدكتور إحسان عباس ضمن مجموع " رسائل ابن حزم الأندلسي " في الجزء الثاني.(18/195)
عمداً) ، (رِسَالَة المُعَارَضَة) ، (قصر الصَّلاَة) ، (رِسَالَة التَأكيد) ، (مَا وَقَعَ بَيْنَ الظَّاهِرِيَّة وَأَصْحَاب القيَاس) ، (فَضَائِل الأَنْدَلُس (1)) ، (العتَاب عَلَى أَبِي مَرْوَانَ الخَوْلاَنِيّ) ، (رِسَالَة فِي مَعْنَى الفِقْه وَالزُّهْد) ، (مَرَاتِب العُلَمَاء وَتوَالِيفهُم) ، (التَّلْخِيص فِي أَعْمَال العبَاد) ، (الإِظهَار لمَا شُنِّعَ بِهِ عَلَى الظَّاهِرِيَّة) ، (زجر الغَاوِي) جُزآن (النّبذ الكَافِيَة) ، (النّكت الموجزَة فِي نَفِي الرَّأْي وَالقيَاس وَالتَّعليل وَالتَّقليد) مُجَلَّد صَغِيْر (2) ، (الرِّسَالَة اللاَزمَة لأَولِي الأَمْر) ، (مُخْتَصَر الْملَل وَالنِّحل) مُجَلَّد (الدّرَة فِي مَا يَلزم المُسْلِم) جُزآن (مَسْأَلَة فِي الرُّوح (3)) ، (الرَّدّ عَلَى إِسْمَاعِيْلَ اليَهودي (4) ، الَّذِي أَلَّف فِي تَنَاقض آيَات) ، (النَّصَائِح المنجيَة (5)) ، (الرِّسَالَة الصُّمَادحية فِي الْوَعْد وَالوعيد) ، (مَسْأَلَة الإِيْمَان) ، (مَرَاتِب العلُوْم) ، (بيَان غلط عُثْمَان بن سَعِيْدٍ الأَعْوَر فِي المُسْنَد وَالمُرسل) . (تَرْتِيْب
__________
(1) سماها ابن خير في " الفهرسة " 226: " رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها " وقد أثبت نصها المقري في " نفح الطيب " 3 / 158 - 179، ونشرها الدكتور إحسان عباس في الجزء الثاني من مجموع " رسائل ابن حزم الأندلسي ".
(2) نشر هذا الملخص بتحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني بمطبعة جامعة دمشق سنة 1379 هـ.
(3) وهي " رسالة في حكم من قال: إن أرواح أهل الشقاء معذبة إلى يوم الدين " وهي مطبوعة في الجزء الثالث من مجموع " رسائل ابن حزم الأندلسي " تحقيق الدكتور إحسان عباس.
(4) وهو ابن النغريلة - على اختلاف بين المصادر في رسم اسمه - استوزره باديس بن حيوس ملك غرناطة بعد أن كان كاتبا له.
انظر ترجمته في " المغرب " 2 / 114، و" البيان المغرب " 3 / 264، و" الذخيرة " 1 / 2 / 761 وما بعدها، و" تاريخ ابن خلدون " 4 / 160 - 161، ويرى الدكتور إحسان عباس أن رد ابن حزم هذا إنما هو على يوسف بن إسماعيل الذي خلف أباه اسماعيل في الوزارة، ويستدل لذلك في المقدمة التي كتبها لرسالة ابن حزم في الرد على ابن النغريلة في الجزء الثالث من مجموع " رسائل ابن حزم الأندلسي ".
(5) وهذه الرسالة ضمن كتابه " الفصل " 4 / 178 - 227، بعنوان: ذكر العظائم المخرجة إلى الكفر أو إلى المحال من أقوال أهل البدع: المعتزلة والخوارج والمرجئة والشيع.
وفي طبعة المجمع وردت كلمة النصائح بعد كلمة آيات مباشرة دون فصل بينهما، مما يوهم أنها تتمة عنوان الكتاب السابق.(18/196)
سُؤَالاَت عُثْمَان الدَّارِمِيّ لابْنِ مَعِيْنٍ) ، (عدد مَا لِكُلِّ صَاحِب فِي مُسند بَقِيّ) ، (تسمِيَة شُيُوْخ مَالِك) ، (السِّير وَالأَخلاَق) جُزآن (بيَان الفَصَاحَة وَالبلاغَة) رِسَالَة فِي ذَلِكَ إِلَى ابْنِ (1) حَفْصُوْنَ (مَسْأَلَة هَلِ السَّوَاد لُوْنٌ أَوْ لاَ) ، (الحدّ وَالرَّسم) ، (تسمِيَة الشُّعَرَاء الوَافدين عَلَى ابْنِ أَبِي عَامِرٍ) ، (شَيْء فِي الْعرُوض) ، (مُؤَلّف فِي الظَّاء وَالضَاد) ، (التَّعقب عَلَى الأَفليلِي (2) فِي شَرحه لديوَان المتنبِّي) ، (غَزَوَات المَنْصُوْر بن أَبِي عَامِرٍ) ، (تَألِيف فِي الرَّدِّ عَلَى أَنَاجيل النَّصَارَى) .
وَلابْنِ حَزْم: (رِسَالَة فِي الطِّبّ النّبوِي) وَذَكَرَ فِيْهَا أَسْمَاء كتب لَهُ فِي الطِّبّ مِنْهَا: (مَقَالَة العَادَة (3)) ، وَ (مَقَالَة فِي شفَاء الضِّدّ بِالضِّدِّ) ، وَ (شَرْح فَصول بقرَاط) ، وَكِتَاب (بلغَة الحَكِيْم) ، وَكِتَاب (حدّ الطِّبّ) ، وَكِتَاب (اخْتصَار كَلاَم جَالينوس فِي الأَمرَاض الحَادَّة) ، وَكِتَاب فِي (الأَدويَة المفردَة) ، وَ (مَقَالَة فِي المحَاكمَة بَيْنَ التَّمْر وَالزَّبِيْب) ، وَ (مَقَالَة فِي النَّخْل (4)) وَأَشيَاء سِوَى ذَلِكَ (5) .
__________
(1) في طبعة المجمع: " لابن " بدل " إلى ابن " وهو خطأ.
(2) بفتح الهمزة كما ذكر ياقوت، وضبطها ابن خلكان بالكسر، نسبة إلى إفليلاء: قرية من قرى الشام، وهو أبو القاسم إبراهيم بن محمد بن زكريا بن مفرج المعروف بابن الافليلي، كان من أئمة النحو واللغة، وله معرفة تامة بالكلام على معاني الشعر، وشرح " ديوان المتنبي " شرحا جيدا، متوفي سنة 441.
انظر ترجمته في " الصلة " 1 / 93 - 94، " وفيات الأعيان " 1 / 51، " الذخيرة " 1 / 1 / 241، " إنباه الرواة " 1 / 183، " العبر " 3 / 195 " بغية الملتمس " 213، " معجم الأدباء " 2 / 4 - 9، " معجم البلدان " 1 / 232، " بغية الوعاة " 1 / 426، شذرات الذهب 3 / 266.
(3) في طبعة المجمع ومقدمة الدكتور إحسان عباس لرسائل ابن حزم: " السعادة ".
(4) في طبعة المجمع ومقدمة الدكتور إحسان عباس لرسائل ابن حزم: " النحل " بالحاء المهملة.
(5) منها كتاب " جمهرة أنساب العرب " نشرته دار المعارف بتحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، =(18/197)
وَقَدِ امتُحن لِتطويل لِسَانه فِي العُلَمَاء، وشُرِّد عَنْ وَطَنه، فَنَزَلَ بقَرْيَة لَهُ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُوْرٌ، وَقَامَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ المَالِكِيَّة، وَجَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي الوَلِيْد البَاجِي مُنَاظرَاتٌ وَمُنَافُرَاتٌ، وَنَفَّرُوا مِنْهُ مُلُوْكَ النَّاحيَة، فَأَقْصَتْهُ الدَّوْلَة، وَأَحرقت مجلدَاتٌ مِنْ كتبِهِ، وَتَحَوَّل إِلَى بَادِيَة لَبْلَة (1) فِي قَرْيَة (2) .
قَالَ أَبُو الخَطَّاب ابْنُ دِحْيَة: كَانَ ابْنُ حَزْمٍ قَدْ بَرِصَ مِنْ أَكل اللُّبانَ (3) ، وَأَصَابه زَمَانة، وَعَاشَ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً غَيْر شَهْر (4) .
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ كَانَ الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ اللهُ - يَسْتَعْمَل اللُّبانَ لقُوَة الحِفْظ،
__________
= وكتاب " جوامع السيرة " ويسميه الذهبي " السيرة النبوية " طبع أيضا بدار المعارف بتحقيق الدكتورين: إحسان عباس وناصر الدين الاسد، ومراجعة العلامة أحمد محمد شاكر وبذيله خمس رسائل لابن حزم وهي:
1 - رسالة في القراءات المشهورة في الأمصار الآتية مجئ التواتر
2 - رسالة في أسماء الصحابة رواة الحديث وما لكل واحد من العدد.
3 - رسالة في تسمية من روي عنهم الفتيا من الصحابة ومن بعدهم على مراتبهم في كثرة الفتيا.
4 - جمل فتوح الإسلام.
5 - أسماء الخلفاء المهديين والائمة أمراء المؤمنين.
ونشر الدكتور إحسان عباس ثلاثة أجزاء من " رسائل ابن حزم " منها: " طوق الحمامة في الالفة والالاف "، و" رسالة في مداواة النفوس "، و" رسالة في الغناء الملهي " و" فصل في معرفة النفس بغيرها " ... الخ ونشر القدسي سنة 1957 كتاب " مراتب الاجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات " ومعه " نقد مراتب الاجماع " لابن تيمية، وانظر مقدمة الجزء الأول لرسائل ابن حزم الأندلسي للدكتور إحسان عباس ومقدمة " جمهرة أنساب العرب " للاستاذ عبد السلام هارون، و" معجم المطبوعات " لسركيس: 85 - 86.
(1) بفتح اللامين وبينهما باء موحدة ساكنة: قصبة كورة بالاندلس كبيرة يتصل عملها بعمل أكشونية إلى الشرق منها، والغرب من قرطبة.
انظر " معجم البلدان " 5 / 10.
(2) طبعة المجمع " في قريته ".
(3) هو نبات من الفصيلة البخورية يفرز صمغا، ويسمى الكندر.
انظر فوائده في " المعتمد في الادوية المفردة ": 434 - 435.
(4) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1150.(18/198)
فَولَّدَ لَهُ رَمْيَ الدَّم (1) .
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ ابْنُ العرِيف: كَانَ لِسَان ابْنِ حَزْمٍ وَسيفُ الحجَاجِ شَقِيقَيْنِ (2) .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ طَرْخَان التركِي: قَالَ لِي الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بن مُحَمَّد - يَعْنِي: وَالِد أَبِي بَكْرٍ بنِ العَرَبِي -:
أَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ أَن سَبَبَ تَعَلُّمه الفِقْه أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَة، فَدَخَلَ المَسْجَدَ، فَجَلَسَ، وَلَمْ يَركع، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: قُمْ فَصلِّ تحيَّة المَسْجَد.
وَكَانَ قَدْ بلغَ سِتّاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
قَالَ: فَقُمْتُ وَركعتُ، فَلَمَّا رَجَعنَا مِنَ الصَّلاَةِ عَلَى الجِنَازَة، دَخَلْتُ المَسْجَد، فَبَادرتُ بِالرُّكُوْع، فَقِيْلَ لِي: اجْلِسْ اجْلِسْ، لَيْسَ ذَا وَقتَ صَلاَة - وَكَانَ بَعْد العَصْر - قَالَ: فَانْصَرَفت وَقَدْ حَزِنْتُ (3) ، وَقُلْتُ لِلأسْتَاذ الَّذِي رَبَّانِي: دُلنِي عَلَى دَار الفَقِيْه أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ دحُّوْنَ.
قَالَ: فَقصدتُه، وَأَعْلَمتُه بِمَا جرَى، فَدلَّنِي عَلَى (مُوَطَّأ مَالِكٍ) ، فَبدَأَتُ بِهِ عَلَيْهِ، وَتتَابعت قِرَاءتِي عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ نَحْواً مِنْ ثَلاَثَة أَعْوَام، وَبدَأتُ بِالمنَاظرَة.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ العَرَبِي (4) :صَحِبتُ ابْنَ حَزْمٍ سَبْعَةَ أَعْوَام، وَسَمِعْتُ مِنْهُ جمِيْع مُصَنّفَاته سِوَى المُجَلَّد الأَخِيْر مِنْ كِتَاب (الْفَصْل) ، وَهُوَ سِتُّ مُجَلَّدَات، وَقرَأَنَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَاب (الإِيصَال) أَرْبَع مُجَلَّدَات فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَع مائَة، وَهُوَ أَرْبَعَة وَعِشْرُوْنَ مجلداً، وَلِي مِنْهُ إِجَازَة غَيْرَ مَرَّةٍ (5) .
__________
(1) انظر الجزء العاشر من " السير " صفحة: 15.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 30 / 1154، و" وفيات الأعيان " 3 / 328، وزاد فيه: وإنما قال ذلك لكثرة وقوعه في الأئمة، وانظر ترجمة أبي العباس بن العريف في " الو؟ يات " 1 / 168 - 170.
(3) في طبعة المجمع: " خريت ".
(4) في طبعة المجمع: " قال أبو بكر: ثم قال لي ابن العربي ".
(5) انظر " معجم الأدباء " 12 / 240 - 243، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1150 - 1151، و" لسان الميزان " 4 / 199.(18/199)
قَالَ أَبُو مَرْوَان بن حَيَّان: كَانَ ابْنُ حَزْمٍ - رَحِمَهُ اللهُ - حَامِل فُنُوْن مِنْ حَدِيْثٍ وَفقهٍ وَجَدَلٍ وَنَسَبٍ، وَمَا يَتعلَّق بِأَذِيَال الأَدب، مَعَ المُشَارَكَة فِي أَنْوَاع التَّعَالِيم القَدِيْمَة مِنَ المَنطق وَالفلسفَة، وَلَهُ كُتب كَثِيْرَة لَمْ يَخلُ فِيْهَا مِنْ غَلَطٍ لِجرَاءته فِي التَّسوُّر عَلَى الفُنُوْن لاَ سِيَّمَا الْمنطق، فَإِنَّهم زَعَمُوا أَنَّهُ زَلَّ هنَالك، وَضَلَّ فِي سُلُوْك المسَالك، وَخَالف أَرسطَاطَاليس وَاضِعَ الْفَنّ مُخَالَفَةَ مِنْ لَمْ يَفهم غَرَضَه، وَلاَ ارْتَاض، وَمَال أَوَّلاً إِلَى النَّظَر عَلَى رَأْي الشَّافِعِيّ، وَنَاضل عَنْ مَذْهَبه حَتَّى وُسِمَ بِهِ، فَاسْتُهْدِفَ بِذَلِكَ لَكَثِيْر مِنَ الفُقَهَاء، وَعِيْبَ بِالشُّذوذ، ثُمَّ عَدَل (1) إِلَى قَوْل أَصْحَاب الظَّاهِر، فَنقَّحه، وَجَادَل عَنْهُ، وَثبتَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَكَانَ يحمل علمه هَذَا، وَيُجَادل عَنْهُ مَنْ خَالَفَهُ عَلَى اسْترسَالٍ فِي طِبَاعِهِ، وَمَذَلٍ (2) بِأَسرَارِهِ، وَاسْتنَادٍ إِلَى العَهْد الَّذِي أَخَذَهُ الله عَلَى العُلَمَاءِ: {لتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُوْنَهُ (3) } فَلَمْ يَكُ يُلَطِّفُ صَدْعَهُ بِمَا عِنْدَهُ بِتعرِيض وَلاَ بتدرِيج (4) ، بَلْ يَصكُّ بِهِ مَنْ عَارضَهُ صكَّ الجَنْدَل (5) ، وَيُنْشِقه إِنشَاق (6) الخَرْدَل، فَتنفِرُ عَنْهُ القُلُوْبُ، وَتُوقع بِهِ (7) النّدوب، حَتَّى اسْتُهْدِفَ لفُقَهَاء وَقته، فَتمَالؤُوا عَلَيْهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى تضليلِهِ، وَشَنَّعُوا عَلَيْهِ، وَحَذَّرُوا سلاَطينهم مِنْ فِتنتهِ، وَنهوا عَوَامَّهم عَنِ الدنوِّ مِنْهُ، فَطفق المُلُوْك
__________
(1) في طبعة المجمع: " ثم عاد " وهو خطأ.
(2) مذل بسره، كنصر وعلم وكرم: أفشاه ومذلت نفسه بالشيء مذلا: طابت وسمحت وفي طبعة المجمع: بذل بالباء بدل الميم.
(3) في قوله تعالى: (وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه، فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون) [آل عمران: 187] وقوله تعالى: (لتبيننه للناس ولا تكتمونه) قرأ ابن كثير وأبو عمرو بياء الغيب فيهما، والباقون بتاء الخطاب.
(4) في " الذخيرة ": ولا يزفه بتدريج، وفي " معجم الأدباء ": ولا يرقه بتدريج.
(5) الجندل: ما يقله الرجل من الحجارة. " القاموس ".
(6) في " الذخيرة ": وينشقه متلقيه إنشاق ... وفي " معجم الأدباء ": وينشقه متلقعة.
(7) في " الذخيرة ": ويوقع بها وفي " تذكرة الحفاظ ": ويقع به.(18/200)
يُقصونه عَنْ قُربهم، وَيُسَيِّرُوْنَهُ عَنْ بلادِهِم إِلَى أَنِ انْتَهوا بِهِ مُنْقَطع أَثرِه: بَلْدَة (1) مِنْ بَادِيَة لَبْلَة.
وَهُوَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مُرتدِع وَلاَ رَاجع، يَبُثُّ علمه فِيْمَنْ يَنْتَابه مِنْ بَادِيَة بلدِهِ، مِنْ عَامَّة المُقتبسينَ مِنْ أَصَاغِرِ الطَّلبَة، الَّذِيْنَ لاَ يَخشُوْنَ فِيْهِ المَلاَمَة، يُحَدِّثهُم، وَيُفَقِّههُم، وَيُدَارسهُم، حَتَّى كَمَلَ مِنْ (2) مُصَنّفَاته وَقْرُ بعير، لَمْ يَعْدُ أَكْثَرُهَا بَادِيَتَه لزُهْد الفُقَهَاء فِيْهَا، حَتَّى لأُحْرِقَ بَعْضُهَا بِإِشبيلية، وَمُزِّقَتْ عَلاَنِيَةً، وَأَكْثَرُ معَايبه (3) - زَعَمُوا عِنْد المنصَف - جَهلُه بسيَاسَة العِلْم الَّتِي هِيَ أَعوصُ (4) ... ، وَتَخلُّفه عَنْ ذَلِكَ عَلَى قوَةِ سَبْحه فِي غِمَاره (5) ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ بِالسَّلِيم مِنِ اضطرَاب رَأيه، وَمغِيبِ شَاهد علمه عَنْهُ عِنْد لقَائِهِ، إِلَى أَنْ يُحَرَّكَ بِالسُّؤَال، فِيتفجَّر مِنْهُ بحرُ عِلْمٍ لاَ تُكَدِّرُهُ الدّلاَء، وَكَانَ مِمَّا يَزِيْدُ فِي شَنَآنه (6) تَشيُّعه لأُمَرَاء بَنِي أُمَيَّةَ مَاضِيهم وَبَاقيهِم، وَاعْتِقَادُهُ لِصِحَّةِ إِمَامتهِم، حَتَّى لنُسب إِلَى النَّصْبِ (7) .
قُلْتُ: وَمِنْ تَوَالِيفه: كِتَاب (تَبديل اليَهُوْد وَالنَّصَارَى لِلتَّورَاة وَالإِنجيل (8)) ، وَقَدْ أَخَذَ الْمنطق - أَبعدَهُ الله مِنْ عِلمٍ - عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ المَذْحِجِيّ، وَأَمعَنَ فِيْهِ، فَزلزله فِي أَشيَاء، وَلِي أَنَا مَيْلٌ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ
__________
(1) في " الذخيرة " و" معجم الأدباء ": بترية بلده.
وفي " تذكرة الحفاظ ": وهي بلدة.
(2) في الأصل: كل بدل كمل، وهو خطأ، والتصويب من " الذخيرة " 1 / 1 / 169، و" معجم الأدباء " 12 / 249.
(3) تحرفت في الأصل إلى معاتبه.
(4) كذا في الأصل غير واضحة، وفي " الذخيرة ": أعرض من إيعابه.
وفي " معجم الأدباء ": أعوص من إتقانه، وفي " تذكرة الحفاظ ": أعوص إيعابه.
(5) تحرفت في " معجم الأدباء " 12 / 249 إلى: شيخه عمارة.
(6) في الأصل: " شأنه " والمثبت من " تذكرة الحفاظ " و" الذخيرة " و" معجم الأدباء ".
(7) انظر " الذخيرة " 1 / 1 / 168 - 169، و" معجم الأدباء " 12 / 247 - 249، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1151 - 1152.
والنصب هو: بغض علي رضي الله عنه، وموالاة معاوية.
(8) هو ضمن كتابه " الفصل " 1 / 116 و2 / 91.(18/201)
لمَحَبَّته فِي الحَدِيْثِ الصَّحِيْح، وَمَعْرِفَتِهِ بِهِ، وَإِنْ كُنْتُ لاَ أُوَافِقُهُ فِي كَثِيْرٍ مِمَّا يَقولُهُ فِي الرِّجَالِ وَالعلل، وَالمَسَائِل البَشِعَةِ فِي الأُصُوْلِ وَالفروع، وَأَقطعُ بخطئِهِ فِي غَيْرِ مَا مَسْأَلَةٍ، وَلَكِن لاَ أُكَفِّره، وَلاَ أُضَلِّلُهُ، وَأَرْجُو لَهُ العفوَ وَالمُسَامحَة وَللمُسْلِمِيْنَ.
وَأَخضعُ لِفَرْطِ ذكَائِهِ وَسَعَة علُوْمِهِ، وَرَأَيْتهُ قَدْ ذَكَرَ قَوْل مَنْ يَقُوْلُ: أَجَلُّ المُصَنَّفَاتِ (المُوَطَّأ) .
فَقَالَ: بَلْ أَوْلَى الكُتُب بِالتَّعَظِيْم (صَحيحَا) البُخَارِيّ وَمُسْلِم، وَ (صَحِيْح ابْن السَّكَن) ، وَ (مُنتقَى ابْن الجَارُوْدِ) ، وَ (المنتقَى) لقَاسِم بن أَصْبَغ، ثُمَّ بَعْدَهَا كِتَاب أَبِي دَاوُدَ، وَكِتَاب النَّسَائِيّ، وَ (المصَنّف) لقَاسِم بن أَصْبَغ (1) ، (مصَنّف أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيّ) .
قُلْتُ: مَا ذكر (سُنَن ابْنِ مَاجَه) ، وَلاَ (جَامِع أَبِي عِيْسَى) ؛فَإِنَّهُ مَا رَآهُمَا، وَلاَ أُدخِلا إِلَى الأَنْدَلُسِ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَ (مُسْنَد البَزَّار) ، وَ (مُسْنَد ابْنَي (2) أَبِي شَيْبَةَ) ، وَ (مُسْنَد أَحْمَد بن حَنْبَلٍ) ، وَ (مُسْنَد إِسْحَاق) ، وَ (مُسْنَد) الطَّيَالِسِيّ، وَ (مُسْنَد) الحَسَن بن سُفْيَانَ، وَ (مُسْنَد ابْن سَنْجَر) ، وَ (مُسْنَد عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ) المُسْنَدِي، وَ (مُسْنَد يَعْقُوْب بن شَيْبَةَ) ، وَ (مُسْنَد عَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ) ، وَ (مُسْنَد ابْن أَبِي غَرَزَةَ) (3) .
وَمَا جرَى مجرَى هَذِهِ الكُتُب الَّتِي أُفْرِدَتْ لِكَلاَمِ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صِرْفاً، ثُمَّ الكُتُب الَّتِي فِيْهَا كلامُهُ وَكَلاَمُ غَيْره
__________
(1) من قوله: " ثم بعدها كتاب أبي داود ... " إلى هنا سقط من طبعة المجمع.
(2) في " تذكرة الحفاظ " وطبعة المجمع: " مسند ابن " بالافراد فيهما، وهو خطأ.
وابنا أبي شيبة هما أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة وأبو الحسن عثمان بن محمد بن أبي شيبة، وقد مرت ترجمتهما في الجزء الحادي عشر من " السير ".
الأول برقم (44) والثاني برقم (58) .
(3) هو الحافظ أبو عمرو أحمد بن حازم بن أبي غرزة الغفاري محدث الكوفة المتوفى سنة (276) .(18/202)
مِثْل (مصَنّف عَبْد الرَّزَّاقِ) ، وَ (مُصَنَّف أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ) ، وَ (مُصَنَّف بَقِيَ بن مَخْلَدٍ) ، وَكِتَاب مُحَمَّد بن نَصْرٍ المَرْوَزِيّ، وَكِتَاب ابْن المُنْذِرِ الأَكْبَر وَالأَصْغَر، ثُمَّ (مُصَنَّف حَمَّاد بن سَلَمَةَ) ، و (مُوَطَّأ مَالِك بن أَنَسٍ) ، وَ (موطَّأَ ابْن أَبِي ذِئْبٍ) ، وَ (مُوَطَّأَ ابْن وَهْبٍ) ، وَ (مُصَنَّف وَكِيْع) ، وَ (مُصَنَّف مُحَمَّد بن يُوْسُفَ الفِرْيَابِيّ) ، وَ (مُصَنَّف سَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ) ، وَ (مَسَائِل أَحْمَد بن حَنْبَلٍ) ، وَفقه أَبِي عُبَيْدٍ، وَفقه أَبِي ثَوْرٍ.
قُلْتُ: مَا أَنْصَفَ ابْنُ حَزْمٍ؛ بَلْ رُتْبَة (المُوَطَّأ) أَنْ يُذكر تِلْوَ (الصَّحِيْحَيْنِ) مَعَ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيّ) ، لَكنَّه تَأَدَّبَ، وَقَدَّمَ المُسْنَدَات النّبويَّة الصِّرْف، وَإِنَّ (لِلموطَّأ) لَوَقْعاً (1) فِي النُّفُوْسِ، وَمَهَابَةً فِي القُلوب لاَ يُوَازِنهَا شَيْءٌ.
كَتَبَ إِلَيْنَا المُعَمَّر العَالِم أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ (2) مِنْ مدينَة تُونس عَام سَبْعِ مائَة، عَنْ أَبِي القَاسِمِ أَحْمَدَ بنِ يَزِيْدَ القَاضِي، عَنْ شُرَيْح بن مُحَمَّدٍ الرُّعَيْنِيّ، أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ بن حَزْم كتب إِلَيْهِ قَالَ:
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَسْعُوْدٍ، أَخْبَرَنَا قَاسِم بنُ أَصْبَغ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ
__________
(1) طبعة المجمع: لموقعا.
(2) ترجمه الذهبي في " مشيخته " الورقة 69، فقال: عبد الله بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد العزيز العلامة المعمر أبو محمد الطائي القرطبي المالكي الكاتب البليغ.
ولد بقرطبة سنة ثلاث وست مئة، وسمع " الموطأ " كله من القاضي أبي القاسم بن بقي في سنة عشرين وست مئة، وسمع الموطأ، وقرأ كامل المبرد على ابن بقي وتلا بالسبع على أبي العلى إدريس بن محمد الأنصاري صاحب أبي جعفر أحمد بن خلصة.
روى عنه أبو حيان النحوي، وأبو عبد الله الوادي آشي، وأبو العباس الخشاب، وأبو مروان، وكتب إلينا بمروياته في سنة سبع مئة، وتوفي في ذي القعدة سنة اثنتين وسبع مئة، وعلى هذا فقد تغير قبل موته تغير الهرم.
وقال الوادي آشي في " برنامجه " ص 51: قرأت عليه وسمعت، وأجازني إجازة عامة، وكتب خطه بها، وعمر حتى ألحق الاصاغر بالاكابر، واختلط عليه في آخر عمره..(18/203)
ابْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الصَّوْمُ جُنَّةٌ) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِم (1) ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجّ، عَنْ وَكِيْع.
وَبِهِ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجسورِي (2) ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي دُلِيم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاح، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ بَكْرِ بن عَبْدِ اللهِ المُزَنِيّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالحَجِّ، وَأَهْلَلْنَا بِهِ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: (مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحْلِلْ) .
فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، وَكَانَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَدْي، وَلَمْ يَحِلَّ (3) .
وَبِهِ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ العُذْرِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بن الحُسَيْنِ بنِ عقَالَ (4) ، حَدَّثَنَا عبيدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْم، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَثْرَم، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُمَيْد، حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، سَمِعْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُلَبِّي بِالحَجِّ
__________
(1) رقم (1151) (164) في الصيام: باب فضل الصيام، وأخرجه مالك 1 / 310، ومن طريقه البخاري (1894) عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري (1904) ومسلم (1151) (163) والنسائي 4 / 163، وأحمد 2 / 273 من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري (7492) والدارمي 2 / 25 من طريق أبي نعيم عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
(2) طبعة المجمع: " الجسور ".
(3) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 28 بمعناه من طريقين عن حماد بن سلمة، عن حميد
بهذا الإسناد، وأورده الهيثمي في " المجمع " 3 / 233، ونسبه لأحمد، وقال: رجاله رجال الصحيح.
(4) طبعة المجمع: " عقاب ".(18/204)
وَالعُمْرَةِ جَمِيْعاً.
قَالَ بكر: فَحَدّثتُ بِذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: لَبَّى بِالحَجِّ وَحْدَهُ (1) .
وَقَعَ لَنَا هَذَا فِي (مُسْنَد أَحْمَدَ) ، فَأَنَا وَابْنُ حَزْمٍ فِيْهِ سَوَاء.
وَبِهِ: إِلَى (2) ابْنِ حَزْم فِيمَا أَحرق لَهُ المُعْتَضِدُ بنُ عَبَّادٍ (3) مِنَ الكُتُب يَقُوْلُ:
فَإِنْ تَحْرِقُوا القِرْطَاسَ لاَ تَحْرِقُوا الَّذِي ... تَضَمَّنَهُ القِرْطَاسُ بَلْ هُوَ فِي صَدْرِي
يَسِيْرُ مَعِي حَيْثُ اسْتَقَلَّتْ رَكَائِبِي ... وَيَنْزِلُ إِنْ أَنْزِلْ وَيُدْفَنُ فِي قَبْرِي
دَعُوْنِيَ مِنْ إِحْرَاقِ رَقٍ وَكَاغَدٍ ... وَقُولُوا بِعِلْمٍ كِي يَرَى النَّاسُ مَنْ يَدْرِي
وَإِلاَّ فَعُوْدُوا فِي المَكَاتِبِ بَدْأَةً ... فَكَمْ دُوْنَ مَا تَبْغُونَ للهِ مِنْ سِتْرِ
كَذَاكَ النَّصَارَى يَحْرِقُوْنَ إِذَا عَلَتْ ... أَكفُّهم القُرْآنَ فِي مُدُنِ الثَّغْرِ (4)
وَبِهِ (5) لابْنِ حَزْم:
أُشْهِدُ اللهَ وَالمَلاَئِكَ أَنِّي ... لاَ أَرَى الرَّأْيَ وَالمَقَايِيْسَ دِيْناً
__________
(1) هو في " المسند " 3 / 99، 100، وأخرجه مسلم (1232) من طريق سريج بن يونس، والنسائي 5 / 150 من طريق يعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن هشيم بهذا الإسناد، وأخرجه النسائي 5 / 150، وأحمد 3 / 99 من طريق هشيم، عن يحيى بن أبي إسحاق، وعبد العزيز بن صهيب، وحميد الطويل، ثلاثتهم عن أنس.
وهو في " المسند " 3 / 111 من طريق سفيان، عن حميد، عن أنس و3 / 164 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس و3 / 182 عن يحيى، عن حميد، عن أنس، و3 / 183 عن وكيع، عن ابن أبي ليلى، عن ثابت، عن أنس.
(2) طبعة المجمع: " قال " بدل " إلى ".
(3) سترد ترجمته برقم (129) .
(4) الابيات ما عدا الأخير منها في " الذخيرة " 1 / 1 / 171 و" معجم الأدباء " 12 / 252 - 253.
والابيات الثلاثة الأولى منها - على اختلاف في ترتيبها عن هنا - في " نفح الطيب " 2 / 82، والبيت الأول منها في " لسان الميزان " 4 / 200.
(5) طبعة المجمع: " ولابن " بدون لفظ: " به ".(18/205)
حَاشَ للهِ أَنْ أَقُوْلَ سِوَى مَا ... جَاءَ فِي النَّصِّ وَالهُدَى مُسْتَبِيْنَا
كَيْفَ يَخفَى عَلَى البَصَائِرِ هَذَا ... وَهُوَ كَالشَّمْسِ شُهْرَةً وَيَقينَا
فَقُلْتُ مُجيباً لَهُ:
لَوْ سَلِمْتُم مِنَ العُمُومِ الَّذِي ... نَعْلَمُ قَطْعاً تخصِيْصَهُ وَيَقِيْنَا
وَتَرَطَّبْتُمُ فَكَمْ قَدْ يَبِسْتُمْ (1) ... لَرَأَينَا لَكُم شُفُوَفاً مُبِيْنَا
وَلابْنِ حَزْم:
مُنَايَ (2) مِنَ الدُّنْيَا علُوْمٌ أَبُثُّهَا ... وَأَنْشُرُهَا فِي كُلِّ بَادٍ وَحَاضِرِ
دُعَاءٌ إِلَى القُرْآنِ وَالسُّنَنِ الَّتِي ... تَنَاسَى رِجَالٌ ذِكْرُهَا فِي المحَاضِرِ (3)
وَأَلزمُ أَطرَافَ الثُّغُوْرِ مُجَاهِداً ... إِذَا هَيْعَةٌ ثَارَتْ فَأَوَّلُ نَافِرِ
لأَلْقَى حِمَامِي مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ ... بِسُمْرِ العَوَالِي وَالرِّقَاقِ البَوَاتِرِ
كِفَاحاً مَعَ الكُفَّارِ فِي حَوْمَةِ الوَغَى ... وَأَكْرَمُ مَوْتٍ لِلْفتى قَتْلُ كَافِرِ
فَيَا رَبِّ لاَ تَجْعَلْ (4) حِمَامِي بِغَيْرِهَا ... وَلاَ تَجْعَلَنِّي مِنْ قَطِيْنِ المَقَابِرِ
وَمِنْ شِعْرِهِ (5) :
هَلِ الدَّهْرُ إِلاَّ مَا عَرَفْنَا (6) وَأَدْرَكْنَا ... فَجَائِعُهُ تَبقَى وَلَذَّاتُهُ تَفْنَى
إِذَا أَمْكَنَتْ فِيْهِ مَسَرَّةُ سَاعَةٍ ... تَوَلَّتْ كَمَرِّ الطَّرْفِ وَاسْتَخْلَفَتْ حُزْنَا
__________
(1) طبعة المجمع: فكنتم يبتسم.
وأشار المحقق إلى أنها غير مستقيمة.
(2) تحرفت في " الجذوة ": 310 إلى منابي.
(3) البيتان في " الجذوة ": 310، و" الصلة " 2 / 417، و" البغية ": 417.
(4) طبعة المجمع: " تعجل " ورجح محققه أن تكون الصواب: " تجعل " كما هنا.
(5) والابيات في " جذوة المقتبس ": 309، و" مطمح الانفس ": القسم الثاني / 356 نشرة مجلة المورد و" الذخيرة 1 / 1 / 172 - 173، و" الصلة " 2 / 416 - 417، و" البغية ": 416، و" معجم الأدباء " 12 / 244 - 245.
(6) في " الذخيرة ": " رأينا " بدل " عرفنا ".(18/206)
إِلَى تَبِعَاتٍ فِي المَعَادِ وَمَوْقِفٍ ... نَوَدُّ لَدِيْهِ أَنَّنَا لَمْ نَكُنْ كُنَّا
حَنِيْنٌ لِما وَلَّى وَشُغْلٌ بِمَا أَتَى ... وَهم لَمَّا نَخْشَى (1) فَعَيْشُكَ لاَ يَهْنَا
حَصَلْنَا عَلَى هَمٍّ وَإِثْمٍ وَحَسْرَةٍ ... وَفَاتَ الَّذِي كُنَّا نَلَذُّ بِهِ عَنَّا (2)
كَأنَّ الَّذِي كُنَّا نُسَرُّ بِكَوْنِهِ ... إِذَا حَقَّقَتْهُ النَّفْسُ لَفْظٌ بِلاَ مَعْنَى
وَلَهُ عَلَى سَبِيْل الدُّعَابَة - وَهُوَ يمَاشِي أَبَا عُمَر بن عبد الْبر - وَقَدْ رَأَى شَابّاً مَلِيحاً، فَأَعْجَب ابْنَ حَزْمٍ، فَقَالَ أَبُو عُمَرَ: لَعَلَّ مَا تَحْتَ الثِّيَاب لَيْسَ هُنَاكَ، فَقَالَ:
وَذِي عَذَلٍ فِيْمَنْ سَبَانِي حُسْنُهُ (3) ... يُطِيْلُ مَلاَمِي فِي الهَوَى وَيَقُوْلُ
أَمِنْ (4) حُسْنِ وَجْهٍ لاَحَ لَمْ تَرَ غَيْرَهُ (5) ... وَلَمْ تَدْرِ كَيْفَ الجِسْمُ أَنْتَ قَتِيْلُ (6) ؟
فَقُلْتُ لَهُ: أَسْرَفْتَ فِي اللَّوْمِ فَاتَّئِدْ (7) ... فَعِنْدِيَ رَدٌّ (8) لَوْ أَشَاءُ طَوِيْلُ (9)
أَلَمْ تَرَ أَنِّي ظَاهِرِيٌّ وَأَنَّنِي ... عَلَى مَا بَدَا حَتَّى يَقومَ دَلِيْلُ
__________
(1) في " الذخيرة " و" الجذوة " و" معجم الأدباء " و" الصلة " و" البغية ": وغم لما يرجى.
وقد ورد هذا البيت في هذه المصادر قبل البيت الأخير.
(2) في " الصلة ": عينا، وفي " معجم الأدباء ": منا.
(3) في الأصل " حبه " وفي جميع المصادر: " حسنه ".
(4) في " الذخيرة " و" وفيات الأعيان ": " أفي " بدل " أمن "، وفي " نفح الطيب " و" المغرب ": أمن أجل.
(5) في " الذخيرة ": غيبه.
(6) في " المغرب " و" نفح الطيب ": أنت عليل.
(7) في " الذخيرة " و" وفيات الأعيان ": " ظالما " بدل " فاتئد "، والشطر الثاني من البيت فيهما: وعندي رد لو أردت طويل (8) تحرف في " مطمح الانفس " إلى " ود ".
(9) الابيات في " مطمح الانفس ": القسم الثاني / 355 - 356 " نشرة مجلة المورد "، و" الذخيرة " 1 / 1 / 175، و" معجم الأدباء " 12 / 243 - 244، و" المغرب في حلي المغرب " 1 / 356، و" وفيات الأعيان " 3 / 327، و" نفح الطيب " 2 / 82.(18/207)
أَنشدنَا أَبُو الْفَهم بن أَحْمَدَ السُّلَمِيّ، أَنشدنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَنشدنَا ابْن البَطِّي، أَنشدنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ، أَنشدنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ لِنَفْسِهِ (1) :
لاَ تَشْمَتَنْ (2) حَاسِدِي إِنْ نَكْبَةً عَرَضَتْ ... فَالدَّهْرُ لَيْسَ عَلَى حَال بِمُتَّركِ
ذُو الفَضْلِ كَالتِّبْرِ طَوْراً تَحْتَ مَيْفَعَةٍ (3) ... وَتَارَةً فِي ذُرَى تَاجٍ عَلَى مَلِكِ (4)
وَشعره فَحلٌ كَمَا تَرَى، وَكَانَ يُنظِمُ عَلَى البَدِيه، وَمِنْ شِعْرِهِ:
أَنَا الشَّمْسُ فِي جُوِّ العُلُوْمِ (5) مُنِيْرَةً ... وَلَكِنَّ عَيْبِي أَنَّ مَطْلَعِي الغَرْبُ
وَلَوْ أَنَّنِي مِنْ جَانِبِ الشَّرْقِ طَالِعٌ ... لَجَدَّ عَلَى مَا ضَاعَ مِنْ ذِكْرِيَ النَّهْبُ (6)
وَلِي نَحْوَ أَكْنَافِ (7) العِرَاقِ صَبَابَةٌ ... وَلاَ غَرْوَ أَنْ يَسْتَوحِشَ الكَلِفُ الصُّبُّ
فَإِنَّ يُنْزِلِ الرَّحْمَنُ رَحْلِيَ بَيْنَهُمْ ... فَحِيْنَئِذٍ يَبْدُو التَأَسُّفُ وَالكَرْبُ (8)
__________
(1) البيتان في " جذوة المقتبس ": 310، و" مطمح الانفس ": القسم الثاني / 357 (نشرة مجلة المورد) ، و" الذخيرة " 1 / 1 / 174، و" معجم الأدباء " 12 / 245، و" نفح الطيب " 2 / 82.
(2) في " المطمح " و" الذخيرة " و" نفح الطيب ": لا يشمتن.
(3) الميفعة: الشرف من الأرض، وقد ضبط في الأصل: بكسر الميم، وهو خطأ، وقد تصحفت في " الجذوة " و" الذخيرة " إلى م؟ قعة، وفي " المطمح " إلى " مبقعة ".
(4) رواية هذا البيت في المطمح: ذو الفضل طورا تراه تحت مبقعة * وتارة قد يرى تاجا على ملك وورد الشطر الثاني من البيت في " معجم الأدباء " موافقا لرواية " المطمح " أما في " نفح الطيب " فورد البيت هكذا: ذو الفضل كالتبر يلقى تحت متربة * طورا، وطورا يرى تاجا على ملك (5) في " معجم الأدباء " 12 / 254: " السماء " بدل " العلوم ".
(6) في " المغرب ": أجد على ما ضاع من علمي النهب.
(7) في " نفح الطيب ": آفاق، وتصحفت " أكناف " في " الجذوة " إلى " أكتاف ".
(8) بعد هذا البيت في " الجذوة " و" الذخيرة " و" البغية " و" نفح الطيب " و" معجم الأدباء " 12 / 255: فكم قائل أغفلته وهو حاضر * وأطلب ما عنه تجئ به الكتب(18/208)
هُنَالِكَ يُدْرَى (1) أَنَّ لِلْبُعْدِ قِصَّةٌ (2) ... وَأَنَّ كسَادَ العِلْمِ آفَتُهُ القُرْبُ (3)
وَلَهُ:
أَنَائِمٌ أَنْتَ عَنْ كتبِ الحَدِيْثِ وَمَا ... أَتَى عَنِ المُصْطَفَى فِيْهَا مِنَ الدِّيْنِ كَمُسْلِمٍ وَالبُخَارِيّ الَّلذِيْنَ هُمَا ... شَدَّا عُرَى الدِّيْنِ فِي نَقْلٍ وَتَبْيِينِ
أَوْلَى بِأَجْرٍ وَتعَظِيْمٍ وَمَحْمَدَةٍ ... مِنْ كُلِّ قَوْلٍ أَتَى مِنْ رَأْي سُحْنُوْنِ
يَا مَنْ هَدَى بِهِمَا اجعَلْنِي كَمِثْلِهِمَا ... فِي نَصْرِ دِيْنِكَ مَحْضاً غَيْرَ مَفْتُوْنِ
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي ترَاجم أَبْوَاب (صَحِيْح البُخَارِيّ) :مِنْهَا مَا هُوَ مقصُوْرٌ عَلَى آيَة، إِذْ لاَ يَصِحُّ فِي البَابِ شَيْءٌ غَيْرهَا، وَمِنْهَا مَا يُنَبِّهُ بِتَبْوِيبِهِ عَلَى أَنَّ فِي البَابِ حَدِيْثاً يَجِبُ الوُقُوْفُ عَلَيْهِ، لَكنه لَيْسَ مِنْ شَرط مَا أَلَّف عَلَيْهِ كِتَابهُ، وَمِنْهَا مَا يُبَوِّبُ عَلَيْهِ، وَيذكر نُبذَة مِنْ حَدِيْثِ قَدْ سَطَرَه فِي مَوْضِعٍ آخر، وَمِنْهَا أَبْوَاب تَقعُ بِلَفْظ حَدِيْث لَيْسَ مِنْ شَرطه، وَيَذكر فِي البَابِ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ.
وَقَالَ فِي أَوَّلِ (الإِحكَام (4)) :أَمَّا بَعْدُ ... فَإِنَّ اللهَ رَكَّبَ فِي النَّفْسِ الإِنْسَانِيَّة قُوَىً مختلفَة، فَمِنْهَا عَدْلٌ يُزَيِّنُ لَهَا الإِنصَاف، وَيُحَبِّبُ إِلَيْهَا مُوَافِقَةَ الحَقّ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ} [النَّحْل:90] .
وَقَالَ: {
__________
(1) في " الذخيرة " و" نفح الطيب ": يدري، وفي " معجم الأدباء ": تدري.
(2) في " معجم الأدباء " 12 / 255: غصة.
(3) الابيات في " الجذوة ": 310، و" البغية ": 417، و" الذخيرة " 1 / 1 / 173، و" معجم الأدباء " 12 / 254 - 255، و" نفح الطيب " 2 / 81، والاولان منها في " المغرب " 1 / 356، والثلاثة الأخيرة منها في: " معجم الأدباء " 12 / 245، و" مطمح الانفس ": القسم الثاني / 356 (نشرة مجلة المورد) .
(4) " الاحكام في أصول الاحكام " 1 / 4 - 5.(18/209)
كُونُوا قَوَّامِينَ بِالقِسْطِ} [النِّسَاء:135] وَمِنْهَا غضبٌ وَشَهْوَةٌ يُزَيِّنَان لَهَا الجُور وَيَعمِيَانهَا عَنْ طَرِيْق الرشد (1) ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيْلَ لَهُ اتَّقِ الله أَخَذَتْهُ العِزَّةُ بِالإِثْمِ} [البَقَرَة:206] .
وَقَالَ: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدِيْهِمْ فَرحُوْنَ} [الرُّوْم:32] فَالفَاضِل يُسَرُّ بِمَعْرِفَته، وَالجَاهِل يُسَرُّ بِمَا لاَ يَدْرِي حقيقَةَ وَجْهِهِ وَبِمَا فِيْهِ وَبَالُه، وَمِنْهَا فَهْمٌ يُليح لَهَا (2) الحَقُّ مِنْ قَرِيْب، وَينِير لَهَا فِي (3) ظلمَات المشكلاَت، فَترَى بِهِ (4) الصَّوَابَ ظَاهِراً جَلِيّاً، وَمِنْهَا جَهْلٌ يَطْمِسُ عَلَيْهَا الطَّرِيْق، وَيُسَاوِي عِنْدَهَا بَيْنَ السُّبُل، فَتبقَى النَفْسُ فِي حَيْرَةٍ تَتردد، وَفِي رِيب تَتَلَدَّد (5) ، وَيَهْجُمُ بِهَا عَلَى أَحَد الطّرق المُجَانبَة لِلحق تَهَوُّراً وَإِقدَاماً، قَالَ تَعَالَى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِيْنَ يَعلمُوْنَ وَالَّذِيْنَ لاَ يَعلمُوْنَ} [الزُّمَر:9] وَمِنْهَا قُوَّةُ التّمِييز الَّتِي سمَّاهَا الأَوَائِلُ المنطقَ، فَجَعَلَ لَهَا خَالِقهَا بِهَذِهِ القُوَّة سَبيلاً إِلَى فَهم خِطَابِهِ، وَإِلَى مَعْرِفَة الأَشيَاء عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَإِلَى إِمَكَان التفهُم، فَبهَا تَكُوْن مَعْرِفَة الحَقّ مِنَ البَاطِل، وَمِنْهَا قُوَّةُ العَقْل الَّتِي تُعينُ النَفْس المُمَيِّزَة عَلَى نُصْرَة العَدْل، فَمَنِ اتَّبع مَا أَنَاره (6) لَهُ العَقْلُ الصَّحِيْح، نَجَا وَفَاز، وَمِنْ عَاج عَنْهُ هَلَكَ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيْدٌ} [ق:37] .
فَأَرَادَ بِذَلِكَ العَقْلَ، أَمَا مُضغَةُ القَلْب، فَهِيَ لِكُلِّ أَحَد، فَغَيْرُ العَاقل كَمَنْ لاَ قَلْبَ لَهُ.
__________
(1) ما بين معكوفين استدراك من كتابه " الاحكام ".
(2) في الأصل: " له " والتصويب من " الاحكام ".
(3) ما بين معكوفين مستدرك من " الاحكام ".
(4) في الأصل: " بها " والتصويب من " الاحكام ".
(5) في " القاموس " تلدد: تلفت يمينا وشمالا، وتحير متبلدا وتلبث.
(6) في الأصل: " أثاره "، والمثبت من " الاحكام " 1 / 5.(18/210)
وَكَلاَمُ ابْن حَزْمٍ كَثِيْرٌ، وَلَوْ أَخذتُ فِي إِيرَادِ طُرَفِهِ وَمَا شَذَّ بِهِ، لطَال الأَمْر.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ بَشْكُوَال الحَافِظ فِي (الصّلَة (1)) لَهُ: قَالَ القَاضِي صَاعِدُ بنُ أَحْمَدَ: كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ حَزْمٍ بخطِّهِ يَقُوْلُ:
وُلِدْتُ بقُرْطُبَة فِي الجَانب الشَّرْقِيّ فِي رَبَضِ مُنية المُغِيْرَة، قَبْل طُلُوْع الشَّمْس آخِرَ لَيْلَة الأَرْبعَاء، آخرَ يَوْم مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، بطَالع الْعَقْرَب، وَهُوَ اليَوْم السَّابِع مِنْ نُوَنْيِر (2) .
قَالَ صَاعِد: وَنقُلْتُ مِنْ خطّ ابْنِهِ أَبِي رَافِعٍ، أَنْ أَبَاهُ تُوُفِّيَ عَشِيَّة يَوْم الأَحَد لِليلتين بقيتَا مِنْ شَعْبَانَ، سَنَة سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، فَكَانَ عُمُره إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ سَنَةً وَأَشْهُراً (3) - رَحِمَهُ اللهُ -.
وَمِنْ نَظْمِ أَبِي مُحَمَّدٍ بن حَزْم:
لَمْ أَشْكُ صَدّاً وَلَمْ أُذْعِنْ بِهِجْرَانِ ... وَلاَ شَعَرْتُ مَدَى دَهْرِي بِسُلْوَانِ
أَسْمَاءُ لَمْ أَدْرِ مَعْنَاهَا وَلاَ خَطَرَتْ ... يَوْماً عَلِيَّ وَلاَ جَالَتْ بِمِيدَانِي
لَكِنَّمَا دَائِي الأَدوا الَّذِي عَصَفَتْ ... عَلَيَّ أَرْوَاحُهُ قِدماً فَأَعْيَانِي
تَفَرَّقَ لَمْ تَزَلْ تَسْرِي طَوَارِقُهُ ... إِلَى مَجَامِعَ أَحبَابِي وَخِلاَّنِي
كَأَنمَا البَيْنُ بِي يَأْتَمُّ حَيْثُ رَأَى ... لِي مَذْهَباً فَهُوَ يَتْلُونِي وَيَغشَانِي
وَكُنْتُ أَحسبُ عِنْدِي لِلنوَى جَلَداً ... دَاءٌ عَنَا (4) فِي فؤَادِي شجوهَا العَانِي
فَقَابَلَتْنِي بِأَلوَانٍ غَدَوْتُ بِهَا ... مقَابَلاً مِنْ صَبَابَاتِي بِأَلوَانِ
__________
(1) 2 / 417.
(2) في " الصلة ": نوقمبر.
(3) في " الصلة ": إحدى وسبعين سنة وعشرة أشهر وتسعة وعشرين يوما.
(4) في طبعة المجمع: إذا عتا.(18/211)
وَمِمَّنْ مَاتَ مَعَ ابْنِ حَزْم فِي السَّنَةِ: الحَافِظُ أَبُو الوَلِيْدِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّرْبَنْدِي (1) ، وَالفَقِيْهُ أَبُو القَاسِمِ سِرَاجُ بنُ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ سِرَاج، قَاضِي الجَمَاعَة بقُرْطُبَة (2) ، وَالحَافِظ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ النَّخْشَبِيّ (3) ، وَشيخُ العَرَبِيَّة أَبُو القَاسِمِ عبدُ الوَاحِد بنُ عَلِيِّ بنِ بَرْهَان (4) بِبَغْدَادَ، وَمُسْنِدُ الوَقْتِ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسْنُوْنَ النَّرْسِيُّ (5) ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو سَعِيْدٍ محمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الخَشَّاب النَّيْسَابُوْرِيُّ (6) ، وَالوَزِيْرُ عَمِيْدُ المُلك مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الكُنْدُرِي (7) .
وَلابْنِ حَزْم:
قَالُوا تَحَفَّظْ فَإِنَّ النَّاس قَدْ كَثُرَتْ ... أَقْوَالُهم وَأَقَاويلُ الوَرَى مِحَنُ
فَقُلْتُ: هَلْ عَيْبُهم لِي غَيْر أَنِّي لاَ ... أَقُوْلُ بِالرَّأْي إِذْ فِي رَأَيهِم فِتَنُ
وَأَنَّنِي مُوْلَعٌ بِالنَّصِّ لَسْتُ إِلَى ... سِوَاهُ أَنَحْو وَلاَ فِي نَصْرِهِ أَهِنُ
لاَ أَنثنِي لمقَاييس يُقَالَ بِهَا ... فِي الدِّيْنِ بَلْ حَسْبِيَ القُرْآن وَالسُّنَنُ
يَا بَرْدَ ذَا القَوْلِ فِي قَلْبِي وَفِي كَبِدِي ... وَيَا سرُوْرِي بِهِ لَوْ أَنَّهم فَطنُوا
دَعْهُمْ يَعَضُّوا عَلَى صُمِّ الحَصَى كَمَداً ... مَنْ مَاتَ مِنْ قَوْله عِنْدِي لَهُ كَفَنُ
100 - القَاضِي أَبُو تَمَّامٍ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ *
قَاضِي وَاسِطَ، المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو تَمَّام عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ
__________
(1) سترد ترجمته برقم (138) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (95) .
(3) سترد ترجمته برقم (135) وفيها أنه توفي سنة (457) .
(4) سبقت ترجمته برقم (64) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (37) .
(6) سبقت ترجمته برقم (83) .
(7) تقدمت ترجمته برقم (55) .
(*) تاريخ بغداد 12 / 103، الإكمال 2 / 291، سؤالات الحافظ السلفي: 10 - 13، =(18/212)
بنِ يَزدَادَ البَغْدَادِيُّ، الوَاسِطِيُّ، المُعْتَزِلِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّر الحَافِظ، وَأَبِي الفَضْل الزُّهْرِيّ، وَغَيْرهُمَا.
وَتَفَرَّد فِي وَقْتِهِ.
وَمَاتَ: فِي شَوَّال سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) :تَقَلَّدَ قَضَاء وَاسِط مُدَّة وَكَانَ مُعْتَزِلياً.
قُلْتُ: آخرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَة أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَبَالسَّمَاع أَبُو الْكَرم نَصْرُ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ الجَلَخْت الأَزْدِيّ.
101 - السُّيُوْرِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ *
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، وَخَاتَمُ الأَئِمَّةِ بِالقَيْرَوَان، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ الوَارِثِ المَغْرِبِيُّ، السُّيُورِيُّ، أَحَدُ مَنْ يُضْرَبُ بِحِفْظِهِ المَثَلُ فِي الفِقْهِ مَعَ الزُّهْدِ وَالتَّأَلُّهِ.
لَهُ تَعليقَةٌ عَلَى (المُدَوَّنَة) وَتَخَرَّج بِهِ أَئِمَّة.
مَاتَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ وَأَرْبَع مائَة، عَنْ سِنٍّ عَالِيَة.
ذَكَرَهُ عيَاض.
102 - ابْنُ المُسْلِمَةِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، الجَلِيْلُ، الصَّالِحُ، مُسْنِدُ الوَقْتِ، أَبُو جَعْفَرٍ
__________
= ميزان الاعتدال 3 / 155 - 156، لسان الميزان 4 / 261.
(1) " تاريخ بغداد " 12 / 103.
(*) ترتيب المدارك 4 / 770 - 771، الديباج المذهب 2 / 22، شجرة النور 1 / 116.
والسيوري: بضم السين المهملة والياء وبعد الواو راء، هذه النسبة إلى عمل السيور، وهو أن يقطع الجلد سيورا دقاقا، ويخرز بها السروج.
(* *) تاريخ بغداد 1 / 356 - 357، الإكمال 7 / 12، الأنساب: " المسلمي "، المنتظم =(18/213)
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ حَسَنِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ خَالِدِ بنِ الرُّفَيلِ السُّلَمِيُّ، البَغْدَادِيُّ، ابْنُ المُسْلِمَةِ.
أَسْلَمَ الرُّفَيلُ المَذْكُوْر عَلَى يَد عُمَر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (1) -.
وَمَوْلِدُ أَبِي جَعْفَرٍ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَة خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ: أَبَا الفَضْلِ عُبَيْد اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيَّ، فَكَانَ خَاتِمَةَ أَصْحَابِهِ، وَالقَاضِي أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ مَعْرُوف، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ سُوَيْدٍ، وَمُحَمَّدَ بن أَخِي مِيمِي، وَعِيْسَى بنَ الوَزِيْر، وَأَبَا طَاهِرٍ المُخَلِّص.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو عَلِيٍّ البَرَدَانِي، وَتَمرتَاشُ بنُ بختِكِين، وَالقَاسِم بنُ طَاهِرٍ المَعْقِلِي، وَمُحَمَّدُ بنُ مَطَر العَبَّاسِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ المُبَارَكُ بنُ عَلِيٍّ المُخَرِّمِيُّ الفَقِيْه، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الزَّاغُوْنِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ، وَأَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ قَاضِي المرستَان، وَأَبُو الفَتْحِ عَبْدُ اللهِ بنُ البيضَاوِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ المُعَلِّم، وَهِبَةُ اللهِ بن مُحَمَّدٍ الرُّفَيلِي، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ السّلاَل، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ القَزَّاز، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ خَيْرُوْنَ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الدَّايَةِ، وَأَبُو تَمَّام أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُخْتَار الهَاشِمِيّ؛ نَزِيل نَيْسَابُوْر، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ صَحِيْح الأُصُوْل، كَثِيْرَ السَّمَاع، جمِيْل الطّرِيقَة.
__________
= 8 / 282، اللباب 3 / 211، العبر 3 / 259 - 260، دول الإسلام 1 / 274، الوافي بالوفيات 2 / 83، تبصير المنتبه 4 / 1285، النجوم الزاهرة 5 / 94، شذرات الذهب 3 / 323.
(1) " تاريخ بغداد " 1 / 357، و" المنتظم " 8 / 282، و" الوافي " 2 / 83.(18/214)
قَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ: كَانَ ثِقَةً صَالِحاً.
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بن الفَضْلِ الحَافِظ يَقُوْلُ: أَبُو جَعْفَرٍ ثِقَة مُحتشِم.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي تَاسع جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَأَبُوْهُ:
103 - ابْنُ المُسْلِمَةِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ المُعَدَّلُ *
هُوَ: الإِمَامُ العَابِدُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو الفَرَجِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ المُعَدَّلُ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ النّجَاد، وَأَحْمَدَ بنَ كَامِل القَاضِي، وَابْن علم (1) ، وَدَعْلَجاً.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :كَانَ ثِقَةً يُمْلِي فِي السَّنَةِ مَجْلِساً وَاحِداً، وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالعَقل وَالفَضْلِ وَالبرِّ، وَدَارُهُ مَألَفٌ لأَهْل العِلْمِ، وَكَانَ صَوَّاماً، كَثِيْر التِّلاَوَة.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة، عَنْ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْب، وَطِرَاد الزَّيْنَبِيّ، وَغَيْرهُمَا.
وَتَفَقَّهَ عَلَى شيَخِ الحَنَفِيَّة أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ.
وَسَرَدَ الصَّوْمَ وَكَانَ يَتهجدُ بِسُبُع القُرْآن.
__________
(*) تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (210) ، وذكرت مصادر ترجمته هناك.
(1) هو محمد بن عبد الله بن علم الصفار، كما في " تاريخ بغداد " 5 / 67.
(2) " تاريخ بغداد " 5 / 67 (*) .(18/215)
قَالَ رَئِيْسُ الرُّؤَسَاء: كَانَ جَدِّي يَخْتَلِفُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ، وَرُئِي لَهُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.
وَابْنُ أَخِيْهِ:
104 - رَئِيْسُ الرُّؤَسَاءِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ أَبِي الفَرَجِ بنِ المُسْلِمَةِ *
هُوَ وَزِيْرُ القَائِمِ بِأَمْرِ اللهِ (1) ، الصَّدْرُ المُعَظَّمُ، رَئِيْسُ الرُّؤَسَاءِ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ بنِ المُسْلِمَةِ.
اسْتَكْتَبَهُ القَائِم، ثُمَّ اسْتَوْزَرَهُ، وَكَانَ عزِيزاً عَلَيْهِ جِدّاً، وَكَانَ مِنْ خيَار الوزرَاء العَادلين.
وُلِدَ: سَنَةَ (397) .
وَسَمِعَ مِنْ: جدّه، وَابْن أَبِي مُسْلِم الفَرَضِي، وَإِسْمَاعِيْل الصَّرْصَرِي.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْب، وَكَانَ خِصِّيْصاً بِهِ، وَوَثَّقَهُ، وَقَالَ (2) :اجْتَمَع فِيْهِ مِنَ الآلاَت مَا لَمْ يَجتمع فِي أَحَد قَبْله، مَعَ سَدَادِ مَذْهَب، وَوُفور عَقْلٍ، وَأَصَالَة رَأْي.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَزر أَبُو القَاسِمِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَلُقِّبَ جَمَالُ
__________
(*) تاريخ بغداد 11 / 391 - 392، المنتظم 8 / 196 - 197، و200 - 201، الكامل في التاريخ 9 / 530 و640 - 644، المختصر 2 / 177 - 178، الفخري: 295، العبر 3 / 221، دول الإسلام 1 / 264، تتمة المختصر 1 / 547، البداية والنهاية 12 / 78 - 80، تاريخ ابن خلدون 3 / 457 - 459، النجوم الزاهرة 5 / 6 - 7، 64، دائرة المعارف الإسلامية 1 / 278، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 9، 20.
(1) سترد ترجمة القائم بأمر الله برقم (146) .
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 391.(18/216)
الورَى، شرف الوزرَاء (1) .
وَلَمْ يَبْقَ لَهُ ضِدٌ إِلاَّ البسَاسيرِي؛ الأَمِيْر المُظَفَّر أَبُو الحَارِثِ التُّرْكِيّ (2) ، فَإِنَّ أَبَا الحَارِث عظُم جِدّاً، وَلَمْ يَبْقَ لِلملك الرَّحِيْم بن بُويه (3) مَعَهُ سِوَى الاسْم، ثُمَّ إِنَّهُ خلع القَائِم، وَتَملَّك بَغْدَاد، وَخَطَبَ بِهَا لصَاحِب مِصْر المُسْتنصر، فَقَتَلَ رَئِيْس الرُّؤَسَاء أَبَا القَاسِمِ بن المُسلمَة (4) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ: أُخرج رَئِيْسُ الرُّؤَسَاء وَعَلَيْهِ عبَاءة وَطُرْطُور، وَفِي رَقبتِهِ مخْنَقَةُ جُلُود وَهُوَ يَقرَأَ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ ... } [آل عِمْرَان:26] وَيُرَدِّدهَا، فَطِيْفَ بِهِ عَلَى جمل، ثُمَّ خِيط عَلَيْهِ جلد ثَوْر بقرنِيْنَ، وَعُلِّقَ وَفِي فَكَّيه كَلُّوبَان (5) ، وَتَلِفَ فِي آخِر النَّهَار فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (6) .
قُلْتُ: كَانَ مِنْ عُلَمَاء الكُبَرَاء وَنُبَلاَئِهِم.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَم، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُعَدَّل، أَخْبَرَنَا عبيدُ الله بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَنَة ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ: أَنَّ
__________
(1) انظر " المنتظم " 8 / 200.
(2) تقدمت ترجمته برقم (70) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (59) .
(4) انظر " الكامل " 9 / 640 وما بعدها.
(5) مثنى كلوب، قال في " القاموس ": " والكلوب: المهماز، كالكلاب ".
وفي " المنتظم " 8 / 197: وعلق بكلابين من حديد في كتفيه، وفي " المختصر " 2 / 178: وجعل في كفه كلابان من حديد.
(6) الخبر بنحوه في " المنتظم " 8 / 196 - 197، و" الكامل " 9 / 644، و" الفخري ": 295، و" المختصر " 2 / 178.(18/217)
رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقَرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّة؛ رِيحُهَا طَيِّب وَطَعْمُهَا طَيِّب) .
وَبِهِ: إِلَى الفِرْيَابِيِّ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقَرَأُ القُرْآنَ كَمثل الأُتْرُجَّة) .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) .
مَاتَ مَعَ ابْنِ المسلمَة (2) :السُّلْطَانُ أَلب آرسلاَن السَّلْجُوْقِي (3) ، وَعَائِشَةُ ابْنَة أَبِي عُمَرَ البِسْطَامِي (4) ، وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ المَأْمُوْن (5) ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ القُشَيْرِيّ (6) ، وَصُردرّ شَاعِرُ وَقته أَبُو مَنْصُوْرٍ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ (7) ، وَالحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السُّكَّرِيّ (8) ، وَكَرِيْمَةُ المروزِيَّة (9) ، وَأَبُو عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ وَرْقَاء، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الْمُهْتَدي بِاللهِ (10) ، وَأَبُو المُظَفَّرِ هنَّاد النسفِي.
__________
(1) أخرجه البخاري (5020) في فضائل القرآن: باب فضل القرآن على سائر الكلام، و (5059) : باب من راءى بالقرآن أو تأكل به أو فخر به، و (5427) في الاطعمة، و (7560) في التوحيد، ومسلم (797) في صلاة المسافرين: باب فضيلة حافظ القرآن، وأخرجه أبو داود (4830) والترمذي (2865) والنسائي 8 / 124، وابن ماجة (214) .
(2) يقصد: أبا جعفر محمد بن أحمد بن محمد البغدادي المتوفى سنة (465) هـ.
(3) سترد ترجمته برقم (210) .
(4) سترد ترجمتها برقم (215) .
(5) سترد ترجمته برقم (107) .
(6) سترد ترجمته برقم (109) .
(7) سترد ترجمته برقم (143) .
(8) سترد ترجمته برقم (213) .
(9) سترد ترجمتها برقم (110) وصحح المؤلف هناك أن تكون وفاتها سنة (463) .
(10) سترد ترجمته برقم (117) (*) .(18/218)
105 - الزَّهْرَاوِيُّ عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ بنِ حَامِدٍ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، مُحَدِّثُ الأَنْدَلُسِ مَعَ ابْنِ عَبْدِ البِرِّ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ بنِ حَامِدٍ الذُّهْلِيُّ (1) ، القُرْطُبِيُّ، الزَّهْرَاوِيُّ.
وَمدينَة الزّهرَاء: بَعْض نَهَار عَنْ قُرْطُبَة، أَنشَأَهَا النَّاصر الأُمَوِيّ (2) .
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بن أَسَد، وَعبد الوَارِث بن سُفْيَانَ، وَالقَاضِي أَبِي المُطَرِّف بن فُطَيْس، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي زَمَنِيْنَ، وَسَلَمَةَ بن سَعِيْدٍ، وَأَبِي المَطَرف القنَازِعِي، وَعبدِ السَّلاَّم بن سَمْح، وَأَبِي القَاسِمِ بن عُصْفُور، وَأَبِي الوَلِيْد بن الفَرَضِي، وَطَبَقَتهم مِنْ أَهْلِ قُرْطُبَة وَالزّهرَاء وَإِشبيلية.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ بِالإِجَازَة أَبُو الحَسَنِ القَابِسِي، وَطَائِفَة.
وَكَانَ مُعتنِياً بِنَقْلِ الحَدِيْث وَجَمَعِهِ وَسَمَاعِه (3) .
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَتَّاب، وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَابْنه الآخر أَبُو القَاسِمِ، وَأَبُو مَرْوَان الطُّبْنِي (4) ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيّ المُقْرِئ، وَقَالَ: وَكَانَ
__________
(*) الصلة 2 / 399 - 401، بغية الملتمس: 408، تذكرة الحفاظ 3 / 1127 - 1128، العبر 3 / 233، طبقات الحفاظ: 432، شذرات الذهب: 3 / 293.
(1) في " الصلة " 2 / 399، ابن يوسف بن عبد الله بن يحيى بن حامد الذهلي، ثم قال: كذا قرأت نسبه بخطه.
(2) هو عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله أبو المطرف الأموي المرواني، سلطان الأندلس، المتوفي سنة (350) ، وقد مرت ترجمته في الجزء الثامن برقم (62) .
(3) انظر " الصلة " 2 / 400.
(4) ضبطت في الأصل بضم الطاء وسكون الباء، وضبطها السمعاني كذلك، وضبطها أيضا بضم الباء وكسر النون المشددة، وهي نسبة إلى الطبن: بلدة بالمغرب من أرض الزاب، والزاب في =(18/219)
خَيِّراً ثِقَة، مُتصَاوناً، قَدِيْمَ الطَّلَب.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيّ، وَذَكَرَ أَنَّهُ اخْتُلِطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ (1) .
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال (2) :أَخْبَرَنَا عَنْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عتَّاب وَقَالَ لِي: لحق أَبَا حَفْصٍ فِي آخِرِ عُمُرِهِ خصَاصَةٌ، فَكَانَ يَتَكَفَّفُ النَّاس.
قَالَ: وَقَرَأْتُ بخطِّ أَبِي مَرْوَانَ الطُّبْنِي: أَخْبَرَنِي أَبُو حَفْصٍ الزَّهْرَاوِيّ قَالَ: شَددت ثَمَانِيَة أَحمَال كُتبٍ لأَنقلهَا إِلَى مَكَان، فَمَا تَمَّ حَتَّى انتهبهَا البَرْبَر.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، عَنِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
106 - المَأْمُوْنُ يَحْيَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَوَّارِيُّ *
مَلِكُ طُلَيْطُلَةَ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى ابْنُ صَاحِبِ طُلَيْطُلَةَ الأَمِيْرِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَامِرِ بنِ ذِي النُّوْنِ الهَوَّارِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ.
استولَى أَبُوْهُ عَلَى البَلَد بَعْد العِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَنزعُوا طَاعَة المَرْوَانِية، وَتَملَّك المَأْمُوْن بَعْد أَبِيْهِ سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ (3) ، فَامتدَّتْ أَيَّامُهُ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، عَاكفاً عَلَى اللَّذَات وَالخلاعَة، وَصَادر الرعيَّةَ، وَهَادن
__________
= عدوة بلاد المغرب، وقيل: طبنة، ساكنة الباء المخففة، كما ذكره عبد الغني بن سعيد: انظر " الأنساب " 8 / 212.
(1) " الصلة " 2 / 400، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1127.
(2) في " الصلة " 2 / 400.
(*) الذخيرة ق 4 / م 1 / 147 - 149، الكامل 9 / 288 - 289، المغرب في حلي المغرب 2 / 12، تاريخ ابن خلدون 4 / 161، أزهار الرياض 2 / 208، نفح الطيب 1 / 529، 643، 645، أعمال الاعلام 2 / 205 - 206، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 89، الاعلام 8 / 138.
(3) انظر " الكامل " 9 / 288.(18/220)
العَدُوّ، وَقَدِمَ الأَطرَاف، فَطمعت فِيْهِ الفِرَنْجُ، بَلْ فِي الأَنْدَلُس؛ وَأَخَذت عِدَّةَ حُصُوْنَ إِلَى أَنْ أَخذُوا مِنْهم طُلَيْطُلَة فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَجَعَلوهَا دَار ملكهم - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ -
وَكَانَ المَأْمُوْنُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنجد بِالفِرَنْج عَلَى تَمَلُّك مَدَائِن الأَنْدَلُس، فَكَاتِب طَاغِيتهُم: أَنْ تَعَال فِي مائَة فَارِس، وَالمُلتقَى فِي مَكَان كَذَا، فَسَارَ فِي مائَتَيْنِ، وَأَقْبَلَ الطَّاغِيَةُ فِي سِتَّة آلاَف، وَجَعَلهم كَمِيناً لَهُ، وَقَالَ: إِذَا رَأَيتمونَا قَدِ اجْتمَعَنَا، فَأَحيطُوا بِنَا.
فَلَمَّا اجْتَمَع الملكَانَ، أَحَاط بِهِم الجَيْش، فَنَدِمَ المَأْمُوْن، وَحَار، فَقَالَ الفِرَنْجِي: يَا يَحْيَى! وَحقِّ الإِنجيل كُنْتُ أَظنك عَاقِلاً، وَأَنْت أَحْمَقُ! جِئْت إِلَيَّ، وَسَلَّمْتَ مُهْجَتَكَ بِلاَ عَهد وَلاَ عَقد، فَلاَ نَجوتَ مِنِّي حَتَّى تُعطيَنِي مَا أَطلب.
قَالَ: فَاقتصِد.
فَسَمَّى لَهُ حُصُوْناً، وَقرَّرَ عَلَيْهِ مَالاً فِي كُلِّ سَنَة، وَرجع ذَليلاً مخذولاً، وَذَلِكَ بِمَا قَدَّمَت يَدَاهُ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (1) .
107 - ابْنُ المَأْمُوْنِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، الجَلِيْلُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الغَنَائِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الفَضْلِ بنِ المَأْمُوْنِ بنِ الرَّشِيْدِ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ بِبَغْدَادَ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ ثِقَةً، صَدُوْقاً، نبيلاً، مَهِيْباً، كَثِيْرَ الصَّمْت، تَعلُوْهُ سَكِيْنَة وَوَقَار، وَكَانَ رَئِيْسَ آل المَأْمُوْن وَزَعِيْمَهُم.
طَعن فِي السِّنّ، وَرَحَلَ إِلَيْهِ النَّاس، وَانتشرتْ رِوَايَتُهُ فِي الآفَاق.
__________
(1) انظر " الكامل " 9 / 288 - 289، وفيه: أنه مات مقتولا بيد القاضي ابن جحاف الاحنف.
(*) تاريخ بغداد 11 / 46، المنتظم 8 / 280، العبر 3 / 259، دول الإسلام 1 / 274، شذرات الذهب 3 / 319.(18/221)
سَمِعَ: أَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَعَلِيَّ بنَ عُمَرَ السُّكَّرِيّ، وَأَبَا نَصْر المَلاَحِمِي، وَجَدَّه أَبَا الفَضْل بن المَأْمُوْن، وَعُبَيْد اللهِ بن حَبَابَةَ، وَطَائِفَة.
رَوَى لَنَا عَنْهُ: يُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الهَمَذَانِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي الفَرَضِي، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّاز، وَغَيْرهُم.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ صَدُوْقاً، كَتَبْتُ عَنْهُ.
قَالَ السَّمْعَانِيّ: سَأَلتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدٍ الحَافِظ عَنْ أَبِي الغنَائِم ابْن المَأْمُوْن، فَقَالَ: شَرِيْفٌ مُحتشمّ، ثِقَة، كَثِيْرُ السَّمَاع.
وَقَالَ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ المَأْمُوْن: وُلد أَخِي أَبُو الغَنَائِمِ سَنَة سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة (2) .
وَقَالَ غَيْرُهُ: وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ.
قُلْتُ: وَحَدَّثَ عَنْهُ: الحُمَيْدِيُّ، وَأُبَيّ النَّرْسِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ ظَفَر، وَأَبُو الفَتْحِ عَبْدُ اللهِ بنُ البَيْضَاوِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيّ.
وَرَوَى عَنْهُ بَعْدهم بِالإِجَازَة: مَسْعُوْدُ بنُ الحَسَنِ الثَّقَفِيّ، ثُمَّ ظهر أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بصَحِيْح، فَرَجَعَ عَنِ الرِّوَايَة.
مَاتَ: فِي سَابع عشر شَوَّال سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
108 - الدَّاوُوْدِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّرِ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الوَرِعُ، القُدْوَةُ، جَمَالُ الإِسْلاَمِ، مُسْنِدُ الوَقْتِ، أَبُو
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 46.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 11 / 46.
(*) الأنساب 5 / 263 - 264، المنتظم 8 / 296، السياق: الورقة 42 / ب، المنتخب: الورقة: 190 اللباب: 1 / 487، طبقات ابن الصلاح: الورقة 57 أ، طبقات النووي: الورقة =(18/222)
الحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُظَفَّرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُعَاذٍ الدَّاوُوْدِيُّ، البُوْشَنْجِيُّ (1) .
مَوْلِدُهُ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ: (الصَّحِيْح) وَ (مُسْنَد) عَبْد بن حُمَيْدٍ وَتَفْسِيْره، وَ (مُسْنَد) أَبِي مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيّ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بن حَمَّوَيْه السَّرْخَسِيّ بِبُوشَنْج، وَتَفَرَّد فِي الدُّنْيَا بِعُلُوِّ ذَلِكَ.
وَسَمِعَ بهَرَاة مِنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي شُرَيْح.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَابْن يُوْسُفَ، وَابْنِ مَحْمِش.
وَبِبَغْدَادَ مِنِ: ابْنِ الصَّلْت المُجْبِر، وَابْن مَهْدِيّ الفَارِسِيّ، وَعَلِيِّ بن عُمَرَ التَّمَّار.
وَكَانَ مجيئهُ إِلَى بَغْدَادَ سَنَة تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، فَأَقَامَ بِهَا أَعْوَاماً، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي حَامِد، وَعَلَى أَبِي الطَّيِّبِ الصُّعلوكِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَفَّال، وَابْن مَحْمِش.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يَتقوَّتُ بِمَا يُحمل إِلَيْهِ مِنْ مُلْكٍ لَهُ بِبُوشَنْج، وَيُبَالغ فِي الوَرَع، وَمَحَاسِنهُ جَمَّة.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ وَجهَ مَشَايِخِ خُرَاسَان فَضْلاً عَنْ نَاحِيَته، وَالمَعْرُوفَ فِي أَصلِهِ وَفضلهِ وَطرِيقتهِ، لَهُ قَدَم فِي التَّقْوَى رَاسخ، يَسْتَحق أَنْ يُطوَى لِلتبرك بِهِ فَرَاسخ، فَضلُه فِي الفُنُوْنِ مَشْهُوْر، وَذِكْرُه فِي الكُتُبِ مَسْطُور، وَأَيَّامه غُرر، وَكَلاَمه دُرَر، قرَأَ الأَدبَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الفَنْجُكِرْدِي (2) ، وَالفِقْهَ
__________
= 89 ب - 91 أ، العبر 3 / 264 - 265، المشتبه: 100، فوات الوفيات 2 / 295 - 296، طبقات السبكي 5 / 117 - 120، طبقات الاسنوي 1 / 525 - 526، البداية والنهاية 12 / 112، النجوم الزاهرة؟ / 99، شذرات الذهب 3 / 327.
(1) سيرد ضبطه للمؤلف في آخر الترجمة.
(2) في الأصل: الفلجردي، والتصحيح من " الأنساب ". والفنجكردي: بفتح الفاء =(18/223)
عَلَى عِدَّة، كَانَ مَا يَأْكُلهُ يُحمل مِنْ بُوشَنْج إِلَى بَغْدَادَ احتيَاطاً، صحب أَبَا عليّ الدَّقَّاق، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَصَحِبَ فَاخراً السِّجْزِيّ بِبُسْت (1) فِي رحلته إِلَى غَزْنَة (2) ، وَلقِي يَحْيَى بن عَمَّارٍ الوَاعِظ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَأَخذَ فِي مَجْلِس التَّذكير وَالفَتْوَى، وَالتَّدرِيس وَالتَّصنِيف، وَكَانَ ذَا حظٍّ مِنَ النَّظم وَالنَّثر.
حَدَّثَنَا عَنْهُ مُسَافِرُ بنُ مُحَمَّدٍ وَأَخُوْهُ أَحْمَد، وَأَبُو المَحَاسِنِ أَسْعَدُ بنُ زِيَادٍ المَالِيْنِيّ، وَأَبُو الوَقْتِ عبدُ الأَوَّل السِّجْزِيّ، وَعَائِشَةُ بِنْت عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيَّة (3) .
وَسَمِعْتُ يُوْسُف بن مُحَمَّدِ بنِ فَارُوا الأَنْدَلُسِيّ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ سُلَيْمَانَ المُرَادِيّ يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو الحَسَنِ عبدُ الغَافِرِ بن إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ (الصَّحِيْح) مِنْ أَبِي سَهْلٍ الحَفْصِي، وَأَجَازَهُ لِي الدَّاوُوْدِيّ، وَإِجَازَةُ الدَّاوُوْدِيّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ السَّمَاع مِنَ الحَفْصِي (4) .
وَسَمِعْتُ أَسَعْد بن زِيَادٍ يَقُوْلُ: كَانَ شَيْخُنَا الدَّاوُوْدِيّ بَقِيَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لاَ يَأْكُل لحماً، وَقْتَ تَشْوِيْشِ التُّرُكْمَان، وَاختلاَطِ النَّهْبِ، فَأَضرَّ بِهِ، فَكَانَ يَأْكُلُ السَّمك، وَيُصطَادُ لَهُ مِنْ نَهْرٍ كَبِيْر، فَحُكِي لَهُ أَن بَعْض الأُمَرَاء أَكل عَلَى حَافَّة ذَلِكَ النَّهْر وَنُفِضَتْ سُفرتُه وَمَا فَضل فِي النَّهْرِ، فَمَا أَكل السَّمك بَعْد.
__________
= وسكون النون وضم الجيم أو سكونها وكسر الكاف وسكون الراء وفي آخرها دال مهملة - هذه النسبة إلى فنجكرد، وهي من قرى نيسابور.
(1) قال ياقوت: بست، بالضم: مدينة بين سجستان وغزنين وهراة، وأظنها من أعمال كابل.
(2) قال ياقوت: غزنة، بفتح أوله، وسكون ثانيه، ثم نون، هكذا يتلفظ بها العامة، والصحيح عند العلماء غزنين، ويعربونها فيقولون: جزنة ... وهي مدينة عظيمة وولاية واسعة في طرف خراسان.
(3) انظر " الأنساب " 5 / 263 - 264.
(4) انظر " طبقات " السبكي 5 / 119.
(5) انظر " طبقات " الاسنوي 1 / 525.(18/224)
وَسَمِعْتُ مَحْمُوْد بن زِيَادٍ الحَنَفِيّ، سَمِعْتُ المُخْتَار بن عبد الحمِيد البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: صَلَّى أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيّ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً وَيدُهُ خَارِجَة مِنْ كُمِّهِ اسْتَعمَالاً لِلسُّنَّة، وَاحتيَاطاً لأَحدِ الْقَوْلَيْنِ فِي وَضَع اليَدين وَهُمَا مكشوفتَان حَالَةَ السُّجُود.
قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ المُؤتمن عَنِ الدَّاوُوْدِيّ، فَقَالَ: كَانَ مِنْ سَادَاتِ رِجَال خُرَاسَان، تركَ أَكل الحيوَانَات وَمَا يَخْرُج مِنْهَا مُنْذُ دَخَلَ التُّرُكْمَان ديَارهم.
تَفَقَّهَ بِسَهل الصُّعلوكِي، وَبأَبِي حَامِدٍ الإِسفرَايينِي.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: كَانَ مِنَ الأَئِمَّةِ الكِبَار فِي المَذْهَب، ثِقَة، عَابِداً، محققاً، دَرَّس وَأَفتَى، وَصَنَّفَ وَوَعظ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ؛ أَخُو نَظَام الْملك: كَانَ أَبُو الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيّ لاَ تَسكن شَفَتُهُ مِنْ ذِكْرِ الله، فَحُكِي أَن مُزَيِّناً أَرَادَ قصَّ شَارَبّه، فَقَالَ: سَكِّنْ شَفتيك.
قَالَ: قُلْ لِلزَّمَان حَتَّى يَسكن.
وَدَخَلَ أَخِي نِظَامُ المُلك عَلَيْهِ، فَقعد بَيْنَ يَدَيْهِ، وَتوَاضع لَهُ، فَقَالَ لأَخِي: أَيُّهَا الرَّجُل! إِنَّك (1) سَلَّطك اللهُ عَلَى عِبَاده، فَانْظُرْ كَيْفَ تُجيبه إِذَا سَأَلَكَ عَنْهُم.
وَمِنْ شِعْرِهِ:
رَبِّ تَقَبَّلْ عَمَلِي ... وَلاَ تُخَيِّبْ أَمَلِي
أَصْلِحْ أُمُورِي كُلَّهَا ... قَبْلَ حُلُوْلِ الأَجَلِ (2)
وَلَهُ:
يَا شَارِبَ الخَمْرِ اغْتَنِمْ تَوبَةً ... قَبْلَ التِفَافِ السَّاقِ بِالسَّاقِ
__________
(1) في " المنتظم " 8 / 296، و" طبقات " السبكي 5 / 119: إن الله سلطك.
(2) البيتان في " طبقات الاسنوي " 1 / 525.(18/225)
المَوْتُ سُلْطَانٌ لَهُ سَطْوَةٌ ... يَأْتِي عَلَى المَسْقِيِّ وَالسَّاقِي
قَالَ عبدُ الغَافِرِ فِي (تَارِيْخِهِ) :وُلد الدَّاوُوْدِيّ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الكُتُبِيّ: تُوُفِّيَ بِبُوْشَنْج فِي شَوَّال، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَبُوشَنْج: بشين مُعْجَمَة - وَقِيْلَ: أَوله فَاء - بَلْدَة عَلَى سَبْعَة فَرَاسخ مِنْ هَرَاة، وَبَعْضُهم يَقُوْلُ: بِسِيْنٍ مُهْمَلَةٍ (1) .
أَنشدنَا ابْنُ اليُونِينِي، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَنشدنَا أَبُو السَّمْح الحَافِظ بِتُسْتَر، أَنشدنَا الدَّاوُوْدِيّ بِبُوشَنْج لِنَفْسِهِ:
كَانَ اجْتمَاعُ النَّاسِ فِيمَا مَضَى ... يُورِثُ البَهْجَةَ وَالسَّلْوَهْ
فَانقَلْبَ الأَمْرُ إِلَى ضِدِّهِ ... فَصَارَتِ السَّلْوَةُ فِي الخَلْوَهْ (2)
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَطَاءٍ الإِبْرَاهِيْمِيّ: أَنشدنَا الدَّاوُوْدِيّ لِنَفْسِهِ:
كَانَ فِي الاجْتِمَاعِ مِنْ قَبْلُ (3) نُوْرٌ ... فَمَضَى النُّوْرُ وَادْلَهَمَّ الظَّلامُ
فَسَدَ النَّاسُ وَالزَّمَانُ جَمِيْعاً ... فَعَلَى النَّاسِ وَالزَّمَانِ السَّلاَمُ
__________
(1) وبه ضبطها السبكي في " الطبقات " 5 / 117، وقد ذكر ياقوت بوسنج بالسين المهملة، وقال: من قرى ترمذ ثم ذكر بوشنج بالشين المعجمة، وقال: بليدة من نواحي هراة، ثم ذكر فيها شعر لصاحب الترجمة الداوودي.
وكذا فرق بينهما الذهبي في " المشتبه ".
(2) البيتان في " طبقات " السبكي 5 / 120، و" فوات الوفيات " 2 / 296.
(3) في " المنتظم " و" النجوم الزاهرة ": " للناس بدل " من قبل ".
(4) البيتان في " المنتظم " 8 / 296، و" فوات الوفيات " 2 / 296، و" طبقات " السبكي 5 / 120، و" النجوم الزاهرة " 5 / 99.(18/226)
109 - القُشَيْرِيُّ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ هَوَازِنَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ *
الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، الأُسْتَاذُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ هَوَازِن بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ طَلْحَةَ القُشَيْرِيُّ، الخُرَاسَانِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الصُّوْفِيُّ، المُفَسِّرُ، صَاحِبُ (الرِّسَالَةِ (1)) .
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَتعَانَى الفُروسيَّة وَالعَمَل بِالسِّلاَح حَتَّى بَرَعَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ تَعَلَّم الكِتَابَة وَالعَرَبِيَّة، وَجَوَّد.
ثُمَّ سَمِعَ الحَدِيْث مِنْ: أَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الخَفَّاف؛ صَاحِب أَبِي العَبَّاسِ الثَّقَفِيّ، وَمِنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَبْدِ الْملك بن الحَسَنِ الإِسفرَايينِي، وَأَبِي
__________
(*) تاريخ بغداد 11 / 83، دمية القصر 2 / 993 - 998، الأنساب 10 / 156، تبيين كذب المفتري 271 - 276، المنتظم 8 / 280، الكامل 10 / 88، اللباب 3 / 38، طبقات ابن الصلاح: الورثة / 61، إنباه الرواة 2 / 193، وفيات الأعيان 3 / 205 - 208، تاريخ أبي الفدا 2 / 190، العبر 3 / 259، دول الإسلام 1 / 274، تلخيص ابن مكتوم: 114، تتمة المختصر: 114، مسالك الابصار 5 / 1 / 89 - 91، مرآة الجنان 3 / 91 - 93، طبقات السبكي 5 / 153 - 162، طبقات الاسنوي 2 / 313 - 315، البداية والنهاية 12 / 107، طبقات الأولياء: 257 - 261، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: 26 أ، النجوم الزاهرة 5 / 91 - 92، طبقات المفسرين للسيوطي: الورقة 21 - 22، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 338 - 346، مفتاح السعادة 2 / 107 - 109، تاريخ الخميس 2 / 358 - 359، كشف الظنون: 520، 1260، 1551، شذرات الذهب 3 / 319 - 322، نفحات الانس: 354، درر الابكار: 111، معجم السفر 1 / 17، روضات الجنات: 444، هدية العارفين 607 - 608، الرسالة المستطرفة: 166، مقدمة الرسالة القشيرية، طبعة الدكتور عبد الحليم محمود، ومحمود بن الشريف، والقشيري: بضم القاف وفتح الشين وسكون الياء وفي آخرها راء، هذه النسبة إلى قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، قبيلة كبيرة.
(1) المسماة بالرسالة القشيرية، وقد صنفها في الكلام على رجال الطريقة وأحوالهم وأخلاقهم، وقد طبعت أكثر من مرة، وطبعت أيضا مع شرحها للشيخ زكريا الأنصاري، وقد ترجمت إلى اللغة الفرنسية أيضا.(18/227)
الحَسَن العَلَوِيّ، وَعبدِ الرَّحْمَن بن إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، وَعَبْدِ اللهِ بن يُوْسُفَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ فُورك، وَأَبِي نُعَيْمٍ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدُوْس، وَالسُّلَمِيّ، وَابْن بَاكُويه، وَعِدَّة.
وَتَفَقَّهَ عَلَى: أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن أَبِي بَكْرٍ الطُّوْسِيّ، وَالأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الإِسفرَايينِي، وَابْن فُورك.
وَتَقدم فِي الأُصُوْل وَالفروع، وَصَحِبَ العَارِف أَبَا عليّ الدَّقَّاق، وَتَزَوَّجَ بابْنته، وَجَاءهُ مِنْهَا أَوْلاَد نُجبَاء.
قَالَ القَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ أَبُو القَاسِمِ عَلاَّمَةً فِي الفِقْه وَالتَّفْسِيْر وَالحَدِيْث وَالأُصُوْل وَالأَدب وَالشّعر وَالكِتَابَة.
صَنَّف (التَّفْسِيْر الكَبِيْر (1)) وَهُوَ مِنْ أَجْوَد التَّفَاسير، وَصَنَّفَ (الرِّسَالَة) فِي رِجَال الطّرِيقَة، وَحَجَّ مَعَ الإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الجُوَيْنِيّ، وَالحَافِظ أَبِي بَكْرٍ البَيْهَقِيّ.
وَسَمِعُوا بِبَغْدَادَ وَالحِجَاز (2) .
قُلْتُ: سَمِعُوا مِنْ هِلاَل الحَفَّار، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَان، وَطَبَقَتِهمَا.
قَالَ (3) :وَذكره أَبُو الحَسَنِ البَاخَرْزِي (4) فِي كِتَاب (دمِيَة الْقصر) وَقَالَ (5) :لَوْ قَرَعَ الصَّخْرَ بِسَوْطِ (6) تَحذِيرهِ، لذَاب، وَلَوْ رُبِطَ (7) إِبليسُ فِي مَجْلِسِهِ، لِتَاب.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: أَوْلاَدُهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَعبدُ الوَاحِد، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ
__________
(1) زاد ابن خلكان: وسماه " التيسير في علم التفسير ".
(2) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 205 - 206.
(3) القائل ابن خلكان 3 / 206.
(4) في الأصل: " الباخزري " بتقديم الزاي، وهو خطأ.
(5) " الدمية " 2 / 993.
(6) تحرف في: " وفيات الأعيان " إلى: " بصوت ".
(7) في " الدمية ": ولو ارتبط.(18/228)
الرَّحِيْم، وَعبدُ الْمُنعم، وَزَاهِر الشَّحَّامِيّ، وَأَخُوْهُ وَجيه، وَمُحَمَّد بن الفَضْلِ الفَرَاوِي، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بن شَاه، وَعبدُ الجَبَّار بن مُحَمَّدٍ الخُوَارِي، وَعبدُ الرَّحْمَن بن عَبْدِ اللهِ البَحيرِيّ، وَحَفِيْدُه أَبُو الأَسْعَد هِبَة الرَّحْمَن، وَآخَرُوْنَ.
وَمَاتَ أَبُوْهُ وَهُوَ طِفْل، فَدُفِعَ إِلَى الأَدِيْب أَبِي القَاسِمِ اليَمنِي (1) ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ الآدَاب، وَكَانَتْ لِلقُشيرِي ضَيْعَة مُثْقَلَة بِالخَرَاج بِأُسْتُوا (2) ، فَتعلَّم طَرَفاً مِنَ الحسَاب، وَعَمِلَ قَلِيْلاً ديوَاناً، ثُمَّ دَخَلَ نَيْسَابُوْر مِنْ قرِيته، فَاتَّفَقَ حُضُوْره مَجْلِسَ أَبِي عَلِيٍّ الدَّقَّاق، فَوَقَعَ فِي شَبكَته، وَقَصُرَ أَملُه، وَطَلَبَ القَبا، فَوَجَد العَبَا، فَأَقْبَل عَلَيْهِ أَبُو عَلِيٍّ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِطَلَب العِلْم، فَمَضَى إِلَى حَلْقَة الطُّوْسِيّ، وَعَلَّق (التَّعليقَة) وَبَرَعَ، وَانْتَقَلَ إِلَى ابْنِ فُوْرَك، فَتَقَدَّم فِي الكَلاَم، وَلاَزَمَ أَيْضاً أَبَا إِسْحَاقَ، وَنظر فِي تَصَانِيْف ابْن البَلاَقِلاَّنِيّ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ حَمُوْهُ أَبُو عَلِيٍّ تردَّد إِلَى السُّلَمِيّ، وَعَاشره، وَكَتَبَ المَنْسُوْب، وَصَارَ شَيْخ خُرَاسَان فِي التَّصُوْف، وَلَزِمَ المُجَاهِدَات، وَتَخَرَّج بِهِ المرِيْدُوْنَ (3) .
وَكَانَ عَديم النّظير فِي السّلوك وَالتَّذكير، لطيفَ العبَارَة، طَيِّبَ الأَخلاَقِ، غوَّاصاً عَلَى المَعَانِي، صَنَّف كِتَاب (نَحْو القُلُوْب) ، وَكِتَاب (لطَائِف الإِشَارَات (4)) ، وَكِتَاب (الجَوَاهِر) ، وَكِتَاب (أَحكَام السَّمَاع) ، وَكِتَاب (عُيُون الأَجوبَة فِي فُنُوْن الأَسولَة) ، وَكِتَاب (المنَاجَاة) ، وَكِتَاب
__________
(1) كذا في الأصل، وفي " تبيين كذب المفتري "، و" طبقات " السبكي والاسنوي، و" طبقات " الداوودي: " الاليماني " ولم نجد ترجمة هذه النسبة.
(2) قال ياقوت: بالضم ثم السكون وضم التاء المثناة وواو وألف: ناحية من نيسابور كثيرة القرى.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 206، و" تبين كذب المفتري " 273 - 274، و" طبقات " السبكي 5 / 155 - 156، و" طبقات " الاسنوي 2 / 314.
(4) وقد طبع الدكتور إبراهيم بسيوني الاقسام الثلاثة الأولى منه.(18/229)
(المُنْتَهَى فِي نَكت أُوْلِي النُّهَى (1)) .
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: لَمْ يَرَ الأُسْتَاذ أَبُو القَاسِمِ مِثْلَ نَفْسه فِي كَمَاله وَبرَاعته، جَمَعَ بَيْنَ الشَّرِيعَة وَالحقيقَة، أَصلُه مِنْ نَاحِيَة أُسْتُوَاءة، وَهُوَ قُشَيْرِيُّ الأَب، سُلَمِيُّ الأُمّ (2) .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (3) : كتبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً، وَكَانَ حَسَنَ الْوَعْظ، مَليحَ الإِشَارَةِ، يَعرِف الأُصُوْلَ عَلَى مَذْهَب الأَشْعَرِيّ، وَالفروعَ عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ.
قَالَ لِي: وُلِدَتُ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَة سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَة اللهِ بن تَاجِ الأُمَنَاءِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، عَن أُمّ المُؤَيَّد زَيْنَب بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفتُوح عَبْدُ الوَهَّابِ بن شَاه الشَّاذْيَاخِيّ، أَخْبَرَنَا زِينُ الإِسْلاَم أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الكَرِيْمِ بن هَوَازِن، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْملك، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، أَخْبَرْنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِي يُوْنُس، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي سَعِيْدُ بنُ المسيِّب، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوْق بقرَةً قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا، الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، وَقَالَتْ: إِنِّيْ لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ) .
فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ!
فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (آمَنْتُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ) (4) .
__________
(1) انظر مؤلفاته في " هدية العارفين " 1 / 607 - 608.
(2) أورد مثل هذا الخبر ابن عساكر في " تبيين كذب المفتري ": 272.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 83.
(4) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3471) في الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل من طريق علي بن عبد الله، ومسلم (2388) في فضائل الصحابة: باب فضائل أبي بكر من طريق محمد ابن عباد، كلاهما عن سفيان بن عيينة عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وأخرجه الترمذي (3677) من طريق محمود بن غيلان، عن أبي داود، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.(18/230)
وَبِهِ إِلَى عَبْد الكَرِيْمِ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ، سَمِعْتُ الحُسَيْن بن يَحْيَى، سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ نُصَيْر، سَمِعْتُ الجُنَيْد يَقُوْلُ: قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِي:
رُبَّمَا تَقَعُ فِي قَلْبِي النُّكْتَةُ مِنْ نُكَتِ القَوْم أَيَّاماً، فَلاَ أَقْبَل مِنْهُ إِلاَّ شَاهِدين عَدْلَيْنِ مِنَ الكِتَاب وَالسُّنَّة (1) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ البَاخَرْزِي (2) : وَلأَبِي القَاسِمِ (فَضل النُّطْق المُسْتطَاب (3)) مَاهرٌ (4) فِي التَّكلّم عَلَى مَذْهَب أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيّ، خَارِجٌ فِي إِحَاطته بِالعلُوْم عَنِ الحَدِّ البشرِي، كَلِمَاتُهُ لِلمُسْتفِيدين فَرَائِد (5) ، وَعَتبَات مِنْبَره لِلعَارِفِيْن وَسَائِد، وَلَهُ نَظْمٌ تُتَوَّجُ بِهِ رُؤُوْس معَاليه إِذَا خُتِمَتْ بِهِ أَذنَابُ أَمَاليه.
قَالَ عبدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: وَمِنْ جُمْلَةً أَحْوَال أَبِي القَاسِمِ مَا خُصَّ بِهِ مِنَ المِحنَة فِي الدِّين، وَظُهُوْرِ التعصُّب بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ فِي عَشْرِ سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة إِلَى سَنَة خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، وَمَيْلِ بَعْضِ الوُلاَة إِلَى الأَهوَاء، وَسَعِي بَعْض الرُّؤَسَاء إِلَيْهِ بِالتَّخليط، حَتَّى أَدَّى ذَلِكَ إِلَى رَفْعِ المَجَالِس، وَتَفرُّقِ شَمْلِ الأَصْحَاب، وَكَانَ هُوَ المقصودَ مِنْ بَيْنهِم حَسَداً، حَتَّى اضْطر إِلَى مفَارقَةَ الْوَطَن، وَامتدّ فِي أَثْنَاء ذَلِكَ إِلَى بَغْدَادَ، فَوَرَدَ عَلَى القَائِمِ بِأَمْرِ اللهِ، وَلقِي
__________
(1) انظر الخبر وتخريجه في الجزء العاشر من الكتاب ص 183، في ترجمة أبي سليمان
الداراني رقم (34) ، وأراد ب " النكتة ": كلمة الحكمة، وب " القوم ": الصالحين ممن اشتهر بالخير.
(2) في " دمية القصر " 2 / 993 - 994، وفي الأصل: الباخزري وهو خطأ.
(3) اسم في " الدمية ": " فصل الخطاب في فضل النطق المستطاب "، وكذلك ورد اسمه في " كشف الظنون " 2 / 1260.
(4) تحرفت في الأصل إلى: " ما هو ".
(5) في " الدمية ": كلماته كلها رضي الله عنه للمستفيدين فوائد وفرائد.(18/231)
قبولاً، وَعُقِدَ لَهُ المَجْلِسُ فِي مَجَالِسه المُخْتصَّة بِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمحضرٍ وَمرَأَى مِنْهُ، وَخَرَجَ الأَمْر بِإِعزَازِهِ وَإِكرَامه، فَعَاد إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ مِنْهَا إِلَى طُوْس بِأَهْلِهِ، حَتَّى طلع صُبْحُ الدَّوْلَة أَلبآرسلاَنِيَّة (1) فَبقِي عشر سِنِيْنَ مُحتَرماً مُطَاعاً مُعَظَّماً (2) .
وَمِنْ نَظْمِهِ:
سَقَى اللهُ وَقْتاً كُنْتُ أَخْلُو بِوَجْهِكُمْ ... وَثَغْرُ الهَوَى فِي رَوْضَةِ الأُنْسِ ضَاحِكُ
أَقَمْتُ زَمَاناً وَالعُيُونُ قَرِيْرَةٌ ... وَأَصْبَحْتُ يَوْماً وَالجفُوْنُ سَوَافِكُ (3)
أَنشدنَا أَبُو الحُسَيْنِ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا القَاضِي حسنُ بنُ نَصْر بِنُهَاوند، أَنشدنَا أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ لِنَفْسِهِ:
البَدْرُ مِنْ وَجْهِكَ مَخْلُوْقُ ... وَالسِّحْرُ مِنْ طَرْفِكَ مَسْرُوْقُ
يَا سَيِّداً تَيَّمَنِي حُبُّهُ ... عَبْدُكَ مِنْ صَدِّكَ مَرْزُوْقُ
وَلأَبِي القَاسِمِ أَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً مِنْ تخرِيجه سمِعنَاهَا عَالِيَة.
قَالَ عبدُ الغَافِر: تُوُفِّيَ الأُسْتَاذ أَبُو القَاسِمِ صَبِيْحَةَ يَوْمِ الأَحَد السَّادِس وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ربيعٍ الآخر، سَنَة خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة (4) .
قُلْتُ: عَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
__________
(1) أي دولة السلطان ألب آرسلان والذي ستأتي ترجمته برقم (210) في هذا الجزء.
(2) الخبر بنحوه في " تبيين كذب المفتري " 274 - 275، و" طبقات " السبكي 5 / 157 - 158.
(3) البيتان في " وفيات الأعيان " 3 / 207.
وانظر بعض نظمه في " طبقات " السبكي 5 / 160 - 162، و" دمية القصر " 2 / 994 - 996.
(4) انظر " تبيين كذب المفتري " 275 - 276.(18/232)
وَقَالَ المُؤَيَّد فِي (تَارِيْخِهِ (1)) : أُهدي لِلشَّيْخِ أَبِي القَاسِمِ فَرَسٌ، فَرَكبه نَحْواً مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَلَمَّا مَاتَ الشَّيْخُ لَمْ يَأْكُلِ الفرسُ شَيْئاً، وَمَاتَ بَعْدَ أُسْبُوْع.
110 - كَرِيْمَةُ أُمّ الكِرَامِ بِنْتُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيَّةُ *
الشَّيْخَةُ، العَالِمَةُ، الفَاضِلَةُ، المُسْنِدَةُ، أُمُّ الكِرَامِ كَرِيْمَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَاتِم (2) المَرْوَزِيَّةُ (3) ، المُجَاوِرَةُ بِحَرَمِ اللهِ.
سَمِعَت: مِنْ أَبِي الهَيْثَمِ الكُشْمِيْهَنِي (4) (صَحِيْح البُخَارِيّ) ، وَسَمِعَتْ مِنْ زَاهِر بن أَحْمَدَ السَّرْخَسِيّ (5) ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ بنِ بامُويه الأَصْبَهَانِيّ (6) .
وَكَانَتْ إِذَا رَوت قَابلت بِأَصلِهَا، وَلَهَا فَهْمٌ وَمَعْرِفَة مَعَ الخَيْر وَالتَّعبد.
روتِ (الصَّحِيْح) مَرَّات كَثِيْرَة؛ مرَّةً بقِرَاءةِ أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْب فِي أَيَّامِ المَوْسِم، وَمَاتَتْ بِكراً لَمْ تَتزوَّج أَبَداً.
__________
(1) " المختصر في أخبار البشر " 2 / 190.
(*) الإكمال 7 / 171، المنتظم 8 / 270، الكامل 10 / 69، المختصر في أخبار البشر
2 / 188، العبر 3 / 254، دول الإسلام 1 / 274، تتمة المختصر 1 / 565، البداية والنهاية 12 / 105، القاموس المحيط: مادة " كشميهنة "، العقد الثمين 8 / 310، شذرات الذهب 3 / 314، تاج العروس 9 / 43 مادة " كرم " و9 / 321 مادة (كشميهنة) ، الدر المنثور: 458.
(2) في " المنتظم ": ابن أبى حاتم.
(3) نسبة إلى مرو الشاهجان، وهى مرو العظمى أشهر مدن خراسان وقصبتها، والنسبة إليها مروزي على غير قياس.
انظر " معجم البلدان ": 5 / 112 - 113، وقد تحرفت في " أعلام " الزركلي إلى " المروذية " بالذال وتشديد الراء نسبة إلى مرو الروذ.
(4) وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (361) .
(5) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر برقم (352) .
(6) مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (145) .(18/233)
حَدَّثَ عَنْهَا: الخَطِيْبُ، وَأَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيّ، وَأَبُو طَالِبٍ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ بَرَكَات السَّعيدي، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الفَرَّاء، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَدَقَة بن الغَزَال، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّسِيْب، وَأَبُو المُظَفَّرِ مَنْصُوْرُ بنُ السَّمْعَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيّ: أَخَرَجَتْ كَرِيْمَةُ إِلَيَّ النُّسْخَة (بِالصَّحِيْح) ، فَقَعَدتُ بحذَائِهَا، وَكَتَبتُ سَبْعَ (1) أَورَاق، وَقرَأْتُهَا، وَكُنْتُ أُرِيْد أَنْ أُعَارِضَ وَحْدي، فَقَالَتْ: لاَ حَتَّى تُعَارض مَعِي.
فَعَارَضْتُ مَعَهَا.
قَالَ: وَقَرَأْتُ عَلَيْهَا مِنْ حَدِيْثِ زَاهِر.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَنْصُوْرٍ السَّمْعَانِيّ: سَمِعْتُ الوَالِد يَذكر كَرِيْمَة، وَيَقُوْلُ: وَهل رَأَى إِنْسَانٌ مِثْلَ كَرِيْمَة؟
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَسَمِعْتُ بِنْتَ أَخِي كَرِيْمَة تَقُوْلُ: لَمْ تَتزوَّج كَرِيْمَةُ قَطُّ، وَكَانَ أَبُوْهَا مِنْ كُشْمِيهَن (2) ، وَأُمّهَا مِنْ أَوْلاَد السَّيَّارِي (3) ، وَخَرَجَ بِهَا أَبُوْهَا إِلَى بَيْتِ المَقْدِس، وَعَاد بِهَا إِلَى مَكَّةَ، وَكَانَتْ قَدْ بلغتِ المائَة.
قَالَ ابْنُ نَقطَة: نَقَلْتُ وَفَاتهَا مِنْ خطِّ ابْن نَاصِر سَنَة خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ: الصَّحِيْحُ مَوْتهَا فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ.
قَالَ هِبَةُ اللهِ بنُ الأَكْفَانِي سَنَةَ ثَلاَثٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْفِيّ قَالَ: سَمِعْتُ بِمَكَّةَ مِنْ مُخْبِرٍ بِأَنَّ كَرِيْمَةَ تُوُفِّيَت فِي شُهُور هَذِهِ السَّنَة.
__________
(1) في الأصل: سبعة، والصواب ما أثبتناه.
(2) ضبطها السمعاني بكسر الميم، وضبطها ياقوت بفتحها، وهي قرية من قرى مرو القديمة، وقد خربت، وهى في القاموس " كشميهنة ".
(3) بفتح السين المهملة وتشديد الياء المثناة، هذه النسبة إلى سيار، وهو جد المنتسب إليه.(18/234)
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الهَمْدَانِيّ: حَجَجْتُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، فَنُعيت إِلَيْنَا كَرِيْمَةُ فِي الطَّرِيْق، وَلَمْ أُدْرِكْهَا.
111 - ابْنُ الخَالَةِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَهْلٍ الوَاسِطِيُّ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الأَدَبِ، أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَهْلِ بنِ بِشْرَانَ الوَاسِطِيُّ، اللُّغَوِيُّ، الحَنَفِيُّ، المُعَدَّلُ.
وَكَانَ جَدُّهُ لِلأُمّ هُوَ ابْنَ عَمِّ المُحَدِّث أَبِي الحُسَيْنِ (1) بنِ بِشْرَان.
مَوْلِدُ أَبِي غَالِب: فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ (2) وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ عَلِيِّ بنِ كُردَان النَّحْوِيّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ عَلِيِّ بن دِيْنَارٍ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ العَلَوِيّ، وَأَحْمَد بن عُبَيْد بن بِيرِي، وَأَبِي الفَضْل التَّمِيْمِيّ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيّ، وَهِبَةُ اللهِ الشِّيْرَازِيّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجُلاَّبِي، وَخَلْق.
وَبَالإِجَازَة أَبُو القَاسِمِ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ.
__________
(*) دمية القصر 1 / 317 - 320 و349 - 351، سؤالات الحافظ السلفي: 20 - 22، المنتظم 8 / 259 - 260، معجم الأدباء 17 / 214 - 224، إنباه الرواة 3 / 44 - 45، أخبار المحمدين من الشعراء: 28، الاستدراك: ج 1 / ورقة: 141 / أباب (خالة وجالة) ، الكامل 10 / 62، العبر 3 / 250، ميزان الاعتدال 3 / 459 - 460، الوافي بالوفيات 2 / 82 - 83، البداية والنهاية 12 / 100، الجواهر المضية 2 / 11 - 12 (طبعة الهند) ، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 12، لسان الميزان 5 / 43 - 44، تبصير المنتبه 2 / 524، النجوم الزاهرة 5 / 85 - 86، بغية الوعاة 1 / 26 - 27، شذرات الذهب 3 / 310.
(1) وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (189) .
(2) في المنتظم: " سنة ثلاثين " وهو خطأ.(18/235)
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: كَانَ النَّاسُ يَرحلُوْنَ إِلَيْهِ لأَجْل اللُّغَة، وَهُوَ مُكْثِر مِنْ رِوَايَةِ كتبهَا.
وَقَالَ خَمِيْس الحوزِي (1) :قرَأَ كِتَاب سِيبَوَيْهٍ عَلَى ابْنِ كُردَان (2) ، وَلاَزَمَ حَلْقَة الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاقَ الرِّفَاعِيّ؛ تِلْمِيْذِ السيرَافِي، فَكَانَ يَقُوْلُ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنْ أَشعَار العَرَب أَلْفَ ديوَان (3) .
قَالَ: وَكَانَ جَيِّد الشّعر (4) ، مُعْتَزِلياً.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ الْجِيلِي: كَانَ أَحَدَ شُهُوْد وَاسِط، وَكَانَ عَالِماً بِالأَدب، رَاوِيَةً لَهُ، ثِقَةً، بارعاً فِي النَّحْوِ، صَارَ شَيْخَ العِرَاق فِي اللُّغَة فِي وَقته، وَانتهتِ الرّحلَةُ إِلَيْهِ فِي هَذَا العِلْم ... ، ثُمَّ سَرَدَ أَسْمَاء مَشَايِخه.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحُمَيْدِيّ، وَأَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْد اللهِ قَاضِي البَصْرَةِ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
أَنْبَأَنَا ابْنُ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ البَنَّاء، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ ابْن الجُلاَّبِي قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ إِجَازَة.
مَاتَ: فِي نِصْفِ رَجَب سَنَة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قُلْتُ: شَاخَ وَعُمِّرَ.
__________
(1) " سؤالات الحافظ السلفي ": 21 - 22.
(2) هو أبو القاسم علي بن طلحة بن كردان الواسطي، المتوفى سنة 424 هـ، مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (284) .
وقد تحرف في " معجم الأدباء " 17 / 221، إلى " ابن كروان ".
(3) في " لسان الميزان " 5 / 43 " ديوانا " وهو خطأ يوهم أن كلمة ألف قبلها هي فعل " ألف " ووقع في هذا الوهم الأستاذ الزركلي في " الاعلام " 6 / 207، وتابعه الأستاذ كحالة في " معجم المؤلفين " 8 / 267.
(4) انظر بعض نظمه في " المنتظم " 8 / 259 - 260، و" دمية القصر " 1 / 317 - 319، و" الوافي بالوفيات " 2 / 82 - 83، و" معجم الأدباء " 17 / 215 - 224، ومنه: لا تغترر بهوى الملاح فربما * ظهرت خلائق للملاح قباح وكذا السيوف يرون حسن صقالها * وبحدها تتخطف الارواح(18/236)
وَفِيْهَا مَاتَ:
112 - الأَسَدَابَاذِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ أَحْمَدُ *
الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُوْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَسَدَابَاذِيُّ (1) بِتَبْرِيْز.
يَرْوِي عَنْ: عُبَيْد اللهِ الصَّيْدَلاَنِيّ، وَغَيْره.
كَذَّبَه ابْنُ خَيْرُوْنَ (2) .
قِيْلَ: عَاشَ ستاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (3) :كَانَ مُخَلِّطاً مُجَازفاً، سَمَّعَ لِنَفْسِهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ابْن شَاذَانَ.
وَفِيْهَا مَاتَ:
113 - ابْنُ أَبِي عَلاَّنَةَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ **
الشَّيْخُ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عَلاَّنَة بِبَغْدَادَ فَجأةً فِي شَعْبَانَ.
ثِقَة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي طَاهِر المُخَلِّص.
__________
(*) تاريخ بغداد 4 / 325 - 326، المنتظم 8 / 258، ميزان الاعتدال 1 / 121، لسان الميزان 1 / 225 - 226.
والاسداباذي: بفتح الالف والسين والذال المهملتين والباء المنقوطة بواحدة بين الالفين وفي آخرها الذال، نسبة إلى أسد اباذ، وهي بليدة على منزل من همذان إذا خرجت إلى العراق، عمرها أسد بن ذي السرو الحميري في اجتيازه مع تبع.
وأسداباذ أيضا: قرية من أعمال بيهق من نواحي نيسابور أنشأها أسد بن عبد الله القسري. انظر " الأنساب " و" معجم البلدان ".
(1) في " تاريخ بغداد " زيادة: " المعروف بالمقرئ ".
(2) انظر " ميزان الاعتدال " 1 / 121، و" لسان الميزان " 1 / 225، و" المنتظم " 8 / 258.
(3) " تاريخ بغداد " 4 / 326، وفيه وفاته سنة (461) هـ.
(* *) تاريخ بغداد 2 / 257، الإكمال 6 / 306، الأنساب 9 / 101 - 102، المنتظم 8 / 260، اللباب 2 / 367، تبصير المنتبه 3 / 962.(18/237)
كَتَبَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَصَحَّح سَمَاعه (1) .
وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا (2) تُوُفِّي بِالقُدس: أَبُو الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الغَرَّاء البَصْرِيّ المُقْرِئ (3) .
114 - الطُّرَيْثِيْثِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ *
الطُّرَيْثِيْثِيُّ اللَّحسَانِي، وَيُقَالُ: اللحَاسِي (4) .
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الحُسَيْنِ الخَفَّافِ، وَأَبِي مُعَاذ الشَّاه، وَمُحَمَّدِ بن جَعْفَرٍ المَالِيْنِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: زَاهِرٌ الشَّحَّامِيّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ أَحْمَدَ الطُّرَيْثِيْثِيّ.
بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
115 - ابْنُ المُهْتَدِي بِاللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ **
القَاضِي الشَّرِيْفُ، أَبُو الحَسَنِ (5) مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 257.
(2) أي سنة (462) .
(3) ذكر ابن حجر في " التبصير " 3 / 1057 أنه توفي سنة (472) .
(*) لم نعثر له على ترجمة فيما بين أيدينا من مصادر، والطريثيثي: نسبة إلى طريثيث، وهي: ناحية كبيرة من نواحي نيسابور بها قرى كثيرة، ويقال لها بالعجمية: ترشيز أو ترشيش. " الأنساب " 8 / 238.
(4) لم نقف على هذه النسبة في كتب الأنساب.
(* *) تاريخ بغداد 1 / 356، المنتظم 8 / 274 - 275، الكامل 10 / 72، البداية والنهاية 12 / 105، النجوم الزاهرة: 5 / 90.
(5) في " الكامل " و" النجوم الزاهرة ": أبو الحسين.(18/238)
عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ المُهْتَدِي بِاللهِ (1) .
وُلِدَ: فِي شَوَّال سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ مِنْ: عُثْمَان بن عِيْسَى البَاقِلاَّنِيّ الزَّاهِد، وَالحَافِظ أَبِي بَكْرٍ بنِ بُكَيْر، وَابْن رَزْقُوَيْه.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ القَاضِي، وَيَحْيَى بنُ الطَّرَّاح، وَطَائِفَة.
وَمِنْ أَقْرَانِهِ: الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو عَلِيٍّ البَرَدَانِي.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ صَدُوْقاً، قَالَ: إِنَّهُ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ الصَّيْدَلاَنِيّ، وَسَمِعَ مِنْهُ، لَكِن لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا سَمِعَ مِنْهُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: كَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَمَاتَ مَعَهُ:
أَبُو طَاهِرٍ المُبَارَكُ بنُ الحُسَيْنِ الأَنْصَارِيّ البَغْدَادِيُّ الصَّفَّار، ثِقَةٌ سرِيٌّ، يَرْوِي عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ الفرضِي، وَبَكْر بن مُحَمَّدِ بنِ حَيْد النَّيْسَابُوْرِيّ بِالرَّيّ.
وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُبَيْد اللهِ الطَّحَّان (2) ، يَوْم الْفطر، يَرْوِي عَنِ ابْنِ سَمْعُوْنَ، وَكَانَ صَالِحاً.
وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَاده الأَصْبَهَانِيّ (3) القَاضِي فَجْأَة بِسوَاد
__________
(1) " تاريخ بغداد " 1 / 356.
(2) ترجمته في " المنتظم " 8 / 275.
(3) ترجمته في " المنتظم " 8 / 275، و" البداية " 12 / 105، وقد تصحفت كلمة " شادة " في " البداية " إلى " شارة " بالراء.(18/239)
العِرَاق، يَرْوِي عَنْ: أَبِي عُمَرَ بن مَهْدِيٍّ، رَوَى عَنْهُ: قَاضِي المرستَان، وَمفلح الدُّومِي، وَابْن الطَّرَّاح، وَيَحْيَى بن البَنَّاءِ.
116 - ابْنُ زَيْدُوْنَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ المَخْزُوْمِيُّ *
الصَّاحِبُ، الوَزِيْرُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو الوَلِيْدِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ غَالِبِ بنِ زِيدُوْنَ المَخْزُوْمِيُّ، القُرَشِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ، الشَّاعِرُ، حَامِلُ لِوَاءِ الشِّعْرِ فِي عَصْرِهِ.
قَالَ ابْنُ بَسْام (1) :كَانَ غَايَةَ (2) مَنثُوْرٍ وَمنظومٍ، وَخَاتمَةَ شُعَرَاء بَنِي مَخْزُوْمٍ، أَحَدَ مَنْ جرَّ الأَيَّام جراً، وَفَاق الأَنَام طُرّاً، وَصرَّف السُّلْطَانَ نَفعاً وَضرّاً، وَوسَّع البيَانَ نَظماً وَنثراً، إِلَى أَدب مَا لِلبحر تدفُّقُه، وَلاَ لِلبدر تَأَلُّقُه، وَشعرٍ لَيْسَ لِلسِّحر بيَانُه، وَلاَ لِلنجومِ اقترَانُهُ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ وُجُوه الفُقَهَاء بقُرْطُبَة، فَانْتقل مِنْهَا إِلَى عِنْد صَاحِب إِشبيليَة المُعْتَضِد بن عَبَّادٍ، بَعْد الأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، فَجَعَله مِنْ خوَاصِّه، وَبَقِيَ مَعَهُ فِي صُوْرَة وَزِيْر، وَهُوَ صَاحِبُ هَذِهِ الكَلِمَة البَدِيْعَة:
بِنْتُمْ وَبِنَّا فَمَا ابْتَلَّتْ جَوَانِحُنَا ... شَوْقاً إِلَيْكُمُ وَلاَ جَفَّتْ مَآقِيْنَا
__________
(*) جذوة المقتبس: 130 - 131، قلائد العقيان: 79، الذخيرة 1 / 1 / 336 - 428، الخريدة 2 / 48 - 71، بغية الملتمس: 186 - 187، المطرب: 164، المعجب: 74، إعتاب الكتاب: 207، المغرب في حلي المغرب 1 / 63 - 69، وفيات الأعيان 1 / 139 - 141، المختصر في أخبار البشر 2 / 187، العبر 3 / 253، تتمة المختصر 1 / 563 - 564، الوافي 7 / 87 - 94، مرآة الجنان 3 / 14 - 15، البداية والنهاية 12 / 104 - 105، النجوم الزاهرة 5 / 88، نفح الطيب 1 / 627 وغيرها وانظر الفهرس، كشف الظنون: 278، 841، شذرات الذهب 3 / 312 - 313، إيضاح المكنون 1 / 485، دائرة المعارف الإسلامية 1 / 186، كنوز الاجداد: 251 - 260، ابن زيدون: لعلي عبد العظيم.
(1) في " الذخيرة ": 1 / 1 / 336.
(2) في المطبوع من " الذخيرة ": صاحب.(18/240)
كُنَّا نَرَى اليَأْسَ تُسْلِيْنَا عَوَارِضُهُ ... وَقَدْ يَئِسْنَا فَمَا لِليَأْسِ يُغْرِينَا
نَكَادُ حِيْنَ تُنَاجِيْكُمْ ضَمَائِرُنَا ... يَقضِي عَلَيْنَا الأَسَى لَوْلاَ تَأَسِّيْنَا
حَالَتْ لِفَقْدِكُمْ أَيَّامُنَا فَغَدَتْ ... سُوْداً وَكَانَتْ بِكُمْ بِيْضاً لَيَالِيْنَا
لِيُسْقَ عَهْدُكُم عَهْد السُّرُوْر فَمَا ... كُنْتُم لأَرْوَاحِنَا إِلاَّ رَيَاحِيْنَا (1)
تُوُفِّيَ: فِي رَجَب سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَقَدْ وَزَرَ ابْنُهُ أَبُو بَكْرٍ (2) لِلمعتمد (3) بنِ عَبَّادٍ.
117 - ابْنُ المُهْتَدِي بِاللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، الخَطِيْبُ، المُحَدِّثُ الحُجَّةُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ المُهْتَدِي بِاللهِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ مُحَمَّدِ ابْنِ الوَاثِقِ هَارُوْنَ بنِ المُعْتَصِمِ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، المَعْرُوفُ بِابْنِ الغَرِيْقِ (4) سَيِّدُ بَنِي هَاشِمٍ فِي عَصْرِهِ.
وُلِدَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَعُمَر بنَ شَاهِيْن - فَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُمَا -، وَعَلِيَّ بنَ عُمَرَ السُّكَّرِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ بنِ دُوسْت، وَأَبَا الفَتْح يُوْسُفَ الْقَوَّاس، وَأَبَا القَاسِمِ بن حَبَابَةَ، وَأَبَا الطّيب عُثْمَانَ بنَ مُنتَاب، وَأَبَا حَفْصٍ
__________
(1) الابيات في " ديوانه ": 9 - 10 طبعة صادر.
(2) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 1 / 141.
(3) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (35) .
(*) تاريخ بغداد 3 / 108 - 109، المنتظم 8 / 283، الكامل 10 / 88، العبر 3 / 260، دول الإسلام 1 / 274، الوافي بالوفيات 4 / 137، البداية والنهاية 12 / 108، شذرات الذهب 3 / 324، تاج العروس: " مادة غرق " 7 / 34، الرسالة المستطرفة: 71.
(4) تصحفت في " البداية " إلى " العريف ".(18/241)
الكَتَّانِي، وَالمُخَلِّص، وَعِيْسَى بن الوَزِيْر، وإِدْرِيْسَ بن عَلِيٍّ، وَعَلِيَّ بنَ عُمَرَ المَالِكِيّ القَصَّار، وَعِدَّة.
وَ (مشيختُه) فِي جُزئِين مرويَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالحُمَيْدِيُّ، وَشُجَاعٌ الذُّهْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَرْخَان التُّرْكِي، وَالمُفْتِي يُوْسُفُ بنُ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِي، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفَارقِي، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عبد البَاقِي الفَرَضِي، وَيُوْسُفُ بنُ أَيُّوْبَ الهَمَذَانِيّ، وَالقَاضِي أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيّ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّاز، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ثِقَةً نبيلاً، وَلِيَ القَضَاءَ بِمدينَة المَنْصُوْر، وَهُوَ مِمَّنْ شَاع أَمرُه بِالعِبَادَة وَالصَّلاَح، حَتَّى كَانَ يُقَالُ لَهُ: رَاهِبُ بَنِي هَاشِمٍ، كَتَبْتُ عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: حَاز أَبُو الحُسَيْنِ قَصَب السَّبقَ فِي كُلِّ فَضِيْلَة، عقلاً وَعلماً وَديناً، وَحَزْماً وَوَرِعاً وَرَأْياً، وُقف عَلَيْهِ عُلو الرِّوَايَة، وَرَحَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ مِنَ البِلاَد، ثَقُلَ سَمعُهُ بِأَخَرَة، فَكَانَ يَتولَّى القِرَاءة بِنَفْسِهِ مَعَ عُلُوِّ سِنِّه، وَكَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، نبيلاً، مُكْثِراً.
وَقَالَ أُبَيٌّ النَّرْسِيّ: كَانَ ثِقَةً يَقرَأُ لِلنَّاسِ، وَكَانَتْ إِحْدَى عينِيه ذَاهبَة (2) .
وَقَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ: كَانَ صَائِم الدَّهْر زَاهِداً، وَهُوَ آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنِ الدَّارَقُطْنِيّ وَابْن دُوْست، وَهُوَ ضَابط مُتَحَرٍّ (3) ، أَكْثَر سَمَاعَاتِهِ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 108 - 109.
(2) انظر " المنتظم " 8 / 283.
(3) في الأصل: متحري، والجادة ما أثبت.(18/242)
بِخَطِّهِ، مَا اجْتَمَع فِي أَحَدٍ مَا اجْتَمَع فِيْهِ، قضَى سِتّاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَخَطَبَ ستاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً لَمْ تُعرف لَهُ زَلَّة، وَكَانَتْ تِلاَوَتُهُ أَحْسَن شَيْء.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الخَاضبَة: رَأَيْتُ كَأنَّ القِيَامَةَ قَدْ قَامت، وَكَانَ مَنْ يَقُوْلُ: أَيْنَ ابْن الخَاضبَة؟ فَقِيْلَ لِي: ادْخُلِ الجَنَّة، فَلَمَّا دَخَلتُ اسْتلقيتُ عَلَى قفَاي، وَوضعت إِحْدَى رِجْلَيَّ عَلَى الأُخْرَى، وَقُلْتُ: آهُ! اسْترحتُ وَاللهِ مِنَ النّسخ.
فَرفعتُ رَأْسِي، فَإِذَا بِبَغْلَة مُسرَجَة مُلْجَمَة فِي يَد غُلاَم، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذِهِ؟
فَقَالَ: لِلشَرِيْف أَبِي الحُسَيْنِ بنِ الغرِيق.
فَلَمَّا كَانَ فِي صَبِيْحَةِ تِلْكَ اللَّيْلَة نُعِيَ إِلَيْنَا أَبُو الحُسَيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ - (1) .
وَقَالَ الزَّاهِدُ يُوْسُفُ الهَمَذَانِيّ: انْطرش أَبُو الحُسَيْنِ، فَكَانَ يَقرَأُ عَلَيْنَا، وَكَانَ دَائِمَ العِبَادَة، قرَأَ عَلَيْنَا حَدِيْث المَلَكَيْنِ (2) ، فَبَكَى بُكَاء عَظِيْماً، وَأَبَكَى الحَاضِرِيْنَ.
قَالَ ابْنُ خَيْرُوْنَ: مَاتَ فِي أَوّلِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَفِيْهَا مَاتَ: السُّلْطَانُ عَضدُ الدَّوْلَة أَبُو شُجَاعٍ آرسلاَن (3) بن جَغْرِيبَك، وَاسم جَغْرِيبَك: دَاوُد (4) بن مِيكَال بن سَلْجُوْق بن تُقَاق بن سَلْجُوْق التركِيّ الْملك العَادل، وَجدُّهم تُقَاق تَفْسِيْره: قَوس حَدِيد، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِن
__________
(1) الخبر في " المنتظم " 8 / 283، و" الوافي " 2 / 90 في ترجمة ابن الخاضبة وستأتي ترجمته في " السير " في الجزء التاسع عشر برقم (61) .
(2) ينتظر في هذا حديث البراء بن عازب الطويل المخرج في " المسند " 4 / 287 و288 و295 و296، وأبي داود (3212) والطيالسي (753) ، وصححه الحاكم 1 / 37 - 40،
وأقره الذهبي، وصححه غير واحد من الأئمة، وهو كما قالوا، وحديث أنس في البخاري (1374) ومسلم (2870) .
(3) سترد ترجمته برقم (210) .
(4) وقد تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (51) .(18/243)
التُّرك مِنَ السَّلْجُوْقيَّة، لَهُ ممَالِكُ وَاسِعَة، وَموَاقفُ مَشْهُوْدَة، وَتَرْجَمَتُهُ فِي (تَارِيخ الإِسْلاَم) .
وَفِيْهَا مَاتَ: المَلكُ ملكُ الأُمَرَاء نَاصِر الدَّوْلَة حُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ حُسَيْن ابْن صَاحِب المَوْصِل نَاصِر الدَّوْلَة بن حَمْدَان (1) ؛أَحَدُ الأَبْطَال، جرت لَهُ حُرُوْبٌ وَعَجَائِب، وَأَظهر بِمِصْرَ السُّنَّة، وَكَانَ عَمَّالاً عَلَى إِقَامَة الدَّوْلَة لِبَنِي العَبَّاسِ، وَقَهْرِ العُبَيْدِيَّة، وَتَهَيَّأَت لَهُ الأَسبَابُ، وَترك المُسْتنصر عَلَى بَرْد الدِّيَار، وَأَبَاد الكِبَار، إِلَى أَنْ وَثَبَ عَلَيْهِ أَترَاكٌ، فَقتلُوْهُ، وَقَدْ وَلِي نِيَابَة دِمَشْق مرَّة، وَأَبُوْهُ سَيْف الدَّوْلَة.
118 - الحَفْصِيُّ أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ المُسْنِدُ، أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ المَرْوَزِيُّ، الحَفْصِيُّ، رَاوِي (صَحِيْح البُخَارِيّ) عَنْ أَبِي الهَيْثَمِ الكُشْمِيهَنِيِّ، صَاحِبِ الفِرَبْرِيّ.
حَدَّثَ بِهِ بِمَرْو وَنِيسَابور.
وَكَانَ رَجُلاً مُبَاركاً مِنَ العوَام، أَكرمَهُ نِظَامُ المُلْكِ، وَسَمِعَ مِنْهُ، وَوَصَلَهُ بِجملَة.
رَوَى عَنْهُ: الشَّيْخ أَبُو حَامِدٍ الغزَالِي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ المُؤَذِّن، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بن شَاه الشَّاذِيَاخِي، وَوجيهُ بنُ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيّ، وَهبَةُ الرَّحْمَن حَفِيْدُ القُشَيْرِيّ (2) ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: لَمْ يُحَدِّث بـ (الصَّحِيْح) بِمَرْو، وَحمله
__________
(1) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (156) .
(*) الأنساب 4 / 175 - 176، اللباب 1 / 376، العبر 3 / 261، شذرات الذهب 3 / 325.
(2) أي حفيد الامام أبي القاسم القشيري.(18/244)
النِّظَام الوَزِيْر إِلَى نَيْسَابُوْرَ، فَحَدَّثَ بـ (الصَّحِيْح) فِي النِّظَامِيَّة، وَسَمِعَ مِنْهُ عَالَمٌ لاَ يُحصَوْنَ، وَانْصَرَفَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَفِيْهَا مَاتَ (1) .
وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْد اللهِ بن عُمَرَ بنِ سَعِيْدِ بنِ حَفْص، فَنُسِبَ إِلَى الْجد، فَقِيْلَ: الحَفْصِي.
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ.
وَفِيْهَا (2) تُوُفِّيَ: أَبُو بَكْرٍ جُمَاهَر بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَجْرِيّ الطُّلَيْطُلِيّ شَيْخُ المَالِكِيَّة، وَالحَافِظُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَمْرِو بنِ يُوْنُس الأَصْبَهَانِيّ (3) ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ حسن الوَرْكَانِيَّة (4) ، وَالفَقِيْه عبدُ الحَقّ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّقَلِي (5) ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِي (6) مُحَدِّثُ دِمَشْقَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ عُمَرُ بنُ عَلِيٍّ اللَّيْثِيّ (7) ، وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ العَطَّار (8) ، وَأَبُو المَكَارِمِ مُحَمَّدُ بنُ سُلْطَان بن حَيُّوس الفَرَضِي، وَأَبُو بَكْرٍ يَعْقُوْبُ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيّ.
119 - الصَّيْرَفِيُّ أَبُو بَكْرٍ يَعْقُوْبُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ الرَّئِيْسُ الثِّقَةُ، المُسْنِدُ، أَبُو بَكْرٍ يَعْقُوْبُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
__________
(1) انظر " الأنساب " 4 / 175 - 176، وقال فيه: وتوفي فيما أظن سنة ست.
(2) أي في سنة ست وستين وأربع مئة.
(3) سترد ترجمته برقم (158) .
(4) سترد ترجمتها برقم (142) .
(5) سترد ترجمته برقم (141) .
(6) سترد ترجمته برقم (122) .
(7) سترد ترجمته برقم (204) .
(8) سترد ترجمته برقم (159) .
(9) وهو صاحب الترجمة التالية.
(*) تذكرة الحفاظ 3 / 1160، العبر 3 / 262، شذرات الذهب 3 / 325.(18/245)
سَمِعَ: أَبَا مُحَمَّدٍ المَخْلَدي، وَأَبَا الحُسَيْنِ الخفَّاف، وَأَبَا نُعَيْمٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَزْهَرِيّ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ الحَاكِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الفرَاوِي، وَزَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، وَأَخُوْهُ وَجيه، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ المُؤَذِّن، وَهبَةُ الرَّحْمَن ابْن القُشَيْرِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ صَحِيْح الأُصُوْل مُحْتَشِماً.
مَاتَ: فِي سَابع رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ بِإِجَازَة.
120 - جَابِرُ بنُ يَاسِيْنَ بنِ حَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوَيْه * (1)
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ، الحِنَّائِي (2) ، العَطَّارُ.
سَمِعَ: أَبَا حَفْصٍ الكَتَّانِي، وَأَبَا طَاهِرٍ المُخَلِّص.
وَعَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَالحُمَيْدِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ البَاقِي، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّاز، وَيَحْيَى بنُ الطّرَّاح، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي شَوَّال سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :كَتَبْتُ عَنْهُ، وَسَمَاعُهُ صَحِيْح.
__________
(*) تاريخ بغداد 7 / 239 - 240، الأنساب 4 / 244، المنتظم 4 / 244، العبر 3 / 256، شذرات الذهب 3 / 316.
(1) جاء اسمه في " الأنساب " 4 / 244: جاب بن ياسين محمويه.
(2) نسبة إلى بيع الحناء، وقد تصحفت في " المنتظم " إلى " الجياني ".
(3) " تاريخ بغداد " 7 / 239.(18/246)
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ المَخْبَزِي، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حِيْد (1) ، وَالمُعتضد عَبَّاد (2) بنُ مُحَمَّدٍ، وَالشَّرِيْف أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّد (3) بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الْمُهْتَدي بِاللهِ فِي جُمَادَى الأُوْلَى عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
121 - الغَنْدَجَانِيُّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بنِ دَاذَ *
مُسْنِدُ وَاسِطَ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بنِ دَاذ بنِ (4) فَرُّوْخٍ الغَنْدَجَانِيُّ.
مَوْلِدُهُ: بِبَغْدَادَ فَأَكْثَرَ بَاعتنَاء أَبِيْهِ، وَابْنِ عَمِّهِ (5) أَبِي أَحْمَدَ عَبْد الوَهَّابِ بن مُحَمَّدٍ عَنِ المُخَلِّص، وَعُمَر الكَتَّانِي، وَأَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِي، وَإِسْمَاعِيْل الصَّرْصَرِي، وَابْنِ مَهْدِيّ.
وَسكنَ الأَهْوَاز، ثُمَّ وَاسطاً؛ كَانَ عَامِلهَا.
رَوَى عَنْهُ: الحُمَيْدِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الجُلاَّبِي، وَطَائِفَة.
قَالَ خَمِيْس (6) :هُوَ نبيلٌ جَلِيْل، صَحِيْحُ الأُصُوْل، صَدُوْقٌ، ثِقَةٌ،
__________
(1) سترد ترجمته برقم (125) .
(2) سترد ترجمته برقم (129) .
(3) سبقت ترجمته برقم (115) .
(*) سؤالات السلفي: 2 - 4، الأنساب 9 / 180 - 181.
والغندجاني: ضبطها السمعاني بفتح الغين المعجمة والدال المهملة وسكون النون بينهما، نسبة إلى غندجان وهي بلدة من كور الاهواز، وضبطها ياقوت بضم الغين وكسر الدال، وقال: بليدة بأرض فارس في مفازة قليلة الماء معطشة.
(4) سقط لفظ " بن " من نسب ابن عمه أبي أحمد عبد الوهاب في " الأنساب " 9 / 180.
(5) في " السؤالات " ص 2: " وعمه " بدل " وابن عمه " وهو خطأ، لان أبا أحمد عبد الوهاب ابن محمد هو ابن عمه كما ذكر السمعاني.
وقد مرت ترجمته أيضا في الجزء السابع عشر برقم (452) .
(6) " سؤالات الحافظ السلفي ": 4.(18/247)
مَاتَ: فِي أَوَاخِر سَنَة سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَقَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ: مَاتَ فِي أَوّل جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة ثَمَانٍ.
122 - الكَتَّانِيُّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُفِيدُ، الصَّدُوْقُ، مُحَدِّثُ دِمَشْقَ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ سُلَيْمَانَ (1) التَّمِيْمِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الكَتَّانِي، الصُّوْفِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَسَمِعَ: تَمَّام بن مُحَمَّدٍ الرَّازِيّ، وَصَدَقَة بن الدَّلم، وَأَبَا نَصْر بن هَارُوْنَ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بن أَبِي نَصْرٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَطَّان، وَخَلْقاً كَثِيْراً بِدِمَشْقَ، وَأَحْمَدَ وَمُحَمَّدَ ابْنَي الصيَّاح (2) بِبلَد (3) ، وَمِنْ أَبِي الحَسَنِ بن الحمَّامِي، وَعَلِيِّ بن دَاوُدَ الرَّزَّاز، وَمُحَمَّد بن الرُوزبَهَان، وَأَبِي القَاسِمِ
__________
(*) الإكمال 7 / 187، الأنساب 10 / 353، تاريخ ابن عساكر 10 / 174 / 1 - 175 / 1، المنتظم 8 / 288، اللباب 3 / 83 - 84، الكامل في التاريخ 10 / 93، تذكرة الحفاظ 3 / 1170 - 1171، العبر 3 / 261، دول الإسلام 1 / 275، البداية والنهاية 12 / 109، تبصير المنتبه 3 / 1206، النجوم الزاهرة 5 / 96، طبقات الحفاظ: 439، كشف الظنون: 2019، شذرات الذهب 3 / 325.
والكتاني: بفتح أوله وتشديد التاء المفتوحة تصحفت في " البداية " إلى الكناني بالنون.
(1) في " الإكمال " و" الأنساب " و" المنتظم ": سلمان، وفي " اللباب ": سلوان.
(2) بالصاد المهملة والياء المثناة التحتية كما في " الإكمال " 5 / 162، وهما أبو منصور محمد وأبو عبد الله أحمد ابنا الحسين بن سهل بن خليفة البلديان يعرفان بابني الصياح، وقد تصحفت في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1170 إلى " الصباح " بباء موحدة. وانظر " تبصير المنتبه " 3 / 829.
(3) في " معجم البلدان ": بلد، وربما قيل لها: بلط، بالطاء، قال حمزة: بلدة اسمها بالفارسية شهراباذ وهي مدينة قديمة على دجلة فوق الموصل، وقد تحرفت في " تذكرة الحفاظ " إلى بلدة.(18/248)
الحرفِي، وَخَلْق بِبَغْدَادَ.
وَسَمِعَ: بِالمَوْصِل وَمَنبِج (1) وَنصِيْبين (2) ، وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازل، حَتَّى إِنَّهُ كتب (تَارِيخ بَغْدَاد) عَنْ أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْب.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْب، وَالحُمَيْدِيّ، وَأَبُو الفتيَان الدِّهِسْتَانِي، وَأَبُو القَاسِمِ النَّسِيْب، وَهِبَةُ اللهِ بن الأَكْفَانِي، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بن حَمْزَةَ، وَإِسْمَاعِيْلُ ابْن السَّمَرْقَنْدِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَقِيْل الفَارِسِيّ، وَأَبُو المُفَضَّل يَحْيَى بن عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَمَعْرِفَتُهُ متوسطَةٌ، وَأَوّلُ سَمَاعه فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَة.
قَالَ ابْنُ مَاكُوْلا (3) :كتَبَ عَنِّي، وَكَتَبتُ عَنْهُ، وَهُوَ مُكْثِر مُتْقِن.
وَقَالَ الخَطِيْبُ (4) :ثِقَةٌ أَمِيْن.
وَقَالَ الأَكْفَانِي: كَانَ كَثِيْرَ التِّلاَوَة، صَدُوْقاً، سلِيمَ المَذْهَب، مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
قَالَ ابْنُ الأَكْفَانِي: أَجَاز لِكُلِّ مِنْ أَدْرَكَ حيَاته قَبْل مَوْته مَرْوِيَّاتِهِ (5) .
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ بِهَذِهِ الإِجَازَة مَحْفُوْظُ بنُ صَصْرَى، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ مُديماً لِلتِّلاَوَة، مُكِبّاً عَلَى طلب الحَدِيْث، وَقَدِ اشتَاق أَبُوْهُ إِلَيْهِ، وَسَافَرَ خَلفه إِلَى بَغْدَادَ، فَوَجَده قَدْ طبخ رُزّاً بِلَحْم، فَقرَبّه إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا
__________
(1) مدينة في سورية تابعة لمحافظة حلب.
(2) مدينة واقعة في الشمال الشرقي لبلاد الشام، قريبة من القامشلي.
(3) " الإكمال " 7 / 187.
(4) في " فوائد النسب " كما في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1171.
(5) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1171.(18/249)
بنِي! قَدْ عَرَفْتَ عَادتِي - وَكَانَ قَدْ هجر أَكل الرّز خَشْيَة أَنْ يَبْتَلِعَ فِيْهِ عَظْماً فِيقتله -.
فَقَالَ: كُلّ، لاَ يَكُوْن إِلاَّ الخَيْر.
فَأَكَلَ، فَابْتلع عظماً، فَمَاتَ.
رَوَاهَا ابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ جمَال الإِسْلاَم، عَنِ ابْنِ أَبِي العَلاَءِ، أَوْ عَنِ الكَتَّانِي.
وَكَانَ أَبُوْهُ صُوْفِياً يُكْنَى أَبَا طَاهِر؛ حَدَّثَ عَنْ: يُوْسُف المَيَانَجِي.
123 - الإِسْمَاعِيْلِيُّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، الوَاعِظُ، المُعَدَّلُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ أَحْمَدَ الإِسْمَاعِيْلِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَاكِمُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الحُسَيْنِ الخفَّاف، وَيَحْيَى بن إِسْمَاعِيْلَ الحَرْبِيّ، وَأَبِي العَبَّاسِ السَّلِيْطِي، وَأَبِي عَلِيٍّ الرُّوْذْبَارِيّ، وَجَمَاعَة.
وَحَدَّثَ بـ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) عَنِ الحَسَنِ بنِ دَاوُدَ بن رضوَان السَّمَرْقَنْدِيّ؛ صَاحِبِ ابْنِ دَاسَه (1) .
وَقِيْلَ: سَمِعَهُ أَيْضاً مِنْ أَبِي عَلِيٍّ الرُّوْذْبارِي.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي صَالِحٍ المُؤَذِّن، وَزَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ الشَّحَّامِيّ، وَأَخُوْهُ وَجيه، وَعبدُ الغَافِرِ بن إِسْمَاعِيْلَ.
وَوَثَّقَهُ: عبدُ الغَافِر، وَالسَّمْعَانِيّ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ عبدِ المُعِزِّ بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو
__________
(*) لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي بأيدينا.
(1) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (317) .(18/250)
الحُسَيْن الخفَّاف، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا هَنَّادُ بنُ السَّرِيّ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نَافِع، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (لاَ يَتَحَرَّى أَحَدُكُم بِصَلاَةٍ طُلُوْعَ الشَّمْسِ وَلاَ غُرُوبَهَا) .
عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ ضَعَّفُوهُ (1) .
124 - التُّرَابِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْد الصَّمَدِ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ خُرَاسَانَ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الهَيْثَمِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ (2) المَرْوَزِيُّ الترَابِي.
حَدَّثَ، وَعُمِّر، وَتَفَرَّد عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الرَّازِيّ؛ صَاحِب ابْن الضُّرَيْس، وَالحَاكِم أَبِي الفَضْل مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الحدَّادِي، وَعَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ حَمُّويه السَّرْخَسِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيّ المَرْوَزِيّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الإِمَامُ أَبُو المُظَفَّرِ السَّمْعَانِيّ، وَعَلِيُّ بنُ الفَضْلِ الفَارْمَذِي، وَمَحُيِي السّنَة البَغَوِيّ (3) ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) قال ابن معين: ضعيف، وقال ابن المديني: روى أحاديث منكرة، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، وهو أضعف ولد نافع، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه، وإن كان غيره يخالفه فيه، ومتن الحديث صح عن ابن عمر من طريق آخر في " الموطأ " 1 / 220 و" المسند " 2 / 13 و19 و33 و36 و63 و106، والبخاري 2 / 49 في مواقيت الصلاة، ومسلم (828) في صلاة المسافرين، والنسائي 1 / 277.
(*) الإكمال 1 / 534 - 535، الأنساب 3 / 35 - 36، اللباب 1 / 210.
قال السمعاني: والترابي بضم التاء، هم جماعة بمرو ينتسبون هذه النسبة يقال لهم: خاك فروشان [أي باعة التراب] ولهم سوق ينسب إليهم يبيعون فيه البزور والحبوب.
(2) واسمه: علي، كما في " الإكمال " 1 / 534.
(3) هو الامام أبو محمد: الحسين بن مسعود بن الفراء البغوي المتوفى سنة (516) وسترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (258) .(18/251)
مَاتَ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، وَلَمْ يَقع لِي حَدِيْثُهُ إِلاَّ بِنُزُول.
125 - ابْنُ حِيْدٍ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الأَجَلُّ، المُسْنِدُ، المَعْرُوفُ بِالشَّيْخِ المُؤْتَمن، أَبُو مَنْصُوْرٍ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حِيْدٍ (1) النَّيْسَابُوْرِيُّ التَّاجِرُ.
حَدَّثَ بهَمَذَان وَبِبَغْدَادَ، وَتَنَقَّل فِي التّجَارَة.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي الحُسَيْنِ الخَفَّاف، وَمُحَمَّدِ بن الحُسَيْنِ العَلَوِيّ، وَابْنِ عَبْدوس، وَابْن بامُويه.
قَالَ شِيْرَوَيْه: فَاتَنِي السَّمَاعُ مِنْهُ.
وَقَالَ السَّمْعَانِيّ: حَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي الأَنْصَارِيّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ الحمَّامِي، وَسَمِعَ مِنْهُ جَدِّي، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ (2) .
مَاتَ: فِي صَفَرٍ (3) سَنَةَ أَرْبَعٍ (4) وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
__________
(*) تاريخ بغداد 7 / 97 - 98، الأنساب 3 / 9 - 10، المنتظم 8 / 274، المنتخب: الورقة 49 ب، العبر 3 / 256، البداية والنهاية 12 / 105، تبصير المنتبه 1 / 268.
(1) تحرف في " المنتظم " و" الشذرات " إلى " حيدر "، وقد تحرف اسمه في " البداية " 12 / 105 إلى: زكريا بن محمد بن حيده.
(2) فقال: كان ثقة، حسن الاعتقاد، صحيح المذهب، كثير الدرس للقرآن، محبا لاهل الخير ... " تاريخ بغداد " 7 / 97.
(3) في " المنتظم ": في محرم.
(4) في " الأنساب ": سنة خمس.(18/252)
126 - مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيِّ بنِ عُثْمَانَ أَبُو الحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ *
المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ المِصْرِيُّ.
سَمِعَ: القَاضِي عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَلَبِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الإِخْمِيْمِيّ، وَالمُؤَمَّل بن أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيّ، وَالمَيْمُوْنَ بن حَمْزَةَ الحُسَيْنِيّ، وَعبدَ الكَرِيْم بنَ أَبِي جدَار الصَّوَّاف، وَأَبَا مُسْلِمٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الكَاتِب، وَأَبَا عليّ أَحْمَدَ بن خُرَّشيذ قوْله، وَجدَّه لأُمِّهِ أَحْمَدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بن رُزَيْق البَغْدَادِيّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ بِدِمَشْقَ وَبمصر.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَابْنُ مَاكُوْلا، وَالفَقِيْه نَصْرٌ المَقْدِسِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَعَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّسِيْب، وَهِبَةُ اللهِ بن الأَكْفَانِي، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بن حَمْزَةَ، وَطَاهِرُ بنُ سَهْلٍ الإِسفرَايينِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْن بطرِيق، وَعِدَّة.
وَثَّقَهُ الكَتَّانِي، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي نِصْفِ جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
مَوْلِده كَانَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
سمَّعُوْهُ فِي الصّغر.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ الْمُنعم، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عبدُ الصَّمد بن مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ سَنَة ثَمَانٍ وَسِتِّ مائَة، أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بنُ سَهْل سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رُزَيْق، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ رِشْدِيْنَ المَهْرِيّ (1) ، أَخْبَرَنَا الحَارِثُ بنُ
__________
(*) تذكرة الحفاظ 3 / 1158، العبر 3 / 248، النجوم الزاهرة 5 / 84، حسن المحاضرة 1 / 374، شذرات الذهب 3 / 309.
(1) وقد مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر برقم (94) (*) .(18/253)
مِسْكِيْن، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (اقْتُلُوا الحَيَّاتِ، وَذَا الطُّفْيَتَينِ، وَالأَبْتَرَ، فَإِنَّهُمَا يَلْتَمِسَانِ البَصَر، وَيُسْقِطَانِ الحَبَل) (1) .
127 - الأَزْهَرِيُّ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَدْلُ، المُسْنِدُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَزْهَر الأَزْهَرِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشُّروطِيُّ (2) ، مِنْ أَوْلاَد المُحَدِّثِيْنَ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ المَخْلَدي، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ حَمدُوْنَ، وَأَبِي الحُسَيْنِ الخفَّاف.
وَلَهُ أُصُوْل مُتْقَنَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: زَاهِرٌ وَوجيه؛ ابْنَا طَاهِر، وَعبدُ الغَافِرِ بن إِسْمَاعِيْلَ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَب سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَع مائَة.
__________
(1) وأخرجه مسلم (2233) من طريق عمرو الناقد، وأبو داود (5252) عن مسدد، كلاهما عن سفيان بن عينية بهذا الإسناد، وأخرجه البخاري 6 / 248، 249 في بدء الخلق: باب قول الله تعالى (وبث فيها من كل دابة) من طريق عبد الله بن محمد، عن هشام بن يوسف، عن معمر، عن الزهري به، وأخرجه عبد الرزاق (19616) ومن طريقه مسلم (2233) (30) عن معمر عن الزهري ... وهو في " الموطأ " 2 / 975، 976، وسنن الترمذي (1483) .
وأراد بذي الطفيتين: الحية التي في ظهرها خطان، والطفية: خوص المقل، وهى ورقة، وجمعها طفي، شبه الخطين اللذين على ظهره بخوصتين من خوص المقل وهو شر الحيات فيما يقال، والابتر: القصير الذنب، والبتر: شرار الحيات.
وقوله: " فانهما يلتمسان البصر " أي: تخطفانه وتطمسانه وذلك لخاصيته في طباعهما إذا وقع بصرها على بصر الإنسان، وقيل: معناه: أنهما تقصران البصر باللسع.
(*) العبر 3 / 252، تذكرة الحفاظ 3 / 1131، شذرات الذهب 3 / 311.
(2) هذه النسبة لمن يكتب الصكاك والسجلات لأنها مشتملة على الشروط، فقيل لمن يكتبها: الشروطي. " الأنساب ".(18/254)
وَكَانَ مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة، وَلَهُ بَصَرٌ بِالشروط.
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ.
128 - المَلِيْحِيُّ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي القَاسِمِ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ هَرَاةَ، أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ بنِ أَبِي حَاتِمٍ المَلِيْحِيّ الهَرَوِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا مُحَمَّدٍ المَخْلَديّ، وَأَبَا الحُسَيْنِ الخفَّاف، وَعبدَ الرَّحْمَن بن أَبِي شُرَيْح، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَمْعَان، وَأَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ عَبْدِ اللهِ النُّعيمِي، وَجَمَاعَة.
وَرَوَى: (صَحِيْح البُخَارِيّ) عَنِ النُّعيمِي.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحيِي السُّنَّة أَبُو مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، وَخَلَفُ بنُ عَطَاءٍ المَاوَرديّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مَنْصُوْرٍ المُقْرِئ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الفُضَيْلِي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ المُؤتمنُ السَّاجِيّ: كَانَ ثِقَةً صَالِحاً، قَديمَ الْمولد، سَمَاعُه لِلْبُخَارِيِّ بقِرَاءة أَبِي الفَتْح بن أَبِي الفوَارس.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الكُتبِيّ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَة، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً (1) .
__________
(*) الأنساب: " المليحي "، معجم البلدان 5 / 196، اللباب 3 / 256، تذكرة الحفاظ 3 / 1131، العبر 3 / 254، بغية الوعاة 2 / 119، كشف الظنون: 931، 1204، شذرات الذهب 3 / 314، روضات الجنات: 464، هدية العارفين 1 / 634.
والمليحي: بالحاء المهملة ذكر المؤلف في آخر الترجمة نسبتها إلى مليح: من قرى هراة، وقد غيرها ناشر " شذرات الذهب " إلى المليجي (بالجيم) وقال: هي نسبة إلى مليج بلد بمصر. مع أن الأصل عنده بالحاء المهملة! فتصويبه خطأ.
(1) ذكر السيوطي في " بغية الوعاة " أنه صنف الرد على أبي عبيد في غريب القرآن، و" الروضة " فيها ألف حديث صحيح، وألف غريب، وألف حكاية، وألف بيت شعر.(18/255)
وَمليح: مِنْ قرَى هَرَاة.
129 - المُعْتَضِدُ عَبَّادُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ اللَّخْمِيُّ *
صَاحِبُ إِشْبِيْلِيَة، أَبُو عَمْرٍو عَبَّادُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبَّادٍ اللَّخْمِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، ابْنُ القَاضِي أَبِي القَاسِمِ.
حكم أَبُوْهُ عَلَى إِشبيليَة مُدَّةً، وَمَاتَ فِي سَنَةِ (433) (1) ، فَقَامَ عبَّادُ بَعْدَهُ، وَتلقَّب بِالمُعْتَضِد بِاللهِ.
وَكَانَ شَهْماً، مَهِيْباً، شُجَاعاً، صَارِماً، جرَى عَلَى قَاعِدَة أَبِيْهِ مُدَّة، ثُمَّ خُوطِبَ بِأَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ.
قتل جَمَاعَةً صَبْراً، وَصَادر الكِبَارَ، وَتَمَكَّنَ.
اتَّخَذَ فِي قصره خشباً جَلَّلَهَا برُؤُوْس أُمَرَاء وَكِبَار (2) ، وَكَانُوا يُشَبِّهونه بِالمَنْصُوْر، لَكِن مملكَة هَذَا سعَةُ سِتَّة أَيَّام، وَمملكَةُ أَبِي جَعْفَرٍ مسيرَةُ ثَمَانِيَة أَشهر، فِي عرض أَشهر، وَقَدْ هَمَّ ابْنُه بِقَتْلِهِ، فَمَا تَمَّ لَهُ، وَسَجَنَهُ أَبُوْهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ، ثُمَّ عهد بِالمُلك إِلَى ابْنِهِ المُعْتَمِد مُحَمَّد (3) ، وَكَانَ جَبَّاراً عسوَفاً (4) .
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ (5) وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنه.
__________
(*) جذوة المقتبس: 296 - 297، الذخيرة 2 / 1 / 23 - 41، بغية الملتمس: 395 - 396، الكامل في التاريخ 9 / 286 - 287، المعجب: 151، الحلة السيراء 2 / 39 - 52، وفيات الأعيان 5 / 23 - 24، البيان المغرب 3 / 204 - 285، العبر 3 / 256، دول الإسلام 1 / 274، فوات الوفيات 2 / 147 - 149، تاريخ ابن خلدون 4 / 156 - 158، النجوم الزاهرة 5 / 90، نفح الطيب 4 / 242 - 244، شذرات الذهب 3 / 316 - 318، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة: 86.
وانظر أطرافا من أخباره قد أوردها المؤلف في ترجمة ابنه المعتمد في الجزء، 19 برقم (35) .
(1) وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (354) .
(2) انظر " الذخيرة " 2 / 1 / 26 - 27.
(3) سترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (35) .
(4) وانظر بعض نظم المعتضد في ترجمته من " الذخيرة " و" الحلة السيراء ".
(5) هكذا أورد الذهبي وفاته، وتابعه على ذلك ابن تغري بردي في " النجوم الزاهرة "، وابن =(18/256)
قِيْلَ: لَمَّا رَأَى مَيْلَ الكِبَار إِلَى خَلِيْفَةٍ مَرْوَانِي أَخْبَرَهم بِأَنَّ المُؤَيَّد بِاللهِ (1) الَّذِي زَالَ مُلْكه سَنَةَ أَرْبَعِ مائَة عِنْدَهُ، وَأَحضر جَمَاعَةً شَهِدُوا لَهُ.
وَقَالَ: أَنَا حَاجِبهُ.
وَأَمر بذِكره عَلَى المَنَابِر، وَاسْتمرَّ ذَلِكَ مُدَّةً إِلَى أَنْ نَعَاهُ إِلَى النَّاسِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.
وَزَعَمَ أَنَّهُ عَهِدَ إِلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ.
وَهَذَا مُحَالٌ لاَ يَروجُ أَصلاً، وَلَوْ كَانَ المُؤَيَّدُ حَيّاً إِلَى حِيْنَ نَعَاهُ، لَكَانَ ابْنُ مائَة عَامٍ وَزِيَادَة.
وَقِيْلَ: إِنَّ طَاغِيَة الفِرَنْج سَمَّ المُعتضد فِي ثِيَابٍ أَهدَاهَا لَهُ.
130 - عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ عَمْرٍو التَّمِيْمِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الجَوَّال، أَبُو زَكَرِيَّا التَّمِيْمِيُّ، البُخَارِيُّ.
سَمِعَ بِالشَّامِ وَالحِجَازِ، وَاليَمَنِ وَمِصْر وَالعِرَاق، وَالثَّغْر وَخُرَاسَان، وَبُخَارَى وَالقَيْرَوَان.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي نَصْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الكَاتِب، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ غُنْجَار، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الحُسَيْن بن الحُسَيْنِ الحَليمِي، وَحَمْزَةَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ المُهَلَّبِيّ، وَأَبِي عُمَرَ بنِ مَهْدِيّ الفَارِسِيّ، وَهِلاَلِ بنِ مُحَمَّدٍ الحَفَّار، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بن البَيِّع؛ صَاحِب المَحَامِلِيّ، وَتَمَّامِ بن مُحَمَّدٍ الرَّازِيّ، وَعَبْدِ الغَنِيِّ بن سَعِيْدٍ الحَافِظ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
__________
= العماد في " الشذرات "، أما في " الذخيرة " و" الكامل " و" وفيات الأعيان " و" تاريخ ابن خلدون " فقد ذكرت وفاته سنة (461) هـ.
وفي " جذوة المقتبس " فلم يذكر سنة وفاته، بل قال: كان حيا بعد الأربعين وأربع مئة.
(1) تقدمت ترجمته في الجزء السابع عشر برقم (78) .
(*) التكملة: رقم 1671، تذكرة الحفاظ 3 / 1157 - 1159، العبر 3 / 248، النجوم الزاهرة 5 / 84، طبقات الحفاظ: 437 - 438، نفح الطيب 3 / 62 - 64، شذرات الذهب 3 / 309.(18/257)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بن الجبَّان المُرِّيّ، أَحَدُ شُيُوْخِهِ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحِنَّائِي، وَالفَقِيْه نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَقْدِسِيّ، وَمشرَّف بن عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الفَرَّاء، وَجمِيْلُ بنُ يُوْسُفَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّازِيُّ وَعِدَّةٌ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
وَأَكْبَر شَيْخ لَهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزدَاذ، صَاحِب ابْن أَبِي حَاتِمٍ.
قَالَ الرَّازِيّ فِي (مَشْيَخَته) :دَخَلَ أَبُو زَكَرِيَّا بلاَدَ المَغْرِب وَبلاَدَ الأَنْدَلُس، وَكَتَبَ بِهَا، وَفِي شُيُوْخه كَثْرَة، وَكَانَ مِنَ الحُفَّاظِ الأَثْبَاتِ، وَمَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ (1) وَأَرْبَعِ مائَة.
وَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: حَدَّثَنَا سَعْد الزَّنْجَانِي، قَالَ: لَمْ يَرْوِ كِتَابَ (مُشْتَبه النسبَة) عَنْ مُؤَلّفه عَبْد الغَنِيِّ سِوَى ابْنِ بِنْته عَلِيِّ بنِ بَقَاء، وَابْن عَبْد الرَّحِيْمِ البُخَارِيّ حَدَّثَ بِهِ.
فِي قَوْل الزَّنْجَانِيّ نَظَرٌ، فَإِنَّ رشَأَ بن نَظيف قَدْ رَوَاهُ أَيْضاً، وَهُوَ وَعبدُ الرَّحِيْم ثِقَتَانِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
أَنْبَأَنَا المُسَلَّم بن مُحَمَّدٍ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ المُسَلَّم، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِي، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ بن عَبْدِ اللهِ المُرِّيّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَحْمَدَ البُخَارِيُّ، قَدِمَ عَلَيْنَا، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الكَاتِب بِبُخَارَى، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بنُ أُنَيْف، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ المَكِّيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مَيْمُوْنٍ القَدَّاح، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّد، عَنْ أَبِيْهِ،
__________
(1) وفي " نفح الطيب " 3 / 64 نقلا عن ابن عساكر أنه توفي سنة إحدى وسبعين.(18/258)
عَنْ جدِّه، عَنْ عَلِيّ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (اغْسِلُوا ثِيَابَكُمْ، وَخُذُوا مِنْ شُعُوْرِكُمْ، وَاسْتَاكُوا، وَتَزَيَّنُوا، فَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيْلَ لَمْ يَكُوْنُوا يَفعلُوْنَ ذَلِكَ فَزَنَتْ نِسَاؤُهُم) (1) .
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدّيباجِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ الجَارُوْدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَصْرِيّ بِبَيْتِ المَقْدِس، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلامٍ الطَّرَسُوْسِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّرَسُوْسِيّ، حَدَّثَنَا يَعْلَى وَمُحَمَّد ابْنَا عُبيد قَالاَ:
حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ سُوَيْد بنِ غَفَلَة:
سَمِعْتُ عَلِيّاً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يَقُوْلُ: إِذَا حَدَّثْتُكُم عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَيْءٍ، فَإِنِّي وَاللهِ لأَنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخطفَنِي الطَّيرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُم فِيمَا بَيْنَنَا، فَإِنَّ الحَرْبَ خَدْعَةٌ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِم (2) .
وَمَات مَعَهُ: أَبُو مَعْمَر أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَالَكِي (3) الهَرَوِيّ؛ رَاوِي
__________
(1) وأورده المؤلف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1158، وقال: هذا لا يصح، وإسناده ظلمة، قلت: وعلته عبد الله بن ميمون القداح، فقد قال البخاري: ذاهب الحديث، وقال أبو حاتم: متروك، وقال ابن حبان: لا يجوز أن يحتج بما انفرد به، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 1 / 125، ونسبه إلى ابن عساكر، وضعفه بعبد الله بن ميمون.
(2) رقم (1066) في الزكاة: باب التحريض على قتل الخوارج، وتمامه: سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول: " سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الاحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم، فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة " وأخرجه البخاري (6930) من طريق عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، عن الأعمش به، وأخرجه أيضا (3611) و (5057) من طريق محمد بن كثير عن سفيان، وأخرجه أبو داود (4767) والنسائي 7 / 119 من طريقين، عن سفيان، عن الأعمش.
(3) قال السمعاني: البالكي: بفتح الباء الموحدة واللام، هذه النسبة إلى بالك، وظني أنها قرية من قرى هراة أو نواحيها.
" الأنساب " 2 / 56.(18/259)