بنِ بُرَيْدَةَ الأَزْدِيُّ المَوْصِلِيُّ، صَاحبُ كِتَابِ (الضُّعَفَاءِ) وَهُوَ مُجَلَّدٌ كَبِيْرٌ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ زَاطيَا، وَعَبْدِ اللهِ بن إِسْحَاقَ المَدَائِنِيِّ، وَطريفِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ صَاحبِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَعَبَّادِ بنِ عَلِيٍّ السِّيْرِيْنِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الحَاسِبِ، وَحَمْدَانَ بنِ عَمْرٍو الوَرَّاقِ المَوْصِلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ سرَاجٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ خَلَفٍ الدُّوْرِيِّ، وَأَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ البَرْمكِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفَتْحِ بنِ فَرْغَانَ وَآخرُوْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ حَافِظاً.
صَنَّفَ فِي عُلُومِ الحَدِيْثِ، وَسَأَلتُ البَرْقَانِيَّ عَنْهُ فَضَعَّفَهُ، وَحَدَّثَنِي أَبُو النَّجِيْبِ عَبْدُ الغفَّارِ الأُرْمَوِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ أَهْلَ المَوْصِلِ يوهِّنُوْنَ أَبَا الفَتْحِ وَلاَ يعدُّوْنَهُ شَيْئاً (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: فِي حَدِيْثِهِ مَنَاكِيرُ (2) .
قُلْتُ: وَعَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ فِي (الضُّعَفَاءِ) مُؤَاخذَاتٌ، فَإِنَّهُ ضَعَّفَ جَمَاعَةً بِلاَ دليلٍ، بَلْ قَدْ يَكُونُ غَيْرُهُ قَدْ وَثَّقَهُمْ.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
= 126، الكامل لابن الأثير: 9 / 40، العبر: 2 / 367 - 368، تذكرة الحفاظ: 3 / 963 - 968 ميزان الاعتدال: 3 / 523، تاريخ الإسلام: 4: الورقة: 16 / أ، البداية والنهاية: 11 / 303، لسان الميزان: 5 / 139، طبقات الحفاظ: 386، شذرات الذهب: 3 / 84، هدية العارفين: 2 / 50.
(1) " تاريخ بغداد ": 2 / 244.
(2) المصدر السابق.(16/348)
وَفِيْهَا مَاتَ: مُحَدِّثُ دِمَشْقَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ يُوْسُفَ الرَّبَعِيُّ البُنْدَارُ، وَخطيبُ الخُطَبَاءِ أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ نُبَاتَةَ الفَارِقِيُّ صَاحبُ (الدِّيْوَانِ) فِي الخُطَبِ، وَالقَاضِي أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَكَا الحَنَفِيُّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقَ بنِ سَعِيْدِ بنِ الحَافِظِ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ النَّسوِيُّ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَسعْدَ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنِ ابْنِ أَسْعَدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادرِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ البَرْمكِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُرَيْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، حَدَّثَنَا دُرُسْتُ بنُ حَمْزَةَ، عَنْ مَطَرِ الوَرَّاقِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ أَنَسٍ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ:
(مَا مِنْ عَبْدَيْنِ مُتَحَابَّيْنِ يَسْتَقْبِلُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَيُصَافِحَهُ، وَيُصَلِّيَانِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلاَّ لَمْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَغُفَرَ لَهُمَا ذُنُوبَهُمَا مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غريبٌ منكرٌ.
أَخرجَهُ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ (الضُّعَفَاءِ) (1) عَنْ خَلِيْفَةَ فِي تَرْجَمَةِ دُرُسْتَ، وَقَالَ: لاَ يُتَابعُ عَلَيْهِ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيْفٌ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي قَالَ:
أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو سَعْدٍ بنُ أَبِي عَصْرُوْنٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ طَوْقٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الفَتْحِ بنِ
__________
(1) بل في " التاريخ الكبير " 3 / 252 وهو في " عمل اليوم والليلة " ص 81 لابن السني من طريق خليفة بن خياط بهذا الإسناد. وذكره الحافظ ابن حجر في " الخصال المكفرة " 1 / 263 من مجموعة الرسائل المنيرية، ونسبه للحسن بن سفيان وأبي يعلى الموصلي في " مسنديهما ".(16/349)
فَرْغَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ بُرَيْدَةَ ... ، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ.
251 - ابْنُ السَّقَّاءِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارعُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُسَيْنٍ الإِسْفَرَايينِيّ، تِلْمِيْذُ الحَافِظِ أَبِي عَوَانَةَ، كَانَ ذَا رحلَةٍ وَاسِعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ زبَّانَ المِصْرِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مبشرٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ الإِسْفَرَايينِي، وَطَبَقَتِهِم.
وَكَانَ عَلاَّمَةً، صَالِحاً، خَيِّراً، وَاعِظاً، مِنْ كِبَارِ الفُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ - أَحدُ مشيخَةِ البَيْهَقِيِّ - وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ مِنَ المعروفينَ بكَثْرَةِ الحَدِيْثِ، وَالرِّحْلَةِ، وَالتَّصنِيْفِ، وَصُحبَةِ الصَّالِحِيْنَ وَمِنَ الحُفَّاظِ الجوَّالِينَ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ روزبَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ بِبوشنجَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ إِملاَءً بِإِسْفَرَايينَ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى المَقْدِسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُشَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً نَاوَلَهُ رَجُلٌ رَيْحَانَةً، فَرَدَّهَا، فَأَخَذَهَا ابْنُ عُمَرَ، فَقَبَّلَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنِهِ، ثُمَّ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 1002 - 1003، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 9 / أ، طبقات الاسنوي: 2 / 39، طبقات الحفاظ: 397 - 398، شذرات الذهب: 3 / 81.(16/350)
إِنَّ هَذِهِ الرَّيَاحِيْنَ الطَّيِّبَةَ مِنْ نَبْتِ الجَنَّةِ، فَإِذَا نُووِلَ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئاً فَلاَ يَرُدُّهُ.
هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَالقُشَيْرِيُّ تَالِفٌ (1) .
سَمِيُّهُ: الإِمَامُ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ البَلْخِيُّ
عَالِمٌ رحَّالٌ (2) .
يَرْوِي عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ المُعَافَى الصَّيْدَاوِيِّ وَطَبَقَتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُودِيُّ.
تُوُفِّيَ الأَوَّلُ - وَهُوَ ابْنُ السَّقَّاءِ - فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِإِسْفَرَايينَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
252 - ابْنُ السَّقَّاءِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ الوَاسِطِيُّ، ابْنُ السَّقَّاءِ، مُحَدِّثُ وَاسِطَ.
سَمِعَ: أَبَا خَلِيْفَةَ الفَضْلَ بنَ الحُبَابِ، وَأَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، وَعَبْدَانَ الأَهْوَازِيَّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنَ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ التُّسْتَرِيَّ، وَأَبَا عِمْرَانَ مُوْسَى بنَ سَهْلٍ الجَوْنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ مُكرمٍ، وَمَحْمُوْدَ بنَ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
__________
(1) قال الحافظ: " التقريب ": كذبوه، وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعا أخرجه مسلم (2253) بلفظ: " من عرض عليه ريحان فلا يرده، فإنه خفيف المحمل طيب الريح ".
(2) ترجمته في " تاريخ الإسلام ": 4 الورقة: 9 / ب، و" لسان الميزان ": 5 / 303.
(*) تاريخ بغداد: 10 / 130 - 132، سؤالات السلفي لخميس الحوزي: ص 87 - 89، الأنساب: 7 / 90، المنتظم: 7 / 123، تذكرة الحفاظ: 3 / 965 - 966، العبر: 2 / 365، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 11 / ب، البداية والنهاية: 11 / 302، النجوم الزاهرة: 4 / 144 - 145، طبقات الحفاظ: 385، شذرات الذهب: 3 / 81.(16/351)
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَيُوْسُفُ أَبُو الفَتْحِ القوَّاسُ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ دَاوُدَ الرَّزَّازُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَالقَاضِي أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ: سَمِعْتُ ابنَ المظفَّرِ وَالدَّارَقُطْنِيَّ، يَقُوْلاَنِ: لَمْ نَرَ مَعَ ابْنِ السَّقَّا كِتَاباً، وَإِنَّمَا حَدَّثَنَا حِفْظاً.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّيِّبُ الجُلاَّبِيُّ فِي (تَاريخِ وَاسِطَ) :ابْنُ السَّقَّا مِنْ أَئِمَّةِ الوَاسطيِّينَ الحُفَّاظِ المُتْقِنِيْنَ.
قَالَ السِّلَفِيُّ (1) :سَأَلتُ خمِيساً الحَوزِيَّ عَنِ ابْنِ السَّقَّاءِ، فَقَالَ: هُوَ مِنْ مُزَينَةِ مُضَرَ، وَلَمْ يَكُنْ سقَّاءً، بَلْ هُوَ لَقَبٌ لَهُ (2) ، كَانَ مِنْ وُجُوهِ الوَاسِطِيِّينَ وَذَوِي الثَّروَةِ وَالحِفْظِ، رَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ، وَأَسْمَعَهُ مِنْ: أَبِي خَلِيْفَةَ، وَأَبِي يَعْلَى، وَابنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَالمُفَضَّلِ الجَنَدِيِّ وَجَمَاعَةٍ، وَبَاركَ اللهُ فِي سِنِّهِ وَعلمِهِ، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ أَمْلَى حَدِيْثَ الطَّائِرِ (3) ، فَلَمْ تحتمِلْهُ أَنفسُهُمْ فَوَثَبُوا بِهِ، وَأَقَامُوهُ، وَغسَّلُوا مَوْضِعَهُ، فَمَضَى وَلَزِمَ بيتَهُ لاَ يُحَدِّثُ أَحداً مِنَ الوَاسِطِيِّيْنَ، وَلِهَذَا قلَّ حَدِيْثُهُ عِنْدَهُمْ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ، حَدَّثَنِي بِذَلِكَ كُلِّهِ شيخُنَا أَبُو الحَسَنِ المغَازلِيُّ.
وأَمَّا الجُلاَّبِيُّ فَقَالَ: مَاتَ فِي ثَانِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (4) .
__________
(1) في " سؤالاته ": ص 87 - 89.
(2) في " سؤالات خميس ": بل هو لقب نبز به.
(3) هو في سنن الترمذي (3721) في المناقب، ومستدرك الحاكم: 3 / 130، 132.
وانظر كلام الحافظ ابن حجر عليه في أجوبته على أحاديث " المشكاة ": 3 / 313، 314.
(4) انظر الحاشية (1) من الصفحة 89 من " سؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي ".(16/352)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ عَبْدِ الهَادِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا الإِمَامُ عَبْدُ اللهِ بنُ قُدَامةَ فِي سَنَةِ ثمَانِيَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُبَارَكِ بنِ نَغُوبَا، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المظفَّرِ بنِ يزدَادَ العَطَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ زَيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ:
سَأَلْتُ ابنَ عُمَرَ قُلْتُ: مِنْ أَينَ يجوزُ لِي أَن اعتمرَ؟
قَالَ: فَرَضَهَا رَسُوْلُ اللهِ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ ذَا الحُلَيْفَة، وَلأَهْلِ الشَّامِ الجُحْفَةَ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرَنَ (1) .
وَمَاتَ فِي سَنَةِ 73:شَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الشَّذَائِيُّ بِالبَصْرَةِ، وَنَائِبُ المعزِّ عَلَى المَغْرِبِ الأَمِيْرُ بَلُّكينُ بنُ زِيْرِي الحِمْيَرِيُّ، وَمُقْرِئُ الدَّيْنُورِ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبَشٍ، وَشَيْخُ الزُّهَّادِ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ سَلاَّمٍ المَغْرِبِيُّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ كَيْسَانَ الحَرْبِيُّ صَاحبُ يُوْسُف القَاضِي، وَالفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ التَّمِيْمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَيُّوْيَه بنِ المُؤَمَّلِ الكَرَجِيُّ التَّالفُ، وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الجُرْجَانِيُّ صَاحِبُ الفِرَبْرِي.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 3 / 303 من طريق مالك بن إسماعل، حدثنا زهير، أخبرني زيد بن جبير، عن ابن عمر وأخرجه مالك 1 / 306، 307، بشرح السيوطي، ومن طريقه البخاري 3 / 307 في الحج: باب ميقات أهل المدينة، ومسلم (1182) في الحج: باب مواقيت الحج والعمرة، وأبو داود (1737) والنسائي 5 / 122 عن نافع، عن ابن عمر.
وأخرجه الترمذي (831) من طريق أيوب، عن نافع، وأخرجه البخاري 1 / 203، والنسائي 5 / 122 - 123، من طريق الليث بن سعد، عن نافع، وأخرجه البخاري 3 / 307، ومسلم (1182) (14) و (15) والنسائي 5 / 125 من طريق سفيان، عن الزهري عن سالم، عن ابن عمر.
وأخرجه البخاري 13 / 263، ومسلم (1182) من طرق عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر.(16/353)
253 - الغِطْرِيْفِيُّ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حُسَيْنٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الرَّحَّالُ، مُسْنِدُ وَقْتِهِ، أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حُسَيْنِ بنِ القَاسِمِ بنِ السَّرِيِّ بنِ الغِطْرِيْفِ بنِ الجَهْمِ العَبْدِيُّ، الغِطْرِيْفِيُّ الجُرْجَانِيُّ، الرِّبَاطِيُّ، الغَازِي.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ وَالِدُهُ نَيْسَابُورِيّاً، سَكَنَ رباطَ دِهِسْتَانَ، وَصَارَ مُقَدَّمَ المُرَابطينَ، فَوُلِدَ لَهُ أَبُو أَحْمَدَ، ثُمَّ نَشَأَ بجُرْجَانَ وَاسْتقلَّ بِهَا.
سَمِعَ: أَبَا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ - فَأَكْثَرَ عَنْهُ - وَالحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ، وَعِمْرَانَ بنَ مُوْسَى بنِ مُجَاشعٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ يُوْسُفَ الهِسِنْجَانِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ نَاجيَةَ، وَالهَيْثَمَ بنَ خَلَفٍ، وَأَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ الصُّوْفِيَّ، وَأَبَا العَبَّاسِ بنَ سُرَيْجٍ شَيْخَ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمَةَ، وَعَبْدُوْسَ بنَ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ الوَزَّانَ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيَّ، وَعُمَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الكَاغَدِيَّ، وَطَبَقَتَهَم بجُرْجَانَ، وَالرَّيِّ، وَالبَصْرَةِ، وَنَيْسَابُورَ، وَبَغْدَادَ، وَهَمَذَانَ وَغيْرهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: رفيقُهُ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ فِي توَالِيفِهِ أَكْثَرَ مِنْ مائَةِ حَدِيْثٍ، فمرَّةً يَقُوْلُ فِيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ العَبْدِيُّ، وَمرَّةً: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَامِدٍ الثَّغْرِيُّ، وَمرَّةً: النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَمرَّةً: العَبْقَسِيُّ يَدُلِّسُهُ لِكَوْنِهِ باقياً عِنْدَهُ بِالبَلَدِ.
__________
(*) تاريخ جرجان: 387 - 388، الأنساب: 9 / 159 - 160، اللباب: 2 / 385، تذكرة الحفاظ: 3 / 971 - 973، العبر: 3 / 5 - 6، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 25 / ب، الوافي بالوفيات: 2 / 84، لسان الميزان: 5 / 35 - 36، طبقات الحفاظ: 387، شذرات الذهب: 3 / 90، هدية العارفين: 2 / 50، الرسالة المستطرفة: 88.(16/354)
وَكَانَ مَعَ عِلمِهِ وَحفظِهِ صَوَّاماً قَوَّاماً متعَبِّداً، صَنَّفَ (الصَّحِيْحَ عَلَى المسَانِيْدِ) ، وَعُمِّرَ دَهْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَحَمْزَةُ السَّهْمِيُّ، وَرضيُّ بنُ إِسْحَاقَ النَّصْرِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ السَّرِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ الإِمَامِ الإِسمَاعِيلِيِّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
آخِرُ مَنْ رَوَى حَدِيْثَهُ عَالِياً: الفخرُ بنُ البُخَارِيِّ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ البُهْلولِ التَّنُوْخِيُّ النَّحْوِيُّ - سَمِعَ عُمَرَ بنَ أَبِي غَيْلاَنَ - وَأَبُو العَبَّاسِ أَبْيَضُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبْيَضَ بنِ أَسْوَدَ الفِهْرِيُّ المِصْرِيُّ خَاتمةُ أَصْحَابِ النَّسَائِيِّ، وَفَقِيْهَةُ العِرَاقِ أَمَةُ الوَاحِدِ بِنْتُ القَاضِي المَحَامِلِيُّ، وَشَيْخُ النَّحْوِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الغَفَّارِ الفَارِسِيُّ بِبَغْدَادَ، وَمُحَدِّثُ بَغْدَادَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ لُؤْلُؤٍ الوَرَّاقُ - لَقِيَ حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدٍ الكَاتِبَ - وَالعَلاَّمَةُ ذُو الفُنُوْنِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَنْطَاكِيُّ، المُقْرِئُ نَزِيْلُ الأَنْدَلُسِ، وَالمُقْرِئُ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَلَطِيُّ، وَالمُسْنِدُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ زَيْدِ بنِ مَرْوَانَ (1) بِالكُوْفَةِ، وَمُسْنِدُ بُخَارَى أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابِرِ بنِ كَاتِبٍ المُؤَذِّنُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ مُلُّوْكٍ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الغِطْرِيْفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ
__________
(1) في " العبر ": 3 / 6، و" الشذرات ": 3 / 90: محمد بن زيد بن علي بن جعفر بن مروان.(16/355)
أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي قلاَبَةَ، عَنِ أَنَسٍ:
أُمِرَ بلاَلٌ أَنْ يَشْفَعَ الأَذَانَ، وَيُوتِرَ الإِقَامَةَ (1) .
254 - أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحِيْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، النَّحْويُّ، البَارِعُ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، مُسْنِدُ خُرَاسَانَ، أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ بنِ عَلِيِّ بنِ سِنَان الحِيْرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ بِهِ وَالِدُهُ الحَافِظُ أَبُو جَعْفَرٍ إِلَى العَجَمِ، وَالعِرَاقِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَالنَّوَاحِي، وَسَمَّعَهُ الْكثير، وَطَلَبَ هُوَ بِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ وَتَمَيَّزَ، وَبَرَعَ فِي العَرَبِيَّةِ، وَمنَاقبُهُ جَمَّةٌ - رَحِمَهُ اللهُ -.
ارْتَحَلَ إِلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ النَّسَوِيِّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ، وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، أَوِ أَكثرَ فسَمِعَ مِنْهُ الْكثير، وَإِلَى الأَهْوَازِ فَأَكثرَ عَنْ عَبْدَانَ الجَوَالِيْقِيِّ، وَإِلَى المَوْصِلِ فَأَكثرَ عَنْ أَبِي يَعْلَى، وَإِلَى جُرْجَانَ فَأَكثرَ عَنْ عِمْرَانَ بنِ مُوْسَى بنِ مُجَاشعٍ السَّخْتِيَانِيِّ، وَسَمِعَ بِالبَصْرَةِ مِنْ زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُكْرمٍ، وَإِلَى بَغْدَادَ فَأَخَذَ عَنْ أَحْمَدَ
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 2 / 67، ومسلم (378) (5) ، وأبو داود (508) ، والنسائي 2 / 3 من طرق، عن أيوب بهذا الإسناد.
وأخرجه من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس: البخاري 2 / 62، 65 في الاذان: باب بدء الاذان، و68، ومسلم (378) في الصلاة: باب الامر بشفع الاذان وإيتار الاقامة.
(*) الأنساب: 4 / 288 - 289، المنتظم: 7 / 134، العبر: 3 / 3، ميزان الاعتدال: 3 / 457، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 22 / ب، الوافي بالوفيات: 2 / 46، طبقات السبكي: 3 / 69 - 70، لسان الميزان: 5 / 38، النجوم الزاهرة: 4 / 150، بغية الوعاة: 1 / 22، شذرات الذهب: 3 / 87.(16/356)
بنِ الحَسَنِ الصُّوْفِيِّ، وَحَامِدِ بنِ شُعَيْبٍ البَلْخِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ خَلَفٍ الدُّوْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الجُرْجَانِيِّ، وَابنِ خُزَيْمَةَ، وَالسَّرَّاجِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ الدَّويْرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ السِّمْنَانِيِّ، وَأَبِي عَمْرٍو أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الخفَّافِ، وَأَبِي قُرَيْشٍ مُحَمَّدِ بنِ جُمُعَةَ، وَيَعْقُوْبَ بنِ حَسَنٍ النَّسَائِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُعَاذٍ النَّسَائِيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الحَافِظِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حَمْدُوَيْه الطُّوْسِيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سِنَانٍ، وَعَلِيِّ بنِ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيِّ القَطَّانِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ بِالكُوْفَةِ، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ البَشَّارِيِّ، وَحَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكُوْفِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَنْجَوَيْه بنِ الهَيْثَمِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ الرَّاذانِيِّ بِنَسَا، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدَةَ الثَّعَالبِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سيَّارٍ الفَرْهَادَانِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ العُمَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ نُعَيْمٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي سُفْيَانَ المَوْصِلِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ، وَالعَبَّاسِ بنِ الفَضْلِ بنِ شَاذَانَ الرَّازِيِّ، وَشُعَيْبِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّارعِ، وَالحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الرَّازِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ المَرْوَزِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ الدُّوْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ بنِ حُمَيْدٍ،
وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ - بَغْدَادِيّ يُعرفُ بِابْنِ أَبِي العَجُوزِ - وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيِّ، وَالحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ التُّسْتَرِيِّ، وَغَيْرِهِم، وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَأَبُو حَازِمٍ(16/357)
العَبْدَوِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ صَاعِدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوْنَ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ النِّيْلِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: وُلِدَ لَهُ بِنْتٌ، وَعُمُرُهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ وَزَوجتُهُ حُبْلَى، فَبلغَنِي أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ عِنْدَ وَفَاتِهِ: قَدْ قَرُبَتْ وِلاَدَتِي، فَقَالَ: سَلَّمتُهُ إِلَى اللهِ، فَقَدْ جَاؤُوا بِبَرَاءتِي مِنَ السَّمَاءِ، وَتَشَهَّدَ، وَمَاتَ فِي الوَقْتِ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يَعدُّ مَا عِنْدَهُ مِنَ المَسَانِيْدِ المَسْمُوعَةِ، فَقَالَ: (مُسْنَدُ ابْنِ المُبَارَكِ) ، وَ (مُسْنَدُ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ) ، وَ (مُسْنَدُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ) ، وَ (مُسْنَدُ أَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ) ، وَ (مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بنِ شِيْرَوَيْه) ، وَ (مُسْنَدُ السَّرَّاجِ) ، وَ (مُسْنَدُ هَارُوْنَ بنِ عَبْدِ اللهِ الحَمَّالِ) .
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ المَسْجدُ فِرَاشَهُ نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ لَمَّا عَمِيَ وضَعُفَ، نُقِلَ إِلَى بَعْضِ أَقَاربِهِ بِالحِيْرَةِ، وَكَانَ مِنَ القُرَّاءِ وَالنَّحْوِيِّينَ، وَسمَاعَاتُهُ صحيحَةٌ، رَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ، وَصَحِبَ الزُّهَّادَ، وَأَدْرَكَ أَبَا عُثْمَانَ وَالمشَايخَ، وَسَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ زَنْجَوَيْه فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، تُوُفِّيَ فِي الثَّامنِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ أَوْ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ الحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ.
وَقَالَ الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيُّ: كَانَ يتشيَّعُ.
قُلْتُ: تشيُّعُهُ خَفِيْفٌ كَالحَاكِمِ.(16/358)
وَقَعَ لِي جُمْلَةً مِنْ عَوَالِيْهِ، وَخَرَّجْتُ مِنْ طريقِهِ كَثِيْراً.
255 - الصَّفَّارُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ المُتْقِنُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَزِيْدَ بنِ مِهْرَانَ الشَّامِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الصَّفَّارُ الضَّرِيْرُ.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ النَّفَّاحِ، وَمُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ عصمَةَ الدِّمَشْقِيَّ، وَأَبَا عَرُوبَةَ الحَرَّانِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ المَقْدِسِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ حَمَّادٍ القَاضِي وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَحَمْزَةُ السَّهْمِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ البَرْقَانِيُّ: ثِقَةٌ فَاضِلٌ، أَصلُهُ مِنَ الشَّامِ، قَالَ لِي: إِنَّ مَوْلِدَهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
قُلْتُ: لَمْ يُؤرِّخْهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وآخِرُ مَا سَمِعُوا مِنْهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ قَالَهُ الخَطِيْبُ.
256 - ابْنُ جَيَّانَ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، المُجَوِّدُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَيَّانَ - بِجِيمٍ - البَغْدَادِيُّ الخَلاَّلُ المُقْرِئُ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 1 / 260، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 4 / ب.
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 260.
(* *) تاريخ بغداد: 5 / 239، المنتظم: 7 / 112، مشتبه النسبة: 1 / 131، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 6 / أ، الوافي بالوفيات: 3 / 45، تبصير المنتبه: 1 / 275.(16/359)
سَمِعَ: حَامِدَ بنَ شُعَيْبٍ البَلْخِيَّ، وَعُمَرَ بنَ أَيُّوْبَ السَّقَطِيَّ، وَقَاسِماً المطرِّزَ، وَأَحْمَدَ بنَ سَهْلٍ الأُشْنَانِيَّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ، وَحَمْزَةُ السَّهْمِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: كَانَ ثِقَةً جَبَلاً.
257 - الشَّمَّاخِيُّ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الجَوَّالُ، المُصَنِّفُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَسَدِ بنِ شَمَّاخٍ الشَّمَّاخِيُّ الهَرَوِيُّ الصَّفَّارُ، صَاحِبُ (المُسْتَخرجِ عَلَى صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) .
سَمِعَ: أَبَا الجَهْمِ بنَ طَلاَّبٍ المَشْغَرَائِيَّ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ جَوْصَا، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الهَرَوِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الوَارِثِ المِصْرِيَّ العَسَّالَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَفْصٍ الجُوَيْنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَيْروزَ الأَنْمَاطِيَّ، وَأَبَا العَبَّاسِ بنَ عُقْدَةَ، وَأَبَا جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ عَلاَّنَ الشُّرُوطِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَغَالِبُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَهْضَمَ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ، وَالبَرْقَانِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّابُ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 8 / 8 - 9، الأنساب: 7 / 380 - 381، اللباب: 2 / 207، ميزان الاعتدال: 1 / 528، الوافي بالوفيات: 12 / 261، تهذيب ابن عساكر: 4 / 288.(16/360)
قَالَ البَرْقَانِيُّ: قَدْ كَتَبْتُ عَنْهُ الكثيرَ، ثُمَّ بَانَ لِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي ذُهْلٍ: ضَعِيْفٌ.
وَسُئِلَ عَنْهُ الحَاكِمُ، فَقَالَ: كَذَّابٌ، لاَ يُشتَغَلُ بِهِ، قَدِمَ عَلَيْنَا سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكتبْنا عَنْهُ العَجَائِبَ، ثُمَّ اجتمعْتُ بِابْنِ أَبِي ذُهْلٍ فَأَفحشَ القَوْلَ فِيْهِ وَقَالَ لِي: دَخَلْنَا مَعاً بَغْدَادَ، وَقَدْ مَاتَ البَغَوِيُّ، وَهُوَ ذَا يُحَدِّثُ عَنْهُ وَلاَ يَحْتَشِمُنِي، ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ البَغَوِيِّ، وَمَا علمَ ابْنُ أَبِي ذُهلٍ، فَإِنَّهُ قَالَ: دَخَلْنَا وَهُوَ فِي آخِرِ عِلَّتِهِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
258 - المَيَانَجِيُّ أَبُو بَكْرٍ يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ بنِ يُوْسُفَ *
القَاضِي، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ، أَبُو بَكْرٍ يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ بنِ يُوْسُفَ بنِ فَارِسِ بنِ سَوَّارٍ المَيَانَجِيُّ الشَّافِعِيُّ، نَائِبُ الحكمِ بِدِمَشْقَ عَنْ قَاضِي الدَّوْلَةِ العُبَيْدِيَّةِ؛ أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ ابْنِ القَاضِي أَبِي حَنِيْفَةَ النُّعْمَان المَغْرِبِيِّ.
كَانَ المَيَانَجِيُّ مُسْنِدَ الشَّامِ فِي زَمَانِهِ.
سَمِعَ: أَبَا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيَّ، وَعَبْدَانَ الأَهْوَازِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ يَحْيَى التُّسْتَرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيَّ،
__________
(*) معجم البلدان: 5 / 238، اللباب: 3 / 278، العبر: 2 / 371، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 20 / أ، طبقات السبكي: 3 / 488 - 389، النجوم الزاهرة: 4 / 148، قضاة دمشق لابن طولون: 37، شذرات الذهب: 3 / 86، تاج العروس: مادة (مينج) هدية العارفين: 2 / 549.(16/361)
وَالقَاسِمَ بنَ زَكَرِيَّا المُطَرِّزَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدَانَ البَجَلِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيَّ، وَحَامِدَ بنَ شُعَيْبٍ البَلْخِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُعَافَى الصَّيْدَاوِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ الزَّنْجَانِيَّ - وَسمَاعُهُ مِنْ هَذَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ - وَأَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَطَبَقَتَهُم، وَأَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ.
وَكَانَ ذَا رحْلَةٍ، وَفَهْمٍ، وَتوَالِيفَ، مَعَ الثِّقَةِ، وَالأَمَانَةِ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ الكتَّانِيُّ: حَدَّثَنَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ فَوْقَ الأَرْبَعينَ، وَكَانَ ثِقَةً نَبِيْلاً.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: مُحَدِّثٌ مَشْهُوْرٌ لاَ بأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ الغنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ الحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَصَالِحُ بنُ أَحْمَدَ المَيَانَجِيُّ - وَلدُ أَخِيْهِ - وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الطيَّانُ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السِّمْسَارُ، وَأَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ بنِ الكَامِلِ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ، وَأَخُوْهُ أَحْمَدُ، وَطَائِفَةٌ.
وَقَعَ لِي جَمَاعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ عَوَالِيْهِ.
وَمِنْ قُدمَاءِ مشيخَتِهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ نَاجِيَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ العَسْقِلاَّنِيُّ، وَابنُ خُزَيْمَةَ.
قَرَأْتُ عَلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ نَصْرِ اللهِ، أَخْبَرَكُمَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النَّسَّابَةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي عَبْدُ اللهِ بنُ صَابِرٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ ابْنِ الموَازينِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ سَعْدَانَ سَنَةَ 440، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ القَاضِي، حدثنَا عَبْدُ اللهِ بنُ نَاجيَةَ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا(16/362)
خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ قُرَّةَ، عَنِ أَبِيهِ، قَالَ:
قَالَ المُغِيْرَةُ بنُ شُعبَةَ لصَاحِبِ فَارِسَ: كُنَّا نَعْبُدُ الحِجَارَةَ وَالأَوثَانَ، إِذَا رَأَينَا حَجَراً أَحسنَ مِنْ حَجَرٍ أَلقينَاهُ وَأَخَذْنَا غَيْرَهُ، لاَ نَعْرِفُ رَبّاً، حَتَّى بَعَثَ اللهُ إِليْنَا نَبِيّاً مِنْ أَنْفُسِنَا، فَدَعَانَا إِلَى الإِسلاَمِ فَأَجَبنَاهُ وَأَخْبَرَنَا أَنَّ مَنْ قُتِلَ مِنَّا دَخَلَ الجَنَّةَ (1) .
تُوُفِّيَ المَيَانَجِيُّ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِيْنَ أَوْ جَاوَزَهَا.
259 - قَسَّامٌ الجَبَلِيُّ التَلْفِيْتِيُّ *
هُوَ: قَسَّام الجَبَلِيُّ التَلْفِيْتِيُّ، سَكَنَ دِمَشْقَ، وَكَانَ تَرَّاباً عَلَى الحَمِيرِ، فِيْهِ قوَّةٌ وَشهَامَةٌ، فَسَمَتْ نَفْسُهُ إِلَى المعَالِي، وَاتَّصَلَ بِأَحْمَدَ بنِ الجصطرِ أَحدِ الأَحدَاثِ، بِدِمَشْقَ، فَكَانَ مِنْ حِزْبِهِ، وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحوَالُ إِلَى أَنْ كثُرَ أَعْوَانُهُ، وَغلبَ عَلَى دِمَشْقَ مُدَّةً، فَلَمْ يَكُنْ لِنوَّابِهَا مَعَهُ أَمرٌ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ، فَنَدَبَ لَهُ صَاحِبُ مِصْرَ عَسْكَراً عَلَيْهِم الأَمِيْرَ بلتكِيْنَ مَوْلَى هِفتكِيْنَ، فَحَارَبَ قَسَّاماً إِلَى أَنْ قويَ عَلَيْهِ، وضَعُفَ أَمرُ قَسَّامٍ، فَاخْتَفَى أَيَّاماً اسْتَأْمَنَ.
قَالَ القفطِيُّ: تغلَّبَ عَلَى دِمَشْقَ رَجُلٌ مِنَ العيَّارينَ يُعرفُ بقَسَّامٍ، وَتحصَّنَ بِهَا، فَسَارَ لِحَرْبِهِ مِنْ مِصْرَ عَسْكَرٌ، عَلَيْهِمْ فضلٌ، فَحَاصَرَ دِمَشْقَ، وضَاقَ بِأَهْلِهَا الحَالُ، فَخَرَجَ قَسَّامٌ مُتَنَكِّراً، فَأَخَذَهُ الحَرَسُ،
__________
(1) رجاله ثقات.
(*) تاريخ دمشق، معجم البلدان: 2 / 42 - 43، الكامل لابن الأثير: 8 / 697 - 699، 9 / 6، 7، 17، العبر: 3 / 2 - 3، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 22 / أ، البداية والنهاية: 11 / 292 - 293، النجوم الزاهرة: 4 / 114 - 115، و150، شذرات الذهب: 3 / 87.(16/363)
فَقَالَ: أَنَا رَسُوْلُ قَسَّامٍ فَأَحْضَرُوهُ إِلَى فَضْلٍ، فَقَالَ: بَعَثَنِي إِلَيْكَ لِتَحْلِفَ لَهُ، وَتُعَوِّضَهُ عَنْ دِمَشْقَ بِبَلَدٍ يعيشُ فِيْهِ، فَحَلَفَ لَهُ الفَضْلُ، فَلَمَّا توثَّقَ مِنْهُ، قَالَ: أَنَا قَسَّامٌ، فَأُعجبَ بِهِ، وَزَادَ فِي إِكرَامِهِ، فَرُدَّ إِلَى البَلدِ وَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ، وَوَفَّى لَهُ، وَعَوَّضَهُ موضعاً، وَأَحسنَ العزيزُ صِلَتَهُ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقِيْلَ: إِنَّ ذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ أُخِذَ إِلَى مِصْرَ مُقَيَّداً، فَعَفَى عَنْهُ العزيزُ.
وَلعَبْدِ المحسنِ الصُّوْرِيِّ فِيْهِ قصيدَةٌ، وَقِيْلَ: حُمِلَ إِلَى مِصْرَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ الَّذِي تَزْعُمُ العَامَّةُ أَنَّ دِمَشْقَ تملَّكَهَا قُسيمٌ الزَّبَّالُ، وَكَانَ يركبُ بِقَحْفٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَ فِي أَوَائِلِ اسْتيلاَئِهِ عَلَى دِمَشْقَ يُلاَطفُ المِصْرِيِّينَ، وَيَقُوْلُ: أَنَا بَاقٍ عَلَى الطَّاعَةِ.
260 - الرَّازِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الوَاعِظُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ شَاذَانَ الرَّازِيُّ الصُّوْفِيُّ وَالدُ المُحَدِّثِ أَبِي مَسْعُوْدٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَجَلِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: يُوْسُفَ بنِ الحُسَيْنِ الزَّاهِدِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنْبَارِيِّ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ النَّهْرَجُورِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الشِّبْلِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ البَرْبَهَارِيِّ الحَنْبَلِيِّ، وَخيرٍ النَّسَّاجِ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عَطَاءٍ، وَطَائِفَةٍ.
لَهُ اعتنَاءٌ زَائِدٌ بِعِبَارَاتِ القَوْمِ، وَجَمَعَ مِنْهَا الكثيرَ، وَلَقِيَ الكِبَارَ، وَلَهُ جَلاَلَةٌ وَافرَةٌ بَيْنَ الصُّوفِيَّةِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 464 - 465، العبر: 3 / 3، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 23 / أ، ميزان الاعتدال: 3 / 606 - 607، الوافي بالوفيات: 3 / 308، لسان الميزان: 5 / 230، النجوم الزاهرة: 4 / 150، شذرات الذهب: 3 / 87.(16/364)
قَالَ الحَاكِمُ: وَرَدَ نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ أَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكتبْتُ عَنْهُ، وَرَأَيْتُهُ بِبُخَارَى، فَلَمَّا قَدِمْتُ الرَّيَّ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ صَادَفْتُهُ وَقَدِ انْتَسَبَ وَأَمْلَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ المُحَدِّثِ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ يَحْيَى بنِ الضُّرَّيْسِ، فَخلوتُ بِهِ وَزجرتُهُ فَانزجَرَ، وَتَرَكَ الاَنتسَابَ إِلَيْهِ، وَلَوِ اشْتُهِرَ ذَلِكَ بِالرَّيِّ لآذوهُ، فَإِنَّ مُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ لَمْ يُعقبْ ذكراً، ثُمَّ التقينَا سَنَةَ سَبْعِيْنَ، فَأَخَذَ يحدِّثُ عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ وَأَقْرَانِهِ، وَمَا كَانَ قَبْلُ يُحَدِّثُ بِالمَسَانِيْدِ، - وَاللهُِ يرحمُهُ -.
قُلْتُ: يَرْوِي عَنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ بَلاَيَا وَحكَايَاتٍ مُنكرَة.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَاكَوَيْه، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدُوييُّ، وَآخرُوْنَ.
وَمَا هُوَ بِمُؤتمنٍ.
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
261 - إِسْحَاقُ بنُ سَعْدِ ابْنِ الحَافِظِ الحَسَنِ النَّسَوِيُّ *
ابْنِ سُفْيَانَ بنِ عَامِرٍ النَّسَوِيُّ، أَبُو يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سيَّارٍ الفَرْهَادَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُجَدِّرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه.
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 401 - 402، المنتظم: 7 / 124، العبر 2 / 367، شذرات الذهب: 3 / 83.(16/365)
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ بَرْهَانَ الغزَّالُ، وَآخرُوْنَ.
وَثَّقَهُ التَّنُوْخِيُّ.
وَقَدْ حدَّثَ بِبَغْدَادَ.
مولدُهُ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِنَسَا، وَبِهَا تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
262 - البَحِيْرِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ نُوْحِ بنِ بَحِيْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، البَحِيْرِيُّ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الحَافِظَ، وَإِمَامَ الأَئِمَّةِ ابنَ خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيَّ، وَعِدَّةً.
وَلحقَ بِبَغْدَادَ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَالبَغَوِيَّ، وَعِدَّةً.
وَعَقدَ مَجْلِسَ الإِمْلاَءِ، فَاسْتَمْلَى عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: هُوَ، وَسِبْطُهُ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ، وَآخرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وقعَ لَنَا جُزءٌ مِنْ عَوَالِيْهِ.
__________
(*) الأنساب: 2 / 97 - 98، اللباب: 1 / 124، العبر: 2 / 368، شذرات الذهب: 3 / 84.(16/366)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ البَحِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ يَحْيَى الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (الَّذِي يَجُرُّ ثَوْبَهُ مِنَ الخُيَلاَءِ لاَ يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ (1)) .
هَذَا حَدِيْثٌ غريبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، أَخرجَهُ النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ (حَدِيْثِ مَالِكٍ) عَنْ زَكَرِيَّا خَيَّاطِ السُّنَّةِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ مَعْبَدٍ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً بِدَرَجَتَيْنِ.
263 - قَاضِي مِصْرَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ النُّعْمَانِ بنِ مُحَمَّدٍ المَغْرِبِيُّ *
صَدْرٌ معظَّمٌ، وَقَاضٍ متمكِّنٌ، يَقْضِي بِفِقْهِ العُبَيْدِيَّةِ كَأَبِيهِ، وَلَهُ فَهْمٌ وَفضَائِلٌ، وَفُنُوْنٌ عديدَةٌ، وَيدٌ فِي الآدَابِ، وَالنَّحْوِ، وَالشِّعرِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، مَعَ وَقَارٍ وَهَيْبَةٍ وَسَكِيْنَةٍ وَرَزَانَةٍ، وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ.
وَلَمْ يَزَلْ فِي ارتقَاءٍ عِنْدَ العزيزِ بِمِصْرَ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً.
وَولِيَ بَعْدَهُ قَضَاءَ القُضَاةِ أَخُوْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ زوجُ ابْنَةِ قَائِدِ القُوَّادِ جَوْهَر.
__________
(1) وهو في " الموطأ ": 3 / 104 بشرح السيوطي من طريق نافع وعبد الله بن دينار، وزيد بن أسلم، ثلاثتهم عن ابن عمر بلفظ " لا ينظر الله يوم القيامة إلى من يجر ثوبه خيلاء ".
ومن طريق مالك أخرجه البخاري 10 / 216 في أول اللباس، ومسلم (2085) في اللباس: باب تحريم جر الثوب خيلاء، والترمذي (1730) .
(*) يتيمة الدهر: 1 / 384 - 385، وفيات الأعيان: 5 / 417، العبر: 2 / 367، حسن المحاضرة: 1 / 561، و2 / 147، شذرات الذهب: 3 / 84.(16/367)
264 - ابْنُ النَّحَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى المِصْرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الجَّرَّاحِ المِصْرِيُّ، نزيلُ نَيْسَابُوْرَ.
سَمِعَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ عَلاَّنَ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ عَبْدِ الملكِ بنِ عَدِيٍّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي حَامِدٍ بنِ الشَّرْقِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
لَكِنْ عُدِمَ سمَاعُهُ مِنَ البَغَوِيِّ وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ حَافظٌ يَتَحرَّى فِي مُذَاكرتِهِ الصِّدْقَ، وَحَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ بِأَحَادِيثَ ... إِلَى أَنْ قَالَ: تُوُفِّيَ فِي آخِر سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو إِسْحَاقَ المُسْتَمْلِي - رَاوِي (الصَّحِيْحِ) -، وَالمُعَمَّرُ الحَسَنُ بنُ جَعْفَرٍ السِّمْسَارُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ البوَّابِ المُقْرِئُ، وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الجَرَّاحِيُّ، وَالمُعَمَّرُ عليُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيُّ، وَالقَاضِي عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَبَنْكَ البَجَلِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ الحِيْرِيُّ.
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 995 - 996، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 20 / أ، ميزان الاعتدال: 1 / 148، لسان الميزان: 1 / 289، حسن المحاضرة: 1 / 352، طبقات الحفاظ: 394 - 395، شذرات الذهب: 3 / 88(16/368)
لَمْ يَقعْ لِي مِنْ عَوَالِي ابْنِ النَّحَّاسِ شَيْءٌ.
265 - الحُرْفِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الوَضَّاحِ الحَرْبِيُّ، البَغْدَادِيُّ، السِّمْسَارُ، المَعْرُوفُ بِالحُرْفِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ سَمَاعَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَتَّاتِ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَرْوَزِيِّ، وَجَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَتَفَرَّدَ فِي زَمَانِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ العَتِيْقِيُّ: كَانَ فِيْهِ تسَاهلٌ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
266 - ابْنُ البَوَّابِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ البَوَّابِ.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى الحَاسِبَ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ الحُسَيْنِ الصَّوَّاف وَطَبَقَتَهُم.
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 292 - 293، الأنساب: 4 / 113، العبر: 3 / 1 - 2، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 20 / ب، مشتبه النسبة: 1 / 225، ميزان الاعتدال: 1 / 481، لسان الميزان: 2 / 198، النجوم الزاهرة: 4 / 150، شذرات الذهب: 3 / 86.
(* *) تاريخ بغداد: 10 / 362 - 363، الأنساب: 2 / 320، اللباب: 1 / 183، غاية النهاية: 1 / 486.(16/369)
وَتلاَ عَلَى: أَحْمَدَ بنِ سَهْلٍ الأُشْنَانِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ مُجَاهِدٍ، وَتَصَدَّرَ للإِقرَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ.
وَوَثَّقَهُ الأَزْهَرِيُّ.
تُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
267 - أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، الثَّبْتُ، مُحَدِّثُ خُرَاسَانَ، مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الكَرَابِيْسِيُّ، الحَاكِمُ الكَبِيْرُ، مُؤلِّفُ كِتَابِ (الكُنَى) فِي عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ.
وُلِدَ: فِي حُدُودِ سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، أَوْ قبلَهَا.
وطَلَبَ هَذَا الشَّأْنَ وَهُوَ كَبِيْرٌ لَهُ نَيِّفٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً.
فسَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجِسِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ شَادِلَ، وَإِمَامَ الأَئِمَّةِ ابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدَانَ البَجَلِيَّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ الخَثْعَمِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَابنَ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الغَازِي، وَمُحَمَّدَ بنَ الفَيْضِ الغَسَّانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ خُرَيْمٍ، وَأَبَا الطَّيِّبِ الحُسَيْنَ بنَ مُوْسَى الرَّقِّيَّ - نزيلَ أَنْطَاكِيَةَ - وَأَبَا عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عُبَيْدِ اللهِ ابْنِ أَخِي
__________
(*) المنتظم: 7 / 146، تذكرة الحفاظ: 3 / 976 - 979، العبر: 3 / 9 - 10، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 30 / أ، الوافي بالوفيات: 1 / 115، نكت الهميان: 270 - 271، مرآة الجنان: 2 / 408، لسان الميزان: 7 / 5 - 6 النجوم الزاهرة: 4 / 154، طبقات الحفاظ: 388، شذرات الذهب: 3 / 93، هدية العارفين: 2 / 50 - 51، الرسالة المستطرفة: 121.(16/370)
الإِمَامِ الحَلَبِيِّ، وَأَبَا الجَهْمِ أَحْمَدَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ طَلاَّبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ سَلْمٍ الرَّقِّيّ، وَأَبَا الحَسَنِ أَحْمَدَ بنَ جَوْصَا الحَافِظَ، وَسَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيَّ ثُمَّ الدِّمَشْقِيَّ، وَصَدَقَةَ بنَ مَنْصُوْرٍ الكِنْدِيَّ الحَرَّانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ سُفْيَانَ المَصِّيْصِيَّ الصَّفَّارَ، وَيَحْيَى بنَ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِيَّ، وَالعَبَّاسَ بنَ الفَضْلِ بنِ شَاذَانَ الرَّازِيَّ المُقْرِئَ، وَمُحَمَّدَ بنَ مَرْوَانَ بنِ عَبْدِ الملكِ البَزَّازَ الدِّمَشْقِيَّ - كَذَا يسمِّيهِ؛ وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ خُرَيْمٍ العُقَيْلِيُّ - وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَتَّابٍ الزِّفْتِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ المُسْتَنِيرِ المَصِّيْصِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيَّ، وَيُوْسُفَ بنَ يَعْقُوْبَ مُقْرِئَ وَاسِطَ، وَمُحَمَّدَ بنَ المسيَّبِ الأَرْغَيَانِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي حَاتِمٍ، وَخلقاً كَثِيْراً بِالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَالحِجَازِ،
وَخُرَاسَانَ، وَالجِبَالِ.
وَكَانَ مِنْ بُحورِ العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ الجَصَّاصُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُودِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَنْجَوَيْه، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ سَرورٍ، وَصَاعِدُ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ ابْنُ البيِّعِ فَقَالَ: هُوَ إِمَامُ عَصْرِهِ فِي هَذِهِ الصَّنْعَةِ، كَثِيْرُ التَّصنيفِ، مُقَدَّمٌ فِي مَعْرِفَةِ شروطِ الصَّحِيْحِ وَالأَسَامِي وَالكُنَى.
طلبَ الحَدِيْثَ وَهُوَ ابْنُ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً ... إِلَى أَنْ قَالَ:
وَلَمْ يدخلْ مِصْرَ، وَكَانَ مُقدَّماً فِي العَدَالَةِ أَوَّلاً، ثُمَّ وَلِيَ القَضَاءَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ ... إِلَى أَنْ قُلِّدَ قَضَاءَ الشَّاشِ، فَذَهَبَ وَحَكَمَ أَرْبَعَ(16/371)
سِنِيْنَ وَأَشهراً، ثُمَّ قُلِّدَ قَضَاءَ طُوْسَ، وَكُنْتُ أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَالمصنَّفَاتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فيحكُمُ ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الكُتُبِ، ثُمَّ أَتَى نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعينَ، وَلَزِمَ مسجدَهُ وَمَنْزِلَهُ مفيداً مُقْبِلاً عَلَى العِبَادَةِ وَالتَّصنيفِ، وَأُرِيْدَ غَيْرَ مَرَّةٍ عَلَى القَضَاءِ وَالتَّزْكِيَةِ فيستَعْفِي.
قَالَ: وَكُفَّ بَصَرُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ وَأَنَا غَائِبٌ.
وَقَالَ الحَاكِمُ أَيْضاً: كَانَ أَبُو أَحْمَدَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ الثَّابتينَ عَلَى سَنَنِ السَّلَفِ، وَمِنَ المنصفينَ فِيمَا نعتقدُهُ فِي أَهْلِ البَيْتِ وَالصَّحَابَةِ.
قُلِّدَ القَضَاءَ فِي أَمَاكنَ.
وَصَنَّفَ عَلَى (كتَابَي الشَّيْخَيْنِ) ، وَعَلَى (جَامعِ أَبِي عِيْسَى) ، قَالَ لِي: سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ عَلَّكَ يَقُوْلُ: مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ وَلَمْ يخلِّفْ بِخُرَاسَانَ مِثْلَ أَبِي عِيْسَى التِّرْمِذِيِّ فِي العِلْمِ وَالزُّهْدِ وَالوَرَعِ، بَكَى حَتَّى عَمِيَ، ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: وَصَنَّفَ أَبُو أَحْمَدَ كِتَابَ (العِلَلِ) ، وَالمُخَرَّج عَلَى (كِتَابِ المُزَنِيِّ) ، وَكِتَاباً فِي الشُّروطِ، وَصَنَّفَ الشُّيُوْخَ وَالأَبْوابَ ... إِلَى أَنْ قَالَ: وَهُوَ حَافظُ عَصْرِهِ بِهَذِهِ الدِّيَارِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَافِظَ يَقُوْلُ:
حضَرتُ مَعَ الشُّيُوْخِ عِنْدَ أَمِيْرِ خُرَاسَانَ نُوْحِ بنِ نَصْرٍ، فَقَالَ: مَنْ يحفظُ مِنْكُمْ حَدِيْثَ أَبِي بَكْرٍ فِي الصَّدقَاتِ (1) ؟ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَحْفَظُهُ، وَكَانَ عليَّ خُلقَان وَأَنَا فِي آخِرِ النَّاسِ، فَقُلْتُ لوزيرِهِ: أَنَا أَحفَظُهُ،
__________
(1) أورده البخاري بطوله في " صحيحه " 3 / 250 و251، 254 في الزكاة: باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده، وباب زكاة الغنم، من طريق محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري، حدثني أبي، حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين..وقد تابع عبد الله بن المثنى على حديثه هذا حماد بن سلمة عند أبي داود (1567) ، وأحمد (72) ، وانظر، " نصب الراية " 2 / 335، 337، و" الجوهر النقي " 4 / 89.(16/372)
فَقَالَ: هَا هُنَا فَتَىً مِنْ نَيْسَابُوْرَ يحفَظُهُ، فَقُدِّمتُ فَوْقَهُمْ، وَرَوَيتُ الحَدِيْثَ، فَقَالَ الأَمِيْرُ: مِثْلُ هَذَا لاَ يُضَيَّعُ، فَوَلاَّنِي قَضَاءَ الشَّاشِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ البَيِّعِ: تغيَّرَ حفظُ أَبِي أَحْمَدَ لمَا كُفَّ، وَلَمْ يختَلِطْ قَطُّ، وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ بِالرَّيِّ وَهُم يَقْرَؤُونَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ كِتَابَ (الجرحِ وَالتَّعدِيلِ) فَقُلْتُ لابنِ عَبْدُوَيْه الوَرَّاقِ: هَذِهِ ضُحْكَةٌ، أَرَاكُمْ تقرُؤُونَ كِتَابَ (تَاريخِ البُخَارِيِّ) عَلَى شيخِكُمْ عَلَى الوَجْهِ، وَقَدْ نَسَبْتُمُوهُ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ وَأَبِي حَاتِمٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا أَحْمَدَ اعلَمْ أَنَّ أَبَا زُرْعَةَ وَأَبَا حَاتمٍ لَمَّا حُملَ إِليهُمَا (تَاريخُ البُخَارِيِّ) قَالاَ:
هَذَا علمٌ لاَ يُسْتَغنَى عَنْهُ، وَلاَ يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نذكرَهُ عَنْ غيْرِنَا، فَأَقعدَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فسأَلَهُمَا عَنْ رَجُلٍ بَعْدَ رَجُلٍ، وَزَادَا فِيْهِ وَنقصَا.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ الغَازِي يَقُوْلُ: سأَلتُ البُخَارِيَّ عَنْ أَبِي غَسَّانَ، فَقَالَ: عَنْ مَا تسأَلُ عَنْهُ؟
قُلْتُ: شَأْنُهُ فِي التَّشَيُّعِ، فَقَالَ: هُوَ عَلَى مَذْهَبِ أَئِمَّةِ أَهْلِ بلدِهِ الكُوْفِيِّينَ، وَلَوْ رَأَيتُمْ عُبَيْدَ اللهِ بنَ مُوْسَى، وَأَبَا نُعَيْمٍ وَجَمَاعَةَ مشَايخنَا الكُوْفِيِّيْنَ، لَمَّا سأَلْتُمُونَا عَنْ أَبِي غَسَّانَ.
قَالَ ابْنُ البَيِّعِ: وَسَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ الغَازِي يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ عَلِيٍّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ يَقُوْلُ:
عجباً مِنْ أَيُّوْبَ السَّخْتِيَانِيِّ يَدعُ ثَابِتاً البُنَانِيَّ لاَ يكتبُ عَنْهُ!
قِيْلَ: إِنَّ بَعْضَ العُلَمَاءِ نَازعَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ البَيِّعِ فِي عُمَرَ بنِ زُرَارَةَ، وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَقَالَ: هُمَا وَاحدٌ، قَالَ: فَقُلْتُ لأَبِي أَحْمَدَ الحَاكِمِ: مَا تَقُولُ فِيْمَنْ جعلَهُمَا وَاحِداً؟ فَقَالَ: مَنْ هَذَا الطَّبْلُ؟
قَالَ الحَاكِمُ: أَتَيْنَا أَبَا أَحْمَدَ مَعَ أَبِي عَلِيٍّ الحَافِظِ سَنَةَ أَرْبَعينَ، فَقَالَ أَبُو(16/373)
أَحْمَدَ: قَدْ غبتُ عَنْكُمْ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَفِيْدُونَا بِكُلِّ سَنَةٍ حَدِيْثاً، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَدِيْثُ شُعبَةَ، عَنْ حَبِيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ مَرْفُوْعاً: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ (1)) فَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ: حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بنُ عُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ شُعْبَةَ.
فَقَالَ السَّائِلُ: عَنْهُ، عَنْ عَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ عَالٍ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا أَحْمَدَ إِنَّكَ لَمْ تَدْخُلْ مِصْرَ، قَالَ: فَأَنْتُمْ قَدْ دَخَلْتُمُوهَا، اذكُرُوا مَا فَاتَنِي بِمِصْرَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَدِيْثُ اللَّيْثِ فِي قِصَّةِ الغَارِ (2) ، فَقَالَ: حَدَّثَنَاهُ ابْنُ دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ حَمَّادٍ عَنْهُ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ أَحَادِيثَ اسْتفَادَهَا، فذكرْتُ أَنَا حَدِيْثَ الجسَّاسَةِ (3) مِنْ طريقِ أَبِي العُمَيْسِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فَقَالَ: هَذَا فَاتَنِي.
__________
(1) حديث " سبعة يظلهم الله " أخرجه مالك 3 / 127 بشرح السيوطي من طريق حبيب بن عبد الرحمن الأنصاري، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد، أو عن أبي هريرة، ومن طريق مالك أخرجه مسلم (1031) والترمذي (2391) .
وأخرجه البخاري 2 / 119، 124، في الجماعة: باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، و3 / 232، في الزكاة: باب الصدقة باليمين، و11 / 267 في الرقاق: باب البكاء من خشية الله، و12 / 100 في المحاربين: باب فضل من ترك الفواحش، ومسلم (1031) في الزكاة: باب فضل إخفاء الصدقة، والنسائي 8 / 222، 223 من طريق عبيد الله، عن حبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة وحده، قال الحافظ في " الفتح " 2 / 119: لم تخالف الرواة عن عبيد الله في ذلك، ورواية مالك في " الموطأ " عن حبيب، فقال: عن أبي سعيد أو أبي هريرة على الشك، ورواه أبو قرة عن مالك بواو العطف، فجعله عنهما، وتابعه مصعب الزبيري، وشذ في ذلك عن أصحاب مالك، والظاهر أن عبيد الله حفظه لكونه لم يشك فيه، ولكونه من رواية خالد وحده.
(2) حديث الهجرة الطويل من طريق الليث عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أخرجه البخاري (476) في المساجد: باب المسجد يكون في الطريق، و (2264) في الاجارة: باب إذا استأجر أجيرا ليعمل له..، و (3905) في مناقب الانصار:
باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة.
(3) انظر حديث الجساسة في " صحيح مسلم " (2942) في الفتن وأشراط الساعة، ومسند أحمد 6 / 373.(16/374)
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، قَالاَ:
أَخْبَرَتْنَا أَمُّ المُؤَيَّدِ زَيْنَبُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّعريَّةِ إِذناً، وَزَادَنَا أَحْمَدُ فَقَالَ:
وَأَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخنْزرودِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بنُ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ: (هَذَا العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ أَجْوَدُ قُرَيْشٍ كَفّاً وَأَوْصَلُهَا) .
أَخرجَهُ النَّسَائِيُّ (1) ، عَنْ حَمِيْدِ بنِ زَنْجَوَيْه، عَنْ عَلِيٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ المُؤَيَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ سَهْلٍ السُّدِّيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَاكِمُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ - يَعْنِي: ابنَ عِمْرَانَ العَابِدِيَّ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (للهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِضَالَّتِهِ يَجِدُهَا بِأَرْض مَهْلَكَةٍ يَخَافُ بِهَا العَطَشَ) (2) .
__________
(1) وأخرجه أحمد 1 / 185 من طريق علي بن عبد الله بهذا الإسناد، وهذا سند قوي، وقد تقدم الحديث في 2 / 91 من هذا الكتاب في ترجمة العباس.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه من طرق متعددة عن أبي هريرة: مسلم (2675) (1) و (2) في أول التوبة: وأحمد 6 / 316 و500 و524 و534، والترمذي (3538) ، وابن ماجة (4247) .
وفي الباب عن أنس بن مالك عند البخاري 11 / 88، 89، ومسلم (2744) ، والترمذي (2498) ، وعن البراء بن عازب، والنعمان بن بشير عند مسلم (2745) و (2746) .(16/375)
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةَ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا تَمِيمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ المَاسَرْجسِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ فلَيْسَ بِمُحصنٍ (1)) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: لاَ أَعْلَمُ حَدَّثَ بِهِ غَيْر إِسْحَاقَ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ.
قُلْتُ: مرَّ هَذَا فِي تَرْجَمَةِ المَاسَرْجسِيِّ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ: مَاتَ أَبُو أَحْمَدَ وَأَنَا غَائِبٌ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: مَاتَ مَعَهُ فِي هَذَا العَامِ: قَاضِي سَمَرْقَنْدَ، أَبُو سَعِيْدٍ الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ الحَنَفِيُّ الوَاعِظُ، عَنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً إِلاَّ سَنَةً، وَمُفْتِي مَا وَرَاءَ النَّهْرِ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى البُخَارِيُّ المِيْغِيُّ الحَنَفِيُّ الزَّاهِدُ، وَشَيْخُ المَالِكِيَّةِ صَاحبُ (التَّفْرِيْعِ) ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجَلاَّبِ البَغْدَادِيُّ، وَمُسْنِدُ مِصْرَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ عتيقُ بنُ مُوْسَى الأَزْدِيُّ الحَاتمِيُّ - وَكَانَ عِنْدَهُ (المُوَطَّأُ) عَنْ أَبِي الرَّقرَاقِ، عَنْ يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ - وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ العَبَّاسِ الوَرَّاقُ - صَاحبُ (تِلْكَ
__________
(1) وأخرجه البيهقي في سننه 8 / 216 من طريق أبي عبد الله الحاكم، حدثنا إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم، حدثنا أبي حدثنا إسحاق الحنظلي بهذا الإسناد.
ثم نقل عن الدارقطني قوله: لم يرفعه غير إسحاق، ويقال: إنه رجع عنه، والصواب موقوف.
وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " لوحة 746، ونسبه الحاكم في تاريخه، والبيهقي، وابن عساكر.
وقد تقدم الحديث في الجزء الرابع عشر من هذا الكتاب.(16/376)
الأَمَالِي) - وَكبِيرُ هَرَاةَ وَمُحَدِّثُهَا الرَّئِيْسُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي ذهْلٍ الضَّبِّيُّ، وَالقَاضِي أَبُو القَاسِمِ بِشْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ النَّيْسَابُوْرِيُّ - صَاحِبُ ابْنِ خُزَيْمَةَ -.
268 - ابْنُ البَاجِيِّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ اللَّخْمِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ شَرِيعَةَ اللَّخْمِيُّ الإِشْبِيْلِيُّ المَشْهُوْرُ بِابْنِ البَاجِيِّ.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ القَوْقِ (1) ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ القَبْرِيِّ، وَالزَّاهِدِ سَيِّدِ أَبِيهِ، وَسَعِيْدِ بنِ جَابِرِ الإِشْبِيْلِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ، وَأَسْلَمَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدِ بنِ فُطَيْسٍ، وَطَبَقَتِهِم.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: كَانَ حَافِظاً، ضَابِطاً، لَمْ أَلقَ مثلَهُ فِي الضَّبْطِ، سَمِعْتُ مِنْهُ الكثيرَ بِقُرْطُبَةَ، وَرحلْتُ إِلَيْهِ إِلَى إِشْبِيْلِيَّةَ مَرَّتينِ، وَرَوَى النَّاسُ عَنْهُ الكثيرَ، وَمَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً (2) .
قُلْتُ: وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ وَلَدُهُ أَبُو عُمَرَ، وَحمَامُ بنُ أَحْمَدَ القَاضِي، وَحَدَّثَ عَنِ القَبْرِيِّ، بِمُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ.
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 240 - 241، جذوة المقتبس: 250 - 251، الأنساب: 2 / 19، بغية الملتمس: 331، تذكرة الحفاظ: 3 / 1004 - 1005، العبر: 3 / 7، طبقات الحفاظ: 398، شذرات الذهب: 3 / 92.
(1) كذا الأصل، وهو موافق لما في " تذكرة الحفاظ ". وعند ابن الفرضي: ابن القون.
(2) " تاريخ علماء الأندلس ": ص 240 - 241.(16/377)
269 - ابْنُ سَبَنْكَ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَجَلِيُّ *
القَاضِي، الإِمَامُ، أَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ بنِ سَبَنْكَ البَجَلِيُّ البَغْدَادِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّةِ جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ حُبَّانَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِسْحَاقَ المَدَائِنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: القَاضِي عَبْدُ الوَهَّابِ المَالِكِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، نَابَ فِي الحكمِ بسُوقِ البَاشَا، وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ فِي سَنَةِ ثَلاَثِ مائَةٍ، تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
270 - الأُمَوِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ يَحْيَى **
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، العَالِمُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ يَحْيَى الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُم الحَلَبِيُّ، نزيلُ الأَنْدَلُسِ وَمُسْنِدُهَا.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَيْرُوزَ، وَمَكْحُوْلٍ البَيْرُوْتِيِّ، وَأَبِي الجَهْمِ بنِ طَلاَّبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ التَّرْخُمِيِّ الحِمْصِيِّ، وَوَفَدَ عَلَى الأَمِيْرِ المُسْتَنْصِرِ صَاحِبِ الأَنْدَلُسِ.
_______________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 261 - 262، العبر: 3 / 2، النجوم الزاهرة: 4 / 150، شذرات الذهب: 3 / 87.
(* *) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 114 - 115، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 22 / ب.(16/378)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الزُّبَيْدِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ الفَرَضِيُّ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ: كَتَبْتُ عَنْهُ وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ، وَتُوُفِّيَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
قُلْتُ: هَذَا أَسْنَدُ مَنْ بِالأَنْدَلُسِ فِي زَمَانِهِ.
271 - أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الغَفَّارِ *
إِمَامُ النَّحْوِ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الغَفَّارِ الفَارِسِيُّ الفَسَوِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ بِجُزْءٍ مِنْ حَدِيْثِ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، سَمِعَهُ مِنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مَعْدَانَ، تَفَرَّدَ بِهِ.
وَعَنْهُ: عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَدِمَ بَغْدَادَ شَابّاً، وَتَخَرَّجَ بِالزَّجَّاجِ وَبِمَبْرَمَانَ (2) ، وَأَبِي بَكْرٍ
__________
(1) " تاريخ علماء الأندلس ": 2 / 115.
(*) طبقات النحويين واللغويين: 130، الفهرست: 95، تاريخ بغداد: 7 / 275 - 276، نزهة الالباء: 315 - 317، المنتظم: 7 / 138، معجم الأدباء: 7 / 232 - 261، معجم البلدان: 4 / 261، إنباه الرواة: 1 / 273 - 275، الكامل لابن الأثير: 9 / 51، وفيات الأعيان: 2 / 80 - 82، العبر: 3 / 4، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 24 / أ، ميزان الاعتدال: 1 / 480 - 481، الوافي بالوفيات: 11 / 376 - 379، مرآة الجنان: 2 / 406 - 407، البداية والنهاية: 11 / 306، غاية النهاية: 1 / 206 - 207، النجوم الزاهرة: 4 / 151، لسان الميزان: 2 / 195، بغية الوعاة: 1 / 496 - 498، المزهر: 2 / 420، شذرات الذهب: 3 / 88 - 89، روضات الجنات: 218 - 219، هدية العارفين: 1 / 272، أعلام الشيعة للطهماني: ص 83.
(2) مبرمان: هو أبو بكر، محمد بن علي بن إسماعيل النحوي العسكري (عسكر =(16/379)
السَّرَّاجِ، وَسَكَنَ طرَابُلُسَ مُدَّةً ثُمَّ حَلَبَ، وَاتَّصَلَ بِسيفِ الدَّوْلَةِ.
وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ.
وَكَانَ المَلِكُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ يَقُوْلُ: أَنَا غُلاَمُ أَبِي عَلِيٍّ فِي النَّحْوِ، وَغُلاَمُ الرَّازِيِّ فِي النُّجُوْمِ (1) .
وَمِنْ تَلاَمِذَتِهِ: أَبُو الفَتْحِ بنُ جِنِّي، وَعَلِيُّ بنُ عِيْسَى الرَّبَعِيُّ.
وَمصنَّفَاتُهُ كَثِيْرَةٌ نَافعَةٌ.
وَكَانَ فِيْهِ اعتزَالٌ.
عَاشَ تِسْعاً وثمَانِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَله كِتَابُ (الحُجَّةِ) فِي عِلَلِ القِرَاءاتِ، وَكِتَابَا (الإِيضَاحِ) وَ (التَّكْمِلَةِ) ، وَأَشيَاء.
272 - ابْنُ أَبِي ذُهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ العُصْمِيُّ *
الإمَامُ، الحَافِظُ، الأَنْبَلُ، رَئِيْسُ خُرَاسَانَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابْنُ أَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُصْمِ (2) بنِ أَبِي ذُهْلٍ العُصْمِيُّ
__________
= مكرم) . أخذ عن محمد بن يزيد المبرد وطبقته، وهو لقبه (مبرمان) لكثرة ملازمته له وسؤاله إياه.
ترجمته في " انباه الرواة ": 3 / 189، وقد أثبت محققه ثبتا بأهم مصادر ترجمته.
(1) انظر " إنباه الرواة ": 1 / 273.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 119 - 121، الأنساب: 8 / 471 - 473، اللباب: 2 / 345، العبر: 3 / 9، تذكرة الحفاظ: 3 / 1006 - 1007، الوافي بالوفيات: 3 / 191، طبقات السبكي: 3 / 175 - 177، طبقات الحفاظ: 399، شذرات الذهب: 3 / 92 - 93، هدية العارفين: 2 / 51.
(2) كذا ورد اسمه في الأصل. وهو عند الخطيب، والسمعاني، وابن الأثير، والمؤلف في التذكرة، والسبكي، والسيوطي: " محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن عصم.." وفي " الوافي بالوفيات ": " محمد بن العباس بن العباس بن محمد بن أحمد بن عصم..".(16/380)
الضَّبِّيُّ الهَرَوِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَبَعْدَهَا، وَلَحِقَ البَغَوِيَّ فِي السِّيَاقِ (1) فَلَمْ يسْمَعْ مِنْهُ، وَسَمِعَ: يَحْيَى بنَ صَاعِدٍ، وَمُؤَمَّلَ بنَ الحَسَنِ المَاسَرْجِسِيَّ، وَحَاتِمَ بنَ مَحْبُوْبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُعَاذٍ المَالِيْنِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي حَاتِمٍ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ الحجَّاجِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، - وَهُمَا مِنْ طَبَقَتِهِ - وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّابُ، وَأَهْلُ هَرَاةَ.
وَكَانَ إِمَاماً نَبِيْلاً، وَصَدْراً مُعَظَّماً، كَثِيْرَ الأَمْوَالِ وَالبَذْلِ للمُحَدِّثينَ وَالأَخيَارَ.
قَالَ الحَاكِمُ: صَحبتُهُ حَضَراً وَسَفَراً، فَمَا رَأَيْتُ أَحسنَ وضُوءاً وَلاَ صَلاَةً مِنْهُ، وَلاَ رَأَيْتُ فِي مشَايِخِنَا أَحسنَ تَضَرُّعاً وَابتهَالاً مِنْهُ.
قيلَ لِي: إِنَّ عُشْرَ غَلَّتِهِ تبلغُ أَلفَ حِمْلٍ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَدَ الكَاتِبُ أَنَّ النُّسْخَةَ بِأَسَامِي مَنْ يَمُونُهُم تزيدُ عَلَى خَمْسَةِ آلاَفِ بَيْتٍ، وَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ وَلاَيَاتٌ جَلِيْلَةٌ، فَأَبَى.
وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَامِيُّ: لابنِ أَبِي ذُهْلٍ (صَحِيْحٌ) خرَّجَهُ عَلَى (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) ، وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ لرَئِيْسٍ بهَرَاةَ مَا اجتمعَ لَهُ مِنَ السِّيَادَةِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، نَبِيْلاً، مِنْ ذَوِي الأَقْدَارِ العَالِيَةِ.
سَمِعْتُ
__________
(1) في السياق: أي في حال نزع الروح. وفي الحديث: " حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياق الموت ".
انظر " النهاية " لابن الأثير، و" اللسان " مادة " سوق ".(16/381)
البَرْقَانِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ ملكُ هَرَاةَ مِنْ تَحْتِ أَمْرِهِ لِقَدْرِهِ وَأُبُوَّتِهِ (1) .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ روزبَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَالِي، حَدَّثَنَا الرَّئِيْسُ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العَبَّاسِ العُصْمِيُّ إِملاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مهْرَانَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو الكُوْفِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَجْلَحِ، عَنِ ابْنِ بَرِيْدٍ، عَنِ أَبِيهِ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ عَلِيّاً فِي سَرِيَّةٍ وَبَعَثَ مَعَهُ رَجُلاً يَكتُبُ الأَخْبَارَ (2) .
غَرِيبٌ جِدّاً.
قَالَ الحَاكِمُ: اسْتُشْهِدَ ابْنُ أَبِي ذُهْلٍ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَأَخْبَرَنِي مَنْ صَحِبَهُ أَنَّهُ دَخَلَ الحَمَّامَ، فَلَمَّا خَرَجَ أُلْبِسَ قَمِيْصاً مُلَطَّخاً، فَانتفخَ وَمَاتَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
273 - الوَكِيْلُ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى بنِ عِيْسَى الجُرْجَانِيُّ *
المُحَدِّثُ الأَوْحَدُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى بنِ عِيْسَى الجُرْجَانِيُّ الوَكِيْلُ عِنْدَ الحكَّامِ.
يَرْوِي عَنْ: عِمْرَانَ بنِ مُوْسَى السَّخْتِيَانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ الوَزَّانِ، وَأَحْمَدَ بنِ حَفْصٍ السَّعْدِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 121.
(2) أحمد بن مهران، قال الامام الذهبي في " الميزان " 1 / 159: شيخ همداني لقبه حمديل لا يعتمد عليه، وشيخه إسماعيل، قال ابن عدي: حدث بأحاديث لا يتابع عليها، وقال أبو حاتم والدارقطني: ضعيف، فالخبر لا يصح.
(*) تاريخ جرجان: 62 - 63، تذكرة الحفاظ: 3 / 985، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 26 / ب، ميزان الاعتدال: 1 / 159، لسان الميزان: 1 / 235 - 236، طبقات الحفاظ: 391، شذرات الذهب: 3 / 67.(16/382)
المُؤْمِنِ، وَعِدَّةٍ.
ذَكَرَهُ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ فَقَالَ: كَتَبَ الكثيرَ مِنَ المَسَانِيْدِ وَالسُّنَنِ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
وَلَهُ فَهْمٌ وَدِرَايَةٌ، وَلَهُ مَنَاكِيرُ عَنْ شُيُوْخٍ مَجَاهِيل، فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
274 - المِيْغِيُّ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى البُخَارِيُّ *
شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، وَعَالِمُهُم، وَزَاهِدُهُمْ أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى البُخَارِيُّ المِيْغِيُّ.
وَمِيْغُ: مِنْ قُرَى بُخَارَى.
أَخَذَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الحَارِثِيِّ الأُسْتَاذِ.
وَرَوَى عَنْهُ، وَعَنْ أَبِي القَاسِمِ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَنَصْرٍ المُهَلَّبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ البُخَارِيِّ.
كَتَبَ عَنْهُ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَلَمْ يَكُنْ أَحدٌ فِي عَصْرِهِ مِثْلَهُ بِسَمَرْقَنْدَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
275 - الجَلاَّبُ أَبُو القَاسِمِ **
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، العَلاَّمَةُ، أَبُو القَاسِمِ بنُ الجَلاَّبِ صَاحِبُ كِتَابِ
__________
(1) الذي في " تاريخ جرجان " أن وفاته سنة 368، وهو ما أثبته المؤلف في " التذكرة " ثم قال: وفي نسخة سنة ثمان وسبعين فالله أعلم.
(*) الأنساب: (م) ورقة 548، معجم البلدان: 5 / 244، اللباب: 3 / 283، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 28 / أ، الجواهر المضية: 2 / 457، الفوائد البهية: 101، هدية العارفين: 1 / 607.
(* *) طبقات الشيرازي: 168، ترتيب المدارك: 4 / 605، العبر: 3 / 10، تاريخ =(16/383)
(التَّفْرِيْعِ) .
قِيْلَ: اسْمُهُ عُبَيْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ.
وَسَمَّاهُ القَاضِي عِيَاضٌ: مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَيُقَالُ: اسْمُهُ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ.
وَسَمَّاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (طَبَقَاتِ الفُقَهَاءِ) عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عُبَيْدِ اللهِ.
تَفَقَّهَ بِالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الأَبْهَرِيِّ، وَلَهُ مُصَنَّفٌ كَبِيْرٌ فِي مسَائِلِ الخِلاَفِ، وَكَانَ أَفقَهَ المَالِكيَّةِ فِي زَمَانِهِ بَعْدَ الأَبْهَرِيِّ، وَمَا خَلفَ بِبَغْدَادَ فِي المَذْهَبِ مثلَهُ.
مَاتَ كَهْلاً فِي آخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ رَاجِعاً مِنَ الحَجِّ.
276 - السُّلْطَانُ شِيْرَوَيْه بنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بنِ بُوَيْه الدَّيْلَمِيُّ *
صَاحِبُ العِرَاقِ، شَرَفُ الدَّوْلَةِ، شِيْرَوَيْه (1) ابْنُ الملكِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ بنِ بُوَيْه الدَّيْلَمِيُّ.
تَمَلَّكَ وَظَفِرَ بِأَخِيْهِ صَمْصَامِ الدَّوْلَةِ فَسَجَنَهُ، وَكَانَ فِيْهِ خَيْرٌ، وَأَزَالَ المُصَادرَاتِ.
تَعَلَّلَ بِالاِسْتِسْقَاءِ، وَبَقِيَ لاَ يَحْتَمِي، فَمَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، لَمْ يَبْلُغِ الثَّلاَثِيْنَ، وَكَانَتْ أَيَّامُهُ سنتينِ وَثمَانِيةَ أَشْهرٍ.
__________
= الإسلام: 4 الورقة: 28 / أو30 / ب، الديباج المذهب: 1 / 461، النجوم الزاهرة: 4 / 154، شذرات الذهب: 3 / 93، هدية العارفين: 1 / 447، شجرة النور الزكية: 92.
* الكامل لابن الأثير: حوادث سنة 379، المختصر في أخبار البشر: 2 / 125، العبر: 3 / 11، مرآة الجنان: 2 / 408، النجوم الزاهرة: 4 / 154 - 157، شذرات الذهب: 3 / 94.
(1) في هامش الأصل: نسخة: شيرزيك.(16/384)
وَتملَّكَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ أَخُوْهُمَا الصَّمْصَامُ هُوَ الَّذِي تملَّكَ العِرَاقِ بَعْدَ أَبِيْهِمْ عَضُدِ الدَّوْلَةِ ثَلاَثَةَ أَعوامٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ شَرَفُ الدَّوْلَةِ لِحَرْبِهِ، فَذَلَّ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ إِلَى أَخِيْهِ، فَغَدَرَ بِهِ وَحَبَسَهُ بِشِيْرَازَ إِلَى أَنْ مَاتَ.
- ابْنُ يَاسِيْنَ أَبُو القَاسِمِ بِشْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ (مُكَرر 237)
القَاضِي الجَلِيْلُ، أَبُو القَاسِمِ بِشْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ بنِ النَّضْرِ بنِ سُلَيْمَانَ (1) بنِ سَلْمَانَ بنِ رَبِيْعَةَ البَاهِلِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحَنَفِيُّ، قَاضِي القُضَاةِ بِبَلَدِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ حَسَنَ الوَجْهِ، حَسَنَ الخُلُقِ، طَلْقَ النَّفْسِ، كَثِيْرَ الذِّكْرِ وَالصَّلاَةِ ليلاً وَنهَاراً، شَدِيدَ المَيْلِ إِلَى الصَّالِحِيْنَ وَالمتَصَوِّفَةِ.
سَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ: أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ بنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ وَغيْرَهُمَا، وَأَبَا العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيَّ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ إِسْحَاقَ بنِ مزين وَأَقرَانَهُمَا بِسَرَخْسَ، وَأَبَا القَاسِمِ بنَ حمٍّ الفَقِيْهَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ طرخَانَ، وَأَقرَانَهُمَا، وَعِدَّةً.
وَتُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وثمَانِيْنَ سَنَةً.
وَشَيَّعَهُ الأَمِيْرُ العَادلُ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، فَقَدَّمَ أَبَا القَاسِمِ القَاضِي ابنَ قَاضِي الحَرَمَيْنِ للصَّلاَةِ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَالعَبْدُوِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَغَيْرُهُم.
وَقَعَ لِي جُزْءٌ مِنْ عَوَالِيْهِ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ بِمَجْلِسٍ لَهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
__________
(*) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (237) .
(1) في هامش الأصل: نسخة: يونس بدل سليمان.(16/385)
بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوْنَ السُّلَمِيُّ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، حدَّثَ فِيْهِ عَنِ السَّرَّاجِ، وَمُحَمَّدِ بنِ شَادِلَ، وَابنِ خُزَيْمَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ النَّصْرَابَاذِيِّ، وَأَبِي عَمْرٍو أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الحِيْرِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ السَّرَخْسِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الوَرَّاقِ، وَعَبَّاسِ بنِ سَهْلٍ، وَغَيْرِهِم.
وَتَاريخُ إِملاَئِهِ للمَجْلِسِ كَانَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ليَالِي وَفَاتِهِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
277 - الخَالِدِيَّانِ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدٌ *
الأَخوَانِ الشَّاعِرَانِ المُحْسِنَانِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدٌ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدٌ، ابنَا هَاشِمِ بنِ وَعْكَةَ (1) بنِ عُرَامِ بنِ عُثْمَانَ بنِ بِلاَلٍ المَوْصِلِيَّانِ الخَالِدِيَّانِ، مِنْ أَهْلِ قريَةِ الخَالِدِيَّةِ (2) .
كَانَا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ فِي قوَّةِ الذَّكَاءِ، وَسُرعَةِ النَّظْمِ وَجودَتِهِ، يتَشَاركَانَ فِي القَصِيدَةِ الوَاحِدَةِ.
وَمُحَمَّدٌ هُوَ الأَكبرُ.
قَدِمَ دِمَشْقَ فِي صُحْبَةِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ ابْنِ حَمْدَانَ.
وَهُمَا مِنْ خَوَاصِّ شُعَرَائِهِ، اشْتَرَكَا فِي شيءٍ كَثِيْرٍ، وَكَانَ سَرِيٌّ الرَّفَّاءُ (3) يَهْجُوهُمَا وَيَهْجُوَاَنِهِ.
وَلمُحَمَّدٍ:
البَدْرُ مُنْتَقِبٌ بِغَيْمٍ أَبْيَض ... هُوَ فِيْهِ بَيْنَ تَخَفُّرٍ وَتَبَرُّجِ
__________
(*) يتيمة الدهر: 2 / 183 - 208، الفهرست: 240 - 241، معجم الأدباء 11 / 208 - 212، معجم البلدان: 2 / 338 - 339، اللباب: 1 / 414، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 39 / ب، فوات الوفيات: 2 / 52 - 57 و4 / 52، تاج العروس: مادة (خلد) ، أعيان الشيعة: 35 / 99 - 116.
(1) كذا الأصل " وعكة " بالكاف، وهي في جميع مصادر الترجمة " وعلة " باللام.
(2) انظر " معجم البلدان ": 2 / 338.
(3) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (151) .(16/386)
كَتَنَفُّسِ الحَسْنَاءِ فِي المِرْآةِ إِذْ ... كَمُلَتْ مَحَاسِنُهَا وَلَمْ تَتَزَوَّجِ (1)
وَلِسَعِيْدٍ:
أَمَا تَرَى الغَيْمَ يَا مَنْ قَلْبُهُ قَاسِي ... كَأَنَّهُ أَنَا مِقْيَاساً بِمِقْيَاسِ
قَطْرٌ كَدَمْعِي وَبَرْقٌ مِثْلُ نَارِ أَسَىً ... فِي القَلْبِ مِنِّي وَرِيْحٌ مِثْلُ أَنْفَاسِي (2)
ونَظَمَ فِيْهِمَا أَبُو إِسْحَاقَ الصَّابِيُّ (3) :
أَرَى الشَّاعِرَيْنِ الخَالِدِيَّيْنِ سَيَّرَا ... قَصَائِدَ يَفْنَى الدَّهْرُ وَهْيَ تُخَلَّدُ
هُمَا لاِجْتِمَاعِ الفَضْلِ رُوْحٌ مُؤَلَّفٌ ... وَمَعْنَاهُمَا مِنْ حَيْثُ مَا شِئْتَ مُفْرَدُ
قَالَ النَّدِيْمُ فِي كِتَابِ (الفهْرَسْتِ) :كَانَا سَرِيْعَي البَدِيْهَةِ.
قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ مِنْهُمَا: إِنِّي أَحْفَظُ أَلْفَ سمَرٍ، كُلُّ سمَرٍ فِي نَحْوِ مائَةِ وَرقَةٍ.
قَالَ: وَكَانَا مَعَ ذَلِكَ إِذَا اسْتَحْسَنَا شَيْئاً غَصَبَاهُ صَاحِبَهُ حَيّاً كَانَ أَوْ مَيْتاً، كَذَا كَانَتْ طِبَاعُهُمَا.
وَقَدْ رَتَّبَ أَبُو عُثْمَانَ شِعْرَهُ وَشِعْرَ أَخِيْهِ، وَأَحسبُ غُلاَمَهُمَا رَشَأ رَتَّبَ شِعْرَهُمَا، فَجَاءَ نَحْوَ أَلفِ وَرَقَةٍ، ثُمَّ قَالَ: تُوُفِّيَا وَبَيَّضَ فَدَلَّ عَلَى مَوْتِهِمَا قَبْلَ سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُمَا مِنَ الكُتُبِ كِتَابُ (أَخْبَارِ المَوْصِلِ) ، وَ (أَخْبَارِ أَبِي تَمَّامٍ) وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَدَبيَّاتِ (4) .
__________
(1) البيتان في " ديوان الخالديين " ص: 34، ورواية الشطر الأول فيه: وتنقبت بخفيف غيم أبيض
(2) البيتان في " ديوان الخالديين " ص: 135، ورواية الشطر الأول من البيت الثاني فيه: قطر كدمعي وبرق مثل نار جوى
(3) هو أبو إسحاق، إبراهيم بن هلال الصابي الحراني، تأتي ترجمته في هذا الجزء برقم (385) .
والبيتان في " اليتيمة ": 2 / 183، ورواية الثاني فيها: هما في اجتماع الفضل زوج مؤلف * ومعناهما من حيث يثبت مفرد (4) انظر " الفهرست ": ص 240 - 241.(16/387)
278 - شَافِعُ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَافِظِ أَبِي عَوَانَةَ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْحَاقَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُفِيْدُ، أَبُو النَّضْرِ الإِسْفَرَايينِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: جدِّهِ، وَمِنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مبشّرٍ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الزِّفْتِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَارِثِ العَسَّالِ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِيِّ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَالسُّلَمِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو مَسْعُوْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: خَرَّجْتُ عَنْهُ فِي (الصَّحِيْحِ) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِجُرْجَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
279 - الوَرَّاقُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ العَبَّاسِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ العَبَّاسِ البَغْدَادِيُّ المُسْتَمْلِي الوَرَّاقُ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَالحَسَنَ بنَ الطَّيِّبِ، وَعُمَرَ بنَ أَبِي غَيْلاَنَ، وَأَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ الصُّوْفِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَالبَغَوِيَّ.
وَعَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالبَرْقَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَحْمَدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ وَعِدَّةٌ.
__________
(*) تاريخ جرجان: ص 189، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 27 / ب، وذكره في " التذكرة ": 3 / 1020.
(* *) تاريخ بغداد: 2 / 53 - 55، العبر: 3 / 8، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 29 / أ، ميزان الاعتدال: 3 / 484، لسان الميزان: 5 / 80 شذرات الذهب: 3 / 92.(16/388)
وُلدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ: حضَرتُ عِنْدَ الصُّوْفِيِّ، وَحضرَ إِسْمَاعِيْلُ الوَرَّاقُ مَعَ ابنِهِ، فسَمِعَ نُسخةَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، فَقَامَ إِسْمَاعِيْلُ وَأَخذَ بِيَدِ ابنِهِ، وَقَالَ للجَمَاعَةِ: اشْهَدُوا أَنَّ ابْنِي قَدْ سَمِعَ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ نُسخَةَ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَأَلْتُ البَرْقَانِيَّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، فَقَالَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ (1) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: فِيْهِ تسَاهلٌ، ضَاعتْ كُتُبُهُ، وَاسْتحدَثَ نُسخاً مِنْ كُتُبِ النَّاسِ (2) .
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ: حَافظٌ ليِّنٌ فِي الرِّوَايَةِ، يُحَدِّثُ مِنْ غَيْرِ أَصلٍ (3) .
قُلْتُ: التَّحْدِيْثُ مِنْ غَيْرِ أَصلٍ قَدْ عمَّ اليَوْمَ وَطمَّ فَنَرْجُو أَنْ يَكُونَ وَاسِعاً بَانضِمَامِهِ إِلَى الإِجَازَةِ.
الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الوَرَّاقُ، قَالَ:
دَقَقْتُ بَابَ ابْن صَاعِدٍ، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ فَقُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، أَهَا هُنَا يَحْيَى بنُ صَاعِدٍ؟ فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ لِلْجَارِيَةِ: هَاتِي النَّعْلَ حَتَّى أَخرجَ إِلَى هَذَا الجَاهلِ الَّذِي يَكْتَنِي وَيُسَمِّيْنِي، فَأَصْفَعُهُ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 2 / 54.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق (4) المصدر السابق.(16/389)
قُلْتُ: عِنْدَ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ مِنْ أَمَالِي الوَرَّاقِ هَذَا جُزْءٌ سَمِعنَاهُ عَلَى أَبِي حَفْصٍ القَوَّاسِ بِالإِجَازَةِ.
280 - ابْنُ عَوْنِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عَوْنِ اللهِ بنِ حُدَيْرٍ القُرْطُبِيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الرَّحَّالُ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَوْنِ اللهِ بنِ حُدَيْرِ بنِ يَحْيَى القُرْطُبِيُّ البَزَّازُ.
حَجَّ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعرَابِيِّ، وَخَيْثَمَةَ بنِ سُلَيْمَانَ، وَأَحْمَدَ بنِ سَلَمَةَ بنِ الضَّحَّاكِ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ الأَذْرَعِيِّ، وَخَلْقٍ مِنْ طَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِي، وَأَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ صَدُوْقاً، صَالِحاً، شدِيداً عَلَى المُبْتَدِعَةِ، لَهِجاً بِالسُّنَّةِ، صَبُوْراً عَلَى الأَذَى.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِي: كتبَ النَّاسُ عَنْهُ قديماً وَحديثاً وَكتبتُ عَنْهُ.
وَقَالَ لِي: وُلدْتُ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
قُلْتُ: كَانَ طَوِيْلَ الرُّوحِ عَلَى الطَّلبَةِ، يُسمِّعُهُمْ عَامَّةَ نَهَارِهِ، وَلَهُ قَصصٌ مَعَ أَهْلِ الأَهوَاءِ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
281 - ابْنُ مُفَرِّجٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأُمَوِيُّ **
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، الحَافِظُ، القَاضِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 54، بغية الملتمس: 198.
(1) " تاريخ علماء الأندلس ": 1 / 54، وما بين حاصرتين منه.
(* *) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 91 - 93، جذوة المقتبس: 40، بغية الملتمس: 49 - 50، تذكرة الحفاظ: 3 / 1007 - 1009، العبر: 3 / 13 - 14، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: =(16/390)
مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مُفَرِّجٍ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُم القُرْطُبِيُّ، وَيُكْنَى أَيْضاً أَبَا بَكْرٍ.
سَمِعَ: أَبَا سَعِيْدٍ بنَ الأَعرَابِيِّ، وَقَاسِمَ بنَ أَصْبَغَ، وَخَيْثَمَةَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَأَبَا المَيْمُوْنِ بنَ رَاشِدٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ الصَّمُوتِ، وَعِدَّةً.
وَسَمِعَ بِالحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَاليَمَنِ، وَكَانَ رفيقَ ابْن عَوْنِ اللهِ فِي الرِّحلَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُهُ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِي، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ شَاكِرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَبيْعٍ التَّمِيْمِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ، وَخَلْقٌ.
وعِدَّةُ شيوخِهِ مئتَانِ وثلاَثُونَ نَفْساً.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِي: اتَّصَلَ بِصَاحِبِ الأَنْدَلُسِ، وَكَانَ ذَا مكَانَةٍ عِنْدَهُ، صَنَّفَ لَهُ عِدَّةَ كتبٍ، فولاَّهُ القَضَاءَ.
قَالَ: وَكَانَ حَافِظاً، بَصِيْراً بأَسمَاءِ الرِّجَالِ وَأَحوَالِهُمْ.
أَكْثَرَ النَّاسُ عَنْهُ (1) .
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَفِيْفٍ: كَانَ ابْنُ مُفَرِّجٍ مِنْ أَغْنَى النَّاسِ
__________
= 35 / أ، مرآة الجنان: 2 / 409، الديباج المذهب: 2 / 314، النجوم الزاهرة: 4 / 158 - 159، طبقات الحفاظ: 399، نفح الطيب: 2 / 218 - 219، شذرات الذهب: 3 / 97، هدية العارفين: 2 / 51.
(1) " تاريخ علماء الأندلس ": 2 / 92، ونصه بتمامه: وكان حافظا للحديث، عالما به، بصيرا بالرجال، صحيح النقل، جيد الكتاب على كثرة ما جمع، سمع الناس منه كثيرا، وآليت الاختلاف إليه والسماع منه من سنة تسع وستين إلى أن اعتل علته التي توفي بها، وأجاز لي جميع ما رواه غير مرة، وكتب لي ذلك بخطه ولاخي.(16/391)
بِالعِلْمِ، وَأَحفَظِهِمْ لِلْحَدِيْثِ.
مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ فِي هَذَا الفَنِّ، مِنْ أَوثقِ المُحَدِّثِيْنَ، وَأَجْوَدِهِمْ ضَبْطاً.
وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ: حَافظٌ، جليلٌ، مُصَنَّفٌ، لَهُ كتبٌ فِي الفِقْهِ، وَفِي فَقهِ التَّابِعِيْنَ.
وَأَلَّفَ كِتَابَ (فِقْهِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ) فِي سَبْعِ مُجَلَّدَاتٍ، وَ (فِقْهِ الزُّهْرِيِّ) فِي عِدَّةِ أَجْزَاءٍ، وَجمعَ (مُسْنَداً) مِمَّا حَمَلَهُ عَنْ قَاسِمِ بنِ أَصْبَغَ فِي مُجَلَّدَاتٍ (1) .
قَالَ ابْنُ الفَرَضِي: مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَسِتُّوْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ - (2) .
282 - الزُّهْرِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ، العَابِدُ، مُسْنَدُ العِرَاقِ، أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ سَعْدِ ابْنِ الحَافِظِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ ابْنِ صَاحِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ العَوْفِيُّ البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَسَمِعَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَبعدَهَا مِنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَرِيكٍ الكُوْفِيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِسْحَاقَ المَدَائِنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدِ بنِ المُجَدِّرِ، وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شُعْبَةَ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَابنِ أَبِي دَاوُدَ، وَجَمَاعَةٍ.
وَتَفَرَّدَ فِي زَمَانِهِ.
__________
(1) " جذوة المقتبس ": ص 40.
(2) " تاريخ علماء الأندلس ": 2 / 93.
(*) تاريخ بغداد: 10 / 368 - 369، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 43 / أ، العبر: 3 / 18، النجوم الزاهرة: 4 / 161، شذرات الذهب: 3 / 101.(16/392)
حَدَّثَ عَنْهُ: البَرْقَانِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ غَالِبٍ المُقْرِئُ، وَطَائِفَةٌ آخِرُهُمْ وَفَاةً أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً (1) .
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ الزُّهْرِيَّ يَقُوْلُ:
حضَرتُ مَجْلِسَ الفِرْيَابِيِّ وَفِيْهِ عَشْرَةُ آلاَفٍ لَمْ يَبْقَ مِنْهُم غَيْرَي، وَجَعَلَ يَبْكِي (2) .
وَقَالَ الأَزَجِيُّ (3) :هُوَ شَيْخٌ، ثِقَةٌ، مُجَابُ الدُّعَاءِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ، صَاحبُ كِتَابٍ، وَآبَاؤُهُ كلهُمْ قَدْ حَدَّثُوا (4) .
مَاتَ الزُّهْرِيُّ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ - وَقِيْلَ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ - سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سمِعنَا مِنْ طِرِيْقِهِ (صِفَةَ المُنَافِقِ) للفِرْيَابِيِّ.
وَهُوَ جدُّ خطيبِ القُدسِ قطبِ الدِّينِ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ يَحْيَى بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيِّ بنِ جَعْفَرِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ ابْنِ صَاحِبِ التَّرْجَمَةِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ المُقْرِئِ، أَخْبَرَكَ الفتحُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَاتِبُ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَأَبُو
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 368.
(2) " تاريخ بغداد ": 10 / 369.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق، ولفظ الدارقطني فيه: هو ثقة، صاحب كتاب، وليس بينه وبين عبد الرحمن بن عوف إلا من قد روى عنه الحديث.(16/393)
العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ صَرْمَا إِجَازَةً إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَاعاً وَاللَّفْظُ لَهُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الشَّافِعِيُّ، زَادَ الفتحُ: وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنٍ الطَّرَائِفِيُّ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعينَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المكبِّرُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعينَ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ المُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الفِرْيَابِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ رِيْحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لاَ رِيْحَ لَهَا، وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيْحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ: لَيْسَ لَهَا رِيْحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ) .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) .
وَقَدِ أَخرجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ، فَوَافَقْنَاهُمَا بِعُلُوِّ دَرَجَةٍ مَعَ اتِّصَالِ السَّمَاعِ، وَللهِ الحَمْدُ.
وَبِهِ: إِلَى الفِرْيَابِيِّ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ كَمَثَل الأُتْرُجَّةِ) فَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
أَخرجَاهُ عَنْ هُدْبَةَ بِتَمَامِهِ.
__________
(1) أخرجه البخاري 9 / 58، 59 في فضائل القرآن: باب فضل القرآن على سائر الكلام، و86، 87: باب إثم من راءى بقراءة القرآن، و481 في الاطعمة: باب ذكر الطعام، و13 / 447 في التوحيد: باب قراءة الفاجر والمنافق، ومسلم (797) في صلاة المسافرين: باب فضيلة حافظ القرآن، والترمذي (2865) ، وأبو داود (3830) ، والنسائي 8 / 124، 125، وابن ماجه (214) .(16/394)
283 - المَرْوَانِيُّ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَرْوَانَ بنِ عُبَيْدِ بنِ أَبِي مَرْوَانَ الضَّبِّيُّ المَرْوَانِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ: ابنَ خُزَيْمَةَ، وَابنَ شَادِلَ، وَالسَّرَّاجَ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَمْدُوْنَ، وَطَائِفَةً.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ مَسْرورٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَآخرُوْنَ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
284 - الصَّنْدُوْقِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ **
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الصَّنْدُوقِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ شَادِلَ، وَابنَ خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ المسيَّبِ، وَأَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ، وَعِدَّةً، حَتَّى قَالَ الحَاكِمُ: تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ بِضْعَةَ عَشرَ شَيْخاً، وَعَاشَ أَرْبَعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) العبر: 3 / 13، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 33 / ب، شذرات الذهب: 3 / 96.
(* *) الأنساب: 8 / 90 - 91، اللباب: 2 / 247 - 248، العبر: 3 / 13، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 33 / ب، شذرات الذهب: 3 / 96.(16/395)
285 - النَّسَفِيُّ أَبُو عَمْرٍو بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَمْرٍو بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ رَاهبٍ النَّسَفِيُّ المُؤَذِّنُ.
رَاوِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) عَنْ حَمَّادِ بنِ شَاكِرٍ، وَرَوَى أَيْضاً عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ عنبرٍ.
رَوَى عَنْهُ جَعْفَر المُسْتَغْفِرِيُّ، وَقَالَ: كَانَ كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ، شدِيداً عَلَى المُبْتَدِعَةِ.
حَدَّثَنَا بِالكِتَابِ (الجَامعِ) عَنِ ابْنِ شَاكِرٍ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
286 - طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ **
الشَّاهدُ، الشَّيْخُ، العَالِمُ، الأَخْبَارِيُّ، المُؤَرِّخُ، أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: عُمَرَ بنِ أَبِي غَيْلاَنَ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي صَخْرَةَ الكَاتِبِ، وَعِدَّةٍ.
وَتلاَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ.
__________
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 34 / أ.
(* *) تاريخ بغداد: 9 / 351، العبر: 3 / 13، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 34 / أ، ميزان الاعتدال: 2 / 342، غاية النهاية: 1 / 342، لسان الميزان 3 / 212، النجوم الزاهرة: 4 / 158، شذرات الذهب: 3 / 97.(16/396)
تَلاَ عَلَيْهِ أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
صَنَّفَ كِتَابَ (أَخْبَارِ القُضَاةِ) .
ضَعَّفَهُ الأَزْهَرِيُّ (1) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ يدعُو إِلَى الاِعتزَالِ (2) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَلَهُ تسعُوْنَ سَنَةً.
287 - مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بن حَمْدَانَ أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ *
الإمَامُ، المُسْنِدُ، أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ، قَاضِي دَيْرِ عَاقُوْلَ (3) .
حَدَّثَ عَنْ: جَدِّهِ، وَعَنْ عُمَرَ بنِ أَبِي غَيْلاَنَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الأُشْنَانِيِّ.
وَعَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَعَلِيُّ بنُ المحسَّنُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ.
وَكَانَ جَدُّهُ يَرْوِي عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ النَّرْسِيِّ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَثَّقَهُ الخَلاَّلُ.
__________
(1) قال الخطيب في " تاريخه ": 9 / 351: سمعت الازهري ذكر طلحة - صاحب ابن مجاهد - فقال: ضعيف في روايته وفي مذهبه.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 9 / 351.
(*) تاريخ بغداد: 1 / 415، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 35 / ب.
(3) دير العاقول: قرية من أعمال بغداد " معجم البلدان ": 2 / 520.(16/397)
وَفِيْهَا مَاتَ: طَلْحَةُ الشَّاهدُ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي مَرْوَانَ الضَّبِّيُّ، وَبَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَاهبٍ النَّسَفِيُّ رَاوِي (الصَّحِيْحِ) عَنْ حَمَّادِ بنِ شَاكِرٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مُفَرِّجٍ، وَوزيرُ مِصْرَ يَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ بنِ كلِّسَ، وَآخرُوْنَ.
288 - ابْنُ المُقْرِئِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الحَافِظُ، الجَوَّالُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ الوَقْتِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيِّ بنِ عَاصِمِ بنِ زَاذَانَ الأَصْبَهَانِيُّ ابْنُ المُقْرِئِ، صَاحِبُ (المُعْجَمِ) وَالرِّحلَةِ الوَاسِعَةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَوَّلُ سمَاعِهِ عَلَى رَأْسِ الثَّلاَثِ مائَةٍ.
فسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ نُصَيْرِ بنِ أَبَانَ المَدِيْنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الفَرْقَدِيِّ صَاحِبَيْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرٍو البَجَلِيِّ.
وَمِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ مَتُّوَيْه الإِمَامِ، وَقَالَ: هُوَ أَوَّلُ مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: عُمَرَ بنِ أَبِي غَيْلاَنَ، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الصُّوْفِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ البَاغَنْدِيِّ، وَحَامِدٍ بنِ شُعَيْبٍ، وَالبَغَوِيِّ وَطَبَقَتِهِم بِبَغْدَادَ، وَعَبْدَانَ الجَوَالِيْقِيِّ بِالأَهْوَازِ، وَأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ بِالمَوْصِلِ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ بعسْقَلاَنَ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَحْمَدَ الخُزَاعِيِّ، وَالمُفَضَّلِ بنِ مُحَمَّدٍ الجَنَدِيِّ، وَابنِ المُنْذِرِ بِمَكَّةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عَبَّاسٍ المَقَانِعِيِّ بِالكُوْفَةِ، وَعَبْدِ الله بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ، وَعِدَّةٍ بِبَيْتِ المَقْدِسِ، وَإِبْرَاهِيْمَ
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 297، تذكرة الحفاظ: 3 / 973 - 976، العبر: 3 / 18 / 19، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 43 / ب، الوافي بالوفيات: 1 / 342 - 343، غاية النهاية: 2 / 45، النجوم الزاهرة: 4 / 161، طبقات الحفاظ: 387 - 388، شذرات الذهب: 3 / 101، الرسالة المستطرفة: 95.(16/398)
بنِ مَسْرُوْرٍ صَاحِبِ لُوَيْن بِحَلَبَ، وَأَحْمَدَ بنِ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ الحَافِظِ بِتُسْتَرَ، وَأَحْمَدَ بنِ هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَيْضِ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ بِدِمَشْقَ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُعَافَى بِصَيْدَا، وَمَكْحُوْلٍ ببَيْرُوْتَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَيْرٍ بِالرَّمْلَةِ، حَدَّثَهُ عَنْ هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَمأْمُوْنِ بنِ هَارُوْنَ بِعَكَّا، وَمَضَاءِ بنِ عَبْدِ البَاقِي بِأَذَنَةَ، وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سِنَانٍ وَعِدَّةٍ بِوَاسِطَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ رَوْحٍ بِعَسْكَرِ مُكْرمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ تَمَّامٍ البَهْرَانِيِّ وَطَبَقَتِهِ بحِمْصَ، وَالحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ القَطَّانِ بِالرَّقَّةِ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَبَّانَ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ عَلاَّنَ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ وَخَلْقٍ بِمِصْرَ، فمنهُمْ دَاوُدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ رُوزبة، وَكَهْمَسُ بنُ مَعْمَرٍ صَاحبُ مُحَمَّدِ بنِ رُمْحٍ.
وَمِنْ: أَبِي عَرُوْبَةَ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَرٍ بِحَرَّانَ وَحَدَّثَهُ عَنْ هُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بِالأَهْوَازِ، وَانْتَقَى لِنَفْسِهِ فوائِدَ وَغَرَائِبَ، وَصَنَّفَ (مُسْنَداً) للإمَامِ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَرَوَى كُتُباً كِبَاراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ الحَافِظُ، وَأَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّانَ - وَهُمَا أَكبرُ مِنْهُ - وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَابنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَحَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيُّ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الصَّوَّافُ، وَالإمَامُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الواحدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ شَهْرَيَارَ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَاهِرِ بنِ طَبَاطَبَا العَلَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ الهَاشِمِيُّ النَّقِيْبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ البَقَّالُ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنٍ البُرْجِيُّ المُؤَدِّبُ، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدُ الوَهَّابِ بنِ بَطَّةَ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَاشَاذَهَ المقَدِّرُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الواحدِ الجَوْهَرِيُّ، وَأَبُو زَيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ الصَّائِغُ، وَأَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ(16/399)
ديزِكَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مَنْصُوْرٍ سِبْطُ بَحْرَوَيْه، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَامُوشةَ، وَدَاوُدُ بنُ سُلَيْمَانَ الوكيلُ، وَأَبُو عَمْرٍو شَيْبَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الجرقوِيُّ، وَطَاهرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَنْدَةَ، وَأَبُو القَاسِمِ طَاهِرُ بنُ مُحَمَّدٍ العُكْلِيُّ، وَطَلْحَةُ بنُ عَبْدِ الملكِ التَّاجِرُ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الصَّمدِ الدُّلَيْلِيُّ، وَعُمَرُ بنُ حُسَيْنِ بنِ حَمْدَانَ الصَّائِغُ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الوَزَّانُ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ إِبرَاهِيْمَ الأَرْدَسْتَانِيُّ، وَأَبُو الطَّيِّبِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بنُ عُمَرَ بنِ شَمَّةَ، وَأَبُو الفَضْلِ عَبْدُ
الرَّزَّاقِ بنُ أَحْمَدَ البَقَّالُ، وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الكَاتِبُ، وَمَنْصُوْرُ بنُ الحُسَيْنِ التَّانِيُّ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه فِي (تَارِيْخِهِ) :ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ، صَاحِبُ أُصولٍ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مُحَدِّثٌ كَبِيْرٌ، ثِقَةٌ، صَاحبُ مَسَانِيْدَ، سَمِعَ مَا لاَ يُحْصَى كَثْرَةً.
قَالَ أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدٍ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ المُقْرِئِ يَقُوْلُ: طِفْتُ الشَّرقَ وَالغربَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ.
وَرَوَى رَجُلاَنِ عَنِ ابْنِ المُقْرِئِ، قَالَ: مَشَيْتُ بِسببِ نُسخَةِ مُفَضَّلِ بنِ فَضَالَةَ سَبْعِيْنَ مَرْحَلَةً، وَلَوْ عُرِضَتْ عَلَى خبَّازٍ بِرَغيفٍ لَمْ يَقْبَلْهَا.
قَالَ أَبُو طَاهِرٍ بنُ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ ابنَ المُقْرِئِ يَقُوْلُ:
دَخَلتُ بَيْتَ المَقْدِسِ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَحَجَجْتُ أَرْبَعَ حِجَّاتٍ، وَأَقمتُ بِمَكَّةَ خَمْسَةً وَعِشْرِيْنَ شَهْراً.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَلِيٍّ، قَالَ: كَانَ ابْنُ المُقْرِئِ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَنَا وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ بِالمَدِيْنَةِ، فضَاقَ بِنَا الوَقْتُ، فَوَاصَلْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، فَلَمَّا كَانَ وَقتُ العشَاءِ حضَرتُ القَبْرَ، وَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ(16/400)
الجُوْع (1) ، فَقَالَ لِي الطَّبَرَانِيُّ: اجلسْ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الرِّزْقُ أَوِ المَوْتُ.
فَقُمْتُ أَنَا وَأَبُو الشَّيْخِ، فحضرَ البَابَ عَلَوِيٌّ، فَفَتَحْنَا لَهُ، فَإِذَا مَعَهُ غُلاَمَانِ بِقفَّتَيْنِ فِيْهِمَا شَيْءٌ كَثِيْرٌ، وَقَالَ: شَكَوْتُمُونِي إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ رَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ، فَأَمَرَنِي بِحَمْلِ شَيْءٍ إِلَيْكُمْ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بنُ الفَاخِرِ، حَدَّثَنَا عَمِّي، سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ بنَ أَبِي الحَسَنِ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ ابنَ سلاَمَةَ يَقُوْلُ: قِيْلَ للصَّاحبِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبَّادٍ: أَنْتَ رَجُلٌ مُعْتَزِلِيٌّ وَابنُ المُقْرِئِ مُحَدِّثٌ، وَأَنْتَ تُحِبُّهُ! قَالَ: لأَنَّهُ كَانَ صَدِيْقُ وَالِدِي، وَقَدْ قِيْلَ: مودَّةُ الآباءِ قرَابَةُ الأَبنَاءِ (2) ، وَلأَنِّي كُنْتُ نَائِماً فرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ يَقُوْلُ لِي: أَنْتَ نَائِمٌ، وَوَلِيٌّ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ عَلَى بَابِكَ؟! فَانتبهتُ وَدعوتُ وَقُلْتُ: مَنْ بِالبَابِ؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَهْدِي: سَمِعْتُ ابنَ المُقْرِئِ يَقُوْلُ:
مَذْهَبِي فِي الأُصُولِ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ.
وَكَانَ ابْنُ المُقْرِئِ خَازنَ كُتُبِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبَّادٍ.
وَمَا وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ بِالإِجَازَةِ سِوَى نُسْخَةِ مأْمُوْنٍ الَّتِي انْفَرَدَ بِعُلُوِّهَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَدِيْنِيُّ.
وَقَدْ سَمِعَ ابْنُ المُقْرِئِ الحَدِيْثَ فِي نَحْوٍ مِنْ خَمْسِيْنَ مدينَةٍ، وَانْتَقَيْتُ مِنْ (مُعْجَمِهِ) أَرْبَعينَ حَدِيْثاً سَمِعْتُهَا بِأَرْبَعِيْنَ بَلَداً، وَكذَلِكَ انْتَقَيْتُ لأَبِي الحُسَيْنِ بنِ جُمَيْعٍ الغَسَّانِيِّ أَرْبَعينَ بلديَّة.
قَالَ أَبُو طَاهِرٍ بنُ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ ابنَ المُقْرِئِ يَقُوْلُ: استَلَمْتُ
__________
(1) هذا مردود على قائله إن صح عنه ذلك، فإنه لا خلاف بين أهل العلم، أنه لا يستغاث إلا بالله، ولا يسأل أحد سواه.
(2) انظر " مجمع الأمثال " للميداني: 2 / 330.(16/401)
الحَجَرَ فِي لَيْلَةٍ مائَةً وَخَمْسِيْنَ مرَّةً.
تُوُفِّيَ: ابْنُ المُقْرِئِ فِي شَهْرِ شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ: مُقْرِئُ نَيْسَابُورَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مِهْرَانَ - مُصَنَّفُ (الغَايَةِ) -، وَرَاوِي (الصَّحِيْحِ) عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّوَيْه السَّرَخْسِيُّ، وَمُقْرِئُ مِصْرَ أَبُو عَدِيٍّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ ابْنِ الإِمَامِ، وَقَاضِي العِرَاقِ أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَعْرُوْفٍ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ دوْسَا العَلاَّفُ، وَآخَرُوْنَ.
289 - ابْنُ مَحموَيْه مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُوْسَى بنِ مَحموَيْه النَّيْسَابُوْرِيُّ السِّمْسَارُ.
سَمِعَ: إِمَامَ الأَئِمَّةِ ابنَ خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ جُمُعَةَ الحَافِظَ.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَعُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ.
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
290 - ابْنُ شِيْرَوَيْه مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه النَّيْسَابُوْرِيُّ، نزيلُ فَارِسَ بِمَدِيْنَةِ فَسَا.
ثِقَةٌ صَدُوْقٌ.
__________
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 35 ب، وسيكرر المؤلف ترجمته في الصفحة (426) من هذا الجزء.
(* *) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 35 / ب.(16/402)
سَمِعَ: الحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ، وَابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ القَصَّارُ، وَوَثَّقَهُ، وَقَالَ: قَالَ لِي: وُلِدْتُ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو مَسْعُوْدٍ الدِّمَشْقِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بنَ حَمْدَانَ الحِيْرِيَّ - وَسُئِلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ شِيْرَوَيْه الَّذِي يُحَدِّثُ بِفَسَا - فَقَالَ: مَا سمِعنَا مُسْنَدَ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ إِلاَّ حِيْنَ قَدِمَ بِهِ وَالِدُهُ، فَوَزَنَ لِلْحَسَنِ مائَةَ دِيْنَارٍ، فَسَمِعنَا مَعَهُ.
قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: ضَيَّعَهُ أَهْلُ تِلْكَ الدِّيَارِ، وَلَمْ يَغْتَنِمُوا إِسْنَادَهُ العَالِي.
291 - القَطَّانُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ *
الحَافِظُ، العَالِمُ، مُحَدِّثُ دِمَشْقَ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ حَيَّانَ الدِّمَشْقِيُّ، القَطَّانُ.
لَهُ رِحْلَةٌ وَاسِعَةٌ إِلَى الحِجَازِ، وَالعِرَاقِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَالنَّواحِي.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ الخرَائِطيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ العَطَّارِ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَةَ، وَيَعْقُوْبَ الجَصَّاصِ، وَأَبِي سَعِيْدٍ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ، وَأَمْثَالِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عطيَّةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ المُزَنِيُّ، وَآخرُوْنَ.
لَمْ يذكُرْ لَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ وَفَاةً.
__________
(*) تاريخ دمشق، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 37 / ب.(16/403)
292 - البَلُّوْطِيُّ أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ الطَّيِّبِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ الطَّيِّبِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ البَلُّوْطِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبَا ذَرٍّ بنَ البَاغَنْدِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ النِّعَالِيَّ.
حَدَّثَ بِالأَهْوَازِ وَغيْرِهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَآخرُوْنَ.
293 - الدَّارَكِيُّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ **
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ بِالعِرَاقِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدَّارَكِيُّ الشَّافِعِيُّ، سِبْطُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّارَكِيِّ الأَصْبَهَانِيُّ المُحَدِّثُ.
وُلِدَ بَعْدَ الثَّلاَثِ مائَةٍ.
وَرَوَى عَنْ جَدِّهِ، وَنَزَلَ بَغْدَادَ.
وَتَفَقَّهَ بَأَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ المَرْوَزِيِّ. وَتَصَدَّرَ للمَذْهَبِ،
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 378 - 379، الأنساب: 2 / 298 - 299، اللباب: 1 / 176، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 39 / أ، غاية النهاية: 2 / 157.
(* *) تاريخ بغداد: 10 / 463 - 465، طبقات الشيرازي: 117 - 118، الأنساب: 5 / 249، المنتظم: 7 / 129 - 130، اللباب: 1 / 483 - 484، تهذيب الأسماء واللغات: 2 / 263 - 264، وفيات الأعيان: 3 / 188 - 189، العبر: 2 / 370، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 18 / أ، طبقات السبكي: 3 / 330 - 333، طبقات الاسنوي: 508، البداية والنهاية: 11 / 304، النجوم الزاهرة: 4 / 148، طبقات ابن هداية الله: 98 - 99، شذرات الذهب: 3 / 85.(16/404)
فَتَفَقَّهَ بِهِ الأُسْتَاذُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ وَجَمَاعَةٌ.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ مَعْرِفَةُ المَذْهَبِ.
وَلَهُ وُجُوهٌ معروفَةٌ، مِنْهَا: أَنَّهُ لاَ يَجُوْزُ السَّلَمُ فِي الدَّقِيْقِ (1) .
وَكَانَ أَبُو حَامِدٍ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَفْقَهَ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ يُتَّهَمُ بِالاِعْتِزَالِ، وَكَانَ رُبَّمَا يَخْتَارُ فِي الفَتْوَى (2) ، فيُقَال لَهُ فِي ذَلِكَ، فَيَقُوْلُ: وَيْحَكمْ! حَدَّثَ فُلاَنٌ عَنْ فُلاَنٍ، عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَذَا وَكَذَا، وَالأَخْذُ بِالحَدِيْثِ أَوْلَى مِنَ الأَخْذِ بِقَولِ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيْفَةَ (3) .
قُلْتُ: هَذَا جَيِّدٌ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ بِذَلِكَ الحَدِيْثِ إِمَامٌ مِنْ نُظَرَاءِ الإِمَامَيْنِ مِثْلُ مَالِكٍ، أَوْ سُفْيَانَ، أَوِ الأَوْزَاعِيِّ، وَبأَنْ يَكُونَ الحَدِيْثُ ثَابِتاً سَالِماً مِنْ عِلَّةٍ، وَبأَنْ لاَ يَكُونَ حُجَّةُ أَبِي حَنِيْفَةَ وَالشَّافِعِيِّ حَدِيْثاً صحيحاً معَارضاً للآخَرِ.
أَمَّا مَنْ أَخَذَ بِحَدِيْثٍ صَحِيْحٍ وَقَدْ تنكَّبَهُ سَائِرُ أَئِمَّةِ الاِجتهَادِ، فَلاَ، كَخَبَرِ: (فَإِنْ شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ (4)) ، وَكَحَدِيْثِ (لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ، يَسْرِقُ البَيْضَةَ،
__________
(1) قال النووي: " ومن غرائب الداركي أنه قال: لا يجوز السلم في الدقيق.
حكاه الرافعي، والمشهور الجواز ".
انظر " تهذيب الأسماء واللغات ": 2 / 264.
(2) لفظ ابن خلكان: " وربما افتى على خلاف مذهب الامامين الشافعي وأبي حنيفة.."
(3) " وفيات الأعيان ": 3 / 189، وما بين حاصرتين منه.
(4) حديث صحيح، وقد تقدم تخريجه، والجمهور من أهل العلم على أنه منسوخ، فقد فقال الترمذي في سننه 4 / 49 بعد الحديث رقم (1444) : وإنما كان في أول الامر، ثم نسخ بعد، هكذا روى محمد بن إسحاق، عن محمد المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن شرب الخمر، فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة، فاقتلوه " قال: ثم أتي
النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك برجل قد شرب في الرابعة، فضربه، ولم يقتله، وكذا روى الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، قال: فرفع القتل، وكان رخصة، والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم، لا نعلم بينهم اختلافا في ذلك، في القديم والحديث، ومما يقوي هذا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أوجه كثيرة أنه =(16/405)
فَتُقْطَعُ يَدُهُ (1)) .
تُوُفِّيَ: الدَّارَكِيُّ بِبَغْدَادَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ.
وَكَانَ ثِقَةً صَدُوْقاً.
وَدَارَكُ: مِنْ أَعْمَالِ أَصْبَهَانَ.
294 - ابْنُ مِهْرَانَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الأَصْبَهَانِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، المُقْرِئُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مِهْرَانَ الأَصْبَهَانِيُّ الأَصْلِ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، مُصَنَّفُ (الغَايَةِ فِي القِرَاءاتِ) .
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجَسِيَّ، وَابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَمَكِّيَّ بنَ عَبْدَانَ، وَجَمَاعَةً.
__________
= قال: " لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه ".
(1) أخرجه البخاري 12 / 94 في الحدود: باب قول الله تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) ، وباب لعن السارق إذا لم يسم، ومسلم (1687) في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، والنسائي 8 / 65 في السارق: باب تعظيم السرقة.
قال الخطابي: وجه الحديث وتأويله ذم السرقة وتهجين أمرها، وتحذير سوء مغبتها فيما قل وكثر من المال، كأنه يقول: ان سرقة الشئ الذي لا قيمة له كالبيضة المذرة والحبل الخلق الذي لا قيمة له إذا تعاطاه فاستمرت به العادة، لم ييأس أن يؤديه ذلك إلى سرقة ما فوقها حتى يبلغ قدر ما تقطع فيه اليد، فتقطع يده، كأنه يقول: فليحذر هذا الفعل، وليتوقه قبل ان تملكه العادة ويمرن عليها، ليسلم من سوء مغبته ووخيم عاقبته.
(*) معجم الأدباء: 3 / 12 - 15، العبر: 3 / 16، البداية والنهاية: 11 / 310، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 / 49 - 50، النشر في القراءات العشر: 1 / 34، 89، النجوم الزاهرة: 4 / 160، شذرات الذهب: 3 / 98، هدية العارفين: 1 / 67.(16/406)
وَتلاَ بِالعِرَاقِ عَلَى: زَيْدِ بنِ أَبِي بِلاَلٍ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ بُويَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّقَّاشِ، وَأَبِي عِيْسَى بَكَّارٍ، وَابنِ مِقْسَمٍ، وَبِدِمَشْقَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ مُحَمَّدِ بنِ النَّضْرِ الأَخْرَمِ.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَابنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيَّكَ، وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئُ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ: مَهْدِيُّ بنُ طَرَارَةَ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ إِمَامَ عَصْرِهِ فِي القِرَاءاتِ، وَكَانَ أَعْبَدَ مَنْ رَأَيْنَا مِنَ القُرَّاءِ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
انْتَقَيْتُ عَلَيْهِ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ بِبُخَارَى كِتَابَ (الشَّامِلِ) لَهُ فِي القِرَاءاتِ.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَتُوُفِّيَ: مَعَهُ العَامِرِيُّ (1) الفَيْلَسُوفُ.
فَحَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ عَنْ ثِقَةٍ رَأَى ابنَ مِهْرَانَ فِي النَّوْمِ لَيْلَةَ دَفْنِهِ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأُسْتَاذُ مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: اللهُ أَقَامَ أَبَا الحَسَنِ العَامِرِيَّ بِحِذَائِي، وَقَالَ: هَذَا فَدَاؤُكَ مِنَ النَّارِ.
295 - حُسَيْنَكَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الأَنْبَلُ، القُدْوَةُ، أَبُو أَحْمَدَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ
__________
(1) هو أبو الحسن، محمد بن يوسف العامري النيسابوري، عالم بالمنطق والفلسفة اليونانية، من أهل خراسان.
وأقام بالري خمس سنين، واتصل بابن العميد فقرآ معا عدة كتب، وله عدة مؤلفات منها " الاعلام بمناقب الإسلام ".
" أعلام الزركلي ": 7 / 148.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 74 - 75، المنتظم: 7 / 127 - 128، تذكرة الحفاظ: 3 / 968 - 969، العبر: 2 / 368 - 369، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 17 / أ، طبقات السبكي: 3 / 274 - 275، طبقات الاسنوي: 1 / 419 - 420، البداية والنهاية: 11 / 304، =(16/407)
مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ حُسَيْنَكُ، وَيُقَالُ لَهُ أَيْضاً: ابْنُ مُنَيْنَةَ.
سَمِعَ: عُمَرَ بنَ أَبِي غَيْلاَنَ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَالبَاغَنْدِيَّ، وَابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدَانَ البَجَلِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَالبَرْقَانِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الخَطَيِّبُ: كَانَ ثِقَةً حُجَّةً.
وَقَالَ الحَاكِمُ: الغَالِبُ عَلَى سَمَاعَاتِهِ الصِّدْقُ.
وَهُوَ شَيْخُ العَرَبِ فِي بَلَدِنَا وَمَنْ وَرِثَ الثَّرْوَةَ القَدِيمَةَ، وَسَلَفُهُ جلَّةٌ، صحبْتُهُ حَضَراً وَسَفَراً، فَمَا رَأَيتُهُ تَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ مِنْ نَحْوِ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، فَكَانَ يَقْرَأُ سُبُعاً كُلَّ لَيْلَةٍ، وَكَانَتْ صَدَقَاتُهُ دَارَّةً سِرّاً وَعَلاَنِيَةً.
أَخْرَجَ مَرَّةً عَشْرَةً مِنَ الغُزَاةِ بآلَتِهِم عِوَضاً عَنْ نَفْسِهِ، وَرَابَطَ غَيْرَ مَرَّةٍ.
قَالَ: وَأَوَّلُ سمَاعِهِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يبعثُهُ إِذَا تخلَّفَ عَنْ مَجْلِسِ السُّلْطَانِ ينوبُ عَنْهُ.
وَكَانَ يُعِزُّهُ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى أَولاَدِهِ، وَفِي حِجْرِهِ تَرَبَّى، تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ نَيِّفاً وثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (كَانَتْ شَجَرَةٌ تَضُرُّ بِالطَّرِيْقِ، فَقَطَعَهَا رَجُلٌ، فَنَحَّاهَا عَنِ الطَّرِيْقِ،
__________
= النجوم الزاهرة: 4 / 147، طبقات الحفاظ: 386، شذرات الذهب: 3 / 84.(16/408)
فَغُفِرَ لَهُ) . رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1) .
296 - ابْنُ حَيُّوْيَه مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، المُسْنِدُ، أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى البَغْدَادِيُّ، الخَزَّازُ، ابْنُ حَيُّوْيَه، مِنْ عُلمَاءِ المُحَدِّثِيْنَ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ خَلَفِ بنِ المَرْزُبَانِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِسْحَاقَ المَدَائِنِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَابنَ أَبِي دَاوُدَ، وَعُبَيْدَ بنَ المُؤَمِّلِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ عُثْمَانَ العُثْمَانِيَّ صَاحِبَ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، وَبَدْرَ بنَ الهَيْثَمِ، وَأَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ هَارُوْنَ المُجَدِّرَ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَعَلِيُّ بنُ المُحسَّنِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَرَوَى الكُتُبَ المُطَوَّلَةَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، كَتَبَ طُولَ عُمرِهِ، وَرَوَى المصنَّفَاتِ الكِبَارَ.
مَوْلِدُهُ: فِي خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
حَدَّثَنِي أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ،
__________
(1) برقم (130) في البر والصلة: باب فضل إزالة الأذى عن الطريق، من طريق محمد بن حاتم، عن بهز، عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 2 / 304، 343، 416 من طريقين عن حماد.
وأخرجه أحمد 3 / 495 و521 من طريقين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة وفي الباب عن أنس عند أحمد 3 / 154 و230.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 121 - 122، المنتظم: 7 / 170 - 171، العبر: 3 / 21، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 46 / ب، الوافي بالوفيات: 3 / 199، البداية والنهاية: 11 / 311 - 312، لسان الميزان: 5 / 214 - 215، النجوم الزاهرة: 4 / 163، شذرات الذهب: 3 / 104.(16/409)
قَالَ: كَانَ ابْنُ حَيُّوْيَه مُكْثِراً، وَكَانَ فِيْهِ تَسَامُحٌ، رُبَّمَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ شَيْئاً وَلاَ يَكُونُ أَصلُهُ قريباً مِنْهُ، فَيَقْرَؤُهُ مِنْ كِتَابِ أَبِي الحَسَنِ بنِ الرَّزَّازِ لِثِقَتِهِ بِذَلِكَ الكِتَابِ.
ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ ثِقَةً (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: سَأَلْتُ البَرْقَانِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، حُجَّةٌ.
قَالَ العَتِيْقِيُّ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا ابْنُ حَيُّوْيَه، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُعبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنِ الحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ البَرَاءِ، قَالَ: (كَانَ قِيَامُ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُعُودُهُ وَرُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ لاَ يُدْرَى أَيُّهُ أَطْوَلُ) (3) .
297 - القَزْوِيْنِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ *
الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحِ بنِ حَمَّادٍ القَزْوِيْنِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: يُوْسُفَ بنِ عَاصِمٍ الرَّازِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْعُوْدٍ الأَسَدِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ حَمْدَانَ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 121 - 122.
(2) " تاريخ بغداد ": 3 / 122، وما بين حاضرتين منه.
(3) إسناده صحيح، وأخرج البخاري برقم (792) و (801) ومسلم (471) (194) والنسائي 2 / 197، والترمذي (279) من طريق شعبة عن الحكم بهذا الإسناد، وأخرجه البخاري (820) من طريق مسعر عن الحكم به.
وأخرجه مسلم (471) وأبو داود (854) من طريقين عن ابي عوانة، عن هلال بن أبي حميد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب.
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 43 / أ، غاية النهاية: 1 / 591 - 520.(16/410)
وأَخذَ القِرَاءاتِ عَنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ الأَزْرَقِ، وَالعَبَّاسِ بنِ الفَضْلِ بنِ شَاذَانَ.
وَقَدِمَ بَغْدَادَ، فجَالَسَ ابنَ مُجَاهِدٍ، وَبَحثَ مَعَهُ، وَتصدَّرَ للإِقْرَاءِ دَهْراً طَوِيْلاً.
تَرْجَمَهُ الخَلِيْلِيُّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ كِبارِ مَشَايخِهِ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ: وَوُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
298 - ابْنُ يَبْقَى مُحَمَّدُ بنُ يَبْقَى بنِ زَربٍ القُرْطُبِيُّ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَبْقَى بنِ زَربِ بنِ يَزِيْدَ القُرْطُبِيُّ، الفَقِيْهُ.
كَانَ عَجَباً فِي حِفْظِ المَذْهَبِ.
سَمِعَ مِنْ: قَاسِمِ بنِ أَصْبَغَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي دُلَيْمٍ.
وَتَفَقَّهَ بِاللُّؤْلُؤيِّ.
وَكَانَ ابْنُ السَّلِيْمِ القَاضِي يَقُوْلُ: لَوْ رَآكَ ابْنُ القَاسِمِ لَعَجِبَ مِنْكَ.
وَلَهُ مُؤَلَّفٌ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ مَسَرَّةَ، وَعِدَّةُ تصَانِيفَ.
وَكَانَ جَمَّ الفَضَائِلِ.
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 94 - 95، جذوة المقتبس: 100، ترتيب المدارك: 4 / 630 - 633، فهرسة ابن خير: 246، بغية الملتمس: 146 - 147، المغرب في حلى المغرب: 1 / 214، العبر: 3 / 19، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 44 / ب، تاريخ قضاة الأندلس: 77 - 82، الديباج المذهب: 2 / 230 - 231، شذرات الذهب: 3 / 101 - 102، شجرة النور الزكية: 1 / 100.(16/411)
299 - النَّسَائِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الفَقِيْهُ، المُفْتِي، مُسْنِدُ خُرَاسَانَ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ النَّسَائِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
خَاتِمَةُ مَنْ سَمِعَ مِنَ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ (مُسْنَدَهِ) ، وَمَنْ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه مُسْنَدِ إِسْحَاقَ.
وَقَدِ ارْتَحَلَ إِلَى العِرَاقِ، وَسَمِعَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَغَيْرُهُ.
وَلَمْ يَقعْ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ.
وَقَدْ حدَّثَ بِبَغْدَادَ فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ بنِ السَّمَّاكِ فسَمِعَ مِنْهُ: أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ الثَّلاَّجِ، وَعَاشَ إِلَى هَذَا الوَقْتِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِنَسَا (1) .
وعِنْدِيَ فِي (تَاريخِ الحَاكِمِ) أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ - فَاللهُ أَعلمُ -.
قَالَ الحَاكِمُ: وَكَانَ شَيْخَ العدَالَةِ وَالعِلْمِ بِنَسَا، وَعَاشَ نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ - (2) .
300 - السَّرَخْسِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ **
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، أَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ
__________
(*) تاريخ بغداد: 9 / 394، العبر: 3 / 20 - 21، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 46 / أ، و51 / ب، طبقات السبكي: 3 / 305 - 306، النجوم الزاهرة: 4 / 163، شذرات الذهب: 3 / 103.
(1) " تاريخ بغداد ": 9 / 394.
(2) المصدر السابق.
(* *) تاريخ بغداد: 10 / 364 - 365، تاريخ الإسلام: الورقة: 35 / أ.(16/412)
السَّرَخْسِيُّ، التَّاجِرُ، مُسْنِدُ بُخَارَى.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُوْلِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوَيْه المَرْوَزِيِّ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ المَطيْرِيِّ، وَمَنْصُوْرِ بنِ مُحَمَّدٍ البَزْدَوِيِّ صَاحِبِ البُخَارِيِّ.
وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ النِّعَالِيُّ.
أَثْنَى عَلَيْهِ الحَافِظُ جَعْفَرٌ الإِدْرِيْسِيُّ، وَوَثَّقَهُ، وَوَصَفَهُ بِالصَّلاَحِ.
قَالَ: قَدِمَ نَسفَ سَنَةَ 327 لِسمَاعِ (الصَّحِيْحِ) مِنْ أَبِي طَلْحَةَ مَنْصُوْرٍ.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
301 - العَسْكَرِيُّ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الأَدِيبُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو أَحْمَدَ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ مِنْ: عَبْدَانَ الأَهْوَازِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ يَحْيَى التُّسْتَرِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 272، الأنساب: 8 / 452، المنتظم: 7 / 191، معجم الأدباء: 8 / 233 - 258، معجم البلدان: 3 / 124، إنباه الرواة: 1 / 310 - 312، اللباب: 2 / 340، وفيات الأعيان: 2 / 83 - 85، المختصر في أخبار البشر: 2 / 133، العبر: 3 / 20، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 45 / ب، الوافي بالوفيات: 12 / 77 76، مرآة الجنان: 2 / 415 - 416، البداية والنهاية: 11 / 312 و320 - 321، النجوم الزاهرة: 4 / 163 و196، بغية الوعاة: 1 / 506، شذرات الذهب: 3 / 102 - 103، روضات الجنات: 216، هدية العارفين: 1 / 272 - 273، أعيان الشيعة: 22 / 140، الرسالة المستطرفة: 54.(16/413)
الطَّبَرِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ دُرَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَرَفَةَ نِفْطَوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ رَوْحٍ المُؤَدِّبِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَادٍ، وَالعَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ الأَصْبَهَانِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ اليَزدِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ النُّعَيْمِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الأَهْوَازِيُّ، وَالمُقْرِئُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الوَادِعِيُّ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ البَاطِرْقَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَنْجَوَيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ حَيْكَانَ التُّسْتَرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الإِيْذَجِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ بَحْرٍ التُّسْتَرِيُّ السَّقَطِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ: كَانَ أَبُو أَحْمَدَ العَسْكَرِيُّ مِنَ الأَئِمَّةِ المَذْكُورِينَ بِالتَّصَرُّفِ فِي أَنواعِ العُلُومِ، وَالتَّبحُّرِ فِي فُنُوْنِ الفُهومِ، وَمِن المَشْهُوْرينَ بِجَوْدَةِ التَّأْلِيفِ وَحُسنِ التَّصْنِيْفِ، أَلَّفَ كِتَابَ (الحِكَمِ وَالأَمثَالِ) ، وَكِتَابَ (التَّصْحِيْفِ) ، وَكِتَابَ (رَاحَةِ الأَرْوَاحِ) ، وَكِتَابَ (الزَّوَاجِرِ وَالمَوَاعِظِ) ، وَعَاشَ حَتَّى عَلاَ بِهِ السِّنُّ، وَاشْتُهِرَ فِي الآفَاقِ.
انتهَتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ التَّحدُّثِ وَالإِمْلاَءِ للآدَابِ وَالتَّدْرِيسِ بِقُطرِ خُوزِسْتَانَ، وَكَانَ يُمْلِي بِالعَسْكَرِ وَبِتُسْتَرَ وَمُدُنِ نَاحِيَتِهِ.
أَخْبَرَنَا بِنَسبهِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنِيرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الطُّيُورِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ السَّقَطِيُّ بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ زَيْدِ بنِ حَكِيْمٍ العَسْكَرِيُّ إِملاَءً سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِتُسْتَرَ ... ، فَذكَرَ مَجَالِسَ مِنْ أَمَالِيهِ. قَالَ السِّلَفِيُّ: هِيَ عِنْدِي.(16/414)
وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَثَاهُ الصَّاحِبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبَّادٍ (1) فَقَالَ:
قَالُوا: مَضَى الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدٍ ... وَقَدْ رَثَوْهُ بِضُرُوبِ النُّدَبْ
فَقُلْتُ: مَاذَا فَقْدَ شَيْخٍ مَضَى ... لَكِنَّهُ فَقْدُ فُنُوْنِ الأَدَبْ
أَرَّخَ أَبُو حَكِيْمٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ فَضْلاَنَ العَسْكَرِيُّ اللُّغَوِيُّ وَفَاةَ أَبِي أَحْمَدَ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ، لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: أَظنُّهُ جَاوَزَ التِّسْعِيْنَ.
302 - الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ أَبُو عَلِيٍّ الكِنْدِيُّ *
سَمِيُّهُ وَعَصْرِيُّهُ، الفَقِيْهُ، المُسْنِدُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ الكِنْدِيُّ، الحِمْصِيُّ، نَزِيْلُ بَعْلَبَكَّ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا.
رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ الأَشْعَثِ المَنْبِجِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الرَّبَعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَقَعَ لِي جُزءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ.
لَمْ أَظْفَرْ بِموتِهِ، لَكِنَّهُ حَدَّثَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
303 - الكَرَابِيْسِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ بِشْرِ بنِ العَبَّاسِ **
الشَّيْخُ الصَّالِحُ، المُسْنِدُ، أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ بِشْرِ بنِ العَبَّاسِ
__________
(1) البيتان في ترجمة العسكري عند ياقوت: 8 / 251، وتاريخ الإسلام: 4 الورقة 45 / ب.
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 71 / ب، تهذيب ابن عساكر: 4 / 192.
(* *) العبر: 3 / 8، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 29 / أ، شذرات الذهب: 3 / 92.(16/415)
النَّيْسَابُوْرِيُّ، البَصْرِيُّ الأَصْلِ، الكَرَابِيْسِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا لَبِيْدٍ السَّرَخْسِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَجَمَاعَةً.
وَكَانَ خَتَنَ الحَافِظِ أَبِي الحُسَيْنِ الحجَّاجِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
304 - نَقَّاشُ الفِضَّةِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ العَبَّاسِ السُّلَمِيُّ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ العَبَّاسِ السُّلَمِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الجَوْهَرِيُّ، الأَشْعَرِيُّ، نَقَّاشُ الفِضَّةِ، وَتِلمِيذُ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ مَحمِيٍّ، وَغَيْرَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَعُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ المُحسَّنِ التَّنُوْخِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الأَزْهَرِيُّ، وَقَالَ: كَانَ أَحَدَ المُتكلِّمِينَ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي الحَسَنِ، وَمِنْهُ تَعَلَّمَ ابْنُ شَاذَانَ عِلمَ الكَلاَمِ.
مَاتَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ بِحَدِيْثٍ بَاطِلٍ كَأَنَّهُ أَخْطَأَ فِيْهِ، سُقْتُهُ فِي
__________
(*) تاريخ بغداد: 1 / 325 - 326، تبيين كذب المفتري: 196 - 197، العبر: 3 / 11، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 32 / أ، الوافي بالوفيات: 2 / 46 - 47، شذرات الذهب: 3 / 94.(16/416)
(التَّارِيْخِ الكَبِيْرِ) (1) .
305 - الزُّبَيْدِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ *
إِمَامُ النَّحْوِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مَذْحِجٍ الزُّبَيْدِيُّ، الشَّامِيُّ، الحِمْصِيُّ، ثُمَّ الأَنْدَلُسِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ: سَعِيْدَ بنَ فَحلُوْنَ، وَقَاسِمَ بنَ أَصْبَغَ، وَأَبَا عَلِيٍّ القَالِيَّ.
وَأَخذَ العَرَبِيَّةَ عَنِ القَالِيِّ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ الرِّيَاحِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ أَبُو الوَلِيْدِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَفلِيْلِيُّ، وَوَلَدُهُ الآخَرُ؛ أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ الأَدِيبُ قَاضِي إِشْبِيْلِيَّةَ.
طَلَبَ المُسْتَنْصِرُ صَاحِبُ الأَنْدَلُسِ أَبَا بَكْرٍ الزُّبَيْدِيَّ مِنْ إِشْبِيْلِيَّةَ إِلَى قُرْطُبَةَ للاسْتِفَادَةِ مِنْهُ، فَأَدَّبَ جَمَاعَةً، وَاختَصَرَ كِتَابَ (العَينِ) ، وَأَلَّفَ (الوَاضِحَ) فِي العَرَبِيَّةِ، وَهُوَ مُؤَدِّبُ المُؤَيَّدِ بِاللهِ هِشَامٍ.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
__________
(1) هو في " تاريخ الإسلام " 4 الورقة: 32 / أوقد ساقه المؤلف بإسناده إلى شريح القاضي قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول على المنبر: " خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم أنا " رضي الله عنهم ثم قال الذهبي: هذا لفظ منكر لم يقله علي.
(*) مقدمة طبقات النحويين واللغويين، تاريخ علماء الأندلس: 2 / 89 - 90، يتيمة الدهر: 2 / 70 - 71، جذوة المقتبس: 46 - 49، الأنساب: 6 / 249، بغية الملتمس: 66 / 67، معجم الأدباء: 8 / 179 - 184، إنباه الرواة: 3 / 108 - 109، المحمدون من الشعراء: 73 - 74، المغرب في حلى المغرب: 1 / 250، وفيات الأعيان: 4 / 372 - 374، العبر: 3 / 12، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 32 / أ، تلخيص ابن مكتوم: 202 - 203، الوافي بالوفيات: 2 / 351، مرآة الجنان: 2 / 409، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 218 - 219، بغية الوعاة: 1 / 84 - 85، شذرات الذهب: 4 / 94 - 95، هدية العارفين: 2 / 51.(16/417)
وَعَاشَ وَلَدُهُ أَبُو الوَلِيْدِ إِلَى سَنَةِ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْ وَالدِهِ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَوْحَدَ عَصْرِهِ فِي عِلْمِ النَّحْوِ، وَحفظِ اللُّغَةِ، وَكَانَ أَخْبَرَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالإِعْرَابِ وَالمَعَانِي وَالنَّوَادِرِ، إِلَى عِلْمِ السِّيَرِ وَالأَخْبَارِ، لَمْ يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ فِي فَنِّهِ مِثْلُهُ فِي زَمَانِهِ.
وَلَهُ كُتُبٌ تَدُلُّ عَلَى عِلمِهِ، مِنْهَا: كِتَابُ (طَبَقَاتِ النُّحَاةِ وَاللُّغَوِيِّيْنَ) ، وَلَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ مَسَرَّةَ، وَأَشيَاءٌ مفيدَةٌ، وَلَهُ نَظْمٌ بَدِيْعٌ (1) .
306 - ابْنُ المُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ بنِ مُوْسَى البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، مُحَدِّثُ العِرَاقِ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ بنِ مُوْسَى بنِ عِيْسَى بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ.
قَالَ: أَبِي مِنْ سَامَرَّاءَ، وَوُلِدْتُ أَنَا بِبَغْدَادَ، فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَأَوَّلُ سَمَاعِي فِي سَنَةِ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ سَلَمَةَ بنِ الأَكْوَعِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، فَسُئِلَ عَنْ هَذَا، فَقَالَ: لاَ أَعلمُ صِحَّةَ ذَلِكَ.
سَمِعَ مِنْ: حَامِدِ بنِ شُعَيْبٍ البَلْخِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ البَاغَنْدِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ خَلَفٍ الدُّوْرِيِّ، وَقَاسِمِ بنِ زَكَرِيَّا المُطَرِّزِ، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الصُّوْفِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 4 / 372 - 373.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 262 - 264، المنتظم: 7 / 152 - 153، تذكرة الحفاظ: 3 / 980 - 983، العبر: 3 / 12، تاريخ الإسلام: الورقة: 33 / أ، ميزان الاعتدال: 4 / 43، البداية والنهاية: 11 / 308، لسان الميزان: 5 / 373، 384، النجوم الزاهرة: 4 / 155 - 156، طبقات الحفاظ: 389 - 390، شذرات الذهب: 3 / 96.(16/418)
البُخَارِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَبَّانَ المِصْرِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ عَلاَّنَ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَأَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ، وَالحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جُمُعَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الحَمِيدِ الفَرْغَانِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا، وَطَبَقَتِهِم بِبَغْدَادَ، وَواسِطَ، وَالكُوْفَةِ، وَالرَّقَّةِ، وَحَرَّانَ، وَحِمْصَ، وَحَلَبَ، وَمِصْرَ، وَأَمَاكنَ.
وَتَقَدَّمَ فِي مَعْرِفَةِ الرِّجَالِ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَعُمِّرَ دَهْراً، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَأَكثرَ الحُفَّاظُ عَنْهُ، مَعَ الصِّدْقِ وَالإِتْقَانِ، وَلَهُ شُهرَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ فِي حِفظِ الدَّارَقُطْنِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالبَرْقَانِيُّ، وَابنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُودِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ (1) الجَوْهَرِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ بَرْهَانَ، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الدَّاوُودِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ابْنُ المُظَفَّرِ فَهِماً، حَافِظاً، صَادقاً، مُكْثِراً (2) .
قَالَ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ ابنَ أَبِي الفَوَارِسِ يَقُوْلُ:
سَأَلْتُ ابنَ المُظَفَّرِ عَنْ حَدِيْثٍ عَنِ البَاغَنْدِيِّ، عَنِ ابْنِ زَيْدٍ المُنَادِي، عَنْ عَمْرٍو بنِ عَاصِمٍ، عَنْ شُعْبَةَ، فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ عِنْدِي.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ عِنْدَكَ.
قَالَ: لَوْ كَانَ عِنْدِي كُنْتُ أَحْفَظُهُ، وَعِنْدِي عَنِ البَاغَنْدِيِّ مائَةُ أَلْفِ حَدِيْثٍ لَيْسَ عِنْدِي هَذَا.
__________
(1) في حاشية الأصل: نسخة: أبو محمد.
(2) " تاريخ بغداد ": 3 / 263، وما بين حاصرتين منه.(16/419)
قَالَ البَرْقَانِيُّ: كَتَبَ الدَّارَقُطْنِيُّ أُلُوْفاً عَنِ ابْنِ المُظَفَّرِ (1) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُودِيُّ، قَالَ:
رَأَيْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يُعَظِّمُ ابنَ المُظَفَّرِ وَيُجلُّهُ، وَلاَ يَسْتَندُ بِحَضْرتِهِ، وَرَأَيْتُ مِنْ أُصُولِهِ فِي الوَرَّاقِينَ شَيْئاً كَثِيْراً، فَسأَلتُ عَنْهَا وَرَّاقاً، فَقَالَ: بَاعَنِي ابْنُ المُظَفَّرِ مِنْهَا ثَمَانِيْنَ رِطْلاً.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ: وَكَانَتْ كُلُّهَا عَنِ ابْنِ صَاعِدٍ، كَتَبَهَا عَنْهُ بِخطِّهِ الدَّقِيْقِ، فَجئْتُ إِلَيْهِ، فسأَلتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: أَنَا بِعْتُهَا، وَهل أُؤَمِّلُ أَنْ يُكْتَبَ عَنِّي حَدِيْثُ ابْنُ صَاعِدٍ؟ أَوْ كَمَا قَالَ (2) .
قَالَ السُّلَمِيُّ: سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنِ ابْنِ المُظَفَّرِ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
قُلْتُ: يُقَالُ: إِنَّهُ يَمِيلُ إِلَى التَّشَيُّعِ.
قَالَ: قليلاً بِقَدَرِ مَا لاَ يَضُرُّ إِنْ شَاءَ اللهُ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: هُوَ حَافظٌ، مأْمُوْنٌ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: ابْنُ المُظَفَّرِ حَافظٌ، فِيْهِ تَشيُّعٌ ظَاهِرٌ.
قَالَ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ ابنَ حُنَيْفٍ يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ المُظَفَّرِ خَرَّجَ أَورَاقاً فِي مَثَالِبِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، وَيَهدِيهِ لِبعضِ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ المعروفينَ بِالرَّفْضِ، فَوَقَعَ ذَلِكَ الجُزْءُ فِي يَدِي، فَدَخَلتُ أَنَا وَابنُ أَخِي مِيمِي وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفُرَاتِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى الجُزْءَ مَعَنَا تَغيَّرَ، وَأَخذَ يعتذرُ، فَلاَطفنَاهُ وَقَرَأْنَاهُ عَلَيْهِ.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، يَوْمَ الجُمُعَةِ.
قَالَهُ العَتِيْقِيُّ.
وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ اللُّغَةِ بِالأَنْدَلُسِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الزُّبَيْدِيُّ
__________
(1) انظر لفظ البرقاني في " تاريخ بغداد ": 3 / 263.
(2) " تاريخ بغداد ": 3 / 263 - 264، وما بين حاصرتين منه.(16/420)
القُرْطُبِيُّ، وَمُحَدِّثُ دِمَشْقَ الإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ زَبْرٍ الرَّبَعِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ بنِ النَّحَّاسِ المَوْصِلِيُّ - رَاوِي (مُعْجَمِ أَبِي يَعْلَى) عَنْهُ -، وَالمُعَمَّرُ أَبُو بَكْرٍ هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ - ابْنُ أَخِي هِلاَلٍ الرَّأْيِ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنِ الكَجِّيِّ -.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الرُّعَيْنِيُّ: قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ المُظَفَّرِ مِصْرَ، وَكَانَ أَحولَ أَشجَّ، فَحَضرَ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِيْنِيِّ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ هَذَا الَّذِي تَملُّهُ عَلَيْنَا هُوَ عِنْدَنَا كَثِيْرٌ بِالعِرَاقِ، وَنريدُ حَدِيْثَ مِصْرَ، فَكَانَ ذَلِكَ مَبْدَأَ إِخرَاجِ القَزْوِيْنِيِّ حَدِيْثَ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، فَكَانَ مِنْهُ الَّذِي كَانَ مِنْ تَكثيرِ النَّاسِ عَلَيْهِ، حَتَّى قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَضَعَ القَزْوِيْنِيُّ لِعَمْرِو بنِ الحَارِثِ أَكثرَ مِنْ مائَةِ حَدِيْثٍ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ طَبَرْزَدَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَيَانٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ، فَلاَ صَلاَةَ لَهُ (1)) .
هَذَا حَدِيْثٌ غريبٌ، لَمْ يُقَلْ فِيْهِ: (إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ) .
307 - يَحْيَى بنُ مَالِكِ بنِ عَائِذٍ أَبُو زَكَرِيَّا الأَنْدَلُسِيُّ
الإمَامُ، المُجَوِّدُ، الحَافِظُ، المُحَقِّقُ، أَبُو زَكَرِيَّا الأَنْدَلُسِيُّ.
__________
(1) أخرجه ابن ماجه (793) من طريق عبد الحميد بن بيان الواسطي عن هشيم بهذا الإسناد، وأخرجه من طرق عن هشيم.
الدارقطني 1 / 410، والبيهقي 3 / 174، وصححه ابن حبان (426) والحاكم 1 / 245 ووافقه الذهبي وهو كما قالوا، فقد صرح هشيم بالتحديث في رواية الحاكم.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 193 - 194، جذوة المقتبس: 379 - 381، بغية =(16/421)
سَمِعَ: أَبَا عُمَرَ بنَ عَبْدِ ربِّهِ صَاحِبَ (العِقدِ) ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ يُوْنُسَ المُقْرِئَ، وَعِدَّةً - وَفِي الرِّحلَةِ مِنْ أَبِي سَهْلٍ القَطَّانِ -، وَعَبْدَ البَاقِي بنَ قَانِعٍ، وَدَعْلَجاً السِّجْزِيَّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ - أَحَدُ شُيُوْخِهِ -، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ المَحَامِلِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِيِّ، وَيَحْيَى بنُ عَلِيٍّ الطَّحَّانُ، وَجَمَاعَةٌ.
أَمْلَى بِجَامعِ قُرْطُبَةَ.
قَالَ التَّنُوْخِيُّ أَبُو عَلِيٍّ فِي (النشوَارِ) :حَضَرتُ مَجْلِسَ أَبِي الفَرَجِ صَاحِبِ (الأَغَانِي) ، فَقَالَ: لَمْ نَسْمَعْ بِمَنْ مَاتَ فُجَاءةً عَلَى المِنْبَرِ، فَقَالَ شَيْخٌ أَنْدَلُسِيٌّ قَدْ لَزمَ أَبَا الفَرَجِ، اسْمُهُ يَحْيَى بنُ عَائِذٍ: إِنَّهُ شَاهدَ فِي جَامعِ بَلدِهِ بِالأَنْدَلُسِ خطِيبَهُم وَقَدْ صَعِدَ يَوْمَ الجُمُعَةِ لِيخطُبَ، فَلَمَّا بَلغَ يَسِيْراً مِنَ الخُطْبَةِ خَرَّ مَيْتاً فَوْقَ المِنْبَرِ، فَأُنْزِلَ، وَطَلَبُوا فِي الحَالِ مَنْ خَطَبَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ: مَاتَ ابْنُ عَائِذٍ بِالأَنْدَلُسِ، فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
308 - ابْنُ مَسْرُوْرٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ البَلْخِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَسْرُوْرٍ البَلْخِيُّ، نزيلُ مِصْرَ.
__________
= الملتمس: 507 - 508، تذكرة الحفاظ: 1003 - 1004، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 23 / ب، طبقات الحفاظ: 398، شذرات الذهب: 3 / 93.
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 1005، العبر: 3 / 7 - 8، حسن المحاضرة: 1 / 352، طبقات الحفاظ: 398 - 399، شذرات الذهب: 3 / 92.
وسيكرر المؤلف ترجمته في الصفحة (516) من هذا الجزء.(16/422)
رَوَى عَنِ: الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المطبقيِّ وَطبقتِهِ بِبَغْدَادَ، وَأَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ زَبَّانَ وَطبقتِهِ بِدِمَشْقَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ يُوْنُسَ، وَابنِ السِّنْدِيِّ، وَأَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الكِنْدِيِّ، وَخَلْقٍ بِمِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ، وَعُمَرُ بنُ الخَضِرِ الثَّمَانِينِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ قُدَيْدٍ، وَآخرُوْنَ.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
309 - ابْنُ شَبُّوْيَه أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الشَّبَوِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، الفَاضِلُ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ شَبُّويَه الشَّبَوِيُّ، المَرْوَزِيُّ.
سَمِعَ (الصَّحِيْحَ) فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الفِرَبْرِي، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ مَشَايخِ الصُّوْفِيَّةِ.
حَدَّثَ بِمَرْوَ بـ (الصَّحِيْحِ) فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، رَوَاهُ عَنْهُ سَعِيْدُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ العَيَّارُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيُّ: لَمَّا تُوُفِّيَ الشَّبَوِيُّ، سَمِعَ النَّاسُ (الصَّحِيْحَ) مِنَ الكُشْمِيهَنِي.
وَقَدْ ذكرَهُ السُّلَمِيُّ فِي (طَبقَاتِ الصُّوْفِيَّةِ) ، وَقَالَ: كَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي العَبَّاسِ السَّيَّارِيِّ.
لَهُ لِسَانٌ ذَرِبٌ فِي عُلُومِ القَوْمِ، وَكَانَ الأُسْتَاذُ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ يَمِيلُ إِلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ، فَقَالَ: قُلْتَ: يَا
__________
(*) الإكمال لابن ماكولا: 5 / 107، الأنساب: 7 / 285، اللباب: 2 / 182، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 39 / أ، مشتبه النسبة: 2 / 390.(16/423)
رَسُوْلَ اللهِ: (شَيَّبَتْنِي هُوْدٌ وَأَخَوَاتُهَا (1)) مَا الَّذِي شَيَّبَكَ مِنْهَا؟ قَالَ: قَوْلُهُ: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ) .
310 - ابْنُ حَسْكَوَيْه أَحْمَدُ بنُ حُسَيْنٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ حُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمُّوَيْه بنِ حَسْكَوَيْه النَّيْسَابُوْرِيُّ، الوَرَّاقُ، المُؤَذِّنُ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجِسِيَّ، وَابنَ خُزَيْمَةَ، وَالسَّرَّاجَ، وَطَائِفَةً.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
311 - ابْنُ نَاقِبٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَمٍّ البُخَارِيُّ **
الشَّيْخُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَمِّ بنِ نَاقِبٍ البُخَارِيُّ، الصَّفَّارُ.
أَحَدُ مَنْ حَدَّثَ بِ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الفِرَبْرِي.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنَ: الحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ.
__________
(1) حديث صحيح أخرجه الترمذي (3297) وابن سعد 1 / 435، وابو نعيم في " الحلية " 4 / 350 عن ابن عباس قال: قال ابو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله قد شبت، قال: " شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت " وحسنه الترمذي وصححه الحاكم 2 / 344 و476، ووافقة الذهبي.
وأخرجه ابن سعد 1 / 436 من طريق قتادة مرفوعا ولفظه " شيبتني هود وأخواتها " ورجاله ثقات، لكنه مرسل، وأخرجه الطبراني في الكبير من حديث عقبة ابن عامر مرفوعا قال الهيثمي في " المجمع " 7 / 37: ورجاله رجال الصحيح، وفي الباب عن عمران بن حصين عند الخطيب في " تاريخه " 3 / 145 وسنده صحيح.
ورؤيا أبي علي هذه رواها البيهقي في " شعب الايمان " كما في " الدر المنثور ": 3 / 320.
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 41 / أ.
(* *) الإكمال لابن ماكولا: 7 / 422، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 44 / أ، مشتبه النسبة: 2 / 665.(16/424)
تُوُفِّيَ: بِسَمَرْقَنْدَ، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
312 - ابْنُ كِنَانَةَ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ اللَّخْمِيُّ *
المُحَدِّثُ المُتْقِنُ، أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ كِنَانَةَ اللَّخْمِيُّ، القُرْطُبِيُّ، وَيُعرفُ أَيْضاً: بِابْنِ العَنَّانِ.
سَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الحَافِظِ، وَابنِ أَيْمَنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ قَاسِمٍ، وَحَجَّ فسَمِعَ مِنْ أَبِي سَعِيْدٍ الأَعْرَابِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ الزُّبَيْرِيِّ.
ذكرَهُ ابْنُ الفَرَضِيِّ، فَقَالَ: سَمِعَ النَّاسُ مِنْهُ كَثِيْراً.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ السَّلِيمِ القَاضِي فِي حَيَاتِهِ، وَكَانَ ثِقَةً، خِيَاراً، وَسِيماً، ضَابِطاً، جَيِّدَ التَّقْييدِ، كَانَ مِنْ أَوثقِ مَنْ كَتَبْنَا عَنْهُ، قَالَ لِي: وُلِدْتُ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
313 - الشَّافِعِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ **
العَلاَّمَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، المَشْهُوْرُ: بِالشَّافِعِيِّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مُتَكلِّمٌ عَلَى مَذْهَبِ الأَشْعَرِيِّ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
كَثِيْرُ المصنَّفَاتِ فِي الفِقْهِ وَالأُصولِ وَالأَحكَامِ.
سَمِعَ الكثيرَ بِالعِرَاقِ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ المَالِكِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ اللُؤْلُؤيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
قَالَ: وَكَانَ يُعرفُ بِالنَّتيفِ.
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 56، بغية الملتمس: 186.
(1) " تاريخ علماء الأندلس ": 1 / 56، وما بين حاصرتين منه.
(* *) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 300 - 301، تبيين كذب المفتري: 197، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 44 / ب.(16/425)
- السِّمْسَارُ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُوْسَى النَّيْسَابُوْرِيُّ * (مُكَرر 289)
أَبُو سَعِيْدٍ السِّمْسَارُ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، مِنْ أَولاَدِ المُحَدِّثِيْنَ.
سَمِعَ: ابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا قُرَيْشٍ.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي رَمَضَانَ.
314 - ابْنُ مَعْقِلٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّالِحُ، العَابِدُ، الرَّئِيْسُ، المُحْتَشِمُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَحْفُوظِ بنِ مَعْقِلٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، أَحدُ المُجْتَهدِينَ فِي العِبَادَةِ.
سَمِعَ: ابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجِسِيَّ، وَأَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَقَالَ: رَأَيْتُ أُصُولَهُ صحيحَةً، وَأَكثرُهَا بِخطِّهِ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
315 - ابْنُ مَعْرُوْفٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ * * *
قَاضِي القُضَاةِ، شَيْخُ المُعْتَزِلَةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ
__________
(*) تقدمت ترجمته برقم (289) من هذا الجزء.
(* *) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 41 / ب.
(* * *) يتيمة الدهر: 3 / 107 - 109، تاريخ بغداد: 10 / 365 - 368، المنتظم: 7 / 166، العبر: 3 / 18، ميزان الاعتدال: 3 / 3، البداية والنهاية: 11 / 310، لسان الميزان: 4 / 96، النجوم الزاهرة: 4 / 162، شذرات الذهب: 3 / 101.(16/426)
مَعْرُوفٍ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ مِنِ: ابنِ صَاعِدٍ، وَابنِ حَامِدٍ الحَضْرَمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ نُوْحٍ، وَابنِ نَيْرُوزَ الأَنْمَاطِيِّ.
وَكَانَ مِنْ أَجْلاَدِ الرِّجَالِ، وَأَلبَّاءِ القُضَاةِ، ذَا ذَكَاءٍ وَفِطْنَةٍ، وَعزيمَةٍ مَاضِيَةٍ، وَبلاغَةٍ وَهَيْبَةٍ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ مُجرداً فِي الاعتزَالِ بَلِيَّةً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَالعَتِيْقِيُّ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ شيطَا، وَأَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ.
وَوَثَّقَهُ بِجهلٍ الخَطِيْبُ، وَبَالَغَ فِي تَعْظيمِهِ، وَقَالَ: كَانَ يَجمعُ وَسَامةً فِي مَنْظَرَهِ، وَظَرْفاً فِي مَلْبَسِهِ، وَطَلاَقَةً فِي مَجْلِسِهِ، وَبَلاغَةً فِي خِطَابِهِ، قَدْ ضَربَ فِي الأَدبِ بِسهْمٍ، وَأَخذَ مِنَ الكَلاَمِ بِحظٍّ، وَلَهُ نَظْمٌ رَائِقٌ (1) .
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
316 - الرَّازِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، مُسْنِدُ الوَقْتِ، أَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ نُصَيْرِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَطَاءِ بنِ وَاصلٍ القُرَشِيُّ، الرَّازِيُّ، نَزِيلُ نَيْسَابُوْرَ.
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد ": 10 / 366، وقد أورد له الثعالبي في " اليتيمة ": 3 / 109 أبياتا سائرة منها:
احذر عدوك مرة * واحذر صديقك ألف مره
فلربما انقلب الصديـ * ـق فكان أعرف بالمضرة
(*) العبر: 3 / 21، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 46 / أ، النجوم الزاهرة: 4 / 163، شذرات الذهب: 3 / 103.(16/427)
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ، وَيُوْسُفَ بنِ عَاصِمٍ.
وَسَمِعَ (1) فِي الرِّحلَةِ بِدِمَشْقَ مِنِ: ابنِ جَوْصَا، وَأَبِي هَاشِمٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَبِبَغْدَادَ مِنْ: يَحْيَى بنِ صَاعِدٍ، وَبَالرَّيِّ أَيْضاً مِنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ.
وَعُمِّرَ دَهْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ المُؤمِّلِ، وَشَيْخُ الإِسلاَمِ إِسْمَاعِيْلَ الصَّابونِيُّ، وَأَخُوْهُ أَبُو يَعْلَى، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ المَرْوَزِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَوَصَفَهُ الكَنْجَرُوذِيُّ بِالصَّلاَحِ، وَسَاقَ نَسَبَهُ كَمَا مرَّ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: جَاوَرَ بِمَكَّةَ، وَقصدَ أَبَا علِيٍّ الثَّقَفِيَّ ليصحبَهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ دَخَلتُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ لَمَّا بَلَغَنِي خُرُوْجُهُ إِلَى مَرْوَ، فسأَلتُهُ عَنْ سِنِّهِ، فَذكَرَ أَنَّهُ ابْنُ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَلَمْ يَزَلْ كَالرَّيْحَانَةِ عِنْدَ مَشَايخِ الصُّوْفِيَّةِ بِبلدِنَا، ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ دَخَلَ بُخَارَى، وَحَدَّثَ بِهَا، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: حديثُهُ مستقيمٌ، وَلَمْ أَرَ أَحداً تَكَلَّمَ فِيْهِ.
وَسَمَاعُهُ مِنِ ابْنِ الضُّرَيْسِ يقتَضِي أَنْ يَكُونَ وَلَهُ سِتَّةُ أَعْوَامٍ.
قَالَ الخَلِيْلِيّ: ادَّعَى بِنَيْسَابُوْرَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ شَيْخٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو سَعِيْدٍ السِّجْزِيُّ، فَرَوَى عَنِ ابْنِ الضُّرَيْسِ، وَتَكلَّمُوا فِيْهِ، وَلَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ مِنْهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَبُو سَعِيْدٍ السِّجْزِيُّ آخَرُ - إِنْ شَاءَ اللهُ -، مَا هُوَ صَاحِبُ التَّرْجَمَةِ.
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.(16/428)
317 - ابْنُ شَاذَانَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ المُتْقِنُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شَاذَانَ بنِ حَرْبِ بنِ مِهْرَانَ البَغْدَادِيُّ، البَزَّازُ، وَالدُ أَبِي عَلِيٍّ بنِ شَاذَانَ.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَنْبَرٍ، وَيَحْيَى بنَ صَاعِدٍ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ المُغلِّسِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ دُرَيْدٍ، وَعِدَّةً.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ زَبَّانَ الكِنْدِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: رفيقُهُ؛ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابنَاهُ؛ أَبُو عَلِيٍّ وَعَبْدُ اللهِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَالتَّنُوْخِيُّ، وَالجَوْهَرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَكَانَ يُجهِّزُ البزَّ إِلَى مِصْرَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، وُلِدَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِيْنَ (1) .
قَالَ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ: مَا رَأَيْتُ بِبَغْدَادَ فِي الثِّقَةِ مِثْلَ القَوَّاسِ، وَبَعدَهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ، فَقَالَ لأَبِي ذَرٍّ وَرَّاقُهُ: وَلاَ الدَّارَقُطْنِيَّ؟ قَالَ: الدَّارَقُطْنِيُّ إِمَامٌ.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ شَاذَانَ يَقُوْلُ: جَاؤونِي بِجُزءٍ فِي سَمَاعِي مِنْ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ لِي بِهِ نُسْخَةٌ، فَلَمْ أُحَدِّثْ بِهِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 18 - 20، المنتظم: 7 / 172 - 172، العبر: 3 / 22، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 47 / أ، البداية والنهاية: 11 / 312، النجوم الزاهرة: 4 / 164، شذرات الذهب: 3 / 104، الرسالة المستطرفة: 82.
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 19.(16/429)
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: كَانَ حجَّةً، ثَبْتاً.
قُلْتُ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
318 - الجُوْرِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الشَّيْخُ، الفَقِيْهُ، المُسْنِدُ، أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحَنَفِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ: الجُوْرِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سُفْيَانَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحُسَيْنِ الحَنَفِيَّ.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَعُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَآخرُوْنَ.
درَّسَ وَأَفْتَى مُدَّةً، وَعُمِّرَ دَهْراً.
تُوُفِّيَ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَيَرْوِي أَيْضاً عَنِ: السَّرَّاجِ، وَأَبِي نُعَيْمٍ بنِ عَدِيٍّ، وَابنِ شَنَبُوذَ.
319 - الفَنَّاكِيُّ أَبُو القَاسِمِ جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَعْقُوْبَ **
الشَّيْخُ، أَبُو القَاسِمِ جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ الفَنَّاكِيِّ الرَّازِيُّ، رَاوِي (مُسْنَدِ الحَافِظِ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرُّويَانِي) عَنْهُ.
وَقَدْ سَمِعَ أَيْضاً مِنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ.
__________
(*) مشتبه النسبة: 1 / 189، تبصير المنتبه: 1 / 370، الجواهر المضية: 1 / 241.
(* *) العبر: 3 / 23، الوافي بالوفيات: 11 / 111، النجوم الزاهرة: 4 / 165، شذرات الذهب: 3 / 104.(16/430)
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: هُوَ مَوصُوفٌ بِالعَدَالَةِ، وَحُسنِ الدَّيَانَةِ.
رَوَى عَنْهُ: هِبَةُ اللهِ اللاَّلْكَائِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بُنْدَارَ الرَّازِيُّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ، وَعَلِيُّ بنُ حَسَّانٍ الجَدَلِيُّ صَاحبُ مُطَيَّنٍ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو الفَضْلِ نَصْرُ بنُ أَبِي نَصْرٍ الطُّوْسِيُّ العَطَّارُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الجُورِيُّ.
320 - ابْنُ شَاهِيْنٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، الحَافِظُ، العَالِمُ، شَيْخُ العِرَاقِ، وَصَاحبُ (التَّفْسِيْرِ الكَبِيْرِ) ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ أَزدَاذَ البَغْدَادِيُّ، الوَاعِظُ.
مَوْلِدُهُ - بخطِّ أَبِيهِ -:فِي صَفَرٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ هُوَ: أَوَّلُ مَا كَتبتُ الحَدِيْثَ بِيَدِي فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَأَبَا خُبيبٍ العَبَّاسَ بنَ البِرْتِيِّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ، وَشُعَيْبَ بنَ مُحَمَّدٍ الذَّارِعَ، وَأَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ المَالِكِيَّ، وَيَحْيَى بنَ صَاعِدٍ، وَأَبَا حَامِدٍ
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 265 - 268، المنتظم: 7 / 182 - 183، تذكرة الحفاظ: 3 / 987 - 990، العبر: 3 / 29 - 30، دول الإسلام: 1 / 234، مرآة الجنان: 2 / 426، البداية والنهاية: 11 / 316 - 317، غاية النهاية: 1 / 588، لسان الميزان: 4 / 283 - 285، النجوم الزاهرة: 4 / 172، طبقات الحفاظ: 392، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 2، شذرات الذهب: 3 / 117، هدية العارفين: 1 / 781، الرسالة المستطرفة: 38.(16/431)
الحَضْرَمِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ زِيَادٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ هَارُوْنَ بنِ المُجَدِّرِ، وَالحُسَيْنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ بِسطَامَ، وَنَصْرَ بنَ القَاسِمِ الفَرَائِضِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ زُغَيْلٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ زُهَيْرٍ الأُبُلِّيَّ.
وَارْتَحَلَ بَعْدَ الثَّلاَثِيْنَ، فَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ زَبَّانَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي حُذَيْفَةَ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ الكَثيرَ، وَتَفْسِيْرُهُ فِي نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ مُجَلَّداً، كُلُّهُ بأَسَانِيدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقُ - رَفيقُهُ -، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَابنُهُ؛ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو طَالِبٍ العُشَارِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهتَدِي بِاللهِ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ: ثِقَةٌ، مأْمُوْنٌ، صَنَّفَ مَا لَمْ يُصَنِّفْهُ أَحدٌ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، أَمِيناً، يَسكنُ بِالجَانبِ الشَّرْقِيِّ (1) .
وَقَالَ الأَمِيْرُ أَبُو نَصْرٍ: هُوَ الثِّقَةُ، الأَمِيْنُ، سَمِعَ بِالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَفَارِسَ، وَالبَصْرَةِ، وَجَمعَ الأَبْوابَ وَالتَّرَاجِمَ، وَصَنَّفَ كَثِيْراً.
الخَطِيْبُ: أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ، أَنَّ ابنَ شَاهِيْنٍ قَالَ لَهُم: أَوَّلُ مَا كتبتُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَصَنَّفَ ثَلاَثَ مائَةِ مُصَنَّفٍ، أَحَدُهَا (التَّفْسِيْرُ) أَلفُ جُزءٍ، وَ (المُسْنَدُ) أَلفٌ وَثَلاَثُ مائَةِ جُزءٍ، وَ (التَّارِيْخُ) مائَةً وَخَمْسِيْنَ جُزءاً، وَ (الزُّهْدُ) مائَةُ جُزءٍ، وَأَوّلُ مَا حَدَّثْتُ بِالبَصْرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 265.(16/432)
وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ القَاضِي أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ الدَّاوُودِيَّ: سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ بنَ شَاهِيْنٍ يَقُوْلُ:
حَسبتُ مَا اشتريتُ بِهِ الحِبْرَ إِلَى هَذَا الوَقْتِ، فَكَانَ سبعَ مائَةِ دِرْهَمٍ.
قَالَ الدَّاوُودِيُّ: وَكُنَّا نشترِي الحِبْرَ أَرْبَعَةَ أَرطَالٍ بِدِرْهَمٍ.
قَالَ: وَكَتَبَ أَبُو حَفْصٍ بَعْدَ ذَلِكَ زمَاناً (2) .
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يَقُوْلُ: ابْنُ شَاهِيْنٍ يلحُّ عَلَى الخَطَأِ وَهُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ: كَانَ ثِقَةً، عِنْدَهُ عَنِ البَغَوِيِّ سَبعُ مائَةِ جُزءٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ الدَّاوُودِيَّ يَقُوْلُ:
ابْنُ شَاهِيْنٍ ثِقَةٌ، يُشبهُ الشُّيُوْخَ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ لَحَّاناً، وَكَانَ أَيْضاً لاَ يعرفُ مِنَ الفِقْهِ لاَ قَليلاً وَلاَ كَثِيْراً، وَإِذَا ذُكِرَ لَهُ مَذَاهبُ الفُقَهَاءِ كَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، يَقُوْلُ: أَنَا مُحَمَّدِيُّ المَذْهَبِ.
قَالَ لِي أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ يَوْماً: مَا أَعْمَى قَلبَ أَبِي حَفْصٍ بنِ شَاهِيْنٍ! حَملَ إِليَّ كِتَابَهُ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي التَّفْسِيْرِ، وَسأَلَنِي أَنْ أُصلحَ مَا فِيْهِ مِنَ الخَطَأِ، فَلقِيتُهُ قَدْ نَقلَ (تَفْسِيْرَ أَبِي الجَارُوْدِ) ، وَفَرَّقَهُ فِي الكِتَابِ، وَجعلَهُ عَنْ أَبِي الجَارُوْدِ، عَنْ زِيَادِ بنِ المُنْذِرِ، وَإِنَّمَا هُوَ اسْمُ أَبِي الجَارُوْدِ.
ثُمَّ قَالَ الدَّاوُودِيُّ: وَسَمِعْتُ ابنَ شَاهِيْنٍ يَقُوْلُ: أَنَا أَكتبُ وَلاَ أُعَارضُ.
وَكَذَا حَكَى عَنْهُ البَرْقَانِيُّ - يَعْنِي: ثِقَةً بِنَفْسِهِ فِيمَا ينقلُ -، قَالَ البَرْقَانِيُّ: فلذَلِكَ لَمْ أَسْتكثِرْ مِنْهُ زُهداً فِيْهِ (3) .
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 267.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.(16/433)
قُلْتُ: وَ (تَفْسِيْرُهُ) موجودٌ بِمدينَةِ وَاسِطَ اليَوْمَ.
وَقَالَ الدَّاوُودِيُّ: رَأَيْتُ ابنَ شَاهِيْنٍ اجتمعَ مَعَ الدَّارَقُطْنِيِّ يَوْماً، فَمَا نَطقَ حَرْفاً.
قُلْتُ: مَا كَانَ الرَّجُلُ بِالبَارعِ فِي غَوامِضِ الصَّنْعَةِ، وَلَكِنَّهُ رَاويَةُ الإِسلاَمِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
قَالَ العَتِيْقِيُّ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ تِسْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَعَاشَ بَعْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَيَّاماً يَسِيْرَةً، وَمَاتَ قَبلَهُمَا فِي العَامِ الزَّاهِدُ القُدْوَةُ المُحَدِّثُ أَبُو الفَتْحِ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ القَوَّاسُ.
وَفِيْهَا مَاتَ: وَزِيْرُ العجمِ الصَّاحبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبَّادٍ الطَّالقَانِيُّ، وَمُحَدِّثُ مِصْرَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المُهَنْدِسُ، وَشَاعِرُ وَقتِهِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سُكَّرَةَ العَبَّاسِيُّ البَغْدَادِيُّ، وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الأَذَنِيُّ صَاحبُ ابْنِ فِيْلٍ.
أَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العَبَّاسِيُّ لَفْظاً، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عِمْرَانَ العَابِدِيُّ، حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهَ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاْءهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ (1)) .
هَذَا حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
__________
(1) أخرجه أحمد 2 / 502 من طريق يزيد، عن محمد بن عمرو بهذا الإسناد، وللحديث =(16/434)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحافِظِ بنُ بَدْرَانَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ الفَرَّاءِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو العِزِّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَوَاهبَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ الطُّيُورِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُشَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ شَاهِيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ يَعْقُوْبَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدُ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَزِيْدُ بِهِ فِي الحَسَنَاتِ؟) .
قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُوْلَ اللهِ.
قَالَ: (إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى هَذِهِ المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ) (1) .
321 - الجَوْهَرِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الغَافِقِيُّ، الجَوْهَرِيُّ، مِنْ أَعْيَانِ المِصْرِيِّيْنَ المَالِكِيَّةِ.
سَمِعَ: أَبَا إِسْحَاقَ بنَ شَعْبَانَ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المكِّيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ
__________
= طرق أخرى عند أحمد 2 / 314 و345 و384 و423 و482 و502 و527 و528، ومسلم (21) وأبي داود (2640) والترمذي (2606) وابن ماجة (3927) وهو من حديث أبي هريرة عن عمر عند أحمد 1 / 19، 35 و47، والبخاري (1399) و (1457) و (6924) و (7284) ، والنسائي 5 / 14، وهو حديث متواتر رواه غير واحد من الصحابة عنه صلى الله عليه وسلم.
(1) أخرجه أحمد 3 / 3، وابن خزيمة 1 / 90، وابن حبان (162) من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل بهذا الإسناد، وفي الباب عن أبى هريرة، عن مالك 1 / 161، ومسلم (251) ، والترمذي (51) ، والنسائي 1 / 89، 90.
(*) العبر: 3 / 17، الديباج المذهب: 1 / 470 - 471، حسن المحاضرة: 1 / 451، شذرات الذهب: 3 / 101، الرسالة المستطرفة: 16، شجرة النور الزكية: 93 - 94.(16/435)
بهزَاذَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ الوَرْدِ، وَأَبَا الطَّاهِرِ الخَامِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مَطَرٍ، وَمُؤَمَّلَ بنَ يَحْيَى، وَأَبَا القَاسِمِ العُثْمَانِيَّ، وَعِدَّةً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ فَهدٍ، وَابنُهُ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ نفيسٍ المُقْرِئُ.
وَصَنَّفَ (مُسْنَدَ المُوَطَّأِ) بِعِلَلهِ، وَاختلاَفِ أَلفَاظِهِ، وَإِيضَاحِ لُغَتِهِ، وَتَرَاجِمِ رِجَالِهِ، وَتَسمِيَةِ مَشْيَخَةِ مَالِكٍ، فجوَّدَهُ، وَكَانَ يَرْوِيْهِ جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، عَنِ العُثْمَانِيِّ، عَنِ الحَضْرَمِيِّ وَابنِ خَلَفٍ مَعاً، عَنْ أَحْمَدَ بنِ نفيسٍ، عَنْهُ، سَمِعَهُ الشَّيْخُ حسنٌ مِنْ بِنْتِ الوَاسِطِيِّ بِإِجَازتهَا مِنْ جَعْفَرٍ، وَأَلَّفَ (حَدِيْثَ مَالِكٍ) مِمَّا لَيْسَ فِي (المُوَطَّأِ) .
قَالَ الحبَّالُ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: أَظنُّهُ مَاتَ كَهْلاً.
سَمِعَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّلِ (مُسْنَدَ المُوَطَّأِ) مِنْ جَعْفَرٍ الهَمْدَانِيِّ، وَوَقَعَ لِي فِي (العُثْمَانيَّاتِ) مِنْ حَدِيْثِهِ.
322 - الزُّهْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَمْرٍو *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَمْرٍو البَصْرِيُّ، المَعْرُوفُ بِابْنِ غُلاَمِ الزُّهْرِيِّ.
رَحَلَ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَابنِ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
__________
(*) تذكرة الحافظ: 3 / 1021 - 1022، الوافي بالوفيات: 12 / 165، طبقات الحفاظ: 404 - 405، شذرات الذهب: 3 / 97.(16/436)
الحُسَيْنِ بنِ مُكرمٍ، وَالقَاسِمِ بنِ عَبَّادٍ، وَأَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ المَتُّوثِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الفَضْلِ، وَخَالِدِ بنِ النَّضْرِ، وَطَائِفَةٍ.
سأَلَهُ الحَافِظُ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ عَنِ الرِّجَالِ وَثِقَتِهِم وَلِيْنِهِم.
وَلَمْ أَظفَرْ لَهُ بِتَرْجَمَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ صَخْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ الخُزَاعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، وَعَاشَ إِلَى سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ عُمَرَ النَّحْوِيِّ، أَخْبَرَكَ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ بنُ سِلفَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ إِملاَءً بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ بنِ المُغِيْرَةِ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَعْقُوْبَ المَتُّوثِيُّ، حَدَّثَنَا بُنْدَارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الوَلاَءِ، وَعَنْ هِبَتِهِ.
أَخرجَهُ البُخَارِيُّ (1) ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، فَوَقَعَ لَنَا نَازلاً بِدَرَجَةٍ.
323 - الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الخَلِيْلِ السِّجْزِيُّ *
الإمَامُ، القَاضِي، شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، أَبُو سَعِيْدٍ
__________
(1) برقم (6756) في الفرائض: باب إثم من تبرأ من مواليه، وأخرجه من طرق عن عبد الله بن دينار البخاري (2535) في العتق: باب بيع الولاء وهبته، ومسلم (1506) في العتق: باب النهي عن بيع الولاء وهبته.
(*) يتيمة الدهر: 4 / 338 - 339، الأنساب: 7 / 45، معجم الأدباء: 11 / 77 - 80، العبر: 3 / 7، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 27 / أ، البداية والنهاية: 11 / 306، النجوم الزاهرة: 4 / 153، تاج التراجم: 27، الجواهر المضية: 1 / 178 - 180، شذرات الذهب: 3 / 91.(16/437)
السِّجْزِيُّ، الحَنَفِيُّ، الوَاعِظُ، قَاضِي سَمَرْقَنْدَ.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَيَحْيَى بنَ صَاعِدٍ، وَإِمَامَ الأَئِمَّةِ ابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِيَّ المكِّيَّ، وَابنَ جَوْصَا، وَجَمَاعَةً.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ القَرَّابُ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدٍ الخَطَّابِيُّ، وَجَعْفَرٌ المُسْتَغْفِرِيُّ، وَأَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ، وَمُحَلَّمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الضَّبِّيُّ الهَرَوِيُّ.
وَقَعَ لِي حَدِيْثُهُ عَالِياً، وَكَانَ مِنْ أَحسنِ النَّاسِ وَعْظاً وَتَذْكِيْراً.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ: بِفَرْغَانَةَ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ شَيْخُ أَهْلِ الرَّأْيِ فِي عَصْرِهِ، وَكَانَ مِنْ أَحسنِ النَّاسِ كَلاَماً فِي الوَعْظِ.
وَمِنْ شِعْرِهِ (1) :
سَأَجْعَلُ لِيَ النُّعْمَانَ فِي الفِقْهِ قُدْوَةً ... وَسُفْيَانَ فِي نَقْلِ الأَحَادِيثِ سَيِّدَا
وَفِي تَرْكِ مَا لَمْ يَعْنِنِي عَنْ عَقِيْدَتِي (2) ... سَأَتْبَعُ يَعْقُوْبَ العُلاَ وَمُحَمَّدَا
__________
(1) الابيات في " معجم الأدباء ": 11 / 77 - 78 من قصيدة قالها في مدح أبي حنيفة النعمان وصاحبيه والائمة القراء.
وهي أيضا في " تاريخ الإسلام ": 4 الورقة: 27، والجواهر المضية: 1 / 179.
(2) " معجم الأدباء ": عقيدة.(16/438)
وَأَجْعَلُ دَرْسِي (1) مِنْ قِرَاءةِ عَاصِمٍ ... وَحَمْزَةَ بِالتَّحْقِيْقِ دَرْساً مُؤَكَّدَا
وَأَجْعَلُ فِي النَّحْوِ الكِسَائِيَّ قُدْوَةً (2) ... وَمِنْ بَعْدِهِ الفَرَّاءَ مَا عِشْتُ سَرْمَدَا
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ العَلَوِيُّ العَقِيْقِيُّ رَئِيْسُ دِمَشْقَ، وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ تَبُوْكُ بنُ الحَسَنِ الكِلاَبِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ الطُّوْسِيُّ صَاحِبُ (اللُّمعِ) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ البَاجِيِّ الإِشْبِيْلِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ مَسْرُوْرٍ البَلْخِيُّ، وَشَيْخُ المَالِكِيَّةِ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ الجَلاَّبُ، وَأَبُو بَكْرٍ المُفِيْدُ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقُ، وَمُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ أَبُو سَعِيْدٍ الوَرَّاقُ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالرَّئِيْسُ أَبُو عَبْدِ اللهِ ابنُ أَبِي ذُهْلٍ العُصمِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ الكَبِيْرُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ، وَالقَاسِمُ بنُ خَلَفٍ الجُبَيْرِيُّ الطَّرَسُوسِيُّ.
324 - ابْنُ حَمَّادٍ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الكُوْفِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُفِيْدُ، مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادِ بنِ سُفْيَانَ الكُوْفِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ العَبَّاسِ المَقَانِعِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الأَنْصَارِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: القَاضِي أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، وَآخرُوْنَ.
__________
(1) في " معجم الأدباء ": حزبي.
(2) في " معجم الأدباء ": عمدتي.
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 986 - 987، العبر: 3 / 26، الوافي بالوفيات: 2 / 51، شذرات الذهب: 3 / 110.
وسيكرر المؤلف - رحمه الله - ترجمته في الصفحة (496) من هذا الجزء.(16/439)
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ سنٍّ عَالِيَةٍ.
وَقَدْ مرَّ لَنَا سَمِيُّهُ الحَافِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو بِشْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادِ بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ الدُّوْلاَبِيُّ (1) فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
325 - ابْنُ غَرِيْبٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ غَرِيْبٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ غَرِيْبِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، غُلاَمُ ابْنِ مُجَاهِدٍ المُقْرِئِ.
سَمِعَ (مُوطَّأَ سُويدٍ) مِنْ: أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجَعْدِ الوَشَّاءِ، وَسَمِعَ مِنْ: جَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حَمَّادٍ الخَشَّابِ.
وَعَنْهُ: البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، وَعُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْهُ.
وَثَّقَهُ: البَرْقَانِيُّ.
سَمِعْنَا (المُوَطَّأَ) مِنْ طَرِيْقِهِ.
326 - ابْنُ زَبْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ الرَّبَعِيُّ **
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، أَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ ابْنُ القَاضِي عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ رَبِيْعَةَ بنِ زَبْرٍ الرَّبَعِيُّ، مُحَدِّثُ دِمَشْقَ، وَابنُ قَاضِيْهَا أَبِي مُحَمَّدٍ.
__________
(1) تقدمت ترجمته في الجزء الرابع عشر ص: 309.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 147، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 39 / أ.
(* *) تذكرة الحفاظ: 3 / 996 - 997، العبر: 3 / 12، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 32 / ب، شذرات الذهب: 3 / 95 - 96، هدية العارفين: 2 / 51، الرسالة المستطرفة: 212.(16/440)
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَيْضِ الغَسَّانِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَجُمَاهِرِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّمْلَكَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ الرَّبِيْعِ الجِيْزِيِّ، وَابنِ أَبِي دَاوُدَ.
رَوَى عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ الجبَّانِ، وَمُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَلدَا العَفِيْفِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ قَدْ نَظرَ فِي أَشيَاءٍ كَثِيْرَةٍ مِنْ تَصَانِيْفِي، وَبَاتَتْ عِنْدَهُ وَتَصَفَّحَهَا، فَأَعجَبَتْهُ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ، أَنْتُمُ الصَّيَادِلَةِ وَنَحْنُ الأَطِبَّاءُ.
قَالَ الكتَّانِيُّ: حَدَّثَنَا عَنْهُ عِدَّةٌ، وَكَانَ يُمْلِي بِالجَامِعِ.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، مَأْمُوْناً، نَبِيْلاً، وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: لَهُ كِتَابُ (الوَفِيَّاتِ) عَلَى السِّنيْنَ، مَشْهُوْرٌ، قَدْ حَكَى عَنْهُ أَبُو نَصْرٍ بنُ الجَبَّانِ أَنَّهُ رَأَى الحَقَّ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي النَّوْمِ، فذكَرَ أَنَّهُ رَأَى نُوراً.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَالُوَيْه، وَالمَلِكُ شَرَفُ الدَّوْلَةِ شِيْرَوَيْه ابْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَوْهَرِيُّ المُتَكَلِّمُ نَقَّاشُ السُّكَّةِ، وَشَيْخُ النَّحْوِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الزُّبَيْدِيُّ بِقُرْطُبَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ النَّخَّاسُ المَوْصِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ الحَافِظُ، وَهِلاَلُ بنُ مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ صَاحبُ الكَجِّيُّ.(16/441)
327 - ابْنُ كِلِّسَ أَبُو الفَرَجِ يَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ البَغْدَادِيُّ *
وَزِيْرُ المُعزِّ وَالعَزيزِ، أَبُو الفَرَجِ يَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَارُوْنَ بنِ دَاوُدَ بنِ كِلِّسَ البَغْدَادِيُّ، الَّذِي كَانَ يَهُودِيّاً فَأَسْلَمَ.
كَانَ دَاهِيَةً، مَاكراً، فَطِناً، سَائِساً، مِنْ رِجَالِ العَالَمِ.
سَافرَ إِلَى الرَّمْلَةِ، وَتَوكَّلَ للتُّجَارِ، فَانكسرَ عَلَيْهِ جُمْلَة، وَتعثَّرَ، فَهَرَبَ إِلَى مِصْرَ، وَجرتْ لَهُ أُمورٌ طَوِيْلَةٌ، فَرَأَى مِنْهُ صَاحبُ مِصْرَ كَافورُ الخَادِمُ فِطنَةً وَخِبرَةً بِالأُمورِ، وَطَمِعَ هُوَ فِي التَّرقِّي فَأَسْلَمَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، ثُمَّ فَهِمَ مَقَاصِدَهُ الوَزِيْرُ ابْنُ حِنْزَابَةَ، فَعَمِلَ عَلَيْهِ، فَفَرَّ مِنْهُ إِلَى المَغْرِبِ، وَتَوصَّلَ بِيَهُوْدَ كَانُوا فِي بَابِ المُعزِّ العُبَيْدِيِّ، فَنَفَقَ عَلَى المعزِّ وَكشفَ لَهُ أُموراً، وَحَسَّنَ لَهُ تَملُّكَ البِلاَدِ، ثُمَّ جَاءَ فِي صُحبَتِهِ إِلَى مِصْرَ، وَقَدْ عظُمَ أَمرُهُ.
وَلَمَّا وَلِيَ العَزيزُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ اسْتوزَرَهُ، فَاسْتمرَّ فِي رِفْعَةٍ وَتَمَكُّنٍ، إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَكَانَ عَالِيَ الهِمَّةِ، عَظِيمَ الهيبَةِ، حَسَنَ المدَارَاةِ.
مرضَ فَنَزَلَ إِلَيْهِ العَزيزُ يَعُودُهُ، وَقَالَ: يَا يعقوبَ، وَدِدْتُ أَنَّكَ تُبَاعُ فَأَشترِيكَ مِنَ المَوْتِ بِمُلكِي، فَهَلْ مِنْ حَاجَةٍ؟
فَبَكَى، وَقَبَّلَ يَدَهُ، وَقَالَ: أَمَّا لِنَفْسِي فَلاَ، وَلَكِنْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِكَ، سَالِمِ الرُّوْمَ مَا سَالَمُوكَ، وَاقنَعْ مِنْ بَنِي حَمْدَانَ بِالدَّعْوَةِ وَالسّكَّةِ، وَلاَ تُبْقِ عَلَى المفرِّجِ بنِ دَغْفَلٍ مَتَى قَدَرْتَ.
ثُمَّ مَاتَ، فدَفَنَهُ العَزيزُ فِي القَصْرِ فِي قبَّةٍ أَنْشَأَهَا العَزيزُ لِنَفْسِهِ، وَأَلحدَهُ بِيَدِهِ،
__________
(*) ابن عساكر، المنتظم: 7 / 155 - 156، وفيات الأعيان: 7 / 27 - 35، العبر: 3 / 14، تاريخ الإسلام: 4 الورقة 36 / أ، مرآة الجنان: 2 / 250، البداية والنهاية: 11 / 308، المواعظ والاعتبار: 2 / 5 - 8، النجوم الزاهرة: 4 / 158، حسن المحاضرة: 2 / 201 شذرات الذهب: 3 / 97، طبقات الاسنوي: 2 / 380، 381، وكلس: بكسر الكاف واللام المشددة، وبعدها سين مهملة. انظر " وفيات الأعيان ": 7 / 34.(16/442)
وَجَزِعَ لِفَقْدِهِ.
وَيُقَالُ: أَنَّهُ كَانَ حَسُنَ إِسلاَمُهُ مَعَ دُخُولِهِ فِي الرَّفْضِ، وَقَرَأَ القُرْآنَ وَالنَّحْوَ، وَكَانَ يحضرُ عِنْدَهُ العُلَمَاءُ، وَتُقْرَأُ عَلَيْهِ توَالِيفُهُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، وَلَهُ حُبٌّ زَائِدٌ فِي العُلومِ عَلَى اخْتِلاَفِهَا.
وَقَدْ مَدَحَهُ عِدَّةٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ، وَكَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً.
وَصَنَّفَ كِتَاباً فِي فِقْهِ الشِّيْعَةِ مِمَّا سَمِعَهُ مِنَ المُعزِّ، وَمِنَ العَزيزِ، ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ لَفظِهِ خَلقٌ فِي مَجْلِسٍ عَامٍّ، وَجَلَسَ جَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ يَفْتُوْنَ فِي جَامعِ مِصْرَ بِمَا فِي ذَلِكَ التَّصْنِيْفِ الذِّمِيمِ.
وَقَدْ كَانَ العَزيزُ تَنَمَّرَ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ، وَسَجَنَهُ شُهوراً، ثُمَّ رَضِيَ عَنْهُ، وَاحتَاجَ إِلَيْهِ فَرَدَّهُ إِلَى المَنْصبِ.
وَكَانَ معلومُهُ فِي السَنَةِ مائَتَي أَلفِ دِيْنَارٍ.
وَلَمَّا مَاتَ وُجِدَ لَهُ مِنَ المَمَالِيْكِ وَالجُنْدِ وَالخدمِ أَرْبَعَةُ آلاَفِ مَمْلُوْكٍ، وَبَعْضُهُمْ أُمرَاء.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ كُفِّنَ وَحُنِّطَ بِمَا يُسَاوِي عَشْرَةَ آلاَفِ مِثْقَالٍ (1) .
وَقَالَ العَزيزُ وَهُوَ يَبْكِي: وَاطُولَ أَسَفِي عَلَيْكَ يَا وَزِيْرُ! (2) .
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ اثنتَانِ وَسِتُّوْنَ سَنَةً، وَخَلَّفَ مِنَ الذَّهَبِ وَالجَوْهَرِ وَالمَتَاعِ مَا لاَ يُوْصُفُ كَثْرَةً، وَلاَ رَيْبَ أَنَّ مَلِكَ مِصْرَ فِي ذَاكَ العَصْرِ كَانَ أَعْظَمَ بكثيرٍ مِنْ خُلفَاءِ بَنِي العَبَّاسِ، كَمَا الآنَ صَاحبُ مِصْرَ أَعْلَى مُلُوْكِ الطوائِفِ رُتْبَةً وَمَمْلَكَةً.
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان ": 7 / 34.
(2) المصدر السابق.(16/443)
وَقِيْلَ: مَا بَرِحَ يَعْقُوْبُ فِي صُحْبَةِ كَافورَ حَتَّى مَاتَ.
أَسلَمْ يَعْقُوْبُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ، وَلَزِمَ الخَيْرَ وَالصَّلاَةَ، ثُمَّ قَبضَ عَلَيْهِ ابْنُ حِنْزَابَةَ، فَبذلَ لَهُ مَالاً، فَأَطْلَقَهُ.
تَوَلَّى الوزَارَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ، فَكَانَ مِنْ أَنْبَلِ الوُزَرَاءِ، وَأَحشمِهِم، وَأَكرَمِهِم، وَأَحْلَمِهِم.
قَالَ العَلَوِيُّ: رَأَيْتُ يَعْقُوْبَ عِنْدَ كَافورَ، فَلَمَّا رَاحَ، قَالَ لِي: أَيُّ وَزِيْرٍ بَيْنَ جَنْبَيْهِ؟! (1) .
328 - القَلْعِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، المُجَاهِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ، القَلْعِيُّ.
سَمِعَ: وَهْبَ بنَ مَسَرَّةَ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ الوَرْدِ، وَعَلِيَّ بنَ أَبِي العَقَبِ الدِّمَشْقِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَلِيٍّ الهُجَيْمِيَّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ بنَ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَجَمَعَ فَأَوْعَى.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: سَمِعْتُ مِنْهُ عِلْماً كَثِيْراً.
وَسَمِعَ مِنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عَوْنِ اللهِ، وَابنُ مُفرِّجٍ القَاضِي، وَعَبَّاسُ بنُ
__________
(1) " وفيات الأعيان ": 7 / 32، وما بين حاصرتين منه.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 244 - 246، جذوة المقتبس: 254، بغية الملتمس: 334، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 48 / ب، العبر: 3 / 23، النجوم الزاهرة: 4 / 165، شذرات الذهب: 3 / 104 - 105.(16/444)
أَصْبَغَ شُيُوخُنَا، وَكَانَتِ الرِّحْلَةُ إِلَيْهِ، وَنفعَ اللهُ بِهِ الخَلْقَ، وَكَانَ زَاهِداً شُجَاعاً، وَلاَّهُ المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ القَضَاءَ، فَاسْتَعْفَى، فَأَعْفَاهُ، وَكَانَ فَقِيْهاً صُلباً فِي الحَقِّ، وَرِعاً، كَانُوا يُشَبِّهُونَهُ بسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ وَحدَهُ للفِئَةِ مِنَ المُشْرِكِيْنَ (1) .
تُوُفِّيَ: بقلعَةِ أَيُّوْبَ مِنَ الأَنْدَلُسِ، فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَوُلِدَ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
329 - أَحْمَدُ بنُ سَهْلِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ أَبُو حَامِدٍ الأَنْصَارِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو حَامِدٍ الأَنْصَارِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
كَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ شَادِلَ، وَأَبِي قُرَيْشٍ الحَافِظِ، وَغيْرِهِمَا.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: أُصُولُهُ صَحِيْحَةٌ.
وَكَانَ مِنَ الأُدَبَاءِ المَذْكُورِيْنَ، وَأَوَّلَ تَاريخِ سَمَاعِهِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ غَالِبٍ التَّمَّارُ المِصْرِيُّ صَاحبُ مُحَمَّدِ بنِ الرَّبِيْعِ الجِيْزِيِّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِلاَلٍ الحَرَّانِيُّ الصَّابِيُّ المُشركُ الأَدِيبُ صَاحبُ (الرِّسَائِلِ البَدِيْعَةِ) ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ
__________
(1) " تاريخ علماء الأندلس ": 1 / 245 - 246.
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 50 / ب.(16/445)
مُحَمَّدٍ الإِصْطَخَرِيُّ صَاحبُ أَبِي خَلِيْفَةَ الجُمَحِيِّ، وَشيخُ العُبَّادِ أَبُو العَبَّاسِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَافِعٍ البُشْتِيُّ - بُشْتُ نَيْسَابُوْرَ -، وَشيخُ الزُّهَّادِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مَحمُوَيْه النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَشيخُ النَّحْوِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الرُّمَّانِيُّ، وَمُحَدِّثُ الكُوْفَةِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ، وَمُحَدِّثُ بَغْدَادَ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ الفُرَاتِ، وَشيخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْلٍ المَاسَرْجِسِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو عُبَيْدِ اللهِ المَرْزُبَانِيُّ.
330 - المَاسَرْجِسِيُّ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْلٍ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْلِ بنِ مُصْلِحٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، المَاسَرْجِسِيُّ، سِبْطُ المُحَدِّثِ الحَسَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ.
سَمِعَ مِنْ: خَالِهِ؛ مُؤَمَّلِ بنِ الحَسَنِ، وَأَبِي حَامِدٍ بنِ الشَّرْقِيِّ، وَأَبِي سَعِيْدٍ ابْنِ الأَعرَابِيِّ، وَمكِّيِّ بنِ عَبْدَانَ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ، وَابنِ شَوْذَبٍ، وَابنِ دَاسَه، وَأَبِي الطَّاهِرِ المَدِيْنِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ حَذْلَمَ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَتَفَقَّهَ بَأَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ، وَصَحِبَهُ إِلَى مِصْرَ، وَصَارَ مُعِيدَ أَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَحِقَ بِمِصْرَ أَصْحَابَ الرَّبِيْعِ وَالمُزَنِيِّ.
وَبِهِ تَفَقَّهَ القَاضِي أَبُو الطَيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو طَالِبٍ يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ الدَّسْكَرِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ الصَّابونِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَآخرُوْنَ.
__________
(*) طبقات العبادي: 100، طبقات الشيرازي: 116، اللباب: 3 / 148، وفيات الأعيان: 4 / 202، العبر: 3 / 26 - 27، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 53 / أ، الوافي بالوفيات: 4 / 115 - 116، طبقات الاسنوي: 2 / 380 - 381، حسن المحاضرة: 1 / 313، طبقات ابن هداية الله: 99 - 100، شذرات الذهب: 3 / 110 - 111.(16/446)
وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ الوُجُوهِ (1) .
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَعرفَ الأَصحَابِ بِالمَذْهَبِ وَتَرْتِيْبِهِ، تَفَقَّهَ بَأَبِي إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ، وَعَقدَ مَجْلِسَ النَّظَرِ، وَمَجْلِسَ الإِمْلاَءِ، فَأَمْلَى زمَاناً، إِلَى أَنْ قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ -.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْلٍ الإِمَامُ، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بنُ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ سعيْرٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (قَارِبُوا وَسَدِّدُوا، فَإِنَّهُ لَمْ يُنْجِ أَحَداً عَمَلُهُ) .
قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَالَ: (وَلاَ أَنَا، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِرَحْمَتِهِ) .
331 - المَرْزُبَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ بنِ مُوْسَى بنِ عُبَيْدٍ *
العَلاَّمَةُ المُتْقِنُ، الأَخْبَارِيُّ، أَبُو عُبَيْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ بنِ مُوْسَى
__________
(1) انظر تعريف الوجوف في ص (315) من هذا الجزء في ترجمة أبي زيد محمد بن أحمد ابن عبد الله المروزي.
(2) وأخرجه أحمد 3 / 362 من طريق عفان، عن عبد العزيز بن مسلم، عن الأعمش بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد 3 / 337، ومسلم (2817) من طريق الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر. وأخرجه أحمد 2 / 495، ومسلم (2816) (76) من طريق ابن نمير: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وانظر " المسند " 2 / 248 و256 و319 و446 و453 و466 و467 و482 و502 و514 و527.
(*) الفهرست: 190 - 193، تاريخ بغداد: 3 / 135 - 136، الأنساب (خ) 521 / أ، المنتظم: 7 / 177، معجم الأدباء: 18 / 268 - 272، إنباه الرواة: 3 / 180 - 184، اللباب: 3 / 195، وفيات الأعيان: 4 / 354 - 356، العبر: 3 / 27، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 53 / أ، ميزان الاعتدال: 672 - 673، الوافي بالوفيات: 4 / 235 - 237، =(16/447)
بنِ عُبَيْدٍ المَرْزُبَانِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الكَاتِبُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْ: البَغَوِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ الحَضْرَمِيِّ، وَابنِ دُرَيْدٍ، وَنِفْطَوَيْه، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَالعَتِيْقِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ رَاوِيَةً جَمَّاعَةً مُكْثِراً، صَنَّفَ (أَخبارَ الشُّعَرَاءِ) ، لَكِنْ غَالِبُ رِوَايَاتِهِ إِجَازَةٌ، فَيُطلِقُ فِي ذَلِكَ: أَخْبَرَنَا (1) ، كَالمُتَأَخِّرينَ مِنَ المغَاربَةِ.
قَالَ القَاضِي الصَّيْمَرِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
كَانَ فِي دَارِي خَمْسُوْنَ مَا بَيْنَ لِحَافٍ وَدواجٍ (2) مُعَدَّةٍ لأَهلِ العِلْمِ الَّذِيْنَ يَبِيتُوْنَ عِنْدِي.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: كَانَ المَرْزُبَانِيُّ يَضعُ المحبرَةَ وَقنِّينَةَ النَّبِيذِ (3) ، يكتُبُ وَيشربُ، وَكَانَ مُعتزليّاً، صَنَّفَ كِتَاباً فِي أَخبارِ المعتزلةِ، وَمَا كَانَ ثِقَةً.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَيْسَ حَالُهُ عِنْدنَا الكَذِبَ، وَأَكثرُ مَا عِيْبَ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ وَتدليسُهُ للإِجَازَةِ.
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: كَانَ مُعتَزِليّاً، ثِقَةً، مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ جَاحظَ زَمَانِهِ، وَكَانَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ يَتَغَالَى فِيْهِ، وَيَمرُّ بدَارِهِ، فَيَقفُ حَتَّى يَخرجَ إِلَيْهِ.
__________
= البداية والنهاية: 11 / 314، لسان الميزان: 5 / 326 - 327، النجوم الزاهرة: 4 / 168، شذرات الذهب: 3 / 111 - 112، هدية العارفين: 2 / 54.
(1) الذي عليه الجمهور - وهو اختيار أهل التحري والورع - المنع من إطلاق حدثنا وأخبرنا ونحوهما في المناولة والاجازة من غير تقييد ذلك بعبارة يتبين معها الواقع في كيفية التحمل. انظر " توضيح الافكار ": 2 / 336، 338.
(2) الدواج - ك رمان وغراب - اللحاف يلبس. " تاج العروس " مادة: " دوج ".
(3) هو النبيذ الذي يبيحه أهل العراق.(16/448)
وَلهُ: (أَخبارُ الشُّعَرَاءِ) خَمْسَةُ آلاَفِ وَرقَةٍ، وآخَرُ فِي الشُّعَرَاءِ ضَخْمٌ جِدّاً نَحْوَ ثَلاَثِيْنَ مُجَلَّداً.
وَأَعطَاهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ مَرَّةً أَلفَ دِيْنَارٍ.
332 - الدَّارَقُطْنِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، شَيْخُ الإِسلاَمِ، عَلَمُ الجهَابذَةِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَهْدِيِّ بنِ مَسْعُوْدِ بنِ النُّعْمَانِ بنِ دِيْنَارِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، مِنْ أَهْلِ مَحَلَّةِ دَارِ القُطْنِ بِبَغْدَادَ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ، هُوَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ.
وَسَمِعَ وَهُوَ صَبِيٌّ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَيَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَيْرُوزَ الأَنْمَاطِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُبَشَّرٍ الوَاسِطِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ المَالِكِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ زَكَرِيَّا المُحَارِبِيِّ، وَأَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ القَاضِي، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ العَدَوِيِّ البَصْرِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَدَمِيِّ، وَعُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الدَّيْرَبِيِّ،
__________
(*) تاريخ بغداد: 12 / 34 - 40، الأنساب: 5 / 245 - 247، المنتظم: 7 / 183 - 184، معجم البلدان: 2 / 422، اللباب: 1 / 483، وفيات الأعيان: 3 / 297 - 299، المختصر في أخبار البشر: 2 / 130، تذكرة الحفاظ: 3 / 991 - 995، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 56 / ب، العبر: 3 / 28 - 29، طبقات السبكي: 3 / 462 - 466، طبقات الاسنوي: 1 / 508 - 509، البداية والنهاية: 11 / 317 - 318، وفيات ابن قنفذ: 220، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 / 558 - 559، النجوم الزاهرة: 4 / 172، طبقات الحفاظ: 393 - 394، طبقات ابن هداية الله: 102 - 103، شذرات الذهب: 3 / 116 - 117، هدية العارفين: 1 / 683 - 684، الرسالة المستطرفة: 23(16/449)
وَإِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتِ، وَجَعْفَرِ بنِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ العَبَّاسِ الوَرَّاقِ، وَالحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المَحَامِلِيِّ، وَأَخِيْهِ؛ أَبِي عُبَيْدٍ القَاسِمِ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ العَطَّارِ، وَأَبِي صَالِحٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَعِيْدٍ الأَصْبَهَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَفْصٍ، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الصَّيْدَلِيِّ، وَأَبِي طَالِبٍ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الحَافِظِ، وَالحُسَيْنِ بنِ يَحْيَى بنِ عَيَّاشٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَهْلِ بنِ الفُضَيْلِ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ وَكيلِ أَبِي صَخْرَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ الوَاسِطِيِّ، وَالحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ المُطبِقِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ بنِ البَخْتَرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَينْزِلُ إِلَى: أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، وَإِلَى ابْنِ المُظَفَّرِ، وَارْتَحَلَ فِي الكُهُوْلَةِ إِلَى الشَّامِ وَمِصْرَ، وَسَمِعَ مِنِ: ابنِ حَيُّوْيَه النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَأَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ بنِ النَّاصِحِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَكَانَ مِنْ بُحُورِ العِلْمِ، وَمِنْ أَئِمَّةِ الدُّنْيَا، انْتَهَى إِلَيْهِ الحِفْظُ وَمَعْرِفَةُ عِلَلِ الحَدِيْثِ وَرجَالِهِ، مَعَ التَّقَدُّمِ فِي القِرَاءاتِ وَطُرُقِهَا، وَقوَّةِ المشَاركَةِ فِي الفِقْهِ، وَالاخْتِلاَفِ، وَالمَغَازِي، وَأَيَّامِ النَّاسِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ فِي كِتَابِ (مُزكِّي الأَخبارِ) :أَبُو الحَسَنِ صَارَ وَاحدَ عَصْرِهِ فِي الحِفْظِ وَالفَهْمِ وَالوَرَعِ، وَإِمَاماً فِي القُرَّاءِ وَالنَّحْوِيِّيْنَ، أَوَّلَ مَا دَخَلتُ بَغْدَادَ، كَانَ يَحضرُ المجَالسَ وَسِنُّهُ دُوْنَ الثَّلاَثِيْنَ، وَكَانَ أَحَدَ الحُفَّاظِ.
قُلْتُ: وَهِمَ الحَاكِمُ، فَإِنَّ الحَاكِمَ إِنَّمَا دَخَلَ بَغْدَادَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَسنُّ أَبِي الحَسَنِ خَمْسٌ وثلاَثُونَ سَنَةً.
صَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَسَارَ ذِكرُهُ فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ القِرَاءاتِ، وَعَقدَ لَهَا أَبْواباً قَبْلَ فرشِ الحُرُوْفِ.(16/450)
تَلاَ عَلَى: أَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ بُويَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّقَّاشِ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ الدِّيْبَاجِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ ذُؤَابَةَ القَزَّازِ وَغَيْرِهِم، وَسَمِعَ حُروفَ السَّبْعَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ مُجَاهِدٍ، وَتصدَّرَ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ للإِقْرَاءِ، لَكِنْ لَمْ يبلُغْنَا ذِكرُ مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ، وَسَأَفْحصُ عَنْ ذَلِكَ - إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى -.
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: لَهُ مَذْهَبٌ فِي التَّدْلِيْسِ، يَقُوْلُ فِيمَا لَمْ يَسمعْهُ مِنَ البَغَوِيِّ: قُرِئَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ: حَدَّثَكُم فُلاَنٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَالحَافِظُ عَبْدُ الغنِيِّ، وَتَمَّامُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، وَالفَقِيْهُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايينِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ الجندِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الطيَّانُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو مَسْعُوْدٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ الأَصْبَهَانِيُّ النَّحْوِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ بِشْرَانَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ السِّمْسَارِ الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ بنُ الفَرَّاءِ أَخُو القَاضِي أَبِي يَعْلَى، وَأَبُو النُّعْمَانِ تُرَابُ بنُ عُمَرَ المِصْرِيُّ، وَأَبُو الغنَائِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ المَأْمُوْنِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الآبَنُوسِيِّ (1) مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسْنُوْنَ النَّرْسِيُّ، وَحَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ مِنَ البَغَادِدَةِ وَالدَّمَاشِقَةِ وَالمِصْرِيِّيْنَ وَالرَّحَّالِيْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: حَجَّ شَيخُنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ ابنُ أَبِي ذُهْلٍ، فَكَانَ يَصفُ حفظَهُ
__________
(1) الآبنوسي: بمد الالف وفتح الباء الموحدة أو سكونها..هذه النسبة إلى " آبنوس " وهو نوع من الخشب البحري. " اللباب ".(16/451)
وَتَفَرُّدَهُ بِالتَّقَدُّمِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ، حَتَّى اسْتَنكَرتُ وَصفَهُ إِلَى أَنْ حَجَجْتُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ، فجئْتُ بَغْدَادَ، وَأَقمْتُ بِهَا أَزيَدَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشهرٍ، وَكَثُرَ اجتِمَاعُنَا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فصَادَفْتُهُ فَوْقَ مَا وَصفَهُ ابْنُ أَبِي ذُهْلٍ، وَسأَلتُهُ عَنِ العِلَلِ وَالشُّيُوْخِ، وَلَهُ مُصنَّفَاتٌ يَطولُ ذكرُهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ فَريدَ عَصْرِهِ، وَقريعَ دَهْرِهِ، وَنَسِيْجَ وَحْدِهِ، وَإِمَامَ وَقْتِهِ، انْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ (1) الأَثرِ وَالمعرفَةِ بِعِلَلِ الحَدِيْثِ وَأَسمَاءِ الرِّجَالِ، مَعَ الصِّدْقِ وَالثِّقَةِ، وَصِحَّةِ الاعْتِقَادِ، وَالاضطلاعِ مِنْ عُلُومٍ (2) ، سِوَى الحَدِيْثِ، مِنْهَا القِرَاءاتُ، فَإِنَّهُ لَهُ فِيْهَا كِتَابٌ مُختَصرٌ، جَمعَ الأُصُولَ فِي أَبْوابٍ عَقَدَهَا فِي أَوَّلِ الكِتَابِ، وَسَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ يَعْتَنِي بِالقِرَاءاتِ يَقُوْلُ: لَمْ يُسبقُ أَبُو الحَسَنِ إِلَى طريقتِهِ فِي هَذَا، وَصَارَ القُرَّاءُ بَعْدَهُ يسلكُونَ ذَلِكَ.
قَالَ: وَمِنْهَا المعرفَةُ بِمذَاهبِ الفُقَهَاءِ، فَإِنَّ كِتَابَهُ (السُّنَنُ) يدلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَبلَغَنِي أَنَّهُ دَرَسَ فِقْهَ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَبِي سَعِيْدٍ الإِصْطَخَرِيِّ، وَقِيْلَ: عَلَى غَيْرِهِ، وَمِنْهَا المَعرفَةُ بِالأَدبِ وَالشِّعرِ، حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ: أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ كَانَ يَحفظُ (ديوَانَ السَّيِّدِ الحِمْيَرِيِّ) ، فَنُسِبَ لِذَا إِلَى التَّشَيُّعِ (3) .
قَالَ أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كُنَّا نَمُرُّ إِلَى البَغَوِيِّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ صَبِيٌّ يَمْشِي خَلْفَنَا بِيَدِهِ رغيفٌ عَلَيْهِ كَامَخٌ (4) .
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": علم الاثر.
(2) في " تاريخ بغداد ": بعلوم.
(3) " تاريخ بغداد ": 12 / 34 - 35، وما بين حاصرتين منه.
(4) الكامخ: ما يؤتدم به، أو المخللات المشهية، وهو لفظ معرب.
انظر: " المعرب " للجواليقي، و" اللسان " و" المعجم الوسيط " مادة: كمخ.(16/452)
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا الأَزْهَرِيُّ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ حَضَرَ فِي حدَاثَتِهِ مَجْلِسَ إِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ، فَجَعَلَ يَنسخُ جُزءاً كَانَ مَعَهُ، وَإِسْمَاعِيْلُ يُمْلِي، فَقَالَ رَجُلٌ: لاَ يَصحُّ سَمَاعُكَ وَأَنْتَ تنسخُ، فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فَهْمِي للإِملاَءِ خلاَفُ فَهْمِكَ، كَمْ تحفظُ أَمْلَى الشَّيْخُ؟
فَقَالَ: لاَ أَحفظُ.
فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَمْلَى ثَمَانيَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، الأَوَّلُ عَنْ فُلاَنٍ عَنْ فُلاَنٍ وَمَتنُهُ كَذَا وَكَذَا، وَالحَدِيْثُ الثَّانِي عَنْ فُلاَنٍ عَنْ فُلاَنٍ وَمَتنُهُ كَذَا وَكَذَا.
وَمَرَّ فِي ذَلِكَ حَتَّى أَتَى عَلَى الأَحَادِيثِ، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْهُ - أَوْ كَمَا قَالَ (1) -.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ قَرأَ كِتَابَ (النَّسَبِ) عَلَى مُسْلِمٍ العَلَوِيِّ، فَقَالَ لَهُ المُعَيْطِيُّ الأَدِيبُ بَعْدَ القِرَاءةِ: يَا أَبَا الحَسَن، أَنْتَ أَجرَأُ مِنْ خَاصِي الأَسَدِ، تَقْرَأُ مِثْلَ هَذَا الكِتَابَ مَعَ مَا فِيْهِ مِنَ الشِّعرِ وَالأَدَبِ، فَلاَ يُؤخذُ فِيْهِ عَلَيْكَ لَحْنَةٌ! وَتعجَّبَ مِنْهُ، هَذِهِ حكَاهَا الخَطِيْبُ عَنِ الأَزْهَرِيِّ، فَقَالَ مُسْلِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ: وَإِنَّهُ كَانَ يَرْوِي كِتَابَ (النَّسَبِ) عَنِ الخَضِرِ بنِ دَاوُدَ عَنِ الزُّبَيْرِ (2) .
قَالَ رَجَاءُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدِّلُ: قُلْتُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ: رَأَيْتَ مِثْلَ نَفْسِكَ؟
فَقَالَ: قَالَ اللهُ: {فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النَّجمُ:32] فَأَلْحَحْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَمْ أَرَ أَحداً جَمعَ مَا جَمعْتُ، رَوَاهَا أَبُو ذَرٍّ، وَالصُّوْرِيُّ، عَنْ رَجَاءَ المِصْرِيِّ، وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِمِ: هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ الدَّارَقُطْنِيَّ؟
فَقَالَ: هُوَ مَا رَأَى مِثْلَ نَفْسِهِ، فَكَيْفَ أَنَا (3) ؟!
وَكَانَ الحَافِظُ عَبْدُ الغنِيِّ الأَزْدِيُّ، إِذَا حَكَى عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، يَقُوْلُ:
__________
(1) الخبر بنحوه في " تاريخ بغداد ": 12 / 36، وما بين حاصرتين منه.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 12 / 35.
(3) المصدر السابق.(16/453)
قَالَ أُسْتَاذِي (1) .
وَقَالَ الصُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ الحَافِظَ عَبْدَ الغنِيِّ يَقُوْلُ:
أَحسنُ النَّاسِ كَلاَماً عَلَى حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاَثَةٌ: ابْنُ المَدِيْنِيِّ فِي وَقتِهِ، وَمُوْسَى بنُ هَارُوْنَ - يَعْنِي: ابنَ الحَمَّالِ - فِي وَقتِهِ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي وَقتِهِ (2) .
وَقَالَ القَاضِي أَبُو الطَيِّبِ الطَّبَرِيُّ: كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ (3) .
وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ: كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ ذَكِيّاً، إِذَا ذُكِرَ (4) شَيْئاً مِنَ العِلْمِ أَيَّ نوعٍ كَانَ، وُجِدَ عِنْدَهُ مِنْهُ نَصِيبٌ وَافرٌ، لَقَدْ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ النِّعَالِيُّ: أَنَّهُ حضَرَ مَعَ أَبِي الحَسَنِ دَعْوَةً عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ لَيْلَةً، فَجَرَى شَيْءٌ مِنْ ذِكْرِ الأَكلَةِ، فَاندفعَ أَبُو الحَسَنِ يُوردُ أَخبارَ الأَكلَةِ وَحكَايَاتِهِم وَنوَادِرِهِم، حَتَّى قَطَعَ أَكثرَ ليلتِهِ بِذَلِكَ.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: وَرَأَيْتُ ابنَ أَبِي الفَوَارِسِ سَأَلَ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْ عِلَّةِ حَدِيْثٍ أَوِ اسْمٍ، فَأَجَابَ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا الفَتْحِ، لَيْسَ بَيْنَ الشَّرقِ وَالغربِ مَنْ يَعرِفُ هَذَا غَيْرِي.
قَالَ القَاضِي أَبُو الطَيِّبِ الطَّبَرِيُّ: حَضَرتُ الدَّارَقُطْنِيَّ وَقَدْ قُرِئَتِ الأَحَادِيثُ الَّتِي جَمَعَهَا فِي مسِّ الذَّكَرِ (5) عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَوْ كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 36.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) في " تاريخ بغداد ": إذا ذوكر.
(5) هو حديث صحيح، أخرجه مالك في الموطأ 1 / 42، وعنه الشافعي في الام 1 / 15، وأحمد 6 / 406، وأبو داود (181) والنسائي 1 / 100، والترمذي (82) وبان ماجه (479) من حديث بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: " إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ ". وصححه الترمذي وغير واحد من الأئمة.
لكن يحمل الامر بالوضوء فيه على =(16/454)
حَاضِراً لاَستفَادَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ (1) .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ يُمْلِي عَلَيَّ (العِلَلَ) مِنْ حِفْظِهِ.
قُلْتُ: إِنْ كَانَ كِتَابُ (العِلَلِ) الموجودُ قَدْ أَمْلاَهُ (2) الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حِفْظِهِ كَمَا دلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الحكَايَةُ، فَهَذَا أَمرٌ عظيمٌ، يُقْضَى بِهِ للدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ أَحفظُ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَمْلَى بعضَهُ مِنْ حِفْظِهِ فَهَذَا مُمْكِنٌ، وَقَدْ جَمعَ قبلَهُ كِتَابَ (العِلَلِ) عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ حَافظُ زَمَانِهِ.
قَالَ رَجَاءُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدِّلُ: كُنَّا عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ يَوْماً وَالقَارِئُ يَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَتَنَفَّلُ (3) ، فَمَرَّ حَدِيْثٌ فِيْهِ نُسَيْرُ بنُ ذُعْلُوْقٍ، فَقَالَ القَارِئُ: بَشِيرٌ، فَسبَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ، فَقَالَ: بُشَيْرٌ، فَسَبَّحَ، فَقَالَ: يُسَيرٌ.
فَتَلاَ الدَّارَقُطْنِيَّ: {ن وَالْقَلَمِ} [الْقَلَم:1] (4) .
وَقَالَ حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ: كُنْتُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَهُوَ قَائِمٌ يتنفَّلُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الكَاتِبِ: عَمْرُو بنُ شُعَيْبٍ، فَقَالَ: عَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ.
فسبَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ، فَأَعَادَ، وَقَالَ: ابْنُ سَعِيْدٍ، وَوقفَ، فَتَلاَ الدَّارَقُطْنِيُّ: {يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ} [هُوْدُ:87] .
فَقَالَ ابْنُ الكَاتِبِ: شُعَيْبٌ (5) .
__________
= الندب لوجود الصارف عن الوجوب في حديث طلق بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مس الرجل ذكره، فقال: " هل هو إلا مضغة أو بضغة منه " وهو حديث صحيح أخرجه أحمد 4 / 22 و23، وأبو داود (182) والترمذي (85) والنسائي 1 / 38، وابن ماجه (483) وصححه ابن حبان (207) .
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 18.
(2) في الأصل: " أملى ".
(3) أي: يصلي نافلة.
(4) " تاريخ بغداد ": 12 / 39.
(5) المصدر السابق.(16/455)
قَالَ أَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ: حضَرتُ أَبَا الحَسَنِ، وَجَاءهُ أَبُو الحُسَيْنِ البَيْضَاوِيُّ بِغريبٍ لِيَقْرَأَ لَهُ شَيْئاً، فَامْتَنَعَ، وَاعتلَّ ببعضِ العِلَلِ، فَقَالَ: هَذَا غريبٌ.
وَسَأَلَهُ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيْهِ أَحَادِيثَ، فَأَمْلَى عَلَيْهِ أَبُو الحَسَنِ مِنْ حِفْظِهِ مَجْلِساً تزيدُ أَحَادِيثُهُ عَلَى العِشْرِيْنَ، مَتْنُ جَمِيعِهَا: نِعمَ الشَّيْءُ الهديَّةُ أَمَامَ الحَاجَةِ (1) .
قَالَ: فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ، ثُمَّ جَاءهُ بَعْدُ، وَقَدْ أَهْدَى لَهُ شَيْئاً، فَقرَّبَهُ وَأَمْلَى عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِهِ سَبْعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، مُتُوْنُ جَمِيعِهَا: (إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيْمُ قَوْمٍ، فَأَكْرِمُوهُ (2)) .
قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ صَحِيحَةٌ، رَوَاهَا الخَطِيْبُ عَنِ العَتِيْقِيِّ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى سَعَةِ حِفظِ هَذَا الإِمَامِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَوَّحَ بطلبِ شَيْءٍ، وَهَذَا مَذْهَبٌ لِبَعضِ العُلَمَاءِ، وَلَعَلَّ الدَّارَقُطْنِيَّ كَانَ إِذْ ذَاكَ مُحْتَاجاً، وَكَانَ يَقبلُ جَوَائِزَ دَعْلَجٍ السِّجْزِيِّ وَطَائِفَةٍ، وَكَذَا وَصلَهُ الوَزِيْرُ ابْنُ حِنْزَابَةَ بِجُملَةٍ مِنَ الذَّهَبِ لِمَا خَرَّجَ لَهُ (المُسْنَدَ) .
__________
(1) أخرجه الطبراني: 1 / 294 / 1 من طريق يحيى بن سعيد العطار، عن يحيى بن العلاء، عن طلحة بن عبيد، عن الحسين بن علي..ويحيى بن سعيد قال ابن حبان فيه: يروي الموضوعات عن الاثبات، لا يجوز الاحتجاج به.
وشيخه فيه يحيى بن العلاء كذاب يضح الحديث.
وأخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان ": 2 / 75، والخطيب: 8 / 166 من حديث عائشة، وفي سنده عند الأول عثمان بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد، قال ابن معين: كان يكذب، وقال ابن المديني: ضعيف جدا، وقال البخاري: تركوه، وقال النسائي والدارقطني: متروك، وفي سنده عند الثاني عمرو بن خالد الأعمش، وهو كذاب وصفه بذلك غير واحد من الأئمة، فالخبر باطل.
(2) حديث حسن، رواه ابن ماجه من حديث ابن عمر، ورواه البزار وابن خزيمة والطبراني وابن عدي والبيهقي عن جرير، ورواه البزار عن أبي هريرة.
ورواه ابن عدي عن معاذ وأبي قتادة، ورواه الحاكم عن جابر، ورواه الطبراني عن ابن عباس وعن عبد الله بن حمزة، ورواه ابن عساكر عن أنس وعدي بن حاتم، ورواه الدولابي في " الكني " وابن عساكر عن أبي راشد عبد الرحمن بن عبد.
انظر " الجامع الصغير " مع شرحه: 1 / 241، 242 والمقاصد الحسنة ص 32.(16/456)
قَالَ الحَاكِمُ: دَخَلَ الدَّارَقُطْنِيُّ الشَّامَ وَمِصْرَ عَلَى كِبَرِ السِّنِّ، وَحَجَّ وَاسْتفَادَ وَأَفَادَ، وَمصنَّفَاتُهُ يَطُولُ ذكرُهَا.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ فِيمَا نقلَهُ عَنْهُ الحَاكِمُ، وَقَالَ: شَهِدْتُ بِاللهِ إِنَّ شيخَنَا الدَّارَقُطْنِيَّ لَمْ يُخَلِّفْ عَلَى أَدِيمِ الأَرضِ مِثلَهُ فِي مَعْرِفَةِ حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكذَلِكَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ وَأَتْبَاعِهِم.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الخَمِيْسِ، لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَذَا أَرَّخَ الخَطِيْبُ وَفَاتَهُ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ فِي تَرْجَمَتِهِ: حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ مَاكُولاَ، قَالَ:
رَأَيْتُ كَأَنِّي أَسأَلُ عَنْ حَالِ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي الآخِرَةِ، فَقِيْلَ لِي: ذَاكَ يُدْعَى فِي الجَنَّةِ الإِمَامُ (1) .
وَصَحَّ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَا شَيْءٌ أَبغضُ إِلَيَّ مِنْ عِلمِ الكَلاَمِ.
قُلْتُ: لَمْ يَدْخلِ الرَّجُلُ أَبداً فِي علمِ الكَلاَمِ وَلاَ الجِدَالِ، وَلاَ خَاضَ فِي ذَلِكَ، بَلْ كَانَ سلفيّاً، سَمِعَ هَذَا القَوْلَ مِنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: اختلفَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ، فَقَالَ قَوْمٌ: عُثْمَانُ أَفضلُ، وَقَالَ قَوْمٌ: عليٌّ أَفضلُ.
فَتَحَاكَمُوا إِليَّ، فَأَمسكتُ، وَقُلْتُ: الإِمْسَاكُ خَيْرٌ.
ثُمَّ لَمْ أَرَ لِدِيْنِي السُّكُوتَ، وَقُلْتُ لِلَّذِي اسْتَفْتَانِي: ارْجِعْ إِلَيْهِم، وَقُلْ لَهُم: أَبُو الحَسَنِ يَقُوْلُ: عُثْمَانُ أَفضَلُ مِنْ عَلِيٍّ بِاتِّفَاقِ جَمَاعَةِ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، هَذَا قَولُ أَهْلِ السُّنَّةَ، وَهُوَ أَوَّلُ عَقْدٍ يَحلُّ فِي الرَّفْضِ.
قُلْتُ: لَيْسَ تَفْضِيْلُ عَلِيٍّ بِرَفضٍ، وَلاَ هُوَ ببدعَةٌ، بَلْ قَدْ ذَهبَ إِلَيْهِ خَلقٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، فَكُلٌّ مِنْ عُثْمَانَ وَعلِيٍّ ذُو فضلٍ وَسَابِقَةٍ وَجِهَادٍ، وَهُمَا
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 40.(16/457)
مُتَقَارِبَانِ فِي العِلْمِ وَالجَلاَلَة، وَلعلَّهُمَا فِي الآخِرَةِ مُتسَاويَانِ فِي الدَّرَجَةِ، وَهُمَا مِنْ سَادَةِ الشُّهَدَاءِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -، وَلَكِنَّ جُمُهورَ الأُمَّةِ عَلَى تَرَجيْحِ عُثْمَانَ عَلَى الإِمَامِ عَلِيٍّ، وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ.
وَالخَطْبُ فِي ذَلِكَ يسيرٌ، وَالأَفضَلُ مِنْهُمَا - بِلاَ شكٍّ - أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، مَنْ خَالفَ فِي ذَا فَهُوَ شِيعِيٌّ جَلدٌ، وَمَنْ أَبغضَ الشَّيْخَيْنِ وَاعتقدَ صِحَّةَ إِمَامَتِهِمَا فَهُوَ رَافضيٌّ مَقِيتٌ، وَمَنْ سَبَّهُمَا وَاعتقدَ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِإِمَامَيْ هُدَى فَهُوَ مِنْ غُلاَةِ الرَّافِضَةِ - أَبعدَهُم اللهُ -.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُقدَّمُ فِي (المُوَطَّأِ) :مَعنٌ، وَابنُ وَهْبٍ، وَالقَعْنَبِيُّ.
قَالَ: وَأَبُو مصعبٍ ثِقَةٌ فِي (المُوَطَّأِ) .
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سُئِلَ أَبُو الحَسَنِ: إِذَا حدَّثَ النَّسَائِيُّ وَابنُ خُزَيْمَةَ بِحَدِيْثٍ، أَيُّهُمَا نُقدِّمُ؟
فَقَالَ: النَّسَائِيُّ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِثلَهُ، وَلاَ أُقدِّمُ عَلَيْهِ أَحداً.
الرِّاوَيَةُ عَنْهُ:
أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ، وَجَمَاعَةٌ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بنُ أَحْمَدَ الوَكِيْلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمدِ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الملكِ بنِ أَبْجَرَ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ وَاصِلٍ الأَحدبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ:
خَطَبَنَا عَمَّارٌ، فَأَبلَغَ وَأَوجزَ، فَقَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (إِنَّ طُوْلَ صَلاَةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ (1) مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيْلُوا الصَّلاَةَ، وَاقْصِرُوا الخُطْبَةَ) .
__________
(1) مئنة: وزان " مظنة " ومعناها.(16/458)
أَخرجَهُ: مُسْلِمٌ (1) ، عَنْ سُرَيْجٍ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الخَضِرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ سَنَةَ سَبعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمدِ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ هَارُوْنَ الإِسكَافُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ شَاهِيْنٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
ذُكِرَ عِنْدَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّدَقَةُ، فَقَالَ: (إِنَّ مِنَ الصَّدَقَةِ أَنْ تَفُكَّ الرَّقَبَةَ، وَتَعْتِقَ النَّسَمَةَ) .
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَلَيْسَتَا وَاحِدَةً؟
فَقَالَ: (لاَ، عَتْقُهَا أَنْ تَعْتِقَهَا، وَفِكَاكُهَا أَنْ تُعِيْنَ فِي ثَمَنِهَا) .
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ ذَلِكَ؟
قَالَ: (تُطعِمُ جَائِعاً، وَتَسْقِي ظَمْآناً) .
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَجِدْ؟
قَالَ: (تَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ) .
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ؟
قَالَ: (فَكُفَّ إِذاً شَرَّكَ) .
غريبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ خَالِدٌ الطَّحَّانُ (2) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ القَاضِي، وَسِتُّ الأَهْلِ بِنْتُ عِلْوَانَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُغِيْثِ بنُ
__________
(1) برقم (869) في الجمعة: باب تخفيف الصلاة والخطبة.
وأخرجه أحمد 4 / 263 من طريق قريش بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن عبد الملك بهذا الإسناد، وأخرجه الدارمي 1 / 365 من طريق العلاء بن عصيم الجعفي، عن عبد الرحمن.
(2) وهو ثقة ثبت أخرج حديثه الستة.
وفي الباب ما يشهد له عند أحمد 4 / 299 من طريقين، عن عيسى بن عبد الرحمن البجلي، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة.
فقال: " لئن كنت أقصرت الخطبة، لقد أعرضت المسألة أعتق النسمة، وفك الرقبة، فقال: يا رسول الله، أو ليستا بواحدة، قال: لا، إن عتق النسمة أن تفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في عتقها، والمنحة الوكوف، والفئ على ذي الرحم الظالم، فإن لم تطق ذلك، فأطعم الجائع، واسق الظمآن، وأمر المعروف، وانه من المنكر، فإن لم تطق ذلك فكشف لسانك إلا من الخير " وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (1209) .(16/459)
زُهَيْرٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ العُكْبَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِيْنَ أَلْفاً بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِيْنَ أَلْفاً وَثَلاَثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي - عَزَّ وَجَلَّ (1) -) .
وحَدَّثَنَا ابْنُ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ بِوَاسِطَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ نَحوَهُ.
وَرَوَى بَقِيَّةُ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ نَحوَهُ، فَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَأَلْتُ البَرْقَانِيَّ: هَلْ كَانَ أَبُو الحَسَنِ يُمْلِي عَلَيْك (العِلَلَ) مِنْ حِفْظِهِ؟
قَالَ: نَعَمْ، أَنَا الَّذِي جَمَعْتُهَا، وَقَرأَهَا النَّاسُ مِنْ نُسْخَتِي.
وَلِحَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ (2) فِي الدَّارَقُطْنِيِّ:
جَعَلْنَاكَ فِيمَا بَيْنَنَا وَرَسُولِنَا ... وَسِيْطاً فَلَمْ تَظْلِمْ وَلَمْ تَتَحوَّبِ
فَأَنْتَ الَّذِي لَولاَكَ لَمْ يَعرِفِ الوَرَى ... وَلَوْ جَهَدُوا مَا صَادِقٌ مِنْ مُكَذِّبِ
قُلْتُ: يَقَعُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ أَحَادِيثُ رُبَاعِيَّاتٍ مِنْهَا.
حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا طَالُوتُ، حَدَّثَنَا فَضَّالُ بنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي
__________
(1) وأخرجه أحمد 5 / 268، والترمذي (2437) وابن ماجه (4286) وابن أبي عاصم في السنة 1 / 261 من طرق عن إسماعيل بن عياش وهو صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذا منها.
وأخرجه أحمد 5 / 250، وابن أبي عاصم 1 / 260، 261، من طريقين، عن صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر الخبائري، وأبي اليمان الهوزني، عن أبي أمامة، وإسناده صحيح.
(2) البيتان في " تاريخ بغداد ": 12 / 39.(16/460)
أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ، وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ شُعبَةَ اثْنَانِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّوْرِيِّ كذَلِكَ.
333 - ابْنُ الثَّلاَّجِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، المُحَدِّثُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ ابْنُ الثَّلاَّجِ الشَّاهدُ، أَصلُهُ مِنْ حُلْوَانَ.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ: البَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنِ صَاعِدٍ، وَخَلْقٍ بَعْدَهُمْ، وَكَانَ مُكْثِراً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّيْمَرِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَلَيْسَ بِثِقَةٍ.
قَالَ التَّنُوْخِيُّ: قَالَ لِي: مَا بَاعَ أَحدٌ مِنْ أَسلاَفِي ثَلْجاً، وَإِنَّمَا كَانَ جَدِّي مُترفاً، يَجمعُ (1) لَهُ ثَلْجاً كَثِيْراً، فَمَرَّ بَعْضُ الخُلَفَاءِ بِحُلوَانَ، فَطَلبَ ثَلْجاً، فَمَا وَجَدَهُ إِلاَّ عِنْدَ جَدِّي، فَوَقَعَ مِنْهُ بِمَوقعٍ، وَقَالَ: اطلبُوا عَبْدَ اللهِ الثَّلاَّجُ فَعُرِفَ بِهِ (2) .
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ: كَانَ ابْنُ الثَّلاَّجِ يضعُ الحَدِيْثَ (3) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ يشتغلُ بِهِ، يضعُ الأَحَادِيثَ وَالأَسَانيدَ (4) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 135 - 138، العبر: 3 / 34، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 65 / أميزان الاعتدال: 2 / 497 البداية والنهاية: 11 / 321، لسان الميزان: 3 / 350 - 351، شذرات الذهب: 3 / 122.
(1) يعني: لنفسه.
(2) " تاريخ بغداد ": 10 / 136.
(3) " تاريخ بغداد ": 10 / 137.
(4) " تاريخ بغداد ": 10 / 136.(16/461)
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
334 - ابْنُ المُهَنْدِسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البَنَّاءُ *
مُحَدِّثُ مِصْرَ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البنَّاءُ ابْنُ المُهَنْدِسِ.
سَمِعَ: دَاوُدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ النَّفَّاحِ، وَأَبَا بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ زَبَّانَ، وَعَلِيَّ بنَ قُدَيْدٍ، وَأَبَا عُبَيْدٍ بنَ حَرْبُوَيْه.
وَكَانَ مُكْثِراً، وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ إنَّهُ سَمِعَ مِنَ النَّسَائِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الغنِيِّ الحَافِظُ، وَيَحْيَى بنُ الحُسَيْنِ العَفَّاصُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مِسْكِيْنٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُظَفَّرٍ الكَحَّالُ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَانْتَقَى عَلَيْهِ الحُفَّاظُ.
وَكَانَ ثِقَةً خَيِّراً تَقِيّاً.
عَاشَ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
335 - ابْنُ زُوْلاَقٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المِصْرِيُّ **
الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، المُؤَرِّخُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ (1) بنُ
__________
(*) العبر: 3 / 27 - 28، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 54 / أ، حسن المحاضرة: 1 / 370، شذرات الذهب: 3 / 113.
(* *) معجم الأدباء 7 / 225 - 230، وفيات الأعيان: 2 / 91 - 92، المختصر في أخبار البشر: 2 / 133، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 60 / ب، الوافي بالوفيات: 11 / 370، البداية والنهاية: 11 / 321، لسان الميزان: 2 / 191، حسن المحاضرة: 1 / 553 - 554، أعيان الشيعة للعاملي: 20 / 431 - 435.
(1) في الأصل " الحسين " وهو تحريف، وسيذكر فيما بعد على الصواب.(16/462)
إِبْرَاهِيْمَ بنِ زُوْلاَقٍ المِصْرِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
مَوْلِدُهُ: فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ فَمَنْ بَعْدَهُ، وَقَدِ ارْتَحَلَ إِلَى دِمَشْقَ، وَفَاتَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنْ يذكرَهُ فِي (تَارِيْخِهِ) ، قدِمَهَا سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَمْ تَبلُغْنِي سيرتُهُ كَمَا فِي النَّفْسِ.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَهُوَ حسنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ خَلَفِ بنِ زُوْلاَقٍ اللَّيْثِيُّ (1) مَوْلاَهُم المِصْرِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ -.
وَكَانَ جدُّ أَبِيهِ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: مَاتَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الخَامِسِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ (2) .
336 - الرَّيْحَانِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ البَصْرِيُّ *
الرَّيْحَانِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: البَغَوِيِّ، وَابنِ صَاعِدٍ.
وَعَنْهُ: الخَلاَّلُ، وَالعَتِيْقِيُّ، وَأَبُو طَالِبٍ العُشَارِيُّ.
قَالَ العَتِيْقِيُّ: شَيْخ أُمِّي (3) ، أُصولُهُ صِحَاحٌ، تُوُفِّيَ سَنَةَ 387.
__________
(1) انظر اسمه ونسبه في " تاريخ ابن خلكان ": 2 / 91 - 92.
(2) أي: سنة سبع وثمانين وثلاث مئة. " ابن خلكان ": 2 / 92.
(*) الإكمال لابن ماكولا: 4 / 233، تاريخ بغداد: 8 / 11 - 12، الأنساب: 6 / 203، اللباب: 2 / 47.
(3) في " تاريخ بغداد ": كان شيخا أمينا.(16/463)
337 - الكَاتِبُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ *
أَبُو عَبْدِ اللهِ، الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَغْدَادِيُّ الكَاتِبُ.
سَمِعَ: البَغَوِيَّ، وَابنَ صَاعِدٍ، وَابنَ زِيَادٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَالعُشَارِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ.
شَيْخٌ صَدُوْقٌ.
لَمْ تُؤرَّخْ وَفَاتُهُ.
338 - الأَذَنِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُنْدَارَ **
القَاضِي، المُحَدِّثُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُنْدَارَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خَيْرٍ الأَذَنِيُّ.
سَمِعَ: بِدِمَشْقَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَيْضِ الغَسَّانِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَبحلبَ مِنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيِّ، وَبحرَّانَ مِنْ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَبِأَنْطَاكِيَةَ مِنَ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فِيْلٍ، وَاسْتوطَنَ مِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الغنِيِّ الحَافِظُ، وَمكِّيُّ بنُ عَلِيٍّ الحَمَّالُ، وَيُوْسُفُ بنُ رَبَاحٍ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الصَّوَّافُ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ مِسْكِيْنٍ، وَأَحْمَدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ نَفِيْسٍ المُقْرِئُ، وَآخرُوْنَ.
وَمَا علمتُ بِهِ بَأْساً.
__________
(*) تاريخ بغداد: 8 / 101 - 102، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 64 / ب.
(* *) معجم البلدان: 1 / 133، العبر: 3 / 28، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 56 / ب، غاية النهاية: 1 / 533، حسن المحاضرة: 1 / 370، شذرات الذهب: 3 / 116.(16/464)
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
339 - الكِسَائِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَحْيَى *
الشَّيْخُ، النَّحْوِيُّ، البَارعُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ الكِسَائِيُّ.
تَخَرَّجَ بِهِ جَمَاعَةٌ فِي العَرَبِيَّةِ، وَرَوَى (صَحِيْحَ مُسْلِمٍ) ، عَنِ ابْنِ سُفْيَانَ، رَوَاهُ عَنْهُ: أَبُو مَسْعُوْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَجَلِيُّ، وَذَلِكَ إِسنَادٌ ضَعِيْفٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: حدَّثَ بِـ (الصَّحِيْحِ) مِنْ كِتَابٍ جديدٍ بخطِّهِ، فَأَنكرْتُ فَعَاتَبَنِي، فَقُلْتُ: لَوْ أَخرجْتَ أَصلَكَ وَأَخْبَرْتَنِي بِالحَدِيْثِ عَلَى وَجْهِهِ؟
فَقَالَ: أَحضَرَنِي أَبِي مَجْلِسَ ابْنِ سُفْيَانَ الفَقِيْهِ لِسَمَاعِ هَذَا الكِتَابِ، وَلَمْ أَجِدْ سَمَاعِي، فَقَالَ لِي أَبُو أَحْمَدَ الجُلُودِيُّ: قَدْ كُنْتُ أَرَى أَبَاكَ يُقيمُكَ فِي المَجْلِسِ تسمعُ وَأَنْتَ تنَامُ لِصِغَرِكَ، فَاكتُب الصَّحِيْحَ مِنْ كِتَابِي تَنْتَفعُ بِهِ (1) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ لَيْلَةَ الأَضْحَى.
340 - الأُوْدَنِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ **
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَصِيْرِ
__________
(*) الأنساب: 10 / 422 - 423، إنباه الرواة: 3 / 64، العبر: 3 / 30، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 58 / ب، ميزان الاعتدال: 3 / 450، لسان الميزان: 5 / 26 - 27، شذرات الذهب: 3 / 117.
(1) الخبر بنحوه في " أنساب السمعاني ": 10 / 422 - 423.
(2) في الأصل: نصير بالنون، وهو تصحيف، والتصحيح من مشتبه المؤلف وغيره.
(* *) طبقات العبادي: 92، الإكمال لابن ماكولا: 1 / 320، الأنساب: 1 / 380 - 381، تبيين كذب المفتري: 198، معجم البلدان: 1 / 277، اللباب: 1 / 92، تهذيب الأسماء واللغات: 2 / 191، وفيات الأعيان: 4 / 209 - 211، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 59 / أالعبر: 3 / 31، الوافي بالوفيات: 3 / 316، طبقات السبكي: 3 / 182 - 183، =(16/465)
بنِ وَرْقَاءَ الأُوْدَنِيُّ البُخَارِيُّ.
وَأُوْدَنُ: مِنْ قُرَى بُخَارَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ، قَالَهُ السَّمْعَانِيُّ، وَقَالَ ابْنُ مَاكُولاَ وَغَيْرُهُ: بِالفَتْحِ (1) .
سَمِعَ مِنْ: يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ العَاصِمِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ كُلَيْبٍ الشَّاشِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ صَابِرٍ، وَعَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ خَلَفٍ.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحليمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ غُنْجَار، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُسْتَغْفِرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
كَانَ إِمَامَ الشَّافِعِيَّةِ فِي زَمَانِهِ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ الوُجُوهِ، وَهوَ القَائِلُ: الرِّبَا حرَامٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَلاَ يَجُوْزُ بَيْعُ مَالٍ بِجِنْسِهِ إِلاَّ متسَاوياً (2) .
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - مِنْ أَزهدِ الفُقَهَاءِ، وَأَعبدِهِمْ، وَأَورعِهِمْ، وَأَبكَاهم عَلَى تقصيرِهِ، وَأَشدِّهِمْ إِنَابَةٌ وَتواضعاً.
تُوُفِّيَ: بِبُخَارَى فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
341 - الطِّرَازِيُّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ *
الشَّيْخُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ البَغْدَادِيُّ
__________
= طبقات الاسنوي: 1 / 54 - 56، طبقات ابن هداية الله: 101، شذرات الذهب: 3 / 118 - 119.
(1) انظر " الإكمال " 1 / 149، و" معجم البلدان " 1 / 277.
(2) انظر: " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 192، وما بين حاصرتين منه.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 225 - 227، الأنساب: 8 / 224 - 225، اللباب: 2 / 277 - =(16/466)
المُقْرِئُ، نزيلُ نَيْسَابُوْرَ.
سَمِعَ: البَغَوِيَّ، وَابنَ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ القَطَّانَ، وَعِدَّةً وَتلاَ عَلَى: ابنِ مُجَاهِدٍ.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَعُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ.
وَكَانَ عَارِفاً بِالعَرَبِيَّةِ.
قَالَ الحَاكِمُ: حدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ، فَأَخْطَأَ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: ذَاهبُ الحَدِيْثِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي ذِي الحِجَّةِ.
342 - جَوْهَرٌ أَبُو الحَسَنِ الرُّوْمِيُّ المُعِزِّيُّ *
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، قَائِدُ الجُيُوشِ، أَبُو الحَسَنِ جَوْهَرٌ الرُّوْمِيُّ المُعِزِّيُّ، مِنْ نُجَبَاءِ الموَالِي.
قَدِمَ مِنْ جِهَةِ مَوْلاَهُ المعزُّ فِي جَيْشٍ عظيمٍ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَاسْتَولَى عَلَى إِقلِيمِ مِصْرَ وَأَكثرَ الشَّامِ، وَاختطَّ القَاهرَةَ، وَبنَى بِهَا دَارَ الملكِ، وَكَانَ عَالِي الهمَّةِ، نَافذَ الأَمْرِ، وَتَهَيَّأَ لَهُ أَخذُ البِلاَدِ بِمكَاتَبَةٍ مِنْ أُمَرَاءِ مِصْرَ، قَلَّتْ عَلَيْهِم الأَمْوَالُ، وَلَمَّا وَصلتْ كتَائِبُ العُبَيْدَيَّةِ - وَكَانُوا
__________
= 278، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 59 / أ، ميزان الاعتدال: 4 / 28، غاية النهاية: 2 / 237، لسان الميزان: 5 / 363.
(*) معجم البلدان: 4 / 301، الكامل لابن الأثير: 8 / 524، 525، 657، 659 و9 / 90، وفيات الأعيان: 1 / 375 - 380، العبر: 3 / 16، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 41 / ب، الوافي بالوفيات: 11 / 224 - 226، البداية والنهاية: 11 / 310 - 311، النجوم الزاهرة: 4 / 28، وما بعدها، حسن المحاضرة: 1 / 599، و2 / 201، شذرات الذهب: 3 / 98 - 100، تهذيب ابن عساكر: 3 / 419.(16/467)
نَحْواً مِنْ مائَةِ أَلْفٍ - بَعَثَ إِلَى جَوْهَرٍ وُجُوهُ المِصْرِيِّيْنَ يطلبُونَ الأَمَانَ وَتقريرَ أَملاَكِهِمْ، فَأَجَابَهُمْ، وَكَتَبَ بِذَلِكَ عهداً، وَاختلفَتْ كلمَةُ الإِخشيذيَّةِ، وَوقعَ حربٌ يسيرٌ.
وَقِيْلَ: بَلْ قُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الإِخشيذيَّةِ، وَانهزمَ البَاقُوْنَ، ثُمَّ نفَّذُوا يطلبُونَ أَمَاناً، فَأَمَّنَهُمْ جَوْهَرٌ، وَمنعَ جَيْشَهُ مِنْ نهبِ الرَّعِيَّةِ، وَفتحتْ أَسواقُ مِصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ فِي هيئَةِ المُلُوكِ، وَعَلَيْهِ قَباءُ ديباجٍ، فَحَفَرَ لِلَيْلَتِهِ أَسَاسَ قصرِ الخِلاَفَةِ، وَبَعَثَ إِلَى المعزِّ برُؤُوسِ القَتْلَى، وَقُطعت الخُطبَةُ العَبَّاسِيَّةُ، وَأُلبسَ الخطَبَاءُ البيَاضَ، وَأَذَّنُواَ بحيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ (1) .
وَكَانَ جَوْهَرٌ هَذَا حُسْنَ السِّيْرَةِ فِي الرَّعَايَا، عَاقِلاً أَدبياً، شُجَاعاً، مَهِيْباً، لكنَّهُ عَلَى نِحْلَةِ بنِي عُبَيْدٍ الَّتِي ظَاهِرُهَا الرَّفْضُ، وَبَاطنُهَا الاَنحلاَلُ، وَعمومُ جيوشِهِمْ بَرْبَرٌ وَأَهْلُ زعَارَةٍ وَشرٍّ، لاَ سيَّمَا مَنْ تَزَنْدَقَ مِنْهُم، فَكَانُوا فِي مَعْنَى الكفرَةِ، فَيَا مَا ذَاقَ المُسْلِمُوْنَ مِنْهُمْ مِنَ القتلِ، وَالنَّهْبِ، وَسبِيِ الحريمِ، وَلاَ سيَّمَا فِي أَوَائِلِ دولتِهِمْ، حَتَّى إِنَّ أَهْلَ صورٍ قَامُوا عَلَيْهِمْ وَقَتَلُوا فِيهِمْ، فَهَرَبُوا، حَتَّى إِنَّ أَهْلَ صورٍ اسْتنجَدُوا بِنَصَارَى الرُّوْمِ فجَاؤُوا فِي المرَاكبِ، وَكَانَ أَهْلُ صورٍ قَدْ لحقهُمْ مِنَ المغَاربَةِ مِنَ الظُّلمِ، وَالجَورِ، وَأَخذِ الحريمِ مِنَ الحمَّامَاتِ وَالطرقِ أَمرٌ كَبِيْرٌ.
وَقَدْ خَرَجَ عَلَى جَوْهَرٍ هَفْتَكِيْنُ التُّرْكِيُّ، فَالتقَاهُ فَانْهَزَمَ جَوْهَرٌ وَتَحَصَّنَ بِعَسْقلاَنَ، فَحَاصرَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ شهراً، ثُمَّ طلبَ الأَمَانَ فَأَمَّنَهُ، فَذَهَبَ إِلَى مِصْرَ، وَدَخَلَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ أَحمَالِ المَالِ، أَلفٌ وَمائتَا صندوقٍ.
وَلَقَدْ كَانَ المعزُّ فِي زَمَانِهِ أَعْظَمَ بكثيرٍ مِنْ خلفَاءِ بَنِي العَبَّاسِ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) انظر الخبر مفصلا في " وفيات الأعيان ": 1 / 378 - 380.(16/468)
343 - ابْنُ مَزْدِيْنٍ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصُّوْفِيُّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الزُّهَّادِ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَزْدِيْنٍ الصُّوْفِيُّ النُّهَاوَنْدِيُّ القُوْمَسَانِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي يَعْلَى مُحَمَّدِ بنِ زُهَيْرٍ الأُبُلِّيِّ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مبشَّرٍ الوَاسِطِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَامِرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَمْدَانَ الجَلاَّبِ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابنَاهُ مُحَمَّدٌ وَعُثْمَانُ، وَرَافِعُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو نَصْرٍ شُعَيْبٌ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبْهَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، وَآخرُوْنَ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: ثِقَةٌ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، وَمقدَّمُهُمْ فِي الجبلِ، لَهُ آيَاتٌ وَكَرَامَاتٌ ظَاهِرَةٌ، وَقبرُهُ بِقَرْيَةِ انبطَ (1) ، يُزَارُ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبْهَرِيُّ: كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ الَّذِيْنَ يَتَكَلَّمُوْنَ عَلَى السرِّ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ ربَّ العِزَّةِ فِي المَنَامِ أَيَّامَ القَحْطِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَلِيٍّ لاَ تَشْغَلْ خَاطِرَكَ، فَإِنَّكَ عِيَالِي، وَعيَالُكَ عِيَالِي، وَأَضيَافُكَ عِيَالِي.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
344 - الأَسَدِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ **
المُعَمَّرُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي حَمَّادٍ
__________
(*) معجم البلدان: 4 / 414، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 63 / ب.
(1) قال ياقوت: إنبط: بالكسر ثم السكون، بوزن إثمد، ويروى: أنبط بوزن أحمد: من قرى همذان، بها قبر الزاهد أبي علي أحمد بن محمد بن القومساني، " معجم البلدان ": 1 / 258.
(* *) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 64 / ب.(16/469)
الأَسَدِيُّ الأَبْهَرِيُّ المَالِكِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدٍ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَاكنٍ الزَّنْجَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الجُوْزَجَانِيِّ.
رَوَى عَنْهُ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِ هَمَذَانَ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ: فَقِيْهٌ عَابِدٌ كَبِيْرُ المَحَلِّ.
نيَّفَ عَلَى المائَةِ.
345 - الحَدَّادِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرَانَ *
شَيْخُ مَرْوَ، القَاضِي الكَبِيْرُ، أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرَانَ المَرْوَزِيُّ الحَدَّادِيُّ.
سَمِعَ: عَبْدَ اللهِ بنَ مَحْمُوْدٍ المَرْوَزِيَّ السَّعْدِيَّ، وَأَبَا يَزِيْدَ صَاحِبَ (تَفْسِيْرِ إِسْحَاقَ) ، وَحَمَّادَ بنَ أَحْمَدَ القَاضِي، وَأَقْرَانَهُمْ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ شَيْخُ أَهْلِ مَرْوَ فِي الحَدِيْثِ وَالفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ وَالفُتْيَا.
مَاتَ: فِي نِصْفِ صَفْرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ وَلِيَ قَضَاءَ نَيْسَابُورَ قَبْلَ الخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَهْلُ مَرْوَ، وَكَانَ مِنْ أَبنَاءِ التِّسْعِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
رَوَى مُحْيِي السُّنَّةِ فِي (معَالِمِ التَّنْزِيْلِ) عَنِ أَصْحَابِ الحَاكِمِ أَبِي الفَضْلِ الحَدَّادِيِّ.
__________
(*) الأنساب: 4 / 73 - 74، اللباب: 1 / 346، مشتبه النسبة: 1 / 144، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 73 / ب، تبصير المنتبه: 1 / 308، والحدادي: نسبة إلى عمل الحديد.(16/470)
346 - ابْنُ الرُّوْمِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الزَّاهِدُ، العَابِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الرُّوْمِيِّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحِيْرِيُّ، شَيْخُ سَعِيْدِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ العَيَّارِ.
وَقَعَ لِي حَدِيْثُهُ عَالِياً.
قَالَ الحَاكِمُ فِي (تَارِيْخِهِ) :كَانَ أَبُوْهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الرُّوْمِيُّ مُحَدِّثاً مَذْكُوْراً ثِقَةً.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ كَانَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ المُجْتَهِدِيْنَ فِي العِبَادَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى سمَاعَاتِهِ فِي كِتَابِ أَبِيهِ وَزَادَ فِيْهَا، وَكَانَ سمَاعُهُ مِنْ أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ، فَارْتَقَى إِلَى ابْنِ خُزَيْمَةَ.
تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللهُ -:يَوْمَ الاثْنَيْنِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ الحِيْرَةِ.
347 - البُوْزْجَانِيُّ أَبُو الوَفَاءِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى **
الأُسْتَاذُ، أَبُو الوَفَاءِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى البُوْزجَانِيُّ الحَاسبُ، حَامِلُ لوَاءِ الهَنْدَسَةِ.
وَلَهُ عِدَّةُ تَصَانِيْفٍ مُهَذَّبَةٍ.
كَانَ الكمَالُ بنُ يُوْنُسَ (1) ، يخضعُ لَهُ، وَيعتمدُ كلاَمَهُ.
__________
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 92 / ب، ميزان الاعتدال: 2 / 498، لسان الميزان: 3 / 353.
(* *) الامتاع والمؤانسة: 1 / 2، 19، 41، الفهرست: 394 - 395، الكامل لابن الأثير: 9 / 137، وفيات الأعيان: 5 / 167 - 168، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 69 / ب، الوافي بالوفيات: 1 / 209.
(1) هو كمال الدين. أبو الفتح، موسى بن أبي الفضل يونس بن محمد بن منبعة بن مالك، فقيه شافعي، كان يدري أربعة وعشرين فنا دراية متقنة، قال فيه أحد الشعراء: =(16/471)
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعٌ وَخمسُوْنَ سَنَةً.
وبُوزْجَانَ: بُلَيْدَةٌ بقُرْبِ هَرَاةَ.
348 - أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ ثَابِتٍ أَبُو العَبَّاسِ الشِّيْرَازِيُّ *
ابنِ ثَابِتٍ، الإمَامُ الحَافِظُ الجَوَّالُ، أَبُو العَبَّاسِ الشِّيْرَازِيُّ، لَيْسَ بِأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيِّ، ذَاكَ تَقَدَّمَ آنِفاً.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ فَارِسَ، وَالقَاسِمِ بنِ القَاسِمِ السَّيَّارِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيِّ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ بنُ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَالحَاكِمُ، وَتَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: جَمَعَ مِنَ الحَدِيْثِ مَا لَمْ يجمعْهُ أَحدٌ، وَصَارَ لَهُ القبولُ بِشِيْرَازَ، بِحَيْثُ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَدْخَلَ هَذَا الشِّيْرَازِيُّ بِمِصْرَ عَلَى شُيُوْخٍ أَحَادِيثَ، وَأَنَا بِمِصْرَ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ: بَلِ الَّذِي صَنَعَ ذَلِكَ آخَرُ، اسْمُهُ بِاسْمِ هَذَا.
وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الشِّيْرَازِيِّ قَالَ: كتبْتُ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
__________
= وكان من العلوم بحيث يقضى * له في كل فن بالجميع انظر ترجمته في " وفيات الأعيان ": 5 / 311 - 317.
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 1009 - 1010، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 45 / أ، ميزان الاعتدال: 1 / 158 - 159، الوافي بالوفيات: 8 / 189، لسان الميزان: 1 / 313، طبقات الحفاظ: 400، شذرات الذهب: 3 / 96، و103.(16/472)
وَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ الشِّيْرَازِيُّ: لَمَّا مَاتَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الحَافِظُ، جَاءَ إِلَى أَبِي رَجُلٌ، فَقَالَ: رَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ وَهُوَ فِي المحرَابِ وَاقفٌ بِجَامعِ شِيْرَازَ، وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ، وَعَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مُكَلَّلٌ بِالجَوْهَرِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي وَأَكْرَمَنِي، قُلْتُ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِكَثْرَةِ صَلاَتِي عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
349 - الرَّقِّيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ *
الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، الجَوَّالُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ الرَّقِّيُّ المُؤَرِّخُ، وَيُكْنَى أَيْضاً أَبَا عَبْدِ اللهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ شَوْذَبَ الوَاسِطِيِّ، وَخَيْثَمَةَ الأَطْرَابُلُسِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ، وَابنِ فَارِسَ الأَصْبَهَانِيِّ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ جُمَيْعٍ فِي (مُعْجَمِهِ) وَهُوَ أَكبرُ مِنْهُ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الطَيَّانُ، وَعَبْدُ الغنِيِّ الحَافِظُ، وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ الدِّمَشْقِيُّ.
اتَّهَمَهُ الخَطِيْبُ فِي حَدِيْثٍ رَوَاهُ المِسْكِيْنُ بِإِسْنَادِ الصِّحَاحِ مَرْفُوْعاً:
(يَجِيْءُ المُحَدِّثُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِأَيدِيهِم المَحَابِرُ (1)) ، فَالحملُ فِيْهِ عَلَى هَذَا الرَّقِّيِّ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 409 - 410، تذكرة الحفاظ: 3 / 1012 - 1013، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 40 / أ، ميزان الاعتدال: 4 / 72 - 73، لسان الميزان: 5 / 436 - 437، طبقات الحفاظ: 401.
(1) وتمامه كما في " تاريخ بغداد ": 3 / 410: فيأمر الله تعالى جبريل أن يأتيهم. =(16/473)
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
350 - الدِّمِمِّيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حَسَّانِ بنِ القَاسِمِ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ حَسَّانَ بنِ القَاسِمِ الجَدَلِيُّ الدِّمِمِّيُّ (1) ، آخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ مُطَيَّنٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو خَازِمٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَرَّاءِ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّيْمَرِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ القُهُسْتَانِيُّ شَيْخٌ لأَبِي صَادِقٍ المَدِيْنِيِّ.
قَالَ أَبُو خَازِمٍ: تَكَلَّمُوا فِيْهِ، تُوُفِّيَ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَإِنْ صَدَقَ فَقَدْ قَارَبَ مائَةَ عَامٍ.
351 - القَوَّاسُ أَبُو الفَتْحِ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ بنِ مَسْرُوْرٍ **
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الرَّبَّانِيُّ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو الفَتْحِ يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ بنِ مَسْرُوْرٍ البَغْدَادِيُّ، القَوَّاسُ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ، وَسَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ المُغلّسِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ
__________
= فيسألهم وهو أعلم بهم، فيقول: من أنتم؟ فيقولون: نحن أصحاب الحديث.
فيقول الله تعالى: " ادخلوا الجنة على ما كان منكم طالما كنتم تصلون على نبيي في دار الدنيا ".
قال الخطيب: هذا حديث موضوع، والحمل فيه على الرقي.
وقال الامام الذهبي في " الميزان " 4 / 73: وضع على الطبراني حديثا باطلا في حشر العلماء بالمحابر.
(*) تاريخ بغداد: 11 / 422 - 423، الأنساب: 5 / 339 - 340، العبر: 3 / 23 - 24، شذرات الذهب: 3 / 105.
(1) بكسر الدال والميم، كما في الأصل، ومعجم البلدان، وضبطه السمعاني: بكسر الدال وفتح الميم المشددة، وبعدها ميم أخرى، وقال ابن الأثير والسيوطي: بكسر الدال، وفتح الميم الأولى، وتشديد الميم الثانية.
(* *) تاريخ بغداد: 14 / 325 - 327، الأنساب: 10 / 257 - 258، العبر: 3 / 31.
تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 59 / ب، البداية والنهاية: 11 / 319، شذرات الذهب: 3 / 119.(16/474)
البَغَوِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدَ بنَ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيَّ، وَابنَ صَاعِدٍ، وَطَبَقَتَهُم، فَأَكثرَ وَجَوَّدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ الأَزَجِيُّ، وَأَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً زَاهِداً صَادقاً، أَوَّلُ سمَاعِهِ فِي سَنَةِ 316 (1) .
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ السِّمْسَارَ يَقُوْلُ: مَا أَتيتُ أَبَا الفَتْحِ القَوَّاسَ إِلاَّ وَجدتُهُ يُصَلِّي، سَمِعْتُ البَرْقَانِيَّ وَالأَزْهَرِيَّ ذكرَا القَوَّاسَ، فَقَالاَ: كَانَ مِنَ الأَبدَالِ (2) .
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ (3) .
وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يَقُوْلُ: كُنَّا نتبَرَّكُ بِأَبِي الفَتْحِ القَوَّاسِ وَهُوَ صَبِيٌّ.
وَقَالَ تَمَّامُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ وَغَيْرُهُ: سَمِعْنَا القَوَّاسَ يذكرُ أَنَّهُ وَجدَ فِي كُتُبِهِ جُزءاً فِي فضَائِلِ مُعَاوِيَةَ قَدْ قرضتْهُ الفَأرَةُ، فَدَعَا عَلَيْهَا فَسَقَطَتْ فَأرَةٌ مِنَ السَّقْفِ، وَاضطربَتْ حَتَّى مَاتَتْ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ حَضَرَ لَمَّا مَاتَتْ (4) .
قَالَ العَتِيْقِيُّ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخَرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 14 / 325 - 326.
(2) " تاريخ بغداد ": 14 / 326.
(3) المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد ": 14 / 327.(16/475)
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، مَا رَأَيْتُ فِي مَعْنَاهُ مثلَهُ (1) .
أَنْبَأَنِي المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الغَفَّارِ الأُرْمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو الحَسَنِ بنُ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ الهَرَوِيَّ، يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الفَتْحِ بنِ القَوَّاسِ، فَأَخْرَجَ جُزْءاً فِيْهِ قرْضُ فَأرٍ، فَدَعَا اللهَ عَلَى الفَأَرَةِ الَّتِي قرضَتْهُ، فَسقطتْ فَأرَةٌ لَمْ تزلْ تضطربُ حَتَّى مَاتَتْ.
ذَكَرَ أَبُو الفَتْحِ - رَحِمَهُ اللهُ -، أَنَّهُ كَانَ لاَ يكتبُ مِنْ لفظِ المُسْتَمْلِي، بَلْ مِنْ لفظِ الشَّيْخِ، فَقِيْلَ: إِنَّ رَجُلاً، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ السَّمَاعَ كَأَنَّهُ يَسمعُهُ مِنِّي فليَسمَعْهُ كَسَمَاعِ أَبِي الفَتْحِ القَوَّاسِ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ اليُوسُفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العَبَّاسِيُّ لفظاً، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ القَوَّاسُ إِمْلاَءً، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ بنِ بِنْتِ مَنِيْعٍ، وَأَنَا أَسمعُ، حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ حَرْمَلَةَ بنِ أَبِي عِمْرَانَ (2) ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ مَرْثَدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (المُؤْمِنُ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ) (3) .
352 - زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى السَّرَخْسِيُّ *
الإمَامُ، العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ خُرَاسَانَ، شَيْخُ القُرَّاءِ
__________
(1) المصدر السابق.
(2) في التهذيب وفروعه حرملة بن عمران، وكذلك هو في " صحيح ابن حبان " والمستدرك وهو الصواب.
(3) وأخرجه أحمد 4 / 147 من طريق علي بن إسحاق عن عبد الله بن المبارك بهذا الإسناد، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (817) والحاكم 1 / 416، ووافقه الذهبي.
(*) طبقات العبادي: 86، تبيين كذب المفتري: 206 - 207، المنتظم: 7 / 206، =(16/476)
وَالمُحَدِّثِيْنَ، أَبُو عَلِيٍّ السَّرَخْسِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: أَبَا لَبِيْدٍ مُحَمَّدَ بنَ إِدْرِيْسَ السَّامِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَيَحْيَى بنَ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ المسيَّبِ الأَرْغيَانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَفْصٍ الجُوَيْنِيَّ، وَمُؤَمَّلَ بنَ الحَسَنِ المَاسَرْجَسِيَّ، وَأَبَا يَعْلَى مُحَمَّدَ بنَ زُهَيْرٍ الأُبُلِّيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ العَسْكَرِيَّ الزَّبِيْبِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ مبشَّرٍ الوَاسِطِيَّ، وَأَبَا حَامِدٍ مُحَمَّدَ بنَ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيَّ، وَأَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ المَالِكِيَّ البَصْرِيَّ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو عُثْمَانَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الصَّابونِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ المُزَكِّي، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو المُظَفَّرِ مَنْصُوْرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي قُرَّةَ الحَنَفِيُّ، وَكَرِيْمَةُ المَرْوَزِيَّةُ المجَاورَةُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ عِنْدَهُ (المُوَطَّأُ) بِفَوتِ المسَاقَاةِ وَالقرَاضِ عَنِ الأَمِيْرِ إِبْرَاهِيْمَ بن عَبْدِ الصَّمدِ الهَاشِمِيِّ صَاحِبِ أَبِي مصعبٍ الزُّبَيْرِيِّ، وَقَدْ أَخذَ علمَ الجَدَلِ وَالكَلاَمِ عَنْ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ أَبُو عَلِيٍّ السَّرَخْسِيُّ الشَّافِعِيُّ، شَيْخُ عَصْرِهِ بِخُرَاسَانَ، سَمِعْتُ منَاظرتَهُ فِي مَجْلِسِ أَبِي بَكْرٍ بنِ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيِّ، وَكَانَ قَدْ قَرَأَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ مُجَاهِدٍ، وَتَفَقَّهَ عِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ، وَدرسَ الأَدَبَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنبارِيِّ، وَكَانَتْ كتُبُهُ تَرِدُ عليَّ عَلَى الدَّوَامِ.
__________
= العبر: 3 / 43، طبقات السبكي: 3 / 293 - 294، البداية والنهاية: 11 / 326، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 / 288، النجوم الزاهرة: 4 / 200، طبقات ابن هداية الله: 105 - 106، شذرات الذهب: 3 / 131.(16/477)
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنِ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَسْقُطُ عَلَى بَعِيْرِهِ قَدْ أَضَلَّهُ بِأَرْضٍ فَلاَةٍ (1)) ، أَخرجَاهُ عَنْ هُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، فَوَافَقْنَاهُمَا بِعُلُوٍّ.
وَبِهِ: عَنِ أَنَسٍ، عَنْ مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنْتُ رَدِيْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلاَّ مُؤَخَّرَةَ الرَّحْلِ (2) ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ، أَخْرَجَاهُ فِي (صَحِيْحِهِمَا) عَنْ هُدْبَةَ أَيْضاً.
قَالَ شَيْخُ الإِسلاَمِ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ عَمَّارٍ، سَمِعْتُ زَاهِرَ بنَ أَحْمَدَ وَكَانَ لِلمُسْلِمِينَ إِمَاماً يَقُوْلُ:
نَظَرْتُ فِي صِيْرِ بَابٍ، فرَأَيْتُ أَبَا الحَسَنِ الأَشعرِيَّ يَبُولُ فِي البَالوعَةِ، فَدَخَلتُ، فَحَانَت الصَّلاَةُ، فَقَامَ يُصَلِّي، وَمَا كَانَ تَمَسَّحَ وَلاَ تَوَضَّأَ، فَذَكَرْتُ الوضُوءَ، فَقَالَ: لَسْتُ بِمُحْدِثٍ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ نِسِيَ.
353 - المُخَلِّصُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ العَبَّاسِ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
__________
(1) البخاري (6309) في الدعوات: باب التوبة، ومسلم (2747) في أول التوبة.
(2) البخاري (5967) في اللباس: باب إرداف الرجل خلف الرجل، و (6267) في الاستئذان: باب من أجاب بلبيك وسعديك و (6500) في الرقاق: باب من جاهد نفسه في طاعة الله، وأخرجه مسلم (30) في الايمان: باب الدليل على ان من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا.
(*) تاريخ بغداد: 2 / 322 - 323، المنتظم: 7 / 225، اللباب: 3 / 181، العبر: =(16/478)
بنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَكَرِيَّا البَغْدَادِيُّ الذَّهَبِيُّ، مُخَلِّصُ الذَّهَبِ مِنَ الغِشِّ.
مَوْلِدُهُ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ: أَوَّلُ سَمَاعِي فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ بِعِنَايَةِ وَالِدِهُ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنِ صَاعِدٍ، وَأَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ الطُّوْسِيِّ، وَرِضوَانَ الصَّيْدَلاَنِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيِّ، وَأَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ القَاضِي، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَيْروز الأَنْمَاطِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَيْفٍ السِّجِسْتَانِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ حَمَّادٍ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ المُهْتَدِي، وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ البُهْلُولِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ العَبَّاسِ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيِّ، وَأَخِيْهِ أَبِي عُبَيْدٍ القَاسِمِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ اللاَّلَكَائِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمَّانُ، وَأَبُو طَالِبٍ المحسَّنُ بنُ شَهْفَيْرُوْزَ الفَقِيْهُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الشروِيُّ الفَقِيْهُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ القَطَّانُ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ الأَنْمَاطِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَانْتَقَى عَلَيْهِ الحَافِظَانِ أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو بَكْرٍ البَقَّالُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
= 3 / 56، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 94 / أ، البداية والنهاية: 11 / 333، النجوم الزاهرة: 4 / 208، شذرات الذهب: 3 / 144، هدية العارفين: 2 / 57، الرسالة المستطرفة: 90.(16/479)
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو جَعْفَرٍ الأَبْهَرِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَمَّادٍ الجَوْهَرِيُّ صَاحِبُ الصِّحَاحِ، وَالحَافِظُ خَلَفُ بنُ القَاسِمِ بنِ الدَّبَّاغِ الأَنْدَلُسِيُّ، وَالطَّائِعُ للهِ، وَوزيرُ الأَنْدَلُسِ المَلِكُ المَنْصُوْرُ أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عَامِرٍ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السَّلاَمِيُّ شَاعِرُ وَقتِهِ، وَالسَّيِّدُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الهَمَذَانِيُّ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَطِيْعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المَخْلَدُ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الشِّبلِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ المُخَلِّصُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيْرِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ مُرَّةَ، عَنْ عَمْرِو بنِ عبسةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسلمَةً كَانَتْ فِدْيَتَهُ مِنْ جَهَنَّمَ، وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيْلِ اللهِ كَانَتْ لَهُ نُوْراً يَوْمَ القِيَامَةِ (1)) .
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ خَالِدِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنِ أَسْوَد بنِ العَلاَءِ، عَنْ مَوْلَى لِسُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ عَبسَةَ، وَرَوَى شطرَهُ الثَّانِي التِّرْمِذِيُّ (2) ، عَنِ الكَوْسَجِ، عَنْ حَيْوَةَ، عَنْ بَقِيَّةَ بنِ الوَلِيْدِ.
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 4 / 386 من طريق حيوة بن شريح عن بقية بهذا الإسناد وقد صرح بقية بالتحديث عنده، فالسند صحيح، وأخرج أبو داود الشطر الأول منه (3966) عن عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بقية، حدثنا صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر، عن شرحبيل بن السمط، عن عمرو بن عبسة، وأخرجه النسائي بتمامه وزيادة 6 / 26 في الجهاد من طريق عمرو بن عثمان، عن سعيد بن كثير حدثنا بقية، عن صفوان بن عمرو به.
(2) برقم (1635) في الجهاد: باب ما جاء في فضل من شاب شيبة في سبيل الله.(16/480)
354 - الكُشَانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَاجبٍ الكُشَانِيُّ السَّمَرْقَنْدِيُّ.
آخِرُ مَنْ رَوَى (صَحِيْحَ) البُخَارِيِّ عَالِياً، سَمِعَهُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرَبْرِيِّ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
رَوَاهُ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ أَخُو الحَسَنِ الحَافِظُ، وَأَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبِيوَرْدِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشُّجَاعِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ غُنْجَار، وَعُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَاهِيْنٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ المُؤتَمَنُ السَّاجِيُّ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ.
قُلْتُ: كَانَ شَيْخاً معمَّراً.
355 - الخَفَّافُ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، مُسْنِدُ خُرَاسَانَ، أَبُو الحُسَيْنِ، أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الخَفَّافُ القَنْطَرِيُّ، وَلَدُ الشَّيْخِ أَبِي نَصْرٍ.
__________
(*) الإكمال لابن ماكولا: 7 / 185، الأنساب: 4 / 11، و10 / 431، معجم البلدان: 4 / 262، اللباب: 3 / 99، العبر: 3 / 52، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 84 / ب، مشتبه النسبة: 2 / 522، تبصير المنتبه: 3 / 1216، شذرات الذهب: 3 / 139، والكشاني: ضبطت في الأصل بضم الكاف وفتح الشين المعجمة، كما في " الأنساب " وغيره وهي في " معجم ياقوت " بفتح الكاف، وهذه النسبة إلى " كشانية " بلدة من بلاد الصغد بنواحي سمرقند.
(* *) الأنساب: 5 / 156 - 157، العبر: 3 / 58، تاريخ الإسلام: 4 الورقة 97 / ب، شذرات الذهب: 3 / 145.(16/481)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، سمَاعَاتُهُ صحيحَةٌ بخطِّ أَبِيهِ مِنْ أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ وَأَقرَانهُ، وَبَقِيَ وَاحِدَ عَصْرِهِ فِي عُلُوِّ الإِسْنَادِ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسْكَوَيْه، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَالسَّيِّدُ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الحُسَيْنِيُّ، وَأَبُو المُظَفَّرِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الشُّجَاعِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ الجريمِينِيُّ القَاضِي، وَالفَضْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المحبِّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ العَيَّارُ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ البسطَامِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَعَ لَنَا جُمْلَة مِنْ عَوَالِيْهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَرَسْتُوَيْه الدِّمَشْقِيُّ أَحَدُ الثِّقَاتِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ نَصْرٍ القُرْطُبِيُّ، وَالفَقِيْهُ المُحَدِّثُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ الجُهَيْنِيُّ الطُلَيْطِلِيُّ، وَالإمَامُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الوَارِثِ بنُ سُفْيَانَ القُرْطُبِيُّ، وثلاَثَتُهُمْ مِنْ كِبَارِ شُيُوْخِ ابْنِ عَبْدِ البَرِّ، وَالمُسْنِدُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ العَبَّاسِ الإِخمِيمِيُّ بِمِصْرَ، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَلاَحِمِيُّ، وَحَافظُ الوَقْتِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ فَارِس الرَّازِيُّ اللُّغَوِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّاهَرْتِيُّ البَزَّازُ بقُرْطُبَةَ.
356 - الكَتَّانِيُّ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 269، الأنساب: 10 / 352 - 353، المنتظم: 7 / 211، العبر: =(16/482)
أَحْمَدَ بنِ كَثِيْرٍ البَغْدَادِيُّ الكَتَّانِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَرَأَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ، وَسَمِعَ مِنْهُ كِتَابَهُ فِي السبعِ.
وَسَمِعَ مِنَ: البَغَوِيِّ، وَأَبِي سَعِيْدٍ العَدَوِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ الحَضْرَمِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ صَاعِدٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَادٍ، وَأَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ القَاضِي، وَأَبِي ذَرٍّ أَحْمَدَ بنِ البَاغَنْدِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقِ، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بنِ أَبِي حَيَّةَ، وَأَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ البُهلُولِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ الشِّيْعِيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المغلّسِ، وَأَبِي عُبَيْدٍ المَحَامِلِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَةَ، وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَجَابِرُ بنُ يَاسينٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارمَرْدَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، وَآخرُوْنَ.
وَقَدْ تَلاَ أَيْضاً عَلَى: زَيْدِ بنِ أَبِي بِلاَلٍ، وَبَكَّارِ بنِ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الحَرْبِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ ذُؤَابَةَ وَتصدَّرَ لِلإِقرَاءِ بِمسجدِهِ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَحْمَدُ بنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الشَّرْمَقَانِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ الكُوْفِيِّ، وَأَبُو الفَوَارِسِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ الأَوَانِي شَيْخٌ للقَلاَنِسِيِّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: هُوَ ثِقَةٌ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ تسعُوْنَ سَنَةً.
__________
= 3 / 46، البداية والنهاية: 11 / 327، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 / 587 - 588، شذرات الذهب: 3 / 134.(16/483)
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ فِي سَنَةِ 693، عَنْ زَيْدِ بنِ حَسَنٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العَبَّاسِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنِ أَنَسٍ، قَالَ:
سُئِلَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ، فَقَالَ: (مَنْ أَفْطَرَ فَرُخْصَةً، وَمَنْ صَامَ فَالصَّوْمُ أَفضلُ) (1) .
357 - ابْنُ حِنْزَابَةَ جَعْفَرُ بنُ الفَضْلِ بنِ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الوَزِيْرُ الأَكْمَلُ، أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ ابْنُ الوَزِيْرِ أَبِي الفَتْحِ الفَضْلِ بنِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى بنِ الحَسَنِ بنِ الفُرَاتِ البَغْدَادِيُّ، نزيلُ مِصْرَ.
وُلِدَ: بِبَغْدَادَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَوَزَرَ أَبُوْهُ للمُقْتَدِرِ عَامَ مصرعِهِ، وَوَزَرَ عمُّ أَبِيهِ الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ للمُقْتَدِرِ غَيْرَ مَرَّةٍ.
فَقُتِلَ فِي سَنَةِ 332 (2) . وَوَزَرَ أَبُو الفَضْلِ
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرج مالك 1 / 295، والبخاري 4 / 157، ومسلم (1121) عن أنس بن مالك قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم.
وفي الباب عن عائشة، أن حمزة بن عمرو الاسلمي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أأصوم في السفر وكان كثير الصيام، فقال: " إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر ".
(*) تاريخ بغداد: 7 / 234 - 235، معجم الأدباء: 7 / 163 - 177، وفيات الأعيان: 1 / 346 - 350، تذكرة الحفاظ: 3 / 1022 - 1024، العبر: 3 / 49 - 50، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 84 / ب، فوات الوفيات: 1 / 292 - 294، الوافي بالوفيات: 11 / 118 - 122، البداية والنهاية: 11 / 329، النجوم الزاهرة: 4 / 203، حسن المحاضرة: 1 / 352 - 353، طبقات الحفاظ: 405، شذرات الذهب: 3 / 135 - 136.
(2) انظر " الاعلام " للزركلي: 4 / 324 ففيه أنه قتل سنة 312، وعلي بن محمد هذا تقدمت ترجمته في الطبقة الثامنة عشرة.(16/484)
بِمِصْرَ لكَافُوْرٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي حَامِدٍ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّارِكِيِّ الأَصْبَهَانِيِّ، وَأَبِي يَعْلَى مُحَمَّدِ بنِ زُهَيْرٍ الأُبُلِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ بنِ عُمَارَةَ الأَصْبَهَانِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الخَرَائِطيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الحِمْصِيِّ، وَعِدَّةٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَكَانَ يذكرُ أَنَّهُ سَمِعَ مَجْلِساً مِنْ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَيَقُوْلُ: مَنْ جَاءنِي بِهِ أَغْنَيْتُهُ.
وَكَانَ يُمْلِي الحَدِيْثَ بِمِصْرَ، وَبسببِهِ خَرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِلَيْهَا، فَإِنَّ ابنَ حِنْزَابَةَ كَانَ يُرِيْدُ أَنْ يصَنَّفَ مُسْنَداً، فَخَرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِلَى مِصْرَ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ مُدَّةً، وَحصلَ لَهُ مِنْهُ مَالٌ كَثِيْرٌ (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الغنِيِّ المِصْرِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَيَعسرُ وَقوعُ حَدِيْثِهِ لَنَا، فَإِنَّهُ - حَالَ أَوَانَ الرِّوَايَةِ - كَانَ علمُهُ كَاسِداً بِمِصْرَ لمَكَانِ الدَّوْلَةِ الإِسْمَاعِيْلِيَّةِ.
وَقِيْلَ: هُوَ الَّذِي كَاتَبَهُمْ وَجَسَّرَهُمْ عَلَى المجِيْءِ لأَخذِ مِصْرَ، ثُمَّ نَدِمَ.
قَالَ السِّلَفِيُّ: كَانَ ابْنُ حِنْزَابَةَ مِنَ الحُفَّاظِ الثِّقَاثِ المُتَبَجِّحِيْنَ بِصُحبَةِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، مَعَ جَلاَلَةٍ وَريَاسَةٍ، يَرْوِي وَيُمْلِي بِمِصْرَ فِي حَالِ وَزَارتِهِ، وَلاَ يَختَارُ عَلَى العِلْمِ وَصُحبَةِ أَهلِهِ شَيْئاً، وَعِنْدِي مِنْ أَمَالِيهِ، وَمِنْ كلاَمِهِ عَلَى الحَدِيْثِ وَتصرُّفِهِ الدَّالِّ عَلَى حِدَّةِ فَهْمِهِ وَوُفُورِ عِلْمِهِ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ الحَافِظُ مَعَ تَقَدُّمِهِ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 234.(16/485)
وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ابنَ حِنْزَابَةَ بَعْدَ موتِ كَافور وَزَرَ للملكِ أَبِي الفَوَارِسِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ الإِخْشِيْذِ، فَقَبَضَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَربَابِ الدَّوْلَةِ، وَصَادَرَهُمْ، وَصَادَرَ يَعْقُوْبَ بنَ كلِّسَ الَّذِي وَزَرَ، فَأَخَذَ مِنْهُ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ، فَهَرَبَ إِلَى المَغْرِبِ، وَتوصَّلَ وَعظُمَ قَدْرُهُ.
ثُمَّ إِنَّ ابنَ حِنْزَابَةَ لَمْ يَقدرْ عَلَى إِرضَاءِ الإِخْشِيْذِيَّةِ وَمَاجَت الأُمورُ، فَاخْتَفَى مَرَّتَيْنِ، وَنُهِبَتْ دَارُهُ، ثُمَّ قَدِمَ أَمِيْرُ الرَّمْلَةِ، الحَسَنُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ طُغْجَ، وَتملَّكَ، وَصَادَرَ ابْنُ حِنْزَابَةَ وَعَذَّبَهُ، فنزحَ إِلَى الشَّامِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، ثُمَّ رَجعَ (1) .
قَالَ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ السَّبِيْعِيُّ: قَدِمَ عَلَيْنَا الوَزِيْرُ جَعْفَرُ بنُ الفَضْلِ إِلَى حلبَ، فتلقَّاهُ النَّاسُ، فكُنْتُ فِيهِمْ، فَعُرِّفَ أَنِّي مُحَدِّثٌ، فَقَالَ لِي: تعرفُ إِسْنَاداً فِيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، حَدِيْثُ السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ حُوَيْطِبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ السَّعْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمْ فِي العُمَالَةِ (2) .
فَعَرفَ لِي ذَلِكَ، وَصَارَ لِي عِنْدَهُ منزلَةً.
قِيْلَ: كَانَ الوَزِيْرُ عِنْدَهُ عِدَّةَ وَرَّاقِيْنَ، وَكَانَ يُسْتَعملُ بِسَمَرْقَنْدَ الكَاغد، وَيُحملُ إِلَيْهِ.
قُلْتُ: كَاتبَ ابْنُ حِنْزَابَةَ وَعِدَّةٌ مِنَ الكُبَرَاءِ القَائِدَ جَوْهَراً يطلُبُونَ الأَمَانَ، فَأَمَّنَهُمْ، وَدَخَلَ فِي دست عظيمٌ، فَاسْتَوْزَرَ ابنَ حِنْزَابَةَ مرَّةً.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ المُهَلَّبِيِّ بِمِصْرَ، فَقَالَ: كُنْتُ حَاضراً فِي دَارِ الوَزِيْرِ ابْنِ كلِّسَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو العَبَّاسِ؛ وَلَدُ الوَزِيْرِ أَبِي الفَضْل بنِ حِنْزَابَةَ، وَكَانَ قَدْ زَوَّجَهُ بَابنَتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا سيِّدِي مَا أَنَا بِأَجلَّ مِنْ
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان ": 1 / 347.
(2) تقدم تخريج الحديث في ترجمة السبيعي ص: 298.(16/486)
أَبِيكَ، وَلاَ بأَفضلَ، أَتَدْرِي مَا أَقعدَهُ خَلْفَ النَّاسِ؟ شَيْل أَنْفِهِ (1) بِأَبِيهِ، فَلاَ تَشِلْ - يَا أَبَا العَبَّاسِ - أَنْفَكَ بِأَبِيكَ.
تَدْرِي مَا الإِقبالُ؟ نشَاطٌ وَتواضعٌ، وَالإِدْبارُ كسلٌ وَترفُّعٌ (2) .
قِيْلَ: كَانَ ابْنُ حِنْزَابَةَ مُتَعَبِّداً، ثُمَّ يفطرُ ثُمَّ ينَامُ، ثُمَّ ينهضُ فِي اللَّيْلِ، وَيدخلُ بَيْتَ مُصَلاَّهُ فيصفُّ قَدَمَيْهِ إِلَى الفَجْرِ.
قَالَ المُسَبِّحِيُّ: لمَا غُسّلَ ابْنُ حِنْزَابَةَ جُعلَ فِيْهِ ثَلاَثُ شعرَاتٍ مِنْ شعرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَخَذَهَا بِمَالٍ عظيمٍ (3) .
وَحِنْزَابَةُ (4) :جَارِيَةٌ هِيَ وَالِدَةُ الفَضْلِ الوَزِيْرِ، وَفِي اللُّغَةِ: الحِنْزَابَةُ: هِيَ القَصِيْرَةُ السَّمِيْنَةُ.
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: رَأَيْتُ عِنْدَ الحبَّالِ كَثِيْراً مِنَ الأَجزَاءِ الَّتِي خرِّجَتْ لابنِ حِنْزَابَةَ، وَفِي بَعْضِهَا الجزءُ الموفِي أَلْفاً مِنْ مُسْنَدِ كَذَا، وَالجزءُ الموفِي خَمْسَ مائَةٍ مِنْ مُسْنَدِ كَذَا، وَكَذَا سَائِرُ المسندَاتِ.
وَلَمْ يَزَلْ يُنفقُ فِي البِرِّ وَالمَعْرُوفِ الأَمْوَالَ، وَأَنفقَ كَثِيْراً عَلَى أَهْلِ الحَرَمَيْنِ إِلَى أَن اشْتَرَى دَاراً أَقربَ شَيْءٍ إِلَى الحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَوْصَى أَنْ يُدفنَ فِيْهَا، وَأَرضَى الأَشرَافَ بِالذَّهَبِ.
فَلَمَّا حُمِلَ تَابوتُهُ مِنْ مِصْرَ تلقَّوْهُ وَدُفِنَ فِي تِلْكَ الدَّارِ (5) .
تُوُفِّيَ: فِي ثَالثَ عشرَ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) كناية عن تكبره وتعاظمه.
(2) الخبر بنحوه في " معجم الأدباء ": 7 / 173 - 174.
(3) الخبر في " فوات الوفيات ": 1 / 293.
(4) انظر ضبط هذه اللفظة وأصل التسمية في " وفيات الأعيان ": 1 / 349، و" معجم الأدباء " 7 / 164.
(5) " معجم الأدباء ": 7 / 169 - 170، وانظر حول مكان دفنه ما كتبه ابن خلكان: 1 / 349 - 350.(16/487)
وَلَمْ أَظفرْ بِحَدِيْثٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ حِنْزَابَةَ بَعْدُ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زُرَيْقٍ بِمِصْرَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ وَاضِحٍ الخَشَّابُ بِأَصْبَهَانَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ حَاجبٍ الكُشَانِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَجَّاجِ الشَّاعِرُ، وَأَبُو الحَسَنِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ الخَرزِيُّ شَيْخُ الظَاهِريَّةِ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو القَاسِمِ عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ، وَصَاحِبُ المَوْصِلِ حُسَامُ الدَّوْلَةِ مقلَّدُ بنُ المسيَّبِ العُقَيْلِيُّ، وَالمُؤَمَّلُ بنُ أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيُّ.
358 - النُّعَيْمِيُّ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُعَيْمٍ *
الإِمَامُ، المُسْنِدُ، أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُعَيْمِ بنِ الخَلِيْلِ النُّعَيْمِيُّ السَّرَخْسِيُّ، نزيلُ هَرَاةَ.
رَاوِي (الصَّحِيْحِ) عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرَبْرِيِّ، وَسَمِعَ أَيْضاً: أَبَا العَبَّاسِ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُوْلِيَّ، وَالحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُصْعَبٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ حَمْدُوَيْه السُّلَمِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ بنِ مَزِيْزَ السَّرَخْسِيَّ بِفَتْحِ المِيْمِ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّابُ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ الكَرَابِيْسِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ الملَيْحِيُّ، وَآخرُوْنَ.
مَاتَ بِهَرَاةَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
__________
(*) اللباب: 3 / 318، العبر: 3 / 31 - 32، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 60 / أ، الوافي بالوفيات: 7 / 111، النجوم الزاهرة: 4 / 175، شذرات الذهب: 3 / 119.(16/488)
359 - ابْنُ عَبْدَانَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَانَ بنِ مُحَمَّدٍ الشِّيْرَازِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُعَمَّرُ، الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَانَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ الشِّيْرَازِيُّ، شَيْخُ الأَهْوَازِ، وَمُسْنِدُ الوَقْتِ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَابنِ صَاعِدٍ، وَابنِ أَبِي دَاوُدَ، وَبَكْرِ بنِ أَحْمَدَ الزُّهْرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ السَّكَنِ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الجِيْرُفْتِيُّ (1) ، وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الكِسَائِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ صَخْرٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ الغَنْدَجَانِيُّ، أَخَذَ عَنْهُ (تَارِيْخَ البُخَارِيِّ الكَبِيْرَ) .
وَكَانَ يُلَقَّبُ بِالبَازِ الأَبْيَضَ، سأَلَهُ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ عَنِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ وَالعِلَلِ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَتُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَان وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
سَكَنَ شِيْرَازَ مُدَّةً، ثُمَّ الأَهْوَازَ ثَلاَثِيْنَ عَاماً.
وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالحِفْظِ، ضَيَّعَ نَفْسَهُ بإِقَامَتِهِ فِي جَبَلِ الأَهْوَازِ.
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 990 - 991، العبر: 3 / 38، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 70 / أ، الوافي بالوفيات: 7 / 166، طبقات الحفاظ: 392، شذرات الذهب: 3 / 127، الرسالة المستطرفة: 30.
(1) الجيرفتي: هذه النسبة إلى " جيرفت " وهي إحدى بلاد كرمان، قيدها السمعاني بضم الراء، وقال ياقوت: بفتحها.
انظر " الأنساب ": 3 / 408، و" معجم البلدان ": 2 / 198.(16/489)
360 - حَفِيْدُ ابنُ خُزَيْمَةَ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ السُّلَمِيُّ *
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُحَدِّثُ، أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ المُغِيْرَةِ السُّلَمِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ إِمَامِ الأَئِمَّةِ فَأَكثرَ، وَمِنْ أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجَسِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ مَسْرُوْرٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ المُقْرِئُ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: عَقَدْتُ لَهُ مَجْلِسَ التَّحْدِيْثِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدَخَلْتُ بَيْتَ كُتُبِ جَدِّهِ، وَأَخْرَجْتُ لَهُ مِنْهَا مائَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ جُزْءاً مِنْ سمَاعَاتِهِ الصَّحيحَةِ، وَانْتَقَيْتُ لَهُ عَشْرَةَ أَجْزَاءٍ، وَقُلْتُ لَهُ: دَع الأُصُولَ عِنْدِي صِيَانَةً لَهَا، فَأَبَى وَأَخَذَهَا وَفَرَّقَهَا عَلَى النَّاسِ، وَذهبتُ وَمدَّ يدَهُ إِلَى كُتُبِ غَيْرِهِ فَقَرَأَ مِنْهَا، ثُمَّ إِنَّهُ مَرِضَ وَتَغَيَّرَ بِزوَالِ عقلِهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ، ثُمَّ أَتيتُهُ بَعْدُ للرِّوَايَةِ، فَوَجَدتُهُ لاَ يعقِلْ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفِنَ فِي دَارِ جَدِّهِ.
قُلْتُ: مَا أُرَاهُمْ سَمِعُوا مِنْهُ إِلاَّ فِي حَالِ وَعْيِهِ، فَإِنَّ مَنْ زَالَ عقلُهُ كَيْفَ يمكنُ السَّمَاعُ مِنْهُ؟ بِخلاَفِ مَنْ تغيَّرَ وَنسِيَ وَانْهَرَمَ.
__________
(*) العبر: 3 / 37، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 69 / أ، ميزان الاعتدال: 4 / 9، لسان الميزان: 5 / 341 - 342، شذرات الذهب: 3 / 126.(16/490)
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ بنُ خُزَيْمَةَ، أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا العَلاَءُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الصَّلَواتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الكَبَائِرُ) (1) .
361 - الكُشْمِيْهَنِيُّ أَبُو الهَيْثَمِ مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو الهَيْثَمِ مُحَمَّدُ بنُ مكِّيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مكِّيِّ بنِ زرَّاعِ بنِ هَارُوْنَ المَرْوَزِيُّ الكُشْمِيْهَنِيُّ.
حَدَّثَ بِـ (صَحِيْحِ) البُخَارِيِّ مَرَّاتٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الفِرَبْرِيِّ، وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ (2) مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَزِيْدَ المَرْوَزِيِّ الدَّاعُونِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارِ، وَغَيْرِهِمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَأَبُو الخَيْرِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ الصَّفَّارُ، وَأَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَفْصِيُّ، وَكَرِيْمَةُ المَرْوَزِيَّةُ المُجَاورَةُ، وَآخرُوْنَ.
وَكَانَ صَدُوْقاً.
__________
(1) هو في صحيح ابن خزيمة برقم (314) .
وأخرجه مسلم (233) في الطهارة: باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة.
من طريق يحيى بن أيوب، وقتيبة بن سعيد، وعلي بن حجر، ثلاثتهم عن إسماعيل بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي باب في فضل الصلوات الخمس، من طريق علي بن حجر، عن اسماعيل بهذا الإسناد. وهو في " المسند " 2 / 229، 359، و400، و414.
(*) الأنساب: 10 / 437 - 438، اللباب: 3 / 99 - 100، العبر 3 / 44 - 45، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 77 / أ، شذرات الذهب: 3 / 132.
(2) زيادة من " اللباب ": 1 / 485، و" المشتبه ": ص 330.(16/491)
مَاتَ: فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
362 - المُسْتَمْلِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، الصَّادِقُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ دَاوُدَ البَلْخِيُّ المُسْتَمْلِي، رَاوِي (الصَّحِيْحِ) عَنِ الفِرَبْرِيِّ.
لَمْ تبلُغْنِي أَخبارُهُ مُفصَّلةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو ذَرٍّ عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ الهَمْدَانِيُّ بِالأَنْدَلُسِ، وَالحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ البَلْخِيُّ.
وَكَانَ سمَاعُهُ لِـ (الصَّحِيْحِ) فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: كَانَ مِنَ الثِّقَاتِ المُتْقِنِيْنَ بِبَلْخٍ، طوَّفَ وَسَمِعَ الكثيرِ، وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ (مُعجماً) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
363 - ابْنُ حَمُّوَيْه أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، المُسْنِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمُّوَيْه بنِ يُوْسُفَ بنِ أَعْيَنَ، خَطِيْبُ سَرَخْسَ.
سَمِعَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ: (الصَّحِيْحَ) مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الفِرَبْرِيِّ، وَسَمِعَ: (المُسْنَدَ الكَبِيْرَ) وَ (التَّفْسِيْرَ) لعَبْدِ بنِ حُمَيْدٍ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ خُزَيْمٍ الشَّاشِيِّ، وَسَمِعَ: (مُسْنَدَ الدَّارِمِيِّ) مِنْ عِيْسَى بنِ عُمَرَ السَّمَرْقَنْدِيِّ، عَنْهُ.
__________
(*) العبر: 3 / 1، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 20 / ب، النجوم الزاهرة: 4 / 150، شذرات الذهب: 3 / 86، هدية العارفين: 1 / 6 - 7.
(* *) العبر: 3 / 17، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 42 / ب، مشتبه النسبة: 1 / 250، تبصير المنتبه: 2 / 515، النجوم الزاهرة: 4 / 161، شذرات الذهب: 3 / 100.(16/492)
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَرَّابُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الصَّمدِ التُّرَابِيُّ المَرْوَزِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُوْدٍ، وَأَبُو الحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُودِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ (1) ، وَهُوَ ثِقَةٌ، صَاحِبُ أُصُولٍ حِسَانٍ.
قُلْتُ: لَهُ جُزْءٌ مُفْرَدٌ، عَدَّ فِيْهِ أَبْوَابَ (الصَّحِيْحِ) وَمَا فِي كُلِّ بَابٍ مِنَ الأَحَادِيثِ، فَأَوْرَدَ ذَلِكَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّيْنِ النَّوَاوِيُّ فِي أَوَّلِ شَرْحِهِ لِـ (صَحِيْحِ) البُخَارِيِّ.
وَقَدْ بَقِيَ حَدِيْثُهُ يُرْوَى عَالِياً فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَسَبْعِ مائَةٍ عِنْدَ أَبِي العَبَّاسِ الحجَّارِ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّابُ: تُوُفِّيَ لِلَيلتينِ بَقِيتَا مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
364 - الجَوْزَقِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، البَارِعُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الشَّيْبَانِيُّ الخُرَاسَانِيُّ الجَوْزَقِيُّ المُعَدِّلُ.
مُفِيْدُ الجَمَاعَةِ بِنَيْسَابُوْرَ، وَصَاحِبُ (الصَّحِيْحِ) المخرَّجِ عَلَى كِتَابِ مُسْلِمٍ.
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(*) الأنساب: 3 / 365 - 366، معجم البلدان: 2 / 184، اللباب: 1 / 309، العبر: 3 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 1013 - 1014، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 74 / أ، الوافي بالوفيات: 3 / 316، طبقات السبكي: 3 / 184 - 185، النجوم الزاهرة: 4 / 199، طبقات الحفاظ: 401، شذرات الذهب: 3 / 129 - 130، الرسالة المستطرفة: 27.(16/493)
حَرِصَ عَلَيْهِ خَالُهُ أَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَسَمَّعَهُ مِنْ أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ أَحَادِيثَ، وَمِنْ أَبِي نُعَيْمٍ بنِ عَدِيٍّ، وَأَبِي العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيِّ، وَمكِّيِّ بنِ عَبْدَانَ، وَأَبِي حَامِدٍ بنِ الشَّرْقِيِّ، وَفِي رِحلِتهِ مِنِ ابْنِ الأَعرَابِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ، وَأَبِي حَاتِمٍ الوَسْقَنْدِي (1) ، وَخَلْقٍ.
وبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفِ.
قَالَ الحَاكِمُ: انتقَيْتُ عَلَيْهِ عِشْرِيْنَ جُزْءاً، ثُمَّ ظَهرَ سمَاعُهُ مِنَ السَّرَّاجِ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ البَحِيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الخَشَّابُ، وَسَعِيْدٌ العَيَّارُ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ المَغْرِبِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَجَوْزَقُ: مِنْ قُرَى نَيْسَابُوْرَ.
وَلَهُ كِتَابُ (المتَّفِقِ الكَبِيْرِ) يَكُونُ ثَلاَثَ مائَةِ جُزْءٍ، رَوَاهُ عَنْهُ شَيْخُ الإِسلاَمِ أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُونِيُّ.
وَكَانَ يَقُوْلُ - فِيمَا يُرْوَى عَنْهُ -:أَنفقتُ فِي طَلبِ الحَدِيْثِ مائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، مَا كسبْتُ بِهِ دِرْهَماً.
وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ سَمِعْنَاهَا.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ اثنتَانِ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدَانَ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بُكيرٍ،
__________
(1) الوسقندي: هذه النسبة إلى " وسقند " من قرى الري، وأبو حاتم هذا هو محمد بن عيسى بن محمد بن سعيد الوسقندي الرازي الثقة، توفي سنة 341 هـ، انظر " معجم البلدان ": 5 / 376.(16/494)
وَأَبُو سُلَيْمَانَ الخَطَّابِيُّ، وَشَافعُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَوَانَةَ، وَأَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَامِيُّ، وَعُمَرُ بنُ عِرَاكٍ المُقْرِئُ، وَأَبُو الفَرَجِ الشَّنَبوذِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ المُظَفَّرِ الحَاتمِيُّ اللُّغَوِيُّ الكَاتِبُ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الحَدَّادِيُّ بِمَرْوَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأُدفوِيُّ المفسِّرُ، وَأَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ الدَّخِيْلِ بِمَكَّةَ.
365 - ابْنُ الفُرَاتِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، المُجَوِّدُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفُرَاتِ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مَخْلَدٍ، وَأَبَا جَعْفَرٍ بنَ البَخْتَرِيِّ، وَخلقاً كَثِيْراً، وَجَمَعَ فَأَوْعَى.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ البَادِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الواحدِ بنِ رِزْمَةَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ البَرْمَكِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ جَعْفَرٌ السَّرَّاجُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الخَطِيْبُ يَقُوْلُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ الفُرَاتِ غَايَةٌ فِي ضَبْطِهِ، حجَّةٌ فِي نقلِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ ابْنِ الفُرَاتِ عَنِ الوَاعِظِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ المِصْرِيِّ وَحْدَهُ أَلفَ جُزْءٍ، وَأَنَّهُ كَتَبَ مائَةَ تَفْسِيْرٍ، وَمائَةَ تَاريخٍ.
وَحَدَّثَنِي الأَزْهَرِيُّ أَنَّ ابنَ الفُرَاتِ خلَّفَ ثمَانيَةَ عشرَ صُنْدُوقاً مملوءاً كُتُباً،
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 122 - 123، اللباب: 2 / 414 - 415، تذكرة الحفاظ: 3 / 1015، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 53 / أ، الوافي بالوفيات: 3 / 196، البداية والنهاية: 11 / 314، النجوم الزاهرة: 4 / 168، طبقات الحفاظ: 402، شذرات الذهب: 3 / 110.(16/495)
أَكثرُهَا بخطِّهِ، ثُمَّ قَالَ: وَكِتَابُهُ هُوَ الحجَّةُ فِي صِحَّةِ النَّقْلِ، وَجَوْدَةِ الضَّبْطِ.
وَلَمْ يَزَلْ يَسمعُ إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَقَالَ لِي العَتِيْقِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ مأْمُوْنٌ، مَا رَأَيْتُ أَحسَنَ قِرَاءةً لِلْحَدِيْثِ مِنْهُ (1) .
مَاتَ ابْنُ الفُرَاتِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارَبَ السَّبْعِيْنَ.
- ابْنُ حَمَّادٍ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الكُوْفِيُّ * (مُكَرر 324)
الحَافِظُ، مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادِ بنِ سُفْيَانَ الكُوْفِيُّ.
رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ العَبَّاسِ المَقَانِعِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ دُلَيلٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ، وَعِدَّةٌ، ارْتَحَلُوا إِلَيْهِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ أَيْضاً.
366 - ابْنُ المُزَكِّي أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الرَّبَّانِيُّ، أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ ابْنُ الشَّيْخِ المُزَكِّي أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 122 - 123.
(*) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (324) .
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 20 - 21، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 60 / أ، البداية والنهاية: 11 / 319.(16/496)
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ الحَافِظُ بخطِّ يدِهِ، قَالَهُ الحَاكِمُ، وَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ القَطَّانِ، وَحَجَّ فسَمِعَ مِنِ: ابنِ الأَعرَابِيِّ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ البَخْتَرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ.
ذكرَهُ الخَطِيْبُ، وَقَالَ: سَمِعَ بِالرَّيِّ مِنْ أَبِي حَاتِمٍ الوَسْقَنْدِي.
مَعْرُوفٌ بِالعِبَادَةِ، اسْتملَى عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقُ، وَهُوَ أَكبرُ مِنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ النِّعَالِيُّ وَالأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ (1) .
قُلْتُ: وَجَعْفَرُ الأَبْهَرِيُّ بِهَمَذَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَعْدُوَيْه، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ: وَالدُهُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَحضرَ مجَالسَهُ القُضَاةُ وَالأَشرَافُ.
قَالَ الحَاكِمُ: خرَّجْتُ لَهُ (الفَوائِدَ) وَمَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَصحبتُهُ بِبَغْدَادَ وَطريقِ مَكَّةَ، وَعِنْدِي أَنَّ الملاَئِكَةَ لَمْ تَكتبْ عَلَيْهِ خطيئَةً.
وَكَانَ عَابداً مُجْتَهِداً، صَامَ الدَّهْرَ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
أَخُوْهُ وَهُوَ الأَسنُّ العَابِدُ الصَّادِقُ، أَبُو الحَسَنِ:
367 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي *
سَمِعَ أَبَا حَامِدٍ بنَ الشَّرْقِيِّ، وَأَبَا حَامِدٍ بنَ بِلاَلٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ القَطَّانَ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ بنِ حَفْصٍ، وَالأَصَمَّ.
وَخُرِّجَتْ لَهُ العَوَالِي.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 20 - 21.
(*) تاريخ بغداد: 10 / 302، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 104 / أ، طبقات السبكي: 3 / 323.(16/497)
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ مِنْ عُقَلاَءِ الرِّجَالِ وَالعُبَّادِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، حَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَعُمَرُ بنُ أَحْمَدَ الجُوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ المَغْرِبِيُّ.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ.
وَرَّخَ الحَاكِمُ مَوْتَهُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَيَأْتِي أَخَوَاهُمَا يَحْيَى وَمُحَمَّدٌ.
368 - ابْنُ حَمْشَاذَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الزَّاهِدُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْشَاذَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الشَّافِعِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا حَامِدٍ بنَ بِلاَلٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ بنِ القَطَّانِ، وَارْتَحَلَ فسَمِعَ مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ الرَّزَّازِ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ.
وَتَفَقَّهَ وَبَرَعَ، وَأَتْقَنَ عِلْمَ الجَدَلِ وَالكَلاَمِ وَالنَّظَرِ، وَأَخذَ النَّحْوَ عَنْ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ، وَدَخَلَ إِلَى اليَمَنِ، وَتخرَّجَ بِهِ الأَصحَابُ.
وَكَانَ عَابِداً، مُتَأَلِّهاً، وَاعِظاً، مُجَابَ الدَّعْوَةِ، كَثِيْرَ التَّصَانِيْفِ، مُنْقَبِضاً عَنْ أَبنَاءِ الدُّنْيَا.
بَالَغَ فِي تَقْرِيْظِهِ الحَاكِمُ، وَقَالَ: ظَهَرَ لَهُ مِنْ مُصَنَّفَاتِهِ أَكثرُ مِنْ ثَلاَثِ مائَةِ كِتَابٍ مُصَنَّفٍ، وَظَهَرَ لَنَا فِي غَيْرِ شَيْءٍ، أَنَّهُ مُجَابُ الدَّعْوَةِ.
__________
(*) طبقات العبادي: 77، تبيين كذب المفتري: 199، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 74 / أ، الوافي بالوفيات: 3 / 317، طبقات السبكي: 3 / 179 - 181.(16/498)
تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الوَلِيْدِ النَّيْسَابُوْرِيِّ (1) ، وَبَالعِرَاقِ عَلَى ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَمَاتَ: فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ، فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
369 - الحَاتِمِيُّ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ المُظَفَّرِ *
إِمَامُ اللُّغَةِ وَالأَدبِ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ المُظَفَّرِ البَغْدَادِيُّ الكَاتِبُ.
أَخذَ عَنْ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ، وَجَمَاعَةٍ.
وَلَهُ (الرِّسَالَةُ الحَاتمِيَّةُ (2)) فِيْهَا مَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ المُتَنَبِّي مِنْ إِظهَارِ سَرِقَاتِهِ وَعيوبِ شعرِهِ وَحُمْقِهِ وَتِيْهِهِ، فذكَرَ أَنَّهُ ذهبَ إِلَيْهِ وَتحَامَقَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا خبرُكَ؟
فَقُلْتُ: بِخَيْرٍ لَوْلاَ مَا جَنَيتُهُ عَلَى نَفْسِي مِنْ قَصْدِكَ، وَوَسَمْتَ بِهِ قَدْرِي مِنْ مِيسَمِ الذُّلِّ بِزِيَارَتِكَ، يَا هَذَا أَبِنْ لِي مِمَّ تِيهُكَ وَخَيلاؤُكَ؟ وَمَا أَوجبَ ذَلِكَ؟ أَهَا هُنَا نسبٌ علقْتَ بِأَذيَالِهِ، أَوْ سُلْطَانٌ تسلَّطْتَ بِعِزِّهِ، أَوْ عِلْمٌ يُشَارُ إِليَكَ بِهِ؟ فَلَو قدرتَ نَفْسَكَ بقدْرِهَا لمَا عَدَوْتَ أَنْ تكُونَ شَاعِراً
__________
(1) هذه الزيادة من " طبقات السبكي ".
(*) الامتاع والمؤانسة: 1 / 135، يتيمة الدهر: 3 / 103 - 106، تاريخ بغداد: 2 / 214، الأنساب: 4 / 8 - 9، المنتظم: 7 / 205، معجم الأدباء: 18 / 154 - 179، إنباه الرواة: 3 / 103 - 104، المحمدون: 230، اللباب: 1 / 326، وفيات الأعيان: 4 / 362 - 367، المختصر في أخبار البشر: 2 / 134، العبر: 3 / 40 - 41، تلخيص ابن مكتوم: 201، الوافي بالوفيات: 2 / 343 - 344، بغية الوعاة: 1 / 87 - 89، شذرات الذهب: 3 / 129، روضات الجنات: 616 - 617.
(2) هي الموسومة بالرسالة الموضحة في ذكر سرقات أبي الطيب المنتبي وساقط شعره طبعت في بيروت سنة 1965 بتحقيق الدكتور محمد يوسف نجم.(16/499)
مُكتسِباً، فَامْتَقَعَ لونُهُ، وَلاَنَ فِي الاِعْتِذَارِ، وَكرَّرَ الأَيْمَانَ أَنَّهُ لَمْ يَثبتَنِي، وَلاَ اعْتَمَدَ التَّقْصِيرَ بِي (1) ، وَذكَرَ فَصْلاً طَوِيْلاً فِي المعنَى.
وَنَاظَرَهُ فِي الشِّعرِ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وحَاتِمٌ كَانَ بَعْضَ جُدُودِهِ.
370 - المَلِكُ سُبكتِكينَ *
صَاحِبُ بَلْخٍ وَغَزْنَةَ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
كَانَتْ دَوْلَتُهُ نَحْواً مِنْ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ فِيْهِ عدلٌ وَشجَاعَةٌ وَنُبْلٌ مَعَ عَسفٍ، وَكونُهُ كَرَّامِيّاً (2) ، وَلَمَّا أَخذَ طُوْسَ أَخربَ مَشْهَدَ الرِّضَا، وَقَتَلَ مَنْ يَزورهُ، فَلَمَّا تملَّكَ ابنُهُ مَحْمُوْدٌ، رَأَى فِي النَّوْمِ عَلِيّاً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وَهُوَ يَقُوْلُ: إِلَى كَمْ هَذَا؟ فَبنَى المَشْهَدَ وَرَدَّ أَوقَافَهُ إِلَيْهِ، عَهِدَ بِالمملكَةِ بَعْدَهُ إِلَى ابْنِهِ إِسْمَاعِيْلَ، وَلَمْ يُقدِّمْ مَحْمُوْداً وَهُوَ كَانَ الأَسَنَّ، فَتَحَاربَ الأَخوَانِ، وَانهزمَ إِسْمَاعِيْلُ، فتحصَّنَ بِقَلْعَةِ غَزْنَةَ، ثُمَّ إِنَّهُ نَزَلَ بِالأَمَانِ إِلَى أَخِيْهِ بَعْد أَشْهُرٍ، فَأَمَّنَهُ وَتَمَكَّنَ مَحْمُوْدٌ.
__________
(1) عن الرسالة الموضحة 10، 11 بتصرف.
(*) المنتظم: 7 / 76 - 79، الكامل لابن الأثير: 8 / 479، 487، 509، 511، 629 - 637، وفيات الأعيان: 5 / 175، ضمن ترجمة ولده محمود بن سبكتكبين: المختصر في أخبار البشر: 2 / 113، 117، 133، العبر: 2 / 33، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 64 / ب. دول الإسلام: 1 / 225، عيون التواريخ: 11 الورقة: 235، البداية والنهاية: 11 / 282، النجوم الزاهرة: 4 / 108، شذرات الذهب: 3 / 48.
(2) الكرامية: هم أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام، أصله من سجستان، جاور بمكة خمس سنين ثم ورد نيسابور، أحدث مذهبا تبعه عليه عالم لا يحصون بنيسابور وهراة ونواحيها، ومذهبه هذا مشهور في التشبيه والتجسيم، انظر " الملل والنحل ": 1 / 108، و" الفرق بين الفرق " ص 131.(16/500)
وَمَاتَ فِي العَامِ عِدَّةُ مُلُوْكٍ: مِنْهُم المَلِكُ فَخرُ الدَّوْلَةِ عَلِيُّ (1) ابْنُ الملكِ ركنِ الدَّوْلَةِ بنِ بُوَيْه صَاحِبُ عِرَاقِ العجمِ الَّذِي وَزَرَ لَهُ الصَّاحِبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبَّادٍ، وَملَّكُوا بَعْدَهُ ابنَهُ مجدَ الدَّوْلَةِ أَبَا طَالبٍ رُسْتُمَ، وَلَهُ أَرْبَعُ سِنِيْنَ.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانٍ، قُتلَ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ المَلِكُ ابْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَلَهُ سِتٌّ وثلاَثُونَ سَنَةً، تملَّكَ مُدَّةً ثُمَّ زَالَ ملكُهُ، وَأُخِذَ فَسُمِلَتْ عَيْنَاهُ، وَحُبِسَ ثُمَّ أُخرِجَ بَعْدَ مُدَّةٍ، وَهُوَ أَعْمَى، فملَّكُوهُ بفَارِسَ أَعواماً ثُمَّ قُتلَ.
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ قُتِلَ صَاحِبُ المَوْصِلِ وَأَخُو صَاحِبِهَا المَلِكُ حُسَامُ الدَّوْلَةِ مُقَلَّدُ (2) بنُ المسيَّبِ بنِ رَافِعٍ العُقَيْلِيُّ، وَكَانَتْ دولتُهُ خَمْسَةَ أَعوامٍ، وَتملَّكَ بَعْدَهُ ابنُهُ قِرْوَاشٌ (3) فَتَمَكَّنَ وَحَارَبَ بَنِي بُوَيْه.
371 - المَأْمُوْنِيُّ أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ الحُسَيْنِ *
شَاعِرُ زَمَانِهِ، الأَدِيبُ الأَوحدُ، أَبُو طَالِبٍ (4) عَبْدُ السَّلاَمِ بنُ الحُسَيْنِ المَأْمُوْنِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّةِ المَأْمُوْنِ الخَلِيْفَةِ.
اسْتَوْفَى أَخبارَهُ ابْنُ النَّجَّارِ، فَقَالَ: بَديعُ النَّظْمِ، مَدَحَ المُلُوكَ وَالوزرَاءَ، وَامتدَحَ الصَّاحِبَ ابنَ عَبَّادٍ فَأَكْرَمَهُ، فَحَسَدَهُ نُدمَاءُ الصَّاحِبِ وَشُعرَاؤُهُ، فَرَمَوْهُ بِالبَاطِلِ، وَقَالُوا: إِنَّهُ دَعِيٌّ، وَقَالُوا فِيْهِ: نَاصِبِيٌّ، وَرَمَوْهُ بِأَنَّهُ هَجَا الصَّاحِبَ، فذَلِكَ يَقُوْلُ لِيُسَافِرَ (5) :
__________
(1) انظر " عبر الذهبي " 3 / 35 - 36.
(2) ترجمته في " ابن خلكان ": 5 / 260.
(3) قرواش: كذا قيده ابن خلكان فقال: بكسر القاف وسكون الراء وفتح الواو وبعد الالف شين معجمة. " وفيات الأعيان ": 5 / 267.
(*) يتمة الدهر: 4 / 161 - 191، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 37 / ب، فوات الوفيات: 2 / 320 - 322.
(4) في الأصل " أبو غالب " وما أثبتناه من مصادر ترجمته.
(5) كذا العبارة في الأصل، وفي مصادر الترجمة أنه قال هذه الابيات يطلب بها الاذن =(16/501)
يَا رَبْعُ لَوْ كُنْتُ دَمْعاً فيكَ مُنْسَكِباً ... قَضَيْتُ نَحْبِي وَلَمْ أَقْضِ الَّذِي وَجَبَا
لاَ يُنْكِرَنْ رَبْعُكَ البَالِي بِلَى جَسَدِي ... فَقَدْ شَرِبْتُ بِكَأْسِ الحُبِّ مَا شَرِبَا
عَهْدِي بِرَبْعِكَ للَّذَّاتِ مُرْتَبِعاً ... فَقَدْ غَدَا لِغَوَادِي السُّحْبِ مُنْتَحَبَا
ذُوْ بَارِقٍ كَسُيُوْفِ الصَّاحِبِ انْتُضِيَتْ ... وَوَابِلٍ كَعَطَايَاهُ إِذَا وَهَبَا
وَعُصْبَةٍ بَاتَ فِيْهَا القَيْظُ مُتَّقِداً ... إِذ شِدْتَ لِي فَوْقَ أَعْنَاقِ العِدَا رُتَبَا
إِنِّيْ كيُوْسُفَ وَالأَسْبَاطُ هُمْ وَأَبُو ال* ـ ... أَسْبَاطِ أَنْتَ وَدَعْوَاهُمْ دَماً كَذِبَا
قَدْ يَنْبَحُ الكَلْبُ مَا لَمْ يَلْقَ لَيْثَ شَرَى ... حَتَّى إِذَا مَا رَأَى لَيْثاً مَضَى هَرَبَا
قَالَ الثَّعَالِبِيُّ: فَفَارَقَ الرَّيَّ، وَقَدِمَ نَيْسَابُوْرَ، وَمَدَحَ صَاحِبَ الجَيْشِ، فَوَصَلَهُ، وَقَدِمَ بُخَارَى فَأُكْرِمَ بِهَا، عَاشَرْتُ مِنْهُ فَاضِلاً مِلءَ ثَوْبِهِ، وَكَانَ يَسْمُو بِهِمَّتِهِ إِلَى الخِلاَفَةِ، وَيُمَنِّي نَفْسَهُ فِي قَصْدِ بَغْدَادَ فِي جُيُوْشٍ تُنَظَّمُ إِلَيْهِ مِنْ خُرَاسَانَ، فَاقتطعتْهُ المنيَّةُ، وَمَرِضَ بِالاِسْتِسْقَاءِ، وَمَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
372 - ابْنُ الطَّحَّانِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ القَيْسِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، المُجَوِّدُ، أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القَيْسِيُّ القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ، ابْنُ الطَّحَّانِ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ: قَاسِمَ بنَ أَصْبَغ، وَأَحْمَدَ بنَ عُبَادَةَ الرُّعَيْنِيَّ، وَمُحَمَّدَ ابنَ الحَافِظِ
__________
= للسفر، والابيات في " اليتمة " 4 / 162، و" فوات الوفيات ": 2 / 321، وتاريخ الإسلام: 4 الورقة: 37 / ب.
(1) الخبر بنحوه في " يتيمة الدهر ": 4 / 171 - 172.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 67 - 68، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 51 / أ، الديباج المذهب: 1 / 290 - 291، شجرة النور الزكية: 1 / 93.(16/502)
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الخُشَنِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ دُحَيْمٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُعَاوِيَةَ، وَجَمَاعَةً.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِي: سَمِعْتُ مِنْهُ، وَانْتَفَعَ بِهِ أَهْلُ الكورَةِ، وَكَانَتْ فُتيَاهُ بِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنَ الحَدِيْثِ.
وَلَهُ فِي (المُدَوَّنَةِ) أَخبارٌ معروفَةٌ.
وَغَلَبَ عَلَيْهِ الحَدِيْثُ.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَطَابَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ، وَشَيَّعَهُ الخَلْقُ.
373 - جِبْرِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ سَنْدُوْلَ الخِرَقِيُّ * (1)
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ هَمَذَانَ، أَبُو القَاسِمِ الخِرَقِيُّ، العَدْلُ.
رَوَى عَنْ: عَبْدُوْس بنِ أَحْمَدَ السَّرَّاجِ، وَعَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ سَعْدٍ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدٍ السَّمَرْقَنْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَادٍ الطَّيَالِسِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ المُنْذِرِ الفَقِيْهِ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبْهَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدَانَ الفَقِيْهُ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: يَدُلُّ حَدِيْثُهُ عَلَى الصِّدْقِ.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 51 / أ، الوافي بالوفيات: 11 / 46.
(1) في " الوافي بالوفيات ": ابن سيدك.(16/503)
374 - الدِّمْيَاطِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عَمَّارٍ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عَمَّارٍ الدِّمْيَاطِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ زَبَّانَ، سَمِعَ مِنْهُ كِتَابَ (اللَّيْثِ) ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ المُنْذِرِ كِتَابَ (الإِشرَافِ) ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عُبَيْدٍ بنِ حَرْبُوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّلَمَنْكِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّحَّانِ، وَالمِصْرِيُّوْنَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
375 - العَبْدُويِيُّ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدُوَيْه الهُذَلِيُّ **
الشَّيْخُ، الجَلِيْلُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدُوَيْه بنِ سَدُوْسَ الهُذَلِيُّ العَبْدُويِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ وَالدُ الحَافِظِ أَبِي حَازِمٍ عُمَرَ.
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمَةَ، وَحَاتِمَ بنَ مَحْبُوْبٍ، وَطَائِفَةً.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ، وَالحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
تُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ المُهَنْدِسِ مُحَدِّثُ
__________
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 53 / ب.
(* *) الإكمال لابن ماكولا: 6 / 350، الأنساب: 8 / 354 - 355، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 54 / أ، مشتبه النسبة: 2 / 435، تبصير المنتبه: 3 / 984.(16/504)
مِصْرَ، وَالصَّاحِبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبَّادٍ الوَزِيْرُ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ اِليسعَ الأَنْطَاكِيُّ المُقْرِئُ، وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُنْدَارَ الأَذَنِيُّ، وَالحَافِظُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَالأَدِيبُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ سُكَّرَةَ الهَاشِمِيُّ الشَّاعِرُ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأُوْدَنِيُّ صَاحِبُ وَجهٍ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الطِّرَازِيُّ، وَشَيْخُ الظَّاهِرِيَّةِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ المُثَنَّى البَغْدَادِيُّ - وَقَدْ سَمِعَ البَغَوِيَّ -، وَأَبُو الفَتْحِ القَوَّاسُ الزَّاهِدُ.
376 - ابْنُ سَمْعُوْنَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الوَاعِظُ الكَبِيْرُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَنْبَسٍ البَغْدَادِيُّ، شَيْخُ زَمَانِهِ بِبَغْدَادَ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمْعُوْنَ: هُوَ لقبُ جدِّهِ إِسْمَاعِيْلَ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ وَهُوَ أَعْلَى شَيْخٍ لَهُ، وَمُحَمَّدَ بنَ مَخْلَدٍ العَطَّارَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَمْرِو بنِ البَخْتَرِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ سُلَيْمَانَ بنِ زَبَّانَ الدِّمَشْقِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حُذَيْفَةَ، وَعِدَّةً، أَمْلَى عَنْهُمْ عِشْرِيْنَ مَجْلِساً، سمِعْنَاهَا عَالِيَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَانِ السُّلَمِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ طَلْحَةَ المُقْرِئُ،
__________
(*) تاريخ بغداد: 1 / 274 - 277، الإكمال لابن ماكولا: 4 / 362، طبقات الحنابلة: 2 / 155 - 162، تبيين كذب المفتري: 200 - 206، المنتظم: 7 / 198 - 200، صفة الصفوة: 2 / 266، اللباب: 2 / 140، وفيات الأعيان: 4 / 304 - 305، العبر: 3 / 36 - 37، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 67 / ب، البداية والنهاية: 11 / 323، الوافي بالوفيات: 2 / 51 - 52، النجوم الزاهرة: 4 / 198، شذرات الذهب: 3 / 124 - 126.(16/505)
وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو طَالِبٍ العُشَارِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الأَبَنُوْسِيُّ، وَخَدِيْجَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ الشَّاهجَانيَّةُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمَّدُوْهُ الحَنْبَلِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَجَدُّ أَبِيهِ عَنْبَسُ - بِنُوْنٍ سَاكِنَةٍ - هُوَ عَنْبَسُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القَزَّازُ.
رَوَى عَنْ: شُعَيْبِ بنِ حَرْبٍ، لَحِقَهُ مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: هُوَ مِنْ مَشَايِخِ البَغْدَادِيِّيْنَ، لَهُ لِسَانٌ عَالٍ فِي هَذِهِ العُلُومِ، لاَ يَنْتَمِي إِلَى أُسْتَاذٍ، وَهُوَ لِسَانُ الوَقْتِ، وَالمرجوعُ إِلَيْهِ فِي آدَابِ المُعَامَلاَتِ، يَرجعُ إِلَى فُنُوْنٍ مِنَ العِلْمِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَوْحَدَ دَهْرِهِ، وَفَرْدَ عَصْرِهِ فِي الكَلاَمِ عَلَى عِلْمِ الخَوَاطِرِ.
دَوَّنَ النَّاسُ حِكَمَهُ، وَجمعُوا كلاَمَهُ، وَكَانَ بَعْضُ شيوخِنَا إِذَا حَدَّثَ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الجَلِيْلُ المُنْطَقُ بِالحِكْمَةِ (1) .
أَنْبَأَنَا ابْنُ علاَّنَ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ السُّنِّيُّ صَاحِبُ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ سَمْعُوْنَ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ سَمْعُوْنَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ ينسخُ بِالأُجْرَةِ، وَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ وَأُمِّهِ، فَقَالَ لَهَا يَوْماً: أُحِبُّ أَنْ أَحجَّ، قَالَتْ: وَكَيْفَ يُمْكِنُكَ؟! فَغَلَبَ عَلَيْهَا النَّوْمُ، فَنَامَتْ وَانْتَبَهَتْ بَعْدَ سَاعَةٍ، وَقَالَتْ: يَا وَلَدِي حِجَّ، رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ يَقُوْلُ: دَعِيْهِ يَحجُّ فَإِنَّ الخَيْرَ لَهُ فِي حجِّهِ، فَفَرحَ وَبَاعَ دَفَاتِرَهُ، وَدَفَعَ إِلَيْهَا مِنْ ثَمَنِهَا، وَخَرَجَ مَعَ الوَفْدِ، فَأَخَذَت العَرَبُ الوَفْدَ.
قَالَ: فَبَقَيْتُ عُريَاناً، فجعلتُ إِذَا غلبَ عليَّ الجوعُ وَوجدتُ قَوْماً مِنَ الحجَّاجِ يَأْكلُوْنَ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 274.(16/506)
وَقفتُ، فيدفعُوْنَ إِلَيَّ كسرَةً فَأَقْتَنِعُ بِهَا، وَوجدتُ مَعَ رَجُلٍ عَبَاءةً، فَقُلْتُ: هَبْهَا لِي أَسْتَتِرُ بِهَا، فَأَعْطَانِيْهَا وَأَحرمتُ فِيْهِ، وَرجعتُ.
وَكَانَ الخَلِيْفَةُ قَدْ حرَّمَ جَارِيَةً وَأَرَادَ إِخْرَاجَهَا مِنَ الدَّارِ.
قَالَ السُّنِّيُّ: فَقَالَ الخَلِيْفَةُ: اطلبُوا رَجُلاً مستوراً يصلحُ أَنْ تُزَوَّجَ هَذِهِ الجَارِيَةُ بِهِ، فَقِيْلَ: قَدْ جَاءَ ابْنُ سَمْعُوْنَ، فَاسْتصوبَ الخَلِيْفَةُ ذَلِكَ، وَزَوَّجَهُ بِهَا.
فَكَانَ يَعِظُ وَيَقُوْلُ: خَرَجْتُ حَاجّاً، وَيشرحُ حَالَهُ وَيَقُوْلُ: هَا أَنَا اليَوْمَ عليَّ مِنَ الثِّيَابِ مَا تَرَوْنَ (1) !!
قُلْتُ: كَانَ فَاخِرَ الملبوسِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: قُلْتُ لَهُ يَوْماً: تَدْعُو النَّاسَ إِلَى الزُّهْدِ، وَتلبسُ أَحسنَ الثِّيَابِ، وَتَأْكلُ أَطْيَبَ الطَّعَامِ، كَيْفَ هَذَا؟ فَقَالَ: كُلُّ مَا يُصلحُكَ للهِ فَافْعَلْهُ إِذَا صلحَ حَالُكَ مَعَ اللهِ - تَعَالَى (2) -.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ: قَالَ لِي ابْنُ سَمْعُوْنَ: مَا اسْمُكَ؟ قُلْتُ: حَسَنٌ.
قَالَ: قَدْ أَعطَاكَ اللهُ الاسْمَ، فَسَلْهُ المَعْنَى (3) .
قَالَ أَبُو النَّجِيْبِ الأُرْمَوِيُّ: سَأَلتُ أَبَا ذَرٍّ عَنِ ابْنِ سَمْعُوْنَ هَل اتَّهَمتَهُ؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ رَوَى جُزْءاً عَنِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ، عَلَيْهِ: وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ سَمْعُوْنَ، وَكَانَ رَجُلاً سِوَاهُ، لأَنَّهُ كَانَ صَبِيّاً، مَا كَانُوا يُكنُّونَهُ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ.
وَسمَاعُهُ مِنْ غَيْرِهِ صَحِيْحٌ.
وَكَانَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ يُقَبِّلاَنِ يَدَهُ، وَكَانَ القَاضِي يَقُوْلُ: رُبَّمَا خَفِيَ عليَّ مِنْ كلاَمِهِ بَعْضُ الشَّيْءِ لِدِقَّتِهِ (4) .
السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ ابنَ سَمْعُوْنَ، يَقُوْلُ فِي {وَوَاعَدْنَا مُوْسَى ثَلاَثِيْنَ لَيْلَةً}
__________
(1) الخبر مطولا في " تبيين كذب المفتري ": 202 - 203، وما بين حاصرتين منه.
(2) " تاريخ بغداد ": 1 / 275.
(3) المصدر السابق.
(4) انظر " تبيين كذب المفتري ": ص 201.(16/507)
[الأَعْرَاف:142] :موَاعِيدُ الأَحبَّةِ وَإِن اختلَفَتْ فَإِنَّهَا تُؤْنِسُ.
كُنَّا صبيَاناً نَدُورُ عَلَى الشَّطِّ وَنَقُوْلُ:
مَاطِلِيْنِي وَسَوِّفِي ... وَعِدِيْنِي وَلاَ تَفِي
وَاتْركِيْنِي مُوَلَّهاً ... أَوْ تَجُوْدِي وَتَعْطِفِي
الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الظَّاهِرِيُّ، سَمِعْتُ ابنَ سَمْعُوْنَ يَذْكُرُ أَنَّهُ أَتَى بَيْتَ المَقْدِسِ، وَمَعَهُ تمرٌ، فطَالبَتْهُ نَفْسُهُ بِرُطَبٍ، فَلاَمهَا، فَعَمَدَ إِلَى التَّمْرِ وَقتَ إِفطَارِهِ فَوَجَدَهُ رُطَباً، فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، ثُمَّ ثَانِي لَيْلَةٍ وَجَدَهُ تَمْراً (1) .
الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ عَلِيٍّ البَادِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا الفَتْحِ القَوَّاسَ يَقُوْلُ:
لَحِقَتْنِي إِضَاقَةٌ، فَأَخَذْتُ قوساً وَخفَّيْنِ لأَبِيْعَهُمَا، فَقُلْتُ: أَحضُرُ مَجْلِسَ ابْنِ سَمْعُوْنَ ثُمَّ أَبيعُ، فحضرتُ، فَلَمَّا فَرَغَ نَادَانِي: يَا أَبَا الفَتْحِ لاَ تَبِعِ الخُفَّيْنِ وَالقَوسَ، فَإِنَّ اللهَ سيَأْتِيكَ بِرِزْقٍ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ كَمَا قَالَ (2) .
الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا شرفُ الوزرَاءِ أَبُو القَاسِمِ، حَدَّثَنِي أَبُو طَاهِرٍ بنُ العَلاَّفِ قَالَ:
حضَرتُ ابنَ سَمْعُوْنَ وَهُوَ يَعِظُ وَأَبُو الفَتْحِ القَوَّاسُ إِلَى جَنْبِ الكُرْسِيِّ، فَنَعِسَ فَأَمْسَكَ أَبُو الحُسَيْنِ عَنِ الكَلاَمِ سَاعَةً حَتَّى اسْتيقظَ أَبُو الفَتْحِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الحُسَيْنِ: رَأَيتَ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَوْمِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ: لِذَلِكَ أَمْسَكْتُ خَوْفاً أَنْ تَنْزَعِجَ (3) .
الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا الوَزِيْرُ أَبُو القَاسِمِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ أَبِي مُوْسَى الهَاشِمِيُّ، قَالَ:
حَكَى لِي مَوْلَى الطَّائِعِ أَنَّ الطَّائِعَ أَمرَهُ، فَأَحضرَ ابنَ سَمْعُوْنَ، فرَأَيْتُ الطَّائِعَ غضبَانٌ - وَكَانَ ذَا حِدَّةٍ - فَسَلَّمَ ابْنُ سَمْعُوْنَ بِالخِلاَفَةِ،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 275.
(2) " تاريخ بغداد ": 1 / 275 - 276، وما بين حاصرتين منه.
(3) " تاريخ بغداد ": 1 / 276.(16/508)
ثُمَّ أَخَذَ فِي وَعْظِهِ فَقَالَ: رُوِيَ عَنْ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عليٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كَذَا.
وَوَعَظَ حَتَّى بَكَى الطَّائِعُ وَسُمِعَ شهيقُهُ، وَابتلَّ منديلٌ مِنْ دموعِهِ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ سُئِلَ الطَّائِعُ عَنْ سَبَبِ طَلَبِهِ، فَقَالَ: رُفِعَ إِليَّ أَنَّهُ يَنْتَقِصُ عَلِيّاً، فَأَرَدْتُ أُقَابِلَهُ، فَلَمَّا حَضَرَ افتَتَحَ بِذِكْرِهِ وَالصَّلاَةِ عَلَيْهِ، وَأَعَادَ وَأَبْدَى فِي ذِكْرِهِ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ وُفِّقَ، وَلَعَلَّهُ كُوشِفَ بِذَلِكَ (1) .
قَاضِي المرستَانِ: أَنْبَأَنَا القُضَاعِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الثَّنَاءِ شُكر العَضُدِيُّ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ بَغْدَادَ وَقَدْ هَلَكَ أَهْلُهَا قَتْلاً وَخَوْفاً وَجُوْعاً لِلفِتنِ الَّتِي اتَّصَلَتْ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالشِّيْعَةِ، فَقَالَ: آفَةُ هَؤُلاَءِ القُصَّاصُ، فَمَنَعَهُمْ، وَقَالَ: مَنْ خَالَفَ أَبَاحَ دَمَهُ، فَعَرفَ ابْنُ سَمْعُوْنَ، فَجَلَسَ عَلَى كُرسيِّهِ، فَأَمَرَنِي مَوْلاَيَ، فَأَحضرتُهُ، فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَيْهِ نورٌ، قَالَ شُكر: فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي غَيْرَ مُكترثٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا الملكَ جَبَّارٌ عظيمٌ، مَا أَوْثِرُ لَكَ مُخَالَفَتَهُ، وَإِنِّي موصلُكَ إِلَيْهِ، فَقبِّل الأَرضَ وَتلطَّفْ لَهُ وَاسْتعِنْ بِاللهِ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: الخلقُ وَالأَمرُ لِلَّهِ.
فَمَضَيتُ بِهِ إِلَى حُجْرَةٍ قَدْ جَلَسَ فِيْهَا المَلِكُ وَحدَهُ، فَأَوقفتُهُ ثُمَّ دَخَلتُ أَسْتَأْذِنُ، فَإِذَا هُوَ إِلَى جَانِبِي، وَحوَّلَ وَجهَهُ إِلَى دَارِ عزِّ الدَّوْلَةِ ثُمَّ تَلاَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} [هُوْد:102] ثُمَّ حَوَّلَ وَجهَهُ وَقرأَ: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُوْنَ} [يُوْنُس:14] ثُمَّ أَخَذَ فِي وَعظِهِ، فَأَتَى بِالعجبِ، فدمعتْ عينُ الملكِ، وَمَا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْهُ قَطُّ، وَشركَ كمَّهُ عَلَى وَجهِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو الحُسَيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ - قَالَ المَلِكُ: اذْهَبْ إِلَيْهِ بثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَعَشْرَةِ أَثوَابٍ مِنَ الخِزَانَةِ فَإِن امتنعَ فَقُلْ لَهُ: فَرِّقْهَا فِي أَصْحَابِكَ، وَإِنْ قَبِلَهَا فَجِئْنِي بِرَأْسِهِ، فَفَعَلْتُ، فَقَالَ: إِنَّ ثِيَابِي هَذِهِ فُصِّلَتْ مِنْ نَحْوِ أَرْبَعينَ سَنَةً أَلبَسُهَا يَوْمَ خُرُوْجِي وَأَطْوِيْهَا
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 276 - 277.(16/509)
عِنْدَ رُجُوعِي، وَفِيْهَا متعَةٌ وَبَقِيَّةٌ، وَنَفَقَتِي مِنْ أُجْرَةِ دَارٍ خَلَّفَهَا أَبِي، فَمَا أَصنعُ بِهَذَا؟ قُلْتُ: فَرِّقْهَا عَلَى أَصحَابِكَ، قَالَ: مَا فِي أَصْحَابِي فَقيرٌ.
فَعُدْتُ فَأَخبرتُهُ، فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي سَلَّمَهُ مِنَّا وَسَلَّمَنَا مِنْهُ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ: كَانَ ابْنُ سَمْعُوْنَ يرجعُ إِلَى عِلْمِ القُرَآنِ وَعِلْمِ الظَّاهِرِ، مُتَمَسِّكاً بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَقِيْتُهُ وَحضرتُ مَجْلِسَهُ، سمِعتُهُ يُسْأَلُ عَنْ قَوْلِهِ: أَنَا جَلِيْسُ مَنْ ذَكَرَنِي (1) قَالَ: أَنَا صَائِنُهُ عَنِ المَعْصِيَةِ، أَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي، أَنَا مُعِيْنُهُ.
السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ ابنَ سَمْعُوْنَ، وَسُئِلَ عَنِ التَّصَوُّفِ، فَقَالَ: أَمَّا الاسْمُ، فَتَرْكُ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا، وَأَمَّا حِقِيْقَتُهُ، فَنِسْيَانُ الدُّنْيَا وَنِسْيَانُ أَهْلِهَا.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَحقُّ النَّاسِ بِالخسَارَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ أَهْلُ الدَّعَاوِي وَالإِشَارَةِ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ: تُوُفِّيَ ابْنُ سَمْعُوْنَ وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً فِي نِصْفِ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: وَنُقِلَ ابْنُ سَمْعُوْنَ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ مِنْ دَارِهِ فَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ بَابِ حَرْبٍ، وَلَمْ تَكُنْ أَكفَانُهُ بَلِيَتْ فِيْمَا قِيْلَ (3) .
قُلْتُ: نَعَمْ، الكفنُ قَدْ يقيمُ نَحْواً مِنْ مائَةِ سَنَةٍ، لأَنَّ الهوَاءَ لاَ يصلُ إِلَيْهِ فَيَسْلَمُ.
نَقَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ خرَافَةً لاَ تثبتُ، فَقَالَ: وَقَالَ شَيْخٌ - يُقَالُ لَهُ:
__________
(1) حديث لا يصح، أورده الديلمي بلا سند عن عائشة مرفوعا وانظر " المقاصد الحسنة ": 1 / 95.
(2) " تاريخ بغداد ": 1 / 277.
(3) المصدر السابق.(16/510)
ابْنُ سَمْعُوْنَ - بِبَغْدَادَ: أَنَّ الاسْمَ الأَعْظَمَ لَيْسَ هُوَ فِي الأَسمَاءِ الحُسْنَى المَعْرُوْفَةِ، قَالَ: وَهُوَ سَبْعَةٌ وثلاَثُونَ حَرْفاً مِنْ غَيْرِ حُروفِ المُعْجَمِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المنعمِ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ الكِنْدِيِّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُشَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ سَمْعُوْنَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ الرَّبَالِيُّ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزَاةٍ، فَأَصَابَهُمْ عوَزٌ مِنَ الطَّعَامِ، فَقَالَ: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَعِنْدَكَ شَيْءٌ؟) قُلْتُ: نَعَمْ، شَيْءٌ مِنْ تَمْرٍ فِي مِزْوَدِي، قَالَ: (جِئْ بِهِ) ، وَقَالَ: (هَاتِ نِطعاً) ، فَجِئْتُ بِالنِّطعِ، فَبَسَطَهُ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ وَقَبَضَ مِنَ التَّمْرِ، فَإِذَا هُوَ إِحْدَى عَشْرَةَ تَمْرَةً.
ثُمَّ قَالَ: (بِاسمِ اللهِ) ، فَجَعَلَ يَضَعُ كُلَّ تَمْرَةٍ وَيُسَمِّي، حَتَّى أَتَى عَلَى التَّمْرِ، فَقَالَ بِهِ: (هَكَذَا) فَجَمَعَهُ، فَقَالَ: (ادْعُ فُلاَناً وَأَصْحَابَهُ) ، فَأَكلُوا وَشَبِعُوا وَخَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: (ادْعُ فُلاَناً وَأَصحَابَهُ) ، فَأَكلُوا وَشَبعُوا وَخَرَجُوا.
وَفَضَلَ تمرٌ، فَأَكَلَ وَأَكَلْتُ، وَفَضلَ تمرٌ، فَأَدْخَلَهُ فِي المِزْوَدِ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَجَهَّزتُ مِنْهُ خَمْسِيْنَ وَسْقاً فِي سَبِيْلِ اللهِ، فَوَقَعَ زَمَنَ عُثْمَانَ.
377 - الصَّاحِبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبَّادِ بنِ عَبَّاسٍ الطَّالْقَانِيُّ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، العَلاَّمَةُ، الصَّاحِبُ، أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبَّادِ بنِ
__________
(1) تقدم تخريجه في الجزء الثاني ص 631 من هذا الكتاب.
(*) الامتاع والمؤانسة: 1 / 53، يتيمة الدهر: 3 / 188 - 286، الفهرست: 194، نزهة الالباء: 325 - 327، المنتظم: 7 / 179 - 181، معجم الأدباء: 6 / 168 - 317، إنباه الرواة: 1 / 201 - 203، الكامل لابن الأثير: 8 / 352 و9 / 59، 64، 110، 111، وفيات الأعيان: 1 / 228 - 233، المختصر في أخبار البشر: 2 / 130، العبر: 3 / 28، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 54 / ب، ابن الوردي: 1 / 312، مرآة الجنان: 2 / 421، البداية والنهاية: 11 / 314 - 316، ابن خلدون: 4 / 466، لسان الميزان: 1 / 413 - 416، =(16/511)
عَبَّاسٍ الطَّالقَانِيُّ، الأَدِيبُ، الكَاتِبُ، وَزِيْرُ الملكِ مُؤَيّدِ الدَّوْلَةِ بُوَيْه بنِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ.
صَحِبَ الوَزِيْرَ أَبَا الفَضْلِ بنَ العَمِيْدِ، وَمِنْ ثَمَّ شُهِرَ بِالصَّاحِبِ (1) .
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ فَارس بِأَصْبَهَانَ، وَمِنْ أَحْمَدَ بنِ كَامِلٍ القَاضِي، وَطَائِفَةٍ بِبَغْدَادَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ حسُّولَ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ، وَأَبُو الطَيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ شَيْخُهُ.
وَلَهُ تَصَانِيْفٌ مِنْهَا فِي اللُّغَةِ (المحيطُ) سَبْعَةُ أَسفَارٍ، وَ (الكَافِي) فِي التَّرَسُّلِ، وَكِتَابُ (الإِمَامَةِ) ، وَفِيْهِ منَاقبُ الإِمَامِ عَلِيٍّ، وَيثبتُ فِيْهِ إِمَامَةَ مَنْ تَقَدَّمَهُ.
وَكَانَ شِيْعِيّاً مُعْتَزِلِيّاً مُبْتَدِعاً، تَيَّاهاً صلفاً جبَّاراً، قِيْلَ: إِنَّهُ ذُكرَ لَهُ البُخَارِيُّ، فَقَالَ: وَمَن البُخَارِيُّ؟!! حشوِيٌّ لاَ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
وَقَدْ نُكِبَ وَنُفِيَ، ثُمَّ رُدَّ إِلَى الوَزَارَةِ، وَدَامَ فِيْهَا ثمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَافتَتَحَ خَمْسِيْنَ قلعَةً لمخدومِهِ فَخرِ الدَّوْلَةِ.
وَقَدْ طَوَّلَ ابْنُ النَّجَّارِ تَرْجَمَتَهُ.
وَكَانَ فَصِيْحاً متقعِّراً، يَتَعَانَى وَحْشِيَّ الأَلفَاظِ فِي خِطَابِهِ، وَيمقُتُ التِّيْهَ،
__________
= النجوم الزاهرة: 4 / 169 - 171، بغية الوعاة: 1 / 449 - 451، معاهد التنصيص: 4 / 11، شذرات الذهب: 3 / 113 - 116، روضات الجنات: 104 - 110، طبقات أعلام الشيعة: 62 - 63.
(1) انظر حول تسميته ب " الصاحب " ابن خلكان: 1 / 229.(16/512)
وَيَتِيْهُ وَيغضبُ إِذَا نَاظرَ.
قَالَ مرَّةً لفَقِيْهٍ: أَنْتَ جَاهلٌ بِالعِلْمِ، وَلذَلِكَ سوَّدَ اللهُ وَجهَكَ.
وَلَهُ كِتَابُ (الوزَارءِ) ، وَكِتَابُ (الكشفِ عَنْ مَسَاوِئِ شعرِ المُتَنَبِّي) ، وَكِتَابُ (الأَسمَاءِ الحُسْنَى) .
وَهُوَ القَائِلُ (1) :
رَقَّ الزُّجَاجُ وَرَقَّتِ الخَمْرُ ... وَتَشَابَهَا فَتَشَاكَلَ الأَمْرُ
فَكَأَنَّمَا خَمْرٌ وَلاَ قَدَحٌ ... وَكَأَنَّمَا قَدَحٌ وَلاَ خَمْرُ
قيل: جمعَ الصَّاحِبُ مِنَ الكُتُبِ مَا يحتَاجُ فِي نَقْلِهَا إِلَى أَرْبَعِ مائَةِ جَمَلٍ، وَلَمَّا عَزَمَ عَلَى التَّحْدِيْثِ تَابَ، وَاتَّخَذَ لِنَفْسِهِ بَيْتاً سَمَّاهُ بَيْتَ التَّوبَةِ، وَاعتكَفَّ عَلَى الخَيْرِ أُسبوعاً، وَأَخذَ خُطُوطَ جَمَاعَةٍ بصحَّةِ توبَتِهِ، ثُمَّ جَلَسَ للإِمْلاَءِ، وَحضرَهُ الخَلْقُ، وَكَانَ يتفقَّدُ عُلمَاءَ بَغْدَادَ فِي السَّنَةِ بخمسَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ، وَأُدَبَاءهَا، وَكَانَ يُبْغِضُ مَنْ يَدخلُ فِي الفَلْسَفَةِ.
وَمَرِضَ بِالإِسهَالِ، فَكَانَ إِذَا قَامَ عَنِ الطِّسْتِ تَرَكَ إِلَى جَنْبِهِ عَشْرَةَ دَنَانِيْرَ للغُلاَمِ.
وَلَمَّا عُوفِيَ تَصَدَّقَ بخَمْسِيْنَ أَلفِ دِيْنَارٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ صَاحِبَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ نُوْحَ بنَ مَنْصُوْرٍ كتبَ إِلَيْهِ يَسْتَدعِيهِ لِيُوَلِّيَهُ وَزَارتَهُ، فَاعتلَّ بَأَنَّهُ يحتَاجُ لِنَقْلِ كُتُبِهِ خَاصَّةً أَرْبَعَ مائَةِ جَمَلٍ، فَمَا الظَّنُّ بِمَا يليقُ بِهِ مِنَ التَّجَمُّلِ.
وَكَانَ قَدْ لُقِّبَ كَافِيَ الكُفَاةِ.
مَاتَ بِالرَّيِّ، وَنُقلَ إِلَى أَصْبَهَانَ، وَلَمَّا أُبرزَ تَابوتُهُ ضجَّ الخَلْقُ بِالبُكَاءِ.
__________
(1) البيتان في أكثر مصادر ترجمته، انظر مثلا: " يتيمة الدهر ": 3 / 259، و" وفيات الأعيان ": 1 / 230.(16/513)
يُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ: ثَلاَثَةٌ خَجَّلُونِي: البَنْدَهِيُّ حضَرَ المَجْلِسَ، فَقَدَّمتُ فَوَاكِهَ، مِنْهَا مشمشٌ فَائِقٌ، فَأَكلَ وَأَمعنَ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ مُلطّخُ المعدَةِ، فَقَالَ: لاَ يُعْجِبُنِي الرَّئِيْسُ إِذَا تَطَبَّبَ.
وَالفرنديُّ قَالَ - وَقَدْ جِئْتُ مِنْ دَارِ السَّلْطَنَةِ وَأَنَا ضَجِرٌ -:مِنْ أَينَ أَقبلَ مَوْلاَنَا؟ قُلْتُ: مِنْ لَعْنَةِ اللهِ، قَالَ: رَدَّ اللهُ غُرْبَةَ مَوْلاَنَا.
وَالثَّالِثُ المَافرُّوخيُّ أَيَّامَ حُسنِهِ دَاعبتُهُ، فَقُلْتُ: رأَيتُكَ تَحْتِي، قَالَ: مَعَ ثَلاَثَةٍ مِثْلِي.
وَللبُستِيِّ فِي الصَّاحِبِ:
يَا مَنْ أَعَادَ رَمِيمَ المُلْكِ مَنْشُوْراً ... وَضَمَّ بِالرَّأْيِ أَمْراً كَانَ مَنْشُوْراً
أَنْتَ الوَزِيْرُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتِ مَنْشُوْراً ... وَالمُلْكُ بَعْدَكَ إِنْ لَمْ يُؤْتَمَنْ شُوْرَى
مَاتَ الصَّاحِبُ: فِي صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَوَزَرَ أَبُوْهُ لِرُكْنِ الدَّوْلَةِ.
378 - السَّامَانِيُّ أَبُو القَاسِمِ نُوْحُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ نُوْحٍ *
سُلْطَانُ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ وَابنُ سَلاَطِيْنِهَا، أَبُو القَاسِمِ نُوْحُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ نُوْحِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ نَصْرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَسَدِ بنِ سَامَانَ.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَتْ دولتُهُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
__________
(*) الأنساب: 7 / 14، الكامل لابن الأثير: 8 / 564 و9 / 10 - 12، 98 - 102، وغيرها اللباب: 2 / 94، المختصر في أخبار البشر: 2 / 133، العبر: 3 / 38، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 69 / ب، البداية والنهاية: 11 / 323 - 324، ابن خلدون: 4 / 352، النجوم الزاهرة: 4 / 198، شذرات الذهب: 3 / 126 - 127.(16/514)
وَقَامَ بَعْدَهُ ابنُهُ أَبُو الحَارِثِ مَنْصُوْرٌ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: تَملَّكَ نُوْحٌ خُرَاسَانَ وَغَزْنَةَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَهُ ابنُهُ، فَبَقِيَ سَنَةً وَتسعَةَ أَشهرٍ، ثُمَّ قبضَ عَلَيْهِ الأُمَرَاءُ، وَملَّكُوا أَخَاهُ عَبْدَ المَلِكِ.
فَقَصَدَهُم السُّلْطَانُ مَحْمُوْدُ بنُ سُبكتِكينَ، فَالتَقَاهُمْ، فَهَزمَهُمْ إِلَى بُخَارَى، وَانقرضتْ دَوْلَةُ السَّامَانِيَّةِ.
379 - السَّامَرِّيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حَسْنُوْنَ *
شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حَسنُوْنَ السَّامَرِّيُّ، البَغْدَادِيُّ.
زَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ لحفصٍ عَلَى الأُشْنَانِيِّ، وَقَرَأَ للسُّوسِيِّ عَلَى مُوْسَى بنِ جَرِيْرٍ، وَأَبِي عُثْمَانَ النَّحْوِيِّ، وَقَرَأَ لِقَالُوْنَ عَلَى ابْنِ شَنَبُوْذَ، وَلِلدُّوْرِيِّ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ، فَأَمَّا تِلاَوتُهُ عَلَى هَذَيْنِ فَمعروفَةٌ.
وَزَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي العَلاَءِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الوَكِيْعِيِّ، وَالقُدَمَاءِ، فَافتُضِحَ، وَلَكِنْ كَانَ نَافقَ السُّوقِ بَيْنَ القُرَّاءِ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو الفَضْلِ الخُزَاعِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ فَارِس، وَعَبْدُ السَّاترِ (1) بنُ
__________
(*) تاريخ بغداد: 9 / 442 - 443، الإكمال لابن ماكولا: 2 / 376، العبر: 3 / 32 - 33، طبقات القراء للذهبي: 1 / 264 - 267، ميزان الاعتدال: 2 / 408 - 409 غاية النهاية: 1 / 415 - 417، النشر في القراءت العشر: 1 / 122، لسان الميزان: 3 / 273 - 274، النجوم الزاهرة: 4 / 175، حسن المحاضرة: 1 / 489، شذرات الذهب: 3 / 119 - 120.
(1) في الأصل: عبد السائر.(16/515)
الذَّرِبِ اللاَّذِقِيُّ، وَعَبْدُ الجَبَّارِ الطَّرْسُوْسِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ نَفِيْسٍ، وَآخرُوْنَ.
استوعبتُ تَرْجَمَتَهُ فِي (طبقَاتِ القُرَّاءِ) ، وَودِّي لَوْ أَنَّهُ ثِقَةٌ، فَإِنِّي قَرَأْتُ مِنْ طَرِيْقِهِ عَالِياً.
قَالَ الصُّوْرِيُّ: قَالَ لِي أَبُو القَاسِمِ العُنَّابِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي أَحْمَدَ المُقْرِئِ، فَحَدَّثَنَا عَنِ الوَكِيْعِيِّ، فَاجتمعتُ بِعَبْدِ الغَنِيِّ فَأَخبرتُهُ، فَاسْتعظمَ ذَلِكَ، وَقَالَ: سَلْهُ مَتَى سَمِعَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: بِمَكَّةَ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ، فَأَخبرتُ عَبْدَ الغنِيِّ، فَقَالَ: مَاتَ أَبُو العَلاَءِ عِنْدَنَا فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَلاَثِ مائَةٍ، وَتركَ السَّلاَمَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لاَ أُسلِّمُ عَلَى مَنْ يَكذبُ فِي الحَدِيْثِ.
وَفِي كِتَابِ (العنوَانِ (1)) أَنَّ أَبَا أَحْمَدَ قَرَأَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الكِسَائِيِّ، وَهَذَا وَهُمٌ قَدْ سَقَطَ مِنِ بَيْنِهِمَا ابْنُ شَنَبُوْذَ أَوِ ابْنُ مُجَاهِدٍ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ الطَّحَّانِ: ذَكَرَ أَبُو أَحْمَدَ أَنَّهُ يَرْوِي عَنِ ابْنِ المعتزِّ.
قُلْتُ: بِدُوْنِ هَذَا يُهدرُ الرَّاوِي.
مَاتَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
- ابْنُ مَسْرُوْرٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَلْخِيُّ * (مُكَرر 308)
الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَسْرُوْرٍ البَلْخِيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ زَبَّانَ، وَالحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ
__________
(1) كتاب " العنوان " لأبي طاهر إسماعيل بن خلف المقرئ الأنصاري الأندلسي السرقسطي، المتوفى سنة 455.
قال ابن خلكان عنه: كتاب في القراءات، وهو عمدة الناس في الاشتغال بهذا الفن. " وفيات الأعيان ": 1 / 233، وانظر " كشف الظنون ": 2 / 1176 - 1177.
(*) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (308) .(16/516)
المُطبقِيِّ، وَالحَافِظِ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ يُوْنُسَ، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الغنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ قُدَيْدٍ، وَعُمَرُ بنُ خضرٍ الثَّمَانينِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمن الأَزْدِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحبَّالُ: تُوُفِّيَ أَبُو الفَتْحِ فِي سلخِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ: وَكَانَ حَافِظاً مُكْثِراً.
قُلْتُ: أَظنُّهُ نَيَّفَ عَلَى السَّبْعِيْنَ.
قَرَأْتُ بِخطِّ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الصُّوْرِيِّ: وَأَنْبَأَنِي ابْنُ سَلاَمَةَ، عَنِ ابْنِ بَوْش، عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، عَنْهُ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا الفَتْحُ بنُ مَسْرُوْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ وُهَيْبٍ الغَزِّيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ مَوْهبٍ، حَدَّثَنَا المُفَضَّلُ بنُ فَضَالَةَ، عَنْ عَيَّاشِ بنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عِمْرَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيِّ، عَنْ أَبِي خِرَاشٍ الهُذَلِيِّ: سَمِعَ فَضَالَةَ بنَ عُبَيْدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يَقُوْلُ:
مَنْ رَدَّتْهُ الطِّيَرَةُ فَقَدْ قَارَفَ الشِّرْكَ (1) .
380 - الزَّعْفَرَانِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ (2)
الحَافِظُ الإِمَامُ، أَبُو سَعِيْدٍ، الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيُّ الزَّعْفَرَانِيُّ.
__________
(1) هو في معنى حديث ابن مسعود مرفوعا " الطيرة من الشرك " وما منا إلا ولكن يذهبه الله بالتوكل.
أخرجه أبو داود (3910) والترمذي (1614) وقال: حديث حسن صحيح وصححه الامامان الذهبي والعراقي.
وقوله " وما منا إلا..مدرج من كلام ابن مسعود ومعناه: إلا وقد يعتريه التطير ويسبق إلى قلبه الكراهية فيه.
(2) في الأصل: كلمة (يحول) .
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 283 - 284، تذكرة الحفاظ: 3 / 956 - 957، طبقات: =(16/517)
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ صَاعِدٍ، وَالحُسَيْنَ بنَ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ بُنْدَارَ بَلَدِنَا فِي كَثْرَةِ الأُصُولِ وَالحَدِيْثِ، صَاحِبَ مَعْرِفَةٍ وَإِتقَانٍ، صَنَّفَ المُسْنَدَ وَالتَّفْسِيْرَ وَالشُّيُوْخَ وَأَشيَاءَ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا الدَّشْتِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُودٌ الجمَّالُ، أَخْبَرَنَا الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ حنَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ الرُّهَاوِيُّ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، عَنْ شَدَّادِ بنِ أَوسٍ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيْلُ أَمَانُ كُلِّ خَائِفٍ (1)) .
لَمْ يصحَّ هَذَا.
381 - صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيُّ *
ابْنِ صَالِحِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسِ بنِ هُذَيْلِ بنِ يَزِيْدَ بنِ العَبَّاسِ بنِ الأَحْنَفِ بنِ قَيْسٍ، الإِمَامُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو الفَضْلِ بنُ الكُوْمَلاَذِيِّ (2) التَّمِيْمِيُّ، الأَحنفِيُّ، الهَمَذَانِيُّ، السِّمْسَارُ.
__________
= الحفاظ: 383 - 384، طبقات المفسرين للسيوطي: 12، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 160، شذرات الذهب: 3 / 69.
(1) إسناده ضعيف لتدليس بقية وضعف شيخه أبي فروة الرهاوي واسمه يزيد بن سنان.
وهو في " ذكر أخبار أصبهان " 1 / 283، وذكره السيوطي في الجامع الصغير ونسبه إلى الديلمي في مسند الفردوس.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 331، الأنساب: 1 / 503، معجم البلدان: 4 / 495، اللباب: 3 / 120، تذكرة الحفاظ: 3 / 985 - 986، العبر: 3 / 25، طبقات الحفاظ: 391، شذرات الذهب: 3 / 110، الرسالة المستطرفة: 139.
(2) نسبة إلى " كوملاذ " من قرى همذان، ذكرها ياقوت في معجمه، إلا أنه جعل النسبة إليها الكوملاذي: أما السمعاني فقال: " الكوملاباذي " نسبة إلى " كوملاباذ ". انظر " معجم =(16/518)
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَوسٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ المَرَّارِ بنِ حَمُّوَيْه، وَعَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ سَعْدٍ البَزَّازِ، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ عِزُونَ، وَقَاسِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُبَيْلٍ، وَالقَاسِمِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدِ السَّلاَمِ بنِ عَبْدِيْلَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَهْرَوَيْه القَزْوِيْنِيِّ، وَخَلْقٍ.
وَجَمعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَاهِلَةَ، وَحمْدُ الزَّجَّاجُ، وَأَحْمَدُ بنُ زَنْجَوَيْه العُمَرِيُّ، وَطَاهرُ بنُ أَحْمَدَ الإِمَامُ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ زَنْبِيْلٍ النُّهَاوَنْدِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الحَافِظُ شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيُّ: كَانَ رُكناً مِنْ أَركَانِ الحَدِيْثِ.
ثِقَةً، حَافِظاً، ديِّناً، وَرِعاً، صَدُوْقاً، لاَ يخَافُ فِي اللهِ لَومةَ لاَئِمٍ.
وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ غزيرَةٌ.
مَوْلدُهُ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَمَاتَ لثمَانٍ بَقِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَيُستجَابُ الدُّعَاءُ عِنْدَ قَبْرِهِ!!
صَلَّى عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ بنُ لاَلٍ، فَبَلَغَنَا أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نترُكُ الذُّنُوبَ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَثُلثَيْ ذَلِكَ حيَاءً مِنْ هَذَا الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
- أَبُو الحُسَيْنِ البَزَّازُ *
أَمَّا وَالدُهُ الإِمَامُ القُدْوَةُ المُحَدِّثُ: أَبُو الحُسَيْنِ البَزَّازُ، فَارْتَحَلَ، وَرَوَى عَنْ: حَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبِ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُبَّانَ البَاهِلِيِّ، وَحَامِدِ بنِ شُعَيْبٍ، وَطَبَقَتِهِم.
__________
= البلدان ": 4 / 495، و" الأنساب ": 10 / 502، 503.
(*) هو أبو الحسين، أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح الكوملاذي، ترجمته في: " الأنساب ": 10 / 503، و" معجم البلدان ": 4 / 495.(16/519)
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ، وَطَاهرُ بنُ مَاهِلَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ تُركَانَ، وَعَلِيُّ بنُ جَهْضَمَ.
وَكَانَ ثِقَةً، كَبِيْرَ القَدْرِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ: كُنَّا نشبِّهُ أَبَا الحُسَيْن بِأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ لسُكُونِهِ وَوَقَارِهِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ بِمِصْرَ، وَأَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ جَرْوٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا حمْدُ بنُ نَصْرٍ الحَافِظُ بِهَمَذَانَ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ حُمَيْدٍ الذُّهْلِيَّ، سَمِعْتُ طَاهِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ مَاهِلَةَ الحَافِظَ، سَمِعْتُ حمْدَ بنَ عُمَرَ الزَّجَّاجَ الحَافِظَ يَقُوْلُ:
لَمَّا أَمْلَى صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيُّ الحَافِظُ بِهَمَذَانَ كَانَتْ لَهُ رَحَىً، فَبَاعَهَا بِسَبْعِ مائَةِ دِيْنَارٍ، وَنَثَرَهَا عَلَى مَحَابِرِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ مَعَهُ: أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ آخِرُ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بنِ شَاذِلَ، وَالأَدِيبُ صَاحِبُ (الإِنشَاءِ البَدِيْعِ) أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِلاَلِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَارُوْنَ الصَّابِئُ الحَرَّانِيُّ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو القَاسِمِ جِبْرِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَنْدُولَ الهَمَذَانِيُّ، رَحَلَ وَلَقِيَ البَغَوِيَّ، وَمُسْنِدُ خُرَاسَانَ الفَقِيْهُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ النَّسَائِيُّ العَدْلُ صَاحِبُ الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، وَقِيْلَ: بَلْ تُوُفِّيَ سَنَةَ 382، وَالمُعَمَّرُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ مُحَارِبٍ الأَنْصَارِيُّ الإِصْطَخَرِيُّ، - حَدَّثَ عَنْ: أَبِي خَلِيْفَةَ الجُمَحِيِّ -، وَالفَقِيْهُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الملكِ بنِ دَهْثم الطَّرَسوسيّ نزِيل نَيْسَابُور - وَاهٍ، رَوَى عَنْ: أَبِي خَلِيْفَةَ -، وَشَيْخُ النَّحْوِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الرُّمَّانِيُّ المُعْتَزلِيُّ، وَمُسْنِدُ أَصْبَهَانَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جِشْنِسَ (1) ، وَالحَافِظُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفُرَاتِ البَغْدَادِيُّ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ
__________
(1) في الأصل " جشنش " وهو خطأ، وما أثبتناه هو الذي ضبطه المصنف في " المشتبه ": 265، وتابعه عليه ابن حجر في " التبصير ".(16/520)
بنِ سَهْلٍ المَاسَرْجَسِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو عُبَيْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ المَرْزُبَانِيُّ البَغْدَادِيُّ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
382 - الإِشْتِيْخَنِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ متٍّ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ متٍّ السَّمَرْقَنْدِيُّ الإِشْتِيخَنِيُّ الشَّافِعِيُّ.
وَإِشتيخنُ - بِشينٍ معجَمَةٍ -:قريَةٌ كَبِيْرَةٌ عَلَى سَبْعَةِ فرَاسخَ مِنْ سَمَرْقَنْدَ.
حَدَّثَ بِـ (صحيحِ البُخَارِيِّ) عَنِ الفِرَبْرِيِّ، وَسمَاعُهُ كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ سختَامَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالفَقِيْهُ أَبُو نَصْرٍ الدَّاوُودِيُّ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الفُقَهَاءِ مَعَ الزُّهْدِ وَالعِبَادَةِ.
قَالَ أَبُو كَامِلٍ البَصْرِيُّ: سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا نَصْرٍ الدَّاوُودِيَّ يَقُوْلُ: دَخَلتُ عَلَى ابْنِ متٍّ بإِشتيخنَ، فَقَالَ لِي: أَسمعتَ جَامعَ البُخَارِيِّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: مِمَّنْ؟ قُلْتُ: مِنْ إِسْمَاعِيْلَ الحَاجبِيِّ، فَقَالَ: اسْمعْهُ مِنِّي فَإِنِّي أَثبتُ فِيْهِ، فَإِنِّي كُنْتُ أَدرسُ الفِقْهَ وَكُنْتُ كَبِيْراً حِيْنَ سمِعتُهُ، وَكَانَ إِسْمَاعِيْلُ صغيراً يُحْمَلُ عَلَى العَاتقِ، وَلاَ يقدرُ عَلَى المَشْيِ، أَفسمَاعِي وَسمَاعُهُ يَسْتَويَانِ؟ قَالَ: فسمِعتُهُ مِن ابْنِ متّ.
قَالَ الإِدْرِيسِيُّ فِي (تَاريخِ سَمَرْقَنْدَ) :الإِشْتِيْخَنِيُّ فَقِيْهٌ زَاهِدٌ، مَاتَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَمِنْ مشَايخِهِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ آدمَ الشَّاشِيُّ، وَطَائِفةٌ لاَ أَعرفُهُمْ.
__________
(*) الأنساب: 1 / 268 - 269، معجم البلدان: 1 / 196، اللباب: 1 / 63، العبر: 3 / 40، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 73 / ب، مشتبه النسبة: 1 / 16، طبقات السبكي: 3 / 99، شذرات الذهب: 3 / 129.(16/521)
383 - ابْنُ سُكَّرَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ *
شَاعِرُ وَقتِهِ بِبَغْدَادَ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّةِ المَنْصُوْرِ.
شَاعِرٌ مَديدُ البَاعِ فِي فُنُوْنِ الإِبدَاعِ، صَاحِبُ مجُوْنٍ وَسخفٍ، وَإِنْ زمَاناً جَادَ بِهِ وَبِابْنِ الحجَّاجِ لكَرِيْمٌ.
يشبَّهَانِ بِجَرِيْرٍ وَالفَرَزْدَقِ.
وَلابنِ سُكَّرَةَ ديوَانٌ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ.
وَلَهُ البَيْتَانِ:
جَاءَ الشِّتَاءُ وَعِنْدِي مِنْ حَوَائِجِهِ (1) .
مَاتَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ.
384 - ابْنُ أَبِي غَالِبٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ **
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، أَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفِ بنِ سَهْلِ بنِ أَبِي غَالِبٍ المِصْرِيُّ، البَزَّازُ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ النَّفَّاحِ، وَسَعِيْدَ بنَ هَاشِمٍ الطَّبَرَانِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ علاَّنَ، وَأَبَا عُبَيْدٍ بنَ حَرْبَوَيْه، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَزْوِيْنِيَّ،
__________
(*) يتيمة الدهر: 3 / 3 - 29، تاريخ بغداد: 5 / 465 - 466، المنتظم: 7 / 186، وفيات الأعيان: 4 / 410 - 414، العبر: 3 / 30 - 31، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 58 / ب، الوافي بالوفيات: 3 / 308 - 312، البداية والنهاية: 11 / 318 - 319، النجوم الزاهرة: 4 / 173 - 174، شذرات الذهب: 3 / 117 - 118.
(1) انظر البيتين في " وفيات الأعيان ": 4 / 412 - 413، و" الوافي بالوفيات ": 3 / 310، وهما البيتان اللذان ذكرهما الحريري في المقامة الكرجية ص: 254 - 255.
(* *) العبر: 3 / 35، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 65 / ب، حسن المحاضرة: 1 / 371، شذرات الذهب: 3 / 122.(16/522)
وَأَحْمَدَ بنَ مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيَّ.
وَعَنْهُ: ابْنُ أَبِي الفَتْحِ المِصْرِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الطَّلَمَنْكِيُّ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ مِسْكِيْنَ الزَّجَّاجُ، وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ مِنْ رُؤسَاءِ مِصْرَ.
قَالَ الطَّلَمَنْكِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَقمتُ عَلَى هَذِهِ الدَّارِ أَبنِي فِيْهَا عَشْرَةَ سِنِيْنَ، وَفِيْهَا ثمَانيَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ أَلفَ قطعةٍ مِنَ الرُّخَامِ، وَأَنفقتُ عَلَيْهَا عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ، وَأَخذَ مِنِّي كَافورٌ الإِخشِيْذِيُّ سَبْعَةً وَثَمَانِيْنَ أَلفَ دِيْنَارٍ، وَلَكِنْ رزقتُ مِنَ التِّجَارَةِ، ربحتُ فِي عسلٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَرْبَعَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
385 - الصَّابِئُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِلاَلٍ الحَرَّانِيُّ *
الأَدِيْبُ البَلِيْغُ، صَاحِبُ التَّرَسُّلِ البَدِيْعِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِلاَلٍ الصَّابِئُ الحَرَّانِيُّ المشركُ.
حَرَصُوا عَلَيْهِ أَنْ يُسلمَ فَأَبَى، وَكَانَ يَصُوْمُ رَمَضَانَ، وَيحفظُ القرَآنَ، وَيُحتَاجُ إِلَيْهِ فِي الإِنشَاءِ، كَتبَ لعزِّ الدَّوْلَةِ بَخْتيَارَ.
وَلَهُ نَظْمٌ رَائِقٌ.
__________
(*) يتيمة الدهر: 2 / 241 - 311، الفهرست: 193 - 194، معجم الأدباء: 2 / 20 - 94، وفيات الأعيان: 1 / 52 - 54، المختصر في أخبار البشر: 2 / 129 العبر: 3 / 24 - 25، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 50 / ب، الوافي بالوفيات: 6 / 158 - 163، البداية والنهاية: 11 / 313، النجوم الزاهرة: 4 / 167، شذرات الذهب: 3 / 106 - 109، هدية العارفين: 1 / 7.(16/523)
وَلَمَّا تملَّكَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ هَمَّ بِقَتْلِهِ وَسَجَنَهُ، ثُمَّ أَطلقَهُ فِي سَنَةِ 371، فَأَلَّفَ لَهُ كِتَابَ: (التَّاجِيِّ فِي أَخبارِ بنِي بُوَيْه) .
مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وثمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ إِحْدَى وَسَبْعُوْنَ سَنَةً، وَيُقَالُ: قَتَلَهُ لأَنَّهُ أَمرَهُ بعملِ (التَّارِيْخِ التَّاجِيِّ) ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ، فسَأَلَهُ مَا تُؤَلِّفُ؟
فَقَالَ: أَبَاطِيْل أُلَفِّقُهَا، وَأَكَاذيب أُنَمِّقُهَا، فَتَحَرَّكَ عَلَيْهِ عَضُدُ الدَّوْلَةِ وَطردَهُ، وَمَاتَ فَرَثَاهُ الشَّرِيْفُ الرَّضِيُّ (1) ، فَلِيمَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا رثيتُ فضلَهُ (2) ، وَهَذَا عذرٌ بَارِدٌ.
وَكَانَ مُكثِراً مِنَ الآدَابِ.
وكذَلِكَ مَاتَ عَلَى كفرِهِ ابنُهُ المحسّنُ (3) ، وَكَانَ مُحْتَشِماً، أَدِيباً.
ثُمَّ خَلفَهُ ابنُهُ الصَّدْرُ الأَوْحَدُ هِلاَلُ بنُ المحسّنِ (4) ، الصَّابِئُ، الَّذِي أَسلمَ وَعَاشَ كَثِيْراً، وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ 448.
386 - التَّنُوْخِيُّ أَبُو عَلِيٍّ المُحَسّنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، أَبُو عَلِيٍّ المُحَسّنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَهْمِ
__________
(1) مرثية الشريف الرضي في " ديوانه " 1 / 381 وهي دالية مشهورة مطلعها:
أرأيت من حملوا على الاعواد * أرأيت كيف خبا ضياء النادي؟
(2) في الأصل: فضله، والمثبت من الوفيات، وغيره.
(3) ترجمه ياقوت في " معجم الأدباء " 17 / 81 - 89.
(4) انظر ترجمته في " تاريخ بغداد " 14 / 76، و" معجم الأدباء " 19 / 294، و" وفيات الأعيان " 6 / 101.
(*) يتيمة الدهر: 2 / 345 - 346، تاريخ بغداد: 13 / 155 - 156، المنتظم: 7 / 178، معجم الأدباء: 17 / 92 - 116، وفيات الأعيان: 4 / 159 - 162، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 53 / ب، العبر: 3 / 27، النجوم الزاهرة: 4 / 168، مفتاح السعادة: 1 / 202، الجواهر المضية: الترجمة رقم (469) ، شذرات الذهب: 3 / 112 - 113، =(16/524)
التَّنُوْخِيُّ، البَصْرِيُّ، الأَدِيبُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ بِالبَصْرَةِ - عَلَى مَا قَالَ - فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَأَوَّلُ سمَاعِهِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ.
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ الأَثرمَ، وَأَبَا بَكْرٍ الصُّوْلِيَّ، وَابنَ دَاسَةَ، وَوَاهبَ بنَ مُحَمَّدٍ صَاحِبَ نَصْرٍ الجَهْضَمِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ أَبُو القَاسِمِ عليٌّ.
وَكَانَ إِخباريّاً مُتَفنِّناً، شَاعِراً، نديماً، وَلِيَ قَضَاءَ رَامَهُرْمُزَ، وَعَسْكَرَ مُكرمٍ، وَغَيْرَ ذَلِكَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ سمَاعُهُ صَحِيْحاً، تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بَعْد أَبِيهِ باثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعينَ سَنَةً، وَأَوَّلُ مَن اسْتَعملَهُ عَلَى القَضَاءِ القَاضِي أَبُو السَّائِبِ عُتْبَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، لَهُ اثنتَانِ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً (1) .
وَلَهُ كِتَابُ (الفرجِ بَعْدَ الشِدَّةِ) ، وَكِتَابُ (النّشوَارِ) ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
عَاشَ سَبْعاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهِ لابنِ الحجَّاجِ (2) :
إِذَا ذُكِرَ القُضَاةُ وَهُمْ شُيُوْخٌ ... تَخَيَّرتُ الشَّبَابَ عَلَى الشُّيُوْخِ
__________
= طبقات أعلام الشيعة للطهماني: ص 227. وللتنوخي ترجمة مفصلة في مقدمة كتابي " النشوار "، و" الفرج بعد الشدة ".
(1) انظر " تاريخ بغداد ": 13 / 155 - 156.
(2) هو أبو عبد الله، الحسين بن الحجاج، والبيتان في " يتيمة الدهر ": 2 / 345، و" معجم الأدباء ": 17 / 94، و" وفيات الأعيان ": 4 / 159.(16/525)
وَمَنْ لَمْ يَرْضَ لَمْ أَصْفَعْهُ إِلاَّ ... بِمَجْلِسِ سَيِّدِي القَاضِي التَّنُوْخِيِّ
387 - الطَّبَرْخَزِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ الخُوَارِزْمِيُّ *
شَاعِرُ وَقتِهِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ الخُوَارِزْمِيُّ الأَدِيبُ، كَانَتِ أُمُّهُ مِنْ طَبَرِسْتَانَ، وَأَبُوْهُ خُوَارِزْمِيّاً، فَرُكِّبَ لَهُ مِنَ الاسمَيْنِ نسبَة، قَالَهُ السَّمْعَانِيُّ.
وَهُوَ ابْنُ أُختِ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ.
سكنَ الشَّامَ، وَأَقَامَ بِحَلَبَ، وَكَانَ مشَاراً إِلَيْهِ فِي عَصْرِهِ.
يُقَالُ: إِنَّهُ قصدَ ابنَ عَبَّادٍ، فَقَالَ لِلْحَاجِبِ: إِنْ كَانَ يحْفَظُ عشرينَ أَلف بَيْتٍ فَلْيَدْخُلْ.
فَقَالَ: أَمِنْ شِعْرِ الرِّجَالِ، أَمْ مِنْ شِعْرِ النِّسَاءِ؟
فَأَعلمَهُ بِذَلِكَ الحَاجِبُ، فَقَالَ: هَذَا يَكُونُ أَبُو بَكْرٍ الخُوَارِزْمِيُّ، فَأَكرمَهُ وَبَاسطَهُ.
وَلَهُ ديوَانُ نظمٍ، وَديوَانُ ترسُّلٍ، وَمُلَح وَنوَادر.
مَاتَ بِنَيْسَابُوْرَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَالطَّبَرْخَزِي: بفتحِ الخَاءِ ثُمَّ بزَايٍ.
388 - ابْنُ أَبِي شُرَيْحٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ **
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، المُحَدِّثُ المُتَّبِعُ، مُسْنِدُ هَرَاةَ وَعَالِمُهَا، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى بنِ مَخْلَدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
__________
(*) يتيمة الدهر: 4 / 194 - 241، الأنساب: 8 / 202 - 203، اللباب: 2 / 273، وفيات الأعيان: 4 / 400 - 403، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 49 / ب، الوافي بالوفيات: 3 / 191 - 196، بغية الوعاة: 1 / 125، شذرات الذهب: 3 / 105 - 106.
(* *) العبر: 3 / 53، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 89 / أ، شذرات الذهب: 3 / 140.(16/526)
المُغِيْرَةَ بنِ ثَابِثٍ الأَنْصَارِيُّ الهَرَوِيُّ، ابْنُ أَبِي شُرَيْحٍ.
وُلِدَ بَعْدَ الثَّلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ بِبَغْدَادَ، - وَمِمَّا عِنْدَهُ عَنْهُ كِتَابُ (الجعْدِيَّاتِ) -، وَيَحْيَى بنَ مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَقِيْلٍ البَلْخِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَيْرُوزَ الأَنْمَاطِيَّ، وَإِسْمَاعِيْل بنَ العَبَّاسِ الوَرَّاقَ، وَأَحْمَدَ بنَ سَعِيْدٍ الطَّبَرِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الهِيْتِيَّ، وَأَبَا عُثْمَانَ سَعِيْدَ بنَ مُحَمَّدٍ أَخِي زُبَيرٍ الحَافِظِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ خُشَيْشٍ، وَجَعْفَرَ بنَ عِيْسَى الحُلْوَانِيَّ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ مَحْمُوْدٍ البَلْخِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الحَسَنِ الأَسَدِيَّ الهَمَذَانِيَّ، وَعَبْدَ الوَاحِدِ بنَ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَخلقاً سوَاهُم.
ارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً، صَحِيْحَ السَّمَاعِ، صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَعلمٍ وَجلاَلَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الفَقِيْهُ نَاصِرٌ العُمَرِيُّ، وَسُفْيَانُ بنُ مُحَمَّدٍ الشُّرَيْحِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ المَلِيْحِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الغُمَيْرِيُّ، وَأَبُو صَاعِدٍ يَعْلَى بنُ هِبَةِ اللهِ الفُضَيْلِيُّ، وَأَبُو عَاصِمٍ الفُضَيْلُ بنُ يَحْيَى الفُضَيْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَسْعُوْدٍ عَبْدِ العَزِيْزِ الفَارِسِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ كَلاَرِي، وَبِيْبَى بِنْتُ عَبْدِ الصَّمَدِ الهرثمِيَّةُ، وَآخرُوْنَ.
أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ البَلْخِيَّ المُؤَذِّنَ يَقُوْلُ: كُنْتُ مَعَ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي شُرَيْحٍ فِي طَرِيْقِ غُورٍ، فَأَتَاهُ إِنسَانٌ فِي بَعْضِ تِلْكَ الجِبَالِ، فَقَالَ: إِنَّ امَرَأَتِي وَلَدَتْ لِستَّةِ أَشهرٍ.(16/527)
فَقَالَ: هُوَ وَلدُكَ، قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ (1)) فَعَاوَدَهُ، فَردَّ عَلَيْهِ كذَلِكَ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا لاَ أَقولُ بِهَذَا، فَقَالَ: هَذَا الغَزْوُ، وَسَلَّ عَلَيْهِ السَّيْفَ، فَأَكببنَا عَلَيْهِ وَقُلْنَا: جَاهلٌ لاَ يَدْرِي مَا يَقُوْلُ.
قُلْتُ: كَانَ سَبِيلهُ أَنْ يوضِّحَ لَهُ وَيَقُوْلَ: لَكَ أَنْ تَنْتَفيَ مِنْهُ بِاللِّعَانِ، وَلَكِنَّهُ احتمَى للسُّنَّةِ وَغَضِبَ لَهَا.
تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَقعَ لَنَا مِنْ طريقِهِ أَجْزَاء عَالِيَةٌ كَالمائَةِ، وَجُزْءُ أَبِي الجَهْمِ، وَجُزْءُ بِيْبَى، وَحكَايَاتُ شُعْبَةَ.
وآخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِ أَصحَابِهِ عَبْدُ الجَلِيْلِ بنُ أَبِي سَعْدٍ الهَرَوِيُّ، بَقِيَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَرَحَلَ إِلَيْهِ الحَافِظُ عَبْدُ القَادِرِ الرُّهَاوِيُّ، فَهُوَ أَعْلَى شَيْخٍ لَهُ.
مَاتَ مَعَهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ حَاجبٍ الكُشانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الضَّرَّابُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَصِيْلِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ عُثْمَانُ بنُ جنِّي النَّحْوِيُّ، وَقَاضِي القُضَاةِ بِالرَّيِّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجُرْجَانِيُّ الأَدِيبُ، وَالحَافِظُ الوَلِيْدُ بنُ بَكْرٍ الأَنْدَلُسِيُّ.
__________
(1) أخرجه من حديث عائشة مالك 2 / 739، والبخاري 5 / 54 في الخصومات: باب دعوى الوصي للميت و12 / 26، 27 في الفرائض: باب الولد للفراش، و13 / 152 في الاحكام: باب من قضي له بحق أخيه فلا يأخذه، ومسلم (1457) في الرضاع: باب الولد للفراش، وأبو داوود (2273) والنسائي 6 / 180، وأخرجه من حديث أبي هريرة البخاري (6750) و (6818) ومسلم (1458) والترمذي (1157) والنسائي 6 / 180، وأحمد 1 / 239، وابن ماجة (2006) وأخرجه أبو داود (2275) من حديث عثمان، وأخرجه النسائي 6 / 180، 181 من حديث ابن مسعود وابن الزبير، وأخرجه ابن ماجة (2005) و (2007) من حديث عمر، وأبي إمامة.(16/528)
389 - ابْنُ بَطَّةَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ العُكْبَرِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ العِرَاقِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ العُكْبَرِيُّ الحَنْبَلِيُّ، ابْنُ بَطَّةَ، مُصَنِّفُ كِتَابِ (الإِبَانةِ الكُبْرَى) فِي ثَلاَثِ مُجَلَّدَاتٍ.
رَوَى عَنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَابنِ صَاعِدٍ، وَأَبِي ذَرٍّ بنِ البَاغَنْدِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقِ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ، وَأَبِي طَالِبٍ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الحَافِظِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ ثَابِتٍ العُكْبَرِيِّ، وَرَحَلَ فِي الكُهُوْلَةِ فسَمِعَ مِنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي العَقَبِ بِدِمَشْقَ، وَمِنْ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدٍ الصَّفَّارِ بحِمْصَ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى السَّعْدِيُّ، وَآخرُوْنَ، وَآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيِّ.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ العُكْبَرِيُّ: لَمْ أَرَ فِي شُيُوْخِ الحَدِيْثِ وَلاَ فِي غَيْرِهِمْ أَحسنَ هيئَةً مِنِ ابْنِ بَطَّةَ - رَحِمَهُ اللهُ - (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنِي أَبُو حَامِدٍ الدَّلوِيُّ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ ابْنُ بَطَّةَ مِن
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 371 - 375، طبقات الشيرازي: 173، طبقات الحنابلة: 2 / 114 - 153، العبر: 3 / 35، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 65 / ب، ميزان الاعتدال: 3 / 15، البداية والنهاية: 11 / 321 - 322، لسان الميزان: 4 / 112 - 115، شذرات الذهب: 3 / 122 - 124، إيضاح المكنون: 1 / 8، أعيان الشيعة: 6 / 56.
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 372، وفيه عبد الحميد بن علي العكبري بدل عبد الواحد..(16/529)
الرِّحْلَةِ لاَزمَ بيتَهُ أَرْبَعينَ سَنَةً، لَمْ يُرَ فِي سُوقٍ وَلاَ رُؤِيَ مُفْطِراً إِلاَّ فِي عِيدٍ، وَكَانَ أَمَّاراً بِالمَعْرُوفِ، لَمْ يبلغْهُ خبرٌ منكرٌ إِلاَّ غَيَّرَهُ (1) .
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ أَخِي الحُسَيْنَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ قَدِ اختلفتْ عليَّ المذَاهبُ.
فَقَالَ: عَلَيْكَ بِابْنِ بَطَّةَ، فَأَصبحتُ وَلبستُ ثِيَابِي، ثُمَّ أَصعدتُ إِلَى عُكْبَرَا، فَدَخَلتُ وَابنُ بَطَّةَ فِي المَسْجَدِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ لِي: صدقَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، صدقَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ العَتِيْقِيُّ: تُوُفِّيَ ابْنُ بَطَّةَ - وَكَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ - فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وثمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ بَطَّةَ: وُلِدْتُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ لأَبِي بِبَغْدَادَ شُركَاء، فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ: ابعَثْ بَابنِكَ إِلَى بَغْدَادَ ليسمعَ الحَدِيْثَ، قَالَ: هُوَ صغيرٌ، قَالَ: أَنَا أَحملُهُ مَعِي، فَحَمَلَنِي مَعَهُ، فجئتُ فَإِذَا ابْنُ مَنِيْعٍ يُقْرَأُ عَلَيْهِ الحَدِيْثُ.
فَقَالَ لِي بعضُهُمْ: سلِ الشَّيْخَ أَنْ يُخرِجَ إِليَكَ (مُعجَمَهُ) ، فسأَلتُ ابنَهُ، فَقَالَ: نُريدُ درَاهِمَ كَثِيْرَةً، فَقُلْتُ: لأُمِّي طَاقٌ ملحمٌ آخُذُهُ مِنْهَا وَأَبيعُهُ، قَالَ: ثُمَّ قَرَأْنَا عَلَيْهِ (المعجَمَ) فِي نفرٍ خَاصٍّ فِي نَحْوِ عَشْرَةِ أَيَّامٍ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَوَّلِ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ، فَأَذكرُهُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الطَّالقَانِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَقَالَ المُسْتَمْلِي: خُذُوا هَذَا قَبْلَ أَنْ يُولدَ كُلُّ مُحَدِّثٍ عَلَى وَجهِ الأَرضِ اليَوْمَ، وَسَمِعْتُ المُسْتَمْلِي - وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مهرَانَ -، يَقُوْلُ لَهُ: مَنْ ذَكَرْتَ يَا ثَبْتَ الإِسلاَمِ.
قُلْتُ: لابنِ بَطَّةَ مَعَ فضلِهِ أَوهَامٌ وَغلطٌ.
__________
(1) المصدر السابق.(16/530)
أَنْبَأَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ الأَسَدِيُّ، قَالَ لِي أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ: رَوَى ابْنُ بَطَّةَ، عَنِ البَغَوِيِّ، عَنْ مُصعبِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ أَنَسٍ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (طَلَبُ العِلْمِ فَرِيْضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ (1)) .
قَالَ الخَطِيْبُ: هَذَا بَاطِلٌ، وَالحمْلُ فِيْهِ عَلَى ابْنِ بَطَّةَ.
قُلْتُ: أَفحشَ العبارَةَ، وَحَاشَى الرَّجُلُ مِنَ التَّعَمُّدِ، لكنَّهُ غلطَ وَدَخَلَ عَلَيْهِ إِسْنَادٌ فِي إِسْنَادٍ.
وَبِهِ قَالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا العَتِيْقِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ بَطَّةَ، حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ بِحَدِيْثِ: (إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً) قَالَ الخَطِيْبُ: وَهُوَ بَاطِلٌ بِهَذَا الإِسنَادِ (2) .
قَالَ الخَطِيْبُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ، قَالَ لِي الحَسَنُ بنُ
__________
(1) قلت لكن متن الحديث له طرق وشواهد كثيرة تدل على أن له اصلا فهو حديث حسن. انظر " فيض القدير ": 4 / 267.
(2) وهو صحيح من طريق آخر، فقد أخرجه البخاري 1 / 174، 175 في العلم: باب كيف يقبض العلم، وفي الاعتصام: باب ما يذكر من ذم الرأي، ومسلم (2673) في العلم: باب رفع العلم وقبضه من طريقين عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " وكان تحديث النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في حجة الوداع كما رواه أحمد 5 / 266 والطبراني من حديث أبي امامة قال: لما كان في حجة الوداع، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ مردف الفضل بن عباس على جمل آدم، فقال: " أيها الناس خذوا من العلم قبل ان يقبض العلم وقبل أن يرفع العلم " فقال أعرابي: كيف يرفع؟ فقال: " ألا إن ذهاب العلم ذهاب حملته " ثلاث مرات.(16/531)
شِهَابٍ: سَأَلْتُ ابنَ بَطَّةَ: أَسمعتَ مِنَ البَغَوِيِّ حَدِيْثَ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ: وَكُنْتُ (1) قَدْ رَأَيْتُ فِي كُتُبِ ابْنِ بَطَّةَ نُسْخَةً بِحَدِيْثِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ قَدْ حَكَّهَا، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ سمَاعَهُ فِيْهَا، فذكرتُ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ بنِ شِهَابٍ، فَعجبَ مِنْهُ.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ: وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ، عَنِ النَّجَّادِ، عَنِ العُطَارِدِيِّ، فَأَنكرَ عَلِيُّ بنُ يَنَالَ عَلَيْهِ، وَأَسَاءَ القَوْلَ فِيْهِ، حَتَّى هَمَّتِ العَامَّةُ بِابْنِ ينَالَ، فَاخْتَفَى، ثُمَّ تَتَبَّعَ ابْنُ بَطَّةَ مَا خَرَّجَهُ كذَلِكَ، وَضَرَبَ عَلَيْهِ (2) .
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ: ابْنُ بَطَّةَ ضَعِيْفٌ، وَعِنْدِي عَنْهُ (مُعْجَمُ البَغَوِيِّ) ، وَلاَ أُخرِّجُ عَنْهُ فِي (الصَّحِيْحِ) شَيْئاً.
وَقَالَ حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِرٍ الدَّقَّاقُ: لَمْ يَسْمَع ابْنُ بَطَّةَ الغريبَ مِنِ ابْنِ عزيزٍ، وَقَالَ: ادَّعَى سمَاعَهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ كتبَ ابْنِ قُتَيْبَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ الدِّيْنِوَرِيِّ عَنْهُ، وَلاَ يعرفُ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ.
وَرَوَى ابْنُ بَطَّةَ فِي (الإِبَانَةِ) :حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ خَلِيْفَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ حَدِيْثَ: كَلَّمَ اللهُ مُوْسَى وَعَلَيْهِ جُبَّةُ صُوْفٍ وَنَعْلاَنِ مِنْ جِلْدٍ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ، فَقَالَ: مَنْ ذَا العِبْرَانِيُّ الَّذِي يُكَلِّمُنِي مِنَ الشَّجَرَةِ؟ قَالَ: أَنَا
__________
(1) من هنا إلى قوله: ابن الرسان في ترجمة ابن ماهان الآتية ص 536 سقط من الأصل، واستدرك من نسخة أحمد الثالث الثانية.
(2) في " تاريخ الإسلام ": وكان ابن بطة قد خرج تلك الأحاديث في تصانيفه، فتتبعها وضرب على أكثرها.(16/532)
اللهُ. فتَفَرَّدَ ابْنُ بَطَّةَ بِرَفْعِهِ، وَبِمَا بَعْدَ (غَيْر ذكيٍّ (1)) .
وَكَذَا غلطَ ابْنُ بَطَّةَ فِي روَايَاتٍ عَنْ حَفْصِ بنِ عُمَرَ الأَرْدَبِيْلِيُّ، أَنْبَأَنَا رَجَاءُ بنُ مُرَجَّى، فَأَنكرَ الدَّارَقُطْنِيُّ هَذَا، وَقَالَ: حَفْصٌ يصغُرُ عَنْ هَذَا، فَكَتَبُوا إِلَى أَرْدَيِبْلَ يسَألوْنَ ابناً لحَفْصٍ، فَعَادَ جَوَابُهُمْ بَأَنَّ أَبَاهُ لَمْ يَرَ رَجَاء قَطُّ (2) ، فتتبَّعَ ابْنُ بَطَّةَ النُّسَخَ، وَجَعَلَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الرَّاجيَانِ، عَنِ الفَتْحِ بنِ شخرفَ، عَنْ رَجَاء.
قُلْتُ: فَبدُوْنِ هَذَا يضعُفُ الشَّيْخُ.
وَمَرَّ مَوْتُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: القدوَةُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ القُومَسَانِيُّ النُّهَاوَنْدِيُّ - صَحِبَ الشِّبلِيَّ -، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ الثَّلاَّجِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي غَالِبٍ المِصْرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مردكَ، وَصَاحِبُ الرَّيِّ فَخرُ الدَّوْلَةِ عَلِيُّ بنُ رُكْنِ الدَّوْلَةِ بنِ بُوَيْه، وَشَيْخُ الحنَابلَةِ أَبُو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو ذَرٍّ عَمَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ، بِبُخَارَى، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ سَمْعُوْنَ، وَحفيدُ أَبِي بَكْرٍ بنِ خُزَيْمَةَ، وَآخرُوْنَ.
390 - الرُّمَّانِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى النَّحْوِيُّ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الرُّمَّانِيُّ النَّحْوِيُّ المُعْتَزلِيُّ.
__________
(1) وتمام كلام المؤلف في " تاريخ الإسلام ": وهو في جزء ابن عرفة بدونهما.
(2) وتمامه في " تاريخ الإسلام ": وأن مولده بعد موت رجاء بسنين.
(*) طبقات النحويين واللغويين ": 86، الامتاع والمؤانسة: 1 / 133، الفهرست: 63 - 64، تاريخ بغداد: 12 / 16 - 17، الأنساب: 6 / 160، نزهة الالباء: 318 - 319، المنتظم: 7 / 176، معجم الأدباء: 14 / 73 - 78، إنباه الرواة: 2 / 294 - 296، اللباب: =(16/533)
أَخذَ عَنِ: الزَّجَّاجِ، وَابنِ دُرَيْدٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَالجَوْهَرِيُّ، وَهلاَلُ بنُ المحسّنِ.
وَصَنَّفَ فِي التَّفْسِيْرِ، وَاللُّغَةِ، وَالنَّحْوِ، وَالكَلاَمِ، وَشَرَحَ (سِيْبَوَيْه) ، وَكِتَابَ (الجملِ) ، وَلَهُ فِي الاشتقَاقِ، وَفِي التَّصْرِيْفِ، وَأَشيَاء، وَأَلَّفَ فِي الاعتزَالِ (صنعَةَ الاسْتدلاَلِ) سبعَ مُجَلَّدَاتٍ، وَكِتَابَ (الأَسمَاءِ وَالصِّفَاتِ) ، وَكِتَابَ (الأَكوَانِ) ، وَكِتَابَ (المَعْلُوْمِ وَالمجهولِ) ، لَهُ نَحْو مِن مائَةِ مُصَنَّفٍ.
وَكَانَ يتشيَّعُ وَيَقُوْلُ: عليٌّ أَفضلُ (1) الصَّحَابَةِ.
وَكَانَ أَبُو حَيَّانَ التَّوْحِيْدِيُّ يبالغُ فِي تعظيمِ الرُّمَّانِيِّ إِلَى الغَايَةِ، وَيصفُهُ بِالتَّأَلُّهِ، وَالتّنَزُّهِ، وَالفصَاحَةِ، وَالتَّقْوَى.
مَاتَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَصلُهُ مِنْ سُرَّ مَنْ رَأَى، وَمَاتَ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ مِنْ أَوْعِيةِ العِلْمِ عَلَى بِدْعَتِهِ.
__________
= 2 / 37، وفيات الأعيان: 3 / 299، العبر: 3 / 25، ميزان الاعتدال: 3 / 149، عيون التواريخ: سنة 384، البداية والنهاية: 11 / 314، وفيات ابن قنفذ: 219، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 159 - 160، لسان الميزان: 4 / 248، النجوم الزاهرة: 4 / 168، بغية الوعاة: 2 / 180 - 181، طبقات المفسرين للسيوطي: 24، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 419 - 421، شذرات الذهب: 3 / 109، روضات الجنات: 480، طبقات أعلام الشيعة للطهماني: 193.
(1) في الأصل " أصحاب " وهو خطأ، ونصه في " تاريخ الإسلام " قال التنوخي: وممن ذهب في زماننا إلى أن عليا رضي الله عنه أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المعتزلة أبو الحسن الرماني.(16/534)
391 - ابْنُ جَمِيْلٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَعْقُوْبَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَعْقُوْبَ، ابْنُ المُحَدِّثِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جمِيلٍ الأَصْبَهَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ (مُسْنَدَ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ) ، وَتَفَرَّدَ بروَايتِهِ، وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ مَحمُوَيْه، وَالحَسَنِ بنِ عُثْمَانَ الفَسَوِيِّ.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ الذَّكوَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ بنِ سِيْبَوَيْه، وَأَبُو نَصْرٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِسَائِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الخَلاَّلُ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ المُعَلِّمُ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه: مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو حَامِدٍ بنُ المُزَكِّي، وَأَبُو حَامِدٍ النُّعَيْمِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زُوْلاَقَ، وَالحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ أَبِي اللَّيْثِ، وَأَبُو أَحْمَدَ السَّامَرِّيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي زَيْدٍ، وَأَبُو الحَسَنِ الحَرَّانِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الخَتَنُ، وَأَبُو طَالِبٍ المكِّيُّ، وَالعَزِيْزُ بِاللهِ صَاحِبُ مِصْرَ.
392 - ابْنُ مَاهَانَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عِيْسَى الفَارِسِيُّ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو العَلاَءِ، عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عِيْسَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاهَانَ الفَارِسِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارَ، وَأَبَا بَكْرٍ العبَّادَانِيَّ، وَعُثْمَانَ بنَ السَّمَّاكِ،
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 106، العبر: 3 / 33، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 61 / ب، النجوم الزاهرة: 4 / 175، شذرات الذهب: 3 / 120.
(* *) العبر: 3 / 39 - 40، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 69 - ب، حسن المحاضرة: 1 / 371، شذرات الذهب: 3 / 128 - 129.(16/535)
وَأَبَا الفَوَارِسِ بنَ السِّنْدِيِّ، وَأَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَأَبَا أَحْمَدَ الجُلُودِيَّ، وَعِدَّةً، وَأَكثرَ الأَسفَارَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ بُشْرَى اللَّيْثِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ الخَيَّاطُ، وَالمطهّرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ الحَذَّاءِ، وَأَحْمَدُ بنُ فَتْحِ بنِ الرَّسَّانِ، وَآخرُوْنَ.
وَحَدَّثَ بِمِصْرَ بِـ (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الأَشقرِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ القَلاَنِسِيِّ، عَنْ مُسْلِمٍ سِوَى ثَلاَثَةِ أَجْزَاء مِنْ آخِرِهِ، فرَوَاهَا عَنِ الجُلُودِيُّ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ الحبَّالُ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
393 - صَاحِبُ القُوْتِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَطِيَّةَ الحَارِثِيُّ *
الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، العَارِفُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عطيَّةَ، الحَارِثِيُّ، المكِّيُّ المنشَأِ، العجمِيُّ الأَصلِ.
رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ الآجُرِّيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ خَلاَّدٍ النَّصِيْبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الصَّنْعَانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ ضَحَّاكٍ الزَّاهِدِ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ المَصِّيْصِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المُفِيْدِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 89، المنتظم: 7 / 189 - 190، وفيات الأعيان: 4 / 303 - 304، المختصر في أخبار البشر: 2 / 131، العبر: 3 / 33 - 34، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 62 / ب، ميزان الاعتدال: 3 / 655، الوافي بالوفيات: 4 / 116، مرآة الجنان: 2 / 430، البداية والنهاية: 11 / 319 - 320، وفيات ابن قنفذ: 222، العقد الثمين: 2 / 158 - 159، لسان الميزان: 5 / 300، النجوم الزاهرة: 4 / 175، شذرات الذهب: 3 / 120 - 121.(16/536)
وَعَنْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ، وَغَيْرُ وَاحدٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنِي العَتِيْقِيُّ وَالأَزْهَرِيُّ أَنَّهُ كَانَ مُجْتَهِداً فِي العِبَادَةِ، وَقَالَ لِي أَبُو طَاهِرٍ العَلاَّفُ: وَعَظَ أَبُو طَالِبٍ بِبَغْدَادَ، وَخلَّطَ فِي كلاَمِهِ، وَحُفظَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ عَلَى المَخْلُوْقينَ أَضرُّ مِنَ الخَالقِ، فَبدَّعُوهُ، وَهَجَرُوهُ (1) .
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ يجوعُ كَثِيْراً، وَلقيَ سَادَةً، وَدَخَلَ البَصْرَةَ بَعْدَ موتِ أَبِي الحَسَنِ بنِ سَالِمٍ، فَانْتَهَى إِلَى مقَالتِهِ.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ: دَخَلتُ عَلَى شيخِنَا أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: إِذَا عَلِمْتَ أَنَّهُ قَدْ خُتمَ لِي بِخَيْرٍ، فَانثُرْ عَلَى جَنَازَتِي سُكَّراً وَلوزاً، وَقلْ: هَذَا الحَاذقُ، وَقَالَ: إِذَا احتُضرتُ، فَخذْ بِيَدِي، فَإِذَا قبضتُ عَلَى يَدِكَ، فَاعلمْ أَنَّهُ قَدْ خُتمَ لِي بِخَيْرٍ، فَقعدتُ فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ مَوْتِهِ، قبضَ عَلَى يَدِي قبضاً شدِيداً، فنثرتُ عَلَى جِنَازَتِهِ سُكَّراً وَلوزاً.
وَلأَبِي طَالِبٍ ريَاضَاتٌ وَجوعٌ بحيثُ إِنَّهُ تركَ الطَّعَامَ، وَتقنَّعَ بِالحشيشِ حَتَّى اخضرَّ جلدُهُ (2) .
رَأَيْتُ لأَبِي طَالِبٍ أَرْبَعينَ حَدِيْثاً بخطِّهِ، قَدْ خَرَّجَ فِيْهَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ فَارِس الأَصْبَهَانِيِّ إِجَازَةً، وَفِيْهَا عَنْ أَبِي زَيْدٍ المَرْوَزِيِّ مِنْ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) ، أَوَّلُهَا: الحَمْدُ للهِ كنْه حَمْدِهِ بِحَمْدِهِ، وَلَهُ كِتَابُ (قُوت القُلوبِ) مَشْهُوْرٌ.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 89.
(2) ليس هذا من هدي الإسلام.(16/537)
394 - السُّكَّرِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ شَاذَانَ، الحِمْيَرِيُّ البَغْدَادِيُّ الحَرْبِيُّ السُّكَّرِيُّ.
وَيعرفُ أَيْضاً بِالصَّيْرَفِيِّ، وَبَالكَيَّالِ.
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيِّ، وَعَبَّادِ بنِ عَلِيٍّ السِّيْرِيْنِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ سَرَّاجٍ، وَالهيثمِ بنِ خَلَفٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ إِسْحَاقَ بنِ زَاطيَا، وَالحَسَنِ بنِ الطَيِّبِ البَلْخِيِّ، وَأَبِي خُبَيْبٍ بنِ البِرْتِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ حِبَّانَ، وَعِيْسَى بنِ سُلَيْمَانَ، وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَنْبَرٍ، وَشُعَيْبِ بنِ مُحَمَّدٍ الذَّارعِ، وَأَبِي حفيصٍ قَاضِي حَلَبَ، وَأَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدَةَ القَاضِي، وَمُحَمَّدِ بنِ صَالِحِ بنِ ذَرِيْحٍ العُكْبَرِيِّ وَعِدَّةٍ، وَعُمِّرَ دَهْراً، وَتَفَرَّدَ بأَشيَاءَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَالقَاضِي أَبُو الطَيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بنُ الفَرَّاءِ، وَأَبُو الغنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الدَّجَاجِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الغَرِيْقِ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بنُ المَأْمُوْنِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ.
قَالَ التَّنُوْخِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، وَأَوَّلُ سَمَاعِي سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ مِنَ الصُّوْفِيِّ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 12 / 40 - 41، الأنساب: 7 / 96، المنتظم: 7 / 188 - 189، العبر: 3 / 33، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 61 / ب، ميزان الاعتدال: 3 / 148، لسان الميزان: 4 / 246 - 247، النجوم الزاهرة: 4 / 175، شذرات الذهب: 3 / 120.(16/538)
قَالَ الخَطِيْبُ: سَأَلْتُ الأَزْهَرِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: صَدُوْقٌ، وَكَانَ سمَاعُهُ فِي كُتُبِ أَخِيْهِ، لَكِنَّ بَعْضَ المُحَدِّثِيْنَ قَرَأَ عَلَيْهِ شَيْئاً مِنْهَا لَمْ يَكُنْ فِيْهِ سمَاعُهُ، وَأَلحقَ فِيْهِ السَّمَاعَ، فَجَاءَ آخَرُوْنَ، فَحَكُّوا الإِلحَاقَ وَأَنْكَرُوهُ، وَأَمَّا الشَّيْخُ فَكَانَ فِي نَفْسِهِ ثِقَةً (1) .
وَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ: كَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعِ (2) .
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: كَانَ ثِقَةً، ذهبَ بصرُهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَتُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (3) .
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: لاَ يُسَاوِي شَيْئاً (4) .
قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ نُسْخَةُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَقَدْ خرَّجتُ مِنْهَا فِي أَمَاكنَ.
395 - المَخْلَدِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الصَّدُوْقُ، المُسْنِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَخْلَدِ بنِ شَيْبَانَ المَخْلَدِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ العَدْلُ، شَيْخُ العدَالَةِ، وَبَقِيَّةُ أَهْلِ البيوتَاتِ.
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَمُؤَمَّلَ بنَ الحَسَنِ، وَأَبَا نُعَيْمٍ بنَ عَدِيٍّ،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 41، وما بين حاصرتين منه.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(*) اللباب: 3 / 180، العبر: 3 / 43، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 74 / ب، شذرات الذهب: 3 / 131.(16/539)
وَزَنْجوَيْه بنَ مُحَمَّدٍ اللَّبَّادَ، وَمُوْسَى بنَ العَبَّاسِ الجُوَيْنِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الذَّهَبِيَّ، وَأَبَا حَامِدٍ أَحْمَدَ بنَ حَمْدُوْنَ الأَعْمَشِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَمْدُوْنَ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ الإِسْفَرَايِيْنِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ بنِ محفوظٍ، وَابنَ الشَّرْقِيِّ، وَمكِّيَّ بنَ عَبْدَانَ، وَجَدَّهُ لأُمِّهِ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرِ بنِ زِيَادٍ، وَالعَبَّاسَ بنَ عِصَامٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ المَرْوَزِيَّ صَاحِبَ عَلِيِّ بنِ حجرٍ، وَالحَسَنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ جَابِرٍ الوَكِيْلَ وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَيَعْقُوْبُ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الخَشَّابُ، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الأَزْهَرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَقعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ صَحِيْحُ السَّمَاعِ وَالكُتُبِ، مُتْقِنٌ فِي الرِّوَايَةِ، صَاحِبُ الإِمْلاَءِ فِي دَارِ السُّنَّةِ، مُحَدِّثُ عَصْرِهِ، تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا المُؤَيَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ المَسَاجِدِيُّ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، عَنْ زَيْنَبٍ الشَّعْرِيَّةِ، وَالقَاسِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا وَجيهُ بنُ طَاهِرٍ، وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، عَنْ زَيْنَب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الحُرْضِيُّ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا يَعْقُوْبُ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ المَخْلَديُّ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ) .(16/540)
هَذَا حَدِيْثٌ حسنٌ قوِيُّ الإِسنَادِ، أَخرجَهُ أَبُو عِيْسَى فِي (جَامِعهِ (1)) ، عَنْ قُتَيْبَةَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ المَخْلَدِيَّ يَقُوْلُ: شَهِدْتُ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ فَعُدِّلتُ، وَسجَّلَ الحَاكِمُ بِشَهَادَتِي.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: زَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ السَّرَخْسِيُّ، وَالمُقْرِئُ عَبْدُ المُنْعِمِ بنُ غَلْبُوْنَ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ حبَابَةَ، وَأَبُو الهَيْثَمِ الكُشْمِيْهَنِيُّ، وَقَاضِي مِصْرَ مُحَمَّدُ بنُ النُّعْمَانِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاطِنِيُّ.
396 - الضَّرَّابُ الحَسَنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ، مُصَنِّفُ كِتَابِ (المُرُوْءةِ) .
سَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيِّ المَالِكِيِّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي الحَدِيْدِ، وَأَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ المَقْدِسِيِّ، وَعُثْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ الذَّهَبِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ الوَرْدِ، وَأَحْمَدَ بنِ عُبَيْدٍ الكَلاَعِيِّ الحِمْصِيِّ، وَدَعْلَجِ بنِ أَحْمَدَ السِّجْزِيِّ، وَعِدَّةٍ.
__________
(1) رقم (41) في الطهارة ويل للاعقاب من النار: وقال: وفي الباب عن عبد الله ابن عمرو وعاشئة وجابر، وعبد الله بن الحارث ومعيقيب، وخالد بن الوليد، وشرحبيل بن حسنة، عمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، ثم قال: حديث أبى هريرة حديث حسن صحيح.
قلت: حديث عبد الله بن عمرو عند البخاري (60) و (96) و (163) ومسلم (241) وحديث عائشة عند مسلم (240) وحديث جابر عند ابن ماجة (454) وحديث أبي هريرة من طريق آخر عند البخاري (165) ، ومسلم (242) ، وحديث عبد الله بن الحارث عند أحمد 4 / 191، والحاكم.
وحديث معيقيب عند أحمد 3 / 426 و5 / 425.
وحديث خالد بن الوليد ومن بعده عن ابن ماجة (455) .
(*) الإكمال لابن ماكولا: 5 / 207، الأنساب: 8 / 150، العبر: 3 / 52 - 53، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 88 / ب، الوافي بالوفيات: 11 / 405، لسان الميزان: 2 / 197، حسن المحاضرة: 1 / 371، شذرات الذهب، 3 / 140، هدية العارفين: 1 / 272.(16/541)
وَارْتَحَلَ فِي الحَدِيْثِ وَتَمَيَّزَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ العَزِيْزِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ هَاشِمٍ المُقْرِئُ، وَرَشَأُ بنُ نظيفٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ - وَهُوَ أَكبرُ مِنْهُ -.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِمِصْرَ.
وَهُوَ رَاوِي كِتَابِ (المُجَالَسَةِ) للدِّيْنَوَرِيِّ.
وَلَمْ تبلُغْنَا أَخبارُهُ كَمَا فِي النَّفْسِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ ثِقَةٌ، صَاحِبُ حَدِيْثٍ، وَمَعْرِفَتُهُ مُتَوسِّطَةٌ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةَ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو البَرَكَاتِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحُسَيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا رَشَأُ بنُ نَظيفٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، عَنْ سَهْلِ بنِ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفُرَاتِ (1) ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ لُقْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (الأَكْلُ فِي السُّوقِ دَنَاءةٌ (2)) .
رُوِيَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ وَلاَ يثبتُ مِنْهَا شَيْءٌ.
__________
(1) محمد بن الفرات كذبوه. وسعيد بن لقمان قال الأزدي: لا يحتج بحديثه، وعبد الرحمن الأنصاري لا يعرف، فالخبر باطل.
(2) وهو في " تاريخ بغداد ": 3 / 163 و7 / 283 من طريق محمد بن الفرات بهذا الإسناد، وله طريق آخر عنده 10 / 125، وفيه الهيثم بن سهل وهو ضعيف وأورده في " المطالب العالية " 2 / 327، ونسبه لعبد بن حميد، قال البوصيري: بسند ضعيف، وذكره الهيثمي في " المجمع " 5 / 24 من حديث أبي أمامة، ونسبه للطبراني، وقال: وفيه عمر بن موسى بن وجيه وهو ضعيف.(16/542)
397 - الحَرْبِيُّ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يَحْيَى *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الأَدِيبُ، المُعَمَّرُ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا بنِ حَرْبٍ، ابْنُ أَخِي الزَّاهِدِ أَحْمَدَ بنِ حَرْبٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُزَكِّيُّ، الحَرْبِيُّ، نِسبَةً إِلَى الجَدِّ.
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَمَكِّيَّ بنَ عَبْدَانَ، وَأَحْمَدَ بنَ حَمْدُوْنَ الأَعْمَشِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ الشَّرْقِيِّ، وَعَبْدَ الوَاحِدِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ الأَرْدِسْتَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَمْرٍو - شَيْخٌ للخِطِيْبِ -، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الحَاكِمُ، وَأَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَلِيٍّ التَّاجِرُ، وَآخرُوْنَ.
وَكَانَ أَدِيباً، أَخْبَارِيّاً، عَالِماً، مُتَفَنِّناً، رَئِيْساً، مُحْتَشِماً، مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ عَلَى بِدْعَةٍ فِيْهِ، عُمِّرَ دَهْراً، وَاحْتِيْجَ إِلَيْهِ.
مَاتَ: فِي شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: مُسْنِدُ الأَنْدَلُسِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ ضَيْفُونَ اللَّخمِيُّ القُرْطُبِيُّ - سَمِعَ (1) ابنَ الأَعرَابِيِّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ يُوْنُسَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 14 / 238 - 239، الأنساب: 4 / 101، اللباب: 1 / 355، العبر: 3 / 57 - 58، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 96 / ب، شذرات الذهب: 3 / 145.
(1) في الأصل " عنده " وانظر " تاريخ ابن الفرضي ": 2 / 108 - 109، و" نفح الطيب ": 2 / 237.(16/543)
القَبْرِيَّ (1) -، وَالشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ السُّلَمِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ حَسَّانٍ المَالِيْنِيُّ بِهَرَاةَ، وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ خَرَّشِيْذَ قُوْلَهْ بِمِصْرَ - لَقِيَ أَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ -، وَالمُعَمَّرُ أَبُو الفَتْحِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَيْبُخْتَ البَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ - أَدْرَكَ البَغَوِيَّ -.
398 - المُعَافَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى بنِ حُمَيْدٍ النَّهْرُوَانِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الفَقِيْهُ، الحَافِظُ، القَاضِي، المُتَفَنِّنُ، عَالِمُ عَصْرِهِ، أَبُو الفَرَجِ النَّهْرُوَانِيُّ، الجَرِيْرِيُّ؛ نِسبَةً إِلَى رَأْيِ ابْنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ، وَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ طَرَارَا.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ صَاعِدٍ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبَا سَعِيْدٍ العَدَوِيَّ، وَأَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيَّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَتَلاَ عَلَى: ابنِ شَنَبُوْذَ، وَأَبِي مُزَاحِمٍ الخَاقَانِيِّ.
__________
(1) نسبة إلى مدينة " قبرة " بالاندلس. انظر " معجم البلدان ": 4 / 305.
(*) الفهرست: 328 - 329، تاريخ بغداد: 13 / 230 - 231، طبقات الشيرازي: 93، الأنساب: (خ) 129 / أ، نزهة الالباء: 329 - 330، المنتظم: 7 / 213 - 214، معجم الأدباء: 19 / 151 - 154، إنباه الرواة: 3 / 296 - 297، الكامل لابن الأثير: 9 / 163 - اللباب: 3 / 337، وفيات الأعيان: 5 / 221 - 224، تذكرة الحفاظ: 3 / 1010 - 1012، العبر: 3 / 74 - 48، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 81 / أ، تلخيص ابن مكتوم: 249، مرآة الجنان: 2 / 42، البداية والنهاية: 11 / 328، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 259، غاية النهاية: 2 / 302، النجوم الزاهرة: 4 / 201 - 202، طبقات الحفاظ: 400 - 401، بغية الوعاة: 2 / 293 - 294، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 223 - 226، شذرات الذهب: 3 / 134 - 135، هدية العارفين: 2 / 464 - 465، الرسالة المستطرفة: 166، طبقات الاصوليين: 1 / 311 - 212.(16/544)
قَرَأَ عَلَيْهِ: القَاضِي أَبُو تَغْلِبٍ المُلْحَمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَسْرُوْرٍ الخَبَّازُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ النُّهَاوَنْدِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ التَّوَّزِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ رَوْحٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الجَازِرِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسْنُوْنَ النَّرْسِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ مِنْ أَعلمِ النَّاسِ فِي وَقتِهِ بِالفِقْهِ، وَالنَّحْوِ، وَاللُّغَةِ، وَأَصنَافِ الأَدبِ، وَلِيَ القَضَاءَ بِبَابِ الطَّاقِ، وَكَانَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ جَرِيْرٍ، وَبَلَغَنَا عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ البَافِيِّ الفَقِيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: إِذَا حضَرَ القَاضِي أَبُو الفَرَجِ فَقَدْ حَضَرَتِ العُلُومُ كُلُّهَا (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: وَحَدَّثَنِي القَاضِي أَبُو حَامِدٍ الدَّلوِيُّ، قَالَ: كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ البَافِيُّ يَقُوْلُ: لَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِثُلُثِ مَالِه أَنْ يُدفعَ إِلَى أَعلمِ النَّاسِ، لَوَجَبَ أَنْ يُدفعَ إِلَى المُعَافَى بنِ زَكَرِيَّا (2) .
قَالَ الخَطِيْبُ: سَأَلْتُ البَرْقَانِيَّ عَنِ المعَافَى، فَقَالَ: كَانَ أَعلمَ النَّاسِ، وَكَانَ ثِقَةً، لَمْ أَسمَعْ مِنْهُ (3) .
وَحَكَى أَبُو حَيَّانَ التَّوْحِيْدِيُّ، قَالَ: رَأَيْتُ المُعَافَى بنَ زَكَرِيَّا قَدْ نَامَ مُستدبرَ الشَّمْسِ فِي جَامعِ الرُّصَافَةِ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، وَبِهِ مِنْ أَثَرِ الضُّرِّ وَالفَقْرِ وَالبُؤْسِ أَمرٌ عظيمٌ مَعَ غَزَارَةِ علمِهِ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 13 / 230.
(2) " تاريخ بغداد ": 13 / 230 - 331.
(3) " تاريخ بغداد ": 13 / 231.(16/545)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ الحُمَيْدِيُّ: قَرَأْتُ بخطِّ المُعَافَى بنِ زَكَرِيَّا، قَالَ:
حَجَجْتُ وَكُنْتُ بِمِنَى، فَسَمِعْتُ مُنَادِياً يُنَادِي: يَا أَبَا الفَرَجِ المُعَافَى.
قُلْتُ: مَنْ يُرِيْدُنِي؟ وَهَمَمْتُ أَنْ أُجِيْبَهُ، ثُمَّ نَادَى: يَا أَبَا الفَرَجِ المُعَافَى بنَ زَكَرِيَّا النَّهْرُوَانِيَّ.
فَقُلْتُ: هَا أَنَا ذَا، مَا تُرِيْدُ؟
فَقَالَ: لَعَلَّكَ مِنْ نَهْرُوَانِ العِرَاقِ.
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: نَحْنُ نُرِيْدُ نَهْرُوَانَ الغَرْبِ.
قَالَ: فَعَجِبْتُ مِنْ هَذَا الاتِّفَاقِ، وَعلمتُ أَنَّ بِالمَغْرِبِ مَكَاناً يُسَمَّى النَّهْرُوَانُ.
مَاتَ المُعَافَى: بِالنَّهْرُوَانِ، فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَلَهُ (تفسيرٌ) كَبِيْرٌ فِي سِتِّ مُجَلَّدَاتٍ جَمُّ الفَوَائِدِ، وَلَهُ كِتَابُ (الجَلِيْسِ وَالأَنيسِ) فِي مُجَلَّدينِ.
وَكَانَ مِنْ بُحُورِ العِلْمِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النَّرْسِيُّ، أَخْبَرَنَا المُعَافَى، حَدَّثَنَا البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا وَهبٌ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَخِيْهِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ فِي الجُمُعَةِ لَسَاعَةً لاَ يَسْأَلُ اللهَ فِيْهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ شَيْئاً، إِلاَّ اسْتَجَابَ لَهُ) (1) .
__________
(1) رجاله ثقات، وأخرجه مالك 1 / 108، ومن طريقه البخاري (935) في الجمعة: باب الساعة التي في يوم الجمعة (5294) في الطلاق باب الإشارة في الطلاق، و (6400) في الدعوات باب الدعاء في الساعة التي في يوم الجمعة.
ومسلم (852) في الجمعة باب في الساعة التي في يوم الجمعة عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة.
وهو في سنن النسائي في الجمعة: باب الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، وابن ماجة (1137) في إقامة الصلاة: باب ما جاء في الساعة التي ترجى في الجمعة.(16/546)
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو حَفْصٍ الكَتَّانِيُّ، وَأَمَةُ السَّلاَمِ بِنْتُ القَاضِي أَحْمَدَ بنِ كَامِلٍ، وَنَائِبُ دِمَشْقَ حُبَيْشُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَمْصَامٍ البَرْبَرِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ القُرْطُبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ رُهَيْلٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الكَشِّيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ أَخِي مِيمِي الدَّقَّاقُ.
399 - ابْنُ النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بنُ النُّعْمَانِ بنِ مُحَمَّدٍ المَغْرِبِيُّ *
قَاضِي الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابْنُ القَاضِي أَبِي حَنِيْفَةَ النُّعْمَانِ بنِ مُحَمَّدٍ المَغْرِبِيُّ.
وَلِيَ الأَحْكَامَ بَعْدَ أَخِيْهِ أَبِي الحَسَنِ، وَكَانَ مَجموعَ الفضَائِلِ، لكنَّهُ عَلَى اعْتِقَادِ العُبَيْدِيَّةِ.
وَلَهُ شِعْرٌ عَذْبٌ، وَمِنْ ذَلِكَ:
أَيَا مُشْبهَ البَدْرِ بَدْرِ السَّمَا ... لِسَبْعٍ وَخَمْسٍ مَضَتْ وَاثْنَتَيْنِ
وَيَا كَامِلَ الحُسْنِ فِي نَعْتِهِ ... شَغَلْتَ فُؤَادِي وَأَسْهَرْتَ عَيْنِي
فَهَلْ لِي مِنْ مَطْمَعٍ أَرْتَجِيْهِ ... وَإِلاَّ انْصَرَفْتُ (1) بِخُفَّيْ حُنَيْنِ
وَيَشْمَتُ بِي شَامِتٌ فِي هَوَاكَ ... وَيُفْصِحُ لِي ظَلتَ (2) صُفرَ اليَدَيْنِ
فَإِمَّا مَنَنْتَ وَإِمَّا قَتَلْتَ ... فَأَنْتَ قَدِيْرٌ عَلَى الحَالَتَيْنِ (3)
قَالَ ابْنُ زُوْلاَقَ: لَمْ نُشَاهدْ لقَاضٍ مِنَ القُضَاةِ مِنَ الرِّئاسَةِ مَا شَاهدنَاهُ
__________
(*) يتمة الدهر: 1 / 385 - 386، وفيات الأعيان: 5 / 419 - 422، ضمن ترجمة والده القاضي النعمان، العبر: 3 / 45، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 77 / أ، حسن المحاضرة: 2 / 147، شذرات الذهب: 3 / 132.
(1) في الأصل: " انصرف " وهو خطأ.
(2) في الأصل: " طلب " وما أثبتناه من " وفيات الأعيان ".
(3) الابيات في " وفيات الأعيان ": 5 / 420.(16/547)
لِمُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ، وَلاَ بَلغنَا ذَلِكَ عَنْ قَاضٍ بِالعِرَاقِ ... ، وَبَالَغَ فِي نَعْتِهِ وَتقريظِهِ، وَوَصَفَهُ بِالهَيْبَةِ وَإِقَامَةِ الحَقِّ، وَكَانَ يخلفُهُ أَولاَدُ أَخِيْهِ.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ وَلِيَ القَضَاءَ ابْنُ أَخِيْهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ.
400 - ابْنُ حَبَابَةَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ، أَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ حَبَابَةَ - بِالتَّخْفِيْفِ - البَغْدَادِيُّ، المَتُّوثِيُّ (1) ، البَزَّازُ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ كِتَابَهُ المَعْرُوفَ بِـ (الجَعْدِيَّاتِ) .
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، وَابنِ صَاعِدٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَالأَزَجِيُّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الصَّريفينِيُّ الخَطِيْبُ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَالمُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ إِذْناً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ،
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 377، الإكمال لابن ماكولا: 2 / 372، العبر: 3 / 44، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 76 / أ، شذرات الذهب: 3 / 132.
(1) المتوثي: نسبة إلى " متوث " بلدة بين قرقوب وكور الاهواز. " اللباب ".(16/548)
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ سَنَةَ 386، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ.
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَصَوْمُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، صَوْمُ الدَّهْرِ) .
أَخرجَهُ: النَّسَائِيُّ، عَنْ زَكَرِيَّا خَيَّاطِ السُّنَّةِ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى النَّرْسِيِّ، فَوَقَعَ لَنَا بَدَلاً عَالِياً (1) .
401 - ابْنُ الجَرَّاحِ عِيْسَى بنُ عَلِيِّ بنِ عِيْسَى البَغْدَادِيُّ*
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، العَالِمُ، المُسْنِدُ، أَبُو القَاسِمِ عِيْسَى بنُ عَلِيِّ بنِ عِيْسَى بنِ دَاوُدَ بنِ الجَرَّاحِ البَغْدَادِيُّ، وَالِدُ الوَزِيْرِ العَادلِ أَبِي الحَسَنِ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: البَغَوِيَّ، وَابنَ أَبِي دَاوُدَ، وَابنَ صَاعِدٍ، وَأَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ، وَبَدْرَ بنَ الهَيْثَمِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ دُرَيْدٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ نُوْحٍ الجُنْدَيْسَابُورِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ زِيَادٍ، وَأَبَا جَعْفَرٍ بنَ البُهلولِ، وَأَبَا عُمَرَ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ القَاضِي، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ مُجَاهِدٍ، وَعِدَّةً.
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في سنن النسائي باب ذكر الاختلاف على أبي عثمان في حديث أبي هريرة في صيام ثلاثة أيام من كل شهر. وأخرجه البيهقي 4 / 293 من طريق عفان عن حماد به.
وفي الباب عن أبي ذر عند أحمد 5 / 154، والترمذي (762) ، وابن ماجة (1708) .
وعن أبي قتادة الأنصاري عند مسلم (1162) ، وأحمد 5 / 297، وابن خزيمة (2126) .
(*) الامتاع والمؤانسة: 1 / 36، الفهرست: 186، تاريخ بغداد: 11 / 179 - 180، العبر: 3 / 50 - 51، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 86 / ب ميزان الاعتدال: 3 / 319، البداية والنهاية: 11 / 330، لسان الميزان: 4 / 402، شذرات الذهب: 3 / 137 - 138.(16/549)
وأَمْلَى عِدَّةَ مَجَالِسَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَعَلِيُّ بنُ المحسَّنِ التَّنُوْخِيُّ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ شِيطَا، وَأَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُسْلِمَةِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثَبْتَ السَّمَاعِ، صَحِيْحَ الكِتَابِ.
وَقَالَ أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ يُرمَى بِشَيْءٍ مِنْ مَذْهَبِ الفَلاَسِفَةِ، تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ، أَوَّلِ ربيعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ.
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي المُحَرَّمِ.
وَلَهُ نَظْمٌ حسنٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَنْشَدَنِي أَبُو يَعْلَى بنُ الفَرَّاءِ، أَنْشَدَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ لِنَفْسِهِ:
رُبَّ مَيْتٍ قَدْ صَارَ بِالعِلْمِ حَيّاً ... وَمُبَقَّى قَدْ حَازَ جَهْلاً وَغَيّا
فَاقْتَنُوا العِلْمَ كِي تَنَالُوا خُلُوْداً ... لاَ تَعُدُّو الحَيَاةَ فِي الجَهْلِ شَيّا (2)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْمُ: كَانَ عِيْسَى أَوْحَدَ زَمَانِهِ فِي عِلمِ المنطقِ وَالعلومِ القديمَةِ، لَهُ مُؤَلَّفٌ فِي اللُّغَةِ الفَارِسِيَّةِ (3) .
قُلْتُ: لَقَدْ شَانَتْهُ هَذِهِ العُلومُ وَمَا زَانَتْهُ، وَلَعَلَّهُ رُحمَ بِالحَدِيْثِ إِنْ شَاءَ اللهُ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 180.
(2) " تاريخ بغداد ": 11 / 179.
(3) " الفهرست " ص: 186.(16/550)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا الفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ إِمْلاَءً، قَالَ:
قُرِئَ عَلَى بَدرِ بنِ الهَيْثَمِ - وَأَنَا أَسمعُ -، حَدَّثَكُمْ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ كَعبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ:
عَلَّمَنِي رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ عِنْدَ الكَرْبِ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ الحلِيمُ الكَرِيْمُ، سُبْحَانَ اللهِ ربِّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَربِّ العَرْشِ العَظِيْمِ، الحَمْدُ للهِ ربِّ العَالِمِينَ (1) .
رَوَاهُ غَيْرُهُ بِزيَادَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ بَيْنَ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، وَذَلِكَ فِي (سُنَنِ النَّسَائِيِّ) ، فَرَوَاهُ عَنْ خَيَّاطِ السُّنَّةِ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ بُخْتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَجْلاَنَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كعبٍ.
402 - ابْنُ وَاضِحٍ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ أَحْمَدَ الثَّقَفِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ أَحْمَدَ
__________
(1) إسناده حسن، وهو في " المسند " 1 / 91 من طريق روح عن أسامة بن زيد، عن محمد بن كعب، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن عبد الله بن جعفر، عن علي، وهو فيه 1 / 94 من طريق يونس، عن ليث، عن ابن عجلان.
وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري (6345) و (6346) و (7421) و (7431) ومسلم (2730) وأحمد 1 / 228 و254 و339 و356 أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: لا اله الا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 164، العبر: 49، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 84 / ب، شذرات الذهب: 3 / 135.(16/551)
بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ عَمْرِو بنِ مُسْلِمِ بنِ وَاضِحٍ الثَّقَفِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ الخَشَّابُ المُؤَذِّنُ.
حَدَّثَ عَنْ: الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّارِكِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ دَكَّةَ، وَعُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ، وَالفَضْلِ بنِ الخَصِيْبِ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ البَاطِرْقَانِيُّ، وَأَبُو سَهْلٍ حَمْدُ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ، وَآخرُوْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارب تِسْعِيْنَ سَنَةً.
403 - ابْنُ رُزَيْقٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُمَيْدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حُمَيْدِ بنِ رُزَيْقٍ - أَوَّلُهُ رَاءٌ -، شَيْخٌ بغدَادِيٌّ، سَكَنَ مِصْرَ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الهَرَوِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَكَّارٍ السَّكْسَكِيَّ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مَخْلَدٍ، وَأَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بنَ سَعِيْدٍ الرَّقِّيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ مَلاَّسٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ المُقْرِئِ المكِّيَّ، وَانْتَقَى عَلَيْهِ خَلَفٌ الحَافِظُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سِبْطُهُ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مكِّيٍّ، وَرَشَأُ بنُ نظيفٍ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ رَبَاحٍ.
وَثَّقَهُ الصُّوْرِيُّ.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 236 الإكمال لابن موكولا: 4 / 54، العبر: 3 / 48 - 49، مشتبه النسبة: 1 / 314، تبصير المنتبه: 2 / 600، شذرات الذهب: 3 / 135، الرسالة المتسطرفة: 114.(16/552)
404 - الحَلَبِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، القَاضِي، الفَقِيْهُ، القَاضِي، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ الحَلَبِيُّ الشَّافِعِيُّ، نزيلُ مِصْرَ.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ إِسْحَاقَ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ ابْنِ أَخِي الإِمَامِ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَيْرُوزَ الأَنْمَاطِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ نُوْحٍ الجُنْدَيْسَابورِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الرَّبِيْعِ بنِ سُلَيْمَانَ الجِيْزِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَاد النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِدُ، وَرَشَأُ بنُ نظيفٍ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَتِيقٍ التِّنِّيْسِيُّ، وَعَبْدُ الملكِ بنُ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ الرَّزَّازُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسْنُوْنَ النَّرْسِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مكِّيٍّ المِصْرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ: أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي: رَوَى عَنِ: ابنِ مُجَاهِدٍ كِتَابَ (السَّبْعَةِ) هُوَ وَشيخُنَا أَبُو مُسْلِمٍ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مُجَاهِدٍ.
وَعُمِّرَ أَبُو الحَسَنِ عُمراً طَوِيْلاً حَتَّى نَيَّفَ عَلَى عَشْرٍ وَمائَةٍ فِيمَا بَلَغَنِي.
وَقِيْلَ: إِنَّ مَوْلِدَهُ كَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، فَعُمُرُهُ مائَةُ سَنَةٍ وَسَنَةٌ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ القَادرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي، أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بنُ سَهْلٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مكِّيٍّ الأَزْدِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ قُدَامَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيْرٌ،
__________
(*) العبر: 3 / 61، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 102 / أ، غاية النهاية: 1 / 564، حسن المحاضرة: 1 / 403، شذرات الذهب: 3 / 147 - 148.(16/553)
عَنْ رُقَيَّةَ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ إِيَاسٍ، عَنْ حَبِيْبٍ، - يَعْنِي ابنَ سَالِمٍ -، عَنِ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِمِيقَاتِ هَذِهِ الصَّلاَةِ؛ صَلاَةِ العشَاءِ الآخِرَةِ، كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّيْهَا لِسُقُوْطِ القَمَرِ لِثَالثِهِ (1) .
405 - ابْنُ زُنْبُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ خَلَفِ بنِ زُنْبُوْرٍ البَغْدَادِيُّ الوَرَّاقُ، بَقِيَّةُ الأَشيَاخِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنِ صَاعِدٍ، وَعُمَرَ الدَّرْبِيِّ، وَغَيْرِهِمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَجَمَاعَةٌ خَاتِمَتُهُمْ أَبُو نَصْرٍ الزَّيْنَبِيُّ.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: هُوَ ضَعِيْفٌ فِي روَايتِهِ عَنِ البَغَوِيِّ، وَسمَاعُهُ مِنَ الدَّرْبِيِّ صَحِيْحٌ.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه النسائي 1 / 264، من طريق محمد بن قدامة بهذا
الإسناد، وأخرجه الترمذي (165) وأبو داود (419) والدارمي 1 / 275، وأحمد 4 / 274، والنسائي 1 / 264، والحاكم 1 / 194 و195، والبيهقي 1 / 448، 449 من طرق عن أبي عوانة، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن سالم، عن النعمان بن بشير.
وأخرجه أحمد 4 / 270، والطيالسي (797) ، والحاكم 1 / 194 من طريق هشيم عن أبي بشر، عن حبيب بن سالم، ولم يذكر في الإسناد بشير بن ثابت، قال الحاكم: تابعه رقبة بن مصقلة عن أبى بشر هكذا اتفق رقبة وهشيم على رواية هذا الحديث عن أبي بشر، عن حبيب بن سالم وهو إسناده صحيح، وخالفهما شعبة وأبو عوانة، فقالا: عن أبي بشر، عن بشير بن ثابت، عن حبيب بن سالم.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 35 - 36، العبر: 3 / 62، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 103 / أ، ميزان الاعتدال: 3 / 671، لسان الميزان: 5 / 325، شذرات الذهب.(16/554)
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: فِيْهِ تسَاهلٌ.
تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ضَعِيْفاً جِدّاً.
قُلْتُ: سَمِعْنَا مِنْ طريقِهِ كِتَابَ (البَعْثِ) لابنِ أَبِي دَاوُدَ، وَالثَّانِي مِنْ رِوَايَةِ زُغبَةَ عَنِ اللَّيْثِ، وَالثَّالِثَ مِنْ (مُسْنَدِ) ابنِ مَسْعُوْدٍ لابنِ صَاعِدٍ، وَهَذِهِ الأَجْزَاء مِنْ أَعْلَى مَا عِنْدِي مَعَ ضَعْفِهِ.
406 - الأَبْهَرِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المَرْزُبَانِ *
الأَدِيْبُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المَرْزَبَّانِ الأَبْهَرِيُّ - أَبهر أَصْبَهَانَ -، رَاوِي جُزْءَ لُوينَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الحَزَوَّرِيِّ، سَمِعَهُ مِنْهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ مِنْ فُضلاَءِ الأُدباءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُجَاعُ بنُ عَلِيٍّ المَصْقَلِيُّ، وَأَخُوْهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو عِيْسَى بنُ زِيَادٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الطَّهْرَانِيُّ، وَالمطهّرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ اليَزَانِيُّ، وَخَلْقٌ آخِرُهُمْ مَوْتاً أَبُو بَكْرٍ بنُ مَاجَه الأَبْهَرِيُّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
407 - ابْنُ الجُنْدِيِّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ النَّهْشَلِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ بنِ الجُنْدِيِّ النَّهْشَلِيُّ البَغْدَادِيُّ.
__________
(*) العبر: 3 / 54، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 91 / أ، الوافي بالوفيات: 8 / 45، شذرات الذهب: 142 3، الرسالة المستطرفه: 89.
(* *) تاريخ بغداد: 5 / 77 - 78، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 101 / أ، ميزان الاعتدال: 1 / 147 - 148، لسان الميزان: 1 / 288، شذرات الذهب: 3 / 147.(16/555)
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَيَحْيَى بنِ صَاعِدٍ، وَأَبِي سَعِيْدٍ العَدَوِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النَّقُّوْرِ، وَآخرُوْنَ، وَعُمِّرَ دَهْراً.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، حضَرتُهُ وَهُوَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ كِتَابُ (ديوَانِ الأَنواعِ) الَّذِي جَمَعَهُ، فَقَالَ لِي ابْنُ الآبَنُوْسِيُّ: لَيْسَ هَذَا سمَاعُهُ، وَإِنَّمَا رَأَى عَلَى نُسخَةٍ عَلَى تَرْجَمَتِهَا اسْمٌ وَافَقَ اسْمَهُ فَادَّعَى ذَلِكَ (1) .
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: كَانَ يُرمَى بِالتَّشَيُّعِ، وَكَانَتْ لَهُ أُصُولٌ حِسَانٌ (2) .
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
408 - المُؤَمَّلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ أَبُو القَاسِمِ الشَّيْبَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو القَاسِمِ الشَّيْبَانِيُّ، البَغْدَادِيُّ، البَزَّازُ.
سَكَنَ مِصْرَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنِ صَاعِدٍ، وَأَبِي حَامِدٍ الحَضْرَمِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: يُوْسُفُ بنُ رَبَاحٍ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مكِّيٍّ، وَجَمَاعَةٌ. وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ.
__________
(1) الخبر بنحوه في " تاريخ بغداد ": 5 / 77.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 78.
(*) تاريخ بغداد: 13 / 183 - 184، العبر: 3 / 51، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 87 / ب، حسن المحاضرة: 1 / 371.(16/556)
وَعَاشَ أَرْبَعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
409 - الكِلاَبِيُّ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الحَسَنِ بنِ الوَلِيْدِ *
المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الحَسَنِ بنِ الوَلِيْدِ بنِ مُوْسَى الكِلاَبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ أَخُو تَبُوْك.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَطَاهرِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيِّ، وَأَبِي الجَهْمِ بنِ طَلاَّبٍ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَرْوَانَ، وَأَبِي عُبِيَدةَ بنِ ذَكْوَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ السَّكْسَكِيِّ، وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ، وَرَشَأُ بنُ نَظِيْفٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الحنَّائِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ الفُرَاتِ، وَأَبُو القَاسِمِ السُّمَيْسَاطِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسْنُوْنَ النَّرْسِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ.
مَوْلِدُهُ كَانَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعُوْنَ سَنَةً، قَالَهُ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيُّ، وَقَالَ: كَانَ ثِقةً، نَبِيْلاً، مَأْمُوْناً.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ البَاجِيِّ الحَافِظُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ بنِ الجُنْدِيِّ، وَالإمَامُ أَبُو سَعْدٍ ابْنُ الإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيِّ إِسْمَاعِيْل، وَعَلِيُّ بنُ جَعْفَرٍ السَّيْروَانُ المُعَمَّرُ
__________
(*) العبر: 3 / 61، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 102 / أ، النجوم الزاهرة: 4 / 214، شذرات الذهب: 3 / 147.(16/557)
بِمَكَّةَ، وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَلَبِيُّ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَلاَّفِ المُقْرِئُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الدِّيْبَاجِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زُنْبُوْرٍ الوَرَّاقُ.
410 - ابْنُ دَرَسْتُوَيْه الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَدْلُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ دَرَسْتُوَيْه الدِّمَشْقِيُّ.
رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا، وَمَكْحُوْلٍ البَيْرُوْتِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: وَلَدُهُ مُحَمَّدٌ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحِنَّائِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الحِنَّائِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الخَضِرِ الصَّائِغُ.
أَرَّخَ الكَتَّانِيُّ مَوْتَهُ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَالَ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً، - رَحِمَهُ اللهُ -.
411 - أَبُو مُسْلِمٍ الكَاتِبُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ **
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُقْرِئُ، المُسْنِدُ، الرّحلَةُ، أَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ الكَاتِبُ، نزيلُ مِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، وَابنِ صَاعِدٍ، وَيَزِيْدَ بنِ الهَيْثَمِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ مُجَاهِدٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ دُرَيْدٍ، وَأَبِي عِيْسَى بنِ قَطنٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنْبَارِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ أَخِي زُبيْرٍ الحَافِظِ، وَأَبِي
__________
(*) الإكمال لابن ماكولا: 3 / 323، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 98 / أ.
(* *) تاريخ بغداد: 1 / 323، المنتظم: 7 / 245، العبر: 3 / 71، الوافي بالوفيات: 2 / 52، غاية النهاية: 2 / 73 - 74، شذرات الذهب: 3 / 156.(16/558)
عليٍّ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الحَرَّانِيِّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَضَائِرِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَأَبِي القَاسِمِ زِيَادِ بنِ يُوْنُسَ، لقيَهُ بِالقَيْرَوَانِ فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَتَفَرَّدَ فِي الدُّنْيَا، وَكَانَ خَاتمةَ مَنْ حدَّثَ عَنِ البَغَوِيِّ، وَابنِ أَبِي دَاوُدَ عَلَى لينٍ فِيْهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ عَبْدُ الغنِيِّ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِي، وَرَشَأُ بنُ نَظِيْفٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ بَابشَاذَ الجَوْهَرِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ بُنْدَار، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مكِّيٍّ الأَزْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَأَبُو إِبْرَاهِيْمَ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ مَيْمُوْنٍ الحُسَيْنِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ بَقَاء الوَرَّاقُ، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمَةَ القُضَاعِيُّ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: قَالَ لِي الصُّوْرِيُّ: بَعْضُ أُصُولِ أَبِي مُسْلِمٍ عَنِ البَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ جِيَادٌ.
قُلْتُ: فَكَيْفَ حَالُهُ مِنْ حَالِ ابْنِ الجُنْدِيِّ؟
فَقَالَ: قَدِ اطَّلعَ مِنْهُ عَلَى تخليطٍ، وَهُوَ أَمثلُ مِنِ ابْنِ الجُنْدِيِّ.
حَدَّثَنِي وَكِيْلُ أَبِي مُسْلِمٍ وَكَانَ مَحَدِّثاً حَافِظاً، يُقَال لَهُ: أَبُو الحُسَيْنِ العَطَّارُ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ فِي أُصُولِ أَبِي مُسْلِمٍ عَنِ البَغَوِيٍّ شَيْئاً صَحِيْحاً غَيْرَ جُزْءٍ وَاحدٍ، كَانَ سمَاعُهُ فِيْهِ صحيحاً، وَمَا عدَاهُ كَانَ مَفْسُوداً (1) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ كَاتبُ الوَزِيْرِ أَبِي الفَضْلِ بنِ حِنْزَابَةَ (2) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحبَّالُ: مَاتَ أَبُو مُسْلِمٍ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 323.
(2) المصدر السابق.(16/559)
412 - الأَصِيْلِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ *
الإِمَامُ، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، عَالِمُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَصِيْلِيُّ.
نشَأَ بِأَصِيْلاَ مِنْ بلاَدِ العُدوَةِ، وَتفقَّهَ بِقُرْطُبَةَ.
سَمِعَ: ابنَ المشَّاطِ، وَابنَ السَّلِيْمِ القَاضِي، وَوَهْبَ بنَ مَسَرَّةَ، - لَقِيَهُ بوَادِي الحجَارَةِ -، وَأَبَا الطَّاهِرِ الذُّهلِيَّ، وَابنَ حَيُّوْيَه، وَأَبَا إِسْحَاقَ بنَ شَعْبَانَ، وَعِدَّةً بِمِصْرَ.
وَكَتَبَ بِمَكَّةَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الفَقِيْهِ (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) ، وَلحقَ أَبَا بَكْرٍ الآجُرِيَّ، وَأَخذَ بِبَغْدَادَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، وَابنِ الصَّوَّافِ، وَالقَاضِي الأَبْهَرِيِّ.
وَلَهُ كِتَابُ (الدَّلاَئِلِ) فِي اختلاَفِ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيْفَةَ وَالشَّافِعِيِّ.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِيُّ، وَلَمْ أَرَ مثلَهُ.
قَالَ عِيَاضٌ: كَانَ مِنْ حُفَّاظِ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَمِنَ العَالِمِينَ بِالحَدِيْثِ وَعِلَلِهِ وَرجَالِهِ، يَرَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ إِتيَانِ أَدبارِ النِّسَاءِ عَلَى الكرَاهَةِ، وَينكرُ الغلوَّ فِي الكرَامَاتِ، وَيثبتُ مِنْهَا مَا صَحَّ.
وَلِي قَضَاءَ سَرَقُسْطَةَ.
قَالَ: وَكَانَ نظيرَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ بِالقَيْرَوَانِ، وَعَلَى طريقتِهِ وَهَدْيِهِ، وَفِيْهِ زعَارَةٌ، حملَ النَّاسُ
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 249، طبقات الشيرازي: 164، جذوة المقتبس: 257 - 258، ترتيب المدارك: 4 / 642 - 644، بغية الملتمس: 340 - 341، معجم البلدان: 1 / 212 - 213، تذكرة الحفاظ: 3 / 1024 - 1025، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 88 / ب، العبر: 3 / 52 - 53، الديباج المذهب: 1 / 433 - 435، وفات ابن قنفذ: ص 223، طبقات الحفاظ: 405 - 406، شذرات الذهب: 3 / 140، شجرة النور الزكية: 1 / 100 - 101.(16/560)
عَنْهُ، تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَشَيَّعَهُ أُمَمٌ.
413 - النَّصِيْبِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ نَصْرِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارعُ، النَّاقِدُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي اللَّيْثِ نَصْرِ بنِ مُحَمَّدٍ النَّصِيْبِيُّ المِصْرِيُّ، نزيلُ نَيْسَابُوْرَ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: هُوَ باقعَةٌ فِي الحِفْظِ، شُبِّهتْ مذَاكرتُهُ بِالسِّحْرِ، وَكَانَ يتقشَّفُ وَيُجَالِسُ الصَّالِحِيْنَ، ثُمَّ ذهبَ إِلَى مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَأَقْبَلَ عَلَى الأَدبِ وَالشِّعرِ، وَدَخَلَ فِي الأَعمَالِ السُّلْطَانِيَّةِ، ثمَّ اجْتمعت بهِ هُنَاكَ وَحفظُهُ كَمَا كَانَ، فكُنْتُ أَتعجَّبُ مِنْهُ.
سَمِعَ: بِمِصْرَ أَصْحَابَ يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَأَحْمَدَ ابنَ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، وَبَالشَّامِ أَبَا هَاشِمٍ الكِنَانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الرَّحِيْمِ القَيْسَرَانِيَّ، وَبَالعِرَاقِ أَبَا عَبْدِ اللهِ الحَكِيْمِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارَ، وَبِنَيْسَابُوْرَ أَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ.
مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَالقُدَمَاءُ، وَرَأَيْتُ تصنيفاً فِي السُّنَنِ مخروماً أَظنُّهُ لَهُ، وَمَا أَحسبُ أَنَّهُ وَقَعَ لِي شَيْءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ بإِجَازَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ مَعَهُ: أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ ابْنُ المُزَكِّي أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالمُسْنِدُ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُعَيْمٍ النُّعَيْمِيُّ السَّرَخْسِيُّ، وَمُؤَرِّخُ مِصْرَ العَلاَّمَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 1015 - 1016، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 60 / ب، الوافي بالوفيات: 8 / 213، طبقات الحفاظ: 402، شذرات الذهب: 3 / 122.(16/561)
زُوْلاَقَ المِصْرِيُّ عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً - لَقِيَ الطَّحَاوِيَّ وَنَحْوَهُ -، وَشيخُ القُرَّاءِ بِمِصْرَ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حَسْنُوْنَ السَّامَرِّيُّ فِي المُحَرَّمِ، وَالشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ جمِيلٍ الأَصْبَهَانِيُّ - رَاوِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ) ، سَمِعَهُ مِنْ جَدِّهِ عَنْهُ -، وَمُسْنِدُ العِرَاقِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ الحَرْبِيُّ السُّكَّرِيُّ الصَّيْرَفِيُّ فِي شَوَّالٍ، وَشيخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيُّ المَعْرُوفُ بِالخَتنِ - يَعْنِي خَتنَ الإِسْمَاعِيْلِيَّ -، وَالقُدْوَةُ الوَاعِظُ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عطيَّةَ المكِّيُّ - صَاحِبُ (القُوْتِ) -، وَصَاحِبُ مِصْرَ العزيزُ بِاللهِ نزَارُ بنُ المعزِّ معدٍّ العُبَيْدِيُّ الرَّافضيُّ، وَعَالِمُ المَغْرِبِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زَيْدٍ القَيْرَوَانِيُّ المَالِكِيُّ.
414 - ابْنُ خُرَّشِيْذَ قُوْلَهْ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ خُرَّشِيْذَ قُوْلَه الأَصْبَهَانِيُّ التَّاجِرُ أَحدُ الأَثبَاتِ.
كَانَ كَثِيْرَ التَّرْحَالِ.
حَدَّثَ بِمِصْرَ وَمَكَّةَ وَبِبَغْدَادَ، وَاسْتوطن مِصْرَ.
سَمِعَ: أَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيَّ.
وَعَنْهُ: العَتِيْقِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ رَجَاء العَسْقِلاَّنِيُّ، وَرَشَأُ بنُ نَظِيْفٍ، وَخَلْقٌ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ.
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 161، تاريخ بغداد: 4 / 292 - 293.(16/562)
وَقَالَ الخَطِيْبُ: مَاتَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ نَسيبُ أَبِي إِسْحَاقَ بنِ خُرَّشِيْذَ قُوْلَهْ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو مُعَاذٍ شَاهُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ المَالِيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ ضَيْفُونَ القُرْطُبِيُّ - لَقِيَ ابنَ الأَعرَابِيِّ -، وَيَحْيَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ الحَرْبِيُّ المُزَكِّي.
415 - الخَتَنُ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الإِسْتِرَابَاذِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الإِسْتِرَابَاذِيُّ ثُمَّ الجُرْجَانِيُّ الشَّافِعِيُّ، المَعْرُوفُ بِالخَتَنِ، كَانَ خَتَنَ الإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الإِسمَاعِيلِيِّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
كَانَ رَأْساً فِي المَذْهَبِ، صَاحِبَ وَجهٍ، مُقدَّماً فِي عِلمٍ الأَدبِ، وَفِي القِرَاءاتِ، وَمعَانِي القُرْآنِ، ذَكِيّاً، مُنَاظراً، كَبِيرَ الشَّأْنِ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي نُعَيْمٍ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَدِيٍّ وَطبَقَتِهِ بجُرْجَانَ، وَمِنْ عَبْدِ
__________
(*) طبقات العبادي: 111، تاريخ جرجان: 408 - 409، طبقات الشيرازي: 121، الأنساب: 5 / 47، اللباب: 1 / 422، وفيات الأعيان: 4 / 203، طبقات السبكي: 3 / 136 - 138، طبقات الاسنوي: 1 / 465 - 466، العبر: 3 / 33، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 62 / أ، الوافي بالوفيات: 2 / 338 - 339، النجوم الزاهرة: 4 / 175، طبقات المفسرين للداووي: 2 / 117 - 118، طبقات ابن هداية الله: 104 - 105، شذرات الذهب: 3 / 120.(16/563)
اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ فَارِس وَنَحْوِهِ بِأَصْبَهَانَ، وَمِنْ أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَكْثَرَ عَنِ الأَصَمِّ.
وَكَانَ مَعْنِيّاً بِالحَدِيْثِ، عَارِفاً بِهِ، شَرَحَ (التَّلْخِيْصَ) لأَبِي العَبَّاسِ بنِ القَاصِّ.
خَلَّفَ مِنَ الأَولاَدِ: أَبَا بِشْرٍ الفَضْلَ، وَأَبَا النَّضْرِ عَبْدَ اللهِ، وَأَبَا الحَسَنِ عَبْدَ الوَاسِعِ.
تَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَةٌ.
وَمَاتَ بجُرْجَانَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَدفنَ يَوْمَ النَّحْرِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: طَائِفَةٌ مِنْهُم الحَافِظُ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيُّ.
416 - ابْنُ أَخِي مِيْمِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ هَارُوْنَ البَغْدَادِيُّ الدَّقَّاقُ، أَحَدُ الثِّقَاتِ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ أَخِي مِيْمِي.
سَمِعَ: أَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ بنِ بُهْلُوْلٍ، وَأَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ، وَابنَ صَاعِدٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقَ، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَالِبٍ العُشَارِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ هَزَارْمَرْدَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، وَجَمَاعَةٌ كَثِيْرَةٌ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 465، العبر: 3 / 47، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 80 / ب، البداية والنهاية: 11 / 327، شذرات الذهب: 3 / 134.(16/564)
وَانْتَشَرَ حَدِيْثُهُ.
مَاتِ فِي سَلْخِ رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
وَقَعَ لَنَا باِلإِجَازَةِ أَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ حَدِيْثِهِ.
أَنْبَأَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ: أَنَّ الخضرَ بنَ كَامِلٍ السَّرُوْجِيَّ أَخْبَرَهُمْ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ السِّبْطُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْرِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَتْنَا أُمُّ نَهَارٍ، عَنْ عَمَّتِهَا أُمينةُ أَنَّهَا لَقِيَتْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - فَسَأَلَتْهَا عَنِ الحِنَّاءِ، فَقَالَتْ: لاَ بَأْسَ بِهِ، بَقْلَةٌ رَطْبَةٌ، وَلاَ تَقْرَبْنَهُ وَأَنْتُنَّ حُيَّضٌ، وَقَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْعَنُ القَاشِرَةَ وَالمَقْشُورَةَ، والواَصِلَةَ وَالمَوْصُولَةَ.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيبٌ فَرْدٌ (1) .
وَالمَقْشُورَةَ: الَّتِي تَقْشِرُ وَجْهَهَا بِالغُمْرَةِ (2) .
__________
(1) أخرجه أحمد 6 / 250 من طريق عبد الصمد.
حدثتنا أم نهار بهذا الإسناد وفيه " آمنة " بدل " أمينة " وسماها آمنة وأم نهار مجهولة، وكذا عمتها، فالسند ضعيف.
قال ابن الأثير في النهاية: القاشرة: التي تعالج وجهها أو وجه غيرها بالغمرة ليصفو لونها، والمقشورة: التي يفعل بها ذلك كأنها تقشر أعلى الجلد.
(2) الغمرة: قال أبو سعيد: الغمرة: تمر ولبن يطلى به وجه المرأة ويداها حتى ترق بشرتها.
وقال ابن سيده: الغمرة: الزعفران. وقيل: الورس. " لسان العرب ".(16/565)
تَمَّ بِعَوْنِهِ تَعَالى الْجُزْء السَّادِس عَشَر مِنْ (سِيَر أَعْلام النُّبَلاء) ، وَيَليه الْجُزْء السَّابع عَشَر، وَأَوله تَرْجَمَةُ: صَاحِبُ المَوْصِلِ، حُسَامُ الدَّوْلَةِ مُقَلِّدُ بنُ المُسَيَّبِ العُقَيْلِيُّ.
جاءَ فِي آخِرِ المُجَلَّدِ الْعَاشِرِ مِنَ الْأَصْلِ مَا نَصُّهُ:
تَمَّ الجزءُ الْعَاشِرُ مِنْ (سِيَرْ أَعْلاَمِ النُّبَلاَءِ) لِلشَّيخِ الإِمامِ العالمِ العاملِ الحجَّةِ النَّاقدِ البارعِ جَامعِ أَشتاتِ الفُنونِ مُؤرِّخِ الإسلامِ شَمسِ الدِّينِ أَبِي عَبدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ الذَّهَبِيِّ فَسَحَ اللهُ فِي مُدَّتِه.
وَهِي أوَّلُ نُسخةٍ نُسختْ مِن خَطِّ المُصنِّفِ وقُوبلَتْ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الإِمكانِ، وَللهِ الحمدُ والمِنَّةُ، وَبِه التَّوفِيقُ والعِصمةُ، وَيَتلُوه فِي الجُزءِ الَّذي يَلِيهِ - وَهُوَ المُجَلَّدُ الحَادِي عَشَر- صَاحِبُ المَوْصِلِ حُسَامُ الدَّوْلَةِ مُقَلِّدُ بنُ المُسَيَّبِ العُقَيْلِيُّ.
وَكَانَ الفرَاغُ مِنْهُ لَيْلَةَ الْأَحَدِ، لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَجَب، سَنةَ إِحدَى وأَرْبَعين وَسَبْع مائَة.(16/566)
الجُزءُ السَّابِعَ عَشَرَ
1 - صَاحِبُ المَوْصِلِ حُسَامُ الدَّوْلَةِ مُقَلِّدُ بنُ المُسَيَّبِ العُقَيْلِيُّ *
ابْنِ رَافِعِ بنِ المُقَلِّدِ العُقَيْلِيُّ.
تَغلَّبَ أَخُوْهُ أَبُو الزّوَّادِ (1) مُحَمَّدُ بنُ المُسَيَّبِ عَلَى المَوْصِلِ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَزَوَّجَ بِنتَه بِوَلدِ (2) عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ، فَتَمَلَّكَ مُقَلَّدٌ.
وَكَانَ عَاقِلاً، سَائِساً، خَبِيْراً، اتَّسَعتْ مَمَالِكُهُ، وَأَتَتْه خِلَعُ القَادِرِ بِاللهِ (3) ، وَاسْتَخدَمَ أُلُوْفاً.
__________
(*) الكامل لابن الأثير 9 / 125، 126 و133 - 135 و164، وفيات الأعيان 5 / 260 - 269، العبر 3 / 51، دول الإسلام 1 / 236، تاريخ الإسلام 4 / 87 / 2، تاريخ ابن خلدون 4 / 255 - 257، النجوم الزاهرة 4 / 203، شذرات الذهب 3 / 138، منية الأدباء في تاريخ الموصل الحدباء 46، 47.
(1) كذا الأصل، وفي " تاريخ الإسلام " و" الكامل ": " الذواد " بالذال المعجمة، وفي " وفيات الأعيان ": " الدواد " بالدال المهملة، وأشار محققه إلى أنه جاء في نسخة بالمعجمة، وفي أخرى: " الزواد " كما هو في أصلنا.
(2) وهو بهاء الدولة أبو نصر أحمد بن عضد الدولة، وسترد ترجمته في هذا الجزء برقم (106) .
(3) هو الخليفة العباسي أبو العباس أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر جعفر بن المعتضد البغدادي، المتوفى سنة 422 هـ، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.(17/5)
وَلَهُ شِعرٌ (1) وَأَدبٌ، وَفِيْهِ رَفضٌ.
وَثَبَ عَلَيْهِ مَمْلُوْكٌ فِي مَجْلِسِ أُنسِهِ، فَقَتَلَهُ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، لِكَوْنِهِ سَمِعَهُ يَقُوْلُ: لَوْلاَ ضَجِيعَاكَ لَزُرْتُكَ (2) .
رَثَاهُ الشَّرِيْفُ الرَّضِيُّ (3) ، وَجَمَاعَةٌ.
وَلَهُ أَخْبَارٌ فِي (تَاريخِ ابْنِ خَلِّكَانَ) .
وَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ مُعتَمِدُ الدَّوْلَةِ قِرْوَاشٌ (4) ، فَدَامتْ دَوْلَتُهُ نَحْواً مِنْ خَمْسِيْنَ سَنَةً.
2 - الطُّوْسِيُّ أَبُو الفَضْلِ نَصْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو الفَضْلِ نَصْرُ بنُ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ الطُّوْسِيُّ، العَطَّارُ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَة عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا مُحَمَّدٍ بن الشَّرْقِيّ، وَأَبَا حَامِدٍ بنَ بِلاَلٍ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ
__________
(1) انظر ما أورده ابن خلكان من شعره في " الوفيات " 5 / 262.
(2) الخبر بتمامه في " تاريخ الإسلام " 4 / 87 / 2، و" وفيات الأعيان " 5 / 263، و" النجوم الزاهرة " 4 / 203، و" شذرات الذهب " 3 / 138 وفيها " صاحباك " بدل " ضجيعاك ".
(3) بقصيدة مطلعها: أعامر لا لليوم أنت ولا الغد * تقلدت ذل الدهر بعد المقلد
وهي في " ديوانه " 1 / 369 - 373.
(4) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (427) .
(*) تاريخ الإسلام 4 / 50 / 1، تذكرة الحفاظ 3 / 1016، النجوم الزاهرة 4 / 166، طبقات الحفاظ 402، شذرات الذهب 3 / 106.(17/6)
المَحَامِلِيّ، وَابنَ مَخْلَد العَطَّار، وَابنَ عُقْدَة، وَمُحَمَّدَ بن الحُسَيْنِ القَطَّان، وَابنَ الأَعْرَابِيّ، وَمُحَمَّدَ بن وَرْدَان العَامِرِيّ، وَأَحْمَدَ بن زبَّان الكِنْدِيّ، وَابْن حَبِيْب الحَصَائِرِي (1) ، وَخَيْثَمَة، وَالرَّبِيْعَ بنَ سَلاَمَةَ الرَّمْلِيّ، وَطَبَقَتهُم.
وَكَانَ وَاسِع الرّحلَة، حَسنَ التَّصَانِيْف.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَالسُّلَمِيّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ أَحدُ أَركَانِ الحَدِيْثِ بِخُرَاسَانَ مَعَ مَا يَرجِعُ إِلَيْهِ مِنَ الدِّينِ وَالزُّهْدِ وَالسخَاء وَالتَّعصُّبِ لأَهْلِ السُّنَّة، أَوّلُ رحلتِهِ كَانَتْ إِلَى مَرْو، إِلَى اللَّيْثِ بن مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيّ.
قَالَ: وَمَا خلَّف يَوْم مَاتَ بِالطَّابَرَان (2) مِثلَه، وَأَمَّا عُلومُ الصُّوْفِيَّة وَأَخْبَارُهُم وَلُقِيُّ مَشَايِخهِم، فَإِنَّهُ مَا خلَّف فِي ذَلِكَ بِخُرَاسَانَ مثله (3) .
قُلْتُ: وَقَدْ صَحِبَ أَبَا بَكْرٍ الشِّبْلي بِبَغْدَادَ.
تُوُفِّيَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرْنَا ابْنُ عَسَاكِرَ (4) ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ، أَخْبَرَنَا زَاهِر، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ
__________
(1) هو أبو علي الحسن بن حبيب الدمشقي الحصائري، قال في " التوضيح " 1 / 205 / 2: ويقال فيه: الحصري.
وقد مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(2) قال ياقوت: هي إحدى مدينتي طوس، لان طوس عبارة عن مدينتين، أكبرهما طابران، والاخرى نوقان، وقد قيل لبعض من نسب إليها: الطبراني، والمحدثون ينسبون هذه النسبة إلى طبرية الشام.
(3) " تاريخ الإسلام " 4 / 50 / 1، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1016.
(4) هو أحمد بن هبة الله بن أحمد بن محمد الدمشقي، المتوفى سنة 699 هـ، ترجمه المؤلف في " مشيخته " ورقة 20 / 2.(17/7)
الطَّبِيْب، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَطَّار، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا مُنَبِّهُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُرْوَةَ بنِ رُوَيْم، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ مُؤْمِنِي الجِنِّ لَهُم ثَوَابٌ، وَعَلَيْهِم عِقَابٌ) .
فسأَلنَاهُ عَنْ ثَوَابِهِم وَعَنْ مُؤْمِنيهِم، قَالَ: (عَلَى الأَعْرَافِ وَلَيسُوا فِي الجَنَّةِ) .
قُلْنَا: وَمَا الأَعْرَافُ؟
قَالَ: (حَائِطُ الجَنَّةِ تَجرِي فِيْهِ الأَنْهَارُ، وَتَنبُتُ فِيْهِ الأَشجَارُ وَالثِّمَارُ) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ جِدّاً (1) .
3 - ابْنُ بُكَيْرٍ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ الصَّيْرَفِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، مُفِيْدُ بَغْدَادَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ البَغْدَادِيُّ، الصَّيْرَفِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا جَعْفَرٍ ابْنَ البَخْتَرِيّ (2) ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَعُثْمَان بن السَّمَّاكِ، وَالنَّجَّاد، وَطَبَقَتهُم.
__________
(1) هو في تاريخ ابن عساكر في ترجمة الوليد بن موسى، كما في تفسير ابن كثير 3 / 416، وقال العقيلي في " الضعفاء " الورقة 424: أحاديثه بواطيل، لا أصول لها، ليس ممن يقيم الحديث، وقال المؤلف رحمه الله في " الميزان ": قال الدارقطني: منكر الحديث، وقواه أبو حاتم، وقال غيره: متروك، ووهاه العقيلي وابن حبان، ونقل ابن حجر في " اللسان " عن الحاكم قوله: روى عن عبد الرحمن بن ثابت عن ثوبان أحاديث موضوعة.
وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 277، والدر المنثور 3 / 88 ونسبه إلى البيهقي في " البعث ".
(*) تاريخ بغداد 8 / 13، 14، تاريخ الإسلام 4 / 71 / 2، العبر 3 / 38، 39، تذكرة الحفاظ 3 / 1017، طبقات الحفاظ: 403، شذرات الذهب 3 / 128.
(2) هو محمد بن عمرو بن البختري الرزاز المحدث المشهور، المتوفى سنة 339 هـ، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.(17/8)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ شَاهِيْنٍ - وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ -، وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيّ، وَعُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَجَمَاعَة.
قَالَ الأَزْهَرِيّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: هَذَا الحَدِيْثُ كَتَبَه عَنِّي مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاق، وَالدَّارَقُطْنِيّ (1) .
قَالَ الأَزْهَرِيّ: كُنْت أَحضرُ عِنْدَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ أَجزَاء، فَأَنظُرُ فِيْهَا، فَيَقُوْلُ: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ: تَذكرُ لِي مَتْناً حَتَّى أُخبِركَ بِإِسْنَادِهِ، أَوْ تذكرُ إِسْنَاداً حَتَّى أُخبِرَكَ بِمَتنِهِ؟
فكُنْتُ أَذكرُ لَهُ المُتُوْنَ، فَيُحَدِّثُنِي بِأَسَانيدِهَا كَمَا هِيَ حِفْظاً، فعلتُ هَذَا مَعَهُ مِرَاراً كَثِيْرَةً، وَكَانَ ثِقَةً، لَكِنَّهُم حَسَدُوهُ، وَتَكَلَّمُوا فِيْهِ (2) .
قَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِس: كَانَ يَتسَاهلُ فِي الحَدِيْثِ، وَيُلْحِقُ فِي بَعْضِ أُصُوْلِ الشُّيُوْخِ مَا لَيْسَ مِنْهَا، وَيَصِلُ المَقَاطِيعَ (3) .
تُوُفِّيَ ابْنُ بُكَيْرٍ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَعَاشَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ - (4) .
__________
(1) " تاريخ الإسلام " 4 / 71 / 2، و" تاريخ بغداد " 8 / 13، والحديث ذكره الخطيب بإسناده عن ابن بكير ... عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر مناديا ينادي يوم خيبر بتحريم لحوم الحمر الاهلية.
قال ابن بكير: كتبه عني علي بن عمر الدارقطني، وعمر بن شاهين، وأبو بكر بن إسماعيل الوراق، وغيرهم.
(2) " تاريخ الإسلام " 4 / 71 / 2، و" تاريخ بغداد " 8 / 13، 14.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 14.
والمقطوع هو ما كان موقوفا على التابعي، وقد يعبر عنه بعضهم بالموقوف، ولكن يقيده، فيقول: هذا موقوف على ابن المسيب أو على نافع.
انظر " ألفية السيوطي " ص 22، و" تدريب الراوي " 1 / 184 و194.
(4) وقيل: توفي سنة ثلاث وثمانين. " تاريخ بغداد " 8 / 14. =(17/9)
4 - ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ القَيْرَوَانِيُّ المَالِكِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، الفَقِيْهُ، عَالِمُ أَهْلِ المَغْرِبِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زَيْدٍ القَيْرَوَانِيُّ، المَالِكِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ: مَالِكٌ الصَّغِيْرُ.
وَكَانَ أَحَدَ مَنْ بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعملِ.
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: حَازَ رِئاسَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَرُحَلَ إِلَيْهِ مِنَ الأَقطَار وَنَجُبَ أَصْحَابُهُ، وَكَثُر الآخذُوْنَ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي لَخَّصَ المَذْهَب، وَمَلأَ البِلاَدَ مِنْ تَوَالِيفِهِ، تَفَقَّهَ بِفُقَهَاء القَيْرَوَان، وَعوَّلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ اللَّبَّادِ.
وَأَخَذَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مَسرُورٍ الحجَّام، وَالعَسَّال، وَحَجّ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَتْحِ، وَالحَسَنِ بن نَصْرٍ السُّوسِيِّ، وَدرَّاسِ (1) بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَغَيْرهِم.
سَمِعَ مِنْهُ خَلقٌ كَثِيْر، مِنْهُم: الفَقِيْه عَبْد الرَّحِيْمِ (2) بن العَجُوز السَّبْتِي، وَالفَقِيْه عَبْد اللهِ بن غَالِب السَّبْتِي (3) ، وَعَبْد اللهِ بن الوَلِيْدِ بنِ سَعْد
__________
(*) الفهرست لابن النديم 253، طبقات الفقهاء للشيرازي: 135، ترتيب المدارك 4 / 492 - 497، فهرست ابن خير 244، تاريخ الإسلام 4 / 75 / 2، دول الإسلام 1 / 335، العبر 3 / 43، 44، عيون التواريخ 12 / 245 / 2، مرآة الجنان 2 / 441، الديباج المذهب 1 / 427 - 430، النجوم الزاهرة 4 / 200، شذرات الذهب 3 / 131، هدية العارفين 1 / 447، 448، شجرة النور 1 / 96، تكميل الصلحاء والأعيان لمعالم الايمان لابن ناجي: 306، وانظر " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 154 - 160.
(1) في الأصل: " دارس "، والمثبت من مصادر الترجمة، وهو مترجم في " ترتيب المدارك " 4 / 395.
(2) في الأصل: " عبد الرحمن " وهو خطأ، وهو عبد الرحيم بن أحمد الكتامي أبو عبد الرحمن، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (235) .
(3) سترد ترجمته برقم (349) .(17/10)
الأَنْصَارِيّ (1) ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ (2) بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَوْلاَنِيّ (3) .
صَنّف كِتَابَ (النَّوَادرِ وَالزِّيَادَاتِ (4)) فِي نَحْوِ المائَة جُزْء، وَاختصر (المُدَوَّنَةَ) ، وَعَلَى هَذَينِ الكِتَابَيْنِ المُعَوَّلُ فِي الفُتْيَا بِالمَغْرِب، وَصَنَّفَ (5) كِتَاب (العتَبِيَّة (6)) عَلَى الأَبْوَابِ، وَكِتَاب (الاقتدَاءِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ) ، وَكِتَابَ (الرِّسَالَةِ (7)) ، وَكِتَاب (الثِّقَةِ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ) ، وَكِتَاب (المَعرِفَةِ وَالتَّفْسِيْر (8)) ، وَكِتَاب (إِعجَاز القُرْآنِ) ، وَكِتَاب (النَّهْي عَنِ الجِدَالِ) ، وَرسَالته فِي الرَّدِّ عَلَى القَدَريَّةِ، وَرِسَالته فِي التَّوحيدِ، وَكِتَاب
__________
(1) سترد ترجمته برقم (447) .
(2) في الأصل: أبو أحمد بن عبد الرحمن، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وسترد ترجمته برقم (343) .
(3) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 492 - 494.
(4) هو الزيادات على " المدونة " للامام مالك، ويوجد من كتاب النوادر نسخة مخطوطة في مكتبة القرويين بفاس 841، 901.
(5) أي هذب.
(6) منسوبة إلى مصنفها محمد بن أحمد بن عبد العزيز عتبة العتبي القرطبي، المتوفى سنة 254، وهي مسائل في مذهب الامام مالك، وتسمى " المستخرجة العتبية " انظر الحديث عنها في " ترتيب المدارك " 3 / 145، 146، و" الديباج المذهب " 2 / 177، وقد هذبها ابن أبي زيد على الابواب.
(7) في الفروع المالكية. قال في " شجرة النور ": " وسأله تأليفها الشيخ محرز بن خلف التونسي، وهي أول تآليفه، ووقع التنافس في اقتنائها حتى كتبت بالذهب ".
وقد نشرت في فاس دون تاريخ، وفي القاهرة سنة 1338 هـ، وفي باريس سنة 1914 م مترجمة إلى الفرنسية، ونشرت مع ترجمة إنكليزية في لندن 1906، وطبعت وبهامشها الشرح المسمى " تقريب المعاني " للشيخ عبد المجيد الشرنوبي في بولاق سنة 1314 هـ، وفي مصر سنة 1320 و1331 هـ.
وعلى هذه " الرسالة " شروح كثيرة، طبع منها شرح الرسالة لأبي عبد الله محمد بن قاسم جسوس، في أربعة أجزاء بمدينة فاس سنة 1312 هـ، وشرح الرسالة لأبي الحسن علي بن محمد المنوفي الشاذلي، المتوفى سنة 939 هـ بعنوان " كفاية الطالب " مع حاشية على الشرح لعلي بن أحمد بن مكرم العدوي الصعيدي المنافسي، المتوفى سنة 1189 هـ.
(8) كذا في الأصل و" تاريخ الإسلام "، وفي " ترتيب المدارك " و" الديباج المذهب " و" شجرة النور ": " المعرفة واليقين ".(17/11)
(مَنْ تَحَرَّكَ عِنْدَ القِرَاءةِ (1)) .
وَقِيْلَ: إِنَّهُ صَنَعَ (رِسَالتَه) المَشْهُوْرَة وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَكَانَ مَعَ عظمتِهِ فِي العِلْمِ وَالعملِ ذَا برٍّ وَإِيثَارٍ وَإِنفَاقٍ عَلَى الطّلبَةِ وَإِحسَان.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ نفّذ إِلَى القَاضِي عَبْدِ الوَهَّابِ بن نَصْرٍ المَالِكِيّ (2) أَلفَ دِيْنَار، وَهَذَا فِيْهِ بُعْدٌ، فَإِنَّ عَبْد الوَهَّابِ لَمْ يشْتَهر إِلاَّ بَعْدَ زَمَانِ أَبِي مُحَمَّدٍ.
نَعم، قَدْ وَصلَ الفَقِيْهَ يَحْيَى بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ العُمَرِيَّ حِيْنَ قَدِمَ القَيْرَوَانَ بِمائَةٍ وَخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، وَجُهّزتْ بِنْتُ الشَّيْخِ أَبِي الحَسَنِ القَابسِي (3) بِأَرْبَع مائَة دِيْنَارٍ مِنْ مَالِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ (4) .
وَقِيْلَ: إِنَّ مُحرِزاً التُّوْنُسِيّ (5) أُتِيَ بِابنَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَهِيَ زَمِنَةٌ، فَدَعَا لَهَا، فَقَامَتْ، فَعَجِبُوا وَسَبَّحُوا اللهَ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا قُلْتُ إِلاَّ: بِحُرْمَةِ وَالدِهَا عِنْدَكَ اكشِفْ مَا بِهَا، فَشفَاهَا اللهُ (6) .
قُلْتُ: وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - عَلَى طَريقَةِ السَّلَفِ فِي الأُصُوْلِ، لاَ يَدْرِي الكَلاَمَ، وَلاَ يتَأَوَّلُ، فَنسأَلُ اللهَ التَّوفيق.
__________
(1) انظر جملة تآليفه في " ترتيب المدارك " 4 / 494، و" الديباج " 1 / 429، 430 وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " 2 / 160.
(2) سترد ترجمته برقم (287) .
(3) سترد ترجمته برقم (99) .
(4) " تاريخ الإسلام " 4 / 75 / 2.
(5) هو أبو محفوظ محرز بن خلف بن رزين، من نسل أبي بكر الصديق، من كبار الزهاد، تهافت عليه الناس للتبرك به وسماع كلامه، توفي سنة 413 هـ. انظر ترجمته في " شجرة النور الزكية " 2 / 202، 203.
(6) " تاريخ الإسلام " 4 / 75 / 2.(17/12)
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ بِالسِّيْرَة النَّبويَةِ (تَهْذِيْبِ ابْنِ هِشَام) عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ بِسَمَاعِهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بن الوردِ، لقِيَهُ بِمِصْرَ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَثَاهُ عِدَّةٌ مِنَ الشُّعَرَاء (1) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ: مَاتَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لِنِصْفِ شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَذَا أَرَّخَهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، وَأَرَّخ مَوْتَه القَاضِي عِيَاض (2) وَغَيْرهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
5 - أَبُو الهَيْثَمِ عُتْبَةُ بنُ خَيْثَمَةَ بنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، نُعْمَانُ زَمَانِه، القَاضِي، أَبُو الهَيْثَمِ عُتْبَةُ بنُ خَيْثَمَةَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَاتِمٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحَنَفِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَجَمَاعَة.
وَتَفَقَّه عَلَى أَبِي الحُسَيْنِ (3) النَّيْسَابُوْرِيّ قَاضِي الحَرَمَيْنِ.
وَصَارَ أَوحدَ عصرِهِ فِي المَذْهَبِ حَتَّى قِيْلَ: لَمْ يَبْقَ بِخُرَاسَانَ قَاضٍ حنفيٌّ إِلاَّ وَهُوَ يَنْتمِي إِلَيْهِ (4) .
قَالَ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَلِيمِيُّ: لَقَدْ بَارَكَ اللهُ فِي عِلمِ الفَقِيْهِ أَبِي الهَيْثَمِ، فلَيْسَ بِمَا وَرَاء النَّهرِ أَحدٌ يرجعُ إِلَى النَّظَرِ وَالجَدَلِ إِلاَّ مِنْ أَصْحَابه.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الحَاكِم فِي (تَارِيْخِهِ) حَدِيْثاً، وَعظّمه، وَأَثْنَى عَلَيْهِ.
__________
(1) انظر شيئا من رثائه في " ترتيب المدارك " 4 / 496، 497.
(*) العبر 3 / 94، 95، الجواهر المضية 2 / 511، كتائب أعلام الاخيار برقم 222، الطبقات السنية رقم (1398) ، شذرات الذهب 3 / 181، الفوائد البهية 115.
(2) في " ترتيب المدارك " 4 / 496.
(3) هو أحمد بن محمد بن عبد الله، تقدمت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) " الجواهر المضية " 2 / 511.(17/13)
بَقِيَ إِلَى حُدُوْدِ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
6 - الصَّيْمَرِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ الحُسَيْنِ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّة (2) ، وَعَالِمهُم، القَاضِي، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ الحُسَيْنِ الصَّيْمَرِيُّ، مِنْ أَصْحَابِ الوُجُوهِ.
تفقّه: بِأَبِي حَامِدٍ المَرْوَرُّوْذِيِّ (3) ، وَبأَبِي الفيَّاض (4) .
وَارْتَحَلَ الفُقَهَاءُ إِلَيْهِ إِلَى البَصْرَةِ، وَعَلَيْهِ تَفَقَّهَ أَقضَى القُضَاة المَاوردِي.
وَصَنَّفَ كِتَاب (الإِيضَاحِ فِي المَذْهَب) سَبع مُجَلَّدَات، وَكِتَابَ (القِيَاسِ وَالعللِ) ، وَغَيْر ذَلِكَ.
__________
(1) وقد أورده المؤلف في " العبر " في وفيات سنة 406، وهو تاريخ وفاته في " الجواهر المضية ".
(*) طبقات الفقهاء للشيرازي: 125، معجم البلدان 3 / 439، طبقات ابن الصلاح لوحة 62 / 2، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 265، عيون التواريخ 12 / 261، طبقات السبكي 3 / 339، طبقات الاسنوي 2 / 127، 128، طبقات ابن هداية الله: 129، 130، هدية العارفين 1 / 433، والصيمري: بصاد مهملة مفتوحة، ثم ياء ساكنة، بعدها ميم مفتوحة ضمها بعضهم، نسبة إلى " صيمر " - وفي معجم البلدان: صيمرة - نهر من أنهار البصرة عليه عدة قرى.
(2) وقد وهم القرشي، فأورده في كتابه: " الجواهر المضية في طبقات الحنفية " برقم (878) ، وقال: عالم من فقهاء خراسان، سكن البصرة، صاحب التصانيف.
(3) هو أحمد بن بشر بن عامر العامري المروروذي، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) هو أبو الفياض محمد بن الحسن بن المنتصر البصري، تفقه على أبي حامد المروروذي، درس بالبصرة، وعنه أخذ فقهاؤها، توفي في حدود سنة 385 هـ، مترجم في طبقات الشيرازي: 99، طبقات الاسنوي 1 / 192، 193، طبقات ابن الصلاح الورقة 10 أ، طبقات ابن هداية الله 116، هدية العارفين 2 / 54.(17/14)
وَقَدْ حدَّث ببَعْض كتبه فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ - (1) .
7 - ابْنُ أَبِي عَامِرٍ أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ القَحْطَانِيُّ *
المَلِكُ، المَنْصُوْرُ، حَاجِبُ المَمَالِكِ الأَنْدَلُسِيَّةِ، أَبُو عَامِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عَامِرٍ مُحَمَّدِ بن وَلِيْدٍ القحطَانِيُّ، المَعَافِرِيُّ، القُرْطُبِيُّ، القَائِمُ بِأَعبَاءِ دَوْلَةِ الخَلِيْفَةِ المَرْوَانِيِّ المُؤَيَّدِ بِاللهِ هِشَامِ بنِ الحَكَمِ أَمِيْرِ الأَنْدَلُسِ، فَإِنَّ هَذَا المُؤَيَّدَ اسْتُخلِفَ ابْنَ تِسْعِ سِنِيْنَ، وَرُدَّت مَقَالِيدُ الأُمُورِ إِلَى الحَاجِبِ هَذَا، فَيَعمَدُ إِلَى خَزَائِنِ كُتُبِ الحَكَمِ، فَأَبرَزَ مَا فِيْهَا، ثُمَّ أَفردَ مَا فِيْهَا مِنْ كُتُبِ الفَلْسَفَةِ، فَأَحرقَهَا بِمَشهَدٍ مِنَ العُلَمَاءِ، وَطَمَرَ كَثِيْراً مِنْهَا، وَكَانَتْ كَثِيْرَةً إِلَى الغَايَةِ، فَعَلَهُ تَقبِيحاً لِرَأْي المُستَنْصِرِ الحَكَمِ (2) .
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً، حَازماً سَائِساً، غَزَّاءً عَالِماً، جَمَّ المَحَاسِن، كَثِيْرَ الفُتوحَات، عَالِي الهمَّةِ، عَدِيْمَ النَّظير، وَسَيَأْتِي مِنْ أَخْبَاره فِي تَرْجَمَة المُؤَيَّد (3) .
دَام فِي المَملكَة نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَدَانت لَهُ الجَزِيْرَةُ (4) ، وَأَمنت
__________
(1) سيذكره المؤلف مع وفيات سنة 405 عقب ترجمة الحاكم رقم (100) .
* يتيمة الدهر 2 / 62، جذوة المقتبس 78، 79، الذخيرة في محاسن الجزيرة: القسم الرابع، المجلد الأول / 56 - 78، بغية الملتمس 105، تاريخ ابن الأثير 8 / 677 و9 / 33، 176، الحلة السيراء 1 / 268 - 277، تكملة الصلة 1 / 437، المغرب في حلي المغرب 1 / 199 - 203، البيان المغرب 2 / 301، تاريخ الإسلام 4 / 93 / 2، 94 / 1، العبر 3 / 56، دول الإسلام 1 / 237، الوافي بالوفيات 3 / 312، تاريخ ابن خلدون 4 / 147، نفح الطيب 1 / 396 - 423 و3 / 85 - 94، غزوات العرب 192، 193، شذرات الذهب 3 / 143، 144.
(2) " تاريخ الإسلام " 4 / 93 / 2، و" الوافي بالوفيات " 3 / 312.
(3) انظر الترجمة رقم (78) .
(4) يعني بلاد الأندلس.(17/15)
بِهِ، وَقَدْ وَزر لَهُ جَمَاعَة.
وَكَانَ المُؤَيَّد مَعَهُ صُورَةً بِلاَ معنَى، بَلْ كَانَ مَحجوباً لاَ يجْتَمع بِهِ أَمِيْرٌ وَلاَ كَبِيْر، بَلْ كَانَ أَبُو عَامِرٍ يدخُلُ عَلَيْهِ قصرَهُ، ثُمَّ يَخرجُ فَيَقُوْلُ: رَسمَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ بكذَا وَكَذَا، فَلاَ يُخَالفه أَحدٌ، وَإِذَا كَانَ بَعْد سَنَة أَوْ أَكْثَر، أَركبه فَرساً، وَجَعَلَ عَلَيْهِ بُرْنُساً، وَحَوْلَهُ جَوَارِيه رَاكبَات، فَلاَ يَعْرِفُه أَحد (1) .
وَقَدْ غَزَا أَبُو عَامِرٍ فِي مدَّته نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ غَزْوَة، وَكثُر السَّبيُ حَتَّى لأُبيعت (2) بِنْتُ عَظِيْمٍ ذَاتُ حُسنٍ بعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، وَلَقَدْ جَمع مِنْ غُبار غَزَوَاته مَا عُلمت مِنْهُ لَبِنَةٌ، وَأُلحدت عَلَى خَدِّه، أَوْ ذُرَّ ذَلِكَ عَلَى كَفنه (3) .
تُوُفِّيَ: بِأَقصَى الثُّغوْرِ، بِالبَطَنِ (4) ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ جَوَاداً، مُمَدَّحاً، مِعَطَاءً.
وَتملَّك بَعْدَهُ ابْنُهُ أَبُو مَرْوَانَ عَبْد المَلِكِ (5) .
8 - المَرْجِيُّ أَبُو القَاسِمِ نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّر، أَبُو القَاسِمِ نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الخَلِيْلِ
__________
(1) " تاريخ الإسلام " 4 / 93، 94.
(2) أباع الشئ: عرضه للبيع.
(3) " تاريخ الإسلام " 4 / 94 / 2، و" جذوة المقتبس " 79، و" الوافي " 3 / 312.
(4) البطن: هو مرض البطن كالاستسقاء ونحوه.
(5) هو الملك المظفر الحاجب، له ترجمة في " تاريخ الإسلام " 4 / 94 / 2، ونفح الطيب " 1 / 423.
(*) معجم البلدان 5 / 101، اللباب 3 / 194، تاريخ الإسلام 4 / 84 / 1.
والمرجي: نسبة إلى المرج، وهو عمل كبير من أعمال الموصل، يشتمل على قرى كثيرة،
ويعرف بمرج الموصل.(17/16)
المَوْصِلِيُّ، المَرْجِيُّ، الرَّاوِي عَنْ أَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ، بَلْ هُوَ خَاتِمَةُ مَنْ رَوَى عَنْهُ.
رَوَى عَنْهُ خلقٌ كَثِيْر، مِنْهُم: أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الهَمَذَانِيّ الكِسَائِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الخَبَّازِيُّ الحَافِظ، وَعُبَيْد اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى الرَّقِّيّ، وَقَاضِي المَوْصِل أَبُو جَعفرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ السِّمْنَانِي، وَالمُقْرِئُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ طَوقٍ.
وَمَا عَلِمْتُ فِيْهِ جرحاً.
وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ أَجَاز لِجَمَاعَةٍ، آخرهُم القَاسِمُ بنُ البُسْرِيِّ.
تُوُفِّيَ: فِي عَشْرِ المائَةِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
9 - ابْنُ جِنِّي أَبُو الفَتْحِ عُثْمَانُ بنُ جِنِّي المَوْصِلِيُّ *
إِمَامُ العَرَبِيَّة، أَبُو الفَتْحِ عُثْمَانُ بنُ جِنِّي المَوْصِلِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
__________
(*) يتيمة الدهر 1 / 108، الفهرست 95، تاريخ بغداد 11 / 311، 312، دمية القصر 3 / 1481 - 1485، نزهة الالباء 332 - 334، المنتظم 7 / 220، 221 وفيات سنة 392، معجم الأدباء 12 / 81 - 115، إنباه الرواة 2 / 335 - 340، اللباب 1 / 299، وفيات الأعيان 3 / 246 - 248، تاريخ أبي الفداء 2 / 136، العبر 3 / 53، دول الإسلام 1 / 236، تاريخ الإسلام 4 / 89 / 2، تلخيص ابن مكتوم 165، 166، عيون التواريخ وفيات سنة 392، مرآة الجنان 2 / 445، البداية والنهاية 11 / 331، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 123 - 126، النجوم الزاهرة 4 / 205، بغية الوعاة 2 / 132، مفتاح السعادة 1 / 134، 135، مسالك الابصار ج 4 مجلد 2 / 307، إشارة التعيين 30 / 1، الفهرس التمهيدي 298، شذرات الذهب 3 / 140، 141، روضات الجنات 466، حاشية البغدادي على شرح بانت سعاد لابن هشام 1 / 199 - 201.(17/17)
كَانَ أَبُوْهُ مَمْلُوكاً رُومِياً لِسُلَيْمَانَ بنِ فَهْدٍ المَوْصِلِيِّ (1) .
وَلَهُ تَرْجَمَة طَوِيْلَة فِي (تَاريخِ الأُدَبَاءِ) لِيَاقوتٍ.
لَزمَ أَبَا عَلِيٍّ الفَارِسِيَّ (2) دَهْراً، وَسَافَرَ مَعَهُ حَتَّى بَرَعَ وَصَنَّفَ، وَسَكَنَ بَغْدَاد، وَتَخَرَّجَ بِهِ الكِبَار.
وَلَهُ: (سِرُّ الصِّنَاعَةِ (3)) ، وَ (اللُّمَعُ) ، وَ (التَّصريفُ (4)) ، وَ (التَّلقينُ فِي النَّحْوِ) ، وَ (التَّعَاقبُ) ، وَ (الخصَائِصُ (5)) ، وَ (الْمَقْصُور وَالمَمْدُوْد) ، وَ (مَا يُذكَّرُ وَيُؤنَّثُ) ، وَ (إِعرَابُ الحمَاسَة) ، وَ (المُحْتَسَبُ فِي الشواذِّ) (6) .
__________
(1) وفي ذلك يقول ابن جني:
فإن أصبح بلا نسب * فعلمي في الورى نسبي
على أني أؤول إلى * قروم سادة نجب قياصرة
إذا نطقوا * أرم الدهر ذو الخطب
أولاك دعا النبي لهم * كفى شرفا دعاء نبي
انظر " إنباه الرواة " 2 / 335، 336، و" وفيات الأعيان " 3 / 246.
(2) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر نسخه الخطية في " تاريخ الأدب العربي " لبروكلمان 2 / 245، 246 (النسخة العربية) وقد نشر مصطفى السقا وآخرون الجزء الأول منه في مطبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة سنة 1954 م.
(4) طبع باعتناء هوبرغ في ليبزغ سنة 1885 م، وطبع مع شروح للشيخ محمد نعسان الحموي سنة 1331 هـ في مصر.
(5) طبع في مصر عام 1376 في دار الكتب المصرية في ثلاثة أجزاء بتحقيق الأستاذ محمد علي النجار.
(6) طبع في القاهرة سنة 1386 بإشراف المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، واسمه: " المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والايضاح عنها " وطبع لابن جني أيضا كتاب " المقتضب " في اسم المفعول الثلاثي المعتل العين سنة 1903 في ليبزغ، وطبع أيضا في القاهرة 1922 بعنوان " المقتضب من كلام العرب " ضمن ثلاث رسائل، معه رسالتان هما: " ما يحتاج إليه الكاتب من مهموز ومقصور وممدود " و" عقود الهمز وخواص أمثلة الفعل " ونشر =(17/18)
وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّد (1) .
خدم عَضُدَ الدَّوْلَة (2) وَابنَه، وَقرأَ عَلَى المُتَنَبِّي (دِيْوَانَه) ، وَشَرَحَهُ، وَلَهُ مُجَلَّد (3) فِي شرح بَيْتٍ لعضدِ الدَّوْلَة.
أَخَذَ عَنْهُ: الثمَانينِي (4) ، وَعَبْد السَّلاَمِ (5) البَصْرِيّ.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وُلِدَ: قَبْل الثَّلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ أَعورَ.
10 - الجُرْجَانِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ *
القَاضِي، العَلاَّمَة، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجُرْجَانِيُّ،
__________
= إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين الجزء الأول من كتاب " المنصف " شرح " تصريف " المازني في مطبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة سنة 1954.
وانظر جملة مصنفات ابن جني في " الفهرست " 95، و" معجم الأدباء " 12 / 109 - 113، و" إنباه الرواة " 2 / 336، 337.
(1) انظر شيئا من نظمه في " معجم الأدباء " و" إنباه الرواة ".
(2) هو أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة، الملقب بعضد الدولة، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) هو كتاب " البشرى والظفر " في تفسير هذا البيت: أهلا وسهلا بذي البشرى ونوبتها وباشتمال سرايانا على الظفر أوسع الكلام في شرحه واشتقاق ألفاظه.
(4) هو عمر بن ثابت أبو القاسم الثمانيني النحوي الضرير، إمام فاضل أديب، روى عنه الشريف يحيى بن طباطبا وغيره.
وله شرح " اللمع " وشرح " التصريف الملوكي "، مات سنة 442 هـ.
والثمانيني: نسبة إلى ثمانين: بليدة صغيرة بأرض الموصل، يقال: إنها أول قرية بنيت بعد الطوفان.
انظر ترجمته في وفيات الأعيان 3 / 443، 444، معجم الأدباء 16 / 57، 58، معجم البلدان 2 / 84، المنتظم 8 / 146، العبر 3 / 200، نكت الهميان 220، بغية الوعاة 2 / 217، شذرات الذهب 3 / 269.
(5) في الأصل: " السلمي " بدل " السلام " وهو خطأ، وهو عبد السلام بن الحسين بن محمد البصري اللغوي، متوفى سنة 405. مترجم في إنباه الرواة 2 / 175، 176، تاريخ بغداد 11 / 57، 58، المنتظم 7 / 273، 274، بغية الوعاة 2 / 95.
(*) يتيمة الدهر 4 / 3 - 26، طبقات العبادي 111، تاريخ جرجان 277، طبقات =(17/19)
الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ، الشَّاعِرُ، صَاحِبُ (الدِّيْوَانِ) المَشْهُوْرِ.
وَلِي القَضَاءَ فَحُمد فِيْهِ، وَكَانَ صَاحِبَ فُنُوْنٍ وَيدٍ طُولَى فِي برَاعَة الخطِّ.
ورد نَيْسَابُوْر فِي صِباهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَسَمِعَ الحَدِيْث.
وَقَدْ أَبَانَ عَنْ علمٍ غَزِيْرٍ فِي كِتَاب (الوسَاطَة بَيْنَ المُتَنَبِّي وَخُصومه (1)) ، وَلِي قَضَاء الرَّيِّ مُدَّة.
قَالَ الثَّعَالِبِيُّ (2) :هُوَ فردُ الزَّمَان، وَنَادرَةُ الْفلك، وَإِنسَانُ حدقَةِ العِلْم، وَقُبَّةُ (3) تَاج الأَدبِ، وَفَارسُ عَسْكَر الشِّعْرِ، يَجمع خطَّ ابْنِ مُقْلَة إِلَى نَثرِ الجَاحظ إِلَى نَظم البُحترِي.
قُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ تِيكَ الأَبيَات الفَائِقَة:
يَقُوْلُوْنَ لِي: فيكَ انقباضٌ، وَإِنَّمَا ... رأَوا رَجُلاً عَنْ موقفِ الذُّلِّ أَحجمَا (4)
__________
= الشيرازي ورقة 35، المنتظم 7 / 221، 222 معجم الأدباء 14 / 14، وفيات الأعيان 3 / 278 - 281، تاريخ الإسلام 4 / 89 / 2، 90 / 1، مرآة الجنان 2 / 386، طبقات السبكي 3 / 459، طبقات الاسنوي 1 / 348 - 351، البداية والنهاية 11 / 331، 332، النجوم الزاهرة 4 / 205، شذرات الذهب 3 / 56، 57.
(1) وقد طبع في صيدا عام 1331 هـ في 416 صفحة بتصحيح وشرح صاحب مجلة العرفان، وطبع أيضا في مصر بمطبعة عيسى البابي الحلبي.
(2) في " يتيمة الدهر " 4 / 3.
(3) في " اليتيمة ": و" درة ".
(4) وبعد هذا البيت قوله وهو من حر الشعر وكريمه:
أرى الناس من داناهم هان عندهم * ومن أكرمته عزة النفس أكرما
وما زلت منحازا بعرضي جانبا * من الذم أعتد الصيانة مغنما
إذا قيل هذا مشرب قلت قد أرى * ولكن نفس الحر تحتمل الظما
وما كل برق لاح لي يستفزني * ولا كل أهل الأرض أرضاه منعما
ولم أقض حق العلم إن كان كلما * بدا طمع صيرته لي سلما =(17/20)
مَاتَ: بِالرَّيّ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَنُقل تَابوتُه إِلَى جُرْجَانَ.
وَلَهُ (تَفْسِيْرٌ) كَبِيْر، وَكِتَاب (تَهْذِيْبِ التَّارِيْخِ) .
قَالَ الثَّعَالِبِيّ: تَرَقَّى مَحلُّ أَبِي الحَسَنِ إِلَى قَضَاء القُضَاة، فَلَمْ يعزلْه إِلاَّ مَوْتُه (1) .
وَقَالَ أَبُو سَعْدٍ الآبِي فِي (تَارِيْخِهِ) :كَانَ هَذَا القَاضِي لَمْ يَرَ لِنَفْسِهِ مثلاً وَلاَ مُقَارباً، مَعَ العفَّةِ وَالنَزَاهَةِ وَالعَدْل وَالصّرَامَة (2) .
تُوُفِّيَ: فِي الثَّالِث وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، سَنَة 396 (3) ، وَوَهِمَ ابْنُ خَلِّكَانَ (4) ، وَصحّح أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ 366.
وَإِنَّمَا ذَاكَ آخَرُ، وَهُوَ: المُحَدِّثُ
__________
= ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي * لاخدم من لاقيت لكن لاخدما
أأشقى به غرسا وأجنيه ذلة * إذن فاتباع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم * ولو عظموه في النفوس تعظما
ولكن أذلوه جهارا ودنسوا * محياه بالاطماع حتى تجهما
انظر " معجم الأدباء " 14 / 17، 18، و" يتيمة الدهر " 4 / 23، و" طبقات " السبكي 3 / 460.
(1) " يتيمة الدهر " 4 / 3، والذي اختاره للقضاء فخر الدولة علي بن ركن الدولة الحسين ابن بويه.
(2) " تاريخ الإسلام " 4 / 90 / 1.
(3) كذا الأصل، وفي " تاريخ الإسلام " و" طبقات السبكي " و" معجم الأدباء " و" البداية والنهاية " و" النجوم الزاهرة " أن وفاته سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة.
(4) في " وفيات الأعيان " 3 / 281، وتابعه ابن العماد في " الشذرات " فأورده في وفيات 366 هـ.(17/21)
11 - أَبُو الحَسَن
ِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الجُرْجَانِيُّ *
نَزِيْلُ نَيْسَابُوْرَ.
حَدَّثَ عَنْ: الفَرَبْرِي (بِالصَّحِيْح) ، وَعَنْ أَبِي بِشْر المُصْعَبِيّ (1) .
وهَّاهُ الحَاكِم، وَقَالَ: ظَهرت مِنْهُ المُجَازفَة، فتُرك، وَحَدَّثَنَا بِالعَجَائِب عَنِ المُصْعَبِيّ.
__________
(*) ميزان الاعتدال 3 / 112، المغني في الضعفاء 2 / 443، لسان الميزان 4 / 194، 195.
(1) هو أحمد بن محمد بن عمرو بن مصعب بن بشر بن فضالة، المصعبي الكندي المروزي، وقد أجمعوا على تركه.
انظر ميزان الاعتدال 1 / 149، واللباب 3 / 220.(17/22)
الطَّبقةُ الثَّانِيَةُ وَالعِشْرُونَ
12 - الخَطَّابِيُّ أَبُو سُلَيْمَانَ حَمْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، اللُّغَوِيُّ، أَبُو سُلَيْمَانَ حَمْدُ (1) بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ خَطَّابٍ البُسْتِيُّ، الخَطَّابِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيّ بِمَكَّةَ، وَمن إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّفَّار وَطبقتِه بِبَغْدَادَ، وَمن أَبِي بَكْرٍ بنِ دَاسَة (2) وَغَيْرِهِ بِالبَصْرَةِ، وَمن أَبِي
__________
(*) يتيمة الدهر 4 / 334 - 336، طبقات العبادي 94، المنتظم 6 / 397، الأنساب (البستي) 2 / 210، و (الخطابي) 5 / 145، فهرست ابن خير 201، معجم البلدان 1 / 415، معجم الأدباء 4 / 246 - 260 و10 / 268 - 272، إنباه الرواة 1 / 125، اللباب 1 / 151 و452، طبقات ابن الصلاح: الورقة 47 / 2، وفيات الأعيان 2 / 214 - 216، دول الإسلام 1 / 183، تذكرة الحفاظ 3 / 1018، العبر 3 / 39، تاريخ الإسلام 4 / 71 / 2، 72 / 1، تلخيص ابن مكتوم 20، مرآة الجنان 2 / 435، طبقات السبكي 3 / 282 - 290، طبقات الاسنوي 1 / 467، 468، البداية والنهاية 11 / 236، 237، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1 / 323، النجوم الزاهرة 4 / 199، بغية الوعاة 1 / 546، 547، طبقات الحفاظ 403، 404، مفتاح السعادة 2 / 17، شذرات الذهب 3 / 127، 128، خزانة الأدب 1 / 282، الرسالة المستطرفة 44.
(1) سيورد المؤلف الاختلاف في اسمه في الصفحة 26.
(2) وهو أحد رواة " السنن " عن أبي داود، وعلى روايته هذه اعتمد أبو سليمان في شرحه " معالم السنن ".(17/23)
العَبَّاس الأَصَمّ، وَعِدَّة بِنَيْسَابُوْرَ.
وَعُنِي بِهَذَا الشَّأْن مَتْناً وَإِسْنَاداً.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْ: أَبِي عَمْرٍو بنِ السَّمَّاكِ، وَمُكْرَمٍ القَاضِي، وَأَبِي عُمَرَ غُلاَم ثَعْلَب (1) ، وَحَمْزَة بنِ مُحَمَّدٍ العَقَبِي (2) ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدٍ الخُلْدِيّ.
وَأَخَذَ الفِقْهَ عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ القَفَّالِ الشَّاشِي، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَنُظَرَائِهِمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ (3) - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ فِي السِّنِّ وَالسَّنَد -، وَالإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ (4) ، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّزْجَاهِيُّ (5) ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو عُبَيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، وَأَبُو مَسْعُوْدٍ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَرَابِيْسِيّ، وَأَبُو ذَر عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ البَلْخِيّ الغَزْنوِي، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ المَرُّوْذِيّ المُجَاور، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الغزنوِي المُقْرِئ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ السِّجْزِيّ الفَقِيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الفَارِسِيّ الفَسَوِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيّ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُم.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَشُهْدَةُ بِنْتُ حسَّانٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ المَالِكِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، قَالَ: وَأَمَّا أَبُو
__________
(1) هو محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم، أبو عمر اللغوي المطرز الزاهد، المعروف بغلام ثعلب، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(2) نسبة إلى عقبة وراء نهر عيسى قريبة من دجلة بغداد. " الأنساب " 9 / 14.
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (100) .
(4) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (111) .
(5) بفتح الراء وسكون الزاي وفتح الجيم، نسبة إلى رزجاه: قرية من قرى بسطام.(17/24)
سُلَيْمَان الشَّارحُ لِكتَاب أَبِي دَاوُدَ، فَإِذَا وَقَفَ مُنصفٌ عَلَى مُصَنَّفَاته، وَاطَّلع عَلَى بَدِيْع تَصَرُّفَاتِه فِي مُؤَلَّفَاته، تَحقَّق إِمَامتَهَ وَديَانتَه فِيمَا يُورِدُهُ وَأَمَانتَه، وَكَانَ قَدْ رحلَ فِي الحَدِيْثِ وَقرَاءةِ العُلوم، وَطوّف، ثُمَّ أَلَّف فِي فُنُوْنٍ مِنَ العِلْم، وَصَنَّفَ، وَفِي شُيُوْخه كَثْرَةٌ، وَكَذَلِكَ فِي تَصَانِيْفِه، مِنْهَا (شَرْح السُّنَن) ، الَّذِي عَوّلْنَا عَلَى الشّروع فِي إِملاَئِه وَإِلقَائِه، وَكِتَابه فِي غَرِيْب الحَدِيْثِ، ذَكر فِيْهِ مَا لَمْ يذكرْهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَلاَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كتَابَيْهِمَا، وَهُوَ كِتَابٌ مُمتع مُفِيْد، وَمُحصِّلُه بِنِيَّةٍ مُوَفَّقٌ سَعِيْدٌ، نَاوَلَنيه القَاضِي أَبُو المَحَاسِنِ بِالرَّيّ، وَشَيْخُه فِيْهِ عَبْدُ الغَافِرِ الفَارِسِيّ يَرْوِيْهِ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَلَمْ يَقع لِي مِنْ تَوَالِيفه سِوَى هذَيْن الكتَابينِ مَنَاولَةً (1) لاَ سَمَاعاً عِنْد اجتمَاعِي بِأَبِي المَحَاسِن، لِعَارضَةٍ قَدْ بَرَّحت بِي، وَبلغتْ مِنِّي، لولاَهَا لمَا تَوَانيتُ فِي سَمَاعهِمَا، وَقَدْ رَوَى لَنَا الرَّئِيْس أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيّ كِتَاب (العُزلَة (2)) عَنْ أَبِي عَمْرٍو الرَّزْجَاهِي، عَنْهُ، وَأَنَا أَشكُّ هَلْ سَمِعتُه كَامِلاً أَوْ بَعْضه؟
إِلَى أَنْ قَالَ السِّلَفِيّ: وَحَدَّثَ عَنْهُ أَبُو عُبَيْدٍ الهَرَوِيّ فِي كِتَاب (الغَرِيْبين) ، فَقَالَ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَطَّابِي، وَلَمْ يُكَنِّه.
وَوَافقه عَلَى ذَلِكَ أَبُو مَنْصُوْرٍ الثَّعَالِبِيّ (3) فِي كِتَاب (اليَتيمَةِ) لَكِنَّهُ كَنَّاهُ.
وَقَالَ: أَبُو
__________
(1) المناولة: هي أن يناول الشيخ الطالب كتابا من سماعه، ويقول: ارو هذا عني، أو يملكه إياه، أو يعيره لينسخه ثم يعيده إليه، أو يأتيه الطالب بكتاب من سماعه، فيتأمله ثم يقول: اروعني هذا. ويسمى هذا عرض المناولة.
انظر " الباعث الحثيث " 123، 124، و" تدريب الراوي " 1 / 44 - 55.
(2) وقد طبع في القاهرة سنة 1937 م.
(3) ووافقهما على ذلك ياقوت في " معجم الأدباء " و" معجم البلدان " وقال: إنما ذكرته أنا في هذا الباب لان الثعالبي وأبا عبيد الهروي - وكانا معاصريه - سمياه أحمد، ثم نقل عن أبي سعد السمعاني قوله في كتاب مرو: سئل أبو سليمان عن اسمه، فقال: اسمي الذي سميت به حمد، لكن الناس كتبوه أحمد، فتركته عليه، ونقل ابن خلكان هذا القول للخطابي عن أبي عبد الله الحاكم، ووردت تسميته أحمد أيضا في " إنباه الرواة " و" خزانة الأدب ".(17/25)
سُلَيْمَان أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُسْتِيّ صَاحب (غَرِيْبِ الحَدِيْثِ) ، وَالصَّوَابُ فِي اسْمِهِ: حَمْدٌ (1) ، كَمَا قَالَ الجمُّ الغَفِيْرُ لاَ كَمَا قَالاَهُ.
وَقَالَ: أَحدُ الأُدَبَاء مِمَّنْ أَخَذَ عَنِ ابْنِ خُرَّزَاذ النَّجِيْرَمِيّ (2) :وَهُوَ أَبُو سُلَيْمَانَ حَمْد بن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الخَطَّابِ البُسْتِيّ مِنْ وَلدِ زَيْد بن الخَطَّابِ، وَلَهُ - رَحِمَهُ اللهُ - شِعْرٌ هُوَ سحر.
قُلْتُ: وَلَهُ (شَرْحُ الأَسْمَاء الحُسْنَى (3)) ، وَكِتَابُ (الغُنيَة عَنِ الكَلاَم وَأَهلِه) ، وَغَيْر ذَلِكَ (4) .
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ، وَشُهْدَةُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو المَحَاسِنِ الرُّويَانِي، سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ البَلْخِيّ، سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الخَطَّابِي، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ بن الأَعْرَابِيِّ وَنَحْنُ نَسْمَعُ عَلَيْهِ هَذَا الكِتَاب - يَعْنِي: (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) - يَقُوْلُ:
لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ العِلْمِ إِلاَّ المُصْحَفُ الَّذِي فِيْهِ كِتَابُ اللهِ، ثُمَّ هَذَا الكِتَاب، لَمْ يَحْتَجْ مَعَهَا إِلَى شَيْءٍ مِنَ العِلْمِ بَتَّة (5) .
__________
(1) بفتح الحاء وسكون الميم.
(2) نسبة إلى نجيرم: محلة بالبصرة.
(3) منه نسخة في المكتبة الظاهرية.
(4) وقد طبع من كتبه بالاضافة إلى كتاب " العزلة " كتاب " إصلاح غلط المحدثين " في القاهرة 1936 م وكتاب " بيان إعجاز القرآن " نشره عبد العليم في عليكره عام 1953 م، ونشره مرة ثانية محمد خلف الله، أحمد ومحمد زغلول سلام في القاهرة عام 1955 م.
وانظر جملة تصانيفه في " معجم لادباء " 4 / 252، 253، وانظر النسخ الخطية لبعضها في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 346، 347.
(5) ومن ثم صرح الامام الغزالي بأنها تكفي المجتهد في أحاديث الاحكام وتبعه أئمة على ذلك.
قلت: وهذا مبني على الغالب، وإلا ففي غير سنن أبي داود أحاديث كثيرة صحيحة في الاحكام لابد للمجتهد من النظر فيها، والرجوع إليها.(17/26)
قَالَ أَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّاب: تُوُفِّيَ الخَطَّابِي ببُسْتَ، فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَفِيْهَا مَاتَ: مُحَدِّثُ إِسْفَرَايِيْن أَبُو النَّضْرِ شَافعُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَوَانَة الإِسْفَرَايِيْنِيّ فِي عَشرِ التِّسْعِيْنَ، وَمُحَدِّث بُرُوْجِرْدَ (1) القَاضِي أَبُو الحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ البُرُوْجِرْدِيُّ فِي عشر المائَة - يَرْوِي عَنِ ابْنِ جَرِيْر، وَالبَاغَنْدِي -، وَمسندُ نَيْسَابُوْر أَبُو الفَضْلِ عُبَيْدُ اللهِ بن مُحَمَّدٍ الفَامِي، وَمُقْرِئُ مِصْر أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ عِرَاك الحَضْرَمِيّ، وَمُقْرِئُ العِرَاق أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الشَّنَبُوْذِي، وَشَيْخ الأَدبِ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ المُظَفَّر الحَاتِمِيُّ بِبَغْدَادَ، وَمُسندُ مَرْوَ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الحَدَّادِيُّ الفَقِيْهُ عَنْ مائَة عَام، وَعَالِمُ مِصْر أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأُدْفُوِيُّ (2) المُقْرِئ المُفَسِّر، وَمُحَدِّثُ مَكَّة أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بن أَحْمَدَ بنِ الدَّخِيل.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ كِتَابَةً، عَنْ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ سرُور الحَافِظ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ غَانِمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ البَلْخِيّ، حَدَّثَنَا حَمْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حُزَابَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا أَسباطٌ،
__________
(1) ضبط في الأصل بضم الباء، وكذا ضبطه السمعاني في " الأنساب " وتابعه ابن الأثير والسيوطي، وضبطه ياقوت في " معجم البلدان " بالفتح، ولم يتابع عليه.
(2) بضم الهمزة وسكون الدال وضم الفاء وسكون الواو، نسبة إلى أدفو، وهي قرية بصعيد مصر الأعلى بين أسوان وقوص.
وأبو بكر الأدفوي هذا مترجم في معجم البلدان 1 / 126، إنباه الرواة 3 / 186 - 188، العبر 3 / 41، تلخيص ابن مكتوم 224، الوافي بالوفيات 4 / 117، غاية النهاية رقم (3240) ، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 97، طبقات المفسرين للسيوطي 38، بغية الوعاة 1 / 189، حسن المحاضرة 1 / 209، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 194، كشف الظنون 79، 139، 441، 442، شذرات الذهب 3 / 130، تاج العروس: 10 / 128، هدية العارفين 2 / 56.(17/27)
عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الإِيْمَانُ قَيَّدَ الفَتْكَ، لاَ يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ (1)) .
وَهُوَ القَائِلُ:
وَمَا غُرْبَةُ (2) الإِنسَانِ فِي شُقَّةِ النَّوَى ... وَلَكنّهَا وَاللهِ فِي عَدَمِ الشَّكْلِ
وَإِنِّيْ غَرِيْبٌ بَيْنَ بُسْتٍ وَأَهْلِهَا ... وَإِنْ كَانَ فِيْهَا أُسرتِي وَبِهَا أَهْلِي (3)
13 - ابْنُ مَنْدَةَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الجَوَّالُ، مُحَدِّثُ الإِسْلاَم، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابْنُ المُحَدِّثِ أَبِي يَعْقُوْبَ إِسْحَاقَ ابْنِ الحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ
__________
(1) أسباط كثير الخطأ، ووالد السدي - واسمه عبد الرحمن بن أبي كريمة - مجهول الحال، وباقي رجاله ثقات، وهو في سنن أبي داود (2769) في الجهاد: باب في العدو يؤتى على غرة، وأخرجه الحاكم 4 / 352 من طريق إبراهيم بن إسحاق الزهري، حدثنا أسباط بهذا الإسناد، وله شاهد من حديث الزبير بن العوام عند احمد (1426) و (1427) و (1433) ورجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة الحسن، وآخر من حديث معاوية عند أحمد أيضا 4 / 92، والحاكم 4 / 353، وفي سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، وباقي رجاله ثقات، فالحديث قوي بشاهديه.
(2) في " يتيمة الدهر " ومعجم الأدباء 10 / 270: وما غمة.
(3) البيتان في " يتيمة الدهر " 4 / 335، و" معجم الأدباء " 4 / 254 و10 / 270، و" وفيات الأعيان " 2 / 214، 215، و" طبقات " الاسنوي 1 / 468، و" شذرات الذهب " 3 / 128، و" خزانة الأدب " 1 / 282.
(*) أخبار أصبهان 2 / 306، طبقات الحنابلة 2 / 167، مناقب الامام أحمد 518، المنتظم 7 / 232، الكامل في التاريخ 9 / 190، تاريخ الإسلام 4 / 99 / 1 - 100 / 1، العبر 3 / 59، تذكرة الحفاظ 3 / 1031، دول الإسلام 1 / 237، ميزان الاعتدال 3 / 479، الوافي بالوفيات 2 / 190، البداية والنهاية 11 / 336، طبقات القراء 2 / 98، لسان الميزان 5 / 70، النجوم الزاهرة 4 / 213، طبقات الحفاظ 408، شذرات الذهب 3 / 146، هدية العارفين 2 / 57.(17/28)
مَنْدَةَ - وَاسمُ مَنْدَةَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ سَنْدَةَ بنِ بطَّةَ بنِ أُسْتَنْدَارَ (1) بنِ جِهَارَ بُخْتَ، وَقِيْلَ: إِنَّ اسْمَ أُسْتَنْدَار هَذَا: فَيْرُزَانُ، وَهُوَ الَّذِي أَسلَمَ حِيْنَ افتَتَحَ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْبَهَانَ، وَوَلاَؤُهُ لِعَبْدِ القَيسِ، وَكَانَ مَجُوْسِيّاً فَأَسْلَمَ، وَنَابَ عَلَى بَعْضِ أَعمَالِ أَصْبَهَانَ - العَبْدِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، الحَافِظُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، أَوْ إِحْدَى عَشْرَةَ.
وَأَوّلُ سَمَاعه فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيهِ، وَعمِّ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يَحْيَى بنِ مَنْدَة، وَمُحَمَّدِ بن القَاسِمِ بنِ كُوْفِيٍّ الكَرَّانِي (2) ، وَمُحَمَّدِ بن عُمَرَ بنِ حَفْص، وَعَبْدِ اللهِ بن يَعْقُوْبَ بن إِسْحَاقَ الكَرْمَانِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ النَّضْرِ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ -، وَعَبْدِ اللهِ بن إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئ، وَمُحَمَّدِ بن حَمْزَةَ بن عُمَارَةَ، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ حَكِيْم، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ اللُّنْبَانِيِّ (3) ، وَخَلْقٍ بِأَصْبَهَانَ، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ وَطَبَقَتِه بِمَكَّةَ، وَجَعْفَرِ بن مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى العَلَوِيِّ بِالمَدِيْنَةِ، وَأَحْمَدَ بن زَكَرِيَّا المَقْدِسِيِّ، وَعِدَّةٍ ببَيْتِ المَقْدِسِ، وَأَبِي حَامِدٍ بنِ بِلاَلٍ، وَمُحَمَّدِ بن الحُسَيْنِ القَطَّانِ، وَأَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ المَيْدَانِيِّ، وَحَاجِبِ بن أَحْمَدَ، وَأَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَمِ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ عُمَرَ، وَالحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاذٍ قُوْهيَار، وَأَبِي عُثْمَانَ عَمْرِو بن عَبْدِ اللهِ
__________
(1) قال أبو نعيم في " أخبار أصبهان ": وأستندار: سمة للجيش.
(2) نسبة إلى كران: محلة بأصبهان.
(3) بضم اللام وسكون النون وفتح الباء الموحدة وفي آخرها النون، نسبة إلى محلة كبيرة بأصبهان، ولها باب يقال له: باب لنبان.(17/29)
البَصْرِيّ، وَطَبَقَتِهِم بِنَيْسَابُوْرَ، ارْتَحَلَ إِلَيْهَا أَوَّلاً وَعُمرُهُ تِسْعَ عشرَةَ سَنَة، وَسَمِعَ بِهَا نَحْواً مِنْ خَمْسِ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْث.
وَسَمِعَ بِبُخَارَى مِنَ الهَيْثَم بن كُلَيْب الشَّاشِي، وَطَائِفَة، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ إِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَأَبِي جَعْفَرٍ بنِ البَخْتَرِيِّ الرَّزَّاز وَطَبَقَتِهِمَا، وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنْ أَبِي الطَّاهِرِ أَحْمَد بن عَمْرٍو المَدِيْنِيّ، وَالحَسَنِ بن يُوْسُفَ الطَّرَائِفِيّ، وَأَحْمَد بن بُهزَادَ الفَارِسِيِّ وَأَقرَانِهم، وَبِسَرخسَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَل، وَبِمَرْوَ مِنْ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ مَحْبُوْب وَنُظَرَائِهِ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدِ بنِ صَالِحِ بنِ سِنَان القَنْطَرِي، وَجَعْفَرِ بن مُحَمَّدِ بنِ هِشَام، وَابْن أَبِي الْعقب، وَخَلْق.
وَبِطَرَابُلُس خَيْثَمَة بن سُلَيْمَانَ القُرَشِيّ، وَبحِمْص الحَسَن بن مَنْصُوْرٍ الإِمَام، وَبِتِنِّيس عُثْمَان بن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِي، وَبغَزَّةَ عَلِيّ بن العَبَّاسِ الغَزِّي، وَسَمِعَ مِنْ خلقٍ سِوَاهُم بِمدَائِنَ كَثِيْرَة.
وَلَمْ أَعلم أَحداً كَانَ أَوسعَ رِحلةً مِنْهُ، وَلاَ أَكْثَر حَدِيْثاً مِنْهُ مَعَ الحِفْظ وَالثِّقَة، فَبَلَغَنَا أَنَّ عِدَّة شُيُوْخه أَلفٌ وَسَبْعُ مائَةِ شَيْخٍ.
وَيَرْوِي بِالإِجَازَةِ عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَةَ، وَالفَضْلِ بن الحَصِيبِ، وَطَائِفَةٍ أَجَازوا لَهُ بِاعتنَاءِ أَبِيهِ وَأَهْلِ بَيْته، وَلَمْ يُعمَّر كَثِيْراً، بَلْ عَاشَ أَرْبَعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَأَخَذَ عَنْ أَئِمَّة الحُفَّاظِ: كَأَبِي أَحْمَدَ العسَّال، وَأَبِي حَاتِمٍ بن حِبَّانَ، وَأَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ، وَالطَّبَرَانِيِّ، وَأَمثَالِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحافَّظُ أَبُو الشَّيْخ - أَحَدُ شُيُوْخهِ -، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ غُنْجَار، وَأَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيّ، وَتَمَّامُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، وَحَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ البَاطِرْقَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الثَّقَفِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ(17/30)
بنُ أَحْمَدَ بنِ بُنْدَار الرَّازِيُّ، وَأَبُو المُظَفَّرِ عَبْدُ اللهِ بنُ شَبِيْبٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ البَقَّالُ، وَأَبُو طَاهِرٍ عُمَرُ بن مُحَمَّدٍ المُؤَدِّب، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ المُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّارُ الزَّاهِد، وَأَبُو الفَتْحِ طَاهِرُ بنُ مَمُّويه، وَأَبُو الحَسَنِ عَدنَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُؤَذِّن، وَأَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الوَرَّاقُ، وَحَمْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ وَلْكيزَ، وَأَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ المَرْزُبَانِ المُقْرِئُ الصَّيْدَلاَنِيّ، وَأَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ التَّاجِرُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُقْبَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَسلمٍ الصَّبَّاغُ الأَعْرَجُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ شَاذه الثَّقَفِيُّ الوَاعِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ شُجَاعٍ المَصْقَلِيُّ (1) ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ سِبْطُ الصَّالِحَانِي، وَأَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ النّقَّاشُ، وَحَمْدُ بنُ مُحَمَّدٍ العسَّال، وَزِيَادُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد
البَقَّالُ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الحَسْنَاباذِيُّ، وَشَيْبَانُ بنُ عَبْدِ اللهِ البُرْجِيُّ الوَاعِظ، وَطَلْحَةُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَهْرَامَ القَصَّار، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ زُفَرَ الدَّلاَّلُ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ المُعَلِّم، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بن سَلْهَب، وَأَخُوْهُ عُمَرُ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ القَطَّان، وَالفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ الأَعمَى، وَالفَضْلُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ النَّجَّاد، وَمُحَمَّد بن عُمَرَ البَقَّالُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَسِيدٍ الوَاعِظُ، وَمُحَمَّدُ بن عُمَرَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الطِّهْرَانِيّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ يَنَالَ الشَّاعِر، وَأَبُو طَاهِرٍ مُنتجِعُ بن أَحْمَدَ الأَنْصَارِيّ، وَالمُطَهَّرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البُزَانِيُّ، وَكَرِيْمَةُ بِنْت أَبِي سَعْدٍ التَّمِيْمِيُّ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ الحَسَنِ الوَركَانيَّةُ - مِنْ شُيُوْخ الخلاَّل - (2) ،
__________
(1) نسبة إلى جده مصقلة بن هبيرة. " اللباب " 3 / 221.
(2) هو الحسين بن عبد الملك الخلال، ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر، وشيخته عائشة الوركانية سترد ترجمتها في الجزء الثامن عشر.(17/31)
وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَبُّوْيَه الخَيَّاطُ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ المَعْدَانِي، وَأَبُو عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ وَرْقَاءَ، وَشُجَاعٌ المَصْقَلِي، وَخَلْقٌ، وَأَوْلاَدُه؛ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الوَهَّابِ، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَإِسْحَاقُ.
قَالَ البَاطِرْقَانِيُّ (1) :حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة إِمَامُ الأَئِمَّة فِي الحَدِيْثِ لقَّاهُ اللهُ رِضْوَانَه (2) .
وَقَالَ الحَاكِمُ: التَقَينَا بِبُخَارَى فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ زَادَ زِيَادَةً ظَاهِرَةً، ثُمَّ جَاءنَا إِلَى نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ ذَاهباً إِلَى وَطَنِه، فَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ: بَنو مَنْدَةَ أَعلاَمُ الحُفَّاظِ فِي الدُّنْيَا قَدِيْماً وَحديثاً، أَلاَ تَرَوْنَ إِلَى قَريحَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ (3) ؟
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا نُعَيْمٍ الحَافِظَ ذُكر لَهُ ابْنُ مَنْدَة، فَقَالَ: كَانَ جبلاً مِنَ الجِبَالِ (4) ، فَهَذَا يَقُوْلُه أَبُو نُعَيْمٍ مَعَ الوَحشةِ الشديدَةِ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ (5) .
__________
(1) هو أبو بكر أحمد بن الفضل الأصبهاني المقرئ الأستاذ، المتوفى سنة 460، ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1033، و" تاريخ الإسلام " 4 / 99 / 2.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1033.
(4) " تاريخ الإسلام " 4 / 99 / 2.
(5) وهي بسبب الخلاف المتأجج بين العلماء وقتئذ حول قضية اللفظ بالقرآن، أهو مخلوق أو غير مخلوق؟ وقد صنف أبو نعيم في ذلك كتابه في الرد على اللفظية والحلولية، ومال فيه إلى جانب النفاة القائلين بأن التلاوة مخلوقة، ومال ابن مندة إلى جانب من يقول: إنها غير مخلوقة، وحكى كل منهما عن الأئمة ما يدل على كثير من مقصودة لا على جميعه، فما قصده كل منهما من الحق وجد فيه من المنقول الثابت عن الأئمة ما يوافقه، انظر " بيان موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول " بهامش " منهاج السنة " 1 / 160.(17/32)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي ذُهل: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ مَنْدَة يَقُوْلُ:
لاَ يُخرِّجُ الصَّحِيْحَ إِلاَّ مَنْ يَنزِلُ فِي الإِسْنَاد أَوْ يَكذب (1) - يَعْنِي أَنَّ المَشَايِخ المُتَأَخِّرين لاَ يبلغُونَ فِي الإِتْقَان رُتْبَة الصّحَّة، فيقعُ فِي الكذبِ الحَافِظُ إِن خَرَّجَ عَنْهُم وَسَمَّاهُ صَحِيْحاً، أَوْ يَرْوِي الحَدِيْثَ بِنزُولِ درجَةٍ وَدرجتينِ -.
وَقِيْلَ: كَانَ ابْنُ مَنْدَةَ إِذَا قِيْلَ لَهُ: فَاتَكَ سَمَاعُ كَذَا وَكَذَا، يَقُوْلُ: مَا فَاتَنَا مِنَ البَصْرَة أَكْثَرُ (2) .
قُلْتُ: مَا دَخَلَ البَصْرَةَ، فَإِنَّهُ ارْتَحَلَ إِلَيْهَا إِلَى مُسنِدِهَا عَلِيِّ بنِ إِسْحَاقَ المَادَرَائِيِّ، فَبلغه مَوْتُه قَبْل وُصولِه إِلَيْهَا، فَحزِنَ وَرَجَعَ.
وَمن تَصَانِيْفِه: كِتَابُ (الإِيْمَان) ، كِتَابُ (التَّوحيد (3)) ، كِتَابُ (الصِّفَاتِ) ، كِتَابُ (التَّارِيْخِ) كَبِيْر جِدّاً، كِتَابُ (مَعْرِفَة الصَّحَابَةِ (4)) ، كِتَابُ (الكُنَى (5)) ، وَأَشْيَاءُ كَثِيْرَة.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: لابْنِ مَنْدَةَ فِي كِتَاب (مَعْرِفَة الصَّحَابَةِ) أَوهَامٌ كَثِيْرَة.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي (تَاريخِ أَصْبَهَان) :ابْنُ مَنْدَة حَافِظٌ مِنْ أَولاَد
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1033 و" تاريخ الإسلام " 4 / 99 / 2، و" الوافي " 2 / 190.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1033.
(3) منه نسخة خطية في الظاهرية بدمشق توحيد 36.
(4) منه نسخة خطية في دار الكتب المصرية، وفي الظاهرية حديث 344.
(5) واسمه: " فتح الباب في الكنى والألقاب " ويوجد منه نسخة خطية في برلين 9917.
وانظر النسخ الخطية لبقية مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 354، 355.(17/33)
المُحَدِّثِيْنَ، اخْتَلَط فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَحَدَّث عَنِ ابْنِ أَسِيد، وَابْن أَخِي أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيّ، وَابنِ الجَارُوْدِ بَعْدَ أَنْ سُمِعَ مِنْهُ أَنَّ لَهُ عَنْهُم إِجَازَةً، وَتَخَبَّط فِي أَمَاليه، وَنسبَ إِلَى جَمَاعَةٍ أَقوَالاً فِي المُعتقدَاتِ لَمْ يُعرفُوا بِهَا - نَسْأَلُ اللهَ السترَ وَالصِّيَانَة (1) -.
قُلْتُ: لاَ نعبأُ بِقَولكَ فِي خَصمكَ للعدواةِ السَّائِرَة، كَمَا لاَ نَسْمَعُ أَيْضاً قَوْلَه فِيك، فَلَقَدْ رَأَيْتُ لاِبْنِ مَنْدَة حَطّاً مُقذِعاً عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ وَتَبْدِيْعاً، وَمَا لاَ أُحِبُّ ذِكرَهُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فَصدوقٌ فِي نَفْسِهِ، غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي نَقلِهِ بِحمدِ الله.
قَالَ أَحْمَدُ البَاطِرْقَانِي: كتبَ إِمَامُ دَهْره أَبُو أَحْمَدَ العسَّال إِلَى ابْنِ مَنْدَة وَهُوَ بِنَيْسَابُوْرَ فِي حَدِيْثٍ أَشكَلَ عَلَيْهِ، فَأَجَابَهُ بِإِيضَاحِه، وَبيَان علّته (2) .
وَنقل غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بن حَمْزَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَة (3) .
أَنْبَأَنِي عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَطَائِفَةٌ، عَنْ زَاهِرِ بن أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ:
كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ: أَنَّ وَالدَه كتب عَنْ أَرْبَعَة مَشَايِخَ أَرْبَعَةَ آلاَفِ جُزءٍ، وَهُم: أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ، وَخَيْثَمَةُ الأَطْرَابُلُسِيُّ، وَالهَيْثَم الشَّاشِيُّ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كتبتُ عَنْ أَلفٍ وَسَبْعِ مائَة نَفْس (4) .
__________
(1) " ذكر أخبار أصبهان " 2 / 306.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034، و" تاريخ الإسلام " 4 / 99 / 2.
(3) " تاريخ الإسلام " 4 / 100 / 1.
(4) المصدر السابق.(17/34)
قَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُسْتَغْفرِي: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَة، سأَلتُه يَوْماً: كم تكُونُ سَمَاعَاتُ الشَّيْخ؟
فَقَالَ: تَكُون خَمْسَةَ آلاَف مَنٍّ (1) .
قُلْتُ: يَكُون المَنُّ نَحْواً مِنْ مُجلَّدينِ، أَوْ مُجَلَّداً كَبِيْراً.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الحَافِظ: كتبتُ عَنْ أَزيدَ مِنْ أَلفِ شَيْخٍ، مَا فِيْهِم أَحفظُ مِنِ ابْنِ مَنْدَة (2) .
وَقَالَ شَيْخُ هَرَاةَ (3) أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ (4) :أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ سَيِّدُ أَهْلِ زَمَانِهِ (5) .
وَأَنبؤونَا عَنْ زَاهِرٍ الثَّقَفيِّ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ الخلاَّلُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَوَارِس العَنْبَرِيّ، سَمِعَ أَبَا الحَسَنِ عَلِيَّ بن الحُسَيْنِ الإِسكَافَ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ مَنْدَةَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ ثَلاَثِيْنَ أَلفَ شَيْخٍ، فَعشرَةُ آلاَفٍ مِمَّنْ أَرْوِي عَنْهُم وَأَقتدِي بِهِم، وَعشرَةُ آلاَفٍ أَرْوِي عَنْهُم وَلاَ أَقتدِي بِهِم، وَعشرَةُ آلاَفٍ مِنْ نُظَرَائِي، وَلَيْسَ مِنَ الكُلِّ وَاحِدٌ إِلاَّ وَأَحفظُ عَنْهُ عَشْرَةَ أَحَادِيْثَ أَقلُّهَا.
__________
(1) " تاريخ الإسلام " 4 / 100 / 1، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1034 وفيه قال: المن يجئ عشرة أجزاء كبار، و" الوافي بالوفيات " 2 / 190، وفيه: خمسة آلاف صن، والصن بكسر الصاد: السلة المطبقة.
(2) " تاريخ الإسلام " 4 / 100 / 1، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1034.
(3) هراة: مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدن خراسان، قال ياقوت: لم أر بخراسان عند كوني بها في سنة 607 أجل ولا أعظم ولا أفخم ولا أحسن ولا أكثر أهلا منها. انظر " معجم البلدان " 5 / 395.
(4) هو الحافظ الامام الزاهد شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي بن محمد، من ذرية أبي أيوب الأنصاري، المتوفى سنة 481، وستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(5) " تاريخ الإسلام " 4 / 100 / 1، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1034.(17/35)
قُلْتُ: قَوْلُه: إِنَّهُ كتب عَنْ أَلفٍ وَسَبْع مائَة شَيْخٍ أَصحُّ، وَهُوَ شَيءٌ يقبله العقلُ، وَنَاهيكَ بِهِ كَثْرَةً، وَقلَّ مَنْ يبلُغُ مَا بلغه الطَّبَرَانِيُّ، وَشُيُوْخُه نَحْوٌ مِنْ أَلف، وَكَذَا الحَاكِمُ، وَابْنُ مَرْدَوَيْه - فَالله أَعلم -.
قَالَ الحَاكِمُ: أَوّلُ خُرُوْج ابْنِ مَنْدَة إِلَى العِرَاقِ مِنْ عِنْدنَا سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، فسَمِعَ بِهَا وَبِالشَّامِ، وَأَقَامَ بِمِصْرَ سِنِيْنَ، وَصَنَّفَ (التَّارِيْخَ) ، وَ (الشُّيُوْخ (1)) .
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ السُّوْذَرْجَانِيّ: سَمِعْتُ ابْنَ مَنْدَة يَقُوْلُ:
كتبتُ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ، لَمْ أَرَ فِيْهِم أَتقنَ مِنَ القَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العسَّال (2) .
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَظِيْمِ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُفَضَّلِ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا طَاهِر المَقْدِسِيّ، سَمِعْتُ سَعْد بن عَلِيٍّ الحَافِظ بِمَكَّةَ وَسُئِلَ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَابنِ مَنْدَة، وَالحَاكِمِ، وَعَبْدِ الغَنِيِّ (3) ، فَقَالَ: أَمَا الدَّارَقُطْنِيُّ فَأَعلمُهُم بِالعِلَل، وَأَمَّا ابْنُ مَنْدَةَ فَأَكْثَرُهُم حَدِيْثاً مَعَ المَعرفَةِ التَّامَة، وَأَمَّا الحَاكِمُ فَأَحسنهُم تَصنِيفاً، وَأَمَّا عَبْدُ الغَنِيّ فَأَعرفُهُم بِالأَنسَاب (4) .
قُلْتُ: بَقِيَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فِي الرّحلَةِ بِضْعاً وَثَلاَثِيْنَ سنَةً، وَأَقَامَ زمَاناً بِمَا وَرَاء النَّهر (5) ، وَكَانَ رُبَّمَا عَمل التِّجَارَة، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَده
__________
(1) " تاريخ الإسلام " 4 / 99 / 2.
(2) المصدر السابق.
(3) هو عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري الحافظ، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (164) .
(4) " تاريخ الإسلام " 4 / 99 / 2.
(5) يراد به ما وراء نهر جيحون بخراسان، فما كان في شرقيه يقال له: بلاد الهياطلة، وفي =(17/36)
وَقَدْ صَارَ فِي عَشر السَّبْعِيْنَ، فوُلد لَهُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْد اللهِ، وَعَبْدُ الرَّحِيْم، وَعَبْد الوَهَّابِ.
قَالَ الحَافِظُ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: كُنْتُ مَعَ عمِّي عُبَيْد اللهِ فِي طَرِيْقِ نَيْسَابُوْر، فَلَمَّا بلغْنَا بِئرَ مَجَنَّة، قَالَ عَمِّي: كُنْتُ هَا هُنَا مَرَّةً، فَعَرضَ لِي شَيْخٌ جَمَّال، فَقَالَ: كُنْتُ قَافلاً مِنْ خُرَاسَانَ مَعَ أَبِي، فَلَمَّا وَصلنَا إِلَى هَا هُنَا إِذَا نَحْنُ بِأَرْبَعِيْنَ وِقْراً مِنَ الأَحمَالِ، فَظنَنَّا أَنَّهَا مَنسوجُ الثِّيَابِ، وَإِذَا خَيمَةٌ صَغِيْرَةٌ فِيْهَا شَيْخ، فَإِذَا هُوَ وَالدُكَ، فَسَأَلَهُ بَعْضُنَا عَنْ تِلْكَ الأَحمَالِ، فَقَالَ: هَذَا مَتَاعٌ قلَّ مَنْ يرغب فِيْهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، هَذَا حَدِيْثُ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (1) .
قَالَ البَاطِرْقَانِي: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: طُفت الشَّرقَ وَالغربَ مرَّتين (2) .
وَهَذِه حِكَايَةٌ نكتبهَا للتعجُّبِ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ: حُكِي لِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الهَمَذَانِيِّ رَئِيْسِ حُجَّاجِ خُرَاسَانَ، قَالَ: سَأَلتُ بَعْضَ خَدَمِ تُربَة رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ مائَةٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، قَالَ: رَأَيْتُ يَوْماً رَجُلاً عَلَيْهِ ثِيَابٌ بيضٌ دَخَلَ الحَرَمَ وَقتَ الظّهرِ، فَانْشَقَّ حَائِطُ التُّرْبَة، فَدَخَلَ فِيْهَا وَبِيَدِهِ مِحبرَةٌ وَكَاغَدٌ وَقَلَمٌ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ انْشَقَّ فَخَرَجَ، فَأَخذتُ بِذَيلِهِ، فَقُلْتُ: بِحقِّ مَعبودِكَ مَنْ
__________
= الإسلام سموه: ما وراء النهر، وما كان في غربيه فهو خراسان وولاية خوارزم - وخوارزم ليست من خراسان، إنما هي إقليم برأسه، " معجم البلدان " 5 / 45.
(1) " تاريخ الإسلام " 4 / 100 / 1، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1035.
(2) " تاريخ الإسلام " 4 / 100 / 1، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1034، و" طبقات الحنابلة " 2 / 167 وتتمته فيه: فلم أتقرب إلى كل مذبذب، ولم أسمع من المبتدعين حديثا واحدا.(17/37)
أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، أَشكل عَلَيَّ حَدِيْثٌ، فَجِئتُ، فسأَلتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَنِي وَأَرجِعُ.
إِسْنَادهَا مُنْقَطِع.
وَقَدْ رَوَى أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا النَّسَوِيّ فِي (تَاريخِ الصُّوْفِيَّة) ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ مَنْدَة وَهُوَ بَعْدُ حَيٌّ.
قَالَ البَاطِرْقَانِي: وَكُنْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللهِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيْهَا، فَفِي آخِرِ نَفَسِه قَالَ وَاحِدٌ مِنَّا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله - يُرِيْدُ تَلْقينه - فَأَشَار بِيَدِهِ إِلَيْهِ دفْعَتَيْنِ ثَلاَثَةً، أَي: اسْكُتْ يُقَالُ لِي مِثْلُ هَذَا (1) !
رَوَى يَحْيَى بنُ مَنْدَة فِي (تَارِيْخِهِ) ، عَنْ أَبِيهِ وَعَمِّه: أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ قَالَ:
مَا افتصدتُ قَطُّ، وَلاَ شَرِبتُ دوَاءً قَطُّ، وَمَا قَبِلتُ مِنْ أَحدٍ شَيْئاً قَطُّ (2) .
قَالَ يَحْيَى: وَذَكَر لِي عَمِّي عُبَيْدُ اللهِ، قَالَ: قَفَلْتُ مِنْ خُرَاسَان وَمعِي عِشْرُوْنَ وِقْراً مِنَ الكُتُبِ، فنزلتُ عِنْد هَذَا البِئرِ - يَعْنِي بِئر مَجَنَّةَ - فَنزلتُ عِنْدَهُ اقتدَاءً بِالوَالدِ (3) .
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ (4) ، وَغَيْرهُ: مَاتَ ابْنُ مَنْدَةَ فِي سَلْخِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ أَفردتُ تَأْلِيْفاً بِابْنِ مَنْدَة وَأَقَارِبِه.
__________
(1) " تاريخ الإسلام " 4 / 100 / 1.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1034.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1035.
(4) في " ذكر أخبار أصبهان " 2 / 306.(17/38)
وَمَا علمتُ بَيْتاً فِي الرُّوَاة مِثْلَ بَيْتِ بنِي مَنْدَةَ؛ بَقيتِ الرِّوَايَةُ فِيْهِم مِنْ خِلاَفَةِ المُعْتَصِم وَإِلَى بَعْدَ الثَّلاَثِيْنَ وَسِتّ مائَة، وَقَدْ ذكرنَا أَنَّ وَالدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّيْخَ أَبَا يَعْقُوْبَ مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، يَرْوِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَجَمَاعَة.
وآخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ: وَلَدُه عَبْد الوَهَّابِ، عُمِّر زمَاناً، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ فِي كِتَاب (السَّابق) :أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ الأَصْبَهَانِيّ إِجَازَةً، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الجَوَّالُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ القَزْوِيْنِيّ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ يَحْيَى الأَصْبَهَانِيّ، حَدَّثَنَا سُعَيرُ بنُ الخِمْسِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلقَى اللهَ غَداً مُسلماً فليُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلواتِ الخمسِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنّ (1) .
قَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: وَأَمُّ أَولاَد أَبِي عَبْدِ اللهِ هِيَ: أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي سَعْدٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الشَّيْبَانِيِّ، وَلَهَا بِنتَانِ مِنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ الأَصْبَهَانِيِّ.
__________
(1) لم يرد هذا الخبر في المطبوع من " السابق " فيستدرك من هنا، وأخرجه مسلم (654) (657) في المساجد: باب صلاة الجماعة من سنن الهدى من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن الفضل بن دكين، عن أبي العميس، عن علي بن الاقمر، عن أبي الاحوص، عن عبد الله، وأخرجه أبو داود (550) من طريق هارون بن عباد الأزدي، عن وكيع، عن المسعودي، عن علي بن الاقمر، عن أبي الاحوص، وأخرجه ابن ماجة (777) من طريق محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن إبراهيم الهجري، عن أبي الاحوص، وأخرجه النسائي 2 / 108 من طريق سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن المسعودي، عن علي بن الاقمر، عن أبي الاحوص.(17/39)
قُلْتُ: النَّوَاحِي الَّتِي لَمْ يَرْحَلْ إِلَيْهَا أَبُو عَبْدِ اللهِ: هَرَاة وَسِجِسْتَان وَكرْمَان وَجُرْجَان وَالرَّيُّ وَقَزْوين وَاليَمَن وَغَيْر ذَلِكَ وَالبَصْرَة، وَرَحَلَ إِلَى خُرَاسَانَ وَمَا وَرَاء النَّهر وَالعِرَاقِ وَالحِجَازِ وَمِصْر وَالشَّام.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَة: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الجَهْم المُسْتَمْلِي يَقُوْلُ لِجليسٍ لَهُ بِحضرتِي: سَأَلتُ أَبَاهُ حِيْنَ وُلدَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَهَذَا الحَدِيْثُ فِي العَقيقَة صَحِيْح (1) ؟ فَكَأَنَّهُ فَهِمَ المَعْنَى، فَقَالَ: حَتَّى يُولد الآخرُ، فَإِنِّي رَأَيْتُ جَدِّي فِي المَنَامِ، وَأَشَار إِليَّ بِأَرْبَعٍ.
أَنْبَأَنَا الثِّقَةُ عَنْ مثلِه، عَنْ يَحْيَى بنِ مَنْدَة، قَالَ: سَمِعْتُ عمِّي عبد
__________
(1) أحاديث العقيقة القولية والفعلية التي فيها ذبح شاتين عن الغلام وشاة عن الانثى، صحت عن عائشة، وأم كرز، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عباس، أما حديث عائشة فأخرجه أحمد 6 / 31 و158، والترمذي (1513) ، وابن ماجة (3163) ، وصححه الترمذي، وابن حبان (1058) ، وحديث أم كرز أخرجه أحمد 6 / 381 و422، وأبو داود (2835) ، والنسائي 7 / 164، 165، والترمذي (1516) ، والحميدي (345) و (1451) والطيالسي (1634) ، وابن ماجة (3162) ، والدارمي 2 / 81، وعبد الرزاق (7954) ، والطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 457، وصححه الترمذي، وابن حبان (1059) ، والحاكم 4 / 237 وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه أحمد (6313) و (6822) ، وأبو داود (2842) ، والنسائي 7 / 162، وعبد الرزاق (7962) ، والطحاوي 1 / 461، وسنده حسن، وصححه الحاكم 4 / 238، ووافقه الذهبي، وحديث ابن عباس أخرجه النسائي 7 / 165، 166، وسنده قوي، وأخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 458 ولفظه " للغلام عقيقتان، وللجارية عقيقة "، وثمت أحاديث فعلية من حديث ابن عباس وأنس وعائشة وعلي أنه صلى الله عليه وسلم عق عن كل واحد من الحسن والحسين بكبش، فحديث ابن عباس عند أبي داود (2841) ، وابن الجارود (911) ، والبيهقي 9 / 299 و302، والطبراني في الكبير، وسنده صحيح، وحديث أنس عند الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 456، وصححه ابن حبان (1061) ، وحديث عائشة عند الطحاوي 1 / 460، وابن حبان (1056) ، والحاكم 4 / 237، وحديث علي عند الترمذي (1519) ، والحاكم 4 / 237.
وانظر خلاف العلماء فيما يذبح عن المولود الذكر يوم سابعه هل هو شاة أم شاتين في " تحفة المودود " لابن القيم، " وشرح السنة " للبغوي 11 / 264، 265، " ومشكل الآثار " للطحاوي 1 / 456، 458.(17/40)
الرَّحْمَن، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الطَّبَرَانِيّ يَقُوْلُ:
قُمْتُ يَوْماً فِي مَجْلِس وَالدِك - رَحِمَهُ اللهُ - فَقُلْتُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، فِيْنَا جَمَاعَةٌ مِمَّنْ يدخلُ عَلَى هَذَا المشؤومِ - أَعنِي أَبَا نُعَيْمٍ الأَشْعَرِيَّ -، فَقَالَ: أَخرجُوْهُم.
فَأَخْرَجْنَا مِنَ المَجْلِسِ فُلاَناً وَفلاَناً، ثُمَّ قَالَ: عَلَى الدَّاخلِ عَلَيْهِم حَرَجٌ أَنْ يَدخُلَ مَجلِسَنَا، أَوْ يَسمعَ منَّا، أَوْ يَرْوِي عَنَّا، فَإِنْ فعلَ فلَيْسَ هُوَ منَّا فِي حِلّ.
قُلْتُ: رُبَّمَا آل الأَمْرُ بِالمَعْرُوف بصَاحِبه إِلَى الغضبِ وَالحِدَّة، فيقعُ فِي الهِجْرَان المُحَرَّمُ، وَرُبَّمَا أَفضَى إِلَى التَّفكيرِ وَالسَّعْي فِي الدَّمِ، وَقَدْ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ وَافرَ الجَاهِ وَالحُرمَةِ إِلَى الغَايَة بِبَلَدِهِ، وَشَغَّب عَلَى أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ الحَافِظِ (1) ، بِحيث إِنَّ أَحْمَد اخْتَفَى.
وَلأَبِي عَبْدِ اللهِ كِتَابٌ كَبِيْرٌ فِي الإِيْمَان فِي مُجَلَّد، وَكِتَابٌ فِي النَّفْس وَالرُّوحِ، وَكِتَابٌ فِي الرَّدِّ عَلَى اللَّفظيَّةِ.
وَإِذَا رَوَى الحَدِيْثَ وَسكت، أَجَاد، وَإِذَا بوَّب أَوْ تَكَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ، انحرفَ، وَحَرْفَش (2) ، بَلَى ذَنْبُه وَذنبُ أَبِي نُعَيْمٍ أَنَّهُمَا يَرويَانِ الأَحَادِيْثَ السَّاقطَة وَالمَوْضُوْعَةَ، وَلاَ يَهتِكَانِهَا - فنسأَلُ اللهَ الْعَفو -.
وَقَدْ سَمِعْتُ جُمْلَةً مِنْ حَدِيْثِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بِإِجَازَةٍ، وَلَمْ يَقَعْ لِي شَيْءٌ متصلاً، وَكَانَ القَاضِي نَجمُ الدِّيْنِ بنُ حَمْدَانَ آخرَ مَنْ رَوَى حَدِيْثاً عَالِياً.
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الفَقِيْه فِي كِتَابِهِ سَنَةَ أَرْبَعٍ
__________
(1) يعني أبا نعيم الأصبهاني.
(2) أي: خلط.(17/41)
وَسَبْعِيْنَ وَسِتّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ القَادِرِ بن عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ بِحَرَّانَ سَنَة خَمْسٍ وَسِتِّ مائَة، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ مَنْدَةَ، أَخْبَرَنَا وَالدِي، أَخْبَرَنَا الهَيْثَمُ بنُ كُلَيْبٍ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَيُّوْبَ بنِ هَانِئ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ يَوْماً وَخَرَجتُ مَعَهُ حَتَّى انتَهَينَا إِلَى المقَابرِ، فَأَمَرَنَا، فَجَلَسْنَا، ثُمَّ تَخَطَّى القُبُوْر حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَبْرٍ مِنْهَا، فَجَلَسَ إِلَيْهِ، فَنَاجَاهُ طَوِيْلاً، ثُمَّ ارتَفَعَ نَحيبُ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاكياً، فَبكينَا لبُكَائِه.
ثُمَّ أَقبل إِلَيْنَا، فتلَقَّاهُ عُمرُ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله! مَا الَّذِي أَبكَاكَ؟ فَقَدْ أَبكَانَا وَأَفزَعَنَا.
فَأَخَذَ بِيَدِ عُمرَ، ثُمَّ أَومأَ إِلَيْنَا، فَأَتينَاهُ، فَقَالَ: (أَفزعَكُم بُكَائِي؟) .
قُلْنَا: نَعَمْ.
قَالَ: (إِنَّ القَبْرَ الَّذِي رأَيتمونِي عِنْدَهُ إِنَّمَا هُوَ قَبْر آمنَةَ بِنْتِ وَهبٍ، وَإِنِّي اسْتَأَذنتُ رَبِّي فِي الاسْتِغْفَار لَهَا، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، وَنَزَلَ عَلَيَّ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِيْنَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} ، الْآيَتَيْنِ [التَّوبَة:113، 114] فَأَخذنِي مَا يَأْخُذُ الوَلَدَ لوَالِدِه مِنَ الرِّقَّةِ، فَذَاكَ الَّذِي أَبكَانِي، إِنِّيْ كُنْتُ نَهَيتُكُم عَنْ زِيَارَةِ القُبُوْرِ، فَزُورُوهَا، فَإِنَّهُ يُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا وَيُذَكِّرُ الآخِرَةَ) .
هَذَا مِنْ غَرَائِب الحَدِيْث.
أَخرجه: ابْنُ مَاجة، عَنِ الثِّقَةِ (1) ، عَنِ
__________
(1) الذي في المطبوع من سنن ابن ماجة (1571) : حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، وأخرجه أيضا مختصرا البيهقي 4 / 77 من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن ابن وهب به.
وأخرجه ابن أبي حاتم عن أبيه، عن خالد بن خداش، عن ابن وهب وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 336 من طريق محمد بن يعقوب، عن بحر بن نصر، عن ابن وهب به، وقال: صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه هكذا بهذه السياقة إنما أخرج مسلم حديث يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة فيه مختصرا، وتعقبه الذهبي بقوله: أيوب بن هانئ ضعفه ابن معين.
وأخرج أحمد في " المسند " 5 / 355، والبيهقي في " سننه " =(17/42)
ابْنِ وَهْبٍ مُختصراً، وَأَيُّوْبُ هَذَا كُوْفِيٌّ، ضَعَّفَهُ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
14 - عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زُرْعَةَ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ القَزْوِيْنِيُّ *
ابْنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ بنِ مَتُّوْيَه القَزْوِيْنِيُّ، الحَافِظُ (1) .
ذَكَرَهُ الخَلِيْلِيُّ فِي (إِرشَادِه) فَقَالَ: حَافِظٌ، فَقِيْهٌ، عَارِفٌ بِالأَنسَابِ وَالتَّوَاريخِ، جَامِعٌ فِي العُلُومِ.
سَمِعَ: عَلِيَّ بن مِهْرَوَيْهِ، وَعَلِيّ بن إِبْرَاهِيْمَ القَطَّان، وَأَبَا عَلِيٍّ الصَّفَّار، وَبِوَاسِط عَبْد اللهِ بن شَوْذَب، وَبِالبَصْرَة مُحَمَّدَ بن جَعْفَرٍ الزِّئبقِي، وَابْن دَاسَة، وَرَجَعَ إِلَى قزْوِين، وَارْتَحَلَ ثَانياً إِلَى العِرَاقِ.
__________
= 4 / 76 من طريق زهير بن معاوية، عن زبيد بن الحارث اليامي، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكبا، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان، فقام إليه عمر بن الخطاب، ففداه بالاب والام، يقول: يا رسول الله مالك؟ قال: " إني سألت ربي عز وجل في الاستغفار لامي، فلم يأذن لي، فدمعت عيناي رحمة لها من النار، وإني كنت نهيتكم عن ثلاث: عن زيارة القبور، فزوروها لتذكركم زيارتها خيرا، ونهيتكم عن لحوم الاضاحي بعد ثلاث، فكلوا وأمسكوا ما شئتم، ونهيتكم عن الاشربة في الاوعية، فاشربوا في أي وعاء شئتم ولا تشربوا مسكرا " وإسناده صحيح، وأخرجه مسلم في صحيحه (977) دون قصة أمه من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن فضيل، عن ضرار بن مرة، عن محارب بن دثار به.
وقصة أمه أخرجها مسلم أيضا (976) من حديث أبي هريرة قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، فبكى وأبكى من حوله، فقال: " استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت " وفي الباب عن ابن عباس عند الطبراني في " الكبير " (49. 12) وفي سنده من لا يعرف.
(*) تاريخ الإسلام 4 / 103 / 2، التدوين في تاريخ قزوين لأبي القاسم الرافعي ورقة 258 / 2 - 260 / 1.
(1) يكنى أبا محمد.(17/43)
وَسَمِعَ بِمَكَّةَ الفَاكهِي، وَولِيَ القَضَاءَ بِخُرَاسَانَ، وَأَقَامَ بِهَا سِتّ سِنِيْنَ، وَكَتَبَ وَنَاظر وَاشْتُهِرَ فضلُه ثَمَّ.
وَكَانَ عَارِفاً بِمخَارج الأَحَادِيْث، لَمْ يُرَ أَجمع مِنْهُ.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَابنه: أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّد (1) بن عَبْدِ اللهِ، سَمِعَ بِالعِرَاقِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَابنَ شَاهِيْن، وَبَالأَهْوَاز ابْنَ عَبْدَان، قُتِلَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَع مائَة.
وَأَبُوْهُ أَبُو زُرْعَةَ ذُكر سَنَة 330 (2) .
15 - أَبُو زُرْعَةَ الكَشِّيُّ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجُنَيْدِ الجُرْجَانِيُّ، الْكَشِّيُّ.
وَكَشّ: مِنْ قُرَى جُرْجَان عَلَى ثَلاَثَة فِرَاسخ مِنْهَا - بشين مُعْجَمَة - فَأَمَّا كِس: الَّتِي بِمَا وَرَاء النَّهر، فمدينَةٌ صَغِيْرَةٌ مِنْهَا عَبْدُ بنُ حُمَيْد، بِكَسْر الكَاف وَبِمُهمَلَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ عَبْدَ المَلِكِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَدِيٍّ الجُرْجَانِيَّ، وَأَبَا
__________
(1) " التدوين " في تاريخ قزوين " ورقة 85 / 1.
(2) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(*) تاريخ جرجان 412 - 413، تاريخ بغداد 3 / 408 - 409، الإكمال 7 / 186، الأنساب 10 / 440، المنتظم 7 / 213، معجم البلدان 4 / 462، اللباب 3 / 100، المشتبه 2 / 553، تاريخ الإسلام 4 / 81 / 1، العبر 3 / 47، تذكرة الحفاظ 3 / 997، 998، تبصير المنتبه 3 / 1218، طبقات الحفاظ: 396، شذرات الذهب 3 / 134، هدية العارفين 2 / 56.(17/44)
العَبَّاس الدَّغُوْلِيّ، وَابنَ أَبِي حَاتِمٍ، وَمَكِّيَّ بنَ عَبْدَان، وَطَبَقَتهُم بِخُرَاسَانَ وَالعِرَاق وَالحِجَاز.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الغَنِيّ الحَافِظ، وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَاسِطِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيّ، وَحَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيُّ، وَطَائِفَة.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ (1) :جمع أَبُو زُرْعَةَ الْكَشِّيُّ الأَبْوَابَ وَالمَشَايِخ، وَكَانَ يفهم، أَمْلَى عَلَيْنَا بِالبَصْرَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ جَاوَرَ بِمَكَّةَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِهَا فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ الصَّالِحيّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحِنَّائِيّ، عَنْ أَبِي الفَضْلِ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ السَّعْدِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الغَنِيّ بنُ سَعِيْدٍ الحَافِظ، حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ بِمَكَّةَ - بَعْد جُهدٍ وَعنَاء -، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُوْلِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُشْكَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ أَبِي حِكِيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْر، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوفى قَالَ:
غزونَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبعَ غَزَوَاتٍ نَأْكلُ الجَرَاد.
هَذَا غَرِيْبٌ، وَإِنَّمَا المَحْفوظُ حَدِيْثُ سُفْيَان (2) عَنْ أَبِي يَعْفُور، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى.
__________
(1) في " تاريخ جرجان " 412.
(2) أخرجه من طريقه مسلم (1952) في الصيد والذبائح: باب إباحة الجراد، وأخرجه البخاري (5495) ، ومسلم (1952) من طرق عن شعبة، عن أبي يعفور، عن ابن أبي أوفى.(17/45)
16 - أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الرّحَّال، الصَّدُوْقُّ، أَبُو زُرْعَةَ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَكَمِ، الرَّازِيُّ الصَّغِيْرُ.
سَمِعَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن أَبِي حَاتِمٍ، وَالقَاضِي أَبَا عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيّ، وَابنَ مَخْلَد العَطَّار، وَعَلِيَّ بن أَحْمَدَ الفَارِسِيّ نَزِيْل بَلْخ، وَأَبَا حَامِدٍ بنَ بِلاَلٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ البُخَارِيَّ الأُسْتَاذ، وَأَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ، وَأَبَا الفَوَارِس أَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ الصَّابُوْنِيّ المِصْرِيّ، وَأَبَا الحُسَيْن الرَّزَاي وَالد تَمَّام، وَطَبَقَتهُم.
وَكَانَ وَاسِعَ الرّحلَة، جَيِّد المعرفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الفلاَّكِي، وَعَبْدُ الغَنِيّ الأَزْدِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُوْدِيّ، وَأَبُو زُرْعَةَ رَوْحُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيّ، وَعَلِيّ بن المُحَسِّن التَّنُوْخِيّ، وَخَلْق.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ.
وكَانَتْ رحلتُهُ إِلَى بَغْدَادَ فِيمَا نَقله التَّنُوْخِيّ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَهُوَ حَدَثٌ لَهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً (1) .
قُلْتُ: قَدْ سأَله حَمْزَة السَّهْمِيُّ عَنِ الجَرح وَالتَّعديل.
مَاتَ: بطرِيق مَكَّة قَدِيْماً فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
__________
(*) تاريخ بغداد 4 / 109، تاريخ الإسلام 4 / 16 / 2، تذكرة الحفاظ 3 / 999، 1000، العبر 2 / 368، النجوم الزاهرة 4 / 147، طبقات الحفاظ 396، شذرات الذهب 3 / 84.
(1) " تاريخ بغداد " 4 / 109.
(2) المصدر السابق.(17/46)
وكُنْتُ وَقَدْ وَقفتُ عَلَى تَأْلِيْفٍ كَبِيْرٍ فِي السُّنَن، وَهُوَ نَاقصٌ، فِيْهِ أَحَادِيْثُ غَرِيْبَة، فَقِيْلَ: إِنَّهُ تصنيفُه.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ (1) اليُونِينِي، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُعَمَّر بنُ مُحَمَّدٍ الحَبَّال بِالكُوْفَةِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الجَعْفَرِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بنُ حَمَّاد بِنصيبين، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ سيَّار، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ قَالَ:
قَالَ لِي هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: تشربُ النَّبِيذ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
__________
(1) في الأصل: أبو الحسن، وهو خطأ، والتصويب من ترجمته في " مشيخة " المؤلف ورقة 99 قال: علي بن محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله ... الامام المحدث الفقيه الأوحد، بقية السلف، شرف الدين، أبو الحسين بن الامام الرباني الفقيه أبي عبد الله، اليونيني الحنبلي، شيخنا ومفيدنا، ولد في رجب سنة إحدى وعشرين وست مئة، وسمع من: البهاء عبد الرحمن حضورا، ومن ابن الصباح، وابن الزبيدي، وابن اللتي، ومكرم، وعبد الواحد بن أبي المضاء، وابن رواج، وخلق سواهم بمصر والشام، واستنسخ " صحيح " البخاري، وحرره، حدثني أنه قابله في سنة واحدة، وأسمعه إحدى عشرة مرة، وروى الكثير، وكان شيخا مهيبا منورا، حلو المجالسة، كثير الافادة، قوي المشاركة في العلوم، حسن النشر، مليح التواضع، أكثرت عنه ببعلبك وبدمشق، دخل في أول رمضان سنة إحدى وسبع مئة خزانة الكتب ببعلبك، فدخل إليه رجل مضطرب العقل، فضربه بسكين..في دماغه، بقي أياما، وتوفي إلى رحمة الله، واليونيني: نسبة إلى قرية من قرى بعلبك اسمها " يونين " - بضم الياء وكسر النون الأولى - وسماها ياقوت في " معجم البلدان " والفيروز أبادي في " القاموس " - يونان - بفتح النون الأولى - وقال الزبيدي في " تاج العروس ": ويقال فيها يونين أيضا وهو المعروف.
قلت: ونسخة أبي الحسين اليونيني من " صحيح " البخاري والمسماة باليونينية، هي أعظم أصل يوثق به في نسخ " صحيح " البخاري، وهي التي جعلها الامام القسطلاني عمدته في تحقيق متن الكتاب وضبطه حرفا حرفا وكلمة كلمة، وهذه هي أكبر ميزة لشرح القسطلاني المسمى " إرشاد الساري "، وعن النسخة اليونينية طبعت الطبعة السلطانية التي أمر بطبعها السطان عبد الحميد رحمه الله طبعت بمصر في المطبعة الاميرية في سني 1311 - 1313 هـ ثم الطبعة التالية لها طبعت على مثالها في المطبعة الاميرية سنة 1314 هـ، وعلى النسخة السلطانية تم طبع صحيح البخاري في مصر في مطبعة مصطفى البابي الحلبي سنة 1378 هـ 1958 م بتقديم العلامة الشيخ أحمد شاكر رحمه الله.(17/47)
قَالَ: فَلاَ تشربْهُ، فَإِنَّ أَبِي، حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ حرَامٌ أَوّلُه وآخِرهُ) .
أَبُو الفَضْلِ لاَ أَعرفه، وَالخَبَر مُنكر (1) .
17 - أَبُو زُرْعَةَ الأَسْتَرَابَاذِيُّ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ *
هُوَ: الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الجَوَّالُ، أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بُنْدَارَ الأَستَرَابَاذيُّ، المُلَقَّب: بِاليَمَنِيِّ؛ لِسُكنَاهُ مُدَّةً بِاليَمَنِ (2) .
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاج، وَعَلِيَّ بن الحُسَيْنِ بنِ مَعْدَانَ الفَارِسِيّ، وَأَبَا عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيّ، وَأَبَا القَاسِم البَغَوِيّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بن صَاعِدٍ، وَطَبَقَتهُم.
وَلَهُ رحلَةٌ طَوِيْلَةٌ، وَمَعْرِفَةٌ جليلَةٌ، وَجمعٌ وَتَأْلِيْف.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيّ، وَحَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اليَزْدِيّ، وَآخَرُوْنَ.
بقِي إِلَى حُدُوْد نَيِّف وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَإِنَّمَا أَخَّرتُه عَنْ طَبقته قَلِيْلاً
__________
(1) أي بزيادة أوله وآخره، أما لفظ " كل مسكر حرام " فهو صحيح، فقد أخرجه مالك 2 / 845 في الاشربة باب تحريم الخمر، والبخاري 10 / 35 في الاشربة: باب الخمر من العسل وهو البتع، ومسلم (2001) في الاشربة أيضا: باب بيان أن كل مسكر خمر، كلهم من حديث عائشة بلفظ " كل شراب أسكر فهو حرام " وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند البخاري 8 / 50، ومسلم 3 / 1586 رقم الحديث الخاص (70) بلفظ " كل مسكر حرام " وعن ابن عمر عند مسلم (2003) بلفظ " كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام ".
(*) تاريخ جرجان: 495، تذكرة الحفاظ 3 / 998، 999، طبقات الحفاظ: 396.
والاستراباذي ضبط في الأصل بفتح التاء، وهو الموافق لما ضبطه ياقوت في " معجمه "، وضبطه السمعاني بكسر الهمزة والتاء، وتابعه على ذلك ابن الأثير في " اللباب "، والسيوطي في " لب اللباب "، وهذه النسبة إلى إستراباذ: بلدة كبيرة مشهورة أخرجت خلقا من أهل العلم في كل
فن، وهي من أعمال طبرستان بين سارية وجرجان.
(2) في " تاريخ جرجان ": ويقال له: العطاري، لأنه حافد محمد بن بندار العطار.(17/48)
لأَجمعَ بَيْنَ آبَاء زُرْعَة رَحِمَهُمُ الله جُمْلَةً.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّلْم (1) ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ الأَوَقِي (2) ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بِإِسْتِرَاباذ، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاج قَالَ:
قُلْتُ لقُتَيْبَة: أَخبركُم مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (صَلاَةُ الجَمَاعَة تفضُلُ عَلَى صَلاَةِ الفَذِّ بِسبعٍ وَعِشْرِيْنَ دَرَجَة) ، فَأَقَرَّ بِهِ، وَقَالَ: نَعَمْ (3) .
18 - أَبُو زُرْعَةَ الأَسْتِرَابَاذِيُّ أَحْمَدُ بنُ بُنْدَارَ بنِ مُحَمَّدٍ
آخَرُ، هُوَ قَاضِي إِسْتِرَباذَ، أَبُو زُرْعَةَ أَحْمَدُ بنُ بُنْدَارَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) ترجمة المؤلف في " مشيخته " ورقة 151، فقال: محمد بن محمد بن سالم بن يوسف بن صاعد بن السلم، القاضي الجليل العالم، جمال الدين، أبو المكارم بن القاضي الأوحد نجم الدين بن قاضي القضاة شمس الدين سالم القرشي النابلسي الشافعي، قاضي القدس ونابلس، حدثنا عن أبي علي الاوقي، ولد سنة عشرين وست مئة بنابلس، وبها توفي في ربيع الأول سنة أربع وتسعين وست مئة.
(2) هذه النسبة إلى " أوه " بفتحتين وفي آخرها هاء.
قال ياقوت في " معجم البلدان " 1 / 283: قرية بين زنجان وهمذان، منها الشيخ الصالح الزاهد أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف الاوقي، لقيته بالبيت المقدس تاركا للدنيا، مقبلا على قراءة القرآن، مستقبلا قبلة المسجد الاقصى، وسمعت عليه جزءا، وكتبت عنه، وسألته عن نسبه، فقال: أنا من بلد يقال له: أوه، فقال لي السلفي الحافظ: ينبغي أن تزيد فيه قافا للنسبة، فلذلك قيل لي الاوقي. وقد علق العلامة المعلمي اليماني على قول السلفي في حواشيه على " الأنساب " 1 / 388 بقوله: ليست بزيادة، وإنما هي إبدال الهاء الساكنة في آخر الكلمة الاعجمية قافا كنظائره.
(3) هو في " الموطأ " 1 / 129 في صلاة الجماعة: باب فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2 / 112، والبخاري 2 / 30 في الاذان: باب فضل صلاة الجماعة، والنسائي 2 / 103 وأخرجه الترمذي (215) وابن ماجة (789) وأحمد 2 / 102 من طرق عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر.
(*) تاريخ جرجان: 470، تذكرة الحفاظ 3 / 1001.(17/49)
مِهْرَانَ العَيْشِيُّ (1) ، الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ، مِنْ كِبَارِ تَلاَمِذَةِ أَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
يَرْوِي عَنِ الحَافِظ حَفْصِ بن عُمَرَ الأَرْدَبيلِي وَنَحْوه.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيّ: مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
فهَذَا أَبُو زُرْعَةَ الإِستِرَابَادِيّ الصَّغِيْر.
19 - أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ الصَّغِيْرُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ *
هُوَ: الإِمَامُ، المُحَدِّثُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي دُجَانَةَ عَمْرِو بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَفْوَانَ النَّصْرِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ ابْنِ أَخِي الحَافِظِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ الكَبِيْرِ.
حَدَّثَ عَنْ: الحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ جُمعَة، وَإِبْرَاهِيْم بن دُحَيْم، وَجَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ: تَمَّامُ الرَّازِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ مهنَّا، وَغيرهُمَا.
مَاتَ قَبْل السِّتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَمَا أَبُو زُرْعَةَ النَّصْرِي الدِّمَشْقِيّ فمَشْهُوْر (2) ، مَاتَ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) في الأصل: " العبسي " بالباء الموحدة، والسين المهملة، والصواب ما أثبتناه، كما في " مشتبه " المؤلف 2 / 436، وتوضيح ابن ناصر الدمشقي 2 / 137، وتبصير ابن جحر 3 / 986، والعيشي: نسبة إلى عايش بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة، ويقال: العايشي.
(*) تذكرة الحفاظ 3 / 1001.
(2) مرت ترجمته في الجزء الثالث عشر رقم (146) .(17/50)
20 - أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ رَوْحُ بنُ مُحَمَّدٍ *
ثَلاَثَةٌ: فَالكَبِيْرُ مِنْ أَقْرَانِ البُخَارِيِّ مَرَّ (1) ، وَالأَوسَطُ ذَكَرتُهُ الآنَ (2) ، وَالأَصغَرُ هُوَ العَلاَّمَةُ قَاضِي أَصْبَهَانَ، أَبُو زُرْعَةَ رَوْحُ بنُ مُحَمَّدٍ سِبْطِ الحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ بنِ السُّنِّيِّ (3) .
سَمِعَ مِنْ: إِسْحَاق بن سَعْدٍ النَّسَوِيّ، وَجَعْفَرِ (4) بن فَنَّاكِي، وَأَبِي زُرْعَةَ أَحْمَدَ بن الحُسَيْنِ الرَّازِيّ، وَأَبِي الحُسَيْنِ بنِ فَارس اللُّغَوِيّ، وَعِدَّة.
قَالَ الخَطِيْبُ (5) :قَدِمَ عَلَيْنَا، فَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ وَبَالكَرج أَيْضاً، وَكَانَ صَدُوْقاً فَهماً أَديباً شَاعِراً، وَلِي قَضَاءَ أَصْبَهَان.
ثُمَّ قَالَ: وَبلغنِي مَوْتُهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ بِالكَرج.
قُلْتُ: سَمِعَ أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ مِنْ أَصْحَاب هَذَا، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ هَذِهِ الطَّبَقَة، كتبنَاهُ لِلتَّمْيِيْزِ.
قَرَأْتُ عَلَى سُلَيْمَان بن قُدَامَةَ الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المِصْرِيّ، أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو زُرْعَةَ
__________
(*) تاريخ بغداد 8 / 410، المنتظم 8 / 70، طبقات ابن الصلاح ورقة 48، تذكرة الحفاظ 3 / 1000، طبقات السبكي 4 / 379، طبقات الاسنوي 1 / 581، البداية والنهاية 12 / 34.
(1) في الجزء الثالث عشر، برقم (48) وهو عبيد الله بن عبد الكريم القرشي مولاهم الرازي (2) برقم (16) .
(3) هو أحمد بن محمد بن إسحاق، أبو بكر بن السني الدينوري، المتوفى سنة 364 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) هو جعفر بن عبد الله بن فناكي، أبو القاسم الرازي، الراوي عن محمد بن هارون الروياني " مسنده ".
انظر " العبر " 2 / 23.
(5) في " تاريخ بغداد " 8 / 410.(17/51)
رَوْحُ بنُ مُحَمَّدٍ السُّنِّي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجوَالِيقِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُدْرِك بن زَنْجَلَةَ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بن الْورْد، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَة، سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ أَبِي يَزِيْدَ قَالَ:
قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَيْسَ ليومٍ فَضْلٌ عَلَى يَوْمٍ فِي الصِّيَامِ إِلاَّ شَهْر رَمَضَان، وَيوم عَاشُورَاء (1)) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ فِيْهِ نكَارَة، وَابْنُ الْورْد صَدُوْقٌ (2) ، وَهُوَ أَخُوْهُ وُهَيْب الزَّاهِد.
21 - الزَّكِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ *
النَّيْسَابُوْرِيُّ، الأَدِيْبُ (3) .
__________
(1) وأخرجه أبو سهل الجواليقي في " أحاديث ابن الضريس " 189 / 2، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1 / 337، والطبراني في " الكبير " (11252) و (11253) وهو منكر كما قال الامام الذهبي، وبيان ذلك في التعليق الآتي.
(2) لكن قال البخاري فيه: يخالف في بعض أحاديثه، وقال ابن حبان: يخطئ ويهم، وقد أخطأ في هذا الحديث فجعله مرفوعا، وغير واحد من الثقات رواه عن عبد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس قوله، ولفظه: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء وهذا الشهر يعني رمضان.
أخرجه البخاري (2006) في آخر الصوم، ومسلم (1132) وأحمد (1938) و (2856) و (3475) والطحاوي في شرح معاني الآثار 1 / 337 والطبراني في " الكبير " (11252) و (11254) و (11255) و (11256) و (11257) من طرق عن عبيد الله به.
قال الحافظ في " الفتح " 4 / 249: وهذا يقتضي أن يوم عاشوراء أفضل الايام للصائم بعد رمضان، لكن ابن عباس أسند ذلك إلى علمه، فليس فيه ما يرد علم غيره، وقد روى مسلم من حديث أبي قتادة مرفوعا " إن صوم يوم عاشوراء يكفر سنة، وإن صيام يوم عرفة يكفر سنتين " وظاهره أن صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء.
(*) تاريخ الإسلام 4 / 90 / 1 وهو فيه " المزكي، شيخ التزكية ".
وقد قال ابن الأثير في " اللباب " في ترجمة " المزكي ": يقال هذا لمن يزكي الشهود، ويبحث عن حالهم، ويعرفه القاضي، واشتهر بهذا بيت كبير بنيسابور منهم جماعة من العلماء.
قلت: فعلى هذا يكون الصواب في نسبه " المزكي " وليس " الزكي " كما في الأصل.
(3) قال المؤلف في التاريخ: كان محدثا نحويا أديبا، صلى بالناس التراويح ثلاثا وستين =(17/52)
سَمِعَ: ابْنَ بِلاَلٍ، وَمُحَمَّدَ بن الحُسَيْنِ القَطَّان، وَابْن قُوهيَار، وَعَمْرو بن عَبْدِ اللهِ البَصْرِيّ، وَعَبْد اللهِ بن يَعْقُوْبَ الكَرْمَانِيّ، وَأَبَا طَاهِرٍ المُحَمَّدَابَاذِي، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الإِسْمَاعِيْلِيّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) - رَحِمَهُ اللهُ -.
22 - جَيْشُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَمْصَامَةَ أَبُو الفَتْحِ المَغْرِبِيُّ *
الأَمِيْرُ الكَبِيْرُ، نَائِبُ دِمَشْقَ، أَبُو الفَتْحِ المَغْرِبِيُّ.
وَلِي البلدَ مِنْ قِبْلَ خَاله الأَمِيْر أَبِي مَحْمُوْد الكُتَامِي فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ وَلِيهَا مستقلاً بَعْد مَوْتِ خَاله سَنَة سَبْعِيْنَ، ثُمَّ صرف بَعْد عَامِين، ثُمَّ وَلِيهَا سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَكَانَ ظلوماً مُتجبراً سَفَّاكاً للدمَاء، مُصَادِراً، خبيثَ العقيدَة، عَجَّ الخلقُ فِيْهِ إِلَى اللهِ حَتَّى هلك بِالجُذَام.
وَكَانَ قَدِمَ الشَّامَ فِي جَيْشٍ، فَنَزَلَ الرَّمْلَة، وَبَادَرَ إِلَى خِدْمَته نُوَّابُ الشَّام، فَقبض عَلَى سُلَيْمَان بن فلاَح الأَمِيْر، وَجَهَّزَ طَائِفَةً لمنَازلَة صور لأَنَّهُم عَصَوْا وَأَمَّرُوا عَلَيْهِم علاَّقَة الملاَح، فَاسْتنجد بِالرُّوْم، فَأَمدّهُ بَسيل المَلِكُ
__________
= سنة بالختمة، وكان يعرف بابن أخت أبي محمد الجلاب.
(1) عن خمس وسبعين سنة، كما في " تاريخ الإسلام " 4 / 90 / 1.
(*) الكامل لابن الأثير 8 / 642 و9 / 7 و120، 121، تاريخ الإسلام 4 / 78 / 1 - 79 / 1، العبر 3 / 46 وفيه حنش، دول الإسلام 1 / 235، شذرات الذهب 3 / 133 وفيه حبيش، تهذيب تاريخ دمشق 3 / 421، معجم الأنساب والاسرات الحاكمة 44.(17/53)
بعدَة مرَاكبَ، فَالتَقَوا هُم وَأُسطول جَيْشٍ، فَأُخِذَتْ مرَاكبُ الرُّوْم، وَهَرَبَ مِنْ نَجَا، ثُمَّ أُخِذَتْ صور، وَأُسِرَ علاَّقَة، وَسُلخ بِمِصْرَ حياً، وَولِي عَلَى صور حُسَيْنُ بنُ صَاحِب المَوْصِل نَاصِرِ الدَّوْلَة، وَهَرَبَ مُفَرِّج (1) أَمِيْرُ العَرَب مِنْ جَيْشٍ إِلَى جبال طَيء (2) .
وَأَقبلَ جَيْشٌ طَالباً لجموع الرُّوْم النَّازلين عَلَى فَامِيَة (3) ، وَأَقبلَ عَلَى أَحدَاثِ دِمَشْق وَاحْتَرَمهُم، وَخلعَ عَلَى أَعيَانهم (4) ، وَسَارَ إِلَى حِمْصَ، وَأَتته الأَمدَادُ وَالمُطَّوِّعَة، فَالتقَاهُ الذُّوفس (5) - لَعنه الله -، وَحملت الرُّوْمُ، فَطحنت القَلْبَ، ثُمَّ انْهَزَمت مِيسرَةُ جَيْشٍ وَعَلَيْهَا مِيسورٌ نَائِبُ طَرَابُلُس، وَهَرَبَ جَيْشٌ فِي المِيمنَة، فَرَكبت الرُّوْمُ أَقفيتهُم، وَقتلُوا نَحْو الأَلفين، وَأَخَذُوا الخيَام، فثبتَ بِشَارَةُ الإِخشيدِي فِي خَمْس مائَة فَارس، فَضَجَّ الخلقُ مِنْ دَاخل فَامِيَة إِلَى اللهِ بِالدُّعَاء، وَكَانَ طَاغيَةُ الرُّوْم الذُّوفسُ عَلَى رَابيَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ ابْنَاهُ وَعشرَةُ فوَارس، فَقصدهُ أَحْمَدُ بنُ ضحَّاكٍ الكُرْدِي عَلَى جَوَاده، فَظَنَّه مُستَأْمناً، فَلَمَّا قرب طَعنه أَحْمَد، قَتَلَه، فصَاح أَهْلُ فَامِيَة: أَلاَ إِنّ عَدُوَّ اللهِ قُتل، فَانهرمت الملاعِين ثُمَّ ترَاجعت المِصْرِيّون وَركبُوا أَقفيَة العَدُوّ وَأَلجؤوهُم إِلَى مضيقِ الْجَبَل، إِلَى جَانب بحيرَة (6) فَامِيَة، وَأُسِرَ وَلد الطَّاغيَة، وَحُمِلَ إِلَى مِصْرَ مِنْ رُؤُوْسهم نَحْو عِشْرِيْنَ أَلْف رَأْس، وَأَلفَا
__________
(1) هو مفرج بن دغفل بن الجراح.
(2) انظر " الكامل " لابن الأثير 9 / 120، و" تاريخ الإسلام " 4 / 78 / 2.
(3) ويقال أفامية بالهمزة في أوله: وهي مدينة حصينة من سواحل الشام وكورة من كور حمص.
(4) انظر " الكامل " 9 / 121، و" تاريخ الإسلام " 4 / 78 / 2.
(5) في " الكامل ": الدوقس بالدال المهملة والقاف.
(6) هو اليوم مستنقع الغاب، وقد استصلح.(17/54)
أَسير، وَسَارَ جَيْشٌ إِلَى أَنطَاكيَة (1) فسبَى وَغنم (2) .
وَقَدِمَ دِمَشْقَ وَقَدْ عَظُمَتْ سَطْوَتُهُ، وَنَزَلَ بِظَاهِرهَا، وَزُينَت دِمَشْقُ، فَأَظهر العَدْل، وَشرع يُلاَطِفُ الأَحدَاثَ حَتَّى طمَّنَهُم، وَأَمر قُوَّاده بِالأُهبَة، وَهيَّأ رِقَاعاً مختومَةً، وَقسَّم البَلَد، وَعيَّن كُلَّ دربٍ لقَائِد، وَأَن يَبْذُلُوا السَّيْفَ، وَهَيَّأ فِي حمَّام دَاره الَّتِي ببَيْت لهيَا مائَتَيْنِ بِالسُّيوف، وَمَدَّ السِّمَاطَ للأَحدَاثِ، فَلَمَّا قَامُوا لغسلِ الأَيدِي أَغلقَ عَلَيْهِم، وَكَانَ كُلّ مُقَدَّم مِنَ الأَحدَاثِ يركب فِي جمعه بِالسِّلاَح، وَكَانَ الَّذِيْنَ أُغلق عَلَيْهِم اثْنَيْ عَشَرَ مُقَدّماً، فَقُتلُوا، وَمَالت أَعوَانُهُ عَلَى أَصحَابهم قتلاً، وَدخلت المِصْرِيّون دِمَشْقَ بِالسَّيْف، فَكَانَ يَوْماً عصيباً، نَسْأَلُ اللهَ العَافيَةَ، ثُمَّ جهَّز إِلَى قُرَى الغوطَة وَالمرج نصرُوْنَ القَائِدَ، فَقَتَل نَحْو الأَلْفِ، وَاسْتَغَاثَ أَهْلُ البَلَدِ إِلَى جَيْشٍ: العَفْوَ العَفْوَ، فَكَفَّ، وَطَلَبَ الأَكَابِرَ فَلَمَّا اجتَمَعُوا، أَخْرَجَ رُؤُوْسَ الأَحْدَاث قَدْ ضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، ثُمَّ شَرَعَ فِي المُصَادَرَة وَالعَذَاب، وَوَضَعَ عَلَيْهِم خَمْس مائَة أَلْف دِيْنَار.
فَقِيْلَ: عِدَّةُ مِنْ قُتل مِنَ الأَحْدَاث وَالشُّطَّار ثَلاَثَةُ آلاَف نَفْس، فَاسْتَأصَلَهُ اللهُ بَعْد أَشْهُر، فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (3) .
وَلقَدْ لَقِيَ المُسْلِمُوْنَ مِنَ العُبَيْدِيَّة وَالمغَارِبَة أَعْظَمَ البَلاَء فِي النَّفْسِ وَالمَالِ وَالدِّيْنِ، فَالأَمْرُ للهِ، وَابتُلِيَ جَيْشٌ بِمَا لاَ مَزِيْدَ عَلَيْهِ، حَتَّى أَلْقَى مَا فِي بَطْنِهِ وَكَانَ يَقُوْلُ لأَصْحَابِهِ: اقْتُلُونِي، وَيْلَكُم! أَرِيْحُونِي مِنَ الحَيَاة.
__________
(1) في الأصل: أنكاكية.
(2) انظر " الكامل " 9 / 121.
(3) " الكامل " 9 / 121، 122، و" تاريخ الإسلام " 4 / 78 / 2، 79 / 1.(17/55)
وَيُقَالُ: نفذت فِيْهِ دَعْوَةُ أَبُو بَكْرٍ بنُ الحرمِي الزَّاهِد، وَأَرَاقَ لَهُ خُمُوراً فَمَا سَلَّطَهُ اللهُ عَلَيْهِ (1) .
23 - ابْنُ ضَيْفُوْنَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ اللَّخْمِيُّ القُرْطُبِيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ ضَيْفُوْنَ اللَّخْمِيُّ، القُرْطُبِيُّ، الحَدَّادُ (2) .
سَمِعَ: عَبْد اللهِ بن يُوْنُسَ القَبْرِي، وَأَحْمَد بن زِيَادٍ، وَقَاسِم بن أَصْبَغَ، ثُمَّ حَجَّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، فَشَهِدَ رَدَّ الحَجَرِ الأَسْوَدِ إِلَى مَكَانِهِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَعَبْدِ الكَرِيْمِ بن النَّسَائِيّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بن يَحْيَى بنِ دحمَان المِصِّيْصِيّ، لَقِيَهُ بِطَرَابُلُس، وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ مَسْرُور القَيْرَوَانِيّ.
وَكَانَ صَالِحاً معدلاً، آخرُ أَصْحَابه مَوْتاً أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِيّ (3) :علتْ سِنُّه، وَاضطرَبَ فِي أَشْيَاء قُرِئَت عَلَيْهِ لَمْ يَسْمَعْهَا، وَلَمْ يَكُنْ ضَابطاً، قَالَ لِي: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: هُوَ آخِر مَنْ حَدَّثَ عَنِ القبرِي، وَابْن الأَعْرَابِيِّ بِالأَنْدَلُسِ.
__________
(1) " تاريخ الإسلام " 4 / 79 / 1.
(*) تاريخ علماء الأندلس 2 / 108، 109، جذوة المقتبس: 68، بغية الملتمس: 102، العبر 3 / 57، دول الإسلام 1 / 237، المغني في الضعفاء 2 / 609، ميزان الاعتدال 3 / 633 وتحرف فيه " ضيفون " إلى " صفوان "، نفح الطيب 2 / 237، شذرات الذهب 3 / 144، 145، وتصحف فيه إلى " صيفون " بالمهملة.
(2) في " نفح الطيب " زيادة نسبة " الرصافي " وهي النسبة الموجودة في " الجذوة " و" البغية ".
(3) في " تاريخ علماء الأندلس " 2 / 109.(17/56)
24 - ابْنُ بَرْطَالٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا التَّمِيْمِيُّ *
القَاضِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيُّ، القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ، ابْنُ بَرْطَالٍ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الجَبَّابِ الحَافِظ، وَمُحَمَّدِ بن عِيْسَى، وَقَاسِمِ بنِ أَصْبَغ، وَإِبْرَاهِيْم بن فِرَاس المَكِّيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن الجِرَاب (1) ، وَعُثْمَانَ بن مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَمُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ الخَيَّاش، وَعِدَّة.
وولِي الخطَابَةَ وَقضَاءَ الجَمَاعَة إِلَى أَنْ علت سنُّه، وَتفلّت ذِهْنُه، فَصَرفهُ أَبُو عَامِرٍ الحَاجِبُ، عَنِ القَضَاء إِلَى الوزارَة (2) .
رَوَى عَنْهُ: الفَرَضِيّ، وَسِرَاج بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعُمِّرَ دَهْراً.
وَكَانَ حجُّه فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَتَفَرَّد بِأَشْيَاء عَالِيَة.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ خَمْس وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
25 - ابْنُ عَبْدُوْسٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الإِمَامُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدُوْسِ بنِ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، النَّحْوِيُّ، الفَقِيْهُ.
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس 2 / 105 - 107، تاريخ الإسلام 4 / 96 / 2، تاريخ قضاة الأندلس: 84.
(1) هو إسماعيل بن يعقوب بن إبراهيم بن الجراب، الجرابي، سمع الكديمي، ومات سنة 345، وقد تصحف لفظ " الجراب " في تاريخ علماء الأندلس إلى " الحراب " بالحاء المهملة. انظر " تبصير المنتبه " 2 / 493.
(2) انظر " تاريخ علماء الأندلس " 2 / 106.
(* *) إنباه الرواة 3 / 56، تاريخ الإسلام 4 / 102 / 2، 103 / 1.(17/57)
سَمِعَ: مَكِّيَّ بن عَبْدَانَ، وَأَبَا عَمْرٍو الحِيْرِيّ، وَأَبَا حَامِدٍ بنَ الشَّرْقِيّ، وَعَمَّه إِبْرَاهِيْمَ بن عَبْدُوْس.
وَعَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَقَالَ: عقدتُ لَهُ مَجْلِسَ الإِملاَء سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى بن الصَّابُوْنِيّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمِنْ طَبَقَتِهِ: الحَافِظُ، الرَّحَّالُ:
26 - أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوْسٍ النَّسَوِيُّ *
مُحَدِّثُ مَرْوَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ أَبِي العَقَبِ، وَبُكَيْرِ بنِ الحَسَنِ الحَدَّادِ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الفَقِيْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ الجُوَيْنِيّ، وَالحَسَنُ بنُ القَاسِمِ المَرْوَزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الفَقِيْه المَرْوَزِيّ.
كَانَ بَعْد الأَرْبَع مائَة.
وَمِنْ طَبَقَتِهِ:
27 - أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوْسٍ الحَاتِمِيُّ **
النَّيْسَابُوْرِيُّ، الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ.
__________
(*) تاريخ الإسلام 3 / 103 / 1.
(* *) تاريخ الإسلام 4 / 103 / 1، ومكان ترجمته من " طبقات الشافعية الكبرى " للسبكي =(17/58)
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ، وَجَمَاعَةً.
وَمَاتَ: فِي حَيَاةِ وَالِده، سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمِنْ طَبَقَةِ شُيُوْخِهِ:
28 - أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوْسٍ العَنَزِيُّ *
الطَّرَائِفِيُّ، صَاحِبُ عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيِّ، المُتَوَفَّى سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
29 - ابْنُ الحَجَّاجِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ البَغْدَادِيُّ **
شَاعِرُ العَصْرِ، وَسَفِيْهُ الأُدَبَاءِ، وَأَمِيْرُ الفُحشِ، وَ (دِيْوَانُهُ) مَشْهُوْرٌ فِي خَمْسِ مُجَلَّدَاتٍ (1) ، وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَجَّاجِ البَغْدَادِيُّ، المُحتَسِبُ، الكَاتِبُ.
وَقَدْ هَجَا المُتَنَبِّي (2) ، وَمَدَحَ المُلُوكَ، مِثْلَ عَضُدِ الدَّوْلَة وَبَنِيْه
__________
= 3 / 46 بياض، قال محققه: لعله أحمد بن محمد بن عبدوس أبو الحسن العنزي الطرائفي، وقوله هذا خطأ، فالذي ذكره آخر، وهو الذي سترد ترجمته عقب هذه الترجمة مباشرة. ثم أورد محقق " الطبقات " ترجمة ابن عبدوس الحاتمي من " الطبقات الوسطى " للسبكي.
(*) العبر 2 / 270، 271، شذرات الذهب 2 / 372.
(* *) الامتاع والمؤانسة 1 / 137 - 139، يتيمة الدهر 3 / 30 - 99 وهو فيه " الحسن "، تاريخ بغداد 8 / 14، المنتظم 7 / 216 - 218، معجم الأدباء 9 / 206، الكامل في التاريخ 9 / 168، وفيات الأعيان 2 / 168 - 172، تاريخ الإسلام 4 / 85 / 2، 86 / 1، العبر 3 / 50، الوافي بالوفيات 12 / 331، مرآة الجنان 2 / 444، البداية والنهاية 11 / 329، 330، النجوم الزاهرة 4 / 204، 205، معاهد التنصيص 3 / 188 - 201 وهو فيه الحسن بن أحمد البغدادي، شذرات الذهب 3 / 136، 137، مطالع البدور 1 / 39، روضات الجنات: 238، أعيان الشيعة 25 / 81 - 160، دائرة المعارف الإسلامية 1 / 130.
(1) انظر " تاريخ الأدب العربي " لبروكلمان " النسخة العربية " 2 / 60، 61.
(2) انظر بعض هجائه له في " الوافي " 12 / 334.(17/59)
وَالوُزَرَاء (1) ، وَلَهُ بَاعٌ أَطْوَل فِي الغَزَلِ.
وَأَمَّا الزَّطَاطَةُ وَالتَفَحُّش، فَهُوَ حَامِلُ لِوَائهَا، وَالقَائِمُ بِأَعبَائِهَا (2) .
وَخدم بِالكِتَابَة فِي جهَات، وَأَخَذَ الجَوَائِز، وَولِي حِسْبَةَ بَغْدَاد مُدَّة (3) وَعُزِلَ، وَلَهُ مَعَانٍ مُبْتَكَرَةٌ مَا سُبِقَ إِلَيْهَا (4) .
وَكَانَ شِيْعِيّاً رقيعاً، مَاجِناً مَزَّاحاً، هَجَّاءً، أُمَةً وَحدَهُ فِي نَظْمِ القَبَائِح وَخِفَّة الرُّوْحِ، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بفُنُوْنٍ مِنَ التَّارِيْخ وَالأَخْبَار وَاللغَات.
ورَأَيْتُ لَهُ أَنَّهُ قَالَ: كُلُّ مَا قُلْتُهُ مِنَ المجُوْن فَاللهُ يَشْهَدُ أَنَّنِي مَا قَصَدْتُ بِهِ إِلاَّ بَسْطَ النَّفِسِ، وَأَنَا اسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ هَذِهِ العَثْرَة.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ بَعَثَ دِيْوَانه بِخَطّ مَنْسُوبٍ إِلَى صَاحِبِ مِصْر، فَأَجَازَهُ بِأَلف دِيْنَار.
__________
(1) انظر " معجم الأدباء " 9 / 210 وما بعدها.
(2) فمن شعره:
شعري الذي أصبحت في * هـ فضيحة بين الملا
لا يستجيب لخاطري * إلا إذا دخل الخلا
ومنه:
أيا مولاي هزلي تحت جدي * وتحت الفضة انحرف اللحام
وشعري سخفه لابد منه * فقد طبنا وزال الاحتشام
وهل دار تكون بلا كنيف * يكون لعاقل فيها مقام
وحضر في دعوة، وأخر الطعام، ونظر إلى صاحب الدار يذهب ويجئ في داره، فقال:
يا ذاهبا في داره جائيا * بغير معنى وبلا فائده
قد جن أضيافك من جوعهم * فاقرأ عليهم سورة المائدة
(3) وليها لعز الدولة بختيار بن بويه. انظر " النجوم الزاهرة " 4 / 204.
(4) انظر فنون شعره في " يتيمة الدهر " 3 / 31 - 99، و" الوافي بالوفيات " 12 / 334 - 337.(17/60)
مَاتَ: بِبَلَدِ النِّيْل (1) فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَقَدْ شَاخَ.
30 - الرَّازِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ العَبَّاسِ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ العَبَّاسِ الرَّازِيُّ، الفَقِيْهُ.
رَوَى عَن: ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ فَأَكْثَر، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ قَارن بن العَبَّاسِ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاوِيَةَ الكَاغَدِي، وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدِ بن مُصْعَبٍ الحَزُّورِي (2) وَارْتَحَلَ بِأخَرَةٍ، فَحْمل عَنِ النَّجَّاد، وَابنِ السَّمَّاكِ.
أَكْثَر عَنْهُ الخَلِيْلِيّ، وَقَالَ: كَانَ عَالِماً، لَهُ فِي كُلِّ عِلْمٍ حَظٌّ، وَكَانَ فِي الفِقْه إِمَاماً بَلَغَ قَرِيْباً مِنْ مائَة سَنَةٍ.
وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّد الحَافِظ يَقُوْلُ: لَمْ يَعِش مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيّ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِمَّا عَاشَ هَذَا، وَكَانَ عَالِماً بِالفتَاوَى وَالنَّظَر.
قُلْتُ: تَفَرَّد بِالرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ مُصْعَب وَغَيْره، وَبَقِيَ إِلَى حُدُوْد سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ
__________
(1) قال ابن خلكان: هي بلدة على الفرات بين بغداد والكوفة، خرج منها جماعة من العلماء وغيرهم، والاصل فيه نهر حفره الحجاج بن يوسف في هذا المكان ومخرجه من الفرات،
وسماه باسم نيل مصر، وعليه قرى كثيرة.
(*) العبر 3 / 64، شذرات الذهب 3 / 149 كلاهما في وفيات سنة 397، واسمه فيهما: علي بن محمد بن عمر الرازي، أبو الحسن بن القصار.
(2) ضبط في الأصل بتشديد الزاي، وليس هذا الضبط في كتب " الأنساب "، وإنما فيها حزور بتشديد الواو بعد الحاء والزاي المفتوحتين. وانظر " المشتبه " 1 / 229.(17/61)
مَاك، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الفَقِيْه، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
دَخَلتُ قَزْوِين سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَدَاوُد العُقَيْلِيّ - يَعْنِي ابْن إِبْرَاهِيْمَ - قَاضيهَا، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَدَفَعَ إِلَيْنَا مشرساً فِيْهِ مسندُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، فَأَوَّلُ حَدِيْثٍ فِيْهِ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنِ المُغِيْرَة بن سُبَيْع، فِي خُرُوْجِ الدَّجَّال مِنْ خُرَاسَان.
فَقُلْتُ: لَيْسَ ذَا مِنْ حَدِيْثِ شُعبَة، إِنَّمَا هُوَ سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ (1) ، وَقُلْتُ: لخَالِي لاَ أَكْتُبُ عَنْهُ إِلاَّ أَنْ يَرجِعَ عَنْ هَذَا، فَقَالَ خَالِي: أَسْتَحيي أَنْ أَقُوْلَ لَهُ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئاً.
31 - العَنَزِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ جَعْفَرِ بنِ حَمْدَانَ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ جَعْفَرِ بنِ حَمْدَانَ (2) بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُهَلَّبِ (3) العَنَزِيُّ، الجُرْجَانِيُّ، الوَرَّاقُ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
سَمِعَ: أَبَا سَعِيْدٍ بنَ الأَعْرَابِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارَ، وَخَيْثَمَةَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَأَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي طَلْحَةَ الفَارِسِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
__________
(1) هو في " المسند " 1 / 4 / و7 من طريق روح، عن سعيد بن أبي عروبة، عن أبي التياح، عن المغيرة بن سبيع، عن عمرو بن حريب أن أبا بكر الصديق أفاق من مرض له، فخرج إلى الناس، فاعتذر بشيء، وقال: ما أردنا إلا الخير، ثم قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الدجال يخرج في أرض بالمشرق يقال لها: خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة " وأخرجه الترمذي (2237) وابن ماجة (4072) من طريق روح بن عبادة به، وقال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم 4 / 527، ووافقه الذهبي.
(*) تاريخ جرجان: 158، تاريخ بغداد 8 / 27، 28، تاريخ الإسلام 4 / 107 / 1 تهذيب ابن عساكر 4 / 292.
والعنزي: نسبة إلى عنزة، حي من ربيعة. " الأنساب " 1 / 76.
(2) في مصادر الترجمة:..جعفر بن محمد بن حمدان..
(3) في " تاريخ جرجان ": المعروف بابن شيبة.(17/62)
وَلَهُ رحلَةٌ وَاسِعَةٌ، وَمَعْرِفَةٌ وَفهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَحَمْزَةُ السَّهْمِيُّ، وَسُلَيْم الرَّازِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ المُحَسِّن التَّنُوْخِيّ، وَأَبُو مَسْعُوْد، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَجَلِيّ، وَعِدَّة.
قَالَ السَّهْمِيُّ (1) :كَانَ سَكَنَ بَغْدَاد سِنِيْنَ كَثِيْرَةً يُوَرِّق.
تُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
32 - ابْنُ الوَزِيْرِ أَبُو أَحْمَدَ حُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو أَحْمَدَ حُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الوَزِيْرِ الدِّمَشْقِيُّ، الشَّاهِدُ (2) ، رَاوِي كِتَابِ (الأُمِّ) لِلْشَّافِعِيِّ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الحَضَائِرِيِّ.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: أَبِيهِ، وَابنِ ملاس (3) ، وَهُوَ كَاتِب القَاضِي المَيَانَجِي (4) .
رَوَى عَنْهُ: عليٌّ الحِنَّائي، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيّ.
يُوْصَفُ بِالحِفْظ.
قَالَ الأَهْوَازِيُّ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ وَلَهُ مائَة سَنَةٍ وَسنَة.
__________
(1) في " تاريخ جرجان " 158.
(*) تاريخ الإسلام 4 / 114 / 2، تهذيب ابن عساكر 4 / 362.
(2) في " تاريخ الإسلام ": الشروطي.
(3) هو محمد بن جعفر ملاس، كما ذكره المؤلف في " التاريخ ".
(4) هو أبو بكر يوسف بن القاسم بن فارس بن سوار الميانجي الشافعي المتوفى سنة 375، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.(17/63)
33 - ابْنُ وَكِيْعٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ الضَّبِّيُّ *
العَلاَّمَةُ، البَلِيْغُ، الشَّاعِرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ ابْنِ القَاضِي مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ، ابْنُ وَكِيْعٍ الضَّبِّيُّ، البَغْدَادِيُّ، ثُمَّ التِّنِّيْسِيُّ، مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ.
وَلهُ (دِيْوَان (1)) ، وَكَانَ يُلَقَّبُ بِالعَاطس، وَهُوَ القَائِلُ:
لَقَدْ شَمِتُّ بِقَلْبِي ... لاَ خَفَّفَ (2) اللهُ عَنْهُ
كَمْ لُمْتُه فِي هَوَاهُ ... فَقَالَ: لاَ بُدَّ مِنْهُ (3)
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِتِنِّيس، وَبنُوا عَلَى قَبْرِه قُبَّةً.
__________
(*) يتيمة الدهر 1 / 356 - 384، الكنى والألقاب 1 / 437، وفيات الأعيان 2 / 104 - 107، تاريخ الإسلام 4 / 92 / 1، الوافي بالوفيات 12 / 114 - 119، مرآة الجنان 2 / 445، 446، شذرات الذهب 3 / 141 وسماه وكيعا وأسقط لفظ " ابن " وهو خطأ، روضات الجنات: 216، هدية العارفين 1 / 273، إيضاح المكنون 2 / 264، أعيان الشيعة 22 / 207 - 225.
قال ابن خلكان: " وكيع هو لقب جده [القاضي] أبي بكر محمد بن خلف "
فصاحب الترجمة اشتهر بابن وكيع نسبة إليه، وجده وكيع هو صاحب كتاب " أخبار القضاة " وغيرها من المصنفات، وقد أخطأ صاحب " هدية العارفين " فنسب مصنفات وكيع القاضي الجد إلى حفيده الشاعر صاحب هذه الترجمة.
(1) وله أيضا كتاب " المنصف " بين فيه سرقات أبي الطيب المتنبي ومشكل شعره، وقد طبع في دار قتيبة بدمشق سنة 1982 بتحقيق الدكتور محمد رضوان الداية وله قصيدة مخطوطة في برلين 7589، وذكر له النويري في " نهاية الارب " 1 / 179 - 183 بعض أراجيز في الفصول الأربعة.
(2) في " وفيات الأعيان ": لا فرج.
(3) البيتان في " وفيات الأعيان " 2 / 105.
وقد أورد له الثعالبي في " يتيمة الدهر " مزدوجته المربعة، وهي قصيدة كل أربعة أشطار منها على قافية وأولها:
رسالة من كلف عميد * حياته في قبضة الصدود
بلغه الشوق مدى المجهود * ما فوق ما يلقاه من مزيد
وانظر في " يتيمة الدهر " فنون شعره.(17/64)
34 - الوَلِيْدُ بنُ بَكْرِ بنِ مَخْلَدِ بنِ أَبِي دُبَارٍ الغَمْرِيُّ * (1)
الحَافِظُ، اللُّغَوِيُّ، الإِمَامُ، أَبُو العَبَّاسِ الغَمْرِيُّ (2) ، الأَنْدَلُسِيُّ، السَّرَقُسْطِيُّ، أَحدُ الرَّحَّالَةِ فِي الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ الخَصِيْبِ بكتَابِ العِجْلِيّ فِي (مَعْرِفَةِ الرِّجَال) ، وَعَنِ الحَسَنِ بنِ رَشِيْق، وَيُوْسُف المَيَانَجِي، وَأَبِي بَكْرٍ الرَّبَعِيّ، وَأَحْمَدَ بن جَعْفَرٍ الرَّمْلِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الكُوْفِيّ ابْن عمشليق، وَعَبْدُ الغَنِيّ بنُ سَعِيْدٍ الحَافِظ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَأَبُو ذَرّ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيّ، وَأَبُو طَالِبٍ العُشَارِي، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمَّان، وَأَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْر بنِ خَلَفٍ المَغْرِبِيّ، وَالحُسَيْنُ بنُ جَعْفَرٍ السَّلَمَاسِي.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيّ (3) :كَانَ إِمَاماً فِي الحَدِيْثِ وَالفِقْهِ، عَالِماً بِاللغة وَالعَرَبِيَّة، كَانَ أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ النَّحْوِيّ يَرْفَعُهُ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، ذكر أَنَّهُ لقِي فِي الرّحلَة أَزْيَدَ مِنْ أَلْفِ شَيْخ، كَتَبَ عَنْهُم.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَكَنَ نَيْسَابُوْرَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى العِرَاقِ، وَعَاد إِلَى
__________
(*) تاريخ بغداد 13 / 450، 451، جذوة المقتبس 361، 362، الصلة لابن بشكوال 2 / 642، 643، بغية الملتمس 466، 467، تذكرة الحفاظ 3 / 1080، العبر 3 / 53، تاريخ الإسلام 4 / 89 / 2 / 90 / 1، طبقات الحفاظ 419، 420، نفح الطيب 2 / 380، شذرات الذهب 3 / 141، تاج العروس (غمر) 3 / 456.
(1) كذا الأصل، وفي " تاريخ بغداد " و" الصلة " و" الجذوة ": بن أبي زياد، وفي " نفح الطيب ": ابن زياد.
(2) وفي بعض المصادر: " العمري " بالمهملة، وسيذكر المؤلف هذه النسبة في آخر الترجمة.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1081، و" تاريخ الإسلام " 4 / 90 / 1، ولم نعثر على ترجمته في " تاريخ " ابن الفرضي.(17/65)
نَيْسَابُوْر، وَسَمَاعَاتُه فِي أَقْطَار الأَرْضِ كَثِيْرَةٌ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ فِي الأَدَبِ، وَشِعْرُهُ فَائِق (1) .
وَقَالَ عَبْدُ الغَنِي (2) فِي نَسَبِهِ: الغَمْرِي: - بِغَيْن مُعْجَمَة - حَدَّثَنَا بالتَّارِيْخ للعجلِي.
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ شُرَيْح: هُوَ عُمَرِيٌّ، وَلَكِن قَدِمَ إِفْرِيْقِيَة، فَنقط العينَ حَتَّى يَسْلَم، وَكَانَ مُؤَدِّبِي، وَقَالَ لِي: إِذَا رَجِعْتُ إِلَى الأَنْدَلُسِ جَعَلْتُ النّقطَةَ ضَمَةً.
قُلْتُ: فَعَلَهُ خوَفاً مِنَ الدَّوْلَة العُبَيْدِيَّة.
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :كَانَ ثِقَةً أَمِيناً، كَثِيْر السَّمَاع، سَافَرَ الكَثِيْر.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر: أَخْبَرَنَا زَاهِر، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْر، أَخْبَرَنَا الوَلِيْدُ بنُ بَكْر، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ الخَصِيْب بِالمَغْرِب، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الرّشدينِي بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا خُشَيش بن أَصرم.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَبِي المكَارم اللَّبَّان، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الغَفَّارِ بن شِيْرَوَيْه، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَرْمَانِيّ، أَنْشَدَنِي الوَلِيْدُ بنُ بَكْرٍ النَّحْوِيُّ لِنَفْسِهِ:
لأَيِّ بَلاَئِكَ لاَ تَدَّكِرْ ... وَمَاذَا يَضُرُّكَ لَوْ تَعْتَبِرْ
بُكَاءٌ هُنَا وَبُرَاحٌ هُنَاكَ ... وَمَيْتٌ يُسَاقُ وَقَبْرٌ حُفِرْ
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1080، و" تاريخ الإسلام " 4 / 90 / 1
(2) أي الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري، وسيترجم في هذا الجزء برقم (164) .
(3) في " تاريخ بغداد " 13 / 450.(17/66)
وَبَانَ الشَّبَابُ وَحَلَّ المَشِيْبْ ... وَحَانَ الرَّحِيْلُ فَمَا تَنْتَظِرْ
كَأَنَّكَ أَعْمَى عَدِمْتَ البَصَرْ ... كَأَنَّكَ جَنَابَكَ جلدٌ حَجَرْ
وَمَاذَا تُعَايِنُ مِنْ آيَةٍ ... لَوْ أَنَّ بِقَلْبِكَ صَحَّ النَّظَرْ
وَقَدْ ذكره ابْنُ الدّبَّاغ فِي (طبقَات الحُفَّاظ) .
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ العَطَّار، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بنُ بُنْدَار، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا الوَلِيْد بن بَكْر، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الهَاشِمِيّ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ يَحْيَى بنِ يَمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ:
مَا بِالكُوْفَةِ شَابٌّ أَعقل مِنْ أَبِي أُسَامَةَ.
تُوُفِّيَ: أَبُو الوَلِيْدِ بِالدِّيْنَوَر فِي رَجَبٍ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
35 - البَدِيْعُ الهَمَذَانِيُّ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ يَحْيَى *
العَلاَّمَةُ، البَلِيْغُ، أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ يَحْيَى الهَمَذَانِيُّ، بَدِيْعُ الزَّمَانِ.
صَاحِب كِتَاب (المَقَامَاتَ (1)) الَّتِي عَلَى مِنْوَالهَا نَسَجَ الحريرِي.
__________
(*) يتيمة الدهر 4 / 256 - 301، الأنساب (الهمذاني) ، معجم الأدباء 2 / 161 - 202، الكامل في التاريخ 9 / 209، اللباب 3 / 392، وفيات الأعيان 1 / 127 - 129، تاريخ الإسلام 4 / 105 / 2 - 106 / 2، العبر 3 / 67، الوافي بالوفيات 6 / 355 - 358، مرآة الجنان 449، 450، البداية والنهاية 11 / 340، النجوم الزاهرة 4 / 218، 219، شذرات الذهب 3 / 150، 151، روضات الجنات 66، هدية العارفين 1 / 69، أعيان الشيعة 8 / 306 - 355.
(1) طبعت بهامش " رسائله " بشرح السيد محمود الرافعي في مصر 1315 هـ، وطبعت مع شرحها للشيخ محمد عبده بمطبعة اليسوعيين سنة 1889 م وأخرى سنة 1908، وطبع بعض هذه المقامات في ليبزغ سنة 1841 م، وطبعت مع ترجمتها باللغة الانكليزية في مدارس سنة 1913 م. وانظر " تاريخ " بروكلمان 2 / 115.(17/67)
وَلَهُ ترسُّل فَائِق (1) ، وَنَظْمٌ رَائِق (2) ، وَهُوَ القَائِلُ:
وَكَاد يَحْكِيْكَ صَوْتُ الغَيْثِ مُنْسَكِباً ... لَوْ كَانَ طَلْقَ المُحَيَّا يُمْطِرُ الذَّهَبَا
وَالدَّهْرُ لَوْ لَمْ يَخُنْ وَالشَّمْسُ لَوْ نَطَقَتْ ... وَاللَّيْثُ لَوْ لَمْ يَصُلْ (3) وَالبَحْرُ لَوْ عَذُبَا
مَا اللَّيْثُ مُخْتَطِماً مَا السَّيْلُ مُرْتَطِمَا ... مَا البَحْرُ مُلْتَطِماً وَاللَّيْلُ مُقْتَرِبَا
أَمْضَى شَباً مِنْكَ أَدْهَى مِنْكَ صَاعِقَةً ... أَجدَى يمِيناً وَأَدنَى مِنْكَ مُطَّلَبَا (4)
مَاتَ: بهَرَاة فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ مَسْمُوْماً أَوْ مسبوتاً (5) .
36 - البَافِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البُخَارِيُّ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البُخَارِيُّ، المَعْرُوفُ
__________
(1) ومن رسائله: " الماء إذا طال مكثه ظهر خبثه، وإذا سكن متنه، تحرك نتنه، وكذا الضيف يسمج لقاؤه إذا طال ثواؤه، ويثقل ظله إذا انتهى محله ".
وانظر كثيرا من كتاباته في " يتيمة الدهر " 4 / 259 - 292، و" معجم الأدباء " 2 / 167 وما بعدها، وقد طبعت " رسائله " مع ترجمته مستخرجة من " يتيمة الدهر " في مطبعة الجوائب بالآستانة سنة 1298 هـ، وطبعت في بيروت عام 1890 م، وطبعت في مصر 1315 هـ وبهامشها " مقاماته " بشرح السيد محمود الرافعي، وطبعت مع شروح عليها للشيخ إبراهيم الاحدب بعنوان: " كشف المعاني والبيان من رسائل بديع الزمان " مع مقدمة وترجمة للمؤلف بمطبعة اليسوعيين في بيروت 1890 م، وطبعت بهامش " خزانة الأدب " لابن حجة الحموي في مصر 1304.
(2) قد طبع " ديوانه " في مطبعة الموسوعات عام 1903، وانظر بعض نظمه في " اليتيمة " 4 / 292 - 301.
(3) في " اليتيمة " و" الوفيات " و" الوافي ": " يصد " بدلا من " يصل ".
(4) الابيات في " تاريخ الإسلام " 4 / 106 / 1، والاولان منها في " يتيمة الدهر " 4 / 293، و" وفيات الأعيان " 1 / 128، و" الوافي بالوفيات " 6 / 358، وذكر الثعالبي أنها من قصيدة في الأمير أبي علي أولها:
علي أن لا أريح العيس والقتبا * وألبس البيد والظلماء واليلبا
(5) أي مات بالسكتة.
(*) يتيمة الدهر 3 / 122، 123، طبقات العبادي 110، تاريخ بغداد 10 / 139، =(17/68)
بِالبَافِيِّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ، وَتِلْمِيْذُ أَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ، قَدْ عُمِّرَ دَهْراً.
وَكَانَ مِنْ بُحُورِ العِلْم، مَاهراً بِالعَرَبِيَّة، حَاضِرَ البَدِيْهَة، بَدِيْعَ النَّظْم (1) .
وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الوُجُوه، تَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَةٌ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ.
وَكَانَ أَحَدَ الفُصَحَاء، وَلَهُ:
قَدْ حَضَرْنَا وَلَيْسَ يُقْضَى تلاَقِي (2) ... نَسْأَلُ اللهَ خَيْرَ هَذَا الفِرَاقِ
إِنْ تَغِبْ لَمْ أَغِبْ (3) وَإِنْ لَمْ تَغِبْ ... غِبْتُ كَأَنَّ افِتِرَاقَنَا بَاتِّفَاقِ (4)
مَاتَ البَافِيّ: فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
37 - ابْنُ خُرَّشِيْذَ قُوْلَه إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكَرْمَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، المُسْنِدُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ
__________
= 140، طبقات الفقهاء للشيرازي 102، الأنساب 2 / 47، المنتظم 7 / 240، معجم البلدان 1 / 326، اللباب 1 / 112، تاريخ الإسلام 4 / 107 / 2، العبر 3 / 68، طبقات السبكي الكبرى 3 / 317، البداية والنهاية 11 / 340، النجوم الزاهرة 4 / 219، طبقات ابن هداية الله 107، شذرات الذهب 3 / 152.
والبافي: نسبة إلى باف، وهي قرية من قرى خوارزم، وقد تحرف في " اليتيمة " إلى " النامي "، وفي " البداية " إلى " الباجي ".
(1) انظر بعض نظمه في " اليتيمة " 2 / 122، 123، و" تاريخ بغداد " 10 / 140، و" طبقات السبكي " 3 / 318، و" معجم البلدان " 1 / 326.
(2) في " الأنساب " و" تاريخ بغداد ": كم حضرنا فليس يقضى التلاقي.
(3) في " الأنساب " و" تاريخ بغداد ": إن أغب لم تغب.
(4) البيتان في " تاريخ الإسلام " 4 / 107 / 2، و" الأنساب " 2 / 48، و" تاريخ بغداد " 10 / 139، 140.
(*) تاريخ أصبهان 1 / 304، تاريخ الإسلام 4 / 114 / 1 و2، العبر 3 / 72، شذرات الذهب 3 / 158.(17/69)
ابْنُ خُرَّشِيذَ قُوْلَه الكَرْمَانِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، التَّاجِرُ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيَّ، وَأَبَا (1) العَبَّاسِ بنَ عُقدَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ مَخْلَدٍ، وَالحَسَنَ بنَ أَبِي الرَّبِيْعِ الأَنْمَاطِيَّ، وَجَمَاعَةً.
وَتَفَرَّدَ فِي وَقْتِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الوَفَاءِ مُحَمَّدُ بنُ بَديع، وَظفرُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، وَأَخُوَه عَبْدُ الوَهَّابِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الحَسْنَاباذِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ السِّمْسَار، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الطَيَّان، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَكْرُوَيْه الأَصْفَهَانيون.
قَالَ المَصْقَلِي: سَمِعْتُ ابْنَ خُرَّشِيذ قُوله يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدَخَلْتُ بَغْدَادَ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ (2) .
قُلْتُ: مَا عَلِمْتُ فِيْهِ بَأْساً، وَسَمِعْنَا مِنْ طَرِيْقِهِ عِدَّة أَجْزَاء.
تُوُفِّيَ: فِي شَهْر المُحَرَّم سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ.
وخُرَّشِيْذ - بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وثَانِيه -، هَكَذَا وَجَدْتُهُ مَضْبُوطاً، وَإِنَّمَا عَلَى أَفْوَاه الطّلبَة بِالضم وَالتثقيل.
وَفِيْهَا مَاتَ: الحَافِظ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدَةَ الأُمَوِيّ الطُّلَيْطُلِي، صَاحِب أَبِي إِسْحَاقَ بن شِنْظِير الحَافِظ، اللَّذَيْن يُقَالُ لَهُمَا: الصَّاحبَان (3) ، وَالحَافِظ أَبُو مَسْعُوْد إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ (4) ،
__________
(1) في الأصل (أبو) وهو خطأ.
(2) " تاريخ الإسلام " 4 / 114 / 2.
(3) سترد ترجمتهما في هذا الجزء برقمي (92) و (93) .
(4) سترد ترجمته برقم (136) .(17/70)
وَالشَّرِيْفُ الطَّاهِر أَبُو أَحْمَدَ حُسَيْنُ بنُ مُوْسَى العَلَوِيُّ المُوْسَوِيّ وَالد الرَّضِي وَالمُرْتَضَى، وَسُلَيْمَانُ بنُ هِشَامٍ المُقْرِئُ ابْنُ الغمَّاز (1) ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيِّ بنِ غِيَاث بغدَادِي، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الخُشَنِيّ الطُّلَيْطُلِي، وَمُحَمَّدُ بنُ هِشَام بن عَبْدِ الجَبَّارِ المَهْدِيّ المَرْوَانِيّ (2) .
38 - أَبُو نُعَيْمٍ الإِسْفَرَايْنِيُّ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، مُسنِدُ خُرَاسَانَ، أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ الأَزْهَرِ الأَزْهَرِيُّ، الإِسْفَرَاينِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: خَالِ أَبِيهِ الحَافِظ أَبِي عَوَانَة بكتَابه (الصَّحِيْح (3)) ، سَمِعَهُ بقرَاءةِ وَالِدهِ الحَافِظ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَتكَاثر عَلَيْهِ المُحَدِّثُونَ.
قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ هَذَا رَجُلاً صَالِحاً ثِقَةً، حَضَرَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَلَمْ يُعهد بَعْدَ ذَلِكَ المَجْلِس مِثْلُهُ
__________
(1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 317.
(2) سيرد ذكره ضمن ترجمة هشام المؤيد بالله رقم (78) .
(*) الأنساب 1 / 236، تاريخ الإسلام 4 / 115 / 2، 116 / 1، العبر 3 / 73، شذرات الذهب 3 / 159.
والاسفرايني: نسبة إلى إسفراين بكسر الهمزة - وضبطها ياقوت بالفتح - وسكون السين وفتح الفاء، وكسر الياء المثناة التحتية وهي لا تهمز على الاصح الافصح، وجوز بعضهم همزها، كذا ضبطها المؤلف والسمعاني وابن خلكان وابن الأثير والسيوطي والفيروزابادي والاسنوي وياقوت، وانفرد الأخير بزيادة ياء أخرى ساكنة هكذا: " إسفرايين " وهو المشهور المعروف.
انظر " تاج العروس " 9 / 235، و" وفيات الأعيان " 1 / 74، و" معجم البلدان "، و" الأنساب " و" اللباب "، و" لب اللباب " و" طبقات الاسنوي " 1 / 59.
(3) هو المسند الصحيح المخرج على كتاب مسلم، وقد طبع منه الجزء الأول والثاني والرابع والخامس بحيدر أباد في الهند، قال من أشرف على طبع هذه الاجزاء: لم نظفر بمخطوطة الجزء الثالث حتى الآن.(17/71)
لقرَاءةِ الحَدِيْث كَمَا حَدَّثَنَا الثِّقَاتُ، وَعَاد إلِى إِسفرَاين وَذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: الكِتَابَ أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَزَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي عَلِيٍّ الدَّقَّاق، وَلَهَا فَوْتٌ (2) ، وَعَبْدُ الحَمِيْدِ وَعَبْدُ اللهِ ابْنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ البَحِيْرِي، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيَّك.
وَرَوَى عَنْهُ: أَكْثَرَ الكِتَابِ أَوكُلَّهُ عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ المَحْمِيُّ، وَشَبِيْبُ بنُ أَحْمَدَ البَسْتِيْغِي (3) ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ الجُوَيْنِيّ، وَعَلِيُّ بنُ مَا سَرْجِس الخَازن، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الخَشَّاب، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ البسْطَامِي، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَسَّان بنِ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الصَّرَّام، وَخَلْقٌ آخِرُهُم مَوْتاً أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَهْل السَّرَّاج، المتُوُفّى فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقَدْ أَجَاز أَبُو عَوَانَةَ أَبَا نُعَيْمٍ جَمِيْعَ كُتُبِه فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ فِي وَصِيَّتِه لَهُ وَلجَمَاعَةٍ، فَقَالَ: قَدْ أَجَزْتُ لَهُم جَمِيْع كُتُبِي الَّتِي سَمِعْتُهَا مِنْ جَمِيْعِ المَشَايِخ، مِنْهَا كُتُبُ عَبْد الرَّزَّاقِ، وَكُتُبُ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَحَادِيْثُ سُفْيَان، وَشُعْبَة، وَمَالِكٍ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَالتَّفَاسِيْر وَالقِرَاءات، لِيَرْووهَا عَنِّي عَلَى سَبِيْل الإِجَازَةِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَمَّا مَاتَ أَبُو عَوَانَةَ كَانَ لأَبِي نُعَيْم سِتّ سِنِيْنَ وَعشرَةُ أَشْهُر، وَكَانَ يَسْمَع مِنْ أَبِي عَوَانَة مَعَ القَوْم وَوحده لَيْلاً وَنَهَاراً، وَيُلاَعِبُهُ أَبُو عَوَانَةَ وَيُطْعِمُهُ الفَانيذ (4) .
__________
(1) " تاريخ الإسلام " 4 / 115 / 2.
(2) أي فاتها من السماع شيء منه.
(3) انظر " تبصيرالمنتبه " 2 / 726، وستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(4) هو نوع من الحلواء.(17/72)
قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ مَاتَ أَبُو عَوَانَةَ سَنَة سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ مَوْلِدُ أَبِي نُعَيْمٍ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ وَالِدُهُ قَدِ ارْتَحَلَ، وَحمل السُّنَن عَنْ يُوْسُف القَاضِي، وَحمل عَنْ أَبِي خَلِيْفَة الجُمَحِيّ وَالكِبَار، وَحَدَّثَ، تُوُفِّيَ الحَسَن سَنَة سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
39 - السَّلاَمِيُّ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍِ *
العَلاَّمَةُ، الأَدِيْبُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، المَخْزُوْمِيُّ، البَغْدَادِيُّ، مِنْ فُحُولِ الشُّعَرَاءِ (1) .
سَارَ إِلَى المَوْصِل، وَصَاحَبَ الخَالِدَيَّيْن (2) وَالبَبّغَا (3) ، وَسَارَ إِلَى ابْنِ عَبَّاد، وَامْتَدَحَهُ (4) ، وَامَتْدَحَ عَضُدَ الدَّوْلَة بِقَصِيْدَة مِنْهَا:
__________
(*) الامتاع والمؤانسة 1 / 134، يتيمة الدهر 2 / 395 - 430، تاريخ بغداد 2 / 335، الأنساب 7 / 209، المنتظم 7 / 225، الكامل في التاريخ 9 / 179، وفيات الأعيان 4 / 403 - 409، تاريخ الإسلام 4 / 94 / 1 و2، الوافي بالوفيات 3 / 317 - 319، البداية والنهاية 11 / 333، النجوم الزاهرة 4 / 209، إيضاح المكنون 1 / 215.
(1) وذكر الثعالبي أنه قال الشعر وهو ابن عشر سنين فمن أول شعر قاله في المكتب قوله:
بدائع الحسن فيه مفترقه * وأعين الناس فيه متفقه
سهام ألحاظه مفوقة * فكل من رام لحظه رشقه
قد كتب الحسن فوق عارضه * هذا مليح وحق من خلقه
(2) هما أبو بكر محمد وأبو عثمان سعيد ابنا هاشم، المعروفان بالخالديين، الشاعران المشهوران، وأبو بكر أكبرهما.
وقد مرت ترجمتهما في الجزء السادس عشر.
(3) هو أبو الفرج عبد الواحد بن نصر، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (56) .
(4) انظر " يتيمة الدهر " 2 / 397 - 399.(17/73)
إِلَيْكَ طَوَى عَرْضَ البَسِيْطَةِ جَاعِلٌ (1) ... قُصَارَى المَنَايَا أَنْ يَلُوحَ لَهُ القَصْرُ (2)
وَكَانَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ يَقُوْلُ:
إِذَا رَأَيْتُ السَّلاَمِيَّ فِي مَجْلِسِي، خِلْتُ أَنَّ عُطَارِد نَزَلَ مِنَ الفَلَك إِليَّ.
وَلَهُ فِيْهِ:
يُشَبِّهُهُ المُدَّاحُ فِي البَأْس وَالنَّدَى ... بِمَنْ لَوْ رَآهُ كَانَ أَصْغَرَ خَادِمِ
فَفِي جَيْشِهِ خَمْسُوْنَ أَلْفاً كَعَنْتَرٍ ... وَأَمْضَى وَفِي خُزَّانِهِ أَلْفُ حَاتِم (3)
وَهُوَ القَائِلُ:
لَمَّا أُصِيْبَ الخَدُّ مِنْكَ بِعَارِضٍ ... أَضْحَى بِسِلْسِلَةِ العِذَارِ مُقَيَّداً (4)
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ بِضْع وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
ونسبتُه إِلَى مدينَة السَّلاَم.
40 - ابْنُ البَاجِيِّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ اللَّخْمِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُحَقِّقُ، أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) في " الوافي ": عاجل.
(2) وبعد هذا البيت: فكنت وعزمي في الظلام وصارمي * ثلاثة أشياء كما اجتمع النسر وبشرت آمالي بملك هو الورى * ودار هي الدنيا ويوم هو الدهر انظر " وفيات الأعيان " 4 / 407، و" اليتيمة " 2 / 401، و" المنتظم " 7 / 229، و" الوافي " 3 / 318.
(3) البيتان في " تاريخ الإسلام " 4 / 94 / 2، و" يتيمة الدهر " 2 / 421، و" وفيات الأعيان " 4 / 409.
(4) انظر " وفيات الأعيان " 4 / 409.
(*) جذورة المقتبس 128، 129، ترتيب المدارك 4 / 684، الأنساب 2 / 18، 19، الصلة 1 / 11، 12، بغية الملتمس 172 - 174، اللباب 1 / 103، المشتبه 2 / 628، تاريخ الإسلام 4 / 100 / 2، تذكرة الحفاظ 3 / 1058، 1059، العبر 3 / 60، الديباج المذهب 1 / 234، 235، طبقات الحفاظ 414، شذرات الذهب 3 / 147.(17/74)
عَلِيِّ بنِ شَرِيعَةَ اللَّخْمِيُّ، الإِشْبِيْلِيُّ، عُرِفَ: بِابْنِ البَاجِيِّ.
سَمِعَ مِنْ: وَالِدِه (1) جَمِيْع مَا عِنْدَهُ، مِنْ ذَلِكَ (مُصَنَّفُ ابْن أَبِي شَيْبَةَ) بروَايته (2) ، عَنِ القَبرِي (3) ، عَنْ بَقِيَ بن مَخْلَدٍ، عَنْهُ.
قَالَ الخَوْلاَنِيّ: كَانَ أَبُو عُمَرَ عَارِفاً بِالحَدِيْثِ وَوُجُوهِه، إِمَاماً مَشْهُوْراً، لَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهُ فِي المُحَدِّثِيْنَ وَقَاراً وَسَمْتاً، رَحل بَابنِه مُحَمَّد، وَلقيَا شُيُوخاً جلَّة، وَولِي أَبُو عُمَرَ قَضَاءَ إِشْبِيْليَة مُدَّةً يَسِيْرَة، وَأَخَذْنَا عَنْهُ كَثِيْراً، تُوُفِّيَ فَشَهِدْتُ جِنَازَتَه فِي مَحْفِلٍ عَظِيْم فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً (4) .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: كَانَ يَحْفَظ (غَرِيْبي الحَدِيْث) لأَبِي عُبَيْدٍ، وَابنِ قُتَيْبَةَ، وَشُووِر فِي الأَحْكَام وَلَهُ ثَمَان عَشْرَةَ سَنَةً، وَجَمَعَ لَهُ أَبُوْهُ عُلُوْمَ الأَرْضِ، وَلَمْ يَحْتَج إِلَى أَحَدٍ رَحل بِأَخَرَةٍ، وَلَقِيَ أَبَا بَكْرٍ المُهَنْدس وَطَائِفَة، وَكَانَ فَقِيْهَ عَصْرِهِ، وَإِمَامَ زَمَانِهِ، لَمْ أَرَ بِالأَنْدَلُسِ مِثْلَه، كمَّلْتُ عَلَيْهِ (مُصَنَّف ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ) ، وَكَانَ إِمَاماً فِي الأُصُوْل وَالفُرُوْع (5) .
41 - ابْنُ لاَلٍ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ
__________
(1) وهو محدث الأندلس أبو محمد عبد الله بن محمد..مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) في الأصل: برواته، وهو خطأ.
(3) هو عبد الله بن يونس القبري.
(4) " تاريخ الإسلام " 4 / 100 / 2، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1058، و" الصلة " لابن بشكوال 1 / 11، 12.
(5) انظر " تاريخ الإسلام " 4 / 100 / 2، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1059، و" الصلة " 1 / 12، و" جذوة المقتبس " 128، 129، و" الديباج المذهب " 1 / 235.
(*) تاريخ بغداد 4 / 318، طبقات الشيرازي 188، الكامل في التاريخ 9 / 209، =(17/75)
بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ بنِ لاَلٍ الهَمَذَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَالقَاسِمِ بن أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَلاَّب، وَعَبْدِ اللهِ بن أَحْمَدَ الزَّعْفَرَانِيّ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَعَلِيِّ بن الفَضْلِ السُّتُوْرِي، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بن حَمْدُوَيْه المَرْوَزِيّ، وَحَفْصِ بن عُمَرَ الأَرْدَبيلِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بن عُمَرَ بنِ شَوْذَب، وَخَلْقٍ كَثِيْر.
وَلَهُ رحلَةٌ وَحفظٌ وَمَعْرِفَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبْهَرِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الصُّوْفِيّ، وَحُمَيْدُ بنُ المَأْمُوْنِ، وَأَبُو مَسْعُوْد أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَجَلِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عِيْسَى بنِ عَبَّاد، وَأَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ الحَسَنِ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ إِمَاماً مُفَنّناً.
قَالَ شِيْرَوَيْه: كَانَ ثِقَةً، أَوْحَدَ زمَانِهِ، مُفْتِي البَلَد، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي علومِ الحَدِيْثِ، غَيْر أَنَّهُ كَانَ مَشْهُوْراً بِالفِقْه.
قَالَ: وَرَأَيْتُ لَهُ كِتَاب (السُّنَن) ، وَ (مُعْجَم الصَّحَابَة) ، مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَالدُّعَاءُ عِنْد قَبْرِهِ مُسْتَجَابٌ وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
__________
= تهذيب الأسماء واللغات 2 / 195، تاريخ الإسلام 4 / 106 / 2، العبر 3 / 67، طبقات السبكي 3 / 19، 20، طبقات الاسنوي 2 / 363، طبقات ابن هداية الله 106، 107، شذرات الذهب 3 / 151، هدية العارفين 1 / 69.
تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 365 ولال: قال النووي في " تهذيب الأسماء واللغات ": هو بلام ألف ثم لام على وزن " مال "، وقال الاسنوي: ولال بلامين بينهما ألف، معناه: أخرس.
(1) وقال السبكي في " الطبقات " 3 / 20: اضطرب في وفاته، فقيل سنة 92، وقيل سنة 98، وقيل سنة 99، وقيل: كان يقول: اللهم لا تحيني إلى سنة أربع مئة. فمات قبلها.(17/76)
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ بُنْدَار الرَّنْجَانِيّ الفَرَضِيّ: مَا رَأَيْتُ قَطُّ مِثْلَ ابْنِ لاَل - رَحِمَهُ اللهُ (1) -.
قُلْتُ: وَالدُّعَاءُ مُسْتَجَاب عِنْد قُبُوْر الأَنْبِيَاء وَالأَوْلِيَاء، وَفِي سَائِر البِقَاع، لَكِن سَبَبُ الإِجَابَة حُضُورُ الدَّاعِي، وَخُشُوعُهُ وَابتِهَاله، وَبلاَ رَيْبٍ فِي البقعَةِ المُبَارَكَة، وَفِي المَسْجَدِ، وَفِي السَّحَر، وَنَحْوِ ذَلِكَ، يَتَحَصَّلُ ذَلِكَ للدَاعِي كَثِيْراً، وَكُلُّ مُضطر فَدُعَاؤُه مُجَابٌ.
42 - أَبُو الرَّقَعْمَقِ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْطَاكِيُّ *
الشَّاعِرُ المَشْهُوْرُ بِمِصْرَ.
وَلَهُ شِعْرٌ كَثِيْرٌ، وَهُوَ فِي الشَّامِيّين كَابْن الحَجَّاجِ (2) لِلعِرَاقِيْن.
مَدَحَ الوَزِيْرَ ابْن كِلِّس (3) وَالكُبَرَاء، وَمَدَحَ المُعِزَّ أَيْضاً وَالعَزِيْزَ.
مَاتَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
43 - الوَصِيُّ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ **
الشَّرِيْفُ، السَّيِّدُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ عَلِيِّ بنِ
__________
(1) " تاريخ الإسلام " 4 / 106 / 2.
(*) يتيمة الدهر 1 / 310 - 334، وفيات الأعيان 1 / 131، 132، تاريخ الإسلام 4 / 110 / 1، العبر 3 / 70، الوافي بالوفيات 8 / 143، 144، حسن المحاضرة 1 / 561، معاهد التنصيص 2 / 253 - 255، شذرات الذهب 3 / 155، تاريخ بروكلمان 2 / 103.
(2) تقدمت ترجمته برقم (29) .
(3) هو أبو الفرج يعقوب بن يوسف، وزير العزيز صاحب مصر، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
وانظر مديح أبي الرقعمق له في " يتيمة الدهر " 1 / 310 وما بعدها، و" وفيات الأعيان " 1 / 131، 132.
(* *) تاريخ بغداد 3 / 90، 91، الأنساب (الوصي) ، المنتظم 7 / 230 وفيات سنة =(17/77)
الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ بنِ القَاسِمِ العَلَوِيُّ، الحَسَنِيُّ، الزَّيْدِيُّ، الهَمَذَانِيُّ، المُلَقَّب: بِالوَصِيِّ.
وُلِدَ: سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: إِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَخَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسِيّ، وَالأَصَمِّ وَابنِ الأَعْرَابِيّ، وَأَبِي المَيْمُوْنِ بن رَاشِد، وَعَبْدَان بن يَزِيْدَ الدَّقَّاق، وَعَبْد الرَّحْمَنِ الجَلاَّب، وَأَحْمَدَ بنِ عُبَيْدٍ، وَجَعْفَرٍ الخُلْدِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي اللَّيْث الصَّفَّار، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عُزَيْز، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدٍ الأَبْهَرِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرْوَذِيّ، وَعِدَّة.
قَالَ شِيْرَوَيْه: ثِقَةٌ صَدُوْقٌ، صُوفِيٌّ وَاعِظ، تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَتَزَهَّد وَجَاوَر، ثُمَّ رَجَعَ، فَأَقَامَ بِبُخَارَى مُدَّة، وَبِهَا مَاتَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
وَقِيْلَ: مَاتَ بِبَلخ (2) .
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ أَحَدَ الأَشْرَافِ عِلْماً وَنَسَباً، وَمَحَبَةً لِلفُقَرَاء وَصُحْبَةً لَهُم مَعَ مَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ مِنَ الْعُلُوم، صَحِبَ الخُلْدِيّ، وَدَخَلَ دُويرَة الصُّوْفِيَّة بِالرَّمْلَة، فَكَانَ يَخْدُمُهُم أَيَّاماً، حَتَّى قَدِمَ فَقيرٌ، فَقَبَّل رَأْسَه، وَقَالَ: هَذَا شَرِيْفُ الجَبَل.
فَقَامَ عَبَّاسٌ، فَقَبّل رِجْلَهُ، فَأَخَذَ الشَّرِيْفُ ركْوَتَه وَسَافَرَ (3) .
__________
= 395، اللباب 3 / 368، تاريخ الإسلام 4 / 94 / 2، البداية والنهاية 11 / 335 وفيات 395، وقيل له الوصي، لأنه كان وصي الأمير السديد نوح الساماني صاحب خراسان وما وراء النهر.
(1) " تاريخ الإسلام " 4 / 94 / 2.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 3 / 91.
(3) " تاريخ الإسلام " 4 / 94 / 2.
والركوة: إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء. =(17/78)
قَالَ الإِدْرِيْسِيّ: يُحْكَى عَنْهُ أَنَّهُ جَازَفَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ فِي الرِّوَايَة (1) .
44 - التَّاهَرْتِيُّ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ الأَنْدَلُسِ، أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَبُو الفَضْلِ التَّمِيْمِيُّ، التَّاهَرْتِيُّ، المَغْرِبِيُّ، البَزَّازُ.
مَوْلِدُهُ: بِتَاهَرْتَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدِمَ بِهِ وَالِدَه قُرْطُبَة، فَتَدَيَّرَهَا، وَطَلَبَ الحَدِيْثَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ، فسَمِعَ مِنْ: قَاسِم بن أَصْبَغَ، وَأَبِي عَبْدِ المَلِكِ بن أَبِي دُلَيم (2) ، وَمُحَمَّدِ بن عِيْسَى بنِ رِفَاعَةَ، وَوَهْبِ بن مَسَرَّة، وَمُحَمَّدِ بن مُعَاوِيَةَ الأُمَوِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ الفَضْلِ الدِّيْنَوَرِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ الفَرَضِيّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ ذَا زُهْدٍ وَتَعَبُّدٍ وَانقباضٍ مَعَ الثِّقَةِ وَالعِلْم (3) .
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
= والمقصود بالفقير: الصوفي، والفقر عندهم مقام شريف. انظر " معجم مصطلحات الصوفية " 207.
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 91 وذكر الادريسي أن وفاته سنة 394.
(*) جذوة المقتبس 141، 142، الأنساب 3 / 14، 15، الصلة 1 / 84، بغية الملتمس 188، معجم البلدان 2 / 9، اللباب 1 / 205، تاريخ الإسلام 4 / 97 / 2، العبر 3 / 58، شذرات الذهب 3 / 145.
والتاهرتي: نسبة إلى تاهرت: اسم لمدينتين متقابلتين بأقصى المغرب يقال لاحداهما: تاهرت القديمة، وللاخرى: تاهرت المحدثة، والاولى هي التي ينسب إليها صاحب الترجمة.
(2) تحرف في " معجم البلدان " إلى دكيم.
(3) " الصلة " لابن بشكوال 1 / 84.(17/79)
45 - سَعِيْدُ بنُ نَصْرٍ أَبُو عُثْمَانَ الأُمَوِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ المُتْقِنُ، الوَرِعُ، أَبُو عُثْمَانَ، مَوْلَى النَّاصِرِ لِدِيْنِ اللهِ الأُمَوِيِّ صَاحِبِ الأَنْدَلُسِ.
حَدَّثَ عَنْ: قَاسِمِ بن أَصْبَغَ، وَأَحْمَدَ بنِ مُطَرِّف، وَمُحَمَّدِ بن مُعَاوِيَةَ ابْن الأَحْمَر، وَعِدَّة.
وعنِي بِالرِّوَايَةِ وَالضَّبْطِ، وَرَوَى الكَثِيْر.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالعِلْم وَالعمل (1) .
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ أَيْضاً عَنْ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
46 - الجَوْهَرِيُّ أَبُو نَصْرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَمَّادٍ التُّرْكِيُّ **
إِمَامُ اللُّغَةِ، أَبُو نَصْرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ حَمَّادٍ التُّرْكِيُّ، الأُترَارِيُّ - وَأُترَارُ (2) :
__________
(*) جذوة المقتبس 234، 235، الصلة 1 / 210، 211، بغية الملتمس 313، 314، تاريخ الإسلام 4 / 98 / 1.
(1) انظر " الصلة " 1 / 210.
(* *) يتيمة الدهر 4 / 406، دمية القصر 300، نزهة الالباء 344 - 346، معجم الأدباء 6 / 151 - 165، إنباه الرواة 1 / 194 - 198، العبر 3 / 55، تاريخ الإسلام 4 / 91 / 2، 92 / 1، دول الإسلام 1 / 236، مرآة الجنان 2 / 446، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 262 - 265، لسان الميزان 1 / 400 - 402، النجوم الزاهرة 4 / 207، 208، المزهر 1 / 97 - 99، بغية الوعاة 1 / 446 - 448، مفتاح السعادة 1 / 100 - 103، سلم الوصول 193، إشارة التعيين الورقة 4 - 5، كشف الظنون 2 / 1071 - 1073، شذرات الذهب 3 / 142، 143، حاشية البغدادي على شرح بانت سعاد لابن هشام 1 / 461 - 463، روضات الجنات 110، 111، تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 2 / 259 - 263.
(2) انظر " تبصير المنتبه " 1 / 32.(17/80)
هِيَ مَدِينَةُ فَارَابَ - مُصَنِّفُ كِتَابِ (الصِّحَاحِ (1)) ، وَأَحَدُ مَنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي ضَبطِ اللُّغَةِ، وَفِي الخَطِّ المَنسُوبِ، يُعَدُّ مَعَ ابْنِ مُقْلَةَ (2) وَابنِ البَوَّابِ (3) وَمُهَلْهلٍ وَالبَرِيْدِيِّ.
وَكَانَ يُحِبُّ الأَسْفَارَ وَالتَّغَرُّب، دَخَلَ بِلاَد رَبِيْعَةَ وَمُضَر فِي تَطَلُّب لِسَان العَرَب (4) ، وَدَارَ الشَّامَ وَالعِرَاقَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَأَقَامَ بِنَيْسَابُوْرَ يُدَرِّسُ وَيُصَنِّفُ، وَيُعَلِّمُ الكِتَابَة، وَيَنْسَخُ المَصَاحِف (5) .
وَانْفَرَدَ أَهْلُ مِصْر برِوَايَة (الصِّحَاح) عَنِ ابْنِ القَطَّاع، فَيُقَالُ: رَكَّبَ لَهُ إِسْنَاداً (6) .
وفِي (الصِّحَاح) أَوهَامٌ قَدْ عُمِلَ عَلَيْهَا حَوَاشٍ (7) .
اسْتَوْلَتْ السَّوْدَاءُ عَلَى أَبِي نَصْرٍ حَتَّى شَدَّ لَهُ دفَّين كَجَنَاحِيْن، وَقَالَ:
__________
(1) وقد اختلف العلماء في ضبط " الصحاح " أهو بكسر الصاد أم بفتحها؟ جاء في " المزهر " عن أبي زكريا الخطيب التبريزي: يقال بكسر الصاد وهو المشهور، وهو جمع صحيح، كظريف وظراف، ويقال الفتح، نعت مفرد مثل صحيح، وقد جاء فعال - بفتح الفاء - لغة في فعيل، كصحيح وصحاح، وشحيح وشحاح، وبرئ وبراء.
وذكر ياقوت في " معجم الأدباء " أن الجوهري قد صنف " الصحاح " للاستاذ أبي منصور عبد الرحيم بن محمد البيشكي، وسمعه أبو منصور منه إلى باب الضاد المعجمة، ثم أورد ياقوت ترجمة أبي منصور هذا في " معجمه " 6 / 163.
(2) هو محمد بن علي بن حسن بن مقلة الوزير الشاعر، ضرب بحسن خطه المثل، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(3) هو علي بن هلال المعروف بابن البواب، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (192) .
(4) وقد ذكر ذلك الجوهري في مقدمة كتاب " الصحاح ".
(5) انظر " إنباه الرواة " 1 / 194، و" معجم " ياقوت 6 / 153.
(6) انظر " إنباه الرواة " 1 / 197.
(7) انظر الحواشي التي عملت على " الصحاح " في " كشف الظنون " 2 / 1072، 1073.
وانظر المقدمة الحافلة التي كتبها الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار للصحاح، طبعة دار الكتاب العربي بمصر، وانظر " تاريخ " بروكلمان 2 / 260 - 263.(17/81)
أُرِيْد أَنْ أَطِيْر، فَضَحِكُوا، ثُمَّ طَفر وَطَار، فتطحّن (1) .
وَقَدْ أَخَذَ العَرَبِيَّةَ عَنْ: أَبِي سَعِيْدٍ السِّيْرَافِيّ وَأَبِي عَلِيٍّ الفَارِسِيّ، وَخَالِه صَاحِب (دِيْوَان الأَدَب) أَبِي إِبْرَاهِيْم الفَارَابِيّ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ قِطعَةٌ مِنَ (الصِّحَاح) مُسَوَّدَة بيَّضهَا بَعْدَهُ تِلْمِيْذُه إِبْرَاهِيْمُ بنُ صَالِحٍ الوَرَّاق، فَغَلِطَ فِي مَوَاضِع حَتَّى قَالَ: فِي سَقَر: هُوَ بِالأَلِفِ وَاللاَّمِ، وَهَذَا يَدلُّ عَلَى جَهْلِهِ بِسُوْرَةِ المُدَّثِر، وَقَالَ الحَرأْضلُ (2) الجبلُ، فَصَحَّف، وَعَمِلَ الْكَلِمَتَيْنِ كَلِمَةً، وَإِنَّمَا هِيَ: الجرُّ أَصل الْجَبَل (3) .
وَلِلجَوْهَرِيِّ نَظْمٌ حَسَنٌ (4) ، وَمُقَدِمَةٌ فِي النَّحْوِ.
قَالَ جَمَالُ الدِّيْنِ عَلِيّ بن يُوْسُفَ القِفْطِي (5) :مَاتَ الجَوْهَرِيّ مُتَرَدِّياً مِنْ سَطْحِ دَارِهِ بِنَيْسَابُوْرَ، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَقِيْلَ: مَاتَ فِي حُدُوْدِ سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
47 - ابْنُ حَمَّةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ الخَلاَّلُ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمَّةَ الخَلاَّلُ، بَغدَادِيٌّ.
__________
(1) انظر " نزهة الالباء " 344، و" معجم الأدباء " 6 / 157، و" بغية الوعاة " 1 / 447.
(2) كذا في الأصل بالحاء المهملة، وفي " نزهة الالباء ": الجرأضل بالجيم المعجمة.
(3) انظر " نزهة الالباء " 345.
(4) انظر شيئا منه في " يتيمة الدهر " 4 / 407، و" إنباه الرواة " 1 / 196 - 198.
(5) في " إنباه الرواة " 1 / 196.
(*) تاريخ بغداد 10 / 301، المنتظم 7 / 234، 235، تاريخ الإسلام 4 / 104 / 1.(17/82)
مُكْثِرٌ عَنْ حَفِيْدِ يَعْقُوْب بن شَيْبَةَ، وَسَمِعَ مِنَ: المَحَامِلِيّ، وَعَبْدِ الغَافِرِ بن سَلاَمَةَ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَة.
وَعَنْهُ: البَرْقَانِيّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيّ، وَعُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ المُقْرِئ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الغَرِيْق.
وَثَّقَهُ الخَطِيْب (1) .
وَمَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ أَبُوْهُ: فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ سَنَةَ سبعٍ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، وَشَيْخُ المَالِكِيَّة أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ القَصَّار البَغْدَادِيّ (2) .
48 - ابْنُ أَسَدٍ الجُهَنِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، عَالِمُ الأَنْدَلُس، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَسَدٍ الجُهَنِيُّ، الطُّلَيْطُلِيُّ، المَالِكِيُّ، البَزَّازُ.
وُلِدَ: سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: قَاسِمِ بنِ أَصْبَغَ، وَعِدَّةٍ.
وَارْتَحَلَ فسَمِعَ مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الْورْد، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ السَّكَن بِمِصْرَ، وَمن أَحْمَد بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي المَوْت بِمَكَّةَ.
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 10 / 301.
(2) سترد ترجمته برقم (67) .
(*) تاريخ علماء الأندلس 248، جذوة المقتبس 251، 252، ترتيب المدارك 4 / 687، بغية الملتمس 331، 332، تاريخ الإسلام 4 / 98 / 2.(17/83)
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، رَأْساً فِي اللُّغَة فَقِيْهاً مُحَرِّراً، عَالِماً بِالحَدِيْثِ، كَبِيْر القَدْر (1) .
أَكْثَر عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو المُطَرِّف بن فُطَيْس، وَالخَوْلاَنِيّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء، وَأَبُو مُصْعَب بن أَبِي الوَلِيْد بن الفَرَضِيّ.
وَكَانَ ذَا وَرَعٍ وَإِتْقَانٍ، وَتلاَوَةٍ فِي المُصْحَف.
مَاتَ: فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي آخِر السّنَة.
49 - عَبْدُ الوَارِثِ بنُ سُفْيَانَ بنِ جُبْرُوْنَ القُرْطُبِيُّ *
بِضَمِ الجِيْم (2) ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، أَبُو القَاسِمِ القُرْطُبِيُّ، المُلَقَّبُ بِالحَبِيْبِ.
أَكْثَر عَن: قَاسِمِ بن أَصْبَغَ، وَكَانَ مليّاً بِهِ (3) ، وَعَنْ وَهْبِ بنِ مَسَرَّة، وَمُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي دُلَيْم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الأَصِيلِي، وَأَبُو عِمْرَانَ الفَاسِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ.
قَالَ ابْنُ الحَذَّاء: كَانَ صَالِحاً عَفِيْفاً، يَعِيْشُ مِنْ ضَيعته، وُلِدَ سَنَةَ سبع
__________
(1) " ترتيب المدارك " 4 / 687، 688.
(*) جذوة المقتبس 295، 296، الصلة 2 / 382، 383، بغية الملتمس 399، 400، العبر 3 / 59، تاريخ الإسلام 4 / 98 / 2، 99 / 1، شذرات الذهب 3 / 145، 146.
(2) وضبط في " الإكمال " 3 / 207 و" تبصير المنتبه " 2 / 546 بفتحها وبعدها باء موحدة ساكنة.
(3) قال في " تاريخ الإسلام " 4 / 98 / 2 و" الصلة " 2 / 382: وكان أوثق الناس فيه، وأكثرهم ملازمة له.(17/84)
عَشْرَة وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَطَلَبَ العِلْمَ فِي الحَدَاثَة (1) .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ (تَارِيْخَ) ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ كُلَّه وَ (مُوَطَّأ) ابْن وَهْبٍ، وَغَيْر ذَلِكَ، عَنْ قَاسِم، وَأَجْزَاء (2) .
تُوُفِّيَ: لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
50 - الإِخْمِيْمِيُّ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ العَبَّاسِ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ (3) العَبَّاسِ المِصْرِيُّ، الإِخْمِيْمِيُّ، بَقِيَّةُ الرُّوَاةِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ زَبَّانَ، وَعَلِيَّ بن أَحْمَدَ عَلاَّنَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ المِهرَانِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ وَرْدَانَ، وَأَبَا جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ المُهَنْدَسَ، وَجَمَاعَةً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مَكِّيٍّ ثَلاَثَةَ أَجزَاءٍ عَالِيَةٍ عِنْدَ أَبِي القَاسِمِ بنِ الحَرَسْتَانِيِّ.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَة المَاضِيَة تَأَخَّرَتْ وَفَاتُهُ.
__________
(1) انظر " الصلة " 2 / 383.
(2) " تاريخ الإسلام " 4 / 98 / 2 / 99 / 1.
(*) ترتيب المدارك 4 / 615، تاريخ الإسلام 4 / 99 / 1، العبر 3 / 59، حسن المحاضرة 2 / 372، شذرات الذهب 3 / 145. والاخميمي: نسبة إلى إخميم: بلد قديم على شاطئ النيل بالصعيد. " معجم البلدان " و" الأنساب ".
(3) تحرف لفظ " ابن " في " حسن المحاضرة " إلى " أبو ".(17/85)
51 - السَّامَرِّيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، القَاضِي، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ السَّامَرِّيُّ، الرَّفَّاءُ.
حَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الهَاشِمِيِّ، وَحَمْزَةَ بنِ القَاسِمِ، وَغَيْرِهِمَا.
وَعَنْهُ: ابْنُ بنتِه أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسْنُوْنَ النَّرْسِيّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ بُنْدَار الرَّازِيّ، وَجَمَاعَة.
وَثَّقَهُ الخَطِيْب (1) ، وَقَالَ: قَالَ لِي سبطه ابْنُ حَسْنُوْنَ: مَا رَأَيْتهُ مُفطراً قَطُّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة.
52 - المَلاَحِمِيُّ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى البُخَارِيُّ، المَلاَحِمِيُّ.
حدث بِنَيْسَابُوْرَ وَبغدَاد بكتَاب (رفع اليَدين) ، وَ (القِرَاءة خلف
__________
(*) تاريخ بغداد 11 / 327، 328، الأنساب 7 / 15، المنتظم 7 / 259، العبر 3 / 79.
والسامري: نسبة إلى بلدة على الدجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخا يقال لها: سر من رأى، فخففها الناس، وقالوا: سامرة.
(1) في " تاريخ بغداد " 11 / 328.
(* *) الأنساب: (الملاحمي) ، المنتظم 7 / 230، اللباب 3 / 277، تاريخ الإسلام 4 / 99 / 1، العبر 3 / 59، البداية والنهاية 11 / 335، شذرات الذهب 3 / 145.(17/86)
الإِمَام (1)) ، عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ إِسْحَاقَ.
وَرَوَى عَنْ: سَهْلِ بن السَّرِيِّ، وَالهَيْثَمِ بن كُلَيْبٍ، وَعَلِيِّ بن قُرَيْش، وَعَبْدِ اللهِ الأُسْتَاذ.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ النَّرْسِيّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بن المَأْمُوْنِ، وَعِدَّة.
وَكَانَ مِنْ جلَة المُحَدِّثِيْنَ.
قَالَ أَبُو العَلاَءِ: كَانَ مِنَ الحُفَّاظِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - زَادَ غَيْره: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ - وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
53 - ابْنُ الإِسْمَاعِيْلِيِّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيْلُ ابْنُ الإِمَامِ شَيْخِ الإِسْلاَمِ أَبِي بَكْرٍ (2) أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ العَبَّاسِ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، الجُرْجَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَأَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَأَحْمَدَ بنِ كَامِلٍ القَاضِي، وَابْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيِّ، وَعُمَرَ بنِ حَفْصٍ المَكِّيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ بنِ عَدِيٍّ، وَطَبَقَتِهِم.
__________
(1) وكلاهما من تأليف الامام محمد بن إسماعيل البخاري صاحب " الصحيح ".
(*) تاريخ جرجان 106 - 109، تاريخ بغداد 6 / 309، 310، طبقات الشيرازي 100، المنتظم 7 / 231، تبيين كذب المفتري 207 - 211، طبقات ابن الصلاح الورقة 39، تاريخ الإسلام 4 / 101 / 1 و2، العبر 3 / 60، مرآة الجنان 2 / 448، طبقات الاسنوي 1 / 51، 52، البداية والنهاية 11 / 336 وهو فيه إبراهيم بن إسماعيل أبو سعيد وهو خطأ، شذرات الذهب 3 / 147.
(2) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.(17/87)
حَدَّثَ عَنْهُ: بنوهُ المُفَضَّل (1) ، وَمَسْعَدة (2) ، وَسَعْدٌ، وَالسَّرِيّ (3) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّل، وَحَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَرد أَبُو سَعْدٍ الإِمَامُ بَغْدَادَ، فَأَقَامَ بهَاسنَةً، ثُمَّ حَجَّ، عَقَدَ لَهُ الفُقَهَاء مَجْلِسَيْنِ، تولَى أَحَدَهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَالآخر أَبُو مُحَمَّدٍ البَافِي (4) .
وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ (5) :كَانَ أَبُو سَعْدٍ إِمَامَ زَمَانِه، مُقَدّماً فِي الفِقْهِ وَأُصُوْلِهِ وَالعَرَبِيَّةِ وَالكِتَابَةِ وَالشُرُوْطِ وَالكَلاَمِ، صَنَّفَ فِي أُصُوْلِ الفِقْهِ كِتَاباً كَبِيْراً، وَتَخَرَّجَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مَعَ الوَرَعِ الثَخِيْنِ، وَالمُجَاهَدَة وَالنُّصْحِ لِلإِسْلاَمِ، وَالسَّخَاءِ وَحُسْنِ الخُلُق، وَبَالَغَ السَّهْمِيُّ فِي تَعْظِيْمِهِ.
تُوُفِّيَ: فِي نِصْفِ رَبِيْعٍ الآخِرِ لَيْلَةَ جُمُعَة، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَتُوُفِّيَ إِكرَاماً مِنَ اللهِ لَهُ فِي صَلاَةِ المَغْرِبِ وَهُوَ يَقْرَأُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين} فَفَاضَتْ نَفْسُه - رَحِمَهُ اللهُ - (6) .
__________
(1) انظر ترجمته في " الأنساب " 1 / 252، و" طبقات الاسنوي " 1 / 53.
(2) ترجمته في " الأنساب " 1 / 252، 253.
(3) ترجمته في " طبقات " الاسنوي 1 / 53. ولابن الاسماعيلي من الاولاد أيضا أبو الحسن مبشر وابنتان.
انظر " تاريخ جرجان " 108، و" تبيين كذب المفتري " 209.
(4) انظر " تاريخ بغداد " 6 / 310، و" المنتظم " 7 / 231، و" البداية والنهاية " 11 / 336 وتحرف فيه " البافي " إلى " الباجي "، وأبو محمد البافي تقدمت ترجمته برقم (36) ، وأبو حامد الاسفراييني سترد ترجمته برقم (111) .
(5) في " تاريخ جرجان " 106، 107.
(6) انظر " تاريخ جرجان " 107، و" المنتظم " 7 / 231، و" البداية والنهاية " 11 / 336.(17/88)
أَخُوْهُ:
54 - أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ الإِسْمَاعِيْلِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، صَدْرُ الكُبَرَاءِ.
ذُو الجَاهِ العَرِيْض، وَالرِئاسَةِ الكَامِلَةِ بِجُرْجَانَ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي يَعْقُوْبَ البَحِيْرِيّ، وَأَبِي العَبَّاسِ الأَصَمّ، وَدَعْلَج، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مَنْدَة، وَجَمَاعَة.
وَأَمْلَى عِدَّةَ مَجَالِس.
وَكَانَ ذَا فَهْمٍ وَعِلْمٍ وَقبُولٍ عَظِيْمٍ (1) .
وَذَكَرَ أَبُو القَاسِمِ بنُ عَسَاكِر أَنَّهُ كَانَ أَشْعَرِيّاً.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ بَيَانٍ البَزَّاز بِطَرَابُلُس، أَنْبَأَنَا مَحْمُوْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو رَشِيْد أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الإِسْمَاعِيْلِيّ، أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ الخَلِيْل الآمُلِي، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عَوْنٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ عَامِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَمْرِو بنِ سُلَيْم، عَنْ أَبِي قَتَادَة قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِذَا دَخَلَ أَحَدكُم المَسْجَدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ) (2) .
__________
(*) تاريخ جرجان 409، 410، الأنساب 1 / 251، 252، تبيين كذب المفتري 231، 232، اللباب 1 / 58، 59.
(1) " تاريخ جرجان " 410.
(2) إسناده حسن، وأخرجه أحمد 5 / 296، والحميدي رقم (421) من طريق سفيان، =(17/89)
55 - البَحِيْرِيُّ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِد، الثِّقَة، أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ ابنُ الشَّيْخ أَبِي الحُسَيْنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَحِيْرِ بن نُوْح البَحِيْرِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُزَكِّي.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَيَحْيَى بن مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ الكَعْبِي، وَمُحَمَّدَ بن المُؤَمَّل بن الحَسَنِ، وَأَبَا بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَابنه أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَحِيْرِيّ، وَجَمَاعَة.
وَلَهُ أَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً سمِعنَاهَا، وَأَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً أُخْرَى عِنْدِي لَمْ تَقَعْ لَنَا.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ شُعَيْبٍ الرُّويَانِيّ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ مِنْ حُفَّاظِ الحَدِيْثِ المُبرِّزِين فِي المذَاكرَة.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً (1) .
وسَيَأْتِي أَبُو عُثْمَانَ وَلَدُهُ (2) مَعَ أَقرَانه.
__________
= عن عثمان بن أبي سليمان وابن عجلان بهذا الإسناد، وأخرجه مالك 1 / 162 في قصر الصلاة في السفر: باب انتظار الصلاة والمشي إليها، ومن طريقه البخاري (444) ومسلم (714) وأحمد 5 / 295، والترمذي (316) وأبو داود (467) والنسائي 2 / 53 عن عامر بن عبد الله به.
(*) تاريخ جرجان 502، الأنساب 2 / 98، المنتظم 7 / 232، اللباب 1 / 124، تاريخ الإسلام 4 / 102 / 2، تذكرة الحفاظ 3 / 1082، البداية والنهاية 11 / 336 وتحرف فيه إلى " الحيري "، طبقات الحفاظ 420.
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1083.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (47) .(17/90)
56 - البَبَّغَاءُ أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ نَصْرِ بنِ مُحَمَّدٍ *
شَاعِرُ وَقْتِهِ، الأَدِيْبُ، أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ نَصْرِ بنِ مُحَمَّدٍ المَخْزُوْمِيُّ، النَّصِيْبِيُّ.
لَهُ دِيْوَانٌ، وَمدَائِحٌ فِي سَيْفِ الدَّوْلَة (1) .
وَتَنَقَّلَ فِي البِلاَدِ، وَمَدَحَ الكِبَار (2) .
وَلُقِّبَ بِالبَبَّغَاءِ لفَصَاحَتِهِ.
وَقِيْلَ: بَلْ لِلَثْغَةٍ فِي لِسَانِهِ (3) .
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (4) .
__________
(1) يتيمة الدهر 1 / 236 - 270، تاريخ بغداد 11 / 11، الأنساب 2 / 70، المنتظم 7 / 241، اللباب 1 / 117، الكامل في التاريخ 9 / 209، وفيات الأعيان 3 / 199 - 202، تاريخ الإسلام 4 / 107 / 2، 108 / 1، العبر 3 / 68، 69،، البداية والنهاية 11 / 340، النجوم الزاهرة 4 / 219، شذرات الذهب 3 / 152، 153، نزهة الجليس 2 /
319، تاريخ بروكلمان 2 / 98، 99.
و" الببغا " ضبطت في الأصل بكسر الباء الأولى وتشديد الباء الثانية المفتوحة، وضبطها السمعاني في " الأنساب " بفتح الباء الأولى وإسكان الثانية، ووافقه ابن الأثير في " اللباب " والفيومي في " المصباح المنير " وصاحب " القاموس " وقال: وقد تشدد الباء الثانية، وبه - أي بالتشديد وفتح الباء الأولى - ضبطها ابن خلكان في " الوفيات "، وأهملها الجوهري وصاحب " اللسان ".
(1) انظر " يتيمة الدهر " 1 / 245 وما بعدها، و" تاريخ بغداد " 11 / 12.
(2) انظر " اليتيمة " 1 / 248.
(3) انظر " اليتيمة " 1 / 236 و251 - 255، و" وفيات الأعيان " 3 / 202.
(4) أورد المؤلف في " تاريخ الإسلام " من شعره قوله: يا من تشابه منه الخلق والخلق * فما تسافر إلا نحوه الحدق توريد دمعي من خديك مختلس * وسقم جسمي من جفنيك مسترق لم يبق لي رمق أشكو هواك به * وأنما يتشكى من به رمق وله: أو ليس من إحدى العجائب أنني * فارقته فحييت بعد فراقه يا من يحاكي البدر عند تمامة * ارحم فتى يحكيه عند محاقه(17/91)
57 - صَاحِبُ بُخَارَى المُنْتَصِرُ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْمَاعِيْلُ *
المَلِكُ، المُلَقَّبُ: بِالمُنْتَصِرِ، أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْمَاعِيْلُ ابنُ مُلُوْكِ مَا وَرَاء النَّهْر، وَلَدُ المَلِكِ نُوْحِ بن نَصْرِ بن نُوْح بن إِسْمَاعِيْلَ بن أَحْمَدَ بنِ أَسَد بن سَامَانَ السَّامَانِيُّ البُخَارِيُّ.
طوّل المُلْكُ فِي هَذَا البَيْت، وَقَدْ وَلِي جَدُّهُم إِسْمَاعِيْلُ ممَالِكَ خُرَاسَان للمُعْتَضِد (1) .
وَكَانَ قَدْ عُزِلَ مِنَ المُلك مَنْصُوْرُ بنُ نُوْح، وَاعْتُقِلَ بِسَرخس، وَملّكُوا أَخَاهُ عَبْدَ المَلِكِ بن نُوْح (2) ، فَطَمِعَ فِي البِلاَد أَيلك خَان، وَحَاربَهُم، وَظفر بِعَبْدِ المَلِكِ، وَسَجَنَهُ، وَاسْتَوْلَى عَلَى بُخَارَى، فَمَاتَ فِي السِّجْنِ بَعْدَ قَلِيْلٍ، ثُمَّ قَامَ المُنْتَصِرُ أَخُوْهُمَا، فَسَجَنَهُ أَيْضاً أَيلك خَان وَأَقَارِبَهُ (3) ، فَيَهْرُبُ المُنْتَصِرُ فِي هَيْئَةِ امْرَأَةٍ كَانَتْ تَتَرَدَّدُ إِلَى السِّجْنِ، وَاخْتَفَى أَمْرُهُ، فَذَهَبَ إِلَى خُوَارَزْم، فَتَلاَحقَ بِهِ مَنْ بذَّ مِنْ بَقَايَا السَّامَانيَّة، حَتَّى اسْتَقَامَ أَمْرُهُ، وَكثُر جَيْشُهُ فَأَغَارَ عسكرهُ عَلَى بُخَارَى وَكبسُوا بَضْعَة عشر أَمِيْراً مِنَ الخَانِيَّة، وَأَسَرُوهُم، وَجَاؤُوا بِهِم إِلَى المُنْتَصِر، وَهَرَبَ بقَايَا عَسْكَر أَيلك خَان، وَجَاءَ المُنْتَصِرُ وَفَرِحَ بِهِ الرَّعِيَّةُ، فجمعَ أَيلك خَان عَسَاكِره، فَعبر المُنْتَصِرُ إِلَى خُرَاسَانَ ثُمَّ حَارب مُتَوَلِّيَ نَيْسَابُوْر نَصْرَ بنَ سُبُكْتِكِيْن أَخَا السُّلْطَان مَحْمُوْد، وَأَخَذَ مِنْهُ نَيْسَابُوْر فَتَنمَّر السُّلْطَان، وَطوَى المَفَاوِزَ وَوَافَى نَيْسَابُوْر، فَفَرَّ
__________
(*) الكامل لابن الأثير 9 / 156 - 158.
(1) وذلك في سنة سبع وثمانين ومئتين بعد هزيمته لعمرو بن الليث الصفار، وكان قبل ذلك سنة تسع وسبعين ولي عمل أخيه نصر بن أحمد بعد موته بما وراء النهر.
انظر " الكامل " 7 / 456 و500 - 502.
(2) وكان ذلك في سنة تسع وثمانين وثلاث مئة. " الكامل " 9 / 145
(3) انظر " الكامل " 9 / 148، 149.(17/92)
مِنْهَا المُنْتَصِر، وَجَالَ فِي أَطرَافِ خُرَاسَان، وَجَبَى الخَرَاج، وَصَادَرَ، وَوزنَ لَهُ شَمْسُ المعَالِي ثَمَانِيْنَ أَلفَ دِيْنَار، وَخَيْلاً وَبِغَالاً مصَانعَةً عَنْ جُرْجَان.
ثُمَّ إِنَّهُ عَاود نَيْسَابُوْر، فَهَرَبَ مِنْهَا أَخُو السُّلْطَان، فَدَخَلهَا المُنْتَصِر، وَعثَّرَ أَهلَهَا، ثُمَّ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّلْطَان مَحْمُوْد ملحمَةٌ مَشْهُودَة، وَانْهَزَمَ المُنْتَصِرُ إِلَى جُرْجَان، ثُمَّ التقَى هُوَ وَالعَسَاكِر السُّبُكْتِكينيَّة عَلَى سَرخس، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، وَتَمَزَّقَ جمعُ المُنْتَصِر، وَقُتِلَ أَبطَالُهُ، فَسَارَ يَعْتسِفُ المهَالكَ حَتَّى وَقَعَ إِلَى محَالِّ التُّرك الغُزِّيَّة، وَكَانَ لَهُم ميلٌ إِلَى آل سَامَان، فحرَّكتهُم الحمِيَّةُ لَهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، وَالتَقَوا أَيلك خَان، وَحَاربُوهُ، ثُمَّ إِنَّ المُنْتَصِر تخيَّل مِنْهُم، وَهَرَبَ، ثُمَّ رَاسل السُّلْطَانَ مَحْمُوداً يذكر سَلفه، فعطفَ عَلَيْهِ ثُمَّ تمَاثل حَالُه، وَتمَّت لَهُ أُمُورٌ طَوِيْلَة.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً مِقْدَاماً، وَافر الهَيْبَة، ثُمَّ التقَى بِأَيلك فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، فَانهزم أَيلك، ثُمَّ حشد وَجمع وَأَقبلَ، فَالتَقَوا أَيْضاً، فَانْهَزَم المُنْتَصِر بِمُخَامرَة عسكرِهِ (1) ، وَفَرَّ إِلَى بِسطَام، وضَاقت عَلَيْهِ المسَالكُ ثُمَّ بَيَّتُوهُ، وَقُتِلَ، وَأُسرت إِخوتُه فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) حَتَّى مَاتَ بَيْنَ الطعْن وَالضَّربِ مِيتَةً تقومُ مقَامَ النَّصْر إِذْ فَاتَه النَّصْرُ، كَمَا قِيْلَ:
وَأَثْبَتَ فِي مُسْتَنْقَعِ المَوْتِ رِجْلَهُ ... وَقَالَ لَهَا: مِنْ دُوْنِ أَخْمَصِكِ الحَشْرُ (3)
__________
(1) قال ابن الأثير في " الكامل " 9 / 158، 159: ففارقه كثير منهم إلى بعض أصحاب أيلك خان، فأعلموهم بمكانه، فلم يشعر المنتصر إلا وقد أحاطت به الخيل من كل جانب، فطاردهم ساعة، ثم ولاهم الدبر.
(2) " الكامل " 9 / 159.
(3) البيت لأبي تمام من قصيدة يرثي بها محمد بن حميد الطوسي أحد قواد المأمون الذي وجهه لقتال بابك الخرمي، وأولها: كذا فليجل الخطب وليفدح الامر * فليس لعين لم يفض ماؤها عذر =(17/93)
58 - الكَلاَبَاذِيُّ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الأَوْحَدُ، أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ (1) بنِ عَلِيِّ بنِ رُسْتُم البُخَارِيُّ، الكَلاَبَاذِيُّ.
وَكَلاَباذ: محلَّةٌ مِنْ بُخَارَى.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
وَسَمِعَ مِنَ: الهَيْثَم بن كُلَيْب الشَّاشِي، وَعَلِيِّ بن مُحتَاج، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيّ الجَمَّال، وَعَبْدِ المُؤْمِنِ بن خَلَفٍ النَّسَفِي، وَمُحَمَّدِ بن مَحْمُوْد بن عَنْبَر، وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الحَارِثِيّ، وَطَبَقَتهم.
رَوَى عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي كِتَاب (المُدَبَّج (3)) ، وَالحَاكِمُ،
__________
= والكلام الذي نثره المؤلف قبل البيت هو من هذه القصيدة، ونصه: فتى مات بين الطعن والضرب ميتة * تقوم مقام النصر إذا فاته النصر والقصيدة في " ديوانه " 4 / 79، 85.
(*) تاريخ بغداد 4 / 434، الأنساب 10 / 506، اللباب 3 / 122، وفيات الأعيان 4 / 210، 211، تاريخ الإسلام 4 / 106 / 2، 107 / 1، تذكرة الحفاظ 3 / 1027، العبر 3 / 67، طبقات الحفاظ 406، شذرات الذهب 3 / 151، هدية العارفين 1 / 69.
(1) ما بين معقوفين من " الأنساب " و" تاريخ بغداد "، وقدم ابن خلكان " الحسن " على " الحسين ".
(2) في " الأنساب " 10 / 507 أن ولادته سنة ستين وثلاث مئة، وهو خطأ.
انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1027.
(3) هو أحد أنواع الحديث وهو رواية الاقران عن بعضهم، وهم المتقاربون في السن أو في الإسناد كأن يكون أحد الراويين أكبر سنا من الآخر، ولكنهما يشتركان في الشيوخ، فإذا روى اثنان من الاقران، كل واحد منهما عن الآخر سمي هذا النوع " مدبجا " مثل أبي هريرة وعائشة روى كل منهما عن الآخر، والزهري وعمر بن عبد العزيز، ومالك والاوزاعي، فإن روى أحد القرينين عن
الآخر ولم يرو الآخر عنه، فلا يسمى مدبجا، مثل رواية سليمان التيمي عن مسعر وهما قرينان، ولا يعلم لمسعر رواية عن التيمي.
أنظر " ألفية السيوطي " شرح العلامة أحمد شاكر 239 - =(17/94)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُسْتَغْفِرِي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ المُسْتَغْفِرِي: هُوَ أَحْفَظُ مَنْ بِمَا وَرَاء النَّهر اليَوْم فِيمَا أَعْلَم (1) .
وَقَالَ الحَاكِمُ: أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيّ الكَاتِبُ مِنَ الحُفَّاظِ، حسنُ الفَهْمِ وَالمعرفَةِ، عَارِفٌ (بِصَحِيْحِ البُخَارِيّ) ، كتب بِمَا وَرَاء النَّهر وَخُرَاسَان وَبَالعِرَاق، وَوجدتُ شَيْخَنَا أَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ قَدْ رَضِيَ فَهْمَهُ وَمَعْرِفَته، وَهُوَ مُتْقِنٌ ثَبْتٌ.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ: وَلَمْ يُخَلِّف بِمَا وَرَاء النَّهر مثله (2) .
قُلْتُ: لَهُ مُصَنّفٌ فِي مَعْرِفَة رِجَال (صَحِيْح) البُخَارِيِّ (3) .
وَقَالَ السِّلَفِيُّ: أَخْبَرَنَا بكتَابِ (الإِرْشَاد فِي مَعْرِفَة رِجَال البُخَارِيّ) خَالِدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ التَّاجِر بِأَصْبَهَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ بنِ سيَاوش الكَازرُونِي عَنْ مُؤلِّفه أَبِي نَصْرٍ (4) .
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ المَالِكِيّ، أَنْبَأَنَا السِّلَفِيّ،
__________
= 241، و" معرفة علوم الحديث " للحاكم 215 - 220، و" الباعث الحثيث " 197، و" تدريب الراوي " 2 / 246 - 248.
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1027.
(2) " الأنساب " 100 / 507، و" تاريخ الإسلام " 4 / 107 / 1، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1027.
(3) واسمه: " الهداية والارشاد في معرفة أهل الثقة والسداد الذين أخرج لهم البخاري في جامعه " ومنه عدة نسخ خطية في مكتبات العالم، انظر " تاريخ التراث العربي " للدكتور سزكين 1 / 358، وهذا الكتاب هذبه عبد الله بن عبد الرحمن بن جزي، المتوفى سنة 562 هـ، ومنه نسخة خطية في باريس 2086.
وجمع محمد بن طاهر بن القيسراني المتوفى سنة 507 هـ في كتاب واحد بين هذا الكتاب وكتاب " الرجال عند مسلم " لأبي بكر أحمد بن علي بن محمد بن منجويه المترجم في هذا الجزء برقم (293) بعنوان: " الجمع بين كتابي أبي نصر الكلاباذي وأبي بكربن منجويه في رجال البخاري ومسلم " وقد طبع في حيدر أباد سنة 1323 هـ في جزئين.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1028.(17/95)
أَخْبَرَنَا حَمْدُ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الحَافِظ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ البُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ القُمِّيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ حَبِيْبٍ البَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بنُ الوَلِيْدِ، سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ:
لُبْسُ الصُّوفِ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ وَفِي الحَضَر بِدْعَةٌ (1) .
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ إِذْناً عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ أَحْمَدَ الفَقِيْه البُخَارِيّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ مَنْصُوْر قَاضِي خَان، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عمِّي مَحْمُوْد - قَالَ قَاضِي خَان: هُوَ جَدِّي - حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ مَنْصُوْر الحَافِظُ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيُّ الحَافِظ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِح، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مِسْعَر، حَدَّثَنَا عَطِيَّة، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ طَلَبَ العِلْمَ صَلَّتْ عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ -) ، الحَدِيْث (2) .
الحَافِظ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَامَا: سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ الكَلاَبَاذِيُّ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَعرِفُ حليَةَ الصَّحَابَةِ وَصِفَتَهُم، كَأَنِّيْ أَنْظُرُ إِلَيْهِم، فَلَمَّا اشتغلتُ بِالكِتَابَةِ للسُّلْطَان، ذَهَبَ ذَلِكَ عَنِّي.
59 - الضَّبِّيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ هَارُوْنَ بنِ مُحَمَّدٍ *
القَاضِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ (3) بنُ هَارُوْنَ بنِ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ، البَغْدَادِيُّ.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1028.
(2) إسناده ضعيف جدا أورده العقيلي في " الضعفاء " لوحة 26 من طريق يحيى بن عثمان ابن صالح بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث باطل، ليس له أصل، وليس هذا الشيخ يعني إسماعيل بن إسحاق الأنصاري ممن يقيم الحديث، وهو في جامع بيان العلم وفضله 1 / 45 من طريق أبي زكريا يحيى بن هاشم، عن مسعر بن كدام به، وأبو زكريا هذا كذبه يحيى بن معين وغيره.
(*) تاريخ بغداد 8 / 146، 147، المنتظم 7 / 240، تاريخ الإسلام 4 / 197 / 1، العبر 3 / 68، شذرات الذهب 3 / 151.
(3) في " العبر ": الحسن.(17/96)
حَدَّثَ عَنْ: القَاضِي المَحَامِلِيّ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَة، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الأَدَمِيّ المُقْرِئ، وَمُحَمَّد بن صَالِح بن زِيَادٍ، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ الجُوْزَجَانِيّ، وَأَمْلَى مَجَالِس عِدَّة (1) .
رَوَى عَنْهُ: البَرْقَانِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ النَّقُّوْر، وَجَمَاعَة.
وكَانَتْ أُصُوْلهُ قَدْ ذَهَبت إِلاَّ جزئين مِنْ مَسْمُوعَاتِه، قَاله الخَطِيْبُ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الكَرِيْم المَحَامِلِيّ، أَخْبَرَنَا الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ:
القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الضَّبِّيُّ غَايَةٌ فِي الفَضْلِ وَالدِّيْنِ، عَالِمٌ بِالأَقضيَة، مَاهرٌ بصنَاعَةِ المَحَاضِر وَالتَّرسُّل، مُوفَّقٌ فِي أَحْوَاله كُلّهَا (2) .
وَقَالَ البَرْقَانِيّ: حُجَّةٌ فِي الحَدِيْثِ، وَأَي شَيْء كَانَ عِنْدَهُ مِنَ السَّمَاع، جُزْءان، وَالبَاقِي إِجَازَة (3) .
مَاتَ الضَّبِّيُّ: بِالبَصْرَةِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ وَلِي قَضَاء الْكَرْخِ، ثُمَّ أُضِيفَ إِلَيْهِ قَضَاءُ مدينَة المَنْصُوْر، وَقضَاء الكُوْفَة (4) .
وَفِيْهَا مَاتَ: البَدِيْعُ الهَمَذَانِيّ - صَاحِبُ التَّرسُّل وَالمَقَامَات - أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ يَحْيَى الأَدِيْب بَدِيْع الزَّمَان (5) ، وَالإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ لاَل الهَمَذَانِيّ (6) ، وَالحَافِظ أَبُو نَصْرٍ الكَلاَبَاذِيّ (7) ، وَشَيْخُ
__________
(1) انظر النسخ الخطية لبعض هذه المجالس في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 357.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 146 بأطول مما هنا.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 147، و" تاريخ الإسلام " 4 / 107 / 1.
(4) " المنتظم " 7 / 290.
(5) تقدمت ترجمته برقم (36) .
(6) تقدمت ترجمته برقم (41) .
(7) تقدمت ترجمته برقم (58) .(17/97)
الشَّافِعِيَّة أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَافِيّ (1) البُخَارِيّ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ آخر تلاَمِذَة أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيّ، وَأَبُو الفَرَجِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ نَصْرٍ البَبَّغَاء الشَّاعِر (2) ، وَعُبَيْدُ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الصَّيْدَلاَنِيّ (3) ، لحق ابْنَ صَاعد.
60 - العَلَوِيُّ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ دَاوُدَ *
الإِمَامُ، السَّيِّدُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، مُسند خُرَاسَان، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ دَاوُدَ بن عَلِيٍّ العَلَوِيُّ، الحسنِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحَسيبُ، رَئِيْس السَّادَة.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بن إِسْمَاعِيْلَ بن إِسْحَاقَ المَرْوَزِيّ صَاحِبَ عَلِيِّ بن حُجْر، وَأَبَا حَامِدٍ بن الشَّرْقِيّ، وَأَخَاهُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّد بن عُمَرَ ابْن جَمِيْل، وَأَبَا نَصْرٍ مُحَمَّدَ بن حَمْدُويَه الغَازِي، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ دلّويَه الدَّقَّاق، وَمُحَمَّدَ بن الحُسَيْنِ القَطَّان، وَعُبَيْد اللهِ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ بَالُوَيْه، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَهُوَ أَكْبَر شَيْخٍ لَهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ الصَّفَّار، وَأَبُو عُبَيْدٍ صَخْرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ زَاهِر، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الصَّرَّام، وَعُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ المَحْمِي، وَعُمَرُ بنُ شَاهُ المُقْرِئ، وَشَبيبُ بنُ أَحْمَدَ البَسْتِيغِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُكْرَم الصَّيْدَلاَنِيّ، وَمُوْسَى بن عِمْرَانَ الأَنْصَارِيّ، وَأَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (36) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (56) .
(3) ترجمه المؤلف في " تاريخ الإسلام " 4 / 108 / 1، وابن الجوزي في " المنتظم " 7 / 247.
(*) طبقات ابن الصلاح: الورقة 10، العبر 3 / 76، الوافي بالوفيات 2 / 373، طبقات السبكي 3 / 148، طبقات الاسنوي 1 / 84، شذرات الذهب 3 / 162.(17/98)
المُؤَذِّن، وَفَاطِمَةُ بِنْت أَبِي عَلِيٍّ الدَّقَّاق، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ ذُو الهمَّة العَالِيَة، وَالعِبَادَة الظَاهِرَة، وَكَانَ يُسأَلُ أَنْ يُحَدِّثَ فَلاَ يُحَدِّث، ثُمَّ فِي الآخر عقدتُ لَهُ مَجْلِس الإِملاَء، وَانتقيتُ لَهُ أَلفَ حَدِيْث، وَكَانَ يُعدُّ فِي مَجْلِسه أَلفُ محبرَة، فَحَدَّث وَأَمْلَى ثَلاَث سِنِيْنَ، مَاتَ فَجْأَةً فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَة إِحْدَى وَأَرْبَع مائَة (1) .
أَخُوْهُ:
61 - السَّيِّدُ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ العَلَوِيُّ *
هُوَ الأَصغر.
سَمِعَ: ابْن بِلاَلٍ، وَأَبَا بَكْرٍ القَطَّان.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِم، وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ آثَارٌ وَمَعْرُوْفٌ بِنَيْسَابُوْرَ، عَاشَ نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مِنْ سَمَاعَه (الصَّحِيْح) ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
62 - ابْن زَنْبِيْلٍ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ **
الشَّيْخُ الجَلِيْلُ، المُسْنِدُ الصَّادِقُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ زَنْبِيل النُّهَاوَنْدِيُّ.
قدم هَمَذَان فِي رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة، فَحَدَّثَ (بِالتَاريخ)
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 3 / 148، 149.
(*) تاريخ الإسلام 4 / 93 / 2، طبقات الاسنوي 1 / 84، 85.
(* *) لم نعثر له على مصادر ترجمة.(17/99)
الصَّغِيْر) لِلْبُخَارِيِّ، عَنْ أَبِي القَاسِمِ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ الأَشقر القَاضِي البَغْدَادِيّ، عَنِ المُصَنِّف.
وَقَدِ ارْتَحَلَ فِي الكُهُوْلَة، فسَمِعَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَمُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ المُفِيْد، وَطَبَقَتهم.
رَوَى عَنْهُ: حَمْزَةُ بنُ أَحْمَدَ الرُّوذْرَاوَرِيّ (1) ، وَهَنَّاد بن إِبْرَاهِيْمَ النَّسَفِيّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَحْمَدَ الجَعْفَرِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّوذْرَاوَرِي، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ النُّهَاوَنْدِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيّ فِي (تَارِيْخ هَمَذَان) وَلَمْ يذكر لَهُ وَفَاة.
63 - ابْنُ النَّجَّارِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ *
الإِمَامُ، المُقْرِئ، المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحَسَنِ (2) مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ بنِ فَرْوَةَ التَّمِيْمِيُّ، النَّحْوِيُّ، الكُوْفِيُّ، ابْنُ النَّجَّارِ.
تلاَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بن عَوْنٍ النّقَّار بِحرف عَاصِم (3) ، عَنْ تلاَوته عَلَى القَاسِم بن أَحْمَدَ الخَيَّاط تِلْمِيْذ الشّمُّونِي.
__________
(1) نسبة إلى بلدة بنواحي همذان يقال لها روذراور.
انظر " الأنساب " 6 / 182 وفيه ترجمة حمزة بن أحمد هذا.
(*) تاريخ بغداد 2 / 158، المنتظم 7 / 260، معجم الأدباء 18 / 103، 104، إنباه الرواة 3 / 83، معرفة القراء الكبار 1 / 295، 296، العبر 3 / 80، تلخيص ابن مكتوم 596، الوافي بالوفيات 2 / 305، البداية والنهاية 11 / 347، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 111، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 31، 32، بغية الوعاة 1 / 69، 70، شذرات الذهب 3 / 164، كشف الظنون 1 / 302، هدية العارفين 2 / 58.
(2) في " كشف الظنون " و" هدية العارفين ": أبو الحسين، وهو خطأ.
(3) ابن أبي النجود الكوفي، أحد القراء السبعة، مرت ترجمته في الجزء الخامس برقم (119) .(17/100)
وَسَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ: مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ الخَثْعَمِي الأُشْنَانِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ بن دُرَيْد، وَإِبْرَاهِيْم نِفْطَوَيْه، وَأَبِي رَوْقٍ الهِزَّانِيّ.
وَعَاشَ مائَة عَام.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيّ، وَجَمَاعَة.
وَتَلاَ عَلَيْهِ: الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ غُلاَم الهرَّاس، وَطَائِفَة.
قَالَ العَتِيْقِيّ: هُوَ ثِقَةٌ، مَاتَ بِالكُوْفَةِ فِي جُمَادَى الأُولَى، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة (1) .
وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: كَانَ مَوْلِدُهُ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
64 - الهَرَوَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحَنَفِيَّة، القَاضِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ حَاتِمٍ الجُعْفِيّ، الكُوْفِيّ، الحَنَفِيّ، المَعْرُوف: بِالهَرَوَانِيِّ.
تلاَ لعَاصِم عَلَى أَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّد بن الحَسَنِ بنِ يُوْنُس النَّحْوِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّد بن القَاسِمِ المُحَارِبِيّ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ، وَمُحَمَّدِ بن جَعْفَرِ بنِ رِيَاح الأَشْجَعِيّ.
قرأَ عَلَيْهِ أَبُو عَلِيٍّ غُلاَم الهَرَّاس.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 2 / 159.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 159، وانظر مصنفاته في " معجم الأدباء " و" هدية العارفين ".
(*) تاريخ بغداد 5 / 472، 473، الأنساب: (الهرواني) ، اللباب 3 / 386، معرفة القراء الكبار 1 / 296، العبر 3 / 81، غاية النهاية 2 / 177، 178، شذرات الذهب 3 / 165.(17/101)
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ العَلَوِيّ الأَقسَاسِي، وَأَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلاَّن، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ المنثَوْر الجُهَنِيّ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ العُكْبَرِيّ النَّدِيم، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ثِقَةً، حَدَّثَ بِبَغْدَادَ.
قَالَ: وَكَانَ مِنْ عَاصره بِالكُوْفَةِ يَقُوْلُ:
لَمْ يَكُنْ بِالكُوْفَةِ مِنْ زَمَنِ ابْنِ مَسْعُوْد إِلَى وَقته أَحدٌ أَفقه مِنْهُ، حَدَّثَنِي عَنْهُ غَيْر وَاحِد (2) .
قُلْتُ: بَلْ كَانَ بِالكُوْفَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْن مَسْعُوْد جَمَاعَةٌ أَفقهُ مِنْهُ كعَلْقَمَة، وَعَبِيْدَة السَّلْمَانِيّ، وَجَمَاعَة.
ثُمَّ كَالشَّعْبِيّ وَإِبْرَاهِيْم النَّخَعِيّ، ثُمَّ كحَمَّاد وَالحَكَمَ وَمُغيرَة، وَعِدَّة.
ثُمَّ كَابنِ شُبْرُمَة وَأَبِي حَنِيْفَةَ، وَابنِ أَبِي لَيْلَى وَحَجَّاج بن أَرْطَاةَ، ثُمَّ كَسُفْيَان الثَّوْرِيّ، وَمِسْعَرٍ، وَالحَسَنِ بن صَالِحٍ، وَشَريك، ثُمَّ كوَكِيْعٍ وَحَفْصِ بن غِيَاث وَابْن إِدْرِيْسَ، وَخَلْق.
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :وَقَالَ لِي العَتِيْقِيّ: مَا رَأَيْتُ بِالكُوْفَةِ مِثْلَ القَاضِي الهَرَوَانِيّ.
وَقَالَ أَبُو الغَنَائِمِ النَّرْسِيّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ، بَقِيَ عَلَى قَضَاءِ الكُوْفَةِ سِنِيْنَ، مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة.
قُلْتُ: عَاشَ سَبْعاً وَتِسْعين سَنَة.
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 5 / 472.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 473.(17/102)
65 - ابْنُ فَارِسٍ أَحْمَدُ بنُ فَارِسِ بنِ زَكَرِيَّا القَزْوِيْنِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، اللُّغَوِيُّ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ (1) بنُ فَارسِ بنِ زَكَرِيَّا (2) بن مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ القَزْوِيْنِيُّ، المَعْرُوفُ بِالرَّازِيِّ، المَالِكِيُّ، اللُّغَوِيُّ، نَزِيْلُ هَمَذَان، وَصَاحِب كِتَاب (المُجْمَل (3)) .
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَلَمَةَ القَطَّان، وَسُلَيْمَان
__________
(*) يتيمة الدهر 3 / 397 - 404، دمية القصر 3 / 1479، 1480، ترتيب المدارك 4 / 610، 611، نزهة الالباء 320 - 322، المنتطم 7 / 103 وفيات 369، معجم الأدباء 4 / 80 - 98، التدوين في تاريخ قزوين للرافعي: ورقة 146، إنباه الرواة 1 / 92 - 95، الكامل في التاريخ 8 / 711، وفيات الأعيان 1 / 118 - 120، المختصر في أخبار البشر 2 / 142، تاريخ الإسلام 4 / 97 / 1 و2، تلخيص ابن مكتوم ورقة 15، 16، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 65 - 67، عيون التواريخ 12 / لوحة / 258 - 261، الوافي بالوفيات 7 / 278 - 280، مرآة الجنان 2 / 422، البداية والنهاية 11 / 335، الديباج المذهب 1 / 163 - 165، الفلاكة والمفلوكون 108 - 110، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 230 - 232، النجوم الزاهرة 4 / 212، بغية الوعاة 1 / 352، 353، طبقات المفسرين 1 / 59 - 61، مفتاح السعادة 1 / 96، شذرات الذهب 3 / 132، 133، روضات الجنات 64، 65، إيضاح المكنون 1 / 421، هدية العارفين 1 / 68، 69 سلم الوصول 112، أعيان الشيعة 9 / 215 - 228، وانظر مقدمة معجم مقاييس اللغة التي كتبها الأستاذ عبد السلام هارون.
(1) في " المنتظم ": أبو الحسين بن أحمد بزيادة لفظ " بن " وهو خطأ (2) في " الديباج المذهب ": أحمد بن زكريا بن فارس.
(3) قال حاجي خليفة: اعتبر الابواب في أوله والفصول في غيره كالمغرب، والتزم فيه الصحيح والواضح من كلام العرب دون الوحشي المستنكر، وآثر فيه الايجاز ... ذكر البرهان الحلبي أن صاحب " القاموس " تتبع أوهام ابن فارس في " المجمل " في ألف موضع مع تعظيمه له وثنائه عليه. " كشف الظنون " 1605.
وكتاب " المجمل " لم يطبع منه سوى الجزء الأول مرتين في القاهرة، الأولى سنة 1914، والثانية سنة 1947 نشرها الشيخ محيي الدين عبد الحميد وصل فيه إلى مادة (دلك) ، وحقق قسما منه السيد محمد مصطفى إبراهيم رضوان، ونال به مرتبة الدكتوراه في جامعة القاهرة وصل فيه إلى حرف الجيم.
وتقوم الآن مؤسسة الرسالة بنشره كاملا بتحقيق الدكتور زهير عبد المحسن سلطان ولابن فارس أيضا كتاب " معجم مقاييس اللغة " وقد طبع بتمامه بتحقيق الأستاذ عبد السلام هارون.(17/103)
ابْن يَزِيْدَ الفَامِي، وَعَلِيِّ بن مُحَمَّدِ بنِ مِهْرَويه القَزْوينيين، وَسَعِيْدِ بن مُحَمَّدٍ القَطَّان، وَمُحَمَّدِ بن هَارُوْنَ الثَّقَفِيّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حَمْدَان الجَلاَّب، وَأَحْمَد بن عُبَيْد الهَمَذَانيين، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ السُّنِّي الدِّيْنَوَرِيّ، وَأَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَهْلٍ بنُ زيرك، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ الخَيَّاط المُقْرِئ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ المُحْتَسِب، وَآخَرُوْنَ.
مَوْلِدُهُ بقَزْوِين، وَمَرْبَاهُ بهَمَذَان، وَأَكْثَر الإِقَامَةَ بِالرَّيِّ.
وَكَانَ رَأْساً فِي الأَدب، بَصِيْراً بفقهِ مَالِك (1) ، مُنَاظراً مُتَكَلِماً عَلَى طريقَةِ أَهْلِ الحَقّ، وَمَذْهَبُهُ فِي النَّحْوِ عَلَى طريقَةِ الكُوْفِيِّين، جمع إِتْقَانَ العِلْم إِلَى ظَرْفِ أَهْل الكِتَابَةِ وَالشّعر.
وَلَهُ مُصَنَّفَات (2) وَرسَائِلُ (3) ، وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّة.
وَكَانَ يَتَعَصَّبُ لآل العَمِيْدِ، فَكَانَ الصَّاحِبُ بنُ عَبَّاد يَكْرَهُهُ لِذَلِكَ (4) ،
__________
(1) قال ياقوت: وكان فقيها شافعيا، فصار مالكيا، وقال: دخلتني الحمية لهذا البلد - يعني الري - كيف لا يكون فيه رجل على مذهب هذا الرجل المقبول القول على جميع الالسنة. " معجم الأدباء " 4 / 83، 84.
(2) انظر مصنفاته في " معجم الأدباء " 4 / 84، و" الوافي بالوفيات " 7 / 279، و" طبقات المفسرين " 1 / 60، و" هدية العارفين " 1 / 68، 69، وانظر النسخ الخطية لمصنفاته في " تاريخ " بروكلمان 2 / 265 - 268.
(3) قال ابن خلكان: ومنه اقتبس الحريري صاحب " المقامات " ذلك الأسلوب، وعليه اشتغل بديع الزمان الهمذاني صاحب " المقامات ". " وفيات الأعيان " 1 / 118. وانظر بعض رسائله في " اليتيمة " 3 / 397 وما بعدها.
(4) في " معجم الأدباء " 4 / 83: وكان الصاحب بن عباد يكرمه ويتتلمذ له ويقول: شيخنا أبو الحسين ممن رزق حسن التصنيف، وأمن فيه من التصحيف.(17/104)
وَقَدْ صَنَّفَ باسمه كِتَاب (الحِجْر) ، فَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ قَلِيْلَةٍ (1) .
وَكَانَ يَقُوْلُ: مَنْ قَصُرَ عِلْمُهُ فِي اللُّغَةِ وَغُوْلِطَ غَلِطَ (2) .
قَالَ سَعْدُ بنُ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيّ: كَانَ أَبُو الحُسَيْنِ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، مُحْتَجّاً بِهِ فِي جَمِيْعِ الجِهَات غَيْرَ مُنَازع، رَحَلَ إِلَى الأَوْحدِ فِي العُلُوم أَبِي الحسَن القَطَّان، وَرَحَلَ إِلَى زَنْجَان، إِلَى صَاحِبِ ثَعْلَب أَحْمَدَ بن الحَسَنِ الخَطِيْب، وَرَحَلَ إِلَى مَيَانَج إِلَى أَحْمَدَ بن طَاهِر بن النَّجم، وَكَانَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ.
قَالَ سَعْدٌ: وَحُمِلَ أَبُو الحُسَيْنِ إِلَى الرَّيِّ لِيَقْرَأ عَلَيْهِ مجدُ الدَّوْلَة بنُ فَخر الدَّوْلَة، وَحصَّل بِهَا مَالاً مِنْهُ، وَبرع عَلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو الحُسَيْنِ مِنَ الأَجَوَاد حَتَّى إِنَّهُ يَهَبُ ثِيَابَهُ وَفَرْشَ بَيْتِهِ، وَكَانَ مِنْ رُؤُوْس أَهْلِ السُّنَّة المُجرَّدين عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الحَدِيْثِ.
قَالَ: وَمَاتَ بِالرَّيِّ فِي صَفَرٍ سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (3) ، وَفِيْهَا وَرّخه أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: مَاتَ سَنَةَ تِسْعِيْنَ (4) .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ اليُوْسُفِيّ، أَخْبَرَنَا هَادِي بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ القَاسِمِ،
__________
(1) قال الثعالبي: وكان الصاحب منحرفا عن أبي الحسين بن فارس لانتسابه إلى خدمة ابن العميد وتعصبه له، وأنفذ إليه من همذان كتاب " الحجر " من تأليفه، فقال الصاحب: رد الحجر من حيث جاءك. ثم لم تطب نفسه بتركه، فنظر فيه، وأمر له بصلة.
" يتيمة الدهر " 3 / 200.
(2) " إنباه الرواة " 1 / 94.
(3) انظر " إنباه الرواة " 1 / 94، 95، و" تاريخ الإسلام " 4 / 97، و" المستفاد " 66، و" معجم الأدباء " 4 / 83، 84، و" الوافي بالوفيات " 7 / 278، 279.
(4) وهو ابن خلكان في " وفيات الأعيان " 1 / 119، وكذلك ابن فرحون في " الديباج المذهب " 1 / 165.
ووهم كذلك ابن الجوزي فأورده في وفيات سنة تسع وستين، والحميدي قال بموته في حدود سنة ستين، قال ياقوت: وكل منهما لا اعتبار به، لاني وجدت خط كفه على كتاب " الفصيح " تصنيفه وقد كتبه في سنة إحدى وتسعين وثلاث مئة.(17/105)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ فَارس اللُّغَوِيّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي خَالِد بقَزْوين، حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاق، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ زَاذَان، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ للهِ مَلاَئِكَةً فِي الأَرْضِ سَيَّاحِيْنَ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلاَمَ (1)) .
وَمن نظمِ ابْن فَارس:
سَقَى هَمَذَانَ الغَيْثُ لَسْتُ بِقَائِلٍ ... سِوَى ذَا وَفِي الأَحْشَاءِ نَارٌ تَضَرَّمُ وَمَالِيَ لاَ أُصْفِي الدُّعَاءَ لبَلْدَةٍ ... أَفَدْتُ بِهَا نِسْيَانَ مَا كُنْتُ أَعْلَمُ
نَسِيْتُ الَّذِي أَحْسَنْتُهُ غَيْرَ أَنَّنِي ... مَدِيْنٌ وَمَا فِي جَوْفِ بَيْتِي دِرْهَمُ (2)
وَلَهُ:
إِذَا كُنْتَ تُؤذَى بِحَرِّ المَصِيف ... وَيُبْسِ (3) الخَرِيفِ وَبَرْدِ الشِّتَا
وَيُلْهِيْكَ حُسْنُ زَمَانِ الرَّبِيْع ... فَأَخْذُكَ لِلْعِلْمِ قُلْ لِي مَتَى؟ (4)
66 - الأَكْوَاخِيُّ أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْرِ بنِ مُحَمَّدٍ*
المُحَدِّثُ الحُجَّةُ، أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ بَكْر (5) بنِ مُحَمَّد
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه من طرق عن سفيان به أحمد 1 / 387 و441 و452، والدارمي 2 / 58، والنسائي 3 / 43، وصححه ابن حبان (2393) والحاكم 2 / 421، ووافقه الذهبي، وصححه أيضا ابن القيم في " جلاء الافهام " ص 27.
(2) الابيات في " تاريخ الإسلام " 4 / 97 / 2، و" يتيمة الدهر " 3 / 2، 4، و" معجم الأدباء " 4 / 86، و" وفيات الأعيان " 1 / 119، و" إنباه الرواة " 1 / 93، و" الديباج المذهب " 1 / 165.
(3) في " اليتيمة " و" الوافي " و" معجم الأدباء ": وكرب.
(4) البيتان في " يتيمة الدهر " 3 / 3، 4، و" معجم الأدباء " 4 / 88، و" الوافي بالوفيات " 7 / 280، و" إنباه الرواة " 1 / 95.
(*) تاريخ بغداد 9 / 423، 424، معجم البلدان 1 / 241، تاريخ الإسلام 4 / 111 / 2.
(5) في " تاريخ بغداد " و" معجم البلدان ": بن أبي بكر.(17/106)
الطَّبَرَانِيُّ الزَّاهِدُ، نَزِيْلُ أَكواج بَانيَاس.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَأَحْمَدَ بن زَكَرِيَّا المَقْدِسِيّ، وَعُثْمَان بن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَخَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسِيّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
رَوَى عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّبَعِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ روَّاد العَكَّاوِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيّ.
وَقَالَ الصُّوْرِيّ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً مُكْثِراً، حَكَى عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيّ (1) .
وَقَالَ الكتَّانِي: ثِقَةٌ يتشيَّع، مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
قُلْتُ: وَلَهُ رحلَةٌ إِلَى بَغْدَادَ، وَلَقِيَ أَبَا سَهْل بن زِيَادٍ وَأَمثَالَهُ.
67 - القَصَّارُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ *
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، القَاضِي، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ القَصَّارِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ الفَضْل السُّتُوْرِي وَغَيْره.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو ذَر الحَافِظ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ (3) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 424.
(2) " تاريخ الإسلام 4 / 111 / 2.
(*) تاريخ بغداد 12 / 41، 42، طبقات الفقهاء للشيرازي 142، ترتيب المدارك 4 / 602، تاريخ الإسلام 4 / 104 / 2، العبر 3 / 64، الديباج المذهب 2 / 100، شذرات الذهب 3 / 149، شجرة النور 92.
(3) في " تاريخ بغداد " 12 / 41.(17/107)
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ تَلاَمِذَةِ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ الأَبْهَرِيّ، يُذكر مَعَ أَبِي القَاسِمِ الجَلاَّب.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيّ: لَهُ كِتَابٌ فِي مَسَائِل الخلاَف كَبِيْرٌ، لاَ أَعرف لَهُم كِتَاباً فِي الخِلاَفِ أَحسنَ مِنْهُ (1) .
قَالَ القَاضِي عِيَاض (2) :كَانَ أُصُوْلِياً نَظَّاراً، وَلِي قَضَاءَ بَغْدَاد.
وَقَالَ أَبُو ذَر: هُوَ أَفْقَهُ مَنْ لقِيت مِنَ المَالِكيين، وَكَانَ ثِقَةً قَلِيْل الحَدِيْث (3) .
قَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِس: مَاتَ فِي ثَامن ذِي القَعْدَةِ، سَنَة سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَيُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَالأَوّل أَصحّ.
68 - القَصَّارُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الأَصْبَهَانِيُّ، القَصَّار، مِنْ كِبَارِ الشَّافِعِيَّة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَلِيِّ بنِ عَاصِم، وَعَبْدِ اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ فَارس، وَعَبْدِ اللهِ بن خَالِدٍ الزَّاذَانِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ عَبَّاد، وَالقَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العَسَّال.
__________
(1) واسم الكتاب: " عيون الأدلة في مسائل الخلاف بين فقهاء الأمصار " ومنه نسخة خطية: القرويين بفاس 497، وقد اختصره أبو محمد القاضي عبد الوهاب الذي سترد ترجمته برقم (287) ومنه نسخة خطية أيضا: القرويين بفاس 291.
انظر " تاريخ التراث العربي "
لسزكين 3 / 161.
(2) في " ترتيب المدارك " 4 / 602.
(3) " تاريخ الإسلام " 4 / 104 / 2.
(*) تاريخ أصبهان 1 / 169، طبقات الشافعية للاسنوي 2 / 308، تاريخ الإسلام 4 / 109 / 1.(17/108)
وَكَانَ ثَبْتاً، كَبِيْرَ القَدْر.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، وَأَخُوْهُ عَبْدُ الوَهَّابِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ السِّمْسَار، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الصَّفَّار، وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
69 - ابْنُ يُوْنُسَ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ الصَّدَفِيُّ *
المنجمُ الكَبِيْرُ، مُصَنِّف (الزِّيْج (1) الحَاكِمِيّ) أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَدِّث مِصْر أَبِي سَعِيْدٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الفَقِيْه أَحْمَد بن شَيْخ الإِسْلاَمِ يُوْنُس بن عَبْدِ الأَعْلَى الصَّدَفِيّ (2) المِصْرِيّ.
وَأَهْلُ التَّنْجِيْم يَخْضَعُوْنَ لِفَضِيلَة هَذَا التَأْلِيْف.
__________
(*) تاريخ الحكماء 230، 231، الأنساب 8 / 46 (الصدفي) ، وفيات الأعيان 3 / 429 - 431، المختصر في أخبار البشر 2 / 145، تاريخ الإسلام 4 / 112، ميزان الاعتدال 3 / 132، الوافي 12 / 95، مرآة الجنان 2 / 451، 452، البداية والنهاية 11 / 341، 342، لسان الميزان 4 / 232، 233، حسن المحاضرة 1 / 539، شذرات الذهب 3 / 156، 157، هدية العارفين 1 / 684.
(1) علم الزيج: هو أحد فروع علم الهيئة، يتعرف منه مقادير حركات الكواكب سيما السبعة السيارة وتقويم حركاتها وإخراج الطوالع وغير ذلك، وبه يعرف موضع كل واحد من
الكواكب - سيما السبعة - بالنسبة إلى فلكها وإلى فلك البروج، وانتقالاتها ورجوعها واستقامتها وتشريقها وتغريبها وظهورها وخفاؤها في كل زمان ومكان، وبه يعرف كسوف الشمس وخسوف القمر وما يجري هذا المجرى، وبه يستخرج تقويم فصول السنة وسمت القبلة وأوقات الصلاة.
انظر " مفتاح السعادة " 1 / 379، 380.
وكتاب " الزيج الحاكمي " المعروف بزيج ابن يونس قال فيه ابن خلكان: وهو زيج كبير، رأيته في أربع مجلدات بسط القول والعمل فيه، وما أقصر في تحريره، ولم أر في الازياج على كثرتها أطول منه، وذكر أن الذي أمره بعمله وابتدأه له العزيز أبو الحاكم صاحب مصر. " وفيات الأعيان " 3 / 429، وانظر النسخ الخطية لهذا الكتاب في " تاريخ " بروكلمان 4 / 225، وفيه أيضا النسخ الخطية لمصنفات أخرى لابن يونس.
(2) نسبة إلى الصدف - بكسر الدال -: وهي قبيلة من حمير نزلت مصر.(17/109)
وَلَهُ نَظْمٌ رَائِقٌ (1) .
لبس مرَّةً ثِيَابَ النِّسَاء، وضَرَبَ بِالعُودِ، وَبخَّر، وَرَقَبَ الزُّهرَة، وَكَانَ يلبس تَحْتَ العمَامَة طُرْطُوراً، كَالبدو، وَلَهُ إِصَابَاتٌ عَجِيْبَةٌ تُضِلُّ الجَهَلَة (2) .
وَقَدْ عدَّلَهُ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ النُّعْمَانِ وَقَبِله، فَلاَ حول وَلاَ قوَة إِلاَّ بِاللهِ (3) .
وَلَهُ سَمَاعَاتٌ عَالِيَة.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
70 - الجِيْزِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ *
القَاضِي، الإِمَامُ، المُقْرِئ الأَوْحَدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّد بنِ عُمَرَ بن مَحفُوظٍ (4) المِصْرِيُّ، الجِيْزِيُّ.
تلاَ عَلَى أَبِي الفَتْح (5) بن بُدهن.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ بُهْزَاد السِّيْرَافِيّ، وَأَحْمَدَ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَامع،
__________
(1) انظر بعضا منه في " الوفيات " 3 / 430.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 430، و" تاريخ الإسلام " 4 / 112 / 2، و" لسان الميزان " 4 / 233.
(3) قال المؤلف في " الميزان " 3 / 132: لا يحل الاخذ عنه، فإنه منجم ساحر.
(*) تاريخ الإسلام 4 / 109 / 1، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 126.
(4) في " غاية النهاية ": أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن محفوظ.
(5) هو أبو الفتح أحمد بن عبد العزيز بن موسى بن عيسى، المعروف بابن بدهن، المقرئ، الخوارزمي الأصل ثم البغدادي، نزيل مصر، متوفى سنة تسع وخمسين وثلاث مئة، ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 254، 255، وابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 68، 69.(17/110)
وَأَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْد الزُّبَيْرِيّ، وَالعَلاَّمَة أَبِي جَعْفَرٍ بنِ النَّحَّاسِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: فَارسُ بنُ أَحْمَدَ الضَّرِيْر، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَجَمَاعَة.
قَالَ الدَّانِي: كتبنَا عَنْهُ شَيْئاً كَثِيْراً مِنَ القِرَاءات وَالحَدِيْثِ، وَتُوُفِّيَ سَنَة تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ.
وَأَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيّ صَاحِبُ يُوْنُس بن عَبْدِ الأَعْلَى.
رَوَى عَنْهُ: المِصْرِيّون.
71 - ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ الهَرَوِيُّ الصَّرَّامُ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الرَّبَّانِيّ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ الهَرَوِيُّ، الصَّرَّامُ (1) ، المُجَاورُ، شَيْخُ الحرمِ.
حَدَّثَ عَنْ: خَيْثَمَةَ بنِ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المَحْبُوْبِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ بُنْدَار، وَدَعْلَجٍ السِّجْزِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيِّ، وَعِدَّةٍِ.
وَكَانَ مِنْ أَوعيَةِ الحَدِيْثِ، رَوَى الكَثِيْرَ بِمَكَّةَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو يَعْقُوْبَ القَرَّابُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحِنَّائِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ بُنْدَار الرَّازِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
______________
(*) تاريخ أصبهان 1 / 165، تاريخ الإسلام 4 / 109 / 1، العبر 3 / 69، شذرات الذهب 3 / 153.
(1) نسبة إلى بيع الصرم، وهو الذي ينعل به الخفاف واللوالك. " الأنساب " 8 / 54.
قال في " المصباح المنير ": الصرم بالفتح: الجلد، وهو معرب، وأصله بالفارسية: " الجرم ".
واللوالك: نوع من الجلود يتخذ منها نعال، والنسبة إليها اللالكائي.(17/111)
وَقَدْ صَحِبَ مُحَمَّدَ بن دَاوُدَ الدُّقِّي (1) وَالكِبَارَ، وَأَخَذَ عَنْهُ خلقٌ مِنَ المغَاربَة وَالرَّحَّالَة، وَوَصَفَهُ الأَهْوَازِيُّ بِالحِفْظِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
72 - أَبُو عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ، مُسندُ أَصْبَهَان، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ البَغْدَادِيِّ الشِّطْرنْجِيُّ، التَّاجِرُ، نَزِيْلُ أَصْبَهَانَ.
حدَّث جَدُّهُم سُلَيْمَانُ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيِّ، وَحَدَّثَ أَبُوهُمَا الأَقربُ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ عنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ.
رَوَى أَبُو عَلِيٍّ عَنْ: أَبِيهِ، وَالفَضْلِ بن الخَصِيْبِ، وَأَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بنِ إِسْحَاقَ الخَطْمِيِّ (2) ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ ابْنِ أَخِي أَبِي زُرْعَةَ، وَالحَسَنِ بن عَلِيِّ بنِ أَبِي الحِنَّاءِ المِردَاسِيِّ الهَمَذَانِيِّ، وَأَبِي أَسِيدٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَسِيدٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ اللُّنْبَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نَبِيلٍ الهَمَذَانِيِّ، وَأَبِي الأَسْوَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الفَيْضِ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الهَمَذَانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ السُّحَيمِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَحْمُوْدُ بنُ جَعْفَرٍ الكَوْسَجُ، وَابْنُ مَنْدَةَ أَبُو القَاسِمِ، وَعِدَّةٌ.
وَهُمْ بَيْتُ حَدِيْثٍ وَإِسْنَادٍ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَعَاشَ أَرْبَعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ -.
__________
(1) بضم الدال المهملة وتشديد القاف وانظر ترجمته في " الأنساب " 5 / 327.
(*) تاريخ أصبهان 1 / 274، تذكرة الحفاظ 3 / 1029، تاريخ الإسلام 4 / 110 / 2.
(2) نسبة إلى بطن من الانصار يقال له: خطمة بن جشم بن مالك بن الاوس بن حارثة.(17/112)
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ - عُرِفَ بِسَلَّةَ (1) - وَالحَسَنُ بنُ عُمَرَ بنِ يُوْنُسَ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ شَكْرُوَيْه.
73 - خَلَفُ بنُ القَاسِمِ بنِ سَهْلٍ أَبُو القَاسِمِ الأَزْدِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ المُتْقِنُ، أَبُو القَاسِمِ ابْنُ الدَّبَّاغِ الأَزْدِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ: أَبَا المَيْمُوْنِ بنَ رَاشِدٍ، وَعَلِيَّ بنَ أَبِي العَقَبِ، وَجَمَاعَةً.
وَبِمِصْرَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي المَوْتِ، وَحَمْزَةَ الحَافِظ، وَابنَ النَّاصحِ، وَسَلَمَ بنَ الفَضْلِ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ الوردِ، وَعِدَّةً.
وَبِمَكَّةَ: بُكَيْراً الحَدَّادَ، وَالآجُرِّيَّ، وَأَبَا الحَسَنِ الخُزَاعِيّ.
وَبقُرطبَة: مُحَمَّدَ بنَ مُعَاوِيَةَ المَرْوَانِي، وَأَحْمَدَ بنَ الشَّامَة، وَكَانَ مِنْ بُحور الرِّوَايَة.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَضِيِّ، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِي، وَابْن عَبْدِ البَرِّ، وَغَيْرهُم.
قَالَ الحُمَيْدِيُّ: جَمع ابْنُ الدّبَّاغ (مُسنَدَ أَحَادِيْثِ مَالِكٍ) ، وَ (مُسنَدَ أَحَادِيْثَ شُعبَةَ) ، وَ (الكُنَى الَّتِي للصَّحَابَة) ، وَ (أَقضيَة شُرَيْح) ، وَكِتَاب (الخَائِفين) ، وَ (زُهْدَ بِشْرٍ الحَافِي) ، أَكْثَر عَنْهُ شَيْخُنَا أَبُو عُمَرَ (2) ، وَكَانَ لاَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ مِنْ شُيُوخِهِ أَحداً، وَبَالَغَ فِي وَصْفِهِ، وَقَالَ: كتبَ بِالمَشْرِقِ عَنْ
__________
(1) انظر " تبصير المنتبه " 4 / 1408.
(*) تاريخ علماء الأندلس 136 - 138، جذوة المقتبس 209 - 211، بغية الملتمس 286 - 289، معجم البلدان 4 / 325، تاريخ الإسلام 4 / 92 / 2، تذكرة الحفاظ 3 / 1025، الديباج المذهب 1 / 355، غاية النهاية 1 / 272، النجوم الزاهرة 4 / 211، نفح الطيب 2 / 105، شذرات الذهب 3 / 144، هدية العارفين 1 / 348، تهذيب تاريخ دمشق 5 / 173، وسيعيد المؤلف ترجمته برقم (148) .
(2) هو ابن عبد البر.(17/113)
نَحْو ثَلاَثِ مائَة شَيْخٍ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِرجَالِ الحَدِيْثِ وَأَكتَبِهِم لَهُ، وَهُوَ مُحَدِّثُ الأَنْدَلُس فِي وَقتِهِ (1) .
قَالَ الحُمَيْدِيُّ: وَقَدْ كَتَبَ عَنْهُ أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مَسرورٍ (2) .
قُلْتُ: وَقرأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى جَمَاعَةٍ، مِنْهُم: أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ تِلْمِيْذُ ابْنِ مُجَاهِدٍ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَطَاءِ اللهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ السِّبطُ، أَنْبَأَنَا خَلَفٌ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عُمَرَ الحَافِظِ، أَخْبَرَنَا خَلَفُ بنُ القَاسِمِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا جَرَّاحُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عَمْرٍو، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ بُسرٍ يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الدُّعَاءُ كُلُّهُ مَحْجُوبٌ حَتَّى يَكُونَ أَوَّلُهُ ثَنَاءً عَلَى اللهِ وَصَلاَةً عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَدعُوهُ، فَيُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ بِهِ (3)) .
إِسْنَادُهُ مُظْلِمٌ.
74 - مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ أَحْمَدَ الذُّهْلِيُّ *
ابنِ خَالِدِ بنِ حَمَّادٍ الحَافِظُ، العَالِمُ، الرَّحَّال، أَبُو
__________
(1) " جذوة المقتبس " 210، 211.
(2) في " جذوة المقتبس " 211 وفيه الخبر الذي كتبه عنه.
(3) وأخرجه أبو عبد الله الخلال في تذكرة شيوخه كما في " المنتخب " منه 47 / 1 من طريق الحارث الاعور، عن علي بن أبي طالب مرفوعا، وسنده ضعيف جدا، وأخرجه الترمذي (486) موقوفا على عمر بن الخطاب، وفي سنده أبو قرة الأسدي، وهو مجهول.
(*) تاريخ بغداد 13 / 84، 85، الأنساب 5 / 24 (الخالدي) ، اللباب 1 / 413، المغني في الضعفاء 2 / 678، ميزان الاعتدال 4 / 185، العبر 3 / 76، لسان الميزان 6 / 96، 97، شذرات الذهب 3 / 162.(17/114)
عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ، الخَالديُّ، الهَرَوِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بن حَمْدُوَيْه المَرْوَزِيِّ، وَعَبْد اللهِ بن أَحْوَصَ الدَّبُوْسِيِّ - لَقِيَه بِسَمَرْقَنْدَ -، وَالحَسَنِ بن مُحَمَّد بنِ عُثْمَانَ الفَسَوِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ بن البَخْتَرِيِّ، وَأَبِي حَامِدٍ بنِ بِلاَلٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ شَوْذَبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بن يَعْقُوْبَ الكَرْمَانِيِّ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّارِ، وَأَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَعَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ خَلَفٍ النَّسَفِيِّ، وَابْن السَّمَّاكِ، وَطَبَقَتهِم.
وَكَتَبَ الكَثِيْر وَتَعِبَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو يَعْلَى بنُ الصَّابُوْنِيّ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدُونِي الحَافِظ، وَأَبُو سَعِيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُؤَدِّب، وَنَجِيْبُ بنُ مَيْمُوْنٍ الوَاسِطِيّ ثُمَّ الهَرَوِيّ، وَعَدَدٌ كَثِيْر، إِلاَّ أَنَّهُ غَيْرُ ثِقَة.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيّ: كَذَّابٌ، لاَ يُعْتَمَد عَلَيْهِ (1) .
وَذكره جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُسْتَغْفِرِيُّ، فَقَالَ: رَوَى عَنْ مَنْصُوْرِ بن مُحَمَّدٍ البَزْدَوِي - يَعْنِي صَاحِبَ البُخَارِيِّ - ثُمَّ قَالَ: مَاتَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
75 - ابْنُ تُرْكَانَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّالِحُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ تُرْكَانَ التَّمِيْمِيُّ، الهَمَذَانِيُّ، الخَفَّافُ.
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 13 / 85، و" الأنساب " 5 / 26، و" ميزان الاعتدال " 4 / 185.
(*) الأنساب 3 / 42 (التركاني) ، اللباب 1 / 212.(17/115)
رَوَى عَنْ: أَوسٍ الخَطِيْبِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَلاَّبِ، وَأَبِي سَهْلٍ بن زِيَادٍ القَطَّان، وَدَعْلَجٍ السِّجْزِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، وَأَبُو الفَرَجِ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الجَرِيْرِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عِيْسَى بنِ عَبَّاد، وَيُوْسُفُ الخَطِيْب، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: ثِقَةٌ، صَدُوْقٌ، وُلِدَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَمَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَبْره يُزَار - رَحِمَهُ اللهُ -.
76 - مَلِكُ سِجِسْتَانَ خَلَفُ بنُ أَحْمَدَ السِّجِسْتَانِيُّ *
المَلِكُ، المُحَدِّثُ، صَاحِبُ سِجِسْتَان، خَلَفُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ اللَّيْث السِّجِسْتَانِيُّ، الفَقِيْهُ، مِنْ جِلَّةِ المُلُوك، لَهُ إِفضَالٌ كَثِيْرٌ عَلَى أَهْلِ العِلْمِ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ المَالِيْنِيّ صَاحِبِ عُثْمَان بن سَعِيْدٍ الدَّارِمِيِّ، وَمن: عَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدٍ الفَاكهِي المَكِّيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ الصَّوَّاف، وَعَلِيِّ بن بُنْدَار الصُّوْفِيّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو يَعْلَى بنُ الصَّابُوْنِيِّ، وَطَائِفَةٌ.
وَانتخب عَلَيْهِ: الدَّارَقُطْنِيّ.
__________
(*) الأنساب 7 / 44 (السجزي) ، تاريخ العتبي 1 / 96، 351، 352 - 360، 368 - 382، معجم البلدان 3 / 192 (سجستان) ، الكامل لابن الأثير 8 / 563، 564 و9 / 82 - 84 و172، 173، اللباب 2 / 105، تاريخ الإسلام 4 / 111، العبر 3 / 70، شذرات الذهب 3 / 156.(17/116)
وَامتدت دَوْلَتُه، ثُمَّ حَاصره السُّلْطَان مَحْمُوْدُ بنُ سُبُكْتِكِيْن فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، وآذَاهُ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، فَنَزَلَ بِالأَمَان إِلَيْهِ، فَبعثَه مُكرماً فِي هَيْئَة جَيِّدَة إِلَى الجُوزجَانِ، ثُمَّ بَعْد أَرْبَع سِنِيْنَ وُصف للسُلْطَان أَنَّهُ يُكَاتِب سُلْطَانَ مَا وَرَاء النَّهر أَيلكَ خَانَ، فَضَيَّقَ عَلَيْهِ (1) .
وَكَانَ فِي أَيَّامه مَلِكاً جَوَاداً مَغْشِيَّ الجنَاب، مُفضِلاً مُحسِناً مُمَدَّحاً، جَمعَ عِدَّةً مِنَ الأَئِمَّة عَلَى تَأْلِيْف تَفْسِيْرٍ عَظِيْمٍ حَاوٍ لأَقوَالِ المُفَسِّرين وَالقُرَّاء وَالنُّحَاة وَالمُحَدِّثِيْنَ.
فَقَالَ أَبُو النَّضْر فِي كِتَاب (اليَمِينِيِّ) :بَلَغَنِي أَنَّهُ أَنفقَ عَلَيْهِم فِي أَسبوعٍ عِشْرِيْنَ أَلْف دِيْنَار.
قَالَ: وَالنُّسْخَةُ بِهِ بِنَيْسَابُوْرَ تَسْتغرِقُ عُمُر النَّاسخِ.
أَخْبَرَنِي أَبُو الفَتْحِ البُسْتِيُّ، قَالَ: عَملتُ فِي المَلِك خَلَف ثَلاَثَةَ أَبيَاتٍ، لَمْ أُبلغْهَا إِيَّاهُ لَكِنَّهَا اشْتَهَرَتْ، فَلَمْ أَشعر إِلاَّ بِثَلاَث مائَة دِيْنَارٍ بعثَهَا إِليَّ، وَهِيَ هَذِهِ:
خَلَفُ بنُ أَحْمَدَ أَحْمَدُ الأَخْلاَفِ ... أَرْبَى بِسُؤْدُدِهِ عَلَى الأَسْلاَفِ خَلَفُ بنُ أَحْمَدَ فِي الحَقِيْقَةِ وَاحِدٌ ... لَكِنَّهُ مُرْبٍ عَلَى الآلاَفِ
أَضْحَى لآلِ اللَّيْثِ أَعْلاَمِ الوَرَى ... مِثْلَ النَّبِيِّ لآلِ عَبْدِ مَنَافِ (2)
وَقَدِ امتَدَحَه البَدِيْعُ الهَمَذَانِيُّ وَغَيْرهُ، وَفِيْهِ يَقُوْلُ الثَّعَالِبِيُّ:
مَنْ ذَا الَّذِي لاَ يُذِلُّ الدَّهْرُ صَعْبَتَهُ ... وَلاَ تُلِينُ لَهُ الأَيَّامُ صَعْدَتَهُ
أَمَا تَرَى خَلَفاً شَيْخَ المُلُوكِ غَدَا ... مَمْلُوْكَ مَنْ فَتَحَ العَذْرَاء بَلْدَتَهُ؟ (3)
__________
(1) انظر " الكامل " 9 / 172، 173، و" تاريخ الإسلام " 4 / 111 / 1.
(2) " تاريخ الإسلام " 4 / 111 / 1.
(3) " تاريخ الإسلام " 4 / 111 / 1 و2.
وانظر مديح بديع الزمان للملك خلف في " يتيمة الدهر " 4 / 261 و279 و300.(17/117)
تُوُفِّيَ: فِي السجْن، فِي رَجَبٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَورثه ابْنُهُ أَبُو حَفْصٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ بِبُخَارَى انْتِخَابَ الدَّارَقُطْنِيِّ لَهُ، وَمَاتَ شهيداً فِي الحَبْسِ بِبلاَدِ الهِنْد ... ، ثُمَّ سَاق الحَاكِمُ فِي تَرْجَمَتِهِ تِسْعَةَ أَحَادِيْث.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بِقِرَاءتِي، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الوَاعِظُ سنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا الأَمِيْرُ أَبُو أَحْمَدَ خَلَفُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَلَف، حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كُردوسٍ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ مُوْسَى بن خَلَفٍ العَمِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي وَلفُلاَن.
قَالَ: مَنْ فُلاَن؟
قَالَ: جَارٌ لِي أَمَرَنِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهُ.
قَالَ: غَفَرَ اللهُ لَكَ وَلصَاحِبِكَ، إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ سَمِعَ رَجُلاً يَقُوْلُ:
اللَّهُمَّ اغفِرْ لِي وَلفُلاَن.
قَالَ: (مَنْ فُلاَن؟) .
قَالَ: جَارٌ لِي أَمَرَنِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهُ.
قَالَ: (غَفَرَ اللهُ لَكَ وَلَهُ (1)) .
هَذَا مُسَلْسَلٌ بِخمسَةِ خَلَفِينَ.
__________
(1) سنده قابل للتحسين وانظر الطبراني (12299) و" مجمع الزوائد " 10 / 152.(17/118)
77 - أَبُو حَيَّانَ التَّوْحِيْدِيُّ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ *
الضَّالُ المُلحد (1) ، أَبُو حَيَّانَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ الأَدبيَة وَالفلسفيَة، وَيُقَالُ: كَانَ مِنْ أَعيَان الشَّافِعِيَّة.
قَالَ ابْنُ بَابِي فِي كِتَاب (الخَريدَةِ وَالفَريدَةِ) :كَانَ أَبُو حَيَّانَ هَذَا كَذَّاباً، قَلِيْلَ الدِّين وَالوَرَعِ عَنِ القَذْفِ وَالمُجَاهرَة بِالبُهْتَان، تَعَرَّضَ لأُمُورٍ جِسَامٍ مِنَ القَدْحِ فِي الشَّريعَةِ وَالقَوْلِ بِالتَّعطيل، وَلَقَدْ وَقَفَ سيدُنَا الوَزِيْرُ الصَّاحبُ كَافِي الكفَاة عَلَى بَعْضِ مَا كَانَ يُدغِلُه وَيُخفيه مِنْ سوء الاعْتِقَادِ، فَطَلَبَهُ
__________
(*) شد الازار للشيرازي 53، 54، معجم الأدباء 15 / 5 - 52، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 223، وفيات الأعيان 5 / 112، 113، ميزان الاعتدال 4 / 518، عيون التواريخ 12 / 216 / 2، 217 / 2 الوافي بالوفيات خ 12 / 168، 169، طبقات السبكي 5 / 286 - 289، طبقات الاسنوي 1 / 301 - 303، لسان الميزان 7 / 38 - 41، بغية الوعاة 2 / 190، 191، مفتاح السعادة 1 / 234، 235، تاريخ ابن عدسة 3 / 354، 355، طبقات ابن هداية الله 114 - 116، كشف الظنون 140، 167، 246، روضات الجنات 714، إيضاح المكنون 1 / 602 و2 / 65، هدية العارفين 1 / 284، 685، هدية الاحباب 14، 15، كنوز الاجداد 221 - 232، دائرة المعارف الإسلامية 8 / 333 - 335، أمراء البيان 2 / 488، 545.
قال ابن خلكان في نسبته " التوحيدي ": ولم أر أحدا ممن وضع كتب الأنساب تعرض إلى هذه النسبة لا السمعاني ولا غيره، لكن يقال: إن أباه كان يبيع التوحيد ببغداد، وهو نوع من التمر بالعراق، وعليه حمل بعض من شرح " ديوان " المتنبي قوله: يترشفن من فمي رشفات * هن فيه أحلى من التوحيد والله أعلم بالصواب.
ونقل السيوطي عن شيخ الإسلام ابن حجر قوله: يحتمل أن يكون إلى التوحيد الذي هو الدين، فإن المعتزلة يسمون أنفسهم أهل العدل والتوحيد.
وانظر تعليق المؤلف على هذه النسبة ضمن الترجمة.
(1) كذا وصفه المؤلف، ووصفه السبكي في " الطبقات " بقوله: المتكلم الصوفي. وقال ياقوت في " معجم الأدباء ": وكان يتأله، والناس على ثقة من دينه ... فهو شيخ في الصوفية. وانظر ما يأتي في الصفحة 120 تعليق رقم (2) .(17/119)
لِيَقتُلَهُ، فَهَرَبَ، وَالتَجَأَ إِلَى أَعدَائِه، وَنَفَقَ عَلَيْهِم تزخرفُهُ وَإِفكُه، ثُمَّ عَثَرُوا مِنْهُ عَلَى قَبِيح دِخْلَتِهِ وَسُوءِ عقيدَتِهِ، وَمَا يُبطِنُه مِنَ الإِلْحَاد، وَيرومُهُ فِي الإِسْلاَمِ مِنَ الفسَاد، وَمَا يُلصِقُه بِأَعلاَمِ الصَّحَابَة مِنَ القبَائِح، وَيُضِيفُه إِلَى السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الفضَائِح، فَطَلَبَهُ الوَزِيْرُ المُهَلَّبِيّ، فَاسْتَتَر مِنْهُ، وَمَاتَ فِي الاسْتتَارِ، وَأَرَاح اللهُ، وَلَمْ يُؤْثَر عَنْهُ إِلاَّ مثلبَةٌ أَوْ مُخزيَة (1) .
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ: زَنَادقَةُ الإِسْلاَمِ ثَلاَثَةٌ: ابْنُ الرَّاوَنْدِي، وَأَبُو حَيَّانَ التَّوْحِيْدِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ المَعَرِيُّ، وَأَشدُّهُم عَلَى الإِسْلاَم أَبُو حَيَّانَ، لأَنَّهُمَا صَرَّحَا، وَهُوَ مَجْمَجَ وَلَمْ يُصرِّح (2) .
قُلْتُ: وَكَانَ مِنْ تَلاَمِذَة عَلِيِّ بن عِيْسَى الرُّمَّانِي (3) ، وَرَأَيْتُهُ يُبالغ فِي تَعَظِيْم الرُّمَّانِي فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَلّفه فِي تَقْرِيظ الجَاحظ، فَانْظُرْ إِلَى المَادحِ وَالممدوحِ! وَأَجودُ الثَّلاَثَةِ الرُّمَّانِيُّ مَعَ اعتِزَالِهِ وَتَشيُّعِهِ.
وأَبُو حَيَّانَ لَهُ مُصَنّفٌ كَبِيْر فِي تَصوُّفِ الحُكَمَاءِ، وَزُهَّاد الفَلاَسِفَة، وَكِتَابٌ سَمَّاهُ (البصَائِرَ وَالذَّخَائِرَ (4)) ، وَكِتَاب (الصَّديق
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 287.
(2) ذكر قول ابن الجوزي السبكي في " الطبقات " 5 / 288، والسيوطي في " بغية الوعاة " 2 / 191.
ولم نجد ترجمة أبي حيان في " المنتظم "، وابن الجوزي ذكر نحوا من هذا الكلام وبأوسع منه في ترجمة أبي العلاء المعري في " المنتظم " 8 / 183، 185، وقد دافع السبكي عن أبي حيان، فقال: الحامل للذهبي على الوقيعة في التوحيدي مع ما يبطنه من بغض الصوفية! هذان الكلامان، ولم يثبت عندي إلى الآن من حال أبي حيان ما يوجب الوقيعة فيه، ووقفت على كثير من كلامه، فلم أجد فيه إلا ما يدل على أنه كان قوي النفس، مزدريا بأهل عصره، ولا يوجب هذا القدر أن ينال منه هذا النيل، وسئل الامام الوالد رحمه الله عنه، فأجاب بقريب مما أقول: " الطبقات " 5 / 288.
(3) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) نشر الجزء الأول منه الدكتور عبد الرزاق محيي الدين في بغداد سنة 1954، ونشره في القاهرة سنة 1953 أحمد أمين وأحمد صقر. ثم طبع بتمامه في دمشق.(17/120)
وَالصَّدَاقَة (1)) مُجَلَّد، وَكِتَاب (المقَابسَات (2)) ، وَكِتَاب (مَثَالب الوَزِيْرين (3)) - يَعْنِي ابْن العَمِيْد وَابْن عَبَّاد - وَغيرُ ذَلِكَ (4) .
وَهُوَ الَّذِي نسب نَفْسَه إِلَى التَّوحيد، كَمَا سمَّى ابْنُ تُومرت أَتْبَاعَه بِالمُوحِّدينَ، وَكَمَا يُسَمِّي صُوفيَّةُ الفَلاَسِفَة نُفُوسَهُم بِأَهْل الوحدَة وَبَالاتحَادِيَّة.
أنبَانِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوْسِيّ، عَنِ ابْنِ طَاهِرٍ، سَمِعْتُ أَبَا الفَتْحِ عَبْدَ الوَهَّابِ الشِّيْرَازِيَّ بِالرَّيِّ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا حَيَّان التَّوْحِيْدِيّ يَقُوْلُ:
أُنَاسٌ مَضَوْا تَحْتَ التَّوهُّمِ، وَظَنُّوا أَنَّ الحَقَّ مَعَهُم، وَكَانَ الحَقُّ وَرَاءهُم.
__________
(1) طبع غير مرة، وآخر طبعة صدرت في دمشق سنة 1964 بتحقيق الدكتور إبراهيم الكيلاني.
(2) وهو مئة وثلاث مقابسات في مباحث من العلوم، ذكر فيه بعض ما وقع له من مفاوضات علماء عصره في بغداد، وكانوا يجتمعون في دار أبي سليمان المنطقي، فيتذاكرون في مواضيع شتى في الفلسفة والأدب.
وقد طبع هذا الكتاب في الهند وغيرها، وآخر طبعة صدرت في بغداد سنة 1970 م بتحقيق الدكتور محمد توفيق حسين.
(3) قال ابن خلكان في هذا الكتاب: ضمنه معايب أبي الفضل ابن العميد والصاحب بن عباد، وتحامل عليهما، وعدد نقائصهما، وسلبهما ما اشتهر عنهما من الفضائل والافضال، وبالغ في التعصب عليهما، وما أنصفهما، وهذا الكتاب من الكتب المجدودة، ما ملكه أحد إلا وتعكست أحواله، ولقد جربت ذلك، وجربه غيري على ما أخبرني من أثق به. " وفيات الأعيان " 5 / 112، 113.
والكتاب طبعه مجمع اللغة العربية بدمشق سنة 1965 م بتحقيق الأستاذ محمد بن تاويت الطنجي.
ومن آثار التوحيدي المطبوعة أيضا كتاب " الامتاع والمؤانسة "، وهو مجموع مسامرات في فنون شتى حاضر بها الوزير أبا عبد الله العارض في نحو أربعين ليلة، نشره أحمد أمين وأحمد الزين.
(4) انظر مصنفاته في " معجم الأدباء " 15 / 7، 8، و" هدية العارفين " 1 / 684، 685، وانظر النسخ الخطية لبعضها في " تاريخ " بروكلمان 4 / 336 - 338.(17/121)
قُلْتُ: أَنْتَ حَامِلُ لِوَائِهِم.
قَالَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّيْنِ فِي (تَهْذِيبِ الأَسْمَاءِ) :أَبُو حَيَّانَ مِنْ أَصْحَابِنَا المُصَنَفِيْنَ، فَمِنْ غَرَائِبِهِ أَنَّهُ قَالَ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ: لاَ رِبَا فِي الزَّعْفَرَانِ، وَوَافَقهُ عَلَيْهِ أَبُو حَامِدٍ المَرُّوْذِيُّ (1) .
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: لَهُ المُصَنَّفَاتُ الحَسَنَةُ (كَالبَصَائِرِ) ، وَغَيْرِهَا.
قَالَ: وَكَانَ فَقيْراً صَابِراً مُتَدَيِّناً صَحِيْحَ العَقِيْدَةِ (2) ، سَمِعَ جَعْفَراً الخُلْدِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ الشَّافِعِيَّ، وَأَبَا سَعِيْدٍ السِّيْرَافِيَّ، وَالقَاضِي أَحْمَدَ بنَ بِشْرٍ العَامِرِيَّ.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ يُوْسُفَ الفَامِي، وَمُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ جِيْكَانَ (3) ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّاوُوْدِيُّ، وَنَصْرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الفَارِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ فَارِسٍ الشِّيْرَازِيُّوْنَ، وَقَدْ لَقِيَ الصَّاحِبَ بنَ عَبَّادٍ وَأَمثَالَهُ.
قُلْتُ: قَدْ سَمِعَ مِنْهُ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَمَّجَةَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِ مائَةٍ، وَهُوَ آخِرُ العَهْدِ بِهِ.
وَقَالَ السِّلَفِيُّ: كَانَ نَصْرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يَنْفَرِدُ عَنْ أَبِي حَيَّانَ بِنُكَتٍ عَجِيْبَةٍ (4) .
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ الحَافِظُ فِيْمَا يَأْثُرُوْهُ عَنْهُ جَعْفَر الحَكَّاك: سَمِعْتُ أَبَا سَعْدٍ المَالِيْنِيَّ يَقُوْلُ:
قَرَأْتُ الرِّسَالَةَ - يَعْنِي المَنْسُوْبَةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - عَلَى أَبِي حَيَّانَ، فَقَالَ: هَذِهِ
__________
(1) " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 223. ثم قال النووي: والصحيح المشهور تحريم الربا فيه والله أعلم.
(2) انظر " طبقات " السبكي 5 / 287، و" لسان الميزان " 7 / 39.
(3) انظر " تبصير المنتبه " 1 / 475.
(4) انظر " لسان الميزان " 7 / 39.(17/122)
الرِّسَالَةُ عَمِلْتُهَا رَدّاً علَىالرَّافِضَةِ، وَسَبَبُهُ أَنَّهُم كَانُوا يَحْضُرُوْنَ مَجْلِسَ بَعْضِ الوُزَرَاءِ، وَكَانُوا يُغْلُوْنَ فِي حَالِ عَلِيٍّ، فَعَمِلْتُ هَذِهِ الرِّسَالَةَ (1) .
قُلْتُ: قَدْ بَاءَ بِالاخْتِلاَفِ عَلَى عَلِيٍّ الصَّفْوَةُ، وَقَدْ رَأَيْتُهَا، وَسَائِرُهَا كَذِبٌ بَيِّنٌ.
78 - هِشَامٌ المُؤَيَّدُ بِاللهِ بنُ المُسْتَنْصِرِ *
صَاحِبُ الأَنْدَلُسِ، بَايَعُوْهُ صَبِيّاً، فَقَامَ بِتَشْيِيْدِ الدَّوْلَةِ الحَاجِبُ المَنْصُوْرُ (2) مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَامِرٍ، فَكَانَ مِنْ رِجَالِ الدَّهْرِ رَأْياً، وَحَزْماً، وَدَهَاءً، وَشَجَاعَةً، وَإِقدَاماً - أَعْنِي: الحَاجِبَ - فَعَمَدَ أَوَّلَ تَغَلُّبِهِ إِلَى خَزَائِنِ كُتُبِ الحَكَمِ، فَأَبْرَزَ مَا فِيْهَا بِمِحْضَرٍ مِنَ العُلَمَاءِ، وَأَمَرَ بِإِفْرَازِ مَا فِيْهَا مِنْ تَصَانِيْفِ الأَوَائِلِ وَالفَلاسِفَةِ حَاشَا كُتُبِ الطِّبِّ وَالحِسَابِ، وَأَمَرَ بِإِحْرَاقِهَا، فَأُحْرِقَتْ، وَطَمَرَ بَعْضَهَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ تَحَبُّباً إِلَى العَوَامِّ، وَتَقْبِيْحاً لِمَذْهَبِ الحَكَمِ (3) .
وَلَمْ يَزَلِ المُؤَيَّدُ بِاللهِ هِشَامٌ غَائِباً عَنِ النَّاسِ لاَ يَظْهَرُ وَلاَ يُنَفِّذُ أَمْراً.
وَكَانَ ابْنُ أَبِي عَامِرٍ مِمَّنْ طَلَبَ العِلْمَ وَالأَدَبَ، وَرَأَسَ وَتَرَقَّى، وَسَاعَدَتْهُ المَقَادِيْرُ، وَاسْتَمَالَ الأُمَرَاءَ وَالجَيْشَ بِالأَمْوَالِ، وَدَانَتْ لِهَيْبَتِهِ الرِّجَالُ،
__________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " 4 / 518، و" لسان الميزان " 7 / 38. قال ابن حجر: فقد اعترف بالوضع.
(*) جذوة المقتبس 17، بغية الملتمس 21، الكامل لابن الأثير 8 / 677 - 679، النبراس 22، تاريخ ابن خلدون 4 / 147، المغرب في حلي المغرب 1 / 193 - 196، البيان المغرب 2 / 253 و3 / 197، نفح الطيب 1 / 396.
(2) تقدمت ترجمته برقم (7) .
(3) انظر الصفحة 15 تعليق رقم (2 و3)(17/123)
وَتَلَقَّبَ بِالمَنْصُوْرِ، وَاتَّخَذَ الوُزَرَاءَ لِنَفْسِهِ، وَبَقِيَ المُؤَيَّدُ مَعَهُ صُوْرَةً بِلاَ مَعْنَى، لأَنَّ المُؤَيَّدَ كَانَ أَخْرَقَ ضَعِيْفَ الرَّأْي.
وَكَانَ لِلْمَنْصُوْرِ نِكَايَةٌ عَظِيْمَةٌ فِي الفِرَنْجِ، وَلَهُ مَجْلِسٌ فِي الأُسْبُوْعِ، يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ فِيْهِ الفُضَلاَءُ لِلْمُنَاظَرَةِ، فَيُكْرِمُهُم، وَيَحْتَرِمُهُم، وَيَصِلُهُمْ، وَيُجِيْزُ الشُّعَرَاءِ، وَافتَتَح عِدَّةَ أَمَاكِنَ، وَمَلأَ الأَنْدَلُسَ سَبْياً وَغَنَائِمَ حَتَّى بِيْعَتْ بِنْتُ عَظِيْمٍ مِنْ عُظَمَاءِ الرُّوْمِ ذَاتُ حُسْنٍ وَجَمَالٍ بِعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً.
وَكَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ العَدُوِّ، نَفَضَ مَا عَلَيْهِ مِنْ غُبَارِ المَصَافِّ، ثُمَّ يَجْمَعُهُ وَيَحْتَفِظُ بِهِ، فَلَمَّا احْتُضِرَ أَمَرَ بِمَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ يُذَرَّ عَلَى كَفَنِهِ.
وَغزَا نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ غَزْوَةً، وَتُوُفِّيَ مَبطوناً شَهِيْداً وَهُوَ بِأَقصَى الثَّغْر، بقُرْبِ مَدِيْنَةِ سَالِمٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ حَاجِباً للمُؤَيَّدِ بِاللهِ، فَكَانَ يَدخُلُ عَلَيْهِ القَصرَ، وَيَخْرُجُ فَيَقُوْلُ: أَمَرَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ بكذَا، وَنَهَى عَنْ كَذَا، فَلاَ يُخَالِفُهُ أَحَدٌ، وَلاَ يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ مُعْتَرِضٌ، وَكَانَ يَمْنَعُ المُؤَيَّدَ مِنَ الاجْتِمَاعِ بِالنَّاسِ، وَإِذَا كَانَ بَعْد مُدَّةٍ ركّبَه، وَجَعَلَ عَلَيْهِ بُرْنُساً، وَأَلبس جَوَارِيه مثلَه، فَلاَ يُعْرَفُ المُؤَيَّدُ مِنْ بَيْنِهِنَّ، فَكَانَ يَخْرُجُ يَتَنَزَّهُ فِي الزَّهْرَاء، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى القصرِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَة.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ الحَاجِبُ ابْنُ أَبِي عَامِر، قَامَ فِي مَنْصِبِهِ ابْنُهُ المُلَقَّب بِالمُظَفَّر: أَبُو مَرْوَانَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَجرَى عَلَى مِنْوَالِ وَالِدِه، فَكَانَ ذَا سَعْدٍ عَظِيْمٍ، وَكَانَ فِيْهِ حَيَاءٌ مُفْرِطٌ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ، لَكِنَّهُ كَانَ مِنَ الشُّجَعَان المُذْكُورِين، فَدَامَتِ الأَنْدَلُسُ فِي أَيَّامه فِي خَيْرٍ وَخِصْبٍ وَعِزٍّ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَة تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
__________
(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 423، و" الكامل " 8 / 678، و" الذخيرة " ق 4 / ج 1 / 78 - 86.(17/124)
وقَام بتدبِير دَوْلَةِ المُؤَيَّدِ بِاللهِ النَّاصرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخُو المُظَفَّر المَذْكُوْر المَعْرُوف بشنشولَ (1) ، فَعتَا وَتَمَرَّدَ، وَفسقَ وَتَهَتَّك، وَلَمْ يَزَلْ بِالمُؤَيَّد بِاللهِ حَتَّى خَلَعَ نَفْسَه مِنَ الخِلاَفَةِ، وَفوَّضهَا إِلَى شَنشولَ هَذَا مُكْرَهاً، فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمن قصَة شنشول - وَيُقَالُ: شَنجولُ وَهُوَ أَصحّ -:أَنَّ أَبَاهُ المَنْصُوْر غَزَا غَزْوَةَ البررت، وَهُوَ مَكَانٌ مضيقٌ بَيْنَ جَبَلَين لاَ يمْشِيه إِلاَّ فَارسٌ بَعْد فَارس، فَالتَقَى الرُّوْمُ هُنَاكَ، ثُمَّ نَزَلَ، وَأَمر برفعِ الخيَامِ وَبنَاءِ الدُّورِ وَالسُّور، وَاخْتَطَّ قَصْراً لِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِهِ وَمَوْلاَهُ وَاضِحٍ بِالنِّيَابَةِ عَلَى البِلاَدِ، يَقُوْلُ فِي كِتَابِهِ:
وَلَمَّا أَبصرتُ بلاَد أَرغون، اسْتَقصرتُ رَأْي الخُلَفَاءِ فِي تَرْكِ هَذِهِ المَمْلَكَة العَظِيْمَة.
فَلَمَّا عَلِمَتِ الرُّوْمُ بِعَزْمِه، رَغِبُوا إِلَيْهِ فِي أَدَاء القطِيْعَةِ، فَأَبَى عَلَيْهِم إِلاَّ أَنْ يهبُوهُ ابْنَةَ مَلِكِهِم الَّذِي مِنْ ذُرِّيَّة هِرقل، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا لَعَارٌ.
فَالتقوهُ فِي أُمَمٍ لاَ تُحْصَى فِي وَسَطِ بِلاَدهم، وَهُوَ فِي عِشْرِيْنَ أَلْف فَارس، فَكَانَ للمُسْلِمِيْنَ جَوْلَةٌ، فثبتَ المَنْصُوْرُ وَولدَاهُ، وَكَاتبه ابْنُ برد، وَالقَاضِي ابْنُ ذَكْوَان فِي جَمَاعَةٍ، فَأَمَرَ أَنْ تُضْرَبَ خَيْمَةٌ لَهُ، فَرَآهَا المُسْلِمُوْنَ، فَتَرَاجَعُوا، فَهَزَمَ اللهُ الكَافرينَ، وَنَزَلَ النَّصْرُ، ثُمَّ حَاصَرَ مَدِينَةً لَهُم، فَلَمَّا هَمَّ بِالظَّفَر، بَذَلُوا لَهُ ابْنَةَ المَلِكِ، وَكَانَتْ فِي غَايَة الجَمَال وَالعَقْلِ، فَلَمَّا شَيَّعَهَا أَكَابِرُ دَوْلَتهَا، سَأَلُوهَا البِرَّ وَالعنَايَةَ بِهِم، فَقَالَتْ: الجَاهُ لاَ يُطْلَبُ بِأَفخَاذِ النِّسَاء بَلْ بِرِمَاحِ الرِّجَال، فَوَلَدَتْ لِلْمَنْصُوْرِ شنجولَ هَذَا، وَهُوَ لَقَبٌ لِجَدِّه لأُمِّهِ لُقِّب هُوَ بِهِ.
وَمن مفَاخر المَنْصُوْر: أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ غَزْوَةٍ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امرَأةٌ عِنْدَ
__________
(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 424 و" الكامل " 8 / 678، 679، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 148، و" البيان المغرب " 3 / 44، وأعمال الاعلام: 91، و" جذوة المقتبس " 17.(17/125)
الْقصر، فَقَالَتْ: يَا مَنْصُوْرُ! يَفْرَحُ النَّاسُ وَأَبكِي؟ إِنَّ ابْنِي أَسِيْرٌ فِي بِلاَدِ الرُّوْم.
فثنَى عِنَانَه وَأَمَرَ النَّاسَ بِغَزْو الجِهَةِ الَّتِي فِيْهَا ابْنُهَا، وَقَدْ عَصَاهُ مرَّةً وَلدٌ لَهُ، فَهَرَبَ، وَلجأَ إِلَى مَلِكِ سَمّورَةَ، فَغَزَاهَا المَنْصُوْرُ، وَحَاصَرَهَا، وَحَلَفَ أَلاَّ يَرْحَلَ إِلاَّ بِابنِهِ، فَسَلَّمُوهُ إِلَيْهِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَقُتِلَ بِقُرْبِ سَمُّورَةَ.
وَمن رُجْلَة المَنْصُوْرِ: أَنَّهُ أُحِيْطَ بِهِ فِي مَدِيْنَةِ فُتَّةَ، فَرَمَى بِنَفْسِهِ مِنْ أعَلَى جَبَلِهَا، وَصَارَ فِي عَسْكَرِهِ، فَبَقِيَ مُفْدَعَ (1) القَدَمِين لاَ يَرْكَبُ، إِنَّمَا يُصْنَعُ لَهُ مَحْمَلٌ عَلَى بَغْلٍ يُقَادُ بِهِ فِي سَبْعِ غَزَوَاتٍ وَهُوَ بَضْعَةُ لَحْمٍ، فَانْظُرْ إِلَى هَذِهِ الهِمَّة العليَّة، وَالشَّجَاعَةِ الزَّائِدَة.
وَكَانَ مَوْتُه آخِرَ الصَّلاَحِ وَأَوّلَ الفَسَادِ بِالأَنْدَلُسِ، لأَنَّ أَفعَالَه كَانَتْ حَسَنَةً فِي الحَالِ، فَاسِدَةً فِي المآلِ، فَكَانَتْ قبله القبَائِلُ، كُلُّ قَبِيْلَةٍ فِي مَكَانٍ، فَإِذَا كَانَ غَزْو، وَضعتِ الخُلَفَاءُ عَلَى كُلِّ قَبِيْلَةٍ عَدَداً، فيغزُونَ، فَلَمَّا اسْتولَى المَنْصُوْرُ، أَدخل مِنْ صِنْهَاجَة وَنَفْزنَ عِشْرِيْنَ أَلْفاً إِلَى الأَنْدَلُسِ، وَشَتَّتَ العَرَبَ عَنْ مَوَاضِعِهَا، وَأَخْمَلَهُم، وَأَبقَى عَلَى نَفْسه لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ بُيُوتِ المُلْكِ، ثُمَّ قَتَلَ فِي بَنِي أُمَيَّةَ جَمَاعَةً وَاحتَاطَ عَلَى المُؤَيَّدِ، وَمَنَعَهُ مِنَ الاجْتِمَاعِ بِأَحَدٍ، وَرُبَّمَا أَخْرَجَهُ لَهُم فِي يَوْم العِيْدِ لِلهَنَاء، فَلَمَّا مَاتَ المَنْصُوْرُ وَابنُهُ المُظَفَّر أَبُو مَرْوَانَ، انْخَرَمَ النِّظَامُ، وَشرع الفسَادُ، وَهَلَكَ النَّاسُ، فَقَامَ شنجولُ وَطغى وَبغى، وَفعل العظَائِمَ، وَالمُؤَيَّدُ بِاللهِ تَحْتَ الاحْتِجَارِ، فَدَسَّ عَلَى المُؤَيَّدِ مِنْ خَوّفه وَهدّده، وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى قَتْلِهِ إِنْ لَمْ يُوَلِّه عهدَهُ، ثُمَّ أَمرَ شنجول القُضَاةَ وَالأَعلاَم بِالمُثُولِ إِلَى القصرِ الَّذِي بِالزَّهرَاءِ،
__________
(1) الفدع محركة: عوج وميل في المفاصل، كأن المفاصل قد زالت عن مواضعها، لا يستطاع بسطها معه، وأكثر ما يكون في الرسغ من اليد والقدم.(17/126)
فَأَخْرَجَ لَهُم المُؤَيَّدَ، وَأَخْرَجَ كِتَاباً قُرِئَ بَيْنهُم بِأَنَّ المُؤَيَّد قَدْ خَلَعَ نَفْسه، وَسَلَّمَ الأَمْرَ إِلَى النَّاصرِ لِدِيْنِ اللهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي عَامِرٍ.
فَشَهِدَ مَنْ حَضَرَ بِذَلِكَ علَى المُؤَيَّدِ (1) ، وَأَخَذَ النَّاصرُ هَذَا فِي التهتُّك وَالفِسْقِ، وَكَانَ زِيُّهُم المكشوفَة، فَأَمَرَ جُنده بِحَلْقِ الشَّعر، وَلبس العَمائِم تَشَبُّهاً ببنِي زِيرِي (2) ، فَبقُوا أَوْحَشَ مَا يَكُونُ وَأَسمَجَهُ، لفُّوا العَمَائِم بِلاَ صنعَةٍ، وَبقُوا ضُحْكَةً، ثُمَّ سَارَ غَازياً، فَجَاءهُ الخَبَرُ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بنَ هِشَامِ بن عَبْدِ الجَبَّارِ الأُمَوِيّ ابْنَ عَمِّ المُؤَيَّد بِاللهِ قَدْ توثّب بِقُرْطبَة، وَهدم الزَّهرَاءَ، وَأَقَامَ مَعَهُ القَاضِي ابْنَ ذَكْوَانَ، وَأَنْفَقَ الأَمْوَالَ فِي الشُّطَّار، فَاجْتَمَعَ لَهُ أَرْبَع مائَة رَجُلٍ، وَأَخَذَ يُرتِّبُ أَموره فِي السِّرِّ، ثُمَّ ركب، وَقصدَ دَارَ وَالِي قُرطبَةَ، فَقطع رَأْسَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الأُسْتَاذُ جُوذَرُ الكَبِيْر.
فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بنُ هِشَام: أَيْنَ المُؤَيَّد بِاللهِ؟ أَخْرِجْهُ.
فَقَالَ: أَذَلَّ نَفْسه، وَأَذلَّنَا بضَعْفِه فَخَرَجَ يَطْلُبُ أَمَانَهُ.
فَقَالَ: أَنَا إِنَّمَا قُمْتُ لأُزيل الذُّلَّ عَنْكَ، فَإِن خَلعتَ نَفْسَكَ طَائِعاً، فلك كُلُّ مَا تُحِبُّ، ثُمَّ طلبَ ابْنَ المَكْوِيِّ (3) الفَقِيْه، وَابنَ ذَكْوَانَ (4) القَاضِي وَالوُزَرَاء، فَدَخَلُوا عَلَى
__________
(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 424 - 426، و" الكامل " 8 / 679، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 148، 149.
(2) هم من البربر، وكانوا ملوك وأمراء إفريقية وما والاها من بلاد المغرب، وجدهم هو الأمير زيري بن مناد، الحميري الصنهاجي، ومن أولاده أبو الفتوح بلكين بن زيري جد باديس بن المنصور بن بلكين، وباديس سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (126) .
وانظر تراجم بني زيري في " وفيات الأعيان " 1 / 265، 266 و286، 287، و304 - 306، و2 / 343، 344، و5 / 233 - 235.
وانظر " معجم الأنساب والاسرات الحاكمة ": 109، و" تاريخ " ابن خلدون 6 / 155، وما بعدها.
(3) هو أبو عمر أحمد بن عبد الملك بن هاشم، المعروف بابن المكوي، سترد ترجمته برقم (120) .
(4) هو أبو العباس أحمد بن محمد ذكوان القاضي، متوفى سنة 413، مترجم في " المغرب في حلي المغرب " 1 / 215، 216، و" بغية الملتمس ": 174.(17/127)
المُؤَيَّد فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِتَفْوِيض الأَمْرِ إِلَى ابْنِ عَمِّه هَذَا، وَضعف أَمرُ شنجول، وَظفر بِهِ مُحَمَّدٌ، فَذَبَحه فِي أَثْنَاء هَذَا العَامِ، وَلَهُ بِضْعٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً (1) .
قَالَ ابْنُ أَبِي الفيَاض: كَانَ خِتَان شُنشول فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَانتهت النَّفقَةُ يَوْمَئِذٍ إِلَى خَمْس مائَة أَلْف دِيْنَار، وَخَتَنُوا مَعَهُ خَمْسَ مائَةٍ وَسبعَةً وَسَبْعِيْنَ صَبِيّاً.
وأَمَا مُحَمَّدُ بنُ هِشَام بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ بن النَّاصر لِدِيْنِ اللهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فتلقَّب بِالمَهْدِيّ (2) ، وَنصبَ الدِّيْوَان، وَاسْتخدمَ، فَلَمْ يَبْقَ زَاهدٌ وَلاَ جَاهِلٌ وَلاَ حجَّامٌ حَتَّى جَاءهُ، فَاجْتَمَعَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِيْنَ أَلْفاً، وَدَانت لَهُ الوُزَرَاءُ وَالصَّقَالِبَةُ، وَبَايعُوهُ، فَأَمر بِنَهْب دُورِ آل المَنْصُوْر أَبِي عَامِر، وَانتهبَ جَمِيْعَ مَا فِي الزَّهْرَاءِ مِنَ الأَمْوَالِ وَالسِّلاَحِ، وَقُلعتِ الأَبْوَابُ.
فَقِيْلَ: وَصل مِنْهَا إِلَى خِزَانَة المَهْدِيّ هَذَا خَمْسَةُ آلاَف أَلف دِيْنَار سِوَى الفِضَّة، وَصَلَّى بِالنَّاسِ الجُمُعَة بقُرطُبَة، وَقُرِئ كِتَابهُ بلعنَة شنشول، ثُمَّ سَارَ إِلَى حَربه، فَكَانَ القَاضِي ابْنُ ذَكْوَان يُحرِّضُ عَلَى قِتَاله، وَيَقُوْلُ: هُوَ كَافِرٌ.
وَكَانَ شنشول قَدِ اسْتَعَان بِعَسْكَر الفِرنج لأَنَّ أُمَّه مِنْهُم، وَقَامَ مَعَهُ ابْنُ غومِش، فَجَاءَ إِلَى قُرطبَة، فتسحّب جُنده.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ غومش: ارْجِع بِنَا قَبْلَ أَنْ تُؤخذ.
فَأبَى، وَمَال إِلَى دير شربش جوعَانَ سَهرَان، فَأَنزل لَهُ رَاهبٌ دجَاجةً وخُبزاً فَأَكل وَشرب وَسَكِرَ، وَجَاءَ لِحَرْبِهِ ابْنُ عَمِّ المَهْدِيِّ وَحَاجِبُه مُحَمَّدُ بنُ المُغِيْرَةِ الأُمَوِيُّ، فَقبضَ عَلَيْهِ، فَظَهَرَ مِنْهُ الجَزَعُ، وَقبَّل قَدَمَ ابْنِ المُغِيْرَةِ.
وَقَالَ: أَنَا
__________
(1) انظر " نفح الطيب " 1 / 426، و" الكامل " 8 / 679، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 149، 150.
(2) انظر " الكامل " 8 / 679، 680 و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 149، 150، و" جذوة المقتبس " 18، و" نفح الطيب " 1 / 426، و" بغية الملتمس " 22، 23.(17/128)
فِي طَاعَةِ المَهْدِيّ، ثُمَّ ضُربت عُنُقُه، وَطيف بِرَأْسِهِ: هَذَا شنشول المأَبُوْنُ المَخْذُول.
فَلَمَّا اسْتوثق الأَمْرُ للمَهْدِيّ، أَظهرَ مِنَ الخَلاَعَة وَالفسَادِ أَكْثَرَ مِمَّا عَمِله شنشول.
قَالَ الحُمَيْدِيّ (1) :فَقَامَ عَلَى المَهْدِيّ ابْنُ عَمِّهِ هِشَامُ بنُ سُلَيْمَانَ بن النَّاصر لِدِيْنِ اللهِ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ، وَقَامَ مَعَهُ البَرْبَرُ، وَأُسر هِشَام هَذَا، فَقَتَلَهُ المَهْدِيّ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: زَادَ المَهْدِيُّ فِي الغَيِّ وَأَخْذِ الْحرم وَعمد إِلَى نَصْرَانِي يُشبه المُؤَيَّد بِاللهِ، فَفَصَده حَتَّى مَاتَ، وَأَخرجهُ إِلَى النَّاس، وَقَالَ: هَذَا المُؤَيَّد.
فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَدَفَنَه (2) ، وَقَدِمَ عَلَى المَهْدِيِّ رَسُوْلُ فُلفلِ بنِ سَعِيْدٍ الزَّنَاتِي صَاحِب طَرَابُلُس دَاخلاً فِي طَاعَتِهِ، يلتمسُ إِرسَالَ سِكَّةٍ عَلَى اسْمِه لِيُعينَه عَلَى بَادِيس، فَغلبَ بَادِيسُ عَلَى طَرَابُلُس وَتَمَلَّكَهَا، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِ عَمِّه حَمَّاد ليُغْرِيَ القبَائِل عَلَى المَهْدِيّ لخِذْلاَنه، قَدْ هَمَّ بِالغَدْرِ بِالبَرْبَرِ الَّذِي حَوْلَهُ، وَلوَّحَ بِذَلِكَ، فَهَذَا سَبَبُ خُرُوْجِهِم عَلَيْهِ مَعَ ابْنِ عَمِّه هِشَامِ بن سُلَيْمَانَ فَقتلُوا أَوَّلاً وَزيرَيه: مُحَمَّدَ بن دُرِّي، وَخَلَفَ بنَ طَرِيْف، وَأَحرقُوا السَّرَّاجين، وَعبرُوا القنطرَةَ، ثُمَّ تَخَاذلُوا عَنْ هِشَامٍ حَتَّى قُتِلَ، وَتَحيَّزَ جُلُّهُم إِلَى قَلْعَةِ رَبَاح، فَهَرَبَ مَعَهُم سُلَيْمَانُ بنُ الحَكَمِ بنِ سُلَيْمَانَ بن النَّاصر، وَهُوَ ابْنُ أَخِي هِشَامٍ المَقْتُولِ، فَبَايَعُوهُ، وَسَمَّوهُ: المُسْتَعِيْن بِاللهِ (3) ، وَجَمَعُوا لَهُ مَالاً، حَتَّى صَارَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ مائَةِ أَلْف دِيْنَار، فَتَوَجَّه بِالبَرْبَرِ إِلَى طُلَيْطُلَة، فَتَمَلَّكَهَا، وَقَتَلَ وَالِيَهَا، فَجَزِعَ المَهْدِيُّ، وَاعْتَدَّ لِلْحِصَار، وَتَجَرَّأَت عَلَيْهِ
__________
(1) في " جذوة المقتبس " 18. وانظر " الكامل " لابن الأثير 8 / 680.
(2) انظر " الكامل " 8 / 679.
(3) سترد ترجمته عقب هذه الترجمة مباشرة.(17/129)
العَامَّةُ، ثُمَّ بعثَ عَسْكَراً، فَهَزمهُم سُلَيْمَانُ المُسْتَعِيْن.
ثُمَّ سَارَ حَتَّى شَارف قُرْطُبَة، فَبرز لِحَرْبِهِ عَسْكَرُ المَهْدِيِّ، فَنَاجَزَهُم سُلَيْمَانُ، فَكَانَ مَنْ غَرِقَ مِنْهُم فِي الوَادِي أَكْثَرَ مِمَّنْ قُتِلَ، وَكَانَتْ وَقعَة هَائِلَة هَلَكَ فِيْهَا خَلْقٌ مِنَ الأَخْيَار وَالأَئِمَّةِ المُؤَذِّنِيْن، فَلَمَّا أَصْبَحَ المَهْدِيُّ بِاللهِ، أَخرج لِلنَّاسِ الخَلِيْفَةَ المُؤَيَّد بِاللهِ هِشَامَ بنَ الحَكَمِ، الَّذِي كَانَ أَظْهَرَ لَهُم مَوْتَهُ، فَأَجْلَسَهُ لِلنَّاسِ، وَأَقبلَ قَاضِي الجَمَاعَةِ يَقُوْلُ:
هَذَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، وَإِنَّمَا مُحَمَّدُ بنُ هِشَام بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ نَائِبُه.
فَقَالَ لَهُ البَرْبَرُ: يَا ابْنَ ذَكْوَانِ، بِالأَمْسِ تُصَلِّي عَلَيْهِ، وَاليَوْمَ تُحييه؟!
ثُمَّ خَرَجَ أَهْلُ قُرْطُبَة إِلَى المُسْتَعِيْن سُلَيْمَانَ، فَأحسنَ مَلقَاهُم وَاختفى مُحَمَّد المَهْدِيّ، وَاسْتوثق أَمرُ المُسْتَعِيْن، وَدَخَلَ قصرَ الإِمَارَةِ، وَوَارَى النَّاسُ قَتْلاَهُم، فَكَانُوا نَحْواً مِنِ اثنَيْ عشرَ أَلْفاً، ثُمَّ تسحّب المَهْدِيُّ إِلَى طُلَيْطُلة، فَقَامُوا مَعَهُ، وَكَتَبَ إِلَى الفِرنجِ، وَوعدَهُم بِالأَمْوَال، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ خَلْقٌ عَظِيْم، وَهُوَ أَوّلُ مَالٍ انْتَقَلَ مِنْ بَيْتِ المَالِ بِالأَنْدَلُسِ إِلَى الفِرنج، وَكَانَتِ الثُّغُوْرُ كُلُّهَا بَاقِيَةً عَلَى طَاعَة المَهْدِيِّ، فَقَصَدَ قُرْطُبَة فِي جحفلِ عَظِيْمٍ، فَالتَقَى الجَمْعَان عَلَى عقبَة الْبَقر عَلَى بَرِيْدٍ مِنْ قُرْطُبَةَ، فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَال، فَانْهَزَمَ سُلَيْمَانُ المُسْتَعِيْنُ، وَاسْتَوْلَى المَهْدِيُّ عَلَى قُرْطُبَة ثَانياً، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ أَيَّامٍ إِلَى قِتَالِ جَمَاهِيْرِ البَرْبَر، فَالتقَاهُم بوَادِي آرُهْ، فَهَزمُوهُ أَقْبَحَ هَزِيْمَةٍ، وَقُتِلَ مِنْ جُنْدِهِ الفِرَنجِ ثَلاَثَةُ آلاَف، وَغَرِقَ خَلْقٌ فَجَاءَ إِلَى قُرْطُبَة، ثُمَّ وَثَبَ عَلَيْهِ العَبِيْدُ، فَضُرِبَتْ عُنُقُه، وَقُطِعَتْ أَرْبَعَتُهُ وَكَفَى الله شَرَّهُ فِي ثَامنِ ذِي الحِجَّةِ، عَامَ أَرْبَعِ مائَةٍ، وَعَاشَ أَرْبَعاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً (1) .
قَالَ الحُمَيْدِيُّ (2) :أُعِيْدَ المُؤَيَّد بِاللهِ إِلَى الخِلاَفَةِ فِي آخر سَنَةِ أَرْبَع
__________
(1) " جذوة المقتبس " 18، 19.
(2) " جذوة المقتبس " 17.(17/130)
مائَة، فَحَاصَرَتْهُ جُيُوْشُ البَرْبَر مَعَ سُلَيْمَان المُسْتَعِيْن مُدَّةً، وَاتَصَلَ ذَلِكَ إِلَى شَوَّال سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة، فَدَخَلَ البَرْبَرُ قُرْطُبَةَ بِالسَّيْفِ، وَقُتِلَ المُؤَيَّد بِاللهِ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي الوَلِيْد بن الحَاج: أَنَّ طَائِفَةً وثَبُوا عَلَى المَهْدِيِّ فَقَتَلُوهُ، وَأَخْرَجُوا المُؤَيَّد بِاللهِ، فَطيَّر عَنْبَرٌ رَأْسَ المَهْدِيّ بَيْنَ يدِي المُؤَيَّد، وَسَكَنَ النَّاسُ، وَكَتَبَ المُؤَيَّد إِلَى البَرْبَر ليدخُلُوا فِي الطَّاعَة، فَأَبُوا، وَصَارَ يَرْكَبُ وَيَظْهَرُ فَهَابَه النَّاسُ، وَعَاثت البَرْبَرُ، وَعملت مَا لاَ يعملُه مُسْلِمٌ، وَنَازلُوا قُرْطُبَة سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة، وَاشَتَدَّ القَحطُ وَالبلاَءُ، وَفنِي النَّاسُ، وَدَخَلَ البَرْبَرُ بِالسَّيْفِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ فَقَتَلُوا حَتَّى الولدَانَ، وَهَرَبَ الخَلْقُ، وَهَرَبَ المُؤَيَّدُ بِاللهِ إِلَى المَشْرِقِ، فَحَجَّ، وَلَقَدْ تصرّف فِي الدُّنْيَا عَزِيْزاً وَذليلاً، وَالعزَةُ للهِ جَمِيْعاً (1) .
وَقَالَ غَيْرُهُ: أَمَا المُؤَيَّدُ، فَانْقَطَعَ خَبَرُهُ وَنُسِي ذِكره.
وَقَالَ عُزيز فِي (تَاريخ القَيروَانِ) :إِنَّ المُؤَيَّدَ بِاللهِ هَرَبَ بِنَفْسِهِ مِنْ قُرْطُبَة، فَلَمْ يَزَلْ فَارّاً وَمُسْتَخْفِياً حَتَّى حَجَّ، وَكَانَ مَعَهُ كِيْسُ جَوْهَرٍ، فَشَعَرَ بِهِ حرَّابَةُ مَكَّةَ، فَأَخَذُوْهُ مِنْهُ، فَمَالَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الحَرَمِ، وَأَقَامَ يَوْمَين لَمْ يَطْعَم طَعَاماً، فَأَتَى المَرْوَةَ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ: تُحْسِنُ تَجبلُ الطِّيْنَ؟
قَالَ: نَعَمْ، فَذَهَبَ بِهِ، فَلَمْ يُحْسِنَ الجَبْل، وَشَارط عَلَى دِرْهَمٍ وَرَغِيْفٍ، فَقَالَ: عجِّلِ القرصَ، فَإِنِّي جَائِع.
فَأتَاهُ بِهِ، فَأَكلَه، وَعَمِلَ حَتَّى تَعِبَ، وَهَرَبَ، وَخَرَجَ مَعَ الرَّكبِ إِلَى الشَّامِ فِي أَسْوَأِ حَالٍ، فَقَدم القُدْسَ، فَمَشَى، فَرَأَى رَجُلاً يَعْمَلُ الحُصُرَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: غَرِيْبٌ.
قَالَ: تُحْسِنُ هَذِهِ الصَّنْعَة؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فتكُونُ عِنْدِي تُنَاوِلُنِي
__________
(1) انظر " الكامل " لابن الأثير 9 / 216 - 219.(17/131)
الحَلْفَاءَ (1) وَأُعْطِيْكَ أُجْرَةً؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَأَقَامَ عِنْدَهُ يُعَاوِنه، وَيَأْكُلُ مَعَهُ، فَتَعَلَّمَ صَنْعَة الحُصُر، وَأَقَامَ بِالقُدْسِ سِنِيْنَ، وَلَمْ يَدْرِ بِهِ أَحَدٌ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الأَنْدَلُسِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ عُزَيْزٌ: فَهَذَا نَصُّ مَا رَوَاهُ مَشَايخُ مِنْ أَهْل الأَنْدَلُس، وَالَّذِي ذكره ابْنُ حَزْم فِي كِتَابِ (نُقط الْعَرُوس) أَنَّهُ قَالَ:
أُخلوقهٌ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهَا: ظهر رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: خَلَفٌ الحُصْرِي بَعْد اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً مِنْ مَوْت المُؤَيَّد بِاللهِ هِشَامِ، فَبُوْيِع لَهُ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى مَنَابِرِ الأَنْدَلُسِ فِي أَوْقَاتٍ شَتَّى، وَادُّعِي أَنَّهُ المُؤَيَّد بِاللهِ هِشَامٌ، وَسُفِكت الدِّمَاءُ وَتَصَادمتِ الجُيُوشُ فِي أَمره.
قَالَ عُزَيْزٌ: فَأَقَامَ المُدَّعَى أَنَّهُ هِشَامٌ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ ابْن عَبَّاد كَالوَزِيْر بَيْنَ يَدَيْهِ وَالأَمْرُ إِلَيْهِ، فَاسْتقَام بِذَلِكَ لابْنِ عَبَّاد أَكْثَرُ بِلاَدِ الأَنْدَلُسِ، وَدَفَعَ عَنْهُ كَلاَم الحُسَّاد إِلَى أَنْ مَاتَ هِشَامٌ.
قُلْتُ: هَذِهِ الحِكَايَة شبهُ خُرَافَة، وَمن بَعْد سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة انْقَطع خَبَرُ المُؤَيَّد بِاللهِ، وَانْتَقَلَ إِلَى اللهِ، وَأَظُنُّهُ قُتِلَ سِرّاً، فَكَانَ لَهُ حِيْنَئِذٍ خَمْسُوْنَ سَنَةَ وَكَانَ ضَعِيْف الرَّأْي، قَلِيْلَ العَقْلِ، يُصَدِّق بِمَا لاَ يَكُون، وَلَهُ نَهْمَةٌ فِي جمع الْبَقر البُلْق (2) ، وَأَعطى مَرَّةً مَالاً عَظِيْماً لِمَنْ جَاءهُ بِحَافِرِ حِمَارٍ، وَزَعَمَ أَنَّهُ حافرُ حِمَارِ العُزَيْزِ، وَأَتَاهُ آخرُ بِحَجَرٍ، فَقَالَ: هَذَا مِنَ الصَّخْرَةِ.
__________
(1) قال الازهري: الحلفاء: نبت أطرافه محدودة كأنها أطراف سعف النخل والخوص، ينبت في مغايض الماء والنزور، الواحدة حلفه مثل قصبة وقصباء ... وكان الاصمعي يقول: الواحدة: حلفة. وقال سيبويه: الحلفاء واحد وجميع. " تهذيب اللغة " 5 / 69.
وفي " معجم متن اللغة ": قال الشهابي: هو من فصيلة النجيليات، يكثر في الجزائر والمغرب والاندلس، يصنعون بورقه الحصر والقفف والحبال، ويستخرجون منها أليافا وكاغدا.
(2) البلق: سواد وبياض، وارتفاع التحجيل إلى الفخذين.(17/132)
وَأَتَاهُ آخرُ بشَعْرٍ، قَالَ: هَذَا مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقِيْلَ لِهَذَا السَّبَب: كَانَ المَنْصُوْرُ يَمْنَعُ النَّاسَ مِنَ الاجْتِمَاع بِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: بَلْ خَنقهُ المَهْدِيُّ، وَأَخرجه مَيتاً كَمَا ذكرنَا - فَاللهُ أَعْلَم -، وَبَالجُمْلَة فَالَّذِي جَرَى عَلَى أَهْلِ الأَنْدَلُسِ مِنْ جُنْدها البَرْبَرِ لاَ يُحَدُّ وَلاَ يُوْصَفُ، عَملُوا مَا يَصْنَعهُ كُفَّار التُّركِ وَأَبْلَغَ، وَأَحْرَقُوا الزَّهْرَاء وَجَامِعَهَا وَقُصُورَهَا، وَكَانَتْ أَحْسَنَ مَدِيْنَةٍ فِي الدُّنْيَا وَأَطرَاهَا، قَالَ ابْنُ نبيط:
ثَلاَثَةٌ مِنْ طَبْعِهَا الفَسَادُ ... الفَأْرُ وَالبَرْبَرُ وَالجَرَادُ
وَقَالَ مُحْيِي الدِّينِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيُّ المَرَّاكُشِيُّ فِي كِتَابِ (الْمُعْجب) :دَخَلتِ البَرْبَرُ قُرْطُبَةَ وَعَلَيْهِم سُلَيْمَانُ المُسْتَعِيْن فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَقَتَلُوا المُؤَيَّدَ بِاللهِ، وَقُتِلَ فِي هَذِهِ الكَائِنَة بقُرْطُبَة مِنْ أَهْلِهَا نَيِّفٌ وَعِشْرُوْنَ أَلْفاً.
79 - سُلَيْمَانُ المُسْتَعِيْنُ بِاللهِ بنُ الحَكَمِ بنِ سُلَيْمَانَ الأُمَوِيُّ *
ابْنِ النَّاصِرِ لِدِيْنِ اللهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الأُمَوِيُّ، المَرْوَانِي.
دَانَتْ لَهُ الأَنْدَلُسُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة - كَمَا ذَكَرْنَا -، جَال بِالبَرْبَرِ يُفْسِدُ وَيَنْهَبُ البِلاَدَ، وَيَعْمَلُ كُلَّ قَبِيْحٍ، وَلاَ يُبْقِي عَلَى أَحَد، فَكَانَ مِنْ جُمْلَة جُنْدِهِ القَاسِمُ وَعلِيٌّ ابْنَا حَمُّود بن مَيْمُوْنٍ العَلَوِيِّ الإِدْرِيْسِيِّ، فَجَعَلَهُمَا قَائِدَيْن عَلَى
__________
(*) جمهرة الأنساب 102، جذوة المقتبس 19 - 22، الذخيرة في محاسن الجزيرة: القسم الأول، المجلد الأول / 35 - 48، بغية الملتمس 24 - 26، المعجب 42 - 45، الحلة السيراء 2 / 5 - 12، البيان المغرب 3 / 91، المختصر في أخبار البشر 2 / 145، فوات الوفيات 2 / 62، 63، تاريخ ابن خلدون 4 / 150، 151، نفح الطيب 1 / 428 - 431.
وسيكرر المؤلف ترجمته عقب الترجمة (173) .(17/133)
البَرْبَرِ، وَأَمَّر عَلِيّاً عَلَى سَبْتَة وَطَنْجَة وَتِلْكَ العُدوَة، وَأَمَّرَ القَاسِمَ عَلَى الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاءِ.
قَالَ الحُمَيْدِيُّ: لَمْ يَزَلِ المُسْتَعِيْنُ يَجُولُ بِالبَرْبَرِ يُفْسِدُ وَيَنْهَبُ وَيُقفِر المَدَائِنَ وَالقُرَى بِالسَّيْفِ، لاَ يُبقِي مَعَهُ البَرْبَرُ عَلَى صَغِيْرٍ وَلاَ كَبِيْرٍ، إِلَى أَنْ غَلَبَ عَلَى قُرْطُبَة، ثُمَّ إِنَّ عَلِيَّ بنَ حَمُّوْد الإِدْرِيْسِيّ طَمِعَ فِي الخِلاَفَة، وَرَاسَلَ جَمَاعَةً، فَاسْتجَابَ لَهُ خَلْقٌ، وَبَايعُوهُ، فَعَدَّى مِنْ سَبْتَة إِلَى الأَنْدَلُسِ، فَبَايعه مُتَوَلِّي مَالقه، وَاسْتحوذَ عَلَى الكِبَار، وَزحَفَ إِلَى قُرْطُبَة، فَجَهَّزَ المُسْتَعِيْنُ لِحَرْبِهِ وَلدهَ مُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ، فَالتَقَوا، فَانهزم مُحَمَّدٌ وَهجم ابْنُ حَمُّوْد، فَدَخَلَ قُرْطُبَةَ فِي الحَال، وَظفر بِالمُسْتَعِيْن، فَذَبَحه بِيَدِهِ صَبراً، وَذبح أَبَاهُ الحَكَم وَهُوَ شَيْخٌ فِي عَشر الثَّمَانِيْنَ، وَذَلِكَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَانقضت دَوْلَةُ المَروَانيَة فِي جَمِيْع الأَنْدَلُس (1) .
وَكَانَ المُسْتَعِيْن أَدِيْباً شَاعِراً، عَاشَ نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَلَهُ تِيكَ الأَبيَاتُ المَشْهُوْرَةُ (2) :
عَجَباً يَهَابُ اللَّيْثُ حَدَّ سِنَانَي ... وَأَهَابُ لَحْظَ (3) فَوَاتِرِ الأَجْفَانِ
__________
(1) " جذوة المقتبس " 19، 20 بأطول مما هنا.
(2) قال الحميدي: وهذه الابيات معارضة للابيات التي تنسب إلى هارون الرشيد وأنشدنيها له أبو محمد عبد الله بن عثمان بن مروان العمري، وهي: ملك الثلاث الآنسات عناني * وحللن من قلبي بكل مكان مالي تطاوعني البرية كلها * وأطيعهن وهن في عصياني ما ذاك إلا أن سلطان الهوى * وبه قوين أعز من سلطاني انظر " جذوة المقتبس " 21، 22، و" الحلة السيراء " 2 / 9، و" الذخيرة " 1 / 1 / 46، 437.
(3) في " نفح الطيب " و" فوات الوفيات ": " سحر ".(17/134)
وَأُقَارِعُ الأَهْوَالَ لاَ مُتَهَيِّباً ... مِنْهَا سِوَى الإِعْرَاضِ وَالهِجْرَانِ
وَتَمَلَّكَتْ نَفْسِي ثَلاَثٌ كَالدُّمَى ... زُهْرُ الوُجُوهِ نَوَاعِمُ الأَبْدَانِ كَكَواكِبِ الظَّلْمَاءِ لُحْنَ لِنَاظِرٍ (1) ... مِنْ فَوْقِ أَغْصَانٍ عَلَى كُثْبَانِ
هَذِي الهِلاَلُ وَتِلْكَ بِنْتُ المُشْتَرِي ... حُسْناً وَهَذِي أُخْتُ غُصْنِ البَانِ حَاكَمْتُ فِيْهِنَّ السُّلُوَّ إِلَى الصَّبَا (2) ... فَقَضَى بِسُلْطَانٍ عَلَى سُلْطَانِي
وَإِذَا تَجَارَى فِي الهَوَى أَهْلُ الهَوَى ... عَاشَ الهوَى فِي غِبْطَةٍ وَأَمَانِ (3)
80 - عَلِيُّ بنُ حَمُّوْدِ بنِ مَيْمُوْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الإِدْرِيْسِيُّ *
ابْنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ إِدْرِيْسَ بنِ إِدْرِيْسَ بنِ عَبْدِ اللهِ الْمَحْض بن الحَسَنِ المُثَنَّى ابْن رَيْحَانَةِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الحَسَنِ بن عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، النَّاصِرُ لِدِيْنِ اللهِ الهَاشِمِيُّ، العَلَوِيُّ، الإِدْرِيْسِيُّ.
اسْتَولَى عَلَى الأَمْر بقُرْطُبَة فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ كَمَا قدّمنَا، وَكَانَتْ دَوْلَتُه اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ شَهْراً (4) ثُمَّ خَالَفَ عَلَيْهِ الموَالِي الَّذِيْنَ قَامُوا بِنَصْرِه وَبيعَتِه، فَخَرَجُوا عَلَيْهِ، وَقدّمُوا عَلَيْهِ الأَمِيْرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) في " نفح الطيب " و" الذخيرة " و" فوات الوفيات ": لناظري.
(2) في نفح الطيب ": الرضى، وفي " الحلة السيراء ": الهوى.
(3) الابيات في " جذوة المقتبس " 21، و" الحلة السيراء " 2 / 9 بزيادة خمس أبيات قبل البيت الأخير، و" نفح الطيب " 1 / 430، 431، و" الذخيرة " 1 / 1 / 47، 48 عدا البيت الأخير وزيادة أربع أبيات، و" فوات الوفيات " 2 / 63 عدا البيت الخامس والاخير وزيادة أربع أبيات.
(*) جمهرة ابن حزم 50، 51، جذوة المقتبس 22، الذخيرة في محاسن الجزيرة القسم الأول، المجلد الأول 96 - 102، بغية الملتمس 27، الكامل لابن الأثير 9 / 269 - 273، المعجب 98، البيان المغرب 3 / 119 - 124، تاريخ ابن خلدون 4 / 152، 153، الاعلام 128، نفح الطيب 1 / 431.
وسيعيد المؤلف ترجمته عقب الترجمة رقم (170) .
(4) وكان لقبه المتوكل على الله، وقيل الناصر لدين الله. انظر " الجذوة " و" الكامل ".(17/135)
عَبْد المَلِكِ بن النَّاصر لدينِ الله الأُمَوِيّ، وَلقبوهُ بِالمُرْتَضَى، وَزحفُوا إِلَى غَرْنَاطَة، ثُمَّ ندمُوا عَلَى تَقْدِيْمه لمَا رَأَوا مِنْ قُوَّتِه وَصَرَامَتِه وثبَات جَأْشِه فَخَافُوا مِنْ غَائِلته، فَفَرُّوا عَنْهُ، وَدسَّوا عَلَيْهِ مَنْ قَتَله غيلَة (1) .
وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ حَمُّوْد، فَوَثَبَ عَلَيْهِ غلمَانٌ لَهُ صَقَالبَةٌ فِي الحَمَّام، فَقَتَلُوهُ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَع مائَة (2) .
وَخلّف مِنَ الأَولاَد يَحْيَى المُعْتَلِي وَإِدْرِيْس، فشَيْخُنَا جَعْفَرُ (3) بنُ مُحَمَّدٍ الإِدْرِيْسِيّ مِنْ ذُرِّيَّته، حَدَّثَنَا بِمِصْرَ عَنِ ابْنِ باقَا.
81 - القَاسِمُ بنُ حَمُّوْدِ بنِ مَيْمُوْنٍ الإِدْرِيْسِيُّ *
وَالِي إِمرَة الأَنْدَلُس بَعْد مَقْتَل أَخِيْهِ عَلِيّ بن حَمُّود سَنَة ثَمَان (4) .
وَكَانَ هَادئاً سَاكناً، أَمِنَ النَّاسُ مَعَهُ، وَكَانَ يَتَشَيَّع قَلِيْلاً، فَبَقِيَ فِي المُلك إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيْهِ يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ حَمُّوْد المُعْتَلِي، فَهَرَبَ القَاسِمُ مِنْ غَيْر قِتَالٍ إِلَى إِشْبِيْليَة، فَاسْتمَالَ البَرْبَر، وَجمع وَحَشَدَ، وَجَاءَ إِلَى قُرْطُبَة، فَهَرَبَ مِنْهُ المُعْتَلِي، ثُمَّ اضْطربَ أَمرُ القَاسِم بَعْد قَلِيْل، وَخَذَلهُ البَرْبَرُ، وَتفرَّقُوا فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ،
__________
(1) انظر " الكامل " لابن الأثير 9 / 271، 272.
(2) انظر تفصيل ذلك في " الذخيرة " 1 / 1 / 100، 101.
(3) ترجمه المؤلف في " مشيخته " الورقة 41 / 1.
(*) جمهرة ابن حزم 50، 51، جذوة المقتبس 22 - 24، الذخيرة في محاسن الجزيرة: القسم الرابع، المجلد الأول / 481 - 486، بغية الملتمس 28، 29، الكامل لابن الأثير 9 / 273 - 276، البيان المغرب 3 / 124 و133 و190، تاريخ ابن خلدون 4 / 152، 153، 154، نفح الطيب 1 / 431، 432.
(4) وقد تلقب بالمأمون كما ذكرت مصادر الترجمة.(17/136)
وَتغلَّبت كُلُّ فرقَةٍ عَلَى بَلَدٍ مِنَ الأَنْدَلُس، وَجَرَتْ خُطُوبٌ وَأُمُورٌ يطول شَرحُهَا، فَلحق القَاسِمُ بشَرِيش (1) ، فَقصدهُ المُعْتَلِي، وَحَاصَرهُ، فَظَفِرَ بِهِ، وَسَجَنَهُ دَهْراً، وَأَمَّا أَهْلُ إِشْبِيْليَة، فَطردُوا عَنْهَا ابْنَي القَاسِم بنِ حَمُّوْد، وَأمَّرُوا عَلَيْهِم ثَلاَثَةً: قَاضِي البَلَد مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ بن عَبَّاد، وَمُحَمَّد بن يَرِيْم الأَلْهَانِيُّ، وَمُحَمَّد بن الحَسَنِ الزُّبَيْدِيّ، فَسَاسوهُم، ثُمَّ تملَّك عَلَيْهِم القَاضِي، وَأَظهر لَهُم ذَلِكَ الحُصْرِيَّ الَّذِي يُقَال: إِنَّهُ المُؤَيَّد كَمَا قدّمنَا، وَتملّك مَالَقَة يَحْيَى المُعْتَلِي وَالجَزِيْرَةَ الخضرَاء (2) ، وَغَلبَ أَخُوْهُ إِدْرِيْسُ بنُ عَلِيٍّ عَلَى طَنْجَة (3) ، وَطَال أَسْرُ القَاسِمِ، وَعَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ خُنقَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
82 - يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ حَمُّوْدِ المُعْتَلِي بِاللهِ العَلَوِيُّ *
أَبُو زَكَرِيَّا العَلَوِيُّ، الحسنِيُّ، الإِدْرِيْسِيُّ، وَأُمُّه علويَّةٌ أَيْضاً.
غلب عَلَى أَكْثَر الأَنْدَلُس، وَتسمّى بِالخِلاَفَة، وَاسْتنَاب عَلَى قُرْطُبَةَ الأَمِيْرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن أَبِي عطَّاف إِلَى سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ، ثُمَّ قُطعت دعوتُه عَنْ قُرْطُبَة، فَترَدد عَلَيْهَا بِالعَسَاكِر إِلَى أَنْ أَطَاعته جَمَاعَة البَرْبَر، وَسلَّمُوا إِلَيْهِ الحُصُونَ وَالقِلاع، وَعظُم سلطَانُه، ثُمَّ قَصَدَ إِشْبِيْليَة، فَحَاصَرَهَا، فَخَرَجَ مِنْهَا فوَارسُ
__________
(1) شريش: مدينة كبيرة من كورة شذونة، وشذونة مدينة بالاندلس تتصل نواحيها بنواحي موزور من أعمال الأندلس.
" معجم البلدان " 3 / 329.
(2) قال في " الجذوة ": وهي كانت معقل القاسم، وبها كانت ذخائره.
(3) في " الجذوة ": وهي كانت عدة القاسم التي يلجأ إليها إن رأى ما يخاف بالاندلس.
(*) جذوة المقتبس 24، الذخيرة في محاسن الجزيرة: القسم الرابع، المجلد الأول / 316 - 318، بغية الملتمس: 30، الكامل لابن الأثير 9 / 274 - 279، المعجب 50 - 54، البيان المغرب 3 / 188، تاريخ ابن خلدون 4 / 153، أعمال الاعلام 136، بلغة الظرفاء 42، نفح الطيب 1 / 431.(17/137)
وَهُوَ حِيْنَئِذٍ سكرَانُ، فَحْمَلَ عَلَيْهِم وَكَانُوا قَدْ أَكمنُوا لَهُ، فَقتلُوهُ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (1) .
وَلَمَّا انْهَزَم البَرْبَرُ مَعَ القَاسِم بنِ حَمُّوْد مِنْ قُرْطُبَة، اتَّفَقَ رَأْيُ أَهلهَا عَلَى ردّ الأَمْرِ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ، فَاخْتَارُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ (2) بنَ هِشَامِ بن عَبْدِ الجَبَّارِ بن النَّاصر لِدِيْنِ اللهِ أَخَا (3) المَهْدِيّ (4) ، فَبَايعُوهُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَلقّبوهُ بِالمُسْتَظْهر بِاللهِ، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً.
ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ نَسِيْبُه مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي طَائِفَة مِنْ سَفِلَة العوَامِّ، فَقتلُوا المُسْتَظْهِرَ بَعْد شَهْرَيْنِ، وَكَانَ قَدْ وَزر لَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْم الظَاهِرِيُّ، فَأَثْنَى عَلَى المُسْتَظْهرِ، وَقَالَ: كَانَ فِي غَايَةِ الأَدب وَالبلاغَة وَالذَّكَاء - رَحِمَهُ اللهُ -.
وقَوِيَ أَمرُ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ النَّاصر الأُمَوِيّ، وَلقَّبوهُ بِالمستكفِي بِاللهِ (5) ، فَبُوْيِع وَلَهُ ثَمَان وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً، فتملّك سِتَّةَ أَشهر، وَكَانَ أَحْمَقَ، قَلِيْلَ العَقْل، وَزرَ لَهُ أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الحَائِك، ثُمَّ قُتل وَزيرُه، وَخُلعَ هُوَ، وَسجنوهُ ثَلاَثاً لَمْ يُطعمُوهُ فِيْهَا شَيْئاً، ثُمَّ نَفَوهُ المُعَثَّر، فَلَحِقَ بِالثُّغُوْر، وَأَضمرته البِلاَدُ.
وَقِيْلَ: بَلْ سُمَّ فِي دجَاجَةٍ، فَهَلَكَ، وَعَادَ أَمرُ النَّاسِ إِلَى المُعْتَلِي.
فَلَمَّا غَابَ المُعْتَلِي، أَجْمَعَ أَهْلُ قُرْطُبَة عَلَى رَدِّ الأَمْر إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ، وَنهض
__________
(1) " جذوة المقتبس " 24، 25، و" الكامل " لابن الأثير 9 / 278، 279.
(2) وهو المستظهر بالله، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (215) .
(3) في الأصل: " أخو " وهو خطأ.
(4) وهو محمد بن هشام بن عبد الجبار، تقدم الحديث عنه في ترجمة المؤيد بالله هشام رقم (78) .
(5) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (258) .(17/138)
بِذَلِكَ الوَزِيْرُ أَبُو الْحزم جَهْوَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَهْوَر، وَبَايعُوا أَبَا بَكْرٍ هِشَام (1) بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ النَّاصر لِدِيْنِ اللهِ، وَلُقِّب بِالمُعْتَدِّ بِاللهِ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانَي عَشْرَة، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَة، فَبَقِيَ يَنْتَقلُ فِي الثُّغُوْر، وَدَخَلَ قُرْطُبَة فِي آخر سَنَة عِشْرِيْنَ، فَلَمْ يَلْبثْ إِلاَّ يَسِيْراً حَتَّى قَامَتْ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنَ الجُنْدِ، وَجَرَتْ أُمُورٌ يَطُوْلُ شَرْحُهَا، ثُمَّ خَلَعُوهُ، وَأُخْرِجَ مِنْ قَصْرِهِ وَالنِّسَاءُ مهتكَات حَافيَات، إِلَى أَنْ دَخَلُوا الجَامِعَ فِي هَيْئَة السَّبَايَا، فَبَقُوا هنَالِكَ أَيَّاماً يَتَعَطَّف عَلَيْهِم النَّاس بِالطَّعَامِ إِلَى أَنْ خَرَجُوا مِنْ قُرْطُبَة، فَلَحِقَ هِشَامٌ هَذَا بِابْنِ هود المُتَغَلِّبِ عَلَى سَرَقُسْطَة وَلاردَة وَطَرْطُوْشَة، فَأَقَامَ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ فِي العَام الَّذِي قُتِلَ فِيْهِ المُعْتَلِي.
فهَذَا آخِرُ مُلُوْكِ بَنِي أُمَيَّةَ مُطْلَقاً، وَتَفَرَّقت الكَلِمَةُ، وَصَارَ فِي الأَنْدَلُس عِدَّة مُلُوْك.
83 - جَهْوَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَهْوَرٍ أَبُو الحَزْمِ القُرْطُبِيُّ *
الرَّئِيْس أَبُو الْحزم القُرْطُبِيُّ، الوَزِيْرُ، مِنْ بَيْتِ رِئاسَةٍ وَوزَارَةٍ، مِنْ دُهَاة الرِّجَالِ وَعُقَلاَئِهِم، دَبَّرَ أَمْرَ قُرْطُبَة، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، لَكِنَّهُ مِنْ عقله لَمْ يتسمَّ بِالإِمرَة، وَرَتَّبَ البَوَّابِيْن وَالحَشَمَ عَلَى بَابِ القَصْر، وَلَمْ يَنْتَقِل مِنْ بَيْتِهِ، وَأَنْفَقَ
__________
(1) انظر " جذوة المقتبس " 27 وما بعدها، و" بغية الملتمس " 34، و" الكامل " 9 / 282، و" نفح الطيب " 1 / 438.
(*) جمهرة الأنساب 93، جذوة المقتبس 28، 29 و188، مطمح الانفس 16، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول، المجلد الثاني / 602 - 605، الصلة لابن بشكوال 1 / 131، بغية الملتمس 34، 35 و260، الكامل في التاريخ 9 / 284، 285، الحلة السيراء 2 / 30 - 34، المغرب في حلي المغرب 1 / 56، البيان المغرب 3 / 185، دول الإسلام 1 / 257، العبر 3 / 183، تاريخ ابن خلدون 4 / 159، شذرات الذهب 3 / 255.(17/139)
فِي الجُنْدِ الأَمْوَالَ، وَأَقَامَ العُمَال، وَفَرَّقَ العُدَدَ عَلَى العَامَة (1) .
وَكَانَ عَلَى طَرِيْقَةِ الرُّؤَسَاء الصَّالِحِيْنَ، فَاسْتمرَّ أَمْرُ النَّاسِ مَعَهُ مُسْتَقِيْماً إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، سَنَة خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
فقَام بَعْدَهُ ابْنُهُ الرَّئِيْس أَبُو الوَلِيْدِ مُحَمَّدُ بنُ جَهْور، فَجَرَى فِي السّيَاسَةِ عَلَى مِنْهَاجِ أَبِيهِ سَوَاء، وَبَقِيَ كَذَلِكَ مُدَّة سِنِيْنَ.
وَكَانَ وَالِدُهُ أَبُو الْحزم مِنْ كِبَارِ العُلَمَاء، رَوَى عَنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُفَرِّجٍ، وَخَلَف بن القَاسِمِ، وَعَبَّاس بن أَصْبَغَ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عتَّاب، وَغَيْرهُ.
وَكَانَ مِنْ صِغَارِ وُزَرَاء دَوْلَةِ ابْنِ أَبِي عَامِر.
وَكَانَ يَقُوْلُ:
أَنَا مُمْسِكٌ أَمْرَ النَّاسِ إِلَى أَنْ يتَهَيَّأَ لَهُم مَنْ يَصْلُح لِلْخِلاَفَةِ.
فَاسْتقلَّ بِالسَّلْطَنَة، وَاسْترَاحَ مِنِ اسْمِهَا، وَكَانَ يَجْعَلُ ارتفَاع الأَمْوَالِ وَدَائِعَ عِنْد التُّجَّار وَمُضَاربَة (2) .
وَكَانَ يَعُودُ المَرْضَى، وَيَشْهَدُ الجَنَائِز وَهُوَ بِزِيِّ الصَّالِحِيْنَ، وَلَهُ هَيْبَةٌ عَظِيْمَةٌ، وَأَمْرٌ مُطَاع، عَاشَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَأَمَّا ابْنُهُ:
84 - أَبُو الوَلِيْدِ بنُ جَهْوَرِ بنِ مُحَمَّدٍ القُرْطُبِيُّ *
__________
(1) في " جذوة المقتبس " 29، و" الحلة السيراء " 2 / 33: وفرق السلاح عليهم، وأمرهم بتفريقه في الدكاكين وفي البيوت حتى إذا دهم أمر في ليل أو نهار، كان سلاح كل واحد معه. وانظر " الكامل " 9 / 285.
(2) قال الحميدي: وجعل ما يرتفع من الاموال السلطانية بأيدي رجال رتبهم لذلك.
انظر " جذوة المقتبس " 28، 29، و" الحلة السيراء " 2 / 32، و" الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة " 1 / 2 / 603، و" الكامل " 9 / 285، وانظر ص 525 من هذا الجزء.
(*) الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول، المجلد الثاني / 604، الصلة لابن =(17/140)
فَحكم عَلَى قُرْطُبَة ثَمَانِيَةَ أَعْوَام، فَقصدهُ ابْنُ عَبَّاد، وَقهره، وَأَخَذَ البَلَدَ، ثُمَّ سَجَنَ أَبَا الوَلِيْدِ فِي حصن.
وَكَانَ قَدْ قرأَ عَلَى مَكِّيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي المُطَرِّف القَنَازِعِيّ، وَيُوْنُسَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغِيْث، وَطَائِفَةٍ، وَعُنِي بِالحَدِيْثِ.
فَبَقِيَ فِي سِجنِ ابْنِ عَبَّاد إِلَى أَنْ مَاتَ فِي نِصْفِ شَوَّال، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: بَلْ غَلَبَ عَلَى قُرْطُبَة المَأْمُوْنُ بنُ ذِي النُّوْنِ صَاحِبُ طُلَيْطُلَة، وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُ عكَاشة البَرْبَرِيّ، ثُمَّ غلب عَلَيْهَا أَبُو القَاسِمِ بنُ عَبَّادٍ، وَصَارت تبعاً لإِشْبِيْليَة (1) .
85 - إِدْرِيْسُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَمُّوْدٍ الحَسَنِيُّ الإِدْرِيْسِيُّ *
أَخُو المُعْتَلِي (2) بِاللهِ، لَمَّا قُتِلَ أَخُوْهُ بَادَرَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى بن بَقَنَّة (3) ، وَنجَا الصَّقْلَبِيّ الخَادِمُ، فَأَتيَا مَالَقَةَ وَهِيَ دَارُ مُلْكهم، فَأَخبرَا إِدْرِيْسَ بنَ عَلِيّ بِقَتْلِ أَخِيْهِ وَكَانَ بِسَبْتَة، فَدَخَلَ الأَنْدَلُسَ.
__________
= بشكوال 2 / 546، 547، بغية الملتمس 35، الكامل في التاريخ 9 / 285، المعجب: 60 ووفاته فيه سنة 443، المغرب في حلي المغرب 1 / 56، 57، البيان المغرب 3 / 232، تاريخ ابن خلدون 4 / 159.
(1) انظر " تاريخ " ابن خلدون 4 / 159، و" المغرب في حلي المغرب " 1 / 56، 57.
(*) جذوة المقتبس 30، 31، بغية الملتمس 37، الكامل لابن الأثير 9 / 280، البيان المغرب 3 / 289، الوافي بالوفيات 8 / 324، نفح الطيب 1 / 431 و432.
(2) وهو صاحب الترجمة المتقدمة برقم (82) .
(3) بالباء الموحدة والقاف المفتوحتين بعدهما نون مشددة مفتوحة، وقد تصحفت في الأصل في المواضع الأربعة من هذه الترجمة وفي " الكامل " 9 / 279، 281 إلى بقية بالياء وهو خطأ. أنظر " تبصير المنتبه " 1 / 200، و" الإكمال " 1 / 342.(17/141)
بُوْيِع بِمَالَقَة بِالخِلاَفَة، وَلُقِّبَ بِالمُتَأَيِّد بِاللهِ، وَجَعَلَ ابْنَ أَخِيْهِ حسنَ بنَ المُعْتَلِي وَالِياً عَلَى سَبْتَة (1) .
ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَنْجَدَ بِإِدْرِيْسَ مُحَمَّدٌ البَرْبَرِيّ (2) عَلَى حَرْبِ عَسْكَر إِشْبِيْليَة، فَأَمَدَّهُ بِجَيْشٍ عَلَيْهِم ابْنُ بَقَنَّة، فَهَزَمُوا عَسْكَر إِشْبِيْليَة، وَكَانَ عَلَيْهِ إِسْمَاعِيْلُ وَلَدُ القَاضِي ابْنِ عَبَّاد، وَقُتِلَ إِسْمَاعِيْلُ، وَحُمِلَ رَأْسهُ إِلَى إِدْرِيْسَ بنِ عَلِيٍّ، فَوَافَاهُ وَهُوَ عَلِيْلٌ، فَلَمْ يَعِشْ إِلاَّ يَوْمَيْن وَمَاتَ، وَخلَّف مِنَ الوَلَدِ: مُحَمَّداً الَّذِي لُقِّبَ بِالمَهْدِيِّ، وَالحَسَنَ الَّذِي لُقِّبَ بِالسَّامِي (3) .
وَكَانَ المُعْتَلِي بِاللهِ قَدِ اعْتَقَلَ مُحَمَّداً وَحَسَناً ابْنَيْ عَمِّه القَاسِمِ بن حَمُّوْد بِالجَزِيْرَةِ الخَضْرَاءِ، وَوَكَلَ بِهِمَا رَجُلاً مِنَ المغَاربَةِ، فَحِيْنَ بَلَغَهُ خَبَرُ مَقْتَل المُعْتَلِي جَمَعَ مَنْ كَانَ فِي الجَزِيْرَة مِنَ البَرْبَر وَالسُّودَان، وَأَخرج مُحَمَّداً وَحَسَناً، وَقَالَ: هَذَانِ سَيِّدَاكُم، فَسَارِعُوا إِلَى الطَّاعَةِ لَهُمَا.
فَبُوْيِعَ مُحَمَّدٌ، وَتَمَلَّكَ الجَزِيْرَةَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَتسمَّ بِالخِلاَفَة، وَأَمَّا أَخُوْهُ الحَسَن، فَأَقَامَ مَعَهُ مُدَّةً، ثُمَّ تَزَهَّدَ وَلَبِسَ الصُّوفَ وَفرغ عَنِ الدُّنْيَا، وَحَجّ بِأُخْته فَاطِمَةَ (4) .
وَلَمَّا بَلَغَ نَجَا الصَّقْلَبِيَّ وَهُوَ بِسَبْتَة مَوْتُ إِدْرِيْسَ، عدَّى إِلَى مَالَقَة وَمَعَهُ حَسَنُ بنُ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ، فَخَارت قُوَى ابْنِ بَقَنَّة، وَهَرَبَ (5) ، فَتَحَصَّن بِحصنٍ لِمَارش وَهُوَ عَلَى بَرِيدٍ مِنْ مَالَقَة، فَبُوْيِعَ الحَسَنُ بنُ يَحْيَى بِالخِلاَفَة،
__________
(1) " جذوة المقتبس " 30، و" الكامل " 9 / 280.
(2) هو محمد بن عبد الله البرزالي صاحب قرمونة. انظر " جذوة المقتبس " 30، 31.
(3) " جذوة المقتبس " 30، 31، و" الكامل " 9 / 280، و" نفح الطيب " 1 / 432، وفيها أنه خلف من الولد أيضا يحيى الذي قتله ابن عمه حسن بن يحيى كما سيأتي.
(4) " جذوة المقتبس " 31، 32، و" الكامل " 9 / 280.
(5) قال الحميدي: فلما مات إدريس كما ذكرنا، رام ابن بقنة ضبط الامر لولده يحيى بن إدريس المعروف بحيون، ثم لم يجسر على ذلك كل الجسر التام، وتحير وتردد. " جذوة المقتبس " 32.(17/142)
وَتَسَمَّى بِالمُسْتَعْلِي، ثُمَّ آمن ابْنَ بَقَنَّة، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَتَلَهُ، ثُمَّ قَتَلَ ابْنَ عَمِّهِ يَحْيَى بنَ إِدْرِيْسَ بنِ عَلِيٍّ، وَرَجع نَجَا إِلَى سَبْتَة، ثُمَّ هَلَكَ حَسَنٌ المُسْتَعْلِي بَعْدَ سَنَتِيْن (1) .
فَجَازَ نَجَا لِيَمْلِكَ البِلاَدَ، فَقَتَلَتْهُ البَرْبَرُ، وَأَخرَجُوا مِنَ السِجْنِ إِدْرِيْس بن المُعْتَلِي، فَبَايعُوهُ، وَتلقب بِالعَالِي (2) ، وَكَانَ ذَا رَأْفَةٍ وَرِقَةٍ، لَكِن كَانَ دَنِيءَ النَّفْسِ يُقَرِّبُ السَّفِلَ، وَلاَ يَحْجِبُ حرمه عَنْهُم، وَلَهُ تَدْبِيرٌ سيِّئ (3) .
ثُمَّ إِنَّ البَرْبَر مَقَتُوهُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ بنِ حَمُّوْد الإِدْرِيْسِيّ الكَائِنِ بِالجَزِيْرَةِ الخَضْرَاء، فَبَايعُوهُ وَلَقَّبُوهُ بِالمَهْدِيِّ، وَصَارَ الأَمْرُ فِي غَايَة الأُخْلُوقَة، اجْتمع فِي الوَقْتِ أَرْبَعَةٌ يُدْعَون بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ فِي رُقْعَةٍ مِنَ الأَنْدَلُس، مِقدَارُ مَا بينهُم ثَلاَثُوْنَ فَرْسَخاً فِي مِثلِهَا، ثُمَّ افترقُوا عَنْ مُحَمَّدٍ بَعْد أَيَّامٍ، وَرُدَّ خَاسئاً، فَمَاتَ غَمّاً بَعْد أَيَّام، وَخلَّفَ ثَمَانِيَةَ أَولاَدٍ (4) .
فَتَولَّى أَمرَ الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاء بَعْدَهُ وَلَدُهُ؛ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَاسِمِ الإِدْرِيْسِيّ (5) .
وولِي مَالَقَة مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ المُعْتَلِي، فَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَعُزِلَ أَبُوْهُ هَذِهِ المُدَّة، ثُمَّ ردُّوهُ بَعْد وَلده إِلَى إِمرَة مَالَقَة، فَهُوَ آخرُ مَنْ مَلَكهَا مِنَ الإِدريسيين (6) ، فَلَمَّا مَاتَ اجْتَمَعَ رَأْيُ
__________
(1) " جذوة المقتبس " 32، 33، و" الكامل " 9 / 280، 281، و" نفح الطيب " 1 / 432 وفيها أن الحسن بن علي لقب بالمستنصر بالله، لا بالمستعلي كما ذكر المؤلف.
(2) انظر تفصيل ما حدث قبل إخراجه من السجن ومبايعته بالخلافة في " جذوة المقتبس " 32، 33، و" الكامل " 9 / 281، وسيورد المؤلف ترجمته في هذا الجزء برقم (446) .
(3) انظر " جذوة المقتبس " 33، 34، و" الكامل " 9 / 281.
(4) " جذوة المقتبس " 34، 35، و" الكامل " 9 / 282.
(5) " جذوة المقتبس " 36، و" نفح الطيب " 1 / 435.
(6) " جذوة المقتبس " 36، و" الكامل " 9 / 282.(17/143)
البَرْبَر عَلَى نَفْي الإِدريسيَة عَنِ الأَنْدَلُس إِلَى العُدوَة، وَالاستبدَاد بِضَبْطِ مَا بِأَيدِيهِم مِنَ الممَالِك، فَفَعلُوا ذَلِكَ، فَكَانَتِ الجَزِيْرَةُ وَمَا وَالاَهَا إِلَى تَاكزونَة، وَمَالَقَة وَغرنَاطَة إِلَى قَبِيْلَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ إِلَى أَنْ قَوِيَ المُعْتَضِدُ بِاللهِ عَبَّادُ بنُ القَاضِي بن عَبَّاد، وَغَلبَ علَى الأَنْدَلُس، فَأَجلاَهُم عَنْهَا وَذَلِكَ مَذْكُوْر فِي (تَاريخ الحُمَيْدِيّ) وَغَيْرِهِ، وَغلبَ عَلَى كُلِّ قطرٍ مُتغلِّبٌ تَسمَّى بِالمَأْمُوْنِ، وَمِنْهُم مِنْ تسمَّى بِالمُعْتَصِمِ، وَآخر بِالمُتَوَكِّلِ، حَتَّى قَالَ الحَسَنُ بنُ رَشِيْق:
مِمَّا يُزَهِّدُنِي فِي أَرْضِ أَنْدَلُسٍ ... سَمَاعُ مُعْتَصِمٍ فِيْهَا وَمُعْتَضِدِ (1)
أَلْقَابُ مَمْلَكَةٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ... كَالهِرِّ يَحْكِي انتِفَاخاً صَوْلَة الأَسَدِ (2)
86 - النُّوْقَاتِيُّ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، الأَدِيْبُ، أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ النُّوقَاتِي، السِّجِسْتَانِيّ.
وَنُوقَاتُ: قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى سِجِسْتَانَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ خَلَفٍ النَّسَفِيّ، وَمُحَمَّدِ بن خيْو بن حَامِدٍ التِّرْمِذِيّ، وَأَبِي حَامِدٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ البُوْشَنْجِيّ، وَعبدِ
__________
(1) في " ديوانه ": سماع مقتدر فيها ومعتضد. وفي " نفح الطيب " 1 / 214: تلقيب معتضد فيها ومعتمد.
وفي 4 / 255: أسماء معتضد فيها ومعتمد.
وفي " وفيات الأعيان ":
مما يقبح عندي ذكر أندلس * سماع معتضد فيها ومعتمد
(2) البيتان في " ديوانه " 59، 60، و" نفح الطيب " 1 / 214 و4 / 255، و" وفيات الأعيان " 4 / 428 ونسبهما ابن خلكان إلى ابن عمار الأندلسي.
(*) معجم البلدان 5 / 311، معجم الأدباء 17 / 205 - 208، الوافي بالوفيات 2 / 90، 91، هدية العارفين 2 / 53.(17/144)
الرَّحْمَن بن مُحَمَّدِ بنِ عُلْوِيَّهُ الأَبْهَرِيّ القَاضِي، وَعِدَّة.
وَلَهُ مِنَ التَّصَانِيْف: كِتَابُ (العِلْم وَالعُلَمَاء) ، كِتَابُ (التّعظَةِ) ، كِتَاب (العِتَاب (1)) ، كِتَاب (صَوْنِ المَشِيْبِ) ، كِتَاب (الرَّيَاحين) كِتَاب (المُسلسلاَت (2)) .
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ أَبُو سَعِيْدٍ عُثْمَانُ، وَعَلِيُّ بنُ بُشرَى اللَّيْثِيّ، وَعَلِيُّ بنُ طَاهِرٍ الشُّرُوطي، وَحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَرَابِيْسِيّ، وَقَاسِمُ بنُ عَبَّاس الصِّلْحِي، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ التُّوْنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ لقِي المُسْنِدَ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ بنِ مَأْمُوْنٍ السِّجِسْتَانِيّ وَوَلَدَه عُثْمَانَ، وَسَمِعَ مِنْهُ.
تُوُفِّيَ أَبُو عُمَرَ: قَبْل الأَرْبَع مائَة.
87 - ابْنُ النُّعْمَانِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ المَغْرِبِيُّ *
قَاضِي الدِّيَار المِصْرِيَّة، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ ابنُ قَاضِي القُضَاة أَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ (3) ابنِ قَاضِي القُضَاة أَبِي حَنِيْفَةَ النُّعْمَانِ بنِ مُحَمَّدٍ المَغْرِبِيُّ، العُبَيْدِيُّ، الرَّافضيُّ.
وَلِي بَعْد مَوْتِ عَمّه مُحَمَّد (4) بِأَيَّام، وَتَمَكَّنَ، وَاسْتمرَّ، فَحكم خَمْسَ
__________
(1) ورد اسم الكتاب في " معجم الأدباء " و" الوافي ": " العتاب والاعتاب ".
(2) انظر " معجم الأدباء " 17 / 206، و" الوافي " 2 / 90.
وفيهما شيء من شعره.
(*) وفيات الأعيان 5 / 422، تاريخ الإسلام 4 / 98 / 1، العبر 3 / 45، رفع الإصر 1 / 207 - 212، حسن المحاضرة 2 / 147، شذرات الذهب 3 / 132.
(3) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.(17/145)
سِنِيْنَ وَنِصْفاً، فَعُزِلَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ 394 بِابْنِ عَمِّه أَبِي القَاسِمِ عَبْدِ العَزِيْزِ بن مُحَمَّدٍ.
وَجرَى لَهُ أَمرٌ كَبِيْرٌ مَعَ الحَاكِم، ثُمَّ ضُرِبَتْ عُنُقه فِي أَوَّلِ سَنَةِ خَمْسٍ (1) وَتِسْعِيْنَ، وَأُحرق.
وَعلتْ رُتْبَةُ عَبْدِ العَزِيْزِ (2) جِدّاً، بِحَيْثُ إِنَّ الحَاكِم أَصعدَهُ مَعَهُ يَوْمَ العِيْد عَلَى المِنْبَر، وَتصلّب فِي الأَحكَام، وَقهرَ الظَّلمَة، إِلَى أَنْ عُزل فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ بِالقَاضِي مَالِكِ بنِ سَعِيْدٍ الفَارِقِي، وَقتلَهُ الحَاكم - وَقَتَلَ مَعَهُ القَائِدَ حُسَيْنَ بنَ جُوْهَرٍ وَأُمَرَاءَ لأَمرٍ طَوِيْلٍ - فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِ مائَةٍ (3) ، وَعَاشَ عَبْدُ العَزِيْزِ سَبْعاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
88 - أَبُو عُبَيْدٍ الهَرَوِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو عُبَيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَرَوِيُّ، الشَّافِعِيُّ، اللُّغَوِيُّ، المُؤَدِّب، صَاحِب (الغَرِيْبينِ) .
__________
(1) وقال في العبر 3 / 45: ضربت عنقه سنة أربع وتسعين.
(2) انظر ترجمته في رفع الإصر، 359، ووفيات الأعيان 5 / 422، وحسن المحاضرة 2 / 148.
(3) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 422، 423.
(*) معجم الأدباء 4 / 260، 261، طبقات ابن الصلاح الورقة 140 أ، وفيات الأعيان 1 / 90، 96، العبر 3 / 75، الوافي بالوفيات 8 / 114، 115، طبقات السبكي 4 / 84، طبقات الاسنوي 2 / 518، 519، البداية والنهاية 11 / 344، 345، النجوم الزاهرة 4 / 228، بغية الوعاة 1 / 371، شذرات الذهب 3 / 161، كشف الظنون 2 / 1206، هدية العارفين 1 / 70.
(4) هو في الجمع بين غريبي القرآن والحديث، رتبه على حروف المعجم على وضع لم يسبق فيه، وجمع ما في كتب من تقدمه، فجاء جامعا في الحسن، إلا أنه جاء الحديث مفرقا في حروف كلماته، فانتشر، فصار هو العمدة فيه، وما زال الناس بعده يتبعون أثره. " كشف =(17/146)
أَخَذَ عِلْمَ اللِّسَانِ عَنِ الأَزْهَرِيّ (1) وَغَيْرهِ.
وَيُقَالُ لَهُ: الفَاشَانِيُّ.
وَفَاشَان - بِفَاء مشوبَة بباءٍ -:قَريَةٌ مِنْ أَعمَال هَرَاة.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو عَمْرٍو بنُ الصَّلاَح فِي (طبقَات الشَّافِعِيَّة) ، فَقَالَ:
رَوَى الحَدِيْثَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِيْنَ، وَأَبِي إِسْحَاقَ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُس البَزَّازِ الحَافِظِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيّ، وَأَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَحْمَدَ المَلِيْحِيُّ بِكتَابِ (الغَرِيْبينِ) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَادسِ رَجَب، سَنَة إِحْدَى وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَان: سَارَ كِتَابُهُ فِي الآفَاق، وَهُوَ مِنَ الكُتُب النَّافعَة ... ، ثُمَّ قَالَ:
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يُحبّ البِذْلَةَ، وَيَتنَاولُ فِي الخلوَة، وَيُعَاشِرُ أَهْلَ الأَدَبِ فِي مَجَالِس اللذَّة وَالطَّرب - عَفَا اللهُ عَنْهُ - (2) .
89 - البُسْتِيُّ أَبُو الفَتْحِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ *
العَلاَّمَةُ، شَاعِرُ زَمَانِه، أَبُو الفَتْحِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ البُسْتِيّ الكَاتِب.
قَالَ الحَاكِمُ بَعْدَ أَنْ رَوَى عَنْهُ: هُوَ وَاحِدُ عَصْرِهِ، حَدَّثَنَا أَنَّهُ سَمِعَ الكَثِيْرَ مِنْ أَبِي حَاتِمٍ بن حِبَّان.
__________
= الظنون " 2 / 1206. وقد طبع الجزء الأول منه في القاهرة سنة 1971 من منشورات المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
وانظر نسخه الخطية في " تاريخ " بروكلمان 2 / 271، 272.
(1) صاحب كتاب " التهذيب في اللغة ".
(2) " وفيات الأعيان " 1 / 96.
والبذلة: ما يمتهن من الثياب.
(*) يتيمة الدهر 4 / 302 - 334، تاريخ حكماء الإسلام للبيهقي 49، الأنساب 2 / 210، المنتظم 7 / 72، 73، وفيات الأعيان 3 / 376 - 378، العبر 3 / 75، 76، البداية والنهاية 11 / 278، شذرات الذهب 3 / 159.(17/147)
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ البَرْدَعِيُّ، وَشَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو عُثْمَانَ الصَّابُوْنِيّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: سَنَة إِحْدَى وَأَرْبَع مائَة.
وَلَهُ نَظْمٌ فِي غَايَة الجَوْدَةِ، كَبِيْرٌ، سَائِرٌ بَيْنَ الفُضَلاَء (1) .
90 - ابْن الجَسُوْرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأُمَوِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الأَدِيْبُ، أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ الحُبَابِ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ، القُرْطُبِيّ، ابْنُ الجَسُور، وَقَدْ كَنَّاهُ أَبُو إِسْحَاقَ بن شِنْظير: أَبَا عُمَيْر، وَالأَوّلُ أَصحّ.
حَدَّثَ عَنْ: قَاسِم بن أَصْبَغَ، وَوَهْب بن مَسَرَّة، وَمُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللهِ ابْن أَبِي دُلَيْم، وَمُحَمَّدِ بن مُعَاوِيَةَ، وَأَحْمَد بنِ مُطَرِّف.
حَدَّثَ عَنْهُ: الصَّاحبَان (2) ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الخَوْلاَنِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْم، وَهُوَ أَكْبَر شَيْخٍ لابْنِ حَزْم.
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة إِحْدَى وَأَرْبَع مائَة ولَهُ نَيِّفٌ وثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
(1) في " اليتيمة " كثير من شعره ونثره، فمن نثره: من أصلح فاسده أرغم حاسده، من
أطاع غضبه أضاع أدبه، من سعادة جدك وقوفك عند حدك، إذا بقي ما قاتك فلا تأس على ما فاتك.
ومن شعره:
يا من أعاد رميم الملك منشورا * وضم بالرأي ملكا كان منثورا
أنت الأمير وإن لم تؤت منشورا * والامر بعدك إن لم تؤتمن شورى
انظر فنون شعره في " اليتيمة " 4 / 307 - 334.
(*) جذوة المقتبس 107، الصلة 1 / 23، 24، بغية الملتمس 154، 155، العبر 3 / 75، الوافي بالوفيات 7 / 330، شذرات الذهب 3 / 161.
(2) سترد ترجمتهما برقمي (92) و (93) .(17/148)
وَكَانَ خَيِّراً صَالِحاً شَاعِراً، عَالِي الإِسْنَاد وَاسِعَ الرِّوَايَة، صَدُوْقاً.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ (المُدَوَّنَة) عَنِ ابْنِ مَسَرَّة، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ وَضَّاح، عَنْ مُؤَلّفهَا سُحْنُوْن، وَقَرَأْتُ (تَفْسِيْر) ابْنِ عُيَيْنَةَ بروَايته عَنْ قَاسِم بنِ أَصْبَغ وَ (المُوَطَّأ) حَدَّثَنَا بِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بن رِفَاعَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ العَلاَّف، عَنِ ابْنِ بُكَيْر، عَنْ مَالِك.
وَمَاتَ فِي العَام قبلَه بِأَشهر شَيْخُ المَالِكِيَّة بِالأَنْدَلُسِ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ المَكْوِيّ (1) مصَنّفُ (الاسْتيعَاب) فِي المَذْهَب فِي مائَة جُزْء.
تُوُفِّيَ فجأَةً عَنْ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَكَانَ رَأْساً فِي العِلْمِ وَالعمل.
وَمَاتَ العَلاَّمَة أَبُو عُبَيْدٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ صَاحِبُ (الغَرِيْبين) فِي رَجَبٍ، وَالعَدْلُ حَمْد (2) بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ صَاحِبُ دويرَة حمد مذبوحاً فِي دَاره، وَالأَدِيْبُ البَلِيْغُ أَبُو الفَتْحِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ البُسْتِيّ، وَشَيْخُ نَيْسَابُوْر السَّيِّد أَبُو الحَسَنِ العَلَوِيّ (3) ، وَأَبُو عَلِيٍّ مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَالديُّ الهَرَوِيُّ أَحدُ الضُّعَفَاء (4) .
91 - الحِنَّائِيُّ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ هِلاَلٍ، البَغْدَادِيُّ الحِنَّائِيُّ الأَدِيْب.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (120) .
(2) انظر ترجمته في " تهذيب " ابن عساكر 4 / 438.
(3) تقدمت ترجمته برقم (60) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (74) .
(*) تاريخ بغداد 10 / 140، 141، الأنساب 4 / 246، العبر 3 / 75، شذرات الذهب 3 / 161.(17/149)
حَدَّثَ عَنْ: يَعْقُوْب الجَصَّاص، وَالحُسَيْنِ بن عَيَّاش، وَأَبِي جَعْفَرٍ بنِ البَخْتَرِيّ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الكَفْرطَابِيّ، وَرَشَأ بنُ نَظِيْف، وَأَبُو القَاسِمِ الحِنَّائِيّ، وَأَبُو علِيّ الأَهْوَازِيّ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْب (1) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَع مائَة بِدِمَشْقَ.
الصَّاحِبَانِ:
92 - أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأُمَوِيُّ *
هُمَا الحَافِظَان الإِمَامَان الرَّفيقَان: أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدَةَ بنِ مَيْمُوْن، الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُم الطُّلَيْطُلِيّ.
سَمِعَ: بطُلَيْطُلَة مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أُمَيَّة وَأَقرَانِه، وَبقُرْطُبَة مِنْ أَحْمَد بن عَوْن الله، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُفَرِّجٍ، وَعَبَّاس بنِ أَصْبَغ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ المُؤْمِنِ.
وَارتحلاَ جَمِيْعاً إِلَى المَشْرِق، فَحَجَّا وَسَمِعَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ المُهَنْدس، وَأَبِي عَدِيٍّ عَبْدِ العَزِيْزِ بن عَلِيٍّ، وَأَبِي بَكْرٍ الأُذْفُوِيّ، وَخَلْق، ثمَّ رُدّ ابْنُ مَيْمُوْن إِلَى طُلَيْطُلَة.
قَالَ ابْنُ مظَاهِر: كَانَ مِنْ أَهْل العِلْمِ وَالفهم، حَافِظاً لِلْفِقْهِ، رَاوِيَةً لِلْحَدِيْثِ، دقيقَ الذِّهنِ فِي جَمِيْع العُلُوم، ذَا أَخلاَقٍ وآدَابٍ مَعَ الزُّهْد وَالفَضْل، وَالوَرَعِ، مُقْبِلاً عَلَى طَرِيْقِ الآخِرَة، لَمْ يتَأَهَّل - إِلَى أَنْ قَالَ:
__________
(1) في " تاريخه " 10 / 140.
(*) الصلة 1 / 20 - 22، تذكرة الحفاظ 3 / 1091، طبقات الحفاظ 422، شذرات الذهب 3 / 158، 159.(17/150)
قلَّ مَا يجوزُ عَلَيْهِ فِي كُتُبِه - مَعَ كثرتهَا - وَهْمٌ ولاَ خَطَأ، كَانَتْ كُتُبُهُ وَكُتُبُ صَاحِبه ابْنِ شِنْظِيْر أَصَحَّ كُتُبٍ بطُلَيْطُلَة (1) .
قُلْتُ: حمل النَاسُ عَنْهُ، وَتُوُفِّيَ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ فِي شَعْبَانَ سَنةََ أَرْبَعِ مائَةٍ بطُلَيْطُلَة كَهْلاً.
وَصَلَّى عَلَيْهِ صَاحِبُهُ ابْنُ شِنْظِيْرٍ وَهُوَ: الإِمَامُ
93
- أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنِ بنِ (2) شِنْظِيْرٍ الأُمَوِيُّ *
ذكرهُمَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بَشْكُوَالٍ، فَقَالَ:
كَانَا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ فِي العِنَايَةِ الكَامِلَة بِالعِلْم وَالبحث عَلَى الرِّوَايَة وضَبْطِهَا، سمعَا بطُلَيْطُلَةَ مَنْ لَحِقَاهُ بِهَا، وَبقُرْطُبَة وَمِصْرَ وَالحِجَازِ. وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ صَوَّاماً قَوَّاماً وَرِعاً، يغَلِبُ عَلَيْهِ عِلْمُ الحَدِيْثِ وَمَعْرِفَةُ طُرُقه - إِلَى أَنْ قَالَ:
وَكَانَ سُنّيّاً مُنَافِراً لأَهْلِ البِدَع، مَا رُئي أَزهدُ مِنْهُ، وَلاَ أَوقرُ مَجْلِساً، رحلَ النَّاسُ إِليهُمَا ثُمَّ تَفَرَّد أَبُو إِسْحَاقَ بِالمَجْلِس، ثُمَّ تُوُفِّيَ يَوْمَ النَّحْر سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة وَلَهُ خمسُوْنَ عَاماً - رَحِمَهُ اللهُ - (3) .
94 - ابْنُ الأَكْفَانِيِّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ **
قَاضِي القُضَاة بِبَغْدَادَ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ
__________
(1) " الصلة " 1 / 21، 22.
(*) الصلة 1 / 89 - 91، تذكرة الحفاظ 3 / 1092، الوافي بالوفيات 7 / 103، 104، طبقات الحفاظ 422، شذرات الذهب 3 / 163.
(2) لفظ " بن " سقط من " الوافي ".
(3) " الصلة " 1 / 89 - 91 بأطول مما هنا.
(* *) تاريخ بغداد 10 / 141، 142، الأنساب 1 / 339، اللباب 1 / 82، العبر 3 / 90، شذرات الذهب 3 / 174.(17/151)
إِبْرَاهِيْم البَغْدَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ، المَعْرُوف: بِابْنِ الأَكفَانِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: القَاضِي أَبِي عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيّ، وَعَبْدِ الغَافِرِ بن سَلاَمَةَ، وَابْن عُقْدَة، وَأَحْمَد بنِ عَلِيٍّ الجُوْزَجَانِيّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيُّ، وَعِدَّة.
قَالَ التَّنُوْخِيّ: قَالَ لِي أَبُو إِسْحَاقَ الطَّبَرِيّ: مَنْ قَالَ إِنَّ أَحَداً أَنفقَ عَلَى أَهْلِ العِلْمِ مائَةَ أَلْف دِيْنَار، فَقَدْ كذب غَيْرَ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الأَكفَانِيّ (1) .
قَالَ التَّنُوْخِيّ: جُمع لَهُ جَمِيْعُ قَضَاء بَغْدَاد فِي سَنَةِ 396 (2) ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة وَلَهُ تِسْعُوْنَ سَنَة إِلاَّ سَنَة.
رَأْسُ الإِمَامِيَّةِ بِالعِرَاقِ:
95 - أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ الجَوْهَرِيُّ *
وَلَهُ تَصَانِيْف مِنْهَا (أَخْبَار الاَثنِي عشر) ، وَكِتَاب (الشِّجَاج) ، وَأَشْيَاء (3) .
مَاتَ سَنَة إِحْدَى وَأَرْبَع مائَة.
96 - ابْنُ جُمَيْعٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الغَسَّانِيُّ **
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّالِح، المُسْنِدُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّال، أَبُو الحُسَيْنِ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 141 و" الأنساب " 1 / 339.
(2) " تاريخ بغداد " 10 / 141.
(*) روضات الجنات 17، إيضاح المكنون 2 / 268، هدية العارفين 1 / 70.
(3) انظر تصانيفه في " هدية العارفين " 1 / 70.
(* *) الأنساب 8 / 116 (الصيداني) و119 (الصيداوي) ، معجم البلدان 3 / =(17/152)
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ يَحْيَى بنِ جُمَيْع الغَسَّانِيّ الصَّيْدَاوِيّ، صَاحِب (المُعْجَم (1)) .
سَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَبَالمَدِيْنَة أَوْ لَمْ يَسْمَعْ بِهَا، وَبِبَغْدَادَ مِنَ المَحَامِلِيّ، وَابنِ مَخْلَدٍ، وَالحُسَيْنِ بن سَعِيْدٍ المطبقِيّ، وَأَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ الأَثْرَم، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ الجُوْزَجَانِيّ، وَخَلْقٍ.
وَبَالكُوْفَةِ مِنَ الحَافِظ ابْنِ عُقْدَة، وَبِالبَصْرَة مِنْ أَبِي رَوْقٍ الهِزَّانِيّ، وَوَاهِب بن مُحَمَّدٍ، وَبِوَاسِط مِنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدَانَ، وَبكَفربَيَّا (2) مِنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ البَزَّاز، وَببَلَد (3) مِنْ أَحْمَدَ بن إِبْرَاهِيْمَ الإِمَام، وَبَالرَّمْلَةِ مِنْ أَحْمَدَ بنِ عَمْرٍو الحَافِظ، وَبِمِصْرَ مِنْ أَبِي الطَّاهِرِ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ الخَامِي، وَعِدَّة.
وَبصَيدَا مِنْ أَحْمَد بنِ رِيْحَان، وَبصُور مِنْ أَحْمَدَ بن سَعِيْدٍ الفَارِسِيّ، وَأَحْمَدَ بن هِشَامِ بن اللَّيْثِ، وَبمَنْبِج مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ، وَبحلبَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بن مَسْعُوْدٍ الوَزَّان، وَبسيرَاف (4) مِنْ جَعْفَر بن مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيّ، وَبرَامَهُرْمُز (5) مِنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الحَسَنِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خَلاَّد الحَافِظ.
وَبَالمَصِّيْصَة مِنْ حَيَّان بن بِشْرٍ القَاضِي.
وَبعين زَرْبَة (6) مِنْ حَسْنُوْنَ بن مُحَمَّدٍ.
وَبأَطْرَابُلُس مِنْ خَيْثَمَة القُرَشِيّ. وَبَالمَوْصِل مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيِّ بن
__________
= 437، 438، اللباب 2 / 253، العبر 3 / 80، الوافي بالوفيات 2 / 60، شذرات الذهب 3 / 164، تاج العروس 2 / 403 (صيد) ، هدية العارفين 2 / 59.
(1) انظر نسخه الخطية في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 366.
(2) مدينة بإزاء المصيصة على شاطئ جيحان.
(3) وربما قيل لها: بلط بالطاء، وهي مدينة قديمة على دجلة فوق الموصل، بينهما سبعة فراسخ وبينها وبين نصيبين ثلاثة وعشرون فرسخا.
(4) مدينة جليلة على ساحل بحر فارس، كانت قديما فرضة الهند.
(5) مدينة مشهورة بنواحي خوزستان.
(6) بلد بالثغر من نواحي المصيصة.(17/153)
إِبْرَاهِيْم العُمَرِيّ.
وَبِأَنْطَاكِيَةَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ خَلَفٍ الصَّيْدَلاَنِيّ، وَبيَافَا مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي الخُنْبش، وَبِتنِّيس (1) مُؤنس بن وَصِيف، وَبشيرَاز مِنْ أَبِي الصَّقْرِ مُظَفّر بن مُحَمَّدٍ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ عُمَارَة، وَبطَرَسُوْس مِنْ مُحَمَّدِ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيّ، وَبَالرَّقَّة مِنْ مُحَمَّد بن الحَسَنِ بنِ أَبِي خُبْزَة، وَبَالقُلْزُم (2) مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قنقل، وَبَالأَثَارب (3) مِنْ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ العَمَّارِي، وَببَيْرُوْت مِنْ أَحْمَد بن مَكْحُوْل البَيْرُوْتِيّ، وَببيَّاس (4) مِنْ أَحْمَد بن دِيْنَارٍ، وَبَالأَهْوَاز مِنْ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ شُجَاع، وَبعِرْقَة (5) حُسَيْن بن عِيْسَى الخَزْرَجِيّ، وَبدِمْيَاط مِنْ خَالِد بن مُحَمَّدٍ، وَبقَرْقِيْسِيَا (6) مِنْ أَبِي القَاسِمِ عَبْد المَلِكِ بن مُحَمَّدٍ، وَبجَبْلَة مِنْ عَلِيّ بن أَحْمَدَ بنِ عَسَّال، وَبَالأُبُلَّة (7) مِنْ عَلِيِّ بن عَبْدِ الوَهَّابِ الظَّاهِرِيّ.
وَبدَيْرِ العَاقول (8) عُمَر (9) بن سُورين. وَبنهر المَلِك (10) يَزِيْد بن إِسْمَاعِيْلَ
__________
(1) جزيرة في بحر مصر قريبة من البر ما بين الفرما ودمياط.
(2) بلدة على ساحل بحر اليمن قرب أيلة (العقبة) والطور ومدين وإليها ينسب بحر القلزم: (هو البحر الاحمر) .
(3) قلعة بين حلب وأنطاكية، بينها وبين حلب نحو ثلاثة فراسخ، وتحت جبلها قرية تسمى باسمها.
(4) مدينة صغيرة شرقي أنطاكية وغربي المصيصة بينهما، قريبة من البحر، بينها وبين الإسكندرية فرسخان.
(5) بلدة شرقي طرابلس بينهما أربعة فراسخ وهي آخر عمل دمشق.
(6) بلد على نهر الخابور قرب رحبة مالك بن طوق على ستة فراسخ، وعندها مصب الخابور في الفرات، فهي في مثلث بين الخابور والفرات.
(7) بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة، وهي أقدم من البصرة.
(8) قرية كبيرة على عشرة فراسخ أو أكثر من بغداد.
(9) هو عمر بن الحسن بن سورين الدير عاقولي السوريني، فسورين جده، وهو مترجم في " الأنساب " 7 / 187
(10) كورة واسعة ببغداد بعد نهر عيسى، يقال: إنه يشتمل على ثلاث مئة وستين قرية على عدد أيام السنة.(17/154)
الخلاَّل، وَأَعَانه عَلَى لُقِيِّ هَؤُلاَءِ فِي هَذِهِ البِلاَد الشَّاسعَة سفرُه فِي التِّجَارَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الغَنِيّ بن سَعِيْدٍ الحَافِظ، وَتَمَّام الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَوَلَده السَّكَنُ بنُ جُمَيْع، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي عَقِيل، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ سَلَمَة الوَرَّاق، وَأَبُو نَصْرٍ الحُسَيْنُ بنُ طَلاَّب الخَطِيْب، وَآخَرُوْنَ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: فِي سَنَةِ سِتّ.
وَقَالَ ابْنُهُ: صَام أَبِي أَبُو الحُسَيْنِ وَلَهُ ثَمَان عَشْرَةَ سَنَةً إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.
قَالَ الصُّوْرِيّ فِي جُزْءٍ لَهُ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً ثِقَة مَأْمُوْناً.
وَقَالَ الخَطِيْبُ وَغَيْرهُ: ثِقَة.
قُلْتُ: قَدْ سَمِعَ: مِنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ صفوَة فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وثمَان وَعِشْرِيْنَ، وَكَانَ أَسنَد مِنْ بَقِيَ بِالشَّامِ، وَلَمْ أَظفر لَهُ بِشَيْءٍ فِي طَيْبَة.
قَرَأْتُ (مُعْجَمِه) عَلَى ابْنِ القوّاس، عَنْ أَبِي القَاسِمِ بنِ الحَرَسْتَانِيّ، سَنَة تِسْعٍ وَسِتّ مائَة حضوراً، عَنْ جمَال الإِسْلاَم السُّلَمِيّ، عَنِ ابْنِ طَلاَّب، عَنْهُ قَالَ: هَذَا مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ ذكرُ شُيُوْخِي الَّذِيْنَ لقيتُهُم فِي سَائِر الآفَاقِ: بِمَكَّةَ وَالعِرَاق وَفَارس وَأَرْض إِصطخر وَالثُّغُوْر وَديَاربكر وَالشَّام وَمِصْر، وَأَبدأُ بِمَن اسْمه مُحَمَّد - إِلَى أَنْ قَالَ:
أَنشدنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّنَوبرِيّ بِحَلَب:
تَزَايدَ مَا أَلْقَى فَقَدْ جَاوَزَ الحَدَّا ... وَكَانَ الهوَى مَزْحاً فَصَارَ الهوَى جِدَّا(17/155)
وَقَدْ كُنْتُ جَلْداً ثُمَّ أَوْهَننِي الهوَى ... وَهَذَا الهوَى مَا زَالَ يَسْتَوهِنُ الجَلْدَا
فَلاَ تَعْجَبِي مِنْ غَلْبِ ضَعْفِكِ قُوَّتِي ... فَكَمْ مِنْ ظِبَاءٍ فِي الهوَى غَلَبَتْ أُسْدَا
غَلَبْتُم عَلَى قَلْبِي فَصِرْتُم أَحقَّ بِي ... وَأَملكَ بِي مِنِّي فَصِرْتُ لَكُم عَبْدَا
جَرَى حبُّكُم مَجْرَى حَيَاتِي فَفَقْدُكُم ... كَفَقْدِ حَيَاتِي لاَ رَأَيْتُ لَكُم فَقْدَا
وَقَدْ سقتُ مِنْ هَذَا (المُعْجَم) أَحَادِيْث فِيمَا مَضَى.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ السَّعْدِيُّ، وَالسَّكَنُ وَلدُ ابْنِ جُمَيْع، وَأَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّال: تُوُفِّيَ ابْنُ جُمَيْع فِي رَجَبٍ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة، لَكِنّ ابْنه مَا ذكر الشَّهر، وَوَهِمَ الكَتَّانِيّ، فَقَالَ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة.
وَالصَّحِيْحُ الأَوّلُ، وَعَاشَ ستاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
أَبُوْهُ:
97 - أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ *
وَكَانَ وَالِدُهُ أَبُو بَكْرٍ عَابداً صَوَّاماً.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدَان صَاحِبِ أَبِي مُصْعَب الزُّهْرِيّ.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ فِي (مُعْجَمِه) ، وَحفيدُه الحَسَنُ المُلَقَّب بِالسَّكَن.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ بِضْع وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
98 - السَّكَنُ ابْنُ جُمَيْعٍ أَبُو مُحَمَّدٍ *
وَكَانَ السَّكَنُ يُكْنَى أَبَا مُحَمَّدٍ.
__________
(*) الأنساب 8 / 119.
(* *) الأنساب 8 / 117 و119.(17/156)
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ جَدِّه، وَعَنْ جَدِّه الآخر المُعَمَّر مُحَمَّدِ بن سُلَيْمَانَ بن أَحْمَدَ بنِ ذَكْوَان، وَيُوْسُفَ بن القَاسِمِ المَيَانَجِي، وأَحْمَدَ بن عَطَاء الرُّوْذَبَارِيّ، وَجَمَاعَة.
وعُمِّرَ دَهْراً كَأَبِيهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الصَّقْرِ الأَنْبَارِيّ، وَعَلِيّ بن بَكَّار الصُّوْرِيّ، وَجَمَاعَة.
وَبَالإِجَازَة الفَقِيْهُ نَصْرٌ المَقْدِسِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ المَوَازِيْنِيِّ، حَكَى عَنْهُ مُنَجَّى بن سُلَيْم الكَاتِب، قَالَ: مكثتُ سِتَّةَ أَشهر مَا شَرِبتُ المَاءَ.
وَقَالَ: سَمِعْتُ (المُوَطَّأ) مِنْ جَدِّي سَنَة سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ، وَلِي الآنَ سبعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَقَدْ سردتُ الصَّوْمَ وَلِي ثَمَان وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَكَذَا سرد الصَّوْمَ أَبِي وَجَدِّي.
مَاتَ السَّكَنُ فِي يَوْم عِيْد الفِطْرِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ بِصَيْدَا، وَمَا زَالَ بَلَدُ صَيدَا دَارَ إِسْلاَم إِلَى أَن اسْتولَى عَلَيْهِ الفرنجُ فِي حُدُوْدِ الخَمْسِ مائَة، فَدَام بِأَيدِيهِم دَهْراً إِلَى أَن افْتَتَحَهُ السُّلْطَانُ المَلِكُ الأَشرفُ صلاَحُ الدِّيْنِ سنَةَ تِسْعِيْنَ وَسِتّ مائَة وَأَخرب حصنَه.
مَاتَ مَعَ ابْنِ جُمَيْع فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة: شَيْخُ هَمَذَان أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ تُركَانَ التَّمِيْمِيّ الخفَّاف (1) - وَلَهُ رحلَةٌ سَمِعَ فِيْهَا مِنْ: أَبِي سَهْل بنِ زِيَادٍ -، وَالوَزِيْرُ البَلِيْغُ المُنشىء أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ حَزْم بن غَالِب اليَزيدِي الأَنْدَلُسِيّ (2) وَالد الفَقِيْه أَبِي
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (75) .
(2) مترجم في جذوة المقتبس 126، 127، الصلة 1 / 25، 26، بغية الملتمس =(17/157)
مُحَمَّد، وَالإِمَامُ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مِسْوَر السُّوسَنْجِرديُّ البَغْدَادِيُّ (1) ، وَمُحَدِّثُ الأَنْدَلُس أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شِنْظِير الطُّلَيْطُلِي - صَاحِبُ الحَافِظ أَبِي جَعْفَرٍ بنِ مَيْمُوْنٍ، وَيُقَالُ لَهُمَا: الصَّاحبَان (2) ، لكونهُمَا فِي الحِفْظِ وَالطّلب مَعاً كَفَرسي رِهَان، مَاتَا كَهْلَيْنِ، وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ عَابداً مُتَبَتِّلاً قَانتاً للهِ، دَاعِيَةً إِلَى السُّنَن -، وَأَبُو القَاسِمِ خَلَفُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَاقَان مقرىءُ مِصْر، وَالقُدْوَةُ الزَّاهِد طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ مَاهلَة الهَمَذَانِيّ - حدَّث عَنِ الكِبَار -، وَقَاضِي قُرْطُبَة العَلاَّمَةُ أَبُو المُطَرِّف عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بن فُطَيْس (3) المَالِكِيّ الحَافِظ، وَزَاهدُ بَغْدَاد أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ عِيْسَى البَاقِلاَّنِيّ العَابِد، وَالمُحَدِّث عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ السَّامَرِّيّ (4) الرّفَّاء صَاحِبُ الهَاشِمِيّ، وَإِمَامُ جَامع دِمَشْق أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ دَاوُدَ الدَّارَانِيّ المُقْرِئُ الزَّاهِدُ، وَالعَلاَّمَة أَبُو الحُسَيْنِ بنُ اللَّبَّان (5) الفَرَضِيّ، وَطَائِفَةٌ ذكرتُهُم فِي هَذَا الكِتَاب.
99 - القَابِسِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْه، العَلاَّمَةُ، عَالِمُ المَغْرِب، أَبُو الحَسَن عَلِيُّ
__________
= 182، 183، العبر 3 / 78، الوافي بالوفيات 6 / 391، شذرات الذهب 3 / 163.
(1) مترجم في تاريخ بغداد 4 / 237، العبر 3 / 78، شذرات الذهب 3 / 163.
(2) تقدمت ترجمتهما برقمي (92) و (93) .
(3) سترد ترجمته برقم (123) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (51) .
(5) سترد ترجمته برقم (127) .
(*) ترتيب المدارك 4 / 616 - 621، وفيات الأعيان 3 / 320 - 322، معالم الايمان 3 / 168، تذكرة الحفاظ 3 / 1079، 1080، العبر 3 / 85، 86، دول الإسلام 1 / 242، =(17/158)
بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَف المَعَافِرِيُّ، القَرَوِيُّ (1) ، القَابسِيُّ، المَالِكِيُّ، صَاحِب (المُلَخَّصِ (2)) .
حج، وَسَمِعَ مِن: حَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكتَّانِي الحَافِظ، وَأَبِي زَيْدٍ المَرْوَزِيّ، وَابنِ مسرورٍ الدّبَّاغ بِإِفْرِيْقِيَةَ، درَّاس (3) بن إِسْمَاعِيْلَ، وَطَائِفَة.
وَكَانَ عَارِفاً بِالعِلل وَالرِّجَالِ، وَالفِقْهِ وَالأُصُوْلِ وَالكَلاَمِ، مُصَنِّفاً يَقِظاً دَيِّناً تَقِيّاً، وَكَانَ ضَرِيْراً، وَهُوَ مِنْ أَصحِّ العُلَمَاء كُتُباً، كتب لَهُ ثِقَاتُ أَصْحَابِهِ، وَضَبَطَ لَهُ بِمَكَّةَ (صَحِيْح) البُخَارِيِّ، وَحرّره وَأَتْقَنَهُ رفيقُه الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الأَصِيلِي (4) .
__________
= نكت الهميان 217، البداية والنهاية 11 / 351، الديباج المذهب 2 / 101، 102، غاية النهاية 1 / 567، النجوم الزاهرة 4 / 233، 234، طبقات الحفاظ 419، شذرات الذهب 3 / 168، كشف الظنون 2 / 1818، هدية العارفين 2 / 685، شجرة النور الزكية 1 / 97 والقابسي: نسبة إلى قابس، وهي مدينة بإفريقية بين الإسكندرية والقيروان.
(1) نسبة إلى القيروان البلد المعروف بالمغرب.
(2) قال ابن خلكان: جمع فيه ما اتصل إسناده من حديث مالك بن أنس رضي الله عنه في كتاب " الموطأ " رواية أبي عبد الله عبد الرحمن بن القاسم المصري، وهو على صغر حجمه جيد في بابه.
ثم نقل ابن خلكان عن أبي عمرو الداني قوله: كان شيخنا أبو الحسن - يعني القابسي - يقرأ " الملخص " بكسر الخاء يجعله فاعلا، يريد أنه يلخص المتصل من حديث مالك رحمه الله تعالى، وتقدير الترجمة: ما اتصل من حديث مالك للمستحفظين.
" وفيات الأعيان " 3 / 320، 321، 322.
وقال حاجي خليفة: قال أبو عمرو الداني: وهو خمس مئة حديث وعشرون حديثا ... وشرح القاضي شهاب الدين محمد بن أحمد بن محمد الخويي الشافعي خمسة عشر حديثا من أوله وتوفي سنة 693.
" كشف الظنون " 2 / 1818، 1819. وانظر النسخة الخطية لهذا الكتاب وغيره في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 163.
(3) في الأصل: دارس، والتصويب من مصادر الترجمة، وانظر الصفحة (10) تعليق (1) .
(4) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 616، 617، وأبو محمد الاصيلي مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.(17/159)
قَالَ حَاتِمٌ الأَطْرَابُلُسِيّ: كَانَ أَبُو الحَسَنِ القَابِسِي زَاهِداً وَرِعاً يَقِظاً، لَمْ أَرَ بِالقَيْرَوَان إِلاَّ مُعْتَرِفاً بِفَضْلِهِ، تَفَقَّهَ عَلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ القَابِسِي، وَأَبُو القَاسِمِ الَّلبيدِي (1) ، وَعَتِيْقٌ السُّوسِي، وَغَيْرُهُم (2) .
أَلّف توَالِيف بَدِيْعَة ككتَاب (الممهّد) فِي الفِقْه، وَكِتَاب (أَحكَام الدّيَانَات) ، وَ (المُنْقِذ مِنْ شُبَه التَّأْوِيْل) ، وَكِتَاب (المنبّه للْفَطِنِ (3)) ، وَكِتَاب (مُلَخَّص المُوَطَّأ) ، وَكِتَاب (المنَاسك) ، وَكِتَاب (الاعْتِقَادَات) ، وَغَيْر ذَلِكَ (4) .
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ بِمدينَة القَيْرَوَان، وَبَات عِنْد قَبْره خلقٌ مِنَ النَّاس وضُربت الأَخبيَةُ، وَرثَتْه الشُّعَرَاءُ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة.
وَقَدْ أَخَذَ القِرَاءةَ عَرضاً بِمِصْرَ عَنْ أَبِي الفَتْح بنِ بُدْهُن، وَأَقرأَ النَّاسَ بِالقَيْرَوَان دَهْراً، ثُمَّ قطع الإِقْرَاءَ لمَّا بلغه أَن بَعْضَ أَصْحَابه أَقرأَ الوَالِي، ثُمَّ أَعمل نَفَسه فِي درس الفِقْه وَالحَدِيْث حَتَّى بَرَعَ فِيْهِمَا، وَصَارَ إِمَامَ العصرِ، أَثْنَى عَلَيْهِ بِأَكْثَر مِنْ هَذَا أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي، وَقَالَ:
كتبنَا عَنْهُ شَيْئاً كَثِيْراً، وَبَقِيَ فِي الرّحلَة خَمْسَ سِنِيْنَ، وَردّ سَنَة سبعٍ
__________
(1) في الأصل: الكبيدي بالكاف وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وسترد ترجمته في هذا الجزء برقم (421) .
(2) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 618.
(3) جاء اسم الكتاب في " جذوة المقتبس ": " المنبه لذوي الفطن من غوائل الفتن "، وفي " تذكرة الحفاظ " و" ذيل كشف الظنون ": " المنبه للفطن من غوائل الفتن ". وجاء في الأصل: المنبه الفطن.
(4) انظر مصنفاته في " ترتيب المدارك " 4 / 618، 619، و" الديباج المذهب " 2 / 102، و" شجرة النور " 1 / 97، و" هدية العارفين " 2 / 685.(17/160)
وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
قُلْتُ: وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ بنِ سَعْد الأَنْصَارِيّ الفَقِيْهُ شَيْخُ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ الحَطَّاب الرَّازِيّ الإِسكندرَانِيّ.
وَقِيْلَ لَهُ: القَابسِيّ، لأَنْ عَمّه كَانَ يشدُّ عِمَامَته شِدَّةً قَابسيَّة، فَاشْتُهِرَ لِذَلِكَ بِالقَابسِيّ (2) .
أَخْبَرَنَا قَاضِي دِمَشْق علمُ الدِّيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المِصْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ البَاهِي، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ حَسَن اللُّغَوِيّ، أَخْبَرَنَا خَلَفُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عتَّاب، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ القَابسِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَسْرُور، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سُحْنُوْن بنُ سَعِيْد، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قُسَيْط، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَوْبَان، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ أَنْ نَسْتَمْتِعَ بجُلُود المَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ (3) .
وَمَاتَ مَعَ القَابسِي: ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ (4) الأُصُوْلِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ فِرَاس
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 621، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1079، 1080.
(2) " ترتيب المدارك " 4 / 621، و" وفيات الأعيان " 3 / 321.
(3) هو في " الموطأ " 2 / 498 في الصيد: باب ما جاء في جلود الميتة، وأخرجه من طريق مالك أبو داود (4124) والدارمي 2 / 86، وفي الباب عن ابن عباس عند مالك 2 / 498، والبخاري 4 / 343، ومسلم (363) و (364) و (365) و (366) وأبي داود (4120) و (4123) ، والترمذي (1728) والنسائي 7 / 173، وعن سلمة بن المحبق عند أبي داود (4125) وأحمد 3 / 476 و5 / 6، والنسائي 7 / 173، والحاكم 4 / 141.
(4) سترد ترجمته برقم (110) .(17/161)
المَكِّيّ (1) - بِاخْتِلاَف فِيْهِ -، وَأَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الحَسَنِ الصَّرْصَرْيّ (2) صَاحِبُ المَحَامِلِيّ، وَشَيْخُ الحَنَابِلَة أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ حَامِد الوَرَّاق وَاسمُه حسن (3) ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو عَبْدِ اللهِ الحليمِي (4) الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ البُخَارِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الرُّوْذَبَارِيّ (5) - رَاوِي (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) -، وَالحَافِظُ أَبُو الوَلِيْدِ بنِ الفَرَضِيّ (6) القُرْطُبِيّ، وَشَيْخُ الحَنَفِيَّة أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الخُوَارِزْمِيّ (7) مُفْتِي العِرَاق، وَشَاعِرُ الأَنْدَلُس يُوْسُفُ بنُ هَارُوْنَ الرَّمَادِيّ (8) ، وَمَلِكُ التّركُ أَيلك خَان - وَكَانَ خَيِّراً عَادلاً دَيِّناً -، فتملَّك بَعْدَهُ أَخُوْهُ طُغَان خَان (9) .
100 - الحَاكِمُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوَيْه *
__________
(1) سترد ترجمته برقم (103) .
(2) انظر ترجمته في تاريخ بغداد 6 / 311، 312، الأنساب 8 / 56، اللباب 2 /
239، العبر 3 / 83، شذرات الذهب 3 / 166.
(3) سترد ترجمته برقم (116) .
(4) سترد ترجمته برقم (138) .
(5) سترد ترجمته برقم (128) .
(6) سترد ترجمته برقم (101) .
(7) سترد ترجمته برقم (140) .
(8) نسبة إلى الرمادة، وهي موضع بالمغرب، ويوسف بن هارون هذا مترجم في جذوة المقتبس 369 - 373، بغية الملتمس 493 - 496، وفيات الأعيان 7 / 225 - 229، والمغرب في حلي المغرب 1 / 392، الصلة 2 / 674، معجم الأدباء 20 / 62 - 64، المقتبس 74، 75، مسالك الابصار 11 / 175، المطرب لابن دحية 4، المطمح: 69، شذرات الذهب 3 / 170 - 172، نفح الطيب 4 / 35 - 40، معجم البلدان 3 / 66.
(9) سترد ترجمته برقم (170) .
(*) تاريخ بغداد 5 / 473، الأنساب 2 / 370 - 372 (البيع) ، تبيين كذب المفتري 227 - 231، المنتظم 7 / 274، 275، اللباب 1 / 198، 199، وفيات الأعيان 4 / 280، 281، تذكرة الحفاظ 3 / 1039 - 1045، ميزان الاعتدال 3 / 608، العبر 3 / =(17/162)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ البَيِّع (1) الضَّبِّيّ، الطَّهْمَانِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
مَوْلِدُهُ: فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ، ثَالث شَهْر ربيع الأَوّل، سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِنَيْسَابُوْرَ.
وطلبَ هَذَا الشَّأْنَ فِي صِغَرِهِ بعنَايَة وَالدِه وَخَالِه، وَأَوّلُ سَمَاعه كَانَ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ، وَقَدِ اسْتملَى عَلَى أَبِي حَاتِمٍ بن حِبَّان فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَهُوَ ابْنُ ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً.
وَلحق الأَسَانيد العَالِيَةَ بِخُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ وَمَا وَرَاء النَّهْرِ، وَسَمِعَ مِنْ نَحْو أَلفِي شَيْخ، ينقصُوْنَ أَوْ يزيدُوْنَ، فَإِنَّهُ سَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ وَحدَهَا مِنْ أَلفِ نَفْس، وَارْتَحَلَ إِلَى العِرَاقِ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَقَدم بَعْد مَوْتِ إِسْمَاعِيْل الصَّفَّار بِيَسِيْرٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ رَأَى مُسْلِماً صَاحِب (الصَّحِيْح) ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ المُذَكِّرِّ، وَمُحَمَّدِ بن يَعْقُوْبَ الأَصَمِّ، وَمُحَمَّدِ بن يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيّ ابْنِ الأَخْرَم، وَمُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ بنِ بَالُوَيْه الجَلاَّب، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الرَّازِيِّ صَاحِبِ ابْن وَاره، وَمُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللَّهِ بن أَحْمَدَ الصَّفَّار، وَصَاحِبَي الحَسَن بن عَرَفَةَ:
__________
= 91، الوافي بالوفيات 3 / 320، 321، البداية والنهاية 11 / 355، طبقات السبكي 4 / 155 - 171، غاية النهاية لابن الجزري 2 / 184، 185، لسان الميزان 5 / 232، 233، النجوم الزاهرة 4 / 238، طبقات الحفاظ 409 - 411، طبقات ابن هداية الله 123 - 125، شذرات الذهب 3 / 176، كشف الظنون 2 / 1672، هدية العارفين 2 / 59، الرسالة المستطرفة 21.
وانظر تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 367 - 370.
(1) قال السمعاني: هذه اللفظة لمن يتولى البياعة والتوسط في الخانات بين البائع والمشتري من التجار للامتعة. " الأنساب " 2 / 370.(17/163)
عَلِيِّ بنِ الفَضْلِ السُّتُوْرِي، وَعَلِيِّ بن عَبْدِ اللهِ الحَكِيمِي، وَإِسْمَاعِيْلَ بن مُحَمَّدٍ الرَّازِيّ، وَمُحَمَّدِ بن القَاسِمِ العَتَكِيّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيّ الجَمَّال، وَمُحَمَّدِ بن المُؤَمَّل المَاسَرْجِسِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ مَحْبُوب - مُحَدِّث مَرْو -، وَأَبِي حَامِدٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَسْنُوَيْه، وَالحَسَنِ بن يَعْقُوْبَ البُخَارِيِّ، وَالقَاسِمِ بن القَاسِمِ السَّيَّارِي، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوْس العَنَزِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ (1) الشُّعَيبِي الفَقِيْه، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الشَّعْرَانِيّ، وَأَبِي أَحْمَدَ بَكْرِ بن مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيِّ الصَّيْرَفِيّ، وَأَبِي الوَلِيْد حَسَّانِ بنِ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَأَبِي عليٍّ الحُسَيْنِ بن عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ الحَافِظِ، وَحَاجِبِ بن أحْمَدَ الطُّوْسِيّ - لَكِن عُدم سَمَاعُه مِنْهُ -، وَعَلِيِّ بن حمشَاد العَدْل، وَمُحَمَّدِ بن صَالِح بن هَانِئ، وَأَبِي النَّضْرِ مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَأَبِي عَمْرٍو، وَعُثْمَانَ بنِ أَحْمَدَ الدَّقَّاق البَغْدَادِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَعَبْدِ اللهِ بنُ دُرُسْتَوَيْه،
وَأَبِي سَهْلٍ بن زِيَادٍ، وَعَبْدِ البَاقِي بن قَانع، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حَمْدَان الجَلاَّب - شَيْخِ هَمَذَان -، وَالحُسَيْن بن الحَسَنِ الطُّوْسِيّ، وَعَلِيِّ بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيّ، وَمُحَمَّدِ بن حَاتِمٍ بن خُزَيْمَةَ الكَشِّي - شَيْخ زَعَمَ أَنَّهُ لقِي عَبْدَ بن حُمَيْد - وَأُمَمٍ سِوَاهُم، بِحَيْثُ إِنَّهُ رَوَى عَنْ: أَبِي طَاهِرٍ الزِّيَادِيّ، وَالقَاضِي أَبِي بَكْرٍ الحِيْرِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ - وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ -، وَأَبُو الفَتْح بنُ أَبِي
__________
(1) في الأصل: أحمد بن محمد وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وهو أبو أحمد محمد بن أحمد بن شعيب بن هارون بن موسى الشعيبي الفقيه المعدل من أهل نيسابور، من شيوخ أبي عبد الله الحاكم، متوفى سنة سبع وخمسين وثلاث مئة، انظر " الأنساب " 7 / 347، 348، و" اللباب " 2 / 199، و" تبصير المنتبه " 2 / 813.(17/164)
الفَوَارِس، وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ، وَأَبُو ذَرّ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَالزَّكِيُّ عَبْدُ الحَمِيْدِ البَحِيْرِي، وَمُؤَمّل بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الصَّرَّام، وَعُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ المَحْمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَف الشِّيْرَازِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَصَنَّفَ وَخَرَّجَ، وَجَرَح وَعدَّل، وَصحَّح وَعلَّل، وَكَانَ مِنْ بُحور العِلْمِ عَلَى تشيُّعٍ قَلِيْلٍ فِيْهِ.
وَقَدْ قرأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى ابْنِ الإِمَام (1) ، وَمُحَمَّدِ بن أَبِي مَنْصُوْرٍ الصَّرَّام، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ النّقَّار مُقْرِئِ الكُوْفَة، وَأَبِي عِيْسَى بَكَّارٍ مُقْرِئِ بَغْدَاد.
وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي عَلِيِّ بن أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي الوَلِيْد حَسَّانِ بن مُحَمَّدٍ، وَأَبِي سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِي.
وَأَخَذَ فُنُوْنَ الحَدِيْثِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الحَافِظ (2) ، وَالجِعَابِيّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم (3) ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَعِدَّة.
وَقَدْ أَخَذَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ: أَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الحِيْرِيّ، وَرَأَيْتُ عَجِيْبَةً وَهِيَ أَن مُحَدِّثَ الأَنْدَلُس أَبَا عُمَرَ
__________
(1) هو أبو بكر محمد بن العباس بن الامام. " غاية النهاية " 2 / 185.
(2) هو أبو علي الحسين بن علي النيسابوري الحافظ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) هو صاحب كتاب " الكنى "، المتوفى سنة 378 هـ مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.(17/165)
الطَّلَمَنْكِيّ قَدْ كتب كِتَاب (عُلُوم الحَدِيْث) للحَاكم فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ شَيْخٍ سَمَّاهُ، عَنْ رَجُلٍ آخر، عَنِ الحَاكِم.
وَقَدْ صَحِبَ الحَاكِمُ مِنْ مَشَايِخ الطَّرِيْق إِسْمَاعِيْلَ بنَ نُجَيْد، وَجَعْفَراً الخُلْدِيّ، وَأَبَا عُثْمَان المَغْرِبِيّ.
وَقَعَ لِي حَدِيْثُه عَالِياً بِإِسْنَادٍ فِيْهِ إِجَازَة.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ بنِ الخلاَّل: أَخبركُم جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، سَمِعْتُ الخَلِيْلَ بنَ عَبْدِ اللهِ الحَافِظ ذكر الحَاكِمَ وَعظّمه، وَقَالَ:
لَهُ رحلتَ?ن إِلَى العِرَاقِ وَالحِجَاز، الثَّانِيَةُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ، وَنَاظر الدَّارَقُطْنِيَّ فرضِيَه، وَهُوَ ثِقَةٌ وَاسِعُ العِلْم، بلغت تَصَانِيْفُه قَرِيْباً مِنْ خَمْس مائَة جُزْء، يَسْتَقصِي فِي ذَلِكَ، يُؤلِّف الغَثَّ وَالسَّمِين، ثُمَّ يَتَكَلَّم عَلَيْهِ، فيُبين ذَلِكَ (1) .
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة - كَذَا قَالَ (2) -.
قَالَ: وَسأَلنِي فِي اليَوْمِ الثَّانِي لَمَّا دَخَلتُ عَلَيْهِ، وَيُقرأُ عَلَيْهِ فِي فوائِد العِرَاقيين: سُفْيَان الثَّوْرِيّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سهلٍ حَدِيْث الاسْتِئذَان، فَقَالَ لِي: مَن أَبُو سَلَمَة هَذَا؟
فَقُلْتُ مِنْ وَقتِي: المُغِيْرَة بن مُسْلِمٍ السَّرَّاج.
قَالَ: وَكَيْفَ يَرْوِي المُغِيْرَةُ عَنِ الزُّهْرِيِّ؟
فَبقيتُ (3) ثُمَّ قَالَ لِي: قَدْ أَمهلتُكَ أُسبوعاً حَتَّى تتفكَّر فِيْهِ. قَالَ:
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 4 / 157، 158.
(2) وهو خطأ سيبينه المصنف.
(3) أي: انقطعت.(17/166)
فتفكرتُ لَيْلَتِي حَتَّى بقيتُ أُكَرِّرُ التَّفكُّر، فَلَمَّا وقعتُ إِلَى أَصْحَابِ الجَزِيْرَة مِنْ أَصْحَابِ الزُّهْرِيّ، تذكرتُ مُحَمَّدَ بن أَبِي حَفْصَةَ، فَإِذَا كنيتُه أَبُو سَلَمَة، فَلَمَّا أَصبحتُ، حضَرتُ مَجْلِسَه، وَلَمْ أَذكر شَيْئاً حَتَّى قَرَأْتُ عَلَيْهِ نَحْو مائَة حَدِيْث.
قَالَ: هَلْ تفكَّرتَ فِيمَا جرَى؟
فَقُلْتُ: نَعَمْ هُوَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ، فتعجَّب، وَقَالَ لِي: نظرتَ فِي حَدِيْثِ سُفْيَانَ لأَبِي عَمْرٍو البَحِيْرِي؟
فَقُلْتُ: لاَ، وَذكرتُ لَهُ مَا أَمَمْتُ فِي ذَلِكَ، فتحيَّر، وَأَثْنَى عليَّ، ثُمَّ كُنْتُ أَسأَلُه، فَقَالَ: أَنَا إِذَا ذَاكرتُ (1) اليَوْمَ فِي بَابٍ لاَ بُدَّ مِنَ المطَالعَةِ لكبَرِ سِنِّي.
فرَأَيْتُهُ فِي كُلِّ مَا أُلقي عَلَيْهِ بَحْراً.
وَقَالَ لِي: أَعلم بِأَنَّ خُرَاسَان وَمَا وَرَاءَ النَّهر، لِكُلِّ بَلَدَةٍ تَاريخٌ صنَّفه عَالِمٌ مِنْهَا، وَوجدتُ نَيْسَابُوْر مَعَ كَثْرَةِ العُلَمَاء بِهَا لَمْ يُصنِّفُوا فِيْهِ شَيْئاً، فَدَعَانِي ذَلِكَ إِلَى أَنْ صنَّفتُ (تَاريخ النِّيسَابوريين (2)) فتَأَملتُه، وَلَمْ يسْبقهُ إِلَى ذَلِكَ أَحد (3) ، وَصَنَّفَ لأَبِي عَلِيٍّ بنِ سَيْمَجُور كِتَاباً فِي أَيَّام النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَزواجِه وَأَحَادِيْثِهِ، وَسمَّاهُ (الإِكليل) ، لَمْ أَرَ
__________
(1) في الأصل: " ذكرت "، والمثبت من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1041.
(2) قال الدكتور فؤاد سزكين في " تاريخ التراث العربي " 1 / 369: كان يتكون من 12 جزءا كما ذكر البيهقي (تاريخ بيهق 21) ، وكان هذا الكتاب مرتبا على حروف المعجم: ويضم تراجم لصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم وللشخصيات البارزة في نيسابور إلى سنة 380 هـ.
ولهذا الكتاب تكملة بها ذكر للشيوخ والاصدقاء الذين ماتوا بعد سنة 388 هـ.
ويبدو أن النسخة الأصلية لهذا الكتاب قد فقدت، أما المختصر العربي المتأخر من هذا الكتاب، فهو ترجمة عن صياغة فارسية، أعدها مصنف اسمه الخليفة النيسابوري، الذي عاش في زمن لا يبعد عن القرن السابع الهجري.
وهناك تكملة " لتاريخ نيسابور " بعنوان: " السياق لتاريخ نيسابور " لعبد الغافر بن إسماعيل الفارسي المتوفى سنة 529 هـ، وتوجد هذه التكملة مخطوطة في: صائب بأنقرة 1544.
وألف إبراهيم بن محمد الصريفيني المتوفى سنة 641 مختصرا لهذه التكملة بعنوان " المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور " ومنه نسخة خطية في كوبريلي 1152.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1040، 1041.(17/167)
أَحداً رتَّب ذَلِك التَّرتيب، وَكُنْتُ أَسأَلُه عَنِ الضُّعَفَاء الَّذِيْنَ نشؤُوا بَعْد الثَّلاَث مائَة بِنَيْسَابُوْرَ وَغيرهَا مِنْ شُيُوْخ خُرَاسَان، وَكَانَ يُبَيِّنُ مِنْ غَيْر مُحَاباة.
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّل بنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرهُ كِتَابَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّاز، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ قَالَ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ البَيِّع الحَاكِمُ ثِقَةً، أَوّلُ سَمَاعه سنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ يمِيلُ إِلَى التَّشَيُّع، فَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الأُرْمَوِيُّ بِنَيْسَابُوْرَ وَكَانَ صَالِحاً عَالِماً قَالَ: جمع أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ أَحَادِيْثَ، وَزعمَ أَنَّهَا صِحَاحٌ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ وَمُسْلِم، مِنْهَا حَدِيْثُ الطَّير (1) ، وَحَدِيْثُ: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ (2)) ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَلْتَفتُوا إِلَى قَوْله (3) .
أَبو نُعَيم الحَدَّاد: سَمِعْتُ الحَسَنَ بن أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيَّ الحَافِظَ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّاذْيَاخِي الحَاكِم يَقُوْلُ:
كُنَّا فِي مَجْلِس السَّيِّد أَبِي الحَسَنِ، فسُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ عَنْ حَدِيْثِ الطَّير، فَقَالَ: لاَ يصحُّ، وَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ أَحدٌ أَفضَلَ مِنْ عَلِيٍّ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (4) .
__________
(1) وهو حديث لا يصح وقد تقدم الكلام عليه.
(2) حديث صحيح بشواهده، فهو من حديث البراء في " المسند " 4 / 281، والمستدرك 3 / 110، وأخرجه من حديث زيد بن أرقم أحمد 4 / 368، والترمذي (3713) والحاكم 3 / 110، وأخرجه من حديث أبي الطفيل أحمد 4 / 370، وابن حبان (2205) والحاكم 3 / 110، وأخرجه أحمد 5 / 366 عن خمسة أو ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرجه من حديث سعد بن أبي وقاص ابن ماجة (121) وأخرجه النسائي في مسند علي كما في ترجمة إياس بن نذير من التهذيب.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 474، و" المنتظم " 7 / 274، 275، والإنكار منهم مسلم لهم في حديث الطير، لا الحديث الثاني، فإنه صحيح بشواهده كما تقدم.
(4) انظر " طبقات " السبكي 4 / 168، 169.(17/168)
فَهَذِهِ حِكَايَةٌ قويَةٌ، فَمَا بَالُه أَخرجَ حَدِيْث الطَّير فِي (الْمُسْتَدْرك) ؟ فَكَأَنَّهُ اخْتلف اجْتِهَادُه، وَقَدْ جمعتُ طُرُق حَدِيْثِ الطَّير فِي جُزء، وَطرق حَدِيْث: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ) وَهُوَ أَصحُّ، وَأَصحُّ مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1) عَنْ عَلِيٍّ قَالَ:
إِنَّهُ لعهدُ النَّبِيّ الأُمِّي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيَّ: (إِنَّهُ لاَ يُحِبُّكَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُكَ إِلاَّ مُنَافِقٌ) .
وَهَذَا أَشكلُ الثَّلاَثَةِ فَقَدْ أَحَبَّه قَوْمٌ لاَ خَلاَقَ لَهُم، وَأَبغضه بجهلٍ قَوْمٌ مِنَ النَّوَاصب، فَالله أَعلم (2) .
أُنْبِئتُ عَنْ أَبِي سَعْدٍ الصَّفَّار، عَنْ عَبْدِ الغَافِرِ بن إِسْمَاعِيْلَ قَالَ: الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ هُوَ إِمَامُ أَهْلِ الحَدِيْثِ فِي عَصْرِهِ، العَارِفُ بِهِ حقَّ مَعْرفَته، يُقَال لَهُ: الضَّبِّيّ، لأَنْ جدَّ جَدَّتِه هُوَ عِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الضَّبِّيّ، وَأُمُّ عِيْسَى هِيَ مَنْوِيه بِنْتُ إِبْرَاهِيْم بن طَهْمَان الفَقِيْه، وَبَيْتُه بَيْتُ الصَّلاَحِ وَالورعِ وَالتَأَذينِ فِي الإِسْلاَمِ، وَقَدْ ذكر أَبَاهُ فِي (تَارِيْخِهِ) ، فَأَغنَى عَنْ إِعَادته، وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ: وَلقِي عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الشَّرْقِيّ، وَأَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيّ، وَأَبَا حَامِدٍ بنَ بِلاَلٍ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُم وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي طَاهِرٍ المُحَمَّدَابَاذِي، وَأَبِي بَكْرٍ القَطَّان، وَلَمْ يظفر بِمَسْمُوْعِهِ مِنْهُمَا، وَتَصَانِيْفُه المَشْهُوْرَةُ تطفَحُ بذكرِ شُيُوْخِه، وَقرأَ بِخُرَاسَانَ عَلَى قُرَّاء وَقتِه، وَتفقّه
__________
(1) رقم (78) في الايمان: باب الدليل على أن حب الانصار وعليا من الايمان وعلاماته.
(2) وجد على هامش الأصل - تعليق على استشكال الذهبي ونصه: قلت: لا إشكال، فالمراد: لا يحبك الحب الشرعي المعتد به عند الله تعالى، أما الحب المتضمن لتلك البلايا والمصائب، فلا عبرة به، بل هو وبال على صاحبه كما أحبت النصارى المسيح.(17/169)
عَلَى أَبِي الوَلِيْد، وَالأُسْتَاذِ أَبِي سَهل، وَاختصّ بِصُحْبَة الإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الصِّبْغِي، وَكَانَ الإِمَامُ يُرَاجِعُهُ فِي السُّؤَالِ وَالجَرْح وَالتَّعديل، وَأَوْصَى إِلَيْهِ فِي أُمُورِ مدرستِه دَارِ السُّنَّة.
وَفَوَّضَ إِلَيْهِ توَلِيَةَ أَوقَافِه فِي ذَلِكَ، وَذَاكر مِثْل الجِعَابِيّ، وَأَبِي عَلِيّ المَاسرْجِسِيِّ الحَافِظِ الَّذِي كَانَ أَحْفَظَ زَمَانِهِ، وَقَدْ شَرَعَ الحَاكِمُ فِي التَّصْنِيْف سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، فَاتَّفَقَ لَهُ مِنَ التَّصَانِيْف مَا لَعَلَّهُ يَبْلغُ قَرِيْباً مِنْ أَلف جُزْءٍ مِنْ تَخْرِيج (الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَالعِلَلِ وَالتَّرَاجِمِ وَالأَبْوَابِ وَالشُّيُوْخ، ثُمَّ المجموعَات، مِثْل (مَعْرِفَة عُلُوم الحَدِيْث (1)) ، وَ (مُسْتَدرك الصَّحِيْحَيْنِ (2)) ، وَ (تَاريخ النِّيسَابوريين) ، وَكِتَاب (مُزكِي الأَخْبَار) وَ (الْمدْخل إِلَى علم الصَّحِيْح) ، وَكِتَاب (الإِكليل) ، وَ (فَضَائِل الشَّافِعِيّ) ، وَغَيْر ذَلِكَ (3) .
وَلَقَدْ سَمِعْتُ مَشَايِخنَا يذكرُوْنَ أَيَّامه، وَيْحَكُون أَنَّ مُقَدَّمِي عصره مِثْلَ أَبِي سهلٍ الصُّعلوكِي وَالإِمَام ابْنِ فُوْرَك وَسَائِر الأَئِمَّة يُقدِّمونه عَلَى أَنفسهِم، وَيُرَاعُوْنَ حقَّ فَضله، وَيعرفُوْنَ لَهُ الحرمَة الأَكيدَة.
ثُمَّ أَطنب عَبْد الغَافر فِي نَحْو ذَلِكَ مِنْ تَعَظِيْمه وَقَالَ: هَذِهِ جملٌ يسيرَةٌ هِيَ غيضٌ مِنْ فيضِ سِيَرِهِ وَأَحْوَالِه، وَمن تَأَمَّل كَلاَمَهُ فِي تَصَانِيْفه، وَتَصَرُّفه فِي أَمَاليه، وَنَظَرَهُ فِي طُرُق الحَدِيْث، أَذعن بفضلِهِ، وَاعْتَرفَ لَهُ بِالمَزِيَّة
__________
(1) وقد نشر هذا الكتاب في القاهرة عام 1937 بعناية الدكتور السيد معظم حسين.
(2) وهو مطبوع مع " تلخيص " الذهبي في حيدر أباد 1334 - 1342 هـ وفي هذه الطبعة تصحيف وتحريف كثير فهو بحاجة إلى إعادة نشره نشرة محققة مخرجة ومفهرسة تتيح الاستفادة منه لكل مطالع.
وطبع للحاكم أيضا " كتاب المدخل إلى معرفة الاكليل " في حلب سنة 1932 م ثم نشره روبسون في لندن سنة 1953 م.
(3) انظر النسخ الخطية الموجودة لبعض مصنفات الحاكم في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 367 - 370.(17/170)
عَلَى مَنْ تَقَدَّمه، وَإِتعَابَه مَنْ بَعْدَهُ، وَتعجِيزَه اللاَحقين عَنْ بُلوَغِ شَأْوِهِ، وَعَاشَ حمِيداً، وَلَمْ يُخلِّف فِي وَقْتِهِ مثلَه، مَضَى إِلَى رَحْمَة الله فِي ثَامن صفر سَنَة خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة (1) .
قَالَ أَبُو حَازِمٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ العَبْدُويي الحَافِظُ: سَمِعْتُ الحَاكِم أَبَا عَبْدِ اللهِ إِمَامَ أَهْلِ الحَدِيْثِ فِي عصره يَقُوْلُ:
شَرِبْتُ مَاءَ زَمْزَم، وَسَأَلْتُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي حُسْنَ التَّصْنِيْف (2) .
قَالَ العَبْدُويي: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ يَقُوْلُ:
كَتَبْتُ عَلَى ظهر جُزءٍ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي الحُسَيْنِ الحَجَّاجِي الحَافِظِ، فَأَخَذَ القَلَمَ، وضَرَبَ عَلَى الحَافِظ، وَقَالَ: أَيش أَحفَظُ أَنَا؟
أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ البيَّاع أَحْفَظُ مِنِّي، وَأَنَا لَمْ أَرَ مِنَ الحُفَّاظِ إِلاَّ أَبَا عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبَا العَبَّاسِ بنَ عُقْدَة.
وَسَمِعْتُ السُّلَمِيَّ يَقُوْلُ: سأَلتُ الدَّارَقُطْنِيّ: أَيهُمَا أَحْفَظُ: ابْنُ مَنْدَةَ أَوِ ابْنُ البَيِّع؟
فَقَالَ: ابْنُ البَيِّع أَتْقَنُ حِفْظاً (3) .
قَالَ أَبُو حَازِمٍ: أَقَمْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ العُصْمِيّ قَرِيْباً مِنْ ثَلاَثِ سِنِيْنَ، وَلَمْ أَرَ فِي جُمْلَة مَشَايِخنَا أَتْقَنَ مِنْهُ وَلاَ أَكْثَرَ تَنْقِيْراً، وَكَانَ إِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، أَمَرَنِي أَنْ أَكْتُبَ إِلَى الحَاكِم أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَإِذَا وَردَ جَوَابُ كِتَابِه، حَكَمَ بِهِ، وَقَطَعَ بِقَولِه (4) .
قَالَ الحَافِظُ أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّن: أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ عَلِيّ
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1043، 1044.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 228، و" الأنساب " 2 / 371، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1044، و" طبقات " السبكي 4 / 159.
(3) " تبيين كذب المفتري " 229، 230، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1044.
(4) " تبيين كذب المفتري " 230، و" طبقات " السبكي 4 / 158.(17/171)
السِّجْزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ فُوْرَك، حَدَّثَنَا الحَافِظ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ البَحِيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ بنِ مُطَرِّف الكَرَابِيْسِيّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْدُوَيْه الحَافِظ، حَدَّثَنَا النَّجَّاد، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الحِمَّانِيّ، حَدَّثَنَا سُعَيْرُ بنُ الخِمْس، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْل -) ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (1) ، ثُمَّ قَالَ مَسْعُوْدٌ: وَحدَّثَنِيه الحَاكِمُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَقَدْ كَانَ الحَاكِمُ لمَّا رَوَى عَنْهُ الكَرَابِيْسِيّ هَذَا شَابّاً طريّاً.
أَنْبَأَنَا ابْنُ سَلاَمَةَ عَنِ الحَافِظ عَبْدِ الغَنِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا الدَّارَقُطْنِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ النَّسَوِيُّ، حَدَّثَنَا الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ النَّسَوِيُّ، حَدَّثَنَا خِدَاشُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا يعيشُ بنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَس:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَا أَحْسَنَ الهَدِيَّةَ أَمَامَ الحَاجَة!) .
قُلْتُ: هَذَا مُلْصَقٌ بِمَالِك، وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ الوَلِيْدُ المُوَقَّرِي (2) أَحدُ
__________
(1) وتمامه: " فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم " أخرجه من طرق عن عبيد الله بهذا الإسناد أحمد 6 / 44 و54، والبخاري (623) في الاذان: باب الاذان قبل الفجر، والدارمي 1 / 270، وفي الباب عن ابن عمر عند البخاري (622) ومسلم (1092) والترمذي (203) والنسائي 2 / 10، والدارمي 2 / 270.
(2) وهو الوليد بن محمد الموقري، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه، وقال ابن خزيمة: لا أحتج به، وكذبه يحيى بن معين، وقال النسائي: متروك الحديث.
وقد أورد الحديث الشوكاني في " الفوائد المجموعة " ص 84، ونقل عن الدارقطني: انه باطل.(17/172)
الضُّعَفَاء، عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلاً.
أَبُو مُوْسَى: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ سَعْدِ بنِ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيّ، سَمِعَ أَبَا نَصرٍ الوَائِلِيَّ يَقُوْلُ:
لَمَّا وَرد أَبُو الفَضْلِ الهَمَذَانِيُّ نَيْسَابُوْر، تَعَصَّبُوا لَهُ وَلَقَّبُوهُ بَدِيْعَ الزَّمَان، فَأُعْجِبَ بِنَفْسِهِ إِذْ كَانَ يَحْفَظُ المائَة بَيْتٍ إِذَا أُنْشِدَتْ مرَّةً، وَيُنْشِدُهَا مِنْ آخرهَا إِلَى أَولهَا مَقْلُوبَةً، فَأَنْكَرَ عَلَى النَّاسِ قَوْلَهُم: فُلاَنٌ الحَافِظُ فِي الحَدِيْثِ، ثُمَّ قَالَ:
وَحِفْظُ الحَدِيْثِ مِمَّا يُذكر؟!
فسَمِعَ بِهِ الحَاكِمُ بنُ البَيِّع، فَوجَّهَ إِلَيْهِ بجُزْء، وَأَجَّل لَهُ جُمعَةً فِي حفظه (1) ، فردَّ إِلَيْهِ الجُزء بَعْد الجُمُعَة، وَقَالَ: مَنْ يَحْفَظُ هَذَا؟
مُحَمَّدُ بنُ فُلاَن، وَجَعْفَرُ بنُ فُلاَن، عَنْ فُلاَن؟ أَسَامِي مُخْتَلِفَة وَأَلْفَاظ مُتَبَاينَة؟
فَقَالَ لَهُ الحَاكِم: فَاعرفْ نَفْسَك، وَاعلمْ أَنَّ هَذَا الحِفْظَ أَصعبُ مِمَّا أَنْتَ فِيْهِ (2) .
ثُمَّ رَوَى أَبوَ مُوْسَى المَدِيْنِيّ: أَنَّ الحَاكِم دَخَلَ الحَمَّام، فَاغتسل، وَخَرَجَ، وَقَالَ: آهِ.
وَقُبِضَتْ رُوحُهُ وَهُوَ مُتَّزِرٌ لَمْ يَلْبِس قمِيصَهُ بَعْدُ، وَدُفِنَ بَعْد العَصْرِ يَوْمَ الأَرْبعَاء، وَصَلَّى عَلَيْهِ القَاضِي أَبو بكر الحِيْرِيّ (3) .
قَالَ الحَسَنُ بنُ أَشعث القُرَشِيّ: رَأَيْت الحَاكِمَ فِي المَنَامِ عَلَى فَرَسٍ فِي هَيْئَةٍ حَسَنَة وَهُوَ يَقُوْلُ: النَّجَاةَ.
فَقُلْتُ لَهُ: أَيُّهَا الحَاكِم! فِي مَاذَا؟ قَالَ: فِي كِتْبَة الحَدِيْث (4) .
__________
(1) في الأصل: حفظ.
(2) انظر " طبقات " السبكي 4 / 160.
(3) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1045، و" طبقات " السبكي 4 / 161.
(4) انظر " طبقات السبكي " 4 / 161.(17/173)
الخَطِيْبُ فِي (تَارِيْخِهِ (1)) :حَدَّثَنِي الأَزْهَرِيُّ، قَالَ:
وَرد ابْنُ البَيِّع بَغْدَادَ قَدِيْماً، فَقَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ حَافِظكم - يَعْنِي الدَّارَقُطْنِيّ - خَرَّجَ لِشَيْخٍ وَاحِدٍ خَمْس مائَة جُزْء، فَأَرُونِي بَعْضَهَا.
فَحُمِلَ إِلَيْهِ مِنْهَا وَذَلِكَ مِمَّا خَرَّجَهُ لأَبِي إِسْحَاقَ الطَّبَرِيّ، فَنَظَرَ فِي أَوِّلِ الجُزء الأَوَّل حَدِيْثاً لِعَطيَّة العَوْفِيّ، فَقَالَ:
اسْتَفْتَحَ بِشَيْخٍ ضَعِيْفٍ، وَرَمَى الجُزْء، وَلَمْ يَنْظُرُ فِي البَاقِي.
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: سَأَلتُ سَعْدَ بن عَلِيٍّ الحَافِظ عَنْ أَرْبَعَة تَعَاصرُوا: أَيُّهُم أَحْفَظُ؟
قَالَ: مَن؟
قُلْتُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَعَبْدُ الغَنِي، وَابْنُ مَنْدَةَ، وَالحَاكِم.
فَقَالَ: أَمَا الدَّارَقُطْنِيُّ فَأَعْلَمُهُم بِالعِلَل، وَأَمَّا عَبْدُ الغَنِي فَأَعْلَمُهُم بِالأَنْسَابِ، وَأَمَّا ابْنُ مَنْدَةَ فَأَكْثَرُهُم حَدِيْثاً مَعَ مَعْرِفَة تَامَّة، وَأَمَّا الحَاكِمُ فَأَحْسَنُهُم تَصْنِيْفاً (2) .
أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوْسِيّ، عَنِ ابْنِ طَاهِر: أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا إِسْمَاعِيْل عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيَّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِم فَقَالَ:
ثِقَةٌ فِي الحَدِيْثِ رَافضيٌّ خَبِيْث (3) .
قُلْتُ: كَلاَّ لَيْسَ هُوَ رَافِضِيّاً، بَلَى يَتَشَيَّع (4) .
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: كَانَ شَدِيدَ التَّعَصُّب لِلْشِّيعَة فِي البَاطن، وَكَانَ
__________
(1) 5 / 473، 474.
(2) هذا ينطبق على جميع مصنفاته إلا على " المستدرك " فإنه لم يجود تصنيفه، فقد اشترط فيه الصحة ولم يلتزمها، فأخرج فيه الضعيف والموضوع، اللهم إلا أن يكون كما ذكر عنه قد مات عنه وهو مسودة لم يبيضه بعد.
والخبر في " تذكرة الحفاظ " 4 / 159، 160، و" طبقات السبكي " 4 / 159، 160. وقد تقدم في ترجمة ابن مندة رقم (13) .
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1045، و" الوافي بالوفيات " 3 / 320.
(4) انظر دفاع السبكي عنه في " طبقاته الكبرى " 4 / 161 - 171.(17/174)
يُظْهِر التَّسنُّن فِي التَّقَدِيْم وَالخِلاَفَة، وَكَانَ مُنْحَرِفاً غَالياً، عَنْ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، يَتَظَاهرُ بِذَلِكَ وَلاَ يعتذِرُ مِنْهُ، فَسَمِعْتُ أَبَا الفَتْحِ سمكويه بهَرَاة، سَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِد المَلِيْحِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ يَقُوْلُ:
دَخَلتُ عَلَى الحَاكِم وَهُوَ فِي دَارِه، لاَ يُمْكِنُه الخُرُوجُ إِلَى المَسْجَد مِنْ أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ كَرَّام (1) ، وَذَلِكَ أَنَّهُم كسرُوا مِنْبَرهُ، وَمنعُوهُ مِنَ الخُرُوج.
فَقُلْتُ لَهُ: لَوْ خَرَجْتَ وَأَمْلَيْتَ فِي فَضَائِلِ هَذَا الرَّجُل حَدِيْثاً، لاَسترحتَ مِنَ المِحْنَة.
فَقَالَ: لاَ يَجِيْءُ مِنْ قَلْبِي، لاَ يَجِيْءُ مِنْ قَلْبِي (2) .
وَسَمِعْتُ المُظَفَّر بن حَمْزَةَ بِجُرْجَانَ، سَمِعْتُ أَبَا سَعْد المَالِيْنِيّ يَقُوْلُ:
طَالعتُ كِتَاب (الْمُسْتَدْرك عَلَى الشَّيخين) ، الَّذِي صَنَّفَه الحَاكِمُ مِنْ أَوله إِلَى آخِره، فَلَمْ أَرَ فِيْهِ حَدِيْثاً عَلَى شَرْطِهِمَا (3) .
قُلْتُ: هَذِهِ مُكَابرَةٌ وَغُلُوّ، وَلَيْسَتْ رتبةُ أَبِي سَعْدٍ أَنْ يَحكُم بِهَذَا، بَلْ فِي (المُستدرك) شَيْءٌ كَثِيْرٌ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَشَيءٌ كَثِيْرٌ عَلَى شَرْطِ أَحَدِهِمَا، وَلَعَلَّ مَجْمُوع ذَلِكَ ثُلثُ الكِتَابِ بَلْ أَقلُّ، فَإِنَّ فِي كَثِيْر مِنْ ذَلِكَ أَحَادِيْثَ فِي الظَّاهِر عَلَى شَرْطِ أَحَدِهِمَا أَوْ كليهُمَا، وَفِي البَاطن لَهَا عللٌ خَفِيَّة مُؤَثِّرَة، وَقطعَةٌ مِنَ الكِتَاب إِسْنَادُهَا صَالِحٌ وَحسنٌ وَجيّدٌ، وَذَلِكَ نَحْو رُبُعِه، وَبَاقِي الكِتَاب مَنَاكِير وَعجَائِبُ، وَفِي غُضُون ذَلِكَ أَحَادِيْثُ نَحْو المائَة يَشْهَد القَلْبُ بِبُطْلاَنهَا، كُنْتُ قَدْ أَفردت مِنْهَا
__________
(1) هو إمام الكرامية، إحدى الفرق المبتدعة في الإسلام. مرت ترجمته في الجزء الحادي عشر برقم (146) .
(2) " المنتظم " 7 / 75، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1054، و" الوافي بالوفيات " 3 / 320، 321، و" طبقات " السبكي 4 / 162، 163.
(3) " الوافي بالوفيات " 3 / 321، و" طبقات " السبكي 4 / 165.(17/175)
جُزْءاً، وَحَدِيْثُ الطَّير بِالنِّسبَة إِلَيْهَا سمَاءٌ، وَبِكُلِّ حَالٍ فَهُوَ كِتَابٌ مُفِيْدٌ قَدِ اختصرتُهُ، وَيعوزُ عَمَلاً وَتحريراً (1) .
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: قَدْ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ السَّمَرْقَنْدِيّ يَقُوْلُ:
بَلَغَنِي أَنَّ (مُستدرك) الحَاكِم ذُكر بَيْنَ يدِي الدَّارَقُطْنِيّ، فَقَالَ:
نَعَمْ، يَسْتَدركُ عَلَيْهِمَا حَدِيْثَ الطَّير!
فَبَلَغَ ذَلِكَ الحَاكِمَ، فَأَخْرَجَ الحَدِيْثَ مِنَ الكِتَاب (2) .
قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ، بَلْ لَمْ تَقَعْ فَإِنَّ الحَاكِم إِنَّمَا أَلَّف (المُستخرج) فِي أَوَاخِرِ عُمُره، بَعْد مَوْتِ الدَّارَقُطْنِيّ بِمُدَّة، وَحَدِيْثُ الطَّير فَفِي الكِتَاب لَمْ يُحوَّل مِنْهُ، بَلْ هُوَ أَيْضاً فِي (جَامع) التِّرْمِذِيّ.
قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: وَرَأَيْتُ أَنَا حَدِيْثَ الطَّير جَمْعَ الحَاكِم بخطِّه فِي جُزء ضَخْم، فكتبتُه للتعجُّب (3) .
قَالَ الحَاكِمُ فِي (تَارِيْخِهِ) :ذكرنَا يَوْماً مَا رَوَى سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَنَس، فمررتُ أَنَا فِي التَّرْجَمَة، وَكَانَ بحضرَةِ أَبِي عليٍّ الحَافِظ وَجَمَاعَةٍ مِنَ المَشَايِخ، إِلَى أَنْ ذكرتُ حَدِيْثَ (لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِيْنَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ) .فَحْمل بَعْضُهُم عليَّ.
فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لاَ تَفْعل، فَمَا رَأَيْتَ أَنْتَ وَلاَ نَحْنُ فِي سِنِّه مثلَه، وَأَنَا أَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُهُ رَأَيْتُ أَلفَ
__________
(1) وهذا يدلك أيضا على أن الذهبي رحمه الله لم يعتن بالمختصر اعتناء تاما، بحيث لم يتتبع الأحاديث تتبعا دقيقا، وإنما تكلم فيه بحسب ما تيسر له، ولذا فقد فاته أن يتكلم على عدد غير قليل من الأحاديث صححها الحاكم وهي غير صحيحة، أو ذكر أنها على شرط الشيخين أو على شرط أحدهما وهي ليست كذلك، كما يتحقق ذلك من له خبرة بأسانيد الحاكم، وممارسة لها، ونظر فيها.
(2) انظر " طبقات " السبكي 4 / 163.
(3) " طبقات " السبكي 4 / 165.(17/176)
رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْث (1) .
قد مرَّ أَنَّ الحَاكِم مَاتَ فَجْأَةً فِي صَفَرٍ سَنَة خَمْسٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ القَاضِي أَبو بكر الحِيْرِيّ.
وَفِيْهَا مَاتَ: مسنِدُ مَكَّة أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ فِرَاس العَبْقَسِيّ (2) ، وَمسنِدُ بَغْدَاد أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى المُجْبر (3) ، وَحَافِظُ شِيرَاز أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ اللَّيْث (4) الشِّيْرَازِيّ المُقْرِئُ، وَمسندُ دِمَشْق أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي الحَدِيْد (5) السُّلَمِيّ، وَقَاضِي بَغْدَاد عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ الأَكْفَانِيّ (6) ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو القَاسِمِ يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ بنِ كَجّ (7) الدِّيْنَوَرِيّ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّة بِالبَصْرَةِ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ الحُسَيْنِ الصَّيْمَرِيّ (8) .
101 - ابْنُ الفَرَضِيِّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ القُرْطُبِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، الثِّقَةُ، أَبُو الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) " طبقات " السبكي 4 / 160.
(2) سترد ترجمته برقم (103) .
(3) سترد ترجمته برقم (107) .
(4) ستر ترجمته برقم (122) .
(5) سترد ترجمته برقم (105) .
(6) تقدمت ترجمته برقم (94) .
(7) سترد ترجمته برقم (104) .
(8) تقدمت ترجمته برقم (6) .
(*) جذوة المقتبس 254 - 256، مطمح الانفس 57، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول / المجلد الثاني / 614 - 616، الصلة لابن بشكوال 1 / 251 - 256، بغية الملتمس 334 - 336، المطرب لابن دحية: 132، المغرب في حلي المغرب 1 / 103، 104، وفيات الأعيان 3 / 105 - 106، العبر 3 / 85، تذكرة الحفاظ 3 / 1076 - 1079، الديباج المذهب 1 / 452، طبقات الحفاظ 418، 419، نفح الطيب 2 / 129 - 131، شذرات الذهب 3 / 168، هدية العارفين 1 / 449.(17/177)
يُوْسُفَ بن نَصْرٍ القُرْطُبِيُّ، ابْنُ الفَرَضِيّ، مُصَنِّف (تَاريخ الأَنْدَلُسِيّين (1)) .
أَخذ عَنْ: أَبِي جَعْفَرٍ بنِ عَوْن الله، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُفَرِّجٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ قَاسِم، وَعَبَّاس بن أَصْبَغَ، وَخَلَفِ بن القَاسِمِ، وَخَلْقٍ.
وَحَجَّ، فَحْمل عَنْ: أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُهَنْدس، وَيُوْسُفَ بنِ الدَّخِيْل، وَالحَسَنِ بن إِسْمَاعِيْلَ (2) الضَّرَّاب، وَأَبِي مُحَمَّدِ بن أَبِي زَيْدٍ، وَأَحْمَد بن رحمُوْنَ، وَأَحْمَدَ بن نَصْرٍ الدَّاوُوْدِيّ.
وَلَهُ تَأْلِيْفٌ فِي (أَخْبَار شعرَاء الأَنْدَلُس) ، وَمُصَنَّف فِي (المُؤْتَلِف وَالمُخْتَلِف) ، وَفِي (مُشتبِه النّسبَة) .
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَقَالَ:
كَانَ فَقِيْهاً حَافِظاً، عَالِماً فِي جَمِيْع فُنُوْنِ العِلْمِ فِي الحَدِيْثِ وَالرِّجَال، أَخذتُ مَعَهُ عَنْ أَكْثَرِ شُيُوْخِي، وَكَانَ حَسَنَ الصُّحْبَة وَالمعَاشرَة، قَتَلَتْهُ البَرْبَرُ، وَبَقِيَ مُلقَىً فِي دَارِه ثَلاَثَةَ أَيَّام (3) .
__________
(1) قد طبع " تاريخه " بعنوان " تاريخ علماء الأندلس " نشره فرنسيسكو كوديرا بمدينة مدريد في القرن الماضي، وأعيد طبعه في سنة 1966 نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة، وهذا الكتاب هو الذي ذيل عليه ابن بشكوال المتوفى سنة 578 بكتابه المشهور " الصلة "، ثم ألف ابن الابار المتوفى سنة 659 كتابه " الذيل والتكملة "، وألف أحمد بن إبراهيم بن الزبير الغرناطي المتوفى سنة 708 كتابه " ذيل الصلة ".
انظر " كشف الظنون " 1 / 285، 286.
وقد ذكر إسماعيل باشا مصنفا آخر لابن الفرضي في " ذيل كشف الظنون " 1 / 102 وهو: " الاعلام بأعلام الأندلس من العلماء المتفننين والقراء والمحدثين المتقنين والفقهاء والندماء ومن قدمها من العرفاء الغرباء " وانظر " هدية العارفين " 1 / 449.
(2) في الأصل: إسماعيل بن الحسن وهو خطأ، والصحيح ما أثبتناه، والضراب: نسبة إلى ضرب الدنانير والدراهم.
وقد مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) انظر " الصلة " 1 / 252، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1077.(17/178)
وَقَالَ أَبُو مَرْوَانَ بنُ حَيَّانَ: وَمِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ أَخذِ يَوْم قُرْطُبَة الفَقِيْهُ الأَدِيْبُ الفَصِيْحُ ابْنُ الفَرَضِيّ، وَوُورِي مُتَغَيّرَا مِنْ غَيْر غُسل، وَلاَ كَفَن وَلاَ صَلاَة، وَلَمْ يُرَ مثلُه بقُرْطُبَة فِي سعَة الرِّوَايَةِ، وَحفظِ الحَدِيْثِ، وَمَعْرِفَةِ الرِّجَال، وَالاَفتنَانِ فِي الْعُلُوم وَالأَدب البَارع، وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَحَجَّ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ، وَجمعَ مِنَ الكُتُب أَكْثَرَ مَا يَجْمَعُهُ أَحَدٌ فِي عُلَمَاءِ البَلَد، وَتَقَلَّد قِرَاءةَ الكُتُب بِعَهْد العَامِرِيَّة، وَاسْتقضَاهُ مُحَمَّدٌ المَهْدِيُّ بَبَلنْسِيَة، وَكَانَ حَسَنَ البلاغَةِ وَالخَطِّ (1) .
قَالَ الحُمَيْدِيّ (2) :حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ (3) ، أَخْبَرَنِي أَبُو الوَلِيْد بنُ الفَرَضِيّ قَالَ: تَعلَّقْتُ بِأَستَار الكَعْبَة، وَسَأَلتُ الله - تَعَالَى - الشَّهَادَةَ، ثُمَّ فكّرتُ فِي هَول القتلِ، فَنَدِمْتُ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْجِعَ، فَأَستقيل الله ذَلِكَ، فَاسْتحييتُ.
قَالَ الحَافِظُ عليّ: فَأَخْبَرَنِي مِنْ رَآهُ بَيْنَ القَتْلَى، وَدنَا مِنْهُ، فسَمِعَهُ يَقُوْلُ بِصَوْت ضَعِيْف: (لاَ يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيله إِلاَّ جَاءَ يَوْم القِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دماً، اللُوْنُ لُوْنُ الدَّمِ، وَالرِّيْحُ رِيْحُ المِسْكِ (4)) كَأَنَّهُ يُعيدُ عَلَى نَفْسِهِ الحَدِيْثَ، ثُمَّ قَضَى عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ - رَحِمَهُ اللهُ -. وَلَهُ شعرٌ رَائِقٌ فَمِنْهُ:
__________
(1) " الصلة " 1 / 253، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1077.
(2) في " جذوة المقتبس " 255. وانظر " الذخيرة " ق 1 / ج 2 / 614، 615، و" بغية الملتمس " 335، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1077، 1078، و" نفح الطيب " 2 / 130، و" وفيات الأعيان " 3 / 106، و" المغرب " 1 / 103، 104.
(3) هو الامام الكبير أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الظاهري، صاحب " المحلى " في الفقه، متوفى سنة 456 هـ ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (98) .
(4) أخرجه من حديث أبي هريرة مالك 2 / 461 في الجهاد: باب الشهداء في سبيل الله، وأحمد 2 / 231، والبخاري (2803) ومسلم (1876) .(17/179)
إِنَّ الَّذِي أَصْبَحْتُ طَوْعَ يَمِيْنِهِ ... إِنْ لَمْ يَكُنْ قَمَراً فلَيْسَ بِدُوْنِهِ
ذُلِّي لَهُ فِي الحُبِّ مِن سُلْطَانِهِ ... وَسَقَامُ جِسْمِي مِنْ سَقَام جُفُونِهِ (1)
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: أَنْشَدَنَا ابْنُ الفَرَضِيّ لِنَفْسِهِ:
أَسِيْرُ الخَطَايَا عِنْدَ بَابِكَ وَاقِفٌ ... عَلَى وَجَلٍ مِمَّا بِهِ أَنْتَ عَارِفُ
يَخَافُ ذُنُوباً لَمْ يَغِبْ عَنْكَ غَيْبُهَا ... وَيَرْجُوكَ فِيْهَا فَهُوَ رَاجٍ وَخَائِفُ وَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْجُو سِواكَ وَيَتَّقِي ... وَمَالِكَ فِي فَصْلِ القَضَاء مُخَالِفُ
فَيَا سَيِّدِي لاَ تُخْزِنِي فِي صَحِيْفَتِي ... وَإِذَا نُشِرَتْ يَوْمَ الحِسَابِ الصَّحَائِفُ (2)
قُتِلَ - رَحِمَهُ اللهُ - سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة كَهْلاً.
102 - صَاحِبُ اليَمَنِ ابْنُ زِيَادٍ *
كَانَ ابْنُ زِيَادٍ وآلُه مُلُوْكَ اليَمَن مِنْ أَكْثَرَ مِنْ مائَتَي عَام، وَبدأَتْ دَوْلَتُهُم تُوَلِّي وَمَلَّكوا صَغِيْراً قَامَ بتدبيرِه مَوْلاَهُ حُسَيْنُ بنُ سَلاَمَةَ (3)
__________
(1) البيتان في " جذوة المقتبس " 256، و" بغية الملتمس " 336، و" الصلة " 1 / 255، و" وفيات الأعيان " 3 / 106، و" الذخيرة " ق 1 / ج 2 / 616، و" نفح الطيب " 2 / 130، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1078.
(2) الابيات في " وفيات الأعيان " 3 / 105، و" نفح الطيب " 2 / 129، و" الصلة " 1 / 253، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1078 وبعدها هذان البيتان:
وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما * يصد ذوو ودي ويجفو الموالف
لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي * أرجي لاسرافي فإني لتالف.
(*) معجم البلدان 4 / 441 و5 / 157، الكامل لابن الأثير 9 / 455 وفيه وفاته 428 هـ، تاريخ ثغر عدن خ، الجداول المرضية خ، بلوغ المرام 13 وفيه وفاته 403 أو قبلها بسنة، الاعلام للزركلي 2 / 238.
(3) قال ياقوت: وهي أمه. " معجم البلدان " 4 / 441.(17/180)
النّوبِي، وَكَانَ خَيِّراً صَالِحاً، أَنشَأَ مدينَةَ الكَدْرَاء (1) ، وَمدينَةَ المَعْقِر (2) ، وَأَنشَأَ الجَوَامع، وَعدل وَتصدَّق، تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة - أَعنِي حُسَيْناً - وَكَانَ فِي المائَة الرَّابِعَة بِاليَمَنِ دُعَاةٌ لِلْقَرَامِطَة.
103 - العَبْقَسِيُّ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ *
القَاضِي العَدْلُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ فِرَاس - وَقِيْلَ: بَيْنَ عَلِيٍّ وَفِرَاسٍ (أَحْمَدُ) - العَبْقَسِيُّ، المَكِّيُّ، العَطَّار، مُسنِدُ الحِجَاز.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ فِي صِباهُ - وَهُوَ ابْنُ عشرِ سِنِيْنَ - مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بن إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِيّ، وَأَبِي التُّرَيكِ مُحَمَّدِ بن الحُسَيْنِ بنِ مُوْسَى السَّعْدِيِّ الحِمْصِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الرَّبِيْعِ بنِ سُلَيْمَانَ الجِيْزِيّ، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ المُقْرِئ، وَبُكَيْر بن مُحَمَّدٍ الحَدَّاد، وَأَبِي اليَسَع إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ المِصِّيْصِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحُسَيْن بن الفَتْح النَّيْسَابُوْرِيّ الفَقِيْه كِمَام، وَالعَبَّاس بن مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بن قُتَيْبَةَ، وَغَيْرِهِم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ إِسْمَاعِيْلُ
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 4 / 441.
(2) قال ياقوت: المعقر - اسم المكان من عقرت البعير أو عقره -: واد باليمن عند القحمة بالسن قرب زبيد من تهامة، واختط في هذا الموضع مدينة حسين بن سلامة. " معجم البلدان " 5 / 157.
(*) الأنساب 8 / 370، اللباب 2 / 317، العبر 3 / 89، تذكرة الحفاظ 3 / 1063، العقد الثمين 3 / 3 - 5، شذرات الذهب 3 / 173. والعبقسي: نسبة إلى عبد القيس.(17/181)
بن عَلِيٍّ السَّمَّان، وَحَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَطْرَابُلُسِيّ ثُمَّ الأَنْدَلُسِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِي، وَالحَسَنُ بنُ النُّعْمَانِ الصَّيْمَرِيّ، وَأَبُو ذَرّ الهَرَوِيّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ شُبَانَةَ الدِّيْنَوَرِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ التُّجِيْبِيُّ الفُرْشِيّ (1) ، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ بُنْدَار الرَّازِيُّ، وَأَبُو طَالِبٍ العُشَارِي، وَأَبُو عِمْرَانَ الفَارِسِيُّ، وَمَكِّيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُجَاع الرَّبَعِيّ، وَمُظَفَّر بنُ الحَسَنِ سِبْط ابْن لاَل، وَعَلِيُّ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الهَمَذَانِيّ الكِسَائِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو ذَر (2) فِي (مُعْجَمِه) :ثِقَةٌ ثَبْتٌ.
وَذكره أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا النَّسَوِيُّ فِي تَرْجَمَة أَبِيهِ إِبْرَاهِيْم، وَقَالَ: وَوَلَدهُ اليَوْمَ هُوَ شَيْخُ مَكَّة، وَمُحَدِّثُهَا فِي وَقْتِهِ، سَمِعَ مَعَ أَبِيهِ وَعُنِي بِهِ، وَكُتُبُه صِحَاح.
وَكَذَا وَثَّقَهُ السِّجْزِيُّ وَيَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَاضِي جدَّة.
وَقَالَ العَتِيْقِيّ: كَانَ قَدِ انْفَرد فِي وَقْتِهِ بجَمَاعَةِ شُيُوْخٍ، ثِقَة صَدُوْقٌ.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللهِ بنُ مُعَاذ السِّجْزِيّ فِي كِتَاب (السبعيَّات) مِنْ جمعه: كَانَ مِنْ كِبَارِ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَإِليه الرّحلَةُ فِي أَوَانه، وَهُوَ ثِقَةٌ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ بِالإِجَازَةِ، وآخرُ مِنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ رَاوِي نُسْخَةِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَر أَبُو علِي الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن
__________
(1) بضم الفاء وسكون الراء، نسبة إلى الفرش. " الأنساب " 9 / 272.
(2) هو الحافظ شيخ الحرم أبو ذر عبد بن أحمد الهروي، سترد ترجمته برقم (370) .(17/182)
الحَسَن المَكِّيّ الشَّافِعِيّ الحَنَّاط.
وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَالٍ فِي تَرْجَمَة حَاتِم الأَطْرَابُلُسِيّ: كَانَ أَحْمَدُ مِنَ المُسْنِدِيْن الثِّقَات (1) .
وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَالٍ فِي جمعه لشُيُوْخِ ابْن عَبْدِ البَرِّ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَع مائَة بِمَكَّةَ، وَقَدْ نيَّف عَلَى المائَة.
ثُمَّ قَالَ ذكر ذَلِكَ حَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ الحَبَّال: وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة.
وَقَالَ العَتِيْقِيّ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ فِي جُمَادَى الأُولَى.
وَقَالَ الكَتَانِي: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ، فَوَهِمَ.
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ (2) بنُ سَلاَمَةَ، عَنِ الأَرْتَاحِي (3) ، عَنِ الفَرَّاء قَالَ: أَخْبَرَنَا الحَبَّالُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بِمَكَّةَ بوَفَاة أَبِيهِ وَمولده، فذكرهُمَا كَمَا مَضَى.
104 - ابْنُ كَجٍّ أَبُو القَاسِمِ يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ الدِّيْنَوَرِيُّ *
القَاضِي، العَلاَّمَة، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو القَاسِمِ يُوْسُفُ بنُ أَحْمَدَ بنِ كَجٍّ الدِّيْنَوَرِيُّ، تِلْمِيْذُ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ القَطَّانِ، وَحَضَرَ مَجْلِسَ الدَّارَكِيِّ.
__________
(1) " الصلة " 1 / 157.
(2) له ترجمة في " مشيخة " المؤلف ورقة 6 / 1.
(3) نسبة إلى أرتاح: اسم حصن منيع كان من العواصم من أعمال حلب. " معجم البلدان " 1 / 140، 141.
(*) طبقات العبادي: 107، طبقات الشيرازي: 98، الأنساب 10 / 360 (الكجي) ، اللباب 3 / 84، وفيات الأعيان 7 / 65، العبر 3 / 92، مرآة الجنان 3 / 12، طبقات السبكي 5 / 359 - 361، طبقات الاسنوي 2 / 340، 341، البداية والنهاية 11 / 355، طبقات ابن قاضي شهبة 90، طبقات ابن هداية الله 126، شذرات الذهب 3 / 177، 178، تاج العروس 2 / 90 (كج) ، هدية العارفين 2 / 550.(17/183)
وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي حفظ المَذْهَب، وَلَهُ وَجه (1) ، وَتصَانيفُ كَثِيْرَة (2) ، وَأَمْوَالٌ وَحِشْمَةٌ، ارْتَحَلَ إِلَيْهِ النَّاسُ مِنَ الآفَاق.
وَكَانَ بَعْضُهُم يُقَدِّمه عَلَى الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ (3) ، وَقَالَ: هُوَ ذَاكَ رَفَعَتْهُ بَغْدَاد، وَحَطَّتْ مِنِّي الدِّيْنَوَر.
قَالَ ذَلِكَ عِنْدَمَا قَالَ لَهُ: تِلْمِيْذ (4) يَا أُسْتَاذ! الاسْمُ لأَبِي حَامِدٍ، وَالعِلْمُ لَكَ (5) .
قتلتْهُ الحَرَامِيَّة بِالدِّيْنَوَر لَيْلَةَ سبعٍ وَعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة، وَلَمْ يبلُغنِي مقدَار مَا عَاشَ.
105 - ابْنُ أَبِي حَدِيْدٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ السُّلَمِيُّ *
العَدْلُ، الأَمِيْنُ، العَالِمُ، مُسْنِدُ دِمَشْقَ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ الوَلِيْدِ بنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي الحَدِيْدِ السُّلَمِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا الدحدَاح أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ، وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بن جَعْفَرٍ الخَرَائِطيّ، وَمُحَمَّدَ بن يُوْسُفَ الهَرَوِيَّ، وَعَبْدَ الغَافر بن سَلاَمَةَ، وَبِمِصْرَ مِنْ مُحَمَّدِ بن بِشْرٍ الزُّبَيْرِيّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بن أَحْمَدَ الآجُرِّيّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بن قَيْس، وَطَائِفَة.
__________
(1) انظر " طبقات " السبكي 5 / 360، 361.
(2) قال ابن العماد: ومن تصانيفه " التجريد " قال في المهمات: وهو مطول، وقد وقف عليه الرافعي. " شذرات الذهب " 3 / 178.
(3) يعني أبا حامد الاسفراييني، وسترد ترجمته برقم (111) .
(4) وهو أبو علي الحسين بن شعيب السنجي كما ذكر السمعاني في " الأنساب ".
(5) " الأنساب " 10 / 360، و" وفيات الأعيان " 7 / 65، و" طبقات " الاسنوي 2 / 341، و" طبقات " السبكي 5 / 359.
(*) الإكمال 2 / 55، العبر 3 / 91، الوافي بالوفيات 2 / 60.(17/184)
حَدَّثَ عَنْهُ: حفيدَاهُ: أَحْمَدُ وَعُبَيْد اللهِ ابْنَا عَبْدِ الوَاحِدِ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الشَّرَابِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ السِّمْسَار، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الحِنَّائِيّ، وَآخَرُوْنَ، وَتَفَرَّدَ بِعُلُوِّ الرِّوَايَة.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلاَ (1) :حَدَّثَنَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَكَانَ مِنَ الأَعيَان.
وَقَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ: كَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً أَعرفُه، وَتُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ أَبُو الفَرَجِ بنُ عَمْرو: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ، فَقَالَ لِي: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الحَدِيْد قَوَّالٌ بِالْحَقِّ.
106 - بَهَاءُ الدَّوْلَةِ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ ابْنِ بُوَيْه *
مَلِكُ العِرَاقِ.
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة بعلَّة الصَّرْع المُتَتَابع كَأَبِيهِ، تُوُفِّيَ بِأَرَّجَان فِي سنّ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَتِسْعَة أَشهر (2) .
وكَانَتْ أَيَّامُهُ أَرْبَعاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَتملَّك ابْنُهُ سُلْطَانُ الدَّوْلَة أَبُو شُجَاعٍ (3) .
وَكَانَ بَهَاءُ الدَّوْلَة خَاضِعاً لِلْسُلْطَان مَحْمُوْد (4) بن سُبُكْتِكِيْن، مُدَارِياً لَهُ.
__________
(1) في " الإكمال " 2 / 55.
(*) المنتظم 7 / 264، الكامل لابن الأثير (انظر الفهرس) ، دول الإسلام 1 / 241، العبر 3 / 83، الوافي بالوفيات 7 / 291، 292، البداية والنهاية 11 / 349، تاريخ ابن خلدون 4 / 461، 462، 463، 467، 468، 470، شذرات الذهب 3 / 166، ذيل تجارب الأمم: 153، المختصر في أخبار البشر 2 / 143.
(2) انظر " الكامل " لابن الأثير 9 / 241، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 470.
(3) سترد ترجمته برقم (214) .
(4) سترد ترجمته برقم (319) .(17/185)
وقَام ابْنُهُ بَعْدَهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَخذت الدَّوْلَةُ البُوَيْهِيَّةُ تَتَنَاقص.
وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ مُلْكُ بَهَاء الدَّوْلَة اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً وَيومِين.
107 - المُجْبِرُ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى *
مُسْندُ بَغْدَادَ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى بنِ القَاسِمِ بنِ الصَّلْت بن الحَارِثِ بنِ مَالِكِ بنِ سَعْدِ بنِ قَيْس بن عَبْدِ شُرَحْبِيْل بن هَاشم بن عَبْدِ مَنَاف بن عَبْدِ الدَّارِ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَب القُرَشِيُّ، العَبْدرِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الجَرَائِحِي، المُجْبِر.
وَلد سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الصَّمدِ الهَاشِمِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ وَكيل أَبِي صَخْرَة، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنْبَارِيِّ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُبَيْد اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهَرِيُّ، وَعَبْدُ البَاقِي الأَنْصَارِيّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيّ، وَمَالِكُ بنُ أَحْمَدَ البَانْيَاسِيّ، وَعِدَّة.
قَالَ الخَطِيْبُ: سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيّ - وَأَنَا أَسمعُ - عَنِ ابْنِ الصَّلْتِ المُجْبِر، فَقَالَ: ابْنَا الصَّلْتِ ضَعِيْفَان (1) .
قَالَ: وَسَأَلتُ (2) حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِر عَنِ المُجْبِر، فَقَالَ: كَانَ
__________
(*) تاريخ بغداد 5 / 94 - 96، الأنساب (المجبر) ، اللباب 3 / 165، العبر 3 / 89، ميزان الاعتدال 1 / 132، الوافي بالوفيات 7 / 130، 131، لسان الميزان 1 / 255، شذرات الذهب 3 / 174.
وقد ضبط في الأصل بضم الميم وسكون الجيم وكسر الباء الموحدة المخففة، وضبط في " اللباب " بفتح الجيم وكسر الباء الموحدة المشددة كمحدث.
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 94، 95، وابن الصلت الثاني هو الذي سترد ترجمته عقب هذا.
(2) في الأصل: " سمعت "، وما أثبتناه من " تاريخ بغداد ".(17/186)
صَالِحاً دَيِّناً، وَسَمِعْتُ عَبْدَ العَزِيْز الأَزَجِيّ يَقُوْلُ:
عَمَدَ ابْنُ الصَّلْت إِلَى كُتُبٍ لابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، فَحَدَّثَ بِهَا عَنِ البَرْذَعِيّ، يُشير الأَزَجِيّ إِلَى أَنْ تِلْكَ الكُتُب لَمْ تَكُنْ عِنْد البَرْذَعِيّ (1) .
مَاتَ المُجْبِر وَلَهُ إِحْدَى وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، فِي شَهْر رَجَب سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة.
وَهُوَ صَاحِبُ (جُزْء) البَانْيَاسِيّ.
فَأَمَّا سَمِيُّهُ: المُسْنِدُ الكَبِيْرُ
108 - أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الأَهْوَازِيُّ *
ابْنِ مُوْسَى بنِ هَارُوْنَ بنِ الصَّلْتِ الأَهْوَازِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، فَمَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ: القَاضِي أَبَا عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيّ، وَأَبَا العَبَّاسِ بن عُقْدَة، وَمُحَمَّد بن مَخْلَدٍ العَطَّار، وَعَبْدَ الغَافر بن سَلاَمَةَ الحِمْصِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، وَجَمَاعَة.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :كَانَ صَدُوْقاً صَالِحاً.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة.
وآخرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابه عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ قُرَيْش البَنَّاء.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 95.
(*) تاريخ بغداد 4 / 370، العبر 3 / 100، ميزان الاعتدال 1 / 132، المغني في الضعفاء 1 / 55، لسان الميزان 1 / 255، 256، شذرات الذهب 3 / 188.
(2) في " تاريخ بغداد " 4 / 370.(17/187)
وَقِيْلَ: إِنَّ يَحْيَى بن أَحْمَدَ السِّيبِي (1) رَوَى عَنْهُ.
وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
109 - ابْنُ أَبِي زَمَنِيْنَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُرِّيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عِيْسَى بن مُحَمَّدٍ المُرِّيُّ (2) ، الأَنْدَلُسِيُّ، الإِلبيرِي، شَيْخُ قُرْطُبَةَ.
قرأَ ببَجَّانَة (3) عَلَى سَعِيْدِ بنِ فحلُوْنَ (مُخْتَصر) ابْنِ عَبْدِ الحَكَمِ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بن مُعَاوِيَةَ الأُمَوِيّ، وَأَحْمَد بن المُطَرِّف، وَأَحْمَد بن الشَّامَة، وَوَهْب بن مَسَرَّة.
وَتَفَقَّه بِإِسْحَاق الطُّلَيْطُلِي.
وَتَفَنَّنَ، وَاسْتبحر مِنَ العِلْم، وَصَنَّفَ فِي الزُّهْد وَالرَّقائِق. وَقَالَ الشّعر الرَّائِق (4) .
__________
(1) نسبة إلى سيب، قال السمعاني: وظني أنها قرية بنواحي قصر ابن هبيرة. " الأنساب " 7 / 215.
(*) جذوة المقتبس 56، 57، ترتيب المدارك 4 / 672 - 674، بغية الملتمس 87، 88، تذكرة الحفاظ 3 / 1029، العبر 3 / 71، الوافي بالوفيات 3 / 321، الديباج المذهب 2 / 232 - 234، طبقات المفسرين للسيوطي 34، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 161، 162، تذكرة النوادر 20، برنامج القرويين 24، شذرات الذهب 3 / 156، هدية العارفين 2 / 58، إيضاح المكنون 1 / 424، شجرة النور الزكية 1 / 101.
(2) ضبطها ابن فرحون بضم الميم وكسر الراء المهملة المشددة. " الديباج المذهب " 2 / 233.
(3) بجانة، بالفتح ثم التشديد وألف ونون: مدينة بالاندلس من أعمال كورة إلبيرة، خربت، وقد انتقل أهلها إلى المرية، وبينهما وبين المرية فرسخان، وبينها وبين غرناطة مئة ميل. " معجم البلدان " 1 / 339.
(4) أورد الحميدي من شعره قوله: =(17/188)
وَكَانَ صَاحِبُ جِدٍّ وَإِخلاصٍ، وَمُجَانبَة للأُمَرَاء.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي، وَأَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء، وَجَمَاعَة.
وُلِدَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
واخْتَصَر (المُدَوَّنَة (1)) ، وَلَهُ (مُنْتَخب الأَحكَام) مَشْهُوْرٌ، وَكِتَابُ (الوَثَائِق (2)) ، وَ (مُخْتَصر تَفْسِيْر ابْنِ سَلاَّمٍ) ، وَكِتَاب (حَيَاة القُلُوْبِ (3)) فِي الزُّهْد، وَكِتَاب (أَدب الإِسْلاَم) ، وَكِتَاب (أُصُوْل السُّنَّة) ، وَأَشْيَاء كَثِيْرَة (4) .
وَكَانَ مِنْ حَمَلَة الحُجّة. وَزَمَنِين بِفَتْح المِيم، ثُمَّ كسر النُّوْنَ.
__________
= لا تطمئن إلى الدنيا وزخرفها * وإن توشحت من أثوابها الحسنا
أين الأحبة والجيران ما فعلوا * أين الذين هم كانوا لنا سكنا
سقاهم الدهر كأسا غير صافية * فصيرتهم لاطباق الثرى رهنا
وانظر بعض شعره أيضا في " ترتيب المدارك " 4 / 673، 674.
(1) واسم المختصر: " المغرب " في اختصار المدونة، وشرح مشكلها، والتفقه في نكت منها مع تحرير للفظها، وضبط لروايتها، ليس في مختصراتها مثله باتفاق.
انظر " الديباج المذهب " 2 / 232، 233، و" الوافي بالوفيات " 3 / 321، و" طبقات المفسرين " للداوودي 2 / 162، و" شجرة النور " 1 / 101، وذكره ابن خير في " فهرسة ما رواه عن شيوخه ": 251.
(2) هو " المشتمل في الوثائق " ذكره مع " منتخب الاحكام " ابن خير في " فهرسه " ص 251. وانظر النسخ الخطية لمنتخب الاحكام وغيره في " تاريخ " سزكين 1 / 79، 80.
(3) " فهرسة " ابن خير 288.
(4) انظر مصنفاته في " ترتيب المدارك " 4 / 673، و" الوافي بالوفيات " 3 / 321، و" الديباج المذهب " 2 / 233، و" طبقات المفسرين " للداوودي 2 / 162، و" شجرة النور الزكية " 1 / 101.(17/189)
110 - ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الطَّيِّبِ البَصْرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، أَوْحَدُ المُتَكَلِّمِيْن، مُقَدَّم الأُصُوْلِيين، القَاضِي، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الطَّيِّب بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ قَاسِم البَصْرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَكَانَ يُضَرَبُ المَثَلُ بِفَهْمِهِ وَذَكَائِه.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بن جَعْفَرٍ القَطِيْعِيّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ مَاسِي، وَطَائِفَة.
وخَرَّج لَهُ أَبُو الفَتْح بنُ أَبِي الفَوَارِس.
وَكَانَ ثِقَةً إِمَاماً بَارِعاً، صَنَّفَ فِي الرَّدِّ عَلَى الرَّافِضَةِ، وَالمُعْتَزِلَةِ، وَالخَوَارِجِ وَالجَهْمِيَّة وَالكَرَّامِيَّة، وَانْتَصَرَ لِطَرِيْقَةِ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيّ، وَقَدْ يُخَالِفُهُ فِي مَضَائِق، فَإِنَّهُ مِنْ نُظَرَائِهِ، وَقَدْ أَخَذَ عِلْمَ النَّظَر عَنْ أَصْحَابه.
وَقَدْ ذكره القَاضِي عِيَاض فِي (طبقَات المَالِكِيَّة (1)) ، فَقَالَ: هُوَ المُلَقَّب بِسيف السُّنَّة، وَلسَان الأُمَّة، المُتَكَلِّمُ عَلَى لِسَانِ أَهْلِ الحَدِيْثِ،
__________
(*) تاريخ بغداد 5 / 379 - 383، ترتيب المدارك 4 / 585 - 602، الأنساب 2 / 51، 52، تبيين كذب المفتري 217 - 226، المنتظم 7 / 265، اللباب 1 / 112، وفيات الأعيان 4 / 269، 270، المختصر في أخبار البشر 2 / 144، العبر 3 / 86، دول الإسلام 1 / 242، الوافي بالوفيات 3 / 177، مرآة الجنان 3 / 1006، البداية والنهاية 11 / 350، 351، الديباج المذهب 2 / 228، 229، النجوم الزاهرة 4 / 234، شذرات الذهب 3 / 168 - 170، إيضاح المكنون 2 / 691، هدية العارفين 2 / 59، شجرة النور الزكية 1 / 92، 93.
وانظر كتاب " الباقلاني وإعجاز القرآن " للاستاذ أحمد صقر.
قال ابن خلكان في نسبته: هذه النسبة إلى الباقلى وبيعه، وفيه لغتان: من شدد اللام قصر الالف، ومن خففها مد الالف فقال: باقلاء.
وهذه النسبة شاذة لاجل زيادة النون فيها، وهو نظير قولهم في النسبة إلى صنعاء: صنعاني، وإلى بهراء: بهراني ... " وفيات الأعيان " 4 / 270.
(1) انظر " ترتيب المدارك " 4 / 585، 586.(17/190)
وَطريق أَبِي الحَسَنِ، وَإِليه انْتَهَتْ رِئاسَةُ المَالِكِيَّة فِي وَقْتِهِ، وَكَانَ لَهُ بِجَامع البَصْرَة حَلَقَةٌ عَظِيْمَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو ذَرّ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ السِّمْنَانِي، وَقَاضِي المَوْصِل، وَالحُسَيْن بن حَاتِمٍ الأُصُوْلِيّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ وِرْدُهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ عِشْرِيْنَ ترويحَةً فِي الحَضَر وَالسَّفَر، فَإِذَا فرغ مِنْهَا، كتب خمساً وَثَلاَثِيْنَ وَرقَةً مِنْ تَصْنِيْفه.
سَمِعْتُ أَبَا الْفرج مُحَمَّدَ بن عِمْرَانَ يَقُوْلُ ذَلِكَ.
وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ الحَرْبِيّ يَقُوْلُ: جَمِيْعُ مَا كَانَ يذكر أَبُو بَكْرٍ بنُ البَاقِلاَّنِيّ مِنَ الخِلاَف بَيْنَ النَّاس صَنَّفَهُ مِنْ حِفْظِهِ، وَمَا صَنَّفَ أَحَدٌ خِلاَفاً إِلاَّ احْتَاجَ أَنْ يُطَالع كُتُب المُخَالفين، سِوَى ابْنِ البَاقِلاَّنِيّ.
قُلْتُ: أَخذ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ المعقولَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بن مُجَاهِد الطَّائِيّ صَاحِبِ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيّ.
وَقَدْ سَارَ القَاضِي رسولاً عَنْ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَى طَاغيَةِ الرُّوْمِ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُورٌ، مِنْهَا أَنَّ الملِكَ أَدْخَلَه عَلَيْهِ مِنْ بَاب خَوخَةٍ (2) ليدخُل رَاكعاً لِلْمَلِكِ فَفَطِنَ لَهَا القَاضِي، وَدَخَلَ بِظَهْرِهِ (3) .
وَمِنْهَا أَنَّهُ قَالَ لرَاهبهم: كَيْفَ الأَهْلُ وَالأَولاَدُ؟
فَقَالَ المَلِكُ: مَهْ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الرَّاهبَ يتنزّه عَنْ هَذَا؟
فَقَالَ: تُنَزِّهُونه عَنْ هَذَا، وَلاَ تُنَزِّهون رَبَّ
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 5 / 280.
(2) هو باب صغير ضمن باب كبير لا يتمكن الإنسان من دخوله إلا أن يحني رأسه.
(3) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 379، 380، و" ترتيب المدارك " 4 / 596، و" الأنساب " 2 / 51، 52، و" تبيين كذب المفتري " 218، و" المنتظم " 7 / 265، و" البداية والنهاية " 11 / 350.(17/191)
العَالَمِين عَنِ الصَّاحبَة وَالوَلَد (1) !
وَقِيْلَ: إِنَّ الطَّاغيَةَ سأَلَه: كَيْفَ جَرَى لزَوْجَةِ نَبِيِّكُم؟
يَقْصِدُ تَوْبِيْخاً - فَقَالَ: كَمَا جَرَى لمَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَان، وَبَرَّأَهُمَا اللهُ، لَكِنَّ عَائِشَةَ لَمْ تَأَتِ بِوَلَدٍ، فَأَفْحَمَهُ (2) .
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الخُوَارِزْمِيّ يَقُوْلُ:
كُلّ مُصَنِّفٍ بِبَغْدَادَ إِنَّمَا يَنْقُلُ مِنْ كُتُبِ النَّاسِ سِوَى القَاضِي أَبِي بَكْرٍ، فَإِنَّمَا صَدْرُه يحوِي عِلْمَهُ وَعِلْمَ النَّاسِ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ البَافِي: لَوْ أَوْصَى رَجُلٌ بِثُلُث مَالِهِ لأَفْصحِ النَّاس، لَوَجَبَ أَنْ يُدْفع إِلَى أَبِي بَكْرٍ الأَشْعَرِيّ (4) .
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَحْمُوْدُ بنُ الحُسَيْنِ القَزْوِيْنِيّ: كَانَ مَا يُضْمِرهُ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَشْعَرِيّ مِنَ الوَرَع وَالدِّين أَضعَافَ مَا كَانَ يُظْهِرُهُ.
فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ.
فَقَالَ: إِنَّمَا أُظْهِرُ مَا أُظْهِرُهُ غَيْظاً لِليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى، وَالمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ، لِئَلاَّ يَسْتَحْقِرُوا عُلَمَاءَ الحَقّ (5) .
وَعمل بَعْضُهُم فِي مَوْتِ القَاضِي:
انْظُرْ إِلَى جَبَلٍ تَمْشِي الرِّجَالُ بِهِ ... وَانْظُرْ إِلَى القَبْرِ مَا يَحْوِي مِنَ الصَّلَفِ
وَانْظُرْ إِلَى صَارِمِ الإِسْلاَم مُنْغَمِداً ... وَانْظُرْ إِلَى دُرَّةِ الإِسْلاَمِ فِي الصَّدَفِ (6)
__________
(1) " تبيين كذب المفتري " 218، 219.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 219، و" البداية والنهاية " 11 / 350، وانظر مناظرته في مجلس ملك الروم وأخباره معه في " ترتيب المدارك " 4 / 594 - 601.. (3) في " تاريخ بغداد " 5 / 380.
(4) " تاريخ بغداد " 5 / 380، و" الأنساب " 2 / 52.
(5) انظر " تبيين كذب المفتري " 220.
(6) البيتان في " تاريخ بغداد " 5 / 382، 383، و" الأنساب " 2 / 52، و" تبيين =(17/192)
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ حسنٌ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهُودَةً، وَكَانَ سَيْفاً عَلَى المُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ وَالمُشَبِّهَة، وَغَالِبُ قَوَاعِدِهِ عَلَى السُّنَّة، وَقَدْ أَمر شَيْخُ الحَنَابلَة أَبُو الفَضْلِ التَّمِيْمِيُّ مُنَادِياً يَقُوْلُ بَيْنَ يدِي جِنَازَتِهِ:
هَذَا نَاصِرُ السُّنَّة وَالدّينِ، وَالذَّابُّ عَنِ الشَّرِيْعَة، هَذَا الَّذِي صَنَّفَ سَبْعِيْنَ أَلفَ وَرقَة.
ثُمَّ كَانَ يَزُورُ قَبره كُلَّ جُمعة (1) .
قِيْلَ: نَاظَرَ أَبُو بَكْرٍ أَبَا سَعِيْدٍ الهَارُونِي، فَأَسهبَ، وَوسَّعَ العبارَةَ، ثُمَّ قَالَ للجَمَاعَة: إِنْ أَعَادَ مَا قُلْتُ قنعتُ بِهِ عَنِ الجَوَاب.
فَقَالَ الهَارُونِي: بَلْ إِنْ أَعَادَ مَا قَالَهُ، سَلَّمْتُ لَهُ (2) .
111 - أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الأُسْتَاذُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ أَبِي طَاهِرٍ
__________
= كذب المفتري " 223، 224، و" وفيات الأعيان " 4 / 27، و" الوافي بالوفيات " 3 / 177.
(1) " تبيين كذب المفتري " 221، وانظر مصنفاته في " ترتيب المدارك " 4 / 601، 602.
وانظر النسخ الخطية لبعضها في " تاريخ " سزكين 2 / 385 - 387، وقد طبع له منها كتاب " إعجاز القرآن " بالقاهرة 1315، 1317 هـ على هامش كتاب " الاتقان " للسيوطي، ونشره السيد صقر بالقاهرة عام 1954 م، وكتاب " التمهيد في الرد على الملحدة والرافضة والخوارج والمعتزلة " نشره محمد أبوريده ومحمود الخضيري اعتمادا على مخطوطة باريس غير الكاملة في القاهرة 1947 م وكذلك مكارثي في بيروت 1957، وكتاب " البيان عن الفرق بين المعجزات والكرامات والحيل والكهانة والسحر ونيرنجيات " نشره مكارثي ببيروت عام 1958.
(2) " وفيات الأعيان " 4 / 269، و" الوافي بالوفيات " 3 / 177.
(*) طبقات العبادي 107، طبقات الشيرازي 103، تاريخ بغداد 4 / 368 - 370، الأنساب 1 / 237، 238، المنتظم 7 / 277، 278، معجم البلدان 1 / 178، طبقات ابن الصلاح الورقة 37 ب، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 208 - 210، وفيات الأعيان 1 / 72 - 74، المختصر في أخبار البشر 2 / 152، العبر 3 / 92، دول الإسلام 1 / 243، الوافي بالوفيات 7 / 357، 358، مرآة الجنان 3 / 15، طبقات السبكي 4 / 61 - 74، طبقات الاسنوي 1 / 57، البداية والنهاية 12 / 2، 3، النجوم الزاهرة 4 / 239، طبقات ابن هداية =(17/193)
مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة بِبَغْدَادَ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدِمَ بَغْدَادَ وَلَهُ عِشْرُوْنَ سَنَةً، فَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ بنِ المَرْزُبَان، وَأَبِي القَاسِمِ الدَّارَكِي.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَب، وَأَربَى عَلَى المُتَقَدِّمِيْنَ وَعظُمَ جَاهُهُ عِنْدَ المُلُوك.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ عَدِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَسَمِعَ (السُّنَن) مِنَ الدَّارَقُطْنِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَلاَمِذَتُهُ أَقْضَى القُضَاة أَبُو الحَسَنِ المَاوردِي (1) ، وَالفَقِيْهُ سُلَيْمٌ الرَّازِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ المَحَامِلِيّ (2) ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (الطَّبَقَات) :انْتَهَت إِلَيْهِ رِئاسَةُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا بِبَغْدَادَ، وَعُلِّق عَنْهُ تَعَاليقُ فِي شرح المُزَنِيّ، وَطبّق الأَرْضَ بِالأَصْحَاب، وَجمع مَجْلِسُهُ ثَلاَثَ مائَة مُتَفَقِّه (3) .
وَقَالَ الشَّيْخُ محيي الدِّيْنِ النَّوَاوِي: تَعليقَةُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِد فِي نَحْوٍ مِنْ خَمْسِيْنَ مُجَلَّداً، ذَكَرَ فِيْهَا مَذَاهِبَ العُلَمَاء، وَبَسَطَ أَدلَّتَهَا وَالجَوَابَ عَنْهَا، تَفَقَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُم: أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيّ، وَقَدْ تَفَقَّهَ السِّنْجِيّ عَلَى القَفَّال أَيْضاً، وَهُمَا شَيْخَا طريقَتَي العِرَاقِ وَخُرَاسَان، وَعنهُمَا انْتَشَرَ المَذْهَب (4) .
__________
= الله 127 - 128، شذرات الذهب 3 / 178، 179، تاج العروس 9 / 236.
وتقدم الكلام على نسبة " الاسفراييني " في الترجمة (38) .
(1) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (29) .
(2) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (266) .
(3) وانظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 209، و" طبقات " السبكي 4 / 62.
(4) " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 210، وانظر سرد سند الفقه الشافعي من طريق =(17/194)
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :حدّثُونَا عَنْ أَبِي حَامِد، وَكَانَ ثِقَةً، حَضَرْتُ تَدْرِيْسَهُ فِي مَسْجِد ابْنِ المُبَارَكِ، وَسَمِعْتُ مَنْ يذكُر أَنَّهُ كَانَ يحضُر درسَه سبع مائَة فَقِيْه، وَكَانَ النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ: لَوْ رَآهُ الشَّافِعِيُّ، لَفَرِحَ بِهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :وَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ قَالَ: سَأَلتُ القَاضِي أَبَا عَبْدِ اللهِ الصَّيْمَرِيَّ: مَنْ أَنْظَرُ مَنْ رَأَيْتَ مِنَ الفُقَهَاء؟
فَقَالَ: أَبُو حَامِد الإِسْفَرَايِيْنِيّ.
قَالَ أَبُو حَيَّانَ التَّوْحِيْدِيّ فِي رسَالَة لَهُ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ يَقُوْلُ لطَاهرٍ العَبَّادَانِي: لاَ تُعَلِّق كَثِيْراً مِمَّا تسمعُ منَّا فِي مَجَالِس الجَدَل، فَإِنَّ الكَلاَم يجرِي فِيْهَا عَلَى خَتْلِ الخَصم وَمُغَالطته وَدفعِهِ وَمُغَالبتِهِ، فلسنَا نَتَكَلَّمُ لِوَجْهِ الله خَالصّاً، وَلَوْ أَردنَا، لكَانَ خطوُنَا إِلَى الصَّمْتِ أَسرَعَ مِنْ تطَاوُلِنَا فِي الكَلاَم، وَإِنْ كُنَّا فِي كَثِيْرٍ مِنْ هَذَا نبوءُ بغضبِ الله، فَإِنَّا نطمعُ فِي سعَةِ رَحْمَةِ الله (3) .
قُلْتُ: أَبُو حَيَّانَ غَيْرُ مُعْتَمد.
قَالَ ابْنُ الصَّلاَح: وَعَلَى الشَّيْخ أَبِي حَامِدٍ تَأَوَّلَ بَعْضُ العُلَمَاء حَدِيْثَ: (إِنَّ اللهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مائَة سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا) فَكَانَ الشَّافِعِيُّ عَلَى رَأْس المائَتَيْنِ، وَابْنُ سُرَيْجٍ عَلَى رَأْس الثَّلاَث مائَة، وَأَبُو حَامِدٍ عَلَى رَأْس الأَرْبَع مائَة (4) .
__________
= العراقيين ومن طريق الخراسانيين إلى الامام النووي في " تهذيب الأسماء واللغات " 1 / 17 - 20.
(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 369.
(2) في " تاريخ بغداد " 4 / 370.
(3) انظر " طبقات السبكي " 4 / 62.
(4) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 209، 210، وحديث " إن الله يبعث ... " =(17/195)
وَرُوِيَ عَنْ سُلَيْم الرَّازِيّ قَالَ: كَانَ أَبُو حَامِدٍ فِي أَوَّلِ أَمره يَحرُسُ فِي درب، وَكَانَ يُطَالِعُ عَلَى زيتِ الحَرَس، وَإِنَّهُ أَفتى وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :مَاتَ أَبُو حَامِدٍ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَع مائَة، وَكَانَ يَوْماً مَشْهُوداً وَدُفِنَ فِي دَارِهِ ثُمَّ نُقِلَ بَعْد أَرْبَع سِنِيْنَ، وَدُفِنَ بِبَابِ حَرْب - رَحِمَهُ اللهُ -.
وَمَاتَ مَعَهُ: بَادِيس (3) بن مَنْصُوْرٍ الحِمْيَرِيّ - صَاحِب المَغْرِب -، وَشَيْخ الصُّوْفِيَّة أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاق (4) ، وَأَبُو القَاسِمِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ (5) المُفَسِّر، وَحَمْزَةُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ المُهَلَّبِيّ (6) ، وَشَيْخُ مَكَّة عُبَيْدُ اللهِ بن مُحَمَّدٍ السَّقَطِيّ (7) ، وَشَيْخُ بَغْدَاد أَبُو أَحْمَدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ الفَرَضِيّ (8) ، وَأَبُو الفَرَجِ عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ البُرْجِيّ بِأَصْبَهَانَ، وَشَيْخُ المُتَكَلِّمِيْن أَبُو بَكْرٍ بنُ فُوْرَك (9) .
__________
= حديث صحيح أخرجه أبو داود (4291) والحاكم 4 / 522، والخطيب 2 / 61، وقد تقدم تخريجه.
(1) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 210، و" طبقات " السبكي 4 / 64.
(2) في " تاريخ بغداد " 4 / 370.
(3) سترد ترجمته برقم (126) .
(4) انظر ترجمته في تبيين كذب المفتري 226، 227، المنتظم 8 / 7، 8، تذكرة الحفاظ 1064، العبر 3 / 93، الوافي بالوفيات 12 / 165، البداية والنهاية 12 / 13، النجوم الزاهرة 4 / 256، شذرات الذهب 3 / 180، 181، طبقات السبكي 4 / 329، الكامل لابن الأثير 9 / 326.
(5) سترد ترجمته برقم (143) .
(6) سترد ترجمته برقم (159) .
(7) سترد ترجمته برقم (142) .
(8) سترد ترجمته برقم (124) .
(9) سترد ترجمته برقم (125) .(17/196)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَافِظ بن بَدْرَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا إِليَاسُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ كَرّوس، أَخْبَرَنَا الفَقِيْه نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا سُلَيْم بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ أَبِي طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الشّعرَانِي، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ كَهْمَس، عَنِ ابْنِ بُريدَة، عَنْ يَحْيَى بنِ يَعْمَر قَالَ: ظَهَرَ هَا هُنَا مَعْبَدٌ الجُهَنِيُّ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ قَالَ فِي القَدَرِ هَا هُنَا. وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (1) .
112 - ابْنُ بِيْرِي أَبُو بَكْرٍ بنُ عُبَيْدِ بنِ الفَضْلِ الوَاسِطِيُّ *
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، شَيْخُ وَاسِط، أَبُو بَكْرٍ (2) بنُ عُبَيْد بنِ الفَضْل بن سَهْلِ بنِ بِيرِي الوَاسِطِيّ.
آخرُ أَصْحَاب عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُبَشِّر الوَاسِطِيّ، حَدَّثَ عَنْهُ وَعَنْ: مُحَمَّدِ بن عُثْمَانَ بنِ سَمْعَان، وَعَبْدِ اللهِ بن عُمَرَ بنِ شَوْذَب، وَمُحَمَّدِ بن الحُسَيْنِ الزَّعْفَرَانِيّ، وَمُحَمَّدِ بن يَحْيَى الصُّوْلِيّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ بن البَخْتَرِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الحَسَنِ بن مَنْصُوْرٍ، وَعَبْدِ البَاقِي بن قَانع، وَعِدَّة.
حَتَّى إِن خَمِيس بن عَلِيٍّ الحَوْزِي (3) زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيّ،
__________
(1) وهو حديث مطول أخرجه من طرق عن كهمس بهذا الإسناد مسلم (8) في الايمان: باب وصف جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم الإسلام والايمان، وأبو داود (4695) والترمذي (2610) والنسائي 8 / 97.
(*) الإكمال 1 / 521، سؤالات الحافظ السلفي: 17، 18، الأنساب 2 / 365 (بيري) ، اللباب 1 / 197، المشتبه 1 / 107، تبصير المنتبه 1 / 113.
(2) واسمه: أحمد.
(3) نسبة إلى الحوز: قرية بإزاء واسط من شرقيها الأعلى، يقال لها: حوز برقة، وجعلها السمعاني نسبة إلى الحويزة بنواحي البصرة، فاستدرك عليه ابن الأثير في " اللباب " وخميس الحوزي ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر.(17/197)
وَابنِ أَبِي دَاوُدَ (1) ، وَهَذَا غَلَطٌ.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً صَدُوْقاً، كُفَّ بَصَره بِأَخَرَةٍ (2) .
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الكَرِيْم بنُ مُحَمَّدٍ الشُّرُوطي، وَأَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ الحَسَنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عِيْسَى القَارِئُ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الطَّيِّب الصُّوْفِيّ، وَأَبُو غَالِبٍ بنُ بِشْرَان النَّحْوِيُّ، وَالقَاضِي أَبو عليّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الطَّيِّب بن كَمَارِي (3) ، وَالفَقِيْه أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشَّافِعِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ البَزَّاز: الوَاسطيون وَسَمَاعُ ابْنِ مَخْلَد مِنْهُ فِي سَنَة نَيِّف وَأَرْبَع مائَة - رَحِمَهُ اللهُ -.
113 - ابْنُ خَزَفَةَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ (4) بنِ خَزَفَةَ الوَاسِطِيُّ، الصَّيْدَلاَنِيُّ، الأَدِيْبُ، رَاوِي (التَّارِيْخ الكَبِيْر) لأَحْمَدَ بن أَبِي خَيْثَمَةَ (5) ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الزَّعْفَرَانِيّ، عَنْهُ.
وَرَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي وَطَن، وَأَبِي العَلاَءِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ.
وَعَنْهُ: اللاَّلْكَائِيّ (6) ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ البَيْطَار، وَأَبُو عَلِيٍّ غُلاَم
__________
(1) " سؤالات الحافظ السلفي " 17.
(2) " سؤالات الحافظ السلفي " 18.
(3) بفتح الكاف والميم وفي آخرها الراء المهملة بعد الالف. انظر ترجمة حفيده القاضي أبي اسماعيل في " الأنساب " 10 / 467.
(*) الإكمال 2 / 411، سؤالات الحافظ السلفي ترجمة رقم (17) ، تذكرة الحفاظ 3 / 1049، تبصير المنتبه 1 / 429.
(4) في " سؤالات الحافظ السلفي ": " الحسن " بدل " علي ".
(5) المتوفى سنة تسع وسبعين ومئتين، مرت ترجمته في الجزء الحادي عشر برقم (131) .
(6) هو أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور اللالكائي، سترد ترجمته برقم (274) .(17/198)
الهَرَّاس، وَأَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بنُ سُفْيَان، وَعَلِيُّ بنُ عُبَيْدِ اللهِ العَلاَّف، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الجُمَّارِي (1) ، وَعِدَّة.
وَكَانَ خِصّيصاً بِالوَزِيْر فَخرِ المُلك (2) وَنديماً لَهُ.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة.
114 - الخُزَاعِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ الخُزَاعِيُّ، البَلْخِيُّ، مِنْ وَلد مُكَلِّم الذّئب أُهبَان بنِ عيَاذ الخُزَاعِيّ (3) - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
سَمِعَ: مِنَ الهَيْثَم بن كُلَيْب الشَّاشِي (مُسْنده) ، وَكِتَاب (الشَّمَائِل) ، وَكِتَاب (غَرِيْب الحَدِيْث) لابْنِ قُتَيْبَة، وَغَيْر ذَلِكَ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَتَفَرَّد.
__________
(1) ذكره ابن نقطة في " الاستدراك " 102 ب، وقال: بضم الجيم وتشديد الميم وبعد الالف راء مكسورة، هو أبو البركات إبراهيم بن محمد بن خلف الجماري، واسطي.
وانظر " تبصير المنتبه " 1 / 346، و" سؤالات الحافظ السلفي " ص 30، وستأتي ترجمة ولده محمد ابن إبراهيم في الجزء التاسع عشر.
(2) في الأصل: " فخر الدولة " وهو خطأ، وفخر الملك هذا سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (173) .
(*) العبر 3 / 107، شذرات الذهب 3 / 195.
(3) في الأصل: أهبان بن صيفي، وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه، وهو أهبان بن الاكوع ابن عياذ بن ربيعة الخزاعي، وكان من أصحاب الشجرة، وكان يضحي عن أهله بالشاة الواحدة، وهو الذي كلمه الذئب - وقيل: إن مكلم الذئب هو أهبان بن أوس الاسلمي - قال: كنت في غنم لي، فشد الذئب على شاة منها، فصاح عليه، فأقعى على ذنبه، قال: فخاطبني، فقال: من لها يوم تشغل عنها؟ انظر " الإصابة " 1 / 78، و" الاستيعاب " في هامشها 1 / 64، و" تهذيب الكمال " الورقة 127، 128، و" تهذيب التهذيب " 1 / 380.(17/199)
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: أَبِيهِ، وَالأُسْتَاذِ عَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ البُخَارِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ طَرْخَان البَلْخِيّ، وَمُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ بنِ خَنْب (1) ، وَأَبِي عَمْرو مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ العُصْفُرِي، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الجَمَّال، وَمُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ السُّلَمِيّ، وَطَائِفَة.
وَارْتَحَلَ فِي كبره، فَحَدَّثَ بِبُخَارَى، وَبلخ وَسَمَرْقَنْد وَنسف.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدِّيَار، وآخرُ أَصْحَابه مَوتاً أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلِيْلِيّ الدِّهْقَان.
مَاتَ بِبُخَارَى فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
115 - السُّلَيْمَانِيُّ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَمْرٍو *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُعَمَّرُ، مُحَدِثُ مَا وَرَاء النَّهر، أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَمْرِو (2) بنِ حَمْدِ (3) بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ بنِ عَنْبَرٍ، سِبْطُ أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ، السُّلَيْمَانِيُّ البِيْكَنْدِيُّ البُخَارِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) بفتح الخاء المعجمة، بعدها نون ساكنة، ثم باء موحدة. " تبصير المنتبه " 1 / 268.
(*) الأنساب 7 / 122، معجم البلدان 1 / 533، اللباب 2 / 132، طبقات ابن الصلاح الورقة 34 ب، العبر 3 / 87، تذكرة الحفاظ 3 / 1036، 1037، الوافي بالوفيات 7 / 216، 217، طبقات الشافعية للسبكي 4 / 41، 42، طبقات الشافعية للاسنوي 2 / 40، طبقات الحفاظ: 409، شذرات الذهب 3 / 172، هدية العارفين 1 / 71.
(2) في " معجم البلدان ": عمر.
(3) في " الأنساب "، و" طبقات " السبكي، و" طبقات " الاسنوي: أحمد.(17/200)
وَسَمِعَ: مُحَمَّدَ بن حَمْدُوَيْه بن سَهْل المَرْوَزِيّ، وَعَلِيَّ بن سَخْتُويه، وَعَلِيَّ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَمُحَمَّدَ بن إِسْحَاقَ الخُزَاعِيّ، وَمُحَمَّدَ بن صَابر بن كَاتب، وَصَالِح بن زُهَيْر البُخَارِيين، وَعَلِيَّ بن إِسْحَاقَ المَادَرَائِي (1) ، وَأَبَا العَبَّاسِ الأَصَمّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرِ بنِ فَارس، وَطَبَقَتَهُم.
وَتَفَرَّد بِالرِّوَايَة عَنِ ابْنِ حَمْدُوَيْه وَغَيْرِه.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ فِي (الأَنسَاب (2)) :السُّلَيْمَانِيّ مَنْسُوبٌ إِلَى جدِّه لأُمِّهِ: أَحْمَدَ بنِ سُلَيْمَانَ البِيْكَنْدِيّ، لَهُ التَّصَانِيْفُ الكِبَارُ، رَحَلَ إِلَى الآفَاق، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيْرٌ فِي زَمَانِهِ إِسْنَاداً وَحِفْظاً وَدِرَايَةً وَإِتقَاناً، وَكَانَ يُصَنِّفُ فِي كُلِّ جُمعَة شَيْئاً، وَيَدْخُلُ مِنْ بِيْكَنْد إِلَى بُخَارَى، وَيُحَدِّثُ بِمَا صَنَّف.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُسْتَغْفِرِيُّ، وَوَلَده أَوْ ذَر مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، وَجَمَاعَةٌ لاَ نَعْرِفُهُم بِتِلْكَ الدِّيَار.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ (3) :تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَع مائَة وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ عَلِيٍّ البِيْكَنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الخَطَّاب مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ الكعبِيّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَبِيوردِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو السُّلَيْمَانِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِي، حَدَّثَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ السَّمَرْقَنْدِي، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ مِينَا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
__________
(1) في " اللباب ": نسبة إلى مادرايا، وظني أنها من أعمال البصرة. ثم أورد ترجمة علي ابن إسحاق هذا.
(2) 7 / 122.
(3) في " الأنساب " 7 / 123.(17/201)
بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي كَثِيْر، عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (لاَ يَفْتَحُ أَحَدٌ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلاَّ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ (1)) .
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ يُوْنُسَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ عَبْدُ الأَوّل، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظ ببِيْكَنْد، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عِيْسَى الخُوَارِزْمِيّ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ حَمْدَان البَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ نَهْشَل المَرْوَزِيّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ مَسْعُوْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بنِ عَمَّار، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْر قَالَ: وَلدُ الزِّنَى لاَ يَكْتُب الحَدِيْث (2) .
رَأَيْتُ لِلسُّلَيْمَانِيّ كِتَاباً فِيْهِ حَطٌّ عَلَى كِبَارٍ، فَلاَ يُسمَعُ مِنْهُ مَا شَذَّ فِيْهِ.
__________
(1) عيسى بن مينا: وهو المدني المقرئ صاحب نافع الملقب بقالون، ثبت في القراءة، وفي الحديث يصلح للاعتبار، وباقي رجاله ثقات، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 935، ونسبه للطبري في تهذيبه، وأخرجه مطولا الامام أحمد 2 / 436 من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان، حدثنا سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة أن رجلا شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه وسلم جالس، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم، فلما أكثر رد عليه بعض قوله، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم
وقام، فلحقه أبو بكر، فقال: يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله: غضبت وقمت، قال: إنه كان معك ملك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله، وقع الشيطان، فلم أكن لاقعد مع الشيطان، ثم قال: يا أبا بكر ثلاث كلهن حق: ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله عزوجل إلا أعز الله بها نصره، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله عزوجل بها قلة ".
وهذا سند حسن، وفي الباب عن أبي كبشة عمر بن سعد الانماري عند أحمد 4 / 231، والترمذي (2335) وابن ماجة (4228) وقال الترمذي: حسن صحيح وهو كما قال، وعن عبد الرحمن بن عوف عند أحمد 1 / 193 والبزار (929) وقال: وفيه رجل لم يسم.
(2) ألم يقل الله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر اخرى) .
فولد الزنى إذا كان حافظا صادقا ثقة ضابطا لما يروي، فهو كغيره من الثقات يكتب الحديث، ويروى عنه، وينتفع بعلمه.(17/202)
116 - ابْنُ حَامِدٍ الحَسَنُ بنُ حَامِدِ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
شَيْخُ الحَنَابِلَة وَمُفتيهُم، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَسَنُ بنُ حَامِد بن عَلِيِّ بنِ مَرْوَانَ البَغْدَادِيُّ، الوَرَّاق، مُصَنِّف كِتَاب (الجَامع) فِي عِشْرِيْنَ مُجَلَّداً فِي الاختِلاَفِ.
رَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ النَّجَّادِ، وَأَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، وَابنِ سَلْم الخُتَّلِيِّ (1) .
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ (2) ، وَأَبُو طَالِبٍ العُشَارِيّ (3) ، وَالقَاضِي أَبُو يَعْلَى (4) وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ، وَالمُقْرِئُ أَبُو بَكْرٍ الخَيَّاط (5) .
وَكَانَ يَتَقَوَّتُ مِنَ النَّسْخِ، وَيُكْثِرُ الحَجّ (6) .
وَهُوَ أَكْبَرُ تَلاَمذَةِ أَبِي بَكْرٍ (7) غُلاَم الخلاَّل.
__________
(*) تاريخ بغداد 7 / 303، طبقات الحنابلة 2 / 171 - 177، مناقب الامام أحمد لابن الجوزي: 625، المنتظم 7 / 263، 264، الكامل في التاريخ 9 / 242، دول الإسلام 1 / 242، العبر 3 / 84، الوافي بالوفيات 11 / 415، البداية والنهاية 11 / 349، النجوم الزاهرة 4 / 232، شذرات الذهب 3 / 166، 167، تاريخ التراث العربي لسزكين 2 / 218.
(1) هو أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم الختلي، أخو محمد وعمر، مرت تراجمهم في الجزء السادس عشر.
(2) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (11) .
(3) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (21) .
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (40) .
(5) هو محمد بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، البغدادي، المعروف بالخياط، متوفى سنة 467. " غاية النهاية " 2 / 208.
(6) انظر " طبقات الحنابلة " 2 / 177.
(7) هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد البغدادي الحنبلي، المعروف بغلام الخلال، متوفى سنة 363، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.(17/203)
هَلَكَ شَهِيْداً فِي أَخذ الْوَفْد سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة (1) .
117 - ابْنُ وَجْهِ الجَنَّةِ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرْطُبِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَسْعُوْدِ بنِ مُوْسَى القُرْطُبِيُّ، عُرِفَ: بِابْنِ وَجْهِ الجَنَّةِ.
سَمِعَ مِنْ: قَاسِمِ بنِ أَصْبَغَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي دُلَيْمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُعَاوِيَةَ، وَابْنِ حَزْمٍ الصَّدَفِي، وَأَحْمَدَ بنِ مُطَرِّفٍ.
وَكَانَ خَيِّراً دَيِّناً، مِنْ عُدُولِ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ بنِ السَّلِيْم، وَكَانَ يَلْتَزِمُ صنعَة الخَزِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْم، وَطَائِفَة.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة.
وَهُوَ أَكْبَر شَيْخ لقِيه ابْنُ حَزْم.
__________
(1) قال المؤلف في " العبر " حوادث سنة 403: فيها أخذ الركب العراقي وتسمى نوبة واقصة، نزل فليتة الخفاجي قبحه الله في ست مئة بواقصة، فغور المياه، وطرح الحنظل في الآبار، فلما جاء الركب إلى العقبة، حبسهم ومنعهم العبور إلا بخمسين ألف دينار، فخافوا وضعفوا وعطشوا، فهجم الملعون عليهم، فلم يكن عندهم منعة، وسلموا أنفسهم، فاحتوى على الجمال بالاحمال، واستاقها، وهلك الركب إلا القليل، فقيل: إنه هلك خمسة عشر ألف إنسان، فأمر فخر الملك الوزير علي بن مزيد، فأدركهم بناحية البصرة، فظفر بهم، وقتل طائفة كبيرة، وأسر والد فليتة والاشتر وأربعة عشر رجلا، ووجدوا أموال الناس قد تمزقت، فانتزع ما أمكنه، فعطشوا الاسرى على جانب دجلة يرون الماء ولا يسقون حتى هلكوا. " العبر " 3 / 82، 83.
(*) الصلة 2 / 663، العبر 3 / 82، شذرات الذهب 3 / 165.(17/204)
118 - ابْنُ الرَّسَّانِ أَحْمَدُ بنُ فَتْحِ بنِ عَبْدِ اللهِ القُرْطُبِيُّ *
الشَّيْخُ، الجَلِيْلُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو القَاسِمِ أَحْمَدُ بنُ فتح بن عَبْدِ اللهِ بْن عَلِيٍّ القُرْطُبِيّ، التَّاجِرُ، السَّفَّار، المَعْرُوفُ: بِابْنِ الرّسَّان.
حج وَأَخَذَ عَنْ: أَبِي الحَسَنِ عُتْبَة الرَّازِيّ، وَحَمْزَةَ الكِنَانِيّ، وَالحَسَنِ ابْنِ رَشِيْق، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْمَ فَقِيْهِ قُرْطُبَة، وَحمل (صَحِيْح مُسْلِم) عَنْ أَبِي العَلاَءِ بن مَاهَان.
رَوَى عَنْهُ: الصَّاحبَان؛ ابْنُ مَيْمُوْنٍ وَابْنُ شِنْظِير، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عتَّاب، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَالخَوْلاَنِيُّ وَقَالَ: هُوَ رَجُلٌ صَالِحٌ عَلَى هُدَى وَسُنَّة، صَنَّفَ فِي الفَرَائِضِ، وَكَانَ عِنْدَهُ فوائِد جَمَّةٌ عَوَالٍ (1) .
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ عَنْ أَرْبَع وَثَمَانِيْنَ سَنَةً فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، مختفياً بَعْد طلبٍ شَدِيد بِسبب مصَادرَة وَعسف.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ حَزْم فِي توَالِيفه عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة.
119 - لِحْيَةُ الزِّبْلِ سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ البَرْبَرِيُّ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، شَيْخُ اللُّغَة، أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ
__________
(*) الصلة لابن بشكوال 1 / 26.
(1) انظر " الصلة " لابن بشكوال 1 / 26.
(* *) الصلة 1 / 208 - 210 وتحرف فيه إلى " الذبل " بالذال، تلخيص ابن مكتوم 78، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 351، 352، بغية الوعاة 1 / 585.(17/205)
سَعِيْدٍ البَرْبَرِيّ، الأَنْدَلُسِيُّ، ابْنُ القَزَّاز، اللُّغَوِيُّ، القُرْطُبِيُّ، تِلْمِيْذُ أَبِي عَلِيٍّ القَالِي.
مَوْلِدُهُ: فِيسَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حَدَّثَ عَنْ: قَاسِمِ بنِ أَصْبَغ، وَوَهْبِ بن مَسَرَّة، وَمُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي دُلَيْم، وَمُحَمَّدِ بن عِيْسَى بنِ رِفَاعَةَ، وَسَعِيْدِ بن جَابِرٍ، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الخُشَنِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ أَحَدَ الثِّقَاتِ.
عُدم فِي وَقعَة الأَنْدَلُس (1) ، فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَة أَرْبَعِ مائَةٍ.
120 - ابْنُ المَكْوِيِّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الإِشْبِيْلِيُّ *
عَالِمُ الأَنْدَلُس، وَشَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ هَاشِمٍ الإِشْبِيْلِيُّ، ابْنُ المَكْوِيِّ.
تَفَقَّهَ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْه (2) .
وبرعَ، وَفَاقَ الأَقرَانَ، وَانتهت إِلَيْهِ مَعْرِفَةُ المَذْهَبِ وَغوَامضِهِ مَعَ
__________
(1) هي الملحمة الكبرى التي جرت حين قصد المستعين بالله سليمان بن الحكم قرطبة، فبرز لقتاله جيش محمد بن عبد الجبار المهدي، فحطمهم سليمان، وغرق خلق منهم، وقتل اثنا عشر ألفا، منهم عدة من العلماء والصلحاء.
انظر ترجمة المستعين المتقدمة برقم (79) .
(*) جذوة المقتبس: 132، ترتيب المدارك 4 / 635 - 642، الصلة لابن بشكوال 1 / 22، العبر 3 / 74، 75، الوافي بالوفيات 7 / 144، مرآة الجنان 3 / 3، الديباج المذهب 1 / 176، 177، كشف الظنون 1 / 81، شذرات الذهب 3 / 161، هدية العارفين 1 / 71 وتحرف فيه إلى " ابن المكري " بالراء، شجرة النور الزكية: 102.
(2) المتوفى سنة 352، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.(17/206)
الصَّلاَبَةِ فِي الدِّين، وَالبُعد عَنِ الهوَى، وَالإِنصَافِ فِي النَّظَر.
صَنّف هُوَ وَالعَلاَّمَة أَبُو بَكْرٍ المُعَيْطي (1) مَعاً كِتَاب (الاسْتيعَاب) (2) فِي المَذْهَب، فِي مائَة جُزْء، لصَاحِبِ الأَنْدَلُس المُسْتَنْصِر (3) ، فسُرَّ بِذَلِكَ، وَوصلَهُمَا بِمَبْلَغٍ، وَقدَّمهُمَا للشُّوْرَى.
تَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ المَكْوِيّ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَخَذَ عَنْهُ (المُدَوَّنَة) .
مَاتَ فجأَةً فِي جُمَادَى الأُولَى، سَنَة إِحْدَى وَأَرْبَع مائَة عَنْ سبعٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ مَشْهودَةً - رَحِمَهُ اللهُ -.
121 - الصُّعْلُوْكِيُّ سَهْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة بِخُرَاسَانَ، الإِمَامُ، أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ ابْنُ الإِمَامِ أَبِي سَهْلٍ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بن مُحَمَّدٍ العِجْلِيُّ، الحَنَفِيُّ، ثُمَّ الصُّعْلُوْكِيّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ.
تَفَقَّهَ عَلَى وَالده.
__________
(1) هو أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الوليد القرشي المعيطي، الامام الفقيه العالم المتفنن، متوفى سنة 367 هـ.
انظر ترجمته في تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي 2 / 78، ترتيب المدارك 4 / 633 - 635، الديباج المذهب 2 / 225، شجرة النور الزكية 1 / 99.
(2) انظر خبر تأليف هذا الكتاب في " ترتيب المدارك " 4 / 634، 635، و" الديباج المذهب " 2 / 226، و" شجرة النور " 1 / 99.
(3) هو الحكم بن عبد الرحمن بن محمد، المستنصر بالله، أمير المؤمنين في الأندلس، متوفى سنة 366 هـ، مرت ترجمته في الجزء الثامن برقم (63) وفي الجزء السادس عشر.
(*) طبقات الشافعية للعبادي: 103، طبقات الشافعية للشيرازي: 100، الأنساب 8 / 64، تبيين كذب المفتري: 211 - 214، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 238، 239، وفيات الأعيان 2 / 435، 436، العبر 3 / 88، دول الإسلام 1 / 242، طبقات الشافعية للسبكي 4 / 393 - 404، طبقات الشافعية للاسنوي 2 / 126، 127، البداية والنهاية 11 / 324 و347، طبقات ابن هداية الله 122، 123، شذرات الذهب 3 / 172.(17/207)
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمّ، وَأَبِي عَلِيٍّ الرّفَّاء، وَطَائِفَة.
وَدرَّس وَتَخَرَّجَ بِهِ أَئِمَّة.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ مِنْ أَنْظَرِ مَنْ رأَينَا، تَخَرَّجَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَحَدَّثَ وَأَمْلَى.
قَالَ: وَبلغنِي أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسه أَكْثَرُ مِنْ خَمْس مائَة محبرَة (1) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيّ: كَانَ أَبُو الطَّيِّبِ فَقِيْهاً أَدِيْباً، جَمَعَ رِئاسَةَ الدُّنْيَا وَالدِّيْن، وَأَخَذَ عَنْهُ فُقَهَاءُ نَيْسَابُوْر (2) .
وَقَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَبُوْهُ يُجِلُّه، وَيَقُوْلُ: سهلٌ وَالد (3) .
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِم وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ (4) ، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَهْل الشَّاذْيَاخِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ أَلْفَاظٌ بَدِيْعَة، مِنْهَا: مَنْ تَصَدَّرَ قَبْلَ أَوَانِهِ، فَقَدْ تَصَدَّى لِهَوَانِهِ.
وَقَالَ: إِذَا كَانَ رِضَى الْخلق معسوراً لاَ يُدرك، كَانَ رِضَى الله مِيسوراً لاَ يُترك، إِنَّا نحتَاج إِلَى إِخوَان العُشرَة لوقت العُسْرَة.
وَكَانَ بَعْضُ العُلَمَاء يعدُّ أَبَا الطَّيِّبِ المجدِّدَ للأُمَّة دِيْنَهَا عَلَى رَأْسِ الأَرْبَع مائَة، وَبَعْضُهُم عدَّ ابْن البَاقِلاَّنِيّ، وَبَعْضُهُم عدَّ الشَّيْخ أَبَا حَامِدٍ
__________
(1) انظر " الأنساب " 8 / 64، و" تبيين كذب المفتري ": 211، 212، و" تهذيب الأسماء واللغات " 1 / 238، و" طبقات " السبكي 4 / 394، و" طبقات " الاسنوي 2 / 126.
(2) انظر " تهذيب الأسماء واللغات " 1 / 239، و" طبقات " السبكي 4 / 394، و" طبقات " الاسنوي 2 / 126.
(3) " تبيين كذب المفتري ": 212، و" طبقات " السبكي 4 / 395.
(4) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (86) .(17/208)
الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَهُوَ أَرجحُ الثَّلاَثَة (1) .
تُوُفِّيَ الإِمَامُ أَبُو الطَّيِّبِ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَع مائَة فِي عشر الثَّمَانِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: السُّلَيْمَانِيّ (2) ، وَشَيْخُ القرَّاء أَبُو الفَرَجِ عَبْدُ المَلِكِ بن بَكْرَانَ النَّهروَانِيّ (3) ، وَقَاضِي قُرْطُبَة أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَاقِد المَالِكِيّ، وَالحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ حَاتِم بن أَبِي حَاتِمٍ مُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ الهَرَوِيّ مُؤَلّف (السُّنَن الكَبِيْر) .
122 - ابْنُ اللَّيْثِ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الكَشِّيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ اللَّيْثِ الكَشِّي (4) ، ثُمَّ الشِّيْرَازِيُّ، الشَّافِعِيّ، مِنْ أَعْيَانِ القُرَاء وَالحُفَّاظ وَالفُقَهَاء.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: إِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّار، وَأَبِي العَبَّاسِ الأَصَمّ، وَمُحَمَّدِ بن يَعْقُوْبَ بن الأَخْرَم، وَعَبْد اللهِ بن دُرُسْتَوَيْه النَّحْوِيِّ، وَالحَافِظِ الحَسَن بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّامَهُرْمُزِيّ.
__________
(1) انظر " تبيين كذب المفتري ": 212، 213.
(2) تقدمت ترجمته برقم (115) .
(3) انظر ترجمته في العبر 3 / 88، معرفة القراء الكبار 1 / 298، غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 467، 468، شذرات الذهب 3 / 173.
(*) الأنساب (الكشي) 10 / 441 و (الليثي) اللباب، 3 / 100 و138، تذكرة الحفاظ 3 / 1037، 1038، طبقات السبكي 4 / 302، 303، غاية النهاية في طبقات القراء 1 / 207، طبقات الحفاظ: 409، شذرات الذهب 3 / 175.
(4) نسبة إلى كشي: اسم جد أبي علي صاحب الترجمة. " الأنساب " و" اللباب ".(17/209)
وَارْتَحَلَ وَجمع، وَشَاركَ فِي الفَضَائِل، وَرَوَى الكَثِيْر ببلاَد فَارس.
سَمِعَ مِنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَقَالَ: هُوَ متقدِّمٌ فِي مَعْرِفَةِ القرَاءاتِ، حَافِظٌ لِلْحَدِيْثِ، رَحَّالٌ، قَدِمَ عَلَيْنَا أَيَّامَ الأَصَمِّ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ (1) .
وَذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو بنُ الصَّلاَح أَبَا عَلِيٍّ بنَ اللَّيْثِ فِي (طبقَات الشَّافِعِيَّة) مختصراً، وَقَالَ: هُوَ وَالِدُ اللَّيْثِ وَأَبِي بَكْرٍ (2) .
ذكره أَيْضاً أَبُو عَبْدِ اللهِ القَصَّار فِي (طبقَات أَهْل شيرَاز) ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَثِيْراً ثُمَّ قَالَ وَمن أَصْحَابه: زَيْدُ بنُ عُمَرَ الحَافِظ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَافِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَافِظ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ لثمَان عَشْرَة مَضَت مِنْ شَعْبَانَ سَنَة خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة (3) .
قُلْتُ: وَمَاتَ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَيُكْنَى أَبَا بَكْرٍ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ المُقْرِئ.
وَقِيْلَ: بَلْ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فيُحرّر هَذَا (4) .
وَقَدْ ذكر الحَافِظُ يَحْيَى بنُ مَنْدَة: أَنَّ الحَافِظ أَبَا الشَّيْخ مَعَ تَقَدُّمِهِ رَوَى عَنْ أَبِي عَلِيٍّ بنِ اللَّيْثِ حَدِيْثاً.
فَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ الشُّيُوْخِ عَنِ التَّلاَمِذَة.
123 - ابْنُ فُطَيْسٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ القُرْطُبِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، ذُو الفُنُوْنِ، قَاضِي الجَمَاعَةِ، أَبُو المُطَرِّف
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1038، و" طبقات " السبكي 4 / 303.
(2) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1038.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(*) ترتيب المدارك 4 / 671، 672، الصلة 1 / 309 - 313، بغية الملتمس 356، =(17/210)
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بن فُطَيْس (1) بن أَصْبَغَ بن فُطَيْس (2) القُرْطُبِيُّ، المَالِكِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عِيْسَى اللَّيْثِيّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ بن عَوْنٍ الله وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مُفَرِّجٍ، وَأَبِي الحَسَنِ الأَنْطَاكِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الأَصِيْلِي، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ، وَعِدَّة.
وَأَجَاز لَهُ الحَسَنُ بنُ رَشِيْق (3) ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيّ، وَطَائِفَة.
وَكَانَ حَافِظاً نَاقِداً جِهْبذاً، مُجَوِّداً مُحَقِّقاً، بَصِيْراً بِالعلَلِ وَالرِّجَال، مَعَ قُوَّتِهِ فِي الفِقْهِ وَالفَضَائِلِ، وَكَانَ يُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ (4) .
حَدَّثَ عَنْهُ: الصَّاحبَان، وَأَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ سُميق، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ الحَذَّاء، وَحَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَآخَرُوْنَ.
صَنّف كِتَاب (الْقَصَص) وَهُوَ ثَلاَث مُجَلَّدَات، وَكِتَاب (أَسبَاب النُّزَول) فِي مائَة جُزْء، وَكِتَاب (فَضَائِل الصَّحَابَة) فِي مائَة جُزْء، وَكِتَاب (فَضَائِل التَّابِعِيْنَ) فِي سبع مُجَلَّدَات، وَكِتَاب (النَّاسخ وَالمنسوخ) ثَلاَثُوْنَ
__________
= المغرب في حلي المغرب 1 / 216، العبر 3 / 78، 79، تذكرة الحفاظ 3 / 1061، مرآة الجنان 3 / 4، الديباج المذهب 1 / 478، النجوم الزاهرة 4 / 231، طبقات الحفاظ 414، 415، طبقات المفسرين 1 / 285 - 287، شذرات الذهب 3 / 163، هدية العارفين 1 / 515، الرسالة المستطرفة 58، شجرة النور 1 / 102.
(1) قال في " الديباج ": واسم هذا: سليمان، وفطيس لقب له. وقد تحرف في " الصلة " إلى " فطين ".
(2) في " الصلة ": ... أصبغ بن فطيس بن سليمان، واسم فطيس بن سليمان: عثمان، وفطيس لقب له، واسم في ولده، كذا ذكر أبو عمر بن عبد البر.
(3) المتوفى سنة 370 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) انظر " الصلة " 1 / 310.(17/211)
جُزْءاً، وَكِتَاب (الإِخْوَة مِنْ أَهْلِ العِلْمِ) مُجَلَّدَان، وَكِتَاب (أَعلاَم النُّبُوَّة) فِي عَشْرَة أَسفَار، وَكِتَاب (الكَرَامَات) فِي مُجَلَّدين، وَ (مُسْند) مُحَمَّد بن فُطَيْس، خمسُوْنَ جُزْءاً، وَ (مُسْند) قَاسِم بن أَصْبَغَ العوَالِي، ثَلاَث مُجَلَّدَات، وَكِتَاب (المنَاولَة وَالإِجَازَة) مُجَلَد.
وَكَانَ قَدْ وَلِي الوزَارَة للمُظَفَّر بنِ أَبِي عَامِر، فَلَمَّا أَن وَلِي القَضَاءَ، تركَ زِيَّ الوُزَرَاء.
وَكَانَ عَادلاً، شَدِيداً فِي أَحكَامه (1) ، بَحْراً مِنْ بُحُورِ العِلْمِ، عَظِيْم الْخطر (2) .
عَاشَ خمساً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ فِي نِصْفِ ذِي القَعْدَةِ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة، وَصَلَّى عَلَيْهِ وَلدُهُ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللهُ -.
124 - أَبُو أَحْمَدَ الفَرَضِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ العِرَاق، أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ البَغْدَادِيُّ، الفَرَضِيُّ، المُقْرِئ. تلاَ عَلَى ابْنِ بُويَان (3) .
__________
(1) قال في المغرب 1 / 216: إلا أنه كان يخلط صرامته ببطش وعجلة وحدة لا تليق بالاحكام.
(2) انظر " الصلة " 1 / 311 و312.
(*) تاريخ بغداد 10 / 380 - 382، الأنساب 9 / 272، 273، اللباب 2 / 422، معرفة القراء الكبار 1 / 292 - 294، العبر 3 / 94، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 491، 492، شذرات الذهب 3 / 181.
(3) هو أبو الحسين أحمد بن عثمان بن محمد بن جعفر بن بويان، الخراساني البغدادي، ثقة كبير مشهور ضابط، متوفي سنة 344.
مترجم في " معرفة القراء الكبار " 1 / 235، 236، و" غاية النهاية " لابن الجزري ترجمة رقم (362) .(17/212)
وَسَمِعَ: مِنَ القَاضِي المَحَامِلِيّ (1) ، وَيُوْسُف بن البُهلول الأَزْرَق، وَحَضَرَ مَجْلِس أَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنْبَارِيِّ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو بَكْرٍ بنُ مُوْسَى الخَيَّاط، وَأَبُو عَلِيٍّ غُلاَم الهَرَّاس (2) ، وَنَصْرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الفَارِسِيّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّل، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي عُثْمَانَ، وَعَلِيُّ بنُ البُسْرِيّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيّ الخَطِيْب، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :كَانَ ثِقَةً وَرِعاً دَيِّناً.
وَقَالَ العَتِيْقِيّ: مَا رَأَيْتُ فِي مَعْنَاهُ مثلَه (4) .
وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ: عُبَيْدُ اللهِ كَانَ إِمَاماً مِنَ الأَئِمَّة (5) .
قَالَ عِيْسَى بنُ أَحْمَدَ الهَمَذَانِيّ: كَانَ أَبُو أَحْمَدَ إِذَا جَاءَ إِلَى أَبِي حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ، قَامَ وَمَشَى حَافيّاً إِلَى بَاب مَسْجِدِهِ مُسْتَقْبِلاً لَهُ (6) .
وَقَالَ مَنْصُوْرٌ الفَقِيْه: لَمْ أَرَ فِي الشُّيُوْخ مَنْ يُعلِّم للهِ غَيْرَ أَبِي أَحْمَدَ
__________
(1) هو أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي المحاملي، صاحب " المحامليات " المتوفى سنة 330 هـ، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(2) سقط من الأصل لفظ " غلام " والصواب إثباته، وهو أبو علي الحسن بن القاسم بن علي الواسطي، المقرئ شيخ القراء، المعروف بغلام الهراس، متوفى سنة ثمان وستين وأربع مئة، ترجمه المؤلف في " معرفة القراء الكبار " 1 / 344 - 346، وابن الجزري في " غاية النهاية " ترجمة رقم (1040) .
(3) في " تاريخ بغداد " 10 / 380.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق.
(6) " تاريخ بغداد " 10 / 380، 381، و" الأنساب " 9 / 273.(17/213)
الفَرَضِيّ، اجْتَمَعَتْ فِيْهِ أَدَوَاتٌ مِنْ علمٍ وَقُرآنٍ وَإِسْنَاد، وَحَالَةٍ مِنَ الدُّنْيَا مُتّسعَة، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ أَورعَ الخَلْقِ، لَمْ أَرَ مثله (1) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَع مائَة وَلَهُ اثْنَتَانِ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَقَدِ اسْتَوْفَيْتُ أَمره فِي (طبقَات المُقْرِئين (2)) .
سَمِعْتُ قِرَاءة قَالُوْنَ عَلَى عُمَرَ بن عَبْدِ المُنْعِمِ (3) ، قَالَ: أَنْبَأَنِي أَبُو اليُمْن الكِنْدِيُّ قَالَ: تلوتُ بِهَا عَلَى هِبَةِ اللهِ بنِ الطَّبَر قَالَ: قَرَأْتُ بِهَا عَلَى أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ مُوْسَى الخَيَّاط سَنَة إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، قَالَ: قَرَأْتُ بِهَا عَلَى أَبِي أَحْمَدَ الفَرَضِيّ، عَنِ ابْنِ بُويَان، عَنْ أَبِي حَسَّانٍ، عَنْ أَبِي نَشِيْط، عَنْ قَالُوْنَ صَاحِبِ نَافِع.
125 - ابْنُ فُوْرَكَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الأَصْبَهَانِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الصَّالِحُ، شَيْخُ المُتَكَلِّمِيْن، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 381، و" الأنساب " 9 / 273.
(2) 1 / 292 - 294.
(3) ترجمه المؤلف في " مشيخته " الورقة 107، فقال: عمر بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن عزيز، الثقة المعمر مسند وقته، ناصر الدين، أبو القاسم وأبو حفص، الطائي الدمشقي، ابن القواس، ولد سنة خمس وست مئة ظنا ... إلى أن قال: وروى الكثير، وتفرد في زمانه، وتكاثر عليه الطلبة، وخرج له أبو عمرو المقاتلي مشيخة وأنا أخرى، وقرأت عليه " المبهج " في القراءات السبعة لابن مجاهد، و" الكفاية " في القراءات الست، وسمعت منه نحوا من ثمانين جزءا، ونعم الشيخ كان دينا وتواضعا ولطفا وحسن أخلاق ومحبة للحديث ... وكان له بستان كبير بعربيل يقوم به، ويقيم غالبا فيه، وقد حج في سنة ثمان وعشرين وست مئة، ومات في ثاني ذي القعدة سنة ثمان وتسعين وست مئة.
(*) الرسالة القشيرية 310، تبيين كذب المفتري 232، إنباه الرواة 3 / 110، 111، طبقات ابن الصلاح الورقة 8، وفيات الأعيان 4 / 272، 273، العبر 1 / 95، تلخيص ابن مكتوم 203، الوافي بالوفيات 2 / 344، مرآة الجنان 3 / 17، 18، طبقات السبكي 4 / =(17/214)
الحَسَنِ بنِ فُوْرَكَ الأَصْبَهَانِيّ.
سَمِعَ (مُسْنَد أَبِي دَاوُدَ) الطَّيَالِسِيِّ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ فَارِسٍ.
وَسَمِعَ مِن: ابْنِ خُرَّزَاذ الأَهْوَازِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلَف، وَآخَرُوْنَ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ الكَثِيْرَة (1) .
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ فِي (سيَاق التَّارِيْخ) :الأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ قَبْرُهُ بِالحِيرَة يُسْتَسقَى بِهِ.
وَقَالَ القَاضِي ابْنُ خَلِّكَان (2) فِيْهِ: أَبُو بَكْرٍ الأُصُوْلِيّ، الأَدِيْبُ النَّحْوِيُّ الوَاعِظُ، دَرَّسَ بِالعِرَاقِ مُدَّةً، ثُمَّ تَوَجَّه إِلَى الرَّيّ، فسعَتْ بِهِ المبتدعَةُ - يَعْنِي الكَرَّامِيَّة - فَرَاسلهُ أَهْلُ نَيْسَابُوْر، فوردَ عَلَيْهِم، وَبنَوا لَهُ مَدْرَسَةً وَدَاراً، وَظهرت بَرَكَتُهُ عَلَى المُتَفَقّهَة، وَبلغت مُصَنَّفَاتُه قَرِيْباً مِنْ مائَة مصَنّف، وَدُعِي إِلَى مدينَة غَزْنَة، وَجرتْ لَهُ بِهَا مُنَاظَرَات، وَكَانَ شَدِيدَ الرَّدِّ عَلَى ابْنِ كرَّام، ثُمَّ عَادَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، فسُمَّ فِي الطَّرِيْق، فَمَاتَ بقُرْبِ بُسْت، وَنُقِلَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ، وَمشهدهُ بِالحِيرَة يُزَار، وَيُستجَابُ الدُّعَاءُ عِنْدَهُ.
__________
= 127 - 135، طبقات الاسنوي 2 / 266، 267، النجوم الزاهرة 4 / 240، تاج التراجم 46، شذرات الذهب 3 / 181، 182، تاج العروس 7 / 167، إيضاح المكنون 1 / 475 و2 / 489، هدية العارفين 2 / 60.
وفورك: ضبطها ابن خلكان والسمعاني وابن الأثير والصفدي والسيوطي وابن العماد بضم الفاء وسكون الواو وفتح الراء وبعدها كاف، وضبطها الزبيدي بضم الفاء وفتحها.
(1) انظر مصنفاته وأماكن وجودها في مكتبات العالم في " تاريخ " بروكلمان النسخة العربية 3 / 218، 219.
(2) في " وفيات الأعيان " 4 / 272.(17/215)
قُلْتُ: كَانَ أَشْعَريّاً، رَأْساً فِي فَنِّ الكَلاَم، أَخَذَ عَن أَبِي الحَسَنِ البَاهِلِيّ صَاحِبِ الأَشْعَرِيّ.
وَقَالَ عَبْدُ الغَافِرِ: دَعَا أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ فِي مَجْلِسه لطَائِفَةٍ، فَقِيْلَ: أَلاَ دعوتَ لابْنِ فُوْرَك؟
قَالَ: كَيْفَ أَدْعُو لَهُ، وَكُنْتُ البَارِحَة أُقْسِمُ عَلَى اللهِ بِإِيْمَانِهِ أَنْ يَشْفينِي (1) ؟
قُلْتُ: حُمِلَ مُقَيَّداً إِلَى شيرَاز للعقَائِد (2) .
وَنَقَلَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: أَنَّ السُّلْطَانَ مَحْمُوْداً سأَله عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ، وَأَمَّا اليَوْم فَلاَ.
فَأَمر بِقَتْلِهِ بِالسُّمّ (3) .
وَقَالَ ابْنُ حَزْم: كَانَ يَقُوْلُ: إِنَّ روحَ رَسُوْلِ اللهِ قَدْ بطلت، وَتلاشَتْ، وَمَا هِيَ فِي الجَنَّةِ.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: الحَاكِم حَدِيْثاً، وَتُوُفِّيَ قبلَه بِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ.
126 - بَادِيسُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ يُوْسُفَ بنِ بَلّكِيْنَ بنِ زِيْرِي *
صَاحِبُ المَغْرِب، وَابْنُ مُلُوْكِهَا مِنْ جِهَةِ العُبَيْدِيَّة، أَبُو مَنَادٍ الصُّنْهَاجِي.
وَلِي مَمَالِيْك إِفْرِيْقِيَة لِلْحَاكِمِ، فَلَقَّبَهُ: نَصِيْرَ الدَّوْلَة.
__________
(1) انظر " تبيين كذب المفتري " 232، 233، و" طبقات " السبكي 4 / 128.
(2) انظر " تبيين كذب المفتري " 293، و" طبقات " السبكي 4 / 130.
(3) انظر ذكر محنته في " طبقات " السبكي 4 / 130 - 133.
(*) الكامل لابن الأثير 9 / 127 و152 - 154 و253 - 256، وفيات الأعيان 1 / 265، 266، البيان المغرب 1 / 247، الوافي بالوفيات 10 / 68، 69، البداية والنهاية 12 / 4، تاريخ ابن خلدون 6 / 157، أعمال الاعلام القسم الثالث: 69، الخلاصة النقية 46، المختصر في أخبار البشر 1 / 144.(17/216)
وَكَانَ سَائِساً حَازِماً، شَدِيدَ البَأْس، إِذَا هَزَّ رُمْحاً، كَسَرَهُ (1) .
مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وفِي سَنَة سِتٍّ وَأَرْبَع مائَة أَمَرَ جَيْشَهُ بِالعرض، فَسَرَّهُ حُسْن شَارتِهم وَهَيْئَتِهم، ثُمَّ مَدَّ السِّمَاط وَأَكَلَ، فَمَاتَ فَجْأَةً لِلَيْلَته، فَأَخْفَوا مَوْتَهُ، وَرتَّبُوا فِي المُلْكِ أَخَاهُ كرَامت، ثُمَّ عطفُوا، فَبَايَعُوا ابْنه المُعِزَّ بنَ بَادِيس (2) .
وَيُقَالُ: مَاتَ بِالخوَانيق، دَعَا عَلَيْهِ الصَّالِحُ مُحرِزٌ الطَّرَابُلُسِيّ المُؤَدِّب، لِكَوْنِهِ هَمَّ بِخَرَابِ طَرَابُلُس المَغْرِب (3) .
وصِنْهَاجَة مِنْ حِمْيَر بِالكسر.
وَقَالَ ابْنُ دُرَيْد: لاَ يَجُوْزُ إِلاَّ ضَمُّ الصَّاد (4) .
127 - ابْنُ اللَّبَّانِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ البَصْرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ الكَبِيْر، إِمَامُ الفَرَضِيّين فِي الآفَاق، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ البَصْرِيُّ، ابْنُ اللَّبَّانِ الفَرَضِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الأَثْرَم، وَابنَ دَاسَه، وَحَدَّثَ عَنْهُ
__________
(1) " وفيات الأعيان " 1 / 265.
(2) " وفيات الأعيان " 1 / 265، 266، و" الكامل " 9 / 256.
(3) " وفيات الأعيان " 1 / 266.
(4) ونقل الزبيدي في " التاج " 2 / 67 عن الشيخ محمد بن الطيب الفاسي صاحب الحاشية على " القاموس " قوله: " والمعروف عندنا الفتح خاصة في القبيلة بحيث لا يكادون يعرفون غيره " ففيها الحركات الثلاثة.
(*) طبقات العبادي 100، تاريخ بغداد 5 / 472، طبقات الشيرازي 120، الأنساب (اللبان) ، اللباب 3 / 126، طبقات ابن الصلاح الورقة 14 / ب، العبر 3 / 80، 81، الوافي بالوفيات 3 / 319، مرآة الجنان 3 / 5، طبقات السبكي 4 / 154، 155، طبقات الاسنوي 2 / 362، 363، النجوم الزاهرة 4 / 231، طبقات ابن هداية الله 119، 120، كشف الظنون 1 / 206، شذرات الذهب 3 / 164، 165، هدية العارفين 2 / 59.(17/217)
بِبَغْدَادَ بـ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) فسَمِعَهَا مِنْهُ القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيّ.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَقَالَ: انْتَهَى إِلَيْهِ عِلْمُ الفَرَائِضِ، صَنَّف فِيْهَا كتباً (1) ، وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَع مائَة (2) .
قُلْتُ: أَظنُّه مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
قِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا فَرَضِيٌّ إِلاَّ مِنْ أَصحَابِي، أَوْ أَصْحَابِ أَصحَابِي، أَوْ لاَ يُحسِنُ شَيْئاً (3) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيّ: كَانَ ابْنُ اللَّبَّان إِمَاماً فِي الفِقْه وَالفَرَائِض، صَنَّفَ فِيْهَا كُتُباً لَيْسَ لأَحَدٍ مِثْلُهَا، أَخَذَ عَنْهُ أَئِمَّةٌ وَعُلَمَاء (4) .
وَقَالَ ابْنُ أَرسلاَن (5) فِي (تَارِيْخِهِ) :دَخَلَ ابْنُ اللَّبَّان خُوَارَزْم فِي دَوْلَة
__________
(1) منها كتاب " الايجاز في الفرائض ".
(2) " تاريخ بغداد " 5 / 472.
(3) انظر " طبقات " السبكي 4 / 155، و" طبقات " الاسنوي 2 / 363.
(4) وانظر " طبقات " السبكي 4 / 154.
(5) هو الامام المحدث الفقيه المؤ رخ، مظهر الدين، أبو محمد، محمود بن محمد بن العباس بن أرسلان العباسي الخوارزمي، ولد بخوارزم سنة 492، وصنف " الكافي " في الفقه و" تاريخ خوارزم "، توفي سنة 568.
أنظر ترجمته في " طبقات " السبكي 7 / 289 - 291، و" طبقات " الاسنوي 2 / 352، و" هدية العارفين " 2 / 403، وكتابه " تاريخ خوارزم " ذكر حاجي خليفة في " كشف الظنون " 1 / 293، 294 أن الذهبي قد اختصره، وذكر السخاوي في " الإعلان " ص 126 أن الذهبي انتقى منه.
ونقل السبكي في " طبقاته الكبرى " 7 / 289 عن الذهبي قوله: ووقفت على الجزء الأول منه.
ثم قال السبكي: ووقفت على المجلد الأول من " تاريخه " وهو الذي وقف عليه شيخنا الذهبي وهو من قسمة ثمانية أجزاء ضخمة.
وذكر التقي الفاسي في " العقد الثمين " 1 / 292 أنه نقل ترجمة محمد بن أحمد بن أبي سعيد المكي من خط الحافظ الذهبي فيما انتقاه من المجلد الأول من " تاريخ خوارزم " إذن فكلام السخاوي والسبكي والفاسي يدل على أن الذهبي انتقى من المجلد الأول فقط وهو الذي وقف عليه، ولم يختصر جميع الكتاب كما ذكر حاجي خليفة.(17/218)
مَأْمُوْن بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مأْمُوْن خُوَارَزْم شَاه، فَأَكرمه، وَبَرَّهُ، وَبَالَغَ، وَبنَى لَهُ مَدْرَسَةً بِبَغْدَادَ يَنْزِلُ فِيْهَا فُقَهَاء خُوَارَزْم، فَكَانَ أَبُو الحُسَيْنِ يُدَرِّسُ بِهَا، وَكَانَ خُوَارَزْم شَاه يَبْعَثُ إِلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ بِمَال.
قَالَ ابْنُ أَرسلاَن: وَأَنَا رَأَيْتُ هَذِهِ المَدْرَسَة وَقَدْ خربَتْ بقُرْبِ قطيعَة الرَّبِيْع (1) .
128 - أَبُو عَلِيٍّ الرُّوْذَبَارِيُّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَاتِم الرُّوْذَبَارِيّ، الطُّوْسِيُّ.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ بن شَوْذَب، وَابنَ دَاسَة، وَالحُسَيْنَ بن الحَسَنِ الطُّوْسِيّ، وَطَائِفَة.
وَحَدَّثَ بـ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) بِنَيْسَابُوْرَ، وَعُقَدَ لَهُ مَجْلِسٌ فِي الجَامع، ثُمَّ مَرِضَ وَرُدَّ إِلَى وَطَنه بِالطَّابَرَان، فَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة (2) .
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو
__________
(1) وهي منسوبة إلى الربيع بن يونس حاجب المنصور ومولاه وهو والد الفضل وزير المنصور، وكانت قطيعة الربيع بالكرخ مزارع الناس من قرية يقال لها بياوري من أعمال بادوريا، وهما قطيعتان خارجة وداخلة، فالداخلة أقطعه إياها المنصور، والخارجة أقطعه إياها المهدي، وكان التجار يسكنونها حتى صارت ملكا لهم دون ولد الربيع.
" معجم البلدان " 4 / 377.
(*) الأنساب 6 / 180، اللباب 2 / 41، العبر 3 / 85، شذرات الذهب 3 / 168.
قال السمعاني في نسبته الروذباري: هذه اللفظة لمواضع عند الانهار الكبيرة يقال لها الروذبار، وهي في بلاد متفرقة، منها موضع على باب الطابران بطوس يقال لها الروذبار، وكنت قد نزلت مرة من المرار بباب الروذبار.
(2) " الأنساب " 6 / 180.(17/219)
الفَتْح نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الطُّوْسِيّ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي عَلَى الدَّقَّاق، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ نَيَّف عَلَى الثَّمَانِيْنَ.
129 - ابْنُ ثَرْثَالٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَحْمَدَ التَّيْمِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَامِدِ بنِ مَحْمُوْدِ بنِ ثَرْثَالٍ التَّيْمِيُّ (1) ، البَغْدَادِيُّ، نَزِيْلُ مِصْر.
حَدَّثَ بِجُزءٍ وَاحِدٍ - وَمَا كَانَ مَعَهُ سِوَاهُ - عَنِ: القَاضِي أَبِي عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيّ، وَمُحَمَّدِ بن مَخْلَدٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدِ بنِ بَطْحَاء.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَسَمَاعُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيّ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ القُضَاعِي، وَخَلَفُ بنُ أَحْمَدَ الحَوْفِيّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ الحَبَّال، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ (2) .
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَع مائَة.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: المُقْرِئُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ الفَحَّام
__________
(*) تاريخ بغداد 4 / 257، 258، الأنساب 3 / 114، اللباب 1 / 232، العبر 3 / 98، شذرات الذهب 3 / 187، تاج العروس 7 / 243، حسن المحاضرة 1 / 372، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 371.
(1) نسبة إلى تيم الله بن ثعلبة، ولذا جاءت نسبته، في " تاريخ بغداد " و" الأنساب " و" اللباب ": التيملي.
(2) في " تاريخه " 4 / 258.(17/220)
السَّامَرِّيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ البَيِّع، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيّ (1) ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ بُديل الخُزَاعِيّ المُقْرِئُ، وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ البِسْطَامِيّ.
130 - ابْنُ البَيِّعِ عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، مُسْندُ بَغْدَادَ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى البَغْدَادِيُّ، المُؤَدِّب، عُرِفَ. بِابْنِ البَيِّع.
حَدَّثَ عَنْ: القَاضِي أَبِي عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيّ بـ (الدُّعَاء) لَهُ، وَبعدَّةِ أَجزَاء تَفَرَّد بِهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، وَأَخُوْهُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ البَقَّال عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الدَّجَاجِي، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ العُكْبَرِيّ، وَأَبُو الخَطَّاب نَصْر بن البَطِر.
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :كَانَ يَسْكُنُ بِدَرْب اليَهُوْد، وَكَانَ ثِقَةً لَمْ أُرْزَق السَّمَاعَ مِنْهُ، وَأَعرفُ لَمَّا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، فَلَمْ أَذهب لأَجلِ الحَرِّ، مَاتَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَع مائَة، وَلَهُ سبعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
131 - ابْنُ مَهْدِيٍّ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ **
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ الوَقْت، أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ
__________
(1) سترد ترجمته برقم (175) .
(2) سترد ترجمته برقم (193) .
(*) تاريخ بغداد 10 / 39، العبر 3 / 99، شذرات الذهب 3 / 187.
(3) في " تاريخه " 10 / 39.
(* *) تاريخ بغداد 11 / 13، 14، المنتظم 7 / 295، العبر 3 / 103، النجوم الزاهرة 4 / 245، شذرات الذهب 3 / 192.(17/221)
مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَهْدِيّ الفَارِسِيُّ، الكَازَرُونِيّ (1) ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، البَزَّاز.
سَمِعَ كَثِيْراً مِنَ القَاضِي المَحَامِلِيّ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَة، وَمُحَمَّد بنِ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ بن شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ العَطَّار، وَالحُسَيْن بن يَحْيَى بنِ عَيَّاشٍ، وَتَفَرَّد وَبعُد صيتُه.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَوَثَّقَهُ، وَهِبَةُ اللهِ بن الحُسَيْنِ البَزَّاز، وَيُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ المِهْرَوَانِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي عُثْمَانَ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ البُسْرِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ الدَّاوُوْدِيّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ الطَّبَرِيّ، وَأَبُو الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، وَعَاصِمُ بنُ الحَسَنِ العَاصمِيُّ، وَكبِيرُ المُعْتَزِلَة أَبُو يُوْسُفَ عَبْدُ السَّلاَّم بنُ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيّ المُفَسِّر، وَرزقُ الله بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ التَّمِيْمِيُّ، وَالخَطِيْبُ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ طَلْحَة النِّعَالِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :كَانَ ثِقَةً أَمِيناً، مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ: وَمَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثمَانِي عَشْرَة وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا مِنْ طَرِيقه أَجزَاءٌ عَالِيَةٌ مِنْ (المَحَامِلِيَّات (3)) وَغيرهَا، وَحَدَّثَ فِي أَسفَاره.
__________
(1) نسبة إلى كازرون: مدينة بفارس بين البحر وشيراز.
(2) في " تاريخ بغداد " 11 / 13.
(3) هي ستة عشر جزءا من رواية البغداديين والاصبهانيين للقاضي المحاملي، تقدم التعريف به ص 213، ت رقم (1) .(17/222)
132 - أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ *
أَخُوْهُ: الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ المَلِكِ بن مُحَمَّدٍ الفَارِسِيّ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ (1) :عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَهْدِيّ بن خُشْنَام بن النُّعْمَانِ بن مَخْلَدٍ سَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّار، وَعُثْمَان بن السَّمَّاكِ، وَجَمَاعَة.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ وَالرَّيِّ وَقَزْوين وَهَمَذَان فِي التِّجَارَة.
وَعَنْهُ: عَلِيُّ بنُ بُشْرَى اللَّيْثِيّ، وَأَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ السَّمَّان.
وَسَكَنَ قَزْوين، وَكَانَ صَدُوْقاً.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
133 - ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُحَقِّقُ، الرَّحَّال، أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ فَارسِ ابْنِ أَبِي الفَوَارِسِ سهلٍ البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَوّلُ سَمَاعه فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 1 / 134 - 136، تاريخ الإسلام 4 / 86 / 2.
(1) في " ذيل تاريخ بغداد " 1 / 134.
(* *) تاريخ بغداد 1 / 352، 353، المنتظم 8 / 5، 6، تذكرة الحفاظ 3 / 1053، 1054، دول الإسلام 1 / 246، العبر 3 / 109، الوافي بالوفيات 2 / 60، 61، شذرات الذهب 3 / 196، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 376، 377.(17/223)
سَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ الفَضْلِ بنِ خُزَيْمَة، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدٍ الخُلْدِيّ، وَدَعْلَج بن أَحْمَدَ، وَأَبِي عِيْسَى بَكَّارِ بن أَحْمَدَ، وَأَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ النَقَّاش المُفَسِّر، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ الصَّوَّاف، وَمُحَمَّدِ بن الحَسَنِ بنِ مِقْسَم، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ الهَيْثَمِ الأَنْبَارِيّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَارْتَحَلَ إِلَى البَصْرَةِ وَبلاَدِ فَارس وَخُرَاسَان، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَانتخب عَلَيْهِ المَشَايِخُ، وَكَانَ مَشْهُوْراً بِالحِفْظ وَالصَّلاَح وَالمعرفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ البَنَّاء، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سِكِّيْنَة، وَمَالِكُ بنُ أَحْمَدَ البَانْيَاسِيّ، وَعِدَّة.
وَقَالَ الحَاكِمُ: أَوّلُ سَمَاع ابْنِ أَبِي الفَوَارِس مِنْ أَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :قَرَأْتُ عَلَيْهِ قطعَةً مِنْ حَدِيْثه، وَكَانَ يُمْلِي فِي جَامع الرُّصَافَة.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا ملكُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو الفَتْح بنُ أَبِي الفَوَارِس الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْم، حَدَّثَنَا الأَبَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيق، سَمِعْتُ عَبْدَان يَقُوْلُ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ: الإِسْنَاد عِنْدِي مِنَ الدِّينِ، لَوْلاَ الإِسْنَادُ لقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ، فَإِذَا قِيْلَ لَهُ: مِنْ حَدَّثَكَ؟ بَقِيَ.
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 1 / 353.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1054 و" معرفة علوم الحديث " للحاكم ص 6. وبقي: أي انقطع.(17/224)
134 - أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيُّ القَاسِم بن جَعْفَرٍ البَصْرِيُّ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُعَمِّرُ، مُسْندُ العِرَاق، القَاضِي، أَبُو عُمَرَ القَاسِمُ بنُ جَعْفَرِ (1) بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ ابنِ الأَمِيْر جَعْفَرِ بن سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيِّ بنِ الحَبْرِ البَحْرِ عَبْدِ اللهِ بن عَبَّاس الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَصْرِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا رَوْق أَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ الهِزَّانِي، وَأَبَا العَبَّاسِ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الأَثْرَم، وَعَبْدَ الغَافر بن سَلاَمَةَ، وَعَلِيَّ بن إِسْحَاقَ المَادَرَائِي، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ الزَّعْفَرَانِيّ الوَاسِطِيّ، وَأَبَا عَلِيٍّ اللُّؤْلُؤي، وَالحُسَيْنَ بن يَحْيَى بنِ عَيَّاش القَطَّان، وَيَزِيْد بن إِسْمَاعِيْلَ الخلاَّل صَاحِبَ الرَّمَادِيّ، وَالحَسَنَ بن مُحَمَّد بنِ عُثْمَانَ الفَسَوِيَّ، وَعِدَّة.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ علوُّ الإِسْنَاد بِالبَصْرَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مِنَ الرَّحَّالَة وَغَيْرهم: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُسْتَمْلِي الأَصْبَهَانِيّ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو عَلِيٍّ الوَخْشِيُّ، وَهَنَّادُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّسَفِيّ، وَسُلَيْم بن أَيُّوْبَ الرَّازِيُّ، وَالمُسَيَّب بن مُحَمَّدٍ الأَرْغِيَانِيّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ التُّسْتَرِيُّ وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ المَلِكِ بنُ شَغَبَة (2) ، وَجمعٌ آخِرُهُم مَوْتاً جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَبَّادَانِي.
قَالَ الخَطِيْبُ (3) :كَانَ ثِقَةً أَمِيناً، وَلِي القَضَاء بِالبَصْرَةِ، وَسَمِعْتُ مِنْهُ
__________
(*) تاريخ بغداد 12 / 451، 452، المنتظم 8 / 14، 15، العبر 3 / 117، دول الإسلام 1 / 247، البداية والنهاية 12 / 17، شذرات الذهب 3 / 201.
(1) في " شذرات الذهب ": " سعد " بدل " جعفر " وهو خطأ.
(2) بالشين والغين المعجمتين المفتوحتين وباء موحدة مفتوحة. انظر " تبصير المنتبه " 2 / 782 و812.
(3) في " تاريخ بغداد " 12 / 451.(17/225)
(سُنَن أَبِي دَاوُدَ) وَغيرهَا.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرَ الدِّيْنَوَرِيّ: سَمِعْتُ عَلَيْهِ (السُّنَن) بِقِرَاءتِي سِتّ مَرَّات، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
أَحضرنِي أَبِي سَمَاعَ هَذَا الكِتَاب وَأَنَا ابْنُ ثمَانِ سِنِيْنَ، فَأَثبتَ حضورِي وَلَمْ يُثبِتْه سَمَاعاً، ثُمَّ سمِعتُه وَأَنَا ابْنُ عشر.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
135 - الإِدْرِيْسِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُصَنِّفُ، أَبُو سَعْدٍ (2) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ إِدْرِيْسَ الإِدْرِيْسِيُّ، الإِسْتِرَابَاذِيُّ (3) ، مُحَدِّثُ سَمَرْقَنْد، أَلّف (تَاريخهَا) ، وَ (تَاريخ إِسْتِرَاباذ) وَغَيْر ذَلِكَ.
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ مُحَمَّدَ بن يَعْقُوْبَ الأَصَمَّ - وَهُوَ أَكْبَر شَيْخٍ لَهُ -، وَأَبَا نُعَيْمٍ مُحَمَّدَ بنَ حَمُّوَيْه الإِسْتِرَاباذِيّ، وَأَبَا سَهْلٍ هَارُوْنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ، وَأَبَا أَحْمَد بنَ عَدِيّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً، وَصَنَّفَ الأَبْوَاب وَالشُّيُوْخ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الشَّاشِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الخَبَّازِي، وَأَبُو مَسْعُوْد
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 12 / 452.
(*) تاريخ جرجان: 219، تاريخ بغداد 10 / 302، 303، الأنساب 1 / 160، المنتظم 7 / 273، اللباب 1 / 37، تذكرة الحفاظ 3 / 1062 - 1064، العبر 3 / 90، البداية والنهاية 11 / 354، النجوم الزاهرة 4 / 237، طبقات الحفاظ 415، كشف الظنون 1 / 281، شذرات الذهب 3 / 175، هدية العارفين 1 / 515.
(2) تحرف لفظ " أبو " في " البداية والنهاية " إلى " ابن " ولفظ " سعد " في " كشف الظنون " إلى " سعيد ".
(3) تقدم ضبطها في ترجمة أبي زرعة رقم (17) .(17/226)
أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَجَلِيّ، وَالقَاضِي أَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَاسِطِيّ، وَأَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرْوَذِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَه الخَطِيْبُ (1) ، وَقَدْ حدَّث بِبَغْدَادَ.
مَاتَ: بِسَمَرْقَنْدَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة، مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
وَكَانَ حَافِظَ وَقته بِسَمَرْقَنْدَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الطَّبِيْبُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ قَدِمَ حَاجّاً، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ بِسَمَرْقَنْدَ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ حَنْبَل السَّرَخْسِيّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ السَّمَرْقَنْدِيّ (2) ، حَدَّثَنَا مَعْرُوف بن حَسَّان السَّمَرْقَنْدِيّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ رَبَّى شَجَرَةً حَتَّى نَبَتَتْ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ قَائِمِ اللَّيْل، صَائِم النَّهَارِ، وَكَأَجْرِ غَازٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ دَهْرَهُ) .
هَذَا إِسْنَادٌ مُظْلِمٌ، وَمَتْنٌ لاَ يَصح، أُلصِقَ بِابْنِ أَبِي ذِئْب.
136 - أَبُو مَسْعُوْدٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، البَارِعُ، أَبُو مَسْعُوْدٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 10 / 302.
(2) قال المؤلف في " الميزان " 4 / 143: قال ابن عدي: منكر الحديث، وأورد له من مناكيره هذا الحديث، وقال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 8 / 323 عن أبيه: مجهول.
(*) تاريخ بغداد 6 / 172، 173، المنتظم 7 / 252، الكامل لابن الأثير 9 / 226، تذكرة الحفاظ 3 / 1068، العبر 3 / 72، البداية والنهاية 11 / 344، طبقات الحفاظ 416، 417، كشف الظنون 1 / 116، شذرات الذهب 3 / 162، هدية العارفين 1 / 7، الرسالة المستطرفة 167، تهذيب تاريخ دمشق 2 / 290.(17/227)
الدِّمَشْقِيُّ، مُصَنِّف كِتَاب (أَطرَاف الصَّحِيْحَيْنِ (1)) ، وَأَحَدُ مَنْ بَرَّزَ فِي هَذَا الشَّأْن.
سَمِعَ: أَبَا الحَسَنِ بنَ لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ السَّقَّا الوَاسِطِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ عَبْدَ اللهِ بنَ فُوْرَك القَبَّابَ الأَصْبَهَانِيّ، وَعَلِيَّ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ عَبْدَان الشِّيْرَازِيّ، وَأَصْحَابَ مُطَيَّن، وَأَصْحَاب أَبِي خَلِيْفَة (2) الجُمَحِيّ، وَالفِرْيَابِيّ.
وَجمع فَأَوعَى، وَلَكِنَّهُ مَاتَ فِي الكُهُوْلَة قَبْلَ أَنْ ينْفق مَا عِنْدَهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو ذَرّ الهَرَوِيّ، وَحَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيّ، وَهِبَةُ اللهِ بن الحَسَنِ اللاَّلْكَائِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (3) :سَافرَ الكَثِيْر، وَكَتَبَ بِبَغْدَادَ وَالبَصْرَةِ وَالأَهْوَازِ
__________
(1) كتب الاطراف تذكر أحاديث كل صحابي على حدة كما يفعل أصحاب المسانيد، إلا أنه يقتصر على ذكر طرف منه، وهو بمثابة فهرس للاحاديث تسهل على الباحث معرفة مكان وجود الحديث الذي يبحث عنه في الكتب والدواوين وقد صنف بعضهم في " أطراف الصحيحين " كأبي مسعود صاحب الترجمة، وخلف بن محمد الواسطي الذي سترد ترجمته برقم (156) .
قال حاجي خليفة: ذكرهما الحافظ أبو القاسم بن عساكر في أول " الاشراف " وقال: وكان كتاب خلف أحسنهما ترتيبا ورسما، وأقلهما خطأ ووهما، كفيا فيه من أراد تعلمه.
وبعضهم صنف في " أطراف الكتب الستة " كابن طاهر المقدسي المتوفى 507، وابن عساكر المتوفى 571، والحافظ المزي المتوفى 742 واسم كتابه " تحفة الاشراف بمعرفة الاطراف " وهو من أعظم الكتب المؤلفة في الاطراف، وأوعبها وأدقها، وأقلها وهما وقد انتفع به العلماء، وتنافسوا في تحصيله وقد تم طبعه في الهند مع النكت الظراف للحافظ ابن حجر بتحقيق الأستاذ الفاضل عبد الصمد شرف الدين.
(2) في الأصل: " وأبا خليفة " بدون لفظ " وأصحاب " واستدرك من " تاريخ بغداد " و" تذكرة الحفاظ " وأبو خليفة الجمحي توفي سنة 305، أي لم يلحق أبو مسعود السماع منه، بل سمع من أصحابه.
(3) في " تاريخ بغداد " 6 / 172، 173.(17/228)
وَواسط وَخُرَاسَان وَأَصْبَهَان، وَكَانَ لَهُ عِنَايَةٌ (بِالصَّحِيْحَيْنِ) ، رَوَى القَلِيْلَ عَلَى سَبِيْلِ المُذَاكَرَة.
قَالَ (1) :وَكَانَ صَدُوْقاً دَيِّناً، وَرِعاً فَهماً، صَلَّى عَلَيْهِ الإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ بِبَغْدَادَ وَكَانَ وَصيَّهُ، حَدَّثَنِي العَتِيْقِيّ أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَع مائَة.
قُلْتُ: ذكر غَيْره أَنَّهُ مَاتَ فِي شَهْر رَجَب سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ.
وَقفتُ عَلَى جُزءٍ فِيْهِ أَحَادِيْثُ مُعَلَّلَةٌ لأَبِي مَسْعُود يقْضِي بإِمامته. كتب إِلَيَّ المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيّ، وَمُؤَمَّل بنُ مُحَمَّدٍ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الطَّبَرِيّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَنِيّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ أَبَان الوَاسِطِيّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الفِهْرِيّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ أَخِيْهِ يَحْيَى قَالَ:
حَدَّثَنِي أَخِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَتَى وَادِي مُحَسِّر، حَرَّكَ رَاحِلتَهُ، وَقَالَ: (عَلَيْكُم بِحَصَى الخَذْف) (2) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 6 / 173.
(2) هو في " تاريخ بغداد " 6 / 173، وأخرج ابن عدي في " الكامل " من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن عبيد الله، وعبد الله ابن عمر، عن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، والمزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر " وعبد الرحمن بن عبد الله ضعيف، لكن في الباب ما يشهد له عن ابن عباس عند الطبراني (11231) والحاكم 1 / 462، والبيهقي 5 / 115، وعن جبير بن مطعم عند أحمد 4 / 82، وابن حبان (1008) والطبراني (1583) والبزار (1126) وفي سنده انقطاع وفي " الموطأ " 1 / 388 بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير قال: تعلمون أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، وأن المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر وقوله " عليكم =(17/229)
وَبِهِ: قَالَ الخَطِيْبُ (1) :وَحَدَّثَنَا أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ المُزَنِيّ، وَقَالَ فِيْهِ:
عَبْد اللهِ بن عَمْرٍو الفِهْرِيّ.
أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَسعد، عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصَّيْرَفِيّ قَالَ:
كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُوْدٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ القَاسِمِ بِنَهر الدّير، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ (2) حَمُّوَيْه بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بنُ الحَارِثِ المُحَارِبِيّ، حَدَّثَنَا إِيَاسُ بنُ سَلَمَةَ قَالَ:
قَالَ أَبِي: كُنَّا نُصلِّي مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الجُمُعَة، وَلَيْسَ لِلْحِيْطَانِ فَيْءٌ نَسْتَظِلُّ بِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِم (3) ، عَنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهَوَيْه، عَنْ أَبِي الوَلِيْد، وَتَابَعَهُ وَكِيْعُ بنُ الجَرَّاح.
137 - عَمِيْدُ الجُيُوْشِ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ *
الأَمِيْرُ، الوَزِيْرُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ.
كَانَ أَبُوْهُ الأَمِيْرُ أَبُو
__________
= بحصى الخذف " له شاهد من حديث الفضل بن عباس عند أحمد 1 / 210، ومسلم (1282) والنسائي 5 / 269 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا: عليكم بالسكينة وهو كاف ناقته حتى إذا دخل من حين هبط محسرا، قال: عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة.
والخذف بسكون الذال: رميك بحصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك، أو تجعل مخذفة من خشب ترمي بها بين الإبهام والسبابة، والمراد بحصى الخذف: الحصى الصغار، وبطن محسر سمي بذلك، لان فيل أصحاب الفيل حسر فيه أي: أعيا وكل.
(1) " تاريخ بغداد " 6 / 173.
(2) سقط لفظ " بن " من الأصل، واستدرك من " تذكرة الحفاظ " 3 / 1070.
(3) رقم (860) (31) (32) في الجمعة: باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس، وأخرجه من طرق عن يعلى بن الحارث بهذا الإسناد أحمد 4 / 64، والبخاري (4168) في المغازي: باب غزوة الحديبية، والدارمي 1 / 363، والنسائي 3 / 100، وابن ماجة (1100) وفيه دليل لمن يقول: بأن صلاة الجمعة تجزئ قبل الزوال، وبه يقول الامام أحمد، وانظر تفصيل المسألة في المغني 2 / 356.
(*) المنتظم 7 / 252، 253، الكامل لابن الأثير 9 / 174، 196، 224، 225، =(17/230)
جَعْفَر حَاجِباً لِعَضُد الدَّوْلَة.
وَخدم أَبُو عَلِيٍّ بَهَاءَ الدَّوْلة (1) ، فَاسْتنَابَهُ عَلَى العِرَاق، فَقَدِمَهَا فِي سَنَةِ 396 وَالفِتَنُ ثَائِرَةٌ بِهَا، فَضبط العِرَاقَ بِأَتمِّ سِيَاسَة، وَأَبَاد الحَرَامِيَّة، وَقُتِلَ عِدَّةً، وَأَبْطَلَ مآتم عَاشُورَاء، وَأَمر مَمْلُوكاً لَهُ بِالمَسِيرِ فِي مَحَالِّ بَغْدَاد، وَعَلَى يَده صِيْنِيَةٌ مَمْلُوءةٌ دَنَانِيْر، فَفَعَلَ، فَمَا تَعرّضَ لَهُ أَحَدٌ لاَ فِي اللَّيْلِ وَلاَ فِي النَّهَار.
وَمَاتَ نَصْرَانِيٌّ تَاجرٌ مِنْ مِصْرَ، وَخَلَّفَ أَمْوَالاً، فَأَمر بِحِفْظِهَا حَتَّى جَاءَ الوَرَثَةُ مِنْ مِصْرَ، فَتَسَلَّمُوهَا.
وَكَانَ مَعَ فرط هَيْبَته ذَا عَدْلٍ وَإِنْصَافٍ، وَلِي العِرَاق تِسْع سِنِيْنَ سِوَى أَشهر.
وَفِيه يَقُوْلُ البَبّغَا:
سَأَلْتُ زَمَانِي: بِمَنْ أَسْتَغِيْثُ*؟ ... فَقَالَ: اسْتَغِثْ بِعَمِيْدِ الجُيُوش (2) - القَصِيْدَة.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَع مائَة، وَولِي بَعْدَهُ فَخْرُ الْملك (3) .
138 - الحَلِيْمِيُّ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَلِيْمٍ *
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، رَئِيْسُ المُحَدِّثِيْنَ وَالمُتَكَلِّمِيْنَ بِمَا وَرَاء النَّهر، أَبُو
__________
= العبر 3 / 74، دول الإسلام 1 / 240، البداية والنهاية 11 / 344، النجوم الزاهرة 4 / 228، شذرات الذهب 3 / 160، 161.
(1) تقدمت ترجمته برقم (106) .
(2) انظر " المنتظم " 7 / 252.
وهذا كلام مجانب للصواب لا يدري قائله ما يخرج من رأسه، فإنه لا يستغاث إلا بالله سبحانه الذي بيده الامر كله.
(3) سترد ترجمته برقم (173) .
(*) تاريخ جرجان: 156، طبقات العبادي: 105، الأنساب 4 / 198، المنتظم 7 / =(17/231)
عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَلِيْم البُخَارِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
أَحَدُ الأَذكيَاء المُوْصُوفِيْنَ، وَمن أَصْحَابِ الوُجُوهِ فِي المَذْهَب (1) .
وَكَانَ مُتفنِّناً، سيَّال الذِّهن، مُنَاظِراً، طَوِيْلَ البَاعِ فِي الأَدب وَالبيَان.
أَخَذَ عَنِ: الأُسْتَاذ أَبِي بَكْرٍ القَفَّال، وَالإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ الأُوْدَنِي (2) .
وَحَدَّثَ عَنْ: خَلَفِ بن مُحَمَّدٍ الخيَّام، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ بنِ خَنْب، وَبَكْرِ بن مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيّ الدُّخَمْسِينِي (3) ، وَجَمَاعَة.
وُلِدَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ وُلِدَ بِجُرْجَانَ، وَحُمِلَ، فَنشَأَ بِبُخَارَى.
وَقِيْلَ: بَلْ وُلِدَ بِبُخَارَى.
وَلَهُ مُصَنَّفَات نَفِيْسَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ، وَالحَافِظ أَبُو زَكَرِيَّا عَبْدُ الرَّحِيْم بنُ أَحْمَدَ البُخَارِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرْوَذِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَلم أَقع لَهُ بِتَرْجَمَةٍ تَامَةٍ، وَلَهُ عَمَلٌ جَيِّدٌ فِي الحَدِيْثِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ كَالحَاكِم وَلاَ عَبْدِ الغَنِيّ، وَإِنَّمَا خَصَصْتُه بِالذِّكر لِشُهْرَتِهِ.
__________
= 264، اللباب 1 / 382، وفيات الأعيان 2 / 137، 138، تذكرة الحفاظ 3 / 1030، العبر 3 / 48، دول الإسلام 1 / 242، الوافي بالوفيات 12 / 351، طبقات السبكي 4 / 333 - 343، طبقات الاسنوي 1 / 404، 405، البداية والنهاية 11 / 349، طبقات الحفاظ 407، 408، طبقات ابن هداية الله 120، كشف الظنون 2 / 1047، شذرات الذهب 3 / 167، 168، هدية العارفين 1 / 308، الرسالة المستطرفة 58.
(1) انظر بعض وجوهه وغرائبه في " طبقات " السبكي 4 / 335 وما بعدها.
(2) نسبة إلى قرية من قرى بخارى يقال لها أودنة، وقد تحرف في المطبوع من " الأنساب " 4 / 198 إلى " الاردني " بالراء.
(3) في الأصل: " الدخسميني " وهو خطأ، والتصويب من " أنساب " السمعاني، وفيه ترجمة بكر بن محمد المروزي هذا.(17/232)
تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة.
وَللحَافِظ أَبِي بَكْرٍ البَيْهَقِيِّ اعْتِنَاءٌ بكَلاَم الحَلِيْمِي وَلاَ سِيَّمَا فِي كِتَاب: (شُعُبُ الإِيْمَان) (1) .
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ بِقِرَاءةِ أَبِي الحَجَّاج فِي سَنَةِ 695، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّاز، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْس مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّبيب، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الحَلِيْمِي، أَخْبَرَنَا بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا أَحْيَدُ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُقَاتِل بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا نُوْح بنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَزِيْدَ الرَّقاشِيّ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لِصَاحِبِ القُرْآنِ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ خَتْمَتِهِ (2)) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، لاَ يَثْبُتُ مثلُه لِوَهْنِ الرَّقَاشِيِّ وَنُوْحٍ فِي ضَبْطِ الحَدِيْث.
وَمَاتَ فِي سَنَةِ الحَلِيْمِي - سَنَةَ ثَلاَثٍ -:القَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الطَّيِّب ابْن البَاقِلاَّنِيّ (3) الأُصُوْلِيّ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَعَالِمُ المَغْرِب أَبُو
__________
(1) يكثر النقل فيه عن كتاب الحليمي الموسوم " بالمنهاج " وهو كتاب جليل في نحو ثلاث مجلدات، فيه أحكام كثيرة، ومسائل فقهية وغيرها مما يتعلق بأصول الايمان وآيات الساعة وأحوال القيامة.
انظر " كشف الظنون " 2 / 1047 وانظر فيه من صنف في شعب الايمان، وانظر النسخ الخطية لهذا الكتاب في " تاريخ " سزكين 2 / 384.
(2) نوح بن أبي مريم - وكنيته أبو عصمة - قال مسلم وغيره: متروك الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال الحاكم: وضع أبو عصمة حديث فضائل القرآن الطويل، ويزيد الرقاشي - وهو ابن أبان - قال النسائي وغيره: متروك، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف، وقال أحمد: كان يزيد منكر الحديث، وقال ابن معين: في حديثه ضعف.
(3) تقدمت ترجمته برقم (110) .(17/233)
الحَسَن عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَف القَابسِي (1) المَالِكِيّ صَاحِب كِتَاب (المُلخص) ، وَشَيْخُ البَيْهَقِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الرُّوْذَبَارِيّ (2) رَاوِي (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) ، وَشَيْخُ الحنَابِلَة أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَسَنُ بنُ حَامِد (3) البَغْدَادِيّ الوَرَّاق، وَحَافِظُ الأَنْدَلُس أَبُو الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بن الفَرَضِيّ (4) ، وَمسندُ بَغْدَاد أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ الحَسَنِ بنِ هِشَام الصَّرْصرِي (5) ، رَحِمَهُمُ الله.
139 - ابْنُ نُبَاتَةَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ *
شَاعِرُ العِرَاق، أَبُو نَصْرٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ (6) بنِ أَحْمَدَ بنِ نُبَاتَة بن حُمَيْد التَّمِيْمِيُّ، السَّعْدِيُّ.
لَهُ نَظْمٌ عَذْبٌ، مَدَحَ المُلُوكَ وَالكُبَرَاء، سَيْفَ الدَّوْلَة (7) فَمَنْ بَعْدَهُ، وَلَهُ بَيْتٌ سَائِر:
وَمَنْ لَمْ يَمُتْ بِالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْرِهِ ... تَنَوَّعَتِ الأَسْبَابُ وَالدَّاءُ وَاحِدُ (8)
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (99) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (116) .
(3) تقدمت ترجمته (128) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (101) .
(5) ذكرت مصادر ترجمته في الصفحة 162 برقم (2) .
* الامتاع والمؤانسة 1 / 136، يتيمة الدهر 2 / 379 - 395، تاريخ بغداد 10 / 466، 467، الأنساب (النباتي) ، المنتظم 7 / 274، اللباب 3 / 294، وفيات الأعيان 3 / 190 - 193، العبر 3 / 91، البداية والنهاية 11 / 355، النجوم الزاهرة 4 / 238، مفتاح السعادة 1 / 244 - 246، شذرات الذهب 3 / 175، 176.
(6) في " اليتيمة ": عبد العزيز بن محمد.
(7) انظر بعض مدائحه لسيف الدولة في " يتيمة الدهر " 2 / 387، 388 و391، 392، " وفيات الأعيان " 3 / 190، 191، و" شذرات الذهب " 3 / 175، 176.
(8) البيت في " وفيات الأعيان " 3 / 193، و" شذرات الذهب " 3 / 176، و" مفتاح السعادة " 1 / 245.(17/234)
وَلَهُ دِيْوَانٌ كَبِيْرٌ (1) .
مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة وَهُوَ فِي عشر الثَّمَانِيْنَ، عَفَا اللهُ عَنْهُ.
140 - الخُوَارِزْمِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى البَغْدَادِيُّ *
المُفْتِي، العَلاَّمَة، شَيْخُ الحَنَفِيَّة، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الخُوَارِزْمِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، تِلْمِيْذُ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الرَّازِيّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ وَغَيْرِه، وَهُوَ قَلِيْلُ الرِّوَايَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَرْقَانِيّ، وَقَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
دِيْنُنَا دينُ العَجَائِز، لَسْنَا مِنَ الكَلاَمِ فِي شَيْءٍ.
وَكَانَ لَهُ إِمَامٌ حَنْبَلِيٌّ يُصَلِّي بِهِ (2) .
قَالَ القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّيْمَرِيُّ: ثُمَّ صَارَ إِمَامَ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمفتيَهُم شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ الخُوَارزْمِيّ، وَمَا شَاهد النَّاسُ مِثْلَهُ فِي حُسْنِ الفَتْوَى وَحُسْنِ التَّدْرِيْس، وَقَدْ دُعِي إِلَى القَضَاءِ مِرَاراً، فَامْتَنَعَ - رَحِمَهُ اللهُ (3) -.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة، تَخَرَّجَ بِهِ فُقَهَاءُ بَغْدَاد.
141 - ابْنُ جُوْلَه عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَبْهَرِيُّ **
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، الأَدِيْبُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جُوله
__________
(1) وهو مطبوع، وأكثره في " مختارات البارودي ".
(*) تاريخ بغداد 3 / 247، المنتظم 7 / 266، العبر 3 / 86، 87، دول الإسلام 1 / 242، الوافي بالوفيات 5 / 93، البداية والنهاية 11 / 351، الجواهر المضية 2 / 135، النجوم الزاهرة 4 / 234، شذرات الذهب 3 / 170، الفوائد البهية 201، 202.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 247، و" المنتظم " 7 / 266، و" الجواهر المضية " 2 / 135.
(3) المصادر السابقة.
(* *) لم نعثر له على ترجمة فيما وقع لنا من المصادر.(17/235)
بْن جَهْور الأَبْهَرِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبْهَر هَذِهِ غَيْرُ أَبهرزَنْجَان المَشْهُوْرَة (1) ، وَهَذِهِ قريَةٌ مِنْ عَمل أَصْبَهَان (2) .
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَمْرٍو بنِ حَكِيْم، وَمُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُس الغَزَّال، وَأَبِي عَلِيٍّ أَحْمَد بن عَلِيٍّ الأَبْهَرِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الخَشَّاب.
وَعَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَة، وَمَحْمُوْدُ بنُ جَعْفَرٍ الكَوْسَج، وَالقَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الثَّقَفِيُّ، وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَع مائَة عَنْ سنٍّ عَالِيَة.
142 - السَّقَطِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ، السَّقَطِيُّ، المُجَاور.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّار، وَأَبَا جَعْفَرٍ بن البَخْتَرِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَرْب، وَعُثْمَانَ بن السَّمَّاكِ، وَأَبَا بَكْرٍ النَّجَّاد، وَخَلْقاً بِبَغْدَادَ، وَلحق بِمَكَّةَ أَبَا سَعِيْدٍ بنَ الأَعْرَابِيّ.
رَوَى الكَثِيْر، وَانتخب عَلَيْهِ ابْنُ أَبِي الفَوَارِس.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ، وَمُظَفَّر سِبْطُ ابْنِ لاَل، وَأَبُو ذَر
__________
(1) تلك مدينة بين قزوين وزنجان وهمذان من نواحي الجبل. انظر " معجم البلدان " 1 / 82.
(2) انظر " معجم البلدان " 1 / 83.
(*) لم نعثر له على ترجمة.(17/236)
الهَرَوِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزَجِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَكِّيّ، وَخَلْقٌ مِنَ الوَافدين.
قَالَ سَعْدٌ الزَّنْجَانِيّ: كَانَ السَّقَطِيُّ يَدْعُو اللهَ أَنْ يَرْزُقَهُ المُجَاورَة أَرْبَعَ سِنِيْنَ، فجَاور أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، فَرَأَى كَأنَّ مَنْ يَقُوْلُ لَهُ:
يَا أَبَا القَاسِم! طَلَبْتَ أَرْبَعَ سِنِيْنَ وَقَدْ أَعْطَيْنَاكَ أَرْبَعِيْنَ، إِنَّ الحَسَنَة بِعَشْرِ أَمْثَالهَا.
قَالَ: وَمَاتَ لِسنتِهِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ النَّجَّار: مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ ابْنُ النَّجَّار: انْتَقَى لَهُ ابْن أَبِي الفَوَارِس فوائِدَ فِي مائَة جُزْء، وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
143 - ابْنُ حَبِيْبٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو القَاسِمِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ (1) بن أَيُّوْبَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُفَسِّرُ، الوَاعِظُ، صَاحِبُ كِتَاب (عُقلاَء المجَانين (2)) الَّذِي سَمِعنَاهُ.
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ، وَمُحَمَّدَ بن صَالِح بن هَانِئ، وَأَبَا الحَسَنِ
__________
(*) تاريخ الإسلام (وفيات سنة 406) ، العبر 3 / 93، الوافي بالوفيات 12 / 239، 240 عيون التواريخ (حوادث سنة 406) ، طبقات المفسرين للسيوطي 11، 12، بغية الوعاة 1 / 519، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 140 - 142، كشف الظنون 1 / 460، شذرات الذهب 3 / 181، هدية العارفين 1 / 274.
(1) في " طبقات المفسرين " للداوودي الحسن بن محمد بن الحسن بن حبيب.
(2) بدأه المؤلف بمقدمة في الجنون وما ورد فيه من الكتاب العزيز، وما احتالت به قريش على الرسول صلى الله عليه وسلم من نسبته إلى الجنون لما دعاها إلى الحق. والكتاب مطبوع في دمشق سنة 1924 م نشره وجيه فارس الكيلاني.(17/237)
الكَارِزِيَّ (1) ، وَأَبَا حَاتِم بن حِبَّان، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحِيْرِيُّ الوَاعِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الفَرْغَانِي، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّكَّاكِيُّ، وَجَمَاعَة.
وَصَنَّفَ فِي التَّفْسِيْر وَالآدَاب (2) .
تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَع مائَة.
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ الحَاكِمُ فِي رُقْعَةٍ نقلهَا عَنْهُ مَسْعُوْدُ بنُ عَلِيٍّ السِّجْزِيّ - فَالله أَعلم -.
144 - ابْنُ حَبِيْبٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
القَاضِي، أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَبِيْبٍ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الفَقِيْه.
سَمِعَ: الأَصَمَّ، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ بَالُوَيْه القُشَيْرِيّ، وَالبَيْهَقِيَّ وَابنَ خَلَفٍ الشِّيْرَازِيَّ، وَالرَّئِيْس الثَّقَفِيّ، وَعِدَّة.
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، وَكَانَ مُدَرِساً.
__________
(1) بالراء المهملة المكسورة - وقيل بفتحها - ثم زاي، نسبة إلى كارز، وهي قرية بنواحي نيسابور على نصف فرسخ منها.
انظر " معجم البلدان " 4 / 428، و" الأنساب " 10 / 317 وفيه ترجمة أبي الحسن هذا.
(2) انظر " هدية العارفين " 1 / 274.
(*) لم نعثر له على مصادر ترجمة.(17/238)
145
- عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَامويه (1) الأَرْدَسْتَانِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّالِحُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، أَبُو مُحَمَّدٍ الأَرْدَسْتَانِي، المَشْهُوْرُ. بِالأَصْبَهَانِيّ، نَزِيْلُ نَيْسَابُوْر.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وحجّ، وَصَحِبَ شَيْخَ الْحرم أَبَا سَعِيْدٍ بنَ الأَعْرَابِيّ، وَأَكْثَر عَنْهُ، وَسَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ القَطَّان، وَأَبِي (2) الحَسَنِ البُوْشَنْجِيّ، وَأَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَأَبِي رَجَاء مُحَمَّدِ بن حَامِد التَّمِيْمِيّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلَف الشِّيْرَازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَهْدِيّ العَلَوِيُّ، وَمُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللهِ الصَّرَّام، وَأَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بن عَبْدِ اللهِ الحَسْكَانِي، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَأَضَرَّ بِأَخَرَة.
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة، عَنْ أَرْبَع وَتِسْعِيْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ -.
أَكْثَر عَنْهُ البَيْهَقِيُّ.
__________
(*) الأنساب 1 / 177، 178، معجم البلدان 1 / 146، اللباب 1 / 41، العبر 3 / 100، تذكرة الحفاظ 3 / 1049، تبصير المنتبه 1 / 56، شذرات الذهب 3 / 188.
(1) تحرف في " الأنساب " إلى " مامويه " وفي " معجم البلدان " إلى " بابويه ". وانظر " تبصير المنتبه " 1 / 56.
(2) في الأصل: " أبو " وهو خطأ.(17/239)
146 - النَّجَّادُ عَلِيُّ بنُ القَاسِمِ بنِ الحَسَنِ البَصْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ القَاسِمِ بنِ الحَسَنِ البَصْرِيُّ، النَّجَّاد، مسندُ البَصْرِيّين مَعَ أَبِي عُمَرَ الهَاشِمِيّ.
كَانَ مِنْ كِبَارِ العُدول، وَمِنْ آخر مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي رَوْقٍ الهِزَّانِي.
وَرَوَى عَنْ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْد الصَّفَّار (سُننه) . لم أَظفر بِأَخْبَاره.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُسْتَمْلِي العَطَّار، وَالحَسَنُ بنُ عُمَرَ بنِ يُوْنُسَ الأَصْبَهَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة حيّاً، وَقَدْ عُمِّر وَتَفَرَّد.
147 - ابْنُ بَالُوَيْه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الرَّئِيْسُ الأَوْحَدُ، الثِّقَةُ، المُسْنِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَالُوَيْه النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُزَكِّي.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن الحُسَيْنِ القَطَّان، وَأَبِي العَبَّاسِ الأَصَمّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ المُؤَمّل، وَأَبِي الحَسَنِ الطَّرَائِفِيّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الكَعْبِي، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ الصَّوَّاف البَغْدَادِيّ.
وَهُوَ آخر أَصْحَاب القَطَّان مَوْتاً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى
__________
(*) لم نعثر له على ترجمة في المصادر التي تيسرت لنا.
(* *) الأنساب 2 / 59، العبر 3 / 102، تذكرة الحفاظ / 1051، شذرات الذهب 3 / 190، 191.(17/240)
المُزَكِّي، وَالرَّئِيْسُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقع لَنَا مَجْلِسٌ مِنْ أَمَاليه، وَكَانَ مِنْ وُجُوهِ البَلَد، عقد مَجْلِسَ الإِملاَءِ فِي دَارِهِ، وَكَانَ صَادِقاً أَمِيناً.
مَاتَ فَجْأَةً فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَع مائَة.
148 - ابْنُ الدَّبَّاغِ خَلَفُ بنُ القَاسِمِ بنِ سَهْلٍ الأَنْدَلُسِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو القَاسِمِ خَلَفُ بنُ القَاسِمِ بنِ سَهْل الأَنْدَلُسِيُّ، ابْنُ الدَّبَّاغ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بن مُعَاوِيَةَ ابْنِ الأَحْمَر، وَبِمِصْرَ أَبَا مُحَمَّدٍ بن الْورْد، وَسَلْمَ بن الفَضْلِ، وَبِمَكَّةَ بُكَيْراً الحَدَّاد، وَالآجُرِّيّ، وَبِدِمَشْقَ عَلِيَّ بنَ أَبِي العَقَب، وَأَبَا المَيْمُوْنِ بنَ رَاشِد.
صَنّف (حَدِيْث مَالِك) ، وَ (حَدِيْث شُعبَة) ، وَكتَاباً فِي الزُّهْد (1) .
وَتلاَ بِالسَّبْع عَلَى جَمَاعَة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ.
وَكَانَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ يُعَظِّمه وَلاَ يُقَدِّمُ عَلَيْهِ أَحداً مِنْ شُيُوخِهِ (2) .
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تقدمت ترجمته برقم (73) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(1) انظر مصنفاته في " جذوة المقتبس " 210، و" بغية الملتمس " 288.
(2) انظر " جذوة المقتبس " 210، و" بغية الملتمس " 288، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1025، و" تهذيب تاريخ دمشق " 5 / 173.(17/241)
149 - الشِّيْرَازِيُّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الشِّيْرَازِيُّ، مُصَنِّف كِتَاب (الأَلقَاب (1)) سَمَاعنَا.
سَمِعَ: أَبَا بَحر مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ البَرْبَهَارِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَعَلِيَّ بن أَحْمَدَ المِصِّيْصِيّ، وَأَبَا القَاسِم الطَّبَرَانِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَدِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَأَبَا الشَّيْخ، وَمُحَمَّدَ بن الحَسَنِ السَّرَّاج النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَعَبْدَ الوَاحِدِ بن الحَسَنِ الجُنْدَيْسَابُورِيّ، وَسَعِيْدَ بن القَاسِمِ بن العَلاَءِ المُطَّوِّعِيّ، لقِيه بِطرَاز مِنْ بلاَد التُّرك، وَمُحَمَّدَ بن مُحَمَّدِ بنِ صَابر، لقِيه بِبُخَارَى، وَأُسَامَةَ بن زَيْدٍ القَاضِي بشيرَاز، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَارَكِي بِالبَصْرَةِ.
وَأَقَامَ مُدَّة بهَمَذَان، فَحَدث عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى، وَأَبُو مُسْلِم بن غَزْو (2) ، وَحُمَيْد بن المَأْمُوْنِ، وَأَبُو الفَرَجِ البَجَلِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَرَوَى عَنْهُ: كَثِيْراً أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ، فَيَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي مُسْلِمٍ الفَارِسِيّ الحَافِظ.
قَالَ جَعْفَرٌ المُسْتَغْفِرِي: كَانَ يفهُمُ وَيحفَظُ.
وَقَالَ الحَافِظُ شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيّ: كَانَ ثِقَةً صَادقاً حَافِظاً، يُحْسِنُ هَذَا الشَّأْن جَيِّداً جيداً، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدنَا - يَعْنِي مِنْ هَمَذَان - سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَع مائَة
__________
(*) معجم البلدان 3 / 381، تذكرة الحفاظ 3 / 1065 - 1067، العبر 3 / 96، الوافي بالوفيات 7 / 38، مرآة الجنان 3 / 20، طبقات الحفاظ 415، 416، كشف الظنون 1 / 157، شذرات الذهب 3 / 184 و190، هدية العارفين 1 / 71.
(1) انظر نسخه الخطية في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 1 / 376.
(2) بفتح الغين المعجمة وسكون الزاي بعدها واو كما في " الإكمال " 7 / 20، وقد تحرف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1066 إلى " عروة ".(17/242)
إِلَى شيرَاز، وَأُخبرت أَنَّهُ مَاتَ بِهَا سنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة - كَذَا قَالَ -.
وَأَمَّا أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، فَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، فَهَذَا أَشبه.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ فُرْسَان الحَدِيْث، وَاسِع الرّحلَةِ، لقِي بِمَرْو عَبْدَ اللهِ (1) بنَ عُمَرَ بن عَلَّك.
قَالَ المُسْتَغْفِرِي: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وَقع بَيْنِي وَبَيْنَ الحَافِظ ابْنِ البَيِّع منَازعَةٌ فِي عَمْرو بن زُرَارَة، وَعُمَر بن زُرَارَة، فَقَالَ:
هُمَا وَاحِد، فَحَاكمتُه إِلَى أَبِي أَحْمَدَ الحَاكِم، فَقُلْنَا: مَا يَقُوْلُ الشَّيْخُ فِيْمَنْ قَالَ: عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ وَعُمَر بن زُرَارَة وَاحِد؟
فَقَالَ: مَنْ هَذَا الطّبلُ (2) الَّذِي لاَ يفصل بينهُمَا (3) ؟
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدٍ القَرَافِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ عَبْدُ السَّلاَّم بن فتحَة سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ وَسِتّ مائَة حضوراً، أَخْبَرَنَا شَهْردَار ابْن شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ البَيّع، أَخْبَرَنَا أَبو غَانِم حَمِيْد ابْن مأْمُوْن سَنَة 444، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيْرَازِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَد بنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُويد، حَدَّثَنَا شَاذُ بنُ فَيَّاض، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَس قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِن أَخَفِّ النَّاسِ صَلاَةً فِي تمَام.
__________
(1) هو الحافظ أبو عبد الرحمن عبد الله بن الحافظ عمر بن أحمد بن علي بن علك المروزي الجوهري، متوفى بعد الستين وثلاث مئة، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر، ومرت ترجمة أبيه عمر في الجزء الخامس عشر.
(2) في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1066 " الطفل ".
(3) وتمام الخبر عند السمعاني 4 / 81: هما اثنان: عمرو بن زرارة بن واقد نيسابوري كنيته أبو محمد، وعمر بن زرارة الحدثي من أهل الحديثة، حدث ببغداد، كنيته أبو حفص، فخجل أبو عبد الله من ذلك وتشور وانظر ترجمة عمر بن زرارة في " لسان الميزان " 4 / 306.(17/243)
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ يَرْوِ شَاذ عَنْ شُعْبَةَ غَيْرَ هَذَا الحَدِيْث (1) .
150 - القَاضِي عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ أَحْمَدَ بنِ خَلِيْلٍ الهَمَذَانِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُتَكَلِّمُ، شَيْخُ المُعْتَزِلَة، أَبُو الحَسَنِ الهَمَذَانِيّ (2) ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، مِنْ كِبَار فُقَهَاء الشَّافِعِيَّة.
سَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَلَمَةَ القَطَّان، وَلَعَلَّهُ خَاتمَةُ أَصْحَابه، وَمن عَبْد اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ فَارس بِأَصْبَهَانَ، وَمن الزُّبَيْر بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حَمْدَان الجَلاَّب.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الصَّيْمَرِيُّ الفَقِيْه، وَأَبُو يُوْسُفَ عَبْدُ السَّلاَمِ القَزْوِيْنِيّ المُفَسِّر، وَجَمَاعَة.
__________
(1) قلت: قد تابعه عليه هاشم بن القاسم عند الدارمي 1 / 289، وأخرجه مسلم (469) (189) ، والترمذي (237) والنسائي 2 / 94 من طريق قتيبة بن سعيد، عن أبي عوانة، عن قتادة عن أنس، وأخرجه مسلم من طريق يحيى بن يحيى، عن أبي عوانة به.
وأخرج البخاري (708) في الاذان، ومسلم (469) (190) من طريقين، عن شريك ابن عبد الله بن أبي نمر، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من النبي صلى الله عليه وسلم.
(*) تاريخ بغداد 11 / 113 - 115، الأنساب 1 / 225، 226، المختصر في أخبار البشر 2 / 162، العبر 3 / 119، ميزان الاعتدال 2 / 533، دول الإسلام 1 / 247، المغني في الضعفاء 1 / 366، مرآة الجنان 3 / 29، طبقات السبكي 5 / 97، 98، طبقات ابن قاضي شهبة 16 ب، لسان الميزان 3 / 386، 387، طبقات المفسرين للسيوطي 16، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 256 - 258، شذرات الذهب 3 / 202، 203، هدية العارفين 1 / 498، 499، إيضاح المكنون 1 / 329.
(2) في مصادر ترجمته زيادة نسبة " الاسد اباذي " نسبة إلى أسد اباذ، وهي بليدة على منزل من همذان إذا خرجت من العراق.
وعند هذه النسبة ترجمه السمعاني في " الأنساب "، وقد تحرفت في " إيضاح المكنون " و" هدية العارفين " و" شذرات الذهب " إلى " الاستراباذي ".(17/244)
وَلِي قَضَاء القُضَاة بِالرَّيّ، وَتَصَانِيْفُه كَثِيْرَة (1) ، تَخَرَّجَ بِهِ خلقٌ فِي الرَّأْي الْمَمْقُوت (2) .
مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَة خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
151 - الإِسْفَرَايِيْنِيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ
__________
(1) منها " الامالي في الحديث " و" دلائل النبوة " و" طبقات المعتزلة " وقد طبع من كتبه كتاب " تنزيه القرآن عن المطاعن " في المطبعة الجمالية سنة 1326 هـ، مذيلا بمقدمة للتفسير للراغب الأصبهاني، وفي مقدمته ترجمة المؤلف، وكتاب " شرح الأصول الخمسة " نشره المرحوم عبد الكريم عثمان في القاهرة عام 1965 م، وله كتاب " المغني " في علم الكلام يتألف من سبعة عشر جزءا، وصل إلينا اثنا عشر جزءا فقط، وقد نشر الجزء السابع منه إبراهيم الابياري القاهرة 1961، والجزء السادس أحمد فؤاد الاهواني في القاهرة 1962 م، والجزء الثاني عشر إبراهيم مدكور القاهرة بدون تاريخ، والجزء الثالث عشر أبوالعلا عفيفي وغيره، القاهرة 1962 م، والجزء السادس عشر أمين الخولي، القاهرة 1960 م، والجزء السابع عشر أمين الخولي القاهرة بدون تاريخ.
وله أيضا كتاب " التكليف " وصل إلينا بتهذيب تلميذه ابن متويه بعنوان: " المجموع المحيط بالتكليف " وقد نشره السيد عزمي في القاهرة 1965، ونشر هوبن الجزء الأول منه ببيروت 1965 م.
وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 411 - 413.
(2) خطأ المعتزلة إنما هو في الالهيات والامور الغيبية، فإنهم زعموا أن المنطق الصوري اليوناني تعصم مراعاته الذهن عن الخطأ، فاتخذوه أصلا، وعولوا عليه، وتحاكموا إليه، وأخضعوا نصوص الكتاب والسنة إلى معاييره، وأولوهما على الوجه الذي تتفق معه، ومن أراد الوقوف على خطأ هذا المنهج الذي اعتمدوه، وما نجم عنه من انحراف فكري ضل بسببه أقوام كثيرون، فليرجع إلى كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " الرد على المنطقيين " فإنه قد هتك هذا المنطق، وكشف عواره، وأبان فساده، والذي يحز في النفس أن الاخذ بهذا المنهج الخاطئ لم يقتصر على المعتزلة، بل تجاوزه إلى كثير من أهل العلم ممن يعدون من أهل السنة والجماعة، فإنهم قدسوه، وانتهى الامر بأحدهم إلى أن يقول: ومن لا يحيط بالمنطق، فلا يوثق بعلومه أصلا، وما درى هذا المسكين أن لازم قوله أن لا يوثق بعلم الصحابة والتابعين والائمة المجتهدين، لانهم لا يعلمون عن هذا العلم شيئا، ولا خبرة لهم به أصلا.
(*) تذكرة الحفاظ 3 / 1064، 1065، طبقات الحفاظ 415، شذرات الذهب 3 / 184.(17/245)
الإِسْفَرَايِيْنِيّ، الحديثِي، الرَّحَّال.
ارْتَحَلَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلقِي الكِبَارَ كَأَبِي أَحْمَدَ بنِ عَدِيّ وَأَقرَانه.
قَالَ أَبُو مَسْعُوْدٍ البَجَلِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الحَاكِمَ يَقُوْلُ:
أَشهدُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ أَنَّهُ يحفظُ مِنْ حَدِيْثِ مَالِك وَشُعْبَة وَمِسْعَر وَالثَّوْرِيّ أَكثَرَ مِنْ عِشْرِيْنَ أَلْف حَدِيْث (1) .
قُلْتُ: لَمْ تَبْلُغْنَا أَخْبَارُ هَذَا الحَافِظُ مُفَصَّلَة.
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سِتّ وَأَرْبَع مائَة.
وَمَعَهُ تُوُفِّيَ مُفْتِي العِرَاق أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ (2) ، وَشَيْخُ الصُّوْفِيَّة الأُسْتَاذ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاق (3) ، وَشَيْخُ الأَطبّاء أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ المُهَلَّبِيّ (4) بِنَيْسَابُوْرَ، وَمسندُ الْحرم عُبَيْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ السَّقَطِيّ (5) ، وَالإِمَامُ أَبُو أَحْمَدَ الفَرَضِيّ (6) ، وَالأُسْتَاذ أَبُو بَكْرٍ بنُ فُوْرَك (7) ، وَنَقِيْبُ العَلَويين العَلاَّمَةُ الشَّرِيْفُ الرَّضِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ المُوْسَوِيّ الشَّاعِر (8) .
وَقَدْ سقتُ حَدِيْثَيْنِ فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الحَافِظ فِي (تذكرَة الحُفَّاظ) (9) .
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1064.
(2) تقدمت ترجمته برقم (111) .
(3) تقدمت ذكر مصادر ترجمته في الصفحة (169) ت رقم (5) عقب الترجمة رقم (111) .
(4) سترد ترجمته برقم (159) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (142) .
(6) تقدمت ترجمته برقم (124) .
(7) تقدمت ترجمته برقم (125) .
(8) سترد ترجمته برقم (174) .
(9) 2 / 1065.(17/246)
152 - السُّلَمِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى *
ابْنِ خَالِد بن سَالِم بن زَاويَةَ بن سَعِيْدِ بنِ قَبِيْصَة بن سَرَّاق الأَزْدِيُّ، السُّلَمِيُّ الأُمِّ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، شَيْخُ خُرَاسَان، وَكبِيرُ الصُّوْفِيَّة، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الصُّوْفِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
أَفرد لَهُ المُحَدِّثُ أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الخَشَّابُ تَرْجَمَةً فِي جُزء،
فَقَالَ: وُلِدَ فِي عَاشر جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَذَلِكَ بَعْد مَوْتِ مَكِّيّ بن عَبْدَانَ بِسِتَّةِ أَيَّام، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ فِي سَنَة ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّبْغِي، وَمن الأَصَمِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم، وَسَمِعَ كَثِيْراً: مِنْ جَدِّه لأُمِّهِ إِسْمَاعِيْل (1) بن نُجَيْد، وَمن خَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَلَهُ رِحْلَةٌ - يَعْنِي إِلَى العِرَاقِ - ابْتَدَأَ بِالتَّصْنِيْفِ سَنَةَ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَصَنَّفَ فِي عُلُوْمِ القَوْمِ (2) سبع مائَة جُزء، وَفِي أَحَادِيْث النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منْ جمع الأَبْوَاب وَالمَشَايخ وَغَيْر ذَلِكَ ثَلاَث مائَة جُزء، وَكَانَتْ لَهُ تَصَانِيْفُهُ مَقْبُوْلَةً.
__________
(*) تاريخ بغداد 2 / 248، 249، الرسالة القشيرية 140، الأنساب 7 / 113، المنتظم 8 / 6، الكامل في التاريخ 9 / 326، اللباب 2 / 129، المختصر في أخبار البشر 2 / 160، تاريخ الإسلام 21 / 219، العبر 3 / 109، ميزان الاعتدال 3 / 523، 524، دول الإسلام 1 / 246، تذكرة الحفاظ 3 / 1046، 1047، عيون التواريخ 12 / 147 / 1، الوافي بالوفيات 2 / 380، 381، مرآة الجنان 3 / 26، مختصر دول الإسلام 1 / 190، طبقات السبكي 4 / 143 - 147، البداية والنهاية 12 / 12، 13، طبقات الأولياء 313 - 315، النجوم الزاهرة 4 / 256، لسان الميزان 5 / 140، 141، طبقات الحفاظ 411، طبقات المفسرين للسيوطي 31، طبقات المفسرين للداوودي 2 / 137 - 139، كشف الظنون 2 / 1104، شذرات الذهب 3 / 196، 197، هدية العارفين 2 / 61.
وانظر المقدمة التي كتبها نور الدين شريبة لكتابه " طبقات الصوفية ".
(1) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) يعني الصوفية.(17/247)
قَالَ الخَشَّاب: كَانَ مَرْضِيّاً عِنْد الخَاصّ وَالعَامّ، وَالمُوَافق وَالمُخَالف، وَالسُّلْطَانِ وَالرَّعِيَّةِ، فِي بَلَدِهِ وَفِي سَائِرِ بِلاَدِ المُسْلِمِيْنَ، وَمَضَى إِلَى اللهِ كَذَلِكَ، وَحَبَّبَ تَصَانِيْفَهُ إِلَى النَّاسِ وَبِيْعَت بِأَغلَى الأَثمَانِ، وَقَدْ بعتُ يَوْماً مِنْ ذَلِكَ عَلَى رَدَاءة خَطِّي بعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، وَكَانَ فِي الأَحيَاء، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ كِتَاب (حَقَائِق التَّفْسِيْر) أَبُو العَبَّاسِ النَّسَوِيُّ، فَوَقَعَ إِلَى مِصْرَ، فَقُرِئَ عَلَيْهِ، وَوزَّعُوا لَهُ أَلفَ دِيْنَار، وَكَانَ الشَّيْخُ بِبَغْدَادَ حَيّاً.
وَسَمِعْتُ أَبَا مُسْلِم غَالِبَ بنَ عَلِيٍّ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ:
لَمَّا قَرَأنَا كِتَاب (تَاريخ الصُّوْفِيَّة) فِي شُهُور سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِالرَّيِّ، قُتِلَ صَبِيٌّ فِي الزِّحَام، وَزعقَ رَجُلٌ فِي المَجْلِسِ زَعْقَةً، وَمَاتَ، وَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ هَمَذَان، تَبِعَنَا النَّاسُ لِطَلَبِ الإِجَازَة مَرحلَةً.
قَالَ السُّلَمِيُّ: وَلَمَّا دَخَلْنَا بَغْدَادَ، قَالَ لِي الشَّيْخ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ: أُرِيْدُ أَنْ أَنْظُرَ فِي (حَقَائِق التَّفْسِيْر) ، فَبعثَتُ بِهِ إِلَيْهِ، فَنَظَرَ فِيْهِ، وَقَالَ: أُرِيْدُ أَنْ أَسمعه، وَوضعُوا لِي مِنْبَراً.
قَالَ: وَرأَينَا فِي طَرِيْقِ هَمَذَان أَمِيْراً، فَاجْتَمَعْتُ بِهِ، فَقَالَ: لاَ بُدَّ مِنْ كِتَابَة (حَقَائِق التَّفْسِيْر) .
فَنُسِخَ لَهُ فِي يَوْمٍ، فُرِّقَ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَمَانِيْنَ نَاسِخاً، فَفَرَغُوهُ إِلَى العَصْر، وَأَمَرَ لِي بِفَرَسٍ جَوَادٍ وَمائَة دِيْنَارٍ وثِيَابٍ كَثِيْرَة.
فَقُلْتُ: قَدْ نَغَّصتَ عَلِيَّ، وَأَفْزَعْتَنِي، وَأَفزعتَ الحَاجَّ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَرْويعِ المُسْلِمِ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ يُبَارَكَ لَكَ فِي الكِتَاب، فَاقضِ لِي حَاجَتِي.
قَالَ: وَمَا هِيَ؟
قُلْتُ: أَنْ تُعْفِينِي مِنْ هَذِهِ الصِّلَة، فَإِنِّي لاَ أَقْبَلُ ذَلِكَ.
فَفَرَّقهَا فِي نُقَبَاء الرِّفْقَة، وَبَعَثَ مِنْ خَفَّرَنَا، وَكَانَ الأَمِيْر نَصْرُ بنُ سُبُكْتِكِيْن صَاحِبُ الجَيْشِ عَالِماً، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ التَّفْسِيْر، أَعْجَبَهُ وَأَمَرَ بِنَسْخِهِ فِي عشر مُجَلَّدَات، وَكِتْبةِ الآيَات بِمَاءِ الذَّهَب، ثُمَّ قَالُوا: تَأَتِي حَتَّى(17/248)
يسمعَ الأَمِيْرُ الكِتَابَ.
فَقُلْتُ: لاَ آتِيه البتَّة.
ثُمَّ جَاؤُوا خَلْفِي إِلَى الخَانقَاه، فَاختَفَيْتُ، ثُمَّ بَعَثَ بِالمُجَلَّدِ الأَوّل، وَكتبتُ لَهُ بِالإِجَازَةِ.
قَالَ: وَلَمَّا تُوُفِّيَ جَدِّي أَبُو عَمْرٍو، خَلَّفَ ثَلاَثَة أَسهُمٍ فِي قريَة، قيمتُهَا ثَلاَثَةُ آلاَف دِيْنَار، وَكَانُوا يتوَارِثُونَ ذَلِكَ عَنْ جدِّه أَحْمَدَ بن يُوْسُفَ السُّلَمِيّ، وَكَذَلِكَ خَلَّفَ أَيْضاً ضِيَاعاً وَمَتَاعاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرَ وَالدتِي، وَكَانَ عَلَى التَّرِكَات رَجُلٌ مُتَسَلِّطٌ، فَكَانَ مِنْ صُنعِ الله أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً، وَسَلَّمَ إِليَّ الكُلَّ، فَلَمَّا تَهَيَّأَ أَبُو القَاسِمِ النَّصرَاباذِي للحجّ، اسْتَأْذنتُ أُمِّي فِي الحَجّ، فَبِعتُ سَهْماً بِأَلف دِيْنَار، وَخَرَجتُ سَنَة 366.
فَقَالَتْ: أُمِّي توجَّهْتَ إِلَى بَيْت الله، فَلاَ يَكْتُبَنَّ عَلَيْك حَافِظَاك شَيْئاً تَسْتحِي مِنْهُ غداً.
وَكُنْتُ مَعَ النَّصرَاباذِي أَيَّ بَلَدٍ أَتينَاهُ يَقُوْلُ: قُمْ بِنَا نَسْمَعِ الحَدِيْثَ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: إِذَا بدَا لَكَ شَيْءٌ مِنْ بَوَادِي الحَقّ، فَلاَ تَلْتَفتْ مَعَهَا إِلَى جَنَّةٍ وَلاَ نَارٍ، وَإِذَا رجعتَ عَنْ تِلْكَ الحَالِ، فَعَظِّم مَا عَظَّمَهُ اللهُ.
وَقَالَ: أَصْلُ التَّصَوُّفِ مُلاَزَمَةُ الكِتَابِ وَالسُّنَّة، وَتَرْكُ الأَهْوَاءِ وَالبِدَع، وَتَعْظِيْمُ حُرُمَاتَ المَشَايِخ، وَرؤيَةُ أَعذَار الخَلْق، وَالدَّوَامُ عَلَى الأَورَاد.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ بن إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيّ فِي (سيَاق التَّارِيْخ) :أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخُ الطَّرِيْقَة فِي وَقْتِهِ، المُوَفَّقُ فِي جَمِيْعِ عُلُومِ الحَقَائِقِ، وَمَعْرِفَةِ طَرِيْق التَّصَوُّف، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ المَشْهُوْرَةِ العَجِيْبَة، وَرِثَ التَّصَوُّفَ مِنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَجَمَعَ مِنَ الكُتُبِ مَا لَمْ يُسْبَقْ إِلَى تَرْتِيْبِهِ حَتَّى بَلَغَ فَهْرَسُ كُتُبه المائَةَ أَوْ أَكْثَر، حَدَّثَ أَكْثَر مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً قِرَاءةً وَإِملاَءً، وَكَتَبَ الحَدِيْثَ بِنَيْسَابُوْرَ وَمرو وَالعِرَاق وَالحِجَاز، وَانتخب عَلَيْهِ الحُفَّاظ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيهِ، وَجَدِّهِ ابْنِ نُجَيْد، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ الصَّفَّار، وَأَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَمُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ الحَافِظ، وَأَبِي إِسْحَاقَ الحِيْرِيّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيّ، وَأَبِي الحَسَنِ(17/249)
الكَارِزِي، وَأَبِي الحَسَنِ الطَّرَائِفِيّ، وَالإِمَام أَبِي بَكْرٍ الصِّبْغِي، وَالأُسْتَاذِ أَبِي الوَلِيْد حسَّان، وَابني المُؤَمَّل، وَيَحْيَى بن مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَأَبِي سَعِيْدٍ بنِ رُميح، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
ووُلِدَ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، كَذَا وَرّخه عَبْد الغَافر، فَالله أَعلم.
وَقَالَ: حَدَّثَنَا عَنْهُ جَدِّي زَيْنُ الإِسْلاَمِ القُشَيْرِيّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ رَامش، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زَكَرِيَّا، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلَف، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التَّفْليسِي، وَأَبُو نَصْرٍ الجُوْرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المَدِيْنِيّ.
قُلْتُ: وَمُحَمَّد بن يَحْيَى المُزَكِّي، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الثَّقَفِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَمَا هُوَ بِالقَوِيِّ فِي الحَدِيْثِ.
ذَكَرَهُ الخَطِيْبُ (1) ، فَقَالَ: مَحَلُّهُ كَبِيْرٌ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ، مُجَوِّداً، جَمَعَ شُيُوخاً وَتَرَاجمَ، وَأَبوَاباً، وَعمل دُوَيرَةً لِلْصُّوْفِيَّة، وَصَنَّفَ سُنَناً وَتَفْسِيْراً.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ القُشَيْرِيّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ يَسْأَلُ أَبَا عَلِيٍّ الدَّقَّاق، فَقَالَ الذِّكْرُ أَتَمُّ أَم الفِكْرُ؟
فَقَالَ: مَا الَّذِي يُفْتَحُ لِلشَّيْخِ فِيْهِ؟
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: عِنْدِي الذِّكْرُ أَتَمُّ، لأَنَّ الحَقَّ يُوْصَفُ بِالذِّكْرِ، وَلاَ يُوْصَفُ بِالفِكْر.
فَاسْتحسنه أَبُو عَلِيٍّ.
السُّلَمِيّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ الضَّبِّيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نعيم، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ حُجْرٍ، سَمِعْتُ أَبَا
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 2 / 248.(17/250)
حَاتِمٍ الفَرَاهيجِي، سَمِعْتُ فَضَالَة النَّسَوِيَّ، سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَك يَقُوْلُ:
حقٌّ عَلَى العَاقِلِ أَنْ لاَ يَسْتَخفَّ بِثَلاَثَةٍ: العُلَمَاءِ وَالسَّلاَطِيْنِ وَالإِخْوَانِ، فَإِنَّهُ مَنِ اسْتَخَفَّ بِالعُلَمَاءِ ذَهَبَتْ آخِرَتُهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالسُّلْطَانِ ذَهَبَتْ دُنيَاهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالإِخْوَانِ ذَهَبَتْ مُرُوءتُهُ.
القُشَيْرِيّ: سَمِعْتُ السُّلَمِيّ يَقُوْلُ: خَرَجْتُ إِلَى مَرْو فِي حَيَاةِ الأُسْتَاذ أَبِي سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِي، وَكَانَ لَهُ قَبْلَ خُرُوْجِي أَيَّام الجُمَع بِالغَدَوات مَجْلِسُ دوْر (1) القُرْآن بِخَتْم، فَوَجَدتُهُ عِنْد رُجُوعِي قَدْ رَفَعَ ذَلِكَ المَجْلِس، وَعَقَدَ لابْنِ العُقَابِي (2) فِي ذَلِكَ الوَقْتِ مَجْلِسَ القَوْل فَدَاخلنِي مِنْ ذَلِكَ شَيْء، وَكُنْتُ أَقُولُ فِي نَفْسِي: اسْتبدلَ مَجْلِس الْخَتْم بِمَجْلِس القَوْل - يَعْنِي الغِنَاء -.
فَقَالَ لِي: يَوْماً يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيشٍ يَقُوْلُ النَّاس لِي؟
قُلْتُ: يَقُوْلُوْنَ رَفَعَ مَجْلِسَ القُرْآن، وَوَضَعَ مَجْلِسَ القَوْل.
فَقَالَ: مَنْ قَالَ لأُسْتَاذِه لِمَ؟ لاَ يفْلح أَبَداً (3) .
قُلْتُ: يَنْبَغِي لِلْمُرِيْدِ أَنْ لاَ يَقُوْلُ لأُسْتَاذِهِ: لِمَ، إِذَا علمه مَعْصُوْماً لاَ يَجُوْزُ عَلَيْهِ الخَطَأ، أَمَا إِذَا كَانَ الشَّيْخُ غَيْرَ مَعْصُوْمٍ وَكَرِهَ قَوْلَ: لِمَ؟ فَإِنَّهُ لاَ يُفلح أَبَداً، قَالَ الله - تَعَالَى -: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} [المَائِدَة:2] ،
__________
(1) أثبت محقق " طبقات " السبكي 4 / 146 بدل هذه الكلمة كلمة " ورد ".
(2) في الأصل: " القعابي " بتقديم القاف: ولم نقف على هذه النسبة، والمثبت من " طبقات " السبكي 4 / 146 وهي نسبة إلى العقابة، وهو بطن من حضرموت.
(3) أورد الخبر السبكي في " طبقاته الكبرى " 4 / 146، 147، وقد تشبث كثير ممن ينتسب إلى العلم بهذه المقالة، ورددها على لسانه أمام تلامذته، وكان من أثر ذلك أن اعتقد التلامذة العصمة في كل ما يقوله هذا الشيخ من آراء، وبقوا في التقليد الاعمى يتخبطون، وتبلدت أذهانهم، وضعفت مداركهم، حتى إنهم يظهر لهم بوضوح وجلاء أشياء كثيرة قد أخطأ فيها الشيخ، ولكنهم لا يتجزؤون على مخالفته لتلك المقالة السيئة.(17/251)
وَقَالَ: {وَتَوَاصُوْا بِالْحَقِّ} [العَصْر:3] ،: {وَتَوَاصُوْا بِالمَرْحَمَة} [البَلَد:17] بَلَى هُنَا مُريدُوْنَ أَثقَالٌ أَنكَاد، يَعْتَرِضُون وَلاَ يَقْتَدُوْنَ، وَيَقُوْلُوْنَ وَلاَ يَعْمَلُوْنَ، فَهَؤُلاَءِ لاَ يُفْلِحُون (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :قَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ القَطَّان النَّيْسَابُوْرِيُّ كَانَ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ غَيْرَ ثِقَةٍ، وَكَانَ يَضَعُ لِلْصُوْفِيَّة الأَحَادِيْثَ.
قُلْتُ: وَللسُّلَمِيِّ سُؤَالاَتٌ للدَارَقُطْنِيِّ عَنْ أَحْوَالِ المَشَايخ الرُّوَاةِ سُؤَالَ عَارِفٍ، وَفِي الجُمْلَةِ فَفِي تَصَانِيْفِهِ أَحدَايثٌ وَحكَايَاتٌ مَوْضُوعَة، وَفِي (حَقَائِقِ تَفْسِيْره) أَشْيَاءُ لاَ تسوَغُ أَصْلاً، عَدَّهَا بَعْضُ الأَئِمَّة مِنْ زَنْدَقَةِ البَاطِنيَّة، وَعَدَّهَا بَعْضُهُم عِرْفَاناً وَحَقِيْقَةً، نَعُوْذُ بِاللهِ مِنَ الضَّلاَلِ وَمِنَ الكَلاَمِ بهوَى، فَإِنَّ الخَيْرَ كُلَّ الخَيْرِ فِي مُتَابَعَةِ السُّنَّة وَالتَّمَسُّكِ بِهَدْي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ رَضِي الله عَنْهُم.
مَاتَ السُّلَمِيُّ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
وَقِيْلَ: فِي رَجَبٍ بِنَيْسَابُوْرَ، وَكَانَتْ جِنَازَتُه مَشْهُودَة.
وَفِيْهَا مَاتَ: عَبْدُ الجَبَّارِ الجَرَّاحِيّ (3) ، وَالحُسَيْنُ بنُ عُمَرَ بنِ بَرْهَان الغَزَّال (4) ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه (5) ، وَمُنِيْرُ بنُ أَحْمَدَ الخَشَّاب (6) ،
__________
(1) فينبغي على التلميذ أن يسأل أستاذه أو يناقشه في أمر ما بأسلوب مهذب وسائغ، وينبغي على الأستاذ أن يأذن له ويستمع إليه، ويعترف بالخطأ إذا تبين له، وأن يغرس في نفس طالب العلم ملكة النقد، كما كان يفعل السلف الصالح رضوان الله عليهم.
(2) في " تاريخ بغداد " 2 / 248.
(3) سترد ترجمته برقم (154) .
(4) سترد ترجمته برقم (161) .
(5) سترد ترجمته برقم (155) .
(6) سترد ترجمته برقم (163) .(17/252)
وَالمُحَدِّثُ أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ (1) ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ الكَرْجِي السُّكَّرِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ غُنْجَار (2) .
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الفَارِسِيُّ وَأَبُو سَعِيْدٍ الحَلَبِيّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْد وَأَخْبَرَنَا بلاَلٌ الحَبَشِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ ظَافر، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْن الشَّيْبَانِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ زُغْبَة، حَدَّثَنَا حَامِدُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي عَمْرو بنُ دِيْنَار، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَة:
أَنَّ الزُّبَيْرَ خَاصَمَ رَجُلاً، فَقضَى رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للزبِير، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّمَا قَضَى لَهُ أَنَّهُ ابْنُ عَمَّتِهِ فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَة: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُوْنَ حَتَّى يُحَكِّمُوْكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُم} - الآيَة [النِّسَاء:65] (3) .
تَفَرَّد بِهِ حَامِدٌ البَلْخِيّ، وَهُوَ صَدُوْقٌ مُكْثِر.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَسَاكِر (ح) .
__________
(1) سترد ترجمته برقم (183) .
(2) سترد ترجمته برقم (184) .
(3) رجاله ثقات، وأخرجه الحميدي في " مسنده "، (300) ومن طريقه الطبري (9914) عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سلمة رجل من ولد أم سلمة، عن أم سلمة..وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 2 / 180 وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر.
وأخرجه ابن مردويه فيما ذكره ابن كثير 2 / 308 من طريق الفضل بن دكين، عن سفيان بن عينية به إلا أنه لم يذكر فيه أم سلمة. والقصة بأطول مما هنا أخرجها من غير هذا الطريق البخاري (2359) و (2361) و (2362) و (2708) ، و (4585) ، ومسلم (2357) في الفضائل: باب وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم، وأبو داود (3637) وأحمد 1 / 165، 166، و4 / 4، 5، والترمذي (1363) والنسائي 8 / 245، وانظر شرحه، والكلام على إسناده في " فتح الباري " 5 / 35، 38.(17/253)
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَازِم، أَخْبَرْنَا ابْنُ غَسَّان (خَ) .
وَأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُكْرَمُ بنُ أَبِي الصَّقْرِ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو المُظَفَّرِ سَعِيْدُ بنُ سَهْل الفَلَكِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المَدِيْنِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوْس، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا القَعْنَبِيّ، حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنِ العَلاَء، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِذَا دَعَا أَحَدكُم، فَلاَ يَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ، وَلَكِنْ لِيَعْزِمْ، وَليُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَتَعَاظَمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَعْطَاهُ) .رَوَاهُ مُسْلِم (1) .
وِمِنْ كِبَارِ شُيُوخِهِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَسْنُويه المُقْرِئ وَأَبُو ظُهَير عَبْدُ اللهِ ابْن فَارس العُمَرِيّ البَلْخِيّ وَسَعِيْدُ بنُ القَاسِمِ البَرْدَعِيّ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :وَأَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ قَالَ:
جَرَى ذِكْرُ السُّلَمِيّ، وَأَنَّهُ يقومُ فِي السَّمَاعِ مُوَافقَةً للفُقَرَاء، فَقَالَ أَبُو علِي الدَّقَّاق: مثلُه فِي حَالِهِ لَعَلَّ السُّكُونَ أَوْلَى بِهِ، امضِ إِلَيْهِ، فَسَتَجِدُهُ قَاعِداً فِي بَيْتِ كُتُبِهِ، عَلَى وَجه الكُتُبِ مُجلَّدَةٌ مربعَة فِيْهَا أَشعَارُ الحَلاَّج، فَهَاتِهَا، وَلاَ تَقُلْ لَهُ شَيْئاً.
قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَإِذَا هُوَ فِي بَيْتِ كُتُبه، وَالمُجلَّدَةُ بحيثُ ذكر، فَلَمَّا قَعَدْتُ، أَخَذَ فِي الحَدِيْثِ، وَقَالَ: كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يُنْكِرُ عَلَى عَالِمٍ حَرَكتَهُ فِي السَّمَاع، فرُئي ذَلِكَ الإِنسَانُ يَوْماً خَالياً فِي بَيْتٍ وَهُوَ يَدُورُ كَالمُتَواجد، فسُئِلَ عَنْ حَاله، فَقَالَ: كَانَتْ مَسأَلَةٌ مشكلَة عليّ، تبيَّن لِي معنَاهَا، فَلَمْ أَتمَالك مِنَ السُّرُور، حَتَّى قُمْتُ أَدورُ فَقُلْ لَهُ: مِثْلَ هَذَا يَكُون حَالهم.
قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ مِنْهُمَا، تَحَيَّرتُ كَيْفَ أَفْعَلُ بَيْنَهُمَا. فَقُلْتُ: لاَ وَجهَ إِلاَّ
__________
(1) برقم (2679) في الذكر والدعاء: باب العزم بالدعاء، ولا يقل إن شئت، وأخرجه مالك 1 / 213، ومن طريقه البخاري (6339) عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة.
(2) في " تاريخ بغداد " 2 / 248، 249. والزيادة منه.(17/254)
الصِّدْقُ.
فَقُلْتُ: إِنَّ أَبَا عَلِيّ وَصَفَ هَذِهِ المُجَلَّدَةَ، وَقَالَ: احْمِلْهَا إِليَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُعْلِمَ الشَّيْخَ، وَأَنَا أَخَافُكَ، وَلَيْسَ يُمْكِنُنِي مُخَالَفَتُهُ، فَأَيشٍ تَأَمُرُ؟
فَأَخْرَجَ أَجْزَاء مِنْ كَلاَمِ الحُسَيْن الحَلاَّج، وَفِيْهَا تَصْنِيْفٌ لَهُ سَمَّاهُ (الصّيهور فِي نقضِ الدُّهور) وَقَالَ: احْمِلْ هَذِهِ إِلَيْهِ (1) .
وَقِيْلَ: بلغت تآلِيفُ السُّلَمِيّ أَلف جُزْء (2) ، وَ (حَقَائِقُه (3)) قرمطَة، وَمَا أَظنّه يَتَعَمَّدَ الكَذِّبَ، بَلَى يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الرَّازِيِّ الصُّوْفِيِّ أَباطيلَ وَعَنْ غَيْره.
قَالَ الإِمَامُ تَقِيُّ الدِّيْن ابْنُ الصَّلاَح فِي (فتَاويه) :وَجدتُ عَنِ الإِمَامِ أَبِي الحَسَنِ الوَاحِدِيّ المُفَسِّر - رَحِمَهُ اللهُ - أَنَّهُ قَالَ:
صَنَّفَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ (حَقَائِق التَّفْسِيْر) ، فَإِنْ كَانَ اعتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ تَفْسِيْرٌ فَقَدْ كَفَرَ (4) .
قُلْتُ: وَاغَوثَاهُ! وَاغُربتَاهُ!
__________
(1) انظر ما علقه السبكي على هذه الحكاية في " طبقاته " 4 / 146.
(2) قد طبع من مصنفاته كتاب " طبقات الصوفية " وإحدى طبعاته بتحقيق نور الدين شريبة، وكتاب " آداب الصحبة وحسن العشرة " في القدس 1954 بتحقيق قسطر، وكتاب " الأربعون في أخلاق الصوفية " بحيدر آبار.
وانظر النسخ الخطية لعدد من مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 499 - 503.
(3) أي كتابه " حقائق التفسير "، قال المؤلف في " تذكرة الحفاظ ": ألف " حقائق التفسير " فأتى فيه بمصائب وتأويلات الباطنية، نسأل الله العافية.
وقال السبكي في " الطبقات ": وكتاب " حقائق التفسير " المشار إليه قد كثر الكلام فيه من قبل أنه اقتصر على ذكر تأويلات ومحامل للصوفية ينبو عنها ظاهر اللفظ. وانظر كتاب " التفسير والمفسرون " للدكتور محمد حسين الذهبي 2 / 384.
وهذا التفسير منه نسخ خطية عديدة في مكتبات العالم.
انظر " تاريخ " سزكين 2 / 497، 498، ومنه مختصر بعنوان " التفسير الصغير " في الظاهرية تفسير 249.
(4) " فتاوى ابن الصلاح " ص 29.(17/255)
153 - الخَرْكُوْشِيُّ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ المَلِكِ بن أَبِي عُثْمَانَ مُحَمَّدِ بن إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الوَاعِظُ.
وَخَرْكُوْش: سِكَّةٌ بِنَيْسَابُوْرَ.
حَدَّثَ عَنْ: حَامِدٍ الرَّفَّاء، وَيَحْيَى بنِ مَنْصُوْرٍ، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ مَطَر، وَإِسْمَاعِيْل بن نُجَيْد، وَطَبَقَتهِم.
وَتَفَقَّهَ: بِأَبِي الحَسَنِ المَاسَرْجِسِي.
وَسَمِعَ: بِدِمَشْقَ وَبِبَغْدَادَ وَمَكَّة، وَجَاور، وَصَحِبَ الكِبَارَ، وَوَعَظَ وَصَنَّفَ، وَرُزِقَ القَبُول الزَّائِد، وَبَعُدَ صِيْتُهُ.
لَهُ (تَفْسِيْرٌ) كَبِيْرٌ، وَكِتَابُ (دلاَئِلِ النُّبُوَّة) ، وَكِتَاب (الزُّهْد (1)) .
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ -، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّل، وَعَبْد العَزِيْزِ الأَزَجِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُهْتَدِي بِاللهِ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلَف، وَخَلْق.
قَالَ الحَاكِمُ: أَقُولُ إِنِّيْ لَمْ أَرَ أَجمعَ مِنْهُ عِلْماً وَزُهْداً، وَتَوَاضُعاً وَإِرْشَاداً إِلَى اللهِ وَإِلَى الزُّهْد، زَادَه اللهُ تَوْفِيْقاً، وَأَسْعَدَنَا بِأَيَّامِهِ، وَقَدْ سَارَتْ مُصَنَّفَاتُهُ.
__________
(*) تاريخ بغداد 10 / 432، الأنساب 5 / 93، 94، تبيين كذب المفتري 233، المنتظم 7 / 279، معجم البلدان 2 / 360، 361، اللباب 1 / 436، تذكرة الحفاظ 3 / 1066، العبر 3 / 96، طبقات السبكي 5 / 222، 223، شذرات الذهب 3 / 184، 185، هدية العارفين 1 / 625.
(1) انظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته في " تاريخ " سزكين 2 / 496.(17/256)
وَقَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ثِقَةً، وَرِعاً، صَالِحاً.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
وَكَانَ مِمَّنْ وُضِعَ لَهُ القَبُولُ فِي الأَرْضِ، وَكَانَ الفُقَرَاءُ فِي مَجْلِسِهِ كَالأُمَرَاء، وَكَانَ يَعْمَلُ القَلاَنس، وَيَأْكُل مِن كَسْبِهِ، بَنَى مَدْرَسَةً وَدَاراً لِلْمَرْضَى، وَوقفَ الأَوقَافَ، وَلَهُ خِزَانَةُ كُتُب مَوْقُوفَةٌ (2) .
154 - الجَرَّاحِيُّ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ، الصَّالِحُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الجَرَّاحِ بنِ الجُنَيْدِ بنِ هِشَامِ بنِ المَرْزُبَانِ المَرْزُبَانِيُّ، الجَرَّاحِيُّ، المَرْوَزِيُّ.
وُلِدَ: فِي سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِمَرْوَ.
وَسَكَنَ هَرَاةَ فَحَدَّثَ بِهَا بِجَامع التِّرْمِذِيّ عَنْ أَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ بنِ مَحبوبٍ التَّاجِر، فَحَمَلَ الكِتَابَ عَنْهُ خَلْقٌ، مِنْهُم: أَبُو عَامِرٍ مَحْمُوْدُ بنُ القَاسِمِ الأَزْدِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَد الغُوْرَجِي، وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ شَيْخُ الإِسْلاَمِ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ التِّرْيَاقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَلاَئِي، وَآخَرُوْنَ.
قَدِمَ هَرَاةَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ المُؤتَمَنُ بنُ أَحْمَدَ السَّاجِيُّ: رَوَى الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ هَذَا
__________
(1) " تاريخ بغداد " 10 / 432.
(2) انظر ما وصفه به السمعاني في " الأنساب " 5 / 94.
(*) الأنساب 3 / 214، اللباب 1 / 268، العبر 3 / 108، تذكرة الحفاظ 3 / 1052، شذرات الذهب 3 / 195، 196.(17/257)
الجَامِعَ) عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَرَّابِ، عَنْ أَبِي عِيْسَى التِّرْمِذِيِّ، فسَمِعَهُ مِنْهُ القَاضِي أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيّ وَنُظرَاؤُه، فَسَمِعْتُ أَبَا عَامِرٍ الأَزْدِيَّ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ جَدِّي أَبَا مَنْصُوْر القَاضِي يَقُوْلُ:
اسْمَعُوا فَقَدْ سَمِعْنَا هَذَا الكِتَابَ مُنْذُ سِنِيْنَ، وَأَنْتُم تُسَاوُونَا فِيْهِ الآنَ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ (1) :تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، إِنْ شَاءَ اللهُ. قَالَ: وَهُوَ صَالِحٌ، ثِقَةٌ.
155 - ابْنُ رَزْقُوَيْه مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ المُتْقِنُ، المُعَمَّرُ، شَيْخُ بَغْدَاد، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ رَزْقِ (2) بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ البَغْدَادِيُّ، البَزَّاز.
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَذكرَ أَنَّ أَوَّلَ سَمَاعِهِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ الطَّائِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بن مُحَمَّدٍ الصَّفَّارَ، وَأَبَا جَعْفَرٍ بن البَخْتَرِيّ، وَعَلِيَّ بن مُحَمَّدٍ المِصْرِيَّ الوَاعِظ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّكَّرِيَّ، وَعُثْمَانَ بن السَّمَّاكِ، وَطَبَقَتَهم وَمن بَعْدهُم.
__________
(1) في " الأنساب " 3 / 214.
(*) تاريخ بغداد 1 / 351، المنتظم 8 / 4، 5، العبر 3 / 108، تذكرة الحفاظ 3 / 1052، الوافي بالوفيات 2 / 60، البداية والنهاية 12 / 12، النجوم الزاهرة 4 / 256، شذرات الذهب 3 / 116.
(2) تحرف في " البداية والنهاية " إلى " روق " بالواو.(17/258)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو الحُسَينِ بنُ الغَريقِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيّ ابنُ (1) الحَنْدقُوقِيِّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ طَاهِرٍ الزَّاهِد، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ البَاقَرْحِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ المَأْمُوْنِ، وَأَبُو الغَنَائِمِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ سُلَيْمَانَ العَطَّارُ، وَنَصْرُ بنُ البَطِرِ، وَأَخُوْهُ؛ عَلِيُّ بنُ البَطِرِ، وَآخَرُوْنَ، وَأَمْلَى مُدَّة.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :كَانَ ثِقَةً، صَدُوْقاً، كَثِيْرَ السَّمَاعِ وَالكِتَابَةِ، حَسَنَ الاعْتِقَادِ، مُدِيْماً لِلْتِّلاَوَة، بَقِيَ يُمْلِي فِي جَامع المَدِيْنَة مِنْ بَعْد ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ إِلَى قُرْبِ مَوْته، وَهُوَ أَوَّلُ شَيْخٍ كَتَبْتُ عَنْهُ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ بَعْد مَا كُفَّ بَصَرُهُ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيُّ: أَرْسَلَ بَعْضُ الوزَرَاء إِلَى أَبِي الحَسَنِ بنِ رَزْقُوَيْه بِمَالٍ، فَرَدَّهُ توَرُّعاً (3) .
وَكَانَ ابْنُ رَزْقُوَيْه يُذكر أَنَّهُ درس الفِقْهَ للشَافعِي (4) .
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
وَاللهِ مَا أُحِبُّ الحَيَاةَ إِلاَّ لِلذِّكر وَللتحديثِ، وَسَمِعْتُ البَرْقَانِيَّ يُوَثِّق ابْنَ رَزْقُوَيْه (5) ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
__________
(1) سقط لفظ " ابن " من الأصل واستدرك من ترجمته من " الوافي بالوفيات " 4 / 136، قال: محمد بن علي أبو عبد الله ابن المهتدي الهاشمي، ويعرف بابن الحندقوقا ... وتوفي في ذي الحجة سنة تسع وستين وأربع مئة.
(2) في " تاريخ بغداد " 1 / 351، وانظر " المنتظم " 8 / 5.
(3) " تاريخ بغداد " 1 / 352، و" المنتظم " 8 / 5.
(4) في " تاريخ بغداد " 1 / 352: وكان ابن رزقويه يذكر أنه درس الفقه، وعلق على مذهب الشافعي.
(5) " تاريخ بغداد " 1 / 352، و" المنتظم " 8 / 5.(17/259)
156 - خَلَفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ أَبُو عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، أَبُو عَلِيٍّ (1) خَلَفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حَمْدُوْنَ الوَاسِطِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ القَطِيْعِيّ وَطبقته بِبَغْدَادَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ السَّقَّا بِوَاسِطَ، وَأَبَا بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيَّ بِجُرْجَانَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ خَمِيْرُوَيْه بِهَرَاةَ، وَأَمثَالَهُم بِالشَّامِ وَمِصْرَ وَخُرَاسَان وَالعَجَمِ وَالعِرَاقِ، وَكَانَ رَفِيْقَ أَبِي الفَتْحِ بنِ أَبِي الفَوَارِسِ (2) فِي الرِّحلَةِ إِلَى أَكْثَر النَّوَاحِي.
صَنَّفَ كِتَابَ (أَطرَافِ الصَّحِيْحَيْنِ (3)) ، وَسَافَرَ الكَثِيْر فِي التِّجَارَة، وَكِتَابُهُ - قَالُوا - أَقلُّ أَوهَاماً مِنْ (أَطرَاف) أَبِي مَسْعُوْدٍ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: صَحِبنَاهُ بِنَيْسَابُوْرَ وَأَصْبَهَانَ (4) .
وَذَكَرَهُ الحَاكِمُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ وَكَانَ حَافِظاً لِحَدِيْثِ شُعبَةَ وَغَيْرهِ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الحَاكِمُ - وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ -، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيّ، وَطَائِفَة، وَأَقَامَ بِالرَّمْلَةِ يَتَّجِرُ.
__________
(*) أخبار أصبهان 1 / 310، تاريخ بغداد 8 / 334، 335، المنتظم 7 / 254، معجم البلدان 5 / 350، تذكرة الحفاظ 3 / 1067، 1068، البداية والنهاية 11 / 344، طبقات الحفاظ 416، كشف الظنون 1 / 116، هدية العارفين 1 / 348، الرسالة المستطرفة 167.
(1) كنيته في " تاريخ بغداد " و" المنتظم " و" البداية والنهاية " و" كشف الظنون ": أبو محمد.
(2) وقد تقدمت ترجمته برقم (133) .
(3) انظر الحديث عن كتب الاطراف في التعليقات على ترجمة أبي مسعود المتقدمة برقم (136) .
(4) " أخبار أصبهان " 1 / 310.(17/260)
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :سَمِعْتُ الأَزْهَرِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ خَلَفٌ حَافِظاً، وَكَانَ أَبُو الفَتْح بنُ أَبِي الفَوَارِسِ أُسْتَاذَهُ.
أَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بن مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ (2) ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بن أَبِي الفَتْحِ، أَخْبَرَنَا خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بِنَيْسَابُوْرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ الطُّوْسِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ صَالِح بنِ رَسْلاَنَ الفَيُّومِي بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا ذُو النُّوْنِ المِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (تَجَافَوْا عَنْ ذَنْبِ السَّخِيِّ، فَإِنَّ اللهَ آخِذٌ بِيَدِهِ كُلَّمَا عَثَرَ عَثْرَةً) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ (3) ، لَمْ أَظفرْ لِخَلَفٍ بِتَارِيْخِ وَفَاةٍ، وَقَدْ بَقِيَ إِلَى بُعيدِ الأَرْبَعِ مائَةٍ بِيَسِيْرٍ.
وَقَدْ مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِ مائَةٍ: مُسند خُرَاسَان أَبُو نُعَيْمٍ عَبْد المَلِكِ بن الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ (4) - وَهُوَ رَاوِي (مُسْند أَبِي عَوَانَة الحَافِظ) عَنْهُ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيِّ بنِ غِيَاث الرَّزَّازُ البَغْدَادِيُّ - وَكَانَ يذكر أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ البَغَوِيّ -، وَزَاهدُ الأَنْدَلُس الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ بنُ بَنَجَ مَالَ عَنْ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 335.
(2) هو أبو بكر الخطيب صاحب " تاريخ بغداد ".
(3) إسناده ضعيف لضعف ليث - وهو ابن أبي سليم - وذو النون المصري ضعفه الدار قظي وغيره، وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " 10 / 4 من طريق أحمد بن صالح بن رسلان بهذا الإسناد، وأخرجه الخطيب 14 / 98 من طريق عبد العزيز بن عبد الله أبي عمر الرملي، عن ذي النون به بلفظ " تجاوزوا عن ذنب السخي، وزلة العالم، وسطوة السلطان العادل، فإن الله آخذ بأيديهم كلما عثر عاثر منهم " وفي الباب عن ابن مسعود عند أبي نعيم في الحلية 4 / 108.
(4) تقدمت ترجمته برقم (38) .(17/261)
تِسْع وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَمسندُ أَصْبَهَان أَبُو إِسْحَاقَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خُرَّشِيْذ قُوْلَه (1) .
157 - الشَّيْبَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرٍ*
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُؤَدِّبُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرِ بن مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيُّ، السَّامَرِّيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، البَزَّازُ.
سَمِعَ: ابْنَ حَبِيْبٍ الحَصَائِرِي، وَخَيْثَمَة بن سُلَيْمَانَ، وَعُثْمَانَ بنَ مُحَمَّدٍ الذَّهبِي، وَأَبَا يَعْقُوْب الأَذْرَعِي، وَخلقاً سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: العَتِيْقِيّ، وَعَلِيُّ بنُ صَصْرَى، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَدَّادُ، وَالشَّيْخُ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيُّ، وَغَيْرُهُم.
قَالَ الكَتَّانِيُّ: كتب الكَثِيْرَ، وَاتُّهُم فِي لِقَاءِ أَبِي إِسْحَاقَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، وَكَانَ يُتَّهَمُ بِالاعتزَالِ.
تُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (2) .
قُلْتُ: لَهُ جَمَاعَةُ أَجزَاءٍ مَرويَّة، وَلَمْ يَقَعْ لِي حَدِيْثُهُ إِلاَّ بِنُزول.
وَفِيْهَا مَاتَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَالُوَيْه (3) ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ (4) الفَارِسِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ التَّمِيْمِيُّ (5) ، وَابْنُ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ (6) ،
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (37) .
* العبر 3 / 102، ميزان الاعتدال 2 / 580، المغني في الضعفاء 2 / 384، لسان الميزان 3 / 424، شذرات الذهب 3 / 190.
(2) انظر " لسان الميزان " 3 / 424.
(3) تقدمت ترجمته برقم (147) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (131) .
(5) سترد ترجمته برقم (165) .
(6) سترد ترجمته برقم (169) .(17/262)
وَالقَاضِي أَبو مَنْصُوْرٍ الأَزْدِيُّ (1) ، وَابْنُ بَابَكَ (2) شَاعِرُ وَقْتِهِ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ سَلاَمَةَ الضَّرِيْرُ المُفَسِّرُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه (3) الحَافِظُ، وَظَفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَلَوِيُّ.
158 - ظَفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَبَّارَةَ العَلَوِيُّ *
ابْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَن بن عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الشَّهِيْدِ بن عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، السَّيِّدُ، المُسْنِدُ، الرَّئِيْسُ، المُجَاهِدُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ العَلَوِيُّ، الحُسَيْنِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، البَيْهَقِيُّ، الغَازِي.
سَمِعَ: عَمّه؛ أَبَا عَلِيٍّ بن زَبَّارَة، وَأَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ، وَمُحَمَّدَ بن عَلِيِّ بنِ دُحَيْم الشَّيْبَانِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ النَّجَّادَ، وَعَلِيَّ بنَ عِيْسَى بنِ مَاتِي، وَخَلَفَ بنَ مُحَمَّدٍ البُخَارِيَّ الخيَّامَ، وَأَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيَّ، وَعِدَّةً.
وَانْتَقَى عَلَيْهِ الحَاكِم.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلَفٍ الأَدِيْبُ، وَعُمَرُ ابْنُ الإِمَامِ أَبِي عُمَرَ البَسْطَامِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ فِي (السِّيَاقِ) :كَانَتْ أُصُوْلُهُ صَحِيْحَةً، ثُمَّ احْتَرَقَ قَصْرُهُ بِمَا فِيْهِ وَرَاحَتْ أُصُوْلُهُ، فَصَارَ يَرْوِي مِنْ فُرُوعهَا، تُوُفِّيَ بِقَرْيَتِهِ، وَبِهَا دُفِنَ سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَع مائَة.
قُلْتُ: نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِيْنَ فِيمَا أُرَى.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (166) .
(2) سترد ترجمته برقم (171) .
(3) سترد ترجمته برقم (188) .
(*) لم نعثر على مصادر ترجمة.(17/263)
159 - المُهَلَّبِيُّ أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ، شَيْخُ الأَطِبَّاء، أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بن حَمْزَة المُهَلَّبِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، بَقِيَّةُ المَشَايِخ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ دلُّويه - صَاحِبَ البُخَارِيِّ -، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ القَطَّانَ، وَأَبَا حَامِدٍ بنَ بِلاَلٍ، وَأَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ الأَصْبَهَانِيّ، وَجَمَاعَةً.
وَتَفَرَّدَ فِي وَقْتِهِ.
وَهُوَ رَاوِي المُسَلْسَلِ بِالأَوَّلِيَّة (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو نَصْرٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ الطُّوْسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التَّفْلِيْسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلَفٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: صَحِبَ أَبُو يَعْلَى الصَّيْدَلاَنِيُّ المَشَايخَ، وَطلبَ الحَدِيْثَ ثُمَّ تَقَدَّمَ فِي مَعْرِفَةِ الطِّبِّ (2) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي يَوْمِ عِيْدِ النَّحْرِ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِيْنَ.
وَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَمِيْرِ خُرَاسَانَ المُهَلَّبِ بنِ أَبِي صُفْرَةَ الأَزْدِيِّ (3) .
__________
(*) الأنساب 8 / 122، 123 (الصيدلاني) ، اللباب 2 / 254، تذكرة الحفاظ 3 / 1064، العبر 3 / 94، شذرات الذهب 3 / 181.
(1) وهو حديث: " الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " وسيورده المؤلف في آخر ترجمة أبي نصر السجزي الواردة برقم (445) .
(2) " الأنساب " 8 / 122، 123.
(3) وقد مرت ترجمته في الجزء الرابع برقم (155) .(17/264)
160 - المَحَامِلِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ *
الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الضَّبِّيُّ، المَحَامِلِيُّ، البَغْدَادِيُّ، مِنْ كِبَارِ الشَّافِعِيَّة.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارَ، وَعُثْمَانَ بنَ السَّمَّاكِ، وَالنَّجَّاد، وَأَبَا عُمَرَ الزَّاهِدَ، وَجَمَاعَةً.
رَوَى عَنْهُ: سُلَيْمٌ الرَّازِيُّ، وَأَبُو الغَنَائِمِ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، وَأَخُوْهُ؛ أَحْمَدُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: حَفِظَ القُرْآنَ وَالفَرَائِضَ، وَدَرَسَ المَذْهَبَ، وَكَتَبَ الحَدِيْثَ، وَهُوَ مِمَّنْ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ خَيْراً (1) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ (2) :حَضَرْتُ مَجْلِسَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ ثِقَةً، صَادِقاً، خَيِّراً، فَاضِلاً، لَمْ يَحصلْ عِنْدِي شَيْءٌ مِمَّا سَمِعْتُ مِنْهُ.
161 - ابْنُ بَرْهَانَ الحُسَيْنُ بنُ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، الصَّالِحُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عُمَرَ بنِ بَرْهَان
__________
(*) تاريخ بغداد 1 / 333، 334، المنتظم 7 / 285، العبر 3 / 97، طبقات السبكي 4 / 103، 104، طبقات الاسنوي 2 / 383، شذرات الذهب 3 / 185.
وعرف بالمحاملي مع آبائه لان بعض أجدادهم كان ببغداد يبيع المحامل التي يركب فيها في الاسفار.
(1) " تاريخ بغداد " 1 / 334، و" المنتظم " 7 / 285، و" طبقات " السبكي 4 / 104.
(2) في " تاريخ بغداد " 1 / 334.
(* *) تاريخ بغداد 8 / 82، 83، العبر 3 / 108، شذرات الذهب 3 / 195.(17/265)
البَغْدَادِيُّ، الغَزَّال، البَزَّاز، وَالدُ عَبْد الوَهَّابِ وَمُحَمَّدٍ.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّار، وَعَلِيَّ بن إِدْرِيْسَ السُّتُوْرِيَّ (1) ، وَأَبَا جَعْفَرٍ بن البَخْتَرِيّ، وَابنَ السَّمَّاكِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبَوَا بَكْرٍ؛ البَيْهَقِيُّ وَالخَطِيْبُ، وَأَبُو الفَوَارِسِ طِرَادٌ النَّقِيْبُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :كَانَ ثِقَةً، صَالِحاً، مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا حَدِيْثُهُ مِنْ عَوَالِي طِرَاد (3) .
162 - ابْنُ الدَّلمِ صَدَقَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ القُرَشِيُّ *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، المَأْمُوْنُ، أَبُو القَاسِمِ، بَقِيَّةُ الْمُسْندين، صَدَقَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ القُرَشِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ الدَّلمِ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ بِمَكَّةَ، وَعُثْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ الذّهبِيِّ، وَأَبِي عَلِي الحَصَائِرِي، وَأَبِي الطَّيِّبِ بن عَبَادل، وَخَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحِيْمِ البُخَارِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَعَلِيُّ بنُ
__________
(1) قال السمعاني: هذه النسبة إلى الستر، وجمعه الستور، وهذه النسبة إما إلى حفظ الستور والبوابية على ما جرت به عادة الملوك، أو حمل أستار الكعبة، ثم أورد ترجمة علي بن إدريس هذا.
(2) في " تاريخ بغداد " 8 / 83.
(3) هو أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي، مسند العراق، نقيب النقباء، خرج له العوالي المشهورة، متوفى سنة 491، ستأتي ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (23) .
(*) العبر 3 / 112، تذكرة الحفاظ 3 / 1055، شذرات الذهب 3 / 198، تهذيب ابن عساكر 6 / 414، 415.(17/266)
الخَضِر السُّلَمِيّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ الكَتَّانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ صَدَقَة الشَّرَابِيُّ.
قَالَ الكَتَّانِيّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، مَضَى عَلَى سَدَادٍ، وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قُلْتُ: هَذَا أَكْبَرُ شَيْخٍ عِنْدَ الكَتَّانِيِّ.
163 - مُنِيْرُ بنُ أَحْمَدَ* بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُنِيْرٍ المِصْرِيُّ
أَبُو العَبَّاسِ المِصْرِيُّ، الخَشَّاب، المُعَدَّل.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مَطَرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ الصَّمُوتِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الأَصْبَغِ، وَأَحْمَدَ بنِ الضَّحَّاكِ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: الصُّوْرِيُّ (1) ، وَخَلَفٌ الحَوْفِيُّ (2) ، وَأَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَبَّال: ثِقَةٌ، لاَ يَجُوْزُ عَلَيْهِ تَدْلِيْسٌ، مَاتَ فِي حَادِي عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (3) .
_____________
(*) العبر 3 / 110، حسن المحاضرة 1 / 372، شذرات الذهب 3 / 197.
(1) هو الامام الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله بن محمد الصوري، سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (429) .
(2) نسبة إلى حوف، وهي قرية بمصر.
انظر " الأنساب " وفيه ترجمة خلف هذا.
(3) انظر " حسن المحاضرة " 1 / 372.(17/267)
164 - عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ سَعِيْدِ بنِ بِشْرِ بنِ مَرْوَانَ الأَزْدِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، النَسَّابَة، مُحَدِّثُ الدِّيَار المِصْرِيَّةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، المِصْرِيُّ، صَاحِبُ كِتَابِ (المُؤتَلَفِ وَالمُخْتَلَفِ (1)) .
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ أَبُوْهُ سَعِيْدٌ فَرَضِيَّ مِصْرَ فِي زَمَانِهِ.
سَمِعَ أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ: عُثْمَان بن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِي - وَهُوَ أَكْبَرُشَيْخٍ لَهُ -، وَمن: أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَطِيَّةَ، وَأَحْمَدَ بن بُهْزَاذَ السِّيْرَافِي - وَسَمَاعُهُ مِنْهُ فِي عَام اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ -.
وَسَمِعَ مِنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ يَعْقُوْبَ بن الجِرَاب، وَعَبْدِ اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ الْورْد، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَامعٍ، وَأَبِي الطَّيِّبِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ الرُّوْذَبَارِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَالحَسَنِ بنِ يَحْيَى القُلْزُمِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ بنِ النَّاصِحِ المُفَسِّرِ، وَالحَسَنِ بنِ الخَضِرِ الأُسْيُوْطِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ النَقَّاشِ التِّنِّيْسِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ جَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَأَبِي قُتَيْبَة سَلْمِ بنِ الفَضْلِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ الحِنَّائِيِّ - صَاحِبِ
__________
(*) الأنساب 1 / 198 (الأزدي) ، تاريخ دمشق 10 / 206 / 1 - 207 / 1، المنتظم 7 / 291، 292، المبهمات للنووي 35 / أ، وفيات الأعيان 3 / 223، 224، المختصر في أخبار البشر 2 / 158، تذكرة الحفاظ 3 / 1047، العبر 3 / 100، الوافي خ 17 / 36، 37، عيون التواريخ خ 12 / 35، مرآة الجنان 3 / 22، البداية والنهاية 12 / 7، النجوم الزاهرة 4 / 244، طبقات الحفاظ 411، حسن المحاضرة 1 / 353، كشف الظنون 2 / 1637، شذرات الذهب 3 / 188، 189، هدية العارفين 1 / 589، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 372.
(1) في مشتبه أسماء الرجال.
وقد ألف في هذا الباب غير واحد من العلماء انظر " كشف الظنون " 2 / 1637، ويوجد من هذا الكتاب: " المؤتلف والمختلف " وكتاب " مشتبه النسبة " لعبد الغني أيضا عدة نسخ خطية في مكتبات العالم.
انظر " تاريخ " سزكين 1 / 372، 373.(17/268)
الكَجِّيِّ -، وَأَبِي نُجَيْد مُحَمَّدِ بن القَاسِمِ الحَذَّاءِ، وَالخَضِرِ بنِ مُحَمَّدٍ المَرَاغِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَيَعْقُوْبَ بن مُبَاركٍ، وَحَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيِّ الحَافِظِ، وَالقَاضِي أَبِي الطَّاهِرِ السَّدُوْسِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ حَيُّوَيْه، وَطَبَقَتهِم بِمِصْرَ، وَالقَاضِي يُوْسُفَ بنِ القَاسِمِ المَيَانَجِي، وَأَبِي سُلَيْمَانَ بنِ زَبْرٍ، وَالفَضْلِ بنِ جَعْفَرٍ المُؤَذِّنِ، وَطَبَقَتِهِم بِدِمَشْقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيُّ، وَرَشَأُ بنُ نَظِيْف المُقْرِئُ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَحْمَدَ البُخَارِيُّ، وَابْنُ بقَاءٍ الوَرَّاقُ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ القُضَاعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَبَالإِجَازَة: أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ، وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الحُفَّاظِ.
قَالَ البَرْقَانِيّ: سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيّ لَمَّا قَدِمَ مِنْ مِصْرَ: هَلْ رَأَيْتَ فِي طَرِيْقِكَ مَنْ يَفْهَمُ شَيْئاً مِنَ العِلْم؟
قَالَ: مَا رَأَيْتُ فِي طُوْلِ طَرِيْقِي إِلاَّ شَابّاً بِمِصْرَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الغَنِيِّ، كَأَنَّهُ شُعْلَةُ نَارٍ، وَجَعَلَ يُفَخِّمُ أَمره، وَيَرْفَعُ ذِكْرَهُ (1) .
وَقَالَ أَبُو الفَتْحِ مَنْصُوْرُ بنُ عَلِيٍّ الطَّرَسُوْسِيُّ: أَرَادَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ الخُرُوجَ مِنْ عِنْدنَا مِنْ مِصْرَ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ نُوَدِّعُهُ، فَلَمَّا وَدَّعنَاهُ بكينَا، فَقَالَ لَنَا: تَبكُون وَعندكُم عَبْدُ الغَنِيِّ بن سَعِيْدٍ، وَفِيْهِ الخَلَفُ (2) .
وَلعَبْد الغَنِيِّ (جُزْءٌ) بَيَّنَ فِيْهِ أَوهَامَ كِتَابِ (المدخلِ إِلَى الصَّحِيْحِ)
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 224، و" المنتظم " 7 / 291، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1048، و" شذرات الذهب " 3 / 188.
(2) المصادر السابقة.(17/269)
لِلْحَاكِمِ، يَدُلُّ عَلَى إِمَامته وَسعَة حِفظِه (1) .
قَالَ عَبْدُ الغَنِيِّ: لمَا رددتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِم (الأَوهَامَ الَّتِي فِي المدخلِ) بَعثَ إِليَّ يَشْكُرُنِي، وَيَدْعُو لِي، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ عَاقِلٌ (2) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: مَا رَأَيْتُ بَعْد الدَّارَقُطْنِيّ أَحْفَظَ مِنْ عَبْدِ الغَنِيّ (3) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيُّ: قَالَ لِي الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيّ: ابتدأَتُ بعملِ كِتَابِ (المُؤتلف وَالمُخْتَلِف) ، فَقَدم عَلَيْنَا الدَّارَقُطْنِيّ، فَأَخذتُ عَنْهُ أَشْيَاءَ كَثِيْرَةً مِنْهُ، فَلَمَّا فرغتُ مِنْ تَصْنِيْفِهِ، سَأَلَنِي أَنْ أَقرأَهُ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَهُ مِنِّي، فَقُلْتُ: عَنْكَ أَخذتُ أَكْثَرَهُ.
قَالَ: لاَ تَقُلْ هَكَذَا، فَإِنَّكَ أَخَذْتَهُ عَنِّي مُفَرَّقاً، وَقَدْ أَوْرَدْتَهُ فِيْهِ مَجْمُوعاً، وَفِيْهِ أَشْيَاءُ كَثِيْرَةٌ أَخَذْتَهَا عَنْ شُيُوخِكِ.
قَالَ: فَقَرأْتُهُ عَلَيْهِ (4) .
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْد حَافِظٌ مُتْقِنٌ.
قُلْتُ: لأَبِي ذَرٍّ الهَرَوِيّ: أَخذتَ عَنْ عَبْدِ الغَنِيّ؟
فَقَالَ: لاَ إِنْ شَاءَ اللهُ.
عَلَى مَعنَى التَأْكيدِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لِعَبدِ الغَنِيِّ اتصَالٌ بِبَنِي عُبيدٍ - يَعْنِي أَصْحَاب مِصْر (5) -.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيّ: كَانَ عَبْدُ الغَنِيّ إِمَامَ زَمَانِه فِي علمِ
__________
(1) انظر النسخ الخطية لكتاب " كشف الاوهام التي في كتاب المدخل " في " تاريخ التراث العربي " 1 / 374.
(2) " المنتظم " 7 / 291، 292، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1048.
(3) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1048، 1049.
(4) " وفيات الأعيان " 3 / 224، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1049.
(5) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1049.(17/270)
الحَدِيْثِ وَحِفْظِهِ، ثِقَةً، مَأْمُوْناً، مَا رَأَيْتُ بَعْد الدَّارَقُطْنِيِّ مِثْلَهُ (1) .
قُلْتُ: اتصَالُهُ بِالدَّوْلَة العُبَيْدِيَّة كَانَ مُدَارَاةً لَهُم، وَإِلاَّ فَلَو جَمحَ عَلَيْهِم، لاَستَأْصَلَهُ الحَاكِمُ خَلِيْفَةُ مِصْرَ، الَّذِي قِيْلَ: إِنَّهُ ادَّعَى الإِلهيَة.
وَأَظُنُّهُ وَلِيَ وَظِيفَةً لَهُم، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَرِ، نَشَأَ فِي سُنَّةٍ وَاتِّبَاع قَبْل وُجود دَوْلَةِ الرَّفضِ، وَاسْتمرَّ هُوَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالحَدِيْثِ، وَلَكِنَّهُ دَارَى القَوْمَ وَدَاهَنَهُم، فَلِذَلِكَ لَمْ يُحِبَّ الحَافِظُ أَبُو ذرٍّ الأَخْذَ عَنْهُ.
وَقَدْ كَانَ لِعَبْدِ الغَنِيّ جِنَازَةٌ عَظِيْمَةٌ تَحَدّثَ بِهَا النَّاسُ، وَنُودِي أَمَامهَا: هَذَا نَافَي الكذبِ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّال: تُوُفِّيَ فِي سَابعِ صَفَرٍ، سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة.
قُلْتُ: وَمَاتَ مَعَهُ فِي هَذَا العَام المُحَدِّثُونَ المسندُوْنَ: أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُتَيَّمِ (2) البَغْدَادِيُّ الوَاعِظُ، وَأَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الصَّلْتِ الأَهْوَازِيُّ (3) - شَيْخا أَبِي بَكْرٍ الخَطِيْب -، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ الصُّوْفِيُّ (4) شَيْخُ البَيْهَقِيِّ، وَالمُعَمَّر أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ خَزَفَةَ (5) الصَّيْدَلاَنِيُّ الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو طَلْحَةَ القَاسِمُ بنُ أَبِي المُنْذِر القَزْوِيْنِيُّ الخَطِيْبُ - رَاوِي (سُنَن ابْنِ مَاجَه) -.
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّزَّاق، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، سَمِعْتُ جَعْفَر بن أَحْمَدَ اللُّغَوِيّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1048.
(2) سترد ترجمته برقم (176) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (108) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (145) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (113) .(17/271)
الصُّوْرِيَّ الحَافِظَ، سَمِعْتُ عَبْدَ الغَنِيّ بن سَعِيْد، سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ الحُسَيْنَ بنَ عَبْدِ اللهِ القُرَشِيّ، سَمِعْتُ بُنَاناً الزَّاهِدَ يَقُوْلُ: مَنْ كَانَ يَسُرُّهُ مَا يَضُرُّهُ مَتَى يُفْلِحُ (1) ؟
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ المُقْرِئُ إِجَازَةً، عَنْ هِبَةِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَطَّار، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ دَنُوقَا، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ، عَنْ غَالِبٍ القَطَّانِ (2) ، عَنْ بَكْرٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شِدَّة الحَرِّ، فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَسْجُدَ عَلَى الأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَه، فَسَجَدَ عَلَيْهِ.
غَالِبٌ: هُوَ ابْنُ خَطَّاف، قَيَّدهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِفَتحِ الخَاء (3) ، اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَيْهِ مِنْ طريقِ بِشْر (4) .
__________
(1) انظر قول بنان في " حلية الأولياء " 10 / 325، و" طبقات الصوفية " 293.
وبنان هذا هو بنان بن محمد بن حمدان بن سعيد، أبو الحسن الزاهد الواسطي، ويعرف بالحمال، مرت ترجمته في الجزء الرابع عشر برقم (274) ، وقد تصحف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1050 إلى " بيان " بالياء.
(2) في الأصل: " القطار " بالراء وهو خطأ، وهو غالب بن أبي غيلان خطاف القطان - نسبة إلى بيع القطن - هو من رجال " تهذيب الكمال ".
(3) وبه قيده المؤلف في " المشتبه " وابن حجر في " التبصير " وقال في " التقريب ": بضم المعجمة، وقيل بفتحها.
(4) أخرجه البخاري (385) في الصلاة: باب السجود على الثوب في شدة الحر و (1208) في العمل في الصلاة، ومسلم (620) في المساجد: باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر.
وبكر: هو ابن عبد الله المزني، وأخرجه من طريق بشر بهذا الإسناد أبو داود (660) ، وابن ماجة (1033) والدارمي 1 / 308.
وأخرجه البخاري (542) والترمذي (584) من طريق عبد الله بن المبارك، عن خالد بن عبد الرحمن، عن
غالب القطان به.(17/272)
قَالَ عَبْدُ الغَنِيّ بن سَعِيْد فِي كِتَابِ (العِلْمِ) - هُوَ جُزْآنِ -:أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البَيَّاع فِي كِتَابِهِ مِنْ نَيْسَابُوْر، حَدَّثَنَا الأَصَمُّ ... ، فَذكرَ حَدَّثَنَا.
165 - أَبُو الفَضْلِ التَّمِيْمِيُّ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، رَئِيْسُ الحَنَابِلَة، أَبُو الفَضْلِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الحَارِثِ التَّمِيْمِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِسْحَاقَ الخُرَاسَانِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّادِ، وَأَحْمَدَ بنِ كَامِل، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَرِزْقُ اللهِ التَّمِيْمِيُّ - ابْنُ أَخِيْهِ -، وَعُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ المُقْرِئُ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ صَدُوْقاً، دُفِنَ إِلَى جَنْبِ قَبْرِ الإِمَام أَحْمَد، وَحَدَّثَنِي أَبِي - وَكَانَ مِمَّنْ شَيَّعَه - أَنَّه صَلَّى عَلَيْهِ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِيْنَ أَلْفاً - رَحِمَهُ اللهُ (1) -.
قُلْتُ: كَانَ صَدِيْقاً لِلْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ بنِ البَاقِلاَّنِيِّ (2) ، وَمُوَادّاً لَهُ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ عَشرٍ وَأَرْبَع مائَة.
__________
(*) تاريخ بغداد 11 / 14 / 15، طبقات الحنابلة 2 / 179، المنتظم 7 / 295.
(1) " تاريخ بغداد " 11 / 14، 15.
وقال في " طبقات الحنابلة " 2 / 179: ودفن بين قبر إمامنا أحمد وقبر أبيه.
(2) تقدمت ترجمته برقم (110) .(17/273)
166 - أَبُو مَنْصُوْرٍ الأَزْدِيُّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، القَاضِي، أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ (1) بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ، الهَرَوِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
رَوَى عَنِ: الحَسَنِ بنِ عِمْرَان الحَنْظَلِيِّ الهَرَوِيِّ، وَسَمِعَ لَمَّا حَجَّ بِالكُوْفَةِ مِنْ: مُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ دُحَيْم، وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ دَعْلَجٍ السِّجْزِيّ، وَأَحْمَدَ بن عُثْمَانَ الأَدَمِيِّ، وَعِدَّة.
وأملَى مُدَّةً، وَكَانَ رَأْسَ الشَّافِعِيَّة فِي عَصْرِهِ بِهَرَاةَ مَعَ الدِّينِ وَالخَيْرِ وَعُلُوِّ الإِسْنَاد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدينَ، وَأَبُو سَعْدٍ يَحْيَى بنُ أَبِي نَصْرٍ العَدْلُ، وَأَبُو عَدْنَان القَاسِمُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُمَيرِي، وَشَيْخُ الإِسْلاَمِ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ السُّلْطَانُ مَحْمُوْدُ (2) بنُ سُبُكْتِكِيْنَ يُجِلُّه، وَيَحْتَرِمُهُ لخَيْرِهِ وَاتِّبَاعه وَمَحَاسِنِهِ (3) .
قَارَبَ التِّسْعِيْنَ، وَمَاتَ بِهَرَاة فَجْأَةً، فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَع مائَة.
وَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّة الأَمِيْر المُهَلَّبِ بن أَبِي صُفْرَةَ.
وَابنُهُ: هُوَ الإِمَامُ
__________
(*) طبقات العبادي: 93، العبر 3 / 103، الوافي بالوفيات 1 / 115، طبقات السبكي 4 / 196، طبقات الاسنوي 2 / 527، شذرات الذهب 3 / 192.
(1) في " طبقات " العبادي: أحمد بدل محمد.
(2) سترد ترجمته برقم (319) .
(3) انظر " طبقات " السبكي 4 / 197 و5 / 320.(17/274)
167 - أَبُو أَحْمَدَ مَنْصُوْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيُّ *
الأَدِيْبُ.
عَلَّقَ المَذْهَبَ بِبَغْدَادَ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ.
وَرَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خَمِيْرُوَيْه، وَالخَلِيْلِ بن أَحْمَدَ السِّجْزِيِّ، وَالعَبَّاس بن الفَضْلِ النَّضْرَوِيِّ (1) .
وَأَمْلَى مَجَالِس، وَكَانَ يَخْتُمُ كُلَّ يَوْم.
وَأَمَّا نظمُهُ الفَائِق وَنثره البَدِيْع، فَإِليه المُنْتَهَى (2) .
قَالَ الرُّهَاوِيُّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
168 - ابْنُ جَهْضَمٍ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ الكَبِيْر، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة بِالحرمِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بن جَهْضَمٍ الهَمَذَانِيّ، المُجَاور، مُصَنِّف (بَهجَة
__________
(*) يتيمة الدهر 4 / 348 - 350، دمية القصر 2 / 719 - 724، معجم الأدباء 19 / 191 - 194، طبقات السبكي 5 / 346، 347.
(1) بفتح النون وسكون الضاد المعجم وفتح الراء كما في " تبصير المنتبه " 1 / 156، ويقال أيضا بضم الراء كما في " اللباب " وهذه النسبة إلى نضرويه وهو اسم لجد العباس بن الفضل.
(2) انظر نظمه في " يتيمة الدهر " و" معجم الأدباء " و" طبقات السبكي " وقال الباخرزي في " الدمية ": وديوان شعره يبلغ أربعين ألف بيت.
(* *) المنتظم 8 / 14، تاريخ الإسلام (وفيات سنة 414 هـ) ، العبر 3 / 116، تذكرة الحفاظ 3 / 1057، المغني في الضعفاء 2 / 451، ميزان الاعتدال 3 / 142، 143، البداية والنهاية 12 / 16، العقد الثمين 6 / 179 - 181، لسان الميزان 4 / 238، شذرات الذهب 3 / 200، 201.(17/275)
الأَسرَار (1)) ، يَرْوِي فِيْهِ عَنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ سَلَمَةَ القَطَّانِ، وَأَحْمَد بن عُثْمَانَ الأَدَمِيِّ، وَعَلِيِّ بن أَبِي العَقبِ، وَخَلْق.
لَيْسَ بثِقَةٍ، بَلْ مُتَّهَمٌ، يَأْتِي بِمصَائِب.
قَالَ ابْنُ خَيْرُوْنَ: قِيْلَ: إِنَّهُ يكذب (2) .
قُلْتُ: سُقتُ أَخْبَاره فِي (التَّارِيْخ) وَ (المِيزَان) .
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
169 - ابْنُ مَحْمِشٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الزِّيَادِيُّ*
الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ خُرَاسَان، أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمِش بنِ عَلِيِّ بنِ دَاوُدَ الزِّيَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الأَدِيْبُ.
كَانَ يَسْكُن بِمَحَلَّة مَيْدَان زِيَادِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَنُسِبَ إِلَيْهَا (3) ، وَكَانَ
__________
(1) وهو في أخبار الصوفية، قال ابن حجر في " لسان الميزان " 4 / 238: قال المصنف في " تاريخ الإسلام ": لقد أتى بمصائب في كتاب " بهجة الاسرار " يشهد القلب ببطلانها، وروى عن أبي بكر النجاد، عن ابن أبي العوام، عن أبي بكر المروذي في محنة أحمد، فأتى فيها بعجائب وقصص لا يشك من له أدنى ممارسة ببطلانها. وهذا الكتاب منه نسخة خطية في الظاهرية بدمشق مجموع 66 / 4.
(2) انظر " ميزان الاعتدال " 3 / 143، و" لسان الميزان " 4 / 238.
(*) طبقات العبادي: 101، الأنساب 6 / 336 (الزيادي) ، اللباب 2 / 84، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 245، تذكرة الحفاظ 3 / 1051، العبر 3 / 103، الوافي بالوفيات 1 / 271، 272، طبقات السبكي 4 / 198 - 201، طبقات الاسنوي 1 / 609، 610، شذرات الذهب 3 / 192، هدية العارفين 2 / 59.
ومحمش: على وزن مسجد، كما في " تبصير المنتبه " 4 / 1265، و" طبقات " الاسنوي.
(3) كذا قال عبد الغافر الفارسي في كتابه " السياق " ونقله عنه الاسنوي في " طبقاته " 1 / 609، أما أبو سعد السمعاني، فقال: هذه النسبة إلى اسم بعض أجداده.
ونقل السبكي عن أبي عاصم العبادي أنه منسوب إلى بشير بن زياد، ثم قال: ويشبه أن يكون ما ذكره أبو عاصم تصريحا وأبو سعد تلويحا أصح مما ذكره عبد الغافر. " طبقات " السبكي 4 / 199.(17/276)
وَالده مِنَ العَابدين.
وَلد أَبُو طَاهِرٍ: سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَسْمَعَهُ أَبُوْهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَبعدهَا مِنْ: أَبِي حَامِدٍ بن بِلاَلٍ، وَمُحَمَّدِ بن الحُسَيْنِ القَطَّان، وَعَبْدِ اللهِ بن يَعْقُوْبَ الكَرْمَانِيّ (1) ، وَالعَبَّاس بن مُحَمَّدِ بنِ قُوهيَارَ، وَأَبِي عُثْمَانَ عَمْرِو بن عَبْدِ اللهِ النَّصْرِي، وَمُحَمَّدِ بن الحَسَنِ المُحَمَّدَابَاذِي، وَمُحَمَّدِ بن عُمَرَ بنِ حَفْص الجُورْجِيْرِي (2) ، وَعَبْدُوْسِ بنِ الحُسَيْنِ، وَأَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَأَبِي عليٍّ المَيْدَانِيّ، وَحَاجِبِ بن أَحْمَدَ الطُّوْسِيّ، وَعَلِيِّ بن حَمشَاذ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارِ، وَعِدَّةٍ.
وَكَادَ أَنْ يَسمَعَ مِنِ ابْنِ الشَّرْقِيِّ.
وَكَانَ إِمَاماً فِي المَذْهَبِ، مُتَبَحِّراً فِي عِلْمِ الشُّرُوطِ (3) ، لَهُ فِيْهِ مُصَنَّفٌ، بَصِيْراً بِالعَرَبِيَّةِ، كَبِيرَ الشَّأْنِ، وَكَانَ إِمَامَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ وَمُسْنِدَهُم وَمُفْتِيَهُم.
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: أَمْلَى نَحْواً مِنْ ثَلاَث سِنِيْنَ، وَلَوْلاَ مَا اخْتُصَّ بِهِ مِنَ الإِقتَارِ وَحِرفَةِ أَهْلِ العِلْمِ (4) ، لَما تَقَدَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، أَخْبَرَنَا عَنْهُ الإِمَامُ جَدِّي، وَأَبُو سَعْدٍ بنُ رَامِش، وَعُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ المَحْمِي، وَمُحَمَّدُ
__________
(1) بفتح الكاف - وقيل بكسرها والفتح أشهر بالصحة - وسكون الراء وفي آخرها النون.
انظر " الأنساب " و" معجم البلدان ".
(2) نسبة إلى جورجير: محلة معروفة كبيرة بأصبهان، بها الجامع الحسن، ويعرف بجامع جورجير.
انظر " الأنساب " وقد أورد فيه السمعاني ترجمة محمد بن عمر بن حفص هذا.
(3) انظر في تعريف علم الشروط " كشف الظنون " 2 / 1045، 1046، و" مفتاح السعادة " 1 / 272، و" الأنساب " ترجمة " الشروطي ". وقد سبق التعريف به في الجزء العاشر ص 367 ت رقم (2) .
(4) يعني بحرفة أهل العلم النسخ، فأكثرهم كان ينسخ بالاجرة ليقوت نفسه.(17/277)
بن يَحْيَى المُزَكِّي، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلَف، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيّ المُفَسِّر.
قُلْتُ: وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَعَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُرزَةَ (1) ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّامَاتِي (2) ، وَالقَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الثَّقَفِيُّ، وَخَلْقٌ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ: الحَاكِمُ ابْنُ البَيِّعِ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
170 - طُغَانُ خَانَ التُّرْكِيُّ *
صَاحِبُ تُرْكِسْتَان، وَبَلاَسَاغُون (3) وَكَاشْغر (4) وَخُتَن (5) وَفَارَاب (6) .
قَصَدَتْهُ جُيُوشُ الصِّيْنِ وَالخَطَا (7) فِي جَمْعٍ مَا سُمِعَ بِمِثْلِهِ حَتَّى قِيْلَ:
__________
(1) بضم الباء الموحدة، وسكون الراء المهملة، بعدها زاي معجمة.
" تبصير المنتبه " 1 / 74.
(2) نسبة إلى الشامات: اسم لأحد أرباع نيسابور، فيه من القرى ما يزيد على ثلاث مئة قرية.
انظر " الأنساب " وفيه ترجمة محمد بن محمد الشاماتي هذا، وقد تصحفت هذه النسبة في " طبقات السبكي " 4 / 199 إلى " الساماتي ".
(*) الكامل 9 / 220 و240 و297، 298، المختصر في أخبار البشر 2 / 149، 150 وفيه اسمه أبو نصر أحمد بن طغان خان، ولقبه قراخان، تتمة المختصر في أخبار البشر 1 / 500، تاريخ ابن خلدون 4 / 391، 392.
(3) قال ياقوت: بالسين مهملة والغين المعجمة: بلد عظيم في ثغور الترك وراء نهر سيحون قريب من كاشغر.
(4) قال ياقوت: هي مدينة وقرى ورساتيق يسافر إليها من سمرقند وتلك النواحي، وهي في وسط بلاد الترك، وأهلها مسلمون.
(5) بلد وولاية دون كاشغر ووراء يوزكند، وهي معدودة من بلاد تركستان، وهي في واد بين جبال في وسط بلاد الترك، وبعض يقوله بتشديد التاء. كذا في " معجم البلدان ".
(6) ولاية وراء نهر سيحون في تخوم بلاد الترك، وهي أبعد من الشاش، قريبة من بلا ساغون.
(7) قال القلقشندي: إن اسم الخطا يطلق على بلاد متاخمة للصين يسكنها جنس من =(17/278)
كَانُوا ثَلاَثَ مائَة أَلْف.
وَكَانَ مَرِيْضاً فَقَالَ: اللَّهُمَّ عَافِنِي لأَغْزُوَهُم، ثُمَّ تَوَفَّنِي إِنْ شِئْتَ. فَعُوْفِيَ، وَجَمَعَ عَسَاكِرَهُ، وَسَاقَ، فَبَيَّتَهُم، وَقَتَلَ مِنْهُم نَحْوَ مائَتَي أَلف، وَأَسَرَ مائَة أَلْف، وَكَانَتْ مَلْحَمَةً مَشْهُوْدَةً فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَع مائَة، وَرجعَ بِغَنَائِمَ لاَ تُحْصَى إِلَى بَلاَسَاغُونَ، فَتَوَفَّاهُ اللهُ عَقِيْبَ وُصُولِهِ (1) .
وَكَانَ دَيِّناً عَادِلاً، بَطَلاً شُجَاعاً.
وَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ أَرسلاَن خَان (2) ، أَرَّخ ذَلِكَ صَاحِبُ حَمَاةَ المُؤَيَّد (3) .
80 - النَّاصِرُ لِدِيْنِ اللهِ عَلِيُّ بنُ حَمُّوْدِ بنِ مَيْمُوْنٍ (تَقَدَّمَ (4))
وَهُوَ صَاحِبُ الأَنْدَلُس، النَّاصر لِدِيْنِ اللهِ، أَبُو الحَسَنِ عليُّ بنُ حَمُّوْد بن مَيْمُوْنِ بن أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ إِدْرِيْسَ بنِ إِدْرِيْسَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ ابنِ السَّيِّد الحَسَن بن عَلِيٍّ العَلَوِيُّ، الحَسَنِيُّ، ثُمَّ الإِدْرِيْسِيُّ.
كَانَ مِنْ قُوَّادِ المُسْتَعِيْن المَرْوَانِي (5) ، فَلَمَّا طَغَى المُسْتَعِيْنُ، وَعَثَّرَ الرَّعِيَّة، حَارَبَهُ عَلِيٌّ هَذَا وَقَتَلَهُ وَتَمَلَّكَ وَتَمَكَّنَ، ثُمَّ خَالَفَ عَلَيْهِ الموَالِي الَّذِيْنَ كَانُوا قَدْ نَصَرُوْهُ، وَمَالُوا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ النَّاصر
______________
انظر " صبح الاعشى " 4 / 383، و" دائرة المعارف الإسلامية " 2 / 179.
(1) انظر " الكامل " 9 / 297، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 391، 392.
(2) انظر " الكامل " 9 / 298، و" تاريخ ابن خلدون " 4 / 392.
(3) في كتابه " المختصر في أخبار البشر " 2 / 150.
(4) برقم (80) وذكرت هناك مصادر ترجمته.
(5) وقد تقدمت ترجمته برقم (79) .(17/279)
الأُمَوِيّ، وَلَقَّبُوهُ بِالمُرْتَضَى، وَنَازَلُوا غَرْنَاطَة، ثُمَّ نَدِمُوا عَلَى بَيْعَتِهِ لِمَا رَأَوا مِنْ صَوْلَتِهِ، فَتَنَقَّلُوا عَنْهُ، وَدَسُّوا مَنْ قَتَلَه غِيْلَةً.
وكَانَتْ دَوْلَةُ الإِدْرِيْسِيّ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ شَهْراً، ثُمَّ قَتَلَهُ غِلْمَانٌ لَهُ صَقَالبَةُ فِي حَمَّامٍ، فِي أَواخِرَ سَنَة ثَمَانٍ وَأَرْبَعِ مائَة، فَقَامَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ القَاسِم (1) .
وَتَرَكَ عَلِيٌّ مِنَ الوَلَد إِدْرِيْس (2) وَيَحْيَى المُعْتَلِي (3) ، فَشَيْخُنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الإِدْرِيْسِيّ مِنْ نَسْلِ المُعْتَلِي.
171 - ابْنُ بَابَكَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مَنْصُوْرٍ البَغْدَادِيُّ *
شَاعِرُ وَقْته، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ بَابَكَ البَغْدَادِيُّ. وَ (دِيْوَانُهُ) كَبِيْرٌ فِي مُجَلَّدين.
طَوَّفَ النَّوَاحِي، وَمَدَحَ الكِبَارَ، وَلَمَّا سَأَلَهُ الصَّاحِبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبَّاد وَقَدْ وَفَدَ عَلَيْهِ: أَأَنْتَ ابْنُ بَابَك (4) ؟
قَالَ: بَلْ أَنَا ابْنُ بَابِك، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ (5) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ عشرٍ وَأَرْبَع مائَة (6) .
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (81) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (85) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (82) .
(*) يتيمة الدهر 3 / 374 - 381، المنتظم 7 / 295، وفيات الأعيان 3 / 196 - 198، العبر 3 / 102، 103، النجوم الزاهرة 4 / 245، 246، معاهد التنصيص 1 / 64، شذرات الذهب 3 / 191.
(4) في " وفيات الأعيان ": أأنت بابك الشاعر؟ (5) " وفيات الأعيان " 3 / 196، 197.
(6) انظر نماذج من شعره في " اليتيمة " و" معاهد التنصيص " و" وفيات الأعيان " وله بيت =(17/280)
172 - ابْنُ سُرَاقَةَ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَامِرِيُّ *
الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ سُرَاقَةَ العَامِرِيُّ، البَصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: ابْنِ دَاسَة، وَأَبِي إِسْحَاق الهُجَيْمِيِّ، وَابنِ عَبَّاد، وَطَائِفَة.
وَأَخَذَ عَنْ: أَبِي الفَتْحِ الأَزْدِيّ (مُصَنَّفَهُ) فِي الضُّعَفَاءِ، ثُمَّ هَذَّبَهُ، وَرَاجَعَ فِيْهِ أَبَا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ.
وَارْتَحَلَ فِي الحَدِيْثِ إِلَى فَارِس وَأَصْبَهَان وَالدِّيْنَوَر، وَسَكَنَ آمِد مُدَّة.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّة.
لَهُ تآلِيفُ فِي الفَرَائِضِ وَالسِّجِلاَّت (1) .
كَانَ حَيّاً فِي سَنَةِ أَرْبَعِ مائَةٍ (2) .
__________
= في غاية الرقة وهو: ومر بي النسيم فرق حتى * كأني قد شكوت إليه ما بي
(*) طبقات ابن الصلاح 26 / ب، الوافي بالوفيات 5 / 195، طبقات السبكي 4 / 211 - 214، طبقات الاسنوي 2 / 27، 28، طبقات ابن هداية الله 130، 131، كشف الظنون 1 / 481، هدية العارفين 1 / 60.
(1) قال الاسنوي: وقع لي من تصانيفه الفقهية كتابه في " الشهادات " وكتابه في " الاعداد " وهو مشتمل على أشياء أخرى غريبة، وكتابه الذي سماه " ما لا يسع المكلف جهله ".
ونقل السبكي من كتاب " الاعداد " بعض الفوائد والغرائب، وقال: ووقفت من تصانيفه على كتاب " أدب الشاهد وما يثبت به الحق على الجاحد " وقد ذكر في خطبته أنه صنف قبله كتابا في " أدب القضاة ".
(2) قال السبكي: وأراه توفي في حدود سنة عشر وأربع مئة.(17/281)
173 - فَخْرُ المُلْكِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خَلَف بن الصَّيْرَفِيِّ.
وبَاسْمِهِ صُنِّفَ كِتَاب (الفَخرِي) فِي الجَبْر وَالمُقَابلَة (1) .
كَانَ صَدْراً مُعَظَّماً، جَوَاداً مُمَدَّحاً مِنْ رِجَالِ الدَّهْر، كَانَ أَبُوْهُ صَيْرَفِيّاً بِدِيْوَانِ وَاسِط، وَكَانَ أَبُو غَالِبٍ مِنْ صِبَاهُ يَتعَانَى المَكَارم وَالأَفْضَال، وَيُلقِّبُونه بِالوَزِيْر الصَّغِيْر، ثُمَّ وَلِيَ بَعْضَ الأَعمَالِ، وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحْوَالُ إِلَى أَنْ وَلِي دِيْوَانَ وَاسِط، ثُمَّ وَزَرَ، ونَابَ لِلْسُّلْطَان بَهَاءِ الدَّوْلَة (2) بِفَارِس، وافْتَتَحَ قِلاَعاً، ثُمَّ وَلِي العِرَاقَ بَعْد عَمِيْد الجُيُوش (3) ، فَعَدَلَ قَلِيْلاً، وَأَعَادَ اللَّطْمَ يَوْم عَاشُورَاء، وَثَارَت الفِتَنُ لِذَلِكَ، وَمَدَحَتْهُ الشُّعَرَاء (4) ، وَدَام سِتَّ سِنِيْنَ، ثُمَّ أُمْسِكَ بِالأَهْوَازِ، وَقُتِلَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَأَخَذُوا لَهُ جَوْهَراً وَنَفَائِسَ، وَأَلفَ أَلفِ دِيْنَار وَ?يرَ ذَلِكَ، وَطُمِرَ فِي ثيَابه (5) .
__________
(*) المنتظم 7 / 286، 287، الكامل 9 / 260 (وانظر الفهرس) ، وفيات الأعيان 5 / 124 - 127، المختصر في أخبار البشر 2 / 144، العبر 3 / 97، تتمة المختصر 1 / 493، 494، الوافي بالوفيات 4 / 118، 119، البداية والنهاية 12 / 5، 6، تاريخ ابن خلدون 4 / 470، 471، النجوم الزاهرة 4 / 242، شذرات الذهب 3 / 185.
(1) صنفه أبو بكر محمد بن الحسن الحاسب الكرخي، المتوفى في حدود سنة عشر وأربع مئة، وصنف له أيضا كتاب " الكافي " في الحساب.
انظر " وفيات الأعيان " 5 / 125، و" أعلام " الزركلي 6 / 83.
(2) تقدمت ترجمته برقم (106) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (137) .
(4) منهم أبو نصر ابن نباتة، له فيه قصائد مختارة، منها قصيدته النونية التي منها: لكل فتى قرين حين يسمو * وفخر الملك ليس له قرين أنخ بجنابه واحكم عليه * بما أملته فأنا الضمين انظر " وفيات الأعيان " 5 / 124، 125.
(5) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 126، و" المنتظم " 7 / 286، و" البداية والنهاية " 12 / 5.
وقد أوردت هذه المصادر قصة جعلوها سببا لما حل به.(17/282)
وَكَانَ شَهْماً كَافياً، خَبِيْراً بِالتَّصَرُفِ، سَدِيْدَ التَّوقِيْع، طَلق المحيَا، يُكَاتِبُ مُلُوْكَ النَّوَاحِي، وَيُهَادِيهم، وَفِيْهِ عدلٌ فِي الجُمْلَةِ، عُمِرت العِرَاقُ فِي أَيَّامِهِ، وَكَانَ مِنْ مَحَاسِنِ الدَّهْرِ، أَنشَأَ بِيمَارستَاناً عَظِيْماً بِبَغْدَادَ، وَكَانَتْ جَوَائِزُهُ مُتَوَاتِرَةً عَلَى العُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، وَعَاشَ ثَلاَثاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
رُفِعَتْ إِلَيْهِ سِعَايَةٌ بِرَجُل، فَوَقَّعَ فِيْهَا: السِّعَايَةُ قَبِيْحَةٌ وَلَوْ كَانَتْ صَحِيْحَة، وَمَعَاذَ اللهِ أَنْ نَقْبَلَ مِنْ مَهْتُوكٍ فِي مَسْتُور، وَلَوْلاَ أَنَّك فِي خِفَارَة شَيْبِكَ، لَعَاملنَاك بِمَا يُشْبِه مَقَالَك، وَيَرْدَعُ أَمثَالَكَ، فَاكْتُم هَذَا العَيْب، وَاتَّقِ مَنْ يَعْلَمُ الغَيْبَ (1) .
فَأَخَذَهَا فُقَهَاءُ المَكَاتب، وَعَلَّمُوهَا الصِّغَار.
وَقَدْ أَنْشَأ بِبَغْدَادَ دَاراً عَظِيْمَةً (2) ، وَكَانَ يُضْرَبُ المَثَلُ بِكَثْرَةِ جَوَائِزِهِ وَعطَايَاهُ.
79 - المُسْتَعِيْنُ سُلَيْمَانُ بنُ الحَكَمِ بنِ سُلَيْمَانَ * (تَقَدَّمَ)
صَاحِبُ الأَنْدَلُس، المُلَقَّب بِالمُسْتَعِيْن، أَبُو الرَّبِيْع سُلَيْمَانُ بنُ الحَكَمِ بنِ سُلَيْمَانَ ابنِ النَّاصرِ لِدِيْنِ اللهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأُمَوِيُّ، المَرْوَانِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ.
خَرَجَ عَلَى ابْنِ عَمّه المُؤَيَّد بِاللهِ هِشَامٍ عَلَى رَأْسِ عَام أَرْبَع مائَة، وَالتَفَّ عَلَيْهِ البَرْبَرُ بِالأَنْدَلُسِ، وَغَلَبُوا عَلَى قَلْعَةِ رَبَاح، وَمَلَّكُوهُ وَجَمَعُوا لَهُ
__________
(1) الخبر في " وفيات الأعيان " 5 / 126. والسعاية: الوشاية، والخفارة مثلثة الخاء: الامان.
(2) قال ابن الجوزي: وداره بأعلى الحريم الطاهري يقال لها: الفخرية، وهذا الدار كانت للمتقي لله، وابتاعها عز الدولة بختيار بن معز الدولة، وخربت فعمرها فخر الملك، وأنفق عليها أموالا كثيرة، وفرغ منها في رمضان سنة اثنتين وأربع مئة.
" المنتظم " 7 / 286.
(*) تقدمت ترجمته برقم (79) وذكرت هناك مصادر ترجمته.(17/283)
أَمْوَالاً نَحْوَ المائَة أَلْفِ دِيْنَار، فَسَارَ بِهِم إِلَى طُلَيْطُلَة، فَحَارَبَهُم، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، وَذَبَحَ والِيَهَا، ثُمَّ هَزَمَ عَسْكَراً وَاقعُوهُ، ثُمَّ قَصَدَ قُرْطُبَة، فَبرز لِقتَاله جَيْشُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ المَهْدِيِّ، فَحَطَمَهُم سُلَيْمَانُ، وَغَرِقَ خَلْقٌ مِنْهُم فِي النَّهر، وَقُتِلَ خَلْقٌ، وَكَانَتْ مَلْحَمَةً كُبْرَى، ذَهَبَ فِيْهَا عِدَّةٌ مِنَ العُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، فَعَمَدَ المَهْدِيُّ، فَأَخْرَجَ المُؤَيَّد بِاللهِ بَعْدَ أَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَاتَ، فَأَجْلَسَهُ لِلنَّاسِ، وَجَعَلَ القَاضِي ابْنُ ذَكْوَانَ يَقُوْلُ:
هَذَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، وَإِنَّمَا ابْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ نَائِبُه.
فَقَالَتِ البَرْبَرُ: يَا ابْنَ ذَكْوَان! بِالأَمْسِ تُصَلِّي عَلَيْهِ وَاليَوْمَ تُحييه!
وَأَمَّا الرَّعِيَّةُ فَخَرَجُوا يَطْلبُونَ أَمَاناً مِنْ سُلَيْمَان، فَأَكْرَمَهُم، وَاخْتَفَى ابْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَاسْتوسَقَ لسُلَيْمَان الأَمْرُ، وَدَخَلَ القَصَرَ، وَوَارَى النَّاسُ قَتْلاَهُم، فَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، وَهَرَبَ ابْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ إِلَى طُلَيْطُلَة، فَقَامُوا مَعَهُ وَاسْتَنْجَدَ بِالفِرَنْجِيَّة، وَبَعَثَ إِلَيْهِم مِنْ بَيْت المَالِ بَذَهَبٍ عَظِيْمٍ - فَلِلَّه الأَمْرُ -، ثُمَّ أَقْبَلَ فِي عَسْكَرٍ عَظِيْمٍ، فَكَانَ المَصَافُّ عَلَى عقبَة البقرِ بقُرْبِ قُرْطُبَة، فَيَنْهَزِمُ ابْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَقُتِلَ مِنَ الفِرنج ثَلاَثَةُ آلَاف، وَغَرِقَ خَلاَئِقُ، ثُمَّ ظَفِرُوا بِابْنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، فَذُبِحَ صبراً، وَقُطِعَتْ أَرْبَعَتُهُ فِي يَوْم التَّرويَة، سَنَةَ أَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وثَلاَثُوْنَ سَنَةً، ثُمَّ اسْتَمَرَّ فِي المُلك المُؤَيَّدُ بِاللهِ، وَعَاث المُسْتَعِيْنُ بِالبَرْبَرِ، وَجَرَتْ أُمُورٌ طَوِيْلَة، وَحَاصَرَ قُرْطُبَةَ مُدَّةً طَوِيْلَةً إِلَى شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ، فَشَدُّوا، وَزَحَفُوا عَلَى البَلَدِ، فَأَخَذُوْهُ، وَبَذَلُوا السَّيْف وَالنَّهب وَبَعْضَ السَّبْي، وَقَتَلُوا المُؤَيَّد، فيُقَالُ: قُتِلَ بقُرْطُبَةَ نَيِّف وَعِشْرُوْنَ أَلْفاً، وَفَعَلَتْ عَسَاكِرُ المُسْتَعِيْن مَا لاَ تَفْعَلُهُ النَّصَارَى، وَاسْتوسق الأَمْرُ للمُسْتَعِيْنِ، فعسف وَجَارَ، وَأَخْرَبَ البِلاَد، وَكَانَ مِنْ قُوَّادِه القَاسِمُ وَعلِيٌّ ابْنَا حَمُّوْد بن مَيْمُوْنٍ العَلَوِيّ الإِدْرِيْسِيّ، فَقَدَّمَهُمَا عَلَى جَيْشِهِ، ثُمَّ اسْتنَاب أَحَدَهُمَا عَلَى الجَزِيْرَةِ الخَضْرَاءِ، وَالآخَرَ عَلَى سَبْتَة.
فَرَاسَلَ عَلَيٌّ مُتَوَلِّي سَبْتَة جَمَاعَةً، وَحَدَّثَ نَفْسَهُ بِالخِلاَفَةِ، فَبَادَرَ إِلَيْهِ خَلْقٌ،(17/284)
وَبَايَعُوهُ، فَعدَّى إِلَى الأَنْدَلُسِ، فَانْضَمَّ إِلَيْهِ أَمِيْرُ مَالَقَة، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُ، ثُمَّ نَازل قُرْطُبَة، فَبرز لِحَرْبِهِ مُحَمَّدٌ وَلدُ المُسْتَعِيْن، فَالتَقَوا، فَانْهَزَمَ مُحَمَّدٌ، وَهَجَمَ الإِدْرِيْسِيُّ قُرْطُبَةَ، وَتَمَلَّكَ، وَذَبَحَ المُسْتَعِيْنَ - وَللهِ الحمدُ - بِيَدِهِ صَبْراً، وَذَبَحَ أَبَاهُ الحَكَم أَيْضاً - وَكَانَ شَيْخاً مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ - وَذَلِكَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَزَالَت الدَّوْلَة المَرْوَانِيَّةُ، وَعَاشَ المُسْتَعِيْنُ نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ (1) .
174 - الرَّضِيُّ الشَّرِيْفُ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُوْسَى *
أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ ابنُ الطَّاهِرِ أَبِي أَحْمَدَ الحُسَيْنِ بنِ مُوْسَى الحُسَيْنِيُّ، المُوْسَوِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الشَّاعِرُ (2) ، صَاحِبُ (الدِّيْوَانِ) .
لَهُ نَظْمٌ فِي الذِّروَة حَتَّى قِيْلَ: هُوَ أَشْعَرُ الطَّالبيّين (3) .
__________
(1) في آخر ترجمته المتقدمة برقم (79) .
(*) يتيمة الدهر 3 / 131 - 151، تاريخ بغداد 2 / 246، 247، المنتظم 7 / 279، المحمدون من الشعراء للقفطي خ 89، الكامل في التاريخ 9 / 261، 262، وفيات الأعيان 4 / 414 - 420، الذريعة 7 / 16، المختصر في أخبار البشر 2 / 152، العبر 3 / 95، تتمة المختصر 1 / 494، الوافي بالوفيات 2 / 374 - 379، مرآة الجنان 3 / 18 - 20، البداية والنهاية 12 / 3، 4، نزهة الجليس 1 / 359، شذرات الذهب 3 / 182 - 184، روضات الجنات 573 - 579، كتاب الرجال: 283، إيضاح المكنون 1 / 430، هدية العارفين 2 / 60، أعيان الشيعة 44، 173 - 187.
(2) والذي لقبه بالرضي ذي الحسبين بهاء الدولة، ولقب أخاه بالمرتضى ذي المجدين. " المنتظم " 7 / 279.
وسترد ترجمة أخيه المرتضى برقم (394) .
(3) قال الثعالبي في " اليتيمة ": وابتدأ يقول الشعر بعد أن جاوز العشر سنين بقليل.
ونقل الخطيب عن ابن محفوظ - وكان أحد الرؤساء - قوله: سمعت جماعة من أهل العلم بالادب يقول: الرضي أشعر قريش.
فقال ابن محفوظ: هذا صحيح، وقد كان في قريش من يجيد القول إلا أن شعره قليل، فأما مجيد مكثر، فليس إلا الرضي.
ومن غرر شعره ما كتبه إلى الامام القادر بالله من جملة قصيدة:
عطفا أمير المؤمنين فإننا * في دوحة العلياء لا نتفرق =(17/285)
وَلِيَ النَّقَابَةَ بَعْد أَبِيهِ، وَ (دِيْوَانُهُ) يَكُونُ أَرْبَعَ مُجَلَّدَات (1) .
وَلَهُ كِتَابُ (مَعَانِي القُرْآنِ) مُمْتِعٌ يَدُلُّ عَلَى سَعَةِ عِلْمِهِ (2) .
مَاتَ: فِي المُحَرَّمِ - وقِيْلَ: صفر - سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَع مائَة، وَلَهُ سَبْع وَأَرْبَعُوْنَ سَنَة، وَكَانَ شِيْعِيّاً.
175 - الجُرْجَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَعْفَرٍ اليَزْدِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ، مُسْنِدُ أَصْبَهَان، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَعْفَرٍ اليَزْدِيّ (3) ، الجُرْجَانِيّ، صَاحِبُ تِلْكَ (الأَمَالِي الأَرْبَعِيْنَ) .
وُلِدَ: بِجُرْجَانَ، سَنَة تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَنَشَأَ بِنَيْسَابُوْرَ، فسَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ القَطَّان، وَالعَبَّاس بن مُحَمَّد بنِ قُوهيَار، وَحَاجِبَ بنَ أَحْمَدَ الطُّوْسِيّ، وَمُحَمَّدَ بن الحَسَنِ
__________
= ما بيننا يوم الفخار تفاوت * أبدا كلانا في المعالي معرق
إلا الخلافة ميزتك فإنني * أنا عاطل منها وأنت مطوق
(1) طبع ديوانه عدة طبعات، فطبع في بيروت في جزئين سنة 1307 هـ تنقيح وشرح
الشيخ أحمد عباس الازهري ومحمد أفندي اللبابيدي، وطبع في بمباي سنة 1306، وطبع في بيروت بدار صادر في مجلدين.
(2) وله أيضا كتاب " المتشابه في القرآن " وكتاب " المجازات النبوية " وهو مطبوع في بغداد سنة 1328 هـ، وكتاب " تلخيص البيان عن مجازات القرآن " وكتاب " أخبار قضاة بغداد " وغيرها، وهو صاحب الكتاب الشهير " نهج البلاغة " الذي زعم أنه جمع فيه أقوال الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد أنكر المؤلف الذهبي، كما سيرد في ترجمة أخيه المرتضى - أن تكون هذه الأقوال صحيحة النسبة إلى الامام علي.
وانظر كلامه في " ميزان الاعتدال " 3 / 124.
وانظر النسخ الخطية لبعض مصنفاته واخيتارات من شعره في " تاريخ " بروكلمان 2 / 63، 64.
(*) العبر 3 / 99، شذرات الذهب 3 / 187.
(3) انظر هذه النسبة في الترجمة الواردة برقم (186) .(17/286)
المُحَمَّدَابَاذِي، وَأَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّار، وَالحَسَنَ بن يَعْقُوْبَ البُخَارِيّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ سُلَيْم القَاضِي، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بن عَبْدِ الكَرِيْمِ الحَسْنَابَاذِي (1) ، وَأَبُو مَسْعُوْد سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظ، وَأَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الوَهَّابِ بن مَنْدَةَ، وَسَهْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ الغَازِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَرَا (2) ، وَمَحْمُوْدُ بنُ جَعْفَرٍ الكَوْسَج، وَالرَّئِيْسُ القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ السِّمْسَار، وَرَجَاءُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ قَوْلويه، وَآخَرُوْنَ.
وَهَذَا السِّمْسَار خَاتمتُهُم، حَدِيْثُهُ مِنْ أَعْلَى شَيْءٍ فِي (الثقفيَّات) .
وَقَعَ لِي مِنْ أَمَاليه (3) أَرْبَعَةُ مَجَالِس.
مَاتَ: بِأَصْبَهَانَ، فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَع مائَة، عَنْ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَأْمونِي، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّان، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الأَزْهَر، حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاوُوس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِذَا اشتَدَّ الحَرُّ، فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ، فَإِنّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّم) (4) .
__________
(1) نسبة إلى حسناباذ: قرية من قرى أصبهان.
انظر " الأنساب " وقد أورد فيه ترجمة عبد الرزاق بن عبد الكريم الحسناباذي.
(2) قال المؤلف في " المشتبه ": ررا بمهملتين مفتوحتين: أبو الخير محمد بن أحمد بن ررا، إمام جامع أصبهان، عن عثمان البرجلي وطبقته.
(3) انظر النسخ الخطية لبعض هذه الامالي في " تاريخ التراث العربي " 1 / 371.
(4) زمعة بن صالح: ضعيف، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه من طرق عن أبي هريرة =(17/287)
176 - ابْنُ المُتَيَّمِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الوَاعِظُ، المُعَمَّرُ، أَبُو الحُسَيْنِ (1) أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ المُتَيَّمِ.
شَيْخٌ صَدُوْقٌ، لَكِنَّهُ كَثِيْر المُزَاح (2) .
حَدَّثَ عَنْ: القَاضِي المَحَامِلِيّ، وَيُوْسُفَ بن يَعْقُوْبَ الأَزْرَق، وَالحَافِظ أَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقدَة، وَعَلِيِّ بن مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْد، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَحَمْزَةَ بنِ القَاسِمِ.
قِيْلَ: جَمِيْعُ مَا كَانَ عِنْدَهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَجْلِسٌ إِلاَّ الأَزْرَقَ، فسَمِعَ مِنْهُ سِتَّة مَجَالِس.
وَتَفَرَّدَ، وَاشْتُهِرَ، وَكَانَ يَعِظُ فِي جَامِع المَنْصُوْر (3) .
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ - وَقَالَ (4) :لَمْ أَكْتُبْ عَنْ أَقدمَ سَمَاعاً مِنْهُ - وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ البَاقَرْحِي، وَعَاصِمُ بنُ الحَسَنِ العَاصِمِي، وَرزقُ اللهِ التَّمِيْمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
= مالك 1 / 16، والبخاري (533) و (536) ومسلم (615) (181) و (182) و (183) والترمذي (157) ، والنسائي 1 / 248، وأحمد 3 / 53، والدارمي 1 / 274، وابن ماجة (677) .
(*) يتيمة الدهر 4 / 156 - 158 وسماه محمد بن أحمد، تاريخ بغداد 4 / 370، 371، معجم الأدباء 4 / 244 - 246، العبر 3 / 100، فوات الوفيات 1 / 150، 151، الوافي بالوفيات 8 / 156، 157، شذرات الذهب 3 / 188، هدية العارفين 1 / 72.
(1) في " اليتيمة " و" الارشاد " و" الفوات " و" الوافي ": أبو الحسن.
(2) انظر بعض مزاحه في شعره في " اليتيمة " 4 / 157، 158، و" إرشاد " ياقوت 4 / 245، 246، و" الفوات " 1 / 151، و" الوافي " 8 / 157.
(3) انظر " تاريخ بغداد " 4 / 371.
(4) " تاريخ بغداد " 4 / 371.(17/288)
وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ فِي مَجْلِس رِزْقِ اللهِ (1) .
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة.
وَمَاتَ فِيْهَا: ابْنُ الصَّلْتِ (2) الأَهْوَازِيُّ الَّذِي ذُكِرَ مَعَ سَمِيِّه المُجْبِرِ (3) ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مَخْلَدِ بنِ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِي الفَقِيْهُ الجَرِيْرِيُّ المَذْهَبِ - سَمِعَ مِن: ابْنِ عَيَّاش القَطَّان -، وَالفَقِيْهُ رَجَاءُ بنُ عِيْسَى الأَنْصِنَانِيُّ المَالِكِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ بنِ بَامويه (4) الأَصْبَهَانِيّ، وَالحَافِظُ عَبْدُ الغَنِي بنُ سَعِيْدٍ المِصْرِيّ (5) ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ خَزَفَة (6) الوَاسِطِيُّ الصَّيْدَلاَنِيُّ - رَاوِي (تَاريخ أَحْمَد بن أَبِي خَيْثَمَةَ) عَنِ الزَّعْفَرَانِيّ، عَنْهُ -، وَأَبُو طَلْحَةَ القَاسِمُ بنُ أَبِي المُنْذِر القَزْوِيْنِيّ الخَطِيْبُ - رَاوِي (سُنَنِ ابْنِ مَاجَه) ، عَاشَ إِلَى هَذِهِ السَّنَة -.
177 - تَمَّامُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ البَجَلِيُّ *
ابْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُفِيْدُ، الصَّادِقُ، مُحَدِّثُ الشَّامِ، أَبُو القَاسِمِ ابْنُ الحَافِظِ الثِّقَة أَبِي الحُسَيْنِ البَجَلِيُّ، الرَّازِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ.
__________
(1) وله من التصانيف كتاب " الشعراء الندماء " وكتاب " الانتصار المنبي عن فضل المتنبي " وله ديوان شعر كبير.
انظر " هدية العارفين " 1 / 72.
(2) تقدمت ترجمته برقم (108) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (107) .
(4) في الأصل: " ماموية " وهو خطأ، وقد تقدمت ترجمته برقم (145) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (164) .
(6) تقدمت ترجمته برقم (113) .
(*) تذكرة الحفاظ 3 / 1056 / 1058، العبر 3 / 115، الوافي بالوفيات 10 / 397، النجوم الزاهرة 4 / 259، طبقات الحفاظ 413، شذرات الذهب 3 / 200، هدية العارفين 1 / 375، الرسالة المستطرفة 71، تهذيب تاريخ دمشق 3 / 345، 346.(17/289)
كَانَ أَبُوْهُ (1) مِنْ أَعْيَانِ الرَّحَّالِيْن الَّذِيْنَ سَكَنُوا دِمَشْق، وَكَتَبُوا الكَثِيْر، فَحَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْس البَجَلِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرٍ القَتَّات، وَهَذِهِ الطَّبَقَة، وَأَسْمعَ وَلَدُهُ تَمَّاماً بِدِمَشْقَ وَاعْتَنَى بِهِ.
مَوْلِدُهُ: بِدِمَشْقَ، فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَخَيْثَمَة بن سُلَيْمَانَ، وَالحَسَنَ بن حَبِيْب الحصَائِرِي (2) ، وَمُحَمَّد بن حُمَيْد الحورَانِي، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ حَذْلَم (3) ، وَأَبَا عَلِيٍّ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ فَضَالَة، وَأَبَا المَيْمُوْنِ بنَ رَاشِدٍ، وَأَبَا يَعْقُوْب الأَذْرَعِيَّ، وَعَلِيَّ بن أَبِي العَقب، وَأَبَا عَلِيّ بنَ هَارُوْنَ، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ فَضَالَة الحِمْصِيّ - صَاحِبَ بَحْرِ بنِ نَصْرٍ -، وَعَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ بنِ الوَلِيْدِ المُرِّيّ - حَدَّثَهُ عَنْ أَخطلَ بنِ الحَكَمِ -، وَعَلِيَّ بن الحُسَيْنِ بنِ السَّفْر (4) الجُرَشِيّ (5) - عَنْ بَكَّارِ بن قُتَيْبَةَ -، وَمُحَمَّدَ بن هِمْيَان القَيْسِيَّ - حَدَّثَهُ عَنِ ابنِ عَرَفَة -، وَهِشَامَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَدَبَّس، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سِنَان - عَنِ ابْنِ بِنْتِ مَطَرٍ -، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
وَتلاَ لأَبِي عَمْرٍو عَلَى: أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ غُلاَم (6) السَّبَّاك صَاحِب الحَسَنِ بنِ الحُبَابِ، وَالحَسَنِ بن الحُسَيْنِ الصَّوَّاف، عَنْ قرَاءتِهِمَا عَلَى أَبِي عُمَرَ الدُّوْرِيّ.
__________
(1) وهو أبو الحسين محمد بن عبد الله، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) تصحف في " شذرات الذهب " 3 / 200 إلى " الحضائري " بالضاد المعجمة.
(3) بفتح الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة بعدها لام مفتوحة - وقد تحرف في " تذكرة الحفاظ " 3 / 1056 إلى حذيم - وهو القاضي أبو الحسن أحمد بن سليمان بن حذلم الدمشقي. أنظر " الإكمال " 2 / 406.
(4) بفتح السين المهملة وسكون الفاء. " الإكمال " 4 / 299.
(5) نسبة إلى بني جرش: بطن من حمير.
(6) سقط لفظ " غلام " من الأصل، وهو أحمد بن عثمان بن الفضل، أبو بكر الربعي البغدادي، يعرف بغلام السباك، متوفى سنة 345 هـ، مترجم في " غاية النهاية " 1 / 81.(17/290)
خَرَّجَ (الفوائِد (1)) فِي مُجَلَّدَةٍ انتقَاءَ مَنْ يَدْرِي الحَدِيْثَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الوَهَّابِ الكِلاَبِيُّ - أَحَدُ شُيُوْخِهِ -، وَأَبُو الحُسَيْنِ المَيْدَانِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ اللبَّادُ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيّ: تُوُفِّيَ أُسْتَاذُنَا أَبُو القَاسِمِ تَمَّامٌ الحَافِظُ لِثَلاَثٍ خَلَوْنَ مِنَ المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، حَافِظاً، لَمْ أَرَ أَحْفَظَ مِنْهُ فِي حَدِيْث الشَّامِيّين (2) ، ذكر أَنَّ مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ تَمَّامٍ فِي مَعْنَاهُ، كَانَ عَالِماً بِالحَدِيْثِ وَمَعْرِفَة الرِّجَال (3) .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا لَقينَا مِثْلَهُ فِي الحِفْظِ وَالخَيْرِ (4) .
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي إِجَازَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الكَرِيْم بن حَمْزَةَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْس مائَة، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا تَمَّامُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ
__________
(1) انظر النسخ الخطية لهذه " الفوائد " ولبقية مصنفاته في " تاريخ التراث العربي " 1 / 379.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1057، و" شذرات الذهب " 3 / 200، و" تهذيب ابن عساكر " 3 / 345، 346.
(3) المصادر السابقة.
(4) المصادر السابقة، إلا أن في " تهذيب تاريخ دمشق " و" الخبرة " بدل " والخير ".(17/291)
بنُ حَبِيْبٍ، أَخْبَرَنَا العَبَّاس بنُ الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ شُعَيْب، حَدَّثَنَا مُعَانُ بنُ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
أَمَرَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بن مُعَاذٍ أَنْ يَكْتَوِيَ فِي أَكْحَلِهِ، حِيْنَ رَمَتْهُ بَنو النَّضِيْر فَاكْتَوَى.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، وَمُعَانٌ لَيْسَ بذَاكَ القَوِيّ (1) .
وَمَاتَ مَعَ تَمَّامٍ فِي العَامِ: الحَافِظُ أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَمْرٍو الأَصْبَهَانِيّ النَّقَّاشُ (2) الحَنْبَلِيُّ - صَاحِبُ التَّوَالِيف -، وَشَيْخُ الحَرَم أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَهْضَم (3) الهَمَذَانِيُّ الزَّاهِدُ صَاحِبُ (بهجَة الأَسرَار) - وَكَانَ ضَعِيْفاً -، وَمُحَدِّثُ بَغْدَاد أَبُو الفَتْحِ هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَفَّار، وَمُسْندُ نَيْسَابُوْر أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ المُزَكِّي (4) ، وَمسند البَصْرَة القَاضِي أَبُو عُمَرَ القَاسِمُ بنُ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيّ (5) ، وَشَيْخُ أَصْبَهَانَ القُدْوَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحمَّدِ بنِ مِيْلَةَ (6) الفَرَضِيُّ، وَمُحَدِّثُ طَرَابُلُس أَبُو عَبْدِ اللهِ
__________
(1) قال أحمد: لم يكن به بأس، ووثقة ابن المديني ودحيم، وضعفه ابن معين، وقال يعقوب بن سفيان: لين الحديث، وقال الجوزجاني: ليس بحجة، وقال ابن حبان: منكر الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال المؤلف في " الميزان ": وهو صاحب حديث ليس بمتقن، وقال أبو حاتم: يكتب حديث - يعني للمتابعة - ولا يحتج به.
وأخرجه مسلم (2208) في السلام: باب لكل داء دواء من طريقين عن أبي الزبير، عن جابر، قال: رمي سعد به معاذ في أكحله، فحسمه (كواه) النبي صلى الله عليه وسلم بيده بمشقص، ثم ورمت، فحسمه الثانية وأخرجه أبو داود (3866) من طريق حماد، عن أبي الزبير، وأخرجه ابن ماجة (3494) من طريق سفيان، عن أبي الزبير.
(2) سترد ترجمته برقم (187) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (168) .
(4) سترد ترجمته برقم (179) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (134) .
(6) سترد ترجمته برقم (180) .(17/292)
الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي كَامِلٍ (1) .
178 - الحَفَّارُ أَبُو الفَتْحِ هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ بَغْدَادَ، أَبُو الفَتْحِ هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ سَعْدَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَاهويه بن مهيَار بنِ المَرْزُبَانِ الكَسْكَرِيُّ (2) ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحُسَيْنِ بن يَحْيَى بنِ عَبَّاس القَطَّان صَاحِبِ أَحْمَدَ بنِ المِقْدَامِ العِجْلِيّ، فَكَانَ آخِرَ أَصْحَابِهِ، وَمن إِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّار، وَأَبِي جَعْفَرٍ بنِ البَخْتَرِيّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الوَاعِظِ، وَعُثْمَان بنِ أَحْمَدَ الدَّقَّاق، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَلِيٍّ الخُزَاعِيّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ السِّجْزِيُّ، وَالرَّئِيْسُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ البُسْرِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ عُمَرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ البَقَّال، وَعَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، وَطَاهرُ بنُ الحُسَيْنِ القَوَّاس، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُسْلِمَة، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زَيْنه، وَأَبُو الفَوَارِس طِرَادٌ الزَّيْنَبِيّ (3) ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاق الأَنْصَارِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (207) .
(*) تاريخ بغداد 14 / 75، الأنساب 10 / 428 (الكسكري) ، المنتظم 8 / 15، اللباب 3 / 98، الذريعة 2 / 316، العبر 3 / 118، تذكرة الحفاظ 3 / 1057، 1058، شذرات
الذهب 3 / 201، هدية العارفين 2 / 510.
(2) قال السمعاني: هذه النسبة إلى كسكر، وهي قرية بالعراق قديمة، أظنها من نواحي المدائن والله أعلم.
(3) وهو آخر من حدث عنه كما في " الأنساب " 10 / 428.(17/293)
وَقَدْ رَوَى (جُزءَ الحَفَّار) عَالِياً إِبْرَاهِيْمُ بنُ الخَير، ثُمَّ بِالإِجَازَةِ زَيْنُ الدِّيْن بنُ عَبْدِ الدَّايم.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ صَدُوْقاً، مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، كتبنَا عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ أَحْمَدَ السَّعْدِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مختَار، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى القَطَّان، حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْعَثِ العِجْلِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّب قَالَ:
إِنَّ شَرَّ الطَّعَامِ طَعَامُ العُرْسِ، يَطْعَمُهُ الأَغْنِيَاءُ، وَيُمْنَعُهُ المَسَاكِيْنُ (2) .
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 14 / 75.
(2) رجاله ثقات، وأخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 546، ومن طريقه البخاري (5177) ومسلم (1432) ، وأبو داود (3742) عن ابن شهاب الزهري، عن الاعرج، عن أبي هريرة أنه كان يقول: شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الاغنياء، ويترك المساكين، ومن لم يأت الدعوة، فقد عصى الله ورسوله، وأخرجه (1432) (109) من طريق محمد بن رافع، وعبد بن حميد، عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وعن الاعرج، عن أبي هريرة.
قال الحافظ في " الفتح " 9 / 244: وأول هذا الحديث موقوف، ولكن آخره يقتضي رفعه، ذكر ذلك ابن بطال، قال: ومثله حديث أبي الشعثاء أن أبا هريرة أبصر رجلا خارجا من المسجد بعد الاذان، فقال: أما هذا، فقد عصى أبا القاسم، قال: ومثل هذا لا يكون رأيا، ولهذا أدخله الأئمة في مسانيدهم، وذكر ابن عبد البر أن جل رواة مالك لم يصرحوا برفعه، وقال فيه روح بن القاسم: عن مالك بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وأخرجه مسلم (1432) (110) من طريق ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، سمعت زياد بن سعد، سمعت ثابتا الاعرج يحدث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها، ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة، فقد عصى الله ورسوله " وفي الباب عن ابن عمر عند مالك 2 / 546، والبخاري 9 / 210، ومسلم (1429) بلفظ " إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها " وعن جابر بن عبد الله عند مسلم (1430) بلفظ " إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم، وإن شاء ترك " =(17/294)
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بنُ عِيَاض، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ مُجَاهِد: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُوْنَ} [الذَّاريَات:13] قَالَ: يُحْرَقُوْنَ عَلَيْهَا، وَيُعَذَّبُوْنَ (1) .
179 - المُزَكِّي أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الصَّدُوْقُ، القُدْوَةُ، الصَّالِحُ، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى ابْنُ المُحَدِّثِ المُزَكِّي أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْم بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ، شَيْخُ التَّزْكِيَة بِبَلَدِهِ.
أَمْلَى مُدَّةً عَلَى وَرَعٍ وَإِتْقَانٍ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم، وَالحَسَنِ بن يَعْقُوْبَ البُخَارِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ إِسْحَاقَ الصِّبْغِي، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوْس، وَعِدَّةٍ مِنَ النِّيْسَابُورِيين، وَأَبِي سَهْل بنِ زِيَادٍ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِسْحَاقَ الخُرَاسَانِيّ، وَالقَاضِي أَحْمَدَ بنِ كَامِل، وَأَحْمَدَ بن عُثْمَانَ الأَدَمِيِّ مِنَ البَغْدَادِيِّيْنَ، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ دُحَيْم، وَغَيْرِهِ مِنَ الكُوْفِيّين.
انْتَقَى عَلَيْهِ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الأَصْبَهَانِيّ، وَقَعَ لَنَا جَمَاعَةُ أَجزَاء مِنْ حَدِيْثه.
__________
= وأخرج مسلم (1429) (100) وأبو داود (3738) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دعا أحدكم أخاه، فليجب عرسا كان أو نحوه ".
(1) انظر تفسير ابن كثير 7 / 392.
(*) تذكرة الحفاظ 3 / 1058، العبر 3 / 118، طبقات الاسنوي 2 / 396، 397، شذرات الذهب 3 / 202، تاريخ التراث العربي لسزكين 1 / 379.(17/295)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ كَثِيْراً، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى وَلدُهُ، وَعُثْمَان بن مُحَمَّدٍ المَحْمِيُّ، وَهِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي الصَّهْبَاء، وَالقَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الثَّقَفِيّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ الأَخْرَم، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ شَيْخاً ثِقَةً، نَبِيْلاً خَيِّراً، زَاهِداً وَرِعاً مُتْقِناً، مَا كَانَ يُحَدِّثُ إِلاَّ وَأَصلُهُ بِيَدِهِ يُعَارض، حَدَّثَ بِالكَثِيْر.
وَكَانَ بَصِيْراً بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ، تَفَقَّهَ عَلَى الأُسْتَاذ أَبِي الوَلِيْد حَسَّانِ بن مُحَمَّد.
تُوُفِّيَ: فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
قَرَأْتُ عَلَى يَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ المَكِّيّ بِهَا، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ، وَقَرَأْتُ عَلَى سُنْقُر الزَّينِيّ بِحَلَب، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ، حَدَّثَنَا الصَّغَانِيّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ:
قَالَ ابْنُ جُرَيْج: أَخْبَرَنِي عَمْرو بن يَحْيَى بنِ عُمَارَة:
أَنَّهُ سَمِعَ القَرَّاظَ يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ أَرَادَ بِهَا سُوءاً أَذَابَهُ اللهُ كَمَا يَذُوْبُ المِلْحُ فِي المَاءِ) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِم (1) عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَاتِم، عَنْ حَجَّاج.
__________
(1) برقم (1386) (493) في الحج: باب من أراد أهل المدينة بسوء أذله الله، وهو في " المسند " 1 / 183، 184، و2 / 279 و309، و330، و375، وسنن ابن ماجة (3114) .(17/296)
180 - ابْنُ مِيْلَةَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مَاشَاذَه (1) مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مِيْله بن خُرَّة (2) الأَصْبَهَانِيُّ، الزَّاهِدُ، الفَرَضِيُّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَمْرٍو أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَكِيْم، وَمُحَمَّدِ بن مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُس الأَبْهَرِيّ، وَأَبِي عَلِيٍّ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الصَّحَّاف، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الأَسْوَارِيّ (3) ، وَعَبْدِ اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارس، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أسيد، وَأَبِي عَلِيٍّ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِم، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الخَشَّاب، وَالقَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العَسَّالِ، وَغيَاثِ بن مُحَمَّدٍ، وَعِدَّة.
وَأَمْلَى عِدَّةَ مَجَالِس وَقَعَ لَنَا مِنْهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَجَاءُ بنُ قولويه، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ الرَّئِيْسُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السُّوْذَرْجَانِيّ، وَأَخُوْهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ السِّمْسَار، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) أخبار أصبهان 2 / 24، حلية الأولياء 10 / 408، العبر 3 / 117، شذرات الذهب 3 / 201.
(1) ماشاذه: لقب عرف به محمد والد علي، كما في " أخبار أصبهان " 2 / 24.
(2) بضم الخاء المعجمة وتشديد الراء المهملة المفتوحة، وقد تصحف في " أخبار أصبهان " إلى " حرة " بالحاء المهملة.
(3) بفتح الهمزة، وسكون السين المهملة، نسبة إلى أسواري، وهي قرية من قرى أصبهان.
انظر " الأنساب " وترجمة محمد بن أحمد بن علي الاسواري مرت في الجزء الخامس عشر.(17/297)
وَحَدِيْثُهُ مِنْ أَعْلَى مَرْوِيَّاتِ السِّلَفِيّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ (1) :صَحِبَ أَبَا بَكْرٍ عَبْدَ اللهِ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ وَاضِح، وَأَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ، وَزَاد عَلَيْهِمَا فِي طَرِيْقِهِمَا خُلُقاً وَفتوَّةً، جَمَعَ بَيْنَ عِلْمِ الظَّاهِرِ وَعِلْمِ البَاطِنِ، لاَ تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ، وَكَانَ يُنْكِرُ عَلَى المُتَشَبِّهَة بِالصُّوْفِيَّة وَغَيْرهِم مِنَ الجُهَّال فسَادَ مقَالاَتِهِم فِي الحُلُولِ وَالإِباحَةِ وَالتَّشْبِيْهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ذَمِيْمِ أَخْلاَقِهِم، فَعَدَلُوا عَنْهُ لِمَا دَعَاهُم إِلَى الحَقِّ جَهْلاً وَعِنَاداً، وَانْفَرَدَ فِي وَقْتِهِ بِالرِّوَايَةِ ... ، ثُمَّ سَمَّى جَمَاعَة.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ يَوْم عِيْد الفِطْرِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ اليَزْدِيّ (2) :سَمِعْتُ الإِمَامَ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ مَنْدَة وَقْتَ قُدُوْمِهِ مِنْ خُرَاسَان، سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ يَقُوْلُ - وَعِنْدَهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَلدُ القَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العَسَّال وَعِدَّةُ مَشَايخ - فَسَأَلَهُ ابْنُ العَسَّال عَنْ أَخْبَار مَشَايخ البِلاَد الَّتِي شَاهدَهَا فَقَالَ:
طفتُ الشَّرْقَ وَالغَرْبَ لَمْ أَرَ فِي الدُّنْيَا مِثْلَ رَجُلَيْنِ: أَحَدُهُمَا وَلَدُكَ، وَالثَّانِي أَبُو الحَسَنِ بنُ مَاشَاذَه الفَقِيْه، وَمِنْ عَزمِي أَنْ أَجْعَلَهُ وَصيِّي، وَأُسَلِّمَ كُتُبِي، إِلَيْهِ فَإِنَّهُ أَهْلٌ لَهُ - أَوْ كَمَا قَالَ -.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاق الأَسَدِيّ، أَخبركُم يُوْسُفُ بنُ خَلِيْل، أَخْبَرَنَا أَبُو المكَارم التَّيْمِيُّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي (الحِلْيَة) لَهُ قَالَ:
خُتِمَ التّحقيقُ بطريقَة المُتَصَوِّفَة بِأَبِي الحَسَنِ عَلِيِّ بن مَاشَاذه، لِما أَولاَهُ اللهُ - تَعَالَى - مِنْ فُنُوْنَ العِلْمِ وَالسَّخَاءِ وَالفُتُوَة، كَانَ عَارِفاً بِاللهِ، فَقِيْهاً عَامِلاً لَهُ مِنَ الأَدَبِ الحَظُّ الجَزِيل (3) .
__________
(1) في " أخبار أصبهان " 2 / 24.
(2) سترد ترجمته برقم (186) .
(3) " حلية الأولياء " 10 / 408 بأطول مما هنا.(17/298)
أَخْبَرَنَا الأُسْتَاذ بلاَل المُغِيثِي (1) ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رَوَاج، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ ابْنَا عَبْد اللهِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو علِي الصَّحَّاف، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لاَ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ الكَشْرُ، وَلَكِن تَقْطَعُهَا القَرْقَرَةُ (2)) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ مَعَ قُوَّةِ إِسْنَادِهِ، وَالعَجَبُ مِنَ البُخَارِيِّ حَدَّثَ عَنْ ثَابِتِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدِ فِي (صَحِيْحِهِ (3)) ! وَذَكَرَهُ فِي كِتَابِ (الضُّعَفَاء) .
وَقَالَ فِيْهِ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوْقٌ.
181 - الرَّازِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ بُنْدَارَ *
شَيْخُ الحَرَمِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ بُنْدَارَ الرَّازِيُّ، المُحَدِّثُ.
حَدَّثَ بِأَمَاكِنَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَهْوَازِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ، وَأَبِي بَكْرِ بنِ خَلاَّد، وَأَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَابنِ الرَّيَّانِ، الُّلكِّي (4) ، وَابنِ عَدِيٍّ، وَعِدَّة.
__________
(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته " الورقة 38 / 2، 39 / 1، فقال: بلال بن عبد الله، الأمير الكبير، حسام الدين، أبو الخير الحبشي الخصي المغيثي..ويعرف بالوالي، ربي ملوكا وأولاد ملوك، كان وافر الحرمة، له أوقاف وبر، وفيه حب للرواية، عنده سفائن أجزاء عن ابن رواج وغيره، مات بعد الهزيمة في رمل مصر في ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وست مئة، وكان من أبناء التسعين.
(2) إسناده ضعيف، لضعف ثابت بن محمد، وتدليس أبي الزبير.
(3) روى عنه البخاري في " صحيحه " حديثين، أحدهما في الهبة برقم (2603) والثاني في التوحيد (7442) ، ولكنه لم ينفرد بهما كما نبه عليه الحافظ ابن حجر في " المقدمة " 394.
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.
(4) نسبة إلى اللك: بليدة من أعمال برقة الغرب. انظر " اللباب ".(17/299)
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ الإِمَامُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ الخَطَّابِ الرَّازِيُّ وَأَبُو مَسْعُوْدٍ البَجَلِيُّ، وَطَاهِرُ بنُ أَحْمَدَ المَيْدَانِيّ.
وَكَانَ مِنْ عُلَمَاء الحَدِيْث.
عَاشَ إِلَى سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة.
182 - عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ إِليَاسَ العُبَيْدِيُّ *
ابْنُ عَمِّ الحَاكِم (1) ، وَولِيُّ عَهْدِهِ، فَاسِقٌ ظَالِمٌ.
وَلِي الشَّامَ سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَع مائَة، وَرَخَّصَ فِي الخَمْرِ وَالغِنَاءِ مِمَّا كَانَ الحَاكِمُ شَدَّدَ فِيْهِ، وَكَانَ بَخِيْلاً فَأَبْغَضَهُ الأُمَرَاءُ، وَكَاتَبُوا الحَاكِمَ بِأَنَّهُ مُضمِرٌ لِلْشِرِّ، فَطَلَبَهُ بَعْد سَنَة، فَرَاحَ، وَتَغَلَّبَ عَلَى دِمَشْق مُحَمَّدُ بنُ أَبِي طَالِبٍ الخَزَّازُ مَعَ الأَحدَاثِ، وَقَهَرَ الجُنْدَ، وَعرفَ الحَاكِمُ أَنَّ وَلِيَّ العَهْدِ عَلَى الطَّاعَةِ، فَرَدَّهُ، فَتَمَكَّنَ، وَالتَفَّ عَلَيْهِ الأَحْدَاثُ، وَطَغَى ابْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَتَمَرَّدَ، فَأَخذته الجُنْدُ، وَصُلِبَ، ثُمَّ صَادَرَ وَلِيُّ العَهْدِ العَامَّةَ وَعَسَفَ، فَلَمَّا هَلَكَ الحَاكِمُ، قَبَضُوا عَلَى وَلِيِّ العَهْدِ، وَقُيِّدَ وَسُجِنَ بِمِصْرَ مُدَّة، وَقُتِلَ جَمَاعَةٌ فِي أَخْذِهِ، وَلَمْ يُصَلِّ صَلاَةَ العِيْد، ثُمَّ إِنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ فِي الحَبْسِ لاَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر، الاعلام لابن قاضي شهبة حوادث 411 هـ، الاعلام للزركلي 3 / 343، 344.
(1) مرت ترجمة الحاكم بأمر الله في الجزء الخامس عشر.(17/300)
183 - المَالِيْنِيُّ أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، الزَّاهِدُ، الجَوَّالُ، أَبُو سَعْدٍ (1) أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ (2) اللهِ بنِ حَفْص بن الخَلِيْلِ الأَنْصَارِيُّ، الهَرَوِيُّ، المَالِيْنِيُّ، الصُّوْفِيُّ، المُلَقَّبُ: بطَاوُوس الفُقَرَاءِ (3) .
جَالَ فِي طَلَبِ العِلْمِ وَلقَاءِ المَشَايِخِ إِلَى نَيْسَابُوْرَ وَأَصْبَهَان، وَبغدَاد وَالشَّام وَمِصْر وَالحَرَمَيْنِ، وَحَصَّلَ، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ وَفَهمٌ، جَمَعَ وَصَنَّفَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ عَدِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ نُجَيْد، وَأَبِي الشَّيْخ (4) بن حَيَّانَ، وَمُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ السَّلِيْطِيّ (5) ، وَيُوْسُفَ بن القَاسِمِ المَيَانَجِي، وَالحَسَنِ بن رَشِيْق المِصْرِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ النُّعْمَانِ الرَّمْلِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَالفَضْلِ بن جَعْفَرٍ التَّمِيْمِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيّ، وَأَبِي أَحْمَدَ العَسْكَرِي، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بن هَارُوْنَ البَصْرِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
___________
(*) تاريخ جرجان 82، 83، تاريخ بغداد 4 / 371، 372، الأنساب: (الماليني) ، تاريخ ابن عساكر 2 / 46 / 2، 47 / 2، المنتظم 8 / 3، معجم البلدان 5 / 44، اللباب 3 / 155، تذكرة الحفاظ 3 / 1070 - 1072، العبر 3 / 107، الوافي بالوفيات 7 / 330، طبقات السبكي 4 / 59، 60، البداية والنهاية 12 / 11، النجوم الزاهرة 4 / 256، طبقات الحفاظ: 417، حسن المحاضرة 1 / 353، شذرات الذهب 3 / 195، هدية العارفين 1 / 72، الرسالة المستطرفة 76، تهذيب تاريخ ابن عساكر 1 / 446، 447.
(1) تحرف في " هدية العارفين " إلى " أبو سعيد ".
(2) تحرف لفظ " عبد " في " هدية العارفين " إلى " عبيد ".
(3) في " النجوم الزاهرة ": طاووس الفقهاء.
(4) هو حافظ أصبهان أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري، يعرف بأبي الشيخ، المتوفى سنة 369، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(5) نسبة إلى سليط جد محمد هذا، وهو محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة بن قطن بن سليط التميمي السليطي، متوفى سنة 364 هـ، ترجمه السمعاني في " الأنساب ".(17/301)
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظَان تَمَّام الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ الغَنِي المِصْرِيُّ - وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ - وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَاطِرْقَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ الحَبَّان، وَأَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ القُضَاعِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَبِيْب الكَاغَدِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ طَلْحَة النِّعَالِيّ، وَالقَاضِي أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِي، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ ذَا صِدْقٍ وَوَرَعٍ وَإِتْقَانٍ، حَصَّلَ المَسَانِيْدَ الكِبَار.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ (1) :دَخَلَ المَالِيْنِيّ جُرْجَان فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَرَحَلَ رحلاَتٍ كَثِيْرَةٍ إِلَى أَصْبَهَانَ وَمَا وَرَاءَ النَّهرِ وَمِصْر وَالحِجَاز.
قَالَ (2) :وَتُوُفِّيَ سَنَة تِسْعٍ وَأَرْبَع مائَة - كَذَا قَالَ - وَهَذَا وَهْم.
وقَدْ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّال: تُوُفِّيَ فِي يَوْم الثلاَثَاء السَّابع عشر مِنْ شَوَّال سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة (3) .
قُلْتُ: أُرَاهُ مَاتَ بِمِصْرَ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الإِمَامُ ابْنُ الصَّلاَح فِي (طَبَقَات الشَّافِعِيَّة) .
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنِير، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، سَمِعْتُ عَبْدَ العَزِيْز بن عَلِيٍّ الأَزَجِيّ يَقُوْلُ:
أَخَذْتُ مِنْ أَبِي سَعْدٍ المَالِيْنِيّ أُجْرَة النَّسْخِ وَالمُقَابلَة خَمْسِيْنَ
__________
(1) في " تاريخ جرجان " ص 82.
(2) في " تاريخ جرجان " ص 83.
(3) انظر " تاريخ بغداد " 4 / 372، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1071، و" تهذيب ابن عساكر " 1 / 447.(17/302)
دِيْنَاراً فِي دفعَةٍ وَاحِدَةٍ (1) .
قُلْتُ: وَقَدْ أَلَّفَ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً (2) ، كُلُّ حَدِيْث مِنْ طَرِيْقِ صُوَفَاي مُعْتَبَر، وَجَاءَ فِي ذَلِكَ مَنَاكِيرُ لاَ تُنْكَرُ لِلْقَوم، فَإِنَّ غَالبَهُم لاَ اعتنَاء لَهُم بِالرِّوَايَة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القُرَشِيّ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عمَاد، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَالِيْنِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي خَالِد بِنَيْسَابُوْرَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْر الحَافِظ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ (3) أَيُّوْبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَة، عَنْ أَنَسٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيْمَان: أَنْ يَكُوْنَ اللهُ وَرَسُوْلُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُ، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ توقَدَ لَهُ نَارٌ فَيُقْذَفَ فِيْهَا) (4) .
__________
(1) " تذكرة الحفاظ " 3 / 1071، و" تهذيب ابن عساكر " 1 / 447.
(2) انظر نسخه الخطية في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 503.
(3) سقط لفظ " عن " من الأصل، ولا بد منه.
(4) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (16) في الايمان: باب حلاوة الايمان من طريق محمد بن المثنى عن عبد الوهاب بهذا الإسناد، وأخرجه أيضا (6941) من طريق محمد بن عبد الله بن حوش الطائفي عن عبد الوهاب به، وهو عنده (21) و (6041) من طريقين، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس.
وأخرجه مسلم (43) في الايمان: باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الايمان من طرق عن عبد الوهاب، عن أيوب، عن أبي قلابة، وهو في المسند 3 / 103 و172 و230 و248 و275 و288، وسنن النسائي 8 / 94 و96، وابن ماجة (4033) والترمذي (2624) .(17/303)
184 - غُنْجَارُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البُخَارِيُّ *
الإِمَامُ، المُفِيْدُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ بُخَارَى، وَصَاحِبُ (تَارِيخِهَا (1)) ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بن كَامِل البُخَارِيُّ.
وَلَقَبُهُ غُنْجَار بِلَقَبِ غُنْجَار الكَبِيْر عِيْسَى بن مُوْسَى البُخَارِيّ (2) .
حَدَّثَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عَنْ: خَلَفِ بن مُحَمَّدٍ الخَيَّام، وَسَهْلِ بنِ عُثْمَانَ السُّلَمِيّ، وَأَبِي عُبَيْد أَحْمَد بنِ عُرْوَةَ الكَرْمِينِيّ، وَمُحَمَّدِ بن حَفْص بن أَسْلَم، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ هَارُوْنَ المَلاَحمِي، وَالحَسَنِ بنِ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدِّيَار، وَلَمْ يَرْحَلْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: هَنَّادُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّسَفِيّ، وَجَمَاعَة.
وَمَا بَلَغَتْنِي أَخْبَارُهُ كَمَا يَنْبَغِي، وَمَا هُوَ بِبَارِع المَعْرِفَة.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة وَقَدْ شَاخَ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الأَمِيْنُ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنِيْر، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ البَرَدَانِيّ (3) وَأَبُو الحُسَيْنِ الصَّيْرَفِيّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا هَنَّاد القَاضِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بن إِبْرَاهِيْمَ السَّمَرْقَنْدِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ نَصْر المَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
__________
(*) الأنساب 9 / 177، معجم الأدباء 17 / 213، 214، اللباب 2 / 390، تذكرة الحفاظ 3 / 1052، 1053، العبر 3 / 108، الوافي بالوفيات 2 / 60، طبقات الحفاظ 412، كشف الظنون 1 / 286، شذرات الذهب 3 / 196، هدية العارفين 2 / 61.
(1) وذكر السمعاني أنه صنف أيضا كتاب " فضائل الصحابة الأربعة ".
(2) المتوفى سنة 186، مرت ترجمته في الجزء الثامن برقم (129) .
(3) بفتح الباء الموحدة والراء نسبة إلى بردان، وهي قرية من قرى بغداد. انظر " الأنساب ".(17/304)
مُحَمَّد أَبُو جَعْفَرٍ المُسنَدِي، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بنُ عُمَارَة، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاقِد بن مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهِدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلُ اللهِ، وَيُقِيْمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهُم وَأَمَوَالَهُم إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحَسَابُهُم عَلَى اللهِ) (1) .
185 - ابْنُ السَّقَّا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، القَاضِي، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ حُسَيْن بن شَاذَانَ بن السَّقَّا الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، مِنْ أَوْلاَدِ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
سَمِعَ الكُتُب الكِبَار، وَأَمْلَى وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْزم، وَعَلِيِّ بنِ حَمْشَاذ، وَمُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللهِ الصَّفَّار، وَأَبِي الطَّيِّبِ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللهِ الشَّعِيْرِيّ، وَأَبِي الحَسَنِ الطَّرَائِفِيّ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدِ
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (25) في الايمان: باب (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) من طريق عبد الله بن محمد المسندي بهذا الإسناد، وأخرجه مسلم (22) في الايمان: باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام من طريق أبي غسان مالك بن عبد الواحد، عن عبد الملك بن الصباح، عن شعبة به.
وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري 3 / 211، و12 / 244، ومسلم (21) وأبي داود (2645) والترمذي (2606) والنسائي 5 / 14، وعن أنس عند البخاري 1 / 417، وأبي داود (2641) والنسائي 7 / 75، 76 و8 / 109، والترمذي (2608) وعن جابر عند مسلم (21) (35) والترمذي (3341) ، وعن النعمان بن بشير، وأوس بن حذيفة عند النسائي 7 / 79، 80، 81، وعن طارق الاشجعي عند مسلم (23) وقوله: " إلا بحق الإسلام " أي أن الدماء والاموال معصومة إلا عن حق يجب فيها كقود وردة وحد كما في حديث ابن مسعود في " الصحيحين ": لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، المفارق للجماعة " وقوله " وحسابهم على الله " أي: فيما يستسرون به ويخفونه.
(*) لم نقف له على ترجمة فيما نملك من مصادر.(17/305)
بنِ القَاسِمِ العَتَكِيّ، وَأَبِي سَهْل بنِ زِيَادٍ القَطَّان، وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِسْحَاقَ الخُرَاسَانِيّ، وَجَعْفَرِ الخُلْدِيّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَسَنِ الهَمَذَانِيّ، وَطَبَقَتِهِم بِنَيْسَابُوْرَ وَهمذَان وَبغدَاد، وَغَيْر ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَسِبْطُهُ حَكِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
186 - اليَزْدِيُّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، القَاضِي، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَر بن المَرْزُبَان اليَزْدِيُّ، نَزِيْلُ أَصْبَهَان.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ، وَعَبْدِ اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ فَارس، وَعَلِيِّ بن الفَضْلِ بنِ شَهْرَيَار، وَمُحَمَّدِ بن إِسْحَاقَ بن أَيُّوْبَ، وَأَبِي أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبِي بَكْرٍ الجِعَابِيّ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بنِ نُجَيْد، وَفَارُوْق الخَطَّابِي.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَة، وَعَلِيُّ بنُ شُجَاع، وَالخَصِيْبُ بنُ قَتَادَة، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ المَدِيْنِيّ، وَجَمَاعَةٌ سَمَّاهُم يَحْيَى بنُ مَنْدَة فِي تَرْجَمَتِهِ، وَقَالَ:
هُوَ ثِقَةٌ مَقْبُولُ القَوْلِ، صَاحِبُ أُصُوْلٍ عَلَى غَايَةٍ مِنَ العَقْلِ وَالدِّيَانَة وَالرَّزَانَة، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
__________
(*) لم نعثر له على مصادر ترجمة، واليزدي: نسبة إلى يزد، وهي مدينة متوسطة بين نيسابور وشيراز وأصبهان، معدودة في أعمال فارس، ثم من كورة اصطخر. " معجم البلدان ".(17/306)
187 - النَّقَّاشُ أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَمْرٍو *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، الثَّبْتُ، أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَمْرِو بنِ مَهْدِيّ الأَصْبَهَانِيُّ، الحَنْبَلِيُّ، النَّقَّاشُ.
وُلِدَ: بَعْدَ الثَّلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ لأُمِّهِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ أَيُّوْبَ التَّمِيْمِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ فَارس، وَأَحْمَدَ بنِ مَعَبْد السِّمْسَارِ، وَعَبْدِ اللهِ بن عِيْسَى الخَشَّاب، وَأَبِي أَحْمَدَ العَسَّال، وَالطَّبَرَانِيّ، وَخَلْقٍ.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ، وَابْن مِقْسَم (1) ، وَأَبِي عَلِيٍّ بنِ الصَّوَّاف، وَابْن مُحْرِم (2) .
وَبِالبَصْرَة مِنْ: أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ الهُجَيْمِيّ، وَفَارُوق الخَطَّابِي، وَحَبِيْب القَزَّاز.
وَبَالكُوْفَةِ مِنَ: القَاضِي نَذِيْر بنِ جنَاح المُحَارِبِيّ، وَصباح بن مُحَمَّدٍ النَّهْدِيّ (3) ، وَعِدَّة.
وَبِمَرْو مِنْ: حَاضِرِ بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَبِجُرْجَانَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ وَبَهَرَاة مِنْ: أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَسْنُوَيْه، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ الأَزْهَرِيِّ، وَبَالدِّيْنَوَرِ مِنِ ابْنِ السُّنِّي، وَبَالحَرَمَيْنِ وَنَيْسَابُوْر وَنَهَاوَنْد وَإِسْفَرَايِيْن وَعسكر مُكْرَم (4) .
وَصَنَّفَ وَأَمْلَى.
__________
(*) تاريخ أصبهان 2 / 308، العبر 3 / 118، تذكرة الحفاظ 3 / 1059 - 1061، الوافي بالوفيات 4 / 119، طبقات الحفاظ 414، شذرات الذهب 3 / 201، هدية العارفين 2 / 62.
(1) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن يعقوب البغدادي المقرئ العطار، المتوفى سنة 354 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(2) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الجوهري المحرمي، المعروف بابن محرم، متوفى سنة 357 هـ، مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(3) نسبة إلى نهد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة. " اللباب ".
(4) بلد مشهور من نواحي خوزستان، منسوب إلى مكرم بن مغراء الحارث، أحد بني جعونة بن الحارث بن نمير بن عامر بن صعصعة. وقيل: بل مكرم مولى للحجاج أرسله الحجاج =(17/307)
حَدَّثَ عَنْهُ: الفَضْل بنُ عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ أُشْتَه، وَأَبُو مُطِيع مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، وَسُلَيْمَانُ الحَافِظ، وَأَبُو الفَتْحِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السُّوْذَرْجَانِيّ.
وَقَعَ لَنَا جُزْآن مِنْ أَمَالِيْهِ، وَكِتَابُ (القُضَاة) ، وَكِتَابُ (طبقَات الصُّوْفِيَّة) ، وَغَيْر ذَلِكَ (1) .
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثر - رَحِمَهُ اللهُ - وَرضي عَنْهُ.
مَاتَ: فِي عشر التِّسْعِيْنَ.
188 - ابْن مَرْدَوَيْه أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى الأَصْبَهَانِيُّ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، العَلاَّمَةُ، مُحَدِّثُ أَصْبَهَان، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى بن مَرْدَوَيْه بن فُوْرَك بن مُوْسَى بن جَعْفَرٍ الأَصْبَهَانِيُّ، صَاحِبُ (التَّفْسِيْر الكَبِيْر) ، وَ (التَّارِيْخ) ، وَ (الأَمَالِي) الثَّلاَث مائَة مَجْلِس (2) ، وَغَيْر ذَلِكَ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ أبي عِمْرَان بِحَدِيْثٍ سَمِعَهُ مِنْ إِبْرَاهِيْم بن مَتُّويه،
__________
= ابن يوسف لمحاربة خرزاذ بن باس حين عصى ولحق بإيذج ... وكانت هناك قرية قديمة فبناها مكرم، ولم يزل يبني ويزيد حتى جعلها مدينة، وسماها عسكر مكرم.
" معجم البلدان " 4 / 123، 124.
(1) انظر " هدية العارفين " 2 / 62، وانظر النسخ الخطية لبعض آثاره في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 505.
(*) تاريخ أصبهان 1 / 168، تذكرة الحفاظ 3 / 1050، 1051، العبر 3 / 102، دول الإسلام 1 / 244، الوافي بالوفيات 8 / 201، النجوم الزاهرة 4 / 245، طبقات الحفاظ 412، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 93، 94، كشف الظنون 1 / 439، شذرات الذهب 3 / 190، هدية العارفين 1 / 71، 72، الرسالة المستطرفة 26.
(2) انظر النسخ الخطية لآثاره في " تاريخ التراث العربي " 1 / 375.(17/308)
وَمَاتَ أَبُوْهُ سَنَة 356.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ - وَذكر أَبَا بَكْرٍ بنَ مَرْدَوَيْه -:هُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ ندلَّ عَلَيْهِ وَعَلَى فَضْلِهِ، وَعِلْمِهِ وَسيره، وَأَشْهَرُ بِالكَثْرَةِ وَالثِّقَة مِنْ أَنْ يُوْصَف حَدِيْثُهُ، أَبقَاهُ اللهُ، وَمَتَّعَهُ بِمحَاسِنِهِ.
قَالَ أَبُو مُوْسَى فِي تَرْجَمَة ابْنِ مَرْدَوَيْه: سَمِعْتُ أَبِي يَحْكِي عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ بنَ مَرْدَوَيْه يَقُوْلُ:
مَا كَتَبْتُ بَعْد العَصْرِ شَيْئاً قَطُّ، وَعَمِيْتُ قَبْلَ كُلّ أَحد - يَعْنِي مِنْ أَقْرَانِهِ -، وَسَمِعْتُ أَنَّهُ كَانَ يُمْلِي حِفْظاً بَعْد مَا عَمِي.
ثُمَّ قَالَ: وَسَمِعْتُ الإِمَامَ إِسْمَاعِيْل يَقُوْلُ:
لَوْ كَانَ ابْنُ مَرْدَوَيْه خُرَاسَانيّاً، كَانَ صِيْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ صِيْتِ الحَاكِم.
وَأَجَاز لِي أَبُو نُعَيْمٍ الحَدَّاد: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَرْدَوَيْه يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ مِنْ أَحْوَالِ جَدِّي مِنَ الدِّيَانَةِ فِي الرِّوَايَة مَا قضيتُ مِنْهُ العَجَبَ مِنْ تَثَبُّتِهِ وَإِتْقَانِهِ، وَأَهدَى لَهُ كَبِيْرٌ حَلاَوَةً، فَقَالَ: إِنْ قَبِلْتُهَا فَلاَ آذن لَكَ بَعْدُ فِي دخُول دَارِي وَإِنْ تَرْجَعْ بِهِ، تَزِدْ (1) عليَّ كرَامَةً.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْ: أَبِي سَهْلٍ بن زِيَادٍ القَطَّان، وَمَيْمُوْنِ بن إِسْحَاقَ، وَعَبْدِ اللهِ بن إِسْحَاقَ الخُرَاسَانِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ علم الصَّفَّار، وَإِسْمَاعِيْل بنِ عَلِيٍّ الخُطَبِيّ، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيِّ بنِ دُحَيْم الشَّيْبَانِيّ الكُوْفِيّ، وَإِسْحَاق بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الكُوْفِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بن عُبَيْدِ اللهِ الشَّافِعِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ دُلَيل، وَمُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الأَسْوَارِيّ، وَأَحْمَد بن عِيْسَى الخفَّاف، وَأَحْمَد بُنْدَار الشَّعَّار، وَأَحْمَد بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِم الكَرَّانِي، وَأَبِي أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبِي إِسْحَاقَ بن حَمْزَةَ،
__________
(1) في الأصل: " تزيد " وهو خطأ.(17/309)
وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُسْتَمْلِي العَطَّار، وَأَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الوَهَّابِ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ؛ ابْنَا الحَافِظ ابْنِ مَنْدَة، وَأَبُو الخَيْر مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَرَا، وَالقَاضِي أَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ شَكْرُوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّد بن الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَليم، وَسُلَيْمَان بن إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّكْوَانِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ القَاسِم بن الفَضْلِ الثَّقَفِيّ (1) ، وَأَبُو مُطِيع مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الصَّحَّاف، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَمِنْ تَصَانِيْفه كِتَابُ (الْمُسْتَخْرج عَلَى صَحِيْح البُخَارِيِّ) ، بِعُلُوٍّ فِي كَثِيْرٍ مِنْ أَحَادِيْثِ الكِتَاب حَتَّى كَأَنَّهُ لَقِيَ البُخَارِيّ.
وَكَانَ مِنْ فُرْسَان الحَدِيْثِ، فَهماً يَقِظاً مُتْقِناً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ جِدّاً، وَمَنْ نَظَرَ فِي توَالِيفِهِ عَرَفَ مَحَلَّهُ مِنَ الحِفْظِ.
وَلَهُ كِتَاب (التشهُّد وَطُرُقُهُ وَأَلفَاظُهُ) ، فِي مُجَلَّد صَغِيْر، وَ (تَفْسِيْره لِلْقرآن) فِي سبع مُجَلَّدَات.
يَقَعُ لَنَا حَدِيْثُه فِي (الثقفيَات) وَغَيْرِهَا.
مَاتَ: لَسْتٍّ بَقِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَع مائَة، عَنْ سبع وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ: مُسْنِدُ نَيْسَابُوْر وَمُفْتِيهَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمِش (2) الزِّيَادِيُّ، وَمُسْنِدُ العِرَاق أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بن مَهْدِيّ (3) الفَارِسِيُّ، وَمُسْنِدُ هَرَاة القَاضِي أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) المتوفى سنة 489 هـ، وإليه تنسب " الثقفيات " وهي عشرة أجزاء حديثية من تأليفه.
(2) تقدمت ترجمته برقم (169) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (131) .(17/310)
عَبْد اللهِ الأَزْدِيُّ (1) ، وَمُؤَلِّف (النَّاسخ وَالمنسوخ) أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بنُ سَلاَمَةَ البَغْدَادِيُّ، وَمُحَدِّثُ دِمَشْق أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرٍ الشَّيْبَانِيّ (2) ، وَمُسْنِدُ بَغْدَاد إبرَاهيم بنُ مَخْلَدٍ البَاقَرْحِيّ، وَالمُعَمَّر أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَالُوَيْه (3) المُزَكِّي، صَاحِبُ ذَاكَ المَجْلِس العَالِي.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ اليُونينِي، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، وَغَيْرهُ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى الحَافِظ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ دُحَيْم، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الأَسوَارِيّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ العَبْسِي، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ أَثْقَلَ الصَّلاَةِ عَلَى المُنَافِقِيْنَ صَلاَةُ العِشَاءِ وَالفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُوْنَ مَا فِيْهِمَا، لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (4) .
189 - ابْنُ بِشْرَانَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأُمَوِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُعَدَّلُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بِشْرَان بن مُحَمَّدِ بنِ بشر الأُمَوِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (166) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (157) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (147) .
(4) هو في البخاري (657) في صلاة الجماعة: باب فضل العشاء في الجماعة، ومسلم (651) (252) في المساجد: باب فضل صلاة الجماعة، وبيان التشديد في التخلف عنها.
(*) تاريخ بغداد 12 / 98، 99، المنتظم 8 / 18، 19، العبر 3 / 120، دول الإسلام 1 / 247، شذرات الذهب 3 / 203، تاريخ التراث العربي 1 / 380.(17/311)
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ بن البَخْتَرِيّ، وَعَلِيِّ بن مُحَمَّدٍ المِصْرِيّ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَالحُسَيْن بنِ صَفْوَانَ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الجَوْزِيّ (1) ، وَإِسْحَاق بن أَحْمَدَ الكَاذِي (2) ، وَعُثْمَانَ بن السَّمَّاكِ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَعِدَّة.
رَوَى شَيْئاً كَثِيْراً عَلَى سَدَادٍ وَصِدْقٍ وَصحَّة رِوَايَة، كَانَ عَدْلاً وَقُوْراً.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ تَامَّ المُرُوْءةِ، ظَاهِرَ الدِّيَانَة، صَدُوْقاً ثَبْتاً (3) .
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: البَيْهَقِيُّ، وَالخَطِيْبُ، وَالحَسَنُ بنُ البَنَّاءِ، وَأَبُو الفَضْلِ عَبْدُ اللهِ بنِ زِكْرِي الدَّقَّاق، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المَنْصُوْرِي، وَنَصْرُ بنُ البَطِر، وَالرَّئِيْسُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيّ، وَالحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العُكْبَرِيّ، وَأَبُو الفَوَارِس طِرَاد، وَعَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بن شَيْبَان، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ.
وَقَعَ لَنَا عِدَّةُ أَجزَاء مِنْ حَدِيْثه وَمِنْ طَرِيقه.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ هِلاَل الدَّقَّاق، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بِشْرَان، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا سَعْدَانُ بنُ نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ:
أَنْبَأَنَا القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ،
__________
(1) نسبة إلى الجوز وبيعه، وقد تصحف في " تاريخ بغداد " 12 / 98 إلى الجوري بالراء المهملة. انظر " الأنساب " وفيه ترجمة أحمد الجوزي هذا.
(2) نسبة إلى كاذه: قرية من قرى بغداد. انظر " الأنساب " وفيه ترجمة إسحاق بن أحمد الكاذي.
(3) " تاريخ بغداد " 12 / 98.(17/312)
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ:
مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّداً رَأَى رَبَّهُ، فَقَدْ أَعْظَمَ الفِرْيَةَ عَلَى اللهِ، وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيْلَ مَرَّتَيْن فِي صُوْرَتِهِ وَخَلْقِهِ سَادّاً مَا بَيْنَ الأُفُق.
أَخرجه البُخَارِيُّ (1) عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بن أَبِي الثَّلج، عَنِ الأَنْصَارِيّ.
190 - ابْنُ النَّحَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ التُّجِيْبِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّة، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ التُّجِيْبِيُّ، المِصْرِيُّ، المَالِكِيُّ، البَزَّاز، المَعْرُوفُ: بِابْنِ النَّحَّاس.
وُلِدَ: لَيْلَةَ الأَضْحَى سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وثَلاَث مائَة.
وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ وَهُوَ ابْنُ ثمَانِ سِنِيْنَ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ، وَحَجَّ سَنَةَ تِسْعٍ وثَلاَثِيْنَ، وَجَاور، فَأَكْثَرَ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ: أَبَا الطَّاهِر أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو المَدِيْنِيّ، وَعَلِيَّ بن عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي مَطَر الإِسكندرَانِي، وَأَحْمَد بن بُهْزَاذ السِّيْرَافِيّ، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ فَضَالَة الدِّمَشْقِيّ - قَدِمَ عَلَيْهِم -، وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَفْصٍ البَصْرِيّ ابْنَ الوصيِّ، وَعُثْمَانَ بن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَالحَسَنَ بن مُليح الطَّرَائِفِيّ، وَمُحَمَّدَ بن بِشْرٍ العَكَرِي، وَمُحَمَّدَ بن أَيوب بن الصَّمُوت، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) رقم (3234) في بدء الخلق: باب إذا قال أحدكم آمين ... ، وهو عنده أيضا من غير هذا الطريق (3235) و (4612) و (4855) و (7380) و (7531) وأخرجه مسلم (177) (287) في الايمان، والترمذي (3068) من طريقين عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي، عن عائشة.
(*) العبر 3 / 121، 122، الاعلام لابن قاضي شهبة (حوادث سنة 416 هـ) النجوم الزاهرة 4 / 263، حسن المحاضرة 1 / 373، شذرات الذهب 3 / 204.(17/313)
الخَصِيْب، وَأَبَا الفَوَارِس أَحْمَدَ بن مُحَمَّدٍ الصَّابُوْنِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرِ بنِ وَرد - وَسَمِعَ مِنْهُ (السِّيْرَة) -، وَالحَسَنَ بن مَرْوَانَ القَيْسَرَانِيّ، وَمُحَمَّدَ بن مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الخَيَّاش، وَالحَافِظَ أَبَا سَعِيْدٍ بن يُوْنُسَ الصَّدَفِي، وَالفَضْل بن وَهْبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ وَرْدَان العَامِرِيّ، وَفَاطِمَةَ بِنْتَ الرَّيَّان، وَعِدَّة.
وَلَهُ (مَشْيَخَةٌ) فِي جزئين.
حَدَّثَ عَنْهُ: الصُّوْرِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحِيْم البُخَارِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ الكُوْفَانِيّ (1) كَاكو، وَخَلَفُ بنُ أَحْمَدَ الحَوْفِيّ، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمَةَ القُضَاعِي، وَالحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ العَدَّاس، وَأَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّال، وَالقَاضِي أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِي، وَخَلْقٌ.
وَكَانَ الخَطِيْبُ قَدْ عَزَمَ عَلَى الرّحلَة إِلَيْهِ، فَلَمْ يُقْضَ.
قَالَ الحَبَّالُ: مَاتَ فِي عَاشر صَفَر سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
وَفِيْهَا مَاتَ: الخَصِيْبُ (2) بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الخَصِيْب بِمِصْرَ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَانجَان بِهَمَذَان، وَشَاعِرُ الوَقْت أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ التِّهَامِي (3) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارَانِيّ القَطَّان، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ المَعْدَانِي أَبُو بَكْرٍ، وَالفَضْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ شَهْرَيَار (4) .
__________
(1) نسبة إلى كوفان وهي قرية بهراة.
انظر معجم البلدان 4 / 490.
(2) سترد ترجمته برقم (217) .
(3) سترد ترجمته برقم (242) .
(4) سترد ترجمته برقم (260) .(17/314)
191 - مُحَمَّدُ بنُ أَسَدِ بنِ عَلِيٍّ أَبُو الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، شَيْخُ الكِتَابَة، وَكبِير المُجَوِّدِيْنَ بِالعِرَاقِ، أَبُو الحُسَيْنِ (1) البَغْدَادِيُّ، البَزَّازُ، الكَاتِبُ، شَيْخُ ابْنِ البَوَّاب.
سَمِعَ مِنْ: جَعْفَر الخُلْدِيّ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد.
رَوَى عَنْهُ الخَطِيْبُ، وَقَالَ: كَانَ صَدُوْقاً، تُوُفِّيَ سَنَةَ عَشْرٍ وَأَرْبَع مائَة فِي أَوِّلِ السَّنَة (2) .
قُلْتُ: انْتَهَى إِلَيْهِ حسنُ الخَطّ، وَلَكِنْ أَربَى عَلَيْهِ تِلْمِيْذُهُ أَبُو الحَسَنِ (3) .
192 - عَلِيُّ بنُ هِلاَلٍ ابْنُ البَوَّابِ البَغْدَادِيُّ **
مَوْلَى مُعَاوِيَة بن أَبِي سُفْيَانَ الأُمَوِيّ.
وَكَانَ ابْنُ البَوَّاب (4) دَهَّاناً يُجِيْدُ التَّزْوِيْق.
__________
(*) تاريخ بغداد 2 / 83، المنتظم 7 / 296، وفيات الأعيان 3 / 342، 343، الوافي بالوفيات 2 / 201، البداية والنهاية 12 / 14 ضمن ترجمة ابن البواب، وقد تحرف اسمه فيه إلى عبد الله بن محمد بن أسد، مفتاح السعادة 1 / 85، 86.
(1) كناه ابن خلكان في " الوفيات " أبا عبد الله.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 83.
(3) وهو علي بن هلال ابن البواب، صاحب الترجمة التالية.
(* *) المنتظم 8 / 10، معجم الأدباء 15 / 120 - 134، وفيات الأعيان 3 / 342 - 344، دول الإسلام 1 / 246، العبر 3 / 113، البداية والنهاية 12 / 14، 15، صبح الاعشى 3 / 13، النجوم الزاهرة 4 / 257، 258، مفتاح السعادة 1 / 85، 86، شذرات الذهب 3 / 199، دائرة المعارف الإسلامية 1 / 103.
(4) قال ابن خلكان: ويقال له: ابن الستري أيضا، لان أباه كان بوابا، والبواب ملازم ستر الباب، فلهذا نسب إليه.(17/315)
وَصَحِبَ أَبَا الحُسَيْن بن سَمْعُوْنَ الوَاعِظَ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عُبَيْد اللهِ المَرْزُبَانِيّ، وَقَرَأَ النَّحْو عَلَى أَبِي الفَتْحِ بنِ جِنِّي.
وَبَرَعَ فِي تَعْبِيْرِ الرُّؤيَا، وَقَصَّ عَلَى النَّاسِ بِجَامع المَنْصُوْر، وَلَهُ نَظْمٌ وَنَثَرٌ وَإِنْشَاءٌ.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَان: هَذَّبَ ابْنُ البَوَّاب طَرِيْقَةَ ابْنِ مُقْلَة (1) ، وَنَقَّحَهَا، وَكَسَاهَا طَلاَوَةً وَبَهْجَةً (2) .
وَكَانَ يُذْهِبُ إِذْهَاباً فَائِقاً، وَكَانَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ مُزَوِّقاً يُصَوِّرُ الدُّور فِيْمَا قِيْلَ، ثُمَّ أَذْهَبَ الكُتُبَ، ثُمَّ تَعَانَى الكِتَابَة، فَفَاق الأَوَّلِيْنَ وَالآخِرِيْنَ فِيْهَا، وَنَادم الوَزِيْرَ فَخْرَ المُلك أَبَا غَالِب.
وَقِيْلَ: وَعَظَ بِجَامع المَنْصُوْر، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي عَصْرِهِ ذَاكَ النِّفَاقُ الَّذِي تَهَيَّأَ لَهُ بَعْد مَوْتِهِ، لأَنَّهُ وَجَدَ بِخَطِّهِ وَرَقَةٌ قَدْ كَتَبَهَا إِلَى كَبِيْرٍ يَسْأَلُهُ فِيْهَا مُسَاعَدَةَ صَدِيْقٍ لَهُ بِشَيْءٍ لاَ يُسَاوِي دِيْنَارَيْنِ، وَقَدْ بَسَطَ القَوْلَ فِيْهَا نَحْو السَّبْعِيْنَ سَطْراً، وَقَدْ بِيْعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِسبعَة عشر دِيْنَاراً إِمَامِيَّة (3) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ البَنَّاء: حَكَى لِي أَبُو طَاهِرٍ بنُ الغُبَارِي أَنَّ الحَسَنَ بنَ البَوَّاب أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ سَهْلاَن (4) اسْتدَعَاهُ، فَأَبَى، وَتَكَرَّرَ
__________
(1) المتوفى سنة 328، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر، وهو أبو علي محمد بن علي بن حسن بن مقلة الكاتب.
(2) " وفيات الأعيان " 3 / 342.
(3) انظر " معجم الأدباء " 15 / 121، 122، وفيه قال ياقوت: وبلغني أنها بيعت مرة أخرى بخمسة وعشرين دينارا.
وقد ذكر بروكلمان أن في مكتبة لاللي رقم (5) مصحفا بخطه بالقلم الريحاني، وفي مكتبة آيا صوفيا ديوان لسلامة بن جندل كتبه سنة 408. " تاريخ الأدب العربي " 4 / 331.
(4) هو الحسن بن الفضل بن سهلان، أبو محمد، وزير سلطان الدولة، وهو الذي بنى =(17/316)
ذَلِكَ.
قَالَ: فَمَضَيْتُ إِلَى أَبِي الحَسَنِ بنِ القَزْوِيْنِيّ، وَقُلْتُ: مَا يُنْطِقُهُ اللهُ بِهِ أَفْعَلُهُ، فَلَمَّا دَخَلْتُ، قَالَ:
يَا أَبَا الحَسَنِ: اصْدُقْ وَالقَ مَنْ شِئْتَ.
فَعُدْتُ، فَإِذَا عَلَى بَابِي رسُلُ الوَزِيْر، فَمَضَيْتُ مَعَهُم، فَلَمَّا دَخَلْتُ، قَالَ: مَا أَخَّرَكَ عَنَّا؟
فَاعْتَذَرْتُ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ مَنَاماً.
فَقُلْتُ: مَذْهَبِي تَعْبِيْرُ المَنَامِ مِنَ القُرْآن.
فَقَالَ: رَضِيْتُ.
قَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ قَدِ اجْتَمَعَا وَسَقَطَا فِي حَجْرِي.
قَالَ وَعِنْدَهُ فَرَحٌ بِذَلِكَ: كَيْفَ يَجْتَمِعُ لَهُ المُلْكُ وَالوزَارَة؟
قُلْتُ: قَالَ اللهُ - تَعَالَى -: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالقَمَرُ، يَقُوْلُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ المَفَرُّ، كَلاَّ لاَ وَزَرَ} [القِيَامَة:9 - 11] وَكَرَّرْتُ عَلَيْهِ هَذَا ثَلاَثاً.
قَالَ: فَدَخَلَ إِلَى حُجْرَةِ النِّسَاء، وَذَهَبْتُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْد ثَلاَثٍ، انْحَدَرَ إِلَى وَاسط عَلَى أَقْبَحِ حَالٍ، وَكَانَ قَتْلُه هُنَاكَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: ابْنُ البَوَّاب صَاحِبُ الخَطّ لاَ أَعْلَمُهُ رَوَى شَيْئاً (1) .
أَبُو غَالِبٍ بن الخَالَة: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ نَصْرٍ الكَاتِبُ، حَدَّثَنِي أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ هِلاَل ابْنُ البَوَّاب - فَذَكَرَ حِكَايَةً مَضْمُوْنُهَا: أَنَّهُ ظَفرَ بِرَبْعَةٍ ثَلاَثِيْنَ جُزْءاً فِي خِزَانَة بَهَاء الدَّوْلَة بخطّ أَبِي عَلِيٍّ بنِ مُقْلَة، تَنْقُصُ جُزءاً، وَأَنَّهُ كَتَبَهُ وَعَتَّقَهُ، وَقلع جِلداً مِنَ الأَجزَاء، فَجَلَّدَهُ بِهِ.
وَاسْتَجَدَّ جِلْداً للجُزء الَّذِي قَلَعَ عَنْهُ، فَاخْتَفَى الجُزء الَّذِي كتبه عَلَى حُذَّاق الكُتَّاب (2) .
__________
= سور الحائر بمشهد الحسين بكربلاء، وكان من كبار الشيعة، مات في الحبس سنة 414 هـ. انظر " الكامل " 9 / 305 - 308، و332، و" النجوم الزاهرة " 4 / 259.
(1) انظر " العبر " 3 / 113، و" شذرات الذهب " 3 / 199.
(2) انظر الخبر مفصلا في " معجم الأدباء " 15 / 122 - 124.(17/317)
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الهَمَذَانِيّ: تُوُفِّيَ ابْنُ البَوَّاب صَاحِبُ الخَطِّ الحَسَن فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
وَقَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ فِي وَفَاته كَذَلِكَ، وَقَالَ: كَانَ مِنْ أَهْلِ السّنَة.
قُلْتُ: عبثَ بِهِ شَاعِرٌ، فَقَالَ:
هَذَا وَأَنْتَ ابْنُ بَوَّابٍ وَذُو عَدَمٍ ... فَكَيْفَ لَوْ كُنْتَ رَبَّ الدَّارِ وَالمَالِ (1)
وَلأَبِي العَلاَءِ المَعَرِيّ:
وَلاَحَ هِلاَلٌ مِثْلَ نُوْنٍ أَجَادَهَا ... بِمَاءِ النَّضَارِ الكَاتِبُ ابْنُ هِلاَلِ (2)
وَقَدْ رثَاهُ الشَّرِيْفُ المُرْتَضَى بِقَوْله:
رُدِّيْتَ يَا ابْنَ هِلاَلٍ وَالرَّدَى عَرَضٌ ... لَمْ يُحْمَ مِنْهُ عَلَى سُخْطٍ لَهُ البَشَرُ
مَا ضَرَّ فَقْدُكَ وَالأَيَّامُ شَاهِدَةٌ ... بِأَنَّ فَضْلَكَ فِيْهَا (3) الأَنْجُمُ الزُّهُرُ
أغْنَيْتَ فِي الأَرْضِ وَالأَقْوَامِ كُلِّهِم ... مِنَ المَحَاسِنِ مَا لَمْ يُغْنِهِ المَطَرُ فلِلْقُلُوْبِ الَّتِي أَبْهَجْتَهَا حَزَنٌ ... وَلِلْعُيُونِ الَّتِي أَقْرَرْتَهَا سَهَرُ
وَمَا لِعَيْشٍ وَقَدْ (4) وَدَّعْتَهُ أَرَجٌ ... وَلاَ لِلَيْلٍ وَقَدْ (4) فَارَقْتَهُ سَحَرُ
وَمَا لَنَا بَعْدَ أَنْ أَضْحَتْ مَطَالِعُنَا ... مَسْلُوْبَةً مِنْكَ أَوْضَاعٌ (5) وَلاَ غُرَرُ (6)
قَالَ ابْنُ خَلِّكَان: رَوَى الكَلْبِيُّ وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ أَنَّ النَّاقِلَ للكِتَابَة
__________
(1) البيت في " معجم الأدباء " 15 / 125 و" النجوم الزاهرة " 4 / 258.
(2) البيت في " معجم الأدباء " 15 / 128.
(3) في " معجم الأدباء ": " فيه ".
(4) في " معجم الأدباء " " إذا " بدل " وقد " في الموضعين من البيت.
(5) في " معجم الأدباء " أوضاح.
(6) الابيات في " معجم الأدباء " 15 / 134.(17/318)
العَرَبِيَّة مِنَ الحِيْرَةِ إِلَى الحِجَاز هُوَ حَرْبُ بنُ أُمَيَّةَ.
فَقِيْلَ لأَبِي سُفْيَانَ: مِمَّنْ أَخَذَ أَبُوكَ الكِتَابَة؟
قَالَ: مِنِ ابْنِ سِدْرَة، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ وَاضعهَا مرَامر بنِ مُرَّةَ.
قَالَ: وَكَانَتْ لِحِمْيَر كِتَابَةٌ تُسَمَّى المُسْنَد، حُرُوْفُهَا مُنْفَصِلَةٌ، غَيْرُ (1) مُتَّصِلَة، وَكَانُوا يَمْنعُوْنَ العَامَّةَ مَنْ تَعَلُّمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ، لَمْ يَكُنْ بجَمِيْع اليَمَن مَنْ يَقْرَأ وَيَكَتُب.
قُلْتُ: هَذَا فِيْهِ نَظَرٌ، فَقَدْ كَانَ بِهَا خَلْقٌ مِنْ أَحْبَار اليَهُوْدِ يَكْتُبُوْنَ بِالعبرَانِي ... إِلَى أَنْ قَالَ: فَجَمِيْعُ كِتَابَات الأُمَم اثْنَتَا عَشْرَةَ كِتَابَةً، وَهِيَ: العَرَبِيَّةُ، وَالحِمْيَرِيَّةُ، وَاليُوْنَانيَّة، وَالفَارِسِيَّة، وَالرُّوْمِيَّةُ، وَالسِّرْيَانيَّة، وَالقِبْطِيَّة، وَالبَرْبَريَّة، وَالأَنْدَلُسِيَّة، وَالهِنْدِيَّةُ، وَالصِّيْنِيَّةُ، وَالعِبْرَانِيَّة، فَخَمْسٌ مِنْهَا ذَهَبَتْ: الحِمْيَرِيَّةُ، وَاليُوْنَانِيَّةُ، وَالقِبْطِيَّةُ، وَالبَرْبَرِيَّةُ، وَالأَنْدَلُسِيَّةُ.
وَثَلاَثٌ لاَ تُعْرَفُ بِبِلاَدِ الإِسْلاَم: الرُّوْمِيَّةُ، وَالصِّيْنِيَّةُ، وَالهِنْدِيَّةُ (2) .
قُلْتُ: الكِتَابَةُ مُسَلَّمَةٌ لابْنِ البَوَّاب، كَمَا أَنَّ أَقرأَ الأُمَّةِ أُبَيُّ بنُ كَعْب، وَأَقْضَاهُم عَلِيٌّ، وَأَفْرَضَهُم زَيْد، وَأَعْلَمَهُم بِالتَّأْوِيْلِ ابْنُ عَبَّاس، وَأَمِيْنَهُم أَبُو عُبَيْدَةَ، وَعَابِرَهُم مُحَمَّدُ بنُ سِيْرِين، وَأَصْدَقَهُم لَهْجَة أَبُو ذَر، وَفَقِيْهَ الأُمَّةِ مَالِك، وَمُحَدِّثَهُم أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَلُغَويّهُم أَبُو عُبَيْدٍ، وَشَاعِرَهُم أَبُو تَمَّام، وَعَابدَهُم الفُضَيْل، وَحَافِظَهُم سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ، وَأَخْبَاريَّهُم الوَاقِدِيُّ، وَزَاهِدَهُم مَعْرُوفٌ الكَرْخِيّ، وَنَحْويَّهُم
__________
(1) ما بين معقوفين مستدرك من " وفيات الأعيان ".
(2) أنظر " وفيات الأعيان " 3 / 344.(17/319)
سِيبَوَيْهٍ، وَعَرُوضِيَّهُم الخَلِيْلُ، وَخَطِيْبَهُم ابْنُ نُبَاتَة، وَمُنْشِئَهُم القَاضِي الفَاضِل، وَفَارِسَهُم خَالِدُ بنُ الوَلِيْدِ - رَحِمَهُمُ الله -.
193 - البَسْطَامِيُّ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، قَاضِي نَيْسَابُوْر، الإِمَامُ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الهَيْثَم البَسْطَامِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الوَاعِظُ.
لَهُ رحلَةٌ وَاسِعَةٌ، وَفَضَائِلُ.
سَمِعَ: الطَّبَرَانِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ الجَارُوْدِ الرَّقِّيّ، وَالقَطِيْعِيّ، وَعَلِيَّ بنَ حَمَّاد الأَهْوَازِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ مَحْمُوْد بن خُرَّزَاذ.
وَوَعَظَ مُدَّةً، ثُمَّ تَصَدَّرَ للإِفَادَةِ وَالفُتْيَا، وَوَلِيَ القَضَاءَ، فَأَظْهَرَ المُحَدِّثُونَ مِنَ الفَرَحِ أَلْوَاناً (1) .
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَالبَيْهَقِيُّ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى المُزَكِّي، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الصَّرَّام، وَيُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَمَذَانِيُّ، وَخَلْق.
وَكَانَ وَافِرَ الحِشْمَة، كَبِيرَ الشَّأْنِ، تَزَوَّجَ بَابنَةِ الأُسْتَاذ أَبِي الطَّيِّبِ الصُّعْلُوْكِي، فَوَلَدَتْ لَهُ المُؤَيَّد (2) وَالمُوَفَّق (3) .
__________
(*) تاريخ بغداد 2 / 247، 248، الأنساب 2 / 215، تبيين كذب المفتري 236، المنتظم 7 / 285، طبقات ابن الصلاح ورقة 10 ب، العبر 3 / 99، الوافي بالوفيات 3 / 6، طبقات الشافعية للسبكي 4 / 140 - 143، طبقات الاسنوي 1 / 224، شذرات الذهب 3 / 187.
(1) انظر " تبيين كذب المفتري " 237.
(2) وهو أبو المعالي عمر بن محمد بن الحسين، المتوفى سنة 465، ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (213) .
(3) هو أبو محمد هبة الله، المتوفى سنة 440، مترجم في طبقات السبكي 5 / 354، =(17/320)
مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَع مائَة.
194 - العِيْسَوِيُّ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، القَاضِي، الصَّدُوْقُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، العِيْسَوِيُّ، مِنْ أَوْلاَد وَلِيِّ العَهْد عِيْسَى (1) بنِ مُوْسَى ابْنِ عَمِّ المَنْصُوْر.
سَمِعَ: أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّد بنَ عَمْرِو بنِ البَخْتَرِيّ، وَأَبَا عَمْرٍو بن السَّمَّاكِ، وَعَبْدَ العَزِيْزِ بن الوَاثق، وَمُوْسَى ابْنَ القَاضِي إِسْمَاعِيْل، وَكَانَ مُوْسَى هَذَا يَرْوِي عَنْ: وَالده إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَأَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَطِرَادٌ الزَّيْنَبِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَعَ لِي جُزْآنِ مِنْ حَدِيْثه.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً، وَلِيَ قَضَاءَ مَدِيْنَة المَنْصُوْر، وَمَاتَ: فِي رَجَبٍ سَنَة خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
أَخْبَرَنَا أَيُّوْبُ بنُ طَارِق، وَسُنْقُر بنُ عَبْدِ اللهِ الحَلَبِيَّان قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الخَازنُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُقَرِّبِ، أَخْبَرَنَا طِرَادُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ الهَاشِمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ ملَاعِب، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، عَنْ حَمَّادِ بنِ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا
__________
= طبقات الاسنوي 1 / 225، الذيل للفارسي: 94.
(*) تاريخ بغداد 12 / 8، 9، العبر 3 / 119، 120، شذرات الذهب 3 / 203.
(1) مرت ترجمته في الجزء السابع برقم (164) .
(2) في " تاريخ بغداد " 12 / 8.(17/321)
يُوْنُس، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ:
أَنَّ رَجُلاً لَقِيَ امْرَأَة كَانَتْ بَغِيّاً فِي الجَاهِلِيَّة، فَجَعَلَ يُلاَعِبُهَا حَتَّى بَسَطَ يَدَهُ إلِيهَا.
فَقَالَتْ: مَه! إِنَّ اللهَ قَدْ ذَهَبَ بِالشِّرْكِ، وَجَاءَ بِالإِسْلاَمِ، فَوَلَّى فَأَصَابَ وَجْهَهُ الحَائِط، فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: (أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللهُ بِكَ خَيْراً، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً، عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ شَرّاً، أَمْسَكَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِي بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ كَأَنَّهُ عَيْرٌ) (1) .
195 - ابْنُ دُوْسْتَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الأَوْحَدُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ ابْنُ المُحَدِّثِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ دُوْسْتَ البَغْدَادِيُّ، البَزَّازُ، أَخُو عُثْمَانَ (2) بنِ دُوْسْتَ العَلاَّف.
حَدَّثَ عَنْ: الحُسَيْن بنِ يَحْيَى بنِ عَيَّاش (3) القَطَّان، وَمُحَمَّدِ بن جَعْفَرٍ المَطِيْرِي (4) ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَطَبَقَتهم.
__________
(1) رجاله ثقات، يونس: هو ابن عبيد بن دينار البصري الثقة الثبت، وأخرجه أحمد 4 / 87 من طريق عفان بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 4 / 376، ووافقه الذهبي، وأورده الهيثمي في " المجمع " 10 / 191، وزاد نسبته للطبراني وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح، وكذلك أحد إسنادي الطبراني، وفي الباب ما يقويه عن أنس عند الترمذي (2396) ، وعن عمار بن ياسر عند الطبراني، وجود إسناده الهيثمي في " المجمع " 10 / 192، وعن ابن عباس عند الطبراني وفي سنده عبد الرحمن العرزمي وهو ضعيف.
(*) تاريخ بغداد 5 / 124، 125، المنتظم 7 / 284، ميزان الاعتدال 1 / 153، 154، المغني في الضعفاء 1 / 58، تذكرة الحفاظ 3 / 1066، البداية والنهاية 12 / 5، لسان الميزان 1 / 297، 298، النجوم الزاهرة 4 / 241.
(2) سترد ترجمته برقم (309) .
(3) بالياء والمعجمة كما في " تبصير المنتبه " 3 / 901.
(4) هذه النسبة إلى المطيرة، وهي قرية من نواحي سر من رأى، انظر " اللباب " وفيه =(17/322)
حَدَّثَ عَنْهُ: هِبَةُ اللهِ اللاَلْكَائِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّل، وَأَبُو القَاسِمِ الأَزْهَرِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَرزقُ الله التَّمِيْمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
أَثنَوا عَلَى حِفْظِهِ وَفَهْمِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَالَتِهِ، ضَعَّفَهُ الأَزْهَرِيُّ، وَطَعَنَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِس فِي روَايته عَنِ المَطِيْرِي.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ مُحَدِّثاً مُكْثِراً، حَافِظاً عَارِفاً، مَكَثَ مُدَّةً يُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ بِجَامع المَنْصُوْر بَعْد أَبِي طَاهِرٍ المُخَلِّص (1) .
وَكَانَ عَارِفاً بِمَذْهَبِ مَالِك (2) .
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: كَانَ يَسْرُدُ الحَدِيْثَ مِنْ حِفْظِهِ، وَتكَلَّمُوا فِيْهِ، فَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ الأَجزَاءَ، وَيُتَرِّبُهَا، لِيُظَنَّ أَنَّهَا عُتُق (3) .
وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ: غَرِقَتْ كُتُبه، فَكَانَ يُجَدِّدُهَا (4) .
وَأَثْنَى عَلَيْهِ بَعْضُ الأَئِمَّة، وَكَانَ يُذَاكِر الدَّارَقُطْنِيّ، وَيَسْرُدُ مِنْ حِفْظِهِ كُتُبَه (5) .
قَالَ الخَطِيْبُ (6) :تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
= ترجمة محمد بن جعفر هذا.
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 124 وتتمته فيه: ثم انقطع عن الخروج، ولزم بيته.
(2) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 125.
(3) " تاريخ بغداد " 5 / 125، و" ميزان الاعتدال " 1 / 154.
(4) " تاريخ بغداد " 5 / 125 ونص كلام الازهري: رأيت كتبه كلها طرية، وكان يذكر أن أصوله العتق غرقت، فاستدرك نسخها.
قال ابن الجوزي: وهذا ليس بشيء، لأنه من الجائز أن يكون قد قابل بالطرية نسخا قرئت عليه، وقد كان الرجل يملي من حفظه، فيجوز أن يكون حافظا لما ذهب. " المنتظم " 7 / 284.
(5) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 125، و" ميزان الاعتدال " 1 / 154.
(6) في " تاريخ بغداد " 5 / 125.(17/323)
وَفِيْهَا مَاتَ: الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الشِّيْرَازِيّ (1) مُصَنِّفُ (الأَلقَاب) ، وَالإِمَامُ أَبُو سَعْدٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي عُثْمَانَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الوَاعِظُ المُفَسِّر، وَأَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَلَف بن خَاقَان العُكْبَرِيُّ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ أَبِي ذَرٍّ بن البَاغَنْدِي، وَمُقْرِىءُ الشَّامِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجُبْنِي (2) .
196 - صَرِيْعُ الدِّلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَصْرِيُّ *
الأَدِيْبُ، الخليعُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ (3) بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ (4) البَصْرِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ (5) .
لَهُ (دِيْوَان) مَشْهُوْرٌ (6) .
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (149) .
(2) بضم الجيم وسكون الباء الموحدة ثم نون، وقد تضم الموحدة وتشد النون، وهي نسبة إلى الجبن، وأبو بكر هذا كان إمام مسجد سوق الجبن، انظر " الأنساب " و" تبصير المنتبه " 1 / 299.
(*) وفيات الأعيان 3 / 383، 384، المختصر في أخبار البشر 2 / 152، العبر 3 / 110، تتمة المختصر 2 / 504، الوافي بالوفيات 4 / 61 - 63، فوات الوفيات 3 / 424 - 426، تتمة اليتيمة 1 / 14، البداية والنهاية 12 / 13 وتحرفت فيه " الدلاء " إلى " الدلال "، الزركشي: 294، حسن المحاضرة 1 / 562، شذرات الذهب 3 / 197، تاريخ بروكلمان 2 / 64، 65.
(3) اسمه في " وفيات الأعيان " و" البداية " و" حسن المحاضرة " و" المختصر " و" تتمة المختصر ": علي.
(4) في " البداية ": عبيد الواحد، وفي " المختصر " و" تتمة المختصر ": عبد الرحمن.
(5) قال ابن خلكان: المعروف بصريع الدلاء، قتيل الغواشي.
قال الصفدي: والثاني عندي أحسن لامرين: لأنه في الغواشي ما في الدلاء من المعنى المراد، ولان الغواشي أكثر شبها في اللفظ بالغواني من الدلاء، لانهم قابلوا به صريع الغواني وهو مسلم بن الوليد، الشاعر الفحل.
(6) منه نسخة بمكتبة أحمد الثالث رقم (245) .(17/324)
وَقَدْ تَحَوَّلَ إِلَى مِصْرَ، فَمَاتَ بِهَا فِي سَنَةِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
وَكَانَ صَاحِبَ مُزَاحٍ وَلَعِبٍ، وَلَهُ تِيْكَ القَصِيْدَة السَّائِرَة (1) ، وَهِيَ:
قَلْقَلَ أَحْشَائِي تَبَارِيْحُ الجَوَى ... وَبَانَ صَبْرِي حِيْنَ حَالَفْتُ الأَسَى
وَطَارَ عَقْلِي حِيْنَ أَبْصَرْتُهُمُ ... تَحْتَ ظَلاَمِ اللَّيْلِ يَطْوُون السُّرَى
فَلَمْ أَزَلْ أَسْعَى عَلَى آثَارِهِمْ ... وَالبَيْنُ فِي إِتْلاَفِ رُوْحِي قَدْ سَعَى
فَلَو دَرَتْ مَطِيُّهُم مَا حَلَّ بِي ... بَكَتْ عَلَيَّ فِي الصَّبَاحِ وَالمَسَا
فَسَوْفَ أَسْلِي عَنْهُم خَوَاطِرِي ... بِحُمُقٍ يَعْجَبُ مِنْهُ مَنْ وَعَا
وَطُرَفٍ أَنْظِمُهَا مَقْصُورَةً ... إِذْ كُنْتُ قَصَّاراً صَرِيْعاً للدِّلاَ
مَنْ صَفَعَ النَّاسَ وَلَمْ يَدَعْهُمُ ... أَنْ يَصْفَعُوهُ مِثْلَهُ قَدِ (2) اعْتَدَى
مَنْ صَعَدَ السَّطْحَ وَأَلْقَى نَفْسَهُ ... إِلَى قَرَارِ الأَرْضِ يَوْماً ارْتَدَى
وَلَيْسَ للبَغْلِ إِذَا لَمْ يَنْبَعِثَ ... مِنَ الطَّرِيْقِ بَاعِثٌ مِثْلُ العَصَا
وَالذَّقْنُ شَعْرٌ فِي الوُجُوهِ نَابِتٌ ... وَإِنَّمَا الدُّبْرُ (3) الَّذِي تَحْتَ الخُصَى
وَالجَوْزَ لاَ يُؤْكَلُ مَعَ قُشُورِهِ ... وَيُؤْكَلُ التَّمْرُ الجَدِيْدُ بِالِّلبا
مَنْ طَبَخَ الدِّيْكَ وَلاَ يَذْبَحُهُ ... طَارَ مِنَ القِدْرِ إِلَى حَيْثُ اشْتَهَى (4)
__________
(1) والتي عارض بها مقصورة ابن دريد، وهو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي، المتوفى سنة 321، مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(2) في " الوافي " و" الفوات ": " فعليهم " بدل " مثله قد ".
(3) في " الوافي " و" الفوات ": " الاست " بدل " الدبر " والبيت في " البداية والنهاية " و" حسن المحاضرة ": والذقن شعر في الوجوه طالع * كذلك العقصة من خلف القفا
(4) في " الوافي " و" الفوات ": " يشا " بدل " اشتهى "، وفي " البداية " و" حسن المحاضرة ": انتهى ".(17/325)
مَنْ دَخَلَتْ فِي عَيْنِهِ مِسَلَّةٌ ... فَسَلْهُ مِنْ سَاعَتِهِ كَيْفَ العَمَى
مَنْ فَاتَهُ العِلْمُ وَأَخْطَاهُ الغِنَى ... فَذَاكَ وَالكَلْبُ عَلَى حَدٍّ سَوَا (1)
197 - القَزَّازُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ التَّمِيْمِيُّ *
العَلاَّمَةُ، إِمَامُ الأَدَب، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ التَّمِيْمِيُّ، القَيْرَوَانِيُّ، النَّحْوِيّ.
مُؤَلِفُ كِتَابِ (الجَامع) فِي اللُّغَة، وَهُوَ مِنْ نفَائِس الكُتُب (2) .
وَكَانَ يُعْرَفُ بِالقَزَّاز، صَنَّفَ كُتُباً لِلعَزِيْزِ العُبَيْدِي صَاحِب مِصْر (3) .
وَكَانَ مَهِيْباً، عَالِي المَكَانَة، مُحَبَّباً إِلَى العَامَّة، لاَ يَخُوْضُ إِلاَّ فِي عِلْمِ دِيْنٍ أَوْ دُنْيَا.
وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ (4) ، وَشُهْرَةٌ بِمِصْرَ، وَعُمَّر تِسْعِيْنَ عَاماً.
__________
(1) انظر بعض هذه الابيات في " فوات الوفيات " 3 / 424، 425، و" الوافي بالوفيات " 4 / 62، و" البداية والنهاية " 12 / 13، و" حسن المحاضرة " 1 / 562.
(*) معجم الأدباء 18 / 105 - 109، إنباه الرواة 3 / 84 - 87، المحمدون من الشعراء 65، 66، وفيات الأعيان 4 / 374 - 376، تلخيص ابن مكتوم 196 - 198، الوافي بالوفيات 2 / 304، 305، مرآة الجنان 3 / 27، إشارة التعيين الورقة 46، بغية الوعاة 1 / 71، كشف الظنون 1 / 576، روضات الجنات 178، هدية العارفين 2 / 61.
(2) قال ياقوت في " معجم الأدباء ": وهو كتاب كبير حسن متقارب، يقارب كتاب " التهذيب " لأبي منصور الازهري، رتبه على حروف المعجم.
ونقل القفطي في " إنباه الرواة " عن القزاز قوله: ما علمت أن أحدا سبق إلى تأليف مثل هذا الكتاب، ولا اهتدى أحد من أهل هذه الصنعة إلى تقريب البعيد، وتسهيل المآخذ، وجمع المفرق على مثل هذا المنهاج.
وانظر " وفيات الأعيان " 4 / 375.
(3) انظر مصنفاته في " معجم الأدباء " 18 / 109، و" الوافي بالوفيات " 2 / 305، و" هدية العارفين " 2 / 61.
(4) انظر نظمه في " معجم الأدباء " 18 / 107 - 109، و" الوافي " 2 / 305، و" إنباه الرواة " 3 / 84، 85، و" وفيات الأعيان " 4 / 375، 376.(17/326)
قِيْلَ: مَاتَ بِالقَيْرَوَان سَنَة اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
198 - الرَّاشِدُ بِاللهِ الحَسَنُ بنُ جَعْفَرٍ العَلَوِيُّ *
الشَّرِيْفُ، صَاحِبُ مَكَّة، الحَسَنُ بنُ جَعْفَرٍ العَلَوِيُّ.
كَانَ الوَزِيْر أَبُو القَاسِمِ بنُ المَغْرِبِيّ قَدْ هَرَبَ مِنَ الحَاكِمِ، وَصَارَ إِلباً عَلَيْهِ؛ فحسَّن لحَسَّانِ بنِ مُفَرِّج الخُرُوجَ عَلَى الحَاكِمِ لِجَوْرِهِ وَكفر نَفْسه، وَأَمَرَهُ بِنَصْب صَاحِبِ مَكَّةَ إِمَاماً لِصِحَةِ نَسَبِهِ، فَبَادَرَ حَسَّانٌ إِلَى مَكَّةَ، وَبَايع صَاحِبَهَا، وَأَخَذَ مَالَ الكَعْبَة، وَمَالَ التُّجَّار، وَلَقَّبُوهُ بِالرَّاشد، وَأَقبلَ إِلَى الشَّامِ، فَتَلَقَّاهُ وَالِدُ حَسَّان وَوُجُوهُ العَرَبِ، وَتَمَكَّنَ، وَخُطِبَ لَهُ عَلَى المنَابِرِ، وَكَانَ مُتَقَلِّداً سَيْفاً زَعَمَ أَنَّهُ ذُو الفَقَار، وَفِي يَدِهِ قَضِيْبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ عَدَدٌ مِنْ أَقَارِبِهِ، وَفِي ركَابِهِ أَلفُ عَبْدٍ، فَنَزَلَ الرَّمْلَةَ فَرَاسَلَ الحَاكِمُ مُفَرِّجَ بنَ جرَّاحٍ المَذْكُوْر، وَاسْتمَاله بِالرَّغْبَة وَالرَّهْبَة، وَأَحَسَّ الرَّاشِدُ بِالأَمْرِ، فَذلَّ، وَتَذَمَّم بِمُفَرِّجٍ، وَقَالَ:
أَنَا رَاضٍ مِنَ الغَنِيْمَةِ بِالإِيَاب، أَنْتُم غَرَّيْتُمُونِي.
فَجَهّزَه مُفَرِّجٌ إِلَى الحِجَاز، وَتسحّبَ ابْنُ المَغْرِبِيّ إِلَى العِرَاقِ، وَجرَى ذَلِكَ سَنَة بِضْعٍ وَأَرْبَع مائَة (1) .
199 - الغَضَائِرِيُّ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ **
الإِمَامُ، الصَّالِحُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ
__________
(*) الكامل لابن الأثير 9 / 123، 331، 332، 446.
(1) ذكر ابن الأثير وفاة الراشد بالله سنة ثلاثين وأربع مئة. " الكامل " 9 / 466.
(* *) تاريخ بغداد 8 / 34، الأنساب 9 / 155، المنتظم 8 / 14، العبر 3 / 116، شذرات الذهب 3 / 200.
والغضائري: نسبة إلى الغضارة، وهو إناء يؤكل فيه الطعام.(17/327)
مُحَمَّدِ بنِ حَلْبَس (1) المَخْزُوْمِيُّ، الغَضَائِرِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الصُّوْلِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدٍ الصَّفَّار، وَأَبَا جَعْفَرٍ البَخْتَرِيّ، وَأَبَا عَمْرٍو بن السَّمَّاكِ، وَأَبَا بَكْرٍ النَّجَّاد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ ابْن المُهْتَدِي بِاللهِ، وَعَبَّاسُ بنُ بَكْرَانَ الهَاشِمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الثفقيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :كَانَ ثِقَةً فَاضِلاً، مَاتَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ جَاوز التِّسْعِيْنَ، وَلَهُ (جُزءٌ) مَشْهُوْرٌ سمِعنَاهُ.
200 - الغَضَائِرِيُّ الحُسَيْنُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
شَيْخُ الشِّيْعَةِ، وَعَالِمُهُم، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ، الغَضَائِرِيُّ.
يُوْصَفُ بِزُهْدٍ وَوَرَعٍ وَسعَة علم.
يُقَالُ: كَانَ أَحْفَظَ الشِّيْعَةِ لِحَدِيْثِ أَهْل البَيْتِ غَثِّه وَسمِينِه.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوْسِيُّ، وَابْنُ النَّجَاشِيّ (3) الرَّافضيَان.
__________
(1) تصحفت في " شذرات الذهب " 3 / 200 إلى " حليس " بالياء التحتية.
(2) في " تاريخ بغداد " 8 / 34.
(*) ميزان الاعتدال 1 / 541، لسان الميزان 2 / 288، 289 و297، كتاب الرجال للنجاشي: 51، منهج المقال 114، روضات الجنات 183، إيضاح المكنون 2 / 358، أعيان الشيعة 26 / 351 - 360.
(3) تحرف في لسان الميزان " 2 / 289 إلى " ابن النحاس ".(17/328)
وَهُوَ فَيَرْوِي عَنْ: أَبِي بَكْرٍ الجِعَابِيّ، وَسَهْل بنِ أَحْمَدَ الدِّيْبَاجِي، وَأَبِي المُفَضَّل الشَّيْبَانِيّ.
قَالَ الطُّوْسِيُّ تلمِيذُهُ: خَدَمَ العِلْمَ، وَطَلَبَهُ للهِ، وَكَانَ حُكْمُهُ أَنفذَ مِنْ حُكْمُ المُلُوك (1) .
وَقَالَ ابْنُ النَّجَاشِيّ: صَنَّفَ كُتُباً مِنْهَا: كِتَاب (يَوْم الْغدير) ، وَكِتَاب (موَاطِئ (2) أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ) ، وَكِتَاب (الرَّدُّ عَلَى الغُلاَة) ، وَغَيْر ذَلِكَ، مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
قُلْتُ: هُوَ مِنْ طَبَقَةِ الشَّيْخ المُفِيْد (3) فِي الجَلاَلَة عِنْد الإِمَامِيَّة، يَفْتَخِرُوْنَ بِهِمَا وَيَخْضَعُوْنَ لِعِلْمِهِمَا حَقَّه وَبَاطله.
201 - ابْنُ الحَاجِّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الإِشْبِيْلِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَاجِّ بن يَحْيَى الإِشْبِيْلِيُّ، الشَّاهِدُ، نَزِيْلُ مِصْر.
سَمِعَ: عُثْمَانَ بن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَالحَسَنَ بنَ مَرْوَانَ القَيْسَرَانِيّ، وَأَبَا الفَوَارِس أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ الصَّابُوْنِيّ، وَعَلِيَّ بنَ أَبِي العَقب الدِّمَشْقِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عُمَارَة، وَالعَبَّاسَ بنَ مُحَمَّدٍ الرَّافِقِيَّ، وَأَحْمَدَ بن أَبِي المَوْت، وَطَبَقَتهُم بِمِصْرَ وَدِمَشْق.
__________
(1) انظر " لسان الميزان " 2 / 289.
(2) تحرف في " لسان الميزان " 2 / 289 إلى " بواطن ".
(3) وهو محمد بن محمد بن النعمان البغدادي، سترد ترجمته برقم (213) .
(*) العبر 3 / 119، حسن المحاضرة 1 / 372، شذرات الذهب 3 / 202، تهذيب تاريخ دمشق 1 / 456.(17/329)
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ السِّجْزِيُّ، وَالحَافِظُ عَبْدُ الرَّحِيْم بنُ أَحْمَدَ البُخَارِيّ، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ سَلاَمَةَ القُضَاعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّال، وَأَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَانْتَقَى عَلَيْهِ السِّجْزِيُّ أَجزَاءً عَدِيْدَةً، وأَثنَى عَلَيْهِ الحَبَّال.
وَكَانَ صَاحِبَ مَعْرِفَةٍ وَفهْمٍ، وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ.
قَالَ الحَبَّال: مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القُرَشِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَاد، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ بنُ الحَاجِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ السَّقَطِيُّ بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ زِيَاد سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُم إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ صُورَتَهُ صُورَة حِمَار (1)) .
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو الفَرَجِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ المُسْلِمَة (2) ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ القَاسِم بن المَحَامِلِيّ (3) ، وَالقَاضِي عَبْدُ الجَبَّارِ (4) شَيْخُ المُعْتَزِلَة، وَأَبُو الحَسَنِ
__________
(1) صحيح، وأخرجه من طريق شعبة عن محمد بن زياد بهذا الإسناد البخاري (691) في الاذان: باب إثم من رفع رأسه قبل الامام، والدارمي 1 / 302، وأبو داود (623) وأخرجه من طرق، عن حماد بن زيد، عن محمد بن زياد به مسلم (427) في الصلاة، والنسائي 2 / 96 في الامامة، والترمذي (582) وابن ماجة (961) .
(2) سترد ترجمته برقم (210) .
(3) سترد ترجمته برقم (266) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (150) .(17/330)
عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ العِيْسَوِي (1) ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ (2) ، وَأَبُو صَادِق (3) مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شَاذَانَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَضْلِ القَطَّان، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ الجَرْجَرَائِيّ (4) ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ جَرِيْر الدَّشْتِي، وَابْنُ عَقِيْل البَاوَرْدِي، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَان (5) الأَهْوَازِيُّ.
202 - القَطَّانُ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْل البَغْدَادِيُّ، القَطَّانُ (6) ، الأَزْرَق.
ذَكَرَ لأَبِي الخَطِيْب: أَنَّهُ وُلِدَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (7) .
وَسَمِعَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِيْنَ مِنْ: إِسْمَاعِيْل الصَّفَّار وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَهُ، وَمِنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَرْب، وَعَبْدِ اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ دُرُسْتَوَيْه الفَارِسِيّ، وَعِنْدَهُ عَنْهُ (تَاريخُ الفَسَوِيّ) ، وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ السَّمَّاكِ، وَعِدَّة.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (194) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (189) .
(3) سترد ترجمته برقم (264) .
(4) سترد ترجمته برقم (243) .
(5) سترد ترجمته برقم (259) .
(*) تاريخ بغداد 2 / 249، 250، الأنساب 10 / 186، 187، المنتظم 8 / 20، العبر 3 / 120، شذرات الذهب 3 / 203.
(6) قال السمعاني: وكان يسكن دار القطن ببغداد. " الأنساب " 10 / 187.
(7) " تاريخ بغداد " 2 / 249.(17/331)
وَانْتَقَى عَلَيْهِ ابْنُ أَبِي الفَوَارِس، وَهِبَةُ اللهِ اللاَّلْكَائِيّ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: البَيْهَقِيُّ، وَالخَطِيْبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ اللاَّلْكَائِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُم.
وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ثِقَتِهِ.
تُوُفِّيَ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
203 - الوَهْرَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، الجَلِيْلُ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ مُسَافِر الهَمَذَانِيُّ، المَغْرِبِيُّ، الوَهْرَانِي، ثُمَّ البَجَّانِيّ (1) .
وَبَجَّانَةُ (2) مِنْ مُدُنِ الأَنْدَلُسِ، وبِجَايَةُ النَّاصِرِيَة أُحدثت فِي المائَة الخَامِسَةِ بِالمَغْرِب، وَهِيَ أَشْهَرُ وَأَكْبَرُ (3) ، وَلَكِن خَرَجَ مِنَ الأُولَى جِلَّةٌ وَعُلَمَاء.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَسَافَرَ فِي التِّجَارَةِ إِلَى أَقْصَى خُرَاسَان، وَعُنِي بِالرِّوَايَة.
__________
(*) جذوة المقتبس 275، ترتيب المدارك 4 / 690، 691، الأنساب (الوهراني) الصلة 1 / 317 - 319، بغية الملتمس 366، اللباب 3 / 376. والوهراني: نسبة إلى وهران، وهي مدينة بعدوة الأندلس على أرض القيروان.
(1) تصحفت في " ترتيب المدارك " 4 / 69 إلى " التجاني ".
(2) سبق التعريف بها في الصفحة 188 ت رقم (3) .
(3) قال ياقوت في بجاية: مدينة على ساحل البحر بين إفريقية والمغرب، كان أول من اختطها الناصر بن علناس بن حماد بن زيري بن مناد بن بلكين في حدود سنة 457. " معجم البلدان " 1 / 339.(17/332)
وَأَخَذَ عَنِ: الحَسَنِ بنِ رَشِيْق وَنَحْوهِ بِمِصْرَ، وَعَنِ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ الأَبْهَرِيّ، وَطَائِفَةٍ بِبَغْدَادَ، وَعَنْ تَمِيْم بن مُحَمَّد بِالقَيْرَوَان، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ الشُّبُّويي بِمَرْو، وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ بن أَحْمَدَ المُسْتَمْلِي بِبَلخ.
وَقَدِمَ إِلَى بلاَده بِإِسْنَادٍ عَالٍ، فَحَمَلَ عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ سُمَيْق، وَأَبُو حَفْصٍ الزَّهْرَاوِيُّ، وَحَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ الحَذَّاء، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْم، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ خَيِّراً صَالِحاً مُتقبضاً، يَتَكَسَّبُ بِالتِّجَارَةِ (1) .
سَمِعَ مِنْ تَمِيْمٍ (2) (المُوَطَّأ) :أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ مِسْكِيْن، عَنْ سُحْنُوْن، عَنِ ابْنِ القَاسِمِ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
حَدَّثَ (بِصَحِيْحِ البُخَارِيّ) .
204 - العَبْدُوييُّ أَبُو حَازِمٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْم *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، شَرَفُ المُحَدِّثِيْنَ، أَبُو حَازِمٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
__________
(1) انظر " الصلة " 1 / 317.
(2) أي تميم بن محمد بن أحمد، أبو العباس، صاحب عيسى بن مسكين.
انظر " جذوة المقتبس " 275.
(*) تاريخ بغداد 11 / 272، 273، الأنساب 8 / 354، تبيين كذب المفتري 241، المنتظم 8 / 27، اللباب 2 / 314، تذكرة الحفاظ 3 / 1072، العبر 3 / 125، طبقات السبكي 5 / 300، 301، البداية والنهاية 12 / 12، النجوم الزاهرة 4 / 265، طبقات الحفاظ 417، 418، شذرات الذهب 3 / 208.
قال السمعاني: وهذه النسبة إلى عبدويه، فإن قيل كما يقول النحويون: عبدويه، فالنسبة إليه " عبدوي " بفتح الدال، وإن قيل كما يقول =(17/333)
إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدُويه بن سَدُوس بن عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ ابنِ الفَقِيْه عُبَيْد اللهِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ بن مَسْعُوْدٍ الهُذَلِيُّ، المَسْعُوْدِيُّ، العَبْدُويي، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الأَعْرَجُ، ابْنُ المُحَدِّث أَبِي الحَسَنِ.
مَاتَ أَبُوْهُ أَبُو الحَسَنِ (1) فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَهُوَ فِي عَشْر التِّسْعِيْنَ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالسَّرَّاج، رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ، وَالحَاكِم، وَأَبُو سَعِيْدٍ الكَنْجَرْوَذِي، وَعِدَّة.
وَابنُهُ أَبُو حَازِمٍ وُلِدَ بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ بنَ نُجَيْد، وَأَبَا بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدَة السَّلِيْطِيّ، وَأَبَا عَمْرٍو بن مَطَر، وَأَبَا الفَضْل بنَ خَمِيْرُوَيْه الهَرَوِيّ، وَأَبَا أَحْمَد الغِطْرِيْفِيّ، وَأَبَا عَمْرٍو بن حَمْدَان، وَأَبَا سَعِيْدٍ بن عَبْدِ الوَهَّابِ، وَأَبَا أَحْمَد الحَاكِم، وَطَبَقَتَهُم.
وَتَأَخَّر، عَنِ الرّحلَة إِلَى بَغْدَادَ، وَلَحِقَ بِهَا عِيْسَى ابْن الوَزِيْر، وَأَبَا طَاهِرٍ المُخَلِّص.
وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازل، وَجَمَعَ وَخَرَّجَ، وَتمِيَّزَ فِي عِلْمِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَتْح بنُ أَبِي الفَوَارِس، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ المُحَسِّنِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الوَكيل، وَأَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى المُزَكِّي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيُّ الرَّئِيْسُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ السَّمَرْقَنْدِيّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الخَطِيْبَ يَقُوْلُ:
__________
= المحدثون: عبدويه بضم الدال، فالنسبة إليه عبدويي ".
(1) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.(17/334)
لَمْ أَرَ أَحداً أُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمَ الحِفْظ غَيْرَ رَجُلَيْنِ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدُويي (1) .
قُلْتُ: وَقَدْ سَمَّعَهُ وَالدُهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّبْغِي، وَحَامِدٍ الرَّفَّاء.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِم الحَافِظَ يَقُوْلُ:
كَتَبْتُ بِخَطِّي عَنْ عَشْرَة مِنْ شُيُوْخِي عَشْرَةَ آلاَفِ جُزء، عَنْ كُلِّ وَاحِد أَلف جُزْء (2) .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ أَبُو حَازِمٍ ثِقَةً صَادِقاً، حَافِظاً عَارِفاً (3) .
قُلْتُ: مِنْ وَرَعِهِ أَنَّهُ مَا حَدَّثَ عَنِ الصِّبْغِي، وَلاَ عَنْ حَامِد الرَّفَّاء لصِغَرِهِ، وَقَدْ كَانَا أَكْبَر مَشَايِخه.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الطُّوْسِيّ: رَأَيْتُ بخَطِّ زَاهِرِ بن طَاهِر قَالَ:
كَتَبَ مَسْعُوْدُ بنُ نَاصِر وَرقَةً، قَالَ:
وَجَدْتُ عِنْد مَسْعُوْدِ بن عَلِيِّ بنِ مُعَاذٍ السِّجْزِيّ بِخَطّ الحَاكِم أَبِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
اجتمعنَا سَنَة 381، فذكرنَا الكَذَّابين بِنَيْسَابُوْرَ، وَالَّذِي ظَهَرَ لَنَا مِنْ جرحهمْ، فَأَثبتنَاهُ للاعتبَار، فَذَكَرَ جَمَاعَةً مِنْهُم أَبُو بَكْرٍ الكِسَائِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الطِّرَازِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدُويي، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ حَبِيْبٍ المُفَسِّر وَقَالَ: هُم كَذَبَةٌ فِي الرِّوَايَة.
قَالَ مَسْعُوْد بن عَلِيٍّ: وَاسْتَشْهَدَ جَمَاعَةً أَثْبَتُوا خُطُوطَهُم
__________
(1) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1072، و" طبقات " السبكي 5 / 301.
(2) انظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1072، 1073، و" تبيين كذب المفتري " 242، 243، و" طبقات " السبكي 5 / 301.
(3) " تاريخ بغداد " 11 / 272.(17/335)
عَقِيْبَ خَطِّهِ فِيْمَنْ كَتَبَ أَبُو جَعْفَرٍ العَزَائِمِي.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ المُقْرِئ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُثْمَانَ البَرْبَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المَحْمُوْدِي، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ الحَافِظُ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ مَطَر، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى:
قُلْتُ لمَالِك: حدثَكَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بنِ سُلَيْم الزُّرَقِي، عَنْ أَبِي قَتَادَة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَاملٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَب ابْنَةِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَبِي العَاصِ بن الرَّبِيْعِ، فَإِذَا قَامَ حَمَلهَا، وَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا؟
قَالَ: نَعَمْ.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (1) .
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الوَخْشِي: مَاتَ أَبُو حَازِمٍ العَبْدُويي يَوْمَ عِيْدِ الفِطْرِ سَنَة سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
قُلْتُ: وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: مُسْنِدُ بَغْدَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى السُّكَّرِيّ (2) ، وَمُقْرِىء الوَقْتِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ حَفْص بن الحَمَّامِي (3) ، وَمُحَدِّثُ دِمَشْق أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
__________
(1) البخاري (516) في الصلاة: باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة، و (5996) في الأدب: باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، ومسلم (543) في المساجد: باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، وأخرجه مالك 1 / 170 في قصر الصلاة: باب جامع الصلاة، وأبو داود (917) و (918) و (919) و (920) والنسائي 3 / 10، والدارمي 1 / 316.
(2) سترد ترجمته برقم (246) .
(3) سترد ترجمته برقم (265) .(17/336)
هَارُوْنَ (1) ابْن الجُنْدِي الغَسَّانِيّ إِمَامُ جَامع دِمَشْق لَقِيَ خَيْثَمَة، وَالمُسْنِدُ البَقِيَّةُ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ العُكْبَرِيّ البَزَّاز (2) ، وَقَاضِي بَغْدَاد أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ (3) عَنْ ثَمَان وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ القَفَّال (4) ، وَالمُسْنِدُ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ سلاَمَة الطَّحَّان السُّتَيْتِي (5) صَاحِب خَيْثَمَة.
205 - ابْنُ حَسْنُوْنَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ النَّرْسِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّادِقُ، الصَّالِحُ، الخَيِّرُ، أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَسْنُوْنَ النَّرْسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، وَالِدُ صَاحِب (المَشْيَخَة) أَبِي الحُسَيْنِ بنِ النَّرْسِيِّ.
وَفِي ذُرِّيَته جَمَاعَةٌ مِنَ المَشَايخِ.
سَمِعَ: أَبَا جَعْفَرٍ بنَ البَخْتَرِيّ، وَعَلِيَّ بنَ إِدْرِيْسَ السُّتُوْرِيَّ، وَعُثْمَان بن أَحْمَدَ ابْن السَّمَّاكِ.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ أَبُو بَكْرٍ الحَافِظ - وَقَالَ: كَانَ صَدُوْقاً، صَالِحاً (6) -، وَأَبُو الفَوَارِس طرَاد الزَّيْنَبِيّ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عُلوَان، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ وَلده، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة فِي شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (263) .
(2) سترد ترجمته برقم (224) .
(3) سترد ترجمته برقم (223) .
(4) سترد ترجمته برقم (267) .
(5) سترد ترجمته برقم (222) .
(*) تاريخ بغداد 4 / 371، العبر 3 / 104، شذرات الذهب 3 / 192.
(6) " تاريخ بغداد " 4 / 371.(17/337)
وَفِيْهَا مَاتَ: الحَسَنُ بنُ الحَسَنِ بنِ المُنْذِر، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اليَزْدِيّ (1) القَاضِي، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الخُزَاعِيّ (2) بِبَلخ، وَالحَاكِمُ صَاحِبُ مِصْر (3) ، وَآخَرُوْنَ.
206 - ابْنُ المُنْذِرِ الحَسَنُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، القَاضِي، العَلاَّمَةُ، أَبُو القَاسِمِ الحَسَنُ (4) بنُ الحَسَنِ (5) بنِ عَلِيِّ بنِ المُنْذِرِ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدٍ الصَّفَّار، وَأَبَا جَعْفَرٍ بن البَخْتَرِيّ، وَأَبَا عَمْرٍو بن السَّمَّاكِ، وَطَبَقَتَهُم.
وَكَانَ مُكْثِراً مِنَ السَّمَاع.
قَالَ الخَطِيْبُ (6) :كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ صَدُوْقاً، ضَابِطاً، كَثِيْرَ الكِتَاب، حَسَنَ الفَهْم، حَسَنَ العِلْم بِالفَرَائِض، اسْتَنَابَهُ القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ الضَّبِّيُّ عَلَى القَضَاءِ، ثُمَّ وَلِي قَضَاءَ مَيَّافَارِقين عِدَّةَ سِنِيْنَ، ثُمَّ ردَّ إِلَى بَغْدَادَ، فَأَقَامَ يُحَدِّثُ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي شَعْبَانَ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
(1) تقدمت ترجمته برقم (186) .
(2) تقدمت ترجمته برقم (114) .
(3) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(*) تاريخ بغداد 7 / 304، 305، المنتظم 7 / 301، العبر 3 / 106، 107، شذرات الذهب 3 / 195.
(4) في " المنتظم ": الحسين بن الحسين.
(5) في " العبر " و" شذرات ": " الحسين ".
(6) في " تاريخ بغداد " 7 / 304، 305.(17/338)
قُلْتُ: آخِرُمَنْ تَبَقَّى مِنْ أَصْحَابِهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ طَلْحَة النِّعَالِيُّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
207 - ابْنُ أَبِي كَامِلٍ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ العَبْسِيُّ *
العَدْلُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ أَبِي كَامِلٍ العَبْسِيُّ، البَصْرِيُّ الأَصْلِ، الطَّرَابُلُسِي.
حَدَّثَ عَنْ: خَالِ أَبِيهِ؛ خَيْثَمَةَ بنِ سُلَيْمَانَ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ حَذْلَمٍ، وَأَبِي المَيْمُوْنِ بنِ رَاشِدٍ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ الأَذْرَعِيِّ بِدِمَشْقَ، وَمُحَمَّدِ بن إِبْرَاهِيْمَ السَّرَّاجِ - لَقِيَهُ بِبَيْتِ المَقْدِس -، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ الوردِ، وَطَائِفَةٍ بِمِصْرَ.
انْتَقَى عَلَيْهِ خَلَفٌ الوَاسِطِيّ، وَوثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الحَدَّاد.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: الصُّوْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحِيْمِ البُخَارِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي الحَدِيْدِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ صَصْرَى، وَآخَرُوْنَ.
يَقَعُ حَدِيْثُهُ فِي فَوَائِدِ النَّسِيْبِ.
تُوُفِّيَ: بِأَطْرَابُلُس، سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.
208 - البَاشَانِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ **
الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ
__________
(*) العبر 3 / 116، تذكرة الحفاظ 3 / 1057، شذرات الذهب 3 / 200، تهذيب تاريخ دمشق 4 / 308.
(* *) لم نقف على ترجمة في المصادر. والباشاني: نسبة إلى باشان، وهي قرية من قرى هراة.(17/339)
البَاشَانِيُّ، الهَرَوِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِينَ - فَكَانَ آخِرَ أَصْحَابه -، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَافِعٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُ الإِسْلاَمِ الأَنْصَارِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وُثِّقَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ عَاشَ مائَةً وَسِتَّ سِنِيْنَ.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
209 - النُّعَيْمِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ أَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ أَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ النُّعَيْمِيُّ، الجُرْجَانِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَحْمَدَ بنِ عَدِيٍّ، وَالإِسْمَاعِيْلِيّ، وَأَبِي أَحْمَدَ بنِ الغِطْرِيْفِ، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَانَ، وَالحَاكِمِ أَبِي أَحْمَدَ، وَنَصْرِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي (أَخْبَارِ الجَبَلِ (1)) ، وآخرُ سَمَّاهُ (المُجْتَبَى) .
ذَكَرَهُ أَبُو نَصْرٍ الأَمِيْرُ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَة (2) .
___________
(*) تاريخ جرجان: 82، الأنساب (النعيمي) ، اللباب 3 / 318، الإكمال 7 / 378.
(1) في " الإكمال ": " الجيل " بالياء المثناة التحتية، وفي " تاريخ جرجان ": " الجبل " بالباء الموحدة، وكتب المعلق على كلمة " الجبل ": هكذا في الأنساب، ووقع في الأصل: " الجيل ".
قال ياقوت: الجبل: اسم جامع للاعمال التي يقال لها الجبال، وهي ما بين أصبهان إلى زنجان وقزوين وهمذان والدينور وقرميسين والري.
(2) " الإكمال " 7 / 378.(17/340)
210 - ابْنُ المُسْلِمَةِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، أَبُو الفَرَجِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ حَسَنِ ابنِ المُسْلِمَةِ البَغْدَادِيُّ، المُعَدَّلُ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ كَامِلٍ، وَأَبَا بَكْرٍ النَّجَّادَ، وَابنَ عَلم (1) ، وَدَعْلَجَ بنَ أَحْمَدَ، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَطِرَادٌ الزَّيْنَبِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :كَانَ ثِقَةً، يُمْلِي فِي العَامِ مَجْلِساً وَاحِداً، وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالعَقْلِ وَالفَضْلِ وَالبِرِّ، وَدَارُهُ مَأْلَفٌ لأَهْلِ العِلْمِ، وَكَانَ صَوَّاماً، كَثِيْرَ التِّلاَوَةِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ شَيْخِ الحَنَفِيَّة، وَكَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَيَتَهَجَّدُ بِسُبُعٍ (3) - رَحِمَهُ اللهُ -، وَرُئيَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ (4) .
تُوُفِّيَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
وَهُوَ وَالِدُ المُسْنِدُ أَبِي جَعْفَرٍ (5) ، وَجَدُّ الوَزِيْر رَئِيْسِ الرُّؤَسَاءِ أَبِي
__________
(*) تاريخ بغداد 5 / 67، 68، المنتظم 8 / 16، 17، الكامل في التاريخ 9 / 341، البداية والنهاية 12 / 17، الجواهر المضية 1 / 296، 297، النجوم الزاهرة 4 / 260، الطبقات السنية برقم (342) ، تاريخ التراث العربي 1 / 381.
(1) في " تاريخ بغداد ": محمد بن عبد الله بن علم الصفار.
(2) في " تاريخ بغداد " 5 / 67.
(3) أي سبع القرآن.
(4) انظر " تاريخ بغداد " 5 / 67 و" المنتظم " 8 / 17 و" البداية والنهاية " 12 / 17 و" الجواهر المضية " 1 / 297.
(5) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (102) .(17/341)
القَاسِمِ (1) عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ.
211 - حَمْدُ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الزَّجَّاجُ *
الحَافِظُ، مُحَدِّثُ هَمَذَان، أَبُو نَصْرٍ.
سَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الكَرَابِيْسِيِّ صَاحِبِ الكَجِّيِّ، وَمِنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرَانَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ القَطَّانِ، وَطَاهرِ بنِ سَهْلُوَيْه، وَأَبِي زُرْعَةَ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ، وَخَلْقٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ الفَلَكِيُّ فِي تَوَالِيفه، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الصُّوْفِيُّ، وَيُوْسُفُ الخَطِيْبُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ شِيْرَوَيْه: كَانَ ثِقَةً، حَافِظاً، يُحْسِنُ هَذَا الشَّأْنَ، سَمِعْتُ عَبْدُوْسَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ:
كَانَ حَمْدٌ الزَّجَّاجُ يَقرأُ عَلَى المَشَايِخِ، وَيَنَامُ وَيَقْرَأُ مُستوياً لحفظِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِالأَسَانيدِ وَالمُتُوْنَ، إِلَى أَنْ قَالَ:
تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
212 - القَنَازِعِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَرْوَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ **
العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، أَبُو المُطَرِّف عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَرْوَانَ (2) بن عَبْدِ
__________
(1) ستأتي ترجمته في الجزء الثامن عشر برقم (103) .
(*) تذكرة الحفاظ 3 / 1055.
(* *) جذوة المقتبس 278، 279، ترتيب المدارك 4 / 726 - 728، الصلة 2 / 322 - 324، بغية الملتمس: 371، المغرب في حلي المغرب 1 / 166، 167، العبر 3 / 112، عيون التواريخ 12 / 155 / 1، الديباج المذهب 1 / 485، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 380، طبقات المفسرين للسيوطي: 18، طبقات المفسرين للداوودي 1 / 287، 288، شذرات الذهب 3 / 198، هدية العارفين 1 / 16، شجرة النور الزكية 1 / 111، 112.
(2) في " ترتيب المدارك " و" شجرة النور ": " هارون " بدل " مروان ".(17/342)
الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، القَنَازِعِيّ، وَقنَازع قريَة (1) .
سَمِعَ (المُوَطَّأ) مِنْ أَبِي عِيْسَى اللَّيْثِيّ، وَسَمِعَ مِنَ: القَاضِي مُحَمَّد بن السَّلِيْم، وَأَبِي جَعْفَرٍ بنِ عَوْن الله.
وَتَلاَ عَلَى: أَبِي الحَسَنِ الأَنْطَاكِيِّ، وَأَصْبَغَ بنِ تَمَّامٍ.
وَارْتَحَلَ سَنَة 67، فسَمِعَ: الحَسَنَ بنَ رَشِيْقٍ، وَلَقِيَ حُسَيْنكَ التَّمِيْمِيّ فِي الْمَوْسِم، وَأَكْثَرَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي زَيْدٍ، وَأَقبلَ عَلَى شَأْنِه وَتَصَدَّرَ للإِقرَاءِ وَالفِقْهِ بقُرْطُبَة.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَتَّابٍ، وَابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ إِمَاماً، مُتَفَنِّناً، حَافِظاً، متَأَلِّهاً، خَاشِعاً، مُتَهَجِّداً، مُفَسّراً، بَصِيْراً بِالفِقْهِ وَاللُّغَة، امْتَنَعَ مِنَ الشُّوْرَى (2) .
وَكَانَ زَاهِداً، وَرِعاً، قَانِعاً بِاليَسِيْر، مُجَابَ الدَّعْوَةِ، بَعِيْدَ الصِّيْت، رَأْساً فِي القِرَاءات، صَاحِبَ تَصَانِيْف (3) .
مَاتَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، عَنْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
__________
(1) في " الصلة " 2 / 324.
أبو المطرف القنازعي منسوب إلى صنعته.
وفي " طبقات " الداوودي 1 / 288: والقنازعي نسبة إلى ضيعة من بلاد المغرب.
فلعل كلمة " صنعته " الواردة في " الصلة " مصحفة عن " ضيعته ".
(2) وقد ندبه إليها علي بن حمود لما ولي الخلافة بقرطبة، أشار عليه بذلك قاضيه أبو المطرف بن بشر مقدرا أنه لا يجسر على رد ابن حمود لهيبته. انظر " الصلة " 2 / 323، 324.
(3) منها " شرح الموطأ " وتوجد منه قطعة في القيروان، انظر مجلة معهد المخطوطات 2 / 362، وله كتاب في " الشروط "، و" مختصر تفسير القرآن " لابن سلام. انظر " هدية العارفين " 1 / 516.(17/343)
213 - الشَّيْخُ المُفِيْدُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ البَغْدَادِيُّ *
عَالِمُ الرَّافِضَة، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، الشَّيْخُ المُفِيْد، وَاسْمُهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ البَغْدَادِيُّ، الشِّيْعِيُّ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ المُعَلِّمِ.
كَانَ صَاحِبَ فُنُوْنٍ وَبُحُوثٍ وَكَلاَمٍ، وَاعْتِزَالٍ وَأَدَبٍ.
ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي طَيٍّ (1) فِي (تَاريخ الإِمَامِيَّة) ، فَأَطْنَبَ وَأَسْهَبَ، وَقَالَ:
كَانَ أَوْحَدَ فِي جَمِيْع فُنُوْن العِلْمِ: الأَصْلَين، وَالفِقْهِ، وَالأَخْبَارِ، وَمَعْرِفَةِ الرِّجَال، وَالتَّفْسِيْرِ، وَالنَّحْوِ، وَالشِّعرِ.
وَكَانَ يُنَاظِرُ أَهْلَ كُلِّ عَقِيْدَةٍ مَعَ العَظَمَة فِي الدَّوْلَة البُوَيْهِيَّة، وَالرُّتبَةِ الجَسِيْمَةِ عِنْدَ الخُلَفَاء، وَكَانَ قَويَّ النَّفْسِ، كَثِيْرَ البِرِّ، عَظِيْمَ الخُشُوعِ، كَثِيْرَ الصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ، يَلْبَسُ الخَشِنَ مِنَ الثِّيَابِ، وَكَانَ مُدِيْماً للمُطَالعَة وَالتَّعلِيم، وَمِنْ أَحْفَظِ النَّاسِ.
قِيْلَ: إِنَّهُ مَا تَرَكَ لِلمُخَالفين كِتَاباً إِلاَّ وَحَفِظَه، وَبهَذَا قَدَر عَلَى حَلِّ شُبَه القَوْم، وَكَانَ مِنْ أَحرصِ النَّاسِ عَلَى التَّعْلِيمِ، يَدُورُ عَلَى المكَاتبِ وَحوَانيتِ الحَاكَةِ، فَيَتَلَمَّحُ الصَّبيَّ الفَطِنَ، فَيستَأْجِرُهُ مِنْ أَبَويه - يَعْنِي فَيُضِلُّهُ - قَالَ: وَبِذَلِكَ كَثُرَ تَلاَمِذَتُهُ.
وَقِيْلَ: رُبَّمَا زَارَهُ عَضُدُ الدَّوْلَة، وَيَقُوْلُ لَهُ: اشْفَعْ تُشَفَّعْ. وَكَانَ
__________
(*) الفهرست لابن النديم 226، تاريخ بغداد 3 / 231، المنتظم 8 / 11، 12، الذريعة 2 / 209، دول الإسلام 1 / 246، ميزان الاعتدال 4 / 30، العبر 3 / 114، عيون التواريخ 12 / 55 / 2، الوافي بالوفيات 1 / 116، مرآة الجنان 3 / 28، لسان الميزان 5 / 368، النجوم الزاهرة 4 / 258، شذرات الذهب 3 / 199، 220، الرجال للنجاشي: 283 - 287، فهرست الطوسي 157، 158، روضات الجنات 563 - 570، هدية العارفين 2 / 61، 62، أعيان الشيعة 46 / 20 - 26.
(1) هو يحيى بن أبي طي حميد بن ظافر بن علي، أبو الفضل البخاري الحلبي، قرأ القرآن، وبرع في الفقه على مذهب الامامية، وله مشاركة في الأصول والقرءات. وله تصانيف عدة توفي سنة 630 هـ.
انظر ترجمته في " لسان الميزان " 6 / 263، 264، و" هدية العارفين " 2 / 523.(17/344)
رَبعَةً نَحِيْفاً أَسمرَ، عَاشَ سِتاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَلَهُ أَكْثَرُ مِنْ مائَتَي مُصَنَّف - إِلَى أَنْ قَالَ:
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، وَشَيَّعَهُ ثَمَانُوْنَ أَلْفاً.
وَقِيْلَ: بَلَغَتْ تَوَالِيفُهُ مائَتَيْنِ (1) ، لَمْ أَقِفْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا - وَلله الحَمْدُ -، يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللهِ.
214 - سُلْطَانُ الدَّوْلَةِ أَبُو شُجَاعٍ فَنَّاخُسْرُو بنُ خُرَّه فَيْرُوْزَ الدَّيْلَمِيُّ *
مَلِكُ العِرَاقِ وَفَارس، سُلْطَانُ الدَّوْلَة، أَبُو شُجَاعٍ فَنَّاخُسْرو ابنُ الْملك بَهَاءِ الدَّوْلَة (2) خُرَّه فَيْرُوْز ابنِ الملكِ عَضُدِ الدَّوْلَة (3) أَبِي شُجَاع ابنِ ركن الدَّوْلَة (4) حَسَن بن بُويه الدَّيْلَمِيّ.
تَمَلَّكَ بَعْد أَبِيهِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَع مائَة، فَكَانَتْ أَيَّامُه اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَوَزَرَ لَهُ فَخرُ المُلك (5) أَبُو غَالِبٍ، فَقُرِئ عهدُ سُلْطَانِ الدَّوْلَة مِنَ القَادِرِ بِاللهِ (6) ، وَالأَلقَابُ: كَانَتْ عمَادَ الدِّيْنِ، مُشَرِّفَ الدَّوْلَة، مُؤَيِّد المِلَّة، مُغِيْثَ الأُمَّة، صَفِيَّ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ.
ثُمَّ أُحضرتِ الخِلَعُ وَهِيَ سبعٌ عَلَى العَادَة، وَعِمَامَةٌ سَوْدَاء، وَتَاجٌ مُرَصَّعٌ، وَسَيْفٌ، وَسِوَارَان، وَطَوْق،
__________
(1) انظر مصنفاته في " هدية العارفين " 1 / 62، وانظر النسخ المخطوطة منها في " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2 / 278 - 280.
(*) المنتظم 8 / 17، الكامل 9 / 241، 293، 305، 310، 318، 327، 337، المختصر في أخبار البشر 2 / 155، تتمة المختصر 2 / 508، تاريخ ابن خلدون 4 / 470 - 474، النجوم الزاهرة 4 / 261.
(2) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (106) .
(3) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(4) مرت ترجمته في الجزء السادس عشر.
(5) تقدمت ترجمته برقم (173) .
(6) مرت ترجمته في الجزء الخامس عشر.(17/345)
وَفَرَسَان، وَلوَاءان عقدهُمَا القَادِر بِيَدِهِ، وَتَلَفَّظَ بِالحلفِ لَهُ بِمسمع مِنَ الوَزِيْر أَبِي غَالِب وَالكِبَار وَنُفِّذَ ذَلِكَ مَعَ القَاضِي أَبِي خَازمٍ مُحَمَّدِ بن الحُسَيْنِ وَخَادمِين إِلَى فَارس، أَوّلُ العَهْدِ: مِنْ عَبْدِ اللهِ أَحْمَد الإِمَامِ القَادِر بِاللهِ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ إِلَى فَنَّاخُسْرو ابنِ بَهَاءِ الدَّوْلَة مَوْلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ: سَلاَمٌ عَلَيْك - فَإِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ.
وَمِنْهُ: أَمَّا بَعْدُ - أَطَال اللهُ بَقَاءَك - إِلَى أَنْ قَالَ: وَكُتِبَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ فِي (تَاريخه) :لمَا صَارَ الأَمْرُ إِلَى سُلْطَان الدَّوْلَة، اسْتخلَف بِبَغْدَادَ أَخَاهُ (1) مُشَرِّف الدَّوْلَة (2) أَبَا عَلِيّ، وَجَعَلَ إِلَيْهِ إِمَارَةَ الأَترَاكِ خَاصّةً فَحَسَّنُوا لَهُ العصيَانَ، فَاسْتولَى عَلَى بَغْدَاد وَواسط، وَتردَّد الأَترَاكُ إِلَى الدِّيْوَان، فَأَمر بِقطع خُطبَة سُلْطَانِ الدَّوْلَة، وَأَنَّ يُخْطَبَ لمُشَرِّف الدَّوْلَة (3) .
وَكَانَ دخولُ سُلْطَانِ الدَّوْلَة بَغْدَاد سَنَة تِسْعٍ، وَتلقَّاهُ الخَلِيْفَةُ، وضُربت لَهُ النَّوبَةُ فِي أَوقَات الصَّلواتِ الْخمس، فَأُوحش القَادِرُ، وَكَانَتِ العَادَةُ جَارِيَةً مِنْ أَيَّام عَضُد الدَّوْلَة يضْرب النَّوبَة ثَلاَثَ أَوقَات (4) ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَلَمَّا تَمَكَّنَ مُشَرِّف الدَّوْلَة، انحَاز أَخُوْهُ إِلَى أَرَّجَان (5) ، وَتنَاقضت أَمورُه، وَكَانَ يُوَاصِلُ الشُّرب حَتَّى فسد خُلُقه، وَطلب طَبِيْباً
__________
(1) في الأصل: " أخاف " وهو خطأ.
(2) سترد ترجمته برقم (268) .
(3) انظر " الكامل " 9 / 317 - 319 و323، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 472.
(4) انظر " الكامل " 9 / 305 (5) بفتح أوله وتشديد الراء وجيم وألف ونون، وعامة العجم يسمونها أرغان: مدينة كبيرة كثيرة الخير، بينها وبين شيراز ستون فرسخا، وبينها وبين سوق الاهواز ستون فرسخا.
انظر " معجم البلدان " 1 / 142.(17/346)
لفصده، فَفَصده بِحضرَةِ الأَوْحَد (1) ، وَنفذَ قَضَاءُ الله فِيْهِ بشيرَاز فِي شَوَّالٍ سَنَة خَمْسَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، عَنِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً وَخمسَة أَشهر.
وَلَمَّا مَاتَ نهبت الدَّيْلَمُ مَا قدرُوا عَلَيْهِ، وَأَشَارَ عَلَيْهِم الأَوْحَدُ بَابنه أَبِي كَالِيْجَارَ (2) ، فَخُطِبَ لَهُ بخُوِزسْتَان.
وَظَهَرَ الْملك أَبُو جَعْفَرٍ بنُ كَاكويه (3) فَتَمَلَّكَ هَمَذَان، وَقهر بنِي بُويه، وَافتَتَح الدِّيْنَوَر وَشَابُوْر خواست (4) ، وَعَظُمَت هَيْبَتُهُ.
215 - المُسْتَظْهِرُ بِاللهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ هِشَامِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ *
ابْنِ النَّاصرِ لِدِيْنِ اللهِ المَرْوَانِيُّ.
__________
(1) وهو أبو محمد الحسن بن مكرم صاحب سلطان الدولة.
انظر " الكامل " 9 / 112، 133، 141، 162، 180، 327، 367.
(2) سترد ترجمته برقم (425) .
(3) هو علاء الدولة أبو جعفر بن دشمنزيار - وفي المختصر وتتمته: شهريار - وإنما قيل له كاكويه، لأنه كان ابن خال والدة مجد الدولة بن فخر الدولة بن بويه، وكاكويه هو الخال بالفارسية.
انظر " الكامل " 9 / 207، 330، 351، 357، 379، 381، 395، 402، 424، 435، 446، 493، 495 و" المختصر في أخبار البشر " 2 / 154، و" تتمة المختصر " 2 / 482 و525، و" تاريخ " ابن خلدون 4 / 473.
(4) في اللغة الفارسية إذا وقعت الواو بين الخاء والالف لا تلفظ، فكلمة " خواست " مثلا تلفظ " خاست " بإشمام الخاء الضم. وشابور خواست ويقال أيضا بإهمال السين في أولها: بلدة ولاية بين خوزستان وأصبهان.
انظر سبب تسميتها بذلك في " معجم البلدان " 3 / 167 و303.
(*) جذوة المقتبس 25، 26، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول / المجلد الأول / 48 - 59، بغية الملتمس 31، 32، الكامل في التاريخ 9 / 276، المعجب 105، الحلة السيراء 2 / 12 - 17، البيان المغرب 3 / 135 - 139، المختصر في أخبار البشر 2 / 147، تتمة المختصر 1 / 497، أعمال الاعلام 134، نفح الطيب 1 / 435.(17/347)
قَام مَعَهُ كُبَرَاء قُرْطُبَة، وَمَلَّكوهُ بَعْد ذَهَاب القَاسِم (1) الإِدْرِيْسِيّ، فَبَايعُوهُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة وَلَهُ ثنتَان وَعِشْرُوْنَ سَنَةً.
وَكَانَ عَجَباً فِي الذَّكَاء وَالبلاغَة.
يُكْنَى أَبَا المُطَرِّف، وَزر لَهُ ابْنُ حَزْم (2) الظَاهِرِي.
وَلَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ، بَلْ قُتِلَ بَعْد أَيَّام فِي ذِي القَعْدَةِ مِنْ عَامه، توثّب عَلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ المُسْتَكفِي (3) بِاللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَتملَّكَ سِتَّةَ أَشهر، وَنُزع.
216 - الحَنَّاطُ أَبُو بَكْرٍ خَلَفُ بنُ عُمَرَ بنِ خَلَفٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو بَكْرٍ خَلَفُ بنُ عُمَرَ بنِ خَلَف بن مُحَمَّد بنِ إِبْرَاهِيْمَ الهَمَذَانِيُّ، الحَنَّاط.
كَانَ مِنْ نُبذَاء المَشَايِخ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَلاَّب، وَأَبِي جَعْفَرٍ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدٍ، وَجَعْفَرٍ الْخُلْدِيِّ (4) ، وَأَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيّ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبْهَرِيّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَهْل العَطَّار، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّاز، وَالخَلِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَلِيْلِيّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) وهو صاحب الترجمة رقم (81) .
(2) سترد ترجمته في الجزء الثامن عشر.
(3) سترد ترجمته في هذا الجزء برقم (258) .
(*) الإكمال 3 / 279 نقلا عن " الاستدراك " لابن نقطة، المشتبه 1 / 252، تبصير المنتبه 2 / 516.
(4) لقب بذلك، لأنه كان يوما عند الجنيد، فسئل الجنيد عن مسألة، فقال الجنيد: أجبهم، فأجابهم، فقال: يا خلدي من أين لك هذه الاجوبة؟ فبقي عليه.(17/348)
ذَكَرَهُ شِيْرَوَيْه، فَقَالَ: كَانَ صَدُوْقاً حَافِظاً، يُحْسِنُ هَذَا الشَّأْن (1) .
قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى سَنَةِ بِضْع وَأَرْبَع مائَة، لَمْ يَقع لِي شَيْء مِنْ عَوَالِيْهِ.
217 - الخَصِيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ الخَصِيْبِ المِصْرِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ، القَاضِي، أَبُو الحَسَنِ (2) المِصْرِيّ.
رَوَى عَنْ: أَبِيهِ (3) ، وَعُثْمَان بن مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بن الجِرَاب، وَعَبْدِ الكَرِيْمِ بن النَّسَائِيّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَرْوَانَ، وَمُحَمَّدِ بن العَبَّاسِ بنِ كوْذَك، وَمُحَمَّدِ بن أَبِي كَرِيْمَة الصَّيْدَاوِي، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نَصْرٍ عُبَيْدُ اللهِ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيّ، وَعَبْدُ الرَّحِيْم بن أَحْمَدَ البُخَارِيّ، وَهِبَةُ اللهِ بن إِبْرَاهِيْمَ الصَّوَّاف، وَأَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّال، وَأَبُو الحَسَنِ الخِلَعِي.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة وَهُوَ فِي عشر الثَّمَانِيْنَ.
محلُّه الصِّدْق.
__________
(1) انظر " الإكمال " 3 / 279.
(*) الإكمال لابن ماكولا 3 / 40 نقلا عن " الاستدراك " لابن نقطة، العبر 3 / 121، شذرات الذهب 3 / 204 وتصحف فيهما " الخصيب " إلى " الحصيب " بالحاء المهملة.
(2) في " العبر ": أبو الخير، وفي " الشذرات ": أبو الحسين.
(3) وهو عبد الله قاضي مصر، له ترجمة في " الأنساب " (الخصيبي) .(17/349)
218 - الصَّيْرَفِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ الفَضْلِ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، المَأْمُوْنُ، أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بن الفَضْلِ بنِ شَاذَانَ، الصَّيْرَفِيُّ، ابْنُ أَبِي عَمْرٍو النَّيْسَابُوْرِيُّ.
كَانَ وَالِدُهُ أَبُو عَمْرٍو مُثْرِياً، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى الأَصَمِّ، فَكَانَ لاَ يُحَدِّثُ حَتَّى يَحْضُرَ مُحَمَّدٌ هَذَا، وَإِنْ غَابَ عَنْ سَمَاع جُزءٍ أَعَاده لَهُ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ جِدّاً.
وَسَمِعَ: أَيْضاً مِنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيّ، وَيَحْيَى بنِ مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَأَبِي حَامِدٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْب، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَالخَطِيْبُ، وَأَبُو صَالِحٍ المُؤَذِّنُ، وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ، وَطَاهِرُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّحَّامِي، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، وَالقَاسِمُ بنُ الفَضْلِ الثَّقَفِيّ، وَمَكِّيُّ بنُ عَلاَّنَ الكَرْجِي، وَأَحْمَدُ بنُ سَهْل السَّرَّاج، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ آخِرُهُم مَوْتاً عَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه التَّاجِرُ البَاقِي إِلَى سَنَة عَشْرٍ وَخَمْسِ مائَةٍ.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، عَنْ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ (1) ، وَأَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ سُلَيْمَانَ السَّلِيْطِيُّ (2) النَّيْسَابُوْرِيُّ النَّحْوِيُّ المُعَدَّل - سَمِعَ: الأَصَمَّ
__________
(*) العبر 3 / 144، شذرات الذهب 3 / 220.
(1) سترد ترجمته برقم (221) .
(2) سترد ترجمته برقم (251) .(17/350)
وَكَانَ ثِقَةً -، وَفَاتحُ الهِنْدِ السُّلْطَانُ مَحْمُوْدُ (1) بنُ سُبُكْتِكِيْن، وَرَاوِي التِّرْمِذِيّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَنَال (2) المَرْوَزِيّ - سَمِعَ (الجَامع) مِنْ مَوْلاَهُ المَحْبوبِي، وَعُمِّرَ -، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَصْبَهَانِيُّ الجَمَّال (3) ، وَالأَدِيْبُ العَلاَّمَةُ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَاصِ بنِ دَرَّاج (4) القَسْطَلِّيُّ الأَنْدَلُسِيُّ شَاعِرُ عَصْرِهِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَعْقُوْبَ البَجَّانِيّ (5) رَاوِي (الوَاضحَة) عَنْ سَعِيْدِ بنِ فَحْلُوْنَ عَنْ خَمْس وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
219 - ابْن خُوَاسْتَى عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، المُقْرِئُ، مُسْنِدُ الأَنْدَلُس، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خُوَاسْتَى الفَارِسِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، النَّحْوِيُّ.
وُلِدَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ يذكرُ وَفَاةَ ابْنِ مُجَاهِد.
وَسَمِعَ مِنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّفَّار، وَأَبِي بَكْرٍ النَّجَّاد، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ دَاسَة البَصْرِيِّ، وَأَبِي عُمَرَ الزَّاهِد، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَاد النَّقَّاش المُقْرِئِ، وَهُوَ مِنْ تَلاَمِذَتِهِ فِي القِرَاءات.
وَتلاَ أَيْضاً عَلَى عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي هَاشِم.
وَدَخَلَ الأَنْدَلُسَ، فَفَرحُوا بِعُلُوّ أَسَانيده، وَأَخَذُوا عَنْهُ.
__________
(1) سترد ترجمته برقم (319) .
(2) سترد ترجمته برقم (237) .
(3) سترد ترجمته برقم (238) .
(4) سترد ترجمته برقم (229) .
(5) سترد ترجمته برقم (239) .
(*) الصلة 2 / 375، العبر 3 / 112، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 392، شذرات الذهب 3 / 198.(17/351)
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو عَمْرٍو بِثَلاَثِ رِوَايَات، وَأَسندهَا عَنْهُ فِي (تيَسِيْره) .
وَرَوَى عَنْهُ: هُوَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِيِّ، وَقَالَ: لَقِيْتُهُ بِمدينَة التُّرَاب.
وَقَالَ الدَّانِيُّ دَخَلَ إِلَى الأَنْدَلُسِ تَاجراً سَنَةَ خَمْسِيْنَ، فَسَكَنَهَا (1) .
قَالَ: وَكَانَ خَيِّراً فَاضِلاً، صَدُوْقاً ضَابِطاً، وَكَانَ يُعْرَفُ بِابْنِ أَبِي غَسَّان.
قَالَ لِي: أَذكرُ اليَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ ابْنُ مُجَاهِد، وَقَرَأْتُ القُرْآنَ فِيْهِ حُدُوْد سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ عَلَى النَّقَّاش وَلاَزَمْتُهُ مُدَّةً، وَكَانَ أَسخى النَّاسِ، وَسَمِعْتُ (سُنَن أَبِي دَاوُدَ) مِنِ ابْنِ دَاسَة سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَاخْتَلَفْتُ إِلَى أَبِي سَعِيْدٍ السِّيْرَافِيّ، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ عِدَّةَ كتب.
قَالَ الدَّانِيُّ: تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة.
قُلْتُ: لَمْ أَرَهُ فِي مَشَايِخ ابْنِ عَبْدِ البَرِّ وَلاَ ابْنِ حَزْم.
وَفِيْهَا مَاتَ: صَدَقَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الدَّلم (2) ، وَأَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَبِيْبٍ (3) النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ هِلاَل ابنُ البَوَّاب (4) المُجَوِّدُ، وَشَيْخُ الشِّيْعَة المُفِيْد (5) مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُوْدِيّ (6) .
__________
(1) غاية النهاية لابن الجزري 1 / 392.
(2) تقدمت ترجمته برقم (162) .
(3) تقدمت ترجمته برقم (144) .
(4) تقدمت ترجمته برقم (192) .
(5) تقدمت ترجمته برقم (213) .
(6) سترد ترجمته برقم (245) .(17/352)
220 - أَبُو إِسْحَاقَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ الأَوْحَدُ، الأُسْتَاذُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مِهْرَانَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، الأُصُوْلِيُّ، الشَّافِعِيُّ، المُلَقَّبُ رُكْن الدِّيْن.
أَحَدُ المُجْتَهِدِيْن فِي عَصْرِهِ وَصَاحِبُ المُصَنَّفَات البَاهرَة.
ارْتَحَلَ فِي الحَدِيْثِ وَسَمِعَ مِنْ: دَعْلَجٍ السِّجْزِيّ، وَعَبْدِ الخَالِقِ بنِ أَبِي رُوْبَا، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَزْدَاد بنِ مَسْعُوْد، وَأَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَعِدَّةٍ.
وَأَمْلَى مَجَالِسَ وَقَعَ لِي مِنْهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَتَخَرَّجَ بِهِ فِي المُنَاظرَة، وَأَبُو السَّنَابِل (1) هِبَةُ اللهِ بنُ أَبِي الصَّهْبَاء، وَطَائِفَةٌ.
وَمِنْ تَصَانِيْفِهِ كِتَابُ (جَامع الخلِي (2) فِي أُصُوْل الدِّيْنِ وَالرَّدّ عَلَى المُلْحِدِيْن) فِي خَمْس مُجَلَّدَات (3) .
__________
(*) طبقات العبادي 104، طبقات الشيرازي 106، الأنساب 1 / 237، تبيين كذب المفتري 243، 244، معجم البلدان 1 / 178، اللباب 1 / 55، طبقات ابن الصلاح الورقة 30 ب، تهذيب الأسماء واللغات 2 / 169، 170، وفيات الأعيان 1 / 28، المختصر في أخبار البشر 2 / 156، العبر 3 / 128، الوافي بالوفيات 6 / 104، 105، مرآة الجنان 3 / 31، طبقات السبكي 4 / 256 - 262، طبقات الاسنوي 1 / 59، 60، البداية والنهاية 12 / 24، طبقات ابن هداية الله 135، 136، كشف الظنون 1 / 539، شذرات الذهب 3 / 209، 210، هدية العارفين 1 / 8، طبقات الاصوليين 1 / 228، 229.
(1) في " طبقات " السبكي و" طبقات الاصوليين ": أبو السائب وهو خطأ.
(2) كذا الأصل بالخاء المعجمة، وفي " الوفيات " و" الوافي ": " الحلي " بالحاء المهملة، وفي " طبقات " السبكي و" شذرات الذهب " و" طبقات الاصوليين ": " الجامع في أصول الدين ... " وفي " كشف الظنون " و" هدية العارفين ": " جامع الجلي والخفي ... "
(3) وله أيضا كتاب " أدب الجدل " و" مسائل الدور " و" تعليقة في أصول الفقه " انظر " طبقات " السبكي و" كشف الظنون " و" هدية العارفين ".(17/353)
وبُنِيَتْ لَهُ بِنَيْسَابُوْرَ مَدْرَسَةٌ مَشْهُوْرَةٌ.
تُوُفِّيَ: بِنَيْسَابُوْرَ يَوْمَ عَاشُورَاء مِنْ سَنَة ثمَانِي عَشْرَة وَأَرْبَع مائَة.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (الطَّبَقَات) :درَس عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَبُو الطَّيِّبِ، وَعَنْهُ أَخَذَ الكَلاَمَ وَالأُصُوْلَ عَامَّةُ شُيُوْخِ نَيْسَابُوْر (1) .
وَقَالَ غَيْرُهُ: نُقِلَ تَابُوتُهُ إِلَى إِسْفَرَايين، وَدُفِنَ هُنَاكَ بِمَشْهَده (2) .
قَالَ عَبْدُ الغَافِرِ فِي (تَارِيْخِهِ) كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ طِرَازَ نَاحِيَةِ المَشْرِقِ، فَضْلاً عَنْ نَيْسَابُوْر، وَمِنَ المُجْتَهِدِيْنَ فِي العِبَادَةِ، المُبَالِغِيْنَ فِي الوَرَع، انْتَخَبَ عَلَيْهِ الحَاكِمُ عَشْرَةَ أَجزَاء، وَذكره فِي (تَارِيْخِهِ) لِجَلاَلَتِهِ، وَانْتَقَى لَهُ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ أَلفَ حَدِيْثٍ، وَعَقَدَ مَجْلِسَ الإِملاَء، وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتاً فِي الحَدِيْثِ (3) .
وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ عَسَاكِر: حَكَى لِي مَنْ أَثِقُ بِهِ: أَنَّ الصَّاحِبَ إِسْمَاعِيْلَ بنَ عَبَّاد كَانَ إِذَا انْتَهَى إِلَى ذكر هَؤُلاَءِ، يَقُوْلُ:
ابْنُ البَاقِلاَّنِيّ بَحْرٌ مُغْرِق، وَابْن فُوْرَك صِلٌّ مُطْرِق، وَالإِسْفَرَايِيْنِيّ نَارٌ تُحْرِق (4) .
قَالَ الحَاكِمُ فِي (تَارِيْخِهِ) :أَبُو إِسْحَاقَ الأُصُوْلِيُّ الفَقِيْهُ المُتَكَلِّمُ، المُتَقَدِّمُ فِي هَذِهِ الْعُلُوم، انْصَرَفَ مِنَ العِرَاقِ وَقَدْ أَقَرَّ لَهُ العُلَمَاءُ بِالتَّقَدُّمِ. إِلَى
__________
(1) انظر " تبيين كذب المفتري " 243، 244، و" طبقات " السبكي 4 / 257.
(2) انظر " وفيات الأعيان " 1 / 28، و" تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 170، و" الأنساب " 1 / 237.
(3) انظر " طبقات " السبكي 4 / 257، و" تبيين كذب المفتري " 244.
(4) " تبيين كذب المفتري " 244، و" الوافي " 6 / 105، و" طبقات " السبكي 4 / 257، والصل: السيف القاطع واحد الاصلال، وهو أيضا الداهية. وابن الباقلاني تقدمت ترجمته برقم (110) وابن فورك برقم (125) .(17/354)
أَنْ قَالَ: وَبُنِي لَهُ بِنَيْسَابُوْرَ المَدْرَسَةُ الَّتِي لَمْ يُبْنَ بِنَيْسَابُوْرَ مِثْلُهَا قبلَهَا، فَدَرَّسَ فِيْهَا (1) .
وَمِنْ كَلاَم هَذَا الأُسْتَاذ قَالَ: القَوْلُ بِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيْبٌ أَوّلُهُ سَفْسَطَةٌ وآخِرُهُ زَنْدَقَة (2) .
فَقَالَ أَبُو القَاسِمِ الفَقِيْهُ: كَانَ شَيْخُنَا الأُسْتَاذُ إِذَا تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ المَسْأَلَة، قِيْلَ: القلمُ عَنْهُ مَرْفُوعٌ حِيْنَئِذٍ - يَعْنِي أَبَا إِسْحَاقَ - لأَنَّه كَانَ يَشْتِمُ وَيَصُوْلُ، وَيَفْعَلُ أَشْيَاء (3) .
وَحَكَى أَبوو القَاسِم القُشَيْرِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ كَرَامَاتِ الأَوْلِيَاء وَلاَ يُجَوِّزُهَا، وَهَذِهِ زَلَّةٌ كَبِيْرَةٌ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ ثمَانِي عَشْرَة: أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يَزْدَاد الأَصْبَهَانِيُّ غُلاَم مُحْسِن (4) ، وَالوَزِيْرُ العَلاَّمَةُ أَبُو القَاسِمِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ المَغْرِبِيّ (5) بَمَيَّافَارِقِيْن - وَقَدْ قَتَلَ الحَاكِمُ أَبَاهُ وَعَمَّهُ وَإِخوَتَهُ -، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ السَّرَّاجُ صَاحِبُ الأَصَمِّ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ جَعْفَرٍ المَيْدَانِيُّ (6) النَّاسخُ، وَالفَقِيْهُ مُحَمَّدُ بنُ زُهَيْر النَّسَائِيُّ (7) الشَّافِعِيُّ الخَطِيْبُ - سَمِعَ الأَصَمَّ -، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الرُّوز بهَان البَغْدَادِيُّ الرَّاوِي عَنِ السُّتُوْرِي، وَشَيْخُ الصُّوْفِيَّة مُعَمَّر بنُ
__________
(1) " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 169، و" طبقات " السبكي 4 / 256.
(2) " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 170، و" الوافي " 6 / 105.
(3) من رفع عنه القلم بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " رفع القلم عن ثلاث، عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل " وغير هؤلاء، فيشمله قوله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) .
(4) سترد ترجمته برقم (248) .
(5) سترد ترجمته برقم (257) .
(6) سترد ترجمته برقم (322) .
(7) سترد ترجمته برقم (254) .(17/355)
أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد الأَصْبَهَانِيُّ، وَمَكِّيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الغَمْر الدِّمَشْقِيُّ مُسْتَمْلِي المَيَانَجِيّ، وَالحَافِظُ هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ اللاَّلْكَائِيّ (1) .
221 - الحِيْرِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ خُرَاسَان، قَاضِي القُضَاة، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الحَسَن ابْن الحَافِظِ أَبِي عَمْرٍو أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَفْص بن مُسْلِمِ بنِ يَزِيْدَ الحَرَشِيّ (2) ، الحِيْرِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، وَجَدُّهُ هُوَ سِبْطُ أَحْمَدَ بن عَمْرٍو الحَرَشِيّ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَة خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَرَّخَهُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مَنْصُوْر السَّمْعَانِيُّ، وَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ فِي الحَدِيْثِ (3) .
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ بنِ مَعْقلٍ المَيْدَانِيّ، وَحَاجِبِ بن أَحْمَدَ الطُّوْسِيُّ، وَأَبِي العَبَّاسِ الأَصَمِّ، وَابنِهِ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَبِي سَهْل بنِ زِيَادٍ القَطَّان، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَارمٍ الكُوْفِيِّ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الفَاكهِي المَكِّيّ، وَبُكَيْرِ بن أَحْمَدَ الحَدَّاد، وَأَبِي أَحْمَدَ بنِ عَدِيٍّ، وَخَلْقٍ.
وتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الوَلِيْد حَسَّانِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَدَرَسَ الكَلاَمَ وَالأُصُوْلَ عَلَى
__________
(1) سترد ترجمته برقم (274) .
(*) الأنساب 4 / 108 - 110 (الحرشي) و289 (الحيري) معجم البلدان 2 / 331، طبقات ابن الصلاح الورقة 32، العبر 3 / 141، 142، الوافي بالوفيات 6 / 306، طبقات السبكي 4 / 6، 7، طبقات الاسنوي 1 / 422، 423، شذرات الذهب 3 / 217.
والحيري: نسبة إلى الحيرة، وهي محلة مشهورة بنيسابور إذا خرجت منها على طريق مرو، وهي غير حيرة العراق التي عند الكوفة.
(2) هذه النسبة إلى بني الحريش بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة من قيس، وأكثرهم نزلوا البصرة، ومنها تفرقوا إلى البلاد " الأنساب " 4 / 108.
(3) انظر " الوافي بالوفيات " 6 / 206.(17/356)