قَالَ: وَكَانَ متصرِّفاً فِي عِلْمِ النَّحْو وَالبلاغَة وَالشِّعْر.
وَكَانَ مجَانباً لِلدَّوْلَة، لَكِنَّه وَلِي الحِسْبَة فَأَحَسْنَ السِّيْرَةَ (1) .
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
167 - ابْنُ قُوهِيَارَ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاذٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
المُسْنِدُ، الجَلِيْلُ، أَبُو الفَضْلِ العَبَّاس بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاذٍ، وَيُعرف مُعَاذٌ: بِقُوهِيَارَ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
سَمِعَ: إِسْحَاقَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ رَزِيْن، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء، وَعَلِيَّ بنَ الحَسَنِ الهِلاَلِي، وَانتخب عَلَيْهِ حَافِظُ نَيْسَابُوْر أَبُو عَلِيٍّ.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو الحَسَنِ العَلَوِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ بن مَحْمِش، وَخَلْقٌ.
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ وَلْدَه يذكرُوْنَ أَنَّهُ دَخَلَ الحَمَّام، فحلَق رَأْسه قيِّمٌ سكرَان، فَأَرْسَل المُوْسَى فِي دِمَاغه فشقَّه، فَأَخرجُوهُ، وَمَاتَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
168 - ابْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّد الفَزَارِيُّ **
المُحَدِّثُ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حُذَيْفَةَ الفَزَارِيُّ،
__________
(1) المصدر السابق.
(2) وفاته في مصادر ترجمته تتراوح بين إحدى وثلاث مئة أو اثنتين وثلاث مئة. ولم يوافق الذهبي إلا الصفدي في " الوافي بالوفيات ": 10 / 52.
(*) تاريخ بغداد: 12 / 157.
(* *) العبر: 2 / 231، شذرات الذهب: 2 / 332.(15/331)
الدِّمَشْقِيُّ، وَاسم جدِّه قَاسِم بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ هِشَام بنِ مَلاَّس، وَبَكَّار بن قُتَيْبَةَ، وَأَبَا أُمَيَّة الطَّرَسُوْسِيّ، وَالوَلِيْد بن مَرْوَانَ، وَرَبِيْعَة بن حَارِثِ الحِمْصِيّ، وَغَيْرَهُم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ بنُ سمِعُوْنَ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ، وَعَبْدُ الوَهَّاب الكِلاَبِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الْحَدِيد، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
169 - ابْنُ عَبَادل أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ *
المُحَدِّثُ أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الشَّيْبَانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، عُرِفَ بِابْنِ عَبَادل.
سَمِعَ: بَحر بنَ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُنْقِذ، وَالعَبَّاس بن الوَلِيْدِ العُذْرِيَّ، وَأَبَا أُمَيَّة الطَّرَسُوْسِيّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَعَنْهُ: الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو هَاشِمٍ المُؤَدِّب، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الْحَدِيد، وَعَبْد الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - وَهُوَ فِي عَشْر التِّسْعِيْنَ -.
170 - ابْنُ حَكِيْمٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَدِيْنِيُّ **
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، المُفِيْد، أَبُو عَمْرٍو أَحْمَد بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَكِيْم المَدِيْنِيُّ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ مَمَّكَ، صَاحِبُ رِحْلَة وَنَباهَة.
__________
(*) الوافي بالوفيات: 6 / 212.
(* *) تقدمت ترجمته ومصادرها رقم / 146 / من هذا الجزء.(15/332)
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبَا حَاتِم الرَّازِيَّ، وَأَحْمَد بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الخنَاجر الطَّرَابُلُسِي، وَأَبَا أُمَيَّة الحَلَبِيّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: أَبُو الشَّيْخ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدُوَيْه، وَعَلِيّ بن مَيْله الفَرضِي، وَعَبْد اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ جُولَة، وَآخَرُوْنَ.
بلغنَا أَنَّهُ كَانَ أَدِيْباً فَاضِلاً حسنَ المَعْرِفَة بِالحَدِيْثِ.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
عِنْدِي مِنْ عَوَالِيْهِ.
171 - الزَّنْبَرِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ عَمْرٍو *
المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ عَمْرِو بنِ إِدْرِيْسَ الزَّنْبَرِيُّ، المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: بَحْر بن نَصْرَ الخَوْلاَنِيّ، وَالرَّبِيْع بنَ عَبْدِ الحَكَمِ، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُقْرِئ، وَابْنُ يُوْنُسَ، وَعُمَرُ بنُ شَاهِيْنٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَمَا ذكر ابْنُ مَاكُوْلاَ فِي الزَّنبرِي بنُوْنَ سِوَاهُ (1) ، لَهُ رِحْلَة وَفَهُم.
مَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
__________
(*) الإكمال: 4 / 242.
(1) " الإكمال ": 4 / 242.
(2) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.(15/333)
وَلنَا سَعِيْد بنُ دَاوُدَ بنِ أَبِي زَنْبَر الزَّنْبَرِيّ، صَاحِبُ مَالِك (1) .
172 - ابْنُ زُوْزَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْطَاكِيُّ *
الحَافِظُ، العَالِمُ، الرَّحَّالُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ زُوزَانَ الأَنْطَاكِيُّ، قيد جدَّه ابْنُ مَاكُوْلاَ بِمعجمتين.
ثُمَّ قَالَ: رَوَى عَنْ: أَبِي الوَلِيْد بن بُرْد، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ كَثِيْر الصُّوْرِيّ، وَأَبِي يَزِيْد القَرَاطِيْسِيِّ، وَأَبِي عُلاَثَة مُحَمَّد بن عَمْرٍو، وَبِشْر بن مُوْسَى، وَأَحْمَد بن يَحْيَى الرَّقِّيّ.
قُلْتُ: وَزَكَرِيَّا خَيَّاط السُّنَّة وَطَبَقَتهُم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّد بنُ عَبْدِ اللهِ الدَّهَّان، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ ذَكْوَان، وَفرج بنُ إِبْرَاهِيْمَ النَّصِيْبِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَعِدَّة.
قَالَ الأَمِيْر: لَهُ رِحْلَةٌ فِي الحَدِيْثِ إِلَى الشَّامِ وَالعِرَاق وَمِصْرَ (2) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
173 - المَادَرَائِيُّ عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ البَخْتَرِيِّ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحجَّةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ البَخْتَرِيِّ، البَصْرِيُّ، المَادَرَائِيُّ.
رَوَى عَنْ: عَلِيِّ بنِ حَرب، وَأَبِي قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيِّ، وَيُوْسُف بنِ صَاعِد وَخَلْقٍ.
__________
(1) انظر " تهذيب التهذيب ": 4 / 24.
(*) الإكمال: 4 / 192 - 193، تاريخ ابن عساكر: 14 / 381 ب - 382 آ.
(2) " الإكمال ": 4 / 193.
(* *) الأنساب: 499 ب، العبر: 2 / 238.(15/334)
وَعَنْهُ: ابْنُ جُمَيْع الغَسَّانِيّ، وَأَبُو عُمَرَ القَاسِمُ بنُ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَيمَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدِ ارْتَحَلَ إِلَيْهِ ابْنُ مَنْدَه، فَبلَغَه فِي الطَّرِيْق مَوْتُه، فَتَأَلَّمَ وَردَّ، وَلَمْ يَدْخُلِ البَصْرَة.
تُوُفِّيَ سَنَةَ 334.
174 - أَبُو عَلِيٍّ القُشَيْرِيُّ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُفِيْدُ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عِيْسَى بنِ مَرْزُوقٍ القُشَيْرِيُّ، الحَرَّانِيُّ، مُحَدِّث الرَّقَّةِ وَمُؤرِّخُهَا.
سَمِعَ: سُلَيْمَانَ بنَ سَيْف الحَرَّانِيّ، وَمُحَمَّد بنَ عَلِيِّ بنِ مَيْمُوْنٍ العَطَّار، وَالفَقِيْه أَبَا الحَسَنِ عَبْدَ المَلِكِ بن عَبْدِ الحَمِيْدِ المَيْمُوْنِيّ، وَهلاَلَ بنَ العَلاَءِ، وَعَبْدَ الحَمِيْدِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ المُسْتَام، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَامِع الدَّهَّان، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَر غُنْدَر البَغْدَادِيُّ، وَأَبُو مُسْلم مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الكَاتِب، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَطَائِفَةٌ.
لاَ أَعلَمُ وَفَاتَه إِلاَّ أَنَّهُ حَدَّث فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ جَاوز الثَّمَانِيْنَ.
وَفِيْهَا (1) مَاتَ: مُسنِدُ دِمَشْقَ أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نَصْر بنِ هِلاَل السُّلَمِيّ فِي عَشْر المائَة، وَشَاعر الوَقْت أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(*) الأنساب: 6 / 153، تذكرة الحفاظ: 3 / 846 - 847، العبر: 2 / 239، الوافي بالوفيات: 3 / 95 - 96، طبقات الحفاظ: 350، شذرات الذهب: 2 / 337.
(1) أي سنة أربع وثلاثين وثلاث مئة.(15/335)
الحَسَن الصَّنَوْبَرِيُّ الحَلَبِيُّ، وَمُؤرخ هَرَاة المُحَدِّثُ أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسين الحَدَّاد، وَمُسنِدُ بَغْدَاد الثِّقَة أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ يَحْيَى بنِ عَيَّاش القَطَّان عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَالمُحَدِّث أَبُو الحُسَيْنِ عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ علاَّن الذَّهَبِيُّ البَغْدَادِيُّ، وَمسنِد البَصْرَة أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ المَادَرَائِيُّ، وَالوَزِيْر العَادل أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى بنِ دَاوُدَ بن الجَرَّاحِ البَغْدَادِيُّ عَنْ تِسْعِيْنَ عَاماً.
وَشَيْخُ الحَنَابِلَة أَبُو القَاسِمِ عُمَر بنُ الحُسَيْنِ الخِرَقيُّ البَغْدَادِيُّ بِدِمَشْقَ، وَصَاحِب مِصْر أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ طُغْج بنُ جُفّ التُركِي الإِخْشيد، وَصَاحِبُ المَغْرِب القَائِم بِأَمر الله أَبُو القَاسِمِ مُحَمَّدُ بنُ المَهْدِيّ عُبَيْد اللهِ البَاطنِيُّ، وَشَيْخُ بَغْدَاد أَبُو بَكْرٍ الشِّبْلِي الزَّاهِد.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طلاَّب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْد بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مَالِك، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ الحَجَّ (1) .
عَبْد اللهِ هَذَا بَغْدَادِيٌّ لاَ أَعرفه.
175 - حَاجِبُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَرْحُمَ بنِ سُفْيَانَ الطُّوْسِيُّ *
مُسْنِد نَيْسَابُوْر، أَبُو مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ.
__________
(1) تقدم في تخريجه في الصفحة 249 ت 1.
(*) الأنساب: 8 / 265 - 266، العبر: 2 / 243، ميزان الاعتدال: 1 / 429، لسان الميزان: 2 / 146.(15/336)
رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ رَافِع وَالذُّهْلِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَمَّاد الأَبيوَرْدِي، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن مُنيب المَرْوَزِيِّ، وَعَبْد اللهِ بنِ هَاشِمٍ الطُّوْسِيّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ مائَةٍ وَثَمَانِي سِنِيْنَ (1) .
وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ البَلاَذُرِيُّ يَشْهَدُ لَهُ بِلُقِيِّ هَؤُلاَءِ (2) .
حَدَّثَ عَنْهُ: مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَالِدِي، وَابْنُ مَنْدَة، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الْبَصِير، وَعَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّيُ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ، وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ مَحْمِش، وَسَمِعَ: مِنْهُ الحَاكِمُ ثَلاَثَةَ أَجزَاء، فَعُدِمَت.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَنْدَة، وَاتَّهَمه الحَاكِمُ، وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْ شَيْئاً، وَهَذِهِ كُتُبُ عَمِّه (3) .
مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
176 - عُمَرُ بنُ سَهْلِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الدِّيْنَوَرِيُّ *
الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو حَفْصٍ وَأَبُو بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيُّ، القِرْمِيسِينِيُّ (4) ، أَحَدُ أَئِمَّة الحَدِيْث.
__________
(1) " الأنساب ": 8 / 266.
(2) المصدر السابق.
(3) " ميزان الاعتدال ": 1 / 429.
(*) الأنساب: 10 / 110 - 111، تذكرة الحفاظ: 3 / 879 - 880، طبقات الحفاظ: 359.
(4) بكسر القاف، وسكون الراء، وكسر الميم، والسين المهملة المكسورة بين اليائين الساكنتين. آخر الحروف، والنون في آخرها. هذه النسبة إلى " قرميسين " وهي بلدة بجبال العراق " الأنساب ": 10 / 110.(15/337)
يَرْوِي عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي العَنْبَس الكُوْفِيّ، وَالحَسَنِ بنِ سَلاَّم السوَّاق، وَعُبَيْد بن عَبْدِ الوَاحِدِ البَزَّار، وَأَبِي قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيّ، وَأَمثَالِهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظ أَبُو القَاسِمِ بنُ ثَابِت، وَصَالِح بن أَحْمَدَ الهَمَذَانِيّ، وَأَحْمَد بنُ تُرْكَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ بُخَيْت، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيّ، وَالهَمَذَانيون.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ فِي (إِرْشَاده) :هُوَ ثِقَةٌ إِمَامٌ عَالِم مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
سَمِعَ: شُيُوْخَ بَغْدَاد وَالكُوْفَة وَالجَبَل وَالبَصْرَة، وَكَانَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ، وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّة وَعِبَادَة، سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ أَحْمَدَ الدِّيْنَوَرِيَّ، يَقُوْلُ:
خَرَجَ عُمَرُ بنُ سَهْل الحَافِظ، وَبِيَدِهِ قصَّة فَقَالَ لِي:
أُرِيْد أَنْ أَصْعَدَ إِلَى تَلِّ التَّوبَة، وَأَرفعهَا إِلَى اللهِ مِنْ جهَة جُهَّال الدِّيْنَوَر، فَفَعَل ذَلِكَ، وَانْتَقَل إِلَى قِرْمِيسينَ (1) .
قَالَ الخَلِيْلِيّ: وَسَمِعْتُ أَبَا القَاسِم بنَ ثَابِت، يَقُوْلُ:
لَمْ أَرَ مِثْل عُمَر بن سَهْل الحَافِظ فِي الدّيَانَة (2) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
وَمَا هُوَ بِالمَشْهُوْر لأَنَّه كَانَ بزَاويَةٍ مِنَ البِلاَد - رَحِمَهُ اللهُ -.
أَنْبَأَنَا ابْنُ سَلاَمَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ طَارِق، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ الطُّيُوْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ بُخَيْت، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ سَهْل بنِ مُجَاهِد إِسْمَاعِيْل الدِّيْنَوَرِيُّ الحَافِظ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الرَّمَاح إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَقمْنَا مَعَ رَسُوْل
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 879 - 880.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 880.(15/338)
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سفر تِسْعَ عَشْرَةَ لَيْلَة نَقْصُرُ الصَّلاَة (1) .
177 - ابْنُ يَاسِيْنَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ الهَرَوِيُّ *
الشَّيْخُ، الحَافِظُ، المُحَدِّث، المُؤَرِّخ، أَبُو إِسْحَاقَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسين الهَرَوِيُّ، الحَدَّادُ، صَاحِبُ (تَارِيْخِ هَرَاةَ) .
سَمِعَ: عُثْمَان بن سَعِيْدٍ الدَّارِمِيَّ، وَمُوْسَى بن أَحْمَدَ الفِرْيَابِيَّ، وَعُبَيْد بن مُحَمَّدٍ الوَرَّاق الحَافِظ، وَمُعَاذ بن المُثَنَّى، وَالفَضْلَ بنَ عَبْدِ اللهِ اليَشْكُرِيّ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي ذُهْل، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَالِدِي، وَالخَلِيْل بنُ أَحْمَدَ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَاشَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ، وَلَيْسَ بعُمدَة.
قَالَ الخَلِيْلِيّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ، يَرْوِي نُسخاً لاَ يتَابعُ عَلَيْهَا (2) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوْك (3) .
وَرَوَى السُّلَمِيُّ عَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ:
هُوَ شَرٌّ مِنْ أَبِي بِشْر المَرْوَزِيِّ، وَكذَّبَهُمَا (4) .
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 1 / 223، والبخاري (1081) في أول تقصير الصلاة و (4298) و (4299) في المغازي، والترمذي (549) والطحاوي 1 / 242، والبيهقي 3 / 150، وابن ماجة (1075) من طرق، عن عاصم الاحول بهذا الإسناد.
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 877 - 878، ميزان الاعتدال: 1 / 149 - 150، لسان الميزان: 1 / 291، طبقات الحفاظ: 358.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 877.
(3) المصدر السابق.
(4) " ميزان الاعتدال ": 1 / 150.(15/339)
قُلْتُ: تُوُفِّيَ ابْنُ يَاسين الحَدَّاد فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الحُسَيْنِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ المَالِيْنِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُودِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَاشَانِي، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بنُ يَاسين إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ صبَّاح، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ عَوْن، حَدَّثَنَا أَبُو العُمَيْس، حَدَّثَنَا قَيْس بن مُسْلمٍ، عَنْ طَارِق بنِ شِهَاب، عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ اليَهُوْد قَالَ لَهُ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ آيَة فِي كِتَابكُم تَقْرَؤُونهَا، لَوْ عَلَيْنَا - مَعْشَرَ يَهُوْد - نَزَلَتْ لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْم عيداً، قَالَ:
أَيّ آيَة؟
قَالَ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُم دينَكُمْ} الآيَة (1) .
قَالَ عُمر: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيْهِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ قَائِمٌ بعَرَفَة، يَوْمَ جُمُعَةٍ.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ (2) عَنِ الحَسَنِ بنِ صَبَّاح البَزَّار.
178 - ابْنُ عُقْدَةَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ *
ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَاد بن عَبْدِ اللهِ بنِ عَجْلاَنَ، مَوْلَى عَبْد الرَّحْمَنِ بن سَعِيْدِ بنِ قَيْس الهَمْدَانِيّ، وَحَفِيْد
__________
(1) (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا) . [المائدة: 3] .
(2) رقم (45) في الايمان: باب زيادة الايمان ونقصانه، وهو عنده أيضا برقم (4407) و (4606) و (7268) وأخرجه مسلم (3017) في التفسير.
(*) الفهرست للطوسي: 28 - 29، تاريخ بغداد: 5 / 14 - 22، المنتظم ": 6 / 336 - 337، تذكرة الحفاظ: 3 / 839 - 842، العبر: 2 / 230، ميزان الاعتدال: 1 / 136 - 138، الوافي بالوفيات: 7 / 395 - 396، مرآة الجنان: 2 / 311، البداية والنهاية: 11 / =(15/340)
عجلاَن، هُوَ عَتيق عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) بن الأَمِيْر عِيْسَى بنِ مُوْسَى الهَاشِمِيّ، أَبُو العَبَّاسِ الكُوْفِيّ الحَافِظ العَلاَّمَة، أَحَد أَعلاَم الحَدِيْث، وَنَادرَةُ الزَّمَان، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ عَلَى ضعْفٍ فِيْهِ، وَهُوَ المَعْرُوْف بِالحَافِظ بنِ عُقْدَةَ.
وعُقْدَةُ لقب لأَبِيْهِ النَّحْوِيِّ البَارِعِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، ولقِّب بِذَلِكَ لتعقيده فِي التَّصْريف، وَهُوَ مِنَ العُلَمَاءِ العَاملين.
كَانَ قَبْل الثَّلاَث مائَة.
وَوُلِد أَبُو العَبَّاسِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالكُوْفَةِ.
وَطلب الحَدِيْثَ سنَة بِضْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَتَبَ مِنْهُ مَا لاَ يُحدُّ وَلاَ يوصَفُ عَنْ خَلْق كَثِيْر بِالكُوْفَةِ وَبَغْدَاد، وَمَكَّة.
فسَمِعَ مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحَارِثِيّ، وَالحَسَن بن عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ، وَالحَسَن بن مُكْرَم، وَعَلِيّ بن دَاوُدَ القَنْطَرِيِّ، وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي يَحْيَى بن أَبِي مسرَّة المَكِّيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بن أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْد اللهِ بن أُسَامَةَ الكَلْبِيّ، وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيّ، وَأَحْمَد بن أَبِي خَيْثَمَةَ، وَعَبْد اللهِ بن رَوْح المَدَائِنِيّ، وَإِسْحَاقَ بن إِبْرَاهِيْمَ العُقَيْلِيّ، وَأَحْمَد بن يَحْيَى الصُّوْفِيّ، وَيَعْقُوْب بن يُوْسُفَ بنِ زِيَاد، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ الرَّاشِدِي، وَعَبْد المَلِكِ بن مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ اللهِ القَصَّار، وَأَبِي مُسْلِم الكَجِّيّ، وَأَبِي الأَحْوَصِ العُكْبَرِيِّ، وَمُحَمَّد بن سَعِيْدٍ العَوْفِيّ، وَمَحْمُوْد بن أَبِي المضَاء الحَلَبِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ القَطَوَانِيُّ، وَالحَسَن بن عُتْبَةَ الكِنْدِيّ، وَعَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ المُسْتَوْرِد، وَالحَسَن بن
__________
= 209 لسان الميزان: 1 / 263 - 266، النجوم الزاهرة: 3 / 281، طبقات الحفاظ: 348 - 349، شذرات الذهب: 2 / 332.
(1) في " تاريخ بغداد ": 5 / 14 " عبد الواحد بن عيسى".(15/341)
جَعْفَر بن مِدْرَار، وَعَبْد العَزِيْزِ بن مُحَمَّدِ بنِ زَبَالَة المَدِيْنِيّ، وَأُمَمٍ سِوَاهِم.
وجَمَعَ التَّرَاجم وَالأَبْوَابَ وَالمَشْيَخَة، وَانْتَشَر حَدِيْثُه، وَبعُدَ صِيْتُهُ، وَكَتَبَ عَمَّنْ دبَّ وَدَرَجَ مِنَ الكِبَار وَالصِّغَار وَالمَجَاهِيْل، وَجمع الغثَّ إِلَى السَّمِين، وَالخَرَزَ إِلَى الدُّرِّ الثَّمِين.
رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ عَدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ الجِعَابِيُّ، وَابْنُ المُظَفَّر، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَابْنُ المُقْرِئ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ، وَعُمَر بنُ إِبْرَاهِيْمَ الكَتَّانِي، وَأَبُو عُبَيْدٍ اللهِ المَرْزُبَانِيُّ، وَابْن جُمَيْع الغَسَّانِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ خُرَّشيذ قُوله، وَأَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ المتيَّم، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّلْتِ الأَهْوَازِيّ، وَخَلاَئِق.
ووَقَعَ لِي حَدِيْثُهُ بِعُلُوّ.
فقَرَأْتُ عَلَى أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بن عَبْدِ المُنْعِمِ الدِّمَشْقِيِّ، أَخبركم عَبْدُ الصَّمَد بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَضْل الأَنْصَارِيُّ القَاضِي سَنَة تِسْعٍ وَسِت مائَة وَأَنْت فِي الرَّابِعَةِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جمَال الإِسْلاَم أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ المُسَلَّم السُّلَمِيّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْس مائَة، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طَلاَّب الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الحَافِظ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ شَيْبَان، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سَيْف بن عَمِيرَة، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي العَبَّاس بنُ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ ثَعْلَبَةَ أَبِي بَحر، عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ:
اسْتَضْحَكَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ:
(عَجِبْتُ لأَمرِ المُؤْمِن، إِنَّ اللهَ لاَ يقضِي لَهُ قَضَاءً إِلاَّ كَانَ خَيراً لَهُ) (1) .
__________
(1) حديث صحيح، وأخرجه أحمد 5 / 24 من طريق نوح بن حبيب، حدثنا حفص بن =(15/342)
أَخْبَرَنَا أَبُو الغَنَائِم المُسَلَّم بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيُّ، وَالمُؤَمَّل بن مُحَمَّدٍ البَالِسِيّ - كِتَابَةً - قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمَن الكِنْدِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بنِ هَارُوْنَ بنِ الصَّلْت الأَهْوَازِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الطَّلْحِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، عَنْ أَبِي الوَلِيْد، عَنِ الشَّعْبِيّ، عَنْ عَلِيّ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا عِنْدَهُ، وَأَقبلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ -:
(يَا عليُّ هَذَانِ سيِّدَا كُهول أَهْلِ الجَنَّةِ مِنَ الأَوُّلين وَالآخِرين، إِلاَّ النَّبِيِّينَ وَالمُرْسَلِين (1)) .
وَبِهِ: إِلَى الحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْن أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَمَّاد الوَاعِظ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَة إِمْلاَءً فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ بنِ الأَشْقَر قَالَ:
سَمِعْتُ عَثَّام بنَ عَلِيٍّ العَامِرِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَان، وَهُوَ يَقُوْلُ:
لاَ يَجْتَمِعُ حبُّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ إِلاَّ فِي قُلُوْبِ نُبَلاَءِ الرِّجَال (2) .
قُلْتُ: قَدْ رُمِي ابْنُ عُقْدَةَ بِالتَّشَيُّع، وَلَكِنْ رِوَايتُهُ لِهَذَا وَنَحْوِهِ، يَدُلُّ
__________
= غياث بن طلق بن معاوية، عن عاصم الاحول، عن ثعلبة بن عاصم، عن أنس بن مالك مرفوعا: " عجبا للمؤمن لا يقضي الله له شيئا إلا كان خيرا له " وله شاهد من حديث صهيب عند أحمد 4 / 332، و6 / 15 و16، والدارمي 2 / 318، ومسلم (2999) .
(1) حديث صحيح، وأخرجه من حديث علي الترمذي (3666) وابن ماجة (95) ، والخطيب في تاريخه 10 / 192، وفي سنده الحارث الاعور وهو ضعيف، وأخرجه الدولابي في " الكنى " 2 / 99، وسنده حسن، وأخرجه عبد الله في زوائد مسند أبيه 1 / 80 بسند قابل للتحسين، وأخرجه من حديث أنس الترمذي (3664) ورجاله ثقات غير محمد بن كثير الصنعاني المصيصي، فإنه كثير الغلط، وأخرجه من حديث أبي جحيفة ابن ماجة (95) وابن حبان (2192) وسنده قوي في الشواهد، وأخرجه من حديث جابر الطبراني في الأوسط، وأخرجه من حديث أبي سعيد الخدري البزاز والطبراني في الأوسط وفى كليهما ضعف انظر " المجمع " 9 / 53.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 15.(15/343)
عَلَى عَدَم غلِّوهُ فِي تشيُّعه، وَمِنْ بَلَغَ فِي الحِفْظِ وَالآثَار مَبْلَغَ ابْنِ عُقْدَةَ، ثُمَّ يَكُوْنُ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ لِلسَّابقين الأَولين، فَهُوَ مُعَانِد أَوْ زِنْدِيْق وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَبِهِ: إِلَى الحَافِظ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: وَإِنَّمَا لُقِّبَ وَالدُ أَبِي العَبَّاسِ بعُقْدَةَ لِعِلْمِهِ بِالتَّصريف وَالنَّحْو.
وَكَانَ يورِّق بِالكُوْفَةِ، وَيعلِّم القُرْآنَ وَالأَدبَ (1) ، فَأَخْبَرَنِي القَاضِي أَبُو العَلاَء، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ النَّجَّار، قَالَ:
حَكَى لَنَا أَبُو عَلِيٍّ النَّقَّار، قَالَ: سَقَطَت مِنْ عُقْدَةَ دَنَانِيْرَ، فَجَاءَ بنخَّالٍ ليطلُبَهَا.
قَالَ عُقْدَةُ: فَوَجَدتُهَا ثُمَّ فَكَّرتُ فَقُلْتُ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا غَيْر دنَانيرك؟
فَقُلْتُ لِلنَّخَّال: هِيَ فِي ذِمَّتِكَ، وَذَهَبْتُ وَتَرَكْتُه (2) .
قَالَ: وَكَانَ يُؤدِّب ابْن هِشَامٍ الخَزَّاز، فَلَمَّا حَذَقَ الصَّبيُّ وَتعَلَّمَ، وَجَّه إِلَيْهِ أَبُوْهُ بدنَانير صَالِحَة، فَرَدَّهَا فَظَنَّ ابْنُ هِشَام أَنَّهَا اسْتُقِلَّت، فَأَضْعَفَهَا لَهُ، فَقَالَ:
مَا رَدَدْتُهَا اسْتِقْلاَلاً، وَلَكِنْ سَأَلَنِي الصَّبيُّ أَنْ أُعَلِّمَهُ القُرْآن، فَاخْتَلَطَ تعلِيمُ النَّحْوِ بتعلِيمِ القُرْآن، وَلاَ أَستَحِلّ أَنْ آخذ مِنْهُ شَيْئاً، وَلَوْ دَفَعَ إِلَيَّ الدُّنْيَا (3) .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّار: وَكَانَ عُقْدَةُ زيديّاً، وَكَانَ وَرِعاً نَاسِكاً، سُمِّيَ عُقْدَةَ لأَجلِ تَعْقِيدِهِ فِي التَّصْرِيفِ، وَكَانَ وَرَّاقاً جَيِّدَ الخَطِّ، وَكَانَ ابْنُهُ أَحفظَ مَنْ كَانَ فِي عَصْرنَا لِلْحَدِيْثِ (4) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: قَالَ لِي ابْنُ عُقْدَةَ:
دَخَلَ البَرْديجِي (5) الكُوْفَة،
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 15.
(4) المصدر السابق.
(5) هو أبو بكر، أحمد بن هارون. كان ثقة حافظا توفي سنة / 301 / هـ. ونسبته إلى " برديج " وهي بليدة بأقصى أذربيجان.
أنظر " الأنساب ": 2 / 139 - 140.(15/344)
فَزَعَمَ أَنَّهُ أَحفَظُ مِنِّي.
فَقُلْتُ: لاَ تطول نَتَقَدَّمُ إِلَى دُكَّانَ وَرَّاق، وَنَضَعُ القَبَّان، وَنَزِنُ مِنَ الكُتُب مَا شِئْتَ، ثُمَّ يُلقَى عَلَيْنَا، فَنذكرُهُ قَالَ: فَبقِي (1) .
الحَاكِم: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظ، يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظَ لِحَدِيْثِ الكُوْفِيّين مِنْ أَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَة (2) .
وَبِهِ إِلَى الخَطِيْب أَبِي بَكْرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الغنِي بنَ سَعِيْد، سَمِعْتُ أَبَا الفَضْل الوَزِيْر، يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عُمَرَ - وَهُوَ الدَّارَقُطْنِيّ - يَقُوْلُ:
أَجْمَعَ أَهْلُ الكُوْفَة أَنَّهُ لَمْ يُرَ مِنْ زَمَنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْد إِلَى زَمَنِ أَبِي العَبَّاسِ بنِ عُقْدَةَ أَحفظُ مِنْهُ (3) .
وَأَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّن، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بن الأَكفَانِيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا العَلاَءُ بنُ حَزْم، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ بقَاء، حَدَّثَنَا عَبْدُ الغنِي فَذَكَرَهَا، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ الغنِي: وَسَمِعْتُ أَبَا همام مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، يَقُوْلُ:
ابْنُ جَوْصَا بِالشَّامِ كَابنِ عُقْدَةَ بِالكُوْفَةِ (4) .
قُلْتُ: يُمكن أَنْ يُقَال: لَمْ يُوجدْ أَحفظُ مِنْهُ وَإِلَى يَوْمنَا وَإِلَى قيَامِ السَّاعَة بِالكُوْفَةِ، فَأَمَّا أَنْ يَكُوْنَ أَحَدٌ نَظِيْراً لَهُ فِي الحِفْظِ، فَنَعَم، فَقَدْ كَانَ بِهَا بَعْدَ ابْن مَسْعُوْدٍ وَعلِي، عَلْقَمَة، وَمَسْرُوْق، وَعَبيدَة، ثُمَّ أَئِمَّة حُفَّاظ كإِبْرَاهِيْم النَّخَعِيِّ، وَمَنْصُوْر، وَالأَعْمَش، وَمِسْعَر، وَالثَّوْرِيّ، وَشريك، وَوَكِيْع، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْر،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 16. أي: بقي مندهشا أو مبهوتا.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 16.
(3) المصدر السابق.
(4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 796 وقد تقدمت ترجمة ابن جوصا رقم / 8 / من هذا الجزء.(15/345)
وَأَبِي كُرَيْبٍ، ثُمَّ هَؤُلاَءِ يمتَازونَ عَلَيْهِ بِالإِتْقَان وَالعَدَالَة التَّامَّة، وَلَكِنَّهُ أَوسعُ دَائِرَةً فِي الحَدِيْثِ مِنْهُم.
قَالَ أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ هَرْثَمَة: كُنَّا بِحَضْرَة أَبِي العَبَّاسِ بن عُقْدَةَ نكتُبُ عَنْهُ وَفِي المَجْلِسِ رَجُلٌ هَاشِمِيّ إِلَى جَانِبِه، فجرَى حَدِيْثُ حُفَّاظ الحَدِيْث، فَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ:
أَنَا أُجيب فِي ثَلاَث مائَة أَلْفِ حَدِيْث مِنْ حَدِيْثِ أَهْلِ بَيْت هَذَا سِوَى غَيْرِهِم، وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى الهَاشِمِيّ (1) .
وَبِهِ إِلَى الخَطِيْب: حَدَّثَنَا الصُّوْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الغنِي، سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ - يَعْنِي: الدَّارَقُطْنِيّ - سَمِعْتُ ابْنَ عُقْدَةَ يَقُوْلُ:
أَنَا أُجيب فِي ثَلاَث مائَة أَلْفِ حَدِيْث مِنْ حَدِيْثِ أَهْل البَيْت خَاصَّة (2) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ: وَكَانَ أَبُوْهُ عُقْدَة أَنحَى النَّاس (3) .
وَبِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ النَّيْسَابُوْرِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَارِم الحَافِظ، يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ أَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْد، يَقُوْلُ:
أَحفظُ لأَهْل البَيْت ثَلاَث مائَة أَلْف حَدِيْث (4) .
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو العَلاَء مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَعْقُوْبَ - غَيْرَ مَرَّةٍ - سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ بن يَحْيَى العَلَوِيَّ، يَقُوْلُ:
حَضَرَ ابْن عُقْدَة عِنْد أَبِي، فَقَالَ لَهُ:
يَا أَبَا العَبَّاسِ قَدْ أَكثَرَ النَّاس فِي حِفْظِك لِلْحَدِيْثِ، فَأحبُّ أَنْ تخبَرنِي بِقدر مَا تَحْفَظ.
فَامْتَنَعَ، وَأَظْهَرَ كرَاهيَةٌ لِذَلِكَ، فَأَعَاد أَبِي المَسْأَلَة
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 16.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد ": 5 / 16 - 17.(15/346)
وَقَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْك إِلاَّ أَخبرتَنِي.
فَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ: أَحفظُ مائَة أَلْفِ حَدِيْث بِالإِسْنَاد وَالمَتْن، وَأُذَاكر بِثَلاَث مائَة أَلْف حَدِيْث (1) .
قَالَ أَبُو العَلاَء: وَسَمِعْتُ جَمَاعَةً يذكرُوْنَ، عَنْ أَبِي العَبَّاسِ مِثْل ذَلِكَ (2) .
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ - مِنْ حِفْظِهِ - سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ العَلَوِيّ، يَقُوْلُ:
كَانَتِ الرِّيَاسَةُ بِالكُوْفَةِ فِي بنِي الغدَان قبلَنَا، ثُمَّ فَشَتْ رِئَاسَةُ بنِي عُبَيْد اللهِ، فَعَزَمَ أَبِي عَلَى قِتَالِهِم، وَجمع الجموعَ، فَدَخَلَ إِلَيْهِ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَة، وَقَدْ جمع جُزْءاً فِيْهِ سِتٌ وَثَلاَثُوْنَ وَرقَةً، وَفِيْهَا حَدِيْثٌ كَثِيْر فِي صِلَةِ الرَّحِم، فَاسْتَعْظَمَ أَبِي ذَلِكَ، وَاسْتكثَرَه، فَقَالَ لَهُ:
يَا أَبَا العَبَّاسِ، بَلَغَنِي مِنْ حِفْظِكَ لِلْحَدِيْثِ مَا اسْتكْثَرْتُه، فَكَم تَحْفَظ؟
قَالَ: أَحفظُ بِالأَسَانيد وَالمتُوْنَ خَمْسِيْنَ وَمَائتَيْ أَلف حَدِيْث، وَأُذَاكر بِالأَسَانيد وَبَعْضِ المتُوْنَ وَالمرَاسيل وَالمقَاطِيع بِسِت مائَة أَلْفِ حَدِيْث (3) .
وَبِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَخْلَد الوَرَّاق - بِحَضْرَة البَرْقَانِيّ - سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ الفَارِسِيّ - وَعرفه البَرْقَانِيّ - يَقُوْلُ:
أَقمْت مَعَ إِخوتِي بِالكُوْفَةِ عِدَّة سِنِيْنَ نكتُبُ عَنِ ابْنِ عُقْدَة، فَلَمَّا أَرَدْنَا الانْصِرَافَ، وَدَّعنَاهُ، فَقَالَ:
قَدِ اكتفيتُم بِمَا سَمِعْتُمْ مِنِّي!! أَقَلُّ شَيْخٍ سَمِعْتُ مِنْهُ، عِنْدِي عَنْهُ مائَة أَلْفِ حَدِيْث.
فَقُلْتُ: أَيُّهَا الشَّيْخ نَحْنُ أَرْبَعَةُ إِخْوَة، قَدْ كَتَبَ كُلُّ وَاحِدٍ منَا عَنْكَ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْث (4) .
__________
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 17.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه، وفيه " في بني الفدان " بالفاء.
(4) " تاريخ بغداد " 5 / 17 - 18.(15/347)
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا الصُّوْرِيُّ، قَالَ لِي عَبْدُ الغنِي: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيّ يَقُوْلُ:
ابْنُ عُقْدَة، يعلَمُ مَا عِنْد النَّاس، وَلاَ يَعْلَمُ النَّاس مَا عِنْدَهُ (1) .
قَالَ الصُّوْرِيّ: وَقَالَ لِي أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ:
أَرَادَ ابْنُ عُقْدَة أَنْ يَنْتقلَ، فَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْمِلُ كُتُبَه، وَشَارط الَحمَّالين أَنْ يَدْفَعَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ دَانِقاً (2) .
قَالَ: فَوَزَن لَهُم أَجورَهُم مائَةَ دِرْهَم.
وَكَانَتْ كتبه سِتّ مائَة حمْلَة (3) .
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الهَمَذَانِيُّ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الزَّعْفَرَانِيُّ يَقُوْلُ:
رَوَى ابْنُ صَاعِدٍ بِبَغْدَادَ حَدِيْثاً أَخْطَأَ فِي إِسنَاده، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عُقْدَة فَخَرَجَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ ابْن صَاعِدٍ، وَارْتَفَعُوا إِلَى الوَزِيْرِ عَلِيّ بن عِيْسَى وَحبسَ ابْن عقدَة.
فَقَالَ الوَزِيْر: مَنْ نسأَل وَنرجع إِلَيْهِ؟
فَقَالُوا: ابْن أَبِي حَاتِمٍ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ الوَزِيْر يَسْأَله، فَنَظَرَ وَتَأَمَّل، فَإِذَا الحَدِيْث عَلَى مَا قَالَ ابْنُ عُقْدَة، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، فَأَطلقَ ابْنَ عُقْدَة، وَارْتَفَع شَأْنُه (4) .
وَبِهِ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّقَّاق، سَمِعْتُ جَمَاعَةً يذكرُوْنَ أَنَّ ابْنَ صَاعِد كَانَ يُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ، فَأَملَى يَوْماً عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ حَفْص بن غِيَاث، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، فَعَرض عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بن عقدَة، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا عِنْد أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ أَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، فَاتَّصل هَذَا القَوْل بِابْنِ صَاعِدٍ، فَنَظَرَ فِي أَصلِهِ، فَوجَدَهُ كَمَا قَالَ.
فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاس قَالَ: كُنَّا حدثنَاكُم، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ بِحَدِيْث كَذَا، وَوَهِمنَا
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 18.
(2) سدس درهم.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 18.
(4) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.(15/348)
فِيْهِ. إِنَّمَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو سَعِيْدٍ وَقَدْ رَجعْنَا عَنِ الرِّوَايَة الأَوَّلَة (1) .
قُلْتُ لحَمْزَة: ابْن عقدَة هُوَ الَّذِي نبَّه يَحْيَى؟
فَتوقف، ثُمَّ قَالَ: ابْنُ عُقْدَة أَوْ غَيْرُه (2) .
وَبِهِ: حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّيْمَرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الطَّبَرِيُّ، سَمِعْتُ ابْنَ الِجعَابِيَّ يَقُوْلُ:
دَخَلَ ابْنُ عُقْدَة بَغْدَاد ثَلاَث دفعَات، سَمِعَ فِي الأَولى مِنْ إِسْمَاعِيْل القَاضِي وَنَحْوِه، وَدَخَلَ الثَّانِيَة فِي حَيَاة ابْنِ مَنِيْع، فَطَلَبَ مِنِّي شَيْئاً مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ صَاعِدٍ لينظُرَ فِيْهِ، فجِئْتُ إِلَى ابْنِ صَاعِدٍ، فَسَأَلتُهُ، فَدَفَعَ إِلَيَّ مُسند عليّ، فتعجَّبْتُ مِنْ ذَلِكَ، وَقُلْتُ فِي نَفْسِي:
كَيْفَ دَفَعَ إِلَيَّ هَذَا وَابْنُ عُقْدَة أَعرفُ النَّاسِ بِهِ! مَعَ اتِّسَاعه فِي حَدِيْث الكُوْفِيّين، وَحملتُهُ إِلَى ابْنِ عُقْدَة، فنَظَرَ فِيْهِ، ثُمَّ رَدَّهُ عليّ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الشَّيْخ، هَلْ فِيْهِ شَيْءٌ يُسْتَغرب؟
فَقَالَ: نَعَمْ؛ فِيْهِ حَدِيْث خطأ.
فَقُلْتُ: أَخْبَرَنِي بِهِ.
فَقَالَ: لاَ وَاللهِ لاَ عَرَّفتك ذَلِكَ حَتَّى أَجَاوِز قنطرَة اليَاسريَّة، وَكَانَ يخَافُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ صَاعِدٍ، فطَالت عليّ الأَيَّام انتظَاراً لِوَعْدِه، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الكُوْفَةِ، سِرْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا أَردتُ مفَارَقَتَه، قُلْتُ: وَعدك؟
قَالَ: نَعَمُ، الحَدِيْثُ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا بن أَبِي زَائِدَةَ، وَمتَى سَمِعَ مِنْهُ؟ وَإِنَّمَا وَلِدَ أَبُو سَعِيْدٍ فِي اللَّيْلَة الَّتِي مَاتَ فِيْهَا يَحْيَى بن زَكَرِيَّا.
فودَّعْتُه، وَجِئْتُ إِلَى ابْنِ صَاعِدٍ، فَأَعْلَمتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ:
لأَجعَلَنَّ عَلَى كُلِّ شَجَرَة مِنْ لَحْمه قِطْعَة - يَعْنِي: ابْن عُقْدَة - ثُمَّ رَجَعَ يَحْيَى إِلَى الأُصُوْل، فَوجَدَ عِنْدَهُ الحَدِيْثَ عَنْ شَيْخٍ غَيْر الأَشَجِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، فَجَعَلَه عَلَى الصَّوَاب (3) .
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 18 - 19.(15/349)
قُلْتُ: كَذَا أَورد الخَطِيْبُ هَذِهِ الِحِكَايَة، وَخلاَّهَا، وَذَهَبَ غَيْر متعرِّض لنكَارتهَا.
فَأَمَّا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا أَحَدُ حُفَّاظ الكُوْفَة، فَتُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَعِيْنٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَهَنَّاد، وَعَلِي بنُ مُسْلِمٍ الطُّوْسِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْ آخرهُم يَعْقُوْب الدَّوْرَقِيِّ.
وَيُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
وَكَانَ إِذْ ذَاكَ أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ شَابّاً مدركاً بَلْ ملتحياً.
وَقَدِ ارْتَحَلَ وَسَمِعَ مِنْ هُشَيْمٍ.
وَموته بَعْدَ يَحْيَى بِأَشهرٍ، فَمَا يبعد سَمَاعُهُ مِنْ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا.
قَالَ الحَاكِمُ: قُلْتُ لأَبِي عَلِيٍّ الحَافِظ: إِن بَعْضَ النَّاس يَقُوْلُ فِي أَبِي العَبَّاسِ، قَالَ: فِي مَاذَا؟
قُلْتُ: فِي تَفَرُّدِهِ بِهَذِهِ المقحمَات عَنْ هَؤُلاَءِ المَجْهُوْلين.
فَقالَ: لاَ تشتغلْ بِمثلِ هَذَا، أَبُو العَبَّاسِ إِمَامٌ حَافِظٌ محلُّه محلُّ مَنْ يَسْأَل عَنِ التَّابِعِيْنَ وَأَتْبَاعِهِم (1) .
وَبِهِ قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ نعيم البَصْرِيُّ - لفظاً - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَدِيِّ بنِ زحر، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الفَتْح القَلاَنِسِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَل، يَقُوْلُ:
مُنْذُ نشَأَ هَذَا الغُلاَم أَفْسَدَ حَدِيْثَ الكُوْفَة - يَعْنِي: ابْنَ عُقْدَة - (2) .
أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ عَلِيٍّ الوَاسِطِيّ المُقْرِئ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَدِيٍّ، سَمِعْتُ عبدَان الأَهْوَازِيَّ يَقُوْلُ:
ابْنُ عُقْدَة قَدْ خَرَجَ عَنْ مَعَانِي أَصْحَاب الحَدِيْث، وَلا يُذكر حَدِيْثُه مَعَهُم - يَعْنِي: لِمَا كَانَ يُظْهِر مِنَ الكَثْرَة وَالنُّسَخ -.
وَتكلَّم فِيْهِ مُطَيَّن بِأَخَرَةٍ لَمَّا حَبَس كُتُبَه عَنْهُ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 18 - 19.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 19 - 20.(15/350)
وَبِهِ: حَدَّثَنِي الصُّوْرِيُّ، قَالَ لِي زَيْد بنُ جَعْفَرٍ العَلَوِيّ، قَالَ لَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّار، قَالَ لَنَا أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَة:
كَانَ قُدَّامِي كِتَابٌ فِيْهِ نَحْو خَمْس مائَة حَدِيْثٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ الأَسَدِيّ لاَ أَعرفُ لَهُ طريقاً.
قَالَ التَّمَّار: فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ مِنَ الأَيَّام، قَالَ لبَعْض وَرَّاقيه: قُمْ بنَا إِلَى بَجِيلَة مَوْضِعِ المغنِّيات.
فَقَالَ: أَيش نعْمل؟
قَالَ: بَلَى، تعَال فَإِنَّهَا فَائِدَةٌ لَكَ، فَامتَنَعْتُ فَغَلَبنِي عَلَى المجِيْء، فجئنَا جَمِيْعاً إِلَى المَوْضِعِ.
فَقَالَ لِي: سلْ عَنْ قُصيعَة المخنَّث.
فَقُلْتُ: اللهَ اللهَ يَا سيدِي، ذَا فضيحَة.
قَالَ: فَحْمَلَنِي الغيظُ، فَدَخَلْتُ، فَسَأَلت عَنْ قُصيعَة، فَخَرَجَ إِلَيَّ رَجُلٌ فِي عُنُقِهِ طَبْلٌ مخضَّب بِالحِنَّاء، فَجئْت بِهِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا هَذَا امضِ، فَاطْرح مَا عَلَيْك، وَالْبس قمِيصَك، وَعَاود فَمَضَى، وَلَبِسَ قمِيصَه، وَعَاد، فَقَالَ: مَا اسْمُكَ؟
قَالَ: قصيعَة.
فَقَالَ: مَا اسْمُكَ عَلَى الحَقِيْقَة؟
قَالَ: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيّ.
قَالَ: صَدَقْتَ، ابْنُ مَنْ؟
قَالَ: ابْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: ابْنُ مَنْ؟
قَالَ: لاَ أَدْرِي وَاللهِ يَا أُسْتَاذِي.
قَالَ: ابْنُ حَمْزَةَ بنِ فُلاَن بنِ فُلاَن بنِ حَبِيْب بن أَبِي ثَابِتٍ الأَسَدِيّ، فَأَخْرَجَ مِنْ كُمّه الجُزْء، فَدَفَعه إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَمسكْ هَذَا، فَأَخَذَهُ، فَقَالَ: ادْفَعْه إِلَيَّ.
ثُمَّ قَالَ لَهُ: قُمْ فَانْصَرِفْ.
ثُمَّ جعل أَبُو العَبَّاسِ يَقُوْلُ:
دَفَعَ إِلَيَّ فُلاَن بنُ فُلاَن كِتَاب جَدِّه، فَكَانَ فِيْهِ كَذَا وَكَذَا (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ مَنْ يذكر أَنَّ الحُفَّاظ كَانُوا إِذَا أَخذُوا فِي المذَاكرَة، شَرَطُوا أَنْ يعدِلُوا، عَنْ حَدِيْث ابْنِ عُقْدَةَ لاتِّسَاعِهِ، وَكونِهِ مِمَّا لاَ يَنْضَبِط (2) .
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 20 - 21.
(2) المصدر السابق.(15/351)
وَبِهِ حَدَّثَنِي الصُّوْرِيُّ، سَمِعْتُ عَبْدَ الغنِي يَقُوْلُ:
لَمَّا قَدِمَ الدَّارَقُطْنِيّ مِصْر أَدْرَكَ حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الكِنَانِيّ (1) الحَافِظ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَاجتمَعَ مَعَهُ، وَأَخذَا يتذَاكرَانِ، فَلَمْ يزَالاَ كَذَلِكَ حَتَّى ذكر حَمْزَةُ عَنِ ابْنِ عُقْدَة حَدِيْثاً.
فَقَالَ لَهُ أَبُو الحَسَنِ: أَنْتَ هَا هُنَا؟ ثُمَّ فَتح دِيْوَانَ أَبِي العَبَّاسِ، وَلَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ مِنْ حَدِيْثه مَا أَبهَرَ حَمْزَةَ، أَوْ كَمَا قَالَ (2) .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوْسِيُّ فِي (تَارِيْخه) :كَانَ ابْنُ عُقْدَة زيديّاً (3) جَاروديّاً (4) ، عَلَى ذَلِكَ مَاتَ، وَإِنَّمَا ذكرتُهُ فِي جُمْلَة أَصحَابنَا (5) لكَثْرَةِ رِوَايَاته عَنْهُم.
وَلَهُ تَارِيْخٌ كَبِيْر فِي ذِكْرِ مَنْ رَوَى الحَدِيْثَ مِنَ النَّاسِ كلّهم وَأَخْبَارِهِم، وَلَمْ يكمل، وكتَابُ (السُّنَن) وَهُوَ عَظِيْم، قِيْلَ: إِنَّهُ حِمْل بهيمَة، وَلَهُ كتَاب (مَنْ رَوَى عَنْ عَلِيّ) ، وكتَاب (الجَهْر بِالبَسْمَلَة) ، وكتَاب (أَخْبَار أَبِي حَنِيْفَةَ) ، وكتَاب (الشُّوْرَى) ، وَذَكَرَ أَشيَاء كَثِيْرَة (6) .
ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي غَالِب يَقُوْلُ:
ابْن عُقْدَة لاَ يتديَّن بِالحَدِيْثِ، لأَنَّه كَانَ يَحْمِلُ شُيُوْخاً بِالكُوْفَةِ عَلَى الْكَذِب، يُسوّي لَهُم نُسخاً، وَيَأْمرُهُم أَنْ يَرْووهَا (7) .
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ البَاغَنْدِيَّ يَحْكِي فِيْهِ نَحْو ذَلِكَ، وَقَالَ: كتب
__________
(1) صحف في " تاريخ بغداد ": 5 / 21 إلى: الكتاني.
(2) المصدر السابق.
(3) أي من أتباع زيد بن علي بن الحسين.
الذي ثار على بني أمية زمن الوليد بن يزيد انظر خلاصة مذهبهم في " الملل والنحل ": 1 / 154 - 157.
(4) إحدى فرق الزيدية، وهم أصحاب أبي الجارود زياد بن أبي زياد انظر " الملل والنحل ": 1 / 157 - 159.
(5) يقصد: الامامية. فأبو جعفر الطوسي كان إماميا.
(6) انظر " الفهرست " للطوسي: 28 - 29، وما بين حاصرتين منه.
(7) " تاريخ بغداد ": 5 / 21.(15/352)
إِلَيْنَا (1) أَنَّهُ خَرَجَ بِالكُوْفَةِ شَيْخٌ عِنْدَهُ نُسَخ، فَقَدِمْنَا عَلَيْهِ، وَقَصَدْنَا الشَّيْخَ، فطَالَبْنَاهُ بِأُصولِ مَا يَرْوِيْهِ، فَقَالَ: لَيْسَ عِنْدِي أَصلٌ، وَإِنَّمَا جَاءنِي ابْنُ عُقْدَة بِهَذِهِ النُّسخَ.
فَقَالَ: اروهُ يكنْ لَكَ فِيْهِ ذِكْرٌ، وَيرحل إِلَيْك أَهْلُ بَغْدَادَ (2) .
حَمْزَة السَّهْمِيُّ: سَأَلتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ سُفْيَان الحَافِظ بِالكُوْفَةِ عَنِ ابْنِ عُقْدَة، فَقَالَ:
دَخَلتُ إِلَى دِهْلِيْزه، وَفِيْهِ رَجُلٌ يُقَال لَهُ: أَبُو بَكْرٍ البُسْتِيُّ، وَهُوَ يَكْتُبُ مِنْ أَصلٍ عَتيق، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ السّودَانِي، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، فَقُلْتُ لَهُ: أَرنِي.
فَقَالَ: أَخَذَ عليَّ ابْنُ سَعِيْدٍ أَنْ لاَ يَرَاهُ مَعِي أَحَدٌ، فَرفقتُ بِهِ حَتَّى أَخذتُه، فَإِذَا أَصل كِتَاب الأُشْنَانِي الأَوَّل مَنْ مُسنَد جَابِر وَفِيْهِ سَمَاعِي.
وَخَرَجَ ابْنُ سَعِيْدٍ وَهُوَ فِي يدِي، فَحرِدَ عَلَى البُسْتِيّ، وَخَاصَمَه، ثُمَّ التفتَ إِلِيَّ، فَقَالَ: هَذَا عَارضنَا بِهِ الأَصْل، فَأَمسكتُ عَنْهُ.
قَالَ ابْنُ سُفْيَانَ: وَهُوَ ذَا الكِتَابُ عِنْدِي.
قَالَ حَمْزَةُ: وَسَمِعْتُ ابْنَ سُفْيَان، يَقُوْلُ: كَانَ أَمره أَبينَ مِنْ هَذَا (3) .
وَبِهِ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ أَحْمَدَ القَصْرِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَد بن سُفْيَانَ الحَافِظ، يَقُوْلُ:
وُجِّه إِلَى ابْنِ عُقْدَة بِمَالٍ مِنْ خُرَاسَان، وَأُمر أَنْ يُعْطِيه بَعْضَ الضُّعَفَاء، وَكَانَ عَلَى بَابه صخرَةٌ عَظِيْمَة، فَقَالَ لابْنِهِ: ارفَعْهَا، فَلَمْ يَسْتَطعْ، فَقَالَ: أَرَاكَ ضَعِيْفاً، فَخذْ هَذَا المَال، وَدفعه إِلَيْهِ (4) .
وَبِهِ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَاهِر، قَالَ: سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ - وَأَنَا
__________
(1) أي ابن عقدة.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 21 - 22.
(4) المصدر السابق.(15/353)
أَسْمَعُ - عَنِ ابْنِ عُقْدَة، فَقَالَ:
كَانَ رَجُل سوء (1) .
وَبِهِ أَخْبَرَنَا البَرْقَانِيّ، سَأَلتُ أَبَا الحَسَنِ عَنِ ابْنِ عُقْدَة: مَا أَكْثَرَ مَا فِي نَفْسِك عَلَيْهِ؟
قَالَ: الإِكْثَار بِالمَنَاكِير (2) .
وَبِهِ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْر، سَمِعْتُ حَمْزَة بنَ يُوْسُفَ، سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ بن حَيُّوَيَه يَقُوْلُ:
كَانَ ابْنُ عُقْدَة فِي جَامِع برَاثَا يُمْلِي مثَالبَ الصَّحَابَة، أَوْ قَالَ الشَّيْخَيْن، فَلاَ أُحَدِّث عَنْهُ بِشَيْءٍ (3) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيّ: هُوَ صَاحِبُ مَعْرِفَةٍ وَحِفْظ وَتقدُّم فِي الصَّنْعَة، رَأَيْت مَشَايِخ بَغْدَاد يُسِيئُونَ الثَّنَاء عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ عَدِيّ قوَّى أَمرَه، وَمشَّاهُ، وَقَالَ: لَوْلاَ أَنِّي شَرطْتُ أَنْ أَذكُر كُلَّ مَنْ تُكَلِّمَ فِيْهِ - يَعْنِي: وَلاَ أُحَابِي - لَمْ أَذكره، لمَا فِيْهِ مِنَ الفَضْل وَالمَعْرِفَة (4) .
ثمَّ إِنَّ ابْنَ عَدِيّ وَالخَطِيْبَ لَمْ يسوقَا لَهُ شَيْئاً مُنْكراً.
وَذَكَرَ ابْنُ عَدِيّ فِي تَرْجَمَة أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيِّ، أَنَّ ابْنَ عُقْدَة سَمِعَ، مِنْهُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنْهُ لضَعْفه (5) عِنْدَهُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ الدَّارَقُطْنِيّ كذَّب مَنْ يَتَّهِمهُ بِالوَضْع، وَإِنَّمَا بلاؤُه مِنْ رِوَايته بِالوجَادَات (6) ، وَمِن التَّشَيُّع.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 22، وفيه " أيش أكبر ما في نفسك عليه؟ ".
(3) المصدر السابق.
(4) " ميزان الاعتدال ": 1 / 136، وما بين حاصرتين منه.
(5) " ميزان الاعتدال ": 1 / 137.
(6) " ميزان الاعتدال ": 1 / 138.(15/354)
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: رَأَيْتُ فِيْهِ مِنَ المجَازفَات، حَتَّى إِنَّهُ يَقُوْلُ: حدَّثتَنِي فُلاَنَة، قَالَتْ: هَذَا كِتَاب فُلاَن، قَرَأْت فِيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلاَن (1) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سُفْيَان الحَافِظ: مَاتَ ابْنُ عُقْدَة لسبعٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ قَالَ لِي قَدِيْماً، وَكَتَبَ لِي إِجَازَةً، كتب فِيْهَا يَقُوْلُ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ الهَمْدَانِيّ مَوْلَى سَعِيْدِ بنِ قَيْس، ثُمَّ ترك ذَلِكَ آخر أَيَّامه.
وَكَتَبَ مَوْلَى عَبْد الوَهَّابِ بن مُوْسَى الهَاشِمِيّ، ثُمَّ تَرَك ذَلِكَ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
فَيُقَالُ: وُلِدَ فِي نِصْفِ مُحَرَّمهَا (2) .
مَاتَ مَعَ ابْنِ عُقْدَة فِي العَام المَذْكُوْر: صَاحِب ابْن أَبِي الدُّنْيَا أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ اللُنْبَانِي الأَصْبَهَانِيّ، وَشَيْخُ العَرَبِيَّة أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَلاَّد التَّمِيْمِيّ المِصْرِيّ، وَشَيْخُ المَالِكِيَّة بقُرْطُبَة أَيُّوْبُ بنُ صَالِح بنِ سُلَيْمَانَ المَعَافِرِيّ، وَالعَبَّاس بنُ مُحَمَّدِ بنِ قُوهِيَار النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بن إِسْحَاقَ المِصْرِيّ الجَوْهَرِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ بِشْر بن بطرِيق الزُّبَيْرِيّ العَسكَرِي المِصْرِيّ، وَمُسنِدُ نَيْسَابُوْر أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ القَطَّان، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّد بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي حُذَيْفَةَ الدِّمَشْقِيّ، وَأَبُو رَوْق الهِزَّانِي، وَأَبُو الفَضْلِ يَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ الفَقِيْه، وَأَبُو عُمَرَ أَحْمَد بن عُبَادَةَ الرُّعَيْنِيُّ بِالأَنْدَلُسِ.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 22 - 23.(15/355)
179 - ابْنُ عُبَيْدٍ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حِسَابٍ البَغْدَادِيُّ، البَزَّازُ.
رَوَى عَنْ: عَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيِّ، وَأَبِي حَازِمٍ بن أَبِي غَرَزَةَ، وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَطَبَقَتِهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ جُمَيْع الصَّيدَاوِي، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُتَيَّم، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً حَافِظاً عَارِفاً (1) ، عَاشَ ثَمَانِياً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ، وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قرأَنَا عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ الطَّائِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الحَرَسْتَانِيُّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِت مائَة، وَأَنَا حَاضِرٌ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَطِيْب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَزْهَر السَّمَّان، عَنِ ابْنِ عَوْن، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَيْله وَسلم، قَالَ:
(اللَّهُمَّ باركْ لَنَا فِي شَامِنَا، اللَّهُمَّ بَارك لَنَا فِي يَمَنِنَا) .
وَقَالُوا: وَفِي نَجْدِنَا؟
قَالَ: (هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالفِتَن وَبِهَا - أَوْ قَالَ - مِنْهَا يَطْلُع قَرْنُ الشَّيْطَان (2)) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَادِ غَرِيْبٌ.
__________
(*) تقدمت ترجمته ومصادرها رقم / 129 / من هذا الجزء.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 74.
(2) تقدم تخريجه في الصفحة 287.(15/356)
180 - ابْنُ أَبِي مَطَرٍ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ المَعَافِرِيُّ *
الإِمَامُ، الفَقِيْه، المُعَمَّر، قَاضِي الإِسْكَنْدَرِيَّة وَمُسندُهَا، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ أَبِي مَطَرٍ المَعَافِرِيُّ، الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، المَالِكِيُّ.
تَفَرَّد بِالرِّوَايَة: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَيْمُوْنٍ صَاحِبِ الوَلِيْدِ بن مُسْلِمٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُويه صَاحِبِ سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ.
وَتفقَّه بِابْنِ المَوَّاز، وَرَحَلَ الطَّلبَةُ إِلَيْهِ.
سَمِعَ مِنْهُ: القَاضِي أَبُو الحَسَنِ البِليَانِي، وَدَارِسُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَمُنير بنُ أَحْمَدَ الخَشَّاب، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ.
لَمْ يقعْ مِنْ حَدِيْثه شَيْءٌ فِي (الخِلَعيَّات (1)) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَعَاشَ مائَة عَام - رَحِمَهُ اللهُ -.
181 - نَافِلَةُ عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عُمَرَ الطَّائِيُّ ** (2)
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، المُعَمَّر، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عُمَرَ ابنِ المُحَدِّث عَلِيِّ بن حَرْبٍ الطَّائِيُّ المَوْصِلِيُّ.
__________
(*) العبر: 2 / 250، ميزان الاعتدال: 3 / 142، لسان الميزان: 4 / 237، حسن المحاضرة: 1 / 256.
(1) انظر ص / 314 / تعليق 2 / من هذا الجزء.
(* *) تاريخ بغداد: 3 / 432 - 433، العبر: 2 / 255، لسان الميزان: 5 / 428 - 429، شذرات الذهب: 2 / 357 - 358.
(2) النافلة في اللغة: ولد الولد.
قال تعالى في سورة الأنبياء: 72 (ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين) .
كأنه قال: وهبنا لابراهيم - عليه السلام - إسحاق فكان كالفرض له ثم قال: ويعقوب نافلة، فالنافلة ليعقوب خاصة، لأنه ولد الولد.(15/357)
قَدِمَ بَغْدَادَ، فَرَوَى بِهَا عَنْ جد أَبِيْهِ، وَعَنْ جَدِّهِ عُمَر، وَأَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الخَشَّاب.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَة، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَعُمَرُ بنُ أَحْمَدَ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الفَضْلِ القَطَّان، وَجَمَاعَةٌ.
وَقَعَ لَنَا مِنْ طَرِيقه جُزْءان مَا أَعلاَهُمَا لِسْبط السِّلَفِيّ.
حسَّن البَرْقَانِيُّ أَمره (1) .
وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ: لاَ أَعْلَمه إِلاَّ ثِقَة (2) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
182 - ابْنُ أَيُّوْبَ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَيُّوْبَ الطُّوْسِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّحْوِيُّ، الثَّبْتُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَيُّوْب الطُّوْسِيُّ، الأَدِيْبُ، مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ وَلاَزمه مُدَّة.
وَسَمِعَ: بِمَكَّةَ كَثِيْراً مِنْ أَبِي يَحْيَى بنِ أَبِي مَسَرَّة الحَافِظ، وَكَتَبَ عَنْهُ (مُسنَدَه) ، وَأَخَذَ كُتُبَ أَبِي عُبَيْد، عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّيُّ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو الحُسَيْنِ الحَجَّاجِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَأَبُو عَلِيٍّ الرُّوْذْبَارِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 433.
(2) المصدر السابق.
(*) العبر: 2 / 243، طبقات الشافعية: 3 / 271، شذرات الذهب: 2 / 356.(15/358)
قَالَ ابْنُ أَيُّوْبَ الطُّوْسِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مَسَرَّة، يَقُوْلُ: أَنَا أَفتِي بِمَكَّةَ مُنْذُ سبعينَ سَنَة.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ يَرْوِي عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَة الحَافِظ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارب التِّسْعِيْنَ.
183 - الشَّاشِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ الهَيْثَمُ بنُ كُلَيْبِ بنِ سُرَيْجٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ، أَبُو سَعِيْدٍ الهَيْثَمُ بنُ كُلَيْب بنِ سُرَيْج (1) بنِ مَعْقِل الشَّاشِيُّ (2) التُّركِيُّ صَاحِبُ (المُسْنَد الكَبِيْر (3)) .
سَمِعَ: عِيْسَى بنَ أَحْمَدَ العَسْقَلانِي، وَأَبَا عِيْسَى مُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى التِّرْمِذِيَّ، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى المَرْوَزِيَّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِيَّ، وَحَمدَان بنَ عَلِيٍّ الوَرَّاق، وَأَحْمَدَ بنَ مُلاعب، وَمُحَمَّد بنَ عِيْسَى المَدَائِنِيّ، وَأَبَا البَخْتَرِيِّ بنَ شَاكِر، وَعَلِيّ بنَ سَهْلٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار، وَعَبَّاس بن مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيّ، وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِي، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الخُزَاعِيّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ نَصْرٍ الكَاغَدِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) الأنساب: 7 / 246، تذكرة الحفاظ: 3 / 848 - 849، العبر: 2 / 242، طبقات الحفاظ: 351، شذرات الذهب: 2 / 342، الرسالة المستطرفة: 73.
(1) في أغلب المصادر " شريح " وهو تصحيف. انظر " تبصير المنتبه ": 2 / 780.
(2) بالالف الساكنة بين الشينين المعجمتين. هذه النسبة إلى مدينة وراء نهر سيحون " الأنساب ": 7 / 244.
(3) ثمة نسخة في المكتبة الظاهرية بدمشق تضم الجزء الخامس والسابع إلى الخامس عشر.(15/359)
وَأَصله مِنْ مَرْو.
تُوُفِّيَ بِسَمَرْقَنْدَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: شَيْخ الشَّافِعِيَّة ابْنُ القَاصّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ صَاحِب ابْن سُرَيْج، وَالإِمَامُ أَبُو عُمَرَ حَمْزَة بن القَاسِمِ الهَاشِمِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَهْرويه القَزْوِيْنِيُّ، وَالمُعَمَّر أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الصَّيْرَفِيّ المَطِيرِيُّ بِبَغْدَادَ، وَالعَلاَّمَة أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الصُّوْلِيّ البَغْدَادِيُّ.
184 - ابْنُ اللَّبَّادِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وِشَاحٍ اللَّخْمِيُّ *
العَلاَّمَةُ، مُفْتِي المَغْرِب، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وِشَاح اللَّخْمِيُّ مَوْلاَهُم، الأَفْرِيقيُّ عُرِفَ بِابْنِ اللَّبَّاد.
تلمِيذ يَحْيَى بن عُمَرَ (1) ، وَعَلَيْهِ عَوَّل، وَكَانَ مِنْ بحور العِلْم.
صَنَّف (عِصْمَة الأَنْبِيَاء) ، وكتَاب (الطَّهَارَة) ، و (مَنَاقِبَ مَالِك) وَتخرَّج بِهِ أَئِمَّة.
وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، عَظِيْمَ الخَطَر.
وَعَلِيهِ تَفَقَّهَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي زَيْدٍ.
مَنعه بَنو عُبَيْد مِنَ الإِقْرَاء وَالفُتْيَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) طبقات الشيرازي: 160، الوافي بالوفيات: 1 / 130، الديباج المذهب: 249 - 250، معالم الايمان: 3 / 23 - 31.
(1) انظر ترجمته في " علماء أفريقية ": 184 - 186، و" الديباج المذهب ": 351 - 353، (2) في " الديباج المذهب ": 250 " إثبات الحجة في بيان العصمة ".(15/360)
185 - ابْنُ المُنَادِي الحُسَيْنُ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ المُقْرِئ الحَافِظُ أَبُو الحُسَيْنِ، أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنُ المُحَدِّث أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي دَاوُدَ بنِ المُنَادِي (1) ، البَغْدَادِيُّ، صَاحِب التَّوَالِيف.
سَمِعَ مِنْ: جَدِّه، وَمِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِي، وَأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ اليَزيْديِّ، وَعِدَّة.
وَأَكْبَر شَيْخٍ لَهُ زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى المَرْوَزِيّ صَاحِبُ سُفْيَان بنِ عُيَيْنَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوَيه، وَأَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الشَّذَائِيُّ المُقْرِئ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخٌ لعَبْدِ البَاقِي بن السَّقَّاء، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَبِي هَاشِم، وَمُحَمَّدُ بنُ فَارس الغُورِيُّ، وَجَمَاعَة.
قَالَ الدَّانِيُّ: أَخَذَ القِرَاءةَ عَرْضاً، وَرَوَى الحُرُوْفَ سَمَاعاً عَنِ الحَسَنِ بنِ العَبَّاسِ، وَأَبِي أَيُّوْبَ الضَّبِّيّ، وَإِدْرِيْس بنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ، وَالفَضْلِ بن مَخْلَد الدَّقَّاق، وَسَمَّى جَمَاعَةً سِوَاهُم.
ثُمَّ قَالَ: مُقْرِئ جليلٌ غَايَةٌ فِي الإِتْقَانِ، فَصيح اللِّسَان، عَالِمٌ بِالآثَار، نهَايَة فِي عِلْم العَرَبِيَّة، صَاحِب سنَّة، ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
__________
(*) الفهرست: 58، تاريخ بغداد: 4 / 69 - 70، طبقات الشيرازي: 173، طبقات الحنابلة 2 / 3 - 6، المنتظم: 6 / 357 - 358، تذكرة الحفاظ: 3 / 849 - 850، العبر: 2 / 242، الوافي بالوفيات: 6 / 290، مرآة الجنان: 2 / 325، البداية والنهاية: 11 / 219، غاية النهاية: 1 / 44، النجوم الزاهرة: 3 / 295، بغية الوعاة: 130، طبقات الحفاظ: 351 - 352، شذرات الذهب: 2 / 343.
(1) بضم الميم، وفتح النون، وفي آخرها الدال المهملة. هذه النسبة إلى من ينادي على الاشياء التي تباع والمفقودة. " الأنساب ": 542 ب.(15/361)
قرأَ عَلَيْهِ الشَّذَائِيُّ، وَابْنُ أَبِي هَاشِم، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ صُلْبَ الدِّين، شرسَ الأَخْلاَق، فلذَلِكَ لَمْ تَنْتَشرْ عَنْهُ الرِّوَايَة (1) .
وَقَدْ صَنَّفَ أَشيَاء، وَجَمَعَ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ تَقْرِيْباً.
وَتُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ السَمَرْقَنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المنيَابِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُجَبِّر، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ المُنَادِي، حَدَّثَنَا الصَّاغَانِي، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنِي عُبَيْد اللهِ بن زَحْر، عَنْ لَيْث، عَنْ شَهْر بنِ حَوْشَب، قَالَ:
كُنَّا نَأْتِي أَبَا سَعِيْدٍ، فنسأَله، وَكَانَ يَقُوْلُ لَنَا:
مَرْحَباً بوصيَةِ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ:
(سيَأْتيكُم أُنَاسٌ يتفقَّهون فَفَقِّهُوهُمْ، وَأَحْسِنُوا تَعْلِيْمَهُمْ (2)) .
أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي عُمَرَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَر السَّرَّاج، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الْمُحسن، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَر بن المُنَادِي، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنِي أَخِي أَبُو جَعْفَرٍ، وَعمِي إِبْرَاهِيْم، قَالاَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ المُبَارَكِ العَدَوِيّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْج، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَة، عَنْ أُمِّ سَلَمَة قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَقْرَأ {ملك يَوْم الدِّيْنِ} [الْفَاتِحَة:3] بِغَيْر أَلف.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 69.
(2) إسناده ضعيف عبيد الله بن زحر مختلف فيه، وليث - وهو ابن أبي سليم - ضعيف، وكذا شيخه فيه شهر بن حوشب.(15/362)
غَرِيْب منكرٌ، وَإِسنَاده نَظِيف.
186 - الخِرَقيُّ أَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
العَلاَّمَةُ شَيْخُ الحَنَابِلَة، أَبُو القَاسِمِ عُمَر بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ الخِرَقيُّ (1) الحَنْبَلِيُّ، صَاحِبُ (المُخْتَصَر) المَشْهُوْر (2) فِي مَذْهَب الإِمَام أَحْمَد.
كَانَ منِ كِبَارِ العُلَمَاء تَفَقَّهَ بِوَالِدِهِ الحُسَيْن (3) صَاحِب المَرُّوْذِيّ وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ.
قَالَ القَاضِي أَبُو يَعْلَى: كَانَتْ لأَبِي القَاسِمِ مُصَنَّفَات كَثِيْرَةٌ لَمْ تظهرْ، لأَنَّه خَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ لَمَّا ظَهَرَ بِهَا سبُّ الصَّحَابَة، فَأَودع كُتُبه فِي دَارٍ فَاحترقَتِ الدَّار (4) .
قُلْتُ: وَقَدِمَ دِمَشْق، وَبِهَا تُوُفِّيَ، وَقبرُهُ ظَاهِر يزَارُ بِمَقْبَرَة بَابِ الصَّغِيْر.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: زُرت قبَره (5) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 234 - 235، طبقات الشيرازي: 172، طبقات الحنابلة: 2 / 75 - 118، الأنساب: 5 / 92، تاريخ ابن عساكر: 12 / 352 آ، والمنتظم: 6 / 346، وفيات الأعيان: 3 / 441، العبر: 2 / 238 - 239، البداية والنهاية: 11 / 214، شذرات الذهب: 2 / 336 - 337.
(1) بكسر الخاء المعجمة، وفتح الراء، وفي آخرها القاف. هذه النسبة إلى بيع الثياب. والخرق. " الأنساب ": 5 / 91.
(2) شرحه الامام ابن قدامة المقدسي المتوفى سنة / 620 / هـ شرحا قيما سماه: " المغني " وهو مطبوع.
(3) له ترجمة في " طبقات الحنابلة ": 2 / 45 - 47.
(4) " طبقات الحنابلة ": 2 / 75.
(5) " تاريخ بغداد ": 11 / 235.(15/363)
وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: لَمْ يَقَعْ لَنَا حَدِيْثٌ مِنْ طَرِيقه.
وَقَدْ حَكَى عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ الصَّفَّار.
وَظهر فِي هَذَا الوَقْت الرّفضُ وَالاعتزَال بِالعِرَاقِ ببنِي بُوَيه.
187 - الكِرْمَانِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْحَاقَ *
الكِرْمَانِيُّ.
رَوَى عَنْ: يَحْيَى بنِ بَحر الكِرْمَانِيّ، صَاحِبِ حَمَّاد بنِ زَيْدٍ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي يَعْقُوْبَ الكِرْمَانِيّ وَلَمْ يُدْرِكْهُ.
وَعَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَابْن مَحْمِش.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ فِي أَيَّامِي، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ.
قيل: وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
188 - البَصْرِيُّ أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ دِرْهَمٍ **
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الزَّاهِد الصَّالِح، أَبُو عُثْمَانَ عَمْرو بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ دِرْهَم النَّيْسَابُوْرِيّ المُطَّوِّعِيّ الغَازِي، المَعْرُوْف بِالبَصْرِيّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء، وَأَحْمَدَ بنَ مُعَاذ، وَغيَرهُمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظ أَبُو عَلِيٍّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ
__________
(*) ميزان الاعتدال: 2 / 527، لسان الميزان: 3 / 279.
(* *) لم نقف له على مصادر ترجمة، وتاريخ نيسابور الذي نقل عنه المؤلف لم يعثر عليه حتى الآن.(15/364)
مَنْدَة، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُؤمَّل، وَأَبُو طَاهِرٍ بن مَحْمِش، وَالعَلَوِيّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ نيَّف عَلَى ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
قَالَ الحَاكِمُ: لَمْ أُرزقِ السَّمَاع مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يحضُر منزلنَا، وَأَنبسطُ إِلَيْهِ.
قَالَ لِي أَبِي: صحبته إِلَى رِبَاط فرَاوَة (1) .
وَمَا رَأَيْتُ مِثْل اجْتهَادِه حَضَراً وَسَفَراً.
189 - الإِخْشِيذُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ طُغْجَ بنِ جُفَّ *
صَاحِبُ مِصْرَ الْملك، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ طُغْج بنُ جُفّ بن خَاقَان، الفَرْغَانِيُّ التُّرْكِيُّ.
رَوَى عَنْ: عَمِّهِ بدر.
وولِي مِصْر سنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ (2) ، ثُمَّ دِمَشْق مُضَافاً إِلَى مِصْرَ مِن قَبْل الرَّاضِي.
__________
(1) بالفتح، وبعد الالف واو مفتوحة، بليدة من أعمال نسا " معجم البلدان ": 4 / 245.
(*) ولاة مصر: 299، تاريخ ابن عساكر: 15 / 243 ب - 244 آ، المنتظم: 6 / 347، وفيات الأعيان: 5 / 56 - 63، العبر: 2 / 239 - 240، الوافي بالوفيات: 3 / 171 - 172، مرآة الجنان: 2 / 314 - 316، البداية والنهاية: 11 / 215، النجوم الزاهرة: 3 / 235 - 237 شذرات الذهب: 2 / 337.
(2) هذه ولايته الأولى، ودامت اثنين وثلاثين يوما. ولم يدخل مصر فيها، أما ولايته الثانية والتي دامت إلى أن مات.
فكانت سنة / 232 / هـ.(15/365)
وَالإِخْشِيذُ بِالتُركِي ملك المُلُوك.
وَتُوُفِّيَ جدُّه سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
ثمَّ صَارَ طُغْج مِنْ كِبَار قوَّاد خُمَارَوَيْه، ثُمَّ سَارَ إِلَى بَغْدَادَ فعظَّمُوهُ، فَبدَا مِنْهُ كِبْر وَتيه فِي حَقِّ الوَزِيْر، فسُجنَ هُوَ وَابْنه هَذَا، فَمَاتَ فِي السِّجن، ثُمَّ أَطْلِق مُحَمَّدٌ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُورٌ طَوِيْلَة إِلَى أَنْ تملَّك.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً حَازِمَا يَقِظاً مَهِيْباً سعيداً فِي حُرُوبه مكرِّماً لأَجنَاده شَدِيد الأَيْد (1) لاَ يَكَاد أَنْ يجُرَّ أَحَدٌ قَوْسه (2) .
بلغ عِدَّةُ مَمَالِيْكه ثَمَانيَة آلاَف.
وَقِيْلَ: بلغَ عَدَدُ جَيْشه أَرْبَع مائَة أَلْف رَاكب (3) .
وَهَذَا بعيد، وَلَهُ جَمَاعَة أَوْلاَد تملَّكُوا بَعْدَهُ (4) .
تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ فِي ذِيِ الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
ثُمَّ نُقِلَ، فَدُفِنَ بِبَيْت المَقْدِس - غفر الله لَهُ -.
وَقَدْ حَاربه ابْنُ رَائِق فَهَزَمه الإِخْشِيذُ، ثُمَّ سَارَ أَخُو الإِخشِيذ، فَالتَقَى ابْنَ رَائِقٍ فَقُتِلَ.
فَنَدِمَ ابْنُ رَائِق، وَبَعَثَ ابْنَه مزَاحماً إِلَى الإِخْشِيذ ليقتُلَه بِأَخِيْهِ، فعَفَا، وَخلعَ عَلَى مزَاحم، وَردَّه إِلَى أَبِيْهِ (5) .
__________
(1) القوة.
(2) " وفيات الأعيان ": 5 / 58 - 59.
(3) " وفيات الأعيان ": 5 / 59.
(4) انظر " ولاة مصر ": 311 - 315.
(5) " الكامل ": 8 / 363 - 364.(15/366)
190 - الشِّبْلِيُّ أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ *
شَيْخُ الطَّائِفَةِ، أَبُو بَكْرٍ الشِّبلِيُّ (1) ، البَغْدَادِيُّ.
قِيْلَ: اسْمه دُلَف بنُ جَحْدَر.
وَقِيْلَ: جَعْفَر بن يُوْنُسَ.
وَقِيْلَ: جَعْفَر بن دُلَف (2) ، أَصلُه مِنَ الشِّبْليَّة - قريَة -.
وَمَوْلِدُهُ بِسَامَرَّاء.
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ كِبار حُجَّاب الخِلاَفَة.
وَولِي هُوَ حجَابَة أَبِي أَحْمَدَ الْمُوفق (3) ، ثُمَّ لَمَّا عُزلَ أَبُو أَحْمَدَ مِنْ وَلاَيَة، حضَرَ الشِّبْلِي مَجْلِسَ بَعْض الصَّالِحِيْنَ.
فتَاب ثُمَّ صَحِبَ الجُنَيْدَ وَغَيْرَهُ، وَصَارَ مِنْ شَأْنه مَا صَارَ.
وَكَانَ فَقِيْهاً عَارِفاً بِمَذْهَب مَالِك، وَكَتَبَ الحَدِيْثَ عَنْ طَائِفَةٍ.
وَقَالَ الشِّعْرَ، وَلَهُ أَلْفَاظٌ وَحِكَم وَحَال وَتَمَكُّن، لكنَّه كَانَ يحصُل لَهُ جفَافُ دِمَاغ وَسُكْرٍ.
فَيَقُوْلُ: أَشيَاء يُعتَذرُ عَنْهُ، فِيْهَا بِأْوٌ (4) لاَ تكُون قدوَة.
__________
(*) طبقات الصوفية: 337 - 348، حلية الأولياء: 10 / 366 - 375، تاريخ بغداد: 14 / 389 - 397، الرسالة القشيرية: 25 - 26، الأنساب: 7 / 282 - 284، المنتظم: 6 / 347 - 349، وفيات الأعيان: 2 / 273 - 276، العبر: 2 / 240 - 241، مرآة الجنان: 2 / 317 - 319، البداية والنهاية: 11 / 215 - 216، الديباج المذهب: 116 - 117، طبقات الأولياء: 204 - 213، النجوم الزاهرة: 3 / 289 - 290، شذرات الذهب: 2 / 338.
(1) بكسر الشين المعجمة، وسكون الباء المنقوطة بواحدة، هذه النسبة إلى قرية من قرى أشر وسنة - بلدة عظيمة وراء سمرقند - يقال لها: الشبلية.
وقد أورد السمعاني خبرا عنه في نسبته قال: " نوديت في سري يوما: شب لي، أي أحترق في، فسميت نفسي بذلك ".
أنظر " الأنساب ": 7 / 281، 282، 283.
(2) انظر " طبقات الصوفية ": 337.
(3) ابن الخليفة المتوكل، وأخو الخليفة المعتمد.
(4) البأو: الكبر، والفخر.(15/367)
حَكَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيّ الخَالدِي، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَابْن جُمَيْع الغَسَّانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قِيْلَ إِنَّهُ مَرَّة قَالَ: آهِ.
فَقِيْلَ لَهُ: مِنْ أَيِّ شَيْء؟
قَالَ: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ مُجَاهد قَالَ لَهُ: أَيْنَ فِي العِلْمِ إِفسَاد مَا ينفع؟
قَالَ: قَوْله: {فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأَعنَاق (1) } .
وَلَكِن يَا مُقْرِئ أَيْنَ مَعَكَ أَنَّ المحبَّ لاَ يُعَذّب حَبيبه؟
فَسَكَتَ ابْنُ مُجَاهِد.
قَالَ: قَوْله: {نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُه قل فَلِمَ يُعَذِّبكُم} [الْمَائِدَة:18] (2)
وَعَنْهُ: قَالَ: مَا قُلْتُ: الله إِلاَّ وَاسْتغفرتُ اللهَ مِنْ قَوْلِي: الله (3) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَطَاء الرُّوذَبارِيُّ: سَمِعْتُ الشِّبْلِي يَقُوْلُ:
كتبتُ الحَدِيْث عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَجَالَسْتُ الفُقَهَاءَ عِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَكَانَ لَهُ يَوْم الجُمُعَةِ صيحَةٌ، فصَاح يَوْماً، فَتشوَّش الخَلْقُ، فَحرِدَ أَبُو عِمْرَانَ الأَشيب وَالفُقَهَاء فَجَاءَ إِلَيْهِم الشِّبْلِي، فَقَالُوا (4) :
يَا أَبَا بَكْرٍ إِذَا اشْتَبَه عَلَيْهَا دَمُ الْحيض بِالاسْتحَاضَة مَا تصنع؟
فَأَجَابَ بثَمَانيَةَ عشرَ جَوَاباً.
فَقَامَ أَبُو عِمْرَانَ، فَقبَّل رَأْسَه (5) .
__________
(1) ذلك لأنه كان من شأن الشبلي إذا لبس شيئا خرق فيه موضعا، وفي الاستشهاد بالآية نظر، فإن ابن عباس فسرها بقوله: جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها: حبا لها، وهو الذي اختاره ابن جرير، قال: لأنه لم يكن ليعذب حيوانا بالعرقبة ويهلك مالا من ماله بلا سبب، سوى أنه اشتغل عن صلاته بالنظر إليها ولا ذنب لها.
(2) (قالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه، قل فلم يعذبكم بذنوبكم، بل أنتم بشر ممن خلق) ، المائدة: 18 وانظر " تاريخ بغداد ": 14 / 392، وما بين حاصرتين منه.
(3) " تاريخ بغداد ": 14 / 390.
(4) يريدون أن يظهروا جهله بالفقه.
(5) " تاريخ بغداد ": 14 / 393، وما بين حاصرتين منه.(15/368)
وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - لَهجاً بِالشِّعر الغَزِل وَالمحبَّة.
وَلَهُ ذَوْقٌ فِي ذَلِكَ، وَلَهُ مُجَاهَدَاتٌ عَجِيْبَةٌ انْحَرَفَ مِنْهَا مِزَاجه.
قَالَ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ، سَمِعْتُ الشبلِي يَقُوْلُ:
أَعرفُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي هَذَا الشَّأْن حَتَّى أَنفقَ جَمِيْعَ ملكه، وَغرَّق سَبْعِيْنَ قِمطراً (1) بِخَطِّه فِي دجلَة الَّتِي تَرَوْنَ وَحَفِظَ (المُوَطَّأ) ، وَتلاَ بكذَا وَكَذَا قِرَاءة - يَعْنِي: نَفْسه (2) -.
وَسُئِلَ: مَا علاَمَة العَارف؟
قَالَ: صَدْرُه مشروحٌ، وَقَلْبه مَجْرُوح، وَجسمه مَطْروح.
تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
عَنْ نَيِّف وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
191 - الزَّيْديُّ أَبُو أَحْمَدَ حَامِدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِد، المُجَوِّدُ، أَبُو أَحْمَدَ حَامِدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ، المَشْهُورُ بِالزَّيْديِّ؛ لِكَوْنِهِ اعتنَى بِجمع أَحَادِيْث زَيْد بنِ أَبِي أُنَيْسَة.
سكن طَرَسُوْس مُرَابطاً.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ نَصْر بن شَيْبَةَ، وَأَبِي رَجَاء مُحَمَّدِ بن حَمْدُوَيه، وَأَحْمَدَ بنِ سُوْرَة المرَاوزَة، وَعَلِيِّ بن الحَسَنِ بنِ سَلْم الأَصْبَهَانِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ الدِّمَشْقِيّ.
__________
(1) ما تصان فيه الكتب.
(2) " تاريخ بغداد ": 14 / 393، وما بين حاصرتين منه.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 171 - 172، تاريخ ابن عساكر: 4 / 75 آ - 76 ب، تذكرة الحفاظ: 3 / 918 - 919، طبقات الحفاظ: 373 - 374.(15/369)
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاق، وَأَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ الثَّلاَّج، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَآخَرُوْنَ.
وَله انتخَاب عَلَى خَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسِي.
مَاتَ فِي الكُهُوْلَة.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، مَوْصُوَفاً بِالحِفْظِ، مَذْكُوْرَا بِالفَهُم (1) .
قَالَ طَلْحَة الشَّاهد: مَاتَ الحَافِظ أَبُو أَحْمَدَ الزَّيْدِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَذَا وَرَّخه مُحَمَّدُ بنُ الفَيَّاض وَزَادَ: فِي رَمَضَانَ (2) .
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ يحفَظُ وَيفهَمُ، تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ بِبَغْدَادَ (3) .
قَالَ الخَطِيْبُ: الأَوَّل أَصحُّ، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (4) .
قُلْتُ: لَوْلاَ قَدِمُ وَفَاته لذكرتُهُ مَعَ ابْنِ عَدِيٍّ وَالإِسْمَاعِيْلِيّ.
وبإِسنَادِي إِلى ابْنِ جُمَيْع، حَدَّثَنَا حَامِدُ بنُ مُحَمَّدِ أَبُو أَحْمَدَ الحَافِظ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى القَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ عَقَّار، عَنْ عَزْرَة بنِ ثَابِتٍ، عَنْ مَطَر الوَرَّاق، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
أَوْصَانِي خليلِي رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلاَث: الوِتْر قَبْل النَّوْم، وَصيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّام مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَالغُسْل يَوْمَ الجُمُعَة (5) . هَذَا حَدِيْثٌ غَريبٌ.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 171.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 8 / 171 - 172.
(4) " تاريخ بغداد ": 8 / 172.
(5) وأخرجه أحمد 2 / 299 و233 و260 من طرق عن يونس، عن الحسن، عن أبي =(15/370)
192 - ابْنُ القَاصِّ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ *
الإِمَامُ، الفَقِيْه، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الشَّافِعِيُّ ابْنُ القَاصّ تِلْمِيْذُ أَبِي العَبَّاسِ بن سُرَيْج.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي خَلِيْفَة الجُمَحِيّ، وَغَيْره.
رَأَيْتُ لَهُ شَرحَ حَدِيْث أَبِي عُمَيْرِ (1) .
__________
= هريرة و2 / 254 من طريق أسود بن عامر، عن جرير بن حازم، عن الحسن عن أبي هريرة، و2 / 329 من طريق أبي النضر، عن المبارك، عن الحسن، عن أبي هريرة، و2 / 174 من طريق يحيى، عن عمران أبي بكر، حدثنا الحسن، عن أبي هريرة وأخرجه النسائي 4 / 218 من طريق محمد بن رافع، حدثنا أبو النضر، حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن الأسود بن هلال، عن أبي هريرة، وأخرجه أحمد 2 / 484 من طريق يونس، حدثنا الخزرج، عن أبي أيوب، عن أبي هريرة، وأخرجه أحمد 2 / 271 و489 من طريقين، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة قال: أوصاني صلى الله عليه وسلم بثلاث لست بتاركهن في حضر ولا سفر: نوم على وتر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، قال: ثم أوهم الحسن فجعل مكان الضحى غسل يوم الجمعة.
وأخرجه بهذا اللفظ من غير طريق الحسن عن أبي هريرة البخاري (1178) و (1981) ومسلم (721) والدارمي 1 / 339 و2 / 18، وأبو داود (1432) وأحمد 2 / 258 و277 و402 و459 و505.
(*) طبقات الشيرازي: 11، الأنساب: 10 / 24 - 25، وفيات الأعيان: 1 / 68 - 69، العبر: 2 / 241، الوافي بالوفيات: 6 / 227، طبقات الشافعية: 3 / 59 - 63، النجوم الزاهرة: 3 / 294، طبقات ابن هداية الله: 65 - 66، شذرات الذهب: 2 / 339.
(1) حديث أبي عمير أخرجه البخاري (1629) و (6203) ومسلم (2150) وأبو داود (4969) والترمذي (333) من حديث أنس قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا، وكان لي أخ - يقال له أبو عمير - قال: أحسبه فطيما، وكان إذا جاء قال: يا أبا عمير ما فعل النغير: نغر كان يلعب به، فربما حضر الصلاة وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته، فيكنس وينضح، ثم يقوم ونقوم خلفه فيصلي بنا " والنغير: طائر صغير كالعصفور.
وشرح ابن القاص لهذا الحديث هو في جزء ذكر في أوله أن بعض الناس عاب على أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة فيها، ومثل ذلك بحديث أبي عمير، قال: وما درى أن في هذا الحديث من وجوه الفقه، وفنون الأدب، والفائدة ستين وجها، ثم ساقها مبسوطة، ولخصها الحافظ ابن حجر في =(15/371)
وَتفقَّه بِهِ أَهْلُ طَبَرِسْتَان.
صَنَّف فِي المَذْهَب كتَاب (المُفتَاح) ، وكتَاب (أَدب القَاضِي) ، وكتَاب (الموَاقيت) ، وَلَهُ كتَاب (التَّلْخِيص) الَّذِي شَرَحَه أَبُو عَبْدِ اللهِ الخَتَنُ خَتَنُ الإِسْمَاعِيْلِيّ (1) .
وَتُوُفِّيَ مُرَابطاً بِطَرَسُوْس.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: كَانَ ابْنُ القَاصِّ مِنْ أَئِمَّة أَصحَابنَا، صَنَّفَ المُصَنَّفَات.
مَاتَ بَطَرَسُوْس سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
193 - المَمْسِيُّ أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ عِيْسَى *
الإِمَامُ، المُفْتِي، أَبُو الفَضْلِ العَبَّاس بنُ عِيْسَى الممسِيّ (3) ، المَالِكِيّ، العَابِد.
أَخَذَ عَنْ: مُوْسَى القَطَّان القَيْرَوَانِي وَغَيْرِه.
__________
= " فتح الباري " 10 / 584، 587. وجزء ابن القاص موجود في معهد المخطوطات، وقد صورت منه نسخة.
(1) الختن: الصهر، أو كل من كان من قبل المرأة كالاب والاخ. وأبو عبد الله المذكور هو محمد بن الحسن بن إبراهيم، أحد أئمة الشافعية في عصره توفي سنة / 386 / هـ. وكان ختن الامام أحمد بن إبراهيم الاسماعيلي المتوفى سنة / 371 / هـ.
(2) " طبقات الشيرازي ": 111.
(*) ترتيب المدارك: 3 / 313 - 323. الديباج المذهب: 217، معالم الايمان: 3 / 31 - 35، شجرة النور 1 / 83.
(3) في الأصل: التنيسي وفي " ترتيب المدارك " و" الديباج " و" معالم الايمان ": الممسي، وممس: قرية بالمغرب.(15/372)
وَكَانَ مُنَاظراً صَاحِبَ حُجَّة.
حجَّ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ، وَردَّ عَلَى الطَّحَاوِيّ فِي مَسْأَلَة النَّبِيذ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الغَرْبِ، وَأَقبَلَ عَلَى شَأْنه، ذكرهُ عيَاض القَاضِي.
فَلَمَّا قَامَ أَبُو يَزِيْدَ مَخْلَد بنَ كِنْدَاد الأَعْرَج رَأْسُ الخَوَارِج عَلَى بنِي عُبَيْد.
خَرَجَ هَذَا الممسِي مَعَهُ فِي عددٍ مِنْ عُلَمَاء القَيْرَوَان لفرْط مَا عَمَّهُم مِنَ البلاَء، فَإِنَّ العُبَيْدِي كَشَفَ أَمرَه، وَأَظْهَرَ مَا يُبْطنُهُ، حَتَّى نصبُوا حَسَنَ الضَّرِيْر السَبَّاب فِي الطُرُق بِأَسجَاع لقَّنوهُ، يَقُوْلُ:
العنُوا الغَار وَمَا حوَى، وَالكِسَاء وَمَا وَعَىَ، وَغَيْر ذَلِكَ، فَمَنْ أَنكر ضُربت عُنُقُه.
وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ دَوْلَةِ الثَّالِث إِسْمَاعِيْل (1) ، فَخَرَجَ مَخْلَد الزَّنَاتِي المَذْكُوْر صَاحِبُ الِحمَارَة، وَكَانَ زَاهِداً، فتحرَّك لقيَامِهِ كُلُّ أَحَد فَفَتَحَ البِلادَ، وَأَخَذَ مَدِيْنَة القَيْرَوَان لَكِنْ عَمِلَت الخَوَارِجُ كُلّ قبيحٍ، حَتَّى أَتَى العُلَمَاء أَبَا يَزِيْدَ يَعيبُوْنَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: نهبُكُم حلاَلٌ لَنَا، فلاَطفُوهُ حَتَّى أَمرَهُم بِالكَفّ، وَتَحَصَّنَ العُبَيْديُّ بِالمهديَّةِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا يَزِيْدَ لَمَّا أَيقن بِالظُّهور، غَلَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسه الخَارجيَّة،
وَقَالَ لأَمرَائِه: إِذَا لقِيتُم العُبَيْدِيَّة، فَانهزمُوا عَنِ القَيْرَوَانيين، حَتَّى ينَالَ مِنْهُم عدوُّهُم، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَاسْتُشْهِدَ خَلْق، وَذَلِكَ سنَة نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
فَالخَوَارِجُ أَعدَاءُ المُسْلِمِيْنَ، وَأَمَّا العُبَيْدِيَّة البَاطنيَة، فَأَعدَاءُ الله وَرَسُوِله.
__________
(1) انظر ترجمته رقم / 67 / من هذا الجزء.
(2) انظر ص / 153 / من هذا الجزء، وما بين حاصرتين منه.(15/373)
194 - الحُبُلِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحُبُلِيِّ *
الإِمَامُ، الشَّهِيْد، قَاضِي مَدِيْنَةَ بَرْقَةَ، مُحَمَّدُ بنُ الحُبُلِيِّ.
أَتَاهُ أَمِيْرُ بَرْقَة، فَقَالَ: غداً العِيْد.
قَالَ: حَتَّى نرَى الهِلاَل، وَلاَ أُفَطِّر النَّاس، وَأَتقلَّد إِثمَهُم، فَقَالَ:
بِهَذَا جَاءَ كِتَاب المَنْصُوْر - وَكَانَ هَذَا مِنْ رَأْي العُبَيْدِيَّة يفِّطرُوْنَ بِالِحسَاب، وَلاَ يعتبرُوْنَ رُؤْيَة - فَلَمْ يُرَ هِلاَل، فَأَصبح الأَمِيْرُ بِالطُّبولِ وَالبُنُودِ وَأُهبَةِ العِيْد.
فَقَالَ القَاضِي: لاَ أَخرج وَلاَ أُصَلِّي، فَأَمر الأَمِيْرُ رَجُلاً خَطَبَ.
وَكَتَبَ بِمَا جرَى إِلَى المَنْصُوْر، فَطَلَبَ القَاضِي إِلَيْهِ، فَأُحضِر.
فَقَالَ لَهُ: تَنَصَّلْ، وَأَعفو عَنْكَ، فَامْتَنَعَ، فَأَمر، فَعُلِّق فِي الشَّمْس إِلَى أَنْ مَاتَ، وَكَانَ يَسْتَغيث العطشَ، فَلَمْ يُسقَ.
ثُمَّ صَلَبُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ.
فلعنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالمِين.
195 - حَمْزَةُ بنُ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الهَاشِمِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، إِمَامُ جَامِع المَنْصُوْر، أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيُّ البَغْدَادِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ مِنْ: سَعْدَان بنِ نَصْرٍ، وَعِيْسَى بنِ أَبِي حَرْب، وَعَبَّاس التَّرْقُفِيّ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ.
__________
(*) لم أقف على مصادر ترجمته.
(* *) تاريخ بغداد: 8 / 181 - 183، المنتظم: 6 / 350 - 351.(15/374)
رَوَى عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُتَيَّم، وَإِبْرَاهِيْم بنُ مَخْلَد البَاقَرحِي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً مَشْهُوْراً بِالصَّلاَحِ، اسْتَسْقَى لِلنَّاسِ، فَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِن عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ اسْتَسْقَى بشيبَةِ العَبَّاسِ فَسُقِيَ وَهْوَ أَبِي، وَأَنَا أَستَسْقِي بِهِ.
قَالَ: فَأَخَذَ يحول رِدَاءهُ فَجَاءَ المَطَرُ وَهُوَ عَلَى المِنْبَر (1) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
121 - الجُورْجِيرِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْصٍ *
المُحَدِّثُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْص الأَصْبَهَانِيُّ الجُوْرِجيرِيُّ.
سَمِعَ: إِسْحَاق بنَ الفَيْض، وَإِسْحَاق شَاذَان، وَمُحَمَّدَ بنَ عَاصِمٍ الثَّقَفِيَّ، وَمَسْعُوْدَ بنَ يَزِيْدَ القَطَّان، وَحَجَّاج بنَ يُوْسُفَ بنِ قُتَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ الجُمَحِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ الحَافِظ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَعُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ البُرْجِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
يَقَعُ مِنْ عَوَالِيْهِ فِي (الثَّقَفِيَّات (2)) .
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 182، والزيادة منه.
وخبر استسقاء عمر بالعباس فخرج في البخاري 2 / 413 في الاستسقاء: باب سؤال الناس الامام الاستسقاء إذا قحطوا، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر العباس بن عبد المطلب.
(*) تقدمت ترجمته ومصادرها رقم / 120 / من هذا الجزء.
(2) انظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.(15/375)
196 - السِّمْسَارُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْصٍ *
الإِمَامُ، الزَّاهِدُ المُعَمَّر أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ حَفْص النَّيْسَابُوْرِيُّ السِّمْسَار العَابِد.
سَمِعَ: إِسْحَاقَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ رَزِيْن، وَسَهْل بنَ عَمَّارٍ، وَغيَرهُمَا.
وَعَنْهُ: أَبوَالحُسَيْن الحَجَّاجِي، وَأَبُو إِسْحَاقَ المُزَكِّي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بن مَنْدَةَ، وَأَبُو طَاهِرٍ بن مَحْمِش.
كَانَ فِي مَكْسَب عَظِيْمٍ فَتَرَكَه (1) ، وَاشتَغَلَ بِالصَّلاَة، وَالتِّلاوَة، وَحضُور الجَنَائِز.
أَثْنَى عَلَيْهِ الحَاكِم، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ اثْنَتَانِ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قَالَ: وَشيَّعه خلْقٌ مِثْل جَمْع يَوْمِ العِيْد.
197 - المَدَائِنِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ **
المُحَدِّثُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المَدَائِنِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ سِنَان القَزَّاز، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى بنِ خَلاَّد السَّاجِيّ صَاحِب الأَصْمَعِيّ، وَنَصْر بن مَرْزُوق، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو زُرْعَةَ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ.
ذكره ابْنُ النَّجَّار.
__________
(*) لم نقف على مصادر ترجمته.
(1) لو أنه جمع بين الاكتساب والعبادة، ووزع أوقاته عليهما، لكان خيرا له وأقرب إلى هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(* *) لم نقف على مصادر ترجمته.(15/376)
198 - أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ *
هُوَ: الإِمَامُ، المُحَدِّث، أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَج بن مَتُّويَة القَزْوِيْنِيّ.
ذكره الخَلِيْلِيّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ عَارف بِهَذَا الشَّأْن.
سَمِعَ بقَزْوينَ: مُحَمَّدَ بنَ مَسْعُوْد الأَسَدِيّ، وَيُوْسُفَ بنَ حَمْدَان، وَبَالعِرَاق أَبَا خَلِيْفَة، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيّ.
ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى الشَّامِ سَنَة ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ، وَكَتَبَ الكَثِيْر، فَمَاتَ عِنْد رُجُوعه بقُرْبِ قِرمِيسين سنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ كَهْل.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ لاَل الهَمَذَانِيّ، وَغَيْرهُ.
وَحَدَّثَنَا عَنْهُ ابْنه عَبْد اللهِ بِحَدِيثَيْن.
وَأَبُوْهُ:
199 - الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَتُّويه **
سَمِعَ: يَحْيَى بنَ عَبْدَك، وَكَثِيْرَ بنَ شِهَاب، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغ، وَعِدَّة مِنَ القَزْوينيين وَالعِرَاقيين، وَالحِجَازيين، قَدِيْمُ المَوْتِ.
سَمِعُوا مِنْهُ بِالعِرَاقِ لِحِفْظه.
__________
(*) الارشاد للخليلي الورقة 135.
(* *) الارشاد الورقة 135.(15/377)
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ القَطَّان، وَأَبُو دَاوُدَ الفَامِي.
ثُمَّ قَالَ الخَلِيْلِيّ: وَلَمْ نُدْرِك مِمَّن رَوَى عَنْهُ إِلاَّ عَلِيّ بنَ أَحْمَدَ بنِ صَالِح.
200 - ابْنُ زَبَّانٍ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ الكِنْدِيُّ *
المُقْرِئ العَابِد المُعَمَّر، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ زَبَّان الكِنْدِيّ، الدِّمَشْقِيّ الضَّرِيْر، ويُعرف أَيْضاً بِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
ادَّعَى أَنَّهُ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى أَحْمَدَ بنِ يَزِيْدَ الحُلْوَانِيّ، وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنْ هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَإِبْرَاهِيْم بن أَيُّوْبَ الحَوْرَانِيّ.
تَلاَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنُ زُرَيق، وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ شمعُوْنَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَرَوَى عَنْهُ: أَوَّلاً تَمَّام، وَالعَفِيْفُ بنُ أَبِي نَصْرٍ، ثُمَّ تركَا الرِّوَايَة عَنْهُ لضَعْفه.
وَكَانَ يَقُوْلُ: وُلِدْت سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ عَبْدُ الغنِي (1) الأَزْدِيّ: كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ (2) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) الإكمال: 4 / 120، العبر: 2 / 246، ميزان الاعتدال: 1 / 102، الوافي بالوفيات: 6 / 403، نكت الهميان: 99، لسان الميزان: 1 / 181 - 182، شذرات الذهب: 2 / 345 - 346.
(1) في الأصل: عبد العزيز، وهو خطأ.
(2) " العبر ": 2 / 246.(15/378)
201 - ابْنُ حيّكُويه مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا الرَّازِيُّ *
القَاضِي، الإِمَام، المُحَدِّث، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ زَكَرِيَّا الرَّازِيّ الشَّافِعِيّ.
ذَكَرَه الخَلِيْلِيّ، فَقَالَ: عَالِمٌ كَبِيْرٌ، سَمِعْتُ ابْنَ ثَابِت - يَعْنِي: عَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ -، يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ بقَزْوِين مَنْ يَعرف هَذَا الشَّأْن غَيْرَه.
سَمِعَ: سَهْل بنَ سَعْدٍ، وَعَلِيَّ بنَ أَبِي طَاهِرٍ، وَارْتَحَلَ فسَمِعَ أَبَا شُعَيْب الحَرَّانِيّ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى المَرْوَزِيَّ، وَمطيَّناً، وَأَبَا خَلِيْفَةَ، وَأَبَا يَعْلَى، وَهُوَ مِنَ المُكْثِرينَ فِي الحَدِيْثِ، وَفِي الفِقْه.
لاَزم ابْنَ سُرَيْج إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَله تَصَانِيْف فِي الأُصُوْل وَالفِقْه.
وَلِي القَضَاء بقَزْوين أَرْبَعَ سِنِيْنَ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَبنَى المقصورَة، وَأَمر بَاتخَاذ المِنْبَر، وَاسْتُقْضِي أَيْضاً بهَمَذَان.
وَكَانَ متعصِّبا لِلسُّنَّة، نَاصِراً لأَهلِهَا.
وَأَبُوْهُ (1) هُوَ حيّكُويه المُعَدَّل، ثِقَةٌ مُعْتَمد.
سَمِعَ: يَحْيَى بنَ عَبْدك، وَكَثِيْرَ بنَ شِهَاب، أَدْرَكْتُ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابه، مَاتَ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَاستُشْهِدَ القَاضِي أَبُو الحَسَنِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) الارشاد للخليلي الورقة 136.
(1) ترجمه أيضا في الارشاد الورقة 135.(15/379)
202 - أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ أَبُو جَعْفَرٍ الأَسَدِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحُجَّة، النَّاقِدُ، أَبُو جَعْفَرٍ الأَسَدِيُّ (1) ، الهَمَذَانِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ دَيْزيل، وَمُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ الأَشَجِّ، وَإِبْرَاهِيْم الحَرْبِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ السُّرِّيّ، وَيُوْسُف بن عَبْدِ اللهِ الدِّيْنَوَرِيّ، وَمُحَمَّد بن الضُّرَيْس، وَعِدَّة.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: كَتَبْنَا عَنْهُ: وَهُوَ صَدُوْقٌ، بصيرٌ بِالأَنسَاب وَالرِّجَال.
وَقَالَ الخَلِيْلِيّ: كَانَ ثِقَةً.
هُوَ آخرُ مَنْ رَوَى عَنِ: ابْنِ دَيْزيل، وَادَّعَى ابْنُ عَمِّهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَسَنِ الرِّوَايَةَ عَنِ ابْنِ دَيْزيل فَأُنكر عَلَيْهِ.
فَلَمَّا مَاتَ أَحْمَدُ رَوَى كتب ابْن دِيزِيلَ فضعَّفُوهُ (2) .
تُوُفِّيَ أَحْمَد (3) .
203 - مُحَمَّدُ بنُ حَاتِمِ بنِ خُزَيْمَةَ الكَشِّيُّ **
قَدِمَ نَيْسَابُوْر.
__________
(*) الارشاد للخليلي الورقة 115، العبر: 2 / 259، شذرات الذهب: 2 / 361 - 362.
(1) في " شذرات الذهب ": 2 / 163 " الاسد اباذي.
(2) الارشاد الورقة 115 والزيارة منه.
(3) في الأصل بياض قدر سطر واحد، وفي " العبر ": 2 / 259 أورد الذهبي وفاته في حوادث سنة / 342 / هـ.
(* *) الضعفاء للذهبي: 2 / 563، ميزان الاعتدال: 3 / 503، الوافي بالوفيات: 2 / 315، لسان الميزان: 5 / 110.(15/380)
وَحَدَّثَ عَنْ: عَبْد بن حُمَيْدٍ، وَعَنِ الفَتْح بن عَمْرٍو الكَشّي صَاحِبُ ابْن أَبِي فُدَيْك وَاتُّهم فِي ذَلِكَ.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ وَكذَّبه (1) .
وَقَالَ: حَدَّثَنَا إِمْلاَءً مِنْ كِتَابِهِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ ابْنُ مائَةٍ وَثَمَانِ سِنِيْنَ كتب عَنْهُ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
204 - المِصْرِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ، الوَاعِظُ، المَشْهُورُ بِالمِصْرِيِّ لإِقَامته مُدَّة بِمِصْرَ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ عُبَيْد أَبَا عَصِيدَة، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيَّ، وَابْن أَبِي العَوَّامِ الرِّيَاحِي وَطَبَقَتَهم.
وَبِمِصْر مِنْ: رَوْح بن الفَرَجِ القَطَّان، وَأَبِي يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيِّ، عَبْدِ اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَطَبَقَتهم، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ (2) .
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُظَفَّرِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ فَارس الغُورِي، وَهلاَل الحَفَّار، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَطَائِفَة.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، عَارِفاً، جَمَعَ حَدِيْث اللَّيْث، وَحَدِيْثَ ابْنِ لَهِيْعَةَ.
وَصَنَّفَ فِي الزُّهْد كُتُباً كَثِيْرَة.
وَكَانَ لَهُ مَجْلِسُ وَعظٍ (3) .
__________
(1) " ميزان الاعتدال ": 3 / 503.
(*) الفهرست: 263، تاريخ بغداد: 12 / 75 - 76، البداية والنهاية: 11 / 222.
(2) انظر " الفهرست ": 263.
(3) " تاريخ بغداد ": 12 / 76.(15/381)
حَدَّثَنِي الأَزْهرِيُّ أَنَّهُ يحضُرُ مَجْلِسَه رِجَالٌ وَنسَاءٌ، فَكَانَ يجعَلُ عَلَى وَجهِهِ بُرْقُعاً خوَفاً أَنْ يَفتَتِن بِهِ النَّاس مِنْ حُسن وَجْهه.
ثُمَّ قَالَ الأَزْهَرِيُّ: فَحُدّثت أَنَّ أَبَا بَكْرٍ النَّقَّاش المُقْرِئ، حَضَرَ مَجْلِسَه مختفياً (1) ، فَلَمَّا سَمِعَ كَلاَمَه، قَامَ قَائِماً، وَشهر نَفْسه، وَقَالَ: أَيُّهَا الشَّيْخ، القَصَصُ بعدَك حرَام.
قُلْتُ: عِنْد السِّبْطِ (2) جزءٌ عَالٍ مِنْ حَدِيْثه سَمِعْنَاهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ وَلَهُ نَيِّف وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
205 - ابْنُ دِيْنَارٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، الفَقِيْه، المَأْمُوْنُ، الزَّاهِدُ العَابِد، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَار النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَنَفِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ أَشْرَس، وَالسَّرِيَّ بنَ خُزَيْمَةَ، وَالحُسَيْن بنَ الفَضْلِ المفسِّر، وَأَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: عُمَرُ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَغيرُ وَاحِد.
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": 12 / 76: متخفيا.
(2) هو سبط السلفي، واسمه عبد الرحمن بن مكي مات سنة 651 هـ.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 451 - 452، المنتظم: 6 / 365 - 366، العبر: 2 / 248، مرآة الجنان: 2 / 327، الجواهر المضية: 2 / 66، النجوم الزاهرة: 3 / 300، شذرات الذهب: 2 / 348.(15/382)
عظَّمه الحَاكِمُ وَبَجَّله، وَقَالَ: كَانَ يَصُوْمُ النَّهَار، وَيَقُوْمُ اللَّيْل، وَيصبِرُ عَلَى الفَقْرِ.
مَا رَأَيْتُ فِي مَشَايِخِ أَصْحَابِ الرَّأْي أَعبدَ مِنْهُ.
وَكَانَ - يَحُجُّ وَيغزو، وَكَانَ عَارِفاً بِالمَذْهَب، سَارَ ليَحُجَّ فَتُوُفِّيَ غَرِيْباً بِبَغْدَادَ - رَحِمَهُ اللهُ، ورَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: ثِقَةٌ، تُوُفِّيَ فِي غُرَّةِ صَفَر سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
وَكَانَ قَدْ رَغِبَ عَنِ الفَتْوَى لاشْتِغَالِهِ بِالعِبَادَة مَعَ صَبْرٍ عَلَى الفَقْرِ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمل يدِهِ، وَيتصدَّق، وَيُؤثِر وَيَحُجُّ فِي كُلِّ عشر سِنِيْنَ، وَيغزو كُلّ ثَلاَث سِنِيْنَ (2) ، وَكَانَ كَثِيْر الرِّوَايَة.
قَالَ مرَّة: ابْنِي يحبُّ الدُّنْيَا، وَاللهِ يبغضُهَا، وَلاَ أُحَبّ مَنْ يحبُّ مَا يبغضُه الله.
206 - الَحصَائِرِيُّ الحَسَنُ بنُ حَبِيْبِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ *
الإِمَامُ مُفْتِي دِمَشْق وَمقرِئهَا وَمُسنِدُهَا، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ حَبِيْب بنِ عَبْدِ المَلِكِ الدِّمَشْقِيُّ الحَصَائِرِي (3) الشَّافِعِيّ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 452.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 451، وما بين الحاصرتين منه.
(*) تاريخ ابن عساكر: 4 / 213 ب - 214 آ، العبر: 2 / 247، طبقات الشافعية: 3 / 255 - 256، غاية النهاية: 1 / 209 - 210، النجوم الزاهرة: 3 / 300، شذرات الذهب: 2 / 346.
(3) في " العبر ": الحضائري، و" الشذرات ": الخضائري، وكلاهما تصحيف انظر " المشتبه ": 1 / 238، " توضيح المشتبه " 1 / الورقة 206، و" تبصير المنتبه " 2 / 506.(15/383)
مَوْلِدُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ إِلَى مِصْرَ، فَأَخَذَ عَنِ الرَّبِيْع المُرَادِيّ كتَاب (الأُم) ، وَعَنْ بَكَّار بنِ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَالعَبَّاس بنِ الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيّ، وَصَالِح بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَبِي أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغ، وَعِدَّة.
وَتَلاَ عَلَى هَارُوْنَ الأَخْفَش.
حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَرُ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَعَبْد المُنْعِمِ بن غَلْبُوْنَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَتَمَّام الرَّازِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الْحَدِيد، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بن نَصْرٍ، وَخَلْقٌ خَاتِمَتُهُم عَبْد الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيُّ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكَتَّانِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ نَبِيْلٌ حَافِظٌ لمَذْهَب الشَّافِعِيّ (1) .
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِر: كَانَ إِمَامَ مَسْجِدِ بَاب الجَابِيَة، وَحَدَّثَ
بكتَاب (الأَمّ (2)) .
قَالَ الكَتَّانِي: مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
207 - الأَنْطَاكِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ حَسَنٍ *
الإِمَامُ، مُقْرِئ الشَّام، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ حسن الأَنْطَاكِيُّ.
__________
(1) " طبقات الشافعية ": 3 / 256، وفيه: الكناني، وهو تصحيف.
(2) " تاريخ ابن عساكر ": 4 / 213 ب.
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 233 آ - 233 ب، العبر: 2 / 246 معرفة القراء: 1 / 230 - 231، غاية النهاية: 1 / 16 - 17، شذرات الذهب: 2 / 346.(15/384)
رَوَى عَنْ: أَبِي أَمِيَّة الطَّرَسُوْسِيّ، وَيَزِيْدَ بن عَبْدِ الصَّمَدِ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. وَتَلاَ عَلَى: هَارُوْنَ الأَخْفش، وَقُنْبُلٍ، وَعُثْمَانَ بنِ خُرَّزَاذ، وَإِسْحَاق الخُزَاعِيّ، وَعِدَّة.
وَتلاَ شَيْخُه عُثْمَان عَلَى قَالُوْنَ (1) .
وَله مصَنَّف فِي القرَاءات الثَّمَان (2) .
تَلاَ عَلَيْهِ: مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، وَعَلِيُّ بنُ بِشْرٍ الأَنْطَاكيَّان، وَعَبْدُ المُنْعِم بنُ غَلْبُوْنَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ حَبَش، وَعِدَّة.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ الدَّهَّان، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَطَائِفَة.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: هُوَ مُقْرِئٌ ضَابِط، ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ بِشْرٍ: مَاتَ شَيْخُنَا فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
208 - ابْنُ البَخْتَرِيِّ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو البَغْدَادِيُّ *
مسندُ العِرَاق، الثِّقَة، المُحَدِّث، الإِمَامُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ البَخْتَرِيِّ بنِ مُدْرِك البَغْدَادِيُّ الرَّزَّاز (3) .
__________
(1) هو لقب عيسى بن مينا بن وردان، قارئ المدينة وأحد القراء السبعة، توفي سنة 220 هـ.
وقد تقدمت ترجمته في الجزء العاشر برقم (79) .
(2) " معرفة القراء ": 1 / 231.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 132، الأنساب: 6 / 107 - 108، العبر: 2 / 251، الوافي بالوفيات: 4 / 291، شذرات الذهب: 2 / 350.
(3) اسم لمن يبيع الرز.(15/385)
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: سَعْدَان بنَ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِيَّ، وَعباساً الدُّوْرِيّ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيّ، وَطَبَقَتَهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَة، وَابْنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ حَسنُوْنَ النَّرْسِيّ، وَهِلاَل الحَفَّار، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَخْلَدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً (1) .
قُلْتُ: وَقَعَ لَنَا جُمْلَةٌ صَالِحَةٌ مِنْ حَدِيْثه.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرْنَا ابْنُ الفَرَّاءِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ الدَّقَّاق، أَخْبَرْنَا ابْنُ زكرِي، أَخْبَرْنَا ابْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ البَخْتَرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِر، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا مِسْعَر، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَيْسرَة، عَنِ النَّزَّال بن سَبْرَة، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ:
أُخْبِرْتُ أَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ أَثْرَمَ (2) .
209 - الأَزْدِيُّ أَبُو زَكَرِيَّا يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِيَاس *
الحَافِظُ، الإِمَامُ الفَقِيْه القَاضِي، أَبُو زَكَرِيَّا يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِيَاس
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 132.
(2) الثرم، محركة: انكسار السن من أصلها، أو سن من الثنايا والرباعيات، أو خاص بالثنية.
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 894 - 895، طبقات الحفاظ: 366.(15/386)
الأَزْدِيُّ المَوْصِلِيُّ، مُؤلف (تَارِيْخ المَوْصِل (1)) وَقَاضيهَا.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ أَبِي المُثَنَّى، وَعُبَيْد بن غَنَّام، وَإِسْحَاق بنَ الحَسَنِ الحَرْبِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ مُطَّيناً، وَطَبَقَتَهم.
ويُعْرَفُ بِابْنِ زكرَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُظَفَّر بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَنَصْر بنُ أَبِي نَصْرٍ العَطَّار، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ قَرِيْباً مِنْ سنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَعَ لِي مِنْ حَدِيْثه فِي (مُعْجم ابْنِ جُمَيْع) .
210 - الشَّعْرَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذِ بنِ فَهْدٍ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ الجَوَّال، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذ بن فَهد النُّهَاوَنْدِيُّ، ثُمَّ الهَمَذَانِيُّ الشَّعْرَانِيُّ، مُؤلف طُرُق (من كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّداً) .
يَرْوِي عَنِ: الكُدَيْمِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بنِ دَيْزيل، وَتَمْتَام، وَأَحْمَدَ الحَمَّار، وَالكَجِّي، وَحَمْدَان بن المُغِيْرَةِ الهَمَذَانِيّ، وَمُطَيَّن، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، وَالفِرْيَابِيّ، وَخَلْق.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ لاَل، وَمَنْصُوْرُ بنُ جَعْفَرٍ النُّهَاونْدِي، وَغيُرهُمَا.
وَهُوَ وَاهٍ، وَلَهُ أَوهَام.
__________
(1) طبعت لجنة إحياء التراث الإسلامي الجزء الثاني منه في القاهرة عام / 1967 / م، وهو الجزء الموجود، أما الأول والثالث فمفقودان.
(*) ميزان الاعتدال: 4 / 44، لسان الميزان: 5 / 384 - 285.(15/387)
حدَّث فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقيل: تُوُفِّيَ فِيْهَا.
211 - ابْنُ أَوْسٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَوْسٍ الهَمَذَانِيُّ *
الإِمَامُ المُقْرِئ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَوْس الهَمَذَانِيّ.
رَوَى عَنْ: أَحْمَدَ بنِ بُدَيْل، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ عِصَام، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ التُّبَّعِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ يعِيش، وَأَحْمَد بنِ مَنْصُوْر زَاج، وَعِدَّة.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ رَأْسُ مَاله فِي القُرْآن.
فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ القُرْآن بوُجُوه، وَكَانَ لَهُ محلٌّ جليلٌ فِي القِرَاءة، وَهُوَ صَدُوْقٌ فِي الرِّوَايَة.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: قَدْ نيَّف عَلَى التِّسْعِيْنَ.
212 - ابْنُ أَبِي صَالِحٍ القَاسِمُ بنُ بُنْدَارَ بنِ إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ مُحَدِّث هَمَذَان، أَبُو أَحْمَدَ القَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ بُنْدَار بن إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيّ الرَّوَّاد.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ النُّهَاوَنْدِي، وَإِبْرَاهِيْم بنِ دَيْزِيل، وَالحَسَنِ بن عَلِيِّ بنِ زِيَاد السُّرِّيّ، وَيُوْسُفَ بنِ عَبْدِ اللهِ الدِّيْنَوَرِيّ، وَعِدَّة.
__________
(*) غاية النهاية: 1 / 107.
(* *) لسان الميزان: 4 / 460.(15/388)
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاق، وَإِبْرَاهِيْمُ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ مَمّوس - وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِهِ - وَطَائِفَةٌ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ مِنْهُ قَدِيْماً، وَكَانَ صَدُوْقاً مُتْقِناً.
سَمِعنَا عَامَّةَ مَا كَانَ عِنْدَهُ، وَكَانَ يُتقِنُ حَدِيْثَه، وَكُتُبه صِحَاح بِخَطِّه.
وَذهبَ عَامَّتُهَا فِي الفِتْنَة، ثُمَّ كُفَّ بَصَرهُ (1) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
213 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الهَمَذَانِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الجَوَّال أَبُو إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيّ التُرَابِي مَمّوس أَحَدُ الأَعلاَم.
رَوَى عَنْ: يَحْيَى بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي قِلاَبَةَ، وَيَحْيَى بن عَبْدِ اللهِ الكَرَابيسِي، وَابْن دَيْزيل وَمُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ الأَزْرَق، وَابْن أَبِي الدُّنْيَا، وَهِلاَل بنِ العَلاَءِ، وَعُثْمَانَ بن خُرَّزَاذ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الصُّوْرِيّ، وَأَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيّ، وَأَبِي الزنبَاع، وَأَبِي يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيّ، وَإِسْحَاق الدَّبَرِي، وَالحَسَنِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى البَوسِي، وَخَلاَئِق.
ذكره صَالِح الحَافِظ وَقَالَ: رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ يَزِيْدَ الدَّقَّاق، وَأَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى، وَالفَضْل بنُ الفَضْلِ، وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الكُرجِي ابْن القَصَّاب، وَالكِبَارُ وَالحُفَّاظ.
وَسَمِعْتُ مِنْهُ مَعَ أَبِي، وَكَانَ ثِقَةً مُفِيْداً.
سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِم البُسْتِيّ
__________
(1) " لسان الميزان ": 4 / 460.
(*) الارشاد الورقة 113 مختصر طبقات علماء الحديث الورقة 145، تذكرة الحفاظ 3 / 831.(15/389)
يَقُوْلُ:
عِنْد أَبِي إِسْحَاقَ مائتَا حَدِيْث مِمَّا لَيْسَ مخرجُه إِلاَّ مِنْ عِنْدِهِ.
وَسَمِعْتُ علاَّن الكرجِي يَحْكِي عَنْ أَبِي حَاتِمٍ فَقَالَ: خَمْس مائَة حَدِيْث.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ القَصَّاب: مَا رَأَيْتُ مِثْل ابْنِ يَعْقُوْبَ، رَأَيْت عِنْدَهُ مَا لَمْ أَر عِنْد أَحَدٍ لاَ بِبَغْدَادَ وَلاَ بِأَصْبَهَانَ.
وطوَّل صَالِحٌ تَرْجَمَتَه، وَأَنَّهُ امْتنع مِنَ الرِّوَايَة عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْر لكُون بَعْض النَّاس قَال فِيْهِ شَيْئاً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الخَلِيْلِيّ: حَدَّثَنَا عَنْهُ جَدِّي، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاقَ الكَيْسَانِي، عدَّلُوهُ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ فرَاس العَبْقَسِي، وَصَالِحُ بنُ أَحْمَدَ، وَكَانَ ثِقَةً.
214 - المَيْدَانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخ الصَّدُوْق، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَعْقل النَّيْسَابُوْرِيُّ المَيْدَانِيُّ مِنْ أَهْلِ محلَّة تُعْرَفُ بِمَيْدَان ابْنِ زِيَاد.
سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بن يَحْيَى الذُّهْلِيّ جُزْءاً وَاحِداً.
وَهُوَ الَّذِي عِنْد سِبْط السِّلَفِيّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَعِيْدٍ بنُ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو طَاهِرٍ بن مَحْمِش، وَأَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ وَغَيْرُهُم.
__________
(*) العبر: 2 / 243، شذرات الذهب: 2 / 343.(15/390)
مَاتَ فجأَة فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ سنٍ عَالِيَة.
وَقَدْ رَوَى الحَاكِمُ فِي (تَارِيْخه) حَدِيْثَيْنِ عَنِ القَاضِي أَبِي بَكْرٍ الحِيْرِيّ، عَنِ المَيدَانِي.
215 - الصُّعْلُوْكِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الفَقِيْه اللُّغَوِيّ، أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَان الحَنَفِيُّ (1) الصُّعْلُوكِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا الطَّيِّب يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيّ، وَعَلِيَّ بنَ الحَسَنِ الدَّارَابْجِرْدِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء.
وَفِي الرِّحلَة مِنْ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بِالرَّيّ، وَعَبْدِ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَطبقتِهِ بِبَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلوكِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الأَخْرَم.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيْثاً وَاحِداً فِي المذَاكرَة، وَكَانَ إِمَاماً مقدّماً فِي الفِقْه وَاللُّغَة وَصَنَّفَ (2) فِي الحَدِيْثِ، وَأَمسكَ عَنِ الرِّوَايَة بَعْد أَنْ عُمِّر، أَوْ قَالَ: عَمِي (3) وَكُنَّا نرَاهُ حَسْرَة - رَحِمَهُ اللهُ (4) -.
تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) الأنساب: 8 / 65 - 66، إنباه الرواة: 1 / 105، الوافي بالوفيات: 7 / 396، طبقات الشافعية: 3 / 43 - 44.
(1) النسبة هنا إلى بني حنيفة، وهم قوم نزلوا اليمامة. فالصعلوكي شافعي المذهب.
(2) في الأصل: " وضعيف " وهو خطأ، والتصويب من الأنساب والطبقات.
(3) في " طبقات الشافعية ": 3 / 44: " وأراه تصحيفا ".
(4) " الأنساب ": 8 / 66.(15/391)
216 - القِرْمْيسِينِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَيْبَانَ *
شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَيْبَان القِرْمِيْسِينِيُّ (1) زَاهدُ الجَبَل.
صَحِبَ إِبْرَاهِيْم الخَوَّاص، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ المَغْرِبِيّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ الحَسَن بنِ أَبِي العَنْبَر.
رَوَى عَنْهُ: الفَقِيْه أَبُو زَيْد المَرْوَزِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ ثَوَابَة، وَغَيْرهُم، وَسَاح بِالشَّامِ، وَغَيْرهَا.
سُئِلَ عَبْدُ اللهِ بنُ منَازل (2) الزَّاهِد عَنْهُ، فَقَالَ: هُوَ حُجَّةٌ الله عَلَى الفُقَرَاء وَأَهْلِ المعَاملاَت وَالآدَاب (3) .
وَعَنْ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يتعطَّل وَيتبطَّل، فليلزمِ الرُّخَص (4) .
__________
(*) طبقات الصوفية: 402 - 405، حلية الأولياء: 10 / 361، الرسالة القشيرية: 27، الأنساب: 10 / 110، تاريخ ابن عساكر: 2 / 225 آ - 225 ب، المنتظم: 6 / 390 - 391، العبر: 2 / 244 - 245، الوافي بالوفيات: 6 / 20، مرآة الجنان: 2 / 325، البداية والنهاية: 11 / 234، طبقات الأولياء: 21 - 23، شذرات الذهب: 2 / 334.
(1) بكسر القاف، وسكون الراء، وكسر الميم، والسين المهملة المكسورة بين اليائين الساكنتين آخر الحروف، والنون في آخرها. هذه النسبة إلى " قرميسين " وهي بلدة بجبال العراق، على ثلاثين فرسخا من همذان عند
دينور، على طريق الحاج.
" الأنساب ": 10 / 110.
(2) ضبطت في الأصل بضم الميم، والصواب بالفتح كما في " مشتبه " المؤلف 2 / 567 وتوضيح أن ناصر الدين، وتبصير ابن حجر.
(3) " طبقات الصوفية ": 402.
(4) " طبقات الصوفية ": 403.(15/392)
وَقَالَ: عِلْمُ الفَنَاء وَالبَقَاء يَدُور عَلَى إِخْلاَص الوَحْدَانيَّة، وَصحَّةِ العبوديَّة، وَمَا كَانَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ مِنَ المُغَالطَة وَالزَّنْدقَة (1) .
قُلْتُ: صَدَقتَ وَاللهِ، فَإِنَّ الفَنَاء وَالبَقَاء مِنْ تُرَّهَات الصُّوْفِيَّة، أَطْلَقَهُ بَعْضهُم، فَدَخَلَ مِنْ بَابه كُلُّ زِنْدِيْق، وَقَالُوا:
مَا سِوَى الله بَاطِلٌ فَانٍ، وَاللهِ تَعَالَى هُوَ البَاقِي، وَهُوَ هَذِهِ الكَائِنَات، وَمَا ثَمَّ شَيْء غَيْره.
ويَقُوْلُ شَاعرهُم:
وَمَا أَنْتَ غَيْرَ الكُون ... بَلْ أَنْتَ عَيْنُه
ويَقُوْلُ الآخر:
وَمَا ثَمَّ إِلاَّ اللهُ لَيْسَ سِوَاهُ
فَانظر إِلَى هَذَا الْمُرُوق وَالضَّلاَل، بَلْ كُلُّ مَا سِوَى الله محدَثٌ مَوْجُود، قَالَ الله - تَعَالَى - {خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بينهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّام} (2) .
وَإِنَّمَا أَرَادَ قُدَمَاء الصُّوْفِيَّةِ بِالفَنَاء نسيَانَ المخلوقَات وَتركَهَا، وَفنَاء النَّفس عَنِ التَّشَاغُل بِمَا سِوَى الله، وَلاَ يُسَلَّمُ إِلَيْهِم هَذَا أَيْضاً، بَلْ أَمرنَا اللهُ وَرَسُوْلُه بِالتَّشَاغل بِالمخلوقَات وَرؤيتهَا وَالإِقبال عَلَيْهَا، وَتعَظِيْمِ خَالِقهَا، وَقَالَ - تَعَالَى -: {أَولَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلكُوت السَّمَاوَات وَالأَرْض وَمَا خَلَق الله مِنْ شَيْء} (3) .
وَقَالَ: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَات وَالأَرْض} (4) .
__________
(1) " طبقات الصوفية ": 404.
(2) السجدة: 4.
(3) الاعراف: 185.
(4) يونس: 101.(15/393)
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة والسَّلاَم: (حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاء وَالطِّيب (1)) .
وَقَالَ: (كَأَنَّك علمتَ حُبَّنَا لِلْحم) .
وَكَانَ يحِبُّ عَائِشَة، وَيحبُّ أَباهَا، وَيحبُّ أُسَامَة، وَيحبُّ سِبْطَيْه، وَيحبّ الحَلْوَاء وَالعَسَل، وَيحبّ جَبَل أُحُد، وَيحبُّ وَطَنه، وَيحبُّ الأَنْصَار، إِلَى أَشيَاء لاَ تحصَى مِمَّا لاَ يغنِي المُؤْمِن عَنْهَا قَطُّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
217 - أَبُو العَرَبِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ تَمِيْمٍ المَغْرِبِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو العَرَبِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ تَمِيْمٍ بن تَمَّام المَغْرِبِيُّ، الإِفْرِيْقِيُّ.
كَانَ جدُّه (2) مِنْ أُمَرَاءِ أَفْريقيَة.
سَمِعَ: أَبُو العَرَبِ مِنْ خَلْقٍ كَثِيْرٍ أَصْحَاب سَحْنُوْن وَغَيْرِهِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْف.
وَرَوَى عَنْ: عِيْسَى بنِ مِسْكِيْن، وَأَبِي عُثْمَانَ بن الحَدَّاد.
__________
(1) أخرجه النسائي 7 / 61 في أول عشرة النساء، وأحمد 3 / 128 و199 و285 من طرق عن سلام أبي المنذر، عن ثابت، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" حبب إلي من الدنيا النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة " وهذا سند قوي، وصححه الحاكم.
تنبيه: يزيد بعضهم بعد قوله " حبب إلي من الدنيا " لفظا ثلاثا وهي زيادة شاذة لم تقع في شيء من كتب الحديث، وهي زيادة مفسدة للمعنى، لان الصلاة ليست من أمور الدنيا.
(*) علماء أفريقية 226، ترتيب المدارك: 3 / 334 - 336 تذكرة الحفاظ: 3 / 889 - 890، الوافي بالوفيات: 2 / 39، الديباج المذهب: 250 - 251، معالم الايمان: 3 / 42 - 47، طبقات الحفاظ: 363.
(2) في الأصل: جدهم.(15/394)
وَكَانَ فِيْمَا قَالَ القَاضِي عِيَاض: حَافِظاً لِلْمَذْهَب، مُفْتِياً، غَلَبَ عَلَيْهِ عِلْمُ الحَدِيْث وَالرِّجَال، وَصَنَّفَ (طبقَات أَهْل إِفْرِيْقِيَة) ، وكتَاب (المِحَنَ) ، وكتَاب (فَضَائِل مَالِك) ، وكتَاب (مَنَاقِب سَحْنُوْن) ، وكتَاب (التَّارِيْخ) فِي أَحَدَ عشرَ جزءاً (1) .
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كتَبَ بِيَدِهِ ثَلاَثَةَ آلاَف كِتَاب (2) .
وَأَوَّل طلبه للعِلْم كَانَ بزِيّ أَوْلاَد العَرَب (3) .
وَكَانَ أَحَدَ مَنْ عقد الخُرُوجَ عَلَى بنِي عبيد فِي ثَوْرَة أَبِي يَزِيْدَ عَلَيْهِم.
وَلَمَّا حَاصرَوا المهديَّة، سَمِعَ النَّاس عَلَى أَبِي العَرَب هُنَاكَ كتَابِي (الإِمَامَة) لِمُحَمَّدِ بنِ سَحْنُوْن.
فَقَالَ أَبُو العَرَبِ: كتبتُ بيدِي ثَلاَثَة آلاَف وَخَمْس مائَة كِتَاب، فَوَاللهِ لقرَاءةُ هذَيْن الكتَابَيْن هُنَا أَفضلُ عِنْدِي مِنْ جَمِيْع مَا كتَبْتُ (4) .
مَاتَ لثَمَانٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُه.
218 - أَبُو مَيْسَرَةَ أَحْمَدُ بنُ نِزَارٍ القَيْرَوَانِيُّ المَالِكِيُّ *
فَقِيْه المَغْرِب، أَبُو مَيْسرَة أَحْمَدُ بنُ نزَار القَيْرَوَانِيُّ المَالِكِيُّ، مِنَ العُلَمَاءِ العَاملين.
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي زَيْد.
__________
(1) انظر " ترتيب المدارك ": 3 / 335.
(2) " الديباج المذهب ": 250.
(3) يعني أولاد السلاطين. انظر " معالم الايمان ": 3 / 45 - 46.
(4) " معالم الايمان ": 3 / 45.
(*) ترتيب المدارك: 3 / 358 - 362 معالم الايمان: 3 / 50 - 54.(15/395)
أَرَادَ المَنْصُوْرُ إِسْمَاعِيْل (1) أَنْ يولِّيَه قَضَاءَ القَيْرَوَان، فَأَبَى.
وَكَانَ يختِمُ كُلَّ لَيْلَة فِي مَسْجِده، فَرَأَى لَيْلَة نوراً قَدْ خَرَجَ مِنَ الحَائِط، وَقَالَ: تمَلاَّ مِنْ وَجْهِي، فَأَنَا رَبُّك، فَبَصَقَ فِي وَجْهِهِ، وَقَالَ: اذهبْ يَا ملعُوْنَ، فطُفئ النُّوْر (2) .
وَقع فِي ذِهن المَنْصُوْر أَنَّ أَبَا مَيْسَرَة لاَ يرَى الخُرُوجَ عَلَيْهِ، فَأَرَادَه لِيُوَلِّيَهُ القَضَاء، فَقَالَ: كَيْفَ يلِي القَضَاءَ رَجُلٌ أَعمَى، يَبُولُ تَحْته.
فَمَا عَلِم أَحَدٌ بِضَرَرِهِ إِلاَّ يُؤمئذٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك تعلَم أَنِّي انقطَعْتُ إِلَيْك وَأَنَا شَابٌّ، فَلاَ تمكِّنهُم مِنِّي، فَمَا جَاءت العَصْر إِلاَّ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الآخِرَة (3) .
فَوجَّه إِلَيْهِ المَنْصُوْرُ بكَفَن وَطِيب.
وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ - رَحِمَهُ اللهُ (4) -.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الرَّجُلُ: يَا أَخِي فَائِدَة الاجتمَاع الدُّعَاء، فَادْعُ لِي إِذَا ذكرتَنِي، وَأَدْعُو لَكَ إِذَا ذكرتُك، فنكُون كَأَنَّا التقينَا، وَإِنْ لَمْ نَلْتَقِ (5) .
219 - ابْنُ مِهْرَوَيه عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرويه القَزْوِيْنِيُّ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الرَّحَّالُ الصَّدُوْق، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرويه القَزْوِيْنِيُّ، المُعَمَّر، ذَكَرَهُ الخَلِيْلِيّ فِي (إِرْشَاده) .
__________
(1) انظر ترجمته رقم / 67 / من هذا الجزء.
(2) " معالم الايمان ": 3 / 50.
(3) " معالم الايمان ": 3 / 53.
(4) " معالم الايمان ": 3 / 51.
(5) " معالم الايمان ": 3 / 52، وما بين حاصرتين منه.
(*) تاريخ جرجان: 261، تاريخ بغداد: 12 / 69 - 70، الأنساب: 10 / 138 - 139، لسان الميزان: 4 / 257 - 258.(15/396)
سَمِعَ: يَحْيَى بنَ عَبْدك، وَمُحَمَّدَ بنَ سَهْلِ بنِ زَنْجَلَةَ، وَهَارُوْن بن أَبِي هَزَارِي، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيّ، وَعَمْرو بنَ سَلَمَةَ، فَمَنْ بعدَهُم.
وَسَمِعَ: بِبَغْدَادَ عَبَّاسَا الدُّوْرِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ الصَّغَانِيّ، وَأَحْمَد بن أَبِي خَيْثَمَةَ، وَبَالكُوْفَةِ الحَسَن بن عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ، وَأَخَاهُ مُحَمَّداً، وَابْنَ أَبِي العَنْبَس، وَبِمَكَّةَ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ وَأَقرَانه، وَبصَنْعَاء إِبْرَاهِيْم بن بَرَّة، وَالدَّبَرِي، وَالحَسَن بن عَبْدِ الأَعْلَى.
وَله إِلَى العِرَاقِ رِحْلتَان، وَكَتَبَ مَا لاَ يُعدُّ عَالِياً وَنَازلاً.
انْتخب عَلَيْهِ ابْنُ عُقْدَة ثَلاَثَةَ أَجزَاء، وَلَمْ يرْزق ذكراً، وَكَانَتْ لَهُ بَنَات.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ جدُّ الخَلِيْلِيّ، وَالزُّبَيْر بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ، وَالحَافِظ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زُرْعَةَ مُحَمَّد بنِ أَحْمَدَ بن مَتُّويه، وَإِسْمَاعِيْل بن أَحْمَدَ بنِ مَاك النَّسَّاج، وَأَبُو طَاهِرٍ عُبَيْدُ اللهِ بن خُسرمَاهُ الحَنَفِيّ، وَأَهْل قَزْوين، وَالرَّيّ.
وَقَالَ الخَلِيْلِيّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِد بنَ مُحَمَّدِ بنِ مَاك، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مَهْرويه، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي خَيْثَمَةَ يَقُوْلُ:
سأَلْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ عَنْ مَكِّيّ بن إِبْرَاهِيْمَ، فَقَالَ: صَالِحٌ ثِقَةٌ.
قُلْتُ: سمِعنَا مِنْ طَرِيقه (فَضَائِلَ القُرْآن) لأَبِي عُبَيْد عَالِياً.
220 - الجَوْزِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَر *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَر بن حَمَّوَيْه الجَوْزِيّ البَغْدَادِيّ.
__________
(1) الارشاد الورقة 139.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 407 - 408، الأنساب: 3 / 367.(15/397)
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيِّ، وَمُحَمَّد بن عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي، وَأَبِي بَكْرٍ ابْن أَبِي الدُّنْيَا.
وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ الطَّبَرِي، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْب (1) .
وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
221 - عَلِيُّ بنُ حَمْشَاذَ بنِ سَختويه بنِ نَصْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ * (2)
العَدْل، الثِّقَة الحَافِظُ، الإِمَامُ شَيْخ نَيْسَابُوْر، أَبُو الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
ذكره الحَاكِمُ فَقَالَ: وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: الحُسَيْن بنُ الفَضْلِ المُفَسِّر، وَالفَضْل بن مُحَمَّدٍ الشَّعرَانِي.
وَحَجّ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ فسَمِعَ بِالرَّيّ مِنْ مُحَمَّد بن مَنْدَةَ، وَبهمذَان إِبْرَاهِيْم بن دَيْزِيل، وَبِبَغْدَادَ الحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَطبقَته، وَبِمَكَّةَ يَحْيَى بن أَيُّوْبَ العَلاَّف، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَكْثَر عَنْهُ، وَعَنْ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، وَسَمِعَ بطُوس (المُسْنَد) مِنْ
تَمِيْم بنِ مُحَمَّدٍ الحَافِظ، وَأَقرَان هَؤُلاَءِ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 407.
(*) المنتظم: 6 / 364 - 365، تذكرة الحفاظ: 3 / 855 - 856، العبر: 2 / 248، مرآة الجنان: 2 / 237، طبقات الحفاظ: 358، شذرات الذهب: 2 / 348.
(2) كما في " الأنساب " 4 / 221 هو / بفتح الحاء المهملة، والميم الساكنة، والشين المعجمة المفتوحة بعدها الالف، وفي آخرها الذال المعجمة، وأغرب اليافعي في " مرآة الجنان " 2 / 237، فضبطه بحاء مهملة مكسورة، وميم مكسورة مشددة.(15/398)
إِلَى أَنْ قَالَ الحَاكِمُ: وَجَمَعَ (المُسْنَد) فِي أَرْبَع مائَة جُزْء، وَكَتَبَه بِخَطِّه وَعَمِلَ الأَبْوَاب مائَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ جُزْءاً، و (تفسيرَ القُرْآن) فِي مائَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ جُزْءاً (1) .
قرأَ عَلَيْنَا بُكرَة الجُمعَة نِصْفَ جُزء، ثُمَّ قُمْنَا نتَأَهَبُ لِلصِّلاَة، فَلَمَّا صلَّيْنَا، قَعَدت سَاعَةً، فَسَمِعْتُ المُنَادِي يَصِيْح بجِنَازَته، فصحْتُ، وَقُلْتُ: هَذَا كَذِبٌ، وَإِذَا هُوَ قَدْ دَخَلَ الحَمَّام فَمَاتَ فِيْهِ.
فَلَمَّا صلَّينَا عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمّ: كُنْت أَقُول: إِذَا مُتُّ إِنَّمَا يَكُوْنُ الشَّرَف فِي التَّحديث لعَلِيّ بن حَمْشَاذ، وَذَلِكَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ.
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: صحبْتُ عَلِيَّ بن حَمْشَاذ فِي الحَضَر وَالسَّفَر، فَمَا أَعْلَم أَنَّ المَلاَئِكَة كتبتْ عَلَيْهِ خطيئَة (2) .
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الحَافِظ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي مَشَايِخنَا أَثبتَ فِي الرِّوَايَة وَالتَّصْنيفِ مِنْ عَلِيِّ بنِ حَمْشَاذ (3) .
قَالَ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ وَلَدَه يَقُوْلُ: مَا أَعلَم أَنَّ أَبِي تَرَكَ قيَامَ اللَّيْل (4) .
ثمَّ رَوَى الحَاكِم فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ (تَارِيْخ نَيْسَابُوْر) عِشْرِيْنَ حَدِيْثاً.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: هُوَ (5) ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة،
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 855.
(2) " المنتظم: " 6 / 364 - 365.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 855 - 856.
(4) المصدر السابق.
(5) أي صاحب " تاريخ نيسابور " محمد بن عبد الله، المعروف بابن البيع.(15/399)
وَأَبُو الحَسَنِ العَلَوِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمِش، وَآخَرُوْنَ.
وَمَاتَ مَعَهُ: المُعَمَّر أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ زبَّان الدِّمَشْقِيّ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ هِشَام بن عَمَّارٍ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْف أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بن النَّحَّاسِ المِصْرِيّ النَّحْوِيّ، وَمُقْرِئُ الشَّام أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الأَنْطَاكِيّ، وَمسندُ دِمَشْق أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ السَّامَرِّي، وَمُفْتِي دِمَشْق وَمُحَدِّثُهَا أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ حَبِيْب الحَصَائِرِي الشَّافِعِيّ فِي عَشْر المائَة، وَالمُحَدِّث الوَاعِظ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المِصْرِيّ بِبَغْدَادَ، وَالفَقِيْه الزَّاهِد أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَار النَّيْسَابُوْرِيّ العَدْل.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ بِمنزله، عَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّة، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ جَامِع الكَاتِب، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ اللهِ الدَّشتِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الزِّيَادِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ حَمْشَاذ الْعدْل، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَن عَبْد المَلِكِ بنَ صَالِح حَدَّثهُم، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ مُوْسَى الرِّضَا، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّد، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَلِيّ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الإِيْمَان مَعْرِفَةٌ بِالقَلْب، وَإِقرَارٌ بِاللِّسَان، وَعَمَلٌ بِالأَركَانَ (1)) .
كذَا فِي الإِسْنَاد عَبْد المَلِكِ بن صَالِحٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَبْدُ السَّلاَمِ (2) ، وَاهٍ.
وَهُوَ مِمَّا عِيْبَ عَلَى ابْنِ مَاجه إِخرَاج حَدِيْثه هَذَا، فَرَوَاهُ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ.
__________
(1) هو في سنن ابن ماجة رقم (65) في المقدمة: باب في الايمان، قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 6: أبو الصلت هذا متفق على ضعفه، واتهمه بعضهم.
(2) وكذلك جاء على الصواب في سنن ابن ماجة المطبوع.(15/400)
222 - ابْنُ النَّحَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
العَلاَّمَةُ، إِمَامُ العَرَبِيَّة، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ المِصْرِيُّ النَّحْوِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْف.
ارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَأَخَذَ عَنِ الزَّجَّاج، وَكَانَ يُنظَّر فِي زَمَانِهِ بِابْنِ الأَنْبَارِيِّ، وَبنِفْطَوَيْه لِلْمِصْريين.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَر بن أَعْيَن، وَبَكْر بن سَهْل الدِّمْيَاطِي، وَالحَسَنِ بن غُلَيْب، وَالحَافِظ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَجَعْفَر الفِرْيَابِيّ، وَمُحَمَّد بن الحَسَنِ بنِ سَمَاعَة، وَعُمَرَ بن أَبِي غَيْلاَن، وَطَبَقَتهم.
وَوَهِمَ ابْنُ النَّجَّار فِي قَوْله: إِنَّهُ سَمِعَ مِنَ المُبَرِّد، فَمَا أَدركَه.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأُدْفُوِي توَالِيفَه، وَوصفَهُ أَبُو سَعِيْدٍ بن يُوْنُسَ بِمَعْرِفَة النَّحْو.
وَمِنْ كتبه (إِعرَابُ القُرْآن) ، (اشتِقَاق الأَسْمَاء الحُسْنَى) ، (تفسيرُ أَبيَات سِيْبَوَيْه) ، كتَابُ (المَعَانِي) ، (الكَافي) فِي النَّحْوِ، (النَّاسخ وَالمَنْسوخ) .
وَرَوَى كَثِيْراً عَنْ عَلِيِّ بنِ سُلَيْمَان الصَّغِيْر.
وَكَانَ مِنْ أَذْكِيَاء العَالِم.
__________
(*) طبقات النحويين واللغويين، 239، نزهة الالباء: 201 - 202، المنتظم: 6 / 364، معجم الأدباء: 4 / 224 - 230، إنباه الرواة: 1 / 101 - 104، وفيات الأعيان: 1 / 99 - 100، العبر: 2 / 246، الوافي بالوفيات: 7 / 362 - 364، مرآة الجنان: 2 / 327، البداية والنهاية: 11 / 222، النجوم الزاهرة: 3 / 330 بغية الوعاة: 157، شذرات الذهب: 2 / 346.(15/401)
وَقِيْلَ: كَانَ مقتِّراً عَلَى نَفْسه يهبُونه العِمَامَة، فيقطَعهَا ثَلاَث عَمَائِم (1) .
وَيُقَالُ: إِنَّهُ جَلَس عَلَى درج المِقْيَاس (2) ، يقطِّع عرُوض شِعْر، فسَمِعَهُ جَاهِلٌ، فَقَالَ: هَذَا يسحَرُ النِّيل حَتَّى ينقُصَ، فرَفَسه أَلقَاهُ فِي النِّيل، فَغِرقَ (3) فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
223 - عِمَادُ الدَّوْلَةِ عَلِيُّ بنُ بُوَيه بن فَنَّاخُسرُو الدَّيْلَمِيُّ *
السُّلْطَان الكَبِيْرُ، عمَادُ الدَّوْلَة، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ بُوَيْه بن فَنَّاخَسْرُو الدَّيْلَمِي.
صَاحِبُ ممَالِكِ فَارس، وَأَخُو الْملكَيْنِ؛ معزّ الدَّوْلَة أَحْمَدَ (4) ، وَركن الدَّوْلَة الحَسَن (5) ، فَكَانَ عمَادُ الدَّوْلَة أَوَّلَ مَنْ تملَّك البِلاَد بَعْدَ أَنْ كَانَ قَائِداً كَبِيْراً مِنْ قوَّاد الدَّيْلَم.
وَكَانَ أَبوهُم بُوَيه يصطَاد السَّمَك (6) ، ثُمَّ آل بِأَوْلاَده الأَمْر إِلَى مُلْك البِلاَد، ثُمَّ تملَّك مِنْ بَعْد العمَاد وَلَدُ أَخِيْهِ عضُدُ الدَّوْلَة بن ركن الدَّوْلَة (7) .
__________
(1) " طبقات النحويين واللغويين ": 240.
(2) قال ياقوت في " معجم البلدان ": 5 / 178 " المقياس: هو عمود من رخام قائم في وسط بركة على شاطئ النيل بمصر، وله طريق إلى النيل، يدخل الماء إذا زاد عليه، وفي ذلك العمود خطوط معروفة عندهم، يعرفون بوصول الماء إليها مقدار زيادته ".
(3) " إنباه الرواة ": 1 / 102.
(*) المنتظم: 3 / 365، الكامل: 8 / 264 وما بعدها، وفيات الأعيان: 3 / 399 - 400، العبر: 2 / 247، مرآة الجنان: 2 / 326 - 327، البداية والنهاية: 11 / 221 - 222، النجوم الزاهرة: 3 / 299 - 300، شذرات الذهب: 2 / 346 - 347.
(4) له ترجمة في " وفيات الأعيان ": 1 / 174 - 177.
(5) له ترجمة في " وفيات الأعيان ": 2 / 118 - 119.
(6) " وفيات الأعيان ": 3 / 339.
(7) ترجمته في " وفيات الأعيان ": 4 / 50 - 55.(15/402)
وكَانَتْ دَوْلَةُ العمَاد سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَعَاشَ بِضْعاً وَخَمْسِيْنَ سنَةً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى.
وَقِيْلَ: سَنَةَ تِسْعٍ.
وَلَمَّا تملَّك شيرَاز، طَالبه قُوَّاده بِالأَمْوَال، وَثَارُوا عَلَيْهِ، فَاغتَمَّ لِذَلِكَ، وَاسْتَلَقى، فَرَأَى حَيَّة فِي السَّقْف، فَفَزِعَ وَدَعَا الفَرَّاشين فنصبُوا سُلَّماً، فَوَجَدُوا غُرْفَةً يُدخل إِلَيْهَا، فَأَمرهُم بفتحهَا فَفُتِحت، فَوَجَدُوا فِيْهَا صنَادِيقَ فِيْهَا قدر خَمْس مائَة أَلْف دِيْنَار، فَأُنْزلت، فَفَرِح، وَأَنفق فِي الجَيْش (1) .
ثمَّ إِنَّهُ طلب خَيَّاطاً لِيفصِّل لَهُ، وَكَانَ أُطْروشاً، فَفَزِعَ وَجَاوَبَه عَمَّا لَمْ يُسأَلْ عَنْهُ، وَحَلَف أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ سِوَى اثْنَيْ عَشَرَ صُنْدُوقاً وَديعَةً، فتعجَّب عمَادُ الدَّوْلَة، وَأُحضرت إِلَيْهِ، فَإِذَا فِيْهَا أَمْوَال وَثِيَاب دِيْبَاج، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سعَادته المقبلَة، وَلاَ عَقِبَ لَهُ (2) .
224 - الكَرَّانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِم الأَصْبَهَانِيّ الكَرَّانِي.
وَكَرَّان محلَّة (3) .
سَمِعَ: عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ، وَعِمْرَان بنَ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي عَاصِمٍ، وَطَبَقَتهُم.
وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، وَابْنُ المُقْرِئ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدُوَيْه، وَعَلِيُّ بنُ مَيلَة، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) " وفيات الأعيان ": 3 / 400.
(2) المصدر السابق.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 103 - 104، الأنساب: 10 / 378.
(3) كبيرة بأصبهان.(15/403)
وَكَانَ يفهَمُ وَيذَاكر وَيُؤلِّف.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ مُكْثِر.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
225 - السُّوسِيُّ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَضَالَةَ *
المُحَدِّثُ الحُجَّة، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَضَالَة بن غَيْلاَنَ، الهَمْدَانِيُّ الحِمْصِيُّ الصَّفَّار المَشْهُورُ بِالسُّوسِي.
سَمِعَ: أَبَا زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيَّ، وَالرَّبِيْع بنَ سُلَيْمَانَ المُرَادِيَّ، وَبَكَّار بنَ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَبَحْر بن نَصْرٍ الخَوْلاَنِيّ، وَطَبَقَتَهُم، بِمِصْرَ وَالشَّام.
حَدَّثَ عَنْهُ: شُجَاع بنُ مُحَمَّدٍ العَسْكَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الْحَدِيد، وَتَمَّام الرَّازِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ ثِقَةً.
وَكَانَتْ كتُبُه جِيَاداً، قَدِمَ مِصْر.
وَتُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
226 - الرَّيَّاشُ أَبُو الطَّيِّبِ الحَسَنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَرْمَكِيُّ **
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو الطَّيِّبِ الحَسَنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَرْمَكِيُّ، المِصْرِيُّ، الرَّيَّاشُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ المَلِكِ بنِ شُعَيْب بنِ اللِّيْثِ، وَهُوَ خَاتمَة أَصْحَابه.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 107 ب، تهذيب ابن عساكر: 2 / 74.
(* *) لم نقف على مصادر ترجمته.(15/404)
وَعَنْ: يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَبَحْر بن نَصْرٍ، وَالرَّبِيْع، وَابْن عَبْدِ الحَكَمِ، وَأَبِي أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيّ.
سَمِعَ: مِنْهُ عَبْد الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّال: لَمْ يَكُنْ عِنْد ابْن النَّحَّاسِ مِنْ حَدِيْثِ عَبْد المَلِكِ بن شُعَيْبٍ بِعُلُوٍّ، سِوَى حَدِيْث وَاحِدٍ، هُوَ موَافقَةٌ عَالِيَةٌ لِمُسْلِم.
قُلْتُ: سَمِعَهُ ابْنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيُّ مِنَ الحَبَّال عَنْهُ.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القُرَشِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عمَاد، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ البَزَّاز إِمْلاَءً مِنْ لفظهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَرْمَكِيّ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَة، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ أَبِي ذرَّة، عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَمْرِو بنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَا مِنْ مُعَمَّر يعمَّر فِي الإِسْلاَمِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِلاَّ صرَفَ اللهُ عَنْهُ ثَلاَثَةَ أَنْوَاعِ مِنَ البلاَء: الجنُوْنَ وَالجُذَام وَالبَرَص، فَإِذَا بَلَغَ الخَمْسِيْنَ ليَّن اللهُ عَلَيْهِ الحِسَاب (1)) .
وسَاق الحَدِيْثَ، وَهُوَ خَبَرٌ مُنْكَرٌ، وَيُوْسُف هَذَا ضَعِيْفٌ
227 - الفَامِيُّ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ القَزْوِيْنِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدَ القَزْوِيْنِيّ الفَامِي (2) ، رفيقُ أَبِي الحَسَنِ القَطَّان فِي الرِّحْلَة.
__________
(1) وأخرجه أحمد 3 / 217، 218 من طريق أنس به عياض أبو ضمرة بهذا الإسناد، وإسناده ضعيف لضعف يوسف بن أبي ذرة، فقد قال ابن معين فيه: لا شيء، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال.
(*) لم أقف له على مصادر ترجمته.
(2) هذه النسبة إلى الحرفة، وهي لمن يبيع الاشياء من الفواكه اليابسة، ويقال له: =(15/405)
سَمِعَ: أَبَا حَاتِم الرَّازِيّ، وَالمُنْسَجر بنَ الصَّلْت، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ بنِ مَاجَة، وَإِسْحَاق بنَ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِي وَطَبَقَتَهُم.
رَوَى عَنْهُ: سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ النَّسَّاج، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ فَارس اللُّغَوِيّ، وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَشَيْخٌ لِلْخليلِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ طَلْحَةَ الزُّبَيْرِيّ القَزْوِيْنِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ بِهَذَا الشَّأْن.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
228 - الأُشْنَانِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ عُمَرُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ *
القَاضِي، أَبُو الحُسَيْنِ عُمَرُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَالِكٍ الشَّيْبَانِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الأُشْنَانِيُّ (1) .
لَهُ مَجْلِس سمِعنَاهُ.
رَوَى عَنْ: أَبِيْهِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى المَدَائِنِيّ، وَمُوْسَى بن سَهْل الوَشَّاء، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَمُحَمَّد بن شَدَّاد المِسْمَعِي، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: ابْنُ عُقْدَة - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ -، وَابْن المُظَفَّر، وَالمُعَافَى النَّهْرُوَانِي، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ مَخْلَد.
__________
= البقال. " الأنساب ": 9 / 234.
(*) الفهرست: 166، تاريخ بغداد: 11 / 236 - 239، الأنساب: 1 / 218، العبر: 2 / 250، ميزان الاعتدال: 3 / 185، غاية النهاية: 1 / 590، لسان الميزان: 4 / 290 - 292، شذرات الذهب: 2 / 349.
(1) بضم الالف، وسكون الشين المنقوطة، وفتح النون الأولى، وكسر الثانية. هذه النسبة إلى بيع الاشنان وشرائه. " الأنساب ": 1 / 280.(15/406)
وَرَوَى حَرْفَ عَاصِم، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ الجَهْم السِّمَّرِيّ، أَخَذَه عَنْهُ: ابْنُ أَبِي هَاشِم، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّذَائِي.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَذَّاب (1) ، ثُمَّ حَكَى حِكَايَةً تَدُلُّ عَلَى وَهْنه (2) .
وَقَالَ السُّلَمِيُّ عَنِ الدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيْف (3) .
وَقَدْ وَلِي القَضَاءَ بِأَمَاكن بِالشَّامِ.
وَوَلِيَ القَضَاءَ ثَلاَثَة أَيَّامٍ بِبَغْدَادَ، وَعُزِلَ (4) .
وَقَدْ حدَّث وَهُوَ شَابٌّ فِي أَيَّام الحَرْبِيّ (5) ، وَعَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - سَامَحَه الله -.
229 - ابْنُ الأَعْرَابِيِّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادِ بنِ بِشْرٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ القُدْوَة الصَّدُوْق الحَافِظ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ البَصْرِيّ الصُّوْفِيّ، نَزِيْلُ مَكَّةَ، وَشَيْخ الحرَم.
__________
(1) في " ميزان الاعتدال ": 3 / 185 " ولم يصح هذا، ولكن الاشناني صاحب بلايا ".
(2) انظر الحكاية في " تاريخ بغداد ": 11 / 238.
(3) المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد ": 11 / 236.
(5) أبو إسحاق، إبراهيم بن إسحاق الحربي، من كبار المحدثين، توفي سنة / 285 / هـ انظر " تاريخ بغداد ": 6 / 27 - 40، 11 / 237.
(*) طبقات الصوفية: 427 - 430، حلية الأولياء: 10 / 375 - 376، الرسالة القشيرية: 28، تاريخ ابن عساكر: 2 / 86 آ - 86 ب، المنتظم: 6 / 371، تذكرة الحفاظ: 3 / 852 - 853، العبر: 2 / 252، البداية والنهاية: 11 / 226، طبقات الأولياء: 77 - 78، لسان الميزان: 1 / 308 - 309، النجوم الزاهرة: 3 / 306 - 307، شذرات الذهب: 2 / 354 - 355.(15/407)
وَمَا هُوَ بِابْنِ مُحَمَّد بن زِيَادٍ الأَعْرَابِيّ اللُّغَوِيّ؛ ذَاكَ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يولَد هَذَا بِأَعْوَامٍ عِدَّة (1) .
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: الحَسَنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بن أَيُّوْبَ المُخَرِّمِيّ، وَسَعْدَان بنَ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيّ، وَأَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ المُنَادِي، وَعباساً التَّرْقُفِيّ، وَعَبَّاس بن مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ اللهِ العَبْسِي، وَأَمماً سِوَاهُم.
خرَّج عَنْهُم (معجماً) كَبِيْراً (2) ، وَرَحَلَ إِلَى الأَقَالِيْم، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، صَحِبَ المَشَايِخ، وَتعبَّد وَتَأَلَّه وَأَلَّف (مَنَاقِب الصُّوْفِيَّة) ، وَحمل (السُّنَن) عَنْ أَبِي دَاوُدَ، وَلَهُ فِي غُضُون الكِتَاب زيَادَاتٌ فِي المَتْن وَالسَّنَد.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ خَفِيْف، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مفرج، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ الأَصْبَهَانِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جُمَيْع الصَّيْدَاوِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيّ القَطَّان، وَصَدَقَة بنُ الدّلم، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن مُنِيْر المِصْرِيّان، وَمُحَمَّد بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ ضَيْفُون شَيْخُ أَبِي عُمَر بن عَبْدِ البَرِّ، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الطَّرَسُوْسِيّ وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ مِنَ الحُجَّاج وَالمجَاورين.
وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ، بعيد الصِّيت، عَالِي الإِسْنَاد.
__________
(1) فمحمد بن زياد الاعرابي توفي سنة / 231 / هـ. انظر ترجمته في " طبقات النحويين واللغويين "، 213 - 215.
(2) في دار الكتب الظاهرية بدمشق نسخة جيدة منه تحت رقم / 280 خ /.(15/408)
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ الخشَّاب، سَمِعْتُ ابْنَ الأَعْرَابِيّ يَقُوْلُ:
المَعْرِفَةُ كُلُّهَا الاعترَافُ بِالجَهْل، وَالتَّصوفُ كُلُّه تَرْك الفُضُول، وَالزُّهْد كُلُّه أَخْذُ مَا لاَ بُدَّ مِنْهُ، وَالمعَاملَةُ كُلُّهَا اسْتَعمَالُ الأَوْلَى فَالأَوْلَى، وَالرِّضَى كُلُّه تَرْك الاعترَاض، وَالعَافيَة كُلُّهَا سقوطُ التَّكلُّف بِلاَ تكَلُّف (1) .
وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - قَدْ صَحِبَ الجُنَيْد، وَأَبَا أَحْمَدَ القَلاَنِسِيَّ.
وعَمِلَ (تَارِيْخاً) لِلْبَصْرَة لَمْ أَره.
أَمَا كِتَابهُ فِي (طَبَقَات النُّسَّاك) فَنقَلْتُ مِنْهُ.
وَمِنْ كَلاَمه فِي تَرْجَمَة أَبِي الحُسَيْنِ النُّوْرِي، قَالَ: مَاتَ وَهُم يَتَكَلَّمُوْنَ عِنْدَهُ فِي شَيْءٍ، سكوتهُم عَنْهُ أَوْلَى لأَنَّه شَيْءٌ يتكهنُوْنَ فِيْهِ، وَيتعسَّفون بظُنونهم، فَإِذَا كَانَ أَولئك كَذَلِكَ، فَكَيْفَ بِمَنْ حدَّث بعدَهُم؟
قَالَ أَيْضاً: إِنَّمَا كَانُوا يَقُوْلُوْنَ: جمع، وَصورَةُ الْجمع عِنْد كُلِّ أَحَدٍ بِخِلاَفهَا عِنْد الآخر، وَكَذَلِكَ صُوْرَةُ الفَنَاء، وَكَانُوا يتَّفِقُوْنَ فِي الأَسْمَاء، وَيَخْتلِفُونَ فِي معنَاهَا، لأَن مَا تَحْتَ الاسْم غَيْر مَحْصُور، لأَنَّهَا مِنَ المَعَارف.
قَالَ: وَكَذَلِكَ عِلْمُ المعْرفَة غَيْرُ محصورٍ لاَ نهَايَة لَهُ وَلاَ لوُجُوده، وَلاَ لِذَوْقِهِ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ - وَلَقَدْ أَحسن فِي المَقَال -:فَإِذَا سَمِعْتُ الرَّجُل يَسْأَل عَنِ الجَمْع أَوِ الفَنَاء، أَوْ يُجِيْب فِيْهِمَا، فَاعلمْ أَنَّهُ فَارغٌ، لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ إِذْ أَهلُهمَا لاَ يَسْأَلُوْنَ عَنْهُ لِعْلمهم أَنَّهُ لاَ يدْرك بِالوَصْف.
قُلْتُ: إِي وَاللهِ، دقَّقُوا وَعمَّقُوا، وَخَاضُوا فِي أَسرَارٍ عَظِيْمَة، مَا
__________
(1) " طبقات الصوفية ": 428، وعبارة " بلا تكلف " غير موجودة في الطبقات.(15/409)
مَعَهُم عَلَى دَعْوَاهُم فِيْهَا سِوَى ظنٍّ وَخيَالٍ، وَلاَ وَجودَ لتِلْك الأَحْوَال مِنَ الفَنَاء وَالمحو وَالصَّحو وَالسُّكر إِلاَّ مُجَرَّد خَطَرَات وَوسَاوس، مَا تفُوَّه بعبارَاتهم صِدِّيْق، وَلاَ صَاحِبٌ، وَلاَ إِمَامٌ مِنَ التَّابِعِيْنَ.
فَان طَالبتَهم بدعَاويهم مقَتُوك، وَقَالُوا: مَحْجُوب، وَإِن سَلَّمت لَهُم قِيَادك تخبَّط مَا مَعَكَ مِنَ الإِيْمَان، وَهبَطَ بِك الحَال عَلَى الحَيْرَة وَالمُحَال، وَرَمَقْت العُبَّاد بِعَين المَقْت، وَأَهْل القُرْآن وَالحَدِيْثِ بِعَين البُعْد، وَقُلْتَ: مسَاكين محجوبُوْنَ.
فلاَ حَوْلَ وَلاَ قوَّة إِلاَّ بِاللهِ.
فَإِنَّمَا التَّصَوُّف وَالتَأَلُّه وَالسُّلوك وَالسَّيْر وَالمَحَبَّة مَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الرِّضَا عَنِ اللهِ، وَلزوم تَقْوَى الله، وَالجِهَادِ فِي سَبِيْل الله، وَالتَأَدُّب بآدَاب الشَّريعَة مِنَ التِّلاَوَة بترتيلٍ وَتدبُّرٍ، وَالقِيَامِ بخَشْيَةٍ وَخشوعٍ، وَصَوْمِ وَقتٍ، وَإِفطَار وَقت، وَبَذْلَ المَعْرُوْف، وَكَثْرَة الإِيثَار، وَتَعْلِيم العَوَام، وَالتَّوَاضع لِلْمُؤْمِنين، وَالتعزُّز عَلَى الكَافرين، وَمَعَ هَذَا فَالله يَهْدِي مَنْ يَشَاء إِلَى صرَاطٍ مُسْتَقِيْمٍ.
وَالعَالِمُ إِذَا عَرِيَ مِنَ التَّصوف وَالتَألُّه، فَهُوَ فَارغ، كَمَا أَنَّ الصُّوْفِيّ إِذَا عَرِيَ مِنْ عِلْمِ السُّنَّة، زَلَّ عَنْ سوَاءِ السَّبيل.
وَقَدْ كَانَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ مِنْ عُلَمَاء الصُّوْفِيَّة، فترَاهُ لاَ يَقْبَلُ شَيْئاً مِنِ اصطلاَحَات القَوْم إِلاَّ بحُجَّةٍ.
تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ فِي شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ أَربعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةَ وَأَشهر.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَلَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القُرَشِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عمَاد، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ(15/410)
القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد، أَخْبَرَنَا سَعْدَان بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرو بنِ يَحْيَى بنِ عمَارَة عَنْ أَبِيْهِ عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَيْس فِيْمَا دُوْنَ خَمْسَة أَوَاقٍ صَدقَة، وَلَيْسَ فِيْمَا دُوْنَ خَمْس (1) ذَوْدٍ صَدَقَة) (2) .
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرو عَنْ سَالِم بنِ أَبِي الجَعْد عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرو، قَالَ:
كَانَ عَلَى ثَقَل النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ، يُقَال لَهُ: كركرَة، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (هُوَ فِي النَّار) .
فَذَهَبُوا ينْظُرُوْنَ إِلَيْهِ، فَوجَدُوا عَلَيْهِ عَبَاءةً قَدْ غَلَّهَا (3) .
قُلْتُ: الجَمَّال حَتَّى فِي الصَّحَابَة لَيْسَ بِشَيْءٍ كمَا تَرَى.
وَفِيْهَا مَاتَ: الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوْبَ الطُّوْسِيّ، وَالحَسَنُ بنُ يُوْسُفَ بنِ فُلَيْح الطَّرَائِفِيّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ عُمَرَ بنِ عَلِيِّ بنِ حَرْب، وَقَاسِم بن أَصْبَغ مُحَدِّث الأَنْدَلُس، وَالحُسَيْنُ بنُ صَفْوَانَ البَرْذَعِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الأُسْتَاذ بِبُخَارَى، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ الزَّجَّاجِيّ صَاحِب (الجُمَل) ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَالُوْيَه
__________
(1) الذود من الابل ما بين الثلاث إلى العشر، ولا يكون إلا من الاناث.
(2) وأخرجه مسلم (979) في أول الزكاة من طريق عمرو الناقد، عن سفيان بهذا الإسناد، وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 244 في الزكاة: باب ما تجب فيه الزكاة، ومن طريقه البخاري 3 / 255 في الزكاة: باب ليس فيما دون خمسة ذود صدقة عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (3074) في الجهاد: باب القليل من الغلول، وأحمد 2 / 160، وابن ماجة (2849) من طريق سفيان بهذا الإسناد.
وغل من الغلول: وهو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة، يقال. غل في المغنم يغل غلولا فهو غال، وكل من خان في شيء خفية فقد غل.(15/411)
بنَيْسَابُوْرَ، وَشَيْخُ الحَنَفِيَّة أَبُو الحَسَنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ الكَرْخِيّ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ.
230 - خَيْثَمَةُ أَبُو الحَسَنِ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ حَيدرَةَ القُرَشِيُّ *
الإِمَامُ الثِّقَة المُعَمَّر، مُحَدِّث الشَّام، أَبُو الحَسَنِ خَيْثَمَة بنُ سُلَيْمَانَ بنِ حَيْدَرَة بنِ سُلَيْمَانَ القُرَشِيّ الشَّامِيّ الأَطْرَابُلُسِي، مُصَنِّف (فَضَائِل الصَّحَابَة) .
كَانَ رَحَّالاً جَوَّالاً صَاحِب حَدِيْثٍ.
ذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي كَامِل الأَطْرَابُلُسِي، أَنَّ خَيْثَمَةَ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: سَمِعَ أَبَا عُتبَة أَحْمَدَ بنَ الفَرَجِ الحِجَازِيّ صَاحِب بَقِيَّة، وَمُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى بنِ حَيَّان المَدَائِنِيّ صَاحِب ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَإِبْرَاهِيْم بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار، وَالحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَر السِّنْدِيّ صَاحِبَيْ وَكِيْع، وَالحَافِظَ مُحَمَّدَ بنَ عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَالعَبَّاس بن الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيّ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي غَرزَة الكُوْفِيّ، وَأَحْمَد بن مُلاعب، وَأَبَا عُبَيْدَة السَّرِيَّ بن يَحْيَى، وَهِلاَل بنَ العَلاَءِ البَاهِلِيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ سَيَّار النَّصِيْبِيَّ، وَأَبَا يَحْيَى بن أَبِي مَسرَّة المَكِّيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ سَعْدٍ العَوْفِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيّ، وَإِسْحَاق بنَ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِيَّ، وَعُبَيْد بن مُحَمَّدٍ الكِشْوَرِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الوَاسِطِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَالحُسَيْن بن الحَكَمِ
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 5 / 347 ب، 349 آ، تذكرة الحفاظ، 3 / 858 - 860، العبر: 2 / 262، لسان الميزان: 2 / 411 - 412، النجوم الزاهرة: 3 / 312، طبقات الحفاظ: 353 - 354، شذرات الذهب: 2 / 365.(15/412)
الحِبَرِي، وَعَبْدَ المَلِكِ بن مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيّ، وَأَبَا إِسْمَاعِيْل التِّرْمِذِيّ، وَأَبَا العَبَّاسِ الكُدَيْمِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ أَبِي العَوَّامِ، وَصَالِحَ بنَ عَلِيٍّ النَّوْفَلِيّ، وَالحَسَن بن مُكْرَم، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن الهَيْثَمِ الدَّيْرْعَاقُولِي، وَأَحْمَدَ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الخَنَاجر، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن مَرْزُوق البُزُورِيَّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الحَكَمِ الرَّمْلِيَّ، وَخَلْقاً سِوَاهُم بِالشَّامِ وَالحَرَمَيْنِ وَالعِرَاق وَالجَزِيْرَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ مَعْرُوْف، وَعَبْد الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي عُثْمَانَ بن أَبِي الْحَدِيد، وَابْنُ جُمَيْع الغَسَّانِيّ، وَتَمَّام الرَّازِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي كَامِل، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ هَارُونَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مفرّج القُرْطُبِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الرَّقِّيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَعُمِّرَ وَرُحِلَ إِلَيْهِ مِنَ الآفَاق، وَقَدِمَ إِلَى دِمَشْق فِي آخِرِ عُمُرِهِ، فَحَدَّثَ بِهَا، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ آخرَ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ وَفَاةً، وَآخرُ مَنْ رَوَى عَنْهُ فِي الدُّنْيَا بِالإِجَازَة أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ.
وَقَالَ عُبَيْدُ بنُ أَحْمَدَ بن فُطَيْس: سَأَلت خَيْثَمَة عَنْ مَوْلده، فَقَالَ:
فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ كَذَا هَذِهِ الرِّوَايَة، وَالأَصَحُّ مَا تقدَّم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: خَيْثَمَةُ ثِقَة ثِقَة، قَدْ جَمَعَ (فَضَائِل الصَّحَابَة) .
قَالَ ابْنُ أَبِي كَامِل: سَمِعْتُ خَيْثَمَة بنَ سُلَيْمَانَ يَقُوْلُ:
رَكِبْتُ البَحْرَ، وَقَصَدْتُ جَبَلَة لأَسمع مَنْ يُوْسُف بنِ بَحْر، ثُمَّ خَرَجت إِلَى أَنْطَاكيَة، فَلقِينَا مَرْكبٌ - يَعْنِي: لِلْعَدو -.
قَالَ: فَقَاتلنَاهُم، ثُمَّ سَلَّم (1) مَرْكَبَنَا قَوْمٌ مِنْ مقدَّمه.
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ " تسلم.(15/413)
قَالَ: فَأَخذونِي، ثُمَّ ضربونِي، وَكَتَبُوا أَسمَاءنَا، فَقَالُوا: مَا اسْمُكَ؟
قُلْتُ: خَيْثَمَة.
فَقَالُوا: اكتبْ حمَار بن حمَار.
وَلَمَّا ضُربت سَكِرْتُ وَنِمْتُ، فرَأَيْتُ كَأَنِّيْ أَنظرُ إِلَى الجَنَّة، وَعَلَى بَابهَا جَمَاعَةٌ مِنَ الحُور الْعين.
فَقَالَتْ إِحدَاهنَّ: يَا شقِي، أَيشٍ فَاتَك؟
فَقَالَتْ أُخْرَى: أَيشٍ فَاته؟
قَالَتْ: لَوْ قُتِلَ لكَانَ فِي الجَنَّةِ مَعَ الْحور.
قَالَتْ لَهَا: لأنْ يَرزُقه اللهُ الشَّهَادَة فِي عزٍّ مِنَ الإِسْلاَمِ وَذلٍّ مِنَ الشِّرْكِ خَيْرٌ لَهُ.
ثُمَّ انتبهتُ قَالَ: وَرَأَيْتُ كَأنَّ مَنْ يَقُوْلُ لِي: اقرأْ برَاءة فَقَرَأْت إِلَى {فسيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التَّوبَة:2] .
قَالَ: فَعَددت مِنْ لَيْلَة الرُّؤيَا أَرْبَعَة أَشهر فَفَكَّ اللهُ أَسرِي (1) .
قَالَ ابْنُ أَبِي كَامِل: وَسَمِعْتُ خَيْثَمَة يَقُوْلُ: رَوَيْتُ بِدِمَشْقَ حَدِيْثَ الثَّوْرِيّ، عَنْ طَلْحَة بنِ عَمْرو، عَنْ عَطَاء، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَن النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (اطْلبُوا الخَيْرَ عِنْد حِسَان الوُجُوه (2)) .
فَأَنْكَرَ القَاضِي زَكَرِيَّا البَلْخِيّ هَذَا، وَبَعَثَ فيجاً إِلَى الكُوْفَةِ يَسْأَلُ ابْنُ عُقْدَة عَنْهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: قَدْ كَانَ السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى حَدَّثَ بِهِ فِي تَارِيْخ كَذَا.
قَالَ: فَطَلبَ البَلْخِيُّ مِنِّي الأَصْل، فَوَجَد تَارِيْخَه موَافقاً.
قَالَ: فَاسْتحلَّنِي البَلْخِيّ فَلَمْ أُحلّه (3) .
قُلْتُ: رَوَاهُ السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَبِيْصَة، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يْحَالل البَلْخِيّ، فَإِنَّهُ تثبّتَ فِي الحَدِيْثِ بِطرِيقِهِ، فَلَمَّا تَبيَّن عدَالَةَ خَيْثَمَة تحلَّل مِنْهُ.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 858 - 859.
(2) طلحة بن عمرو ضعفه ابن معين وغيره، وقال أحمد والنسائي: متروك الحديث، وقال البخاري، وابن المديني: ليس بشيء، فالخبر لا يصح، وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " ونسبه للطبراني.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 859.(15/414)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة: كتبتُ عَنْ خَيْثَمَة بِأَطْرَابُلُس أَلفَ جُزْء (1) .
وَقِيْلَ: كَانَ خَيْثَمَةُ كَبِيْرَ الأُذنُيْن، كَبِيْرَ الأَنف - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
قَالَ عُبَيْدُ بنُ فُطَيْس: تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو البَرَكَات الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ سنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِت مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو العشَائِر مُحَمَّدُ بنُ خَلِيْل حُضُوْراً فِي الخَامِسَة، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ المِصِّيْصِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا خَيْثَمَة بنُ سُلَيْمَان، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُلاعب، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ النُّعْمَان، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بنُ أَبِي المُسَاوِر، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّد بن حَاطِب، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَيْريز، عَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَم، قَالَ:
بعثَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (اذهبْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَإِنَّك تجدُه فِي دَاره محتبياً، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ: أَبشرْ بِالجَنَّةِ، ثُمَّ انْطَلِقْ إِلَى عُمَرَ، فَإِنَّكَ تجدُه بِالبنيّة عَلَى حمَاره، تبرُقُ صَلْعتهُ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ: أَبشرْ بِالجَنَّة، ثُمَّ انْطَلِقْ إِلَى عُثْمَانَ، فَإِنك تَجدهُ فِي السُّوق يبيعُ وَيَبْتَاع، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ، وَيَقُوْلُ: أَبشرْ بِالجَنَّة بَعْد بلاَءٍ شَدِيد) .
قَالَ: فَانْطَلَقتُ فَأَبلغتهُم وَوجدتهُم كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ عُثْمَانُ: أَيْنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟
قُلْتُ: فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا، فَأَخَذَ بيدِي حَتَّى أَتينَاهُ، فَقَالَ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ إِن زَيْداً جَاءنِي، فَقَالَ: كَذَا وَكَذَا، فَأَيُّ بلاَءٍ يُصيبنِي؟ فوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا تَمَنَّيْت وَلاَ تعنيِّت.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 859.(15/415)
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، تَفَرَّد بِهِ عَبْدُ الأَعْلَى (1) وَهُوَ وَاهٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُؤْمِن، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ فَضْل، وَأَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ السَّيِّد الصَّفَّار بِالمِزَّة، أَخْبَرَنَا الفَقِيْه أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ المِصِّيْصِيُّ، وَهِبَة اللهِ بن طَاوس، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ أَبِي نَصْرٍ، أَخْبَرَنَا خَيْثَمَة، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البِرْتِي، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ قَالَ:
كَانُوا يَسْتَحيون أَنْ لاَ يذكُروا الله تَعَالَى إِلاَّ عَلَى طَهَارَة.
وَمَاتَ مَعَهُ: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بن عُقْبَةَ الشَّيْبَانِيّ، وَعَلِيُّ بنُ الفَضْلِ السُّتُورِي بِسَامَرَّاء، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عتَّاب، وَصَاحِبُ خُرَاسَان نُوْح بنُ نَصْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ مكرم بن أَحْمَدَ البَزَّاز، وَأَحْمَدُ بنُ زَكَرِيَّا بنِ الشَّامَة الأَنْدَلُسِيُّ.
231 - الفَارَابِيُّ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَرْخَانَ *
شَيْخُ الفَلْسَفَةِ، الحَكِيْمُ، أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَرْخَان بن أَوْزَلَغ التُّركِي الفَارَابِي المنطِقيُّ، أَحَدُ الأَذْكِيَاء.
__________
(1) قال المؤلف في " الميزان " 2 / 531: قال يحيى وأبو داود: ليس بشيء، وقال ابن نمير والنسائي: متروك، وقال الدارقطني: ضعيف.
(*) الفهرست: 368، طبقات الأمم: 53 - 54، تاريخ الحكماء: 277 - 280، طبقات الاطباء: 603 - 609، وفيات الأعيان: 5 / 153 - 157، العبر: 2 / 251، الوافي بالوفيات: 1 / 106 - 113، مرآة الجنان: 2 / 328 - 331، البداية والنهاية: 11 / 224، شذرات الذهب: 2 / 350 - 354.(15/416)
لَهُ تَصَانِيْفُ مَشْهُوْرَةٌ، مِنِ ابْتَغَى الهُدَى مِنْهَا، ضلَّ وَحَارَ مِنْهَا تَخرَّج ابْنُ سينَا، نَسْأَل اللهَ التَّوفيق.
وَقَدْ أَحكَم أَبُو نَصْرٍ العَرَبيةَ بِالعِرَاقِ، وَلقِي مَتّى بنَ يُوْنُسَ (1) صَاحِبَ الْمنطق، فَأَخَذَ عَنْهُ، وَسَارَ إِلَى حرَّان، فَلِزمَ بِهَا يوحنَّا بن جيْلاَن النَّصْرَانِيّ.
وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، وَسَكَنَ دِمَشْق.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ دَخَلَ عَلَى الْملك سَيْفِ الدَّوْلَة بنِ حَمْدَان وَهْوَ بزِيِّ التُّرك.
وَكَانَ فِيْمَا يُقَال: يَعرفُ سَبْعِيْنَ لِسَاناً، وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ أُمَرَاءِ الأَتْرَاك، فَجَلَسَ فِي صَدْر المَجْلِس، وَأَخَذَ يُنَاظر العُلَمَاءَ فِي فنُوْنٍ.
فعلا كَلاَمُه، وَبَان فَضْلُه، وَأَنصتُوا لَهُ.
ثُمَّ إِذَا هُوَ أَبرعُ مَنْ يضرِبُ بِالعُود، فَأَخْرَجَ عُوداً مِنْ خَريطَة (2) ، وَشدَّه، وَلَعِبَ بِهِ، فَفَرِحَ كُلُّ أَهْلِ المَجْلِس، وضحكُوا مِنَ الطَّرب.
ثُمَّ غَيَّر الضَّرْب، فَنَامَ كُلُّ مِنْ هُنَاكَ حَتَّى البَّوَاب فِيْمَا قِيْلَ.
فَقَامَ وَذَهَبَ (3) .
وَيُقَالُ: إِنَّهُ هُوَ أَوَّلُ مَنِ اخْتَرَعَ القَانُوْنَ (4) .
وَكَانَ يحبّ الوَحدَةَ، وَيصَنِّف (5) فِي المَوَاضِع النَّزِهَة، وَقلّ مَا يبيِّض مِنْهَا (6) .
__________
(1) إليه انتهت رياسة المنطقيين في عصره، وكان نصرانيا، توفي ببغداد سنة / 328 / هـ. انظر " طبقات الاطباء ": 317، واسمه فيه " متى بن يونان ".
(2) مثل الكيس، مشرج،، من أدم أو خرق.
(3) " وفيات الأعيان ": 5 / 155 - 156.
(4) المصدر السابق.
(5) في الأصل: يصيف، وهو تصحيف.
(6) " وفيات الأعيان ": 5 / 156.(15/417)
وَكَانَ يتزهَّد زُهْد الفَلاسفَة، وَلاَ يحتفِل بَملْبَس وَلاَ منزل.
أَجرَى عَلَيْهِ ابْنُ حَمْدَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَرْبَعَة درَاهُم (1) .
وَيُقَالُ: إِنَّهُم سأَلُوهُ: أَأَنت أَعْلَم أَوْ أَرسطو؟
فَقَالَ: لَوْ أَدركْتُه لكُنْتُ أَكْبَرَ تلاَمِذته (2) .
وَلأَبِي نَصْرٍ نَظْمٌ جَيِّد، وَأَدعيَةٌ مليحَةٌ عَلَى اصطلاَح الحكمَاء (3) .
ذكره أَبُو العَبَّاسِ بنُ أَبِي أُصَيْبِعَة، وَسرَدَ أَسَامِي مصنَّفَاته وَهِيَ كَثِيْرَةٌ.
منهَا مَقَالَة فِي إِثْبَاتِ الكيمِيَاء.
وَسَائِرُ تَوَالِيفه فِي الرِّيَاضِي وَالإِلهِي (4) .
وبِدِمَشْقَ كَانَ مَوْتُه فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ نَحْوٍ مِنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَصَلَّى عَلَيْهِ الملكُ سَيْفُ الدُّوْلَة بنُ حَمْدَان.
وَقَبْره بِبَابِ الصَّغِيْر.
232 - ابْنُ مُلَيْحٍ الحَسَنُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُلَيْحٍ الطَّرَائِفِيُّ *
السيِّد المُسْنِد، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ يُوْسُفَ بنِ مُلَيْح الطَّرَائِفِيّ (5) المِصْرِيّ.
سمِعَ: بَحر بنَ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيّ، وَيَزِيْدَ بنَ سِنَان البَصْرِيّ، وَجَمَاعَة.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " وفيات الأعيان ": 5 / 154.
(3) انظر " عيون الانباء ": 606 - 607.
(4) المصدر السابق.
(*) الأنساب: 8 / 226، لسان الميزان: 2 / 260.
(5) نسبة إلى بيع (الطرائف) وشرائها وهي الاشياء المليحة المتخذة من الخشب. انظر " الأنساب ": 8 / 225.(15/418)
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَعَ لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ فِي (الخِلَعِيَّات) (1) .
233 - ابْنُ بَالُوْيَه أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَلاَّبُ *
الإِمَامُ المُفِيْد، الرَّئِيْسُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَالُوْيَه الجَلاَّب النَّيْسَابُوْرِيّ مِنْ كُبَرَاء بَلَده.
ارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ، فَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ غَالِب تَمْتَام، وَمُحَمَّدِ بن رِبْح البَزَّاز، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ، وَبِشْر بنِ مُوْسَى، وَمُوْسَى بنِ الحَسَنِ الجُلاجِلِيِّ.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَابْنُ مَنْدَة، وَالحَاكِمُ، وَعِدَّة.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: قَالَ لِي ابْنُ خُزَيْمَةَ: بَلَغَنِي أَنَّك كتبتَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْر الطَّبَرِيِّ (تَفْسِيْره) ؟
قُلْتُ: نَعَم، كتبتُه كُلَّه إِمْلاَءً، فَاسْتعَاره مِنِّي.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كتبت عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَل ثَلاَث مائَة جُزْء.
قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) انظر ص / 314 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(*) الوافي بالوفيات: 2 / 40.(15/419)
234 - ابْنُ حَيْكَانَ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
العَدْلُ الثِّقَة، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَيْدِ بنِ حَيْكَانَ النَّيْسَابُوْرِيّ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَد بنِ الأَزْهر، وَزوَّجه مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيّ بِبِنْت ابْنه.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
من أَكْبَر شَيْخٍ لِلْحَاكِم.
235 - ابْنُ دَاوُدَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ الرَّبَّانِيُّ، العَابِدُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ سُلَيْمَانَ النَّيْسَابُوْرِيّ الزَّاهِد.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عَمْرو قَشْمَرْد، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، وَعِدَّة بِبَلَدِهِ، وَأَبَا خَلِيْفَة الجُمَحِيّ بِالبَصْرَةِ، وَجَعْفَراً الفِرْيَابِيّ بِبَغْدَادَ، وَمُحَمَّد بن أَيُّوْبَ البَجَلِيّ بِالرَّيّ، وَالحُسَيْن بنَ إِدْرِيْسَ بهَرَاة، وَابْن مجَاشع بجُرْجَان، وَعَبْدَان بِالأَهْوَاز، وَالحَسَن بنَ سُفْيَان بنَسَا، وَمُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ القَتَّات بِالكُوْفَةِ، وَأَبَا يَعْلَى بِالمَوْصِل، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيّ بِمِصْرَ، وَالفَضْل الأَنْطَاكِي بِالشَّامِ، وَالمُفَضَّل الجَنَدِي بِمَكَّةَ.
__________
(*) لم نظفر له بترجمة في المصادر التي في حوزتنا.
(* *) تاريخ بغداد: 5 / 265 - 266، تاريخ ابن عساكر: 15 / 154 ب - 155 ب، المنتظم: 6 / 375، تذكرة الحفاظ: 3 / 901 - 902، العبر: 2 / 261، الوافي بالوفيات: 3 / 63، طبقات الحفاظ: 368، شذرات الذهب: 2 / 365.(15/420)
وَجمع فَأَوعَى، وَصَنَّفَ الأَبْوَاب وَالشُّيُوْخ، وَعَقَدَ مَجْلِسَ الإِملاَء، وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنُ صَاعِدٍ - وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ - وَابْنُ عُقْدَة، وَالحَاكمَان، وَابْن مَنْدَة، وَابْن جُمَيْع، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكّي وَغَيْرُهُم.
وَكَانَ صَدُوْقاً حسَنَ المَعْرِفَة، مِنْ أَوْعِيَة العِلْم، وَكَانَ فِي التَّأَلُّهِ صِنْفاً آخر.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ القَوَّاس: سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ مِنَ الأَوْلِيَاء (1) .
وَسُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْهُ، فَقَالَ: فَاضِلٌ ثِقَةٌ (2) .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ المُزَكّي: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ دَاوُدَ الزَّاهِد يَقُوْلُ:
كُنْتُ بِالبَصْرَةِ أَيَّامَ القَحْط، فَلم آكلْ فِي أَرْبَعِيْنَ يَوْماً إِلاَّ رغيفاً وَاحِداً، كُنْت إِذَا جُعتُ، قَرَأْت (يس) عَلَى نِيَّة الشِّبَع (3) ، فكفَانِي اللهُ الْجُوع.
تُوُفِّيَ ابْنُ دَاوُدَ: فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ يَوْم الجُمُعَة لعَشْرٍ بَقِيْنَ مِنْه.
أَرَّخَهُ الحَاكِم، وَقَالَ: هُوَ شَيْخُ عَصْره فِي التَّصَوُّف، خَرَجَ عَنْ نَيْسَابُوْر سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَأَتَاهَا سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنَ المَقْبُولين، وَجَمَعَ (أَخْبَار الصُّوْفِيَّة) .
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 226.
(2) المصدر السابق.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 902.(15/421)
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً فَهماً (1) .
وَقَالَ الخَلِيْلِيّ: مَعْرُوْف بِالحِفْظ، بَيَّنَ حِفْظَه وَعِلْمَه فِي فَوَائِد أَملاَهَا (2) .
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ طَلاَّب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ النَّضْرِ، وَمُوْسَى بن مُحَمَّدٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبَّاد بن كَثِيْر عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُوْرٍ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ طَلَبَ كَسْبِ الحلاَلِ فَرِيْضَةٌ بَعْد الفَرِيْضَةِ) .
تَفَرَّد بِهِ عَبَّاد (3) ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ.
236 - السَمَرْقَنْدِيُّ عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ المُحَدِّث، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ بن وَرْدَان السَّمَرْقَنْدِي ثُمَّ المِصْرِيّ الحَذَّاء.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 265.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 902.
(3) هو عباد بن كثير بن قيس الرملي الفلسطيني، قال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ضعيف، وقال الحاكم: روى عن سفيان الثوري أحاديث موضوعة، وأخرجه الطبراني في " الكبير " 10 / 90 من طريق أحمد بن يزيد السجستاني، عن يحيى بن يحيى بهذا الإسناد، وأورده السخاوي في " المقاصد الحسنة " ص 316، وزاد نسبته للبيهقي، وفي " الشعب " والقضاعي، ونقل عن البيهقي قوله: تفرد به عباد وهو ضعيف.
(*) العبر: 2 / 267، حسن المحاضرة: 1 / 209، شذرات الذهب: 2 / 370.(15/422)
سَمِعَ: أَحْمَدَ بن شَيْبَان الرَّمْلِيّ، وَأَبَا أُمَيَّة الطَّرَسُوْسِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَمَّاد الطِّهْرَانِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الحَكَمِ القِطْرِي، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَابْن جُمَيْع، وَالحَافِظ عَبْد الغنِي الأَزْدِيُّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بن النَّحَّاسِ، وَالخصيب بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّد، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَاج الإِشْبيلِي، وَسِبْطُهُ مُحَمَّدُ بنُ ذَكْوَان التِّنِّيْسِيّ - شَيْخٌ لِلْحَبَّال -، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: ثِقَةٌ، لَهُ سَمَاعَاتٌ صِحَاح فِي كُتُب أَبِيْهِ.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
انْتَهَى إِلَيْهِ علُّو الإِسْنَاد بِمِصْرَ وَهُوَ أَعْلَى شَيْخٍ لعَبْد الغنِي.
وَقَدْ رَوَى بِالإِجَازَة أَيْضاً عَنْ أَحْمَدَ بنِ شَيْبَان.
وَبَعْض النَّاس يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ ينْسبهُ إِلَى جَدِّه.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ القَاضِي حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طلاَّب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ شَيْبَان، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:
بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً قبلَ نَجْدٍ، فَبلغت سُهْمَانهُم اثْنَيْ عَشَرَ بعيراً، فَنَفَلَنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعِيراً بَعِيراً (1) .
__________
(1) وأخرجه أبودواد (2741) من طرق عن شعيب بن أبي حمزة، عن نافع، عن ابن عمر، وهذا إسناد صحيح، وأخرجه أيضا أبو داود (2743) من طريق محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، وأخرجه مالك 2 / 450 في الجهاد: باب جامع النفل في الغزو، ومن طريقه البخاري 6 / 168، 169، ومسلم (1749) عن نافع، عن ابن عمر، وفيه: فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا، أو أحد عشر بعيرا.(15/423)
237 - الأُسْتَاذُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الحَارِثِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الفَقِيْه، العَلاَّمَة، المُحَدِّث، عَالِمُ مَا وَرَاء النَّهْر، أَبُو مُحَمَّدٍ الأُسْتَاذ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ الحَارِثِ بنِ خَلِيْلٍ الحَارِثِيُّ، البُخَارِيُّ، الكَلاَبَاذِيُّ، الحَنَفِيُّ، المَشْهُورُ: بِعَبْدِ اللهِ الأُسْتَاذِ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ وَاصل، وَعَبْد الصَّمَدِ بنِ الفَضْلِ، وَحمْدَانَ بنِ ذِي النُّوْنَ، وَأَبِي مَعْشَر حَمْدُوَيْه بنِ خَطَّاب، وَمُحَمَّدِ بنِ اللَّيْثِ السَّرَخْسِيّ، وَعِمْرَان بن فرينَام، وَأَبِي الموجَّه مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو المَرْوَزِيِّ، وَالفَضْل بن مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الصَّائِغ، وَأَبِي همَّام مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ النَّسَفِيِّ، وَمُوْسَى بنِ هَارُوْنَ الحَمَّال، وَأَحْمَدَ بنِ الضَّوْء، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: أَبوَالطِّيب عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مَنْصُوْر النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الفَارِسِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ المَشَايِخ: أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَة، وَكَانَ ابْنُ مَنْدَة يحسن القَوْلَ فِيْهِ.
وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَأَلتُ عَنْهُ أَبَا زُرْعَةَ أَحْمَدَ بنَ الحُسَيْنِ، فَقَالَ: ضَعِيْف (1) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 126 - 127، الأنساب: 1 / 212، العبر: 2 / 253، ميزان الاعتدال: 2 / 496 - 497، لسان الميزان: 3 / 348 - 349، شذرات الذهب: 2 / 357.
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 127.(15/424)
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: هُوَ صَاحِبُ عجَائِب عَنِ الثِّقَاتِ (1) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ: لاَ يُحْتَجُّ بِهِ (2) .
قُلْتُ: قَدْ أَلَّف (مُسْنَداً) لأَبِي حَنِيْفَةَ الإِمَام (3) ، وَتَعِبَ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ فِيْهِ أَوَابدُ مَا تفوَّه بِهَا الإِمَام، رَاجَتْ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ.
وَله كتَاب (وَهُم الطَّبَقَة الظَّلَمَة أَبَا حَنِيْفَةَ) ، مَا رَأَيْتهُ.
وَكَانَ شَيْخ المَذْهَب بِمَا وَرَاءِ النَّهْرِ.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُوَ الفَضْلِ بن قُدَامَةَ، أَنْبَأَنَا مَحْمُوْدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الخَيْر البَاغْبَان (4) ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ مَنْدَة، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حَمَّاد، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنِي بَكْر بن مُضَر، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ جُبَيْر، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بن سَهْل، عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَّقَ حَفْصَة بنْتَ عُمر تَطْلِيْقَةً، ثُمَّ ارْتَجَعَهَا (5) .
__________
(1) " ميزان الاعتدال ": 2 / 496.
(2) " تاريخ بغداد ": 10 / 127.
(3) " الرسالة المستطرفة ": 16.
(4) نسبة إلى حفظ الباغ، أي البستان، وهو فارسي عربه المولدون. أنظر " الأنساب ": 2 / 44.
(5) رجاله ثقات، إلا أنه مرسل وهو حديث صحيح، أخرجه من حديث عمر أبو داود (2283) وابن ماجة (2016) وأخرجه من حديث ابن عمر النسائي 6 / 213، وأخرجه من حديث أنس الحاكم 3 / 15، وانظر الجزء الثاني ص 228، 229 من هذا الكتاب.(15/425)
238 - الكَرْخِيُّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ دَلاَّلٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، مُفْتِي العِرَاق، شَيْخُ الخنفيَّة، أَبُو الحَسَنِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ دَلاَّلٍ البَغْدَادِيُّ، الكَرْخِيُّ، الفَقِيْهُ.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ بنَ إِسْحَاقَ القَاضِي، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيَّ، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَه، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَالقَاضِي عَبْدُ اللهِ بنُ الأَكْفَانِي، وَالعَلاَّمَة أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيّ الحَنَفِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ التَّنُوْخِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ المَذْهَب، وَانْتَشَرت تلاَمِذَتُهُ فِي البِلاَد، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَبَعُدَ صيتُهُ، وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العُبَّاد ذَا تهجُّد وَأَورَاد وَتَأَلُّه، وَصَبْرٍ عَلَى الفَقْرِ وَالحَاجَة، وَزُهدٍ تَامٍّ، وَوقْعٍ فِي النُّفُوْس، وَمِنْ كِبَار تَلاَمِذته أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ المَذْكُوْر.
وَعَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
كَتَبَ إِلَيَّ المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، قَالَ:
حَدَّثَنِي الصَّيْمَرِيُّ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو القَاسِمِ بنُ عَلاَّنَ الوَاسِطِيُّ قَالَ:
لَمَّا أَصَابَ أَبَا الحَسَنِ الكَرْخِيّ الفَالِج فِي آخِرِ عُمُرِهِ، حَضَرْتُهُ، وَحَضَرَ أَصْحَابُه: أَبُو بَكْرٍ الدَّامَغَانِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الشَّاشِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البَصْرِيّ، فَقَالُوا: هَذَا مَرَضٌ يحتَاجُ إِلَى نَفَقَة
__________
(*) الفهرست: 293، تاريخ بغداد: 10 / 353 - 355، طبقات الشيرازي: 142، الأنساب: 5 / 386 - 387، المنتظم: 6 / 369 - 370، العبر: 2 / 255، البداية والنهاية: 11 / 224 - 225، الجواهر المضية: 1 / 337.
طبقات المعتزلة: 130، لسان الميزان: 4 / 98 - 99، النجوم الزاهرة: 3 / 306، شذرات الذهب: 2 / 358.(15/426)
وَعِلاج، وَالشَّيْخ مُقِلٌّ وَلاَ يَنْبَغِي أَن نَبذُلَه لِلنَّاسِ.
فَكَتَبُوا إِلَى سَيْفِ الدَّوْلَة بنِ حَمْدَان، فَأَحسّ الشَّيْخُ بِمَا هُم فِيْهِ، فَبَكَى وَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تجعلْ رِزْقِي إِلاَّ مِنْ حَيْثُ عَوَّدتَنِي.
فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُحْمَل إِلَيْهِ شَيْءٌ.
ثُمَّ جَاءَ مِنْ سَيْف الدَّوْلَة عَشْرَة آلاَف دِرْهَم، فتُصدِّق بِهَا عَنْهُ (1) .
تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ رَأْساً فِي الاعتزَال - الله يُسَامحه - (2) .
239 - الدِّيْنَوَرِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ *
الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيُّ، المَالِكِيُّ، مُصَنِّفُ كِتَابِ (المُجَالَسَةِ) الَّذِي يَرْوِيْهِ البُوصِيرِيُّ، وَغَيْرُهُ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَبَا قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيَّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ قُتَيْبَةَ صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ، وَالعَبَّاس بنَ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ دَيْزيل، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن مَرْزُوق البُزُورِي، وَالبَصْرِيَّ عَبْد اللهِ الحُلْوَانِيّ، وَالمُحَدِّثَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيّ، وَعَدَداً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ التَّمَّار المِصْرِيّ، وَالحَسَن بن إِسْمَاعِيْلَ الضَّرَّاب، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ بَصِيْراً بِمَذْهَب مَالِك، أَلَّف كِتَاباً فِي الردّ عَلَى الشَّافِعِيّ، وَكِتَاباً فِي مَنَاقِب مَالِك.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 355.
(2) انظر ترجمته في " طبقات المعتزلة ": 130.
(*) الديباج المذهب: 32 - 33، حسن المحاضرة: 1 / 208 - 209.(15/427)
ضعَّفه أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ (1) .
قَالَ ابْنُ زُوْلاَق: قَدِمَ مِصْر، وَحَدَّثَ بكُتُب ابْنِ قُتَيْبَةَ وَغيرِهَا، ثُمَّ سَافر إِلَى أُسْوَان عَلَى قَضَائِهَا، فَأَقَامَ بِهَا سِنِيْنَ كَثِيْرَة.
قَالَ: فَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ، قَالَ: وَلِيَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ بن قُتَيْبَةَ قَضَاءَ مِصْر، فجَاءنِي كِتَابُ أَبِي الذّكر مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَالِكِيّ، يَقُوْلُ فِيْهِ:
خَاطبتُ القَاضِي فِي أَمرك، فَوَعَدَنِي بِإِنفَاذِ العَهْد إِلَيْك، فَلَمَّا ذكرتُ لَهُ أَنَّك تروِي كتبَ أَبِيْهِ، وَقَفَ وَبَدَا لَهُ، وَقَالَ:
أَنَا أَعرِفُ كُلَّ مِنْ سَمِعَ مِنْ أَبِي، وَمَا أَعرفُ هَذَا الرَّجُل، فَإِنْ كَانَ عِنْدَك علاَمَة، فَاكْتبْ إِلَيَّ بِهَا.
قَالَ: فكتبتُ إِلَيْهِ بعلاَمَات يَعْرِفُهَا، فَكَتَبَ إِلَيَّ يعْتَذِر، وَبَعَثَ بِعَهْدِي.
قُلْتُ: لَمْ أَظْفَر بوَفَاة الدِّيْنَوَرِيّ، وَأَرَاهَا بَعْد الثَّلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ بَرَكَات، أَخْبَرَنَا الصَّائِن هِبَة اللهِ، وَعلِيُّ الحَافِظ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا النَّسيب، أَخْبَرَنَا رَشَأ بنُ نَظِيف، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا الدِّيْنَوَرِيّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ هُشَيْم، عَنْ مُجَالد، عَنِ الشَّعْبِيّ قَالَ:
كَانَ فِدَاءُ أَسَارَى بَدْرٍ أَرْبَعَة آلاَفٍ وَدُوْنهَا، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ أُمِرَ أَنْ يعلِّم صبيَان الأَنْصَار الكِتَابَة (3) .
__________
(1) " الديباج المذهب ": 32.
(2) في " الديباج المذهب ": 32 - 33 " توفي في صفر سنة ثمان وتسعين ومئتين، وسنه أربع وثمانون سنة ".
(3) مجالد ضعيف، والخبر مرسل.(15/428)
240 - أَبُو إِسْحَاقَ المَرْوَزِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ الكَبِيْر، شَيْخ الشَّافِعِيَّة، وَفَقِيْه بَغْدَادَ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ، صَاحِبُ أَبِي العَبَّاسِ بنِ سُرَيْجٍ، وَأَكْبَرُ تَلاَمِذتِهِ.
اشْتَغَل بِبَغْدَادَ دَهْراً، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَتخرَّج بِهِ أَئِمَّةٌ كَأَبِي زَيْدٍ المَرْوَزِيّ، وَالقَاضِي أَبِي حَامِد أَحْمَدَ بنِ بِشْرٍ المَرْوَرُّوْذِيّ (1) مُفْتِي البَصْرَة، وَعِدَّة.
شَرَحَ المَذْهَب وَلخَّصه، وَانتهتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ المَذْهَبِ.
ثُمَّ إِنَّهُ فِي أَوَاخِرِ عُمُره تحوَّل إِلَى مِصْرَ، فَتُوُفِّيَ بِهَا فِي رَجَبٍ فِي تَاسعه.
وَقِيْلَ: فِي حَادِي عَشره سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفِنَ عِنْد ضَرِيح الإِمَامِ الشَّافِعِيّ (2) ، وَلَعَلَّهُ قَاربَ سبعينَ سَنَةً.
وَإِليه يُنسب بِبَغْدَادَ درب المَرْوَزِيّ الَّذِي فِي قطيعَةَِ الرَّبِيْع (3) .
وَذَكَرَ ابْن خلِّكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ -:أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ الحَدَّاد صَاحِب (الْفُرُوع) مِنْ تَلاَمِذَة أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ (4) ، فَلَعَلَّهُ جَالَسَه وَنَاظَرَه، وَإِلاَّ فَابْنُ الحَدَّادِ أَسنُّ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ عَاشَ بَعْد المَرْوَزِيّ قَلِيْلاً (5) .
صَنَّفَ المَرْوَزِيّ كِتَاباً فِي السُّنَّة، وَقرأَه بِجَامِعِ مِصْر، وَحَضَرَه آلاَف
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 11، وفيات الأعيان: 1 / 26 - 27، العبر: 2 / 252، شذرات الذهب: 2 / 355 - 356.
(1) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان ": 1 / 69.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 6 / 11.
(3) المصدر السابق.
(4) انظر " وفيات الأعيان ": 4 / 197.
(5) توفي ابن الحداد سنة / 344 / أو / 345 / على خلاف عند المحققين.
وستأتي ترجمته رقم / 256 / من هذا الجزء.(15/429)
فَجَرَت فِتْنَة، فَطَلَبَهُ (1) كَافُوْرٌ فَاخْتَفَى، ثُمَّ أُدخل إِلَى كَافُوْر، فَقَالَ: أَمَا أَرْسَلتُ إِلَيْكَ أَنْ لاَ تُشْهِر هَذَا الكِتَاب فَلاَ تظهِرهُ؟
وَكَانَ فِيْهِ ذكر الاسْتِوَاءِ، فَأَنكرته المُعْتَزِلَة.
241 - ابْن أَبِي هُرَيْرَةَ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ البَغْدَادِيُّ، القَاضِي، مِنْ أَصْحَابِ الوُجُوهِ.
انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ المَذْهب.
تفقَّه بِابْنِ سُرَيْج ثُمَّ بِأَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ، وَصَنَّفَ شَرْحاً لـ (مُخْتَصَر المُزَنِيّ) .
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِي، وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرهُمَا، وَاشْتُهِرَ فِي الآفَاق.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
242 - الخَامِيُّ أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّث، الصَّدُوْق، المُعَمَّر، أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ
__________
(1) كافور بن عبد الله الاخشيدي، أبو المسك، تولى مملكة مصر والشام نيابة عن ابني الاخشيد أبي القاسم وأبي الحسين، ثم تولاهما مستقلا سنتين وأربعة أشهر إلى أن توفي سنة / 357 / هـ. وأخباره مع المتنبي مشهورة.
(*) تاريخ بغداد: 7 / 298 - 299، طبقات الشيرازي: 112 - 113، وفيات الأعيان: 2 / 75، العبر: 2 / 267، مرآة الجنان: 2 / 337، طبقات الشافعية: 3 / 256 - 263، البداية والنهاية: 11 / 304، طبقات ابن هداية الله: 72، شذرات الذهب: 2 / 370.
(* *) العبر: 2 / 256، المشتبه: 1 / 126، شذرات الذهب: 2 / 358.(15/430)
بنِ عَمْرٍو المَدِيْنِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، الخَامِيُّ (1) .
سَمِعَ: يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَبَحْرَ بنَ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيَّ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ، وَمنير بنُ أَحْمَدَ الخَشَّاب وَآخَرُوْنَ.
وَحَدِيْثُه مِنْ عَوَالِي الخِلَعيَّات (2) .
وَكَانَ قَدْ عدَّلَه القَاضِي عَبْدُ اللهِ بنُ وَليد الظَاهِرِي.
فَلَمَّا عُزل ابْنُ وَليد، أَسقَطَه القَاضِي الجَدِيْدُ فِي جَمَاعَةٍ، فَتَجَمَّعُوا، وَدَخَلُوا عَلَى كَافُوْر نَائِبِ مِصْر وَفيهم أَبُو الطَّاهِرِ، فَقَالَ:
أَيُّهَا الأُسْتَاذ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَقَاطَعُوا وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخوَاناً، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِم أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَث (3)) ، وهَؤُلاَءِ القَوْم قَاطَعُوناً وَهَاجَرُونَا، وَصَارُوا بِمخَالفَةِ الحَدِيْثِ عُصَاة غَيْرَ مَقْبُوْلين، فُلاَنَ لَهُم كَافُوْرُ، وَوَعَدَ بِخَيْر.
تُوُفِّيَ أَبُو الطَّاهِرِ المَدِيْنِيّ فِي ذِي الحِجَّةِ سنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَعَاشَ ثَلاَثاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
__________
(1) في " العبر " و" الشذرات ": الحامي، بالحاء المهملة، وهو تصحيف.
(2) انظر ص / 314 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه مالك 2 / 906، 907 في حسن الخلق، ومن طريقه البخاري 10 / 413 في الأدب، ومسلم (2559) في البر والصلة، عن الزهري، عن أنس. وقوله: " ولا تدابروا " معناه: التهاجر والتصارم مأخوذ من تولية الرجل دبره إذا رأى أخاه وإعراضه عنه.(15/431)
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ يَحْيَى، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّاهِرِ المَدِيْنِيّ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِي أَفلح بنُ حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْم، عَنْ سُلَيْمَان الأَغر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا كَأَلْفِ صَلاَةٍ فِيْمَا سِوَاهُ إِلاَّ المَسْجد الحَرَام، وَصَلاَةُ الجَمَاعَةِ خَمْس وَعِشْرُوْنَ دَرَجَةً عَلَى صَلاَةِ الفَذِّ) (1) .
243 - الحَوْرَانِيُّ أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ الكِلاَبِيُّ، الحَوْرَانِيُّ، ثُمَّ السَّامَرِّيُّ المولدِ، شَيْخٌ معمَّر مَشْهُوْر.
حَدَّثَ عَنْ: عَبَّاد بن الوَلِيْدِ الغُبَرِيِّ، وَعَبَّاس التُّرْقُفِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَإِسْحَاق بن سَيَّار، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: تَمَّام الرَّازِيّ، وَيُوْسُف المَيَانَجِي، وَعَبْد الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بن زَبْرٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَله (جُزءٌ) يَرْوِيْهِ ابْنُ عَبْدِ الدَّائِم.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 485 من طريق عبد الملك، حدثنا أفلح بن حميد، بهذا الإسناد، وأخرج القسم الأخير منه مسلم (649) (247) في المساجد، من طريق عبد الله بن مسلمة بن قعنب عن أفلح بهذا الإسناد، وأخرجه إلى قوله: " إلا المسجد الحرام " مالك 1 / 196 في الحج، ومن طريقه البخاري 3 / 54 في التطوع، من طريق زيد بن رياح، وعبيد الله بن أبي عبيد الله، عن أبي عبد الله الاغر سلمان، عن أبي هريرة، وأخرجه مسلم (1394) من طرق أخرى عن أبي هريرة.
(*) الأنساب: 4 / 268، تاريخ ابن عساكر: 15 / 137 ب - 138 آ، العبر: 2 / 257، شذرات الذهب: 2 / 361.(15/432)
تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ - فِيْمَا أَحسب - فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
244 - البُخَارِيُّ الحَسَنُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، النَّبِيْلُ، أَبُو الفَضْلِ الحَسَنُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ يُوْسُفَ البُخَارِيُّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء، وَأَبَا حَاتِم الرَّازِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار، وَأَبَا يَحْيَى بن أَبِي مسرَّة، وَيَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المزكِّي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَابْن مَنْدَة، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ أَبُو الفَضْلِ العَدْل، كَانَ هُوَ وَأَبُوْهُ مِنْ ذوِي اليَسَار وَالثروَة.
لَهُ خطَّة (1) وَمَسْجِدٌ وَبسَاتين، فَأَنفق هَذِهِ الأَمْوَال عَلَى العُلَمَاء وَالصُّلَحَاء، وَبَقِيَ يَأْوِي إِلَى مَسْجِد.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
245 - الأَرْدُبِيْلِيُّ أَبُو القَاسِمِ حَفْصُ بنُ عُمَرَ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُفِيْدُ، أَبُو القَاسِمِ حَفْصُ بنُ عُمَرَ الأَرْدُبِيْلِيُّ.
__________
(*) العبر: 2 / 259، شذرات الذهب: 2 / 362.
(1) الخطة، بالكسر: الأرض التي يختطها الرجل لنفسه، ليعلم أنه قد احتازها ليبنيها دارا.
(* *) تذكرة الحفاظ: 3 / 850 - 851، العبر: 2 / 249، طبقات الحفاظ: 352، شذرات الذهب: 2 / 349.
(2) بفتح الالف، وسكون الراء، وضم الدال المهملة، وكسر الياء المنقوطة باثنتين من =(15/433)
سَمِعَ: أَبَا حَاتِم الرَّازِيّ وَطبقَته بِالرَّيّ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبَا قِلاَبَةَ عَبْد المَلِكِ بنَ مُحَمَّدٍ، وَأَقْرَانهَمَا بِبَغْدَادَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ دَيْزِيل بهَمذَان.
وَكَانَ ثِقَةً مجوِّداً عَارِفاً فَهماً مُصَنِّفاً مَشْهُوْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ لاَل، وَأَحْمَدُ بنُ طَاهِرٍ بنِ النَّجم المَيَانَجِي، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ نيَّف عَلَى الثَّمَانِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيْع سُلَيْمَانُ بنُ قُدَامَةَ الحَاكِم، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَافِظِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الزَّنْجَانَي الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا القَاضِي عَبْد اللهِ بن عَلِيٍّ السُّفنِي بِأَرْدُبيل، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ الجَعدَوي، حَدَّثَنَا حَفْصُ بنُ عُمَرَ الحَافِظ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا ثَابِت بن مُحَمَّدٍ الزَّاهِد، حَدَّثَنَا الحَارِث بن النُّعْمَانِ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكيناً، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ المَسَاكين) .
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (لأَنَّهُم يدخُلُوْنَ الجَنَّةَ قَبْل الأَغْنيَاء بِأَرْبَعِيْنَ خَريفاً) ، وَذكرَ الحَدِيْثَ.
تَفَرَّد بِهِ ثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِد شَيْخُ البُخَارِيِّ.
وَالحَارِثُ بنُ النُّعْمَانِ هَذَا، قَالَ البُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الحَدِيْثِ (1) .
قُلْتُ: رَوَى ابْنُ مَاجه وَالتِّرْمِذِيّ فِي كتَابيهمَا لَهُ.
__________
= تحتها، وفي آخرها اللام، هذه النسبة إلى بلدة يقال لها: أردبيل مما يلي أذربيجان. " الأنساب ": 1 / 177.
(1) وقال أبو حاتم: ليس بالقوي في الحديث، وأخرجه الترمذي (2351) ، والبيهقي =(15/434)
246 - الحَسَنُ بنُ سَعْدِ بنِ إِدْرِيْسَ الكُتَامِيُّ القُرْطُبِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عَلِيٍّ الكُتَامِي (1) ، القُرْطُبِيُّ، عَالِمُ قُرْطُبَة.
سَمِعَ: مِنْ بَقِي بنِ مَخْلَدٍ فَأَكْثَر، وَبِمَكَّةَ مِنْ عَلِيّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَبَاليَمَن مِنْ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِي، وَعُبَيْد الكِشْوَرِي، وَبِمِصْرَ مَنْ يُوْسُف بن يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيّ وَبَابته، وَبِالبَصْرَة مِنْ أَبِي مُسْلِم الكَجِّيّ، وَجَال شَرْقاً وَغَرْباً.
وَكَانَ يجْتَهد وَلاَ يقلِّد، وَيمِيل إِلَى مَذْهب الشَّافِعِيّ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ بنِ الفَرَضِي: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ يَحْضُر الشُّوْرَى، فَلَمَّا رَأَى الفتوَى دَائِرَةً عَلَى المَالِكِيَّة، تَرَك شُهُوْدَ الشُّوْرَى (2) ، سَمِعَ مِنْهُ النَّاسُ شَيْئاً كَثِيْراً، وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً.
وَلَمْ يَكُنْ بِالضَّابطِ (3) جِدّاً.
مَوْلِدُهُ بقُرْطُبَة فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَة يَوْم عَرَفَة سنَةَ إِحْدَى
__________
= 7 / 12 من طريق ثابت بن محمد بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث غريب، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، عند ابن ماجة (4126) من طريق يزيد بن سنان، وهو ضعيف، عن أبي المبارك - وهو مجهول - عن عطاء، عن أبي سعيد، وأخرجه الحاكم 4 / 322، والبيهقي 7 / 13 من طريق خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي، عن أبيه، عن عطاء عن أبي سعيد.
ويزيد والد خالد ضعيف، وفي الباب عن عبادة بن الصامت عند تمام في " فوائده "، والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " ورقة 65، وفي سنده مجهول، فالحديث حسن.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 110، الأنساب: 10 / 351، تذكرة الحفاظ: 3 / 870، العبر: 2 / 225، الوافي بالوفيات: 12 / 27، طبقات الحفاظ: 356، شذرات الذهب: 2 / 329.
(1) في الأصل: الكتاني، وهو تصحيف، والكتامي: بضم الكاف، وفتح التاء المثناة، وفي آخرها الميم، هذه النسبة إلى " كتامة "، وهي قبيلة من البربر، نزلت ناحية بلاد المغرب. " الأنساب ": 10 / 351.
(2) " تاريخ علماء الأندلس ": 1 / 110.
(3) المصدر السابق.(15/435)
وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) بقُرْطُبَة، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً وَأَشهر - رَحِمَهُ اللهُ -.
247 - الخُتُّلِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ البَارِعُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ الخُتُّلِي (2) .
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَبَا إِسْمَاعِيْل التِّرْمِذِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ إِسْحَاقَ القَاضِي، وَهَذِهِ الطَّبَقَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ الثَّلاَّج، وَأَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالقَاضِي أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ يُذَاكر وَيصَنِّف، وَيتعَاطَى الحِفْظ (3) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ يحفَظُ خَمْسِيْنَ أَلفَ حَدِيْث، وَيُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ وَكَانَ فَهماً عَارِفاً ثِقَةً حَافِظاً، سَكَنَ البَصْرَة (4) .
قَالَ أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ:
دَخَلَ إِلَيْنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الخُتُّلِي إِلَى البَصْرَةِ، وَهُوَ صَاحِبُ حَدِيْث جَلْدٍ مَشْهُوْرٍ بِالحِفْظ، فَجَاءَ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ كُتُبه، فَحَدَّث شُهوراً إِلَى أَنْ لحِقَتْه كتُبُه، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
__________
(1) في " تاريخ علماء الأندلس " و" الأنساب ": " توفي سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة ".
(*) تاريخ بغداد: 10 / 290 - 291، الإكمال: 3 / 220، الأنساب: 5 / 45، المنتظم: 6 / 351، تذكرة الحفاظ: 3 / 870 - 871، طبقات الحفاظ: 356.
(2) نسبة إلى " الختل " قرية على طريق خراسان إذا خرجت من بغداد.
وانظر " الأنساب ": 5 / 44.
(3) " تاريخ بغداد ": 10 / 290.
(4) المصدر السابق.(15/436)
حدَّثتُ بخَمْسِيْنَ أَلفَ حَدِيْث مِنْ حِفْظِي إِلَى أَنْ لحقَتْنِي كُتُبِي (1) .
قُلْتُ: لَمْ أَرَ أَحَداً أَرَّخ وَفَاتَه، وَكَأَنَّهَا فِي سَنَةِ بِضْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) ، وَعَاشَ نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
248 - الصَّفَّارُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّث، القُدْوَة، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ، الصَّفَّار، الزَّاهِد.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ عِصَام، وَأَسِيْدَ (3) بنَ عَاصِم، وَأَحْمَدَ بنَ مَهْدِيٍّ، وَعُبَيْداً الغَزَّال، وَعِدَّة بِأَصْبَهَانَ بَعْد السِّتيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ بفَارس مِنْ: أَحْمَدَ بنِ مِهْرَانَ بنِ خَالِدٍ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ الأَزْرَق، وَأَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيّ، وَابْنِ أَبِي أُسَامَةَ.
وَسَمِعَ التَّصَانِيْف مِنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ: عَلِيّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَجمع وَصَنَّفَ فِي الزُّهْرِيَّات، وَقَدِمَ نَيْسَابُوْر بَعْد الثَّلاَث مائَة (4) ، فسكنهَا، وَسَمِعَ (المُسْنَد الكَبِيْر) مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بن حَنْبَلٍ، وَكَتَبَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي تَصَانِيْفَه، وَصَحِبَ الأَوْليَاء وَالعُبَّاد، وَارْتَحَلَ إِلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَان، فحَمَل (المُسْنَد) ، وَكُتُبَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 290 - 291.
(2) ارخ ابن الجوزي وفاته سنة / 335 / هـ انظر " المنتظم " 6 / 351.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 271، الأنساب: 8 / 74 - 75، المنتظم: 6 / 368، العبر: 2 / 250، الوافي بالوفيات: 3 / 316، طبقات الشافعية: 3 / 178 - 179، البداية والنهاية: 11 / 224، النجوم الزاهرة: 3 / 304، شذرات الذهب: 2 / 349.
(3) ضبط في " العبر " و" طبقات الشافعية ": بضم الهمزة وفتح السين، وهو خطأ. انظر " الإكمال ": 1 / 56.
(4) في " الأنساب " 8 / 75 " ورد نيسابور سنة سبع وتسعين ".(15/437)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ الحَجَّاجِي، وَابْنُ مَنْدَة، وَأَبُو سَعِيْدٍ الصَّيْرَفِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ مُحَدِّثُ عَصْره، كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، لَمْ يرفَعْ رأْسَه (1) إِلَى السَّمَاء - كَمَا بلغَنَا - نَيِّفاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً (2) .
وَكَانَ وَرَّاقه أَبُو العَبَّاسِ المِصْرِيّ خَانَه، وَاختزلَ عُيون كُتُبه وَأَكْثَر مِنْ خَمْس مائَة جُزْء مِنْ أُصُوْله، فَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ يُجَامله جَاهِداً فِي اسْترجَاعهَا، فَلَمْ ينجَع فِيْهِ، فَذَهَبَ علمُه بدُعَاءِ الشَّيْخِ عَلَيْهِ (3) .
تُوُفِّيَ الشَّيْخُ: فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَان وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ: مُسْنِد بَغْدَادَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ البَخْتَرِيِّ، وَمسنِدُ الثَّغْر عَلِيُّ بنُ أَبِي مَطَر الإِسْكَنْدَرَانِيُّ عَنْ مائَة عَام، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِم الكَرَّانِي، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَضَالَة الحِمْصِيّ بِمِصْرَ، وَالقَاهِرُ بِاللهِ، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طَرْخَان الفَارَابِي المُتَفَلْسِفُ، وَالقَاضِي عُمَرُ بنُ الحَسَنِ الأُشْنَانِي.
249 - الصَّفَّارُ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو الحَسَنِ، أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ
__________
(1) في " الأنساب ": بصره.
(2) " الأنساب ": 8 / 74 - 75.
(3) " طبقات الشافعية ": 3 / 179.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 261، تذكرة الحفاظ: 3 / 876 - 877، طبقات الحفاظ: 358.(15/438)
البَصْرِيُّ، الصَّفَّار، ابْن زَوْجَةَ الكُدَيْمِيُّ، ومُؤلِّف كتَاب (السُّنُنِ (1)) عَلَى المُسْنَد الَّذِي يُكثر أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ مِنْ تَخْرِيْجه فِي توَالِيفه.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الفَرَجِ الأَزْرَق، وَالحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ غَالِب تَمْتَام، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيّ، وَأَبَا مُسْلِم الكَجِّيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَعَلِيَّ بنَ الحَسَنِ بنِ بَيَان، وَابْنَ أَبِي قمَاش، وَالعَبَّاسَ بنَ الفَضْلِ الأَسْفَاطِي، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِي، وَخلْقاً مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَة، فَأَعْلَى مَا عِنْدَهُ أَصْحَاب يَزِيْد بن هَارُوْنَ، وَنَحْوه.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَالقَاضِي أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيّ، وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ النَّجَّاد، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَان، وَطَائِفَة.
قَالَ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً، صَنَّف (المُسْنَد) وَجوَّده.
قُلْتُ: سَمِعَ مِنْهُ ابْنُ عَبْدَان فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَهَا بِقَلِيْلٍ.
قَرَأْتُ عَلَى عُمَرَ بن عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخبركُم عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي سَنَةَ تِسْعٍ وَسِت مائَة حُضُوْراً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طلاَّب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّار بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَالِب، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يُوْنُس، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي السَّفَر، عَنْ أَبِي بن كَعْب، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
__________
(1) " الرسالة المستطرفة ": 36.
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 261.(15/439)
قَالَ: (إِنَّ اللهَ جَعَلَ مَطْعَمَ ابْنِ آدَمَ مَثلاً لِلدُّنْيَا) (1) .
250 - الصَّفَّارُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
الإِمَامُ، النَّحْوِيُّ، الأَدِيْبُ، مُسنِدُ العِرَاقِ، أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بن صَالِحٍ البَغْدَادِيُّ، الصَّفَّارُ، المُلَحِيُّ؛ نسْبَةً إِلَى المُلَحِ وَالنَّوَادرِ.
وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ أَرْبَعَة وَتِسْعِيْنَ حَدِيْثاً، وَمِنْ زَكَرِيَّا بن يَحْيَى بنِ أَسَد، وَسَعْدَان بنِ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ كُرْ بُزَان، وَعِدَّة.
وَصَحِبَ أَبَا العَبَّاسِ المُبَرِّد، وَأَكثَرَ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْن المُظَفَّر، وَابْن مَنْدَة، وَأَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، وَعُبَيْد اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَمُحَمَّدُ بنِ الحُسَيْنِ بنِ الفَضْلِ القَطَّان، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ السُّكَّرِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ مَخْلَد، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
__________
(1) وأخرجه الطبراني في " الكبير " (531) وعبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " 5 / 136، والبيهقي في الزهد الكبير من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود، حدثنا سفيان، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عتي، عن أبي بن كعب، وقال الهيثمي في " المجمع " 10 / 288: ورجالها رجال الصحيح غير عتي وهو ثقة وصححه ابن حبان (2489) وقد توبع موسى ابن مسعود عليه عند ابن أبي الدنيا في الجوع 8 / 2 / 9، وله شاهد من حديث الضحاك بن سفيان الكلابي عند أحمد 3 / 452، والطبراني (8138) وفي سنده علي بن زيد بن جرعان وهو ضعيف وباقي رجاله ثقات، وآخر من حديث سلمان عند الطبراني (6119) ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي. فالحديث صحيح.
(*) تاريخ بغداد: 6 / 302 - 304، نزهة الالباء: 195 - 196، المنتظم: 6 / 371 - 372، معجم الأدباء: 7 / 33 - 36، إنباه الرواة: 1 / 211 - 213، العبر: 256، البداية والنهاية: 11 / 226، لسان الميزان: 1 / 432، بغية الوعاة: 188، شذرات الذهب: 2 / 358.(15/440)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ ثِقَةً مُتعصباً لِلسُّنَّة (1) .
قُلْتُ: انْتَهَى إِلَيْهِ علوُّ الإِسْنَاد.
وَقَدْ رَوَى الحَاكِمُ عَنْ رَجُلٍ عَنْهُ، وَلَهُ شِعْرٌ وَفَضَائِل.
وَكَانَ مُقَدَّماً فِي العَرَبِيَّة.
تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي رَابِعَ عَشَرَ المُحَرَّم، سنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ أَجَازَ لَهُم ابْنُ كُلَيْب، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بيَان، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّاز، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ (بِجُزْء ابْنِ عَرَفَةَ) .
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو المَدِيْنِيّ الخَامِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ بن الصَّمُوت الرَّقِّيُّ، وَالمَنْصُوْرُ العُبَيْدِي، وَأَبُو الطيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْد الحَوْرَانِي الكِلاَبِيُّ، وَأَبُو حَاتِم مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الوسفندِي، وَإِسْحَاق بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَة، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بن شَوْذَب بِوَاسِط، وَأَبُو الحَسَنِ شُعبَةُ بنُ الفَضْلِ البَغْدَادِيُّ.
أَمَّا:
251 - أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ *
المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ الحِمْصِيُّ، الرُعَيْنِيُّ، فَيَرْوِي عَنْ: أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ المَرْوَزَيِّ، وَمُحَمَّدِ بن عُبَيْد الكَلاَعِيِّ، وَطبقتِهمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَة، وَأبُو العَبَّاسِ بنُ الحَاج، وَعَبْد الغنِي بنُ سَعيْدٍ الأزْدِيّ، وَآخَرُونَ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة.
ذَكَرْتُهُ لِلتَّمْيِيْزِ، وَاسم جَدّه أَحْمَد.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 303.
(*) ستأتي ترجمته في الجزء السادس عشر رقم الترجمة (255) .(15/441)
252 - ابْنُ صَفْوَانَ البَرْذَعِيُّ الحُسَيْن بنُ صَفْوَانَ بنِ إِسْحَاقَ *
الشَّيْخ، المُحَدِّث، الثِّقَة، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ صَفْوَانَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَرْذَعِيُّ (1) .
صَاحبُ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا وَرَاوِي كُتُبه.
وَحَدَّثَ أَيْضاً عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ شَدَّاد المِسْمَعِي صَاحبِ يَحْيَى القَطَّان، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ الفَرَج الأَزْرَق، وَالقَاضِي أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البِرْتِي، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَالدِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَخِي مِيْمِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ دُوسْت، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ صَدُوْقاً (2) .
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
وَالبَرْذَعِيّ نسبَة إِلَى عَمَلِ البَرْذَعَة (3) .
أَمَا النِّسبَة إِلَى بلد برذعَة، فَقَدْ قِيْلَ: بدَالِ مُهْمَلَةٍ.
253 - السُّتُورِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الفَضْلِ بنِ إِدْرِيْسَ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الفَضْلِ بنِ إِدْرِيْس السَّامَرِّيُّ، السُّتُورِيُّ (4) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 8 / 54، العبر: 2 / 253، شذرات الذهب: 2 / 356 - 357.
(1) في " شذرات الذهب ": 2 / 356 " البردعي ": بالدال المهملة.
وهو تصحيف.
انظر " المشتبه ": 1 / 65.
(2) " تاريخ بغداد ": 8 / 54.
(3) البرذعة: ما يوضع على الحمار أو البغل ليركب عليه، كالسرج للفرس.
(* *) تاريخ بغداد: 12 / 48، الأنساب: 7 / 41، العبر: 2 / 262، شذرات الذهب: 2 / 365.
(4) بضم السين المهملة، والتاء المنقوطة باثنتين من فوقها، وفي آخرها الراء. هذه النسبة =(15/442)
لَهُ نُسْخَة عَنِ الحَسَنِ بنِ عَرَفَة عَالِيَة، تَفَرَّد فِي زَمَانِهِ بِهَا، مَا عَلِمْتُه رَوَى سِوَاهَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: يُوْسُف القَوَّاس، وَابْن حَسنُوْنَ النَّرْسِيّ، وَالحُسَيْنُ بنُ بَرْهَان، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الروزبهَان، وَالحَاكِم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ العَتِيْقِيّ يوَثَّقَهُ.
وَقَالَ: مَا سَمِعْتُ شُيُوْخنَا يذكرُونَهُ إِلاَّ بجَمِيْل (1) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَعَلَّهُ قَارب المائَة.
رَوَى جُزءهُ النَّفِيس ابْنُ البُنّ عَنْ جَدِّه، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي العَلاَءِ، عَنِ ابْنِ الروزبهَان عَنْهُ.
254 - ابْنُ عُقْبَةَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ بنِ هَمَّامٍ الشَّيْبَانِيُّ، الكُوْفِيُّ.
قَدمَ بَغْدَاد، فَرَوَى عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي العَنْبَس، وَالخَضِر بنِ أَبَانٍ، وَسُلَيْمَان بن الرَّبِيْعِ النَّهْدِيّ، وَمُطَيَّن.
وَعَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ جُمَيْع الغَسَّانِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَجَمَاعَةٌ.
__________
= إلى الستر، وجمعه الستور، وهذه النسبة إما إلى حفظ الستور والبوابية على ما جرت به عادة الملوك، أو حمل أستار الكعبة وأنظر " الأنساب ": 7 / 40.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 48.
(*) تاريخ بغداد: 12 / 79 - 81، المنتظم: 6 / 376، العبر: 2 / 262، مرآة الجنان: 2 / 335، البداية والنهاية: 11 / 228، شذرات الذهب: 2 / 365 - 336.(15/443)
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً أَمِيناً (1) .
كَانَ يَقُوْلُ: شهدتُ عِنْد القَاضِي إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي العَنْبَس فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
وَقَالَ ابْنُ حَمَّاد الحَافِظ: كَانَ شَيْخَ الكُوْفَة، وَمختَار السُّلْطَان وَالقُضَاة، صَاحب جَمَاعَة وَفقهٍ وَتِلاوَةٍ (3) .
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ ابْنُ عُقْدَة (4) يحضُرُ عِنْدَهُ كَثِيْراً.
255 - ابْنُ السَّمَّاكِ عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُكثِرُ، الصَّادِق، مُسنِدُ العِرَاقِ، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ البَغْدَادِيُّ، الدَّقَّاقُ، ابْنُ السَّمَّاكِ.
سَمِعَ بَاعتنَاء وَالده مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّد بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي، وَأَحْمَد بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيِّ، وَحَنْبَل بنِ إِسْحَاقَ، وَالحُسَيْن بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَر، وَمُحَمَّد بنِ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْر الحَارِثِيّ كُرْبَزَان، وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَالحَسَن بن مُكْرم، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 80.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) تقدمت ترجمته رقم / 178 / من هذا الجزء.
(*) تاريخ بغداد: 11 / 302 - 303، الأنساب: 7 / 127، المنتظم: 6 / 378، العبر: 2 / 264، ميزان الاعتدال: 3 / 31، البداية والنهاية: 11 / 922، غاية النهاية: 1 / 501، لسان الميزان: 4 / 131 - 132، شذرات الذهب: 2 / 366 - 367.(15/444)
وجَمَعَ فَأَوْعَى، وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازل وَالسمِين وَالهزيل.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ شَاهِيْن، وَابْنُ مَنْدَة، وَالحَاكِم، وَأَبُو عُمَرَ بنُ مَهْدِيٍّ، وَابْن رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَضْلِ، وَأَبُو عَلِيٍّ شَاذَان، وَعِدَّة.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: شَيْخُنَا أَبُو عَمْرٍو كَتَبَ عَنِ العُطَارِدِيّ وَمَنْ بَعْدَهُ، وَكَتَبَ المصَنَّفَات الطِّوَال بخطِّه، وَكَانَ مِنَ الثِّقَات (1) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ابْنُ السَّمَّاك ثِقَةً ثَبْتاً (2) ، سَمِعْتُ ابْنَ رَزْقُوَيْه، يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا البَاز الأَبيض أَبُو عَمْرٍو بنُ السَّمَّاكِ السُّلَمِيّ، أَخْبَرَنَا الدَّارَقُطْنِيّ، سَمِعْتُ ابْنَ السَّمَّاك، يَقُوْلُ: وجَّه إِليَّ الحُسَيْنُ النُّوبَخّتِي، وَقَدْ كُنْتُ قضيتُ لَهُ حَاجَة:
ابعثَ إِلَى القَاضِي أَبِي الحُسَيْنِ بنِ أَبِي عُمَرَ ليقبل شَهَادَتك؟
فَقُلْتُ: لاَ أَنشَطُ لِذَلِكَ، أَنَا أَشهد عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحْدِي فتقْبلُ شهَادتِي، لاَ أُحِبُّ أَنْ أَشهدَ عَلَى العَامَّة وَمعِي آخر.
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَشَيَّعَه نَحْو خَمْسِيْنَ أَلْفاً، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ مُحَمَّد، وَقَدْ عُمِّر مُحَمَّدٌ هَذَا.
وَحَدَّثَ عَنِ البَغَوِيّ وَغَيْرِه.
256 - ابْنُ الحَدَّادِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ المِصْرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الإِسْلاَم، عَالِمُ العَصْر، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 303.
(2) " تاريخ بغداد ": 11 / 302.
(*) طبقات الشيرازي: 114، الأنساب: 4 / 71 - 72، المنتظم: 6 / 379، وفيات =(15/445)
بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الكِنَانِيُّ، المِصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، ابْنُ الحَدَّادِ.
صَاحبُ كتَابِ (الْفُرُوع) فِي المَذْهب.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: أَبَا الزنبَاع رَوْح بنَ الفَرَجِ، وَأَبَا يَزِيْدَ يُوْسُف بن يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيّ، وَمُحَمَّد بن عَقِيْل الفِرْيَابِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرِ بنِ الإِمَام، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيّ، وَأَبَا يَعْقُوْب المَنْجَنِيْقيَّ، وَخلقاً سِوَاهُم.
وَلاَزمَ النَّسَائِيّ كَثِيْراً، وَتخرَّج بِهِ، وَعوَّل عَلَيْهِ، وَاكتفَى بِهِ، وَقَالَ: جعلتُه حُجَّة فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ الله - تَعَالَى -، وَكَانَ فَى العِلْم بَحْراً لاَ تكدِّره الدِّلاَء، وَلَهُ لَسَنٌ وَبلاغَة وَبَصَرٌ بِالحَدِيْثِ وَرِجَاله، وَعربيَّة مُتقَنَةٌ، وَبَاعٌ مَدِيد فِي الفِقْه لاَ يُجَارَى فِيْهِ مَعَ التَأَلُّه وَالعِبَادَة وَالنَّوَافل، وَبُعد الصِّيت، وَالعَظَمَة فِي النُّفُوْس.
ذكره ابْن زُوْلاَق - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابه - فَقَالَ: كَانَ تَقِيّاً متعبِّداً، يحسن عُلوماً كَثِيْرَة: عِلْم القُرْآن وَعِلْم الحَدِيْث، وَالرِّجَال، وَالكُنَى، وَاختلاَفِ العُلَمَاء وَالنَّحْو وَاللُّغَة وَالشِّعْر، وَأَيَّام النَّاس، وَيختِمُ القُرْآن فِي كُلِّ يَوْم، وَيَصُوْم يَوْماً وَيُفْطِر يَوْماً، كَانَ مِنْ مَحَاسِنِ مِصْر، إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ طَوِيْل اللِّسَان، حسن الثِّيَاب وَالمركوب، غَيْرَ مَطْعُوْنَ عَلَيْهِ فِي لَفْظٍ وَلاَ فِعْل، وَكَانَ
__________
= الأعيان: 4 / 197 - 198، تذكرة الحفاظ: 3 / 899 - 900، العبر: 2 / 264، الوافي بالوفيات: 2 / 69، مرآة الجنان: 2 / 336، طبقات الشافعية: 3 / 79 - 98، البداية والنهاية: 11 / 229 - 230، النجوم الزاهرة: 3 / 313، طبقات الحفاظ: 367، طبقات ابن هداية الله: 70 - 72، شذرات الذهب: 2 / 367 - 368.(15/446)
حَاذِقاً بِالقَضَاء.
صَنَّف كتَاب (أَدب القَاضِي (1)) فِي أَرْبَعِيْنَ جُزْءاً، وكتَاب (الفَرَائِض) فِي نَحْو مِنْ مائَة جُزْء (2) .
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الأَمِيْن، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النَّسَّابَة، أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي بنُ صِابر، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ الموَازينِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ سعْدَان، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَدَّاد، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيّ، سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بنَ فَضَالَة، سَمِعْتُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، يَقُوْلُ: الشَّافِعِيّ إِمَامٌ (3) .
نقُلْتُ فِي (تَاريخ الإِسْلاَم) :أَنَّ مولد ابْن الحَدَّاد يَوْم مَوْت المُزَنِيّ (4) ، وَأَنَّهُ جَالَس أَبَا إِسْحَاقَ المَرْوَزِيَّ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِم، وَنَاظرَه.
وكتَابُه فِي (الفُروع) مختصرٌ دقَّق مَسَائِلَه، شَرحه القَفَّال، وَالقَاضِي أَبُو الطيِّبِ، وَأَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيّ، وَهُوَ صَاحِبُ وَجْه فِي المَذْهب.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيّ، سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْم بنَ مُحَمَّدٍ النَّسْوِي المُعَدَّل بِمِصْرَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ الحَدَّاد، يَقُوْلُ: أَخَذْتُ (5) نَفْسِي بِمَا رَوَاهُ الرَّبِيْع عَنِ الشَّافِعِيّ، أَنَّهُ كَانَ يختِم فِي رَمَضَانَ سِتِّيْنَ خَتْمَة، سِوَى مَا يقرأُ فِي الصَّلاَةِ، فَأَكْثَرُ مَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ تسعاً وَخَمْسِيْنَ خَتْمَة، وَأَتَيْت فِي غَيْر رَمَضَان بِثَلاَثِيْنَ خَتْمَة.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ ابْنُ الحَدَّاد كَثِيْر الحَدِيْثِ، لَمْ يحدِّثْ عَنْ غَيْر
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ ": أدب القضاء.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 900. وما بين حاصرتين منه.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 900.
(4) انظر الحاشية رقم / 1 / ص 28 / من هذا الجزء.
(5) في " طبقات الشافعية ": 3 / 81 " أحدث " وهو تصحيف.(15/447)
النَّسَائِيّ. وَقَالَ: رضيتُ بِهِ حُجَّة بَيْنِي وَبَيْنَ الله (1) .
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ ابْنُ الحَدَّاد يُحسن النَّحْو وَالفَرَائِض، وَيدخُل عَلَى السَّلاَطين، وَكَانَ حَافِظاً للفِقّه عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَكَانَ كَثِيْر الصَّلاَة متعبِّداً، وَلِي القَضَاء بِمِصْرَ نِيَابَةً لابْنِ هروَان الرَّمْلِيّ (2) .
وَقَالَ المُسَبِّحِيّ: كَانَ فَقِيْهاً عَالِماً كَثِيْر الصَّلاَة وَالصِّيَام، يَصُوْم يَوْماً، وَيُفْطِر يَوْماً، وَيختِم القُرْآن فِي كُلِّ يَوْمٍ وَليلَةٍ قَائِماً مُصَلِّياً.
قَالَ: وَمَاتَ، وَصُلِّي عَلَيْهِ يَوْم الأَرْبعَاء، وَدُفِنَ بِسَفْحِ المُقَطَّم عِنْد قَبْر وَالدَتِه، وَحضر جِنَازَتَه الملكُ أَبُو القَاسِمِ بن الإِخْشِيذ، وَأَبُو المِسْك كَافور، وَالأَعيَانُ (3) ، وَكَانَ نسيجَ وَحدِه فِي حِفْظ القُرْآن وَاللُّغَة، وَالتَّوسُّع فِي عِلْم الفِقْه.
وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ مِنْ سِنِيْنَ كَثِيْرَة يغَشْاهَا المُسْلِمُوْنَ.
وَكَانَ جِداً كُلّه - رَحِمَهُ اللهُ -، فَمَا خلّف بِمِصْرَ بَعْدَهُ مثله.
قَالَ: وَكَانَ عَالِماً أَيْضاً بِالحَدِيْثِ وَالأَسْمَاء وَالرِّجَال وَالتَّارِيْخ.
وَقَالَ ابْنُ زُوْلاَق فِي (قُضَاة مِصْر) فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ سلَّم الإِخْشِيذ قَضَاءَ مِصْر إِلَى ابْنِ الحَدَّاد، وَكَانَ أَيْضاً ينظُر فِي المَظَالم، وَيوقِّع فِيْهَا، فنَظَر فِي الحكم خِلاَفَةً عَنِ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيّ، وَكَانَ يجلِسُ فِي الجَامع، وَفِي دَاره، وَكَانَ فَقِيْهاً متعبِّداً، يُحسن علوماً كَثِيْرَةً: مِنْهَا عِلْم القُرْآن، وَقولُ الشَّافِعِيّ، وَعِلْم الحَدِيْث، وَالأَسْمَاء وَالكُنَى وَالنَّحْو وَاللُّغه، وَاختلاَف العُلَمَاء، وَأَيَّامُ النَّاس، وَسِير الجَاهِليَة، وَالنَّسب وَالشِّعْر، وَيحفَظُ شِعراً كَثِيْراً، وَيجيد الشِّعْر، وَيختِم فِي كُلِّ يَوْمٍ
__________
(1) " طبقات الشافعية ": 3 / 80.
(2) المصدر السابق.
(3) " وفيات الأعيان ": 4 / 198.(15/448)
وَليلَةٍ (1) ، وَيَصُوْم يَوْماً وَيُفْطِر يَوْماً، وَيختم يَوْم الجُمُعَة خَتْمَة أُخْرَى فِي رَكْعَتَيْنِ فِي الجَامع قَبْلَ صَلاَة الجُمُعَة سِوَى الَّتِي يختمهَا كُلّ يَوْم.
حسنَ الثِّيَاب رفيعهَا، حسنَ الْمَرْكُوب، فَصِيْحاً غَيْر مَطْعُوْنَ عَلَيْهِ فِي لفظٍ وَلاَ فَضْل ثِقَةً فِي اليَد وَالفَرْج وَاللِّسَان، مجموعاً عَلَى صِيَانته وَطَهَارته حَاذِقاً بعِلْم القَضَاء، أَخذَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ القَاضِي (2) .
وَأَخَذَ عِلْم الحَدِيْث عَنِ النَّسَائِيّ، وَالفِقْه عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْل الفِرْيَابِيّ، وَعَنْ بِشْر بن نَصْرٍ، وَعَنْ مَنْصُوْر بن إِسْمَاعِيْلَ، وَابْن بَحْر، وَأَخَذَ العَرَبِيَّة، عَنِ ابْنِ وَلاَّد، وَكَانَ لِحُبِّهِ الحَدِيْث لاَ يدعُ المذَاكرَة، وَكَانَ يلزَمَهُ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ البَاوردِي الحَافِظُ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ مِنْ مصنَّفَاته، فذَاكره يَوْماً بِأَحَادِيْثَ، فَاسْتحسنهَا ابْنُ الحَدَّاد، وَقَالَ: اكتُبْهَا لِي، فكتَبَهَا لَهُ، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَسَمِعَهَا مِنْهُ وَقَالَ: هَكَذَا يُؤخذ العِلْم، فَاسْتحسن النَّاسُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَكَانَ تُتبع أَلفَاظه، وَتُجْمَع أَحْكَامه.
وَلَهُ كتَابُ (البَاهر) ، فِي الفِقْه نَحْو مائَة جُزْء، وكتَاب (الجَامع) .
وفِي ابْن الحَدَّاد، يَقُوْلُ: أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الكَحَّال:
الشَّافِعِيّ تفقهاً وَالأَصْمَعِيّ ... تفنُناً (3) وَالتَّابِعِيْنَ (4) تزهدَا
قَالَ ابْنُ زولاَق: حَدَّثَنَا ابْنُ الحَدَّاد بكتَاب (خصَائِص عليّ) - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، عَنِ النَّسَائِيّ، فَبَلَغَه عَنْ بَعْضهم شَيْءٌ فِي عَلِيّ، فَقَالَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَملِي الكِتَابَ فِي الجَامع.
__________
(1) في " طبقات الشافعية ": وليله في صلاة.
(2) " طبقات الشافعية ": 3 / 81، وما بين حاصرتين منه.
(3) في " طبقات الشافعية ": تيقنا.
(4) في طبقات الشافعية: والتابعون.(15/449)
قَالَ ابْنُ زولاَق: وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بنُ حسن، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الحَدَّاد، يَقُوْلُ:
كُنْتُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ الإِخْشِيذ - يَعْنِي: مَلِكَ مِصْر - فَلَمَّا قُمْنَا أَمسكنِي وَحْدِي.
فَقَالَ: أَيُّمَا أَفْضَل أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، أَوْ عليّ؟
فَقُلْتُ: اثْنَيْنِ حِذَاء وَاحد.
قَالَ: فَأَيُّمَا أَفْضَل أَبُو بَكْرٍ، أَوْ عليّ؟
قُلْتُ: إِنْ كَانَ عِنْدَك فعلِيّ، وَإِنْ كَانَ برّاً (1) فَأَبُو بَكْرٍ، فَضَحِكَ.
قَالَ: وَهَذَا يُشبه مَا بَلَغَنِي، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، أَنَّهُ سأَله رَجُلٌ: أَيُّمَا أَفْضَل أَبُو بَكْرٍ، أَوْ عليّ؟
فَقَالَ: عُدْ إِليَّ بَعْد ثَلاَث، فَجَاءهُ.
فَقَالَ: تقدَّمْنِي إِلَى مُؤخَّر الجَامع، فتقدَّمه، فَنَهَضَ إِلَيْهِ، وَاسْتعفَاهُ، فَأَبَى.
فَقَالَ: عَلِيٌّ، وَتَالله لَئِنْ أَخَبْرتَ بِهَذَا أَحداً عَنِّي لأَقولنَّ للأَمِيْرِ أَحْمَدَ بن طُولُوْنَ، فيضربك بِالسِّيَاط.
وَقَدْ وَلِيَ القَضَاءَ مِنْ قَبْل ابْن الإِخْشِيذ ثُمَّ بَعْد سِتَّة أَشهر، وَرد العَهدُ بِالقَضَاء مِنْ قَاضِي العِرَاق ابْن أَبِي الشَّوَارِبِ لابْنِ أَبِي زُرْعَةَ، فَرَكِبَ بِالسَّوَاد.
وَلَمْ يَزَلِ ابْنُ الحَدَّاد يَخلفه إِلَى آخر أَيَّامه.
وَكَانَ ابْنُ أَبِي زُرْعَةَ يَتَأَدَّب مَعَهُ، وَيُعظِّمُه، وَلاَ يخَالفُه فِي شَيْءٍ، ثُمَّ عُزِل عَنْ بَغْدَاد ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ بِأَبِي نَصْرٍ يُوْسُف بنِ عُمَرَ، فَبَعَثَ بِالعهد إِلَى ابْنِ أَبِي زُرْعَةَ.
قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: صَنَّفَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الحَدَّاد كتَابَ (الفُروع) فِي المَذْهَب، وَهُوَ صَغِيْرُ الْحَجْم، دقَّقَ مَسَائِلَه، وَشرَحه جَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّة، منهُم: القَفَّال المَرْوَزِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَأَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ إِلَى أَنْ
__________
(1) برا: كلمة مولدة بمعنى علانية، ومنه: " من أصلح جوانيه، أصلح الله برانيه " أي: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته.(15/450)
قَالَ أَخَذَ عَنْ: أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ (1) .
وَمولده يَوْمَ مَاتَ المُزَنِيّ (2) .
وَكَانَ غَوَّاصاً عَلَى المعَانِي محقِّقاً (3) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقِيْلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ (4) .
قُلْتُ: حَجَّ، وَمَرِضَ فِي رُجُوعه، فَأَدْركه الأَجل عِنْد البِئر وَالجُمَّيْزَة يَوْم الثّلاَثَاء لأَربعٍ بَقِيْنَ مِنَ المُحرَّم سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَهُوَ يَوْم دُخُول الرَّكْب إِلَى مِصْرَ، وَعَاشَ تسعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً وَأَشهراً، وَدُفِن يَوْم الأَرْبعَاء عِنْد قَبْر أُمّه.
أَرَّخَهُ المُسَبِّحِيّ.
257 - المَادرَائِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ *
الوَزِيْرُ المُعظَّمُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ رُسْتُمَ البَغْدَادِيُّ، المَادَرَائِيُّ (5) .
وزَرَ لصَاحب مِصْر خُمَارَوَيْه (6) ، وَكَانَ أَبُوْهُ نَاظر خَرَاج مِصْر.
__________
(1) " وفيات الأعيان ": 4 / 197.
(2) توفي المزني سنة / 264 / هـ.
(3) " وفيات الأعيان ": 4 / 197.
(4) في " شذرات الذهب ": 2 / 368 " هذا هو الصحيح ".
(*) تاريخ بغداد: 2 / 79 - 81، الانسباب: 499، تاريخ ابن عساكر: 15 / 341 ب - 342 ب، المنتظم: 6 / 383، العبر: 2 / 268 - 269، الوافي بالوفيات: 4 / 115، البداية والنهاية: 11 / 231، خطط المقريزي: 2 / 155 - 157، شذرات الذهب: 2 / 371.
(5) نسبة إلى " مادرايا ". قال السمعاني: وظني أنها من أعمال البصرة، انظر " الأنساب ": 499 آ - 499 ب.
(6) ابن أحمد بن طولون صاحب مصر، توفي سنة 282، انظر: " ولاة مصر " للكندي: 258 - 264.(15/451)
وَلد أَبُو بَكْرٍ سَنَة سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
واحترقتْ كتُبُه، فَسَلِمَ مِنْهَا جُزْءان سمِعهُمَا مِنَ العُطَارِدِيّ (1) .
رَوَى عَنْهُ: أَبُو مُسْلِم الكَاتِب وَغَيْرهُ.
وَكَانَ رَئِيْساً نبيلاً كَثِيْرَ الأَمْوَال جِدّاً، لاَ يلْحق فِي برِّه.
وَكَانَ القُضَاةُ وَالكُبَرَاء يتردَّدُوْنَ إِلَى بَابه، حَجَّ عِشْرِيْنَ حجَّةً، وَكَانَ كَثِيْر الصِّيَام، ملاَزِماً للجَمَاعَة، وَقَدْ نُكب مرَّةً عَلَى يَد الوَزِيْر ابْن حِنْزَابَة (2) ، فوزَنَ أَلف أَلف دِيْنَار، وَحُبِس مُدَّة بِالرَّمْلَة، ثُمَّ أَطْلَقَهُ الإِخشيذ (3) ، وَبَالَغَ فِي إِكرَامه (4) .
قَالَ المُسَبِّحِيّ: يُقَال إِن ديوَانَه اشتملَ عَلَى سِتِّيْنَ أَلْفاً مِمَّنْ يمُونهُم، وَكَانَ يتصدَّق فِي الشَّهْرِ بِمائَة أَلف رَطْل دَقِيق.
وَقِيْلَ: أَعتقَ فِي عُمره مائَةَ أَلْف نَسمَة.
وَكَانَ ذكياً جَيِّد البَدِيْهَة، وَكَانَ لَهُ خَتْمَة فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.
وَبَلَغَ ارتفَاعُ أَملاَكه فِي العَامِ أَرْبَع مائَة أَلْف دِيْنَار، وَقَدْ وَرَدَ أَنَّهُ أَنفقَ فِي بَعْض حجَّاتِه مائةَ أَلْف دِيْنَار، نَقله المُسَبِّحِيّ (5) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
258 - الأَصَمُّ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بن يُوْسُفَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 80.
(2) هو الفضل بن جعفر، أبو الفتح، وقد تقدمت ترجمته.
(3) تقدمت ترجمته رقم / 189 / من هذا الجزء.
(4) انظر " خطط المقريزي ": 2 / 156.
(5) " خطط المقريزي ": 2 / 155.
(*) الأنساب: 1 / 294 - 297، تاريخ ابن عساكر: 16 / 67 آ - 69 ب -، المنتظم: =(15/452)
العَصْرِ، رِحلَة الوَقْتِ، أَبُو العَبَّاسِ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمُ، السِّنَانِيُّ، المَعْقِلِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الأَصَمُّ، وَلَدُ المُحَدِّث الحَافِظِ أَبِي الفَضْل الوَرَّاق.
كَانَ أَبُوْهُ مِنْ أَصْحَاب إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَعَلِيِّ بن حُجْر، وَكَانَ كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: من أَحسن النَّاس خَطّاً.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَد الدُّوْرِيّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ العَتَكِيُّ، وَابنُه أَبُو العَبَّاسِ الأَصَمُّ.
وَمَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدِ ارْتَحَلَ بَابنِه أَبِي العَبَّاس إِلَى الآفَاق، وَسَمَّعَهُ الكُتُبَ الكِبَارَ.
فسَمِعَ (2) مِنْ: أَحْمَد بن يُوْسُفَ السُّلَمِيّ، وَأَحْمَدَ بن الأَزهَر، وَكَانَ خَاتمَةَ أَصحَابهمَا بِهَا (3) لَكِنَّه عُدِمَ (4) سَمَاعه مِنْهُمَا، وَسَمِعَ: بِأَصْبَهَانَ مِنْ هَارُوْنَ بن سُلَيْمَانَ، وَأَسِيْد بن عَاصِم، وَبِبَغْدَادَ مِنْ زَكَرِيَّا بن يَحْيَى أَسد المَرْوَزِيّ، صَاحب سُفْيَان بنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاقَ الصَّغَانِيِّ، وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي، وَعِدَّة.
وَبِمصر: مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ، وَالرَّبِيْع بنِ سُلَيْمَانَ المُرَادِيّ، وَبَحْرِ بنِ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيّ وَأَقرَانِهم.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ هِشَام بن ملاَّس النُّمَيْرِي، وَيَزِيْدَ بن عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبِي زُرْعَةَ النَّصْرِي.
وَببَيْرُوْت مِنْ:
__________
= 6 / 386 - 387، تذكرة الحفاظ: 3 / 860 - 864، العبر: 2 / 273 - 274، الوافي بالوفيات: 5 / 223، نكت الهميان: 279، البداية والنهاية: 11 / 232، غاية النهاية: 2 / 283، النجوم الزاهرة: 3 / 317، طبقات الحفاظ: 354، شذرات الذهب: 2 / 373 - 374.
(1) له ترجمة في " تاريخ بغداد ": 14 / 286.
(2) أي: أبو العباس الأصم.
(3) أي بنيسابور.
(4) أي: فقد.(15/453)
العَبَّاس بن الوَلِيْدِ العُذْرِيّ.
وَبَالكُوْفَةِ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحَارِثِيّ، وَالحَسَن بن عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ العَامِرِيِّ.
وَحَدَّثَ بكتَاب (الأُم) للشَافعِي عَنِ الرَّبِيْع.
وَطَالَ عُمُرُهُ وَبَعُد صيتُه، وَتزَاحَمَ عَلَيْهِ الطَّلبَة.
وَجمِيع مَا حَدَّثَ بِهِ إِنَّمَا رَوَاهُ مِنْ لَفْظه، فَإِنَّ الصَّمم لحِقَه وَهُوَ شَابٌّ لَهُ بِضْع وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، بَعْد رُجُوعه مِنَ الرِّحْلَة، ثُمَّ تَزَايد بِهِ، وَاسْتحكَم بِحَيْثُ إِنَّهُ لَا يسمع نهيقَ الحِمَار.
وَقَدْ حدَّث فِي الإِسْلاَمِ ستّاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: الحُسَيْن بنُ مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد القَبَّانِيُّ، وَأَبُو حَامِد الأَعْمَشِيُّ (2) - وَهُمَا أَكْبَرُ مِنْهُ - وَحَسَّان بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَأَبُو أَحْمَد بن عَدِيّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَان، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِي، وَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو طَاهِر بن مَحْمِش، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ السَّرَّاج، وَأَبُو صَادِق مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الفوَارس العَطَّار، وَالفَقِيْه أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءٍ الأَدِيْبُ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّاذْيَاخِي، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ شَبِيْب الفَامِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْم بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ بن مُعَاوِيَةَ العَطَّار، وَإِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ السُّوسِيُّ، وَالحَسَن بن مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْب المُفَسِّر، وَسَعِيْد بن مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بن عَبْدَان.
وَأَبُو الطَّيِّبِ سَهْل بنُ
__________
(1) " الأنساب ": 1 / 294.
(2) نسبة إلى الأعمش سليمان بن مهران، قيل له ذلك لأنه كان يحفظ حديثه.(15/454)
مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ الصُّعْلُوكيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَن المِهْرَجَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَامِد أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بَالُوْيَه المُزَكِّي، وَعُبَيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بن مَهْدِيّ القُشَيْرِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ الإِسْفَرَايينِي المُقْرِئ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السُّبعِي، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الطَّهْمَانِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ مَنْصُوْرُ بنُ الحُسَيْنِ المُقْرِئُ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الحَرَشِيّ الحِيْرِيُّ، وَأَبُو (1) بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَيْدٍ، وَأَبُو سَعِيْد مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الصَّيْرَفِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ البَغْدَادِيّ الطِّرَازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَعْفَرٍ الجُرْجَانِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم، وَآخَرُوْنَ.
رَوَى عَنْهُ فِي الدُّنْيَا بِالإِجَازَة أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ يكرَه أَنْ يُقَالَ لَهُ: الأَصَمُّ، فَكَانَ أَمَامُنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِي (2) ، يَقُوْلُ: المعقلِي قَالَ:
وَإِنَّمَا حَدَثَ (3) بِهِ الصَّممُ بَعْد انصرَافِه مِنَ الرِّحْلَة، وَكَانَ محدِّث عَصْره، وَلَمْ يَخْتلفْ أَحدٌ فِي صِدْقه وَصحَّة سَماعَاته، وضبْط أَبِيهِ يَعْقُوْب الوَرَّاق لَهَا، وَكَانَ يَرْجِع إِلَى حُسْن مَذْهب وَتديُّن.
وَبَلَغَنِي أَنَّهُ أَذَّن سبعينَ سَنَةً فِي مسجِدِه.
قَالَ: وَكَانَ حَسَنَ الخُلُق، سخيَّ النَّفْس، وَرُبَّمَا كَانَ يحتَاجُ إِلَى الشَّيْء لِمَعَاشه، فيُورق، وَيَأْكُل مِنْ كسب يَده، وَهَذَا الَّذِي يُعَاب بِهِ، مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَأْخذُ عَلَى
__________
(1) في الأصل: بكر بن محمد، وهو خطأ. انظر " الإكمال ": 2 / 160 - 161.
(2) ستأتي ترجمته برقم / 274 / من هذا الجزء.
(3) في " الأنساب ": ظهر.(15/455)
الحَدِيْث (1) ، إِنَّمَا كَانَ يَعِيْبُه بِهِ مَنْ لاَ يَعْرِفُهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يكره ذَلِكَ أَشدَّ الكرَاهَة وَلاَ ينَاقش أَحداً فِيْهِ، إِنَّمَا كَانَ وَرَّاقُه وَابنُه يطلُبَان (2) النَّاس بِذَلِكَ، فَيكْرَه هُوَ ذَلِكَ، وَلاَ يقدِرُ عَلَى مخَالِفتهمَا (3) .
سَمِعَ مِنْهُ: الآباءُ وَالأَبنَاءُ وَالأَحْفَاد، وَكفَاهُ شَرَفاً أَنْ يُحَدِّث طول تِلْكَ السِّنين، وَلاَ يجدُ أَحدُ فِيْهِ مَغْمزاً بحُجَّةٍ، وَمَا رأَينَا الرِّحْلَة فِي بلاَدٍ مِنْ بلاَد الإِسْلاَم أَكْثَرَ مِنْهَا إِلَيْهِ، فَقَدْ رَأَيْت جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الأَنْدَلُس، وَجَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ طرَاز (4) ، وَإِسْبيجَاب (5) عَلَى بَابه، وَكَذَا جَمَاعَة مِنْ أَهْلِ فَارس، وَجَمَاعَة مِنْ أَهْلِ الشَّرْق (6) .
سمِعته غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (7) .
وَرَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ عَلَى طَرِيْق أَصْبَهَان فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، فسَمِعَ بِهَا وَلَمْ يَسْمَعْ بِالأَهْواز وَلاَ البَصْرَة حَرْفاً، ثُمَّ حَجَّ، وَسَمِعَ بِمَكَّةَ مِنْ أَحْمَدَ بن شَيْبَان الرَّمْلِيِّ، صَاحبِ ابْنِ عُيَيْنَه، سَمِعَ بِهَا مِنْهُ فَقَطْ.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ وَعَسْقلاَن وَبَيْرُوْتَ وَدِمْيَاط وَطَرَسُوْس، سَمِعَ بِهَا مِنْ أَبِي أُمَيَّةَ الطَّرَسُوْسِيِّ.
وَسَمِعَ بحِمْص: مِنْ مُحَمَّد بن عَوْف، وَأَبِي عُتْبَة أَحْمَد بنِ الفَرَجِ.
وَبَالجَزِيْرَة مِنْ: مُحَمَّد بنِ عَلِيِّ بنِ مَيْمُوْن الرَّقِّيِّ. وَسَمِعَ المَغَازِي مِنْ لَفْظ العُطَارِدِيّ.
__________
(1) في " الأنساب ": التحديث.
(2) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 861: يطالبان.
(3) " الأنساب ": 1 / 295، وما بين حاصرتين منه.
(4) بلد قريب من إسبيجاب، من ثغور الترك.
في أقصى بلاد الشاش مما يلي تركستان.
انظر " آثار البلاد وأخبار العباد ": 544.
(5) في " الأنساب ": إسفيجاب.
(6) " الأنساب ": 1 / 295.
(7) المصدر السابق.(15/456)
وَسَمِعَ مصنَّفَات عَبْد الوَهَّابِ بنِ عَطَاء مِنْ يَحْيَى بنِ أَبِي طَالِبٍ.
وَسَمِعَ مُصنَّفَات زَائِدَة وَ (السُّنَن) لأَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّاغَانِي.
وَسَمِعَ (العِللَ) لعَلِيِّ بن المَدِيْنِيِّ مِنْ حَنْبَل (1) .
وَسَمِعَ (معَانِي القُرْآن) مِنْ مُحَمَّد بن الجَهْمِ السِّمَّرِيّ.
وَسَمِعَ (التَّارِيْخ) مِنْ عَبَّاس الدُّوْرِيّ، ثُمَّ انْصَرف إِلَى خُرَاسَانَ، وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً (2) .
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: حدَّثت بكتَاب (معَانِي القُرْآن) فِي سَنَةِ نَيِّف وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (3) .
قَالَ الحَافِظُ أَبُو حَامِد الأَعْمَشِيُّ: كتَبْنَا عَنْ أَبِي العَبَّاس بنِ يَعْقُوْبَ الوَرَّاق فِي مَجْلِسِ مُحَمَّد بن عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (4) .
الحَاكِم: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بن خُزَيْمَةَ، سَمِعْتُ جَدِّي، وَسُئِلَ عَنْ سَمَاع كتَاب (المَبْسوط) مِنْ أَبِي العَبَّاس الأَصَمِّ، فَقَالَ: اسمعُوا مِنْهُ، فَإِنَّهُ ثِقَةٌ، قَدْ رَأَيْتُهُ يسمعُ مَعَ أَبِيهِ بِمِصْرَ، وَأَبُوْهُ يضبِطُ سَمَاعَه (5) .
الحَاكِم: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَنْصُوْر القَاضِي، سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْم بنَ عَدِيّ، وَاجتَمَعَ جَمَاعَةٌ يسأَلونه المُقَام بِنَيْسَابُوْرَ لقرَاءةِ (المَبْسوط) .
فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللهِ! عندكُم رَاوِي هَذَا الكِتَاب الثِّقَة المَأْمُوْنُ أَبُو العَبَّاسِ
__________
(1) حنبل بن إسحاق، ابن عم الامام أحمد بن حنبل، وتلميذه.
(2) " الأنساب ": 1 / 295 - 296.
(3) " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 آ.
(4) " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 ب.
(5) المصدر السابق.(15/457)
الأَصَمِّ، وَأَنْتُم تريدُوْنَ أَنْ تسمعُوهُ مِنْ غَيْره (1) .
أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِم: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي حَاتِمٍ يَقُوْلُ: مَا بَقِيَ لكتَاب (المَبْسوط) رَاوٍ غَيْرَ أَبِي العَبَّاس الوَرَّاق، وَبَلَغَنَا أَنَّهُ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ (2) .
أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم: حَضَرْتُ أَبَا العَبَّاسِ يَوْماً فِي مَسْجده، فَخَرَجَ ليُؤذِّن لصَلاَة العَصْر، فوقَفَ مَوْضِع المئْذَنِة، ثُمَّ قَالَ بصوتٍ عَالٍ:
أَخْبَرَنَا الرَّبِيْع بنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيّ، ثُمَّ ضَحِكَ، وَضَحِكَ النَّاسُ، ثُمَّ أَذَّن (3) .
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الأَصَمّ، وَقَدْ خَرَجَ وَنَحْنُ فِي مسجدِه، وَقَدِ امتلأَتِ السِّكَّةُ مِنَ النَّاسِ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ يُمْلِي عَشِيَّة كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْنِ مِنْ أُصُولِهِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى كَثْرَة النَّاس وَالغُرباءِ وَقَدْ قَامُوا يُطرقُوْنَ (4) لَهُ، وَيحملونه عَلَى عواتِقِهِم مِنْ بَاب دَاره إِلَى مَسْجده، فَجَلَسَ عَلَى جِدَار المَسْجَد، وَبَكَى طَوِيْلاً، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى المُسْتَمْلِي، فَقَالَ: أُكْتبْ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الأَشَجَّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ إِدْرِيْس يَقُوْلُ:
أَتيتُ يَوْماً بَاب الأَعْمَش بَعْد مَوْتِهِ فَدَقَقْت البَاب، فَأَجَابتَنِي جَارِيَةٌ عرفتَنِي: هَاي هَاي تَبْكِي (5) :يَا عَبْدَ اللهِ، مَا فعلَ جمَاهيرُ العَرَب الَّتِي كَانَتْ تَأَتِي هَذَا البَابَ؟
ثُمَّ بَكَى الْكثير، ثُمَّ قَالَ: كَأَنِّيْ بِهَذِهِ السِّكَّة لاَ يدخلهَا (6) أَحدٌ
__________
(1) " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 ب، وما بين حاصرتين منه.
(2) المصدر السابق.
(3) " الأنساب ": 1 / 297.
(4) أي: يوسعون له الطريق.
(5) زيادة من " تذكرة الحفاظ ": 3 / 863.
(6) في الأصل: فلا يدخلها، وما أثبتناه من " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 69 ب.(15/458)
مِنْكُم، فَإِنِّي لاَ أَسمعُ وَقَدْ ضَعُفَ البَصَر، وَحَان الرَّحيل، وَانقضَى الأَجَلُ، فَمَا كَانَ إِلاَّ بَعْد شَهْرٍ أَوْ أَقلّ مِنْهُ حَتَّى كُفَّ بَصَره، وَانقطعت الرِّحلَة، وَانْصَرَفَ الغُرباء، فَرَجَعَ أَمره إِلَى أَنَّهُ كَانَ ينَاول قَلماً، فَيَعْلَمُ أَنَّهُم يطلُبُونَ الرِّوَايَة، فَيَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا الرَّبِيْع، وَكَانَ يحفَظُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، وَسَبْع حكَايَاتٍ، فيرويهَا، وَصَارَ بِأَسوَأَ حَالٍ حَتَّى تُوُفِّيَ (1) .
وقَرَأْت بخطِّ أَبِي عَلِيٍّ الحَافِظ يحثُّ أَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ عَلَى الرُّجُوع عَنْ أَحَادِيْثَ أَدخلوهَا عَلَيْهِ، حَدِيْثِ الصَّغَانِيّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ حَكِيْم، عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، حَدِيْث (قَبْض العِلْم (2)) ، وَحَدِيْث أَحْمَدَ بنِ شَيْبَان، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ:
بَعَثَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرِيَّةً (3) ...
__________
(1) الخبر بطوله في " الأنساب ": 1 / 296 - 297، وما بين حاصرتين منه.
(2) حديث قبض العلم أخرجه البخاري (100) في العلم: باب كيف يقبض العلم، ومسلم (2673) في العلم: باب رفع العلم وقبضه من طرق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله لا يقبض العالم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا " قال الحافظ في " الفتح ": وقد اشتهر هذا الحديث من رواية هشام بن عروة، فوقع لنا من رواية أكثر من سبعين نفسا عنه من أهل الحرمين والعراقين والشام وخراسان ومصر وغيرها، ووافقه على روايته عن أبيه عروة أبو الأسود المدني، وحديثه في البخاري (7317) ومسلم (2673) (14) والزهري وحديثه في النسائي، ويحيى بن أبي كثير، وحديثه في صحيح أبي عوانة، ووافق أباه على روايته عن عبد الله بن عمرو عمر بن الحكم بن ثوبان وحديثه في مسلم (2673) .
(3) حديث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية أخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 450 في الجهاد: باب جامع النفل في الغزو، ومن طريقه أحمد 2 / 62، والبخاري (3134) ومسلم (1749) عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد، فغنموا إبلا كثيرة، فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا، ونفلوا بعيرا بعيرا.
وأخرجه البخاري (4338) من طريق أبي النعمان، عن حماد، عن أيوب، عن نافع، وأخرجه مسلم من طريقه عن الليث بن سعد، عن نافع، وأخرجه أيضا من طرق عن عبيد =(15/459)
قَالَ: فَوَقَّعَ أَبُو العَبَّاسِ: كُلُّ مَنْ رَوَى عَنِّي هَذَا، فَهُوَ كَذَّاب، وَلَيْسَ هَذَا فِي كتَابِي (1) .
تُوُفِّيَ أَبُو العَبَّاسِ فِي الثَّالِثِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ربيعٍ الآخر سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ أَبُوْهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِنَيْسَابُوْرَ فِي أَوَّلهَا عَنْ نَحْو سِتِّيْنَ سَنَةً، وَكَانَ ذَا مَعْرِفَة وَفَهْم.
حَدَّثَ عَنْ: إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَمُحَمَّد بن حُمَيْدٍ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ، وَابْن أَبِي حَاتِمٍ، وَمُحَمَّد بن مَخْلَد، وَكَانَ بَدِيْعَ الخَطِّ.
259 - ابْنُ أَبِي ثَابِتٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ السَّامَرِّيُّ *
القَاضِي، الإِمَامُ، المصدَّقُ، المُعَمَّرُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي ثَابِتٍ العَبْسِيُّ، العِرَاقِيُّ، السَّامَرِّيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ، وَنَائِبُ الحكم بِهَا، وَصَاحبُ ذَاكَ الْجُزْء العَالِي عِنْد كَرِيْمَة.
سَمِعَ: الحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَسَعْدَان بنَ نَصْرٍ، وَزَكَرِيَّا المَرْوَزِيّ،
__________
= الله بن عمر، عن نافع، وله طرق أخرى عنده عن نافع وأخرجه أحمد 2 / 10 من طريق سفيان عن أيوب عن نافع و2 / 55 من طريق يحيى عن عبيد الله عن نافع، وأخرجه أبو داود (2745) من طريق مسدد عن يحيى، عن عبيد الله، عن نافع وأخرجه أيضا (2741) من طرق عن شعيب بن أبي حمزة، عن نافع، عن ابن عمر.
(1) " تاريخ ابن عساكر ": 16 / 68 ب.
(*) تاريخ بغداد: 6 / 165، تاريخ ابن عساكر: 2 / 245 ب - 246 ب، المنتظم: 6 / 364، العبر: 2 / 247، الوافي بالوفيات: 6 / 116، شذرات الذهب: 2 / 346، تهذيب ابن عساكر: 2 / 245 - 246.(15/460)
وَالرَّبِيْع بنَ سُلَيْمَانَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بن مَرْزُوْقٍ، وَمُحَمَّد بنَ عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيّ القَاضِي، وَعَبْد الوَهَّابِ الكِلاَبِيّ، وَابْن جُمَيْع، وَأَبُو مُسْلِم الكَاتِب، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرٍ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْب (1) .
وَكَانَ تَاجراً نبيلاً، كَثِيْرَ الفَضَائِل، عَالِي الرِّوَايَة.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ عَاماً.
260 - الطَّحَّانُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ جَابِرٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ جَابِرٍ الطَّحَّانُ، مُحدِّثُ الرَّمْلَةِ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: مُحَمَّد بنَ عَوْفٍ الطَّائِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار، وَسُلَيْمَان بن سَيْف الحَرَّانِيّ، وَالعَبَّاس بن الوَلِيْدِ بنِ مَزْيد البَيْرُوْتِيّ، وَبكَّار بنَ قُتَيْبَةَ، وَالحَارِثَ بن أَبِي أُسَامَةَ، وَأَبَا زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيّ، وَطَبَقَتَهُم.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 165.
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 24 ب، 25 آ، تذكرة الحفاظ: 3 / 845 - 846، العبر: 2 / 299، 233، الوافي بالوفيات: 7 / 270، طبقات الحفاظ: 350، شذرات الذهب: 2 / 334، تهذيب ابن عساكر: 1 / 418.(15/461)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّر، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَعُمَر بنُ عَلِيٍّ الأَنْطَاكِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي الْحَدِيد، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيّ، وَآخَرُوْنَ كَثِيْرُوْنَ.
مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: مُحَدِّثُ دِمَشْق أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبَّاد الشَّيْبَانِيّ، وَمحدِّث أَصْبَهَان أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حكم المَدِيْنِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مَسْعُوْد الزَّنْبَرِي المِصْرِيّ، وَالمُحَدِّث عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَمُؤرِّخ المَغْرِب المُفْتِي أَبُو العَرَبِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ تَمِيْمٍ الإِفْرِيْقِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَمْرٍو اللُؤْلُؤيُّ، صَاحبُ أَبِي دَاوُدَ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ القَوَّاس، أَخْبَرْنَا ابْنُ الحَرَسْتَانِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ طلاَّب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جُمَيْع، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو الحَافِظ إِمْلاَءً مِنْ حِفْظِهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَمَّاد الطِّهْرَانِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، زَارَ البَيْت يَوْمَ النَّحْر، وَصَلَّى الظَّهرَ بِمِنَىً (1) .
وَمِمَّا رَوَاهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ: كَانَ لسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ جليسٌ، هُوَ هِشَامُ بنُ يَحْيَى الغَسَّانِيّ فَقَالَ: كَانَ عِنْدنَا عَبْدَةُ بنُ رِيَاح صَاحبُ الشُّرْطَة، فَأَتَتْه امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: ابْنِي يَعُقُّنِي.
فَبَعَثَ مَعَهَا أَعوَاناً، فَقَالُوا: إِنْ أَخَذَ ابْنَك قتَلَه. قَالَتْ: كَذَا؟
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1308) من طريق محمد بن رافع، عن عبد الرزاق بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد 2 / 34، ومن طريقه أبو داود (1998) عن عبد الرزاق به.(15/462)
قَالُوا: نَعَمْ.
فمرَّتْ فرأَتْ شَمَّاساً (1) ، فَقَالَتْ: هَذَا ابْنِي، فَأَتوهُ بِهِ.
فَقَالَ: تَعُقُّ أُمَّك؟
قَالَ: مَا هِيَ أُمِّي.
قَالَ: وَتجحدُهَا؟ اضربوهُ، ثُمَّ أَركبَهَا عَلَى عُنُقه، وَنُوديَ عَلَيْهِ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ يَعُقُّ أُمّه، فَرَآهُ صَاحبٌ لَهُ.
فَقَالَ: مَا هَذَا؟
قَالَ: مِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُمٌّ فليَذْهَبْ إِلَى عَبْدَة يجعلْ لَهُ أَمّاً.
261 - القَطَّانُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَلَمَةَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَلَمَةَ بنِ بَحْرٍ القَزْوِيْنِيُّ، القَطَّانُ، عَالِمُ قَزْوينَ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَاجَه (سُنَنَه) ، وَمن مُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ الأَزْرَق، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بن دَيْزِيل، وَالحَارِثِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ، وَالقَاسِم بن مُحَمَّدٍ الدَّلاَّل، وَيَحْيَى بن عَبْدك القَزْوِيْنِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِي، وَالحَسَنَ بن عَبْدِ الأَعْلَى البَوْسِي - لَقِيَهُمَا بِاليَمَنِ - وَهَذِهِ الطَّبَقَة.
وَجمع وَصَنَّفَ، وَتَفنَّن فِي العُلُومِ، وثَابر عَلَى الْقرب.
حَدَّثَ عَنْهُ: الزُّبَيْر بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظ، وَأَبُو الحَسَنِ النَّحْوِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ فَارس اللُّغَوِيُّ، وَأَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ لاَل، وَأَبُو سَعِيْد عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ القَزْوِيْنِيُّ، وَالقَاسِمُ بنُ أَبِي المُنْذِر الخَطِيْب، وَأَحْمَدُ
__________
(1) هو خادم الكنيسة، ومرتبته دون القسيس.
(*) معجم الأدباء: 12 / 218 - 221، تذكرة الحفاظ: 3 / 856 - 857، العبر: 2 / 267 - 268، غاية النهاية: 1 / 516، النجوم الزاهرة: 3 / 315، طبقات الحفاظ: 353، شذرات الذهب: 2 / 370.(15/463)
بنُ نَصْرٍ الشَّذَائِيُّ المُقْرِئ، تَلاَ عَلَيْهِ عَنْ تلاَوتِهِ عَلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيّ الأَزْرَقِ بحَرْف الكِسَائِيِّ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ: أَبُو الحَسَنِ القَطَّان، شَيْخٌ عَالِم بجمِيعِ الْعُلُوم وَالتَّفْسِيْر وَالفِقْهِ وَالنَّحْوِ وَاللُّغَة (1) ، كَانَ لَهُ بنُوْنَ: مُحَمَّدٌ وَحسنٌ وَحُسَيْنٌ، مَاتُوا شَبَاباً (2) .
سَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْ شُيُوْخ قَزْوين، يَقُوْلُوْنَ: لَمْ يرَ أَبُو الحَسَنِ - رَحِمَهُ اللهُ - مِثْلَ نَفْسه فِي الفَضْلِ (3) وَالزُّهْد أَدَامَ الصِّيَام ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ يُفْطِر عَلَى الخُبزِ وَالمِلْح، وَفَضَائِلُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُعَدَّ (4) .
وَقَالَ ابْنُ فَارس فِي بَعْضِ (أَمَاليه) :سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ القَطَّان بَعْدمَا عَلَتْ سِنُّه، يَقُوْلُ: كُنْتُ حِيْنَ رَحَلْتُ أَحفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَأَنَا اليَوْمَ لاَ أَقومُ عَلَى حِفْظ مائَة حَدِيْث (5) .
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أُصِبْتُ ببصرِي، وَأَظُنُّ أَنِّي عُوِقْبتُ بكَثْرَةِ كَلاَمِي أَيَّامَ الرِّحْلَة (6) .
قُلْتُ: صَدَقَ وَاللهِ، فَقَدْ كَانُوا مَعَ حُسْن القَصْدِ، وَصحَّةِ النِّيَّة غَالباً، يخَافونَ مِنَ الكَلاَمِ، وَإِظهَار المَعْرِفَة وَالفَضيلَة، وَاليوم يكثرُوْنَ الكَلاَم مَعَ
__________
(1) " الارشاد " الورقة: 138. " معجم الأدباء ": 12 / 219.
(2) المصدران السابقان.
(3) في " معجم الأدباء " القضاء، وهو تصحيف.
(4) الارشاد الورقة 138، " معجم الأدباء ": 12 / 220.
(5) المصدر السابق.
(6) في " معجم الأدباء ": 12 / 220 - 221، و" تذكرة الحفاظ ": 3 / 857 " أصبت ببصري، وأظن أني عوقبت بكثرة بكاء أمي أيام فراقي لها في طلب الحديث والعلم ".(15/464)
نَقْصِ العِلْمِ، وَسوء القَصْد.
ثُمَّ إِنَّ اللهَ يفضَحهُم، وَيلوح جهلُهُم وَهوَاهُم وَاضطرَابُهُم فِيمَا عَلِمُوهُ، فنسأَلُ اللهَ التَّوفيقَ وَالإِخلاص.
تُوُفِّيَ هَذَا الإِمَامُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: مسنِدُ وَقتِهِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَيُّوْبَ العَبَّادَانِيُّ، وَالمُحَدِّث أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَعْقُوْبَ بن الجِرَاب البَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ عَنْ بِضْع وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَمحدِّث مَرْو أَبُو أَحْمَدَ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَان الصَّيْرَفِيُّ الدُّخَمْسِيْنِيُّ، وَشيخُ الشَّافِعِيَّة أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ البَغْدَادِيُّ، وَمسنِد مِصْر أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو عُمَرَ الزَّاهِد غُلاَمُ ثَعْلَب، وَالمُحَدِّث أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ نَجِيْح، وَالوَزِيْرُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ بنِ رُسْتُم المَادَرَائِيُّ بِمِصْرَ عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَالمُحَدِّث مُكْرم بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُكْرم القَاضِي بِبَغْدَادَ، وَصَاحبُ (مُروج الذّهب) أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ المَسْعُوْدِيُّ.
أَخْبَرَنَا القَاضِي تَاجُ الدِّين عَبْدُ الخَالِقِ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ ببَعْلَبَكَّ، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ عَبْد اللهِ بنُ أَحْمَدَ (ح) .
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ اللُّغَوِيّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعَةَ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْر مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ أَبِي المُنْذِر، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَاجَه، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنيع، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ شُجَاع، حَدَّثَنَا سَالِم الأَفْطَس، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَه قَالَ:
(الشِّفَاءُ فِي ثَلاَث: شُرْبَة عَسَل، وَشَرْطَة مِحْجَم، وَكَيَّةُ نَار، وَأَنَهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ) .(15/465)
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ.
أَخرجه البُخَارِيّ (1) نَازلاً عَنِ الحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ منيع، فَوَقَعَ لَنَا بدلاً عَالِياً.
وَالحُسَيْنُ: هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ القَبَّانِي تِلْمِيْذُ البُخَارِيّ.
وَرَاويَة (مُسْنَد أَحْمَدَ) بنِ مَنِيْع عَنْهُ.
262 - ابْنُ شَوْذَبٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ *
المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ شَوْذَبٍ الوَاسِطِيُّ.
سَمِعَ: شُعَيْب بنَ أَيُّوْبَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيَّ، وَصَالِحَ بنَ الهَيْثَمِ، وَجَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيَّيْن.
وَعَنْهُ: مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ لاَل، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَابْنُ جُمَيْع الصَّيْدَاوِي، وَأَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، وَعِدَّة.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بنِ بيرِي: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقرأَ لكتَابِ الله مِنْهُ.
وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ.
263 - ابْنُ الأَخْرَمِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُتْقِنُ، الحُجَّةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبِ بنِ يُوْسُفَ الشَّيْبَانِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، ابنُ الأَخْرَمِ، وَيُعرفُ قَدِيْماً: بِابنِ الكِرْمَانِيِّ.
__________
(1) برقم (5680) في الطب: باب الشفاء في ثلاث.
(*) العبر: 2 / 259، غاية النهاية: 1 / 437، شذرات الذهب: 2 / 362.
(* *) تذكرة الحفاظ: 3 / 864 - 866، العبر: 2 / 265، مرآة الجنان: 2 / 336 - 337، النجوم الزاهرة: 3 / 313، طبقات الحفاظ: 354، شذرات الذهب: 2 / 368.(15/466)
وُلِدَ: سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
شهد جَنَازَة الإِمَام مُحَمَّد بن يَحْيَى الذُّهْلِيّ، وَصَلَّى عَلَيْهِ.
وَسَمِعَ مِنْ: وَلده يَحْيَى بنِ مُحَمَّد حَيْكَانَ، وَعَلِيّ بنِ الحَسَنِ الهِلاَلِي الدَّرَابَجِرْدِي - وَدَرَابِجِرْد: محلَّةٌ مِنْ حَوَاضِرِ نَيْسَابُوْر المتطرِّقَة عَلَى الصَّحرَاء - وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء، وَخُشنَام بن الصِّدِّيق، وَإِسْحَاقَ بنِ عِمْرَان الإِسْفَرَايينِي الفَقِيْه، وَالحُسَيْنِ بنِ الفَضْلِ البَجَلِيّ المفسِّر، وَمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ الإِمَام، وَجَعْفَر بنِ مُحَمَّدٍ التُّرك، وَالحُسَيْن بنِ مُحَمَّدِ بنِ زِيَاد القَبَّانِي، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وجَمع فَأَوعَى، وَمَعَ حفظه وَسَعَةِ عِلْمِهِ لَمْ يَرْحَلْ فِي الحَدِيْثِ، بَلْ قنع بِحَدِيْث بَلَده (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِي، وَحَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ وَالمزكِّي، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ صدرَ أَهْلِ الحَدِيْث ببلدنَا بَعْد ابْنِ الشَّرْقِيّ، يحفظُ وَيَفْهَم، وَصَنَّفَ كتابَ (الْمُسْتَخْرج عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ) وَصَنَّفَ (المُسْنَد الكَبِيْر) ، وَسَأَلَهُ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاج أَنْ يخرِّج لَهُ كِتَاباً عَلَى (صَحِيْح مُسْلِم) فَفَعَل (2) .
وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ يَعْقُوْبَ غَيْرَ مَرَّةٍ، يَقُوْلُ: ذهب عُمُرِي فِي
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 864.
(2) المصدر السابق.(15/467)
جَمْع هَذَا الكِتَاب، يَعْنِي (الْمُسْتَخْرج عَلَى كِتَابِ مُسْلِم (1)) ، وَسمِعته تندَّم عَلَى تَصْنِيفه (الْمُخْتَصر الصَّحِيْح المُتَّفَق عَلَيْهِ) ، وَيَقُوْلُ: من حقِّنَا أَنْ نَجْهَدَ فِي زيَادِة الصَّحِيْح - إِلَى أَنْ قَالَ الحَاكِمُ -:
وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مِنْ أَنحَى النَّاس، مَا أُخذ عَلَيْهِ لَحْن قَطُّ، وَلَهُ كَلاَم حَسَن فِي العِلَل وَالرِّجَال (2) .
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِح بن هَانِئ، يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ خُزَيْمَة يقدِّم أَبَا عَبْدِ اللهِ بنِ يَعْقُوْبَ عَلَى كَافَّة أَقْرَانه، وَيعتمد قَوْلَه فِيمَا يَرُدُّ عَلَيْهِ، وَإِذَا شكَّ فِي شَيْءٍ عَرَضَه عَلَيْهِ (3) .
قَالَ الحَاكِمُ: حَضَرْنَا مَجْلِس الصِّبْغِي، وَحضَرَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَابْنُ الأَخْرَم، فَأَملَى الصِّبْغِي عَنْ إِبْرَاهِيْمَ الهِسِنْجَانِي، عَنْ أَبِي الطَّاهِر، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُوْنُس، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوْعاً (منَ أَدركَ مِنَ الصَّلاَة رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَهَا (4)) .
فَقَالَ ابْنُ الأَخْرَم: يَا أَبَا عليّ، مَنْ قَالَ فِيْهِ: (فقد أَدركهَا كُلَّهَا) ؟
قَالَ: هَذَا لاَ نَحْفَظُه إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ عُبَيْد اللهِ بن عُمَرَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: بَلَى فِي حَدِيْث حَرْمَلَة، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ، يُوْنُس، (فقد أَدركهَا كُلَّهَا) (5) .
فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: حدَّثنَاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ حَرْمَلَة، وَلَمْ يقل: كُلّهَا.
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 865.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) وأخرجه مالك 1 / 10 في وقوت الصلاة، ومن طريقه البخاري 2 / 46 في المواقيت: باب من أدرك من الصلاة ركعة، ومسلم (607) في المساجد: باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة عن ابن شهاب الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.
(5) لفظ حرملة عند مسلم (607) (162) " من أدرك ركعة من الصلاة مع الامام، فقد =(15/468)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: حَدَّثَ بِهِ مُسْلِم عَنْ حَرْمَلَة، وَجرَى بينهُمَا كَلاَم كَثِيْر.
وفِي المَجْلِس الثَّانِي، أَحضَرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ كِتَاب مُسْلِم بِخَط مُسْلِم عَنْ حَرْمَلَة، وَفِيْهِ (كُلَّهَا) .
فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: مَنْ لاَ يحفظُ الشَّيْء يُعذر.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: مَنْ يُنكر هَذَا تُعركُ أُذُنُه، وَتُفَكُّ أَسنَانُه.
فَامتلأَ أَبُو عَلِيٍّ غَيْظاً، وَهمَّ أَبُو عَبْدِ اللهِ بِالقِيَام، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَلِيٍّ:
اقعدْ فَإِنَّ هُنَا حِسَاباً (1) آخر.
قَالَ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: حدَّثتَ عَنْ كشمرد، عَنْ حَفْص، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَان بِحَدِيثَيْن قَدْ تَفَرَّد بِهِمَا عَنْ حَفْص ابْنه، وَأَحْمَد.
قَالَ: لَمْ أُحَدِّثْ.
قَالَ: بَلَى، ثِقَتَانِ سَمِعَاهُ مِنْكَ.
قَالَ: إِنْ كُنْتُ حَدَّثْتُ بِهِ فَقَدْ رجعتُ عَنْهُ.
قَالَ: وَفِي تخريجك القَدِيْم عَلَى كتَاب (مُسْلِم) ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّد جَهْضَم حَدِيْث (وَالآنَ) قَدْ رويته، عَنْ عَلِيٍّ عَنِ (2) ابْن جَهْضَم، قَالَ:
كِلاَهُمَا عِنْدِي، وَقَدْ حَدَّثْتُ بِهِمَا.
قَالَ: فَأَخْرجَ إِلَيْنَا حديثَكَ عَنْ عَلِيِّ بنِ الحَسَن.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ الأَخْرَم، يَقُوْلُ:
هَذَا جَزَاءُ مَنْ لَمْ يمُتْ مَعَ أَقْرَانه، وَكُنْتُ أَرَى أَبَا عليّ بَعْدُ نَادماً عَلَى مَا قَالَ ذَلِكَ اليَوْم.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: فِيْهَا مَاتَ مقرىء بَغْدَاد أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ بنُ بُويَان (3) صَاحب حَرْفِ نَافِع، وَمُحَدِّثُ دِمَشْق أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَاشِم
__________
= أدرك الصلاة " وأخرجه مسلم من طرق عن عبيد الله بلفظ " فقد أدرك الصلاة كلها ".
(1) في الأصل: حساب، بالرفع.
(2) بياض في الأصل.
(3) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 865 " ثوبان " وهو تصحيف.(15/469)
الأَذْرَعِيُّ، وَمُسْنِد بَغْدَاد أَبُو عَمْرٍو عُثْمَان بنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ بنُ السِّمَّاكِ، وَشيخُ الشَّافِعِيَّة العَلاَّمَة أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَدَّاد الكِنَانِيّ بِمِصْرَ، وَمُسْنِد حَلَبَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى التَّمِيْمِيّ البَغْدَادِيّ العَلاَّف، وَالإِمَامُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ النَّيْسَابُوْرِيُّ المفسِّر.
وَالِدُهُ:
264 - الأَخْرَمُ، أَبُو يُوْسُفَ يَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ *
وَكَانَ وَالدُ ابْنِ الأَخْرَمِ الإِمَامُ الفَقِيْهُ أَبُو يُوْسُفَ الشَّافِعِيُّ المُلَقَّب بِالأخْرَم (1) ذَا حِشْمَةٍ وَمَالٍ.
تفقَّه بِمِصْرَ وَسَمِعَ فِي رِحْلاَتِهِ مِنْ قُتَيْبَة، وَهِشَام بنِ عَمَّارٍ، وَسُوَيْد بنِ سَعِيْدٍ، وَكَتَبَ عَنْهُ مُسْلِم.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ، وَابْنُ الشَّرْقِيّ، وَيَحْيَى العَنْبَرِيّ، وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الرَّجُل الصَّالِح، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الصَّيْرَفِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَوْن، قَالَ:
حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
طَيَّبْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لإِحْرَامه حِيْنَ أَحْرَمَ، وَطَيَّبْتُهُ بِمِنَىً قَبْلَ أَنْ يزورَ البَيْت.
__________
(*) لم نهتد إلى مصادر ترجمته.
(1) وأخرجه البخاري (1539) و (1754) ومسلم (1191) ، والسنائي 5 / 137 من طرق عن عبد الرحمن بن القاسم، بهذا الإسناد، وأخرجه النسائي / 5 / 137 من طريق سعيد ابن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: طيبت =(15/470)
265 - البَحْرِيُّ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، مُحدِّثُ جُرْجَان فِي وَقْتِه، أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيُّ، البَحْرِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ بِسَّام، وَأَبَا يَحْيَى بن أَبِي مَسَرَّة المَكِّيَّ، وَأَبَا قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيّ، وَهِلاَل بن العَلاَءِ الرَّقِّيَّ، وَالحَارِثَ بن أَبِي أُسَامَةَ، وَإِسْحَاقَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِي، وَبِشْر بنَ مُوْسَى، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِي، وَالنُّعْمَان بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيّ، وَحُسَيْن بنُ جَعْفَر، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَلِيْلِيّ: هُوَ حَافِظٌ ثِقَةٌ، مَذْكُوْرٌ حَدَّثَنِي عَنْهُ أَرْبَعَة نفر مِنْ أَهْلِ جُرْجَان (1) .
وَقَالَ الحَاكِمُ ابْنُ البَيِّع: كَتَبَ إِلَيَّ إِجَازَةً مِنْ جُرْجَان هِيَ عِنْدِي.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ أَبُو يَعْقُوْبَ البَحْرِيُّ الحَافِظُ سَنَة سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
= رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم، ولحله بعدما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت، وأخرجه 6 / 244 من طريق ابن جريج، أخبرني عمر بن عبد الله بن عروة، أنه سمع عروة والقاسم يخبران عن عائشة قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة لحجة الوداع للحل والاحرام حين أحرم، وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت، وهذا سند صحيح.
قلت: وبالحل بعد رمي جمرة العقبة، وقبل الحلق والطواف قال عطاء ومالك، وأبو ثور، وأبو يوسف، وهو رواية عن الامام أحمد صححها ابن قدامة في " المغني " 3 / 439.
(* *) تاريخ جرجان: 122، الأنساب 2 / 96 - 97، تذكرة الحفاظ 3 / 878 - 879، طبقات الحفاظ: 358، شذرات الذهب: 2 / 345.
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 878.(15/471)
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ الخَلاَّل، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مَاك، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ المُغِيْرَةِ، وَالحُسَيْن بنُ جَعْفَرٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظ، حَدَّثَنَا هِلاَل بنُ العَلاَءِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا المُغِيْرَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ هِشَام، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَتْ قُرَيْش وَمَنْ يُقَابِلُهُم، يَقُوْلُوْنَ: نخن قُطَّان البَيْت لاَ نفِيض إِلاَّ مِنْ مِنىً، فَأَنزل الله - تَعَالَى - {ثُمَّ أَفيِضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ (1) } غَرِيْب (2) .
266 - قَاسمُ بنُ أَصْبَغَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ نَاصِحٍ *
وَقِيْلَ: وَاضِحٌ بَدَلَ نَاصِحٍ، فُيُحرَّرُ
__________
(1) البقرة: 199.
(2) لكن أخرجه البخاري برقم (1665) في الحج، و (4520) في التفسير، ومسلم (1219) ، والترمذي (884) وابن ماجه (318) والطبري (3831) وأبو داود (1910) والنسائي 5 / 255 والبيهقي 5 / 113 من طرق عن هشام بن عروة بهذا الإسناد، بلفظ: كانت قريش ومن كان على دينها، وهم الحمس، يقفون بالمزدلفة، يقولون: نحن قطين الله، وكان من سواهم يقفون بعرفة، فأنزل الله تعالى: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) ، لفظ الترمذي، وأورده السيوطي في الدر المنثور 1 / 226، وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم في الدلائل، وقال الترمذي: ومعنى هذا الحديث: أن أهل مكة كانوا لا يخرجون من الحرم، وعرفة خارج من الحرم، وأهل مكة كانوا يقفون بالمزدلفة، ويقولون: نحن قطين الله، يعني: سكان الله، ومن سوى أهل مكة كانوا يقفون بعرفات، فأنزل الله تعالى: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) والحمس: هم أهل الحرم.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 364 - 367، جذوة المقتبس: 311 - 312، بغية الملتمس: 447 - 448، معجم الأدباء: 16 / 236 - 237، تذكرة الحفاظ: 3 / 853 - 855، العبر: 2 / 254 - 255، مرآة الجنان: 2 / 333، الديباج المذهب: 222، لسان الميزان: 4 / 458، طبقات الحفاظ: 352، بغية الوعاة: 375، شذرات الذهب: 2 / 357.(15/472)
هَذَا (1) ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، مُحدَّثُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو مُحَمَّدٍ القُرْطُبِيُّ، مَوْلَى بَنِي أُمَيَّةَ.
سَمِعَ: بَقِيَّ بن مَخْلَد، وَمُحَمَّدَ بنَ وَضَّاح، وَأَصْبَغ بنَ خَلِيْلِ، وَمُحَمَّدَ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الخُشَنِيّ، وَطَائِفَةً بِالأَنْدَلُسِ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغ، وَطبقَته بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ الجَهْمِ السِّمَّرِيَّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ قُتَيْبَةَ، وَجَعْفَر بنَ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِر، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَالحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ القَاضِي - وَأَكْثَرَ عَنْهُ جِدّاً - وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي خَيْثَمَةَ - وَحمل عَنْهُ تَاريخَه - وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار صَاحبَ وَكِيْع بِالكُوْفَةِ وَخلْقاً سِوَاهُم.
وَفَاتَه السَّمَاع مِنْ أَبِي دَاوُدَ، فصَنّف (سُنَناً) عَلَى وَضْعِ (سُننه) ، وَ (صَحِيْحُ مُسْلِم) فَاتَه أَيْضاً فَخَرَّجَ صَحِيْحاً عَلَى هَيْئَتِهِ، وَأَلّف كِتَاب (برِّ الوَالدّينِ) ، وكتَابُ (مُسنَدِ مَالِكِ) ، وكتَابَ (المُنْتَقَى فِي الآثَارِ) ، وكتَابُ (الأَنسَابِ) بَدِيْع الحُسَن، وَغَيْر ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: حفيدُه قَاسم بنُ مُحَمَّدِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَاجِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ نَصْرٍ، وَعَبْدُ الوَارِثِ بنُ سُفْيَان، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنُ مُفرج، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ نَصْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ التَّاهَرْتِي وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَسلُوْنَ، وَأَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ الجَسور، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَاد بِالأَنْدَلُسِ مَعَ الحِفْظ وَالإِتْقَان، وَبرَاعَةِ العَرَبِيَّة، وَالتقدُّم فِي الفتوَى وَالحُرْمَة التَّامَّة وَالجَلاَلَةِ.
أَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحد، وَتوَالِيفُ ابْنِ حَزْم، وَابنِ عَبْدِ البَرِّ، وَأَبِي الوَلِيْدِ البَاجِي طَافحَةٌ برِوَايَاتِ قَاسمِ بنِ أَصْبَغ.
__________
(1) أجمعت مصادر ترجمته ما عدا " تذكرة الحفاظ " على " ناصح ".(15/473)
مَاتَ بقُرْطُبَةَ فِي جُمَادَى الأُولَى سنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
267 - البَغْدَادِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ.
ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَيُوْسُفَ بنِ يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ خَالِد، وَأَبِي حَارِثَة أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الغَسَّانِيّ، وَمِقدَام بن دَاوُدَ الرُّعَيْنِيّ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: القَاضِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَلَبيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَمنيرُ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الدِّمْيَاطي، وَأَبُوْهُ، وَآخَرُوْنَ.
أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عمَاد، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا الخِلَعِي، أَخْبَرَنَا منيرُ بنُ أَحْمَدَ الشَّاهد سنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ سَنَة تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مِقْدَام بنُ دَاوُدَ بنِ عِيْسَى بنِ تَلِيْد سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَة، سَمِعْتُ زَهْدَم بنُ مُضَرِّب (1) ، سَمِعْتُ عِمْرَان بنَ حُصَيْن، يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (خَيْرُكُم قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِيْنَ
__________
(*) لم تقع لنا ترجمته في المصادر التي بين أيدينا.
(1) في " تقريب التهذيب ": 1 / 263 " مضرس " وهو تصحيف.(15/474)
يلونهُم، ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلونَهُم، ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلونَهُمْ) .
فَقَالَ عِمْرَانُ: لاَ أَدْرِي، أَذكر بَعْدَ قرنه قَرْنَين أَوْ ثَلاَثَة؟
ثُمَّ قَالَ: (إِن بَعْدَكُم قَوْماً (1) يخَونُوْنَ وَلاَ يُؤتمنُوْنَ، وَلاَ يَشهدُوْنَ وَلاَ يُسْتَشهدُوْنَ، وَينذُرُوْنَ وَلاَ يَفُون، وَيظهَرُ فِيهِم السِّمَن (2)) ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
حدَّث البَغْدَادِيُّ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمِصْرَ.
268 - الزَّجَّاجِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ *
شَيْخُ العَرَبِيَّةِ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ البَغْدَادِيُّ، النَّحْوِيُّ.
صَاحِب (الجُمَلِ (3)) ، وَالتَّصَانِيْف وَتِلمِيذ العَلاَّمَةِ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ السَّرِيّ الزَّجَّاج (4) ، وَهُوَ مَنْسُوب إِلَيْهِ.
لَهُ (أَمَالِي (5)) أَدبيَة.
__________
(1) في الأصل: قوم، بالرفع.
(2) أخرجه البخاري برقم (2651) في الشهادات: باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد و (3650) في فضائل أصحاب النبي، و (6824) ، في الرقاق، و (6695) ، في الايمان والنذور، ومسلم (2535) ، في فضائل الصحابة، ومن طرق عن شعبة بهذا الإسناد، وفي الباب عن عبد الله عند البخاري (2652) و (3651) و (6429) و (6658) ، ومسلم (2533) .
(*) طبقات النحويين واللغويين: 129، نزهة الالباء: 211، الأنساب: 6 / 256، تاريخ ابن عساكر: 9 / 432 آ - 432 ب، إنباه الرواة: 2 / 160 - 161، وفيات الأعيان: 3 / 136، العبر: 2 / 254، مرآة الجنان: 2 / 332 - 333، النجوم الزاهرة: 3 / 302 - 303، بغية الوعاة: 297، شذرات الذهب: 2 / 357.
(3) هو كتاب في النحو مشهور متداول، وتتولى مؤسسة نشره نشرة محققة، وسيصدر قريبا بعون الله.
(4) ترجمته في الفهرست: 90 - 91، وطبقات النحويين واللغويين: 121 - 122، الأنساب: 6 / 257 - 258، إنباه الرواة: 1 / 159 - 166، وفيات الأعيان: 1 / 49 - 50.
(5) طبع في القاهرة بتحقيق عبد السلام هارون سنة / 1382 / هـ.(15/475)
وقرأَ أَيْضاً عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ بنِ رُسْتُم الطَّبَرِي غُلاَمِ المَازِنِيّ.
وَرَوَى عَنِ: ابْنِ دُرَيْد، وَنِفْطَوَيْه، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ السَّرِيّ السَّرَّاج، وَأَبِي الحَسَنِ الأَخْفش، وَعِدَّة، وَتصدَّر بِدِمَشْقَ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحبَّال، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرٍ، وَالعَفِيْفُ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَرَّام (1) النَّحْوِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ السِّقِلِّيُّ.
وَيُقَالُ: أُخرج مِنْ دِمَشْقَ لتَشَيُّعه، وَكَانَ حَسَنَ السَّمْت، مليح الشَّارَة، وَكَانَ فِي الدَّمَاشِقَة بقَايَا نَصْب (2) .
وَلَهُ كتَاب (الإِيضَاح (3)) ، و (شرح خطبَة أَدبِ الكَاتِب) ، وكتَاب (اللاَّمَات (4)) كَبِيْر، و (الْمُخْتَرع فِي القوَافي) وَأَشيَاء.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ مَا بَيَّض مَسْأَلَةً فِي (الجُمَل) إِلاَّ وَهُوَ عَلَى وضوء، فلذَلِكَ بُورك فِيْهِ.
قَالَ الكَتَّانِي: مَاتَ الزَّجَّاجِيّ بَطَبريَّة فِي رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (5) .
__________
(1) في " إنباه الرواة ": 1 / 104 ابن سرام، بالسين المهملة، وهو تصحيف.
(2) النواصب والناصبية، وأهل النصب: هم المتدينون ببغض علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - لانهم نصبوا له، أي عادوه.
ومما يحز في القلب أنه ما زالت بعض العبارات العامية في اللهجة الدمشقية تحمل هذه البقايا. دون إدراك لمعناها.
(3) طبع بالقاهرة بتحقيق د مازن المبارك سنة / 1959 / م.
(4) طبع في مجمع اللغة العربية بدمشق بتحقيق د مازن المبارك سنة / 1969 / م.
(5) في " طبقات الزبيدي ": 129 وفاته سنة / 337 / هـ، وقال عنه ابن خلكان 3 / 136: وهو الصحيح.(15/476)
269 - الجَلاَّبُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَانَ بنِ المَرْزُبَانِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، القُدْوَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَانَ بنِ المَرْزُبَانِ الهَمَذَانِيُّ، الجَلاَّبُ (1) ، الجزَّارُ، أَحدُ أَركَانِ السُّنَّةِ بِهَمَذَانَ.
سَمِعَ: أَبَا حَاتِم الرَّازِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بنَ دَيْزِيل، وَهِلاَل بنَ العَلاَءِ، وَمُحَمَّدَ بنَ غَالِب التَّمْتَام، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيْم بن نَصْرٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ الأَنْمَاطي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَالقَاضِي عَبْد الجَبَّارِ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَهْضَم، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ فَارس، وَآخَرُوْنَ.
فَال شِيْرَوَيْه الدَّيْلَمِي: كَانَ صَدُوْقاً قُدْوَة، لَهُ أَتْبَاع.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: سَمَاع القُدَمَاء مِنْهُ أَصحُّ.
ذهب عَامَّة كتُبه فِي المِحْنَة، وَكُفَّ بَصَره.
270 - الأَسوَارِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
__________
(*) الارشاد للخليلي الورقة 114، 115، العبر: 2 / 260، شذرات الذهب: 2 / 357.
(1) هذا الاسم لمن يجلب الرقيق والدواب من موضع إلى موضع. " الأنساب ": 3 / 399.
(* *) طبقات المحدثين بأصبهان الورقة 150، ذكر أخبار أصبهان: 2 / 279 - 280، الأنساب: 1 / 257، العبر: 2 / 261، الوافي بالوفيات: 2 / 40، شذرات الذهب: 2 / 365.(15/477)
مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ سَابُورَ الأَسْوَارِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، مِنْ أَهْلِ قريَة سوَارَى (1) ؛مِنْ أَعمَال أَصْبَهَانَ.
ثِقَة رَحَّال.
سَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار، وَأَبَا يَحْيَى بن أَبِي مَسَرَّة، وَأَبَا حَاتِم الرَّازِيّ، وَالفَضْلَ بنَ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِي، وَأَبَا إِسْمَاعِيْل التِّرْمِذِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ غَالِب التَّمْتَام، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الشَّيْخ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدُوَيْه، وَابْنُ المُقْرِئ، وَعَلِيُّ بنُ مَيْلَة، وَعِدَّة.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
حديثهُ عَالٍ فِي (الثَّقَفِيَّات) (2) .
271 - الأَذْرَعِيُّ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَاشِمٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّبَّانِيّ، القُدْوَةُ، أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ هَاشِمٍ النَّهْدِيُّ، الأَذْرَعِيُّ (3) ، شَيْخُ دِمَشْقَ.
ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنْ: يَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ، وَمِقْدَام بنِ دَاوُدَ، وَأَبِي يَزِيْد القَرَاطِيْسِيّ، وَالنَّسَائِيّ.
وَسَمِعَ بحِمْص مِنْ: مُوْسَى بنِ عِيْسَى بنِ المُنْذِرِ.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: أَبِي زُرْعَةَ النَّصْرِي.
__________
(1) في " الأنساب ": أسواري.
(2) انظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 369 آ - 370 آ، العبر: 2 / 263، الوافي بالوفيات: 8 / 398، البداية والنهاية: 11 / 230، شذرات الذهب: 2 / 366.
(3) نسبة إلى أذرعات الشام. " الإكمال ": 1 / 137. وفي العبر: 2 / 263: الاوزاعي، وهو تحريف.(15/478)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ جُمَيْع، وَابْنُ مَنْدَة، وَتَمَّام الرَّازِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي كَامِل، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ: كَانَ مِنْ جِلَّة أَهْلِ دِمَشْق، وَعُبَّادِهَا وَعلمَائِهَا.
وَقَالَ عَبْدُ القَاهر بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الصَّائِغ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْقُوْب الأَذْرَعِيَّ، يَقُوْلُ: سأَلت اللهَ أَنْ يَقْبِضَ بَصرِي، فعَمِيْتُ (1) ، فتضرَّرْت فِي الطَّهَارَة، فسأَلت اللهَ إعَادَة بَصَرِي، فَأَعَاده تفضُّلاً مِنْهُ.
تُوُفِّيَ أَبُو يَعْقُوْبَ يَوْمَ النَّحْر سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ القَوَّاس، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي حُضُوراً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طلاَّب، حَدَّثَنَا ابْنُ جُمَيْع، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَذْرَعِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، حَدَّثَنَا زُهَيْر بن عَبَّاد، حَدَّثَنَا مَنْصُوْرُ بنُ عَمَّار، قَالَ:
قَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلاَم: إِنَّ الغَالِبَ لهوَاهُ أَشدُّ مِنَ الَّذِي يَفْتَح المَدِيْنَةَ وَحدَه.
272 - العَبَّادَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَيُّوْبَ *
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ عَبْدَةَ العَبَّادَانِيُّ (2) .
__________
(1) في هذا مخالفة لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم الذي كان يسأل الله العفو والعافية.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 178 - 179، الأنساب: 8 / 335، العبر: 2 / 266، ميزان الاعتدال: 1 / 101 - 102، لسان الميزان: 1 / 182، شذرات الذهب: 2 / 369.
(2) نسبة إلى " عبادان " وهي بليدة بنواحي البصرة. " الأنساب ": 8 / 335.(15/479)
حدَّث بِبَغْدَادَ عَنِ: الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيّ، وَعَلِيِّ بنِ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيِّ، وَعَبَّاس التُّرْقُفِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَالحُسَيْنُ بنُ عُمَرَ بنِ برهَان، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: رَأَيْتُ أَصحَابَنَا يَغْمِزونه بِلاَ حُجَّة، فَإِنَّ أَحَادِيْثَه كُلَّهَا مستقيمَةٌ، خَلاَ حَدِيْثٍ خلَّط فِي إِسنَاده وَسَمَاعه مِنْ عَلِيّ بن حَرْب بِسَامرَّاء (1) .
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ: حملونِي إِلَى الحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ فَقَالَ: حَدَّثَنَا المُحَارِبِيُّ، وَنسيتُ البَاقِي (2) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ القَطَّان: هُوَ صَدُوْقٌ، غَيْر أَنَّهُ سَمِعَ وَهُوَ صَغِيْر (3) .
قُلْتُ: بَقِيَ إِلَى سَنَةَ أَرْبَعٍ أَوْ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
273 - عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفِ بنِ طُفَيْلِ بنِ زَيْدٍ التَّمِيْمِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، أَبُو يَعْلَى التَّمِيْمِيُّ، النَّسَفِيُّ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 178.
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 179.
(3) المصدر السابق.
(*) تاريخ ابن عساكر: 10 / 272 ب، تذكرة الحفاظ: 3 / 866 - 868، العبر: 2 / 272، مرآة الجنان: 2 / 340، طبقات الحفاظ: 354 - 355، شذرات الذهب: 2 / 373.(15/480)
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ (1) وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: جَدِّه الطُّفَيْل بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَأَبِي يَحْيَى بن أَبِي مَسَرَّة المَكِّيّ، وَإِسْحَاقَ بن إِبْرَاهِيْمَ الدَّبَرِي، وَأَبِي الزِّنْبَاع رَوْح بنِ الفَرَجِ، وَيُوْسُفَ بنِ يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيّ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَكَانَ مِنَ الفُقَهَاء القَائِلين بِالظَّاهِر بِفقه مُحَمَّد بنِ دَاوُدَ بِبَغْدَادَ، وَكَانَ مُنَافِراً لأَهْلِ القِيَاس، ثَرِيّاً مُتَّبِعاً نَاسِكاً، كَثِيْر العِلْم (2) .
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ المَيْدَانِيُّ، وَأَحْمَد بنُ عَمَّار بنِ عصمَة، وَيَعْقُوْبُ بنُ إِسْحَاقَ، وَأَهْلُ نَسَف، وَأَبُو عَلِيٍّ مَنْصُوْر بن عَبْدِ اللهِ الذُّهْلِيّ، وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَلاَبَاذِيُّ، وَعِدَّة.
وَبَلَغَنَا أَنَّ شَيْخَ المُعْتَزِلَة أَبَا القَاسِم الكَعْبِي (3) ، شَيْخَ أَهْلِ الكَلاَم، لَمَّا قَدِمَ نَسَف، أَكرمُوهُ، وَلَمْ يَأْتِ إِلَيْهِ أَبُو يَعْلَى، فَقَالَ الكَعْبِي:
نَحْنُ نَأْتِي الشَّيْخَ.
فَلَمَّا دَخَلَ لَمْ يَقُمْ لَهُ، وَلاَ التَفَتَ مِنْ مِحْرَابه، فكسَّر الكَعْبِيُّ خَجَلَه وَقَالَ: بِاللهِ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّيْخ لاَ تَقُمْ.
وَدَعَا لَهُ وَأَثْنَى قَائِماً، وَانْصَرَفَ (4) .
قَالَ جَعْفَرٌ المُسْتَغْفِرِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّد بنُ عَلِيٍّ النَّسَفِي قَالَ: شهدتُ جَنَازَة الشَّيْخ (5) أَبِي يَعْلَى بِالمُصَلَّى، فَغشِيتنَا أَصوات طُبُول
__________
(1) في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 866 سبع، وهو تصحيف.
(2) المصدر السابق.
(3) تقدمت ترجمته رقم / 108 / من هذا الجزء.
(4) " تذكرة الحفاظ " 3 / 867، وما بين حاصرتين منه.
(5) في الأصل: أبا، بالنصب.(15/481)
مِثْل مَا يَكُون مِنَ العَسَاكر، حَتَّى ظَنَّ جمعُنَا أَنَّ جَيْشاً قَدْ قَدِمَ، فكُنَّا، نَقُوْل: ليتنَا صلَّينَا عَلَى الشَّيخ قَبْلَ أَنْ يَغْشَانَا هَذَا.
فَلَمَّا اجتمعَ النَّاسُ وَقَامُوا للصَّلاَة وَأَنصتُوا، هدأَ الصَّوت كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، ثُمَّ إِنِّيْ رَأَيْت فِي النَّوْمِ كَأَنَّ إِنسَاناً وَاقفاً عَلَى رَأْس درب أَبِي يَعْلَى، وَهُوَ يَقُوْلُ:
أَيُّهَا النَّاس مَنْ أَرَادَ مِنْكُم الطَّرِيْق المُسْتَقِيْم، فَعَلَيهِ بِأَبِي يَعْلَى - أَوْ نَحْو هَذَا (1) -.
تُوُفِّيَ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بنَسَف، وَهِيَ الَّتِي يُقَال لَهَا: أَيْضاً نَخْشَب.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَبِي سَعْدٍ التَّمِيْمِيّ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ عَلِيٍّ البِيْكَنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ النَّسَفَي، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُسْتَغْفِرِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِن بنُ خَلَف، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ المُغِيْرَة أَبُو عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الفَزَارِيّ، أَخْبَرَنَا يَزِيْدُ بنُ السِّمْط، عَنِ الحَكَمِ بنِ عُبَيْد الأَيْلِيّ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ قَرأَ فِي لَيْلَةٍ تنَزِيْل - السَّجْدَة - وَاقْتَرَبَتْ، وَتبَارك كُنَّ لَهُ نُوْراً أَوْ حِرْزاً (2) مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُفع فِي الدَّرَجَاتِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْب (3) .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الآنمِي، وَإِسْحَاق الأَسَدِيّ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 867، وما بين حاصرتين منه.
(2) أي: حصنا.
(3) بل هو باطل لا يصح، الحكم بن عبد الله بن سعد، قال أحمد: أحاديثه كلها موضوعة، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال السعدي وأبو حاتم، كذاب، وقال النسائي والدارقطني وجماعة: متروك الحديث.(15/482)
رَوَاحَة، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ بِمَكَّةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَاكِم بطُوْس، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَخْرس، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِم غَالِبُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ النَّسَفِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُؤْمِن بنُ خَلَف، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ المستفَاد، أَخْبَرَنَا وَهْب بنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا جُنَادَة بن مَرْوَانَ الحِمْصِيُّ، أَخْبَرَنَا الحَارِثُ بنُ النُّعْمَانِ، سَمِعْتُ أَنَس بنَ مَالِك، يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَوْ سَأَلَنِي الجَنَّة بحذَافيرهَا لأَعْطيتُهُ، وَلَوْ سَأَلَنِي عِلاَقَةَ سَوْط (1) لَمْ أُعْطِه، أُريد أَنْ أَدَّخِرَ لَهُ فِي الآخِرَةِ (2)) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْب مُنكر، وَفِي إِسنَاده مَنْ لاَ يُعْرف.
274 - الصِّبْغِيُّ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، المُحَدِّث، شَيْخُ الإِسْلاَم، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ يَزِيْدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، المَعْرُوفُ: بِالصِّبْغِيِّ (3) .
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) علاقة السوط: ما في مقبضه من السير.
(2) جنادة بن مروان اتهمه أبو حاتم، وشيخه فيه، قال أبو حاتم: ليس بقوي، وقال البخاري: منكر الحديث.
(*) الأنساب: 8 / 33 - 34، العبر: 2 / 258 - 259، الوافي بالوفيات: 6 / 239 مرآة الجنان: 2 / 334، طبقات الشافعية: 3 / 9 - 12، النجوم الزاهرة: 3 / 310، شذرات الذهب: 2 / 361.
(3) بكسر الصاد المهملة، وسكون الياء، وفي آخرها الغين المعجمة نسبة إلى الصبغ كما في " الأنساب " وقد تصحف في " العبر " إلى الضبعي، وأغرب ابن العماد في " الشذرات " فضبطه بالعبارة الضبعي بالضم والفتح ومهملة وقال: نسبة ضبيعة بن قيس، ونسب ذلك إلى السيوطي خطأ.(15/483)
رَأَى يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ الذُّهْلِيّ، وَأَبَا حَاتِم الرَّازِيّ.
وَسَمِعَ: الفَضْل بنَ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِي، وَإِسْمَاعِيْل بنَ قُتَيْبَةَ، وَيُوْسُفَ بنَ يَعْقُوْبَ القَزْوِيْنِيّ، وَالحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَهِشَام بنَ عَلِيٍّ السِّيْرَافِي، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، وَمُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ البَجَلِيّ وَطَبَقَتهُم بِنَيْسَابُوْرَ وَالحِجَاز وَالبَصْرَة وَبغدَاد وَالرَّيّ.
وَجمع وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي الفِقْه، وَتمِيَّز فِي عِلْم الحَدِيْث.
حَجَّ فِي سَنَةِ 283، فَقَرَأَ لَهُ أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ عَلَى عَمّه (منتقَى المُسْنَد) .
حَدَّثَ عَنْهُ: حَمْزَة بن مُحَمَّدٍ الزَّيْدِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِم، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لمَّا تَرَعْرَعْتُ اشتغَلْتُ بتعلُّم الفُروسيَّة، وَلَمْ أَسْمَعْ حَرْفاً، وَحُملت إِلَى الرَّيّ، وَأَبُو حَاتِمٍ حَيّ، وَسأَلتُه عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي مِيرَاث أَبِي، ثُمَّ رجَعْنَا إِلَى نَيْسَابُوْرَ فِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ فَبَيْنَا أَنَا عَلَى بَاب دَارِنَا، وَأَبُو حَامِد بنُ الشَّرْقِيّ، وَأَبُو حَامِد بن حَسْنُويه جَالسَيْن، فَقَالاَ لِي: اشتغلْ بسَمَاع الحَدِيْث.
قُلْتُ: مِمَّن؟
قَالاَ: مِنْ إِسْمَاعِيْل بنِ قُتَيْبَةَ.
فَذَهَبتُ إِلَيْهِ، وَسَمِعْتُ، فرغِبْتُ فِي الحَدِيْثِ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى العِرَاقِ بَعْدُ بِسَنَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: بَقِيَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ يُفْتِي بِنَيْسَابُوْرَ نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً وَلَمْ يُؤْخذ عَلَيْهِ فِي فَتَاويه مَسْأَلَة وَهِم فِيْهَا (1) .
وَلَهُ الكُتُب المبسوطَة مِثْل (الطَّهَارَة) ،
__________
(1) " طبقات الشافعية ": 3 / 10.(15/484)
و (الصَّلاَة) ، و (الزَّكَاة) ، ثُمَّ إِلَى آخر كتَاب (الْمَبْسُوط) .
سَمِعْتُ أَبَا الفَضْل بنَ إِبْرَاهِيْمَ، يَقُوْلُ:
كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ يخلُفُ إِمَامَ الأَئِمَة ابْنَ خُزَيْمَةَ فِي الفَتْوَى بِضْع عَشْرَة سَنَةً فِي الجَامع وَغَيْرِه.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا بَكْرٍ، يَقُوْلُ: رَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنِّيْ فِي دَارٍ فِيْهَا عُمَر، وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ يسأَلونه المَسَائِل، فَأَشَار إِليَّ: أَنْ أُجِيبَهُم، فَمَا زِلْت أُسأَل وَأُجيب وَهُوَ يَقُوْلُ لِي:
أَصَبْتَ، إِمضِ، أَصبتَ إِمضِ.
فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، مَا النَّجَاةَ مِنَ الدُّنْيَا أَوِ الْمخْرج مِنْهَا؟
فَقَالَ لِي بِإِصْبَعه: الدُّعَاء، فَأَعدت عَلَيْهِ السُّؤَال فجمَعَ نَفْسَه كَأَنَّهُ سَاجِدٌ لخضوعه، ثُمَّ قَالَ: الدُّعَاء.
قَالَ الحَاكِمُ: وَمن تَصَانِيْفه كتَابُ (الأَسْمَاءِ وَالصِّفَات) ، وكتَابُ (الإِيْمَان) ، وكتَاب (القَدر) ، وكتَاب (الخُلَفَاء الأَرْبَعَة) ، وكتَاب (الرُّؤْيَة) ، وكتَاب (الأَحْكَام) - وَحُمِلَ إِلَى بَغْدَادَ، فكَثُرَ الثَّنَاء عَلَيْهِ - يَعْنِي: هَذَا التَأْلِيْف -، وكتَاب (الإِمَامَة) .
وَقَدْ سمِعْتُه يخَاطب كَهْلاً مِنْ أَهْلِ (1) ، فَقَالَ: حدّثونَا عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْب، فَقَالَ لَهُ: دَعْنَا مِنْ حَدَّثَنَا، إِلَى مَتَى حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا؟
فَقَالَ: يَا هَذَا، لَسْت أَشمُّ مِنْ كَلاَمك رَائِحَةَ الإِيْمَان، وَلاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَدْخُل هَذِهِ الدَّار، ثُمَّ هَجَره حَتَّى مَاتَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ حَمْدُوْنَ، يَقُوْلُ: صَحِبْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ إِسْحَاقَ سِنِيْنَ، فَمَا رَأَيْتهُ قَطُّ تَرَكَ قيَام اللَّيْل لاَ فِي سَفَر وَلاَ حَضَر (2) .
__________
(1) ثمة سقط في الأصل. وفي " طبقات الشافعية ": 3 / 10 " يخاطب فقيها ".
(2) " طبقات الشافعية ": 3 / 10.(15/485)
رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ غَيْرَ مَرَّةٍ عقِيب الأَذَان يدعُو وَيَبْكِي، وَرُبَّمَا كَانَ يَضْرب بِرَأْسِهِ الحَائِط، حَتَّى خَشِيْتُ يَوْماً أَنْ يَدْمَى رَأْسه، وَمَا رَأَيْتُ فِي جَمَاعَةِ مَشَايِخنَا أَحسن صَلاَةً مِنْهُ، وَكَانَ لاَ يَدَع أَحداً يغتَاب فِي مَجْلِسه (1) .
وسمِعته غَيْرَ مَرَّةٍ إِذَا أَنشد بيتاً، يُفْسِده وَيغيِّره حَتَّى يُذْهِبَ الوَزْن، وَكَانَ يُضْرَب المَثَل بعَقْله (2) وَرأَيه.
وَسُئِلَ عَمَّنْ يُدرك الرُّكُوْع وَلَمْ يقرأَ الفَاتحَة، فَقَالَ: يعيدُ الرَّكْعَة (3) .
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ القَزْوِيْنِيّ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ يَحْيَى الأَصْبَهَانِيّ، حَدَّثَنَا سُعَيْر بنُ الخِمْس، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
مَنْ أَحَبّ أَنْ يلقَى الله غَداً مُسْلِماً، فليحَافِظ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوات الخَمْس حَيْثُ يُنَادَى بِهن.
قَالَ الحَاكِمُ: كتب عَنِّي الدَّارَقُطْنِيّ هَذَا، وَقَالَ: مَا كتبتُه عَنْ أَحدٍ قَطُّ.
وَرَوَاهُ الخَلِيْلِيّ عَنِ الحَاكِم وَقَالَ الخَلِيْلِيّ: وَرَوَاهُ ابْنُ مَنْدَة عَنِ الصِّبْغِي.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَة: كتبه عَنِّي أَبُو الشَّيْخ الحَافِظ.
رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنِ الهَجَرِيِّ.
وَمَا جَاءَ عَنْ سُعَير إِلاَّ مِنْ هَذَا الوَجْه، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَهُوَ إِبْرَاهِيْم الهَجَرِيُّ (4) لاَ السَّبِيْعِيّ، ثُمَّ بِالغ الخَلِيْلِيّ فِي تعَظِيْمه.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) انظر " طبقات الشافعية ": 3 / 11.
(4) وهو لين الحديث، كما قال الحافظ في " التقريب "، وقال ابن عدي: أنكروا عليه كثرة روايته عن أبي الاحوص، عن عبد الله وعامتها مستقيمة، وقال البزار: رفع أحاديث وقفها غيره. وهو في سنن ابن ماجة (777) من طريق محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي إسحاق إبراهيم الهجري بهذا الإسناد، قلت: ولم ينفرد به إبراهيم الهجري عن =(15/486)
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
خَرَجْنَا مِنْ مَجْلِسِ إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ، وَمَعَنَا رَجُل كَثِيْرُ المجُوْنَ، فَرَأَى أَمردَ، فَتَقَدَّم، فَقَالَ:
السَّلاَمُ عَلَيْكَ، وَصَافحهُ، وَقبَّل عَيْنَيْهِ وَخَدَّه، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّبَرِي بصَنْعَاء بِإِسنَاده، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِذَا أَحَبّ أَحدُكُم أَخَاهُ فليُعْلِمه (1)) .
فَقُلْتُ لَهُ: أَلاَ تَسْتحِي تلُوْطُ وَتكذِب فِي الحَدِيْثِ؟
يَعْنِي: أَنَّهُ رَكَّب إِسْنَاداً للمَتْن.
تُوُفِّيَ الصِّبْغِي فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: مُسنِد هَمَذَان أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ الأَسَدِيّ، وَشيخ الصُّوْفِيَّة إِبْرَاهِيْمُ بنُ الْمولد، وَالمُسْنِدُ أَبُو الفَضْلِ الحَسَنُ بنُ يَعْقُوْبَ البُخَارِيّ، وَالمُسْنِدُ عَبْد الرَّحْمَنِ بنُ حَمْدَان الجَلاَّب بهمذَان، وَالقَاضِي العَلاَّمَة أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَهْمِ التُّنُوخِي، وَشيخُ مَرْو الإِمَامُ أَبُو العَبَّاسِ القَاسِمُ بنُ القَاسِمِ بنِ مَهْدِيّ السَّيَّارِي سِبْط أَحْمَدَ بنِ سَيَّار
__________
= الاحوص، فقد تابعه علي بن الاقمر عند مسلم (654) (257) ، والنسائي 2 / 108، 109، فالاثر صحيح ونصه بتمامه عند مسلم: " فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين، حتى يقام في الصف ".
(1) قلت لكن متن الحديث صحيح، فقد أخرجه من حديث المقدام بن معدي كرب أحمد 4 / 130، والبخاري في الأدب المفرد " (542) وأبو داود (5124) ، والترمذي (2393) ، والحاكم 4 / 171، بلفظ: " إذا أحب الرجل أخاه فلخبره أنه يحبه، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2514) ، وقال الترمذي: حسن صحيح، وله شاهد بسند صحيح من حديث أبي ذر عند أحمد 5 / 145 و147، وابن المبارك في " الزهد " (712) ، وابن وهب في " الجامع " ص 36.(15/487)
الحَافِظ، وَالمُسْنِد أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ الأَسْوَارِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَشيخُ المُحَدِّثِيْنَ وَالزُّهَّاد بِنَيْسَابُوْرَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ سُلَيْمَانَ النَّيْسَابُوْرِيّ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المعَالِي أَحْمَد بنِ المُؤَيَّد، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ المأْمونِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَعْفَرٍ اليَزْدِيُّ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ الصِّبْغِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَالِب بن حَرْب، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الجَعْفَرِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَرْفَع يَدَيْهِ إِذَا كبَّر، وَإِذَا رَفَعَ (1) .
وَبِهِ: أَخْبَرَنَا الصِّبْغِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بن أَبِي مُسَاوِر، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمر إِسْمَاعِيْل بنُ إِبْرَاهِيْمَ قَالَ:
أَملَى عليّ بنُ وَهْب مِنْ حِفْظِهِ، عَنْ يُوْنُس، عَنِ الزُّهْرِيِّ:
عَنْ أَنَس أَن النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (لَيْسَ عَلَى مُنتَهِب وَلاَ مُختلس وَلاَ خَائِن قَطْعٌ) (2) .
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " 1 / 77، ومن طريق مالك أخرجه أبو داود (742) ، وأخرجه من طريق ابن شهاب عن سالم، عن عبد الله بن عمر، مالك 1 / 75، والبخاري 2 / 181، في صفة الصلاة، ومسلم (390) .
(2) وأخرجه أحمد 3 / 380، والدارمي 2 / 175، وأبو داود (4393) ، والنسائي 8 / 89، والترمذي (1448) ، وابن ماجة (2591) ، والطحاوي 2 / 98، والدارقطني 3 / 187، والبيهقي 8 / 279 كلهم من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله ... وإسناده صحيح، وقد صرح ابن جريح بسماعه من أبي الزبير في رواية الدارمي وغيره، وتابعه عليه سفيان الثوري، والمغيرة بن مسلم، ولم ينفرد أبو الزبير بروايته، فقد تابعه عليه عمرو بن دينار عند ابن حبان، على أنه صرح بسماعه من جابر عند عبد الرزاق فانتفت شبهة تدليسه، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (1502) و (1503) وقال الزيلعي في " نصب الراية " 3 / 364: وسكت عنه عبد الحق في أحكامه، وابن القطان بعد، فهو صحيح عندهما، وانظر " شرح السنة " 10 / 321، 322.(15/488)
غَرِيْبٌ جِدّاً.
مَعَ عدَالَة رُوَاته، فَلاَ تَنْبَغِي الرِّوَايَة إِلاَّ مِنْ كِتَاب، فَإِنِّي أَرَى ابْنَ وَهْبٍ مَعَ حِفْظه وَهِم فِيْهِ، وَللمَتْن إِسْنَادٌ غَيْرُ هَذَا.
أَخُوْهُ:
275 - المُعَمَّرُ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ *
سَمِعَ: يَحْيَى بنَ الذُّهْلِيِّ، وَسَهْلَ بنَ عَمَّارٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيّ.
قَالَ (1) :لَزِمَ الفُتوَّة إِلَى آخر عُمرُه، وَكَانَ أَخُوْهُ ينَهَاهُ، عَنِ السَّمَاع لَمَّا كَانَ يتعَاطَاهُ (2) .
عَاشَ مائَة سَنَةٍ وَأَربع سِنِيْنَ، وَأَملَى مَجَالِس.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) الأنساب: 8 / 34.
(1) أي الحاكم.
(2) النص بتمامه في " الأنساب ": " وكان الشيخ ينهانا عن القراءة عليه لما كان يتعاطاه ظاهرا، لا لحرج في سماعة ... ".
أي أن سماعه صحيح.
وتعاطيه أمور الفتوة هو سبب النهي، وقد جانب الصواب محقق الجزء الثامن من " الأنساب " حين حذف لفظة " لا لحرج " ووضع مكانها كلمة من عنده قلبت المعنى المراد " لا يتحرج في سماعه " فجعل عدم تحرجه في السماع هو سبب النهي، لا تعاطيه الفتوة..فتأمل!..(15/489)
الطَّبَقَةُ العِشْرُوْنَ
276 - أَبُو النَّضْرِ الطُّوْسِيُّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْه، العَلاَّمَة، القُدْوَة، شَيْخُ الإِسْلاَم، أَبُو النَّضْر مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الطُّوْسِيّ، الشَّافِعِيُّ، شَيْخُ المَذْهَب بِخُرَاسَانَ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ الخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: عُثْمَانَ بنَ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيَّ، وَالحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَإِسْمَاعِيْل القَاضِي، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيّ، وَالفَضْل بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ خُرَّم اليَشْكُرِيّ الهَرَوِيّ، وَأَحْمَدَ بن مُوْسَى الكُوْفِيّ الحَمَّارَ، وَمُحَمَّد بنَ عَمْرو قشمرد الحَرَشِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ بن الضُّرَيْس، وَأَحْمَد بنَ سَلَمَةَ الحَافِظ، وَالحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ القَبَّانِي، وَتَمِيْم بن مُحَمَّدٍ الحَافِظ، وَمُحَمَّد بنَ نَصْرٍ المَرْوَزِيَّ الفَقِيْه.
وَلاَزمه مُدَّة، وَأَكْثَرَ عَنْهُ.
وجمعَ وَصَنَّفَ، وَعَمِل (مُستخرجاً) عَلَى (صَحِيْح مُسْلِم) ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ خُرَاسَان بِلاَ مُدَافعَة.
__________
(*) الأنساب: 8 / 264 - 265، المنتظم: 6 / 379، تذكرة الحفاظ: 3 / 893 - 894، العبر: 2 / 264 - 265، الوافي بالوفيات: 1 / 210، مرآة الجنان: 2 / 336، البداية والنهاية: 11 / 299، النجوم الزاهرة: 3 / 313 - 314، طبقات الحفاظ: 365، شذرات الذهب: 2 / 368.(15/490)
قَالَ الحَاكِمُ: رحَلْتُ إِلَيْهِ إِلَى طُوْس مَرَّتين، وَسأَلْتُه مَتَى تتفرَّغ للتَّصْنيف مَعَ هَذِهِ الفتَاوَى الكثيرَة؟
فَقَالَ: جَزَّأتُ اللَّيْل أَثلاَثاً: فثُلُثٌ أُصَنِّف، وثُلُث أَنَام، وثُلُث أَقْرَأُ القُرْآنَ (1) .
قَالَ: وَكَانَ إِمَاماً عَابداً، بارعَ الأَدَب، مَا رَأَيْتُ فِي مَشَايِخِي أَحسنَ صَلاَةً مِنْهُ، وَكَانَ يَصُوْمُ الدَّهْر وَيقومُ وَيتصدَّق بِمَا فَضَل مِنْ قُوته.
وَكَانَ يَأْمر بِالمَعْرُوف، وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَر (2) .
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مَنْصُوْر الحَافِظ يَقُوْلُ: أَبُو النَّضْر يُفْتِي النَّاس مِنْ سبعينَ سَنَةً أَوْ نحوِهَا، مَا أُخذ عَلَيْهِ فِي فَتْوَى (3) قَطُّ.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: دَخَلْتُ طُوْس، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَافِظ عَلَى قَضَائِهَا، فَقَالَ لِي: مَا رَأَيْتُ قَطُّ فِي بلدٍ مِنْ بلاَد الإِسْلاَم مِثْل أَبِي النَّضْرِ - رَحِمَهُ اللهُ (4) -.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ الحَاكمَان، وَلَمْ يقعْ لِي مِنْ حَدِيْثه بِالاتصَال فِيمَا أَعلم.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: جَاوزَ التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ الدِّمَشْقِيّ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ أَبِي سَعْدٍ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا جَدِّي عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ خَلَف، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْر الفَقِيْه، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ
__________
(1) " الأنساب ": 8 / 265.
(2) المصدر السابق 264.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 893.
(4) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 893.(15/491)
سَعِيْد، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ يَسَار، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ فِي دعَائِه: (اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَعوذُ بِك مِنَ الفَقْرِ وَالقِلَّة وَالذِّلَّة، وَأَعوذُ بِك مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ (1)) .
إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.
أَخْرَجَه الحَاكِمُ فِي (المُسْتَدْرك) .
وَرَوَاهُ: أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُوْسَى عَلَى المُوَافقَة.
وَرَوَاهُ: التِّرْمِذِيّ نَازلاً عَنْ حَمَّاد، وَلَهُ عِلَّة مِنْ أَجلهَا لَمْ (2) يُخرِجه مُسْلِم.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ (3) مِنْ وُجُوه: عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ المَذْكُوْر، فَقَالَ: عَنْ جَعْفَرِ بنِ عيَاض، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
277 - أَبُو الوَلِيْدِ الفَقِيْهُ حَسَّانُ بنُ مُحمَّدٍ *
الإِمَامُ الأَوْحدُ، الحَافِظُ، المُفْتِي، شَيْخُ خُرَاسَان، أَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، العَابِدُ.
__________
(1) هو في " المستدرك " 1 / 540، وصححه، ووافقه الذهبي، وأخرجه أبو داود (1544) ، والبيهقي 7 / 12 وأحمد 2 / 305 و325، والنسائي 8 / 261، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2443) .
ولم أجده في سنن الترمذي بعد البحث الشديد، وما أعلم أحدا من المحدثين نسبه إليه غير المؤلف. فلعله وهم منه رحمه الله.
(2) زيادة يقتضيها السياق.
(3) 8 / 266، ونص كلامه: خالفه الاوزاعي، قال: أخبرني محمود بن خالد، حدثنا الوليد عن أبي عمرو الاوزاعي، حدثني إسحاق بن عبد الله، حدثني جعفر بن عياض، حدثني أبو هريرة، والوليد مدلس وقد عنعن، لكن صرح بالتحديث عند ابن حبان (2442) ، وأخرجه ابن ماجه (3842) ، والحاكم 1 / 531، من طريق محمد بن مصعب القرقسائي، حدثنا الاوزاعي ... وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
ووافقه الذهبي مع أن محمد بن مصعب كثير الخطأ.
(*) المنتظم: 6 / 396، تذكرة الحفاظ: 3 / 895 - 897، العبر: 2 / 281، مرآة =(15/492)
وُلِدَ: بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيّ، وَابنِ خُزَيْمَةَ، وَعِدَّة بِبَلَدِهِ، وَالحَسَنِ بنِ سُفْيَان بِنَسَا، وَأَحْمَد بنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيّ بِبَغْدَادَ، وَهَذِهِ الطَّبَقَة.
وَتَفَقَّهَ بِأَبِي العَبَّاس بن سُرَيْج، وَهُوَ صَاحِبُ وَجه فِي المَذْهب.
وَمن أَغرب مَا أَتَى بِهِ أَنَّهُ قَالَ: مَن كرّر الفَاتحَة مرَّتين بطَلَتْ صلاَتُه، وَهَذَا خِلاَفُ نَصِّ الإِمَام.
وَقَالَ: الحِجَامَةُ تُفطِّر الحَاجمَ وَالمَحْجُوم، وَالتزم أَنَّهُ هُوَ المَذْهَب لصحَّة الأَحَادِيْث فِيْهِ.
وَهَذَا فِيْهِ نَظر، لأَنَّ الإِمَامَ (1) مَا ضعَّف الأَحَادِيْث، بَلِ ادَّعَى نَسخهَا (2) .
__________
= الجنان: 2 / 343، طبقات الشافعية: 3 / 226 - 229، البداية والنهاية: 11 / 236، طبقات الحفاظ: 366، شذرات الذهب: 2 / 380.
(1) أي الشافعي رحمه الله.
(2) وهذا هو الصحيح، فقد قال ابن حزم فيما نقله عنه الحافظ في " الفتح " 4 / 155: صح حديث " أفطر الحاجم والمحجوم " بلا ريب، ولكن وجدنا من حديث أبي سعيد: أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم، وإسناده صحيح فوجب الاخذ به، لان الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجما أو محجوما.
قال الحافظ: والحديث المذكور أخرجه النسائي وابن خزيمة (1967) والدارقطني ص 239، ورجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، وله شاهد من حديث أنس أخرجه الدارقطني ص 239، ولفظه: أول ما كرهت الحجامة للصائم، ثم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " أفطر هذان "، ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بالحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم، ورواته كلهم ثقات من رجال البخاري، إلا أن في المتن ما ينكر، لان فيه أن ذلك كان في الفتح، وجعفر كان قتل قبل ذلك، ومن أحسن ما ورد في ذلك ما رواه عبد الرزاق (7535) ، وأبو داود (2374) من طريق عبد الرحمن بن عابس، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم، وعن المواصلة، ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه، وإسناده صحيح، وجهالة الصحابي لا تضر. وقوله: " إبقاء على أصحابه " =(15/493)
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَابنُ مَنْدَة، وَأَبُو طَاهِر بن مَحْمِش، وَالقَاضِي أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الحِيْرِيّ، وَأَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّهْلِي الصَّفَّار، وَعِدَّة.
قَالَ الحَاكِمُ: صَنَّفَ أَبُو الوَلِيْدِ (المُسْتَخْرَجَ عَلَى صَحِيْح مُسْلِم)
وَصَنَّفَ (الأَحْكَام) عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ (1) .
قَالَ أَبُو سَعْدٍ الأَدِيْب: سَأَلت أَبَا عليّ الثَّقَفِيَّ، فَقُلْتُ: مَنْ نسأَل بَعْدَك؟
قَالَ: أَبَا الوَلِيْدِ (2) .
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ أَبَا الوَلِيْدِ يَقُوْلُ: قَالَ لِي أَبِي: أَيَّ شَيْء تَجْمعُ؟
قُلْتُ: أُخرِّج عَلَى (كتَاب البُخَارِيِّ) .
فَقَالَ: عَلَيْكَ (بكتَابِ مُسْلِم) ، فَإِنَّهُ أَكْثَرُ بَرَكَةً، فَإِنَّ البُخَارِيّ كَانَ يُنْسَب إِلَى اللَّفْظ (3) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الذُّهْلِيّ: وَمُسْلِم أَيْضاً نُسِبَ إِلَى اللَّفْظ، أَلاَ تَرَاهُ كَيْفَ قَامَ مِنْ مَجْلِس الذُّهْلِيّ عَلَى رَأْس الملأِ لَمَّا قَالَ: أَلاَ مَنْ كَانَ يَقُوْلُ بقولِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، فَلاَ يَقْرَبَنَّا؟
فَهَذِهِ مَسْأَلَة مُشْكِلَةٌ، وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ لاَ يَرَوْنَ الخوضَ فِي هَذِهِ المَسْأَلَة، مَعَ أَنَّ البُخَارِيَّ - رَحِمَهُ اللهُ - مَا صرَّح بِذَلِكَ، وَلاَ قَالَ: أَلفَاظُنَا بِالقُرْآن مَخْلُوْقَة.
بَلْ قَالَ: أَفعَالُنَا مَخْلوقَة، وَالمقروء الْمَلْفُوظ هُوَ كَلاَمُ الله - تَعَالَى -، وَلَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ، فَالسُّكوت عَنْ تَوَسُّع العبارَات أَسلمُ للإِنسَان.
__________
= يتعلق بقوله: " نهى " وانظر: " نصب الراية " 2 / 472، 473، و" الفتح " 4 / 153، 156، و" تلخيص الحبير " 2 / 191، 194.
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 895.
(2) المصدر السابق.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 895 - 896.(15/494)
وَلقد كَانَ أَبُو الوَلِيْدِ هَذَا مِنْ أَركَانَ الدِّين.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ رثَاهُ أَبُو طَاهِر بن مَحْمِش الفَقِيْه - أَحدُ تَلاَمِذته - بقصيدَة سِتِّيْنَ بيتاً (1) .
قَالَ الحَاكِمُ: أَرَانَا أَبُو الوَلِيْدِ نَقْشَ خَاتمه: اللهُ ثِقَةُ حَسَّانِ بن مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ: أَرَانَا عَبْد المَلِكِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَدِيّ نَقْش خَاتمه: اللهُ ثِقَة عَبْد المَلِكِ بن مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ: أَرَانَا الرَّبِيْع نَقْش خَاتمه: اللهُ ثِقَة الرَّبِيْع بن سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ: كَانَ نقش خَاتم الشَّافِعِيّ: الله ثِقَة مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ (2) .
هَذَا إِسْنَاد ثَابِت.
مَاتَ أَبُو الوَلِيْدِ: فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ أَبُو الوَلِيْدِ القُرَشِيّ الأُمَوِيّ الشَّافِعِيّ، إِمَامُ أَهْلِ الحَدِيْث بِخُرَاسَانَ، وَأَزْهَد مَنْ رَأَيْتُ مِنَ العُلَمَاءِ وَأَعبَدُهُم، تَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى ابْنِ سُرَيْج (3) .
قُلْتُ: مَاتَ مَعَهُ: عَالِمُ أَصْبَهَان القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَحَافِظُ خُرَاسَان أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ زَيْد النَّيْسَابُوْرِيّ، وَمُسْنِد الْعَصْر بِمِصْرَ أَبُو الفَوَارِسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّنْدِيُّ الصَّابُونِي، وَمُسْنِدُ بَغْدَاد أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ يَحْيَى الأَدَمِيُّ العَطَشِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الخُرَاسَانِيّ، وَمسنِدُ دِمَشْق أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِح سِنَان المَخْزُوْمِيّ، وَشيخ القُرَّاء أَبُو طَاهِر عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَبِي هَاشِم، وَالمُعَمَّر
__________
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 895.
(2) المصدر السابق.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 895.(15/495)
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمرويه بن عَلَم الصَّفَّار، وَأَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ نِيخَاب الطِّيبِي بِبَغْدَادَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا القَاسِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّار، أَخْبَرَتْنَا عَائِشَة بِنْتُ أَحْمَد، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ البُسْتِيّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، حَدَّثَنَا الزَّاهِد إِمَام عَصْره أَبُو الوَلِيْدِ حَسَّان بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ بُكَيْر، حَدَّثَنِي اللَّيْث، عَنِ ابْنِ الهَاد، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدعُو فِي صلاَتِه: (اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَعوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيْحِ الدَّجَّالِ، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المحيَا وَالمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إِنِّيْ أَعوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالمَغْرمِ) (1) الحَدِيْثَ.
278 - ابْنُ طَبَاطَبَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ حَسنٍ *
الشَّرِيْفُ الكَبِيْرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ حسَن ابنِ الشَّرِيْف طَبَاطَبَا (2) ، وَاسمه: إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حسن ابنِ
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري برقم (832) في صفة الصلاة و (2397) ، ومسلم (589) في المساجد: باب ما يستعاذ منه في الصلاة، كلاهما من طريق أبي اليمان عن شعيب، عن ابن شهاب الزهري بهذا الإسناد، وأخرجه البخاري أيضا، (2397) و (6376) و (6377) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
والمغرم: الدين، يقال: غرم أي: أدان، قيل: والمراد به ما يستدان فيما لا يجوز، وفيما يجوز، ثم يعجز عن أدائه، ويحتمل أن يراد به ما هو أعم من ذلك، وتمام الحديث: فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم، فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف.
(*) وفيات الأعيان: 3 / 81 - 83، البداية والنهاية: 11 / 235.
(2) بفتح الطاءين المهملتين والباءين الموحدتين، لقب جده إبراهيم، وإنما قيل له ذلك، لأنه كان يلثغ فيجعل القاف طاء، طلب يوما ثيابه فقال له غلامه: أجئ بدراعة؟ فقال: =(15/496)
السَّيِّد الإِمَام عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ العَلَوِيّ، الحَسَنِي، المَدَنِيّ، ثُمَّ المِصْرِيّ.
كَانَ مُحْتَشِماً، ذَا أَمْوَالٍ وَعَقَار وَعَبيد وضِيَاع وَدَائِرَةٍ وَاسِعَة، بِحَيْثُ قِيْلَ: كَانَ فِي دَهْليز دَاره رَجُلٌ يكسرُ اللَّوْز دَائِماً لعمل الحَلْوَاء، وَكَانَ يَصْلُح لِلْخِلاَفَةِ، وَكَانَ يُهدِي إِلى الأُسْتَاذ كَافور وَإِلى الكُبَرَاء.
وَلَهُ جَلاَلَة عَجِيْبَة (1) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَيُقَالُ: بَقِيَ حَتَّى قَدِمَ المُعِزُّ، وَطلب مِنْهُ نَسبَه، وَالظَّاهِر أَنَّ ذَلِكَ يَكُون وَلد هَذَا الشَّرِيْف.
وَقِيْلَ: بَلِ الَّذِي كلَّم المُعِزَّ الشَّرِيْفُ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الرَّسِّي (2) .
279 - ابْنُ الِجرَابِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّث، الأَمِيْن، أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى بنِ الجِرَاب البَغْدَادِيُّ، البَزَّاز.
وُلِدَ: بِسَامَرَّاء، سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: مُوْسَى بن سَهْل الوَشَّاء، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَحْمَدَ بنَ
__________
= لا، طباطبا، يريد: قبا قبا، فبقي عليه لقبا، واشتهر به. وطباطبا أيضا سيد السادات بلسان النبطية.
انظر " وفيات الأعيان ": 1 / 130 - 131، و" عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ": 172.
(1) " وفيات الأعيان ": 3 / 81.
(2) انظر " وفيات الأعيان ": 3 / 82 - 83.
(*) تاريخ بغداد: 6 / 304، المنتظم: 6 / 380، العبر: 2 / 267، شذرات الذهب: 369.(15/497)
مُحَمَّد البِرْتِي، وَعَبْدَ اللهِ بنَ رَوْح المَدَائِنِيّ، وَجَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِر، وَإِسْمَاعِيْل القَاضِي، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْن جُمَيْع الغَسَّانِيّ، وَالحَافِظ عَبْدُ الغنِي، وَأَخُوْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ، وَالحُسَيْنُ بنُ مَيْمُوْنٍ الصَّفَّار، وَالحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ رُزَيْق المَخْزُوْمِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: الخَطِيْب (1) .
تُوُفِّيَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.
قَرَأْتُ عَنْ يَحْيَى بنِ أَحْمَدَ الجُذَامِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عمَاد، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ المَخْزُوْمِيّ الكُوْفِيّ بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَعْقُوْبَ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَالِب بنِ حَرْب، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بنُ زَرْبَى، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مَنْصُوْر السَّلِيْمِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ وَهْبِ بنِ مُنَبّه، قَالَ:
قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الكُتُب الَّتِي أُنزلت: أَنَّ اللهَ قَالَ لمُوْسَى: أَتَدْرِي لأَيِّ شَيْء كلمتُكَ؟
قَالَ: لأَي شَيْء؟!
قَالَ: لأَنِي اطَّلَعْتُ فِي قُلُوْب العِبَاد، فَلَمْ أَرَ قَلْباً أَشدَّ حُبّاً لِي مِنْ قَلْبِك.
280 - ابْنُ عَبْدِ البَرِّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ التُّجِيْبِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّد بنِ عَبْدِ البَرِّ التُّجِيْبِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 304.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 60 - 61، جذوة المقتبس: 59 - 61، بغية الملتمس: 89 - 90، تاريخ ابن عساكر: 15 / 274 آ - 274 ب.(15/498)
سَمِعَ مِنْ: عُبَيْد اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَسلمَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بن لُبَابَة، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ النَّفَّاحِ البَاهِلِيّ، وَطبقَته بِمِصْرَ، وَسَعِيْد بنِ هَاشِمٍ الطَّبَرَانِيّ، وَغَيْرِه بِالشَّامِ، وَرَجَعَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ فِي الشَّيْخُوخَة.
فَتُوُفِّيَ: بِالشَّامِ بِطَرَابُلُس، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: عُمَرُ بنُ نُمَارَة الأَنْدَلُسِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ النَّحَّاس.
281 - التَّنُوْخِيُّ عَلِيُّ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَهْمِ *
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الفَهْمِ التَّنُوخِيُّ، الحَنَفِيُّ.
مَوْلِدُهُ: بِأَنْطَاكِيَةَ، سنَة 278.
سَمِعَ: أَحْمَد بن خُلَيْد الحَلَبِيّ، وَالحَسَن بن أَحْمَدَ بنِ حَبِيْبٍ صَاحبَ مُسَدَّدٍ، وَعُمَر بنَ أَبِي غَيْلاَن.
وَكَانَ معتزليّاً، منَاظِراً، منجّماً، شَاعِراً، أَديباً، وَلِيَ قَضَاءَ الأَهْواز (1) .
__________
(*) يتيمة الدهر: 2 / 309 - 318، تاريخ بغداد: 12 / 77 - 79، الأنساب: 3 / 93، المنتظم: 6 / 372 - 373، معجم الأدباء: 14 / 162 - 191، وفيات الأعيان: 3 / 366 - 369، العبر: 2 / 260، ميزان الاعتدال: 3 / 153، مرآة الجنان: 2 / 334 - 335، البداية والنهاية: 11 / 227، الجواهر المضية: 1 / 378، لسان الميزان: 4 / 256 - 257، النجوم الزاهرة: 3 / 310، شذرات الذهب: 2 / 362 - 364.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 78.(15/499)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ المُحسِّنُ (1) ، وَأَبُو حَفْصٍ الآجُرِّيُّ، وَأَبو القَاسِمِ بن الثَّلاَّج.
وَكَانَ أَحد الأَذكيَاء، حَفِظَ سِت مائَة بَيْتٍ فِي يَوْمٍ وَليلَةٍ (2) ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ.
وَكَانَ المُطِيعُ قَدْ همَّ بِتَوْلِيَتِهِ قَضَاءَ القُضَاة (3) .
وَلَمَّا تُوُفِّيَ بِالبَصْرَةِ وَفّى عَنْهُ المُهَلَّبِيّ (4) خَمْسِيْنَ أَلفَ دِرْهَمٍ دَيناً (5) .
وَقَالَ ابْنُهُ: كَانَ يحفظ للطَّائِيين سِتَّ مائَة (6) قصيدَة، وَيحفَظُ مِنَ النَّحْو وَاللُّغَة شَيْئاً عَظِيْماً، وَمن العَقْلِيَّاتِ (7) ، وَيُجيب فِي أَزيدَ مِنْ عِشْرِيْنَ أَلْف حَدِيْث (8) .
مَاتَ: سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
282 - السَّيَّارِيُّ أَبُو العَبَّاسِ القَاسِمُ بنُ القَاسِمِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الزَّاهِد، شَيْخُ مَرْوَ، أَبُو العَبَّاسِ القَاسِمُ بنُ القَاسِمِ (9) بنِ
__________
(1) ترجمته في " وفيات الأعيان ": 445 / 159 - 162.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 12 / 78 - 79.
(3) " معجم الأدباء ": 14 / 164.
(4) انظر ص / 116 / تعليق / 4 / من هذا الجزء.
(5) " معجم الأدباء ": 14 / 164.
(6) في " معجم الأدباء ": سبع مئة.
(7) في الأصل: العقيلات، وهو تصحيف.
(8) " معجم الأدباء ": 14 / 164 - 165.
(*) طبقات الصوفية: 440 - 447، حلية الأولياء: 10 / 380، الرسالة القشيرية: 28، الأنساب: 7 / 212، 213، المنتظم: 6 / 374، العبر: 2 / 260، طبقات الأولياء: 366 - 367، النجوم الزاهرة: 3 / 309 - 310، شذرات الذهب: 2 / 364.
(9) في " الأنساب ": 7 / 212 " القاسم بن أبي القاسم بن عبد الله بن مهدي ".(15/500)
مَهْدِيٍّ السَّيَّارِيُّ، المَرْوَزِيُّ، سِبْطُ الحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ سَيَّارٍ.
سَمِعَ: أَبَا المُوَجَّهِ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبَّاد، وَصَحِبَ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى الفَرْغَانِيَّ.
وَعَنْهُ: عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَغيرُهُمَا.
وَمن قَوْلِهِ: الخَطْرَةُ لِلنَّبِيِّ، وَالوَسْوَسَة للولِيِّ، وَالفِكْرَةُ للعَامِّي، وَالعَزْم للفَتِيّ (1) .
مَاتَ: سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
283 - ابْنُ الَخضِرِ أَحْمَدُ بنُ الخَضِر بنِ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الفَقِيْه، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ الخَضِر بنِ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ، مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ النَّضْر، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَلِيٍّ الذُّهْلِيّ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ.
وَعَنْهُ: رفيقُه؛ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّان بنُ مُحَمَّدٍ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم.
مَاتَ: فِي جُمَادَى الآخِرَة، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) " طبقات الصوفية ": 445.
(2) وفاته في " الأنساب ": 7 / 213 " سنة أربع وأربعين وثلاث مئة ".
(*) طبقات الشافعية: 3 / 14.(15/501)
284 - ابْنُ مَاهِيَانَ مُحَمَّد بن حُسَيْنِ الجُرْجَانِيُّ *
المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ حُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَاهِيَانِ (1) الجُرْجَانِيُّ.
حدَّثَ بِنَيْسَابُوْرَ عَنِ: الدَّبَرِي، وَإِسْمَاعِيْل القَاضِي، وَتَمْتَام، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِم، وَكَانَ متكلّماً أَديباً عَالِماً.
مَاتَ: بِبُخَارَى، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
285 - النَّجَّادُ أَحْمَدُ بنُ سَلْمَانَ بنِ الحَسَنِ بنِ إِسْرَائِيْلَ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظ، الفَقِيْه، المُفْتِي، شَيْخُ العِرَاق، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سَلْمَان بنِ الحَسَنِ بنِ إِسْرَائِيْل البَغْدَادِيّ، الحَنْبَلِيُّ، النَّجَّاد.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: أَبَا دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيَّ - ارْتَحَلَ إِلَيْهِ، وَهُوَ خَاتمَة أَصْحَابه - وَأَحْمَدَ
__________
(*) تاريخ جرجان: 402.
(1) لم أهتد إلى ضبط الاسم في مظان الضبط، وقد استأنست بياقوت الحموي في ضبطه: ماهيان، بكسر الهاء.
قرية. وليس ببعيد تسمية القرى والبلدان بأسماء الرجال، فلعل هذا من ذاك، والله أعلم. وقد تحرف في " تاريخ جرجان " إلى ماهيان، وماهيار.
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 189 - 192، طبقات الشيرازي: 172، طبقات الحنابلة: 2 / 7 - 12، الأنساب: 553 آ، المنتظم: 6 / 390، تذكرة الحفاظ: 3 / 868 - 869، العبر: 2 / 278 - 279، ميزان الاعتدال: 1 / 101، الوافي بالوفيات: 6 / 400، مرآة الجنان: 3 / 342، البداية والنهاية: 11 / 234، لسان الميزان: 1 / 180، شذرات الذهب: 2 / 376.(15/502)
بنَ مُلاعب، وَيَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَالحَسَنَ بنَ مُكْرم، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ البِرْتِي، وَهِلاَل بنَ العَلاَءِ الرَّقِّيّ - وَارْتَحَلَ إِلَيْهِ - وَإِسْمَاعِيْل القَاضِي، وَيَزِيْد بنَ جَهْور، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا القُرَشِيَّ - صَاحب الكُتُب - وَإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيّ، وَالحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَالكُدَيْمِيَّ، وَعَبْدَ المَلِكِ بن مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيّ، وَجَعْفَرَ بنَ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيّ، وَمُعَاذَ بنَ المُثَنَّى، وَبِشْرَ بنَ مُوْسَى، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ مُطَيَّناً، وَخلْقاً كَثِيْراً.
وَصَنَّفَ (ديوَاناً) كَبِيْراً فِي السُّنَن (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بكرٍ القَطِيْعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيْزِ الفَقِيْه، وَابْنُ شَاهِيْنٍ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ مَنْدَة، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الرَّقِّيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الفُرَاتِ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ الخَطَّابِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَابْن رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَبُو القَاسِمِ الخِرَقيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدُوَيْه، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَابْنُ عَقِيْل البَاوَرْدِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ بن بِشْرَان، وَعَدَدٌ كَثِيْر.
وَكَانَ أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه يَقُوْلُ: النَّجَّاد ابْنُ صَاعِدنَا (2) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الطَّبَرِي: كَانَ النَّجَّاد يَصُوْمُ الدَّهْر، وَيُفْطِر كُلَّ لَيْلَة عَلَى رَغِيفٍ، فيترُك مِنْهُ لُقْمَةً، فَإِذَا كَانَ لَيْلَة الجُمُعَة، تصدَّقَ برغيفه، وَاكتفَى بِتِلْكَ اللُّقمِ (3) .
__________
(1) " الرسالة المستطرفة ": 36.
(2) قال الخطيب البغدادي: " عنى بذلك أن النجاد في كثرة حديثه، واتساع طرقه، وعظم رواياته، وأصناف فوائده، لمن سمع منه، كيحيى بن صاعد لأصحابه، إذ كل واحد من الرجلين كان واحد وقته في كثرة الحديث ". " تاريخ بغداد ": 4 / 190.
(3) " تاريخ بغداد ": 4 / 191.(15/503)
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ النَّجَّاد صَدُوْقاً، عَارِفاً، صَنّفَ (السُّنَن (1)) ، وَكَانَ لَهُ بِجَامع المَنْصُوْر حَلْقَةٌ قَبْل الجمعَة للفَتْوَى، وَحَلْقَة بَعْد الجُمُعَة للإِمْلاَء (2) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: حَدَّث النَّجَّاد مِنْ كِتَاب غَيْرِه بِمَا لَمْ يَكُنْ فِي أُصوله (3) .
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ قَدْ أَضرَّ، فلَعَلَّ بَعْضَهُم قَرأَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (4) .
مَاتَ النَّجَّاد - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -:فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ الصُّوْفِيَّة المُحَدِّثُ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نُصَيْر الخُلْدِيّ بِبَغْدَادَ، وَقَاضِي مِصْر أَبُو بَكْرٍ عَبْد اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَن بن الْخَصِيب، وَمُسْنِدُ الكُوْفَة أَبو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ القُرَشِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَارِثِ بنُ أَبيَضَ.
أَخْبَرَنَا الفَقِيْه أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ الحلِيمِ بِالإِسْكَنْدَرِيَّة، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُختَار العَابِدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيُّ (5) ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، قَالَ:
قُرِئَ عَلَى أَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بنِ الأَشْعَثِ - وَأَنَا أَسمع -،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 190.
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 189 - 190.
(3) " تاريخ بغداد ": 4 / 191.
(4) " تاريخ بغداد ": 4 / 191.
(5) بضم الطاء، وفتح الراء، وسكون الياء، هذه النسبة إلى " طريثيث " وهي ناحية كبيرة من نواحي نيسابور. " الأنساب ": 8 / 238.(15/504)
حَدَّثَنَا رَجَاء بن مُرَجَّى، حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الدَّلاَّل، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ السَّائِبِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عيَاض، عَنْ عُثْمَانَ بنِ أَبِي العَاصِ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمرَه أَنْ يَجْعَلَ مَسْجِدَ الطَّائِف حَيْثُ كَانَتْ طَوَاغِيتُهُم (1) .
وَقَعَ لِي مِنْ رِوَايَةِ النَّجَّاد كتَابُ (النَّاسخِ) لأَبِي دَاوُدَ، و (جُزْء الترَاجمِ) ، وَالثَّانِي مِنْ (فوائِد الحَاج) وَخَمسَةُ مَجَالِس، وَمَجْلِس مُفْرَد، وَجُزْء سُقت مِنْهُ الخَبَرَ المَذْكُوْر، وَفِي (الأَمَالِي البِشْرَانيَة) ، وَفِي (أَمَالِي أَبِي المُطِيعِ) ، وَفِي (مُستَخرجِ أَبِي عَلِيّ بن شَاذَانَ) ، وَفِي الأَوَّل وَالثَّانِي لأَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَانَ وَفيهِمَا انتقَاءُ اللاَّلْكَائِيُّ، وَفِي عَشْرَة مَجَالِسِ الحُرْفِي، وفِي (الثَّقَفِيَّات (2)) ، وَأَجزَاء يَحْيَى المُزَكِّي، وَفِي البُلْفسَة، وَأَمَاكن.
286 - ابْنُ الحَجَّامِ عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْرُوْرٍ التُّجِيْبِيُّ مَوْلاَهُم *
شَيْخُ المَالِكِيَّة بِالقَيْرَوَانِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي هَاشِمٍ مَسرُورٍ التُّجِيْبِيُّ مَوْلاَهُمُ، الإِفْرِيْقِيُّ، عُرِفَ: بِابنِ الحَجَّامِ (3) ، إِمَامٌ كَبِيْرٌ شَهِير.
أَخَذَ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَسَمِعَ مِنْ: عِيْسَى بنِ مِسْكِيْنٍ، وَابْن أَبِي سُلَيْمَانَ، وَطَائِفَة.
حَمَلَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي زيد، وَجَمَاعَة.
__________
(1) محمد بن عبد الله بن عياض، لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه أبو داود (450) في الصلاة: باب في بناء المساجد، من طريق رجاء بن المرجى، وابن ماجة (743) من طريق محمد بن يحيى، كلاهما عن أبي همام الدلال بهذا الإسناد.
(2) أنظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(*) علماء أفريقية: 231، ترتيب المدارك: 3 / 340 - 343 الديباج المذهب: 135 - 136، معالم الايمان: 3 / 70 - 73.
(3) في ترتيب المدارك: 3 / 34 و" معالم الايمان ": 3 / 70: " ابن الحجاج ".(15/505)
وَكَانَ عَلَى مَجْلِسه مَهَابَة وَسَكَيْنَة، كَأَنَّمَا عَلَى رُؤُوْسهُم الطَّير، وَكَانَ يُشبَّه بيَحْيَى بنِ عُمَرَ، وَبحمديس القَطَّان (1) .
شَاخ وَعُمِّر.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ تَدَفَّأَ بنَارٍ، فَاحترق لَمَّا نَعَسَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً (2) .
وَلَهُ عِدَّةُ تَصَانِيْف فِي فنُوْنَ العِلْم، وَكَتَبَ بِخطِّه المُتْقِنِ كَثِيْراً.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ القَابِسِيُّ: تَرَكَ سَبْعَة قنَاطير كُتُب كُلُّهَا بخطِّ يَده (3) .
فَقِيْلَ: أَخَذَهَا السُّلْطَان العُبَيْدِي، وَمَنَعَ النَّاس مِنْهَا كيداً للإِسْلاَم.
وَقِيْلَ: سَلِمَ ثُلُثُهَا.
كَانَ قَدْ أَودَعه عِنْد ابْنِ أَبِي زَيْدٍ.
نَقَلْتُ حَالَه مِنْ (تَاريخِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المَالِكِيِّ (4)) ، وَذَكَرَه عِيَاض أَيْضاً (5) .
287 - أَبُو وَهْبٍ زَاهدُ الأَنْدَلُسِ *
جَمَعَ ابْنُ بَشْكُوَالٍ (6) أَخْبَارَه فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ (7) .
__________
(1) " الديباج المذهب ": 135.
(2) " الديباج المذهب ": 136.
(3) " الديباج المذهب ": 135.
(4) مؤرخ من أهل القيروان، له كتاب " رياض النفوس في طبقات علماء القيروان " طبع الجزء الأول منه.
ولم تعرف سنة وفاته.
انظر " معالم الايمان ": 3 / 236 - 239.
(5) انظر " ترتيب المدارك ": 3 / 340 - 343.
(*) المغرب في حلي المغرب: 1 / 58 - 59، النجوم الزاهرة: 3 / 330.
(6) هو أبو القاسم، خلف بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال القرطبي، من علماء الأندلس. وله تصانيف مفيدة، منها: كتاب " الصلة " الذي جعله ذيلا على " تاريخ علماء الأندلس " لابن الفرضي، توفي - رحمه الله - سنة / 578 / هـ.
" التكملة لكتاب الصلة ": 1 / 304 - 307.
(7) لم يصلنا مع الاسف.(15/506)
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ عَوْن الله: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
لاَ عَانَق الأَبكَار فِي جنَات النَّعيم وَالنَّاسُ غداً فِي الحِسَابِ إِلاَّ مَنْ عَانق الذُّلَّ، وضَاجع الصَّبْر، وَخَرَجَ مِنْهَا كَمَا دَخَلَ فِيْهَا (1) ، مَا رُزِقَ امرؤٌ مِثْل عَافيَة، وَلاَ تصدَّق بِمثل مَوْعِظَة، وَلاَ سَأَلَ مِثْل مَغْفرَة.
وَعَنْ خَالِدِ بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ: قِيْلَ: إِنَّ أَبَا وَهب عَبَّاسِي، وَكَانَ لاَ يَنْتَسِبُ، وَكَانَ صَاحِبَ عُزْلَة، بَاعَ مَاعُونَه قَبْل مَوْته، فَقِيْلَ: مَا هَذَا؟
قَالَ: أُريد سفَراً، فَمَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ يَسِيْرَة (2) .
وَعَنِ ابْنِ حَفْصُوْنَ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي وَهْب: تعلم أَنِّي كَبِيْرُ الدَّار، فَاسكنْ مَعِي، وَأَخدِمُك وَأُشَارِكُك فِي الحُلْوِ وَالمُرِّ.
قَالَ: لاَ أَفعل، إِنِّيْ طَلَّقْتُ الدُّنْيَا بِالأَمس، أَفَأُرَاجعهَا اليَوْم؟ فَالمطلِّق إِنَّمَا يطلِّق المرأَة بَعْدَ سُوء خُلُقِهَا، وَقِلَّةِ خَيْرهَا، وَلَيْسَ فِي العقلِ الرُّجُوعُ إِلَى مَكروهٍ، وَفِي الحَدِيْثِ: (لاَ يُلْدَغُ مُؤْمِنٌ مِنْ جُحْرٍ مرَّتين (3)) .
وَقَالَ فَقير: فَقَدْ قُلْتُ لَيْلَةً لأَبِي وَهْبٍ: قُمْ بِنَا لزيَارَةِ فُلاَن.
قَالَ: وَأَيْنَ العِلْمُ؟ وَلِيُّ الأَمْرِ لَهُ طَاعَة، وَقَدْ منعَ مِنَ المشِي ليلاً.
قَالَ يُوْنُس بنُ مُغِيْث: طرأَ أَبُو وَهْب إِلَى قُرْطُبَة، وَكَانَ جليلاً فِي الخَيْر وَالزُّهْد.
يُقَال: إِنَّهُ مِنْ وَلد العَبَّاس، وَكَانَ يقصِدُهُ الزُّهَّاد وَيَأْلفُونه، وَإِذَا جَاءهُ مَنْ يُنكر مِنَ النَّاس تَبَالَهَ وَتَوَلَّه، وَإِذَا قِيْلَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا
__________
(1) " النجوم الزاهرة ": 3 / 330، وما بين حاصرتين منه.
(2) " المغرب في حلي المغرب ": 1 / 58.
(3) أخرجه البخاري 10 / 439 في الأدب، ومسلم (2998) في الزهد والرقائق، كلاهما في باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، من حديث أبي هريرة، ومعنى الحديث: أن المؤمن الممدوح هو الكيس الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة مرة بعد أخرى وهو لا يشعر.(15/507)
ابْنُ آدم، وَلاَ يَزِيْد.
وَأَخْبَرَنِي مَن صَحِبَه: أَنَّهُ يُفْضي مِنْهُ جليسهُ إِلَى عِلْمٍ وَحِلْم وَيقين فِي الفِقْه وَالحَدِيْث.
وَقِيْلَ: كَانَ رُبَّمَا جلَبَ مِنَ النَّبَات مَا يقُوته.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَبْره يُزَار.
288 - أَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ الأَوْحدُ، العَلاَّمَةُ، اللُّغَوِيُّ، المُحَدِّثُ، أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي هَاشِمٍ البَغْدَادِيُّ، الزَّاهِدُ، المَعْرُوف: بِغُلاَمِ ثَعْلَبٍ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُوْسَى بنِ سَهْل الوَشَّاء، وَأَحْمَد بن عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ، وَالحَارِثِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ زِيَاد بنِ مِهْرَانَ السِّمْسَار، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الهَيْثَمِ البَلَدِيِّ، وَإِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ، وَبِشْر بنِ مُوْسَى الأَسَدِيّ، وَأَحْمَد بن سَعِيْدٍ الجَمَّال، وَمُحَمَّدِ بنِ هِشَام بن البَخْتَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ العَبْسِي.
وَلاَزم ثَعْلباً فِي العَرَبِيَّة، فَأَكْثَرَ عَنْهُ إِلَى الغَايَة، وَهُوَ فِي عِدَاد الشُّيُوْخ
__________
(*) طبقات النحويين واللغويين: 229، الفهرست: 113 - 114، تاريخ بغداد: 2 / 356 - 359، طبقات الحنابلة: 2 / 67 - 69، نزهة الالباء: 190 - 195، المنتظم: 6 / 380 - 382، معجم الأدباء: 18 / 226 - 234، إنباه الرواة: 3 / 171 - 177، وفيات الأعيان: 4 / 329 - 333، تذكرة الحفاظ: 3 / 873 - 876، العبر: 2 / 268، الوافي بالوفيات: 4 / 72 - 73، مرآة الجنان: 2 / 337 - 339، البداية والنهاية: 11 / 230 - 231، لسان الميزان: 5 / 268 - 269، بغية الوعاة: 69 - 70، شذرات الذهب: 2 / 370 - 371.(15/508)
فِي الحَدِيْثِ لاَ الحُفَّاظ، وَإِنَّمَا ذكرتُهُ لِسَعَة حِفْظه للسَانِ الْعَرَب، وَصِدْقِهِ، وَعُلُوِّ إِسْنَادِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَابْنُ مَنْدَة، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَالقَاضِي أَبُو القَاسِمِ ابنُ المُنْذِرِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَالقَاضِي مُحَمَّد بنُ أَحْمَدَ ابْن المَحَامِلِيّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الرَّزَّاز، وَأَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِي، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَقَعَ لِي أَرْبَعَة أَجزَاءٍ مِنْ حَدِيْثه.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الزَّاهِد، أَنْبَأَنَا ظفر بنُ سَالِم بِبَغْدَادَ سنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِت مائَة، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الشِّبْلِي سنَة 557، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ غُلاَمُ ثَعْلب، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ سَهْل الوَشَّاء، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ ثَابِت بن ثَوْبَان، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي مُنيب الجُرَشِيّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (بُعِثْتُ بَيْنَ يدِي السَّاعَة بِالسَّيْف، حَتَّى يُعَبْدَ اللهُ وَحدَه، لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وَجَعَلَ رِزْقي تَحْتَ ظلِّ رُمحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَار عَلَى مِنْ خَالف أَمرِي، وَمن تشبَّه بِقَومٍ فَهُوَ مِنْهُم) .
إِسْنَادُهُ صَالِحٌ (1) .
__________
(1) وهو كما قال، وأخرجه أحمد 2 / 50 و92، من طريق عبد الرحمن بن ثابت بهذا الإسناد، وأخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 88، من طريق أبي أمية عن محمد بن وهب ابن عطية، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الاوزاعي عن حسان بن عطية به، وعلق البخاري 6 / 76 منه قوله: " وجعل الذل والصغار على من خالف أمري " وأخرج أبو داود (4031) الجملة الأخيرة منه.(15/509)
قَالَ أَبُو الحَسَنِ ابنُ المَرْزُبَان: كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَاسِي مِنْ دَار كعْب يُنفِذُ إِلَى أَبِي عُمَرَ غُلاَم ثَعْلَب وَقتاً بَعْد وَقت كفَايته مَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ، فَقطع ذَلِكَ عَنْهُ مُدَّة لعُذرٍ، ثُمَّ أَنفذَ إِلَيْهِ جُمْلَةَ مَا كَانَ فِي رَسْمه، وَكَتَبَ إِلَيْهِ يعتذرُ، فَرَدَّهُ وَأَمر أَنْ يُكْتَبَ عَلَى ظهر رُقْعته: أَكْرَمْتَنَا فملكْتَنَا، ثُمَّ أَعْرضْتَ عَنَّا، فَأَرَحْتَنَا (1) .
قُلْتُ: هُوَ كَمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ، لكنِّه لَمْ يُجْمِل فِي الردِّ، فَإِنْ كَانَ قَدْ مَلَكَه بِإِحسَانِه القَدِيْمِ، فَالتملُّكُ بحَاله، وَجُبر التَأخير بِمجيئه جُمْلَةً وَبَاعتذَارِه، وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ: وَتركتنَا فَأَعَتَقْتَنَا، لكَانَ أَليَق.
قَالَ الخَطِيْبُ أَبُو بَكْرٍ فِي تَرْجَمَة أَبِي عُمَرَ الزَّاهِد: ابْنُ مَاسِي لاَ أَشُكُّ أَنَّهُ إِبْرَاهِيْم بنُ أَيُّوْبَ، وَالد أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْد اللهِ (2) .
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبَّاسُ بنُ عُمَرَ، سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ الزَّاهِد يَقُوْلُ:
تَرْكُ قَضَاء حُقُوق الإِخْوَانِ مَذَلّة، وَفِي قَضَاء حُقُوقهُم رِفْعَة (3) .
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحدٍ يحكِي عَنْ أَبِي عُمَرَ أَنَّ الأَشرَافَ وَالكُتَّاب كَانُوا يحضُرُوْنَ عِنْدَهُ ليسمعُوا مِنْهُ كُتب ثَعْلَب، وَغيَرهَا.
وَلَهُ (جُزْء) قَدْ جَمَع فِيْهِ فَضَائِل مُعَاوِيَة، فَكَانَ لاَ يتْرك وَاحِداً مِنْهُم يقرأُ عَلَيْهِ شَيْئاً حَتَّى يبتدِئَ بقرَاءة ذَلِكَ الجُزْء (4) .
وَكَانَ جَمَاعَة مِنْ أَهْلِ الأَدب لاَ يوثِّقُوْنَ أَبَا عُمَرَ فِي عِلْم اللُّغَة حَتَّى قَالَ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 2 / 356.
(2) المصدر السابق، وانظر ترجمة أبي محمد في " تاريخ بغداد ": 9 / 408 - 409.
(3) " تاريخ بغداد ": 2 / 356، وفيه: الخبر عن عباس بن محمد، وهو وهم، والصواب ما هو مثبت في الأصل.
(4) " تاريخ بغداد ": 2 / 356 - 357.(15/510)
لِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي الفَتْحِ يُقَال: إِنَّ أَبَا عُمَرَ كَانَ لَوْ طَارَ طَائِرٌ لقَالَ: حَدَّثَنَا ثَعْلَب عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِيّ، ثُمَّ يذكر شَيْئاً فِي معنَى ذَلِكَ (1) .
فَأَمَّا الحَدِيْث فرَأَيْتُ جمِيعَ شُيُوْخِنَا يوثِّقونَه فِيْهِ، وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:
وَمن الرُّوَاة الَّذِيْنَ لَمْ يُرَ قَطُّ أَحْفَظ مِنْهُم أَبُو عُمَرَ غُلاَمُ ثَعْلَب، أَمْلَى مِنْ حِفْظِهِ ثَلاَثِيْنَ أَلفَ وَرقَة لغَةً فِيمَا بَلَغَنِي، وَجمِيعُ كُتُبه إِنَّمَا أَملاَهَا بِغَيْر تَصْنِيف، وَلِسَعَةَ حِفْظه اتُّهِم.
وَكَانَ يُسْأَل عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي يُقدّر أَنَّ السَّائِل (2) وَضعه، فيجيبُ عَنْهُ، ثُمَّ يَسأَله غَيْرُه بَعْد سنَةٍ، فَيُجِيب بجَوَابِه (3) .
أُخبرت أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قنطزَة (4) فَقِيْلَ: مَا هِيَ؟
فَقَالَ: كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: فتضَاحكنَا، وَلَمَّا كَانَ بَعْد شُهُور هَيَّأْنَا مَنْ سأَله عَنْهَا، فَقَالَ:
أَلَيْسَ قَدْ سُئِلْتُ عَنْ هَذِهِ مُنْذُ شُهُور وَأَجَبْتُ (5) ؟
قَالَ ابْنَ خَلِّكَانَ: اسْتدْرَك عَلَى (الفَصِيْح) لثَعْلب كُرَّاساً، سَمَّاهُ (فَائِت الفَصِيْح) ، وَلَهُ كتَاب (اليَاقُوتَة (6)) ، وكتَاب (المُوَضّح) ، وكتَاب (السَّاعَاتِ) ، وكتَاب (يَوْم وَليلَة) ، وكتَاب (الْمُسْتَحْسن) ، وكتَاب (الشُّوْرَى) ، وكتَاب (الْبيُوع) ، وكتَاب (تَفْسِيْر أَسْمَاء الشّعرَاء) ، وكتَاب (القبَائِل) ، وكتَاب (المكنُوْنَ وَالمكتوم) ، وكتَاب (التُّفَاحَة) ، وكتَاب
__________
(1) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.
(2) في " تاريخ بغداد ": " يقدر السائل أنه قد وضعه "، وهو معنى آخر كما لا يخفى.
(3) " تاريخ بغداد ": 2 / 357.
(4) صحفها السائل عن " قنطرة "، ليمتحن أبا عمر.
(5) انظر " تاريخ بغداد ": 2 / 357.
(6) في " وفيات الأعيان ": اليواقيت.(15/511)
(المَدَاخل (1)) ، وكتَاب (فَائِت الجمهرَة) ، وكتَاب (فَائِت العينِ) وَأَشيَاء (2) .
قَالَ الخَطِيْبُ: حَكَى لِي رَئِيْسُ الرُّؤسَاءِ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ (3) عَمَّنْ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا عُمَرَ الزَّاهِد، كَانَ يُؤدِّب وَلد أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ القَاضِي، فَأَملَى يَوْماً عَلَى الغُلاَم ثَلاَثِيْنَ مَسْأَلَة فِي اللُّغَة، وَختمَهَا بِبَيْتَيْنِ.
قَالَ: فَحَضَرَ ابْنُ دُرَيْد، وَابْنُ الأَنْبَارِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مِقْسَم عِنْد القَاضِي، فَعَرض عَلَيْهِم المَسَائِل فَمَا عرفُوا مِنْهَا شَيْئاً، وَأَنكرُوا الشّعر.
فَقَالَ لَهُم القَاضِي: مَا تقولُوْنَ فِيْهَا؟
فَقَالَ ابْنُ الأَنْبَارِيّ: أَنَا مَشْغُول بِتَصْنِيف (مُشكل القُرْآن) .
وَقَالَ ابْنُ مِقْسَم: وَذكر اشتغَاله بِالقِرَاءات.
وَقَالَ ابْنُ دُرَيْد: هِيَ مِنْ وَضْع أَبِي عُمَرَ، وَلاَ أَصل لِشَيْءٍ مِنْهَا فِي اللُّغَة.
فَبَلَغَ أَبَا عُمَرَ فسَأَلَ مِنَ القَاضِي إِحضَارَ دَواوين جَمَاعَة عيَّنهُم لَهُ فَفَتَحَ خَزَائِنه، وَأَخْرَجَ تِلْكَ الدَّواوين، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو عُمَرَ يعمِدُ إِلَى كُلِّ مَسْأَلَة، وَيخرجُ لَهَا شَاهداً، وَيعرِضُهُ عَلَى القَاضِي حَتَّى تمَّمهَا، ثُمَّ قَالَ:
وَالبيتَان أَنْشَدَنَاهُمَا ثَعْلب بحضرَةِ القَاضِي، وَكَتَبَهُمَا القَاضِي عَلَى ظَهْر الكِتَاب الفُلاَنِي، فَأَحضر القَاضِي الكِتَابَ، فَوجَدهُمَا، وَانْتَهَى الخَبَرُ إِلَى ابْنِ دُرَيْد، فَمَا ذكر أَبَا عُمَرَ الزَّاهِد بلفظَةٍ حَتَّى مَاتَ (4) .
__________
(1) نشره العلامة الميمني في " مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق " سنة 1929.
(2) " وفيات الأعيان ": 4 / 330، وما بين حاصرتين منه.
(3) المعروف بابن المسلمة، استكتبه الخليفة القائم بأمر الله، واستوزره ولقبه رئيس الرؤساء، كان عالما بفنون كثيرة، قتله البساسيري سنة / 451 / في قصة مشهورة.
انظر " تاريخ بغداد ": 11 / 391 - 392، و" الفخري ": 257 - 258، و" طبقات الشافعية ": 5 / 247 - 253.
(4) " تاريخ بغداد ": 2 / 358، وما بين حاصرتين منه.(15/512)
ثُمَّ قَالَ رَئِيْسُ الرُّؤسَاء: وَقَدْ رَأَيْتُ أَشيَاء كَثِيْرَةً مِمَّا اسْتُنكر عَلَى أَبِي عُمَرَ، وَاتُّهِم فِيْهَا مدوَّنَةً فِي كتُب أَئِمَّة العِلْمِ، وَخَاصَّةً فِي (غَرِيْب المصَنَّف) لأَبِي عُبَيْد أَوْ كَمَا قَالَ (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِد بن بَرهْان، يَقُوْلُ:
لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي عِلْم اللُّغَة أَحدٌ مِنَ الأَوَّلين وَالآخرين أَحسنَ كَلاَماً مِنْ كَلاَمِ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِد.
قَالَ: وَلَهُ كتَاب (غَرِيْبِ الحَدِيْثِ) أَلَّفه عَلَى (مُسْنَد أَحْمَدَ بن حَنْبَل (2)) .
وَلليَشْكُرِي فِي أَبِي عُمَرَ قصيدَةٌ مِنْهَا:
فَلَو أَننِي أَقْسَمْتُ مَا كُنْتُ كَاذِباً ... بِأَنْ لَمْ يَرَ الرَّاؤون حِبْراً يُعَادِلُهْ
إِذَا قُلْتَ شَارَفْنَا أَواخِر عِلْمه ... تفجَّر حَتَّى قُلْتَ هَذَا أَوائِلُهْ (3)
مَاتَ أَبُو عُمَرَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
289 - ابْنُ نَجِيْحٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ البَغْدَادِيُّ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ نَجِيح البَغْدَادِيُّ، البَزَّاز.
وُلِدَ سَنَةَ 263.
سَمِعَ: يَحْيَى بنَ جَعْفَر، وَأَبَا قِلاَبَةَ، وَمُحَمَّد بنَ الفَرَجِ الأَزْرَق، وَأَبَا العَيْنَاء، وَعِدَّة.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 2 / 359.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 118 - 119، العبر: 2 / 268، شذرات الذهب: 2 / 370.(15/513)
وَعَنْهُ: ابْنُ رَزْقُوَيْه، وَابْنُ الفَضْلِ القَطَّان، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَالحَاكِم، وَجَمَاعَةٌ.
وَصفه ابْن رَزْقُوَيْه بِالحِفْظِ (1) .
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
290 - ابْنُ حَذْلَمٍِ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَيُّوْبَ الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، مُفْتِي دِمَشْق، وَبَقِيَّة الفُقَهَاءِ الأَوْزَاعِيَّةِ، القَاضِي أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ دَاوُدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَذْلَمٍ (2) الأَسَدِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، الأَوْزَاعِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَبَكَّار بنِ قُتَيْبَةَ القَاضِي، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَسَعْدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَيْرُوْتِيّ، وَأَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَالحَسَنِ بنِ جَرِيْر الصُّوْرِيّ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: تمَام الرَّازِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَالحُسَيْنُ بنُ مُعَاذ الدَّارَانِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي كَامِل، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَتصدَّر للاشتغَال، وَنَاب فِي قَضَاء دِمَشْق عَنِ الحُسَيْن بن هَرْوَان، وَعَنْ أَبِي الطَّاهِر الذُّهْلِيّ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 3 / 118.
(*) العبر: 2 / 257، الوافي بالوفيات: 6 / 405، النجوم الزاهرة: 3 / 320، قضاة دمشق: 31 - 32، شذرات الذهب: 2 / 374.
(2) في " العبر " حزلم، وهو تصحيف. والصواب ما هو مثبت في الأصل. انظر " تاج العروس " (حذلم) .(15/514)
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ الرَّازِيّ: كَانَتْ لَهُ حَلْقَة فِي جَامع دِمَشْق، يُدرِّس فِيْهَا مَذْهَب الأَوْزَاعِيّ.
أَنْبَأَنَا ابْنُ عَلاَّن، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَسَاكِر، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرْنَا ابْنُ الأَكْفَانِي، أَخْبَرَنَا الكَتَّانِي، أَخْبَرَنَا تمَّام، قَالَ:
كَانَ القَاضِي أَبُو الحَسَنِ بنُ حَذْلم لَهُ مَجْلِس فِي الجُمُعَة، يُمْلِي فِيْهِ فِي دَارِه، فَحَضَرْنَا، فَقَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ، وَعَنْ يمِينه أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَعَنْ يسَاره عُثْمَان وَعلِي فِي دَارِي، فجئتُ، فَجلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الحَسَنِ قَدِ اشْتَقْنَا إِلَيْك، فَمَا اشتقْتَ إِلَيْنَا؟
قَالَ تَمَّام: فَلَمْ يمضِ جُمُعَة حَتَّى تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الكَتَّانِي: وَكَانَ قَاضِي دِمَشْقَ، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً نبيلاً.
وَقَالَ ابْنُ زَبْرٍ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَلَهُ تسع وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: كَانَ جدُّهُم حَذْلَم مِنَ النَّصَارَى، فَأَسْلَمَ.
291 - ابْنُ خُزَيْمَةَ أَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ بنِ العَبَّاسِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّث، الثِّقَة، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ بنِ العَبَّاسِ بنِ خُزَيْمَةَ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ رَوْحٍ المَدَائِنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ السُّلَمِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ سَعِيْدٍ الجَمَّال، وَطَبَقَتَهُم بِبَغْدَادَ، وَلَمْ يَرْحَلْ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 347 - 348، العبر: 2 / 275، شذرات الذهب: 2 / 374.(15/515)
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَالحَاكِمُ، وَابْنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَخُوْهُ عَبْد المَلِكِ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَالَ أَبوَالفَتْح بنُ أَبِي الفَوَارس: هُوَ أَوَّل شَيْخٍ سَمِعْتُ مِنْهُ.
قُلْتُ: وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَتُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَعَ لِي الجُزْء الثَّالِث مِنْ حَدِيْثه، وَهُوَ أَقدمُ شَيْخٍ لعَبْدِ المَلِكِ بنِ بِشْرَان.
292 - العَقَبِيُّ حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّدُوْق، أَبُو أَحْمَدَ حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ البَغْدَادِيُّ، العَقَبِيُّ، الدِّهْقَانُ، يَسْكُنُ بِالعَقَبَةِ الَّتِي بِقُرْبِ دِجْلَةَ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَمُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى بنِ حَيَّان، وَالعَبَّاس بنَ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَعَبْد الكَرِيْم الدَّيرعَاقُولِي، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَابْنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو القَاسِمِ الحُرْفِي، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ بِشْرَان، وَغَيْرهُم.
وَكَانَ مُوَثَّقاً (1) .
تُوُفِّيَ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 8 / 183، الأنساب: 9 / 14، العبر: 2 / 276، شذرات الذهب: 2 / 375.
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 183.(15/516)
293 - الأَمِيْنُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هِشَامٍ البُخَارِيُّ *
هُوَ: شَيْخُ الحَنَفِيَّة، العَلاَّمَة، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هِشَام البُخَارِيّ، وَيُلَقَّبُ بِالأَمِيْن.
سَمِعَ: أَبَا المُوَجَّه مُحَمَّدَ بنَ عَمْرٍو، وَسَهْل بن شَاذَوَيْه، وَصَالِحَ بنَ مُحَمَّد جَزَرَة.
وَحَجّ وَحَدَّثَ فِي طَرِيقه.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوَيْه، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ الدَّقَّاق.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ فَقِيْه أَهْلِ النَّظَر فِي عصره، كَتَبْنَا عَنْهُ.
قُلْتُ: أَرَّخَ وَفَاتَه غُنْجَار (1) فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
294 - مُكْرَمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُكْرَمٍ البَغْدَادِيُّ **
القَاضِي، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ، البَزَّازُ.
سَمِعَ: يَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى المَدَائِنِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيّ، وَعَبْدَ الكَرِيْم بنَ الهَيْثَمِ الدَّيرعَاقولِي، وَمُحَمَّدَ بنَ غَالِب، وَطَائِفَة.
__________
(*) الجواهر المضية: 1 / 45.
(1) هو محمد بن أحمد بن محمد، أبو عبد الله البخاري، صاحب " تاريخ بخارى " انظر " معجم الأدباء ": 17 / 213 - 214.
(* *) تاريخ بغداد: 13 / 221، العبر: 2 / 269، شذرات الذهب: 2 / 371.(15/517)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَة، وَالحَاكِمُ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَابْن الفَضْلِ القَطَّان، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْب (1) .
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
يَقع لِي حَدِيْثُهُ فِي أَمَاكن.
295 - أَحْمَدُ بنُ بُهزَادَ بنِ مِهْرَانَ المِصْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْق، أَبُو الحَسَنِ الفَارِسِيُّ، السِّيرَافِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ.
سَمِعَ: الرَّبِيْع المُرَادِيَّ، وَبَحْر بن نَصْرٍ الخَوْلاَنِيّ، وَبَكَّار بنَ قُتَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ فَهد، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مُفرج القُرْطُبِيّ، وَابْنُ مَنْدَة، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ، وَالمِصْرِيّون.
وَسَمِعَ مِنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عَوْن الله القُرْطُبِيّ، وَتَرَكَه لأَنَّه قَرَص (2) لَهُ عُثْمَان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ثُمَّ أَملَى حَدِيْثاً يتضمَّن مخَالفَةَ الجَمَاعَة، فَقَالَ:
أَجيفُوا البَاب (3) ، مَا أَمليتُهُ مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، فَاسْتشعر القَوْمُ، وَلَوْ سكت لمدَّ عَلَيْهِم، فَقَامُوا عَلَيْهِ، وَمُنِعَ مِنَ التَّحْدِيث، فَكَانَ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 13 / 221.
(*) العبر: 2 / 270، الوافي بالوفيات: 6 / 278، غاية النهاية: 1 / 41، النجوم الزاهرة: 3 / 318، شذرات الذهب: 2 / 372.
(2) من القرص، وهو الكلام المؤذي، قال الفرزدق:
قوارص تأتيني فتحتقرونها * وقد يملا القطر الاناء فيفعم
(3) أي ردوه وأغلقوه.(15/518)
يَجْلِس مُنفرداً، ثُمَّ تعصَّب لَهُ قَوْمٌ مِنَ الفُرْس.
وَحَدَّثَ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: مَا علمنَا إِلاَّ خَيراً.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
296 - السِّمْسَارُ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَعْبدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، السِّمْسَارُ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ مَهْدِيٍّ، وَأَحْمَدَ بنَ عِصَام، وَعُبَيْد بنَ الحَسَنِ الغَزَّال، وَقُدمَاء الأَصْبَهَانِيين.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدُوَيْه، وَأَبُو نُعَيْمٍ - وَهُوَ مِنْ قُدمَاءِ مَشَايِخه -.
وَكَانَ شَيْخَ صدقٍ.
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ نَيِّف وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
يَقَعُ مِنْ عَوَالِيْهِ لابْنِ خَلِيْل.
297 - الطَّرَائِفِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبدُوسٍ **
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ الأَمِيْنُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبدُوسِ بنِ سَلَمَةَ العَنْزِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الطَّرَائِفِيُّ.
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 149 - 150، العبر: 2 / 270، شذرات الذهب: 2 / 372.
(* *) الأنساب: 8 / 226 - 227، العبر: 2 / 270 - 271، الوافي بالوفيات: 8 / =(15/519)
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ أَشْرَس، وَالسَّرِيَّ بنَ خُزَيْمَةَ، وَارْتَحَلَ إِلَى عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيِّ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَأَبُو الحُسَيْنِ الحَجَّاجِي، وَالحَاكِمُ، وَابْن مَحْمِش، وَالسُّلَمِيّ، وَيَحْيَى بنُ المُزَكِّي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ صَدُوْقاً (1) .
قَالَ لِي: أَقمتُ بِبَغْدَادَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) عَلَى التِّجَارَة، فَلَمْ أَسْمَعْ بِهَا شَيْئاً (3) .
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (4) ، وَصَلَّى عَلَيْهِ أَبُو الوَلِيْدِ الفَقِيْه.
298 - العَلاَّفُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ حَسَنٍ *
الشَّيْخُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ حَسَنٍ التَّمِيْمِيُّ، البَغْدَادِيُّ، العَلاَّفُ.
حدَّث بِحَلَب عَنْ: أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيّ وَالكُدَيْمِيّ، وَالحَارِث بن مُحَمَّدٍ، وَالبَاغَنْدِيِّ.
وَعَنْهُ: عَبْدُ الغنِي بنُ سَعِيْدٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ الطُّبَيز السَّرَّاج.
__________
= 45، شذرات الذهب: 2 / 372.
(1) " الأنساب ": 8 / 226.
(2) في " الأنساب ": " أقمت ببغداد مدة: سنة أربع وخمسين، وخمس وثمانين ومئتين ".
(3) " الأنساب ": 8 / 227.
(4) في " الأنساب ": " سنة سبع وأربعين وثلاث مئة ".
(*) تاريخ بغداد: 2 / 405، الأنساب: 9 / 97 - 98، تاريخ ابن عساكر: 15 / 423 ب - 424 آ، العبر: 2 / 264، ميزان الاعتدال: 3 / 680، لسان الميزان: 5 / 336 - 337.(15/520)
مَاتَ بِمِصْرَ فجأةً فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
299 - أَبُو سَهْلٍ القَطَّانُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، مُسنِد العِرَاقِ، أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ زِيَادِ بنِ عَبَّادٍ القَطَّانُ، البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيَّ، وَأَبَا جَعْفَر مُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي، وَمُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى المَدَائِنِيّ، وَيَحْيَى بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ الجَهْمِ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ الحنَيْنِيَّ، وَإِسْمَاعِيْل القَاضِي، وَعِدَّة، وَرَوَى الْكثير، وَتَفَرَّد فِي زَمَانِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ مَنْدَة، وَالحَاكِمُ، وَابْن رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِي، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَقَوْمٌ آخرهُم أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَان.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ صَدُوْقاً أَديباً شَاعِراً، رَاويَةً للأَدب عَنْ ثَعْلَب وَالمُبَرِّد، وَكَانَ يمِيل إِلَى التَّشَيُّع (1) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بِشْر القَطَّان: مَا رَأَيْتُ أَحسنَ انتِزَاعاً لِما أَرَادَ مِنْ آي القُرْآن مِنْ أَبِي سَهْل بنِ زِيَادٍ، وَكَانَ جَارَنَا، وَكَانَ يُديم صَلاَة اللَّيْل، وَالتِّلاوَة، فَلِكَثْرَة دَرْسه صَارَ القُرْآن كَأَنَّهُ بَيْنَ عَيْنَيه.
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 45 - 46، المنتظم: 7 / 3، العبر: 2 / 285 - 286، الوافي بالوفيات: 8 / 34، البداية والنهاية: 11 / 238، النجوم الزاهرة: 3 / 328، شذرات الذهب: 3 / 2 - 3.
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 45.
(2) المصدر السابق.(15/521)
قَالَ الخَطِيْبُ: وَكَانَ فِي أَبِي سَهْل مُزَاحٌ وَدُعَابَة، سَمِعْتُ البَرْقَانِيَّ يَقُوْلُ: كرهوهُ لمزَاح فِيْهِ، وَهُوَ صَدُوْقٌ (1) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ نَصْر بِمِصْرَ يَقُوْلُ:
كُنَّا يَوْماً بَيْنَ يدِي أَبِي سَهْل بنِ زِيَاد، فَأَخَذَ شخصٌ سكِّينَا كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ ينظُرُ فِيْهَا، فَقَالَ: مَا لَك وَلَهَا؟ أَتُريدُ أَنْ تسرقَهَا كَمَا سَرَقتُهَا أَنَا؟
هَذِهِ سكين البَغَوِيّ سرقتهَا مِنْهُ (2) .
تُوُفِّيَ: أَبُو سَهْلٍ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقع لَنَا حَدِيْثُه فِي موَاضع.
300 - الخُطَبِيُّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الخَطِيْبُ، الأَدِيْبُ، المُحَدِّث، الأَخْبَارِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ يَحْيَى البَغْدَادِيُّ، الخُطَبِيُّ (3) ، المُؤَرِّخُ.
سَمِعَ: الحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ، وَبِشْرَ بنَ مُوْسَى، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْن، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ مَنْدَة، وَابْنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِي، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 46.
(2) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.
(*) تاريخ بغداد: 6 / 304 - 306، طبقات الحنابلة: 2 / 118 - 119، الأنساب: 5 / 147 - 148، المنتظم: 7 / 3 - 4، معجم الأدباء: 7 / 19 - 23، النجوم الزاهرة: 3 / 328 - 329، شذرات الذهب: 3 / 3.
(3) هذه النسبة إلى الخطب وإنشائها. " الأنساب ": 5 / 147.(15/522)
وُلِدَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ الخَطِيْبُ فِي تَرْجَمَتِهِ: كَانَ فَاضِلاً عَارِفاً بِأَيَّامِ النَّاسِ وَأَخْبَارِهِم، وَخلفَائِهِم.
صَنَّفَ (تَاريخاً) كَبِيْراً عَلَى السِّنين.
وَقَدْ وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيّ (1) .
رَوَى ابْنُ رَزْقُوَيْه عَنْ إِسْمَاعِيْلَ الخُطَبِيِّ، قَالَ: وَجَّه إِليَّ الرَّاضي بِاللهِ لَيْلَةَ الفِطْرِ، فحُمِلْتُ إِلَيْهِ رَاكباً فَدَخَلتُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالس فِي الشُّموع، فَقَالَ لِي:
يَا إِسْمَاعِيْل! إِنِّيْ قَدْ عَزمتُ فِي غدٍ عَلَى الصَّلاَةِ بِالنَّاسِ فَمَا الَّذِي أَقُول إِذَا انتهيتُ إِلَى الدُّعَاء لنفسِي؟
فَأَطرقتُ سَاعَةً، ثُمَّ قُلْتُ: يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ قل: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنعَمْتَ عَلَيَّ (2) } .
فَقَالَ لِي: حَسْبُكَ فَقُمْتُ وَتَبِعَنِي خَادمٌ، فَأَعطَانِي أَرْبَع مائَة دِيْنَارٍ (3) .
قُلْتُ: كَانَ مجموعَ الفَضَائِل، يرتَجِلُ الخُطَب.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ الفُرَات: كَانَ رَكِيناً (4) عَاقِلاً، مقدماً، مِنْ أَهْلِ الثِّقَة وَالأَدب وَأَيَّام النَّاس، قَلَّ مَنْ رَأَيْتُ مِثْلَه.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
301 - ابْنُ خَنْبٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ البُخَارِيُّ*
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّث، الصَّدُوْق، المُسْنِد، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 305.
(2) النمل: 19، وتتمة الآية: " وعلى والدي، وأن أعمل صالحا ترضاه، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ".
(3) " تاريخ بغداد ": 6 / 305 - 306، وما بين حاصرتين منه.
(4) الرجل الركين: الوقور.
(*) تاريخ بغداد: 1 / 296، المنتظم: 7 / 7، العبر: 2 / 288، شذرات الذهب: 3 / 7.(15/523)
خَنْب (1) البُخَارِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الدِّهْقَانُ، نَزِيْلُ بُخَارَى وَمُسْندهَا.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ فِي حدَاثته مِنْ: يَحْيَى بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالحَسَنِ بن مُكْرَم وَمُوْسَى بنِ سَهْل الوَشَّاء، وَجَعْفَر الصَّائِغ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَبِي قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِم، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ الحُسَيْنِ الزَّاهِد، وَعَلِيُّ بنُ القَاسِمِ الرَّازِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ الوَلِيْدِ الزَّوْزَنيَّ - شَيْخٌ للبَيْهَقِي - وَأَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُخَارِيُّ، وَالحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ غُنْجَار، وَأَهْل مَا وَرَاء النَّهر.
وَكَانَ وَالِدُهُ بُخَاريّاً، فَقَدِمَ بَغْدَادَ، وَتَأَهَّل فَولد لَهُ بِهَا أَبُو بَكْرٍ وَنَشَأَ بِهَا ثُمَّ رَجَعَ مَحْتِدَه وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَة.
وَكَانَ فَقِيْهاً شَافعِيَّ المَذْهَب، محدِّثاً فَهماً، لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ أَبُو كَامِلٍ البَصْرِيّ: سَمِعْتُ بَعْضَ مَشَايِخِي يَقُوْلُ:
كُنَّا فِي مَجْلِس ابْنِ خَنْب، فَأَملَى فِي فَضَائِل عليّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - بَعْدَ أَنْ كَانَ أَمْلَى فَضَائِلَ الثَّلاَثَة، إِذْ قَامَ أَبُو الفَضْلِ السُّلَيْمَانِيُّ، وَصَاح:
أَيُّهَا النَّاس، هَذَا دَجَّال فَلاَ تكتُبُوا، وَخَرَجَ مِنَ المَجْلِس لأَنَّه مَا سَمِعَ بفَضَائِل الثَّلاَثَة.
قُلْتُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى زَعَارَّة السُّلَيمَانِي، وَغِلْظَتِهِ، الله يسَامحه.
تُوُفِّيَ ابْنُ خَنْب فِي غُرَّة رَجَب سنَة خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) في " المنتظم " و" الشذرات " حبيب، وهو تصحيف.(15/524)
302 - الهُجَيْمِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، المُعَمَّرُ، مُسنِدُ الوَقْتِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ الهُجَيْمِيُّ (1) ، البَصْرِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَعْشَر، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِر، وَأَبِي قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيّ، وَعَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ دَنُوقَا، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ، وَعُبَيْد بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ البَزَّار، وَطَبَقَتهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ البَابَسِيرِي، وَطَلْحَة بن يُوْسُفَ المُؤَذِّن، وَأَبُو سَعِيْد مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّقَّاش، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّازِيّ فِي المَشْيَخَة: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحِيْم بنَ أَحْمَدَ البُخَارِيّ يَقُوْلُ:
رَأَى أَبُو إِسْحَاقَ الهُجَيْمِيّ، أَنَّهُ تعمَّم، فدوَّر عَلَى رَأْسه مائَةً وَثَلاَثَ دورَات، فعُبِّرت لَهُ بحيَاةِ مائَة وَثَلاَثِ سِنِيْنَ، فَمَا حدَّث حَتَّى بلغَ المائَة، ثُمَّ حدَّث فَقَرَأَ عَلَيْهِ القَارِئُ، وَأَرَادَ أَنْ يختَبِرَ عَقْلَه، فَقَالَ:
إِنَّ الجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِه ... كَالكَلْبِ يحمِي جِلْدَه (2) بروْقه (3)
__________
(*) المنتظم: 7 / 23، العبر: 2 / 291، الوافي بالوفيات: 6 / 57، شذرات الذهب: 3 / 8.
(1) بضم الهاء، وفتح الجيم، والياء الساكنة آخر الحروف، وفي آخرها الميم. هذه النسبة إلى محلة بالبصرة نزلها بنو هجيم، فنسبت المحلة إليهم " الأنساب ": 588 آ.
(2) في " اللسان ": (روق) : أنفه.
(3) الروق: القرن.
وقائل البيت عامر بن فهيرة التيمي، مولى أبي بكر الصديق - رضي =(15/525)
فردَّ عَلَيْهِ الهُجَيْمِيُّ، فَقَالَ: كَالثَّوْر، فَإِنَّ الكلبَ لاَ روْق لَهُ.
قَالَ: فَفَرِحُوا بصحَةِ ذِهْنه.
تُوُفِّيَ الهُجَيْمِيُّ فِي آخر سنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: اسْم جدِّه عَبْدُ الأَعْلَى.
وَفِيْهَا مَاتَ: يَحْيَى بنُ مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي المَوْت المَكِّيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ الْورْد، وَشيخُ الحَنَفِيَّة قَاضِي الحَرَمَيْنِ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَامع المِصْرِيّ، وَمَيْمُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ الهَاشِمِيّ.
وَحَدَّثَ فِيْهَا: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ دُحَيْم الكُوْفِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَاد النَّقَّاش.
303 - ابْنُ قَانِعٍ عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، الصَّدُوْقُ - إِنْ شَاءَ اللهُ - القَاضِي أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعِ بنِ مَرْزُوقِ بنِ وَاثقٍ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُم، البَغْدَادِيُّ، صَاحبُ كتَابِ (مُعجَمِ الصَّحَابَةِ) الَّذِي سَمِعْنَاهُ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
= الله عنهما - وكان حسن الإسلام، استشهد ببئر معونه.
وكان عامر إذا أصابته الحمى يقول:
إني وجدت الموت قبل ذوقه ... إن الجبان حتفه من فوقه
كل امرئ مجاهد بطوقه ... كالثور يحمي جلده بروقه
انظر " الإصابة " 4 / 14 - 15، و" الفتح " 7 / 263، و" الموطأ " 2 / 891.
(*) تاريخ بغداد: 11 / 88 - 89، المنتظم: 7 / 14، تذكرة الحفاظ: 3 / 883 - 884، ميزان الاعتدال: 2 / 532 - 533، مرآة الجنان: 2 / 347، البداية والنهاية: 11 / 242، الجواهر المضية: 1 / 293، لسان الميزان: 3 / 383 - 384.(15/526)
سَمِعَ: الحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَإِبْرَاهِيْم بن الهَيْثَمِ البَلَدِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ إِسْحَاقَ الحَرْبِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ الوَاسِطِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن الفَضْلِ البَلْخِيّ، وَبِشْر بنَ مُوْسَى، وَأَحْمَدَ بنَ مُوْسَى الحمَّار، وَعُبَيْد بن شَرِيْك البَزَّار، وَأَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ الوَزَّان، وَمُحَمَّد بن يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ، وَأَبَا مُسْلِم الكَجِّيّ، وَعَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعُبَيْد بن غَنَّام، وَمُطَيّناً، وَمُعَاذَ بنَ المُثَنِى، وَأَحْمَدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بن ملحَان.
وَكَانَ وَاسِع الرِّحْلَة كَثِيْرَ الحَدِيْثِ بَصِيْراً بِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ الفَضْلِ القَطَّان، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ البَادِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِي، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَان، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الفُرَاتِ، وَعَدَدٌ كَثِيْر.
قَالَ البَرْقَانِيّ: البَغْدَادِيّون يوثِّقونه، وَهُوَ عِنْدِي ضَعِيْف (1) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ يَحْفَظُ، وَلَكِنَّهُ يُخْطِئ وَيُصرُّ (2) .
وَرَوَى الخَطِيْبُ عَنِ الأَزْهَرِيِّ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ بن الفُرَاتِ قَالَ:
كَانَ ابْنُ قَانِعٍ قَدْ حَدَّثَ بِهِ اختِلاَطٌ قَبْل مَوْته بِنَحْوِ مِنْ سنتَيْن، فتركْنَا السَّمَاع مِنْهُ، وَسَمِعَ مِنْهُ قَوْمٌ فِي اختلاَطه (3) .
قَالَ الخَطِيْبُ: تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (4) .
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 89.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.(15/527)
304 - ابْنُ شُعَيْبٍ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ شُعَيْبِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ.
وَيُقَالُ: شُعَيْب بن عَلْقَمَة.
وَيُقَالُ: ابْن ثُمَامَة مِنْ وَلد أَنَسِ بنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيّ - وَقِيْلَ: لاَ - الدِّمَشْقِيّ مِنْ أَهْلِ قريَة قَيْنِنَة (1) غربِي المُصَلَّى (2) .
سَمِعَ: بِالشَّامِ وَمِصْر وَالعِرَاق وَأَصْبَهَان، وَصَنَّفَ وَجَمَعَ وَلَيْسَ بِالمُتْقِن.
سَمِعَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي حَاتِمٍ المُرَادِيَّ، وَأَبَا عُلاَثَة مُحَمَّدَ بنَ عَمْرٍو، وَبَكْر بن سَهْل الدِّمْيَاطِي، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَمُطَيَّناً، وَأَبَا خَلِيْفَة.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُقْرِئ، وَابْنُ مَنْدَة، وَتَمَّام، وَالعَفِيْفُ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَعَبْد الوَهَّابِ المَيْدَانِي.
قَالَ الكَتَّانِي: كَانَ يُتَّهُم (3) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ سبع وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَعَ لَنَا جُزْء مِنْ حَدِيْثه عِنْد مُكْرم بنِ أَبِي الصَّقر.
__________
(*) معجم البلدان: 4 / 425، العبر: 2 / 298، ميزان الاعتدال: 4 / 57، الوافي بالوفيات: 5 / 147، لسان الميزان: 5 / 411، شذرات الذهب: 3 / 13.
(1) قرية كانت مقابل الباب الصغير في دمشق " معجم البلدان ": 4 / 425.
(2) محلة جنوبي دمشق قرب باب الصغير.
(3) " ميزان الاعتدال ": 4 / 57.(15/528)
305 - العَتَكِيُّ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ المَنْصُوْرُ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ قَاسمِ بنِ مَنْصُوْرٍ العَتَكِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ مِنَ: السَّرِيِّ بنِ خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَشْرَسَ، وَالحُسَيْنِ بنِ الفَضْلِ، وَإِسْمَاعِيْل بن قُتَيْبَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ سَلَمَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
أَكثَرَ عَنْهُ الحَاكِم، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ:
كَانَ شَيْخاً مُتَيقِّظاً فَهماً صَدُوْقاً، جَيِّد القِرَاءة، صَحِيْحَ الأُصُوْل.
تُوُفِّيَ: فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: مَاتَ وَهُوَ فِي عَشْر التِّسْعِيْنَ، وَيعرف أَيْضاً بِالصِّبْغِي نسبَةً إِلَى بيع الصِّبْغ.
306 - السُّكَّرِيُّ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ **
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَامعٍ المِصْرِيّ، السُّكَّرِيُّ، المُقْرِئُ.
سَمِعَ: مِقْدَام بن دَاوُدَ الرُّعَيْنِيّ، وَرَوْح بنَ الفَرَجِ القَطَّان، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الرِّشْدِينِي.
وَحَدَّثَ بحَرْف نَافِع، عَنْ بَكْر بنِ سَهْل، عَنْ أَبِي الأَزْهر، عَنْ وَرْش عَنْهُ.
__________
(*) لم نقع له على ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.
(* *) العبر: 2 / 290، غاية النهاية: 1 / 35.(15/529)
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ الجِيْزيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَضْرَمِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَاج، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأُدْفُوِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ النَّحَّاس، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَه أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
307 - ابْنُ ِنيْخَابَ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الطِّيبِيُّ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْق، أَبُو الحَسَنِ (1) أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ نِيخَابَ الطِّيبِيُّ.
حدَّث بِبَغْدَادَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ دَيْزيل، وَمُحَمَّد بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي العَوَّامِ، وَبِشْرِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي مُسْلم الكَجِّيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَينِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَخُوْهُ أَبُو القَاسِمِ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَمْ نَسْمَعْ فِيْهِ إِلا خَيْراً (2) .
308 - الكَعْبِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى بنِ كَعْبٍ **
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، الصَّادِقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى بنِ كَعْبٍ الكَعْبِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ: الفَضْل بنَ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِي، وَاليَسَعَ بنَ زَيْدٍ المَكِّيَّ صَاحبَ سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ قُتَيْبَةَ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَتَمْتَاماً، وَعِدَّة.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 35 - 36، الأنساب: 8 / 289.
(1) في " الأنساب ": أبو بكر، وما هنا موافق لما في تاريخ بغداد.
(2) " تاريخ بغداد ": 4 / 35.
(* *) الأنساب: 10 / 444.(15/530)
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ قَتَادَة، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي صَادِق نَزِيْل مِصْر، وَآخَرُوْنَ.
ذكره الْحَاكِم فَقَالَ: محدِّث كَثِيْر الرَّحْلَة وَالسَّمَاع، صَحِيْحُ السَّمَاع.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
309 - ابْنُ دَرَسْتَوَيْه عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ الفَارِسِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ النَّحْوِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنَ دَرَسْتَوَيْه بنِ المَرْزُبَانِ الفَارِسِيُّ، النَّحْوِيُّ، تِلْمِيْذُ المُبَرِّدِ.
سَمِعَ: يَعْقُوْبَ الفَسَوِيَّ فَأَكْثَرَ، لَهُ عَنْهُ (تَاريخُهُ) وَ (مَشيخَتُه) .
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: عَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيِّ، وَيَحْيَى بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ بنِ قُتَيْبَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ كُرْبَزَان، وَمُحَمَّد بنِ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيّ.
قدم مِنْ مدينَة فَسَا (1) فِي صباهُ إِلَى بَغْدَادَ، وَاسْتوطنهَا، وَبَرَعَ فِي العَرَبِيَّة، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَرُزِق الإِسْنَاد العَالِي.
وَكَانَ ثِقَةً.
مولده سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ وَالِدُهُ رَحَلَ بِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ شَاهِيْن، وَابْن مَنْدَة، وَابْن رَزْقُوَيْه، وَابْن الفَضْلِ القَطَّان، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) طبقات النحويين واللغويين: 127، الفهرست 93 - 95، تاريخ بغداد: 9 / 428 - 429، نزهة الالباء: 197 - 198، المنتظم: 7 / 388، إنباه الرواة: 2 / 113 - 114، وفيات الأعيان: 3 / 44 - 45، العبر: 2 / 276، ميزان الاعتدال: 2 / 400 - 401، البداية والنهاية: 11 / 233، لسان الميزان: 3 / 267 - 268، بغية الوعاة: 279 - 280، شذرات الذهب: 2 / 375. ودرستوين ضبط في الأصل بفتح الدال والراء والواو، وبذلك ضبطه ابن ماكولا، وضبطه السمعاني بضم الدال والراء وسكون السين وضم التاء، وسكون الواو وفتح الياء.
(1) مدينة بفارس، بينها وبين شيراز أربع مراحل.(15/531)
وَله كتَاب (الإِرشَاد) فِي النَّحْوِ، وَشرح كتَاب (الجَرْمِيّ) ، وكتَاب (الهجَاء) ، و (شرح الفَصِيْح) ، و (غَرِيْبُ الحَدِيْث) ، و (أَدب الكَاتِب) ، و (المذكَّر وَالمُؤنَّث) ، و (الْمَقْصُور وَالمَمْدُوْد) ، و (المعَانِي فِي القرَاءات) وَأَشيَاء.
وَكَانَ نَاصراً لنَحْو البَصْرِيّين (1) .
تخرج بِهِ أَئِمَّة.
وَثَّقَه ابْن مَنْدَة وَغَيْرُهُ.
وضعَّفه اللاَّلْكَائِيّ هِبَةُ اللهِ، وَقَالَ: بَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّهُ قِيْلَ لَهُ:
حَدِّثْ عَنْ عَبَّاسٍ الدُّوْرِيّ حَدِيْثاً، وَنُعطيكَ دِرْهَماً فَفَعَل، وَلَمْ يَكُنْ سَمِعَ مِنْهُ (2) .
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ هَذَا، وَهَذِهِ الحِكَايَة بَاطلَة، ابْنُ درَسْتَوَيْه كَانَ أَرفع قَدْراً مِنْ أَنْ يكذب.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ رَزْقُوَيْه عَنْهُ بِأَمَالِي فِيْهَا أَحَادِيْثه عَنْ عَبَّاس.
وَسَأَلت البُرْقَانِيّ عَنْهُ، فَقَالَ: ضَعَّفُوهُ بروَايته (تَاريخَ) يَعْقُوْبَ عَنْهُ.
وَقَالُوا: إِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ يَعْقُوْبُ قَدِيْماً، فمتَى سَمِعَهُ مِنْهُ؟
قَالَ الخَطِيْبُ: فِي هَذَا نَظَر، فَإِن جَعْفَر بنَ دَرَسْتَوَيْه مِنْ كِبَارِ المُحَدِّثِيْنَ.
سَمِعَ مِنْ عَلِيّ بنِ المَدِيْنِيِّ وَطبقَتِه، فَلاَ يُسْتَنكر أَنْ يَكُوْنَ بكَّر بَابنه فِي السَّمَاع، مَعَ أَنَّ أَبَا القَاسِم الأَزْهرِي حَدَّثَنِي قَالَ:
رَأَيْتُ أَصلَ كِتَابِ ابْنَ دَرَسْتَوَيْه بتَاريخِ يَعْقُوْب بنِ سُفْيَان، وَوجدتُ سَمَاعَه فِيْهِ صَحِيْحاً (3) .
قِلْتُ: تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعِ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَث مِائَة، أَخَذَ عَنْ ثَعْلَب وَالمُبَرِّد وَتَصَانِيْفه كَثِيْرَة.
__________
(1) " الفهرست ": 93 - 94، وما بين حاصرتين منه.
(2) " تاريخ بغداد ": 9 / 429.
(3) المصدر السابق.(15/532)
310 - أَبُو المَيْمُوْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الأَدِيْبُ، الثِّقَةُ، المَأْمُوْنُ، أَبُو المَيْمُوْنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ رَاشِدٍ البَجَلِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: بَكَّار بنَ قُتَيْبَةَ، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبَا زُرْعَةَ، وَخلقاً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَة، وَتَمَّام، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ مُهَنَّا، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيّ.
وَكَانَ أَحد الشُّعرَاء، بَلَغَ خمساً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ دَرَسْتَوَيْه النَّحْوِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ الأَدَمِيّ بِبَغْدَادَ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَامع السُّكَّرِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بنِ مَعْرُوف، وَأَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بن حَذْلمَ القَاضِي.
311 - العَنْبَرِيُّ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الإِمَامُ، الثِّقَة، المفسِّر، المُحَدِّث، الأَدِيْب، العَلاَّمَة، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَنْبَرِ بنِ عَطَاءٍ السُّلَمِيُّ مَوْلاَهُمُ، العَنْبَرِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُعَدَّلُ.
سَمِعَ: أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بنَ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَمْرو
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 10 / 14 ب، 15 آ، العبر: 2 / 276، شذرات الذهب: 2 / 375.
(* *) الأنساب: 9 / 74، معجم الأدباء: 20 / 34، العبر: 2 / 265 - 266، مرآة الجنان: 2 / 337، طبقات الشافعية: 3 / 485 - 486، النجوم الزاهرة: 3 / 314، شذرات الذهب: 2 / 369.(15/533)
قشمرد، وَالحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدٍ القَبَّانِي، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَابنَ خُزَيْمَةَ، وَخلقاً كَثِيْراً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ عبدش (1) ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ - وَهُمَا مِنْ أَقْرَانِهِ - وَأَبُو الحُسَيْنِ الحَجَّاجِي، وَالحَاكِم، وَابْن مَنْدَة، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ: أَبُو زَكَرِيَّا يحفَظ مِنَ الْعُلُوم مَا لَوْ كلِّفْنَا حفْظَ شَيْء مِنْهَا لَعَجَزْنَا عَنْهُ، وَمَا أَعلم أَنِّي رَأَيْتُ مِثْلَه (2) .
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: اعْتَزل أَبُو زَكَرِيَّا النَّاس، وَقَعَدَ عَنْ حُضُور المَحَافل بِضْع عَشْرَة سَنَة (3) .
سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: العَالِم المُخْتَار أَنْ يَرْجع إِلَى حُسْنِ حَال، فَيَأْكُل الطَّيِّب وَالحَلاَل، وَلاَ يكْسب بعِلْمِهِ المَال، وَيَكُونُ عِلْمُهُ لَهُ جَمَال، وَمَالُه مِنَ الله منٌّ عَلَيْهِ وَإِفْضَال.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ سِتٌّ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
312 - ابْنُ سِنَانٍ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الصَّدُوْق، إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحِ بنِ سِنَانِ بنِ الأَرْكُونِ القُرَشِيُّ مَوْلاَهُمُ، الدِّمَشْقِيُّ، وَإِلَى جدِّهُم سِنَانٍ تُنْسَبُ قَنْطَرَةُ سِنَانٍ بِبَابِ تُوْمَا (4) .
__________
(1) في " معجم الأدباء " عبدوس.
(2) " طبقات الشافعية ": 3 / 486.
(3) " معجم الأدباء ": 2 / 34.
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 257.
(4) محلة شرقي دمشق، لا تزال إلى الآن عامرة.(15/534)
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَان بن بِنْت مَطَر، وَأَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَحَمْزَةَ بن عَبْدِ اللهِ الكَفْرْبَطْنَانِي (1) ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ، وَعَبْدُ الوَهَّاب الكِلاَبِيّ، وَابْنُ مَنْدَة، وَتَمَّام، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَاسِر، وَعِدَّة.
قَالَ الكَتَّانِي: كَانَ ثِقَةً، نيَّف عَلَى الثَّمَانِيْنَ.
وَقَالَ المَيْدَانِي: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
313 - الإِسْفَرَايِيْنِيُّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَزْهَرِيُّ، الإِسْفَرَايينِيُّ.
رَحل بِهِ خَالُه الحَافِظُ أَبُو عَوَانَةَ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ رَجَاء، وَمُحَمَّد بن أَيُّوْبَ بن الضُّرَيْس، وَأَبِي مُسْلِم الكَجِّيّ، وَأَحْمَدَ بنِ سَهْلٍ، وَأَبِي خَلِيْفَة الجُمَحِيّ، وَيُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ القَاضِي، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَقرَانهم.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِم - فَقَالَ: كَانَ محدِّث عَصْره، وَمن أَجود النَّاس أُصولاً (2) - وَعَبْد الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ بَالُوْيَه، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ
__________
(1) نسبة إلى " كفر بطنة " وهي قرية من أعمال دمشق من الغوطة الشرقية، تبعد عنها ثلاثة أميال تقريبا، وهي إلى الآن عامرة، وقد ولد بها الامام الذهبي المؤلف.
(*) الأنساب: 1 / 205 - 206، العبر: 2 / 271، الوافي بالوفيات: 12 / 265، شذرات الذهب: 2 / 372.
(2) " الأنساب ": 1 / 205.(15/535)
الإِسْفَرَايينِي، وَوَلَده أَبُو نُعَيْمٍ عَبْد المَلِكِ الأَزْهرِي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: حَدِيْثُه كَثِيْرٌ فِي توَالِيف البَيْهَقِيّ مِنْ جهَةِ عَلِيّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيّ المُقْرِئ عَنْهُ.
314 - أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ عِيْسَى أَبُو حَامِدٍ الطُّوْسِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، أَبُو حَامِدٍ الطُّوْسِيُّ، الأَدِيْبُ.
بالَغَ الحَاكِم فِي تعَظِيْمه، وَقَالَ: وَرَد نَيْسَابُوْر مَرَّاتٍ، وَقلَّ مَنْ رَأَيْتُ فِي المَشَايِخ أَجمعَ مِنْهُ (1) .
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ شِيْرُوَيْه، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْحَاقَ الأَنْمَاطيِّ، وَهَذِهِ الطَّبَقَة مِنْ أَصْحَاب قُتَيْبَة وَإِسْحَاق.
قَالَ (2) :وَرَدْتُ طُوْسَ وَقَاضيهَا أَبُو أَحْمَدَ الحَافِظ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
إِنِّيْ لأَتبجَّحُ بِأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْر أَنْ يَكُوْنَ رُجُوعِي فِي السُّؤَال عَنِ المَشَايِخ إِلَيْهِ (3) .
قَالَ الحَاكِمُ: وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 911 - 912، الوافي بالوفيات: 8 / 188، طبقات الشافعية: 3 / 57، طبقات الحفاظ: 372.
(1) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 911.
(2) أي الحاكم.
(3) " تذكرة الحفاظ ": 3 / 912.(15/536)
315 - المَحْبُوبِيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَحبُوبٍ المَرْوَزِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مُفِيْد مَرْوَ، أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَحبُوبِ بنِ فُضَيْلٍ المَحْبوبِيُّ، المَرْوَزِيُّ، رَاوِي (جَامِعِ أَبِي عِيْسَى) عَنْهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: سَعِيْدِ بنِ مَسْعُوْد - صَاحب النَّضْر بن شُمَيْل - وَمن الفَضْل بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ البَاهِلِيّ، وَأَبِي الموجّه، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَعَبْد الجَبَّارِ بن الجَرَّاح، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ يَنَال المَحْبُوبِيُّ مَوْلاَهُ، وَجَمَاعَة.
وَكَانَتِ الرِّحْلَةُ إِلَيْهِ فِي سَمَاع (الجَامع) .
وَكَانَ شَيْخ البَلَد ثروَةً وَإِفضَالاً.
وَسَمَاعُه مضبوطٌ بخطّ خَالهِ أَبِي بَكْرٍ الأَحْوَل، وَكَانَتْ رِحْلته إِلَى تِرْمِذ للُقي أَبِي عِيْسَى فِي خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْنُ سِتّ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمَاعُه صَحِيْحٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَآخر أَصْحَابهِ موتاً مَوْلاَهُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَنَال الَّذِي أَجَاز لأَبِي الفَتْح الحَدَّاد مرويَّاته.
316 - بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ أَبُو الفَضْلِ القُشَيْرِيُّ **
العَلاَّمَةُ، أَبُو الفَضْلِ القُشَيْرِيُّ، البَصْرِيُّ، المَالِكِيُّ.
__________
(*) الأنساب: 511 آ، العبر: 2 / 272، الوافي بالوفيات: 2 / 40 - 41، مرآة الجنان: 2 / 340، شذرات الذهب: 2 / 373.
(* *) العبر: 2 / 263 - 264، الوافي بالوفيات:: 10 / 217، الديباج المذهب: =(15/537)
سَمِعَ (المُوَطَّأ) مِنْ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى السَّامِي، وَسَمِعَ مِنْ أَبِي مُسْلِم الكَجِّيّ، وَحَكَى عَنْ سهل التُّسْتَرِيِّ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ فِي المَذْهب، وَسَكَنَ مِصْر.
وَمُؤلَّفه فِي الأَحكَام نَفِيس، وَأَلَّف فِي الردِّ عَلَى الشَّافِعِيّ، وَعَلَى المُزَنِيّ، وَالطَّحَاوِيّ، وَعَلَى أَهْلِ القَدَر.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ رَشِيق، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسَد القُرْطُبِيّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بمِصْر.
317 - ابْنُ دَاسَةَ مُحَمَّدُ بنُ بَكْرِ بنِ مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ بَكْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ دَاسَةَ البَصْرِيُّ، التَّمَّارُ، رَاوِي (السُّنَنِ) .
سَمِعَ: أَبَا دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيّ، وَأَبَا جَعْفَر مُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ بنِ يُوْنُس الشِّيْرَازِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ فَهد السَّاجِيّ، وَغَيْرَهُم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سُلَيْمَانَ حَمْد الخَطَّابِي، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ لاَل، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع، وَأَبُو عَلِيٍّ حُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذبَارِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ القُرْطُبِيّ شَيْخُ ابْنِ عَبْدِ البَرِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَهُوَ آخر مِنْ حَدَّث (بِالسُّنن) كَامِلاً، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، وَقَدْ عَاشَ بَعْدَهُ أَبُو
__________
= 100، حسن المحاضرة: 1 / 256.
(*) العبر: 2 / 273، شذرات الذهب: 2 / 373.(15/538)
بكر النَّجَّاد عَامِين وَعِنْدَهُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ أَحَادِيْث مِنَ (السُّنَن) ، وَجُزْء (النَّاسخ وَالمنسوخ) .
وَآخر مَنْ رَوَى عَنِ ابْنِ دَاسَة بِالإِجَازَة الحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ غَدِير، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الأَنْصَارِيّ، أَخْبَرَنَا جمَالُ الإِسْلاَم عليّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ الخَطِيْب، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ الغَسَّانِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَكْر بِالبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مَالِك، حَدَّثَنَا مُبَارَك بن فَضَالَة، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ القَزَع (1) .
318 - ابْنُ الوَزَّانِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ القَيْرَوَانِيُّ *
إِمَامُ النَّحْو، فَريدُ العَصْرِ، أَبُو القَاسِمِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ القَيْرَوَانِيُّ.
كَانَ فِيمَا قَالَ القِفْطيُّ: يحفَظ (كتَاب الْعين) ، و (المصَنَّفَ) لأَبِي
__________
(1) المبارك بن فضالة مدلس، وقد عنعن، وأخرجه البخاري برقم (5920) ، ومسلم (2120) ، كلاهما في اللباس، من طريق عبيد الله بن حفص، عن عمر بن نافع، عن نافع ابن عمر، وقال:: قلت لنافع: وما القزع؟ قال: يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعض، وأخرج أبو داود (4194) من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع، وهو أن يحلق رأس الصبي، فتترك له ذؤابة. وهذا إسناد صحيح.
(*) طبقات النحويين واللغويين: 269، معجم الأدباء: 1 / 203 - 204، إنباه الرواة: 1 / 172 - 174، العبر: 2 / 271، الوافي بالوفيات: 6 / 50 - 51، مرآة الجنان: 2 / 340، بغية الوعاة: 183، شذرات الذهب: 2 / 372.(15/539)
عبيد، و (إِصْلاَح الْمنطق) ، وكتَاب (سِيبَوَيْهٍ) ، وَأَشيَاء.
وَبَعْضُهُم يفضِّلُه عَلَى ثَعْلَب وَالمُبَرِّد (1) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِالمَغْرِبِ.
319 - ابْنُ الخَصِيْبِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، المُحَدِّثُ، قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَن بنِ الخَصِيبِ بنِ الصَّقرِ الأَصْبَهَانِيُّ، الفَقِيْهُ الشَّافِعِيُّ، مُصَنِّفُ (المَسَائِلِ المَجَالِسيّةِ (2)) فِي الفِقْهِ.
سَمِعَ: أَبَا شُعَيْبٍ الحَرَّانِيَّ، وَبُهْلول بنَ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ العَبْسِي، وَيُوْسُفَ القَاضِي، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى المَرْوَزِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ الحُسَيْنِ الطَّيَالِسِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ الخَصِيب، وَمُنير بنُ أَحْمَدَ الخَلاَّل، وَالحَافِظُ عَبْد الغنِي، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن النَّحَّاسِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بن نَصْرٍ الدِّمَشْقِيّ، وَعِدَّة.
وَلِي قَضَاءَ دِمَشْق فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ وَلِي قَضَاء (3) مِصْر، ثُمَّ وَلِي قَضَاءَ دِمَشْق بَعْد الأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ مِنْ جهَة الخَلِيْفَة المُطِيع، وَوَلِيَ قَضَاءَ مِصْر فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ مِنْ قِبَلِ ابْنِ أُمّ شَيْبَان قَاضِي بَغْدَاد، فَرَكِبَ بِالسَّوَاد إِلَى دَار الإِخْشِيذ، وَكَانَ أَبَى أَنْ يتولَّى مِنْ قِبَل ابْنِ أُمّ
__________
(1) " إنباه الرواة ": 1 / 173.
(*) قضاة مصر: 160، قضاة دمشق: 29 - 30.
(2) في " قضاة دمشق ": الشمائل المجالسية. وهو تصحيف.
(3) ساقطة في الأصل، وما أثبتناه من " قضاة دمشق ": 30.(15/540)
شَيْبَان. فَقِيْلَ لَهُ: يلِي وَلدك مُحَمَّدٌ وَأَنْت النَّاظر، فنَظَرَ فِي أُمُور مِصْر، وَبَعَثَ نُوَّاب النَّوَاحِي، وَولِي نظرَ الأَوْقَاف، وَتصلّب وَجمُدَ، ثُمَّ قَدِمَ أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيّ القَاضِي، فَرَكِبَ ابْنُ الخَصيب وَابنُه إِلَيْهِ، فَمَا وَجدَاهُ، وَعلِمَ فَلَمْ يُكَافئهُمَا، فصَارت عَدَاوَة، ثُمَّ حَجَّ الذُّهْلِيّ وَعَاد إِلَى دِمَشْق، وَكَانَ قَاضيهَا.
ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَ ابْنِ الخَصِيب وَبَيْنَ ابْنه، وَعَانَدَ أَبَاهُ، ثُمَّ اسْتَقلَّ الأَب، وَلَهُ تَأْلِيْف يَرُدُّ فِيْهِ عَلَى ابْنِ جَرِيْر.
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْر الثَّمَانِيْنَ.
يَقع لَنَا حَدِيْثُهُ فِي (الخِلَعِيَّات) (1) .
320 - السِّنْدِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ *
الشَّيْخُ الكَبِيْرُ، مُسنِد وَقتِه، أَبُو الفَوَارِسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ السِّنْدِيِّ المِصْرِيُّ، الصَّابُوْنِيُّ.
قَالَ: وُلِدَتُ فِي أَوَّلِ سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: يُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْع بنَ سُلَيْمَانَ، وَأَبَا إِبْرَاهِيْم المُزَنِيّ، وَبَحْرَ بنَ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مَرْزُوْقٍ، وَفهدَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الخَطِيْبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَاج الإِشْبيْلِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ النَّحَّاس، وَمُحَمَّدُ بنُ نَظِيف الفَرَّاء، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) انظر ص / 314 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(*) العبر: 281، حسن المحاضرة: 1 / 210، شذرات الذهب: 2 / 380.(15/541)
يَقع حَدِيْثُه عَالِياً فِي (الثَّقَفيَّات) (1) ، و (الخِلَعِيَّات (2)) .
وعِنْدِي جُزْء مِنْ حَدِيْثه، أَخْبَرْنَاهُ العِزُّ بنُ الفَرَّاء، أَخْبَرْنَا ابْنُ البُنّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ نَظِيف عَنْهُ.
وَفِيه: قَالَ لَنَا أَبُو الفَوَارِسِ: وُلِدَتُ فِي المحرَّم سنَة 245 وَسَمِعْتُ وَلِي عشر سِنِيْنَ.
قُلْتُ: قَدْ عَاشَ بَعْدَ أَنْ سَمِعَ أَربعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِمِصْرَ عَنْ مائَة وَخمسَةِ أَعْوَام، وَهُوَ صَدُوْقٌ فِي نَفْسِهِ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَقَدْ أُدخل عَلَيْهِ حَدِيْث بَاطِل فَرَوَاهُ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَرْدَك بِالرَّيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ السَّمَّان، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ بنُ الحَاج، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ مَهْدِيّ الرَّازِيّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَوَارس بنُ السِّنْدِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَمَّاد الطِّهْرَانِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، عَنْ مَعْمر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (النَّظَرُ إِلَى وَجْه عليٍّ عِبَادَةٌ (3)) .
فهَذَا أُدخل عَلَى أَبِي الفَوَارس.
__________
(1) انظر ص / 272 / تعليق / 1 / من هذا الجزء.
(2) انظر ص / 314 / تعليق / 2 / من هذا الجزء.
(3) وأورده السيوطي في " اللالئ المصنوعة " 1 / 342، من طريق القاضي محمد بن عبد الله الجعفي، حدثنا أبو الحسين بن أحمد بن مخزوم، حدثنا محمد بن الحسن الرقي، حدثنا مؤمل بن إهاب، حدثنا عبد الرزاق ... وقال: قال ابن حبان: موضوع آفته الجعفي أو شيخه، وانظر تفصيل القول فيه في " الفوائد المجموعة " ص 359، 361 مع تعليقات العلامة المعلمي رحمه الله.(15/542)
وَفِيْهَا مَاتَ: الحَافِظ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّان بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَالقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَد بنِ سَعْدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ الخُرَاسَانِيّ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَلَم الصَّفَّار.
321 - الخُرَاسَانِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الخُرَاسَانِيُّ، البَغَوِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
وَجدُّه هُوَ أَخُو محدِّث مَكَّة عَلِيّ بن عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعم أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيّ.
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْر كُرْبَزَان، وَيَحْيَى بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْد المَلِكِ بن مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ ملَاعِب، وَأَحْمَدَ بنِ عُبَيْد بن نَاصِح، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَرَوَى الْكثير، وَلَهُ أَجزَاء مَشْهُوْرَة تُرْوَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَابْن مَنْدَة، وَالحَاكِم، وَابْن رَزْقُوَيْه، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، وَعُثْمَان بنُ دُوسْت، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْهُ، فَقَالَ: فِيْهِ لِين (1) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَهْر رَجَب سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 9 / 414 - 415، العبر: 2 / 282، ميزان الاعتدال: 2 / 392، لسان الميزان: 3 / 258 - 259، شذرات الذهب: 2 / 380.
(1) " تاريخ بغداد ": 9 / 414.(15/543)
322 - ابْنُ عَلَمٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو عَبْدِ اللهِ (1) مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرُويَه البَغْدَادِيُّ، الصَّفَّارُ، المَعْرُوف: بِابنِ عَلَمٍ.
لَهُ (جُزْء) مَشْهُوْر سمِعنَاهُ.
رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بن أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَصْر.
رَوَى عَنْهُ: هِلاَل الحَفَّار، وَابْنُ رَزْقُوَيْه، وَابْنُ الفَضْلِ القَطَّان، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَمْ أَسْمَعْ أَحداً يَقُوْلُ فِيْهِ إِلاَّ خَيراً، وَجمِيع مَا عِنْدَهُ جُزْء (2) ، مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
ثُمَّ قَالَ: يُقَال: أَتَى عَلَيْهِ مائَةُ سَنَةٍ وَسنَة (3) .
قُلْتُ: حكَايتُه عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ فِي قَوْل أَبِيهِ، لاَ تعدّ منكرَة.
323 - ابْنُ كَامِلٍ أَحْمَدُ بنُ كَامِلِ بنِ خَلَفٍ البَغْدَادِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، القَاضِي، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ كَامِلِ بنِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 454، العبر: 2 / 283، شذرات الذهب: 2 / 381.
(1) في " تاريخ بغداد ": ويقال: أبو بكر.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 454.
(3) المصدر السابق.
(* *) الفهرست: 48، تاريخ بغداد: 4 / 357 - 359، معجم الأدباء: 4 / 102 - 108، إنباه الرواة: 1 / 67 - 68، العبر: 2 / 285، ميزان الاعتدال: 1 / 129، الوافي =(15/544)
خَلَفِ بنِ شَجَرَةَ البَغْدَادِيُّ، تِلْمِيْذُ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ الجَهْم السِّمَّرِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ العَوْفِيِّ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ سَلاَّم السَّوَّاقِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ الوَاسِطِيّ، وَطَبَقَتهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيّ، وَالحَاكِمُ، وَابنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الوَرَّاق، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المْزَكِّيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِي، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه: لَمْ تَرَ عينَايَ مِثْلَه (1) ، وَسمِعتُهُ يذكر مَوْلدَه.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ بِالأَحْكَامِ، وَعُلُوْمِ القُرْآنِ وَالنَّحْوِ وَالشِّعْر وَالتَّوَاريخِ.
وَلَهُ فِي ذَلِكَ مصنَّفَات.
وَلِيَ قَضَاءَ الكُوْفَةِ (2) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ مُتَسَاهِلاً، رُبَّمَا حدَّث مِنْ حِفْظِهِ بِمَا لَيْسَ فِي كِتَابِهِ، وَأَهْلكه العُجْب، كَانَ يختَارُ لِنَفْسِهِ، وَلاَ يُقَلِّد أَحداً (3) .
تُوُفِّيَ: ابْنُ شَجَرَة فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ تسعُوْنَ سنَة.
__________
= بالوفيات: 7 / 298، لسان الميزان: 1 / 249، الجواهر المضية: 1 / 90، غاية النهاية: 1 / 98، بغية الوعاة: 153 - 154.
(1) " تاريخ بغداد ": 4 / 358.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق، وعبارة (لا يقلد أحدا) زيادة ليست في التاريخ.(15/545)
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضاً: كَانَ لاَ يَعُدُّ لأَحدٍ مِنَ الفُقَهَاء وَزْناً، أَملَى كِتَاباً فِي السُّنَن، وَتكلَّمَ عَلَى الأَخْبَار (1) .
قَالَ ابْنُ الذَّهَبِي (2) :وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْهِ، وَكَانَ مِنْ بحورِ العِلْم، فَأَخْملَهُ العُجْب.
وَقَدْ صَنَّفَ كِتَاباً فِي (القرَاءاتِ) ، وَلَهُ مُؤلَّف فِي (غَرِيْبِ القُرْآنِ) ، وكتَاب (مُوجز التَّأوِيْل عَنْ مُعْجز التَّنْزيل) ، وكتَاب (التَّارِيْخِ) ، وكتَاب (الشُّروط (3)) .
وَفِيْهَا مَاتَ: مُحَمَّدُ بنُ المُؤمَّل المَاسَرْجِسِي، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَسنُويه المُقْرِئ، وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الكِنْدِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ بُرَيه، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَاد، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ الخُطَبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَنْب.
324 - القَنْطَرِيُّ أَبُو بَكْرٍ القَاسِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، أَبُو بَكْرٍ القَاسِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عِيْسَى القَنْطَرِيُّ، السَّامَرِّيُّ.
رَوَى عَنِ: الكُدَيْمِيّ، وَخَلَف بنِ عُمْروٍ العُكْبَرِيِّ، وَمِقْدَام بنِ دَاوُدَ،
__________
(1) النص في " تاريخ بغداد ": " وأهلكه العجب، فإنه كان يختار، ولا يضع لأحد من العلماء أصلا ".
(2) هو المؤلف نفسه، انظر المقدمة.
(3) انظر " الفهرست ": 48.
(*) لم أهتد إلى مصادر ترجمته.(15/546)
وَأَنَس بن سَلْم، وَأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وَمُحَمَّد بن عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الخَلاَّل، وَخَلْقٍ.
وَالغَالِبُ عَلَى حَدِيْثِهِ المَنَاكِير وَالمَوْضُوْعَات.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ بَطَّة، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو سَهْلٍ مَحْمُوْدُ بنُ عَمْرٍو العُكْبَرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
حدَّث فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحداً ضَعَّفه، وَالكَلاَمُ المَذْكُوْر فِيْهِ هُوَ عبارَة ابْنِ النَّجَّار، فلَعَلَّ الضَّعْفَ فِي تِلْكَ الرِّوَايَات مِنْ غَيْره.
325 - الجَمَّالُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِد، الثِّقَة، مُحدِّثُ سَمَرْقَنْدَ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْزَةَ بنِ جَمِيْلٍ البَغْدَادِيُّ، المَشْهُورُ: بِالجَمَّالِ.
اسْتَوْطَنَ سَمَرْقَنْدَ، وَرَوَى بِهَا الكثيرَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ النَّرْسِيِّ، وَجَعْفَر بنِ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِر، وَعَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ الهَيْثَمِ وَطَبَقَتِهِم بِبَلَدِهِ.
ثُمَّ ارْتَحَلَ - وَكَانَ يُسَافر فِي التِّجَارَة - فَسَمِعَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ النَّصْرِيِّ، وَغَيْرِهِ بِدِمَشْقَ، وَمن أَبِي عُلاَثَة مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، وَيَحْيَى بنِ عُثْمَانَ بنِ صَالِح، وَخيْرِ بنِ عَرَفَةَ بِمِصْرَ، وَمن عُبيد الكَشْوَرِيِّ، وَالدَّبَرِي بِاليَمَنِ، وَحصَّل الأُصُوْل.
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 217 - 218، الأنساب: 3 / 294 - 295، تاريخ ابن عساكر: 15 / 456 آ، 457 آ، العبر: 2 / 273، الوافي بالوفيات: 1 / 114، شذرات الذهب: 2 / 373.(15/547)
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَة، وَالحَاكِم، وَأَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْجَانِيُّ، وَخَلْقٌ، وَانتخب عَلَيْهِ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
وَحَدَّثَ قي تجَارتِه بِأَمَاكن.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ محدِّث عَصْره بِخُرَاسَانَ، وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا رِحْلَة، وَأَثبتهُم أُصولاً.
اتَّجَر إِلَى الرَّيّ، وَسكنهَا مُدَّة، فَقِيْلَ لَهُ: الرَّازِيّ، وَكَانَ صَاحَبَ جمَال، فَقِيْلَ لَهُ: الجَمَّال انتقَى عَلَيْهِ أَبُو عَلِيٍّ أَرْبَعِيْنَ جُزْءاً (1) .
وَتُوُفِّيَ بسَمَرْقَنْد: فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
326 - ابْنُ حَسْنُوَيْه أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ الشَّهيرُ، أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَاذَانَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، التَّاجِرُ، السَّفَّارُ، ابْنُ حَسنُويه.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعَ مِنْ أَبِي عِيْسَى التِّرْمِذِيّ جُمْلَةً مِنْ مصنَّفَاته، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَالسَّرِيّ ابْن خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الفَرَّاء، وَالحَارِث بنِ أَبِي أُسَامَةَ، وَكَانَ مِنَ المُجْتَهدين فِي العِبَادَةِ اللَّيْلَّ وَالنَّهَارَ.
قَالَ: وَلَوِ اقْتصر عَلَى سَمَاعه (الصَّحِيْح) ، لكَانَ أَوْلَى بِهِ لَكِنَّه حَدَّثَ عَنْ: جَمَاعَةٍ أَشهدُ بِاللهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُم (2) .
وَقَدْ سأَلْتُه عَنْ سَنَه سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَقَالَ لِي: سِت
__________
(1) " الأنساب ": 3 / 295.
(*) الأنساب: 4 / 144 - 147، تاريخ ابن عساكر: 2 / 11 آ - 12 آ، العبر: 2 / 284 - 285، ميزان الاعتدال: 1 / 121، الوافي بالوفيات: 7 / 216، لسان الميزان: 1 / 223 - 224.
(2) " الأنساب ": 4 / 144.(15/548)
وَثَمَانُوْنَ سَنَةً، وَأُدخلتُ الشَّام سَنَة سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ وَأَنَا ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً (1) ، وَأَخْرَجْتُ مَنِ اسْمُه أَحْمَد مِنْ شُيُوْخِي، فَخَرَّجَ مائَةً وَعِشْرِيْنَ (2) ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، فَقَالَ:
قَدْ حَلَفْت أَنْ لاَ أُحَدِّث، ثُمَّ بَعْدَ سَاعَةٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلاَن، فَذكر حِكَايَةً بِإِسْنَادٍ.
وَلاَ أَعلمه وضعَ حَدِيْثاً أَوْ ركَّب سَنَداً، وَإِنَّمَا المُنْكَر مِنْ حَاله روَايتُه عَمَّنْ تقدَّم موتهُم (3) .
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر: رَوَى عَنْ: أَحْمَدَ بنِ شَيْبَان، وَأَحْمَدَ بنِ الأَزْهر، وَعِيْسَى بنِ أَحْمَدَ البَلْخِيّ، وَمُسْلِم بن الحَجَّاجِ (4) ، وَإِسْحَاق الدَّبَرِي.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَة، وَالحَاكِمُ، وَأَبُو أَحْمَد بنُ عَدِيّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَالدِي، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدٍ السَّرَّاج، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الطِّرَازِيُّ (5) .
قَالَ الحَاكِمُ: قَالَ لِي يَوْماً: أَلاَ ترَاقبُوْنَ الله؟ أَمَا لَكُم حيَاءٌ يحجُزُكُم عَنْ تَحْقِير المَشَايِخ؟
جَاءنِي أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظ، وَأَنكرَ روَايتِي عَنْ أَحْمَدَ بنِ
__________
(1) في " لسان الميزان " 1 / 223: " ابن ثمان عشرة سنة " وفي آخره عنده: وقد كنت سمعته يقول: مولدي سنة ثمان وأربعين ومئتين.
قال العلامة عبد الرحمن المعلمي اليماني في تعليقه على " الأنساب " 4 / 145 بعد أن نقل ما في " اللسان ": أخشى أن يكون من تغيير بعض النساخ ليطابق ما بعده، لكنه يخالف ما قبله، لأنه إذا كان أول سنة (338) عمره ست وثمانون، فمعنى ذلك أنه ولد سنة (251) ، وأما إذا كان سنة 266 ان اثنتي عشرة سنة، فمعنى ذلك أنه ولد سنة 253.
(2) " الأنساب ": 4 / 145.
(3) " الأنساب ": 4 / 146 - 144، وما بين حاصرتين منه.
(4) قال ابن حجر العسقلاني: لم ينكر الحاكم سماعه من مسلم بن الحجاج فيمن سمى أنه لم يدركهم.
انظر " الأنساب ": 4 / 146، و" لسان الميزان ": 1 / 223 - 224.
(5) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 11 آ - 11 ب.(15/549)
أَبِي رَجَاء المِصِّيْصِيّ، وَهَذَا كتَابِي وَسَمَاعِي مِنْهُ، وَهَذَا حفيدِي كَهْلٌ (1) .
وَقَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سُئِلَ ابْنُ مَنْدَة - بحضرتِي - عَنِ ابْنِ حَسنُويه المُقْرِئ، فَقَالَ: كَانَ شَيْخاً أَتَى عَلَيْهِ مائَة وَعشر سِنِيْنَ (2) .
قُلْتُ: غَلِطَ ابْنُ مَنْدَة، مَا وَصل إِلَى المائَة أَصْلاً.
قَالَ حَمْزَةُ: وَسَأَلتُ أَبَا زُرْعَةَ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ عَنْهُ، فَقَالَ: كَذَّاب، بحضرتِي (3) .
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَعجبَ مِنْ هَذَا الأَصَمّ (4) !! كَانَ يَخْتلف مَعَنَا إِلَى الرَّبِيْع بن سُلَيْمَانَ، وَمَا سَمِعَ مَنْ يَاسين القِتْبَانِي (5) ، وَكَانَ جَارَ الرَّبِيْع، فكتبتُ قَولَه، وَأَريته الأَصَمّ، فصَاح وَقَالَ: وَاللهِ مَا عرفتُه (6) إِلاَّ بَعْد رُجُوعِي مِنْ مِصْرَ (7) .
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بن مَنْدَة: تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَلَى مَا زَعَمَ مِنْ سنّه يَكُون عَاشَ ثَمَانِياً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً إِنْ صَدَق.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر: ابْن حَسنُويه المُقْرِئ التَّاجِر النَّيْسَابُوْرِيّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ صَالِح بن هَانِئ: كَانَ ابْنُ حَسْنَوَيْهِ يُديم الاختلاَف مَعَنَا إِلَى السِّرِيّ بنِ خُزَيْمَةَ، وَشيَّعْنَاهُ يَوْمَ خُرُوْجه إِلَى أَبِي حَاتِمٍ (8) .
__________
(1) " الأنساب ": 4 / 145. وما بين حاصرتين منه.
(2) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 12 آ.
(3) المصدر السابق، وكلمة بحضرتي زيادة ليست في التاريخ.
(4) تقدمت ترجمته رقم / 258 / من هذا الجزء.
(5) في الأصل: العتباني، بالعين، وهو تصحيف. وهو من رجال التهذيب.
(6) أي لابن حسنويه.
(7) انظر " الأنساب ": 4 / 145 - 146.
(8) " تاريخ ابن عساكر ": 2 / 12 آ.(15/550)
قَالَ الحَاكِمُ: وَرَحَلَ إِلَى التِّرْمِذِيِّ (1) .
327 - مَيْمُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ أَبُو مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ الصَّوَّافُ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، المُعَمَّرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، الصَّوَّافُ، مِنْ مَوَالِي مُحَمَّدِ ابنِ الحَنَفِيَّةِ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيَّ، وَغُلاَمَ خَلِيل، وَالحَسَنَ بنَ السَّمْح، وَأَحْمَدَ بنَ هَارُوْنَ البَرْديجِي الحَافِظ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَابْن الفَضْلِ القَطَّان، وَأَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِي، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَغَيْرُهُم.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ صَدُوْقاً، وُلِدَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ لَهُ جُزْءٌ مَرْوِيّ سَمِعْنَاهُ مِنْ أَصْحَابِ البَهَاء عَبْد الرَّحْمَنِ.
328 - ابْنُ بُرَيْه عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الهَاشِمِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الشَّرِيْفُ، المُعَمَّرُ، شَيْخُ بَنِي هَاشِمٍ، أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ ابنِ الأَمِيْر عِيْسَى ابنِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ المَنْصُوْرِ أَبِي جَعْفَرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
__________
(1) " الأنساب ": 4 / 144.
(*) تاريخ بغداد: 13 / 211.
(2) " تاريخ بغداد ": 13 / 211.
(* *) تاريخ بغداد: 9 / 410 - 411، المنتظم: 7 / 5، العبر: 2 / 286، شذرات الذهب: 3 / 3.(15/551)
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو القَاسِمِ بن المُنْذِرِ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَادِي، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَجَمَاعَة.
وَكَانَ خطيب جَامعِ بَغْدَاد، فَكَانَ يَقُوْلُ: رَقَى هَذَا المِنْبَر الوَاثقُ، وَأَنَا، وَكلاَنَا فِي درجَة فِي النَّسَبِ إِلَى المَنْصُوْر (1) .
قُلْتُ: وَقَدْ عَاشَ بَعْد الوَاثِقِ (2) نَحْواً مِنْ مائَةٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَثَّقَه الخَطِيْبُ (3) .
وَتُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ سبعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ السُّلَيْمِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْه، وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَيِّاط، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القَزَّاز، وَأَبُو المَعَالِي مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ جَعْفَرٍ المُؤَذِّن، وَبِيْبَرْس المَجْدِي قَالُوا:
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي السُّعُوْدِ البَزَّاز قَالَ:
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ الكَاتِبَةُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَاقلاَنِي، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ بَكْرٍ البَزَّاز، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الهَاشِمِيّ، وَحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّهْقَان، وَأَبُو سَهْلٍ القَطَّان وَابْنُ السَّمَّاكِ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْس، عَنْ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 9 / 411.
(2) توفي الواثق بن المعتصم سنة / 232 / هـ.
(3) " تاريخ بغداد ": 9 / 411.(15/552)
سَعْد بن أَبِي وَقَّاص قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لاَ تزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرين عَلَى الدِّينِ عزيزَةً إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ) (1) .
329 - ابْنُ فَارِسٍ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ الصَّالِحُ، مُسنِدُ أَصْبَهَانَ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ ابْنُ المُحَدِّثِ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ الأَصْبَهَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّد بنِ عَاصِمٍ الثَّقَفِيّ، وَيُوْنُس بنِ حَبِيْب، وَأَحْمَد بن يُوْنُسَ (2) الضَّبِّيّ، وَهَارُوْن بن سُلَيْمَانَ، وَأَحْمَدَ بنَ عِصَام، وَإِسْمَاعِيْل سَمُّويه، وَيَحْيَى بن حَاتِمٍ، وَحُذَيْفَة بن غِيَاث، وَالكِبَار، وَتَفَرَّد بِالرِّوَايَة عَنْهُم.
وقَارب المائَة.
وَكَانَ مِنَ الثِّقَات العُبَّاد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَأَبُو ذَر بن الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِي، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ فُورك، وَابْن مَرْدُويه، وَالحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الجَمَّال، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُصْعب، وَغُلاَم محسن أَحْمَدُ بنُ يزدَاد، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَانْتَهَى إِلَيْهِ علوُّ الإِسْنَاد.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
__________
(1) أخرجه من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس، عن المغيرة بن شعبة، البخاري (7311) في الاعتصام ومسلم (1920) في الامارة، قال الحافظ: وقد اتفق الرواة عن إسماعيل على أنه عن قيس عن المغيرة وخالفهم أبو معاوية فقال: عن سعد، بدل: المغيرة، فأورده أبو إسماعيل الهروي في " ذم الكلام " وقال: الصواب قول الجماعة: عن المغيرة.
وحديث سعد عند مسلم (1925) لكن من طريق أبي عثمان عن سعد بلفظ: " لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة ".
(*) طبقات المحدثين بأصبهان الورقة 156، ذكر أخبار أصبهان: 2 / 80، العبر: 2 / 272، شذرات الذهب: 2 / 372.
(2) في " العبر ": 2 / 272 أحمد بن يوسف، وهو تحريف.(15/553)
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ: رَأَيْتهُ يُحَدِّث بِمَكَّةَ فِي أَيَّام المُفَضَّل بن مُحَمَّدٍ الجَنَدِي.
وَقَالَ ابْنُ مَنْدَة: كَانَ شُيُوْخ الدُّنْيَا خَمْسَة:
ابْنُ فَارس بِأَصْبَهَانَ، وَالأَصَمّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَابْنُ الأعرَابِي بِمَكَّةَ، وَخَيْثَمَة بِأَطْرَابُلُس، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار بِبَغْدَادَ.
قَالَ ابْنُ مَرْدُوَيْه وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ السُّوْذَرْجَانِيّ (1) فِي (تَاريخهُمَا) :كَانَ ثِقَةً.
وَقَالَ أَبُو الشَّيْخ: حَكَى أَبُو جَعْفَرٍ الخَيَّاط لَنَا قَالَ: حَضَرْتُ موتَ عَبْدِ الله بنِ جَعْفَر، وَكُنَّا جُلوساً عِنْدَهُ، فَقَالَ: هَذَا مَلَكُ المَوْت قَدْ جَاءَ.
وَقَالَ بِالفَارِسِيَّة: اقْبِضْ روحِي كَمَا تَقْبِضُ رُوحَ رَجُلٍ يَقُوْلُ تسعين سنَة: أَشهدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَأَشهدُ أَنَّ مُحَمَّداً عبدُه وَرَسُوْلُه (2) .
قَالَ أَبُو الشَّيْخ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بن جَعْفَرٍ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ:
مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: غَفَرَ لِي، وَأَنزلنِي منَازل الأَنْبِيَاء (3) .
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
330 - الدُّخَمْسينِيُّ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ المَرْوَزِيُّ *
المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، الإِمَامُ، أَبُو أَحْمَدَ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ
__________
(1) بضم السين المهملة، والذال المفتوحة المعجمة، وسكون الراء، وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى " سوذرجان " وهي من قرى أصبهان " الأنساب ": 7 / 185.
(2) طبقات المحدثين الورقة 156، و" ذكر أخبار أصبهان ": 2 / 80.
(3) ذكر أخبار أصبهان 2 / 80، وليس في ترجمته في طبقات المحدثين لأبي الشيخ مع أنه منقول عنه.
(*) الأنساب: 5 / 289 - 291، العبر: 2 / 267، الوافي بالوفيات:: 10 / 216 - 217، شذرات الذهب: 2 / 369 - 370.(15/554)
المَرْوَزِيُّ، الصَّيْرَفِيُّ، كَانَ يَقُوْلُ: زِدْ خَمْسِيْنَ فَبَنَوْا لَهُ لَقَباً مِنْ ذَلِكَ (1) .
سَمِعَ: أَبَا قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيّ، وَأَحْمَد بن عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيّ، وَأَبَا الموجَّه مُحَمَّد بن عَمْرٍو، وَعَبْدَ الصَّمَدِ بن الفَضْلِ، وَأَبَا حَاتِم الرَّازِيّ، لَكِنْ عُدم سَمَاعُه مِنْ أَبِي حَاتِمٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَدِيّ، وَالحَاكِمُ، وَابْنُ مَنْدَة، وَغُنْجَار، وَمَنْصُوْر الكَاغَدِي، وَحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ المَاسَرْجِسِي.
سَار إِلَى سَمَرْقَنْد لمِيرَاث لَهُ مِنْ غُلاَمه، فَمَاتَ بِبُخَارَى سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
كَذَا أَرَّخَهُ الحَاكِم.
وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ وَغَيْرُهُ: بَلْ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
وَمَا علمتُ أَنَا بِهِ بَأْساً.
331 - الطَّسْتِيُّ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُكْرمٍ البَغْدَادِيُّ، الطَّسْتِيُّ (3) ، الوَكِيْلُ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا، وَدُبَيْس بن سَلاَّمٍ القَصبَانِي (4) ، وَحَامِد بن سَهْلٍ، وَإِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ، وَطَبَقَتهُم.
__________
(1) انظر " الأنساب ": 5 / 289.
(2) " الأنساب ": 5 / 291.
(*) تاريخ بغداد: 11 / 41، الأنساب: 8 / 142، المنتظم: 6 / 385، العبر: 2 / 272، شذرات الذهب: 2 / 373.
(3) نسبة إلى (الطست) وعمله. " الأنساب ": 8 / 241.
(4) نسبة إلى (القصب) وبيعه. " الأنساب ": 10 / 168.(15/555)
وَله جُزْءان مرويَان لِلسِّلَفِيِّ، وَقَعَ لَنَا أَحدُهُمَا بِالاتصَال.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَعَلِيُّ بنُ دَاوُدَ الرَّزَّاز، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ.
وَعَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
332
- وَهْبُ بنُ مَسَرَّةَ * بنِ مُفَرّجِ بنِ بَكْرٍ (1) أَبُو الحَزْمِ التَّمِيْمِيُّ
الأَنْدَلُسِيُّ، الحِجَارِيُّ، المَالِكِيُّ، الحَافِظُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ السِّتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ بقُرْطُبَة مِنْ: مُحَمَّد بن وَضَّاح الحَافِظ، وَمن عُبَيْد اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَحْمَد بن الرَّاضي، وَأَبِي عُثْمَانَ الأَعْنَاقِيّ، وَقَدْ سَمِعَ بوَادِي الحِجَارَة - مدينَة صَارت لِلْعَدو - مِنْ مُحَمَّد بنِ عَزْرَة، وَأَبِي وَهْب بن أَبِي نُخَيلَة.
وَقَدْ حدَّثَ (بِمسند ابْن أَبِي شَيْبَةَ) ، عَنِ ابْنِ وَضَّاح.
وَكَانَ رَأْساً فِي الفِقْه، بَصِيْراً بِالحَدِيْثِ وَرجَاله مَعَ وَرعٍ وَتَقْوَى، دَارت الفُتْيَا عَلَيْهِ ببلدِه، وَلَهُ توَالِيفُ وَأَوضَاع، أَحضروهُ إِلَى قُرْطُبَة، وَأُخْرِجَتْ إِلَيْهِ
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 165 - 166، جذوة المقتبس: 338، تذكرة الحفاظ: 3 / 890، العبر: 2 / 274، مرآة الجنان: 2 / 340، الديباج المذهب: 349، لسان الميزان: 6 / 231، طبقات الحفاظ: 363 - 364، شذرات الذهب: 2 / 374.
(1) في " تاريخ علماء الأندلس ": ابن حكم، وفي " الديباج ": حكيم.(15/556)
أُصُوْل ابْنِ وَضَّاح الَّتِي سَمِعَهَا مِنْهُ، فَسُمِعَت عَلَيْهِ، وَسَمِعَ مِنْهُ عَالِم عَظِيْمٌ، وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ.
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ القَلَعِي، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحِيْمِ أَحْمَدُ بنُ العَجُوز، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الشَّيْخ، وَأَبُو عُمَرَ أَحْمَد بن الجَسُور، وَأَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ التَّاهَرْتِي، وَحمل الحَافِظَان ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَابْنُ حَزْم عَنْ أَصْحَابه، وَقَدْ كَانَ مِنْهُ هَفْوَة فِي القَوْل بِالقَدر، نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضي: تُركَ لأَنَّه كَانَ يدعُو إِلَى بِدْعَة وَهْب بن مَسَرَّة (1) .
وَمِمَّا نُقل عَنِ ابْنِ مَسَرَّة، أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ:
لَيْسَتِ الجَنَّةُ الَّتِي أُخرج مِنْهَا أَبونَا آدم بجنَة الخُلْد، بَلْ جنَةٌ فِي الأَرْض. فهَذَا تنطُّعٌ وَتعمُّق مَرْذُول (2) .
__________
(1) انظر " تاريخ علماء الأندلس ": 2 / 81 - 82.
(2) ما أدري كيف تأتى للامام الذهبي أن يصف هذا القول بأنه تنطع وتعمق مرذول، مع أنه قول الامام أبي حنيفة وغيره من المحققين من أهل السنة، فقد قال الامام أبو منصور الماتريدي في تفسيره المسمى بالتأويلات: نعتقد أن هذه الجنة بستان من البساتين، أو غيضة من الغياض، كان آدم وزوجه منعمين فيها، وليس علينا تعيينها، ولا البحث عن مكانها، وهذا هو مذهب السلف، وهو قول تكثر الدلائل الموجبة للقول به:
1 - إن الله خلق آدم في الأرض ليكون هو ونسله خليفة فيها، فالخلافة مقصودة منهم بالذات، فلا يصح أن تكون عقوبة عارضة.
2 - أخبر على لسان جميع رسله أن جنة الخلد إنما يكون الدخول إليها يوم القيامة، ولم يأت زمن دخولها بعد.
3 - وصف جنة الخلد في كتابه بصفات، ومحال أن يصف الله سبحانه شيئا بصفة، ثم يكون ذلك الشئ بغير تلك الصفة التي وصفه بها، فقد جاء وصف الجنة التي أعدت للمتقين بأنها دار المقامة، فمن دخلها أقام بها، ولم يقم آدم بالجنة التي دخلها، وجاء في وصفها أنها جنة الخلد، وآدم لم يخلد فيها، وأنها دار ثواب وجزاء، لا دار تكليف وأمر ونهي، وأنها دار سلامة =(15/557)
قَالَ الطَّلَمَنْكِي (1) فِي ردِّه عَلَى البَاطنيَّة: ابْنُ مَسَرَّة ادَّعَى النُّبُوَّة، وَزَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ الكَلاَم، فَثَبت فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْد الله.
قُلْتُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ قبيل ادِّعَاء النُّبُوَّة، بَلْ مِنْ قبيل الغَلَط وَالجَهْل.
تُوُفِّيَ بِبَلَدِهِ بَعْدَ رُجُوعه مِنْ قُرْطُبَة فِي نِصْفِ شَعْبَان سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
333 - الخُلْدِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نُصَيْرٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَام، القُدْوَة، المُحَدِّث، شَيْخ الصُّوْفِيَّة، أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نُصَيْر بنِ قَاسم البَغْدَادِيُّ، كَانَ يَسْكُنُ مَحلَّةَ الخُلْدِ (2) .
__________
= مطلقة، لا دار ابتلاء وامتحان، وقد ابتلي آدم فيها بأعظم الابتلاء، وأنها لا يدخلها، إلا المؤمنون المتقون، فكيف دخلها الشيطان الكافر الملتعن، وأنها دار لا يعصى الله فيها أبدا، وقد عصى آدم ربه في جنته التي دخلها، وأنها ليست دار خوف ولا حزن، وقد حصل للابوين فيها من الخوف والحزن ما حل، ولا نزاع أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم في الأرض، ولم يذكر في موضع واحد أصلا أنه نقله إلى السماء، ولو حصل، لكان أولى بالذكر لأنه من أعظم الآيات.
(1) هو أحمد بن محمد بن عبد الله الطلمنكي - من طلمنكة، وهي ثغر الأندلس الشرقي - أحد الأئمة في علم القرآن العظيم، جمع كتبا حسانا كثيرة النفع على مذاهب أهل السنة.
منها: رسالة في أصول الديانات، والرد على ابن مسرة. توفي سنة / 429 /.
انظر " الصلة ": 1 / 44 - 45، و" الديباج المذهب ": 39.
(*) طبقات الصوفية: 434 - 439، حلية الأولياء: 10 / 381، تاريخ بغداد: 7 / 226 - 231 - الرسالة القشيرية: 28، الأنساب: 5 / 161 - 162، المنتظم: 6 / 391، معجم البلدان: 2 / 382، العبر: 2 / 279، مرآة الجنان: 2 / 342، البداية والنهاية: 11 / 234، طبقات الأولياء: 170 - 174، غاية النهاية: 1 / 197 - 198، النجوم الزاهرة: 3 / 322، شذرات الذهب: 2 / 378.
(2) وقيل له: الخلدي لأنه كان يوما عند الجنيد، فسئل الجنيد عن مسألة فقال الجنيد: أجبهم، فأجابهم.
فقال: يا خلدي من أين لك هذه الاجوبة؟ فبقي عليه.
قال الخلدي: والله ما سكنت الخلد، ولا سكن أحد من آبائي.
انظر " الأنساب ": 5 / 161.(15/558)
سَمِعَ: الحَارِث بن أَبِي أُسَامَةَ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَأَبَا مُسْلِم الكَجِّيّ، وَعُمَر بن حَفْص السَّدُوْسِيّ، وَأَبَا العَبَّاسِ بن مَسْرُوْق.
وصَحِب أَبَا الحُسَيْن النُّورِي، وَالجُنَيْد، وَأَبَا مُحَمَّد الجَرَيْرِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يُوْسُف القَوَّاس، وَالحَاكِمُ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الصَّلْت، وَعَبْد العَزِيْزِ السّتُورِي، وَالحُسَيْن الغَضَائِرِي، وَابْن رَزْقُوَيْه، وَابْن الفَضْلِ القَطَّان، وَأَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِي، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: ثِقَةٌ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِي: سَمِعْتُ الخُلْدِيّ يَقُوْل:
مضيتُ إِلَى عَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَأَنَا حَدَث، فكتبتُ عَنْهُ مَجْلِساً، وَخَرَجْتُ، فلقينِي صُوفيٌ، فَقَالَ: أَيشٍ هَذَا؟
فَأَريتُه فَقَالَ: وَيْحَك، تَدَعُ عِلْمَ الخِرَق، وَتَأَخذُ عِلْم الوَرَق! ثُمَّ خرَّق الأَورَاق، فَدَخَلَ كَلاَمُه فِي قلبِي، فَلم أَعدْ إِلَى عَبَّاس (1) ، وَوقفتُ بعرَفَة ستاً وَخَمْسِيْنَ وَقفَة.
قُلْتُ: مَاذَا إِلاَّ صُوفيٌّ جَاهِلٌ يمزِّق الأَحَادِيْثَ النَّبويَة، وَيحُضُّ عَلَى أَمرٍ مَجْهُول، فَمَا أَحْوَجَه إِلَى العِلْم.
قيل: عجَائِب بَغْدَاد: نُكَتُ المُرْتَعِش (2) ، وَإِشَارَات الشِّبْلِي (3) ، وَحكَايَات الخُلْدِيّ (4) .
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 7 / 227، وما بين حاصرتين منه.
(2) تقدمت ترجمته رقم / 87 / من هذا الجزء.
(3) تقدمت ترجمته رقم / 190 / من هذا الجزء.
(4) " تاريخ بغداد ": 7 / 227.(15/559)
قَالَ القَوَّاس: سَمِعْتُ الخُلْدِيّ يَقُوْلُ: لاَ تُوجد لَذَّة المُعَاملَة مَعَ لذَّة النَّفْس (1) .
وَعَنِ الخُلْدِيّ قَالَ: عِنْدِي مائَةٌ وثَلاَثُوْنَ دِيوَاناً مِنْ دَوَاوين القَوْم (2) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي رَمَضَانَ وَلَهُ خَمْسٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَعِنْدِي مَجَالِس مِنْ (أَمَاليه) .
334 - الصَّرَفَنْدِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ الأَنْصَارِيُّ، الصَّرَفَنْدِيُّ، الشَّامِيُّ.
وَصرفَنْدَةُ: حِصنٌ بِالسَّاحِل (3) دُثِرَ.
سَمِعَ: بَكَّار بن قُتَيْبَةَ، وَأَبَا أُمَيَّة الطَّرَسُوْسِيَّ، وَمُعَاوِيَة بنَ صَالِحٍ، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَالرَّبِيْع بنَ مُحَمَّدٍ اللاّذِقي، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ أَبِي العَجَائِز، وَشِهَابُ بنُ مُحَمَّدٍ الصُّوْرِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْع وَغَيْرُهُم.
هَذَا الَّذِي عِنْدِي مِنْ حَاله - رَحِمَهُ اللهُ -.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ حضوراً، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طَلاَّب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ
__________
(1) " لأن أهل الحقائق قطعوا العلائق التي تقطعهم عن الحق قبل أن تقطعهم العلائق ". " طبقات الصوفية ": 436.
(2) " طبقات الصوفية ": 434.
(*) الأنساب: 8 / 56 - 57، تاريخ ابن عساكر: 2 / 206 ب، معجم البلدان: 3 / 402.
(3) من أعمال صور.(15/560)
الغَسَّانِيّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّرَفَنْدِيُّ قَالَ:
كَتَبَ إِلَيَّ جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ: قَالَ لَنَا سَعِيْد بنُ سَلاَّم، حَدَّثَنَا المسيّب أَبُو زُهَيْر، سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَر المَنْصُوْر، يحدِّث عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدِّه، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (العَبَّاس عمّي وَوَصَيِّي وَوَارِثِي) .
هَذَا حَدِيْثٌ مُنْكَرٌ، وَجَعْفَر لَيْسَ بِثِقَةٍ (1) .
335 - ابْنُ الجُزَّارِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَيْرَوَانِيُّ *
الفيلسوفُ البَاهرُ، شَيْخُ الطِّبّ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي خَالِدٍ القَيْرَوَانِيُّ، تِلْمِيْذُ إِسْحَاق بن سُلَيْمَانَ الإِسْرَائِيْلِيّ.
اتَّصل بِالدَّوْلَة العُبَيْدِيَّة، وَكَثُرَتْ أَمْوَالهُ وَحشمَتُه.
وَصَنَّفَ الْكثير، مِنْ ذَلِكَ كتَاب (زَادِ المُسَافِر) فِي الطِّبِّ، و (الأَدويَة المُفْرَدَة (2)) ، و (رسَالَة فِي النَّفْس) - طَوِيْلَة -، وكتَاب (ذَمِّ إِخرَاج الدَّم (3)) ، وكتَاب (أَسبَاب وَبَاء مِصْر، وَالحيلَة فِي دَفْعه) ، وكتَاب (دَوْلَة المَهْدِيِّ وَظهورهِ بِالغربِ) .
وَكَانَ حَيّاً فِي دَوْلَة المُعِزِّ بِاللهِ (4) .
__________
(1) في الميزان 1 / 412: قال الدارقطني: يضع الحديث، وقال أبو زرعة: روى أحاديث لا أصل لها، وقال ابن عدي: يسرق الحديث، ويأتي بالمناكير عن الثقات.
(*) طبقات الأمم: 91 - 92، معجم الأدباء: 2 / 136 - 137، عيون الانباء: 481 - 482، الوافي بالوفيات: 6 / 208 - 209، بغية الوعاة: 117.
(2) في " معجم الأدباء ": المعروف بالاعتماد.
(3) في " عيون الانباء ": رسالة في التحذير من إخراج الدم من غير حاجة دعت إلى إخراجه.
(4) توفي المعز سنة / 365 /، وقد تقدمت ترجمته رقم / 68 / من هذا الجزء.(15/561)
وَله كتَاب (طِبّ الفُقَرَاء) ، وَأَشيَاء، وَطَالَ عُمُرُهُ.
336 - صَاحِبُ الأَنْدَلُسِ النَّاصرُ لِدِينِ اللهِ المَرْوَانِيُّ *
المَلِكُ، المُلَقَّبُ بِأَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ، النَّاصرُ لِدِيْنِ اللهِ، أَبُو المُطَرِّفِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابنُ الأَمِيْرِ مُحَمَّدِ ابنِ صَاحبِ الأَنْدَلُسِ عَبْدِ اللهِ ابنِ صَاحبِ الأَنْدَلُسِ مُحَمَّدِ ابنِ صَاحبِ الأَنْدَلُسِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابنِ صَاحبِهَا الحَكَمِ ابنِ صَاحِبِهَا هِشَامِ ابنِ الأَمِيْر الدَّاخِلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ ابنِ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ المَرْوَانِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ.
بَانِي مدينَة الزَّهْرَاء (1) وَالَّذِي دَامتْ دولتُه خَمْسِيْنَ سنَةً، وَصَاحبَ الفُتُوْحَاتِ الكثيرَة، وَالغَزَوَات المَشْهُوْرَة، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَلقَّب بِأَلقَاب الخِلاَفَة، وَذَلِكَ لَمَّا بَلَغَه قَتْلُ المُقْتَدر، وَوَهْنُ الخِلاَفَة العَبَّاسِيَّة، فَقَالَ: أَنَا أَوْلَى بِالاسْم وَالنَّعْت.
قُتِلَ أَبُو هَذَا شَابّاً وَلِهَذَا عِشْرُوْنَ يَوْماً، فَكََفِلَهُ جدُّه، فَلَمَّا مَاتَ جَدُّه، بُوْيِع هَذَا سَنَةَ ثَلاَثٍ مائَة مَعَ وَجودِ الأَكَابِر مِنْ أَعمَامه وَأَعمَام أَبِيهِ، فولِي وَعمره اثْنَتَانِ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، فضَبط الممَالِك، وَخَافَتْه الأَعدَاءُ، وَعمل الزّهْرَاء عَلَى بَرِيد (2) مِنْ قُرْطُبَة، فشيَّدهَا وَزخرفَهَا، وَأَنفقَ عَلَيْهَا قنَاطيرَ مِنَ الذَّهب،
__________
(*) العقد الفريد: 4 / 498 - جذوة المقتبس: 13، بغية الملتمس: 17، الكامل: 8 / 73 - 74، الحلة السيراء: 1 / 197 - 200، المغرب في حلى المغرب: 1 / 176 - 181، البيان المغرب: 2 / 156 وما بعدها. العبر: 2 / 287، البداية والنهاية: 11 / 238، نفح الطيب: 1 / 353 - 371، النجوم الزاهرة: 3 / 330.
(1) انظر " معجم البلدان ": 3 / 161.
(2) البريد: اثنا عشر ميلا.(15/562)
وَكَانَ لاَ يَملُّ مِنَ الغَزْو، فِيْهِ سُؤْدُدٌ وَحَزْم وَإِقْدَام، وَسجَايَا حمِيدَة، أَصَابَهُم قَحْطٌ، فَجَاءَ رَسُوْلُ قَاضيه مُنْذر البَلُّوطي (1) يحرّكُه للخُرُوْج، فلَبِس ثوْباً خَشِناً، وَبَكَى وَاسْتغفر، وَتذلَّل لربِّه، وَقَالَ: نَاصيتِي بِيَدِك، لاَ تعذِّب الرَّعيَة بِي، لَنْ يَفُوتك مِنِّي شَيْءٌ.
فَبلغَ القَاضِي، فتهلَّل وَجهه، وَقَالَ: إِذَا خَشَعَ جبَّارُ الأَرْض، يرحم جَبَّار السَّمَاء، فَاسْتَسْقوا وَرُحمُوا.
وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - يَنْطوِي عَلَى دين، وَحُسْنِ خُلُقٍ وَمُزَاحٍ.
وَكَانَ دَسْتُه فِي وَقْتِهِ فَوْقَ دَسْتِ مُلُوْكِ الإِسْلاَم.
وَوَزَرَ لَهُ أَبُو مَرْوَان بنُ شُهيد (2) ، وَغَيْرُهُ.
وَنقل بَعْضُهُم أَنَّ وَزيراً لَهُ قَدّمَ لَهُ هَدِيَة سَنِيَّة مِنْهَا: خَمْس مائَة أَلْفِ دِيْنَار، وَأَرْبَعِ مائَةٍ رَطْل تبراً (3) ، وَأَلفَا أَلفِ دِرْهَم، وَمائَةٌ وَثَمَانُوْنَ رطْلاً مِنَ العُود، وَمائَةُ أُوقيَّة مِنَ المِسْك، وَخَمْس مائَة أَوقيَّة عَنْبر، وَثَلاَثِ مائَةٍ أُوقيَّة كَافور، وثَلاَثُوْنَ ثوباً خَاماً، وَستُّ سُرَادِقَات (4) ، وَعشرَةُ قنَاطير سمُّور (5) ، وَأَرْبَعَة آلاَف رطْل حَرِير، وَأَلف تُرْس، وثمَان مائَةِ تِجفَاف (6) ، وَخمسَةَ عشرَ حِصَاناً، وَعِشْرُوْنَ بَغْلاً، وَأَرْبَعُوْنَ مَمْلُوكاً، وَمائَة فَرَس، وَعِشْرُوْنَ
__________
(1) هو منذر بن سعيد بن عبد الله، البلوطي، كان قاضيا، بصيرا بالجدل، منحرفا إلى مذهب أهل الكلام، توفي سنة / 355 / هـ انظر " تاريخ علماء الأندلس ": 2 / 144 - 145.
(2) انظر ترجمته في " الوافي بالوفيات ": 7 / 144 - 148، وفي هامشه مصادر ترجمته.
(3) التبر: ما كان من الذهب غير مضروب، فإذا ضرب دنانير فهو عين، ولا يقال تبر إلا للذهب..وبعضهم يقوله للفضة أيضا.
(4) واحدها: سرادق، وهي تمد فوق صحن الدار.
(5) السمور: حيوان بري يشبه السنور يتخذ من جلده الفراء للينه وخضته ودفئه وحسنه " حياة الحيوان " 1 / 574.
(6) آلة للحرب، يلبسه الفرس والانسان ليقيه في الحرب.(15/563)
سُرِّيَّة (1) ، وضَيْعَتانِ، وَأَلفُ جِسْر، كُلُّ جِسْر قيمتُهُ أَلف دِرْهَم، فلقَّبه ذَا الوزَارتين، وَرفع قَدْره (2) .
وَقَدْ تُوُفِّيَ النَّاصر قَبْل تتمَةِ زخرفَةِ مدينَةِ الزَّهْرَاء، فَأَتمهَا ابْنُهُ الْمُسْتَنْصر، وَبِهَا جَامعٌ عَدِيْم المِثَل وَكَذَا مَنَارته.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ: لِي أَرْجُوزَة ذكرتُ فِيْهَا غَزَوَاته (3) .
افتَتَح سَبْعِيْنَ حِصْناً مِنْ أَعْظَم الحُصُون، وَقَدْ مَدَحَتْه الشُّعرَاء.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَسَبْعُوْنَ عَاماً - رَحِمَهُ اللهُ -.
وَقَدْ كُنْتُ ذكرتُ تَرْجَمَتَه (4) مَعَ جدِّهُم، فَأَعدتُهَا بزوائِدَ وَفوائِد، وَإِذَا كَانَ الرَّأْس عَالِيَ الهِمَّة فِي الجِهَادِ، احتُملت لَهُ هَنَات، وَحسَابه عَلَى اللهِ، أَمَا إِذَا أَمَاتَ الجِهَاد، وَظلمَ العِبَاد، وَللخزَائِن أَبَاد، فَإِنَّ رَبَّك لبالمرصَاد.
337 - ابْنُ الأَخْرَمِ مُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ بنِ مُرٍّ الدِّمَشْقِيُّ *
مُقْرِئُ دِمَشْقَ، العَلاَّمَةُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ بنُ مُرِّ بنِ الحُرِّ الرَّبَعِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، ابنُ الأَخْرَمِ، تِلْمِيْذُ هَارُوْنَ الأَخْفَشِ الدِّمَشْقِيِّ.
__________
(1) السرية: الأمة.
(2) انظر تفصيل هدية ابن شهيد له في " نفح الطيب " 1 / 356 - 359.
(3) انظرها في " العقد الفريد ": 4 / 500 - 527.
(4) انظر ترجمته في " سير أعلام النبلاء " الجزء الثامن من رقم الترجمة / 62 /.
(*) تاريخ ابن عساكر: 16 / 29 آ - 31 آ، معرفة القراء: 1 / 234 - 235 العبر: 2 / 257، الوافي بالوفيات: 5 / 131، غاية النهاية: 2 / 270 - 271، شذرات الذهب: 2 / 361.(15/564)
كَانَتْ لَهُ حَلْقَة عَظِيْمَة بِجَامع دِمَشْق يَقْرَؤُونَ عَلَيْهِ مِنْ بَعْد الفَجْر إِلَى الظُّهر.
قَالَ الدَّانِي: رَوَى عَنْهُ القِرَاءة عَرْضاً: أَحْمَدُ بنُ بُدْهن، وَأَحْمَد بنُ نَصْرٍ الشَّذَائِي، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الشَّنَبُوذِي، وَمُحَمَّدُ بنُ الخَلِيْلِ، وَصَالِحُ بنُ إِدْرِيْسَ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بِشر الأَنْطَاكِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَطِيَّةَ، وَمظَفَّر بنُ بَرهَام، وَعَلِيُّ بنُ دَاوُدَ الدَّارَانِي، وَمُحَمَّدُ بنُ حُجْر، وَجَمَاعَةٌ لاَ يُحصَى عَدَدُهُم.
قُلْتُ: مِنْهُم مُحَمَّد بن أَحْمَدَ الجُبنِي، وَسلاَمَةُ المُطَرِّز، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مِهْرَانَ.
وَقَدْ ذكرهُ عَبْدُ البَاقِي بنُ الحَسَنِ فَغَلِطَ، وَسمَّاهُ عَلِيَّ بنَ حسن بن مُرّ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ دَاوُدَ الدَّارَانِيُّ: قَدِمَ ابْنُ الأَخْرَم بَغْدَادَ، فَأَمر ابْنُ مُجَاهِد تَلاَمِذَتَه أَنْ يَخْتلفُوا إِلَى ابْنِ الأَخْرَم (1) .
وَقَالَ الشَّنَبُوذِيُّ: قَرَأْتُ عَلَيْهِ، فَمَا رَأَيْتُ أَحسنَ مَعْرِفَةً مِنْهُ بِالقُرْآن (2) وَلاَ أَحفظَ، وَكَانَ يحفَظُ تفسيراً كَثِيْراً وَمعَانِي، حَدَّثَنِي أَنَّ الأَخْفَش حفَّظَه القُرْآن (3) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ: قُمْتُ لَيْلَةً سحراً لآخذ النَّوْبَة عَلَى ابْنِ الأَخْرَمِ، فَوَجَدْتُ قَدْ سبقنِي ثَلاَثُوْنَ قَارِئاً، وَقَالَ:
لم تدركْنِي النَّوْبَةُ إِلَى العَصْر (4) .
__________
(1) " غاية النهاية ": 2 / 271.
(2) في " غاية النهاية ": القراءات.
(3) " غاية النهاية ": 2 / 271.
(4) المصدر السابق.(15/565)
تُوُفِّيَ ابْنُ الأَخْرَم فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَعَاشَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
338 - ابْنُ عَمَّارٍ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ *
عَالِم الشِّيْعَة بِالكُوْفَةِ، أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمَّارٍ.
لَهُ توَالِيفُ، مِنْهَا: (أَخْبَار آبَاء النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) و (إِيْمَانُ أَبِي طَالِبٍ) .
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
339 - ابْنُ مَاتَى عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَلَوِيُّ **
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّر، أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عِيْسَى بن زَيْدِ بنِ مَاتَى (1) - بِالفَتْح - الكُوْفِيّ، الكَاتِب، مَوْلَى آلِ زَيْد بنِ عَلِيٍّ العَلَوِيّ.
حدَّث بِبَغْدَادَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ العَبْسِي، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي العَنْبَسِ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي غرزَة، وَالحُسَيْن بنِ الحَكَمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو الحَسَنِ الحَمَّامِي، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القَطَّان، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَجَمَاعَة.
__________
(*) الفهرست للطوسي: 29 - 30.
(* *) تاريخ بغداد: 12 / 32 - 33، الإكمال: 7 / 199، المنتظم: 6 / 389، العبر: 2 / 277، شذرات الذهب: 2 / 375.
(1) في " الإكمال " و" المشتبه " و" التبصير " ضبط بكسر التاء، وقد أشار الذهبي إلى - الكسر في آخر الترجمة.(15/566)
وَثَّقَهُ الخَطِيْب (1) ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ ثَمَان وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَقع لَنَا مِنْ طَرِيقه نُسْخَة وَكِيْع، وَالطَّلَبَةُ يَقُوْلُوْنَ: ابْنُ مَاتِي - بِالكسر - فَكَأَنَّهُ يَسُوَغ أَيْضاً.
340 - ابْنُ الزُّبَيْرِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ القُرَشِيُّ *
الإِمَامُ، الثِّقَة، المُتْقِن، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الزُّبَيْرِ القُرَشِيّ، الكُوْفِيّ، الأَدِيْب.
حدَّث بِبَغْدَادَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي العَنْبَس القَاضِي، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَفَّانَ، وَأَخِيْهِ مُحَمَّد، وَمُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ القَصَّار.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ رَزْقُوَيْه، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ حَسْنُوْنَ، وَأَحْمَد بن كَثِيْر البَيِّع، وَعَلِيُّ بنُ دَاوُدَ الرَّزَّاز، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ أَديباً عَالِماً، مليحَ الكِتَابَة، بَدِيْع الوِرَاقَة، نسخَ الْكثير، وَكَانَ مِنْ جِلَّة تَلاَمِذَة ثَعْلب.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (2) .
وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ أَرْبَع وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 32.
(*) تاريخ بغداد: 12 / 81، المنتظم: 6 / 391، العبر: 2 / 279، شذرات الذهب: 2 / 379.
(2) " تاريخ بغداد ": 12 / 81.(15/567)
وَقع لابْنِ الشِّحْنَة مِنْ طَرِيقه الأَمَالِي وَالقِرَاءة جُزْء.
341 - العَطَشِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ يَحْيَى *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، المُسْنِد، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ يَحْيَى بنِ عَمْرٍو البَغْدَادِيُّ، العَطَشِيُّ (1) ، الأَدَمِيُّ (2) .
مولده سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: أَحْمَد بن عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيّ، وَعَبَّاس بن مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيّ، وَمُحَمَّد بن مَاهَان زَنْبقَة، وَمُحَمَّد بن الحُسَيْنِ الحُنَيْنِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْن رَزْقُوَيْه، وَهلاَلُ الحَفَّار، وَالحَاكِمُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَطَلْحَة بن الصَّقر، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ البُرْقَانِيّ يوَثَّقَهُ (3) .
قَالَ الخَطِيْبُ: تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ ثِقَةً (4) .
342 - القَصَّارُ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَصَّارُ، الأَصْبَهَانِيُّ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 299 - 300، الأنساب: 8 / 478، تاريخ ابن عساكر: 2 / 3 - 4، العبر: 2 / 280 - 281، شذرات الذهب: 2 / 389.
(1) نسبة إلى " سوق العطش " وهو موضع ببغداد بالجانب الشرقي. " الأنساب ": 8 / 477.
(2) نسبة إلى من يبيع الادم. " الأنساب ": 1 / 161.
(3) " تاريخ بغداد ": 4 / 299.
(4) المصدر السابق.
(* *) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 151.(15/568)
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ مَهْدِيٍّ، وَأَحْمَدَ بنَ عِصَام، وَصَالِحَ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَسِيْد بنَ عَاصِمٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَجَمَاعَة.
مَا علمتُ بِهِ بَأْساً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سبع وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
343 - المَسْعُوْدِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ *
صَاحبُ (مُروجِ الذَّهبِ) وَغَيْرِهِ مِنَ التَّوَاريخِ (1) ، أَبُو الحَسَنِ (2) عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيّ مِنْ ذُرِيَّة ابْنِ مَسْعُوْد (3) عِدَادُه فِي البَغَادِدَة، وَنَزَلَ مِصْر مُدَّة.
وَكَانَ أَخْبَارِيّاً، صَاحبَ مُلَحٍ وَغَرَائِبَ وَعجَائِبَ وَفنُوْن، وَكَانَ مُعْتَزِليّاً.
أَخَذَ عَنْ أَبِي خَلِيْفَة الجُمَحِيّ وَنِفْطَوَيْه، وَعِدَّة.
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) الفهرست: 219 - 220، معجم الأدباء: 13 / 90 - 94، العبر: 2 / 269، فوات الوفيات: 2 / 94، طبقات الشافعية: 3 / 456 - 457، لسان الميزان: 4 / 224 - 225، النجوم الزاهرة: 3 / 315، شذرات الذهب: 2 / 371.
(1) انظر " الفهرست ": 219 - 220.
(2) في " فوات الوفيات ": أبو الحسين.
(3) عبد الله بن مسعود، الصحابي الجليل، المتوفى سنة / 32 / هـ.(15/569)
344 - ابْنُ بِنْتِ عَدَبَّسَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَر بنِ هِشَام الكِنْدِيّ، الدِّمَشْقِيّ، ابْن بِنْت عَدَبَّس.
حَدَّثَ عَنْ: يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَحْمَدَ بن فيْل البَالِسِيّ، وَعَبْد البَارِي الجِسْرينِي، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَتَمَّام الرَّازِيّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُعَاذ الدَّارَانِي، وَعَبْدُ الرَّحْمَنَ بنُ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيّ.
قَالَ الكَتَّانِي: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
345 - الأَسدَاباذِيُّ الزُّبَيْرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدٍ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَة، العَابِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْر بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الأَسَدَاباذِيُّ (1) ، الهَمَذَانِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ - وَقِيْلَ: أَحْمَد، فِي جَدِّهِ مُحَمَّدٍ - رَحَّال، جَوَّال.
__________
(*) الإكمال: 6 / 151 - 152.
(* *) تاريخ بغداد: 8 / 472 - 473، الأنساب: 1 / 224، تاريخ ابن عساكر: 6 / 171 آ - 172 آ، تذكرة الحفاظ: 3 / 900 - 901، طبقات الحفاظ: 368.
(1) نسبة إلى " أسد اباذ " وهي بليدة على منزل من همذان إذا خرجت من العراق. " الأنساب ": 1 / 224.(15/570)
سَمِعَ: أَبَا خَلِيْفَة الجُمَحِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ نُصَيْر الأَصْبَهَانِيّ، وَالحَسَنَ بنَ سُفْيَان، وَعبدَان الجَوَالِيقي، وَعَبْدَ اللهِ بنَ نَاجيَة، وَأَبَا يَعْلَى، وَابنَ قُتَيْبَةَ العَسْقَلاَنِي، وَمُحَمَّدَ بنَ خُزَيْم، وَابْن جَوْصَا، وَأَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاج، وَخلقاً كَثِيْراً.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مَخْلد العَطَّار - أَحَد شُيُوْخِهِ - وَابْنُ شَاهِيْن، وَابْنُ مَنْدَة، وَأَبُو بَكْرٍ الجَوْزَقي، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَالحَاكِمُ، وَالقَاضِي عَبْد الجَبَّارِ المُعْتَزِلِي، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، وَعِدَّة.
قَالَ الحَاكِمُ: قَدِمَ نَيْسَابُوْر سَنَةَ ثَلاَثٍ، فسَمِعَ (المُسْند) مِنِ ابْنِ شِيْرَوَيْه، فَأَقَامَ سنتَيْن.
وَأَمَّا رِحْلَتُه إِلَى الآفَاق فمَشْهُوْرَة، وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ المَذْكُوْرين (1) وَالحُفَّاظ، صَنّف الشُّيُوْخ وَالأَبْوَاب.
تُوُفِّيَ بِأَسد اباذ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ حَافِظاً مُتْقِناً مُكْثراً (2) .
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمَن الكِنْدِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظ، أَخْبَرَنِي الأَزْهرِي، أَخْبَرَنَا الدَّارَقُطْنِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَد العَطَّار، حَدَّثَنَا الزُّبَيْر بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ بشر، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا هَاشِم بنُ مَرْثَد، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
الشَّافِعِيُّ صَدُوْقٌ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (3) .
__________
(1) في " تاريخ بغداد ": 8 / 473 " المستورين " وفي بعض نسخ " الأنساب "، المشهورين.
(2) " تاريخ بغداد ": 8 / 473.
(3) المصدر السابق.(15/571)
346 - أَبُو الفَضْلِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الفَضْلِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، السَّيِّدُ، أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الفَضْلِ الهَاشِمِيّ، النَّيْسَابُوْرِيّ، المُزَكِيِّ، أَحدُ أَصْحَاب الحَدِيْث.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عَمْرو قشمرد، وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ الرَّازِيّ، وَأَبَا مُسْلِم الكَجِّيّ، وَمُطيَّناً وَالحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدٍ القَبَّانِي، وَخَلْقاً سِوَاهُم.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ - وَأَثْنَى عَلَيْهِ - وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
347 - ابْنُ مَعْرُوفٍ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ التَّمِيْمِيُّ **
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بنِ مَعْرُوفِ بنِ أَبَانٍ التَّمِيْمِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ عَلِيٍّ المَرْوَزِيّ، وَأَبَا عُمَرَ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ بنِ القَاسِم، وَزَكَرِيَّا بنَ أَحْمَدَ البَلْخِيّ، وَأَبَا حَامِدٍ مُحَمَّدَ بنَ هَارُوْنَ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَعَبْدُ الغنِي بنُ سَعِيْد
__________
(*) لم تقع لنا ترجمته في المصادر التي بين أيدينا.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 15 / 435 آ - 435 ب، العبر: 2 / 277، ميزان الاعتدال: 4 / 14، الوافي بالوفيات: 7 / 292، لسان الميزان: 5 / 347، شذرات الذهب: 2 / 376.(15/572)
الحَافِظ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ النَّحَّاسِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الوَرَّاق، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الكَتانِي: حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ عَلِيّ بِأَكْثَر كُتُبِهِ وَاتُّهِمَ فِي ذَلِكَ (1) .
وَقِيْلَ: إِنَّ أَكْثَرهَا إِجَازَة.
وَكَانَ يحِبُّ الحَدِيْثَ وَأَهلَه وَيكرمُهُم، وَلَهُ دُنْيَا وَتوَالِيفُ.
قَالَ عُبَيْدُ بنُ فُطَيْس: حَدَّثَنِي أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ، وَسَمِعَ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ الكَتَّانِيّ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: سَنَةَ تسعٍ.
وَمَاتَ أَخُوْهُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَكَانَ مُسِنّاً.
سَمِعَ مِنْ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ.
348 - النَّقَّاشُ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ *
العَلاَّمَةُ، المفسِّر، شَيْخُ القُرَّاءِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ المَوْصِلِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، النَّقَّاشُ.
__________
(1) " ميزان الاعتدال ": 4 / 14.
(*) الفهرست: 50، تاريخ بغداد: 2 / 201 - 205، تاريخ ابن عساكر: 15 / 121 ب - 124 آ، المنتظم: 7 / 14 - 15، معجم الأدباء: 18 / 146 - 149، وفيات الأعيان: 4 / 298 - 299، معرفة القراء: 1 / 236 - 240 تذكرة الحفاظ: 3 / 908 - 909، العبر: 2 / 292 - 293، ميزان الاعتدال: 3 / 520، الوافي بالوفيات: 2 / 345 - 346، مرآة الجنان: 2 / 347، طبقات الشافعية: 3 / 145 - 146، البداية والنهاية: 11 / 242 - 243، غاية النهاية: 2 / 119، لسان الميزان: 5 / 132، شذرات الذهب: 3 / 8 - 9.(15/573)
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ سُنِيْنَ، وَأَبِي مُسْلِم الكَجِّيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ زُهَيْر، وَمُطَيَّن، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَرَوِيّ، وَالحَسَنِ بنِ سُفْيَان، وَابنِ خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدِ بن عَلِيٍّ الصَّائِغ، وَخَلْق.
وَتلاَ عَلَى هَارُوْنَ الأَخْفشِ، وَأَحْمَدَ بنِ أَنَس - بِدِمَشْقَ - وَعَلَى الحَسَنِ بنِ الحُبَاب، وَغَيْرِهِ بِبَغْدَادَ وَعَلَى الحَسَنِ بنِ أَبِي مِهرَان بِالرَّيّ، وَعَلَى أَبِي رَبِيْعَةَ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، وَعِدَّة.
قرأَ عَلَيْهِ: أَبُو بَكْرٍ بنُ مهرَان، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرِ الفَارِسِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الحَمَّامِي، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الطَّبرِي، وَأَبُو الفَرَجِ الشَّنَبُوذِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ العَلاَّف، وَعَلِيُّ بنُ جَعْفَرٍ السَّعِيدِي، وَأَبُو الفَرَجِ النَّهْروَانِي، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ بَشَّار، وَخَلْق، آخِرُهُم مَوْتاً أَبُو القَاسِمِ عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الزَّيْدِي الحَرَّانِيّ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مُجَاهِد - وَهُوَ مِنْ شُيُوخِهِ - وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَابْنُ شَاهِيْن، وَأَبُو أَحْمَدَ الفَرَضَيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو القَاسِمِ الحُرْفِي.
وَهُوَ مُؤلف (شِفَاءِ الصُّدورِ) فِي التَّفْسِيْر.
وَكَانَ وَاسِعَ الرِّحْلَة، قَدِيْمَ اللِّقَاءِ، وَهُوَ فِي القرَاءاتِ أَقوَى مِنْهُ فِي الرِّوَايَات.
وَله كِتَابَ (الإِشَارَة فِي غَرِيْبِ القُرْآن) ، وكتَاب (المنَاسك) ، و (دلاَئِلُ النُّبُوَّة) ، و (المعَاجم الثَّلاَثَة) :أَوسط وَأَكْبَر وَأَصغر، فَالأَكْبَرُ فِي مَعْرِفَةِ المقرِئين، وَلَهُ كِتَاب كَبِيْر فِي التَّفْسِيْرِ نَحْو مِنْ أَرْبَعِيْنَ مجلداً، وكتَاب(15/574)
(القرَاءاتِ بعِلَلِهَا) ، وكتَاب (السَّبْعَة) ، وكتَاب (ضِدّ العقلِ (1)) ، وكتَاب (أَخْبَارِ القُصَّاص) وَأَشيَاء.
وَلَوْ تَثَّبت فِي النَّقْلِ، لصَارَ شَيْخَ الإِسْلاَمِ.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: هُوَ مَقْبول الشَّهَادَةِ، حَدَّثَنَا فَارسٌ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ الحُسَيْن، سَمِعْتُ ابْنَ شَنَبُوذ يَقُوْلُ:
خَرَجْتُ مِنْ دِمَشْقَ، فَإِذَا بَقَافِلَة فِيْهَا النَّقَّاش، وَبِيَدِهِ رَغِيف، فَقَالَ لِي: مَا فَعَل الأَخفش؟
قُلْتُ: تُوُفِّيَ.
قَالَ: ثُمَّ انصرفَ النَّقَّاشُ.
وَقَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الأَخفش.
وَقَالَ طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّاهد: كَانَ النَّقَّاش يَكْذِبُ فِي الحَدِيْثِ، وَالغَالِبُ عَلَيْهِ القَصَصُ (2) .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: كُلُّ حَدِيْث النَّقَّاشِ مُنكر (3) .
وَقَالَ الحَافِظُ هِبَة اللهِ اللاَّلْكَائِيّ: تَفْسِيْر النَّقَّاش إِشْفَى الصُّدور لاَ شفَاء الصُّدورِ (4) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ: فِي حَدِيْثِهِ مَنَاكِيرُ بِأَسَانيدَ مَشْهُوْرَة (5) .
رَوَى أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي غَالِب، عَنْ جدِّهِ مُعَاوِيَةَ بنِ عَمْرٍو، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ لَيْث، عَنْ مُجَاهد، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ دعَاءَ حَبِيْب عَلَى حَبيبه) .
__________
(1) في " وفيات الأعيان ": صد العقل.
(2) " تاريخ بغداد ": 2 / 205.
(3) المصدر السابق.
(4) الاشفى: المثقب يخرز به، يستعمله الاسكاف.
(5) " تاريخ بغداد ": 2 / 202.(15/575)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فَرَجَعَ عَنْهُ حِيْنَ قُلْتُ لَهُ (1) :هُوَ مَوْضُوْع.
قَالَ الخَطِيْبُ: قَدْ رَوَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الكَوْكَبِي، عَنْ أَبِي غَالِب (2) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَالَ النَّقَّاش: كسرَى أَبُو شِرْوَان.
جَعلهَا كُنْيَةً، وَكَانَ يدعُو: لاَ رَجَعَتْ يَدٌ قَصدَتْكَ صفرَاءَ مِنْ عَطَائِك، وَإِنَّمَا هِيَ صِفْراً.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ ابْنَ الفَضْل القَطَّان يَقُوْلُ:
حضَرتُ النَّقَّاش وَهُوَ يَجُود بِنَفْسِهِ فِي ثَالثِ شَوَّال سنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته {لِمثْل هَذَا فَلْيَعْمَلِ العَامِلُوْنَ} [الصَّافَات:61] يُرَدِّدُهَا ثَلاَثاً.
ثُمَ خَرَجَتْ نَفْسُه (3) - رَحِمَهُ اللهُ -.
قُلْتُ: قَدِ اعْتمد الدَّانِي فِي (التَّيْسِير) عَلَى رِوَايَاته للقرَاءات.
فَاللهُ أَعلم، فَإِنَّ قلبِي لاَ يَسْكُن إِلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدِي مُتَّهَم، عفَا الله عَنْهُ.
349 - ابْنُ أَبِي دَارِمٍ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّيْعِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَاضِلُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّرِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ
__________
(1) أي لأبي بكر النقاش، ونص كلام الدارقطني فيما نقله عنه الخطيب 2 / 203 بعد أن ساق الحديث بسنده: فأنكرت عليه هذا الحديث وقلت له: إن معاوية بن عمرو ثقة، وزائدة من الاثبات الأئمة، وهذا حديث كذب موضوع مركب، فرجع عنه وقال: هو في كتابي ولم أسمعه من أبي غالب، وأراني كتابا له فيه هذا الحديث، على ظهره: أبو غالب، قال: نبأني جدي، قال أبو الحسن - يعني الدارقطني - وأحسب أنه نقله من كتاب عنده توهم أنه صحيح، وكان هذا الحديث مركبا في هذا الكتاب على أبي غالب، فتوهم أبو بكر أنه من حديث أبي غالب، فاستغربه وكتبه، فلما وقفناه عليه رجع عنه.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 2 / 203.
(3) " تاريخ بغداد ": 2 / 205.
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 884 - 885، ميزان الاعتدال: 1 / 139، لسان الميزان 1 / 268، طبقات الحفاظ: 362.(15/576)
السَّرِيِّ بنِ أَبِي دَارمٍ التَّمِيْمِيُّ، الكُوْفِيّ، الشِّيْعِيّ، مُحدِّث الكُوْفَة.
سَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ العَبْسِي القَصَّار، وَأَحْمَدَ بنَ مُوْسَى الحمَّار، وَمُوْسَى بنَ هَارُوْنَ، وَمُحَمَّد بنَ عَبْدِ اللهِ مُطيَّناً، وَمُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنَ مَرْدُوَيْه، وَيَحْيَى بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الحَمَّامِي، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
كَانَ مَوْصُوَفاً بِالحِفْظِ وَالمعرفَةِ إِلاَّ أَنَّهُ يترفَّض، قَدْ أَلَّفَ فِي الحطِّ عَلَى بَعْض الصَّحَابَة، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَيْسَ بِثِقَةٍ فِي النَّقْل.
وَمن عَالِي مَا وَقَعَ لِي مِنْهُ:
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنِير، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا المُزَكِّي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَارم - بِالكُوْفَةِ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى بنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيّ، سَمِعْتُ النُّعْمَان بنَ بَشِيْر يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الحلاَلُ بَيِّنَ، وَالحَرَامُ بَيِّنَ، وَبَيْنَ ذَلِكَ مُشْتبهَات لاَ يَعْلَمهَا كَثِيْرٌ مِنَ النَّاس، مَنْ تَرَك الشُّبُهَات اسْتبرأَ لدينِهِ وَعِرْضِه، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ، وَقَعَ فِي الحَرَام كَالرَّاعِي إِلَى جَنْبِ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَه (1)) .
الحَدِيْث. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
__________
(1) أخرجه البخاري (52) في الايمان: باب فضل من استبرأ لدينه، من طريق أبي نعيم بهذا الإسناد، وأخرجه مسلم (1599) في المساقاة: باب أخذ الحلال وترك الشبهات، من طريق محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني، عن أبيه، عن زكريا به.(15/577)
مَاتَ أَبُو بَكْرٍ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ إِحْدَى.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ رَافضي، غَيْرُ ثِقَةٍ (1) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ حَمَّاد الحَافِظ: كَانَ مُسْتَقِيْمَ الأَمْر عَامَّة دَهْره، ثُمَّ فِي آخر أَيَّامه كَانَ أَكْثَرَ مَا يُقرأُ عَلَيْهِ المَثَالب، حَضَرْتُه وَرَجُل يَقْرأُ عَلَيْهِ أَنَّ عُمر رفَسَ فَاطِمَة حَتَّى أَسقطتْ محسّناً.
وفِي خبرٍ آخر قَوْله تَعَالَى: {وَجَاءَ فِرْعَوْن} (2) :عُمر، {وَمَنْ قَبْلَهُ} أَبُو بَكْرٍ، وَ {المُؤتَفِكَاتُ} :عَائِشَة، وَحَفْصَة.
فَوَافقتُه وَتركتُ حَدِيْثه (3) .
قُلْتُ: شَيْخٌ ضَالٌّ مُعَثَّر.
350 - ابْنُ يُوْنُسَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ المِصْرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُتْقِنُ، أَبُو سَعِيْد عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ ابنِ الإِمَام يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّدفِيُّ (4) ، المِصْرِيُّ، صَاحبُ (تَارِيخِ عُلَمَاءِ مِصْرَ) .
__________
(1) " ميزان الاعتدال ": 1 / 139.
(2) الآية: (وجاء فرعون، ومن قبله، والمؤتفكات بالخاطئة) . الحاقة: 9.
(3) " ميزان الاعتدال ": 1 / 139، وانظر تمام الكلام فيه.
(*) الأنساب: 8 / 45 - 46، وفيات الأعيان: 3 / 137 - 138، تذكرة الحفاظ: 3 / 898 - 899، العبر: 2 / 276 - 277، مرآة الجنان: 2 / 340 - 341، البداية والنهاية: 11 / 233، حسن المحاضرة: 1 / 198، شذرات الذهب: 2 / 375.
(4) هذه النسبة إلى " الصدف " - بكسر الدال، وتفتح بالنسب - وهي قبيلة من حمير نزلت مصر. انظر " الأنساب ": 8 / 43، و" وفيات الأعيان ": 3 / 138.(15/578)
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَأَحْمَدَ بنَ حَمَّاد زُغْبَة، وَعَلِيَّ بنَ سَعِيْدٍ الرَّازِيّ، وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ يَحْيَى بنِ بُكَيْر، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيّ، وَعَبْد السَلاَّم بن سَهْل البَغْدَادِيّ، وَأَبَا يَعْقُوْب المِنْجَنِيْقي، وَعَلِيَّ بن قُدَيْد، وَعَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ علاّن وَخَلْقاً كَثِيْراً.
مَا ارْتَحَلَ وَلاَ سَمِعَ بِغَيْر مِصْر، وَلَكِنَّهُ إِمَامٌ بَصِير بِالرِّجَال فَهِمٌ مُتَيَقِّظٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَسْرُور البَلْخِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَة، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدِ اختصرتُ (تَاريخَه) ، وَعلقتُ مِنْهُ غَرَائِب.
مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَة سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ سِتَّة وَسِتِّيْنَ عَاماً.
وَفِيْهَا مَاتَ: عَالِمُ دِمَشْقَ وَمُسنِدهَا، القَاضِي أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ بن حَذْلَم الأَسَدِيّ، وَمسنِد الكُوْفَةِ، أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مَاتِي (1) ، وَنَحْوِيُّ العِرَاق، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ دَرَسْتَوَيه الفَارِسِيّ، وَمحدِّث دِمَشْق أَبُو المَيْمُوْن رَاشِد البَجَلِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ الفَضْلِ بنِ العَبَّاسِ بنِ خُزَيْمَة بِبَغْدَادَ، وَأَبُو الفَضْلِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَافِظِ الفَضْل بنِ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِي النَّيْسَابُوْرِيّ، وَحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ العَقَبِي البَغْدَادِيّ الدِّهْقَان.
__________
(1) تقدمت ترجمته رقم / 339 / من هذا الجزء.(15/579)
351 - القَزْوِيْنِيُّ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ أَحْمَدَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ القَزْوِيْنِيُّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ بِبَيْت لِهْيَا (1) .
سَمِعَ بِبَلَدِهِ مِنْ: يُوْسُف بنِ يَعْقُوْبَ القَزْوِيْنِيّ، وَبَالرَّيّ مُحَمَّد بنَ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْس، وَعَلِيَّ بنَ الجُنَيْد المَالِكِيّ، وَبِبَغْدَادَ إِدْرِيْس بنَ جَعْفَر وَأَقرَانهِ، وَبمِصْر أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيّ، وَبِالبَصْرَة مِنَ السَّاجِيّ وَغَيْرِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَمَّام الرَّازِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ النَّحَّاس المِصْرِيّ، وَمنير بن أَحْمَدَ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ قَبْل الخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَثَّقَهُ تَمَّام.
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الجُذَامِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عمَاد، وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا أَبُو صَادِق بنُ صباح، قَالاَ:
أَخْبَرْنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الشَّافِعِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى القَزْوِيْنِيّ، حَدَّثَنَا بُهْلولُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْر، حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ) (2) .
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 890 - 891، طبقات الحفاظ: 364.
(1) قرية مشهورة بغوطة دمشق انظر " معجم البلدان ": 1 / 522.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 310، في الصيام: باب جامع الصيام، ومن طريقه البخاري 4 / 87، 94، في الصيام: باب فضل الصوم عن أبي الزناد، بهذا الإسناد، وأخرجه مسلم (1151) (1620) من طريقين عن المغيرة الحزامي، عن أبي الزناد.(15/580)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الكَرِيْم ابنُ حَمْزَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا تَمَّام الحَافِظ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى الحَافِظ، حَدَّثَنَا إِدْرِيْسُ بنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَدْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُم بِالسِّوَاكِ عِنْد كُلِّ صَلاَةٍ) .
__________
(1) وأخرجه أحمد 2 / 399، 429، والترمذي (22) ، والطحاوي 1 / 26، من طريق محمد بن عمرو بهذا الإسناد، وأخرجه مالك 1 / 66، والبخاري 2 / 211، 212 في الجمعة: باب السواك يوم الجمعة، ومسلم (252) ، وأبو داود (46) ، والدارمي 1 / 174، والشافعي 1 / 27، والطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 76، 77، والبيهقي 1 / 35، من طريق أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة.
وأخرجه من طريق آخر عنه أحمد 2 / 433، وابن ماجة (287) ، والطحاوي 1 / 26، والبيهقي 1 / 35.(15/581)
بِعْونِهِ تَعَالَى وَتَوفِيقِهِ نَجَز الجزءُ الخامسُ العَشرِ مِن (سِير أعلامِ النُّبلاءِ) ، وَيَلِيه الجزءُ السَّادِسَ عَشَرَ، وَأَوَّله: تَرْجَمَة ابْن سعد صاحبِ (الطَّبَقَات) .(15/582)
الجُزْءُ السَّادِس عَشَرَ
1 - ابْنُ سَعْدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَعْدٍ النَّيْسَابُورِيُّ، الحَاجِّيُّ، البَزَّازُ.
رَوَى عَنْهُ الحَاكِمُ، وَقَالَ: سَمِعَ: أَبَا عَبدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ النَّضْرِ، وَأَبا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَطَبَقَتَهُم.
ثُمَّ كَتَبَ عَنْ أَرْبَعِ طَبَقَاتٍ بَعْدَهُم، وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَجَمَعَ الشُّيُوْخَ وَالأَبْوَابَ وَالمُلَحَ.
وَلَمْ يَرْحَلْ، وَقَدْ سَأَلْتُهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شِيْرَوَيْه، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
تُوُفِّيَ أَبُو مُحَمَّدٍ فَجْأَةً، فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ.
أَخْبَرَنَا الشَّرَفُ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ
__________
(*) مختصر طبقات علماء الحديث ورقة 158، تذكرة الحفاظ: 3 / 907 - 908، طبقات الحفاظ: 370، شذرات الذهب: 2 / 381.(16/5)
الحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ كَرَامَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، أَخْبَرَنِي شَرِيكٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ اللهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ بَارَزَنِي بِالحَرْبِ) ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
غَرِيبٌ جِدّاً، مَدَارُهُ عَلَى ابْنِ كرَامَةَ، قَدْ رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1) عَنْهُ، وَيُرْوَى شَبَهُهُ مِنْ طَرِيْقِ عَبْدِ الوَاحِدِ، عَنْ مَوْلاَهُ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ (2) .
2 - العَسَّالُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَصْبَهَانِيُّ *
ابْنِ سُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ القَاضِي، أَبُو أَحْمَدَ
__________
(1) 11 / 292، 297 في الرقاق: باب التواضع، ومحمد بن عثمان بن كرامة ثقة، وقد تحرف في " الحلية " 1 / 4 إلى محمد بن إسحاق بن كرامة، وعلة الحديث شيخه خالد بن مخلد، فقد أورد المؤلف في ترجمته في " الميزان " 1 / 641 - بعد أن نقل قول أحمد فيه: له مناكير، وقول أبي حاتم لا يحتج به، وقول ابن سعد منكر الحديث، - هذا الحديث وقال: فهذا حديث غريب جدا لولا هيبة الصحيح لعدوه في منكرات خالد بن مخلد، وذلك لغرابة لفظه، ولأنه مما ينفرد به شريك وليس بالحافظ..قلت: وهو راوي حديث المعراج الذي زاد فيه ونقص، وقدم وأخر، وتفرد بأشياء لم يتابع عليها.
(2) أورده الحافظ في " الفتح " 11 / 292، ونسبه لأحمد في " الزهد " وابن أبي الدنيا، وأبي نعيم في " الحلية " 1 / 5، والبيهقي في " الزهد " وذكر ابن عدي أن عبد الواحد هذا تفرد به عن عروة وقد قال فيه البخاري: منكر الحديث، ولكن خرجه الطبراني من طريق يعقوب بن مجاهد عن عروة، وقال: لم يروه عن عروة إلا يعقوب وعبد الواحد.
وفي الباب عن أبي أمامة عند الطبراني والبيهقي في الزهد وسنده ضعيف.
وعن علي عند الاسماعيلي في مسند علي.
وعن ابن عباس عند الطبراني، وسندهما ضعيف.
وعن أنس عند أبي يعلي والبزار والطبراني وفي سنده ضعف أيضا انظر " الفتح " 11 / 293، و" جامع العلوم والحكم " ص: 338، و" مجمع الزوائد " 10 / 296، 270.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 283، تاريخ بغداد: 1 / 270، الأنساب: 8 / 447، تذكرة
الحفاظ: 3 / 886 - 889، العبر: 2 / 282 - 283، البداية والنهاية: 11 / 237، الوافي بالوفيات: 2 / 41، النجوم الزاهرة: 3 / 325، طبقات الحفاظ: 361 - 362، طبقات =(16/6)
الأَصْبَهَانِيُّ، الحَافِظُ، المَعْرُوفُ بِالعَسَّالِ، صَاحِبُ المُصَنَّفَاتِ.
رَأَيْتُ لَهُ تَرْجَمَةً مُفْرَدَةً فِي جُزْءٍ لِلْحَافِظِ أَبِي مُوْسَى، قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ المَقْدِسِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: وَالِدِهِ وَهُوَ مِنْ قُدمَاءِ شُيُوْخِهِ، فَإِنَّ وَالِدَهُ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ الرَّازِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ المَدِيْنِيِّ صَاحِبِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ السُّرِّيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ زُهَيْرٍ الحُلْوَانِيِّ، وَمُطَيَّنٍ، وَأَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيِّ، وَبَكْرِ بنِ سَهْلٍ الدِّمْيَاطيِّ، وَأَمْثَالِهِم.
وَقَرَأَ القُرْآنَ لِنَافِعٍ عَلَى الأُسْتَاذِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَمْرِو بنِ سَهْلٍ الأَصْبَهَانِيِّ الصُّوْفِيِّ، عَنْ قِراءتِهِ عَلَى الفَضْلِ بنِ شَاذَانَ الرَّازِيِّ.
تَلاَ عَلَيْهِ: وَلَدُهُ؛ أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ، وَكَانَ مِنْ كُبَرَاءِ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، وَمُتَمَوِّلِيْهِم.
طَالَعْتُ كِتَابَ (المَعْرِفَةِ) لَهُ فِي السُّنَّةِ، يُنَبِّئُ عَنْ حِفْظِهِ وَإِمَامَتِهِ، وَأَكْبَرُ شَيْخٍ لِوَالِدِهِ هُوَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو البَجَلِيُّ صَاحبُ مِسْعَرٍ.
حَدَّثَ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ: أَولاَدُهُ؛ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ، وَأَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الوَهَّابِ، وَأَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عَامِرٌ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ، وَكَانَ أَرْبَعَةٌ مِنْهُم مُعَدّلِيْنَ مُحَدِّثِيْنَ، وَهُم
__________
= المفسرين للداوودي: 2 / 51 - 52، شذرات الذهب: 2 / 380 - 381، هدية العارفين: 2 / 43.(16/7)
أَحْمَدُ وَإِبْرَاهِيْمُ وَعَامِرٌ وَأَبُو بَكْرٍ.
وحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرِّبَاطِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القَصَّارُ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَاجَةَ المُؤَدِّبُ، وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُصْعَبٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
قَالَ البَاطِرقَانِيُّ: أَخْبَرْنَا ابْنُ مَنْدَةَ، قَالَ:
كَانَ أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ يَخْلُفُ الطَّبَرِيَّ وَابْنَهُ، وَكَانَ أَحَدَ الأَئِمَّةِ فِي عِلْمِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَحَدَ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه: كَانَ أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ المُعَدِّلُ يَتَوَلَّى القَضَاءَ خَلِيْفَةً لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ الطَّبرِيِّ، هُوَ أَحَدُ الأَئِمَّةِ فِي الحَدِيْثِ فَهْماً، وَإِتْقَاناً، وَأَمَانَةً.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، وَلَمْ نَرَ مِثْلَهُ فِي الإِتْقَانِ وَالحِفْظِ.
قُلْتُ: وَقدْ رَأَى النَّقَّاشُ الحَاكِمَيْنِ، وَالدَّارَقُطْنِيَّ، وَأَبَا بكرٍ الجِعَابِيَّ، وَأَبا إِسْحَاقَ بنَ حَمْزَةَ، وَأَخَذَ عَنْهُم، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَقُوْلُ هَذَا القَوْلَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ القَاضِي: أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ الثِّقَةُ، المَأْمُوْنُ، الكَبِيْرُ فِي الحِفْظِ وَالإِتْقَانِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: أَبُو أَحْمَدَ مِنْ كِبَارِ النَّاسِ فِي المَعْرِفَةِ، وَالإِتْقَانِ، وَالحِفْظِ، صَنَّفَ الشُّيُوْخَ، وَالتَّفْسِيْرَ، وَعَامَّةَ المُسْنَدِ، وَلِيَ القَضَاءَ(16/8)
بِأَصْبَهَانَ، مَقْبُولُ القَوْلِ.
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ فِي (الإِرْشَادِ) :وَمِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، حَافظٌ، مُتْقِنٌ، عَالِمٌ بِهَذَا الشَّأْنِ، كَانَ عَلَى قَضَاءِ أَصْبَهَانَ مِنْ شَرْطِ الصِّحَاحِ، لَقِيْتُ ابْنَهُ أَحْمَدَ بِالرَّيِّ، فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ.
قُلْتُ: وَقَدْ حَدَّثَ العَسَّالُ بِبَغْدَادَ، وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ فِي (تَارِيْخِهِ) ، وَقَالَ: أَخْبَرَنَا المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرو بنِ أَبِي عَاصِمٍ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً (1) .
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: ذَكَرَ أَبُو غَالِبٍ بنُ هَارُوْنَ الأَدِيْبُ، قَالَ:
كَانَ يُكْرَهُ عَلَى تَقَلُّدِ القَضَاءِ، فَكَانَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ، وَكَانَ يُلحُّ عَلَيْهِ، حَتَّى أَجَابَ خِلاَفَةً وَنيَابَةً، اسْتَخَلَفَهُ الطَّبرِيُّ وَهُوَ مُقِيْمٌ بِحَضْرَةِ رُكْنِ الدِّينِ حَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ بُوَيْه سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَلَمَّا اسْتَخْلَفَ الطَبَرِيُّ وَلدَهُ عُتْبَةَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ، وَولِيَ عُتْبَةُ القَضَاءَ بِرَأْسِهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ، فَاسْتَخْلَفَ أَبَا أَحْمَدَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ لاَ يُغْلِقُ بَابَهُ عَنْ أَحَدٍ، وَكَانَ إِذَا تَوَجَّهَ عَلَى الخَصْمِ يَمِينٌ لاَ يُحَلِّفُهُ مَا أَمْكَنَهُ، بَلْ يغرمُ عَنْهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ مائَةَ دِيْنَارٍ، فَإِذَا بَلَغَ المائَةَ أَوْ جَاوَزَهَا، كَانَ يَتَثَبَّتُ وَيُدَافِعُ وَيُمْهِلُ إِلَى المَجْلِسِ الثَّانِي، وَيُحذِّرُ المُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَالَ اليَمِينِ، وَيُخَوِّفُهُ يَوْمَ الدِّينِ، وَيُذَكِّرُهُ الوُقُوْفَ بَيْنَ يَدَي رَبِّ العَالَمِينَ، ثُمَّ يُحَلِّفُهُ عَلَى كُرْهٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ يَقُوْلُ: أَحْفَظُ فِي القُرْآنِ (2) خَمْسِيْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ.
__________
(1) تاريخ بغداد: 1 / 270 وليس فيه نص الحديث.
(2) في الأصل " القراءات " وما أثبتناه مما يأتي.(16/9)
قَالَ أَبُو مُوْسَى: ذَكَرَ أَبُو غَالِبٍ هِبَةُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ بِخَطِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ:
أَنَّ مُحَدِّثاً حَضَرَ القَاضِيَ أَبَا أَحْمَدَ، قَالَ: إِنِّيْ حَلَفْتُ أَنَّكَ تَحْفَظُ سَبْعِيْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ، فَهَلْ أَنَا بَارٌّ؟
قَالَ: بَرَّتْ يَمِينُكَ، إِنِّيْ أَحْفَظُ فِي القُرْآنِ سَبْعِيْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَمْلَى (تَفْسِيراً) كَثِيْراً مِنْ حِفْظِهِ، وَقِيْلَ: أَمْلَى أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ بِأَرْدِسْتَانَ، فَلَمَّا رَجعَ إِلَى أَصْبَهَانَ، قَابَلَ ذَلِكَ، فَكَانَ كَمَا أَمْلاَهُ.
أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ السُّوذَرْجَانِيُّ - وَكَانَ دَيِّناً ثِقَةً - قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ مَنْدَةَ يَقُوْلُ:
كَتَبْتُ عَنْ أَلفِ شَيْخٍ لَمْ أَرَ فِيهِم أَتْقَنَ مِنْ أَبِي أَحْمَدَ العَسَّالِ.
وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ: سَمِعْتُ عَمِّي يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
كَتَبْتُ عَنْ أَلفٍ وَسَبْعِ مائَةِ شَيْخٍ، فَلَمْ أَجِدْ فِيهِم مِثْلَ أَبِي أَحْمَدَ العَسَّالِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ.
وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الفَقِيْهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: أَلفٌ وَسَبْعُ مائَةٍ.
وَعَنِ ابْنِ مَنْدَةَ، قَالَ: طُفْتُ الدُّنْيَا مَرَّتَيْن، فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ العَسَّالِ.
ذَكَرَ أَبُو غَالِبٍ أَيْضاً، قَالَ: يُحْكَى أَنَّهُ مَا كَانَ يَجْلِسُ لإِملاَءِ الحَدِيْثِ، وَلاَ يَمَسُّ جُزْءاً إِلاَّ عَلَى طَهَارَةٍ، وَأَنَّهُ كَانَ مَرَّةً مَعَ صِهْرهِ، فَدَخَلَ مَسْجِداً، وَشَرَعَ فِي الصَّلاَةِ، فَخَتَمَ القُرْآنَ فِي رَكْعَة.
قَالَ أَبُو غَالِبٍ: وَسَمِعْتُ جَدِّي يَقُوْلُ: سَمِعْتُ وَالِدِي أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ ابنَ القَاضِي أَبِي أَحْمَدَ العَسَّالَ يَقُوْلُ: لَمَّا مَاتَ القَاضِي، وَجَلَسَ بَنُوهُ للتَّعْزِيَةِ، فَدَخَلَ رَجُلاَنِ فِي لِبَاسِ سَوَادٍ، وَأَخَذَا يُوَلْوِلاَنِ(16/10)
وَيقولاَن: وَاإِسْلاَمَاهُ، فَسُئِلاَ عَنْ حَالِهِمَا، فَقَالاَ: إِنَّا وَرَدْنَا مِنْ أَغْمَاتَ (1) مِنَ المَغْرِبِ، لَنَا سَنَةٌ وَنِصْفٌ فِي الطَّرِيْقِ فِي الرِّحْلَةِ إِلَى هَذَا الإِمَامِ لنَسْمَعَ مِنْهُ، فَوَافَقَ وُرُودُنَا وَفَاتَهُ.
تَصَانِيْفَهُ: (تَفْسِيْرُ القُرْآنِ) ، كِتَابُ (التَّارِيْخِ) ، كِتَابُ (تَارِيخِ النِّسَاءِ) ، كِتَابُ (مُعْجَمِهِ) ، كِتَابُ (السُّنَّةِ) ، كِتَابُ (الأَمْثَالِ) ، كِتَابُ (الرُّؤْيَةِ) ، كِتَابُ (العَظَمَةِ) ، كِتَابُ (الجِزيَةِ) ، كِتَابُ (الرَّقَائِقِ) ، كِتَابُ (مُسْنَدِ الأَبْوَابِ) ، كِتَابُ (الأَبْوَابِ) عَلَى غَرِيْبِ الحَدِيْثِ، كِتَابُ (حُرُوفِ القِرَاءاتِ) ، كِتَابُ (الآيَاتِ وَكرَامَاتِ الأَولِيَاءِ) ، كِتَابُ (مَنْ يُجْمَعُ حَدِيْثُهُ مِنَ المُقِلِّيْنَ) ، (طُرُقِ غُسْلِ يَوْمِ الجُمُعَةِ) ، (أَحَادِيثُ مَالِكٍ) ، كِتَابُ (الفَوَائِدِ) ، (أَحَادِيثُ مَنْصُوْرِ بنِ المُعْتَمِرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَحَادَةٍ، وَقُرَّةَ بنِ خَالِدٍ) ، وَأَشيَاءُ سِوَى ذَلِك.
كَانَ أَبُوْهُ أَحْمَدُ (2) مِنْ كِبَارِ التُّجَّارِ المُتَمَوِّلِيْنَ، وَقَفَ أَمْلاَكَهُ عَلَى أَولاَدِهِ، وَهِيَ بَسَاتِيْنٌ وَدورٌ وَحوَانيتُ.
سَمِعَ مِنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرٍو، وَسَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ ومائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ فِي (تَارِيخِ أَصْبَهَانَ) :مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ مَوْلَى العَلاَءِ بنِ كَسِيْبٍ العَنْبَرِيِّ، أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ: مَقْبُولُ القَوْلِ، مِنْ كِبَارِ النَّاسِ فِي المعرفَةِ وَالحِفْظِ، صَنَّفَ الشُّيُوْخَ، وَالتَّارِيْخَ، وَالتَّفْسِيْرَ وَعَامَّةَ المُسْنَدِ (3) .
__________
(1) أغمات: ناحية من بلاد المغرب قرب مراكش، وهي كثيرة الخيرات.
" معجم البلدان " 1 / 225.
(2) ترجمته في " ذكر أخبار أصبهان ": 1 / 100.
(3) " ذكر أخبار أصبهان ": 2 / 283.(16/11)
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ (1) الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرُ بنُ سَندٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى الأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الهَيْثَمِ الوَاعِظُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَربَعِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العَسَّالُ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نُعمٍ:
عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ: اسْتَيْقَظَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَإِذَا الفَأرَةُ قَدْ أَخَذَتِ الفَتِيْلَةَ، وَصَعَدَتْ إِلَى السَّقْفِ لِتُحْرِقَ عَلَيْهِ البَيْتَ، قَالَ: فَلَعَنَهَا، وَأَحَلَّ قَتْلَهَا للمُحْرِمِ (2) ، هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، مِنَ الأَفرَادِ الحِسَانِ (3) .
قَالَ أَبُو مَنْصُوْرٍ مَعْمَرُ بنُ أَحْمَدَ الزَّاهِدُ:
لَقَدْ مَاتَ مَنْ يَرْعَى الأَنَامَ بِعِلْمِهِ ... وَكَانَ لَهُ ذِكْرٌ وَصِيْتٌ فَيَنْفَعُ
وَقَدْ مَاتَ حُفَّاظُ الحَدِيْثِ وَأَهْلُهُ ... وَمِمَّنْ رَأَيْنَا وَهُوَ فِي النَّاسِ مقنعُ
__________
(1) في مشيخة المؤلف ورقة 110: عيسى بن يحيى بن أحمد بن محمد ...
(2) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، وأخرجه أحمد 3 / 79، 80، من طريق جرير، وابن ماجة (3089) من طريق محمد بن فضيل، كلاهما عن يزيد بن أبي زياد بهذا الإسناد بلفظ " يقتل المحرم الحية والعقرب والسبع العادي، والكلب العقور، والفأرة الفويسقة " فقيل له: لم قيل لها الفويسقة؟ قال: لان رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ لها وقد أخذت الفتيلة لتحرق بها البيت.
وهو دون قوله: " فقيل له " إلى آخره، في سنن أبي داود (1848) ، ومسند أحمد 3 / 3 و" شرح معاني الآثار " 2 / 166.
وعند أبي داود وأحمد لفظة منكرة، وهي قوله " ويرمي الغراب ولا يقتله ".
(3) لعل المؤلف أراد حسن متنه لمجيئه من وجه آخر صحيح عن عائشة عند مسلم 1198 وعن ابن عمر عند مالك 1 / 365، والبخاري 4 / 29، ومسلم (1199) .(16/12)
أَبُو أَحْمَدَ القَاضِي، وَقَدْ كَانَ حَافِظاً ... وَلَمْ يَكُ مِنْ أَهْلِ الضَّلاَلَةِ يتْبَعُ
وَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ ممّنْ شهرتُهُ ... يُدرِّسُ أَخْبَارَ الرَّسُولِ وَيُوسِعُ
وثَالِثُهُمْ قطبُ الزَّمَانِ وَعَصْرهُ ... أَبُو القَاسِمِ الَّلخْمِيُّ قَدْ كَانَ يُبْدِعُ
وَرَابِعُهُمْ كَانَ ابنَ حَيَّانَ آخراً ... وَمَاتَ فَكَيْفَ الآنَ فِي العِلْمِ يُطْمَعُ
فَأَبُو إِسْحَاقَ: هُوَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ الأَصْبَهَانِيُّ الحَافِظُ (1) ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَالَّلخْمِيُّ: هُوَ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوْبَ الطَّبَرَانِيُّ (2) الحَافِظُ، مَاتَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ مائَةِ سَنَةٍ.
وَابنُ حَيَّانَ: هُوَ الحَافِظُ أَبُو الشَّيْخِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ الأَصْبَهَانِيُّ (3) ، ذُو التَّصَانِيْفِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ بِضْعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةٍ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه الحَافِظُ فِي (تَارِيْخِهِ) :تُوُفِّيَ القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَأَنَا بِبَغْدَادَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ: مَاتَ فِي تَاسعِ رَمَضَانَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
__________
(1) تأتي ترجمته في هذا الجزء برقم (68) .
(2) تأتي ترجمته في هذا الجزء برقم (86) .
(3) تأتي ترجمته في هذا الجزء برقم (196) .(16/13)
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه: وَكَانَ مَوْلِدُهُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَرَوَى فِي (مُعْجَمِهِ) ، عَنْ أَرْبَعِ مائَةِ شَيْخٍ.
سَمِعَ: بِأَصْبَهَانَ، وَهَمَذَانَ، وَبَغْدَادَ، وَالكُوْفَةِ، وَالبَصْرَةِ، وَالحَرَمَيْنِ، وَوَاسِطَ، وَالرَّيِّ، وَخوزستَانَ.
وَلهُ ثَلاَثَةُ إِخْوَةٍ: إِبْرَاهِيْمُ، وَالحَسَنُ، وَالحُسَيْنُ، وَلِكُلٍ مِنْهُم نَسْلٌ وَعَقِبٌ.
أَمَا أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ (1) ، فَرَوَى عَنْ: أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ الضَّبِّيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ سَعِيْدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ.
وَلِلْحَسَنِ وَلَدٌ حَدَّثَ أَيْضاً، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه فِي (تَارِيْخِهِ) :حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ سَابُورَ الرَّقِّيُّ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَأَمَّا سَعِيْدُ (2) بنُ أَبِي أَحْمَدَ العسَّالُ، فَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ، مَشْهُوْرٌ، رَوَى عَنْ: عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ رُسْتُمٍ، وَأَبِي الحَسَنِ اللُّنْبَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ، وَطَائِفَةٍ.
__________
(1) هو أبو سعيد، الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان العسال. ترجمته في " ذكر أخبار أصبهان ": 1 / 270.
(2) هو أبو محمد، سعيد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم العسال. ترجمته في " ذكر أخبار أصبهان ": 1 / 331.(16/14)
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَغَيْرُهُمَا.
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَمَّا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ أَبِي أَحْمَدَ (1) ، فَرَوَى عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بن نَصْرٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَمَاتَ ابنُهُ أَبُو عَامِرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، يَرْوِي عَنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ الجَابِرِيِّ المَوْصِلِيِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
3 - ابْنُ عُبَيْدٍ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَسَنِ الأَسَدِيُّ *
ابْنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ الأَسَدِيُّ، الهَمَذَانِيُّ.
رَوَى عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ دَيْزِيلَ، وَمُحَمَّدِ بنِ الضُّرَيْسِ، وَعَلَيِّ بنِ الجُنَيْدِ.
وَعَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَالحَاكِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو الحَسَنِ الحمَامِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُبَانَةَ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: ضَعِيْفٌ، ادَّعَى الرِّوَايَةَ عَن ابْنِ دَيْزِيْلَ، فَذَهَبَ عِلْمُهُ، وَكتبت عَنْهُ أَيَّامَ السَّلاَمَةِ أَحَادِيثُ، وَلَمْ يَدَّعِ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، ثُمَّ ادَّعَى، وَرَوَى أَحَادِيثَ معروفَةً، كَانَ إِبْرَاهِيْمُ يَسْأَلُ عَنْهَا وَيَسْتَغْرِبُ، فَجَوَّزْنَا أَنْ أَبَاهُ سَمَّعَهُ تِلْكَ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ أَبُو جَعْفَرٍ، وَالقَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، فَسَكَتَ حَتَّى مَاتُوا، ثُمَّ ادَّعَى
__________
(1) هو أبو جعفر، أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم العسال. ترجمته في " ذكر أخبار أصبهان ": 1 / 157.
(*) تاريخ بغداد: 10 / 292 - 294، ميزان الاعتدال: 2 / 556 - 557، لسان الميزان: 3 / 411 - 412.(16/15)
المُصَنَّفَاتِ وَالتفَاسيرَ مِمَّا بَلَغَنَا أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ قَرَأَهُ قَبْلَ سَنَةِ سَبْعِيْنَ، وَهُوَ فَقَالَ لِي: إِنَّ مَوْلِدَهُ سَنَةَ سَبْعِيْنَ.
وَسَمِعْتُ القَاسِمَ يُكَذِّبُهُ، هَذَا مَعَ دُخُولِهِ فِي أَعْمَالِ الظَّلَمَةِ (1) .
4 - الرَّفَّاءُ أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ الصَّادِقُ، الوَاعِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ مُعَاذٍ الهَرَوِيُّ، الرَّفَّاءُ.
سَمِعَ مِنْ: عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيِّ، وَالفَضْلِ بنِ عَبْدِ اللهِ اليَشْكُرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُغِيْرَةِ الهَمَذَانِيِّ السُّكَّرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ الأَشَجِّ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ، وَبِشْرِ بنِ مُوْسَى، وَمُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ البَجَلِيِّ، وَدَاوُدَ بنِ الحُسَيْنِ البَيْهَقِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
واشْتَهَرَ اسْمُهُ، وَانْتَشَرَ حَدِيْثُهُ، وَكَانَ ذَا مَعْرِفَةٍ وَفهْمٍ وَسَعَةِ علمٍ، وَغَيْرُهُ أَحْفَظُ مِنْهُ وَأَحْذَقُ بِالفَنِّ، وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَادِ بهَرَاةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَالقَاضِي أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُودِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَمَّارٍ الوَاعِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّبَّاسُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ العَبَّاسِ القُرَشِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
انتخبَ عَلَيْهِ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ بِبَغْدَادَ، وَوَثَّقَهُ الخَطِيْبُ وَغَيْرُهُ.
__________
(1) الخبر مطولا في " تاريخ بغداد " 10 / 293 - 294.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 172 - 174، الأنساب: 6 / 141 - 142، المنتظم: 7 / 39 - 40، عبر الذهبي: 2 / 304، شذرات الذهب: 3 / 19.(16/16)
قَالَ الحَافِظُ أَبُو بِشْرٍ الهَرَوِيُّ: ثِقَةٌ صَالِحٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ بهَرَاةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَأَظُنُّهُ مَاتَ عَنْ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ: مُقْرِئُ مِصْرَ أَحْمَدُ بنُ أُسَامَةَ أَبُو جَعْفَرٍ التُّجِيْبِيُّ، وَالسُّلْطَانُ معزُّ الدَّوْلَةِ أَحْمَدُ بنُ بُوَيْه الدَّيْلَمِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المغفلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي دُجَانَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الجَارُوْدِ الرَّقِّيُّ أَحَدُ التَّلْفَى، وَأَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ القَاسِمِ القَالِيُّ اللُّغَوِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ الخَالِقِ بنُ أَبِي رُوْبَا، وَعُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيُّ سَنَقَةُ، وَصَاحِبُ (الأَغَانِي) ، وَسَيْفُ الدَّوْلَةِ بنُ حَمدَانَ، وَكَافُوْرٌ الإِخْشِيْدِيُّ، وَعُمَرُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْمٍ، وَقَاضِي القُضَاةِ أَبُو نَصْرٍ يُوْسُفُ عُمَرَ ابْنُ القَاضِي أَبِي عُمَرَ بِبَغْدَادَ.
5 - وَالِدُ تَمَّامٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ المُفِيْدُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْدِ الرَّازِيُّ، وَكَانَ يُعْرَفُ قَدِيماً: بِابْنِ الرُّسْتَاقِيِّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَفْصٍ المِهْرِقَانِيَّ، وَعَلَيَّ بنَ الجُنَيْدِ المَالِكِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ يُوْسُفَ الهَسْنَجَانِيَّ، وَسَمِعَ بِنَسَا مِنَ: الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، وَبَالكُوْفَةِ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَتَّاتِ، وَبِبَغْدَادَ: الفِرْيَابِيَّ، وَابنَ نَاجيَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 897 - 898، عبر الذهبي: 2 / 277، النجوم الزاهرة: 3 / 321، طبقات الحفاظ: 366 - 367، شذرات الذهب: 2 / 376.(16/17)
اللهِ المَخْرِمِيَّ، وَبِدِمَشْقَ: مُحَمَّدَ بنَ خُرَيْمٍ، وَابن جَوْصَا وَعِدَّة.
وجَمَعَ وَصَنَّفَ وَأَرَّخَ، وَأَفَادَ الرِّفَاقَ، وَأَفْنَى عُمُرَهُ فِي الطَّلَبِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: وَلَدُهُ تَمَّامٌ، وَعُقَيْلُ بنُ عَبْدَانَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَهْضَمَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البرَامِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكتَانِيُّ: كَانَ ثِقَةً، نَبِيْلاً، مُصَنِّفاً، حَدَّثَنِي ابنُهُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَنْبَأَنَا الفَخْرُ عَلِيٌّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الحَرَسْتَانِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ حَمْزَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا تَمَّامُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الوَشَّاءُ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ القَطِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، عَنْ عِيَاضٍ الأَشْعَرِيِّ:
عَنْ أَبِي مُوْسَى، قَالَ: قُرِئَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّوْنَهُ} [المَائِدَة:54] قَالَ: (هُمْ قَوْمُكَ أَهْلُ اليَمَنِ) (1) .
6 - خَالِدُ بنُ سَعْدٍ أَبُو القَاسِمِ الأَنْدَلُسِيُّ القُرْطُبِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، النَّاقِدُ، المُجَوِّدُ، أَبُو القَاسِمِ الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ.
__________
(1) سنده حسن، وأخرجه من طرق عن شعبة، عن سماك بهذا الإسناد: ابن سعد 4 / 107، والطبري 6 / 284، وصححه الحاكم 2 / 313، ووافقة الامام الذهبي، وأورده الهيثمي في " المجمع " 7 / 16، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 2 / 292، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والحكيم الترمذي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في " الدلائل ".
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 130 - 131، جذوة المقتبس: 205، بغية الملتمس: =(16/18)
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ فُطَيْسٍ، وَسُلَيْمَانَ بنَ قُرَيْشٍ، وَسَعِيْدَ بنَ عُثْمَانَ الأَعْنَاقِيَّ، وَطَاهرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَطَبَقَتَهُم.
وَلَمْ يَطُلْ عُمُرَهُ.
صَنَّفَ كِتَابَ (رِجَالِ الأَنْدَلُسِ) وَكَانَ حُجَّةً، مُحَقِّقاً، مُقَدَّماً عَلَى حُفَّاظِ قُرْطُبَةَ، يَتَوَقَّدُ ذَكَاءً.
حَفِظَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ أَحَداً وَعِشْرِيْنَ حَدِيْثاً.
وَوَرَدَ عَنْ صَاحِبِ الأَنْدَلُسِ المُسْتَنْصِرِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا فَاخَرَنَا أَهْلُ المَشْرِقِ بيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ فَاخَرْنَاهُم بخَالِدِ بنِ سَعْدٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّ خَالِداً هَذَا كَانَ بَذِيءَ اللِّسَانِ يَنَالُ مِنْ أَعْرَاضِ النَّاسِ سَامَحَهُ اللهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَنْبَأَنِي جَمَاعَةٌ عَنْ آخَرين أَجَازَ لَهُم أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّيّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُمَيْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا ابْنُ سنجرٍ، حَدَّثَنَا شَرِيْكٌ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً عَنِ الكَلْبِيِّ، عَنْ حُمَيْضَةَ بِنْتِ الشَّمَرْدَلِ (1) ، عَنِ الحَارِثِ بنِ قَيْسٍ (2) ، قَالَ:
__________
= 281، تذكرة الحفاظ: 3 / 919، العبر: 2 / 295، دول الإسلام: 1 / 219، طبقات الحفاظ للسيوطي: 374، شذرات الذهب: 3 / 11.
(1) كذا في سنن ابن ماجة، وفي سنن أبي داود حميضة بن الشمردل، وترجمه الامام الذهبي في " الميزان " 1 / 618، وفي " المغني " 1 / 196، والمزي في " التهذيب " في قسم الرجال، وقال المؤلف في " الضعفاء ": لا يصح حديثه، وقال البخاري: فيه نظر.
(2) وقيل قيس بن الحارث، قال الحافظ في " الإصابة " 3 / 243: كذا جاء بالتردد والاول أشبه، لأنه قول الجمهور، وجزم بالثاني أحمد بن إبراهيم الدورقي وجماعة، بالاول البخاري وابن السكن وغيرهما، وقال ابن حبان: قيس بن الحارث الأسدي، له صحبة، وقال ابن أبي حاتم مثله، قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة الحديث، روى عنه حميضة بن الشمردل.(16/19)
أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثَمَانِ نِسْوَةٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَنِي أَنْ أَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعاً (1) .
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدٍ الشَّمعِيُّ بِمِصْرَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ الخُزَاعِيُّ، وَالوَزِيْرُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي قَيْسٍ الرَّفاءُ، وَعَلِيُّ بنُ هَارُوْنَ المُنَجِّمُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَالِكٍ الإِسْكَافِيُّ.
7 - ابْنُ عَلاَّنَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَرَّانِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ حَرَّانَ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلاَّنَ الحَرَّانِيُّ، صَاحِبُ (تَارِيْخِ الجَزِيْرَةِ) .
سَمِعَ: أَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ جَرِيْرٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنُ زَيْدَانَ البَجَلِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ هَاشِمٍ الطَّبَرَانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَطَبَقَتَهُم، وَجَمَعَ فَأَوْعَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، وَتَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ
__________
(1) وأخرجه البيهقي 7 / 183 من طريق يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا أبو الربيع، حدثنا هشيم، حدثنا ابن أبي ليلى، قال هشيم: وأخبرني الكلبي عن حميضة بن الشمردل به.
وأخرجه أبو داود (2241) ، وابن ماجة (1952) من طريق هشيم، عن ابن أبي ليلى، عن حميضة به.
وللحديث شاهد يتقوى به عند الشافعي 2 / 351، وأحمد 2 / 44، والترمذي (1128) ، وابن ماجة (1953) ، وابن حبان (1277) ، والحاكم 2 / 192، 193، والبيهقي 7 / 149 و181 من طرق، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عمر أن غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أمسك أربعا، وفارق سائرهن "، وآخر من حديث عروة بن مسعود الثقفي عند الشافعي 2 / 351، ومن طريقه البيهقي 7 / 184.
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 924 - 925، النجوم الزاهرة: 4 / 13، طبقات الحفاظ للسيوطي: 375، شذرات الذهب: 3 / 17.(16/20)
مُحَمَّدِ بنِ الحَاجِّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الطُّبَيْزِ، وَأَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ السِّمْسَارِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكتَانِيُّ: كَانَ ثِقَةً، حَافِظاً، نَبِيْلاًَ.
تُوُفِّيَ يَوْمَ النَّحْر سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: رَوَيْتُ لَهُ فِي (طَبَقَاتِ الحُفَّاظِ) حَدِيْثاً (1) .
8 - ابْنُ أَبِي هَاشِمٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ *
إِمَامُ المُقْرِئِيْنَ، أَبُو طَاهِرٍ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي هَاشِمٍ البَغْدَادِيُّ، صَاحِبُ (جَامِعِ البَيَانِ) .
رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القَتَّاتِ، وَأَحْمَدَ بنِ فَرَحٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَحْمَدَ الخُزَاعِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الصَّقْرِ السُّكَّرِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ الحُبَابِ، وَأَحْمَدَ بنِ سَهْلٍ الأُشْنَانِيِّ، وَتَلاَ عَلَيْهِ وَعَلَى سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الضَّرِيْرِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ مُجَاهِدٍ.
قرأَ عَلَيْهِ: أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرٍ الفَارِسِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ
__________
(1) قال الذهبي في " تذكرة الحفاظ " 3 / 924 - 925: أخبرنا يحيى بن أحمد الجذامي ومحمد بن الحسين المعدل قالا: أنبأنا محمد بن عماد، أنبأنا عبد الله بن رفاعة، أنبأنا علي بن الحسن، أنبأنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحاج، أنبأنا علي بن الحسن بن علان، أنبأنا أبو يعلى أحمد بن علي، أنبأنا غسان بن الربيع، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن الحسن بن الحر، عن القاسم بن مخيمرة، قال: أخذ علقمة بيدي، وأخذ ابن مسعود بيد علقمة، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد ابن مسعود في التشهد: " التحيات لله..إلى قوله: عبده ورسوله ".
(*) تاريخ بغداد: 11 / 7 - 8، إنباه الرواة: 2 / 215، طبقات القراء للذهبي: 1 / 251 - 252، العبر: 2 / 282، تلخيص ابن مكتوم: 122، البداية والنهاية: 11 / 237، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 / 475 - 477، النشر في القراءات العشر: 1 / 123، النجوم الزاهرة: 3 / 325، بغية الوعاة: 2 / 121، شذرات الذهب: 2 / 380.(16/21)
أَحْمَدَ بنِ الحَمَامِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ العَلاَّفِ الكَبِيْرِ، وَعُبَيْدُ اللهِ المَصَاحِفِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السُّوسَنْجِردِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ طَوَّلَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ تَرْجَمَتَهُ، وَعَظَّمَهُ، وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ بَعْدَ ابْنِ مُجَاهِدٍ مِثْلُ ابْنِ أَبِي هَاشِمٍ فِي عِلْمِهِ وَفَهْمِهِ، مَعَ صِدْقِ لَهْجَتِهِ، وَاسْتقَامَةِ طَرِيْقَتِهِ.
وَكَانَ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ الكُوْفِيّيْنَ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُ مُجَاهِدٍ أَجْمَعُوا عَلَى تَقْدِيْمِ أَبِي طَاهِرٍ، وَأَنْ يُقْرِئَ مَوْضعَهُ، فَقَصَدَهُ الأَكَابِرُ، وَتَحَلَّقُوا عِنْدَهُ، وَكَانَ قَدْ خَالَفَ جَمِيْعَ أَصْحَابِهِ فِي إِمَالَةِ النَّاسِ لأَبِي عَمْرٍو (1) ، وَكَانَ القُرَّاءُ يُنْكِرُوْنَ ذَلِكَ عَلَيْهِ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَاتَ فِي شَوَّال سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
9 - أَبُو الخَيْرِ التِّيْنَاتِيُّ الأَقْطَعُ *
العَابِدُ، صَاحِبُ الأَحْوَالِ وَالكَرَامَاتِ، وَهُوَ مَغْرِبِيٌّ أَسْوَدُ.
سَكَنَ تِيْنَاتَ مِنْ أَعْمَالِ حَلَبَ، يُقَالُ: اسْمُهُ حَمَّادٌ.
صَحِبَ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ الجَلاَّءِ، وَسَكَنَ جَبَلَ لُبْنَانَ مُدَّةً.
__________
(1) وقراءة أبي عمر وهذه في إمالة فتحة النون من لفظة " الناس " في موضع الجر حيث وقع، رواها عنه أبو عمر الدوري، وروى إمالتها أبو طاهرين بن أبي هاشم صاحب الترجمة عن أبي الزعراء، عنه.
انظر " النشر في القراءات العشر " لابن الجزري: 2 / 62.
(*) طبقات الصوفية: 370 - 372، حلية الأولياء: 10 / 377 - 378، الرسالة القشيرية: 26، الأنساب: 3 / 121، المنتظم: 6 / 376 - 377، صفة الصفوة: 4 / 206، معجم البلدان: 2 / 68، اللباب: 1 / 234، المختصر في أخبار البشر: 2 / 102، طبقات الأولياء: 190 - 195، طبقات الشعراني: 1 / 128، نتائج الافكار القدسية: 1 / 193.(16/22)
حَكَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ يَنْسُجُ الخُوْصَ بِيَدِهِ الصَّحِيْحَةِ، لاَ يُدْرَى كَيْفَ يَنْسُجُهُ، وَلَهُ آيَاتٌ وَكَرَامَاتٌ، تَأْوِي السِّبَاعُ إِلَيْهِ، وَتَأَنَسُ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ: كَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ، لَهُ كَرَامَاتٌ وَفِرَاسَةٌ حَادَّةٌ.
وَيُقَالُ: إِنَّ سَبَبَ قَطْعِ يَدِهِ فِي تُهْمَةٍ ظَهَرَتْ بَرَاءتُهُ مِنْهَا: أَنَّهُ اشْتَهَى زُعْرُوْراً، فَقَطَعَ غُصْناً، وَكَانَ عَاهَدَ اللهَ أَنْ لاَ يَتَنَاوَلَ لِنَفْسِهِ شَهْوَةً.
قَالَ: فَذَكَرَ عَهْدَهُ فَرَمَى بالغُصْنِ، ثُمَّ كَانَ يَقُوْلُ: يَدٌ قَطَعَتْ عُضْواً فَقُطِعَتْ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقِيْلَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ وَطَوَّلَ أَمْرَهُ.
وَرَوَى أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيُّ عَنْ عِيْسَى بنِ أَبِي الخَيْرِ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَبِي مَمْلُوكاً فَأُعْتِقَ، وَكَانَ يَحْتَطِبُ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِيَدِهِ، ثُمَّ سَكَنَ ثَغْرَ طَرَسُوْسَ، فَكَانَ يُجَاهِدُ بِسَيْفٍ وَحَجَفَةٍ (1) ، ثُمَّ أُخِذَ مَعَ لُصُوْصٍ بَاتَ مَعَهُم فِي غَارٍ، فَقُطِعَ.
10 - المَاسَرْجِسِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ المُؤَمَّلِ بنِ الحَسَنِ *
الإِمَامُ، رَئيسُ نَيْسَابُوْرَ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ المُؤَمَّلِ بنِ الحَسَنِ
__________
(1) الحجفة: واحدة الحجف، وهي ضرب من الترسة " اللسان ".
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر التي في حوزتنا.(16/23)
بنِ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، أَحَدُ البُلَغَاءِ وَالفُصَحَاءِ.
سَمِعَ: الفَضْلَ بنَ مُحَمَّدٍ الشّعرَانِيَّ، وَالحُسَيْنَ بنَ الفَضْلِ، وَعِدَّةً.
وبنَى دَاراً للمُحَدِّثِيْنَ، وَأَدَرَّ عَلَيْهِم الأَرْزَاقَ.
وكَانَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ يقرأُ عَلَيْهِ (تَارِيخَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ) .
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: السُّلَمِيُّ، وَالحَاكِمُ، وَسَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدَانَ.
مَاتَ لَيْلَةَ عِيْدِ الفِطْرِ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
11 - ابْنُ جَامِعٍ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ السُّكَّرِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَامِعٍ السُّكَّرِيُّ، المِصْرِيُّ.
سَمِعَ: مَقْدَامَ بنَ دَاوُدَ الرُّعَيْنِيَّ، وَيَحْيَى بنَ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَابنُ النَّحَّاسِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَاجِّ الإِشْبِيْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ غَالِبٍ التَّمَّارُ، وَحُسَيْنُ بنُ مَيْمُوْنَ الصَّفَّارُ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثَ مائَةٍ.
__________
(*) عبر الذهبي: 2 / 290، حسن المحاضرة: 1 / 370، شذرات الذهب: 3 / 7.(16/24)
12 - ابْنُ أَبِي المَوْتِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ المكِّيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بن أَحْمَدَ بنِ أَبِي المَوْتِ المكِّيُّ.
سَمِعَ: يُوْسُفَ بنَ يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الصَّائِغَ، وَأَحْمَدَ بنَ زُغْبَةَ، وَالقَاسِمَ بنَ اللَّيْثِ الرَّسْعَنِيَّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَاسِ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ الحَاجِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَظِيْفٍ الفَرَّاءُ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ بِمِصْرَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ تسعُوْنَ سَنَةً.
13 - قَاضِي الحَرَمَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
العَلاَّمَةُ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَنَفِيُّ، شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ.
وَلِي قَضَاءِ الحَرَمَيْنِ نَيِّفَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ قَدِمَ نَيْسَابُوْرَ، وَولِيَ قَضَاءهَا.
سَمِعَ: أَبَا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ، وَجَمَاعَةً.
__________
(*) عبر الذهبي: 2 / 290، ميزان الاعتدال: 1 / 152، العقد الثمين: 3 / 128، لسان الميزان: 1 / 296 - 297، شذرات الذهب: 3 / 7.
(* *) طبقات الفقهاء للشيرازي: 144، عبر الذهبي: 2 / 290 - 291، العقد الثمين: 3 / 145، الجواهر المضية: 1 / 284 - 288، شذرات الذهب: 3 / 7 - 8، الفوائد البهية: 36.(16/25)
وَتَفَقَّهَ بِأَبِي الحَسَنِ الكَرْخِيِّ، وَأَبِي طَاهِرِ بنِ الدَّبَّاسِ، وَولِيَ أَيْضاً قَضَاءَ المَوْصِلِ وَالرَّمْلَةِ.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ وَقَرَّظَهُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (طَبَقَاتِ الفُقَهَاءِ) :بِهِ، وَبأَبِي سَهْلٍ الزُّجَاجِيِّ تَفَقَّهَ عُلمَاءُ نَيْسَابُوْرَ (1) .
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الأَبْهَرِيَّ شَيْخَ الفُقَهَاءِ، يَقُوْلُ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الخُرَاسَانِيِّيْنَ أَفْقَهُ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ النَّيْسَابُورِيِّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً.
14 - ابْنُ بَدْرٍ أَبُو بَكْرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ بَدْرٍ القُرْطُبِيُّ *
المُعَمَّرُ، الأَدِيْبُ، أَبُو بَكْرٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ بَدْرٍ القُرْطُبِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ وَهُوَ خَاتمَةُ أَصْحَابِهِ، وَمِنْ مُحَمَّدِ بنِ وَضَّاحٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الخشنِيِّ، وَمُطَرِّفِ بنِ قَيْسٍ.
وَكَانَ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ.
سَمِعَ مِنْهُ بَعْضُ النَّاسِ وَتَرَخَّصُوا، وَقَدْ وَلِي الحِسْبَةَ فَحُمِدَ.
مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
ذَكَرَهُ ابْنُ الفَرَضِيِّ.
__________
(1) انظر " طبقات الشيرازي ": ص 144.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 66، يتيمة الدهر للثعالبي: 2 / 20، جذوة المقتبس: 163، بغية الملتمس: 230.(16/26)
15 - سَلْمُ بنُ الفَضْلِ بنِ سَهْلٍ أَبُو قُتَيْبَةَ البَغْدَادِيُّ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، أَبُو قُتَيْبَةَ البَغْدَادِيُّ، الأَدَمِيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيِّ، وَالحَسَنِ ?نِ عَلِيٍّ المَعْمَرِيِّ، وَمُوْسَى بنِ هَارُوْنَ، وَجَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَابنِ نَاجِيَةَ، وَخَلْقٍ.
عَنهُ: أَبُو مُحَمَّدِ بنُ النَّحَاسِ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ نَظِيْفٍ، وَابنُ مَنْدَةَ، وَآخَرُوْنَ.
مَحَلُّهُ ?لصِّدْقُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ، وَقِيْلَ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
16 - فَقِيْهُ قُرْطُبَةَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ اللُؤْلُؤِيُّ **
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، عَالِمُ العَصْرِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ اللُّؤْلُؤيُّ.
قَالَ ابْنُ عَفِيْفٍ: كَانَ أَفْقَهَ أَهْلِ عَصْرهِ، وَأَبْصَرَهُم بِالفُتْيَا، وَعَلَيْهِ مَدَارُ العِلْمِ، وَبِهِ تَفَقَّهَ ابْنُ زَرْبٍ (1) ، وَكَانَ أَخْفَشَ (2) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 9 / 148 - 149.
(* *) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 39 وهو فيه: أحمد بن عبد الله بن أحمد الأموي، وقد نص القاضي عياض في " ترتيب المدارك " على انه عند ابن الفرضي بهذا الاسم، جذوة المقتبس: 128، ترتيب المدارك 4 / 414 - 418، الديباج المذهب: 2 / 201 - 202، الوافي بالوفيات: 2 / 41.
(1) هو أبو بكر، محمد بن يبقى بن زرب القرطبي، تأتي ترجمته في هذا الجزء برقم (298) .
(2) ترتيب المدارك: 4 / 415.(16/27)
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
17 - يَحْيَى بنُ مَنْصُوْرِ بنِ يَحْيَى بنِ عَبْدِ المَلِكِ *
قَاضِي نَيْسَابُوْرَ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو قَشْمَرْدَ، وَعِدَّةٍ.
وَكَانَ غَزِيْرَ الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَيَحْيَى المُزَكِّي، وَأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِدُ، وَسِبْطهُ عَنْبرُ بنُ الطَّيبِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَلِي القَضَاءَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ عُزِلَ بِأَبِي أَحْمَدَ الحَنَفِيِّ، فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَكَانَ مُحَدِّثَ نَيْسَابُوْرَ فِي وَقْتِهِ، وَحُمِدَ فِي القَضَاءِ، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ الحُفَّاظُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ.
مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ فِيْهَا خَلْقٌ مِنَ الكِبَارِ.
وَخَرَجَتِ الرُّوْمُ، وَأَخَذُوا حَلَبَ، وَعَيْنَ زَرْبَةَ (1) ، وَعِدَّةَ
مَدَائِنَ، وَعَجِزَ عَنْهُم سَيْفُ الدَّوْلَةِ، وَقُتِلَ خَلْقٌ عَظِيْمٌ.
18 - ابْنُ أَفْرَجَه أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ التَّيْمِيُّ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ بنِ يَزِيْدَ بنِ
__________
(*) عبر الذهبي: 2 / 293، شذرات الذهب: 3 / 9.
(1) في " معجم البلدان ": عين زربى - بألف مقصورة. بلد بالثغر من نواحي المصيصة.
(* *) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 150 - 151.(16/28)
بُنْدَارَ بنِ أَفْرَجَه التَّيْمِيُّ مَوْلاَهُمُ، الأَصْبَهَانِيُّ.
سَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ فَهدٍ السَّاجِيَّ، وَعِمْرَانَ بنَ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَسَهْلَ بنَ عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيَّ الزَّاهِدَ، وَطَائِفَةً.
رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسْنَوَيْه، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدُكَوَيْه، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
19 - ابْنُ الحِيْرِيِّ أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ ابْنِ القُدُوَةِ الكَبِيْرِ أَبِي عُثْمَانَ سَعِيْدِ بنِ إِسمَاعِيلَ الحِيْرِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، الشَّهِيْدُ، أَحَدُ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
سَمِعَ: الحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ، وَالهَيْثَمَ بنَ خَلَفٍ، وَحَامِدَ بنَ شُعَيْبٍ، وَأَبَا عَمْرٍو الخَفَّافَ، وَعَبْدَ اللهِ شِيْرَوَيْه، وَقَاسِمَ بنَ الفَضْلِ الرَّازِيَّ، وَابنَ خُزَيْمَةَ، وَخلقاً كَثِيْراً.
وَصَنَّفَ (التَّفْسِيْرَ الكَبِيْرَ) ، وَ (المُسْتَخْرَجَ عَلَى صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) ، وَ (الأَبْوَابَ) ، وَغَيْرَ ذَلِكَ.
وَلَمَّا سَارَ إِلَى بَغْدَادَ قَالَ الحَاكِمُ: خَرَجَ بِعَسْكَرٍ كَثِيْرٍ وَأَمْوَالٍ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ بِبَغْدَادَ خلقٌ كَثِيْرٌ، قَالَ: وَاسْتُشْهِدَ بِطَرَسُوسَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 23، عبر الذهبي: 2 / 296، تذكرة الحفاظ: 3 / 920، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 43، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 72 - 73، شذرات الذهب: 3 / 12.(16/29)
20 - ابْنُ الحَكَمِ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الوَاسِطِيُّ *
ابْنِ الحَكَمِ الوَاسِطِيُّ، المُؤَدِّبُ.
سَمِعَ: الكُدَيْمِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيَّ، وَإِدْرِيْسَ العَطَّارَ، وَبِشْرَ بنَ مُوْسَى، وَعِدَّةً.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ رَزْقُوَيْه، وَطَلْحَةُ الكِتَّانِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ.
21 - دَعْلَجُ بنُ أَحْمَدَ بنِ دَعْلَجِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السِّجِسْتَانِيُّ **
المُحَدِّثُ، الحُجَّةُ، الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ السِّجِسْتَانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، التَّاجِرُ، ذُو الأَمْوَالِ العَظِيْمَةِ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ أَوْ قَبْلَهَا بِقَلِيْلٍ، وَسَمِعَ بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ مَا لاَ يُوْصَفُ كَثْرَةً بِالحَرَمَيْنِ، وَالعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ، وَالنَّوَاحِيَ حَالَ جَوَلاَنِهِ فِي التِّجَارَةِ.
__________
(*) عبر الذهبي: 2 / 297، شذرات الذهب: 3 / 12.
(* *) تاريخ بغداد: 8 / 387 - 392، المنتظم: 7 / 10 - 14، وفيات الأعيان: 2 / 271 - 272، تذكرة الحفاظ: 3 / 881 - 882، العبر: 2 / 291، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 291 - 293 البداية والنهاية: 11 / 241 - 242، النجوم الزاهرة: 3 / 333، طبقات الحفاظ: 360، شذرات الذهب: 3 / 8، الرسالة المستطرفة: 73.(16/30)
وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ تَمْتَامٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو قَشْمَرْدَ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُعَاوِيَةَ القُرَشِيِّ، وَهِشَامِ بنِ عَلِيٍّ السِّيْرَافِيِّ، وَبِشْرِ بنِ مُوْسَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ البَجَلِيِّ، وَالعَبَّاسِ بنِ الفَضْلِ الأَسْفَاطِيِّ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ رِبْحٍ البَزَّازِ، وَعُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيِّ، وَإِمَامِ الأَئِمَّةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَعَدَدٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابنُ جُمَيْعٍ الغَسَّانِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَابنُ رَزْقَوَيْه، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البَادِيُّ، وَأَبُو عَلِيِّ بنُ شَاذَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ الهَرَوِيُّ، وَالأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَلَقِيَ بِدِمَشْقَ أَبا الحَسَنِ بنَ جَوْصَا وَطَبَقَتَهُ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدِ بنُ يُوْنُسَ: حَدَّثَ بِمِصْرَ، وَكَانَ ثِقَةً.
وَقَالَ الحَاكِمُ: دَعْلَجٌ الفَقِيْهُ شَيْخُ أَهْلِ الحَدِيْثِ فِي عَصْرِهِ، لَهُ صَدَقَاتٌ جَارِيَةٌ عَلَى أَهْلِ الحَدِيْثِ بِمَكَّةَ وَبِبَغْدَادَ وَسَجِسْتَانَ، أَوَّلُ ارْتِحَالِهِ كَانَ إِلَى نَيْسَابُوْرَ فَأَخَذَ مُصَنَّفَاتِ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَكَانَ يُفْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ ذَلِكَ، وَجَاوَرَ بِمَكَّةَ مُدَّةً.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ دَعْلَجَ مِنْ ذَوِي اليَسَارِ، لَهُ وُقُوفٌ عَلَى أَهْلِ الحَدِيْثِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ، وَابنِ رِبْحٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ زُهَيْرٍ الحُلْوَانِيِّ، وَإِسْحَاقَ الحَرْبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ شَاذَانَ الجَوْهَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيَّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَزَّازِ، وَأَحْمَدَ بنِ مُوْسَى(16/31)
الحَمَّارِ (1) .
وَسَرَدَ جَمَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْهُ، فَسَمَّى جَمَاعَةً، قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، جُمِعَ لَهُ المُسْنِدُ، وَحَدِيْثُ شُعبَةَ، وَحَدِيْثُ مَالِكٍ.
قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَبْعَثُ بِمُسْنَدِهِ إِلَى ابْنِ عُقْدَةَ لِيَنْظُرَ فِيْهِ، فَجَعَلَ بَيْنَ كُلِّ وَرَقَتَيْنِ دِيْنَاراً، وَكَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ هُوَ المُصَنِّفُ لَهُ كُتُبَهُ، فَحَدَّثَنِي أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ: صَنَّفْتُ لِدَعْلَجٍ (المُسْنَدَ الكَبِيْرَ) ، فَكَانَ إِذَا شَكَّ فِي حَدِيْثٍ ضَرَبَ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَرَ فِي مَشَايِخِنَا أَثْبَتَ مِنْهُ (2) .
قَالَ أَبُو العَلاَءِ: وَقَالَ عُمَرُ البَصْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ بِبَغْدَادَ مِمَّن انْتَخَبْتُ عَلَيْهِ أَصَحَّ كُتُباً مِنْ دَعْلَجٍ (3) .
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي مَشَايِخِنَا أَثْبَتَ مِنْ دَعْلَجٍ.
قَالَ أَبُو ذَرٍّ الهَرَوِيِّ: سَمِعْتُ أَنَّ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ أَوَّل مَا أَخَذَ مِنَ المَوَارِيْثِ مَالَ دَعْلَجٍ، خَلَّفَ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَكَى لِي أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ أَنَّ دَعْلَجاً سُئِلَ عَنْ مُفَارَقَتِهِ مَكَّةَ، فَقَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً مِنَ المَسْجَدِ فَتَقَدَّمَ ثَلاَثَةٌ مِنَ الأَعرَابِ، فَقَالُوا: أَخٌ لَكَ مِنْ خُرَاسَانَ قَتَلَ أَخَانَا، فَنَحْنُ نَقْتُلُكَ بِهِ، فَقُلْتُ: اتَّقُوا اللهَ فَإِنَّ خُرَاسَانَ لَيْسَتْ بِمَدِيْنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَمْ أَزَلْ بِهِم إِلَى أَن اجْتَمَعَ النَّاسُ وَخَلُّوا عَنِّي.
فَهَذَا كَانَ سَبَبَ انْتِقَالِي إِلَى بَغْدَادَ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِثْلُ دَارِي، وَذَلِكَ لأَنَّه لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِثْلُ
__________
(1) هذه النسبة إلى بيع الحمير. انظر " اللباب " 1 / 384.
(2) " تاريخ بغداد " 8 / 387 - 388.
(3) " تاريخ بغداد " 8 / 388.(16/32)
بَغْدَادَ، وَلاَ بِبَغْدَادَ مِثْلُ مَحلَّةِ القَطِيْعَةِ، وَلاَ فِي القَطِيْعَةِ مِثْلُ دَرْبِ أَبِي خَلَفٍ، وَلَيْسَ فِي الدَّرْبِ مِثْلُ دَارِي (1) .
وَنَقَلَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ حِكَايَة مُقْتَضَاهَا أَنَّ رَجُلاً صَلَّى الجُمُعَةَ، فَرَأَى رَجُلاً مُتَنَسِّكاً لَمْ يُصَلِّ، فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ: اسْتُرْ عَلَيَّ، لِدَعْلَجٍ عَلَيَّ خَمْسَةُ آلاَفٍ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ أَحْدَثْتُ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ دَعْلَجاً، فَطَلبَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَحَلَّلَهُ مِنَ المَالِ، وَوَصَلَهُ بِمِثْلِهَا لِكَوْنِهِ رَوَّعَهُ (2) .
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ العُكْبَرِيُّ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الوَاعِظُ، قَالَ: أُوْدِعَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي مُوْسَى الهَاشِمِيُّ عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ لِيَتِيْمٍ، فَضَاقَتْ يَدُهُ، فَأَنْفَقَهَا، وَكَبِرَ الصَّبِيُّ، وَأُذِنَ لَهُ فِي قَبْضِ مَالِهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي مُوْسَى: فَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ، وَتَحَيَّرْتُ، فَبَكَّرْتُ عَلَى بَغْلَتِي، وَقَصَدتُ الكَرْخَ، فَانْتَهَتْ بِي البَغْلَةُ إِلَى دَرْبِ السَّلُولِيِّ، وَوَقَفَتْ بِي عَلَى بَابِ مَسْجِدِ دَعْلَجٍ، فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ خَلْفَهُ الفَجْرَ، فَلَمَّا انْفَتَلَ رَحَّبَ بِي، وَقُمْنَا فَدَخَلْنَا دَارَهُ، فَقُدِّمَتْ لَنَا هَرِيْسَةً، فَأَكَلْتُ وَقَصَرْتُ، فَقَالَ: أَرَاكَ مُنْقَبِضاً؛ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: كُلْ فَإِنَّ حَاجَتَكَ تُقْضَى، فَلَمَّا فَرَغْنَا، اسْتَدْعَى بِالذَّهَبِ وَالمِيزَانِ، فَوَزَنَ لِي عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
وَقُمْتُ أَطِيْرُ فَرَحاً، فَوَضَعْتُ المَالَ عَلَى القَرَبُوْسِ (3) ، وَغَطَّيْتُهُ بِطَيْلَسَانِي، ثُمَّ سَلَّمْتُ المَالَ إِلَى الصَّبِيِّ بِحَضْرَةِ قَاضِي القُضَاةِ، وَعَظمَ الثَّنَاءَ عَلَيَّ، فَلَمَّا عُدْتُ إِلَى مَنْزِلِي اسْتَدْعَانِي أَمِيْرٌ مِنْ أَوْلاَدِ الخَلِيْفَةِ، فَقَالَ: قَدْ رَغِبْتُ فِي مُعَامَلَتِكَ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 389.
(2) الخبر مطولا في " تاريخ بغداد " 8 / 389 - 390.
(3) القربوس: حنو السرج. قال الازهري: وللسرج قربوسان، فأما القربوس المقدم ففيه العضدان، وهما رجلا السرج.
ويقال لهما: حنواه، " اللسان ".(16/33)
وَتَضْمِيْنِكَ أَمْلاَكِي، فَضَمِنْتُهَا، فَرَبِحْتُ فِي سَنَتِي رِبحاً عَظِيْماً، وَكَسِبْتُ فِي ثَلاَثِ سِنِيْنَ ثَلاَثِيْنَ أَلفَ دِيْنَارٍ، وَحَمَلْتُ لِدَعْلَجٍ المَالَ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، وَاللهِ مَا نَوَيْتُ أَخْذَهَا، حَلِّ بِهَا الصِّبْيَانَ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، أَيْش أَصْلُ هَذَا المَالُ حَتَّى تَهَبَ لِي عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ؟
فَقَالَ: نَشَأَتُ، وَحَفِظْتُ القُرْآنَ، وَطَلَبْتُ الحَدِيْثَ، وَكُنْتُ أَتَبَزَّزُ، فَوَافَانِي تَاجِرٌ مِنَ البَحْرِ، فَقَالَ: أَنْتَ دَعْلَج؟
قُلْتُ: نعم.
قَالَ: قَدْ رَغِبْتُ فِي تَسْلِيمِ مَالِي إِلَيْكَ مُضَاربَةً، فَسَلَّمَ إِليَّ بَرْنَامجَاتٍ بِأَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَقَالَ لِي: ابْسُطْ يَدَكَ فِيْهِ وَلاَ تَعْلَمْ مَكَاناً يُنْفَقُ فِيْهِ المَتَاعُ إِلاَّ حَمَلْتَهُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَزَلْ يَتَرَدَّدُ إِلَيَّ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ يَحْمِلُ إِلَيَّ مِثْلَ هَذَا، وَالبِضَاعَةُ تَنْمِي.
ثُمَّ قَالَ: أَنَا كَثِيْرُ الأَسْفَارِ فِي البَحْرِ، فَإِنْ هَلَكْتُ، فَهَذَا المَالُ لَكَ عَلَى أَنْ تَصَدَّقَ مِنْهُ، وَتَبْنِيَ المَسَاجِدَ، فَأَنَا أَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا، وَقَدْ ثَمَّرَ اللهُ المَالَ فِي يَدِي، فَاكْتُمْ عَلَيَّ مَا عِشْتُ (1) .
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ السُّلْطَانُ لاَ يَتَعَرَّضُ لِتَرِكَةٍ، ثُمَّ لَمْ يَصْبِرْ عَنْ أَمْوَالِ دَعْلَجٍ.
وَقِيْلَ: لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا أَيْسَرَ مِنْهُ مِنَ التُّجَّارِ، وَترَكُوا أَوْقَافَهُ - رَحِمَهُ اللهُ -.
قَالَ الحَاكِمُ: اشْتَرَى دَعْلَج بِمَكَّةَ دَارَ العَبَّاسِيَّةِ بِثَلاَثِيْنَ أَلفَ دِيْنَارٍ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوْيَه: أَدْخَلَنِي دَعْلَجُ بنُ أَحْمَدَ دَارَهُ، وَأَرَانِي بِدْراً مِنَ المَالِ مُعَبَّأَةً، فَقَالَ لِي: خُذْ مِنْهَا مَا شِئْتَ، فَشَكَرْتُهُ، وَقُلْتُ: أَنَا فِي كِفَايَةٍ.
قَالَ أَبُو عَلِيِّ بنُ شَاذَانَ، وَابنُ الفَضْلِ القَطَّانُ، وَابنُ أَبِي
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 390 - 392 وما بين حاصرتين منه.(16/34)
الفَوَارِسِ، وَغَيْرهُم: مَاتَ لِعَشْرٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَغَلِطَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ فَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي عَشْرِ ذِي الحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: الصَّحِيْحُ سَنَةَ إِحْدَى.
وَفِيْهَا كَانَ مَوْتُ: أَبِي إِسْحَاقَ الهُجَيْمِيِّ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى المائَةِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ الوَرْدِ رَاوِي السِّيْرَةِ بِمِصْرَ، وَشَيْخُ القُرَّاءِ وَالمُفَسِّرِيْنَ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ بِبَغْدَادَ، وَمُحَدَّثُ الكُوْفَةِ أَبُو جَعْفَرِ بنُ دُحَيْمٍ، وَمُسْنِدُ بَغْدَادَ مَيْمُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ صَاحبُ العُطَارِدِيِّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (ح)
وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ بنُ المُقَيَّرِ وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي السُّعُوْدِ، قَالاَ:
أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، أَخْبَرَنَا دَعْلَجٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ حَكَّامٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ، عَنْ عَبَّادِ بنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَ الأَنْصَارِيِّ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا اسْتَسْقَى قَلَبَ رِدَاءهُ (1) .
__________
(1) وأخرجه أحمد 4 / 41 من طريق ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد الأنصاري قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استسقى لنا، أطال الدعاء، وأكثر المسألة، قال: ثم تحول إلى القبلة، وحول رداءه، فقلبه ظهرا لبطن، وتحول الناس معه.
وهذا سند قوي، وأخرجه أبو داود (1167) من طريق القعنبي، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر به، وأخرجه أحمد 4 / 41، وأبو داود (1166) من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن عمارة بن غزية، عن عباد بن تميم، عن عمه عبد الله بن زيد..وصححه الحاكم 1 / 327، ووافقه الذهبي.(16/35)
22 - البَلاَذُرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُفِيْدُ الوَاعِظُ، شَيْخُ الجَمَاعَةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الطُّوْسِيُّ، البَلاَذُرِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ، وَتَمِيمِ بنِ مُحَمَّدٍ الحَافِظِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شِيْرَوَيْه، وَطَبَقَتِهِم.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كَانَ أَوحَدَ عَصْرِهِ فِي الحِفْظِ وَالوَعْظِ، وَكَانَ شَيْخُنَا الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ وَمشَايخُنَا يَحْضروْنَ مَجْلِسَهُ، وَيَفْرَحُونَ بِمَا يَذْكُرُهُ عَلَى رُؤُوسِ الملأِ مِنَ الأَسَانيدِ.
وَلَمْ أَرَهُم قَطُّ غَمَزُوهُ فِي إِسْنَادٍ أَوِ اسْمٍ أَوْ حَدِيْثٍ.
سَمِعَ جمَاعةً كَثِيْرَةً بِالعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ.
وَخَرَّجَ (صَحِيْحاً) عَلَى وَضْعِ (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَاسْتُشْهِدَ بِالطَّابَرَان وَهِيَ مُرتَحَلُهُ مِنْ نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ قَد انتخبَ عَلَى حَاجِبٍ الطُّوْسِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَهَذَا هُوَ البَلاَذُرِيُّ الصَّغِيْرُ.
فَأَمَّا البَلاَذُرِيُّ الكَبِيْرُ، فَهُوَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى (1) صَاحبُ (التَّارِيْخِ الكَبِيْرِ) حَافظٌ أَخبارِيٌّ عَلاَّمَةٌ، أَدْرَكَ عَفَّانَ بنَ مُسْلِمٍ وَمَنْ بَعْدَهُ، يُعَدُّ مِنْ طَبَقَةِ أَبِي دَاوُدَ (صَاحبِ السُّنَنِ) .
23 - ابْنُ دُحَيْمٍ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الشَّيْبَانِيُّ **
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، المُسْنِدُ، الفَاضِلُ، مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ، أَبُو جَعْفَرٍ، مُحَمَّدُ
__________
(*) الأنساب: 2 / 350 - 351، اللباب: 1 / 193، تذكرة الحفاظ: 3 / 892 - 893، العبر: 2 / 249، الوافي بالوفيات: 7 / 319، طبقات الحفاظ: 364 - 365، شذرات الذهب: 2 / 349، الرسالة المستطرفة: 29.
(1) تقدمت ترجمته في الجزء الثالث عشر من هذا الكتاب. ص 162 رقم الترجمة (96) .
(* *) عبر الذهبي: 2 / 293، النجوم الزاهرة: 3 / 334، شذرات الذهب: 3 / 9.(16/36)
بنُ عَلِيِّ بنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ، الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ العَبْسِيِّ القَصَّارِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي العَنْبَسِ القَاضِي، وَأَبِي عَمْرٍو أَحْمَدَ بنِ غَرْزَةَ الغِفَارِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الحِيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ خُشَيْشٍ التَّمِيْمِيُّ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ الظَّفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَلَوِيُّ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي هَاشِمٍ العَلَوِيُّ، وَالقَاضِي جَنَاحُ بنُ نَذِيْرٍ المُحَارِبِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَحَدِيْثُهُ يَقَعُ فِي تَصَانِيْفِ البَيْهَقِيِّ، وَفِي الثَّقَفِيَّاتِ (1) ، وَكَانَ أَحَدَ الثِّقَاتِ.
عَاشَ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَمَا وَجَدْتُ وَفَاتَهُ بَعْدُ، ثُمَّ وَجَدْتُ ابنَ حَمَّادٍ الكُوْفِيَّ، وَرَّخَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ، أَنَّهُ حَدَّثَ فِي آخِرِهَا.
وَقَالَ: كَانَ صَالِحاً، صَدُوْقاً قَلِيْلَ المَعْرِفَةِ، وَسمَاعُهُ فِي كُتُبِ أَبِيهِ.
24 - شُجَاعٌ أَبُو الفَوَارِسِ بنُ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ الوَرَّاقُ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، العَالِمُ، الوَاعِظُ، مُسْنِدُ بَغْدَادَ فِي وَقْتِهِ، أَبُو الفَوَارِسِ شُجَاعُ بنُ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ، الوَرَّاقُ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ
__________
(1) الثقفيات: هي عشرة أجزاء حديثية، تأليف أبي عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي الأصبهاني الحافظ، المتوفى سنة 489 هـ.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 253 - 254، المنتظم: 7 / 22، العبر: 2 / 298، النجوم الزاهرة: 3 / 339، شذرات الذهب: 3 / 12.(16/37)
المُنَادِي، وَعبَّاساً الدُّوْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ شَبِيْبٍ الرَّبَعِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مُلاَعِبٍ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ مِنْ (1) مَشَايِخِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَفْصٍ الكتَّانِيُّ، وَهلاَلٌ الحَفَّارُ، وَعَلِيُّ بنُ دَاوُدَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ.
وعُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وآخِرَ مَنْ رَوَى حَدِيْثَهُ عَالِياً الشِّهَابُ الحَجَّارُ فِي جُزْءِ النَّجَّادِ.
25 - ابْنُ أَبِي العَقَبِ عَلِيُّ بنُ يَعْقُوْبَ الهَمْدَانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، مُحَدِّثُ دِمَشْقَ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَاكِرِ بنِ زَامِلٍ الهَمْدَانِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
عُرِفَ بِابْنِ أَبِي العَقَبِ.
سَمِعَ: أَبَا زُرْعَةَ النَّصْرِيَّ، وَالقَاسِمَ بنَ مُوْسَى بنِ الأَشْيَبِ، وَأَحْمَدَ بنَ المُعَلَّى، وَأَنَسَ بنَ السّلْمِ، وَالحَسَنَ بنَ جَرِيْرٍ الصُّوْرِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، لَقِيَهُ فِي الحَجِّ.
وَتَلاَ لِعَاصِمٍ عَلَى: أَحْمَدَ بنِ نَصْرِ بنِ شَاكِرٍ.
قَرَأَ عَلَيْهِ: مُظَفَّرُ بنُ أَحْمَدَ الدِّيْنَوَرِيُّ.
وَرَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَتَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ هَارُونَ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مَشْمَاشَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَاسِرٍ الجَوْبَرِيُّ، وَعبدُ
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(*) عبر الذهبي: 2 / 298، النجوم الزاهرة: 3 / 339، شذرات الذهب: 3 / 13.(16/38)
الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ الحَاجِّ، وَخَلْقٌ آخِرُهُم مَوْتاً أَبُو الحَسَنِ بنُ السِّمْسَارِ.
وَلهُ نَظْمٌ وَفَضِيْلَةٌ.
مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
26 - ابْنُ الوَرْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الثَّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الوَرْدِ بنِ زَنْجَوَيْه البَغْدَادِيُّ، ثُمَّ المِصْرِيُّ، رَاوِي السِّيْرَةِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ البَرْقِيِّ، وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ العَلاَّفِ، وَيُوْسُفَ بنِ يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ خَالِدٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي زَيْدٍ الفَقِيْهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ نَظِيْفٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ الغَازِي، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ فِي ثَامِنِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَهُ يَحْيَى بنُ الطَّحَّانِ.
27 - الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدُوَيْه **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ المُتْقِنُ،
__________
(*) عبر الذهبي: 2 / 292، شذرات الذهب: 3 / 8.
(* *) تاريخ بغداد: 5 / 456 - 458، المنتظم: 7 / 32، تذكرة الحفاظ: 3 / 880 - 881، العبر: 2 / 301، دول الإسلام: 1 / 220، الوافي بالوفيات: 3 / 347، مرآة الجنان: =(16/39)
الحُجَّةُ، الفَقِيْهُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ، الشَّافِعِيُّ، البَزَّازُ، السَّفَّارُ، صَاحِبُ الأَجزَاءِ (الغَيْلاَنِيَّاتِ (1)) العَالِيَةِ.
مَوْلِدُهُ بِجَبُّلٍ (2) فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ عَامَ مَوْلِدِ الطَّبَرَانِيِّ.
وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
فسَمِعَ مِنْ: مُوْسَى بنِ سَهْلٍ الوَشَّاءِ صَاحبِ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَمِنْ مُحَمَّدِ بنِ شَدَّادٍ المِسْمَعِيِّ صَاحِبِ يَحْيَى القَطَّانِ، وَمِنْ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي العَوَّامِ، وَأَبِي قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيِّ، وَمن مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ الوَاسِطِيِّ، وَالحَارِثِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ التَّمِيْمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ السُّلَمِيِّ التِّرْمِذِيِّ.
وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْحَاقَ الحَرْبِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ القَاضِي، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَعَبْدِ اللهِ بنِ رَوْحٍ المَدَائِنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ رِبْحٍ البَزَّازِ، وَعَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدُوَيْه الخَزَّازِ، وَأَبِي الأَحْوَصِ مُحَمَّدِ بنِ الهَيْثَمِ القَاضِي، وَمُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ تَمْتَامٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَرَجِ الأَزْرَقِ، وَأَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ النَّرْسِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البِرْتِيِّ القَاضِي، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ الصَّائِغِ، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ كزَالَ، وَالحَسَنِ بنِ سَلاَّمٍ السَّوَّاقِ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الجُعْفِيِّ.
وَأَبِي مُسْلِمٍ
__________
= 2 / 357 - 358، البداية والنهاية: 11 / 260، النجوم الزاهرة: 3 / 343، طبقات الحفاظ: 360، شذرات الذهب: 3 / 16، هدية العارفين: 2 / 44.
(1) الغيلانيات، هي أحد عشر جزءا، تخريج الدارقطني من حديث المترجم أبي بكر محمد ابن عبد الله بن إبراهيم البغدادي الشافعي. وهو القدر المسموع لأبي طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز المتوفى سنة 404.
وهي من أعلى الحديث وأحسنه.
(2) جبل: بفتح الجيم وضم الباء الموحدة المشددة: بليدة على دجلة، بين النعمانية وواسط، وإياها عنى البحتري بقوله من قصيدة يمدح بها أبا العباس بن بسطام: حنانيك من هول البطائح سائرا * إلى خطر والريح هول دبورها لئن أوحشتني جبل وخصاصها * لما آنستني واسط وقصورها انظر " معجم البلدان " 2 / 103، وديوان البحتري: ص 1000.(16/40)
إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الكَجِّيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ دَنُوقَا، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الهَيْثَمِ البَلَدِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الجمَّالِ، وَإِسْحَاقَ بنِ الحَسَنِ الحَرْبِيِّ، سَمِعَ مِنْهُ (المُوَطَّأ) ، وَبِشْرِ بنِ مُوْسَى الأَسَدِيِّ، وَعِيْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ زَغَاثٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ بُرْدٍ الأَنْطَاكِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الجَهْمِ السِّمَّرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيِّ، وَمُوْسَى بنِ الحَسَنِ الجُلاَجِلِيِّ، وَمُضَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَسَدِيِّ، وَمُوْسَى بنِ هَارُوْنَ الحَمَّالِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ المَعْمَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ العَبْسِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَكَتَبَ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ الجَدِيدَةَ عَنِ الفَقِيْه أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ جَوْن الفَرْغَانِيِّ صَاحِبِ الرَّبِيْعِ.
وَقَدْ رَتَّبَ شَيْخُنَا أَبُو الحجَّاجِ شُيُوْخَ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ عَلَى الحُرُوْفِ، لَكِنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى مَنْ لَهُ عَنْهُ رِوَايَةٌ فِي (الغَيْلاَنِيَّاتِ) ، فَذَكَرْتُ هُنَا كِبَارَهُم.
وآخِرُ مَنْ رَوَى حَدِيْثَهُ عَالِياً أَبُو حَفْصِ بنُ طَبَرْزَدَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ رَجُلاَنِ، أَبُو القَاسِمِ بنُ الحُصَيْنِ عَنْ أَبِي طَالِبِ بنِ غَيْلاَنَ عَنْهُ.
وَمن فَاتَتْهُ (الغَيْلاَنِيَّاتُ) وَ (القَطِيْعِيَّاتُ) ، وَجُزْءُ الأَنْصَارِيِّ، نَزَلَ حَدِيْثُهُ دَرَجَةً، ثُمَّ لَمْ يَجِدْ شَيْئاً أَعْلَى مِنْ حَدِيْثِ البَغَوِيِّ، ثُمَّ ابْنِ صَاعِدٍ، وَمَنْ فَاتَهُ حَدِيْثُ هَذَيْنِ، نَزَلَ إِلَى حَدِيْثِ المَحَامِلِيِّ، وَالأَصَمِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ، رَاوِي جُزْءَ ابْنِ عَرَفَةَ.
طَالَ عُمُرُ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، وَتَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ، وَتَزَاحَمَ عَلَيْهِ الطَّلَبَةُ لإِتْقَانِهِ، وَعُلُوِّ إِسْنَادِهِ.(16/41)
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ النَّرْسِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، وَالأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَالفَضْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ شَهْرَيَارَ التَّاجِرُ، وَطَلْحَةُ بنُ الصَّقْرِ الكَتَّانِيُّ، وَمكِّيّ بنُ عَلِيٍّ الحَرِيْرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الحُرَفِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النِّمْطِ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ بطْحَاءَ، وَعَبْدُ الغَفَّارِ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ، وَعُثْمَانُ بنُ دُوسْتَ العَلاَّفُ، وَالحَسَنُ بنُ دُوْمَا النِّعَالِيُّ، وَعَبْدُ البَاقِي بنُ مُحَمَّدٍ الطَّحَّانُ، وَأَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ غَيْلاَنَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ يَتَرَدَّدُ إِلَى البِلاَدِ فِي التِّجَارَةِ.
وَسَمِعَ: بِمِصْرَ، وَالشَّامِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، حَسَنَ التَّصْنِيْفِ، جَمَعَ شُيوخاً وَأَبْواباً، حَدَّثَنِي أَبُو الحَسَنِ بنُ مَخْلَدٍ أَنَّهُ رَأَى مَجْلِساً أَملاَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي حَيَاةِ أَبِي مُحَمَّدِ بنِ صَاعِدٍ (1) .
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ جَبَلٌ، مَا كَانَ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ أَحَدٌ أَوْثَقُ مِنْهُ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الثِّقَةُ المَأْمُوْنُ الَّذِي لَمْ يُغْمَزْ بِحَالٍ.
قُلْتُ: قَدِ انْتَقَى عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ رُبَاعِيَّاتِهِ فِي جُزْءٍ كَبِيْرٍ سَمِعنَاهُ.
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 456 وما بين حاصرتين منه.(16/42)
مائَةٍ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَقَعَ ذِكْرُهُ فِي (تَارِيْخِ مِصْرَ) لِلحَافِظِ الإِمَامِ قطبِ الدِّيْنِ عَبْدِ الكَرِيْمِ بنِ مُنيرٍ الحَلَبِيِّ (1) - فَسَحَ اللهُ فِي مُدَّتِهِ - ابْتَدَأَهُ بِمَن اسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ تَبَرُّكاً بِاسْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ قُدَامَةَ، أَخْبَرَكُمُ الإِمَامُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ قُدَامَةَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ النَّرْسِيُّ سَنَةَ 426، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ، سَمِعْتُ أَبا حَصِيْنٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو وَائِلٍ: لَمَّا قَدِمَ سَهْلُ بنُ حُنَيْفٍ مِنْ صِفِّيْنَ، أَتَيْنَاهُ نَسْتَخْبِرُهُ، فَقَالَ: اتَّهِمُوا الرَّأْيَ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ، وَلَوْ أَسْتَطِيْعُ أَنْ أَرُدَّ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْرَهُ لَرَدَدْتُ، وَاللهُ وَرَسُوْلهُ أَعْلَم، مَا وَضَعْنَا أَسْيَافَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا فِي أَمْرٍ يفظعنَا إِلاَّ أَسْهَلْنَ (2) بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ قَبْلَ هَذَا الأَمْرِ، مَا نسدُّ مِنْهُ خِضَمّاً (3) إِلاَّ انْفَجَرَ عَلَيْنَا خِضَمٌّ مَا نَدْرِي كَيْفَ نَأْتِي لَهُ.
أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (4) ، عَنِ الحَسَنِ بنِ إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ، عَنِ ابْنِ سَابِقٍ، فَوَقَعَ بَدَلاَ عَالِياً.
__________
(1) هو عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي، حافظ للحديث، حلبي الأصل والمولد، مصري الاقامة والوفاة، له " تاريخ مصر " في بضعة عشر جزءا، توفي سنة 735.
ترجمته في " ذيل طبقات الحفاظ " للحسيني: ص: 13 - 15، و" حسن المحاضرة ": 1 / 202.
(2) في الأصل: أسهل.
والمثبت من البخاري ومسلم.
(3) بكسر الخاء، وفتح الضاد المعجمة، كما في الأصل، أي: بحرا. وفي البخاري بضم الخاء، وسكون الصاد المهملة، أي جانبا.
(4) 7 / 351 في المغازي: باب غزوة الحديبية، وهو عنده من غير هذا الطريق 6 / 201 في الجهاد: باب إثم من عاهد ثم غدر، و8 / 451 في التفسير، و13 / 244 في الاعتصام، وأخرجه مسلم (1785) في الجهاد: باب صلح الحديبية.(16/43)
وَمَاتَ مَعَهُ: أَبُو الحَسَنِ نُعَيْمُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَدِيٍّ الإِسْتِرَابَاذِيِّ، وَمُقْرِئُ العِرَاقِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ مقسمٍ البَغْدَادِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو حَاتِمِ بنُ حِبَّانَ، وَأَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ الصِّبْغِيُّ أَخُو أَبِي بَكْرٍ، وَشَاعِرُ العَصْرِ أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ حُسَيْنٍ الكُوْفِيُّ المُتَنَبِّيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَطِيَّةَ بنِ الحَدَّادِ، تُوُفِّيَ بِتَنِّيْسَ.
28 - ابْنُ بُنْدَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ المَدِيْنِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ بُنْدَارَ بنِ نَاجِيَةَ بنِ سَدُوسٍ المَدِيْنِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ.
سَمِعَ: أسِيْدَ بنَ عَاصِمٍ الثَّقَفِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغَ، لَقِيَهُ بِمَكَّةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدُكَوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عليٍّ الذَّكوَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
29 - الفَاكِهِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ **
الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ المكِّيُّ، الفَاكِهِيُّ.
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 86، عبر الذهبي: 2 / 298، النجوم الزاهرة: 3 / 339، شذرات الذهب: 3 / 13.
(* *) الفهرست: 159، عبر الذهبي: 2 / 298، العقد الثمين: 5 / 243، النجوم الزاهرة: 3 / 339، شذرات الذهب: 3 / 13.(16/44)
سَمِعَ: أَبا يَحْيَى بنَ أَبِي مَسَرَّةَ، فَكَانَ آخِرَ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ النَّحَّاسِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ البَزَّازُ شَيْخٌ لِلْبَيْهَقِيِّ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي أَخْبَارِ مَكَّةَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ أَيْضاً.
30 - الرَّافِقِيُّ أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ *
المُحَدِّثُ، أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرِ بنِ السَّرِيِّ الرَّافِقِيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
سَمِعَ: هِلاَلَ بنَ العَلاَءِ، وَحَفْصَ بنَ عُمَرَ سِنْجَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ الجُذُوعِيَّ، وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَظِيْفٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَاجِّ الإِشْبِيْلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ عَلِيٍّ الطَّحَّانُ: تَكَلَّمُوا فِيْهِ.
31 - القَالِيُّ أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ القَاسِمِ بنِ هَارُوْنَ **
العَلاَّمَةُ، اللُّغَوِيُّ، أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ القَاسِمِ بنِ هَارُوْنَ بنِ
__________
(*) عبر الذهبي: 2 / 304 - 305، مشتبه النسبة: 1 / 298، تبصير المنتبه: 2 / 619، حسن المحاضرة 1 / 370، شذرات الذهب: 3 / 19.
(* *) طبقات النحويين واللغويين: 132 و202 - 205، تاريخ علماء الأندلس: 1 / 69، =(16/45)
عَيْذُوْنَ البَغْدَادِيُّ، القَالِيُّ، صَاحِبُ كِتَابِ (الأَمَالِي) فِي الأَدَبِ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَأَخَذَ العَرَبِيَّةَ عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنْبَارِيِّ، وَابنِ دَرَسْتَوَيْه، وَنِفْطَوَيْه، وَطَائِفَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي يَعْلَى بِالمَوْصِلِ، وَمن أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، وَيَحْيَى بنِ صَاعِدٍ، وَعَلِيِّ بنِ سُلَيْمَانَ الأَخْفَشِ.
وَتلاَ عَلَى: أَبِي بَكْرٍ بنِ مُجَاهدٍ لأَبِي عَمْرٍو، ثُمَّ تحوَّلَ إِلَى الأَنْدَلُسِ، وَنشَرَ بِهَا علمَهُ.
دخلَهَا فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَفَرحَ بِهِ صَاحبُهَا النَّاصرُ الأُمَوِيُّ، وَصَنَّفَ لَهُ وَلولدِهِ المستنصرِ تَصَانِيْفَ، وَكَانَ يَدْرِي (كِتَابَ) سِيْبَوَيْه، قَدْ بَحَثَهُ عَلَى ابْنِ دَرَسْتَوَيْه.
وَأَملَى كِتَابَ (النَّوَادرِ) .
وَله كِتَابُ (المَقْصُوْرِ وَالمُدُوْدِ) ، وَكِتَابُ (الإِبلِ) ، وَكِتَابُ (الخيلِ) ، (وَالبَارعُ) فِي اللُّغةِ فِي بِضْعَةَ عشرَ مجلّداً، لكنَّهُ مَا تَمَّمَهُ.
وَولاؤُهُ لبنِي مَرْوَانَ، وَلِهَذَا هَاجرَ إِلَى المروَانيَّةِ، وَعَظُمَ عِنْدَهُم، وَتوَالِيْفُهُ مهذَّبةٌ.
أَخَذَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ الرَّبِيْعِ التَّمِيْمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الزُّبَيْدِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبَانَ بنِ سَعِيْدٍ، وَطَائِفَةٌ.
__________
= جذوة المقتبس: 164 - 167، الأنساب: 10 / 33، فهرست ابن خير: ص 395، بغية الملتمس: 231 - 234، معجم الأدباء: 7 / 25 - 33، معجم البلدان: 4 / 300، إنباه الرواة: 1 / 204 - 209، اللباب: 3 / 9، وفيات الأعيان: 1 / 226 - 228، العبر: 2 / 304، مرآة الجنان: 2 / 359، البداية والنهاية: 11 / 264 - 265، المزهر: 2 / 420، بغية الوعاة: 1 / 453، نفح الطيب: 1 / 364، 368، 369، و2 / 20، 49، 665 و3 / 70 - 78 وغيرها، شذرات الذهب: 3 / 18، هدية العارفين: 1 / 208.(16/46)
تُوُفِّيَ بقُرطبةَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَالقَالِيُّ نسبَةً إِلَى قريَةِ قَاليقلاَ (1) مِنْ أَعمَالِ مَنَازكردَ مِنْ إِقلِيمِ أَرمِينيةَ.
رَافَقَ نَاساً مِنْ تِلْكَ القريَةِ، فَعُرِفَ بِذَلِكَ تلقيباً وَشُهِرَ بِهِ.
32 - أَبُو السَّائِبِ عُتْبَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى الهَمَذَانِيُّ *
قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو السَّائِبِ عُتْبَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى بنِ عُبَيْدِ اللهِ الهَمَذَانِيُّ، الشَّافِعِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
كَانَ أَبُوْهُ تَاجراً بِهَمَذَانَ، وَإِمَامَ مَسْجِدٍ، فَاشتغلَ هُوَ وَتصوَّفَ أَوَّلاً، وَتَزَهَّدَ، وَسَافَرَ، وَصَحِبَ الجُنَيْدَ وَالعُلَمَاءَ.
وَرَوَى عَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرِهِ، وَعُنِيَ بفهمِ القُرْآنِ، وَكَتَبَ الحَدِيْثَ وَالفِقْهَ، ثُمَّ ذهبَ إِلَى مَرَاغَةَ (2) ، وَاتَّصلَ بِابْنِ أَبِي السَّاجِ الأَمِيْرِ، فولِيَ القَضَاءَ لَهُ، ثُمَّ بَعُدَ صِيْتُهُ، وَقُلِّدَ قَضَاءَ ممَالِكَ أَذَرْبِيْجَانَ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ هَمَذَانَ، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ، وَتوصَّلَ، وَازدَادَتْ عظمَتُهُ، وَقُلِّدَ قَضَاءَ العِرَاقِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ، فَهُوَ أَوَّلُ شَافعِيٍّ وَلِيَ قَضَاءَ بَغْدَادَ، وَعَاشَ ستاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) انظر " معجم البلدان ": 4 / 299 - 300.
(*) تاريخ بغداد: 12 / 320 - 322، المنتظم: 7 / 5 - 6، العبر: 2 / 287، عيون التواريخ: 11 الورقة: 48، طبقات السبكي: 3 / 343 - 344، البداية والنهاية: 11 / 239، النجوم الزاهرة: 3 / 329، شذرات الذهب: 3 / 5.
(2) مراغة: بلدة عظيمة، من أشهر بلاد أذربيجان. انظر " معجم البلدان ": 5 / 93 - 94.(16/47)
33 - الحَبِيْبِيُّ أَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ الحَبِيْبِيُّ، المَرْوَزِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَمَّارِ بنِ رَجَاءَ، وَسَهْلِ بنِ المُتَوَكِّلِ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ حَاتمٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَالحَاكِمُ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الذُّهلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ غُنْجَارٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: يكذبُ مِثْلَ السّكرِ، الحَسْنَوِيُّ أَحسنُ حَالاً مِنْهُ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي رَجَبٍ سنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
34 - ابْنُ قَاجٍ أَحْمَدُ بنُ قَاجِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ قَاجِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، الوَرَّاقُ.
لاَ يُوصفُ مَا سَمِعَهُ كَثْرَةً.
سَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ هَاشِمٍ البَغَوِيَّ، وَالبَاغَنْدِيَّ، وَابنَ جَرِيْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيَّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابنُ رَزْقَوَيْه، وَأَبُو طَالِبٍ بنُ غَيْلاَنَ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) الأنساب: 4 / 53، اللباب: 1 / 339، العبر: 2 / 292، ميزان الاعتدال: 3 / 155، مشتبه النسبة: 1 / 256، لسان الميزان: 4 / 258 - 259، شذرات الذهب: 3 / 8.
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 355 وهو فيه " أبو الحسن "، الإكمال لابن ماكولا: 1 / 170.(16/48)
وَكَانَ ثِقَةً مُتْقِناً.
ذكرَ الخَطِيْبُ أَنَّهُ وَرِثَ سبعَ مائَةِ دِيْنَارٍ، فَاشترَى بِمجموعِهَا كَاغداً فِي صفقَةٍ، وَمكثَ دَهْراً يكتبُ فِيْهِ الحَدِيْثَ - رَحِمَهُ اللهُ (1) -.
مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
35 - أَبُو عَمْرٍو الصَّغِيْرُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
هُوَ: الحَافِظُ، الإِمَامُ، الرَّحَّالُ، أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ النَّيْسَابُوْرِيُّ النَّحْوِيُّ، وَيُعْرَفُ بِالصَّغِيْرِ.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: هُوَ نَيْسَابُوْرِيٌّ حَافظٌ.
سَمِعَ: أَبا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، وَحَامِدَ بنَ شُعَيْبٍ، وَابنَ قُتَيْبَةَ العَسْقِلاَّنِيَّ.
قُلْتُ: وَأَبا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ شِيْرَوَيْه صَاحبَ إِسْحَاقَ، وَإمَامَ الأَئِمَّةِ ابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا عَرُوْبُةَ الحَرَّانِيَّ، وَابنَ أَبِي دَاوُدَ، وَطَبَقَتَهُم.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَذَكَرَهُ الحَاكِمُ، وَقَالَ: لَقَدْ كَانَ كَثِيْراً فِي العلومِ وَالعَدَالَةِ، لأَنَّهُمَا كَانَا أَبوي عَمْرٍو، وَلاَ يُزَايلاَنِ مَجْلِسَ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَهَذَا الأَصغرُ، فَكَانَ ابْنُ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ: أَبُو عَمْرٍو الصَّغِيْرُ، فَبقيَ عَلَيْهِ.
رَحَلَ بِهِ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ إِلَى العِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَالشَّامِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد ": 4 / 355.
(*) تاريخ بغداد: 1 / 277، تاريخ ابن عساكر: 36 / 256، إنباه الرواة: 3 / 54، الوافي بالوفيات: 2 / 31.(16/49)
قُلْتُ: هُوَ مِنْ شُيُوْخِ الحَاكِمِ.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: سَمِعْتُ الحَاكِمَ يَقُوْلُ: كَانَ فَقِيْهاً، أَديباً، وَرِعاً، صَاحِبَ حَدِيْثٍ، وَهُوَ كَبِيْر كبِير، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، يَقُوْلُ: قُلْتُ لأَبِي، وَسَأَلتُهُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الرَّازِيِّ الصَّغِيْرِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، لاَ تَقُلْ: صغيرٌ، هُوَ كَبِيْرٌ، هُوَ كَبِيْرٌ، هُوَ كَبِيْرٌ.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: هَذَا مَثَلٌ ضَربتُهُ لأَبِي عَمْرٍو.
ثُمَّ قَالَ الخَلِيْلِيُّ: مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: بَلِ الصَّحِيْحُ مَا تقدَّمَ.
36 - الإِسْفَرَايِيْنِيُّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ أَزْهَرَ *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بن مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ أَزْهَرَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَالدُ أَبِي نُعَيْمٍ.
رَحَلَ بِهِ خَالُهُ أَبُو عَوَانَةَ الحَافِظُ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرِ بنِ رَجَاءَ، وَالكَجِّيِّ، وَابنِ الضُّرَيْسِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، وَيُوْسُفَ القَاضِي، وَأَبِي خَلِيْفَةَ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَقَالَ: كَانَ مُحَدِّثُ عَصْرِهِ، وَمِنْ أَجودِ النَّاسِ أُصُولاً.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَالُوَيْه، وَجَمَاعَةٌ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) العبر: 2 / 271، الوافي بالوفيات: 12 / 265، شذرات الذهب: 2 / 372.(16/50)
37 - ابْنُ فَحْلُوْنَ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ فَحْلُوْنَ الأَنْدَلُسِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، الإِمَامُ، أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ فحلُوْنَ الأَنْدَلُسِيُّ، الإِلْبِيْرِيُّ، رَاوي كِتَابِ (الوَاضحَةِ) لِعَبْدِ المَلِكِ بنِ حَبِيْبٍ، عَنْ يُوْسُفَ المُغَامِيِّ (1) عَنْهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: بَقِيِّ بنِ مخلدٍ، وَابنِ وَضَّاحٍ، وَمُطَرِّفِ بنِ قَيْسٍ، وَحَجَّ فَأَخَذَ عَنِ: النَّسَائِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ رِشْدِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ خلقٌ، مِنْهُم: يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عِيْسَى اللَّيْثِيُّ، وَالمُعَمَّرُ حُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ البجَّانِيُّ.
وَكَانَ صَدُوْقاً، زَعِرَ الخُلقِ.
تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
38 - أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَزِيْدَ **
الحَافِظُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الثَّبْتُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَزِيْدَ بنِ دَاودَ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
أَحدُ النُّقَادِ.
وُلِدَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعَهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 168 - 169، جذوة المقتبس: 232 - 233، بغية الملتمس: 311، النجوم الزاهرة: 3 / 318.
(1) المغامي: بضم الميم وفتح الغين وبعد الالف ميم ثانية: هذه النسبة إلى " مغامة ": بلدة بالاندلس " اللباب " 3 / 240.
(* *) تاريخ بغداد: 8 / 71 - 72، المنتظم: 6 / 396، معجم البلدان: 5 / 332 - 333، تذكرة الحفاظ: 3 / 902 - 905، العبر: 2 / 281 - 282، مرآة الجنان: 2 / 343، طبقات السبكي: 3 / 276 - 280، البداية والنهاية: 11 / 236، النجوم والزاهرة: 3 / 324، طبقات الحفاظ: 368 - 369، شذرات الذهب: 2 / 380، تهذيب ابن عساكر: 4 / 350 - 351.(16/51)
رَوَى عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ شِيْرَوَيْه، وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ الحَافِظِ، وَابنِ خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَاسِرْجِسِيِّ، وَطَبَقَتِهِم بِنَيْسَابُوْرَ.
وَعَنِ: الحُسَيْنِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيَّ بهَرَاةَ، وَأَبِي خَلِيْفَةَ الجُمَحِيِّ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيِّ بِالبَصْرَةِ، وَمُحَمَّدِ بنِ نُصَيْرٍ، وَطَبَقَتِهِ بِأَصْبَهَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ القتَّاتِ، وَعِدَّةٍ بِالكُوْفَةِ، وَعَبْدَانَ الجوَالِيقِيِّ بِالأَهْوَازِ، وَالحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، بِنَسَا.
وَالحَسَنِ بنِ الفَرَجِ الغَزِّيِّ بغَزَّةَ، وَعِمْرَانَ بنِ مُوْسَى بنِ مُجَاشْعٍ بجُرْجَانَ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ المَنْجَنِيْقِيِّ بِمِصْرَ، وَأَبِي يَعْلَى بنِ المُثَنَّى بِالمَوْصِلِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُوَيْدٍ، وَهُوَ أَقدمُ شَيْخٍ لَهُ، وَأَحْمَدَ بنِ يَحْيَى الحُلْوَانِيِّ بحُلوَانَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ نَاجيَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُبَّانَ بِبَغْدَادَ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِمدَائِنَ خُرَاسَانَ، وَبَالحَرَمَيْنِ وَمِصْرَ وَالشَّامِ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيْرَةِ وَالجِبَالِ.
وَكَانَ فِي أَيَّامِ الحدَاثَةِ يَتَعَلَّمُ فِي الصَّاغَةِ، فنصَحَهُ بَعْضُ العُلَمَاءِ لَمَّا شَاهدَ فرطَ ذكَائِهِ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ بطلبِ العِلْمِ، فَهشَّ لِذَلِكَ، وَأَقبلَ عَلَى الطَّلَبِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَالحَاكِمُ، وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ مَحْمِشٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ الإِمَامَانِ: أَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَهُمَا أَكبرُ مِنْهُ.
وَتلمذَ لَهُ: الحَاكِمُ، وَتخَرَّجَ بِهِ، وَقَالَ: هُوَ وَاحدُ عَصْرِهِ فِي الحِفْظِ، وَالإِتْقَانِ، وَالوَرَعِ، وَالمذَاكرَةِ، وَالتَّصْنِيْفِ.
سَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ سَرَدَ شُيُوخَهُ.
وَعَنْ أَبِي عليٍّ الحَافِظِ، قَالَ: رحلتُ إِلَى هَرَاةَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ(16/52)
وَتِسْعِيْنَ، وَحضرتُ أَبا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ وَهُوَ يهدِّدُ وَكيلاً، وَيَقُوْلُ: تعُودُ يَا لُكَعٌ؟
فَقَالَ: لاَ أَصلحَكَ اللهُ، فَقَالَ: بَلْ أَنْتَ لاَ أَصلحَكَ اللهُ، قُمْ عَنِّي.
قَالَ الحَاكِمُ: كُنْت أَرَى أَبَا علِيٍّ الحَافِظَ مُعجباً بِأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ وَبإِتقَانِهِ.
وَقَالَ: كَانَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ إِلاَّ اليَسِيْرَ، وَلَوْلاَ اشتغَالِهِ بسمَاعِ كُتُبِ القَاضِي أَبِي يُوْسُفَ مِنْ بِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ لأَدركَ بِالبَصْرَةِ أَبا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيَّ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ باقعَةً (1) فِي الحِفْظِ، لاَ تُطَاقُ مُذكرَاتُهُ، وَلاَ يَفِيَ بِمذكرَاتِهِ أَحدٌ مِنْ حُفَّاظِنَا، وَقَدْ خَرَجَ إِلَى بَغْدَادَ ثَانِيَ مرَّةٍ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ صَنَّفَ وَجَمَعَ، فَأَقَامَ بِبَغْدَادَ وَمَا بِهَا أَحدٌ أَحفظُ مِنْهُ إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ الجِعَابِيَّ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا علِيٍّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ بِبَغْدَادَ أَحفظَ مِنَ الجِعَابِيِّ.
وَسَمِعْتُ أَبَا علِيٍّ يَقُوْلُ: كَتبَ عَنِّي أَبُو مُحَمَّدِ بنُ صَاعدٍ غَيْرَ حَدِيْثٍ فِي المذَاكرَةِ، وَكَتَبَ عَنِّي ابْنُ جَوْصَا بِدِمَشْقَ جُمْلَةً.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَارمٍ: مَا رَأَيْتُ ابنَ عُقْدَةَ يتواضعُ لأَحدٍ مِنَ الحُفَّاظِ كَمَا يتواضعُ لأَبِي عَليٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُوْلُ: اجتمعتُ بِبَغْدَادَ مَعَ أَبِي أَحْمَدَ العسَّالِ، وَأَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ، وَأَبِي طَالِبٍ بنِ نَصْرٍ، وَأَبِي بَكْرٍ الجِعَابِيِّ، وَأَبِي أَحْمَدَ الزَّيْدِيِّ، فَقَالُوا لِي: أَمِلَّ مِنْ حَدِيْثِ نَيْسَابُوْرَ مَجْلِساً، فَامتنعتُ، فَمَا زَالُوا بِي حَتَّى أَمْلَيتُ عَلَيْهِم ثَلاَثِيْنَ حَدِيْثاً، فَمَا أَجَابَ
__________
(1) الباقعة: الداهية. انظر: " اللسان " مادة " بقع ".(16/53)
وَاحدٌ مِنْهُم فِي حَدِيْثٍ مِنْهَا سِوَى ابْنِ حَمْزَةَ فِي حَدِيْثٍ وَاحدٍ (1) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عِنْدَ أَبِي عليٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ، فَقَالَ: إِمَامٌ مُهذَّبٌ.
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: سَمِعْتُ الحَاكِمَ يَقُوْلُ: لَسْتُ أَقُولُ تعصُّباً لأَنَّه أُستَاذِي - يَعْنِي: أَبَا عَلِيٍّ - وَلَكِنْ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ..
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ: قَالَ ابْنُ المُقْرِئِ الأَصْبَهَانِيُّ: إِنِّيْ لأَدْعُو لَهُ فِي أَدبارِ الصَّلواتِ، كُنْتُ أَتَّبعهُ فِي شُيُوْخِ مِصْرَ وَالشَّامِ.
ثُمَّ قَالَ الخَلِيْلِيُّ: سَمِعْتُ مَنْ يحكِي عَنْ أَبِي عليٍّ قَالَ: دَقَقْتُ عَلَى ابْنِ عُقْدَةَ بَابَهُ، فَقَالَ: مَنْ؟
قُلْتُ: أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَافِظُ.
قَالَ: فَلَمَّا ذَاكَرَنِي قَالَ: أَنْتَ الحَافِظُ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: لَعَلَّكَ تَحْفَظُ ثيَابكَ، فَلَمَّا رَجعتُ مِنَ الشَّامِ لَقِيْتُهُ، فذَاكرتُهُ، فَقَالَ: أَنْتَ وَاللهِ اليَوْمَ الحَافِظُ، قَدْ غَلَبْتَنِي.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَختلفُ إِلَى الصَّاغةِ، وَفِي جِوَارنَا فَقِيْهٌ كَرَّامِيٌّ (2) ، يُعرفُ بِالوَلِيِّ، أَخذتُ عَنْهُ مسَائِلَ، فَقَالَ لِي: أَبُو الحَسَنِ الشَّافِعِيُّ: لاَ تُضَيِّعْ أَيَّامَكَ.
فَقُلْتُ: إِلَى مَنْ أَختلفُ؟
قَالَ: إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَتَيْتُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، فَلَمَّا رَأَيْتُ شمَائِلَهُ، وَسَمْتَهُ، وَحُسْنَ مُذَاكَرَتِهِ لِلْحَدِيْثِ، حَلاَ فِي قَلْبِي، فَحَدَّثَ يَوْماً عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ: اخرجْ إِلَى
__________
(1) " تاريخ بغداد " 8 / 72 وما بين حاصرتين منه.
(2) بفتح أوله والراء المشددة، هذه النسبة إلى أبي عبد الله محمد بن كرام السجستاني، صاحب الفرقة الكرامية.
انظر " اللباب ": 3 / 89، و" الملل والنحل ": 1 / 108.(16/54)
هَرَاةَ فَإِنَّ بِهَا مَنْ يحدِّثُ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، فَوَقَعَ ذَلِكَ فِي قَلْبِي، فَخَرَجتُ إِلَى هَرَاةَ سَنَةَ 95 (1) .
قُلْتُ: رَحلَ أَيْضاً ثَانياً إِلَى العِرَاقِ وَحَجَّ مرَّتينِ.
أَنْبَأَنِي مُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَخِي أَبُو الحُسَيْنِ، سَمِعْتُ أَبا طَاهرٍ السُّلَمِيَّ، سَمِعْتُ غَانِمَ بنَ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الفَضْلِ البَاطِرقَانِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ مَنْدَةَ، سَمِعْتُ أَبَا علِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَمَا رَأَيْتُ أَحفظَ مِنْهُ يَقُوْلُ: مَا تَحْتَ أَديمِ السَّمَاءِ أَصحُّ مِنْ كِتَابِ (مُسْلِمٍ (2)) .
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَةَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي اختلاَفِ الحَدِيْثِ وَالإِتْقَانِ أَحفظُ مِنْ أَبِي عليٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ، يَقُوْلُ لأَبِي عليٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ: مَنْ إِبْرَاهِيْمُ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ؟
فَقَالَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَامِرٍ البَجَلِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ.
فَقَالَ: أَحسنتَ يَا أَبَا علِيٍّ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي أَصحَابِنَا مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ الجِعَابِيِّ، حَيَّرَنِي حفظُهُ، فَحَكَيتُ هَذَا للجِعَابِيِّ، فَقَالَ: يَقُوْلُ:
__________
(1) يعني: بعد المئتين.
(2) قال ابن الصلاح في " المقدمة " ص 26 تعليقا على قول أبي علي هذا: إن كان المراد به أن كتاب مسلم يترجح بأنه لم يمازجه غير الصحيح، فإنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسرودا غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم أبوابه من الاشياء التي لم يسندها على الوصف المشروط في الصحيح، فهذا لا بأس به، وليس يلزم منه أن كتاب مسلم أرجح فيما يرجع إلى نفس الصحيح على كتاب البخاري، وإن كان المراد به أن كتاب مسلم أصح صحيحا، فهذا مردود على من يقوله.(16/55)
أَبُو عَلِيٍّ هَذَا وَهُوَ أُستَاذِي عَلَى الحقيقَةِ؟!
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: قَدِمْتُ بَغْدَادَ، فَدَخَلْتُ عَلَى الفِرْيَابِيِّ، وَقَدْ قَطَعَ الرِّوَايَةَ، فَبكيتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَمَا حَدَّثَنِي، وَرَأَيْتُهُ حَسْرَةً.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ أَبُو عَلِيٍّ فِي جُمَادَى الأُولى سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ ثِنتينِ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَلَمْ يُخلفْ بِخُرَاسَانَ مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: استَأْذَنْتُ ابنَ خُزَيْمَةَ فِي الخُرُوْجِ إِلَى العِرَاقِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثلاثِ مائَةٍ، فَقَالَ: تُوحِشُنَا مُفَارقَتُكَ يَا أَبَا عَلِيٍّ، فَقَدْ رَحَلْتَ وَأَدْرَكْتَ العوَالِيَ، وَتقدَّمْتَ فِي الحِفْظِ، وَلنَا فيكَ فَائِدَةٌ.
فَمَا زِلْتُ بِهِ حَتَّى أَذِنَ لِي.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: قَالَ لِي ابْنُ خُزيمةَ: لَقَدْ أَصبتَ فِي خُرُوْجِكَ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى حفظِكَ ظَاهِرَةٌ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عَلِيٍّ صَنَّفَ وَجمعَ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَازِمٍ المَقْدِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ غَسَّانَ (ح)
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا زينُ الأُمَنَاءِ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا مكرمُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ سَهْلٍ الفلكِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المُؤَذِّنُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ القَاسِمِ، عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ الله، وَيُؤْمِنُوا بِي، وَبِمَا جِئْتُ بِهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهُم وَأَمْوَالَهُم إِلاَّ(16/56)
بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُم عَلَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ (1) -) .
قَالَ الحَاكِمُ: سَأَلْتُ أَبَا عليٍّ، عَنِ الحَسَنِ بنِ الفرجِ الغَزِّيَّ، فَقَالَ: مَا كَانَ إِلاَّ صَدُوْقاً.
قُلْتُ: إِنَّ أَهْلَ الحِجَازِ يَذكرُوْنَ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ (المُوَطَّأِ) فَحَدَّثَ بِالكُلِّ.
فَقَالَ: مَا رَأَينَا إِلاَّ الخَيْرَ، قَرَأَ عَلَيْنَا (المُوَطَّأَ) مِنْ أَصلِ كِتَابِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الصَّغِيْرَ يَقُوْلُ: نَزَلْنَا الخَانَ بِدِمَشْقَ، فَأَتَى ابْنُ جَوْصَا زَائِراً لأَبِي عليٍّ الحَافِظِ، فَنَزَلَ عَنِ البغلةِ، وَأَظهرَ الفرحَ، وَذَاكرَ أَبَا عَلِيٍّ، وَأَخذَ مِنْهُ جمعَهُ (كِتَابَ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ) ثُمَّ حَمَلَنَا إِلَى مَنْزِلِهِ، ثُمَّ اجتمعَ جمَاعةٌ مِنَ الرَّحَّالَةِ، مِنْهُم: الزُّبَيْرُ الأَسدَابَاذِيُّ، وَنقمُوا عَلَى ابْنِ جَوْصَا أَحَادِيثَ، فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لاَ تَفعلُوا، هَذَا إِمَامٌ قَدْ جَازَ القَنْطَرَةَ.
قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ ابنَ جَوْصَا، فَمَا بَالَى بِهِم، بَلْ كَانَ يَهَابُ أَبَا عَلِيٍّ فَبَعَثَ بِوكيلِهِ إِلَى أَبِي عليٍّ بعِشْرِيْنَ دِيْنَاراً، فَقَالَ: يَا أَبَا عَلِيٍّ، يَنْبَغِي أَنْ تُسَافِرَ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ قَدْ طلبَكَ فَخَرَجَ، وَخرجنَا مَعَهُ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: رَاسلَهُ ابْنُ جَوْصَا بِأَنَّهُ قَد أُنْهِيَ إِلَى السُّلْطَانِ أَنَّكَ اسْتصحبْتَ غُلاَماً حدثاً، وَإِنَّ أَبَاهُ قَدْ خَرَجَ فِي طلَبِهِ، يَعْنِي: أَبَا عَمْرٍو الصَّغِيْرَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَسُنْقُرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الزَّينِيُّ قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ بنُ سِلَفةَ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ
__________
(1) وأخرجه مسلم (21) (34) في الايمان من طريقين عن روح بن القاسم بهذا الإسناد.
وأخرجه من حديث أبي هريرة بنحوه من غير هذا الطريق: البخاري 3 / 311 في أول الزكاة، و12 / 244، ومسلم (21) ، والترمذي (2606) ، وأبو داود (2640) ، والنسائي 5 / 14.(16/57)
الفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ إِمْلاَءً، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سَعِيْدٍ الحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لاَ يَغْلَقُ الرَّهْنُ (1)) .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ وَجَمَاعَةٌ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا الفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ المَرْوَزِيُّ ثِقَةٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ قُهْزَاذَ، حَدَّثَنَا الجُدِّيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، حَدَّثَنِي يَزِيْدُ بنُ جُعْدُبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مِخْرَاقٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِنَّ اللهَ خَلَقَ رِيْحاً فِي الجَنَّةِ بَعْدَ الرِّيْحِ بِسَبْعِ سِنِيْنَ، بَيْنَكُم وَبَيْنَهَا بَابٌ،
__________
(1) أخرجه ابن عدي في " كامله " 366 / 2 من طريق محمد بن زياد بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث منكر بهذا الإسناد، وإنما روى مالك، هذا الحديث في " الموطأ " عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومحمد بن زياد منكر الحديث عن الثقات، ولا أعرفه إلا في هذا الحديث، وليس بالمعروف.
قلت: والرواية المرسلة في " الموطأ " 2 / 728 في الاقضية: باب ما لا يجوز من غلق الرهن.
وقد رواه عن سعيد بن المسيب مرسلا الشافعي (324) ، والبيهقي 6 / 39، والدارقطني 3 / 33، وعبد الرزاق (15034) .
وقد روي موصولا بذكر أبي هريرة من طرق وكلها ضعيفة، والصحيح أنه مرسل كما جزم به البيهقي وغيره.
انظر سنن الدارقطني 3 / 32، 33، و" المستدرك " 2 / 51، وسنن البيهقي 6 / 40، وابن حبان (1123) .
وقوله " لا يغلق الرهن ": قال ابن الأثير: يقال: غلق الرهن يغلق غلوقا: إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على تخليصه.
والمعنى: أنه لا يستحقه المرتهن إذا لم يستفكه صاحبه، وكان هذا من فعل الجاهلية أن الراهن إذا لم يؤد ما عليه في الوقت المعين ملك المرتهن الرهن.(16/58)
الَّذِي يُصِيْبُكُم مِنَ الرِّيْحِ مَا يَخْرُجُ مِنْ خِلَلِ ذَلِكَ البَابِ، وَلَوْ فُتِحَ لأَذَرَّتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، اسْمُهَا عِنْدَ اللهِ الأَرنبُ، وَهِيَ عِنْدَكُمُ الجَنُوبَ (1)) غريبٌ، وَيقعُ لَنَا عَالِياً بِدَرَجَتَيْنِ مِنْ حَدِيْثِ المَحَامِلِيِّ.
39 - ابْنُ مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ القُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ *
المُحَدِّثُ، الرَّئِيْسُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ القُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الَّذِي انتخَبَ عَلَيْهِ ابْنُ مَنْدَةَ ثَلاَثِيْنَ جُزءاً.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَأَبَا عُلاَثَةَ المِصْرِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ البُسْرِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ قِيْرَاط، وَخَيَّاطَ السُّنَّةِ، وَأَنَسَ بنَ السَّلمِ وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَتَمَّامٌ، وَحُوَيُّ بنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ السِّمْسَارِ، وَآخَرُوْنَ، وأَمْلَى مَجَالِسَ.
قَالَ الكتَانِيُّ: كَانَ ثِقَةً، مَأْمُوْناً جَوَاداً، مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَأَبُوْهُ أَبُو إِسْحَاقَ (2) مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ.
__________
(1) يزيد بن جعدبة وكذا شيخه عبد الرحمن بن مخراق لا يعرفان بجرح ولا تعديل انظر ابن أبي حاتم 9 / 255 و5 / 285، وأورده من حديث أبي ذر: السيوطي في " الجامع الكبير ": 168، ونسبه لابن راهويه، وابن أبي شيبة، والروياني، والخرائطي في " مكارم الاخلاق "، ورمز له بالضعف.
(*) العبر: 2 / 311 - 312، الوافي بالوفيات: 1 / 342، شذرات الذهب: 3 / 27.
(2) هو الحافظ الامام أبو إسحاق، إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان القرشي الدمشقي. محدث رحال. توفي سنة 319 هـ. ترجمته في " تذكرة الحفاظ ": 3 / 805.(16/59)
40 - النَّضْرِيُّ أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ *
الإِمَامُ، الصَّادِقُ، المُعَمَّرُ، القَاضِي، أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ بنِ حَكِيْمٍ النَّضْرِيُّ المَرْوَزِيُّ، قَاضِي مَرْو وَمُسْنِدُهَا.
قَدِمَ بَغْدَادَ، وَسَمِعَ مِنَ: الحَارِثِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيِّ، وَجَمَاعَةٍ، وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ سَمِعَ مِنْ: عَبَّاس الدُّوْرِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ أَبِي العَبَّاسِ: الحَاكِمُ، وَأَبُو غَانِمٍ الكُرَاعِيُّ المَرْوَزِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
عُمِّرَ طَوِيْلاً، وَعَاشَ سَبْعاً وَتسعينَ سنَةً، تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ عُتْبَةَ الرَّازِيُّ بِمِصْرَ، وَأَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ كَثِيْرِ بنِ الرَّيَّانِ اللُّكِّيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رُمَيْحٍ النَّسَوِيُّ، وَالمُتَّقِي للهِ، وَنَاصِرُ الدَّوْلَةِ بنُ حَمْدَانَ، وَحَمْزَةُ الكِنَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ العَبَّاسِ وَالدُ المُخَلِّصِ، وَعُمَرُ البَصْرِيُّ المُحَدِّثُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ محرَّمٍ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ آدمَ الفَزَارِيُّ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الحَرَّانِيُّ.
41 - ابْنُ مُحرمٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ، المُفْتِي، المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ
__________
(*) العبر: 2 / 308 - 309 ووقع فيه " البصري " وهو خطأ، مشتبه النسبة: 1 / 84، عيون التواريخ: 11 الورقة: 162، توضيح المشتبه: ورقة 66 / أ، النجوم الزاهرة: 4 / 20، شذرات الذهب: 3 / 24.
(* *) تاريخ بغداد: 1 / 320 - 321، المنتظم: 7 / 45، العبر: 2 / 309 - 310، ميزان =(16/60)
بنِ مَخْلدٍ البَغْدَادِيُّ الجَوْهَرِيُّ المحتسبُ، عُرفَ بِابْنِ مُحرمٍ.
مِنْ أَعِيَانِ تَلاَمذَةِ ابْنِ جَرِيْرٍ.
سَمِعَ: الحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ الهَيْثَمِ البلديَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ بنِ الطَّبَاعِ، وَالكُدَيْمِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: ابْنُ رَزْقَوَيْه، وَابنُ دَاوُدَ الرَّزَّازُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: لَمْ يَكُنْ بذَاكَ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَلَى ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
42 - الشَّعَّارُ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ بُنْدَارَ بنِ إِسْحَاقَ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، البَارعُ، المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ أَصْبَهَانَ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ بُنْدَارَ بنِ إِسْحَاقَ الأَصْبَهَانِيُّ الشَّعَّارُ الظَّاهِرِيُّ.
سَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ سعْدَانَ، وَعُبَيْدَ بنَ الحَسَنِ الغزَّالَ، وَمُحَمَّدَ بنَ زَكَرِيَّا، وَعُمَيْرَ بنَ مِرْدَاسَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي عَاصِمٍ، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدُكَوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ
__________
= الاعتدال: 3 / 462، مشتبه النسبة: 2 / 579، البداية والنهاية: 11 / 266، لسان الميزان: 5 / 51 - 52، النجوم الزاهرة: 4 / 20، شذارت الذهب: 3 / 26.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 151 - 152، العبر: 2 / 313، الوافي بالوفيات: 6 / 277، شذرات الذهب: 3 / 28.(16/61)
بنُ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: درسَ المَذْهَبَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَسَمِعَ كُتُبَهُ، وَكَانَ ثِقَةً، ظَاهِرِيَّ المَذْهَبِ.
تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُعَلِّمِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُودٌ الجمالُ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ بُنْدَار، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ كرانَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ صهبَانَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اطْلُبُوا الخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الوُجُوهِ) إِسنَادُهُ لَيِّنٌ (1) .
43 - أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ الحَسَنُ بنُ القَاسِمِ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَةِ، الحَسَنُ بنُ القَاسِمِ، علَّقَ (التَّعليقةَ) عَنْ أَبِي
__________
(1) بل ضعيف جدا من أجل عمر بن صهبان قال المؤلف في " الميزان " 3 / 207: قال أحمد: لم يكن بشيء، وقال يحيى بن معين: لا يساوي فلسا، وقال البخاري: هو منكر الحديث، وقال أبو حاتم والدارقطني: متروك الحديث، وسليمان بن كران قال العقيلي: الغالب على حديثه الوهم.
وهو في " حلية الأولياء " 3 / 156، وقد تحرف فيه سليمان بن كران إلى سليمان بن كرز.
وأورده الهيثمي في " المجمع " 8 / 194، ونسبه للطبراني في الأوسط، وقال: فيه عمر بن صهبان وهو متروك.
وانظر ما كتبه ابن القيم عن هذا الحديث في " روضة المحبين " ص: 123، 124.
(*) الفهرست: 301، تاريخ بغداد: 8 / 87، طبقات الفقهاء للشيرازي: 115، المنتظم: 7 / 5، وفيات الأعيان: 2 / 76، العبر: 2 / 286، الوافي بالوفيات: 12 / 204 - 205، مرآة الجنان: 2 / 345، طبقات السبكي: 3 / 280 - 281، البداية والنهاية: =(16/62)
عَلِيٍّ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَصَنَّفَ (المُحَرَّرَ فِي النَّظَرِ) ، وَهُوَ أَوَّلُ كِتَابٍ صُنِّفَ فِي الخلافِ المُجَرَّدِ، وَصَنَّفَ (الإِفصَاحَ) فِي المَذْهَبِ، وَأَلَّفَ فِي الجَدَلِ، وَدرَّسَ فِي بَغْدَادَ بَعْدَ شَيْخِهِ أَبِي عَلِيٍّ، وَمَاتَ كَهْلاً فِي سَنَةِ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
44 - الأَنْبَارِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ بَغْدَادَ، أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي أَحْمَدَ البُنْدَارِ، وَاسمُهُ: مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الهَيْثَمِ بنِ عِمْرَانَ الأَنْبَارِيُّ.
وقعَ لابنِ خَلِيْلٍ جُزءانِ مَشْهُوْرَانِ مِنْ عَوَالِيْهِ.
مَوْلِدُهُ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ فِي حَدَاثَتِهِ من: أَحْمَدَ بنِ الخَلِيْلِ البُرْجُلاَنِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي العَوَّامِ الرَّيَاحِيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ الصَّائِغِ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيِّ، وَجَمَاعَةٍ، فَكَانَ آخِرَ مَنْ حدَّثَ عَنْهُم.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ سُمَيكَةَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَابنُ دَاوُدَ الرَّزَّازُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ المزكِّي، وَبُشْرَى بنُ مَسِيسٍ الفَاتنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَأَلْتُ البَرْقَانِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ سمَاعُهُ صحيحاً بخطِّ أَبِيهِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: انتقَى عَلَيْهِ عمرُ
__________
= 11 / 238 - 239، النجوم الزاهرة: 3 / 328، شذرات الذهب: 3 / 3، روضات الجنات: 215، طبقات الاصوليين: 1 / 196 - 197.
(*) تاريخ بغداد: 2 / 150 - 151، المنتظم: 7 / 55، العبر: 2 / 316، البداية والنهاية: 11 / 270، النجوم الزاهرة: 4 / 62، شذرات الذهب: 3 / 31.(16/63)
البَصْرِيُّ، وَكَانَ قريبَ الأَمْرِ فِيْهِ بَعْضَ الشَّيْءِ، وَكَانَ لَهُ أُصُوْلٌ جيَادٌ بخطِّ أَبِيهِ (1) .
تُوُفِّيَ فجأَةً يَوْمَ عَاشُورَاءَ سنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
45 - البُرُوْجَرْدِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، الخَطِيْبُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ.
نزلَ بَغْدَادَ، ورَوَى جُزءاً عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ دَيْزيلَ، فكانَ خَاتِمَةَ أَصْحَابِهِ.
رَوَى عَنْهُ: هِلاَلُ الحَفَّارُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ بُكَيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّوَّاقُ.
بقيَ إِلَى شَوَّالٍ سنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
46 - الطُّوْمَارِيُّ أَبُو عَلِيٍّ عِيْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ **
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، أَبُو عَلِيٍّ عِيْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الجُرَيْجِيُّ الطُّوْمَارِيُّ البَغْدَادِيُّ، مِنْ ذُرِّيَّةِ فَقِيْهِ مَكَّةَ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَكَانَ هُوَ قَدْ شُهِرَ بِصحبَةِ ابْنِ طُومَارَ الهَاشِمِيِّ فَنُسِبَ إِلَيْهِ، مَوْلِدُهُ فِي أَوَّلِ سنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 2 / 151.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 38 - 39، الأنساب: 2 / 175.
(* *) تاريخ بغداد: 11 / 176 - 177، الأنساب: 8 / 267 - 268، الباب: 2 / 289، العبر: 2 / 316، ميزان الاعتدال: 3 / 322، لسان الميزان: 4 / 404، النجوم الزاهرة: 4 / 61 - 62، شذرات الذهب: 3 / 30 - 31.(16/64)
طلبَ الحَدِيْثَ وَأَكثرَ، وَحَدَّثَ عَن: الحَارِثِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيِّ، وَبِشْرِ بنِ مُوْسَى، وَمُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ البَرَاءِ.
وَكَانَ يُذكرُ أَنَّ عِنْدَهُ عَنْ أَحْمَدَ بنِ أَبِي خَيْثَمَةَ (تَارِيخه) .
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ رَزْقَوَيْه، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ العِيْسَوِيُّ، وَابنُ دَاوُدَ الرَّزَّازُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ الفُرَاتِ الحَافِظُ: لَمْ يَكُنْ بذَاكَ، حدَّثَ مِنْ غَيْرِ أُصُوْلٍ فِي آخِرِ أَمرِهِ (1) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ يُذكرُ أَنَّ عِنْدَهُ (تَاريخَ) ابنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَكُتُبَ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أُصُوْلٌ، وَكَانَ يحفظُ حكَايَاتٍ، وَقِيْلَ: إِنَّهُ قُرِئَ عَلَيْهِ (الكَاملُ) للمُبَرِّدِ من غَيْرِ كِتَابِهِ، مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
قُلْتُ: عَاشَ ثَمَانِياً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً وَأَيَّاماً.
47 - الرَّازِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحِيْرِيُّ *
العَارِفُ، كَبِيْرُ الطَّائِفَةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحِيْرِيُّ، المَشْهُوْرُ بِالرَّازِيِّ، تِلْمِيْذُ الزَّاهِدِ أَبِي عُثْمَانَ الحِيْرِيِّ.
رَحَلَ وَرَوَى عَنْ: أَحْمَدَ بنِ نجْدَةَ، وَيُوْسُفَ القَاضِي، وَأَبِي عبدِ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 177.
(2) المصدر السابق.
(*) طبقات الصوفية: 451 - 453، الرسالة القشيرية: 28، طبقات الشعراني: 1 / 140، نتائج الافكار القدسية: 2 / 4.(16/65)
اللهِ البُوْشَنْجِيِّ، وَعِدَّةٍ، وَصَحِبَ الجُنَيْدَ وَالكِبَارَ، وَطوَّفَ وَتجرَّدَ وَتقدَّمَ، وَكَانَ ثِقَةً.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَالسُّلَمِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ حُمْشَادَ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: هُوَ أَجَلُّ شَيْخٍ رأَينَاهُ مِنَ القَوْمِ وَأَقدمُهُم، قَدْ صَحِبَ الحَكِيْمَ التِّرْمِذِيَّ، وَكَانَ يَرجعُ إِلَى فُنُوْنٍ مِنَ العِلْمِ.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
48 - مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مَنْصُوْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الحَافِظُ المفيدُ، الإِمَامُ، الحجَّةُ، أَبُو الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، التَّاجِرُ، أَحدُ الأَعلامِ كَأَبِيهِ وَعَمِّهِ عَبْدُوْسَ بنِ الحُسَيْنِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ الرَّازِيَّ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَمْرٍو قَشْمَرْدَ، وَأَبَا عُمَرَ القَتَّاتَ، وَيُوْسُفَ القَاضِي، وَطَبَقَتَهُم بِخُرَاسَانَ وَالجِبَالِ وَالعِرَاقِ.
وجمعَ وَصَنَّفَ، وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالصِّدْقِ، وَالضَّبطِ، وَالبذلِ للطَّلبَةِ، صَنَّفَ كِتَاباً عَلَى رسمِ إِمَامِ الأَئِمَّةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ.
ذكرهُ الحَاكِمُ، وَعظَّمهُ، وَقَالَ: سمعتُهُ يَقُوْلُ: عِنْدِي عَن ابْنِ نَاجيَةَ، وَالقَاسِمِ المطرِّزِ أَلفَ جُزءٍ وَزيَادَةً، وَسرْتُ إِلَى بُخَارَى سنَةَ خَمْسَ عشرةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَكتبُوا عَنِّي، وَحَدَّثَ عَنِّي أَبِي وَعمِّي.
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 885 - 886، طبقات الحفاظ: 362 - 363، شذرات الذهب: 3 / 17.(16/66)
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ الحَافِظُ: كتبتُ عَنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ مَنْصُوْرٍ أَكثرَ مِنْ أَلفِ حَدِيْثٍ اسْتَفَدْتُهَا مِنْهُ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَقَدِ انتخبَ عَلَيْهِ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ مَعَ تَقَدُّمِهِ مِائَتي جُزءٍ، وَرَأَيْتُ مشَايخنَا يتعجَّبُوْنَ مِنْ حُسنِ قِرَاءةِ أَبِي الحَسَنِ لِلْحَدِيْثِ.
كُفَّ بَصَرُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنِ القَاسِمِ بنِ الصَّفَّارِ، أَخْبَرَنَا جَدِّي عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلَفٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، أَخْبَرَنِي أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ نَاجيَةَ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَرَشِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ عِيْسَى، حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ، سَمِعْتُ سَالماً، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا مَدَّ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لاَ يَرُدُّهُمَا، حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ.
أَخرجَهُ الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ (1)) فَلَمْ يُصبْ، حَمَّادٌ ضَعِيْفٌ.
__________
(1) 1 / 536، وأخرجه ابن ماجه (3866) ، والترمذي (3383) في الدعوت: باب رفع الايدي عند الدعاء، وقال: هدا حديث (وقد زاد محققه إبراهيم عطوة من كيسه هنا كلمة " صحيح " غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى، وقد تفرد به وهو قليل الحديث، وقد حدث عنه الناس.
وقال المؤلف في " الميزان " 1 / 598 في ترجمة عيسى بن حماد: ضعفه أبو داود، وأبو حاتم والدارقطني ولم يتركه.
وقال أبو زرعة: حديث منكر أخاف أن لا يكون له أصل.
وفي الباب حديثان لكنهما لا يصلحان للاستشهاد، الأول: حديث ابن عباس عند أبي داود (1485) ، والحاكم 1 / 536، وفي مسنده صالح بن حسان قال الحافظ في " التقريب ": متروك، والثاني: حديث السائب بن يزيد، عن أبيه عند أبي داود (1492) . وفي سنده ضعيف ومجهول.(16/67)
49 - ابْنُ الأَحْمَرِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاوِيَةَ الأُمَوِيُّ *
مُحَدِّثُ الأَنْدَلُسِ، وَمُسندُهَا، الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ ابْنِ الخَلِيْفَةِ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ المَرْوَانِيُّ القُرْطُبِيُّ، المَعْرُوفُ بِابْنِ الأَحْمَرِ، مِنْ بَيْتِ الإِمْرَةِ وَالحِشْمَةِ.
سَمِعَ مِنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى وَغَيْرِهِ، وَارْتَحَلَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، فسَمِعَ مِنْ: أَبِي خَلِيْفَةَ الجُمَحِيِّ بِالبَصْرَةِ، وَمِنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَرِيكٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَرْوَزِيِّ، وَجَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، بِبَغْدَادَ، وَمِنْ: أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ المَنْجَنِيْقِيِّ بِمِصْرَ.
وَجَالَ وَوصلَ إِلَى الهِنْدِ تَاجراً، وَكَانَ يَقُوْلُ: رجعتُ مِنَ الهِنْدِ، وَأَنَا أَقدرُ عَلَى ثَلاَثِيْنَ أَلفِ دِيْنَارٍ، ثُمَّ غرقتُ وَمَا نَجَوْتُ إِلاَّ سباحَةً لاَ شَيْءَ مَعِي، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الأَنْدَلُسِ، وَجلبَ إِلَيْهَا (السُّنَنَ الكَبِيْرَ) للنَّسَائِيِّ وَحملَ النَّاسُ عَنْهُ.
وَكَانَ شَيْخاً نبيلاً، ثِقَةً، معمَّراً.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حكمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ آخِرُهُم مَوْتاً عَبْدُ اللهِ بنُ رَبِيْعٍ، وَيُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغِيْثٍ.
تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ قَاربَ التِّسْعِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 67 - 68، جذوة المقتبس: 88 - 90، بغية الملتمس: 127 - 128، العبر: 2 / 312، النجوم الزاهرة: 4 / 28، شذرات الذهب: 3 / 27.(16/68)
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ كُوذكَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَرْوَانَ القُرَشِيُّ، كِلاَهُمَا بِدِمَشْقَ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ كَيْسَانَ النَّحْوِيُّ بِبَغْدَادَ، وَزَيْدُ بنُ أَبِي بِلاَلٍ المُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَدِيٍّ الصَّابونِيُّ بَسَجِسْتَانَ.
50 - ابْنُ خَلاَّدٍ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ النَّصِيْبِيُّ*
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ بنِ خَلاَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ النَّصِيْبِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ العَطَّارُ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ الفَرَجِ الأَزْرَقَ، وَالحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ وَأَكثَرَ عَنْهُ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الكُدَيْمِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ غَالِبٍ التَّمْتَامَ، وَإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ، وَعِدَّةً، وَتَفَرَّدَ عَنْ سَائِرِهِم.
رَوَى عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابنُ رَزْقَوَيْه، وَهلاَلٌ الحَفَّارُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ رزمَةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ لاَ يعرفُ شَيْئاً مِنَ العِلْمِ، غَيْرَ أَنَّ سمَاعَهُ صَحِيْحٌ، وَقَدْ سَأَلَ أَبا الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيَّ فَقَالَ: أَيُّمَا أَكبرُ الصَّاع أَوِ المُدّ؟
فَقَالَ للطَّلبَةِ: انظرُوا إِلَى شيخِكُمْ (1) .
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ ثِقَةً (2) .
وَكَذَا وَثَّقَهُ أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يَعرفُ مِنَ الحَدِيْثِ شَيْئاً (3) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 220 - 221، العبر: 2 / 313، شذرات الذهب: 3 / 28.
(1) " تاريخ بغداد " 5 / 221.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.(16/69)
قُلْتُ: فَمِنْ هَذَا الوَقْتِ بَلْ وَقَبلَهُ صَارَ الحُفَّاظُ يطلقُوْنَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَلَى الشَّيْخِ الَّذِي سمَاعُهُ صَحِيْحٌ بقرَاءةِ مُتْقِنٍ، وَإِثْبَاتِ عدلٍ، وَترخَّصُوا فِي تسمِيته بِالثِّقَةِ، وَإِنَّمَا الثِّقَةُ فِي عُرفِ أَئِمَّةِ النَّقْدِ كَانَتْ تقعُ عَلَى العَدْلِ فِي نَفْسِهِ، المُتْقِنُ لِمَا حَمَلَهُ، الضَابطُ لِمَا نقلَ، وَلَهُ فَهْمٌ وَمَعْرِفَةٌ بِالفنِّ، فتوسَّعَ المتَأَخِّرُوْنَ.
مَاتَ ابْنُ خَلاَّدٍ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
51 - الخَيَّامُ أَبُو صَالِحٍ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ، أَبُو صَالِحٍ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ البُخَارِيُّ الخيَّامُ، كَانَ بُنْدَارَ الحَدِيْثِ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ.
حَدَّثَ عَنْ: صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ جَزَرَة، وَنَصْرِ بنِ أَحْمَدَ الكِنْدِيِّ، وَحَامِدِ بنِ سَهْلٍ، وَمُوْسَى بنِ أَفلحَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عُثْمَانَ، وَعُمَرَ بنِ هنَّادٍ، وَفرحِ بنِ أَيُّوْبَ، وَمشَايخِ بلدهِ، وَلَمْ يَرْحَلْ.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَابنُ مَنْدَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ غنجَارٌ، وَأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الإِدْرِيْسِيِّ، وَغمزَهُ وَليَّنَهُ وَمَا تَرَكَهُ.
عَاشَ سِتاً وثمَانِينَ سنَةً، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولى سنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
52 - ابْنُ عُمَارَةَ أَبُو الحَارِثِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ اللَّيْثِيُّ **
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحَارِثِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عمَارَةَ بنِ أَحْمَدَ
__________
(*) الأنساب: 5 / 226 - 227، اللباب: 1 / 475، العبر: 2 / 324، ميزان الاعتدال: 1 / 662، لسان الميزان: 2 / 404 - 405، النجوم الزاهرة: 4 / 64، شذرات الذهب: 3 / 39. وسيعيد المؤلف - رحمه الله - ترجمه في الصفحة (204) من هذا الجزء.
(* *) العبر: 2 / 327، شذرات الذهب: 3 / 40، تهذيب ابن عساكر: 2 / 72. وسيكرر =(16/70)
اللَّيْثِيُّ الكِنَانِيُّ مَوْلاَهُم الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَزَكَرِيَّا السِّجْزِيَّ خَيَّاطَ السُّنَّةِ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الصَّمدِ، وَأَحْمَدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ بنِ البُسْرِيَّ، وَطَبَقَتَهُم، وَكَانَ وَاسِعَ الرِّوَايَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْعٍ، وَتَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ الحَاجُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
مَا عَلِمْتُ فِيْهِ قَدْحاً.
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ قَاربَ التِّسْعِيْنَ.
53 - الوَضَّاحِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ يَحْيَى *
شَاعِرُ وَقتِهِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ يَحْيَى بنِ حَسَّانِ بنِ الوضَّاحِ الأَنْبَارِيُّ الوَضَّاحِيُّ التَّاجِرُ، نزيلُ نَيْسَابُوْرَ.
سَمِعَ مِنَ: القَاضِي المَحَامِلِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مَخْلدٍ.
أَخَذَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ بِبُخَارَى فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، لَهُ نَظْمٌ فِي الذّروةِ (1) مَاتَ فِي الكُهُوْلَةِ.
__________
= المؤلف ترجمته في الصفحة (167) من هذا الجزء.
(*) يتيمة الدهر: 4 / 382، تاريخ بغداد: 2 / 241 - 242، الأنساب: (الوضاحي) ، المنتظم: 7 / 35 - 36، الكامل لابن الأثير: 8 / 574، اللباب: 3 / 369، الوافي بالوفيات: 3 / 5، البداية والنهاية: 11 / 261، النجوم الزاهرة: 4 / 13.
(1) ذكر الخطيب في " تاريخه ": 2 / 241 - 242 جزءا من قصيدة يعارض بها الوضاحي قصيدة امرئ القيس، ويذكر فيها الشاعر قبيلته وعشريته، وفيها يقول: كشفت لمن أهوى قناع التجمل * وعاصيت فيها ساءني قول عذلي =(16/71)
54 - الطَّرَازِيُّ أَبُو عَمْرٍو سَعِيْدُ بنُ القَاسِمِ بنِ العَلاَءِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، العَالِمُ، أَبُو عَمْرٍو سَعِيْدُ بنُ القَاسِمِ بنِ العَلاَءِ البَرْذَعِيُّ ثُمَّ الطَّرَازِيُّ.
سَكنَ طَرَازَ مِنْ بلادِ تُرْكستَانَ، ثُمَّ حَجَّ بِأَخَرَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ حُبَّانَ بنِ أَزْهَرَ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ الشَّامَاتِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الكَرَابِيْسِيِّ وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ فَضَالَةَ الرَّازِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيْرَازِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ: كَانَ أَحدَ الحُفَّاظِ، حَدَّثَنَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقُ بِبَغْدَادَ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: جَاءَ نَعيُّهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: سقتُ لَهُ حَدِيْثاً فِي التَّذكرَةِ (1) .
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو بحرٍ البَربَهَارِيُّ، وَشيخُ الحَنَفِيَّةِ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ
__________
= ومن هاجر اللذات أدرك سؤله * وأصبح عن عذل العذول بمعزل
سقى الله باب الكرخ ربعا ومنزلا * ومن حله صوب السحاب المجلجل
(*) تاريخ بغداد: 9 / 110 - 111، المنتظم: 7 / 62، تذكرة الحفاظ: 3 / 936 - 937، البداية والنهاية: 11 / 275، طبقات الحفاظ: 378، شذرات الذهب: 3 / 41.
(1) 3 / 942، وقد ساقه المؤلف بإسناده إلى أبي هريرة رضسي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تحت كل شعرة جنابة، ألا فاغسلوا الشعر وأنقوا البشر " وهو حديث ضعيف رواه أبو داود (248) ، والترمذي (106) وابن ماجة (597) والبيهقي 1 / 175 وفي سنده الحارث ابن وجيه الراسبي، وهو ضعيف، ونقل الحافظ في " التلخيص " 1 / 142 عن الشافعي أنه قال: هذا الحديث ليس بثابت، وقال البيهقي: أنكره أهل العلم بالحديث البخاري وأبو داود وغيرهما.(16/72)
اللهِ البَلْخِيُّ الهِنْدَاونِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ فضَالَةَ، وَشَاعِرُ الأَنْدَلُسِ مُحَمَّدُ بنُ هَانِئ المَارِقُ، وَأَبُو الحَسَنِ ثَابِتُ بنُ سِنَان الصَّابِئُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَكَّي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مِيْكَالَ الأَمِيْرُ.
55 - الرَّامَهُرْمُزِيُّ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خَلاَّدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارعُ، مُحَدِّثُ العَجَمِ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خَلاَّدٍ الفَارِسِيُّ الرَّامَهُرْمُزِيُّ القَاضِي، مصَنِّفُ كِتَابِ (المُحَدِّثِ الفَاصلِ بينَ الرَّاوِي وَالوَاعِي (1)) فِي عُلومِ الحَدِيْثِ، وَمَا أَحسنَهُ مِنْ كِتَابٍ!
قِيْلَ: إِنَّ السِّلَفِيَّ كَانَ لاَ يكَادُ يفَارقُ كمَّهُ، يَعْنِي فِي بَعْضِ عُمرِهِ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ مُطَيَّناً الحَضْرَمِيَّ، وَأَبا حَصِيْنٍ الوَادِعِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَيَّانَ المَازِنِيَّ، وَأَبَا خَلِيْفَةَ الفَضْلَ بنَ الحُبَابِ الجُمَحِيَّ، وَأَبا شُعَيْبٍ الحَرَّانِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ المُثَنَّى العَنْبَرِيَّ، وَعُبَيْدَ بنَ غَنَّامٍ، وَيُوْسُفَ بنَ يَعْقُوْبَ القَاضِي، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيَّ، وَجَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيَّ، وَمُوْسَى بنَ هَارُوْنَ، وَعُمَرَ بنَ أَبِي غيلاَنَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدَانَ الأَهْوَازِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، فَمَنْ بَعْدَهُم.
وَأَوَّلُ طلبِهِ لِهَذَا الشَّأْنِ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ حَدَثٌ فَكَتَبَ وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَسَادَ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ، وَكِتَابُهُ المَذْكُورُ ينبِئُ بِإِمَامتِهِ.
__________
(*) يتيمة الدهر: 3 / 421 - 425، الفهرست: 220 - 221، الأنساب: 6 / 52 - 53، فهرسة ابن خير: 475 و522، معجم الأدباء: 9 / 5 - 17، اللباب: 2 / 10، العبر: 2 / 321 - 322، تذكرة الحفاظ: 3 / 905 - 907، الوافي بالوفيات: 12 / 64 - 65، إعلام ابن قاضي شهبة: وفيات سنة 360، طبقات الحفاظ: 369 - 370، كشف الظنون: 1612، شذرات الذهب: 3 / 30 و37، هدية العارفين: 1 / 270، 271، الرسالة المستطرفة: 55.
(1) حقق كتاب " المحدث الفاصل " الدكتور محمد عجاج الخطيب في دمشق ط. دار الفكر.
ويعد هذا الكتاب أول كتاب صنف في علم دراية الحديث.
قال ابن حجر - فيما نقله عنه صاحب كشف الظنون 1612 -: " هو أول كتاب صنف في علوم الحديث في غالب الظن ".(16/73)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْدَاوِيُّ فِي (مُعْجَمِهِ) ، وَالحَسَنُ بنُ اللَّيْثِ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ مَرْدَوَيْه، وَالقَاضِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ النُّهَاوَنْدِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
لَمْ أَظفَرْ بتَرْجَمَتِهِ كَمَا يَنْبَغِي، وَأَظُنُّهُ بَقِيَ إِلَى بَعْدِ الخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ أَحدَ الأَثْبَاتِ، أَخباريّاً شَاعِراً.
لَهُ: كِتَابُ (رَبِيْعِ المُتَيَّمِ فِي أَخْبَارِ العُشَّاقِ) ، وَكِتَابُ (الأَمثَالِ) سمِعنَاهُ، وَكِتَابُ (النَّوَادِرِ) ، وَكِتَابُ (رِسَالَةِ السَّفَرِ) ، وَكِتَابُ (الرُّقَا (1) وَالتَّعَازِي) ، وَكِتَابُ (أَدَبِ النَّاطِقِ) ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ فِي (الوفيَّاتِ) لَهُ أَنَّهُ عَاشَ إِلَى قَرِيْبِ السِّتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِمدينةِ رَامَهُرْمُزَ.
سمِعنَا كِتَابَهُ (المُحَدِّثَ الفَاصِلَ) مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ عَلِيٍّ، عَنِ السِّلَفِيِّ، عَنْ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ الطُّيُورِيِّ، عَنْ أَبِي الحَسَنِ الفَالِيِّ، عَنِ القَاضِي أَبِي عَبْدِ اللهِ النُّهَاوَنْدِيِّ عَنْهُ، وَيقعُ لَنَا حَدِيْثُهُ أَعْلَى مِنْ هَذَا.
فَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عُمَرَ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَأَنَا حَاضِرٌ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ جمَالُ الإِسلاَمِ عَلِيُّ بنُ المُسْلِّمِ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طلاَّبٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِالرَّامَهُرْمُزِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَمَّادِ بنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حَفْصٍ البرَّادُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَيْمُوْنَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهبِ العُطَارِدِيُّ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ، قَالَ:
قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يَا أَبَا أَيُّوْبَ، أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى عَمَلٍ يَرْضَاهُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -؟ أَصْلِحْ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَفَاسَدُوا، وَحَبِّبْ بَيْنَهُم إِذَا تَبَاغَضُوا) .
__________
(1) كذا الأصل، وفي معجم الأدباء وغيره: كتاب " المراثي والتعازي ".(16/74)
يَحْيَى بنُ مَيْمُوْنٍ بَصْرِيٌّ سَكَنَ بَغْدَادَ، تَرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَعَ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ خَرَّجَ لَهُ فِي (سُنَنِهِ (1)) .
مَاتَ قَبْلَ وَكِيْعٍ.
56 - الأُسْيُوْطِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ الخَضِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُُ بنُ الخَضِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأُسْيُوْطِيُّ.
يَرْوِي عَنِ: النَّسَائِيِّ (سُنَنَهُ) ، وَعَنْ أَبِي يَعْقُوْبَ المَنْجَنِيْقيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ نظيفٍ، وَيَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّحَّان، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
57 - السَّلِيْطِيُّ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ **
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ
__________
(1) وقال أحمد: ليس بشيء حرقنا حديثه، وكان يقلب الأحاديث، وقال علي بن المديني: وكان ضعيفا، وقال عمرو بن علي: كان كذابا، وقال مسلم بن الحجاج: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون، وقال الساجي: كان يكذب، وقال أبو أحمد الحاكم: سكتوا عنه، وقال ابن حبان في " الضعفاء ": لا تحل الرواية عنه بحال.
وقد أورد الحديث السيوطي في " الجامع الكبير ": 934، ونسبه للطيالسي، وعبد بن حميد، والطبراني.
قلت: هو في " مسند الطيالسي " 2 / 39 من طريق أبي الصباح الشامي، عن عبد العزيز الشامي، عن أبيه، عن أبي أيوب، وانظر الطبراني (3922) والبزار (2060) و" مجمع الزوائد " 8 / 79، 80.
(*) الأنساب: 1 / 263، معجم البلدان: 1 / 193 - 194، اللباب: 1 / 61، العبر: 2 / 324، النجوم الزاهرة: 4 / 64، حسن المحاضرة: 1 / 370، شذرات الذهب: 3 / 39.
(* *) تاريخ بغداد: 5 / 459 - 460، الأنساب: 7 / 120، العبر: 2 / 334 - 335، ميزان الاعتدال: 3 / 613، لسان الميزان: 5 / 238 - 239، النجوم الزاهرة: 4 / 109، شذرات الذهب: 3 / 49،(16/75)
إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدَةَ التَّمِيْمِيُّ السَّلِيْطِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
ذكرَهُ الحَاكِمُ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ بَيْتِ ثروَةٍ، كَثِيْرُ السَّمَاعِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيَّ، وَجَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ التُّركَ، وَخَشنَامَ بنَ بِشْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَلِيٍّ الذُّهلِيَّ، وَحَجَّ عَلَى كِبَرِ السِّنِّ، وَأَكثرَ عَنْهُ العِرَاقِيُّونَ.
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ اثنتَانِ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُوْدِيُّ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ الخلاَّلِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ اللَّتِّيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السَّلِيطِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَيْفَ يُحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ؟
قَالَ: (إِنَّ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ قَادِرُ عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ (1)) .
وَقَعَ هَذَا لَنَا عَالِياً فِي (مُسْنَدِ عَبْدِ بنِ حُمَيْدٍ) ، عَنْ يُوْنُسَ بِهَذَا.
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " المسند " 3 / 229.
وأخرجه البخاري 8 / 378 في تفسير سورة الفرقان و11 / 330 في الرقاق: باب الحشر من طريق عبد الله بن محمد، حدثنا يونس بن محمد بهذا الإسناد، وأخرجه مسلم (2806) في صفات المنافقين من طريق زهير بن حرب وعبد ابن حميد، عن يونس بن محمد به.(16/76)
58 - جُمَحُ بنُ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الجُمَحِيُّ الدِّمَشْقِيُّ *
ابْنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو العَبَّاسِ الجُمَحِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، المُؤَذِّنُ، ابنُ أَبِي الحَوَاجِبِ.
حَدَّثَ عَنْ: عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ الرَّوَّاسِ، وَأَبِي قُصيٍّ إِسْمَاعِيْلَ العُذْرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ بِشْرٍ الصُّوْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ دُحَيْمٍ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَتَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ الحبَّانَ، وَمكِّيُّ بنُ الغَمْرِ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ سعْدَانَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ المُزَنِيُّ: سأَلتُهُ عَنْ مولدِهِ، فَقَالَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ الكتَّانِيُّ: كَانَ ثِقَةً نبيلاً، انتقَى عَلَيْهِ ابْنُ مَنْدَةَ.
مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
59 - أَبُو نَصْرٍ القَاضِي يُوْسُفُ بنُ عُمَرَ الأَزْدِيُّ المَالِكِيُّ **
هُوَ: قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو نَصْرٍ يُوْسُفُ ابْنُ قَاضِي القُضَاةِ عُمَرَ ابْنِ قَاضِي القضَاةِ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ، بنِ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ حَافظِ البَصْرَةِ حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ الأَزْدِيُّ المَالِكِيُّ ثُمَّ الدَّاوُودِيُّ البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلِي بَعْد أَبِيهِ، وَكَانَ مِنْ أَجود القُضَاة، وَرِعاً، حَاذِقاً بِالأَحكَامِ، تَامَّ
__________
(*) العبر 2 / 330، النجوم الزاهرة: 4 / 106، شذرات الذهب: 3 / 45، تهذيب ابن عساكر: 3 / 393.
(* *) تاريخ بغداد: 14 / 322 - 324، طبقات الشيرازي: 166، ترتيب المدارك: 3 / 282 - 284، نزهة الالباء: 303 - 304، المنتظم: 7 / 42 - 43.(16/77)
الهيئَةِ، متفنِّناً، بارعَ الأَدبِ، ثُمَّ عُزِلَ بَعْدَ موتِ الرَّاضي بِاللهِ.
قَالَ ابْنُ حزمٍ: تحوَّلَ إِلَى مَذْهَبِ دَاوُدَ، وَصَنَّفَ فِيْهِ، وَكَانَ مِنَ الفُصَحَاءِ البُلَغَاءِ، وَلِي القَضَاء وَلَهُ عِشْرُوْنَ سَنَةً، وَكَتَبَ بِالقَضَاءِ إِلَى نُوَّابِهِ بِمِصْرَ وَالشَّامِ، وَدَامَ أَرْبَعَ سِنِيْنَ، ثُمَّ صُرِفَ بِأَخِيْهِ الحُسَيْنِ، وَهُوَ القَائِلُ:
يَا مِحْنَةَ اللهِ كُفِّي ... إِنْ لَمْ تَكُفِّي فَخِفِّي
ذَهَبْتُ أَطْلُبُ بَخْتِي ... وَجَدْتُهُ قَدْ تُوُفِّيَ (1)
وَهُوَ القَائِلُ فِي رسَالَةٍ: وَلَسْنَا نجعلُ مَنْ تصديرُهُ فِي كتبِهِ، وَمسَائِلِهِ: يَقُوْلُ ابْنُ المُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيُّ وَرَبِيْعَةُ، كَمَنْ تصديرُهُ فِي كتبِهِ: يَقُوْلُ اللهُ وَرَسُوْلُهُ، وَالإِجْمَاعُ..هَيْهَاتَ!
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
60 - ابْنُ شَعْبَانَ أَبُو إِسْحَاقَ مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ العَمَّارِيُّ*
العَلاَّمَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ.
وَاسمُهُ: مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بنِ شَعْبَانَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ رَبِيْعَةَ العمَّارِيُّ المِصْرِيُّ، من وَلدِ عَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ القُرطيِّ نسبَةً إِلَى بيعِ القُرْطِ.
لَهُ التَّصَانِيْفُ البَدِيْعَةُ مِنْهَا: كِتَابُ (الزَّاهِي) فِي الفِقْهِ، وَهُوَ مَشْهُوْرٌ، وَكِتَابُ (أَحكَامِ القُرْآنِ) ، وَ (منَاقبُ مَالِكٍ) كَبِيْرٌ، وَكِتَابُ (المَنْسَكِ) ، وَأَشيَاءٌ.
__________
(1) البيتان في " تاريخ بغداد " 14 / 323 - 324، و" نزهة الالباء " ص 304.
(*) طبقات الشيرازي: 155، ترتيب المدارك: 3 / 293 - 294، الأنساب: 10 / 100، اللباب: 3 / 26، ميزان الاعتدال: 4 / 14، مشتبه النسبة: 2 / 525، الديباج المذهب: 2 / 194 - 195، تبصير المنتبه: 3 / 1166، لسان الميزان: 5 / 348 - 349، حسن المحاضرة: 1 / 313 - 314، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 224 - 225، تاج العروس: (قرط) 5 / 204، شجرة النور الزكية: 80.(16/78)
وَكَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ، وَبَاعٍ مديدٍ فِي الفِقْهِ، مَعَ بصرٍ بِالأَخبارِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، مَعَ الوَرَعِ وَالتَّقْوَى، وَسَعَةِ الرِّوَايَةِ.
رَأَيْتُ لَهُ تَأَلِيفاً فِي تسمِيَةِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ، أَوَّلُهُ: الحَمْدُ للهِ الحمِيدِ، ذِي الرُّشدِ وَالتَّسْديدِ، وَالحَمْدُ للهِ أَحقُّ مَا بُديَ، وَأَوْلَى مَنْ شُكرَ، الوَاحدُ الصَّمدُ، جلَّ عَنِ المَثَلِ فَلاَ شَبَهٍ لَهُ وَلاَ عدلٍ، عَالٍ عَلَى عرشِهِ، فَهُوَ دَانٍ بعلمِهِ، وَذكرَ باقِيَ الخطبَةِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عملٌ طَائِلٌ فِي الرِّوَايَةِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خلاصٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ بنِ شَعْبَانَ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُثْمَانَ ... فَذَكَرَ حَدِيْثاً وَاهياً، ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: ابْنُ شَعْبَانَ فِي المَالِكِيَّةِ نظيرُ عَبْدِ البَاقِي بنِ قَانعٍ فِي الحَنَفِيَّةِ، فَإِمَّا تغيَّرَ حفظُهُمَا، وَإِمَّا اختلطتْ كُتُبُهُمَا.
وَقَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: كَانَ ابْنُ شَعْبَانَ رَأْسَ المَالِكِيَّةِ بِمِصْرَ، وَأَحفظَهُم للمَذْهَبِ، مَعَ التفنُّنِ، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بصرٌ بِالنَّحْوِ.
قُلْتُ: وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: خَلَفُ بنُ القَاسِمِ بنِ سهلُوْنَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَحْيَى العَطَّارُ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي جمَادَى الأُولَى، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
61 - التُّجِيْبِيُّ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَسرَّةَ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ بقُرْطُبَةَ، أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مسرَّةَ التُّجِيْبِيُّ مَوْلاَهُم الكتَّانِيُّ الطُّليْطُلِيُّ، نزيلُ قُرطُبَةَ، فَقِيْهٌ قدوَةٌ، وَرعٌ
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 72، جذوة المقتبس: 168، بغية الملتمس: 235، الديباج المذهب: 1 / 296 - 297، شجرة النور الزكية: 1 / 90.(16/79)
صَالِحٌ، لَهُ حَانوتٌ فِي الكتَّانِ، أَقرأَ الفِقْهَ.
وَرَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ لُبَابَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الحَافِظِ، صَنَّفَ كِتَابَ (النصَائِحِ) المَشْهُوْرِ.
قَالَ ابْنُ عَفِيْفٍ: كَانَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وَالفَهْمِ، وَالعقلِ، وَالدِّينِ المتينِ، وَالزُّهْدِ، وَالبُعْدِ مِنَ السُّلْطَانِ، لاَ تَأَخذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ.
وَقَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: كَانَ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ حَافِظاً للفِقْهِ، صدراً فِي الفُتْيَا، وَقُوْراً، مَهِيْباً، لَمْ يَكُنْ لَهُ بِالحَدِيْثِ كَبِيْرُ علمٍ، وَلَهُ كِتَابُ (معَالِمِ الطَّهَارَةِ) ، وَكَانَ الحكَمُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ معظِّماً لَهُ، وَإِذَا دَخَلَ عَلَيْهِ مَدَّ رجلَيْهِ، وَيعتذرُ بِشَيَخِهِ، فَيَقُوْلُ: اقعُدْ كَيْفَ شِئْتَ.
وَكَانَ صليباً قَلِيْلَ الهيبَةِ للمُلُوْكِ، اغتَابَ الحكمُ رَجُلاً فَسَكَتَ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ، وَنكسَ بِرَأْسِهِ، فَأَقصرَ الحكمُ وَفَهِمَ، وَقَدْ رَاودَهُ عَلَى أَنْ يَأْتيهِ بولدِهِ أَحْمَدَ وَهُوَ صَبِيٌّ، فَقَالَ: لاَ يصلُحُ الآنَ لِذَلِكَ.
تُوُفِّيَ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَسيعَادُ (1) .
62 - ابْنُ الحَدَّادِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ الأَسَدِيُّ *
المُحَدِّثُ، الحجَّةُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عطيَّةَ بنِ الحَدَّادِ الأَسَدِيُّ الزُّبَيْرِيُّ مَوْلاَهُم البَغْدَادِيُّ، نزيلُ تِنِّيسَ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الرَّوَّاسِ، وَأَنَسَ بنَ السَّلمِ، وَبَكْرَ بنَ سَهْلٍ، وَيُوْسُفَ القَاضِي.
وَعَنْهُ: ابْنُ جَهْضَمَ، وَعَبْدُ الغنِيِّ الأَزْدِيُّ، وَابنُ النَّحَّاسِ، وَابنُ
__________
(1) في الصفحة (107) .
(*) تاريخ بغداد: 4 / 17، العبر: 2 / 299 - 300، شذرات الذهب: 3 / 13.(16/80)
نظيفٍ الفَرَّاءُ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
63 - ابْنُ أَبِي رُوْبَا عَبْدُ الخَالِقِ بنُ الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ *
المُحَدِّثُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الخَالِقِ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرِ بن أَبِي رُوبَا البَغْدَادِيُّ السَّقَطِيُّ المُعَدّلُ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ غَالِبٍ التَّمتَامَ، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ الحَسَنِ الحَرْبِيَّ، وَأَبا شُعَيْبٍ الحَرَّانِيَّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقَوَيْه، وَعَلِيُّ بنُ دَاوُدَ الرَّزَّازُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ، وَطَلْحَةُ الكِتَّانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ النِّعَالِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ.
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
64 - سَنَقَةُ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ السَّقَطِيُّ **
المُحَدِّثُ، أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بشرٍ البَغْدَادِيُّ السَّقَطِيُّ سَنَقَةُ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 124، المنتظم، 7 / 40، العبر: 2 / 305، شذرات الذهب: 3 / 19.
(* *) تاريخ بغداد: 11 / 304، الأنساب: 7 / 92، المنتظم: 7 / 40، العبر: 2 / 305، شذرات الذهب: 3 / 19.(16/81)
سَمِعَ: الكُدَيْمِيَّ، وَإِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، وَإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ عَلِيٍّ البَربَهَارِيَّ، وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَابنُ رَزْقَوَيْه، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى السُّكَّرِيُّ، وَطَلْحَةُ بنُ الصَّقرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ النِّعَالِيُّ.
كتبَ النَّاس عَنْهُ بَانتخَابِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَوَثَّقَهُ البَرْقَانِيُّ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ.
تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ سبعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
65 - ابْنُ سَلْمٍ أَبُو الفَتْحِ عُمَرُ بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلِيُّ *
الرَّجُلُ الصَّالِحُ، أَبُو الفَتْحِ عُمَرُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ الخُتُّلِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: الحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ، وَالكُدَيْمِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ، وَبِشْرَ بنَ مُوْسَى، وَمُعَاذَ بنَ المُثَنَّى.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ رَزْقَوَيْه، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ حَسْنُوْنَ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَطَلْحَةُ الكتَّانِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ السُّتورِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً صَالِحاً.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخُوْهُ الحجَّةُ:
66 - أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جعفرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ الخُتُّلِيُّ **
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 243 - 244، المنتظم: 7 / 40، العبر: 2 / 307، شذرات الذهب: 3 / 22.
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 71 - 72، المنتظم: 7 / 81، العبر: 2 / 335، البداية والنهاية: =(16/82)
وُلِدَ: نَحْوَ سنَةِ ثَمَانِيْنَ.
وَسَمِعَ: أَبا مُسْلِمٍ الكَجِّيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ، وَأَحْمَدَ بنَ عَلِيٍّ الأَبَّارَ، وَإِدْرِيْسَ الحَدَّادَ، وَطَائِفَةً.
وَعَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَالبَرْقَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ أَحدَ عُلمَاءِ بَغْدَادَ، كتبَ مِنَ القرَاءاتِ وَالتفَاسيرِ أَمراً كَثِيْراً.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ صَالِحاً، ثِقَةً، ثَبْتاً.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَخُوْهُمَا:
67 - مُحَمَّدٌ الأَوْسَطُ بنُ جَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ الخُتُّلِيُّ *
حَدَّثَ عَنْ: جَمَاعَةٍ.
ذكرَهُ الخَطِيْبُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
68 - أَبُو إِسْحَاقَ ابْنُ حَمْزَةَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ **
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الحجَّةُ، البَارعُ، مُحَدِّثُ أَصْبَهَانَ، إِبْرَاهِيْمُ ابْنُ
__________
= 11 / 283، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 / 44، شذرات الذهب: 3 / 50.
(*) تاريخ بغداد: 2 / 146 - 147.
(* *) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 199 - 200، تذكرة الحفاظ: 3 / 910 - 911، العبر: 2 / 296، 297، دول الإسلام: 1 / 219، الوافي بالوفيات: 6 / 117، النجوم الزاهرة: 3 / 337 - 338، طبقات الحفاظ: 371، شذرات الذهب: 3 / 12، هدية العارفين: 1 / 6.(16/83)
المُحَدِّثِ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ بنِ عمَارةَ الأَصْبَهَانِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: أَبا خَلِيْفَةَ الفَضْلَ بنَ الحُبَابِ، وَطبقَتَهُ بِالبَصْرَةِ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيَّ، وَعِدَّةً بِالكُوْفَةِ، وَيُوْسُفَ بنَ يَعْقُوْبَ القَاضِي، وَأَبا شُعَيْبٍ الحَرَّانِيَّ، وَابنَ نَاجِيَةَ، وَالفِرْيَابِيَّ، وَطَبَقَتهُم بِبَغْدَادَ، وَأَحْمَدَ بنَ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ التُّسْترِيَّ، وَخلقاً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدُكَوَيْه، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ أَوحدَ زمَانِهِ فِي الحِفْظِ، لَمْ يُرَ بَعْدَ ابْنِ مُظَاهِرٍ فِي الحِفْظِ مِثْلُهُ، جمعَ الشُّيُوْخَ وَالمُسْنَدَ.
قَالَ: وَجَدُّهُم عمَارَةَ هُوَ ابْنُ حَمْزَةَ بنِ يَسَارِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَفْصٍ، وَحَفْصٌ هَذَا هُوَ أَخُو أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ صَاحبُ الدَّعوَةِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ مَنْدَةَ: لَمْ أَرَ أَحداً أَحفظَ من أَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ بنُ أَبِي السَّرِيِّ: سَمِعْتُ أَبا العَبَّاسِ بنَ عُقدَةَ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْل ابْنِ حَمْزَةَ فِي الحِفْظِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كَانَ فِي عصرنَا جَمَاعَةٌ قَدْ بلغَ المُسْنَدُ المُصَنَّفُ عَلَى التَّرَاجِمِ لِكُلِّ وَاحدٍ مِنْهُم أَلفَ جزءٍ، مِنْهُم: أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجِسِيُّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: مَاتَ فِي سَابعِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.(16/84)
قُلْتُ: عَاشَ ثَمَانِيْنَ سنَةً أَوْ نَحْواً مِنْهَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الآنمِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، وَأَجَازَ لَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ مَسْعُوْدٍ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنا أَبُو نُعَيْمٍ، سَمِعْتُ أَبا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبا خَلِيْفَةَ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ بَكْرِ بنِ الرَّبِيْعِ بنِ مُسْلِمٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ زِيَادٍ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (لَيَخْرُجَنَّ رِجَالٌ مِنَ المَدِيْنَةِ رَغْبَةً عَنْهَا، وَالمَدِيْنَةُ خَيْرٌ لَهُم لَوْ كَانُوا يَعْلَمُوْنَ (1)) .
وَبِهِ: إِلَى أَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ، سَمِعْتُ عُمَرَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (كُلُّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ مُنْقَطِعٌ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلاَّ سَبَبِي وَنَسَبِي) (2) .
__________
(1) هو في " المسند " 2 / 302 من طريق عبد الرحمن، عن حماد، عن محمد.
هو ابن زياد، عن أبي هريرة، وهو فيه أيضا 2 / 403 من طريقين، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد، عن أبى هريرة، و2 / 464 من طريق عفان، عن حماد، عن محمد بن زياد وعمار بن أبي عمار، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (1381) في الحج: باب المدينة تنفي شرارها من طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز الدراوردي، عن العلاء، عن أبيه، عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هلم إلى الرخاء، هلم إلى الرخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيرا منه، ألا إن المدينة كالكير تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد ".
(2) هو حديث صحيح بطرقه وشواهده.
وأخرجه ابن سعد 8 / 463 من طريق أنس بن عياض الليثي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن عمر بن الخطاب..وهو منقطع.
وأخرجه الحاكم 3 / 142 من طريق السري بن خزيمة، عن معلى بن راشد، حدثنا وهيب بن خالد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين أن عمر ... وهو منقطع أيضا.
وأخرجه الخطيب في تاريخه 6 / 182 من طريقين عن إبراهيم بن مهران بن رستم المروزي، =(16/85)
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ سُنْقُرُ الحَلَبِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الغفَّارِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي حَامِدٍ الخَرْجَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ يَعْقُوْبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ فُرَاتٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ صعَدَ المِنْبَرَ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أُسَمِّيَ الثَّالِثَ لَسَمَّيْتُهُ (1) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ فِي كِتَابِ (مَعْرِفَةِ مُزَكِّي الأَخْبَارِ) :كَانَ أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ يَفِي بِمذَاكرَةِ مَسَانِيْدِ الصَّحَابَةِ تَرْجَمَةً تَرْجَمَةً، اعترفَ لَهُ بِالتَفَرُّدِ بحفظِ (المُسْنَدِ) أَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَمشَايخنَا، وَسَأَلت أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ مَنْدَةَ، عَنْ وَفَاتِهِ فَقَالَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
= حدثنا الليث بن سعد القيسي مولى بني رفاعة، عن موسى بن علي بن رباح اللخمي، عن أبيه، عن عقبة بن عامر الجهني، عن عمر.
وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " 2 / 34 من طريق الطبراني سليمان بن أحمد، حدثنا جعفر بن سليمان النوفلي، حدثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر.
وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 15، وزاد نسبته للبزار، والطبراني، والضياء المقدسي في " المختارة ".
وفي الباب عن ابن عباس عند الخطيب 2 / 271، والطبراني، وعن المسور عند أحمد 4 / 322، وعن ابن عمر عند ابن عساكر. وانظر 3 / 500 من هذا الكتاب، و" مجمع الزوائد " 9 / 173.
(1) محمد بن فرات: كذبوه، والحارث ضعيف.
وأخرج البخاري في " صحيحه " 7 / 26، في الفضائل، من طريق محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدثنا جامع بن أبي راشد، حدثنا أبو يعلي، عن محمد بن الحنفية، قال: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ابو بكر.
قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر، وخشيت أن يقول: عثمان، قلت: ثم أنت، قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.(16/86)
قُلْتُ: الأَصحُّ سَنَةَ ثَلاَثٍ كَمَا تقدَّمَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ الدَّارَكِيَّ الفَقِيْهَ يَقُوْلُ: جمعَ الصَّاحبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبَّادٍ حُفَّاظَ بلدِنَا بِأَصْبَهَانَ: العَسَّالَ أَبا أَحْمَدٍ، وَأَبا القَاسِمِ الطَّبَرَانِيَّ، وَأَبا إِسْحَاقَ بنَ حَمْزَةَ، وَغَيْرَهُم، وَحضرتُ، وَكَانَ قَدْ قَدِمَ عَلَيْهِ ابنَ الجِعَابِيَّ، فَأَخذُوا فِي مذَاكرَةِ الأَبْوَابِ، ثُمَّ ثَنَّوا بذكرِ ترَاجمِ الشُّيُوْخِ، فَظَهَرَ العجزُ فِي كُلٍّ مِنْهُم عَنْ حفظِ أَبِي إِسْحَاقَ بنِ حَمْزَةَ وَمذَاكرتِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا عليٍّ الحَافِظَ يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو عُبَيْدٍ بنُ حَرْبَوَيْه انصرفَ من قَضَاءِ مِصْرَ، فَقَدِمَ بَغْدَادَ، وَكَانَ يَرْوِي عَنْ: أَبِي الأَشعثِ، وَعُمَرَ بنِ شَبَّةَ وَنَحْوهمَا، ثُمَّ إِنَّهُ ارتقَى إِلَى الرِّوَايَةِ عَنْ: بُنْدَار، وَمُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى.
فَلَمَّا قَدِمَ حَدَّثَ عَنْ: أَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ السَّامِيِّ، وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ الأَصْبَهَانِيُّ مختصّاً بِهِ، فَقَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ: إِنَّ أَبَا عُبيدٍ قَالَ: عزمتُ عَلَى أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ: أَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ وَالحَوْضِيِّ، قَالَ: فَقُلْتُ: اللهَ اللهَ أَيُّهَا القَاضِي فَإِنَّا نُرجمُ.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ ابْنُ حَرْبَوَيْه هَذَا جَرِيئاً عَلَى الكذبِ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ بنِ أَفْرَجَةَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَمُقْرِئُ بَغْدَادَ بكَّارُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بَكَّارٍ أَبُو عِيْسَى البَغْدَادِيُّ، وَمسنِدُ بَغْدَادَ أَبُو الفَوَارِسِ شُجَاعُ بنُ جَعْفَرٍ الوَاعِظُ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ الفَاكهِيُّ المكِّيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خروفٍ بِمِصْرَ، وَأَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ شُعَيْبٍ الأَنْصَارِيُّ(16/87)
الدِّمَشْقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ أَبِي العَقَبِ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَكَمِ الوَاسِطِيُّ.
69 - الجِعَابِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ *
الحَافِظُ، البَارعُ، العَلاَّمَةُ، قَاضِي المَوْصِلِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ التَّمِيْمِيُّ البَغْدَادِيُّ الجِعَابِيُّ.
مولدُهُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَرْوَزِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ القَاضِي، وَيَحْيَى بنِ مُحَمَّدٍ الحنائِيِّ، وَأَبِي خَلِيْفَةَ الفَضْلِ بنِ الحُبَابِ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُبَّانَ بنِ الأَزْهَرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ سَمَاعَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَلْخِيِّ، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ نَاجِيَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ البَاغَنْدِيِّ، وَقَاسِمِ المطرِّزِ، وَطَبَقَتهم.
وَتخرَّجَ بِالحَافِظِ ابنَ عُقْدَةَ وَبَرَعَ فِي الحِفْظِ، وَبلغَ فِيْهِ المُنْتَهَى.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَابنُ رَزْقَوَيْه، وَابنُ مَنْدَةَ، وَالحَاكِمُ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الفَضْلِ القَطَّانُّ، وَالقَاضِي أَبُو عُمَرَ الهَاشِمِيُّ البَصْرِيُّ، وَخَلْقٌ آخرُهُمْ موتاً أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، أَخذَ عَنْهُ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِم أَصْبَهَانَ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 26 - 31، الأنساب: 3 / 263 - 264، المنتظم: 7 / 36 - 38، اللباب: 1 / 282، العبر: 2 / 302، تذكرة الحفاظ: 3 / 925 - 929، دول الإسلام: 1 / 220، ميزان الاعتدال: 3 / 670 - 671، الوافي بالوفيات: 4 / 240 - 241، البداية والنهاية: 11 / 261 - 262، لسان الميزان: 5 / 322 - 324، النجوم الزاهرة: 4 / 12، طبقات الحفاظ: 375 - 376، شذرات الذهب: 3 / 17، هدية العارفين: 2 / 45 - 46.(16/88)
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ: مَا رَأَيْتُ فِي المشَايخِ أَحفظَ من عَبْدَانَ، وَلاَ رَأَيْتُ فِي أَصْحَابِنَا أَحفظَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ الجِعَابِيِّ، وَذَاكَ أَنِّي حَسِبتُهُ مِنَ البَغْدَادِيِّيْنَ الَّذِيْنَ يحفظونَ شَيْخاً وَاحِداً، أَوْ تَرْجَمَةً وَاحِدَةً، أَوْ بَاباً وَاحِداً، فَقَالَ لِي: أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ يَوْماً: يَا أَبَا علِيٍّ، لاَ تغلطْ، ابْنُ الجِعَابِيِّ يحفظُ حَدِيْثاً كَثِيْراً.
قَالَ: فَخَرَجْنَا يَوْماً من عِنْد ابْنِ صَاعِدٍ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا بكرٍ، إِيش أَسنَدَ سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُوْرٍ؟ فَمَرَّ فِي التَّرْجَمَةِ فَمَا زِلْتُ أَجرُّهُ مِنْ حَدِيْثِ مِصْرَ إِلَى حَدِيْثِ الشَّامِ إِلَى العِرَاقِ إِلَى أَفرَادِ الخُرَاسَانيِّينَ، وَهُوَ يُجيبُ، إِلَى أَنْ قُلْتُ: فَأَيشٍ رَوَى الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيْدٍ بِالشّركَةِ؟ فذكرَ بَضْعَةَ عشرَ حَدِيْثاً، فحيَّرَنِي حفظُهُ (1) .
قَالَ ابْنُ الفَضْلِ القَطَّانُّ، سَمِعْتُ ابنَ الجِعَابِيّ يَقُوْلُ: دَخَلتُ الرَّقَّةَ، وَكَانَ لِي ثَمَّ قَمِطْرَانَ (2) كُتُبٍ فَجَاءَ غُلاَمِي مغموماً وَقَدْ ضَاعتِ الكُتُبُ، فَقُلْتُ: يَا بنِي لاَ تَغْتَمَّ، فَإِنَّ فِيْهَا مائتِي أَلفِ حَدِيْثٍ لاَ يُشْكِلُ عَلَيَّ حَدِيْثٌ مِنْهَا لاَ إِسنَادُهُ وَلاَ مَتْنُهُ (3) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيُّ: مَا شَاهدنَا أَحداً أَحفظَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ الجِعَابِيِّ، وَسَمِعْتُ مَنْ يَقُوْلُ: إِنَّهُ يحفظُ مِائَتي أَلفَ حَدِيْثٍ، وَيُجيبُ فِي مِثلهَا، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يفضُلُ الحُفَّاظَ بَأَنَّهُ كَانَ يَسُوقُ المتُوْنَ بِأَلفَاظهَا، وَأَكثرُ الحُفَّاظِ يَتَسمَّحونَ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ إِمَاماً فِي مَعْرِفَةِ العللِ وَالرِّجَالِ وَتوَاريخهم، وَمَا يُطْعَنُ عَلَى الوَاحدِ مِنْهُم، لَمْ يَبْقَ فِي زَمَانِهِ مَنْ يَتَقَدَّمُهُ (4) .
أَنْبَأَنِي المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليَمَنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 27 وما بين حاصرتين منه.
(2) تثنية قمطر: ما يصان فيه الكتب.
(3) " تاريخ بغداد " 3 / 28.
(4) الخبر في " تاريخ بغداد " 3 / 28 بأطول مما هنا.(16/89)
الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَشقرُ، سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ القَاسِمَ بنَ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيَّ، سَمِعْتُ ابنَ الجِعَابِيّ يَقُوْلُ: أَحفظُ أَرْبَعَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ، وَأُذَاكرُ بِسِتِّ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ (1) .
قَالَ أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ: تقلَّدَ ابْنُ الجِعَابِيِّ قَضَاءَ المَوْصِلِ فَلَمْ يُحْمَدْ فِي وَلاَيتِهِ (2) .
وَنقَلَ الخَطِيْبُ عَنِ أَشيَاخِهِ أَنَّ ابنَ الجِعَابِيِّ كَانَ يشربُ فِي مَجْلِسِ ابْنِ العَمِيْدِ (3) .
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيَّ، عَنِ ابْنِ الجِعَابِيَّ، فَقَالَ: خلَّطَ، وَذكرَ مَذْهَبهَ فِي التَّشَيُّعِ، وَكَذَا نقلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ قَالَ: وَحَدَّثَنِي ثِقَةٌ أَنَّهُ خَلَّى ابنَ الجِعَابِيِّ نَائِماً وَكَتَبَ عَلَى رجلِهِ، قَالَ: فكُنْتُ أَرَاهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لَمْ يمسَّهُ المَاءُ (4) .
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: إِنَّ ابنَ الجِعَابِيِّ لَمَّا مَاتَ أَوْصَى بَأَنْ تُحرقَ كتُبُهُ، فَأُحرقتْ، فَكَانَ فِيْهَا كتبٌ لِلنَّاسِ، فَحَدَّثَنِي أَبُو الحُسَيْنِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عِنْدَهُ مائَةٌ وَخمسُوْنَ جزءاً فذهبتْ فِي جُمْلَةِ مَا أُحرقَ (5) .
وَقَالَ مَسْعُوْدُ السِّجْزِيُّ: حَدَّثَنَا الحَاكِمُ، سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يَقُوْلُ: أُخبرتُ بِعِلَّةِ الجِعَابِيِّ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فرَأَيْتُهُ يحرقُ كتُبَهُ، فَأَقمتُ
__________
(1) المصدر السابق.
(2) " تاريخ بغداد " 3 / 30 وما بين حاصرتين منه.
(3) انظر المصدر السابق.
(4) " تاريخ بغداد " 3 / 31.
(5) المصدر السابق. وما بين حاصرتين منه.(16/90)
عِنْدَهُ حَتَّى مَا بقيَ مِنْهُ سِينهُ، وَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ.
أَبُو ذرٍّ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ عَبْدَانَ الحَافِظَ يَقُوْلُ: وقعَ إِلِيَّ جزءٌ مِنْ حَدِيْثِ الجِعَابِيِّ، فحفظتُ مِنْهُ خَمْسَةَ أَحَادِيثٍ فَأَجَابنِي فِيْهَا، ثُمَّ قَالَ: مِنْ أينَ لَكَ هَذَا؟
قُلْتُ: مِنْ جُزئكَ، قَالَ: إِنْ شِئْتَ أَلقِ عليَّ المتنَ وَأَجيبُكَ فِي إِسنَادِهِ، أَو أَلقِ عليَّ الإِسنَادَ وَأُجيبكَ فِي المَتْنِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ ابنَ رَزْقَوَيْه يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ الجِعَابِيِّ يمتلئُ مَجْلِسَهُ، وَتمتلئُ السِّكَّةَ الَّتِي يُمْلِي فِيْهَا وَالطَّرِيْقَ، وَيحضرُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابنُ المظفَّرِ، وَيُمْلِي مِنْ حِفْظِهِ (1) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ: قُلْتُ لابنِ الجِعَابِيِّ: قَدْ وَصلتَ إِلَى الدِّيْنَورَ فَلاَ أَتيتَ نَيْسَابُوْر؟
قَالَ: هَمَمْتُ بِهِ ثُمَّ قُلْتُ: أَذهبُ إِلَى قَوْمٍ عجمٍ لاَ أَفهمُ عَنْهُم وَلاَ يفهمُوْنَ عَنِّي (2) ؟!
قَالَ الحَاكِمُ: قُلْتُ للدَّارقُطْنِيِّ: يبلغُنِي عَنِ الجِعَابِيِّ أَنَّهُ تغيَّرَ عَمَّا عَهِدْنَاهُ، قَالَ: وَأَيُّ تغيَّرٍ؟
قُلْتُ: بِاللهِ هَل اتَّهَمْتَهُ؟
قَالَ: إِي وَاللهِ، ثُمَّ ذكرَ أَشيَاءً.
فَقُلْتُ: وضحَ لَكَ أَنَّهُ خلطَ فِي الحَدِيْثِ؟
قَالَ: إِي وَاللهِ، قُلْتُ: هَل اتَّهَمْتَهُ حَتَّى خفتَ المَذْهَبَ؟
قَالَ: تركَ الصَّلاَةَ وَالدّينَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عبيدِ اللهِ المُسَبِّحِيُّ: كَانَ ابْنُ الجِعَابِيِّ المُحَدِّثُ قَدْ صحبَ قَوْماً مِنَ المتكلِّمِينَ، فَسقطَ عِنْدَ كَثِيْرٍ مِنْ أَصْحَابِ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 28.
(2) الخبر بنحوه في " تاريخ بغداد " 3 / 29.(16/91)
الحَدِيْثِ.
وَصلَ إِلَى مِصْرَ، وَدَخَلَ إِلَى الإِخشيذَ، ثُمَّ مَضَى إِلَى دِمَشْقَ، فوقفُوا عَلَى مَذْهَبِهِ، فشردُوهُ، فَخَرَجَ هَارباً.
قَالَ ابْنُ شَاهِيْنٍ: دَخَلتُ أَنَا، وَابنُ المظفَّرِ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى ابْنِ الجِعَابِيِّ وَهُوَ مريضٌ، فَقُلْتُ لَهُ: من أَنَا؟
قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ أَلستُمْ فلاَناً وَفلاَناً؟ وسمَّانَا، فَدَعَوْنَا وَخَرَجْنَا، فمشينَا خُطُواتٍ، فسمِعنَا الصَّائِحَ بِموتِهِ، وَرأَينَا كتُبهُ تلَّ رمَادٍ.
قَالَ الأَزْهَرِيُّ: كَانَتْ سُكَيْنَةُ نَائِحَةُ الرَّافِضَةِ تنوحُ فِي جِنَازَتِهِ (1) .
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَدِمَ الجِعَابِيُّ أَصْبَهَانَ، وَحَدَّثَ بِهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو المكَارمِ التَّيْمِيُّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ النُّعْمَانَ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ، حَدَّثَنَا حزمُ بنُ أَبِي حزمٍ، سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ: بِئسَ الرَّفيقُ الدّينَارُ وَالدِرْهَمُ، لاَ ينفعَانِكَ حَتَّى يفَارِقَاكَ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
70 - ابْنُ حِبَّانَ مُحَمَّدُ بنُ حِبَّانَ بنِ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، شَيْخُ خُرَاسَانَ، أَبُو حَاتِمٍ، مُحَمَّدُ بنُ حِبَّانَ بنِ أَحْمَدَ بنِ حِبَّانَ بنِ مُعَاذِ بنِ معبدِ بنِ سَهِيدِ بنِ هَديَّةَ
__________
(1) " تاريخ بغداد " 3 / 31.
(2) أخبار أصبهان.
(*) الأنساب: 2 / 209 - 210، معجم البلدان: 1 / 415 - 419، إنباه الرواة: 3 / =(16/92)
بنِ مُرَّةَ بنِ سَعْدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُرَّةَ بنِ زَيْدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ دَارمِ بنِ حَنْظَلَةَ بنِ مَالِكِ بنِ زَيْدِ منَاة بنِ تَمِيمٍ التَّمِيْمِيُّ الدَّارِمِيُّ البُسْتِيُّ، صَاحبُ الكُتُبِ المَشْهُوْرَةِ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وأَكبرُ شَيْخٍ لقيَهُ أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ الجُمَحِيُّ، سَمِعَ مِنْهُ بِالبَصْرَةِ، وَمن زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنْ: أَبِي عبدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ يُوْنُسَ المِنْجَنِيْقيّ، وَعِدَّةٍ.
وَبَالمَوْصِلِ مِنْ: أَبِي يَعْلَى أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ.
وَبنَسَا مِنْ: الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ.
وَبجُرْجَانَ مِنْ: عِمْرَانَ بنِ مُوْسَى بنِ مُجَاشِعٍ السَّخْتِيَانِيِّ.
وَبِبَغْدَادَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيِّ وَطبقَتِهِ.
وَبِدِمَشْقَ مِنْ: جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَخَلْقٍ.
وَبِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: ابنِ خُزَيْمَةَ، وَالسَّرَّاجِ، وَالمَاسَرْجسِيِّ.
وَبعَسْقلاَنَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ.
وَببيتِ المَقْدِسِ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ.
وَبطبرِيَّةَ مِنْ: سَعِيْدِ بنِ هَاشِمٍ.
وَبِهَرَاةَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيِّ، وَالحُسَيْنِ بنِ إِدْرِيْسَ.
وَبِتُسْتَرَ مِنْ: أَحْمَدَ بنَ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ.
وَبمَنْبِجَ مِنْ: عُمَرَ بنِ سَعِيْدٍ.
وَبَالأُبُلَّةَ مِنْ: أَبِي يَعْلَى بنِ زُهَيْرٍ.
وَبحرَّانَ مِنْ: أَبِي عَرُوْبَةَ.
وَبِمَكَّةَ مِنْ: المُفَضَّلِ الجَنَديِّ.
وَبِأَنْطَاكيةَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الدَّارِمِيِّ.
وَبِبُخَارَى مِنْ: عُمَرَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ.
__________
= 122، الكامل لابن الأثير: 8 / 566، اللباب: 1 / 151، المختصر في أخبار البشر: 2 / 105 - 106، تذكرة الحفاظ: 3 / 920 - 924، ميزان الاعتدال: 3 / 506 - 508، العبر: 2 / 300، دول الإسلام: 1 / 220، تلخيص ابن مكتوم: 207، الوافي بالوفيات: 2 / 317 - 318، عيون التواريخ: 11 الورقة: 130، مرآة الجنان: 2 / 357، طبقات السبكي: 3 / 131 - 135، البداية والنهاية: 11 / 259، لسان الميزان: 5 / 112 - 115، النجوم الزاهرة: 3 / 342 - 343، طبقات الحفاظ: 374 - 375، شذرات الذهب: 3 / 16، هدية العارفين: 2 / 44 - 45، الرسالة المستطرفة: 20 - 21، 2 / 287.(16/93)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخَالِدِيُّ، وَأَبُو مُعَاذٍ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رزقِ اللهِ السِّجِسْتَانِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ الزَّوْزَنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ النُّوقَاتِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ: كَانَ عَلَى قَضَاءِ سَمَرْقَنْدَ زمَاناً، وَكَانَ مِنْ فُقَهَاءِ الدِّينِ، وَحفَّاظِ الآثَارِ، عَالِماً بِالطّبِّ، وَبَالنُّجُوْمِ، وَفُنُوْنِ العِلْمِ.
صَنَّفَ المُسْنَدَ الصَّحِيْحَ، يَعْنِي بِهِ: كِتَابَ (الأَنواعِ وَالتقَاسيمِ) ، وَكِتَابَ (التَّاريخِ) ، وَكِتَابَ (الضُّعَفَاءِ) ، وَفقَّهَ النَّاسَ بِسَمَرْقَنْدَ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: كَانَ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ أَوعيةِ العِلْمِ فِي الفِقْهِ، وَاللُّغةِ، وَالحَدِيْثِ، وَالوعظِ، وَمِنْ عقلاَءِ الرِّجَالِ.
قَدِمَ نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَسَارَ إِلَى قَضَاءِ نَسَا، ثُمَّ انصرفَ إِلَيْنَا فِي سَنَةِ سبعٍ، فَأَقَامَ عِنْدنَا بِنَيْسَابُوْرَ، وَبنَى الخَانقَاهَ، وَقُرِئَ عَلَيْهِ جُمْلَةٌ مِنْ مصنَّفَاتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ نَيْسَابُوْرَ إِلَى وَطنِهِ سِجِسْتَانَ عَامَ أَرْبَعِيْنَ، وَكَانَتِ الرحلَةُ إِلَيْهِ لسمَاعِ كتُبِهِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ابْنُ حِبَّانَ ثِقَةً نبيلاًَ فَهِماً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ الصلاَحِ فِي (طبقَاتِ الشَّافِعِيَةِ) :غلطَ ابْنُ حِبَّانَ الغلطَ الفَاحشَ فِي تصرُّفَاتِهِ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي أَثنَاءِ كِتَابِ (الأَنواعِ) :لَعَلَّنَا قَدْ كَتَبْنَا عَنْ أَكثرَ مِنْ أَلفَي شَيْخٍ.
قُلْتُ: كَذَا فلتكنِ الهممُ، هَذَا مَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الفِقْهِ، وَالعَرَبِيَّةِ، وَالفضَائِلِ البَاهرَةِ، وَكَثْرَةِ التَّصَانِيْفِ.(16/94)
قَالَ الخَطِيْبُ: ذكرَ مَسْعُوْدُ بنُ نَاصِرٍ السِّجْزِيُّ تَصَانِيْفَ ابْنِ حِبَّانَ، فَقَالَ: (تَاريخُ الثِّقَاتِ) ، (عِلَلُ أَوهَامِ المُؤرخينَ) مجلدٌ، (عِلَلُ منَاقبِ الزُّهْرِيِّ) عِشْرُوْنَ جزءاً، (عِلَلُ حَدِيْثِ مَالِكٍ) عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ، (عِلَلُ مَا أَسندَ أَبُو حَنِيْفَةَ) عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ.
(مَا خَالفَ فِيْهِ سُفْيَانُ شُعبَةَ) ثَلاَثَةُ أَجْزَاءٍ، (مَا خَالفَ فِيْهِ شُعبَةُ سُفْيَانَ) جُزْءَانِ.
(مَا انفردَ بِهِ أَهْلُ المدينةِ مِنَ السُّنَنِ) مجلدٌ، (مَا انفردَ بِهِ المكيُّونَ) مجيليدٌ، (مَا انفردَ بِهِ أَهْلُ العِرَاقِ) مجلدٌ، (مَا انفردَ بِهِ أَهْلُ خُرَاسَانَ) مجيليدٌ، (مَا انفردَ بِهِ ابْنُ عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ، أَوْ شُعبَةُ عَنْ قَتَادَةَ) مجيليدٌ.
(غَرَائِبُ الأَخبارِ) مجلدٌ، (غَرَائِبُ الكُوْفِيِّينَ) عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ، (غَرَائِبُ أَهْلِ البَصْرَةِ) ثمَانيَةُ أَجْزَاءٍ، (الكِنَى) مجيليدٌ، (الفصلُ وَالوصلُ) مجلدٌ، (الفصلُ بَيْنَ حَدِيْثِ أَشعثَ بنِ عَبْدِ الملكِ، وَأَشعثَ بنِ سَوَّارٍ) جُزْءَانِ، كِتَابُ (موقُوفِ مَا رُفعَ) عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ.
(منَاقبُ مَالِكٍ) ، (منَاقبُ الشَّافِعِيِّ) ، كِتَابُ (المُعْجَمِ عَلَى المدنِ) عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ، (الأَبْوَابُ المتفرِّقةُ) ثَلاَثَةُ مجلدَاتٍ، (أَنواعُ العلومِ وَأَوصَافِهَا) ثَلاَثَةُ مجلدَاتٍ، (الهدَايَةُ إِلَى علمِ السُّنَنِ) مجلدٌ، (قُبولُ الأَخبارِ) ، وَأَشيَاءٌ (1) .
قَالَ مَسْعُوْدُ بنُ نَاصِرٍ: وَهَذِهِ التَّوَالِيفُ إِنَّمَا يُوجدُ مِنْهَا النَّزْرُ اليَسِيْرُ، وَكَانَ قَدْ وَقَفَ كتُبَهُ فِي دَارٍ، فَكَانَ السَّبَبُ فِي ذهَابِهَا مَعَ تطَاولِ الزَّمَانِ ضعفُ أَمرِ السُّلْطَانِ، وَاسْتيلاَءُ المفسدينَ.
قَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ مُؤَلّفُ كِتَابِ (ذمِّ
__________
(1) انظر عن مصنفات ابن حبان مقدمة " موارد الضمآن " ص 13 - 18.(16/95)
الكَلاَمِ) :سَمِعْتُ عبدَ الصَّمدِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَنكرُوا عَلَى أَبِي حَاتِمٍ بنِ حِبَّانَ قولَهُ: النُّبُوَّةُ: العِلْمُ وَالعملُ، فحكمُوا عَلَيْهِ بِالزَّنْدَقَةِ، هُجرَ، وَكُتِبَ فِيْهِ إِلَى الخَلِيْفَةِ، فَكَتَبَ بِقَتْلِهِ.
قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ غريبَةٌ، وَابنُ حِبَّانَ فَمِنْ كبارِ الأَئِمَةِ، وَلَسْنَا نَدَّعِي فِيْهِ العِصْمَةَ مِنَ الخَطَأِ، لَكِنَّ هَذِهِ الكَلِمَةَ الَّتِي أَطلقَهَا، قَدْ يُطلقُهَا المُسْلِمُ، وَيُطلقُهَا الزِّنديقُ الفيلسوفُ، فَإِطلاَقُ المُسْلِمِ لَهَا لاَ يَنْبَغِي، لَكِنْ يُعتذرُ عَنْهُ، فَنَقُوْل: لَمْ يُردْ حصرَ المبتدأِ فِي الخَبَرِ، وَنظيرُ ذَلِكَ قولُهُ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: (الحَجُّ عَرَفَةٌ (1)) وَمعلومٌ أَنَّ الحَاجَّ لاَ يصيرُ بِمُجَرَّدِ الوُقُوْفِ بِعَرَفَةِ حَاجّاً، بَلْ بَقِيَ عَلَيْهِ فروضٌ وَواجبَاتٌ، وَإِنَّمَا ذكرَ مُهمَّ الحَجِّ.
وَكَذَا هَذَا ذكرَ مُهمَّ النُّبُوَّةِ، إِذْ مِنْ أَكملِ صفَاتِ النَّبِيِّ كمَالُ العِلْمِ وَالعملِ، فَلاَ يَكُون أَحدٌ نَبِيّاً إِلاَّ بوجودِهِمَا، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ برَّزَ فِيْهِمَا نَبِيّاً، لأَنَّ النُّبُوَّةَ مَوْهِبَةٌ مِنَ الحَقِّ - تَعَالَى -، لاَ حِيْلَةَ للعبدِ فِي اكتسَابِهَا، بَلْ بِهَا يتولَّدُ العِلْمُ اللَّدُنِّيُّ وَالعملُ الصَّالِحُ.
وَأَمَّا الفيلسوفُ فَيَقُوْلُ: النُّبُوَّةُ مكتسبَةٌ يُنْتجُهَا العِلْمُ وَالعملُ، فَهَذَا
__________
(1) أخرجه أحمد 4 / 309 و310 و335، والحميدي (899) ، أبو داود (1949) ، والترمذي (889) ، والنسائي 5 / 264، وابن ماجه (3015) ، والدارمي 2 / 59، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 2 / 209، 210، والدارقطني 2 / 240، 241، والبيهقي 5 / 116 و173، والطيالسي 1 / 220 من حديث عبد الرحمن بن بعمر الديلمي قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة، فجاء ناس أو نفر من أهل نجد، فأمروا رجلا، فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف الحج؟ فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا، فنادى: الحج يوم عرفة من جاء قبل الصبح من ليلة جمع فتم حجه، أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين، فلا إثم عليه، ومن تأخر، فلا إثم عليه، قال: ثم أردف رجلا خلفه، فجعل ينادي بذلك.
وصححه ابن حبان (1009) ، والحاكم 1 / 464 و2 / 278، ووافقه الذهبي، وهو كما قالوا.(16/96)
كفرٌ، وَلاَ يريدُهُ أَبُو حَاتِمٍ أَصلاًَ، وَحَاشَاهُ، وَإِنْ كَانَ فِي تقَاسيمِهِ مِنَ الأَقوَالِ، وَالتَّأَويلاَتِ البعيدَةِ، وَالأَحَادِيثِ المنكرَةِ، عجَائِبٌ، وَقَدِ اعترفَ أَنَّ (صحيحَهُ) لاَ يقدرُ عَلَى الكشفِ مِنْهُ إِلاَّ مَنْ حِفْظَهُ، كمنْ عِنْدَهُ مصحفٌ لاَ يقدرُ عَلَى مَوْضِعِ آيَةٍ يريدُهَا مِنْهُ إِلاَّ مَنْ يحفظُهُ (1) .
وَقَالَ فِي (صَحِيْحِهِ) :شرطُنَا فِي نقلِهِ مَا أَودعنَاهُ فِي كتَابِنَا أَلاَّ نحتجَّ إِلاَّ بِأَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ شَيْخٍ فِيْهِ خَمْسَةُ أَشيَاءَ:
العدَالةُ فِي الدِّينِ بِالسَتْرِ الجمِيلِ.
الثَّانِي: الصِّدْقُ فِي الحَدِيْثِ بِالشُّهرَةِ فِيْهِ.
الثَّالِثُ: العقلُ بِمَا يُحَدِّثُ مِنَ الحَدِيْثِ.
الرَّابِعُ: العِلْمُ بِمَا يحيلُ المعنَى مِنْ معَانِي مَا رَوَى.
الخَامِسُ: تَعرِّي خبرَهُ مِنَ التَّدْلِيسِ.
فَمَنْ جمعَ الخِصَالَ الخمسَ احتجَجْنَا بِهِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ عَمَّارٍ الوَاعِظَ، وَقَدْ سأَلتُهُ عَنِ ابْنِ حبَّانَ، فَقَالَ: نَحْنُ أَخرجنَاهُ مِنْ سِجِسْتَانَ، كَانَ لَهُ علمٌ كَثِيْرٌ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كَبِيْرُ دينٍ، قَدِمَ عَلَيْنَا، فَأَنكرَ الحدَّ للهِ، فَأَخرجنَاهُ.
قُلْتُ: إِنكَارُكُم عَلَيْهِ بدعَةٌ أَيْضاً، وَالخوضُ فِي ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَأْذنْ بِهِ اللهُ، وَلاَ أَتَى نصٌّ بِإِثْبَاتِ ذَلِكَ وَلاَ بِنَفْيِهِ، وَ (مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيْهِ (2)) ، وَتَعَالَى اللهُ أَنْ يُحدَّ أَوْ يُوصفَ إِلاَّ بِمَا وَصفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ عَلَّمَهُ
__________
(1) وقد قام بترتيب الصحيح على الكتب والابواب تقريبا لطالبيه مع المحافظة على الأصل الأمير علاء الدين ابو الحسن علي بن بلبان بن عبد الله المصري الحنفي الفقيه النحوي المحدث المتوفى سنة 739، ومنه نسخة كاملة في دار الكتاب المصرية في تسع مجلدات، وقد شرعت بعون الله توفيقه مع زميل فاضل لي بتحقيقه وتخريج أحاديثه، ونجز منه الجزء الأول، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لاتمامه. وبمراجعة المقدمة التي كتبناها له، والتخريجات التي قمنا بها لاحاديثه يتبين لك أن الامام الذهبي رحمه الله قد بخسه حقه ولم ينصفه في قوله " وإن كان في تقاسيمه.."
فإن الاوهام التي وقعت له فيه لا تغض من قيمته، ولا تنقص من قدره لأنه مما يخطئ فيه البشر ومما لا يخلو منه عالم محقق.
(2) حديث صحيح بشواهده. أخرجه الترمذي (2317) ، وابن ماجة (3976) من =(16/97)
رُسلَهُ بِالمعنَى الَّذِي أَرَادَ بِلاَ مِثْل وَلاَ كَيْف {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ} [الشُّوْرَى:11] .
قَرَأْتُ بخطِّ الحَافِظِ الضِّيَاءِ فِي جُزءٍ علَّقَهُ مآخِذَ عَلَى كِتَابِ ابْنِ حِبَّانَ.
فَقَالَ: فِي حَدِيْثِ أَنَسٍ فِي الوصَالِ (1) :فِيْهِ دليلٌ عَلَى أَنَّ الأَخبارَ الَّتِي فِيْهَا وضعُ الحَجَرِ عَلَى بطنِهِ مِنَ الجوعِ كُلُّهَا بَوَاطِيْلٌ، وَإِنَّمَا معنَاهَا الحُجَزُ، وَهُوَ طرفُ الرِّدَاءِ، إِذ اللهُ يُطعمُ رسولَهُ، وَمَا يُغنِي الحَجرُ مِنَ الجوعِ.
قُلْتُ: فَقَدْ سَاقَ فِي كِتَابِهِ حَدِيْثَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي خُرُوْجِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنَ الجوعِ، فلقِيَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخبرَاهُ.
فَقَالَ: (أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا (2)) ، فدلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُطعَمُ وَيُسقَى فِي الوصَالِ خَاصَّةً.
وَقَالَ: فِي حَدِيْثِ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ لِرَجُلٍ: (أَصُمْتَ مِنْ سررِ شَعْبَانَ شَيْئاً؟) .
قَالَ: لاَ.
قَالَ: (إِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمِينِ (3)) .
فَهَذِهِ لفظَةُ اسْتخبارٍ، يُرِيْدُ الإِعلاَمَ بِنَفْيِ جَوَازِ ذَلِكَ، كَالمُنْكَرِ
__________
= حديث أبي هريرة. وأخرجه أحمد 1 / 201 والطبراني (2886) من حديث الحسين بن علي وأخرجه أبو أحمد الحاكم في " الكنى " من حديث أبي بكر. وأخرجه الطبراني في " الصغير " 2 / 43 من حديث زيد بن ثابت. وأخرجه الحاكم في " تاريخه " من حديث علي. وأخرجه ابن عساكر من حديث الحارث بن هشام وانظر " جامع العلوم والحكم " ص: 105 لابن رجب.
(1) أخرجه مسلم (1104) في الصيام: باب النهي عن الوصال في الصوم من طريق عاصم
ابن النضر التميمي، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا حميد، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول شهر رمضان، فواصل ناس من المسلمين، فبلغه ذلك، فقال: " لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم، إنكم لستم مثلي أو قال: لست مثلكم - إني أظل يطعمني ربي ويسقيني ".
(2) راجع مسند أبي بكر. للمروزي بتحقيقنا.
(3) أخرجه البخاري 4 / 200، 201 في الصوم: باب الصوم من آخر الشهر، ومسلم (1161) في الصيام: باب صوم سرر شعبان، وأبو داود (2328) . وسرر شعبان: آخره حين =(16/98)
عَلَيْهِ لَوْ فعلَهُ، كقولِهِ لعَائِشَةٍ: (تَسْتُرينَ الجُدُرَ (1) ؟!) .
وَأَمْرُهُ بصومِ يَوْمَينِ مِنْ شَوَّالٍ، أَرَادَ بِهِ انتهَاءَ السّرَارِ.
وَذَلِكَ فِي الشّهرِ الكَاملِ وَالسّرَارُ فِي الشهرِ النَّاقصِ يَوْمٌ وَاحدٌ.
قُلْنَا: لَوْ كَانَ مُنْكراً عَلَيْهِ لمَا أَمرَهُ بِالقَضَاءِ.
وَقَالَ: فِي حَدِيْثِ: (مَرَرْتُ بِمُوْسَى وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ (2)) ، أَحيَا اللهُ مُوْسَى فِي قَبْرِهِ حَتَّى مرَّ عَلَيْهِ المُصْطَفَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -، وَقبْرُهُ بِمَدْيَنَ، بَيْنَ المدينةِ وَبَيْنَ بَيْتِ المَقْدِسِ.
وَحديثُ: (كَانَ يَطُوْفُ علَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الوَاحِدَةِ، وَلَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ) ، وَفِي رِوَايَةِ الدَّسْتُوَائِيِّ عَنْ قَتَادَةَ وَهِيَ: (إِحْدَى عَشْرَةَ) .
__________
= يستسر الهلال. وانظر " الفتح " 4 / 201.
(1) أخرجه أحمد 6 / 247، ومسلم (2107) في اللباس والزينة، وابن سعد 8 / 469 عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر، فاشتريت له نمطا فيه صورة، فسترت به على سهوة بيتي، فدخل رسول الله، فرأيت كراهية الستر في وجهه، ثم جبذه، فقال: " أتسترون الجدار! " قالت: فأخذت النمط فقطعته وسادتين، فرأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم متكئا على إحداهما.
ولفظ مسلم: رأيته خرج في غزاته، فأخذت نمطا، فسترته على الباب، فلما قدم، فرأى النمط، عرفت الكراهية في وجهه، فجذبه حتى هتكه أو قطعه، وقال: إن الله لم يأمرنا ان نكسو الحجارة والطين " قالت: فقطعنا منه وسادتين، وحشوتهما ليفا، فلم يعب ذلك علي. وانظر " شرح السنة " 12 / 135 بتحقيقنا.
(2) أخرجه ابن حبان (48) واخرجه أحمد 3 / 148 من طريق حسن بن موسى وعفان كلاهما عن حماد بن سلمة، عن ثابت وسليمان التيمي، عن أنس، وأخرجه مسلم (2375) من طريق هداب بن خالد وشيبان فروخ، كلاهما عن حماد بهذا الإسناد، وأخرجه النسائي 3 / 216 من طريق حماد به.
وأورده السيوطي في " الجامع الكبير ": 741، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وابن خزيمة.
(3) أخرجه ابن حبان (1196) ، وأخرجه البخاري 1 / 324 في الغسل: باب إذا جامع ثم عاد من طريق محمد بن بشار، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، قال: حدثنا أنس بن =(16/99)
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: فحكَى أَنَسٌ ذَلِكَ الفِعْلَ مِنْهُ أَوَّلَ قُدومِهِ المدينَةَ، حَيْثُ كَانَتْ تَحْتَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً.
وَالخَبَرُ الأَوّلُ إِنَّمَا حَكَاهُ أَنَسٌ فِي آخِرِ قُدومِهِ المدينَةَ، حَيْثُ كَانَتْ تَحْتَهُ تِسْعٌ، لأَنَّ هَذَا الفِعْلَ كَانَ مِنْهُ مَرَّاتٌ.
قُلْنَا: أَوَّلَ قُدومِهِ فَمَا كَانَ لَهُ سِوَى امْرَأَةً، وَهِيَ سَوْدَة، ثُمَّ إِلَى السّنَةِ الرَّابِعةِ مِنَ الهِجْرَةِ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَكثرُ مِنْ أَرْبَعِ نسوَةٍ، فَإِنَّهُ بَنَى بِحَفْصَةَ، وَبأُمِّ سَلَمَةَ، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ، وَقبلَهَا سَوْدَة وَعَائِشَة، وَلاَ نعلمُ أَنَّهُ اجتمعَ عِنْدَهُ فِي آنٍ إِحْدَى عَشْرَةَ زوجةً.
وَقَالَ: ذكرَ الخَبَرَ المدحضَ قولَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ بَيْنَ إِسْمَاعِيْلَ وَدَاوُدَ أَلفَ
__________
= مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن
إحدى عشرة.
وأخرجه أيضا 1 / 334: باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره من طريق عبد الأعلى بن حماد، والنسائي 6 / 53، 54 من طريق إسماعيل بن مسعود، كلاهما عن يزيد بن زريع، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وله يومئذ تسع نسوة.
قال ابن خزيمة تعليقا على رواية معاذ بن هشام: " وهن إحدى عشرة ": تفرد بذلك معاذ بن هشام، عن أبيه، ورواه سعيد بن أبي عروة وغيره عن قتادة.
وأما ابن حبان، فقد جمع في صحيحه بين الروايتين بأن حمل ذلك على حالتين، قال الحافظ ابن حجر: لكنه وهم في قوله: إن الأولى كانت في أول قدومه من المدينة حيث كان تحته تسع نسوة، والحالة الثانية في آخر الامر حيث اجتمع عنده إحدى عشرة امرأة.
وموضع الوهم منه أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة لم يكن تحته امرأة سوى سودة، ثم دخل على عائشة بالمدينة، ثم تزوج أم سلمة وحفصة وزينب بنت خزيمة في السنة الثالثة والرابعة، ثم تزوج زينب بنت جحش في الخامسة، ثم جويرية في السادسة، ثم صفية وأم حبيبة وميمونة في السابعة، وهؤلاء جميع من دخل بهن من الزوجات بعد الهجرة على المشهور.
واختلف في ريحانة وكانت من سبي بني قريظة، فجزم ابن إسحاق بأنه عرض عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب، فاختارت البقاء في ملكه، والاكثر على أنها ماتت قبله في سنة عشر، وكذا ماتت زينب بنت خزيمة بعد دخولها عليه بقليل.
قال ابن عبد البر: مكثت عنده شهرين أو ثلاثة، فعلى هذا لم يجتمع عنده من الزوجات أكثر من تسع، مع أن سودة كانت وهبت يومها لعائشة كما سيأتي في مكانه، فرجحت رواية سعيد، لكن تحمل رواية هشام على أنه ضم مارية وريحانة إليهن واطلق عليهن لفظ نسائه تغليبا.(16/100)
سنَةٍ، فَرَوَى خبرَ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ كَمْ بَيْنَ المَسْجَدِ الحَرَامِ وَالمَسْجَدِ الأَقصَى؟
قَالَ: (أَرْبَعُوْنَ سنَةً (1)) .
حديثُ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ (2) ، قَالَ: فِيْهِ البيَانُ بَأَنَّ الحبْرَ الفَاضِلَ قَدْ يَنسَى، قَالَ: لأَنَّ المُصطفَى مَا اعتمرَ إِلاَّ أَرْبَعاً:
أُوْلاَهَا: عُمرَةُ القَضَاءِ عَامَ القَابلِ مِنْ عَامِ الحُدَيْبِيَّةِ، قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.
ثُمَّ الثَّانِيَةُ: حِيْنَ فتحَ مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ.
وَلَمَّا رَجعَ مِنْ هَوَازِنَ اعتمرَ مِنَ الجِعْرانَةِ وَذَلِكَ فِي شَوَّالٍ.
وَالرَّابِعَةُ: مَعَ حَجَّتِهِ.
فَوَهِمَ أَبُو حَاتِمٍ كمَا تَرَى فِي أَشيَاءَ.
__________
(1) هو في صحيح ابن حبان (1589) وأخرجه أحمد 5 / 166، 167، من طريق محمد ابن جعفر، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر.
وأخرجه أحمد 5 / 156 و157 و160، والبخاري 6 / 290، 291 في الأنبياء: رقم الباب 10، و332 و333، ومسلم (520) في أول المساجد من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر به.
وأورده السيوطي في " الدر المنثور "، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والبيهقي في " شعب الايمان ".
قال ابن المقيم في " زاد المعاد " 1 / 49: وقد أشكل هذا الحديث على من لم يعرف المراد به، فقال: معلوم أن سليمان بن داود هو الذي بنى المسجد الاقصى وبينه وبين إبراهيم أكثر من ألف عام.
وهذا من جهل القائل به، فإن سليمان إنما كان له من المسجد الاقصى تجديده لا تأسيسه، والذي أسسه هو يعقوب بن إسحاق صلى الله عليهما وآلهما وسلم بعد بناء إبراهيم الكعبة بهذا المقدار.
(2) أخرج البخاري 3 / 478 من طريق مجاهد قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد، فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة، وإذا أناس يصلون في المسجد صلاة الضحى، قال: فسألناه عن صلاتهم، فقال: بدعة، ثم قال له: كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربع إحداهن في رجب، فكرهنا أن نرد عليه، قال: وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين في الحجرة، فقال عروة: يا أماه ألا تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن! قالت عائشة: ما يقول؟ قال: يقول: إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب.
قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده، وما اعتمر في رجب قط.
ورواه مسلم (936) وزاد: وابن عمر يسمع، فما قال: لا، ولا قال: نعم، قال النووي: سكوت ابن عمر على إنكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه، أو نسي، أو شك، وقال القرطبي: عدم إنكاره على عائشة يدل على أنه كان على وهم، وأنه رجع لقولها.(16/101)
فَفِي (الصَّحِيْحَيْنِ (1)) لأَنسٍ: اعتمرَ نَبِيُّ اللهِ أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلُّهُنَّ فِي ذِي القَعْدَةِ إِلاَّ الَّتِي مِنْ حجَّتِهِ عُمرةُ الحُدَيْبِيَّةِ، وَعُمرتُهُ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، وَعُمرتُهُ مِن الجِعْرانَةِ.
وَقَالَ: ذكرَ مَا كَانَ يقرأُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي جلوسِهِ بَيْنَ الخطبتينِ فَمَا ذكرَ شَيْئاً.
تُوُفِّيَ ابْنُ حِبَّانَ بِسِجِسْتَانَ بِمدينَةِ بُسْتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عشرِ الثَّمَانِيْنَ.
وَمَا ظفرتُ بشيءٍ مِنْ حَدِيْثهِ عَالِياً.
كَتَبَ إِلَيَّ المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ العلاَّنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاذٍ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، قَدِمَ للحجِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ التَّمِيْمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ، حَدَّثَنَا القَعْنَبِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ، عَنْ ربْعِيٍّ، عَنْ أَبِي مَسْعُوْدٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاس مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُوْلَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِي فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) (2) .
__________
(1) أخرجه البخاري 3 / 478 في الحج: باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الجهاد: باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره، وفي المغازي: باب غزوة الحديبية، ومسلم (1253) .
في الحج: باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم وزمانهن، وهو في سنن ابي
داود (1994) ، وجامع الترمذي (815) .
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 6 / 380 في الأنبياء: باب ما يذكر عن بني إسرائيل من طريق آدم، عن شعبة بهذا الإسناد.
وأخرجه ابو داود (4797) في الأدب: باب ما جاء في الحياء من طريق عبد الله بن مسلمة. عن شعبة به.
وأخرجه ابن ماجة (4183) في الزهد: باب الحياء من طريق عمرو بن رافع، عن جرير، عن منصور به.
وأخرجه البخاري 6 / 380 و10 / 434 في الآدب من طريق أحمد بن يونس، عن زهير، عن منصور..(16/102)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ عبدُ المعزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ النُّوقَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بنُ حِبَّانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الصُّوْفِيُّ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ صرمَا وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ النَّقُّوْرِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا الصُّوْفِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبدَةُ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو الأَوْدِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لَيِّنٍ قَرِيْبٍ سَهْلٍ) .
أَخرجهُ التِّرْمِذِيُّ (1) مِنْ حَدِيْثِ عَبدَةَ بنِ سُلَيْمَانَ، وَحسَّنَهُ.
قَرَأْتُ عَلَى سُلَيْمَانَ بنِ حَمْزَةَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عبدُ المعزِّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّ تمِيماً الجُرْجَانِيَّ أَخبرهُمْ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ البَحَّاثيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الزَّوْزَنِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حِبَّانَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ صَالِحٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبَانَ الوَاسِطِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، سَمِعْتُ أَبا رَجَاءَ العُطَارِدِيَّ، سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ عَلَى المِنْبَرِ يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لاَ يَزَالُ
__________
(1) برقم (2488) في صفة القيامة رقم الباب (45) ، وهو في صحيح ابن حبان (1096) و (1097) وعبد الله بن عمرو الاودي لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 1 / 415 من طريق سليمان بن داود الهاشمي، عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، عن موسى بن عقبة، عن الاودي، عن ابن مسعود.
وقد التبس امر الاودي على العلامة أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على " المسند " 6 / 19، فلم يعرفه، والسبب أنه لم يهتد إلى رواية الترمذي المصرحة باسمه بعد طول البحث.
وللحديث شواهد يتقوى بها عن أنس وأبي هريرة ومعيقيب رواها الطبراني كما في " المجمع " 4 / 75.(16/103)
أَمرُ هَذِهِ الأَمَّةِ موَائِماً أَوْ مقَارباً مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي الولدَانِ وَالقدرِ (1)) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَلَمْ يُخَرَّجْ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
أَنبَانَا يَحْيَى بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، أَخْبَرَنَا عبدُ القَادرِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عمروٍ بنُ مَنْدَةَ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ مُضَرٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِقَومٍ شَرّاً أَلزَمَهُمُ الجَدَلَ، وَمَنَعَهُمُ العَمَلَ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ اللَّتِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ حِبَّانَ، سَمِعْتُ أُسَامَةَ بنَ أَحْمَدَ بِمِصْرَ، سَمِعْتُ ابنَ السَّرْحِ، سَمِعْتُ عبدَ الرَّحْمَنِ بنَ القَاسِمِ، سَمِعْتُ مَالِكاً، يَقُوْلُ: مَا أَحدٌ مِمَّنْ تَعَلَّمْتُ مِنْهُ العِلْمَ إِلاَّ صَارَ إِليَّ حَتَّى سَأَلَنِي عَنِ أَمرِ دينِهِ.
71 - أَبُو عُمَرَ بنُ حَزْمٍ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدٍ الصَّدَفِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، المُؤَرِّخُ، أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ حَزْمِ بن يُوْنُسَ الصَّدَفِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، مُؤَلّفُ (التَّارِيْخِ الكَبِيْرِ فِي أَسمَاءِ الرِّجَالِ) فِي عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ.
كَانَ أَحدَ أَئِمَةِ الحَدِيْثِ، لَهُ عنَايَةٌ تَامَّةٌ بِالآثَارِ.
__________
(1) هو في صحيح ابن حبان (1824) ، وأخرجه الحاكم 1 / 33 من طرق، عن جرير بن حازم بهذا الإسناد، وصححه، ووافقه الذهبي ولفظ الحاكم " مؤامرا " بدل مواتيا.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 43 - 44، جذوة المقتبس: 125 - 126، فهرسة ابن خير: 227، بغة الملتمس: 181 - 182، معجم الأدباء: 3 / 50 - 52، الوافي بالوفيات: 6 / 389 - 390، نفح الطيب: 3 / 170، هدية العارفين: 1 / 63.(16/104)
سَمِعَ مِنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَسَعِيْد الأعنَاقِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ الزَّرادِ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي الوَلِيْدِ الأَعْرَجِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ.
وَارْتَحَلَ سنَةَ إِحْدَى عشرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ زَبَّانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ النَّفَّاحِ، وَعِدَّةٍ بِمِصْرَ، وَأَبا جَعْفَرٍ الدَّيبُلِيَّ، وَابنَ المُنْذِرِ بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الَّلبَّادِ، وَأَحْمَدَ بنَ نَصْرٍ بِالقَيْرَوَانَ، وَرجعَ إِلَى الأَنْدَلُسِ بعلمٍ جمٍّ.
أَخَذَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَلَمْ يَزَلْ يُحَدِّثُ إِلَى أَنْ مَاتَ فِي جُمَادَى الآخرَةِ سنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بقرطبَةَ.
فَأَمَّا سَمِيُّهُ: الوَزِيْرُ الإِمَامُ أَحْمَدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ حَزْمِ (1) بنِ غَالِبٍ الأُموِيُّ مَوْلاَهُم الأَنْدَلُسِيُّ، وَالدُ الفَقِيْهِ أَبِي مُحَمَّدِ بنِ حَزْمٍ، فَهُوَ أَصغرُ مِنْهُ.
كَانَ بَعْدَ العشرِ وَأَرْبَعِ مائَةٍ - رحمهُمَا الله -.
72 - ابْنُ مِقْسَمٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ يَعْقُوْبَ البَغْدَادِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُقْرِئُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ الحَسَنِ بنِ مِقْسَمٍ البَغْدَادِيُّ العَطَّارُ، شَيْخُ القُرَّاءِ.
__________
(1) ترجمته في: جذوة المقتبس: 126 - 127، بغية الملتمس: 182 - 183، العبر: 3 / 78، الوافي بالوفيات: 6 / 391، شذرات الذهب: 3 / 163.
(*) مجالس ثعلب: 1 / 3، الفهرست: 49 - 50، تاريخ بغداد: 2 / 206 - 208، نزهة الالباء: 288 - 290، المنتظم: 7 / 30 - 32، معجم الأدباء: 18 / 150 - 154، إنباه الرواة: 3 / 100 - 103، العبر: 2 / 301 ميزان الاعتدال: 3 / 519 طبقات القراء للذهبي: 1 / 246 - 249، تلخيص ابن مكتوم: 200 - 201، الوافي بالوفيات: 2 / 337 - 338، البداية والنهاية: 11 / 259 - 260، غاية النهاية: 2 / 123 - 125 النشر في القراءات العشر: 1 / 166 - 167، لسان الميزان: 5 / 130 - 131، بغية الوعاة: 1 / 89 - 90، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 127 - 129، شذرات الذهب: 3 / 16، هدية العارفين: 2 / 47 - 48.(16/105)
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ: أَبا مُسْلِمٍ الكَجِّيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيَّ، لقيَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ، وَجَعْفَراً الفِرْيَابِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُوْسَى بنَ إِسْحَاقَ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى المَرْوَزِيَّ، وَعِدَّةً.
وَتلاَ عَلَى: إِدْرِيْسٍ الحَدَّادِ صَاحبِ خلفٍ، وَعَلَى دَاوُدَ بنِ سُلَيْمَانَ، تِلْمِيْذِ نُصَيْرٍ، وَعَلَى أَبِي قَبِيْصَةَ حَاتمٍ المَوْصِلِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَأَخذَ العَرَبِيَّةَ عَنْ ثعلبٍ.
وَتصدَّرَ للإِقرَاءِ، فتَلاَ عَلَيْهِ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الطَّبرِيُّ، وَأَبُو الفَرَجِ النَّهرَاونِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ الحمامِيُّ، وَابنُ دَاوُدَ الرَّزَّازُ، وَالفرجُ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ رَزْقَوَيْه، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: ثِقَةٌ، مِنْ أَحفظِ النَّاسِ لنحوِ الكُوْفِيِّينَ، وَأَعرفهُم بِالقرَاءات.
صَنَّفَ فِي التَّفْسِيْرِ وَالمعَانِي.
قَالَ: وَطعنَ عَلَيْهِ بأَنْ عَمَدَ إِلَى حروفٍ تخَالفُ الإِجمَاعَ فَأَقرأَ بِهَا.
فَأَنكرَ عَلَيْهِ، وَاسْتتَابَهُ السُّلْطَانُ فِي (1) الدَّوْلَةِ بحضرَةِ الفُقَهَاءِ وَالقرَّاءِ، وَكتبُوا محضراً بتَوْبَتِهِ.
وَقِيْلَ: لَمْ يَنْزَعْ فِيمَا بَعْدُ، بَلْ كَانَ يُقرِئُ بِهَا.
قَالَ ابْنُ أَبِي هَاشِمٍ: نبغَ فِي عصرنَا مَنْ زَعَمَ أَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ لَهُ وَجهٌ فِي العَرَبِيَّةِ لحرفٍ يُوَافقُ خطَّ المُصْحَفِ فَقرَاءتُهُ جَائِزَةٌ فِي الصَّلاَةِ وَغيِرهَا (2) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الفَرَضيُّ: رَأَيْتُ ابنَ مِقْسَمٍ (3) كَأَنَّهُ يُصَلِّي مُسْتدبرَ القبلةِ.
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق، وهي مستفاد مما عند الخطيب: 2 / 206 - 207.
(2) " تاريخ بغداد " 2 / 207 وما بين حاصرتين منه.
(3) يعني: في المنام. انظر " تاريخ بغداد " 2 / 208.(16/106)
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي ربيعِ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَله من التَّصَانِيْفِ: كِتَابُ (الأَنوَارِ فِي علمِ القُرْآنِ) ، وَ (المدخلُ إِلَى علمِ الشّعرِ) ، وَ (كِتَابٌ فِي النَّحْوِ) كَبِيْرٌ، وَكِتَابُ (المَصَاحِفِ) ، وَكِتَابُ (الوَقْفِ وَالابتدَاءِ) ، وَ (كِتَابُ اختيَارِهِ فِي القرَاءاتِ) ، وَأَشيَاءَ.
- إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ* بنِ مَسَرَّةَ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ التُّجِيْبِيُّ * (مُكَرر 61)
الطُّلَيْطِلِيُّ، الزَّاهِدُ، أَحدُ الأَعلاَمِ بقُرطُبَةَ، كَانَ يَتَّجِرُ بِهَا فِي الكتَّانِ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالعملِ، وَمِمَّنْ لاَ تَأَخذُهُ فِي اللهِ ملاَمةٌ.
وَكَانَ فَقِيْهاً مشَاوراً، مُنْقَبِضاً عَنِ النَّاسِ مَهِيْباً.
وَكَانَ المستنصرُ بِاللهِ الحكمُ يَتَأَدَّبُ مَعَهُ، وَيحترمُهُ جِدّاً، وَقَدْ كتبَ إِلَيْهِ الحكمُ وَرقةً فِيْهَا: حفظَكَ اللهُ وَتَوَلاَّكَ، وَسَدَّدَكَ وَرعَاكَ، لمَا امتحنَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ سيِّدي أَبقَاهُ اللهُ للأَوْلِيَاءِ الَّذِيْنَ يَسْتَعدُّ بِهِم، مُتقدّماً فِي الولاَيَةِ، متَأَخراً عَنِ الصِّلَةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَنذرَكَ خصوصاً للمشَاركَةِ فِي السُّرُورِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، ثُمَّ أنْذرت مِنْ قِبَلِي، إِبلاغاً فِي التَّكرمةِ، فَكَانَ مِنْكَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ التخلُّفِ مَا ضَاقتْ عَلَيْكَ فِيْهِ المَعْذرَةَ، وَاسْتبلغَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي إِنكَارِهِ وَمعَاتبتِكَ، فَمَا الَّذِي أَوجبَ توقُّفَكَ عَنِ إِجَابَةِ دعوتِهِ لأعرفَهُ؟
فَأَجَابَ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ: سلاَمٌ عَلَى الأَمِيْرِ، سيِّدي وَرَحْمَةُ اللهِ، لَمْ يَكُنْ توقُّفي لنفسِي، إِنَّمَا كَانَ لأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَذكرَ كلمَاتٍ قَبِلَ بِهَا عُذرَهُ.
__________
(*) تقدمت ترجمته برقم (61) وقد أشار المؤلف هناك إلى أنه سيكرر ترجمته.(16/107)
وَمِنْ خوَاصِّ تلاَمذَتِهِ القَاسِمُ بنُ أَحْمَدَ المَعْرُوف بِابْنِ أَرفعَ رَأْسِهِ (1) .
وَقَدْ ذُكرَ فِي (تَاريخِ أَعِيَانِ الموَالِي بِالأَنْدَلُسِ) وَأَنَّهُ مَوْلَى بنِي هِلاَلٍ التُّجِيْبِيِّينَ، وَأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَحفظِ العُلَمَاءِ للمسَائِلِ.
وَلهُ ديوَانٌ شريفٌ سَمَّاهُ (كِتَابَ النصَائِحِ) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقبرُهُ يُزَارُ بِالأَنْدَلُسِ، وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ قَبْل ذَلِكَ.
أَمَا الزَّاهِدُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مسرَّةَ (2) الأَنْدَلُسِيُّ الَّذِي أَلَّفَ فِي التَّصوفِ، فَتُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
رُمِيَ بِالقدرِ.
73 - بُنْدَارُ بنُ الحُسَيْنِ الشِّيْرَازِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ *
القُدْوَةُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو الحُسَيْنِ، نزيلُ أَرَّجَانَ.
صحبَ الشِّبْلِيَّ، وَحَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ عبدِ الصَّمدِ الهَاشِمِيِّ بِحَدِيْثٍ وَاحدٍ.
__________
(1) هو أبو محمد، القاسم بن أحمد بن محمد بن عثمان بن عباس، المعروف بابن أرفع رأسه.
قال ابن الفرضي: هو من أهل طليطلة، سكن قرطبة، وتفقه عند أبي إبراهيم وصحبه واختص به. توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة " تاريخ علماء الأندلس " 1 / 371.
(2) ترجمته في " تاريخ علماء الأندلس " 2 / 39 - 40، و" جذوة المقتبس " 63، و" بغية الملتمس " 88.
(*) طبقات الصوفية: 467 - 470، حلية الأولياء 10 / 384 - 385، الرسالة القشيرية: 29 - تبيين كذب المفتري: ص 179 - 181، الوافي بالوفيات: 10 / 292 - 293، طبقات السبكي: 3 / 224 - 225، طبقات الأولياء: 120 - 121، النجوم الزاهرة: 3 / 338، طبقات الشعراني: 1 / 103، نتائج الافكار القدسية: 2 / 7.(16/108)
وَكَانَ ذَا أَمْوَالٍ فَأَنفقهَا وَتزهَّدَ، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بِالكَلاَمِ وَالنَّظَرِ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الوَاحِدِ بنَ مُحَمَّدٍ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ بُنْدَارَ بنَ الحُسَيْنِ، يَقُوْلُ: دَخَلتُ عَلَى الشِّبلِيِّ وَمعِي تجَارَةٌ بِأَرْبَعِيْنَ أَلفِ دِيْنَارٍ، فنظرَ فِي المرآةِ، فَقَالَ: المرآةَ تَقُولُ: إِنَّ ثَمَّ سبَباً.
قُلْتُ: صدقَتِ المرآةُ، فحملتُ إِلَيْهِ سِتَّ بِدَرٍ، ثُمَّ لزمتُهُ حَتَّى حملتُ إِلَيْهِ جمِيعَ مَالِي، فنظرَ مرَّةً فِي المرآةِ، ثُمَّ قَالَ: المرآةُ تَقُولُ: لَيْسَ ثَمَّ سَبَبٌ، قُلْتُ: صَدَقَتْ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ بُنْدَارُ عَالِماً بِالأُصولِ، وَلَهُ ردٌّ عَلَى ابْنِ خَفِيفٍ فِي مَسْأَلَةِ الإِغَانَةِ وَغيرهَا، وَمِمَّا قِيْلَ: إِنَّ بُنْدَاراً أَنشدَهُ:
نوَائِبُ الدَّهْرِ أَدَّبَتْنِي ... وَإِنَّمَا يُوعَظُ الأَدِيبُ
قَدْ ذُقْتُ حلُواً وَذُقْتُ مُرّاً ... كَذَاكَ عيشُ الفَتَى ضُروبُ
مَا مرَّ بُؤْسٌ وَلاَ نَعِيمٌ ... إِلاَّ وَلِي فِيْهِمَا نَصِيْبُ (1)
وَمِنْ كلاَمِهِ: لاَ تُخَاصِمْ لِنَفْسِكَ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لَكَ، دَعْهَا لِمَالِكِهَا يفعلُ بِهَا مَا يُرِيْدُ (2) .
وَقَالَ: صُحْبَةُ أَهْلِ البِدَعِ تُورثُ الإِعرَاضَ عَنِ الحَقِّ (3) .
قِيْلَ: تُوُفِّيَ بُنْدَار سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
فَأَمَّا:
74 - عَلِيُّ بنُ بُنْدَارَ بنِ الحُسَيْنِ الصُّوْفِيُّ العَابِدُ *
فمعَاصرٌ لصَاحبِ التَّرْجَمَةِ، وَمَا هُوَ بِابنٍ
__________
(1) الابيات في " طبقات الصوفية ": 470، وطبقات الأولياء: 121.
(2) " طبقات الصوفية " ص 468.
(3) " طبقات الصوفية " ص 469.
(*) طبقات الصوفية: 501 - 504، المنتظم: 7 / 52، طبقات الشعراني: 1 / 146.(16/109)
لَهُ، بل عليٌّ أَكبرُ، فَإِنَّهُ لقِيَ الجُنَيْدَ، وَسَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيَّ، وَأَبا خلِيفةَ، وَكَانَ يُعرفُ بِالصَّيْرَفِيِّ.
أَملَى مُدَّةً.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَوَثَّقَهُ.
غرقَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
75 - مَسْلَمَةُ بنُ القَاسِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ أَبُو القَاسِمِ القُرْطُبِيُّ *
المُحَدِّثُ، الرَّحَالُ، أَبُو القَاسِمِ الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ، وَأَحْمَدَ بنَ خَالِدٍ الجَبَّابَ، وَبالقَيْرَوَانِ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى التَّمَّارِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ فطيسٍ، وَبَأَطرَابلسَ مِنْ: صَالِحِ ابْنِ الحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيِّ، وَبمصرَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبَانَ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ، وَبِمَكَّةَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّيْبُلِيِّ، وَبِوَاسِطَ مِنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مبشرٍ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَادٍ، وَبِالبَصْرَةِ وَاليَمَنِ وَالشَّامِ، وَرجعَ إِلَى بلدِهِ بعلمٍ كَثِيْرٍ، وَلَمْ يَكُنْ بثقةٍ.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: سَمِعْتُ مَنْ ينسبُهُ إِلَى الكذبِ، وَقَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى بنِ مفرجٍ: لَمْ يَكُنْ كذَّاباً، بَلْ كَانَ ضَعِيْفَ العقلِ، قَالَ: وَحُفظَ عَلَيْهِ كَلاَمُ سَوءٍ فِي التَّشْبِيهِ.
وَقَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: أُرَاهُ كَانَ مِنْ أَبنَاءِ السِّتِّيْنَ.
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 128 - 130، ميزان الاعتدال: 4 / 112، لسان الميزان: 6 / 35 - 36.(16/110)
76 - أَبُو بِشْرٍ الأَسَدِيُّ عُمَرُ بنُ أَكْثَمَ بنِ أَحْمَدَ *
قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو بِشْرٍ عُمَرُ بنُ أَكْثَمَ بنِ أَحْمَدَ ابْنِ القَاضِي حَيَّانَ بنِ بِشْرٍ الأَسَدِيُّ الشَّافِعِيُّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَمْ يَلِ القَضَاءَ بِبَغْدَادَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قبلَهُ غَيْرُ القَاضِي أَبِي السَّائِبِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخمسينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ مِنْ بَيْتِ قَضَاءٍ وَعلمٍ.
مَاتَ وَهُوَ فِي عشرِ الثَّمَانِيْنَ، وَوَلِيَ القَضَاءَ بَعْدَهُ ابْنُ مَعْرُوفٍ.
77 - الزَّاهِيُ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ خَلَفٍ **
الشَّاعِرُ المُحسنُ، المُجَوِّدُ، أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ خَلَفٍ البَغْدَادِيُّ.
مَاتَ شَابّاً فِي جُمَادَى الآخرةِ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
مدحَ الوَزِيْرَ المُهَلَّبِيَّ، وَسيفَ الدَّوْلَةِ، وَهُوَ القَائِلُ (1) :
سَفَرْنَ بُدوراً وَانْتَقَبْنَ أَهِلَّةً ... وَمِسْنَ غُصوناً وَالتَفَتْنَ جَآذِرَا
وَأَطلعنَ فِي الأَجيَادِ بِالدُّرِّ أَنْجماً ... جُعِلْنَ لحبَّاتِ القلوبِ ضَرَائِرَا
78 - القَرَارِيْطيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ ***
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو إِسْحَاقَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 249 - 250، المنتظم: 7 / 17 - 18، طبقات السبكي: 3 / 470، طبقات الاسنوي: 1 / 78 - 79.
(* *) يتيمة الدهر: 1 / 233 - 235، تاريخ بغداد: 11 / 350، الأنساب: 6 / 231، المنتظم: 7 / 59، اللباب: 2 / 55 - 56، وفيات الأعيان: 3 / 371 - 373، البداية والنهاية: 11 / 272، النجوم الزاهرة: 4 / 63 - 64، هدية العارفين: 1 / 680.
(1) الأبيات في يتيمة الدهر: 1 / 233، و" الوفيات " 3 / 372.
(* * *) الكامل لابن الأثير: 8 / 249، 305، 375، 384، 397، 404، 406، 468 =(16/111)
الإِسكَافِيُّ الكَاتِبُ، المَعْرُوفُ بِالقَرَارِيْطيِّ.
كَاتبُ مُحَمَّدِ بنِ رَائِقٍ.
وَزَرَ للمُتَّقِي للهِ بَعْدَ الوَزِيْرِ ابْنِ البريديِّ، ثُمَّ عُزلَ بَعْدَ تسعَةٍ وَثَلاَثِيْنَ يَوْماً، وَغُرِّمَ مِائَتي أَلفِ دِيْنَارٍ وَزيَادَةً، ثُمَّ وَزَرَ بَعْدَ أَشهرٍ، وَقُبضَ عَلَيْهِ بَعْدَ ثمَانيَةِ أَشهرٍ، فنزحَ إِلَى الشَّامِ، وَكَتَبَ لصَاحبِهَا سَيْفِ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ فِي وِزَارَةِ المُهَلَّبِيِّ، فَأَكرمَهُ وَوَصَلَهُ.
رَوَى عَنِ: الأَخفشِ الصَّغِيْرِ وَغَيْرِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: المفيدُ، وَأَبُو الحَسَنِ الجَرَّاحِيُّ، وَكَانَ ظَلُوماً عَسُوَفاً.
عَاشَ ستّاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ فِي المحرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
79 - الطَّبَسِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلٍ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَةِ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلٍ الطَّبَسِيُّ، تِلْمِيْذُ الإِمَامِ أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ.
رَوَى عَنِ: ابنِ خُزَيْمَةَ، وَيَحْيَى بنِ صَاعدٍ، وَغيِرهِمَا.
وَلهُ تعليقةٌ عظيمَةٌ فِي المَذْهَبِ فِي نَحْوِ أَلفِ جُزءٍ.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَرَّخَ مَوْتَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
= وغيرها، دول الإسلام: 1 / 221 - 222، العبر: 2 / 309، الوافي بالوفيات: 2 / 41، شذرات الذهب: 3 / 26.
(*) اللباب: 2 / 274، 275، طبقات السبكي: 3 / 44.(16/112)
80 - ابْنُ عُتْبَةَ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ *
المُحَدِّثُ الصَّادِقُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ عُتْبَةَ الرَّازِيُّ ثُمَّ المِصْرِيُّ.
سَمِعَ: مِقْدَامَ بنَ دَاوُدَ الرُّعَيْنِيَّ، وَروحَ بنَ الفَرَجِ القَطَّانَ، وَيَحْيَى بنَ عُثْمَانَ، وَيَحْيَى بنَ أَيُّوْبَ العلاَّفِ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الغَنِيِّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَاسِ، وَشُعَيْبُ بنُ المِنْهَالِ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ نظيفٍ، وَآخَرُوْنَ.
مولدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ سنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِمِصْرَ فِي جمَادَى الآخرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
81 - اللُّكِّيُّ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ كَثِيْرٍ **
المُعَمَّرُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ كَثِيْرِ بنِ صدقَةَ بنِ الرَّيَّانِ المِصْرِيُّ اللُّكِّيُّ، نَزِيْلُ البَصْرَةِ.
حدَّثَ فِي سَنَةِ سبعٍ عَنْ: إِسْحَاقَ الدَّبَرِيِّ، وَالحَارِثِ التَّمِيْمِيِّ، وَالقَاضِي البرتِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَالكُدَيْمِيِّ، وَتَمْتَامٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ عَبْدُكَوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَغَيْرُهُم.
ضعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابنُ مَاكُولاَ.
وَله جُزءٌ سمِعنَاهُ، فِيْهِ مَا ينكرُ.
__________
(*) العبر: 2 / 307، النجوم الزاهرة: 4 / 20، شذرات الذهب: 3 / 22.
(* *) الإكمال لابن ماكولا: 4 / 112، العبر: 2 / 319 - 320، شذرات الذهب: 3 / 35.(16/113)
82 - وَالِدُ المُخَلِّصِ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ العَبَّاسِ البَغْدَادِيُّ *
ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَكَرِيَّا البَغْدَادِيُّ، الأَطْرُوْشُ، وَيُعْرَفُ: بِابْنِ الفَامِيِّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ سُنَيْنَ الخُتُّلِيَّ، وَأَبا شُعَيْبٍ الحَرَّانِيَّ، وَسَمِعَ: وَلَدَهُ أَبا طَاهرٍ المُخَلِّصُ كَثِيْراً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقَوَيْه، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الحمَامِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ حمديَّةَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ.
وَثَّقَهُ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
83 - المُتَّقِي للهِ **
مَاتَ: فِي السِّجنِ، فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سبعٍ وَخَمْسِيْنَ، وَبَقِيَ فِي السجنِ أَرْبَعاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
84 - ابْنُ الدَّاعِي مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ القَاسِمِ العَلَوِيُّ ***
الكَبِيْرُ، الرَّئيسُ، المعظَّمُ، الشَّرِيْفُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 295 - 296، المنتظم: 7 / 44، العبر: 2 / 309، مشتبه النسبة: 1 / 289، شذرات الذهب: 3 / 25 - 26.
(* *) هو أبو إسحاق، إبراهيم بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد بالله أحمد بن الموفق العباسي المخلوع، ترجمته في: أخبار الراضي والمتقي: 186 - 285، مروج الذهب: 4 / 339 - 354، تاريخ بغداد: 6 / 51 - 52، المنتظم: 7 / 43، المختصر في أخبار البشر: 2 / 109، العبر: 2 / 307 - 308، دول الإسلام: 1 / 221، فوات الوفيات: 1 / 17 - 18، الوافي بالوفيات: 5 / 341 - 342، نكت الهميان: 87، البداية والنهاية: 11 / 265، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 628، شذرات الذهب: 3 / 22 - 23.
(* * *) تجارب الأمم: 6 / 207 - 210 و216، الكامل لابن الأثير: 8 / 555.(16/114)
بنِ القَاسِمِ بنِ الحَسَنِ العَلَوِيُّ الدَّيْلَمِيُّ المولدِ.
وُلدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَحَجَّ فِي سَنَةِ بضعٍ وَثَلاَثِيْنَ.
بَرَعَ فِي الرَّأْيِ عَلَى الإِمَامِ أَبِي الحَسَنِ الكَرْخِيِّ، وَأَخذَ علمَ الكَلاَمِ عَنْ حُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ البَصْرِيِّ، وَأَفتَى وَدرَّسَ، وَوَلِي نقَابَةَ الطَّالبيِّينَ فِي دَوْلَةِ بنِي بُوَيْه، فَعَدَّلَ وَحُمِدَ، وَكَانَ معزُّ الدَّوْلَةِ يُبالغُ فِي تعظيمِهِ، وَتقبيلِ يدِهِ، لعبَادَتِهِ وَهَيْبَتِهِ، وَكَانَ فِيْهِ تشيُّعٌ بِلاَ غُلُوٍّ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ الأَزرقِ، قَالَ: كُنْتُ بحضرَةِ الإِمَام أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الدَّاعِيِّ، فَسَأَلَهُ أَبُو الحَسَنِ المُعْتَزلِيُّ عَمَّا يقولُهُ فِي طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، فَقَالَ: أَعتقدُ أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.
قَالَ: مَا الحجَّةُ؟
قَالَ: قَدْ رويت تَوْبَتهُمَا، وَالَّذِي هُوَ عُمدتِي أَنَّ اللهَ بشَّرَهُمَا بِالجَنَّةِ.
قَالَ: فَمَا تنكرُ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ - الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - قَالَ: إِنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمقَالَتُهُ: (فَلَو مَاتَا لكَانَا فِي الجَنَّةِ) ، فَلَمَّا أَحدثَا زَالَ ذَلِكَ.
قَالَ: هَذَا لاَ يلزمُ، وَذَلِكَ أَنَّ نقلَ المُسْلِمِينَ أَنَّ بِشَارَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبقتْ لَهُمَا، فَوجبَ أَنْ تكُونَ موَافَاتُهُمَا القِيَامَة علَى عملٍ يوجبُ لَهُمَا الجَنَّةَ، وَإِلاَّ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِشَارَةً، فدعَا لهُ المُعْتَزلِيُّ وَاسْتحسنَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَمحَالٌ أَنْ يُعتقدَ هَذَا فِيْهِمَا، وَلاَ يُعتقد مثلُهُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعمرَ، إِذ البشَارَةُ للعَشَرَةِ (1) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيُّ: رَأَيْتُ فِي مَجْلِسِ أَبِي عَبْدِ اللهِ، وَقَدْ جَاءهُ رَجُلٌ بفتوَى فِيْمَنْ حلفَ فَطَلَّقَ امرأَتَهُ ثَلاَثاً مَعاً، فَقَالَ لَهُ: تُرِيْدُ أَنْ أُفتيَكَ بِمَا
__________
(1) وذلك في الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد 1 / 187، وأبو داود (4648) و (4649) و (4650) ، والترمذي (3749) و (3758) من حديث سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " عشرة في الجنة: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعلي وعثمان والزبير وطلحة، وعبد الرحمن، وأبو عبيدة، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد في الجنة ".(16/115)
عِنْدِي وَعِنْدَ أَهْلِ البَيْتِ، أَوْ بِمَا يَحْكيهِ غيرُنَا عَنْ أَهْلِ البَيْتِ؟
فَقَالَ: أُريدُ الجمِيعَ، قَالَ: أَمَّا عِنْدِي وَعِنْدَهُمْ فَقَدْ بَانَتْ، وَلاَ تحلُّ لَكَ حَتَّى تنكحَ زوجاً غيرَكَ.
قَالَ التَّنُوْخِيُّ: وَلَمْ يَزَلْ أَبُو عَبْدِ اللهِ بِبَغْدَادَ، وَبَايَعَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى الإِمَامَةِ، فَلَمْ يقدرْ عَلَى الخُرُوجِ، فَلَمَّا كَانَ فِي سَنَةِ 353 سَارَ معزُّ الدَّوْلَةِ إِلَى المَوْصِلِ لِحَرْبِ ابْنِ حمدَانَ، فَوَجَدَ أَبُو عَبْدِ اللهِ فرصةً، فَرَكِبَ يَوْماً إِلَى عزِّ الدَّوْلَةِ، فَخوطبَ فِي مَجْلِسِهِ بِسببِ خلاَفٍ بَيْنَ شريفينِ خطَاباً ظَاهِراً اسْتَقصَاءً لفعلِهِ، فَتَأَلّمَ وَخَرَجَ مغضباً.
ثُمَّ أَصلحَ أَمرَهُ، وَرتَّبَ قَوْماً بخيلٍ خَارجَ بَغْدَادَ، وَأَظهرَ أَنَّهُ عليلٌ، وَحُجبَ عَنْهُ النَّاسُ، ثُمَّ تسحَّبَ خِفيَةً بَابنِهِ الكَبِيْرِ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ صوفٍ، وَفِي صَدْرِهِ مصحفٌ وَسَيْفٌ، فلحقَ بِهَوْسَمَ (1) مِنْ بلاَدِ الدَّيْلَمِ، فَأَطَاعَتْهُ الدَّيْلَمُ، وَكَانَ أَعجمِيَّ اللِّسَانِ، وَأُمُّهُ مِنْهُم وَتلقَّبَ بِالمَهْدِيِّ.
وَكَانَتْ أَعلاَمُهُ مِنْ حريرٍ أَبيضَ، فِيْهَا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ، وَأَذنَابُهَا خُضرٌ، فَأَقَامَ العدلَ وَتقشَّفَ، وَقنِعَ بِالقُوْتِ، وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لقوَّادِهِ: إِنَّا عَلَى مَا تَرَوْنَ، فمتَى غيَّرتُ أَوِ ادَّخرتُ دِرْهَماً، فَأَنْتُم فِي حلٍّ مِنْ بيعتِي.
وَكَانَ يعظُ وَيعلِّمُهُم، وَيحثُّ عَلَى الجِهَادِ، وَيكْتُبُ إِلَى الأَطرَافِ ليُبَايعُوهُ، وَكَاتَبَ رُكنَ الدَّوْلَةِ، وَمعزَّ الدَّوْلَةِ فِي ذَلِكَ، فَأَجَابَهُ رُكنُ الدَّوْلَةِ بِالإِمَامَةِ، وَاعْتَذَرَ مِنْ تركِ نُصرتِهِ، وَلَمْ يَتَلَقَّبْ بِإِمرَةِ المُؤْمِنِيْنَ، بَلْ بِالإِمَامِ المَهْدِيِّ.
قُلْتُ: كَانَ يمتنعُ مِنَ التَّرحُّمِ عَلَى مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَلاَ يَشْتِمُ الصَّحَابَةَ.
__________
(1) هو سم: ضبطها ياقوت بالفتح ثم السكون والسين المهملة وقال: " من نواحي بلاد الجبل، خلف طبرستان والديلم " انظر " معجم البلدان " 5 / 420.(16/116)
85 - ابْنُ السَّكَنِ سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ المِصْرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ الكَبِيْرُ، أَبُو عَلِيٍّ سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدِ بنِ السَّكَنِ المِصْرِيُّ البَزَّازُ، وَأَصلُهُ بغدَادِيٌّ.
نزلَ مِصْرَ بَعْدَ أَنْ أَكثرَ التَّرحَالَ مَا بَيْنَ النَّهرينِ: نهرَ جَيْحُونَ، وَنهرَ النِّيلِ، مولدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَابنِ أَبِي دَاوُدَ، وَطبقتِهمَا، وَبحرَّانَ مِنْ: الحَافِظِ أَبِي عَرُوْبَةَ، وَطَائِفَةٍ، وَبِدِمَشْقَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ عُمَيْرِ بنِ جَوْصَا، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيِّ، وَأَقرَانِهِمَا، وَبِخُرَاسَانَ (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفرَبْرِيِّ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ جَلَبَ الصَّحِيْحَ إِلَى مِصْرَ، وَحَدَّثَ بِهِ، وَقَدْ لحقَ بِمِصْرَ: مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ بَدْرٍ البَاهِلِيَّ، وَعَليَّ بنَ أَحْمَدَ علاَّنَ، وَأَبا جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيَّ.
وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ أَيْضاً مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ بَقَايَا أَصْحَابِ هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَسَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: أَبِي حَامِدِ بنِ الشَّرْقِيِّ، وَمكِّيّ بنِ عَبْدَانَ، وَأَعَانَهُ عَلَى سَعَةِ الرِّحلَةِ التَّكسُّبُ بِالتجَارَةِ.
جمعَ وَصَنَّفَ، وَجرَّحَ وَعَدَّلَ، وَصحَّحَ وَعلَّلَ.
وَلَمْ نَرَ توَالِيفَهُ، هِيَ عِنْدَ المغَاربةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ الأَزْدِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّقَّاقُ، وَعبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ النَّحَاسِ، وَعبدُ
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 937 - 938، دول الإسلام: 1 / 219، العبر: 2 / 297، النجوم الزاهرة: 3 / 338، طبقات الحفاظ: 378 - 379، حسن المحاضرة: 1 / 351 - 352، شذرات الذهب: 3 / 12، هدية العارفين: 1 / 389، الرسالة المستطرفة: 23، تهذيب ابن عساكر: 6 / 156.(16/117)
اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ القُرْطُبِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ بنُ عَوْنِ اللهِ، وَالقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مفرَّجٍ.
كَانَ ابْنُ حَزْمٍ يُثنِي عَلَى (صحيحِهِ) المُنتقَى، وَفِيْهِ غَرَائِبٌ.
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدِيْثُهُ يعزُّ وَقوعُهُ لَنَا، وَيعسُرُ إِلاَّ بنزولٍ.
كتبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بنُ سلاَمةٍ المُقْرِئُ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حمْدٍ، عَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ المَوْصِلِيِّ، أَنْبَأَنَا عبدُ الرَّحِيْمِ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ المَالِكِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عِيْسَى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي إِسْرَائِيْلَ.
حَدَّثَنَا حَاتِمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُسْلِمِ بنِ هرمزٍ، عَنْ سَعِيْدٍ وَمُحَمَّدٍ ابْني عُبيدٍ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِذَا جَاءكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِيْنَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ، إِنْ لاَ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيْضٌ (1)) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: أَبوْ حَاتمٍ هَذَا صحَابِيٌّ، مَا رَوَى شَيْئاً سِوَى هَذَا الحَدِيْثِ.
وَمِمَّنْ مَاتَ مَعَهُ فِي العَامِ مُسْنِدُ أَصْبَهَانَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ
__________
(1) وأخرجه الترمذي (1085) في النكاح: باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، من طريق محمد بن عمرو السواق البلخي، عن حاتم بن إسماعيل بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن غريب، وأبو حاتم المزني له صحبة، ولا يعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث.
قلت: تحسين الترمذي له بشاهده عن ابي هريرة لا بهذا السند، فان عبد الله بن مسلم بن هرمز ضعيف.
وحديث ابي هريرة أخرجه الترمذي (1084) ، وابن ماجه (1967) ، والحاكم 2 / 165 وفي سنده ضعيف.(16/118)
يُوْسُفَ بنِ أَفْرَجَه.
وَحَافظُ الوَقْتِ أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ المَذْكُورُ، وَمُقْرِئُ بَغْدَادَ أَبُو عِيْسَى بكَّارُ بنُ أَحْمَدَ، وَالمُسْنِدُ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ المُؤَدِّبُ، وَمُسْنِدُ العصرِ أَبُو الفَوَارِسِ شُجَاعُ بنُ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ الوَرَّاقُ فِي عشرِ المائَةِ.
وَمُسْنِدُ العجمِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ بُنْدَارَ المَدِيْنِيُّ شَيْخُ أَبِي نُعَيْمٍ، وَمُسْنِدُ دِمَشْقَ أَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ أَبِي العَقَبِ الهَمْدَانِيُّ، وَمحدِّثُ دِمَشْقَ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ شُعَيْبٍ الأَنْصَارِيُّ.
86 - الطَّبَرَانِيُّ أَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوْبَ *
هُوَ: الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ، الجَوَّالُ، مُحَدِّثُ الإِسلاَمِ، علمُ المعمَّرينَ، أَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ مُطَيّرٍ اللَّخْمِيُّ، الشَّامِيُّ، الطَّبَرَانِيُّ، صَاحبُ المَعَاجِمِ الثَّلاَثَةِ.
مَوْلِدُهُ: بِمدينَةِ عكَّا، فِي شَهْرِ صَفَرٍ، سنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ عَكَّاوِيَّةً.
وَأَوَّلُ سمَاعِهِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ، وَارْتَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ، وَحَرَصَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ كَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ، مِنْ أَصْحَابِ دُحَيْمٍ، فَأَوَّلُ ارتحَالِهِ كَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ، فَبقِي فِي الارتحَالِ وَلقِيِّ الرِّجَالِ ستَّةَ عشرَ عَاماً، وَكَتَبَ عَمَّنْ أَقبلَ وَأَدبرَ، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ وَعُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً،
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 335 - 336، طبقات الحنابلة: 2 / 49 - 51، الأنساب: 8 / 199 - 200، المنتظم: 7 / 54، معجم البلدان: 4 / 18 - 19، وفيات الأعيان: 2 / 407، تذكرة الحفاظ: 3 / 912 - 917، دول الإسلام: 1 / 223، ميزان الاعتدال: 2 / 195، العبر: 2 / 315 - 316، مرآة الجنان: 2 / 372، البداية والنهاية: 11 / 270، غاية النهاية في طبقات القراء: 1 / 311، لسان الميزان: 3 / 73 - 75، النجوم الزاهرة: 4 / 59 - 60، طبقات الحفاظ: 372 - 373، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 198 - 201، شذرات الذهب: 3 / 30، هدية العارفين: 1 / 396، الرسالة المستطرفة: 38، 135 - 136 وغيرها، تهذيب ابن عساكر: 6 / 242 - 244.(16/119)
وَازدحَمَ عَلَيْهِ المحدِّثُونَ، وَرحلُوا إِلَيْهِ مِنَ الأَقطَارِ.
لقيَ: أَصْحَابَ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَرَوحِ بنِ عُبَادَةَ، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَحجَّاجِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَلَمْ يَزَلْ يكتبُ حَتَّى كتبَ عَنْ أَقرَانِهِ.
سَمِعَ مِنْ: هَاشِمِ بنِ مَرْثَدٍ الطَّبَرَانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ الخَيَّاطِ، حَدَّثَهُ ببيتِ المَقْدِسِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ، عَنْ عَمْرِو بنِ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيْسِيِّ، وَسَمِعَ بطبريَّةَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ اللِّحيَانِيَّ صَاحبِ آدمَ، وَبقيسَارِيَّةَ مِنْ: عَمْرِو بن ثَوْرٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ صَاحبَي الفِرْيَابِيِّ، وَسَمِعَ مِنْ: نَحْوِ أَلفِ شَيْخٍ أَوْ يزيدُوْنَ.
وَرَوَى عَنْ: أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّبرِيِّ، وَإِدْرِيْسَ بنِ جَعْفَرٍ العَطَّارِ، وَبِشْرِ بنِ مُوْسَى، وَحَفْصِ بنِ عُمَرَ سنجَةَ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيِّ المجَاورِ، وَمِقدَامِ بنِ دَاوُدَ الرُّعَيْنِيِّ، وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ العلاَّفِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الحَوْطيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ فيلٍ البَالِسِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُسْرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نُبَيْطٍ الأَشجعِيِّ صَاحبِ تِلْكَ النّسخةِ الموضوعةِ، وَأَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الخشَّابِ، وَأَحْمَدَ بنِ دَاوُدَ البَصْرِيِّ ثُمَّ المكِّيّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ البتلهِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ خليدٍ الحَلَبِيِّ، لقيَهُ بِهَا فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمِنْ: أَحْمَدَ بنِ زِيَادٍ الرَّقِّيِّ الحَذَّاءِ صَاحبِ حجَّاجِ الأَعورِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سُوَيْدٍ الشّبامِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بزَّةَ الصَّنْعَانِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى البَوْسِيِّ أَصْحَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَبَكْرِ بنِ سَهْلٍ الدِّمياطيِّ، وَحَبُّوشِ بنِ رزقِ اللهِ المِصْرِيِّ، وَأَبِي الزِّنْبَاعِ رَوْحِ بنِ الفَرَجِ القَطَّانِ، وَالعَبَّاسِ بنِ الفَضْلِ الأَسفَاطيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ المَصِّيْصِيِّ، وَعبدِ الرَّحِيْمِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَرْقِيِّ، سَمِعَ مِنْهُ السِّيرَةَ لكنَّهُ وَهِمَ، وَسمَّاهُ أَحْمَدَ(16/120)
باسمِ أَخِيْهِ، وَعَلِيِّ بنِ عبدِ الصَّمدِ مَا غمَّه، وَأَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المِصْرِيِّ القَطَّانِ،
وَإِدْرِيْسَ بنِ عبدِ الكَرِيْمِ الحَدَّادِ، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيِّ القلاَنسِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ سَهْلٍ المُجَوِّزِ، وَزَكَرِيَّا بنِ حَمْدَوَيْه الصَّفَّارِ، وَعُثْمَانَ بنِ عُمَرَ الضَّبِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ التَّمَّارِ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ المُنْذِرِ القَزَّازِ صَاحبِ سَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ الضُّبَعِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الغَلاَبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الصَّائِغِ، وَأَبِي علاَثةَ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ خَالِدٍ الحَرَّانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَسَدِ بنِ يَزِيْدَ الأَصْبَهَانِيِّ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُعَاذٍ دُرَّانَ، وَأَبِي عبدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ رُمَاحِسَ، وَهَارُوْنَ بنِ ملُّولٍ.
وَسَمِعَ: بِالحَرَمَيْنِ، وَاليَمَنِ، وَمدَائِنَ الشَّامِ وَمِصْرَ، وَبغدَادَ، وَالكُوْفَةِ، وَالبَصْرَةِ، وَأَصْبَهَانَ، وَخوزستَانَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتوطنَ أَصْبَهَانَ، وَأَقَامَ بِهَا نَحْواً مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً ينشُرُ العِلْمَ وَيُؤَلِّفهُ، وَإِنَّمَا وَصلَ إِلَى العِرَاقِ بَعْدَ فرَاغِهِ مِنْ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالحِجَازِ وَاليَمَنِ، وَإِلاَّ فَلَو قصدَ العِرَاقَ أَوَّلاً لأَدركَ إِسْنَاداً عظيماً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، وَالحَافِظُ ابْنُ عُقْدَةَ وَهُمَا مِنْ شُيُوخِهِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الصحَّافُ، وَابنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ البسطَامِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الجَارُوْدِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكوَانِيُّ، وَأَحْمدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المَرْزُبانِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ فَاذَشَاهُ، وَأَبُو سَعْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ، وَمَعْمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زِيَادٍ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرِّبَاطِيُّ، وَالفَضْلُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ شهريَارَ، وَعبدُ الواحدِ بنُ أَحْمَدَ البَاطِرقَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدُكَوَيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ شمةَ، وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الميهنيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ، آخِرُهُم مَوْتاً أَبُو(16/121)
بكرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رِيذَةَ التَّاجِرُ، ثُمَّ عَاشَ بَعْدَهُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بكرٍ الذَّكوَانِيُّ يَرْوِي عَنِ الطَّبَرَانِيِّ بِالإِجَازَةِ، فَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثٍ وَأَرْبَعينَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَمَاتَ ابْنُ رِيذَةَ عَامَ أَرْبَعينَ.
وَمِنْ توَالِيفِهِ (المُعْجَمُ الصَّغِيْرُ) فِي مُجَلَّدٍ، عَنْ كُلِّ شَيْخٍ حَدِيْثٌ، وَ (المُعْجَمُ الكَبِيْرُ) وَهُوَ مُعْجَمُ أَسمَاءِ الصَّحَابةِ وَترَاجمِهِم وَمَا رَوَوْهُ، لَكنْ لَيْسَ فِيْهِ مُسْندُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلاَ اسْتوعبَ حَدِيْثَ الصَّحَابَةِ المُكثرينَ، فِي ثَمَانِ مُجَلَّدَاتٍ، وَ (المُعْجَمُ الأَوسطُ) عَلَى مشَايِخِهِ المُكثرينَ، وَغَرَائِبُ مَا عِنْدَهُ عَنْ كُلِّ وَاحدٍ، يَكُونُ خَمْسَ مجلدَاتٍ.
وَكَانَ الطَّبَرَانِيُّ - فِيمَا بلغنَا - يَقُوْلُ عَنِ (الأَوسطِ) :هَذَا الكِتَابُ رُوحي.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ: سَأَلَ أَبِي أَبا القَاسِمِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ كَثْرَةِ حَدِيْثِهِ، فَقَالَ: كُنْتُ أَنَامُ عَلَى البوَارِي (1) ، ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَدِمَ الطَّبَرَانِيُّ أَصْبَهَانَ سنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ، ثُمَّ قدمَهَا فَأَقَامَ بِهَا محدّثاً سِتِّيْنَ سَنَةً.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظُ: قَالَ أَبُو أَحْمَدَ العسَّالُ القَاضِي: إِذَا سَمِعْتُ مِنَ الطَّبَرَانِيِّ عِشْرِيْنَ أَلْفَ حَدِيْثٍ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ ثَلاَثِيْنَ أَلفاً، وَسَمِعَ مِنْهُ أَبُو الشَّيْخِ أَرْبَعينَ أَلفاً، كملنَا.
قُلْتُ: هَؤُلاَءِ كَانُوا شُيُوْخَ أَصْبَهَانَ مَعَ الطَّبَرَانِيِّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ بُنْدَارَ يَقُوْلُ: دَخَلتُ العَسْكَرَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فحضرتُ مَجْلِسَ عَبْدَانَ، وَخَرَجَ ليُمْلِي، فَجَعَلَ
__________
(1) البواري: جمع بارية، وهي الحصير المنسوج، انظر " المعرب " للجواليقي: ص 94.(16/122)
المُسْتَمْلِي يَقُوْلُ لَهُ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُملِي؟ فَيَقُوْلُ: حَتَّى يحضرَ الطَّبَرَانِيُّ.
قَالَ: فَأَقبلَ أَبُو القَاسِمِ بَعْدَ سَاعَةٍ متَّزِراً بِإِزَارٍ مُرتدياً بآخرَ، وَمَعَهُ أَجْزَاءٌ، وَقَدْ تبعَهُ نَحْو مِنْ عِشْرِيْنَ نَفْساً مِنَ الغرباءِ مِنْ بلدَانٍ شَتَّى حَتَّى يُفيدهُم الحَدِيْث.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه فِي (تَارِيْخِهِ) :لَمَّا قَدِمَ الطَّبَرَانِيُّ قَدْمَتَهُ الثَّانيةَ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ إِلَى أَصْبَهَانَ قبَّلَهُ أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رُسْتُمَ العَاملُ، وضمَّهُ إِلَيْهِ، وَأَنزلَهُ المدينَةَ، وَأَحسنَ معونَتَهُ، وَجَعَلَ لَهُ معلوماً مِنْ دَارِ الخَرَاجِ فَكَانَ يَقْبِضُهُ إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَقَدْ كنَّى وَلدَهُ مُحَمَّداً أَبا ذرٍّ، وَهِيَ كنيَةُ وَالدِهِ أَحْمَدَ.
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ: سَمِعْتُ مشَايخنَا مِمَّنْ يُعتمدُ عَلَيْهِم يَقُوْلُوْنَ: أَملَى أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ حَدِيْثَ عِكرمةَ فِي الرُّؤْيَةِ (1) ، فَأَنكرَ عَلَيْهِ ابْنُ طَباطبا العَلَوِيُّ، وَرمَاهُ بدَاوَةٍ كَانَتْ بَيْنَ يَديهِ، فَلَمَّا رَأَى الطَّبَرَانِيُّ ذَلِكَ وَاجَهَهُ بكلامٍ اختصرْتُهُ، وَقَالَ فِي أَثنَاءِ كلاَمِهِ: مَا تسكتُوْنَ وَتشتغلُوْنَ بِمَا أَنْتُم فِيْهِ حَتَّى لاَ يُذْكَرَ مَا جَرَى يَوْمَ الحَرَّةِ.
فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ ابْنُ طَباطبا، قَامَ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ وَنَدِمَ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: وَبلغنِي أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ كَانَ حَسَنَ المشَاهدَةِ، طيِّبَ المُحَاضَرَةِ، قرأَ عَلَيْهِ يَوْماً أَبُو طَاهِرٍ بنُ لُوقَا حَدِيْثَ: كَانَ يغسلُ حَصَى جِمَارِهِ (2) فصحَّفَهُ، وَقَالَ: خُصِي حمَارِهِ، فَقَالَ: مَا أَرَادَ بِذَلِكَ يَا أَبا طَاهرٍ.
قَالَ: التَّواضعَ، وَكَانَ هَذَا كَالمُغَفَّلِ.
قَالَ لَهُ الطَّبَرَانِيُّ يَوْماً: أَنْتَ وَلدِي، قَالَ:
__________
(1) أخرجه أحمد 1 / 285 و290 من طريقين عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيت ربي تبارك وتعالى " ورجاله ثقات، وذكره في " المجمع " 1 / 78، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وهو محمول على رؤيته في المنام وفي غير الاسراء كما هو مبين في " زاد المعاد " 3 / 37، 38 بتحقيقنا.
(2) لا أعلمه في المرفوع، وفي " مصنف ابن أبي شيبة " 4 / 27: حدثنا وكيع، عن زمعة، عن ابن طاووس، عن أبيه أنه كان يغسل حصى الجمار.(16/123)
وَإِيَّاكَ يَا أَبا القَاسِمِ، يَعْنِي: وَأَنْتَ.
قَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: وَوجدتُ عَنْ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الفَقِيْهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الطَّبَرَانِيَّ يَقُوْلُ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ رُسْتُمَ بنِ فَارِسَ، دَخَلتُ عَلَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ الكُتَّابِ، فصبَّ عَلَى رجلِهِ خَمْسَ مائَةِ دِرْهَمٍ، فَلَمَّا خَرَجَ الكَاتِبُ أَعطَانِيْهَا، فَلَمَّا دَخَلتْ بنتُهُ أُمُّ عدنَانَ، صبَّتْ عَلَى رجلِهِ خَمْسَ مائَةٍ، فَقُمْتُ، فَقَالَ: إِلَى أَينَ؟
قُلْتُ: قُمْتُ لِئَلاَّ يقولَ: جلَسْتُ لِهَذَا، فَقَالَ: ارفَعْ هَذِهِ أَيْضاً، فَلَمَّا كَانَ آخرُ أَمرِهِ، تَكَلَّمَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضيَ اللهُ عَنْهُمَا - بِبَعضِ الشَّيْءِ، فَخَرَجتُ وَلَمْ أَعُدْ إِلَيْهِ بَعْدُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ بنَ حمْدَانَ، وَأَبا الحَسَنِ المَدِيْنِيَّ، وَغيرَهُمَا، يَقُوْلُوْنَ: سمِعنَا الطَّبَرَانِيَّ يَقُوْلُ: هَذَا الكِتَابُ رُوحي، يَعْنِي (المُعْجَمَ الأَوسطَ) .
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ فَارِسَ اللُّغَوِيُّ: سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ ابنَ العَمِيْدِ يَقُوْلُ: مَا كُنْتُ أَظنُّ أَنَّ فِي الدُّنْيَا حَلاَوَةً أَلذَّ مِنَ الرِّئاسَةِ وَالوزَارَةِ الَّتِي أَنَا فِيْهَا، حَتَّى شَاهدتُ مذَاكرَةَ أَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ الجِعَابِيِّ بحضرتِي، فَكَانَ الطَّبَرَانِيُّ يغلِبُ أَبَا بَكْرٍ بكَثْرَةِ حِفْظِهِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يغلبُ بِفطنَتِهِ وَذكَائِهِ حَتَّى ارتفعتْ أَصواتُهُما، وَلاَ يكَادُ أَحدُهُمَا يغلبُ صَاحبَهُ، فَقَالَ الجِعَابِيُّ: عِنْدِي حَدِيْثٌ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا إِلاَّ عِنْدِي، فَقَالَ: هَاتِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ الجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ، وَحَدَّثَ بِحَدِيْثٍ، فَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوْبَ، وَمِنِّي سَمِعَهُ أَبُو خَلِيْفَةَ، فَاسمعْ مِنِّي حَتَّى يَعلُو فِيْهِ إِسنَادُكَ، فَخجلَ الجِعَابِيُّ، فَوَدِدْت أَنَّ الوزَارَةَ لَمْ تكنْ، وَكُنْتُ أَنَا الطَّبَرَانِيَّ، وَفرحتُ كفرحِهِ، أَوْ كَمَا قَالَ.(16/124)
أَنبؤونَا عَنْ أَبِي المكَارمِ اللَّبَّانِ، عَنْ غَانِمٍ البُرجِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الهَيْثَمِ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبا جَعْفَرٍ بنَ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: لقيتُ ابنَ عُقدَةَ بِالكُوْفَةِ، فسأَلته يَوْماً أَنْ يُعيدَ لِي فَوْتاً (1) ، فَامْتَنَعَ، فشدَّدتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مِنْ أَيِّ بلدٍ أَنْتَ؟
قُلْتُ: مِنْ أَصْبَهَانَ.
فَقَالَ: نَاصِبَةٌ يَنْصِبُوْنَ العدَاوَةَ لأَهلِ البَيْتِ.
فَقُلْتُ: لاَ تَقُلْ هَذَا فَإِنَّ فِيهِم متفقِّهَةً وَفضلاَءَ وَمتشيِّعَةً.
فَقَالَ: شيعَةُ مُعَاوِيَةَ؟
قُلْتُ: لاَ وَاللهِ، بَلْ شيعَةُ عَلِيٍّ، وَمَا فِيهِم أَحدٌ إِلاَّ وَعلِيٌّ أَعزُّ عَلَيْهِ مِنْ عينِهِ وَأَهلِهِ، فَأَعَادَ عَلَيَّ مَا فَاتَنِي، ثُمَّ قَالَ لِي: سَمِعْتَ مِنْ سُلَيْمَانَ بنِ أَحْمَدَ اللَّخمِيِّ؟
فَقُلْتُ: لاَ، لاَ أَعرفهُ.
فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللهِ!! أَبُو القَاسِمِ ببلدِكُم وَأَنْتَ لاَ تسمع مِنْهُ، وَتُؤذِينِي هَذَا الأَذَى، بالكُوْفَةِ مَا أَعرفُ لأَبِي القَاسِمِ نظيراً، قَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ، وَسَمِعَ مِنِّي، ثُمَّ قَالَ: أَسمعتَ (مُسْنَدَ) أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ؟
فَقُلْتُ: لاَ.
قَالَ: ضيَّعْتَ الحزمَ، لأَنَّ منبعَهُ مِنْ أَصْبَهَانَ.
وَقَالَ: أَتعرفُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ؟
قُلْتُ: نعم.
قَالَ: قلَّ مَا رَأَيْتُ مثلَهُ فِي الحِفْظِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ: أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ أَحدُ الحُفَّاظِ المذكورينَ، حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ عبدِ الرَّحِيْمِ البَرْقِيِّ، وَلَمْ يحتملْ سنُّهُ لُقِيَّهُ، تُوُفِّيَ أَحْمَدُ بِمِصْرَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: قَدْ مرَّ أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ وَهِمَ فِي اسْمِ شَيْخِهِ عبدِ الرَّحِيْمِ فَسَمَّاهُ أَحْمَدَ، وَاسْتمرَّ، وَقَد أَرَّخَ الحَافِظُ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ وَفَاةَ أَحْمَدَ بنِ البَرْقِيِّ هَكَذَا فِي مَوْضِعٍ، وَأَرَّخَهَا فِي مَوْضِعٍ آخرَ سنَةَ سَبْعِيْنَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْهَا، وَعَلَى الحَالين فَمَا لقيَهُ وَلاَ قَاربَ، وَإِنَّمَا وَهِمَ فِي الاسْمِ، وَحملَ عَنْهُ السِّيرَةَ النَّبويَةَ بسمَاعِهِ مِنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ هِشَامٍ السَّدُوْسِيِّ، وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ بنُ البَرْقِيِّ يَرْوِي عَنْ: عَمْرِو بنِ أَبِي سلمةَ
__________
(1) أي: ما فاته من مجلس سماع الحديث.(16/125)
التِّنِّيْسِيِّ وَالكِبَارِ الَّذِيْنَ لَمْ يُدْرِكْهُم أَخُوْهُ عبدُ الرَّحِيْمِ، ثُمَّ إِنَّنَا رأَينَا الطَّبَرَانِيَّ لَمْ يذكرْ عبدَ الرَّحِيْمِ باسمِهِ هَذَا فِي (مُعْجَمِهِ) ، بَلْ تمَادَى عَلَى الوَهْمِ، وَسمَّاهُ بِأَحْمَدَ فِي حرفِ الأَلِفِ، وَلهذينِ أَخٌ ثَالثٌ وَهُوَ مُحَمَّدُ بنُ البَرْقِيِّ الحَافِظُ، لَهُ مُؤلَّفٌ فِي الضُّعَفَاءِ، وَهُوَ أَسنُّ الثَّلاَثَةِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعينَ وَمائَتَيْنِ، وَمَاتَ عبدُ الرَّحِيْمِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ البَرْقِيِّ الَّذِي لقيَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَزلَّ فِي تسمِيَتِهِ بِأَحْمَدَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ سمِعنَا السِّيرَةَ مِنْ طريقِهِ، وَقَدْ سُئِلَ الحَافِظُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيْرَازِيُّ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ، فَقَالَ: كَتَبْتُ عَنْهُ ثَلاَثَ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ ثِقَةٌ، إِلاَّ أَنَّهُ كتبَ عَنْ شَيْخٍ بِمِصْرَ، وَكَانَا أَخوينِ، وَغلطَ فِي اسْمِهِ، يَعْنِي: ابْني البَرْقِيِّ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: وَجدتُ أَبَا علِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيَّ الحَافِظَ سَيِّءَ الرَّأْيِ فِي أَبِي القَاسِمِ اللَّخمِيِّ، فسأَلتُهُ عَنِ السَّبَبِ، فَقَالَ: اجتمعْنَا عَلَى بَابِ أَبِي خَلِيْفَةَ، فَذَكَرْتُ لَهُ طُرقَ حَدِيْثِ (أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعضَاءَ (1)) ، فَقُلْتُ لَهُ: يحفظُ شُعبَةُ عَنْ عَبْدِ الملكِ بنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاووسَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؟
قَالَ: بَلَى، رَوَاهُ غُنْدَرٌ، وَابنُ أَبِي عَدِيٍّ.
قُلْتُ: مَنْ عَنْهُمَا؟
قَالَ: حدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، عَنِ أَبيهِ، عَنْهُمَا، فَاتَّهمتُهُ إِذْ ذَاكَ، فَإِنَّهُ مَا حَدَّثَ بِهِ غَيْرُ عُثْمَانَ بنِ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ.
قُلْتُ: هَذَا تعنُّتٌ عَلَى حَافظٍ حجَّةٍ.
قَالَ الحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ: هَذَا وَهِمَ فِيْهِ الطَّبَرَانِيُّ فِي المذَاكرَةِ، فَأَمَّا فِي جمعِهِ حَدِيْثَ شُعبَةَ، فَلَمْ يَرْوِهِ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ عُثْمَانَ بنِ عُمَرَ،
__________
(1) أخرجه البخاري 2 / 245 و246 في صفة الصلاة: باب السجود على سبعة أعظم، وباب السجود على الانف، ومسلم (490) في الصلاة: باب أعضاء السجود من حديث ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أمرت أن أسجد على سبعة أعطم: على الجبهة (وأشار بيده على أنفه) ، واليدين، والرجلين، وأطراف القدمين ".(16/126)
وَلَوْ كَانَ كُلُّ مَنْ وَهِمَ فِي حَدِيْثٍ وَاحدٍ اتُّهِمَ لكَانَ هَذَا لاَ يسلمُ مِنْهُ أَحدٌ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه: دَخَلتُ بَغْدَادَ، وَتَطَلَّبْتُ حَدِيْثَ إِدْرِيْسَ بنِ جَعْفَرٍ العَطَّارِ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَرَوْحٍ، فلمْ أَجدْ إِلاَّ أَحَادِيثَ معدودَةً، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ، عَنِ إِدْرِيْسَ، عَنْ يَزِيْدَ كَثِيْراً.
قُلْتُ: هَذَا لاَ يدلُّ عَلَى شَيْءٍ، فَإِنَّ البغَاددَةَ كَاثرُوا عَنْ إِدْرِيْسَ لِلِيْنِهِ، وَظفرَ بِهِ الطَّبَرَانِيُّ فَاغتنمَ علوَّ إِسنَادِهِ، وَأَكثرَ عَنْهُ، وَاعتنَى بِأَمرِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ البَاطِرقَانِيُّ: دَخَلَ ابْنُ مَرْدَوَيْه بَيْتَ الطَّبَرَانِيِّ وَأَنَا مَعَهُ، وَذَلِكَ بَعْدَ وَفَاةِ ابنِهِ أَبِي ذَرٍّ لبيعِ كتبِ الطَّبَرَانِيِّ، فَرَأَى أَجزَاءَ الأَوَائِلِ بِهَا فَاغتمَّ لِذَلِكَ، وَسبَّ الطَّبَرَانِيَّ، وَكَانَ سَيِّءَ الرَّأْيِ فِيْهِ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحَافِظُ: كَانَ ابْنُ مَرْدَويه فِي قلبِهِ شَيْءٌ عَلَى الطَّبَرَانِيِّ، فتلفَّظَ بكلاَمٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو نُعَيْمٍ: كمْ كتبتَ يَا أَبَا بكرٍ عَنْهُ؟
فَأَشَارَ إِلَى حُزَمٍ، فَقَالَ: وَمَنْ رَأَيْتَ مثلَهُ؟
فَلَمْ يقلْ شَيْئاً.
قَالَ الحَافِظُ الضِّيَاءُ: ذكرَ ابْنُ مَرْدَوَيْه فِي (تَأْريخهِ) لأَصْبَهَانَ جَمَاعَةً، وضعَّفهُم، وَذَكَرَ الطَّبَرَانِيَّ فَلم يُضعِّفهُ، فَلَو كَانَ عِنْدَهُ ضَعِيْفاً لضعَّفَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ المُعَدَّلُ: الطَّبَرَانِيُّ أَشهرُ مِنْ أَنْ يدلَّ عَلَى فضلِهِ وَعلمِهِ، كَانَ وَاسِعَ العِلْمِ كَثِيْرَ التَّصَانِيْفِ، وَقِيْلَ: ذَهَبتْ عينَاهُ فِي آخرِ أَيَّامِهِ، فَكَانَ يَقُوْلُ: الزنَادقَةُ سحرتْنِي، فَقَالَ لَهُ يَوْماً حسنٌ العَطَّارُ - تلمِيذُهُ - يمتحنُ بصرَهُ: كمْ عددُ الجذوعِ الَّتِي فِي السَّقْفِ؟
فَقَالَ: لاَ أَدْرِي، لَكِنْ نقشُ خَاتمِي سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ.
قُلْتُ: هَذَا قَالَهُ عَلَى سَبِيْلِ الدُّعَابَةِ.
قَالَ: وَقَالَ لَهُ مرَّةً: مَنْ هَذَا الآتِي - يَعْنِي: ابنَهُ -؟
فَقَالَ أَبُو ذرٍّ، وَلَيْسَ بِالغِفَارِيِّ.(16/127)
وَلأَبِي القَاسِمِ مِنَ التَّصَانِيْفِ: كِتَابُ (السُّنَّةِ) مُجَلَّدٌ، كِتَابُ (الدُّعَاءِ) مُجَلَّدٌ، كِتَابُ (الطوالاَتِ) مجيليدٌ، كِتَابُ (مُسندِ شعبةَ) كَبِيْرٌ، (مُسْنَدُ سُفْيَانَ) ، كِتَابُ (مَسَانِيْدِ الشَّامِيِّينَ) ، كِتَابُ (التَّفْسِيْرِ) كَبِيْرٌ جِدّاً، كِتَابُ (الأَوَائِلِ) ، كِتَابُ (الرَّمْيِ) ، كِتَابُ (المنَاسِكِ) ، كِتَابُ (النَّوَادرِ) ، كِتَابُ (دلاَئِلِ النُّبُوَّةِ) مُجَلَّدٌ، كِتَابُ (عِشْرَةِ النِّسَاءِ) ، وَأَشيَاءُ سِوَى ذَلِكَ لمْ نقفْ عَلَيْهَا، مِنْهَا (مُسْنَدُ عَائِشَةَ) ، (مُسْندُ أَبِي هُرَيْرَةَ) ، (مُسْندُ أَبِي ذَرٍّ) ، (مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ) ، (العِلْمُ) ، (الرُّؤْيَةُ) ، (فضلُ العَربِ) ، (الجُودُ) ، (الفَرَائِضُ) ، (منَاقبُ أَحْمَدَ) ، (كِتَابُ الأَشربَةِ) ، (كِتَابُ الأَلويَةِ فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ) ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ سمَّاهَا عَلَى الولاَءِ الحَافِظُ يَحْيَى بنُ مَنْدَةَ.
وَأَكثرُهَا مَسَانِيْدُ حفَّاظٍ وَأَعِيَانٍ، وَلَمْ نَرَهَا.
وَلَمْ يَزَلْ حَدِيْثُ الطَّبَرَانِيِّ رَائِجاً، نَافقاً، مرغوباً فِيْهِ، وَلاَ سيَّمَا فِي زَمَانِ صَاحِبِهِ ابْنِ رِيذَةَ، فَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ خَلاَئِقُ، وَكَتَبَ السِّلَفِيُّ عَنْ نَحْوِ مائَةِ نَفْسٍ مِنْهُم وَمِنْ أَصْحَابِ ابْنِ فَاذشَاه، وَكَتَبَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ الهَمَذَانِيُّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ بقَايَاهُم.
وَازدحمَ الخلقُ عَلَى خَاتِمَتِهِم فَاطِمَةَ الجُوزدَانيَّةِ المَيْتَةِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَارْتَحَلَ ابْنُ خَلِيْلٍ وَالضِّيَاءُ، وَأَولاَدُ الحَافِظِ عَبْدِ الغَنِيِّ وَعِدَّةٌ مِنَ المُحَدِّثِيْنَ فِي طلبِ حَدِيْثِ الطَّبَرَانِيِّ، وَاسْتجَازُوا مِنْ بَقَايَا المَشْيَخَةِ لأَقَاربِهِم وَصغَارِهِم، وَجلبُوهُ إِلَى الشَّامِ، وَرووهُ، وَنشرُوهُ، ثُمَّ سَمِعَهُ بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ ابْنُ جعوَانَ، وَالحَارِثِيُّ، وَالمزِّيُّ، وَابنُ سَامَةَ، وَالبرزَالِيُّ، وَأَقرَانُهُم، وَرووهُ فِي هَذَا العصرِ، وَأَعْلَى مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ بِالاتصَالِ (مُعْجَمه الصَّغِيْر) ، فَلاَ تفوتُوهُ - رحمكُم اللهُ -.
وَقَدْ عَاشَ الطَّبَرَانِيُّ مائَةَ عَامٍ وَعشرَةَ أَشهرٍ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: تُوُفِّيَ الطَّبَرَانِيُّ لليلَتينِ بقيتَا مِنْ ذِي القَعْدَةِ سنَةَ(16/128)
سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بأَصْبَهَانَ، وَمَاتَ ابنُهُ أَبوْ ذرٍّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الملكِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَطَّارُ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ سَعِيْدِ بنِ فَاذشَاهَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي زيدٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا محمودُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فَاذشَاهَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكشِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنِ أَبيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مسيرَةٍ، وَمَعَهُ رَجُلٌ، إِذ لعنَ نَاقَتَهُ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَينَ اللاَّعِنُ نَاقَتَهُ) ؟
قَالَ: هَا أَنذَا.
قَالَ: (أَخِّرْهَا فَقَدْ أُجِبْتَ فِيْهَا (1)) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مِهْرَةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ المَازِنِيُّ، وَأَبُو خَلِيْفَةَ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بنِ بَذِيْمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنِ أَبيِهِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فِي أَقلَّ مِنْ ثَلاَثٍ فَهُوَ رَاجزٌ (2) .
__________
(1) سنده حسن، وأبو عاصم هو الضحاك بن مخلد.
وأخرجه أحمد في " المسند " 2 / 428 من طريق يحيى، عن ابن عجلان بهذا الإسناد، وذكره المنذري في " الترغيب والترهيب " 3 / 474 عن أحمد، وجود إسناده.
وفي الباب عن عمران بن حصين عند احمد (4 / 429 و431، ومسلم (2595) في البر والصلة، والدارمي 2 / 288، وأبي داود (2561) قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الانصار على ناقة، فضجرت، فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة " قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس، ما يعرض لها احد. وعن أبي برزة الاسلمي عند مسلم (2596) .
(2) رجاله ثقات إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، وأخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح =(16/129)
قَرَأْتُ عَلَى سُلَيْمَانَ بنِ قُدَامَةَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الواحدِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخبرتنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِيْذَةَ، أَخْبَرَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا عبدُ الحمِيدِ بنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبيِهِ، أَنَّ خَالِدَ بنَ الوَلِيْدِ فَقَدَ قَلَنْسوَةً لَهُ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ، فَقَالَ: اطلُبُوهَا، فَلَمْ يجدُوهَا، فَقَالَ: اطلُبُوهَا، فَوَجَدُوهَا، فَإِذَا هِيَ قَلَنْسُوَةٌ خَلَقةٌ، فَقَالَ خَالِدٌ:
اعتمرَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَلَقَ رَأْسَهُ، فَابْتدرَ النَّاسُ جَوَانبَ شعْرِهِ فَسَبَقْتُهُم إِلَى نَاصِيَتِهِ، فَجَعَلْتُهَا فِي هَذِهِ القَلَنْسوَةِ، فَلَمْ أَشْهَدْ قِتَالاً وَهِيَ مَعِي إِلاَّ رُزِقْتُ النَّصْرَ (1) .
وَمَاتَ فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ: الآجُرِّيُّ وَسيَأْتِي، وَالمُعَمَّرُ أَبُو عَلِيٍّ عِيْسَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الجُرَيجِيُّ الطومَارِيُّ عَنْ تسعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَإِمَامُ جَامعِ هَمَذَانَ أَبُو العَبَّاسِ الفَضْلُ بنُ الفَضْلِ الكِنْدِيُّ، وَمُسْنِدُ بَغْدَادَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الهَيْثَمِ الأَنْبَارِيُّ، وَالبُنْدَارُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ كِنَانَةَ المُؤَدِّبُ، وَالمُحَدِّثُ القُدْوَةُ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مطرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالوَزِيْرُ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ العَمِيْدِ صَاحبُ (الترسُّلِ الفَائِقِ) ، وَالمُعَمَّرُ أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ ذَكْوَانَ البَعْلَبَكِّيُّ المُقْرِئُ، وَشيخُ الزُّهَّادِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ الدَّقّيُّ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَالَّذِي تملَّكَ دِمَشْقَ أَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي يَعْلَى الهَاشِمِيُّ ثُمَّ أُسِرَ وَبُعِثَ إِلَى مِصْرَ.
__________
= فيما ذكره الحافظ في " الفتح " 9 / 83 عن ابن مسعود: اقرؤوا القران في سبع، ولا تقرؤوه في أقل من ثلاث.
(1) رجاله ثقات إلا أن جعفرا يبعد سماعه من خالد، وقد تقدم تخريج الخبر في الجزء الأول ص: 375 من هذا الكتاب في ترجمة خالد بن الوليد.(16/130)
87 - البَلْخِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ *
شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ البَلْخِيُّ، مَنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ، وَيُلَقَّبُ: بِأَبِي حَنِيْفَةَ الصَّغِيْرِ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَقِيْلٍ البَلْخِيِّ، وَتفقَّهَ بِأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ.
أَخذَ عَنْهُ أَئِمَّةٌ.
ويُعرفُ أَيْضاً بِالهِنْدوَانِيِّ مِنْ أَهْلِ محلَّةِ بَابِ هِنْدوَانَ (1) .
مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي عشرِ السَّبْعِيْنَ.
88 - ابْنُ هَانِي أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدٌ الأَزْدِيُّ المُهَلَّبِيُّ **
شَاعِرُ العصْرِ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ هَانِي الأَزْدِيُّ المُهَلَّبِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ، يُقَالُ: أَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ المهلَّبِ وَكَانَ أَبُوْهُ شَاعِراً أَيْضاً، وَيُكنَى مُحَمَّدٌ أَبا القَاسِمِ أَيْضاً.
__________
(*) اللباب: 3 / 393 - 394، العبر: 2 / 328، الوافي بالوفيات: 3 / 347، النجوم الزاهرة: 4 / 9، شذرات الذهب: 3 / 41، هدية العارفين: 2 / 47.
(1) قال صاحب " اللباب " الهندواني: نسبة إلى محلة ببلخ يقال لها: " باب هندوان " لأنها ينزل فيها الغلمان والجواري الذين يجلبون من الهند.
(* *) جذوة المقتبس: 96، بغية الملتمس: 140 - 141، معجم الأدباء: 19 / 92 - 105، المطرب من أشعار أهل المغرب: 192، التكملة لابن الابار: 1 / 103، وفيات الأعيان: 4 / 421 - 424، المختصر في أخبار البشر: 2 / 112، العبر: 2 / 328 - 329، البداية والنهاية: 11 / 274، الاحاطة في أخبار غرناطة: 2 / 288 - 293، الفلاكة والمفلوكون: 102، النجوم الزاهرة: 4 / 67 - 68، نفح الطيب: 1 / 293، 400 و3 / 164، 207، 407، 443، 453، 605، و4 / 40، 86، شذرات الذهب: 3 / 41 - 44، هدية العارفين: 2 / 47.(16/131)
مَوْلِدُهُ بِإِشْبِيْلِيَّةَ، وَكَانَ ذَا حُظوَةٍ عِنْدَ صَاحبِ إِشْبِيْلِيَّةَ.
وَنَظْمُهُ بَدِيْعٌ فِي الذُّروَةِ، وَكَانَ حَافِظاً لأَشعَارِ العَرَبِ وَأَيَّامِهَا، لكنَّهُ فَاسقٌ خِمِّيرٌ يُتَّهَمُ بدينِ الفلاسفَةِ، فَهَرَبَ لَمَّا همُّوا بِهِ إِلَى العُدْوَةِ، فَاتَّصلَ بِالمعزِّ العُبيديِّ، فَأَنعمَ عَلَيْهِ، وَشربَ عِنْدَ قَوْمٍ، فَخُنقَ فِي رَجَبٍ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عشرِ الخَمْسِيْنَ.
وَديوَانُهُ كَبِيْرٌ، وَفِيْهِ مدَائِحُ، تُفضِي بِهِ إِلَى الكُفْرِ (1) .
وَهُوَ مِنْ نُظَرَاءِ المتنبِّي، وَقِيْلَ: بَلْ عَاشَ ستاً وَثَلاَثِيْنَ سنَةً.
89 - الصُّوْنَاخِيُّ أَبُو الفَضْلِ صِدِّيْقُ بنُ سَعِيْدٍ التُّرْكِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الفَضْلِ صِدِّيْقُ بنُ سَعِيْدٍ التُّرْكِيُّ الصُّوْنَاخِيُّ، وَصُونَاخُ: قريَةٌ مِنْ عملِ إِسبيجَابَ.
قدمَ مِنْ بلاَدِهِ، فَأَخَذَ بِبُخَارَى عَنْ سَهْلِ بنِ شَاذَوَيْه، وَعَنْ حَامِدِ بنِ سَهْلٍ، وَصَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ الحَافِظِ، وَأَخذَ بِسَمَرْقَنْدَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيِّ الفَقِيْهِ تَصَانِيْفَهُ.
مَاتَ بِفِرْيَابَ سنَةَ نَيِّفٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، قَالَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي (الأَنسَابِ) .
90 - الفَرْغَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ **
الأَمِيْرُ، العَالِمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ خُذْيَانَ
__________
(1) من ذلك قوله - قبحه الله - في مدح المعز: ما شئت لا ما شاءت الاقدار * فاحكم فأنت الواحد القهار ومثل هذا كثير في ديوانه. وانظر " حسن المحاضرة ": 1 / 599.
(*) الأنساب: 8 / 112، اللباب: 2 / 251، ميزان الاعتدال: 2 / 314، لسان الميزان: 3 / 189.
(* *) تاريخ بغداد: 9 / 389، الإكمال لابن ماكولا: 2 / 402، تبصير المنتبه: 1 / 418، =(16/132)
التُّرْكِيُّ الفَرْغَانِيُّ، صَاحبُ (التَّارِيْخِ) المذيَّلِ عَلَى (تَاريخِ) مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ.
حدَّثَ بِدِمَشْقَ عَنِ ابْنِ جَرِيْرٍ، وَعَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَغيِرهِمَا.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الفَتْح بنُ مسرورٍ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ بنُ زَبْرٍ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَعَبْدُ الغنِيِّ، وَتَمَّامٌ الرَّازِيُّ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مسرورٍ.
قَالَ يَحْيَى بنُ الطَّحَّانِ: مَاتَ فِي جُمَادَى الأُولَى سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
91 - الجَابِرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ إِسْحَاقَ *
صَاحبُ (الجُزْءِ) المَشْهُوْرِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ عَلِيِّ بنِ جَابِرٍ الجَابِرِيُّ المَوْصِلِيُّ الَّذِي لقيَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ بِالبَصْرَةِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
مَا عَرَفتُ مِنْ حَالِهِ شَيْئاً.
تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي المُثَنَّى المَوْصِلِيِّ صَاحبِ جَعْفَرِ بنِ عَوْنٍ.
92 - الآجُرِّيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الحَرَمِ الشَّرِيْفِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ
__________
= وانظر " معجم المؤلفين " 6 / 22 - 23.
(*) اللباب: 1 / 247، العبر: 2 / 322، شذرات الذهب: 3 / 37.
(* *) الفهرست: 301 - 302، تاريخ بغداد: 2 / 243، طبقات الحنابلة: 332 - 333، =(16/133)
الحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ الآجُرِّيُّ، صَاحبُ التَّوَالِيفِ، مِنْهَا: كِتَابُ (الشَّريعَةِ فِي السُّنَّةِ) كَبِيْرٌ، وَكِتَابُ (الرُّؤْيَةِ) ، وَكِتَابُ (الغُرباءِ) ، وَكِتَابُ (الأَرْبَعينَ) ، وَكِتَابُ (الثَّمَانِيْنَ) ، وَكِتَابُ (آدَابِ العُلَمَاءِ) ، وَكِتَابُ (مَسْأَلَةِ الطَّائِفينَ) ، وَكِتَابُ (التَّهَجُّدِ) ، وَغَيْرُ ذَلِكَ (1) .
سَمِعَ: أَبا مُسْلِمٍ الكَجِّيَّ وَهُوَ أَكبرُ شَيْخٍ عِنْدَهُ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى المَرْوَزِيَّ، وَأَبا شُعَيْبٍ الحَرَّانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ يَحْيَى الحُلْوَانِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ عَلِيِّ بنِ عُلْوِيَّهُ القَطَّانَ، وَجَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيَّ، وَمُوْسَى بنَ هَارُوْنَ، وَخَلَفَ بنَ عَمْرٍو العُكْبَرِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ نَاجيَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ صَالِحٍ العُكْبَرِيَّ، وَجَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ الدِّمَشْقِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ العَبَّاسِ الطَّيَالِسِيَّ، وَحَامِدَ بنَ شُعَيْبٍ البَلْخِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ سَهْلٍ الأُشْنَانِيَّ المُقْرِئَ، وَأَحْمَدَ بنَ مُوْسَى بنِ زَنْجَوَيْه القَطَّانَ، وَعِيْسَى بنَ سُلَيْمَانَ وَرَّاقَ دَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَأَبَا علِيٍّ الحَسَنَ بنَ الحُبَابِ المُقْرِئَ، وَأَبا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَابنَ أَبِي دَاوُدَ، وَخلقاً سوَاهُم.
وَكَانَ صَدُوْقاً، خَيِّراً، عَابداً، صَاحبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ.
__________
= الأنساب: 1 / 94، فهرسة ابن خير: 285 - 286، المنتظم: 7 / 55، صفة الصفوة: 2 / 265، الكامل لابن الأثير: 8 / 617، وفيات الأعيان: 4 / 292 - 293، تذكرة الحفاظ: 3 / 936، العبر: 2 / 318، الوافي بالوفيات: 2 / 373 - 374، مرآة الجنان: 2 / 373، طبقات السبكي: 3 / 149، طبقات الاسنوي: 1 / 79، 80، البداية والنهاية: 11 / 270، العقد الثمين: 2 / 3، النجوم الزاهرة: 4 / 60، طبقات الحفاظ: 378، شذرات الذهب: 3 / 35، كشف الظنون: 1 / 37، هدية العارفين: 2 / 46 - 47، الرسالة المستطرفة: 42 - 43.
(1) من تآليف الآجري التي لم يذكرها المؤلف رحمه الله - كتاب " أخبار عمر بن عبد العزيز " وقد طبع حديثا عن أصل موجود في الظاهرية بدمشق، بتحقيق الدكتور عبد الله عبد الرحيم عسيلان.(16/134)
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ دَيِّناً ثِقَةً، لَهُ تَصَانِيْف.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ النَّحَاسِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَخُوْهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، وَالمقرَئُ أَبُو الحَسَنِ الحمَامِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَخَلْقٌ مِنَ الحجَّاجِ وَالمجَاورينَ.
مَاتَ بِمَكَّةَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَكَانَ مِنْ أَبنَاءِ الثَّمَانِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ وَرضي عَنْهُ -.
أَخبرتنَا سِتُّ الأَهلِ بِنْتُ علوَانَ سنَةَ سبعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَقِّ اليُوسُفِيُّ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ الأَسَدِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العلاَّفِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بنُ عَمْرٍو العُكْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ أَبيِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ: وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ، وَصَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسنَادِ عَلَى شرطِ مُسْلِمٍ (1) ، لاَ البُخَارِيّ.
__________
(1) وهو في " صحيحه " (1631) في الوصية: باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، من ثلاثة طرق، عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (1376) والنسائي 6 / 251 من طريق علي بن حجر، عن إسماعيل بن جعفر، عن العلاء به.
وأخرجه أبو داود (2880) من طريق الربيع بن سليمان، عن ابن وهب، عن سليمان بن بلال، عن العلاء.
وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (38) .
وأحمد 2 / 372، والبيهقي 6 / 278، والطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 95.
وفي الباب عن أبي قتادة عند ابن ماجة (241) وصححه ابن حبان (84) و (85) .(16/135)
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا زينُ الأُمنَاءِ أَبُو البَرَكَاتِ بنُ عَسَاكِر، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ عَلِيٍّ البَزَّازُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ اللَّيْثِ الجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ المُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا قَبِيْصَةُ بنُ اللَّيْثِ، عَنْ مُطَرِّفِ بنِ طَريفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الحَارِثِ:
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: نَهَى رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ صَوْتَهُ بِالقِرَاءةِ قَبْلَ العَتَمَةِ أَوْ بَعْدَهَا (1) .
غريبٌ مِنَ الأَفرَادِ.
93 - ابْنُ كَيْسَانَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الحَرْبِيُّ *
المُعَمَّرُ، الثِّقَةُ، النَّحْوِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ كَيْسَانَ الحَرْبِيُّ.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، وَإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ، وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَثَّقَهُ بَعْضُ الأَئِمَّةِ.
94 - القِرْمِيْسِيْنِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنٍ **
المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، الصَّالِحُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنٍ القِرْمِيْسِيْنِيُّ الجَوَّالُ الرَّحَّالُ.
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف الحارث، وهو الحارث بن عبد الله الاعور الهمداني.
(*) تاريخ بغداد: 7 / 422، المنتظم: 7 / 49 - 50، إنباه الرواة: 1 / 319، العبر: 2 / 311، تلخيص ابن مكتوم: 60 - 61، النجوم الزاهرة: 4 / 28، شذرات الذهب: 3 / 27، وسيكرر المؤلف - رحمه الله - ذكره في الصفحة (330) من هذا الجزء.
(* *) تاريخ بغداد: 6 / 14 - 16.(16/136)
سَمِعَ: الكُدَيْمِيَّ، وَبِشْرَ بنَ مُوْسَى، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ القَاسِمِ الرَّوَّاسَ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الحَسَنِ بنِ المُنْذِرِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ الحمَامِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ بِالمَوْصِلِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً صَالِحاً.
95 - ابْنُ العَمِيْدِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ، وَزِيْرُ الملكِ رُكنِ الدَّوْلَةِ الحَسَنِ بنِ بُوَيْه الدَّيْلَمِيِّ.
كَانَ عجباً فِي التَّرسُّلِ وَالإِنشَاءِ وَالبلاغَةِ، يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ، وَيُقَالُ لَهُ: الجَاحظُ الثَّانِي.
وَقِيْلَ: بُدِئَتِ الكتَابَةُ بِعَبْدِ الحَمِيْدِ، وَخُتِمتْ بِابْنِ العَمِيْدِ.
وَقَدْ مدحَهُ المتنبِّي (1) ، فَأَجَازَهُ بثَلاَثَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
وَكَانَ مَعَ سَعَةِ فنونِهِ لاَ يَدْرِي مَا الشَّرع، وَكَانَ متفلسفاً، متَّهَماً بِمَذْهَبِ الأَوَائِلِ.
__________
(*) الامتاع والمؤانسة: 1 / 66، تجارب الأمم: 6 / 274 - 282، يتيمة الدهر: 3 / 154 - 188، وفيات الأعيان: 5 / 103 - 113، العبر: 2 / 317 - 318، الوافي بالوفيات: 2 / 381 - 383، النجوم الزاهرة: 4 / 60 - 61، معاهد التنصيص: 2 / 115، شذرات الذهب: 3 / 31 - 34، هدية العارفين: 2 / 46، طبقات أعلام الشيعة للطهماني: 269، أمراء البيان: 500 - 522.
(1) انظر مقدمة " شرح ديوان المتنبي " للبرقوقي: 1 / 61 - 63.(16/137)
وَكَانَ إِذَا تَكَلَّمَ فقِيْهٌ بحضرتِهِ شقَّ عَلَيْهِ وَيَسكُتُ، ثُمَّ يَأْخذُ فِي شَيْءٍ آخَرٍ.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّادٍ يصحبُهُ وَيلزَمُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لُقِّبَ بِالصَّاحبِ.
مَاتَ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَوَزَرَ بَعْدَهُ ابنُهُ أَبُو الفَتْحِ عَلِيٌّ (1) ، وَعمرُهُ اثنتَانِ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَكَانَ ذكيّاً، غزيرَ الأَدَبِ، تيَّاهاً، وَلُقِّبَ ذَا الكفَايتينِ، وَلَهُ نَظْمٌ رَائِقٌ، ثُمَّ عُذِّبَ وَقُتِلَ فِي ربيعٍ الآخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بَعْدَ أَنْ سَمَلَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ عينَهُ الوَاحِدَةَ، وَقطعَ أَنفَهُ، وَلَهُ نَظْمٌ جَيِّدٌ.
96 - الدُّقِّيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ الدِّيْنَوَرِيُّ *
شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ وَالزُّهَّادِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ الدِّيْنَوَرِيُّ الدُّقِّيُّ، شَيْخُ الشَّامِيِّينَ.
قرأَ القرَآنَ عَلَى: أَبِي بَكْرٍ بنِ مُجَاهدٍ، وَحَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الخرَائِطيِّ، وَحكَى عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الجُرَيْرِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ الجلاَّءِ، وَأَبِي بَكْرٍ الدَّقَّاقِ.
حكَى عَنْهُ: عَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ، وَبُكَيْرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو
__________
(1) هو علي بن محمد بن الحسين، أبو الفتح بن العميد، ترجمته في " معجم الأدباء " 14 / 191 - 240، و" نكت الهميان " 215، و" يتيمة الدهر " 3 / 25، وذو الكفايتين: لقب خلعه عليه الطائع لله، ويعني: السيف والقلم.
(*) طبقات الصوفية: 448 - 450، تاريخ بغداد: 5 / 266 - 267، الرسالة القشيرية: 28، الأنساب: 5 / 327 - 328، المنتظم: 7 / 56، اللباب: 1 / 505، المختصر في اخبار البشر: 2 / 111، الوافي بالوفيات: 3 / 63، البداية والنهاية: 11 / 271، طبقات الأولياء: 306 - 310، طبقات الشعراني: 1 / 140، نتائج الافكار القدسية: 2 / 3.(16/138)
الحَسَنِ بنُ جَهْضَمَ، وَعَبدَانُ المنبجِيُّ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ بَكْرٍ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: عُمِّرَ فَوْقَ مائَةِ سَنَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَجلِّ مشَايخِ وَقْتِهِ، وَأَحسَنِهِم حَالاً (1) .
قَالَ أَبُو نَصْرٍ السَّرَّاجُ: حَكَى أَبُو بَكْرٍ الدُّقِّيُّ، قَالَ: كُنْتُ بِالبَادِيَةِ، فَوَافيتُ قَبيلَةً، فَأَضَافَنِي رَجُلٌ، فرَأَيتُ غُلاَماً أَسْوَدَ مقيَّداً، وَرَأَيْتُ جمَالاً سِتَّةً، فَقَالَ الغُلاَمُ: اشفَعْ لِي.
قُلْتُ: لاَ آكُلُ حَتَّى تحلَّهُ.
قَالَ: إِنَّهُ أَفقرنِي.
قُلْتُ: مَا فعلَ؟
قَالَ: لَهُ صوتٌ طيِّبٌ، فَحَدَا لهذهِ الجمَالِ وَهِيَ مثقلةٌ، حَتَّى قطعتْ مسيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي يَوْمٍ، فَلَمَّا حطَّ عَنْهَا مَاتَتْ كُلُّهَا، وَلَكِن قَدْ وَهبتُهُ لَكَ، فَلَمَّا أَصبحتُ أَحببتُ أَنْ أَسمَعَ صوتَهُ، فسأَلتُهُ، وَكَانَ هُنَاكَ جملٌ يُسْتَقَى عَلَيْهِ، فَحَدَا، فَهَامَ الجملُ عَلَى وَجهِهِ، وَقطعَ حبالَهُ، وَلَمْ أَظنَّ أَنِّي سَمِعْتُ أَطيبَ مِنْ صَوْتِهِ، وَوقعتُ لوَجْهِي.
مَاتَ الدُّقِّيُّ فِي سَابعِ جُمَادَى الأُولَى سنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
97 - ابْنُ أَبِي يَعْلَى أَبُو القَاسِمِ الهَاشِمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ *
الشَّرِيْفُ، المعظَّمُ، أَبُو القَاسِمِ (2) ابْنُ أَبِي يَعْلَى الهَاشِمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ.
ثَارَ بِدِمَشْقَ، وَالتفَّ عَلَيْهِ الأَحدَاثُ وَالشُّطَّارُ، وَتملَّكَ بِدِمَشْقَ، وَقطعَ دَعْوَةَ المعزِّ، وَدَعَا إِلَى الخَلِيْفَةِ المُطِيعِ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، اسْتفحلَ أَمرُهُ، فَأَقبلَ جَيْشُ المعزِّ، فَالتَقَوا، فَهَرَبَ الشَّرِيْفُ، وَطلبَ العِرَاقَ، فَأَسرَهُ عِنْدَ تَدْمُر الأَمِيْرُ ابْنُ عليانَ العَدَوِيُّ،
__________
(1) " طبقات الصوفية " 448 وما بين حاصرتين منه.
(*) الكامل لابن الأثير: 8 / 591 - 592، العبر: 2 / 319، شذرات الذهب: 3 / 35.
(2) وجد الرقم فقط والغالب ان التعليق الساقط هو اسم المترجم فوضعناه.(16/139)
فَأَعَطَاهُ جعفرُ بنُ فلاَحٍ المُعزِّي مائَةَ أَلْفٍ، وَشُهرَ الشَّرِيْفُ عَلَى جملٍ فِي هيئَةٍ مسخرَةٍ، ثُمَّ لانَ لَهُ، وَعنَّفَ مَنْ أَسَرَهُ.
وَكَانَ الخلقُ يدعُونَ لَهُ، فَبُعِثَ إِلَى المعزِّ، وَاخْتَفَى خبرُهُ.
98 - الفَرَائِضيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَابِرٍ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَابِرِ بنِ أَبِي الزّمْزَامِ الدِّمَشْقِيُّ الفَرَائِضيُّ الشَّاهدُ.
سَمِعَ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ الرَّوَّاسِ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الصَّمدِ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُعَافَا الصَّيْدَاوِيَّ، وَطَبَقَتَهُم، فَأَكثرَ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ المُزَنِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ بُشرَى، وَمكِّيّ بنُ الغَمْرِ، وَمكِّيّ بنُ مُحَمَّدٍ المُؤَدِّبُ، وثُرَيَّا بنُ أَحْمَدَ الأَلْهَانِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الكتَّانِيُّ، وَقَالَ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
99 - فَارُوْقُ بنُ عَبْدِ الكَبِيْرِ بنِ عُمَرَ أَبُو حَفْصٍ الخَطَّابِيُّ **
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ البَصْرَةِ، أَبُو حَفْصٍ الخطَّابِيُّ، البَصْرِيُّ.
سَمِعَ: هِشَامَ بنَ عَلِيٍّ السِّيرَافيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَبِي قُرَيْشٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى بنِ المُنْذِرِ القَزَّازِ، وَأَبا مُسْلِمٍ الكَجِّيَّ، وَطَائِفَةً.
وَتَفَرَّدَ فِي وَقتِهِ، وَرُحِلَ إِلَيْهِ.
__________
(*) تهذيب ابن عساكر: 4 / 290 وسيكرر المؤلف ترجمته في الصفحة (305) من هذا الجزء.
(* *) العبر: 2 / 357، شذرات الذهب: 3 / 74.(16/140)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكوَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّقرِ البَغْدَادِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدُكَوَيْه، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَآخرُوْنَ.
وَمَا بِهِ بأْسٌ.
بَقِيَ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَ
100 - النَّقَوِيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ الصَّنْعَانِيُّ *
عَاشَ أَيْضاً إِلَى هَذَا الوَقْتِ.
وَهُوَ: المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ الصَّنْعَانِيُّ، صَاحبُ إِسْحَاقَ الدَّبَرِيِّ، أَكثرَ عَنْهُ.
وَسَمِعَ: (جَامعَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ) .
حَدَّثَ عَنْهُ بِمَكَّةَ بَعْدَ العِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الصَّنْعَانِيُّ.
وَقِيْلَ: عَاشَ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ.
101 - البَرْبَهَارِيُّ أَبُو بَحْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ كَوْثَرٍ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، الرَّحلَةُ، أَبُو بَحْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ كَوْثَرٍ البَرْبَهَارِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
__________
(*) اللباب: 3 / 323، العبر: 2 / 358، مشتبه النسبة: 2 / 648، تبصير المنتبه: 4 / 1444، شذرات الذهب: 3 / 75.
(* *) تاريخ بغداد: 2 / 209 - 211، الأنساب: 2 / 125 - 127، المنتظم: 7 / 63 - 64، اللباب: 1 / 133، العبر: 2 / 327 - 328، ميزان الاعتدال: 3 / 519، الوافي بالوفيات: 2 / 338، البداية والنهاية: 11 / 275، لسان الميزان: 5 / 131 - 132، شذرات الذهب: 3 / 41.(16/141)
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الفَرَجِ الأَزْرَقَ، وَإِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، وَمُحَمَّدَ بنَ غَالِبِ تمتَاماً، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ البَاغَنْدِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ الفَضْلِ، وَجَمَاعَةً.
وَانتخبَ عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ جُزْئَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ رَزْقَوَيْه، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنُ شَاهِيْنٍ وَطَائِفَةً.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ يَقُوْلُ لَنَا الدَّارَقُطْنِيُّ: اقتَصِرُوا مِنْ حَدِيْثِ أَبِي بَحْرٍ عَلَى مَا انتخبتُهُ حسْب.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: فِيْهِ نظرٌ.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: حضَرتُ عِنْدَ أَبِي بَحْرٍ، فَقَالَ لَنَا ابْنُ السَّرَخْسِيِّ: سأُرِيكُم أَنَّ الشَّيْخَ كَذَّابٌ، فَقَالَ لَهُ: فُلاَنُ بنُ فُلاَنٍ ينزلُ المَكَانَ الفُلاَنِيَّ، أَسمعتَ مِنْهُ؟
فَقَالَ: نَعَمْ.
قَالَ البَرْقَانِيُّ: وَلَمْ يَكُنْ لذَاكَ وَجودٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: تُوُفِّيَ لأَرْبَعٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الأُولَى سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، قَالَ: وَكَانَ مخلِّطاً وَلَهُ أُصولٌ جيَادٌ، وَلَهُ شَيْءٌ رديءٌ.
قُلْتُ: الجزءانِ يَرْوِيهِمَا ابْنُ خَلِيْلٍ وَاليلْدَانِيُّ بِعُلُوٍّ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَفِيْهَا مَاتَ: مُفْتِي البَصْرَةِ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ بِشْرٍ المَرْورُّوْذِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ المزكِّي، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مِيْكَال، وَسَعِيْدُ بنُ(16/142)
القَاسِمِ البَرْذَعِيُّ المرَابطُ، وَعَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ بنِ السَّقَطِيِّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فضَالَةَ، وَفقيهُ بَلْخٍ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الهِنْدُوانِيُّ الحَنَفِيُّ، وَشَاعِرُ الأَنْدَلُسِ مُحَمَّدُ بنُ هَانِي الأَزْدِيُّ الفَاسقُ.
102 - غُلاَمُ الخَلاَّلِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحنَابلَةِ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ يزْدَادَ البَغْدَادِيُّ الفَقِيْهُ، تِلْمِيْذُ أَبِي بَكْرٍ الخَلاَّلِ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: فِي صِباهُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُوْسَى بنِ هَارُوْنَ، وَالفَضْلِ بنِ الحُبَابِ الجُمَحِيِّ وَجَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجعدِ الوشَّاءِ، وَالحُسَيْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ الخِرَقِيِّ الفَقِيْهِ، وَجَمَاعَةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ الجُنَيْدِ الخُطَبِيُّ، وَبشرَى بنُ عَبْدِ اللهِ الفَاتنِيُّ، وَغيرُهُمَا.
وَرَوَى عَنْهُ: بِالإِجَازَةِ أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمكِيُّ.
وَتفقَّهَ بِهِ: ابْنُ بطَّةَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ شَاقلاَ، وَأَبُو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ التَّمِيْمِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ البَرْمكِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ حَامِدٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 459 - 460، طبقات الشيرازي: 172، طبقات الحنابلة: 2 / 119 - 127، المنتظم: 7 / 71 - 72، العبر: 2 / 330، دول الإسلام: 1 / 224، البداية والنهاية: 11 / 278، النجوم الزاهرة: 4 / 105 - 106، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 306 - 308، شذرات الذهب: 3 / 45 - 46، هدية العارفين: 1 / 577.(16/143)
وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ، مِنْ بحورِ العِلْمِ، لَهُ البَاعُ الأَطولُ فِي الفِقْهِ.
وَمَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِهِ (الشَّافِي) عرفَ محلَّهُ مِنَ العِلْمِ لَوْلاَ مَا بشَّعَهُ بغض بَعْضِ الأَئِمَّةِ، مَعَ أَنَّهُ ثِقَةٌ فِيمَا ينقُلُهُ.
قَالَ أَبُو حَفْصٍ البَرْمكِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: سَمِعَ مِنِّي شيخُنَا أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ نَحْواً مِنْ عِشْرِيْنَ مسأَلةٍ، وَأَثبتَهَا فِي كُتُبِهِ.
قَالَ القَاضِي أَبُو يَعْلَى: كَانَ لأَبِي بكرٍ عَبْدِ العَزِيْزِ مصنَّفَاتٌ حسَنَةٌ مِنْهَا: كِتَابُ (المقنعِ) وَهُوَ نَحْوُ مائَةِ جزءٍ، وَكِتَابُ (الشَّافِي) نَحْوَ ثَمَانِيْنَ جزءاً، وَكِتَابُ (زَادِ المُسَافِرِ) ، وَكتَابُ (الخلاَفِ مَعَ الشَّافِعِيِّ) ، وَكِتَابُ (مختصرِ السُّنَّةِ) ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي مرضِهِ: أَنَا عِنْدَكُم إِلَى يَوْمِ الجُمُعَةِ، فَمَاتَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيُذكَرُ عَنْهُ عبَادَةٌ، وَتَأَلُّهٌ، وَزُهدٌ، وَقُنوعٌ.
وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى أَنَّهُ كَانَ معظَّماً فِي النُّفُوْسِ، متقدِّماً عِنْدَ الدَّوْلَةِ، بارعاً فِي مَذْهَب الإِمَامِ أَحْمَدَ.
قُلْتُ: مَا جَاءَ بَعْدَ أَصْحَابِ أَحْمَدَ مِثْلُ الخَلاَّلِ، وَلاَ جَاءَ بَعْدَ الخَلاَّلِ مِثْلُ عَبْدِ العَزِيْزِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَبا القَاسِمِ الخِرَقِيِّ.
قَالَ ابْنُ الفَرَّاءِ: تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانٍ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً، فِي سنِّ شَيْخِهِ الخَلاَّلِ، وَسنِّ شَيْخِ شَيْخِهِ أَبِي بَكْرٍ المَرْوَذِيِّ، وَسنِّ شَيْخِ المَرْوَذِيِّ الإِمَامِ أَحْمَدَ.
وَفِيْهَا مَاتَ: جُمَحُ بنُ القَاسِمِ المُؤَذِّنُ بِدِمَشْقَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرَّمْلِيِّ ابْنِ النَّابلسِيِّ الشَّهِيْدِ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الآبرِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى السِّمْسَارُ، وَمظفّرُ(16/144)
بنُ حَاجبٍ الفَرْغَانِيُّ بِدِمَشْقَ، وَأَبُو حَنِيْفَةَ النُّعْمَانُ بنُ مُحَمَّدٍ قَاضِي العُبَيْدِيَّةِ، صَنَّفَ كَثِيْراً فِي الزَّندقَةِ، وَنِحلَةِ البَاطنيَّةِ.
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ البَالِسِيُّ وَغَيْرُهُ إِذْناً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الجُنَيْدِ الخُطَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ طيفورٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيِّ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) .
103 - الشِّمْشَاطِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ *
الخَطِيْبُ، المُقْرِئُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ الشِّمْشَاطِيُّ، نزيلُ وَاسِطَ.
قرأَ عَلَى: عَمْرِو بنِ عِيْسَى الأَدَمِيِّ صَاحبِ خَلَفٍ البَزَّارِ.
تَلاَ عَلَيْهِ: مَنْصُوْرُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّنْدِيُّ بِوَاسِطَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيِّ، وَالفِرْيَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَيُوْسُفَ القَاضِي، وَعِدَّةٍ.
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن إسحاق، وأخرجه عبد الله بن الامام أحمد في زيادات " المسند " 1 / 153، والترمذي (2909) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن عبد الرحمن ابن إسحاق بهذا الإسناد، والحديث صحيح عن عثمان أخرجه البخاري 9 / 66، 67 في فضائل القرآن: باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، وأبو داود (1452) ، والترمذي (2907) ، وأحمد 1 / 57 و58 و68.
(*) سؤالات خميس الحوزي: 19 - 20، غاية النهاية: 2 / 108.(16/145)
حَدَّثَ عَنْهُ: الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ التُّبَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُمنَانَ المُؤَدِّبُ تقعُ روَايتُهُ فِي مَجْلِسِ التُّبَانِيِّ.
وَثَّقَهُ خمِيسٌ الحوزِيُّ (1) .
104 - ابْنُ نُجَيْدٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدِ بنِ أَحْمَدَ السُّلَمِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، القُدْوَةُ، المُحَدِّثُ، الرَّبَّانِيُّ، شَيْخُ نَيْسَابُوْرَ، أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدِ ابْنِ الحَافِظِ أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ بنِ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الصُّوْفِيُّ كَبِيْرُ الطَّائِفَةِ، وَمُسْنِدُ خُرَاسَانَ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: أَبَا مُسْلِمٍ الكَجِّيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ البَجَلِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلِيَّ بنَ الجُنَيْدِ الرَّازِيَّ، وَجَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ، وَجَمَاعَةً.
وَلَهُ جُزءٌ مِنْ أَعْلَى مَا سَمِعْنَاهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: سبطُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّفَّارُ.
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حمدَانَ النَّصروِيُّ، وَعبدُ القَاهِرِ بنُ طَاهِرٍ الأُصولِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بنُ قَتَادَةَ، وَأَبو العَلاَءِ صَاعدُ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدَشٍ، وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مسرورٍ، وَآخرُوْنَ.
وَمِنْ محَاسِنِهِ أَنَّ شَيْخَهُ الزَّاهِدَ أَبَا عُثْمَانَ الحِيْرِيَّ طلبَ فِي مَجْلِسِهِ مَالاً
__________
(1) انظر " سؤالات السلفي لخميس الحوزي " ص 19.
(*) طبقات الصوفية: 454 - 457، الرسالة القشيرية: 28، المنتظم: 7 / 84 - 85، دول الإسلام: 1 / 226، العبر: 2 / 336، طبقات السبكي: 3 / 222 - 224، البداية والنهاية: 11 / 288، النجوم الزاهرة: 4 / 127، طبقات الشعراني: 1 / 141، شذرات الذهب: 3 / 50، نتائج الافكار القدسية: 2 / 4.(16/146)
لبعضِ الثُّغُورِ، فتَأَخَّرَ، فتَأَلمَّ وَبَكَى عَلَى رُؤُوسِ النَّاسِ، فَجَاءهُ ابْنُ نُجَيْدٍ بِأَلفَيْ دِرْهَمٍ، فَدَعَا لَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ نوَّهَ بِهِ، وَقَالَ: قَدْ رجوتُ لأَبِي عَمْرٍو بِمَا فعلَ، فإِنَّهُ قَدْ نَابَ عَنِ الجَمَاعَةِ، وَحملَ كَذَا وَكَذَا، فَقَامَ ابْنُ نُجَيْدٍ، وَقَالَ: لَكِنْ إِنَّمَا حملتُ مِنْ مَالِ أُمِّي وَهِيَ كَارِهِةٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ تردَّهُ لِتَرضَى.
فَأَمرَ أَبُو عُثْمَانَ بِالكِيسِ فردَّ إِلَيْهِ، فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ جَاءَ بِالكيسِ وَالتمسَ مِنَ الشَّيْخِ سترَ ذَلِكَ، فَبَكَى، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُوْلُ: أَنَا أَخْشَى مِنْ همَّةِ أَبِي عَمْرٍو.
وَقَالَ الحَاكِمُ: وَرِثَ أَبُو عَمْرٍو مِنْ آبَائِهِ أَمْوَالاً كَثِيْرَةً، فَأَنفقَ سَائِرَهَا عَلَى العُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ، وَصَحِبَ أَبَا عُثْمَانَ الحِيْرِيَّ وَالجُنَيْدَ، وَسَمِعَ مِنَ الكَجِّيِّ وَغَيْرِهِ.
قَالَ أَبُو عبدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ (1) :جَدِّي لَهُ طريقَةٌ ينفردُ بِهَا مِنْ صوْنِ الحَالِ وَتلبيسِهِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُلُّ حَالٍ لاَ يَكُونُ عَنْ نتيجَةِ علمٍ وَإِنْ جلَّ، فَإِنَّ ضررَهُ عَلَى صَاحبِهِ أَكبرُ مِنْ نَفْعِهِ.
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لاَ يَصْفُو لأَحدٍ قَدمٌ فِي العبوديَّةِ حَتَّى تكُونَ أَفعَالُهُ عِنْدَهُ كُلُّهَا ريَاءً، وَأَحوَالُهُ كُلُّهَا عِنْدَهُ دعَاوَى.
وَقَالَ جَدِّي: مَنْ قدرَ عَلَى إِسقَاطِ جَاهِهِ عِنْدَ الخَلْقِ، سَهُلَ عَلَيْهِ الإِعرَاضُ عَنِ الدُّنْيَا وَأَهلِهَا.
وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بنَ مَطَرٍ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ الحِيْرِيَّ، وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ ابْنُ نُجَيْدٍ، يَقُوْلُ: يلومُنِي النَّاسُ فِي هَذَا الفَتَى، وَأَنَا لاَ أَعرفُ عَلَى طريقَتِهِ سِوَاهُ، وَرُبَّمَا يَقُوْلُ: هُوَ خَلَفِي مِنْ بَعْدِي.
__________
(1) انظر أقوال السلمي في " طبقاته " 454 - 457.(16/147)
وَقَالَ بَعْضُ المشَايخِ لِي: جدُّكَ مِنَ الأَوتَادِ.
تُوُفِّيَ ابْنُ نُجَيْدٍ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ: ابْنُ عَدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الذَّارعُ الوَاهِي، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُنِيْرٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ المَاسَرْجِسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَفَّالُ الشَّاشِيُّ، وَالمعزُّ صَاحبُ القَاهرةِ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ السَّامَانِيُّ صَاحبُ مَا وَرَاءِ النَّهرِ.
105 - الشَّهِيْدُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الشَّهِيْدُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ النَّابُلسِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ هَاشِمٍ الطَّبَرَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ شَيْبَانَ الرَّمْلِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَلَبِيُّ.
قَالَ أَبُو ذرٍ الحَافِظُ: سَجَنَهُ بَنُو عُبَيْدٍ، وَصلَبُوهُ عَلَى السُّنَّةِ، سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يذكُرُهُ، وَيَبْكِي، وَيَقُوْلُ: كَانَ يَقُوْلُ، وَهُوَ يُسْلَخُ: {كَانَ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ مَسْطُوراً} [الإِسرَاء:58] .
قَالَ أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ: أَقَامَ جَوهرُ القَائِدُ لأَبِي تَمِيمٍ صَاحبِ مِصْرَ أَبَا بَكْرٍ النَّابُلسِيَّ، وَكَانَ ينزلُ الأَكواخَ، فَقَالَ لَهُ: بَلَغَنَا أَنَّكَ قُلْتُ:
__________
(*) المحمدون: 117، العبر: 2 / 330، الوافي بالوفيات: 2 / 44 - 45، النجوم الزاهرة: 4 / 106، حسن المحاضرة: 1 / 515، شذرات الذهب: 3 / 46.(16/148)
إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ عَشْرَةُ أَسهُمٍ، وَجبَ أَنْ يَرْمِيَ فِي الرُّوْمِ سَهْماً، وَفينَا تِسْعَةً.
قَالَ: مَا قُلْتُ هَذَا، بَلْ قُلْتُ: إِذَا كَانَ مَعَهُ عَشْرَةُ أَسهُمٍ، وَجبَ أَنْ يرمِيَكُمْ بِتِسعَةً، وَأَنْ يَرمِيَ العَاشرَ فِيْكُمْ أَيْضاً، فَإِنَّكُم غيَّرْتُم الملَّةَ، وَقَتَلْتُم الصَّالِحِيْنَ، وَادَّعَيْتُم نورَ الإِلهيَّةِ، فشهرَهُ ثُمَّ ضَرَبَهُ، ثُمَّ أَمرَ يَهُودِيّاً فَسَلَخَهُ.
قَالَ ابْنُ الأَكفَانِيِّ: تُوُفِّيَ العَبْدُ الصَّالِحُ الزَّاهِدُ أَبُو بَكْرٍ بنُ النَّابُلسِيِّ، كَانَ يَرَى قِتَالَ المغَاربَةِ، هَرَبَ مِنَ الرَّملَةِ إِلَى دِمَشْقَ، فَأَخَذَهُ مُتَوَلِّيهَا أَبُو محمودٍ الكُتَامِيُّ، وَجعَلَهُ فِي قفصِ خشبٍ، وَأَرسَلَهُ إِلَى مِصْرَ، فَلَمَّا وَصلَ قَالُوا: أَنْتَ القَائِلُ، لَوْ أَنَّ مَعِيَ عَشْرَةَ أَسهُمٍ ... وَذَكَرَ القِصَّةَ، فسُلِخَ وَحُشِيَ تِبْناً، وَصُلبَ.
قَالَ مَعْمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ زِيَادٍ الصُّوْفِيُّ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ سُلِخَ مِنْ مفرِقِ رَأْسِهِ حَتَّى بُلِغَ الوَجْهُ، فَكَانَ يذكُرُ اللهَ وَيَصْبرُ حَتَّى بلغَ الصَّدْرَ فَرَحمَهُ السَّلاَّخُ، فوكزَهُ بِالسِّكِّينِ مَوْضِعَ قلبِهِ فَقضَى عَلَيْهِ.
وَأَخْبَرَنِي الثِّقَةُ أَنَّهُ كَانَ إِمَاماً فِي الحَدِيْثِ وَالفِقْهِ، صَائِمَ الدَّهْرِ، كَبِيْرَ الصَّوْلَةِ عِنْدَ العَامَّةِ وَالخَاصَّةِ، وَلَمَّا سُلخَ كَانَ يُسمعُ مِنْ جَسَدِهِ قِرَاءةُ القُرْآنِ، فغَلبَ المَغْرِبِيُّ بِالشَّامِ، وَأَظهرَ المَذْهَبَ الرَّدِيءَ، وَأَبطَلَ التَّرَاويحَ وَالضُّحَى، وَأَمرَ بِالقُنُوتِ فِي الظُّهْرِ، وَقُتِلَ النَّابُلُسِيُّ سَنَةَ ثَلاَثٍ.
وَكَانَ نبيلاً رَئِيْسَ الرَّمْلَةِ، فَهَرَبَ، فَأُخَذَ مِنْ دِمَشْقَ.
وَقِيْلَ: قَالَ شريفٌ مِمَّنْ يعَاندُهُ لَمَّا قَدِمَ مِصْرَ: الحَمْدُ للهِ عَلَى سَلاَمَتِكَ، قَالَ: الحَمْدُ للهِ عَلَى سلاَمَةِ دِينِي، وَسلاَمَةِ دُنْيَاكَ.
قُلْتُ: لاَ يُوصَفُ مَا قلبَ هَؤُلاَءِ العُبَيْدِيَّةِ الدِّينَ ظهراً لِبَطْنٍ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى المَغْرِبِ، ثُمَّ عَلَى مِصْرَ وَالشَّامِ، وَسَبُّوا الصَّحَابَةَ.(16/149)
حكَى ابْنُ السَّعسَاعِ المِصْرِيُّ، أَنَّهُ رَأَى فِي النَّوْمِ أَبَا بَكْرٍ بنُ النَّابُلُسِيِّ بَعْدَمَا صُلبَ وَهُوَ فِي أَحسنِ هيئَةٍ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ فَقَالَ:
حبَانِي مَالِكِي بِدَوامِ عِزٍّ ... وَوَاعَدَنِي بقُرْبِ الانتصَارِ
وَقَرَّبَنِي وَأَدْنَانِي إِلَيْهِ ... وَقَالَ: انْعَمْ بعَيْشٍ فِي جِوَارِي (1)
106 - النُّعْمَانُ أَبُو حَنِيْفَةَ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ المَغْرِبِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المَارِقُ، قَاضِي الدَّوْلَةِ العُبَيْدِيَّةِ، أَبُو حَنِيْفَةَ النُّعْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرٍ المَغْرِبِيُّ.
كَانَ مَالِكيّاً، فَارتدَّ إِلَى مَذْهَبِ البَاطِنيَّةِ، وَصَنَّفَ، لَهُ (أُسُّ الدَّعوَةِ) ، وَنبذَ الدِّينَ وَرَاءَ ظهرِهِ، وَأَلَّفَ فِي المنَاقبِ وَالمثَالبِ، وَردَّ عَلَى أَئِمَّةِ الدِّينِ، وَانسلَخَ مِنَ الإِسلاَمِ، فَسُحْقاً لَهُ وَبُعْداً.
ونَافقَ الدَّوْلَةَ لاَ بَلْ وَافَقَهُم.
وَكَانَ مُلاَزِماً للمعزِّ أَبِي تَمِيمٍ مُنشِئ القَاهرَةِ.
وَله يَدٌ طُولَى فِي فُنُوْنِ العُلومِ وَالفِقْهِ وَالاختلاَفِ، وَنَفَسٌ طَوِيْلٌ فِي البحثِ، فَكَانَ علمُهُ وَبَالاً عَلَيْهِ.
وَصَنَّفَ فِي الردِّ عَلَى أَبِي حَنِيْفَةَ فِي الفِقْهِ، وَعَلَى مَالِكٍ،
__________
(1) البيتان في " الوافي بالوفيات " 2 / 45.
(*) الولاة والقضاة: 586 - 587، وفيات الأعيان: 5 / 415 - 423، العبر: 2 / 331، دول الإسلام: 1 / 224، مرآة الجنان: 2 / 379، اتعاظ الحنفا: 149، لسان الميزان: 6 / 167، النجوم الزاهرة: 4 / 106 - 107، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 346، شذرات الذهب: 3 / 47، روضات الجنات: 2 / 219 - 220، هدية العارفين: 2 / 495.(16/150)
وَالشَّافِعِيِّ، وَانتصرَ لِفِقْهِ أَهْلِ البَيْتِ، وَلَهُ كِتَابٌ فِي اختلاَفِ العُلَمَاءِ، وَكتُبُهُ كبارٌ مُطَوَّلَةٌ.
وَكَانَ وَافِرَ الحِشْمَةِ، عَظيمَ الحُرمَةِ، فِي أَولاَدِهِ قضَاةٌ وَكُبَرَاءٌ.
وَانتقلَ إِلَى غَيْرِ رِضوَانِ اللهِ، بِالقَاهرَةِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ وَلِيَ ابنُهُ عليٌّ قَضَاءَ الممَالِكِ (1) .
ومَاتَ مُحَمَّدٌ وَالدُ أَبِي حَنِيْفَةَ سنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِالقَيْرَوَانِ عَنْ مائَةٍ وَأَرْبَعِ سِنِيْنَ.
وَيُعَدُّ مِنَ الأَذكيَاءِ (2) .
107 - ابْنُ الخَشَّابِ أَبُو الفَرَجِ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ *
الحَافِظُ الأَوحدُ، أَبُو الفَرَجِ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مَهْدِيِّ البَغْدَادِيِّ بنِ الخَشَّابِ، نزيلُ ثَغْرِ طَرَسُوسَ.
حدَّثَ بِدِمَشْقَ وَغيرِهَا عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ البَاغَنْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ إِسْحَاقَ المَدَائِنِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الرَّبِيْعِ الجِيزيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَبقَاءُ الخَوْلاَنِيُّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ، وَمكِّيّ بنُ الغَمْرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ المُزَنِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: عِيْسَى بنُ عَلِيٍّ الوَزِيْرُ.
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 5 / 417.
(2) قال ابن خلكان في ترجمة النعمان: " وكان والده أبو عبد الله محمد قد عمر، ويحكي أخبارا كثيرة نفيسة حفظها وعمره أربع سنوات ". انظر " الوفيات ": 5 / 416.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 353 - 354 الوافي بالوفيات: 7 / 292 - 293، شذارت الذهب: 3 / 48.(16/151)
مَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
108 - الأَبْزَارِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءَ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الوَرَّاقُ الأَبْزَارِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: مُسَدَّدِ بنِ قَطَنٍ، وَالحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ هَاشِمٍ الطَّبَرَانِيِّ، وَأَقرَانِهِم، وَأَكثَرَ وَجَوَّدَ وَجَمَعَ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَالحَاكِمُ، وَأَبُو عبدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ مِمَّنْ سَلِمَ المُسْلِمُوْنَ مِنْ لسَانِهِ وَيَدِهِ.
طلبَ الحَدِيْثَ عَلَى كِبَرِ السِّنِّ، وَرَحَلَ فِيْهِ، سَمِعْتُ أَبَا علِيٍّ الحَافِظَ يُمَازِحُهُ، يَقُوْلُ: أَنْتَ بَهْزُ بنُ أَسدٍ يُرِيْدُ بِثَبْتِهِ وَإِتقَانِهُ، وَيَقُوْلُ: هَذَا الشَّيْخُ مَا اغتسلَ مِنْ حلاَلٍ قَطّ، فَنَقُوْل: يَا أَبَا عَلِيٍّ وَلاَ مِنْ حَرَامٍ.
مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ صَادقاً حدَّثَ بِمرويَّاتِهِ عَلَى القبولِ.
أَبزَارُ (1) :مِنْ قُرَى نَيْسَابُوْرَ.
109 - عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَبْدِ الصَّمدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ السُّلَمِيُّ **
المُحَدِّثُ، المُقْرِئُ، أَبُو هَاشِمٍ السُّلَمِيُّ،
__________
(*) الأنساب: 1 / 120، معجم البلدان: 1 / 72، العبر: 2 / 333، شذرات الذهب: 3 / 48.
(1) انظر " معجم البلدان " 1 / 72.
(* *) العبر: 2 / 333 - 334، النجوم الزاهرة: 4 / 109، شذرات الذهب: 3 / 48.(16/152)
الدِّمَشْقِيُّ، المُؤَدِّبُ.
تلاَ عَلَى: أَبِي عُبَيْدَةَ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ ذَكْوَانَ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ خُريمٍ، وَأَبِي شَيْبَةَ دَاوُدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَلِيِّ بنِ أَحْمَدَ علاَّنَ، وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ، وَالقَاسِمِ بنِ عِيْسَى العصَّارِ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُعَافَا الصَّيْدَاوِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ بِالشَّامِ، وَالحِجَازِ، وَمِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَهْضَمَ، وَعَلِيُّ بنُ بُشرَى العَطَّارُ، وَمكِّيّ بنُ الغَمْرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَتُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، أَرَّخَهُ الكتَّانِيُّ وَقَالَ: جمعَ مِنَ المصنَّفَاتِ شَيْئاً كَثِيْراً، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً، انتَقَى عَلَيْهِ أَحْمَدُ بنُ قَاسِمِ بنِ الخَشَّابِ.
110 - القُهُنْدُزِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِدْرِيْسَ بنِ كَامِلٍ القُهُنْدُزِيُّ، مُسْنِدُ هَرَاةَ.
سَمِعَ: عُثْمَانَ بنَ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيَّ، وَأَبا مُسْلِمٍ الكَجِّيَّ، وَيُوْسُفَ القَاضِي.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ المُعَلِّمُ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ الدِّيباجِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَامِيُّ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) لم نجد له ترجمة في المصادر التي بين أيدينا.(16/153)
111 - ابْنُ عَدِيٍّ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ الجُرْجَانِيُّ *
هُوَ: الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، الجَوَّالُ، أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُبَاركِ بنِ القَطَّانِ الجُرْجَانِيُّ، صَاحبُ كِتَابِ (الكَاملِ) فِي الجرحِ وَالتَّعديلِ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَسفَارٍ كبارٍ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَأَوَّلُ سمَاعِهِ كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ، وَارتحَالُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ.
فسَمِعَ: بُهْلُولَ بنَ إِسْحَاقَ التَّنُوْخِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُوَيْدٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى المَرْوَزِيَّ، وَأَنَسَ بنَ السَّلْمِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ القَاسِمِ بنِ الرَّوَّاسَ الدَّمَشْقِيَّينِ، وَأَبا خلِيفةَ الجُمَحِيَّ، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيَّ، وَعِمْرَانَ بنَ مُوْسَى بنِ مجَاشعٍ، وَالحَسَنَ بنَ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ الفَرَجِ الغَزِّيَّ صَاحبَي يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَجَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيَّ، وَأَبا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ النَّسَوِيَّ، وَعبدَانَ الأَهْوَازِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمَةَ، وَالبَغَوِيَّ، وَأَبَا عَرُوْبَةَ، وَخلقاً كَثِيْراً فِي الحَرَمَيْنِ، وَمِصْرَ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ، وَالجِبَالِ، وَطَالَ عُمُرُهُ وَعلاَ إِسنَادُهُ.
وَجرَّحَ وَعدَّلَ وَصحَّحَ وَعلَّلَ، وَتقدَّمَ فِي هَذِهِ الصِّنَاعَةِ عَلَى لحنٍ فِيْهِ، يظْهَرُ فِي تَأَلِيفِهِ (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُهُ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ،
__________
(*) تاريخ جرجان: 225 - 227، الأنساب: 3 / 221 - 222، اللباب: 1 / 270، تذكرة الحفاظ: 3 / 940 - 942، العبر: 2 / 337 - 338، دول الإسلام: 1 / 266، عيون التواريخ: (خ) 4 / 256، مرآة الجنان: 2 / 381 طبقات السبكي: 3 / 315 - 316، البداية والنهاية: " 11 / 283، النجوم الزاهرة: 4 / 111، طبقات الحفاظ: 380، شذرات الذهب: 3 / 51، هدية العارفين: 1 / 447، الرسالة المستطرفة: 145.
(1) في كتابه الكامل في الضعفاء.(16/154)
وَالحَسَنُ بنُ رَامِينَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدكَوَيْه، وَحَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ السَّهْمِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ العَالِي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: كَانَ ثِقَةً عَلَى لحنٍ فِيْهِ.
وَقَالَ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ (1) :سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيَّ أَنْ يصَنِّفَ كِتَاباً فِي الضُّعَفَاءِ، فَقَالَ: أَليَسَ عِنْدَكَ كِتَابُ ابْنِ عَدِيٍّ؟
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: فِيْهِ كفَايَةٌ، لاَ يُزَادُ عَلَيْهِ.
بلَغَنِي أَنَّ ابنَ عَدِيٍّ صَنَّفَ كِتَاباً سَمَّاهُ (الانتصَارَ) عَلَى أَبْوَابِ (المخْتَصَرِ) للمُزنِيِّ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: كَانَ ابْنُ عَدِيٍّ حَافِظاً مُتْقِناً، لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَحدٌ مثلُهُ، تَفَرَّدَ برِوَايَةِ أَحَادِيثٍ وَهَبَ مِنْهَا لاَبنَيْهِ عَدِيٍّ وَأَبِي زُرْعَةَ فَتَفرَّدَا بِهَا عَنْهُ.
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الخَليلِيُّ: كَانَ أَبُو أَحْمَدَ عديمَ النَّظِيْرِ حِفْظاً وَجَلاَلَةً، سَأَلتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ الحَافِظَ، فَقَالَ: زِرُّ قَمِيْصِ ابْنِ عَدِيٍّ أَحفظُ مِنْ عَبْدِ البَاقِي بنِ قَانِعٍ.
قَالَ الخليلِيُّ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ أَبِي مُسْلِمٍ الحَافِظَ يَقُوْلُ: لَمْ أَرَ أَحداً مِثْلَ أَبِي أَحْمَدَ بنِ عَدِيٍّ فَكَيْفَ فوقَهُ فِي الحِفْظِ؟! وَكَانَ أَحْمَدُ هَذَا لَقِيَ الطَّبَرَانِيَّ وَأَبا أَحْمَدَ الحَاكِمَ، وَقَالَ لِي: كَانَ حِفْظُ هَؤُلاَءِ تكلُّفاً، وَحِفْظُ ابْنِ عَدِيٍّ طبعاً.
زَادَ (مُعْجَمُهُ) عَلَى أَلفِ شَيْخٍ.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: ابْنُ عَدِيٍّ حَافظٌ لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: يذكُرُ فِي (الكَاملِ) كُلَّ مَنْ تُكُلِّمَ فِيْهِ بِأَدنَى شَيْءٍ لَو كَانَ مِنْ رِجَالِ (الصَّحِيْحَيْنِ) ، وَلَكِنَّهُ يَنْتصرُ لَهُ إِذَا أَمكنَ، وَيَروِي فِي التَّرْجَمَةِ حَدِيْثاً
__________
(1) انظر " تاريخ جرجان ": ص 226.(16/155)
أَوِ أَحَادِيثَ مِمَّا اسْتُنْكِرَ لِلرَّجُلِ.
وَهُوَ مُنْصِفٌ فِي الرِّجَالِ بِحَسبِ اجتهَادِهِ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ القُرَشِيُّ بِمِصْرَ، وَيَحْيَى بنُ أَحْمَدَ الجُذَامِيُّ بِالثَّغْرِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عمَادٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخلَعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ الفَرَجِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلاً لاَعَنَ امْرَأَتَهُ فِي زَمَانِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا، وَأَلْحَقَ الوَلَدَ بِالمَرْأَةِ (1) .
112 - ابْنُ مِيْكَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الأَدِيبُ، رَئِيْسُ خُرَاسَانَ، أَبُو العَبَّاسِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بن مِيْكَالَ، مِنْ ذُرِّيَّةِ كِسْرَى يَزْدَجِرْدَ بنِ بَهْرَامَ جُور الفَارِسِيِّ، اسْتَعملَ المقتدرُ أَباهُ عَبْدَ اللهِ عَلَى مملكَةِ الأَهْوَازِ.
سَمِعَ مِنْ: عَبدَانَ الأَهْوَازِيِّ كِتَاباً خَصَّهُ بِهِ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ، وَابنِ خُزَيْمَةَ، وَعَلِيِّ بنِ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيِّ، طَائِفَةٍ، وَأَملَى مَجَالِسَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ - وَهُوَ أَكبرُ مِنْهُ -، وَأَبُو الحُسَيْنِ
__________
(1) هو في " الموطأ " 2 / 90 بشرح السيوطي، ومن طريقه أخرجه البخاري 9 / 404 في الطلاق: باب ما يلحق الولد بالملاعنة، ومسلم (1494) في أول اللعان، وأبو داود (2259) ، والنسائي 6 / 178.
(*) يتيمة الدهر: 4 / 354، معجم الأدباء: 7 / 5 - 12، إنباه الرواة: 1 / 199 - 201، اللباب: 3 / 283 - 284، العبر: 2 / 327، شذرات الذهب: 3 / 41.(16/156)
الحجَّاجِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَعبدُ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ.
طَلَبَ الأَمِيْرُ عَبْدَ اللهِ أَبَا بَكْرٍ بنَ دُرَيْدٍ لتَأْدِيْبِ وَلَدِهِ هَذَا.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي المقصورَةِ:
إِنَّ ابنَ مِيْكَالَ الأَمِيْرَ انتَاشَنِي (1) ... مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ كُنْتُ كَالشَّيْءِ اللَّقى
وَمَدَّ ضبعَيَّ أَبُو العَبَّاسِ مِنْ ... بَعْدِ انْقِبَاضِ الذَّرْعِ وَالبَاعِ الوَزى (2)
نَفْسِي الفِدَاءُ لأَمِيْريَّ وَمَنْ ... تَحْتَ السَّمَاءِ لأَمِيْريَّ الفِدَا (3)
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الوَضَّاحِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبا العَبَّاسِ يذكُرُ صلَةَ ابنِهِ لابنِ دُرَيْدٍ لمَّا عَمِلَ المقصورةَ، فَقُلْتُ: مَا وَصلَ إِلَيْهِ مِنْكَ؟
قَالَ: لَمْ تَصِلْ يَدي إِذْ ذَاكَ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثِ مائَةِ دِيْنَارٍ، وضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ (4) .
قَالَ الحَاكِمُ: عُرِضَتْ عَلَيْهِ وِلاَيَاتٌ جَلِيلةٌ فَامْتَنَعَ.
وَتُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ اثنتَانِ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: سمَاعُهُ مِنْ عَبْدَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وقعَ لَنَا جُزءانِ عَاليَانِ مِنْ طَريقِهِ.
113 - ابْنُ فَضَالَةَ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الأُمَوِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ فَضَالَةَ بنِ
__________
(1) انتاشني: تناولني وأخذني مقربا إليه، وهو " افتعل " من النوش. يقال: انتاشت الظبية الاراك: إذا تناولته " شرح المقصورة " للخطيب التبريزي.
(2) الوزى: القصير.
(3) الابيات في " شرح مقصورة ابن دريد " للخطيب التبريزي: ص 137 - 138.
(4) انظر " معجم الأدباء ": 7 / 8 - 9.
(*) العبر: 2 / 328، ميزان الاعتدال: 4 / 51، لسان الميزان: 5 / 400 - 401، النجوم =(16/157)
إِبْرَاهِيْمَ بنِ فَضَالَةَ بنِ كَثِيْرٍ الأُمَوِيُّ القُرَشِيُّ، مَوْلَى الخَلِيْفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ.
دِمَشْقِيٌّ مَعْرُوفٌ، لَهُ جُزءٌ سَمِعْنَاهُ.
سَمِعَ: أَبا قُصيٍّ إِسْمَاعِيْلَ العُذْرِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ أَنَسٍ، وَالحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ جمعَةَ، وَعبدَ الرَّحْمَنِ بنَ القَاسِمِ الهَاشِمِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ الفَرَجِ الغَزِّيَّ، وَأَبا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، حَدَّثَهُ بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَزِيْدَ بنِ عبدِ الصَّمَدِ، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَعبدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ الجُنْدِيِّ، وَمكِّيّ بنُ الغَمْرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ رزقِ اللهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ سَعْدَانَ.
أَرَّخَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكتَّانِيُّ وَفَاتَهُ فِي ربيعٍ الآخِرِ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَالَ: تكلَّمُوا فِيْهِ.
قَرَأْتُ عَلَى خَدِيْجَةَ بِنْتِ يُوْسُفَ، أَخبَرَكُم مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ الحصنِيُّ، وَالخَضِرُ بنُ شِبلٍ الحَارِثِيُّ (ح) وَقَرَأْتُ عَلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، أَخبَرَكَ جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الحنائِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ الموَازِينِيِّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ سَعْدَانَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ جمعَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ بِمَكَّةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ زَكَرِيَّا، عَنِ الحَجَّاجِ بنِ دِيْنَارٍ، عَنِ الحكمِ، عَنْ حُجيَّةَ بنِ عَدِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّ العَبَّاسَ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
__________
= الزاهرة: 4 / 69، شذرات الذهب: 3 / 41.(16/158)
فِي تَعْجِيْلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ (1) .
وعِنْدَ زَينِ الأُمَنَاءِ جُزءٌ لابنِ فَضَالَةَ غَيْرُ الَّذِي عِنْدَ الشِّيْرَازِيِّ، وَالجُزءُ الأَوَّلُ مَنْ أَمَالِي ابْنِ فَضَالَةَ عَنْدَ الحَافِظِ قَاسِمِ بنِ عَسَاكِرٍ.
وَمِنْ شُيوخِهِ أَبُوْهُ مُوْسَى يَرْوِي عَنْ: سُلَيْمَانَ بنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلٍ.
114 - ابْنُ القَطَّانِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
مِنْ كُبَرَاءِ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَهُ مصنَّفَاتٌ فِي أُصُولِ الفِقْهِ وَفُرُوعِهِ.
مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
ذكَرَهُ مُخْتَصَراً.
تَفَقَّهَ بِابْنِ سُرَيْجٍ، ثُمَّ بِأَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ، وَتصدَّرَ للإِفَادَةِ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَذكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (الطَّبَقَاتِ) .
__________
(1) وأخرجه أحمد 1 / 104، وابن سعد في " الطبقات " 4 / 26، وأبو داود (1624) ، والترمذي (678) ، وابن ماجة (1795) ، والدارمي 1 / 385، وابن الجارود في " المنتقي " (360) ، والدارقطني 2 / 123، والبيهقي 4 / 111، كلهم من طريق سعيد بن منصور بهذا الإسناد.
وقال أبو داود بعد أن ذكره 2 / 115: روى هذا الحديث هشيم، عن منصور بن زاذان، عن الحكم، عن الحسن بن مسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث هشيم أصح. يريد أن هذه الرواية المرسلة أصح من الرواية المتصلة.
وقال الدارقطني في " سننه " 2 / 124: اختلفوا عن الحكم في إسناده، والصحيح عن الحسن بن مسلم مرسل.
وللحديث شواهد يصح بها انظرها في " سنن الدارقطني " 2 / 123، 125.
وقد قال الحافظ في " الفتح " 3 / 264 بعد أن ذكرها: وليس ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيد في النظر بمجموع هذه الطرق.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 365، طبقات الفقهاء للشيرازي: 113، وفيات الأعيان: 1 / 70، البداية والنهاية: 11 / 269، الوافي بالوفيات: 7 / 321، طبقات ابن هداية الله: 85، =(16/159)
115 - ابْنُ حَيُّوْيَه مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، الفَقِيْهُ، الفَرَضِيُّ، القَاضِي، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زَكَرِيَّا بنِ حَيُّوْيَه النَّيْسَابُوْرِيُّ ثُمَّ المِصْرِيُّ الشَّافِعِيُّ.
قدِمَ مِصْرَ صَغِيراً، وَسَمَّعَهُ عَمُّهُ الحَافِظُ يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا الأَعْرَجُ مِنْ بَكْرِ بنِ سَهْلٍ الدِّمْيَاطِيِّ، وَالإِمَامِ أَبِي عبدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَمْرٍو البَزَّارِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عبدِ السَّلاَمِ الخفَّافِ، وَجَمَاعَةٍ، وَأَخذَ عَنْ عَمِّهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الغَنِيِّ الحَافِظُ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الخُرَاسَانِيُّ القيَّاسُ، وَهَارُوْنُ بنُ يَحْيَى الطَّحَّانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي الذِّكرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الطَّفَّالُ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ ابْنُ مَاكُولاَ، فَقَالَ: كَانَ ثِقَةً نبيلاً، ذَكَرَ أَنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِر أَيْضاً: رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَعينَ، وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ المَنْجَنِيْقيِّ.
وَأَخذَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ: كَانَ لاَ يتركُ أَحَداً يتحدَّثُ فِي مَجْلِسِهِ، وَقَالَ: جِئْتُ إِلَى شَيْخٍ عِنْدَهُ (المُوَطَّأ) ، فَكَانَ يُقرأُ عَلَيْهِ وَهُوَ يتحدَّثُ.
فَلَمَّا فَرَغَ، قُلْتُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ: يُقرأُ عَلَيْكَ وَأَنْتَ تتحدَّثُ؟!
__________
= شذرات الذهب: 3 / 28، هدية العارفين: 1 / 65، طبقات الاصوليين: 1 / 198.
(*) الإكمال لابن ماكولا: 2 / 360 - 361، العبر: 2 / 342، حسن المحاضرة: 1 / 402، 403، النجوم الزاهرة: 4 / 128، شذرات الذهب: 3 / 57، تاج العروس: مادة حيي.(16/160)
فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَسمعُ، قَالَ: فَلَمْ أَعُدْ إِلَيْهِ.
قُلْتُ: كَذَا شُيُوْخُ الحَدِيْثِ اليَوْمِ، إِنْ لَمْ ينعسُوا تحدَّثُوا، وَإِنْ عُوتِبُوا، قَالُوا: قَدْ كُنَّا نَسْمَعُ، وَهَذِهِ مُكَابرَةٌ.
تُوُفِّيَ ابْنُ حَيُّوْيَه: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
116 - السَّرَّاجُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسلاَمِ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ النَّيْسَابُوْرِيُّ المُقْرِئُ.
ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ المُثَنَّى العَنْبَرِيِّ، وَمُوْسَى بنِ هَارُوْنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ مُطَيَّنٍ، وَيُوْسُفَ القَاضِي، وَهَذِهِ الطَّبَقَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ العَالِي، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَارِسِيُّ المشَّاطُ، وَمُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ المَاوَرْدِيُّ القُلُوسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجُورِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: قلَّ مَا رَأَيْتُ أَكثرَ اجتِهَاداً وَعِبَادَةً مِنْهُ، وَكَانَ يُعَلِّمُ القُرْآنَ، وَمَا أُشَبِّهُ حَالَهُ إِلاَّ بِحَالِ أَبِي يُوْنُسَ (1) القويِّ الزَّاهِدِ، صَلَّى حَتَّى
__________
(*) المنتظم: 7 / 86، العبر: 2 / 342، البداية والنهاية: 11 / 288، النجوم الزاهرة: 4 / 128، شذرات الذهب: 3 / 57.
(1) في الأصل " يونس " بإسقاط أبي، وهو خطأ، ففي " الأنساب " 10 / 266: القوي: لقب أبي يونس الحسن بن يزيد الضمري، روى عن سعيد بن جبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن، روى عنه الثوري وسعيد القداح وغيرهما.
وإنما لقب بالقوي لقوته على العبادة لأنه قدم مكة فصام حتى =(16/161)
أُقعِدَ، وَبَكَى حَتَّى عَمِيَ.
حَدَّثَ أَبُو الحَسَنِ - رَحِمَهُ اللهُ - مِنْ أُصولٍ صحيحَةٍ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ، فَتَبِعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ، فَوَقَفَ عَلَى قَبْرِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَتَقَدَّمَ وَصَفَّ خَلْفَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ التَفَتَ فَقَالَ: هَذَا القَبْرُ أَمَانٌ لأَهْلِ هَذِهِ المَدِيْنَةِ (1) .
قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: هُوَ مِنْ أَبنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
وَفِيْهَا مَاتَ: ابْنُ حَيُّوْيَه النَّيْسَابُوْرِيُّ بِمِصْرَ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو الفَضْلِ الشَّرْمَقَانِيُّ، وَصَاحبُ دِمَشْقَ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ الجنَّابِيُّ القِرْمِطِيُّ، وَركنُ الدَّوْلَةِ الحَسَنُ بنُ بُوَيْه ملكُ العجمِ، وَالمستنصرُ بِاللهِ حكمٌ صَاحبُ الأَنْدَلُسِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ زِيَادٍ المُعَدَّلُ بِنَيْسَابُوْرَ.
117 - ابْنُ مَطَرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، القُدْوَهُ، العَامِلُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَطَرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ المُزَكِّي، شَيْخُ العدَالَةِ.
سَمِعَ: أَبَا عَمْرٍو أَحْمَدَ المُسْتَمْلِي، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَلِيٍّ الذُّهلِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ البَجَلِيَّ، وَأَبا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ الكُوْفِيَّ
__________
= خوي، وبكى حتى عمي، وطاف، وانظر " مشتبه النسبة " 512 للمؤلف، و" طبقات الصوفية " للسلمي.
(1) رؤيا لا يعول عليها، والامان لا يكون إلا من الله عزوجل.
(*) المنتظم: 7 / 56، العبر: 2 / 316 - 317، البداية والنهاية: 11 / 271، النجوم الزاهرة: 4 / 62، شذرات الذهب: 3 / 31، الرسالة المستطرفة: 17.(16/162)
القَتَّاتَ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى المَرْوَزِيَّ، وَطَبَقَتَهُم، وَكَانَ ذَا حِفْظٍ وَإِتْقَانٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ الحجَّاجِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَارِسِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ قَتَادَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَأَعجبُ مِنْ ذَلِكَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانئ، حَدَّثَنَا أَبُو الحَسَنِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ مَطَرٍ - وَقَدْ مَاتَا قَبْلَهُ بِدَهْرٍ -، قَالَ: وَهُوَ الَّذِي انْتَقَى الفَوائِدَ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ الأَصمِّ، فَأَحْيَا اللهُ عِلْمَ الأَصمِّ بِتِلْكَ الفَوائِدِ، فَإِنَّ الأَصمَّ أَفسدَ أُصُولَهُ، وَاعتَمَدَ عَلَى كِتَابِ ابْنِ مَطَرٍ ... إِلَى أَنْ قَالَ الحَاكِمُ: وَقلَّ مَا رَأَيْتُ أَصبرَ عَلَى الفَقْرِ مِنْ أَبِي عَمْرٍو، وَكَانَ يتجمَّلُ بِدِستِ ثِيَابٍ للجُمُعَاتِ وَحضورِ المَجْلِسِ، وَيَلبسُ فِي بيتِهِ فَرْوَةً ضعيفَةً، وَيَأْكُلُ رغيفاً وَبصلَةً أَوْ جزرَةً، وَبلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ، وَيَأْمرُ بِالمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ، وَيَضْرِبُ اللَّبِنَ لقبورِ الفُقَرَاءِ، لَمْ أَرَ فِي مشَايخِنَا لَهُ فِي الاجتهَادِ نظيراً - رَحِمَهُ اللهُ -.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخرَةِ سنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
118 - المُزَكِّي أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، القُدْوَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 168 - 169، المنتظم: 7 / 61 - 62، العبر: 2 / 327، الوافي بالوفيات: 6 / 123، البداية والنهاية: 11 / 274 - 275، النجوم الزاهرة: 4 / 69، شذرات الذهب: 3 / 40 - 41، الرسالة المستطرفة: 96.(16/163)
سَخْتَوَيْه النَّيْسَابُوْرِيُّ المُزَكِّي، شَيْخُ بلدِهِ وَمحدِّثُهُ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجِسِيَّ، وَأَبا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ، وَإِمَامَ الأَئِمَّةِ ابنَ خُزَيْمَةَ، وَمُوْسَى بنَ العَبَّاسِ الجُوَيْنِيَّ، وَأَبا حَامِدٍ الأَعْمَشِيَّ، وَزَنْجَوَيْه اللَّبَّادِ، وَأَبَا نُعَيْمٍ بنَ عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدَ بنَ المسيَّبِ الأَرغيَانِيَّ، وَأَبا العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيَّ، وَأَبَا حَامِدٍ مُحَمَّدَ بنَ هَارُوْنَ الحَضْرَمِيَّ، وَعبدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي حَاتِمٍ، وَخلقاً سوَاهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: أَمْلَى عِدَّةَ سِنِيْنَ، وَكُنَّا نعدُّ فِي مَجْلِسِهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مُحَدِّثاً، مِنْهُم أَبُو العَبَّاسِ الأَصمُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخرمِ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَابنُ رَزْقَوَيْه، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَابنُهُ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُزَكِّي، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو طَالِبٍ بنُ غَيْلاَنَ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، مُكْثِراً، مُوَاصلاً للحجِّ، انتخبَ عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَكَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ عِلْماً كَثِيْراً مِثْلَ (تَاريخِ السَّرَّاجِ) ، (تَاريخِ البُخَارِيِّ) ، وَعِدَّةِ كتبٍ لمُسْلِمٍ، وَكَانَ عِنْدَ البَرْقَانِيِّ عَنْهُ سَفَطُ أَجزَاءٍ، وَكُتُب، لَكِنْ مَا رَوَى عَنْهُ فِي (صَحِيْحِهِ) ، قَالَ: فِي نَفْسِي مِنْهُ لكَثْرَةِ مَا يُغْرِبُ، ثُمَّ إِنَّهُ قوَّاهُ، وَقَالَ: عِنْدِي عَنْهُ أَحَادِيث عَالِيَةٌ، كُنْتُ أَخرجتُهَا نَازلاً إِلاَّ أَنِّي لاَ أَقدرُ عَلَى إِخرَاجِهَا لِكِبَرِ السِّنِّ (1) .
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ شيطَا، سَمِعْتُ المُزَكِّي يَقُوْلُ: أَنفقتُ عَلَى الحَدِيْثِ بِدَراً مِنَ الدَّنَانِيْرِ، وَقدمتُ بَغْدَادَ وَمعِي تجَارَةٌ (2) .
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 6 / 168.
(2) " تاريخ بغداد ": 6 / 169.(16/164)
مَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سبعٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
وَلَهُ مِنَ الأَولاَدِ: عَلِيٌّ وَأَحْمَدُ وَيَحْيَى وَعبدُ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدٌ، عَاشُوا وَرَوَوا الحَدِيْثَ.
119 - ابْنُ بَرْزَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الرُّوْذَرَاوَرِيُّ *
المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بَرْزَةَ الرُّوْذَرَاوَرِيُّ (1) الدَّاوُودِيُّ.
حدَّثَ بِهَمَذَانَ عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، وَمُحَمَّدِ بنِ غَالِبٍ تَمْتَامٍ، وَعُبَيْدِ بنِ شَرِيكٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ ديزِيلٍ وَغَيْرِهم.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: لَمْ يثبتْ فِي ابْنِ ديزِيلٍ، وَهُوَ شَيْخٌ حضَرتُهُ، وَلَمْ أَحْمَدْ أَمرَهُ.
قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ لاَل، وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ سَلَمَةَ، وَابنُ فَنْجَوَيْه، وعَلِيُّ بنُ جَهْضَمٍ الصُّوْفِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الإِمَامُ، وَعبدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُبَانَةَ، وَآخرُوْنَ.
حدَّثَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
120 - ابْنُ حَارِثٍ مُحَمَّدُ بنُ حَارِثِ بنِ أَسَدٍ الخُشَنِيُّ **
الحَافِظُ، الإِمَامُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ حَارِثِ بنِ أَسَدٍ الخُشَنِيُّ
__________
(*) العبر: 2 / 323، مشتبه النسبة: 1 / 61، غاية النهاية: 2 / 176، تبصير المنتبه: 1 / 137، شذرات الذهب: 3 / 38.
(1) الروذراوري: نسبة إلى " روذراور ": بلدة بنواحي همذان. انظر " اللباب ": 2 / 41، " ومعجم ياقوت ": 3 / 78.
(* *) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 112 - 113، الإكمال لابن ماكولا: 3 / 261، جذوة =(16/165)
القَيْرَوَانِيُّ، صَاحبُ التَّوَالِيفِ.
رَوَى عَنْ: أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ، وَأَحْمَدَ بنِ زِيَادٍ، وَقَاسِمِ بنِ أَصبغ، وَأَحْمَدَ بنِ عُبَادَةَ.
وَاسْتوطنَ قُرْطُبَةَ، وَتَمَكَّنَ مِنْ صَاحِبِهَا المُسْتَنْصِرِ المَرْوَانِيِّ.
لَهُ كِتَابُ (الاَتِّفَاقِ وَالاختلاَفِ) فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَكِتَابُ (الفُتْيَا) ، وَ (تَاريخُ الأَنْدَلُسِ) ، وَ (تَاريخُ الإِفْرِيقيِّينَ) ، وَكِتَابُ (النسبِ) ، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُ صَنَّفَ للمُسْتَنْصِرِ مائَةَ دِيوَانٍ.
وَكَانَ مِنْ أَعِيَانِ الشُّعرَاءِ، وَكَانَ يتعَاطَى الكيمِيَاءَ، وَاحتَاجَ بَعْدَ موتِ مخدومِهِ إِلَى القعُودِ فِي حَانوتٍ يبيعُ الأَدْهَانَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ حَوبيلَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
121 - المَرْوَرُّوْذِيُّ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ بِشْرِ بنِ عَامِرٍ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ بِشْرِ بنِ عَامِرٍ المَرْوَرُّوْذِيُّ، مُفْتِي البَصْرَةِ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
__________
= المقتبس: 53، ترتيب المدارك: 4 / 531، الأنساب: 5 / 130، بغية الملتمس: 71، معجم الأدباء: 8 / 111، العبر: 2 / 324 - 325، تذكرة الحفاظ: 3 / 1001 - 1002، الوافي بالوفيات: 2 / 315، مرآة الجنان: 2 / 375، الديباج المذهب: 2 / 212 - 213، النجوم الزاهرة: 4 / 64، طبقات الحفاظ: 397، شذرات الذهب: 3 / 39.
(*) الفهرست: 301، طبقات العبادي: 76، طبقات الفقهاء للشيرازي: 114، معجم البلدان: 5 / 112، وفيات الأعيان: 1 / 69 - 70، العبر: 2 / 326، الوافي بالوفيات: 6 / 265، مرآة الجنان: 2 / 375، طبقات السبكي: 3 / 12 - 13، البداية والنهاية: 11 / 209، طبقات ابن هداية الله: 86 - 87، شذرات الذهب: 3 / 40، هدية العارفين: 1 / 66، طبقات الأصوليين: 1 / 199 - 200.(16/166)
تفقَّهَ بِأَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ، وَصَنَّفَ (الجَامعَ) فِي المَذْهَبِ، وَأَلَّفَ شرحاً لـ (مُخْتَصَرِ) المُزَنِيِّ، وَأَلَّفَ فِي الأُصولِ، وَكَانَ إِمَاماً لاَ يُشقُّ غُبارُهُ.
وَعَنْهُ: أَخذَ فُقَهَاءُ البَصْرَةِ.
تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
- ابْنُ عُمَارَةَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَارَةَ اللَّيْثِيُّ (مُكَرر* 52)
المُحَدِّثُ الجَلِيْلُ، أَبُو الحَارِثِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّد بنِ عُمَارَةَ بنِ أَحْمَدَ اللَّيْثِيُّ، الكِنَانِيُّ مَوْلاَهُمْ، الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ، وَأَظُنُّهُ آخِرَ مَنْ رَوَى عَنْهُ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُسْرِيِّ، وَزَكَرِيَّا خَيَّاطِ السُّنَّةِ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ عبدِ الصَّمدِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ دُحَيْمٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْعٍ، وَعبدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَاجِّ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ، وَآخرُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي ربيعٍ الآخِرِ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ قَاربَ التِّسْعِيْنَ.
122 - السَّقَطِيُّ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ بنِ يُوْسُفَ المُعَدِّلُ **
المُحَدِّثُ، أَبُو عَمْرٍو عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ بنِ يُوْسُفَ السَّقَطِيُّ المُعَدِّلُ بِبَغْدَادَ.
انتخبَ عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيَّ.
__________
(*) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (52) .
(* *) تاريخ بغداد: 10 / 430 - 431، الأنساب: 7 / 92، المنتظم: 7 / 63.(16/167)
سَمِعَ: الكَجِّيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ يَحْيَى الحُلْوَانِيَّ، وَيُوْسُفَ القَاضِي.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَسدٍ شَيْخُ الكتَابَةِ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
مَاتَ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
123 - ابْنُ عَلَّكَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ الجَوْهَرِيُّ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، مُحَدِّثُ مَرْوَ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللهِ ابْنُ الحَافِظِ عُمَرَ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَلَّكَ الجَوْهَرِيُّ المَرْوَزِيُّ.
سَمِعَ: أَباهُ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ بنِ الضُّرَيْسِ، وَالفَضْلَ بنَ مُحَمَّدٍ الشَّعرَانِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ نَاجيَةَ، وَطَبَقَتَهُم.
وَرَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيْرَازِيُّ فِي (الأَلقَابِ) ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الخليلِيّ: مَاتَ بَعْدَ سنَةِ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
ثُمَّ قَالَ: هُوَ حَافظٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ البَطِّيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ (ح)
وَأَخْبَرْنَا ابْنُ الفَرَّاءِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ الفَقِيْهُ، وَأَخْبَرَنَا التَّاجُ عَبْدُ الخَالِقِ، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عبدُ الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخبرتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَةٌ، وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ،
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 929، العبر: 2 / 322، طبقات الحفاظ: 276، شذرات الذهب: 3 / 37.(16/168)
قَالاَ: أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ بنِ عَلَّكَ، حدَّثَكُمْ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الفَجْرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ {أَلم تَنْزِيل} [السَّجْدَة:1] و {هَل أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} [الإِنسان:1] أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1) .
124 - ابْنُ رُمَيْحٍ أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّخَعِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الجَوَّالُ، أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رُمَيْحِ بنِ عصمَةَ النَّخَعِيُّ النَّسَوِيُّ ثُمَّ المَرْوَزِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ: أَبا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ، وَعُمَرَ بنَ أَبِي غَيْلاَنَ، وَابنَ زَيْدَانَ البَجَلِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مَحْمُوْدٍ المَرْوَزِيَّ، وَأَبا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ شِيْرَوَيْه، وَمُحَمَّدَ بنَ الفَضْلِ السَّمَرْقَنْدِيَّ الوَاعِظَ، وَعُمَرَ بنَ بُجَيْرٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ، وطبقَتَهُمْ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَدِمَ نَيْسَابُورَ، فَعقدتُ لَهُ مَجْلِسَ الإِملاَءِ، وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ (صَحِيْحَ البُخَارِيِّ) ، وَقَدْ أَقَامَ بِصَعْدَةَ مِنَ اليَمَنِ زمَاناً، ثُمَّ قَدِمَ، وَأَكرمُوهُ، وَأَكثَرُوا عَنْهُ بِبَغْدَادَ.
وَمَا المَثَلُ فِيْهِ إِلاَّ كَمَا قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ:
__________
(1) برقم (880) في الجمعة: باب ما يقرأ يوم الجمعة، وهو في سنن النسائي 2 / 159 في الافتتاح: باب القراءة في الصبح يوم الجمعة.
وفي الباب عن ابن عباس عند مسلم (879) ، والترمذي (520) ، وأبي داود (1074) وأحمد 1 / 226، 334 و340.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 6 - 8، تذكرة الحفاظ: 3 / 930 - 931، العبر: 2 / 307، ميزان الاعتدال: 1 / 135، الوافي بالوفيات: 7 / 400، لسان الميزان: 1 / 261، النجوم الزاهرة: 4 / 20، طبقات الحفاظ: 377، شذرات الذهب: 3 / 22، هدية العارفين: 1 / 65.(16/169)
لَوِ ارتدَّ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مَا تَرَكْنَا حَدِيْثَهُ، وَقَدْ سأَلتُهُ المقَامَ بِنَيْسَابُورَ، فَقَالَ: عَلَى مَنْ أُقِيْمُ؟ فَوَ اللَّهِ لَوْ قَدِرْتُ لَمْ أُفَارقْ سُدَّتَكَ، مَا النَّاسُ اليَوْمَ بِخُرَاسَانَ إِلاَّ كَمَا قِيْلَ:
كَفَى حَزَناً أَنَّ المُروءَةَ عُطِّلَتْ ... وَأَنَّ ذَوِي الأَلبَابِ فِي النَّاسِ ضُيَّعُ
وَأَنَّ مُلوكاً لَيْسَ يَحْظَى لَدَيْهمُ ... مِنَ النَّاسِ إِلاَّ مَنْ يُغَنِّي وَيُصفَعُ
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالحَاكِمُ، وَابنُ رَزْقَوَيْه، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ دُومَا، وَأَبُو القَاسِمِ السَّرَّاجُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ.
وَقَدْ طَلَبَهُ أَمِيْرُ صَعْدَةَ مِنْ بَغْدَادَ، فَأَدركَهُ المَوْتُ بِالجُحْفَةِ (1) .
وَثَّقَهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ الكشِّيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: الأَمْرُ عِنْدنَا بِخِلاَفِ ذَلِكَ، وَهُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ، لَمْ يَخْتلفْ شيوخُنَا الَّذِيْنَ لَقُوهُ فِي ذَلِكَ (2) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ، وَبِلاَلٌ الوَالِي، قَالاَ:
أَخْبَرْنَا ابْنُ رَوَاجٍ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ بنُ ممِيلَ، وَسُنْقرُ الزَّيْنِيُّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا أَبُو عبدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ إِملاَءً، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رُمَيْحٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ
__________
(1) الجحفة: بالضم ثم السكون والفاء: قرية كبيرة كانت على طريق المدينة من مكة، وهي ميقات أهل مصر والشام إن لم يمروا على المدينة، وكان اسمها مهيعة، وإنما سميت الجحفة لان السيل اجتحفها وحمل أهلها في بعض الاعوام. " معجم البلدان ": 2 / 111.
(2) " تاريخ بغداد ": 5 / 8.(16/170)
سَعِيْدِ بنِ حَاتمٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ مخْلَدٍ، حَدَّثَنَا عُبيدُ بنُ يَعِيْشَ، حَدَّثَنِي مَنْصُوْرُ بنُ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
خَطَبَنَا رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَسْجِد الخَيْفِ، فَقَالَ: (نَضَّرَ اللهُ امْرَءاً سَمِعَ مِنَّا حَدِيْثاً) ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ ... (1) .
125 - ابْنُ النَّجْمِ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ طَاهِرٍ المَيَانَجِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ طَاهِرِ بنِ النَّجْمِ المَيَانَجِيُّ.
رَحَّالٌ جَوَّالٌ.
سَمِعَ: أَبا مُسْلِمٍ الكَجِّيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ الحنَّائِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيَّ، وَطَبَقَتَهُم، وَتَمَهَّرَ بِسَعِيْدِ بنِ عَمْرٍو البَرْدَعِيِّ صَاحبِ أَبِي زُرْعَةَ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زُرْعَةَ القَزْوِيْنِيَّ، وَيَعْقُوْبُ بنُ يُوْسُفَ الأَرْدُبيلِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ التَّرَاسِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ فَارِسَ اللُّغَوِيُّ وَآخرُوْنَ.
وَكَانَ ابْنُ فَارِس يَقُوْلُ: مَا رَأَى ابْنُ النَّجْمِ مِثْلَ نَفْسِهِ، وَلاَ رَأَيْتُ مِثْلَهُ
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف أبي حمزة الثمالي واسمه ثابت بن أبي صفية، لكن للحديث شواهد صحيحة يتقوى بها، فقد رواه من حديث ابن مسعود بإسناد صحيح: الشافعي 1 / 14، والترمذي (2659) ، وابن ماجة (232) والرامهرمزي في " المحدث الفاصل ": 165. ورواه أحمد 5 / 183، والترمذي (2658) والدارمي 1 / 75، وابن ماجة (230) ، والرامهرمزي: 164، من حديث زيد بن ثابت، وصححه الحافظ ابن حجر وغيره، ورواه أحمد 4 / 80 و82، وابن ماجة (231) والدارمي 1 / 74، 75، من حديث جبير بن مطعم، ورواه الدارمي 1 / 75، 76 من حديث أبي الدرداء، ورواه أحمد 3 / 225، من حديث أنس.
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 931 - 932، العبر: 2 / 320، طبقات الحفاظ: 377، شذرات الذهب: 3 / 36.(16/171)
حَكَى ذَلِكَ سَعْدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ.
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ: تُوُفِّيَ بَعْدَ الخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ المحتَسِبُ، أَخْبَرَنَا نَصْرُ بنُ جرْوٍ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعْدُ بنُ عَلِيٍّ المِصْرِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَلِيٍّ التَّرَاسِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ طَاهِرٍ المَيَانَجِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ الحنَّائِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ أَبِي: حَدَّثَنَا أَنَسُ بنُ مَالِكٍ: أَنَّ رَجُلَيْنِ عَطَسَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمَّتَ - أَوْ فَشَمَّتَ - أَحَدَهُمَا، وَتَرَكَ الآخَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، تَرَكْتَ الآخَرَ؟
قَالَ: (لأَنَّ هَذَا حَمِدَ اللهَ، وَأَنَّ هَذَا لَمْ يَحْمَدِ اللهَ (1)) أَوْ كَمَا قَالَ.
126 - عُمَرُ البَصْرِيُّ أَبُو حَفْصٍ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مُفِيْدُ بَغْدَادَ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي السَّرِيِّ البَصْرِيُّ الوَرَّاقُ.
حَمَلَ النَّاسَ بَانتخَابِهِ عَلَى الشُّيُوْخِ كَثِيْراً.
__________
(1) صحيح، وأخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (19678) من طريق معمر، عن سليمان التيمي، عن أنس بن مالك، وأخرجه البخاري 10 / 504 في الأدب: باب لا يشمت العاطس إذا لم يحمد الله، من طريق آدم بن أبي إياس، عن شعبة، ومسلم (2991) في الزهد: باب تشميت العاطس وكراهية التثاؤب من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، عن حفص ابن غياث، كلاهما عن سليمان التيمي.
وهو في البخاري 10 / 495، وسنن أبي داود (5039) ، والترمذي (2743) من طريق سفيان الثوري، عن سليمان التيمي، عن أنس.
(*) تاريخ بغداد: 11 / 244 - 249، المنتظم: 7 / 44 - 45، تذكرة الحفاظ: 3 / 934 -
935، العبر: 2 / 309، ميزان الاعتدال: 3 / 184، البداية والنهاية: 11 / 265 - 266، لسان الميزان: 4 / 287 - 289، طبقات الحفاظ: 378، شذرات الذهب: 3 / 26.(16/172)
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي خَلِيْفَةَ، وَالحَسَنِ بنِ المُثَنَّى، وَعَبْدَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَابنُ رَزْقَوَيْه، وَعَلِيُّ بنُ دَاوُدَ الرَّزَّازُ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ يتَّبعُ خُطَاهُ فِي انْتِخَابِهِ عَلَى الشَّافِعِيِّ، وَعَمِلَ فِي ذَلِكَ رسَالَةً فِي خَمْسِ كَرَارِيْسَ، وَبَيَّنَ أَغَاليطَهُ فِي أَشيَاءَ عديدةٍ يخَالفُ فِيْهَا أُصولَ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، فتَأَمَّلتُهَا، فرَأَيْتُ فعلَهُ فعلَ تغفُّلٍ، لاَ يَعِي مَا يَنْتَخِبُ، فيصحِّفُ، وَيُسْقِطُ مِنَ الإِسنَادِ، وَبدُوْنِ ذَلِكَ يُضَعِّفُ المُحَدِّثَ.
وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ السَّبِيْعِيُّ يُكَذِّبُهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَتْ كُتُبُهُ رَدِيئَةً.
وحكَى الحَاكِمُ عَنْ عُمَرَ، قَالَ: ذَاكرتُ ابنَ عُقْدَةَ، فَأَغربتُ عَلَيْهِ حَدِيْثاً.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَوْلِدُهُ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
127 - مُنْذِرُ بنُ سَعِيْدٍ البَلُّوْطِيُّ أَبُو الحَكَمِ الأَنْدَلُسِيُّ *
قَاضِي الجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ، يُنسَبُ إِلَى قبيلَةٍ يُقَال لَهَا: كُزْنَةَ، وَهُوَ مِنْ مَوْضِعٍ قريبٍ مِنْ قُرْطُبَةَ، يُقَال لَهُ: فحصُ البَلُّوْطِ (1) .
__________
(*) طبقات النحويين واللغويين: 319 - 320، تاريخ علماء الأندلس: 2 / 144 - 145، جذوة المقتبس: 348 - 349، فهرسة ابن خير: ص 54، بغية الملتمس: 465 - 466، معجم الأدباء: 19 / 174 - 185، معجم البلدان: 1 / 492، إنباه الرواة: 3 / 325، الكامل لابن الأثير: 8 / 674 - 675، اللباب: 1 / 176، العبر: 2 / 302 - 303، تلخيص ابن مكتوم: 256، البداية والنهاية: 11 / 288 - 289، تاريخ قضاة الأندلس: 66 - 75، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 264 - 265 بغية الوعاة: 2 / 301، نفح الطيب: 1 / 372 - 376 و2 / 16 - 22، شذرات الذهب: 3 / 17، مطمح الانفس: 237 - 259، هدية العارفين: 2 / 472.
(1) انظر " معجم ياقوت ": 1 / 492، و" اللباب ": 1 / 176.(16/173)
كَانَ فَقِيْهاً مُحَقِّقاً، وَخطيباً بَلِيْغاً مُفَوَّهاً، لَهُ اليَوْمُ المَشْهُوْرُ الَّذِي ملأَ فِيْهِ الآذَانَ، وَبَهَرَ العُقولَ، وَذَلِكَ أَنَّ المُسْتَنصرَ بِاللهِ، كَانَ مشغُوفاً بَأَبِي عليٍّ القَالِيِّ، يُؤَهِّلُهُ لِكُلِّ مُهِمٍّ، فَلَمَّا وَرَدَ رَسُوْلُ الرُّوْمِ أَمَرَهُ أَنْ يقومَ خَطِيْباً عَلَى العَادَةِ الجَارِيَةِ، فَلَمَّا شَاهدَ أَبُو عَلِيٍّ الجمعَ العظيمَ جَبُنَ فَلَمْ تَحْمِلْهُ رِجْلاَهُ، وَلاَ سَاعَدَهُ لسَانُهُ، وَفطِنَ لَهُ مُنذرُ بنُ سَعِيْدٍ، فَوَثَبَ فِي الحَالِ، وَقَامَ مقَامَهُ، وَارتَجَلَ خطبَةً بَدِيْعَةً، فَأَبهَتَ الخَلْقَ، وَأَنشدَ فِي آخِرِهَا لِنَفْسِهِ:
هَذَا المَقَالُ الَّذِي مَا عَابَهُ فَنَدُ ... لَكِنَّ صَاحِبَهُ أَزْرَى بِهِ البَلَدُ
لَوْ كُنْتُ فِيهِمْ غَرِيباً كُنْتُ مُطَّرفاً ... لكِنَّنِي مِنْهُمُ فَاغتَالَنِي النَّكَدُ
لَوْلاَ الخِلاَفَةُ أَبقَى اللهُ بَهَجْتَهَا ... مَا كُنْتُ أَبقَى بِأَرضٍ مَا بِهَا أَحَدُ
فَاستَحْسَنُوا ذَلِكَ، وَصلَّبَ الرَّسُولُ، وَقَالَ: هَذَا كبشُ رِجَالِ الدَّوْلَةِ (1) .
وَمِنْ تَصَانِيْفِهِ: كِتَابُ (الإِنْبَاهِ عَنِ الأَحْكَامِ مِنْ كِتَابِ اللهِ) ، وَكِتَابُ (الإِباَنَةِ عَنْ حَقَائِقِ أُصولِ الدِّيَانَةِ) .
قَالَ ابْنُ بشكوَالٍ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ: مُنذرُ بنُ سَعِيْدٍ خطيبٌ بَلِيْغٌ مِصْقَعٌ (2) ، لَمْ يَكُنْ بِالأَنْدَلُسِ أَخطبَ مِنْهُ، مَعَ العِلْمِ البَارعِ، وَالمعرفَةِ الكَامِلَةِ، وَاليَقِينِ فِي العلومِ، وَالدِّينِ، وَالوَرَعِ، وَكَثْرَةِ الصِّيَامِ، وَالتَّهجُّدِ، وَالصَّدْعِ بِالْحَقِّ.
كَانَ لاَ تَأَخُذُهُ فِي اللهِ لومَةُ لاَئِمٍ، وَقَدِ اسْتَسْقَى غَيْرَ مَرَّةٍ، فَسُقِيَ.
ذَكَرَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ الحَكَمَ، فَقَالَ: كَانَ فَقِيْهاً، فَصِيْحاً، خَطِيْباً، لَمْ
__________
(1) الخبر بنحو في " معجم الأدباء " 19 / 175، و" نفخ الطيب ": 1 / 372 - 374.
(2) الخطيب المصقع: البليغ الماهر في خطبته، وهو " مفعل " من الصقع، ومعناه: رفع الصوت ومتابعته، ومفعل: من أبنية المبالغة. " لسان العرب " مادة: صقع.(16/174)
يُسمعْ بِالأَنْدَلُسِ أَخطبُ مِنْهُ، وَكَانَ أَعلمَ النَّاسِ بِاخْتِلاَفِ العُلَمَاءِ، شَاعِراً لبيباً أَدِيباً، لَهُ تَصَانِيْف حسَانٌ جِدّاً، وَكَانَ مَذهَبُهُ النَّظَرَ وَالجَدَلَ، يَمِيلُ إِلَى مَذْهَبِ دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ.
وَذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بنُ حَارثٍ القَرَوِيِّ، فَقَالَ: كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّفَاذِ وَالتَّحْصِيْلِ، مُتدرِّباً للمنَاظرَةِ، مُتخلِّقاً بِالإِنصَافِ، جَيِّدَ الفَهْمِ، طَوِيْلَ العِلْمِ، بَلِيْغاً مُوجزاً، يَمِيْلُ إِلَى طُرُقِ الفضَائِلِ، وَيُوَالِي أَهلَهَا، وَيلهَجُ بِأَخْبَارِ الصَّالِحِيْنَ.
حَجَّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَأَقَامَ فِي رِحْلَتِهِ أَرْبَعينَ شهراً، وَانْصَرَفَ، فَأَدْخَلَ الأَنْدَلُسَ مِنْ عِلمِ النَّظَرِ وَمِنْ عِلمِ اللُّغَةِ كُتُباً كَثِيْرَةً.
وَامتَحَنَهُ النَّاصرُ بِغَيْرِ مَا أَمَانَةٍ، وَأَخرجَهُ رسولاً إِلَى غَيْرِ مَا وَجْهٍ، فَخَلُصَ محموداً، وَأَقَامَ بِمَا حَمَلَ مشكوراً، ثُمَّ وَلاَّهُ قَضَاءَ كورَةَ مَارِدَةَ (1) ، ثُمَّ وَلاَّهُ قَضَاءَ الثُّغُوْرِ الشَّرْقِيَّةِ كُلِّهَا، ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى قَضَاءِ القُضَاةِ، وَالصَّلاَةِ بِجَامعِ الزَّهرَاءِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ: أَخْبَرَنِي حَكَمُ بنُ مُنذرِ بنِ سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي أَنَّهُ حَجَّ رَاجِلاً مَعَ قَوْمٍ رَجَّالَةٍ، فَانقَطَعُوا وَأَعوَزَهُمُ المَاءُ فِي الحِجَازِ وَتَاهُوا.
قَالَ: فَأَوَيْنَا إِلَى غَارٍ نَنْتَظِرُ المَوْتَ، فَوَضَعْتُ رَأْسِي مُلْصَقاً بِالجَبَلِ، فَإِذَا حجرٌ كَانَ فِي قُبَالَتِهِ، فَعَالَجْتُهُ، فَنَزَعْتُهُ، فَانبَعَثَ المَاءُ، فَشَرِبْنَا وَتَزَوَّدَنَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: حُدِّثْتُ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ القَاضِي مُنْذِرَ بنَ سَعِيْدٍ فِي بَعْضِ الأَسحَارِ عَلَى دكَّانِ المَسْجَدِ، فَعَرفَهُ، فَجَلَسَ إِلَيْهِ، وَقَالَ: يَا
__________
(1) ماردة: قال ياقوت: هي كورة واسعة من نواحي الأندلس، من أعمال قرطبة، وهي إحدى القواعد التى تخيرتها الملوك للسكن من القياصرة والروم، وهي مدينة رائقة، كثيرة الرخام، عالية البنيان، فيها آثار قديمة حسنة، تقصد للفرجة والتعجب: " معجم البلدان ": 5 / 38 - 39.(16/175)
سيِّدَي إِنَّكَ لتغرِّرُ بِخُروجِكَ، وَأَنْتَ أَعْظَمُ الحكَّامِ، وَفِي النَّاسِ المحكومُ عَلَيْهِ وَالرَّقيقُ الدِّينِ، فَقَالَ: يَا أَخِي وَأَنَّى لِي بِمِثْلِ هَذِهِ المنزلَةِ؟ وَأَنَّى لِي بِالشَّهَادَةِ، مَا أَخرجُ تعرُّضاً للتَّغرُّرِ، بَلْ أَخرجُ مُتَوَكِّلاً عَلَى اللهِ إِذْ أَنَا فِي ذِمَّتِهِ.
فَاعلَمْ أَنَّ قَدَرَهُ لاَ محيدَ عَنْهُ، وَلاَ وَزَرَ دُوْنَهُ.
قَالَ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ: قَحطَ النَّاسُ فِي بَعْضِ السِّنينَ آخِرَ مُدَّةِ النَّاصِرِ، فَأَمرَ القَاضِيَ منذرَ بنَ سَعِيْدٍ بِالبُرُوزِ إِلَى الاسْتِسْقَاءِ بِالنَّاسِ، فصَامَ أَيَّاماً وَتَأَهَّبَ، وَاجتمعَ الخلقُ فِي مصلَّى الرَّبَضِ، وَصعِدَ النَّاصِرُ فِي أَعْلَى قَصرِهِ لِيشَاهِدَ الجمعَ، فَأَبطأَ مُنذرٌ، ثُمَّ خَرَجَ رَاجِلاً مُتخشِّعاً، وَقَامَ لِيَخْطُبَ، فَلَمَّا رَأَى الحَالَ بَكَى وَنَشَجَ وَافتَتَحَ خُطْبَتَهُ بِأَنْ قَالَ: سلاَمٌ عليكُمٌ، ثُمَّ سَكَتَ شبهَ الحَسِيرِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَتِهِ، فَنَظَرَ النَّاسُ بعضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ لاَ يَدْرُوْنَ مَا عَرَاهُ، ثُمَّ انْدَفَعَ، فَقَالَ: {سَلاَمٌ عليكُمٌ، كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} الآيَةِ [الأَنْعَام:54] اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ وَتُوبُوا إِلَيْهِ، وَتقرَّبُوا بِالأَعمَالِ الصَّالِحَةِ لَدَيْهِ، فَضَجَّ النَّاسُ بِالبُكَاءِ، وَجَأَرُوا بِالدُّعَاءِ وَالتَّضرُّعِ، وَخَطَبَ فَأَبْلَغَ، فَلَمْ يَنْفَضَّ القَوْمُ حَتَّى نَزَلَ غَيثٌ عَظِيْمٌ.
واسْتَسْقَى مَرَّةً، فَقَالَ يَهْتِفُ بِالخلقِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ} الآيتينِ [فَاطِر:15 - 16] فَهَيَّجَ الخلقَ عَلَى البُكَاءِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَذكُرُ أَنَّ رَسُوْلَ النَّاصِرِ جَاءهُ للاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ لِلرَّسُوْلِ: هَا أَنَا سَائِرٌ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَا الَّذِي يَصْنَعُهُ الخَلِيْفَةُ فِي يَوْمنَا هَذَا؟
فَقَالَ: مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ أَخْشَعَ مِنْهُ فِي يَوْمِهِ هَذَا، إِنَّهُ مُنفردٌ بِنَفْسِهِ، لاَبسٌ أَخشنَ الثِّيَابِ، مُفترشٌ التُّرَابَ، قَدْ عَلاَ نَحِيْبُهُ وَاعْتَرَافُهُ بِذُنُوبِهِ، يَقُوْلُ: ربِّ هَذِهِ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، أَتُرَاكَ تُعذِّبُ الرَّعِيَّةَ وَأَنْتَ أَحكمُ الحَاكمِينَ وَأَعدلُهُمْ، أَنْ(16/176)
يَفُوتَكَ مِنِّي شَيْءٌ.
فَتَهَلَّلَ مُنذرُ بنُ سَعِيْدٍ، وَقَالَ: يَا غُلاَمُ احملِ المِمْطَرَةَ (1) مَعَكَ، إِذَا خَشَعَ جَبَّارُ الأَرضِ رَحِمَ جَبَّارُ السَّمَاءِ.
قَالَ ابْنُ عَفِيْفٍ: مِنْ أَخبارِهِ المحفوظَةِ: أَنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ عَمِلَ فِي بَعْضِ سُطُوحِ الزَّهْرَاءِ قُبَّةً بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَجَلَسَ فِيْهَا، وَدَخَلَ الأَعْيَانُ، فَجَاءَ مُنذرُ بنُ سَعِيْدٍ، فَقَالَ لَهُ الخَلِيْفَةُ كَمَا قَالَ لِمَنْ قَبْلَهُ: هَلْ رَأَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ أَنَّ أَحَداً مِنَ الخُلَفَاءِ قَبْلِي فَعَلَ مِثْلَ هَذَا؟ فَأَقْبَلَتْ دُمُوعُ القَاضِي تَتَحَدَّرُ، ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ مَا ظَنَنْتُ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنْكَ هَذَا المَبْلَغَ، أَنْ أَنْزَلَكَ مَنَازِلَ الكُفَّارِ، قَالَ: لِمَ؟
فَقَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْلاَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أَمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهُمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلمُتَّقِيْنَ} [الزُّخْرُف:33 - 34] فَنَكَسَ النَّاصِرُ رَأْسَهُ طَوِيْلاً، ثُمَّ قَالَ: جَزَاكَ اللهُ عَنَّا خَيراً وَعَنِ المُسْلِمِينَ، الَّذِي قُلْتَ هُوَ الحَقُّ، وَأَمَرَ بِنَقْضِ سَقْفِ القُبَّةِ.
وَخَطَبَ يَوْماً فَأَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ، فَقَالَ: حَتَّى مَتَى أَعِظُ وَلاَ أَتَّعِظُ، وَأَزجُرُ وَلاَ أَزدَجِرُ، أَدُلُّ عَلَى الطَّرِيْقِ المُسْتَدِلِّيْنَ، وَأَبقَى مُقيماً مَعَ الحَائِرِينَ، كلاَّ إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاَءُ المُبِيْنُ.
اللَّهُمَّ فَرَغِّبْنِي لِمَا خَلَقْتَنِي لَهُ، وَلاَ تَشْغَلْنِي بِمَا تَكَفَّلْتَ لِي بِهِ.
وَقَدِ اسْتغرقَ مرَّةً فِي خطْبَتِهِ بِجَامعِ الزَّهرَاءِ فَأَدْخَلَ فِيْهَا: {أَتبنُوْنَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ، وَتَتَّخِذُوْنَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُوْنَ، وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبِّارِيْنَ} [الشُّعرَاء:128 - 130] فَتَخَيَّرَ النَّاصِرُ لخطَابَةِ الزَّهْرَاءِ أَحْمَدَ بنَ مطرِّفٍ إِذَا حَضَرَ النَّاصِرُ.
__________
(1) الممطرة والممطر: ثوب من صوف يلبس في المطر يتوقى به من المطر، وعبارة " نفح الطيب ": احمل المطر.(16/177)
تُوُفِّيَ مُنذرُ فِي انسلاخِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ سَمِعَ مِنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَخَذَ عَنِ ابْنِ المُنْذِرِ (كِتَابَ الإِشرَافِ (1)) .
وَمِنْ خطبَتِهِ إِذْ أُرتِجَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ القَالِيِّ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ لِكُلِّ حَادثَةٍ مَقَاماً، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالاً، وَلَيْسَ بَعْدَ الحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَل، وَإِنِّي قَدْ قُمْتُ فِي مَقَامٍ كَرِيمٍ بَيْنَ يَدَيْ مَلكٍ عَظيمٍ، فَأَصغُوا إِلَى مَعْشَرِ الملأِ بِأَسْمَاعكُمْ إِنَّ مِنَ الحَقِّ أَنْ يُقَالَ للمُحِقِّ: صَدَقْتَ، وَللمُبْطِلِ: كَذبتَ.
وَإِنَّ الجَلِيْلَ تَعَالَى فِي سَمَائِهِ، وَتَقَدَّسَ بِأَسمَائِهِ، أَمرَ كَلِيْمَهُ مُوْسَى أَنْ يُذَكِّرَ قومَهُ بِنِعَمِ اللهِ عِنْدَهُمْ، وَأَنَا أُذكِّرُكُمْ نِعَمَ اللهِ عَلَيْكُمْ.
وَتَلاَ فِيْهِ لَكُمْ بِوِلاَيَةِ أَمِيْرِكُم الَّتِي آمَنَتْ سِرْبَكُمْ، وَرَفَعَتْ خَوفَكُمْ، وَكُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ، وَمُسْتَضْعَفِينَ فَقوَّاكُمْ، وَمُستَذلِّينَ فَنَصَرَكُمْ، وَلاَّهُ اللهُ أَيَّاماً (2) ضَرَبَتِ الفِتْنَةُ سُرَادقَهَا عَلَى الآفَاقِ، وَأَحَاطَتْ بِكُمْ شُعَلُ النِّفَاقِ، حَتَّى صِرتُمْ مِثْلَ حَدَقَةِ البَعيرِ، مَعَ ضِيقِ الحَالِ وَالتَّغييرِ، فَاسْتُبْدِلْتُمْ بِخِلاَفَتِهِ مِنَ الشِدَّةِ بِالرَّخَاءِ ... إِلَى أَنْ قَالَ: فَنَاشدتُكُمُ اللهَ، أَلَمْ تَكُنِ الدِّمَاءُ مسفوكَةً فَحَقَنَهَا؟ وَالسُّبُلُ مخوفَةً فآمَنَهَا، وَالأَمْوَالُ منتَهَبَةً فَأَحْرَزَهَا (3) ، وَالبِلاَدُ خرَاباً فَعَمَّرَهَا، وَالثُّغُوْرُ مُهتضمَةً فَحَمَاهَا وَنَصَرَهَا، فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللهِ عَلَيْكُمْ ... ، وَذَكَرَ بَاقِي الخطْبَةِ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَولِدَهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَيَكُونُ عمُرُهُ تِسْعِيْنَ سنَةً كَاملَةً - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
__________
(1) قال القفطي: وكانت له رحلة إلى المشرق، لقي فيها جماعة من علماء الفقه واللغة، وجلب كتاب " الاشراف في اختلاف العلماء " رواية عن مؤلفه محمد بن المنذر " إنباه الرواة ": 3 / 325.
(2) في " معجم الأدباء ": ولاه الله إمامتكم أيام ضربت..، وفي " المطمح ": ولاه الله رعايتكم، وأسند إليه إمامتكم أيام..
(3) أي: جعلها في حرز حريز.(16/178)
128 - حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ العَبَّاسِ الكِنَانِيُّ *
الإمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، مُحَدِّثُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، أَبُو القَاسِمِ الكِنَانِيُّ، المِصْرِيُّ، صَاحبُ (مَجْلِسِ البطَاقَةِ (1)) .
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: عِمْرَانَ بنَ مُوْسَى الطَّبيبِ، وَمُحَمَّدَ بنَ سَعِيْدٍ السَّرَّاجَ، وَأَبَا عبدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ الصَّيْقَلِ، وَسَعِيْدَ بنَ عُثْمَانَ الحَرَّانِيَّ، وَأَبا يَعْقُوْبَ المَنْجَنِيْقِيَّ، وَدَاوُدَ بنَ شَيْبَةَ، وَعَبْدَانَ الأَهْوَازِيَّ، وَأَبا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُعَافَا الصَّيدَاوِيَّ، وَجُمَاهرَ بنَ مُحَمَّدٍ الزَّمْلَكَانِيَّ، وَأَبا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ، لحقَهُ بِالبَصْرَةِ.
وَجمعَ وَصَنَّفَ، وَكَانَ مُتْقِناً مجوِّداً، ذَا تَأَلُّهٍ وَتعبُّدٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابنُ مَنْدَةَ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ، وَتَمَّامُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ، وَشُعَيْبُ بنُ المِنْهَالِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ نَصْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ حِمِّصَةَ الحَرَّانِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُمَرَ بنِ النَّحَاسِ، وَأَحْمَدُ بنُ فتحٍ القُرْطُبِيُّ ابْنُ الرَّسَّانِ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُشْكَيَالِيُّ الطُّلَيْطِلِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ القَابِسِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 932 - 934، العبر: 2 / 308، دول الإسلام: 1 / 221، النجوم الزاهرة: 4 / 20، طبقات الحفاظ: 377 - 378، حسن المحاضرة: 1 / 351، شذرات الذهب: 3 / 23 - 24، هدية العارفين: 1 / 336، الرسالة المستطرفة: 90، تهذيب ابن عساكر: 4 / 454 - 455.
(1) مجلس البطاقة: هو الجزء الحديثي المعروف ب " جزء البطاقة ". رواه عن أبي القاسم - صاحب الترجمة - أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحراني المصري الصواف، المتوفى سنة إحدى وأربعين وأربع مئة. انظر " حسن المحاضرة ": 1 / 351، 373 - 374، و" الرسالة المستطرفة " ص: 90.(16/179)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: حَمْزَةُ المِصْرِيُّ هُوَ عَلَى تَقَدُّمِهِ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْثِ أَحدُ مَنْ يُذكرُ بِالزُّهْدِ وَالوَرَعِ وَالعِبَادَةِ.
سَمِعَ النَّسَائِيَّ، وَأَبا خَلِيْفَةَ، وَأَقرَانَهُمَا بِالحِجَازِ وَالعِرَاقَيْنِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ الغَنِيِّ الحَافِظَ يَقُوْلُ - وَجَرَى ذِكْرُ حَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ -، فَقَالَ: كُلُّ شَيْءٍ لَهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ؛ وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ، وَأَوَّلُ سمَاعِهِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ، وَرَحَلَ إِلَى العِرَاقِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الصُّوْرِيُّ: كَانَ حَمْزَةُ حَافِظاً ثَبْتاً.
قَالَ ابْنُ زُولاَقَ: حَدَّثَنِي الحَافِظُ، قَالَ: رَحَلْتُ سنَةَ خَمْسٍ، فَدَخَلتُ حلبَ وَقَاضِيَهَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَبْدَةَ، فَكتبتُ عَنْهُ، فَكَانَ يَقُوْلُ لِي: لَوْ عرفتُكَ بِمِصْرَ لملأْتُ ركَائِبَكَ ذهباً، فَيُقَالُ: أَعطَاهُ مِائَتي دِيْنَارٍ ترحَّلَ بهَا إِلَى العِرَاقِ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ، سَمِعْتُ حَمْزَةَ الكِنَانِيَّ يَقُوْلُ: خرَّجْتُ حَدِيْثاً وَاحِداً عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نَحْوِ مِائَتي طَرِيْقٍ، فَدَاخَلَنِي لِذَلِكَ مِنَ الفَرحِ غَيْرُ قَلِيْلٍ، وَأُعْجِبْتُ بِذَلِكَ، فرَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا أَبا زَكَرِيَّا، خرَّجْتُ حَدِيْثاً مِنْ مائتَي طَرِيْقٍ، فَسَكَتَ عَنِّي سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: أَخْشَى أَنْ تَدْخُلَ هَذِهِ تَحْتَ {أَلهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التَّكَاثر:1] .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ: سَمِعْتُ حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدٍ الحَافِظَ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَكتبُ الحَدِيْثَ، فَلاَ أَكتبُ وَ (سَلَّمَ) بَعْدَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ.
فرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ، فَقَالَ لِي: أَمَا تَخْتِمُ الصَّلاَةَ عليَّ فِي كِتَابِكَ؟!
أَنْبَأَنَا الخَضِرُ بنُ حَمَّوَيْه، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبِي، أَخْبَرْنَا ابْنُ(16/180)
الأَكفَانِيِّ، أَخْبَرَنَا سَهْلُ بنُ بِشْرٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عُمَرَ الحَرَّانِيَّ، سَمِعْتُ حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدٍ الحَافِظَ - وَجَاءهُ غريبٌ -، فَقَالَ: إِنَّ عَسْكَرَ أَبِي تَمِيمٍ - يَعْنِي: المغَاربَةَ - قَدْ وَصَلُوا إِلَى الإِسكندريَّةِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ لاَ تُحْيِنِي حَتَّى تُريَنِي الرَّايَاتِ الصُّفرِ.
فَمَاتَ حَمْزَةُ، وَدَخَلَ عسكَرُهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ بثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.
قُلْتُ: هَؤُلاَءِ عَسْكَرُ المعزِّ العُبَيْدِيِّ الإِسمَاعِيليَّةُ، تملَّكُوا مِصْرَ فِي هَذَا الوَقْتِ، وَبَنُوا فِي الحَالِ مدينَةَ القَاهرَةِ المعزِّيَّةِ، فَأَمَاتُوا السُّنَّةَ، وَأَظهَرُوا الرَّفْضَ، وَدَامَتْ دولَتُهُمْ أَزيدَ مِنْ مِائَتي عَامٍ، حَتَّى أَبَادَهُمُ السُّلْطَانُ صلاَحُ الدِّينِ، وَنسبُهُمْ إِلَى عليٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - غَيْرُ صَحِيْحٍ.
مَاتَ حَمْزَةُ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ بضعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، قَالَهُ المُحَدِّثُ يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّحَّانِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: الحَافِظُ أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رُمَيْحٍ النَّسَوِيُّ النَّخَعِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحُسَيْنِ النَّضْرِيُّ المَرْوِيُّ، وَعبدُ الرَّحْمَنِ بنُ العَبَّاسِ المُخَلِّصُ، وَعُمَرُ بنُ جَعْفَرٍ البَصْرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مُحْرِمٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ قَالاَ: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ صباحٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، أَخْبَرَنَا عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، سَمِعْتُ الصَّيْدَلاَنِيَّ عبَّاساً الدُّوْرِيَّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ: إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يخرجُ مِنْ مَنْزِلِهِ بِلاَ مِحْبَرَةٍ وَلاَ قَلَمٍ يطلبُ الحَدِيْثَ، فَقَدْ عَزَمَ عَلَى الكِذبَةِ.
129 - المُغَفَّلِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، القُدْوَةُ، الحَافِظُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ
__________
(*) طبقات العبادي: 87، الأنساب: (خ) 527 / ب، العبر: 2 / 304، طبقات =(16/181)
عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللهِ بنِ بِشْرِ بنِ مُغَفَّلِ بنِ حَسَّانٍ ابْنِ صَاحبِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيُّ المُغَفَّلِيُّ الهَرَوِيُّ، المُلَقَّبُ بِالبَازِ الأَبيضِ.
وُلِدَ بَعْدَ السَّبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ نَجْدَةَ، وَعَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ الجَكَّانِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ الحَافِظَ، وَعِمْرَانَ بنَ مُوْسَى بنَ مُجَاشعٍ، وَأَبَا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ، وَيُوْسُفَ القَاضِي، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيَّ، وَعُبَيْدَ بنَ غَنَّامٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ يُوْسُفَ الهِسِنْجَانِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ، وَعَبْدَانَ الأَهْوَازِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ علاَّنَ المِصْرِيَّ، وَطَبَقَتَهُم بِمِصْرَ، وَالحَرَمَيْنِ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَالعجمِ.
وَجمعَ وَصَنَّفَ، وَتَقَدَّمَ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْثِ وَالعُلومِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ - شَيْخُهُ -، وَعَمْرُو بنُ الرَّبِيْعِ بنِ سُلَيْمَانَ - شَيْخُهُ -، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ، وَالحَاكِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ القَفَّالُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الخَازنُ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ إِمَامُ أَهْلِ خُرَاسَانَ بِلاَ مُدَافعَةٍ، وَقَدْ حَجَّ بِالنَّاسِ، وَخطبَ بِمَكَّةَ، وَقدمَ إِلَيْهِ المقَامُ، وَهُوَ قَاعدٌ فِي جوفِ الكَعْبَةِ.
وَلَقَدْ سمِعتُهُمْ بِمَكَّةَ يَذْكُرُوْنَ أَنَّ هَذِهِ الولاَيَةَ لَمْ تَكُنْ قَطُّ لِغيرِهِ، وَمِنْ عَظَمَتِهِ أَنْ كَانَ فَوْقَ الوزرَاءِ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَصْدُرُوْنَ عَنْ رَأَيِهِ، وَجَاوَرَ مرَّةً بِمَكَّةَ، وَكُنْتُ بِبُخَارَى أَسْتَمْلِي لَهُ، فَذَكَرَ أَنَّهُ حصلَ وَجْدٌ وَشيءٌ مِنْ غَشْيٍ بِسَبَبِ إِملاَءِ حِكَايَةٍ وَأَبيَاتٍ، وَتُوُفِّيَ بَعْدَ جُمُعَةٍ، فَسَمِعْتُ ابنَهُ بِشْراً يَقُوْلُ: آخِرُ كلمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ، وَرَفَعَ يَدَهُ اليُمْنَى إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ: ارْحَمْ شَيْبَةَ شَيْخٍ
__________
= السبكي: 3 / 17 - 19، العقد الثمين: 3 / 72، شذرات الذهب: 3 / 18.(16/182)
جَاءكَ بِتَوفِيقِكَ عَلَى الفِطْرَةِ.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَامِيُّ فِي (تَاريخِ هَرَاةَ) :أَبُو مُحَمَّدٍ المُغَفَّلِيُّ، كَانَ إِمَامَ عَصرِهِ بِلاَ مُدَافعةٍ فِي أَنواعِ العُلومِ، مَعَ رُتْبَةِ الوزَارَةِ، وَعُلُوِّ القَدْرِ عِنْدَ السُّلْطَانِ.
وَمِنْ شِعرِهِ (1) :
نَزَلْنَا مُكْرَهِينَ بِهَا فَلَمَّا ... أَلِفْنَاهَا خَرَجْنَا كَارِهِيْنَا
وَمَا حُبُّ الدِّيَارِ بِنَا وَلَكِنْ ... أَمرُّ العَيْشِ فرقَةُ مَنْ هَوِيْنَا
قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ فِي سَابعَ عشرَ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَرَأَيْتُ الوَزِيْرَ أَبَا علِيٍّ البَلْعَمِيَّ وَقَدْ حُمِلَ فِي تَابُوتِهِ، وَأُحضِرَ إِلَى بَابِ السُّلْطَانِ - يَعْنِي بِبُخَارَى - لِلصَّلاَةِ عَلَيْهِ، ثُمَّ حُمِلَ تَابُوتُهُ إِلَى هَرَاةَ فَدُفِنَ بِهَا.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ السُّلَيْمَانِيَّ - وَكَانَ صَالِحاً - يَقُوْلُ: رَأَيْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ المُزَنِيَّ فِي المَنَامِ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِلَيْلَتَيْنِ، وَهُوَ يَتَبَخْتَرُ فِي مِشْيَتِهِ وَيَقُوْلُ بِصَوتٍ عَالٍ: {وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الْقَصَص:60] .
قَالَ الحَاكِمُ: وَردَ كِتَابٌ مِنْ مِصْرَ بِأَنْ يَحجَّ أَبُو مُحَمَّدٍ المُغَفَّلِيُّ بِالنَّاسِ، وَيخطُبُ بِعَرَفَةَ وَمِنَى.
فَصَلَّى بِعَرَفَةَ وَأَتمَّ الصَّلاَةَ، فَعَجَّ النَّاسُ، فَصَعِدَ المِنْبَرَ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا مُقيمٌ وَأَنْتُم (2) عَلَى سفرٍ، فَلِذَلِكَ أَتمَمْتُ.
وَتُوُفِّيَ فِي عَامِ سِتَّةٍ: مُقْرِئُ مِصْرَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ أُسَامَةَ بنِ أَحْمَدَ التُّجيْبِيُّ - أَرَّخَهُ يَحْيَى الطَّحَّانُ -، وَصَاحبُ العِرَاقِ معزُّ الدَّوْلَةِ أَحْمَدُ بنُ بُوَيْه الدَّيْلَمِيُّ، وَالمُحَدِّثُ التَّالِفُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) البيتان في " طبقات السبكي ": 3 / 19.
(2) في الأصل: وأنت.(16/183)
الجَارُوْدِ الرَّقِّيُّ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ القَاسِمِ القَالِيُّ بِالأَنْدَلُسِ، وَمُسْنِدُ هَرَاةَ أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الرَّفَّاءُ الوَاعِظُ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ الرَّافِقِيُّ، وَالشَّيْخُ عبدُ الخَالقِ بنُ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي روبَا السَّقَطِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بِشْرٍ سَنَقَةُ السَّقَطِيُّ البَغْدَادِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو الفَرَجِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الأُمَوِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ صَاحِبُ (الأَغَانِي) ، وَأَبُو الفَتْحِ عَمْرُو بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلِيُّ، وَصَاحِبُ مِصْرَ الطَّوَاشِيُّ أَبُو المِسْكِ كَافورُ الإِخْشِيدِيُّ، وَصَاحبُ الشَّامِ سَيْفُ الدَّوْلَةِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْدَانَ التَّغْلِبِيُّ.
- أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ بِشْرِ بنِ عَامِرٍ المَرْوَرُّوْذِيُّ (مُكَرر* 121)
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ بِشْرِ بنِ عَامِرٍ المَرْوَرُّوْذِيُّ، تِلْمِيْذُ أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيُّ.
لَهُ: (الجَامعُ) فِي المَذْهَبِ، وَ (شَرْحُ المُزَنِيُّ) .
وَكَانَ إِمَاماً لاَ يُشَقُّ غبارُهُ، أَخذَ عَنْهُ فُقَهَاءُ البَصْرَةِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
130 - ابْنُ الصَّوَّافِ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الحجَّةُ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ إِسْحَاقَ البَغْدَادِيُّ، ابْنُ الصَّوَّافِ.
__________
(*) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (121) .
(* *) تاريخ بغداد: 1 / 289، الأنساب: 8 / 99، المنتظم: 7 / 52 - 53، العبر: 2 / 314، البداية والنهاية: 11 / 269، الوافي بالوفيات: 2 / 44، شذرات الذهب: 3 / 28.(16/184)
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ إِسمَاعِيلَ اَلتِّرْمِذِيَّ، وَإِسْحَاقَ بنَ الحَسَنِ الحَرْبِيَّ، وَبِشْرَ بنَ مُوْسَى، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ النَّضْرِ الأَزْدِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَالحَسَنَ بنَ عَلِيِّ بنِ الوَلِيْدِ الفَارِسِيَّ صَاحِبَ أَبِي عُمَرَ الحَوْضِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ هَاشِمٍ البَغَوِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ يَحْيَى الحُلْوَانِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الملكِ بنِ أَبِي الشَّوَاربِ، وَحَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدٍ الكَاتِبَ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الجَعْدِ الوَشَّاءَ، وَأَحْمَدَ بنَ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَرْزُوْقٍ، وَأَبا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ نَصْرٍ، وَإِدْرِيْسَ بنَ عبدِ الكَرِيْمِ المُقْرِئَ، وَجَعْفَراً الفِرْيَابِيَّ وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ رَزْقَوَيْه، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ بِشْرَانَ، وَأَخُو عَبْدِ الملكِ الوَاعِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَا رأَتْ عينَايَ مِثْلَ أَبِي عَلِيٍّ بنِ الصَّوَّافِ، وَفُلاَنٍ بِمِصْرَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ ثِقَةً مَأْمُوْناً، مَا رَأَيْتُ مثلَهُ فِي التَّحَرُّزِ.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَة تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ تسعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
أَنْبَأَنَا جَمَاعَةٌ عَنْ عَفِيْفَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ الفَارْقَانيَّةِ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أَبِي المُطَهَّرِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّنَّاعُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ(16/185)
اللهِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بنِ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعَمَّارٍ: (تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ) (1) .
131 - نَاصِرُ الدَّوْلَةِ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْدَانَ التَّغْلِبِيُّ *
صَاحِبُ المَوْصِلِ، المَلِكُ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ، الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْدَانَ بنِ حَمْدُوْنَ بنِ الحَارِثِ بنِ لُقْمَانَ التَّغْلِبِيُّ، أَخُو الملكِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، ابْنَا الأَمِيْرِ أَبِي الهَيْجَاءِ.
وَكَانَ أَكبرَ مِنْ أَخِيْهِ سِنّاً وَقَدْراً، وَهُوَ الَّذِي قَتَلَ مُحَمَّدَ بنَ رَائِقٍ الَّذِي تملَّكَ.
وَلَمَّا مَاتَ أَخُوْهُ (2) تَأَسَّفَ عَلَيْهِ، وَسَاءَ مزَاجُهُ، وَتَسَوْدَنَ، فَحَجَرَ عَلَيْهِ بَنُوهُ، وَتملَّكَ ابنُهُ أَبُو تَغْلِبٍ الغَضَنْفَرُ، وَجَعَلَهُ فِي قَلْعَةٍ (3) مُرَفَّهاً مُعَزَّزاً، وَلَهُ حُرُوبٌ وَموَاقف مشهودَةٌ.
__________
(1) وأخرجه أحمد 3 / 28 من طريق سليمان بن داود، عن شعبة بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد 3 / 5 من طريق ابن أبي عدي، عن داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، وأخرجه مسلم (2915) في الفتن من طريقين، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: أخبرني من هو خير مني (هو أبو قتادة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار حين جعل يحفر الخندق، وجعل يمسح رأسه، ويقول: " بؤس ابن سمية، تقتلك فئة باغية ".
وأخرج أحمد 3 / 22 و90، 91 من طريقين، عن خالد، عن عكرمة، عن أبي سعيد.
وهو حديث مشهور أو متواتر رواه جماعة من الصحابة. انظر " فتح الباري " 1 / 452.
(*) الكامل لابن الأثير: 8 / 593، وفيات الأعيان: 2 / 114 - 117، العبر: 2 / 311، الوافي بالوفيات: 12 / 89 - 90، أمراء دمشق: 26، النجوم الزاهرة: 4 / 27، شذرات الذهب: 3 / 27، أعيان الشيعة: 22 / 97.
(2) يعني: سيف الدولة، صاحب الترجمة التالية.
(3) قال ابن خلكان: وسيره ولده إلى قلعة " أردمشت " في حصن السلامة.
ثم نقل عن ابن الأثير: أن هذه القلعة هي التي تسمى قلعة " كواشي ". انظر " الوفيات " 2 / 116.(16/186)
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: مَاتَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ.
وأَمَّا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الشِّمشَاطيُّ، فَقَالَ: مَاتَ يَوْمَ الجُمُعَةِ ثَانِيَ عشرَ ربيعٍ الأَوَّلِ سنَةَ سَبعٍ، مَاتَ بِالقُولَنْجِ ثُمَّ بِذَرَبٍ (1) .
وَكَانَ أَخُوْهُ يَتَأَدَّبُ مَعَهُ فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
رَضِيْتُ لَكَ العَلْيَا وَقَدْ كُنْتَ أَهْلَهَا ... وَقُلْتُ لَهُمْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَخِي فَرْقُ
وَلَمْ يَكُ بِي عَنْهَا نُكُولٌ وَإِنَّمَا ... تَجَافَيْتُ عَنْ حَقِّي فَتَمَّ لَكَ الحَقُّ
وَلاَ بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أَكُونَ مُصَلِّياً ... وَإِذَا كُنْتُ أَرْضَى أَنْ يَكُوْنَ لَكَ السَّبْقُ (2)
وكَانَتْ دَوْلَةُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بضعاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَكَانَ يُدَارِي بَنِي بُوَيْه.
وَفِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ التَقَى الغَضَنْفَرُ وَعسكرُ المِصْرِيِّينَ بِالرَّمْلَةِ، فَانكسرَ جمعُهُ، وَأُسِرَ وَذُبِحَ صَبْراً.
132 - سَيْفُ الدَّوْلَةِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْدَانَ *
صَاحِبُ حَلَبَ، مقصدُ الوفودِ، وَكعبَةُ الجُودِ، وَفَارسُ الإِسْلاَمِ، وَحَاملُ لوَاءِ الجِهَادِ.
كَانَ أَديباً مَلِيْحَ النَّظْمِ، فِيْهِ تَشَيُّعٌ.
__________
(1) قال صاحب " اللسان ": الذرب: هو بالتحريك، الداء الذي يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام، ويفسد فيها ولا تمسكه.
(2) الابيات في " يتيمة الدهر ": 1 / 33، و" وفيات الأعيان ": 2 / 116، و" البداية والنهاية ": 11 / 263 - 264.
(*) يتمة الدهر: 1 / 15 - 34، المنتظم: 7 / 41، الكامل لابن الأثير: 8 / 396 - 399، 457، 458، 531، 539، 544 - 552، 607 وأماكن أخرى، زبدة الحلب: 1 / 111 - 152، وفيات الأعيان: 3 / 401 - 406، المختصر في أخبار البشر: 2 / 107 - 108، العبر: 2 / 305 - 306، دول الإسلام: 1 / 221، البداية والنهاية: 11 / 263 - 264، النجوم الزاهرة: 4 / 16 - 18، شذرات الذهب: 3 / 20 - 21.(16/187)
وَيُقَالُ: مَا اجتمَعَ بِبَابِ ملكٍ مِنَ الشُّعَرَاء مَا اجتمَعَ ببَابِهِ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: عَطَاءُ الشُّعَرَاءِ مِنْ فَرَائِضِ الأُمَرَاءِ.
وَقَدْ جُمِعَ لَهُ مِنَ المدَائِحِ مُجَلَّدَانِ.
أَخَذَ حَلَبَ مِنَ الكِلاَبِيِّ نَائِبَ الإِخشيذِ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَقَبْلَهَا أَخَذَ وَاسِطَ، وَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحوَالُ، وَتملَّكَ دِمَشْقَ مُدَّةً، ثُمَّ عَادَتْ إِلَى الإِخشيذيَّةِ، وَهَزَمَ العَدُوَّ مَرَّاتٍ كَثِيْرَةٍ.
يُقَالُ: تَمَّ لَهُ مِنَ الرُّوْمِ أَرْبَعُوْنَ وَقعَةً، أَكثرُهَا يَنْصُرُهُ اللهُ عَلَيْهِمْ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ فِي عِيْدٍ نفَّذَ إِلَى النَّاسِ ضَحَايَا لاَ تُعدُّ كَثْرَةً، فَبَعَثَ إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلفَ إِنسَانٍ، فَكَانَ أَكثرَ مَا يبعثُ إِلَى الكثيرِ مِنْهُمْ مائَةَ رَأْسٍ.
وَتُوُفِّيَتْ أُخْتُهُ، فَخلَّفَتْ لَهُ خَمْسَ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، فَافتكَّ بجمِيعِهَا أَسْرَى.
التَقَاهُ كَافورٌ، فَنُصِرَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بِظَاهِرِ حِمْصَ، وَنَازَلَ دِمَشْقَ، ثُمَّ التَقَاهُ الإِخْشِيْذُ، فَهَزَمَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ، وَأَدركَ الإِخْشِيْذَ الأَجلُ بِدِمَشْقَ، فَوَثَبَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ عَلَيْهَا، وَلَمْ يُنْصِفْ أَهْلَهَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى بَعْضِ أَرْضِهِمْ، فَكَاتَبَ العَقِيْقيُّ وَالكُبَرَاءُ بَعْدَ سنَةٍ صَاحِبَ مِصْرَ، فَجَاءَ إِلَيْهِم كَافورٌ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلَهُ غَزْوٌ مَا اتَّفَقَ لملكٍ غَيْرِهِ، وَكَانَ يُضْرَبُ بِشَجَاعَتِهِ المَثَلُ، وَلَهُ وَقْعٌ فِي النُّفُوْسِ - فَاللهُ يَرْحَمُهُ -.
مَاتَ بِالفَالِجِ، وَقِيْلَ: بِعسرِ البَوْلِ، فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ.
وَلَمَّا احتُضِرَ أَخذَ عَلَى الأُمَرَاءِ العهدَ لابْنِهِ أَبِي المَعَالِي.
مَاتَ يَوْمَ جُمُعَةٍ قَبْلَ الصَّلاَةِ، وَغُسِّلَ، ثُمَّ عملَ بِصَبرٍ، وَمُرٍّ، وَمَنوينِ كَافورٍ، وَمائَةِ مثقَالِ غَاليَةٍ، وَكُفِّنَ(16/188)
فِي أَثوَابٍ قيمَتُهَا أَلفُ دِيْنَارٍ.
وَكَبَّرَ عَلَيْهِ القَاضِي العَلَوِيُّ خمساً.
وَلَمَّا بلغَ معزَّ الدَّوْلَةِ بِالعِرَاقِ مَوْتُهُ، جزِعَ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَيَّامِي لاَ تَطُولُ بَعْدَهُ، وَكَذَا وَقَعَ.
ثُمَّ نقلُوهُ إِلَى مَيَّافَارِقِيْنَ فَدُفِنَ عِنْدَ أَمِّهِ.
وَكَانَ قَدْ جَمَعَ مِنَ الغُبَارِ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ وَقتَ المَصَافَّاتِ مَا جُبِلَ فِي قَدْرِ الكَفِّ، وَأَوصَى أَنْ يُوضَعَ عَلَى خَدِّهِ.
وكَانَتْ دولتُهُ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَبَقِيَ بَعْدَهُ ابنُهُ سَعْدُ الدَّوْلَةِ فِي وَلاَيَةِ حَلَبَ خمساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَقَدِ أُسِرَ ابْنُ عَمِّهِم الأَمِيْرُ، شَاعِرُ زمَانِهِ، أَبُو فِرَاسٍ (1) الحَارِثُ بنُ سَعِيْدِ بنِ حَمْدَانَ، فَبَقِيَ فِي قُسْطَنْطِيْنِيَّةَ سَنَوَاتٍ، ثُمَّ فَدَاهُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ بَدِيْعَ الحُسْنِ، وَكَانَ صَاحِبَ مَنْبِجٍ، ثُمَّ تملَّكَ حِمْصَ، فَقُتِلَ عَنْ سبعٍ وَثَلاَثِيْنَ سنَةً، سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ.
133 - مُعِزُّ الدَّوْلَةِ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ بُوَيْه الدَّيْلَمِيُّ *
السُّلْطَانُ، أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ بُوَيْه بنِ فَنَّا خُسْرُو بنِ تَمَّامِ بنِ كُوْهِي الدَّيْلَمِيُّ، الفَارِسِيُّ.
قَدْ سَاقَ نسبَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ إِلَى كِسْرَى بَهْرَامَ جُور (2) .
فَاللهُ أَعلمُ.
كَانَ أَبُوْهُ سَمَّاكاً، وَهَذَا رُبَّمَا احتَطَبَ.
تملَّكَ العِرَاقَ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ الخَلِيْفَةَ مقهوراً مَعَهُ، وَمَاتَ مَبْطُوناً، فَعَهِدَ إِلَى ابْنِهِ عزِّ الدَّوْلَةِ
__________
(1) تأتي ترجمته في هذا الجزء برقم (136) .
(*) تجارب الأمم: 6 / 146، 231 وغيرها، المنتظم: 7 / 38 - 39، الكامل لابن الأثير: 8 / 573 - 580، وفيات الأعيان: 1 / 174 - 177، المختصر في أخبار البشر: 2 / 106، العبر: 2 / 303، الوافي بالوفيات: 6 / 278 - 279، البداية والنهاية: 11 / 263، النجوم الزاهرة: 4 / 14 - 15، شذرات الذهب: 3 / 18.
(2) انظر " وفيات الأعيان ": 1 / 174 - 175.(16/189)
بَخْتِيَارَ، وَكَانَ يَتَشَيَّعُ، فَقِيْلَ: تَابَ فِي مَرَضِهِ، وَترضَّى عَنِ الصَّحَابَةِ، وَتَصَدَّقَ، وَأَعْتَقَ، وَأَرَاقَ الخُمُورَ، وَنَدِمَ عَلَى مَا ظَلَمَ، وَردَّ الموَاريثَ إِلَى ذَوِي الأَرحَامِ.
وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: الأَقطعُ.
طَارَتْ يَسَارُهُ فِي حَرْبٍ، وَطَارَتْ بَعْضُ اليُمْنَى، وَسَقَطَ بَيْنَ القَتْلَى ثُمَّ نَجَا، وَتملَّكَ بَغْدَادَ بِلاَ كلفَةٍ، وَدَانَتْ لَهُ الأُمَمُ، وَكَانَ فِي الاِبْتِدَاءِ تبعاً لأَخِيهِ الملكِ عمَادِ الدَّوْلَةِ.
مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَخمسُوْنَ سَنَةً.
وَقَدْ أَنشَأَ دَاراً غَرِمَ عَلَيْهَا أَرْبَعينَ أَلفَ أَلفِ دِرْهَمٍ فَبَقِيَتْ إِلَى بَعْدِ الأَرْبَعِ مائَةٍ وَنُقِضَتْ، فَاشتَرَوا جردَ مَا فِي سُقُوفِهَا مِنَ الذَّهَبِ بِثَمَانيَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
134 - كَافُوْرُ أَبُو المِسْكِ الإِخْشِيْذِيُّ الأَسْوَدُ *
صَاحِبُ مِصْرَ، الخَادِمُ، الأُسْتَاذُ، أَبُو المِسْكِ كَافُوْرٌ الإِخْشِيْذِيُّ، الأَسْوَدُ.
تَقَدَّمَ عِنْدَ مَوْلاَهُ الإِخْشِيْذُ، وَسَادَ لرأْيِهِ وَحَزْمِهِ وَشَجَاعتِهِ، فَصَيَّرَهُ مِنْ كِبَارِ قوَّادِهِ، ثُمَّ حَارَبَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ صَارَ أَتَابِكَ أَنُوجُورَ ابنَ أُسْتَاذِهِ، وَتَمَكَّنَ.
قَالَ وَكيلُهُ: خدمْتُ كَافُوْراً، وَرَاتِبُهُ فِي اليَوْمِ ثلاَثَ عَشْرَةَ جرَايَةً، وَقَدْ بَلَغَتْ عَلَى يَدِي ثَلاَثَةَ عَشَرَ أَلفَ جرَايَة (1) .
__________
(*) المنتظم: 7 / 50 - 51، الكامل لابن الأثير: 8 / 445، 457، 580 - 584، 590، و9 / 168، المغرب في حلى المغرب (الجزء الأول من القسم الخاص بمصر) 199، وفيات الأعيان: 4 / 99 - 105، المختصر في أخبار البشر: 2 / 107، العبر: 2 / 306، دول الإسلام: 1 / 221، البداية والنهاية: 11 / 264، 266، ابن خلدون: 4 / 314، النجوم الزاهرة: 4 / 1 - 10، حسن المحاضرة: 1 / 597 - 598، شذرات الذهب: 3 / 21 - 22.
(1) انظر " الوفيات ": 4 / 99.(16/190)
مَاتَ المَلِكُ أَنوجُورُ شَابّاً فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعينَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَأَقَامَ كَافُوْرٌ أَخَاهُ عَلِيّاً فِي السَّلْطَنَةِ، فَبَقِيَ سِتَّ سِنِيْنَ، وَأَزمَّةُ الأُمورِ إِلَى كَافُوْرٍ، وَبَعْدَهُ تَسَلْطَنَ وَرَكِبَ الأَسْوَدُ بِالخِلْعَةِ السَّوْدَاءِ الخلِيفتيَّةِ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ الكِبَارُ بِنَصْبِ ابنٍ لعلِيٍّ صورَةً فِي اسْمِ الملكِ، فَاعتلَّ بِصِغَرِهِ، وَمَا التَفَتَ عَلَى أَحَدٍ، وَأَظهرَ أَنَّ التَّقليدَ وَالأُهْبَةَ جَاءتْهُ مِنَ المُطِيعِ، وَذَلِكَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ، وَلَمْ يَنْتَطِحْ فِيْهَا عَنْزَانِ.
وَكَانَ مَهِيْباً، سَائِساً، حليماً، جَوَاداً، وَقُوْراً، لاَ يُشبِهُ عقلُهُ عقولَ الخدَّامِ، وَفِيْهِ يَقُوْلُ المُتَنَبِّي (1) :
قَوَاصِدُ كَافُوْرٍ تَوَارِكُ غَيْرِهِ ... وَمَنْ قَصَدَ البَحْرَ اسْتَقَلَّ السَّواقِيَا
فَجَاءتْ بِنَا إِنسَانَ عَيْنِ زَمَانِهِ ... وَخَلَّتْ بَيَاضاً خَلْفَهَا وَمَآقِيَا
فَأَقَامَ عِنْدَهُ أَرْبَعَ سِنِيْنَ، وَنَالَهُ مَالٌ جزيلٌ، ثُمَّ هجَاهُ لآمَةً وَكُفْراً لِنِعْمَتِهِ، وَهَرَبَ عَلَى البَريَّةِ، يَقُوْلُ (2) :
مَنْ عَلَّمَ الأَسْوَدَ المَخْصِيَّ مَكْرُمَةً ... أَقْوَامُهُ البِيْضُ أَمْ آبَاؤُهُ الصِّيْدُ
وَذَاكَ أَنَّ الفُحولَ البِيْضَ عَاجِزَةٌ ... عَنِ الجَمِيلِ فَكَيْفَ الخِصْيَةُ السُّودُ
وَدعِيَ لكَافُوْرٍ عَلَى منَابرِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالحَرَمَيْنِ وَالثُّغُوْرِ.
وَقِيْلَ: كَانَ شَدِيدَ اليَدِ، وَلاَ يكَادُ أَحدٌ يمدُّ قوسَهُ فيُعْطِي الفَارِسَ قوسَهُ، فَإِنْ عجَزَ ضحكَ وَاسْتخدَمَهُ، وَإِنْ مدَّهُ قطَّبَ.
__________
(1) الأبيات في " ديوانه ": 4 / 423 - 424، من قصيدته المشهورة التي مطلعها:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا * وحسب المنايا أن يكن أمانيا
(2) الأبيات في " ديوانه ": 2 / 147 - 148 من قصيدته التي مطلعها:
عيد بأية حال عدت يا عيد * بما مضى أم بأمر فيك تجديد(16/191)
وَكَانَ مُلاَزِماً لمصَالِحِ الرَّعيَّةِ.
وَكَانَ يَتَعَبَّدُ وَيَتَهَجَّدُ، وَيمرِّغُ وَجْهَهُ، وَيَقُوْلُ: اللَّهُمَّ لاَ تُسلِّطْ عليَّ مَخْلُوْقاً.
وَكَانَ يُقرأُ عِنْدَهُ السَّيرُ وَالدُّولُ.
وَلَهُ نُدمَاءُ وَجَوَارٍ مغنِّيَاتٍ، وَمِنَ المَمَالِيْكِ أُلوفٌ مُؤلَّفَةٌ، وَكَانَ فَطِناً، يَقِظاً، ذَكِيّاً، يُهَادِي المعزَّ إِلَى الغَرْبِ، وَيُدَارِي وَيخضعُ للمُطِيعِ، وَيخدعُ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ.
وَلَهُ نَظرٌ فِي الفِقْهِ وَالنَّحْوِ.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَمَاتَ فِي عشرِ السَّبْعِيْنَ.
وَقِيْلَ: مُشترَاهُ عَلَى الإِخْشِيْذِ ثمَانيَةَ عشرَ دِيْنَاراً.
وَقَدْ سُقتُ مِنْ أَخبارِهِ فِي (التَّارِيْخِ) نُكتاً.
وَللمتنبِّي يهجُوهُ وَيَهْجُو ابنَ حِنْزَابَةَ الوَزِيْرَ:
وَمَاذَا بِمِصْرَ مِنَ المُضْحِكَاتِ ... وَلَكِنَّهُ ضَحِكٌ كَالبُكَا
بِهَا نَبَطِيٌّ مِنَ اهْلِ السَّوَادِ ... يُدرِّسُ أَنسَابَ أَهْلِ الفَلاَ
وَأَسْوَدُ مِشفَرُهُ نصفُهُ ... يُقَالُ لَهُ أَنْتَ بَدْرُ الدُّجَا
وَشَعْرٍ مَدَحْتُ بِهِ الكرْكَدَنَّ ... بَيْنَ القَرِيْضِ وَبَيْنَ الرُّقَا
فَمَا كَانَ ذَلِكَ مَدْحاً لَهُ ... وَلَكِنَّهُ كَانَ هَجْوَ الوَرَى (1)
وَقَدْ كَانَ فِي كَافورٍ حلمٌ زَائِدٌ، وَكفٌّ عَنِ الدِّمَاءِ، وَجودَةِ تَدْبِيرٍ.
__________
(1) الابيات في " ديوان المتنبي ": 1 / 167 - 168.(16/192)
وَفِي آخِرِ أَيَّامِهِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ كَانَ القَحْطُ، فَنَقَصَ النِّيلُ، فَوَقَفَ عَلَى أَقلَّ مِنْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ ذرَاعاً بِأَصَابعٍ، وَذَلِكَ نقصٌ مُفْرِطٌ، وَبِيعَ الخبزُ كُلُّ رِطْلَيْنِ بِدِرْهَمٍ.
وَقِيْلَ: كَانَ فِي كَافُوْرٍ ظلمٌ وَمصَادرَةٌ، فصَبَرَ زَمَنَ القَحْطِ، كَفَّنَ خَلاَئِقَ مِنَ الموتَى، كَانَ يُصْبِحُ فِي السِّقَايَةِ نَحْوَ خَمْسِ مائَةِ مَيتٍ.
وَلِكَافورٍ أَخبارٌ فِي الدُّوَلِ المُنْقَطِعَةِ وَغيرِ مَوْضِعٍ.
135 - ابْنُ حَمْدَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ الحِيْرِيُّ *
ابْنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سِنَانٍ، الإمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو العَبَّاسِ، أَخُو الزَّاهِدِ أَبِي عُمَرَ، ابنَا الحَافِظِ أَبِي جَعْفَرٍ الحِيْرِيِّ النَّيْسَابُوْرِيِّ مُحَدِّثِ خُوَارِزْمَ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ أَيُّوْبَ الرَّازِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَمْرٍو قَشْمَردَ، وَمُحَمَّدَ بنَ نُعَيْمٍ، وَالحَسَنَ بنَ عَلِيِّ بنِ زِيَادٍ السُّرِّيَّ، وَمُوْسَى بنَ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيَّ، وَالقَاضِي عَبْدَ اللهِ بنَ أُبَيٍّ الخوَارزمِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَلِيٍّ الذُّهلِيَّ، وَتَمِيمَ بنَ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيَّ، وَالحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدٍ القبَّانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ النَّضْرِ بنِ سَلَمَةَ الجَارودِيَّ، وَأَبَا عَمْرٍو أَحْمَدَ بنَ نَصْرٍ الخفَّافَ، وَعِمْرَانَ بنَ مُوْسَى بنِ مُجَاشِعٍ، وَأَبَا الفَضْلِ أَحْمَدَ بنَ سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَعَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ، وَابنَ خُزَيْمَةَ، وَالسَّرَّاجَ، وَخلقاً سِوَاهُم.
__________
(*) العبر: 2 / 322، شذرات الذهب: 3 / 38.(16/193)
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ قَطَنٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الكرَابيسِيُّ الحَافِظُ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ.
طوَّلَ تَرْجَمَتهُ ابْنُ أَرسلاَنَ مُحَدِّثُ خُوَارِزْمَ فِي (تَارِيْخِهِ) فَقَالَ: سَكَنَ خُوَارِزْمَ، فسُمِّيَ بِهَا أَبَا العَبَّاسِ الزَّاهِدِ مِنْ وَرَعِهِ وَاجْتِهَادِهِ.
رَحَلَ بِهِ أَبُوْهُ إِلَى الرَّيِّ للسَّمَاعِ مِنِ ابْنِ الضُّرَيْسِ، وَإِلَى طُوْسَ إِلَى تَمِيمٍ.
حَدَّثَ وَهُوَ حَدَثٌ فِي مَجْلِسِ ابْنِ الضُّرَيْسِ، فَقَرَأْتُ بخطِّ أَبِي سَعِيْدٍ الكرَابِيسِيِّ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَحْمَدَ بنُ حَنْبَلٍ فِي مسجدِهِ، وَهُوَ يقرَأُ عَلَيْهِ كِتَابَ (الأَشْرِبَةِ) إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: مَنْ فِيْكُمْ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ؟
فَقَالَ: أَنَا أَحْمَدُ.
فَقَالَ: أَتيتُكَ مِنْ أَرْبَعِ مائَةِ فَرسخٍ برّاً وَبَحْراً، كُنْتُ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَالَ: إِنِّيْ أَنَا الخَضِرُ، فَرُحْ إِلَى بَغْدَادَ وَسَلْ عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَقُلْ لَهُ: إِنَّ سَاكنَ العرشِ وَالملاَئِكَةَ الَّذِيْنَ حولَ العرشِ رَاضُونَ عَنْكَ بِمَا صبَرْتَ بِهِ نَفْسَكَ، فَقَامَ أَحْمَدُ وَذهبَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَقَالَ لِلرَّجُلِ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟
قَالَ: لاَ، إِنَّمَا جِئْتُكَ لِهَذَا، فَوَدَّعَهُ وَانْصَرَفَ.
دَخَلَ أَبُو العَبَّاسِ خُوَارِزْمَ للتِّجَارَةِ سنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فحكَى أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ رَئِيْسَ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ بِخُوَارِزْمَ، جَاءَ إِلَيْهِ إِلَى الخَانِ زَائِراً، ثُمَّ جِئْتُ مَجْلِسَهُ، فَسَأَلَنِي عَنِ أَحَادِيثَ، فَذَكَرْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَعَظَّمَنِي.
وَحَجَّ مِنْ خُوَارِزْمَ مَرَّتينِ، وَبُورِكَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَأَدْرَكَ سَنَةً مِنْ حَيَاةِ عَبْدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ فَلاَزَمَهُ.(16/194)
قَالَ: وَكَانَ مُؤتمناً عِنْدَ الأُمَرَاءِ وَالكُبَرَاءِ، يقومُ بِالأُمُورِ الخطيرَةِ، وَكَانَتِ الأَمتعَةُ النَّفِيسَةُ تَأْتِيهِ مِنْ كُلِّ جَانبٍ، وَكَانَ وَرِعاً فِي معَاملاَتِهِ، كَبِيْرَ القدرِ، جُعِلَ نَاظراً للجَامِعِ، فَعَمَرَهُ.
وَكَانَ حَافِظاً للقُرَآنِ، عَارِفاً بِالحَدِيْثِ، وَالتَّارِيْخِ، وَالرِّجَالِ، وَالفِقْهِ، كَافّاً عَنِ الفَتْوَى.
حضَرَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: حَلَفْتُ إِنْ تَزَوَّجْتُ فلانَةً فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاَثاً، فَقَالَ: قولُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيْفَةَ تطلُقُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لاَ تطلُقُ.
فَقَالَ السَّائِلُ: فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟
فَقَالَ: هَذَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ الفُرَاتِيِّ، وَلَمْ يُفْتِهِ.
وَقَدْ سَمِعَ بِمَنْصُوْرَةَ - وَهِيَ أَمُّ بلاَدِ خُوَارِزْمَ - بَعْضَ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) مِنَ الفِرَبْرِيِّ، فَوجَدَهُ نَازِلاً، فصَنَّفَ عَلَى مِثَالِهِ مُستخرجاً لَهُ.
وَصَنَّفَ كِتَاباً فِي الأَحَادِيثِ الَّتِي فِي (مُخْتَصَرِ المُزَنِيِّ) .
وَكَانَ إِذَا صَحَّ عِنْدَهُ حَدِيْثٌ عملَ بِهِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى مَذْهَبٍ.
وَكَانَ يحفظُ حَدِيْثَهُ وَيَدْرِيهِ.
وَكَانَ محبَّباً إِلَى النَّاسِ مُتبَرِّكاً بِهِ، نَافِذَ الكَلِمَةِ، قَدَّمُوهُ للاسْتِسْقَاءِ بِهِمْ.
وَكَانَ لَهُ مَجْلِسٌ للإِملاَءِ فِي كُلِّ اثنينِ وَخمِيسٍ، فَكَانَ يحضُرُهُ الأَئِمَّةُ وَالكُبَرَاءُ، وَكَانَ يَرَى الجَهْرَ بِالبَسْمَلَةِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدّلُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَرْقَانِيُّ قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ حَمْدَانَ، - وَأَنَا أَسمعُ - فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَلِيْدِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ سَعِيْدِ بنِ عَمْرِو بنِ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي،(16/195)
عَنِ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَدَعَا بِطَهورٍ، فَقَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ تَحْضُرُهُ الصَّلاَةُ المَكْتُوبَةُ، فَيُحْسِنُ وُضُوءهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إِلاَّ كَانَتْ كفَّارَةً لِمَا فِيْهَا - أَوْ قَالَ: قَبْلَهَا - مِنَ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يَأْتِ كَبِيْرَةً، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ) .
أَخرجَهُ مُسْلِمٌ (1) عَنْ عَبْدٍ وَابنِ الشَّاعِرِ، عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ.
قَالَ ابْنُ أَرسلاَنَ فِي (تَارِيْخِهِ) :قَرَأْتُ بخطِّ الحَافِظِ أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ: لَمَّا مَرِضَ أَبُو العَبَّاسِ مرضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ، اغتمَّ المُسْلِمُوْنَ، فَرَأَى صهرُهُ أَبُو العَبَّاسِ الأَزْهَرِيُّ فِي المَنَامِ: أَنَّ أَبَا العَبَّاسِ لاَحقٌ بِنَا، وَمَن اسْتغفرَ لَهُ غُفِرَ لَهُ.
فَشَاعَ الخَبَرُ فِي البلدِ، فَحَضَرَهُ أَهْلُ البلدِ أَفواجاً، فَكَانَ يَسْتَغفرُ لَهُمْ.
وَمَرِضَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً، ثُمَّ اعتقلَ لساَنُهُ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ إِلاَّ مِنَ الهَمْسِ بِقَولِ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهَ.
وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ السَّبتِ حَادِيَ عشرَ صفرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
فَعَظُمتِ المُصيبَةُ، وَاجتمعَ الكلُّ لجِنَازَتِهِ، وَأَقَامُوا رَسْمَ التَّعزِيَةِ سِتَّةَ أَيَّامٍ تعزيَةً عَامرَةً بِالفُقَهَاءِ، وَالأَكَابِرِ وَوُجُوهِ الدَّهَاقِين (2) ، وَحضرَ خُوَارِزْمَ شَاهَ أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عرَاقٍ تعزيتَهُ مَعَ أُمرَائِهِ، وَكثُرتْ فِيْهِ المرَاثي.
وَمَاتَ عَنْ ثَلاَثَةِ بنينَ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -.
136 - أَبُو فِرَاسٍ الحَارِثُ بنُ سَعِيْدِ بنِ حَمْدَانَ التَّغْلِبِيُّ *
الأَمِيْرُ، أَبُو فِرَاسٍ الحَارِثُ بنُ سَعِيْدِ بنِ حَمْدَانَ التَّغْلِبِيُّ الشَّاعِرُ
__________
(1) رقم (228) في الطهارة: باب فضل الوضوء والصلاة عقبه.
وأخرجه من حديث عثمان بنحوه: البخاري (159) في الوضوء: باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، و (1934) في الصوم: باب السواك الرطب واليابس للصائم، و (6433) في الرقاق: باب قول الله تعالى: (يا أيها الناس إن وعد الله حق) ، وأخرجه مسلم (282) ، ومالك 1 / 30، 31، في الطهارة: باب جامع الوضوء، والنسائي 1 / 91.
(2) الدهاقين: جمع دهقان، ومعناه: التاجر. واللفظ فارسي معرب.
(*) يتيمة الدهر: 1 / 35 - 88، المنتظم: 7 / 68 - 71، زبدة الحلب: 1 / 157، =(16/196)
المُفْلِقُ. وَكَانَ رَأْساً فِي الفُروسيَّةِ، وَالجُودِ، وَبرَاعَةِ الأَدبِ.
كَانَ الصَّاحِبُ ابْنُ عَبَّادٍ يَقُوْلُ: بُدئَ الشِّعرُ بِمَلكٍ وَهُوَ امرُؤُ القَيْسِ، وَخُتِمَ بِمَلكٍ وَهُوَ أَبُو فِرَاسٍ.
أسَرَتْهُ الرُّوْمُ جريحاً، فَبقيَ بِقُسْطَنْطِيْنِيَّةَ أَعواماً، ثُمَّ فَدَاهُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ مِنْهُمْ بِأَمْوَالٍ، وَأَعطَاهُ أَمْوَالاً جَزِيْلَةً وَخيلاً وَمَمَالِيْكَ.
وكَانَتْ لَهُ مَنْبِجُ، ثُمَّ تملَّكَ حِمْصَ، ثُمَّ قُتلَ بنَاحيَةِ تَدْمرٍ، وَكَانَ سَارَ ليَتَمَلَّكَ حَلَبَ.
وَ (ديوَانُهُ) مَشْهُوْرٌ.
قُتِلَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكُلُّ عُمُرِهِ سبعٌ وثلاَثُونَ سَنَةً.
137 - المُهَلَّبِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ هَارُوْنَ الأَزْدِيُّ، مِنْ وَلدِ المُهَلَّبِ بِنِ أَبِي صُفْرَةَ.
وَزَرَ لِمُعزِّ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ سَرِيّاً، جَوَاداً، مُمَدَّحاً، كَاملَ السُّؤْدُدِ، مقرِّباَّ للعُلمَاءِ، أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ فِي شَبِيْبَتِهِ، وَتغرَّبَ، وَاشتهَى مرَّةً بِدِرْهَمٍ لحماً،
__________
= وفيات الأعيان: 2 / 58 - 64، المختصر في أخبار البشر: 2 / 108 - 109، الوافي بالوفيات: 11 / 261 - 265، البداية والنهاية: 11 / 278 - 279، النجوم الزاهرة: 4 / 19 - 20، شذرات الذهب: 3 / 24 - 25، تهذيب ابن عساكر: 3 / 442 - 445.
(*) تجارب الأمم: 123، يتيمة الدهر: 2 / 223 - 240، الفهرست: 194، المنتظم: 7 / 9 - 10، معجم الأدباء: 9 / 118 - 152، وفيات الأعيان: 2 / 124 - 127، المختصر في أخبار البشر: 2 / 104، العبر: 2 / 294 - 295، دول الإسلام: 1 / 219،
المستفاد من ذيل تاريخ بغداد: 103 - 106، الوافي بالوفيات: 12 / 223 - 227، فوات الوفيات: 1 / 353، 357، البداية والنهاية: 11 / 241، النجوم الزاهرة: 3 / 333، شذرات الذهب: 3 / 9 - 11.(16/197)
فَاشترَى رفيقُهُ لِهُ بِدِرْهَمٍ، ثُمَّ تَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحوَالُ، وَوَزَرَ، فتعرَّضَ لَهُ ذَاكَ الرَّجُلُ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَوَلاَّهُ عملاً.
وَكَانَ الوَزِيْرُ أَدِيباً مترسِّلاً، بَلِيْغاً، شَاعِراً، سَائِساً، لَهُ أَخبارٌ فِي الكرمِ وَالمُروءةِ.
نَالَ أَوَّلاً فِي الوزَارَةِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الصَّيْمَرِيِّ، فَمَاتَ الصَّيْمَرِيُّ، فولاَّهُ مكَانَهُ معزُّ الدَّوْلَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، ثُمَّ وَزَرَ للمُطِيعِ.
وَلقَّبُوهُ ذَا الوَزَارَتَيْنِ.
وَقَدِ اسْتَوفَى ابْنُ النَّجَّارِ أَخبارَهُ.
قَالَ هِلاَلُ بنُ المحُسنِ: كَانَ المُهَلَّبِيُّ نِهَايَةً فِي سَعَةِ الصَّدْرِ، وَبُعْدِ الهمَّةِ، وَكمَالِ المُرُوءةِ، وَالإِقبالِ عَلَى أَهْلِ الأَدبِ.
وَلَهُ نَظْمٌ مَليحٌ، وَكَانَ يَملأُ العُيُونَ منَظرُهُ، وَالمسَامعَ منطقُهُ، وَالصُّدورَ هَيْبَتُهُ، وَتقبلُ النُّفُوْسُ تفصيلَهُ وَجملتَهُ.
وَمِنْ نظمِهِ (1) :
أَرَانِي اللهُ وَجْهَكَ كُلَّ يَوْمٍ ... صَبَاحاً للتَّيَمُّنِ وَالسُّرُورِ
وَأَمتعَ نَاظرِيَّ بِصَفْحَتَيْهِ ... لأَقرَا الحُسْنَ مِنْ تِلْكَ السُّطُورِ
عَاشَ المُهَلَّبِيُّ نَيِّفاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً وَمَاتَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
138 - المُهَلَّبِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ نَصْرُ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَلِيٍّ *
شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، العَلاَّمَةُ الأَوحَدُ، مُفْتِي مَا وَرَاءَ النَّهْرِ، أَبُو مَنْصُوْرٍ
__________
(1) البيتان في " يتيمة الدهر ": 2 / 236.
(*) اللباب: 3 / 276، الجواهر المضية: الترجمة (566) .(16/198)
نَصْرُ بنُ جَعْفَرِ بنِ عَلِيٍّ الأَزْدِيُّ المُهَلَّبِيُّ السَّمَرْقَنْدِيُّ.
انتهَتْ إِلَيْهِ الإِمَامَةُ فِي المَذْهبِ.
رَوَى عَنْ: أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى، وَفَارِسِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدَ بنِ حَمٍّ، وَأَهْلِ بَلْخٍ.
رَوَى عَنْهُ: الفَقِيْهُ عبدُ الكَرِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ شِهَابُ الدِّينِ ابْنُ قَاضِي الحِصْنِ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
139 - المُتَنَبِّي أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ حُسَيْنِ بنِ حَسَنٍ *
شَاعِرُ الزَّمَانِ، أَبُو الطَّيِّبِ أَحْمَدُ بنُ حُسَيْنِ بنِ حَسَنِ الجُعْفِيُّ الكُوْفِيُّ الأَدِيبُ، الشهيرُ بِالمُتَنَبِّي.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وثَلاَثِ مائَةٍ، وَأَقَامَ بِالبَادِيَةِ، يَقتبِسُ اللُّغَةَ وَالأَخبارَ، وَكَانَ مِنْ أَذكيَاءِ عَصْرِهِ.
بَلَغَ الذُّروَةَ فِي النَّظمِ، وَأَربَى عَلَى المُتَقَدِّمِيْنَ، وَسَارَ ديواَنُهُ فِي الآفَاقِ.
وَمَدَحَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ ملكَ الشَّامِ، وَالخَادِمَ كَافوراً صَاحِبَ مِصْرَ،
__________
(*) يتيمة الدهر: 1 / 110 - 224، تاريخ بغداد: 4 / 102 - 105، نزهة الالباء: 294 - 299، المنتظم: 7 / 24 - 30، اللباب: 3 / 162، الكامل لابن الأثير: 8 / 566، تهذيب الأسماء واللغات: 2 / 285، وفيات الأعيان: 1 / 120 - 125، المختصر في أخبار البشر: 2 / 105، العبر: 2 / 300، دول الإسلام: 1 / 220، ابن الوردي: 1 / 290، الوافي بالوفيات: 6 / 236 - 246، البداية والنهاية: 11 / 256 - 259، لسان الميزان: 1 / 159 - 161، النجوم الزاهرة: 3 / 340 - 342، حسن المحاضرة: 1 / 560، معاهد التنصيص: 1 / 27 - 33، شذرات الذهب: 3 / 13 - 15، روضات الجنات: 41، هدية العارفين: 1 / 64، أعيان الشيعة: 8 / 61 - 278.(16/199)
وَعَضُدَ الدَّوْلَةِ ملكَ فَارِسَ وَالعِرَاقِ.
وَكَانَ يركبُ الخيلَ بِزِيِّ العَرَبِ، وَلَهُ شَارَةٌ وَغلمَانٌ وَهَيْئَةٌ.
وَكَانَ أَبُوْهُ سقَّاءً بِالكُوْفَةِ، يُعرفُ بِعَبْدَانَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المَحَامِلِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَيُّوْبَ القُمِّيُّ، وَأَبُو عبدِ اللهِ بنُ بَاكَوَيْه، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ حُبَيْشٍ، وَكَاملُ العزَائِمِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ العَلَوِيُّ مِنْ نَظْمِهِ.
قيل: إِنَّهُ جَلَسَ عِنْد كُتُبِيٍّ، فطوَّلَ المطَالعَةَ فِي كِتَابٍ للأَصْمَعِيِّ، فَقَالَ صَاحبُهُ: يَا هَذَا أَتريدُ أَنْ تحفظَهُ؟
فَقَالَ: فَإِنْ كُنْتُ قَدْ حفظتُهُ؟
قَالَ: أَهَبُهُ لَكَ، قَالَ: فَأَخَذَ يَقْرَؤُهُ حَتَّى فرغَهُ، وَكَانَ ثَلاَثِيْنَ وَرقَةً (1) .
قَالَ التَّنُوْخِيُّ: خَرَجَ المُتَنَبِّي إِلَى بنِي كَلبٍ، وَأَقَامَ فِيهِمْ، وَزعَمَ أَنَّهُ علوِيٌّ، ثُمَّ تنبَّأَ، فَافتُضحَ وَحبسَ دَهْراً، وَأَشرفَ عَلَى القتلِ، ثُمَّ تَابَ.
وَقِيْلَ: تَنَبَّأَ ببَادِيَةِ السَّمَاوَةِ، فَأَسَرَهُ لُؤْلُؤٌ أَمِيْرُ حِمْصَ بَعْدَ أَنْ حَاربَ (2) .
وَقَدْ نَالَ بِالشِّعرِ مَالاً جليلاً، يُقَالُ: وَصلَ إِلَيْهِ مِنِ ابْنِ العَمِيْدِ ثلاَثُونَ أَلفَ دِيْنَارٍ، وَنَالَهُ مِنْ عَضُدِ الدَّوْلَةِ مثلُهَا.
أُخذَ عِنْدَ النُّعْمَانيَّةِ (3) ، فَقَاتلَ، فَقُتلَ هُوَ وَوَلَدُهُ محسَّدٌ (4) .وَفتَاهُ فِي
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد ": 4 / 103.
(2) انظر حول مقتل المتنبي: " تاريخ بغداد ": 4 / 104، و" وفيات الأعيان ": 1 / 103، و" العمدة " 1 / 45.
(3) النعمانية: بليدة بين واسط وبغداد في نصف الطريق على ضفة دجلة، معدودة من أعمال الزاب الأعلى، وأهلها شيعة غالية كلهم. " معجم البلدان ": 5 / 294.
(4) محسد: بضم الميم: وفتح الحاء المهملة والسين المهملة المشددة، وبعدها دال =(16/200)
رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ يُبَخَّلُ.
وَقَدْ طوَّلْتُ أَمْرَهُ فِي (تَاريخِ الإِسلاَمِ) .
وَهُوَ القَائِلُ (1) :
لَوْلاَ المَشَقَّةُ سَادَ النَّاسُ كلُّهُم ... الجُودُ يُفْقِرُ وَالإِقْدَامُ قَتَّالُ
وَلَهُ هَكَذَا عِدَّةُ أَبيَاتٍ فَائِقَة، يُضْرَبُ بِهَا المَثَلُ.
وَكَانَ مُعْجَباً بِنَفْسِهِ، كَثِيْرَ البَأْوِ وَالتِّيْهِ، فَمُقِتَ لِذَلِكَ.
140 - صَاحِبُ (الأَغَانِي) أَبُو الفَرَجِ عَلِيٌّ الأَصْبَهَانِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الأَخْبَارِيُّ، أَبُو الفَرَجِ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ، الأَصْبَهَانِيُّ، الكَاتِبُ، مُصَنِّفُ كِتَابِ (الأَغَانِي) .
يُذكرُ أَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ الخَلِيْفَةِ هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ.
قَالَهُ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّديمُ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّهُ مِنْ وَلدِ مَرْوَانَ الحِمَارِ.
__________
= مهملة. كذا ضبطه ابن خلكان في " وفياته ": 1 / 125.
(1) البيت في " ديوانه " 3 / 406 من قصيدته الشهيرة التي يمدح بها أبا شجاع فاتكا الرومي، ومطلعها:
لا خيل عندك تهديها ولا مال * فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
(*) يتيمة الدهر: 3 / 109 - 113، ذكر أخبار أصبهان: 2 / 22، الفهرست: 166 - 167، فهرست الطوسي: 192، تاريخ بغداد: 11 / 398 - 400، المنتظم: 7 / 40 - 41، معجم الأدباء: 13 / 94 - 136، إنباه الرواة: 2 / 251 - 253، الكامل لابن الأثير: 8 / 581، وفيات الأعيان: 3 / 307 - 309، العبر: 2 / 305، دول الإسلام: 1 / 221، ميزان الاعتدال: 3 / 123 - 124، تلخيص ابن مكتوم: 135، عيون التواريخ (خ) سنة 356، مرآة الجنان: 2 / 359 - 360، البداية والنهاية: 11 / 263، لسان الميزان: 4 / 221 - 222، النجوم الزاهرة: 4 / 15 - 16، شذرات الذهب: 3 / 19 - 20، روضات الجنات: 487، هدية العارفين: 1 / 681.(16/201)
كَانَ بَحْراً فِي نَقْلِ الآدَابِ.
سَمِعَ: مُطيَّناً، وَمُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ القَتَّاتَ، وَعَلِيَّ بنَ العَبَّاسِ البَجَلِيَّ، وَأَبَا الحُسَيْنِ بنَ أَبِي الأَحْوَصِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ دُرَيْدٍ، وَجَحْظَةَ، وَنِفْطَوَيْه، وَخَلاَئِقَ.
وَجَدُّهُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الهَيْثَمِ بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَرْوَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الخَلِيْفَةِ مَرْوَانَ الحِمَارِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الطَّبرِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ دَاوُدَ الرَّزَّازُ، وَآخرُوْنَ.
وَكَانَ بَصِيْراً بِالأَنسَابِ وَأَيَّامِ العَرَبِ، جَيِّدَ الشِّعرِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيُّ: كَانَ أَبُو الفَرَجِ يحفظُ مِنَ الشِّعرِ وَالأَخْبَارِ وَالأَغَانِي وَالمسندَاتِ وَالنَّسبِ مَا لَمْ أَرَ قطُّ مَنْ يحفظُ مثلَهُ، وَيحفظُ اللُّغَةَ وَالنَّحْوَ وَالمَغَازِيَ.
وَلَهُ تَصَانِيْف عديدَةٌ، بعثَهَا إِلَى صَاحِبِ الأَنْدَلُسِ الأُمَوِيِّ سرّاً، وَجَاءهُ الإِنعَامُ.
وَلَهُ: (نَسبُ عَبْدِ شَمْسٍ) ، وَ (نَسبُ بنِي شَيْبَانَ) ، وَ (نَسبُ آلِ المُهَلَّبِ) جَمَعَهُ لِلوزيرِ المُهَلَّبِيِّ، وَكَانَ مُلاَزمهُ، وَلَهُ (مقَاتلُ الطَّالبيِّينَ) ، وَكِتَابُ (أَيَّامِ العَرَبِ) فِي خَمْسَةِ أَسفَارٍ.
وَالعجبُ أَنَّهُ أُمَوِيٌّ شِيْعِيٌّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: خلَّطَ قَبْلَ مَوْتِهِ.
قُلْتُ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَكَانَ وَسِخاً زَرِيّاً، وَكَانُوا يَتَّقُوْنَ هِجَاءهُ.
وَلَهُ حِكَايَةٌ مَعَ الجُهَنِيِّ المُحتسبِ: كَانَ يُجَازفُ، فَقَالَ مَرَّةً: بِالبلدِ(16/202)
الفلاَنِيِّ نعنعٌ يطولُ حَتَّى يُعملَ مِنْهُ سَلاَلِمٌ.
فَبدَرَ أَبُو الفَرَجِ، وَقَالَ: عجَائِبُ الدُّنْيَا أَلوَانٌ، وَالقُدرةُ صَالحَةٌ، فعِنْدَنَا مَا هُوَ أَعجبُ مِنْ ذَا، زوجُ حمَامٍ يَبيضُ بَيْضَتَيْنِ، فنأخذُهُمَا، وَنضعُ بَدَلَهُمَا سنجتينِ (1) نحَاساً، فتفقسُ عَنْ طسْتٍ وَمسينِهِ (2) ، فتضَاحَكُوا، وَخجلَ الجُهَنِيُّ (3) .
مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ولَهُ اثنتَانِ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
141 - رُكْنُ الدَّوْلَةِ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ بُوَيْه الدَّيْلَمِيُّ *
السُّلْطَانُ، رُكْنُ الدَّوْلَةِ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ بُوَيْه الدَّيْلَمِيُّ، صَاحِبُ أَصْبَهَانَ وَبلاَدِ العَجَمِ، وَوَالدُ السُّلْطَانِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَهُوَ أَحدُ الإِخوةِ الثَّلاَثَةِ الَّذِيْنَ مَلَكُوا البِلاَدَ بَعْدَ الفَقْرِ.
وَكَانَ هَذَا ملِكاً سَعيداً، قسمَ ممَالِكَهُ عَلَى أَولاَدِهِ، فَقَامُوا بِهَا أَمثلَ قيَامٍ، وَامتدَّتْ أَيَّامُهُ، وَخضعَتْ لَهُ الرَّعِيَّةُ، وَولِي خمساً وَأَرْبَعينَ سَنَةً.
وَوَزَرَ لَهُ الوَزِيْرُ الأَوحدُ، لِسَانُ البُلَغَاءِ، أَبُوَ الفَضْلِ، مُحَمَّدُ بنُ العَمِيْدِ، ثُمَّ ابنُهُ أَبُو الفَتْحِ بنُ العَمِيْدِ، وَوَزَرَ لِوَلَدَيْهِ مُؤَيَّدُ الدَّوْلَةِ، وَفَخْرُ الدَّوْلَةِ الصَّاحِبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبَّادٍ.
مَاتَ فِي المُحَرَّمِ بِالقُولَنجِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَكَانَ لاَ بَأْسَ بِدَوْلَتِهِ.
__________
(1) صفحة الميزان وسنجته: ما يوزن به. فارسي معرب.
(2) في " معجم الأدباء ": عن طست وإبريق.
(3) انظر حول هذا الحوار " معجم الأدباء ": 13 / 123 - 124.
(*) المنتظم: 7 / 85، وفيات الأعيان: 2 / 118 - 119، المختصر في أخبار البشر: 2 / 116، العبر: 2 / 341، الوافي بالوفيات: 11 / 411، 412، مرآة الجنان: 3 / 93، البداية والنهاية: 11 / 288، النجوم الزاهرة: 4 / 127، شذرات الذهب: 3 / 55.(16/203)
وَمَاتَ قَبْلَهُ بِزَمَانٍ أَخُوْهُ عِمَادُ الدَّوْلَةِ.
- الخَيَّامُ أَبُو صَالِحٍ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ (مُكَرر* 51)
المُحَدِّثُ المُكْثِرُ، مُسْنِدُ بُخَارَى، أَبُو صَالِحٍ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيُّ الخَيمِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: صَالِحٍ جَزَرَةَ، وَمُوْسَى بنِ أَفلحَ، وَنَصْرِ بنِ أَحْمَدَ الكِنْدِيِّ، وَعُمَرَ بنِ هنَّادٍ، وَفَرَجِ بنِ أَيُّوْبَ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ غُنجَارٌ، وَأَبو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ، وَلَيَّنَهُ أَبُو سَعْدٍ.
قَالَ الخَلِيلِيُّ: كَانَ لَهُ حفظٌ وَمَعْرِفَةٌ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ جِدّاً، رَوَى مُتوناً لاَ تُعرفُ.
سَمِعْتُ الحَاكِمَ، وَابنَ أَبِي زُرْعَةَ يَقُوْلاَنِ: كَتَبْنَا عَنْهُ الكثيرَ، وَنبرأُ مِنْ عهدَتِهِ.
قُلْتُ: عَاشَ ستّاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: الحَسَنُ بنُ الخَضِرِ الأُسْيوطِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ بنِ خَفيفٍ الدَّرَّاجُ.
142 - الذُّهْلِيُّ أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ **
الإِمَامُ، العَالِمُ، المُسْنِدُ، المُحَدِّثُ، قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ
__________
(*) تقدمت ترجمته برقم (51) من هذا الجزء.
(* *) قضاة مصر: 160، تاريخ بغداد: 1 / 313 - 314، ترتيب المدارك: 3 / 286 - 288، المنتظم: 7 / 90، العبر: 2 / 344 - 345، الوافي بالوفيات: 2 / 45، الديباج المذهب: 2 / 305 - 307 النجوم الزاهرة: 4 / 130، حسن المحاضرة: 2 / 147، طبقات =(16/204)
بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نَصْرِ بنِ بُجَيْرٍ الذُّهْلِيُّ البَغْدَادِيُّ المَالِكِيُّ، قَاضِي الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ.
وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ وَهُوَ ابْنُ تسعِ سِنِيْنَ.
حَدَّثَ عَنْ: بِشْرِ بنِ مُوْسَى الأَسَدِيِّ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ، وَأَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ القَاضِي، وَعُمَرَ بنِ حَفْصٍ السَّدُوْسِيِّ، وَأَبِي خَلِيْفَةَ الفَضْلِ بنِ الحُبَابِ الجُمَحِيِّ، وَخَلَفِ بنِ عَمْرٍو العُكْبَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُوْسَى بنِ هَارُوْنَ الحمَّالِ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَرْوَزِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدوسِ بنِ كَامِلٍ، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ الوَلِيْدِ الفَسَوِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي عَوْفٍ البزورِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عَمْرٍو القَطِرَانِيِّ، وَمُوْسَى بنِ زَكَرِيَّا، وَأَبِي العَبَّاسِ ثَعْلبٍ، وَأَمثَالِهِمْ.
وَكَانَ ثِقَةً فِي الحَدِيْثِ.
انتقَى عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ نَحْواً مِنْ مائَةِ جُزءٍ، وَحَدَّثَ عَنْهُ: هُوَ وَتَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ الحَاجِّ الإِشْبيلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ نظيفٍ، وَأَبُو الحَسَنِ القَابسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الطَّفَّالُ، وَعَلِيُّ بنُ مُنِيْرٍ الخَلاَّلُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ.
قَالَ ابْنُ مَاكُولاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ مَيْمُوْنٍ الصَّدَفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغنِيِّ الحَافِظُ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى القَاضِي أَبِي الطَّاهِرِ كِتَابَ (العِلْمِ) ليُوْسُفَ
__________
= المفسرين للداوودي: 2 / 68 - 70، قضاة دمشق لابن طولون: 34 - 35، شذرات الذهب: 3 / 60، شجرة النور الزكية: 91.(16/205)
القَاضِي، فَلَمَّا فَرَغَ، قُلْتُ: كَمَا قُرِئَ عَلَيْكَ؟
قَالَ: نَعَمْ، إِلاَّ اللَّحنَةَ بَعْدَ اللَّحنَةِ.
قُلْتُ: أَيُّهَا القَاضِي، فسمِعتَهُ مُعْرَباً؟
قَالَ: لاَ.
فَقُلْتُ: هَذِهِ بِهَذِهِ.
وَقُمْتُ مِنْ ليلَتِي فجلَسْتُ عِنْدَ اليَتِيمِ النَّحْوِيِّ.
قَالَ طَلْحَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ: اسْتَقضَى المتَّقِي للهِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ أَبَا الطَّاهِرِ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الذُّهْلِيَّ، وَلَهُ أُبُوَّةٌ فِي القَضَاءِ، سَدِيْدُ المَذْهَبِ، مُتوسِّطُ الفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَكَانَ لَهُ مَجْلِسٌ يجتمعُ إِلَيْهِ المخَالِفُونَ وَينَاظرُوْنَ بِحَضْرَتِهِ، وَكَانَ يَتَوسَّطُ بَيْنَهُم وَيتكلَّمُ بكلاَمٍ سَدِيْدٍ، ثُمَّ صُرِفَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشهرٍ، ثُمَّ اسْتُقْضِيَ عَلَى الشَّرْقِيَّةِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَعُزِلَ بَعْدَ أَشهرٍ (1) .
قَالَ عَبْدُ الغَنِيِّ: سَأَلتُ أَبَا الطَّاهِرِ عَنْ أَوَّلِ وَلاَيتِهِ القَضَاءَ، فَقَالَ: سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ كَانَ وَلِيَ البَصْرَةَ.
وَقَالَ لِي: كتبتُ العِلْمَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ عَبْدُ الغَنِيِّ: وَقَدْ قَرَأَ القُرَآنَ وَهُوَ ابْنُ ثمَانِ سِنِيْنَ، وَكَانَ مُفَوَّهاً، حَسنَ البَديهَةِ، شَاعِراً، عَلاَّمَةً، حَاضرَ الحُجَّةِ، عَارِفاً بِأَيَّامِ النَّاسِ، غَزيرَ المحفوظِ، لاَ يَملُّهُ جليسُهُ مِنْ حُسنِ حَدِيْثِهِ، وَكَانَ سمحاً كَرِيْماً، وَلِيَ قَضَاءَ مِصْرَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَأَقَامَ عَلَى قضَائِهَا ثمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ عَبْدُ الغنِيِّ: وَسَمِعْتُ الوَزِيْرَ أَبَا الفَرَجِ يَعْقُوْبَ بنَ يُوْسُفَ يَقُوْلُ: قَالَ لِي الأُسْتَاذُ كَافُوْرٌ: اجتمِعْ بِالقَاضِي أَبِي الطَّاهِرِ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَقُلْ لَهُ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَنْبَسِطُ مَعَ جُلسَائِكَ، وَهَذَا الانبسَاطُ يقلُّ هَيْبَةَ الحُكمِ، فَأَعلمتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: قُلْ لِلأُستَاذِ: لَسْتُ ذَا مَالٍ أَفيضُ بِهِ عَلَى جُلَسَائِي، فَلاَ أَقَلَّ
__________
(1) انظر " تاريخ بغداد " 1 / 313 - 314.(16/206)
مِنْ خُلُقِي، فَأَخبرْتُ الأُسْتَاذَ، فَقَالَ: لاَ تعَاوِدْهُ فَقَدْ وَضَعَ القصعَةَ.
قَالَ عَبْدُ الغَنِيِّ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ سعْرةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرٍ بنَ مُقَاتلٍ يَقُوْلُ: أَنفقَ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ بَيْتَ مَالٍ خَلَّفَهُ لَهُ أَبُوْهُ.
قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ: لَمَّا تَلَقَّى أَبُو الطَّاهِرِ المعزَّ أَبَا تَمِيمٍ بِالإِسكندريَّةِ سَاءلَهُ المعزُّ، فَقَالَ: يَا قَاضِي، كَمْ رَأَيْتَ مِنْ خَلِيْفَةٍ؟
قَالَ: وَاحدٌ، قَالَ: مَنْ هُوَ؟
قَالَ: أَنْتَ، وَالبَاقُوْنَ مُلُوْكٌ، فَأَعجَبَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَحَجَجْتَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: وَسَلَّمْتَ عَلَى الشيخَينِ؟
قَالَ: شَغَلنِي عَنْهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا شَغَلنِي أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ عَنْ وَلِيِّ عَهْدِهِ، فَازدَادَ بِهِ المعِزُّ إِعجَاباً، وتَخَلَّصَ مِنْ وَلِيِّ عهدِهِ، إِذْ لَمْ يسلِّمْ عَلَيْهِ بِحضرَةِ المعزِّ، فَأَجَازَهُ المعزُّ يَوْمَئِذٍ بِعَشْرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ.
وحدَّثَنِي زَيْدُ بنُ عَلِيٍّ الكَاتِبُ: أَنَّ القَاضِي أَبَا الطَّاهِرِ السَّدُوْسِيَّ أَنشدَهُ لِنَفْسِهِ:
إِنِّيْ وَإِنْ كُنْتُ بِأَمرِ الهوَى ... غِرّاً فسِتْرِي غَيْرُ مَهْتُوكِ
أَكنِي عَنِ الحِبِّ وَيَبْكِي دَماً ... قَلْبِي وَدَمْعِي غَيْرُ مَسْفُوكِ
فَظَاهِرِي ظَاهِرُ مُستملِكٍ ... وَبَاطنِي باطِنُ مَمْلُوْكِ
وأَخبَرَنِي خُمَار بنُ عَلِيٍّ بِصُورٍ، قَالَ: أَتيتُ القَاضِي أَبَا الطَّاهِرِ بِأَبيَاتٍ لَهُ فِي وَلدِهِ، فَأَنشَدَ فِيْهَا وَبَكَى:
يَا طَالباً بَعْدَ قَتْلِي ... الحَجَّ للهِ نُسْكَا
تَرَكْتَنِي فيكَ صَبّاً ... أَبْكِي عَلَيْكَ وَأُبْكَى
وَكَيْفَ أَسْلُوكَ قُلْ لِي ... أَمْ كَيْفَ أَصْبِرُ عَنْكَا
رُوحِي فِدَاؤُكَ هَذَا ... جزَاءُ عَبْدِكَ مِنْكَا(16/207)
وحدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الزَّيْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ نُوْحٍ، قَالَ: كُنَّا فِي دَارِ القَاضِي أَبِي الطَّاهِرِ، نَسْمَعُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قُمْنَا، صَاحَ بِي بَعْضُ مَنْ حضَرَ: يَا قَاضِي - وَكُنْتُ أُلَقَّبُ بِذَلِكَ - فسَمِعَ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ، فَبَعَثَ إِلَيْنَا حَاجبَهُ، فَقَالَ: مَنِ القَاضِي فِيْكُمْ؟
فَأَشَارُوا إِليَّ، فَلَمَّا دَخَلتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِي: أَنْتَ القَاضِي؟
فَقُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ لِي: فَأَنَا مَاذَا؟
فَسَكَتُّ، ثُمَّ قُلْتُ: هُوَ لقبٌ لِي، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ لِي: تحفظُ القُرْآنَ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: تَبِيْتُ عِنْدنَا اللَّيْلَة أَنْتَ وَأَرْبَعَةُ أَنفسٍ مَعَكَ، وَتواعدُهُم مِمَّنْ تعلَمُهُ يحفظُ القُرْآنَ وَالأَدبَ، قَالَ: فَفَعلتُ ذَلِكَ، وَأَتينَا المَغْرِبَ، فَقُدِّمَ إِلَيْنَا أَلوَانٌ وَحَلْوَاءٌ، وَلَمْ يَحْضُرِ القَاضِي، فَلَمَّا قَارَبنَا الفرَاغَ خَرَجَ إِلَيْنَا يزحفُ مِنْ تَحْتِ سترٍ، وَمَنَعَنَا مِنَ القِيَامِ، وَقَالَ: كُلُوا مَعِي فلمْ آكلْ بَعْدُ، وَلاَ يَجُوْزُ أَنْ تدعُونِي آكلُ وَحدِي، فَعَرَفْنَا أَنَّ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى مَبِيْتِنَا عِنْدَهُ غمُّهُ عَلَى وَلدِهِ أَبِي العَبَّاسِ، وَكَانَ غَائِباً بِمَكَّةَ، ثُمَّ أَمرَ مَنْ يَقرأُ منَّا، ثُمَّ اسْتحضَرَ ابنَ المقَارعِيِّ، وَأَمرَهُ بِأَنْ يَقُوْلَ - أَي يُغنِّي -، فَقَامَ جَمَاعَةٌ منَّا، وَتواجَدُوا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ شِعْراً فِي وَقْتِهِ، أَلقَاهُ عَلَى ابْنِ المقَارعِيِّ، فغنَّى بِهِ، وَهُوَ:
يَا طَالِباً بَعْدَ قَتْلِي ... الحَجَّ للهِ نُسْكاً
فَبَكَى القَاضِي بكَاءً شدِيداً، وَقَدِمَ ابنُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ يَسِيْرَةٍ.
نقلَ هَذِهِ الفوائِدَ أَمِينُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شهيدٍ، مِنْ خطِّ عَبْدِ الغَنِيّ بنِ سَعِيْدٍ، وَمِنْ خطِّهِ نُقِلَتُ.
قَالَ ابْنُ زُولاَقٍ فِي (قُضَاةِ مِصْرَ) :وُلِدَ الذُّهْلِيُّ بِبَغْدَادَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَكَانَ أَبُوْهُ يَلِي قَضَاءَ وَاسِطَ، فَعُزِلَ بِابنِهِ أَبِي طَاهِرٍ عَنْهَا، وَأَخْبَرَنِي أَبُو طَاهِرٍ أَنَّهُ كَانَ يخلُفُ أَبَاهُ عَلَى البَصْرَةِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ ... إِلَى أَنْ قَالَ: وَوَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ مِنْ قَبْلِ الخَلِيْفَةِ المُطِيعِ، فَأَقَامَ(16/208)
بِهَا سبعَ سِنِيْنَ، ثُمَّ دَخَلَ مِصْرَ زَائِراً لكَافُوْرٍ سنَةَ أَرْبَعِيْنَ، ثُمَّ ثَارَ بِهِ أَهْلُ دِمَشْقَ وآذوهُ، وَعُملتْ عَلَيهِ محَاضرٌ، فعُزلَ وَأَقَامَ بِمِصْرَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ ابْنِ الخصيبِ وَوَلَدِهِ، فَسَعَى ابْنُ وَلِيْدٍ فِي القَضَاءِ، وَبَذَلَ ثَلاَثَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ، وَحملَهَا عَلَى يدِ فنَكَ الخَادِمِ، فمدَحَ الشُّهُودُ أَبَا طَاهرٍ، وَقَامُوا مَعَهُ!، فولاَّهُ كَافورٌ، وَطلبَ لَهُ العَهْدَ مِنِ ابْنِ أُمِّ شَيْبَانَ القَاضِي، فولاَّهُ القَضَاءَ وَحُمِدَ.
وَقَدِ اختصرَ (تَفْسِيْرَ الجُبَّائِيِّ) ، وَ (تَفْسِيْرَ البَلْخِيِّ) .
ثُمَّ إِنَّ ابنَ وَلِيْدٍ، وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ.
وَكَانَ أَبُو الطَّاهِرِ قَدْ عُنِيَ بِهِ أَبُوْهُ، فسَمَّعَهُ، فَأَدرَكَ الكِبَارَ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، وَإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ، وَمَا رَوَى عَنْهُ شَيْئاً لِصِغَرِهِ.
حصلَ لِلنَّاسِ عَنْهُ إِمْلاَءٌ وَقرَاءةٌ نَحْوَ مِائَتي جُزءٍ.
وَحَدَّثَ بِكِتَابِ (طبقَاتِ الشُّعَرَاءِ) لِمُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمٍ (1) ، رَوَاهُ عَنْ أَبِي خَلِيْفَةَ، عَنْهُ.
قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ أَمرُهُ مستقيماً إِلَى أَن لَحِقَتْهُ عِلَّةٌ عطَّلَتْ شقَّهُ فِي سَنَةِ 366 فَقلَّدَ العزيزُ صَاحبُ مِصْرَ القَضَاءَ حِيْنَئِذٍ عَلِيَّ بنَ النُّعْمَانِ، وَكَانَتْ وَلاَيَةُ أَبِي الطَّاهِرِ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَعشرَةَ أَشهرٍ، وَأَقَامَ عَليلاً، وَأَصحَابُ الحَدِيْثِ منقطعُوْنَ إِلَيْهِ.
مَاتَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ سبعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي سَلْخِ ذِي القَعْدَةِ مِنْهَا.
وَقِيْلَ: اسْتَعفَى مِنَ القَضَاءِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِيَسِيْرٍ.
وَمِنْ شعرِهِ فِي وَلَدِهِ:
__________
(1) انظر: مقدمة " طبقات فحول الشعراء " بتحقيق العلامة محمود محمد شاكر: ص 32.(16/209)
يَعِزُّ عليَّ بُعْدُكَ يَا عليُّ ... فَلِي أَرَقٌ إِذَا رَقَدَ الخَلِيُّ
وَمَا لِي فِي اصْطِبَارِي عَنْكَ عُذْرٌ ... وَعُذْرُكَ فِي مُفَارَقَتِي جَلِيُّ
وَمَنْ يَكُ مُفْلِساً مِنْ فَرْطِ وَجْدٍ ... فَإِنِّي مِنْ صَبَابَاتِي مَلِيُّ
وَمَالِيَ حِيْلَةٌ تُدْنِيْكَ فَاذْهَبْ ... لَكَ الرَّحْمَنُ مِنْ دُونِي وَلِيُّ
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو القَاسِمِ النَّصرَابَاذِيُّ شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، وَالمَلِكُ عِزُّ الدَّوْلَةِ بختيَارُ بنُ معزِّ الدَّوْلَةِ، وَأَبُو عِيْسَى يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ اللَّيْثِيُّ القُرْطُبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ القوطيَّةِ اللُّغَوِيُّ، وَالوَزِيْرُ المَصْلُوبُ نَصيرُ الدَّوْلَةِ ابْنُ بَقِيَّةَ.
وَمَاتَ وَالدُ القَاضِي الذُّهْلِيُّ وَهُوَ القَاضِي الإِمَامُ أَبُو العَبَّاسِ (1) قَاضِي وَاسِطَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ بضعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
يَرْوِي عَنْ: يَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيِّ، وَمَحْمُوْدِ بنِ خِدَاشٍ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالمُخَلِّصُ، وَابنُ المُقْرِئِ.
ثِقَةٌ نبيلٌ.
143 - القَطِيْعِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ حَمْدَانَ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، مُسْنِدُ الوَقْتِ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ حَمْدَانَ بنِ مَالِكِ بنِ شبيبٍ البَغْدَادِيُّ القَطِيْعِيُّ الحَنْبَلِيُّ، رَاوِي (مُسندِ الإِمَامِ
__________
(1) أحمد بن عبد الله بن نصر بن بجير الذهلي. ترجمته في " تاريخ بغداد: 4 / 229.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 73 - 74، الأنساب: 10 / 203، طبقات الحنابلة 2 / 6 - 7، المنتظم: 7 / 92 - 93، اللباب: 3 / 48، العبر: 2 / 346 - 347، ميزان الاعتدال: 1 / 87، دول الإسلام: 1 / 228، الوافي بالوفيات: 6 / 290 - 291، البداية والنهاية: 11 / 293، غاية النهاية: 1 / 43، النشر في القراءات العشر: 1 / 192، لسان الميزان: 1 / 145 - 146، النجوم الزاهرة: 4 / 132، المنهج الاحمد 2 / 57، شذرات الذهب: 3 / 65، الرسالة المستطرقة: 93.(16/210)
أَحْمَدَ) ، وَ (الزُّهْدِ) وَ (الفَضَائِلِ) لَهُ. وُلِدَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ يُوْنُسَ الكُدَيْمِيَّ، وَبِشْرَ بنَ مُوْسَى، وَإِسْحَاقَ بنَ الحَسَنِ الحَرْبِيَّ، وَأَبَا مُسْلِمٍ الكَجِّيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ عَلِيٍّ الأَبَّارَ، وَإِدْرِيْسَ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ الحَدَّادَ، وَأَبَا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ، وَأَبَا شُعَيْبٍ الحَرَّانِيَّ، وَالحُسَيْنَ بنَ عُمَرَ الثَّقَفِيَّ، وَمُوْسَى بنَ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ شَرِيكٍ، وَجَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ المِنْقَرِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ الصُّوْفِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ العَبَّاسِ الطَّيَالِسِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ الطيِّبِ البَلْخِيَّ، وَخلقاً سِوَاهُم.
وَرَحَلَ، وَكَتَبَ، وَخَرَّجَ، وَلَهُ أُنْسٌ بِعِلْمِ الحَدِيْثِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَابنُ شَاهِيْنٍ، وَالحَاكِمُ، وَابنُ رَزْقَوَيْه، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَخَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الطيِّبِ البَاقِلاَّنِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ البسطَامِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُكَيْرٍ، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، وَالمُحَدِّثُ عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الأَسدَابَاذِيّ، وَالحَسَنُ بنُ شِهَابٍ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَاكَوَيْه، وَبُشرَى الفَاتَنِيُّ، وَأَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُؤمَّلِ الوَرَّاقُ، وَأَبُو القَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَزْهرِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّد بن العلاَّفِ الوَاعِظُ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُذْهِبِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْهَرِيُّ خَاتمَةُ أَصحَابِهِ.(16/211)
قَالَ ابْنُ بُكيرٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ يجيئُنَا فَيَقرأُ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الخصَّاصِ (1) ، عمُّ أُمِّي فَيُقعِدُنِي فِي حِجْرِهِ، حَتَّى يُقَال لَهُ: يُؤلِمُكَ؟ فَيَقُوْلُ: إِنِّيْ أُحبُّهُ (2) .
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ الفُرَاتِ: هُوَ كَثِيْرُ السَّمَاعِ إِلاَّ أَنَّهُ خلَّطَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَكُفَّ بَصَرُهُ، وَخَرَّفَ حَتَّى كَانَ لاَ يَعْرِفُ شَيْئاً مِمَّا يُقرأُ عَلَيْهِ (3) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَحْمَدَ بنَ أَحْمَدَ القَصْرِيَّ يَقُوْلُ: قَالَ لِي ابْنُ اللَّبَّانِ الفَرَضِيُّ: لاَ تذهَبُوا إِلَى القَطِيْعِيِّ، قَدْ ضَعُفَ وَاختلَّ، وَقَدْ منعتُ ابنِي مِنَ السَّمَاعِ مِنْهُ (4) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: لَمْ يَكُنْ بذَاكَ، لَهُ فِي بَعْضِ المُسْنَدِ أُصولٌ فِيْهَا نظرٌ، ذكرَ أَنَّهُ كَتَبَهَا بَعْدَ الغرقِ، وَكَانَ مستوراً صَاحِبَ سُنَّةٍ (5) .
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: سَأَلتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ زَاهدٌ قديمٌ، سَمِعْتُ أَنَّهُ مُجَابُ الدَّعْوَةِ.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: كَانَ صَالِحاً، وَلأَبِيهِ اتصَالٌ بِالدَّوْلَةِ، فَقرئَ لابنِ ذَلِكَ السُّلْطَانِ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ (المُسْنَدَ) ، فَحَضرَ القَطِيْعِيُّ، ثُمَّ غرقَتْ قطعَةٌ مِنْ كُتُبِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَنَسَخَهَا مِنْ كِتَابٍ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيْهِ سمَاعُهُ، فَغَمَزُوهُ وَثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُ صَدُوْقٌ، وَإِنَّمَا كَانَ فِيْهِ بَلَهٌ. وَقَدْ لَيَّنْتُهُ عِنْدَ
__________
(1) الخصاص: بالخاء المعجمة كما في الأصل، وفي " المصعد الاحمد " لابن الجزري ص 41 (الجصاص) بالجيم.
(2) انظر " تاريخ بغداد ": 4 / 73.
(3) " تاريخ بغداد ": 4 / 74.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق.(16/212)
الحَاكِمِ فَأَنكرَ عَلِيَّ وَحَسَّنَ حَالَهُ، وَقَالَ: كَانَ شَيْخِي (1) .
مَاتَ لسبعٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ، وَلَهُ خَمْسٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
144 - القَصَّابُ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، الحَافِظُ، أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الكَرَجِيُّ الغَازِي المُجَاهدُ.
وعُرفَ بِالقَصَّابِ لكَثْرَةِ مَا قَتَلَ فِي مَغَازِيهِ.
وَكَانَ وَالِدُهُ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيِّ بنِ حَرْبٍ الطَّائِيِّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيهِ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ الأَخرمِ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الطَّيَالِسِيِّ، وَعبدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ، وَجَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارِسَ، وَالحَسَنِ بنِ يَزِيْدَ الدَّقَّاقِ، وَطَبَقَتِهِم.
وَصَنَّفَ كِتَابَ (ثوَابِ الأَعمَالِ) ، وَكِتَابَ (عقَابِ الأَعمَالِ) ، وَكِتَابَ (السُّنَّةِ) ، وَكِتَابَ (تَأَديبِ الأَئِمَّةِ) ، وَأَشيَاءَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابنَاهُ عَلِيٌّ وَأَبُو الفَرَجِ عَمَّارٌ، وَأَبُو المَنْصُوْرِ مظفرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنِ البُرُوْجِرْدِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
وَعَاشَ إِلَى حُدُودِ السِّتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَهُوَ القَائِلُ: كُلُّ صِفَةٍ وَصَفَ اللهُ بِهَا نَفْسَهُ، أَوْ وَصَفَهُ بِهَا رسولُهُ،
__________
(1) " تاريخ بغداد: 4 / 74 وما بين حاصرتين منه.
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 938 - 939، الوافي بالوفيات: 4 / 114، طبقات الحفاظ: 379، هدية العارفين: 2 / 47.(16/213)
فلَيْسَتْ صِفَةَ مَجَازٍ، وَلَوْ كَانَتْ صِفَةُ مَجَازٍ لتحتَّمَ تَأَويلُهَا، وَلقيلَ: مَعْنَى البَصَرِ كَذَا، وَمعنَى السَّمْعِ كَذَا، وَلفُسِّرتْ بغيرِ السَّابقِ إِلَى الأَفهَامِ، فَلَمَّا كَانَ مَذْهَبُ السَّلَفِ إِقرَارَهَا بِلاَ تَأَويلٍ، عُلِمَ أَنَّهَا غَيْرُ محمولَةٍ عَلَى المَجَازِ، وَإِنَّمَا هِيَ حقٌّ بَيِّنٌ.
وَفِي قصيدَةِ أَبِي الحَسَنِ:
وَفِي الكَرَجِ الغَرَّاءِ أَوحدُ عَصْرِهِ ... أَبُو أَحْمَدَ القَصَّابُ غَيْرُ مغَالَبِ
تَصَانِيْفُهُ تُبْدِي فُنُوْنَ عُلُومِهِ ... فَلَسْتَ تَرَى عِلْماً لَهُ غَيْرُ شَارِبِ
145 - غُنْدَرٌ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ الوَرَّاقُ *
قَدْ مرَّ الحَافِظُ المُجَوِّدُ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ (1) صَاحبُ شُعبَةَ وَهُوَ الكَبِيْرُ.
غُنْدَرٌ: الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ الوَرَّاقُ.
سَمِعَ: الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ المَعْمرِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ البَاغَنْدِيَّ، وَأَبَا عَرُوبَةَ، وَأَبَا الجَهْمِ المشغرَانِيَّ، وَالطَّحَاوِيَّ، وَخلقاً.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ جُمَيْعٍ، وَأَبُو عبدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعُمَرُ بنُ أَبِي سَعْدٍ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: أَقَامَ سِنِيْنَ عِنْدنَا يُفيدُنَا، وَخَرَّجَ لِي أَفرَادَ الخُرَاسَانيِّينَ مِنْ حَدِيْثِي، ثُمَّ دَخَلَ إِلَى أَرْضِ التُّركِ، وَكَتَبَ مَا لاَ يُوصَفُ كَثْرَةً، ثُمَّ
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 152، المنتظم: 7 / 107، تذكرة الحفاظ: 3 / 960 - 964، العبر: 2 / 357، الوافي بالوفيات: 2 / 302 - 303، البداية والنهاية: 11 / 297، النجوم الزاهرة: 4 / 139، طبقات الحفاظ: 384 - 385، شذرات الذهب: 3 / 83.
(1) تقدمت ترجمته في الجزء التاسع من هذا الكتاب: الترجمة رقم (33) .(16/214)
اسْتُدْعِيَ مِنْ مَرْوَ إِلَى الحضْرَةِ بِبُخَارَى لِيُحَدِّثَ بِهَا فَأَدركَهُ الأَجَلُ فِي المفَازَةِ سنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَنْبَأَنَا المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ حُسَيْنٍ غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ بِالرَّقَّةِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَيْشُونَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بنُ الزِّبْرِقَانِ، عَنْ مَطَرٍ الوَرَّاقِ، عَنْ هَارُوْنَ بنِ عَنْترَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: (ذَهَابُ البَصَرِ مَغْفِرَةٌ لِلْذُّنُوبِ، وَذَهَابُ السَّمْعِ مَغْفِرَةٌ لِلْذُّنُوبِ، وَمَا نَقَصَ مِنَ الجَسَدِ فَعَلَى قَدْرِ ذَلِكَ (1)) .
غَرِيبٌ جِدّاً.
146 - غُنْدَرٌ أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ دُرَّانَ البَغْدَادِيُّ *
المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ، الصُّوْفِيُّ، الجَوَّالُ، أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ دُرَّانَ البَغْدَادِيُّ غُنْدَرٌ، نزيلُ مِصْرَ.
سَمِعَ: أَبَا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ، وَأَبَا يَعْلَى، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيَّ.
وَعَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الكَتَّانِيُّ، وَعبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ بنِ النَّحَاسِ، وَآخرُوْنَ.
__________
(1) إسناده ضعيف جدا، بل موضوع.
داود بن الزبرقان، قال ابن معين: ليس بشيء وقال أبو زرعة،: متروك وقال أبو داود: ضعيف ترك حديثه، وقال الجوزجاني: كذاب، وقد ذكره ابن عدي في " الكامل " لوحة: 257، 258، وساق له بضعة عشر حديث استنكرها، وهذا منها، وقال فيه: هذا منكر المتن والاسناد. وهارون بن عنترة مختلف فيه.
وأورده ابن الجوزي في " الموضوعات " وتبعه على ذلك الحافظ السيوطي في " مختصره " وهو في " تاريخ بغداد ": 2 / 152.
(*) تاريخ بغداد: 2 / 150، المنتظم: 7 / 46.(16/215)
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ صبَّاحٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رُفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا الخِلَعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ ابنُ النَّحَاسِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ دُرَّانَ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ الطيِّبِ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بنُ هِلاَلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوْعاً: (لاَ يُبْغِضُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُحِبُّهُمَا مُنَافِقٌ) .
مُعَلَّى تُرِكَ (1) ، وَمَتْنُ الحَدِيْثِ حقٌّ لكنَّهُ مَا صَحَّ مَرْفُوْعاً.
147 - غُنْدَرٌ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ العَبَّاسِ النَّجَّارُ *
الشَّيْخُ، المُقْرِئُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ العَبَّاسِ النَّجَّارُ.
سَمِعَ: ابنَ المجدَّرِ، وَأَبَا حَامِدٍ الحَضْرَمِيَّ، وَابنَ صَاعِدٍ.
رَوَى عَنْهُ: الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
148 - غُنْدَرٌ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ مَوْلَى فَاتِنٍ **
سَمِعَ: أَبَا شَاكرٍ مَسرَّةَ بنَ عَبْدِ اللهِ.
سَمِعَ مِنْهُ: بُشرَى الفَاتِنِيُّ فِي سَنَةِ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) بل اتفق النقاد على تكذيبه كما قال الحافظ في " التقريب ".
(*) تاريخ بغداد: 2 / 157، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 32 / أ، البداية والنهاية: 11 / 308، شذرات الذهب: 3 / 96.
(* *) تاريخ بغداد: 2 / 150.(16/216)
149 - غُنْدَرٌ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ أَبُو الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ *
حدَّث بِطَبَرِسْتَانَ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الضُّرَيْسِ.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ حَمَّوَيْه لَقِيَهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
يقعُ لَنَا حَدِيْثُهُ فِي كِتَابِ (الأَلقَابِ) للشِّيْرَازيِّ.
وَسَابعُهُمْ شَيْخٌ لابنِ جُمَيْعٍ.
وَعِنْدِي أَنَّهُ هُوَ الثَّانِي المَذْكُورُ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
150 - الغَزَّالُ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَهْلٍ الأَصْبَهَانِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُقْرِئُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَهْلِ بنِ مَخْلَدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، شَيْخُ القُرَّاءِ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الفَرْقَدِيَّ، وَعَبْدَانَ الأَهْوَازِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ زَبَّانَ، وَعَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ علاَّنَ، وَالقَاسِمَ بنَ العصَّارِ الدِّمَشْقِيَّ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَارِثِ الأَدِيبُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ بنِ فَاذَوَيْه.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: هُوَ أَحدُ مَنْ يرجِعُ إِلَى حِفْظٍ وَمَعْرِفَةٍ، وَلَهُ مصنَّفَاتٌ.
تُوُفِّيَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: لَهُ كِتَابُ (الوَقْفِ وَالابْتِدَاءِ) .
__________
(*) لم نجد له ترجمة في المصادر التي بنى أيدينا.
(* *) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 294، تذكرة الحفاظ: 3 / 964 - 965، طبقات الحفاظ: 385، شذرات الذهب: 3 / 47، هدية العارفين: 2 / 49.(16/217)
151 - الرَّفَّاءُ أَبُو الحَسَنِ السَّرِيُّ بنُ أَحْمَدَ الكِنْدِيُّ *
الشَّاعِرُ المُحْسِنُ، أَبُو الحَسَنِ السَّرِيُّ بنُ أَحْمَدَ الكِنْدِيُّ، المَوْصِلِيُّ.
مَدَحَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ، وَبِبَغْدَادَ المُهَلَّبِيَّ.
وَ (ديوَانُهُ) مَشْهُوْرٌ.
وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الخَالديَّينِ (1) هجَاءٌ وَشرٌّ، فآذيَاهُ، حَتَّى احْتَاجَ إِلَى النَّسْخِ، فَبقيَ يَنْسَخُ (ديواَنَهُ) وَيَبِيْعُهُ.
مَاتَ سنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
وَهُوَ القَائِلُ (2) :
وَكَانَتِ الإِبْرَةُ فِيمَا مَضَى ... صَائِنَةً وَجْهِي وَأَشْعَارِي
فَأَصْبَحَ الرِّزْقُ بِهَا ضَيِّقاً ... كَأَنَّهُ مِنْ خُرْمِهَا جَارِي
وَله (3) :
يَلْقَى النَّدَى بِرَقِيْقِ وَجْهٍ مُسْفِرٍ ... فَإِذَا التَقَى الجَمْعَانِ عَادَ صَفِيْقَا
رَحْبُ المنَازِلِ مَا أَقَامَ فَإِنْ سَرَى ... فِي جَحْفَلٍ تَرَكَ الفَضَاءَ مَضِيْقَا
__________
(*) يتيمة الدهر: 2 / 117 - 182، تاريخ بغداد: 9 / 194، الأنساب: 6 / 141، المنتظم: 7 / 62 - 63، معجم الأدباء: 11 / 182 - 189، وفيات الأعيان: 2 / 359 - 362، العبر: 2 / 357، عيون التاريخ: 11 / الورقة: 194، البداية والنهاية: 11 / 270 و274، النجوم الزاهرة: 4 / 67، شذرات الذهب: 3 / 73 - 74، هدية العارفين: 1 / 383 - 384.
(1) تأتي ترجمتهما برقم (277) من هذا الجزء.
(2) الابيات في " ديوانه "، و" معجم الأدباء ": 1 / 184، و" الوفيات: 2 / 360.
(3) الابيات من قصيدة يمدح بها سيف الدولة.
انظر " ديوانه ": 185، والوفيات: 2 / 360.(16/218)
152 - المَصِّيْصِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ *
الشَّيْخُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ المَصِّيْصِيُّ.
حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مُعَاذِ دُرَّانَ، وَأَحْمَدَ بنِ خُلَيْدٍ الحَلَبِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ دَاوُدَ الرَّزَّازُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ بُكَيْرٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ - وَكَانَ فِيْهِ تَسَاهُلٌ - فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
153 - ابْنُ القُوْطِيَّةِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأَنْدَلُسِيُّ **
عَلاَّمَةُ الأَدَبِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الأَنْدَلُسِيُّ القُرْطُبِيُّ النَّحْوِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
سَمِعَ مِنْ: أَسلمَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَسَعِيْدِ بنِ جَابِرٍ، وَطَاهرِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْدِيِّ، وَعِدَّةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 324 - 325، العبر: 2 / 334، ميزان الاعتدال: 3 / 112، لسان الميزان: 4 / 195، شذرات الذهب: 3 / 48.
(* *) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 76 - 77، يتيمة الدهر: 2 / 73، جذوة المقتبس: 76، ترتيب المدارك: 4 / 553 - 554، بغية الملتمس: 112، معجم الأدباء: 8 / 272 - 277، إنباه الرواة: 3 / 178، وفيات الأعيان: 4 / 368 - 371، العبر: 2 / 345، الوافي بالوفيات: 4 / 242 - 243،، مرآة الجنان: 2 / 389 - 390، الديباج المذهب: 2 / 217 - 218، لسان الميزان: 5 / 324 - 325، بغية الوعاة: 1 / 198، المزهر: 2 / 420 - 466، نفح الطيب: 3 / 73، شذرات الذهب: 3 / 62 - 63، هدية العارفين: 2 / 49، شجرة النور الزكية: 1 / 99.(16/219)
أَخذَ عَنْهُ ابْنُ الفَرَضِيِّ وَالنَّاسُ. وعُمِّرَ دَهْراً.
وَالقُوْطِيَّةُ (1) :هِيَ سَارَةُ بِنْتُ المُنْذِرِ بنِ جَطْسِيَّةَ (2) مِنْ بنَاتِ مُلُوْكِ القُوْطِ، وَالقُوْطُ: أُمَّةٌ كَانوا بِإِقلِيمِ الأَنْدَلُسِ، مِنْ ذُرِّيَّةِ قُوْطِ بنِ حَامِ بنِ نُوْحٍ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - هِيَ جَدَّةٌ لجدِّهِ، وَقَدْ كَانَتْ سَارَتْ إِلَى الشَّامِ مُتَظَلِّمَةً مِنْ عَمِّهَا أَرطَيَاسَ، فتَزَوَّجَهَا بِالشَّامِ عِيْسَى بنُ مُزَاحِمٍ مَوْلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ ثُمَّ سَافرَ مَعَهَا إِلَى الأَنْدَلُسِ، وَهُوَ جدُّ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عِيْسَى.
نَعَمْ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَأْساً فِي اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ، حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ، أَخْبَارِيّاً بَاهِراً، وَلَمْ يَكُنْ بِالبَارِعِ فِي الفُرُوعِ.
أَلَّفَ (تَصَارِيْفَ الأَفعَالِ) فَجَوَّدَهُ، وَفِي المقصورِ وَالمَمْدُوْدِ.
وَكَانَ ذَا عِبَادَةٍ وَنُسُكٍ وَزُهْدٍ، وَكَانَ لَهُ نَظْمٌ رَقِيقٌ (3) ، فَتَركَهُ توَرُّعاً.
وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ القَالِيُّ يُبَالِغُ فِي تَوقِيْرِهِ.
وَقَدْ صَنَّفَ (تَاريخاً) فِي أَخبارِ أَهْلِ الأَنْدَلُسِ، فَكَانَ يُمْلِيْهِ مِنْ صَدْرِهِ غَالباً.
تُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
154 - ابْنُ بَقِيَّةَ أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ العِرَاقِيُّ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، نصيرُ الدَّوْلَةِ، أَبُو الطَّاهِرِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَقِيَّةَ بنِ
__________
(1) انظر ضبط هذه اللفظة مع ذكر النسب كاملا في " الوفيات " 4 / 369 - 371.
(2) في " الوفيات ": غيطشة.
(3) انظر بعض شعره في " معجم الأدباء " 18 / 276 - 277.
(*) تجارب الأمم: الجزء (2) وفيات الأعيان: 5 / 118 - 124، المختصر في أخبار =(16/220)
عليٍّ العِرَاقِيُّ الأَوَانِيُّ، أَحدُ الأَجْوَادِ، تَقَلَّبَ بِهِ الدَّهْرُ أَلوَاناً، فَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ فلاَّحاً، وَآلَ أَمرُ أَبِي الطَّاهِرِ إِلَى وِزَارَةِ عزِّ الدَّوْلَةِ بُخْتِيَارَ بنِ معزِّ الدَّوْلَةِ بَعْدَ السِّتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدِ اسْتَوْزَرَهُ المُطِيعُ أَيْضاً، فَلقَّبَهُ النَّاصحُ.
وَكَانَ قَلِيْلَ النَّحْوِ، فَغَطَّى ذَلِكَ السَّعْدُ.
وَلَهُ أَخبارٌ فِي الإِفْضَالِ وَالبذلِ وَالتَّنَعُّمِ، ثُمَّ قبضَ عَلَيْهِ عِزُّ الدَّوْلَةِ بِوَاسِطَ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ، وَسُمِلَتْ عينَاهُ، فَلَمَّا تملَّكَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ أَهلكَهُ لِكَوْنِهِ كَانَ يُحَرِّضُ مخْدُومَهُ عَلَيْهِ، أَلقَاهُ تَحْتَ قَوَائِمِ الفِيلِ، وَصُلِبَ عِنْدَ البيمَارِسْتَانِ العَضُدِيِّ فِي شَوَّالٍ مِنْ سَنَةِ سبعٍ.
يُقَالُ: إِنَّهُ خَلَعَ فِي وَزَارَتِهِ فِي عِشْرِيْنَ يَوْماً عِشْرِيْنَ أَلْفَ خِلْعَةٍ.
وَعَاشَ نَيِّفاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وَرَثَاهُ شَاعِرٌ بِأَبيَاتٍ وَاخْتَفَى، فَقَالَ:
عُلوٌّ فِي الحَيَاةِ وَفِي المَمَاتِ ... لحقٌ أَنْتَ إِحْدَى المُعْجِزَاتِ
وَهِيَ قطعَةٌ (1) بارعَةٌ فِي معنَاهَا، ثُمَّ ظَفرَ بِهِ عَضُدُ الدَّوْلَةِ وَعَفَا عَنْهُ، وَأَعطَاهُ فَرَساً وَعشرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَهلَكَهُ.
ذَكَرْنَاهُ فِي (الكَبِيْرِ) .
__________
= البشر: 2 / 119، العبر: 2 / 346، الوافي بالوفيات: 1 / 100 - 104، نكت الهميان: 271 - 273، النجوم الزاهرة: 4 / 130 - 131، شذرات الذهب: 3 / 63 - 65.
(1) ذكرها ابن خلكان في " الوفيات ": 5 / 120 - 122 وقال: هي لأبي الحسن محمد بن عمر بن يعقوب الأنباري.
وانظر أيضا البداية والنهاية: 11 / 290، والنجوم الزاهرة: 4 / 130، وشذرات الذهب: 3 / 63.(16/221)
155 - النَّاشِئُ الصَّغِيْرُ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ وَصِيْفٍ الحَلاَّءُ *
مِنْ فُحُوْلِ الشُّعَرَاءِ، وَرُؤُوسِ الشِّيْعَةِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ وَصيفٍ الحلاَّءُ.
أَخذَ الكَلاَمَ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ نوبختَ، وَغَيْرِهِ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَالحلاَّءُ (1) :صَانعُ حليَةِ النُّحَاسِ.
وَهُوَ القَائِلُ (2) :
إِذَا أَنَا عَاتَبْتُ المُلُوكَ فَإِنَّمَا ... أَخُطُّ بِأَقلاَمِي عَلَى المَاءِ أَحْرفَا
وَهَبْهُ ارْعَوَى بَعْدَ العِتَابِ أَلم تَكُنْ ... مَوَدَّتُهُ طَبْعاً فَصَارَتْ تَكَلُّفَا
وَقَدْ رَوَى بِالكُوْفَةِ (ديواَنَهُ) ، وَأَخَذَ عَنْهُ المُتَنَبِّي، ثُمَّ طَالَ عُمْرُهُ، وَمَدحَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ وَالكِبَارَ، وَعَاشَ أَزيدَ مِنْ تِسْعِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ: فِي صَفَرٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
156 - الشِّيْرَازِيُّ أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ الحُسَيْنِ **
الوَزِيْرُ، أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ الحُسَيْنِ الشِّيْرَازِيُّ، كَاتبُ معزِّ الدَّوْلَةِ، نَابَ فِي الوزَارَةِ عَنِ المُهَلَّبِيِّ، وَتَزَوَّجَ بَابنتِهِ، ثُمَّ كتبَ لعزِّ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ وَزَرَ لَهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ، ثُمَّ عملَ وِزَارَةَ المُطِيعِ.
فَبقِيَ عَلَى وَزَارَتِهِمَا
__________
(*) يتيمة الدهر: 1 / 232، فهرست الطوسي: 89، معجم الأدباء: 13 / 280 - 299، وفيات الأعيان: 3 / 369 - 371، لسان الميزان: 4 / 238 - 240.
(1) قال ابن خلكان: الحلاء: بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام ألف. وإنما قيل له ذلك لأنه كان يعمل حلية من النحاس.
" وفيات الأعيان ": 3 / 369.
(2) البيتان في " اليتيمة ": 1 / 232، و" الوفيات ": 3 / 369.
(* *) تجارب الأمم: 6 / 269 و313، المنتظم: 7 / 73 - 74، الكامل لابن الأثير: 8 / 548، 573، 583، 584، 601، 628، 631 وأماكن أخرى، البداية والنهاية: 11 / 273 و278، النجوم الزاهرة: 4 / 68 - 69.
وسيكرر المؤلف ترجمته في الصفحة (309) من هذا الجزء.(16/222)
ثَلاَثَةَ أَشْهرٍ، ثُمَّ أَمسكَ، ثُمَّ أُعِيدِ إِلَى الوزَارَةِ سنَةَ سِتِّيْنَ، وَعُزِلَ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ نُكِبَ وَحُمِلَ إِلَى الكُوْفَةِ، فَمَاتَ بِرَمْيِ الدَّمِ بَعْدَ مُدَيدَةٍ، وَمَاتَتْ زَوجتُهُ ابنَةُ المُهَلَّبِيِّ فِي الاعتِقَالِ.
وَكَانَ ظَالِماً عسُوَفاً، مُجَاهراً بِالقبَائِحِ (1) .
وَكَانَ جَوَاداً مِعْطَاءً.
عَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً.
وَكَانَ كَثِيْرَ التَّجَمُّلِ، شَدِيدَ الوطأَةِ {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الْكَهْف:49] .
وَقِيْلَ:
سُكْرُ الوِلاَيَةِ طَيِّبٌ ... وَخُمَارُهُ مَالٌ وَرُوحُ
157 - ابْنُ الإِخْشِيْذِ الحَسَنُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ طُغجَ التُّرْكِيُّ *
المَلِكُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ طُغجَ بنِ جف التُّرْكِيّ.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ أَمِيْراً فِي دَوْلَة عَمِّهِ الإِخْشِيْذِ مُحَمَّدِ بنِ طُغجَ، وَكَذَا فِي أَيَّامِ كَافُوْرٍ، فَمَاتَ كَافُوْرٌ، فَأَقَامَ الأُمَرَاءُ فِي الدُّستِ أَبَا الفَوَارِسِ أَحْمَدَ ابنَ الملكِ عَلِيِّ بنِ الإِخْشِيْذِ صبيّاً لَهُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَجَعَلُوا أَتَابكَهُ (2) الحَسَنَ هَذَا، وَكَانَ صَاحِبَ الرَّمْلَةِ، وَقَدْ مدحَهُ المُتَنَبِّي (3) بِقَوله:
__________
(1) انظر الكامل 8 / - 628 - 629.
(*) الكامل لابن الأثير: 8 / 591، الوافي بالوفيات: 12 / 97 - 98، أمراء دمشق: 27، النجوم الزاهرة: 4 / 73، تهذيب ابن عساكر: 4 / 189.
(2) الاتابك: قائد الجيش.
(3) القصيدة في " ديوانه ": 4 / 235.(16/223)
أَيَا لاَئِمِي إِنْ كُنْتَ وَقْتَ اللَّوَائِمِ ... عَلِمْتَ بِحَالِي بَيْنَ تِلْكَ المَعَالِمِ
وَهِيَ بَدِيْعَةٌ.
ثُمَّ تَمَكَّنَ الحَسَنُ، وَتَزَوَّجَ بِبِنتِ عَمِّهِ فَاطِمَةَ، وَدُعِيَ لَهُ عَلَى المنَابرِ بَعْدَ أَبِي الفَوَارِسِ إِلَى نِصْفِ شَعْبَانَ سنَةَ 358 فَوَصَلتْ جُيُوشُ المغَاربَةِ مَعَ جَوْهَرٍ، وَتملَّكُوا، وَزَالَتِ الدَّوْلَةُ الإِخشيذيَّةُ، وَكَانَتْ خمساً وَثَلاَثِيْنَ سنَةً.
وَكَانَ الحَسَنُ قَدْ فَرَّ مِنَ القرَامِطَةِ، وَأَخَذُوا مِنْهُ الرَّمْلَةَ، وَتَمَكَّنَ بِمِصْرَ، وَقبضَ عَلَى الوَزِيْر بنِ حِنْزَابَةَ، ثُمَّ انحَازَ إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ حَاربَ المغَاربَةَ مَعَ جَعْفَرِ بنِ فلاَحٍ، فَأَسرَهُ جَعْفَرٌ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى مِصْرَ فَسُجِنَ مُدَّةً وَلَمْ يُؤذُوهُ، وَلَمْ يَبْلغْنِي هَلْ بَقِيَ مَسجوناً زمَاناً أَوْ عُفِيَ عَنْهُ، إِلاَّ أَنَّهُ مَاتَ فِي رَجَبٍ سنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِمِصْرَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ العزيزُ بِاللهِ فِي القصرِ.
وأَمَّا الصَّبِيُّ أَبُو الفَوَارِسِ، فإِنَّهُ عَاشَ إِلَى ربيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ، وَتُوُفِّيَ.
158 - الجُعَلُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ البَصْرِيُّ *
الفَقِيْهُ، المُتَكَلِّمُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، مِنْ بُحُورِ العِلْمِ، لكنَّهُ مُعْتَزِلِيٌّ دَاعِيَةٌ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَنَفِيَّةِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَهُ تَصَانِيْفٌ كَثِيْرَةٌ فِي الاِعْتِزَالِ، قَالَ لِي الصَّيْمرِيُّ:
__________
(*) الامتاع والمؤانسة: 1 / 140، الفهرست: 248، تاريخ بغداد: 8 / 73 - 74، طبقات الشيرازي: 143، المنتظم: 7 / 101، العبر: 2 / 351، لسان الميزان: 2 / 303، النجوم الزاهرة: 4 / 135، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 155 - 156، الفوائد البهية: 67، شذرات الذهب: 3 / 68، هدية العارفين: 1 / 307.(16/224)
كَانَ مُقَدَّماً فِي الفِقْهِ وَالكَلاَمِ، مَعَ كَثْرَةِ أَمَالِيهِ فِيْهِمَا، وَتَدْرِيْسِهِ لَهُمَا (1) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيمُ: الجُعَلُ يُعرفُ بِالكَاغدِيِّ، وَأُسْتَاذُهُ هُوَ أَبُو القَاسِمِ بنُ سَهْلَوَيْه.
انتهَتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ أَصْحَابِهِ فِي عَصْرِهِ ... إِلَى أَنْ قَالَ: وَتفَقَّهَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ الكَرْخِيِّ، وَلَهُ كِتَابُ (نقضِ كَلاَمِ ابْنِ الرِّيوَندِيّ) ، فِي أَنَّ الجسمَ لاَ يَجُوْزُ أَنْ يَكُونَ مُخترعاً لاَ مِنْ مَادَةٍ، وَكِتَابُ (الكَلاَمِ) أَنَّ اللهَ لَمْ يَزَلْ موجوداً وحدَهُ إِلَى أَنْ خلقَ الخلقَ، وَكِتَابُ (الإِيمَانِ) ، وَكِتَابُ (الإِقرَارِ) ، وَتصَانِيْفُ سِوَى ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ فِي (طبقَاتِ الفُقَهَاءِ) :هُوَ رَأْسُ المعتزلَةِ، مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ شَيْخُ النَّحْوِ أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ.
قُلْتُ: قَاربَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقِيْلَ: بَلْ عَاشَ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
159 - ابْنُ أُخْتِ وَلِيْدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
العَلاَّمَةُ، القَاضِي، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَاشِدِ بنِ شُعَيْبٍ البَغْدَادِيُّ الظَّاهِرِيُّ، ابْنُ أُختِ وَلِيْدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: ابنِ قُتَيْبَةَ العَسْقِلاَّنِي وَغَيْرِهِ.
وَعَنْهُ: عَلِيُّ بنُ مُنِيْرٍ، وَابنُ نظيفٍ الفَرَّاءُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي الذِّكْرِ، وغَيْرُهُمْ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 73.
(*) ميزان الاعتدال: 2 / 390، لسان الميزان: 3 / 215 - 216، حسن المحاضرة: 2 / 146، قضاة دمشق لابن طولون: 35 - 36، تهذيب ابن عساكر: 7 / 280 - 281.(16/225)
كَانَ أَوَّلاً خيَّاطاً، ثُمَّ اشتَغَلَ، وَوَلِيَ قَضَاءَ مِصْرَ سَنَةً ثُمَّ عُزِلَ سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْقَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: لَهُ مُصنَّفَاتٌ كَثِيْرَةٌ، أَخذَ عَنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ المغلسِ.
قُلْتُ: لَمْ يُحْمَدْ فِي القَضَاءِ، وَبَذَلَ فِيْهِ ذهباً، وَقِيْلَ: كَانَ سَخِيْفاً خَلِيْعاً، يَرْتَشِي.
قَالَ ابْنُ زُولاَقَ: تكبَّرَ وَاسْتهَانَ بِالنَّاسِ، وَكَانَ يَهْزِلُ فِي مَجْلِسِهِ، وَلَهُ أَمْوَالٌ وَمُتَاجرَةٌ، وَكَانَ يَقُوْلُ لِحَاجِبِهِ: أَينَ اليَهُوْدُ؟ - يَعْنِي: الشُّهُودَ -، وَأَينَ الكُمنَا؟ - يَعْنِي: الأُمنَاءَ -.
وَقَالَتِ امْرَأَةٌ: خُذْ بِيَدِي، قَالَ: وَبِرِجْلِكِ، وَكَانَ الذُّهْلِيُّ لاَ يُنْفِذُ لَهُ حُكماً (1) .
مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
160 - ابْنُ أُمِّ شَيْبَانَ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ عَلِيٍّ الهَاشِمِيُّ *
قَاضِي القُضَاةِ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ ابْنِ الأَمِيْرِ وَلِيِّ العهدِ عِيْسَى بنِ مُوْسَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ ابْنِ حَبْرِ الأُمَّةِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ الهَاشِمِيُّ العَبَّاسِيُّ الكُوْفِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدَانَ البَجَلِيَّ، وَتَلاَ
__________
(1) انظر " قضاة دمشق ": ص 36.
(*) الولاة والقضاة: 574، تاريخ بغداد: 5 / 363 - 365، المنتظم: 7 / 102، العبر: 352 - 353، البداية والنهاية: 11 / 296 - 297، الوافي بالوفيات: 3 / 156، النجوم الزاهرة: 4 / 137، شذرات الذهب: 3 / 70.(16/226)
عَلَى ابْنِ مُجَاهدٍ، وَصَاهَرَ أَبَا عُمَرَ القَاضِي.
رَوَى عَنْهُ: البَرْقَانِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَكَانَ كَبِيْرَ القَدْرِ إِمَاماً.
قَالَ طَلْحَةُ بنُ جَعْفَرٍ: هُوَ عَظِيْمُ القَدْرِ، وَاسِعُ العِلْمِ، كَثِيْرُ الطَّلَبِ، حَسَنُ التَّصنِيْفِ، ينظرُ فِي فُنُوْنِ العِلْمِ وَالآدَابِ متوسطٌ فِي مَذْهبِ مَالِكٍ، لاَ أَعلمُ هَاشمِيّاً وَلِيَ قَضَاءَ بَغْدَادَ غَيْرَهُ، وَجُمِعَ لَهُ مَعَهَا قَضَاءُ مِصْرَ وَبَعْضِ الشَّامِ - يَعْنِي: فَبَعَثَ نُوَّابَهُ إِلَيْهَا -، وَقَدْ صُرفَ لِحكومَةٍ صمَّمَ فِيْهَا للهِ، وَلَمْ يَأْخُذْ رِزْقاً عَلَى القَضَاءِ، وَلاَ لَبِسَ خِلْعَةً، وَطَلَبَ لِكَاتبِ حُكمِهِ وَلِحَاجِبِهِ معلوماً، وَكذَلِكَ للأُمنَاءِ وَالأَعْوَانِ، فَقُرِّرَ لِلْكُلِّ فِي الشَّهْرِ أَلفُ دِرْهَمٍ وَمائَةٌ وَخمسُوْنَ دِرْهَماً (1) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ نَبِيْلاً فَاضِلاً، مَا رَأَينَا فِي مَعْنَاهُ مثلَهُ، وَفِي الصِّدْقِ نهَايَةً (2) .
مَاتَ فَجْأَةً فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سِتٌّ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
161 - الرُّوْذْبَارِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عَطَاءٍ **
العَارِفُ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عَطَاءٍ
__________
(1) الخبر بأخصر مما هنا في " تاريخ بغداد ": 5 / 364، وما بين حاصرتين منه.
(2) المصدر السابق.
(* *) طبقات الصوفية: 497 - 500، حلية الأولياء: 10 / 383 - 384، تاريخ بغداد: 4 / 336 - 337، الرسالة القشيرية: 30، المنتظم: 7 / 101، معجم البلدان: 3 / 77، العبر: 2 / 350، البداية والنهاية: 11 / 296، النجوم الزاهرة: 4 / 135، طبقات الشعراني:(16/227)
الرُّوْذْبَارِيُّ، نَزِيْلُ صُورٍ.
حَدَّثَ عَنْ: البَغَوِيِّ، وَابنِ أَبِي دَاوُدَ، وَالمَحَامِلِيِّ.
وَعَنْهُ: السَّكَنُ بنُ جُمَيْعٍ، وَأَبُوْهُ، وَابنُ بَاكَوَيْه، وَعَلِيُّ بنُ عِيَاضٍ، الصُّوْرِيُّ، وَعِدَّةٌ، وَهُوَ ابْنُ أُختِ أَبِي عَلِيٍّ الرُّوْذْبَارِيِّ.
قَالَ القُشَيْرِيُّ: كَانَ شَيْخَ الشَّامِ فِي وَقتِهِ، مَاتَ بِصُورٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ يَرْجِعُ إِلَى أَنواعٍ مِنَ العُلُومِ، كَالقِرَاءاتِ، وَالفِقْهِ، وَعلمِ الحقيقَةِ، وَإِلَى أَخْلاَقٍ فِي التَّجْرِيدِ يَختصُّ بِهَا يُربِي عَلَى أَقرَانِهِ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ عَسَاكِر: رَوَى أَحَادِيثَ غَلِطَ فِيْهَا غَلَطاً فَاحِشاً.
162 - الإِسْفَرَايِيْنِيُّ أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بِشْرٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الجَوَّالُ، مُسْنِدُ وَقتِهِ، أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بِشْرِ بنِ مَحْمُوْدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ الدِّهقَانُ، كَبِيْرُ إِسْفَرَايِيْنَ، وَأَحدُ المَوصُوفِينَ بِالشَّهَامَةِ وَالشَّجَاعَةِ.
سَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ عَلِيٍّ الذُّهْلِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءَ، وَجَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ الشَّامَاتِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ سَهْلٍ، وَالحَسَنَ بنَ سَهْلٍ، وَقرأَ عَلَيْهِ (مُسنَدَهُ) ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى المَرْوَزِيَّ ثُمَّ البَغْدَادِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ نَاجِيَةَ، وَجَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيَّ، وَأَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، سَمِعَ مِنْهُ (المُسْنَدَ) .
__________
= 1 / 145، شذرات الذهب: 3 / 68، نتائج الافكار القدسية: 2 / 16 - 19، تهذيب ابن عساكر: 1 / 394 - 397.
(*) العبر: 2 / 355، النجوم الزاهرة: 4 / 139، شذرات الذهب: 3 / 71.(16/228)
وَعُمِّرَ وَأَمْلَى مُدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَالعَلاَءُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ حُمَيمٍ الفَقِيْهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي المَعْرُوفِ، وَشَرِيْكُ بنُ عَبْدِ الملكِ المِهْرَجَانِيُّ، وَهُمْ مِنْ شُيُوْخِ البَيْهَقِيِّ، وَآخِرُ مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ الزَّاهِدُ.
قَالَ الحَاكِمُ: انتخبْتُ عَلَيْهِ، وَأَمْلَى زمَاناً مِنْ أُصُوْلٍ صَحِيْحَةٍ، وَتُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ نَيِّفاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيُّ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ عُمَرَ، عَنْ زَيْنَبٍ الشَّعْريَّةِ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ القَارِيُّ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَافِرِ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَابِرٍ، عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (إِذَا اجْتَمَعَ عِيْدَانِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُمُ الأَوَّلُ) .
هَكَذَا عِنْدِي، وَسَقطَ أَبُو صَالِحٍ (1) .
__________
(1) أي: بين عبد العزيز بن رفيع وأبي هريرة، وهو في سنن أبي داود (1073) من طريقين، عن بقية، حدثنا شعبة، عن المغيرة الضبي، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون " وهذا سند رجاله ثقات.
وأخرجه ابن ماجة (1311) من طريق محمد بن المصفى، عن بقية به إلا أنه قال: عن ابن عباس بدل أبي هريرة، ثم أخرجه من طريق محمد بن يحيى، عن يزيد بن عبد ربه، عن بقية مثل رواية أبي داود.
قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 85: إسناده صحيح، رجاله ثقات، والرواية عن أبي هريرة هي المحفوظة. =(16/229)
163 - المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ الحَكَمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأُمَوِيُّ *
المُلَقَّبُ: بِأَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ، أَبُو العَاصِ الحَكَمُ ابْنُ النَّاصِرِ لِدِينِ اللهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الأُمَوِيُّ المَرْاونِيُّ، صَاحبُ الأَنْدَلُسِ وَابنُ مُلُوكِهَا.
وكَانَتْ دُولَتُهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَعَاشَ ثَلاَثاً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَكَانَ جَيِّدَ السِّيرَةِ، وَافرَ الفَضِيلَةِ، مُكرِماً لِلْوَافِدِينَ عَلَيْهِ، ذَا غَرَامٍ بِالمُطَالَعَةِ وَتَحصِيلِ الكُتُبِ النَّفِيسَةِ الكثيرَةِ حقَّهَا وَبَاطِلَهَا بِحيثُ إِنَّهَا قَارَبَتْ نَحْواً مِنْ مائتَي أَلفِ سِفْرٍ، وَكَانَ يَنْطَوِي عَلَى دِيْنٍ وَخَيْرٍ.
سَمِعَ مِنْ: قَاسِمِ بنِ أَصْبغَ، وَأَحْمَدَ بنِ دُحَيْمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ الخُشَنِيِّ، وَزَكَرِيَّا بنِ خطَّابٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَأَجَازَ لَهُ ثَابِتُ بنُ قَاسِمٍ السَّرقُسْطيُّ.
وَكَانَ بَاذِلاً لِلذَّهَبِ فِي اسْتَجلاَبِ الكُتُبِ، وَيُعْطِي مَنْ يَتَّجِرُ فِيْهَا مَا شَاءَ، حَتَّى ضَاقَتْ بِهَا خَزَائِنُهُ، لاَ لَذَّةَ لَهُ فِي غَيْر ذَلِكَ.
__________
= وصححه الحاكم 1 / 288، 289، ووافقه الذهبي.
وفي الباب عن زيد بن أرقم عند أبي داود (1070) ، وأحمد 4 / 372، والنسائي 3 / 194، وابن ماجه (1310) ، والدارمي 1 / 378، وفي سنده مجهول، لكنه حسن في الشواهد.
وعن ابن عمر عند ابن ماجة (1312) ، وفي سنده ضعف.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 7، يتيمة الدهر: 1 / 293 - 294، جمهرة أنساب العرب: 100، جذوة المقتبس: 13 / 16، بغية الملتمس: 18 / 21، المختصر في أخبار البشر: 2 / 117، العبر: 2 / 341 - 342، دول الإسلام: 1 / 227، البداية والنهاية: 11 / 285، ابن خلدون: 4 / 144، النجوم الزاهرة: 4 / 127 و149، تاريخ الخلفاء: 649، نفح الطيب: 1 / 386 - 396، أزهار الرياض: 2 / 286 - 294، شذرات الذهب: 3 / 55 - 56.(16/230)
وَكَانَ عَالِماً أَخْباريّاً، وَقُوْراً، نَسِيْجَ وَحْدِهِ.
وَكَانَ عَلَى نَمَطِهِ أَخُوْهُ عَبْدُ اللهِ - المُلَقَّبُ بِالوَلَدِ - فِي محبَّةِ العِلْمِ، فَقُتِلَ فِي أَيَّامِ أَبِيْهِ.
وَكَانَ الحكمُ موثَّقاً فِي نَقْلِهِ، قلَّ أَنْ تَجِدَ لَهُ كتَاَباً إِلاَّ وَلَهُ فِيْهِ نظرٌ وَفَائِدَةٌ، وَيَكتبُ اسْمَ مُؤلِّفِهِ وَنَسَبَهُ وَمولِدَهُ، وَيُغربُ وَيُفيدُ.
وَمِنْ مَحَاسِنِهِ أَنَّهُ شَدَّدَ فِي الخَمْرِ فِي مَمَالِكِهِ، وَأَبْطَلَهُ بِالكُلِّيَّةِ، وَأَعْدَمَهُ.
وَكَانَ يَتَأَدَّبُ مَعَ العُلَمَاءِ وَالعُبَّادِ، التَمَسَ مِنْ زَاهِدِ الأَنْدَلُسِ أَبِي بَكْرٍ يَحْيَى بنِ مُجَاهدٍ الفَزَارِيِّ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ، فَامْتَنَعَ، فَمَرَّ فِي مَوْكِبِهِ بيَحْيَى وَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، وَأَقْبَلَ عَلَى تِلاَوتِهِ، وَمَرَّ بِحَلَقَةِ شَيْخِ القُرَّاءِ أَبِي الحَسَنِ الأَنْطَاكِيِّ، فَجَلَسَ وَمَنَعَهُمْ مِنَ القِيَامِ لَهُ، فَمَا تَحَرَّكَ أَحدٌ.
مَاتَ بِقَصْرِ قُرْطُبَةَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وبُوْيِعَ ابنُهُ هِشَامٌ وَلَهُ تِسْعُ سِنِيْنَ أَو أَكثرُ، وَلُقِّبَ بِالمُؤَيَّدِ بِاللهِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَباً لِتَلاَشِي دَوْلَةِ المَرْوَانِيَّةِ، وَلَكِنْ سَدَّدَ أَمرَ المملكَةِ الحَاجِبُ المُلَقَّبُ بِالمَنْصُوْرِ أَبِي عَامِرٍ مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عَامِرٍ القَحْطَانِيّ، وَإِلَيْهِ كَانَ العَقْدُ وَالحلُّ، فَسَاسَ أَتمَّ سِيَاسَةٍ.
وَقَدْ تقدَّمَ المُسْتَنْصِرُ (1) مَعَ جدِّهِم الدَّاخلِ أَيْضاً.
164 - عِزُّ الدَّوْلَةِ بُخْتِيَارُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بُوَيْه الدَّيْلَمِيُّ *
صَاحِبُ العِرَاقِ، المَلِكُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ بُخْتِيَارُ ابْنُ الملكِ معزِّ الدَّوْلَةِ
__________
(1) انظر الجزء الثامن من السير، رقم الترجمة (63) .
(*) يتيمة الدهر: 2 / 218 - 219، المنتظم: 7 / 81 - 82، الكامل لابن الأثير: =(16/231)
أَحْمَدَ بنِ بُوَيْه بنِ فَنَّا خسْرُو الدَّيْلَمِيُّ.
تَزَوَّجَ الطَّائِعُ للهِ بِبِنْتِهِ شَهْنَازَ (1) عَلَى مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
وَكَانَ شَدِيدَ البَأْسِ، يُمْسِكُ ثَوْراً بِقَرنَيْهِ، فَيَصرَعهُ.
وَكَانَ مُسْرِفاً مُبَذِّراً.
تَسَلطَنَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَقَدْ خَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمِّهِ عَضُدُ الدَّوْلَةِ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمَا حُرُوبٌ، وَأُسرَ مَمْلُوْكٌ بَدِيْعُ الجَمَالِ لعزِّ الدَّوْلَةِ، فَتَجنَّنَ عَلَيْهِ، وَتركَ الأَكْلَ وَبَكَى وَافتُضِحَ، وَكَتَبَ إِلَى عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَخَضَعَ، وَبَذَلَ فِي فِدَائِهِ عُوديَّتَينِ ثمنُ إِحدَاهُمَا مائَةُ أَلْفٍ، وَقَالَ: رَضِيْتُ بِرَدِّهِ وَأَدَعُ المُلكَ، فَرَدَّهُ.
وَقِيْلَ: كَانَ رَاتِبُهُ مِنَ الشَّمعِ فِي الشَهْرِ عِدَّةُ قنَاطيرٍ (2) .
التَقَى هُوَ وَعَضُدُ الدَّوْلَةِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فَقُتِلَ فِي المَصَافِّ، فَنَدِمَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ وَبَكَى لَمَّا جِيْءَ بِرَأْسِهِ.
عَاشَ سِتّاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
وَضَاعَ أَمرُ الإِسلاَمِ بِدولَةِ بَنِي بُوَيْه، وَبَنِي عُبَيْدٍ الرَّافِضَةِ، وَتَرَكُوا الجِهَادَ، وَهَاجَتْ نَصَارَى الرُّوْمِ، وَأَخَذُوا المَدَائِنَ، وَقَتَلُوا وَسَبَوا.
__________
= 8 / 575 - 580، 583، 628، 636، 669 - 673، 688 - 692، وفيات الأعيان: 1 / 267 - 268، المختصر في أخبار البشر: 2 / 119، العبر: 2 / 343 - 344، عيون التواريخ: 11 الورقة: 282، الوافي بالوفيات: 10 / 84 - 86، البداية والنهاية: 11 / 291 - 292، النجوم الزاهرة: 4 / 129، تاريخ الخلفاء: 649، شذرات الذهب: 3 / 59.
(1) في " وفيات الأعيان ": شاه زنان.
(2) انظر " وفيات الأعيان ": 1 / 267.(16/232)
165 - الصُّكُوْكِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا بنِ حُسَيْنٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُتْقِنُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا بنِ حُسَيْنٍ النَّسَفِيُّ الصُّكُوْكِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيِّ، وَصَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
ذكرَهُ جَعْفَرُ المُسْتَغْفِرِيُّ فِي (تَاريخِ نَسَفٍ) فَقَالَ: كَانَ حَافِظاً مُؤَلِّفاً لِلأَبْوَابِ، عَارِفاً بِحَدِيْثِ أَهْلِ بلدِهِ.
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: مَا وَقَعَ لِي حَدِيْثُهُ، وَلاَ أَكَادُ أَعرِفُهُ.
166 - ابْنُ حَرَارَةَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ الأَسَدِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ أَسَدٍ الأَسَدِيُّ، البَرْدَعِيُّ.
ارْتَحَلَ إِلَى العِرَاقِ وَمِصْرَ وَالشَّامِ، سَمِعَ: حَامِدَ بنَ شُعَيْبٍ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ وَهْبٍ الدِّيْنَوَرِيَّ، وَابنَ جَوْصَا، وَعِدَّةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: حسنُ بنُ جَعْفَرٍ الطَّيِّبِيُّ شَيْخٌ لِلْخَلِيْلِيِّ.
قَالَ الخليلِيّ: يُعرفُ أَبُوْهُ بِحَرَارَةَ، قَالَ: وَقَدْ رَوَى مِنْ حِفْظِهِ زيَادَةً عَلَى ثَلاَثِيْنَ أَلفَ حَدِيْثٍ بِقَزْوِينَ وَالرَّيِّ، وَمَا كَانَ مَعَهُ وَرقَةً، وَفِي أَمَالِيهِ
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 930، طبقات الحفاظ: 376 - 377، شذرات الذهب: 2 / 369.
(* *) تذكرة الحفاظ: 3 / 971، طبقات الحفاظ: 387، شذرات الذهب: 2 / 379.(16/233)
غَرَائِب وَكلاَمٌ يُسْتَفَادُ، حَدَّثَ عَنْهُ شُيُوخُنَا.
تُوُفِّيَ بِقَزْوِينَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
167 - التِّنِّيْسِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَسَنٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حَسَنٍ المِصْرِيُّ النَّقَّاشُ، مُحَدِّثُ تِنِّيْسَ.
وُلِدَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائتَينِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ الإِمَامَ، نَزيلَ دِمْيَاطٍ، وَأَبَا عبدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ جَرِيْرٍ الطَّبرِيَّ، وَأَبَا يَعْقُوْب المَنْجَنِيْقيَّ، وَعُمَرَ بنَ أَبِي غَيْلاَنَ، وَعَبْدَانَ الجَوَالِيقِيَّ، وَأَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، وَالقَاسِمَ بنَ اللَّيْثِ الرَّسْعَنِيَّ، وَجُمَاهرَ بنَ مُحَمَّدٍ الزَّمْلَكَانِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
ارْتَحَلَ إِلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَكَانَ مُنْزَوِياً بِتِنِّيْسَ فَلَمْ يَنْتَشِرْ حَدِيْثُهُ.
وَرَوَى عَنْهُ أَيْضاً: الحُسَيْنُ بنُ جَعْفَرٍ الكِللِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّحَّانِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ الغَازِي، وَالحَسَنُ بنُ عُمَرَ بنِ جَمَاعَةَ الإِسْكَنْدَرَانِيُّ، وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ جَابِرٍ التِّنِّيْسِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَهُوَ رَاوِي نُسخةِ فُلَيْحٍ الَّتِي رَوَيْنَاهَا عَنِ أَصْحَابِ أَبِي الحَسَنِ السَّخَاوِيِّ.
نَعَمْ، وَمِنْ كِبَارِ شُيُوخِهِ: الحَسَنُ بنُ الفَرَجِ الغَزِّيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ الوَكِيْعِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ المَدَائِنِيُّ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مظفَّرٍ السَّقَطِيُّ، أَخْبَرَنَا السَّخَاوِيُّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ،
__________
(*) معجم البلدان: 1 / 54، العبر: 2 / 353، تذكرة الحفاظ: 3 / 957 - 959، الوافي بالوفيات: 4 / 114 - 115، النجوم الزاهرة: 4 / 137، حسن المحاضرة: 1 / 352، طبقات الحفاظ: 384، شذرات الذهب: 3 / 70.(16/234)
أَخْبَرَنَا الخَلِيْلُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ بنُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا المُعَافَى بنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ يُكْثِرُ الإِهْلاَلَ، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِ، وَيَقُوْلُ: إِنَّ مِنْ إِكْمَالِ الحَجِّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالإِهْلاَلِ (1) .
تُوُفِّيَ: فِي رَابعِ شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
168 - الصُّعْلُوْكِيُّ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ هَارُوْنَ الحَنَفِيُّ (2) العِجْلِيُّ الصُّعْلُوْكِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الفَقِيْهُ
__________
(1) فليح هو ابن سليمان: " سيء الحفظ، وباقي رجاله ثقات.
وروى ابن أبي شيبة بإسناده صحيح - فيما قاله الحافظ في " الفتح " - عن بكر بن عبد الله المزني قال: كنت مع ابن عمر فلبى حتى أسمع ما بين الجبلين، وفي الباب عن السائب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتاني جبريل، فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالاهلال والتلبية " أخرجه مالك 1 / 309، 310، وأبو داود (1814) ، والترمذي (829) وصححه، والنسائي 22، وابن ماجة (2922) ، وابن خزيمة (2625) (2627) ، والحاكم 1 / 450.
وعن زيد بن خالد الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أتاني جبريل، فقال: يا محمد مر أصحابك، فليرفعوا أصواتهم بالتلبية، فإنها من شعار الحج " أخرجه أحمد 5 / 192، وابن ماجة (2923) ، وصححه ابن خزيمة (2628) و (2629) ، وابن حبان (974) ، والحاكم 1 / 450، ووافقه الذهبي.
(*) يتيمة الدهر: 4 / 419، طبقات العبادي: 99، طبقات الشيرازي: 115، الأنساب: 8 / 63، تبيين كذب المفتري: 183 - 188، اللباب: 2 / 242، وفيات الأعيان: 4 / 204 - 205، دول الإسلام: 1 / 228، العبر: 2 / 352، الوافي بالوفيات: 3 / 124 - 125، طبقات السبكي: 3 / 167 - 173، طبقات الأولياء: 215 - 216، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 147 - 151، النجوم الزاهرة: 4 / 136 - 137، الفلاكة والمفلوكون: 137 - 138، مفتاح السعادة: 2 / 177، طبقات ابن هداية الله: 92 - 93، شذرات الذهب: 3 / 69 - 70.
(2) الحنفي: نسبة إلى بني حنيفة كما سيأتي في الترجمة.(16/235)
الشَّافِعِيُّ، المُتَكَلِّمُ، النَّحْوِيُّ، المفسِّرُ، اللُّغَوِيُّ، الصُّوْفِيُّ، شَيْخُ خُرَاسَانَ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ حَبْرُ زَمَانِهِ، وَبَقِيَّةُ أَقْرَانِهِ، وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَأَوَّلُ سمَاعِهِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَاختلَفَ إِلَى ابْنِ خُزَيْمَةَ، ثُمَّ اختلَفَ إِلَى أَبِي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، وَنَاظَرَ وَبَرَعَ، ثُمَّ اسْتُدْعِيَ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَلَمَّا بَلَغَهُ نَعْيُّ عَمِّهِ أَبِي الطَّيِّبِ الصُّعْلُوْكِيِّ، خَرَجَ فِي الخِفْيَةِ حَتَّى قَدِمَ نَيْسَابُوْرَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ، ثُمَّ نَقَلَ أَهْلَهُ مِنْ أَصْبَهَانَ.
أَفْتَى وَدرَّسَ بِنَيْسَابُوْرَ نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
سَمِعَ: إِمَامَ الأَئِمَّةِ ابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجِ، وَأَحْمَدَ بنَ المَاسَرْجِسِيَّ، وَأَبَا قُرَيْشٍ مُحَمَّدَ بنَ جُمْعَةَ، وَأَحْمَدَ بنَ عُمَرَ المُحَمَّدَابَاذِي، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي حَاتِمٍ، وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ من: إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الصَّمدِ الهَاشِمِيِّ، وَابنِ الأَنْبَارِيِّ، وَالمَحَامِلِيِّ، وَكَانَ يمتنعُ عَنِ التَحْدِيْثِ كَثِيْراً إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ فَأَجَابَ إِلَى الإِمْلاَءِ، وَقَدْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّبْغِيَّ غَيْرَ مَرَّةٍ يعوِّذُ الأُسْتَاذَ أَبَا سَهْلٍ، وَيَقُوْلُ: بَارَكَ اللهُ فِيْكَ، لاَ أَصَابَكَ العَيْنَ.
وَقِيْلَ: سُئِلَ أَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ الفَقِيْهُ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ القَفَّالِ، وَأَبِي سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيِّ، أَيُّهُمَا أَرجحُ، فَقَالَ: وَمَنْ يقدرُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ أَبِي سَهْلٍ.
وَقَالَ الفَقِيْهُ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ: لَمْ يَرَ أَهْلُ خُرَاسَانَ مِثْلَ أَبِي سَهْلٍ.
قَالَ الصَّاحِبُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبَّادٍ: مَا رَأَينَا مِثْلَ أَبِي سَهْلٍ، وَلاَ رَأَى مِثْلَ نَفْسِهِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: أَبُو سَهْلٍ مُفْتِي البلدَةِ وَفَقِيْهُهَا، وَأَجدلُ مَنْ رَأَينَا مِنَ الشَّافِعِيَّةِ بِخُرَاسَانَ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَديبٌ، شَاعِرٌ، نَحْوِيٌّ، كَاتبٌ(16/236)
عَرُوضِيٌّ، صَحِبَ الفُقَرَاءَ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (الطَّبَقَاتِ) :الصُّعْلُوْكِيُّ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ صَاحِبُ أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ، مَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَكَانَ فَقِيْهاً أَديباً، متكلِّماً، مُفَسِّراً، صوفيّاً، كَاتِباً.
عَنْهُ أَخذَ ابنُهُ أَبُو الطَّيِّبِ وَفُقَهَاءُ نَيْسَابُوْرَ.
قُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ وَجْهٍ، وَمِنْ غَرَائِبِهِ وَجوبُ النِّيَّةِ لإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ النَّسَوِيُّ: كَانَ أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ مُقدَّماً فِي عِلْمِ التَّصَوفِ، صَحِبَ الشِّبلِيَّ، وَأَبَا علِيٍّ الثَّقَفِيَّ، وَالمرتعشَ، وَلَهُ كَلاَمٌ حسنٌ فِي التَّصَوفِ.
قُلْتُ: منَاقبُ هَذَا الإِمَامِ جَمَّةٌ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ فُوركَ، يَقُوْلُ: سُئِلَ الأُسْتَاذُ أَبُو سَهْلٍ عَنْ جَوَازِ رُؤْيَةِ اللهِ بِالعقلِ، فَقَالَ: الدَّلِيْلُ عَلَيْهِ شوقُ المُؤْمِنِيْنَ إِلَى لقَائِهِ، وَالشوقُ إِرَادَةٌ مُفرِطَةٌ، وَالإِرَادَةُ لاَ تتعلَّقُ بِمُحَالٍ.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا سَهْلٍ يَقُوْلُ: مَا عَقدْتُ عَلَى شَيْءٍ قَطُّ، وَمَا كَانَ لِي قُفلٌ وَلاَ مفتَاحٌ، وَلاَ صَررْتُ عَلَى فِضَّةٍ وَلاَ ذهبٍ قَطُّ.
وَسمِعتُهُ يُسأَلُ عَنِ التَّصَوفِ، فَقَالَ: الإِعْرَاضُ عَنِ الاعترَاضِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَنْ قَالَ لِشَيْخِهِ: لِمَ؟ لاَ يُفْلِحُ أَبَداً.
__________
(1) بلى والله يفلح إذا كان قصده معرفة الحقيقة، أو كان يري في الشيخ خطأ لا يقره الشرع، وأراد أن ينبهه عليه بأدب ولطف، فكل بني آدم خطاء كما صح عنه صلى الله عليه وسلم، وقد اتخذ هذه الكلمة المنافية لما جاء به الإسلام من لا يترسم خطا الشرع من الشيوخ ذريعة لا رتكاب ما لا يحل، وفعل ما هو محرم.(16/237)
وَقَدْ حَضَرَ أَبُو القَاسِمِ النَّصرَابَاذِي وَجَمَاعَةٌ، وَتكلَّمَ قوَّالٌ فَقَالَ:
جعلتُ تنزُّهِي نَظَرِي إِلَيْكَا ...
فَقَالَ النَّصرَابَاذِي: قُلْ، جعلتَ، فَقَالَ أَبُو سَهْلٍ: بَلْ جعلتُ، فَرَأَينَا النَّصرَابَاذِي أَلطَفُ قَوْلاً مِنْهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا لَنَا وَلِلتَّفرِقَةِ؟ أَلَيْسَ عينُ الجمعِ أَحقُّ؟ فَسَكَتَ النَّصرَابَاذِي وَمَنْ حَضَرَ.
قُلْتُ: يُشيرُ إِلَى الوحدَةِ وَهِيَ الجمعُ، وَهَذَا الجمعُ مقيِّدٌ بِنَاظرٍ وَمَنظورٍ، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى القَدَرِ، فَمَا جُعلَ نظرُهُ حَتَّى جَعلَهُ اللهُ، قَالَ - تَعَالَى -: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللهُ} [الْإِنْسَان:30] يَعْنِي: إِذَا قُلْتَهَا بِالضمِ أَوْ بِالفتحِ فَهُمَا مُتلاَزمَانِ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: قَالَ لِي أَبُو سَهْلٍ: أَقمتُ بِبَغْدَادَ سَبْعَةَ أَعوامٍ مَا مرَّتْ بِي جُمُعَةٌ إِلاَّ وَلِي عَلَى الشِّبلِيِّ وَقفَةٌ أَوْ سُؤَالٌ.
وَدَخَلَ الشِّبلِيُّ عَلَى أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ فَرَآنِي عِنْدَهُ، فَقَالَ: ذَا المَجْنُوْنَ مِنْ أَصحَابِكَ، لاَ بَلْ مِنْ أَصحَابِنَا.
أَخْبَرَنَا أَبُوَ الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الحَافِظُ، أَخْبَرَتْنَا زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي القَاسِم، (ح)
وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ عَنْ زَيْنَبٍ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مَسْرُوْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الحَنَفِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو قُرَيْشٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سُلَيْمَانَ بنِ نَضْلَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (المُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعَىً وَاحِدٍ، وَالكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ) (1) .
__________
(1) هو في " الموطأ " 3 / 109، 110 بشرح السيوطي، ومن طريقه مسلم (2063) بهذا =(16/238)
وَبِهِ أَنشدَنَا أَبُو سَهْلٍ الحَنَفِيُّ لِنَفْسِهِ (1) :
أَنَامُ عَلَى سَهْوٍ وَتَبْكِي الحَمَائِمُ ... وَلَيْسَ لَهَا جُرْمٌ وَمِنِّي الجَرَائِمُ
كذبتُ وَبيْتِ اللهِ لَوْ كُنْتَ عَاقِلاً ... لَمَّا سَبَقَتْنِي بِالبُكَاءِ الحَمَائِمُ
قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ أَبُو سَهْلٍ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ العَارِفِيْنَ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عَطَاءٍ الرُّوْذْبَارِيُّ، بِصُورٍ، وَقَدْ رَوَى عَنِ: البَغَوِيِّ، وَشيخُ الحنَابلَةِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَاقِلاَ البَزَّازُ بِبَغْدَادَ كَهْلاً، وَالحَافِظُ أَبُو سَعِيْدٍ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الزَّعْفَرَانِيُّ بأَصْبَهَانَ، وَشيخُ التَّعْبِيرِ رُحَيمُ بنُ سَعِيْدٍ الدِّمَشْقِيُّ الضَّريرُ خَاتِمَةُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ: أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ مائَةٍ وَسَبْعِ سِنِيْنَ، وَمُسْنِدُ بَغْدَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَاسِي البَزَّازُ، وَقَاضِي دِمَشْقَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَاشِدِ بنِ أُخْتِ وَلِيْدٍ البَغْدَادِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو الشَّيْخِ بِأَصْبَهَانَ، وَقَاضِي القُضَاةِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ عَلِيِّ ابْنِ أُمِّ شَيْبَانَ العَبَّاسِيُّ بِبَغْدَادَ، وَالحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَهْلٍ الغزَّالُ بأَصْبَهَانَ، وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّقَّاشُ بِتِنِّيْسَ، وَأَبُو عَلِيٍّ مَخْلَدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقِرحِيُّ، سَمِعْنَا مشيخَتَهُ.
__________
= الإسناد، وأخرجه مالك أيضا، ومن طريقه البخاري 9 / 468 عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند مسلم (2062) ، عن ابن عمر عند البخاري 9 / 468، ومسلم (2060) ، والترمذي (1819) .
قال ابن الأثير: هو تمثيل لرضى المؤمن باليسير من الدنيا، وحرص الكافر على الكثير منها.
(1) البيتان في " طبقات السبكي ": 3 / 171، و" الوافي بالوفيات ": 3 / 124، و" طبقات المفسرين " للداوودي: 2 / 151.(16/239)
169 - الحَجَّاجِيُّ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، المُقْرِئُ، المُجَوِّدُ، شَيْخُ خُرَاسَانَ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ الحَجَّاجِ الحَجَّاجِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، صَدْرُ المقرِئينَ وَالمُحَدِّثِيْنَ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: عُمَرَ بنِ أَبِي غَيْلاَنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، وَالبَاغَنْدِيِّ، وَالبَغَوِيِّ، وَطَبَقَتِهِم، وَبِنَيْسَابُوْرَ أَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ، وَأَقْرَانَهُمَا، وَبَالرَّيِّ أَحْمَدَ بنَ جَعْفَرٍ وَطَبقَتَهُ، وَبِمِصْرَ علاَّنَ بنَ الصَّيْقَلِ، وَنَحْوَهُ، وَبَالشَّامِ أَبَا الجَهْمِ بنَ طَلاَّبٍ، وَأَبَا الحَسَنِ بنِ جَوْصَا، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الهَرَوِيَّ، وَبَالجَزِيْرَةِ أَبَا عَرُوبَةَ الحَرَّانِيَّ، وَبَالكُوْفَةِ عَلِيَّ بنَ العَبَّاسِ ?لمقَانعِيَّ وَالموجودينَ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَصحَّحَ وَعَلَّلَ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَهُمَا أَكبرُ مِنْهُ قليلاً، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ أَبُو الحُسَيْنِ الحَجَّاجِيُّ، ذَكَرْتُ فِي (تَاريخِ النَّيْسَابوريِّينَ) منَاقِبَ جَدِّهِمْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ الحَجَّاجِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ إِسْحَاقَ الحَنْظَلِيِّ، وَذكرتُ منَاقبَ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، وَاسمُ جَدِّهِم الحَجَّاجُ بنُ الجَرَّاحِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 223 - 224، الأنساب: 4 / 58 - 59، اللباب: 1 / 341، تذكرة الحفاظ: 3 / 944 - 945، العبر: 2 / 349، الوافي بالوفيات: 1 / 128، النجوم الزاهرة: 4 / 134، طبقات الحفاظ: 381، شذرات الذهب: 3 / 67.(16/240)
قَالَ: فَأَمَّا أَبُو الحُسَيْنِ فَإِنَّهُ كَانَ مِنَ الصَّالِحِيْنَ المُجتهدينَ بِالعِبَادَةِ، قَرَأَ القُرْآنَ علَى أَبِي بَكْرٍ بنِ مُجَاهدٍ، ثُمَّ سَرَدَ شُيُوخَهُ، ثُمَّ قَالَ: صَنَّفَ (العِلَلَ) وَ (الشُّيُوْخَ) وَ (الأَبْوَابَ) ، وَكَانَ يمتنعُ وَهُوَ كهلٌ عَنِ الرِّوَايَةِ، فَلَمَّا بَلَغَ الثَّمَانِيْنَ لاَزَمَهُ أَصحَابُنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، حَتَّى سَمِعُوا كِتَابَ (العِلَلِ) وَهُوَ نَيِّفٌ وَثَمَانُوْنَ جُزءاً، وَ (الشُّيُوْخِ) وَسَائِرِ المصنَّفَاتِ، صَحِبْتُهُ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَمَا أَعْلَمُ أَنَّ المَلَكَ كَتَبَ عَلَيْهِ خَطِيْئَةً، وَكُنْتُ أَسمعُ أَبَا علِيٍّ الحَافِظَ غَيْرَ مرَّةٍ، يَقُوْلُ: لَمْ يَجِئْ عَفَّانُ، وَقُلْتُ لعَفَّانَ، وَقَالَ لِي عَفَّانُ، يُرِيْد بِهِ أَبَا الحُسَيْنِ، يُلَقِّبُهُ بِذَلِكَ لِحِفظِهِ وَإِتْقَانه وَفَهْمِهِ، وَلَعَمْرِي إِنَّهُ عَفَّانٌ، فَإِنَّ فَهمَهُ كَانَ يَزِيْدُ عَلَى حِفْظِهِ.
وحَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ فِي مَجْلِسِ إِملاَئِهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الحُسَيْنِ بنُ يَعْقُوْبَ وَهُوَ أَثْبَتُ مَنْ حَدَّثْتُكُمْ عَنْهُ اليَوْمَ، أَخْبَرَنَا الأَصبغُ بنُ خَالِدٍ القَرْقَسَانِيُّ أَنَّ عُثْمَانَ بنَ يَحْيَى القَرْقَسَانِيَّ حَدَّثَهُم، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: مَا غَبَطْتُ نَفْسِي بِمَجْلِسِ سَاعَةٍ كمَجْلِسٍ جَلَسْتُهُ إِلَى حُجْرَةِ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْتَظِرُ لِصَلاَةِ الصُّبْحِ، وَرهطٌ بِنَاحيَةٍ يَمْتَرُوْنَ فِي القُرَآنِ، حَتَّى عَلَتْ أَصواتُهُمْ:
فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُغْضَباً، فَقَالَ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ عَلَى وَجْهِهِ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا هَلَكَتِ الأُمَمُ قَبْلَكُمْ عَلَى مِثْلِ هَذَا، وإِنَّمَا نَزَلَ الكِتَابُ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضاً، وَلَمْ يَنْزِلْ يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضاً، فَمَا اسْتَنَصَّ لَكُمْ مِنْهُ فَاعْرِفُوهُ، وَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْكُمْ فَرُدُّوا عِلْمَهُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ) (1) .
__________
(1) إسناده حسن، وأخرجه عبد الرزاق (20367) ، وأحمد 2 / 181، و195 و196، وابن ماجة (85) من طرق عن عمرو بن شعيب بهذا الإسناد، وقد وقع عند أحمد 2 / 196، وابن ماجة أن تنازعهم كان في القدر.(16/241)
قَالَ الحَاكِمُ: ثُمَّ سَأَلتُ أَبَا الحُسَيْنِ عَنْهُ، فَحَدَّثَنِي بِهِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ أَيْضاً فِي (تَارِيْخِهِ) :أَبُو الحُسَيْنِ الحَجَّاجِيُّ، العَبْدُ الصَّالِحُ الصَّدُوْقُ الثَّبْتُ، كَانَ يَمْتَنِعُ عَنِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ كَهْلٌ.
وَسَمِعْتُ أَبَا علِيٍّ الحَافِظَ، يَقُوْلُ: مَا فِي أَصْحَابِنَا أَفْهَمُ وَلاَ أَثْبَتُ مِنْ أَبِي الحُسَيْنِ.
قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ فِي خَامِسِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ اللُّتِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَجَّاجِيُّ، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا دُحَيْمٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا صَدَقَة، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ (1)) .
أَخْبَرَنَا بِلاَلٌ المُغِيْثِيُّ (2) بِمِصْرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ روَاجٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا القَاسِمُ بنُ الفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ
__________
(1) صدقة - وهو ابن عبد الله السمين - ضعيف، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الهروي في " ذم الكلام " ورقة 54 / 1 من طريق عمرو بن أبي سلمة بهذا الإسناد.
وله شاهد عند أحمد 2 / 50 و92 من طريقين، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، حدثنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر. وهذا سند حسن، فيتقوى به.
وأخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار ": 1 / 88 من طريق محمد بن وهب بن عطية، عن الوليد بن مسلم، حدثنا الاوزاعي به.
(2) هو بلال بن عبد الله الحبشي المغيثي ترجمه المؤلف في مشيخته الورقة 39.(16/242)
بنُ سُلَيْمَانَ البَزَّازُ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ نُوْحٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ الطَبَّاعِ، حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بنُ القَاسِمِ، عَنِ العَلاَءِ بنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنْ وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (دَعْ مَا يَرِيْبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيْبُكَ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غريبٌ تَفَرَّدَ بِهِ العَلاَءُ هَذَا، وَهُوَ مَجْهُولٌ (1) .
وَمِمَّنْ مَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ: مُسْنِدُ الوَقْتِ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ حَمْدَانَ القَطِيْعِيُّ بِبَغْدَادَ، وَشيخُ النَّحْوِ أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المَرْزُبَانِ السِّيْرَافِيُّ، وَمُسْنِدُ دِمَشْقَ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ أَبِي الزَّمْزَامِ الفَرَضِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ الجُرْجَانِيُّ، الآبَنْدُونِيُّ، وَمُقْرِئُ بَغْدَادَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ النَّخَّاسِ بِمُعْجَمةٍ، وَالقَاضِي عِيْسَى بنُ حَامِدٍ الرخَّجِيُّ، بِبَغْدَادَ، وَالمُعَمَّرُ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدُوْنَ الأَنْدَلُسِيُّ آخِرُ مَنْ رَوَى عَنْ مُحَمَّدِ بنِ وَضَّاحٍ، وَرَاوِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ عَمْرَوَيْه الجُلُوديُّ، بِنَيْسَابُوْرَ، وَالمُسْنِدُ أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْحَاقَ الهَرَوِيُّ، وَصَاحبُ المَوْصِلِ أَبُو تغلبٍ الغَضَنْفَرُ بنُ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ بنِ حَمْدَانَ التَّغْلِبِيُّ.
170 - ابْنُ السَّلِيْمِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأُمَوِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الرَّبَّانِيُّ، قَاضِي الأَنْدَلُسِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
__________
(1) لكن الحديث صحيح من رواية الحسن بن علي رضي الله عنه، أخرجه أحمد 1 / 200، والطيالسي (1178) ، والدارمي 2 / 84، والترمذي (2518) والنسائي 8 / 327، 328، وصححه ابن حبان (512) ، والحاكم 2 / 13، و4 / 99، ووافقه الذهبي، وفيه زيادة: " فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة " وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند أحمد 3 / 153، وآخر من حديث ابن عمر عند الطبراني في " الصغير " ص 56، والخطيب في " تاريخه ": 6 / 386، وأبي نعيم في " الحلية ": 6 / 352، وفي " أخبار أصبهان ": 2 / 243.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 77 - 78، جذوة المقتبس: 43 - 44، ترتيب المدارك: 4 / 541 - 549، بغية الملتمس: 56 - 60، المغرب في حلى المغرب: 1 / 214، العبر: =(16/243)
إِبْرَاهِيْمَ بنِ السَّلِيْمِ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُم المَالِكِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ أَيمنَ، وَأَحْمَدَ بنَ خَالِدِ بنِ الجبَّابِ، وَعِدَّةً، وَحَجَّ فسَمِعَ مِنِ: ابنِ الأَعْرَابِي، وَأَبِي جَعْفَرٍ بنِ النَّحَّاسِ النَّحْوِيِّ.
وَكَانَ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلينَ، ذَا زُهدٍ وَتَأَلُّهٍ، وَبَاعٍ طَوِيْلٍ فِي الفِقْهِ وَاختلاَفِ العُلَمَاءِ، رَأْساً فِي الآدَابِ وَالبلاغَةِ وَالنَّحْوِ، روضَةَ معَارِفٍ.
تخرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ.
وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدِ أَسَنَّ.
حَكَى يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغِيْثٍ أَنَّ رَجُلاً مَشرقيّاً يُعرفُ بِالشَّيْبَانِيِّ سَكَنَ الأَنْدَلُسَ، فَرَكِبَ ابْنُ السَّلِيْمِ لِحَاجَةٍ، فَأَلجَأَهُ مَطَرٌ غزيرٌ إِلَى أَنْ دَخَلَ دِهْلِيْزَ الشَّيْبَانِيِّ، فرَحَّبَ بِهِ، وَعَزَمَ عَلَيْهِ فَنَزَلَ، فَفَاوَضَهُ، وَقَالَ: أَيُّهَا القَاضِي، عِنْدِي جَارِيَةٌ لَمْ يُسْمَعْ أَطيبُ مِنْ صَوتِهَا، فَإِنْ أَذِنْتَ أَسْمَعَتْكَ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، وَأَبيَاتاً، قَالَ: افْعَلْ.
فَقَرَأَتْ وَغَنَّتْ حَتَّى كَادَ عَقْلُ القَاضِي يَذْهَبُ سُرُوْراً، وَأَخْرَجَ عِشْرِيْنَ دِيْنَاراً لِلْجَارِيَةِ هبَةً وَقَامَ.
171 - يَحْيَى بنُ مُجَاهِدِ بنِ عَوَانَةَ أَبُو بَكْرٍ الفَزَارِيُّ *
الأَنْدَلُسِيُّ، الإِلْبِيْرِيُّ، الزَّاهِدُ.
ذَكَرَهُ ابْنُ بشكُوَالٍ فِي غَيْرِ (الصِّلَةِ) فَقَالَ: زَاهِدُ عَصْرِهِ، وَنَاسِكُ
__________
= 2 / 338، مشتبه النسبة: 1 / 368، تاريخ قضاة الأندلس: 75 - 77، الديباج المذهب: 2 / 214 - 216، شذرات الذهب: 3 / 60، شجرة النور الزكية.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 190 - 191، جذوة المقتبس: 379، بغية الملتمس: 506 - 507، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 375، نفح الطيب: 2 / 630 - 631.(16/244)
مِصْرِهِ الَّذِي بِهِ يَتَبَرَّكُونَ، وَإِلَى دُعَائِهِ يَفْزَعُوْنَ.
كَانَ مُنْقَطِعَ القَرِينِ، مُجَابَ الدَّعْوَةِ، جُرِّبَتْ دَعْوَتُهُ فِي أَشيَاءَ ظَهَرَتْ، حَجَّ وَعُنِيَ بِالقرَاءاتِ وَالتَّفْسِيْرِ، وَلَهُ حَظٌّ مِنَ الفِقْهِ، لَكِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ العِبَادَةُ.
وَقَدْ جَمَعَ يُوْنُسُ بنُ عَبْدِ اللهِ كِتَاباً فِي فَضَائِلِهِ.
وَذَكَرَهُ عُمَرُ بنُ عَفِيْفٍ، فَقَالَ: كَانَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ وَالزُّهْدِ وَالتَّقشُّفِ وَالعِبَادَةِ، وَجمِيلِ المَذْهَبِ، لَمْ تَرَ عَيْنِيَّ مِثْلَهُ فِي الزُّهْدِ وَالعِبَادَةِ، يَلْبَسُ الصُّوفَ، وَيمشِي حَافياً مرَّةً، وَينتعلُ مرَّةً، فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ الحكمَ المُسْتَنْصِرَ بِاللهِ أَحبَّ أَنْ يجتمعَ بيَحْيَى بنِ مُجَاهدٍ الزَّاهِدِ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَوَجَّهَ إِلَيْهِ مَنْ يَتَلطَّفُ بِهِ وَيَستَعْطِفُهُ، فَقَالَ: مَا لِي إِلَيْهِ حَاجَة، وَإِنَّمَا يدخلُ عَلَى السُّلْطَانِ الوزَارءُ، وَأَهْلُ الهيئَةِ، وَأَيشٍ يعملُ بأَصحَابِ الأَطمَارِ الرَّثَّةِ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ الحكمُ جُبَّةَ صُوفٍ وَغفَّارَةً وَقمِيصاً مِنْ وَسطِ الثِّيَابِ وَدنَانيرَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا قَالَ: مَا لِي وَلِهَذِهِ؟! ردُّوهَا عَلَى صَاحِبِهَا، وَلَئِنْ لَمْ يَتْرُكُونِي سَافَرْتُ، فَيَئِسَ مِنْ لِقَائِهِ وَتَرَكَهُ، وَكَانَ يَجْلسُ إِلَى مُؤَدِّبٍ بِالجَامعِ يَأْنَسُ بِهِ.
قَالَ ابْنُ حَيَّانَ: أَخْبَرَنِي أَبِي خَلَفٍ، قَالَ: كُنْتُ يَوْماً فِي حلقَةِ الأُسْتَاذِ أَبِي الحَسَنِ الأَنْطَاكِيِّ فِي الجَامعِ، وَإِذَا بِحِسٍّ فِي المقصورَةِ، فَخَرَجَ مِنْهَا فَتَىً، وَبِيَدِهِ كُرْسِيُّ جلدٍ، فَجَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى الشَّيْخِ، وَوَضَعَ الكُرْسِيَّ عَلَى مُقْرُبَةٍ مِنْهُ، وَقَالَ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يخرجُ السَّاعَةَ، وَيَقُوْلُ لَكَ: لاَ تَقُمْ وَلاَ تَتَغَيَّرْ إِكرَاماً لِمَجْلِسِكَ وَإِعظَاماً لِمَا أَنْتَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ يَسِيْراً، وَإِذَا برجَّةٍ فِي المقصورَةِ، فَإِذَا الفتيَانُ وَالعبيدُ قَدْ خَرَجُوا وَالحكمُ مَعَهُمْ، فَجَاءَ(16/245)
وَسَلَّمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ، وَبَقِيَ القَارِئُ يَقْرَأُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَتْ، وَلَمْ يَتَجَرَّأْ أَحدٌ يَتَغَيَّرْ عَنْ مَكَانِهِ، وَإِذَا السَفَرَةُ مِنَ العَبيدِ وَالفتيَانِ مِنْ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَى البَابِ وَمِنَ البَابِ إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَقَامَ وَسَلَّمَ وَخَرَجَ.
قَالَ ابْنُ حَيَّانَ: فَاتَّبَعْتُهُ، فَرَكِبَ فرساً وَكبارُ القُوَّادِ حَوْلَهُ، فَجَاءَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ وَهُوَ يَقرأُ فِي المُصْحَفِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: عليكُم السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبركَاتُهُ، وَدَعَا لَهُ دعواتٍ يَسِيْرَةٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مُصحفِهِ، وَرجعَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ إِلَى مَنْزِلِهِ.
تُوُفِّيَ ابْنُ مُجَاهِدٍ فِي جُمَادِى الآخِرَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِيْنَ سَنَةً أَوْ نَحْوهَا.
172 - شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ المَرْزُبَانِ البَغْدَادِيُّ *
الزَّاهِدُ.
تَفَقَّهَ بِأَبِي الحُسَيْنِ بنِ القَطَّانِ، وَهُوَ مِنْ مشَايخِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ.
وَهُوَ صَاحِبُ وَجْهٍ.
دَرَّسَ بِبَغْدَادَ.
وَتُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَهُوَ مِنْ أَسَاطِيْنِ المَذْهبِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 325، وفيات الأعيان: 3 / 281، طبقات السبكي: 3 / 346، البداية والنهاية: 11 / 289، طبقات ابن هداية الله: 91، شذرات الذهب: 3 / 56.(16/246)
173 - الجُرْجَانِيُّ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ *
الإِمَامُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الجُرْجَانِيُّ، المُحْتَسِبُ، رَاوِي (الصَّحِيْحِ) عَنِ الفِرَبْرِيِّ.
وَسَمِعَ مِنْ: عُمَرَ بنِ بُجَيْرٍ، وَطَائِفَةٍ.
أَخذَ عَنْهُ الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ أَيْضاً.
فَأَمَّا القَاضِي عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجُرْجَانِيُّ الأَدِيبُ فسيَأْتِي (1) .
174 - السِّيْرَافِيُّ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المَرْزُبَانِ **
العَلاَّمَةُ، إِمَامُ النَّحْوِ، أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المَرْزُبَانِ السِّيْرَافِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَنَحْوِيُّ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ دُرَيْدٍ، وَابنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي الأَزْهَرِ.
__________
(*) تاريخ جرجان: 277 276، ميزان الاعتدال: 3 / 112، لسان الميزان: 4 / 194 - 195.
(1) سترد ترجمته في الجزء السابع عشر، الترجمة رقم (10) .
(* *) طبقات النحويين واللغويين: 129 - 130، الامتاع والمؤانسة: 1 / 108 - 133، الفهرست: 93، تاريخ بغداد: 7 / 341 - 342، الأنساب: 7 / 218 - 219، نزهة الالباء: 307 - 308، المنتظم: 7 / 95، معجم الأدباء: 8 / 145 - 232، معجم البلدان: 3 / 295، إنباه الرواة: 1 / 313 - 315، اللباب: 2 / 165، وفيات الأعيان: 2 / 78 - 79، العبر: 2 / 347، الوافي بالوفيات: 2 / 74، مرآة الجنان: 2 / 390، 391، البداية والنهاية: 11 / 294، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 61 - 62، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 131، غاية النهاية: 1 / 218، الفلاكة والمفلوكون: 95 - 96، لسان الميزان: 2 / 218، النجوم الزاهرة: 4 / 133 - 134، بغية الوعاة: 1 / 507 - 509، الجواهر المضية: 2 / 66 - 67، شذرات الذهب: 3 / 65 - 66، روضات الجنات: 218 - 219، هدية العارفين: 1 / 271.(16/247)
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ أَيُّوْبَ القُمِّيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ رِزْمَةَ، وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ أَبُوْهُ مَجُوْسِيّاً فَأَسْلَمَ.
وَكَانَ أَبُو سَعِيْدٍ صَاحبَ فُنُوْنٍ، مِنْ أَعِيَانِ الحَنَفِيَّةِ، رَأْساً فِي نَحْوِ البَصْرِيِّينَ، تصدَّرَ لإِقْرَاءِ القرَاءاتِ، وَاللُّغَةِ، وَالفِقْهِ، وَالفَرَائِضِ، وَالعَرَبِيَّةِ، وَالعروضِ.
وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ، وَأَخذَ اللُّغَةَ، عَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ، وَالنَّحْوَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ السَّرَّاجِ.
وَكَانَ دَيِّناً مُتَوَرِّعاً، لاَ يَأْكُلُ إِلاَّ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ.
وَوَلِيَ القَضَاءَ بِبَعْضِ بَغْدَادَ، وَكَانَ يَنْسَخُ كُلَّ يَوْمٍ كُرَّاساً أُجرتُهُ عَشْرَةُ درَاهم لِحُسْنِ خَطِّهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ يُذكرُ عَنْهُ الاعتزَالُ وَلَمْ يظهرْ مِنْهُ (1) .
وَقَدْ جَوَّدَ شَرْحَ (كِتَابِ سِيْبَوَيْه) ، وَلَهُ (أَلفَاتُ القطعِ وَالوصلِ) ، وَكِتَابُ (الإِقنَاعِ) فِي النَّحْوِ الَّذِي كمَّلَهُ وَلدُهُ يُوْسُفُ (2) ، وَلَهُ جُزءٌ مَرْوِيٌ فِي (أَخْبَارِ النُّحَاةِ) ، وَسمِعنَا مِنْ طَرِيْقِهِ جُزْءاً مِنْ (أَخبارِ الزُّبَيْرِ بنِ بكَّارٍ) .
وَكَانَ وَافِرَ الجَلاَلَةِ، كَثِيْرَ التَّلاَمِذَةِ.
عَاشَ أَرْبَعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ ابنُهُ يُوْسُفُ (3) سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ كَهْلاً.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 7 / 342.
(2) انظر " معجم الأدباء " 20 / 60.
(3) ترجمته في " وفيات الأعيان ": 7 / 72، و" معجم الأدباء " 20 / 60.(16/248)
وَكَانَ إِمَاماً فِي العَرَبِيَّةِ، صَاحبَ تَصَانِيْفٍ، فِيْهِ دينٌ وَورعٌ.
175 - عَضُدُ الدَّوْلَةِ فَنَّاخُسْرُو بنُ حَسَنِ بنِ بُوَيْه الدَّيْلَمِيُّ *
السُّلْطَانُ، عَضُدُ الدَّوْلَةِ، أَبُو شُجَاعٍ، فَنَّاخُسْرُو، صَاحبُ العِرَاقِ وَفَارِسَ، ابْنُ السُّلْطَانِ رُكْنِ الدَّوْلَةِ حسنِ بنِ بُوَيْه الدَّيْلَمِيُّ.
تملَّكَ بِفَارِسَ بَعْدَ عَمِّهِ عِمَادُ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ كَثُرَثْ بلاَدُهُ، وَاتسعَتْ ممَالِكُهُ، وَسَارَ إِلَيْهِ المُتَنَبِّي وَمدحَهُ، وَأَخَذَ صِلاَتِهِ.
قصدَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ العِرَاقَ، وَالتَقَى ابنَ عَمِّهِ عزَّ الدَّوْلَةِ وَقَتَلَهُ، وَتملَّكَ، وَدَانَتْ لَهُ الأُمَمُ.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً مَهِيْباً، نَحْوِيّاً، أَديباً عَالِماً، جبَّاراً، عَسُوْفاً، شَدِيدَ الوطأَةِ.
وَله صَنَّفَ أَبُو عَلِيٍّ الفَارِسِيُّ، كتَابَيّ (الإِيضَاحِ) وَ (التَّكملَةِ) .
وَمدَحَهُ فُحولُ الشُّعَرَاءِ، وَفِيْهِ يَقُوْلُ أَبُو الحَسَنِ السَّلاَمِيُّ (1) ، وَأَجَادَ:
__________
(*) يتيمة الدهر: 2 / 216 - 218، المنتظم: 7 / 113 - 118، الكامل لابن الأثير: 8 / 584 - 587، 648 - 656 - 669 - 676، 689 - 698، 700 - 710 و9 / 5 - 12، 18 - 23، وأماكن أخرى، وفيات الأعيان: 4 / 50 - 55، المختصر في أخبار البشر: 2 / 122 - 123، العبر: 2 / 361 - 362، دول الإسلام: 1 / 229 - 230، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 7 / ب، ابن الوردي: 1 / 305، مرآة الجنان: 2 / 398، البداية والنهاية: 11 / 299 - 301، النجوم الزاهرة: 4 / 142، 143، بغية الوعاة: 2 / 247 - 248، شذرات الذهب: 3 / 78 - 79.
(1) هو ابن الحسن، محمد بن عبد الله بن محمد السلامي، الشاعر المشهور، وقد أورد ابن خلكان، هذه الابيات في ترجمة عضد الدولة، ثم كررها في ترجمة الشاعر نفسه. انظر " وفيات الأعيان ": 4 / 52 - 53، و4 / 407.(16/249)
إِلَيْكَ طَوَى عَرضَ البَسِيْطَةِ جَاعلٌ ... قُصَارَى المنَايَا أَنْ يلوحَ بِهَا القَصْرُ (1)
فكُنْتُ وَعَزْمِي وَالظلاَمُ وَصَارِمِي ... ثَلاَثَةُ أَشيَاءَ كَمَا اجتمعَ النَّسرُ (2)
وَبشَّرتُ آمَالِي بِمَلْكٍ هُوَ الوَرَى ... وَدَارٍ هِيَ الدُّنْيَا وَيومٍ هُوَ الدَّهْرُ
وَكَانَ يَقُوْلُ الشِّعرَ، فَقَالَ أَبيَاتاً كفرِيَّةً:
ليسَ شربُ الرَّاحِ إِلاَّ فِي المَطَر ... وَغِنَاءٌ مِنْ جَوَارٍ فِي السَّحَر
مبرزَات الكَأسِ مِنْ مَطْلِعِهَا ... سَاقيَاتِ الرَّاحِ مَنْ فَاقَ البشَر
عَضُدُ الدَّوْلَةِ وَابنُ رُكْنِهَا ... ملكُ الأَمْلاَكِ غَلاَّبُ القَدَر (3)
نُقلَ أَنَّهُ لَمَّا احتُضرَ مَا انطلقَ لساَنُهُ إِلاَّ بِقَولِهِ تَعَالَى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَه، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَه} [الحَاقَّة:28 - 29] .
وَمَاتَ بعلَّةِ الصَّرَعِ، وَكَانَ شِيْعِيّاً جَلِداً أظهرَ بِالنَّجفِ قَبْراً زَعَمَ أَنَّهُ قَبْرُ الإِمَامِ عَلِيٍّ، وَبنَى عَلَيْهِ المَشْهَدَ، وَأَقَامَ شعَارَ الرَّفْضِ، وَمأْتمَ عَاشُورَاءَ، وَالاعتزَالَ، وَأَنشَأَ بِبَغْدَادَ البيمَارِستَانَ العَضُدِيَّ وَهُوَ كَاملٌ فِي مَعْنَاهُ، لكنَّهُ تَلاَشَى الآنَ.
تملَّكَ العِرَاقَ خَمْسَةَ أَعوامٍ وَنصفاً، وَمَا تلقَّى خَلِيْفَةٌ ملكاً مِنْ قُدومِهِ قَبْلَهُ، قَدِمَ بَغْدَادَ، وَقَدْ تَضَعْضَعَتْ، وَخربتِ القُرَى، وَقَويَتِ الزُّعَّارُ، فَأَوقعَ جُنْدَهُ بِآلِ شَيْبَانَ الحَرَامِيَّةِ، وَأَسرُوا مِنْهُم ثَمَانِ مائَةٍ، وَأَحكَمَ البثوقَ، وَغرسَ الزَّاهرَ، غَرِمَ عَلَى تمهيدِ أَرضِهِ أَلفَ أَلفِ دِرْهَمٍ،
__________
(1) رواية " الوفيات " قصارى المطايا أن يلوح لها القصر.
(2) في الأصل: البشر، وما أثبت عن الوفيات وغيرها.
(3) الابيات في " يتيمة الدهر ": 2 / 218، و" وفيات الأعيان ": 4 / 54، و" البداية والنهاية ": 11 / 300، وقال الأخير: قبحه الله، وقبح شعره، وقبح أولاده، فإنه قد اجترأ في أبياته هذه فلم يفلح بعدها.(16/250)
وَغرسَ التَّاجِيَّ وَمسَاحتُهُ أَلفٌ وَسَبْعُ مائَةِ جَرِيْبٍ (1) ، وَعمَّرَ القنَاطرَ وَالجسورَ.
وَكَانَ يقظاً زعراً شهماً، لَهُ عيونٌ وَقصَّادٌ، شُغِلَ وَشُغِفَ بسُرِّيَّةٍ فَأَمرَ بتغريقِهَا، وَأَخذَ مَمْلُوكاً غصباً مِنْ صَاحبِهِ ثُمَّ وَسَّطَهُ وَوَجَدَ لَهُ فِي تذكرَةٍ: إِذَا فرغْنَا مِنْ حلِّ إقليدسَ تَصَدَّقتُ بعِشْرِيْنَ أَلفاً، وَإِذَا فرغْنَا مِنْ كِتَابِ أَبِي عَلِيٍّ النَّحْوِيِّ تَصَدَّقتُ بخَمْسِيْنَ أَلفاً، وَإِن وُلدَ لِي ابنٌ تَصَدَّقتُ بكذَا وَكَذَا.
وَكَانَ يطلبُ حسَابَ ممَالِكِهِ فِي العَامِ، فَإِذَا هُوَ أَزيدُ مِنْ ثَلاَثِ مائَةِ أَلْفِ أَلفِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ: أُريدُ أَنْ أَبلغَ بِهِ حَتَّى يتُمَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَلفَ أَلفٍ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ كَانَ يرتفعُ لَهُ فِي العَامِ، اثْنَانِ وثلاَثُونَ أَلفِ أَلفِ دِيْنَارٍ، كَانَ لَهُ كِرْمَانَ، وَفَارِسَ، وَخوزستَانَ، وَالعِرَاقَ، وَالجَزِيْرَةَ، وَديَارَ بَكْرٍ، وَمنبج، وَعُمَانَ، وَكَانَ ينَافسُ حَتَّى فِي قيرَاطٍ، جدَّدَ مَظَالِمَ وَمكوساً، وَكَانَ صَائِبَ الفرَاسَةِ.
مَاتَ فِي شَوَّالٍ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِبَغْدَادَ، وَعُملَ فِي تَابوتٍ، وَنُقلَ فَدُفِنَ بِمشهدِ النَّجفِ، وَعَاشَ ثَمَانِياً وَأَرْبَعينَ سَنَةً، وَقَامَ بَعْدَهُ ابنُهُ صَمْصَامُ الدَّوْلَةِ وَحلفُوا لَهُ، وَقلَّدَهُ الطَّائِعُ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ أَبِي زيدٍ يسأَلُ ابنَ ?عْدي لَمَّا جَاءَ مِنَ الشرقِ: أَحَضَرتَ مَجَالِسَ الكَلاَمِ؟
قَالَ: مرَّتينِ وَلَمْ أَعدْ،
__________
(1) الجريب: وحدة لقياس مساحة الأرض، يقدر بمئة ذراع. انظر " معجم متن اللغة ": 1 / 499.(16/251)
فَأَوَّلُ مَجْلِسٍ جمعُوا الفِرقَ مِنَ السُّنَّةِ وَالمبتدعَةِ وَاليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى وَالمَجُوْسِ وَالدَّهريَّةِ، وَلِكُلِّ فرقَةٍ رَئِيْسٌ يَتَكَلَّمُ وَينصرُ مَذْهَبَهِ، فَإِذَا جَاءَ رَئِيْسٌ قَامَ الكلُّ لَهُ، فَيَقُوْلُ وَاحدٌ: تنَاظرُوا وَلاَ يحْتَجُّ أَحدٌ بكتَابِهِ، وَلاَ بنبِيِّهِ، فَإِنَّا لاَ نصدِّقُ بِذَلِكَ وَلاَ نُقِرُّ بِهِ، بَلْ هَاتُوا العَقْلَ وَالقيَاسَ.
فَلَمَّا سَمِعْتُ هَذَا لَمْ أَعُدْ، ثُمَّ قيلَ لِي: هَا هُنَا مَجْلِسٌ آخرُ لِلْكَلاَمِ، فَذَهَبتُ فَوَجَدْتُهُم عَلَى مِثْلِ سيرَةِ أَصحَابِهِمْ سوَاءً، فَجَعَلَ ابْنُ أَبِي زيدٍ يتعجَّبُ، وَقَالَ: ذَهَبتِ العُلَمَاءُ، وَذهبتْ حُرمَةُ الدِّينِ.
قُلْتُ: فنحمَدُ اللهَ عَلَى العَافيَةِ، فَلَقَدْ جَرَى عَلَى الإسلاَمِ فِي المائَةِ الرَّابِعَةِ بلاَءٌ شَدِيدٌ بِالدَّوْلَةِ العُبَيْدِيَّةِ بِالمَغْرِبِ، وَبَالدَّوْلَةِ البُويْهِيَّةِ بِالمَشْرِقِ، وَبَالأَعرَابِ القَرَامطَةِ، فَالأَمرُ للهِ تَعَالَى.
176 - ابْنُ مَاسِي عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَيُّوْبَ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ المُتْقِنُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَيُّوْبَ بنِ مَاسِي البَغْدَادِيُّ البزَّازُ.
سَمِعَ: أَبَا مُسْلِمٍ الكَجِّيَّ، وَأَبَا شُعَيْبٍ الحَرَّانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي عَوْفٍ البُزورِيَّ، وَخَلَفَ بنَ عَمْرٍو العُكْبَرِيَّ، وَمُوْسَى بنَ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيَّ، وَأَبَا بَرْزَةَ الفَضْلَ بنِ مُحَمَّدٍ الحَاسبَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَلِيِّ بنِ شُعَيْبٍ السِّمْسَارَ، وَالحَسَنَ بنَ عَلَّوَيْه القَطَّانَ، وَيَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ الحنَّائِيَّ، وَجَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ الدِّمَشْقِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ عَلِيٍّ الخَزَّازَ، وَقَالَ: سَمِعْتُ مِنْهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَيُوْسُفَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 9 / 408 - 409، المنتظم: 7 / 102، العبر: 2 / 351، البداية والنهاية: 11 / 269، النجوم الزاهرة: 4 / 137، شذرات الذهب: 3 / 68 - 69.(16/252)
بنَ يَعْقُوْبَ القَاضِي، وَمُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقَ بنَ خَالَوَيْه البَابسيرِي، لقِيَهُ بِوَاسِطَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُوْسَى، وَالحُسَيْنَ بنَ عُمَرَ بنِ أَبِي الأَحْوَصِ، وَأَبا معشرٍ الدَّارِمِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ يُوْسُفَ بنِ هَاشِمٍ البُسْتِيَّ، وَالحُسَيْنَ بنَ الكميتِ، وَالصُّوْفِيَّ الكَبِيْرَ، وَأَبا زَيْدَانَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدُوْسَ، وَغَيْرَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ رزْقَوَيْه، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ البَرْمكِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَمَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً.
سَأَلتُ البَرْقَانِيَّ: أَيُّمَا أَحبُّ إِليَكَ هُوَ أَوِ القَطِيْعِيُّ؟
قَالَ: لَيْسَ هَذَا مِمَّا يُسأَلُ عَنْهُ؛ ابْنُ مَاسِي ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، لَمْ يُتَكَلَّمْ فِيْهِ (1) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ ابْنُ مَاسِي فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا: تُوُفِّيَ شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عَطَاءٍ الرُّوْذبارِيَّ بصُورٍ، وَشيخُ الحنَابلَةِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَاقلا كَهْلاً، وَمُحَدِّثُ أَصْبَهَانَ أَبُو سَعِيْدٍ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الزَّعْفَرَانِيُّ الحَافِظُ، وَقَاضِي دِمَشْقَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ ابْنِ أُختِ وَلِيْدٍ الظَّاهِرِيُّ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ، وَقَاضِي القُضَاةِ أَبُو الحَسَنِ بنُ أُمِّ شَيْبَانَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنِ سَهْلٍ الغَزَّالُ بِأَصْبَهَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّقَّاشُ مُحَدِّثُ تِنِّيسَ، وَأَبُو عَلِيٍّ مخْلدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ الحَافِظُ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 9 / 408 - 409.(16/253)
177 - البَاقَرْحِيُّ أَبُو عَلِيٍّ مَخْلَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مَخْلَدٍ *
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَلِيٍّ مَخْلَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مَخْلَدِ بنِ سَهْلٍ الفَارِسِيُّ، البَاقَرْحِيُّ، الدَّقَّاقُ.
سَمِعَ: يُوْسُفَ القَاضِي، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى المَرْوَزِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ عَلَّوَيْه القَطَّانَ، وَأَحْمَدَ بنَ يَحْيَى الحُلْوَانِيَّ، وَأَبَا العَبَّاسِ بنَ مَسْرُوْقٍ، وَيَحْيَى بنَ مُحَمَّدِ بنِ البَخْتَرِيِّ الحنَّائِيَّ، وَلَهُ مشيخَةٌ مرويَّةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ، وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُكَيْرٍ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العلاَّفُ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ البَادِيُّ: كَانَ ثِقَةً، صَحِيْحَ السَّمَاعِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْرفُ شَيْئاً مِنَ الحَدِيْثِ (1) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ لَهُ أصولٌ كَثِيْرَةٌ، عَنْ يُوْسُفَ القَاضِي، وَجَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ جيَادٌ بخطِّهِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: بَلَغَنَا أَنَّهُ خلَّطَ بَعْدَ سَفَرِي.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ الفُرَاتِ: كَانَ مخْلدٌ أصولُهُ صحيحَةٌ، ثُمَّ إِنَّ ابنَهُ حَمَلَهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ عَلَى ادِّعَاءِ أَشيَاءَ مِنْهَا: (المَغَازِي) عَنِ المَرْوَزِيِّ، وَ (المبتدأَ) عَنِ ابْنِ عَلَّوَيْه، وَ (تَاريخِ الطَّبرِيِّ الكَبِيْرِ) ، فشرهَتْ
__________
(*) تاريخ بغداد: 13 / 176 - 177، الأنساب: 2 / 50، العبر: 2 / 354، ميزان الاعتدال: 4 / 82، لسان الميزان: 5 / 7 - 8، النجوم الزاهرة: 4 / 137، شذرات الذهب: 3 / 70.
(1) انظر " تاريخ بغداد ": 13 / 177.(16/254)
نَفْسُهُ، وَقَبِلَ مِنْهُ، وَاشتَرَى هَذِهِ الكُتُبَ، فَحَدَّثَ بِهَا، فَانهتَكَ (1) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: حدَّث (بِالتَّاريخِ) ، وَ (المبتدَأ) مِنْ كِتَابٍ لَيْسَ لَهُ فِيْهِ سمَاعٌ، وَكَأَنَّهُ ظنَّ أَنَّ هَذَا يجوزُ، وَتُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
178 - ابْنُ السُّنِّيِّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الهَاشِمِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَسْبَاطَ الهَاشِمِيُّ الجَعْفَرِيُّ مَوْلاَهُم الدِّيْنَوَرِيُّ، المَشْهُوْرُ بِابْنِ السُّنِّيّ.
وُلِدَ فِي حُدُودِ سَنَةِ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ فسَمِعَ مِنْ أَبِي خَلِيْفَةَ الجُمَحِيِّ وَهُوَ أَكبرُ مشَايخِهِ، وَمِنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ وَأَكثرَ عَنْهُ، وَأَبِي يَعْقُوْبَ إِسْحَاقَ المَنْجَنِيْقيِّ، وَعُمَرَ بنِ أَبِي غَيْلاَنَ البَغْدَادِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ البَاغَنْدِيِّ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَأَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ، وَجُمَاهرِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّمْلَكَانِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
__________
(1) المصدر السابق.
(2) المصدر السابق، وفيه أنه توفي سنة سبعين وثلاث مئة.
(*) الإكمال لابن ماكولا: 4 / 501، الأنساب: 7 / 176، اللباب: 2 / 150، تذكرة الحفاظ: 3 / 939 - 940، العبر: 2 / 332 - 333، مشتبه النسبة: 1 / 374، الوافي بالوفيات: 7 / 362، عيون التاريخ: 11 الورقة: 252، طبقات السبكي: 3 / 39، تبصير المنتبه: 2 / 754، الإعلان بالتوبيخ: 141، طبقات الحفاظ: 379، كشف الظنون: 1451، هدية العارفين: 1 / 66.(16/255)
وَجمعَ وَصَنَّفَ كِتَابَ (يَوْم وَليَلة) ، وَهُوَ مِنَ المرويَّاتِ الجيِّدَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العَلَوِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الأسدَاباذِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو نَصْرٍ الكسَّارُ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغنِيِّ الأَزْدِيُّ: كَانَ حَمْزَةُ الكِنَانِيُّ يرفعُ بِابْنِ السُّنِّيّ.
قَالَ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مَنْدَةَ: حَدَّثَنَا عمِّي أَبُو القَاسِمِ، سَمِعْتُ القَاضِيَ رَوْحَ بنَ مُحَمَّدٍ الرَّازِيَّ سِبْطَ أَبِي بَكْرٍ بنِ السُّنِّيّ، سَمِعْتُ عمِّي عَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، يَقُوْلُ: كَانَ أَبِي - رَحِمَهُ اللهُ - يكتُبُ الأَحَادِيثَ، فوضعَ القلمَ فِي أُنبوبَةِ المحبرَةِ، وَرفعَ يَدَيْهِ يدعُو اللهَ عزَّ وجلَّ فَمَاتَ، وَسُئِلَ عَنْ وَفَاتِهِ، فَقَالَ: فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: هُوَ الَّذِي اختصرَ (سُنَنَ النَّسَائِيِّ) ، وَاقتصرَ عَلَى رِوَايَةِ المختصرِ، وَسمَّاهُ (المُجتنَى (1)) ، سمِعنَاهُ عَالِياً مِنْ طريقِهِ.
وَمَاتَ مَعَهُ: الحَافِظ أَبُو الفَرَجِ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ الخَشَّابُ البَغْدَادِيُّ بِطَرَسُوسَ، وَأَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَبْزَارِيُّ الوَرَّاقُ، وَأَبُو هَاشِمٍ عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ عَبْدِ الصَّمدِ السُّلَمِيُّ المُؤَدِّبُ بِدِمَشْقَ، وَالمُسْنِدُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ المَصِّيْصِيُّ، وَأَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ الطَّائِعُ للهِ الفَضْلُ ابْنُ المقتدرِ جَعْفَرٍ العَبَّاسِيُّ، وَالأَمِيْرُ مُحَمَّدُ بنُ بَدْرٍ الحَمَامِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ السَّلِيْطيُّ.
__________
(1) وهو المطبوع المتداول بين الناس. وتوهم كثير من أهل العلم أنه من اختصار النسائي، وانظر ما علقته على ترجمة أحمد بن شعيب في " تهذيب الكمال " 1 / 328 - 329.(16/256)
قَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنِ رَوَاحَةَ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَرْدَوَيْه، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الأَسدَاباذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّي، أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الضَّحَّاكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سنجرَ، حَدَّثَنَا أَسدُ بنُ مُوْسَى، حَدَّثَنَا بَكْرُ بنُ خُنَيْسٍ، عَنْ ضِرَارِ بنِ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ أَوْ غَيْرِهِ، عَنِ الأَحنفَ بنَ قَيْسٍ سَمِعَ عُمرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - يَقُوْلُ لحَفْصَةَ: أَنْشُدُكِ بِاللهِ، هَلْ تعلمِينَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَضَعُ ثِيَابَهُ لِيغتسلَ، فَيَأْتيْهِ بلاَلٌ فيُؤذنَهُ لِلصَّلاَةِ، فَمَا يجدُ ثوباً يخرجُ فِيْهِ إِلَى الصَّلاَةِ حَتَّى يلبسَ ثَوْبهُ، فيخرجُ فِيْهِ إِلَى الصَّلاَةِ؟ إِسنَادُهُ وَاهٍ (1) .
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَلَوِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ باقَا، أَخْبَرَنَا أَبُو زُرْعةَ، أَخْبَرْنَا ابْنُ حَمَدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّيّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ بنِ مُسَاوِرٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ أَنَسٍ، قَالَ:..خطبَ أَبُو طَلْحَةَ أمَّ سُلَيمٍ، فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا مثلُكَ يَا أَبَا طَلحَةَ يُرَدُّ، وَلكنَّكَ كَافِرٌ وَأَنَا مُسْلمَةٌ، وَلاَ يَحِلُّ لِي أنْ أَتزوَّجَكَ، فَإِن تُسلمْ فذَاكَ مَهْرِي، وَلاَ أَسأَلُكَ غَيْرَهُ، فَأَسْلَمَ، فَكَانَ ذَلِكَ مَهْرهَا.
قَالَ ثَابِتٌ: فَمَا سَمِعْتُ بامرأَةٍ قَطُّ كَانَتْ أكرمَ مَهْراً مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ الإِسلاَمَ، فَدَخَلَ بِهَا، فَوَلَدَتْ لَهُ (2) .
179 - القَبَّابُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، المُقْرِئُ، مُسْنِدُ أَصْبَهَانَ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ
__________
(1) بكر بن خنيس، قال ابن معين والنسائي وغيرهما: ضعيف، وقال الدارقطني: متروك، وقال أبو حاتم: صالح ليس بالقوي وقال ابن حبان: يروي عن البصريين والكوفيين أشياء موضوعة يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها.
(2) إسناده صحيح، وهو في سنن النسائي: 6 / 114 في النكاح عن جعفر بن سليمان به. وانظر 2 / 305 و306 من هذا الكتاب
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 90 - 91، الأنساب: 10 / 38 - 39، اللباب: 3 / 10، =(16/257)
مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ فُورَكَ بنِ عَطَاءٍ الأَصْبَهَانِيُّ القبَّابُ، وَهُوَ الَّذِي يعملُ القُبَّةَ، يَعْنِي المَحَارَةَ (1) .
عَاشَ نَحْواً مِنْ مائَةِ عَامٍ، فَإِنَّهُ سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الجَيْرَانِيِّ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمٍ.
وقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى أَبِي الحَسَنِ بنِ شَنَبُوذَ، وَتصدَّرَ للأَدَاءِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَالفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ الخَيَّاطُ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مِهْرَانَ الصَّحَّافُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ البَرْمكِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَلِيٍّ المُعَدّلُ، وَوَلَدُهُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الكَاتِبُ، وَآخرُوْنَ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المَرْزُبَانِ، وَغَيْرُهُ.
تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَمَا أَعلمُ بِهِ بَأْساً.
180 - الزَّبِيْبِيُّ أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَعْفَرٍ *
الشَّيْخُ، أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَعْفَرِ بنِ بَيَانَ
__________
= العبر: 2 / 356، مشتبه النسبة: 2 / 519، غاية النهاية: 1 / 454، النجوم الزاهرة: 4 / 139، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 251، 252، شذرات الذهب: 3 / 72.
(1) قال ابن الأثير في " اللباب ": القباب: نسبة إلى عمل القباب التي هي كالهوادج والله أعلم. وانظر " اللسان " مادة: حور.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 409 - 410، الإكمال لابن ماكولا: 4 / 204، الأنساب: 6 / 246 - 247، المنتظم: 7 / 109، العبر: 2 / 359 - 360، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: =(16/258)
البَغْدَادِيُّ الزَّبِيْبِيُّ نسبَةً إِلَى الزَّبيبِ البَزَّازُ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ: الحَسَنِ بنِ عَلَّوَيْه، وَالحُسَيْنِ بنِ أَبِي الأَحْوَصِ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي عَوْفٍ، وَابنِ نَاجيَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: البَرْقَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ طَلْحَةَ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الأَزجِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَعَنْهُ: البَرْقَانِيُّ، ومُحَمَّدُ بنُ طلحَةَ، وعبدُ العزيزِ الأَزجيُّ، وأَبُو القاسِمِ التَّنُوْخيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ 371.
181 - النَّجِيْرَمِيُّ أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ البَصْرِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، مُحَدِّثُ البَصْرَةِ، أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ النَّجِيْرَمِيُّ، البَصْرِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا مُسْلِمٍ الكَجِّيَّ، وَالحَسَنَ بنَ المُثَنَّى العَنْبَرِيَّ، وَأَبَا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ حَيَّانَ المَازِنِيَّ، وَزَكَرِيَّا السَّاجِيَّ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بَاكَوَيْه الشِّيْرَازِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ طَلْحَةَ بنِ غَسَّانَ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ صخرٍ الأَزْدِيُّ، وَآخرُوْنَ.
حدَّثَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
= 3 / ب، مشتبه النسبة: 1 / 341، تبصير المنتبه: 2 / 669، شذرات الذهب: 3 / 76.
(*) العبر: 2 / 358، شذارت الذهب: 3 / 75.
وقد التبس النجيرمي - صاحب هذه الترجمة - مع سميه يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن خرزاذ النجيرمي البصري اللغوي نزيل مصر والذي سترد ترجمته في الجزء السابع عشر من السير برقم (294) على محقق " وفيات الأعيان " فجعلهما واحدا حيث جمع بين مصادر ترجمتيهما. انظر " الوفيات ": 7 / 75.(16/259)
182 - المُطَّوِّعِيُّ أَبُو العَبَّاسِ الحَسَنُ بنُ سَعِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، شَيْخُ القُرَّاءِ، مُسْنِدُ العَصْرِ، أَبُو العَبَّاسِ الحَسَنُ بنُ سَعِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ العَبَّادَانِيُّ المُطَّوِّعِيُّ، نزِيل إِصْطَخْرَ.
وُلِدَ نَحْوَ السَّبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: أَبَا مُسْلِمٍ الكَجِّيَّ، وَأَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيَّ، وَإِدْرِيْسَ بنَ عَبْدِ الكَرِيْمِ المُقْرِئَ، وَزعمَ أَنَّهُ تَلاَ عَلَيْهِ، وَعَلَى عِدَّةٍ مِنَ الكِبَارِ.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنَ: الحَسَنِ بنِ المُثَنَّى، وَجَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَأَبِي خَلِيْفَةَ، وَخَلْقٍ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: قَدِمَ أَصْبَهَانَ. وَكَانَ رَأْساً فِي القُرْآنِ وَحفظِهِ، فِي روَايتِهِ لينٌ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيدِ اللهِ الشِّيْرَازِيُّ، وَتَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الكَارَزِينِيُّ (1) ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ أَبُوْهُ وَاعِظاً مُحَدِّثاً.
وَقَالَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ: لِي ثَمَانٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
وَله تَرْجَمَةٌ فِي (طبقَاتِ القرَّاءِ) .
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 271 - 272، ميزان الاعتدال: 1 / 492، طبقات القراء للذهبي: 1 / 256 - 257، العبر: 2 / 359، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 3، الوافي بالوفيات: 12 / 29، غاية النهاية: 1 / 213 - 215، النشر في القراءت العشر: 1 / 114، لسان الميزان: 2 / 210 - 211، النجوم الزاهرة: 4 / 141، شذرات الذهب: 4 / 75، تهذيب ابن عساكر: 4 / 176.
(1) الكارزيني: نسبة إلى " كارزين " من بلاد فارس. انظر " معجم البلدان ": 4 / 428، و" اللباب ": 3 / 74.(16/260)
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
183 - المِيْمَذِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
القَاضِي، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ المِيْمَذِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ حَيَّانَ المَازِنِيَّ، وَأَبَا خَلِيْفَةَ الجُمَحِيَّ بِالبَصْرَةِ، وَعَبْدَانَ بِالأَهْوَازِ، وَأَبَا يَعْلَى بِالمَوْصِلِ، وَأَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ الصُّوْفِيَّ بِبَغْدَادَ، وَبإِفْرِيْقِيَّةَ وَأَردبيلَ وَدِمَشْقَ وَالرَّمْلَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: هِبَةُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ الآمديُّ شَيْخٌ لِنصرٍ المَقْدِسِيِّ، وَالواعظُ يَحْيَى بنُ عَمَّارٍ، وَغيرُهُمَا.
وَكَانَ وَاسِعَ الرِّحلَةِ، إِلاَّ أَنَّ الخَطِيْبَ، قَالَ: كَانَ غَيْرَ ثِقَةٍ.
قُلْتُ: حدَّثَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ عُمَرَ بنِ جَعْفَرٍ الكُوْفِيِّ، لقيَهُ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
184 - الآبَنْدُوْنِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القُدْوَةُ، الرَّبَّانِيُّ، أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ الجُرْجَانِيُّ، الآبَنْدُونِيُّ.
وآبَنْدُوْنُ: قريَةٌ مِنْ أَعمَالِ جُرْجَانَ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَرَافَقَ ابنَ عَدِيٍّ فِي الرِّحلَةِ.
__________
(*) معجم البلدان: 5 / 245، اللباب: 3 / 284، تاريخ الإسلام: 4 / الورقة: 2، ميزان الاعتدال: 1 / 17، لسان الميزان: 1 / 29.
(* *) تاريخ بغداد: 9 / 407 - 408، الأنساب: 1 / 91 - 92، المنتظم: 7 / 95 - 96، تذكرة الحفاظ: 3 / 943 - 944، العبر: 2 / 347، البداية والنهاية: 11 / 294، النجوم الزاهرة: 4 / 133، طبقات الحفاظ: 380 - 381، شذرات الذهب: 3 / 66.(16/261)
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي خَلِيْفَةَ الجُمَحِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، وَأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَالقَاسِمِ المَطرِّزِ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ العَسْقَلاَنِيِّ، وَعُمَرَ بنِ سِنَانٍ المَنْبِجِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
قَالَ الخَطِيْبُ: كانَ ثِقَةً ثَبْتاً، لَهُ تَصَانِيْف، حَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، وَسَكَنَ بَغْدَادَ (1) .
وَقَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَحدَ أَركَانِ الحَدِيْثِ (2) .
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: كَانَ مُحَدِّثاً زَاهِداً متقلِّلاً مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَكُنْ يُحَدِّث غَيْرَ إنسَانٍ وَاحدٍ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَصْحَابُ الحَدِيْثِ فِيهِم سوءُ أَدبٍ، وَإِذَا اجتمعُوا للسَّمَاعِ تحدَّثُوا، وَأَنَا لاَ أصبرُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَخَذَ البَرْقَانِيُّ يصفُ أُمُوراً مِنْ زُهدِهِ وَتقلُّلِهِ، وَأَنَّهُ أَعطَاهُ كسراً، فَقَالَ: دَعِ البَاقلاَّنِيّ يطرحُ عَلَيْهَا مَاءَ باقلاَّءٍ، قَالَ: فوقعَتْ عَلَى الكسرَةِ باقلاَّءتَانِ فرفعهُمَا، وَقَالَ: هَذَا الشَّيْخُ يُعْطِينِي كُلَّ شهرٍ دَانِقاً حَتَّى أبُلَّ لَهُ الكِسَرَ (3) .
قُلْتُ: وَحَدَّثَ عَنْهُ: رفيقُهُ أَبُو بَكْرٍ الإِسمَاعِيلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ شَاهٍ المَرْوَزِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ.
قَالَ الحَاكِمُ: خَرَجَ الآبَنْدُونِيّ إِلَى بَغْدَادَ سنَةَ خَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 9 / 407.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.(16/262)
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ -.
185 - ابْنُ بَهْتَةَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَهْتَةَ البَغْدَادِيُّ المنَاشرُ.
رَوَى عَنْ: أَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ حَدِيْثاً وَاحِداً، وَعَنْ جَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ الصَّائِغِ، وَلَهُ جُزءٌ مَعْرُوفٌ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ بُكَيْرٍ النَجَّارُ، وَغَيْرُهُ.
عَاشَ مائَةَ سَنَةٍ وَسنتينِ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
186 - النَّصْرَابَاذِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، القُدْوَةُ، الوَاعِظُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو القَاسِمِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَحْمَوَيْه الخُرَاسَانِيُّ النَّصْرَابَاذِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الزَّاهِدُ، وَنَصْرَ آباذَ: محلَّةٌ مِنْ نَيْسابُورَ.
سَمِعَ: أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاجَ، وَابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الوَارثِ العسَّالَ، وَيَحْيَى بنَ صَاعِدٍ، وَمَكْحُوْلاً البَيْرُوْتِيَّ، وَابنَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 257، الإكمال لابن ماكولا: 1 / 378، مشتبه النسبة: 1 / 96، تبصير المنتبه: 1 / 109.
(* *) طبقات الصوفية: 484 - 488، تاريخ بغداد: 6 / 169 - 170، الرسالة القشيرية: 30، المنتظم: 7 / 89، اللباب: 3 / 310 - 311، دول الإسلام: 1 / 227، العبر: 2 / 343، الوافي بالوفيات: 6 / 117 - 118، طبقات الأولياء: 26 - 28، العقد الثمين: 3 / - 239 237، النجوم الزاهرة: 4 / 129، طبقات الشعراني: 1 / 144، شذرات الذهب: 3 / 58 - 59، نتائج الافكار القدسية: 2 / 13 - 15.(16/263)
جَوْصَا، وَعدداً كَثِيْراً بِخُرَاسَانَ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَالحِجَازِ، وَمِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَالسُّلَمِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ، وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: كَانَ شَيْخَ الصُّوْفِيَّةِ بِنَيسَابُورَ، لَهُ لِسَانُ الإِشَارَةِ مقروناً بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَكَانَ يرجعُ إِلَى فُنُوْنٍ مِنْهَا حفظُ الحَدِيْثِ وَفهْمُهُ، وَعلمُ التَّارِيْخِ، وَعُلُوْمُ المعَاملاَتِ وَالإِشَارَةِ، لقيَ الشِّبْلِيَّ، وَأَبَا علِيٍّ الرُّوْذَبارِيُّ، قَالَ: وَمَعَ عظمِ محلِّهِ كمْ مِنْ مرَّةٍ قَدْ ضُربَ وَأُهينَ، وَكم حُبسَ، فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّك تَقُولُ: الرُّوحُ غَيْرُ مَخْلوقَةٍ، فَقَالَ: لاَ أَقُولُ ذَا، وَلاَ أَقُول إِنَّهَا مخلوقَةٌ بَلْ أَقُولُ: الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي، فَجَهِدُوا بِهِ، فَقَالَ: مَا أَقُولُ إِلاَّ مَا قَالَ اللهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ هَفْوَةٌ، بَلْ لاَ رَيْبَ فِي خَلْقِهَا، وَلَمْ يَكُنْ سُؤَالُ اليَهُوْدِ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ خَلْقِهَا وَلاَ قِدَمهَا، وَإِنَّمَا سَأَلُوا عَنْ مَاهيَّتِهَا وَكيْفِيَّتِهَا، قَالَ الله تعالَى: {اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزُّمُر:62] فَهُوَ مُبدعُ الأَشيَاءِ وَموجدُ كُلِّ فصيحٍ وَأَعجمٍ، ذَاتهِ وَحيَاتهِ وَروحهِ وَجسدِهِ، وَهُوَ الَّذِي خلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ وَالنُّفُوْسَ - سُبْحَانَهُ -.
ثُمَّ قَالَ السُّلَمِيُّ، وَقِيْلَ لَهُ: إِنَّكَ ذَهَبتَ إِلَى النَّاووسِ وَطُفتَ بِهِ، وَقُلْتُ: هَذَا طَوَافي فَتَنقَّصْتَ بِهَذَا الكَعْبَة!!
قَالَ: لاَ، وَلكنَّهُمَا مخلوقَانِ، لَكِنْ بِهَا فضلٌ لَيْسَ هُنَا، وَهَذَا كَمَنْ يُكرِّمُ كلباً، لأَنَّهُ خَلْقُ اللهِ، فعوتِبَ فِي ذَلِكَ سِنِيْنَ.
قُلْتُ: وَهَذِهِ وَرْطَةٌ أُخرَى. أَفتكُونُ قِبْلَةُ الإِسْلاَمِ، كَقَبْرٍ وَيُطَافُ(16/264)
بِهِ، فَقَدْ لَعَنَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنِ اتَّخَذَ قَبْراً مَسْجِداً (1) .
قَالَ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ جَدِّي يَقُوْلُ: مُنْذُ عرفتُ النَّصْرَابَاذِي مَا عرفتُ لَهُ جَاهليَّةً.
وَقَالَ الحَاكِمُ: هُوَ لِسَانُ أَهْلِ الحقَائِقِ فِي عَصْرِهِ، وَصَاحبُ الأَحوَالِ الصحيحَةِ، كَانَ جَمَّاعَةً للرِّوَايَاتِ مِنَ الرَّحَّالينَ فِي الحَدِيْثِ، وَكَانَ يُورِّقُ قديماً، ثُمَّ غَابَ عَنْ نَيْسَابُوْرَ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ يعظُ وَيذكِّرُ، وَجَاورَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، وَتعبَّدَ حَتَّى دُفِنَ بِمَكَّةَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفنَ عِنْدَ الفُضَيْلِ، وَبِيعَتْ كُتُبُهُ، فكشفَتْ تِلْكَ الكُتُبِ عَنْ أَحْوَالٍ وَاللهُ أَعْلَمُ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ، وعوتِب فِي الرُّوحِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ بَعْد الصِّدِّيقينَ موحِّدٌ فَهُوَ الحلاَّجُ.
قُلْتُ: وَهَذِهِ وَرْطَةٌ أُخرَى، بَلْ قُتلَ الحلاَّجُ بسيفِ الشَّرعِ عَلَى الزَّنْدَقَةِ، وَقَدْ جَمعتُ بلاَيَاهُ فِي جُزءينِ (2) ، وَقَدْ كَانَ النَّصْرَابَاذِي صَحِبَ الشِّبلِيَّ، وَمَشَى عَلَى حَذْوِهِ، فَوَاغَوثَاهُ بِاللهِ (3) .
وَمِنْ كلاَمِهِ: نهَايَاتُ الأَوْلِيَاءِ بدَايَاتُ الأَنْبِيَاءِ.
وَقَالَ: إِذَا أَعطَاكُمْ حَبَاكُمْ، وَإِذَا منعَ حَمَاكُمْ، فَإِذَا حَبَاكَ شَغَلَكَ، وَإِذَا حَمَاكَ حَمَلَكَ.
وَقَالَ: أَصلُ التَّصوُّفِ ملاَزمةُ الكتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَتركُ الأَهوَاءِ وَالبِدَعِ،
__________
(1) انظر صحيح البخاري 3 / 163: باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، ومسلم (528) و (529) و (530) و (532) في المساجد: باب النهي عن بناء المساجد على القبور.
(2) تقدمت ترجمة الحلاج مفصلة في الجزء الرابع عشر من " السير ".
(3) ذكر السلمي بعض هذه الأقوال في " طبقاته " ص 488.(16/265)
وَرؤيَةُ أَعذَارِ الخلقِ، وَالمدَاومَةُ عَلَى الأَورَادِ، وَتركُ الرُّخَصِ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ أَبُو القَاسِمِ يحملُ الدَّواةَ وَالوَرَقَ، فكُلَّمَا دَخَلنَا بَلَداً قَالَ لِي: قُمْ حَتَّى نَسْمَعَ، وَدخَلنَا بَغْدَادَ، فَأَتينَا القَطِيْعِيَّ، وَكَانَ لَهُ وَرَّاقٌ فَأَخْطَأَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَأَبُو القَاسِمِ يردُّ فَلَمَّا ردَّ عَلَيْهِ الثَّالِثَةَ، قَالَ: يَا رَجُلُ إِنْ كُنْتَ تُحسنُ تقرأُ فدونَكَ، فَقَامَ وَأَخذَ الجُزءَ، فَقَرَأَ قِرَاءةً تَحَيَّرَ مِنْهَا القَطِيْعِيُّ وَمَنْ حَوْلَهُ.
قَالَ: فسأَلَنِي الوَرَّاقُ: مَنْ هَذَا؟
قُلْتُ: الأُسْتَاذُ أَبُو القَاسِمِ النَّصْرَابَاذِي، فَقَامَ، وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا شَيْخُ خُرَاسَانَ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: وَخَرَجَ بِنَا نَسْتَسْقِي مرَّةً، فَعملَ طعَاماً كَثِيْراً، وَأَطعمَ الفُقَرَاءَ، فَجَاءَ المَطَرُ كَأَفوَاهِ القِرَبِ وَبقيتُ أَنَا وَهُوَ لاَ نقدرُ عَلَى المضيِّ، فَأَوينَا إِلَى مَسْجِدٍ، فَكَانَ يكِفُ وَكُنَّا صيَاماً، فَقَالَ: تُرِيْدُ أَنْ أَطلبَ لَكَ مِنَ الأَبْوَابِ كسرَةً؟
قُلْتُ: مَعَاذَ اللهِ، وَكَانَ يترنَّم وَيَقُوْلُ:
خَرَجُوا لِيَسْتَسْقُوا فَقُلْتُ لَهُم قِفُوا ... دَمْعِي يَنُوبُ لَكُمْ عَنِ الأَنْوَاءِ
قَالُوا صَدَقْتَ فَفِي دُمُوعِكَ مَقْنَعٌ ... لكِنَّهَا ممْزُوجَةٌ بِدِمَاءِ (1)
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ عَسَاكِرٍ سَمَاعاً عَنِ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الأَسَعْدِ بنُ القُشَيْرِيِّ، قَالَ: أَلْبَسَنِي الخرقَةَ جَدِّي أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ، وَلَبِسَهَا مِنَ الأُسْتَاذِ أَبِي عَلِيٍّ الدَّقَّاقِ، عَنْ أَبِي القَاسِمِ النَّصرَابَاذِي، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشِّبْلِيِّ، عَنِ الجُنَيْدِ، عَنْ سرِيٍّ السَّقَطِيِّ، عَنْ مَعْرُوفٍ الكَرْخِيِّ - رحمهُمُ اللهُ تعالَى -.
قُلْتُ: وَمَا بَعْدَ مَعْرُوفٍ فمُنْقَطِعٌ، زَعَمُوا أَنَّهُ أَخذَ عَنْ دَاوُدَ
__________
(1) البيتان في " طبقات الأولياء " لابن الملقن: ص 28.(16/266)
الطَّائِيِّ، وَصَحِبَ حبيباً العَجَمِيِّ، وَصَحِبَ الحَسَنَ البَصْرِيِّ، وَصَحِبَ عَلِيّاً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وَصَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (1) .
187 - عِمْرَانُ بنُ شَاهِيْن مَلِكُ البطَائِحِ *
كَانَ عَلَيْهِ دمَاءٌ، فَهَرَبَ إِلَى البَطِيحَةِ، وَاحتمَى بِالآجَامِ، يتصيَّدُ السَّمكَ وَالطَّيرَ، فرَافقَهُ صيَّادُوْنَ، ثُمَّ التفَّ عَلَيْهِ لصوصٌ، ثُمَّ اسْتفحَلَ أَمرُهُ، وَكثُرَ جمعُهُ، فَأَنشَأَ معَاقِلَ وَتَمَكَّنَ، وَعجزَتْ عَنْهُ الدَّوْلَةُ، وَقَاتلُوهُ فَمَا قَدرُوا عَلَيْهِ، وَحَارَبَهُ عِزُّ الدَّوْلَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَمْ يَظْفَرُوا بِهِ، إِلَى أَن مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَامتَدتْ دولتُهُ أَرْبَعينَ سَنَةً، وَقَامَ بَعْدَهُ ابنُهُ الحَسَنُ مُدَّةً، لكِنَّهُ التَزَمَ بِمَالٍ فِي السَّنةِ لعَضُدِ الدَّوْلَةِ.
188 - اللَّيْثِيُّ أَبُو عِيْسَى يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى **
الإِمَامُ الجَلِيْلُ، المَأْمُوْنُ، مُسْنِدُ الأَنْدَلُسِ، أَبُو عِيْسَى يَحْيَى بنُ
__________
(1) في " المقاصد الحسنة " ص 331: حديث لبس الخرقة الصوفية وكون الحسن البصري لبسها من علي قال ابن دحية وابن الصلاح: إنه باطل، وكذا قال شيخنا (هو الحافظ ابن حجر) : إنه ليس في شيء من طرقها ما يثبت، ولم يرد في خبر صحيح ولا حسن ولا ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم ألبس الخرقة على الصورة المتعارفة بين الصوفية لأحد من أصحابه، ولا أمر أحدا من أصحابه بفعل ذلك، وكل ما يروى في ذلك صريحا فباطل، قال: ثم إن من الكذب المفترى قول من قال: إن عليا ألبس الخرقة الحسن البصري، فإن أئمة الحديث لم يثبتوا للحسن من علي سماعا.
فضلا عن أن يلبسه الخرقة..ولم ينفرد شيخنا بهذا، بل سبقه إليه جماعة
كالدمياطي والذهبي والهكاري وأبي حيان والعلائي ومغلطاي والعراقي، وابن الملقن، والابناسي والبرهان الحلبي، وابن ناصر الدين، وتكلم عليها في جزء مفرد.
(*) تجارب الأمم: 6 / 119، الكامل لابن الأثير: 8 / 481 - 485، 489، 490 وغيرها، المختصر في أخبار البشر: 2 / 121، ابن خلدون: 3 / 423 و4 / 437، 505.
(* *) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 191 - 192، العبر: 2 / 346، الديباج المذهب: 2 / 357 - 358 شذرات الذهب: 3 / 65.(16/267)
عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى ابْنِ فَقِيْهِ الأَنْدَلُسِ يَحْيَى بنِ يَحْيَى بنِ وِسْلاسَ اللَّيْثِيُّ القُرْطُبِيُّ المَالِكِيُّ، رَاوِي (المُوَطَّأ) عَنْ عمِّ أَبيهِ عُبيدِ اللهِ بنِ يَحْيَى.
سَمِعَ أَيْضاً مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الجبَّابَ، وَأَسلمَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَوَالدِهِ عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ البجَّانِيَّ، وَجَمَاعَةً.
وَوَلِيَ قَضَاءَ مدينَةَ بِجَّانَةَ، وَإِلبيْرَةَ مِنْ جهَةِ أَخيْهِ قَاضِي الجَمَاعَةِ، ثُمَّ وَلاَّهُ أَحكَامَ الردِّ.
طَالَ عُمُرُهُ وَبعُدَ صيتُهُ، وَتَفرَّدَ بِعُلُوِّ (المُوَطَّأ) ، وَرحلُوا إِلَيْهِ.
وَرَوَى عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى أَيْضاً، كِتَابَ (اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ) ، وَ (سمَاعَ ابْنِ القَاسِمِ) ، وَ (عشرَةَ يَحْيَى بنِ يَحْيَى) ، وَ (تفسيرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ أَسْلمَ) ، وَنتَفاً مِنْ حَدِيْثِ الشُّيُوْخ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ بنُ الفَرَضِي: اختلفْتُ إِلَيْهِ فِي سمَاعِ (المُوَطَّأِ) سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ المِيعَادُ أَيَّامَ الجُمَعِ، فَتَمَّ لِي سمَاعُهُ، وَلَمْ أشهَدْ بقُرطبَةَ مَجْلِساً أَكثَرَ بشراً مِنْ مَجْلِسِهِ فِي (المُوَطَّأِ) ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ بَعْضِ مَجَالِسِ يَحْيَى بنِ مَالِكٍ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ المُؤَيَّدُ بِاللهِ.
قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ، وَالحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ ابْنِ الفخَّارِ، وَخَلَفُ بنُ عِيْسَى الوَشْقيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ أَحْمَدَ القيشطَالِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ الحَذَّاءِ، وَيُوْنُسُ بنُ مُغِيْثٍ، وَآخرُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي ثَامنِ رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ عَنْ سنٍّ عَالِيَةٍ.(16/268)
189 - عُمَرُ بنُ بِشْرَانَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بِشْرِ بنِ مِهْرَانَ البَغْدَادِيُّ *
الإمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو حَفْصٍ البَغْدَادِيُّ، السُّكَّرِيُّ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ الصُّوْفِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدَانَ البَجَلِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَأقرَانَهُمْ، وَهُوَ أَخُو جدِّ أَبِي الحُسَيْنِ بنِ بِشْرَانَ المُعَدِّلِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا عَنْهُ البَرْقَانِيُّ، وَسأَلتُهُ عَنْهُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ ثِقَةٌ، كَانَ حَافِظاً، عَارِفاً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، بَقِيَ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
قُلْتُ: يقعُ لَنَا حَدِيْثُهُ فِي المُصَافَحَةِ للبَرْقَانِيِّ.
190 - المُفِيْدُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ الجرْجَرَائِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ الضَّعِيْفُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الجرْجَرَائِيُّ المُفِيْدُ.
يَرْوِي عَنْ: أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّقَطِيِّ - مَجهولٌ - عَنْ يَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَرَوَى (المُوَطَّأَ) عَنِ الحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ - لاَ يُدْرَى مَنْ ذَا - عَنِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 256، تذكرة الحفاظ: 3 / 966، غاية النهاية: 1 / 589، طبقات الحفاظ: 385، شذارت الذهب: 3 / 60.
(1) في " تاريخ بغداد ": 11 / 256: ومات قبل ابن النحاس، ومات ابن النحاس في سنة ثمان وستين وثلاث مئة.
(* *) تاريخ بغداد: 1 / 346 - 348، العبر: 3 / 8، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 28 / ب، تذكرة الحفاظ: 3 / 979 - 980، ميزان الاعتدال: 3 / 460 - 461، لسان الميزان: 5 / 45، طبقات الحفاظ: 388 - 389، شذرات الذهب: 3 / 92.(16/269)
القَعْنَبِيِّ، وَرَوَى عَنْ: أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيِّ، وَمُوْسَى بنِ هَارُوْنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَرْوَزِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الشَّوَاربِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَقَدْ تجَاسرَ البَرْقَانِيُّ وَخَرَّجَ عَنْهُ فِي (صَحِيْحِهِ) فَلَمْ يُصبْ، وَاعْتَذَرَ بِالعلوِّ، وَقَالَ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَقَالَ: كَتَبْتُ عَنْهُ (المُوَطَّأَ) فَلَمَّا رجعْتُ، قَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي سَعْدٍ: أَخْلَفَ اللهُ نفقتَكَ، فَدَفَعْتُ النُّسْخَةَ إِلَى رَجُلٍ عَامِّيٍّ أَعطَانِي بَدَلهَا بيَاضاً.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: أَبُو بَكْرٍ المُفِيْدُ، أُنكِرَتْ عَلَيْهِ أَسَانيدُ ادَّعَاهَا.
وَقَالَ المُحَدِّثُ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الرُّويَانِيّ: لَمْ أَرَ أَحداً أَحفظَ مِنَ المُفِيْدِ (1) .
وَوَصفَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ بِالحِفْظِ، وَارْتَحَلَ إِلَيْهِ إِلَى جَرْجرَايَا مِنْ أَعمَالِ العِرَاقِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ المُفِيْدِ، قَالَ: مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ هُوَ سمَّانِي المُفِيْدَ (2) .
وَقَالَ المَالِيْنِيُّ: كَانَ المُفِيْدُ رَجُلاً صَالِحاً.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ ضيَاءٍ الخَطِيْبِ، أَخْبَرَكُم عتيقُ السَّلمَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ عَسَاكِرٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ، وَيَحْيَى ابنَا البنَّا، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ غَالِبٍ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُفِيْدُ، إِمْلاَءً بِجَرْجرَايَا، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ خطَّابٍ، سَمِعْتُ عَلِيّاً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 346.
(2) المصدر السابق.(16/270)
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ: (مَنْ كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) .
هَذَا حَدِيْثٌ غَيْرُ صَحِيْحٍ بِهَذَا السَّندِ (1) ، وَعُثْمَانُ هُوَ أَبُو الدُّنْيَا الأَشجُّ كَذَّابٌ، وَهُوَ ثمَانِيٌّ لَنَا.
تُوُفِّيَ المُفِيْدُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
191 - بَصَلَةُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الجُرْجَانِيُّ *
هُوَ: الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحُجَّةُ، أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الجُرْجَانِيُّ.
سَمِعَ: عِمْرَانَ بنَ مُوْسَى بنِ مُجَاشعٍ، وَالسَّرَّاجَ، وَابنَ خُزَيْمَةَ، وَابنَ جَوْصَا، وَعِدَّةً.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَغَيْرُهُ، عِدَادُهُ فِي الحُفَّاظِ.
تُوُفِّيَ بَعْدَ السِّتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
192 - ظَالِمُ بنُ مَرْهُوْبٍ العُقَيْلِيُّ **
أَمِيْرُ العَرَبِ.
قَصَدَ دِمَشْقَ غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ غَلبَ عَلَيْهَا وَوليهَا
__________
(1) وهو صحيح من طريق آخر عن علي، فقد أخرجه البخاري 1 / 178 في العلم: باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم (1) في المقدمة، والترمذي (2662)
عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تكذبوا علي، فإنه من كذب على يلج النار " وهو حديث متواتر رواه غير واحد من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 984، مشتبه النسبة: 2 / 644، تبصير المنتبه: 4 / 1422، طبقات الحفاظ: 390.
(* *) تاريخ دمشق، الكامل لابن الأثير: 8 / 640، 648، 656، 657، النجوم الزاهرة: 4 / 58، تهذيب ابن عساكر: 7 / 117.(16/271)
لِلِقرمِطيِّ، وَاسْتنَابَ أَخَاهُ، ثُمَّ توجَّهَ إِلَى الحَسَنِ القِرمطيِّ فَقبضَ عَلَيْهِ، ثُمَّ خلصَ وَهَرَبَ إِلَى حصنٍ لَهُ بِالفُرَاتِ ثُمَّ اسْتمَالَهُ المعزُّ لكِي يسوسَ بِهِ عَلَى القِرْمِطِيِّ، فَلَمَّا وَصلَ إِلَى بَعْلَبَكَّ بلغَهُ هزيمةُ القِرْمِطِيِّ، فَاسْتولَى عَلَى دِمَشْقَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَأَقَامَ بِهَا دَعْوَةَ المعزِّ شَهْرَيْنِ، وَجَاءَ عَلَى دِمَشْقَ الكُتَامِيُّ، فجرَتْ بيْنَهُمَا فِتْنَةٌ.
193 - ابْنُ سَالِمٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَصْرِيُّ *
أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ ابْنُ أَبِي الحَسَنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَالِمٍ البَصْرِيُّ الزَّاهِدُ شَيْخُ الصُّوفيَّةِ السَّالمِيَّةِ، وَابنُ شيخِهِمْ.
عُمِّرَ دَهْراً، وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ تلاَمذَةِ سَهْلِ بنِ عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيِّ.
وَلحقَ هُوَ - وَهُوَ حدثٌ - سهْلاً، وَحفِظَ عَنْهُ.
أَدركَهُ أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَرآهُ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَمَا كتبَ عَنْهُ شَيْئاً.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو طَالِبٍ صَاحبُ القُوْتِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ شَاذَانَ الرَّازِيُّ، وَأَبُو مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَوْفٍ البُرْجِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ الطُّوْسِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الصُّوْفِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ السُّلَمِيُّ فِي (تَاريخِ الصُّوْفِيَّةِ) :مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَالِمٍ، أَبُو عَبْدِ اللهِ البَصْرِيُّ، وَلَدُ أَبِي الحَسَنِ بنِ سَالِمٍ، رَوَى كَلاَمَ سهْلٍ وَهُوَ مِنْ
__________
(*) طبقات الصوفية: 414 - 416، حلية الأولياء: 10 / 378 - 379، الأنساب: 7 / 12، اللباب: 2 / 93، مرآة الجنان: 2 / 373، طبقات الشعراني: 1 / 136.(16/272)
كبارِ أَصْحَابِهِ وَلَهُ أَصْحَابٌ يُسَمَّوْنَ السَّالمِيَّة، هجرهُمُ النَّاسُ لأَلْفَاظٍ هُجنَةٍ أَطلقُوهَا وَذكرُوهَا.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي (الحليةِ) :وَمِنْهُم: أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَالِمٍ البَصْرِيُّ صَاحبُ سَهْلٍ التُّسْتَرِيِّ وَحَافظُ كلاَمِهِ، أَدركنَاهُ، وَلَهُ أَصْحَابٌ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: سَمِعْتُ ابنَ سَالِمٍ، يَقُوْلُ: سَمِعْتُ سَهْلَ بنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُوْلُ: لاَ يَسْتَقيمُ قلبُ عبدٍ حَتَّى يقطعَ كُلَّ حِيْلَةٍ وَكُلَّ سَببٍ غَيْرَ اللهِ.
وَقَالَ: قَالَ سَهْلٌ: مَا اطَّلَعَ اللهُ عَلَى قلبٍ فَرَأَى فِيْهِ هُمَّ الدُّنْيَا إِلاَّ مَقَتَهُ، وَالمقتُ أنْ يتركَهُ وَنفسَهُ.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ الطُّوْسِيُّ: سَأَلْتُ ابنَ سَالِمٍ عَنِ الوجلِ، فَقَالَ: انتصَابُ القَلْبِ بَيْنَ يَديِّ اللهِ، فسأَلتُهُ عَنِ العُجْبِ فَقَالَ: أَنْ تَسْتَحسِنَ عَمَلَكَ، وَترَى طَاعَتَك، فَقُلْتُ: يتَهَيَّأَ أنْ لاَ يَسْتَحسِنَ صلاَتَهُ وَصَوْمَهُ.
قَالَ: إِذَا علمَ تَقْصيرَهُ فِيْهَا وَالآفَاتِ الَّتِي تَدْخُلُهَا.
قُلْتُ: للسَّالمِيَّة بدعَةٌ لاَ أَتذكَّرُهَا السَّاعَةَ، قَدْ تُفضِي إِلَى حلولٍ خَاصٍّ وَذَلِكَ فِي (القُوْتِ) .
وَمَاتَ ابْنُ سَالِمٍ وَقَدْ قَاربَ التِّسْعِيْنَ، سَنَةَ بضعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
194 - ابْنُ شَارَكَ أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَارَكَ الهَرَوِيُّ
__________
(*) العبر 2 / 321، طبقات السبكي: 3 / 45 - 46، طبقات المفسرين للسيوطي: 5، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 75 - 76، شذرات الذهب: 3 / 36، تاج العروس: 7 / 150، الرسالة المستطرفة: 28.(16/273)
الشَّافِعِيُّ المفسِّرُ، مُفْتِي هَرَاةَ وَشيخُهَا.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عبدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيَّ، وَالحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ شِيْرَوَيْه، وَأَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدَانَ البَجَلِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ الصُّوْفِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: الحَاكِمُ وَأَبُو إِبْرَاهِيْمَ النَّصْرَابَاذِيّ، وَطَائِفَةٌ مِنْ مشيخَةِ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيِّ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ حَسَنَ الحَدِيْثِ.
وَقَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَامِيُّ: تُوُفِّيَ فِي ربيعٍ الآخرِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ بِهَرَاةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
195 - القِرْمِطِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنٍ *
المَلِكُ، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ ابْنِ أَبِي سَعِيْدٍ حسنِ بنِ بَهْرَامَ مِنْ أَبنَاءِ الفرسِ الجَنَّابِيُّ القِرْمِطِيُّ المُلَقَّبُ بِالأَعصمِ.
مَوْلِدُهُ بِالأَحسَاءِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَتنقَّلَتْ بِهِ الأَحوَالُ، وَأَصلُهُ مِنَ الفرسِ.
استولَى عَلَى الشَّامِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَاسْتنَابَ عَلَى دِمَشْقَ وشاحاً السُّلَمِيَّ، ثُمَّ ردَّ إِلَى الأَحسَاءِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الشَّامِ
__________
(*) تاريخ أخبار القرامطة: 95، العبر: 2 / 340، فوات الوفيات: 1 / 318 - 319، الوافي بالوفيات: 11 / 373، مرآة الجنان: 2 / 385، البداية والنهاية: 11 / 286 - 287، النجوم الزاهرة: 4 / 128، شذارت الذهب: 3 / 55، تهذيب ابن عساكر: 4 / 151 - 153.(16/274)
سنَةَ سِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَعظمتْ جموعُهُ، وَالتَقَى جَعْفَرَ بنَ فلاَحٍ مُقدّمَ جَيْشِ المعزِّ العبيديِّ فَهَزمَهُ، وَظفرَ بِجَعْفَرٍ فذبَحَهُ، وَكَانَ هَذَا قَد أَخذَ دِمَشْقَ، وَافتتحَهَا للمعزِّ، ثُمَّ ترقَتْ همَّةُ الأَعصمِ، وَسَارَ بجيوشِهِ إِلَى مِصْرَ، ثُمَّ حَاصرَ مِصْرَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّيْنَ أَشهراً، وَاسْتعمل عَلَى إِمرَةِ دِمَشْقَ ظَالِمَ بنَ مَرْهوبٍ العُقَيْلِيَّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الشَّامِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِالرَّمْلَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ يُظهرُ طَاعَةَ الطَّائِعِ العَبَّاسِيِّ.
وَلَهُ نَظْمٌ يروقُ.
قَالَ حُسَيْنُ بنُ عُثْمَانَ الفَارقيُّ: كُنْتُ بِالرَّمْلَةِ، وَقَدْ قدمَهَا أَبُو عَلِيٍّ القِرْمِطِيُّ القَصِيْرُ الثِّيَابِ، فَقرَّبَنِي إِلَى خدمَتِهِ، فكُنْتُ لَيْلَةً عِنْدَهُ، وَأُحضرتِ الشُّموعُ، فَقَالَ لكَاتبِهِ أَبِي نَصْرٍ كَشَاجِمٍ: مَا يحضُرُكَ فِي صفَةِ هَذَا الشَّمعِ؟
فَقَالَ: إِنمَا نحضرُ مَجْلِسَ سيِّدنَا نَسْمَعُ مِنْ كلاَمِهِ.
فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بديهاً:
وَمَجْدُولَةٍ مِثْلِ صَدْرِ القَنَاةِ ... تَعَرَّتْ وَبَاطِنُهَا مُكْتَسِي
لَهَا مُقْلَةٌ هِيَ رُوحٌ لَهَا ... وَتَاجٌ عَلَى هَيْئَةِ البُرْنُسِ
إِذَا غَازَلَتْهَا الصَّبَا حَرَّكَتْ ... لِسَاناً مِنَ الذَّهَبِ الأَمْلسِ
فَنَحْنُ مِنَ النُّوْرِ فِي أَسْعُدٍ ... وَتِلْكَ مِنَ النَّارِ فِي أَنحُسِ
فَأَجَاز أَبُو نَصْرٍ، فَقَالَ بَعْدَ أَن قَبَّلَ الأَرضَ:
وَلَيْلَتُنَا هَذِهِ لَيْلَةٌ ... تشَاكلُ أَوضَاعَ إِقْلِيدسِ
فَيَارَبَّةَ العُودِ حُثِّي الغِنَا ... وَيَا حَامِلَ الكَاْسِ لاَ تَنْعُسِ (1)
__________
(1) الخبر بطوله في " الوافي بالوفيات ": 11 / 375 - 376، و" تهذيب ابن عساكر ": 4 / 152، وانظر أيضا " فوات الوفيات ": 1 / 319.(16/275)
وَمِمَّا كتبَ الأعصمُ إِلَى جَعْفَرِ بنِ فلاَحٍ يتهدَّدُهُ:
الكُتْبُ مَعْذرَةٌ وَالرُّسْلُ مخبرَةٌ ... وَالجُودُ متَّبعٌ وَالخَيْرُ موجُودُ
وَالحَرْبُ سَاكِنَةٌ وَالخَيْلُ صَافِنَةٌ ... وَالسِّلمُ مُبتذلٌ وَالظِّلُّ مَمْدُوْدُ
فَإِنْ أَنَبْتُمْ فَمَقْبُولٌ إِنَابَتُكُمْ ... وَإِنْ أَبَيْتُم فَهَذَا الكورُ مَشْدودُ
عَلَى ظُهورِ المَطَايَا أَوْ تَرِدْنَ بِنَا ... دِمَشْقَ وَالبَابُ مَهْدومٌ وَمَرْدُودُ
إِنِّي امرؤٌ لَيْسَ مِنْ شَأَنِي وَلاَ أَرَبِي ... طَبْلٌ يَرِنُّ وَلاَ نَايٌ وَلاَ عُودُ
وَلاَ أَبيتُ بطينَ البَطْنِ مِنْ شِبَعٍ ... وَلِي رَفِيقٌ خمِيصُ البَطْنِ مَجْهُودُ
وَلاَ تسَامَتْ بِي الدُّنْيَا إِلَى طَمَعٍ ... يَوْماً وَلاَ غَرَّنِي فِيْهَا المَوَاعِيدُ (1)
وَهُوَ القَائِلُ:
لَهَا مُقْلَةٌ صَحَّتْ وَلَكِنْ جُفُونُهَا ... بِهَا مَرَضٌ يَسْبِي القُلُوبَ وَيُتْلِفُ
وَخَدٌّ كَوَرْدِ الرَّوضِ يُجْنَى بِأَعْيُنٍ ... وَقَدْ عَزَّ حَتَّى إِنَّهُ لَيْسَ يُقْطَفُ
وَعَطفَةُ صُدْغٍ لَوْ تعلَّمَ عطفهَا ... لكَانَتْ عَلَى عشَّاقِهَا تتعطَّفُ (2)
196 - أَبُو الشَّيْخِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ حَيَّانَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، مُحَدِّثُ أَصْبَهَانَ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرِ بنِ حَيَّانَ، المَعْرُوفُ بِأَبِي الشَّيْخِ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
__________
(1) الابيات في " البداية والنهاية ": 11 / 287، و" تهذيب ابن عساكر ": 4 / 152.
(2) الابيات في " تهذيب ابن عساكر ": 4 / 152. وللبيت الثالث رواية أخرى بلفظ: لكان على عشاقه يتعطف.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 90، تذكرة الحفاظ: 3 / 945 - 947، العبر: 2 / 351 - 352، غاية النهاية: 1 / 447، النجوم الزاهرة: 4 / 136، طبقات الحفاظ: 381، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 240 - 241، شذرات الذهب: 3 / 69 هدية العارفين: 1 / 447، الرسالة المستطرفة: 38.(16/276)
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وطلبَ الحَدِيْثَ مِنَ الصِّغرِ، اعتنَى بِهِ الجَدُّ، فسَمِعَ مِنْ جدِّهِ محمودِ بنِ الفَرَجِ الزَّاهِدِ، وَمِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعْدَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَسَنِ بنِ حَفْصٍ الهَمْدَانِيِّ رَئِيْسِ أَصْبَهَانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ المَدِيْنِيِّ صَاحبِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَاصِمٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ الخُزَاعِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ رُسْتَه، وَأَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بنِ عَمْرٍو البَزَّارِ صَاحِبِ (المُسْندِ) ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الرَّمْلِيِّ، سَمِعَ مِنْهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ فِي ارتحَالِهِ مِنْ خلقٍ: كَأَبِي خَلِيْفَةَ الجُمَحِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَرْوَزِيِّ، وَعَبْدَانَ، وَقَاسِمِ المطرِّزِ، وَأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ، وَجَعْفَرِ الفِرْيَابِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ يَحْيَى بنِ زُهَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ بَحْرٍ، وَأَحْمَدَ بنِ رُسْتَه الأَصْبَهَانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ سَعِيْدِ بنِ عُرْوَةَ الصَّفَّارِ، وَالمُفَضَّلِ بنُ مُحَمَّدٍ الجَنَديِّ، وَأَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الصُّوْفِيِّ، وَأَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَبِيْبٍ، وَمَحْمُوْدِ بنِ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ سَعِيْدٍ الرَّازِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَلِيٍّ العُمَرِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الجمَّالِ، وَالوَلِيْدِ بنِ أَبَانَ، وَأُممٍ سوَاهُم.
وَعَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَابنُ مَرْدَوَيْه، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيْرَازِيُّ، وَسُفْيَانُ بنُ حَسنكَوَيْه، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَمَّوَيْه، وَالفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ القَاشَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بهرُوزمَرْدَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الحُسَيْنِ الصَّالِحَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ الصَّفَّارُ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الكِسَائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ(16/277)
بنِ سَيُّوْيَه المُؤَدِّبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ التَّبَّانُ، وَأَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَاهٍ المَهْرجَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ أَبِي الشَّيْخِ وَهُوَ حفيدُهُ، وَأَبُو ذَرٍّ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الصَّالِحَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ اليَزديُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزْدةَ المِلَنجِيُّ المُقْرِئُ، وَأَبوَ القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ العَطَّارُ المُقْرِئُ، وَعبدُ الكَرِيْمِ بنُ عَبْدِ الواحدِ الصُّوْفِيُّ، وَالفَضْلُ بنُ أَحْمَدَ القصَّارُ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحِيْمِ الكَاتِبُ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ، صَنَّفَ التَّفْسِيْرَ وَالكُتُبَ الكثيرَةَ فِي الأَحْكَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ أَبُو الشَّيْخ حَافِظاً، ثَبْتاً، مُتْقِناً.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ السُّوذَرْجَانِيّ: هُوَ أَحدُ عبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ، ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: مَعَ مَا ذُكرَ مِنْ عبَادتِهِ كَانَ يكتُبُ كُلَّ يَوْمٍ دستجَةَ كَاغَدٍ لأَنَّهُ كَانَ يورِّقُ وَيُصَنِّفُ، وَعرضَ كِتَابُهُ (ثوَابُ الأَعمَالِ) عَلَى الطَّبَرَانِيِّ، فَاسْتحْسَنَهُ.
وَيُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا عملتُ فِيْهِ حَدِيْثاً إِلاَّ بَعْدَ أَن اسْتَعْمَلْتُهُ.
وَعَنْ بَعْضِ الطَّلبَةِ قَالَ: مَا دَخَلتُ عَلَى أَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيِّ إِلاَّ وَهُوَ يمزحُ أَوْ يَضْحَكُ، وَمَا دَخَلتُ عَلَى أَبِي الشَّيْخِ إِلاَّ وَهُوَ يُصَلِّي.
قُلْتُ: لأَبِي الشَّيْخ كِتَابُ (السُّنَّةِ) مُجَلَّدٌ، كِتَابُ (العظمَةِ) مُجَلَّدٌ، كِتَابُ (السُّنَنِ) فِي عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ، وَقَعَ لَنَا مِنْهُ كِتَابُ (الأَذَانِ) ، وَكِتَابُ (الفَرَائِضِ) وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَلَهُ كِتَابُ (ثوَابِ الأَعمَالِ) فِي خَمْسِ مُجَلَّدَاتٍ(16/278)
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ أَحَدَ الأَعلاَمِ، صَنَّفَ الأَحْكَامَ وَالتَّفْسِيْرَ، وَكَانَ يُفيدُ عَنِ الشُّيُوْخِ، وَيصَنّف لَهُمْ سِتِّيْنَ سَنَةً.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً.
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، عَنْ أَبِي الشَّيْخِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ القَصِيْرُ، أَنْبَأَنِي عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ شيخُنَا: أَنَّهُ سَمِعَ يُوْسُفَ بنَ خَلِيْلٍ الحَافِظَ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ، كَأَنِّيْ دَخَلتُ مَسْجِدَ الكُوْفَةِ، فرَأَيْتُ شَيْخاً طُوَالاً لَمْ أَرَ شَيْخاً أَحسنَ مِنْهُ، فَقِيْلَ لِي: هَذَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَيَّانَ، فَتَبِعْتُهُ وَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَيَّانَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَليَسَ قدْ مُتَّ؟
قَالَ: بَلَى.
قُلْتُ: فَبِاللهِ مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: {الحَمْدُ للهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرضَ} الآيَة: [الزمر:74] .
فَقُلْتُ: أَنَا يُوْسُفُ، جِئْتُ لأَسمعَ حديثَكَ وَأُحصِّلَ كُتُبَكَ، فَقَالَ: سلَّمَكَ اللهُ، وَفَّقَكَ اللهُ، ثُمَّ صَافحتُهُ، فَلَمْ أَرَ شَيْئاً قَطُّ أَلينَ مِنْ كفِّهِ، فَقَبَّلْتُهَا وَوضعتُهَا عَلَى عَيْنِي.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ أَبُو الشَّيْخِ مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلينَ، صَاحبَ سُنَّةٍ وَاتِّبَاعٍ، لَوْلاَ مَا يملأُ تَصَانِيْفَهُ بِالوَاهيَاتِ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ فِي سَلخِ المحرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي السَّنةِ مُسْنِدُ بَغْدَادَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَاسِي، وَمَخْلَدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِيُّ، وَالإمَامُ أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الصُّعْلُوْكِيُّ، وَآخرُوْنَ، وَقَاضِي القُضَاةِ ابْنُ أُمِّ شَيْبَانَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُودٌ الجمَّالُ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مِهْرَانَ الصَّالِحَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا(16/279)
القَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا سَلمةُ بنُ وَرْدَانَ، سَمِعْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (آيَةُ الكُرْسِيِّ رُبْعُ القُرْآنِ (1)) .
وَأَجَازَهُ لَنَا أَحْمَدُ بنُ سلاَمةَ عَنِ الجمَّالِ.
197 - الحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ أَبُو مُحَمَّدٍ العَسْكَرِيُّ المِصْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، مُسْنِدُ مِصْرَ، أَبُو مُحَمَّدٍ العَسْكَرِيُّ المِصْرِيُّ، منسوبٌ إِلَى عَسْكَرِ مِصْرَ، المُعَدَّلُ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ زُغْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ السَّرَّاجِ، وَمُحَمَّدِ بنِ رُزَيْقِ بنِ جَامعٍ المَدِيْنِيِّ، وَأَبِي الرَّقْرَاقِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المُعَلِّمِ، وَأَبِي عبدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ فَأَكثرَ، وَعَلِيِّ بنِ سَعِيْدِ بنِ بَشِيْرٍ الرَّازِيِّ، وَأَبِي دُجَانَةَ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَعَافِرِيِّ، وَالمُفَضَّلِ بنِ مُحَمَّدٍ الجَنَديِّ، وَعبدِ
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف سلمة بن وردان، وذكره السيوطي في " الجامع الصغير " ونسبه لأبي الشيخ هذا في " الثواب " وأخرجه أحمد 3 / 221 من طريق عبد الله بن الحارث، عن سلمة بن وردان، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل رجلا من صحابته، فقال: " أي فلان هل تزوجت؟ " قال: لا، وليس عندي ما أتزوج به، قال: " أليس معك (قل هو الله أحد) ؟ " قال: بلى، قال: " ربع القرآن " قال: " أليس معك (قل يا أيها الكافرون) ؟ " قال: بلى، قال: " ربع القرآن " قال: " أليس معك (إذا زلزلت الأرض) ؟ " قال: بلى، قال: " ربع القرآن " قال: " أليس معك (إذا جاء نصر الله) ؟ " قال: بلى، قال " ربع القرآن " قال: " أليس معك آية الكرسي (الله لا إله إلا هو) ؟ " قال: بلى: قال: " ربع القرآن " قال: " تزوج، تزوج، تزوج " ثلاث مرات. وسنده ضعيف كسابقه.
(*) معجم البلدان: 4 / 123، اللباب: 2 / 340، تذكرة الحفاظ: 3 / 259 - 260، العبر: 2 / 355، ميزان الاعتدال: 1 / 490، الوافي بالوفيات: 12 / 16 - 17، غاية النهاية: 1 / 212 - 213، لسان الميزان: 2 / 207، طبقات الحفاظ: 384، النجوم الزاهرة: 4 / 139، حسن المحاضرة: 1 / 352، شذرات الذهب: 3 / 71.(16/280)
السَّلاَمِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سُهَيْلٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الأَنمَاطيِّ، وَيَمُوتَ بنِ المُزَرَّعِ، وأَممٍ سوَاهُم، وَسَمِعَ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَعلاَ إِسنَادُهُ، وَكَانَ ذَا فَهْمٍ وَمَعْرِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَعَبْدُ الغنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ، وَعبدُ الرَّحْمَنِ بنُ النَّحَّاسِ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَمْرٍو الحَدَّادُ، وَيَحْيَى بنُ عَلِيٍّ الطَّحَّانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ المغلَّسِ الدَّاوُودِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَبِي الذِّكرِ، وَعَلِيُّ بنُ رَبِيْعَةَ التَّمِيْمِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الطَّفَّالُ، وَخَلْقٌ مِنَ المَغَاربَةِ.
وَكَانَ مُحَدِّثُ مِصْرَ فِي زَمَانِهِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ الطَّحَّانِ: رَوَى عَنْ خلقٍ لاَ أَسْتطيعُ ذكرَهُمْ، مَا رَأَيْتُ عَالِماً أَكثرَ حَدِيْثاً مِنْهُ.
قَالَ لِي: وُلِدْتُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَتُوُفِّيَ فِي جُمَادِى الآخرَةِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
198 - وَالِدُ أَبِي نُعَيْمٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الأَصْبَهَانِيُّ، سِبْطُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ البنَّا الزَّاهِدِ، وَولاؤُهُ لآلِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ.
رَوَى عَنْ: أَبِي خَلِيْفَةَ، وَابنِ نَاجيَةَ، وَعَبْدَانَ الأَهْوَازِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ الذَّكْوَانِيُّ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
__________
(*) العبر: 2 / 337، شذرات الذهب: 3 / 50 - 51.(16/281)
وَكَانَ صَدُوْقاً، عَالِماً، بَكَّرَ بِوَلدِهِ وَسَمَّعَهُ مِنَ الكِبَارِ، وَأخذَ لَهُ إِجَازَةَ الأَصمِّ، وَابنِ دَاسَةَ.
199 - ابْنُ النَّاصِحِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، المُسْنِدُ، المُفْتِي، أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ النَّاصِحِ الدِّمَشْقِيُّ الفَقِيْهُ الشَّافِعِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ المفسِّرِ، نزيلُ مِصْرَ.
سَمِعَ: أَبَا بكرٍ أَحْمَدَ بنَ عَلِيٍّ المَرْوَزِيَّ، وَعبدَ الرَّحْمَنِ بنَ القَاسِمِ الرَّوَّاسَ، وَعَلِيَّ بنَ غَالِبٍ السَّكْسَكِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَالحَافِظَ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَلْخِيَّ، وَالجُنَيْدَ بنَ خَلَفٍ السَّمَرْقَنْديَّ، وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ لَقِيَهُم فِي الحَجِّ.
انتخبَ عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي العَوَّامِ، وَأَبُو النُّعْمَانِ تُرَابُ بنُ عُبَيْدٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ النَّحَاسِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيٍّ الغَازِي، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَآخرُوْنَ.
تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أبنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
قَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ عبدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ البُنِّ الأَسَدِيُّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَصِّيْصِيُّ، أَخْبَرَنَا تُرَابُ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ، أَخْبَرَنَا عليُّ
__________
(*) العبر: 2 / 338، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 314 - 315، غاية النهاية: 1 / 452، حسن المحاضرة: 1 / 402، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 250، شذرات الذهب: 3 / 51.(16/282)
بنُ غَالِبٍ ببيتِ لهْيَا، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ، قَالَ: سُئِلَ الحَسَنُ، وَأَنَا إِلَى جَنْبِهِ عَنِ الرَّجُلِ يَقُوْلُ: يَا وَلَدَ البَغْلِ.
قَالَ: أَصرَّحَ؟ لَيْسَ عَلَيْهِ حدٌ.
200 - القَفَّالُ الشَّاشِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الفَقِيْهُ، الأُصولِيُّ، اللُّغَوِيُّ، عَالِمُ خُرَاسَانَ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الشَّاشِيُّ الشَّافِعِيُّ القَفَّالُ الكَبِيْرُ، إِمَامُ وَقْتِهِ، بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَعلمَ أَهْلِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ بِالأُصولِ، وَأَكثرَهُم رحلَةً فِي طلبِ الحَدِيْثِ.
سَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ بنَ خُزَيْمَةَ، وَابنَ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ إِسْحَاقَ المَدَائِنِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَأَبَا عَرُوبَةَ الحَرَّانِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (الطَّبَقَاتِ (1)) :تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ.
__________
(*) الفهرست: 303، طبقات العبادي: 92، طبقات الشيرازي: 112، الأنساب: 7 / 244، تبيين كذب المفتري: 182 - 183، معجم البلدان: 3 / 309، اللباب: 2 / 174، طبقات ابن الصلاح: الورقة 19، تهذيب الأسماء واللغات: 2 / 282 - 283، وفيات الأعيان: 4 / 200 - 201، العبر: 2 / 338 - 339، دول الإسلام: 1 / 226، الوافي بالوفيات: 4 / 112 - 114، مرآة الجنان: 2 / 381 - 383، طبقات السبكي: 3 / 200 - 222، طبقات الاسنوي: 2 / 79 - 80، النجوم الزاهرة: 4 / 111، طبقات المفسرين للسيوطي: 36 - 37، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 196 - 198، طبقات ابن هداية الله: 88 - 89، شذرات الذهب: 3 / 51 - 52، هدية العارفين: 2 / 48، طبقات الاصوليين: 1 / 201 - 202.
(1) " طبقات الشيرازي ": ص 112.(16/283)
فهَذَا وَهْمٌ بَيِّنٌ وَقَدْ أَرَّخَ وَفَاتَهُ الحَاكِمُ فِي آخِرِ سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِالشَّاشِ.
وَكَذَا وَرَّخَهُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ، وَزَاد أَنَّهُ وُلِدَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمئينِ.
وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّهُ تَفَقَّهَ عَلَى ابْنِ سُرَيْجٍ، وَهَذَا وَهْمٌ آخرٌ.
مَاتَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَبْلَ قدومِ القَفَّالِ بثلاَثِ سِنِيْنَ.
قَالَ: وَلَهُ مصنَّفَاتٌ كَثِيْرَةٌ لَيْسَ لأَحدٍ مثلُهَا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الجَدَلَ الحَسَنَ مِنَ الفُقَهَاءِ، وَلَهُ كِتَابٌ فِي أُصولِ الفِقْهِ، وَلَهُ (شَرْحُ الرِّسَالةِ) وَعَنْهُ انتشرَ فَقهُ الشَّافِعِيِّ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ.
قُلْتُ: مِنْ غَرَائِبِ وَجوهِهِ فِي (الرَّوضَةِ) :أَنَّ للمريضِ الجمعَ بَيْنَ الصَّلاَتينِ (1) .
وَمِنْهَا: أَنَّهُ اسْتحبَّ للكبِيرِ أَن يعِقَّ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لاَ يُعَقُّ عَنْ كَبِيْرٍ (2) .
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَنْدَةَ، وَالحَاكِمُ، وَالسُّلَمِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَليمِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ قَتَادَةَ، وَابنُهُ القَاسِمُ الَّذِي صَنَّفَ (التَّقريبَ) وَهُوَ كِتَابٌ مفيدٌ قَلِيْلُ الوقوعِ، ينقلُ مِنْهُ صَاحبُ (النّهَايَةِ) إِمَامُ الحَرَمَيْنِ، وَصَاحبُ (الوسيطِ) فِي كِتَابِ (الرَّهنِ) ، فَوَهِمَ وَسمَّاهُ أَبَا القَاسِمِ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: وَصَنَّفَ أَبُو بَكْرٍ كِتَابَ (دلاَئِلِ النُّبُوَّةِ) ، وَكِتَابَ (مَحَاسِنِ الشريعَةِ) .
وَقَالَ الحَليمِيُّ: كَانَ شيخُنَا القَفَّالُ أَعلمَ مَنْ لَقِيْتُهُ مِنْ عُلمَاءِ عَصْرِهِ.
قَالَ الشَّيْخُ مُحِي الدِّينِ النَّوَاوِيُّ: إِذَا ذُكرَ القَفَّالُ الشَّاشِيُّ فَالمرَادُ هُوَ، وَإِذَا قِيْلَ: القَفَّالُ المَرْوَزِيُّ، فَهُوَ القَفَّالُ الصَّغِيْرُ الَّذِي كَانَ بَعْدَ
__________
(1) انظر " الروضة " للنووي: 1 / 401.
(2) قال النووي في " الروضة ": 3 / 229 ما نصه: " واستحسن القفال الشاشي أن يفعلها، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عق عن نفسه بعد النبوة، ونقلوا عن نص الشافعي في البويطي أنه لا يفعل ذلك، واستغربوه ".(16/284)
الأَرْبَعِ مائَةٍ.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّ الشَّاشِيَّ يتكرَّرُ ذكرُهُ فِي التَّفْسِيْرِ وَالحَدِيْثِ وَالأُصولِ وَالكَلاَمِ.
وَأَمَّا المَرْوَزِيُّ فيتكرَّرُ فِي الفِقْهيَّاتِ (1) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الصَّفَّارُ: سَمِعْتُ أَبا سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ، وَسُئِلَ عَنْ تَفْسِيْرِ أَبِي بَكْرٍ القَفَّالِ، فَقَالَ: قدَّسَهُ مِنْ وَجْهٍ، وَدنَّسَهُ مِنْ وَجْهٍ، أَي: دنَّسَهُ مِنْ جهَةِ نَصْرِهِ للاعتزَالِ.
قُلْتُ: قَدْ مرَّ مَوْتُهُ، وَالكمَالُ عزيزٌ، وَإِنَّمَا يمدحُ العَالِمُ بكَثْرَةِ مَالَهُ مِنَ الفضَائِلِ، فَلاَ تُدفنُ المَحَاسِنُ لورطَةٍ، وَلَعَلَّهُ رَجعَ عَنْهَا.
وَقَدْ يُغفرُ لَهُ بِاسْتفرَاغِهِ الوسْعَ فِي طلبِ الحَقِّ وَلاَ قوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَيْهَقِيُّ فِي (شُعبِ الإِيمَانِ) :أَنشدَنَا أَبُو نَصْرٍ بنُ قَتَادَةَ، أَنشدنَا أَبُو بَكْرٍ القَفَّاُل:
أُوسِّعُ رَحْلِي عَلَى مَنْ نَزَلْ ... وَزَادِي مُبَاحٌ عَلَى مَنْ أَكَلْ
نُقَدِّمُ حَاضِرَ مَا عِنْدَنَا ... وَإنْ لَمْ يَكُنْ غَيْر خُبْزٍ وَخَلّ
فَأَمَّا الكَرِيْمُ فَيَرْضَى بِهِ ... وَأَمَّا اللَّئيمُ فَمَنْ لَمْ أُبَلْ (2)
201 - كَشَاجِمُ أَبُو نَصْرٍ مَحْمُوْدُ بنُ حُسَيْنٍ *
شَاعِرُ زَمَانِهِ، يُذكرُ مَعَ المُتَنَبِّي.
وَهُوَ: أَبُو نَصْرٍ مَحْمُوْدُ بنُ حُسَيْنٍ، لَهُ
__________
(1) " تهذيب الأسماء واللغات ": 2 / 282 - 283.
(2) الابيات في " تهذيب الأسماء واللغات ": 2 / 283، و" طبقات السبكي ": 3 / 204، و" طبقات المفسرين للداوودي ": 2 / 198، ورواية الأول فيه: أوسع رحلي على منزلي.
(*) مروج الذهب: 4 / 366 - 369، يتيمة الدهر: 1 / 285 - 289، الفهرست: 200، تاريخ دمشق، العبر: 2 / 322، عيون التواريخ: 11 الورقة: 61، حسن المحاضرة: 1 / 560، شذرات الذهب: 3 / 37 - 38، تاج العروس: مادة " كشم " هدية العارفين: 2 / 401، أعلام الشيعة للطهماني: 316.(16/285)
ذكرٌ فِي (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) .
رَوَى عَنْهُ: الحُسَيْنُ بنُ عُثْمَانَ الخِرَقيُّ وَغَيْرُهُ.
(ديوَانُهُ) مَشْهُوْرٌ.
وَكَانَ شَاعِراً، كَاتِباً، منجِّماً، فعُملَ مِنْ حروفِ ذَلِكَ لَهُ اللَّقبُ.
وَلَهُ:
مُستملحٌ مِنْ كُلِّ أَطْرَافِهِ ... مُسْتَحْسَنُ الإِقْبالِ وَالمُلْتَفَتْ
لَوْ بِيْعَتِ الدُّنْيَا وَلَذَّاتُهُا ... بِسَاعَةٍ مِنْ وَصْلِهِ مَا وَفَتْ
سُلِّطَتِ الأَلحَاظُ مِنْهُ عَلَى ... جِسْمِي فَلَوْ أَوْدَتْ بِهِ مَا اكْتَفَتْ
وَاسْتَعْذَبَتْ رُوحِي هَوَاهُ فَمَا ... تَصْحُو وَلاَ تَسْلُو وَلَوْ أُتْلِفَتْ
202 - الشَّرْمَقَانِيُّ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوْنَ بنِ بُنْدَارَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، الأَدِيبُ، الفَقِيْهُ، أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدُوْنَ بنِ بُنْدَارَ الخُرَاسَانِيُّ الشَّرْمَقَانِيُّ، وَشَرْمَقَانُ: بُليدَةٌ مِنْ عملِ نَسَا (1) .
سَمِعَ مِنَ: الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، وَمُسَدَّدِ بنِ قَطَنٍ، وَابنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَأَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ، وَأقرَانِهِمْ، وَسَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ أَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَجمَاعةٌ.
وَعِنْدِي أَجْزَاءٌ مِنْ فوائِدِهِ.
__________
(*) تاريخ دمشق، الأنساب: 7 / 326، معجم البلدان: 3 / 338، تهذيب ابن عساكر: 2 / 51.
(1) قال ياقوت: بليدة بخراسان من نواحي إسفرايين في الجبال، بينها وبين نيسابور أربعة أيام.(16/286)
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ مِنْ أَعِيَانِ مشَايخِ خُرَاسَانَ فِي الفِقْهِ، وَالأَدبِ، وَكَثْرَةِ الطَّلَبِ.
تُوُفِّيَ الشَّرْمقَانِيُّ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بنُ أَبِي العزِّ البَزَّازُ بِطَرَابُلسَ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ يَحْيَى المَخْزُوْمِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رُفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخلعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الشَّرْمَقَانِيُّ التَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا شُجَاعُ بنُ مخلدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، قَالُوا:
حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيِّةَ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، حَدَّثَنِي الوَلِيْدُ بنُ مُسْلِمٍ، عَنْ حُمرَانَ، عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ (1)) .
قُلْتُ: يدخلُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ مِنْ خَيْرٍ وَشرٍّ، وَعَلَى مَا يتُمُّ عَلَيْهِ مِنْ تعذيبٍ أَوْ عفوٍ.
203 - المَاسَرْجِسِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ *
الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الثَّبْتُ، الجَوَّالُ، الإِمَامُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجسَ النَّيْسَابُوْرِيُّ.
وجدُّهُ هُوَ سِبْطُ الحَسَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجسَ مَوْلَى ابْنِ المُبَارَكِ.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 1 / 69، ومسلم (26) في الايمان من طريق ابن علية بهذا الإسناد والوليد بن مسلم: هو أبو بشر البصري التميمي العنبري.
(*) المنتظم: 7 / 81، العبر: 2 / 336 - 337، دول الإسلام: 1 / 226، تذكرة الحفاظ: 3 / 955 - 960، البداية والنهاية: 11 / 283، النجوم الزاهرة: 4 / 111، طبقات الحفاظ: 383، شذرات الذهب: 3 / 50، الرسالة المستطرفة: 29، تهذيب ابن عساكر: 4 / 354 - 355.
وقد ضبطت الجيم في الأصل بالفتح، وضبطها السمعاني، وابن الأثير، وابن خلكان، والسيوطي بالكسر.(16/287)
وَأَبُوْهُ هُوَ أَبُو أَحْمَدَ، مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، حدَّثَ بكتَابِ (جُلُودِ السِّبَاعِ) فِي خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ، تَأَلِيفِ مُسْلِمٍ عَنْهُ، وَهُوَ كِتَابٌ نفيسٌ بِالمرَّةِ.
وَتُوُفِّيَ عَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَهُوَ بَيْتُ العِلْمِ وَالرِّوَايَةِ وَالحِفْظِ وَالدِّرَايَةِ.
ولِدَ أَبُو عَلِيٍّ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المَاسَرْجِسِيِّ (1) ، وَإِمَامِ الأَئِمَّةِ أَبِي بَكْرٍ بنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ، وَأَبِي حَامِدٍ بنِ الشَّرْقِيِّ، وَوَالدِهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ.
وَارْتَحَلَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، فَأَخَذَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ. وَابنَي المَحَامِلِيِّ، وَخَلْقٍ بِالعِرَاقِ.
وَلحقَ بِالشَّامِ بقَايَا أَصْحَابِ هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَبمِصْرَ أَصْحَابَ يُوْنُسَ بنَ عبدِ الأَعْلَى وَالمُزَنِيَّ.
وَكَتَبَ العَالِيَ وَالنَّازلَ (2) ، وَأَطَالَ المكثَ بِمِصْرَ، وَكَتَبَ الفِقْهَ وَالحَدِيْثَ بِهَا، وَخَرَّجَ عَلَى (الصَّحِيْحَيْنِ) مُستخرجاً حَافلاً، وَعملَ (المُسْنَدَ الكَبِيْرَ) فِي نَحْوٍ مِنْ وَقْرِ (3) بعيرٍ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ فِي (تَارِيْخِهِ) :صَنَّفَ (المُسْنَدَ الكَبِيْرَ) فِي أَلفِ جُزءٍ وَثَلاَثِ مائَةِ جُزءٍ - يَعْنِي: مُهذَّباً مُعلَّلاً -.
قَالَ: وَجمعَ حَدِيْثَ الزُّهْرِيَّ جمعاً لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ أَحدٌ، فَكَانَ يحفظُهُ مِثْلَ المَاءِ، وَصَنَّفَ المَغَازِيَ وَالقبَائِلَ وَالمشَايخَ وَالأَبْوَابَ، وَخَرَّجَ عَلَى (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) كِتَاباً، وَعَلَى (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) ، وَأَدْرَكَتْهُ المنيَّةُ قَبْلَ الحَاجَةِ إِلَى إِسنَادِهِ، وَدُفنَ عِلمٌ كَثِيْرٌ بِموتِهِ.
وَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بنَ الحَجَّاجِ
__________
(1) تقدمت ترجمته في الجزء الرابع عشر من هذا الكتاب برقم (221) .
(2) سبق لنا التعريف بالعالي والنازل في الجزء الرابع عشر من هذا الكتاب.
(3) الوقر: الحمل الثقيل.(16/288)
يَقُوْلُ: صنَّفْتُ هَذَا (المُسْنَدَ) - يَعْنِي: صَحِيحَهُ - مِنْ ثَلاَثِ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ مَسْمُوعَةٍ.
وَقَالَ الحَاكِمُ فِي مَوْضِعٍ آخَر: صَنَّفَ أَبُو عَلِيٍّ حَدِيْثَ الزُّهْرِيِّ فَزَادَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ.
قُلْتُ: أَحسبُهُ ظفَرَ بِحَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ لأَحمدَ بنِ صَالِحٍ المِصْرِيِّ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَعَلَى التَّخمِينِ يَكُونُ مُسندُهُ بِخَطِّ الورَّاقِينَ فِي أكثرَ مِنْ ثَلاَثَةِ آلاَفِ جُزءٍ.
قُلْتُ: يجئُ فِي مائَةٍ وَخَمْسِيْنَ مُجَلَّداً.
قَالَ: فَعِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يُصَنَّفْ فِي الإِسلاَمِ مُسندٌ أَكبرُ مِنْهُ، وَعَقَدَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زِيَادٍ مَجْلِساً عَلَيْهِ لقرَاءتِهِ.
قَالَ: وَكَانَ مُسْنَدُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بخطِّهِ فِي بضعةَ عشرَ جُزءاً بعلَلِهِ وَشوَاهِدِهِ، فكتبَهُ النُّسَّاخُ فِي نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ جُزءاً.
تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ أَخيَهِ الإِمَامُ أَبُو الحَسَنِ المَاسَرْجِسِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ -.
قُلْتُ: هَذَا ممَّنْ لَمْ يقعْ لِي شَيْءٌ مِنْ حَدِيْثِهِ، فلَعَلَّ أنْ يَكُونَ فِي توَالِيفِ البَيْهَقِيِّ شَيْءٌ مِنْهُ.
204 - الرَّازِيُّ أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ مُحمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ *
شَيْخُ الشِّيْعَةِ، وَمُصنِّفُهُمْ، أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ بُكَيْرٍ الرَّازِيُّ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوْسِيُّ فِي تَاريخِ مصنِّفِي أَصحَابِهِمْ: خَرَجَ توقيعٌ مِنْ
__________
(*) فهرست الطوسي: 31 - 32، منهج المقال: 44، روضات الجنات: 13، أعيان الشيعة للعاملي: 10 / 101 - 111.(16/289)
أَبِي مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِيْهِ ذكرُ الرَّازِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَصَنَّفَ كتُباً مِنْهَا (التَّارِيْخُ) وَلَمْ يُتِمَّهُ، وَكِتَابُ (المنَاسكِ) .
أَخذَ عَنْهُ ابْنُ النُّعْمَانِ - يَعْنِي: الشَّيْخَ المُفِيْدَ - وَالحُسَيْنُ بنُ عُبيدِ اللهِ بنِ الفَحَّامِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
205 - عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَيُّوْيَه البُخَارِيُّ *
الإمَامُ الحَافِظُ الرَّحَّالُ النَّحْوِيُّ الأَوحَدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، وَأَبُو القَاسِمِ البُخَارِيُّ.
حدَّثَ بِدِمَشْقَ وَأَمَاكنَ عَنْ سَهْلِ بنِ حَسَنٍ البُخَارِيِّ الحَافِظِ، وَمَكْحُوْلٍ البَيْرُوْتِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَاتمٍ السِّجِسْتَانِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَتَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ الغنِيِّ الأَزْدِيُّ، وَغنجَارُ البُخَارِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ بُكَيْرٍ المُقْرِئُ، وَعَلِيُّ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ أَبِي العَقَبِ أَحَدُ شُيُوْخِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ حَرْبٍ الفَقِيْهَ - شَيْخُ أَهْلِ الرَّأْي ببلدِنَا - يَقُوْلُ: كَثِيْراً مَا أَرَى أَصحَابَنَا فِي مَدينَتِنَا هَذِهِ مِنَ الفُقَهَاءِ يَظْلِمُوْنَ المُحَدِّثِيْنَ.
كُنْتُ عِنْدَ حَاتمٍ العَتَكِيِّ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ شَيْخٌ مِنْ أَصحَابِنَا مِنْ أَهْلِ الرَّأْي، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تَرْوِي أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بقرَاءةِ الفَاتِحَةِ خلفَ الإِمَامِ؟
فَقَالَ: قَدْ صَحَّ قولُهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلاَمُ -، يَعْنِي: (لاَ صَلاَةَ إِلاَّ
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 42، إنباه الرواة: 2 / 177 - 178، تلخيص ابن مكتوم: 108 - 109، بغية الوعاة: 2 / 97.(16/290)
بفَاتِحَةِ الكِتَابِ (1)) .
قَالَ: كذبْتَ، إِنَّ الفَاتحَةَ لَمْ تَكُنْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي عَهْدِ عُمَرَ (2) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَيُّوْيَه الحَافِظُ الأَدِيبُ مِنْ أَعِيَانِ الرَّحَّالَةِ، قَدِمَ عَليْنَا نَيْسَابُورَ، وَأَقَامَ سَنَواتٍ، ثُمَّ دَخَلَ العِرَاقَ وَمِصْرَ وَالشَّامَ.
اسْتخرجَ عَلَى (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) وَجوَّدَهُ، اجتمَعْتُ بِهِ بِبَغْدَادَ وَبُخَارَى (3) .
وَقَالَ غنجَارٌ: تُوُفِّيَ بِالدِّينَوَرِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
206 - ابْنُ حَسْنَوَيْه أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ *
العدلُ، المُحَدِّثُ، أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسْنَوَيْه بنِ يُوْنُسَ الهَرَوِيُّ.
سَمِعَ: الحُسَيْنَ بنَ إِدْرِيْسَ، وَطبقَتَهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو يَعْقُوْبَ القرَّابُ، وَالبَرْقَانِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدوِيُّ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ العَبَّاسِ القُرَشِيُّ، وَآخرُوْنَ.
__________
(1) أخرجه من حديث عبادة بن الصامت: البخاري 2 / 199، 200، في صفة الصلاة: باب وجوب القراءة للامام والمأموم في الصلوات كلها، ومسلم (394) في الصلاة: باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأبو داود (822) ، والترمذي (247) ، والنسائي 2 / 137، 138. وأخرجه من حديث أبى هريرة مالك 1 / 84، 85، ومسلم (395) ، وأبو داود (819) و (820) و (821) ، والترمذي (2954) و (2955) ، والنسائي 2 / 135، 136.
(2) هذه القصة واضح فيها الافتعال الذي لا يخفى على عامي بله المتعلمين، وقد ذكرها ابن عساكر في " تاريخه " وانظر " إنباه الرواة " 2 / 177 - 178.
(3) انظر " إنباه الرواة " 2 / 177.
(*) لم نعثر على ترجمة له.(16/291)
وَثَّقَهُ أَبوَ النَّضْرِ الفَامِيُّ.
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
207 - ابْنُ شَاقلاَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ *
شَيْخُ الحَنَابلَةِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ بنِ حَمْدَانَ بنِ شَاقلاَ البَغْدَادِيُّ البَزَّازُ.
كَانَ رَأْساً فِي الأُصولِ وَالفُروعِ.
سَمِعَ مِنْ: دَعْلَجٍ السِّجْزِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ، وَتفقَّهَ بِأَبِي بَكْرٍ غُلاَمِ الخَلاَّلِ.
وَتخرَّجَ بِهِ أَئِمَّةٌ.
ماتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَخمسُوْنَ سَنَةً.
208 - الإِسْمَاعِيْلِيُّ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحجَّةُ، الفَقِيْهُ، شَيْخُ الإِسلاَمِ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ العَبَّاسِ الجُرْجَانِيُّ الإِسمَاعِيلِيُّ الشَّافِعِيُّ، صَاحبُ (الصَّحِيْحِ) ، وَشيخُ الشَّافِعِيَّةِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 17، طبقات الشيرازي: 173، طبقات الحنابلة: 2 / 128 - 139، العبر: 2 / 351، شذرات الذهب: 3 / 68.
(* *) طبقات العبادي: 86، تاريخ جرجان: 69 - 77، طبقات الشيرازي: 116، الأنساب: 1 / 249، تبيين كذب المفتري: 192 - 195، المنتظم: 7 / 108، اللباب: 1 / 58، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 1، دول الإسلام: 1 / 229، تذكرة الحفاظ: 3 / 947 - 951، العبر: 2 / 358 - 359، الوافي بالوفيات: 6 / 213، مرآة الجنان: 2 / 396، طبقات السبكي: 3 / 7 - 8، البداية والنهاية: 11 / 298، النجوم الزاهرة: 4 / 140، الإعلان بالتوبيخ: 141، طبقات الحفاظ: 381 - 382، طبقات ابن هداية الله: 95، كشف الظنون 1735، شذرات الذهب: 3 / 72 و75، هدية العارفن: 1 / 66 - 67، الرسالة المستطرفة: 26.(16/292)
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَتَبَ الحَدِيْثَ بِخَطِّهِ وَهُوَ صَبِيٌّ ممِيِّزٌ، وَطَلَبَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَبَعْدَهَا.
رَوَى عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ زُهَيْرٍ الحُلْوَانِيِّ، وَحَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبِ، وَيُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ القَاضِي مُصَنِّفِ (السُّنَنِ) ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مَسْرُوْقٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَرْوَزِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عَلَّوَيْه القَطَّانِ، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ مُطَيَّنٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ شَرِيكٍ، وَجَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ اللَّيْثِ البَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ بنِ أَزْهَرَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُوَيْدٍ، وَعِمْرَانَ بنِ مُوْسَى السَّخْتِيَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسمَاعِيلَ بنِ سَمَاعَةَ، وَالفَضْلِ بنِ الحُبَابِ الجُمَحِيِّ، وَبُهلولِ بنِ إِسْحَاقَ خَطِيْبِ الأَنْبَارِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ نَاجيَةَ، وَالحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، وَأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ، وَابنِ خُزَيْمَةَ، وَالسَّرَّاجِ، وَالبَغَوِيِّ، وَطَبَقَتِهِم بِخُرَاسَانَ وَالحِجَازِ وَالعِرَاقِ وَالجِبَالِ.
وَصَنَّفَ تَصَانِيْفَ تَشْهدُ لَهُ بِالإِمَامَةِ فِي الفِقْهِ وَالحَدِيْثِ، عملَ (مُسندَ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -) فِي مُجَلَّدتينِ، وَ (المستخرجَ عَلَى الصَّحِيْحِ) أَرْبَعَ مُجَلَّدَاتٍ، وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَ (مُعْجَمه) فِي مُجَيْلِيْدٍ يَكُونُ عَنْ نَحْوِ ثَلاَثِ مائَةِ شَيْخٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَحَمْزَةُ السَّهْمِيُّ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدوِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاشَانِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الطَّبرِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ الجَرجَرَائِيّ، وَعبدُ الصَّمدِ بنُ مُنِيْرٍ العَدْلُ، وَأَبُو عَمْرٍو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ سبطُهُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.(16/293)
قَالَ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ يَقُوْلُ: قَدْ كُنْتُ عَزَمْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْ أَرحلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الإِسمَاعِيلِيِّ فلَمْ أُرزَقْ (1) .
قُلْتُ: إِنَّمَا كَانَ يُرحلُ إِلَيْهِ لعِلْمِهِ لاَ لعلوٍّ بِالنسبَةِ إِلَى أَبِي الحَسَنِ.
قَالَ حَمْزَةُ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ الحَافِظَ بِالبَصْرَةِ يَقُوْلُ: كَانَ الوَاجبُ للشَّيخِ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يصَنِّفَ لِنَفْسِهِ سُنَناً (2) وَيختَارَ وَيجتهدَ، فَإِنَّهُ كَانَ يقدِرُ عَلَيْهِ لكَثْرَةِ مَا كَتَبَ، وَلغَزَارَةِ عِلْمِهِ وَفَهْمِهِ وَجَلاَلَتِهِ، وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يتقيَّدَ بكتَابِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ فَإِنَّهُ كَانَ أَجلَّ مِنْ أنْ يتَّبعَ غَيْرَهُ، أَوْ كَمَا قَالَ (3) .
قُلْتُ: مِنْ جَلاَلَةِ الإِسمَاعِيلِيِّ أَنْ عَرفَ قَدْرَ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) وَتقيَّدَ بِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ الإِسمَاعِيلِيُّ وَاحدَ عَصْرِهِ، وَشيخَ المُحَدِّثِيْنَ وَالفُقَهَاءَ، وَأَجلَّهُمْ فِي الرَّئَاسَةِ وَالمُروءةِ وَالسَّخَاءِ، وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ العُلَمَاءِ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ وَعقلاَئِهِمْ فِي أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَأَلَنِي الوَزِيْرُ أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ الفَضْلِ بنِ الفُرَاتِ بِمِصْرَ عَنِ الإِسمَاعِيلِيِّ وَسيرَتِهِ وَتَصَانِيْفِهِ، فكُنْتُ أُخْبِرُهُ بِمَا صَنَّفَ مِنَ الكُتُبِ، وَبِمَا جَمَعَ مِنَ المَسَانِيْدِ وَالمقلِّينَ، وَتخريجُهُ عَلَى (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) ، وَجمِيعِ سيرتِهِ، فتعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَقَدْ كَانَ رزق مِنَ العِلْمِ وَالجَاهِ وَالصِّيتِ الحَسَنِ (4) .
__________
(1) " تاريخ جرجان ": ص 70.
(2) في " تاريخ جرجان ": شيئا.
(3) تاريخ جرجان: ص 70، وما بين حاصرتين منه.
(4) " تاريخ جرجان ": ص 70.(16/294)
قَالَ حَمْزَةُ: وَسَمِعْتُ جَمَاعَةً مِنْهُم الحَافِظُ ابْنُ المظفَّرِ يحكُونَ جودَةَ قِرَاءةِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالُوا: كَانَ مقدَّماً فِي جمِيعِ المجَالِسِ، كَانَ إِذَا حضَرَ مَجْلِساً لاَ يَقرأُ غَيْرُهُ (1) .
قَالَ الإِسمَاعِيلِيُّ فِي (مُعْجَمِهِ) :كتبْتُ فِي صِغَرِي الإِملاَءَ بِخَطِّي فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلِي يَوْمَئِذٍ سِتُّ سِنِيْنَ.
فَهَذَا يدلُّكَ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَرصَ عَلَيْهِ أهلُهُ فِي الصِّغرِ.
وَقَدْ حَمَلَ عَنْهُ الفِقْهَ وَلدُهُ أَبُو سَعْدٍ، وَعُلمَاءُ جُرْجَانَ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الفَرَّاءِ، أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا صَاعِدُ بنُ سَيَّارٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجُرْجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسمَاعِيلِيُّ، قَالَ:
اعْلَمُوا - رحِمَكُمُ اللهُ - أَنَّ مَذَاهبَ أَهْلِ الحَدِيْثِ الإِقرَارُ بِاللهِ وَملاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَقبولُ مَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُ اللهِ، وَمَا صحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لاَ مَعْدِلَ عَنْ ذَلِكَ.
وَيعتقِدُوْنَ بِأَنَّ اللهَ مدعُوٌّ بِأَسمَائِهِ الحُسْنَى، وَموصوفٌ بِصفَاتِهِ الَّتِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ، وَوَصَفَهُ بِهَا نَبِيُّهُ، خَلَقَ آدَمَ بيَدَيْهِ، وَيدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ بِلاَ اعْتِقَادِ كَيْفٍ، وَاسْتوَى عَلَى العِرشِ بِلاَ كَيْفٍ، وَذكرَ سَائِرَ الاعْتِقَادِ.
قَالَ القَاضِي أَبوَ الطِّيِّبِ الطَّبَرِيُّ: دَخَلْتُ جُرْجَانَ قَاصداً إِلَى أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ وَهُوَ حَيٌّ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ أَلقَاهُ.
قَالَ حَمْزَةُ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيَّ يَقُوْلُ: لَمَّا وَرَدَ نَعْيُ مُحَمَّدِ
__________
(1) " تاريخ جرجان ": ص 70 - 71.(16/295)
بنِ أَيُّوْبَ الرَّازِيِّ، بكيْتُ وَصرخْتُ، وَمزَّقتُ القمِيصَ، وَوضعْتُ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِي، فَاجتمَعَ عليَّ أَهْلِي، وَقَالُوا: مَا أَصَابَك؟
قُلْتُ: نُعِيَ إِليَّ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ، مَنَعْتُمُونِي الارتحَالَ إِلَيْهِ، فَسَلَّوْنِي وَأَذِنُوا لِي فِي الخُرُوْجِ إِلَى نَسَا إِلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، وَلَمْ يَكُنْ هَا هُنَا شعرةٌ، وَأشَارَ إِلَى وَجْهِهِ (1) .
قُلْتُ: مَاتَ ابْنُ أَيُّوْبَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، وَلَيْسَ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ فِي طبقَتِهِ فِي العلوِّ.
قَالَ: وَخَرَجتُ إِلَى العِرَاقِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ فِي صُحْبَةِ أَقْرِبَائِي.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَمِعْتُ الإِسمَاعِيلِيَّ يَقُوْلُ: كتبتُ بِخَطِّي عَنْ أَحْمَدَ بنِ خَالِدٍ الدَّامغَانِي إِملاَءً فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ، وَلاَ أَذْكُرُ صُورَتَهُ.
قَالَ حَمْزَةُ: مَاتَ أَبُو بَكْرٍ فِي غرَّةِ رَجَبٍ سنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
209 - السَّبِيْعِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ *
الشَّيْخُ، الحَافِظُ، البَارعُ، المُسْنِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ الهَمْدَانِيُّ السَّبِيْعِيُّ الحَلَبِيُّ، وَإِلَيْهِ يُنْسبُ دربُ السَّبِيْعِيِّ بِحَلَبَ.
ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ حُبَّانَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ نَاجيَةَ، وَالقَاسِمِ
__________
(1) الخبر بنحوه في " طبقات السبكي ": 3 / 7.
(*) تاريخ بغداد: 7 / 272 - 274، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 2، العبر: 2 / 355، تذكرة الحفاظ: 3 / 952 - 954، الوافي بالوفيات: 11 / 379 - 380، النجوم الزاهرة: 4 / 139، طبقات الحفاظ: 382، شذرات الذهب: 3 / 71، و76، هدية العارفين: 1 / 271، تهذيب ابن عساكر: 4 / 153 - 154، أعلام الشيعة للطهماني: 82 - 83.(16/296)
بنِ زَكَرِيَّا المطرِّزِ، وَعُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاغَديِّ، وَعُمَرَ بنِ أَيُّوْبَ السَّقَطِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيِّ، وَهذهِ الطَّبَقَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ بُكَيْرٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَالمُفِيْدُ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ الشِّيْعِيُّ، وَالقَاضِي أَبوَ العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَكَانَ زعراً عَسِراً فِي الرِّوَايَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقلِ عَلَى تَشيُّعٍ فِيْهِ.
وَثَّقَهُ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ (1) .
قَالَ ابْنُ أُسَامَةَ الحَلَبِيُّ: لَو لَمْ يَكُنْ للحَلبيِّينَ مِنَ الفَضِيلَةِ إِلاَّ الحَسَنُ السَّبِيْعِيُّ لكَفَاهُمْ.
كَانَ وَجْهاً عِنْدَ الملكِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، وَكَانَ يُعَظِّمُهُ وَيَزُورُهُ فِي دَارِهِ.
قَالَ: وَصَنَّفَ لَهُ كِتَابَ (التَّبْصرَةِ فِي فَضْلِ العِتْرَةِ المَطَهَّرَةِ) وَكَانَ لَهُ بَيْنَ العَامَّةِ سُوقٌ.
قَالَ: وَهُوَ الَّذِي وَقَفَ حمَّامَ السَّبِيْعِيِّ عَلَى العَلَوِيِّينَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَأَلْتُ السَّبِيْعِيَّ عَنْ حَدِيْثِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ رَجَاءَ، فَقَالَ: لَهُ قصَّةٌ، قرأَ عَلَيْنَا ابْنُ نَاجيَةَ مُسندَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَدَخَلْتُ عَلَى البَاغَنْدِيِّ فَأَخبرتُهُ، فَقَالَ: أَقرأُ عليكُمْ حَدِيْثَ إِسْمَاعِيْلَ بنِ رَجَاءَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فنظَرْتُ فِي الجُزءِ فلَمْ أَجِدْهُ، فَقَالَ: اكتُبْ، ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، فَقُلْتُ: عَمَّنْ؟ وَمنعْتُهُ مِنَ التَّدْليسِ.
فَقَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبِيْدَةَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُعَلَّى الأَثرمُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بِشرٍ العَبْدِيُّ، عَنْ مَالِكِ بنِ مِغْوَلٍ، عَنِ ابْنِ رَجَاءَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطمةَ قصَّةَ الطَّلاَقِ وَالسُّكنَى، ثُمَّ انصرفْتُ إِلَى حلبَ وَعندنَا بغدَادِيٌّ، فذَاكَرتُهُ،
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 7 / 274.(16/297)
فَخَرَجَ إِلَى الكُوْفَةِ، وَذَاكَرَ ابنَ عُقْدَةَ، فَكَتَبَ عَنْهُ هَذَا الحَدِيْثَ عَنِّي، عَنِ البَاغَنْدِيِّ، ثُمَّ اجتمعْتُ مَعَ فُلاَنٍ - يَعْنِي: الجِعَابِيَّ - فذَاكرتُهُ بِهَذَا، فَلَمْ يعرفْهُ، بَعْدَ ثمَّ سِنِيْنَ اسْتَعَادَنِي بِدِمَشْقَ إِسنَادَهُ، بَعْدَ ثمَّ اجتمعْنَا بِبَغْدَادَ فتذَاكَرنَاهُ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَثرمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، فذكرْتُ قصَّتِي لفُلاَنٍ المُفِيْدُ، وَأَتَى عَلَيْهِ سنُوْنَ، فَحَدَّثَ بِالحَدِيْثِ عَنِ البَاغَنْدِيِّ.
فَالمذَاكَرَةُ تكشِفُ عُوَارَ مَنْ لاَ يَصْدُقُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ السَّبِيْعِيُّ ثِقَةً، حَافِظاً، مُكْثِراً، عَسِراً، وَلَمَّا شَاخَ عَزَمَ عَلَى التَّحديثِ وَالإِملاَءِ، وَتَهَيَّأَ، فَمَاتَ (1) .
وَحُدِّثتُ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ السَّبِيْعِيَّ يَقُوْلُ: قَدِمَ عَلَيْنَا الوَزِيْرُ ابْنُ حِنْزَابَةَ، فتلقَّوهُ فكُنْتُ فِيْمَنْ تلقَّاهُ فَعَرفَ أَنِّي مُحَدِّثٌ، فَقَالَ لِي: تَعرفُ إِسْنَاداً فِيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ كُلّ وَاحدٍ مِنْهُم عَنْ صَاحِبِهِ؟ فَذَكَرْتُ لَهُ حَدِيْثَ العُمَالَة (2) الَّذِي عَنْ عُمَرَ، فَعَرفَ لِي ذَلِكَ، وَصَارتْ لِي بِهِ عِنْدَهُ منزلَةً (3) .
وَرَوَاهَا الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ.
مَاتَ الحَافِظُ السَّبِيْعِيُّ فِي سَابعَ عَشْرَ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ مِنْ أَبنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ فِي كِتَابِهِ، عَنِ الخَلِيْلِ بنِ بَدْرٍ، وَأَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ بَدْرٍ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 7 / 273.
(2) يرويه الصحابي السائب بن يزيد، عن حويطب بن عبد العزى، عن عبد الله بن السعدي، عن عمرو بن الخطاب، وهو عند أحمد 1 / 17، والبخاري 13 / 32 - 135، والنسائي 5 / 104 - 105.
وقد تقدم في الجزء الثاني ص 540 من هذا الكتاب، في ترجمة حويطب بن عبد العزى.
(3) " تاريخ بغداد ": 7 / 273، وما بين حاصرتين منه.(16/298)
المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ السَّبِيْعِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الصَّقرِ بنِ ثَوْبَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَرَشِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ سِنَانَ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنِ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تُغَسِّلُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُعْتَكَف، يُصْغِي رأْسِهُ إِلَيْهَا فِي حُجْرَتِهَا، وهِي حَائِضٌ (1) .
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جُمَيْعٍ الغَسَّانِيُّ وَالِدُ أَبِي الحُسَيْنِ بِصَيْدَا، وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَنِيُّ بهَرَاةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِيُّ البَزَّازُ، وَشيخُ المَالِكِيَّةِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ بنِ التَّبَّانِ، وَأَبُو زَيْدٍ المَرْوَزِيُّ فَقِيْهُ الزُّهَّادِ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ، وَالزَّاهِدُ مُحَمَّدُ بنُ خَفِيفٍ شَيْخُ شِيرَازَ، وَمُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ جيَّانَ، وَشيخُ الحنَابلَةِ أَبُو الحَسَنِ التَّمِيْمِيُّ.
210 - الآبُرِّيُّ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ سِجِسْتَانَ بَعْدَ ابْنِ حِبَّانَ، أَبُو الحَسَنِ
__________
(1) وأخرج البخاري 1 / 344 في الحيض: باب مباشرة الحائض من طريق قبيصة، والنسائي 1 / 193 من طريق يحيى، كلاهما عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج رأسه إلي وهو معتكف، فأغسله وأنا حائض.
وأخرجه مسلم (297) (8) من طريق هارون بن سعيد الايلي، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلي رأسه من المسجد وهو مجاور، فأغسله وأنا حائض وأخرجه أبو داود (2469) من طريقين، عن حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
(*) الأنساب: 1 / 89 - 90، معجم البلدان: 1 / 49، اللباب: 1 / 17، العبر: =(16/299)
مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَاصِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ الآبُرِّيُّ - بِالمدِّ ثُمَّ الضَّمِّ -، مُصَنِّفُ كِتَابِ (منَاقبِ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ) منسوبٌ إِلَى قريَةِ آبُر مِنْ عملِ سِجِسْتَاَن.
ارْتَحَلَ وَسَمِعَ إِمَامَ الأَئِمَّةِ ابنَ خُزَيْمَةَ، وَأَبَا العَبَّاسِ الثَّقَفِيَّ، وَأَبَا عَرُوبَةَ الحَرَّانِيَّ، وَمَكْحُوْلاً البَيْرُوْتِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ الهَرَوِيَّ، وَأَبَا نُعَيْمٍ بنَ عَدِيٍّ الجُرْجَانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الرَّبِيْعِ الجِيْزِيَّ، وَزَكَرِيَّا بنَ أَحْمَدَ البَلْخِيَّ القَاضِي.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بنُ عَمَّارٍ الوَاعِظُ، وَعَلِيُّ بنُ بُشرَى اللَّيْثِيُّ، وَطَائِفَةٌ.
مَاتَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَحسبُهُ مِنْ أَبنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
قَالَ الآبُرِّيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُبَارَكِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي العَلاَءُ بنُ الحَارِثِ، عَنْ مَكْحُوْلٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لاَ أَلومُ أَحداً يَنْتَمِي عِنْد خَصْلَتَيْنِ: عِنْدَ سِبَاقِهِ، وَعِنْدَ قِتَالِهِ، وَذَلِكَ أَنِي رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْرَى فَرَساً، فَسَبَقَ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَبَحْرٌ.
وَرَأَيتُهُ ضَرَبَ بِسَيْفِهِ، وَقَالَ: خُذْهَا وَأَنَا ابْنُ العَوَاتِكِ، انْتَمَى إِلَى جدَّاتِهِ (1) .
أَخْبَرَنَا ابْنُ عَسَاكِر، أَنْبَأَنَا أَبُو المظفَّرِ السَّمْعَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الأَسعدِ،
__________
= 2 / 330 - 331، تذكرة الحفاظ: 3 / 954 - 955، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 28 / ب، الوافي بالوفيات: 2 / 372، طبقات السبكي: 3 / 147 - 148، طبقات الحفاظ: 383، شذرات الذهب: 3 / 46 - 47، هدية العارفين: 2 / 48.
(1) مكحول لم يسمع من جابر، فهو منقطع.(16/300)
أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ نَاصِرٍ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بُشرَى، حدثنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، حدثنَا عَبْدُ الملكِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عمَّارُ بنُ رَجَاءَ، حَدَّثَنَا الحَفَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَسْوَدِ بنِ قَيْسٍ، عَنْ ثعلبةَ بنِ عِبَادٍ، عَنْ سَمُرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، خَطَبَ حَتَّى انكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: (أَمَّا بَعْدُ) .
211 - الجُلُوْدِيُّ أَبُو أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، الزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، الصَّادِقُ، أَبُو أَحْمَدَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الجُلُودِيُّ، رَاوِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ) عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُفْيَانَ الفَقِيْهِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ شِيْرَوَيْه، وَابنِ سُفْيَانَ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
__________
(1) وأخرجه احمد 5 / 16، 17، والنسائي 3 / 152، من طريق أبي داود الحفري بهذا الإسناد.
وثعلبة بن عباد لم يوثقه غير ابن حبان، وذكره ابن المديني في المجاهيل الذي يروي عنهم الأسود بن قيس، وقال ابن حزم: مجهول، وتبعه ابن القطان، وكذا نقل ابن المواق عن العجلي.
وقد رواه مطولا أحمد 5 / 11، وأبو داود (1184) ، والنسائي 3 / 140 من طريقين، عن زهير، عن الأسود بن قيس بهذا الإسناد.
وأخطأ الحاكم 1 / 329، 330، وتابعه الذهبي، فصححه على شرطهما مع أن ثعلبة بن عباد لم يخرجا له، ولم يوثقه غير ابن حبان، وأخرجه ابن حبان (597) بطوله.
وأخرجه الترمذي (562) مختصرا من طريق محمود بن غيلان، عن وكيع، عن سفيان، عن الأسود بن قيس، عن ثعلبة بن عباد، عن سمرة بن جندب، قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم في كسوف لا نسمع له صوتا، وقال: حسن صحيح، ورواه الحاكم 1 / 334 بسند الترمذي ولفظه، وقال: هذا حديث صحيح.
على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وهنا تعقبه الذهبي، فقال: ثعلبة مجهول، وما أخرجا له شيئا.
(*) الأنساب: 3 / 283 - 285، المنتظم: 7 / 97، اللباب: 1 / 288، العبر: 2 / 348، الوافي بالوفيات: 4 / 297، البداية والنهاية 11 / 294، النجوم الزاهرة: 4 / 133، شذرات الذهب: 3 / 87، تارج العروس: (جلد) 2 / 323.(16/301)
بنِ عَبْدِ اللهِ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ، وَأَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ زَنْجَوَيْه القُشَيْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ المُسَيَّبِ الأَرْغِيَانِيّ، وَأَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاجِ وَعِدَّةٍ، وَلَمْ يَرْحَلْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ بُنْدَارٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّقَّاشُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ يُوْسُفَ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ عَبْدِ الغَافِرِ بنِ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ فِي (تَارِيْخِهِ) :مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزَّاهِدُ، أَبُو أَحْمَدَ الجُلُودِيُّ، كَذَا سَمَّى أَبَاهُ وَجَدَّهُ، وَقَالَ: هُوَ مِنْ كبارِ عُبَّادِ الصُّوفيَّةِ.
صَحبَ أَصْحَابَ الشَّيْخِ أَبِي حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَكَانَ يُورِّقُ بِالأُجرَةِ، وَيَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ، وَكَانَ يَنْتحلُ مَذْهَبَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَيَعْرِفُهُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ أَيْضاً، وَسُئِلَ عَنِ الجُلُودِيِّ، فَقَالَ: كَانَ مِنْ أَعِيَانِ الفُقَرَاءِ وَالزُّهَّادِ، وَمِنْ أَصْحَابِ المُعَاملاَتِ فِي التَّصوُّفِ.
ضَاعتْ سمَاعَاتُهُ مِنِ ابْنِ سُفْيَانَ، فَنَسخَ البعضَ مِنْ نُسْخةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيْهَا سمَاعٌ.
قَالَ أَيْضاً: خُتمَ بوَفَاتِهِ سمَاعُ كِتَابِ (مُسْلِمٍ) ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ حَدَّثَ بِهِ بَعْدَهُ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سُفْيَانَ، فَإِنَّهُ غَيْرُ ثِقَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: رَأَيْتُ نَسَبَهُ بخطِّ غَيْرِ وَاحدٍ مِنَ الحُفَّاظِ: مُحَمَّدَ بنَ عِيْسَى بنِ عَمْرَوَيْه بنِ مَنْصُوْرٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ الجُلُوديُّ فِي الرَّابِعِ وَالعِشْرِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيْنَ.
وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الحِيْرَةِ.
قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ: اختُلفَ فِي الجُلُوديِّ، فَقِيْلَ: بفَتحِ الجيمِ التفَاتاً إِلَى مَا(16/302)
ذكرَهُ يَعْقُوْبُ فِي (إِصلاَحِ المنطقِ) ، وَنقلَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي (الأَدبِ) ، وَلَيْسَ ذَا مِنْ ذَاكَ فِي شَيْءٍ.
إِنَّ الَّذِي ذكرَهُ يَعْقُوْبُ هُوَ رَجُلٌ منسوبٌ إِلَى جَلُود: قريَةٌ مِنْ قُرَى إِفريقيَّةَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عَمْرَوَيْه هَذَا أَعوامٌ عديدةٌ.
وَهَذَا متَأخرٌ، كَانَ يُحَدِّثُ فِي الدَّارِ الَّتِي تُبَاعُ فِيْهَا الجُلُودُ للسُّلْطَانِ.
وَالصَّوَابُ عِنْد النَّحْوِيِّينَ أَنْ يُقَالُ: الجِلْديُّ، لأَنَّكَ إِذَا نسَبْتَ إِلَى الجَمْعِ رَددتَ إِلَى الوَاحدِ، كقولِكَ: صَحَفيٌّ وَفَرَضيٌّ.
قُلْتُ: وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ: القَطِيْعِيُّ، وَالخَطِيْبُ أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ البُرُوْجِرْديّ الَّذِي حدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ ديْزِيلَ، وَإِمَامُ النَّحْوِ أَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المَرْزُبَانِ السِّيرَافِيُّ القَاضِي بِبَغْدَادَ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبِي الزّمزَامِ الدِّمَشْقِيُّ الفَرَضيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ الآبَنْدُونِيّ، وَالمُقْرِئُ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ النَّخَّاسِ البَغْدَادِيُّ، وَالقَاضِي عِيْسَى بنُ حَامِدٍ الرُّخَّجِيّ، وَالمُعَمَّرُ محمدُ بنُ عُبيدُوْنَ القُرْطُبِيُّ خَاتمةُ مَنْ رَوَى عَنِ ابْنِ وضَّاحٍ، وَالحَافِظُ أَبُو الحُسَيْنِ الحَجَّاجِيُّ، وَالفَقِيْهُ أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْحَاقَ بنِ مَحْمُوْدٍ الهَرَوِيُّ، وَالأَمِيْرُ البطلُ الموصوفُ بِالشَّجَاعَةِ هِفتِكينَ التركِيُّ الشرَابِيُّ الَّذِي تملَّكَ دِمَشْقَ.
212 - ابْنُ بَابَوَيْه مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ القُمِّيُّ
رَأْسُ الإِمَامِيَّةِ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ ابْنُ العَلاَّمَةِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُوْسَى بن بَابَوَيْه القُمِّيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ السَّائِرَةِ بَيْنَ الرَّافِضَةِ.
يُضْرَبُ بِحفظِهِ المَثَلُ.
__________
(*) الفهرست: 277، فهرست الطوسي: 156 - 157، تاريخ بغداد: 3 / 89، الأنساب: 10 / 230 - 231، روضات الجنات: 557 - 560.(16/303)
يُقَال: لَهُ ثَلاَثُ مائَةِ مُصَنَّفٍ، مِنْهَا: كِتَابُ (دعَائِمِ الإِسلاَمِ) ، كِتَابُ (الخواتيمِ) ، كِتَابُ (الملاَهِي) ، كِتَابُ (غريبِ حَدِيْثِ الأَئِمَّةِ) ، كِتَابُ (التَّوحيدِ) ، كِتَابُ (دينِ الإِمَامِيَّةِ) ، وَلاَ (1) ...
وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ كِبَارِهِمْ وَمُصَنِّفيهِمْ.
حَدَّثَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُم: ابْنُ النُّعْمَانِ المُفِيْدُ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الفَحَّامِ، وَجَعْفَرُ بنُ حسنكِيْه القُمِّيُّ.
213 - البَاهِلِيُّ أَبُو الحَسَنِ البَصْرِيُّ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ المتكلِّمِينَ، أَبُو الحَسَنِ البَاهِلِيُّ البَصْرِيُّ، تِلْمِيْذُ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعرِيِّ.
برَعَ فِي العَقْلِيَّاتِ.
وَكَانَ يَقِظاً، فَطِناً، لَسِناً، صَالِحاً، عَابِداً.
قَالَ ابْنُ البَاقلاَّنِيِّ: كُنْتُ أَنَا وَأَبُو إِسْحَاقَ الإِسْفرَايينِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ فُورَكَ مَعاً فِي درسِ أَبِي الحَسَنِ البَاهِلِيِّ، كَانَ يدرِّسُ لَنَا فِي كُلِّ جمعَةٍ مرَّةً، وَكَانَ يُرْخِي السِّتْرَ بينَنَا وَبَيْنَهُ، وَكَانَ مِنْ شِدَّةِ اشتغَالِهِ بِاللهِ مثلَ مجنُوْنٍ أَوْ وَالِهٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَعرفُ مَبْلَغَ درسِنَا حَتَّى نذكِّرهُ، وَكُنَّا نسأَلُهُ عَنْ سبَبِ الحجَابِ، فَأَجَابَ بِأَننَا نَرَى السُّوقَةَ، وَهُمْ أَهْلُ الغَفْلَةِ، فَتَرُونِي بِالعينِ الَّتِي تَرَونَهُمْ.
حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يحتجِبُ مِنْ جَارِيَتِهِ.
وَقَالَ الأُسْتَاذُ الإِسفرَايينِي: أَنَا فِي جَانِبِ شيخِنَا أَبِي الحَسَنِ البَاهِلِيِّ
__________
(1) بياض في الأصل قدر كلمة.
(*) تبيين كذب المفتري: ص 178، عيون التواريخ: 11 الورقة: 320، الوافي بالوفيات: 12 / 312.(16/304)
كقطرَةٍ فِي بَحرٍ وَقَدْ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَنَا فِي جنبِ الشَّيْخِ الأَشْعَرِيِّ كقطرَةٍ فِي جنبِ بَحْرٍ.
214 - ابْنُ مُجَاهِدٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍِ الطَّائِيُّ *
الأُسْتَاذُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ مُجَاهِدٍ الطَّائِيُّ البَصْرِيُّ، صَاحبُ أَبِي الحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ.
قدمَ بَغْدَادَ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَدرَّسَ عِلمَ الكَلاَمِ، اشتغلَ عَلَيْهِ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ الطَّيِّبِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: ذكرَ لَنَا غَيْرُ وَاحدٍ أَنَّهُ كَانَ ثخينَ السترِ، حَسَنَ التَّديُّنِ جمِيلَ الطريقَةِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ يُثنِي عَلَيْهِ ثنَاءً حسناً، وَقَدْ أَدركَهُ بِبَغْدَادَ فِيمَا أحسبُ (1) .
- ابْنُ أَبِي الزَّمْزَامِ الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَابِرٍ الدِّمَشْقِيُّ ** (مُكَرر 98)
الإمَامُ، المُحَدِّثُ، العدلُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَابِرِ بنِ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ الفَرَائِضيُّ الشَّاهدُ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ أَبِي الزَّمزَامِ.
سَمِعَ: عبدَ الرَّحْمَنِ بنَ الرَّوَّاسِ، وَأَحْمَدَ بنَ المُعَمَّرِ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَزِيْدَ بنِ عبدِ الصَّمدِ، وَجَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُعَافَى الصَّيْدَاوِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ عبدِ الوَارثِ العسَّالَ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي عصمَةَ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ الصَّنَّامِ، وَمُحَمَّدَ بنَ زبَّانَ المِصْرِيَّ، وَالسَّلمَ بنَ مُعَاذٍ، وَخلقاً.
__________
(*) تاريخ بغداد: 1 / 343، تبيين كذب المفتري: 177، العبر: 2 / 358، الديباج المذهب: 2 / 210 - 211، شذرات الذهب: 3 / 74 - 75، هدية العارفين: 2 / 49، شجرة النور الزكية: ص 92، طبقات الاصوليين: 1 / 213.
(1) " تاريخ بغداد ": 1 / 343، وما بين حاصرتين منه.
(* *) تقدمت ترجمته برقم (98) من هذا الجزء.(16/305)
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ الوَهَّابِ الدَّارَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ بُشرَى، وَمكِّيُّ بنُ الغَمْرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ، وَمكِّيُّ بنُ مُحَمَّدِ المُؤَدِّبُ، وَآخرُوْنَ.
وَثَّقَهُ عَبْدُ العَزِيْزِ الكتَّانِيُّ.
وَقَدْ أَمْلَى بِجَامعِ دِمَشْقَ.
وَزمزَامٌ بِمُعْجَمَتَيْنِ.
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
215 - الغَضَنْفَرُ أَبُو تَغْلِب بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ التَّغْلِبِيُّ *
المَلِكُ، أَبُو تغلبٍ ابْنُ صَاحِبِ المَوْصِلِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْدَانَ التَّغْلِبِيُّ.
كَانَ بَطَلاً سَائِساً، قبضَ عَلَى أَبِيهِ لَمَّا تَسَوْدَنَ، وَحجبَهُ، وَتملَّكَ المَوْصِلَ، وَحَارَبَ عَضُدَ الدَّوْلَةِ، فَعَجِزَ وَصَارَ إِلَى الرَّحبَةِ، وَهَرَبَ مِنِ ابْنِ عَمِّهِ سَعْدِ الدَّوْلَةِ صَاحِبِ حلبَ، وَمِنْ بنِي كلاَبٍ، فَإِنَّ عَضُدَ الدَّوْلَةِ جَرَّأَهُم عَلَيْهِ، فَوَصلَ إِلَى طَرَفِ الغُوطَةِ وَقَصَدَ دِمَشْقَ، وضَايَقَهَا، فَمَانَعَهُ قَسَّامٌ (1) فِي أَعْوَانِهِ، فَبَعَثَ كَاتبَهُ إِلَى صَاحبِ مِصْرَ العزيزِ يَسْتَنْجِدُ بِهِ، ثُمَّ تحوَّلَ إِلَى حَورَانَ وَفَارَقَهُ ابْنُ عَمِّهِ أَبُو الغِطْرِيْفِ، وَسَارَ إِلَى خدمَةِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، فَجَاءَ الخَبَرُ مِنَ العزيزِ يطلبُهُ إِلَيْهِ، فتردَّدَ، ثُمَّ نزلَ بطبرِيَّةَ، وَبَعَثَ العزيزُ عسكراً لأَخذِ دِمَشْقَ، فَاجتمَع بِهِمْ أَبُو تغلبٍ، ثُمَّ توحَّشَ مِنْهُ وَتحيَّزَ، وَكَانَ الأَمِيْرُ
__________
(*) الكامل لابن الأثير: حوادث سنة 369، وفيات الأعيان: 2 / 117 ضمن ترجمة ناصر الدولة ابن حمدان، العبر: 2 / 344، فوات الوفيات: 3 / 172 - 173، عيون التواريخ: 11 / الورقة: 298، النجوم الزاهرة: 4 / 131 و136، شذرات الذهب: 3 / 59 - 60.
(1) هو قسام الجبلي التلفيتي الحارثي، تأتي ترجمته في هذا الجزء برقم (259) .(16/306)
مفرِّجُ الطَّائِيُّ قَدِ اسْتولَى عَلَى الرَّمْلَةِ، فَاتَّفَقَ مَعَ العَسْكَرِ عَلَى محَاربَةِ أَبِي تغلبٍ، وَتمَّ المَصَافُّ بِالرَّمْلَةِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ، فَأَسرَهُ مفرِّجٌ، ثُمَّ قتلَهُ صَبْراً، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى مِصْرَ.
216 - هِفْتَكِيْنُ التُّرْكِيُّ *
وَيُقَالُ: أَفْتَكِيْن التُّرْكِيُّ، أَحدُ الشُّجعَانِ وَالأَبطَالِ، مِنْ أُمَرَاءِ سُبكتكينَ بِالعِرَاقِ.
مَاتَ مَخْدُومُهُ سُبكتكينُ بِوَاسِطَ، وَمعَهُم الخَلِيْفَةُ الطَّائِعُ، فَتَقَدَّمَ هَفْتَكِيْنُ عَلَى الأَترَاكِ، وَحَاربُوا عزَّ الدَّوْلَةِ بخْتِيَارَ بنَ بُوَيْه أَيَّاماً وَالظَّفرُ للتُّركِ، فَاسْتنجدَ عِزُّ الدَّوْلَةِ بِابْنِ عَمِّهِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، فَسَارَ هَفْتَكِيْنُ إِلَى الشَّامِ، وَاسْتَوْلَى عَلَى كَثِيْرٍ مِنْهَا، وَنَزَلَ بِظَاهِرِ حِمْصَ، فَسَارَ إِلَيْهِ الأَمِيْرُ ظَالِمُ العُقَيْلِيُّ ليحَاربَهُ، فَبَادرَ هَفْتَكِيْنُ إِلَى دِمَشْقَ بِمكَاتبَةٍ مِنَ الكُبَرَاءِ، وَتملَّكَ، وَخطبَ للطَّائِعِ وَمحَا ذِكْرَ المعزِّ العُبيديِّ، وَجمعَ العسَاكِرَ، وَسَارَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، فَنَزَلَ عَلَى صَيْدَا، وَحَارَبَ المعزيَّةِ، وَكسَرَهُم وَقتلَ خَلْقٌ مِنْهُم، وَأُخذَتْ مرَاكِبُهُمْ، فَبَادرَ لِحَرْبِهِ جَوْهرٌ مُقَدَّمُ الجُيُوْشِ، فتحصَّنَ هَفْتَكِيْنُ بِدِمَشْقَ، فَحَاصَرَهُ جَوْهرٌ سَبْعَةَ أَشهرٍ، ثُمَّ بلغَهُ مجِيْءُ القَرَامِطَةَ مِنَ الأَحسَاءِ، فترجَّلَ، فسَاقَ وَرَاءهُ هَفْتَكِيْنَ، وَمَعَهُ القرَامِطَةَ، فَالتَقَى الجَمْعَانِ بِعَسْقَلاَنَ، فيحَاصرُهُ هَفْتَكِيْنُ بِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ شهراً، ثُمَّ خَرَجَ بِالأَمَانِ وَسَلَّمهَا، فَأَقبلَ العزيزُ صَاحبُ مِصْرَ فِي سَبْعِيْنَ أَلفاً، فتشجَّعَ هَفْتَكِيْنُ، وَعملَ مَعَهُم المَصَافَّ، وَثَبَّتَ وَبَيَّنَ، ثُمَّ تَفلَّلَ عسكرُهُ. وَأُسرَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ
__________
(*) وفيات الأعيان: 4 / 53 - 54، ضمن ترجمة عضد الدولة، المختصر في أخبار البشر: 2 / 115، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 6 / أ، العبر: 2 / 349 - 350، دول الإسلام: 1 / 228، النجوم الزاهرة: 4 / 133، شذرات الذهب: 3 / 67 - 68.(16/307)
ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ، وَمَنَّ عَلَيْهِ العزيزُ وَأَعطَاهُ إِمرَةً كَبِيْرَةً، وَصَارَ لَهُ مَوْكِبٌ حَتَّى خَافَهُ الوَزِيْرُ ابْنُ كِلِّسَ، فتحيَّلَ وَسمَّهُ، وَيُقَالُ: بَلْ مرضَ وَمَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَإِلَى شَجَاعَتِهِ المُنْتَهَى، وَهُوَ مِنْ مَمَالِيْكِ معزِّ الدَّوْلَةِ بنِ بُوَيْه.
وَكَانَ العزيزُ قَدْ بذَلَ مائَةَ أَلْفِ دِيْنَارٍ لِمَنْ أَسرَ هَفْتَكِيْنَ، فتحيَّلَ عَلَيْهِ الأَمِيْرُ مفرِّجُ الطَّائِيُّ، وَأَنْزَلَهُ، ثُمَّ غَدَرَ بِهِ وَأَسْلَمَهُ.
وَكَانَ قَدْ كَتَبَ إِلَى عَضُدِ الدَّوْلَةِ أَنَّ الشَّامَ قَدْ صَفَا، وَصَارَ فِي يَدِي، وَزَال عَنْهُ حِكمُ العزيزِ، فَإِنْ قوَّيْتَنِي بِالمَالِ وَالرِّجَالِ حَاربتُ القَوْمَ فِي دَارِهِمْ، فَأَجَابَهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ بِهَذِهِ الأَلفَاظِ السَّائِرَةِ: غَرَّكَ عِزُّكَ، فَصَارَ قصَارُ ذَلِكَ ذَلُّكَ، فَاخشَ فَاحِشَ فِعلكَ، فَعَلَّكَ بِهَذَا تُهدَ، وَالسَّلاَمُ (1) .
217 - الشِّيْرَازِيُّ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ فَسَانْجِسَ *
الوَزِيْرُ الأَكملُ، أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ فَسَانْجِسَ الشِّيْرَازِيُّ الكَاتِبُ، كَاتبُ مُعزِّ الدَّوْلَةِ، قلَّدَهُ ديوَانَهُ، وَردَّ إِلَيْهِ ضبطَ المَالِ مَعَ وَزيرهِ المُهَلَّبِيِّ، وَنَابَ فِي الوزَارَةِ، فَلَمَّا مَاتَ معزُّ الدَّوْلَةِ، تلقَّبَ أَبُو الفَرَجِ بِالوزَارَةِ مِنَ المُطِيعِ للهِ، ثُمَّ وَلِيَ الوزَارَةَ لعزِّ الدَّوْلَةِ بنِ المُعزِّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ إِنَّهُ عُزلَ بَعْدَ سنَةٍ وَحُبِسَ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ الصَّابِي: كَانَ وَقُوْراً فِي المَجْلِسِ، رَاجحَ الحِلْمِ، ديِّناً، حسَنَ الطَّريقَةِ، وَافرَ الأَمَانةِ.
وَلأَحمدَ بنِ عَلِيِّ بنِ المُنَجِّمِ (2) يمدَحُ أَبَا الفَرَجِ:
__________
(1) الخبر بنحوه في " وفيات الأعيان ": 4 / 53، و" البداية والنهاية ": 11 / 300.
(*) الكامل لابن الأثير: 9 / 9، الوافي بالوفيات: 3 / 198.
(2) الابيات في ترجمته في " معجم الأدباء ": 3 / 251 - 252.(16/308)
قُلْ للوَزِيرِ سَلِيْلِ المَجْدِ وَالكَرَمِ ... وَمَنْ لَهُ قَامَتِ الدُّنْيَا عَلَى قَدَمِ
وَمَنْ يَدَاهُ مَعاً تَجْرِي نَدَىً وَردَىً ... يُجْرِيْهِمَا حُكْمُ عَدْلِ السَّيْفِ وَالقَلَمِ
وَمَنْ إِذَا هَمَّ أَنْ يُمْضِيْ عَزَائِمَهُ ... رَأَيْتَ مَا يَفْعَلُ الأَقْدَارُ فِي الأُمَمِ
لأَنْتَ أَشْهَرُ فِي رَعِيِ الذِّمَامِ وَفِي ... حُكْمِ المَكَارِمِ مِنْ نَارٍ عَلَى عَلَمِ
مَاتَ الوَزِيْرُ أَبُو الفَرَجِ فِي شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ اثنتَانِ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
- الشِّيْرَازِيُّ أَبُو الفَضْلِ (مُكَرر* 156)
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو الفَضْلِ، الَّذِي غَضِبَ عَلَى أَهْلِ بَغْدَادَ لِقَتْلِهِمْ جندَاراً، فَأَمَرَ بِإِلقَاءِ النَّارِ فِي الأَسْواقِ، فَاحترقَ مِنَ النَّحَّاسِينَ إِلَى السَّمَّاكِينَ، وَاحترقَ عِدَّةٌ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالأَطْفَالِ، وَرَاحَتِ الأَمْوَالُ، دَخَلَ فِي ذَلِكَ الحريقِ مِنْ بيوتِ اللهِ ثَلاَثَةٌ وثلاَثُونَ مَسْجِداً وَسِتُّ مائَةِ بَيْتٍ وَدكَّانٍ، وَكَثُرَ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ، وَشَتَمُوهُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قبضَ عَلَيْهِ عِزُّ الدَّوْلَةِ، وَطُردَ إِلَى الكُوْفَةِ، فَسُقِيَ سمَّ الذَّرَارِيحِ (1) ،
فَهلَكَ سَنَةَ بضعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
218 - البَكَّائِيُّ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، مُسْنِدُ الكُوْفَةِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي السَّرِيِّ البَكَّائِيُّ الكُوْفِيُّ.
__________
(*) تقدمت ترجمته برقم (156) من هذا الجزء.
(1) انظر " لسان العرب " مادة: ذرح.
(2) انظر هذه الاحداث في " البداية والنهاية ": 11 / 273.
(* *) الأنساب: 2 / 270، العبر: 3 / 2، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 21 / ب، غاية النهاية: 1 / 548، النجوم الزاهرة: 4 / 150، شذارت الذهب: 3 / 87.(16/309)
سَمِعَ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَبعدَهَا مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ مُطَيَّنٍ، وَأَبِي حَصِيْنٍ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الوَادعِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ فَرَحٍ المفسِّرِ، وَعَبْدِ اللهِ بن بَحْرٍ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَلاَءِ صَاعِدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العَلَوِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ فَدَّوَيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ حَمْزَةَ السُّكَّرِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَيَانَ الدَّهَّانُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ العِجْلِيُّ الحَذَّاءُ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى البَكْرِيُّ، وَأَخُوْهُ أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَاكَوَيْه الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خرجَةَ النَّهَاوَنْدِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَقَالَ ابْنُ خَرجَةَ: مَاتَ شيخُنَا البَكَّائِيُّ فِي ثَالثَ عشرَ ربيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ تسعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: فِيْهَا تُوُفِّيَ الحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ هَارُوْنَ البَرْذَعِيُّ، رَوَى بِدِمَشْقَ عَنِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ، وَالحَافِظُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الجَرَّاحِ عَنْ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، لَقِيَ البَغَوِيَّ، وَالحَافِظُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المُسْتَمْلِي البَلْخِيُّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الحَسَنُ بنُ جَعْفَرِ بنِ الوضَّاحِ السِّمْسَارُ الحُرفِيُّ، وَالمُقْرِئُ أَبُو الحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ البوَّابِ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مطرفٍ الجَرَّاحِيُّ القَاضِي، وَأَبُو القَاسِمِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَبَنْكَ البَجَلِيُّ، وَقسَّامُ الحَارِثِيُّ الجبلِيُّ الترَّابُ الَّذِي حَكَمَ عَلَى دِمَشْقَ، وَأَبُو عمْرٍو بنُ حَمْدَانَ الحِيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ يَحْيَى الحَلَبِيُّ الأُمَوِيُّ مَوْلاَهُمْ بِالأَنْدَلُسِ، يَرْوِي عَنْ أَبِي عَرُوْبَةَ الحَرَّانِيِّ، وَالواعظُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ(16/310)
اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ شَاذَانَ الرَّازِيُّ الصُّوْفِيُّ وَالدُ الحَافِظِ أَبِي مَسْعُوْدٍ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ، وَشيخُ الصَّوْفِيَّةِ أَبُو العَبَّاسِ الوَلِيْدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الوَلِيْدِ الزَّوْزَنِيُّ حَكِيْمُ زَمَانِهِ.
219 - ابْنُ خَمِيْرَوَيْه مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، العَدْلُ، مُسْنِدُ هَرَاةَ، أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَمِيْرَوَيْه بنِ سَيَّارٍ الهَرَوِيُّ.
سَمِعَ: عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ الجَكَّانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ نَجْدَةَ، وَأَحْمَدَ بنَ مَحْمُوْدِ بنِ مُقَاتلٍ، وَجَمَاعَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ عُمَرُ بنُ أَبِي سَعْدٍ، وَأَبُو ذرٍ عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ، وَالحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ البَاشَانِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ إِسْحَاقَ، وَأَبُو يَعْقُوْبَ القرَّابُ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفُضَيْلِ الهَرَوِيُّونَ.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيُّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ النَّضْرَوِيُّ - بِمُعْجَمَةِ - هَرَوِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الشَّيْبَانِيُّ بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَضُدُ الدَّوْلَةِ بنُ بُوَيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ زوجُ الحرَّةِ، وَمُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ وَصيفٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ بُخَيْتٍ الدَّقَّاقُ.
__________
(*) الأنساب: 5 / 180، اللباب: 1 / 461، العبر: 2 / 263، تاريخ الإسلام: 4 الوقة: 9 / أ، شذرات الذهب: 3 / 79.(16/311)
220 - الأَحْدَبُ الكَاتِبُ *
كَانَ بِبَغْدَادَ يُزَوِّرُ عَلَى الخُطُوطِ حَتَّى لاَ يَشُكَّ الشَّخْصُ أَنَّهُ خطُّ نَفْسِهِ.
قَرَّبَهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ، وَبَقِيَ يُوقِعُ بخطِّهِ بَيْنَ مُلُوْكٍ عَلَى حَسْبِ مَا يشتَهِي (1) .
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
__________
(*) اسمه - كما في مصادر الترجمة -: علي بن محمد الاحدب. ترجمته في: المنتظم: 7 / 111، الكامل لابن الأثير: 9 / 8 - 9، البداية والنهاية: 11 / 299.
(1) في " الكامل ": وكان عضد الدولة إذا أراد الايقاع بين الملوك أمره أن يكتب على خط بعضهم إليه في الموافقة على من يريد إفساد الحال بينهما، ثم يتوصل ليصل المكتوب إليه، فيفسد الحال.(16/312)
الطَّبَقَةُ الحَادِيَةُ وَالعِشْرُونَ
221 - أَبُو زَيْدٍ المَرْوَزِيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُفْتِي، القُدْوَةُ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ، أَبُو زَيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ، رَاوِي (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ) عَنِ الفِرَبْرِي.
وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ: أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ المُنْكَدِرِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُوْلِيِّ، وَعُمَرَ بنِ عَلَّكَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ السَّعْدِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وأَكثرَ التِّرحَالَ، وَرَوَى (الصَّحِيْحَ) فِي أَمَاكنَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ
__________
(*) طبقات العبادي: 93، تاريخ بغداد: 1 / 314، طبقات الشيرازي: 115، تبيين كذب المفتري: 188 - 190، المنتظم: 7 / 112، وفيات الأعيان: 4 / 208 - 209، دول الإسلام: 1 / 229، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 4 / أ، العبر: 2 / 360، الوافي بالوفيات: 2 / 71 - 72، طبقات السبكي: 3 / 71 - 77، طبقات الاسنوي: 2 / 379 - 380، البداية والنهاية: 11 / 299، العقد الثمين: 1 / 297، طبقات ابن هداية الله: 96 - 97، شذرات الذهب: 3 / 76، هدية العارفين: 2 / 50.(16/313)
الدَّارَقُطْنِيُّ وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ المَيْدَانِيُّ، وَالهَيْثَمُ بنُ أَحْمَدَ الدِّمَشْقِيُّ الصَّبَّاغُ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ السِّمْسَارِ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المَحَامِلِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَصِيْلِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَقَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَحدَ أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ، وَمِنْ أَحفظِ النَّاسِ لِلمَذْهَبِ، وَأَحسَنِهِمْ نظراً، وَأَزهَدِهِمْ فِي الدُّنْيَا، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ البَزَّازَ يَقُوْلُ: عَادَلْتُ (1) الفَقِيْهَ أَبَا زَيْدٍ مِنْ نَيْسَابُوْرَ إِلَى مَكَّةَ، فَمَا أَعلمُ أَنَّ الملاَئِكَةَ كتبَتْ عَلَيْهِ خَطِيْئَةً.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: حدَّثَ أَبُو زَيْدٍ بِبَغْدَادَ، ثُمَّ جَاوَرَ بِمَكَّةَ، وَحَدَّثَ هُنَاكَ بِ (الصَّحِيْحِ) ، وَهُوَ أَجلُّ مَنْ رَوَاهُ (2) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ: وَمِنْهُم أَبُو زَيْدٍ المَرْوَزِيُّ، صَاحبُ أَبِي إِسْحَاقَ المَرْوَزِيِّ.
مَاتَ بِمَرْوَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَكَانَ حَافِظاً لِلمَذْهَبِ، حسنَ النَّظَرِ، مَشْهُوْراً بِالزُّهْدِ.
وَعَنْهُ أَخذَ أَبُو بَكْرٍ القَفَّالُ المَرْوَزِيُّ، وَفُقَهَاءُ مَرْوَ (3) .
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، سَمِعْتُ خَالِدَ بنَ عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا سَهْلٍ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ المَرْوَزِيَّ، سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا زَيْدٍ المَرْوَزِيَّ، يَقُوْلُ:
كُنْتُ نَائِماً بَيْنَ
__________
(1) عادل الرجل الرجل: ركب معه، " اللسان ".
(2) " تاريخ بغداد ": 1 / 314.
(3) " طبقات الشيرازي ": ص 115.(16/314)
الرُّكْنِ وَالمقَامِ، فرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (يَا أَبَا زَيْدٍ إِلَى مَتَى تُدّرِّسُ كِتَابَ الشَّافِعِيِّ وَلاَ تُدَرِّسُ كِتَابِي؟) .
فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ وَمَا كِتَابُكَ؟
قَالَ: (جَامعُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ) يَعْنِي: البُخَارِيِّ.
سُئِلَ أَبُو زَيْدٍ: مَتَى لَقِيْتَ الفِرَبْرِيَّ؟ قَالَ: سَنَةَ ثمَانِيَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ بِمَرْوَ أَصْحَابَ عَلِيِّ بنِ حُجْرٍ، وَأَكثَرَ عَنِ المُنْكَدِرِيِّ.
وَأَرَّخَ الحَاكِمُ وَفَاتَهُ كَمَا مَضَى.
وَلَهُ وُجُوهٌ (1) تُسْتَغْرَبُ فِي المَذْهَبِ.
جَاورَ بِمَكَّةَ سَبْعَةَ أَعوامٍ، وَكَانَ فَقيراً يُقَاسِي البردَ وَيَتَكَتَّمُ وَيقنعُ بِاليسيرِ.
أَقبلَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا فِي آخِرِ أَيَّامِهِ، فَسقطَتْ أَسنَانُهُ، فَكَانَ لاَ يتمَكَّنُ مِنَ المَضْغِ، فَقَالَ: لاَ بَارَكَ اللهُ فِي نِعْمَةٍ أَقبلَتْ حَيْثُ لاَ نَابَ وَلاَ نصَابَ، وَعملَ فِي ذَلِكَ أَبيَاتاً.
222 - الأَزْهَرِيُّ أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الأَزْهَرِ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الأَزْهَرِ بنِ طَلْحَةَ الأَزْهَرِيُّ
__________
(1) الوجوه: هي الآراء التي يستنبطها الفقهاء الشافعية، ويخرجونها على أصول الشافعي، أو يبنونها على قواعده قال الامام النووي في " المجموع " 1 / 107 ما نصه: " فالاقوال للشافعي، والاوجه لأصحابه المنتسبين إلى مذهبه، يخرجونها على أصوله، ويستنبطونها من قواعده، ويجتهدون في بعضها وإن لم يأخذوه من أصله ".
(*) مقدمة تهذيب اللغة: 5 - 12، نزهة الالباء: 323 - 324، معجم الأدباء: 17 / 164 - 167، اللباب: 1 / 48، وفيات الأعيان: 4 / 334، العبر: 2 / 356 - 357، الوافي بالوفيات: 2 / 45 - 46، مرآة الجنان: 2 / 395 - 396، طبقات السبكي: 3 / 63 - 68، =(16/315)
الهَرَوِيُّ اللُّغَوِيُّ الشَّافِعِيُّ.
ارْتَحَلَ فِي طَلَبِ العِلْمِ بَعْد أَنْ سَمِعَ بِبلدِهِ مِنَ: الحُسَيْنِ بنِ إِدْرِيْسَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيِّ وَعِدَّةٍ.
وَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: أَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَابنِ أَبِي دَاوُدَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَرَفَةَ، وَابنِ السَّرَّاجِ، وَأَبِي الفَضْلِ المُنْذِرِيِّ، وَتَرَكَ ابنَ دُرَيْدٍ توَرُّعاً، فَإِنَّهُ قَالَ: دَخَلتُ دَارَهُ فَأَلْفَيْتُهُ عَلَى كِبَرِ سنِّهِ سَكْرَانَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عُبَيْدٍ الهَرَوِيُّ مُؤلِّفُ (الغَرِيْبَيْنِ) ، وَأَبُو يَعْقُوْبَ القرَّابُ، وَأَبُو ذرٍ عَبْدُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، وَسَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ القُرَشِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاشَانِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَكَانَ رَأْساً فِي اللُّغَةِ وَالفِقْهِ.
ثِقَةً، ثَبْتاً، ديِّناً.
فَعَنْهُ قَالَ: امتُحِنْتُ بِالأَسرِ سَنَةَ عَارضَتِ القرَامِطَةُ الحَاجَّ بِالهَبِيرِ، فكُنْتُ لقومٍ يَتَكَلَّمُوْنَ بِطِبَاعِهِم البَدَوِيَّةِ، وَلاَ يكَادُ يُوجدُ فِي مَنْطِقِهِم لحنٌ أَوْ خطأٌ فَاحشٌ، فَبقيتُ فِي أَسرِهِم دَهْراً طَوِيْلاً، وَكُنَّا نَشْتِي بِالدَّهْنَاءِ وَنَرتبعُ بِالصَّمَّانِ، وَاسْتفدْتُ مِنْهُمْ أَلفَاظاً جَمَّةً (1) .
قُلْتُ: وَقَعَ لِي مِنْ عَالِي حَدِيْثِهِ.
وَلَهُ كِتَابُ (تهذيبِ اللُّغَةِ) المَشْهُوْرُ، وَكِتَابُ (التَّفْسِيْرِ) ، وَكِتَابُ (تَفْسِيْرِ أَلفَاظِ المُزَنِيِّ) ، وَ (عِلَلُ القِرَاءاتِ) ، وَكِتَابُ (الرُّوحِ) ، وَكِتَابُ
__________
= طبقات الاسنوي: 1 / 49، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 205، بغية الوعاة: 1 / 19، طبقات المفسرين للداوودي: 2 / 61 - 63، طبقات ابن هداية الله: 94، شذرات الذهب: 3 / 72 - 73، روضات الجنات: 175 - 176، إيضاح المكنون: 1 / 608، هدية العارفين: 2 / 49.
(1) انظر قول الازهري في " وفيات الأعيان " 4 / 334 - 336، وقد شرح ابن خلكان ألفاظه الغريبة وقيدها بالشكل.(16/316)
(الأَسمَاءِ الحُسْنَى) ، وَ (شَرْحُ ديوَانِ أَبِي تَمَّامٍ) ، وَ (تفسيرُ إِصلاَحِ المنطقِ) ، وَأَشْيَاء.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
223 - الخَيَّاشُ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ *
الشَّيْخُ، الصَّادِقُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ المِصْرِيُّ الخيَّاشُ.
سَمِعَ: أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيَّ، وَأَبَا يَعْقُوْبٍ المَنْجَنِيْقيَّ، وَجَمَاعَةً.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الطَّفَّالُ، وَغَيْرُهُ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَتُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سمِعْنَا الجُزءَ الخَامِسَ مِنْ حَدِيْثِهِ.
224 - العَسْكَرِيُّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ أَحْمَدَ **
الشَّيْخُ، الصَّدُوْقُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ مَخْلَدٍ العَسْكَرِيُّ ثُمَّ البَغْدَادِيُّ الدَّقَّاقُ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى المَرْوَزِيِّ، وَأَبِي العَبَّاسِ بنِ مَسْرُوْقٍ، وَحَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الأَزهَرِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَعَبْدُ
__________
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 2 / أ.
(* *) تاريخ بغداد: 8 / 100 - 101، الأنساب: 8 / 455، المنتظم: 7 / 44، العبر: 2 / 369، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 17 / ب، النجوم الزاهرة: 4 / 148، شذرات الذهب: 3 / 85.(16/317)
الوَهَّابِ بنُ بَرهَانَ الغَزالُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ العَتِيْقِيُّ: كَانَ ثِقَةً أَمِيناً.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
وَقَالَ أَبُو الفَتْحِ بنِ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ فِيْهِ تَسَاهلٌ (2) .
قُلْتُ: وَأَخُوْهُ هُوَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْد العَسْكَرِيُّ، الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ بُشرَى الفَاتَنِيُّ.
225 - الفِهْرِيُّ أَبْيَضُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبْيَضَ بنِ أَسْوَدَ بنِ نَافِعٍ *
الشَّيْخُ أَبُو العَبَّاسِ، وَأَبُو الفَضْلِ القُرَشِيُّ الفِهْرِيُّ المِصْرِيُّ.
آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَصْحَابِ النَّسَائِيِّ، كَانَ عِنْدَهُ عَنْهُ مجلِسَانِ فَقَط.
رَوَى عَنْهُ: الحَافِظُ عَبْدُ الغنِيِّ الأَزْدِيُّ، وَعَبْدُ الملكِ بنُ مِسْكِيْنٍ الشَّافِعِيُّ، وَيَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ الطَّحَّانِ، وَجَمَاعَةٌ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَتُوُفِّيَ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ رَوَى عَنْ وَالِدِهِ مُحَمَّدِ بنِ أَبيضَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ النَّحَّاسِ.
226 - وَالِدُ ابْنِ جُمَيْعٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الغَسَّانِيُّ **
العَبْدُ الصَّالِحُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 8 / 100 - 101.
(2) " تاريخ بغداد ": 8 / 100.
(*) العبر: 3 / 4، تاريخ الإسلام، 4 الورقة: 24 / أ، حسن المحاضرة: 1 / 370، شذرات الذهب: 3 / 88.
(* *) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 2، وانظر: الأنساب: 8 / 116 - 118، ومعجم =(16/318)
يَحْيَى بنِ جُمَيْعٍ الغَسَّانِيُّ الصَّيدَاوِيُّ، وَالِدُ المُحَدِّثِ الرَّحَّالِ أَبِي الحُسَيْنِ (1) .
سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ المعَافَى الصَّيْدَاوِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدَانَ المكِّيِّ، أَخذَ عَنْهُ (موطأَ أَبِي مُصعبٍ) ، وَرَوَى عَنْ طَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُهُ وَحفيدُهُ، الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَحُسَيْنُ بنُ جَعْفَرٍ الجُرْجَانِيُّ ٌ وَآخرُوْنَ.
وحكَى حفيدُهُ عَنْ خَادمِ جدِّهِ طَلْحَةَ، أَنَّ جدَّهُ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يقومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ، فَإِذَا صَلَّى الفَجْرَ نَامَ إِلَى الضُّحَى، وَإِذَا صَلَّى الظُّهرَ يركعُ إِلَى العَصْرِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَتْ هَذِهِ عَادَتُهُ.
وَقَالَ منجَا بنُ سُلَيْمٍ: قَالَ لِي الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ: إِنَّ جدَّهُ صَامَ وَلَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، يَعْنِي: وَسَرَدَ الصَّوْمَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
227 - ابْنُ التَّبَّانِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ المَغْرِبِيُّ *
عَالِمُ القَيْرَوَانِ، وَشيخُ المَالِكِيَّةِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ المَغْرِبِيُّ، ابْنُ التَّبَّانِ.
__________
= البلدان: 3 / 437.
(1) هو أبو الحسين، محمد بن أحمد بن محمد..الغساني الصيداوي، صاحب المعجم المروي. توفي سنة اثنتين وأربع مئة انظر " العبر " 3 / 80.
(2) أي: موطأ مالك برواية أبي مصعب أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث الزهري، وقد قيل: موطؤه آخر الموطآت التي عرضت على مالك، وفيه ما يزيد على مئة حديث لا توجد في غيره من الموطآت وقد أكثر البغوي في " شرح السنة " من رواية أحاديث مالك عنه.
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 3 / ب، العبر: 2 / 360، الديباج المذهب: 1 / 431 - 432، النجوم الزاهرة: 4 / 141، شذرات الذهب: 3 / 76، شجرة النور الزكية: 95 - 96.(16/319)
قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: ضُربَتْ إِلَيْهِ أَباطُ الإِبِلِ مِنَ الأَمصَارِ لِذَبِّهِ عَنْ مَذْهَبِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
وَكَانَ حَافِظاً بعيداً مِنَ التَّصَنُّعِ وَالرِّيَاءِ، فصحياً، كَبِيْرَ القَدْرِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
228 - أَبُو عُثْمَانَ المَغْرِبِيُّ سَعِيْدُ بنُ سَلاَّمٍ القَيْرَوَانِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ سَلاَّمٍ المَغْرِبِيُّ القَيْرَوَانِيُّ، نزيلُ نَيْسَابُوْرَ.
سَافرَ وَحَجَّ، وَجَاورَ مُدَّةً، وَلَقِيَ مشَايخَ مِصْرَ وَالشَّامِ.
وَكَانَ لاَ يظهرُ أَيَّامَ الحَجِّ.
قَالَ الحَاكِمُ: خَرجْتُ مِنْ مَكَّةَ متحسِّراً عَلَى رُؤيَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا لِمِحْنَةٍ، وَقَدِمَ نَيْسَابُوْرَ، فَاعتزلَ النَّاسَ أَوَّلاً، ثُمَّ كَانَ يَحْضُرُ الجَامعَ.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ أَوحدَ المشَايِخِ فِي طَريقَتِهِ، لَمْ نَرَ مِثلَهُ فِي عُلَوِّ الحَالِ وَصَوْنِ الوَقْتِ، امتُحنَ بِسببِ زُورٍ نُسبَ إِلَيْهِ، حَتَّى ضُربَ وَشُهِرَ عَلَى جملٍ، فَفَارقَ الحرمَ (1) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ: وَكَانَ مِنْ كِبَارِ المشَايِخِ، لَهُ أَحوَالٌ وَكَرَامَاتٌ (2) .
__________
(*) طبقات الصوفية: 479 - 483، تاريخ بغداد: 9 / 112 - 113، الرسالة القشيرية: 29 - 30، المنتظم: 7 / 122 - 123، العبر: 2 / 365، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 11 / أ، البداية والنهاية: 11 / 302، طبقات الأولياء: 237 - 238، النجوم الزاهرة: 4 / 144، طبقات الشعراني: 1 / 143، شذرات الذهب: 3 / 81، نتائج الافكار القدسية: 2 / 12، هدية العارفين: 1 / 389.
(1) " طبقات السلمي ": ص 479.
(2) " تاريخ بغداد ": 9 / 112، وما بين حاصرتين منه.(16/320)
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ - وَقَدْ سُئِلَ: الملاَئِكَةُ أَفضلُ أَمِ الأَنْبِيَاءُ؟ - فَقَالَ: القُربَ القُربَ، هُمْ أَقربُ إِلَى الحَقِّ وَأَطهرُ.
صَحِبَ أَبُو عُثْمَانَ بِالشَّامِ أَبَا الخَيْرِ التِّينَاتِيّ، وَلَقِيَ أَبَا يَعْقُوْبٍ النَّهْرَجُورِي.
قَالَ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لِيَكُنْ تَدَبُّرُكَ فِي الخلقِ تَدَبُّرَ عِبْرَةٍ، وَتَدَبُّرُكَ فِي نَفْسِكَ تَدَبُّرَ مَوْعِظَةٍ، وَتَدَبُّرُكَ فِي القُرْآنِ تَدَبُّرَ حقيقَةٍ.
قَالَ اللهُ - تَعَالَى - {أَفلاَ يَتَدَبَّرُوْنَ القُرْآنَ} [النِّسَاء:82] جَرَّأَكَ بِهِ عَلَى تلاَوتِهِ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَكَلَّتِ الأَلسُنُ عَنْ تلاَوتِهِ (1) .
وَقَالَ: مَنْ أَعطَى الأَمَانِيَ نَفْسَهُ قَطَعَتْهَا بِالتَّسويفِ وَبَالتَّوَانِي (2) .
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: عُلومُ الدَّقَائِقِ عُلومُ الشَّيَاطينِ، وَأَسلمُ الطُّرقِ مِنَ الاغترَارِ لزومُ الشَّريعَةِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
229 - ابْنُ نُبَاتَةَ أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِقيُّ *
الإِمَامُ البَلِيغُ، الأَوحدُ، خطيبُ زَمَانِهِ، أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ نُبَاتَةَ الفَارقيُّ، صَاحبُ (الدِّيْوَانِ الفَائِقِ فِي الحمدِ وَالوعظِ) ، وَكَانَ خَطِيْباً بِحَلَبَ لِلملكِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ.
__________
(1) " طبقات السلمي ": 481، وما بين حاصرتين منه.
(2) في " طبقات السلمي ": من أعطى نفسه الأماني قطعها..
(*) وفيات الأعيان: 3 / 156 - 158، المختصر في أخبار البشر: 2 / 124، دول الإسلام: 1 / 230، العبر: 2 / 362، تاريخ الاسبلام: 4 الورقة: 15 / أ، البداية والنهاية: 11 / 303، النجوم الزاهرة: 4 / 146، شذرات الذهب: 3 / 83 - 84، هدية العارفين: 1 / 559.(16/321)
وَقَدِ اجتمعَ بِأَبِي الطَّيِّبِ المُتَنَبِّي.
وَكَانَ فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، بَدِيْعَ المَعَانِي، جَزْلَ العِبَارَةِ، رُزِقَ سَعَادَةً تَامَّةً فِي خُطَبِهِ.
وَكَانَ فِيْهِ خَيْرٌ وَصلاَحٌ.
رَأَى رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نومِهِ، ثُمَّ اسْتيقَظَ وَعَلَيْهِ أَثرُ نورٍ لَمْ يُعهدْ قَبْلُ فِيْمَا قِيْلَ.
وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثمَانيَةَ عشرَ يَوْماً، وَتوَفَّاهُ اللهُ، فَذكَرَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، تَفَلَ فِي فِيْهِ، وَبَقِيَ تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَسْتَطعِمُ بطعَامٍ وَلاَ يشربُ شَيْئاً.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِمِيَّافَارقِيْنَ.
وَقِيْلَ: لَمْ يَلِ خطَابةَ حلبَ إِلاَّ بَعْدَ موتِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بنِ حَمْدَانَ، وَبَلَغَنَا أَنَّ عُمُرَهُ لَمْ يبلغِ الأَرْبَعينَ، بَلْ عَاشَ تسعاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً، فَاللهُ أَعلمُ.
وَلَمْ يصحَّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ ابتدأَ بِتصنيفِ خُطَبِهِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَهُوَ إِذْ ذَاكَ خطيبٌ ممِيِّزٌ، وَجَالسَ المُتَنَبِّي فَلَعَلَّهُ عَاشَ خَمْسِيْنَ سَنَةً أَوِ أَكثرَ.
وَلأَبِيهِ رِوَايَة.
230 - أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ السَّمَرْقَنْدِيُّ *
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ، أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ السَّمَرْقَنْدِيُّ الحَنَفِيُّ، صَاحبُ كِتَابِ (تنبيهِ الغَافلينَ) ، وَلَهُ كِتَابُ (الفتَاوَى) .
__________
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 19 / ب، تاج التراجم: 58 - 59، الجواهر المضية: ج 2 الترجمة (610) ، الفوائد البهية: 221، هدية العارفين: 2 / 490.(16/322)
يَرْوِي عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ بنِ أُنيفَ البُخَارِيِّ وَجَمَاعَةٍ.
وَتَرُوجُ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ الموضُوعَةُ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التِّرْمِذِيُّ، وَغَيْرُهُ.
نَقَلْتُ وَفَاتُهُ مِنْ خَطِّ القَاضِي شِهَابِ الدِّينِ أَحْمَدَ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ الحقِّ، - أَيَّدَهُ اللهُ - فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
231 - ابْنُ مَحْمُوَيْه عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ السَّمَرْقَنْدِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارعُ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مَحمُوَيْه السَّمَرْقَنْدِيُّ.
وَكَانَ أَبُوْهُ بغدَادِيّاً، وَجَدُّهُ مَوْصِلِيّاً.
وَسَمِعَ هُوَ مِنْ: أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الجمَّالِ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ العُصْفُرِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ محتَاجٍ، وَابنِ خَنْبٍ، وَبِبَغْدَادَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ وَطبقَتِهِ.
وَكَانَ حَافِظاً، مُتْقِناً، جمعَ الأَبْوَابَ وَالشُّيُوْخَ وَالمقلِّينَ، وَأَكثرَ وَجَوَّدَ، وَلَوْ طَالَ عُمُرُهُ لكَانَ لَهُ نبأٌ، بَلْ عَاشَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
تُوفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
232 - ابْنُ الزَّيَّاتِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ **
الشَّيْخُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى البَغْدَادِيُّ، ابْنُ الزَّيَّاتِ.
__________
(*) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 21 / أ.
(* *) تاريخ بغداد: 11 / 260 - 261، المنتظم: 7 / 130، تذكرة الحفاظ: 3 / 983 - 984، العبر: 2 / 370، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 19 / ب، النجوم الزاهرة: 4 / 148، طبقات الحفاظ: 390، شذرات الذهب: 3 / 85.(16/323)
وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ شَرِيكٍ، وَجَعْفَراً الفِرْيَابِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجبَّارِ، وَعمرَ بنَ أَبِي غَيْلاَنَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ نَاجيَةَ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَخَلْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ ثِقَةً، مُتقناً، أَمِيناً، قَدْ جمعَ أَبُواباً وَشُيوخاً (1) .
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: كَانَ ثِقَةً أَمِيناً صَاحِبَ حَدِيْثٍ يحفظُهُ.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (2) .
أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ الحُسَيْنِ الخفَّافُ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتُ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ سَعِيْدٍ المقبرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ بَكَّرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَابْتَكَرَ، وَغَسَّلَ وَاغْتَسَلَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، فَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ وَلَمْ يَلْغُ حَتَّى يُصَلِّيَ الجُمُعَةَ، كَفَاهُ اللهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى وَزِيَادَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ) .
أَبُو أُمَيَّة - هُوَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ يَعْلَى - ضَعِيْفٌ، وَلَهُ إِسنَادٌ آخَرٌ حسنٌ (3) .
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 11 / 260.
(2) " تاريخ بغداد ": 11 / 261، وما بين حاصرتين منه.
(3) أخرجه مسلم في " صحيحه " (857) في الجمعة: باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، من طريق أمية بن بسطام، عن يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن سهيل بن أبي =(16/324)
233 - ابْنُ السِّمْسَارِ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الدِّمَشْقِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، مُحَدِّثُ دِمَشْقَ، أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ الحُسَيْنِ الدِّمَشْقِيُّ السِّمْسَارُ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ خُرَيْمٍ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ جَوْصَا، وَأَبِي الجَهْمِ بنِ طَلاَّبٍ، وَالقَاضِي أَبِي عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيِّ، وَابنِ مَخْلَدٍ، وَابنِ الدَّحْدَاحِ الدِّمَشْقِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ السَّرِيِّ الحِمْصِيِّ الحَافِظِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَخُوْهُ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ المُزَنِيُّ، وَتَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَمكِّيُّ بنُ الغَمْرِ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكتَّانِيُّ: كَانَ ثِقَةً، نبيلاً، حَافِظاً، كتبَ القَنَاطِيْرَ.
وَقَالَ المَيْدَانِيُّ: تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
= صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام ".
وفي الباب بنحوه عن أبي أيوب عند أحمد 5 / 420، وصححه ابن خزيمة (1775) . وعن سلمان عند البخاري 2 / 308، 309. وعن أوس بن أوس عند عبد الرزاق (5570) ، وأحمد 4 / 8، والترمذي (496) ، وأبي دواد (345) والنسائي 3 / 95، وابن ماجه (1087) ، وإسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة (1758) .
(*) تذكرة الحفاظ: 3 / 984، العبر: 2 / 331، النجوم الزاهرة: 4 / 106، طبقات الحفاظ: 390، شذرات الذهب: 3 / 47.(16/325)
234 - ابْنُ قُرَيْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَغْدَادِيُّ *
القَاضِي، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَغْدَادِيُّ الظَّرِيفُ، قَاضِي السِّنْدِيَّةِ (1) .
كَانَ مَزَّاحاً خفيفَ الرُّوحِ، أَدِيباً فَاضِلاً، ذكيّاً، سريعَ الجَوَابِ.
أَخذَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنبارِيِّ، وَغَيْرِهِ.
وقُرَيْعَةُ بقَافٍ، قَيَّدَهُ ابْنُ مَاكُولاَ.
وَكَانَ مُلاَزِماً لِلوزيرِ المُهَلَّبِيِّ فِي مَجَالِسِ اللَّهوِ.
وَلَهُ أَجوبَةٌ بَلِيْغَةٌ مسكِتَةٌ.
كَانَ الوَزِيْرُ يُغرِي بِهِ الرُّؤَسَاءَ فَيُبَاسِطُونَهُ.
كتبَ لَهُ رَئِيْسٌ: مَا يَقُوْلُ القَاضِي فِي يهوديٍّ زَنَى بِنَصْرَانيَّةٍ، فَوَلَدَتِ ابناً جِسْمُهُ للبَشَرِ وَوَجْهُهُ للبَقَرِ؟
فَأَجَابَ: هَذَا مِنْ أَعدلِ الشُّهُودِ عَلَى الخُبَثَاءِ اليَهُوْدِ، أُشْرِبُوا العِجْلَ فِي صُدُورِهِم حَتَّى خَرَجَ مِنْ أُيُورِهِم فليُنَطْ (2) برَأْسِ اليَهوديِّ رَأْسُ العِجْلِ، وَيُصلبْ عَلَى عُنُقِ النَّصْرَانيَّةِ الرَّأْسُ (3) وَالرِّجْلُ، وَيُسْحَبَا عَلَى الأَرضِ، وَيُنَادَى عَلَيْهِمَا: ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 317 - 320، الإكمال لابن ماكولا: 7 / 117، المنتظم: 7 / 91 - 92، وفيات الأعيان: 4 / 382 - 384، العبر: 2 / 345، الوافي بالوفيات: 3 / 227 - 229، البداية والنهاية: 11 / 292، شذرات الذهب: 3 / 60 - 62.
(1) السندية: بكسر أوله، وسكون ثانية، بلفظ نسبة المؤنث إلى السند: قرية على نهر عيسى، بين بغداد، والانبار، ينسب إليها " سندواني " ليحصل الفرق بين هذه النسبة والنسبة إلى بلاد السند. انظر " معجم البلدان ": 3 / 268.
(2) في الأصل " فليناط " وهو خطأ. وفي " وفيات الأعيان ": أرى أن يناط.
(3) في " وفيات الأعيان ": الساق مع الرجل.(16/326)
235 - ابْنُ لُؤْلُؤٍ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُسْنِدُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ نُصَيْرِ بنِ عَرَفَةَ بنِ لُؤْلُؤٍ البَغْدَادِيُّ الوَرَّاقُ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: حَمْزَةَ بنَ مُحَمَّدٍ الكَاتِبَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ شَرِيكٍ، وَالفِرْيَابِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ نَاجيَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ هَاشِمٍ البَغَوِيَّ، وَزَكَرِيَّا بنَ يَحْيَى السَّاجِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُجَدِّرِ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَلاَّلِ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ البَرْقَانِيُّ: كَانَ ابْنُ لُؤْلُؤٍ يَأْخذُ عَلَى التَّحدِيْثِ دَانِقَيْنِ.
قَالَ: وَكَانَتْ حَالُهُ حسنَةً مِنَ الدُّنْيَا، وَهُوَ صَدُوْقٌ غَيْر أَنَّهُ رديءُ الكِتَابِ - أَي: سَيِّئُ النَّقلِ -، وَقَدْ صحَّفَ غَيْرَ مَرَّةٍ: عَنْ عُتَيٍّ، عَنْ أُبَيٍّ، فَقَالَ: عَنْ عَنْ، عَنْ أَبِي (1) .
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ الأَزْهَرِيُّ: ابْنُ لُؤْلُؤٍ ثِقَةٌ (2) .
وَقَالَ العَتِيْقِيُّ: تُوُفِّيَ فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ: وَكَانَ أَكثرَ كتُبِهِ بخطِّهِ، وَكَانَ لاَ يَفْهَمُ الحَدِيْثَ، وَإِنَّمَا يُحملُ أَمرُهُ عَلَى الصِّدْقِ (3) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 12 / 89 - 90، العبر: 3 / 4 - 5، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 25 / أ، ميزان الاعتدال: 3 / 154، لسان الميزان: 4 / 256، شذرات الذهب: 3 / 90.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 89 - 90، والزيادة منه.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.(16/327)
قَالَ عَلِيُّ بنُ المحسّنِ: حضَرتُ عِنْدَ ابْنِ لُؤْلُؤٍ مَعَ أَبِي الحُسَيْنِ البَيْضَاوِيّ لنقرأَ عَلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ ذُكرَ لَهُ عددُ مَنْ يحضرُ، وَدَفَعْنَا إِلَيْهِ درَاهِمَ، فَرَأَى وَاحِداً زَائِداً، فَأَخرجَهُ، فَجَلَسَ الرَّجُلُ فِي الدِّهليزِ، وَجَعَلَ البَيْضَاوِيّ يرفعُ صَوتَهُ لِيُسْمِعَهُ، فَقَالَ ابْنُ لُؤْلُؤٍ: يَا أَبَا الحُسَيْنِ: أَتَعَاطى عَلَيَّ وَأَنَا بغدَادِيٌّ، بَابُ طَاقِي وَرَّاقٌ، صَاحِبُ حَدِيْثٍ، شيعِيٌّ، أَزرقٌ كوسجٌ؟! ثُمَّ أَمرَ جَاريتَهُ بِأَنَّ تَدُقَّ فِي الهَاونِ أُشنَاناً حَتَّى لاَ يَصِلَ الصَّوتُ إِلَى الرَّجُلِ.
236 - ابْنُ صَابِرٍ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ البُخَارِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابِرِ بنِ كَاتبٍ البُخَارِيُّ المُؤَذِّنُ.
رَوَى عَنْ: صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ، وَحَامِدِ بنِ سَهْلٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُرَيْثٍ، وَالحُسَيْنِ بنِ الوضَّاحِ، وَطَائِفَةٍ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ رَوَى عَنْ صَالِحٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ غنجَار، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشِّيْرَازِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ بنُ عَلِيٍّ البُخَارِيُّ السُّنِّي.
أَرَّخَ أَبُو بَكْرٍ السَّمْعَانِيُّ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
237 - ابْنُ يَاسِيْنَ بِشْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ **
القَاضِي، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو القَاسِمِ بِشْرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(1) المصدر السابق، وما بين حاصرتين منه.
(*) العبر: 2 / 353، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 26 / أ، شذرات الذهب: 3 / 70.
(* *) العبر: 3 / 6، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 27 / أ، شذرات الذهب: 3 / 91.
وسيكرر المؤلف ترجمته في الصفحة (385) من هذا الجزء.(16/328)
يَاسِيْنَ بنِ النَّضْرِ البَاهِلِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الفَقِيْهُ.
ذكرَهُ الحَاكِمُ فَقَالَ: كَانَ كَثِيْرَ الذِّكرِ وَالصَّلاَةِ.
سَمِعَ: ابنَ خُزَيْمَةَ، وَالسَّرَّاجَ، وَأَبَا العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيَّ، وَأَمْلَى مَجَالِسَ، وَكَانَ مُكْثِراً لَكِنْ ضيَّعَ أُصُولَهُ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: الحَاكِمُ، وَأَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِي، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ اثنتَانِ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
238 - ابْنُ كَيْسَانَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الحَرْبِيُّ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ كَيْسَانَ الحَرْبِيُّ، الَّذِي رَوَى عَنْ: يُوْسُفَ القَاضِي (جُزءَ الزَّكَاةِ) ، وَ (جُزءَ التَّسْبِيْحِ) ، مَا رَوَى سوَاهُمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: البَرْقَانِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ جَعْفَرٍ السَّلمَاسِي، وَعَلِيُّ بنُ المحسّنِ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ: قَالَ لَنَا التَّنُوْخِيُّ: أَرَانَا ابْنُ كَيْسَانَ بخطِّ أَبِيْهِ: وُلِدَ عَلِيٌّ وَمُحَمَّدٌ ابنَايَ فِي بطنٍ وَاحِدَةٍ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ لخمسٍ مضينَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
قُلْتُ: ثُمَّ مَاتَ أَبُوْهُمَا (2) قَبْلَ الثَّلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ جلَّةِ النَّحوِيِّينَ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 12 / 86 - 87، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 12 / أ، العبر: 2 / 365 - 366، شذرات الذهب: 3 / 81.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 86، وما بين حاصرتين منه.
(2) هو محمد بن أحمد بن كيسان أبو الحسن النحوي. ترجمته في " إنباه الرواة " 3 / 57 - =(16/329)
وَكَانَ عليٌّ هَذَا عَرِيِّاً مِنَ الفَضِيْلَةِ.
قَالَ البَرْقَانِيُّ: كَانَ لاَ يُحسنُ يُحَدِّثُ، سَأَلتُهُ أَنْ يقرأَ لِي شَيْئاً مِنْ حَدِيْثِهِ، فَأَخَذَ كِتَابَهُ وَلَم يَدْرِ مَا يَقُوْلُ.
فَقُلْتُ لَهُ: سُبْحَانَ اللهِ حدَّثَكُمْ يُوْسُفُ القَاضِي، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ حَدَّثَكُمْ يُوْسُفُ القَاضِي.
ثُمَّ قَالَ: إِلاَّ أَنَّ سمَاعَهُ كَانَ صَحِيْحاً مَعَ أَخِيْهِ (1) .
وَقَالَ الجَوْهَرِيُّ: سَمِعْتُ مِنْهُ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: مَا وَقَعَ الخَطِيْبُ بوَفَاتِهِ.
- فَأَمَّا أَخُوْهُ الأَكبرُ: الإمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ النَّحْوِيِّ (1) (مُكَرر 93)
فثِقَةٌ عَالِمٌ.
سَمِعَ مِنْ: إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي وَبِشْرِ بنِ مُوْسَى.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، وَأَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
239 - مُحَمَّدُ بنُ المُؤَمَّلِ أَبُو بَكْرٍ بنُ حَيُّوْيَه بنِ المُؤَمَّلِ الكَرَجِيُّ *
هُوَ: الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَيُّوْيَه بنِ المُؤَمَّلِ بنِ أَبِي رَوْضَةَ الكَرَجِيُّ النَّحْوِيُّ، نزيلُ هَمَذَانَ، وَمُسْنِدُ وَقتِهِ إِنْ صَدَقَ، فَإِنَّهُ رَوَى عَنْ طَبَقَةٍ كُبْرَى.
__________
= 59، وقد ذكر محقق " الانباه " ثبتا بأهم مصادر ترجمته.
(1) " تاريخ بغداد ": 12 / 86 - 87.
(1) تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (93) .
(*) الامتاع والمؤانسة: 1 / 129 و134، تاريخ بغداد: 5 / 233، معجم الأدباء 18 / 189، العبر: 2 / 366، ميزان الاعتدال: 3 / 532، الوافي بالوفيات: 3 / 34، لسان الميزان: 5 / 151، بغية الوعاة: 1 / 99، شذارت الذهب: 3 / 82.(16/330)
رَوَى عَنِ: أَسيدِ بنِ عَاصِمٍ الثَّقَفِيِّ، وَإِسْحَاقَ الدَّبَرِي، وَمُحَمَّدِ بنِ المُغِيْرَةَ السُّكَّرِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ ديزيلَ سِيْفَنَّةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ الرَّازِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ الهَمَذَانِيِّ الأَشَجِّ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بنُ بُنْدَارَ، وَأَبُو طَاهِرٍ بنُ سَلَمَةَ، وَعُمَرُ بنُ مَعْرُوفٍ الهَمَذَانيَّانِ، وَالحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الفلاَّكِي، وَآخرُوْنَ.
سَأَلَهُ الصَّيْقَلِي عَنْ سِنِّهِ، فَذكرَ أَنَّهُ ابْنُ مائَةِ سَنَةٍ وَاثنَتِي عَشْرَةَ سَنَةً.
وَقَالَ شِيْرَوَيْه فِي (طبقَاتِ الهَمَذَانِيِّينَ) :تُوُفِي سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ غَيْرَ مُوَثَّقٍ عِنْدَهُمْ.
240 - النَّضْرُوِيُّ العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ بنِ زَكَرِيَّا *
الثِّقَةُ، المُسْنِدُ، أَبُو مَنْصُوْرٍ العَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ بنِ زَكَرِيَّا بنِ نَضْرُوَيْه - بِمُعْجَمَةٍ - النَّضْرَوِيُّ الهَرَوِيُّ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ نَجْدَةَ، وَالحَسَيْنَ بنَ إِدْرِيْسَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيَّ.
وَعَنْهُ: سبطُهُ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو حَازِمٍ العَبْدَوِيُّ، وَالبَرْقَانِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ العَبَّاسِ القُرَشِيُّ، وَأَبُو يَعْقُوْب القَرَّابُ.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ.
مَاتَ: فِي شَعْبَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِهَرَاةَ.
__________
(*) اللباب: 3 / 314، العبر: 2 / 362، مشتبه النسبة: 1 / 82، تبصير المنتبه: 1 / 156، شذرات الذهب: 3 / 79.(16/331)
241 - الأَبْهَرِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، القَاضِي، المُحَدِّثُ، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ التَّمِيْمِيُّ، الأَبْهَرِيُّ، المَالِكِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ وَعَالِمُهَا.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ التِّسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ زَيْدَانَ البَجَلِيَّ، وَأَبَا عَرُوبَةَ الحَرَّانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ تَمَّامٍ البَهْرَانِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ الحَلَبِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ خُرَيْمٍ العُقَيْلِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ الأُشْنَانِيَّ، وَأَبَا عِلِيٍّ مُحَمَّدَ بنَ سَعِيْدٍ الحَافِظَ، وَطَبَقَتَهُم بِالعِرَاقِ، وَالشَّامِ، وَالجَزِيْرَةِ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ فِي المَذْهبِ، وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ القَاضِي، وَوَلَدِهِ أَبِي الحُسَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَأَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ البَادَا، وَعَلِيُّ بنُ المحسّنِ التَّنُوْخِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، وَآخرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ إِمَامُ المَالِكِيَّةِ، إِلَيْهِ الرِّحلَةُ مِنْ أَقْطَارِ الدُّنْيَا، رَأَيْت جمَاعَة من الْأَنْدَلُس وَالْمغْرب عَلَى بَابه، وَرَأَيْته يُذَاكر بِالْأَحَادِيثِ الْفِقْهِيَّات، وَيُذَاكرُ بِحَدِيث مَالك، ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، زَاهدٌ، وَرِعٌ.
__________
(*) الفهرست: 283، تاريخ بغداد: 5 / 462 - 463، طبقات الشيرازي: 167، ترتيب المدارك: 4 / 466 - 473، الأنساب: 1 / 125، المنتظم: 7 / 131، اللباب: 1 / 27، العبر: 2 / 371، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 19 / أ، الوافي بالوفيات: 3 / 108، البداية والنهاية: 11 / 304 - 305، الديباج المذهب: 2 / 206 - 210، النجوم الزاهرة: 4 / 147، شذرات الذهب: 3 / 85 - 86، هدية العارفين: 2 / 50، شجرة النور الزكية: 1 / 91، طبقات الاصوليين: 1 / 208 - 209.(16/332)
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيُّ: فِيمَا سَمِعْتُ مِنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ، عَنِ الكِنْدِيِّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: جَمَعَ أَبُو بَكْرٍ بَيْنَ القِرَاءاتِ، وَعلوِّ الإِسنَادِ، وَالفِقْهِ الجيِّدِ، وَشَرَحَ (مختصرَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ) ، وَانتشرَ عَنْهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي البِلاَدِ (1) .
وَذَكَرَهُ القَاضِي عِيَاضٌ (2) فَقَالَ: لَهُ فِي شرحِ المَذْهَبِ تَصَانِيْفٌ، وَردَّ عَلَى المخَالفينَ، وَحَدَّثَ عَنْهُ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ، وَانتشرَ عَنْهُ المَذْهَبُ فِي البِلاَدِ.
وَقَالَ أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ ثِقَةً، انتهَتْ إِلَيْهِ رئاسَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ (3) .
وَقَالَ القَاضِي أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ: كَانَ مُعظَّماً عِنْدَ سَائِرِ العُلَمَاءِ، لاَ يَشْهَدُ مَحْضَراً إِلاَّ كَانَ هُوَ المُقَدَّمُ فِيْهِ، سُئِلَ أَنْ يَلِيَ القَضَاءَ فَامْتَنَعَ (4) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَقِيْلَ: فِي ذِي القَعْدَةِ (5) وَعَاشَ بضعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.
أَخْبَرَنَا طَائِفَةٌ قَالُوا: أَخبرَتْنَا كَرِيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الوَهَّابِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَهْدِي الطَّبِيْبُ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ المنعمِ الكُرَيْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العَتِيْقِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَبْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الخَثْعَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو
__________
(1) انظر " طبقات الشيرازي ": ص 167، و" ترتيب المدارك ": 4 / 467.
(2) انظر " ترتيب المدارك ": 4 / 466 - 473.
(3) " تاريخ بغداد ": 5 / 462.
(4) " تاريخ بغداد ": 5 / 463.
(5) نص على هذا الخطيب في " تاريخه ": 5 / 463 نقلا عن البرقاني(16/333)
خَالِدٍ الأَحمرُ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1) ، وَابنُ مَاجَه، مِنْ حَدِيْثِ أَبِي خَالِدٍ سُلَيْمَانُ بنُ حَيَّانَ، تَفَرَّدَ بِهِ.
242 - ابْنُ بُخَيْتٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَلَفٍ العُكْبَرِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَلَفِ بنِ بُخَيْتٍ العُكْبَرِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الدَّقَّاقُ.
حَدَّثَ عَنْ: خَلَفِ بنِ عَمْرٍو العُكْبَرِيِّ صَاحبِ الحُمَيْدِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرِ الطَّبَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ صَالِحِ بنِ ذَرِيْحٍ العُكْبَرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُوْسَى الحَاسِبِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ العُمَرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدَانَ البَجَلِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ بنِ كَثِيْرٍ البَاهِلِيِّ، وَخَالِدِ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارِ - صَاحبِ ابْنِ مَعِيْنٍ -، وَأَبِي القَاسِمِ البَغَوِيِّ، وَغَيْرِهِم.
وَلَهُ جُزءٌ مَشْهورٌ طَبَرْزَدِيٌّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ بَرهَانَ الغزَّالُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ البَرْمكِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
__________
(1) رقم (917) في أول الجنائز، وابن ماجة (1444) في الجنائز: باب ما جاء في تلقين الميت لا إله إلا الله.
وقوله: لقنوا موتاكم " أي: من قرب من الموت، حكاه النووي في شرح مسلم إجماعا، سماه باعتبار ما يؤول إليه مجازا ومثله " من قتل قتيلا، فله سلبه ". وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند مسلم (916) ، والترمذي (976) وأبي داود (3117) ، والنسائي 4 / 5. وعن عائشة عند النسائي / 4 / 5.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 461 - 462، العبر: 2 / 363، تاريخ الإسلام: 4 / الورقة: 9 / أ، مشتبه النسبة: 1 / 54، غاية النهاية: 2 / 178 - 179، شذرات الذهب: 3 / 79.(16/334)
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ، وَقَالَ: مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَغَيْرُهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الحريرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمكِيُّ سَنَةَ 445، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُخِيْتٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العُمَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيْسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، جَلَدَ وَغَرَّبَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَلَدَ وَغَرَّبَ، وَجَلَدَ عُمَرُ وَغَرَّبَ.
243 - ابْنُ مِهْرَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبَتُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو مُسْلِمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مِهْرَانَ بنِ سَلَمَةَ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاغَنْدِيَّ، وَأَبَا القَاسِمِ البَغَوِيَّ، وَابنَ أَبِي دَاوُدَ، وَأَبَا عَرُوبَةَ الحَرَّانِيَّ، وَأَبَا مُحَمَّدٍ بنَ صَاعِدٍ، وَأَبَا الحَسَنِ بنَ جَوْصَا، وَأَبَا حَامِدٍ بنَ بِلاَلٍ، وَخلقاً كَثِيْراً بِالعِرَاقِ، وَالشَّامِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَخُرَاسَانَ، وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَأَقَامَ بِسَمَرْقَنْدَ نَحْواً مِنْ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَذَّاءُ المُقْرِئُ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ، وَأَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، وَآخرُوْنَ.
وَكَانَ مِمَّنْ بَرَّزَ
__________
(1) وأخرجه الترمذي (1438) في الحدود: باب ما جاء في النفي، والبيهقي 8 / 223، من طرق، عن عبد الله بن إدريس بهذا الإسناد. وصححه الحاكم 4 / 369، ووافقه الامام الذهبي.
وفي الباب عن عبادة بن الصامت عند مسلم وغيره.
(*) تاريخ بغداد: 10 / 299 - 300، المنتظم: 7 / 128 - 129، تذكرة الحفاظ: 3 / 969 - 971، العبر: 2 / 369، العقد الثمين: 5 / 402 - 403، النجوم الزاهرة: 4 / 147، شذرات الذهب: 3 / 85.(16/335)
فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ بنُ أَبِي الفَوَارِسِ: كَانَ ثَبْتاً، زَاهِداً، مَا رَأَينَا مِثْلَهُ (1) .
وَقَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَوْحَدَ عَصْرِهِ فِي عِلْمِ أَهْلِ الحَقَائِقِ، وَلَهُ قَدَمٌ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْثِ، وَردَ نَيْسَابُوْرَ، وَدَخَلَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ وَأَقَامَ بِهَا، وَجَمَعَ (المُسْنَدَ الكَبِيْرَ) عَلَى الرِّجَالِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَجَاوَرَ بِهَا.
قَالَ ابْنُ أَبِي الفَوَارِسِ: وَصَنَّفَ أَبُو مُسْلِمٍ أَشيَاءَ كَثِيْرَةً (2) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ: جَمَعَ أَحَادِيثَ المشَايخِ وَالأَبْوَاب، وَكَانَ مُتْقِناً، حَافِظاً، مَعَ وَرَعٍ وَزُهْدٍ وَتَدَيُّنٍ.
ذَكرَهُ لِي أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ يَوْماً فَأَطْنَبَ فِي وَصْفِهِ، وَقَالَ: كَانَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالشُّيُوْخُ يُعَظِّمُونَهُ (3) .
قَالَ الحَاكِمُ: دَخَلْتُ مَرْوَ وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَلَمْ أَظفَرْ بِهِ.
وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ فِي الحَجِّ طَلَبْتُهُ فِي القَوَافِلِ، فَأَخفَى نَفْسَهُ، فَحَجَجْتُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ، وَعِنْدِي أَنَّهُ بِمَكَّةَ، فَقَالُوا: هُوَ بِبَغْدَادَ، فَاسْتوحَشْتُ مِنْ ذَلِكَ وَتَطَلَّبْتُهُ، ثُمَّ قَالَ لِي أَبُو نَصْرٍ المَلاَحِمِيُّ بِبَغْدَادَ: هُنَا شَيْخٌ مِنَ الأَبْدَالِ تَشْتَهِي أَنْ تَرَاهُ؟ قُلْتُ: بَلَى، فَذَهَبَ بِي، فَأَدْخَلَنِي خَانَ الصَّبَّاغِيْنَ، فَقَالُوا: خَرَجَ، فَقَالَ أَبُو نَصْرٍ: تجلسُ فِي هَذَا المَسْجَدِ، فَإِنَّهُ يَجِيءُ، فَقَعَدْنَا، وَأَبُو نَصْرٍ لَمْ يَذكرْ لِي مَنْ هُوَ الشَّيْخُ، فَأَقْبَلَ أَبُو نَصْرٍ وَمَعَهُ شَيْخٌ نحيفٌ ضَعِيْفٌ برِدَاءٍ، فَسَلَّمَ عليَّ، فَأُلْهِمْتُ أَنَّهُ أَبُو مُسْلِمٍ الحَافِظُ، فَبَيْنَا نَحْنُ نُحَدِّثُهُ إِذْ قُلْتُ لَهُ: وَجَدَ الشَّيْخُ هَا هُنَا مِنْ أَقَارِبِهِ أَحَداً؟
قَالَ: الَّذِيْنَ أَرَدْتُ لِقَاءهُم انْقَرَضُوا، فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ خَلَّفَ
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 10 / 299 - 300.
(2) المصدر السابق.
(3) " تاريخ بغداد ": 10 / 299.(16/336)
إِبْرَاهِيْمُ وَلداً؟ - أَعْنِي أَخَاهُ الحَافِظُ -.
قَالَ: وَمِنْ أَينَ عَرَفْتَهُ؟ فَسَكَتُّ، فَقَالَ لأَبِي نَصْرٍ: مَنْ هَذَا الكَهْلُ؟
قَالَ: أَبُو فُلاَنٍ، فَقَامَ إِلِيَّ وَقُمْتُ إِلَيْهِ، وَشَكَا شَوْقَهُ، وَشَكَوْتُ مِثْلَهُ، وَاشْتَفَيْنَا مِنَ المُذَاكرَةِ، وَجَالستُهُ مِرَاراً، ثُمَّ وَدَّعْتُهُ يَوْمَ خُرُوْجِي، فَقَالَ: يجمعُنَا المَوْسِمُ، فَإِنَّ عليَّ أَنْ أُجَاورَ، ثُمَّ حَجَّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ، وَجَاورَ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَكَانَ يجتهدُ أَنْ لاَ يَظهرَ لِحَدِيْثٍ وَلاَ لغيرِهِ، وَكَانَ أَخُوْهُ إِبْرَاهِيْمُ مِنَ الحُفَّاظِ الكِبَارِ.
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ بنُ مِهْرَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُوْلُ:
كتبْتُ عَنْ رَجُلَيْنِ مائتَي أَلفِ حَدِيْثٍ: إِبْرَاهِيْمَ الفَرَّاء، وَعَبْد اللهِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَغَيْرُهُ: مَاتَ بِمَكَّةَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: مُحَدِّثُ نَيْسَابُوْرَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ البَحِيْرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ العَسْكَرِيُّ بِبَغْدَادَ، وَشَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَبْدِ اللهِ الدَّارِكِيُّ، وَمُحَدِّثُ بَغْدَادَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الزَّيَّاتِ، وَشَيْخُ المَالِكِيَّةِ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَبْهَرِيُّ، وَمُحَدِّثُ الشَّامِ أَبُو بَكْرٍ يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ المَيَانَجِيُّ، وَالواعظُ صَاحبُ كِتَابِ (تَنْبِيْهِ الغَافِلِيْنَ) أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ الحَنَفِيُّ، وَالمُسْنِدُ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرٍ الخِرَقيُّ بِبَغْدَادَ.(16/337)
244 - الفَضْلُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَاصِمٍ التَّمِيْمِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الصَّادِقُ، أَبُو القَاسِمِ التَّمِيْمِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الطَّرَائِفِيُّ المُؤَذِّنُ، الرَّجُلُ الصَّالِحُ.
سَمِعَ نُسْخَةَ أَبِي مُسْهِرٍ، وَالوُحَاظِيِّ مِنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ بنِ الرَّوَّاسِ، وَسَمِعَ مِنْ: جُمَاهِرِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّمْلَكَانِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ دُحَيْمٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَحْمَدَ الخُزَاعِيِّ، وَأَبِي شَيْبَةَ دَاوُدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ وَعِدَّةٍ، وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ الأَزْدِيُّ، وَمكِّيُّ بنُ الغَمْرِ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ الطَيَّانُ، وَأَبُو أُسَامَةَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الهَرَوِيُّ، وَصَالِحُ بنُ أَحْمَدَ المَيَانَجِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سلوَانَ المَازِنِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ شواشٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ المُزَنِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكتَّانِيُّ: كَانَ ثِقَةً نبيلاً، حَدَّثَنَا عَنْهُ عِدَّةٌ، تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: هُوَ آخِرُ أَصْحَابِ ابْنِ الرَّوَّاسِ مَوْتاً.
وَفِيْهَا مَاتَ: شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّاطُ الزَّاهِدُ بِمِصْرَ، وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ العُكْبَرِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ إِسْحَاقَ القَصَّارُ بِأَصْبَهَانَ، وَبُلُّكينُ بنُ زِيْرِي صَاحبُ المَغْرِبِ، وَأَبُو عُثْمَانَ المَغْرِبِيُّ شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَيُّوْيَه بنِ أَبِي رَوْضَةَ الكَرَجِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَانَ الحَرْبِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ الوَاسِطِيُّ ابْنُ السَّقَّا.
__________
(*) العبر: 2 / 366، شذرات الذهب: 3 / 81.(16/338)
245 - الرَّبَعِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ يُوْسُفَ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ يُوْسُفَ بنِ يَعْقُوْبَ الرَّبَعِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، البُنْدَارُ.
سَمِعَ: جَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ بنِ عَاصِمٍ، وَأَحْمَدَ بنَ عَامِرِ بنِ المُعَمَّرِ، وَجُمَاهِرَ بنَ مُحَمَّدٍ الزَّمْلَكَانِيَّ، وَحَاجبَ بنَ أَركينَ، وَمُحَمَّدَ بنَ الفَيْضِ الغَسَّانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ تَمَّامٍ البَهْرَانِيَّ، وَخلقاً سِوَاهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: تَمَّامٌ الرَّازِيُّ، وَأَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَالمُسَدَّدُ بنُ عَلِيٍّ الأُمْلُوْكِيُّ، وَعَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ الحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بنِ سَعْدَانَ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكتَّانِيُّ: حَدَّثَنَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَكَانَ ثِقَةً، تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: سمِعْنَا جُزءَ الرَّبَعِيُّ مِنْ أَصْحَابِ ابْنَي أَبِي لُقْمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبْدَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي العَلاَءِ المَصِّيْصِيِّ، عَنِ ابْنِ سَعْدَانَ، عَنْهُ.
246 - هِلاَلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ أَبُو بَكْرٍ البَصْرِيُّ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو بَكْرٍ البَصْرِيُّ، ابْنُ أَخِي هِلاَلٍ الرَّازِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الغَلاَبِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ المُثَنَّى، وَأَبِي خَلِيْفَةَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اليَزْدِيُّ،
__________
(*) العبر: 2 / 368، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 16 / أ، شذرات الذهب: 3 / 84.
(* *) تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 33 / ب، ميزان الاعتدال: 4 / 316، لسان الميزان: 6 / 202.(16/339)
وَشَيْخُ المُعْتَزِلَةِ أَبُو الحُسَيْنِ البَصْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ زَاذَانَ القَزْوِيْنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، لَمْ أَسمعْ فِيْهِ قَدْحاً.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَنْدَةَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ قَاربَ المائَةَ.
247 - أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الحَنَفِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، المُجْتَهِدُ، عَلَمُ العِرَاقِ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ، الحَنَفِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
تَفَقَّهَ بِأَبِي الحَسَنِ الكَرْخِيِّ، وكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَرحْلَةٍ، لَقِيَ أَبَا العَبَّاسِ الأَصَمَّ، وَطبقتَهُ بِنَيْسَابُوْرَ، وَعَبْدَ البَاقِي بنَ قَانعٍ، وَدَعْلَجَ بنَ أَحْمَدَ، وَطبقتَهُمَا بِبَغْدَادَ، وَالطَّبَرَانِيَّ، وَعِدَّةً بِأَصْبَهَانَ.
وَصَنَّفَ وَجَمَعَ وَتَخَرَّجَ بِهِ الأَصحَابُ بِبَغْدَادَ، وَإِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي مَعْرِفَةِ المَذْهَبِ.
قَدِمَ بَغْدَادَ فِي صِبَاهُ فَاسْتوطَنَهَا.
وَكَانَ مَعَ برَاعَتِهِ فِي العِلْمِ ذَا زُهْدٍ وَتعَبُّدٍ، عُرِضَ عَلَيْهِ قَضَاءُ القُضَاةِ فَامْتَنَعَ مِنْهُ، وَيَحْتَجُّ فِي كُتُبِهِ بِالأَحَادِيثِ المتَّصِلَةِ بأَسَانيدِهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: حَدَّثَنَا أَبُو العَلاَءِ الوَاسِطِيُّ، قَالَ: امتَنَعَ القَاضِي أَبُو
__________
(*) الفهرست: 293 - 295، تاريخ بغداد: 4 / 314 - 315، طبقات الشيرازي: 144، المنتظم: 7 / 105 - 106، العبر: 2 / 354 - 355، الوافي بالوفيات: 7 / 241، البداية والنهاية: 11 / 297، النجوم الزاهرة: 4 / 138، طبقات المفسرين للداوودي: 1 / 55، الجواهر المضية: 1 / 220 - 224، شذرات الذهب: 3 / 71، الفوائد البهية: 27 - 28، هدية العارفين: 1 / 66، طبقات الاصوليين: 1 / 205 203.(16/340)
بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ المَالِكِيُّ مِنْ أَنْ يلِيَ القَضَاءَ، قَالُوا لَهُ: فَمَنْ يَصْلُحُ؟
قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ.
قَالَ: وَكَانَ الرَّازِيُّ يَزِيْدُ حَالُهُ عَلَى مَنْزِلَةِ الرُّهْبَانِ فِي العِبَادَةِ، فَأُرِيْدَ عَلَى القَضَاءِ فَامْتَنَعَ - رَحِمَهُ اللهُ (1) -، وَقِيْلَ: كَانَ يمِيلُ إِلَى الاِعتزَالِ، وَفِي توَالِيفِهِ مَا يَدلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي رُؤْيَةِ اللهِ وَغيْرِهَا، نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمةَ.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ اليَشْكُرِيُّ الدِّيْنَوَرِيُّ، وَمُسْنِدُ خُرَاسَانَ أَبُو سَهْلٍ بِشْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ بِشْرٍ الإِسفرَايينِي المُحَدِّثُ، وَمُحَدِّثُ حَلَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ السَّبِيْعِيُّ الحَافِظُ، وَمُحَدِّثُ مِصْرَ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ العَسْكَرِيُّ، وَشَيْخُ العَرَبِيَّةِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَالَوَيْه، وَمُسْنِدُ أَصْبَهَانَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ فُوَركَ القَبَّابُ، وَإِمَامُ اللُّغَةِ أَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الأَزْهَرِ بنِ طَلْحَةَ الأَزْهَرِيُّ الهَرَوِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ غُنْدَر الوَرَّاقُ، وَالمُقْرِئُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرَّازِيُّ الدَّيْبُلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الصَّائِغُ بِأَصْبَهَانَ، ارْتَحَلَ إِلَى الفِرْيَابِيِّ.
248 - ابْنُ وَصِيْفٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ الغَزِّيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ الكَبِيْرُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ وَصِيْفٍ الغَزِّيُّ.
رَاوِي (المُوَطَّأ) عَنِ الحَسَنِ بنِ الفَرَجِ الغَزِّيِّ، صَاحبِ يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَقَدْ رَوَى أَيْضاً عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَةَ العَسْقِلاَّنِي وَغَيْرِهِ.
__________
(1) " تاريخ بغداد ": 5 / 463.
(*) العبر: 2 / 362 - 363، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 9 / أ، شذرات الذهب: 3 / 79.(16/341)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المِيمَاسِيُّ، وَطَائِفَةٌ، وَمَا علمْتُ بِهِ بَأْساً.
مَاتَ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ سنٍّ عَالِيَةٍ.
249 - ابْنُ خَفِيْفٍ مُحَمَّدُ بنُ خَفِيْفٍ الضَّبِّيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَارِفُ، الفَقِيْهُ، القُدْوَةُ، ذُو الفُنُوْنِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ خَفِيْفِ بنِ اسفكشَارَ الضَّبِّيُّ الفَارِسِيُّ الشِّيْرَازِيُّ، شَيْخُ الصُّوفِيَّةِ.
وُلِدَ: قَبْلَ السَّبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: حَمَّادِ بنِ مُدْرِكٍ وَهُوَ آخِرُ أَصحَابِهِ، وَعَنْ: مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ التَّمَّارِ، وَالحُسَيْنِ المَحَامِلِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ سُرَيْجٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ الخُزَاعِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ حَفْصٍ الأَنْدَلُسِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الخَضِرِ الشَّيَّاحُ، وَالقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ البَاقِلاَّنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بَاكَوَيْه.
قَالَ السُّلَمِيُّ: أَقَامَ بِشِيرَازَ، وَأُمُّهُ نَيْسَابُورِيَّةٌ، وَهُوَ اليَوْمَ شَيْخُ المشَايِخِ، وَتَاريخُ الزَّمَانِ، لَمْ يَبْقَ لِلقومِ أَقدمُ مِنْهُ، وَلاَ أَتَمَّ حَالاً، صَحِبَ
__________
(*) طبقات الصوفية: 462 - 466، حلية الأولياء: 10 / 385 - 389، الرسالة القشيرية: 29، الأنساب: 7 / 451 - 452، تبيين كذب المفرتي: 190 - 192، المنتظم: 7 / 112، معجم البلدان: 3 / 381، اللباب: 2 / 222، العبر: 2 / 360 - 361، تاريخ الإسلام: 4 الورقة: 4 / ب: دول الإسلام: 1 / 229، الوافي بالوفيات: 3 / 42 - 43، طبقات السبكي: 3 / 149 - 163، البداية والنهاية: 11 / 299، طبقات الشعراني: 1 / 142، شذرات الذهب: 3 / 77 76، نتائج الافكار القدسية: 2 / 6، هدية العارفين: 2 / 49 - 50.(16/342)
رُوَيْمَ بنَ أَحْمَدَ، وَابنَ عَطَاءٍ، وَلَقِيَ الحَلاَّجَ، وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ المشَايخِ بِعُلُومِ الظَّاهِرِ، مُتَمسِّكٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَقِيْهٌ شَافعِيٌّ (1) .
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ مِنْ لفظِهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ كَرَمٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِ بنُ عِيْسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَاكَوَيْه، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَفِيْفٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ:
قُرِئَ عَلَى حَمَّادِ بنِ مُدْرِكٍ، وَأَنَا أَسمعُ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِذَا صَنَعْتَ قِدْراً فَأَكْثِرْ مِنْ مَرَقِهَا، وَانْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيْرَانِكَ فَأَصِبْهُم بِمَعْرُوفٍ (2)) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: قَالَ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى الشِّيْرَازِيُّ:
مَا أَرَى التَّصَوُّفَ إِلاَّ يُختمُ بِأَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ خَفِيْفٍ، وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مِنْ أَولاَدِ الأُمَرَاءِ فَتَزَهَّدَ حَتَّى قَالَ: كُنْتُ أَجمعُ الخِرَقَ مِنَ المزَابِلِ، وَأَغسِلُهَا، وَأُصْلِحُ مِنْهُ مَا أَلبسُهُ، وَبِقيْتُ أَرْبَعينَ شهراً أُفطرُ كُلَّ لَيْلَةٍ عَلَى كَفِّ بَاقِلاَّءٍ، فَافْتَصدتُ فَخَرَجَ شبهُ مَاءِ اللَّحْمِ، فَغَشِيَ عليَّ فَتَحَيَّرَ الفَصَّادُ، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ جَسَداً بِلاَ دَمٍ إِلاَّ هَذَا (3) .
قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْه: سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ الكَبِيْرَ، سَمِعْتُ ابنَ خَفِيْفٍ يَقُوْلُ:
نهبتُ فِي البَادِيَةِ وَجعتُ حَتَّى سَقَطَتْ لِي ثمَانيَةُ أَسنَانٍ، وَانتثرَ شَعْرِي، ثُمَّ
__________
(1) انظر: " طبقات السلمي ": ص 462.
(2) وأخرجه مسلم (2626) (143) في البر والصلة: باب الوصية بالجار والاحسان إليه من طريقين عن عبد الله بن إدريس، عن شعبة بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم من طريقين، عن عبد العزيز بن الصمد العمي، عن أبي عمران الجوني..
(3) انظر " تبيين كذب المفتري " ص 191، والفصد: شق العرق.(16/343)
وَقعتُ إِلَى فَيْد، وَأَقمتُ بِهَا حَتَّى تمَاثلتُ، وَحججتُ، ثُمَّ مضيتُ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، وَدخلتُ الشَّامَ، فنمتُ إِلَى جَانبِ دُكَّانِ صبَّاغٍ، وَبَاتَ مَعِي فِي المَسْجَدِ رَجُلٌ بِهِ قيَامٌ، فَكَانَ يخرُجُ وَيدخلُ فَلَمَّا أَصبَحْنَا صَاحَ النَّاسُ، وَقَالُوا: نُقِبَ دُكَّانُ الصَّبَّاغِ وَسُرِقَتْ، فَدَخَلُوا المَسْجَدَ وَرَأَوْنَا، فَقَالَ المَبْطُونُ: لاَ أَدرِي، غَيْرَ أَنَّ هَذَا كَانَ طُولَ اللَّيْلِ يدخُلُ وَيخرجُ، وَمَا خرجتُ إِلاَّ مرَّةً تَطَهَّرتُ، فَجَرُّونِي وَضَرَبُونِي، وَقَالُوا: تَكَلَّمْ، فَاعتقدْتُ التَّسْلِيمَ، فَاغتَاظُوا مِنْ سُكُوتِي، فَحَمَلُونِي إِلَى دُكَّانِ الصَّبَّاغِ، وَكَانَ أَثَرُ رِجْلِ اللِّصِّ فِي الرَّمَادِ، فَقَالُوا: ضَعْ رِجْلَكَ فِيْهِ، فَكَانَ عَلَى قَدْرِ رِجْلِي، فَزَادَهُمْ غيظاً.
وَجَاءَ الأَمِيْرُ، وَنُصبتِ القِدْرُ، وَفِيْهَا الزَّيْتُ يُغْلَى، وَأُحضرتِ السِّكِّينُ وَمَنْ يقطعُ، فَرَجَعتُ إِلَى نَفْسِي وَإِذَا هِيَ سَاكنةٌ، فَقُلْتُ: إِنْ أَرَادُوا قطعَ يَدِي سَأَلتُهُمْ أَنْ يَعْفُو عَنْ يَمِيْنِي لأَكتبَ بِهَا، وَبَقِيَ الأَمِيْرُ يُهَدِّدُنِي وَيصولُ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَعَرفتُهُ، كَانَ مَمْلُوكاً لأَبِي، فَكَلَّمَنِي بِالعَرَبِيَّةِ وَكَلَّمْتُهُ بِالفَارِسِيَّةِ، فَنَظَرَ إِلِيَّ وَقَالَ: أَبُو الحُسَيْنِ، - وَبِهَا كُنْتُ أُكنَى فِي صِبَايَ -، فضحكْتُ، فَأَخَذَ يَلطُمُ بِرَأْسِهِ وَوَجْهِهِ، وَاشتَغَلَ النَّاسُ بِهِ، فَإِذَا بِضَجَّةٍ، وَأَنَّ اللُّصوصَ قَدِ أُخِذُوا، فَذَهَبتُ وَالنَّاسُ وَرَائِي وَأَنَا مُلَطَّخٌ بِالدِّمَاءِ، جَائِعٌ لِي أَيَّامٌ لَمْ آكُلْ، فَرَأَتْنِي عجوزٌ فَقيرَةٌ، فَقَالَتْ: ادْخُلْ، فَدَخَلتُ، وَلَمْ يَرَنِي النَّاسُ، وَغسلتُ وَجْهِي وَيَدِيَّ، فَإِذَا الأَمِيْرُ قَدِ أَقبلَ يَطلُبُنِي، فَدَخَلَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ.
وَجرَّ مِنْ منطقتِهِ سكِّيناً، وَحَلَفَ بِاللهِ إِنْ أَمسكَنِي أَحدٌ لأَقتلنَّ نَفْسِي، وضربَ بِيَدِهِ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ مائَةَ صفعَةٍ حَتَّى منعتُهُ أَنَا، ثُمَّ اعتذرَ وَجَهَدَ بِي أَنْ أَقبلَ شَيْئاً فَأَبيتُ وَهربتُ لِيَومِي، فَحَدَّثتُ بَعْضَ المشَايخِ، فَقَالَ: هَذَا عقوبَةُ انفرَادِكَ.
فَمَا دَخَلتُ بَلَداً فِيْهِ فُقَرَاءٌ إِلاَّ قَصَدْتُهُم.
قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْه: سَمِعْتُ ابنَ خَفِيْفٍ، - وَقَدْ سأَلَهُ قَاسِمُ الإِصْطَخْرِيُّ عَنِ(16/344)
الأَشعرِيِّ - فَقَالَ: كُنْتُ مرَّةً بِالبَصْرَةِ جَالِساً مَعَ عَمْرِو بنِ عَلَّوَيْه عَلَى سَاجَةٍ (1) فِي سَفِيْنَةٍ نتذَاكَرُ فِي شَيْءٍ، فَإِذَا بِأَبِي الحَسَنِ الأَشعرِيِّ قَدْ عَبَرَ وَسلَّمَ عَلَيْنَا، وَجَلَسَ، فَقَالَ: عَبَرْتُ عليكُمْ أَمسُ فِي الجَامعِ، فرَأَيتُكُمْ تتكلَّمُوْنَ فِي شَيْءٍ عرفتُ الأَلفَاظَ وَلَمْ أَعرف المَغْزَى! فَأُحبُّ أَنْ تعيدُوهَا عليَّ، قُلْتُ: وَفِي أَيِّ شَيْءٍ كُنَّا؟ قَالَ: فِي سُؤَالِ إِبْرَاهِيْمَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - {رَبِّ أَرنِي كيْفَ تُحْيِي المَوْتَى} [البَقَرَة:260] وَسؤَالِ مُوْسَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الْأَعْرَاف:143] فَقُلْتُ: نَعَمْ.
قُلْنَا: إِنَّ سُؤَالَ إِبْرَاهِيْمَ هُوَ سُؤَالُ مُوْسَى، إِلاَّ أَنَّ سُؤَالَ إِبْرَاهِيْمَ سُؤَالُ متمكِّنٍ، وَسؤَالَ مُوْسَى سُؤَالُ صَاحِبِ غَلَبَةٍ وَهَيَجَانٍ، فَكَانَ تصريحاً، وَسؤَالُ إِبْرَاهِيْمَ كَانَ تعريضاً، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى} فَأَرَاهُ كيفيَّةَ المَحْيَى، وَلَمْ يُرِهِ كيفيَّةَ الإِحيَاءِ، لأَنَّ الإِحيَاءَ صفتُهُ - تَعَالَى -، وَالمَحْيَى قُدرَتُهُ، فَأَجَابَهُ إِشَارَةً كَمَا سأَلَهُ إِشَارَةً، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ فِي الآخِرِ: {أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَزِيْزٌ} فَالعزيزُ: المنيعُ.
فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ: هَذَا كَلاَمٌ صَحِيْحٌ، ثُمَّ إِنِّيْ مشيتُ مَعَ أَبِي الحَسَنِ، وَسَمِعْتُ منَاظرتَهُ، وَتعجَّبْتُ مِنْ حُسْنِ منَاظرتِهِ حِيْنَ أَجَابَهُم.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الفَسَوِيُّ: صَنَّفَ شيخُنَا ابْنُ خَفِيْفٍ مِنَ الكُتُبِ مَا لَمْ يصنِّفْهُ أَحدٌ، وَانتفعَ بِهِ جَمَاعَةٌ صَارُوا أَئِمَّةً يُقتَدَى بِهِمْ، وَعُمِّرَ حَتَّى عَمَّ نفعُهُ البلدَانَ.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ خَادمُ ابْنِ خَفِيْفٍ: سَمِعْتُ الشَّيْخ يَقُوْلُ:
سَأَلنَا يَوْماً أَبُو العَبَّاسِ بنُ سُرَيْجٍ بِشِيرَازَ وَنَحْنُ نحضرُ مَجْلِسَهُ للفِقْهِ، فَقَالَ: أَمحبَّةُ اللهِ فرضٌ أَوْ لَا؟
فَقُلْنَا: فرضٌ.
قَالَ: مَا الدَّلِيْلُ؟ فَمَا فِيْنَا مَنْ أَجَابَ
__________
(1) الساجة: واحدة الساج. وهو خشب يجلب من الهند.(16/345)
بِشَيْءٍ. فسأَلنَاهُ، فَقَالَ: قولُهُ - تَعَالَى -: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} إِلَى قولِهِ: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُوْلِهِ} الآيَة [التَّوبة:24] .
قَالَ: فَتَوَعَّدَهُم اللهُ عَلَى تفْضِيْلِ محبَّتِهِم لِغيرِهِ عَلَى مَحَبَّتِهِ، وَالوعيدُ لاَ يقعُ إِلاَّ عَلَى فرضٍ لاَزمٍ.
قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْه: سَمِعْتُ ابنَ خَفِيْفٍ يَقُوْلُ: كُنْتُ فِي بِدَايَتِي رُبَّمَا أَقرأُ فِي رَكْعَةٍ وَاحدَةٍ عَشْرَةَ آلاَفِ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} وَرُبَّمَا كُنْتُ أَقرأُ فِي رَكْعَةٍ القُرَآنَ كُلَّهُ.
وَرَوَيَ عَنِ ابْنِ خَفِيْفٍ، أَنَّهُ كَانَ بِهِ وَجعُ الخَاصِرَةِ، فَكَانَ إِذَا أَصَابَهُ أَقعَدَهُ عَنِ الحركَةِ، فَكَانَ إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاَةِ يُحْمَلُ عَلَى ظَهرِ رَجُلٍ، فَقِيْلَ لَهُ: لَوْ خَفَّفْتَ عَلَى نَفْسِكَ؟!
قَالَ: إِذَا سمِعتُمْ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ وَلَمْ تَرَوْنِي فِي الصَّفِّ فَاطلُبُونِي فِي المَقْبَرَةِ.
قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْه: سَمِعْتُ ابنَ خَفِيْفٍ يَقُوْلُ: مَا وَجبَتْ عليَّ زَكَاةُ الفِطْرِ أَرْبَعينَ سَنَةً (1) .
قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْه: نظرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ خَفِيْفٍ يَوْماً إِلَى ابْنِ مكتومٍ وَجَمَاعَةٍ يكتبُوْنَ شَيْئاً، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: نكتُبُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: اشتغِلُوا بتعلُّمِ شَيْءٍ، وَلاَ يَغُرَّنَّكُم كَلاَمُ الصُّوْفِيَّةِ، فَإِنِّي كُنْتُ أُخبِّئُ مِحْبرَتِي فِي جيبِ مَرقَعِي، وَالورقَ فِي حُجزَةِ سَرَاويلِي، وَأَذهبُ فِي الخِفْيَةِ إِلَى أَهْلِ العِلْمِ، فَإِذَا عَلِمُوا بِي خَاصَمُونِي، وَقَالُوا: لاَ يفلِحُ، ثُمَّ احتَاجُوا إِلِيَّ (2) .
قُلْتُ: قَدْ كَانَ هَذَا الشَّيْخُ قَدْ جمعَ بَيْنَ العِلْمِ وَالعَمَلِ، وَعُلوِّ السَّنَدِ،
__________
(1) " تبيين كذب المفتري " ص 192.
(2) " تبيين كذب المفتري ": ص 191.(16/346)
وَالتَّمسُّكِ بِالسُّنَنِ، وَمُتِّعَ بِطُولِ العُمُرِ فِي الطَّاعَةِ.
يُقَالُ: إِنَّهُ عَاشَ مائَةَ سَنَةٍ وَأَرْبَعَ سِنِيْنَ، وَانتقلَ إِلَى اللهِ - تَعَالَى - فِي لَيْلَةِ الثَّالِثِ مِنْ شهرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَالأَصحُّ أَنَّهُ عَاشَ خمساً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَازدحَمَ الخلْقُ عَلَى سَرِيْرِهِ، وَكَانَ أَمراً عجيباً.
وَقِيْلَ: إِنَّهُمْ صَلَّوا عَلَيْهِ نَحْواً مِنْ مائَةِ مرَّةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: بجُرْجَانَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَالصَّالِحُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ جُمَيْعٍ الغَسَّانِيُّ الصَّيْدَاوِيُّ وَالدُ صَاحبِ (المُعْجَمِ) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ المِصْرِيُّ الخيَّاشُ، وَالحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ السَّبِيْعِيُّ بِحَلَبَ، وَالقَاضِي إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المِيْمَذِيُّ، الرَّاوِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ المَازِنِيِّ، لكنَّهُ تَالِفٌ، وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَنِيُّ الهَرَوِيُّ، وَمُقْرِئُ الوَقْتِ أَبُو العَبَّاسِ الحَسَنُ بنُ سَعِيْدِ بنِ جَعْفَرٍ العبَّادَانِيُّ المطَوِّعِيُّ عَنْ مائَةِ عَامٍ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ البَادُ، الشَّاهدُ لَهُ عَنْ أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيِّ، وَمُفْتِي المَغْرِبِ أَبُو سَعِيْدٍ، وَأَبُو نَصْرٍ خَلَفُ بنُ عُمَرَ القَيْرَوَانِيُّ المَالِكِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ بيَانَ الزَّبيبِيُّ البَزَّازُ عَنْ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَشَيْخُ المَالِكِيَّةِ بِالقَيْرَوَانِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ إِسْحَاقَ بنِ التَّبَّانِ، وَرَئِيْسُ الحنبليَّةِ أَبُو الحَسَنِ التَّمِيْمِيُّ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الحَارِثِ، وَالعَلاَّمَةُ أَبُو زَيْدٍ المَرْوَزِيُّ الزَّاهِدُ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ البَغْدَادِيُّ الصَّفَّارُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ جيَّانَ - بِجيمٍ - البَغْدَادِيُّ الخَلاَّلُ أَحَدُ الثِّقَاتِ، وَشَاعِرُ الأَنْدَلُسِ أَبُو بَكْرٍ يَحْيَى بنُ هُذيلٍ المَالِكِيُّ.
250 - أَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ *
الحَافِظُ، البَارعُ، أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 243 - 244، الأنساب: 1 / 199 198، المنتظم: 7 / 125 - =(16/347)