وَالتَّسْلِيْم، لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّهُ عَلَى عَرْشِهِ (1)) .
وَقَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الزِّنْدِيْقُ زِنْدِيْقاً، لأَنَّهُ وَزَنَ دِقَّ الكَلاَمِ بِمَخْبُوِلِ عَقْلِهِ وَقِيَاسِ هَوَى طَبْعِهِ، وَتَرَكَ الأَثَرَ، وَالاَقْتِدَاءَ بِالسُّنَّةِ، وَتَأَوَّلَ القُرْآنَ بِالهَوَى، فَسُبْحَانَ مَنْ لاَ تُكَيِّفُهُ الأَوهَامُ.
فِي كَلاَمٍ نَحْوِ هَذَا.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي (الحِلْيَةِ) : حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الجَوْرَبِي، سَمِعْتُ سَهْلَ بن عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ:
أُصُوْلُنَا سِتَّةٌ: التَّمَسُّكُ بِالقُرْآنِ، وَالاقتِدَاءُ بِالسُّنَّةِ، وَأَكلُ الحَلاَلِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَاجتِنَابُ الآثَامِ، وَالتَّوبَةُ، وَأَدَاءُ الحُقُوْقِ (2) .
عَنْ سَهْلٍ: مَنْ تَكَلَّمَ فِيمَا لاَ يَعْنِيْهِ حُرِمَ الصِّدْقَ، وَمَنْ اشتَغَلَ بِالفُضُوْلِ حُرِمَ الوَرَعَ، وَمَنْ ظَنَّ ظَنَّ السَّوْءِ حُرِمَ اليَقِيْنَ، وَمَنْ حُرِمَ هَذِهِ الثَّلاَثَة هَلَكَ (3) .
وَعَنْهُ قَالَ: مِن أَخلاَقِ الصِّدِّيْقِينَ أَنْ لاَ يَحْلِفُوا بِاللهِ، وَأَنَّ لاَ يَغْتَابُوا، وَلاَ يُغْتَابَ عِنْدَهُم، وَأَنَّ لاَ يَشْبَعُوا، وَإِذَا وَعَدُوا لَمْ يُخْلِفُوا، وَلاَ يَمْزَحُوْنَ أَصلاً (4) .
قَالَ ابْنُ سَالِمٍ الزَّاهِدُ، شَيْخُ البَصْرَةِ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِسَهْلِ بنِ عَبْدِ اللهِ:
إِنِّيْ أَتَوَضَأُ فَيَسِيْلُ المَاءَ مَنْ يَدِي، فَيَصِيْرُ قُضْبَانَ ذَهَبٍ. فَقَالَ:
__________
(1) أخرجه أبو داود (4776) في السنة: باب في الجهمية من طريق جبير بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن جده ... وفيه " إن الله فوق عرشه وعرشه فوق سماواته " وجبير ابن محمد لم يوثقه غير ابن حبان، وأخرجه أبو داود (4732) من حديث العباس بن عبد المطلب وفيه: " ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك ". وفي سنده عبد الله بن عميرة وهو مجهول.
(2) حلية الأولياء: 10 / 190، والزيادة منه.
(3) المصدر السابق: 10 / 196، وزاد: " وهو مثبت في ديوان الاعداء ".
(4) كيف؟ وأول الصديقين، وأفضل الخلق على الاطلاق - صلى الله عليه وسلم - كان يمزح، كما جاء في غير ما حديث عنه، لكنه كان يمزح ولا يقول إلا حقا.(13/332)
الصِّبْيَانُ يُنَاولُوْنَ خُشْخَاشَةً.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَهْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ.
وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، بَلِ الصَّوَابُ: مَوْتُهُ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَيُقَالُ: عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً أَوْ أَكْثَر.
سَمِيُّهُ: الزَّاهِدُ المُحَدِّثُ
152 - أَبُو طَاهِرٍ سَهْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الفَرُّخَانِ الأَصْبَهَانِيُّ *
أَحَدُ الثِّقَاتِ.
ارْتَحَلَ وَأَخَذَ عَنْ: سُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي السَّرِيِّ العَسْقَلاَنِيِّ، وَحَرْمَلَةَ بنِ يَحْيَى، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَزِيْدَ الزُّهْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ، وَأَبُو عَلِيٍّ الصَّحَّافُ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَفرجَةَ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ حَمَلَةِ الحُجَّةِ، كَبِيْرَ القَدْرِ.
وَيُقَالُ: كَانَ مِنَ الأَبْدَالِ - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ -.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: لَقِيْتُ أَصْحَابَهُ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ ... كَانَ أَهْلُ بَلَدِنَا مَفْزَعَهُم إِلَى دُعَائِهِ عِنْدَ النَّوَائِبِ وَالمِحَنِ ... لَهُ آثَارٌ مَشْهُورَةٌ فِي إِجَابَةِ الدُّعَاءِ.
وَأَمَّا رَفِيْع حَالِهِ مِنْ إِدْمَانِ الذِّكْرِ، وَالمُشَاهَدَةِ وَالحُضُوْرِ، وَالتَّعَرِّي مِنْ حُظُوْظِ النَّفسِ.... فَشَائِعٌ ذَائِعٌ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ حَمَلَ
__________
(*) حلية الأولياء: 10 / 212 - 213، ذكر أخبار أصبهان، 1 / 339. طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 319.(13/333)
(مُخْتَصَرَ) حَرْمَلَةَ مِنْ عِلْمِ الشَّافِعِيِّ.... إِلَى أَنْ قَالَ: وَمَاتَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
لَمْ يُذْكَرْ مَوْلِدُهُ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ حَازِمِ بنِ أَبِي غَرَزَةَ (2) ، وَبَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ (3) ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُتَيْبَةَ الدِّيْنَوَرِيُّ (4) ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الرَّقَاشِيُّ (5) ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغُ (6) ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ العَوْفِيُّ (7) ، وَيَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ (8) ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي العَوَّامِ.
153 - ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحَنَفِيَّةِ، أَبُو جَعْفَرٍ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ - مُوْسَى بنِ عِيْسَى البَغْدَادِيِّ - الفَقِيْهُ المُحَدِّثُ، الحَافِظُ.
وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ المائَتَيْنِ، وَسَكَنَ مِصْرَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سَمَاعَةَ، وَسَعْدَوَيْه الوَاسِطِيِّ، وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
__________
(1) انظر: حلية الأولياء: 10 / 212. والزيادة منه.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (239) ، برقم: (120)
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (285) ، برقم: (137)
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (296) ، برقم: (138)
(5) تقدمت ترجمته في الصفحة: (177) ، برقم: (104)
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (161) ، برقم: (95)
(7) ترجمته في: الأنساب: 9 / 89 - 90.
(8) تقدمت ترجمته في الصفحة: (151) ، برقم: (82) .
(*) طبقات الفقهاء: 140، المنتظم: 5 / 146، عبر المؤلف: 2 / 63، شذرات الذهب: 2 / 175.(13/334)
وَتفَقَّهَ عَلَى بِشْرٍ، وَابْنِ سَمَاعَةَ، وَأَصْحَابِ أَبِي يُوْسُفَ، وَمُحَمَّدٍ.
لاَزَمَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ، وَتَفَقَّهَ بِهِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ مِصْرَ مُدَّةً بَعْدَ بَكَّارِ بنِ قُتَيْبَةَ، وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، يُوْصَفُ بِحِفْظٍ وَذَكَاءٍ مُفْرِطٍ.
قَالَ الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الصَّيْمَرِيُّ الحَنَفِيُّ: كَانَ شَيْخَ أَصْحَابِنَا بِمِصْرَ فِي زَمَانِهِ، أَخَذَ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي يُوْسُفَ.
قُلْتُ: رَوَى شَيْئاً كَثِيْراً مِنَ الحَدِيْثِ مِنْ حِفْظِهِ.
وَتُوُفِّيَ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
154 - الدَّيْرَعَاقُوْلِيُّ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ الهَيْثَمِ بنِ زِيَادٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ الهَيْثَمِ بنِ زِيَادِ بنِ عِمْرَانَ الدَّيْرَعَاقُوْلِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، القَطَّانُ.
وُلِدَ: بَعْدَ التِّسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَطَوَّفَ، وَكَتَبَ الكَثَيْرَ.
سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَأَبَا اليَمَانِ الحِمْصِيَّ، وَأَبَا بكرٍ الحُمَيْدِيَّ، وَمُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ، وَعَلِيَّ بنَ عَيَّاشٍ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ، وَيَحْيَى بنُ صَاعِدٍ، وَعُثْمَانُ بنُ السَّمَّاكِ، وَأَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: كَتَبْنَا عَنْهُ، وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً.
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 78 - 79، طبقات الحنابلة: 1 / 216 - 217، المنتظم: 5 / 120، اللباب: 1 / 523، تذكرة الحفاظ: 2 / 602 - 603، عبر المؤلف: 2 / 60، طبقات الحفاظ: 269، شذرات الذهب: 2 / 172.
والدير عاقولي، بفتح الدال وسكون الياء: نسبة إلى دير العاقول: قرية من أعمال بغداد.(13/335)
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ الدَّيْرَعَاقُوْلِيُّ ثِقَةً ثَبْتاً ... مَاتَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
قُلْتُ: وَفِيْهَا مَاتَ: مُحَدِّثُ طَبَرَيَّةَ؛ هَاشِمُ بنُ مَرْثَدٍ الطَّبَرَانِيُّ (2) ، وَمُحَدِّثُ حِمْصَ؛ مُوْسَى بنُ عِيْسَى بنِ المُنْذِرِ، وَمُسْنِدَا بَغْدَاد: مُوْسَى بنُ سَهْلٍ الوَشَّاءُ (3) - صَاحِبُ ابْنِ عُلَيَّةَ - وَمُحَمَّدُ بنُ شَدَّادٍ (4) أَبُو يَعْلَى المِسْمَعِي - صَاحِبُ يَحْيَى القَطَّانُ - وَأَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ بنِ نَاصِحٍ (5) النَّحْوِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ الهَيْثَمِ البَلَدِيُّ (6) ، وَولِيُ العَهْدِ أَبُو أَحْمَدَ المُوَفَّقُ (7) .
155 - المَغَامِيُّ أَبُو عَمْرٍو يُوْسُفُ بنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُفْتِي، شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، أَبُو عَمْرٍو، يُوْسُفُ بنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ القُرْطُبِيُّ المَالِكِيُّ، المَعْرُوْفُ: بِالمَغَامِيِّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
وَقَدْ نَسَبَهُ بَعْضُ الأَئِمَّةِ، فَقَالَ: هُوَ يُوْسُفُ بنُ يَحْيَى بنِ يُوْسُفَ بنِ
__________
(1) تاريخ بغداد: 11 / 78، 79.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (270) ، برقم: (131)
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (149) ، برقم: (80)
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (148) ، برقم: (79)
(5) تقدمت ترجمته في الصفحة: (193) ، برقم: (110)
(6) ستأتي ترجمته في الصفحة: (411) ، برقم: (199)
(7) تقدمت ترجمته في الصفحة: (169) ، برقم: (100)
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 201 - 202، طبقات الفقهاء: 162، جذوة المقتبس: 373، بغية الملتمس: 496 - 497، معجم البلدان: " مغام "، اللباب: 3 / 240،، عبر المؤلف: 2 / 81، بغية الوعاة: 2 / 363 - 364، نفح الطيب، 2 / 520 - 521، شذرات الذهب: 2 / 198.
والمغامي، بفتح الميم: نسبة إلى مغام: بلد بالاندلس، وقد ضبطت الميم في " اللباب " بالضم، وأجازها الزبيدي في " التاج ".(13/336)
مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ السَّمْحِ الأَزْدِيُّ، ثُمَّ الدَّوْسِيُّ، مِنْ وَلِدِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
سَمِعَ: يَحْيَى بنَ يَحْيَى اللَّيْثِيَّ الفَقِيْهَ، وَسَعِيْدَ بنَ حَسَّانٍ، وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ حَبِيْبٍ، فَأَكْثَرَ عَنْهُ، وَحَمَلَ عَنْهُ تَصَانِيْفَهُ، وَارْتَحَلَ فِي الشَّيْخُوْخَةِ، وَسَمِعَ، وَبَثَّ عِلْمَهُ بِمِصْرَ.
وَسَمِعَ مِنْ: إِسْحَاقَ الدَّبَرِيِّ (1) ، وَعَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ يَزِيْدَ القَرَاطِيْسِيِّ.
وَكَانَ رَأْساً فِي الفِقْهِ لاَ يُجَارَى، بَصِيْراً بِالعَرَبِيَّةِ فَصِيْحاً، مُدْرِكاً، مُصَنِّفاً، أَقَامَ بِمَكَّةَ، وَرَوَى بِهَا (الوَاضِحَةَ (2)) لابْنِ حَبِيْبٍ، وَعَظُمُ قَدْرُهُ هُنَاكَ.
وَرَوَى تَمِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْرَوَانِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ أَبُو عَمْرٍو المَغَامِيُّ ثِقَةً إِمَاماً، جَامِعاً لِفُنُوْنِ العِلْمِ، عَالِماً بِالذَّبِّ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ الحِجَازِ، فَقِيْهَ البَدَنِ، عَاقِلاً وَقُوْراً، قَلَّ مَنْ رَأَيْتُ مِثْلَهُ فِي عَقْلِهِ وَأَدَبِهِ وَخُلُقِهِ -رَحِمَهُ اللهُ- رَحَلَ فِي الحَدِيْثِ وَهُوَ شَيْخٌ، رَأَيْتُهُ وَقَدْ جَاءتْهُ كُتُبٌ كَثِيْرَةٌ نَحْو المائَةِ، مِنْ أَهْلِ مِصْرَ يَسْأَلُوْنَهُ الإِجَازَةَ، وَبَعْضُهُم يَسْأَلُ مِنْهُ الرُّجُوعَ إِلَيْهِم.
سَأَلتُهُ عَنْ مولِدِهِ، فَأَبَى أَنْ يُخْبِرَنِي، وَعِنْدَنَا تُوُفِّيَ بِالقَيْرَوَان: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: قَدْ أَلَّفَ هَذَا فِي الرَّدِّ عَلَى الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ كِتَاباً فِي عَشْرَةِ أَجْزَاءٍ، وَصَنَّفَ كِتَابَ (فضَائِلِ مَالِكٍ) .
__________
(1) الدبري، بفتح الدال والباء: نسبة إلى دبر: من قرى صنعاء اليمن. (اللباب) .
(2) كتاب: " الواضحة في السنن والفقه، وإعراب القرآن " لمؤلفه: عبد الملك بن حبيب المالكي القرطبي المتوفى سنة (239 هـ) .(13/337)
تَفَقَّه بِهِ خَلْقٌ، مِنْهُم: سَعِيْدُ بنُ فحلُوْنَ (1) ، وَمُحَمَّدُ بنُ فُطَيْسٍ.
وَقِيْلَ: يُكْنَى أَبَا عُمَر، نَقَلَهُ الحُمَيْدِيُّ (2) .
وَمَغَامَةُ: قَرْيَةٌ مِنْ نَاحِيَةِ طُلَيْطِلَةَ.
وَقَالَ الحُمَيْدِيُّ: قِيْلَ مَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (3) .
156 - ابْنُ أُخْتِ غَزَالٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ دَاوُدَ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ دَاوُدَ بنِ عَبْدِ اللهِ البَغْدَادِيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ أُخْتِ غَزَالٍ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ دَاوُدَ الزَّنْبرِيِّ (4) ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الحَرَّانِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُوْ جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الصَّيْقَلُ، وَغَيْرُهُمَا.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: كَانَ يَحْفَظُ الحَدِيْثَ وَيَفْهَمُ، حَدَّثَ بِمِصْرَ، وَخَرَجَ إِلَى قَرْيَةٍ مِنْ أَسْفَلِ بِلاَدِ مِصْرَ، فَتُوُفِّيَ بِهَا: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، حَسَنَ الحَدِيْثِ (5) .
__________
(1) انظر ترجمته في: الديباج المذهب: 1 / 391.
(2) جذوة المقتبس: 373.
(3) المصدر السابق.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 59 - 60، طبقات الحنابلة: 1 / 307 - 308، تاريخ ابن عساكر: خ: 15 / 362 ب - 363 أ، المنتظم: 5 / 49، تذكرة الحفاظ: 2 / 659، طبقات الحفاظ: 286.
(4) تحرفت في المطبوع من " تاريخ بغداد " إلى " الديري ". والزنبري، بفتح الزاي، وسكون النون، وفتح الباء: نسبة إلى الجد. (اللباب)
(5) تاريخ بغداد: 3 / 59 - 60.(13/338)
قُلْتُ: وَذَكَرَهُ الخَطِيْبُ فِي (تَارِيْخِهِ) ، وَسَاقَ لَهُ حَدِيْثاً غَرِيْباً (1) .
157 - إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ بنُ إِسْحَاقَ الأَزْدِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ مُحَدِّثِ البَصْرَةِ؛ حَمَّادِ بنِ زَيْدِ بنِ دِرْهَمٍ الأَزْدِيُّ، مَوْلاَهُمْ البَصْرِيُّ، المَالِكِيُّ، قَاضِي بَغْدَادَ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَاعْتَنَى بِالعِلْمِ مِنَ الصِّغَرِ.
وَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ، وَمُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَالقَعْنَبِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءٍ الغُدَانِيِّ، وَحَجَّاجِ بنِ مِنْهَالٍ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي أُوَيْسٍ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَعَارِمٍ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيِّ، وَمُسَدَّدِ بنِ مُسَرْهَدٍ، وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَقَالُوْنَ عِيْسَى، وَتَلاَ عَلَيْهِ بِحَرْفِ نَافِعٍ.
وَأَخَذَ الفِقْهَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ المُعَذَّلِ، وَطَائِفَةٍ، وَصِنَاعَةِ الحَدِيْثِ عَنْ عَلِيِّ ابْنِ المَدِيْنِيِّ، وَفَاقَ أَهْلَ عَصْرِهِ فِي الفِقْهِ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، وَابْنُ صَاعِدٍ، وَالنَّجَّادُ، وَإِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَانَ، وَأَبُو بَحْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَرْبَهَارِيُّ (2) ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
__________
(1) انظره في تاريخ بغداد: 3 / 59.
(*) الجرح والتعديل: 2 / 158، الفهرست: المقالة السادسة: الفن الأول: تاريخ بغداد: 6 / 284 - 290، طبقات الفقهاء: 164 - 165، المنتظم: 5 / 151 - 153، معجم الأدباء: 6 / 129 - 140، تذكرة الحفاظ: 2 / 625 - 626، عبر المؤلف: 2 / 67، البداية والنهاية: 11 / 72، الديباج المذهب: 1 / 282 - 290، طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 162، طبقات الحفاظ: 275، بغية الوعاة: 1 / 443، طبقات المفسرين: 1 / 105 - 107، شذرات الذهب: 2 / 178.
(2) البربهاري، بفتح الباء، وسكون الراء، وفتح الباء الثانية، نسبة إلى بربهار: وهي الادوية التي تجلب من الهند. (اللباب) .(13/339)
وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ، فِي كِتَابِ (الكُنَى) عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى، عَنْهُ.
وَتَفَقَّهَ بِهِ مَالِكِيَّةُ العِرَاقِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) : كَانَ عَالِماً مُتْقِناً فَقِيْهاً، شَرَحَ المَذْهَبَ وَاحَتَجَّ لَهُ، وَصَنَّفَ (المُسْنَدَ) وَصَنَّفَ عُلُوْمَ القُرْآنِ، وَجَمَعَ حَدِيْثَ أَيُّوْبَ، وَحَدِيْثَ مَالِكٍ.
ثمَّ صَنَّفَ (المُوَطَّأَ) وَأَلَّفَ كِتَاباً فِي الرَّدِّ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ (2) ، يَكُوْنُ نَحْوَ مائَتَي جُزْءٍ وَلَمْ يَكْمُلْ.
استَوْطَنَ بَغْدَادَ، وَوَلِي قَضَاءَهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.
وَتَقَدَّمَ حَتَّى صَارَ عَلَماً، وَنَشَرَ مَذْهَبَ مَالِكٍ بِالعِرَاقِ.
وَلَهُ كِتَابُ (أَحْكَامِ القُرْآنِ) ، لَمْ يُسْبَقْ إِلَى مِثْلِهِ، وَكِتَابُ (مَعَانِي القُرْآنِ) ، وَكِتَابٌ فِي القِرَاءاتِ (3) .
قَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: سَمِعْتُ المُبَرِّدَ يَقُوْلُ: إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي أَعْلَمُ مِنِّي بِالتَّصْرِيْفِ (4) .
وَعَنْ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، قَالَ: أَتَيْتُ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ، وَعِنْدَهُ قَوْمٌ يَتَنَاظَرُوْنَ، فَلَمَّا رَآنِي، قَالَ: قَدْ جَاءتِ المَدِيْنَةُ (5) .
قَالَ نِفْطَوَيْه: كَانَ إِسْمَاعِيْلُ كَاتَبَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرٍ،
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 284، وما فيه من زيادات.
(2) هو: تلميذ الامام أبي حنيفة.
(3) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 285 - 286.
(4) المصدر السابق.
(5) تاريخ بغداد: 6 / 286.(13/340)
فَحَدَّثَنِي أَنَّ مُحَمَّداً سَأَلَهُ عَنْ حَدِيْثِ: (أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُوْنَ مِنْ مُوْسَى (1)) .
وَحَدِيْثِ: (مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ (2)) .
فَقُلْتُ: الأَوَّلُ أَصَحُّ، وَالآخَرُ دُوْنَهُ.
قَالَ: فَقُلْتُ لإِسْمَاعِيْل: فِيْهِ طُرُقٌ، رَوَاهُ البَصْرِيُّوْنَ وَالكُوْفِيُّوْنَ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، وَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ مَوْلاَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْمُ: إِسْمَاعِيْلُ هُوَ أَوَّلُ مَنْ عَيَّنَ الشَّهَادَةَ بِبَغْدَادَ لِقَوْمٍ، وَمَنَعَ غَيْرَهُم، وَقَالَ: قَدْ فَسَدَ النَّاسُ.
قَالَ أَبُو سَهْلٍ القَطَّانُ: حَدَّثَنَا يُوْسُفُ القَاضِي، قَالَ:
خَرَجَ تَوْقِيْعُ المُعْتَضِدِ إِلَى وَزِيْرِهِ: اسْتَوْصِ بِالشَّيْخَيْنِ الخَيِّرَيْنِ الفَاضِلَيْنِ خَيْراً؛ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ، وَمُوْسَى بنِ إِسْحَاقَ، فَإِنَّهُمَا مِمَّنْ إِذَا أَرَادَ اللهُ بِأَهْلِ الأَرْضِ عَذَاباً، صُرِفَ عَنْهُم بِدُعَائِهِمَا.
قُلْتُ: وَلِيَ قَضَاءَ بَغْدَادَ ثِنْتَينِ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَوَلِي قَبْلَهَا قَضَاءَ الجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ وَافِرَ الحُرْمَةِ، ظَاهِرَ الحِشْمَةِ، كَبِيرَ الشَّأْنِ، يَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً فِي (الغَيْلاَنِيَّات) .
تُوُفِّيَ فَجْأَةً: فِي شَهْرِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ عَوْفٌ الكِنْدِيُّ: خَرَجَ عَلَيْنَا إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي لِصَلاَةِ العِشَاءِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةُ وَشْيٍ يَمَانِيَّةٍ، تُسَاوِي مائَتَي دِيْنَارٍ.
__________
(1) وتمامه " غير أنه لا نبي بعدي " أخرجه من حديث سعد بن أبي وقاص البخاري 8 / 86 في المغازي: باب غزوة تبوك، 7 / 59، 60 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب مناقب علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، ومسلم (2404) والترمذي (3731) .
(2) صحيح أخرجه أحمد 4 / 281 وابن ماجه (116) من حديث البراء، وأخرجه أحمد 5 / 347 و350 و358 من حديث بريدة، وأخرجه الترمذي (3714) وأحمد 4 / 368 و370 عن زيد بن أرقم، وأخرجه ابن ماجه (121) من حديث سعد بن أبي وقاص.(13/341)
وَفِيْهَا مَاتَ: جَعْفَرُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ (1) ، وَالحَارِثُ بنُ أَبِي أُسَامَةَ (2) ، وَخُمَّارَوَيْه صَاحِبُ مِصْرَ (3) ، وَالفَضْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ (4) ، وَمُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ الأَزْرَقُ (5) ، وَمُحَمَّدُ بنُ القَاسِمِ أَبُو العَيْنَاءِ (6) ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ الوَاسِطِيُّ (7) ، وَيَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِحٍ (8) .
158 - الخُتُّلِيُّ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَازِمٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، مُصَنِّفُ كِتَابِ (الدِّيْبَاجِ) - الَّذِي يَرْوِيْهِ أَبُو القَاسِمِ - إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ خَازِمِ بنِ سُنَيْنٍ الخُتُّلِي، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَأَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَكَامِلِ بنِ طَلْحَةَ، وَدَاوُدَ بنِ عُمَرَ الضَّبِّيِّ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَطَبَقَتِهِم بِالعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالجَزِيْرَةِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الرَّزَّازُ، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ السَّمَّاكِ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُم.
__________
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة: (346) ، برقم: (162)
(2) انظر ترجمته في: المنتظم: 2 / 155، تذكرة الحفاظ: 2 / 619 - 620، عبر المؤلف: 2 / 68، شذرات الذهب: 2 / 178.
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة: (446) ، برقم: (220)
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (317) ، برقم: (147)
(5) ستأتي ترجمته في الصفحة: (394) ، برقم: (190)
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (308) ، برقم: (142)
(7) ستأتي ترجمته في الصفحة: (395) ، برقم: (191)
(8) ستأتي ترجمته في الصفحة: (354) ، برقم: (171) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 357 أ - ب، المنتظم: 5 / 163، الوافي بالوفيات: 8 / 386، لسان الميزان: 1 / 348، تهذيب بدران: 2 / 411.(13/342)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ بَلَغَ الثَّمَانِيْنَ.
وَفِي كِتَابِهِ (الدِّيْبَاج) أَشْيَاءُ مُنْكَرَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
159 - الجَبُّلِيُّ أَبُو القَاسِمِ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ *
الحَافِظُ، أَبُو القَاسِمِ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ الجَبُّلِيِّ.
وَجَبُّل: بُلَيْدَةٌ مِنْ سَوَادِ العِرَاقِ.
سَمِعَ: مَنْصُوْرَ بنَ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَطَبَقَتَهُ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ يُذْكَرُ بِالفَهْمِ وَيُوْصَفُ بِالحِفْظِ، وَلَمْ يُحَدِّثْ إِلاَّ بِشَيْءٍ يَسِيْرٍ (1) .
وَقَالَ ابْنُ المُنَادِي: كَانَ فِي أَكْثَرِ عُمُرِهِ بِالجَانِبِ الشَّرْقِيِّ (2) ، وَكَانَ بِوَجْهِهِ وَبَدَنِهِ وَضَحٌ، وَكَانَ يُفْتِي بِالحَدِيْثِ، وَيُذَاكِرُ وَلاَ يُحَدِّثُ.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، عَنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً (3) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 378، طبقات الحنابلة: 1 / 110، المنتظم: 5 / 148، الوافي بالوفيات: 8 / 395، البداية والنهاية: 11 / 71.
(1) تاريخ بغداد: 6 / 378. والزيادة منه.
(2) جاء في " تاريخ بغداد " زيادة هنا: " ثم انتقل إلى بركة زلزل من الجانب الغربي، وكان بوجهه ويديه وذراعيه وضح ... " والوضح: الضوء، والبياض، وقد يكنى به عن البرص. وهو المقصود هنا.
(3) تاريخ بغداد: 6 / 378.(13/343)
قُلْتُ: ذَكَرْتُهُ لِلتَّمْيِيْزِ، وَلأَنَّهُ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَرِ، وَسَأَكْشِفُ إِنْ كَانَ وَقَعَ لَنَا مِنْ رِوَايَتِهِ مِنْ جِهَةِ أَبِي سَهْلٍ القَطَّانِ - إِنْ شَاءَ اللهُ -.
160 - إِسْمَاعِيْلُ بنُ قُتَيْبَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، المُحَدِّثُ، الحُجَّةُ، أَبُو يَعْقُوْبَ السُّلَمِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ: يَحْيَى بنَ يَحْيَى، وَسَعْدَ بنَ يَزِيْدَ الفَرَّاءَ، وَيَزِيْدَ بنَ صَالِحٍ الفَرَّاءَ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ المُسْنَدِيَّ (1) ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَالقَوَارِيْرِيَّ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئ، وَأَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ قُتَيْبَةَ البُشْتَنِقَانِيُّ، وَهِيَ: قَرْيَةٌ عَلَى نِصْفِ فَرْسَخٍ مِنَ البَلَدِ.
سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: أَوَّلُ مَنْ اختَلَفْتُ إِلَيْهِ فِي سَمَاعِ الحَدِيْثِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ قُتَيْبَةَ، وَذَلِكَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ، وَكَانَ الإِنسَانُ إِذَا رَآهُ يَذْكُرُ السَّلَفَ، لِسَمْتِهِ وَزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ.
كُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَى بُشْتَنِقَان، فَيَخْرُجُ، فَيَقْعُدُ عَلَى حَصْبَاءِ النَّهرِ، وَالكتَابُ بِيَدِهِ، فيُحَدِّثنَا وَهُوَ يَبْكِي.
وَإِذَا قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى، يَقُوْلُ: رَحِمَ اللهُ أَبَا زَكَرِيَّا.
قَالَ الحَاكِمُ: قَرأَ إِسْمَاعِيْل عَلَى ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ المُصَنَّفَاتِ كُلِّهَا وَهِيَ
__________
(*) طبقات الحنابلة: 1 / 106 - 107، معجم البلدان: " بشتنقان "
(1) المسندي، بضم الميم، وسكون السين، وفتح النون: نسبة إلى المسند من الحديث دون المنقطع والمرسل. (اللباب) .(13/344)
أَجلُّ رِوَايَةٍ عِنْدنَا لابْنِ أَبِي شَيْبَةَ.
قَالَ ابْنُ هَانِئ: تُوُفِّيَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَشَهِدْتُ جِنَازَتهُ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ جَاوَزَ الثَّمَانِيْنَ، وَكَانَ مِنْ حَمَلَةِ الحُجَّةِ، وَمن سَالكِي المَحَجَّةِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
161 - مِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ بنِ عِيْسَى بنِ تَلِيْدٍ الرُّعَيْنِيُّ المِصْرِيُّ *
الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَمْرٍو الرُّعَيْنِيُّ المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَمِّه عِيْسَى بن تَلِيْدٍ، وَأَسَدِ بنِ مُوْسَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المُغِيْرَةِ، وَخَالِدِ بنِ نزَارٍ الأَيْلِيِّ، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَعَبْدِ اللهِ بن يُوْسُفَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عُتْبَةَ الرَّازِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ البَغْدَادِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الأَصْبَغِ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ فِي (الكُنَى) : لَيْسَ بِثِقَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ الكِنْدِيُّ: كَانَ فَقِيْهاً مُفْتِياً، لَمْ يَكُنْ بِالمَحْمُودِ فِي الرِّوَايَةِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيْفٌ.
__________
(*) الجرح والتعديل: 8 / 303، ميزان الاعتدال: 4 / 175 - 176، لسان الميزان: 6 / 84 - 85.(13/345)
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: تكلَّمُوا فِيْهِ.
مَاتَ: فِي رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ مِنْ كِبَارِ المَالِكِيَّةِ.
حَدَّث أَبُو العَبَّاسِ بنُ دِلْهَاثٍ العُذْرِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ نُوْحٍ الأَصْبَهَانِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا المِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوْعاً:
(طَعَامُ البَخِيْلِ دَاءٌ، وَطَعَامُ السَّخِيِّ شِفَاءٌ (1)) .
فهَذَا بَاطِلٌ، مَا حَدَّثَ بِهِ ابْن يُوْسُفَ أَبداً.
162 - جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو الفَضْلِ الطَّيَالِسِيُّ البَغْدَادِيُّ، أَحَدُ الأَعْلاَمِ.
سَمِعَ: عَفَّانَ بنَ مُسْلِمٍ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ، وَمُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُحَمَّدَ بنَ الفَضْلِ عَارِماً، وَإِسْحَاقَ بنَ مُحَمَّدٍ الفَرْوِيَّ، وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَخلقاً كَثِيْراً.
__________
(1) أورده السخاوي في " المقاصد الحسنة " ص 272، وقال: رواه الدارقطني في " غرائب مالك " والخطيب في " المؤتلف " والديلمي في " مسنده " من جهة الحاكم، وأبو علي الصدفي في " عواليه " وابن عدي في " كامله " من طريق أحمد بن محمد بن شعيب السجزي، عن محمد بن معمر البحراني، عن روح بن عبادة، عن الثوري، عن مالك عن نافع، عن ابن عمر ... قال شيخنا (يعني الحافظ ابن حجر) : وهو حديث منكر، وقال الذهبي: كذب، وقال ابن عدي: إنه باطل عن مالك، فيه مجاهيل وضعفاء ولا يثبت.
(*) تاريخ بغداد: 7 / 188 - 189، طبقات الحنابلة: 1 / 123 - 124، المنتظم: 5 / 154، تذكرة الحفاظ: 2 / 626، عبر المؤلف: 2 / 67 - 68، طبقات الحفاظ: 275 - 276، شذرات الذهب: 2 / 178.(13/346)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ صَاعِدٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَمُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ نَجِيْحٍ، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً، صَعْبَ الأَخْذِ، حَسَنَ الحِفْظِ (1) .
وَقَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: كَانَ مَشْهُوراً بِالإَتقَانِ وَالحِفْظِ وَالصِّدْقِ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي عَشرِ التِّسْعِيْنَ.
163 - أَبُو المُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الفَزَارِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، مُحَدِّثُ مَرْوٍ، أَبُو المُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الفَزَارِيُّ، المَرْوَزِيُّ، اللُّغَوِيُّ، الحَافِظُ.
سَمِعَ: عَبْدَانَ بنَ عُثْمَانَ، وَعَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَسَعْدَوَيْهِ الوَاسِطِيِّ، وَسَعِيْدَ بنَ مَنْصُوْرٍ، وَصَدَقَةَ بنَ الفَضْلِ، وَسَعِيْدَ بنَ هُبَيْرَةَ، وَأَمثَالَهُم.
وَعَنْهُ: الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَلِيمٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَبِيْبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي نَصْرٍ المَرْوَزِيَّانِ، وَعِدَّةٌ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ ابْنُ الصَّلاَحِ: قَيَّدَهُ بكسرِ الجِيمِ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ بخطِّهِ فِي
__________
(1) تاريخ بغداد: 7 / 188.
(*) الجرح والتعديل: 8 / 35، تذكرة الحفاظ: 2 / 615 - 616، الوافي بالوفيات: 4 / 290، طبقات الحفاظ: 270.(13/347)
موَاضعَ، وَهُوَ بَلَدِيُّهْ، وَيُقَالُ: بِالفَتْحِ.
قَالَ: وَهُوَ مُحَدِّثٌ كَبِيْرٌ، أَدِيْبٌ، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، صَنَّفَ السُّنَنَ وَالأَحكَامَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
164 - عَلِيُّ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَرْزُبَانِ بنِ سَابُوْرَ البَغَوِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو الحَسَنِ البَغَوِيُّ، نَزِيْلُ مَكَّةَ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ، وَالقَعْنَبِيَّ، وَمُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُوْسَى بنَ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبَا عُبَيْدٍ، وَأَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ، وَعَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَعَاصِمَ بنَ عَلِيٍّ، وَطَبَقَتهُم.
وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ (المُسْنَدَ) الكَبِيْرَ، وَأَخَذَ القرَاءاتِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، وَغَيْرِهِ.
سَمِعَ مِنْهُ الحُرُوْفَ: أَحْمَدُ بنُ التَّائِبِ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ فِرَاسٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ رِفَاعَةَ، وَأَحْمَدُ بنُ خَالِدِ بنِ الجَبَّابِ.
وحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً: عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَهْرَوَيْهِ القَزْوِيْنِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ الرَّفَّاءُ، وَعَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ النَّسَفِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ؛ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَلَمَةَ القَطَّانُ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الرَّحَّالَةِ وَالوفدِ.
__________
(*) الجرح والتعديل: 6 / 196، معجم الأدباء: 14 / 11 - 14، تذكرة الحفاظ: 2 / 622 - 623، ميزان الاعتدال: 3 / 143، عبر المؤلف: 2 / 77، لسان الميزان: 4 / 241، شذرات الذهب: 2 / 193.(13/348)
وَكَانَ حَسَنَ الحَدِيْثِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبَ إِلَيْنَا بِحَدِيْثِ أَبِي عُبَيْدٍ، وَكَانَ صَدُوْقاً (1) .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّيُّ: سَمِعْتُ النَّسَائِيَّ يُسْأَلُ عَنْ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَقَالَ: قَبَّحَهُ اللهُ، ثَلاَثاً.
فَقِيْلَ: أَترُوِي عَنْهُ؟
قَالَ: لاَ.
فَقِيْلَ: أَكَانَ كَذَّاباً؟
قَالَ: لاَ، وَلَكِنَّ قَوْماً اجتَمعُوا ليَقْرَؤُوا عَلَيْهِ شَياً، وَبَرُّوْهُ بِمَا سَهُلَ، وَكَانَ فِيهِم إِنْسَانٌ غَرِيْبٌ فَقيرٌ لَمْ يَكُنْ فِي جُمْلَةِ مَنْ بَرَّهُ، فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَ بحضرتِهِ، فَذَكَرَ الغَرِيْبُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إِلاَّ قَصْعَةٌ، فَأَمرَهُ بإِحْضَارِهَا، وَحَدَّثَ (2) .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ السُّنِّي: بَلَغَنِي أَنَّهُم عَابوهُ عَلَى الأَخذِ.
فَقَالَ: يَاقَومُ: إِنَّا قَوْمٌ بَيْنَ الأَخْشَبَيْن (3) ، إِذَا خَرَجَ الحَاجُّ نَادَى أَبُو قُبَيْسٍ قُعَيْقِعَانَ يَقُوْلُ: مَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُوْلُ: بَقِيَ المجَاوِرُوْنَ.
فَيَقُوْلُ: أَطْبِقْ (4) .
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ سبعٍ.
165 - الكِشْوَرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، المصَنِّفُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَيُقَالُ
__________
(1) الجرح والتعديل: 6 / 196.
(2) معجم الأدباء: 14 / 12 - 13، والزيادة منه.
(3) الاخشبان: جبلا مكة، أبو قبيس والاحمر، والاحمر اسمه: قعيقعان.
(4) انظر: معجم الأدباء: 14 / 13.
(*) الأنساب: 10 / 439، اللباب: 3 / 100.
والكشوري، بكسر الكاف، وسكون الشين، وفتح الواو: نسبة إلى كشور: من قرى صنعاء اليمن. ويقال بفتح كافها.(13/349)
لَهُ: عُبيد الكِشْوَرِيُّ الصَّنْعَانِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي غَسَّانَ، وَبَكْرِ بنِ الشَّرودِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ السِّمْسَارِ، وَعَبْدِ الحَمِيْدِ بنِ صُبَيْحٍ، وَلَمْ يَلحَقْ عَبْدَ الرَّزَّاقِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: خَيْثَمَةُ الأَطرَابُلُسِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ البَذَشِيُّ (1) ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ الجَمَّالُ، وَآخَرُوْنَ مِنَ الرَّحَّالينَ.
وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: تَارِيْخُ اليَمَنِ، وَقَدْ جَمَعَهُ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ: هُوَ عَالِمٌ حَافظٌ، لَهُ مُصَنَّفَاتٌ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
166 - ابْنُ رَزِيْنٍ العَلاَءُ بنُ أَيُّوْبَ المَوْصِلِيُّ
العَلاَءُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ رَزِيْنٍ الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، الحَافِظُ، أَبُو الفَضْلِ المَوْصِلِيُّ، صَاحِبُ (المُسْنَدِ) ، وَ (السُّنَنِ) ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ أَبِي خِدَاشٍ، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيِّ، وَأَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، وَخَلْقٍ.
وَكَانَ عَابِداً خَاشِعاً مُخْبِتاً (2) ، مِنْ أَحسنِ النَّاسِ صَوتاً بِالقُرْآنِ.
قَالهُ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ.
__________
(1) البذشي، بفتح الباء والذال: نسبة إلى بذش: قرية قرب بسطام. (اللباب) .
(2) الخبت: الخشوع والتواضع.
يقال: أخبت لله: خشع، وتواضع، واخبت إلى ربه، أيضا: اطمأن إليه. وفي التنزيل الحكيم، قال تعالى: (وبشر المخبتين) [الحج: 34] . قيل: هم المطمئنون، أو المتواضعون.(13/350)
167 - البَوْسِيُّ الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، الحَسَنُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الأَبْناوِيُّ (1) اليَمنِيُّ الصَّنْعَانِيُّ البَوْسِيُّ، صَاحِبُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، سَمِعَ مِنْهُ نَحْوَ خَمْسِيْنَ حَدِيْثاً، قَالَه الخَلِيْلِيُّ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ سَلَمَةَ القَطَّانِ، عَنْهُ: وَلدْتُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعْتُ مِنْ: عَبْدِ الرَّزَّاقِ سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَوَانَةَ فِي (صَحِيْحِهِ) ، وَأَحْمَدُ بنُ شُعَيْبٍ الأَنْطَاكِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَمَّالُ نَزِيْلُ بُخَارَى، وَحفيدُهُ عَبْدُ الأَعْلَى بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ البَوْسِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ سَلمَةَ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَعِدَّةٌ.
وَمَا عَلمتُ بِهِ بَأْساً.
وَالبَوْسِيُّ: بباءٍ مفتوحَةٍ وَسينٍ مُهْمَلَةٍ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَةَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
168 - ابْنُ بَرَّةَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَرَّةَ الصَّنْعَانِيُّ
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَهُوَ أَحَدُ الشُّيُوْخِ الأَرْبَعَةِ الَّذِيْنَ لَقِيَهُمُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
تُوُفِّيَ أَيْضاً: فِي سَنَةِ سِتٍّ (2) ، بِاليَمَنِ.
__________
(1) الابناوي: نسبة إلى الابناء وهم قوم يكونون باليمن من ولد الفرس. (الأنساب 1 / 122) .
(*) الأنساب: 1 / 123، و: 2 / 332، معجم البلدان: " بوس "، اللباب 1 / 187 (2) أي في سنة ست وثمانين ومئتين.(13/351)
169 - الشِّبَامِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سُوَيْدٍ
وَشِبَامُ: عَلَى مَرْحلَةٍ مِنْ صَنْعَاءَ.
أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ سُوَيْدٍ الشِّبَامِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ أَيْضاً.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَمَّالُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
170 - بِشْرُ بنُ مُوْسَى بنِ صَالِح بنِ شَيْخِ بنِ عَمِيْرَةَ الأَسَدِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَلِيٍّ الأَسَدِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: رَوْحِ بنِ عُبَادَةَ حَدِيْثاً وَاحِداً.
وَمِنْ: حَفْصِ بنِ عُمَرَ العَدَنِيِّ، وَالأَصْمَعِيِّ، وَهَوْذَةَ بنِ خَلِيْفَةَ، وَالحَسَنِ بنِ مُوْسَى الأَشْيَبِ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئِ، وَعَمْرِو بنِ حَكَّامٍ، وَعَبْدِ الصَّمَدِ بنِ حَسَّانٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَيَحْيَى بنِ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِيْنِيِّ (1) ، وَسَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَالحُمَيْدِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
__________
(*) الجرح والتعديل: 2 / 367، تاريخ بغداد: 7 / 86 - 88، طبقات الحنابلة: 1 / 121 - 221، المنتظم: 6 / 28، تذكرة الحفاظ: 2 / 611 - 612، عبر المؤلف: 2 / 80 - 81، البداية والنهاية: 11 / 85، طبقات الحفاظ: 270 - 271، شذرات الذهب: 2 / 196.
(1) السيلحيني، بفتح السين، وسكون الياء، وفتح اللام، وكسر الحاء، وسكون الباء الثانية: نسبة إلى سيلحين: قرية قديمة من سواد العراق. (اللباب) .(13/352)
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، وَابْنُ نَجِيْحٍ، وَأَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَخَلاَئِقُ.
وَهُوَ مِنْ بَيْتِ حِشْمَةٍ وَأَصَالَةٍ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَان ثِقَةً، أَمِيْناً، عَاقِلاً، رَكِيْناً (1) .
قَالَ ابْنُ المُقْرِئِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي خُبْزَةَ، سَمِعْتُ بِشْرَ بنَ مُوْسَى يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ أَبَا أُسَامَةَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، فَلَمْ أَحْفَظ عَنْهُ غَيْرَ هَذَا (2) .
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ (3) : سَمِعْتُ بِشْرَ بنَ مُوْسَى يَقُوْلُ:
ذهب بِي خَالِي حَيَّانُ بنُ بِشْرٍ الأَسَدِيُّ إِلَى يَحْيَى بنِ آدَمَ، وَصَلَّيْتُ خلفَ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ النَّحْوِيِّ، فَقَرَأَ سُوْرَةَ السَّجْدَةِ، فَسَجَدَ (4) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ الفَقِيْهُ: كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ يُكرمُ بِشْرَ بنَ مُوْسَى، وَكَتَبَ لَهُ إِلَى الحُمَيْدِيِّ إِلَى مَكَّةَ (5) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ: مَاتَ لأَربعٍ بَقِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) تاريخ بغداد: 7 / 86.
(2) المصدر السابق: 7 / 87.
(3) الخطبي، بضم الخاء، وفتح الطاء: نسبة إلى الخطب وانشائها. (اللباب) .
(4) تاريخ بغداد: 7 / 87.
(5) انظر المصدر السابق.(13/353)
قُلْتُ: عمِّرَ ثَمَانِياً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَفِي (القطيعيَاتِ) وَ (الغَيْلاَنِيَّاتِ) جُمْلَةٌ مِنْ عَوَالِيْهِ.
وَفِيْهَا تُوُفِّي: إِسْحَاقُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الرَّمْلِيُّ بِأَصْبَهَانَ (1) ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ (2) ، وَمُعَاذُ بنُ المُثَنَّى العَنْبَرِيُّ (3) ، وَعُثْمَانُ بنُ سَعِيْدِ بنِ بَشَّارٍ (4) ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّةِ.
171 - يَحْيَى بنُ عُثْمَانَ بنِ صَالِحِ بنِ صَفْوَانَ السَّهْمِيُّ * (ق) (5)
العَلاَّمَةُ، الحَافِظ، الأَخْبَارِيُّ، أَبُو زَكَرِيَّا السَّهْمِيُّ المِصْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ؛ عُثْمَانَ بنَ صَالِحٍ، وَسَعِيْدَ بنَ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ، وَنُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ، وَأَصْبَغ بنِ الفَرَجِ، وَالنَّضْرِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَإِسْحَاقِ بنِ بَكْرِ بنِ مُضَرَ، وَطَبَقَتِهِم مِنْ أَصْحَابِ اللَّيْثِ، وَابْنِ لَهِيْعَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ، وَعَبْدُ المُؤْمِنِ بنُ خَلَفٍ النَّسفِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَمْزَةَ الجمَّالُ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ الوَاعِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ كَامِلٍ، وَعَلِيُّ بنُ حَسَنِ بنِ قُدَيْدٍ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
__________
(1) ترجمته في: ذكر أخبار أصبهان: 1 / 217.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (574) ، برقم: (298)
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة: (527) برقم: (259)
(4) ستأتي ترجمته في الصفحة: (429) ، برقم: (214) .
(*) الجرح والتعديل: 9 / 175، المنتظم: 5 / 161، تهذيب الكمال: خ: 1511، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 162، ميزان الاعتدال: 4 / 396، تهذيب التهذيب: 11 / 257، خلاصة تذهيب الكمال: 426.
(5) زيادة من " تهذيب التهذيب ".(13/354)
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ عَالِماً بِأَخْبَارِ مِصْرَ، وَبموتِ العُلَمَاءِ، حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ، وَحَدَّثَ بِمَا لَمْ يَكُنْ يُوجدُ عِنْدَ غَيْرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَتَبَ عَنهُ أَبِي، وَتكلَّمُوا فِيْهِ (1) .
قُلْتُ: هَذَا جَرْحٌ غَيْرُ مُفَسَّرٍ، فَلاَ يُطَّرَحُ بِهِ مِثْلُ هَذَا العَالِمِ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
172 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ نَصْرِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الرَّازِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، أَبُو إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ، مُحَدِّثُ نُهَاوَندَ.
يَرْوِي عَنْ: أَبِي نُعَيْمٍ، وَعَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ رَجَاءٍ، وَحَجَّاجِ بنِ مِنهَالٍ، وَأَبِي الوَلِيْدِ، وَأَبِي حُذَيْفَةَ، وَالتَّبُوْذَكِيِّ، وَخَلْقٍ.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ أَوسٍ، وَالقَاسِمُ بنُ أَبِي صَالِحٍ، وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بنِ حَمْدَانَ.
قَالَ جَعْفَرُ بنُ أَحْمَد: سَأَلتُ أَبَا حَاتِمٍ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ، فَقَالَ: كَانَ مَعَنَا عِنْدَ أَبِي سَلَمَةَ بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ يُورِقُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ إِبْرَاهِيْمَ بنَ نَصْرٍ، لطولِ مُقَامِهِ بِالبَصْرَةِ، فتحَ بِهَا دُكَّاناً، وَقَدْ صَنَّفَ (المُسْنَدَ) وَقَدِمَ هَمْدَانَ وَحَدَّثَ بِهَا، وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ، عَالِي الإِسْنَادِ.
تُوُفِّيَ فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) الجرح والتعديل: 9 / 175. والزيادة منه.
(*) طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 28.(13/355)
قَالَ الخَلِيْلِيُّ: (مُسْنَدُهُ) نَيِّفٌ وثَلاَثُوْنَ جُزءاً، وَهُوَ صَدُوْقٌ.
سَمِعَ مِنْهُ: أَبُو الحَسَنِ القَطَّانُ، وَعَلِيُّ بنُ مَهْرَوَيْهِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَزِيْدِ الفَامِيُّ، وَجَدِّي أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَغَيْرهُم.
173 - إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ بنُ إِسْحَاقَ البَغْدَادِيُّ *
هُوَ: الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ بَشِيْرٍ (1) البَغْدَادِيُّ، الحَرْبِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمئَةٍ.
وطَلَبَ العِلْمَ وَهُوَ حَدَثٌ.
فسَمِعَ مِنْ: هَوْذَةَ بنِ خَلِيْفَةَ؛ وَهُوَ أَكْبَرُ شَيْخٍ لَقِيَهُ، وَعَفَّانَ بنِ مُسْلِمٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَعَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيِّ، وَأَبِي عُمَرَ الحَوْضيِّ، وَعُمَرَ بنِ حَفْصٍ، وَعَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَمُسَدَّدِ بنِ مُسَرْهَدٍ، وَمُوْسَى بنِ إِسْمَاعِيْلَ المِنْقَرِيِّ، وَشُعَيْبِ بنِ مُحْرِزٍ، وَأَبِي عُبَيْدٍ القَاسِمِ بنِ سَلاَّمٍ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَحْمَدَ بنِ شَبِيْبٍ، وَابْنِ نُمَيْرٍ، وَالحَكَمِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي مَعْمَرٍ المُقْعَدِ، وَأَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ،
__________
(*) الفهرست: المقالة السادسة: الفن السادس، تاريخ بغداد: 6 / 28 - 40، طبقات الفقهاء: 171، طبقات الحنابلة: 1 / 86 - 93، المنتظم: 6 / 3 - 7، معجم الأدباء: 1 / 112 - 129، اللباب: 1 / 355، إنباه الرواة: 1 / 155 - 158، تذكرة الحفاظ: 2 / 584 - 586، عبر المؤلف: 2 / 74، فوات الوفيات: 1 / 14 - 17، الوافي بالوفيات: 5 / 320 - 324، طبقات السبكي: 2 / 256 - 257، البداية والنهاية: 11 / 79، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 4 - 5، طبقات الحفاظ: 259، بغية الوعاة: 1 / 418، طبقات المفسرين: 1 / 5، شذرات الذهب: 2 / 190.
والحربي، بفتح الحاء، وسكون الراء: نسبة إلى محلة غربي بغداد، بها جامع وسوق. (اللباب)
(1) في: طبقات الحنابلة: 1 / 86: " بشر ".(13/356)
وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَسُرَيْجِ بنِ النُّعْمَانِ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَمُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ، وَخَلَفِ بنِ هِشَامٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَبُنْدَار، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْهُم: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ صَاعِدٍ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ السَّمَّاكِ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَعُمَرُ بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ القَطِيْعِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ العَبَّاسِ؛ وَالِدُ المُخَلِّصِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ الجَلاَّبُ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ، وَجَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الأَنْبَارِيُّ، وَأَبُو بَحْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَرْبَهَارِي، وَأَمثَالُهُم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ إِمَاماً فِي العِلْمِ، رَأْساً فِي الزُّهْدِ، عَارِفاً بِالفِقْهِ، بَصِيْراً بِالأَحْكَامِ، حَافِظاً لِلْحَدِيْثِ، مُمَيِّزاً لِعِلَلِهِ، قَيِّماً بِالأَدَبِ، جَمَّاعَةً لِلُغَةِ، صَنَّفَ (غَرِيْبَ الحَدِيْثِ) ، وَكُتُباً كَثِيْرَةً، وَأَصْلُهُ مِنْ مَرْو (1) .
رَوَى المُخَلِّصُ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي يَشْتَهِي أَنْ يَلْتَقِي إِبْرَاهِيْمَ، فَالتَقَيَا يَوْماً، وَتَذَاكَرَا، فَلَمَّا افتَرَقَا، سُئِلَ إِبْرَاهِيْمُ عَنْ إِسْمَاعِيْلَ.
فَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ: جَبَلٌ نُفِخَ فِيْهِ الرُّوْح.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ إِبْرَاهِيْمَ.
قُلْتُ: إِسْمَاعِيْلُ هُوَ ابْن إِسْحَاقَ القَاضِي، عَالِمُ العِرَاقِ.
ويُروِى أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ الحَرْبِيَّ لَمَّا دَخَلَ عَلَى إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، بَادَرَ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ القَاضِي إِلَى نَعْلِهِ، فَأَخَذَهَا، فَمَسَحَهَا مِنَ الغُبَارِ، فَدَعَا لَهُ، وَقَالَ: أَعَزَّكَ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو عُمَرَ، رُؤي فِي
__________
(1) تاريخ بغداد: 6 / 28.(13/357)
النَّوْمِ، فَقِيْلَ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: أَعَزَنِي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة بِدَعْوَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ العَطَّارُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ يَقُوْلُ: لاَ أَعِلْم عِصَابَةً خَيْراً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، إِنَّمَا يَغْدُو أَحَدُهُم، وَمَعَهُ مِحْبَرَةً، فَيَقُوْلُ: كَيْفَ فَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَيْفَ صَلَّى، إِيَّاكُم أَنْ تَجْلِسُوا إِلَى أَهْلِ البِدَعِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَقبَلَ بَبِدْعَةٍ لَيْسَ يُفْلِح.
وَقَالَ أَبُو أَيُّوْبَ الجَلاَّبُ سُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ:
يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ إِذَا سَمِعَ شَيْئاً مِنْ أَدَبِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ.
قَالَ: فَقِيْلَ لإِبْرَاهِيْمَ: إِنَّهُم يَقُوْلُوْنَ: صَاحِبُ السَّوْدَاءِ يَحْفَظ؟
قَالَ: لاَ، هِيَ أُخْتُ الْبَلْغَم، صَاحِبُهَا لاَ يَحْفَظُ شَيْئاً، إِنَّمَا يَحْفَظُ صَاحِب الصَّفرَاء.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ حَمْدُوَيْه البَزَّازُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيُّ يَقُوْلُ:
خَرَجَ أَبُو يُوْسُفَ القَاضِي يَوْماً - وَأَصْحَابُ الحَدِيْثِ عَلَى البَابِ - فَقَالَ: مَا عَلَى الأَرْضِ خَيْرٌ مِنْكُم، قَدْ جِئْتُم أَوْ بَكَّرْتُم تَسْمَعُوْنَ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
هِبَةُ اللهِ اللاَّلْكَائِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الصَقْرِ، سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ بنَ قُرَيْشٍ يَقُوْلُ:
حَضَرْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ - وَجَاءَهُ يُوْسُفُ القَاضِي، وَمَعَهُ ابْنُهُ أَبُو عُمَرَ - فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! لَوْ جِئْنَاكَ عَلَى مِقْدَارِ وَاجِبِ حَقِّكِ، لَكَانَتْ أَوقَاتُنَا كُلُّهَا عِنْدَكَ.
فَقَالَ: لَيْسَ كُلُّ غَيْبَةٍ جَفْوَةً، وَلاَ كُلُّ لِقَاءٍ مَوَدَّةً، وَإِنَّمَا هُوَ تَقَارُبُ القُلُوْبِ.
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارَ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ - وَحَدَّثَ عَنْ حُمَيْدِ بنِ زَنْجُوْيَة، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ العِجْلِيِّ بِحَدِيْثٍ - فَقَالَ:
اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللهَ ثُمَّ قَالَ: عِنْدِي(13/358)
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ صَالِحٍ قِمَطْر، وَلَيْسَ عِنْدِي عَنْ حُمَيْدٍ غَيْر هَذَا الطَّبَقِ، وَأَنَا أَحْمَدُ اللهَ عَلَى الصِّدْقِ (1) .
زَادَنِي فِيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: عَنِ الصَّفَّارِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! لَوْ قُلْتَ: فِيمَا لَمْ تَسْمَعْ: سَمِعْتُ، لمَا أَقْبَلَ اللهُ بِهَذِهِ الوُجُوْهِ عَلَيْكَ.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحٍ القَاضِي يَقُوْلُ: لاَ نَعْلَمُ بَغْدَادَ أَخْرَجَتْ مِثْلَ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ، فِي الأَدَبِ وَالفِقْهِ وَالحَدِيْثِ وَالزُّهْدِ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ كِتَاباً فِي غَرِيْبِ الحَدِيْثِ، لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْه (2) .
قَالَ القَاضِي أَبُو المُطَرِّفِ بنُ فُطَيْسٍ: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ المُقْرِئَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ بَيَانٍ البَغْدَادِيَّ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ - وَلَمْ يَكُنْ فِي وَقْتِهِ مِثْلُهُ - يَقُوْلُ، وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الاسْمِ وَالمُسَمَّى:
لِي مُذْ أُجَالسُ أَهْلِ العِلْمِ سَبْعُوْنَ سَنَةً، مَا سَمِعْتُ أَحَداً مِنْهُم يَتَكَلَّمُ فِي الإِسمِ وَالمُسَمَّى (3) .
عُمَرُ بنُ عِرَاكٍ المُقْرِئُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المَوْلِدِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَائِشَةَ فِي مَسْجِدِهِ، إِذْ طَرَقَهُ سَائِلٌ، فَسَأَلَهُ شَيْئاً، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يُعْطِيه،
__________
(1) زاد هنا في: " تاريخ بغداد ": " قال أبو عبد الله الحافظ: زادني ... "
(2) تاريخ بغداد: 6 / 30.
(3) وفصل القول في هذه المسألة: أن الاسم يراد به المسمى؟ ؟ رة، ويراد به اللفظ الدال عليه أخرى.
فإذا قلت: قال الله: كذا أو: سمع الله لمن حمده، ونحو ذلك، فهذا المراد به " المسمى " نفسه.
وإذا قلت: " الله " اسم عربي، والرحمن اسم عربي، والرحيم من أسماء الله تعالى، ونحو ذلك، فالاسم ها هنا هو المراد لا المسمى، ولا يقال غيره، لما في لفظ " الغير " من الاجمال، فإن أريد بالمغايرة أن اللفظ غير المعنى، فحق، وإن أريد أن الله سبحانه كان، ولا اسم له، حتى خلق لنفسه أسماء، أو حتى سماه خلقه بأسماء من صنعهم، فهذا من الخطأ المجانب للصواب.(13/359)
فَدَفَعَ إِلَيْهِ خَاتَمَهُ، فَلَمَّا أَنْ وَلَّى السَّائِلُ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ: لاَ تَظُنُّ أَنِّي دَعَوْتُكَ ضِنَّةً مِنِّي بِمَا أَعْطَيْتُكَ، إِنَّ هَذَا الفَصَّ شِرَاؤُهُ عَلَيَّ خَمْس مائَة دِيْنَارٍ، فَانْظُرْ كَيْفَ تُخْرِجُهُ.
فَضَرَبَ السَّائِل بِيَدِهِ إِلَى الخَاتَمِ، فَكَسَرَهُ، وَرَمَى بِالفَصِّ إِلَيْهِ، وَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي فَصِّكَ، هَذِهِ الفِضَّةُ تَكْفِيْنِي لِقُوتِي وَقُوتِ عِيَالِي اليَوْمَ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ ثَعْلَبٌ: مَا فَقَدْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيَّ مِنْ مَجْلِسِ لُغَةٍ وَلاَ نَحْوٍ، مِنْ خَمْسِيْنَ سَنَةً (1) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: سَأَلت الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيّ، فَقَالَ: كَانَ يُقَاس بِأَحْمَد بن حَنْبَلٍ فِي زُهده وَعلمه وَوَرَعه (2) .
وَقِيْلَ: إِنَّ الْمُعْتَضد نفَّذ إِلَى إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ بِعَشْرَةِ آلاَف، فَرَدَّهَا، ثُمَّ سيَّر لَهُ مَرَّةً أُخْرَى أَلف دِيْنَار، فَرَدَّهَا (3) .
وَرَوَى أَبُو الفَضْلِ عُبَيْد اللهِ الزُّهْرِيّ، عَنْ أَبِيْهِ؛ عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيّ، قَالَ:
مَا أَنشدت بيتاً قَطُّ إِلاَّ قَرَأْت بَعْدَهُ: {قل هُوَ الله أَحَد} ثَلاَثاً (4) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَإِبْرَاهِيْم إِمَام بَارِع فِي كُلِّ عِلْم، صَدُوْقٌ.
أَبُو ذَرّ الهَرَوِيّ: سَمِعْتُ أَبَا طَاهِر المُخَلِّص، سَمِعْتُ أَبِي: سَمِعْتُ
__________
(1) معجم الأدباء: 1 / 118.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 585.
(3) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 32، و: إنباه الرواة: 1 / 157.
(4) تاريخ بغداد: 6 / 39.(13/360)
إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيّ، وَكَانَ وَعدنَا أَنْ يُملَّ عَلَيْنَا مَسْأَلَة فِي الاسْم وَالمسمَّى، وَكَانَ يجْتَمع فِي مَجْلِسه ثَلاَثُوْنَ أَلْفَ مِحْبرَة، وَكَانَ إِبْرَاهِيْم مُقِلاًّ، وَكَانَتْ لَهُ غرفَة، يصعد، فَيُشرف مِنْهَا عَلَى النَّاسِ، فِيْهَا كُوَّة إِلَى الشَّارع، فَلَمَّا اجتَمَع النَّاس، أشرف عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُم:
قَدْ كُنْت وَعدتكُم أَن أُملِي عليكُم فِي الإسْم وَالمسمَّى، ثُمَّ نظرت فَإِذَا لَمْ يتقدمنِي فِي الكَلاَمِ فِيْهَا إِمَام يُقتدَى بِهِ، فرَأَيْت الكَلاَم فِيْهِ بِدعَة، فَقَامَ النَّاس، وَانصرفُوا، فَلَمَّا كَانَ يَوْم الجُمُعَة، أَتَاهُ رَجُل، وَكَانَ إِبْرَاهِيْم لاَ يقْعد إِلاَّ وَحده، فَسَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ المَسْأَلَة، فَقَالَ: أَلم تحضر مجلسنَا بِالأَمس؟
قَالَ: بَلَى.
فَقَالَ: أَتعرف العِلْم كُلّه؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَاجعل هَذَا مِمَّا لَمْ تعرف.
وبَالإِسْنَاد: قَالَ إِبْرَاهِيْمُ: مَا انْتَفَعت مِنْ علمِي قَطُّ إِلاَّ بنِصْف حبَّة، وَقفت عَلَى إِنسَان، فَدفعت إِلَيْهِ قطعَة أشترِي حَاجَة، فَأَصَاب فِيْهَا دَانقاً، إِلاَّ نِصْف حبَّة، فسأَلنِي عَنْ مَسْأَلَة، فَأَجبته، ثُمَّ قَالَ للغُلاَم: أَعطِ أَبَا إِسْحَاق بدَانقٍ، وَلاَ تحطُّه بنِصْف حبَة (1) .
وسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَقمت ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، كُلّ لَيْلَة إِذَا أَويت إِلَى فِرَاشِي، لَوْ أَعطيت رغيفيّ جَارتِي لاَحتجت إِليهمَا (2) .
وَيُرْوَى: أَن إِبْرَاهِيْم لمَا صَنّف (غَرِيْب الحَدِيْث) وَهُوَ كِتَاب نَفِيس كَامِل فِي مَعْنَاهُ.
قَالَ ثَعْلَب: مَا لإِبْرَاهِيْم وَغَرِيْب الحَدِيْث؟! رَجُل مُحَدِّث، ثُمَّ حضَر مَجْلِسه، فَلَمَّا حضَر المَجْلِس سجد ثَعْلَب، وَقَالَ: مَا ظَنَنْت أَن عَلَى وَجه الأَرْض مِثْل هَذَا الرَّجُل.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 33 - 34.
(2) انظر الخبر مفصلا في: تاريخ بغداد: 6 / 31.(13/361)
قَالَ أَبُو ذَرّ الهَرَوِيّ: حَكَى لِي بَعْض أَصْحَابِنَا بِبَغْدَادَ، أنّ إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ كَانَ سَمِعَ مَسَائِل ابْن القَاسِمِ عَلِيّ بن الحَارِثِ بنِ مِسْكِيْن، وَحصل سَمَاعه مَعَ رَجُل، ثُمَّ مَال إِلَى طَرِيْقَة الكَلاَم، فَلَمْ يَسْتَعرهَا مِنْهُ إِبْرَاهِيْم، وَرجع، فسَمِعَهَا مِنَ الحَسَن بن عَبْدِ العَزِيْزِ الجَرَوِيّ (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي الْغمر، عَنِ ابْنِ القَاسِمِ.
قُلْتُ: نعم، يظْهر فِي تَصَانِيْف الحَرْبِيّ أَنَّهُ ينَزلَ فِي أَحَادِيْث، وَيكثر مِنْهَا، وَهَذَا يدلّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ طَلابَةً لِلْعِلْمِ.
وَرَوَى المُخَلِّص، عَنْ أَبِيْهِ: أَن الْمُعْتَضد بعثَ إِلَى إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ بِمَالٍ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ أَوحش ردّ، وَقَالَ: ردَّهَا إِلَى مِنْ أخذتهَا مِنْهُ، وَهُوَ محتَاج إِلَى فلس (2) .
وَكَانَ لاَ يغسل ثَوْبه إِلاَّ فِي كُلِّ أَرْبَعَة أشهر مرَّة.
وَلَقَدْ زلق مرَّة فِي الطين، فَلَقَدْ كُنْت أَرَى عَلَيْهِ أَثَر الطين فِي ثَوْبه إِلَى أَن غسله.
قَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّمِيْمِيّ الحَنْبَلِيّ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ العَتَكِيّ، قَالَ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيّ يَقُوْلُ لجَمَاعَة عِنْدَهُ:
مِنْ تعدُّوْنَ الغَرِيْب فِي زمَانكُم؟
فَقَالَ رَجُلٌ: الغَرِيْب مِنْ نَأْى عَنْ وَطَنه.
وَقَالَ آخِر: الغَرِيْب مِنْ فَارق أَحبَابه.
فَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ: الغَرِيْب فِي زَمَانِنَا: رَجُل صَالِح، عَاشَ بَيْنَ قَوْمٍ صَالحين، إِن أَمر بِمَعْرُوفٍ آزروهُ، وَإِن نَهَى عَنْ مُنكر أَعَانوهُ، وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى سَبَبٍ مِنَ الدُّنْيَا مَانوهُ، ثُمَّ مَاتُوا وَتركوهُ (3) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيّ: أَتينَا إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ، وَهُوَ جَالس
__________
(1) انظر ترجمته، والحديث عن نسبته في: الأنساب: 3 / 237 - 239.
(2) تقدم مثل هذا قبل قليل.
(3) طبقات الحنابلة: 1 / 89.(13/362)
عَلَى بَاب دَاره، فَسَلَّمْنَا وَجلسنَا، فَجَعَلَ يُقْبِل عَلَيْنَا، فَلَمَّا أكثرنَا عَلَيْهِ، حَدَّثَنَا حَدِيْثَيْنِ، ثُمَّ قَالَ لَنَا: مَثَلُ أَصْحَاب الحَدِيْث مَثل الصَّيَّاد الَّذِي يُلقي شَبكَته فِي المَاءِ، فَيجْتَهد، فَإِنْ أَخرج سمَكة، وَإِلاَّ أَخرج صخرَةً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْم: حَدَّثَنَا شَيْخ لَنَا، قَالَ: قِيْلَ لإِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ: هَلْ كسبت بِالعِلْمِ شَيْئاً؟
قَالَ: كسبت بِهِ نِصْف فَلْس: كَانَتْ أُمِّي تجرِي عليّ كُلّ يَوْم رَغِيْفَيْنِ، وَقطيعَة فِيْهَا نِصْف دَانق، فَخَرَجت فِي يَوْمِ ذِي طين، وَأَجمع رأْيِي عَلَى أَنْ آكل شَيْئاً حُلواً، فَلَمْ أَرَ شَيْئاً أَرخص مِنَ الدّبس، فَأَتيت بقَّالاً، فَدفعت إِلَيْهِ القُطَيعَة فَإِذَا فِيْهَا قيرَاط إِلاَّ نِصْف فَلْس، وَتذَاكرنَا حَدِيْث السَّخَاء وَالكرم.
فَقَالَ البَقَّال: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! أَنْتَ تكْتب الأَخْبَار وَالحَدِيْث، حَدِّثْنَا فِي السخَاء بِحَدِيْث.
قُلْتُ: نعم، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شَيْخ لَهُ قَالَ:
خَرَجَ عَبْد اللهِ بن جَعْفَرٍ إِلَى ضِيَاعه ينظر إِلَيْهَا، فَإِذَا فِي حَائِطٍ لنَسِيْب لَهُ عبد أَسْوَد، بِيَدِهِ رَغِيف وَهُوَ يَأْكُل لقمَة، وَيطرح لكَلْب لقمَة، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ اسْتحسنه، فَقَالَ: يَا أَسْوَد! لمَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: لمُصْعَب بن الزُّبَيْرِ.
قَالَ: وَهَذِهِ الضيعَة لِمَنْ؟
قَالَ: لَهُ.
قَالَ: لَقَدْ رَأَيْت مِنْكَ عجباً، تَأَكل لقمَة، وَتطرح لِلْكَلْبِ لقمَة؟!
قَالَ: إِنِّيْ لأَستحيي مِنْ عين تنظر إِليَّ أَنْ أَوثر نَفْسِي عَلَيْهَا.
قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَاشترَى الضَّيعَة وَالعبد، ثُمَّ رَجَعَ، وَإِذَا بِالعبد.
فَقَالَ: يَا أَسْوَد! إِنِّيْ قَدِ اشْتَرَيْتُك مِنْ مُصْعَب.
فَوَثَبَ قَائِماً، وَقَالَ: جعلنِي الله عَلَيْك مَيْمُوْنَ الطَّلعَة.
قَالَ: وَإِنِّيْ اشْتريت هَذِهِ الضيعَة.
فَقَالَ: أَكمل الله لَكَ خَيْرهَا.
قَالَ: وَإِنِّيْ أُشهد أَنَّك حُرُّ لوجه الله.
قَالَ: أَحسن الله جزَاءك.
قَالَ: وَأُشهد الله أَنَّ الضَّيعَة مِنِّي هديَّة إِلَيْك.
قَالَ: جَزَاكَ اللهُ بِالحسنَى.
ثُمَّ قَالَ العَبْد: فَأُشهد الله وَأُشهدك أَنَّ هَذِهِ الضَّيعَة وَقْفٌ مِنِّي عَلَى الفُقَرَاء.(13/363)
فَرَجَعَ وَهُوَ يَقُوْلُ: العَبْد أَكرم منَّا (1) .
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ إِسْحَاقَ الجَلاَّبُ: سَمِعْتُ الحَرْبِيّ يَقُوْلُ:
الأَبْوَاب تبنَى عَلَى أَرْبَع طبقَات: طبقَة المُسْنَد، وَطبقَة الصَّحَابَة، وَطبقَة التَّابِعِيْنَ، فيقدَّم كِبَارهُم، كعَلْقَمَة وَالأَسْوَد، وَبعدهُم مَنْ هُوَ أَصغر مِنْهُم، وَبعدهُم تَابع التَّابِعِيْنَ، مِثْل سُفْيَان، وَمَالِك، وَالحَسَن بن صَالِحٍ، وَعُبَيْد اللهِ بن الحَسَنِ، وَابْن أَبِي لَيْلَى، وَابْن شُبْرُمَة، وَالأَوْزَاعِيّ.
وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيّ، قَالَ: النَّاسُ عَلَى أَرْبَع طبقَات: مَليح يَتملَّح، وَمَليح يَتَبَغَّض، وَبَغِيضٌ يَتَمَلَّح، وَبغيضٌ يتبغَّض، فَالأَوّل: هُوَ المُنى، الثَّانِي: يحْتَمل، وَأَمَّا بَغِيض يتملَّح، فَإِنِّي أَرحمه، وَأَمَّا الْبَغِيض، الَّذِي يتبغض، فَأَفرُّ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَال فِي أَخْبَار إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ: نقُلْتُ مِنْ كِتَاب ابْن عتَّاب: كَانَ إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ رَجُلاً صَالِحاً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، بلغه أَنّ قَوْماً مِنَ الَّذِيْنَ كَانُوا يجَالسونه يفضِّلونه عَلَى أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، فوقفهُم عَلَى ذَلِك، فَأَقَرُّوا بِهِ، فَقَالَ: ظلمتمونِي بتفضيلكُم لِي عَلَى رَجُل لاَ أُشْبِهُه، وَلاَ أَلحق بِهِ فِي حَال مِنْ أَحْوَاله، فَأُقسم بِاللهِ، لاَ أُسمعكُم شَيْئاً مِنَ العِلْم أَبَداً، فَلاَ تَأَتونِي بَعْد يَوْمكُم.
مَاتَ الحَرْبِيّ بِبَغْدَادَ، فدُفن فِي دَاره يَوْم الإثْنَيْن، لسبع بَقِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فِي أَيَّام المعْتَضِد.
قَالَ المَسْعُوْدِيّ: كَانَتْ وَفَاة الحَرْبِيّ المُحَدِّث الفَقِيْه فِي الجَانب
__________
(1) انظر رواية تاريخ بغداد: 6 / 34، ومعجم الأدباء: 1 / 119 - 120.(13/364)
الغربِي، وَلَهُ نَيِّف (1) وَثَمَانُوْنَ سَنَةً ... وَكَانَ صَدُوْقاً، عَالِماً، فَصِيْحاً، جَوَاداً، عَفِيْفاً، زَاهِداً، عَابِداً، نَاسِكاً، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ ضَاحك السِّنّ، ظَرِيف الطَّبْع ... وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ تكبُّر وَلاَ تجبُّر، رُبَّمَا مَزح مَعَ أصدقَائِه بِمَا يُسْتَحسن (2) مِنْهُ، وَيستقبح مِنْ غَيْره، وَكَانَ شَيْخ البَغْدَادِيِّيْنَ فِي وَقته، وَظريفهُم، وَزَاهدهُم، وَنَاسكهُم، وَمسنِدَهُم فِي الحَدِيْثِ، وَكَانَ يتفقَّه لأَهْل العِرَاق، وَكَانَ لَهُ مَجْلِس فِي الجَامع الغربِي يَوْم الجُمُعَة، فَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيْم بن جَابِر، قَالَ: كُنْتُ أَجلس فِي حَلْقَة إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ، وَكَانَ يجلسُ إِلَيْنَا غُلاَمَان فِي نهَايَة الحُسَن وَالجمَال مِنَ الصورَة وَالبِزَّة (3) ، وَكَأَنَّهُمَا روح (4) فِي جسدٍ، إِن قَامَا قَامَا مَعاً، وَإِنْ حضَرَا، فكَذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الْجمع، حضَر أَحَدهُمَا وقَدْ بَان الاصفرَار بِوَجْهِهِ وَالاَنكسَار فِي عَيْنَيْهِ ... ، فَلَمَّا كَانَتِ الجمعَة الثَّانِيَة، حضَر الغَائِب، وَلَمْ يحضر الَّذِي جَاءَ فِي الجمعَة الأُوْلَى مِنْهُمَا، وَإِذِ الصُّفْرَة وَالاَنكسَار بَيّنَ (5) فِي لَونه ... وَقُلْتُ: إِن ذَلِكَ للفرَاق الوَاقع بينهُمَا، وَذَلِكَ للأُلفَة الجَامعَة لَهُمَا، فَلَمْ يزَالاَ يتسَابقَان فِي كُلِّ جمعَةٍ إِلَى الحلقَة، فَأَيهُمَا سبق إِلَى الحلقَة لَمْ يَجْلِس الآخر ... فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ الجُمع حضَر أَحَدهُمَا فَجَلَسَ إِلَيْنَا ثُمَّ جَاءَ الآخر فَأَشْرَف عَلَى الْحلقَة، فَوَجَد صَاحِبَه قَدْ سبق، وَإِذَا الْمَسْبُوق قَدْ أَخذته (6) العبرَة، فَتبينت ذَلِكَ مِنْهُ فِي دَائِرَة (7) عَيْنَيْهِ، وَإِذَا فِي يُسرَاهُ رِقَاع صغَار
__________
(1) في " مروج الذهب ": " خمس ".
(2) في الأصل: " يستحيى "، وما أثبتناه هو الصواب، والموافق لما في " المروج ".
(3) في " مروج الذهب " زيادة هنا: " من أبناء التجار من الكرخيين، وبزتهما واحدة ".
(4) في " المروج ": " روحان ".
(5) في " المروج ": " أبين ".
(6) في " المروج ": " خنقته ".
(7) في " المروج ": " حماليق ".(13/365)
مَكْتُوبَة، فَقبض بيمِينه رُقعَة مِنْهَا، وَحذف بِهَا فِي
وَسط الحلقَة، وَانسَاب بَيْنَ النَّاس مُستخفياً (1) ، وَأَنَا أَرْمقه، وَكَانَ ثَمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بن حَرْبَوَيْه، فَنشر الرُّقعَة وَقرأَهَا ... وَفِيْهَا دعَاء، أَنْ يدعُو لصَاحبهَا مَرِيْضاً كَانَ أَوْ غَيْر ذَلِكَ، وَيُؤمِّن عَلَى الدُّعَاء مِنْ حضَر، فَقَالَ الشَّيْخُ: اللَّهُمَّ اجْمَعْ بينهُمَا، وَأَلَّف قُلُوْبهُمَا، وَاجعل ذَلِكَ فِيمَا يُقرَّب مِنْكَ، وَيُزْلِف لديك.
وَأَمَّنُوا عَلَى دعَائِه ثُمَّ طوَى الرُّقعَة وَحذفنِي بِهَا، فتَأَملت مَا فِيْهَا ... فَإِذَا فِيْهَا مَكْتُوب:
عفَا الله عَنْ عبدٍ أَعَانَ بدعوَةٍ ... لِخِلَّيْنِ كَانَا دَائِمِين عَلَى الوُدِّ
إِلَى أَنْ وَشَى وَاشِي الهوَى بنمِيمَةٍ ... إِلَى ذَاكَ مِنْ هَذَا فَحَالاَ عَن العهدِ
فلَمَّا كَانَ فِي الجمعَة الثَّانِيَة حضَرَا جَمِيْعاً، وَإِذَا الاصفرَار وَالاَنكسَار قَدْ زَالَ.
فَقُلْتُ لابْن حَرْبَوَيْه: إِنِّيْ أَرَى الدعوَة قَدْ أُجيبت، وَأَنَّ دعَاء الشَّيْخ كَانَ عَلَى التمَام، فَلَمَّا كَانَ فِي تِلْكَ السّنَة كُنْت فِيْمَنْ حَجَّ فَكَأَنِّيْ أَنظر إِلَى الغُلاَمِين مُحْرِمَيْنِ ... بَيْنَ مِنَى وَعَرَفَة، فَلَمْ أَزل أَرَاهُمَا متآلفين إِلَى أَنْ تكهَّلا (2) .
قَالَ الْقِفْطِي فِي (تَارِيْخ النُّحَاة) لَهُ: كَانَ إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ رَأْساً فِي الزُّهْدِ، عَارِفاً بالمذَاهب، بَصِيْراً بِالحديث، حَافِظاً لَهُ ... لَهُ فِي اللُّغَة كِتَاب (غَرِيْب الحَدِيْث) ، وَهُوَ مِنْ أَنفس الكُتُب وَأَكْبَرهَا فِي هَذَا النَّوْع (3) .
__________
(1) في " المروج ": " مارا مستحيا ".
(2) انظر الخبر مفصلا في: مروج الذهب: 2 / 482 - 483. وتتمة الخبر فيه: " وأرى أنهما في صف أصحاب الديباج في الكرخ أو غيره من الصفوف ".
(3) انظر نص القفطي: 1 / 155.(13/366)
أَبُو الحَسَنِ بنُ جَهْضَم - وَاهٍ - حَدَّثَنَا جَعْفَر الخُلْدِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ بنِ مَاهَان: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بن إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
أَجْمَع عُقَلاَء كُلِّ مِلَّة أَنَّهُ مَن لَمْ يجر مَعَ القَدَرِ لَمْ يتهنَّأ بِعَيْشِهِ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: قمِيصي أَنظفُ قَمِيْصٍ، وَإِزَارِي أَوسَخُ إِزَارٍ، مَا حَدَّثْتُ نَفْسِي أَنَّهُمَا يَسْتَويَان قَطُّ، وَفرد عَقِبِي (1) صَحِيْح وَالآخرُ مَقْطوع، وَلاَ أُحَدِّث نَفْسِي أَنِّي أُصْلِحْهُمَا، وَلاَ شَكَوْتُ إِلَى أَهْلِي وَأَقَاربِي حُمى أَجدُهَا، لاَ يغم الرَّجُل نَفْسه وَعيَالَه، وَلِي عَشْرُ سِنِيْنَ أُبْصِرُ بِفَرْدِ عَيْنٍ، مَا أَخبرتُ بِهِ أَحَداً، وَأَفنيتُ مِنْ عُمُرِي ثَلاَثِيْنَ سَنَةً برَغِيْفَيْنِ، إِنْ جَاءتَنِي بِهِمَا أُمِّي أَوْ أُختِي، وَإِلاَّ بقيتُ جَائِعاً إِلَى اللَّيْلَة الثَّانِيَة، وَأَفنيتُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً برغيفٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، إِن جَاءتْنِي امرأَتِي أَوْ بَنَاتِي بِهِ، وَإِلاَّ بقيتُ جَائِعاً، وَالآنَ آكُلُ نِصْفَ رغِيْفٍ وَأَربعَ عَشْرَةَ تمرَةً، وَقَامَ إِفطَارِي فِي رَمَضَانَ هَذَا بِدِرْهَمٍ وَدَانَقَيْن وَنِصْف (2) .
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ بُكَيْرٍ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيّ يَقُوْلُ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ مِنْ هَذِهِ الأَطْبِخَة شَيْئاً، كُنْتُ أَجِيْء مِنْ عَشِي إِلَى عَشِي، وَقَدْ هَيَأتْ لِي أُمِّي باذِنْجَانَة مشويَةً، أَوْ لُعْقَة بِن (3) ، أَوْ باقَةَ (4) فجْلٍ (5) .
مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ العُكْبَرِيّ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيّ يَقُوْلُ:
مَا تَرَوَّحْتُ وَلاَ رُوِّحْتُ قَطُّ، وَلاَ أَكَلتُ مِنْ شَيْء فِي يَوْمِ مَرَّتين (6) .
__________
(1) العقب هنا: النعل، على سبيل المجاز.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 30 - 31، وطبقات الحنابلة: 86 - 87، معجم الأدباء: 1 / 113 - 115.
(3) البن، بكسر الباء: الطبقة من؟ ؟ سحم.
(4) الباقة: الحزمة من البقل، وكثيرا ما تستخدم خطأ للحزمة من الورود والريحان وغيرهما من الورد، والصواب في الثانية: " الطاقة ".
(5) تاريخ بغداد: 6 / 31.
(6) المصدر السابق.(13/367)
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ سَمْعُوْنَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سُلَيْمَانَ القَطِيْعِيّ قَالَ:
أَضَقْتُ إِضَاقَةً، فَأَتيتُ إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ لأَبُثَّهُ (1) .
فَقَالَ لِي: لاَ يضيق صَدْرك، فَإِنَّ اللهَ مِن وَرَاء المَعُونَة، فَإنِّي أَضَقْتُ مَرَّةً، حَتَّى انْتَهَى امرِي إِلَى أَنْ عدم عيَالِي قوتَهُم، فَقَالَتِ الزَّوْجَة: هبْ أَنِّي أَنَا وَأَنْت نَصْبِرُ، فَكَيْفَ بِالصَّبِيَّتين؟ هَاتِ شَيْئاً مِنْ كُتُبِك نَبيعُه أَوْ نرهنُه، فَضَنِنْتُ بِذَلِكَ، وَقُلْتُ: أَقْتَرِضُ غَداً، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل، دُقَّ البَابُ، فَقُلْتُ: مِنْ ذَا؟
قَالَ رَجُلٌ مِنَ الجيرَان، فَأَطفئ السَّرَّاج حَتَّى أَدْخَلَ.
فكببتُ شَيْئاً عَلَى السَّرَّاج، فَدَخَلَ، وَتركَ شَيْئاً، وَقَامَ، فَإِذَا هُوَ مِنديل فِيْهِ أَنواعٌ مِنَ المآكِل، وَكَاغَدٌ (2) فِيْهِ خَمْسُ مائَة دِرْهَمٍ، فَأَنبهْنَا الصِّغَار وَأَكلُوا، ثُمَّ مِنَ الغَدِ (3) ، إِذَا جَمَّال يَقُود جَمَلين، عَلَيْهِمَا حملاَن وَرقاً، وَهُوَ يسأَل عَنْ مَنْزِلِي، فَقَالَ: هَذَانِ الجملاَن أَنفذَهُمَا لَكَ رَجُل مِنْ خُرَاسَان، وَاسْتَحْلَفَنِي أَنْ لاَ أَقُول مَنْ هُوَ (4) .
إِسْنَادُهَا مُرْسَل.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ الحَافِظُ: لاَ تَرَى عَينَاك مِثْل إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ، إِمَام الدُّنْيَا، لَقَدْ رَأَيْتُ، وَجَالَسْتُ العُلَمَاء، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَكملَ مِنْهُ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحٍ القَاضِي يَقُوْلُ: لاَ نعِلْم بَغْدَاد أَخرجتْ مِثْل إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ فِي الأَدب وَالفِقْه وَالحَدِيْث وَالزُّهْد.
قُلْتُ: يُرِيْد مَنْ اجْتَمَع فِيْهِ هَذِهِ الأُمُورُ الأَرْبَعَةُ.
__________
(1) البث: شدة الحزن، كأنه من شدته يبثه صاحبه.
(2) الكاغد: القرطاس. لفظ فارسي معرب.
(3) في: تاريخ بغداد: " ولما كان من الغد ".
(4) انظر: تاريخ بغداد: 6 / 31 - 32، والزيادة منه.(13/368)
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ الخَلِيْلِ: سَمِعْتُ الحَرْبِيّ يَقُوْلُ: فِي كتاب أبي عبيد (غَرِيْب الحَدِيْث) ثَلاَثَةٌ وَخمسُوْنَ حَدِيْثاً لَيْسَ لَهَا أَصل (1) .
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: الحَرْبِيّ إِمَامٌ، مصَنِّف، عَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ، بارِعٌ فِي كُلِّ علمٍ، صَدُوْقٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ الحَرْبِيّ يَقُوْلُ: عِنْدِي عَنْ عَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ قِمَطْر، وَلاَ أُحَدِّث عَنْهُ بِشَيْءٍ، لأَنِي رَأَيْتهُ المَغْرِبَ وَبِيَدِهِ نَعْله مبَادِراً، فَقُلْتُ: إِلَى أَيْنَ؟
قَالَ: أَلحق الصَّلاَة مَعَ أَبِي عَبْدِ اللهِ.
فَظننتُه يَعْنِي أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ أَبُو عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: ابْن أَبِي دؤَاد (2) .
وَقِيْلَ: إِنَّ المُعْتَضِد لَمَّا نَفَّذَ إِلَى الحَرْبِيّ بِالعَشْرَة آلاَف فَرَدَّهَا، فَقِيْلَ لَهُ: فَفَرِّقْهَا، فَأَبَى، ثُمَّ لمَا مَرِضَ، سَيَّرَ إِلَيْهِ المعتضدُ أَلْفَ دِيْنَارٍ، فَلَمْ يقبلْهَا، فَخَاصَمَتْه بنتُه، فَقَالَ: أَتخشين إِذَا مِتُّ الفَقْر؟
قَالَتْ: نعم.
قَالَ: فِي تِلْكَ الزَّاويَة اثْنَا عَشرَ أَلْفَ جُزْءٍ حديثيَةٍ وَلُغَويَّةٍ وَغَيْر ذَلِكَ كتبتُهَا
__________
(1) تاريخ بغداد: 6 / 35 - 36، والزيادة منه، وتتمة الخبر فيه: " قد علمت عليها في كتاب السروي ".
ولهذا لا يجوز لطالب العلم أن يعتمد على الأحاديث المنثورة في كتب الغريب جميعا دونما بحث عن من خرجها، وفحص لأسانيدها.
(2) انظر الخبر في: تاريخ بغداد: 6 / 37، وميزان الاعتدال: 3 / 138.
وعد صلته بابن أبي دؤاد وقبول الجائزة منه قدحا في حقه، من التهور البالغ الذي يستوجب قائله الذم والتوبيخ والتقريع، ونسبة تضعيف قيس بن أبي حازم إليه، ردها الخطيب في " تاريخه ".
وقد قال المؤلف - رحمه الله - في " ميزانه ": 3 / 141، وهو بصدد الرد على العقيلي: ثم ما كل أحد فيه بدعة، أوله هفوة أو ذنوب يقدح فيه بما يوهن حديثه، ولا من شرط الثقة أن يكون معصوما من الخطايا والخطأ، بل فائدة ذكرنا كثيرا من الثقات الذين فيهم أدنى بدعة أو لهم أوهام يسيرة في سعة علمهم أن يعرف أن غيرهم أرجح منهم وأوثق إذا عارضهم أو خالفهم.
وأما علي بن المديني، فإليه المنتهى في معرفة علل الحديث النبوي، مع كمال المعرفة بنقد الرجال، وسعة الحفظ والتبحر في هذا الشأن، بل لعله فرد زمانه في معناه.(13/369)
بخطِّي، فَبِيعِي مِنْهَا كُلَّ يَوْم جُزءاً بِدِرْهَم وَأَنفَقِيْه.
نَقَلَ الخَطِيْبُ (1) ، وَطَائِفَةٌ: أَنَّ الحَرْبِيّ تُوُفِّيَ: لسبع بَقِيْنَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُه مشهودَةً، صَلَّى عَلَيْهِ يُوْسُف القَاضِي، صَاحِبُ كِتَاب (السُّنَن) ، وَقبرُه يُزَارُ بِبَغْدَادَ.
وَفِيْهَا مَاتَ: إِسْحَاق الدَّبَرِي (2) ، صَاحِبُ عَبْد الرَّزَّاقِ، وَعُبَيْد بن عَبْدِ الوَاحِدِ البَزَّار (3) ، وَأَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ المُبَرِّد (4) .
أَخْبَرَتْنَا أُمُّ عَبْد اللهِ (5) زَيْنَبُ بِنْتُ عليّ الصَّالِحيَة سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ قُدَامَةَ، فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَة، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُوَ الفَضْلِ بن خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المَحَامِلِيّ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلِي، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ ابْن إِسْحَاقَ الحَرْبِيّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّد، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاء ابْن يَزِيْدَ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لاَ يَهْجُرْ أَحَدَكُمْ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ، يَلْتَقِيَانِ: فَيَصُدُّ هَذَا، وَيَصُدُّ هَذَا، وَخَيْرهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمٍ) (6) .
__________
(1) تاريخ بغداد: 6 / 40.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (416) ، برقم: (203) .
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة: (385) ، برقم: (185) .
(4) ستأتي ترجمته في الصفحة: (576) ، برقم: (299) .
(5) كناها المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 50: " أم محمد "، فقال: " زينب بنت علي بن أحمد بن فضل، أم محمد بنت الواسطي.
امرأة عابدة صوامة قوامة خاشعة قانتة.
كان أخوها الامام تقي الدين بن الواسطي يقصد زيارتها والتبرك بها، وهي والدة المسند المعمر أبي عبد الله بن الزراد ... وتوفيت في المحرم سنة خمس وتسعين وستمئة وقد قاربت التسعين أو كملتها ".
(6) إسناده صحيح، وأخرجه مالك 2 / 906، 907 في حسن الخلق: باب ما جاء في =(13/370)
وَبِهِ: قَالَ الحَرْبِيّ: حَدَّثنَاهُ أَبُو (1) مُصْعَب، أَخْبَرَنَا مَالِك، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ) .
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ (2) ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَفَّارِ بن شُجَاع، (ح) .
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العِزِّ، وَالحَسَن بن عَلِيٍّ القَلاَنِسِي (3) ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الوَفَاء عَبْد المَلِكِ بن الحَنْبَلِيّ، وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجُذَامِيّ (4) ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ عَبْدِ المعْطي، وَأَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ نُصَيْر السَّهْمِيّ (5) ،
__________
= المهاجرة، ومن طريقه البخاري 10 / 413 في الأدب: باب الهجرة، ومسلم (2560) في البر: باب تحريم الهجر فوق ثلاث، وأبو داود (4911) عن الزهري بهذا الإسناد، وأخرجه البخاري 11 / 18 في الاستئذان: باب السلام للمعرفة وغير المعرفة، ومسلم، والترمذي (1932) من طرق عن سفيان به. وفي الباب عن ابن عمر عند مسلم (2561) ، وعن أبي هريرة عند أبي داود (4912) و (4914) وعن عائشة عند أبي داود أيضا (4913) وعن أنس عند مالك 2 / 907، والبخاري 10 / 403، ومسلم (2559) وأبي داود (4910) والترمذي (1935) .
(1) سقطت من الأصل.
(2) عيسى بن عبد المنعم بن شهاب بن ناصر، أبو الروح القاهري الشافعي المؤدب. ويعرف بابن الحداد.
ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 110.
(3) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (85) ، ت: 2. عن " مشيخة " المؤلف.
(4) الجذامي، بالجيم المضمومة والذال: نسبة إلى قبيلة جذام، وقد ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ 102، فقال، هو علي بن محمد بن منصور بن أبي القاسم، الامام المبجل، القاضي، زين الدين، أبو الحسن بن أبي المعالي الجذامي، الثغري المالكي، المعروف بابن المنير. ولي قضاء الإسكندرية مدة، كان من أحسن الرجال صورة، وأملحهم شكلا. ولد في ربيع الأول سنة (629) .
روى لنا الأربعين السلفية عن يوسف بن عبد المعطي.
وتوفي في يوم عيد النحر، سنة (697 هـ) .
(5) ترجمه المؤلف في " المشيخة ": خ 1070، فقال: عمر بن عبد النصير بن محمد ابن هشام بن عز العرب، الزاهد العابد الأديب، أبو حفص القرشي القوصي المالكي. ولد سنة (615) ، وسمع بتوص من: ابن المقير، وابن الجميزي وغيرهما، وله نظم كثير، وديوان. وقدم علينا مع ركب الحاج، وانصرف بعد أيام، توفي بالإسكندرية في منتصف محرم سنة (711 هـ) عن ست وتسعين سنة. وكان على قدم من التقوى.(13/371)
[وَ] (1) عَبْد الرَّحْمَنِ بن سُلَيْمَانَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ الجُمَّيْزِي (2) ، وَأَخْبَرَنَا سُنْقُرُ الزَّيْنِي (3) ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّد؛ ابْنا سُلَيْمَان، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدٍ، وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الصَّوَّاف (4) ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَلِيّ بن رَافِعٍ (5) ، وَعُثْمَان بن مُوْسَى (6) ، وَفَاطِمَة بِنْت إِبْرَاهِيْم (7) ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ رَوَاحَةَ، وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ كَثِيْر (8) ، وَجَمَاعَةٌ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُفَسِّر، قَالُوا جَمِيْعاً:
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا حَمْد بن إِسْمَاعِيْلَ الزَّكِي بِمَكَّةَ، (ح) .
وَأَخْبَرَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، وَعِدَّة إِجَازَةً، قَالُوا: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ طَبَرزَدْ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ الحُصَيْن، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ البَزَّاز، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ دَاوُدَ الهَاشِمِيّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
(كُنْتُ أَغْتَسِلُ مَعَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الإِنَاءِ الوَاحِدِ) (9) .
__________
(1) سقطت من الأصل، ولابد منها. وهو مترجم في " مشيخة " الذهبي: خ ق: 73.
(2) الجميزي، بضم الجيم، وفتح الميم المشددة، وآخره زاي: نسبة إلى بيع الجميز، وهو شبيه بالتين، واسمه: علي بن هبة الله بن سلامة بن المسلم اللخمي المصري الشافعي المقرئ الخطيب وفاته سنة (649 هـ) . وهو مترجم في " العبر ": 5 / 203.
(3) ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 55
(4) هو في " مشيخة " الذهبي:: خ: ق: 123.
(5) هو: عبد الولي بن عبد الرحمن بن رافع الخطيب، أبو نصر الحنبلي الزاهد. ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 88.
(6) هو: عثمان بن موسى بن رافع بن منهال، أبو عمر اليونيني. وفاته سنة (696 هـ) . ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 60.
(7) فاطمة بنت إبراهيم بن محمود بن جوهر، أم محمد. وفاتها سنة (711 هـ) .
وهي مترجمة في " مشيخة " الذهبي: خ: ق: 113.
(8) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 87.
(9) إسناده صحيح، وأخرجه من حديث عائشة البخاري 1 / 213 في الغسل: باب غسل =(13/372)
174 - أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ أَبُو الفَضْلِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الحَافِظُ، الحُجَّةُ، العَدْلُ، المَأْمُوْنُ، المُجَوِّدُ، أَبُو الفَضْلِ النَّيْسَابُوْرِيّ البَزَّاز، رفيقُ مُسْلِم فِي الرِّحْلَة.
سَمِعَ: قُتَيْبَة، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّد بن مِهْرَانَ الجَّمَّال، وَعَبْد اللهِ بن مُعَاوِيَةَ، وَعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبَا كُرَيْب، وَابْنَ حُمَيْدٍ، وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَخلقاً كَثِيْراً، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ وَارَةَ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَأَبُو حَاتِمٍ - وَهُوَ مِنْ صِغَارِ شُيُوْخه - وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَيَحْيَى بن مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَسُلَيْمَان بن مُحَمَّدِ بنِ نَاجِيَة، وَعَلِيّ بن عِيْسَى، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ النَّصْرُ آباذِي: رَأَيْتُ أَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيّ فِي النَّوْمِ، وَهُوَ يَقُوْلُ: عَلَيْكَ (بصَحِيْح) أَحْمَد بن سَلَمَةَ.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ الهَاشِمِيّ: تُوُفِّيَ ابْنُ سَلَمَة: فِي غرَّة جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
175 - المُسْتَمْلِي أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ **
الحَافِظُ، العَالِمُ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، المجَاب الدَّعوَة، أَبُو عَمْرٍو
__________
= الرجل مع امرأته و320، 321: باب هل يدخل الجنب يده في الاناء قبل أن يغسلها، ومسلم (319) و (321) في الحيض: باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة، وأبو داود (77) والنسائي 1 / 127 و128 و129.
(*) الجرح والتعديل: 2 / 54، تاريخ بغداد: 4 / 186 - 187، تذكرة الحفاظ: 2 / 637 - 638، عبر المؤلف: 2 / 76 - 77، طبقات الحفاظ: 279، شذرات الذهب: 2 / 192.
(* *) المنتظم: 5 / 173، تذكرة الحفاظ: 2 / 644، عبر المؤلف: 2 / 73، الوافي =(13/373)
أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ المُسْتَمْلِي، النَّيْسَابُوْرِيّ، عُرِفَ: بحمكوَيْه.
سَمِعَ: يَزِيْدَ بن صَالِحٍ الفَرَّاء، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَسَهْل بن عُثْمَانَ العَسْكرِي، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَسُرَيْج بن يُوْنُسَ، وَطَبَقَتهُم، وَمن بَعْدهُم.
وَكَتَبَ الْكثير، وَمَا زَالَ يعَالج هَذَا الفنَّ حَتَّى تُوُفِّيَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الخفَّاف، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ، وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْد بن إِسْمَاعِيْلَ الحِيْرِيّ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَزَنْجُوْيَة بن مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ، وَمُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ بن الأَخْرَم، وَأَبُو الطَّيِّبِ بن المُبَارَكِ، وَمُحَمَّد بن دَاوُدَ الزَّاهِد، وَغَيْرهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، رَاهبَ عصرِه، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْد أَبِي عَمْرٍو المُسْتَمْلِي، فسَمِعَ جَلَبَةً، فَقَالَ: مَا هَذَا؟
قَالُوا: أَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ (1) -يَعْنِي: الخُجُسْتَانِي فِي عَسْكره- فَقَالَ: اللَّهُمَّ مَزِّق بطنَه.
فَمَا تَمَّ الأَسبوع حَتَّى قُتل.
وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ مُحَمَّدٍ الفَامِي يَقُوْلُ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِد، وَدَخَلَ أَبُو عَمْرٍو المُسْتَمْلِي، وَعَلَيْهِ أَثوَابٌ رَثَّة، فَبَكَى أَبُو عُثْمَانَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْم مَجْلِس الذِّكر، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ (2) رَجُل مِنْ مَشَايِخ العِلْم، فَاشتغل قلبِي برثَاثَة حَاله، وَلَوْلاَ أَنِّي أُجِلُّه لسمَّيته.
قَالَ: فرمَى النَّاسَ
__________
= بالوفيات: 7 / 302، البداية والنهاية: 11 / 77 - 78، طبقات الحفاظ: 283، شذرات الذهب: 2 / 186.
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (96) ، برقم: (54) (2) في " المنتظم ": " علي ".(13/374)
بِالخواتيم وَالدَّرَاهُم وَالثِّيَاب، فَقَامَ أَبُو عَمْرٍو عَلَى رُؤُوْس النَّاس، وَقَالَ: أَنَا الَّذِي عَنَى أَبُو عُثْمَانَ، وَلَوْلاَ أَنِّي كَرِهْتُ أَنْ يُتَّهم بِهِ غَيْرِي لسكتُّ.
ثُمَّ إِنَّهُ أَخَذَ جَمِيْع ذَلِكَ، وَحمل مَعَهُ، فَمَا بلغَ بَاب الجَامع حَتَّى وَهب جَمِيْعَه للفُقَرَاء (1) .
قد اسْتملَى أَبُو عَمْرٍو عَلَى جَمَاعَةٍ عَاشوا بَعْدَهُ، وَأَوّل مَا اسْتملَى كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّبْغِي يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو عَمْرٍو يَصُوْم النَّهَار، وَيُحْيي اللَّيْل (2) .
ثُمَّ قَالَ الصِّبْغِي: فَأَخْبَرَنِي غَيْر وَاحِدٍ أَنَّ اللَّيْلَة الَّتِي قُتِلَ فِيْهَا أَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ -يَعْنِي: الظَّالم الَّذِي اسْتولَى عَلَى نَيْسَابُوْر- صَلَّى أَبُو عَمْرٍو العَتَمَة، ثُمَّ صَلَّى طول ليله، وَهُوَ يدعُو عَلَى أَحْمَد بصوتٍ عَالٍ: اللَّهُمَّ شُقَّ بطنَه، اللَّهُمَّ شُقَّ بطنَه.
مَاتَ مُحَدِّثُ نَيْسَابُوْرَ أَبُو عَمْرٍو فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
176 - ابْنُ عَاصِمٍ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُصَنِّفُ، الثِّقَةُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ الرَّازِيُّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، أَحَدَ مَنْ رَحَلَ إِلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَسَمِعَ: عَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاجِ السَّامِي، وَأَبَا الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيّ، وَهُدْبَة بن
__________
(1) انظر: المنتظم: 5 / 173. والزيادة منه.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 644.
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 92 أ، تهذيب بدران: 2 / 60.(13/375)
خَالِد، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَطَبَقَتهُم.
وَهُوَ مِنْ أَقرَان أَبِي عِيْسَى التِّرْمِذِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَعَلِيّ بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَلَمَةَ القَطَّان، وَعُمَر بن إِسْحَاقَ، وَالقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
177 - الحَمَّارُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى بنِ إِسْحَاقَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى بنِ إِسْحَاقَ التَّمِيْمِيّ، الكُوْفِيّ، الحَمَّار البَزَّاز.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي نُعَيْمٍ، وَقُطْبَة بن العَلاَءِ، وَوضَّاح بن يَحْيَى، وَمَخْبُول بن إِبْرَاهِيْمَ، وَالحَسَن بن الرَّبِيْعِ، وَعَلِيّ بن ثَابِت الدَّهَّان، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ جَابِرٍ الرَّمْلِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ سَلَمَة القَزْوِيْنِيّ القَطَّان، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ، وَأَبُو العَبَّاسِ بن عُقْدَة، وَابْن أَبِي دَارِم، وَآخَرُوْنَ كَثِيْرُوْنَ.
وَمَا علمت بِهِ بأَساً.
مَاتَ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ فِي عشر التِّسْعِيْنَ.
__________
(*) الأنساب: 4 / 203، اللباب: 1 / 384. والحمار، بفتح الحاء، وتشديد الميم: نسبة إلى بيع الحمير.(13/376)
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ فِي (إِرشَاده) : سَنَة خَمْسٍ.
وَالأَوّل أَصحّ، وَللخليلِي أَوهَامٌ كَثِيْرَةٌ فِي كِتَابِهِ، كَأَنَّهُ أَملاَهُ مِنْ حِفْظِهِ.
178 - العَنْبَرِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ *
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الرَّبَّانِيّ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ العَنْبَرِيّ الطُّوْسِيّ، مُحَدِّث طُوْس، وَأَزهدُهُم بَعْد مُحَمَّد بن أَسْلم، وَأَخصُّهُم بِصُحْبَتِهِ، وَأَكْثَرهُم رِحلَة.
سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى التَّمِيْمِيّ، وَابْن رَاهْوَيْه، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَابْن حُمَيْدٍ، وَالحُسَيْن بن حُرَيْثٍ، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَهَنَّاد بن السَّرِيّ، وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَمُحَمَّد بن رُمْح، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُفَ الفَقِيْه، وَمُحَمَّد بن أَسْلَم، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو النَّضْرِ الفَقِيْه، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ زُهَيْر، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ، وَآخَرُوْنَ.
ذَكَرَهُ الحَاكِم، وَلَمْ يذكر تَارِيْخاً لِمَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ مُؤرخ حلب الصَّاحبُ كمَالُ الدِّين العُقَيْلِيّ.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَقِيْهُ: كَتَبْتُ عَنْهُ (مسنَده) بخطِّي، فِي مائَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ جُزْءاً.
قُلْتُ: مَوْته تخمِيناً بَعْد الثَّمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ، أَوْ دونهَا بِيَسِيْرٍ، وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الهدَى -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 2 / 679، عبر المؤلف: 2 / 67، وفيات سنة (282) ، طبقات الحفاظ: 295، شذرات الذهب: 2 / 205، تهذيب بدران: 2 / 200 - 201.(13/377)
179 - الجَلاَجِلِيُّ أَبُو السَّرِيِّ مُوْسَى بنُ الحَسَنِ بنِ عَبَّادٍ *
المُحَدِّثُ، المُقْرِئُ، أَبُو السَّرِيِّ مُوْسَى بنُ الحَسَنِ بنِ عَبَّادٍ النَّسَائِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، المُلَقَّبُ: بِالجَلاَجِلِيِّ؛ لِطِيبِ صَوْتِهِ.
سَمِعَ: رَوْح بن عُبَادَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ بَكْرٍ السَّهْمِيّ، وَمُحَمَّد بن مُصْعَبٍ القَرْقَسَانِي، وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: ابْنُ البَخْتَرِيّ، وَالنَّجَّاد، وَابْن قَانع، وَعُمَر بن سَلْم، وَعَبْد الصَّمَدِ الطَّسْتِي.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ ابْنُ المُنَادِي: قِيْلَ إِنَّ القَعْنَبِيّ قَدَّمَ الجَلاجِلِي فِي التَّرَاويح، فَأَعجبَه صَوتهُ، وَقَالَ: كَأَنَّهُ صَوت جَلاجِل.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
180 - عُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذَ أَبُو عَمْرٍو بنُ أَبِي أَحْمَدَ ** (س (1))
هُوَ الحَافِظُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَمْرٍو بنُ أَبِي أَحْمَدَ، وَهُوَ: عُثْمَان بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّد بن خُرَّزَاذ الطَّبرِي، ثُمَّ البَصْرِيّ، نَزِيْل أَنطَاكيَة وَعَالِمهَا.
__________
(*) تاريخ بغداد: 13 / 49 - 50، تاريخ ابن عساكر: خ: 17 / 133 أ - ب، المنتظم: 6 / 26.
(* *) تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 64 - 65 ب، تهذيب الكمال: خ: 914 - 915، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 31، تذكرة الحفاظ: 2 / 623 - 624، عبر المؤلف: 2 / 66، طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 506 - 507، تهذيب التهذيب: 7 / 131 - 132، طبقات الحفاظ: 265، خلاصة تذهيب الكمال: 260، شذرات الذهب: 2 / 177
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب "(13/378)
وُلِدَ: قَبْل المائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَفَّان بن مُسْلِمٍ، وَقُرَّة بن حَبِيْبٍ، وَعَمْرو بن مَرْزُوْقٍ، وَعَمْرو بن خَالِدٍ الحَرَّانِيّ، وَفَرْوَة بن أَبِي المَغْرَاء، وَأَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَعَبْد السَّلام بن مُطَهَّر، وَمُوْسَى بن إِسْمَاعِيْلَ، وَيَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاجِ السَّامِي، وَإِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَة، وَأَحْمَد بن جَنَاب، وَأَحْمَد بن يُوْنُسَ، وَأُمَيَّة بن بِسْطَام، وَبَكَّار بن مُحَمَّدٍ السِّيْرِيْنِيّ (1) ، وَالحَكَم بن مُوْسَى، وَسَعِيْد بن كَثِيْر بن عُفير، وَسَهْل بن بَكَّارٍ، وَشَيْبَان بن فَرُّوْخٍ، وَسُلَيْمَان ابْن بِنْت شُرَحْبِيْل، وَأَبِي مَعْمَرٍ المُقْعَد، وَعُبَيْد اللهِ بن عَائِشَة، وَعَمْرو بن عَوْنٍ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن سِنَانٍ العَوَقي، وَمُسَدَّد، وَعِدَّةٍ. وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ، وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَأَبُو عَوَانَةَ فِي (صَحِيْحِهِ) ، وَمُحَمَّد بنِ المُنْذِرِ شَكَّر، وَحَاجِب بن أَرْكين، وَأَحْمَد بن عَمْرو بن جَابِر الرَّمْلِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ جَوْصَا، وَخَيْثَمَة الأَطْرَابُلُسِي، وَعَلِيّ بن الحَسَنِ بنِ العَبْد البَصْرِيّ - صَاحِبُ أَبِي دَاوُدَ - وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَحْمَوَيه الأَهْوَازِيّ، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ بن حَمْزَةَ الأَنْطَاكِيّ، وَهِشَام بن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الكِنْدِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ بِالإِجَازَةِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ عَبْدُ الغنِي بن سَعِيْدٍ الحَافِظ: عُثْمَان بن خُرَّزَاذ هُوَ عُثْمَان بن عَبْدِ اللهِ.
كَذَا يَقُوْلُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ - وَهُوَ عُثْمَان بن صَالِحٍ - كَمَا حَدَّثَنِي أَبُو
__________
(1) السيريني، بكسر السين، وسكون الياء، وكسر الراء: نسبة إلى سيرين والد محمد ابن سيرين. (اللباب) .(13/379)
طَاهِرٍ السَّدُوْسِيّ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ صَالِحٍ، وَيُعرف صَالِح بِخُرَّزَاذ (1) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَانَ رَفِيق أَبِي فِي كِتَابَةِ الحَدِيْث، فِي بَعْضِ الجَزِيْرَة وَالشَّام، وَهُوَ صَدُوْقٌ، أَدركتُه وَلَمْ أَسمع مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَحْمَويه الأَهْوَازِيّ: أَحْفَظُ مَنْ رَأَيْتُ عُثْمَان بن خُرَّزَاذ (2) .
قَالَ ابْنُ مَنْدَة: كَانَ أَحَد الحُفَّاظ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ بَرَكَةَ الحَلَبِيّ: سَمِعْتُ عُثْمَان بن خُرَّزَاذ يَقُوْلُ: يحتَاجُ صَاحِب الحَدِيْثِ إِلَى خَمْسٍ، فَإِن عَدِمَتْ وَاحِدَةٌ، فَهِيَ نقصٌ، يحتَاجُ إِلَى عقلٍ جَيِّدٍ، وَدينٍ وَضَبطٍ وَحذَاقَةٍ بِالصِّنَاعَة، مَعَ أَمَانَةٍ تُعرف مِنْهُ (3) .
قُلْتُ: الأَمَانَةُ جُزء مِنَ الدِّين، وَالضَّبْطُ دَاخلٌ فِي الحِذْق، فَالَّذِي يحتَاج إِلَيْهِ الحَافِظُ أَن يَكُون تقياً ذكياً، نَحْوِيّاً لُغَوِيّاً زكياً، حَيِيّاً، سَلَفياً، يَكْفِيهِ أَنْ يَكتبَ بِيَدِهِ مائَتَي مُجَلَّد، وَيُحَصِّل مِنَ الدَّواوين المعتبرَة خَمْسَ مائَة مجلَّد، وَأَنَّ لاَ يَفْتُر مِنْ طَلَب العِلْم إِلَى المَمَات، بنيَّةٍ خَالصَةٍ وَتواضُعٍ، وَإِلاَّ فَلاَ يَتَعَنّ.
قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيّ: أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذ فِي كِتَابِهِ - وَقَدْ رَأَيْتهُ -: دخلنَا عَلَيْهِ بِأَنْطَاكِيَةَ وَهُوَ عَلِيل مَسْبوت، فَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئاً،
__________
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 65 أ
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق: 11 / 65 أ - ب.(13/380)
وَعَاشَ بَعْد خُرُوْجِي مِنْ أَنطَاكيَة ثَلاَثَ سِنِيْنَ وَنيفاً (1) .
وَقَالَ أَبُو يَعْقُوْبَ الأَذْرَعِي: تُوُفِّيَ عُثْمَان بن خُرَّزَاذ بِأَنْطَاكِيَةَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَة إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَمَّا أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، فَقَالَ: مَاتَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
وَكَذَا أَرَّخَهُ عَمْرو بن دُحَيْم.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُذَير الدِّمَشْقِيّ (2) مَرَّات، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ مُحَمَّدٍ القَاضِي، سَنَة تِسْعٍ وَسِتِّ مائَة، وَأَنَا فِي الرَّابِعَةِ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ المُسَلَّمِ الفَقِيْهُ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ طَلاَّب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الغَسَّانِيّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَدَقَة، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ خُرَّزَاذ، حَدَّثَنَا المشرّف بن أَبَانٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ جَرِيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (خَيْرُ مَوْضِعٍ فِي المَسْجَدِ خَلْفَ الإِمَام) .
عَمْرو بن جَرِيْر هُوَ: أَبُو سَعِيْدٍ البَجَلِيّ، كَذَّبَه أَبُو حَاتِمٍ (3) .
__________
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 65 ب.
(2) ترجمه الذهبي في " مشيخته ": خ: ق: 107، فقال: " مسند وقته، ناصر الدين، أبو القاسم وأبو حفص الطائي الدمشقي ... تفرد في زمانه، وتكاثر عليه الطلبة، ونعم الشيخ كان دينا وتواضعا ولطفا وحسن أخلاق ومحبة للحديث ... ومات في ثاني ذي القعدة سنة ثمان وتسعين وستمئة ".
(3) وقال الدارقطني: متروك الحديث، وأورد له المؤلف في " الميزان " 3 / 250، 251 ثلاثة أحاديث، وقال: فهذه أباطيل، وقد أورد الحديث السيوطي في " الجامع الكبير " ص 517 بلفظ " خير يقعة في المسجد خلف الامام، وإن الرحمة إذا انزلت بدأت بالامام، ثم الذين خلفه، ثم يمنة، ثم يسرة ثم يتغاص المسجد بأهله " ونسبه للديلمي، ولم ينبه على بطلانه اكتفاء بما ذكره في " المقدمة ".(13/381)
181 - عَمْرُو بنُ مَنْصُوْرٍ أَبُو سَعِيْدٍ النَّسَائِيُّ * (س (1))
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، المصَنِّفُ، أَبُو سَعِيْدٍ النَّسَائِيّ، أَحَد مَنْ يُضْرَبُ بِهِ المَثَل فِي الحِفْظِ، وَهُوَ قَدِيْم الوَفَاة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيُّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَأَبِي اليَمَانِ، وآدَم بن أَبِي إِيَاسٍ، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْمَ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ كَثِيْراً، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ سَيَّار، وَقَاسم بن زَكَرِيَّا المطَرِّز، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، ثَبْتٌ.
وَقَالَ ابْنُ سَيَّار الفَرْهَيَانِي (2) : سَمِعْتُ عَبَّاساً العَنْبَرِيّ يَقُوْلُ:
مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِثْلُ عَمْرو بن مَنْصُوْرٍ، وَأَبِي بَكْرٍ الأَثْرَم فَقُلْتُ لَهُ: تقْرن صَاحبنَا بِالأَثْرَم؟! -يَعْنِي: أَنَّ هَذَا فَوْقَ الأَثْرَم-.
قُلْتُ: لَمْ أَقعْ لَهُ بتَارِيْخ وَفَاة، وَيَنْبَغِي أَنْ يذكر مَعَ البُخَارِيّ.
182 - عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أُمَيَّةَ القُرَشِيُّ **
الإِمَامُ، الصَّدُوْقُ، المُسْنِدُ، أَبُو
__________
(*) تهذيب الكمال: خ: 1052، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 111، ميزان الاعتدال: 3 / 289، تهذيب التهذيب: 8 / 107، طبقات الحفاظ: 256، خلاصة تذهيب الكمال: 294.
(1) زيادة من تهذيب التهذيب.
(2) في الأصل: " والفرهياني، بزيادة الواو، وهو خطأ، والتصحيح من مصادر المترجم، واسم ابن سيار محمد بن عبد الله بن سيار الفرهياني.
(* *) تاريخ بغداد: 10 / 452 - 453، تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 198 أ - 199 أ، المنتظم: 5 / 174 - 175، اللباب: 2 / 319، ميزان الاعتدال: 2 / 636، تهذيب =(13/382)
خَالِد القُرَشِيّ الأُمَوِيّ العَتَّابِي البَصْرِيّ، مِنْ وَلد عَتَّاب بن أَسِيْد أَمِيْر مَكَّة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْل، وَأَزْهَر السَّمَّان، وَأَشهل بن حَاتِمٍ، وَجَعْفَر بن عَوْنٍ، وَالأَنْصَارِيّ، وَبَدَل بن المُحَبَّر، وَطَبَقَتهِم.
وَعَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاج، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحصَائِرِي، وَخَيْثَمَة الأَطُرَابُلُسِي، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ السَّمَّاكِ، وَإِبْرَاهِيْم بن إِسْحَاقَ بنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، وَفَاروق بن عَبْدِ الكَبِيْر الخَطَّابِي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: رَوَى عَنْ أَبِي عَاصِمٍ مَا لاَ يُتَابع عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: حَدَّثَ بِمِصْرَ، وَمَاتَ بِالبَصْرَةِ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ مِنَ المعَمِّرين، مَاتَ فِي عشر المائَة.
183 - مُحَمَّدُ بنُ المُغِيْرَةِ بنِ سِنَانٍ الضَّبِّيُّ الهَمَذَانِيُّ *
السُّكَّرِيُّ، الحَنَفِيُّ، الفَقِيْهُ.
وَيُلَقَّبُ بحَمْدَان، شَيْخ المُحَدِّثِيْنَ بِهَمذَان وَأَهْل الرَّأْي.
حَدَّثَ عَنْ: القَاسِمِ بنِ الحَكَم العُرَنِيّ، وَهِشَام بن عُبَيْدِ اللهِ الرَّازِيّ، وَعُبَيْد اللهِ بن مُوْسَى، وَمكِي بن إِبْرَاهِيْمَ، وَقَبِيْصَة، وَطَائِفَةٍ.
__________
= التهذيب: 6 / 358 - 359. والعتابي، بفتح العين والتاء المشددة: نسبة إلى عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس.
(*) ميزان الاعتدال: 4 / 46، الوافي بالوفيات: 5 / 50.(13/383)
وَعَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ بنُ سَلَمَة القَطَّان، وَعَبْد السَّلام بن مُحَمَّدٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ، وَحَامِد الرَّفَّاء، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ السُّلَيمَانِي: فِيْهِ نظر.
قُلْتُ: يُشير إِلَى أَنَّهُ صَاحِبُ رَأْيٍ (1) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
184 - أَحْمَدُ بنُ أَصْرَمَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ *
ابْنِ حَسَّانِ ابْنِ الصَّحَابِيِّ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ، المَغَفَّلِي، البَصْرِيّ، ثُمَّ الهَمَذَانِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَابْن مَعِيْنٍ، وَعَبْد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَالقَوَارِيْرِيّ، وَسُرَيْج، وَأَبِي إِبْرَاهِيْم التَّرْجَمَانِي، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو عَوَانَةَ فِي (صَحِيْحِهِ) ، وَابْن أَبِي حَاتِمٍ، وَالقَاسِم بن أَبِي صَالِحٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَرْوَانَ الدِّمَشْقِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ.
وَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ المَرُّوْذِيّ عَنْهُ.
__________
(1) جرح الراوي الثقة العدل الضابط بأنه من أهل الرأي مردود على قائله، لا يلتفت إليه، ولا يعبأ به، لأنه صادر عن تعصب وهوى.
فأبو حنيفة ومالك وربيعة والشافعي وأحمد، وكثير غيرهم يدخلون في عداد أهل الرأي، لان كل واحد منهم له تأويل في آية، أو مذهب في سنة رد من أجل ذلك المذهب سنة أخرى بتأويل سائغ، أو ادعاء نسخ، أو بوجه من الوجوه المعروفة عند أهل العلم.
(انظر: جامع بيان العلم وفضله: 321 وما بعدها، لابن عبد البر) .
(*) الجرح والتعديل: 2 / 42، تاريخ بغداد: 4 / 44 - 45، طبقات الحنابلة: 1 / 22، المنتظم: 6 / 3، اللباب: 3 / 241.(13/384)
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبْتُ عَنْهُ مَعَ أَبِي، وَسَمِعْتُ مُوْسَى بنَ إِسْحَاقَ القَاضِي يعظِّم شَأْنَه، وَيرفع منزلتَه (1) .
وَقَالَ صَالِحُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ: كَانَ ثَبْتاً، شَدِيْداً عَلَى أَصْحَاب البِدَع.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَهُوَ مِنْ طبقَة الفِرْيَابِيّ وَنَحْوه، وَإِنَّمَا قدَّمْتُه لقِدَم وَفَاته.
مَاتَ: فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ.
185 - عُبَيْدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ شَرِيْكٍ البَغْدَادِيُّ البَزَّارُ *
المُحَدِّثُ، المُفِيْدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيّ البَزَّار.
سَمِعَ: سَعِيْد بن أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبَا صَالِحٍ، وآدَم بن أَبِي إِيَاسٍ، وَأَبَا الجُمَاهر الكَفْرَسُوْسِيّ، وَنُعَيْم بن حَمَّادٍ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: عُثْمَانُ بنُ السَّمَّاكِ، وَابْن نَجِيْح، وَالطَّسْتِي (2) ، وَالنَّجَّاد، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَدُوْقٌ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ (3) : مَاتَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: يَقَعُ مِنْ عَوَالِيْهِ فِي (الغَيْلاَنِيَّات) .
__________
(1) الجرح والتعديل: 2 / 42.
(*) تاريخ بغداد: 11 / 99 - 100، تاريخ ابن عساكر: خ: 11 / 11 أ - ب، المنتظم: 6 / 8 - 9، لسان الميزان: 4 / 120.
(2) الطستي: نسبة إلى الطست وعمله. (اللباب) .
(3) تاريخ بغداد: 11 / 100.(13/385)
186 - البَاغَنْدِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ الحَارِثِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، العَالِمُ، الصَّادِقُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ الحَارِثِ الوَاسِطِيّ، المَعْرُوف بِالبَاغَنْدِيّ، وَالِدُ الحَافِظ الكَبِيْر مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ.
حَدَّثَ عَنْ: عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَأَبِي عَاصِمٍ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيّ، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَقَبِيْصَة، وَحَجَّاج بن مِنْهَال، وَعَبْد اللهِ بن رَجَاءٍ، وَخَلاَّد بن يَحْيَى، وَالقَعْنَبِيّ، وَغَيْرهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ الحَافِظ أَبُو بَكْرٍ، وَالقَاضِي المَحَامِلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَابْن مِقْسَم، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَعَبْد الخَالِقِ بن الحَسَنِ بنِ أَبِي رُوبَا (1) ، وَآخَرُوْنَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا دَاوُدَ جلس بَيْنَ يَدَيْهِ، وَحَمَلَ عَنْهُ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ أَبَا الفَتْح بن أَبِي الفوَارس يَقُوْلُ: هُوَ ضَعِيْفٌ.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: سَأَلت الدَّارَقُطْنِيّ عَنْهُ، فَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: روَايَاتُه كُلُّهَا مُسْتَقيمَة (2) .
مَاتَ: فِي آخر سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
__________
(*) المنتظم: 5 / 169، تذكرة الحفاظ: 2 / 685 - 686، في نهاية ترجمة ابن خراش، ميزان الاعتدال: 3 / 571، عبر المؤلف: 2 / 71، البداية والنهاية: 11 / 75 - 76، لسان الميزان: 5 / 186 - 187، شذرات الذهب: 2 / 185.
(1) انظر ترجمته في: تاريخ بغداد: 11 / 124، وعبر المؤلف: 2 / 305.
(2) ميزان الاعتدال: 3 / 571.(13/386)
وَفِيْهَا مَاتَ: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْمَ الخُتُّلِي (1) ، وَسَهْل بن عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيّ الزَّاهِد (2) ، وَتمتَام (3) ، وَمِقْدَام بن دَاوُدَ الرُّعَيْنِيّ (4) ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ (5) ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن خِرَاش (6) ، وَالعَبَّاس بن الفَضْلِ الأَسْفَاطي (7) .
أَخْبَرَنَا سُنْقُرُ الأَسَدِيّ (8) بِحَلَب، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سِلَفَة الحَافِظ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَاسِرٍ مُحَمَّد بن عَبْدِ العَزِيْزِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المَلِكِ بنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الخَالِق بن الحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ:
سَمِعْتُ سُلَيْمَان بن صُرَد قَالَ: قَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الأَحزَاب: (الآنَ نَغْزُوْهُمْ وَلاَ يَغْزُوْنَا) .
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (342) ، برقم: (158)
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (330) ، برقم: (151)
(3) هو: محمد بن غالب بن حرب الضبي.
ستأتي ترجمته في الصفحة: (390) ، برقم: (188) .
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (345) ، برقم: (161)
(5) ستأتي ترجمته في الصفحة: (412) ، برقم: (200)
(6) ستأتي ترجمته في الصفحة: (508) ، برقم: (253)
(7) انظر: اللباب: 1 / 54. والاسفاطي: نسبة إلى بيع الاسفاط وعملها.
(8) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 55.
(9) وأخرجه البخاري: 7 / 311 في المغازي، باب غزوة الخندق من طريق أبي نعيم بهذا الإسناد.
وسليمان بن صرد: بضم الصاد المهملة وفتح الراء بعدها دال مهملة ابن الحون الخزاعي: صحابي مشهور، يقال: كان اسمه يسار فغيره النبي صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ في الفتح: ليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر تقدم في صفة إبليس. وكان سليمان أسن من خرج من أهل الكوفة في طلب ثأر الحسين بن علي، فقتل هو وأصحابه بعين الوردة في سنة خمسة وستين.(13/387)
187 - الحَارِثُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي أُسَامَةَ التَّمِيْمِيُّ مَوْلاَهُمْ *
وَاسْمُ أَبِي أُسَامَةَ: دَاهِرٌ، الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، العَالِمُ، مُسْنِدُ العِرَاقِ، أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيُّ مَوْلاَهُم، البَغْدَادِيّ، الخَصِيبُ، صَاحِبُ (المُسْنَدِ) المَشْهُوْرِ (1) ، وَلَمْ يُرَتِّبْه عَلَى الصَّحَابَةِ، وَلاَ عَلَى الأَبْوَابِ.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ عَطَاء، وَبِشْر بن عُمَرَ الزَّهْرَانِيّ، وَيَزِيْد بن هَارُوْنَ، وَروْح بن عُبَادَةَ، وَكَثِيْر بن هِشَامٍ، وَعَبْد اللهِ بن بَكْرٍ السَّهْمِيّ، وَمُحَمَّد بن عُمَرَ الوَاقِدِيّ، وَسَعِيْد بن عَامِرٍ الضُّبَعِيّ، وَأَبِي النَّضْرِ، وَعُثْمَان بن عُمَرَ بنِ فَارِس، وَأَبِي نُوح قُرَاد، وَعُبَيْد اللهِ بن مُوْسَى، وَيَحْيَى بن أَبِي بُكَيْرٍ الكِرْمَانِيّ، وَأَبِي جَابِر مُحَمَّد بن عَبْدِ المَلِكِ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ كُنَاسَة، وَالأَسْوَد بن عَامِر شَاذَان، وَمُحَمَّد بن مُصْعَبٍ القَرْقَسَانِي، وَقَبِيْصَة، وَأَبِي نُعَيْمٍ، وَعَفَّان، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَخَلْقٍ سِوَاهم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا، وَمُحَمَّد بن جَرِيْر الطَّبَرِي، وَمُحَمَّد بن مَخْلَدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَعَبْد الصَّمَدِ الطَّسْتِي، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّد النَّصِيْبِيّ، وَعَبْد اللهِ بن الحُسَيْنِ النَّضْرِي المَرْوَزِيّ، وَخَلْقٌ.
ذَكَرَهُ ابْن حِبَّانَ فِي (الثِّقَات) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 8 / 218 - 219، المنتظم: 5 / 155، تذكرة الحفاظ: 2 / 619 - 620، ميزان الاعتدال: 1 / 442 - 443، عبر المؤلف: 2 / 68، لسان الميزان: 2 / 157 - 159، طبقات الحفاظ: 272 - 273، شذرات الذهب: 2 / 178.
(1) وقد جرد زوائده الحافظ ابن حجر في: " المطالب العالية ".(13/388)
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَدُوْقٌ.
قَالَ غُنْجَارُ البُخَارِيّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الرَّازِيّ: سَمِعْتُ الحَارِثَ بنَ أَبِي أُسَامَةَ يَقُوْلُ لِي:
سِتُّ بَنَاتٍ، أَصْغَرُهُنَّ بِنْت سِتِّيْنَ سَنَةً، مَا زوجتُ وَاحِدَةً منهنَّ لأَننِي فَقيرٌ، وَمَا جَاءنِي إِلاَّ فَقير، وَكرهتُ أَنْ أَزيد فِي عيَالِي، وَهَا كَفنِي عَلَى الوَتِد مِنْ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، خِفْتُ أَنْ لاَ يجدُوا لِي كَفَناً.
ورَوَاهَا غَيْر غُنْجَار عَنِ الرَّازِيّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَالِكٍ الإِسكَافِي: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ عَنِ الحَارِث بن مُحَمَّدٍ، وَقُلْتُ: إِنَّهُ يَأْخذ الدَّرَاهِم.
فَقَالَ: اسْمع مِنْهُ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ (1) .
وَقَالَ أَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيّ: هُوَ ضَعِيْف، لَمْ أَرَ فِي شُيُوْخنَا مَنْ يُحَدِّث عَنْهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ مجَازفَةٌ، لَيْتَ الأَزْدِيّ عَرَفَ ضَعْفَ نَفْسِه.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: أَمرنِي الدَّارَقُطْنِيّ أَنْ أُخَرِّج حَدِيْثَ الحَارِث فِي (الصَّحِيْحِ) .
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي (المُحَلَّى) : ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: لاَ بَأْسَ بِالرَّجُل، وَأَحَادِيْثُه عَلَى الاسْتقَامَة، وَهُوَ الَّذِي رَوَى كِتَاب (الْعقل) عَنِ ابْنِ المُحَبَّر، وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَلِيّ بن عَاصِم.
وَأَظُنُّنِي رَأَيْتُ ذَلِكَ لَهُ، وَكَذَا قِيْلَ: إِنَّهُ رَوَى عَنْ: أَبِي بدر السَّكُوْنِيّ.
وَقَدْ سَمِعْنَا جُمْلَةً مِنْ (مُسْنَده) وَذَنْبُه أَخْذُهُ عَلَى الرِّوَايَة، فَلَعَلَّهُ وَهُوَ الظَّاهِر أَنَّهُ
__________
(1) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 619.(13/389)
كَانَ مُحتَاجاً، فَلاَ ضَيْر، وَلِهَذَا عَمل فِيْهِ مُحَمَّد بن خَلَف بن المَرْزُبَان الأَخْبَارِي هَذِهِ القِطْعَة:
أَبْلِغِ الحَارِثَ المُحَدِّثَ قَوْلاً ... عَنْ أَخٍ صَادِقٍ شَدِيْدِ المَحَبَّهْ
وَيْكَ قَدْ كُنْتَ تَعْتَزِي سَالِفَ الدَّهْ ... رِ قَدِيْماً إِلَى قَبَائِلِ ضَبَّهُ (1)
وَكَتَبْتَ الحَدِيْثَ عَنْ سَائِرِ النَّا ... سِ وَحَاذَيْتَ فِي اللِّقَاءِ ابْنَ شَبَّهْ
عَنْ يَزِيْدَ وَالوَاقِدْيِّ وَرَوْحٍ ... وَابْنَ سَعْدٍ وَالقَعْنَبِيِّ وَهُدْبَهْ
ثُمَّ صَنَّفْتَ مِنْ أَحَادِيْثِ سُفْيَا ... نَ وَعَنْ مَالِكٍ وَ (مُسْنَدِ) شُعْبَهْ
وَعَنِ ابْنِ المَدِيْنِيِّ فَمَا زِلْـ ... ـتَ قَدِيْماً تبثُّ فِي النَّاسِ كُتُبَه (2)
أَفعنْهُم أَخذْتَ بَيْعَك للْعِلْمِ ... وَإِيثَارَ مَنْ يَزِيْدَكَ حبَّه (3) ؟
فِي أَبيَاتٍ أُخر، فَلَمَّا وَصلت الأَبيَات إِلَيْهِ، قَالَ: أَدخلُوهُ، فضحنِي قَاتله الله.
تُوُفِّيَ الحَارِث يَوْم عرفَة، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ فِي عشر المئَة.
188 - تَمْتَامُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ الضَّبِّيُّ البَصْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظ، المُتْقِن، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ غَالِبِ
__________
(1) في الأصل: " تغتربي ". والتصحيح من الميزان.
(2) في " الميزان ": " المدائني " بدلا من: " المديني ".
(3) ميزان الاعتدال: 1 / 443، وزاد بيتين:
سوءة سوءة لشيخ قديم * ملك الحرص والضراعة قلبه
فهو كالقفر في المعيشة يبسا * وأمانيه بعد تسعين رطبه
(*) الجرح والتعديل: 8 / 5، تاريخ بغداد: 3 / 143 - 146، المنتظم: 5 / 169، اللباب: 1 / 222، تذكرة الحفاظ: 2 / 615، ميزان الاعتدال: 3 / 681، عبر المؤلف: 2 / 71، الوافي بالوفيات: 4 / 307، لسان الميزان: 5 / 337 - 338، طبقات الحفاظ: 270، شذرات الذهب: 2 / 185.(13/390)
بنِ حَرْبٍ الضَّبِّيُّ، البَصْرِيُّ، التَّمَّارُ، التَّمْتَامُ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَسَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْم، وَالقَعْنَبِيّ، وَعَفَّان بن مُسْلِم، وَعَبْد الصَّمَدِ بن النُّعْمَان، وَأَبَا حُذَيْفَة النَّهْدِيّ، وَعَمْرو بن مَرْزُوْق، وَمُسَدَّاد، وَالحَوْضي، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ البَخْتَرِيِّ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَعُثْمَان بن السَّمَّاك، وَأَبُو سَهْل القَطَّان، وَابْن كوثر البَرْبهَارِي، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يخطِئ.
وَقَالَ فِي مَوْضِع آخر: ثِقَةٌ، مُجَوِّد، سَمِعْتُ أَبَا سَهْل بن زِيَادٍ، سَمِعْتُ مُوْسَى بنَ هَارُوْن يَقُوْل فِي حَدِيْثِ مُحَمَّد بن غَالِب، عَنِ الورْكَانِي، عَنْ حَمَّادٍ الأَبَح، عَنِ ابْنِ عَوْن، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْن، عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْن:
أَن النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (شيَّبَتَنِي هُوْدٌ وَأَخواتُهَا) إِنَّهُ حَدِيْث مَوْضُوْع.
قُلْتُ: يُرِيْد مَوْضُوْع السَّنَد لَا الْمَتْن (1) .
__________
(1) فإنه صحيح فقد أخرجه أبو بكر المروزي في مسند أبي بكر برقم (30) والترمذي في سننه (3293) وفي الشمائل برقم (40) وابن سعد في الطبقات (1 / 435 - 436) وأبو نعيم
في الحلية من طريق شيبان عن أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله: قد شبت، قال: شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت ".
وصححه الحاكم: 2 / 343 - 476 ووافقه الذهبي.
وأورده الضياء في الأحاديث المختارة.
وفي الباب عن عقبة بن عامر عند الطبراني كما في المجمع وعن أنس عند ابن سعد في الطبقات وعن أبي جحيفة عند الترمذي في الشمائل برقم (41) .
قال العلماء: لعل ذلك لما فيهن من التخويف الفظيع والوعيد الشديد لاشتمالهن مع قصرهن على حكاية أهوال الآخرة وعجائبها وفظائعها وأحوال الهالكين والمعذبين مع ما في بعضهن من الامر بالاستقامة.(13/391)
قَالَ أَبُو سَهْل: فحضرنَا مَجْلِس إِسْمَاعِيْل القَاضِي - مُوْسَى عِنْدَهُ - وَالمَجْلِس غَاصّ بِأَهْلِه، فَدَخَلَ مُحَمَّد بن غَالِب، فَلَمَّا بصر بِهِ إِسْمَاعِيْل، قَالَ: إِليّ يَا أَبَا جَعْفَرٍ إِليّ، وَوسع لَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيْر، فَلَمَّا جلس، أَخرج كِتَاباً، فَقَالَ: أَيُّهَا القَاضِي! تَأَمله، وَعرض عَلَيْهِ الحَدِيْث.
وَقَالَ: أَلَيْسَ الْجُزْء كُلّه بِخَط وَاحِد؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: هَلْ تَرَى شَيْئاً عَلَى الحَاشيَة؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فترضَى هَذَا الأَصل؟
قَالَ إِي وَاللهِ.
قَالَ: فَلِمَ أَوذَى وَيُنكر عليّ؟
فصَاح مُوْسَى بن هَارُوْنَ، وَقَالَ: الحَدِيْث مَوْضُوْع.
قَالَ: فَحَدَّثَ بِهِ مُحَمَّد بن غَالِب بحضرَة القَاضِي، وَهُوَ سَاكت، وَمَا زَالَ القَاضِي يذكر مِنْ فضل مُحَمَّد بن غَالِب وَتقدمه.
وفِي رِوَايَة أُخْرَى (1) : قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي: رُبَّمَا وَقَعَ الْخَطَأ لِلنَّاس فِي الحدَاثَة، فَلَو تركته لَمْ يضرّك.
قَالَ: لاَ أَرجع عَمَّا فِي أُصَلِّي.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ يُتَّقَى لِسَانُ تَمْتَام.
وَالصَّوَاب: أَنَّ الورْكَانِي حَدَّثَ بِهَذَا الإِسْنَاد عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْن مَرْفُوْعاً: (لاَ طَاعَة لمَخْلُوْق.... (2)) وَحَدَّثَ عَلَى أَثره الأَبح، عَنْ يَزِيْدَ الرَّقَاشِيّ، عَنْ أَنَس: (شيَّبَتَنِي هود) .
قُلْتُ: مَاتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَث وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ تسعُوْنَ عَاماً.
__________
(1) في: تاريخ بغداد: 3 / 145.
(2) حديث صحيح. أخرجه أحمد 4 / 426، و432 و436، و5 / 66، والطيالسي (850) و (856) ، والحاكم 3 / 443 وصححه ووافقه الذهبي، وانظر المجمع 5 / 226.
ولفظه بتمامه " لا طاعة لمخلوق في معصية الله ".(13/392)
وَقع لَنَا حَدِيْثه كَثِيْراً، وَبَالإجَازَة فِي (الغَيْلانِيات) .
189 - البَرَلُّسِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي دَاوُدَ *
الشَّيْخُ، الإِمَام، الحَافِظ، المُجَوِّد، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْم بن أَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الأَسَدِيُّ، الشَّامِيُّ، الصُّوْرِيُّ المَوْلِدِ، البَرَلُّسِيُّ، بِفَتْحَتَيْنِ ثُمَّ لاَمٍ مَضْمُوْمَةٍ (1) .
سَمِعَ: آدَمَ بن أَبِي إِيَاسٍ، وَسَعِيْد بن أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبَا مُسْهِرٍ الغَسَّانِيَّ، وَطَبَقَتهُم.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
قَالَ ابْنُ جَوْصَا: ذَاكرته، وَكَانَ مِنْ أَوعيَة الحَدِيْث.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُف الهَرَوِيّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمّ، وَأَبُو الفَوَارِسِ السِّنْدِيّ، وَجَمَاعَة.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: هُوَ أَحَد الحُفَّاظ المجوِّدين الأِثْبَات، تُوُفِّي بِمِصْرَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْن.
قَالَ ابْنُ عَسَاكِر (2) : سَمِعَ أَبَا مُسْهِرٍ، وَروَّاد بن الجَرَّاح، وَبكَّار بن عَبْدِ اللهِ السِّيْرِيْنِيّ، وَيَحْيَى الوُحَاظِيّ، وَيَزِيْد بن عَبْدِ رَبِّه، وَسَمَّى عِدَّةً.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 218 ب - 219 أ، المنتظم: 5 / 85، معجم البلدان: " برلس "، اللباب: 1 / 142، شذرات الذهب: 2 / 162، تهذيب بدران: 2 / 215.
(1) وكذا ضبطها ياقوت في " معجمه " وضبطها السمعاني في " الأنساب " وابن الأثير في " اللباب " والفيروزبادي في " القاموس " بثلاث ضمات مع تشديد اللام، وبرلس: بليدة على شاطئ نيل مصر قرب البحر من جهة الإسكندرية.
(2) انظر ترجمته فيه.(13/393)
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ ابْنَ جَوْصَا يَقُوْلُ: ذَاكرت أَبَا إِسْحَاقَ البَرَلُّسِيّ، وَكَانَ مِنْ أَوعيَة الحَدِيْث، فَذَكَرَ حِكَايَةً.
أَبُو إِسْحَاقَ أَبُوْهُ كُوْفِيّ، وَولد هُوَ بصُور، وَقِيْلَ: تُوُفِّي سَنَة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
190 - الأَزْرَقُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ بنِ مَحْمُوْدٍ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، المُسْنِد، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ بنِ مَحْمُوْدٍ الأَزْرَقُ البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: حَجَّاج بن مُحَمَّدٍ الأَعور، وَمُحَمَّد بن عُمَرَ الوَاقِدِيّ، وَأَبِي النَّضْر هَاشِم بن القَاسِم، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بن كُنَاسَة، وَعُبَيْد اللهِ بن مُوْسَى، وَعَبْد اللهِ بن بَكْرٍ السَّهْمِيّ، وَمُحَمَّد بن مُصْعَبٍ القَرْقسَانِي، وَالأَسْوَد بن عَامِر شَاذَان، وَيُوْنُس بن مُحَمَّدٍ المُؤَدِّب، وَكَثِيْر بن هِشَامٍ، وَحَفْص بن عُمَرَ الحَبِطي، وَخَلَف بن تَمِيْم، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ بن عَلِيٍّ الطَّسْتِي، وَمُحَمَّد بن العَبَّاسِ بنِ نَجِيْح، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَد بن يُوْسُفَ بنِ خَلاَّدٍ العَطَّار، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الدَّارَقُطْنِيّ يَقُوْلُ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ حُسَيْن الكَرَابِيْسِيّ، يُطعن عَلَيْهِ فِي اعْتِقَاده.
قَالَ الخَطِيْبُ: أَمَّا أَحَادِيْثه فصِحَاح (1) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 159 - 160، ميزان الاعتدال: 4 / 4، عبر المؤلف: 2 / 69، الوافي بالوفيات: 4 / 318، تهذيب التهذيب: 9 / 399، لسان الميزان: 5 / 339 - 340، شذرات الذهب: 2 / 180.
(1) تاريخ بغداد: 3 / 159.(13/394)
قُلْتُ: لَهُ أُسْوَة بخلقٍ كَثِيْرٍ مِنَ الثِّقَات الَّذِيْنَ حَدِيْثهُم (1) فِي (الصَّحِيْحَيْنِ) أَوْ أَحَدهُمَا، مِمَّن لَهُ بِدعَةٌ خفيفَةٌ بَلْ ثقيلَة، فَكَيْفَ الحيلَة؟ نَسْأَل اللهَ الْعَفو وَالسمَاح.
مَاتَ الأَزْرَق: فِي آخر سَنَة إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْن (2) .
أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَة (3) ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ أَبُو سُلَيْمَانَ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الوَرَّاق، قَالَ: أَنْبَأَنَا أحمَد بن أَبِي عِيْسَى التَّيْمِيّ.
(ح) : وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْد العَزِيْز الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْل بن ظفر، أَخْبَرَنَا التَّيْمِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّاد، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يُوْسُفَ النَّصِيْبِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَرَجِ، حَدَّثَنَا كَثير بن هِشَامٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ بُرْقَان، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَر، عَنْ حَفْصَةَ قَالَتْ:
أَمرنِي رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أُحِلَّ فِي حجَّته الَّتِي حَجَّ (4) .
191 - مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ بنِ الوَلِيْدِ أَبُو جَعْفَرٍ الوَاسِطِيُّ *
المُحَدِّث، المُعَمَّر، أَبُو جَعْفَرٍ الوَاسِطِيّ، الطَّيَالِسِيّ.
وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمئَة.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَا، دَ عَنْ: يَزِيْد بن هَارُوْن، وَأَبِي جَابِر مُحَمَّد بن عَبْد المَلِكِ، وَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَن المُقْرِئ، وَمُوْسَى الطَّوِيْل - الَّذِي زَعَمَ أَنه سَمِعَ مِنْ أَنَس بن مَالِك -.
__________
(1) في الأصل: " حديثه ".
(2) في: " الميزان " و" العبر " و" الوافي بالوفيات ": وفاته سنة (282)
(3) ترجمه المؤلف في: " مشيخته ": خ: ق: 6.
(4) وأخرجه أحمد 6 / 285 من طريق كثير بن هشام بهذا الإسناد، وإسناده صحيح.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 305 - 307، ميزان الاعتدال: 4 / 41 - 42، الوافي بالوفيات: 5 / 30(13/395)
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ بن البَخْتَرِيّ، وَمُحَمَّد بن مَخْلَدٍ العَطَّار، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَد بن ثَابِت الوَاسِطِيّ، وَعِدَّة.
رَوَى الحَاكِم، عَنِ الدَّارَقُطْنِيّ: لاَ بَأْس بِهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: رَأَيْت أَبَا القَاسِمِ اللاَّلْكَائِيّ (1) ، وَالحَسَن بن مُحَمَّدٍ الْخلال يُضَعِّفَانه.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: لَهُ مَنَاكِير (2) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ نيَّف عَلَى المئَة، فَإِنَّهُ ذكر أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ مُوْسَى الطَّوِيْل مَوْلَى أَنَس بِوَاسِطَ، سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمئَة، قَالَ: وَكَانَ لِي ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً (3) .
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي (كَامِله) : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ الوَرَّاق، قَالَ: قَاطعنَا مُحَمَّد بن مَسْلَمَةَ عَلَى أَجزَاء، فَقرأَنَا عَلَيْهِ، وَفِيْهَا حَدِيْث طَوِيْل، فَقَالَ: مَا أَحسن هَذَا! وَاللهِ إِن سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيْث قَطُّ إِلاَّ السَّاعَة.
وَقَالَ لَهُ: رَجُل قل عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ.
فَقَالَ: بدِرْهَمَيْنِ صِحَاح.
ثُمَّ سَاق لَهُ ابْن عَدِيٍّ مَنَاكِير.
وَحَدِيْثه عَالٍ فِي (الغَيْلاَنِيات)
__________
(1) هو هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي الحافظ، محدث بغداد، توفي سنة 418 هـ. انظره في " تذكرة الحفاظ: 3 / 1083 - 1085.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 3 / 305.
(3) المصدر السابق: 3 / 305 - 306.(13/396)
192 - ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ *
ابْنِ سُفْيَانَ بنِ قَيْسٍ القُرَشِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَغْدَادِيُّ، المُؤَدِّبُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ السَّائِرَةِ، مِنْ مَوَالِي بَنِي أُمَيَّةَ.
وُلِدَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَمائَتَيْنِ.
وَأَقدم شَيْخ لَهُ: سَعِيْد بن سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْه الوَاسِطِيّ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ الْجَعْد، وَخَالِد بن خِداش، وَعَبْد اللهِ بن خَيْرَان، صَاحِب المَسْعُوْدِيّ، وَطَبَقَتِهم.
وَقَدْ جمع شَيْخنَا أَبُو الحجَّاج (1) الحَافِظ أَسْمَاء شُيُوْخه عَلَى الْمُعْجَم، وَهُم خلق كَثِيْر، فمنهُم: أَحْمَد بن إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيّ، وَأَحْمَد بن جَنَاب، وَأَحْمَد بن حَاتِمٍ الطَّوِيْل، وَأَحْمَد بن عَبْدَة الضَّبِّيّ، وَأَحْمَد بن عِمْرَانَ الأَخنسِي، وَأَحْمَد بن عِيْسَى المِصْرِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْب، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدٍ البِرتِي، وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَأَحْمَد بن زِيَادٍ سَبَلَان، وَإِبْرَاهِيْم بن سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْد اللهِ الهَرَوِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَة، وَإِبْرَاهِيْم بن أُوْرمَة - وَهُوَ أَصغر مِنْهُ - وَإِسْحَاق بن أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَإِسْمَاعِيْل بن إِبْرَاهِيْمَ التَرْجُمَانِي، وَإِسْمَاعِيْل القَاضِي - وَتَأَخر بَعْدَهُ - وَإِسْمَاعِيْل بن عَبْدِ اللهِ بنِ زُرَارَةَ الرَّقِّيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عُبَيْدٍ بن أَبِي
__________
(*) الجرح والتعديل: 5 / 163، الفهرست: المقالة الخامسة: الفن الخامس، تاريخ بغداد: 10 / 89 - 91، طبقات الحنابلة: 1 / 192 - 195، المنتظم: 5 / 148 - 149، تهذيب الكمال: خ: 736 - 737، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 184، تذكرة الحفاظ: 2 / 677 - 679، عبر المؤلف: 2 / 65، فوات الوفيات: 2 / 228 - 229، البداية والنهاية: 11 / 71، تهذيب التهذيب: 6 / 12 - 13، النجوم الزاهرة: 3 / 86، طبقات الحفاظ: 294 - 295، خلاصة تذهيب الكمال: 213.
(1) انظر: تهذيب الكمال: خ: 736.(13/397)
كَرِيْمَة، وَإِسْمَاعِيْل بن عِيْسَى العَطَّار، وَبسَام بن يَزِيْدَ النَّقَّالَ، وَبَشَّار بن مُوْسَى، وَبِشْر بن الوَلِيْدِ الكِنْدِيّ، وَحَاجِب بن الوَلِيْدِ، وَالحَارِث بن سُرَيْج النَّقَّالَ، وَالحَارِث بن أَبِي أُسَامَةَ - رَفِيْقه - وَالحَكَم بن مُوْسَى، وَخَالِد بن خِدَاشٍ، وَخَلَف بن سَالِم المُخَرِّمِيّ، وَخَلَف بن هِشَامٍ البَزَّار، وَدَاوُد بن رُشَيْدٍ، وَدَاوُد بن عَمْرٍو الضَّبِّيّ، وَالرَّبِيْع بن ثَعْلَب، وَزُهَيْر بن حَرْب، وَسُرَيْج بن يُوْنُسَ، وَسَعِيْد بن زُنْبُور الهَمْدَانِيّ، وَسَعِيْد بن سُلَيْمَانَ المُخَرِّمِيّ الأَحْوَل، وَسَعِيْد بن سُلَيْمَانَ سَعْدَويه، وَسَعِيْد بن مُحَمَّدٍ الجَرْمِيّ، وَسُلَيْمَان بن أَيُّوْبَ - صَاحِب البَصْرِيّ - وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَعَبْد اللهِ بن خَيْرَان، وَعَبْد اللهِ بن عَوْنٍ الخرَّاز، وَعَبْد اللهِ بن
مُعَاوِيَة الجُمَحِيّ، وَعَبْد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَعَبْد الصَّمَدِ بن يَزِيْدَ مَرْدَوَيْه، وَعَبْد العَزِيْزِ بن بَحْر، وَعَبْد المتعَالِي بن طَالب، وَأَبو نَصْر بن عَبْدِ العَزِيْزِ التَّمَّار، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَعُبَيْد الله العَيْشِيّ، وَعَلِيّ بن الْجَعْد، وَعَمَّار بن نَصْرٍ، وَأَبُو عُبَيْد القَاسِمُ بنُ سَلاَّم - وَهُوَ مِنْ قُدمَاء شُيُوْخه - وَكَامِل بن طَلْحَة، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي سَمِينَة، وَمُحَمَّد بن بَكَّارٍ بن الرَّيَّان، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرٍ المَدَائِنِيّ، عَنْ حَمْزَة الزَّيَّات فِي (اصطنَاع المَعْرُوف) ، وَمُحَمَّد بن زِيَادِ بنِ الأَعْرَابِيّ، وَمُحَمَّد بن سَعِيْدٍ الكَاتِب، وَمُحَمَّد بن سَلاَّمٍ الجُمَحِيّ، وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الدُّوْلاَبِيّ، وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاح الجَرْجَرَائِيّ، وَمُحَمَّد بن عَاصِم - صَاحِب الخَان - حَدَّثَهُ عَنْ: حَرِيز بن عُثْمَانَ، وَعَنْ كَثِيْر بن سُلَيْم، وَمُحَمَّد بن عَبَّاد المَكِّيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الوَاهِب الحَارِثِيّ، وَمُحَمَّد بن عُبَيْدٍ وَالده، وَمُحَمَّد بن عِمْرَانَ بنِ أَبِي لَيْلَى الأَنْصَارِيّ، وَمُحَمَّد بن يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ،
__________
(1) البرتي، بكسر الباء، وسكون الراء: نسبة إلى برت: قرية بنواحي بغداد. (اللباب)(13/398)
وَمَحْمُوْد بن الحَسَنِ الوَرَّاق - مِنْ نَظمه - وَمَحْمُوْد بن مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُوْد بن عَدِيّ بنِ ثَابِت بن قَيْس بن الْخطيم الظَّفَرِيّ، وَمَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَمَهْدِيّ بن حَفْص، وَمُوْسَى بن مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ البَصْرِيّ، وَالنَّضْر بن طَاهِرٍ البَصْرِيّ، وَنُعَيْم بن الهيصم، وَهَارُوْن بن مَعْرُوف، وَالهَيْثَم بن خَارِجَةَ، وَيَحْيَى بن أَيُّوْبَ العَابِد، وَيَحْيَى بن درست القُرَشِيّ، وَيَحْيَى بن عَبْد الحَمِيْد الحِمَّانِيّ، وَيَحْيَى بن عَبْدوَيْهِ - صَاحِب شُعبَة - وَيَحْيَى بن يُوْسُفَ الزَّمِّي (1) ،
وَأَبُو بلاَل الأَشْعَرِيّ مِرْدَاس، وَأَبُو عُبَيْدَة بن فُضَيْل بن عِيَاض.
ويَرْوِي عَنْ خلق كَثِيْر لاَ يُعرفون، وَعَنْ طَائِفَةٍ مِنَ المُتَأَخِّرين: كيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَأَبِي قِلاَبةَ الرَّقَاشِيّ، وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيّ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ؛ لأَنَّهُ كَانَ قَلِيْل الرِّحلَة، فَيتَعَذَّر عَلَيْهِ رِوَايَة الشَّيْء، فَيَكْتُبهُ نَازلاً وَكَيْفَ اتَّفَقَ.
وَتَصَانِيْفه كَثِيْرَةٌ جِدّاً، فِيْهَا مُخَبّآت وَعجَائِب.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَارِث بن أَبِي أُسَامَة، أَحَد شُيُوْخِه، وَابْن أَبِي حَاتِمٍ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدٍ اللُّنبَانِي (2) ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سَلْمَان النَّجَّاد، وَالحُسَيْن بن صَفْوَانَ البَرْذَعِيّ، وَأَحْمَد بن خُزَيْمَةَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ عَبْد اللهِ بن بُريَة الهَاشِمِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْد اللهِ الشَّافِعِيّ، وَعِيْسَى بن مُحَمَّدٍ الطُّومَارِي، وَأَبُو عَلِيٍّ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الصَّحَّاف، وَأَبُو العَبَّاسِ بن عُقدَة، وَأَبُو سَهْل بن زِيَادٍ، وَأَحْمَد بن مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيّ، وَعُثْمَان بن مُحَمَّدٍ
__________
(1) الزمي، بفتح الزاي، وتشديد الميم: نسبة إلى زم: بليدة على طرف جيحون. (اللباب) .
(2) اللنباني، بضم اللام، وسكون النون: نسبة إلى محلة كبيرة بأصبهان، ولها باب يقال له: باب لنبان. (اللباب)(13/399)
الذّهبِي، وَعَلِيّ بن الفَرَجِ بن أَبِي رَوْح، وَإِبْرَاهِيْم بن مُوْسَى بن جَمِيْل الأَنْدَلُسِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن عُثْمَانَ الخشَّاب، بصرِي، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ اللهِ بنِ الجُنَيْد - وَمَاتَ قَبْلَهُ - وَأَبُو الحُسَيْن أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الجَوْزِيّ، وَابْن أَبِي حَاتِمٍ، وَعَبْد الرَّحْمَن بن حَمْدَانَ الجَلاَّب، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَد الأَصْبَهَانِيّ الصَّفَّار، وَأَبُو بشير الدُّوْلاَبِيّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ بن البَخْتَرِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ خنب (1) البُخَارِيّ، وَابْن المَرْزبَان، وَمُحَمَّد بن خَلَف، وَكِيْع، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ: ابْنُ مَاجَهْ فِي (تَفْسِيْره) .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبْتُ عَنْهُ مَعَ أَبِي، وَقَالَ أَبِي: هُوَ صَدُوْقٌ (2) .
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ يُؤدِّب غَيْر وَاحِدٍ مِنْ أَولاَد الخُلَفَاء (3) .
وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا إِذَا جَالس أَحَداً، إِن شَاءَ أَضحكه، وَإِن شَاءَ أَبكَاهُ فِي آنٍ وَاحِدٍ، لتَوَسُّعِهِ فِي العِلْمِ وَالأَخْبَار.
قَالَ أَحْمَد بن كَامِلٍ: كَانَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مُؤَدِّب المُعْتَضِد.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بن شَاذَان البَزَّاز: حَدَّثَنَا أَبُو ذَر القَاسِم بن دَاوُد، حَدَّثَنِي ابْن أَبِي الدُّنْيَا، قَالَ: دَخَلَ المكتفِي (4) عَلَى المُوَفَّق وَلَوْحُه بِيَدِه، فَقَالَ مَالِك لَوْحُك بِيَدِك؟
قَالَ: مَاتَ غُلاَمِي وَاسْترَاح مِنَ الكُتَّاب.
قَالَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ كَلاَمك، كَانَ الرَّشِيْد أَمر أَنْ تُعْرَض عَلَيْهِ أَلواح أَولاَدِه (5) ، فَعُرضت
__________
(1) خنب: بفتح الخاء وسكون النون، كذا ضبط في " التبصير ".
(2) الجرح والتعديل: 5 / 163.
(3) تاريخ بغداد: 10 / 89.
(4) كتب في حاشية الأصل وبجانب كلمة " المكتفي ": كلمة: " المعتضد ".
والمكتفي هو ابن المعتضد وحفيد الموفق، والمعتضد هو ابن الموفق
(5) زاد الخطيب هنا: " في كل يوم اثنين وخميس ".(13/400)
عَلَيْهِ فَقَالَ لابْنهِ مَا لغُلاَمك لَيْسَ لَوْحك مَعَهُ؟
قَالَ: مَاتَ وَاسْترَاح مِنَ الكُتَّاب.
قَالَ: وَكَأَنَّ المَوْت أَسهل عَلَيْك مِنَ الْكتاب؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فدع الكُتَّاب، قَالَ: ثُمَّ جِئْته.
فَقَالَ: كَيْفَ مَحَبَّتك لمُؤَدِّبك؟
قُلْتُ: كَيْفَ لاَ أَحَبّه، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فتق لسَانِي بِذِكْرِ الله، وَهُوَ مَعَ ذَاكَ إِذَا شِئْت أَضحكك، وَإِذَا شِئْت أَبكَاك.
قَالَ: يَا رَاشِد: أَحضر (1) هَذَا.
فَأَحضرنِي، فَابْتدأَت فِي أَخْبَار الخُلَفَاء وَموَاعِظهُم، فَبَكَى بكَاء شَدِيْداً ... ثُمَّ ابتدأْت، فَذكرت نَوَادِر الأَعرَاب، فَضَحِكَ ضحكاً كَثِيْراً، ثُمَّ قَالَ لِي: شَهْرتَنِي شَهْرتَنِي.
وَقَعَ لِي مِنْ تَصَانِيْف ابْن أَبِي الدُّنْيَا: (القنَاعَة) ، (قصر الأَمل) ، (مُجَابِي الدعوَة) ، (التَّوَكُّل) ، (الْوَجل) ، (ذمّ الملاَهِي) ، (الصَّمت) ، (الْفرج بَعْد الشِدَّة) ، (قِرَى الضَّيف) ، (مَنْ عَاشَ بَعْدَ المَوْت) ، (الْمُحْتَضرِينَ) ، (المدَارَة) بفَوْت، (محَاسبَة النَّفس) ، (ذمّ الْمُسكر) ، (اليَقين) ، (التَّوبَة) ، (الشُّكْر) ، (المَوْت) ، (القُبُوْر) ، (العزلَة) ، وَأَشيَاء.
تَرْتِيْب مصنفَاته عَلَى الْمُعْجَم: كِتَاب (الأَدب) ، (اصطنَاع المَعْرُوف) ، (الأَشرَاف) ، (أَخْبَار ضَيْغم) ، (إِصْلاَح المَال) ، (الأَنوَاء) ، (أَخْبَار المُلُوك) ، (الأَخلاق) ، (الإِخوَان) ، (الانفرَاد) ، (أَخْبَار الثَّوْرِيّ) ، (الأَلويَة) ، (الأَوْلِيَاء) ، (الأَمْر بِالمَعْرُوف) ، (الأَلحَان) ، (الأَحزَان) ، (أَخْبَار أُوَيْس) ، (أَخْبَار مُعَاوِيَة) ، (الأَضحيَة) ، (الإِخلاص) ، (الأَيَّام وَاللَّيَالِي) ، (أَهوَال القِيَامَة) ، (أَعلاَم النُّبُوَّة) ، (إِنزَال الحَاجَة بِاللهِ) ، (أَخْبَار قُرَيْش) ، (أَخْبَار
__________
(1) في تاريخ بغداد 10 / 90: أحضرني.(13/401)
الأَعرَاب) ، (إِعَطَاء السَّائِل) ، (انْقِلَاب الزَّمَان) ، (أَعقَاب السُّرُور وَالأَحزَان وَالبكَاء) .
(التَّوبَة) ، (التَّهَجُّد) ، (التَّفَكُّر وَالاعتبَار) ، (التعَازي) ، (تَارِيْخ الخُلَفَاء) ، (التَّارِيْخ) ، (تغيُّر الإخوَان) (تَغْيِير الزَّمَان) ، (التَّقْوَى) ، (تعبِير الرُّؤيَا) ، (التَّشمس) ، (التَّوَكُّل) .
(الْجُوع) ، (الجِهَاد) ، (الجفَاة عِنْد المَوْت) ، (الجيرَان) .
(حسن الظَّنّ) ، (الْحذر وَالشَّفقَة) ، (حلم الحكمَاء) ، (الْحلم) ، (حلم الأَحْنَف) ، (حُرُوف خلف) ، (الحوائِج) .
(الخُلَفَاء) ، (الخَافقين) ، (الخمُوْل) ، (الْخبز الخَاتم) .
(دلاَئِل النُّبُوَّة) ، (الدّين وَالوَفَاء) ، (الدُّعَاء) ، (ذمّ الدُّنْيَا) ، (ذمّ الشَّهَوَات) ، (ذمّ الْمُسكر) ، (ذمّ الْبَغي) ، (ذمّ الغيبَة) ، (ذمّ الْحَسَد) ، (ذمّ الفَقْر) ، (ذمّ الرَّيَاء) ، (ذمّ الرِّبَا) ، (ذمّ الضحك) ، (ذمّ البُخْل) ، (الذّكر) .
(الرُّهبَان) ، (الرُّخْصَة فِي السَّمَاع) ، (الرَّمْي) ، (الرَّهَائِن) ، (الرِّضَا) ، (الرِّقَّة) .
(الزُّهْد) ، (الزَّفير) ، (السُّنَّة) ، (السَّخَاء) ، (الشُّكر) ، (الشَّيب) ، (شرف الفَقْر) .
(الصَّمت) ، (الصَّدَقَة) ، (صدقَة الْفطر) ، (الصَّبْر) ، (صفَة الجَنَّة) ، (صفَة النَّار) ، (صفَة النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، (الصَّلاَة عَلَى النَّبِيِّ - صلَّى الله عَلَيْهِ وَسلَّم -) .(13/402)
(الطَّبَقَات) ، (الطَّواعِين) .
(العُزلَة) ، (العزَاء) ، (عقوبَة الأَنْبِيَاء) ، (الْعقل) ، (العوائِد) ، (العقوبَات) ، (العيَال) ، (العبَّاد) ، (الْعوذ) ، (الْعِيدَيْنِ) ، (العِلْم) ، (عَاشُورَاء) ، (الْعَفو) ، (عَطَاء السَّائِل) ، (الْعُمر وَالشَّبَاب) .
(فضل العَبَّاس) ، (الفتوَى) ، (الْفرج بَعْد الشِدَّة) ، (فضل الْعشْر) ، (فضل رَمَضَان) ، (فضَائِل عليّ) ، (فضل لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله) ، (الفَوَائِد) ، (الفتُوْنَ) ، (فضَائِل القُرْآن) .
(القصّاص) ، (قَضَاء الحوائِج) ، (قصر الأَمل) ، (قرَى الضَّيف) ، (القُبُوْر) ، (القنَاعَة) .
(كَرَامَاتَ الأَوْلِيَاء) .
(المدَارَة) ، (مَنْ عَاشَ بَعْدَ المَوْتِ) ، (الْمُحْتَضرِينَ) ، (الْمَرَض وَالكفَّارَات) ، (المَوْت) ، (الْمُتَمَنِّينَ) ، (مكَائِد الشَّيْطَان) ، (المَطَر) ، (المَنَامَات) ، (مَقْتَل عليّ) ، (مَقْتَل عُثْمَان) ، (مَقْتَل الحُسَيْن) ، (مَقْتَل طَلْحَة) ، (مَقْتَل الزُّبَيْر) ، (مَقْتَل ابْن الزُّبَيْرِ) ، (مَقْتَل ابْن جُبَيْر) ، (كِتَاب المُروءة) ، (المَجُوْس) ، (معَارض الكلامَ) ، (الْمَمْلُوكين) ، (المَغَازِي) ، (الْمُنْتَظِم) ، (المنَاسك) ، (مكَارم الأَخْلاَق) ، (مجَابِي الدَّعوَة) ، (محَاسبَة النَّفس) ، (الْمَعيشَة) .
(النَّوَادر) ، (النَّوَازع) .
(الهُم وَالحزن) ، (الهدَايَا) .(13/403)
(الوَرَع) ، (الوصَايَا) ، (الْوَقْف وَالابْتِدَاء) ، (الْوَجل) ، (اليَقين) .
193 - المُنَجِّمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ هَارُوْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى *
الأَدِيْبُ، الأَخْبَارِي، أَبُو عَبْدِ اللهِ هَارُوْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ بن المُنَجِّم، البَغْدَادِيّ، النَّديم.
مُصَنِّف كِتَاب: (البَارع) فِي الشُّعَرَاء الْمُولدين، فَبدأَ بِبَشَّار، وَخَتَم بِابْن الزَّيَّات، وَهُم مائَة وَسِتُّوْنَ شَاعِراً، فَالعمَاد فِي (الخريدَة) ، وَالحَظيرِي، وَالبَاخَرْزِي، وَالثَّعَالبِي، نَسَجُوا عَلَى منَوَاله، وَفرعُوا عَلَيْهِ.
وَلَهُ كِتَاب: (النِّسَاء وَمَا فِيهِنَّ (1)) ، وَغَيْر ذَلِكَ.
وَهُوَ مِنْ بَيْت أَدب وَمُجَالَسَة (2) للخلفَاء.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَمْ يطلّ عُمره.
وَكَانَ أَبُوْهُ أَبُو الحَسَنِ أَدِيْباً شَاعِراً.
وَكَانَ جَدُّهُ منجِّماً، وَاصلاً عِنْد المَأْمُوْن، وَمَاتَ بِحَلَب: سَنَة بِضْعَ عَشْرَة وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ جدهُم أَبُو مَنْصُوْر مُنَجم أَبِي جَعْفَرٍ المَنْصُوْر، وَكَانَ مَجُوْسِيّاً شَقيّاً، وَأَسْلَم ابْنه يَحْيَى عَلَى يَد المَأْمُوْن، وَصَارَ مَوْلاَهُ وَنديمَه وَأَنيسَه.
__________
(*) الفهرست: المقالة الثالثة: الفن الثالث، معجم الأدباء: 19 / 262 - 263، وفيات الأعيان: 6 / 78 - 79.
(1) في: وفيات الأعيان: 6 / 78 - 79: " وله كتاب " النساء وما جاء فيهن من الخبر ومحاسن ما قيل فيهن من الشعر والكلام الحسن ". ولم أظفر له بشيء من الشعر حتى أورده
(2) في الأصل: " مخالسة ".(13/404)
وَلعَلِيّ بن هَارُوْنَ بنِ عَلِيٍّ تَرْجَمَةٌ فِي (تَارِيْخ (1)) ابْن خلِّكَانَ.
أَخُوْهُ العَلاَّمَةُ النَّدِيْمُ:
194 - أَبُو أَحْمَدَ يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى المُنَجِّمُ *
نَادَم جَمَاعَةً، آخرهُم المكتفِي.
وَصَنَّفَ كتباً عِدَّة، وَعلَتْ رتبته.
وَكَانَ مُعتزلياً مُبتدعاً، رَأْساً فِي ذَلِكَ.
وَلَهُ كِتَاب (البَاهر فِي شُعرَاء الدَّوْلَتين) ، ثُمَّ تَمَّمه وَلدُه أَحْمَد بن يَحْيَى، وَلَهُ كِتَاب: (الإِجْمَاع فِي الفِقْهِ) .
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ تَلاَمِذَةِ مُحَمَّد بن جَرِيْر، وَلَهُ مَعَ الْمُعْتَضد وَقَائِع وَنوَادر، وَحَرِد عَلَيْهِ المكتفِي مَرَّةً فَأَلزمه بِصَيْد الأَسَد، فَعمل أَبيَاتاً، مِنْهَا:
كَلَّفُوْنَا صَيْدَ السِّبَاعِ وَإِنَّا ... لَبِخَيْرٍ إِنْ لَمْ تَصِدْنَا السِّبَاعُ (2)
عَاشَ تسعاً وَخَمْسِيْنَ سنَةً.
وَتُوُفِّيَ: فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَلاَثِ مائَة.
195 - سَنْجَةُ أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بنُ عُمَرَ بنِ الصَّبَّاحِ الرَّقِّيُّ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، شَيْخُ الرَّقَّة، أَبُو عُمَرَ حَفْص بن عُمَرَ
__________
(*) الفهرست: المقالة الثالثة: الفن الثالث، تاريخ بغداد: 14 / 230، نزهة الالباء: 236، معجم الأدباء: 20 / 28 - 29، وفيات الأعيان: 6 / 198 - 201.
(1) 3 / 375 - 376، وهو مترجم أيضا في: " يتيمة الدهر ": 3 / 119، ومعجم الأدباء: 15 / 112.
(2) وفيات الأعيان: 6 / 200.
والبيت من قصيدة أولها: نفس الدهر أن نسر وأن ي ... سعدنا بالاحبة الاجتماع
(* *) ميزان الاعتدال: 1 / 566، لسان الميزان: 2 / 328 - 329.(13/405)
بنِ الصَّبَّاحِ الرَّقِّيّ الجَزَرِيّ، وَيُلَقَّبُ بِسَنْجَة (1) أَلْف.
ارْتَحَلَ وَسَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَقَبِيْصَة بن عُقْبَةَ، وَعَبْد اللهِ بن رَجَاءٍ الغُدَانِي، وَفَيْض بن الفَضْلِ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَيَحْيَى بن صَاعِدٍ، وَالعَبَّاس بن مُحَمَّدٍ الرَّافقي، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ، وَأَكْثَر عَنْهُ الطَّبَرَانِيّ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: حَدَّثَ بِغَيْر حَدِيْث لَمْ يُتَابع عَلَيْهِ.
قُلْتُ: احْتَجَّ بِهِ أَبُو عَوَانَةَ.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَهُوَ صَدُوْقٌ فِي نَفْسِهِ، وَلَيْسَ بِمُتْقِن.
196 - رَافِعُ بنُ هَرْثَمَةَ *
الأَمِيْرُ: وَلِي خُرَاسَان مِنْ قِبَل مُحَمَّد بن طَاهِرٍ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ عِنْدَمَا عَزل الموفَّقُ عَمْرو بن اللَّيْثِ الصَّفَّار عَنْ إِمرَة خُرَاسَان، ثُمَّ وَرَدَت كتبُ المُوَفَّق عَلَى رَافِع بِقصد جُرْجَان، وَهِيَ لِلْحَسَنِ بنِ زَيْد، فَحَاصرهَا رَافِع سَنَتين، وَاسْتَوْلَى رَافِع عَلَى طَبَرِسْتَان، فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ، ثُمَّ اسْتُخلف المُعْتضِد، فَعَزل عَنْ خُرَاسَان رَافعاً، وَأَعَاد عَمْرو بن
__________
(1) ضبطت السين في الأصل بالفتح، وكذلك ضبطها ابن ماكولا في " الإكمال ": 4 / 385.
أما المؤلف في " مشتبهه " فقد ضبطها بكسر السين، وتابعه على ذلك صاحب: " التوضيح " و" التبصير ".
ويترجح الفتح إذا كانت الكلمة مأخوذة من " سنجة الميزان "، فإن سينها مفتوحة كما في كتب اللغة.
(*) تاريخ الطبري: 9 / 621، و10 / 31، 44، 50، الكامل لابن الأثير: 7 / 367 - 369، 457 - 459، عبر المؤلف: 2 / 70، البداية والنهاية: 11 / 76، شذرات الذهب: 2 / 182.(13/406)
اللَّيْث، فَحَشَد رَافِع، وَاسْتعَان بِمُلُوْك، فَالتَقَى عَمْراً فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ، فَهَزمه عَمْرو، وَسَاقَ وَرَاءهُ أَيَّاماً، وَضَايقه إِلَى أَنْ تفرق جُنده، وَقُتِلَ رَافِع: فِي شَوَّالٍ، مِنْ سنَةِ ثَلاَثٍ، وَنُفِّذ رَأْسه إِلَى المُعْتَضِد.
وَقِيْلَ: لَمْ يَكُنْ هَرْثمَة أَبَاهُ، بَلْ كَانَ زَوْج أُمِّه، وَإِنَّمَا هُوَ رَافِع بن نُوْمَرد.
وَقَدِ امْتَدَحَهُ البُحْتُرِيّ (1) ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَلف دِيْنَار إِلَى بَغْدَادَ.
وَكَانَ مَلَكاً جَوَاداً، عَالِي الهِمَّة، وَاسِعَ الممَالِك، وَتَمَكَّنَ بَعْدَهُ الصَّفَّار.
197 - البِرْتِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى *
القَاضِي، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الأَزْهر البِرْتِي، البَغْدَادِيّ، الحَنَفِيّ العَابِد.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَالقَعْنَبِيّ، وَعَفَّان، وَعَاصِم بن عَلِيٍّ، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيّ، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبَا سَلَمَةَ، وَسُلَيْمَان بن حَرْبٍ، وَأَبَا حُذَيْفَة النَّهْدِيّ، وَأَبَا عُمَر الحَوْضي، وَأَبَا حُذَيْفَة، وَأَبَا غَسَّانَ مَالِك بن
__________
(1) انظر القصيدة في ديوانه: 3 / 2046. (ط. دار المعارف بمصر) ومطلعها: بالله أولي يمينا برقة قسما * ما كان ما زعم الواشي كما زعما وتقع في ستة وثلاثين بيتا.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 61 - 63، طبقات الفقهاء: 140، طبقات الحنابلة: 1 / 66، المنتظم: 5 / 145 - 146، اللباب: 1 / 133، تذكرة الحفاظ: 2 / 596 - 597، عبر المؤلف: 2 / 63، البداية والنهاية: 11 / 69، طبقات الحفاظ: 267، شذرات الذهب: 2 / 175.(13/407)
إِسْمَاعِيْل، وَمُسَدَّد بن مُسَرْهَد، وَمُحَمَّد بن كَثِيْر، وَيَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَعِدَّةً.
وَتَفَقَّهَ بِأَبِي سُلَيْمَانَ الجُوْزَجَانِيّ الفَقِيْه - صَاحِب مُحَمَّد بن الحَسَنِ - وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
وَتَفَقَّهَ بِهِ أَئِمَّةٌ وَعُلَمَاء.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ صَاعِدٍ، وَابْن مَخْلَدٍ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار النَّحْوِيّ، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَجَمَاعَةٌ سِوَاهُم.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَلِي قَضَاءَ بَغْدَاد بَعْد أَبِي هِشَام الرِّفَاعِيّ، لمَّا تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
قَالَ طَلْحَة بن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ: وَكَانَ البِرْتِي مِنْ خيَار المُسْلِمِيْنَ، دَيِّناً عَفِيْفاً، عَلَى مَذْهَب أَهْل العِرَاقِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ يَحْيَى بن أَكْثَم، وَكَانَ قَبْل ذَلِكَ يَتَقَلَّد قَضَاءَ وَاسِط، رَوَى تآلِيف مُحَمَّد عَنِ الجُوْزَجَانِيّ، وَحَدَّثَ بِحَدِيْث كَثِيْر.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً حجّةً، يُذْكَرُ بِالصَّلاَحِ وَالعِبَادَة ... إِلَى أَنْ قَالَ: أَخْبَرَنَا القَاضِي الصَّيْمَرِي، أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الضَّبِّيُّ، أَخْبَرَنَا القَاضِي مُحَمَّد بن صَالح الْهَاشِمِي، أخبرنَا أَبُو عمر مُحَمَّد بن يُوسُف القَاضِي قَالَ:
ركبتُ يَوْماً مَعَ إِسْمَاعِيْل القَاضِي إِلَى أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ البِرْتِي، وَهُوَ مُلاَزم لِبَيْته، فرَأَيْتُ شَيْخاً مُصْفَاراً، أَثَرُ العِبَادَة عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ إِسْمَاعِيْل أَعْظَمَهُ إِعظَاماً شَدِيْداً، وَسَأَلَهُ عَنْ نَفْسِه وَأَهلِه وَعجَائِزه، وَجَلَسْنَا عِنْدَهُ سَاعَة، وَانصرفْنَا، فَقَالَ لِي إِسْمَاعِيْل: يَا بُنَي! تَدْرِي مِنْ هَذَا الشَّيْخُ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: هَذَا القَاضِي البِرْتِي، لَزِمَ بيتَه، وَاشْتَغَلَ بِالعِبَادَة، هَكَذَا
__________
(1) تاريخ بغداد: 5 / 61.(13/408)
تكُون القُضَاة، لاَ كَمَا نَحْنُ (1) .
عَنِ العَلاَء بن صَاعِدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ القَاضِي البِرْتِي، فَقَامَ إِلَيْهِ، وَصَافَحَهُ، وَقَالَ: مَرْحَباً بِالَّذِي يعْمل بِسُّنَّتِي وَأَثرِي.
فَذَهَبتُ وَبشَّرته بِالرُّؤيَا (2) .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: كَانَ إِسْمَاعِيْل القَاضِي يُقَدِّمُ البِرْتِيَّ عَلَى كَافَّةِ أَقرَانه فِي القَضَاءِ وَالرِّوَايَة وَالعدَالَة.
قُلْتُ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَة ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقع لَنَا مِنْ عَوَالِيْهِ فِي (الغَيْلاَنِيَّات) .
قَرَأْتُ عَلَى عبد الحَافِظ بن بَدْرَان (3) ، أَخْبَرَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ البَطِّيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُوَ الفَضْلِ بن خَيْرُوْنَ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا القَعْنَبِيّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (صَلاَةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ أَحَدِكُمْ بِخَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ جُزْءاً) (4) .
__________
(1) تاريخ بغداد: 5 / 61 - 62
(2) انظر الخبر بزياداته في " تاريخ بغداد ": 5 / 62 - 63.
(3) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (179) ، ت: 2، وهو في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 70.
(4) هو في الموطأ 1 / 149 - 150 في الجماعة باب فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ وأخرجه من طريق مالك مسلم برقم (649) في المساجد: باب فضل صلاة الجمعة، الترمذي (216) في الصلاة: باب ما جاء في فضل الجماعة، والنسائي 2 / 103 في الامامة: باب فضل الجماعة.(13/409)
وَمَاتَ مَعَهُ: عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيّ (1) ، وَأَبُو إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ (2) ، وَهلاَلُ بنُ العَلاَءِ الرَّقِّيُّ (3) ، وَحَفْصُ بنُ عُمَرَ الرَّقِّيُّ سَنْجَة (4) ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ القلاَنسِيُّ بِالرَّمْلَة، وَأَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ الله النَّرْسِيُّ (5) ، وَأَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ فيل الأَنْطَاكِيُّ.
198 - الحَرْبِيُّ أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ بنِ مَيْمُوْنٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو يَعْقُوْبَ، إِسْحَاق بن الحَسَنِ بنِ مَيْمُوْنَ، البَغْدَادِيّ الحَرْبِيّ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
سَمِعَ: هَوْذَة بن خَلِيْفَةَ، وَحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ المَرُّوْذِيّ، وَمُوْسَى بن دَاوُدَ، وَعَفَّان بن مُسْلِمٍ، وَأَبَا نُعَيْمٍ، وَأَبَا حُذَيْفَة مُوْسَى بن مَسْعُوْدٍ، وَالقَعْنَبِيّ.
وسمِعنَا (المُوَطَّأ) مِنْ رِوَايته عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (319) ، برقم: (148)
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (270) ، برقم: (132)
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (309) ، برقم: (143)
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (405) ، برقم: (195)
(5) تقدمت ترجمته في الصفحة: (240) ، برقم، (122) (6) من رجال " التقريب ".
(*) طبقات الحنابلة: 1 / 112 - 113، المنتظم: 5 / 174، ميزان الاعتدال: 1 / 190، عبر المؤلف: 2 / 73، الوافي بالوفيات: 8 / 409، البداية والنهاية: 11 / 78، لسان الميزان: 1 / 360، شذرات الذهب: 2 / 186.(13/410)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَالَ لَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ: سُئِلَ إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ عَنْ إِسْحَاقَ بنِ الحَسَنِ، فَقَالَ: هُوَ يَنْبَغِي أَنْ يُسْأَل عَنَّا.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ: هُوَ ثِقَةٌ، وَقَدْ سُئِلَ إِبْرَاهِيْم الحَرْبِيّ مرَّة عَنْهُ، فَقَالَ: هُوَ أَكْبَر مِنِّي بثلاَثِ سِنِيْنَ، وَأَنَا قَدْ لقيتُ حُسَيْن بن مُحَمَّدٍ، أَفلاَ يلقَاهُ هُوَ؟ لَوْ أَنَّ الكَذِبَ حلاَلٌ مَا كذب إِسْحَاق (1) .
قُلْتُ: كَانَ مِنَ العُلَمَاءِ السَّادَة.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ جَاوَز التِّسْعِيْنَ.
وَقع حَدِيْثُهُ عَالِياً لابْن طَبَرزَدْ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ المُسْتَمْلِي (2) ، وَعَبْد العَزِيْز بن مُعَاوِيَةَ القُرَشِيّ (3) ، وَمَحْمُوْد بن الفَرَجِ الأَصْبَهَانِيّ (4) ، وَيَزِيْد بن الهَيْثَمِ البَادَاء (5) ، وَهِشَام بن عَلِيٍّ السِّيْرَافِي، وَرَافِع بن هَرْثَمَة (6) مَقْتُولاً.
199 - البَلَدِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ الهَيْثَمِ *
المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، الصَّادِقُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْم بن الهَيْثَمِ البَلَديُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
__________
(1) انظر: طبقات الحنابلة: 1 / 112.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (373) ، برقم: (175)
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (382) ، برقم: (182)
(4) ترجمته في: ذكر أخبار أصبهان: 2 / 314 - 315، تاريخ بغداد: 13 / 93 - 94.
(5) المنتظم: 5 / 175، وقال فيه: " يعرف بالباداء، كذا يقول المحدثون، وصوابه: البادي، بكسر الدال، لأنه ولد هو وأخ له يوما، وكان هو البادي في الولادة.
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (406) برقم: (196) .
(*) الكامل لابن عدي: خ: 13، تاريخ بغداد: 6 / 207 - 209، المنتظم: 5 / 119، ميزان الاعتدال: 1 / 73، الوافي بالوفيات: 6 / 163، لسان الميزان: 1 / 123.(13/411)
سَمِعَ: أَبَا اليَمَانِ، وآدَم بن أَبِي إِيَاسٍ، وَعلِي بن عَيَّاشٍ، وَأَبَا صَالِحٍ الكَاتِب، وَطَبَقَتهُم.
وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَالنَّجَّاد، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَخرم، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيْثه مستقيمَة، سِوَى حَدِيْث (الغَار (1)) ، فَنَالُوا مِنْهُ (2) .
قَالَ الخَطِيْبُ: هُوَ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ عِنْدنَا (3) .
تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ (4) .
200 - عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِك بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ الأُمَوِيُّ *
الحَافِظ، الإِمَام، قَاضِي القُضَاة، أَبُو الحَسَنِ الأُمَوِيّ البَصْرِيّ.
__________
(1) حديث الغار: وهو حديث الثلاثة الذين أووا إلى غار فانطبق عليهم. وقد رواه الهيثم بن جميل، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن البصري، عن أنس. انظر تاريخ بغداد 6 / 207 - 209.
وهو صحيح من رواية عبد الله بن عمر بن الخطاب، فقد أخرجه بطوله البخاري 4 / 369 - 370 و5 / 12 و6 / 367 و10 / 338، ومسلم (2743) .
(2) انظر: الكامل لابن عدي: خ: 13.
وقد علق على قول ابن عدي الخطيب في تاريخه 6 / 207 فقال: قلت: قد روى حديث الغار عن الهيثم جماعة.
وإبراهيم بن الهيثم ثقة ثبت لا يختلف شيوخنا فيه، وما حكاه ابن عدي من الإنكار عليه لم أر أحدا من علمائنا يعرفه، ولو ثبت لم يؤثر قدحا فيه، لان جماعة من المتقدمين أنكر عليهم بعض رواياتهم، ولم يمنع ذلك من
الاحتجاج بهم، وانظر تمام كلامه فيه.
(3) تاريخ بغداد: 6 / 207.
(4) أرخ وفاته الصفدي في " الوافي بالوفيات ": 6 / 163، سنة (279) .
(*) تاريخ الطبري: 9 / 526، و10 / 49، تاريخ بغداد: 12 / 59 - 60، المنتظم: 5 / 164 - 165، عبر المؤلف: 2 / 71، شذرات الذهب: 2 / 185.(13/412)
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيّ، وَأَبَا سَلَمَة المِنْقَرِيّ، وَأَبَا عُمَرَ الحَوْضي، وَسَهْل بن بَكَّارٍ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بن مُحَمَّدِ بنِ صَاعد، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَإِسْحَاق بن أَحْمَدَ الكَاذِي (1) ، وَعَبْد البَاقِي بن قَانع، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَه الخَطِيْب (2) ، وَغَيْرهُ.
وَقَالَ طَلْحَة الشَّاهِد: لَمَّا مَاتَ إِسْمَاعِيْل القَاضِي مَكثت بَغْدَاد ثَلاَثَة أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ بِغَيْر قَاضٍ، حَتَّى وَلِي القَضَاء عَلِيّ بن أَبِي الشَّوَارِبِ، مُضَافاً إِلَى قَضَاء سَامرَّاء، وَكَانَ وَلِي سَامرَّاء بَعْد أَخِيْهِ الحَسَن.
قَالَ: وَكَانَ عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ رَجُلاً صَالِحاً، عَظِيْم الْخطر، كَثِيْر الطَّلَب لِلْحَدِيْثِ، ثِقَة أَمِيناً، بَقِيَ عَلَى قَضَاء بَغْدَاد أَشهراً (3) .
مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
201 - خَيْرُ بنُ عَرَفَةَ أَبُو طَاهِرٍ المِصْرِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْق، أَبُو طَاهِرٍ المِصْرِيّ.
رَوَى عَنْ: عَبْدِ اللهِ بن صَالِحٍ الكَاتِب، وَيَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَيَزِيْد بن عَبْدِ رَبِّهِ، وَحَيْوَة بن شُرَيْح، وَسُلَيْمَان بن عَبْد الرَّحْمَن، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ، وَأَبُو يَعْقُوْب الأَذرعِي، وَالطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) الكاذي: نسبة إلى كاذة، من قرى بغداد. (اللباب) .
(2) انظر: تاريخ بغداد: 12 / 59.
(3) المصدر السابق: 12 / 59 - 60.
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 5 / 350 أ - ب، تهذيب بدران: 5 / 188 - 189.(13/413)
وَعُمِّر طَوِيْلاً، وَمن قُدمَاء شُيُوْخه: عُرْوَة بن مَرْوَان.
وَمَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْن.
202 - الحُسَيْنُ بنُ الفَضْلِ بنِ عُمَيْرٍ أَبُو عَلِيٍّ البَجَلِيُّ *
العَلاَّمَة، المفسِّر، الإِمَام، اللُّغَوِيّ، المُحَدِّث، أَبُو عَلِيٍّ البَجَلِيّ الكُوْفِيّ، ثُمَّ النَّيْسَابُوْرِيّ، عَالِم عصره.
وُلِدَ قَبْل الثَّمَانِيْنَ وَمئَة.
وَسَمِعَ: يَزِيْدَ بن هَارُوْن، وَعَبْد اللهِ بن بَكْر السَّهْمِيّ، وَالحَسَن بن قُتَيْبَة المَدَائِنِيّ، وَشَبَابَة بن سَوَّار، وَأَبَا النَّضْرِ هَاشِم بن القَاسِم، وَهوذَة بن خَلِيْفَة، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبَانٍ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْد اللهِ بن المُبَارَكِ، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ، وَمُحَمَّد بن القَاسِم العَتَكِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ الْعدْل، وَعَمْرو بن مُحَمَّدِ بنِ مَنْصُوْر، وَأَحْمَد بن شُعَيْبٍ الفَقِيْه، وَمُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ بن الأَخْرَم، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: الحُسَيْن بن الفَضْلِ بنِ عُمَيْرِ بنِ قَاسم بن كَيْسَان البَجَلِيّ، المفسِّر، إِمَام عصره فِي معَانِي القُرْآن، أَقدمه ابْن طَاهِر مَعَهُ نَيْسَابُوْر، وَابتَاع لَهُ دَار عَزْرَة، فسكنهَا، وَهَذَا فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فَبقي يُعلِّم النَّاس، وَيُفْتِي فِي تِلْك الدَّار إِلَى أَنْ تُوُفِّي، وَدُفِن فِي مَقْبَرَة الحُسَيْن بن مُعَاذٍ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْن مئَة وَأَربع
__________
(*) عبر المؤلف: 2 / 68، لسان الميزان: 2 / 307 - 308، طبقات المفسرين: 1 / 156، شذرات الذهب: 2 / 178.(13/414)
سِنِيْنَ، وَقَبْره مَشْهُوْر يُزَار، وَشيَّعه خلق عَظِيْم.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَبِي القَاسِمِ المُذَكِّر يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لَوْ كَانَ الحُسَيْن بن الفَضْلِ فِي بَنِي إِسْرَائِيْلَ لكَانَ مِمَّنْ يُذكر فِي عجَائِبهُم.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ الحَافِظ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَفصح لسَاناً مِنَ الحُسَيْن بن الفَضْلِ (1) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ الكَرَابِيْسِيّ: كَانَ الحُسَيْنُ بنُ الفَضْلِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ يَأْمرنَا أَن نَبْسُط بحِذَاء سِكَّة عَمَّار، فكنَّا نحملهُ فِي المِحَفَّة (2) ، فَمَرَّ بِهِ جَمَاعَة مِنَ الفُرْسَان عَلَى زيّ أَهْل العِلْم، فَرَفَعَ حَاجِبه ثُمَّ قَالَ لِي: مِنْ هَؤُلاَءِ؟
قُلْتُ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ بن خُزَيْمَة، وَجَمَاعَة مَعَهُ.
فَقَالَ: يَا سُبْحَانَ اللهِ! بَعْدَ أَنْ كَانَ يزورنَا فِي هَذِهِ الدَّار إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّد بن رَافِع، يمرّ بِنَا ابْن خُزَيْمَةَ فَلاَ يُسلِّم.
الحَاكِم: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بن مُضَارب، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
كَانَ عِلْم الحُسَيْن بن الفَضْلِ بِالمعَانِي إِلهَاماً مِنَ الله، فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ تجَاوز حدّ التَّعلِيم.
قَالَ: وَكَانَ يرْكَع فِي اليَوْمِ واللَّيْلَة سِتّ مائَة رَكْعَةٍ، وَيَقُوْلُ: لَوْلاَ الضَّعْف وَالسِّنّ لَمْ أَطعم بِالنَّهَار.
وَسَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لَمَّا قلَّد المَأْمُوْن عَبْد اللهِ بن طَاهِرٍ خُرَاسَان، قَالَ: يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ! حَاجَة؟
قَالَ: مَقْضِيَّة.
قَالَ: تُسْعِفُنِي بثَلاَثَةٍ: الحُسَيْن بن الفَضْلِ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الضَّرِيْر، وَأَبُو إِسْحَاقَ القُرَشِيّ.
قَالَ: أَسعفنَاك، وَقَدْ أَخليت العِرَاق مِن الأَفرَاد (3) .
__________
(1) انظر: لسان الميزان: 2 / 308.
(2) المحفة: هودج لا قبة له.
(3) انظر لسان الميزان: 2 / 308.(13/415)
ثُمَّ إِنَّ الحَاكِم سَاق فِي تَرْجَمَتِهِ بَضْعَة عشر حَدِيْثاً غَرَائِب، فِيْهَا حَدِيْث بَاطِل، رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بن مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْر، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ فَرَّج عَنْ مُؤْمِن كُرْبَةً جَعَل الله لَهُ يَوْم القِيَامَةِ شُعْبَتَين مِنْ نُوْرٍ عَلَى الصِّرَاط يَسْتَضيء بِهِمَا مَنْ لاَ يُحْصِيهِم إِلاَّ رَبّ العزَّة (1)) .
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ بن هَانِئ: تُوُفِّيَ الحُسَيْن فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ ابْن مائَة وَأَربع سِنِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْه مُحَمَّد بن النَّضْرِ الجَارُوْدِيّ.
203 - الدَّبَرِيُّ أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْم بنِ عَبَّادٍ *
الشَّيْخُ، العَالِم، المُسْنِد، الصَّدُوْق، أَبُو يَعْقُوْب إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْم بنِ عَبَّاد الصَّنْعَانِيّ الدَّبَرِي: رَاويَة عَبْد الرَّزَّاقِ، سَمِعَ تَصَانِيْفه مِنْهُ فِي سَنَة عَشْر وَمائَتَيْنِ بَاعْتِنَاء أَبِيه بِه، وَكَانَ حَدثاً، فَإِن مَوْلِده - عَلَى مَا ذَكَرَهُ الخَلِيْلِيّ - فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمئَة، وَسَمَاعه صَحِيْحٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِي فِي (صَحِيْحِهِ) ، وَخَيْثَمَة بن سُلَيْمَان، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْد اللهِ بنِ حَمْزَة الحَمَّال، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ
__________
(1) محمد بن مصعب: كثير الغلط، كما في " التقريب " وقال صالح جزرة: عامة حديثه عن الاوزاعي مقلوبة، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال النسائي: ضعيف. وأورده السيوطي في " الجامع الكبير ": 850، ونسبه للحاكم في " تاريخ نيسابور "، والخطيب في " تاريخه ".
(*) اللباب: 1 / 489، الكامل لابن عدي: خ: 36، ميزان الاعتدال: 1 / 181 - 182، عبر المؤلف: 2 / 74، الوافي بالوفيات: 8 / 394 - 395، لسان الميزان: 1 / 349 - 350، شذرات الذهب: 2 / 190.
والدبري، بفتح الدال والباء: نسبة إلى دبر: من قرى صنعاء اليمن.(13/416)
النَّقويّ (1) ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرو العُقَيْلِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ المغَاربَة وَالرحَّالَة.
قَالَ ابْنُ عَدِيّ: اسْتُصْغِر فِي عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَحضره أَبُوْه عِنْدَه، وَهُوَ صَغِيْر جِدّاً (2) ، فَكَانَ يَقُوْلُ: قرأَنَا علَىعَبْد الرَّزَّاقِ: قرأَ غَيْره، وَهُوَ يسمع.
قَالَ: وَحَدَّثَ عَنْهُ بِأَحَادِيْث منكرَة (3) .
قُلْتُ: سَاق لَه ابْن عَدِيٍّ حَدِيْثاً وَاحِداً مِنْ طَرِيْق ابْن أَنعم الإِفْرِيْقِيّ (4) ، يحْتَمل مثله، فَأَيْنَ المَنَاكِير؟ وَالرَّجُل فَقَدْ سَمِعَ كُتباً، فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا، وَلَعَلَّ النَّكَارَة مِنْ شَيْخه، فَإِنَّهُ أَضَرَّ بِأَخَرَة، - فَاللهُ أَعْلَمُ -.
قَالَ الحَاكِمُ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ إِسْحَاقَ الدَّبرِي: أَيدخل فِي الصَّحِيْح؟
قَالَ: إِي وَاللهِ، هُوَ صَدُوْقٌ، مَا رَأَيْتُ فِيْهِ خلاَفاً.
قُلْتُ: مَاتَ بصَنْعَاء فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (5) ، وَلَهُ تسعُوْنَ سنَةً.
وَأَلَّف القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ مفرج (6) كِتَاباً فِي الحُرُوْف الَّتِي أَخْطَأَ فِيْهَا الدَّبرِي، وَصحف فِي (جَامع) عَبْد الرَّزَّاقِ.
__________
(1) النقوي، بفتح النون والقاف: نسبة إلى نقو: من قرى صنعاء. (اللباب) . وضبطها ياقوت بتسكين القاف.
(2) وقد حدد المؤلف سنه إذ ذاك في " الميزان ": 1 / 181، بأنه سبع سنين أو نحوها.
(3) في " الكامل ": خ: 6 / 36، وفيه: " وحدث عنه بحديث منكر ". والزيادة منه.
(4) وتتمة السند في " الكامل ": عن عطاء بن يسار، عن سليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل الجنة أحد إلا بجواز: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من الله لفلان بن فلان، أدخلوه جنة عالية، قطوفها دانية ".
وقد أورد ابن عدي حديثا آخر.
(5) ذكر وفاته في " الميزان ": 1 / 182، سنة (287) .
(6) انظر: فهرست الاشبيلي: 131.(13/417)
وَقَدْ كَانَ المغَاربَة يدعُون للدَّبرِي، وَيعِدُوْنَهُ بِأَنَّهُم يَطُوفُونَ عَنْهُ، إِذَا أَتُوا مَكَّة، وَيعتمرُوْنَ عَنْهُ، فيُسَرُّ بِذَلِكَ.
204 - مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ المُنْذِرِ أَبُو سُلَيْمَانَ البَصْرِيُّ *
المُحَدِّثُ، المُعَمَّر، أَبُو سُلَيْمَانَ البَصْرِيّ القَزَّاز.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ عَامِر الضُّبَعِيّ، وَأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْل، وَيَزِيْد بن بَيَانٍ العُقَيْلِيّ، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْمَ، وَطَائِفَة.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَتَفَرَّد.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيّ بن مُسْلِم العُقَيْلِيّ، وَفَاروق الخطَّابِي، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
مَا عَملت بَعْد فِيْهِ جرحاً.
مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَة تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
205 - الخَزَّازُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ **
الشَّيْخ، الإِمَام، المُقْرِئ، المُحَدِّث، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَد بن عَلِيّ البَغْدَادِيّ الخَزَّاز.
سَمِعَ: هَوْذَة بن خَلِيْفَة، وَسُرَيْج بن النُّعْمَان، وَعَاصِم بن عَلِيّ، وَسعدويَه، وَأَحْمَد بن يُوْنُس، وَأَسيد بن زَيْد الجمَّال، وَطَبَقَتهُم.
__________
(*) تذكرة الحفاظ: 2 / 639 - 640، في نهاية ترجمة الابار، شذرات الذهب: 2 / 206.
(* *) طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 87.(13/418)
وَتلاَ عَلَى هُبَيْرَة التَّمَّار (1) ، صَاحِب حَفْص.
أَخَذَ عَنْهُ الحُرُوْف: ابْن مُجَاهِدٍ، وَابْن شَنْبُوذ، وَأَحْمَد بن عَجْلاَن.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ صَاعِدٍ، وَجَعْفَر الخُلْدِيّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ السَّمَّاك، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بن خَلاَّدٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرهُ.
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ بِدِمَشْقَ سَنَة نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ مِنَ المَشَايِخ.
206 - أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الدِّمَشْقِيُّ الخَرَّازُ *
بِالرَّاءِ، ثُمَّ الزَّاي، أَبُو بَكْرٍ المُرِّيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: الفِرْيَابِيِّ، وَأَبِي المُغِيْرَة الحِمْصِيّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ جَوْصَا، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَجَمَاعَة.
207 - الخَرَّازُ أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى البَغْدَادِيُّ **
شَيْخ الصُّوْفِيَّة، القُدْوَة، أَبُو سَعِيْدٍ، أَحْمَد بن عِيْسَى البَغْدَادِيّ، الخرَّاز.
__________
(1) هو: هبيرة بن محمد التمار الابرش البغدادي، مترجم في: " غاية النهاية " لابن الجزري: 2 / 353.
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 20 أ، تهذيب بدران: 1 / 413.
(* *) طبقات الصوفية: 228 - 232، حلية الأولياء: 10 / 246 - 249، تاريخ بغداد: 4 / 276 - 278، شرح الرسالة القشيرية: 1 / 167 - 168، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 31 أ - 35 ب، المنتظم: 5 / 105، اللباب: 1 / 429، عبر المؤلف: 2 / 77، الوافي بالوفيات: 7 / 275، البداية والنهاية: 11 / 58، طبقات الأولياء: 40 - 45، شذرات الذهب: 2 / 192 - 193، تهذيب بدران: 1 / 427.
والخراز، بفتح الخاء والراء المشددة: نسبة إلى خرز الجلود كالقرب، وغيرها.(13/419)
أَخَذَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ بَشَّار الخُرَاسَانِيّ، وَمُحَمَّد بن مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيّ.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ المِصْرِيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَرَيْرِيّ، وَعَلِيّ بن حَفْص الرَّازِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيٍّ الكَتَّانِي، وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ صَحِبَ سَرِيّاً السَّقَطِيّ، وَذَا النُّوْنِ المِصْرِيّ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَوّل مَنْ تَكَلَّمَ فِي عِلْم الفَنَاء وَالبَقَاء (1) ، فَأَي سَكْتَةٍ فَاتته، قصد خَيراً، فَولد أَمراً كَبِيْراً، تشبَّث بِهِ كُلّ اتّحَادِي ضَالٍّ بِهِ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ عُثْمَان بن مَرْدَان النُّهَاوَنْدي: أَوّل مَا لقيتُ أَبَا سَعِيْدٍ الخرَّاز سَنَة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ، فصحبتُه أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: بَلْ تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: هُوَ إِمَامُ القَوْم فِي كُلِّ فَنٍّ مِنْ عُلُومهمْ، لَهُ فِي مبَادئ أَمره عجَائِب وَكَرَامَات، وَهُوَ أَحسن القَوْم كَلاَماً، خَلاَ الجُنَيْد، فَإِنَّهُ الإِمَامُ.
قَالَ القُشَيْرِيّ (2) : صَحب ذَا النُّوْنِ، وَالسَّرِيّ، وَالنِّبَاجِي، وَبِشْراً الحَافِي.
قَالَ: وَمِن كَلاَمِه: كُلّ باطِنٍ يخَالِفهُ ظَاهِر، فَهُوَ بَاطِلٌ (3) .
__________
(1) انظر ما كتبه ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: 1 / 148 - 173 عن الفناء وأقسامه ومراتبه وما هو مذموم وما هو محمود.
(2) شرح الرسالة القشيرية: 1 / 167.
(3) قال العروسي في حاشيته على شرح الرسالة القشيرية: 1 / 168: " فعلى العاقل أن يدوم على اتهام نفسه، وعدم الوثوق بها وبوارداتها حتى يعرضها على الكتاب والسنة، فإن شهدا بها عمل بها، وإلا رجع عنها " قلت: وهذا حق لا مراء فيه، فيجب على طالب العلم أن يقيد =(13/420)
وَقَالَ ابْنُ الطَّرَسُوْسِيّ: أَبُو سَعِيْدٍ الخَرَّاز قَمَرُ الصُّوْفِيَّة.
وَعَنْهُ قَالَ: أَوَائِل الأَمْر التَّوبَة، ثُمَّ يَنْتقِل إِلَى مَقَام الْخَوْف، ثُمَّ إِلَى مَقَام الرَّجَاء، ثُمَّ مِنْهُ إِلَى مَقَام الصَّالِحِيْنَ، ثُمَّ إِلَى مَقَام المُرِيْدِين، ثُمَّ إِلَى مَقَام المُطِيْعين، ثُمَّ مِنْهُ إِلَى المُحِبِّين، ثُمَّ يَنْتقل إِلَى مقَام المشتَاقين، ثُمَّ مِنْه إِلَى مقَام الأَوْلِيَاء، ثُمَّ مِنْهُ إِلَى مقَام المُقرَّبين (1) .
قَالَ السُّلَمِيُّ: أَنكر أَهْل مِصْر عَلَى أَبِي سَعِيْدٍ، وَكفَّروهُ بِأَلفَاظ.
فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَاب (السِّرّ) فَإِذَا قِيْلَ: لأَحَدهُم مَا تَقُوْلُ؟ قَالَ: الله، وَإِذَا تَكَلَّمَ قَالَ: الله، وَإِذَا نظر قَالَ: الله، فَلَو تكلمتْ جَوَارحُه، قَالَتْ: الله، وَأَعضَاؤُه مَمْلُوءَة مِنَ الله، فَأَنكرُوا عَلَيْهِ هَذِهِ الأَلْفَاظ، وَأَخْرَجُوهُ مِنْ مِصْرَ، قَالَ: ثُمَّ رُدّ بَعْد عزيزاً (2) .
وَيُرْوَى عَنِ الجُنَيْد، قَالَ: لَوْ طَالبنَا الله بحقيقَة مَا عَلَيْهِ أَبُو سَعِيْدٍ لهلكنَا.
فَقِيْلَ لإِبْرَاهِيْم بن شيبَان: مَا كَانَ حَاله؟
قَالَ: أَقَامَ سِنِيْن مَا فَاته الحَقّ بَيْنَ الخَرْزَتَين.
وَعَنِ الْمُرْتَعِش قَالَ: الْخلق عِيَالٌ عَلَى أَبِي سَعِيْدٍ الخرَّاز إِذَا تَكَلَّمَ فِي الحَقَائِق.
وَقَالَ الكتَّانِي: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْد يَقُوْل: مَنْ ظنّ أَنَّهُ يَصِل بِغَيْر بَذْل الْمَجْهُود فَهُوَ مُتَمَنِّي، وَمن ظنّ أَنَّهُ يصل بِبَذْل الْمَجْهُود فَهُوَ مُتَعنِي.
__________
= أقواله وأفعاله ونياته بالكتاب والسنة الصحيحة، ويطرد الاوهام والوساوس التي تعرض له في أثناء خلواته ورياضاته.
(1) انظر: حلية الأولياء: 10 / 248.
(2) تاريخ بغداد: 4 / 277، وحاشية شرح الرسالة القشيرية: 1 / 167.(13/421)
سَمِعَهَا السُّلَمِيّ، وَالمَالِيْنِيّ، وَأَبُو حَازِم العبدوِي، مِنْ مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الرَّازِيّ، عَن الكتَّانِي.
لَهُ تَرْجَمَة فِي (تَارِيْخ دِمَشْقَ (1)) طَوِيْلَةٌ.
208 - أَبُو حَنِيفَةَ أَحْمَدُ بنُ دَاوُد الدِّيْنَوَرِيُّ *
العَلاَّمَة، ذُو الفنُوْنَ، أَبُو حنيفَة، أَحْمَد بن دَاوُدَ الدِّيْنَوَرِيّ، النَّحْوِيّ، تِلْمِيْذ ابْن السَّكِّيت.
صَدُوق، كَبِيْر الدَّائِرَة، طَوِيْل البَاع، أَلَّف فِي النَّحْوِ وَاللُّغَة وَالهندسَة وَالهيئَة وَالوَقْت، وَأَشيَاء.
مَاتَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
لَهُ كِتَاب: (النبَات) كَبِيْر جَمِيْع، وَكِتَاب: (الأَنوَاء) ، وَغَيْر ذَلِكَ (3) .
وَقِيْلَ: كَانَ مِنْ كِبَارِ الحَنَفِيَّة.
__________
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 31 آ - 35 ب.
(*) الفهرست: المقالة الثانية: الفن الثالث، نزهة الالباء: 240، معجم الأدباء: 3 / 26 - 32، إنباه الرواة: 1 / 41 - 44، الوافي بالوفيات: 6 / 377 - 379، البداية والنهاية: 11 / 72، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 20، بغية الوعاة: 1 / 306، طبقات المفسرين: 1 / 41.
(2) ذكر الفيروز أبادي وفاته في " البلغة ": 20، سنة (286) .
(3) ومما طبع من كتبه، كتاب: " الاخبار الطوال " تحقيق عبد المنعم عامر، بمصر (1959 م) .(13/422)
الطَّبَقَةُ السَّادِسَةَ عَشَرَةَ
209 - الكَجِّيّ أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيْم بن عَبْد الله *
الشَّيْخ، الإِمَام، الحَافِظ، المُعَمَّر، شَيْخ الْعَصْر، أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُسْلِم بنِ مَاعز (1) بن مُهَاجر البَصْرِيّ، الكَجِّيّ، صَاحِب (السُّنَن) .
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ وَمئَة.
وَسَمِعَ فِي الحدَاثَة مِنْ: أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْل، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيّ، وَمُعَاذ بن عوذ الله، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن حَمَّادٍ الشُّعَيْثِي، وَعَبْد المَلِك بن قَرِيْب الأَصْمَعِيّ، وَسَعِيْد بن سَلاَّمٍ العَطَّار، وَأَبِي زَيْدٍ سَعِيْد بن أَوس الأَنْصَارِيّ، وَبدل بن المُحَبَّر، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْم وَعَبْد اللهِ بن رَجَاءَ، وَحَجَّاج بن نُصَيْر، وَأَبِي الوَلِيْدِ، وَحَجَّاج بن منهَال، وَأَبِي عُمَر
__________
(*) الفهرست: المقالة السادسة: الفن السادس، تاريخ بغداد: 6 / 120 - 124، المنتظم: 6 / 50 - 52، اللباب: 3 / 85، تذكرة الحفاظ: 2 / 620 - 261، عبر
المؤلف: 2 / 92 - 93، الوافي بالوفيات: 6 / 29 - 30، البداية والنهاية: 11 / 99، طبقات الحفاظ، 273، طبقات المفسرين: 2 / 11، شذرات الذهب: 2 / 210، طبقات الحفاظ: 273، طبقات المفسرين: 2 / 11، شذرات الذهب: 2 / 210، الأنساب 10 / 359.
والكجي، بفتح الكاف، وتشديد الجيم: نسبة إلى الكج: وهو الحص.
(1) في " اللباب ": " باعز " وهو تحريف.(13/423)
الضَّرير، وَسُلَيْمَان بن دَاوُد الهَاشِمِيّ، وَعُثْمَان بن الهَيْثَم المُؤَذِّن، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَعِنْدَهُ عِدَّة أَحَادِيْث ثلاَثيَّة السَّند.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَفَاروق الخطَّابِي، وَحَبيب القَزَّاز، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ القَطِيْعِيّ، وَالحَسَن بن سَعْد القُرْطُبِيّ، وَالقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَحْمَد بن طَاهِرٍ المِيَانجِي، وَأَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَاسِي، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَغَيْرهُ.
وَكَانَ سَرِيّاً نبيلاً متمولاً، عَالِماً بِالحَدِيْثِ وَطُرقه، عَالِي الإِسْنَاد، قَدِمَ بَغْدَاد وَازْدَحَمُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلِي:
لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيّ، أَملَى عَلَيْنَا فِي رَحْبَة غَسَّان، وَكَانَ فِي مَجْلِسه سَبْعَةُ مُسْتَمْلِين، يُبَلِّغ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُم صَاحِبَه الَّذِي يَلِيهِ، وَكَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ قيَاماً، ثُمَّ مُسِحَتِ الرَّحْبَة، وَحُسِبَ مَن حَضَرَه بِمِحْبَرَة، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَيِّفاً وَأَرْبَعِيْنَ أَلف مِحبرَة، سِوَى النَّظَّارَة.
إِسنَادهَا صَحِيْح، سَمِعَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) مِنْ بُشرَى الفَاتِنِي (2) ،
قَالَ: سَمِعْتُ الخُتُّلِيّ يَقُوْلُ ذَلِكَ.
وَقَالَ غُنْجَارُ فِي (تَارِيْخ بُخَارَى) : أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ:
__________
(1) تاريخ بغداد: 6 / 121 - 122.
(2) الفاتني: نسبة إلى: فاتن مولى المطيع لله.
قال ابن الأثير في " اللباب ": 1 / 401: " والمشهور بها بشرى الرومي أبو الحسن الفاتني، مولى فاتن، وكان أسر من بلاد الروم، فأهداه بعض أمراء بني حمدان إلى فاتن، فاشتغل بالعلم وسماع الحديث ... وتوفي يوم عيد الفطر، سنة إحدى وثلاثين وأربعمئة ".(13/424)
سَمِعْتُ جَعْفَر بن مُحَمَّدٍ الطبسِي (1) يَقُوْلُ:
كُنَّا بِبَغْدَادَ، وَمَعَنَا عَبْد اللهِ مستملِي صَالِح جَزَرَة، فَقِيْلَ لأَبِي مُسْلِمٍ الكَجِّيّ: هَذَا مستملِي صَالِح.
قَالَ: وَمن صَالِح؟
فَقِيْلَ: صَالِح الجَزَرِيّ.
قَالَ: وَيْحَكم، مَا أَهونَه عندكُم! أَلاَ تَقُوْلُ: سَيِّد المُسْلِمِيْنَ، وَكُنَّا فِي أُخريَات النَّاس فَقَدمنَا.
فَقَالَ: كَيْفَ أَخِي وَكبيرِي؟ مَا تريدُوْنَ؟
فَقُلْنَا: أَحَادِيْث مُحَمَّد بن عَرْعَرَةَ، وَحكَايَات الأَصْمَعِيّ:
فَأَملَى عَلَيْنَا عَنْ ظهر قلب، وَكَانَ ضَرِيْراً مَخْضُوب اللِّحْيَة.
عَنْ فَاروق الخطَابِي، قَالَ: لَمَّا فرغنَا مِن السُّنَن عَلَى الكَجِّيّ، عَمل لَنَا مأَدُبَة، أَنفق عَلَيْهَا أَلف دِيْنَار، وَقَدْ مدح الكَجِّيّ أَبُو عبَادَة البحترِي (2) ، فَأَجَازَهُ بِمَالٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ لَمَّا حَدَّثَ، تصدَّق بِعَشْرَةِ آلاَف دِرْهَم شكراً للهِ.
مَاتَ بِبَغْدَادَ فِي سَابع المُحَرَّم سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَنُقِل إِلَى البَصْرَة، وَدُفِنَ بِهَا، وَقَدْ قَارب المئَة -رَحِمَهُ اللهُ-.
210 - بَكْرُ بنُ سَهْل الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُم *
ابْن إِسْمَاعِيْل بن نَافِعٍ الإِمَام، المُحَدِّث، أَبُو مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيّ مَوْلاَهُمُ، الدِّمْيَاطي، المفسِّر، المُقْرِئ.
__________
(1) الطبسي، بفتح الطاء والباء: نسبة إلى طبس: مدينة بين نيسابور وأصبهان وكرمان (اللباب) . وانظر: " المشتبه ": 420، و" التبصير ": 875.
(2) للبحتري غير قصيدة يمدح بها الكجي. انظر ديوانه (ط. دار المعارف بمصر) : 1 / 457 - 459، 514 - 515، 561 - 562، و: 3 / 1539 - 1540.
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 3 / 309 ب - 310 أ، ميزان الاعتدال: 1 / 345 - 346، عبر المؤلف: 832، طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 178، لسان الميزان: 2 / 51 - 52، طبقات المفسرين: 1 / 117 - 118، شذرات الذهب 2 / 201، تهذيب بدران: 3 / 288 - 289.(13/425)
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمئَة.
وَسَمِعَ: نُعَيْم بن حَمَّادٍ، وَعَبْد اللهِ بن يُوْسُفَ التِّنِّيْسِيّ، وَعَبْد اللهِ بن صَالِحٍ، كَاتب اللَّيْث، وَسُلَيْمَان بن أَبِي كَرِيْمَة، وَشُعَيْب بن يَحْيَى، وَمُحَمَّد بن مَخْلَدٍ الرُّعَيْنِيّ، وَصَفْوَان بن صَالِحٍ، وَطَائِفَةً.
وَتلاَ عَلَى تَلاَمِذَة وَرْش.
قرأَ عَلَيْهِ: أَبُو الحَسَن بن شَنَبُوْذَ، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى الأَنْدَلُسِيّ.
وَحَمَلَ عَنْهُ أَحْمَد بن يَعْقُوْبَ التَّائِب الحُرُوْف، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْد الرَّزَّاقِ فِي كِتَابِهِ إِليهُمَا.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيّ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَصَمّ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ، وَأَحْمَد بن عُتْبَةَ الرَّازِيّ، وَأَبُو أَحْمَدَ العسَّال، وَأَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ أَسمر، رَبْعَة (1) ، كَبِيْر الأُذُنَيْن.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: كَانُوا قَدْ جمعُوا لَهُ بِالرَّملَة خَمْس مئَة دِيْنَار، ليقرأَ لَهُم التَّفْسِيْر، فَامْتَنَعَ، وَقَدِمَ بَيْت المَقْدِس، فجمعَ لَهُ مِنْهَا وَمن الرملَة أَلف دِيْنَار، فَقَرَأَ عَلَيْهِم الكِتَاب، وَمَاتَ فِي هَذِهِ السّنَة، أَي سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيْف.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بن يُوْنُسَ: مَاتَ بدمِيَاط فِي رَبِيْع الأَوَّلِ، سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: هَذَا أَصحّ.
__________
(1) رجل ربعة: مربوع الخلق لا طويل ولا قصير.(13/426)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ القَبَّاب: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ بن شَنَبُوذَ، سَمِعْتُ بَكْر بن سَهْل الدِّمْيَاطي يَقُوْلُ:
هَجَّرْت - أَي بَكرت - يَوْم الجُمُعَة، فَقَرَأْتُ إِلَى العَصْر ثَمَان ختمَات (1) .
حَكَاهُ يَحْيَى بن مَنْدَةَ فِي (تَارِيْخِهِ) .
211 - الحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ أَبُو عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
هُوَ: الحَافِظُ، العَلاَّمَةُ، النَسَّابَةُ، الأَخْبَارِي، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ عبد الرَّحْمَن بن فَهْم بن مُحْرِزٍ البَغْدَادِيّ.
رَوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ سَلاَّم الجُمَحِيّ، وَخَلف هِشَام، وَيَحْيَى بن مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّد بن سَعْدٍ الكَاتِب - وَلَزِمه وَأَكْثَر عَنْهُ - وَمُحْرز بن عَوْنٍ، وَمُصْعَب بن عَبْدِ اللهِ، وَزُهَيْر بن حَرْب، وَطَبَقَتهم.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ مَعْرُوف الخَشَّاب، وَأَحْمَد بن كَامِلٍ، وَإِسْمَاعِيْل الخُطَبِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الطُّومَارِي، وَطَائِفَةٌ.
وَكَانَ لَهُ جلسَاء مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يذَاكرُهُم، لكنَّه عَسِرٌ فِي الرِّوَايَة.
وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقَالَ الخُطَبِيّ: مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) هذا غير معقول، ولا هو داخل في نطاق الجائز، فإن الحافظ مهما كان قوي الحفظ لا يتيسر له أن يختم القرآن مرة واحدة بأقل من عشر ساعات، كما هو معلوم أو مشاهد، فكيف يقرأ في هذه الفترة ثمان ختمات؟ ! ! * تاريخ بغداد: 8 / 92 - 93، المنتظم: 6 / 36، تذكرة الحفاظ، 2 / 680، عبر المؤلف: 2 / 83، البداية والنهاية: 11 / 95 - 96، طبقات الحفاظ: 295 - 296، شذرات الذهب: 2 / 201.(13/427)
وَقَالَ ابْنُ كَامِلٍ القَاضِي: كَانَ حَسَنَ المَجْلِس، مُفَنَّناً فِي العُلوم، كَثِيْر الحِفْظِ لِلْحَدِيْثِ؛ مُسْنَدِه وَمقطوعِه، وَلأَصنَافِ الأَخْبَار وَالنَّسَب وَالشِّعر وَالمعْرِفَة بِالرِّجَال، فَصِيْحاً، متوسطاً فِي الفِقْهِ، يمِيل إِلَى مَذْهَب العِرَاقِيِّين، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: صحبتُ يَحْيَى بن مَعِيْنٍ، فَأَخَذْتُ عَنْهُ مَعْرِفَة الرِّجَال، وَصحبتُ مُصْعَباً، فَأَخذت عَنِه النَّسَب، وَصحبتُ أَبَا خَيْثَمَةَ، فَأَخَذْتُ عَنْهُ (المُسْنَد) ، وَصحبت سَجَّادَةَ (1) ، فَأَخذت عَنْهُ الفِقْهَ (2) .
212 - الصَّائِغ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ المَكِّيّ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ المَكِّيُّ الصَّائِغُ.
سَمِعَ: القَعْنَبِيّ، وَخَالِد بن يَزِيْدَ العُمَرِيّ، وَحَفْص بن عُمَرَ الحَوْضي، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَمُحَمَّد بن مُعَاوِيَةَ، وَيَحْيَى بن مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّد بن بِشْرٍ التِّنِّيْسِيّ، وَأَحْمَد بن شَبِيْبٍ، وَحَفْص بن عُمَرَ الجُدِّي (3) ، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ، وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن كَاسِب، وَعِدَّة، مَعَ الصِّدْق وَالفَهْم وَسَعَة الرِّوَايَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: دَعْلَج بن أَحْمَدَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الفَاكهِي، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الرَّحَّالين.
__________
(1) هو: الحسن بن حماد، أبو علي الحضرمي البغدادي المتوفى سنة (240 هـ) .
انظر: عبر المؤلف: 1 / 435 - 436.
(2) تاريخ بغداد: 8 / 93.
(*) تذكرة الحفاظ: 2 / 659، في نهاية ترجمة البوشنجي، عبر المؤلف: 2 / 90، شذرات الذهب: 2 / 209.
(3) بضم الجيم، كما في " التبصير ": 309(13/428)
أَرَّخ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ وَفَاته: سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَالصَّوَاب: وَفَاته بِمَكَّةَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
213 - مَاغَمَّه أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّيَالِسِيّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّيَالِسِيّ البَغْدَادِيّ عَلاَّن، وَيُلَقَّبُ أَيْضاً: مَاغَمَّه، وَمَاغَمَّهَا.
سَمِعَ: مَسْرُوْق بن المَرْزُبَان، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَأَبَا مَعْمَرٍ الهُذَلِيّ، وَالجَرَّاح بن مَخْلَدٍ، وَطَبَقَتهُم.
وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ، وَعَبْد البَاقِي بن قَانع، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَه أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) .
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
214 - ابْنُ بَشَّار أَبُو القَاسِمِ عُثْمَان بن سَعِيْدٍ البَغْدَادِيّ **
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة، أَبُو القَاسِمِ، عُثْمَان بن سَعِيْدِ بنِ بَشَّار البَغْدَادِيّ، الفَقِيْه، الأَنمَاطي، الأَحْوَل.
ارْتَحَلَ، وَتَفَقَّهَ عَلَى المُزَنِيّ، وَالرَّبِيْع المُرَادِيّ، وَرَوَى عَنْهُمَا.
__________
(*) تاريخ بغداد: 12: 28، طبقات الحنابلة: 1 / 228 - 229، اللباب: 2 / 367، عبر المؤلف: 2 / 83، شذرات الذهب: 2 / 201.
(1) تاريخ بغداد: 12 / 28.
(* *) تارخ بغداد: 11 / 292 - 293، وفيات الأعيان: 3 / 241، عبر المؤلف: 2 / 81، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 301 - 302، البداية والنهاية: 11 / 85، شذرات الذهب: 2 / 198.(13/429)
وَيَعِزُّ وَقوعُ شَيْء مِنْ حَدِيْثِهِ، لأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَوَان الرِّوَايَة.
وَعَلِيهِ تَفَقَّهَ أَبُو العَبَّاسِ بن سُرَيْج، وَغَيْرهُ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: هُوَ كَانَ السَّبَب فِي نَشَاط النَّاس بِبَغْدَادَ لكتب فَقه الشَّافِعِيّ وَتحفُّظِه.
تُوُفِّيَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ.
215 - ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ أَحْمَد بن عَمْرِو أَبُو بَكْرٍ الشَّيْبَانِيّ *
حَافظٌ كَبِيْرٌ، إِمَامٌ، بارعٌ، مُتَّبعٌ للآثَار، كَثِيْرُ التَّصَانِيْف.
قَدِمَ أَصْبَهَان عَلَى قَضَائِهَا، وَنَشَرَ بِهَا عِلمه.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: كَانَ مِنَ الصِّيَانَة وَالعِفَّة بِمَحَلٍّ عَجِيْب.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه: حَافظٌ، كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، صَنَّفَ (المُسْنَد) وَالكُتُب.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ النَّسَوِي: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَهُوَ: أَحْمَد بن عَمْرِو بنِ الضَّحَّاكِ بن مَخْلَدٍ الشَّيْبَانِيّ، مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ، مِنْ صُوفيَة المَسْجَد، مِنْ أَهْلِ السُّنَّة وَالحَدِيْث وَالنُّسك وَالأَمْر بِالمَعْرُوف وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَر، صَحِبَ النُّسَّاك، مِنْهُم: أَبُو تُرَاب، وَسَافَرَ مَعَهُ، وَكَانَ مَذْهَبَه القَوْلُ بِالظَّاهِر، وَكَانَ ثِقَةً نبيلاً مُعَمَّراً.
__________
(*) الجرح والتعديل: 2 / 67، ذكر أخبار أصبهان: 1 / 100 - 101، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 25 أ - 26 أ، تذكرة الحفاظ: 2 / 640 - 641، عبر المؤلف: 2 / 79، الوافي بالوفيات: 7 / 269 - 270، لسان الميزان: 6 / 349 - 350، شذرات الذهب: 2 / 195 - 196، تهذيب بدران: 1 / 418، طبقات المحدثين بأصبهان ورقة 108.(13/430)
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ فَقِيْهاً، ظَاهِرِي المذْهب (1) .
وفِي هَذَا نَظَرَ، فَإِنَّهُ صَنَّفَ كِتَاباً عَلَى دَاوُدَ الظَّاهِرِي أَرْبَعِيْنَ خبراً ثَابِتَة، مِمَّا نفَى دَاوُد صحَّتهَا.
قَالَتْ بنته عَاتِكَة: وُلد أَبِي فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سِتٍّ وَمائَتَيْنِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا كَتَبْتُ الحَدِيْثَ حَتَّى صَارَ لَى سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَذَلِكَ أَنِّي تعبَّدْتُ وَأَنَا صَبِيّ، فسأَلنِي إِنسَان عَنْ حَدِيْثٍ، فَلَمْ أَحفظه، فَقَالَ لِي: ابْن أَبِي عَاصِمٍ لاَ تحفظ حَدِيْثاً؟! فَاسْتَأَذنتُ أَبِي، فَأَذِن لِي، فَارتحلتُ.
قُلْتُ: كَانَ يُمكنُه أَنْ يحفَظَ أَحَادِيْث يَسيرةً مِنْ جدِّه أَبِي عَاصِمٍ.
وَأُمُّهُ هِيَ: أَسْمَاء بِنْتُ الحَافِظ مُوْسَى بن إِسْمَاعِيْلَ التَّبُوْذَكِيّ، فسَمِعَ مِنْ جدِّه التَّبُوْذَكِيّ، ومِن والِدِه، وَمَاتَ وَالده بحِمْص عَلَى قضَائِهَا: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
وَكَانَ وَأَخُوْهُ عُثْمَان بن عَمْرِو بنِ أَبِي عَاصِمٍ مِنْ كِبَارِ العُلَمَاء.
قَالَ ابْنُ عَبْدَكَويه: سَمِعْتُ عَاتِكَة بِنْتَ أَحْمَد تَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
جَاءَ أَخِي عُثْمَان عهدُه بِالقَضَاء عَلَى سَامَرَّاء، فَقَالَ: أَقْعُدُ بَيْنَ يَدَي الله تَعَالَى قَاضِياً؟! فَانْشَقَّت مرَارَتُه، فَمَاتَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدَكَويه: أَخْبَرَتْنَا عَاتِكَة: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
خَرَجتُ إِلَى مَكَّةَ مِنَ الكُوْفَةِ، فَأَكَلتُ أَكْلَةً بِالكُوْفَةِ، وَالثَّانِيَة بِمَكَّةَ.
قُلْتُ: إِسنَادُهَا صَحِيْح.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: سَمِعْتُ ابْني عَبْد الرَّزَّاقِ يحكِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ
__________
(1) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 100.(13/431)
الكِسَائِيّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَهُ -يَعْنِي: ابْن أَبِي عَاصِمٍ- فَقَالَ وَاحِدٌ: أَيُّهَا القَاضِي! بَلَغنَا أَن ثَلاَثَةَ نَفَر كَانُوا بِالبَادِيَة، وَهُم يقلبوْنَ الرَّمل، فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُم: اللَّهُمَّ إِنَّك قَادِرٌ عَلَى أَنْ تطمعنَا خبيصاً (1) عَلَى لُوْنَ هَذَا الرَّمل.
فَإِذَا هُم بِأَعْرَابِيّ بِيَدِهِ طَبَقٌ، فَوَضَعَه بينهُم، خبيصٌ حَارٌّ.
فَقَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ: قَدْ كَانَ ذَاكَ.
قَالَ أَبُو (2) عَبْدِ اللهِ: كَانَ الثَّلاَثَة: عُثْمَان بن صَخْر الزَّاهِد، وَأَبُو تُرَاب، وَابْن أَبِي عَاصِمٍ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي دَعَا (3) .
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ:
صحبتُ أَبَا تُرَاب، فَقَطَعُوا البَادِيَة، فَلَمْ يَكُنْ زَادٌ إِلاَّ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ:
رُوَيْدَكَ جَانِبْ رُكُوْبَ الهَوَى ... فَبِئْسَ المَطِيَّة للرَّاكِبِ
وَحَسْبُكَ بِاللهِ مِنْ مُؤْنِسٍ ... وَحَسْبُكَ بِاللهِ مِنْ صَاحِبِ
وَكَانَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ مُجَوِّداً للقرَاءة، وَكَانَ يَقُوْلُ:
أَنَا أُقَدِّمُ نَافعاً فِي القِرَاءةِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ قرأَ عَلَى رَوْحِ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ غَيْرِي -يَعْنِي: صَاحِب يَعْقُوْب-.
ابْن مَرْدَوَيْه: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّد بن عِيْسَى، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ المَدِيْنِيّ البَزَّاز يَقُوْلُ:
قَدمْتُ البَصْرَة وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ حَيّ، فَسَأَلْتُ عَنْ أَفقهِهِم، فَقَالُوا: لَيْسَ بِالبَصْرَةِ أَفقهُ مِنْ أَحْمَد بن عَمْرِو بنِ أَبِي عَاصِمٍ.
__________
(1) الخبيص: الحلواء المخبوصة من التمر والسمن.
(2) في الأصل: " ابني ".
(3) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 25 ب.(13/432)
أَبُو الشَّيْخِ: سَمِعْتُ ابْني عَبْد الرَّزَّاقِ يحكِي عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
وَصَلَ إِلَيَّ مُنْذُ دَخَلْتُ إِلَى أَصْبَهَانَ مِنْ دَرَاهم القَضَاء زِيَادَة عَلَى أَرْبَع مائَة أَلْف دِرْهَم، لاَ يُحَاسبنِي الله يَوْمَ القِيَامَةِ أَنِّي شَرِبتُ مِنْهَا شربَة مَاء، أَوْ أَكَلتُ مِنْهَا، أَوْ لَبست.
وَأَورد هَذِهِ الحِكَايَة ابْن مَرْدَوَيْه، فَقَالَ: أُرَى أَنِّي سَمِعتُهَا مِنْ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ.
أَبُو الشَّيْخِ: وَسَمِعْتُ ابْني يحكِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الكِسَائِيّ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
لَمَّا كَانَ مِنْ أَمر العَلَوِيّ بِالبَصْرَةِ مَا كَانَ، ذَهَبَتْ كُتُبِي، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَأَعدتُ عَنْ ظهر قلبِي خَمْسِيْنَ أَلف حَدِيْث، كُنْت أَمُرُّ إِلَى دُكَّانَ البَقَّال، فكُنْتُ أَكتبُ بضوءِ سِرَاجِه، ثُمَّ تَفَكَّرْت أَنِّي لَمْ أَستَأَذن صَاحِب السِّرَاج، فَذَهَبتُ إِلَى البَحْر فَغَسَلْتُه، ثُمَّ أَعدتُه ثَانياً (1) .
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: فولِي القَضَاء بِأَصْبَهَانَ مُدَّة لإِبْرَاهِيْم بن أَحْمَدَ الخَطَّابِي، ثُمَّ وَلِي القَضَاء بَعْد مَوْتِ صَالِح بن أَحْمَدَ إِلَى سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، ثُمَّ بَقِيَ يُحَدِّث وَيُسْمَع مِنْهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.
وَكَانَ قَاضِياً ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَكثرتِ الشُّهُود فِي أَيَّامِهِ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه: عُزل سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ خَفِيف: قَالَ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ:
صحبتُ أَبَا تُرَاب، فَكَانَ يَقُوْلُ: كم تَشْقَى! لاَ يَجِيْءُ مِنْكَ إِلاَّ قَاضِي.
وَكَانَ بَعْدمَا دَخَلَ فِي القَضَاءِ إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةِ الصُّوْفِيَّة، يَقُوْلُ: القَضَاء وَالدَّنيَة وَالكَلاَم فِي عِلْم الصُّوْفِيَّة مُحَال (2) .
__________
(1) انظر: شذرات الذهب: 2 / 195.
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 25 ب.(13/433)
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: كثرت الشُّهُود فِي أَيَّامِهِ، وَاسْتقَامَ أَمرُه، إِلَى أَنْ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيّ بن مَتَّويه، وَكَانَ صديقه طول أَيَّامه، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ صَارَ إِلَى ابْنِ مَتَّويه قَوْمٌ مِنَ المرَابطين، فَشَكَوا إِلَيْهِ خَرَاب الرِّباطَات، وَتَأَخر الإِجرَاء عَنْهُم، فَاحتدَّ عَلِيُّ بنُ مَتَّويه، فَذَكَرَ ابْن أَبِي عَاصِمٍ حَتَّى قَالَ: إِنَّهُ لاَ يحسن يُقَوِّم سُوْرَة {الحَمْد} . فَبلغ الخَبَر ابْنَ أَبِي عَاصِمٍ، فَتَغَافَل عَنْهُ إِلَى أَنْ حَضَر الشُّهُود عِنْدَهُ، فَاسْتدرَجَهم، وَقرأَ عَلَيْهِم سُوْرَة {الْحَمد} ، فَقَوَّمهَا، ثُمَّ ذكر مَا فِيْهَا مِنَ التَّفْسِيْر وَالمعَانِي، ثُمَّ أَقبل عَلَيْهِم، فَقَالَ: هَلْ ارتضيْتُم؟
قَالُوا: بَلَى.
قَالَ: فَمَنْ زَعَمَ أَنِّي لاَ أَحسن تَقْوِيم سُوْرَة* {الْحَمد} كَيْفَ هُوَ عندكُم؟
قَالُوا: كَذَّاب.
وَلَمْ يَعْرِفُوا قَصْدَهُ، فَحَجَر ابْن أَبِي عَاصِمٍ عَلَى عَلِيّ بن مَتَّويه لِهَذَا السَّبَب.
فَمَاجَ النَّاسُ، وَاجتَمَعُوا عَلَى بَاب أَبِي لَيْلَى -يَعْنِي: الحَارِث بن عَبْد العَزِيْز- وَكَانَ خَلِيْفَة أَخِيْهِ عُمَر بن عَبْد العَزِيْز عَلَى الْبَلَد، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ (281) فَأَكرهَه أَبُو لَيْلَى عَلَى فَسْخِهِ، فَفَسَخَهُ ثُمَّ ضَعُفَ بَصَرُه، فَوَرَدَ صرفُه.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَلِيٍّ: سَمِعْتُ بَعْضَ مَشَايِخنَا يحكُون أَنَّهُ حكم بِحَجْرِهِ وَوَضَعَه فِي جُوْنَتِه (1) ، فَأَنفذَ إِلَيْهِ السُّلْطَان، يُكْرهونه عَلَى فَسخه، فَامْتَنَعَ حَتَّى مُنع مِنَ الخُرُوج إِلَى المَسْجَد أَيَّاماً، فَصَبَرَ، وَكَانَتِ الرُّسُل تختَلِفُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَيَقُوْلُ: قَدْ حكمتُ بحكمٍ وَهُوَ فِي جُوْنتِي مَخْتوم، فَمَنْ أَحَبَّ إِخرَاجَ ذَلِكَ مِنْهَا فَلْيَفْعَل مِنْ دُوْنَ أَمرِي.
فَلَمْ يَقْدرُوا إِلَى أَنْ طُيِّب قلبُه، فَأَخرَجَه وَفسخه.
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ: وَجَدْتُ بِخَط بَعْضِ قُدمَاءِ عُلَمَاء أَصْبَهَان، فِيمَا جَمع مِنْ قُضَاتهَا، قَالَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الخَطَّابِي.
وَافَى أَصْبَهَان مِنْ
__________
(1) الجونة: سليلة مستديرة مغشاة أدما.(13/434)
قِبَل المُعْتَزّ، وَكَانَ مِنْ أَهْل الأَدب وَالنَّظَر، فَلَمَّا قَدِمَهَا صَادَفَ بِهَا ابْن أَبِي عَاصِمٍ، فَجَعَلَه كَاتِبَه، وَعَلَيْهِ كَانَ يُعَوِّل، ثُمَّ وَافَى صَالِح بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ مِنْ قَبْل المُعْتَمِد، وَانقَطَعَ القُضَاة عَنْ أَصْبَهَان مُدَّة، إِلَى أَنْ وَرَدَ كِتَاب المُعْتَمِد عَلَى ابْن أَبِي عَاصِمٍ بِتَوليتِه القَضَاء، وَكَانَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَبقي عَلَيْهَا ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَاسْتقَام أَمره إِلَى أَنْ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيّ بن مَتَّويه زَاهِد البَلد.
قَالَ: وَولِي بَعْدَهُ القَضَاء الوَلِيْد بن أَبِي دُاود.
أَبُو العَبَّاسِ النَّسَوِي: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مُسْلِم، سَمِعْتُ مُحَمَّد بن خَفيف يَقُوْلُ: سَمِعْتُ الحَكيمِي يَقُوْلُ:
ذَكرُوا عِنْد لَيْلَى (1) الدَّيْلَمِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي عَاصِمٍ نَاصِبِي (2) ، فَبَعَثَ غُلاَماً لَهُ وَمخلاَةً وَسَيفاً (3) ، وَأَمره أَنْ يَأْتيه بِرَأْسِهِ، فَجَاءَ الغُلاَم، وَأَبُو بَكْرٍ يقرأُ الحَدِيْث، وَالكِتَابُ فِي يَده، فَقَالَ: أَمرنِي أَنْ أَحمل إِلَيْهِ رَأْسك.
فنَام عَلَى قَفَاهُ، وَوَضَعَ الكِتَاب الَّذِي كَانَ فِي يَده عَلَى وَجهِه، وَقَالَ: افْعَل مَا شِئْتَ.
فَلحقه إِنسَانٌ، وَقَالَ: لاَ تَفْعل، فَإِنَّ الأَمِيْرَ قَدْ نهَاكَ.
فقَام أَبُو بَكْرٍ وَأَخَذَ الجُزْءَ، وَرَجَعَ إِلَى الحَدِيْث الَّذِي قَطَعَه، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ (4) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْدَوَيْه: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
مَاتَ أَحْمَدُ بنُ عَمْرو سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ، لَيْلَة الثُّلاَثَاء، لخمسٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخِرِ.
وَذكر عَنْ أَبِي الشَّيْخ، قَالَ: حَضَرْتُ جِنَازَة أَبِي بَكْرٍ، وَشهدهَا مئتَا
__________
(1) في تاريخ ابن عساكر: خ: " ليل ".
(2) ناصبي: أي مبغض لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(3) في تاريخ ابن عساكر: خ: " معه سيف ومخلاة ".
(4) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 25 ب.(13/435)
أَلفٍ مِنْ بَيْنِ رَاكبٍ وَرَاجلٍ، مَا عدَا رَجُلاً كَانَ يتولَّى القَضَاء، فَحُرِمَ شُهُوْد جِنَازَته، وَكَانَ يرَى رَأْي جَهْم (1) .
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: سَمِعْتُ ابْني عَبْد الرَّزَّاقِ يحكِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الكِسَائِيّ، قَالَ:
رَأَيْتُ ابْن عَاصِم فِيمَا يرَى النَّائِم، كَأَنَّهُ كَانَ جَالِساً فِي مَسْجِد الجَامع، وَهُوَ يُصَلِّي مِنْ قُعُود، فَسَلَّمتُ عَلَيْهِ، فردَّ عَلِيَّ، وَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَحْمَد بن أَبِي عَاصِمٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
قَالَ: يُؤنسنِي رَبِّي.
قُلْتُ: يُؤنسك رَبُّكَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فشَهقْتُ شَهْقَةً وَانتبهتُ (2) .
ذِكْرُ تَصَانِيْفه: جُمع جزءٌ فِيْهَا زِيَادَة عَلَى ثَلاَث مائَة مُصَنَّف، رَوَاهَا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ القَبَّاب، مِنْ ذَلِكَ: (المُسْنَد الكَبِيْر) نَحْو خَمْسِيْنَ أَلف حَدِيْث، وَ (الآحَاد وَالمثَانِي) نَحْو عِشْرِيْنَ أَلْف حَدِيْث فِي الأَصنَاف، (الْمُخْتَصر مِنَ المُسْنَد) نَيِّف وَعِشْرُوْنَ أَلْفاً، فَذَكَرَ نَحْواً مِنْ هَذَا إِلَى أَنْ عد مائَة وَأَرْبَعِيْنَ أَلفاً وَنيفاً.
شُيوخُه: أَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيّ، وَعَمْرو بن مَرْزُوْقٍ، وَأَبُو عُمَرَ الحَوْضِي، وَمُحَمَّد بن كَثِيْر، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيّ، وَشَيْبَان بن فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَة بن خَالِدٍ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ، وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن كَاسِبٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاجِ السَّامِي، وَالحَوْطِي عَبْد الوهَّاب بن نَجْدَة، وَدُحَيْم، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَكَامِل بن طَلْحَةَ الجحْدَرِي، وَأَبُو كَامِلٍ
__________
(1) تقدم الحديث عن " الجهمية " في الصفحة: (100) ، ت: 5.
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 26 آ.(13/436)
الجَحْدَرِي، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، وَطَبَقَتهُم، وَيَنْزِلُ إِلَى طبقَة أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ، وَالبُخَارِيّ، وَيكثر عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنِ كَاسِبٍ، وَهِشَام.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنتُه أُمّ الضَّحَّاك عَاتِكَة، وَأَحْمَد بن جَعْفَرِ بنِ معبد، وَالقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ، وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّدِ بنِ سِيَاهُ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ، وَأَحْمَد بن بُنْدَار الشَّعَّار، وَمُحَمَّد بن مَعْمَر بن نَاصِح، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَبُو بَكْرٍ القَبَّاب - وَهُوَ آخر أَصْحَابه وَفَاةً - وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الكِسَائِيّ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ فِي كِتَاب (طَبَقَات النُّسَّاكِ) لَهُ:
فَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ ابْن أَبِي عَاصِمٍ، فَسَمِعْتُ مَنْ يذكر أَنَّهُ كَانَ يحفظ لِشقيقٍ البَلْخِيّ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ، وَكَانَ مِنْ حُفَّاظ الحَدِيْث وَالفِقْه، وَكَانَ مذْهبه القَوْلُ بِالظَّاهِر وَنفِي القِيَاس.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الدَّشتِي (1) : أَخبركُم يُوْسُف الحَافِظ، أَخْبَرَنَا مَسْعُوْدُ بنُ أَبِي مَنْصُوْرٍ الجَمَّال، (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ (2) ، عَنِ الجَمَّال، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، قَالَ:
أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ الضَّحَّاكِ بن مَخْلَدٍ بن مُسْلِمِ بنِ رَافِع بن رَفِيْع بن ذهل بن شَيْبَان أَبُو بَكْرٍ، كَانَ فَقِيْهاً ظَاهِرِيَّ المذْهب، وَلِي القَضَاء بِأَصْبَهَانَ ثلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً، بَعْد صَالِح بن أَحْمَدَ، تُوُفِّيَ فَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ الحَكَم ... سَمِعَ مِنْ جدّه لأُمِّهِ مُوْسَى بن إِسْمَاعِيْلَ كتب حَمَّاد بن سَلَمَةَ، وَمن أَبِي الوَلِيْدِ، وَعَمْرو بن مَرْزُوْقٍ، وَالحَوْضِي (3) .
__________
(1) ترجمه الذهبي في: " مشيخته ": خ: ق: 20.
(2) ترجمه الذهبي في: " مشيخته ": خ: ق: 6.
(3) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 26 ا.(13/437)
وَبِهِ، إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرو بن أَبِي عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا الأَزْرَق بن عَلِيّ أَبُو الجَهْمِ، حَدَّثَنَا حَسَّان بن إِبْرَاهِيْمَ الكَرْمَانِيّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بنُ سَعِيْدٍ المَدَنِيّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْل، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ سَنَاماً، وَسَنَامُ القُرْآنِ البَقَرَةُ، مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلاً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلاَثَ لَيَالٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ نَهَاراً لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَان بَيْتَهُ ثَلاَثَة أَيَّامٍ (1)) .
وَبِهِ، إِلَى أَبِي نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّدِ بنِ سِيَاهُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا هُدْبَة، حَدَّثَنَا أَبَان، عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْر، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ القُرْآن يُرْفَع يَوْم القِيَامَةِ، غَيْر سُوْرَة يُوْسُف، وَسورَة مَرْيَم، يَتَكَلَّم بِهَا أَهْل الجَنَّة (2) .
أَخْبَرَنَا بلاَل الحَبَشِيّ (3) ، أَخْبَرَنَا ابْنُ رَوَاج، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَد؛ ابْنا أَبِي القَاسِمِ السُّوْذَرْجَانِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَيلَة الفَرَضي إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا المُقَدَّمِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبّهُ الحَنَفِيّ، حَدَّثَنَا سِمَاك الحَنَفِيّ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشَةُ! مَنْ كَانَ لَهُ فَرَطَان مِنْ أُمَّتِي دَخَلَ الجَنَّةَ) .
قَالَتْ: يَا نَبِيّ الله! فَمَنْ كَانَ لَهُ فَرَط؟ وقَالَ:
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف خالد بن سعيد المدني، وهو في أخبار أصبهان: 1 / 101، وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1727) من طريق أحمد بن علي بن المثنى، حدثنا الازرق ابن علي بهذا الإسناد، وأورده السيوطي في الجامع الصغير، وزاد نسبته لأبي يعلى والطبراني والبيهقي، وأورده الهيثمي في " المجمع " 6 / 312 وقال: رواه الطبراني، وفيه سعيد بن خالد الخزاعي المدني وهو ضعيف.
كذا قال، وصوابه خالد بن سعيد كما تقدم، ونقله عنه المناوي في " فيض القدير " 2 / 512 ولم ينبه عليه.
(2) أخبار أصبهان 1 / 101.
(3) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (31) : 4، عن " مشيخة " المؤلف.(13/438)
(وَمَنْ كَانَ لَهُ فَرْط يَا مُوَفَّقَةُ) .
قَالَتْ: يَا نَبِيّ الله! فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَط مِنْ أُمَّتِك؟
قَالَ: (أَنَا فَرَط أُمَّتِي، لَمْ يُصَابُوا بِمِثْلِي) .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ (1) مُحَسِّناً مُغرِباً لَهُ، عَنْ نَصْرِ بنِ عَلِيٍّ، وَزِيَاد بن يَحْيَى، وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ المُرَابطي، عَنْ حَبَّان، جَمعياً عَنْ عبْدِ رَبِّهُ، عَنْ سِمَاك بن الوَلِيْدِ أَبِي زُمَيْل الحَنَفِيّ.
وَعبد رَبِّهُ هَذَا: ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِيْنٍ، وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا بِهِ بَأْس.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِق (2) ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا نَاصر بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ الكَاتِب، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ أَبُو الشَّيْخِ بقرَاءة أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، عَنْ عِمْرَانَ القَطَّان، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَة، عَنْ سَعْدِ بنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
ذُكر عِنْد رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ يُقَال لَهُ شِهَاب، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَنْتَ هِشَامٌ (3)) .
إِسنَادُه جَيِّد.
216 - الحَكيمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَارِفُ، الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ
__________
(1) رقم (1062) في الجنائز: باب ما جاء في ثواب من قدم ولدا، وأخرجه أحمد 1 / 334 من طريق عبد الصمد، عن عبد ربه بهذا الإسناد.
(2) هو: إسحاق بن أبي بكر بن طارق تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (11) ، ت: 3، عن " مشيخة " المؤلف.
(3) وأخرجه أحمد 6 / 75. من طريق سليمان بن داود عن عمران بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 4 / 276، 277 وأقره الذهبي وذكره في " المجمع " 8 / 51، وزاد نسبته للطبراني، وأعله بعمران القطان، وليس بشيء، فإن حديثه من قبيل الحسن.
(*) طبقات الصوفية: 217 - 220، حلية الأولياء: 10 / 233 - 235، تذكرة الحفاظ: =(13/439)
بنِ الحَسَنِ بنِ بِشْر الحَكِيْم التِّرْمِذِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَصَالِح بن عَبْدِ اللهِ التِّرْمِذِيّ، وَعُتْبَة بن عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيّ، وَيَحْيَى خَتَّ، وَسُفْيَان بن وَكِيْع، وَعَبَّاد بن يَعْقُوْبَ الرَّوَاجنِي (1) ، وَطَبَقَتِهم.
وَكَانَ ذَا رحلَةٍ وَمَعْرِفَةٍ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ وَفضَائِل.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بن مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَالحَسَن بن عَلِيٍّ، وَغيرهُمَا مِنْ مَشَايِخ نَيْسَابُوْر، فَإِنَّهُ قَدِمهَا وَحَدَّثَ بِهَا فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ لَقي أَبَا تُرَاب النَّخْشَبِيّ، وَصَحِبَ أَحْمَد بن خَضْرَوَيْه (2) ، وَيَحْيَى بن الجَلاَّء (3) .
وَلَهُ حَكَم وَمَوَاعِظ وَجَلاَلَة، لَوْلاَ هَفْوَةً بَدَت مِنْهُ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا حِمْلٌ أَثْقَلُ مِنَ البِرّ، فَمَنْ بَرَّك، فَقَدْ أَوْثَقَكَ، وَمن جَفَاك فَقَدْ أَطلقك (4) .
وَقَالَ: كفَى بِالمَرْء عَيْباً أَنْ يَسُرَّه مَا يَضُره (5) .
وَقَالَ: مَن جَهِل أَوْصَاف العُبُوديَّة، فَهُوَ بِنُعوت أَوْصَاف الرَّبَّانِيَّة أَجْهَل (6) .
__________
= 2 / 645، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 245 - 246، طبقات الأولياء: 362، لسان الميزان: 5 / 308 - 310، طبقات الحفاظ: 282.
(1) جاء في " الأنساب ": " أصل هذه النسبة: الدواجن، بالدال المهملة، وهي جمع داجن، وهي الشاة التي تسجن في البيوت، فجعلها الناس: الرواجن، بالراء ".
(2) انظر ترجمته في: طبقات الصوفية: 103 - 106.
(3) الجلاء، بفتح الجيم واللام المشددة: اسم لمن يجلو الاشياء، كالمرآة والسيف ونحوهما. (اللباب) .
(4) حلية الأولياء: 10 / 235.
(5) المصدر السابق.
(6) المصدر السابق، وفيه: " فهو بنعوت الربوبية أجهل ".(13/440)
وَقَالَ صلاَحُ خَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ: صلاَحُ الصَّبيّ فِي المَكْتب، وَصلاَحُ الفَتَى فِي العِلْمِ، وَصلاَحُ الكَهْلِ فِي المَسْجَدِ، وَصلاَحُ المرأَة فِي البَيْتِ، وَصلاَحُ المُؤْذِي فِي السِّجْن (1) .
وَسُئِلَ عَنِ الخَلق: فَقَالَ: ضَعْفٌ ظَاهِر، وَدعوَى عرِيضَة.
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ: أَخرَجُوا الحَكِيْم مِنْ تِرْمِذ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالكُفْر، وَذَلِكَ بِسبب تَصنيفه كِتَاب (ختم الولاَيَة (2)) ، وَكِتَاب (علل الشَّرِيْعَة) ، وَقَالُوا: إِنَّهُ يَقُوْلُ: إِنَّ للأَوْلِيَاء خَاتماً كَالأَنْبِيَاء لَهُم خَاتم.
وَإِنَّهُ يُفَضِّل الوِلاَيَة عَلَى النُّبُوَّة، وَاحتج بِحَدِيْث: (يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ (3)) .
فَقَدِمَ بَلْخ، فَقَبِلُوهُ لموَافقته لَهُم فِي المَذْهَب (4) .
وَذَكَرَهُ ابْنُ النَّجَّار، فَوَهِمَ فِي قَوْله: رَوَى عَنْهُ عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ ينَال العُكْبَرِيّ.
فَإِنَّ ابْن ينَال إِنَّمَا سَمِعَ مِنْ مُحَمَّد التِّرْمِذِيّ، شَيْخٍ حدَّثهُم فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ بُنْدَار الصَّيْرَفِيّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ عِيْسَى الجوْزَجَانِيّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيّ يَقُوْلُ:
مَا صَنَّفْتُ شَيْئاً عَنْ
__________
(1) انظر: طبقات الصوفية: 219.
(2) زاد السبكي في " طبقاته ": وقال: لو لم يكونوا أفضل منهم لم يغبطوهم ".
لم يصل إلينا مستقلا إلا أن ابن عربي الحاتمي حفظ لنا صورة عنه في كتاب الفتوحات المكية في مجموعة المئة والخمس؟ بخمسين سؤالا.
(3) حديث صحيح أخرجه الترمذي رقم " 2390 " في الزهد باب ما جاء في الحب في الله من حديث معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عزوجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء " وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وهو في المسند 5 / 229 و239 و238 مطولا.
(4) الخبر في: طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 245.(13/441)
تَدْبِير، وَلاَ لأَنْ يُنسب إِليَّ شَيْء مِنْهُ، وَلَكِنْ كَانَ إِذَا اشتدَّ عَلِيّ، وَقتِي كُنْتُ أَتَسَلَى بِمُصَنَّفَاتِي.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: هُجِر لتَصنيفه كِتَاب: (ختم الولاَيَة) ، وَ (علل الشَّرِيْعَة) ، وَلَيْسَ فِيْهِ مَا يوجِبُ ذَلِكَ، وَلَكِن لبعد فَهْمهُم عَنْهُ.
قُلْتُ: كَذَا تُكُلِّمَ فِي السُّلَمِيّ مِنْ أَجل تَأَلِيفه كِتَاب (حَقَائِق التَّفْسِيْر) ، فَيَاليتَه لَمْ يُؤلفه، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الإِشَارَات الحَلاَّجيَّة، وَالشَّطَحَات البِسْطَامِيَّة، وَتَصَوُّف الاَتحَادِيَّة، فَواحُزْنَاهُ عَلَى غُرْبَة الإِسْلاَم وَالسُّنَّة، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيْماً فَاتَّبعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيْلِهِ} [الأَنعَام: 135] .
217 - الصُّوْرِيّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ جَرِيْرٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَلِيٍّ، الحَسَنُ بنُ جَرِيْرٍ الصُّوْرِيّ الزَّنْبَقي، البَزَّاز.
حَدَّثَ عَنْ: سَلاَّم المَدَائِنِيّ، وَقَالُوْنَ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: خَيْثَمَةُ وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ، وَعَلِيّ بن أَبِي العَقَب، وَالطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
بَقِي إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 211 ب - 212 أ، تهذيب بدران: 4 / 159.(13/442)
218 - الأَبَّار أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ *
الحَافِظُ، المُتْقِنُ، الإِمَامُ، الرَّبَّانِيّ، أَبُو العَبَّاسِ، أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ مُسْلِمٍ الأَبَّار، مِنْ عُلَمَاءِ الأَثر بِبَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: مُسَدَّد بن مُسَرْهَد، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ، وَعَلِيّ بن الجَعْد، وَأُمَيَّة بن بِسْطَام، وَهُدْبَة، وَإِبْرَاهِيْم بن هِشَامٍ الغَسَّانِيّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَعَلِيّ بن عُثْمَانَ اللاَّحِقي، وَشَيْبَان بن فَرُّوْخٍ، وَدُحَيْم، وَهِشَام ابْن عَمَّار، وَطَبَقَتهِم بِالشَّامِ وَالعِرَاق وَخُرَاسَان.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ وَأَرَّخ.
حَدَّثَ عَنْهُ: يَحْيَى بن صَاعِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَدَعْلَج السِّجْزِيّ، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَجَعْفَر الخُلْدِيّ، وَخَلْقٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ ثِقَةً حَافِظاً مُتْقِناً، حَسَن المَذْهَب (1) .
وَقَالَ جَعْفَرٌ الخُلْدِيّ: كَانَ الأَبَّار مِنْ أَزهد النَّاس، اسْتَأَذَنَ أُمَّه فِي الرِّحْلَةِ إِلَى قُتَيْبَة، فَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ، ثُمَّ مَاتَتْ، فَخَرَجَ إِلَى خُرَاسَانَ، ثُمَّ وَصَلَ إِلَى بَلْخ وَقَدْ مَاتَ قُتَيْبَة، فَكَانُوا يُعَزُّونَه عَلَى هَذَا، فَقَالَ: هَذَا ثمرَةُ العِلْم، إِنِّيْ اخترتُ رِضَى الوَالِدَة (2) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 306 - 307، طبقات الحنابلة: 1 / 52، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 18 أ - ب، اللباب: 1 / 23، تذكرة الحفاظ: 2 / 639 - 640، عبر المؤلف: 2 / 85 - 86، طبقات الحفاظ: 280.
والابار، بفتح الالف وتشديد الباء: نسبة إلى عمل الابر، وهي جمع الابرة التي يخاط بها الثوب.
(1) تاريخ بغداد: 4 / 306.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 639.(13/443)
وَقَالَ أَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ الأَبَّار يَقُوْلُ:
بايعتُ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ عَلَى إِقَام الصَّلاَة، وَإِيتَاء الزَّكَاة، وَالأَمْر بِالمَعْرُوف، وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَر (1) .
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْم: سَمِعْتُ الأَبَّار يَقُوْلُ:
كُنْتُ بِالأَهواز، فرَأَيْتُ رَجُلاً قَدْ حَفَّ شَارِبه - وَأَظُنُّهُ قَالَ: قَدِ اشترَى كُتُباً وَتعيَّن للفُتْيَا - فَذُكر لَهُ أَصْحَاب الحَدِيْث، فَقَالَ: ليسُوا بِشَيْءٍ، وَلَيْسَ يَسْوون شَيْئاً.
فَقُلْتُ: أَنْتَ لاَ تُحْسِن تُصَلِّي.
قَالَ: أَنَا؟
قُلْتُ: نعم، أَيش تحفظُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا افتتحتَ وَرفعتَ يَديكَ؟
فَسَكَتَ (2) .
قُلْتُ: فَمَا تحفظُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سَجَدْتَ؟
فَسَكَتَ.
فَقُلْتُ (3) : أَلم أَقُلْ: إِنَّك لاَ تُحسن تُصَلِّي (4) ؟ فَلاَ تذكر أَصْحَابَ الحَدِيْث (5) .
قَالَ الخَطِيْبُ: تُوُفِّيَ الأَبَّار يَوْم النِصْف مِنْ شَعْبَانَ سَنَة تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (6) .
قُلْتُ: عَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَلَهُ (تَارِيْخٌ) مُفيد رَأَيْتُهُ.
وَقَدْ وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ، وَجَمَعَ حَدِيْث الزُّهْرِيّ.
__________
(1) تاريخ بغداد: 4 / 306.
(2) زاد ابن عساكر هنا: " فقلت له: فأيش تحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضعت يديك على ركبتيك؟ فسكت ".
(3) وزاد هنا ابن عساكر: " مالك لا تتكلم؟ ".
(4) وزاد هنا ابن عساكر أيضا: " انت إنما قيل: تصلي الغداة ركعتين، والظهر أربعا، فالزم ذا خير لك من أن تذكر أصحاب الحديث، فلست بشيء، ولا تحسن شيئا ".
(5) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 18 ت
(6) تاريخ بغداد: 4 / 307.(13/444)
219 - ابْن وَضَّاحٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاح المَرْوَانِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ الأَنْدَلُس مَعَ بَقِيٍّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاح بن بَزِيع (1) المَرْوَانِي، مَوْلَى صَاحِب الأَنْدَلُس عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَةَ الدَّاخل.
وُلِدَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمئَة.
وَسَمِعَ: يَحْيَى بن مَعِيْن، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَأَصْبَغ بن الفَرَج، وَزُهَيْر بن عَبَّادٍ، وَحَرْمَلَة، وَيَعْقُوْب بن كَاسِبٍ، وَإِسْحَاق بن أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَمُحَمَّد بن رمح، وَطَبَقَتهُم.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ ارْتَحَلَ قَبْل ذَلِك فِي حَيَاة آدم بن أَبِي إِيَاسٍ فَلَمْ يَسْمَعْ شَيْئاً، وَقَد ارْتَحَلَ إِلَى العِرَاق وَالشَّام وَمِصْر، وَجمع فَأَوعَى.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الجبَّاب، وَقَاسم بن أَصْبَغ، وَمُحَمَّد بن أَيْمَن، وَأَحْمَد بن عُبَادَة، وَمُحَمَّد بن المِسْوَر، وَخَلْق.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: كَانَ يُوَاصِل أَرْبَعَة أَيَّام.
وَقَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: كَانَ عَالِماً بِالحَدِيْثِ، بَصِيْراً بِطرقِهِ وَعلله، كَثِيْر الحِكَايَة عَن العبَّاد، وَرِعاً، زَاهِداً، صَبُوْراً عَلَى نشر العِلْم، متعفِّفاً، نفع
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 15 - 17، جذوة المقتبس: 93 - 94، تاريخ ابن عساكر: خ: 16 / 42 أ - 43 أ، بغية الملتمس: 133 - 134، تذكرة الحفاظ: 2 / 646 - 648، ميزان الاعتدال: 4 / 59، الوافي بالوفيات: 5 / 174، طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 275، لسان الميزان: 5 / 416 - 417، النجوم الزاهرة: 3 / 121، طبقات الحفاظ: 283، شذرات الذهب: 2 / 194.
(1) في: " تاريخ علماء الأندلس ": 2 / 15: " بزيغ ". وهو تصحيف.(13/445)
الله أَهْل الأَنْدَلُس بِهِ، وَكَانَ ابْنُ الجَبَّاب يُعظمه، وَيصف عقله وَفضله، وَلاَ يُقدِّم عَلَيْهِ أَحَداً، غَيْر أَنَّهُ يُنكر رَدَّه لكَثِير مِنَ الحَدِيْث (1) .
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: كَانَ كَثِيْراً مَا يَقُوْلُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ كَلاَم النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَيْء، وَيَكُون ثَابِتاً مِنْ كَلاَمه (2) .
قَالَ: وَلَهُ خطأ كَثِيْر محفوظٌ عَنْهُ، وَيغلط وَيصحِّف، وَلاَ عِلم لَهُ بِالعَرَبِيَّة، وَلاَ بِالفِقْهِ.
تُوُفِّيَ ابْنُ وَضَّاح فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (3) .
أَنْبَأَنَا ابْن هَارُوْنَ، عَنْ أَبِي القَاسِمِ بن بَقِي، عَنْ شُريح بن مُحَمَّدٍ: أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ بن حَزْم أَجَاز لَهُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ الْجسُور، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي دُلِيم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاح، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ابْن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيْد، أَخْبَرَنَا حُمَيْد، عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَن ابْن عُمَر قَالَ:
إِنَّمَا أَهَلَّ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالحَجّ، وَأَهللنَا مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ: (مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فلْيُحِل) (4) .
220 - خُمَارَوَيْه بنُ أَحْمَد بن طولُوْن التُّرْكِيُّ *
صَاحِب مِصْر وَالشَّام.
__________
(1) انظر الخبر في " تاريخ علماء الأندلس ": 2 / 16 - 17.
(2) انظر المصدر السابق: 2 / 17.
(3) وفي " جذوة المقتبس "، و" بغية الملتمس "، و" شذرات الذهب "، وفاته سنة (286) ، أما الذهبي في " ميزانه "، فذكر وفاته في حدود (280) .
(4) إسناده صحيح، ويزيد هو ابن هارون، وحميد هو ابن أبي حميد الطويل.
(*) تاريخ الطبري: 10 / 8، 18، 30، 42، تاريخ ابن عساكر: خ: 5 / 342 أ - 343 ب، المنتظم: 5 / 155، الكامل لابن الأثير: 7 / 409، 429 - 430، 477 - 478، وفيات الأعيان 2 / 249 - 251، عبر المؤلف: 2 / 47، 55، 66، 68، البداية والنهاية: =(13/446)
وَلِي بَعْد أَبِيْهِ وَلَهُ عِشْرُوْنَ سَنَةً، فَكَانَتْ دَوْلَته ثِنْتَيْ عَشْرَة سَنَةً.
وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً جَوَاداً مُبذِّراً مُسْرِفاً عَلَى نَفْسه.
رَوَى عَلِيّ بنُ مُحَمَّدٍ المَاذرَائِي، عَنْ عمّ أَبِيْهِ (1) قَالَ:
تنَزَّه خُمَارَويه بعذرَاء (2) ، فغنَّاهُ المغنِي (3) ، فَطَربَ، فَأَمَرَ لَهُ بِمئَة أَلف دِيْنَار، فَكلَّمه خَازنه فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: كَيْفَ أَرجع عَمَّا قُلْتُ؟ لَكِن عجِّل لَهُ مئَة أَلْف دِرْهَم، وَفرِّق مَا تبقى، وَابسطه لَهُ (4) .
وَرَوَى المَاذرَائِي، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ أَبِي الجَيْش خُمَارَوَيه عَلَى نهر ثَوْرَا، فَأَتَاهُ أَعْرَابِيّ (5) ، فَأَخَذَ بلجَامه، وَقَالَ: اسْمع لِي.
قَالَ: قل.
قَالَ:
إِنَّ السِّنَان وَحدَّ السَّيْف لَوْ نَطقَا ... لحدَّثَا عَنْكَ بَيْنَ النَّاس بِالعَجَبِ
أَتْلَفْت مَالَكَ تُعْطِيهِ وَتنْهِبُهُ ... يَا آفَةَ الفضَّة البَيْضَاءِ وَالذَّهَبِ (6)
__________
= 11 / 72 - 73، النجوم الزاهرة: 3 / 49، وأحداث ولايته حتى صفحة (87) . شذرات الذهب: 2 / 178 - 179، تهذيب بدران: 5 / 179 - 181.
(1) في " تاريخ ابن عساكر ": " عن عم أبي المعروف بأبي زنبور ".
(2) في " تاريخ ابن عساكر ": " في مرج عذراء بدمشق، قال أبو محمد: وكان أبو زنبور عامل أبي الجيش، قال ... "
(3) ذكر ابن عساكر الصوت الذي غناه، وهو:
" قد قلت لما هاج قلبي الذكرى * وأعرضت وسط السماء الشعرى
كأنها ياقوتة في مزرى * ما أطيب الليل بسر من راى " وقال: إنه أبدل مرج عذرا، بسر من رأى.
(4) الخبر في " تاريخ ابن عساكر ": خ: 5 / 342 ب، وفيه زيادات.
وقوله: " وابسطه له " أي: ابسط له باقي المئة ألف دينار على سنين، حتى يحصل عليها كلها، ويبر بوعده وأمره.
(5) زاد ابن عساكر هنا: " عليه كساء، فجاء حتى أخذ بشكيمة لجامه وهو منفرد على يده بازي، فنفر البازي، فصاح عليه الغلمان، فقال لهم: دعوه. فقال له: أيها الملك: قف، واستمع، فقال له: قل. فقال: ... ".
(6) الخبر في " تاريخ ابن عساكر ": خ: 5 / 342 ب، وفيه: " أفنيت " بدلا من(13/447)
فَأَعطَاهُ خَمْس مائَة دِيْنَارٍ.
فَقَالَ: أَيُّهَا الْملك! زدنِي.
فَقَالَ للغلمَان: اطرحُوا لَهُ سُيُوفكُمْ وَمنَاطقكُم.
وَقَدْ ملك مِنَ النُّوبَة إِلَى الفُرَات.
وَلَمَّا اسْتخلف المُعْتَضد، سَارع خُمَارويه بِالتُّحف إِلَيْهِ، فتزوَّج المُعْتَضد بَابْنته.
قِيْلَ: أَرَادَ أَنْ يُفْقِره بِجِهَازهَا.
يُقَال: قَتله ممَاليكه (1) للفَاحشة فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ بدير مُرَّان، ثُمَّ ضُرِبت رقَابهُم.
221 - السَّرْخَسِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد بن الطّيب *
الفليسوف، البَارع، ذُو التَّصَانِيْف، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد بن الطَّيِّب،
__________
= " أتلفت ".
وتتمة الخبر فيه: " قال: فالتفت أبو الجيش إلى الخادم الذي معه الخريطة، فقال: فرغها، قال: وكان رسم الخريطة (500) دينار، ففرغها في كسائه، فقال له: أيها الملك: زدني، فالتفت إلى الغلمان، فقال لهم: اطرحوا سيوفكم ومناطقكم عليه، قال: فطرحوا، قال: فقال له: أيها الملك اثقلتني، فقال: اعطوه بغلا يحمله عليه، قال: فلما انصرف أمرني أن أعطي كل من طرح سيفه ومنطقته عليه سيفا ومنطقة ذهب، قال: فصنعناها لهم، ودفعناها إليهم ".
وانظر: تهذيب بدران: 5 / 180.
(1) في " الكامل " لابن الأثير: مقتله سنة: (283) .
ودير مران: جاء ذكره في " القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية ": 1 / 44 - 48، (ط. مجمع اللغة العربية بدمشق: 1980) ، قال: " ومحلها اليوم في السفح الواقع أسفل قبة سيار، وأعلى بستان الدواسة، يطل منها الإنسان على الربوة وحدائقها ذات البهجة ... وعرفت تلك الجهة بهذا الاسم لوجود دير يدعى بدير مران، ذكره أبو الفرج الأصبهاني في " الاغاني " وقال: إنه دير على تلعة مشرفة عالية تحتها مروج ومياه حسنة ... ".
قال: وقد تغنى الشعراء قديما بدير مران، وجمال منظره، وطيب هوائه، نكتفي منها بقول الببغاء الشاعر:
يا صباحا بدير مران راقا * هجت منا القلوب والاحداقا
ومشت نسمة تؤمك حتى * رفعت بالعبير فيك رواقا
(*) الفهرست: المقالة السابعة: الفن الأول، معجم الأدباء: 3 / 98 - 102، الوافي بالوفيات: 7 / 5 - 8، لسان الميزان: 1 / 189 - 192.(13/448)
وَقِيْلَ: أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ السَّرْخسِيّ، مِنْ بحور العِلْم الَّذِي لاَ ينفع.
وَكَانَ مُؤَدِّب المُعْتَضد، ثُمَّ صَارَ نَدِيمُهُ، وَصَاحب سره وَمشورته، وَلَهُ رِئاسَةٌ وَجَلاَلَةٌ كَبِيْرَةٌ.
وَهُوَ تِلْمِيْذ يَعْقُوْب بن إِسْحَاقَ الكِنْدِيّ الفليسوف.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ المُلحمِي، وَمُحَمَّد بن أَبِي الأَزْهَر، وَعم صَاحِب (الأَغَانِي) ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الكَاتِب.
ثمَّ إِنَّ الْمُعْتَضد انتخى للهِ، وَقُتِلَ السَّرْخسِيّ لفلسفته وَخبث مُعتقدِه.
فَقِيْلَ: إِنَّهُ تنصَّل إِلَيْهِ.
وَقَالَ: قَدْ بِعْت كتب الفلسفَة وَالنُّجُوْم وَالكَلاَم، وَمَا عِنْدِي سِوَى كتب الفِقْه وَالحَدِيْث.
فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ الْمُعْتَضد: وَاللهِ إِنِّيْ لأَعِلْم أَنَّهُ زِنْدِيْق، فعل مَا زَعَمَ ريَاءً.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: لَكَ سَالف خِدَم، فَكَيْفَ تختَار أَن نَقْتُلك.
فَاختَار أَنْ يطعم كبَاب اللَّحْم، وَأَنَّ يُسقَى خمراً كَثِيْراً حَتَّى يسكر، وَيُفْصَد فِي يَدَيْهِ، فَفَعَل بِهِ ذَلِكَ، فصفِي مِنَ الدَّم، وَبقيت فِيْهِ حَيَاة، وَغلبت عَلَيْهِ الصَّفرَاء، وَجُنَّ، وَصَاح، وَبَقِيَ يَنْطَح الحَائِط لِفَرطِ الآلاَم، وَيعدو كَثِيْراً حَتَّى مَاتَ، وَذَلِكَ فِي أَوّل سَنَة سِتّ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
222 - ابْن الضُّرَيْس أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ الرَّازِيّ *
الحَافِظُ، المُحَدِّث، الثِّقَة، المُعَمَّر، المصَنِّف، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْب بن يَحْيَى بنِ ضُرِيْس، البَجَلِيّ، الرَّازِيّ، صَاحِب كِتَاب (فضَائِل القُرْآن) .
__________
(*) الجرح والتعديل: 7 / 198، تذكرة الحفاظ: 2 / 643 - 644، عبر المؤلف: 2 / 98، الوافي بالوفيات: 2 / 234، طبقات الحفاظ: 283، شذرات الذهب: 2 / 216.(13/449)
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ عَام مائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: مُسْلِم بن إِبْرَاهِيْم، وَالقَعْنَبِيّ، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيّ، وَمُحَمَّد بن كَثِيْر العَبْدِيّ، وَعَلِيّ بن عُثْمَانَ اللاَحقي، وَمُسَدَّد بن مُسَرْهَد، وَأَبَا سَلَمَة التَّبُوْذَكِيّ، وَأَحْمَد بن يُوْنُسَ، وَمُحَمَّد بن سِنَانٍ العَوَقي، وَعُبَيْد الله بن مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَإِسْحَاق بن مُحَمَّدٍ الفَرْوِيّ، وَيَحْيَى بن هَاشِمٍ السِّمْسَار، وَحَفْص بن عُمَر الحَوْضِيّ، وَعَبْد اللهِ بن الجَرَّاح، وَعَبْد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَأَبَا الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيّ، وَسَهْل بن بَكَّارٍ، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيّ، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ، وَطَبَقَتهُم.
وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلو الإِسْنَاد بِالعَجَم مَعَ الصِّدْق وَالمعرفَة.
رَوَى عَنْهُ: عبد الرَّحْمَن بن أَبِي حَاتِمٍ - وَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ - وَعَلِيّ بن شَهْريَار، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق الطِّيبِي (1) ، وَأَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيْل بن نُجَيْد، وَأَحْمَد بن عُبَيْدٍ الهَمَذَانِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ آخِرُهُم مَوْتاً: أَبُو سَعِيْدٍ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْد الوَهَّابِ الرَّازِيّ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ: ابْن الضُّرَيْس ثِقَة، وَهُوَ مُحَدِّث ابْن مُحَدِّث، وَجدُّه يَحْيَى بن الضُّرَيْس مِنْ أَصْحَابِ سُفْيَان الثَّوْرِيّ.
وَلَمَّا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِي بِموت ابْن الضُّرَيْس - وَكَانَ يَود أَنْ يرحل إِلَيْهِ - صَاح، وَلطم، وَقَالَ لأَهله: منعتمونِي مِنَ الرحلَة إِلَيْهِ.
قَالَ: فَرَقُّوا وَسفَّرُونِي مَعَ خَالِي إِلَى الحَسَنِ بن سُفْيَان.
مَاتَ ابْن الضُّرَيْس يَوْم عَاشُورَاء سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالرَّيِّ.
__________
(1) الطيبي، بكسر الطاء وسكون الياء: نسبة إلى الطيب: وهو بلدة من واسط وكور الاهواز. (اللباب) .(13/450)
وَأَمَّا ابْن عُقدَة، فَأَورد وَفَاته فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ - وَالأَوّل أَصحّ -.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَد بن هِبَةِ اللهِ (1) ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي عصرُوْن، وَزَيْنَب بِنْت عُمَر (2) ، عَنِ المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْل الفرَاوِي (3) (ح) .
وَأَخبرونَا عَنْ أَبِي رَوْح الهَرَوِيّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْم بن أَبِي سَعِيْدٍ (ح) .
وَأَخبرونَا عَنْ زَيْنَبَ الشَّعْرِيَّة، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَر بن أَحْمَد بنِ مَسْرُور، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْل بن نُجيد، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَيُّوْب بن ضُرَيْس، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن سِنَانٍ العَوَقي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْم بن طَهْمَان عَنْ بديل، عَنْ عَبْد اللهِ بن شَقِيق، عَنْ مَيْسَرَة الفَجْر قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَتَى كُتِبَتَ نَبِيّاً؟
قَالَ: (كُتِبْتُ نَبِيّاً وآدَم بَيْنَ الرُّوح وَالجسد) (4) .
وَبِهِ، إِلَى مُحَمَّد بن الضُّرَيْس: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْر، حَدَّثَنَا
__________
(1) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (46) ، ت: 1، وهو في " المشيخة ": خ: 21.
(2) هي: " زينب بنت عمر بن كندي بن سعد بن علي، أم محمد الدمشقية الكندية، نزيلة بعلبك، شيخة صالحة جليلة، كثيرة المعروف، حجت وبنت رباطا ووقفت على البر ... توفيت في أواخر شهر جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وست مئة ".
" مشيخة " الذهبي: خ: ق 50 - 51.
(3) قال الحافظ ابن حجر في " التبصير ": 1100: " اختلف في ضم الفاء وفتحتها، قال ابن نقطة: الفتح أكثر وأشهر.
والفراوي: نسبة إلى فراوة: بليدة متطرفة جهة خوارزم بناها ابن طاهر، رابط بها جماعة ".
(4) إسناده صحيح، وأخرجه ابن سعد في " الطبقات " 7 / 60 من طريق معاذ بن هانئ البهراني، حدثنا إبراهيم بن طهمان بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد 5 / 59 من طريق عبد الرحمن ابن مهدي، عن منصور بن سعد، عن بديل بن ميسرة به، وهذا سند صحيح. وفي الباب عن أبي هريرة عند الترمذي برقم (3613) ، وعن رجل من الصحابة عند أحمد 4 / 66 و5 / 37، وعن العرباض بن سارية عند أحمد 4 / 127، وابن حبان (2093) ، والحاكم 2 / 600، وعن عبد الله بن أبي الجدعاء عند ابن سعد 7 / 59.(13/451)
سُفْيَان، عَنْ مُحَمَّدِ بن عُقْبَة، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رفعت امْرَأَة إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَبِيّاً لَهَا فِي مِحَفَّة، فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَلهَذَا حَجَّ؟
قَالَ: (نَعَمْ، وَلك أَجْرٌ (1)) .
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرٌ بن الدَّمَّاغ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَرْدَوَيْه، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَان الْوَكِيل، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن الْفَصْل بن شَهْريَار، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أَيُّوْب، حَدَّثَنَا مُسَدَّد، حَدَّثَنَا يَزِيْد بن زُرَيْع، حَدَّثَنَا خَالِد، عَنْ أَبِي قِلاَبَة، عَنْ مَالِكٍ بن الحُوَيْرِث:
قَالَ لِي رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا حضَرت الصَّلاَة فَأَذِّنَا، ثُمَّ أُقِيمَا، ثُمَّ ليُؤمَّكمَا أَكبَرُكُمَا (2)) .
وَمَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ مَعَهُ: جبرُوْنُ بنُ عِيْسَى البَلَوِيّ (3) ، وَمُحَمَّد بن إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه (4) ، وَعُبَيْد بن مُحَمَّدٍ العِجْل (5) ، وَالحَسَن بن مُثَنَّى العَنْبَرِيّ (6) ، وَمَحْمُوْد بن أَحْمَد بن الفَرَج (7) بِأَصْبَهَان، وَعَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1336) (410) ، والنسائي 5 / 120، وأبو داود (1736) من طرق عن سفيان بن عيينة بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد 1 / 219، ومسلم (1336) ، والنسائي 5 / 120، من طريق سفيان، عن إبراهيم بن عقبة عن كريب، عن ابن عباس، واخرجه مالك 1 / 368 بشرح السيوطي من طريق إبراهيم بن عقبة، عن كريب به، وانظر " المسند " 1 / 244 و288 و343 و344.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 2 / 92، 93 و118، ومسلم (674) (293) ، وأبو داود (589) ، والترمذي (205) ، والنسائي 2 / 17 من طرق عن خالد - وهو الحذاء - بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري 2 / 93، ومسلم (674) من طريقين عن أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث.
(3) المشتبه: 1 / 277.
(4) ستأتي ترجمته في الصفحة: (544) ، برقم: (275) .
(5) عبر المؤلف: 2 / 98، شذرات الذهب: 2 / 216.
(6) ستأتي ترجمته في الصفحة: (526) ، برقم: (258)
(7) ترجمته في: ذكر أخبار أصبهان: 2 / 315 - 316.(13/452)
بن عبد السَّلاَم الخفَّاف بِمِصْرَ، وَأَحْمَد بن يَحْيَى بنِ خَالِدٍ الرَّقِّيّ، وَمُحَمَّد بن نَصْر المَرْوَزِيّ (1) الفَقِيْه، وَمُوْسَى بن هَارُوْنَ الحَافِظ (2) .
223 - العَلاَّف أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بن أَيُّوَب المِصْرِيّ * (س (3))
الإِمَامُ؛ المُحَدِّثُ، الحُجَّة، الفَقِيْه، أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بن أَيُّوْب بن بَادِي، المِصْرِيّ العلاَّف.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْد الغَفَارِ بن دُوَاد الحَرَّانِيّ، وَيُوْسُف بن عَدِيّ، وَيَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَأَحْمَد بن يَزِيْدَ المَكِّيّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرٍ الحَضْرَمِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَحْمَد بن خَالِد بن الجبَّاب، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ شَيْخاً آدم - شَدِيد الأُدمَة - أَعور، ثِقَة، بَصِيْراً بِالفِقْهِ.
قَالَ أَحْمَد بن خَالِد الحَافِظ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ العلاَّف، فَقِيْه أَهْل مِصْر.
قُلْتُ: مَاتَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مُسِنّاً مِنْ أبْناءِ التِّسْعِيْنَ.
__________
(1) ترجمته في: طبقات الفقهاء: 106 - 107، تذكرة الحفاظ: 2 / 650 - 653، عبر المؤلف: 2 / 99، طبقات السبكي: 2 / 246 - 255، شذرات الذهب: 2 / 216 - 217.
(2) ترجمته في: تذكرة الحفاظ: 2 / 669 - 670، عبر المؤلف: 2 / 99 - 100، شذرات الذهب: 2 / 217 - 218
(*) تهذيب الكمال: خ: 1488، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 149، عبر المؤلف: 2 / 83، تهذيب التهذيب: 11 / 185، خلاصة تذهيب الكمال: 421، شذرات الذهب: 2 / 202.
(3) زيادة من " تهذيب التهذيب ".(13/453)
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو عَبْد الْملك أَحْمَد بن إِبْرَاهِيْم البُسْرِيّ (1) ، وَالمعتضد بِاللهِ (2) ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حَمْزَةَ البَتَلهِي (3) ، وَأَمِيْرُ القَيْرَوَان إِبْرَاهِيْم بن الأَغْلَب (4) ، وَأَنَس بن السّلم الدِّمَشْقِيّ (5) ، وَالحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ القبَّانِي (6) .
224 - الحكَّانِيُّ أَبُو الحَسَن عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الخُزَاعِيّ *
الشَّيْخ، المُحَدِّث، الثِّقَة، مُسْنِد هَرَاة، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى، الخُزَاعِيّ الهَرَوِيّ الحكَّانِي، وَحكَّانَ: محلَّة عَلَى بَاب مَدِيْنَة هَرَاة.
رَحل، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي اليَمَانِ، وآدَم بن أَبِي إِيَاسٍ، وَمُحَمَّد بن وَهْبِ بنِ عطيَّة، وَيَحْيَى بن صَالِحٍ الوُحَاظِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي السَّرِيّ.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ حَامِد الرَّفَّاء، وَأَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ المُغَفَّلِي، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ خَمِيْرَوَيْه، وَأَحْمَد بن إِسْحَاقَ، الهرويُّون.
وَوَثَّقَهُ بَعْض الحُفَّاظ.
مَاتَ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فِي عشر الْمِئَة.
__________
(1) المشتبه: 1 / 74.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (463) ، برقم: (230) .
(3) البتلهي، بفتح الباء والتاء، وسكون اللام: نسبة إلى بيت لهيا من أعمال دمشق بالغوطة.
وانظر ترجمته في تهذيب بدران: 2 / 83 - 84.
(4) ستأتي ترجمته في الصفحة: (487) ، برقم: (234) .
(5) ترجمته في: تهذيب بدران: 3 / 138.
(6) ستأتي ترجمته في الصفحة: (499) ، برقم: (247) تاريخ ابن عساكر: خ: 12 / 265 ب - 266 ب،(13/454)
225 - القَرَاطِيْسِيُّ أَبُو يَزِيْدَ يُوْسُف بن يَزِيْدَ المِصْرِيّ * (س (1))
الإِمَامُ، الثِّقَة، المُسْنِد، أَبُو يَزِيْدَ، يُوْسُف بن يَزِيْد بن كَامِلٍ بن حَكِيْم، الأُمَوِيّ المِصْرِيّ القَرَاطِيْسِيّ، مَوْلَى أَمِيْر مِصْرَ عَبْد العَزِيْز بن مَرْوَانَ.
سَمِعَ: أَسَد بن مُوْسَى السُّنَّة، وَسَعِيْد بن أَبِي مَرْيَمَ، وَعَبْد اللهِ بن صَالِحٍ الكَاتِب، وَحَجَّاج بن إِبْرَاهِيْمَ الأَزْرَق، وَعِدَّة.
وَكَانَ عَالِماً مُكْثِراً مجوِّداً.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْد اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ الوَرْد، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ، وَسُلَيْمَان بن أَحْمَد الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقِيْلَ: إِنَّ النَّسَائِيّ رَوَى عَنْهُ.
وَثَّقَه ابْن يُوْنُس.
وَكَانَ مُعَمِّراً، رَأَى الشَّافِعِيّ.
قَالَ الحَافِظُ أَحْمَد بن خَالِد الجبَّاب: أَبُو يَزِيْد مِنْ أَوْثَق النَّاس، لَمْ أَرَ مثله، وَلاَ لقِيت أَحَداً إِلاَّ وَقَدْ مُسَّ، أَوْ تُكُلِّمَ فِيْهِ إِلاَّ هُوَ، وَيَحْيَى بن أَيُّوْبَ العلاَّف.
وَرفع أَحْمَد الجبَّاب مِنْ شَأْن القَرَاطِيْسِيّ.
مَاتَ - فِيمَا أَرَّخَهُ ابْن يُوْنُس - فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَة سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ
__________
(*) المنتظم: 6 / 27، تهذيب الكمال: خ: 1563، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 192، تذكرة الحفاظ: 2 / 680، في نهاية ترجمة الحسين بن فهم، وفيه وفاته سنة (289 هـ) . عبر المؤلف: 2 / 84، أخبار سنة (289) ، تهذيب التهذيب: 11 / 429، خلاصة تذهيب الكمال: 440، شذرات الذهب: 2 / 202.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب ".(13/455)
وَمائَتَيْنِ، عَنْ مائَة سَنَةٍ -رَحِمَهُ اللهُ-.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَد بن إِسْحَاق بن نُبَيْط (1) ، وَأَبُو بَكْرٍ بن أَبِي عَاصِمٍ (2) ، وَمُحَمَّد بن وَضَّاح (3) مُحَدِّث الأَنْدَلُس، وَأَبُو السَّرِيّ مُوْسَى بن الحَسَن الجلاجلِي (4) .
226 - إِسْحَاق بن أَبِي عِمْرَانَ أَبُو يَعْقُوْب الإِسْفَرَايِيْنِيّ*
الإِمَامُ، الفَقِيْه، الحَافِظ، شَيْخ خُرَاسَان، أَبُو يَعْقُوْب الإِسْفَرَايِيْنِيّ.
أَخْبَرَنَا المُؤَمَّلُ بنُ مُحَمَّد (5) كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْر الشَّيْبَانِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَد، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ نُعَيْم الضَّبِّيّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الإِسْفَرَايِيْنِيّ الفَقِيْه، حدَّثنا محمَّد بن عَبَدك الإِسْفَرَايِيْنِيّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن أَبِي عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيّ، وَرَّاق مَحْمُوْد بن غَيْلاَن، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَة، حَدَّثَنَا اللَّيْث، عَنْ يَزِيْد بن أَبِي حَبِيْب، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ مُعَاذ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ فِي غَزْوَة تَبُوْك، فَكَانَ يُؤخّر الظّهر حَتَّى يدْخل وَقت الْعَصْر، فَيجمع بينهُمَا (6) .
__________
(1) ترجمته في: المنتظم: 6 / 25، وفي الميزان: 1 / 82: حدث عن أبيه، عن جده بنسخة فيها بلايا ... لا يحل الاحتجاج به فإنه كذاب ".
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (430) ، برقم: (215) .
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (445) ، برقم: (219)
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (378) ، برقم: (179) الوافي بالوفيات: 8 / 419، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 258 - 259.
(5) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 171.
(6) وأخرجه أحمد 5 / 241، وأبو داود (1220) ، والترمذي (553) ، والبيهقي 3 / 163، والدارقطني 1 / 392 كلهم من طريق قتيبة بهذا الإسناد، وهو إسناد صحيح.(13/456)
رَوَاهُ البَيْهَقِيّ بِلَفْظِهِ عَنِ الحَاكِم مُحَمَّد بن نعيم الضَّبِّيّ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ إِسْحَاق بن مُوْسَى بن عِمْرَانَ، أَحَد أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة، وَالرَّحَّالَة فِي طَلَبِ الحَدِيْث، مِنْ رُسْتَاق إِسفرَايين، تَفَقَّهَ عِنْد أَبِي إِبْرَاهِيْم المُزَنِيّ، وَسَمِعَ (الْمَبْسُوط) مِن الرَّبِيْع، وَكتب الحَدِيْث بِخُرَاسَانَ وَالعِرَاقين وَالحِجَاز وَمِصْر وَالشَّام.
قَالَ: وَلَهُ مصنفَات كَثِيْرَة.
سَمِعَ بِخُرَاسَانَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُفَ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَأَقرَانهُم.
وَبَالجِبَال: مُحَمَّد بن مقَاتل، وَابْن أَحْمَدَ، وَطَائِفَة.
وبِبَغْدَاد: مَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَمُحَمَّد بن بَكَّارٍ، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَأَحْمَد بن عِمْرَانَ الأَخنسِي، وَأَبَا مُسْلِم الوَاقِدِيّ.
وَبِالبَصْرَةِ: عبد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ النَّرْسِيّ، وَعَبْد اللهِ بن مُعَاوِيَةَ، وَبندَاراً، وَأَبَا مُوْسَى.
وبَالكُوْفَة: عُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَأَخَاهُ القَاسِم وَجُبارَة بن المُغَلِّس، وَأَبَا كُرَيْب، وَعَبْد اللهِ بن عُمَر بن أَبَانٍ.
وَبَالحِجَاز: إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ، وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد، وَعِدَّة.
وبَالشَّام: هِشَام بن عَمَّارٍ، وَدُحيماً، وَأَحْمَد بن أَبِي الحَوَارِيِّ، وَطَبَقَتهُم.
وَبِمِصْرِ: مُحَمَّد بن رُمح، وَعِيْسَى بن حَمَّادٍ، وَحَرْمَلَة، وَأَبَا الطَّاهِر بن السَّرْحِ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيّ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَمُؤَمَّل بن الحَسَنِ، وَمُحَمَّد بن عَبدك وَغَيْرهُم، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْب الشَّيْبَانِيّ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبدك الإِسْفَرَايِيْنِيّ: تُوُفِّيَ أَبُو يَعْقُوْب الإِسْفَرَايِيْنِيّ بِهَا، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْب الحَافِظ، حَدَّثَنَا(13/457)
إِسْحَاقُ بن مُوْسَى الإِسْفَرَايِيْنِيّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا جَرِيْر، عَنْ مُغِيْرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ:
أَوَّل مَنْ خطبَ جَالِساً مُعَاوِيَة وَذَلِكَ حِيْنَ عَظُمَ بَطْنه، وَكَثُرَ شَحْمه.
قُلْتُ: عَاشَ ابْن أَبِي عِمْرَانَ هَذَا نَحْواً مِنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ مِنَ الأَئِمَّة الأَثبَات، وَتخيَّل إِلَى أَنَّهُ وَالد أَبِي عَوَانَةَ، لَكِن وَالد أَبِي عَوَانَةَ اسْمه: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْم بن يَزِيْد الإِسْفَرَايِيْنِيّ.
يَرْوِي عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَابْن حجر، وَأَبِي مَرْوَان العُثْمَانِيّ.
أَكْثَر عَنْهُ: وَلده أَبُو عَوَانَةَ فِي (صَحِيْحِهِ) ، ثُمَّ إِنِّيْ لَمْ أَظفر لأَبِي عَوَانَةَ برِوَايَة عَنْ إِسْحَاقَ بنِ أَبِي عِمْرَانَ، وَلاَ ذكَر الحَاكِم لوَالد أَبِي عَوَانَةَ تَرْجَمَة فِي (تَارِيْخِهِ) ، فلهَذَا جوَّزت فِي البَدِيْهَة أَنَّهُمَا وَاحِد، وَكِلاَهُمَا طبقَة وَاحِدَة.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَة الله (1) ، عَنِ القَاسِمِ بنِ أَبِي سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الأَسعد القُشَيْرِيّ، أَخْبَرَنَا عبد الحمِيد البَحِيْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْملك بن الحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي:
حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَان مُحَمَّد بن عُثْمَان: حَدَّثَنَا عَبْد العَزِيْز بن مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ الهَاد، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّهُ سَمِعَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (قَالَتِ النَّارُ: يَا رَبِّ! أَكَلَ بَعْضِي بَعْضاً. فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْن ... ) (2) ، الحَدِيْث.
__________
(1) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (46) ت: 1. عن " مشيخة " المؤلف.
(2) وأخرجه مسلم (617) (187) من طريق حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، عن حيوة، عن ابن الهاد - وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد - بهذا الإسناد، وتمامه: " نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فما وجدتم من برد أو زمهرير، فمن نفس جهنم، وما وجدتم من حر أو حرور، فمن نفس جهنم ". وهو في " المسند " 2 / 503.
وأخرجه البخاري 6 / 238، والدارمي 2 / 340 من طريق شعيب عن الزهري، عن أبي =(13/458)
227 - الخُشَنِيّ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّد بن عَبْدِ السَّلاَمِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُتْقِنُ، اللُّغَوِيّ، العَلاَّمَةُ، أَبُو الحَسَنِ، مُحَمَّد بن عَبْدِ السَلاَّم بن ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيّ الأَنْدَلُسِيّ القُرْطُبِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بن يَحْيَى اللَّيْثِيّ، وَغَيْرِه.
وَحَجَّ، وَلقي الكِبَار، وَحَمَلَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيّ، وَمُحَمَّد بن بَشَّارٍ، وَسَلَمَة بن شَبِيْب، وَطَبَقَتهم، فَأَكْثَر وَجَوَّد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَسْلَم بن عَبْد العَزِيْز، وَمُحَمَّد بن قَاسم بن مُحَمَّدٍ، وَابْنُهُ مُحَمَّد الخُشَنِيّ، وَقَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ، وَآخَرُوْنَ.
وأُريد عَلَى قَضَاء الجَمَاعَة، فَامْتَنَعَ، وَتَصَدَّر لِنَشْرِ الحَدِيْث، وَكَانَ أَحَد الثِّقَاتِ الأَعْلاَم.
أَنْبَأَنَا ابْن هَارُوْنَ الطَّائِيّ، عَنِ ابْنِ بَقِيٍّ، عَنْ شُريح بن مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ بن حَزْم، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَوْن الله، حَدَّثَنَا قَاسم بن أَصْبَغ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبد السَّلاَم، حَدَّثَنَا بُنْدَار، حَدَّثَنَا غُنْدَر، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي قَزَعَة، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كُنْتُ رَدِيف أَبِي
__________
= سلمة، عن أبي هريرة، وأخرجه البخاري 2 / 15، وأحمد 2 / 238 من طريق سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وأخرجه أحمد 2 / 276 و277 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وأخرجه الترمذي (2592) ، وابن ماجه (4319) من طريقين عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
(*) طبقات النحويين واللغويين: 268، تاريخ علماء الأندلس: 2 / 14 - 15، جذوة المقتبس: 68 - 70، بغية الملتمس: 103 - 105، اللباب: 1 / 446 - 447، تذكرة الحفاظ: 2 / 649، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 226، وفيه وفاته سنة (209) وهو وهم بين. طبقات الحفاظ: 284، بغية الوغاة: 1 / 160.
والخشني، بضم الخاء، وفتح الشين: نسبة إلى خشين بن النمر بن وبرة، من قضاعة.(13/459)
طَلْحَة، وَكَانَتْ ركبَة أَبِي طَلْحَة تَكَاد تَمَسُّ ركبَة النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيْعاً (1) .
تُوُفِّيَ الخُشَنِيّ: سَنَة سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
وجدُّه ثَعْلَبَة هُوَ: ابْن زَيْد بن حَسَن بن كَلْب ابْن صَاحِب النَّبِيّ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيّ قَالَهُ ابْن الفَرضي (2) ، وَوَلَدُهُ مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ بَقِيَ إِلَى سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
سَمِيُّه: الإِمَامُ المُحَدِّث:
228 - أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلامِ بنِ بَشَّارٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الوَرَّاقُ، الزَّاهِدُ.
سَمِعَ الكُتُب مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَالتَّفْسِيْر مِنْ: إِسْحَاق، وَكَانَ ينسخُ التَّفْسِيْر وَيَتَقَوَّتُ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحَسَن بن عِيْسَى، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَمُحَمَّد بن رَافِع.
وَعَنْهُ: مُؤَمَّل بن الحَسَنِ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ.
قَالَ وَلَدُهُ عَبْدَان: كَانَ يَقُوْلُ أَبِي: نَحْنُ فِي مَرْحَلَة.
وَكَانَ يَصُوْم النَّهَار، وَيقومُ اللَّيْل، وَيَقُوْلُ: هَذَا مَا أَوْصَانَا بِهِ يَحْيَى بن يَحْيَى.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْنُس،
__________
(1) إسناده صحيح.
(2) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 14.
(*) تذكرة الحفاظ: 2 / 649، في نهاية ترجمة الخشني.(13/460)
سَمِعْتُ الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ القَبَّانِي يَقُوْلُ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار، حَدَّثَنَا يَحْيَى ... فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: أَتدرُوْنَ عَمَّنْ حَدَّثْتُكُم؟
قَالُوا: حَدَّثْتَنَا عَنْ بُنْدَار، عَنْ يَحْيَى القَطَّانِ.
قَالَ: لاَ وَاللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبد السَّلام بن بَشَّار، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى.
تُوُفِّيَ مُحَمَّد بن عَبْدِ السَّلاَمِ: فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سِتّ أَيْضاً وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فتوَافق هُوَ وَالَّذِي قَبْله فِي الِاسْم وَالأَب وَالحِفْظ وَعَامِ الوَفَاةِ، وَفِي اسْم شَيْخيهُمَا اللَّيْثِيّ، وَالتَّمِيْمِيّ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُوْرِيّ (1) ، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ الخَزَّاز (2) ، وَشيخ الصُّوْفِيَّة أَبُو سَعِيْدٍ الخَزَّاز (3) ، وَأَحْمَد بن المُعَلَّى الدِّمَشْقِيّ (4) ، وَإِبْرَاهِيْم بن سُوَيْد الشَّامِيّ، وَرفيقُه إِبْرَاهِيْم بن بَرَّة الصَّنْعَانِيّ (5) ، وَرفيقُهُمَا الحَسَن بن عبد الأَعْلَى البَوْسِي (6) ، أَصْحَاب عَبْد الرَّزَّاقِ، وَعَبْد الرَّحِيْمِ بن البَرْقِيّ (7) ، رَاوِي (السِّيرَة) ، وَعَلِيّ بن عَبْدِ العَزِيْزِ البَغَوِيّ (8) بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّد بن وَضَّاح القُرْطُبِيّ (9) ، وَمُحَمَّد بن يُوْنُسَ الكُدَيْمِيّ (10) ، وَالزَّاهِد مُحَمَّد بن يُوْسُفَ البَنَّاء، وَأَبُو عُبَادَة
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (373) ، برقم: (174) .
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (418) ، برقم: (205)
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة (419) ، برقم: (207)
(4) ترجمته في: تهذيب بدران: 2 / 97.
(5) تقدمت ترجمته في الصفحة: (351) ، برقم: (168)
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (351) ، برقم: 167)
(7) تقدمت ترجمته في الصفحة: (48) ، برقم: (34)
(8) تقدمت ترجمته في الصفحة: (348) ، برقم: (164)
(9) تقدمت ترجمته في الصفحة: (445) ، برقم: (219)
(10) تقدمت ترجمته في الصفحة: (302) ، برقم: (139)(13/461)
البُحْتُرِي (1) الشَّاعِر، وَمُحَمَّد بن مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ (2) .
229 - يَحْيَى بن عُمَرَ بنِ يُوْسُفَ أَبُو زَكَرِيَّا الأَنْدَلُسِيّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو زَكَرِيَّا الكِنَانِيّ الأَنْدَلُسِيّ الفَقِيْه.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ بِإِفْرِيْقِيَةَ مِنْ: سَحْنُوْن، وَأَبِي زَكَرِيَّا الحُفْرِيّ، وَعَوْن بن يُوْسُفَ صَاحِب الدَّرَاوَرْدِيّ.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنْ: يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَحَرْمَلَة، وَابْن رُمْح.
وَبَالمَدِيْنَة مِنْ: أَبِي مُصْعب، وَطَائِفَةٍ.
وَسَكَنَ القَيْرَوَان، وَكَانَ حَافِظاً للفُروع، ثِقَةً، ضَابطاً لِكُتُبِهِ (3) .
أَخَذَ عَنْهُ: أَحْمَد بن خَالِدٍ الحَافِظ، وَجَمَاعَةٌ، وَأَهْل القَيْرَوَان.
وَكَانَتِ الرِّحلَة إِلَيْهِ فِي وَقته.
سَكَنَ سُوْسَة فِي آخِرِ عُمُرِهِ، وَبِهَا مَاتَ.
قَالَ الحُمَيْدِيّ: هُوَ مِنْ مَوَالِي بَنِي أُمَيَّةَ (4) .
رَوَى عَنْهُ: سَعِيْد بن عُثْمَانَ الأَعْنَاقِيّ (5) ، وَإِبْرَاهِيْم بن نَصْرٍ، وَمُحَمَّد
__________
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة: (486) ، برقم: (233) . وذكر وفاته هناك سنة (283) أو (284) ، خلافا لما هنا.
(2) ستأتي ترجمته في الصفحة: (492) ، برقم: (240) .
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 184، رياض النفوس: 1 / 396 - 406، طبقات الفقهاء: 163، جذوة المقتبس: 377 - 378، بغية الملتمس: 505 - 506، لسان الميزان: 6 / 270 - 272.
(3) انظر نص ابن الفرضي في " تاريخه ": 2 / 184.
(4) جذوة المقتبس: 377.
(5) في " الجذوة "، و" البغية ": " العناقي ".
وقال المقري في ترجمته في " نفح الطيب ": 2 / 633: " والاعناقي: نسبة إلى موضع يقال له: أعناق وعناق ".(13/462)
بن مَسْرور، وَقَمُّود بن مُسْلِمٍ القَابِسِي، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ القِرْبَاط.
وَتُوُفِّيَ: سَنَة خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ اللَّبَّاد: كَانَ أَهْل الصِّيَام وَالقِيَام، مجَابَ الدُّعَاء، كَانَتْ لَهُ بَرَاهين.
وَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ الأَبْيَانِي: مَا رَأَيْتُ مِثْل يَحْيَى بن عُمَرَ فِي عِلْمه وَزُهْده، وَدُعَائِه وَبُكَائِه، فَالوَصْفُ -وَاللهِ- يَقصُر عَنْ ذِكر فَضْله.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ حَارب: كَانَ مُتَقَدِّماً فِي الحِفْظِ، لَقِي يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَكَانَ يَقُوْلُ: سأَلتُ سَحْنُوْن، فرَأَيْت بَحْراً لاَ تُكَدِّرُه الدِّلاَء، وَاللهِ مَا رَأَيْتُ مثلَه قَطُّ، كَأَنَّ العِلْمَ جُمِعَ بَيْنَ عَيْنَيه وَفِي صَدْره.
قَالَ يَحْيَى الكَانشِي: أَنفق يَحْيَى بن عُمَر فِي طَلَبِ العِلْمِ سِتَّة آلاَف دِيْنَار.
قُلْتُ: لَهُ شُهْرَة كَبِيْرَة بِإِفْرِيْقِيَةَ، وَحمل عَنْهُ عَدَدٌ كَثِيْرٌ -رَحِمَهُ اللهُ-.
230 - المُعْتَضِدُ بِاللهِ أَحْمَد بن المُوَفَّق بِاللهِ الخَلِيْفَةُ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو العَبَّاسِ، أَحْمَد بن الموَفق بِاللهِ، وَلِي العَهد، أَبِي أَحْمَدَ
__________
(1) انظر: تاريخ علماء الأندلس: 2 / 184.
(*) تاريخ الخلفاء لابن ماجه: 49 - 50، تاريخ الطبري: 10 / 20 - 22، 28، 30 - 87، مروج الذهب: 2 / 462 - 490، الاغاني: 10 / 41 - 42 (ط. مصورة عن دار الكتب) ، تاريخ بغداد: 4 / 403 - 407، المنتظم: 5 / 123 - 138، و6 / 34، الكامل لابن الأثير: 7 / 444، 452 - 453، 456، 513 - 515، عبر المؤلف: 2 / 82، فوات الوفيات: 1 / 72 - 73، الوافي بالوفيات: 6 / 428 - 430، البداية والنهاية: 11 / 66، 86 - 94، النجوم الزاهرة: 3 / 126، تاريخ الخلفاء: 588 - 599، شذرات الذهب: 2 / 199 - 201.(13/463)
طَلْحَة بن المُتَوَكِّل جَعْفَر بن المُعْتَصِم مُحَمَّد بن الرَّشِيْد الهَاشِمِيّ العَبَّاسِيّ.
وُلِدَ فِي أَيَّام جَدِّهِ: سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَدَخَلَ دِمَشْق سنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ لِحَرْب ابْنِ طُولُوْنَ، وَاسْتُخْلِفَ بَعْدَ عَمِّه المُعْتَمِد فِي رَجَبٍ سنَةَ تسعٍ.
وَكَانَ مَلِكاً مَهِيْباً، شُجَاعاً، جَبَّاراً، شَدِيْدَ الوَطْأَة، مِنْ رِجَال العَالَم، يُقْدِم عَلَى الأَسَد وَحدَه.
وَكَانَ أَسمَرَ، نَحِيْفاً، معتدلَ الْخلق، كَامِلَ العَقْل.
قَالَ المَسْعُوْدِيُّ: كَانَ قَلِيْل الرَّحْمَة (1) ، إِذَا غَضِبَ عَلَى أَمِيْرٍ حَفَرَ لَهُ حَفيِرَةً، وَأَلقَاهُ حَيّاً، وَطَمَّ عَلَيْهِ (2) .
وَكَانَ ذَا سيَاسَةٍ عَظِيْمَةٍ، قِيْلَ: إِنَّهُ تصيَّد، فَنَزَلَ إِلَى جَانب مقثأَة، فصَاحَ النَّاطُور، فَطَلَبَهُ، فَقَالَ: إِنَّ ثَلاَثَة غِلمَان دَخَلُوا المقثأَة، وَأَخَذُوا (3) ، فَجِيْءَ بِهِم، فَاعتقلُوا، وَمن الغَد ضُربت أَعنَاقهُم، فَقَالَ لابْن حَمدُوْنَ: اصدقنِي عَنِّي، فذكرتُ الثَّلاَثَة، فَقَالَ: وَاللهِ مَا سفكتُ دماً حرَاماً مُنْذُ وَليت الخِلاَفَة، وَإِنَّمَا قتلت حَرَامِيَّة قَدْ قَتَلُوا، أَوهمتُ أَنَّهُم الثَّلاَثَة.
قُلْتُ: فَأَحْمَد بن الطَّيِّب (4) ؟ قَالَ: دعَانِي إِلَى الإِلْحَاد (5) .
__________
(1) جاء عند المسعودي هنا: " كثير الاقدام، سفاكا للدماء، شديد الرغبة في أن يمثل بمن يقتله، وكان إذا غضب ... ".
(2) انظر النص في: مروج الذهب: 2 / 462.
(3) في: تاريخ الخلفاء للسيوطي:: 588: " فأخربوها " وفيه أيضا: " اصدقني فيم ينكر علي الناس ".
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (448) ، برقم: (221) . وكان المعتضد قد قتله لفلسفته وخبث معتقده سنة (286 هـ) كما قال المؤلف هناك.
(5) انظر الخبر مفصلا في " المنتظم ": 5 / 123 - 124، و" البداية والنهاية ": 11 / 86 - 87.(13/464)
رَوَى أَبُو العَبَّاسِ بن سُرَيْج، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى المُعْتَضِد، وَعَلَى رأْسِه أَحْدَاثٌ رُوْمٌ مِلاَحٌ، فنظرتُ إِلَيْهِم، فرآنِي المُعْتَضِد أَتَأَمَّلُهُم، فَلَمَّا أَردتُ الاَنصرَافَ، أَشَارَ إِليَّ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا القَاضِي! وَاللهِ مَا حَلَلْتُ سَرَاويلِي عَلَى حَرَامٍ قَطُّ (1) .
وَدَخَلْتُ مرَّةً، فَدَفَعَ إِليَّ كِتَاباً، فنظرتُ فِيْهِ، فَإِذَا قَدْ جَمَعَ لَهُ فِيْهِ الرُّخَص مِنْ زلل العُلَمَاء، فَقُلْتُ: مُصَنِّفُ هَذَا زِنْدِيْقٌ.
فَقَالَ: أَلم تَصِحَّ هَذِهِ الأَحَادِيْث؟
قُلْتُ: بَلَى، وَلَكِنْ مَنْ أَبَاحَ المُسْكر لَمْ يُبح المُتْعَة، وَمَنْ أَبَاحَ المُتْعَة لَمْ يُبِحِ الغِنَاء، وَمَا مِنْ عَالِمٍ إِلاَّ وَلَهُ زَلَّة، وَمن أَخَذَ بِكُلِّ زَلَل العُلَمَاء ذهبَ دِينُه.
فَأَمَرَ بِالكِتَابِ فَأُحْرِق (2) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ المُحسن التَّنُّوخِي: بَلَغَنِي عَنِ المُعْتَضِد أَنَّهُ كَانَ جَالِساً فِي بَيْتٍ يُبنَى لَهُ، فَرَأَى فِيهِم أَسْوَدَ مُنْكَر الخِلْقَة يَصعَد السَّلاَلِم دَرَجَتَيْن دَرَجَتَيْن، وَيحمِلُ ضِعْفَ مَا يحملُه غَيْرُه، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَطَلَبَه، وَسَأَلَهُ عَنْ سَبب ذَلِكَ، فَتَلَجْلَجَ، فَكلَّمه ابْن حَمْدُوْنَ فِيْهِ، وَقَالَ: منْ هَذَا حَتَّى صرفْتَ فِكْرَك إِلَيْهِ؟
قَالَ: قَدْ وَقَعَ فِي خَلَدِي أَمرٌ مَا أَحْسِبُه باطلاً، ثُمَّ أَمرَ بِهِ، فَضُرِبَ مائَة، وَتهدَّدَه بِالقتل، وَدَعَا بِالنَطْع (3) وَالسَّيْف، فَقَالَ: الأَمَانَ، أَنَا أَعمل فِي أَتُوْنَ الآجُرِّ، فَدَخَلَ مِنْ شُهور رَجُل فِي وَسَطه هِمْيَان (4) ، فَأَخْرَجَ دَنَانِيْر، فَوثبْتُ عَلَيْهِ، وَسدَدْتُ فَاهُ، وَكتَّفْتُه، وَأَلقيتُه فِي الأَتُوْنَ، وَالذَّهَب مَعِي يقوَى بِهِ قلبِي، فَاسْتحضرهَا، فَإِذَا عَلَى الهِمِيَان اسْم صَاحبه، فَنُوْدِيَ فِي
__________
(1) البداية والنهاية: 11 / 87.
(2) انظر المصدر السابق. وتاريخ الخلفاء: 589.
(3) النطع، بفتح النون وكسرها، وفتح الطاء وكسرها وسكونها: بساط من الجلد، كثيرا ما كان يقتل فوقه المحكوم عليه بالقتل.
(4) الهميان: كيس للنفقة يشد في الوسط.(13/465)
البَلد، فجَاءت امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: هُوَ زَوْجِي وَلِي مِنْهُ طِفْل، فَسَلَّمَ الذَّهَب إِلَيْهَا، وَقَتَلَه.
قَالَ التَّنُّوخِي: وَبَلغنِي أَنَّهُ قَامَ لَيْلَةً، فَرَأَى المَمَالِيْك المُرْد، وَاحِدٌ منهُم فَوْقَ آخر، ثُمَّ دبَّ عَلَى ثَلاَثَةٍ، وَاندَسَّ بَيْنَ الغِلْمَان، فَجَاءَ، فَوَضَع يَده عَلَى صَدْره، فَإِذَا بفؤَاده يخفِق، فَرَفَسَه برِجْله، فَجَلَسَ، فَذَبَحَه.
وَأَنَّ خَادِماً أَتَاهُ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ صَيَّاداً أَخرج شبكتَه، فَثَقُلَت، فَجَذَبَهَا، فَإِذَا فِيْهَا جِرَاب، فَظَنَّه مَالاً، فَإِذَا فِيْهِ آجُرٌّ بَيْنَهُ كَفٌّ مَخْضُوبَة، فَهَالَ ذَاكَ المُعْتَضِدَ، وَأَمرَ الصَّيَّاد، فَعَاود طَرْح الشَّبَكَة، فَخَرَجَ جِرَاب آخَرْ فِيْهِ رِجْل، فَقَالَ: مَعِي فِي بَلَدي مَنْ يَفْعَلُ هَذَا؟ مَا هَذَا بِمُلْك!
فلَمْ يفطرْ يَوْمَه، ثُمَّ أَحْضَرَ ثِقَةً لَهُ، وَأَعطَاهُ الجِرَاب، وَقَالَ: طُفْ بِهِ عَلَى مَنْ يعْمل الجُرُب: لِمَنْ بَاعَه؟
فَغَابَ الرَّجُل، وَجَاءَ وَقَدْ عَرَف بَائِعَه، وَأَنَّهُ اشترَى مِنْهُ عَطَّارٌ جِرَاباً، فَذَهَبَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: نَعَمْ، اشترَى مِنِّي فُلاَنٌ الهَاشِمِيّ عَشْرَة جُرُبٍ، وَهُوَ ظَالم ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:
يكفيكَ أَنَّهُ كَانَ يَعْشَقُ مُغَنِّيَةً، فَاكترَاهَا مِنْ مَوْلاَهَا، وَادَّعَى أَنَّهَا هَرَبت! فَلَمَّا سَمِعَ المُعْتَضِد ذَلِكَ سَجَدَ، وَأَحْضَرَ الهَاشِمِيَّ، فَأَخْرَجَ لَهُ اليَد وَالرَّجْلَ، فَاصْفَرَّ وَاعْتَرفَ، فَدَفَعَ إِلَى صَاحِبِ الجَارِيَة ثمنَهَا، وَسَجَنَ الهَاشِمِيّ، فيُقَالُ: قَتَلَه.
وَرَوَى التَّنُّوخِي، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
رَأَيْتُ المُعْتَضِد - وَكَانَ صَبِيّاً - عَلَيْهِ قُباء أَصْفَرُ، وَقَدْ خَرَجَ إِلَى قِتَالِ وَصِيْف بِطَرَسُوْس.
وَعَنْ خَفِيف السَّمَرْقَنْدي، قَالَ: خَرَجتُ مَعَ المُعْتَضِد للصَّيْد، وَانْقَطَعَ عَنْهُ العَسْكَر فَخَرَجَ عَلَيْنَا الأَسَد، فَقَالَ: يَا خَفِيْف! أَمسِكْ فرسِي.
وَنَزَلَ، فَتَحَزَّمَ، وَسَلَّ سَيْفَه، وَقَصَدَ الأَسَدَ، فَقَصَدَهُ الأَسَدُ، فَتَلَقَّاهُ المُعْتَضِدُ، فَقَطَعَ يَدَه، فتشَاغَل بِهَا الأَسَد، فضَرَبَهُ فَلَقَ هَامَتَه، وَمسح سَيْفه فِي(13/466)
صُوْفه، وَرَكِبَ، وَصحبْتُه إِلَى أَنْ مَاتَ، فَمَا سَمِعتُه يَذكُرُ الأَسد، لِقلَّة احتفَاله بِهِ (1) .
قُلْتُ: وَكَانَ فِي المُعْتَضِدْ حِرْصٌ، وَجَمْعٌ للمَال.
حَارَبَ الزِّنْج، وَلَهُ موَاقف مشهودَة، وَفِي دَوْلَته سَكَتَتِ الفِتَن، وَكَانَ فَتَاهُ بدر عَلَى شَرِطته، وَعُبَيْد اللهِ بن سُلَيْمَانَ عَلَى وَزَارَتِه، وَمُحَمَّد بن شَاه عَلَى حَرَسه، وَأَسقط المَكْسَ (2) ، وَنَشَرَ العَدْلَ، وَقَلَّلَ مِنَ الظُّلم، وَكَانَ يُسَمَّى السَّفَّاح الثَّانِي، أَحْيَا رَمِيْمَ الخِلاَفَة الَّتِي ضَعُفَت مِن مَقْتَلِ المُتَوَكِّل، وَأَنْشَأَ قَصْراً غَرِمَ عَلَيْهِ أَرْبَع مائَة أَلْف دِيْنَار، وَكَانَ مِزَاجه قَدْ تَغَيَّر مِنْ فَرْط الجِمَاع وَعَدَمِ الحمِيَة، حَتَّى إِنَّهُ أَكَلَ فِي مَرَضِهِ زَيْتُوناً وَسَمَكاً.
وَنقَلَ المَسْعُوْدِيّ (3) : أَنَّهُم شَكُّوَا فِي مَوْته، فَتَقَدَّم الطَّبِيْب، فَجَسَّ نَبْضَه، فَفَتَح عَيْنَيْهِ، فَرَفَسَ الطَّبِيْب دَحْرَجَهُ أَذرعاً، فَمَاتَ الطَّبِيْب، ثُمَّ مَاتَ المُعْتَضِد مِنْ سَاعتِه - كَذَا قَالَ -.
وَقَالَ الخُطَبِيّ فِي (تَارِيْخِهِ) : حَبَس المُوَفَّق ابْنه أَبَا العَبَّاسِ، فَلَمَّا اشتَدَّت عِلَّةُ المُوَفَّق عَمَدَ غِلْمَان أَبِي العَبَّاسِ، فَأَخرجُوهُ، وَأَدخلُوهُ إِلَى أَبِيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ، أَيقن بِالموت، فَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ: لِهَذَا اليَوْم خَبَّأْتُكَ.
ثُمَّ فَوَّضَ إِلَيْهِ، وَضمَّ الجَيْشَ إِلَيْهِ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَث.
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ العَبَّاسِ شَهْماً، جلداً، رَجُلاً بازلاً، مَوْصُوَفاً بِالرُّجْلَة وَالجَزَالَة، قَدْ لَقي الحُرُوب، وَعُرِفَ فَضْله، فَقَامَ بِالأَمْرِ أَحسنَ قِيَامٍ، وَهَابَه
__________
(1) انظر: المنتظم: 5 / 129.
(2) المكس: الجباية.
(3) 2 / 490.(13/467)
النَّاس وَرهبُوهُ، ثُمَّ عَقَدَ لَهُ المُعْتَمِد مَكَان المُوَفَّق، وَجَعَلَ أَولاَدَهُ تَحْتَ يَدِه، ثُمَّ إِنَّ المعْتَمِد جلَس مَجْلِساً عَامّاً، أَشهدَ فِيْهِ عَلَى نَفْسه بِخَلْعِ وَلده المفوَّض إِلَى اللهِ جَعْفَر مِنْ وَلاَيَة عَهْدِهِ، وَإِفرَاد أَبِي العَبَّاسِ بِالعَهْدِ فِي المُحَرَّمِ، وَتُوُفِّيَ: فِي رَجَبٍ -يَعْنِي: المُعْتَمِد- فَقِيْلَ: إِنَّهُ غُمَّ فِي بِسَاط.
وَكَانَ المُعْتَضِد أَسمرَ نَحِيْفاً، مُعْتَدِلَ الخَلْق، أَقنَى الأَنْفِ (1) ، فِي مقدم لِحْيتهِ طولٌ، وَفِي مقدم رأْسِه شَامَةٌ بَيْضَاء، تعلُوهُ هَيْبَةٌ شَدِيْدَةٌ، رَأَيْتُهُ فِي خلاَفته.
قُلْتُ: لمَا بُوْيِع، قَدِمَتْ هدَايَا خُمَارَويه، وَخضع وَذَلِكَ عِشْرُوْنَ بَغْلاً تَحْمِلُ الذَّهَبْ، سِوَى الخَيْل وَالجَوَاهِر وَالنَّفَائِس، وَزُرَافَة، وَقَدِمَتْ هَدِيَّةُ الصَّفَّار، فولاَّهُ خُرَاسَان، وَتَزَوَّجَ المُعْتَضِد بِبِنْت خُمَارويه، فَقَدِمَتْ فِي تَجَمُّل لاَ يُعَبَّر عَنْهُ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ يَوْم النَّحْر، فَكَبَّرَ فِي الأُوْلَى سِتّاً وَفِي الثَّانِيَة نَسِي تكبيرهَا، وَلَمْ يكد يُسْمع صَوته (2) .
وفِي سَنَة ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ: كَانَ أَوَّل شَأْن القرَامِطَة.
وَلاَ رَيْبَ أَنَّ أَوَّلَ وَهْنٍ عَلَى الأُمَّة قَتْلُ خلِيفتِهَا عُثْمَان صَبْراً، فَهَاجت الفِتْنَة، وَجَرَت وَقعَة الجَمل بِسببهَا، ثُمَّ وَقعَة صِفِّين، وَجَرَت سُيُول الدِّمَاء فِي ذَلِكَ.
ثمَّ خَرَجَتِ الخَوَارِج، وَكَفَّرَتْ عُثْمَان وَعَلِيّاً، وَحَارَبُوا، وَدَامتْ
__________
(1) القنا: احديداب في الانف.
(2) وجاء في " مروج الذهب ": 2 / 463، أنه صعد المنبر بعدها، فحصر ولم تسمع له خطبة، وفي ذلك يقول بعض الشعراء:
حصر الامام ولم يبين خطبة * للناس في حل ولا إحرام
ما ذاك إلا من حياء لم يكن * ما كان من عي ولا إفحام(13/468)
حُرُوبُ الخَوَارِج سِنِيْنَ عِدَّة.
ثمَّ هَاجتِ المُسَوِّدَة بِخُرَاسَانَ، وَمَا زَالُوا حَتَّى قَلعُوا دَوْلَةَ بَنِي أُمَيَّةَ، وَقَامَتِ الدَّوْلَة الهَاشِمِيَّة بَعْد قَتْل أَممٍ لاَ يُحصيهم إِلاَّ الله.
ثمَّ اقْتتلَ المَنْصُوْرُ وَعَمِّه عَبْد اللهِ.
ثُمَّ خُذل عَبْد اللهِ، وَقُتِلَ أَبُو مُسْلِمٍ صَاحِب الدَّعْوَة.
ثمَّ خَرَجَ ابْنا حَسَن (1) ، وَكَادَا أَنْ يَتَمَلَّكَا، فَقُتِلاَ.
ثمَّ كَانَ حربٌ كَبِيْرٌ بَيْنَ الأَمِيْن وَالمَأْمُوْن (2) ، إِلَى أَنْ قُتِلَ الأَمِيْن.
وفِي أَثْنَاء ذَلِكَ قَامَ غَيْرُ وَاحِدٍ يطْلُب الإِمَامَةَ:
فَظَهَرَ بَعْد المائَتَيْنِ بَابَك الخُرَّمِيّ زِنْدِيْق بِأَذْرَبِيْجَان، وَكَانَ يُضْرَبُ بِفَرْطِ شَجَاعَته الأَمثَال، فَأَخَذَ عِدَّة مدَائِن، وَهَزَم الجُيُوشَ إِلَى أَنْ أُسِرَ بحيلَةٍ، وَقُتِلَ (3) .
__________
(1) هما: محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، وأخوه إبراهيم، وكان خروجهما على المنصور، ذلك أنهما تخلفا عن الحضور عنده عندما حج في ذلك العام، فطلبهما، وبالغ في ذلك، وقبض على أبيهما مع عدد من أهل البيت، وسجنهم، وماتوا في سجنه. فثار محمد في المدينة، وسجن متوليها، وصار له شأن وعمال على المدن، إلى أن أرسل إليه المنصور جيشا بقيادة ابن عمه عيسى بن موسى قضى عليه سنة (145 هـ) .
انظر: تاريخ الطبري: 7 / 17، وما بعدها، أخبار سنة (144) ، والكامل لابن الأثير: 5 / 513 - 527، والوافي بالوفيات: 3 / 297 - 300، شذرات الذهب: 1 / 313، أخبار سنة (144) .
(2) كان ذلك سنة (195 هـ) عند ما أعلن الامين خلع أخيه المأمون عن خراسان، فنادى المأمون بخلع الامين أيضا ونشأت الحرب بينهما.
(3) انظر تفصيل خبر مقتله في ترجمة المأمون في الجزء العاشر من هذا الكتاب 293.(13/469)
وَلَمَّا قُتل المُتَوَكِّل غِيلَة (1) ، ثُمَّ قُتل المُعْتَزّ (2) ، ثُمَّ الْمُسْتَعِين (3) وَالمهتدي (4) ، وَضَعُف شَأْن الخِلاَفَة تَوَثَّب ابْنا الصَّفَّار إِلَى أَنْ أَخذَا خُرَاسَان، بَعْدَ أَنْ كَانَا يَعملاَن فِي النُّحَاس، وَأَقبلاَ لأَخذِ العِرَاق وَقَلْعِ المعْتَمِد.
وَتوثّب طُرُقي دَاهِيَةٌ بِالزَّنج عَلَى البَصْرَةِ (5) ، وَأَبَادَ العبَاد وَمَزَّق الجُيُوشَ، وَحَاربوهُ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَى أَنْ قُتل.
وَكَانَ مَارقاً، بلغَ جُنْدُه مائَة أَلْف.
فَبقي يتشَبَّه بِهَؤُلاَءِ كُلُّ مَنْ فِي رأْسِه رِئاسَةٌ، وَيَتَحَيَّلُ عَلَى الأُمَّة ليرديهُم فِي دينهُم وَدُنيَاهُم، فَتحرَّك بِقُوَى الكُوْفَة رَجُل أَظهر التَّعَبُّدَ وَالتَّزَهُّدَ، وَكَانَ يسف الْخوص وَيُؤثِر، وَيدْعُو إِلَى إِمَام أَهْلِ البَيْت، فتلفَّق لَهُ خَلق وَتَأَلهوه إِلَى سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ، فَظَهَرَ بِالبَحْرَيْن أَبُو سَعِيْدٍ الجنَابِي، وَكَانَ قَمَّاحاً، فَصَارَ مَعَهُ عَسْكَرٌ كَبِيْرٌ، وَنَهَبُوا، وَفَعَلُوا القبَائِح، وَتَزَنْدَقُوا، وَذَهَبَ الأَخوَان يدعُوَان إِلَى المَهْدِيّ بِالمَغْرِب، فثَار مَعَهُمَا البَرْبَر، إِلَى أَنْ مَلَكَ عَبْدُ اللهِ المُلَقَّب بِالمَهْدِيّ غَالِب المَغْرِب، وَأَظهرَ الرَّفْض، وَأَبطَنَ الزَّنْدَقَة، وَقَامَ
__________
(1) كان ذلك سنة (247 هـ) قال الذهبي في " العبر " 1 / 449، فتكوا به في مجلس لهو بأمر ابنه المنتصر.
(2) كان ذلك سنة (244 هـ) .
قال الذهبي في " العبر ": 2 / 9: " خلعوه، فأشهد على نفسه مكرها، ثم أدخلوه بعد خمسة أيام إلى الحمام فعطش، حتى عاين الموت وهو يطلب الماء، فيمنع، ثم أعطوه ماء بثلج فشربه وسقط ميتا ".
(3) كان ذلك سنة (252 هـ) . ولعل الذهبي أراد من (ثم) هنا الجمع المطلق لا الترتيب، لما تراه من تقدم قتل المستعين على المعتز.
(4) وذلك سنة (256 هـ) .
(5) وللشاعر ابن الرومي قصيدة رائعة في رثاء البصرة بعد تخريبها من قبل الزنج فلتنظر في ديوانه.(13/470)
بَعْدَهُ ابْنه، ثُمَّ ابْن ابْنه، ثُمَّ تملَّكَ المُعِزُّ وَأَوْلاَدُهُ مِصْر وَالمَغْرِبَ وَاليَمَنَ وَالشَّام دَهْراً طَوِيْلاً - فَلاَ حَوْل وَلاَ قُوَّة إِلاَّ بِاللهِ -.
وَفِي سَنَةِ ثَمَانِيْنَ: أَخَذَ المُعْتَضِد مُحَمَّد بن سَهْل مِنْ قوَّاد الزَّنْج فَبَلَغَهُ أَنَّهُ يدعُو إِلَى هَاشِمِيّ، فَقرَّره، فَقَالَ: لَوْ كَانَ تَحْتَ قَدَمِي مَا رفعتُهَا عَنْهُ.
فَقَتَلَهُ (1) .
وعَاثَت بَنُو شَيْبَان، فَسَارَ المُعْتَضِد، فلحقهُم بِالسِّنّ، فَقَتَلَ وَغَرَّقَ، وَمَزَّقَهُم، وَغَنِمَ العَسْكَرُ مِن موَاشيهُم مَا لاَ يُوْصَف، حَتَّى أُبيع الجملُ بخمسَةِ دَرَاهُم، وَصَان نسَاءهُم وَذَرَاريهُم، وَدَخَلَ المَوْصِل، فجَاءته بَنو شَيْبَان، وَذلُّوا، فَأَخَذَ مِنْهُم رَهَائِن، وَأَعطَاهُم نسَاءهُم، وَمَاتَ فِي السجْن المفَوِّض إِلَى اللهِ، وَقِيْلَ: كَانَ الْمُعْتَضد يُنَادمه فِي السِّر.
قِيْلَ: كَانَ لتَاجرٍ عَلَى أَمِيْرٍ مَالٌ، فَمَطَلَه، ثُمَّ جَحَدَه، فَقَالَ لَهُ صَاحبٌ لَهُ: قُمْ مَعِي، فَأَتَى بِي خَيَّاطاً فِي مَسْجِد.
فَقَامَ مَعَنَا إِلَى الأَمِيْر، فَلَمَّا رَآهُ، هَابَه، وَوَفَّانِي المَالَ.
فَقُلْتُ للخَيَّاط: خُذْ مِنِّي مَا تُرِيْد، فَغَضِبَ.
فَقُلْتُ لَهُ: فَحَدِّثْنِي عَنْ سَبب خَوفه مِنْكَ.
قَالَ: خَرَجْتُ لَيْلَةً، فَإِذَا بِتُرْكِي قَدْ صَادَ امْرَأَةً مليحَةً، وَهِيَ تَتَمَنَّعُ مِنْهُ وَتَسْتَغِيْث، فَأَنكرتُ عَلَيْهِ، فَضَرَبنِي، فَلَمَّا صَلَّيْت العشَاء جَمعتُ أَصْحَابِي، وَجِئْتُ بَابَه، فَخَرَجَ فِي غِلمَانه، وَعَرَفَنِي، فَضَرَبَنِي وَشَجَّنِي، وَحملتُ إِلَى بَيْتِي، فَلَمَّا تَنَصَّف اللَّيْلُ، قُمْتُ فَأَذَّنْتُ فِي المنَارَة، لكِي يُظَنَّ أَنَّ الفَجْر طَلع، فَيُخْلِي المرأَةَ، لأَنَّهَا قَالَتْ: زوجِي حَالفٌ عليّ بِالطَّلاَق أَنَّنِي لاَ أَبيتُ عَنْ بَيْتِي، فَمَا نزلتُ حَتَّى أَحَاطَ بِي بَدْرٌ وَأَعوَانُه، فَأُدْخِلْتُ عَلَى المُعْتَضِد، فَقَالَ: مَا هَذَا الأَذَان؟ فَحَدَّثْتُه
__________
(1) البداية والنهاية: 11 / 67 - 68.(13/471)
بِالقِصَّة، فَطَلبَ التُّركِيّ، وَجَهَّزَ المرأَة إِلَى بيتهَا، وَضرب التُّركِي فِي جَوَالق حَتَّى مَاتَ.
ثُمَّ قَالَ لِي: أَنْكِرِ المُنْكَر، وَمَا جرَى عَلَيْك فَأَذِّن كَمَا أَذَّنْتَ، فدعوتُ لَهُ، وَشَاعَ الخَبَر، فَمَا خَاطبتُ أَحَداً فِي خَصْمه إِلاَّ أَطَاعنِي وَخَافَ (1) .
وَفِيْهَا وُلِدَ بِسَلمْيَة القَائِم مُحَمَّد بن المَهْدِيّ العُبيدي، الَّذِي تملَّك هُوَ وَأَبُوْهُ المَغْرِب.
وَفِيْهَا غَزَا صَاحِب مَا وَرَاء النَّهْر إِسْمَاعِيْل بن أَحْمَدَ بنِ أَسَد بلاَدَ التُّرْك، وَأَسرَ مَلِكَهُم فِي نَحْو مِنْ عَشْرَة آلاَف نَفْسٍ، وَقُتِلَ مثلَهُم، وَزُلزلت دَيْبُل (2) ، فَسقطَ أَكْثَرُ الْبَلَد، وَهَلك نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، ثُمَّ زُلزلت مَرَّات، وَمَاتَ أَزيدُ مِنْ مائَة أَلْف.
وَغزَا المُسْلِمُوْنَ أَرْض الرُّوْم، فَافتتحُوا مَلُوريَة (3) .
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ: غَارت مِيَاهُ طَبَرِسْتَان، حَتَّى لأَبيع المَاء ثَلاَثَة أَرطَال بِدِرْهَم، وَجَاعُوا، وَأَكلُوا المَيْتَةَ.
وَفِيْهَا سَارَ المُعْتَضِد إِلَى الدِّيْنَوَر وَرَجَعَ.
ثُمَّ قَصَدَ المَوْصِل لِحَرْب حَمْدَان بن حَمدُوْنَ، جَدِّ بنِي حَمدَان، وَكَانَتِ الأَعرَابُ وَالأَكرَادُ قَدْ تحَالفُوا، وَخرجُوا، فَالتقَاهُم المُعْتَضِد، فَهَزَمَهُم، فَكَانَ مِنْ غَرِق أَكْثَر. ثُمَّ
__________
(1) انظر: البداية والنهاية: 11 / 89 - 90.
(2) كذا الأصل، وفي تاريخ الطبري: 10 / 34، والمنتظم: 5 / 143، والكامل لابن الأثير: 7 / 465: " دبيل ".
وفي البداية والنهاية: 11 / 68: " أردبيل ".
(3) غزو الروم وفتح ملورية من أحداث سنة (281 هـ) كما جاء في " تاريخ الطبري "، و" المنتظم "، و" الكامل " لابن الأثير، و" تاريخ الخلفاء " للسيوطي، وفيه " مكورية " بدلا من: " ملورية ".(13/472)
قَصَد مَاردين، فَهَرَبَ مِنْهُ حَمدَان، فَحَاصَر مَارْدين، وَتَسَلَّمَهَا، ثُمَّ ظَفِر بحَمْدَان، فَسَجَنَهُ، ثُمَّ حَاصر قلعَةً للأَكرَاد وَأَمِيْرهُم شَدَّاد، فَظَفِرَ بِهِ، وَهَدَمَهَا.
وَهَدَمَ دَارَ النَّدْوَة بِمَكَّةَ، وَصَيَّرهَا مَسْجِداً.
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ: أَبطل الْمُعْتَضد، وَقِيد النِّيرَان، وَشعَار النَّيْروز.
وقَدِمَتْ قَطْرُ النَّدَى (1) بِنْتُ صَاحِب مِصْر مَعَ عَمِّهَا - وَقِيْلَ: مَعَ عَمَّتِهَا العَبَّاسَة - فَدَخَلَ بِهَا الْمُعْتَضد، فَكَانَ جِهَازُهَا بِأَزيد مِنْ أَلف (2) أَلف دِيْنَار، وَكَانَ صَدَاقُهَا خَمْسِيْنَ أَلف دِيْنَار، وَقِيْلَ: كَانَ فِي جِهَازهَا أَرْبَعَةُ آلاَف تِكَّة مُجَوْهَرَة، وَكَانَتْ بديعَةَ الحُسْن، جَيِّدَة العَقْل.
قِيْلَ: خَلاَ بِهَا المُعْتَضِدُ يَوْماً، فَنَام عَلَى فَخِذِهَا، قَالَ: فَوَضَعَتْ رأْسَهُ عَلَى مِخَدَّةٍ، وَخَرَجتْ، فَاسْتيقَظَ، فَنَادَاهَا وَغَضِبَ، وَقَالَ: أَلَمْ أُحِلَّكِ إِكرَاماً لَكِ، فَتَفْعَلِينَ هَذَا؟
قَالَتْ: مَا جهلتُ إِكرَامكَ لِي، وَلَكِن فِيمَا أَدَّبنِي أَبِي أَنْ قَالَ: لاَ تنَامِي بَيْنَ جُلوس، وَلاَ تجلسِي مَعَ النَّائِم.
وَيُقَالُ: كَانَ لَهَا أَلفُ هَاوُن ذَهب.
وَفِيْهَا: قَتَل خُمَارَويه صَاحِبَ مِصْر وَالشَّام غِلمَانُه، لأَنَّهُ رَاوَدَهُم، ثُمَّ أُخِذُوا، وَصُلبُوا، وَتملَّك ابْنُهُ جَيْش، فَقتلُوهُ بَعْد يَسير، وَمَلَّكُوا أَخَاهُ هَارُوْنَ، وَقَرَّر عَلَى نَفْسه أَنْ يَحْمِلَ إِلَى المُعْتَضِد فِي العَام أَلْفَ أَلفِ دِيْنَار، وَخَمْسَ مائَة أَلْف دِيْنَار.
__________
(1) هي أسماء بنت خمارويه بن أحمد بن طولون، من شهيرات النساء عقلا وجمالا وأدبا. تزوجها المعتضد، وجهزها بجهاز لم يعمل مثله. توفيت ببغداد، ودفنت في قصر الرصافة سنة (287 هـ) .
(2) كتب بهامش الأصل كلمة: " ألفي ".(13/473)
وَفِيْهَا: قَتل المعتضدُ عَمَّه مُحَمَّداً، لأَنَّهُ بَلَغَه أَنَّهُ يكَاتب خُمَارَويه.
وفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ: سَارَ الْمُعْتَضد إِلَى المَوْصِل، لأَجل هَارُوْنَ الشَّارِي (1) ، وَكَانَ قَدْ عَاثَ وَأَفْسَدَ، وَامتَدَّت أَيَّامُه، فَقَالَ الحُسَيْنُ بنُ حَمْدَانَ للمُعْتَضِد: إِنْ جِئْتُكَ بِهِ فلِي ثَلاَثُ حوائِج.
قَالَ: سَمِّهَا.
قَالَ: تُطْلِقْ أَبِي، وَالحَاجتَان: أَذكرهُمَا إِذَا أَتيتُ بِهِ.
قَالَ: لَكَ ذَلِكَ.
قَالَ: وَأُريدُ أَنْ أَنتقي ثَلاَثَ مائَة بَطل.
قَالَ: نَعَمْ.
ثُمَّ خَرَجَ الحُسَيْن فِي طَلَبِ هَارُوْنَ، فضَايقه فِي مخَاضَة، وَالتَقَوا، فَانهزم أَصْحَابُ هَارُوْنَ، وَاخْتَفَى هُوَ، ثُمَّ دَلَّ عَلَيْهِ أَعرَابٌ، فَأَسَرَهُ الحُسَيْن وَقَدِمَ بِهِ، وَخَلَعَ المُعْتَضِد عَلَى الحُسَيْنِ وَطَوَّقَه وَسَوَّره، وَعُمِلَتِ الزِّينَة، وَأُرْكِبَ هَارُوْنَ فيلاً، وَازدَحَمَ الخَلْقُ، حَتَّى سَقَطَ كُرْسِيّ جِسر بَغْدَاد، وَغَرِق خلق وَوصلت تقَادم الصَّفَّار مِنْهَا مئتَا حمل مَال، وَكُتبت الْكتب إِلَى الأَمصَار بِتَوْرِيثِ ذوِي الأَرْحَام.
وَفِيْهَا: غَلب رَافِع بن هَرْثمَة (2) عَلَى نَيْسَابُوْر، وَخَطَب بِهَا لِمُحَمَّدِ بنِ زَيْد العَلَوِيّ، فَأَقبل الصَّفَّار، وَحَاصره، ثُمَّ التَقَوا، فَهَزمه الصَّفَّار، وَسَاقَ خَلْفه إِلَى خُوَارِزم، فَأَسَرَ رَافعاً، وَقتلَه، وَبَعَثَ بِرَأْسِهِ إِلَى المعتَضد، وَلَيْسَ هُوَ بولدٍ لِهَرْثَمَة بن أَعْيَن، بَلِ ابْن زَوجته.
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ: وَفِي سَنَةِ (284) عَزَم المعتَضِد عَلَى لَعْنَة مُعَاوِيَة عَلَى المَنَابر، فَخوَّفه الوَزِيْرُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ، وَحَسم مَادَة اجتمَاع الشِّيْعَة وَأَهْل البَيْت، وَمَنَع القُصَّاص مِنَ الكَلاَم جُمْلَةً، وَتجمع الْخلق يَوْم الجُمُعَة لقرَاءة مَا كتب فِي ذَلِكَ، وَكَانَ مِنْ إِنشَاء الوَزِيْر، فَقَالَ يُوْسُفُ القَاضِي: رَاجع أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ! تَخَافُ الفِتْنَة؟ فَقَالَ: إِنْ تَحَرَّكَتِ
__________
(1) انظر: تاريخ الطبري: 10 / 43، 44، و: البداية والنهاية: 11 / 73.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (402) :، برقم: (196)(13/474)
العَامَّة وَضَعْتُ السَّيْفَ فِيهِم.
قَالَ: فَمَا تصنع بِالعَلَوِيَّة الَّذِيْنَ هُم فِي كُلِّ قُطْر قَدْ خرجُوا عَلَيْك؟ فَإِذَا سَمِعَ النَّاس هَذَا مِنْ منَاقِبهم كَانُوا إِلَيْهِم أَمِيلَ وَأَبسطَ أَلسنَةً.
فَأَعْرَضَ الْمُعْتَضد عَنْ ذَلِكَ.
وَعَقَد المُعْتَضِد لابْنهِ عليّ المكتفِي، فَصَلَّى بِالنَّاسِ يَوْم النَّحْر (1) .
وَفِي سَنَةِ سِتّ: سَارَ المُعْتَضِد بِجُيُوشِهِ، فَنَازَل آمِد (2) ، وَقَدْ عصَى بِهَا ابْن الشَّيْخ، فَطَلبَ الأَمَانَ، فآمَنَه، وَفِي وَسط العَام جَاءَ الْحمل مِنَ الصَّفَّار، فَمَنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ آلاَف أَلف دِرْهَم.
وَفِيْهَا تحَارب الصَّفَّار وَابْن أَسَد صَاحِب سَمَرْقَنْد، وَجَرَتْ أُمُورٌ ثُمَّ ظَفِر ابْنُ أَسَد بِالصَّفَّار أَسِيْراً، فَرَفَقَ بِهِ، وَاحتَرَمَه، وَجَاءت رُسُل الْمُعْتَضد تحثُّ فِي إِنفَاذه، فَنفذ، وَأُدخل بَغْدَاد أَسِيْراً عَلَى جمل، وَسُجن بَعْد مَمْلكَة الْعَجم عِشْرِيْنَ سَنَةً.
وَمبدؤُه: كَانَ هُوَ وَأَخُوْهُ يَعْقُوْب صَانِعَيْن فِي ضرب النُّحَاس، وَقِيْلَ: بَلْ كَانَ عَمْرو يكرِي الحَمِير، فَلَمْ يَزَلْ مُكَارياً حَتَّى عَظُم شَأْنُ أَخِيْهِ يَعْقُوْب، فتركَ الحَمِير، وَلحق بِهِ، وَكَانَ الصَّفَّار يَقُوْلُ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَعمل عَلَى نَهْر جَيْحُون جِسْراً مِنْ ذَهب لفَعَلْت، وَكَانَ مطبخِي يُحمل عَلَى سِتِّ مائَة جمل، وَأَركب فِي مائَةِ أَلْفٍ، ثُمَّ صَيَّرنِي الدَّهْر إِلَى القَيْدِ وَالذُّل.
فَيُقَالُ: إِنَّهُ خُنق عِنْد وَفَاة المعتَضِد.
وَبَنَى المعتضدُ عَلَى البَصْرَةِ سُوراً وَحصَّنهَا.
وَظهر بِالبحرين رَأْسُ القرَامطَة أَبُو سَعِيْدٍ الجنَابِي، وَكثرت جموعُه،
__________
(1) تاريخ الطبري: 10 / 54. وانظر الخبر مفصلا عن الطبري في: تاريخ الخلفاء، للسيوطي: 591 - 592.
(2) آمد، بكسر الميم: أعظم مدن ديار بكر، وأجملها قدرا، وأشهرها ذكرا. (انظر: معجم ياقوت) .(13/475)
وَانضَاف إِلَيْهِ بقَايَا الزَّنج، وَكَانَ كيَّالاً بِالبَصْرَةِ، فَقِيْراً يَرفو الأَعدَال، وَهُم يَسْتَخِفُّون بِهِ، وَيسخرُوْنَ مِنْهُ، فَآل أَمرُه إِلَى مَا آل، وَهَزَم عَسَاكِر المُعْتَضِد مَرَّاتٍ، وَفعل العَظَائِم، ثُمَّ ذُبِحَ فِي حَمَّام قصره.
فَخَلَفَه ابْنُهُ سُلَيْمَان (1) الَّذِي أَخذ الحَجَر الأَسْوَد، وَقَتَلَ الحجِيج حَوْل الكَعْبَة، وَهُوَ جَدُّ أَبِي عَلِيٍّ الَّذِي غَلب علَى الشَّامِ، وَهَلك بالرَّملَة فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِي سَنَةِ سبعٍ: اسْتفحلَ شَأْنُ القرَامطَة، وَأَسرفُوا فِي القَتْل وَالسَّبِي، وَالتَقَى الجنَّابِي وَعَبَّاس الأَمِيْر، فَأَسَرَه الجَنَّابِي، وَأَسَرَ عَامَّة عسكرِه، ثُمَّ قَتَل الجَمِيْع سِوَى عَبَّاس، فَجَاءَ إِلَى المعتَضد وَحدَه فِي أَسوأ حَالٍ.
وَوَقع الفَنَاء بِأَذْرَبِيْجَان، حَتَّى عُدِمت الأَكفَان جُمْلَةً، فكفنُوا فِي اللُّبُود.
وَاعْتل المعتَضد فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، ثُمَّ تمَاثَل، وَانتَكَس، فَمَاتَ فِي الشَّهر (2) ، وَقَامَ المكتفِي لثمَانٍ بَقِيْنَ مِنِ الشَّهر، وَكَانَ غَائِباً بِالرَّقَّةِ، فَنَهَضَ بِالبَيْعَة لَهُ الوَزِيْرُ القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ.
وَعَنْ وَصيف الخَادِم، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُعْتَضد يَقُوْلُ عِنْد مَوْته:
__________
(1) سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي الهجري، أبو طاهر. وكانت إغارته على مكة وأخذ الحجر الأسود يوم التروية سنة (317 هـ) والناس محرمون. توفي سنة (332 هـ) بعد ان أصابه الجدري. انظر: الكامل لابن الأثير: 7 / 415، فوات الوفيات: 2 / 59 - 62. وسيترجمه المؤلف في الجزء الرابع عشر.
(2) ربما يوهم من كلام الذهبي هنا أن وفاة المعتضد كانت سنة سبع وثمانين ومئتين، وهذا يخالف ما أجمعت عليه مصادر ترجمته من أنها كانت سنة (289 هـ) كما أن الذهبي نفسه قد أشار إلى أن تولي المكتفي الخلافة بعد أبيه المعتضد كان سنة (289 هـ) ، وذلك في ترجمة المكتفي اللاحقة هنا.(13/476)
تَمَتَّعْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ لاَ تَبْقَى ... وَخُذْ صَفْوَهَا مَا إِنْ صَفَتْ وَدَعِ الرَّنْقَا (1)
وَلاَ تَأْمَنَنَّ الدَّهْرَ إِنِّيْ أَمِنْتُهُ ... فَلَمْ يُبْقِ لِي حَالاً وَلَمْ يَرْعَ لِي حَقَّا (2)
قَتَلْتُ صَنَادِيْدَ الرِّجَالِ فَلَمْ أَدَعْ ... عَدُوّاً، وَلَمْ أُمْهِلْ عَلَى ظِنَّةٍ خَلْقَا (3)
وَأَخْلَيْتُ دُوْرَ المُلْكِ مِنْ كُلِّ بَازِلٍ ... وَشَتَّتُّهُم غَرْباً وَمَزَّقْتُهُم شَرْقَا (4)
فَلَمَّا بَلَغْتُ النَّجْمَ عِزّاً وَرِفْعَةً ... وَدَانَتْ رِقَابُ الخَلْقِ أَجْمَع لِي رِقَّا (5)
رَمَانِي الرَّدَى سَهْماً فَأَخْمَدَ جَمْرَتِي ... فَهَا أَنَا ذَا فِي حُفْرَتِي عَاجِلاً مُلْقَى (6)
فَأَفْسَدْتُ دُنْيَايَ وَدِيْنِي سَفَاهَةً ... فَمَنْ ذَا الَّذِي مِنِّي بِمَصْرَعِهِ أَشْقَى (7)
فَيَالَيْتَ شِعْرِي بَعْدَ مَوْتِي مَا أَرَى ... إِلَى رَحْمَةٍ للهِ أَمْ نَارَهُ أَلقَى (8)
وَقَالَ الصُّوْلِيُّ: قَالَ المُعْتَضِد:
يَا لاَ حِظِي بِالفُتُوْرِ وَالدَّعَجِ ... وَقَاتِلِي بِالدَّلاَلِ وَالغَنَجِ (9)
__________
(1) الرنق، بسكون النون: الكدر. ماء رنق، أي: كدر.
(2) في " الكامل " لابن الأثير: " ولا تأمن الدهر إنني قد أمنته "، وفي " البداية ": " إني ائتمنته ".
(3) في " الكامل ": " على طغيه "، وفي " البداية ": " على خلق ".
(4) في " الكامل " و" البداية ": " وأخليت دار ... نازع ". وفي " الكامل " أيضا " فشردتهم ".
(5) في " الكامل " و" البداية ": " وصارت رقاب ".
(6) في المصدرين السابقين: " ألقى ".
(7) في " البداية ": " فمن ذا الذي مثلي ".
ولم يرد هذا البيت في " الكامل "، إنما أورد بدلا عنه: ولم يغن عني ما جمعت ولم أجد * لذي الملك والاحياء في حسنها رفقا (8) في " الكامل ": " إلى نعم الرحمن أم.."، وفي " تاريخ الخلفاء ": " إلى نعمة لله "، وفي " البداية ": " بعد موتي هل أصر ... ". والابيات في الكامل: 7 / 514 - 515، والبداية والنهاية: 11 / 94، وتاريخ الخلفاء: 595 - 596.
(9) الدعج:: السواد، وقيل: شدة السواد، وقيل، شدة سواد سواد العين وشدة بياض بياضها، وقيل: شدة سوادها مع سعتها.(13/477)
أَشْكُو إِلَيْكَ الَّذِي لَقِيْتُ مِنَ الـ ... ـوَجْدِ فَهَلْ لِي إِلَيْكَ مِنْ فَرَجِ؟
حَلَلْتَ بِالظَّرْفِ وَالجَمَالِ مِنَ النَّا ... سِ مَحَلَّ العُيُونِ وَالمُهَجِ (1)
وَكَانَتْ خِلاَفَةُ المعتَضد تسعَ سِنِيْنَ، وَتسعَةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّاماً، وَدُفِنَ فِي دَارِ الرخَام.
وَلعَبْدِ اللهِ بنِ المُعْتَزِّ يَرثيه:
يَا سَاكِنَ القَبْرِ فِي غَبْرَاءَ مُظْلِمَةٍ ... بِالظَّاهِرِيَّةِ مُقْصَى الدَّارِ مُنْفَرِدَا (2)
أَيْنَ الجُيُوشَ الَّتِي قَدْ كُنْتَ تَسْحَبُهَا؟ ... أَيْنَ الكُنُوزُ الَّتِي أَحْصَيْتَهَا عَدَداً (3) ؟
أَيْنَ السَّرِيْرُ الَّذِي قَدْ كُنْتَ تَمْلَؤُهُ ... مَهَابَةً مَنْ رَأَتْهُ عَيْنُهُ ارْتَعَدَا؟
أَيْنَ الأَعَادِي الأُوْلَى ذَلَّلْتَ مَصْعَبَهُمْ؟ ... أَيْنَ اللُّيُوْثُ الَّتِي صَيَّرْتَهَا بُعَدَا (4) ؟
أَيْنَ الجِيَادُ الَّتِي حَجَّلْتَهَا بِدَمٍ؟ ... وَكُنَّ يَحْمِلْنَ مِنْكَ الضَّيْغَمَ الأَسَدَا
أَيْنَ الرِّمَاحُ الَّتِي غَذَّيْتَهَا مُهَجَا؟ ... مُذْ مِتَّ مَا وَرَدَتْ قَلْباً وَلاَ كَبِدَا
أَيْنَ الجِنَان الَّتِي تَجْرِي جَدَاوِلُهَا ... وَتَسْتَجِيْبُ إِلَيْهَا الطَّائِرَ الغَرِدَا؟
أَيْنَ الوصَائِفُ كَالغِزْلاَنِ رَائِحَةً؟ ... يَسْحَبْنَ مِنْ حُلَلٍ مَوْشِيَةٍ جُددَا (5)
أَيْنَ الملاَهِي؟ وَأَيْنَ الرَّاحُ تَحْسَبُهَا ... يَاقُوْتَهً كُسِيَتْ مِنْ فِضَّةٍ زَرَدَا؟
أَيْنَ الوُثُوْبُ إِلَى الأَعْدَاءِ مُبْتَغِياً ... صَلاَحَ مُلْكِ بَنِي العَبَّاسِ إِذْ فَسَدَا؟
مَازِلْتَ تَقْسِرُ مِنْهُم كُلَّ قَسْوَرَةٍ ... وَتَخْبِطُ العَالِي الجَبَّارَ مُعْتَمِدَا (6)
__________
(1) تاريخ الخلفاء، 596.
(2) الظاهرية: قرية ببغداد. (انظر: معجم ياقوت) .
(3) في " البداية والنهاية ": " تشحنها ".
(4) في " البداية ": " صعبهم " و" صيرتها نقدا ". وفي " تاريخ الخلفاء ": " صيرتها بردا ".
(5) في " تاريخ الخلفاء ": " راتعة ".
(6) في " البداية ": " وتحطم العاتي ". وفي " تاريخ الخلفاء " أيضا: " تحطم ".(13/478)
ثُمَّ انْقَضَيْتَ فَلاَ عَيْنٌ وَلاَ أَثَرٌ ... حَتَّى كَأَنَّكَ يَوْماً لَمْ تَكُنْ أَحَدا (1)
وَقَدْ وَلِيَ الخِلاَفَةَ مِنْ بَنيه: المكتفِي عَلِيّ، وَالمُقْتَدِر جَعْفَر، وَالقَاهِر مُحَمَّد، وَلَهُ عِدَّةُ بنَاتٍ، وَهَارُوْن.
231 - المُكْتَفِي بِاللهِ الخَلِيْفَةُ عَلِيُّ ابنُ المُعْتَضِد بِاللهِ *
الخَلِيْفَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَلِيٌّ ابنُ المُعْتَضِد بِاللهِ أَبِي العَبَّاسِ أَحْمَدَ ابنِ المُوَفَّقِ طَلْحَةَ ابنِ المُتَوَكِّلِ العَبَّاسِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ يُضْرَبُ بحسْنه المَثَلُ فِي زَمَانِهِ.
كَانَ مُعتدلَ القَامَة، دُرِّيَّ اللَّوْنَ، أَسْوَدَ الشَّعر، حَسَنَ اللِّحْيَة.
بُوْيِع بِالخِلاَفَة عِنْد موت وَالده بِعَهْدٍ مِنْهُ، فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ، فَاسْتَخلف سِتَّةَ أَعْوَامٍ وَنِصْفاً.
وَتُوُفِّيَ أَبُوْهُ وَهَذَا غَائِبٌ، فَقَامَ لَهُ بِالبَيْعَة الوَزِيْر أَبُو الحُسَيْنِ القَاسِم بن عُبَيْدٍ الله، وَضَبَطَ لَهُ مَا خَلَّف أَبُوْهُ فِي بُيوت المَال، فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الذَّهَب المِصْرِيّ عَشْرَة آلاَف أَلف دِيْنَار، وَمن الجَوَاهِر مَا قيمتُه مِثْلُ ذَلِكَ، وَمن الدَّرَاهِم وَالخيل وَالثِّيَاب نسبَةُ ذَلِكَ، وَقَسَّم القَاسِم فِي الجُنْد العَطَاء،
__________
(1) لم نجد الابيات في " ديوان " ابن المعتز، طبعة الشركة اللبنانية للكتاب في بيروت (1969 م) . وهي ضمن أبيات في: البداية والنهاية: 11 / 92 - 93، و: تاريخ الخلفاء: 597 - 598.
(*) تاريخ الخلفاء لابن ماجه: 50، تاريخ بغداد: 11 / 316 - 318، المنتظم: 6 / 31 - 33، 79 - 80، الكامل لابن الأثير: 7 / 516، و8 / 8، عبر المؤلف: 2 / 102، فوات الوفيات: 3 / 5 - 6، البداية والنهاية: 11 / 94 - 95، 104 - 105، النجوم الزاهرة: 3 / 183، تاريخ الخلفاء: 600 - 603، شذرات الذهب: 2 / 219 - 220.(13/479)
فَسَكَنُوا، وَقَدِمَ المكتفِي بَغْدَادَ مُنْحدراً فِي سُمَيْرِيَّة (1) ، وَكَانَ يَوْماً مشهوداً، سَقَط طَائِفَةٌ مِنَ الجِسْر فِي دِجْلَة، مِنْهُم: أَبُو عُمَرَ القَاضِي، فَأُخْرِجَ سَالماً، وَنَزَلَ المُكْتَفِي بِقَصْر الخِلاَفَة، وَتَكَلَّمْتِ الشُّعَرَاء، فَخَلَع عَلَى القَاسِم سبعَ خِلع، وَقَلَّده سيفاً، وَهَدَمَ المَطَامِير الَّتِي عَمِلهَا أَبُوْهُ، وَصَيَّرهَا مَسَاجِد، وَرَدَّ أَملاَك النَّاس إِلَيْهِم، وَكَانَ أَبُوْهُ قَدْ أَخذهَا لعمل قَصْر، وَأَحُسْن السِّيْرَةِ، فَأَحَبَّه النَّاس (2) .
وَفِيْهَا: عَسْكَرَ مُحَمَّد بن هَارُوْنَ وَبيض، وَالتُّقَى مُتَوَلِّي الرَّيّ، فَهَزم جَيْشه وَقَتَله، وَقَتَلَ وَلَدَيْهِ وَقُوَّاده، وَتملك (3) .
وَدَامت الزَّلزلَة بِبَغْدَادَ أَيَّاماً.
وهَبَّت بِالبَصْرَةِ رِيْحٌ قَلَعت أَكْثَر نخلهَا.
وَظهر زَكْرَوَيْه القِرْمطي، وَاسْتَغْوَى عَرب السَّوَاد، وَأَخَاف السُّبُل، وَقَطَع الطُّرُق.
وَأَمَّا ابْن هَارُونَ: فَاشتَدَّ بِأَسُه، وَبلغ عسكرُه مائَةَ أَلْف، فَسَارَ لِحَرْبِهِ عَسْكَرُ خُرَاسَان، فَهَزمُوهُ إِلَى الدَّيْلَم، وَتفلَّلَّ ذَلِكَ الْجمع، فَالتَجَأَ فِي نَحْوٍ مِنْ أَلفٍ إِلَى الدَّيْلَم (4) .
وَقَوي أَمر أَبِي عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيّ، دَاعِي العُبَيْدِيَّة بِالمَغْرِب.
وَصَلَّى المكتفِي بِالنَّاسِ يَوْم الأَضحَى بِالمصَلَّى.
__________
(1) السميرية: ضرب من السفن
(2) انظر: تاريخ الخلفاء: 600 - 601.
(3) انظر: الكامل لابن الأثير: 7 / 517.
(4) انظر: الكامل لابن الأثير: 7 / 522، أخبار سنة (289) ، و: 7 / 527 - 528، أخبار سنة (290) .(13/480)
وَقُتِلَ الأَمِيْر بدر (1) ، وَكَانَ المعتضدُ يُحِبُّه، وَكَانَ شُجَاعاً جَوَاداً، وَقَدْ كَانَ القَاسِمُ الوَزِيْر هَمَّ عِنْد موت الْمُعْتَضد بنقلِ الخِلاَفَة إِلَى غَيْر ابْنه، وَنَاظَرَ بَدْراً فِي ذَلِكَ، فَأَبَى عَلَيْهِ، ثُمَّ خَافَ مِنْهُ، وَمَاتَ الْمُعْتَضد، وَاتَّفَقَ غَيْبَة بَدْر بفَارِس، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المكتفِي شَيْء، فَأَشَار القَاسِم عَلَى المكْتَفِي أَنْ يَأْمر بِإِقَامَة بَدْرٍ هُنَاكَ، وَخَوَّف المكتفِي مِنْهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَعَ يَانس الموفقي، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِخِلَعٍ وَعَشْرَةِ آلاَف أَلف دِرْهَم، فَقَالَ: لاَ بُدَّ مِنَ القُدُوم لأُشَاهد مَوْلاَيَ.
فَقَالَ الوَزِيْر للمكتفِي: قَدْ جَاهَرَك، وَلاَ نَأْمَنه.
وَكَاتَبَ الوَزِيْر الأُمَرَاء الَّذِيْنَ مَعَ بَدْر بِالمجِيْء، فَأَرُوا بدراً الكُتُبَ، وَقَالُوا: قُمْ مَعَنَا حَتَّى نَجْمَعَ بَيْنَكُمَا، ثُمَّ فَارقوهُ وَقدمُوا، ثُمَّ جَاءَ بدرٌ، فَنَزَلَ وَاسطاً، فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو خَازم القَاضِي، وَقَالَ: اذهبْ إِلَى بدرٍ بِالأَمَان وَالعُهُود.
فَامْتَنَعَ أَبُو خَازم، وَقَالَ: لاَ أُؤَدِّي عَنِ الخَلِيْفَة إِلاَّ مَا أَسمَعُه مِنْهُ.
فَنَدَب الوَزِيْر أَبَا عُمر القَاضِي، فسَارعَ وَاجتَمَعَ بِبَدْرٍ، وَأَعطَاهُ الأَمَان عَنِ المُكْتَفِي، فَنَزَلَ فِي طيَار ليَأْتِي، فَتَلَقَّاهُ لُؤْلُؤ غُلاَمُ الوَزِيْر فِي جَمَاعَةٍ، فَأَصعدُوهُ إِلَى جَزِيْرَة، فَلَمَّا عَايَنَ المَوْتَ، قَالَ: دعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَوصي، فَذَبحوهُ وَهُوَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، السَّابع وَالعِشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَذَمَّ النَّاسُ أَبَا عُمَر.
وَفِيْهَا (2) : دَخَلَ عُبَيْد اللهِ المَهْدِيّ إِلَى المَغْرِب مُتَنَكِّراً، فَقَبَض عَلَيْهِ مُتَوَلِّي سِجِلْمَاسَة.
وَسَارَ يَحْيَى بن زَكْرَويه القِرْمِطي، وَحَاصَرَ دِمَشْق، وَبِهَا طُغج،
__________
(1) انظره في: المنتظم: 6 / 34 - 36، و: الكامل: 7 / 517، 519، و: البداية والنهاية: 11 / 95.
(2) تداخلت أحداث سنة (289) مع سنة (290) ، فالخبر الذي يذكره الذهبي هنا هو من حوادث سنة (290) وقد ذكره الذهبي في " عبره ": 2 / 95، في أخبارها.(13/481)
فَضعف عَنِ القرَامطَة، فَقُتل يَحْيَى فِي الحِصَار، وَقَامَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ الحُسَيْن، وَسَارَ المكتفِي بِجُيُوشِهِ إِلَى المَوْصِل، وَتقدَّمه إِلَى حلب أَبُو الأَغَر، فَبيَّتهُم القِرْمطي، فَقتل مِنَ المُسْلِمِيْنَ تسعَة آلاَف، وَوصل المكتفِي إِلَى الرَّقَّةِ، وَعظُم البلاَءُ بِالقَرَامطَة، ثُمَّ أَوقع بِهِم العَسْكَر، وَهَرَبُوا إِلَى البَادِيَة يَعيثُونَ وَيَنهبُون، وَتَبعهُم الحُسَيْن بن حَمدَان، وَعِدَّة أُمرَاء يطردونَهُم، وَكَانَ يَحْيَى المَقْتُول يَدَّعِي أَنَّهُ حُسَينِي.
رمَاهُ بَرْبَرِيٌ بِحَرْبَةٍ، ثُمَّ قتل أَخُوْهُ الحُسَيْن صَاحِب الشَّامَة (1) .
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ: زوَّج المكتفِي وَلدَه ببنتِ الوَزِيْر عَلَى مائَة أَلْف دِيْنَار، وَخَلَعَ الوَزِيْر يَوْمَئِذٍ عَلَى الأَعيَان أَرْبَعَ مائَة خِلْعَة.
وَفِيْهَا: أَقبلت جُموع التُّرْكِ، فَبيتهُم وَالِي خُرَاسَان إِسْمَاعِيْل، وَقتلُوا مِنْهُم مَقْتَلَةً عَظِيْمَةً، وَأَقبلتِ الرُّوْم فِي مائَةِ أَلْفٍ، وَأَتُوا إِلَى الحَدَث (2)
__________
(1) انظر: الكامل لابن الأثير: 7 / 523 - 526، 530 - 532، أخبار سنتي (290 - 291) ، والبداية والنهاية: 11 / 96، وعبر المؤلف: 2 / 84، وشذرات الذهب: 2 / 202.
(2) الحدث: قلعة حصينة من الثغور الشامية، ويقال لها: الحمراء، لان تربتها جميعا حمراء، وقلعتها على جبل يقال له: الاحيدب.
وقد جرت فيها عدة معارك بين العرب المسلمين والروم، ومنها تلك التي كان على رأس جيشها العربي المسلم سيف الدولة الحمداني سنة (343 هـ) ، والتي خلدها المتنبي بقصيدة طويلة له، يقول في مطلعها:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم * وتأتي على قدر الكرام المكارم
ومنها قوله:
هل الحدث الحمراء تعرف لونها * وتعلم أي الساقيين الغمائم
سقتها الغمام الغر قبل نزوله * فلما دنا منها سقتها الجماجم
ويمدح شجاعة سيف الدولة فيها قائلا:
وقفت وما في الموت شك لواقف * كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الابطال كلمى هزيمة * ووجهك وضاح وثغرك باسم
انظر: ديوان المتنبي، بشح البرقوقي: 4 / 94 - 108.(13/482)
فَأَحرقوهُ، وَقَتلُوا وَسَبوا.
وَفِيْهَا: سَارَ عَسْكَرُ طَرَسُوْس، فَافتتحُوا أَنطَاكيَة، وَحَصَّل سَهْم الفَارِس أَلْفَ دِيْنَار، وَأُسِرَ صَاحِب الشَّامَة وَقرَابتُه الْمُدثر، وَعِدَّة، فَقُتلُوا وَأُحْرِقُوا (1) .
وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ: سَارَ مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ بجيوش المُكْتَفِي إِلَى مِصْرَ، فَالتَقَوا غَيْرَ مَرَّةٍ، ثُمَّ اخْتلف جَيْشُ مِصْر، فَخَرَجَ مَلِكهُم هَارُوْنَ بن خُمَارويه ليسكِّنهُم، فرمَاهُ مغربِي بِسَهْم قَتَلَه، وَاسْتَوْلَى مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ عَلَى مِصْرَ، وَأَسَرَ بَضْعَةَ عشرَ قَائِداً، وَدَانت البِلاَد للمكتفِي، وَزَادتْ دجلَة حَتَّى بلغتْ أَحَداً وَعِشْرِيْنَ ذرَاعاً، وَأَخرجت مَا لاَ يُعَبَّر عَنْهُ.
وفِي آخرهَا: خَرَجَ بِمِصْرَ الخَلَنْجِي (2) ، وَتَمَكَّنَ، فتَجَهَّز فَاتك لِحَرْبِهِ.
وفِي سَنَةِ ثَلاَثٍ: التقَى الخَلَنْجِي وَجيش المكتفِي بِالعَرِيْش، فَهَزمَهُم أَقبحَ هَزيمَة، وَنَازَل دِمَشْقَ أَخُو القِرْمطي، وَاسْتبَاح طَبَرَيَّة، وَسَارُوا عَلَى السَّمَاوَة (3) ، فنهبُوا هِيْتَ (4) ، وَوثَبتِ القَرَامِطَة يَوْمَ النَّحْر عَلَى الكُوْفَةِ، فَحَارَبهُم أَهلُهَا، ثُمَّ حَاربُوا عَسْكَر المكْتَفِي أَيْضاً وَهَزَمُوهُ.
__________
(1) انظر: عبر الذهبي: 2 / 87 - 88.
(2) هو: محمد بن علي، أبو عبد الله، كانت له أحداث ووقائع مع الخلافة العباسية، ثم سجن وقتل سنة (293 هـ) . انظر: البداية والنهاية: 11 / 100، والنجوم الزاهرة: 3 / 153.
(3) السماوة: ماءة بالبادية، وبادية السماوة: بين الكوفة والشام. (انظر: معجم ياقوت) .
(4) هيت، بكسر الهاء: بلدة على الفرات من نواحي بغداد، فوق الانبار، ذات نخل كثير وخيرات واسعة، وهي مجاورة للبرية (معجم ياقوت) .(13/483)
وَالتَقَى فَاتك المُعْتَضِدي وَالخَلَنْجِي، فَانهزم عَسْكَرُ الخَلَنْجِي، وَاخْتَفَى هُوَ، ثُمَّ أُسِرَ هُوَ وَعِدَّة.
وفِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ: أَخذ زكْرَوَيْه القِرْمِطي رَكْبَ العِرَاق، وَكُنَّ نسَاء العَرب يُجْهِزْنَ عَلَى الجرحَى، فيُقَال: قَتلُوا عِشْرِيْنَ أَلْفاً، وَأَخَذُوا مَا قيمتُه أَلْفَا أَلفِ دِيْنَار، وَوقع النَّوح فِي الْمدن، وَجَهَّزَ المكتفِي جيشاً لِحَرْبِهِ، فَلاَ تسأَل مَا فَعَلَ هَذَا الكَلْبُ بِالوَفْد! ثُمَّ التَقَوا فَقُتل عَامَّةُ أَصْحَاب زَكْرَوَيْه، وَأُسِرَ هُوَ وَعِدَّة، ثُمَّ مَاتَ مِنْ جِرَاحه، وَأُحْرِقَ هُوَ وَجَمَاعَة.
وفِي سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ: كَانَ الفِدَاء بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ وَالرُّوْم، فَافْتُكَّ نَحْو ثَلاَثَة آلاَف نَفَر.
وَمَاتَ المكتفِي شَابّاً: فِي سَابع ذِي القَعْدَةِ مِنَ السَّنَة.
ذَكَرَ أَبُو مَنْصُوْرَ الثعَالبِي، قَالَ: حَكَى إِبْرَاهِيْم بن نُوْح:
أَنَّ المكتفِي خَلَّف مِنَ الذَّهب مائَة أَلْف أَلف دِيْنَار، - هَكَذَا قَالَ وَهُوَ بعيد جِدّاً -.
قَالَ: وَخَلَّفَ ثَلاَثَة وَسِتِّيْنَ أَلْفَ ثَوْب، وَبُوْيِع بَعْدَهُ أَخُوْهُ الْمُقْتَدر.
وَاسم أُمّ المكتفِي: جنجق (1) التُّرْكية.
مَاتَ: فِي ثَالث عشر ذِي القَعْدَةِ، وَعَاشَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ سنَةً وَأَشهراً.
وَخلَّف مِنَ الأَولاَد: مُحَمَّداً، وَجَعْفَراً، وَالفَضْل، وَعَبْد اللهِ، وَعَبْد المَلِكِ، وَعبدَ الصَّمَدِ، وَمُوْسَى، وَعِيْسَى.
وَمَاتَ وَزيره القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ وَهْب: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَوَزَرَ لَهُ العَبَّاس بن الحَسَنِ.
__________
(1) في: تاريخ بغداد: 11 / 218، والمنتظم: 6 / 31، " خنجو ".(13/484)
وَكَانَ عَلَى شُرْطَته مُؤْنس وَالوَاثقي ثُمَّ سُوسن مَوْلاَهُ وَحَاجِبه، وَعَلَى قَضَاء بَغْدَاد يُوْسُف بن يَعْقُوْبَ القَاضِي، وَابْنُهُ مُحَمَّد، وَأَبُو خَازم عبد الحمِيد، وَعَبْد اللهِ بن عَلِيِّ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ بَعْد أَبِي خَازم.
232 - ثَابِتُ بنُ قُرَّةَ الصَّابِىء *
الشَّقي، الحَرَّانِيّ، فيلسوفُ عصره.
كَانَ صَيْرَفِياً، فصحِبَ ابْنَ شَاكِر، وَكَانَ يَتَوَقَّدُ ذكَاءً، فَبَرَعَ فِي عِلم الأَوَائِل، وَصَارَ مُنَجِّمَ المُعْتَضِد، فَكَانَ يَجلسُ مَعَ الخَلِيْفَةِ، وَوَزِيْرُه وَاقفٌ، وَنَال مِنَ الرِّئاسَة وَالأَمْوَال فُنوناً.
قَالَ ابْنُ أَبِي أُصَيْبِعَة: لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مَنْ يمَاثلُه فِي الطِّبّ وَجَمِيْعِ الفلسفَة (1) .
وَتَصَانِيْفُه فَائِقَةٌ، أَقطَعَه المعتضدُ ضِيَاعاً جَليلَة.
وَمن تَلاَمِذته: عِيْسَى بن أَسِيد، النَّصْرَانِيّ المَشْهُوْر.
قُلْتُ: كَانَ عجباً فِي الرِّيَاضي، إِلَيْهِ المُنْتَهَى فِي ذَلِكَ، وَكَانَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيْم رَأْسَ الأَطباء، وَكَذَلِكَ حفيدُه ثَابِت بن سِنَانٍ الطَّبِيْب، صَاحِب (التَّارِيْخ) المَشْهُوْر.
مَاتُوا عَلَى ضَلاَلهُم، وَلهُم عَقِب صَائِبَة، فَابْن قُرَّة هُوَ أَصل رِئاسَة الصَّابِئَة المتجددَة بِالعِرَاقِ فَتَنَبَّهِ الأَمْر.
__________
(*) الفهرست: المقالة السابعة: الفن الثاني، المنتظم: 6 / 29، عيون الانباء في طبقات الاطباء: 295 - 300، (ط.
بيروت، 1965، تحقيق د. نزار رضا) ، وفيات الأعيان: 1 / 313 - 315، البداية والنهاية: 11 / 85، شذرات الذهب: 2 / 196 - 198.
(1) نص ابن أبي أصيبعة: " ... من يماثله في صناعة الطب ولا في غيره من جميع أجزاء الفلسفة "، ص: 295.(13/485)
مَاتَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
233 - البُحْتُرِيُّ أَبُو عُبَادَةَ الوَلِيْدُ بنُ عُبَيْدٍ *
شَاعرُ الوَقْت، وَصَاحب (الدِّيْوَان) المَشْهُوْر، أَبُو عُبَادَة الوَلِيْد بن عُبَيْدٍ بن يَحْيَى بنِ عُبَيْد الطَّائِيّ البُحْتُرِي المَنْبِجِي.
مَدَحَ الخُلَفَاءَ وَالوزرَاءَ وَصَاحِبَ مِصْر خُمَارويه.
حَكَى عَنْهُ: القَاضِي المَحَامِلِيّ، وَالصُّوْلِيّ، وَأَبُو المَيْمُوْنِ رَاشِد، وَعَبْد اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ دُرُسْتُوَيْه النَّحْوِيّ.
وَعَاشَ نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَنَظْمُه فِي أَعْلَى الذُّرْوَة.
وَقَدِ اجتَمَع بِأَبِي تَمَّام الطَّائِيّ، وَأَرَاهُ شِعْره، فَأُعْجِبَ بِهِ، وَقَالَ: أَنْتَ أَمِيْرُ الشّعر بَعْدِي.
قَالَ: فَسُرِرتُ بِقَوله.
وَقَالَ المُبَرِّدُ: أَنشدنَا شَاعر دَهْره، وَنسيجُ وَحدِه، أَبُو عُبَادَة البُحترِي.
وَقِيْلَ: كَانَ فِي صِباهُ يَمدح أَصْحَابَ البَصَل وَالبَقْل (1) .
وَقِيْلَ: أَنشد أَبَا تَمَّام قَصِيْدَةً لَهُ، فَقَالَ: نَعيتَ إِليَّ نَفْسِي (2) .
__________
(*) الاغاني: 21 / 39 - 57، (ط. دار الثقافة) ، الفهرست: المقالة الرابعة: الفن الثاني، تاريخ بغداد: 13 / 476 - 481، تاريخ ابن عساكر:: خ: 17 / 426 ب - 431 أ، المنتظم: 6 / 11 - 14، معجم الأدباء: 9 / 248 - 258، ومعجم البلدان: " منبج "، وفيات الأعيان: 6 / 21 - 30، عبر المؤلف: 2 / 73، البداية والنهاية: 11 / 76، النجوم الزاهرة:
3 / 99، شذرات الذهب: 2 / 186 - 190. وطبع المجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1378 هـ - 1958 م، كتاب: " أخبار البحتري " للصولي، بتحقيق الدكتور صالح الاشتر.
(1) انظر: تاريخ بغداد: 13 / 476.
(2) المصدر السابق: 13 / 477.(13/486)
وَقِيْلَ: سُئِلَ أَبُو العَلاَء المَعَرِّي: مَن أَشعر الثَّلاَثَة: أَبُو تَمَّام، وَالبُحْتُرِي، وَالمُتَنَبِّي؟
فَقَالَ: حَكِيْمَان، وَالشَّاعِر: البُحْترِي.
وَللبُحترِي (حمَاسَة) كـ (حمَاسَة) أَبِي تَمَّام، وَكِتَاب (معَانِي الشِّعر) .
مَاتَ بِمَنْبِج (1) ، وَقِيْلَ: بِحَلَب، سَنَةَ ثَلاَثٍ، أَوْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
وَلَهُ أَملاَك بِمنبج وَحَفيدَان، هُمَا: أَبُو عُبَادَة، وَعُبَيْد الله ابْنا يَحْيَى بن البُحترِي اللذَان مَدَحهُمَا المتنبِي، وَكَانَا رَئِيْسَيْن فِي زمَانِهِمَا.
مَاتَ مَعَهُ: شَاعرُ زمَانه أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبُو العَبَّاسِ بن الرُّوْمِيّ (3) ، صَاحِب التَّشْبيهَاتِ البَدِيعَة.
234 - ابْنُ الأَغْلَبِ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ التَّمِيْمِيُّ *
صَاحِبُ المَغْرِب، أَبُو إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيْم بن أَحْمَدَ بنِ الأَغلب بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ الأَغلب بن تَمِيْم التَّمِيْمِيّ الأَغْلَبِيّ القَيْرَوَانِي، ابْن أُمَرَاء القَيْرَوَان.
وَلِي سَنَة إِحْدَى وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ مَلكَا حَازماً صَارماً مَهِيْباً، كَانَتِ التُّجَّار تسير فِي الأَمن مِنْ مِصْرَ
__________
(1) منبج، بفتح الميم، وسكون النون، وكسر الباء: مدينة شمال حلب، بينها وبين
الفرات ثلاثة فراسخ، وبينها وبين حلب عشرة فراسخ.
(انظر: معجم ياقوت) .
(2) ذكر الذهبي وفاته في نهاية ترجمة محمد بن عبد السلام بن بشار السابقة، في الصفحة: (458) ، برقم: (228) ، أنها سنة (286) .
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة: (495) ، برقم: (244) .
(*) الكامل: 7 / 283 - 287، البيان المغرب: 1 / 116 - 124.(13/487)
إِلَى سَبْتَة (1) ، لاَ تُعَارَض، وَلاَ تُرَوَّع.
ابتنَى الحُصُون وَالمحَارس، بحيثُ كَانَتْ توَقَدِ النَّار، فَتَتَّصل فِي لَيْلَةٍ إِذَا حَدَث أَمر مِن سَبْتَة إِلَى الإِسْكَنْدَرِيَّة، بحيثُ إِنَّهُ يُقَال: قَدْ أُنشئ فِي البِلاَد مِنْ بنَائِه وَبنَاء آبَائِهِ ثَلاَثُوْنَ أَلْف مَعْقِل، وَهُوَ الَّذِي مَصَّر مَدِيْنَة سُوسَة.
وَقَدْ دونت أَيَّامه وَعدله جوده، وَكَانَ سَدِيْدَ السِّيرَة، شَهْماً، ظفِر بِامْرَأَةٍ مُتَعَبِّدَةٍ قَادت قودَة، فَدَفَنَهَا حَيَّةً، وَشَنَقَ سَبْعَة أَجنَاد أَخذُوا لتَاجر ثَلاَثَة آلاَف دِيْنَار، بَعْدَ أَنْ قَرَّرهُم، وَأَخَذَ الذّهب لَمْ ينقُصْ سِوَى سَبْعَةِ دَنَانِيْر، فَوَزَنَهَا مِنْ عِنْدِهِ.
وَقِيْلَ: جَاءهُ رَجُل، فَقَالَ: قَدْ عَشِقْتُ جَارِيَةً، وثمنُهَا خمسُوْنَ دِيْنَاراً، وَمَا مَعِي إِلاَّ ثَلاَثُوْنَ.
فَوَهَبَه مائَة دِيْنَارٍ، فسَمِعَ بِهِ آخر، فَجَاءَ، وَقَالَ: إِنِّيْ عَاشق.
قَالَ: فَمَا تَجِد؟
قَالَ: لَهيباً.
قَالَ: اغمِسُوهُ فِي المَاءِ، فغمسوهُ مَرَّاتٍ، وَهُوَ يَصيح: ذَهَبَ العِشْق.
فَضَحِكَ، وَأَمَرَ لَهُ بِثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً.
ثمَّ إِنَّهُ تَسَوْدن، وَقَتَلَ إِخوته، ثُمَّ عُوفِي، وَتَابَ، وَتَصَدَّق.
ثمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ الشِّيْعِيّ (2) ، دَاعِي عُبَيْد اللهِ المَهْدِيّ، وَحَارَبَه، وَجَرَتْ أُمُورٌ طَوِيْلَةٌ، بَعْضُهَا فِي (تَارِيْخ الإِسْلاَم) .
تُوُفِّيَ غَازياً بِصِقِلِّيَّة: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) سبتة: بلدة مشهورة من قواعد بلاد المغرب، ومرساها أجود مرسى على البحر، وهي تقابل جزيرة الأندلس. (انظر: ياقوت)
(2) هو الحسين بن أحمد بن محمد بن زكريا، أبو عبد الله، كان مقتله سنة (298 هـ) .
انظر: وفيات الأعيان: 2 / 192 - 194.(13/488)
وَتملك ابْنُهُ عَبْد اللهِ (1) ، فَكَانَ دَيِّناً، عَالِماً، بَطَلاً، شُجَاعاً، شَاعِراً، فَقَتَلَهُ غِلمَانه غِيْلَة بَعْدَ عَام، وَتملَّك بَعْدَهُ ابْنُهُ زِيَادَة الله.
235 - أَحْمَدُ بنُ خُلَيْدٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ الكِنْدِيُّ الحَلَبِيُّ
سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَأَبَا اليَمَانِ، وَيَحْيَى الوُحَاظِيّ، وَالحُمَيْدِيّ، وَمُحَمَّد بن عِيْسَى بنِ الطَّبَّاع، وَزُهَيْر بن عَبَّادٍ، وَطَبَقَتهُم.
وَكَانَ صَاحِبَ رِحلَة وَمَعْرِفَة.
وَطَالَ عُمُرُهُ.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيّ بن أَحْمَدَ المِصِّيْصِيّ، وَأَحْمَد بن مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
مَا علمت بِهِ بَأْساً.
236 - أَخُو السَّرَّاجِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الثَّقَفِيُّ *
السَّرَّاجُ، شَيْخٌ، إِمَامٌ، ثِقَةٌ، نيسَابورِي، سَكَنَ بَغْدَادَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَيَزِيْد بن صَالِحٍ الفَرَّاء، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيّ.
وَعَنْهُ: أَخُوْهُ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاج، وَأَحْمَد بن المُنَادِي، وَأَبُو سَهْلٍ بنُ زِيَادٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ.
وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
__________
(1) انظره في: " الكامل ": 7 / 520 - 521، والبيان المغرب: 1 / 134 - 173.
(*) تاريخ بغداد: 6 / 26 - 27، طبقات الحنابلة: 1 / 86، المنتظم: 5 / 162 - 163.(13/489)
وَكَانَ الإِمَام أَحْمَد يَأْنَس بِهِ، وَينبسط فِي منزلَة، وَهُوَ مِنْ تَلاَمِذَة أَحْمَد.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخُوْهُ: الإِمَامُ
237 - أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ السَّرَّاجُ *
سَكَنَ هُوَ وَأَخُوْهُ بَغْدَاد.
فَحَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاق، وَعِدَّة، وَلاَزم الإِمَام أَحْمَد.
حَدَّثَ عَنْهُ: دَعْلَج، وَابْنُ قَانع، وَأَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَيُقَالُ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَالأَوّل أَصحّ.
238 - المغَازلِيُّ أَبُو بَكْرٍ بنُ المُنْذِرِ البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ، الوَلِيّ، أَبُو بَكْرٍ بنُ المُنْذِر المغَازلِيُّ، البَغْدَادِيّ، العَابِد، صَاحِبُ الإِمَام أَحْمَد.
اسْمه: بدر، وَقِيْلَ: أَحْمَدُ.
حَدَّثَ عَنْ: مُعَاوِيَةَ بنِ عَمْرٍو الأَزْدِيّ، وَغَيْره.
__________
(*) طبقات الحنابلة: 1 / 103، المنتظم: 6 / 19.
(* *) حلية الأولياء: 10 / 305 - 306، طبقات الحنابلة: 1 / 77 - 78، وفيه: أحمد بن أبي بدر المنذر بن بدر بن النضر أبو بكر المغازلي، المنتظم: 5 / 153 - 154.(13/490)
وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وَأَحْمَد بن يُوْسُفَ العَطَّار، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ.
وَكَانَ ثِقَةً، رَبَّانِيّاً، قَانعاً بِكِسْرَةٍ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ: أَطبقتِ الأَلسنَةُ مِنَ الحنَابِلَةِ وَالمُحَدِّثِيْنَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ البُدَلاَء، لَهُ أَحْوَال عَجِيْبَة (1) .
وَكَانَ الخَلاَّل يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ يُقَدم بَدْراً وَيُكْرِمه، وَكُنْتَ إِذَا رَأَيْتهُ وَرَأَيْت منزلَه شَهدت لَهُ بِالصَّبْر وَالصَّلاَح.
وَقِيْلَ: كَانَ أَحْمَدُ يتعجَّب مِنْهُ، وَيَقُوْلُ: مَنْ مِثْلُه؟!، قَدْ مَلَك لسَانه.
وَيُقَالُ: بَاعت زَوْجَة بَدْرٍ بيتَهَا بِثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً، فَأَشَار عَلَيْهَا، فتَصَدَّقت بِهَا، وَصَبَراً عَلَى قوتِ يَوْمٍ بِيَوْمٍ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
كَانَ يَتَقَوَّت مِنْ كَسْبِه.
239 - أَبُو قَبِيْصَةَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكُوْفِيُّ *
الإِمَامُ، الخَيِّرُ، الصَّادِقُ، أَبُو قَبِيْصَة مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَارَة بن القَعْقَاع، الضَّبِّيّ الكُوْفِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ، المُقْرِئ.
سَمِعَ مِنْ: سَعدويه الوَاسِطِيّ، وَعَاصِم بن عَلِيٍّ، وَسَعِيْد بن مُحَمَّدٍ الجَرْمِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ السَّمَّاكِ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالخُطَبِي، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) حلية الأولياء: 10 / 305، وفيه: " عرف له أحوال عجيبة: ".
(*) تاريخ بغداد: 2 / 314 - 315، المنتظم: 5 / 156، الوافي بالوفيات: 3 / 225.(13/491)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَرَوَى الخَطِيْبُ، عَنِ الحَسَنِ بنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ يُوْسُف الْقَوَّاس: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيّ:
سَأَلْتُ أَبَا قَبِيْصَة الضَّبِّيّ - وَكَانَ مِنْ أَدْرَس مَن رَأَينَاهُ للقُرآن - عَنْ أَكْثَر مَا قرأَ فِي يَوْمِ - وَكَانَ يوصَف بِسُرعَة القِرَاءة - فَامْتَنَعَ أَنْ يُخبرنِي، فَلَمْ أَزَل بِهِ حَتَّى قَالَ:
قَرَأْتُ فِي يَوْمٍ مِن أَيَّامِ الصَّيْف أَرْبَعَ ختم، وَبلغتُ فِي الخَامِسَة إِلَى* {برَاءة} ، وَأَذنت العَصْر (1) .
قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَهْل الصِّدْق (2) .
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
240 - مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَجَاءَ بنِ السِّنْدِيِّ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو بَكْرٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، مُصَنِّفُ (الصَّحِيْحِ) المخرَّج عَلَى كِتَاب مُسْلِمٍ.
سَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَأَقرَانهُم.
وَأَكْثَر التَّرْحَال، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْن.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَوَانَةَ الحَافِظُ، وَابْنُ الشَّرْقِيّ، وَابْن الأَخْرَم، وَأَبُو النَّضْرِ مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ، وَآخَرُوْنَ.
ذَكَرَهُ الحَاكِم، فَقَالَ: كَانَ دَيِّناً، ثَبْتاً، مقدَّماً فِي عصره، سَمِعَ مِنْ
__________
(1) في تاريخ بغداد: " وأذن مؤذن العصر ".
(2) تاريخ بغداد: 2 / 315.
وهذا لا يدخل في نطاق المعقول. والحفظة للقرآن في
عصرنا هذا قالوا: إنه لا يمكن أن يقرأ في الساعة الواحدة أكثر من أربعة أجزاء.
(*) الجرح والتعديل: 8 / 87، تاريخ ابن عساكر، خ: 15 / 451 ب - 452 أ، تذكرة الحفاظ: 2 / 686، طبقات الحفاظ: 298، شذرات الذهب: 2 / 193 - 194.(13/492)
جَدِّهِ رَجَاء بن السِّنْدِيّ ... ، ثُمَّ سَمَّى طَائِفَةً.
قَالَ بِشْر بن أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيّ: مَاتَ أَبُو بَكْرٍ: فِي سَنَةِ سِتّ ثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
241 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَعْقِلِ بنِ الحَجَّاجِ النَّسفِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، القَاضِي، أَبُو إِسْحَاقَ النَّسفِي، قَاضِي مَدِيْنَة نَسَف الَّتِي يُقَال لَهَا أَيْضاً: نَخْشَب.
سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَجُبارَة بن المُغَلِّس، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَأَبَا كُرَيْب، وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَطَبَقَتهُم.
وَلَهُ رِحلَةٌ وَاسِعَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيّ بن إِبْرَاهِيْمَ الطَّغَامِي (1) ، وَخَلَف بن مُحَمَّدٍ الخَيَّام، وَعَبْد المُؤْمِنِ بن خَلَفٍ، وَمُحَمَّد بن زَكَرِيَّا، وَوَلَده سَعِيْد بن إِبْرَاهِيْمَ.
قَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ: هُوَ ثِقَةٌ حَافظ.
مَاتَ: فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: لَهُ (المُسْنَد الكَبِيْر) ، وَ (التَّفْسِيْر) ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَحَدَّثَ (بصَحِيْح البُخَارِيّ) عَنْهُ، وَكَانَ فَقِيْهاً مُجْتَهِداً.
242 - الغَسِيْلِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المصَنِّفُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 275 ب، تذكرة الحفاظ: 2 / 686 - 687، عبر المؤلف: 2 / 100 - 101، الوافي بالوفيات: 6 / 149، النجوم الزاهرة: 3 / 164، طبقات الحفاظ: 298، طبقات المفسرين: 1 / 22، شذرات الذهب: 2 / 218، تهذيب بدران: 2 / 300.
(1) الطغامي، بفتح الطاء: نسبة إلى طغامى من سواد بخارى. (اللباب) .
(* *) كتاب المجروحين والضعفاء: 1 / 119 - 120، اللباب: 2 / 382 - 383، ميزان الاعتدال: 1 / 18 - 19، لسان الميزان: 1 / 30 - 31، طبقات الحفاظ: 301.(13/493)
عِيْسَى بن سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْظَلَة بن الغَسيل الأَنْصَارِيّ البَغْدَادِيّ، الغَسِيْلِيّ.
سَمِعَ: أَبَا إِبْرَاهِيْم التَرْجُمَانِي، وَمُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ لُوَيْناً، وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَمُجَاهد بن مُوْسَى، وَطَبَقَتهُم.
وَخَرَّجَ وَجَمَع.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَحسَّان بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَآخَرُوْنَ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى البُوْشَنْجِيّ.
وَحَدَّثَ بهَرَاة، وَنيسَابور بتَصَانِيْفه.
وَحَضَرَ أَجَلُه بِبُوْشَنْج (1) فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
243 - ابْنُ مَسْرُوْقٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّد البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الزَّاهِدُ، الجَلِيْلُ، الإِمَامُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ مَسْرُوْق (2) البَغْدَادِيُّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ.
يَرْوِي عَنْ: عَلِيِّ بنِ الجَعْد، وَخَلَفِ بنِ هِشَامٍ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، وَمن بَعْدهُم.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَجَعْفَر الخُلْدِيّ، وَحَبِيْب القَزَّاز، وَمَخْلَد
__________
(1) بو شنج، بضم الباء، وسكون الواو، وفتح الشين، وسكون النون: بلدة على سبعة فراسخ من هراة. (انظر: اللباب، ومعجم ياقوت) .
(*) طبقات الصوفية: 237 - 241، حلية الأولياء: 10 / 213 - 216، تاريخ بغداد: 5 / 100 - 103، المنتظم: 6 / 98 - 99، ميزان الاعتدال: 1 / 150، عبر المؤلف: 2 / 110، طبقات الأولياء: 89 - 90، لسان الميزان: 1 / 292 - 293، النجوم الزاهرة 3 / 177، شذرات الذهب: 2 / 227.
(2) في " شذرات الذهب ": أحمد بن مسروق.(13/494)
البَاقَرْحِي (1) ، وَابْن عُبَيْد العَسْكرِي، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِي، وَآخَرُوْنَ.
سمِعنَا (القنَاعَة) مِنْ تَأْلِيفه.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: صحب الحَارِث المُحَاسبِي، وَمُحَمَّد بن مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيّ، وَالسَّرِيّ السَّقَطِيّ (2) .
وَهُوَ القَائِلُ: التَّصوُّف: خُلُو الأَسرَار مِمَّا مِنْهُ بدٌّ، وَتعلُّقُهَا بِمَا لاَ بُدَّ مِنْهُ.
وَقَدْ كَانَ الجُنَيْد يحترِمُ ابْن مَسْرُوْق، وَيعتقِد فِيْهِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لِضَيْف: الضِّيَافَة ثَلاَث، فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَة عليّ.
تُوُفِّيَ: فِي صَفَرٍ، سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (3) .
وَعَاشَ أَربعَا وَثَمَانِيْنَ سَنَةً -رَحِمَهُ اللهُ-.
244 - ابْنُ الرُّوْمِيِّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ *
شَاعر زمَانه مَعَ البُحْتُرِيِّ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ بنِ جُرَيْج، مَوْلَى آلِ المَنْصُوْر.
__________
(1) الباقرحي، بفتح القاف، وسكون الراء: نسبة إلى باقرح: قرية من نواحي بغداد. (اللباب) .
(2) ترجمته في: حلية الأولياء: 10 / 213.
(3) في: " ميزان الاعتدال "، و" لسان الميزان ": وفاته سنة (299) .
(*) الفهرست: المقالة الرابعة: الفن الثاني، تاريخ بغداد: 12 / 23 - 26، رسالة الغفران: 476 - 483، (ط.
الخامسة) دار المعارف، المنتظم: 5 / 165 - 168، وفيات الأعيان: 3 / 358 - 362، البداية والنهاية: 11 / 74 - 75، معاهد التنصيص: 1 / 108 - 118، شذرات الذهب: 2 / 188 - 190.
وانظر ما كتب عنه حديثا من مثل كتاب " ابن الرومي حياته من شعره " لعباس محمود العقاد.(13/495)
لَهُ النَّظم العَجيب، وَالتَّوليد الغَريب.
رتَّب شِعْرَه الصُّوْلِيّ.
وَكَانَ رَأْساً فِي الهِجَاء، وَفِي الْمَدِيح، وَهُوَ القَائِلُ:
آرَاؤُكُم، وَوُجُوْهُكُم، وَسُيُوُفُكُم ... فِي الحَادِثَاتِ إِذَا دَجَوْنَ نُجُوْمُ
مِنْهَا مَعَالِمُ لِلْهُدَى وَمَصَابحٌ ... تَجْلُو الدُّجَى وَالأُخْرَيَاتُ رُجُومُ (1)
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ: لِليْلَتَيْنِ بقيتَا مِنْ جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ.
قِيْلَ: إِنَّ القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ الوَزِيْر كَانَ يخَافُ مِنْ هَجْو ابْن الرُّوْمِيّ، فَدَسَّ عَلَيْهِمِنْ أَطعمه خُشْكُنَاكَةً (2) مَسْمُومَةً، فَأَحَسَّ بِالسُّمِّ، فَوَثَبَ، فَقَالَ الوَزِيْرُ: إِلَى أَيْنَ؟
قَالَ: إِلَى مَوْضِع بعثْتَنِي إِلَيْهِ.
قَالَ: سَلِّم عَلَى أَبِي.
قَالَ: مَا طَرِيْقي عَلَى النَّار.
فَبقي أَيَّاماً، وَمَاتَ (3) .
245 - تَمِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ طُمْغَاجَ الطُّوْسِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، الجَوَّالُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّوْسِيّ، صَاحِبُ (المُسْنَدِ) الكَبِيْر عَلَى الرِّجَال.
طَوَّف، وَسَمِعَ مِنْ: شَيْبَان بن فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَة بن خَالِدٍ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاجِ
__________
(1) في الأصل: " ومصالح ". والتصويب من " الوفيات ": 2 / 359.
(2) في " الوفيات ": " حشكنانجة ".
والخشكنان: خبزة تصنع من خالص دقيق الحنطة، وتملا بالكسر واللوز، أو الفستق، وتغلى. (فارسي) .
(3) انظر: وفيات الأعيان: 3 / 361.
(*) طبقات الحنابلة: 1 / 122، تاريخ ابن عساكر: خ: 3 / 275 أ - ب، تذكرة الحفاظ: 2 / 675 - 676، تهذيب بدران: 3 / 361.(13/496)
السَّامِي، وَمُحَمَّد بن رُمْح، وَحَرْمَلَة، وَعِيْسَى بن حَمَّادٍ، وَأَبِي الرَّبِيْع الرَّشْدِينِي، وَالحَارِث بن مِسْكِيْن، وَسُلَيْمَان بن سَلَمَةَ الخبَائِرِي، وَطَبَقَتهم بِخُرَاسَانَ وَالحِجَاز وَمِصْر وَالشَّام وَالعِرَاق.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَسَن بن سُفْيَان رفيقُه، وَعَلِيّ بن حُمْشَاذ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ - نعم سَهَوت - وَإِنَّمَا حَدَّثَ الحَسَن بن سُفْيَان عَنْ وَلده أَبِي بَكْرٍ بنِ الحَسَنِ، عَنْ تَمِيْم.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم: هُوَ مُحَدِّثٌ، ثِقَةٌ، مُصَنِّفٌ، جَمَعَ (المُسْنَد) الكَبِيْر.
وَلَمْ يذكر لَهُ وَفَاةً.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: أَبُو النَّضر الفَقِيْه.
وَلَعَلَّهُ تُوُفِّيَ: فِي حُدُوْدِ الثَّمَانِيْنَ أَوِ التِّسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَطُمْغَاج: بِضَم أَوَّله.
246 - عُبَيْدُ اللهِ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ وَهْبٍ أَبُو القَاسِمِ *
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو القَاسِمِ، وَزِيْرُ المُعْتَضِد.
كَانَ شَهْماً، مَهِيْباً، شَدِيْدَ الوطأَة، قويّ السَّطْوَة، نَاهِضاً بِأَعْباء الأُمُور، مُتَمكناً مِنَ المعتضِد.
مَاتَ: فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائِتين.
وَهُوَ وَلد الوَزِيْر الكَبِيْر الَّذِي مَاتَ أَيَّام المُعْتَمِد، وَوَالدُ الوَزِيْر الكَبِيْر القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ.
__________
(*) تاريخ الطبري: 9 / 532، و10 / 22، 30، 47، 73، الكامل لابن الأثير: 7 / 510، وفيات الأعيان: 3 / 122، ضمن ترجمة عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، فوات الوفيات: 2 / 434 - 436.(13/497)
وَقَدْ عَمِل الوِزَارَة لأَبِي العَبَّاسِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخلف، فَوجَدَه فَوْقَ مَا فِي النَّفْس، فَرَدَّ أَعباءَ الأُمُور إِلَيْهِ، وَبلغ مِنَ الرُّتْبَة مَا لَمْ يَبْلُغْهُ وَزِيْرٌ، وَكَانَ عَديم النَّظير فِي السِّيَاسَة وَالتَّدْبِيْر وَالإِعتنَاء بِالصَّديق.
اخْتَفَى مَرَّة عِنْد تَاجر، فَلَمَّا وَزَرَ، وَصَلَه فِي يَوْمٍ بِمائَة أَلف دِيْنَار مِن غَلَّةٍ عَظِيْمَةٍ بَاعَه إِيَّاهَا بِرُخْص، فَربح فِيْهَا مائَة أَلْف دِيْنَار (1) .
وَقَدْ علَّم لإِسْمَاعِيْل القَاضِي فِي سَاعَةٍ عَلَى سِتِّيْنَ قِصَّةً.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ: سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَعِنْد دَفْنه، قَالَ ابْنُ المُعْتَزّ:
هَذَا أَبُو القَاسِمِ فِي لَحْدِهِ ... قِفُوا انْظُرُوا كَيْفَ تَزُوْلُ الجِبَال (2)
وَقَالَ أَيْضاً فِيْهِ:
وَمَا كَانَ رِيْحُ المِسْكِ رِيْح حَنُوطه ... وَلَكِنَّهُ هَذَا الثَّنَاءُ المُخَلَّفُ
وَلَيْسَ صَرِيْرَ النَّعْشِ مَا تَسْمَعُوْنَهُ ... وَلَكِنَّهُ أَصْلاَبُ قَوْمٍ تَقَصَّفُ (3)
__________
(1) انظر تفصيل الخبر في " فوات الوفيات ": 2 / 435.
(2) ديوان ابن المعتز: 344، (ط.
الشركة اللبنانية للكتاب - بيروت - 1969) ، ورواية البيت فيه: هذا أبو القاسم في نعشه * قوموا انظروا كيف تسير الجبال وهو ضمن مقطوعة من ثلاثة أبيات.
(3) وكذلك نسبهما لابن المعتز الكتبي في فوات الوفيات: 2 / 434، ولم نجدهما في المطبوع من ديوان ابن المعتز السابق الذكر.
وهما منسوبان للعطوي في أمالي الزجاجي: 85 - 86، والمنصف في شعر المتنبي لابن وكيع (طبع دار قتيبة) ، وهما في مجموع شعره (قسم الشعر المنسوب) : 91. وهما كذلك في أمالي القالي: 1 / 112، لمجهول، قال: " مات رجل كان يقود اثني عشر ألف إنسان، فلما حمل على النعش صر على أعناق الرجال فقال رجل في الجنازة ... ".
والعطوي هو: أبو عبد الرحمن محمد بن عطية، ولد ونشأ بالبصرة، ثم انتقل إلى =(13/498)
247 - القَبَّانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْن بن مُحَمَّدِ * (خَ (1))
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، شَيْخ المُحَدِّثِيْنَ بِخُرَاسَانَ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُوْرِيّ.
أَخْبَرَنَا العِزّ بن الفَرَّاء، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ مُوَفَّق الدِّيْنِ بن قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ البَطِّيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بن خَيْرُوْن، وَقَرَأْتُ عَلَى التَّاج عَبْد الخَالِق:
أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْد الرَّحْمَنِ، وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْل بن عمِيرَة، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ بن رَاجح، قَالاَ:
أَخْبَرَتْنَا فَخْرُ النِّسَاءِ شُهْدَة، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْد السَّلاَم، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ، قَرَأْت عَلَى أَبِي العَبَّاسِ بن حَمْدَانَ، حدَّثكُم الحُسَيْن بن مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن مَنْصُوْرٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ شُمَيْل، حَدَّثَنَا شُعْبَة، عَنِ الحكم:
سَمِعْتُ ذرّاً، عَنِ ابْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبْزَى قَالَ الحكم، وَقَدْ سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبْزَى، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَجُلاً أَتَى عُمَر، فَقَالَ: إِنِّيْ أَجْنَبْت، فَلَمْ أَجِدِ المَاء.
قَالَ: لاَ تصلِّ حَتَّى تَغْتَسِل.
فَقَالَ عَمَّار: أَمَا تذْكر يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ إِذْ أَنَا وَأَنْت فِي سريَةٍ فَأَجنبنَا، فَلَمْ نجد مَاءً، فَأَما أَنْت، فَلَمْ تصلِّ، وَأَمَّا أَنَا،
__________
= بغداد وأقام بسر من رأى، واختص بأحمد بن أبي دواد، وتوفي قريبا من سنة (250 هـ) . انظر ترجمته في: طبقات ابن المعتز: 395، الاغاني: 22 / 572، معجم الشعراء: 377، تاريخ بغداد: 3 / 137. وقد جمع شعره ونشر في مجلة المورد (ج 1، ع 1 - 2 / 74) .
(*) اللباب: 3 / 12، تهذيب الكمال: خ: 298 - 299، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 159، تذكرة الحفاظ: 2 / 680 - 682، ميزان الاعتدال: 1 / 545 - 546، عبر المؤلف: 2 / 83، تهذيب التهذيب: 2 / 368 - 369، طبقات الحفاظ: 296، خلاصة تذهيب الكمال: 84، شذرات الذهب: 2 / 201.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ". وقد خالف الذهبي، - رحمه الله - طريقته المألوفة في سرد الترجمة هذه، فقد بدأ بذكر بعض أخباره، ثم ذكر بعد ذلك مشايخه وتلامذته، وختم ببقية تلك الاخبار.(13/499)
فتمعَّكت فِي التُّرَاب، فصَلَّيْت، فَلَمَّا أَتينَا النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذكرت ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: (إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيك) ، وَضرب بيدَيْهِ إِلَى الأَرْض، ثُمَّ نفخ فِيْهِمَا، وَمسح بِهِمَا وَجهه وَكفَّيه.
فَقَالَ عُمَر: اتَّقِ الله يَا عَمَّار.
فَقَالَ: يَا أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ! إِنْ شِئْت - لمَا جعل الله عليّ مِنْ حقّك - لاَ أُحَدِّث فِيْه أَحَداً.
رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1) مِنْ حَدِيْثِ شُعبَة، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ النَّضْر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحكم ... وَذَكَرَهُ.
فَقَدْ وَصله الحُسَيْن أَحَد الأَثبَات.
ذَكَرَهُ الحَاكِم، فَقَالَ: أَحَد أَركَانَ الحَدِيْث وَحفَّاظ الدُّنْيَا، رَحل، وَأَكْثَر السَّمَاع، وَصَنَّفَ (المُسْنَد) ، وَ (الأَبْوَاب) ، وَ (التَّارِيْخ) ، وَ (الكنَى) ، وَدُوِّنت فِي الدُّنْيَا.
قُلْتُ: وُلِدَ سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَسَهْل بن عُثْمَان، وَمَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَالحُسَيْن بن الضَّحَّاك، وَسُرَيْج بن يُوْنُس، وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَأَبَا مَعْمر الهُذَلِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بن أَبِي شَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِر الحِزَامِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبَّاد المَكِّيّ، وَعُبَيْد الله بن عُمَر القَوَارِيْرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيّ، وَطَبَقَتهُم بِخُرَاسَان وَالحَرَمَيْن وَالعِرَاق، وَتقدَّم فِي هَذَا الشَّأْن.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيّ شَيْخه، وَزَكَرِيَّا بن مُحَمَّدِ بنِ بَكَّار، وَأَحْمَد مُحَمَّد بن عَبِيْدَة، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم الهَاشِمِيّ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، وَمُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) 1 / 376، 377 في التيمم: باب التيمم للوجه والكفين.(13/500)
قَالَ البُخَارِيُّ فِي الطِّبّ مِنْ (صَحِيْحه (1)) : حَدَّثَنَا حُسَيْن، حَدَّثَنَا أَحْمَد بن منيع ... ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً، فَقَالَ أَبُو نَصْرٍ الكلاَباذِي وَالحَاكِم: هُوَ القبَّانِي (2) .
وَقَالَ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ عَبِيْدَة: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
كَانَ لزِيَاد جَدِّي قبَّان، وَلَمْ يَكُنْ وَزَّاناً، وَلَمْ يَكُنْ بِنَيْسَابُوْر إِذَا ذَاكَ كَبِيْر قبَّان، وَكَانَ النَّاس إِذَا أَرَادُوا أَنْ يزِنُوا شَيْئاً، اسْتَعَاروا قبَّان جَدِّي، فشُهِر بِالقبَّانِي، وَكَانَ حمل القبَّان مَعَهُ مِنْ بِلاَد فَارِس إِلَى نَيْسَابُوْر (3) .
قُلْتُ: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ القبَّانِي قَدْ سَمِعَ (مُسْنَد أَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ) مِنْهُ، وَكَانَ مُلاَزماً لِلْبُخَارِيِّ فِي إِقَامته بنَيْسَابُور، فَهَذَا يرجِّح أَنَّهُ هُوَ، وَقِيْلَ: بَلْ هُوَ الحُسَيْن بن يَحْيَى بنِ جَعْفَرٍ البِيْكَنْدِيّ.
وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ: دَعْلَج السِّجْزِيّ.
__________
(1) 10 / 115: باب الشفاء في ثلاث، ونصه: حدثني الحسين، حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا مروان بن شجاع، حدثنا سالم الافطس عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما " الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي " رفع الحديث.
(2) قال الحافظ: كذا لهم غير منسوب، وجزم جماعة بأنه القباني، قال الكلاباذي: كان يلازم البخاري لما كان بنيسابور، وكان عنده مسند أحمد بن منيع سمعه منه بغير شيخه في هذا الحديث، وقد ذكر الحاكم في " تاريخه " من طريق الحسين المذكور أنه روى حديثا، فقال: كتب عني محمد بن إسماعيل هذا الحديث، ورأيت في كتاب بعض الطلبة قد سمعه منه عني.
قال الحافظ: وقد عاش الحسين القباني بعد البخاري ثلاثا وثلاثين سنة، وكان من أقران مسلم، فرواية البخاري عنه من رواية الأكابر عن الاصاغر.
وقد جزم الحاكم فيما نقله عنه الحافظ في " الفتح " بأن الحسين المذكور هو ابن يحيى بن جعفر البيكندي، وقد أكثر البخاري الرواية عن أبيه يحيى بن جعفر، وهو من صغار شيوخه، والحسين أصغر من البخاري بكثير قال الحافظ: وليس في البخاري عن الحسين سواء كان القباني أو البيكندي سوى هذا الحديث.
(3) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 681.(13/501)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ مَجْمَع أَهْل الحَدِيْث عِنْدَهُ بَعْد مُسْلِم بن الحَجَّاج.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ بن هَانِئ: سَمِعْتُ الحُسَيْن القبَّانِي يَقُوْلُ:
حدثت البُخَارِيّ بِحَدِيْثٍ عَنْ سُرَيْج بن يُوْنُس، فرَأَيْت فِي كِتَاب بَعْض الطلبَة: قَدْ سَمِعَهُ مِنَ البُخَارِيّ، عَنِّي (1) .
قَالَ ابْنُ الأَخْرَم: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ القبَّانِي - وَسُئِلَ عَنْ مُحَمَّدِ بن قَيْس شَيْخ أَبِي مَعْشَرٍ - فَقَالَ: هُوَ وَالِدُ أَبِي زُكَيْر.
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن يَعْقُوْبَ، سَمِعْتُ القبَّانِي يَقُوْلُ:
أَبُو الزَّعرَاء الكَبِيْر: عَبْد اللهِ بن عَبْد الوَهَّابِ، وَأَبُو الزَّعرَاء الجُمَشِي: عَمْرو بن عَمْرو - وَقِيْلَ: عَمْرو بن عَامِر، عَنْ عَمِّه أَبِي الأَحْوَص - وَأَبُو الزَّعرَاء يَحْيَى بن الوَلِيْدِ الطَّائِيّ: كُوْفِيّ، يَرْوِي عَنْهُ ابْن مَهْدِيّ.
قُلْتُ: وَرَابعهُم: أَبوَ الزَّعرَاء عبد الرَّحْمَن بن عَبْدُوْس المُقْرِئ تِلْمِيْذ الدُّوْرِيّ، وَخَامِسهُم: مُحَمَّد بن عَبْدُوْس بن كَامِلٍ السَّرَّاج صَاحِب عَلِيّ بن الجَعْد.
الحَاكِم: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَلِيّ الحَضْرَمِيّ، يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ جَدِّي الحُسَيْن بن مُحَمَّدٍ سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: صَلَّى عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ.
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 681(13/502)
248 - عَبْدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ الخُوَارِزْمِيُّ * (خَ (1))
قَاضِي خُوَارِزم، وَمُحَدِّثُهَا، رحَّال، حافِظ.
سَمِعَ: أَحْمَد بن يُوْنُس اليَرْبُوْعِيّ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَسُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن، وَإِسحَاق بن رَاهْوَيْه، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ السَّانِي الحَسَّانِيّ الخُوَارِزْمِي، وَأَبُو العَبَّاسِ بن حَمْدَانَ الحِيْرِيّ، وَهُمَا مِنْ مشيخَة البَرْقَانِيِّ.
وَقَدْ رَوَى البُخَارِيّ عَنِ ابْنِ أَبِي فِي كِتَاب (الضُّعَفَاء) أَحَادِيْث رِوَايَةً وَتعليقاً، فَإِنَّهُ مرّ بخُوَارِزْم، فَنَزَلَ عَلَى هَذَا الرَّجُل، فَقول البُخَارِيّ فِي (الصَّحِيْحِ) : حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ عبد الرَّحْمَن ... فَذَكَرَ حَدِيْثاً (2) ، فَهُوَ عَبْد اللهِ بن أُبَي (3) .
__________
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
(*) تهذيب الكمال: خ: 663، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 129، تذكرة الحفاظ: 2 / 656 - 657، تهذيب التهذيب: 5 / 139، طبقات الحفاظ: 286، خلاصة تذهيب الكمال: 190.
(2) وتمامه: وموسى بن هارون، قالا: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء ابن زبر، قال: حدثني بسر بن عبيد الله، قال: حدثني أبو إدريس الخولاني، قال: سمعت أبا الدرداء يقول: كان بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر عمر، فانصرف عنه عمر مغضبا، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو الدرداء: ونحن عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما صاحبكم هذا، فقد غامر " قال: وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتى سلم وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقص على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر، قال أبو الدرداء: وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل أبو بكر يقول: والله يا رسول الله لانا كنت أظلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هل أنتم تاركو لي صاحبي، هل أنتم تاركو لي صاحبي، إني قلت: يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت.
أخرجه البخاري 8 / 228 في تفسير سورة الاعراف: باب (واتقوه لعلكم تهتدون) . قلت: أذكر أني قرأت شرحا لهذا الحديث قديما بمجلة الأزهر للشيخ طه الساكت، وقد جعل عنوانه: خصومة الأكابر. وقد وفق لهذا العنوان أيما توفيق.
(3) خالفة الحافظ في " الفتح " 8 / 228، والمقدمة 227 فقال: كذا وقع غير منسوب =(13/503)
وكَذَلِكَ قَوْله: حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن مَعِيْن، حَدَّثَنَا أَسْمَاعِيل بن مُجَالد، عَنْ بيَان، عَنْ وَبْرَة، عَنْ همَّام، قَالَ:
قَالَ عَمَّار: رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا مَعَهُ إِلاَّ خَمْسَة أَعْبُدٍ، وَامرأَتَان، وَأَبُو بَكْرٍ (1) .
وَقِيْلَ: بَلْ عَبْد اللهِ هَذَا هُوَ: ابْن حَمَّاد الآمُلِي، وَالأَرجح عِنْدِي: أَنَّهُ ابْن أُبَي.
وَأَخْبَرَنَا الأَبَرْقُوْهِيّ، أَخْبَرَنَا الفَتْح، وَأَحْمَد بن صرمَا، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا الأُرْمَوِيّ (2) ، أَخْبَرَنَا ابْنُ النَّقُّوْر، أَخْبَرَنَا الحَرْبِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَد الصُّوْفِيّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ... فذَكَرَهُ.
عَاشَ ابْن أُبَي نَحْواً مِنْ تِسْعِيْنَ سنَةً، وَبَقِيَ إِلَى حُدُوْد التِّسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَإِلَى بَعْدهَا - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
__________
= عند الأكثر، ووقع عند ابن السكن، عن الفربري، عن البخاري: حدثني عبد الله بن حماد، وبذلك جزم الكلاباذي وطائفة.
وعبد الله بن حماد هذا: هو الآملي بالمد وضم الخفيفة، يكنى أبا عبد الرحمن، قال الاصيلي: هو من تلامذة البخاري، وكان يورق بين يديه.
(1) أخرجه البخاري 7 / 129 في المناقب: باب إسلام أبي بكر.
قال الحافظ: وعبد الله شيخه قال ابن السكن في روايته: حدثني عبد الله بن محمد.
فتوهم أبو علي الجياني أنه أراد " المسندي " فقال: فلم يصنع شيئا.
قلت (القائل ابن حجر) : وفي كلامه نظر فقد وقع في تفسير التوبة: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا يحيى بن معين، لكن عمدة الجباني هنا أن أبا نصر الكلاباذي جزم بأن عبد الله هنا: هو ابن حماد الآملي، وكذا وقع في رواية أبي ذر الهروي منسوبا، وهو عبد الله بن حماد، وهو من أقران البخاري، بل هو أصغر منه، فلقد لقي البخاري يحيى بن معين، وهو أقدم من ابن معين.
(2) الارموي، بضم الالف، وسكون الراء، وفتح الميم: نسبة إلى أرمية: من بلاد أذربيجان. (اللباب) .(13/504)
249 - ابْنُ الرَّوَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ الهَاشِمِيُّ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، الثِّقَة، أَبُو بَكْرٍ عَبْد الرَّحْمَن بن القَاسِم بن الفَرَج بن عَبْد الوَاحِد الهَاشِمِيّ الدِّمَشْقِيّ، مُسْنِد وَقته بِدِمَشْق.
سَمِعَ: أَبَا مُسْهِرٍ الغَسَّانِيَّ، وَيَحْيَى بن صَالِحٍ الوُحَاظِيّ، وَزُهَيْر بن عَبَّادٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن هِشَامٍ بن يَحْيَى الغَسَّانِيّ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَعَبْد اللهِ بن ذَكْوَان، وَخَالَه؛ إِبْرَاهِيْم بن أَيُّوْب الحورَانِي، وَطَائِفَةً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ مَرْوَان، وَأَبُو بَكْرٍ بن أَبِي دُجَانَة، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فضَالَة، وَعَلِيّ بن أَبِي العَقَب، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَجُمَح بن القَاسِمِ، وَعَلِيّ بن أَبِي العَقَب، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصح، وَالفَضْل بن جَعْفَرٍ المُؤَذِّن، وَخَلْق.
قَالَ جمح: سَمِعْتُ ابْنَ الرَّوَّاس يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مِنْ أَبِي مُسْهِر وَأَنَا ابْن إِحْدَى عَشْرَة سَنَةً (1) .
قُلْتُ: لَمْ أَظفر لابْن الرَّوَّاس بوَفَاة، لَكِن رحلَة ابْن عَدِيٍّ كَانَتْ إِلَى الشَّامِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ فَأَدركه (2) ، وَهُوَ رَاوِي نسخَة أَبِي مُسْهِر.
250 - الخُزَاعِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ **
الشَّيْخ، الصَّدُوْق، المُحَدِّث، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ بن أَسِيد الخُزَاعِيّ، الأَصْبَهَانِيّ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 75 ب - 76 أ.
(1) تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 76 أ.
(2) جاء في المصدر السابق ما نصه: " ذكر أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي أنه توفي بعد سنة ثمانين ومئتين ".
(* *) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 106 - 107، طبقات المحدثين بأصبهان ورقة 112.(13/505)
حَدَّثَ عَنِ: القَعْنَبِيّ، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْم، وَقُرَّة بن حَبِيْبٍ، وَأَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَأَبِي عُمَر الحَوْضي، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي، وَأَحْمَد العسَّال، وَعبد الرَّحْمَن بن سِيَاه، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّان، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: هُوَ ثِقَةٌ مأَمُوْنَ، تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْن وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَبُو العَبَّاسِ ثَعْلب (1) ، وَعُثْمَان بن عُمَرَ الضَّبِّيّ، وَأَحْمَد بن سَهْل الأَهْوَازِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ الصَّائِغ (2) ، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْم بن كَيْسَان الثَّقَفِيّ، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم البُوْشَنْجِيّ (3) ، وَعَلِيّ بن الحُسَيْن بن الجُنَيْد (4) ، وَعَلِيّ بن جَبَلة رُسْتَه، وَالقَاضِي مُحَمَّد بن مُحَمَّدٍ الجُذوعِي (5) ، وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّدِ بنِ سَلْم الرَّازِيّ (6) .
251 - القَطِرَانِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرِو بنِ حَفْصٍ
الشَّيْخ، المُحَدِّث، المُعَمَّر، الثِّقَة، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرو بن حَفْص بن عُمَر بن النُّعْمَانِ، القُرَيعِي البَصْرِيّ القِطرَانِي.
__________
(1) هو: أحمد بن يحيى الشيباني. وسترد ترجمته في الجزء الرابع عشر من هذا الكتاب ص 5 رقم الترجمة (1) .
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (428) ، برقم: (221) .
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة: (581) ، برقم: (303) .
(4) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 671 - 672، عبر الذهبي: 2 / 89، شذرات الذهب: 2 / 208.
(5) انظر: الأنساب: 3 / 212. والجذوعي، بضم الجيم والذال: نسبة إلى الجذوع: وهي جمع جذع.
(6) ستأتي ترجمته في الصفحة: (530) ، برقم: (262)(13/506)
سَمِعَ: القَعْنَبِيّ، وَعَمْرو بن مَرْزُوْق، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيّ، وَسُلَيْمَان بن حَرْب، وَهُدْبَة بن خَالِد، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَقَاضِي مِصْر أَبُو الطَّاهِر الذُّهْلِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي دِيْوَان (الثِّقَات) .
تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ خَمْس وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
252 - خَيَّاطُ السُّنَّةِ زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى السِّجْزِيُّ * (س (1))
الإِمَامُ الحَافِظُ، المُجَوِّدُ الرَّحَّال، أَبُو عَبْد الرَّحْمَن زَكَرِيَّا بن يَحْيَى بن إِيَاس بن سَلَمَة السِّجْزِيّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ، وَيُعْرَفُ: بخَيَّاط السُّنَّةِ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْس وَتِسْعِيْنَ وَمئَة.
وَسَمِعَ: بِشْر بن الوَلِيْد، وَشَيْبَان بن فَرُّوْخ، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَصَفْوَان بن صَالِحٍ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَحَكِيْم بن سَيْف الرَّقِّيّ، وَأَبَا مُصعب، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُف البَلْخِيّ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَخلقاً كَثِيْراً.
وَكَانَ وَاسِع الرِّحلَة، متبحراً فِي الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: النَّسَائِيّ فَأَكْثَر، وَإِسْحَاق المَنْجَنِيْقي، وَابْن صَاعِدٍ، وَابْن
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 6 / 219 ب - 220 ب، تهذيب الكمال: خ: 434 - 435، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 238، تذكرة الحفاظ: 2 / 650، عبر المؤلف: 2 / 79، تهذيب التهذيب: 3 / 334، طبقات الحفاظ: 284، خلاصة تذهيب الكمال: 122، شذرات الذهب: 2 / 196، أخبار سنة (287) تهذيب بدران: 5 / 385 - 386.
وإنما لقب بخياط السنة، لأنه كان يخيط أكفان أهل السنة.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".(13/507)
جَوْصَا، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْن، وَعَلِيّ بن أَبِي العَقَب، وَمُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم بن زُوْرَان، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ.
وثَّقَه النَّسَائِيّ، وَغَيْرهُ.
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغنِي بن سَعِيْدٍ: كَانَ ثِقَةً حَافِظاً، حَدَّثَنَا عَنْهُ أَحْمَد وَإِسْحَاق ابْنا إِبْرَاهِيْم بن الحَدَّاد.
مَاتَ خَيَّاط السُّنَة سَنَة تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، أَرَّخَهُ ابْن زَبْر، وَعَاشَ أَربعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَمن غرَائِبه: قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيْد بن كَثِيْر، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن إِبْرَاهِيْمَ مَوْلَى مُزَيْنَة، عَنْ صَفْوَانَ بنِ سُلَيْم، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْب، حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ بن السَّائِب، عَنْ أَبِيه، عَنْ جَدِّهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لاَ يَأْخُذ أَحَدُكُم مَتَاع أَخِيْهِ لاعِباً وَلاَ جَادّاً) (1) .
253 - ابْنُ خِرَاشٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يُوْسُفَ المَرْوَزِيُّ *
الحَافِظُ، النَّاقِد، البَارع، أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الرَّحْمَن بن يُوْسُف بن سَعِيْدِ بن خِرَاش المَرْوَزِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
__________
(1) الحديث في: تاريخ ابن عساكر: خ: 6 / 220 أوفيه تتمة. وأخرجه أحمد 4 / 221، وأبو داود (5003) في الأدب: باب من يأخذ الشئ على المزاح، والترمذي (2160) في الفتن: باب ما جاء لا يحل لمسلم أن يروع مسلما من طرق عن ابن أبي ذئب بهذا الإسناد، وهو إسناد صحيح.
(*) الكامل ابن عدي: (خ - ظاهرية) : 2 / 236، تاريخ بغداد: 10 / 280 - 281، تاريخ ابن عساكر: خ: 10 / 136 ب - 138 أ، المنتظم: 5 / 164، تذكرة الحفاظ: 2 / 684 - 286، مزان الاعتدال: 2 / 600 - 601، عبر المؤلف: 2 / 70 - 71، لسان الميزان: 3 / 444 - 445، طبقات الحفاظ: 297 - 298، شذرات الذهب: 2 / 184.(13/508)
رَوَى عَنْ: خَالِدِ بنِ يُوْسُفَ السَّمتِي (1) ، وَعَبْد الجَبَّار بن العَلاَء، وَأَبِي عُمَيْر بن النَّحَّاس الرَّمْلِيّ، وَأَبِي حَفْص الفَلاَّس، وَنَصْر بن عَلِيّ، وَأَبِي التَّقي (2) هِشَام بن عَبْد المَلِك اليَزَنِيّ (3) ، وَعَلِيّ بن خَشْرَم، وَيَعْقُوْب الدّروقي، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: ابْنُ عُقدَة، وَبَكْر بن مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، وَأَبُو سَهْل بن زِيَادٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ بَكْر بن مُحَمَّدٍ سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: شَرِبت بولِي فِي هَذَا الشَّأْن -يَعْنِي الحَدِيْث- خَمْس مَرَّات.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ بنُ عَدِيٍّ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْفَظ مِن ابْن خِرَاش.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: قَدْ ذُكر بِشَيْءٍ مِن التَّشَيُّع، وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ يتعمَّد الْكَذِب.
سَمِعْتُ ابْنَ عُقدَة يَقُوْلُ: كَانَ ابْنُ خِرَاش عِنْدنَا إِذَا كتب شَيْئاً فِي التَّشَيُّع يَقُوْلُ: هَذَا لاَ ينْفق إِلاَّ عِنْدِي وَعِنْدَك.
وَسَمِعْتُ عبدَان يَقُوْلُ: حمل ابْن خِرَاش إِلَى بُنْدَار عِنْدنَا جُزْءين صنَّفهماً فِي مثَالب الشَّيخين، فَأَجَازَهُ بِأَلفِي دِرْهَم، بَنَى لَهُ بِهَا حُجْرَة بِبَغْدَادَ ليُحَدِّث فِيْهَا، فَمَاتَ حِيْنَ فرغ مِنْهَا (4) .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّد بن يُوْسُفَ الحَافِظ: خَرَّجَ ابْن خِرَاش مثَالب الشَّيخين، وَكَانَ رَافِضِيّاً.
__________
(1) السمتي، بفتح السين، وسكون الميم: نسبة إلى السمت والهيئة. (اللباب) .
(2) في " توضيح المنتبه ": خ: 97 ب، قال ابن ناصر الدين: " المعروف تنكير كنيته، وكذلك ذكره عبد الغني بن سعيد، والامير، وعبد الغني المقدسي، والجمهور، والذهبي المؤلف في " الكاشف " وكناه معرفا: أبا التقي، الحافظ أبو القاسم بن عساكر في " معجم النبل " ص: 312.
(3) اليزني: نسبة إلى ذي يزن: وهو بطن من حمير. (انظر: اللباب) .
(4) الكامل لابن عدي: خ - ظاهرية: 2 / 236.(13/509)
وَقَالَ ابْنُ عَدِيّ: سَمِعْتُ عبدَان يَقُوْلُ: قُلْتُ لابْن خِرَاش حَدِيْث: (مَا تركنَا صدقَة (1)) ، فَقَالَ: بَاطِل، أَتَّهُم مَالِك بن أَوس (2) .
قَالَ عَبْدَان: وَقَدْ حَدَّثَ بِمرَاسيل وَصلهَا، وَموَاقيف رفعهَا (3) .
قُلْتُ: هَذَا مُعَثَّر مَخْذُول، كَانَ علمه وَبَالاً، وَسعيه ضلاَلاً نَعُوذ بِاللهِ مِنَ الشَّقَاء.
قَالَ ابْنُ المُنَادِي: مَاتَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
254 - المَعْمَرِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ شَبِيْبٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، البَارع، مُحَدِّث العِرَاق، أَبُو عَلِيٍّ،
__________
(1) أخرجه البخاري 6 / 141 في فرض الخمس، و7 / 257 في المغازي: باب حديث بني النضير، و12 / 504 في الفرائض: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا نورث ما تركنا صدقة "، ومسلم " 1757) في الجهاد: باب حكم الفئ، وأبو داود (2963) و (2964) ، والنسائي 7 / 136، 137، والترمذي (1610) ، وأبو بكر المروزي في " مسند أبي بكر " (1) و (2) و (3) ، وعبد الرزاق في " المصنف " (9772) ، والبيهقي 6 / 298.
(2) انظر: الكامل لابن عدي: خ - ظاهرية: 2 / 236، ومالك بن أوس ثقة عند الجميع، وقد رواه عن عمر، وعثمان، وسعد، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف.
وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا أبو هريرة عند مالك 2 / 993، والبخاري 12 / 5، ومسلم (1760) وعائشة عند البخاري 7 / 63، ومسلم (1758) ، ومالك 2 / 993، وأبو الطفيل عند أبي داود (2973) .
(3) المصدر السابق.
(*) تاريخ بغداد: 7 / 369 - 372، تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 242 ب - 244 ب، المنتظم: 6 / 78 - 79، اللباب: 3 / 236 - 237، تذكرة الحفاظ: 2 / 667 - 668، ميزان الاعتدال: 1 / 504، عبر المؤلف: 2 / 101، البداية والنهاية: 11 / 106، لسان الميزان: 2 / 221 - 225، طبقات الحفاظ: 290 - 291، شذرات الذهب: 2 / 218، تهذيب بدران: 4 / 201 - 202.
والمعمري، بفتح الميم، وسكون العين، وفتح الميم الثانية: نسبة إلى معمر بن راشد، ونسب إليه لأنه عني بجمع حديثه، وقيل: لأنه ابن بنت سفيان بن أبي سفيان المعمري.(13/510)
الحَسَن بن عَلِيّ بن شبيب البَغْدَادِيّ، المَعْمَرِيّ.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَة عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: شَيْبَان بن فرُّوخ، وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيّ، وَخَلَف بن هِشَامٍ، وَهُدْبَة بن خَالِد، وَسَعِيْد بن عَبْد الجَبَّار، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَجُبارَة بن المُغَلِّس، وَعِيْسَى بن زُغْبَة، وَدُحَيماً، وَطَبَقَتَهُم بِالشَّامِ وَمِصْر وَالعِرَاق، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ وَتقدَّم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو سَهْل بن زِيَادٍ، وَأَحْمَد بن كَامِلٍ القَاضِي، وَابْن قَانع، وَأَحْمَد بن عِيْسَى التَّمَّار، وَمُحَمَّد بن أَحْمَد المُفِيد، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَخَلْق.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) : كَانَ مِنْ أَوْعِيَة العِلْم، يُذكر بِالفهم، وَيُوصف بِالحِفْظ، وَفِي حَدِيْثِه غَرَائِب وَأَشيَاء ينْفَرد بِهَا.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَدُوْقٌ حَافظ، جرَّحه مُوْسَى بن هَارُوْنَ، وَكَانَتِ العدَاوَة بينهُمَا، وَكَانَ أَنكر عَلَيْهِ أَحَادِيْث أَخرج أَصوله بِهَا، ثُمَّ إِنَّهُ ترك روَايتهَا (2) .
وَقَالَ عبدَان الأَهْوَازِيّ: مَا رَأَيْتُ صَاحِب حَدِيْثٍ فِي الدُّنْيَا مِثْل المَعْمَرِيّ (3) .
وَقَالَ مُوْسَى بنُ هَارُوْنَ: اسْتخرت الله سنتَيْن حَتَّى تكلَّمتُ فِي المَعْمَرِيّ، وَذَلِكَ أَنِّي كتبت مَعَهُ فِي الشُّيُوْخ، وَمَا افترقنَا، فَلَمَّا رَأَيْت تِلْكَ
__________
(1) تاريخ بغداد: 7 / 370
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق: 7 / 371.(13/511)
الأَحَادِيْث قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهَا (1) .
رَوَاهَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، عَنْ أَبِي طَاهِر الجُنَابذِيّ (2) عَنْهُ.
ثُمَّ قَالَ الجُنَابذِيّ: كَانَ المَعْمَرِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَتولَّى لَهُم الاَنتخَاب، فَإِذَا مرّ حَدِيْث غَرِيْب، قصدت الشَّيْخ وَحدي، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ (3) .
قُلْتُ: فعوقِب بِنَقِيض قَصده، وَلَمْ يَنْتفع بِتِلْكَ الغَرَائِب، بَلْ جرَّت إِلَيْهِ شَرّاً، فَقبَّح الله الشَّرَه.
قَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: سَأَلت عَبْد اللهِ بن أَحْمَد، عَن المَعْمَرِيّ، فَقَالَ: لاَ يتعمَّد الْكَذِب، وَلَكِنْ أَحسب أَنَّهُ صحب قَوْماً يُوَصِّلُوْنَ -يَعْنِي المرَاسيل (4) -.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا بَكْرٍ بن أَبِي دَارم يَقُوْلُ: كُنْتُ بِبَغْدَادَ لَمَّا أَنكر مُوْسَى بن هَارُوْن عَلَى المَعْمَرِيّ تِلْكَ الأَحَادِيْث، وَأَنَهَى (5) أَمرهُم إِلَى يُوْسُف القَاضِي، بَعْدَ أَنْ كَانَ إِسْمَاعِيْل (6) القَاضِي توسَّط بينهُمَا، فَقَالَ مُوْسَى بن هَارُوْن: هَذِهِ أَحَادِيْث شَاذَّة عَنْ شُيُوْخ ثِقَات، لاَ بُدَّ مِنْ إِخرَاج الأُصُوْل بِهَا.
فَقَالَ المَعْمَرِيّ: قَدْ عُرف مِنْ عَادتِي أَنِّي كُنْت إِذَا رَأَيْت حَدِيْثاً غَرِيْباً عِنْد شَيْخٍ ثِقَةٍ لاَ أُعَلِّم عَلَيْهِ، إِنَّمَا كُنْت أَقرأُ مِنْ كِتَاب الشَّيْخ وَأَحفظه، فَلاَ سَبِيْل إِلَى إِخرَاج الأُصُوْل بِهَا (7) .
__________
(1) المصدر السابق.
(2) الجنابذي، بضم الجيم، وبكسر الباء: نسبة إلى: كونابذ، ويقال لها بالعربية: جونابذ: قرية بنواحي نيسابور. (اللباب) .
(3) تاريخ بغداد: 7 / 371
(4) المصدر السابق.
(5) في: تاريخ ابن عساكر: " وانتهى ".
(6) زاد ابن عساكر هنا: " ابن إسحاق ".
(7) تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 243 ب(13/512)
قَالَ عَلِيّ بن حُمْشَاذ: كُنْت بِبَغْدَاد حنيئذٍ فَأَخْرَج نَيِّفاً (1) وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً، ذكر أَنَّهُ لَمْ يشركهُ فِيْهَا أَحَدٌ، وَرفض المَعْمَرِيّ مَجْلِسه، فَصَارَ النَّاس (2) حِزْبَيْنِ: حزبٌ للمعمَرِيّ، وَحزبٌ لمُوْسَى، فَكَانَ مِنْ حجّة المَعْمَرِيّ: أَن هَذِهِ أَحَادِيْث حفظتُهَا عَنِ الشُّيُوْخ (3) ، لَمْ أَنسخهَا.
ثُمَّ اتفقُوا بِأَجمعهِم عَلَى عدَالَة المَعْمَرِيّ، وَتقدُّمه (4) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: كَانَ المَعْمَرِيّ كَثِيْر الحَدِيْثِ، صَاحِب حَدِيْثٍ بِحقِّهِ، كَمَا قَالَ عبدَان: إِنَّهُ لَمْ يَر مثله، وَمَا ذُكِرَ عَنْهُ أَنَّهُ رفع أَحَادِيْث وَزَاد فِي متُوْنَ، قَالَ: هَذَا (5) شَيْء مَوْجُود فِي البَغْدَادِيِّيْنَ خَاصَّة، وَفِي حَدِيْثِ ثِقَاتِهم، وَأنَّهم يرفعُوْنَ الموقُوف، وَيصِلُوْنَ المرْسَل، وَيزيدُوْنَ فِي الإِسْنَاد (6) .
قُلْتُ: بِئست الخِصَال هَذِهِ، وَبمثلهَا ينحطُّ الثِّقَة عَنْ رُتْبَة الاحتجَاج بِهِ، فَلَو وَقَفَ المُحَدِّثُ المرفوعَ، أَوْ أَرسلَ المتَّصلَ، لَسَاغ لَهُ، كَمَا قِيْلَ: أَنقِصْ مِنَ الحَدِيْثِ وَلاَ تَزدْ فِيْهِ.
قَالَ أَحْمَد بن كَامِلٍ القَاضِي: مَاتَ أَبُو عَلِيٍّ المَعْمَرِيّ (7) لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَة بقيت مِن المُحَرَّم سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (8) .
__________
(1) في: تاريخ دمشق: " كنت ببغداد لما وقع بين الحسن بن علي بن شبيب المعمري، وموسى بن هارون ما وقع فأخرج عليه أبوعمران نيفا ... ".
(2) زاد ابن عساكر هنا: " ... الغرباء وأهل بغداد ... ".
(3) وزاد هنا أيضا: " ... وقت السماع، و ... ".
(4) تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 244 ب، وتتمة الخبر فيه: " ... وعلى زيادة معرفته أبي عمران، وأنه لما رأى أحاديث شاذة لم يتبعها إلا أن يتثبتها ويبحث عنها ".
(5) في " تاريخ بغداد ": 7 / 371: " وزاد في المتون، فإن هذا ... ".
(6) تاريخ بغداد: 7 / 371 - 372.
(7) " ... في ليلة الجمعة ... " زيادة من " تاريخ ابن عساكر ".
(8) تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 244 ب(13/513)
قَالَ: وَكَانَ فِي الحَدِيْث وَجمعه وَتصنيفه إِمَاماً رَبَّانِيّاً، وَقَدْ شدَّ أَسنَانه بِالذَّهَبِ، وَلَمْ يُغَيِّرْ شَيْبَه.
وَقِيْلَ: عَاشَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ كَانَ نَاب فِي القَضَاءِ، عَنِ البِرْتِيّ بِالقصر وَأَعمَالِهَا (1) ، وَشُهِر بِالمَعْمَرِيّ لأَنَّهُ ابْن أُمّ الحَسَن بِنْت سُفْيَان بن الشَّيْخ أَبِي سُفْيَانَ مُحَمَّد بن حُمَيْد المَعْمَرِيّ، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ ارْتَحَلَ إِلَى اليَمَن إِلَى مَعْمَر، فلذَا قِيْلَ لَهُ: المَعْمَرِيّ، وَاللهُ أَعْلَمُ (2) .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الثَّغرِيّ (3) بِحَلَب، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّطِيْف بن يُوْسُف، أَخْبَرَنَا عَبْد الحَقّ بن يُوْسُف، أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَن الحمَامِيّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ قَانِع، حَدَّثَنَا الحَسَن بن عَلِيّ المَعْمَرِيّ، حَدَّثَنَا هِشَام بن عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بن وَاقِد، عَنْ مُوْسَى بنِ يَسَار، عَنْ مَكْحُوْل، عَنْ جُنَادَة بن أَبِي أُمَيَّة، عَنْ حَبِيب بن مَسْلَمَة:
(أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جعل السَّلَب للقَاتل) (4) .
__________
(1) كذا الأصل، ومثله في " البداية والنهاية ": 11 / 106، وفي المنتظم: 6 / 79، وتهذيب بدران: 4 / 202: " على البصرة وأعمالها ".
(2) انظر: تاريخ ابن عساكر: خ: 4 / 244 ب.
(3) ترجمته في " مشيخة " الذهبي: خ: ق: 55.
(4) إسناده على انقطاعه ضعيف جدا، فإن عمرو بن واقد متروك، وأخرجه الطبراني في " الكبير " من ثلاثة طرق عن هشام بن عمار بهذا الإسناد، وأورده الهيثمي في " المجمع " 5 / 331، ونسبه للطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وأعله بعمرو بن واقد، وقد ثبت متن الحديث من حديث أبي قتادة بن ربعي أخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 454، 455، وعنه البخاري 8 / 29 في المغازي، ومسلم (1751) ، وأبو داود (2717) ، والترمذي (1562) بلفظ: " من قتل قتيلا له عليه بينة، فله سلبه ".(13/514)
255 - ابْنُ سَهْلٍ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَام، المُتْقِن، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَد بن سَهْل بن بَحْر النَّيْسَابُوْرِيّ.
سَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَإِسحَاق بن رَاهْوَيْه، وَدَاوُد بن رُشَيْدٍ، وَعَبْد اللهِ بن مُعَاوِيَة الجُمَحِيّ، وَالقَوَارِيْرِيّ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَحَرْمَلَة، وَطَبَقَتهُم.
وَلَهُ رحلَة وَاسِعَة، وَمَعْرِفَةٌ جيدَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم، وَأَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيّ.
قَالَ الحَاكِمُ: لَيْسَ فِي مَشَايِخ بلدنَا مِنْ أَقْرَانِه أَكْثَر سَمَاعاً بِالشَّامِ مِنْهُ، وَهُوَ مجوِّد فِي الشَّامِيّين.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ الحَافِظ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَحْمَد بن سَهْل يَقُوْلُ: دَخَلت عَلَى أَحْمَد بن حَنْبَلٍ فِي المِحْنَة، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كَانَ وَكِيْعٌ إِمَام المُسْلِمِيْنَ فِي وَقته، وَكَانَ ابْنُ يَعْقُوْب يعْتَمد أَحْمَد بن سَهْل أَيَّ اعتمَاد.
قُلْتُ: يَقَعُ حَدِيْثُهُ فِي تَصَانِيْف البَيْهَقِيّ.
وَتُوُفِّيَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
وَمن الرُّوَاة عَنِ ابْنِ سهل: عَلِيّ بن حُمِشَاذ، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ.
وَلَهُ تَرْجَمَة فِي (تَارِيْخ دِمَشْقَ) (1) .
__________
(*) طبقات الحفاظ: 296.
(1) لم نجدها في النسخة الموجودة بدار الكتب الظاهرية في دمشق، وكذلك ليست موجودة في " تهذيب بدران "، ولعلها في القسم المفقود منه(13/515)
256 - ابْنُ سَهْلٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ الكَبِيْر، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْل الأَنْصَارِيّ، البَغْدَادِيّ، ثُمَّ المَرْوَزِيّ.
وُلِدَ سَنَةَ مائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ: عَمْرِو بنِ مَرْزُوْق، وَأَبِي عُمَر الحَوْضِيّ، وَيَحْيَى بن يَحْيَى، وَعَلِيّ بن الحَسَنِ بنِ شَقِيق، وَمُسَدَّد، وَعَلِيّ بن الجَعْد، وَقُتَيْبَة.
وَعَنْهُ: أَحْمَد بن سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّد بن يُوْسُف البخَاريَّان، وَابْن عَدِيٍّ، وَالإِسْمَاعِيلِيّ.
وَكَانَ إِمَاماً فِي التَّفْسِيْر.
ليَّنه ابْن عَدِيٍّ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجُو أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ.
قِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
257 - عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلِ بنِ هِلاَلٍ الشَّيْبَانِيُّ ** (س) (1)
الإِمَام، الحَافِظ، النَّاقِد، مُحَدِّث بَغْدَاد، أَبُو عبد الرَّحْمَن ابْن شَيْخ الْعَصْر أَبِي عَبْدِ اللهِ الذُّهْلِيّ الشَّيْبَانِيّ، المَرْوَزِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
__________
(*) ميزان الاعتدال: 3 / 652، لسان الميزان: 5 / 295.
(* *) الجرح والتعديل: 5 / 7، تاريخ بغداد: 9 / 375 - 376، طبقات الفقهاء: 169 - 170، طبقات الحنابلة: 1 / 180 - 188، المنتظم: 6 / 39 - 40، معجم البلدان: " باب التبن "، تهذيب الكمال: خ: 664، تذهيب التهذيب: خ: 2 / 129 - 130، تذكرة الحافظ: 2 / 665 - 666، عبر المؤلف: 2 / 86، البداية والنهاية: 11 / 96 - 97، طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 408، تهذيب التهذيب: 5 / 141 - 143، خلاصة تذهيب الكمال: 190، شذرات الذهب: 2 / 203 - 204.
(1) زيادة من: تهذيب التهذيب:(13/516)
وُلِدَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، فَكَانَ أَصغر مِنْ أَخِيْهِ صَالِح بن أَحْمَد قَاضِي الأَصْبَهَانيّين.
رَوَى عَنْ أَبِيْهِ شَيْئاً كَثِيْراً، مِنْ جملَته (المُسْنَد) كُلّه، وَ (الزُّهْد) ، وَعَنْ يَحْيَى بنِ عَبْدوَيْهِ صَاحِب شُعبَة، وَامْتَنَعَ مِنَ الأَخَذَ عَنْ عَلِيٍّ بن الجَعْد لِوَقْفِهِ (1) فِي مَسْأَلَة القُرْآن، وَعَنْ: شَيْبَان بن فرُّوخ، وَحَوْثَرَة بن أَشْرَس، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بن مَعِيْن، وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الدُّوْلاَبِيّ، وَالهَيْثَم بن خَارِجَة، وَعبد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَأَبِي الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، وَأَبِي بَكْر بن أَبِي شَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاج السَّامِي، وَعُبَيد الله القَوَارِيْرِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْر المُقَدَّمِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرٍ الوَرْكَانِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْب، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْم المَوْصِلِيّ، وَإِسْحَاق بن مُوْسَى الخَطْمِيّ، وَأَبِي مَعْمَرٍ إِسْمَاعِيْل بن إِبْرَاهِيْم الهُذَلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عُبَيْدٍ بن أَبِي كَرِيْمَةَ، وَالحَكَم بن مُوْسَى القَنْطَرِيّ، وَخَلَف بن هِشَامٍ البَزَّار، وَدَاوُد بن رُشَيْدٍ، وَدَاوُد بن عَمْرو الضَّبِّيّ، وَرَوْح بن عَبْد المُؤْمِن، وَأَبِي خَيْثَمَة، وَسُرَيْج بن يُوْنُس، وَعَبَّاد بن يَعْقُوْبَ، وَعَبْد اللهِ بن عَوْنٍ الخرَّاز، وَعُبيد الله بن مُعَاذٍ، وَكَامِل بن طَلْحَة، وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ البَلْخِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبَّاد المَكِّيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّار، وَمُحَمَّد بن عَبْد المَلِك بن أَبِي الشَّوَارِبِ، وَمَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَوَهْب بن بَقِيَّة، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ حَدِيْثَيْنِ فِي (سُننه) ، وَالبَغَوِيّ، وَابْن صَاعِدٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَالخَضِر بن المُثَنَّى الكِنْدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بن زِيَادٍ،
__________
(1) وهذا من تشدداته التي ورثها عن أبيه.(13/517)
وَمُحَمَّد بن مَخْلَدٍ، وَالمَحَامِلِيّ، وَدَعْلَج، وَإِسْحَاق بن أَحْمَدَ الكَاذِي (1) ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَأَبُو أَحْمَدَ العسَّال، وَقَاسم بن أَصْبَغ، وَأَحْمَد بن كَامِلٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ إِبْرَاهِيْم بن مُحَمَّدِ بنِ بَشِيْر: سَمِعْتُ عبَّاساً الدُّوْرِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ يَوْماً عِنْد أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، فَدَخَلَ ابْن عَبْد اللهِ فَقَالَ لِي أَحْمَدُ: يَا عَبَّاس! إِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن قَدْ وَعَى عِلْماً كَثِيْراً (2) .
وَمن شُيُوْخه: أَحْمَدُ الدَّوْرَقِيّ، وَأَحْمَد بن أَيُّوْب بن رَاشِدٍ، وَأَحْمَد بن بُدَيْل، وَأَحْمَد بن جَنَاب، وَأَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ جُنَيدب، وَأَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ خِرَاشٍ، وَأَحْمَد بن خَالِد الخَلاَّل، وَأَحْمَد بن سَعِيْدٍ الدَّارِمِيّ، وَأَحْمَد بن حُمَيْد، وَأَحْمَد بن حَاتِمٍ، وَأَحْمَد بن عَبْدَة البَصْرِيّ، وَأَحْمَد بن عُمَر الوَكِيْعِيّ، وَابْن عِيْسَى التُّسْتَرِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ المُغِيْرَة الحِمْصِيّ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَطَّان، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَسَن البَاهِلِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن زِيَادٍ سَبَلان، وَإِبْرَاهِيْم بن سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ اللهِ بنِ بَشَّار وَاسِطِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن نَصْر - وَهُوَ ابْن أَبِي اللَّيْث - وَإِسْحَاق بن إِسْمَاعِيْل الطَّالقَانِي، وَإِسْحَاق الكَوْسَج، وَإِسْمَاعِيْل بن إِبْرَاهِيْم التَّرْجُمَانِيّ، وَأَبُو معمر الهُذَلِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عُبَيْدٍ بن أَبِي كَرِيْمَةَ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدٍ المُعقِّب، وَإِسْمَاعِيْل بن مَهْدِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُوْسَى.
وَحُمِيد، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْل، وَجَعْفَر بن مِهْرَان بن السَّبَّاك، وَجَعْفَر بن أَبِي هُرَيْرَة، وَحَجَّاج بن الشَّاعِرِ، وَالحَسَن بن قَزَعَة، وَالحَسَن بن أَبِي الرَّبِيْع، وَحَوْثَرَة بن أَشْرَس. وَأَبُو مُسْلِمٍ الخَلِيْل بن سَلْم - لَقِي عبد
__________
(1) الكاذي: نسبة إلى كاذة، من قرى بغداد. (اللباب)
(2) تاريخ بغداد: 9 / 376.(13/518)
الوَارِث - وَخَلاَّد بن أَسْلَم.
وَرَوْح بن عبد المُؤْمِن، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى زَحْمَوَيْه، وَزَكَرِيَّا بن يَحْيَى الرَّقَاشِيّ، وَزِيَاد بن أَيُّوْب.
وَسَعِيْد بن أَبِي الرَّبِيْع السَّمَّان، وَسَعِيْد بن مُحَمَّدٍ الجَرْمِيّ، وَسَعِيْد بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، وَسُفْيَان بن وَكِيْع، وَسُلَيْمَان بن أَيُّوْبَ صَاحِب البَصْرِيّ، وَأَبُو الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، وَسُلَيْمَان بن مُحَمَّدٍ المُبَارَك، وَشُجَاع بن مَخْلَدٍ.
وَصَالِح بن عَبْدِ اللهِ التِّرْمِذِيّ، وَالصَّلْت بن مَسْعُوْدٍ.
وَعَاصِم بن عُمَر المُقَدَّمِيّ، وَعَبَّاس العَنْبَرِيّ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَالعَبَّاس بن الوَلِيْد النَّرْسِيّ، وَعَبْد اللهِ بن أَبِي زِيَاد، وَعَبْد اللهِ بن سَالِم المفْلُوج، وَعَبْد اللهِ بن سَعْد الزُّهْرِيّ، وَعَبْد اللهِ بن صَنْدل عَنِ الفُضَيْل بن عِيَاض، وَعَبْد اللهِ بن عَامِرِ بنِ زُرَارَةَ، وَعَبْد اللهِ مُشْكُدَانَة، وَعَبْد اللهِ بن عِمْرَانَ الرَّازِيّ، وَعَبْد الوَاحِد بن غِيَاث، وَالقَوَارِيْرِيّ، وَعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَعُقْبَة بن مُكْرَمٍ العَمِّيّ، وَعَلِيّ بن إِشكَاب، وَأَبُو الشَّعْثَاء عليّ بن الحَسَنِ، وَعَلِيّ بن حَكِيْم، وَعَلِيّ بن مُسْلِم، وَعِمْرَان بن بَكَّارٍ الحِمْصِيّ، وَعَمْرو الفَلاَّس، وَعَمْرو النَّاقِد، وَعِيْسَى بن سَالِم.
وَأَبُو كَامِل الفُضَيْل الجَحْدَرِيّ، وَفِطْر بن حَمَّادٍ، وَقَاسم بن دِيْنَارٍ، وَقُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ كِتَابَةً، وَقَطَن بن نُسير.
وَكَثِيْر بن يَحْيَى الحَنَفِيّ، وَلَيْث بن خَالِد البَلْخِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيّ.
وَمُحَمَّد بن إِسْحَاق المُسَيَّبِي، وَبُنْدَار، وَمُحَمَّد بن أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيّ، وَمُحَمَّد بن بَكَّارٍ مَوْلَى بن هَاشِمٍ، وَمُحَمَّد بن تَمِيْم النَّهْشَلِيّ، وَمُحَمَّد بن ثَعْلَبَة بن سوَاء، وَمُحَمَّد بن حَسَّان السَّمتِي، وَمُحَمَّد بن إِشكَاب، وَمُحَمَّد لُوَيْن، وَمُحَمَّد بن صُدرَان، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ - جَار لَهُم يُكْنَى أَبَا بَكْرٍ - وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ الرُّزِّي (1) ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحِيْمِ صَاعِقَة،
__________
(1) الرزي، بضم الراء، وتشديد الزاي: نسبة إلى الرز، ويقال له: الارزي، أيضا. (اللباب) .(13/519)
وَمُحَمَّد بن عُبَيْدٍ بن حَسَّان، وَمُحَمَّد بن عُبَيْدٍ المُحَارِبِيّ، وَمُحَمَّد بن عُثْمَانَ العُثْمَانِيّ، وَمُحَمَّد بن عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ شَقِيق، وَمُحَمَّد بن عَمْرٍو البَاهِلِيّ، وَأَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّد بن العَلاَءِ، وَمُحَمَّد بن أَبِي غَالِب، وَمُحَمَّد بن المُثَنَّى، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ أَخُو حجَّاج، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّان، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ أَبِي سَمِينَة، وَمُحَمَّد بن يَزِيْدَ العِجْلِيّ، وَمُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ أَبُو الهَيْثَمِ - سَمِعَ: مُعْتمراً -.
وَمُحْرِز بن عَوْنٍ، وَمَخْلَد بن الحَسَنِ، وَمُصْعَب الزُّبَيْرِيّ، وَمُعَاوِيَة بن عَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ الزُّبَيْرِيّ، عَنْ سَلاَّم أَبِي المُنْذِر.
وَنَصْر بن عَلِيٍّ، وَنُوْح بن حَبِيْب.
وَهَارُوْن بن مَعْرُوف، وَهُدْبَة بن خَالِدٍ، وَهَدِيَّة بن عَبْد الوَهَّابِ، وَهُرَيم (1) بن عَبْدِ الأَعْلَى، وَهَنَّاد.
وَيَحْيَى بن أَيُّوْبَ البَلْخِيّ، وَيَحْيَى بن عُثْمَانَ الحَرْبِيّ، وَيَعْقُوْب بن إِسْمَاعِيْلَ بنِ حَمَّاد بن زَيْدٍ، وَيُوْسُف بن يَعْقُوْبَ الصَّفَّار، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ البَصْرِيّ العَنْبَرِيّ، كَأَنَّهُ مُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الفُضَيْل، وَأَبُو مُوْسَى الهَرَوِيّ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْمَ.
وَسَائِر هَؤُلاَءِ حَدَّثَ عَنْهُم فِي (مُسْنَد) أَبِيْهِ، سِوَى بَعْض الأَحمدين.
قَالَ أَبُو يَعْلَى بن الفَرَّاء: وَجدْتُ عَلَى ظهر كِتَابٍ رَوَاهُ أَبُو الحُسَيْنِ السُّوْسَنْجِرْديّ، عَنْ إِسْمَاعِيْلَ الخُطَبِيّ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ لِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: ابْني عَبْد اللهِ محظوظٌ مِنْ عِلْم الحَدِيْث، الخُطَبِيّ يشُكّ، لاَ يكَادُ يُذَاكرنِي إِلاَّ بِمَا لاَ أَحْفَظ (2) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف: قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَد بن حَنْبَلٍ: كُلّ شَيْءٍ أَقُول: قَالَ أَبِي، فَقَدْ سَمِعتُه مَرَّتين وثَلاَثَة، وَأَقلُّه مرَّة.
__________
(1) في الأصل: " هريمة "، والتصحيح من " التهذيب " وفروعه.
(2) تاريخ بغداد: 9 / 376 (3) المصدر السابق.(13/520)
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبَ إِلَيَّ عَبْدُ اللهِ بِمَسَائِل أَبِيْهِ، وَبعلل الحَدِيْث (1) .
وَقَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ المُنَادِي: لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا أَحَدٌ أَرْوَى عَنْ أَبِيْهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، لأَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ (المُسْنَد) وَهُوَ ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، وَ (التَّفْسِيْر) وَهُوَ مائَة أَلْف وَعِشْرُوْنَ أَلْفاً، سَمِعَ مِنْهُ ثَمَانِيْنَ أَلْفاً، وَالبَاقِي وِجَادَةً (2) ، وَسَمِعَ (النَّاسخ وَالمنسوخ) ، وَ (التَّارِيْخ) ، وَ (حَدِيْث شُعبَة) ، وَ (المقدَّم وَالمُؤخَّر فِي كِتَاب الله) ، وَ (جَوَابَات القُرْآن) ، وَ (المنَاسك الكَبِيْر) ، وَ (الصَّغِيْر) ، وَغَيْر ذَلِكَ مِنَ التَّصَانِيْف، وَحَدِيْث الشُّيُوْخ.
قَالَ: وَمَازِلنَا نرَى أَكَابر شُيوخنَا يَشْهدُوْنَ لَهُ بِمَعْرِفَة الرِّجَال وَعِلَل الحَدِيْث، وَالأَسْمَاء وَالكُنَى، وَالموَاظَبَة عَلَى طَلَب الحَدِيْث فِي العِرَاق وَغيرهَا، وَيذكرُوْنَ عَنْ أَسلاَفِهم الإِقْرَار لَهُ بِذَلِكَ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُم أَسرَف فِي تَقْرِيْظِه إِيَّاهُ بِالمعرفَة، وَزِيَادَة السَّمَاع لِلْحَدِيْثِ عَلَى أَبِيْهِ (3) .
__________
(1) الجرح والتعديل: 5 / 7.
(2) الوجادة: أن يجد طالب العلم أحاديث بخط راويها، سواء لقيه أو سمع منه، أو لم يلقه ولم يسمع منه، أو أن يجد أحاديث في كتب لمؤلفين معروفين، ولا يجوز له أن يرويها عن أصحابها، بل يقول: وجدت بخط فلان، إذا عرف الخط ووثق منه، أو يقول: قال فلان، أو نحو ذلك.
وفي " مسند " أحمد شيء كثير من ذلك، نقلها عنه ابنه عبد الله، يقول فيها: وجدت بخط أبي في كتابه.
وجزم غير واحد من المحققين بوجوب العمل بالوجادة عند حصول الثقة بما يجده، أي: يثق بأن هذا الخبر أو الحديث بخط الشيخ الذي يعرفه، أو يثق بأن الكتاب الذي ينقل منه ثابت النسبة إلى مؤلفه، ولا بد بعد ذلك من اشتراط أن يكون المؤلف ثقة مأمونا، وأن يكون إسناد الخبر صحيحا حتى يجب العمل به.
والوجادة الجيدة، المستوفية للشروط السابقة، لا تقل في الثقة عن الاجازة بأنواعها، والكتب الأصول الامات في السنة وغيرها، تواترت روايتها إلى مؤلفيها بالوجادة ومختلف الأصول الخطية العتيقة الموثوق بها.
(3) انظر تهذيب التهذيب: 5 / 142 - 143.(13/521)
قُلْتُ: مَازِلنَا نَسْمَعُ بِهَذَا (التَّفْسِيْر) الكَبِيْر لأَحْمَدَ عَلَى أَلْسِنَة الطَّلَبَة وَعُمْدَتَهُم حِكَايَةُ ابْنِ المُنَادِي هَذِهِ، وَهُوَ كَبِيْرٌ قَدْ سَمِعَ مِنْ جَدِّهِ وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَمن عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ، لَكِنْ مَا رأَينَا أَحَداً أَخْبَرَنَا عَنْ وَجودِ هَذَا (التَّفْسِيْر) ، وَلاَ بَعْضه وَلاَ كُرَّاسَة مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَجود، أَوْ لِشَيْءٍ مِنْهُ لَنَسَخُوهُ، وَلاعتَنَى بِذَلِكَ طلبَةُ العِلْم، وَلَحَصَّلُّوا ذَلِكَ، وَلنُقِل إِلَيْنَا، وَلاشْتُهِرَ، وَلَتَنَافَسَ أَعيَانُ البَغْدَادِيِّيْنَ فِي تَحصِيله، وَلَنَقَل مِنْهُ ابْنُ جَرِيْر فَمَنْ بَعْدَهُ فِي تفَاسيرِهِم، وَلاَ -وَاللهِ- يَقْتَضِي أَنْ يَكُوْنَ عِنْد الإِمَام أَحْمَد فِي التَّفْسِيْر مائَة أَلْف وَعِشْرُوْنَ أَلف حَدِيْث، فَإِنَّ هَذَا يَكُون فِي قدر (مُسْنَده) ، بَلْ أَكْثَر بِالضَّعْف، ثُمَّ الإِمَام أَحْمَد لَوْ جَمَعَ شَيْئاً فِي ذَلِكَ، لكَانَ يَكُوْنُ مُنَقَّحاً مهذَّباً عَنِ المشَاهير، فَيَصْغُر لِذَلِكَ حَجْمه، وَلكَانَ يَكُوْنُ نَحْواً مِنْ عَشْرَة آلاَف حَدِيْث بِالجَهْد، بَلِ أَقلّ.
ثُمَّ الإِمَام أَحْمَد كَانَ لاَ يرَى التَّصْنِيْف، وَهَذَا كِتَاب (المُسْنَد) لَهُ لَمْ يصنِّفه هُوَ، وَلاَ رتَّبه، وَلاَ اعتنَى بتَهْذِيْبه، بَلْ كَانَ يَرْوِيْهِ لوَلَده نُسَخاً وَأَجزَاءاً، وَيَأْمره: أَن ضَعْ هَذَا فِي مُسْنَدِ فُلاَن، وَهَذَا فِي مُسْنَد فُلاَن، وَهَذَا (التَّفْسِيْر) لاَ وُجود لَهُ، وَأَنَا أَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، فَبغدَاد لَمْ تَزَل دَارَ الخُلَفَاء، وَقُبَّةَ الإِسْلاَم، وَدَارَ الحَدِيْث، وَمحلَّةَ السُّنَن، وَلَمْ يَزَلْ أَحْمَد فِيْهَا مُعَظَّماً فِي سَائِرِ الأَعصَار، وَلَهُ تَلاَمِذَةٌ كِبَار، وَأَصْحَابُ أَصْحَابٍ، وَهَلُمَّ جَرَّا إِلَى بِالأَمس، حِيْنَ اسْتبَاحَهَا جَيْشُ المَغُول (1) ، وَجَرَت بِهَا مِنَ الدِّمَاء سُيول، وَقَدِ اشْتُهِرَ بِبَغْدَادَ (تَفْسِيْر) ابْن جَرِيْرٍ، وَتَزَاحَمَ عَلَى تَحْصِيله العُلَمَاء، وَسَارَتْ بِهِ الرُّكْبَان، وَلَمْ نعرِف مثلَه فِي مَعْنَاهُ، وَلاَ أُلِّف قبلَه أَكبَرُ مِنْهُ، وَهُوَ فِي عِشْرِيْنَ مُجَلَّدَةً، وَمَا يحْتَمل أَنْ يَكُوْنَ عِشْرِيْنَ أَلْف حَدِيْث، بَلْ لَعَلَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلف إِسْنَادٍ، فَخُذْهُ، فَعُدَّهُ إِنْ شِئْتَ.
__________
(1) كان سقوط بغداد أمام المغول بقيادة هولاكو، سنة (656 هـ) . وكان آخر الخلفاء العباسيين فيها: المستعصم بالله، عبد الله بن المستنصر منصور بن محمد.(13/522)
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: نَبُل عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بِأَبِيهِ، وَلَهُ فِي نَفْسِهِ مَحلٌّ فِي العِلْمِ، أَحيَا عِلْمَ أَبِيْهِ مِنْ (مُسنده) الَّذِي قرأَ عَلَيْهِ أَبُوْهُ خُصُوصاً قَبْلَ أَنْ يقرأَه عَلَى غَيْره، وَمِمَّا سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ روَاة الحَدِيْث، فَأَخْبَرَهُ بِهِ مَا لَمْ يسأَلْه غَيْرُه، وَلَمْ يكتُب عَنْ أَحَدٍ، إِلاَّ مَنْ أَمَرَهُ أَبُوْهُ أَنْ يكْتب عَنْهُ.
قَالَ بَدْر بن أَبِي بدر البَغْدَادِيّ: عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ جِهْبِذ ابْن جِهْبِذ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ (1) : كَانَ ثِقَةً ثَبْتاً فَهماً.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف: وُلِدَ: سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَمَاتَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
قُلْتُ: عَاشَ فِي عُمُر أَبِيْهِ سَبْعاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيّ: مَاتَ يَوْم الأَحَد، وَدُفِنَ: فِي آخِر النَّهَار لتسعِ لَيَالٍ بَقِيْنَ مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَة تِسْعِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيْهِ زُهَيْر بن صَالِحٍ، وَدُفِنَ فِي مقَابر بَاب التِّبْن (3) ، وَكَانَ الجَمْعُ كَثِيْراً فَوْقَ المِقدَار.
وَقِيْلَ: إِنَّ عَبْدَ اللهِ أَمرَهُم أَنْ يَدْفِنوهُ هُنَاكَ، وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ هُنَاكَ قَبْر نَبِيٍّ، وَلأَنْ أَكُون فِي جِوَار نَبِيّ أَحَبُّ إِليَّ أَنْ أَكُون فِي جِوَار أَبِي (4) .
وَلعَبْد اللهِ كِتَاب: (الرَّد عَلَى الجَهْمِيَّة) ، فِي مُجَلَّد، وَلَهُ كِتَاب: (الْجمل) .
__________
(1) تاريخ بغداد: 9 / 375.
(2) المصدر السابق: 9 / 376.
(3) باب التبن: محلة كبيرة كانت ببغداد على الخندق بإزاء قطيعة أم جعفر. قال ياقوت: " وبها قبر عبد الله بن أحمد بن حنبل، رضي الله عنه، دفن هناك بوصية منه.."
(4) انظر: معجم البلدان: " باب التبن ".(13/523)
وَكَانَ صَيِّناً دَيِّناً صَادِقاً، صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَاتِّبَاع وَبصرٍ بِالرِّجَال، لَمْ يدخلْ فِي غَيْر الحَدِيْث، وَلَهُ زِيَادَاتٌ كَثِيْرَةٌ فِي (مُسند) وَالده وَاضحَةٌ عَنْ عَوَالِي شُيوخه، وَلَمْ يُحَرِّر تَرْتِيْبَ (المُسْنَد) وَلاَ سَهَّله، فَهُوَ مُحتَاج إِلَى عَمَلٍ وَتَرْتِيْب، رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَسَمِعَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ كَثِيْراً مِنْهُ مِنْ أَبِي عَلِيّ بن الصَّوَّاف، وَعَامَّته مِنْ أَبِي بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَحَدَّثَ القَطِيْعِيّ مَرَّات، وَقرأَه عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، وَغَيْرهُ، وَلَمْ يَكُنِ القَطِيْعِيّ مِنْ فُرْسَان الحَدِيْث، وَلاَ مجوِّداً، بَلْ أدَّى مَا تَحَمَّله، إِن سَلِم مِنْ أَوهَام فِي بَعْضِ الأَسَانيد وَالمتُوْنَ.
وَآخر مِنْ رَوَى (المُسْنَد) كَامِلاً عَنْهُ - سِوَى نَزْرٍ يَسِيْر مِنْهُ، أُسقط مِنَ النُّسخ - الشَّيْخ الوَاعِظ أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِب، وَلَمْ يَكُنْ صَاحِب حَدِيْثٍ، بَلِ احتيجَ إِلَيْهِ فِي سَمَاع هَذَا الكِتَاب، فَرَوَاهُ فِي الجُمْلَةِ، وَعَاشَ بَعْدَهُ عَشْرَة أَعْوَام الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيّ، فَكَانَ خَاتمَةَ أَصْحَاب القَطِيْعِيّ، وَتَفَرَّد عَنْهُ بِعِدَّةِ أَجزَاءٍ عَالِيَةٍ، وَبسَمَاع مُسْند العشرَة مِنَ (المُسْنَد) .
ثمَّ حَدَّث بِالكِتَابِ كُلِّه آخِرُ أَصْحَاب ابْن المُذْهِب وَفَاةً: الشَّيْخ الرَّئيس الكَاتِب أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ اللهِ بن مُحَمَّدٍ الشَّيْبَانِيّ بن الحُصَيْن، شَيْخٌ جليلٌ مُسْنِدٌ، انْتَهَى إِلَيْهِ عُلُوُّ الإِسْنَاد، بِمِثْل قُبَّة الإِسْلاَم بَغْدَاد، وَكَانَ عَرِيّاً مِنْ مَعْرِفَة هَذَا الشَّأْن أَيْضاً، رَوَى الكِتَاب عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، مِنْ جملتِهِم: أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ الخَشَّاب إِمَام العَرَبِيَّة، وَالحَافِظ أَبُو الفَضْلِ بنُ نَاصر، وَالإِمَام ذُو الفنُوْنَ أَبُو الفَرَجِ بنُ الجَوْزِيِّ، وَالحَافِظ الكَبِيْر أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيّ، وَالحَافِظ العَلاَّمَة شَيْخُ هَمَذَان أَبُو العَلاَء العَطَّار، وَالحَافِظ الكَبِيْر أَبُو القَاسِمِ ابنُ عَسَاكِر، وَالقَاضِي أَبُو الفَتْحِ بنُ المَنْدَائِيّ الوَاسِطِيّ، وَالشَّيْخ عَبْد اللهِ بن أَبِي المَجد الحَرْبِيّ، وَالمُبَارَك بن المَعْطُوش، وَالشَّيْخ المُبَارَك حَنْبَل بن عَبْدِ اللهِ(13/524)
الرَّصَافِيّ فِي آخَرين.
فَأَمَّا الحَافِظ أَبُو مُوْسَى: فَرَوَى مِنْهُ الْكثير فِي تآلِيفه، وَلَمْ يُقْدِم عَلَى تَرتيبه وَلاَ تَحريره.
وَأَمَّا ابْنُ عَسَاكِر: فَأَلَّف كِتَاباً فِي أَسْمَاء الصَّحَابَة الَّذِيْنَ فِيْهِ عَلَى المُعْجَم، وَنَبَّه عَلَى تَرْتِيْب الكِتَاب.
وَأَمّا ابْن الجَوْزِيِّ: فطَالَعَ الكِتَاب مَرَّات عِدَّة، وَملأَ تآلِيفه مِنْهُ، ثُمَّ صَنّف (جَامع المسَانيد) ، وَأَودعَ فِيْهِ أَكْثَرَ مُتُوْنِ (المُسْنَد) ، وَرتَّب وَهَذَّب، وَلَكِن مَا اسْتوعبَ.
فلَعَلَّ الله يُقَيِّضُ لِهَذَا الدِّيْوَان العَظِيْم مَنْ يُرَتّبهُ وَيهذِّبه، وَيَحْذِفُ مَا كُرِّرَ فِيْهِ، وَيُصْلِح مَا تَصَحَّفَ، وَيُوضِحُ حَال كَثِيْر مِنْ رِجَاله، وَينبِّه عَلَى مُرْسله، وَيُوْهِنُ مَا يَنْبَغِي مِنْ مَنَاكِيْره، وَيُرَتِّبُ الصَّحَابَة عَلَى المُعْجَم، وَكَذَلِكَ أَصْحَابَهُم عَلَى المُعْجَم، وَيَرْمِزُ عَلَى رُؤُوْس الحَدِيْث بِأَسْمَاء الكُتُب السِّتَّة، وَإِن رتَّبه عَلَى الأَبْوَاب فَحَسَنٌ جَمِيلٌ، وَلَوْلاَ أَنِّي قَدْ عَجِزت عَنْ ذَلِكَ لِضَعْف الْبَصَر، وَعدم النيَّة، وَقُربِ الرَّحيل، لعملتُ فِي ذَلِكَ (1) .
أَخْبَرَنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَالمُسَلَّم بن مُحَمَّدٍ الكَاتِب كِتَابَةً، قَالاَ: أَخْبَرَنَا حَنْبَل بن عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ المُذْهِب، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ القَطِيْعِيّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُمَيّ
__________
(1) وقد تولى تحقيق " المسند " في هذا العصر العلامة الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - فأخرج منه قدر الثلث، واخترمته المنية دون أن يكمله.
يسر الله لهذا " المسند " من يتمه على النحو الذي صنعه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -.
متجنبا التساهل الذي وقع له في توثيق بعض الضعفاء والمجهولين.(13/525)
النُّعْمَان بن أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ يَصُوْمُ عَبْدٌ يَوْماً فِي سَبِيْلِ الله، إِلاَّ بَاعَدَ الله بِذَلِكَ اليَوْمِ النَّارَ عَنْ وَجْهِهِ سَبْعِيْنَ خَرِيْفاً) (1) .
وَبِهِ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ طَارِق بن مُرَقّع، عَنْ صَفْوَانَ بن أُمَيَّةَ: أَنَّ رَجُلاً سَرَقَ بُرْدَةً، فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ.
فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْهُ.
قَالَ: (فَلَوْلاَ كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ يَا أَبَا وَهَبْ) .
فَقَطَعَهُ رَسُوْل اللهِ (2) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أَخرجهُمَا النَّسَائِيّ فِي (سُنَنَه (3)) ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ، فوقعَا عَاليَينِ.
258 - الحَسَنُ بنُ المُثَنَّى بنِ مُعَاذِ بنِ مُعَاذٍ العَنْبَرِيُّ *
أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخو مُعَاذ: مِنْ نُبَلاَء الثِّقَاتِ.
سَمِعَ: عَفَّانَ، وَأَبَا حُذَيْفَة النَّهْدِيّ، وَعِدَّةً.
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في المسند 3 / 26، وأخرجه من حديث أبي سعيد، البخاري 6 / 35 في الجهاد: باب الصوم في سبيل الله، ومسلم (1153) في الصوم: باب فضل الصيام في سبل الله لمن يطيقه، والترمذي (1623) وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد 2 / 357 و526، والترمذي (1622) والنسائي 4 / 172، 173
(2) هو في " المسند " 3 / 401 وله طرق عن صفوان بن أمية انظر " المسند " 6 / 465 و466، وأبا داود (4394) وابن الجارود (828) والدارمي 2 / 172، والنسائي 8 / 68، والحاكم 4 / 380، والبيهقي 8 / 265، والدارمي 2 / 172، والدارقطني 3 / 204، 205. وهو حديث صحيح صححه غير واحد من الحفاظ منهم الحاكم والذهبي وابن عبد الهادي.
(3) الأول في 4 / 174 والثاني في 8 / 68 في السرقة: باب الرجل يتجاوز للسارق عن سرقته بعد أن يأتي به الامام، وذكر الاختلاف على عطاء في حديث صفوان بن أمية فيه.
(*) الجرح والتعديل: 3 / 39.(13/526)
وَعَنْهُ: الطَّبَرَانِيّ، يُوْسُف البَخْتَرِيّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ وَرِعاً عَابِداً، يَمْتَنِع مِنَ الرِّوَايَة، ثُمَّ أُمر فِي النَّوْمِ بِالرِّوَايَة.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
وَولد: سَنَة مائَتَيْنِ.
أَخُوْهُ:
259 - مُعَاذ بن المُثَنَّى أَبُو المُثَنَّى *
ثِقَةٌ، مُتْقِنٌ.
سَمِعَ: القَعْنَبِيّ، وَمُحَمَّد بن كَثِيْر، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْمَ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَجَعْفَر المُؤَدِّب، وَالطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
عَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
260 - المَرْوَزِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَعِيْد ** (س (1))
الإِمَامُ، الحَافِظُ، القَاضِي، أَبُو بَكْرٍ، أَحْمَد بن عَلِيِّ بنِ سَعِيْدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الأُمَوِيّ المَرْوَزِيّ، قَاضِي حِمْص.
وُلِدَ: بَعْدَ المائَتَيْنِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 13 / 136 - 137، طبقات الحنابلة: 1 / 339.
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 304 - 305، طبقات الحنابلة: 1 / 52، تاريخ ابن عساكر: خ: 2 / 14 أ - ب، تهذيب الكمال: خ: 32 - 33، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 19 - 20، تذكرة الحفاظ: 2 / 663 - 664، عبر المؤلف: 2 / 91 - 92، تهذيب التهذيب: 1 / 62، طبقات الحفاظ: 289، خلاصة تذهيب الكمال: 10.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".(13/527)
حَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ الجَعْد، وَأَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَإِبْرَاهِيْم بن الحَجَّاجِ السَّامِي، وَيَحْيَى بن مَعِيْنٍ، وَكَامِل بن طَلْحَةَ، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَمَنْصُوْر بن أَبِي مُزَاحم، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ، وَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَابْنُ جَوْصَا، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ مَعْرُوف، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصح، وَأَحْمَد بن عُبَيْدٍ الحِمْصِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَرْوَانَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ مَعْرُوف: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ القُرَشِيّ، وَكَانَ قَاضِياً عَلَى دِمَشْق وَحِمْص، وَهُوَ مِنْ بَنِي أُمَيَّة بن عَبْدِ شَمْسِ.
قُلْتُ: نَاب بِدِمَشْقَ عَنْ قَاضيهَا أَبِي زُرْعَةَ مُحَمَّد بن عُثْمَانَ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ بغدَادِيّ، وَأَصله مِنْ مَرْو (1) .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ أَيْضاً: ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصح: تُوُفِّيَ فِي نِصْفِ ذِي الحِجَّةِ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: بلغَ التِّسْعِيْنَ، أَوْ دونهَا بِيَسِيْرٍ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ مِنْهَا: كتاب: (العِلْم) ، وَ (مُسْنَد عَائِشَة) ، وَغَيْر ذَلِكَ (2) .
وَكَانَ إِمَاماً، أَكْثَر عَنْهُ النَّسَائِيّ.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 4 / 304.
(2) ومنها: " مسند أبي بكر الصديق " رضي الله عنه، وقد طبع بتحقيقنا.(13/528)
261 - البَلْخِيُّ أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، حَافظُ بَلْخ، أَبُو عَلِيٍّ، عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البَلْخِيّ.
سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُفَ الفَقِيْه، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَهديَّة بن عَبْدِ الوَهَّابِ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَهْل نَيْسَابُوْر، وَابْن قَانع، وَالجِعَابِيّ (1) ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالبَغَادِدَة.
وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، كِتَاب (الْعِلَل) ، وَكِتَاب (التَّارِيْخ) .
عَظَّمه الحَاكِم وَفَخَّمه.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَحَدَ أَئِمَّة (2) الحَدِيْث حِفْظاً وَإِتقَاناً (3) وثِقَةً وَإِكثَاراً، وَلَهُ تَصَانِيْفُ (4) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ الْخضر الشَّافِعِيّ: لَمَّا قَدِمَ عَبْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ البَلْخِيّ نَيْسَابُوْر، عَجَزُوا عَنْ مُذَاكرَاته، فذاكرَهُ جَعْفَر بن أَحْمَدَ بنِ نَصْر بِأَحَادِيْث الحَجّ، فَكَانَ عَبْد اللهِ يَسْرُدهَا، فَقَالَ لَهُ جَعْفَر: تحفظ للتَّيْمِيّ، عَنْ أَنَس: (أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ لَبَّى بِحَجَّةٍ وَعُمْرَة (5)) . فَبُهِتَ. فَقَالَ جَعْفَرُ: حَدَّثنَاهُ يَحْيَى
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 93 - 94، المنتظم: 6 / 79، تذكرة الحفاظ: 2 / 690، عبر المؤلف: 2 / 102، شذرات الذهب: 2 / 219.
(1) هو: محمد بن عمر بن محمد بن سلم التميمي. انظر: اللباب: 1 / 282.
(2) زاد الخطيب هنا: " أهل ".
(3) في " تاريخ بغداد ": " وإثباتا ".
(4) انظر: تاريخ بغداد: 10 / 94.
(5) أورده ابن القيم في " زاد المعاد " من حديث سليمان التيمي عن أنس، ونسبه للبزار، =(13/529)
ابْن حَبِيْب، حَدَّثَنَا مُعْتَمر، عَنْ أَبِيْهِ.
اسْتُشْهِدَ أَبُو عَلِيٍّ -رَحِمَهُ اللهُ- عَلَى يَد القَرَامطَة، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَمَّا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، فَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي سَلْخ سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ.
262 - ابْنُ سَلْمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، العَلاَّمَةُ، المُفَسِّر، أَبُو يَحْيَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْم الرَّازِيّ، ثُمَّ الأَصْبَهَانِيُّ، إِمَام جَامع أَصْبَهَان.
حَدَّثَ عَنْ: سَهْل بن عُثْمَانَ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن يَحْيَى، وَالحُسَيْن بن عِيْسَى الزُّهْرِيّ، وَعِدَّةٍ.
وَيَنْزِلُ إِلى الرِّواية عَنْ أَصْحَاب يَزِيْد بن هَارُوْنَ، وَأَبِي دَاوُد.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّانَ (1) ، وَعبد الرَّحْمَن بن سِيَاهُ، وَآخَرُوْنَ.
__________
= وأخرجه مسلم في " صحيحه " (1251) في الحج: باب إهلال النبي صلى الله عليه وسلم وهديه، والنسائي 3 / 150 من طريق هشيم، عن يحيى بن أبي إسحاق، وعبد العزيز بن صهيب، وحميد أنهم سمعوا أنسا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بهما جميعا: " لبيك عمرة وحجا، لبيك عمرة وحجا " وأخرجه أحمد 3 / 207 من طريقين عن سعيد عن قتادة، عن أنس، وأخرجه البخاري 3 / 327 في الحج: باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الاهلال عند الركوب على الدابة و442 باب نحر البدن قائمة من طريق وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس * ذكر أخبار أصبهان: 2 / 112 - 113، تذكرة الحفاظ: 2 / 690 - 691، النجوم الزاهرة: 3 / 133، وفيه: " ابن مسلم "، طبقات الحفاظ: 300، طبقات المفسرين: 1 / 282، طبقات المحدثين بأصبهان ورقة: 124.
(1) هو حافظ أصبهان، مسند زمانه، أبو محمد، عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني، المعروف بأبي الشيخ، المتوفى سنة (369 هـ) ، صاحب كتاب: " أخلاق النبي " صلى الله عليه وسلم وغيره من التواليف.(13/530)
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
صَنَّفَ (المُسْنَد) وَ (التَّفْسِيْر) ، وَغَيْر ذَلِكَ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
263 - ابْنُ عَبْدُوْسٍ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدُوْسٍ السُّلَمِيُّ *
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، الحَافِظُ، أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّد بن عَبْدُوْس بن كَامِلٍ السَّرَّاج، السُّلَمِيّ البَغْدَادِيّ، صَدِيْقُ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ.
وَقِيْلَ: اسْمُ أَبِيْهِ: عَبْد الجَبَّارِ، وَلقبه: عَبْدُوْس.
سَمِعَ: عَلِيّ بن الجَعْد، وَأَحْمَد بن جَنَاب، وَدَاوُد بن عَمْرٍو الضَّبِّيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَخلقاً كَثِيْراً.
رَوَى عَنْهُ: جَعْفَر الخُلْدِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَدَعْلَج، وَالطَّبَرَانِيّ، وَابْن مَاسِي، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: كَانَ مِنَ المَعْدُودين فِي الحِفْظِ، وَحُسن المعرفَة بِالحَدِيْثِ، أَكْثَرَ النَّاسُ عَنْهُ لِثِقَتِهِ وَضَبْطه.
قَالَ: وَكَانَ كَالأَخ لعَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ.
مَاتَ: فِي آخر رَجَب، أَوْ أَوّل شَعْبَان، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
264 - عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى بنِ كَثِيْرِ بنِ وَسلاسَ اللَّيْثِيُّ **
الفَقِيْهُ، الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، أَبُو مَرْوَان اللَّيْثِيّ،
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 380 - 381، طبقات الحنابلة: 1 / 314، تذكرة الحفاظ: 2 / 683 - 684، عبر المؤلف: 2 / 96، طبقات الحفاظ: 297، شذرات الذهب: 2 / 215.
(* *) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 250 - 251، جذوة المقتبس، 268 - 269، بغية الملتمس: 355، عبر المؤلف: 2 / 111 - 112، شذرات الذهب: 2 / 231.(13/531)
مَوْلاَهُمُ الأَنْدَلُسِيّ، القُرْطُبِيّ، مُسْنِدُ قُرْطُبَة.
رَوَى عَنْ: وَالده الإِمَام يَحْيَى (المُوَطَّأ (1)) ، وَتفقَّه بِهِ، وَارْتَحَلَ للحجِّ وَالتِّجَارَة، فسَمِعَ مِنْ: أَبِي هِشَام الرِّفَاعِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ البَرْقِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
وَطَالَ عُمُرُهُ، وَتنَافسُوا فِي الأَخَذَ عَنْهُ، وَكَانَ كَبِيْر الْقدر، وَافرَ الجَلاَلَة.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيِّ (2) : رَوَى عَنْ أَبِيْهِ عِلْمَهُ، وَلَمْ يَسْمَعْ بِبَلَدِهِ مِنْ غَيْر أَبِيْهِ، وَكَانَ كَرِيْماً عَاقِلاً، عَظِيْمَ الجَاه وَالمَال، مقدَّماً فِي الشُّوْرَى، مُنفرداً برِئاسَة الْبَلَد، غَيْر مُدَافَع.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّد بن أَيْمَن (3) ، وَأَحْمَد بن مُطَرِّف، وَأَحْمَد بن سَعِيْدِ بنِ حَزْم الصَّدَفِيّ، وَابْن أَخِيْهِ يَحْيَى بن عَبْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى اللَّيْثِيّ.... إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ آخِر مَنْ حَدَّثَ عَنْهُ: شَيْخُنَا أَبُو عِيْسَى يَحْيَى -يَعْنِي: ابْن أَخِيْهِ-.
تُوُفِّيَ: فِي عَاشر رَمَضَان، سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَصَلَّى عَلَيْهِ وَلدُه يَحْيَى، وَكَانَتْ جِنَازَته مشهودَةً.
وَقَالَ ابْنُ بَشْكُوَال فِي بَعْض كتبه: كَانَ مُتَمَوِّلاً، سمحاً، جَوَاداً، كَثِيْرَ الصَّدَقَات وَالإِحسَان، كَامِل المُروءة، رَأَى مرَّةً شَيْخاً حَطَّاباً ضَعِيْفاً، فَوَهَبَه مائَة دِيْنَارٍ.
وَلَقَدْ قِيْلَ: إِنَّهُ شُوهد يَوْم مَوْته البواكِي عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ ضَرْب حَتَّى
__________
(1) وهي الرواية المطبوعة المتداولة اليوم.
(2) انظر نص ابن الفرضي في " تاريخ علماء الأندلس ": 1 / 250 - 251، فبين النصين فروق.
(3) من قوله: " وأحمد ... إلى ان قال ... " ليس في المطبوع من " تاريخ " ابن
الفرضي، وعبارته فيه: " وابن أيمن وغيرهما من الشيوخ وكان ... "(13/532)
اليَهُوْد وَالنَّصَارِى، وَمَا شُوهِدَ قَطُّ مِثْل جِنَازَته، وَلاَ سُمِعَ بِالأَنْدَلُسِ بِمِثْلهَا -رَحِمَهُ اللهُ-.
قُلْتُ: مَاتَ فِي عشر التِّسْعِيْنَ.
265 - زُغْبَةُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ حَمَّادٍ التُّجِيْبِيُّ * (س (1))
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو جَعْفَرٍ، أَحْمَدُ بنُ حَمَّاد بن مُسْلِمٍ التُّجِيْبِيّ البَصْرِيّ، أَخُو عِيْسَى بن حَمَّادٍ زُغْبَة، وَهَذَا لَقَبٌ لأَبِيهِمَا وَلَهُمَا.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبِي صَالِحٍ، وَيَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَسَعِيْد بن أَبِي عُفير، وَأَخِيْهِ عِيْسَى، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ، وَعَبْد المُؤْمِنِ بن خَلَفٍ النَّسَفِيّ، وَعَلِيّ بن مُحَمَّدٍ الوَاعِظ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَسُلَيْمَان بن أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيّ، وَالحَسَن بن رَشِيق، وَخَلْقٌ.
وَعَاشَ: أَربعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ بِمِصْرَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَة سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَرَّخَهُ ابْن يُوْنُسَ، وَقَالَ: كَانَ ثِقَةً، مَأْمُوْناً.
266 - ابْنُ مِلحَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَلْخِيُّ **
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُتْقِنُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، أَحْمَد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ
__________
(*) تهذيب الكمال: خ: 20، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 10، عبر المؤلف: 2 / 105 - 106، تهذيب التهذيب: 1 / 25 - 26، خلاصة تذهيب الكمال: 5، شذرات الذهب: 2 / 224.
(1) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 11.(13/533)
ملحَان البَلْخِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ.
صَاحب يَحْيَى بن بُكَيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَابْنُ قَانع، وَالطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ ابْن خَلاَّد النَّصِيْبِيّ، وَجَمَاعَة.
وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَتُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ (1) ، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ الأَبَّار (2) ، وَالحَسَن بن سَهْل المُجَوِّز (3) ، وَالحُسَيْن بن إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيّ، وَمُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الغَلاَبِيّ (4) ، وَمُحَمَّد بن العَبَّاسِ المُؤَدِّب (5) ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ المُنْذِرِ (6) .
267 - ابْنُ أَسَدٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَسَدٍ المَدِيْنِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ أَسَد بن يَزِيْدَ، المَدِيْنِيّ الأَصْبَهَانِيّ الزَّاهِد، آخرُ مِنْ حَدَّثَ عَنْ أَبِي دُوَاد الطَّيَالِسِيّ، عِنْدَهُ عَنْهُ مَجْلِسٌ مَعْرُوفٌ سَمِعنَاهُ.
__________
(1) تقدمت ترجمته في الصفحة: (516) ، برقم: (257) .
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (443) ، برقم: (218) .
(3) اللباب: 3 / 169، تذكرة الحفاظ: 2 / 639 في نهاية ترجمة الابار.
(4) تذكرة الحفاظ: 2 / 639، في نهاية ترجمة الابار، عبر المؤلف: 2 / 86، شذرات الذهب: 2 / 206
(5) تذكرة الحفاظ: 2 / 639، في نهاية ترجمة الابار.
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (418) ، برقم: (204)
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 232 - 233، تذكرة الحفاظ: 2 / 643، في نهاية ترجمة صالح جزرة، ميزان الاعتدال: 3 / 480، عبر المؤلف: 2 / 96، الوافي بالوفيات: 2 / 201، لسان الميزان: 5 / 73، شذرات الذهب: 2 / 215، طبقات المحدثين بأصبهان الورقة 119 و120.(13/534)
رَوَى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَالطَّبَرَانِيّ، وَأَحْمَد بن بُنْدَار، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ: سنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، عَنْ أَزيدَ مِنْ مائَة عَام.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ: حَدَّثَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ بمَنَاكِير.
قُلْتُ: كَانَ مُتَعَبِّداً، مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
268 - بُهْلُوْلُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ بُهْلُوْلِ بنِ حَسَّانٍ التَّنُوخِيُّ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ ابْنُ الحَافِظِ الكَبِيْرِ أَبِي يَعْقُوْبَ التَّنُوخِيُّ، خَطيبُ الأَنبارِ وَقَاضيهَا وَرَئِيْسُهَا وَعَالِمُهَا، وَمَنْ يُضْرَب المَثَلُ بِبَلَاغَتِهِ فِي خَطَابتِه.
ارْتَحَلَ فِي حدَاثته بَاعْتِنَاء وَالده، وَسَمِعَ مِنْ: سَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَإِبْرَاهِيْم بن حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيّ، وَأَحْمَد بن حَاتِمٍ الطَّوِيْل، وَمُحَمَّد بن مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَخُوْهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، وَابْن أَخِيْهِ يُوْسُف بن يَعْقُوْبَ الأَزْرَق، وَإِسْمَاعِيْل أَخُو الأَزْرَق، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَابْن عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيّ، وَخَلْقٌ مِنَ الرَّحَّالين.
وَثَّقَهُ: الدَّارَقُطْنِيُّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 109 - 110، المنتظم: 6 / 110 - 111، عبر المؤلف: 2 / 110، البداية والنهاية: 11 / 117، أخبار سنة (299 هـ) ، شذرات الذهب: 2 / 228 - 230.(13/535)
وَمَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوْخ الإِسْمَاعِيلِيّ.
269 - دُرَّانُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذِ بنِ سُفْيَانَ البَصْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ مُعَاذ بن سُفْيَان بن المُسْتَهِل، العَنْزِيّ البَصْرِيّ، ثُمَّ الحَلَبِيّ، دُرَّان.
سَمِعَ: القَعْنَبِيّ، وَمُسْلِم بن إِبْرَاهِيْمَ، وَعَمْرو بن مَرْزُوْقٍ، وَعَبْد اللهِ ابْن رَجَاء، وَمُحَمَّد بن كَثِيْر العَبْدِيّ، وَأَبَا سَلمَة المِنْقَرِيّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الرَّافقيّ، وَعَلِيّ بن أَحْمَدَ المِصِّيْصِيّ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرِ بنِ السَّقَّاء، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ فِي عشر المائَة.
270 - أَبُو شُعَيْب الحَرَّانِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ **
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، المُؤَدِّبُ، عَبْد اللهِ بن الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي شُعَيْبٍ.
نَزَلَ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَجَدِّهِ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ المَلِكِ بنِ وَاقِد، وَعَفَّان بن مُسْلِمٍ، وَيَحْيَى البَابْلُتِّيّ، وَجَمَاعَةٍ.
وَطَالَ عُمُرُهُ وَتَفَرَّد.
__________
(*) عبر المؤلف: 2 / 98، الوافي بالوفيات: 5 / 39، شذرات الذهب: 2 / 216.
(* *) تاريخ بغداد: 9 / 435 - 437، المنتظم: 6 / 79، ميزان الاعتدال: 2 / 406، عبر المؤلف: 2 / 101، البداية والنهاية: 11 / 107، لسان الميزان: 3 / 271، شذرات الذهب: 2 / 218 - 219.(13/536)
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْل الخُطَبِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وَالحَسَن بن جَعْفَرٍ الحُرْفِيّ (1) ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ يَحْيَى البَابْلُتِّيّ زَوْجَ أُمِّه، وَكَانَ الأَوْزَاعِيُّ زوجَ أُمّ البَابْلُتِّيّ، وَاسمُ جَدِّهُم: عَبْد اللهِ بن مُسْلِمٍ، وَمُسْلِمٌ مِنْ سَبِي سَمَرْقَنْد، وَقَعَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَأَعْتَقَه، فوُلِد لَهُ وَلد، فَجَاءَ بِهِ عُمَر، فَسَمَّاهُ عَبْد اللهِ، وَفَرَضَ لَهُ فِي الذُّرِّيَّة، فَعَاشَ عَبْد اللهِ مائَة وَعِشْرِيْنَ سَنَةً (2) .
وَلد أَبُو شُعَيْب: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ الصَّوَّاف: سَمَاعُه مِنَ البَابْلُتِّيّ فِي سَنَةِ ثمَانِي وَعَشْرَة.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ زوجَ أُمّه، فسَمِعَ مِنْهُ وَهُوَ حدَث.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: كَانَ يَأْخُذُ عَلَى الحَدِيْثِ، أَخْبَرَنِي نصر الصَّائِغ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا شُعَيْب أَنْ يحَدِّثَنِي بِحَدِيْثٍ عَنْ عَفَّان، فَقَالَ: أَعطِ السَّقَّاء ثمن الرَّاوِيَة، فَأَعطيتُه دَانِقاً، وَحَدَّثَنِي بِالحَدِيْثِ (3) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: مَاتَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ -يَعْنِي بِبَغْدَادَ- وَكَانَ أَسْنَدَ مَنْ بَقِيَ بِهَا (4) .
__________
(1) الحرفي، بضم الحاء، وسكون الراء: بياع البزور. " المشتبه ".
(2) انظر: تاريخ بغداد: 9 / 435 - 436.
(3) المصدر السابق: 9 / 436. وميزان الاعتدال: 2 / 406.
(4) في: تاريخ بغداد: 9 / 436: " وكان مسندا غير متهم في روايتة ".وانظر: ميزان الاعتدال: 2 / 406.(13/537)
271 - نَصْرَكَ أَبُو مُحَمَّدٍ نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ الكِنْدِيُّ *
هُوَ الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، المَاهرُ، الرَّحَّال، أَبُو مُحَمَّدٍ، نَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْر، الكِنْدِيّ، البَغْدَادِيّ، نَصْرَك، نَزِيْلُ بُخَارَى.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ بَكَّار بن الرَّيَّانِ، وَعبد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَعُبَيْد اللهِ بن عُمَرَ القَوَارِيْرِيّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عُقْدَة الحَافِظ، وَخَلَف بن مُحَمَّدٍ الخيَّام، وَآخَرُوْنَ.
جَمَعَ وَخَرَّجَ، وَصَنَّفَ المُسْنَد، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْن.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ السُّليمَانِيّ: يُقَال: إِنَّهُ كَانَ أَحفظَ مِنْ صَالِح بن مُحَمَّدٍ جَزَرَة، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يُتَّهَم بِشُرْب المُسْكِر (1) .
قُلْتُ: قَلَّمَا يُوجد مِنْ عِلم هَذَا الرَّجُل.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ (2) ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ البَرْدَانِيّ، أَخْبَرَنَا هَنَّاد النَّسَفِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا خَلَف بن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا نَصْر بن أَحْمَدَ الكِنْدِيّ، وَسَهْل بن شَاذَوَيْه، قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَهْل بنِ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عِيْسَى غُنْجَار، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَيُّوْبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 13 / 293 - 294، المنتظم: 6 / 59، تذكرة الحفاظ: 2 / 676 - 677، طبقات الحفاظ: 295.
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 676.
(2) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (85) ، ت: 2، عن " مشيخة " المؤلف.(13/538)
مَرْفُوْعاً: (لاَ تُسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ، فَإِنَّ الكَرْمَ الرَّجُلُ المُسْلِم) . غَرِيْب (1) .
272 - القَاضِي أَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ السَّكُوْنِيُّ *
الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، قَاضِي القُضَاة، أَبُو خَازم، عَبْدُ الحَمِيْدِ بن عَبْدِ العَزِيْزِ السَّكُوْنِيّ البَصْرِيّ، ثُمَّ البَغْدَادِيّ الحَنَفِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ بَشَّار، وَمُحَمَّد بن المُثَنَّى، وَشُعَيْب بن أَيُّوْبَ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مُكْرم بن أَحْمَدَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ.
وَكَانَ ثِقَةً، ديناً، وَرِعاً، عَالِماً، أَحذقَ النَّاس بِعَمَل المحَاضِر وَالسِّجِلاَّت، بَصِيْراً بِالجبر وَالمُقَابلَة، فَارِضاً، ذَكِيّاً، كَامِلَ العَقْل.
أَخَذَ عَنْ: هِلاَل الرَّأْي، وَبكرٍ العَمِّيّ، وَمحمود الأَنْصَارِيّ، الفُقَهَاء، أَصْحَاب مُحَمَّد بن شُجَاع وَغَيْره.
وَبَرَعَ فِي المَذْهَب (2) حَتَّى فُضِّلَ عَلَى مَشَايِخه، وَبِهِ يُضرب المَثَل فِي الْعقل.
__________
(1) أي: بهذا السند، ولكنه صحيح من غيره، فقد أخرجه البخاري 10 / 465 في الأدب: باب لا تسبوا الدهر، ومسلم (2247) في الأدب: باب كراهة تسمية العنب كرما، وأبو داود (4974) .
(*) طبقات الفقهاء: 141، تاريخ ابن عساكر: خ: 9 / 400 أ - 402 ب، المنتظم: 6 / 52 - 56، تذكرة الحفاظ: 2 / 654، في نهاية ترجمة أحمد بن عمرو البزاز، شذرات الذهب: 2 / 210.
(2) أي المذهب الحنفي.(13/539)
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيّ فِي (طبقَات الفُقَهَاء (1)) : وَمِنْهُم: أَبُو حَازم.... أَخَذَ عَنْ شُيُوْخ البَصْرَة، وَوَلِيَ القَضَاءَ بِالشَّامِ وَبَالكُوْفَةِ وَكرخ بَغْدَاد.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوخِيّ: حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو بَكْرٍ بنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنِي مكرم بن بَكْر، قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِس أَبِي خَازم القَاضِي، فَتَقَدَّم شَيْخٌ مَعَهُ غُلاَمٌ، فَادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلف دِيْنَار، فَأَقرَّ الحَدَث.
فَقَالَ القَاضِي للشَّيخ: مَا تشَاءُ؟
قَالَ: حَبْسُه.
فَقَالَ للحَدَث: قَدْ سَمِعْتَ فَهَلْ توفِّيه البَعْضَ؟
قَالَ: لاَ.
فَفَكَّر سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: تلاَزمَا حَتَّى أَنظر.
فَقُلْتُ: لِمَ أَخَّرَ القَاضِي الحَبْسَ؟
قَالَ: وَيْحَك! إِنِّيْ أَعرف فِي أَكْثَر الأَحْوَال وَجه المُحِقِّ مِنَ المُبْطِل، وَقَدْ وَقَعَ لِي أَن سمَاحَتَه بِالإِقْرَار شَيْءٌ بعيدٌ مِنَ الحَقِّ، أَمَا رَأَيْت قِلَّة تغَاضُبِهِمَا فِي المحَاورَة مَعَ عِظَم المَال؟ فَبينَا نَحْنُ كَذَلِكَ، إِذ اسْتبَان الأَمْر، فَاسْتَأَذن تَاجرٌ موسرٌ، فَأَذِن لَهُ القَاضِي، فَدَخَلَ، وَقَالَ: قَدْ بُليت بِابْنٍ لِي حَدَثٍ، يُتلف مَالِي عِنْد فُلاَن المُقَبِّن، فَإِذَا منعتُهُ مَالِي احتَالَ بحيلٍ يُلجئنِي إِلَى التزَام غرم، وَأَقْرَبَهُ أَنَّهُ نَصَبَ المُقَبِّنْ اليَوْم لمطَالبته بِأَلف دِيْنَار، وَأَقَعُ مَعَ أُمِّهِ - إِنْ حُبِسَ - فِي نكدٍ.
فتبسَّم القَاضِي، وَطَلَب الغُلاَم وَالشَّيْخ، فَأُدخلاَ، فَوعظ الغُلاَم، فَأَقرَّ الشَّيْخ، وَأَخَذَ التَّاجِر بِيَدِ ابْنه، وَانْصَرَفَ (2) .
قَالَ أَبُو بَرْزَة الحَاسِب: لاَ أَعرف فِي الدُّنْيَا أَحسب مِنْ أَبِي خَازِم القَاضِي.
قَالَ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيّ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا خَازم القَاضِي جَلَسَ
__________
(1) في الأصل: " طبقات الحنفية ": وهو سبق قلم من الناسخ، وانظر النص مفصلا في: " طبقات الفقهاء ": 141.
(2) تاريخ ابن عساكر: خ: 9 / 402 آ.(13/540)
فِي الشَّرْقِيَّة، فَأَدَّب خَصْماً لأَمرٍ، فَمَاتَ، فَكَتَبَ رُقْعَةً إِلَى الْمُعْتَضد يَقُوْلُ: إِنَّ دِيَة هَذَا فِي بَيْتِ المَالِ، فَإِنْ رَأَى أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَنْ يَحمِلَهَا إِلَى وَرَثَتِه فَعَلَ.
فَحمل إِلَيْهِ عَشْرَة آلاَف، فدفعهَا إِلَى وَرَثَتِهِ (1) .
قُلْتُ: قَدْ كَانَ الْمُعْتَضد يحترِم أَبَا خَازم وَيُجِلُّهُ، قِيْلَ: إِنَّ أَبَا خَازم لمَا احْتُضِرَ بَكَى، وَجَعَلَ يَقُوْلُ: يَا رَبِّ! مِنَ القَضَاء إِلَى القَبْرِ.
وَلَهُ شعر رقيقٌ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ الْفَيْض: وَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْق أَبُو خَازم، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، إِلَى أَنْ قَدِمَ الْمُعْتَضد قَبْل الخِلاَفَة دِمَشْق لِحَرْب ابْن طولُوْنَ، فَسَارَ مَعَهُ أَبُو خَازم إِلَى العِرَاقِ.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: مَاتَ بِبَغْدَادَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَلنَا: أَبُو حَازِمٍ، بحَاء مُهْمَلَةٍ: أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ نصر (2) .
مَاتَ: سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
273 - الجَارُوْدِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ *
الإِمَامُ الأَوْحَدُ، الحَافِظُ، المُتْقِنُ، الأَمجدُ، صدرُ خُرَاسَان، أَبُو
__________
(1) المصدر السابق، والمنتظم: 6 / 54 - 55.
(2) ترجمته في: تاريخ بغداد: 5 / 108.
(*) الجرح والتعديل: 8 / 111، اللباب: 1 / 249 - 250، تهذيب الكمال: خ: 1279، تذهيب التهذيب: خ: 4 / 5، تذكرة الحفاظ: 2 / 673 - 674، تهذيب التهذيب: 9 / 490 - 491، طبقات الحفاظ: 293، خلاصة تذهيب الكمال: 361 - 362، شذرات الذهب: 2 / 208.
والجارودي: نسبة إلى الجارود: وهو: اسم لبعض أجداد المنتسب إليه.(13/541)
بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بنُ النَّضْر بن سَلَمَةَ بنِ الجَارُوْدِ بن يَزِيْدَ الجَارُوْدِيّ النَّيْسَابُوْرِيّ.
ذَكَرَهُ الحَاكِم، فَقَالَ: شَيْخُ وَقتِه، وَعينُ عُلَمَاء عصرِه حِفْظاً وَكمَالاً، وَقُدوَة وَرِئاسَةً، وثروَة.
سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَإِسْمَاعِيْل بن مُوْسَى السُّدِّيّ، وَابْن أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعَمْرو بن عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَأَبَا كُرَيْب، وَحُمَيْد بن مَسْعَدَةَ، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيّ، وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيّ (1) ، وَخلقاً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ، وَالمُؤَمَّل بن الحَسَنِ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَيَحْيَى بن مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَآخَرُوْنَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ مِنْهُ بِالرَّيِّ، وَهُوَ صَدُوْقٌ مِنَ الحُفَّاظِ (2) .
وَقَالَ الحَاكِمُ: أَهْلُ بَيته حَنَفِيُّون.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيّ يَسْتَعين بِعَرَبِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ الجَارُوديّ وَيُبَيِّتُهُ عِنْدَهُ (3) .
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كَانَ رِحْلَته مَعَ مُسْلِم، يَتَبَجَّحُ بِذَلِكَ، وَيَعتمدُه فِي جَمِيْع أَسبَابه، إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ مُسْلِم.
__________
(1) الجرجرائي، بفتح الجيمين، وسكون الراء الأولى، وفتح الثانية: نسبة إلى جرجرايا: بلدة قريبة من دجلة بين بغداد وواسط.
(اللباب) .
(2) الجرح والتعديل: 8 / 111.
(3) تذكرة الحفاظ: 2 / 673.(13/542)
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيّ، وَأَملَى حَدِيْثاً، فردَّ عَلَيْهِ الجَارُوْدِيّ، فَزَبَرَه (1) مُحَمَّد بن يَحْيَى، فَلَمَّا كَانَ المَجْلِس الثَّانِي، قَالَ الذُّهْلِيّ: هَا هُنَا أَبُو بَكْرٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: الصَّوَاب مَا قُلْتَ، فَإِنِّي رَجَعْتُ إِلَى كتَابِي، فَوَجَدتُه عَلَى مَا قُلْت (2) .
قَالَ يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ: تُوُفِّيَ مُحَمَّد بن النَّضْرِ الجَارُوْدِيّ، فَدُفِنَ عَشِيَّة الخَمِيْس، السَّابع عشر مِنْ شَهْر رَبِيْع الأَوّل، سَنَة إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ رَئِيْسُنَا أَبُو عُمَرَ الخفَّاف، وَخَرَجَ أَحْمَد بن أَسَدٍ الأَمِيْر، فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَانْصَرَفَ رَاجلاً.
وَمُحَمَّد بن النَّضْرِ بن عَبْدِ الوَهَّابِ: مَرَّ آنفاً.
وَمن حَدِيْث الجَارُوْدِيّ: أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الخَلاَّلِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سِلَفَة، أَخْبَرَنَا ابْنُ مَاك (3) ، حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَنْصُوْر، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ النَّضْر الجَارُوْدِيّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عبد الرَّحْمَن السَّمَرْقَنْدِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَكْر، عَنْ صدقَة بن أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ إِيَاد بن لَقِيط، عَنِ البَرَاء، قَالَ:
مَرَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِفَلاَةٍ بِمِيتَةٍ، فَقَالَ: (الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى أَهْلِهَا) .
مُحَمَّد بن بَكْر: لَيْسَ هُوَ البُرْسَانِيّ (4) ، بَلْ يُقَال لَهُ: الحصنِيّ.
__________
(1) زبره يزبره (بالضم) زبرا: نهاه وانتهره.
(2) انظر: تهذيب التهذيب: 9 / 491.
(3) في الأصل: " ماكي ". وهو: أبو الفتح اسماعيل بن عبد الجبار بن محمد بن ماك القزويني.
(4) البرساني، بضم الباء، وسكون الراء: نسبة إلى برسان: قبيلة من الازد. (انظر: اللباب) .(13/543)
وَالحَدِيْث غَرِيْبٌ جِدّاً، وَإِنَّمَا المَعْرُوف مِنْ حَدِيْثِ المسْتَوْرِد الفِهْرِيّ (1) .
الجَارُوْدِيّ آخر، هُوَ الحَافِظ، الإِمَام، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، أَبُو جَعْفَرٍ، أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الجَاورد الأَصْبَهَانِيّ: سَيَأْتِي.
274 - القَاسِمُ بنُ خَالِدِ بنِ قُطْنٍ أَبُو سَهْلٍ المَرْوَزِيُّ
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، أَبُو سَهْلٍ المَرْوَزِيّ، أَحَدُ المشَاهير وَالأَعيَان.
سَمِعَ: أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، وَيَحْيَى بن مَعْرُوف، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْد الوَهَّابِ بن نجدَة، وَأَبَا مُصْعبٍ الزُّهْرِيّ، وَأَبَا كَامِلٍ الجَحْدَرِيّ، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَحِبَّان بن مُوْسَى، وَطَبَقَتهُم.
وَأَكْثَر التَّرْحَالَ وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الدَّغُوْلِيّ، وَعُمَر بن عَلَّك، وَأَحْمَد بن عَلِيٍّ الرَّازِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
275 - مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه أَبُو الحَسَنِ الحَنْظَلِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِمُ، الفَقِيْهُ، الحَافِظُ، قَاضِي
__________
(1) أخرجه من حديثه أحمد 4 / 229 و230، والترمذي (2322) ، وابن ماجة (4111) وفي سنده مجالد بن سعيد الهمداني ليس بالقوي، لكن له شاهد يتقوى به من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد 3 / 365، ومسلم (2957) وآخر عن ابن عباس عند أحمد 1 / 329 وسنده ضعيف، وثالث عن أبي هريرة عند أحمد أيضا 2 / 338 وسنده ضعيف. ورابع عن عبد الله بن ربيعة السلمي عند أحمد 4 / 336، وعن أبي الدرداء عند البزار، وعن أبي موسى وابن عمر عند الطبراني في " الكبير " كما في المجمع 10 / 287.
(*) الجرح والتعديل: 7 / 196، طبقات الحنابلة: 1 / 269، المنتظم: 6 / 63، =(13/544)
نَيْسَابُوْر، أَبُو الحَسَنِ.
سَمِعَ: أَبَاهُ الإِمَامَ أَبَا يَعْقُوْب، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ: إِسْمَاعِيْل الخُطَبِيّ، وَابْن قَانع، وَأَحْمَد بن خُزَيْمَةَ، وَأَحْمَد بن سَلْم الخُتَّلِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَلِي قضَا مَرْو، ثُمَّ قَضَاء نَيْسَابُوْر.
وَتُوُفِّيَ وَالدُه وَهَذَا فِي الرِّحْلَةِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، فَقَالَ لِي: أَنْتَ ابْن أَبِي يَعْقُوْبَ؟
قُلْتُ: نَعم.
قَالَ: أَمَا إِنَّك لَوْ لَزِمْتَه كَانَ أَكْثَر لفَائِدتك، فَإِنَّك لَنْ تَرَى مثلَه (1) .
قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ بِمَرْوَ.
هَذَا وَهم، فَإِنَّ ابْن قَانع وَابْنَ المُنَادِي، قَالاَ: قَتَلَتْهُ القَرَامِطَة بطَرِيْق مَكَّة، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: قَارب الثَّمَانِيْنَ.
276 - أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ *
هُوَ: الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الشَّافِعِيَّة بِالعِرَاقِ فِي وَقته، أَبُو جَعْفَرٍ
__________
= ميزان الاعتدال: 3 / 475، عبر المؤلف: 2 / 98، الوافي بالوفيات: 2 / 196، لسان الميزان: 5 / 65 - 66، شذرات الذهب: 2 / 216.
(1) طبقات الحنابلة: 1 / 269، وفيه: " فإنك لم تر مثله ".
(*) تاريخ بغداد: 1 / 365 - 366، طبقات الفقهاء: 105، المنتظم: 6 / 80، وفيات الأعيان: 4 / 195 - 196، عبر المؤلف: 2 / 103، الوافي بالوفيات: 2 / 70، طبقات السبكي: 2 / 187 - 188، لسان الميزان: 5 / 46، شذرات الذهب: 2 / 220 - 221.(13/545)
مُحَمَّد بن أَحْمَدَ نَصْر التِّرْمِذِيّ، الشَّافِعِيّ، الزَّاهِد.
وُلِدَ: سَنَةَ إِحْدَى وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ، وَسَمِعَ: يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَيُوْسُف بن عَدِيّ، وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيْمَ الصِّيْنِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَتفقَّه بِأَصْحَابِ الشَّافِعِيّ، وَلَهُ وَجهٌ فِي المَذْهَب.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ، وَابْن قَانع، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّد، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ نَاسكٌ.
وَذكر إِبْرَاهِيْم بن السَّرِيّ الزَّجَّاج: أَنَّهُ كَانَ يُجرَى عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ فِي الشَّهر أَرْبَعَةُ درَاهُم، يتقوَّتُ بِهَا.
قَالَ: وَكَانَ لاَ يَسأَلُ أَحَداً شَيْئاً (1) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى البربرِيّ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ تقوَّت بَضْعَةَ عشر يَوْماً بِخمْس حبَّاتٍ، قَالَ: وَلَمْ أَكنْ أَملك غَيْرَهَا، أَخَذْتُ بِهَا لِفْتاً (2) .
وَنَقَلَ الشَّيْخ محيَي الدِّين النَّوَوِيّ: أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ جَزَمَ بِطهَارَة شَعْرِ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَقَدْ خَالفَ فِي هَذِهِ المَسْأَلَة جُمهورَ الأَصْحَاب.
قُلْتُ: يتعيَّن عَلَى كُلّ مُسْلِم الْقطع بِطَهَارَة ذَلِكَ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا حَلَقَ رأْسَهُ، فَرَّقَ شَعْرَه المُطَهَّر عَلَى أَصْحَابِهِ، إِكرَاماً لَهُم بِذَلِكَ (3) .
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 1 / 366.
(2) انظر: المصدر السابق.
(3) أخرج مسلم (1305) في الحج من حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: " خذ " وأشار إلى جانبه الايمن، ثم الأيسر، ثم جعل يعطيه الناس، وفي رواية: ناول الحلاق شقه الأعلى، ثم دعا أبا طلحة =(13/546)
فوَالهفِي عَلَى تَقْبيل شعرَة مِنْهَا.
قَالَ وَالد أَبِي حَفْصٍ بن شَاهِيْن: حَضَرْتُ أَبَا جَعْفَرٍ، فسُئِلَ عَنْ حَدِيْث النُّزُول (1) ، فَقَالَ: النُّزُول مَعْقول، وَالكَيْفُ مَجْهُول، وَالإِيْمَان بِهِ وَاجب، وَالسُّؤَال عَنْهُ بِدْعَة.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: لَمْ يَكُنْ للشَّافعيَة بِالعِرَاقِ أَرَأْسُ، وَلاَ أَوْرَعُ، وَلاَ أَنْقَلُ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيّ (2) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ اخْتُلِطَ بِأَخَرَة.
277 - إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ أَبُو إِسْحَاقَ النَّيْسَابُوْرِيّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ نَيْسَابُوْر، وَإِمَام المُحَدِّثِيْنَ فِي زَمَانِهِ، أَبُو إِسْحَاقَ بنُ أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّد بن نُوْح بن عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ المُزَكِّي.
__________
= الأنصاري، فأعطاه إياه، ثم ناوله الشق الأيسر، فقال: " احلق " فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، فقال:
" اقسمه بين الناس " ولمسلم (2325) عن أنس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلق، وأطاف به أصحابه فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل.
(1) ولفظه بتمامه: " ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ " أخرجه مالك 1 / 214، ومن طريقه البخاري 3 / 25، 26 في التهجد: باب إذا نام ولم يصل..، ومسلم (758) في المسافرين: باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والاجابة فيه، وأبو داود (1315) والترمذي (3498) عن ابن شهاب، عن أبي عبد الله الاغر، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.
(2) انظر: تاريخ بغداد: 1 / 366.
(*) المنتظم: 6 / 76 - 77، تذكرة الحفاظ: 2 / 638 - 639، عبر المؤلف: 2 / 100، الوافي بالوفيات: 6 / 128، طبقات الحفاظ: 279 - 280، شذرات الذهب: 2 / 218.(13/547)
ذَكَرَهُ الحَاكِم، فَقَالَ: إِمَامُ عَصْره بِنَيْسَابُوْرَ فِي مَعْرِفَةِ الحَدِيْث وَالرِّجَال، جَمَعَ الشُّيُوْخ وَالعِلل (1) .
قَالَ: سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَأَبَا قُدَامَة السَّرَخْسِيّ، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَالحُسَيْن بن الضَّحَّاك، وَعَبْد اللهِ بن الجَرَّاحِ، وَعَبْد اللهِ بن عُمَرَ بنِ الرَّمَّاح، وَمُحَمَّد بن أَبَانٍ البَلْخِيّ، وَأَقرَانَهُم بِنَيْسَابُوْرَ، وَمُحَمَّد بن مِهْرَانَ الجَمَّال، وَمُحَمَّد بن حُمَيْدٍ، وَمُحَمَّد بن عَمْرٍو، وَزُنَيْج بِالرَّيِّ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ - سُؤَالاَت - وَدَاوُد بن رُشَيْدٍ، وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَطَبَقَتهُم بِبَغْدَادَ.
وَإِسْحَاق بن شَاهِيْن، وَبِشْر بن آدَمَ بِوَاسِطَ.
وَعَمْرو بن عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَبُنْدَاراً، وَنَصْر بن عَلِيّ بِالبَصْرَةِ.
وَعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبَا كُرَيْب، وَعَبْد اللهِ بن عُمَرَ بنِ أَبَانٍ بالكُوْفَة.
وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَيَحْيَى بن سُلَيْمَانَ بنِ نَضْلَة، وَهَارُوْن بن مُوْسَى الفَرْوِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي خُبْزَة، وَمُحَمَّد بن عَبَّادٍ، وَعَبْد اللهِ بن عِمْرَانَ، وَابْن أَبِي عُمَرَ العَدَنِيّ بِمَكَّةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو يَحْيَى الخفَّاف، وَإِمَام الأَئِمَّة ابْن خُزَيْمَةَ، وَأَكْثَر مَشَايِخنَا.
سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ سَعْد يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ مِثْل إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ، وَلاَ رَأَى مِثْلَ نَفْسه، اختلفتُ إِلَيْهِ سِتَّ سِنِيْنَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ مُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ الحَافِظ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: إِنَّمَا أَخرجَتْ مدينتُنَا هَذِهِ مِنْ رِجَال الحَدِيْث ثَلاَثَة: مُحَمَّد بن يَحْيَى، وَمُسْلِم بن الحَجَّاج، وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ (2) .
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 638، وزاد فيه: " ... ودخل على أحمد بن حنبل، وذاكره، وعلق عنه ".
(2) انظر: تذكرة الحفاظ 2 / 638.(13/548)
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّبْغِيّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي المُحَدِّثِيْنَ أَهيبَ مِنْ إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ، كُنَّا نَجلِس بَين يَدَيْهِ وَكَأَنَّ عَلَى رُؤُوْسنَا الطَّير.
بَينَا نَحْنُ فِي مسجدِه، إِذْ عَطَسَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ، فَأَخفَى عُطَاسه، فَقُلْتُ لَهُ: قَلِيْلاً قَلِيْلاً، لاَ تَخَفْ فلَسْت بَيْنَ يَدَيِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ (1) -.
وَسَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: قَالَ لِي مُحَمَّد بن يَحْيَى: مَنْ أَحْفَظ مَنْ رَأَيْتَ بِالعِرَاق؟
قُلْتُ: لَمْ أَرَ بَعْد أَحْمَد بن حَنْبَلٍ مِثْل أَبِي كُرَيْبٍ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو الفَضْلِ كَانَ إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ يُهَاب بِمَرَّة، وَكَانَ لاَ يَحْضُر مَجْلِسَ القُضَاة إِلاَّ لِشَهَادَةٍ تلْزمهُ.
وحَدَّثَنَا حَسَّان بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بن أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَد بَعْد المِحْنَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَذَاكَرْتُه رَجَاءَ أَنْ آخذ عَنْهُ حَدِيْثاً، حَتَّى قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! حَدِيْث أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (امْرُؤُ القَيْسِ قَائِدُ لِوَاءِ الشُّعَرَاءِ إِلَى النَّارِ (2)) .
فَقَالَ: قِيْلَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْهُ.
قُلْتُ: مَنْ عَنِ الزُّهْرِيِّ؟
قَالَ: أَبُو الجَهْمِ.
قُلْتُ: مِنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي الجَهْم؟
فَسَكَتَ، فَعَاوَدْتُه، فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَلِّم، فَسَكَتُّ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَختلِفُ إِلَى الوَلِيّ
__________
(1) المصدر السابق.
(2) أخرجه أحمد في " المسند " 2 / 228 من طريق هشيم، حدثنا أبو الجهم الواسطي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن ابي هريرة. وأبو الجهم قال فيه أبو زرعة: واه، وقال ابن عدي: شيخ مجهول لا يعرف له اسم، وخبره منكر، ولا أعرف له غيره، وقال ابن حبان في " المجروحين " 3 / 150: أبو الجهم شيخ من أهل واسط يروي عن الزهري ما ليس من حديثه روى عنه هشيم بن بشير، لا يجوز الاحتجاج بروايته إذا انفرد، وقال ابن عبد البر: لا يصح حديثه.
وانظر " مجمع الزوائد " 8 / 119، و" البداية والنهاية " 2 / 118، وله في " تاريخ بغداد " 9 / 370 طريق آخر لا يصح.(13/549)
بِبَابِ مَعْمَر، فَقَالَ لِي بَعْض مَشَايِخنَا: أَلاَ تحضُرُ مَجْلِس إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ، فترَى شمَائِلَه وَمَحَاسِنَه! فَأَحضرنِي، فرَأَيْتُ شَيْخاً لَمْ تَرَ عينَاي مثله.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: إِنَّمَا أَخرجتْ خُرَاسَانُ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْث خَمْسَة: الذُّهْلِيّ، وَالدَّارِمِيّ، وَالبُخَارِيّ، وَمُسْلِم، وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ (1) .
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ يعيشُ مِنْ كرَاء حَانوتٍ لَهُ، فِي الشَّهر بِسبعَةَ عشرَ دِرْهَماً يتبلَّغ بِهَا، وَقَدْ أَملَى كِتَاب (الْعِلَل) ؛ وَغير شَيْء (2) .
وَسَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّب مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ حَمْدُوْنَ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بن أَبِي طَالِبٍ، سَمِعْتُ مَنْ يسأَل أَحْمَد بن حَنْبَلٍ، فَقَالَ: إِن أَصْحَاب الحَدِيْث يكتُبُوْنَ كُتُبَ الشَّافِعِيّ؟
فَقَالَ: لاَ أَرَى لَهُم ذَلِكَ -يَعْنِي: أَنَّهُم يشتغلُوْنَ بِذَلِكَ عَنِ الحَدِيْث- (3) .
وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ المُزَكِّي، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ، سَمِعْتُ ابْنَ حَنْبَل يَقُوْلُ: كَانَ وَكِيْع لاَ يُقَدِّم عَلَى زَائِدَة فِي الحِفْظِ أَحَداً.
وَسَمِعْتُ العَنْبَرِيّ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: سأَلتُ أَحْمَد، عَنِ
__________
(1) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 638.
(2) المصدر السابق: 2 / 638 - 639.
(3) وجاء في طبقات أبي يعلى 1 / 57 في ترجمة تلميذ أحمد أبي بكر المروذي: قلت لأبي عبد الله: أترى يكتب الرجل كتب الشافعي؟ قال: لا، قلت: أترى أن يكتب الرسالة؟ قال: لا تسألني عن شيء محدث، قلت: كتبتها، قال: معاذ الله، وقال أحمد: لا تكتب كلام مالك، ولا سفيان ولا الشافعي، ولا إسحاق بن راهويه، ولا أبي عبيد.(13/550)
القِرَاءة فِيمَا يَجْهر فِيْهِ الإِمَام، فَقَالَ: يقرأُ بفَاتحَة الكِتَاب (1) .
وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ سَعْد يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيْم: فِي ثَانِي رَجَب، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْن أَخِيْهِ وَوَارِثه، وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَة الحُسَيْن بن مُعَاذٍ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَصْرُوْنَ، وَابْن عَسَاكِر، وَبنت كِندي سَمَاعاً، عَنِ المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ، وَأَبِي رَوْح، وَزَيْنَب الشَّعْرِيَّة: قَالَ المُؤَيَّد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ، وَقَالَ أَبُو رَوْح: أَخْبَرَنَا تَمِيْم المُؤَدِّب، وَقَالَتِ الشَّعْرِيَّة: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ القَارِئ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مَسْرور، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ ابْن نُجَيد، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِد، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرّ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَلِيُّ! سَلِ الله الهُدَى وَالسَّدَادَ، وَاذْكُرْ بِالهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيْق، وَبَالسَّدَادِ تَسْدِيْدَكَ السَّهْم) .
إِسْنَادُهُ قَوِيٌّ، وَلَمْ يُخْرِّجه أَربَاب الكُتُب السِّتَّة (2) .
وَفِيْهَا مَاتَ مَعَهُ: الحَسَن بن عَلِيٍّ المَعْمَرِيّ (3) ، وَأَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيّ
__________
(1) ربما قال هذا أحمد فيمن لا يسمع قراءة الامام، أما إذا كان الامام يجهر والمأموم يسمع قراءته، فلا تجب عيه القراءة ولا تستحب عند الامام أحمد فيما قاله ابن قدامة المقدسي في " المغني " 1 / 563. وانظر التفصيل فيه.
(2) مراد الامام الذهبي - والله أعلم - أنهم لم يخرجوه بهذا السند، وإلا فقد أخرجه مسلم في " صحيحه " (2725) في الذكر والدعاء: باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل من طريقين عن عاصم بن كليب عن أبي بردة، عن علي قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قل: " اللهم اهدني وسددني، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، والسداد سداد السهم " وهو في " المسند " 1 / 88 و134 و138، والنسائي 8 / 177 من طريق عاصم بن كليب، وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 969، ونسبه لأحمد والنسائي فقصر.
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (510) ، برقم (254) .(13/551)
الفَقِيْه (1) ، وَأَبُو شُعَيْب الحَرَّانِيّ (2) ، وَالمتكفِي بِاللهِ (3) ، وَالحَكَم بن مَعْبَد الخُزَاعِيّ (4) ، وَالزَّاهِد أَبُو الحُسَيْنِ النُّورِيّ (5) ، وَقَاضِي نَسَفَ: إِبْرَاهِيْم بن مَعقِل النَّسَفِي (6) .
278 - ابْنُ مُسَاوِرٍ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ الجَوْهَرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ، أَحْمَدُ بنُ القَاسِم بن مُسَاوِر البَغْدَادِيّ الجَوْهَرِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَفَّان بن مُسْلِمٍ، وَخَالِد بن خِدَاشٍ، وَعَلِيّ بن الجَعْد، وَطَبَقَتِهم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانع، وَأَحْمَد بن كَامِلٍ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ بن حُبَيْش، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ المُنَادِي: قَالَ لِي: إِنَّهُ كتب عَنْ عَلِيِّ بنِ الجَعد خَمْسَةَ عَشَرَ أَلف حَدِيْث (7) .
قَالَ: وَمَاتَ: فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) تقدم في الترجمة السابقة.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة (536) ، برقم (270) .
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (479) ، برقم (231) .
(4) انظر: عبر المؤلف: 2 / 101، شذرات الذهب: 2 / 218.
(5) هو: أحمد بن محمد، أبو الحسين النوري، ويعرف بابن البغوي. انظر: المنتظم: 6 / 77.
(6) تقدمت ترجمته في الصفحة: (493) ، برقم (241) .
(*) تاريخ بغداد: 4 / 349 - 350، طبقات القراء لابن الجزري: 1 / 97.
(7) تاريخ بغداد: 4 / 350.(13/552)
279 - بَحْشَلٌ أَسلَمُ بنُ سَهْلِ بنِ سَلْمٍ الوَاسِطِيُّ *
الحَافِظُ، الصَّدُوْقُ، المُحَدِّثُ، مُؤرِّخ مَدِيْنَة وَاسِط (1) ، أَبُو الحَسَنِ أَسْلَمُ بنُ سَهْلِ بنِ سَلْم بن زِيَادِ بنِ حَبِيْب الوَاسِطِيّ، الرَّزَّاز، وَيُعْرَفُ ببَحْشَل، وَهُوَ أَيْضاً لقبٌ لأَحْمَدَ بنِ أَخِي ابْن وَهْبٍ.
سَمِعَ مِنْ: جدّه لأُمِّهِ وَهْب بن بَقِيَّة، وَمن عَمِّ أَبِيْهِ سَعِيْد بن زِيَادٍ، وَمُحَمَّد بن أَبِي نُعَيْمٍ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن خَالِدٍ الطَّحَّان، وَسُلَيْمَان بن أَحْمَدَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ سَمْعَان، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ، وَإِبْرَاهِيْم بن يَعْقُوْبَ، وَعَلِيّ بن حُمَيْد البَزَّاز، وَمُحَمَّد بن جَعْفَرِ بنِ اللَّيْثِ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ.
قَالَ خمِيس الحوزيّ (2) : هُوَ مَنسوبٌ إِلَى مَحَلَّةِ الرَّزَّازِين، وَمسجدُه هُنَاكَ، وَهُوَ ثِقَةٌ، ثَبْتٌ، إِمَامٌ، يصلح للصَّحِيْح (3) .
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(*) معجم الأدباء: 6 / 127 - 128، تذكرة الحفاظ: 2 / 664، ميزان الاعتدال: 1 / 211، عبر المؤلف: 2 / 93، لسان الميزان: 1 / 388، طبقات الحفاظ: 289، شذرات الذهب: 2 / 210.
(1) كتابه " تاريخ واسط " طبع في مطبعة المعارف ببغداد سنة (1967 م) ، بتحقيق كوركيس عواد، ويقع في مجلد واحد.
(2) هو: الحافظ، الامام، محدث واسط، أبو الكرم، خميس بن علي بن أحمد الواسطي، توفي سنة (510 هـ) ، وقد التقى به الحافظ السلفي بواسط سنة 500 هـ، فسأله عن جماعة من أهل واسط ومن الغرباء القادمين إليها، فأجابه عنهم، فدون إجاباته في جزء، وقد صدر سنة 1976 بتحقيق مطاع طرابيشي، وهو من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق.
(3) سؤالات الحافظ السلفي ص 90.(13/553)
280 - أَبُو عُلاَثَةَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عِيَاضِ بنِ أَبِي طَيْبَةَ *
الأَخْبَارِيّ، الأَدِيْب، مِنْ مشيخَة المِصْرِيّين.
كَانَ ذَا عَارِضَةٍ وَلسَانٍ، وَكَانَ مَمْقُوتاً عِنْد كَثِيْرٍ مِنَ النَّاس، فَشَهِد عَلَيْهِ أَقوام بِأُمُورٍ، قَبِل مِنْهُم السُّلْطَان، فَضُرِبَ مِرَاراً، فَمَاتَ، ثُمَّ تبيَّن أَنَّهُ ظُلم، وَكَانَ ثَار عَلَيْهِ أَهْل المَسْجَد العَوَامّ.
فَتُوُفِّيَ: فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: الطَّبَرَانِيّ، وَالواعظ عَلِيّ بن مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الصَّفَّار، وَحُمَيْد بن يُوْنُسَ، وَعِدَّةٌ.
وَمن شُيُوْخه: مُحَمَّد بن رُمْح، وَمكِّيّ بن عَبْد اللهِ الرُّعَيْنِيّ، وَحَرْمَلَة.
تُوُفِّيَ مِنَ الضَّرب -رَحِمَهُ اللهُ-.
281 - البَزَّارُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَصْرِيُّ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بن عَمْرِو بنِ عَبْدِ الخَالِقِ البَصْرِيُّ، البَزَّارُ، صَاحِبُ (المُسْنَدِ) الكَبِيْرِ، الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَى أَسَانيدِه (1) .
__________
(*) ميزان الاعتدال: 3 / 465، لسان الميزان: 5 / 57 - 58.
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 334 - 335، المنتظم: 6 / 50، تذكرة الحفاظ: 2 / 653 - 654، عبر المؤلف: 2 / 92، الوافي بالوفيات: 7 / 268، لسان الميزان: 1 / 237 - 239، النجوم الزاهرة: 3 / 157 - 158، طبقات الحفاظ: 285، شذرات الذهب: 2 / 209.
(1) وقد جرد زوائده الحافظ الهيثمي، وسماه: " كشف الاستار عن زوائد البزار " وقد نشرت مؤسسة الرسالة الأول والثاني منه، بتحقيق العلامة حبيب الرحمن الاعظمي.(13/554)
وُلِدَ: سَنَةَ نَيف عَشْرَة وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: هُدْبَة بن خَالِدٍ، وَعَبْد الأَعْلَى بن حَمَّادٍ، وَعَبْد اللهِ بن مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيّ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ فَيَّاض الزِّمَّانِيّ، وَمُحَمَّد بن مَعْمَر القَيْسِيّ، وَبِشْر بن مُعَاذٍ العَقَدِيّ، وَعِيْسَى بن هَارُوْنَ القُرَشِيّ، وَسَعِيْد بن يَحْيَى الأُمَوِيّ، وَعَبْد اللهِ بن جَعْفَرٍ البَرْمَكِيّ، وَعَمْرو بن عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَزِيَاد بن أَيُّوْبَ، وَأَحْمَد بن المِقْدَامِ العِجْلِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَبُندَاراً، وَابْن مُثَنَّى، وَعَبْد اللهِ بن الصَّبَّاحِ، وَعَبْد اللهِ بن شَبِيْبٍ، وَمُحَمَّد بن مِرْدَاس الأَنْصَارِيّ، وَمُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الفَضْلِ الحَرَّانِيّ، وَخلقاً كَثِيْراً.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ قَانع، وَابْنُ نَجِيع، وَأَبُو بَكْرٍ الخُتُّلِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَحْمَد بن الحَسَنِ بنِ أَيُّوْب التَّمِيْمِيّ، وَعَبْد اللهِ بن جَعْفَرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ فَارِسٍ، وَأَحْمَد بن جَعْفَرِ بنِ سَلْم الفُرْسَانِيّ، وَعَبْد اللهِ بن خَالِد بن رُسْتُم الرَّارَانِيّ (1) ، وَأَحْمَد بن إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ الضَّرِير، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ الحَسَنِ الثَّقَفِيّ، وَأَحْمَد بن جَعْفَرِ بنِ مَعْبَد السِّمْسَار، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ الكِسَائِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ بنِ الخَصِيب، وَأَبُو مُسْلِمٍ عَبْد الرَّحْمَنِ بن مُحَمَّدِ بنِ سيَاه، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّد بن عَطَاء القَبَّاب، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ يَعْقُوْبَ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ ممشَاذ القَارِئ، وَمُحَمَّد بن عَبْد اللهِ بن حَيُّوْيَه النَّيْسَابُوْرِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَقَدْ أَملَى أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاش مَجْلِساً عَنْ نَحْوٍ مِنْ عِشْرِيْنَ شَيْخاً، حدَّثوه(13/555)
عَنْ أَبِي بَكْرٍ البَزَّار.
وَقَدِ ارْتَحَلَ فِي الشَّيْخُوخَة نَاشِراً لحَدِيثِهِ، فَحَدَّثَ بِأَصْبَهَانَ عَنِ الكِبَار، وَبِبَغْدَادَ، وَمِصْر، وَمَكَّة، وَالرَّملَة.
وَأَدْرَكَهُ بِالرَّمْلَة أَجلُه، فَمَاتَ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، يُخْطِئ وَيَتَّكلُ عَلَى حِفْظِهِ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: يُخْطِئ فِي الإِسْنَاد وَالمتن.
وَقَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ البَزَّار، فَقَالَ: يُخْطِئ فِي الإِسْنَاد وَالمتن، حَدَّثَ بِالمُسْنَد بِمِصْرَ حِفْظاً، يَنْظُر فِي كُتب النَّاس، وَيُحَدِّث مِنْ حِفْظِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ كُتُب، فَأَخْطَأَ فِي أَحَادِيْث كَثِيْرَة (1) .
جرحه النَّسَائِيّ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: حَافظ لِلْحَدِيْثِ.
تُوُفِّيَ بِالرَّمْلَة.
ثُمَّ أَرَّخ كَمَا مَرَّ (2) .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ بقَاء، وَعَبْد الدَّائِم بن أَحْمَدَ الوَزَّان (3) ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مَحْمُوْدٍ، سَنَة سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتّ مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ المِصْرِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظ إِمْلاَءً، سَنَة عَشْرٍ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا جَدِّي أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ
__________
(1) تاريخ بغداد: 4 / 335، وزاد: "..يتكلمون فيه ".
(2) أي سنة (292 هـ) .
(3) ترجمته في " مشيخة " المؤلف: خ: ق: 71 - 72.(13/556)
أَيُّوْب التَّمِيْمِيّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّار، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عبد الرَّحْمَن بن الفَضْلِ الحَرَّانِيّ، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ المُهَلَّب الحَرَّانِيّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ مُحْرِز، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِر، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ:
خَطَبَنَا رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى نَاقَتِهِ العَضْبَاء، وَلَيْسَتْ بِالجَدْعَاء، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ! كَأَنَّ المَوْتَ فِيْهَا عَلَى غَيْرِنَا كُتِبَ، وَكَأَنَّ الحَقَّ فِيْهَا عَلَى غَيْرِنَا وَجَبَ، وَكَأَنَّ مَنْ نُشَيِّعُ مِنَ المَوْتَى سَفْرٌ عَمَّا قَلِيْلٍ إِلَيْنَا رَاجِعُوْن، نُبَوِّئُهُم أَجْدَاثَهُم، وَنَأْكُلُ تُرَاثَهُم، كَأَنَّا مُخَلَّدُوْنَ بَعْدَهُم، قَدْ نَسِيْتُم كُلَّ وَاعِظَةٍ، وَأَمِنْتُم كُلَّ جَائِحَةٍ، طُوْبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عَيْبِ أَخِيْهِ، وَتَوَاضَعَ للهِ فِي غَيْرِ مَنْقَصَةٍ، وَأَنْفَقَ مِنْ مَالٍ جَمَعَهُ مِنْ غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَخَالَطَ أَهْلَ الفِقْهِ وَالحِكْمَةِ، وَجَانَبَ أَهْلَ الشَّكِّ وَالبِدْعَةِ، وَحَسُنَتْ سَرِيْرَتُهُ، وَصَلُحَتْ عَلاَنِيَّتُهُ، وَأَمِنَ النَّاسُ شَرَّهُ (1)) .
هَذَا حَدِيْثٌ وَاهِي الإِسْنَاد، فَالنَّضْر: قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُول.
وَالوَلِيْد: لاَ يُعرف، وَلاَ يصِحُّ لِهَذَا الْمَتْن إِسْنَادٌ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ (2) ، إِجَازَةً، عَنْ مَسْعُوْد الجَمَّال، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّار، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ الصَّيْرَفِيّ الكُوْفِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيّ، حَدَّثَنَا سَيْف بن وَهْب، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَبُو القَاسِمِ، وَالمَاحِي، وَالحَاشِرُ) .
__________
(1) وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 373، ونسبه للحكيم الترمذي، وهو من المصادر التي قال عن أحاديثها في مقدمته: إنها ضعيفة، فيستغنى بالعزو إليها عن بيان ضعفها.
(2) ترجمه المؤلف في: " مشيخته ": خ: ق: 6.
(3) إسناده تالف، إبراهيم بن يوسف صدوق فيه لين، وشيخه أبويحيى التيمي. واسمه =(13/557)
282 - عُبَيْدُ بنُ غَنَّامِ ابْنِ القَاضِي حَفْصِ بنِ غِيَاث الكُوْفِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّادِقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ النَّخَعِيُّ، الكُوْفِيُّ.
قِيْلَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَجُبَارَة بن المُغَلِّس، وَعَلِيّ بن حَكِيْم الأَوْدِيّ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ بن عُقْدَة، وَيَزِيْد بن مُحَمَّدِ بنِ إِيَاس المَوْصِلِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ عُبَيْد اللهِ بن يَحْيَى الطَّلْحِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مُكْثِراً عَنِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ (1) .
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، قَالَهُ ابْن عقدَة.
وَمَاتَ: فِي نِصْفِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَة سَبْعٍ وَتسعين وَمائَتَيْنِ.
وَتآلِيف أَبِي نُعَيْمٍ مَشْحُونَةٌ بِحَدِيْث ابْن غَنَّام، وَهُوَ ثِقَةٌ.
__________
= إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله - اتهمه غير واحد من الحفاظ بالكذب، وسيف بن وهب ضعيف الحديث، وقد أورد الحديث ابن عدي في ترجمته في " كامله " لوحة 374.
ويغني عنه حديث جبير بن مطعم عند مالك 2 / 1004، والبخاري 6 / 404، ومسلم (2354) والترمذي (2840) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لي خمسة اسماء أنا محمد وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب ". وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند مسلم (2355) وعن حذيفة عند أحمد 5 / 405، وعن جابر بن عبد الله عند الطبراني في " الكبير " (1750) و" الأوسط " وعن ابن عباس عند الطبراني في " الصغير " و" الأوسط " كما في " المجمع " 8 / 284.
(*) تذكرة الحفاظ: 2 / 660، في نهاية ترجمة يوسف القاضي، عبر المؤلف: 2 / 107، شذرات الذهب: 2 / 225.
(1) قال المؤلف في " العبر ": 2 / 107: " رواية الكتب عن أبي بكر بن أبي شيبة، وكان محدثا صدوقا ".(13/558)
283 - ابْنُ عَلُّويَه أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الحَسَن بن عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَان بن علُّويَه، البَغْدَادِيّ القَطَّان.
سَمِعَ: عَاصِم بن عَلِيٍّ، وَبَشَّار بن مُوْسَى، وَعُبَيْد اللهِ بن عَائِشَة، وَبِشْر بن الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن عِيْسَى العَطَّار، رَاوِي (المبتدأَ) ، وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: النَّجَّاد، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَد بن سنديّ الحَدَّاد، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَالآجُرِّيّ، وَمَخْلَد البَاقرحِيّ، وَعَبْد اللهِ بن إِبْرَاهِيْم الزَّبيبِيّ (1) .
وثَّقه الدَّارَقُطْنِيّ وَالخَطِيْب (2) .
وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتسعين وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو (3) العَبَّاسِ بن مَسْرُوْق، وَبُهلول بن إِسْحَاق (4) ، وَالجُنَيْد بن مُحَمَّدٍ شَيْخ الصُّوْفِيَّة (5) ، وَأَبُو عُثْمَانَ الحِيْرِيّ الزَّاهِد (6) ،
__________
(*) تاريخ بغداد 7 / 375، المنتظم: 6 / 106
(1) في المطبوع من " العبر " 2 / 359 - 360: إلى " الزيدي ".
(2) انظر: تاريخ بغداد: 7 / 375.
(3) سقط من الأصل كلمة أبو وهو مترجم في الصفحة (494) برقم: (243) .
(4) تقدمت ترجمته في الصفحة: (535) ، برقم (268) .
(5) انظر: طبقات الصوفية: 155 - 163، ومصادره فيه، و: حلية الأولياء: 10 / 255 - 287، تاريخ بغداد: 7 / 241 - 249، المنتظم: 6 / 105 - 106، وفيات الأعيان: 1 / 373 - 375، عبر المؤلف: 2 / 110 - 111، شذرات الذهب: 2 / 228 - 230.
(6) هو: سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور الحيري، انظر طبقات الصوفية: 170 - 175، ومصادره فيه.(13/559)
وَسمنُوْن المُحِبّ (1) ، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ طَرْخَان البَلْخِيّ، وَمُحَمَّد بن يَحْيَى بنِ سُلَيْمَانَ المَرْوَزِيّ (2) ، وَيُوْسُف بن عَاصِم الرَّازِيّ، وَالأَمِيْر مُحَمَّد بن طَاهِرٍ بن عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِر (3) .
284 - أَبُو عَمْرٍو الخَفَّافُ أَحْمَدُ بنُ نَصْرِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الكَبِيْرُ، القُدْوَة، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْر بن إِبْرَاهِيْم النَّيْسَابُوْرِيّ، المَعْرُوف بِالخفَّاف.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِم: كَانَ نَسِيج وَحده جلاَلَةً، وَرِئاسَةً، وَزهداً، وَعُبَادَةً وَسخَاء نَفْس.
سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَأَبَا عَمَّار الحُسَيْن بن حُرَيْثٍ، وَمُحَمَّد بن عَبْد العَزِيْز بن أَبِي رِزمَة، وَالحُسَيْن بن الضَّحَّاك، وَمُحَمَّد بن رَافِع، وَمُحَمَّد بن عَلِيّ بن شَقِيق، وَأَقرَانهُم بِنَيْسَابُوْر.
وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَأَبَا همَّام السَّكُوْنِيّ، وَالطَّبَقَة بِبَغْدَادَ.
وَأَبَا كُرَيْب، وَعَبَّاد بن يَعْقُوْبَ، وَهَنَّاد بن السَّرِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُف الصَّيْرَفِيّ، وَطَبَقَتهُم بِالكُوْفَةِ.
وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن كَاسِب، وَأَبَا مُصعب الزُّهْرِيّ، وَعَبْد اللهِ
__________
(1) هو: " سمنون حمزة "، ويقال: سمنون بن عبد الله أبو الحسن الخواص، ويقال: كنيته أبو القاسم، سمى نفسه سمنون الكذاب لكتمه عسر البول بلا تضرر ".
انظر: طبقات الصوفية: 165 - 199، ومصادره فيه، و: " حلية الأولياء ": 10 / 309 - 312، تاريخ بغداد 9 / 234 - 237، المنتظم: 6 / 108.
(2) انظر: عبر المؤلف: 2 / 112، شذرات الذهب: 2 / 231.
(3) انظر: شذرات الذهب: 2 / 231.
(*) الجرح والتعديل: 2 / 79، طبقات الفقهاء: 114، المنتظم: 6 / 110، تذكرة الحفاظ: 2 / 654 - 656، عبر المؤلف: 2 / 112 - 113، البداية والنهاية: 11 / 117، طبقات الحفاظ: 285 - 286، شذرات الذهب: 2 / 231 - 232(13/560)
بن عِمْرَانَ العَابِديّ، وَعِدَّةً بِالمَدِيْنَةِ.
وَمُحَمَّد بن يَحْيَى العَدَنِيّ، وَغَيْرهُ بِمَكَّةَ.
وَجَمَع وَصَنَّف وَبَرَع فِي هَذَا الشَّأْن.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَمُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ بن فَارِس، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم، وَأَبُو بَكْرٍ الصَّبغِيّ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَد بن حَمْدُوْن الذُّهْلِيّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَد بن أَبِي بَكْر الحِيْرِيّ، وَخَلْقٌ مِنْ مشيخَة الحَاكِم.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاق المُزَكِّي، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ السَّرَّاج يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ أَبِي عَمْرٍو الخفَّاف، كَانَ يسْرد الحَدِيْث سرداً حَتَّى المُنْقَطِع وَالمُرْسَل (1) .
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ الصِّبْغِيَّ يَقُوْلُ: صَام أَبُو عَمْرٍو الخفَّاف الدَّهْر نَيِّفاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً (2) .
قُلْتُ: ليته أَفطر وَصَام، فَمَا خفِي -وَاللهِ- عَلَيْه النَّهْي عَنْ صيَام الدَّهْر، وَلَكِن لَهُ سلف، وَلَوْ صَامُوا أَفْضَل الصَّوْم، للزمُوا صَوْم دَاوُد -عَلَيْهِ السَّلاَمُ (3) -.
قَالَ: وَسَمِعْتُ الصِّبغِيَّ غَيْرَ مَرَّة يَقُوْلُ: كُنَّا نَقُوْل: إِنَّ أَبَا عِمْرَان يَفِي بِمذكرَاة مئَة أَلْف حَدِيْث.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ يَقُوْلُ: كَانَ ابْتِدَاء حَال أَبِي عَمْرٍو،
__________
(1) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 655 - 656.
(2) المصدر السابق: 2 / 655.
(3) وهو صوم يوم، وإفطار يوم، فقد قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمر بعد أن نهاه عن صوم الدهر: " صم صوم داود عليه السلام، صم يوما وأفطر يوما " انظر البخاري 4 / 191 في الصوم: باب صوم الدهر: وباب صوم يوم وإفطار يوم، ومسلم (1159) .(13/561)
وَأَحْمَد بن نَصْر الرَّئيس الزُّهْد وَالوَرَع، وَصحبَة الأَبْدَال، إِلَى أَنْ بلغَ مِن العِلْم وَالرِّئاسَة وَالجَلاَلَة مَا بلغَ، وَلَمْ يَكُنْ يُعْقِب.
قَالَ: فَلَمَّا أَيس مِنَ الوَلَد، تصدَّق بِأَمْوَالٍ، كَانَ يُقَالُ: إِنَّ قيمتهَا خَمْسَة آلاَف ألف دِرْهَم، عَلَى الأَشرَاف وَالفُقَرَاء وَالموَالِي (1) .
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّب الكَرَابِيْسِيّ: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَة يَقُوْلُ عَلَى رُؤُوْس الملأِ يَوْم مَاتَ أَبُو عَمْرٍو الخفَّاف: لَمْ يَكُنْ بِخُرَاسَان أَحْفَظ مِنْهُ لِلْحَدِيْث (2) .
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُؤَمَّل بن الحَسَنِ المَاسَرْجسِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الخفَّاف يَقُوْلُ: كَانَ عَمْرو بن اللَّيْث الصَّفَّار -يَعْنِي السُّلْطَان- يَقُوْلُ لِي: يَا عمّ! مَتَى مَا عَلِمتَ شَيْئاً لاَ يُوَافقك فَاضرب رقبتِي، إِلَى أَنْ أَرجع إِلَى هَوَاك (3) .
قُلْتُ: كَذَا فَلْيَكُن السُّلْطَان مَعَ الشَّيْخ، وَقَدْ كَانَ عَمْرو بن اللَّيْث صَانعاً فِي الصُّفر، فَتَنَقَّلَتْ بِهِ الأَحْوَالُ إِلَى أَنْ تملَّك خُرَاسَان، وَتملَّك بَعْدَهُ أَخُوْهُ يَعْقُوْب، فَانْظُرْ فِي (تَارِيْخ الإِسْلام) تسمع الْعجب مِنْ سِيرَتِهِمَا.
وَكَانَ الرَّئيس أَبُو عَمْرٍو عَظِيْم الْقدر، سَيِّداً مطَاعاً بِبَلَدِهِ، نَال رِئاسَة الدّين وَالدُّنْيَا، وَكَانُوا يُلقِّبونه بِزينِ الأَشرَاف.
وَكَانَتْ وَفَاته فِي شَهْرِ شَعْبَانَ، سَنَة تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ مِنْ أبْناءِ الثَّمَانِيْنَ.
__________
(1) انظر: تذكرة الحفاظ: 2 / 655.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 655
(3) المصدر السابق: 2 / 656.(13/562)
وَقَعَ لِي حَدِيْثه عَالِياً.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَد بن هِبَة الله بن تَاج الأُمَنَاء (1) ، أَنْبَأَنَا عَبْد المُعِزّ بن مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْر الخفَّاف، حَدَّثَنَا نَصْر بن عَلِيّ، حَدَّثَنَا عَبْد اللهِ بن دَاوُد، عَنْ ثَوْر، عَنْ خَالِد بن مَعْدَان، عَنْ رَبِيْعَة الجُرَشِيّ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -:
(أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يتحرَّى صَوْم الاثْنَيْن وَالخَمِيْس، وَيَصُوْم شَعْبَان وَرَمَضَان (2)) .
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، وَرَبِيْعَة قِيْلَ: لَهُ صُحْبَة.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَحْمَد بن أَنَس بن مَالِك الدِّمَشْقِيّ (3) ، وَالحُسَيْن بن عَبْدِ اللهِ الفَقِيْه وَالد الخِرَقيّ (4) ، وَعَلِيّ بن سَعِيْدِ بن بَشِيْرٍ الرَّازِيّ (5) ، وَمُحَمَّد بن يَزِيْد بن عَبْد الصَّمَدِ (6) ، وَالعَارف مُمْشَاذ الدِّيْنَوَرِيّ (7) ، وَحُسَيْن بن حُمَيْد العَكِّيّ المِصْرِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الوَارِث بن مُسْلِم التُّجِيْبِيّ، وَمُحَمَّد
__________
(1) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (46) ، ت: 1. عن " مشيخة " المؤلف.
(2) وأخرجه النسائي 4 / 153 من طريق عمرو بن علي، حدثنا عبد الله بن داود بهذا الإسناد، وأخرجه دون قوله: " ويصوم شعبان ورمضان " الترمذي (745) والنسائي 4 / 202، 203 كلاهما من طريق عمرو بن علي عن عبد الله بن داود به وأخرجه كذلك أحمد 6 / 80 و89 و106، وابن ماجه (1739) والنسائي 4 / 202 عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن عائشة.
(3) تذكرة الحفاظ: 2 / 656، آخر ترجمة الخفاف.
(4) المنتظم: 6 / 111.
(5) تذكرة الحفاظ: 2 / 750، وفيه وفاته (297 هـ)
(6) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (152) في الأصل، وت: 1.
(7) طبقات الصوفية: 316 - 318، وانظر مصادره فيه، و: حلية الأولياء: 10 / 353 - 354.(13/563)
بن اللَّيْث الجَوْهَرِيّ (1) ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَد بن الحُسَيْن الحَذَّاء (2) ، وَأَحْمَد بن عَلِيّ بن مُحَمَّدِ بنِ الجَارُوْد الأَصْبَهَانِيّ (3) ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدِ بنِ البخترِيّ الحنّائِيّ (4) ، وَالحَسَن بن أَحْمَد الصَّيْقَل المِصْرِيّ.
285 - أَحْمَدُ بنُ النَّضْرِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ النَّيْسَابُوْرِيُّ * (خ) (5)
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو الفَضْلِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، أَحَدُ الأَئِمَّةِ وَالمُصَنِّفِيْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ: إِذَا وَرد نَيْسَابُوْر، نَزَلَ عِنْد الأَخوين أَحْمَد وَمُحَمَّد ابْني النَّضْر.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُمَا فِي (صَحِيْحِهِ) ، وَإِسنَادهُمَا وَسَمَاعهُمَا مَعاً، وَهُمَا سيَّان.
سَمِعَ: هُدْبَة بن خَالِد، وَشَيْبَان بن فَرُّوْخٍ، وَسَهْل بن عُثْمَان العسكرِيّ، وَأَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعُبَيْد الله بن مُعَاذٍ، وَعَمْرو بن زُرَارَة، وَخلقاً كَثِيْراً ذكرهُم الحَاكِم، ثُمَّ قَالَ: وَأَحْمَد مجوِّد فِي البَصْرِيّين.
حَدَّثَ عَنْهُ: البُخَارِيّ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنِ الأَخْرَم، وَأَحْمَد بن إِسْحَاق الصَّيْدَلاَنِيّ، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ، وَأَبُو
__________
(1) ترجمته في: تاريخ بغداد: 3 / 196.
(2) ترجمته في: تاريخ بغداد: 4 / 97 - 98.
(3) ترجمته في: ذكر أخبار أصبهان: 1 / 110 - 118
(4) ترجمته في: تارخ بغداد: 14 / 229.
(*) تهذيب الكمال: خ: 46، تذهيب التهذيب: خ: 1 / 29 - 30، تذكرة الحفاظ: 2 / 645 - 646، تهذيب التهذيب: 1 / 87 - 88، طبقات الحفاظ: 282، خلاصة تذهيب الكمال: 13، شذرات الذهب: 2 / 205، أخبار سنة (290)
(5) زيادة من: " تهذيب التهذيب ".(13/564)
الفَضْلِ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ، وَآخَرُوْنَ.
وَلَمَّا رَوَى البُخَارِيّ حَدِيْث الإِفك عَنْ أَبِي الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، قَالَ: وثبتَنِي أَحْمَد فِي بَعْضه (1) .
فَأَحْمَد هُنَا: ابْن النَّضْر (2) ، وَمَا هُوَ بِابْن حَنْبَل (3) .
وَقَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد (4) ، حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بن مُعَاذٍ ... فَذَكَرَ حَدِيْثاً، فَهَذَا مُحَمَّد بن النَّضْرِ، فَأَمَّا هَذَا، فَقَدِيْم الوَفَاة، وَأَمَّا أَحْمَد فَطَالَ عُمُرُه، وَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ بِضْع وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) الذي في صحيح البخاري 5 / 199 في الشهادات: باب تعديل النساء بعضهن بعضا: " وأفهمني بعضه أحمد "
(2) وكذلك جزم المؤلف في " طبقات القراء " أنه أحمد بن النضر.
قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ص 219: لم يبين أبو علي الجياني من هو أحمد هذا، ووقع في كتاب خلف الواسطي في " الاطراف ": وأفهمني بعضه أحمد بن يونس، وبهذا جزم الدمياطي، وقال ابن عساكر والمزي: إنه وهم.
قلت (القائل ابن حجر) : ورأيته في نسخة الحافظ أبي الحسين اليونيني، وقد أهمله في جميع الروايات التي وقعت له إلا رواية واحدة، فإنه كتب عليها علامة (ق) ونسبه، فقال: أحمد بن يونس.
(3) الذي جوز أن يكون أحمد بن حنبل: هو أبو عبد الله بن خلفون، ولم يتابع.
(4) كذا قال المؤلف: حدثنا محمد، وهو خطأ والصواب: أحمد، فقد ذكر البخاري في " صحيحه " 8 / 231 و232 في تفسير سورة الانفال، الحديث من طريق أحمد، ومن طريق محمد كلاهما عن عبيد الله بن معاذ، فلم ينسب الأول، ونسب الثاني.
قال الحافظ تعليقا على قول البخاري: " حدثنا أحمد ": كذا في جميع الروايات غير منسوب، وجزم الحاكمان أبو أحمد وأبو عبد الله انه ابن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري، وقد روى البخاري الحديث المذكور بعينه عقب هذا عن محمد بن النضر؟ خي أحمد هذا.
قال الحاكم: بلغني أن البخاري كان ينزل عليهما، ويكثر الكمون عندهما إذا قدم نيسابور، قال الحافظ: وهما من طبقة مسلم وغيره من تلامذة البخاري، وإن شاركوه في بعض شيوخه، وقد أخرج مسلم هذا الحديث بعينه عن شيخهما عبيد الله بن معاذ نفسه.
ونص الحديث مع سنده: حدثني أحمد، حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن عبد الحميد صاحب الزيادي سمع أنس بن مالك رضي الله عنه قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بغذاب أليم، فنزلت: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم. وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون، وما لهم أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام ... ) الآية.(13/565)
286 - الأَخْفَشُ هَارُوْنُ بنُ مُوْسَى بنِ شَرِيْكٍ التَّغْلِبِيُّ *
مُقْرِئ دِمَشْق، الإِمَام الكَبِيْر، أَبُو عَبْدِ اللهِ هَارُوْن بن مُوْسَى بن شَرِيْك التَّغْلِبِيّ الدِّمَشْقِيّ.
قرأَ عَلَى: ابْن ذَكْوَان، وَهِشَام.
وَحَدَّثَ عَنْ: سلاَّم المَدَائِنِيّ، وَأَبِي مُسْهِر الغَسَّانِيّ.
تَلاَ عَلَيْهِ: ابْن شَنَبُوذ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحصَائِرِيّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ مُرّ الأَخْرَم، وَجَعْفَر أَبِي دَاوُدَ، وَعِدَّة.
وَرَوَى عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصح، وَالطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو طَاهِرٍ بن ذَكْوَان، وَآخَرُوْنَ.
مَوْلِدُهُ سَنَةَ مائَتَيْنِ.
وَمَاتَ: فِي صَفَر سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ إِمَاماً صَاحِب فنُوْنَ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي القرَاءات وَالعَرَبِيَّة، ارْتَحَلَ إِلَيْهِ المقرئونَ: كهِبَة اللهِ بن جَعْفَرٍ، وَأَبِي بَكْر النَّقَّاش، وَإِبْرَاهِيْم بن عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّد بن أَحْمَدَ الدَّاجونِيّ (1) ، وَغَيْرِهِم.
287 - مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَعْيَنَ أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ **
المُحَدِّثُ، الصَّادِق، أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيّ.
__________
(*) معجم الأدباء: 19 / 263، إنباه الرواة: 3 / 361 - 362، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 277، طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 347 - 348، النجوم الزاهرة: 3 / 133،
طبقات المفسرين: 2 / 347، شذرات الذهب: 2 / 209، أخبار سنة (291) .
(1) الداجوني، بفتح الجيم: نسبة إلى داجون: قرية من قرى الرملة. (انظر: الأنساب) .
(* *) تاريخ بغداد: 2 / 128 - 129، المنتظم: 6 / 59.(13/566)
حَدَّثَ بِمِصْرَ عَنْ: عَفَّان بن مُسْلِم، وَعَاصِم بن عَلِيّ، وَأَبِي بَكْر بن أَبِي شَيْبَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الطَّبَرَانِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ حَيُّويَه، وَجَمَاعَة.
وَثَّقَه الخَطِيْب (1) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
288 - القَتَّاتُ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الكُوْفِيُّ *
المُعَمَّرُ، المُسْنِدُ، أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَأَحْمَد بن يُوْنُسَ، وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّد بن عُمَرَ الجِعَابِيّ، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَالحَسَن بن جَعْفَرٍ الحُرفِيّ، وَهُوَ أَخُو الحُسَيْن بن جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْب الكُوْفِيّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: كَانَ ضَعِيْفاً ... تكلّمُوا فِي سَمَاعه مِنْ أَبِي نُعَيْم (2) .
تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَلاَثٍ مئَة.
وَفِي الشَّهْرِ تُوُفِّيَ مَعَهُ: المُعَمَّر.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 2 / 129.
(*) تاريخ بغداد: 2 / 129 - 130، المنتظم: 6 / 120، ميزان الاعتدال: 3 / 501، عبر المؤلف: 2 / 115، لسان الميزان: 5 / 106، شذرات الذهب: 2 / 236.
(2) تاريخ بغداد: 2 / 129، 130.(13/567)
289 - أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ سَمَاعَةَ الحَضْرَمِيُّ *
الرَّاوِي أَيْضاً عَنْ أَبِي نُعَيْم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الجِعَابِيّ، وَالإِسْمَاعِيلِيّ، وَالحَسَن بن جَعْفَرٍ الحُرْفِيّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَهُوَ أَصلح حَالاً مِنَ القتَّات.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
290 - ابْنُ الإِمَامِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّبَعِيُّ ** (س (1))
الشَّيْخ، المُحَدِّث، الثِّقَة، أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّد بن جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ الرَّبَعِيّ، الحَنَفِيّ، البَغْدَادِيّ، ابْن الإِمَام، نَزِيْل دِمْيَاط.
سَمِعَ: أَحْمَد بن يُوْنُس اليرْبُوعِيّ، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيّ فِي (سنَنه) ، وَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْن، وَابْن عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّقَّاش، وَسُلَيْمَان الطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ يَوْم عيد النَّحْر، سَنَةَ ثَلاَثٍ مئَة.
__________
(*) الفهرست: المقالة السادسة: الفن الثاني، تاريخ بغداد: 2 / 188 - 189، وفيه أنه يكنى: أبا الحسن أو أبا الحسين، المنتظم: 6 / 120، عبر المؤلف: 2 / 115، الوافي بالوفيات: 2 / 337، شذرات الذهب: 2 / 236.
(* *) تاريخ بغداد: 2 / 130 - 131، المنتظم: 6 / 120، تهذيب الكمال: خ: 1182، تذهيب التهذيب: خ: 3 / 194، عبر المؤلف: 2 / 115، تهذيب التهذيب: 9 / 95، خلاصة تذهيب الكمال: 330، شذرات الذهب: 2 / 236.
(1) زيادة من " تهذيب التهذيب "(13/568)
291 - الوَادِعِيُّ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ حَبِيْبٍ الكُوْفِيُّ *
المُحَدِّثُ، الحَافِظ، الإِمَام، القَاضِي، أَبُو حَصِيْن مُحَمَّد بن الحُسَيْن بن حَبِيْب الوَادِعِيّ، الكُوْفِيّ، صَاحِب (المُسْنَدِ) .
سَمِعَ: أَحْمَد بن يُوْنُس، وَجندل بن وَالق، وَيَحْيَى بن عبد الحمِيد، وَعَوْن بن سَلاَّمٍ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو بنُ السَّمَّاكِ، وَأَبُو بَكْرٍ بن النَّجَّاد، وَجَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ عَمْرو، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْد اللهِ بن يَحْيَى الطَّلْحِيّ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وثَّقَه الدَّارَقُطْنِيّ.
تُوُفِّيَ بِالكُوْفَةِ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
292 - المَازِنِيُّ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ حَيَّانَ
الشَّيْخ، الصَّدُوْق، المُحَدِّث، أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّد بن حَيَّانَ المَازِنِيّ البَصْرِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: عَمْرِو بنِ مَرْزُوْق، وَأَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَمُسَدَّد بن مُسَرْهَد، وَطَبَقَتِهِم.
رَوَى عَنْهُ: دَعْلَج السِّجْزِيّ، وَابْن قَانع، وَالطَّبَرَانِيّ، وَفَاروق الخطَّابِيّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 229، المنتظم: 6 / 88، اللباب: 3 / 344 - 345، عبر المؤلف: 2 / 106، الوافي بالوفيات: 2 / 372، البداية والنهاية: 11 / 110، شذرات الذهب: 2 / 225.
والوادعي: نسبة إلى وادعة بن عمرو بن عامر بن ناشج ... بطن من همدان.(13/569)
بَقِيَ إِلَى بَعْد التِّسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
293 - يَحْيَى بنُ مَنْصُوْرِ بنِ حَسَنٍ السُّلَمِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، الزَّاهِد، القُدْوَة، مُحَدِّثُ هَرَاةَ، أَبُو سَعْدٍ (1) الهَرَوِيّ.
سَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيّ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَأَبِي مُصعب، وَابْن رَاهْوَيْه، وَابْن نُمَيْر، وَسُوَيْد بن سَعِيْدٍ، وَيَعْقُوْب بن كَاسِب، وَحِبَّان بن مُوْسَى، وَعدد كَثِيْر مِنْ طَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عبد الصَّمَدِ الطَّسْتِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ خَلَف، وَمُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ، وَعَلِيّ بن حُمْشَاذ، وَأَحْمَد بن عِيْسَى الغيزَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْمَاعِيْل الخُطَبِيّ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَاد.
ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ وَقَالَ: تُوُفِّيَ بهَرَاة فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، حَافِظاً، زَاهِداً.
قُلْتُ: بَل الصَّحِيْح وَفَاته فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ عجباً فِي التَّأَلُّه وَالعِبَادَة، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُ لَمْ يرَ مِثْل نَفْسه، رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.
وُلِدَ سَنَةَ خَمْس عشر وَمائَتَيْنِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 14 / 225 - 226، طبقات الحنابلة: 1 / 410، المنتظم: 6 / 26، تذكرة الحفاظ: 2 / 691 - 692، عبر المؤلف: 2 / 94، طبقات الحفاظ: 300، النجوم الزاهرة: 3 / 123، شذرات الذهب: 2 / 213.
(1) في طبقات الحنابلة: أبو سعيد.
(2) تاريخ بغداد: 14 / 225 - 226.(13/570)
وَلَهُ كِتَاب: (أَحكَام القُرْآن) - قَالَ الرّهَاوِيّ: لَمْ يسْبق إِلَى مثلهَا - وَكِتَاب: (شرف النُّبُوَّة) وَكِتَاب: (الإِيْمَان) .
وَلَهُ أَحفَاد وَأَسباط عُلَمَاء أَكَابر.
294 - أَحْمَدُ بنُ نَجْدَةَ بنِ العَرْيَانِ أَبُو الفَضْلِ الهَرَوِيُّ *
المُحَدِّثُ، القُدْوَة، أَبُو الفَضْلِ الهَرَوِيّ.
رَحل، وَجَاور، وَسَمِعَ مِنْ: سَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَسَعِيْد بن سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ البَزَّار، وَأَبُو مُحَمَّدٍ المُغَفَّليّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ فِي الثِّقَات.
تُوُفِّيَ بهَرَاة، سَنَة سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، عَنْ سنٍّ عَالِيَةٍ.
وَهُوَ أَخُو مُعَاذ بن نَجدَة، الرَّاوِي عَنْ قَبِيْصَة وَطبقتِه، وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
295 - الطَّهْمَانِيُّ أَبُو العَبَّاسِ عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ **
العَلاَّمَةُ، إِمَام اللُّغَة، أَبُو العَبَّاسِ عِيْسَى بن مُحَمَّدٍ الطَّهمَانِيُّ، المَرْوَزِيُّ، الكَاتِب.
سَمِعَ: إِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَجَمَاعَةً.
وَعَنْهُ: أَحْمَد بن الخَضِر، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، وَعُمَر بن علَّك.
__________
(*) شذرات الذهب: 2 / 224.
(* *) تاريخ بغداد: 11 / 170 - 171، اللباب: 2 / 291 - 292، عبر المؤلف: 2 / 96، شذرات الذهب: 2 / 210 - 211.
والطهماني، بفتح الطاء، وسكون الهاء: نسبة إلى إبراهيم بن طهمان.(13/571)
وَكَانَ مِنْ رُؤسَاء المرَاوزَة.
قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعَ الطَّهمَانِيّ يَقُوْلُ: رَأَيْتُ بخُوَارِزْم امْرَأَة لَا تَأَكل وَلا تشرب، وَلا تَرُوث.
وَقَالَ وَلَدُهُ أَبُوْه صَالِح مُحَمَّد بن عِيْسَى: مَاتَ أَبِي فِي صَفَر، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ يَحْيَى العَنْبَرِيّ: سَمِعْتُ الطَّهمَانِيّ يحكِي شَأْن الَّتِي لاَ تَأَكل وَلاَ تشرب، وَأَنَّهَا عَاشت كَذَلِكَ نَيِّفاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، وَأنّه عَاين ذَلِكَ.
قُلْتُ: سِقْت قصَّتهَا فِي (تَارِيْخ الإِسْلاَم) وَهِيَ: رَحْمَة بِنْت إِبْرَاهِيْم، قُتل زوجهَا، وَترك وَلدين، وَكَانَتْ مِسْكِيْنَة، فَنَامت فرأَت زوجهَا مَعَ الشُّهَدَاء، يَأْكُل عَلَى موَائِد، وَكَانَتْ صَائِمَة، قَالَتْ: فَاسْتَأْذَنَهُم، وَنَاولنِي كسرَةً، أَكلتهَا، فَوَجَدتهَا أَطيب مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَاسْتيقظت شبعَانَةً، وَاسْتمرت.
وهَذِهِ حِكَايَة صَحِيْحَة، فسبحَان القَادِر عَلَى كُلّ شَيْء.
وَحَكَى الشَّيْخ عزّ الدّين الفَاروثِيّ: أَنَّ رَجُلاً بَعْد الَسِّتّ مئَة كَانَ بِالعِرَاقِ، دَام سِنِيْنَ لاَ يَأْكُل.
وَحَكَى لِي ثِقَات ممَّن لحق عَائِشَة الصَّائِمَة بِالأَنْدَلُس، وَكَانَتْ حَيَّة سَنَة سبعٍ مئَة، دَامت أَعْوَاماً لاَ تَأَكل.(13/572)
296 - عِيْسَى بنُ مِسْكِيْنٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الإِفْرِيْقِيُّ *
شَيْخ المَالِكِيَّة بِالمَغْرِب، أَبُو مُحَمَّدٍ الإِفْرِيْقِيّ، صَاحِب سَحْنُوْن.
أَخَذَ عَنْهُ: تَمِيْم بن مُحَمَّدٍ، وَحَمْدُوْن بن مُجَاهِد الكَلْبِيّ، وَلُقْمَان الفَقِيْه، وَعَبْد اللهِ بن مَسْرُور بن الحجَّام.
وَكَانَ ثِقَةً، وَرِعاً، عَابِداً، مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
وَلِي القَضَاء مكرهاً، فَكَانَ يَسْتَقي بِالجرَّة، وَيترك التَّكلُّف.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ.
مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
297 - القَاضِي أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُفيدُ، القَاضِي، أَبُو نُعَيْمٍ الفَضْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَخْلَدٍ التَّمِيْمِيّ الجُرْجَانِيّ.
سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ وَطبقتَه بِخُرَاسَانَ، وَعِيْسَى بن حَمَّادٍ، وَأَبَا الطَّاهِر بن السَّرْحِ بِمِصْرَ، وَمُحَمَّد بن مُصَفَّى، وَهِشَام بن خَالِد بِالشَّامِ.
وَعَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ، وَالزُّبَيْر بن عَبْدِ الوَاحِدِ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الإِسْمَاعِيلِيّ: صَدُوْقٌ جَلِيل.
__________
(*) عبر المؤلف: 2 / 102 - 103، الديباج المذهب: 2 / 66 - 70، شذرات الذهب: 2 / 220.
(* *) تاريخ جرجان: 288 - 289.(13/573)
وَقَالَ حَمْزَةُ (1) فِي (تَارِيْخِهِ) : مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (2) .
298- جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ أَبُو مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ.
ذَكَرَهُ الحَاكِم، فَقَالَ: مِنْ أَكَابر الشُّيُوْخ، وَأَكْثَرهم حَدِيْثاً وَإِتقَاناً.
سَمِعَ: قُتَيْبَة بن سَعِيْدٍ، وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْه، وَإِبْرَاهِيْم بن يُوْسُفَ، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَأَبَا مُصْعبٍ الزُّهْرِيّ، وَأَبَا مَرْوَان مُحَمَّد بن عُثْمَانَ بنِ خَالِد، وَيَعْقُوْب بن حُمَيْد بن كَاسِبٍ، وَعُثْمَان بن أَبِي شَيْبَةَ، وَأَحْمَد بن مَنِيْعٍ، وَأَبَا كُرَيْب، وَخلقاً سِوَاهُم.
وَدَخَلَ الشَّام بِأَخَرَة، فَكَتَبَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَيُوْسُف بن سَعِيْدِ بنِ مُسَلَّم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ خُزَيْمَةَ، وَالمُؤَمَّل بن الحَسَنِ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَالشُّيُوْخُ.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ أَيْضاً: مُحَمَّد بن صَالِحِ بن هَانِئ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ؛ وَيَحْيَى بن مَنْصُوْرٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ بن حَمْدَانَ - نَزِيْل خُوَارِزْم - وَأَبُو عَمْرٍو وَإِسْمَاعِيْل بن نُجَيْد، وَمُحَمَّد بن العَبَّاسِ بنِ نَجِيح البَغْدَادِيّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) هو: حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي، الحافظ، الامام، الثبت، أبو القاسم، المتوفى سنة (427) .
وهو صاحب كتاب " تاريخ جرجان " أو: " معرفة علماء أهل جرجان ". انظر: تذكرة الحفاظ: 3 / 1089 - 1091.
(2) تاريخ جرجان: 288 - 289.
(*) تاريخ بغداد: 7 / 191، المنتظم: 6 / 29.(13/574)
حَدَّث بِنَيْسَابُوْرَ وَبغدَاد.
وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ هَذَا الشَّأْن.
يَقَع لَنَا حَدِيْثُهُ عَالِياً فِي جُزء ابْن نُجيد.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ بن إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ جَعْفَر بن مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ: يَوْم الثلاَثَاء، لإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَة مَضَت مِنْ ذِي القَعْدَةِ، سَنَة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْن خُزَيْمَةَ.
قُلْتُ: هُوَ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبْعِيْنَ وَزيَادَة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيّ (1) ، وَأَحْمَد بن هِبَةِ اللهِ بن أَحْمَدَ (2) ، وَزَيْنَب بِنْت كِندي (3) سَمَاعاً، عَنِ المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفُضَيْل الفَقِيْه (ح) .
وَأَخْبَرَنَا الثَّلاَثَة، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّاز، أَخْبَرَنَا تَمِيْم بن أَبِي سَعِيْدٍ (ح) .
وَأَخبرونَا عَنْ زَيْنَبَ بِنْت أَبِي القَاسِمِ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسْرور، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجيد بن أَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ السُّلَّمِيّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا المُغِيْرَة بن عبد الرَّحْمَن، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ تَعْلَمُوْنَ مَا أَعْلَمْ لَبَكَيْتُمْ كَثِيْراً، وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيْلاً) (4) .
__________
(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 139.
(2) ترجمه المؤلف في: " مشيخته ": خ: ق 21.
(3) تقدمت الإشارة إليها في الصفحة: (451) ، ت: 2، عن " مشيخة " المؤلف.
(4) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2 / 257 و418 من طريقين عن أبي الزناد بهذا الإسناد، وأخرجه البخاري 11 / 459 في الايمان والنذور: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم من طريق إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، وهو في " المسند " 2 / 312 من طريق عبد الرزاق عن معمر به، وأخرجه أحمد 2 / 453 والبخاري =(13/575)
وَبإِسنَاده: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) (1) .
299 - المُبَرِّدُ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الأَكْبَرِ *
إِمَامُ النَّحْو، أَبُو العَبَّاسِ، مُحَمَّد بن يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الأَكْبَر الأَزْدِيّ، البَصري، النَّحْوِيّ، الأَخْبَارِيّ، صَاحِب (الكَامِل) .
أَخَذَ عَنْ: أَبِي عُثْمَانَ المَازِنِيِّ، وَأَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَرَائِطِيّ، وَنِفْطَوَيْه، وَأَبُو سَهْلٍ القَطَّانُ، وَإِسْمَاعِيْل الصَّفَّار، وَالصُّوْلِيّ، وَأَحْمَد بن مَرْوَانَ الدِّيْنَوَرِيّ، وَعِدَّةٌ.
وَكَانَ إِمَاماً، علاَمَةً، جَمِيْلاً، وَسِيماً، فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، مُوَثِّقاً
__________
= 11 / 273 في الرقاق من طريق الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة وأخرجه الترمذي (2313) من طريق عمرو بن علي الفلاس، عن عبد الوهاب الثقفي، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وهو في " المسند " 2 / 502 من طريق يزيد، عن محمد بن عمرو به، وهو فيه أيضا 2 / 432 من طريق ابن عجلان عن أبيه.
وفي الباب عن أنس عند البخاري 8 / 211، ومسلم (2359) وأحمد 3 / 102 و126 و154، و180 و192، وعن أبي هريرة عند أحمد 2 / 21 و240 و245 و251 و268 و290 وعن عائشة عند البخاري 11 / 458، ومسلم (901) وأحمد 6 / 164.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 8 / 265 في التفسير، و13 / 390 في التوحيد من طريق أبي اليمان، عن شعيب، عن أبي الزناد بهذا الإسناد، وأخرجه مسلم (993) في الزكاة من طريقيين، عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد.
(*) طبقات النحويين واللغويين: 101 - 110، الفهرست: المقالة الثانية: الفن الأول، تاريخ بغداد: 3 / 380 - 387، المنتظم: 6 / 9 - 11، ضمن وفيات سنة (285) ، معجم الأدباء: 19 / 111 - 122، إنباه الرواة: 3 / 241 - 253، وفيات الأعيان: 4 / 313 - 322، عبر المؤلف: 2 / 74 - 75، الوافي بالوفيات: 5 / 216 - 218 - البداية والنهاية: 11 / 79 - 80، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 250 - 251، طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 280، لسان الميزان: 5 / 430 - 432، النجوم الزاهرة: 3 / 117، بغية الوعاة: 1 / 269 - 271، طبقات المفسرين: 2 / 267 - 271، شذرات الذهب: 2 / 190 - 191.(13/576)
صَاحِب نَوَادِر وَطُرَفٍ.
قَالَ ابْنُ حَمَّاد النَّحْوِيّ: كَانَ ثَعْلَب أَعلمَ بِاللُّغَة، وَبنفس النَّحْو مِنَ المُبَرِّد، وَكَانَ المُبَرِّدُ أَكْثَر تَفَنُّناً فِي جَمِيْع الْعُلُوم مِنْ ثَعْلَب.
قُلْتُ: لَهُ تَصَانِيْفُ كَثِيْرَة، يُقَال: إِنَّ المَازِنِيّ أَعجبه جَوَابُه، فَقَالَ لَهُ: قُمْ فَأَنْت المُبَرِّد، أَي: المُثْبِت للحقّ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِ: بِفَتْح الرَّاء (1) .
وَكَانَ آيَة فِي النَّحْوِ، كَانَ إِسْمَاعِيْل القَاضِي يَقُوْلُ: مَا رَأَى المُبَرَّد مِثْلَ نَفْسه.
مَاتَ المُبَرَّد: فِي أَوَّلِ سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
300 - العُكْبَرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ خَلَفُ بنُ عَمْرٍو *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الجَلِيْلُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، خَلَف بن عَمْرٍو العُكْبَرِيّ.
حَجَّ، وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ الحُمَيْدِيِّ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَحسن بن الرَّبِيْعِ، ومُحمَّد بنِ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُوْرِيّ.
__________
(1) ونقل ابن خلكان في " الوفيات ": 4 / 231، عن ابن الجوزي في " الألقاب " أنه
قال: " سئل المبرد: لم لقبت بهذا اللقب؟ فقال: كان سبب ذلك أن صاحب الشرطة طلبني للمنادمة والمذاكرة، فكرهت الذهاب إليه، فدخلت إلى أبي حاتم السجستاني، فجاء رسول الوالي يطلبني، فقال لي أبو حاتم: ادخل في هذا - يعني: غلاف مزملة فارغا - فدخلت فيه، وغطى رأسه.
ثم خرج إلى الرسول وقال: ليس هو عندي، فقال: أخبرت أنه دخل إليك فقال: ادخل الدار وفتشها، فدخل، فطاف كل موضع في الدار، ولم يفطن لغلاف المزملة، ثم خرج، فجعل أبو حاتم يصفق وينادي على المزملة: المبرد، المبرد، وتسامع الناس بذلك، فلهجوا به ".
والمزملة: بضم الميم، وفتح الزاي، والميم المشددة: جرة خضراء يبرد فيها الماء.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 331 - 332، المنتظم: 6 / 84، عبر المؤلف: 2 / 106، البداية والنهاية: 11 / 108، شذرات الذهب: 2 / 225.(13/577)
وَعَنْهُ: جَعْفَر الخُلْدِيّ، وَعَبْد الصَّمَدِ الطَّستِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ، وَحَبِيْب القَزَّاز، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ بنِ بُخَيْت، وَآخَرُوْنَ.
وثِقَة الدَّارَقُطْنِيّ.
وَنَقَلَ الخَطِيْب: أَنَّ العُكْبَرِيّ هَذَا كَانَ لَهُ ثَلاَثُوْنَ خَاتماً، وثَلاَثُوْنَ عُكَّازاً، يَلْبَسُ كُلَّ يَوْمٍ خَاتماً، وَيَأْخُذُ عُكَّازاً، كَانَ مِنْ ظُرفَاء بَغْدَاد وَمُحْتَشِمِيهِم (1) .
مَاتَ: سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ نجدَة العُرْيَان الهَرَوِيّ (2) ، وَأَحْمَد بن حَمَّادٍ زُغبَة التُّجِيبِيّ (3) ، وَأَحْمَد بن يَحْيَى الحُلْوَانِيّ أَبُو جَعْفَرٍ، وَعَبْد اللهِ بن المُعْتزّ (4) ، وَأَبُو حُصَيْن الوَادِعِيّ مُحَمَّد بن الحُسَيْنِ (5) ، وَأَبُو شِهَاب مُعَمَّر بن مُحَمَّدٍ البَلْخِيّ، وَيُوْسُف بن مُوْسَى القَطَّان الصَّغِيْر (6) ، وَأَحْمَد بن عَمْرٍو القَطِرَانِيّ (7) ، وَأَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ نَافِع الطَّحَّان بِمِصْرَ.
__________
(1) انظر: تاريخ بغداد: 8 / 332.
(2) تقدمت ترجمته في الصفحة: (571) ، برقم: (294)
(3) تقدمت ترجمته في الصفحة: (533) ، برقم: (265)
(4) انظر: المنتظم 6 / 84 - 88، وفيات الأعيان: 3 / 76 - 80، ومصادره فيه، و: شذرات الذهب: 2 / 221 - 224.
(5) تقدمت ترجمته في الصفحة: (569) ، برقم: (291)
(6) انظر: المنتظم: 6 / 89.
(7) تقدمت ترجمته في الصفحة: (506) ، برقم: (251) . وفيها ذكر الذهبي وفاته سنة (295)(13/578)
301 - البَيْهَقِيُّ أَبُو سُلَيْمَانَ دَاوُدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ عَقِيْلٍ *
المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، الثِّقَةُ، مُسنِد نَيْسَابُوْر، أَبُو سُلَيْمَانَ، دَاوُد بن الحُسَيْنِ بنِ عَقِيْلٍ بن سَعِيْدٍ الخُسْرَوْجِرْدِي البَيْهَقِيّ.
قَالَ: وُلِدْتُ سَنَةَ مائَتَيْنِ.
سَمِعَ: يَحْيَى بن يَحْيَى، وَسَعْد بن يَزِيْدَ الفَرَّاء، وَقُتَيْبَة، وَإِسْحَاق، وَعَلِيّ بن حُجْرٍ، وَأَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ، وَيَعْقُوْب بن كَاسِبٍ، وَمُحَمَّد بن رُمْح، وَأَبَا التَّقيّ اليَزَنِيّ.
وَرَحَلَ، وَكَتَبَ الْكثير، وَجَوَّد.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَلِيٍّ، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَبِشْر بن أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
خرَّج البَيْهَقِيّ لَهُ كَثِيْراً فِي كُتُبِهِ.
مَاتَ بخُسْرَوْجِرْد، وَهِيَ: قَرْيَة كَبِيْرَة، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
302 - مُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى **
ابْنِ الصَّحَابِيِّ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الأَنْصَارِيُّ الخَطْمِيُّ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، المُقْرِئُ، القَاضِي، أَبُو
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: خ: 6 / 2 أ - ب، تهذيب بدران: 5 / 199.
(* *) الجرح والتعديل: 8 / 135، تاريخ بغداد: 13 / 52 - 54، تاريخ ابن عساكر: خ: 17 / 129 ب - 130 ب، المنتظم: 6 / 96، تذكرة الحفاظ: 2 / 668 - 669، عبر المؤلف: 2 / 109، طبقات السبكي: 2 / 345، البداية والنهاية: 11 / 111 - 112، طبقات القراء لابن الجزري: 2 / 317، طبقات الحفاظ: 291 - 292، شذرات الذهب: 2 / 226 - 227.(13/579)
بكر ابْن القَاضِي الإِمَام أَبِي مُوْسَى، الفَقِيْه الشَّافِعِيّ، قَاضِي نَيْسَابُوْر، وَقَاضِي الأَهواز.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَمائَتَيْنِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: قَالُوْنَ عِيْسَى بن مِينَا - فَهُوَ خَاتمَة أَصْحَابِه - وَعَنْ: أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيّ، وَعَلِيّ بن الجَعْد، وَعَلِيّ بن المَدِيْنِيِّ، وَيَحْيَى بن بِشْرٍ الحَريرِيّ، وَأَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَأَبِيهِ إِسْحَاق الخَطْمِيّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانع، وَحَبِيْب القَزَّاز، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَاسِي، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: كَتَبْتُ عَنْهُ، وَهُوَ ثِقَةٌ صَدُوْقٌ (1) .
وَقَالَ وَلَدُهُ أَحْمَد: قَالَ أَبِي: سَمِعْتُ مِنْ أَبِي كُرَيْبٍ ثَلاَثَ مائَة أَلْف حَدِيْث.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: كَانَ فَصِيْحاً، كَثِيْرَ السَّمَاع، محموداً، يَنْتحل مَذْهَبَ الشَّافِعِيّ (2) .
وَقَالَ ابْنُ المُنَادِي: بَلَغَنِي أَنَّهُ أَقرأَ النَّاسَ القرآنَ، وَلَهُ ثَمَان عَشْرَةَ سَنَةً (3) .
وَرُوِيَ أَنَّ المُعْتَضِد وَصَّى وَزيرَه بِإِسْمَاعِيْل القَاضِي، وَبمُوْسَى بن إِسْحَاقَ، وَقَالَ: بِهِمَا يُدفع عَنْ أَهْل الأَرْض (4) .
__________
(1) الجرح والتعديل: 8 / 135.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 669.
(3) المصدر السابق، والزيادة منه.
(4) المصدر السابق.(13/580)
قُلْتُ: يَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً فِي (القطيعيَّات) .
وَجَاءَ عَنْ مُوْسَى بنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ كَانَ لاَ يُرَى مُتَبَسِّماً، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ: لاَ يحلُّ لَكَ أَنْ تقضِيَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لاَ يَقْضِي القَاضِي بَيْنَ اثْنَيْن وَهُوَ غَضْبَان (1)) .
فتبسَّم.
وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَل فِي وَرَعه.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالأَهواز.
303 - البُوْشَنْجِيُّ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدٍ (2) * (خَ (3))
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ، ذُو الفنُوْنَ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُوْسَى العَبْدِيّ، الفَقِيْه، المَالِكِيّ، البُوْشَنْجِيّ، شَيْخ أَهْل الحَدِيْث فِي عصره بِنَيْسَابُوْرَ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ.
وَارْتَحَلَ شَرقاً وَغرباً، وَلقي الكِبَارَ، وَجَمَعَ، وَصَنَّفَ، وَسَارَ ذكرُه، وَبَعُدَ صِيتُه.
__________
(1) أخرجه من حديث أبي بكرة البخاري 13 / 120، 121 في الاحكام: باب هل يقضي الحاكم أو يفتي وهو غضبان، ومسلم (1717) في الاقضية: باب كراهية قضاء القاضي وهو غضبان، وأبو داود (3589) والترمذي (1334) والنسائي 8 / 237.
(2) في الأصل: بالسين والشين، وكتب فوقها: " معا ".
(*) الجرح والتعديل: 7 / 187، طبقات الحنابلة: 1 / 264 - 265، المنتظم: 6 / 48، تهذيب الكمال: خ: 1156، تذهيب التهذيب:: خ: 3 / 178، تذكرة الحفاظ: 2 / 657 - 659، عبر المؤلف: 2 / 90، الوافي بالوفيات: 1 / 342، طبقات السبكي: 2 / 189 - 207، تهذيب التهذيب: 9 / 8 - 10، طبقات الحفاظ: 286 - 287، خلاصة تذهيب الكمال: 324، شذرات الذهب: 2 / 205.
(3) زيادة من: " تهذيب التهذيب "(13/581)
سَمِعَ: يَحْيَى بن بُكَيْرٍ، وَروح بن صلاَح، وَيُوْسُف بن عَدِيّ، وَمُحَمَّد بن سِنَانٍ العَوَقيّ، وَمُسَدَّداً، وَإِسْمَاعِيْل بن أَبِي أُوَيْسٍ، وَسَعِيْد بن مَنْصُوْرٍ، وَأَحْمَد بن عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّد بن المِنْهَالِ الضَّرير، وَهُدْبَة بن خَالِدٍ، وَعَبْد اللهِ بن مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاء، وَأُمَيَّة بن بِسْطَام، وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ، وَأَحْمَد بن حَنْبَلٍ، وَعُبَيْد اللهِ بن مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيّ، وَسُلَيْمَان بن بِنْت شُرَحْبِيْل، وَمحبوب بن مُوْسَى الأَنْطَاكِيّ، وَعَبْد العَزِيْزِ بن عِمْرَانَ بنِ مِقْلاص، وَإِبْرَاهِيْم بن المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَأَبَا الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيّ، وَمُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيّ - وَهُمَا أَكْبَر مِنْهُ - وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَابْن خُزَيْمَةَ، وَأَبُو العَبَّاسِ الدَّغُوْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَيَحْيَى بن مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، وَدَعْلَج السِّجْزِيّ، وَعَلِيّ بن حَمْشَاذ، وَإِسْمَاعِيْل بن نُجَيد، وَخَلْقٌ خَاتِمَتُهُم: أَبُو الفوَارِس أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بنِ جُمعَة، المتوفَّى بَعْد ابْن نُجَيد بعَام.
قَالَ دَعْلَج: حَدَّثَنِي فَقِيْهٌ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُد بن عَلِيّ: أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ دَخَلَ عَلَيْهِم يَوْماً، وَجَلَسَ فِي أُخريَات النَّاس، ثُمَّ إِنَّهُ تَكَلَّمَ مَعَ دَاوُد، فَأُعْجِب بِهِ، وَقَالَ: لَعَلَّك أَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَقَامَ إِلَيْهِ، وَأَجْلَسَهُ إِلَى جَنْبِهِ، وَقَالَ: قَدْ حضَركُم مَنْ يُفيد وَلاَ يَسْتَفيد (1) .
وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: شَهدْتُ جَنَازَة الحُسَيْن القَبَّانِيّ، فَصَلَّى بِنَا عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، فَلَمَّا أَرَادُوا الاَنصرَاف، قُدِّمَتْ دَابَّةُ أَبِي عبد
__________
(1) انظر: تهذيب التهذيب: 9 / 8 - 9(13/582)
الله، وَأَخَذَ أَبُو عَمْرٍو الخَفَّاف بِلِجَامِه، وَأَخذ إمَام الأَئِمَّة بِرِكَابه، وَأَبُو بَكْرٍ الجَارُوديُّ، وَإِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ يُسَوِّيَان عَلَيْهِ ثيَابَه، فَلَمْ يمْنَع وَاحِداً مِنْهُم، وَمَضَى (1) .
قَالَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ: قَالَ لِي البُوْشَنْجِيّ مرَّةً: أَحسنت.
ثُمَّ التفتَ إِلَى أَبِي، وَقَالَ: قُلْتُ لابْنك: أَحسنت، وَلَوْ قُلْتُ: هَذَا لأَبِي عُبَيْدٍ لفَرح بِهِ (2) .
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ نُجيد: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ سَعِيْد بن إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: تقدَّمْتُ لأُصَافح أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ تَبَرُّكاً بِهِ، فَقَبَض عَنِّي يدَه، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانَ! لَسْتُ هُنَاكَ (3) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ المُزَكِّي: أَخْبَرَنَا البُوْشَنْجِيّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيّ، عَنْ زُهَيْر بنِ مُحَمَّد، عَنْ صَالِح بن كَيْسَان، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (البَذَاذَة مِنَ الإِيْمَان (4)) .
فَقَالَ البُوْشَنْجِيّ: البذَاء خِلاَفُ البَذَاذَة، إِنَّمَا البذَاء: طول
__________
(1) انظر الخبر في: تذكرة الحفاظ: 2 / 658، و: تهذيب التهذيب: 9 / 9
(2) تهذيب التهذيب: 9 / 9
(3) طبقات السبكي: 2 / 191.
(4) رجاله ثقات، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 1 / 9 من طريق أحمد بهذا الإسناد إلا أنه قال: عن صالح بن أبي صالح بدل " صالح بن كيسان " وهو خطأ منه أو من بعض الرواة، ولم ينبه عليه الامام الذهبي في " مختصره ".
وأخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " لوحة 307 من طريق زهير بن محمد عن صالح بن كيسان.
وأخرجه ابن ماجه (4118) من طريق أسامة بن زيد، والطبراني في " الكبير " 1 / 40 / 1 من طريق شبيب بن سلمة كلاهما عن عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه.
وأخرجه أبو داود (4161) من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي أمامة، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبي أمامة وأخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 478، و4 / 151 من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن =(13/583)
اللِّسَان برمِي الفَواحش وَالبُهْتَان، وَالبَذَاذَة: رثَاثَة الثِّيَاب فِي الْملبس وَالمَفْرَش، تواضعاً عَنْ رَفيع الثِّيَاب وثَمِين الملاَبس وَالمُفْتَرَش، وَهِيَ ملاَبس أَهْل الزُّهْد، يُقَال: فُلاَن بذُّ الهيئَة: رثّ الملبَس (1) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَر: سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ للمُسْتملِي: الزَم لَفظِي، وَخَلاَك ذمّ (2) .
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ فِي معنَى قَوْل النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَوْ كَانَ القُرْآنُ فِي إِهَابٍ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ (3)) .
قَالَ: مَعْنَاهُ: أَنَّ مَنْ حَمَلَ القُرْآن وَقرأَه، لَمْ تَمَسَّهُ النَّار.
الحَاكِم: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، وَذِكْرُه يَمْلأ الْفَم.
وَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ جَعْفَرٍ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: عَبْد العَزِيْزِ بن مُحَمَّدٍ الأَندرَاوَرْديّ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيّ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الأَزْدِيّ قَاضِي الرَّيّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ
__________
= عبد الله بن أبي أمامة، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبي أمامة. وعبد الله وعبد الرحمن كلاهما ثقة.
(1) قال الطحاوي في " مشكل الآثار " 1 / 478: فكان معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم " البذاذة من الايمان " أي: أنها من سيماء أهل الايمان، إذ معهم الزهد والتواضع وترك التكبر كما كان الأنبياء صلوات الله عليهم في مثل ذلك.
(2) تذكرة الحفاظ: 2 / 658
(3) أخرجه أحمد 4 / 155 من طريق حجاج، وحميد بن زنجويه من طريق إسحاق بن عيسى، والدارمي 2 / 430 من طريق عبد الله بن يزيد، ثلاثتهم عن عبد الله بن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر وسند الدارمي قوي، لان عبد الله بن يزيد أحد العباد له الذين سمعوا من ابن لهيعة قبل احتراق كثبه، فحديثهم عنه صحيح.(13/584)
عُمِير، عَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَخْطَبَ مِن عَائِشَةَ وَلاَ أَعْرَبَ، لَقَدْ رأَيْتُهَا يَوْمَ الجَمَل، وَثَارَ إِلَيْهَا النَّاس، فَقَالُوا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! حَدِّثِينَا عَنْ عُثْمَانَ وَقَتْلِه، فَاسْتجلَسَتِ النَّاس، ثُمَّ حَمِدت الله، وَأَثنتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَتْ:
أَمَّا بَعْد ... فَإِنَّكُم نَقَمْتم عَلَى عُثْمَانَ خِصَالاً ثَلاَثاً: إِمرَة الفَتَى، وَضَرْبَة السَّوط، وَمَوْقع الغمَامَة المُحْمَاة، فَلَمَّا أَعْتَبَنَا مِنْهُنَّ، مُصَتُّمُوهُ مَوْصَ الثَّوب بِالصَّابُوْنَ، عَدَوتم بِهِ الفُقَر الثَّلاَث: حُرْمَة الشَّهْرِ الحَرَام، وَحُرْمَةَ البَلَدِ الحَرَام، وَحُرِمَة الخِلاَفَة، وَاللهِ لَعُثْمَان كَانَ أَتْقَاكُم للرَّبِّ، وَأَوْصَلَكُم للرَّحِمِ، وَأَحْصَنَكُم فَرْجاً.
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلكُم (1) .
قَالَ البُوْشَنْجِيّ: إِمرَة الفَتَى: عَزْلُه سَعْداً، وَتوليتُه مَكَانه الوَلِيْد بن عُقْبَةَ، لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ.
وضَربَةُ السُّوْط: فَإِنَّهُ تنَاول عَمَّاراً، وَأَبَا ذَرٍّ ببَعْض التَّقْويم.
وَموقع الغَمَامَة: فَإِنَّهُ حمَى أَحمَاء فِي بِلاَد العَرَب لإِبل الصَّدَقَة، وَقَدْ فَعَلَه عُمَر، فَمَا أَنْكَرَه النَّاس، وَالموْص: الغَسْل، وَالفُقْر: الفُرَص (2) .
الحَاكِم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى الأَدِيْب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الدِّمَشْقِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن يَزِيْدَ بنِ جَابِر، قَالَ: رَأَيْتُ فِي المقسلاَط صَنَماً مِنْ نُحَاس، إِذَا عَطِش، نَزَل، فَشَرِبَ.
ثُمَّ قَالَ البُوْشَنْجِيّ: رُبَّمَا تكلَّمَتِ العُلَمَاءُ عَلَى سَبِيْل تفَقُّدِهِم مقدَار أَفهَام حَاضِريهم، تَأْديباً لَهُم، وَتَنبيهاً عَلَى العِلْم، وَامتحَاناً لأَوهَامهِم، فَهَذَا ابْن جَابِر، وَهُوَ أَحَد عُلَمَاء الشَّام، وَلَهُ كتب فِي العِلْمِ،
__________
(1) طبقات السبكي: 2 / 199
(2) انظر: المصدر السابق: 2 / 199 - 200 وفي " النهاية " قال الازهري: الفقر: جمع فقرة: وهي الامر العظيم الشنيع.(13/585)
يَقُوْلُ هَذَا، وَالمقسلاَط: مَوْضِعٌ بِدِمَشْقَ بسُوق الدَّقيق، يُرِيْد أَنَّ الصَّنم لاَ يَعْطش، وَلَوْ عَطِش نَزَل فَشرب، فينفِي عَنْهُ النُّزُول وَالعَطَش (1) .
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، سَمِعْتُ قُتَيْبَة بن سَعِيْد، سَمِعْتُ يُوْنُسَ بنَ سُلَيْمٍ يَقُوْلُ: الأَرُزُّ مِنْ طَعَام الكِرَام.
قَالَ قُتَيْبَةُ: فَلَمَّا حَجَجْتُ صَيَّروهُ حَدِيْثاً، فَكَانُوا يَجِيْئون بِبَغْدَادَ، فَيَقُوْلُوْنَ: حَدِيْث الأَرز، حَدِيْث الأَرز.
سَمِعْتُ العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ، سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ الفَرَّاء، سَمِعْتُ يُوْسُف بن أَسْبَاط يَقُوْلُ: قَالَ لِي سُفْيَان: إِذَا رَأَيْت القَارِئ يَلُوذ بِالسُّلْطَان، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لِصُّ، وَإِذَا رَأَيْتهُ يلوذُ بِالأَغنيَاء فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُرَاءٍ، وَإِيَّاك أَنْ تُخْدَع، وَيُقَالُ لَكَ: تردُّ مظلمَةً، وَتدفعُ عَنْ مَظْلُوم، فَإِنَّ هَذِهِ خِدعَةُ إِبليس، اتَّخَذَهَا القُرَّاءُ سُلَّماً.
وَسَمِعْتُ العَنْبَرِيّ، سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: ابْن إِسْحَاقَ عِنْدنَا ثِقَةٌ ثِقَةٌ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بن حَمْدَانَ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ إِسْحَاقَ يَقُوْلُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي أَبِي عَبْدِ اللهِ مِنَ البُخْل بِالعِلْمِ مَا كَانَ، مَا خَرَجتُ إِلَى مِصْرَ (2) .
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: مَنْ أَرَادَ العِلْم وَالفِقْه بِغَيْر أَدبٍ، فَقَدْ اقتحمَ أَن يكذب عَلَى اللهِ وَرَسُوْله.
ذكر السُّلَيمَانِيُ الحَافِظ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ، فَقَالَ: أَحَد أَئِمَّة أَصْحَاب مَالِك.
__________
(1) انظر: طبقات السبكي: 2 / 194.
(2) المصدر السابق: 2 / 190(13/586)
وَقَالَ الحَسَنُ بنُ يَعْقُوْبَ: كَانَ مقَام أَبِي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ بِنَيْسَابُوْرَ عَلَى اللَّيْثِيَّةِ، فَلَمَّا انْقَضتْ أَيَّامُهُم، خَرَجَ إِلَى بُخَارَى، إِلَى حضَرَة الأَمِيْر إِسْمَاعِيْل، فَالتَمَس مِنْهُ - بَعْد أَن أَقَامَ عِنْدَهُ برهَة - أَن يكْتب أَرزَاقه بِنَيْسَابُوْرَ.
الحَاكِم: سَمِعْتُ الحُسَيْن بن الحَسَنِ الطُّوْسِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ يَقُوْلُ: وَصَلنِي مِنَ اللَّيْثِيَّة سبعُ مائَة أَلْف دِرْهَم (1) .
وَقَالَ دَعْلَج: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: - وَأَشَار إِلَى ابْنِ خُزَيْمَة -: كيِّسٌ، وَأَنَا لاَ أَقُول ذَا لأَبِي ثَوْرٍ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ: رَوَى البُخَارِيّ حَدِيْثاً فِي (الصَّحِيْحِ) ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُوْشَنْجِيّ.
قَالَ ابْنُ الذّهبِيّ (2) فِي (الصَّحِيْحِ (3)) : حَدَّثَنَا مُحَمَّد، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ ... فَذَكَرَ حَدِيْثاً فِي تَفْسِيْر سُوْرَة* البَقَرَة*، فَإِن لَمْ يَكُنِ البُوْشَنْجِيّ، فَهُوَ مُحَمَّد بن يَحْيَى، وَالأَغلب أَنَّهُ البُوْشَنْجِيّ، لأَنَّ الحَدِيْث بِعَيْنِهِ قَدْ رَوَاهُ الحَاكِم: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي نَصْرٍ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ، حَدَّثَنَا مِسْكِيْن بن بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِد الحَذَّاء، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَر، عَنْ رَجُلٍ، وَهُوَ ابْن عُمَرَ: أَنَّهَا نُسخت: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُم} الآيَة [الْبَقَرَة: 284] .
__________
(1) تذكرة الحفاظ: 2 / 658
(2) هو المؤلف نسبة إلى صنعة أبيه، وقد قيد اسمه في كثير من مؤلفاته " بابن الذهبي " وكثير ممن عاصر المؤلف يلقبه بالذهبي، فلعله كان يمارس صنعة أبيه.
(3) 8 / 153، 154 في تفسير سورة البقرة: باب (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه ... ) قال الحافظ: اختلف في محمد هذا، فقال الكلاباذي: هو ابن يحيى الذهلي فيما
أراه، قال: وقال لي الحاكم: هو محمد بن إبراهيم البوشنجي، قال: وهذا الحديث مما أملاه البوشنجي بنيسابور ... وكلام أبي نعيم يقتضي أنه محمد بن إدريس أبو حاتم الرازي، فإنه أخرجه من طريقه، ثم قال: أخرجه البخاري عن محمد، عن النفيلي.(13/587)
الحَاكِم: حَدَّثَنَا الأَصَمُّ، حَدَّثَنَا الصَّغَانِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيّ ... فَذَكَرَ حَدِيْثاً، ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: حَدَّثنَاهُ مُحَمَّد بن جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا البُوْشَنْجِيّ.... فذَكَرَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَم التَّميم مُدَرِّس الشَّامِيّة (1) ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ (2) ، وَزَيْنَب بِنْتِ كِنديّ (3) قِرَاءةً عَلَيْهِم، عَنِ المُؤَيَّد بن مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيّ، وَعَبْد المُعِزِّ بن مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، وَزَيْنَب بِنْت أَبِي القَاسِمِ الشَّعرِيّ.
قَالَ المُؤَيَّد: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الفَضْلِ الصَّاعديّ.
وَقَالَ عَبْدُ المُعزِّ: أَخْبَرَنَا تَمِيْم بن أَبِي سَعِيْدٍ المُعَلِّم.
وَقَالَتْ زَيْنَبُ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي القَاسِمِ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسرورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ نُجيدٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بنُ صلاَحٍ المِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (الحَسَدُ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ، فَقَامَ بِهِ، وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ، وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَوَصَلَ مِنْهُ أَقْرِبَاءهُ وَرَحِمَهُ، وَعَمِلَ بِطَاعَةِ اللهِ، تَمَنَّى أَنْ يَكُوْنَ مِثْلَهُ، وَمَنْ تَكُنْ فِيْهِ أَرْبَعٌ، لَمْ يَضُرَّه مَا زُوِيَ عَنْهُ مِنَ الدُّنْيَا: حُسْنُ خَلِيْقَةٍ، وَعَفَافٌ، وَصِدْقُ حَدِيْثٍ، وَحِفْظُ أَمَانَةٍ) (4) .
__________
(1) ترجمه المؤلف في " مشيخته ": خ: ق: 139
(2) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة: (46) ، ت: 1، عن " مشيخة " المؤلف.
(3) تقدمت الإشارة إليها في الصفحة: (451) ، ت: 2، عن " مشيخة " المؤلف.
(4) وأورده السيوطي في " الجامع الصغير " ونسبه لابن عساكر في تاريخه، وذكره المصنف في " الميزان " 2 / 58 في ترجمة روح بن صلاح، ورواه السبكي في " طبقاته " 2 / 192 من طريق المؤلف بهذا الإسناد.
وللبخاري في " صحيحه " 9 / 65، ومسلم " 815) من حديث ابن عمر مرفوعا: =(13/588)
حديثٌ غَرِيْبٌ، عَالٍ جِدّاً.
وَرَوْحٌ: ضَعَّفَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي (الثِّقَاتِ) ، وَبَالَغَ الحَاكِمُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
وَقَدْ طوَّلَ الحَاكِمُ تَرْجَمَةَ البُوْشَنْجِيِّ بِفنُوْنٍ مِنَ الفَوَائِدِ.
قَالَ: وَتُوُفِّيَ فِي غُرَّةِ المُحرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي سَلخِ ذِي الحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ تِسْعِيْنَ، فدُفنَ مِنَ الغَدِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
وَبُوْشَنْجُ - بِشِينٍ مُعجمَةٍ -: قيَّده أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ (1) وَقَالَ: بَلدَةٌ عَلَى سَبْعَةِ فرَاسخَ مِنْ هَرَاةَ.
قُلْتُ: وَبَعْضُهُم يَقُوْلُهَا بِسِيْنٍ مُهْمَلَةٍ.
__________
= " لا حسد إلا على اثنتين رجل آتا الله القرآن، فقام به آناء الليل وآناء النهار، ورجل أعطاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار " والحسد: أن يرى الرجل لأخيه نعمة، فيتمنى أن تزول عنه، وتكون له دونه، وهذا مذموم ومنهي عنه، والمراد من الحسد في هذا الحديث: هو أن يتمنى الرجل أن يكون له مثل النعمة التي يراها في غيره، ولا يتمنى زوالها عن.
(1) الأنساب: 2 / 332.(13/589)
بِعَونِهِ تَعَالَى وَتَوفِيقِهِ تَمَّ الجُزءُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ (سِيَرِ أَعلاَمِ النُّبَلاَءِ) ، وَيَلِيهِ الجُزءُ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَأوَّلُه تَرجَمَةُ: ثَعْلَبٍِ، أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى.(13/590)
الجُزْءُ الرَّابِعَ عَشَرَ
1 - ثَعْلَبٌ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ يَزِيْدَ الشَّيْبَانِيُّ *
العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، إِمَامُ النَّحْوِ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بنِ يَزِيْدَ الشَّيْبَانِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَغْدَادِيُّ، صَاحِبَ (الفَصِيْحِ وَالتَّصَانِيْفِ) .
وُلِدَ: سَنَةَ مائَتَيْنِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: ابتَدَأْتُ بِالنَّظَر وَأَنَا ابْنُ ثمَانِي عَشْرَة سَنَةً (1) ، وَلَمَّا بَلَغْتُ خَمْساً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا بَقِيَ عليَّ مَسْأَلَةٌ للفَرَّاءِ، وَسَمِعْتُ مِنَ القَوَارِيْرِيِّ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
قُلْتُ: وَسَمِعَ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ سَلاَّمٍ الجُمَحِيّ،
__________
(*) مروج الذهب: 2 / 497 496، طبقات النحويين واللغويين: 150 141، فهرست ابن النديم: 111 110، تاريخ بغداد: 5 / 212 204، الأنساب: 555 / ب، نزهة الالباء: 232 228، المنتظم: 6 / 45 44، معجم الأدباء: 5 / 146 102، إنباه الرواة: 1 / 151 138، تهذيب الأسماء واللغات: 2 / 275، وفيات الأعيان: 1 / 104 102، تذكرة الحفاظ: 2 / 667 666، العبر: 2 / 88، دول الإسلام: 1 / 176، الوافي بالوفيات: 8 / 245 243، مرآة الجنان: 2 / 220 218، البداية والنهاية: 11 / 98، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 35 34، طبقات القراء للجزري: 1 / 149 148، النجوم الزاهرة: 3 / 133، طبقات الحفاظ: 290، بغية الوعاة: 1 / 398 396، مفتاح السعادة: 1 / 146 145، شذرات الذهب: 2 / 208 207.
(1) في " معجم الأدباء " 5 / 108: " ابتدأت النظر في العربية والشعر واللغة في سنة ست عشرة، ومولدي سنة مئتين " و" انظر إنباه الرواة " 10 / 139.(14/5)
وَابنِ الأَعْرَابِيّ، وَعَلِيِّ بنِ المُغِيْرَةِ، وَسَلَمَة بنِ عَاصِمٍ، وَالزُّبَيْر بنِ بَكَّار.
وَعَنْهُ: نِفْطَوَيْهِ، وَمُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ اليَزِيْدِيّ، وَالأَخْفَشُ الصَّغِيْرُ، وَابْنُ الأَنْبَارِيِّ، وَأَبُو عُمَرَ الزَّاهِدُ، وَأَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ، وَابْنُ مِقْسَمٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ (أَمَالِيْهِ) .
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :ثِقَةٌ حُجَّة، دَيِّنٌ صَالِحٌ، مَشْهُوْرٌ بِالحِفْظِ.
وَقِيْلَ: كَانَ لاَ يَتَفَاصَحُ فِي خِطَابِهِ.
قَالَ المُبَرِّدُ: أَعْلَمُ الكُوْفِيّين ثَعْلَبٌ.
فَذُكِرَ لَهُ الفَرَّاءُ، فَقَالَ: لاَ يَعْشُرُهُ (2) .
وَكَانَ يُزرِي عَلَى نَفْسِهِ، وَلاَ يعدُّ نَفْسَهُ.
قَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: فرَأَيْتُ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ فَقَالَ لِي: أَقرِئ أَبَا العَبَّاسِ السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ: إِنَّكَ صَاحِبُ العِلْمِ المُسْتَطِيلِ (3) .
قَالَ القِفْطِيُّ (4) :كَانَ يكرِّرُ عَليَّ كُتُبَ الكِسَائِيّ، وَالفَرَّاء، وَلاَ يَدْرِي مَذْهَبَ البَصْرِيّين، وَلاَ كَانَ مُسْتَخْرِطاً (5) لِلْقِيَاس.
وَقَالَ الدِّيْنَوَرِيُّ: كَانَ المُبَرِّدُ أَعْلَمَ بكتَابِ سِيْبَويْهْ مِنْ ثَعْلب.
__________
(1) في " تاريخه " 5 / 205.
(2) أي: لا يبلغ عشر علمه، والخبر في " إنباه الرواة " 1 / 142.
(3) أورد الخبر مطولا القفطي في " إنباه الرواة " 1 / 143، 144، وابن خلكان في " الوفيات " 1 / 102، 103، وابن مجاهد: هو أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس من شيوخ القراء توفي سنة 324 هـ.
وسترد ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(4) في الانباه 1 / 144.
(5) في الأصل: مستخرط، وهو خطأ، وفي " الانباه " و" معجم الأدباء ": ولا كان مستخرجا للقياس ولا طالبا له.(14/6)
وَقِيْلَ: كَانَ ثَعْلَبٌ يُبَخَّل (1) ، وَخَلَّفَ سِتَّةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
وَكَانَ صَحِبَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرِ، وَعَلَّمَ وَلدَهُ طَاهِراً فَرَتَّبَ لَهُ أَلْفاً فِي الشَّهْرِ.
وَلَهُ: كِتَابُ (اخْتِلاَفِ النَّحْوِييِّن) ، وَكِتَابُ (القِرَاءاتِ) ، وَكِتَابُ (مَعَانِي القُرْآنِ) ، وَأَشْيَاءٌ (2) .
وعُمِّرَ، وَأَصَمَّ، صَدَمَتْهُ دَابَّةٌ، فَوَقَعَ فِي حُفرَةٍ، وَمَاتَ مِنْهَا فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
2 - أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ الجُمَحِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الأَدِيْبُ، الأَخْبَارِيُّ، شَيْخُ الوَقْتِ، أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ.
وَاسمُ الحُبَابِ: عَمْرُو بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبٍ الجُمَحِيُّ، البَصْرِيُّ، الأَعْمَى.
وُلِدَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَمائَتَيْنِ، وَعُنِيَ بِهَذَا الشَّأْنِ وَهُوَ مُرَاهِقٌ، فسَمِعَ فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَلقِيَ الأَعْلاَمَ، وَكَتَبَ عِلْماً جمّاً.
__________
(1) قال القفطي: " وأما إقتاره على نفسه، فكان غاية فيه.." ثم ساق خبرا في ذلك انظر " الانباه " 1 / 148.
(2) أنظرها في " فهرست " ابن النديم ص 111.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 151، فهرست ابن النديم: 165، طبقات الحنابلة: 1 / 251 249 مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 116 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 671 670، العبر: 2 / 130، ميزان الاعتدال: 3 / 350، دول الإسلام: 1 / 185، نكت الهميان: 227 226، مرآة الجنان: 2 / 246، البداية والنهاية: 11 / 128، طبقات القراء للجزري: 2 / 9 8، لسان الميزان: 4 / 440 438، طبقات الحفاظ: 292، بغية الوعاة: 2 / 245، النجوم الزاهرة: 3 / 193، شذرات الذهب: 2 / 246(14/7)
سَمِعَ: القَعْنَبِيَّ، وَمُسْلِمَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، وَسُلَيْمَانَ بنَ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ كَثِيْرٍ، وَعَمْرَو بنَ مَرْزُوْقٍ، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيَّ، وَشَاذ بنَ فَيَّاضٍ، وَالوَلِيْدَ بنَ هِشَامٍ القَحْذَمِيَّ، وَحَفْصَ بنَ عُمَرَ الحَوْضِيَّ، وَمُسَدَّدَ بنَ مُسَرْهَدٍ، وَعُثْمَانَ بنَ الهَيْثَمِ المُؤَذِّن، وَأَبَا مَعْمَرٍ المُقْعَد، وَعَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الحَجَبِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ سَلاَّمٍ الجُمَحِيَّ، وَأَخَاهُ؛ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ سَلاَّمٍ، وَعبدَ الرَّحْمَنِ بنَ المُبَارَكِ العَيْشِيَّ، وَخَلقاً كَثِيْراً.
وَتَفَرَّد بِالرِّوَايَةِ عَنْ أَكْثَرِ هَؤُلاَءِ.
وَلَقَدْ كَتَبَ حَتَّى رَوَى عَنْ أَبِي القَاسِمِ الطَّبَرَانِيّ تِلْمِيذِهِ.
وَكَانَ ثِقَةً، صَادِقاً، مَأْمُوْناً، أَدِيْباً، فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، رُحِلَ إِلَيْهِ مِنَ الآفَاقِ، وَعَاشَ مائَةِ عَامٍ سِوَى أَشْهُرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَوَانَةَ فِي (صَحِيْحِهِ) ، وَأَبُو بَكْرٍ الصُّوْلِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الجعَابِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ العُكْبَرِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الغِطْرِيْفِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُظَاهِر، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خَلاَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ (1) ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ الأَصْبَهَانِيّ، وَعُمَرُ بنُ جَعْفَرٍ البَصْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السُّنِّيِّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المِيْمَذِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ دَهْثَمٍ الطَّرَسُوْسِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الإصْطَخْرِيّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَبِيوَردِيّ - نَزِيْلُ مَكَّةَ، شَيْخٌ لَحِقَهُ أَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيّ (2) - وَسَهْلُ بنُ أَحْمَدَ الدِّيبَاجِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ
__________
(1) نسبة إلى مدينة " رامهرمز " إحدى كور الاهواز من بلاد خوزستان، وهو أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي الامام الحافظ المحدث الثبت صاحب التصانيف المتوفى سنة 360 هـ وسترد ترجمته في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب، وانظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 905، 907، و" العبر " 2 / 321، 322.
(2) بفتحات وسكون النون كما في " الشذرات " نسبة إلى طلمنكة: مدينة بالاندلس =(14/8)
مُحَمَّدَ بنِ العَبَّاسِ البَصْرِيّ، وَغَيْرهُم.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المَحَامِلِيّ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي خَلِيْفَة: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
حَضَرْنَا يَوْماً عِنْد خَلِيْلٍ أَمِيْرِ البَصْرَةِ، فجرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي خَلِيْفَةَ كَلاَمٌ.
فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا المُتَكَلِّمُ؟
فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ! مَا مِثْلكَ مَنْ جَهِلَ مِثْلِي! أَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ، أَفَهَلْ يَخْفَى القَمَرُ؟!
فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، وَقضَى حَاجَتَهُ، وَلَمَّا خَرَجَ، سأَلُوهُ، فَقَالَ: مَا كَانَ إِلاَّ خَيراً، أَحْضَرَنِي مَأْدُبَتَهُ، فَأَبطَّ، وَأَدَجَّ، وَأَفْرَخَ، وَفَوْلَجَ لَوْذَج، ثُمَّ أَتَانِي بِالشَّرَاب، فَقُلْتُ: مَعَاذَ اللهِ، فَعَاهَدَنِي أَنْ آتيَ مَأْدُبَتَهُ كُلَّ يَوْمٍ.
فَكَانَ إِنسَانٌ يَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ، فَيَحْمِلُهُ إِلَى الأَمِيْرِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: كُنْتُ أَقرأُ عَلَى أَبِي خَلِيْفَةَ كِتَابَ (طَبَقَاتِ الشُّعَرَاءِ) وَغَيْر ذَلِكَ، قَالَ:
فواعَدَنَا يَوْماً، وَقَالَ: لاَ تَخْلِفُوْنِي فَإِنِّي أتَّخِذُ لَكُمْ خَبِيْصَةً، فتَأَخَّرْتُ لِشُغْلٍ عَرَضَ لِي، ثُمَّ جِئْتُ وَالهَاشِمِيُّونَ عِنْدَهُ، فَلَمْ يَعْرِفْنِي الغُلاَمُ، وَحَجَبَنِي فكَتَبْتُ إِلَيْهِ:
أَبَا خَلِيْفَةَ تَجْفُو مَنْ لَهُ أَدَبٌ ... وَتُؤْثِرُ الغُرَّ مِنْ أَوْلاَدِ عَبَّاسِ
وَأَنْتَ رَأْسُ الوَرَى فِي كُلِّ مَكْرُمَةٍ ... وَفِي العُلومِ وَمَا الأَذنَابُ كَالرَّاسِ
مَا كَانَ قَدْرُ خَبِيْصٍ لَوْ أَذِنْتَ لَنَا ... فِيْهِ فَيَخْتَلِطُ الأَشرَافُ بِالنَّاسِ
فَلَمَّا قرأَهَا صَاحَ عَلَى الغُلاَمِ، ثُمَّ دَخَلْتُ، فَقَالَ: أَسأْتَ إِلَيْنَا بِتَغَيُّبِكَ، فَظَلَمْتَنَا فِي تَعَتُّبِكَ، وَإِنَّمَا عُقِدَ المَجْلِسُ بِكَ، وَنَحْنُ فِيمَا فَاتَنَا بتَأَخُّرِكَ كَمَا أَنْشَدَنِي التَّوزِيّ لِمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ نَدِم، فَتَزَوَّجَتْ رَجُلاً،
__________
= وهو الامام المقرئ المحقق المحدث الحافظ الاثري أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى المعافري الأندلسي المتوفى سنة 429 هـ، وسترد ترجمته في الجزء السابع عشر من هذا الكتاب، وانظر " تذكرة الحفاظ " 3 / 1098، وغاية النهاية 1 / 120.(14/9)
فَمَاتَ حِيْنَ دَخَلَ بِهَا، فتَزَوَّجَهَا الأَوَّلُ، فَقَالَ:
فَعَادَتْ لَنَا كَالشَّمْسِ بَعْدَ ظَلاَمِهَا ... عَلَى خَيْرِ أَحْوَالٍ كَأَنْ لَمْ تُطَلَّقِ
ثُمَّ صَاحَ: يَا غُلاَم! أَعِدَّ لَنَا مِثْل طَعَامِنَا.
فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ يَوْمنَا (1) .
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ المَلِكِ بنُ الحَسَنِ الإِسْفَرَايِيْنِيّ - ابْنُ أُخْتِ أَبِي عَوَانَةَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ لأَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ الحَافِظِ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو عَوَانَةَ البَصْرَة، فَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا خَلِيْفَة قَدْ هُجِرَ، وَيُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ.
فَقَالَ لِي أَبُو عَوَانَةَ: يَا بُنَيَّ! لاَ بُدَّ أَنْ نَدْخُلَ عَلَيْهِ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو عَوَانَةَ: مَا تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ؟
فَاحْمَرَّ وَجهُهُ وَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَمَنْ قَالَ: مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ، وَأَنَا تَائِبٌ إِلَى اللهِ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ إِلاَّ الكَذِبَ فَإِنِّي لَمْ أَكْذِبْ قَطُّ، أَسْتَغْفِرُ اللهَ.
قَالَ: فَقَامَ أَبُو عَلِيٍّ إِلَى أَبِي فَقَبَّلَ رَأْسَهُ.
ثُمَّ قَالَ أَبِي: قَامَ أَبُو عَوَانَةَ إِلَى أَبِي خَلِيْفَة، فَقَبَّلَ كَتِفَهُ.
تُوُفِّيَ أَبُو خَلِيْفَة: فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، أَوْ فِي الذِي يَلِيْهِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِالبَصْرَةِ.
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ شَمْسُ الدِّيْنِ بنُ قُدَامَةَ، وَغَيْرهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الموَاهِبِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُلُوْك، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الغِطْرِيْفِ سنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ هَمَّامٍ وَشُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ المُسَيَّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (العَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالعَائِدِ فِي قَيْئِهِ) (2) .
__________
(1) الخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 3 / 429، وما بين حاصرتين منه.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 5 / 173 من طريق مسلم بن إبراهيم، وأخرجه =(14/10)
وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَة، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ شَهْرِ بنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَوْ كَانَ العِلْمُ مُعَلَّقاً بِالثُّرَيَّا، لَتَنَاوَلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسٍ) .
3 - عَبْدُوسٌ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَالِكٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
هُوَ الحَافِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَالِكٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، نَزِيْلُ سَمَرْقَنْدَ، لاَ أَكَادُ أَعْرِفُهُ، لَكِنْ ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ غُنْجَارٌ فِي (تَارِيْخِهِ) ، وَأَنَّهُ سَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَقُتَيْبَة بنِ سَعِيْدٍ، وَإِسْحَاق بنِ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَأَبِي حَفْصٍ الفَلاَّس، وَطَبَقَتهِم.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بُجَيْرٍ، وَسَهْلُ بنُ شَاذَوَيْه، وَغَيْرهُمْ.
__________
= مسلم (1622) (7) في الهبات: باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض من طريقين، عن محمد بن جعفر، عن شعبة به.
وانظر البخاري 5 / 160 في الهبة: باب هبة الرجل لامرأته، والمرأة لزوجها، و12 / 304 في الحيل: باب في الهبة والشفعة.
(1) إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وهو في " المسند " 2 / 297، و420، و422، وأخرجه البخاري 8 / 492 و493 في تفسير سورة الجمعة، ومسلم (2546) (231) في فضائل الصحابة: باب فضل فارس من طريق عبد العزير بن محمد، عن ثور بن يزيد المدني، عن أبي الغيث سالم، عن أبي هريرة قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه سورة الجمعة، فلما قرأ (وآخرين لما يلحقوا بهم) قال رجل: من هؤلاء يا رسول الله، فلم يراجععه النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثا، قال: وفينا سلمان الفارسي، قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال: " لو كان الايمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء " وأخرجه مسلم " 2546 " من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن جعفر الجزري، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس أو قال من أبناء فارس حتى يتناوله ".
(*) تذكرة الحفاظ: 2 / 675، طبقات الحفاظ: 294، شذرات الذهب: 2 / 185.(14/11)
قَالَ أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بنِ جَبَلَةَ السَّمَرْقَنْدِيّ: مَاتَ عَبْدُوسٌ الحَافِظُ بِسَمَرْقَنْدَ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: مَاتَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
وَفِيْهَا - وَقِيْلَ: فِي الَّتِي تَلِيْهَا - مَاتَ: شَاعِرُ عَصْرِهِ أَبُو عُبَادَةَ الوَلِيْدُ بنُ عُبَيْدٍ بنُ يَحْيَى الطَّائِيُّ البُحْتُرِيُّ (1) المَنْبِجِيُّ، صَاحِبُ (الدِّيْوَانِ) المَشْهُورِ.
4 - صَبَاحُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الفَضْلِ المُرْسِيُّ *
الفَقِيْهُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، مُسْنِدُ زَمَانِهِ بِالأَنْدَلُسِ، أَبُو الغُصْنِ العُتَقيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، المُرْسِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَأَصْبَغَ بنِ الفَرَجِ، وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَسَحْنُوْنَ، وَطَائِفَةٍ.
وَعُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً.
رَوَى عَنْهُ: حَفْصُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَفْصٍ، وَغَيْرهُ.
قَالَ ابْنُ الفَرَضِيّ (2) :لَقِيَ بِمِصْرَ أَصْبَغَ بنَ الفَرَجِ، فَسَمِعَ مِنْهُ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ زمَاناً، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَكَانَ يُرحَلُ إِلَيْهِ للسَّمَاع وَالتَّفَقُّهِ.
قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ ابْنَ مائَةٍ وثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَاماً، وَمَاتَ فِي عَاشِرِ المحرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) ترجمته في " الاعاني " 21 / 29، " معجم الأدباء " 19 / 248، 258، " وفيات الأعيان " 6 / 21، 31، " العبر " 2 / 73.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 203 202، جذوة المقتبس: 245، بغية الملتمس: 324، العبر: 2 / 98 97، دول الإسلام: 1 / 178، شذرات الذهب: 2 / 216.
(2) في " تاريخ علماء الأندلس " 1 / 202، 203.(14/12)
وَقَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَارِثٍ: عَاشَ مائَةً وَخَمْسَ سِنِيْنَ.
5 - عَبْدَانُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى أَبُو مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، فَقِيْهُ مَرْوَ، أَبُو مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيّ، الزَّاهِدُ.
سَمِعَ: قُتَيْبَةَ بنَ سَعِيْدٍ، وَعَلِيَّ بنَ حُجْرٍ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُنِيْر، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيّ، وَعبدَ الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَطَبَقَتَهُم، وَتَفَقَّهَ بِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، الرَّبِيْعِ وَغَيْرِهِ، وَبَرَعَ فِي المَذْهَبِ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيّ، وَالدَّغُوْلِيّ، وَعَلِيُّ بنُ حَمْشَاذ، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَصَنَّفَ كِتَابَ (المُوَطَّأ) وَغَيْرَ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الغِفَارِيّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: وُلِدْتُ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، لَيْلَةَ عَرَفَة.
قُلْتُ: لَقِيَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الحَجِّ.
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ فِي (الأَنسَابِ (1)) :عَبْدَانُ الفَقِيْهُ
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 136 135، الأنساب: 138 / أ، المنتظم: 6 / 58، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 119 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 688 687، العبر: 2 / 95، مرآة الجنان: 2 / 221، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 298 297، طبقات الحفاظ: 299 298، حسن المحاضرة: 1 / 349، شذرات الذهب: 2 / 215، الرسالة المستطرفة: 126.
(1) 3 / 324.(14/13)
الجُنُوجِرْدِيّ، وَجُنُوجِرْد (1) :مِنْ قُرَى مَرْوَ.
اسْمُهُ: عَبْدُ اللهِ، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ أَظْهَرَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيّ بِخُرَاسَانَ، وَكَانَ المَرْجُوْعَ إِلَيْهِ فِي الفتَاوَى وَالمُعْضِلاَتِ بَعْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ بنِ سَيَّارٍ.
وَكَانَ أَحْمَدُ قَدْ حَمَلَ كُتُبَ الشَّافِعِيّ إِلَى مَرْو، وَأُعْجِبَ بِهَا النَّاسُ، فَأَرَادَ عَبْدَان أَنْ يَنْسخَهَا، فَلَمْ يُعِرْهُ أَحْمَدُ، فَبَاعَ ضيعَةً لَهُ بِجُنُوْجِرْدَ، وَسَارَ إِلَى مِصْرَ، وَحصَّلَ الكُتُبَ عَلَى الوَجْهِ وَأَكْثَرَ، فَدَخَلَ أَحْمَدُ بنُ سَيَّار عَلَيْهِ مُسَلِّماً وَمُهَنِّئاً وَاعْتَذَرَ، فَقَالَ: لاَ تَعْتَذِرْ، فَإِنَّ لَكَ عليَّ مِنَّةً فِي ذَلِكَ، فَلَو دَفَعْتَ إِليَّ الكُتُبَ لَمَا رَحَلْتُ إِلَى مِصْرَ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الغِفَارِيّ: تُوُفِّيَ عَبْدَان لَيْلَةَ عَرَفَةَ أَيْضاً - يَعْنِي: كَمَا وُلِدَ فِيْهَا - سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (2) :كَانَ ثِقَةً، حَافِظاً، صَالِحاً، زَاهِداً.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي العَيْشِ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَلِيْلٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ الجُوزْجَانِيَّةُ مرَّتَيْنِ، وَأَبُو عَدْنَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ حُضُوْراً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ بِمَكَّةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، أَخْبَرَنَا سَحْبَلُ (3) بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ أَبِي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيُّ، قَالَ:
كَانَ لِيَهُوْدِيٍّ عَلَيَّ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، فَلَزِمَنِي وَرَسُوْلُ
__________
(1) بضم الجيم والنون وكسر الجيم الأخرى كما في " الأنساب " و" اللباب " و" لب اللباب ". وقد انفرد ياقوت، فضبطها في " معجمه " 2 / 172 بالفتح ثم الضم.
(2) في " تاريخه " 11 / 135.
(3) بفتح السين وسكون الحاء المهملة بعدها باء ثم لام: لقب لعبد الله بن محمد بن أبي يحيى الاسلمي، وقد تصحف في " معجم الطبراني الصغير " إلى سخيل.(14/14)
اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيْدُ الخُرُوجَ إِلَى خَيْبَر فَاسْتَنْظَرْتُهُ إِلَى أَنْ أَقْدمَ، فَقُلْنَا: لَعَلَّنَا أَنْ نَغْنَمَ شَيْئاً، فَجَاءَ بِي إِلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (أَعْطِهِ حَقَّهُ) مَرَّتَيْنِ.
وَكَانَ إِذَا قَالَ الشَّيْءَ ثَلاَثَ مِرَارٍ لَمْ يُرَاجَعْ.
وَعلِيَّ إِزَارٌ، وَعَلَى رَأْسِي عِصَابَةٌ، فَلَمَّا خَرَجْتُ قُلْتُ: اشْتَرِ مِنِّي هَذَا الإِزَارَ، فَاشْتَرَاهُ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي لَهُ عَليَّ (1) .
الحَدِيْثُ تَفَرَّدَ بِهِ قُتَيْبَةُ.
6 - جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّامَاتِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، المُصَنِّفُ، أَبُو مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، الفَقِيْهُ، الشَّافِعِيُّ.
تَفَقَّهَ بِأَبِي إِبْرَاهِيْمَ المُزَنِيّ، وَسَمِعَ: إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى الفَزَارِيّ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدَةَ الضَّبِّيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَأَبَا مُوْسَى الزَّمَنَ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ العَابِدِيَّ، وَإِسْحَاقَ الكَوْسَجَ، وَيُوْنُسَ بنَ عبدِ الأَعْلَى، وَطَبَقَتَهُمْ بِالحِجَازِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ يَعْقُوْبَ الشَّيْبَانِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ جَمْعَانُ بن مُحَمَّدٍ، وَطَائِفَة.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ الشَّامَاتِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: سَعَى رَجُلٌ بِرَجُلٍ إِلَى الحَجَّاجِ وَقَالَ: أَعزَّ اللهُ الأَمِيْرَ، هَذَا رَجُلٌ خَارِجِيٌّ يَشْتُمُ عَلِيَّ بنَ أَبِي سُفْيَانَ، وَيقعُ فِي مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي طَالِبٍ.
__________
(1) أخرجه الطبراني في " معجمه الصغير " 1 / 234 برقم (645) .
(*) الأنساب: 327 / أ.(14/15)
فَقَالَ الحجَّاج: لاَ أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ، بِالأَنسَابِ أَوْ بِالأَديَانِ؟!
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ الشَّامَاتِيّ مَاتَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ: مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَبِيْبٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الجكَانِيّ بهَرَاةَ، وَأَبُو سَعْدٍ يَحْيَى بنُ مَنْصُوْرٍ بِهَرَاةَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، وَأَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الحَمِيدِ القَاضِي، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ البَاقِي الأَذَنِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَمْرٍو البَزَّارُ، وَإِدْرِيْسُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الحَدَّادُ، وَطَاهِرُ بنُ عِيْسَى بنِ قَيرسِ، وَأَبُو الآذَانِ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ المِصْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَجَّاجِ بنِ رِشْدِيْنَ.
7 - عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ بنِ الجُنَيْدِ أَبُو الحَسَنِ النَّخَعِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو الحَسَنِ النَّخَعِيُّ، الرَّازِيُّ، المَعْرُوْفُ فِي بَلَدِهِ: بِالمَالِكِيِّ؛ لِكَوْنِهِ جَمَعَ حَدِيْثَ مَالِكٍ الإِمَامِ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ.
سَمِعَ: أَبَا جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيَّ، وَالمُعَافَى بنَ سُلَيْمَانَ، وَصَفْوَانَ بنَ صَالِحٍ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَأَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَالقَاسِمَ بنَ عُثْمَانَ الجوعِيّ، وَالوَلِيْدَ بنَ عُتْبَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ المِصْرِيّ، وَخَلاَئِقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبغِيّ، وَأَحْمَدُ بن الحَسَنِ بنِ مَاجَهْ، وَدَعْلَجُ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدٍ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) الجرح والتعديل: 6 / 179، مختصر طبقات علماء لحديث لابن عبد الهادي: الورقة 116 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 672 671، العبر: 2 / 89، دول الإسلام: 1 / 176، طبقات الحفاظ: 293 292، شذرات الذهب: 2 / 208.(14/16)
وَثَّقَهُ: ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ (1) ، وَسمَّاهُ حَافِظَ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالرَّيِّ.
وَأَمَّا الخَلِيْلِيّ، فَأَرَّخَ مَوْتَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَالَ: هُوَ حَافِظُ عِلْمِ مَالِكٍ، صَاحِبُ دِيَانَةٍ.
قُلْتُ: الأَصحُّ وَفَاتُهُ فِي آخِرِ سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِيْهَا مَاتَ عِدَّةٌ مِنَ العُلَمَاءِ، مِنْهُم: مُقْرِئُ مَكَّةَ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ جُرجَةَ قُنْبُلٌ المَكِّيُّ، فِي عُشْرِ المائَةِ، وَمُقْرِئُ دِمَشْقَ هَارُوْنُ بنُ مُوْسَى بنِ شَرِيْكٍ الدِّمَشْقِيُّ الأَخْفَشُ، تِلْمِيْذُ ابْنِ ذَكْوَانَ.
8 - هَارُوْنُ بنُ خُمَارُوَيْه بنِ أَحْمَدَ بنِ طُوْلُوْنَ التُّركِيُّ *
المَلِكُ، صَاحِبُ مِصْرَ، أَبُو مُوْسَى.
تَمَلَّكَ إِذْ خُلِعَ أَخُوْهُ جَيْش (2) ، فَحَشَدَ عَمُّهُ رَبِيعَةُ بنُ أَحْمَدَ، وَأَقبلَ مِنَ الإسْكَنْدَرِيَّةِ، فَالتَقَوْا، فَقُتِلَ جَمَاعَةٌ، وَجُرِحَ فَرَسُ رَبِيْعَةَ، فَسَقَطَ، فَأَسَرُوْهُ،
__________
(1) في " الجرح والتعديل " 6 / 179.
(*) تاريخ الطبري: 10 / 119 118، صلة تاريخ الطبري: 16، ولاة مصر للكندي: 266 - 269، العبر: 2 / 91، دول الإسلام: 1 / 176 - 177، مرآة الجنان: 2 / 220، البداية والنهاية: 11 / 99، النجوم الزاهرة: 3 / 93 حسن المحاضرة: 1 / 596، تاريخ مصر لابن إياس: 1 / 42، شذرات الذهب: 2 / 209.
(2) يوم الأحد لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومئيتن. وجيش هذا: هو أبو العساكر، جيش بن خمارويه، ولي مصر بعد وفاة والده خمارويه بن أحمد، ودامت ولايته ستة أشهر واثني عشر يوما.
انظر أخباره في: " ولاة مصر " ص 265 - 266، و" النجوم الزاهرة " 3 / 88، و" حسن المحاضرة " 1 / 596.(14/17)
فَسُجِنَ، ثُمَّ ضُرِبَ وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
ونَابَ لِهَارُونَ عَلَى الشَّامِ بَدْر الَحَمَامِيّ، ثُمَّ إِنَّ المُكْتَفِي الخَلِيْفَةَ بَعَثَ مُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ الكَاتِبِ، فَانْضَمَّ إِلَيْهِ بَدْرٌ وَغَيْرهُ، فتَهَيَّأَ هَارُوْنَ لِلْحَرْبِ، وَخَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ، وَالتَقَوْا، فَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، وَدَامتِ الفِتْنَةُ، وَضَعُفَ أَمرُ هَارُوْنَ فَقَتَلَهُ عَمَّاهُ: شَيْبَانُ وَعَدِيٌّ بِأَخِيهِمَا، فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وكَانَتْ دَوْلَتُهُ ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ وَأَشْهُراً، وَقُتِلَ شَابّاً.
وَتملَّكَ عَمُّهُ شَيْبَانُ أَبُو المقَانِبِ (1) ، ثُمَّ تَلاشَى أَمرُهُ بَعْد أَيَّامٍ، وَزَالتْ دَوْلَةُ آلِ طُولُوْنَ، وَطُرِدَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُم بِمِصْرَ، نَحْوٌ مِنْ عِشْرِيْنَ نَفَراً.
9 - القَاسِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ الحَارِثِيُّ *
ابْنِ وَهْبِ بنِ سَعِيْدٍ الحَارِثِيُّ، الوَزِيْرُ.
وَلِيَ الوِزَارَةَ للمُعْتَضِدِ بَعْدَ مَوتِ وَالدِهِ الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ عُبَيْدُ اللهِ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ، وَظَهَرَتْ شَهَامَتُهُ، وَزَادَ تَمَكُّنُهُ، فَلَمَّا مَاتَ المُعْتَضِدُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، قَامَ القَاسِم بِأَعباءِ الخِلاَفَةِ، وَعَقَدَ البَيْعَةَ للمُكْتَفِي، وَكَانَ ظَلُوماً عَاتياً، يَدْخُلُهُ مِن أَملاَكِهِ فِي العَامِ سَبْعِ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَإِنَّمَا تَقَدّمَ بِخِدْمَتِهِ للمُكْتَفِي، وَكَانَ سَفَّاكاً للدِّمَاءِ، أَبَادَ جَمَاعَةً، وَلَمَّا مَاتَ شَمِتَ النَّاسُ بِموتِهِ.
__________
(1) انظر في ذلك: " ولاة مصر " ص 270 - 271، و" النجوم الزاهرة " 3 / 134، و" حسن المحاضرة " 1 / 596 وهو فيه " أبو المغانم ".
(*) تاريخ الطبري: 10 / 107 - 108، صلة تاريخ الطبري: 11 / 12، مروج الذهب: 2 / 494 - 496، المنتظم: 6 / 47 46، الكامل في التاريخ: 7 / 533، إعتاب الكتاب: 185 182، وفيات الأعيان: 3 / 361 - 362، العبر: 2 / 89، دول الإسلام: 1 / 176، البداية والنهاية: 11 / 98، النجوم الزاهرة: 3 / 133.(14/18)
وَقَالَ النَّوْفَلِيُّ: كُنْتُ أَبْغُضُهُ لكُفْرِهِ، وَلِمَكْرُوهٍ نَالَنِي مِنْهُ (1) .
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَخَذَ البَيْعَةَ للمُكْتَفِي، وَكَانَ غَائِباً بِالرَّقَّةِ، وَضَبَطَ لَهُ الخزَائِنَ، فَلَقَّبَهُ وَلِيَّ الدَّوْلَةِ، وَزَوَّجَ وَلَدَهُ بَابْنَةِ القَاسِمِ عَلَى مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ زِنْدِيقاً، وَكَانَ مُؤَدِّبهُ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجِ، فَنَالَ فِي دَولَتِهِ مَالاً جَزِيْلاً مِنَ الرّشْوَةِ، فَحَصَّلَ أَرْبَعِيْنَ أَلفِ دِيْنَارٍ.
هَلَكَ القَاسِمُ عَنْ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةٍ، - لاَ رَحِمَهُ اللهُ -.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: حَدَّثَنَا شَادِي المُغَنِّيّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ القَاسِمِ وَهُوَ يَشْرَبُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ ابْن فِرَاس مِنْ عَهْدِ أَرْدَشِيرٍ (2) ، فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ فِرَاسٍ: هَذَا وَاللهِ - وَأَومأَ إِليَّ - أَحْسَنُ مِنْ بَقَرَةِ هَؤُلاَءِ وَآل عِمْرَانهِمِ.
وَجعلاَ يَتَضَاحَكَانِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عبدُوْنَ: حَدَّثَنِي الوَزِيْرُ عَبَّاسُ بنُ الحَسَنِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ القَاسِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، فَقَرَأَ قَارِئ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ} [آل عِمْرَان:110] فَقَالَ ابْنُ فرَاسٍ: بِنُقْصَانِ يَاءْ، فَوَثَبْتُ فَزِعاً، فَرَدَّنِي القَاسِمُ وَغَمَزَهُ، فَسَكَتَ.
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 362.
(2) كذا ضبطه الحافظ الدارقطني فيما نقله عنه ابن خلكان في " الوفيات " 4 / 360، وهو أردشير بن بابك بن ساسان: جد ملوك الفرس الذين آخرهم يزدجرد.
انظر ترجمته في " الاخبار الطوال " ص 45 42، و" تاريخ الطبري " 2 / 43 37، و" مروج الذهب " 1 / 245 وما بعدها.
و" عهد أردشير " طبع بتحقيق الدكتور إحسان عباس، وقد قام بنشره دار صادر وهو مجموعة وصايا خلفها أردشير لمن يليه في حكم فارس من الملوك، لتكون لهم عونا في إدارة شؤون ممالكهم، جمع فيها تجاربه في الحكم والادارة، وقد أصبح هذا العهد دستورا لمن جاء بعده من الملوك.(14/19)
الصُّوْلِيُّ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ النُّوبَخْتِيّ، قَالَ: انْصَرَفَ ابْنُ الرُّوْمِيّ الشَّاعِرُ مِنْ عِنْدِ القَاسِمِ بنِ عُبيدِ اللهِ، فَقَالَ لِي: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ حُجَّةٍ أَوْرَدَهَا اليَوْمَ الوَزِيْرُ فِي قِدَمِ العَالِمِ، وَذَكَرَ أَبيَاتاً.
قُلْتُ: هَذِهِ أُمُورٌ مُؤْذِنَةٌ بِشقَاوَةِ هَذَا المُعَثَّرِ، نَسْأَلُ اللهَ خَاتمَةَ خَيْرٍ.
مَاتَ هَذَا فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَوَزَرَ بَعْدَهُ العَبَّاسُ بنُ الحَسَنِ، الَّذِي قُتِلَ مَعَ ابْنِ المُعْتَزِّ.
وَقَالَ شَاعِرٌ:
شَرِبْنَا عَشِيَّةَ مَاتَ الوَزِيْرُ ... سُرُوْراً وَنَشْرَبُ فِي ثَالثِهِ
فَلاَ رَحِمَ اللهُ تِلْكَ العِظَامَ ... وَلاَ بَارَكَ اللهُ فِي وَارِثِهِ (1)
10 - قَاتِلُ قُتَيْبَةَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ هَارُوْنَ القَيْسِيُّ *
الإِمَامُ، الرَّحَّالُ، أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الصَّمَدِ بنِ هَارُوْنَ القَيْسِيّ، النَّيْسَابُوْرِيّ، المَشْهُورُ: بِقَاتِلِ قُتَيْبَةَ.
سَمِعَ: قُتَيْبَةَ، وَأَبَا مُصْعبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَابنَ رَاهْوَيْه، وَهِشَامَ بنِ عَمَّارٍ، وَالعَدَنِيَّ.
وَعَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بْن الشَّرْقِيّ، وَمُؤَمَّلُ بنُ الحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ بنِ هَانِئٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّيْدَلاَنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) البيتان لعبد الله بن الحسن بن سعد، وقد ذكرهما ابن خلكان في " وفيات الأعيان " 3 / 362.
(*) الأنساب: 468 / ب، تاريخ ابن عساكر: 10 / 173 / ب.(14/20)
11 - مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ أَبُو جَعْفَرٍ العَبْسِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُسْنِدُ، أَبُو جَعْفَرٍ العَبْسِيُّ، الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَعَمَّيْه: أَبَا بَكْرٍ، وَالقَاسِم، وَأَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيّ، وَعَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَسَعِيْدَ بنَ عَمْرٍو الأَشْعَثيّ، وَمِنْجَابَ بنَ الحَارِثِ، وَالعَلاَءَ بنَ عَمْرٍو الحَنَفِيّ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَهنَّاداً، وَخلقاً سِوَاهُمُ.
وَعَنْهُ: ابْنُ صَاعِدٍ، وَابْنُ السَّمَّاكِ، وَالنَّجَّادُ، وَجَعْفَرٌ الخُلْدِيّ، وَابْنُ أَبِي دَارِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَسَعْدُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَالحُسَيْنُ بنُ عُبَيْدٍ الدَّقَّاق، وَالإِسْمَاعِيلِيُّ، وَخَلْقٍ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَلَهُ (تَارِيْخٌ) كَبِيْرٌ، وَلَمْ يُرزَقْ حَظّاً، بَلْ نَالُوا مِنْهُ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ (1) :لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيْثاً مُنْكَراً فَأَذْكُرَهُ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَقَالَ: كَذَّابٌ.
__________
(*) الكامل لابن عدي: 4 / 82، فهرست ابن النديم: 320، تاريخ بغداد: 3 / 47 42، الأنساب: 382، المنتظم: 6 / 96 95، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 114 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 662 661، العبر: 2 / 108، ميزان الاعتدال: 3 / 643 642، دول الإسلام: 1 / 181، الوافي بالوفيات: 4 / 82، مرآة الجنان: 2 / 230، البداية والنهاية: 11 / 111، لسان الميزان: 5 / 281 280، النجوم الزاهرة: 3 / 171، طبقات الحفاظ: 288 287، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 193 192، شذرات الذهب: 2 / 226.
(1) في " الكامل " 4 / 317.(14/21)
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خِرَاشٍ: كَانَ يَضَعُ الحَدِيْثَ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: هُوَ عَصَا مُوْسَى، يَتَلَقَّفُ مَا يَأْفِكُون.
وَقَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: إِنَّهُ أَخَذَ كِتَابَ غَيْرِ مُحَدِّثٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ الشُّيُوْخَ يَذْكرُوْنَ أَنَّهُ مَقْدُوحٌ فِيْهِ.
وَعَنْ عَبْدَانَ، قَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: كُنَّا نَسْمَعُ الشُّيُوْخَ يَقُوْلُوْنَ: مَاتَ حَدِيْثُ الكُوْفَةِ لِمَوْتِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُطَيَّن، وَمُوْسَى بنِ إِسْحَاقَ، وَعُبَيْدِ بنِ غَنَّامٍ.
قُلْتُ: اتَّفَقَ مَوْتُ الأَرْبَعَةِ فِي عَامٍ.
مَاتَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ قَارَبَ التِّسْعِيْنَ.
أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بنُ طَارِقٍ، أَخْبَرَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا مَسْعُودٌ الجمَّال، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيّ، وَنَبَّأَنِي عَنْهُمَا ابْنُ سَلاَمَةَ، أَنَّ أَبَا عليٍّ الحَدَّادُ أَخبرهُم، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَيْمُوْنٍ، حَدَّثَنَا الحَكَمُ بنُ ظُهَيرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ:
لَمَّا قُبِضَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْسَمْتُ أَنْ لاَ أَضَعَ رِدَائِي عَنْ ظَهْرِي، حَتَّى أَجْمَعَ مَا بَيْنَ اللَّوحَيْنِ، فَمَا وَضَعْتُهُ عَنْ ظَهرِي حَتَّى جَمَعْتُ القُرْآنَ (1) .
__________
(1) الحكم بن ظهير: متروك كما في " التقريب ". وأخرجه ابن أبي داود في " المصاحف " ص: 1 من طريق ابن فضيل، عن أشعث، عن محمد بن سيرين قال: لما توفي النبي صلى الله عليه وسم أقسم علي أن لا يرتدي برداء إلا لجمعة حتى يجمع القرآن في مصحف، =(14/22)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍالفَقِيْهُ المَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْد البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ الدَّقَّاق، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ، سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بنَ مَالِكٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي سُفْيَانُ بنُ حَمْزَةَ، عَنْ كَثِيْر بنِ زَيْدٍ، عَنِ الوَلِيْدِ بنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (النَّاسُ دِثَارٌ وَالأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَلَوْلاَ الهِجْرَةُ لكُنْتُ امْرَءاً مِنَ الأَنْصَارِ ... ) ، الحَدِيْثَ (1) .
وَمَاتَ مَعَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: مُطَيَّن، وَعُبَيْدُ بنُ غَنَّامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ الرَّوَّاس بِدِمَشْقَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ هَاشِمٍ البَغَوِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ قِيرَاطٍ الدِّمَشْقِيُّ، وَالفَقِيْهُ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ الظَّاهِرِيّ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبُ القَاضِي، وَمُوْسَى بنُ إِسْحَاقَ الأَنْصَارِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي عَوْفٍ البُزُورِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ عُثْمَانَ الصَّدَفيّ.
12 - صَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَبِيْبٍ الأَسَدِيُّ جَزَرَةُ *
ابْنِ حَسَّانِ بنِ المُنْذِرِ بنِ أَبِي الأَشْرَسِ، وَاسْمُ أَبِي
__________
= ففعل، فأرسل إليه أبو بكر بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟ قال: لا والله، إلا اني أقسمت أن لا أرتدي برداء إلا لجمعة.
فبايعه ثم رجع.
وأشعث: هو ابن سوار: ضعيف.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد في " مسنده " 2 / 419 من طريق قتيبة بن سعيد، عن يعقوب بن عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، وفيه، " الانصار شعاري، والناس دثاري ".
وأخرجه مطولا البخاري: 8 / 38، ومسلم: (1061) من طريق عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح حنينا قسم الغنائم.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 328 322، تاريخ ابن عساكر: 8 / 111 / أ، المنتظم: 6 / 62، تذكرة الحفاظ: 2 / 642 641، العبر: 2 / 97، دول الإسلام: 1 / 198، البداية والنهاية: 11 / 102، النجوم الزاهرة: 3 / 161، طبقات الحفاظ: 282 281، شذرات الذهب: 2 / 216، تهذيب ابن عساكر: 6 / 381، 382.(14/23)
الأَشْرَسِ: عَمَّارٌ، مَوْلَىً لبنِي أَسَدِ بنِ خُزَيْمَةَ.
الإِمَامُ الحَافِظُ الكَبِيْرُ الحُجَّةُ، مُحَدِّثُ المَشْرِقِ، أَبُو عَلِيٍّ الأَسَدِيُّ البَغْدَادِيُّ، المُلَقَّبُ جَزَرَة - بِجِيْمٍ وَزَايٍ - نَزِيْلَ بُخَارَى.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ خَمْسٍ وَمائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ.
وَسَمِعَ: سَعِيْدَ بنَ سُلَيْمَانَ سَعْدَوَيْه، وَخَالِدَ بنَ خِدَاش، وَعَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ العَيْشِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، وَأَبَا نَصْرٍ التَّمَّارَ، وَيَحْيَى بنَ عَبدِ الحَمِيدِ الحِمَّانِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَهُدْبَةَ بنَ خَالِدٍ، وَمِنْجَابَ بنَ الحَارِثِ، وَأَبَا خَيْثَمَةَ، وَالأَزْرَقَ بنَ عَلِيٍّ، وَخَلَفَ بنَ هِشَامٍ البَزَّارِ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَطَبَقَتهُم بِالحَرَمَيْنِ، وَالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَمِصْرَ، وَبِخُرَاسَانَ، وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي هَذَا الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ خَارجَ (الصَّحِيْحِ) وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ بِقَلِيْلٍ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ، وَخَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الحَبِيْبِيُّ، وَبكرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمْدَانَ الصَّيْرَفِيّ، وَالهَيْثَمُ بنُ كُلَيْبٍ الشَّاشِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابرٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
واسْتَوْطَنَ بُخَارَى مِنْ سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَمَلَّكَهُ أَمِيْرُ بُخَارَى بِالإِحسَانِ وَالاحْتِرَامِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: هُوَ مِنْ وَلَدِ حَبِيْبِ بنِ أَبِي الأَشْرَسِ، أَقَامَ بِبُخَارَى، وَحَدِيْثُهُ عِنْدَهُم.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً حَافِظاً غَازياً.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيُّ: صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ، مَا أَعْلمُ فِي عَصْرِهِ بِالعِرَاقِ وَخُرَاسَان فِي الحِفْظِ مِثْلَهُ، دَخَلَ مَا وَرَاء النَّهْرِ، فَحَدَّثَ مُدَّةً(14/24)
مِنْ حِفْظِهِ، وَمَا أَعْلَمُ أُخِذَ عَلَيْهِ مِمَّا حَدَّثَ خَطأ، وَرَأَيْتُ أَبَا أَحْمَدَ بنَ عَدِيٍّ يُفَخِّمُ أَمْرَهُ وَيُعَظِّمُه.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكتَانِيُّ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: أَنَا صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: فَسَاقَ نَسَبَهُ كَمَا قَدَّمْنَا.
وَكَذَلِكَ سَاقَهُ الخَطِيْبُ (1) ، وَقَالَ: حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ دَهْراً طَوِيْلاً، وَلَمْ يَكُن اسْتَصْحَبَ مَعَهُ كِتَاباً، وَكَانَ صَدُوْقاً ثَبْتاً، ذَا مُزَاحٍ وَدُعَابَةٍ، مَشْهُوراً بِذَلِكَ.
وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ: كَانَ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ يَقْرَأُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى (2) فِي (الزُّهْرِيَّات) فَلَمَّا بَلَغَ حَدِيْثَ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَرْقِي مِنَ الخَرَزَةِ.
فَقَالَ: مِنَ الجَزَرَةِ، فلُقِّبَ بِهِ.
رَوَاهَا الحَاكِمُ، عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ، عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: هَذَا غَلَطٌ، لأَنَّهُ لُقِّبَ بِجَزَرَةَ فِي حَدَاثَتِهِ يَعْنِي: قَبْلَ ارْتِحَالِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بِزَمَانٍ.
قَالَ: فَأَخْبَرَنَا المَالِيْنِيّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَدِيٍّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ سَعْدَانَ، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
قَدِمَ عَلَيْنَا بَعْضُ الشُّيُوْخِ مِنَ الشَّامِ، وَكَانَ عِنْدَهُ عَنْ حَرِيزِ بنِ عُثْمَانَ، فَقَرَأْت عَلَيْهِ: حَدَّثَكُم حَرِيزُ (3) بنُ عُثْمَانَ قَالَ: كَانَ لأَبِي أُمَامَةَ خَرَزَةٌ يَرْقِي بِهَا المَرِيْض. فَقُلْتُ: جَزَرَةُ، فَلُقِّبْتُ جَزَرَةَ (4) .
__________
(1) في " تاريخ بغداد " 9 / 322.
(2) هو أبو عبد الله محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس بن ذؤيب الذهلي النيسابوري، أحد الحفاظ الأعيان.
له " الزهريات ": في مجلدين، جمع فيها حديث ابن شهاب الزهري وجوده، وكان قد اعتنى به، وتعب عليه.
انظر " الرسالة المستطرفة " ص 111 110.
(3) قال الحافظ في " التقريب ": حريز: بفتح أوله وكسر الراء، وآخره زاي، ابن عثمان الرحبي الحمصي، ثقة ثبت، ورمي بالنصب، مات سنة 163 هـ وله ثمانون سنة. وقد تحرف في " تاريخ بغداد " إلى جرير.
(4) تاريخ بغداد 9 / 323.(14/25)
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ البُخَارِيُّ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ وَسُئِلَ: لِمَ لُقِّبْتَ جَزَرَةَ؟
فَقَالَ: قَدِمَ عُمَرُ بنُ زُرَارَةَ الحَدَثِيُّ بَغْدَادَ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ خَلْق، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ فَرَاغِ المَجْلِسِ سُئِلتُ: مِنْ أَيْنَ سَمِعْتَ؟
فَقُلْتُ: مِنْ حَدِيْثِ الجَزَرَةِ، فَبَقِيَتْ عَلَيَّ.
وَقَالَ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ شَاذَوَيْه: أَنَّهُ سَمِعَ الأَمِيْر خَالِدَ بنَ أَحْمَدَ يَسْأَلُ أَبَا عَلِيٍّ: لِمَ لُقِّبْتَ جَزَرَة؟
قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عُمَرُ بنُ زُرَارَةَ فَحَدَّثَهُم بِحَدِيْثٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسرٍ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ خَرَزَةٌ للمَرِيْض، فَجِئْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الحَدِيْث، فرَأَيْتُ فِي كِتَابِ بَعْضِهِم وَصِحْتُ بِالشَّيْخِ: يَا أَبَا حَفْصٍ! يَا أَبَا حَفْصٍ! كَيْفَ حَدِيْثُ عَبْد اللهِ بن بُسْرٍ: أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ جَزَرَةٌ يُدَاوِي بِهَا المَرْضَى، فَصَاحَ المُحَدِّثُونَ المُجَّان، فَبقيَ عليَّ حَتَّى السَّاعَة.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ صَالِحٌ صَاحِبَ دُعَابَةٍ، وَلاَ يَغْضَبُ إِذَا وَاجَهَهُ أَحَدٌ بِهَذَا اللَّقَبِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ بنُ أَبِي الفَضْلِ الهَرَوِيّ، قَالَ:
كَانَ صَالِحٌ رُبَّمَا يَطْنِزُ (1) ، كَانَ بِبُخَارَى رَجُلٌ حَافِظٌ يُلَقَّبُ بِجَمَلٍ، فَكَانَ يَمْشِي مَعَ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، فَاسْتَقْبَلَهُمَا بَعِيرٌ عَلَيْهِ جَزَرٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا عَلِيٍّ؟
قَالَ: أَنَا عَلَيْكَ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطعَةٌ.
وَرَوَى الحَاكِم: أَخْبَرَنَا بَكْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
كُنْتُ أُسَايرُ الجَمَلَ الشَّاعِرَ بِمِصْرَ، فَاسْتقبلَنَا جَملٌ عَلَيْهِ جَزَر،
__________
(1) طنز يطنز بكسر النون كما في " اللسان ": سخر واستهزأ. وقد ضبطت في الأصل بضم النون، ولم نر من نص على ذلك.(14/26)
فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا عَلِيّ؟
قُلْتُ: أَنَا عَلَيْكَ.
قَالَ خَلَفٌ الخَيَّامُ: سَمِعْتُ صَالِحاً يَقُوْلُ:
اخْتَلَفْتُ إِلَى عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ أَرْبَعَ سِنِيْنَ وَكَانَ لاَ يَقْرَأُ إِلاَّ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ كَمَا قَالَ.
وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يُحَدِّثُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ بثَلاَثَةِ أَحَادِيْثَ، عَنْ شُعْبَةَ.
وَعَنْ جَعْفَرٍ الطِّستِيِّ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مُسْلِمٍ الكَجِّيّ يَقُوْلُ - وَذُكِرَ عِنْدَهُ صَالِحٌ جَزَرَةُ - فَقَالَ: مَا أَهْوَنَهُ عَلَيْكُم، أَلاَ تَقُولُوْنَ: سَيِّدُ المُسْلِمِينَ!
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ لأَبِي زُرْعَةَ: حَفِظَ اللهُ أَخَانَا صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، لاَ يَزَالُ يُضْحِكُنَا شَاهداً وَغَائِباً، كَتَبَ إِلَيَّ يذْكُرُ أَنَّهُ مَاتَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، وَجَلَسَ للتَّحديثِ شَيْخٌ يُعرف بِمُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ مَحْمشٍ، فَحَدَّثَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ البَعِيْرُ (1)) .
وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (لاَ تَصْحَبُ المَلاَئِكَةُ رِفْقَةً فِيْهَا خُرْسٌ (2)) فَأَحْسَنَ اللهُ عَزَاءَكُمْ فِي المَاضِي، وَأَعْظَمَ أَجْرَكُمْ فِي البَاقِي.
__________
(1) هذا اللفظ محرف عن " النغير " وهو تصغير " النغر ".
قال ابن الأثير في " النهاية ": " هو طائر يشبه العصفور، أحمر المنقار، يجمع لفظه على " نغران ".
وقد أخرج الحديث البخاري: 10 / 436 في الأدب: باب الانبساط إلى الناس، و481: باب الكنية للصبي، ومسلم (2150) في الآداب، والترمذي (333) و (1989) ،
وابن ماجه (3720) كلهم من طريق أبي التياح، عن أنس بن مالك رضي الله عنه ...
(2) هذه اللفظة محرفة عن " جرس " وهو ما يعلق في رقبة الدواب.
وقد أخرج حديث الجرس أبو داود (2554) في الجهاد: باب في تعليق الجرس، وأحمد: 6 / 327 عن أم حبيبة رضي الله عنها، وفي سنده أبو الجراح مولى أم حبيبة لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه مسلم (2113) وأحمد: 2 / 311 و327، والدارمي: 2 / 288 من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة بلفظ: " لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس ".(14/27)
وَرَوَى البَرْقَانِيُّ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ بنِ أَبِي الفَضْلِ الهَرَوِيِّ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ صَالِحاً سَمِعَ بَعْضَ الشُّيُوْخِ يَقُوْلُ: إِنَّ السِّينَ وَالصَّادَ يَتَعَاقَبَان، فسَأَلَ بَعْضَ تَلاَمِذَتِهِ عَنْ كُنْيَتِهِ فَقَالَ لَهُ: أَبُو صَالِحٍ.
قَالَ: فَقُلْتُ لِلشَّيْخِ: يَا أَبَا سَالِح، أَسْلَحَكَ اللهُ، هَلْ يَجُوْزُ أَنْ تَقْرَأَ: (نَحْنُ نَقُسُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَسَس) ؟
فَقَالَ لِي بَعْضُ تلاَمِذَتِه: تُواجِهُ الشَّيْخ بِهَذَا؟
فَقُلْتُ: فَلاَ يَكْذِب، إِنَّمَا تَتَعَاقَبُ السِّيْن وَالصَّاد فِي مَوَاضِعَ.
وَرُوِيَ عَنْ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: الأَحْوَلُ فِي البَيْتِ مُبَارَكٌ، يَرَى الشَّيْءَ شَيْئَيْنِ.
قَالَ بَكْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ: سَمِعْتُ صَالِحاً يَقُوْلُ:
كَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبَانٍ يَمْتَحِنُ أَصْحَابَ الحَدِيْثِ، وَكَانَ غَالياً فِي التَّشَيُّعِ، فَقَالَ لِي: مَنْ حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمٍ؟
قُلْتُ: مُعَاوِيَةَ.
قَالَ: فَمَنْ نَقَلَ تُرَابَهَا؟
قُلْتُ: عَمْرُو بن العَاصِ.
فصَاحَ فِيَّ وَقَامَ.
قَالَ أَبُو النَّضْرِ الفَقِيْهُ: كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ عَلِيْلٌ، فَبَدَتْ عَورَتُهُ، فَأَشَار إِلَيْهِ بَعْضُنَا بِأَنَّ يَتَغَطَّى، فَقَالَ: رَأَيْتَهُ؟ لاَ تَرْمَدُ أَبَداً.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ:
كَانَ هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ يَأْخُذُ عَلَى الحَدِيْثِ، وَلاَ يُحَدِّثُ مَا لَمْ يَأْخُذْ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْماً، فَقَالَ: يَا أَبَا عَلِيّ! حَدِّثْنِي.
فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيّ، عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةَ، قَالَ: عَلِّمْ مَجَّاناً كَمَا عُلِّمْتَ مَجَّاناً.
فَقَالَ: تُعَرِّضُ بِي؟
فَقُلْتُ: لاَ، بَلْ قَصَدْتُكَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا النَّضْرِ (1) الطُّوْسِيّ يَقُوْلُ: مَرِضَ صَالِحٌ
__________
(1) بالضاد المعجمة كما في الأصل. و" الأنساب " وتصحف في اللباب إلى " النصر " بالصاد المهملة.(14/28)
جَزَرَة، فَكَانَ الأَطِبَّاءُ يَخْتلفون إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَعيَاهُ الأَمْرُ، أَخذَ العَسَلَ وَالشُّونِيْز (1) ، فَزَادَتْ حُمَّاهُ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يَرْتَعِدُ وَيَقُوْلُ: بأَبِي أَنْتَ يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا كَانَ أَقلَّ بَصَرَكَ بِالطِّبِّ!
قُلْتُ: هَذَا مُزَاحٌ لاَ يَجُوْزُ مَعَ سَيِّدِ الخَلْقِ، بَلْ كَانَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْلَمَ النَّاسِ بِالطِّبِّ النَّبوِيّ، الَّذِي ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى الوَجْهِ الَّذِي قَصَدَهُ، فَإِنَّهُ قَاله بِوَحْيٍ: (فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُنَزِّلْ دَاءً، إِلاَّ وَأَنْزَلَ لَهُ دوَاءً (2)) ، فَعَلَّمَ رَسُولَهُ مَا أَخْبَرَ الأُمَّة بِهِ، وَلَعَلَّ صَالِحاً قَالَ هَذِهِ الكَلِمَةُ مِنَ الهُجْرِ (3) فِي حَالِ غَلَبَة الرِّعْدَةِ، فَمَا وَعَى مَا يَقُوْلُ، أَوْ لَعَلَّهُ تَاب مِنْهَا، وَاللهُ يَعْفُو عَنْهُ.
قَالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزِيُّ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَمِعْتُ عبَّادَ بنَ يَعْقُوْبَ يَقُوْلُ: اللهُ أَعْدَلُ مِنْ أَنْ يُدْخِل طَلْحَة وَالزُّبَيْر الجَنَّةَ.
قُلْتُ: وَيْلَكَ! وَلِمَ؟
قَالَ: لأَنَّهُمَا قَاتَلاَ عَلِيّاً بَعْدَ أَنْ بَايعَاهُ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ (4) :بَلَغَنِي أَنَّ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ وَقَفَ خَلْفَ الشَّيْخِ أَبِي الحُسَيْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ السِّمْنَانِيّ، وَهُوَ يُحَدِّث عَنْ بَرَكَةَ الحَلَبِيِّ بِتِلْكَ الأَحَادِيْثِ، فَقَالَ: يَا أَبَا الحُسَيْنِ! لَيْسَ ذَا بَرَكَةٌ، ذَا نِقْمَةٌ.
__________
(1) الشونيز: هو الحبة السوداء في لغة الفرس، وانظر ما كتبه ابن القيم عن الشونيز في " زاد المعاد " 4 / 300 297.
(2) أخرجه البخاري: 10 / 114 113 في أول كتاب الطب عن أبي هريرة مرفوعا، وأخرجه ابن ماجه (3438) في الطب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وأخرجه أبو داود في الطب (3855) عن أسامة بن شريك قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه كأنما على رؤوسهم الطير، فسلمت ثم قعدت، فجاء الاعراب من ها هنا وهاهنا، فقالوا: يا رسول الله انتداوى؟ فقال: " تداووا، فإن الله عزوجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم ".
وأخرجه أحمد: 4 / 278، وابن ماجه (3436) ، والترمذي (2038) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال: وصححه ابن حبان (1395) و (1924) .
(3) أي: من الهذيان. انظر " اللسان " مادة " هجر ".
(4) في " الكامل " 1 / 39 / أ، في ترجمته لبركة الحلبي.(14/29)
قُلْتُ: كَانَ بركَةُ يُتَّهَمُ بِالكَذِبِ (1) .
قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُوْلُ:
كَانَ بِالبَصْرَةِ أَبُو مُوْسَى الزَّمِنُ، فِي عَقْلِهِ شَيْءٌ، فَكَانَ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ - أَعنِي: ابْنَ عَبدِ الحمِيدِ - حَدَّثَنَا أَيُّوْبُ - يَعْنِي: السِّخْتِيَانِيَّ -.
فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَدِيْثٍ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ.
فَقُلْتُ: يَعْنِي ابْنَ مِنهَالٍ.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: أَيُّ شَيْءٍ تُعَذِّبُ المِسْكِيْنَ؟
وَقَالَ: كُنَّا فِي مَجْلِس أَبِي عليٍّ، فَلَمَّا قَامَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ المَجْلِسِ: يَا شَيْخُ! مَا اسْمُكَ؟
قَالَ: وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ.
فَكَتَبَ الرَّجُل: حَدَّثَنَا وَاثِلَةُ بنُ الأَسْقَعِ.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ إِسْحَاقَ: كُنْتُ عِنْد صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الرُّستَاقِ (2) ، فَأَخَذَ يَسْأَلُهُ عَنْ أَحْوَالِ الشُّيُوْخِ، وَيَكْتُبُ جَوَابَهُ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيّ؟
فَقَالَ: لَيْسَ بِثِقَةٍ.
فَكَتَبَ الرَّجُلُ ذَلِكَ، فَلُمْتُهُ.
فَقَالَ لِي: مَا أَعْجَبَكَ! مَنْ يَسْأَلُ عَنْ مِثْلِ سُفْيَانَ لاَ تُبَالِ حَكَى عَنْكَ أَوْ لَمْ يَحْكِ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ: كُنْتُ مَعَ صَالِحِ بن مُحَمَّدٍ جَالِساً عَلَى بَاب دَارِهِ إِذْ أَقبلَ ابْنُهُ، عَنْ يمِينه رَجُلٌ أَقْصَرُ مِنْهُ، وَعَنْ يَسَارِهِ صَبِيٌّ، فَقَالَ لِي صَالِح: يَا أَبَا نَصْرٍ! تبّت (3) ؟
__________
(1) انظر " ميزان الاعتدال " للمؤلف: 1 / 304 303.
(2) فارسي معرب: يجمع على الرساتيق وهي السواد القرى.
قال ابن ميادة: تقول خود ذات طرف براق هلا اشتريت حنطة بالرستاق سمراء من ما درس ابن مخراق انظر " اللسان " " رستق "، و" المعرب " للجو اليقي: 158.
(3) الخبر في " تاريخ بغداد " 9 / 328 327 وما بين حاصرتين منه.(14/30)
وَيُقَالُ: كَانَ وَلدُ صَالِحٍ مُغَفَّلاً، فَقَالَ صَالِحٌ: سَأَلْتُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَداً فَرَزَقَنِي جَمَلاً.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ فِي (تَارِيْخِهِ) :صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَبُو عَلِيٍّ، أَحَدُ أَركَانِ الحِفْظِ، سَمِعَ سَعِيْدَ بنَ سُلَيْمَانَ الوَاسِطِيّ.
قُلْتُ: هَذَا سَعْدَويْه، وَهُوَ أَقْدَمُ شَيْخٍ لَهُ، ثُمَّ سَمَّى لَهُ الحَاكِمُ عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ وَجَمَاعَةً، وَقَالَ: فَهَؤُلاَءِ مِنْ أَتْبَاعِ التَّابِعِيْنَ، وَرِحْلَتُهُ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا، كَتَبَ مِنْ مِصْرَ إِلَى سَمَرْقَنْد.
وَرَدَ نَيْسَابُوْرَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَاسْتَوطَنَهَا مُدَّةً، فَلَمَّا تُوُفِّيَ الذُّهْلِيُّ كَانَ فِي نَفْسِهِ مِنْ أَحَادِيْثَ يَسْمَعُهَا مِنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ قُهْزَاذَ، فَرَحَلَ إِلَيْهِ، فَذَكِرَ لَهُ بِمَرْوَ أَحَادِيْثَ عَنْ عُمَرَ بنِ مُحَمَّدٍ البُخَارِيّ أَفرَاد، فَخَرَجَ إِلَيْهِ.
قَالَ: فَثَبَّطَهُ الأَمِيْرُ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ بِبُخَارَى، وَأَقبلَ عَلَيْهِ، فتَأَهَّلَ وَوُلِدَ لَهُ.
وَمَاتَ: بِهَا فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ العَبَّاسِ الضَّبِّيّ، سَمِعْتُ بَكْرَ بنَ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عليٍّ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
دَخَلْتُ مِصْرَ فَإِذَا حَلقَةٌ ضَخْمَةٌ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟
قَالُوا: صَاحِبُ نَحْوٍ.
فَقَرُبْتُ مِنْهُ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا كَانَ بصَادٍ، جَاز بِالسِّينِ.
فَدَخَلْتُ بَيْنَ النَّاسِ وَقُلْتُ: صَلاَمٌ عَلِيْكُمْ يَا أَبَا سَالِح، سَلَّيْتُم بَعْد؟
فَقَالَ لِي: يَا رَقِيْع! أَيُّ كَلاَمٍ هَذَا؟
قُلْتُ: هَذَا مِنْ قَوْلِكَ الآنَ.
قَالَ: أَظُنُّكَ مِنْ عَيَّارِي بَغْدَادَ.
قُلْتُ: هُوَ مَا تَرَى.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ عِصْمَةَ بنَ بجمَاك، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ يَقُوْلُ:
حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، فَقَالَ: حَرَجٌ عَلَى كُلِّ مُبْتَدِعٍ وَمَاجِنٍ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسِي.
فَقُلْتُ: أَمَّا المَاجنُ فَأَنَا هُوَ - وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: صَالِحٌ المَاجنُ - قَدْ حضَرَ مَجْلِسَكَ.(14/31)
ثمَّ إِنَّ الحَاكِمَ مدَّ النَّفَسَ فِي تَرْجَمَةِ صَالِح بِالغَرَائِبِ وَالسُّؤَالاَتِ، وَحَدَّثَ عَنْ جَمَاعَةٍ كَثِيْرَةٍ سَمِعُوا مِنْ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، آخِرُهُم وَفَاةً أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَابرٍ، بَقِيَ إِلَى سَنَةِ نَيِّفٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبُخَارَى، وَكَانَتْ وَفَاةُ صَالِحٍ فِي ذِي الحِجَّةِ، لِثمَانٍ بَقِيْنَ مِنْه، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ تِسْعٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً.
وَفِيْهَا مَاتَ: عُمَرُ بنُ حَفْصِ السَّدُوْسِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدُوْسِ بنِ كَامِلٍ، وعَبْدَان بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهِ بِمَرْوَ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ أَعْيَنَ بِمِصْرَ، وَسُلَيْمَانُ بنُ المُعَافَى بنِ سُلَيْمَانَ، تُوُفِّيَ بِالثَّغْرِ، وَدَاوُدُ بنُ الحُسَيْنِ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي القَاسِمِ عَبدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ الحَلِيمِ بنِ عِمْرَانَ الفَقِيْهِ سَحْنُوْن بِالثَّغْرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المَجِيدِ الصَّفرَاوِيّ، سنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّلَفِيّ، أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو المَحَاسِنِ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الرُّويَانِيّ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْس مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عبدُ الصَّمَدِ بنُ أَبِي نَصْرٍ العَاصِمِيّ بِبُخَارَى، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ صَالِحُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيّ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ أَبُو الحَارِثِ، حَدَّثَنَا سَلْمُ بنُ قُتَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُثَنَّى، عَنْ عَمِّهِ ثُمَامَة بنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا تَكَلَّمَ بِالكَلِمَةِ أَعَادَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، لِتُفْهَمَ عَنْهُ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيّ (1) .
__________
(1) 1 / 169 في العلم: باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه، و11 / 22 في الاستئذان: باب التسليم والاستئذان ثلاثا.
وأخرجه الترمذي (2723) ، والحاكم: 4 / 273 =(14/32)
أَخْبَرَنَا عِيْسَى بنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ الطُّيورِيّ، سَمِعْتُ الصُّوْرِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ نُوْحٍ، سَمِعْتُ أَبَا أَحْمَدَ العَسَّالَ، سَمِعْتُ صَالِحاً جَزَرَةَ يَقُوْلُ:
يحتَاجُ المُحَدِّث أَنْ يَكْتُبَ مائَة أَلْفٍ وَمائَة أَلْف - فَلَمْ يَزَلْ يَقُوْلُ: وَمائَةَ أَلْفٍ وَيرْفَعُ رَأَسَهُ إِلَى فَوْقَ، حَتَّى كَادَتْ قَلَنْسَوَتُهُ أَنْ تَسْقُطَ - حَدِيْثٍ بِعُلُوّ، وَمائَةَ أَلْفٍ وَمائَةَ أَلْف - وَجَعَلَ يخفِضُ رَأْسَهُ حَتَّى عَادَتِ القَلَنْسُوَة - حَدِيْثٍ بِنُزوْلٍ، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهُ صَاحِبُ حَدِيْثٍ.
13 - مُحَمَّدُ بنُ نَصْرِ بنِ الحَجَّاجِ المَرْوَزِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ.
مَوْلِدُهُ: بِبَغْدَادَ، فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَمائَتَيْنِ، وَمَنْشَؤُهُ بِنَيْسَابُوْرَ، وَمَسْكَنُهُ سَمَرْقَنْدُ.
كَانَ أَبُوْهُ مَرْوَزِيّاً، وَلَمْ يُرْفَعْ لَنَا فِي نَسَبِهِ.
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ، فَقَالَ: إِمَامُ عَصْرِهِ بِلاَ مُدَافعَةٍ فِي الحَدِيْثِ.
سَمِعَ بِخُرَاسَانَ مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى التَّمِيْمِيِّ، وَأَبِي خَالِدِ يَزِيْدَ بنِ صَالِحٍ، وَعُمَرَ بنِ زُرَارَةَ، وَصَدَقَةَ بنِ الفَضْلِ المَرْوَزِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَعَلِيّ بنِ حُجْرٍ.
وَبَالرَّيِّ: مُحَمَّدَ بنَ مِهْرَانَ الحَمَّالِ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُقَاتِل
__________
= وفيه: " لتعقل عنه " بدل " لتفهم عنه " ووهم الحاكم في استدراكه هذا الحديث، ودعواه ان البخاري لم يخرجه.
(*) طبقات العبادي: 49، تاريخ بغداد: 3 / 315 - 318، طبقات الشيرازي: 106 - 107، المنتظم: 6 / 66 63، تهذيب الأسماء واللغات: 1 / 94 92، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 112 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 650 - 653، العبر: 2 / 99، دول الإسلام: 1 / 178، الوافي بالوفيات: 5 / 111، مرآة الجنان: 2 / 223، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 246 - 255، البداية والنهاية: 11 / 103 102، تهذيب التهذيب: 9 / 489 - 490، النجوم الزاهرة: 3 / 161، طبقات الحفاظ: 284 285، حسن المحاضرة: 1 / 310 - 312، مفتاح السعادة: 2 / 71، شذرات الذهب: 2 / 216 - 217، الرسالة المستطرفة: 46.(14/33)
وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَبِبَغْدَادَ: مُحَمَّدَ بنَ بَكَّار بنِ الرَّيَّانِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ القَوَارِيْرِيّ، وَالطَّبَقَة.
وَبِالبَصْرَة: شَيْبَانَ بنَ فَرُّوخٍ، وَهُدْبَةَ بنَ خَالِدٍ، وَعبدَ الواحدِ بنَ غِيَاثٍ، وَعِدَّةً.
وَبَالكُوْفَةِ: مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَهَنَّاد، وَابنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَطَائِفَةً.
وَبَالمَدِيْنَةِ: أَبَا مُصْعَبٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَطَائِفَةً.
وَبَالشَّامِ: هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَدُحَيْماً.
قُلْتُ: وَبِمِصْرَ مِنْ: يُوْنُسَ الصَّدَفيِّ، وَالرَّبِيْعِ المُرَادِيِّ، وَأَبِي إِسْمَاعِيْلَ المُزَنِيّ، وَأَخَذَ عَنْهُ كُتُبَ الشَّافِعِيّ ضَبْطاً وَتفَقُّهاً.
وَكَتَبَ الكَثِيْرَ، وَبَرَعَ فِي عُلُومِ الإِسْلاَمِ، وَكَانَ إِمَاماً مُجْتَهِداً عَلاَّمَةً، مِنْ أَعْلَمِ أَهْلِ زَمَانِهِ بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، قلَّ أَنْ تَرَى العُيُونَ مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) :حَدَّثَ عَنْ: عَبْدَانَ بنِ عُثْمَانَ.
ثُمَّ سمَّى جَمَاعَةً، وَقَالَ: كَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُم فِي الأَحْكَامِ.
قُلْتُ: يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ أَعْلَم الأَئِمَّةِ بِاخْتِلاَفِ العُلَمَاءِ عَلَى الإِطلاَقِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ شَكَّر، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ، وَأَبُو النَّضْرِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، وَوَلَدُهُ إِسْمَاعِيْل بن مُحَمَّدِ بنِ نصرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّة: لَوْ لَمْ يُصَنِّفِ ابْنُ نَصْرٍ إِلاَّ كِتَابَ: (القسَامَةِ) لكَانَ مِنْ أَفْقَهِ النَّاسِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ، وَقِيْلَ لَهُ: أَلاَ تَنْظُرْ إِلَى تَمَكُّنِ أَبِي
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 315، وما بن حاصرتين منه.(14/34)
عليٍّ الثَّقَفِيِّ فِي عَقْلِهِ؟
فَقَالَ: ذَاكَ عَقْلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ مِنْ أَهْلِ المَدِيْنَةِ.
قِيْلَ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟
قَالَ: إِنَّ مَالِكاً كَانَ مِنْ أَعْقَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ، وَكَانَ يُقَالُ: صَارَ إِلَيْهِ عَقْلُ الَّذِيْنَ جَالسَهُم مِنَ التَّابِعِيْنَ، فجَالَسَهُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيّ، فَأَخَذَ مِنْ عَقْلِهِ وَسَمْتِهِ، ثُمَّ جَالسَ يَحْيَى بنُ يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ سِنِيْنَ، حَتَّى أَخذَ مِنْ سَمْتِهِ وَعَقْله، فَلَمْ يُرَ بَعْدَ يَحْيَى مِنْ فُقَهَاءِ خُرَاسَانَ أَعْقَلُ مِنِ ابْنِ نَصْرٍ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيّ جَالسَهُ أَرْبَعَ سِنِيْنَ، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ أَعْقَلُ مِنْ أَبِي عليٍّ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ يَقُوْلُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ بِمِصْرَ إِمَاماً، فَكَيْفَ بِخُرَاسَانَ؟
وَقَالَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ الصَّدْرُ الأَوَّلُ مَنْ مَشَايِخنَا يَقُوْلُوْنَ: رِجَالُ خُرَاسَانَ أَرْبَعَةٌ: ابْنُ المُبَارَكِ، وَابْنُ رَاهْوَيْه، وَيَحْيَى بنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ.
وَمن كَلاَمِ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَتِ المَعَاصِي بَعْضُهَا كُفْراً وَبِعْضُهَا لَيْسَ بِكُفْرٍ، فَرَّقَ تَعَالَى بَيْنَهَا، فَجَعَلَهَا ثَلاَثَةَ أَنْوَاعٍ: فَنَوْعٌ مِنْهَا كُفْرٌ، وَنوْعٌ مِنْهَا فُسُوقٌ، وَنوعٌ مِنْهَا عِصْيَانٌ، لَيْسَ بِكُفْرٍ وَلاَ فُسُوقٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ كرَّهَهَا كُلّهَا إِلَى المُؤْمِنِيْنَ.
وَلَمَّا كَانَتِ الطَّاعَاتُ كُلّهَا دَاخلَةٌ فِي الإِيْمَانِ، وَلَيْسَ فِيْهَا شَيْءٌ خَارجٌ عَنْهُ، لَمْ يُفَرِّق بَيْنَهَا، فَمَا، قَالَ: حَبَّبَ إِلَيْكُم الإِيْمَانَ وَالفَرَائِضَ وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ، بَلْ أَجْمَلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: {حَبَّبَ إِلَيْكُم الإِيْمَانَ} [الحجرَات:7] فَدَخَلَ فِيْهِ جَمِيْعُ الطَّاعَاتِ، لأَنَّهُ قَدْ حَبَّبَ إِلَيْهِم الصَّلاَةَ وَالزَّكَاةَ، وَسَائِرَ الطَّاعَاتِ حُبَّ تَدَيُّنٍ، وَيكْرَهُونَ المَعَاصِي كرَاهيَةَ تَدَيُّنٍ، وَمِنْهُ قَولُهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: (مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ) (1) .
__________
(1) قطعة من حديث أخرجه الامام أحمد في " مسنده ": 1 / 18، 26، والترمذي (2165) في الفتن: باب ما جاء في لزوم الجماعة من طريق محمد بن سوقة، عن عبد الله =(14/35)
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ: انْصَرَفَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ مِنَ الرِّحلَةِ الثَّانِيَةِ سَنَةَ سِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَاسْتَوْطَنَ نَيْسَابُوْرَ، فَلَمْ تَزَلْ تِجَارَتُهُ بِنَيْسَابُوْرَ، أَقَامَ مَعَ شَرِيْكٍ لَهُ مُضَارِبٍ، وَهُوَ يَشْتَغِلُ بِالعِلْمِ وَالعِبَادَةِ، ثُمَّ خَرَجَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ إِلَى سَمَرْقَنْدَ، فَأَقَامَ بِهَا وَشريكُهُ بِنَيْسَابُوْرَ، وَكَانَ وَقتَ مُقَامِهِ بِنَيْسَابُوْرَ هُوَ المُقَدّم وَالمُفْتِي بَعْدَ وَفَاةِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، فَإِنَّ حَيْكَانَ (1) - يَعْنِي: يَحْيَى وَلدُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى - وَمَنْ بَعْدَهُ أَقَرُّوا لَهُ بِالفَضْلِ، وَالتَّقَدُّمِ.
قَالَ ابْنُ الأَخْرَمِ الحَافِظُ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ قُتَيْبَةَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى غَيْرَ مَرَّةٍ، إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ يَقُوْلُ: سَلُوا أَبَا عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيّ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّبْغِيّ: أَدْرَكْتُ إِمَامَيْن لَمْ أُرْزَق السَّمَاعَ مِنْهُمَا: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ المَرْوَزِيُّ، فَأَمَّا ابْنُ نَصْرٍ، فَمَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ صَلاَةً مِنْهُ، لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ زُنْبُوراً قَعَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ، فسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجهِهِ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ: مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ صَلاَةً مِنْ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ، كَانَ الذُّبَابُ يقعُ عَلَى أُذُنِهِ، فَيَسِيْلُ الدَّمُ، وَلاَ يَذُبُّهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَقَدْ كُنَّا نَتَعَجَّبُ مِنْ حُسْنِ صَلاَتِهِ وَخُشُوعِهِ وَهَيئَتِهِ للصَّلاَةِ، كَانَ يَضَعُ ذَقْنَهُ
__________
= ابن دينار، عن ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية فقال: يا أيها الناس إني قمت فيكم كمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا فقال: " أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب، حتى يحلف الرجل ولا يستحلف، ويشهد الشاهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بأمرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة، فليلزم الجماعة، من سرته حسنته، وساءته سيئته فذلك المؤمن ".
وسنده صحيح، وصححه الحاكم: 1 / 114، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حسن صحيح.
(1) هو الحافظ يحيى بن محمد بن يحيى بن عبد الله الذهلي، شيخ نيسابور، المتوفى 267 هـ، ويلقب: حيكان وقد تقامت ترجمته.(14/36)
عَلَى صَدْرِهِ، فَيَنْتَصِبُ كَأَنَّهُ خشبَةٌ مَنْصوبَةٌ.
قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خَلقاً، كَأَنّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَانِ وَعَلَى خَدَّيْهِ كَالوَرْدِ، وَلحيتُهُ بَيْضَاءَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الصِّبْغِيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الوَهَّابِ الثَّقَفِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَحْمَدَ: وَالِي خُرَاسَانَ - يَصِلُ مُحَمَّدَ بنَ نَصْرٍ فِي العَامِ بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، وَيصِلُهُ أَخُوْهُ إِسْحَاقُ بِمِثْلِهَا، وَيصِلُهُ أَهْلُ سَمَرْقَنْدَ بِمِثْلِهَا، فَكَانَ يُنْفِقُهاً مِنَ السّنَةِ إِلَى السّنَةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ عِيَالٌ، فَقِيْلَ لَهُ: لَوِ ادَّخَرْتَ لنَائِبَةٍ؟
فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! أَنَا بَقِيْتُ بِمِصْرَ كَذَا وَكَذَا سَنَةً، قُوتِي وثيَابِي وَكَاغَدِي (1) وَحِبرِي وَجَمِيْعُ مَا أُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِي فِي السّنَةِ عِشْرُوْنَ (2) دِرْهَماً، فَتَرَى إِنْ ذَهَبَ ذَا لاَ يَبْقَى ذَاكَ!
قَالَ الحَافِظُ السُّلَيْمَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ إِمَامُ الأَئِمَّةِ الموفَّقُ مِنَ السَّمَاءِ، سَكَنَ سَمَرْقَنْدَ، سَمِعَ يَحْيَى بنَ يَحْيَى، وَعَبْدَان، وَعَبْد اللهِ المُسْنَدِيّ، وَإِسْحَاقَ، وَلَهُ كِتَابُ: (تعَظِيْم قدر الصَّلاَة) وَكِتَابُ: (رَفْع اليَدِين) وَغيرهُمَا مِنَ الكُتُبِ المُعْجِزَةِ.
كَذَا قَالَ السُّلَيمَانِي، وَلاَ مُعْجِزَ إِلاَّ القُرْآنَ.
ثُمَّ قَالَ: مَاتَ هُوَ وَصَالِح جَزَرَة فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ.
أَنْبَأَنِي أَبُو الغَنَائِمِ القَيْسِيُّ وَجَمَاعَةٌ سَمِعُوا أَبَا اليُمْنِ الكِنْدِيّ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ حَيَّوَيه، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ جَعْفَرٍ اللَّبَّانُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مِنْ مِصْرَ وَمعِي جَارِيَةٌ فَرَكبتُ البَحْرَ أُريدُ مَكَّةَ، فَغَرقْتُ، فَذَهَبَ مِنِّي أَلْفَا
__________
(1) بفتح الغين المعجمة: هو القرطاس. فارسي معرب.
(2) في الأصل " عشرين " وهو خطأ.(14/37)
جُزْءٍ وَصِرْتُ إِلَى جَزِيْرَةٍ أَنَا وَجَارِيَتِي، فَمَا رَأَينَا فِيْهَا أَحَداً، وَأَخَذَنِي العَطَشُ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَى المَاءِ، فَوَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى فَخِذِ جَارِيتِي مُسْتَسْلِماً لِلمَوْتِ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ جَاءنِي وَمَعَهُ كُوزٌ، فَقَالَ لِي: هَاهُ.
فَشَرِبْتُ وَسقَيْتُهَا، ثُمَّ مَضَى، فَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءَ؟ وَلاَ مِنْ أَيْنَ رَاحَ؟
وفِي (الطَّبَقَاتِ) لأَبِي إِسْحَاقَ: وُلِدَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ بِبَغْدَادَ، وَنَشَأَ بِنَيْسَابُوْرَ، وَاسْتوطَنَ سَمَرْقَنْدَ.
رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِي حُسْنُ رَأْيٍ فِي الشَّافِعِيِّ، فَبَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَغْفَيْتُ، فرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَكْتُبُ رَأْيَ الشَّافِعِيِّ؟
فَطَأَطَأَ رَأَسَهُ شِبْهَ الغَضْبَانِ وَقَالَ: (تَقُوْلُ رَأْي؟ لَيْسَ هُوَ بِالرَّأْي، هُوَ ردٌّ عَلَى مَنْ خَالَفَ سُنَّتِي) .
فَخَرَجْتُ فِي أَثَرِ هَذِهِ الرُّؤيَا إِلَى مِصْرَ، فَكَتَبْتُ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ (1) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَصَنَّفَ ابْنُ نَصْرٍ كُتُباً، ضَمَّنَهَا الآثَارَ وَالفِقْهَ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِاخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الأَحْكَامِ، وَصَنَّفَ كِتَاباً فِيمَا خَالَفَ أَبُو حَنِيْفَةَ عَلِيّاً وَابنَ مَسْعُوْدٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيّ: لَوْ لَمْ يُصَنِّف إِلاَّ كِتَاب: (القسَامَة) لكَانَ مِنْ أَفْقَهِ النَّاسِ، كَيْفَ وَقَدْ صَنَّفَ سِوَاهُ؟!
قَالَ الوَزِيْرُ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ البَلْعَمِيّ (2) :سَمِعْتُ الأَمِيْرَ إِسْمَاعِيْلَ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: كُنْتُ بِسَمَرْقَنْدَ، فجلَسْتُ يَوْماً للمظَالِمِ، وَجَلَسَ
__________
(1) الخبر مطولا في " طبقات الشيرازي " ص 107 106 وما بين حاصرتين منه. وانظر أيضا " طبقات السبكي " 2 / 249.
(2) بفتح الباء الموحدة " وسكون اللام، وفتح العين المهملة وفي آخرها الميم: نسبة إلى " بلعم " بلدة من بلاد الروم.
وفي سبب نسبة جد الوزير أبي الفضل اختلاف انظره في " اللباب " 1 / 174.(14/38)
أَخِي إِسْحَاقُ إِلَى جَنْبِي، إِذْ دَخَلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ، فَقُمْتُ لَهُ إِجلاَلاً لِلْعِلمِ، فَلَمَّا خَرَجَ عَاتَبَنِي أَخِي وَقَالَ: أَنْتَ وَالِي خُرَاسَانَ تَقُوْمُ لِرَجُلٍ مِنَ الرَّعيَّةِ؟ هَذَا ذهَابُ السِّيَاسَةِ.
قَالَ: فَبِتُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَنَا مُتَقَسِّمُ القَلْبِ، فرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي المَنَامِ كَأَنِّيْ وَاقِفٌ مَعَ أَخِي إِسْحَاقَ إِذْ أَقْبَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ بِعَضُدِي، فَقَالَ لِي: ثَبُتَ مِلْكُكَ وَملْكُ بَنِيْكَ بِإِجلاَلِكَ مُحَمَّدَ بنَ نَصْرٍ.
ثُمَّ التَفَتَ إِلَى إِسْحَاقَ، فَقَالَ: ذَهَبَ مُلْكُ إِسْحَاقَ، وَمُلْكُ بَنِيْهِ بِاسْتِخْفَافِهِ بِمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ.
قُلْتُ: كَانَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرِ زَوْجَ أُخْتِ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ القَاضِي، وَاسمُهَا خَنَّةُ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ نُوْنٌ (1) ، مَاتَ بَعْدَ أَيَّامٍ قلاَئِلَ مِنْ مَوْتِ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ جَزَرَةَ، وَذَلِكَ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ فِي مَسْأَلَةِ الإِيْمَان: صَرَّحَ مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ فِي كِتَاب (الإِيْمَان) بِأَنَّ الإِيْمَانَ مَخْلُوْقٌ، وَأَنَّ الإِقْرَارَ، وَالشَّهَادَةَ، وَقرَاءةَ القُرْآنِ بِلَفْظِهِ مَخْلُوْقٌ.
ثُمَّ قَالَ: وَهَجَرَهُ عَلَى ذَلِكَ عُلَمَاءُ وَقتِهِ، وَخَالفَهُ أَئِمَّةُ خُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ.
قُلْتُ: الخَوْضُ فِي ذَلِكَ لاَ يَجُوْزُ، وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوْزُ أَنْ يُقَالُ: الإِيْمَانُ، وَالإِقْرَارُ، وَالقِرَاءةُ، وَالتَّلَفُّظُ بِالقُرْآنِ غَيْرَ مَخْلُوْقٍ، فَإِنَّ اللهَ خَلَقَ العبَادَ وَأَعمَالَهُمُ، وَالإِيْمَانُ: فَقَوْلٌ وَعمَلٌ، وَالقِرَاءةُ وَالتَّلَفُّظُ: مِنْ كَسْبِ القَارِئِ، وَالمَقْرُوءُ المَلْفُوظُ: هُوَ كَلاَمُ اللهِ وَوَحْيُهُ وَتَنْزِيلُهُ، وَهُوَ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَكَذَلِكَ كَلِمَةُ الإِيْمَانِ، وَهِيَ قَوْلُ (لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ) دَاخلَةٌ فِي القُرْآنِ، وَمَا كَانَ مِنَ القُرْآنِ فلَيْسَ بِمَخْلُوْقٍ، وَالتَّكَلُّمُ بِهَا
__________
(1) انظر " مشتبه النسبة " للمؤلف: 1 / 213.(14/39)
مِنْ فِعْلنَا، وَأَفعَالُنَا مَخْلُوْقَةٌ، وَلَوْ أَنَّا كلَّمَا أَخْطَأَ إِمَامٌ فِي اجْتِهَادِهِ فِي آحَادِ المَسَائِلِ خَطَأً مَغْفُوراً لَهُ، قُمْنَا عَلَيْهِ، وَبدَّعْنَاهُ، وَهَجَرْنَاهُ، لَمَا سَلِمَ مَعَنَا لاَ ابْنَ نَصْرٍ، وَلاَ ابْنَ مَنْدَةَ، وَلاَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُمَا، وَاللهُ هُوَ هَادِي الخَلْقِ إِلَى الحَقِّ، وَهُوَ أَرحمُ الرَّاحمِينَ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى وَالفظَاظَةِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ فِي بَعْضِ توَالِيفِهِ: أَعْلَمُ النَّاسِ مَنْ كَانَ أَجْمَعهُم للسُّنَنِ، وَأَضْبَطهُم لَهَا، وَأَذْكَرهُمُ لِمَعَانِيهَا، وَأَدرَاهُمُ بِصِحَّتِهَا، وَبِمَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ مِمَّا اخْتَلفُوا فِيْهِ.
قَالَ: وَمَا نَعْلَمُ هَذِهِ الصِّفَةَ - بَعْد الصَّحَابَةِ - أَتمَّ مِنْهَا فِي مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ، فَلَو قَالَ قَائِل: لَيْسَ لِرَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيْثٌ وَلاَ لأَصْحَابِهِ إِلاَّ وَهُوَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ لَمَا أَبْعَدَ عَنِ الصِّدْقِ.
قُلْتُ: هَذِهِ السَّعَةُ وَالإِحَاطَةُ مَا ادَّعَاهَا ابْنُ حَزْمٍ لابْنِ نَصْرٍ إِلاَّ بَعْدَ إِمعَانِ النَّظَرِ فِي جَمَاعَةِ تَصَانِيْفَ لابْنِ نَصْرٍ، وَيمْكِن ادِّعَاءُ ذَلِكَ لِمِثْلِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وَنُظَرَائِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
14 - النَّاشِي الكَبِيْرُ عَبْدُ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ *
العَلاَّمَةُ، أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شِرْشِيْر الأَنْبَارِيُّ، المُلَقَّب: بِالنَّاشِي (1) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 93 92، الأنساب: 551 / ب، المنتظم: 6 / 58 57، إنباه الرواة: 2 / 129 128، وفيات الأعيان: 3 / 93 91، العبر: 2 / 95، البداية والنهاية: 11 / 101، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 93 82، النجوم الزاهرة: 3 / 159 158، حسن المحاضرة: 1 / 559، شذرات الذهب: 2 / 215 214.
(1) بفتح النون، وبعد الالف شين معجمة وياء: لقب غلب عليه. وشرشير بكسر الشين الأولى والثانية المعجمتين، وبينهما راء ساكنة. وشرشير: اسم طائر يصل إلى الديار =(14/40)
مِنْ كِبَارِ المتكلِّمِيْنَ، وَأَعيَانِ الشُّعَرَاءِ، وَرُؤُوْسِ المَنْطِقِ.
لَهُ التَّصَانِيْفُ.
وَكَانَ قَوِيَّ العَرَبِيَّةِ وَالعَرُوْضِ، أَدْخَلَ عَلَى قَوَاعدِ الخَلِيْلِ شُبَهاً، وَمَثَّلَهَا بِغَيرِ أَمْثِلَةِ الخَلِيْلِ، وَصَنَّفَ فِي المَنْطِقِ، وَلَهُ قَصِيْدَةٌ فِي عِدَّةِ فنُوْنٍ، نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلاَفِ بَيْتٍ.
وَكَانَ مِنْ أَذكيَاءِ العَالَمِ.
سَكَنَ مِصْرَ، وَبِهَا مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
15 - مُطَيَّنٌ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَضْرَمِيُّ *
الشَّيْخُ، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، مُحَدِّثُ الكُوْفَةِ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ الحَضْرَمِيُّ، المُلَقَّبُ: بِمُطَيَّنٍ.
رَأَى أَبَا نُعَيْمٍ المُلاَئِيّ.
وَسَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ، وَيَحْيَى بنَ بِشْرٍ الحريرِيَّ، وَسَعِيْدَ بنَ عَمْرٍو الأَشْعَثِيّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَبنِي أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيَّ بنَ حَكِيْمٍ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَابْنُ عُقْدَةَ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِيّ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ البَكَّائِيّ، وَعَلِيُّ بنُ حَسَّان الجَدِيلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَارِمٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي دَارِمٍ: كَتَبْتُ بِأُصْبُعِي عَنْ مُطَيَّنٍ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ.
__________
= المصرية في البحر زمن الشتاء، وهو أكبر من الحمام بقليل، كثير الوجود بساحل دمياط، وباسمه سمي الشاعر.
انظر " وفيات الأعيان " 3 / 92.
(*) فهرست ابن النديم: 324 323، طبقات الحنابلة: 1 / 301 300، الأنساب: 534 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 114 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 663 662، العبر: 2 / 108، دول الإسلام: 1 / 181، ميزان الاعتدال: 3 / 607، الوافي بالوفيات: 3 / 345، لسان الميزان: 5 / 234 233، النجوم الزاهرة: 3 / 171، طبقات الحفاظ: 288، شذرات الذهب: 2 / 226، الرسالة المستطرفة: 63.(14/41)
وَسُئِلَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فَقَالَ: ثِقَةٌ جَبَلٌ.
قُلْتُ: صَنّفَ (المُسْنَد) وَ (التَّارِيْخ) وَكَانَ مُتْقِناً.
وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَتكلَّمَ هُوَ فِي ابْنِ عُثْمَانَ، فَلاَ يُعْتَدُّ غَالباً بكَلاَمِ الأَقرَانِ، لاَ سيَّمَا إِذَا كَانَ بينهُمَا منَافسَةٌ، فَقَدْ عَدَّدَ ابْنُ عُثْمَانَ لمُطَيَّن نَحْواً مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْهَامٍ، فَكَانَ مَاذَا؟ وَمُطَيَّن أَوْثَقُ الرَّجُلَينِ، وَيَكْفِيهِ تَزْكِيَةُ مِثْلِ الدَّارَقُطْنِيِّ لَهُ.
عَاشَ خَمْساً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ الخَلِيْلِيُّ: ثِقَةٌ حَافِظٌ.
سَمِعْتُ جَمَاعَةً سَمِعُوا جَعْفَراً الخُلْدِيّ: قُلْتُ لمُطَيَّن: لِمَ لُقِّبْتَ بِهَذَا؟
قَالَ: كُنْتُ صَبِيّاً أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، وَكُنْتُ أَطوَلَهُم، فَنَسْبَحُ وَنَخُوضُ، فَيُطَيِّنُوْنَ ظَهْرِي، فَبَصُرَ بِي يَوْماً أَبُو نُعَيْمٍ فَقَالَ لِي: يَا مُطَيَّنُ! لَمْ لاَ تَحْضُر مَجْلِسَ العِلْمِ؟ فَلَمَّا طَلَبْتُ الحَدِيْثَ مَاتَ أَبُو نُعَيْمٍ، وَكَتَبْتُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ مائَةِ شَيْخٍ.
تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
16 - عَبْدُ اللهِ ابْنُ المُعْتَزِّ بِاللهِ مُحَمَّدٍ الهَاشِمِيُّ *
ابْنِ المُتَوَكِّلِ جَعْفَرِ ابنِ المُعْتَصِمِ مُحَمَّدِ ابنِ الرَّشِيْدِ
__________
(*) تاريخ الطبري: 10 / 140 - 141، أشعار أولاد الخلفاء: 107 - 296، مروج الذهب: 2 / 501 - 503، الاغاني: 10 / 286 - 296، فهرست ابن النديم: 168 - 169، تاريخ بغداد: 10 / 95 - 101، نزهة الالباء: 233 - 234، المنتظم: 6 / 84 - 88، الكامل في التاريخ: 8 / 16 14، وفيات الأعيان: 3 / 80 76، العبر: 2 / 104 - 105، دوالاسلام: 1 / 179 - 180، فوات الوفيات: 2 / 239 - 246، مرآة الجنان: 2 / 225 - 227، البداية والنهاية: 11 / 110 108، النجوم الزاهرة: 3 / 165 - 167، معاهد التنصيص: 2 / 38، مفتاح السعادة: 1 / 199 - 200، شذرات الذهب: 2 / 221 - 224.(14/42)
هارُوْنَ ابنِ المَهْدِيِّ، الأَمِيْرُ أَبُو العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ، العَبَّاسِيُّ، البَغْدَادِيُّ، الأَدِيْبُ، صَاحِبُ النَّظْمِ الرَّائِقِ.
تَأَدَّبَ بِالمُبَرِّدِ وَثَعْلَبَ، وَرَوَى عَنْ مُؤَدِّبِهِ، أَحْمَدَ بن سَعِيْدٍ الدِّمَشْقِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: مُؤَدِّبُهُ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الصُّوْلِيُّ وَغيرهُمَا.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَفِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ، أَنِفَتِ الكِبَارُ مِنْ خِلاَفَةِ المُقْتَدِرِ، وَهُوَ حَدَثٌ، فَهَاجُوا وَتوَثَّبُوا عَلَى المُقْتَدِرِ، وَقَتَلُوا وَزِيْرَهُ، وَنَصَّبُوا ابْنَ المعتزِّ فِي الخِلاَفَةِ، فَقَالَ: عَلَى شَرْطِ أَنْ لاَ يُقْتَلَ بِسَبَبِي رَجُلٌ مُسْلِمٌ.
وَكَانَ حَوْلَ المُقْتَدِرِ خَوَاصُّهُ، فَلَبِسُوا السِّلاَحَ، وَحملُوا عَلَى أُولئِكَ، فَتَفَرَّقَ عَنِ ابْنِ المُعْتَزِّ جَمْعُهُ، وَخَافَ، فَاخْتَفَى، ثُمَّ قُبِضَ عَلَيْهِ، وَقُتِلَ سِرّاً فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةِ سِتٍّ، سَلَّمُوهُ إِلَى مُؤنِسٍ الخَادِمِ، فَخَنَقَهُ، وَلفَّهُ فِي بِسَاطٍ، وَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَهْلِهِ.
وَكَانَ شَدِيْدَ السُّمرَةِ، مَسنُوْنَ الوَجْهِ، يَخْضِبُ بِالسَّوَادِ.
ورثَاهُ عَلِيُّ بنُ بسَّامٍ:
للهِ دَرُّكَ مِنْ مَلْكٍ بِمَضْيَعَةِ ... نَاهِيْكَ فِي العَقْلِ وَالآدَابِ وَالحَسَبِ
مَا فِيْهِ لَوْلاَ وَلاَ لَيْتٌ فَتُنْقِصُهُ ... وَإِنَّمَا أَدْرَكَتْهُ حِرْفَةُ الأَدَبِ (1)
وَلهُ نَثْرٌ بَدِيْعٌ (2) مِنْهُ:
مَنْ تَجَاوَزَ الكَفَافَ لَمْ يُغْنِهِ الإِكثَارُ.
كُلَّمَا عَظُمَ قَدْرُ المُنَافَسِ، عَظُمَت الفَجِيْعَةُ بِهِ.
__________
(1) البيتان في " تاريخ بغداد " 10 / 101، و" وفيات الأعيان " 3 / 77، و" فوات الوفيات " 2 / 240.
(2) انظر نماذج منه في " أشعار أولاد الخلفاء " ص 287.(14/43)
رُبَّمَا أَوْرَدَ الطَّمَعُ وَلَمْ يُصْدِرْ.
مَنِ ارْتَحَلَهُ الحِرْصُ، أَنضَاهُ الطَّلَبُ.
الحَظُّ يَأْتِي مَنْ لاَ يَأْتِيْهِ.
أَشْقَى النَّاسِ أَقْرَبَهُم مِنَ السُّلْطَانِ، كَمَا أَنَّ أَقْرَبَ الأَشيَاءِ مِنَ النَّارِ أَسْرَعُهَا احْتِرَاقاً.
مَنْ شَارَكَ السُّلْطَانَ فِي عزِّ الدُّنْيَا، شَارَكَهُ فِي ذُلِّ الآخِرَةِ.
17 - إِدْرِيْسُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ الحَدَّادُ أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيُّ *
مُقْرِئ العِرَاقِ، أَبُو الحَسَنِ البَغْدَادِيّ.
قرأَ عَلَى خَلَفٍ البَزَّارِ وَغَيْرِهِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَمُصْعبَ الزُّبَيْرِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَتَصَدَّرَ للإِقرَاءِ، وَرُحِلَ إِلَيْهِ.
تَلاَ عَلَيْهِ: أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ بُويَانِ (1) ، وَأَحْمَدُ بنُ حَمْدَانِ، وَالحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ المُطَّوِّعِيّ، وَغَيْرهُمُ.
وَرَوَى عَنْهُ: النَّجَّادُ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مُجَاهِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 15 14، طبقات الحنابلة: 1 / 117 116، الأنساب: 158 / أ، العبر: 2 / 93، طبقات القراء للذهبي: 1 / 205 204، الوافي بالوفيات: 8 / 318 317، طبقات القراء للجزري: 1 / 154، النشر في القراءات العشر: 1 / 166، شذرات الذهب: 2 / 210.
(1) بموحدة مضمومة ثم واو، ثم ياء آخر الحروف: وهو أحمد بن عثمان بن محمد بن جعفر بن بويان الخراساني البغدادي الحربي القطان. ثقة مشهور ضابط وقد تقدمت ترجمته.(14/44)
سُئِلَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ وَفوق الثِّقَةِ بِدَرَجَةٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ المُنَادِي: كَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ لِثِقَتِهِ وَصلاَحِهِ.
تُوُفِّيَ يَوْمَ عِيْدِ الأَضْحَى، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
أَخْبَرَنَا عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو غَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْهَرِيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِدْرِيْسُ بنُ عَبْدِ الكَرِيْمِ المُقْرِئ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ بنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بنُ الرَّبِيْعِ، عَنْ عَاصِمِ بنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (إِنَّ اللهَ اصْطَفَى إِبْرَاهِيْمَ بِالخُلَّةِ، وَاصْطَفَى مُوْسَى بِالكَلاَمِ، وَاصْطَفَى مُحَمَّداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمَا بِالرُّؤْيَةِ) (1) .
18 - يَحْيَى بنُ عَبْدِ البَاقِي بنِ يَحْيَى أَبُو القَاسِمِ الأَذنِيُّ *
المُحَدِّثُ المُتْقِنُ، أَبُو القَاسِمِ الأَذنِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَلُويْنٍ، وَالمُسَيَّبِ بنِ وَاضِحٍ، وَمُؤَمَّلِ بنِ إِهَابٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ وَزِيْرٍ، وَأَبِي عُمَيْرِ بنِ النَّحَّاسِ، وَطَبَقَتِهِم.
__________
(1) أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " ص 199 من طريق عبد الوهاب بن الحكم الوراق، حدثنا هاشم بن القاسم، عن قيس بن الربيع، عن عاصم الاحول، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إن الله..وأخرجه أيضا ص 197 من طريق محمد بن بشار، ومحمد ابن المثنى قالا: حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أتعجبون أن تكون الخلة لابراهيم، والكلام لموسى، والرؤيا لمحمد صلى الله عليه وآله وهذا رأي لا دليل عليه، وهو مخالف للادلة الكثيرة الوفيرة في أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربه في تلك الليلة.
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي اتفاق الصحابة على ذلك. انظر التفصيل في " زاد المعاد " 3 / 37 36.
(*) تاريخ بغداد: 14 / 228 227، تاريخ ابن عساكر: 18 / 76 / أ، معجم البلدان: 1 / 133.(14/45)
وَعَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ عَدِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَابْنُ صَاعِدِ، وَابنُ المُنَادِي، وَابنُ قَانِعٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ سَلْمٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَابنُ السَّمَّاكِ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ.
وَثَّقَهُ: الخَطِيْبُ (1) .
وَقَالَ ابْنُ المُنَادِي: جَاءَ نَبَأُ وَفَاتِهِ مِنْ أَذَنَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
كَتَبَ النَّاسُ عَنْهُ فَأَكْثَرُوا، لِثِقَتِهِ وَضَبْطِهِ.
19 - النُّوشَرِيُّ أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ *
نَائِبُ المُكْتَفِي عَلَى مِصْرَ، الأَمِيْرُ، أَبُو مُوْسَى عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ.
وَلِيهَا خَمْسَ سِنِيْنَ، وَحَارَبَ مُحَمَّدَ بنَ الخَلِيْجِ، وَتَمَكَّنَ، وَضَبَطَ الإِقلِيمَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَتْ دَوْلَتُهُ خَمْس سِنِيْنَ.
20 - جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
ابْنِ مُحَمَّدِ بنِ طُغَانَ، الإِمَامُ، الثَّبْتُ، المُجَوِّدُ، أَبُو الفَضْلِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، المَشْهُورُ: بِالتّركِ.
__________
(1) في " تاريخه " 14 / 227.
(*) تاريخ الطبري: 10 / 47، 119 وغيرها، ولاة مصر للكندي: 286 278، الكامل في التاريخ: 8 / 23 22 و38 37، حسن المحاضرة: 1 / 596، النجوم الزاهرة: 3 / 145، 153، تاريخ مصر لابن إياس: 1 / 42، تاريخ حلب الشهباء: 1 / 232 - 233.
(* *) الإكمال لابن ماكولا: 1 / 250 249.(14/46)
قَالَ الحَاكِمُ: شَيْخُ عَشِيرَتِهِ فِي عَصْرِهِ، مِنَ الثِّقَاتِ الأَثبَاتِ، وَمِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ، وَأَبِي عَمَّارٍ المَرْوَزِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ المُسْتَمْلِي، وَأَقرَانِهِم.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، وَالمُؤَمَّلُ بنُ الحَسَنِ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ الفَقِيْهُ.
وسَمِعَهُ أَبُو الوَلِيْدِ يَقُوْلُ: كَانَ إِسْحَاقُ الحَنْظَلِيُّ يَرفَعُنِي عَلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الشُّيُوْخِ فِي مَجْلِسِهِ، وَيَقُوْلُ: جَدُّهُم أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ السُّنَةَ بِخُرَاسَانَ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ:
إِذَا وَجَدْتُ الحَدِيْثَ عِنْدِي عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ لِيَحْيَى بنِ يَحْيَى، لَمْ أُبَالِ أَنْ لاَ أُخَرِّجَهُ عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ يَحْيَى بنَ يَحْيَى كَانَ يَزُوْرُ كُلَّ جُمُعَةٍ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلاَةِ بَيْتَ الحُسَيْنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، فَيُقَدِّمُوْنَ إِلَيْهِ أَوْلادَهُم، فَيَدْعُو لَهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ مُحَمَّدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
تُوُفِّيَ جَعْفَرٌ التُّرْكُ يَوْمَ السَّبْتِ، وَدُفِنَ يَوْمَ الأَحَدِ، ثَامِنَ عَشَرَ شَعْبَانَ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الزُّبَيْرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا مَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ مَنْصُوْرٍ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى:
قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ - وَهُوَ الفَرَقُ - مِنَ الجَنَابَةِ.(14/47)
أَخْرَجَهُ: مُسْلِمٌ (1) ، عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيِّ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ صَبَّاحٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ غَدِيْرٍ الفَرَضِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلْعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ المَالِيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ التُّرْكُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ يَحْيَى:
قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قَالَ: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيْثِ (2)) ، الحَدِيْثَ.
21 - المَرْوَزِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ سُلَيْمَانَ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ سُلَيْمَانَ المَرْوَزِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: عَاصِمَ بنَ عَلِيٍّ، وَأَبَا عُبَيْدٍ القَاسِمَ بنَ سَلاَّمٍ، وَعَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَخَلَفَ بنَ هِشَامٍ، وَبِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ - وَهُوَ مُكْثِرٌ عَنْ عَاصِمٍ -.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّجَّادُ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَمَخْلَدٌ البَاقَرْحِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ،
__________
(1) برقم (319) في الحيض: باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة.
وأخرجه البخاري: 1 / 213، وأبو داود (238) ، وأحمد: 6 / 37 و199، والنسائي: 1 / 128، والدارمي: 1 / 192 من طرق عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة بلفظ: " كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله من إناء واحد، وهو الفرق ".
والفرق بالتحريك: مكيال معروف بالمدينة، وهو ستة عشر رطلا. انظر " النهاية " لابن الأثير.
(2) قطعة من حديث صحيح وتمامه: ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا ". وهو في " الموطأ " 3 / 100 في المهاجرة. وأخرجه البخاري: 10 / 404، ومسلم (2563) و (2564) ، وأبو داود (4917) ، والترمذي (1988) .
(*) تاريخ بغداد: 3 / 423 422، العبر: 2 / 112، طبقات القراء للجزري: 2 / 277 276، شذرات الذهب: 2 / 231.(14/48)
وَابْنُ عُبَيْدٍ العَسْكَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
22 - ابْنُ أَبِي سُوَيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ البَصْرِيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عُثْمَانَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُويْدٍ البَصْرِيُّ، الذَّرَّاعُ.
حَدَّثَ عَنْ: عُثْمَانَ بنِ الهَيْثَمِ، وَالقَعْنَبِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ سَلاَمٍ العَطَّارِ، وَمُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَبَكَّارٍ السِّيْرِيْنِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
ضَعَّفَهُ: ابْنُ عَدِيٍّ (1) ، وَقَالَ: أُصِيْبَ بِكُتُبِهِ، فَكَانَ يُشَبَّهُ عَلَيْهِ، وَأَرْجُو أَنَّهُ لاَ يَتَعَمَّدُ الكَذِبَ.
وَكَانَ لاَ يُنْكَرُ لَهُ لُقِيُّ هَؤُلاَءِ الشُّيُوْخِ، إِلاَّ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنِ الثِّقَاتِ بِمَا لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهِ.
وَكَانَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ نُسْخَةٍ لَهُ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيْثِهِ عَنْ قَوْمٍ رَآهُم وَلَمْ يَرَهُم، وَتُقْلَبُ الأَسَانِيْدُ عَلَيْهِ، فَيُقِرُّ بِهِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا خَلِيْفَةَ يُثنِي عَلَيْهِ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ سَمِعَ مَعَهُ (2) .
وَسَأَلَ حَمْزَةُ بنُ يُوْسُفَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيَّ، فَقَالَ: ضَعِيْفٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ قَبْلَ ثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ بِضْعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
__________
(*) الكامل لابن عدي: 4 / 318 / أ، ميزان الاعتدال: 3 / 642 641، لسان الميزان: 5 / 279.
(1) في " كامله " 4 / 318.
(2) في الأصل " معهم " وما أثبتناه من " الكامل ".(14/49)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي التَّائِبِ، وَبِنْتُ عَبْدِ السَّلاَمِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ مَحْمُوْدٍ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ الجُوْزْدَانِيَّةُ مَرَّتَيْنِ، وَأَبُو عَدْنَانَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ حُضُوْراً، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ أَبِي سُوَيْدٍ البَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ: (التَّحِيَّاتُ للهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهِ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ (1)) .
لَمْ يَرْفَعْهُ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ إِلاَّ عُثْمَانُ.
23 - حَامِدُ بنُ سَهْلٍ أَبُو مُحَمَّدٍ البُخَارِيُّ *
المُحَدِّثُ، الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ البُخَارِيُّ.
ارْتَحَلَ، وَسَمِعَ: هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَعِيْسَى بنَ حَمَّادٍ، وَحَرْمَلَةَ، وَقُتَيْبَةَ بنَ سَعِيْدٍ، وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: سَهْلُ بنُ السَّرِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي حَامِدٍ، وَخَلَفُ بنُ
__________
(1) أخرجه الطبراني (9921) من طريق محمد بن عثمان بن أبي سويد الذارع بهذا الإسناد، وأخرجه أيضا النسائي: 2 / 240 239، والطبراني (9920) من طريق حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله بن مسعود. وأخرجه من طرق مختلفة عن ابن مسعود كل من البخاري: 2 / 258، 266 و3 / 62 و11 / 12، و48، و112 و13 / 310، ومسلم (420) (58) في الصلاة، والترمذي (289) ، وأبو داود (968) ، والنسائي: 2 / 240، وابن ماجه (899) ، وأحمد: 1 / 376، 382، 408، والدارمي: 1 / 309 308.
(*) تاريخ ابن عساكر: 4 / 75 / ب، تهذيب تاريخ ابن عساكر: 4 / 17 16.(14/50)
مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ البُخَارِيُّونَ.
أَرَّخَ الخيَّامُ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
24 - يُوْسُفُ بنُ مُوْسَى المَرْوَالرُّوْذِيُّ *
حَدَّثَ عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَعَلِيِّ بنِ حُجْرٍ، وَيَحْيَى بنِ دُرُسْتَ، وَأَبِي مُصْعَبٍ، وَطَبَقَتِهِم.
وَجَمَعَ، فَأَوعَى.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ أَبِي العَقِبِ، وَابْنُ البَخْتَرِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدٍ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ: الخَطِيْبُ (1) .
وَقَالَ الحَاكِمُ: مَاتَ بِمَرْوَ الرُّوذِ، بَعْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنَ الحَجِّ، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
25 - العَبَّاسُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَيُّوْبَ أَبُو أَحْمَدَ الجَرْجرَائِيُّ **
الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ، أَبُو أَحْمَدَ العَبَّاسُ بنُ الحَسَنِ بنِ أَيُّوْبَ بنِ سُلَيْمَانَ الجَرْجرَائِيُّ - وَقِيْلَ: المَادَرَائِيُّ -.
اخْتَصَّ بِالوَزِيْرِ القَاسِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ بِحُسْنِ حَرَكَاتِهِ وَآدَابِهِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 14 / 309 308، الأنساب: 523 / أ، المنتظم: 6 / 89.
(1) في " تاريخه " 14 / 309.
(* *) تاريخ الطبري: 10 / 141 140، الكامل في التاريخ: 8 / 8، 14، إعتاب الكتاب: 186.(14/51)
وَبَلاَغَتِهِ وَخَطِّهِ.
فَلَمَّا احْتُضِرَ، أَوْصَى بِهِ المُكْتَفِي، فَاسْتَكْتَبَهُ، وَقَرَّبَهُ، وَأَقْطَعَهُ مَغَلَّ خَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: مَوْلِدُهُ لَيْلَةَ قَتْلِ المُتَوَكِّلِ، فَعَمِلَ لَهُ أَبُو مَعْشَرٍ مَوْلِداً، وَقَالَ: مَا أَعْجَبَ هَذَا الوَلَدِ! لَوْ كَانَ هَاشِمِيّاً، لَحَكَمْتُ لَهُ بِالخِلاَفَةِ، لَكِنْ أَحْكُمُ لَهُ بِالوَزَارَةِ.
قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ فِي ارْتِقَاءٍ.
وَمَرِضَ المُكْتَفِي، فَأَوْصَى إِلَيْهِ فِي وَلَدِهِ وَأَهْلِهِ.
وَكَانَ ذَا كَرَمٍ وَتَحَرٍّ لِلْحَقِّ، كَانَ يَصِلُ إِلَيْهِ رِقَاعُ أَصْحَابِ الأَخْبَارِ فِي أَصْحَابِهِ، فَيَرْمِيهَا إِلَى أُوْلَئِكَ، وَيَضْحَكُ.
وَعَنِ القَاسِمِ الوَزِيْرِ: أَنَّهُ كَانَ يُعْجَبُ مِنْ سُرْعَةِ قَلَمِ العَبَّاسِ، وَيَقُوْلُ: تَسْبِقُ يَدُهُ لَفْظِي.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: وَأَنَا مَا رَأَيْتُ أَسْرَعَ مِنْ يَدِهِ!
وَقِيْلَ: أَسَرَّ سِرّاً إِلَى حَمَّادِ بنِ إِسْحَاقَ، فَلَمَّا وَلِيَ، قَالَ: أَوْكِ وِعَاءَكَ، وَعَمِّ طَرِيْقَكَ.
فَقَالَ: نَسِيْتُ سِقَائِي فَكَيْفَ أُوْكِيْهِ؟ وَضَلَلْتُ طَرِيقَهُ فَكَيْفَ أُعَمِّيْهِ؟
وَمِنْ شِعْرِهِ:
يَا قَاتِلِي بِالصُّدُودِ مِنْهُ، وَلَوْ ... يَشَاءُ بِالوَصْلِ كَانَ يُحْيِيْنِي
وَمَنْ يَرَى مُهْجَتِي تَسِيلُ عَلَى ... تَقْبِيلِ فِيْهِ وَلاَ يُوَاتِيْنِي
وَاحَرَبَى لِلْخِلاَفِ مِنْهُ، وَمِن ... خَلاَئِقَ فِيكَ ذَاتِ تَلْوِينِ
طَيْفُكَ فِي هَجْعَتِي يُصَافِيْنِي ... وَأَنْتَ مُسْتَيْقِظاً تُعَادِينِي
قَالَ الصُّوْلِيُّ: اشتَدَّ كِبْرُ العَبَّاسِ وَجَبَرِيَّتُهُ، ثُمَّ مَاتَ المُكْتَفِي، فَأَمَرَّ(14/52)
العَبَّاسُ أَمرَ بَيْعَةِ المُقْتَدِرِ، وَمَلَكَ الأُمُورَ، وَعَلَّمَ النَّاسَ أَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيْدُ، فَتَفَرَّغُوا لَهُ، وَأَلحَقُوا بِهِ اللَّوْمَ، وَقَدْ أَشَارُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يَخْتَارَ لِلْخِلاَفَةِ رَجُلاً مَهِيْباً، وَإِنْ أَقَمْتَ مَن لَمْ يَخَفْهُ، لَمْ يَخَفْكَ، وَيَطْلُبُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْكَ زِيَادَةَ رِزْقٍ، فَإِنْ مَنَعْتَهُ عَادَاكَ.
فَكَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ، وَفَسَدَ النَّاسُ، وَهُوَ مَعَ هَذَا ثَقِيْلٌ عَلَى قَلْبِ المُقْتَدِرِ وَأُمِّهِ وَحَاشِيَتِهَا؛ لِمَنْعِهِ لَهُمْ مِنْ أَشْيَاءَ.
وَكَانَ الحُسَيْنُ بنُ حَمْدَانَ الأَمِيْرُ يَزْعُمُ أَنَّ العَبَّاسَ دَسَّ مَنْ يُفْسِدُ جَارِيَتَهُ المُغَنِّيَةَ وَيُمَنِّيهَا، وَكَانَ ابْنُ حَمْدَانَ شَغِفاً بِهَا، وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ بنِ الجَرَّاحِ مُتَوَلِّي دِيْوَانَ الجَيْشِ، وَكَانَ الأُمَرَاءُ يُطِيعُونَهُ، فَشَغَبَهُم عَلَى العَبَّاسِ، وَوَاطَأَ مَنْ يَثِقُ بِهِ أَنَّهُ يُرِيْدُ أَنْ يُبَايِعَ ابْنَ المُعْتَزِّ، وَأَنَّ اِلمُقْتَدِرَ صَبِيٌّ.
وَكَانَ لأَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ مَمْلُوْكٌ قَدْ عَتِبَ عَلَيْهِ، فَقَدَّمَ كِتَاباً إِلَى العَبَّاسِ، يُعْلِمُهُ أَنَّهُ رَاغِبٌ فِي الطَّاعَةِ، فَبَعَثَ يَعِدُهُ بِإِمرَةِ الأُمَرَاءِ - أَعنِي: المَمْلُوْكَ - فَسَارَ يُرِيْدُ الحَضْرَةَ فِي أَلْفَي فَارِسٍ، وَعَلِمَ العَبَّاسُ بِاضْطِرَابِ الأَمْرِ، فَقَالَ لَهُ المَرْزُبَانِيُّ عَلَى رُؤُوْسِ المَلأِ: أَعَزَّ اللهُ الوَزِيْرَ، اسْتَفْسَدْتَ مِثْلَ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ لأَجْلِ مَمْلُوكِهِ بَارِس، وَلأَحْمَدَ أَلفُ غُلاَمٍ مِثْلُ بَارِس؟!
قَالَ: أَصْطَنِعُهُ، وَأُؤَمِّرُهُ، فَيَعْظُمَ؛ أَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجِيراً لِخَدِيْجَةَ، ثُمَّ كَانَ مِنْهُ مَا رَأَيْتَ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: لَوْلاَ أَنَّ أَحْمَدَ بنَ طُوْمَارٍ سَمِعَ هَذَا مِنْهُ، مَا صَدَّقْتُ.
فَخَرَجَ الحُسَيْنُ بنُ حَمْدَانَ يَقُوْلُ: أَوَجَدْتَنِي حُجَّةً؟ وَاللهِ لأَقْتُلَنَّكَ.
فَلَمَّا قَرُبَ بَارِس، خَافَ أَعدَاءُ العَبَّاسِ، فَعَزَمُوا عَلَى قَتْلِهِ فِي المَاءِ، فَرَكِبَ مَعَهُ أَمِيْرٌ فِي طَيَّارٍ (1) ، وَرَكِبَ عِدَّةٌ فِي طَيَّارَاتٍ
__________
(1) الطيار: نوع من الزوارق، يدل اسمه على أنه سريع الجريان. قال جحظة البرمكي يعاتب وزيرا:
قل للوزير أدام الله دولته * اذكر منادمتي والخبز خشكار
إذ ليس بالباب برذون لدولتكم * ولا غلام ولا في الشط طيار
انظر " تجارب الأمم " 1 / 268، وما كتبه أحمد تيمور في مجلة المجمع العلمي العربي م 2 / ج 11.(14/53)
لِيَقُومُوا لَهُ، فَيَفْتِكُونَ بِهِ، فَبَدَرَ طَيَّارُهُ، فَسَبَقَ، وَخَفِيَ عَلَيْهِ عَزْمُهُم.
وَكَانَ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى الوَزِيْرُ يُخَوِّفُهُ القَتْلَ، وَخَاطَبَهُ ابْنُ الفُرَاتِ الوَزِيْرُ بِبَعْضِ ذَلِكَ، فَكَانَ يَسْتَهِينُ قَوْلَهُم، وَلاَ يَقْبَلُ نُصْحاً، وَيُدِلُّ بِهَيْبَتِهِ.
وَحَذَّرُوهُ مِنِ ابْنِ حَمْدَانَ، فَقَالَ: مَا أُؤَمِّلُ دَفْعَ مَا أَخَافُ إِلاَّ بِهِ بَعْدَ اللهِ.
وَحَدَثَ فِيْهِ كِبْرٌ لَمْ يَكُنْ، كَانَ يَرْكَبُ إِلَى بَابِ عَمَّارٍ، وَالقُوَّادُ وَالوُجُوهُ مُشَاةٌ، فَلاَ يَأْمُرُهُم بِرُكُوبٍ! وَذَلِكَ مَسَافَةٌ بَعِيْدَةٌ.
وَحَصَّنَ دَارَهُ، وَزَخْرَفَهَا، وَسَمَّاهَا: دَارَ السُّرُورِ، فَلَمَّا كَانَ فِي جُمَادَى الأُوْلَى سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، رَكِبَ المُقْتِدِرُ، وَرَجَعَ الوَزِيْرُ إِلَى دَارِهِ، فَسَارَ بَعْضُ العَازِمِينَ عَلَى الفَتْكِ بِهِ قُدَّامَهُ وَخَلْفَهُ، فَجَذَبَ ابْنُ حَمْدَانَ سَيْفَهُ، وَضَرَبَ الوَزِيْرَ، فَصَاحَ فَاتِكٌ المُعْتَضِدِيُّ: مَا هَذَا يَا كِلاَبُ؟!
فَضَرَبَهُ وَصِيْفُ بْنُ صُوَارتِكِيْنَ قَتَلَهُ، وَضَرَبَ ابْنُ كَيَغْلَغَ ابْنَهُ أَحْمَدَ فِي وَجْهِهِ، فَبَادَرَ الوَزِيْرُ، فَرَمَى نَفْسَهُ فِي بُسْتَانٍ، وَثَنَّى عَلَيْهِ عَبْدُ الغَفَّارِ، فَتَلِفَ، فَبَادَرَ حَاجِبُهُ مَنْصُوْرٌ سَوْقاً، فَلَحِقَ المُقْتَدِرَ، فَأَخْبَرَهُ، فَأَجَازَهُ صَافِي إِلَى دَاخِلِ الحَلَبَةِ، وَسَارَ الجَيْشُ حَوْلَ سُورِهَا، وَاجتَمَعَ الَّذِيْنَ وَثَبُوا بِالعَبَّاسِ، فَدَخَلُوا بَغْدَادَ، وَصَارُوا كُلُّهُم إِلَى دَارِ مُحَمَّدِ بنِ دَاوُدَ بنِ الجَرَّاحِ، فَرَكِبَ مَعَهُم، فَأَجْلَسُوهُ فِي دِسْتِ الوَزَارَةِ، وَجَاءَ ابْنُ المُعْتَزِّ، فَتَلَقَّاهُ الكُلُّ، وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ، وَمَضَوْا بِهِ إِلَى دَارِ سُلَيْمَانَ بنِ وَهَبٍ عِنْدَ المَغْرِبِ، وَنَهَبَتِ الجُنْدُ دَارَ العَبَّاسِ، وَأَحْرَقُوْهَا، وَأَخَذَ ابْنُ الجَرَّاحِ البَيْعَةَ، وَأُنْشِئَتِ الكُتُبُ إِلَى النُّوَابِ طُوْلَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى بِهِمُ ابْنُ المُعْتَزِّ الصُّبْحَ، وَأَتَاهُ القُضَاةُ وَالكِبَارُ، وَنَفَّذُوا إِلَى المُقْتَدِرِ: أَنَّ المُرْتَضِي بِاللهِ - أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ - قَدْ أَمَّنَكَ، وَأَمَرَكَ بِلُزُوْمِ دَارِ ابْنِ طَاهِرٍ مَعَ أُمِّكَ وَجَوَارِيْكَ.
فَأَقبلَ رَسُوْلٌ خَادِمٌ مِنَ المُقْتَدِرِ، فَقَالَ: سَلاَمٌ عَلَيْكُم.
فَصَاحَ بِهِ ابْنُ الجَرَّاحِ وَالقُوَّادُ: سَلِّمْ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ.
فَقَالَ: أَنَا رَسُوْلٌ، فَإِنْ سَمِعْتُمْ، وَإِلاَّ(14/54)
انْصَرَفْتُ!
قَالَ ابْنُ المُعْتَزِّ: هَاتِ.
قَالَ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ المُقْتَدِرَ يَقُوْلُ: ارْجِعْ إِلَى مَنْزِلِكَ، وَأَبْقِ عَلَى نَفْسِكَ وَدَمِكَ، فَإِنِّي أُؤَمِّنُكَ، وَأُسَسِّي إِقْطَاعَكَ، فَلاَ تُلْهِبْ نَارَ الفِتْنَةِ.
فَقَالَ لِلْخَادِمِ: قُلْ لِمَولاَكَ يَا بُنَيَّ: هَذَا كِتَابِي إِلَيْكَ، فَاقْرَأْهُ، وَامْتَثِلْ مَا أَمَرْتُكَ فِيْهِ.
فَانْصَرَفَ الخَادِمُ بِالكِتَابِ، وَأَمَرَ ابْنُ المُعْتَزِّ ابْنَ حَمْدَانَ وَابْنَ عَمْرُوَيْه أَنْ يَصِيرَا إِلَى دَارِ المُقْتَدِرِ، فَبَرَزَ المَمَالِيْكُ المُقْتَدِرِيَّةُ، عَلَيْهِم مُؤْنِسٌ الخَادِمُ، وَغَرِيْبٌ الخَالُ، وَمُؤْنِسٌ الخَازِنُ، وَبَذَلُوا الأَمْوَالَ، فَالتَقَوْا هُمْ وَحِزْبُ ابْنِ المُعْتَزِّ، وَأَقْبَلَ ابْنُ حَمْدَانَ إِلَى بَابِ الحَلَبَةِ، فَرَمَتْهُ الأَترَاكُ، فَتَحَرَّجَ، وَانْهَزَمَ، وَرَمَتِ العَامَّةُ أَصْحَابَ ابْنِ المُعْتَزِّ مِنَ الأَسْطِحَةِ، فَضَجَّ أَصْحَابُ المُقْتَدِرِ، وَارْتَفَعَ التَّكْبِيرُ، وَقَصَدُوا ابْنَ المُعْتَزِّ، فَهَرَبَ مِنْ دَارِ ابْنِ وَهْبٍ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ يُرِيدُوْنَ سَامَرَّاءَ.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي طَاهِرٍ: ضَرَبَ ابْنُ حَمْدَانَ العَبَّاسَ، فَطَيَّرَ قَحْفَ رَأْسِهِ، ثُمَّ ثَنَّاهُ، فَسَقَطَ، ثُمَّ قَطَّعُوهُ.
وَقِيْلَ: شَدَّ مَمْلُوكُهُ عَلَى ابْنِ حَمْدَانَ، فَأَشَارَ ابْنُ حَمْدَانَ إِلَى خَاتَمٍ فِي يَدِهِ، وَقَالَ: هَذَا خَاتَمُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، أَمَرَنِي بِقَتْلِ العَبَّاسِ.
فَكَفَّ المَمْلُوْكُ عَنْهُ.
وكَانَتْ وِزَارَةُ العَبَّاسِ أَرْبَعِ سِنِيْنَ وَنِصْفاً، وَعَاشَ نَيِّفاً وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً.
قُلْتُ: ثُمَّ اسْتَقَامَ أَمَرُ المُقْتَدِرِ، وَأَمْسَكَ جَمَاعَةً، وَأُهلِكُوا، وَعَفَا عَنِ الحُسَيْنِ بنِ حَمْدَانَ، وَاسْتَوْزَرَ ابْنَ الفُرَاتِ، وَقُتِلَ ابْنُ المُعْتَزِّ.
26 - الغَزِّيُّ الحَسَنُ بنُ الفَرَجِ *
الغَزِّيُّ، المُحَدِّثُ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 4 / 290 / أ، تهذيب ابن عساكر: 4 / 238.(14/55)
سَمِعَ: عَمْرَو بنَ خَالِدٍ الحَرَّانِيَّ، وَيَحْيَى بنَ بُكَيْرٍ - كَتَبَ عَنْهُ (المُوَطَّأَ) - وَيُوْسُفَ بنَ عَدِيٍّ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ الوَصِيْفِ، وَالحَسَنُ بنُ مَرْوَانَ القَيْسَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّقَّاشُ الحَافِظُ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَةَ، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ المَقْدِسِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَعَاشَ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَأَلْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ عَنِ الحَسَنِ بنِ الفَرَجِ، فَقَالَ:
مَا رَأَيْنَا إِلاَّ الخَيْرَ، قَرَأْنَا عَلَيْهِ (المُوَطَّأَ) مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ.
قُلْتُ: ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرٍ، وَلَمْ يُطَوِّلْ.
27 - مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الهَاشِمِيُّ *
الإِمَامُ، أَبُو الحَسَنِ الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمُ، الدِّمَشْقِيُّ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، وَسُلَيْمَانَ ابْنَ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَصَفْوَانَ بنَ صَالِحٍ، وَمُوْسَى بنَ أَيُّوْبَ النَّصِيْبِيَّ، وَأَبَا نُعَيْمٍ الحَلَبِيَّ، وَعِدَّةً.
وَعَنْهُ: سِبْطُهُ؛ عَدِيُّ بنُ يَعْقُوْبَ، وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ العَدَبَّسِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَةَ، وَمُظَفَّرُ بنُ حَاجِبٍ الفَرْغَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ، وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَعِنْدِي جُزْءٌ لَطِيفٌ لَهُ.
مَاتَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 16 / 63 / أ، العبر: 2 / 113، الوافي بالوفيات: 5 / 220، النجوم الزاهرة: 3 / 179 و204، شذرات الذهب: 2 / 232.(14/56)
28 - الحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التُّسْتَرِيُّ الدَّقِيْقُ *
سَمِعَ: هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَسَعِيْدَ بنَ مَنْصُوْرٍ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيَّ، وَشَيْبَانَ بنَ فَرُّوْخٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ ذَكْوَانَ، وَدُحَيْماً، وَعَلِيَّ بنَ بَحْرٍ القَطَّانَ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَلِيٌّ، وَسَهْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيُّ الصَّغِيْرُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ، وَسُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنَ الحُفَّاظِ الرَّحَّالَةِ.
أَرَّخَ أَبُو الشَّيْخِ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَكْثَرَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ.
29 - عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ بنِ كُرَبِ بنِ غُصَصٍ المَكِّيُّ **
الإِمَامُ، الرَّبَّانِيُّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ المَكِّيُّ، الزَّاهِدُ.
لَقِيَ النِّبَاجِيَّ - فِيْمَا قِيْلَ - وَصَحِبَ أَبَا سَعِيْدٍ الخَرَّازَ (1) ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي
__________
(*) طبقات الحنابلة: 1 / 142، تاريخ ابن عساكر: 4 / 331 / أ، تهذيب ابن عساكر: 4 / 288.
(* *) طبقات الصوفية: 200 - 205، حلية الأولياء: 10 / 291 - 296، ذكر أخبار أصبهان: 2 / 33، تاريخ بغداد: 12 / 223 - 225، الرسالة القشيرية: 21، المنتظم: 6 / 93، صفة الصفوة: 2 / 440 - 442، العبر: 2 / 107 - 108، دول الإسلام: 1 / 181، مرآة الجنان: 2 / 227 - 228، العقد الثمين: 6 / 410 - 411، طبقات الأولياء: 343 - 344، النجوم الزاهرة: 3 / 170، 184، شذرات الذهب: 2 / 225 - 226.
(1) في الأصل " الخزار " وهو تصحيف. وأبو سعيد الخراز: هو أحمد بن عيسى، =(14/57)
الطَّرِيْقِ.
وَسَمِعَ مِنْ: يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعِ المُرَادِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ سَيْفٍ الحَرَّانِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَجَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ.
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ بَعْدَ الثَّلاَثِ مائَةٍ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: العِلْمُ قَائِدٌ، وَالخَوفُ سَائِقٌ، وَالنَّفْسُ بَيْنَهُمَا حَرُوْنٌ خَدَّاعَةٌ.
وَقِيْلَ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الفِقْهِ، وَلَمَّا وَلِيَ قَضَاءَ جَدَّةَ، هَجَرَهُ الجُنَيْدُ.
وَكَانَ يُنْكِرُ عَلَى الحَلاَّجِ (1) ، وَيَذُمُّهُ.
30 - الشِّيْعِيُّ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ *
الدَّاعِي الخَبِيْثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ زَكَرِيَّا الصَّنْعَانِيُّ، مِنْ دُهَاةِ الرِّجَالِ الخَبِيرِينَ بِالجَدَلِ، وَالحِيَلِ، وَإِغوَاءِ بَنِي آدَمَ.
قَامَ بِالدَّعْوَةِ العُبَيْدِيَّةِ (2) ، وَحَجَّ، وَصَحِبَ قَوْماً مِنْ كُتَامَةَ (3) ، وَرَبَطَهُم
__________
= وهو من أهل بغداد، مات سنة سبع وسبعين ومئتين. انظر: " تاريخ بغداد " 4 / 278 276، و" طبقات الصوفية " للسلمي: 228، و" المنتظم " 5 / 105.
(1) ستأتي ترجمته في الصفحة (313) من هذا الجزء وسترد ترجمته في الجزء الخامس عشر وانظر " العبر " 2 / 193.
(*) الكامل في التاريخ: 8 / 22 21 و37 31، وغيرها، وفيات الأعيان: 2 / 193 192، البيان المغرب: 1 / 162 160، العبر: 2 / 110، الوافي بالوفيات: 12 / 329 328، البداية والنهاية: 11 / 116 و180، ابن خلدون: 3 / 362 و4 / 31، شذرات الذهب: 2 / 227.
(2) نسبة إلى المهدي عبيد الله، المتوفى سنة 322.
(3) قبيلة من البربر ببلاة المغرب.(14/58)
وَتَأَلَّهَ، وَتَزَهَّدَ، وَشَوَّقَ إِلَى إِمَامِ الوَقْتِ، فَاسْتجَابَ لَهُ خَلقٌ مِنَ البَرْبَرِ، وَعَسْكَرَ، وَحَارَبَ أَمِيْرَ المَغْرِبِ ابْنَ الأَغْلَبِ، وَهَزَمَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَإِلَى أَنْ جَاءَ عُبَيْدُ اللهِ المَهْدِيُّ، فَتَسَلَّمَ المُلْكَ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِهَذَا الدَّاعِي وَلاَ لأَخِيهِ أَبِي العَبَّاسِ كَبِيْرَ وِلاَيَةٍ، فَغَضِبَا، وَأَفسَدَا عَلَيْهِ القُلُوبَ، وَحَارَبَاهُ، وَجَرَتْ أُمُورٌ، إِلَى أَنْ ظَفَرَ بِهِمَا المَهْدَيُّ، فَقَتَلَهُمَا فِي سَاعَةٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
31 - الرِّيْوَنْديُّ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ إِسْحَاقَ *
المُلْحِدُ، عَدُوُّ الدِّينِ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ إِسْحَاقَ الرِّيْوَنْدِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ فِي الحَطِّ عَلَى المِلَّةِ، وَكَانَ يُلاَزِمُ الرَّافِضَةَ وَالمَلاَحِدَةَ، فَإِذَا عُوتِبَ، قَالَ: إِنَّمَا أُرِيْدُ أَنْ أَعْرِفَ أَقوَالَهُم.
ثُمَّ إِنَّهُ كَاشَفَ، وَنَاظَرَ، وَأَبْرَزَ الشُّبَهَ وَالشُّكُوكَ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (1) :كُنْتُ أَسْمَعُ عَنْهُ بِالعَظَائِمِ، حَتَّى رَأَيْتُ لَهُ مَا لَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبٍ، وَرَأَيْتُ لَهُ كِتَابَ (نَعْتِ الحِكْمَةِ) ، وَكِتَابَ (قَضِيْبِ الذَّهَبِ) ، وَكِتَابَ (الزُّمُرُّدَةِ (2)) ، وَكِتَابَ (الدَّامِغِ) ؛الَّذِي نَقَضَهُ عَلَيْهِ الجُبَائِيُّ.
وَنقَضَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّاطُ عَلَيْهِ كِتَابَهُ (الزُّمُرُّدَةَ) .
__________
(*) مقالات الإسلاميين: 2 / 240، تكملة الفهرست: ص 5 4، المنتظم: 6 / 99 - 105، وفيات الأعيان: 1 / 95 94، العبر: 2 / 116، دول الإسلام: 1 / 182، الوافي بالوفيات: 8 / 232 - 238، مرآة الجنان: 2 / 144 - 145 و237 - 238، البداية والنهاية: 11 / 112 - 113، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 92، لسان الميزان: 1 / 323 - 324، النجوم الزاهرة: 3 / 175 - 177، شذرات الذهب: 2 / 235 - 236.
(1) في " المنتظم " 6 / 100 99.
(2) كذا الأصل وقد ورد أكثر من مرة أما في " المنتظم " و" هدية العارفين " فاسمه " الزمرد "(14/59)
قَالَ ابْنُ عَقِيْلٍ: عَجَبِي كَيْفَ لَمْ يُقْتَلْ! وَقَدْ صَنَّفَ (الدَّامِغَ) يَدْمَغُ بِهِ القُرْآنَ، وَ (الزُّمُرُّدَةَ) يُزرِي فِيْهِ عَلَى النُّبُوَّاتِ.
قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: فِيْهِ هَذَيَانٌ بَارِدٌ (1) لاَ يَتَعَلَّقُ بِشُبْهَةٍ! يَقُوْلُ فِيْهِ: إِنَّ كَلاَمَ أَكْثَمَ بنِ صَيْفيٍّ (2) فِيْهِ مَا هُوَ أَحْسَنُ مَنْ سُوْرَةِ الكَوْثَرِ! وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ وَقَعُوا بِطَلاَسِمَ.
وَأَلَّفَ لِليَهُوْدِ وَالنَّصَارَى يَحْتَجُّ لَهُم فِي إِبْطَالِ نُبُوَّةِ سَيِّدِ البَشَرِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الجُبَّائِيُّ: طَلَبَ السُّلْطَانُ أَبَا عِيْسَى الوَرَّاقَ وَابْنَ الرِّيْوَنْدِيِّ، فَأَمَّا الوَرَّاقُ فَسُجِنَ حَتَّى مَاتَ، وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ، مِنْ رُؤُوْسِ المُتَكَلِّمِيْنَ، وَلَهُ تَصَانِيْفُ فِي الرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى وَغَيْرِهِم.
وَاخْتَفَى ابْنُ الرِّيوَنْدِيِّ عِنْدَ ابْنِ لاَوِي اليَهُودِيِّ، فَوَضَعَ لَهُ كِتَابَ (الدَّامِغِ) ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَرِضَ، وَمَاتَ إِلَى اللَّعْنَةِ، وَعَاشَ نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ سَرَدَ ابْنُ الجَوْزِيِّ مِنْ بَلاَيَاهُ نَحْواً مِنْ ثَلاَثَةِ أَوْرَاقٍ.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَبُو الحُسَيْنِ ابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ المُتَكَلِّمُ مِنْ أَهْلِ مَرْوَ الرُّوْذِ، سَكَنَ بَغْدَادَ، وَكَانَ مُعْتَزِلِيّاً، ثُمَّ تَزَنْدَقَ.
وَقِيْلَ: كَانَ أَبُوْهُ يَهُوْدِيّاً،
__________
(1) الضمير في " فيه " عائد إلى كتاب " الزمردة ". وعبارة ابن الجوزي في " المنتظم ": " وقد نظرت في كتاب " الزمرد " فرأيت فيه الهذيان البارد ".
(2) هو أكثم بن صيفي بن رياح بن الحارث..التميمي: حكيم العرب في الجاهلية، وأحد المعمرين أدرك الإسلام، فقصد المدينة في مئة من قومه يريدون الإسلام، فمات في الطريق، ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم.
ويقال: نزلت فيه هذه الآية: (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أحره على الله) [النساء: الآية 100] ويقال: عاش مئة وتسعين سنة، وأشد له المرزباني: وإن امرءا قد عاش تسعين حجة * إلى مئة لم يسأم العيش جاهل أتت مئتان غير عشر وفائها * وذلك من مر الليالي قلائل ولاكثم أخبار كثيرة انظرها في: " المعمرون والوصايا " ص 25 14، و" الإصابة " 1 / 115 113.
ولعبد العزيز بن يحيى الجلودي شيخ الامامية في البصرة في عصره، وفاته
سنة 332 هـ كتاب: " أخبار أكثم ".(14/60)
فَأَسْلَمَ هُوَ، فَكَانَ بَعْضُ اليَهُوْدِ يَقُوْلُ لِلْمُسْلِمِينَ: لاَ يُفْسِدُ هَذَا عَلِيْكُم كِتَابَكُم كَمَا أَفْسَدَ أَبُوْهُ عَلَيْنَا التَّوْرَاةَ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ القَاصِّ الفَقِيْهُ: كَانَ ابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ لاَ يَسْتَقِرُّ عَلَى مَذْهَبٍ وَلاَ نِحْلَةٍ، حَتَّى صَنَّفَ لِلْيَهُوْدِ كِتَابَ (النُّصْرَةِ عَلَى المُسْلِمِينَ) لِدَرَاهِمَ أُعْطِيَهَا مَنْ يَهُوْدٍ.
فَلَمَّا أَخَذَ المَالَ، رَامَ نَقْضَهَا، فَأَعْطَوهُ مائَتَيْ دِرْهَمٍ حَتَّى سَكَتَ.
قَالَ البَلْخِيُّ: لَمْ يَكُنْ فِي نُظَرَاءِ ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ مِثْلُهُ فِي المَعْقُولِ، وَكَانَ أَوَّلَ أَمْرِهِ حَسَنَ السِّيْرَةِ، كَثِيْرَ الحَيَاءِ، ثُمَّ انْسَلَخَ مِنْ ذَلِكَ لأَسبَابٍ، وَكَانَ عِلْمُهُ فَوْقَ عَقْلِهِ.
قَالَ: وَقَدْ حُكِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ تَابَ عِنْدَ مَوْتِهِ.
قَالَ فِي بَعْضِ المُعْجِزَاتِ: يَقُوْلُ المُنَجِّمُ كَهَذَا.
وَقَالَ: فِي القُرْآنِ لَحْنٌ.
وَأَلَّفَ فِي قِدَمِ العَالِمِ، وَنَفَى الصَّانِعَ.
وَقَالَ: يَقُوْلُوْنَ: لاَ يَأْتِي أَحَدٌ بِمثلِ القُرْآنِ، فَهَذَا إِقْلِيْدِسُ (1) لاَ يَأْتِي أَحَدٌ بِمِثْلِهِ، وَكَذَلِكَ بَطْلِيْمُوْسُ (2) .
وَقِيْلَ: إِنَّهُ اخْتَلَفَ إِلَى المُبَرِّدِ، فَبَعْدَ أَيَّامٍ قَالَ المُبَرِّدُ: لَوِ اخْتَلَفَ إِلَيَّ سَنَةً، لاَحْتَجْتُ أَنْ أَقُومَ وَأُجْلِسَهُ مَكَانِي.
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) ابن نوقطرس بن بزنيقس: مظهر الهندسة والمبرز فيها، وهو من الفلاسفة الرياضيين.
انظر " فهرست ابن النديم " 372 371، و" الملل والنحل " للشهرستاني: 2 / 115 114.
(2) فلكي، رياضي شهير، وهو الذي أخرج علم الهندسة من القوة إلى الفعل. انظر " فهرست ابن النديم " 375 374، و" الملل النحل " للشهرستاني: 2 / 116.(14/61)
وَقِيْلَ: مَا طَالَ عُمُرُهُ، بَلْ عَاشَ سِتّاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً.
لَعَنَ اللهُ الذَّكَاءَ بِلاَ إِيْمَانٍ، وَرَضِيَ اللهُ عَنِ البَلاَدَةِ مَعَ التَّقْوَى.
32 - ابْنُ طَاهِرٍ أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيُّ *
الأَمِيْرُ، أَبُو أَحْمَدَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ طَاهِرِ بنِ الحُسَيْنِ الخُزَاعِيُّ، مِنْ بَيْتِ إِمَارَةٍ وَتَقَدُّمٍ.
وَلِيَ شُرْطَةَ بَغْدَادَ نِيَابَةً عَنْ أَخِيْهِ الأَمِيْرِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ، ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِهَا بَعْدَ مَوتِ أَخِيْهِ.
وَكَانَ رَئِيْساً جَلِيْلاً، وَشَاعِراً مُحْسِناً، وَمُتَرَسِّلاً بَلِيْغاً.
وَلهُ تَصَانِيْفُ، مِنْهَا: كِتَابُ (الإِشَارَةِ) فِي أَخْبَارِ الشُّعَرَاءِ، وَ (رِئَاسَةُ السِّيَاسَةِ) ، وَكِتَابِ (البَرَاعَةِ فِي الفَصَاحَةِ (1)) ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
مَاتَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سَبْعٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
33 - أَبُو عُثْمَانَ الحِيْرِيُّ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ سَعِيْدٍ **
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الوَاعِظُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، الأُسْتَاذُ، أَبُو
__________
(*) الاغاني: 9 / 47 39، فهرست ابن النديم: 170، تاريخ بغداد: 10 / 344 340، المنتظم: 6 / 119 117، الكامل في التاريخ: 7 / 181 و8 / 75، وفيات الأعيان: 3 / 123 120، البداية والنهاية: 11 / 119، النجوم الزاهرة: 3 / 181 180.
(1) كذا ورد اسمه في الأصل، أما في " الفهرست " و" الوفيات " فاسمه: " البراعة والفصاحة ".
(* *) طبقات الصوفية: 175 170، حلية الأولياء: 10 / 246 244، تاريخ بغداد: 9 / 102 99، الرسالة القشيرية: 20 19، الأنساب: 182 / ب، المنتظم: 6 / 108 106، صفة الصفوة: 4 / 107 103، وفيات الأعيان: 2 / 370 369، العبر: 2 / 111، دول اسلام: 1 / 181، الوافي بالوفيات: 15 / 200، مرآة الجنان: 2 / 236، =(14/62)
عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحِيْرِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
مَوْلِدُهُ: سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، بِالرَّيِّ.
فَسَمِعَ بِهَا مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ مُقَاتِلٍ الرَّازِيِّ، وَمُوْسَى بنِ نَصْرٍ.
وَبَالعِرَاقِ مِنْ: حُمَيْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الأَحْمَسِيِّ، وَعِدَّةٍ، وَلَمْ يَزَلْ يَطْلُبُ الحَدِيْثَ وَيَكْتبُهُ إِلَى آخِرِ شَيْءٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الرَّئِيْسُ أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ، وَابْنَاهُ؛ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الحَسَنِ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ مَطَرٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدٍ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَدِمَ نَيْسَابُوْرَ لِصُحْبَةِ الأُسْتَاذِ أَبِي حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَشَايِخُنَا أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَكَانَ مَجْمَعَ العُبَّادِ وَالزُّهَّادِ.
وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ وَيُجِلُّ العُلَمَاءَ وَيُعَظِّمُهُم.
سَمِعَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ بنِ حَمْدَانِ (صَحِيْحَهِ) المُخَرَّجَ عَلَى مُسْلِمٍ بِلَفْظِهِ، وَكَانَ إِذَا بَلَغَ سُنَّةً لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا، وَقَفَ عِنْدَهَا حَتَّى يَسْتَعْمِلَهَا.
قُلْتُ: هُوَ لِلْخُرَاسَانِيِّيْنَ نَظِيْرُ الجُنَيْدِ لِلْعِرَاقِيِّينَ.
وَمِنْ كَلاَمِهِ: سُرُورُكَ بِالدُّنْيَا أَذْهَبَ سُرُورَكَ بِاللهِ عَنْ قَلْبِكَ (1) .
قَالَ ابْنُ نُجَيدٍ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لاَ تَثِقَنَّ بِمَوَدَةِ مَنْ لاَ يُحِبَّكَ إِلاَّ مَعْصُوْماً.
قَالَ أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:
مَنْ أَمَّرَ السُّنَّةَ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلاً
__________
= البداية والنهاية: 11 / 115، طبقات الأولياء: 241 239، النجوم الزاهرة: 3 / 177، شذرات الذهب: 2 / 230.
(1) " الحلية " 10 / 245 وما بين حاصرتين منه.(14/63)
وَفِعْلاً، نَطَقَ بِالحِكْمَةِ، وَمَنْ أَمَّرَ الهَوَى عَلَى نَفْسِهِ، نَطَقَ بِالبِدْعَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ تُطِيْعُوْهُ تَهْتَدُوا} [النُّوْرُ:54] .
قُلْتُ: وَقَالَ تَعَالَى: {وَلاَ تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيْلِ اللهِ} [ص:26] .
وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ الحِيْرِيِّ، قَالَ: لاَ يَكْمُلُ الرَّجُلُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَلْبُهُ فِي المَنْعِ وَالعَطَاءِ، وَفِي العِزِّ وَالذُّلِّ.
وَعَنْ أَبِي عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ لأَبِي جَعْفَرٍ بنِ حَمْدَانَ: أَلَسْتُمْ تَرْوُونَ أَنَّ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّالِحِيْنَ تَنْزِلُ الرَّحْمَةُ؟
قَالَ: بَلَى.
قَالَ: فَرَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيِّدُ الصَّالِحِيْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنِي سَعِيْدُ بنُ عُثْمَانَ السَّمَرْقَنْدِيُّ العَابِدُ، سَمِعَ أَبَا عُثْمَانَ يَقُوْلُ - يَعْنِي: عَنِ اللهِ -:
مَنْ طَلَبَ جِوَارِي وَلَمْ يُوَطِّنْ نَفْسَهُ عَلَى ثَلاَثٍ، أَوَّلُهَا: إِلقَاءُ العِزِّ وَحَمْلُ الذُّلِّ، الثَّانِي: سُكُوْنُ قَلْبِهُ عَلَى جُوْعٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، الثَّالِثُ: لاَ يَغْتَمُّ وَلاَ يَهْتَمُّ إِلاَّ لِدِينِهِ أَوْ طَلَبِ إِصْلاَحِ دِيْنِهِ (1) .
الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ يَقُوْلُ:
لَمَّا قُتِلَ يَحْيَى بنُ الذُّهْلِيِّ، مُنِعَ النَّاسُ مِنْ حُضُوْرِ مَجَالِسِ الحَدِيْثِ مِنْ جِهَةِ أَحْمَدَ الخُجُسْتَانِيِّ (2) ، فَلَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ يَحْمِلُ مِحْبَرَةٍ، إِلَى أَنْ وَردَ السَّرِيُّ بنُ
__________
(1) لم يرد جواب الشري في هذا الخبر وربما يكون في الكلام نقص، ولم نوفق في العثور على هذا النص في المصادر التي ترجمت للحيري لنستكمله.
(2) بضم الخاء والجيم: نسبة إلى خجستان من جبال هراة. وأحمد بن عبد الله الخجستاني ترجمه المؤلف في " العبر " 2 / 38 فقال: " كان من أمراء يعقوب الصفار، جبارا عنيدا، خرج على يعقوب، وأخذ نيسابور، وله حروب ومواقف مشهودة، ذبحه غلمانه وقد سكر. وذلك في شوال سنة ثمان وستين ومئتين ". وانظر أيضا " اللباب " لابن الأثير: 1 / 424، و" وفيات الأعيان " 6 / 424 423.(14/64)
خُزَيْمَةَ، فَقَامَ الزَّاهِدُ أَبُو عُثْمَانَ الحِيْرِيُّ، وَجَمَعَ المُحَدِّثِيْنَ فِي مَسْجِدِهِ، وَعَلَّقَ بِيَدِهِ مِحْبَرَةً، وَتَقَدَّمَهُم، إِلَى أَنْ جَاءَ إِلَى خَانِ مَحْمَشٍ، فَأَخْرَجَ السَّرِيَّ، وَأَجْلَسَ المُسْتَمْلِي، فَحَزَرْنَا مَجْلِسَهُ زِيَادَةً عَلَى أَلفِ مِحْبَرَةٍ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَامُوا، وَقَبَّلُوا رَأْسَ أَبِي عُثْمَانَ، وَنَثَرَ النَّاسُ عَلَيْهِمُ الدَّرَاهِمَ وَالسُّكَّرَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: ذَكَرَ الحَاكِمُ أَخْبَارَ أَبِي عُثْمَانَ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَرَقَةً، وَفِي غُضُوْنِ ذَلِكَ مِنْ كَلاَمِهِ فِي التَّوَكُّلِ وَاليَقِيْنِ وَالرِّضَى، قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:
لَمَّا قَتَلَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الخُجُسْتَانِيُّ - الَّذِي اسْتَولَى عَلَى البِلاَدِ - الإِمَامَ حَيْكَانَ (1) بنَ الذُّهْلِيِّ، أَخَذَ فِي الظُّلْمِ وَالعَسَفِ، وَأَمَرَ بِحَرْبَةٍ رُكِزَتْ عَلَى رَأْسِ المُرَبَّعَةِ (2) ، وَجَمَعَ الأَعيَانَ، وَحَلَفَ: إِنْ لَمْ يَصُبُّوا الدَّرَاهِمَ حَتَّى يَغِيْبَ رَأْسُ الحَرْبَةِ، فَقَدْ أَحَلُّوا دِمَاءهُم.
فَكَانُوا يَقْتَسِمُوْنَ الغَرَامَةِ بَيْنَهُم، فَخُصَّ تَاجِرٌ بِثَلاَثِيْنَ أَلفَ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ إِلاَّ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ، فَحَمَلَهَا إِلَى أَبِي عُثْمَانَ، وَقَالَ: أَيُّهَا الشَّيْخُ! قَدْ حَلَفَ هَذَا كَمَا بَلَغَكَ، وَوَاللهِ لاَ أَهْتَدِي إِلاَّ إِلَى هَذِهِ.
قَالَ: تَأَذَنُ لِي أَنْ أَفْعَلَ فِيْهَا مَا يَنْفَعُكَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَفَرَّقهَا أَبُو عُثْمَانَ، وَقَالَ لِلتَّاجِرِ: امْكُثْ عِنْدِي.
وَمَا زَالَ أَبُو عُثْمَانَ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ السِّكَّةِ وَالمَسْجَدِ لَيْلَتَهُ حَتَّى أَصْبَحَ، وَأَذَّنَ المُؤَذِّنُ، ثُمَّ قَالَ لِخَادِمِهِ: اذْهَبْ إِلَى السُّوقِ، وَانْظُرْ مَاذَا تَسْمَعُ.
فَذَهَبَ، وَرَجَعَ، فَقَالَ: لَمْ أَرَ شَيْئاً.
قَالَ: اذْهَبْ مَرَّةً أُخْرَى، وَهُوَ فِي مُنَاجَاتِهِ يَقُوْلُ: وَحَقِّكَ لاَ أَقَمْتُ مَا لَمْ تُفَرِّجْ عَنِ المَكرُوْبِيْنَ.
قَالَ: فَأَتَى خَادِمُهُ الفَرْغَانِيُّ يَقُوْلُ: وَكَفَى اللهُ
__________
(1) انظر التعليق رقم (1) من الصفحة 36.
(2) في " اللسان ": " والمربعة: خشيبة قصيرة يرفع بها العدل..وقال الازهري: هي عصا تحمل بها الاثقال حتى توضع على ظهر الدواب ".(14/65)
المُؤْمِنِيْنَ القِتَالَ، شُقَّ بَطْنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ اللهِ.
فَأَخَذَ أَبُو عُثْمَانَ فِي الإِقَامَةِ.
قُلْتُ: بِمِثْلِ هَذَا يَعْظُمُ مَشَايِخُ الوَقْتِ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ: تُوُفِّيَ أَبِي لِعَشْرٍ بَقِيْنَ مِنْ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الأَمِيْرُ أَبُو صَالِحٍ.
وَفِيْهَا فِي شَوَّالِهَا: مَاتَ الأُسْتَاذُ العَارِفُ:
34 - أَبُو القَاسِمِ الجُنَيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الجُنَيْدِ النَّهَاوَنْدِيُّ * (1)
ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، القَوَارِيْرِيُّ، وَالِدُه الخَزَّازُ.
هُوَ شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَتَفَقَّهَ عَلَى أَبِي ثَوْرٍ.
وَسَمِعَ مِنَ: السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ (2) ، وَصَحِبَهُ، وَمِنَ الحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ.
وَصَحِبَ أَيْضاً: الحَارِثَ المُحَاسِبِيَّ (3) ، وَأَبَا حَمْزَةَ البَغْدَادِيَّ.
وَأَتْقَنَ العِلْمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى شَأْنِهِ، وَتَأَلَّهَ، وَتَعَبَّدَ، وَنَطَقَ بِالحِكْمَةِ، وَقَلَّ مَا رَوَى.
__________
(*) طبقات الصوفية: 163 155، حلية الاولياة: 10 / 287 255، تاريخ بغداد: 7 / 249 241، الرسالة القشيرية: 19 18، طبقات الحنابلة: 1 / 129 127، الأنساب: 463 / ب، المنتظم: 6 / 106 105، صفة الصفوة: 2 / 424 416، وفيات الأعيان: 1 / 375 373، العبر: 2 / 111 110، دول الإسلام: 1 / 181، مرآة الجنان: 2 / 236 231، طبقات الشافعية للسبكي: 2 / 275 260، البداية والنهاية: 11 / 115 113، طبقات الأولياء: 136 126، النجوم الزاهرة: 3 / 170 168، شذرات الذهب: 2 / 230 228، روضات الجنات: 165 164.
(1) نسبة إلى " نهاوند ": مثلثة النون الأولى: مع فتح الهاء والواو بينهما ألف، وإسكان النون الثانية. قال ياقوت في " معجمه " 5 / 313: " مدينة عظيمة في قبلة همذان، بينهما ثلاثة أيام.
(2) هو أبو الحسن، سري بن المغلس السقطي إمام البغداديين وشيخهم في وقته، المتوفى سنة 251 هـ وقد تقدمت ترجمته.
(3) هو أبو عبد الله، الحارث بن أسد المحاسبي، البصري الأصل، الزاهد المشهور صاحب التصانيف المتوفى سنة 243 هـ وقد تقدمت ترجمته في الجزء 12 برقم (35) .(14/66)
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَرِيْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشِّبْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُبَيْشٍ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عِلْوَانَ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ ابْنُ المُنَادِي: سَمِعَ الكَثِيْرَ، وَشَاهَدَ الصَّالِحِيْنَ وَأَهْلَ المَعْرِفَةِ، وَرُزِقَ الذَّكَاءَ وَصَوَابَ الجَوَابِ.
لَمْ يُرَ فِي زَمَانِهِ مِثْلُهُ فِي عِفَّةٍ وَعُزُوفٍ عَنِ الدُّنْيَا.
قِيلَ لِي: إِنَّهُ قَالَ مَرَّةً: كُنْتُ أُفْتِي فِي حَلْقَةِ أَبِي ثَوْرٍ الكَلْبِيِّ وَلِي عِشْرُوْنَ سَنَةً.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ عَطَاءٍ: كَانَ الجُنَيْدُ يُفْتِي فِي حَلْقَةِ أَبِي ثَوْرٍ.
عَنِ الجُنَيْدِ، قَالَ: مَا أَخْرَجَ اللهُ إِلَى الأَرْضِ عِلْماً وَجَعَلَ لِلْخَلْقِ إِلَيْهِ سَبِيْلاً، إِلاَّ وَقَدْ جَعَلَ لِي فِيْهِ حَظّاً.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ فِي سُوقِهِ وَوِرْدِهِ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاَثُ مائَةِ رَكْعَةٍ، وَكَذَا كَذَا أَلفَ تَسْبِيحَةٍ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ هَارُوْنَ، وَآخَرُ، قَالاَ:
سَمِعْنَا الجُنَيْدَ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُوْلُ: عِلْمُنَا مَضْبُوطٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مَنْ لَمْ يَحْفَظِ الكِتَابَ وَيَكْتُبِ الحَدِيْثَ وَلَمْ يَتَفَقَّهْ، لاَ يُقْتَدَى بِهِ.
قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عُلْوَانِ: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ يَقُوْلُ: عِلْمُنَا - يَعْنِي: التَّصَوُّفَ - مُشَبَّكٌ بِحَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ.
وَعَنْ أَبِي العَبَّاسِ بنِ سُرَيْجٍ: أَنَّهُ تَكَلَّمَ يَوْماً، فَعَجِبُوا! فَقَالَ: بِبَرَكَةِ مُجَالَسَتِي لأَبِي القَاسِمِ الجُنَيْدِ.
وَعَنْ أَبِي القَاسِمِ الكَعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ مرَّةً: رَأَيْتُ لَكُمْ شَيْخاً بِبَغْدَادَ، يُقَالُ لَهُ: الجُنَيْدُ، مَا رَأَتْ عَيْنَايَ مِثْلَهُ! كَانَ الكَتَبَةُ - يَعْنِي: البُلَغَاءَ - يَحْضُرُونَهُ(14/67)
لأَلفَاظِهِ، وَالفَلاسِفَةُ يَحْضُرُونَهُ لِدِقَّةِ مَعَانِيْهِ، وَالمُتَكَلِّمُوْنَ يَحْضُرُونَهُ لِزِمَامِ عِلْمِهِ، وَكَلاَمُهُ بَائِنٌ عَنْ فَهْمِهِم وَعِلْمِهِم.
قَالَ الخُلْدِيُّ: لَمْ نَرَ فِي شُيُوخِنَا مَنِ اجْتَمَعَ لَهُ عِلْمٌ وَحَالٌ غَيْرَ الجُنَيْدِ.
كَانَتْ لَهُ حَالٌ خَطِيرَةٌ، وَعِلْمٌ غَزِيْرٌ، إِذَا رَأَيْتَ حَالَهُ، رَجَّحْتَهُ عَلَى عِلْمِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ، رَجَّحْتَ عِلْمَهِ عَلَى حَالِهِ.
أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ المُرْتَعِشَ يَقُوْلُ:
قَالَ الجُنَيْدُ: كُنْتُ بَيْنَ يَدَيِ السِّرِيِّ أَلْعَبُ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِيْنَ، فَتَكَلَّمُوا فِي الشُّكْرِ؟
فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! مَا الشُّكْرُ؟
قُلْتُ: أَنْ لاَ يُعْصَى اللهُ بِنِعَمِهِ.
فَقَالَ: أَخْشَى أَنْ يَكُوْنَ حَظَّكَ مِنَ اللهِ لِسَانُكَ.
قَالَ الجُنَيْدُ: فَلاَ أَزَالُ أَبْكِي عَلَى قَوْلِهِ.
السُّلَمِيُّ: حَدَّثَنَا جَدِّي؛ ابْنُ نُجَيْدٍ (1) ، قَالَ:
كَانَ الجُنَيْدُ يَفْتَحُ حَانُوتَهُ وَيَدْخُلُ، فَيُسْبِلُ السِّتْرَ، وَيُصَلِّي أَرْبَعَ مائَةِ رَكْعَةٍ.
وَعَنْهُ، قَالَ: أَعْلَى الكِبْرِ أَنْ تَرَى نَفْسَكَ، وَأَدنَاهُ أَنْ تَخْطُرَ بِبَالِكَ - يَعْنِي: نَفْسَكَ -.
أَبُو جَعْفَرٍ الفَرْغَانِيُّ: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ يَقُوْلُ:
أَقَلُّ مَا فِي الكَلاَمِ سُقُوْطُ هَيْبَةِ الرَّبِّ - جَلَّ جَلاَلُهُ - مِنَ القَلْبِ، وَالقَلْبُ إِذَا عَرِيَ مِنَ الهَيْبَةِ، عَرِيَ مِنَ الإِيْمَانِ.
قِيْلَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ الجُنَيْدِ: إِنْ كُنْتَ تَأْمَلُهُ، فَلاَ تَأْمَنْهُ.
وَعَنْهُ: مَنْ خَالَفَتْ إِشَارتُهُ مُعَامَلَتَهُ، فَهُوَ مُدَّعٍ كَذَّابٌ.
__________
(1) هو أبو عمرو، إسماعيل بن نجيد السلمي، جد أبي عبد الرحمن صاحب " الطبقات " وهو مترجم فيها ص 457 454.
وانظر أيضا " عبر المؤلف " 2 / 336.(14/68)
وَعَنْهُ: سَأَلْتُ اللهَ أَنْ لاَ يُعَذِّبَنِي بِكَلاَمِي؟ وَرُبَّمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي: أَنَّ زَعِيْمَ القَوْمِ أَرْذَلُهُم.
وَعَنْهُ: أُعْطِيَ أَهْلُ بَغْدَادَ الشَّطْحَ وَالعِبَارَةَ، وَأَهْلُ خُرَاسَانَ القَلْبَ وَالسَّخَاءَ، وَأَهْلُ البَصْرَةِ الزُّهْدَ وَالقَنَاعَةَ، وَأَهْلُ الشَّامِ الحِلْمَ وَالسَّلاَمَةَ، وَأَهْلُ الحِجَازِ الصَّبْرَ وَالإِنَابَةَ.
وَقِيْلَ لِبَعْضِ المُتَكَلِّمِينَ - وَيُقَالُ: هُوَ ابْنُ كُلاَّبٍ (1) ، وَلَمْ يَصِحَّ -:قَدْ ذَكَرْتَ الطَّوَائِفَ، وَعَارَضْتَهُم، وَلَمْ تَذْكُرِ الصُّوْفِيَّةَ.
فَقَالَ: لَمْ أَعْرِفْ لَهُم عِلْماً وَلاَ قَوْلاً، وَلاَ مَا رَامُوهُ.
قِيْلَ: بَلْ هُمُ السَّادَةُ.
وَذَكَرُوا لَهُ الجُنَيْدَ، ثُمَّ أَتَوُا الجُنَيْدَ، فَسَأَلُوهُ عَنِ التَّصَوُّفِ، فَقَالَ: هُوَ إِفرَادُ القَدِيْمِ عَنِ الحَدَثِ، وَالخُرُوجُ عَنِ الوَطَنِ، وَقَطْعُ المَحَابِّ، وَتَرْكُ مَا عَلِمَ أَوْ جَهِلَ، وَأَنْ يَكُوْنَ المَرْءُ زَاهِداً فِيْمَا عِنْدَ اللهِ، رَاغِباً فِيْمَا للهِ عِنْدَهُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، حَظَاهُ إِلَى كَشْفِ العُلُوْمِ، وَالعِبَارَةِ عَنِ الوُجُوهِ، وَعَلِمِ السَّرَائِرِ، وَفِقْهِ الأَرْوَاحِ.
فَقَالَ المُتَكَلِّمُ: هَذَا - وَاللهِ - عِلْمٌ حَسَنٌ، فَلَو أَعَدْتَهُ حَتَّى نَكْتُبَهُ.
قَالَ: كَلاَّ، مُرَّ إِلَى المَكَانِ الَّذِي مِنْهُ بَدَأَ النِّسْيَانُ، وَذَكَرَ فَصْلاً طَوِيْلاً.
فَقَالَ المُتَكَلِّمُ: إِنْ كَانَ رَجُلٌ يَهْدِمُ مَا يَثْبُتُ بِالعَقْلِ بِكَلِمَةٍ مِنْ كَلاَمِهِ، فَهَذَا، فَإِنَّ كَلاَمَهُ لاَ يَحْتَمِلُ المُعَارَضَةَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الجَرِيْرِيُّ: سَمِعْتُ الجُنَيْدَ يَقُوْلُ:
مَا أَخَذْنَا التَّصَوُّفَ عَنِ القَالِ وَالقِيْلِ، بَلْ عَنِ الجُوْعِ، وَتَركِ الدُّنْيَا، وَقَطْعِ المَأْلُوفَاتِ.
قُلْتُ: هَذَا حَسَنٌ، وَمُرَادُهُ: قَطْعُ أَكْثَرِ المَأْلُوْفَاتِ، وَتَرْكُ فُضُوْلِ الدُّنْيَا، وَجُوْعٌ بِلاَ إِفرَاطٍ.
أَمَّا مَنْ بَالَغَ فِي الجُوعِ - كَمَا يَفْعَلُهُ الرُّهبَانُ - وَرَفَضَ
__________
(1) انظر الحاشية (1) من الصفحة (378) من هذا الجزء.(14/69)
سَائِرَ الدُّنْيَا وَمَأْلُوْفَاتِ النَّفْسِ مِنَ الغِذَاءِ وَالنَّومِ وَالأَهْلِ، فَقَدْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِبَلاَءٍ عَرِيْضٍ، وَرُبَّمَا خُولِطَ فِي عَقْلِهِ، وَفَاتَهُ بِذَلِكَ كَثِيْرٌ مِنَ الحَنِيْفِيَّةِ السَّمْحَةِ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً.
وَالسَّعَادَةُ فِي مُتَابَعَةِ السُّنَنِ، فَزِنِ الأُمُورَ بِالعَدْلِ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ، وألزم الوَرَعَ فِي القُوْتِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ، وَاصْمُتْ إِلاَّ مِنْ خَيْرٍ، فَرَحْمَةُ اللهِ عَلَى الجُنَيْدِ، وَأَيْنَ مِثْلُ الجُنَيْدِ فِي عِلْمِهِ وَحَالِهِ؟
قَالَ ابْنُ نُجَيْدٍ: ثَلاَثَةٌ لاَ رَابِعَ لَهُمْ: الجُنَيْدُ بِبَغْدَادَ، وَأَبُو عُثْمَانَ بِنَيْسَابُوْرَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الجَلاَّءِ بِالشَّامِ (1) .
وَقَدْ كَانَ الجُنَيْدُ يَأْنَسُ بِصَدِيْقِهِ: الأُسْتَاذِ
35 - أَبِي الحُسَيْنِ النُّوْرِيِّ الخُرَاسَانِيِّ *
وَهُوَ: أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخُرَاسَانِيُّ، البَغَوِيُّ، الزَّاهِدُ، شَيْخُ الطَّائِفَةِ بِالعِرَاقِ، وَأَحْذَقُهُم بِلَطَائِفِ الحَقَائِقِ، وَلَهُ عِبَارَاتٌ دَقِيْقَةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا مَنِ انْحَرَفَ مِنَ الصُّوْفِيَّةِ - نَسْأَلُ اللهَ العَفْوَ -.
صَحِبَ السَّرِيَّ السَّقَطِيَّ، وَغَيْرَهُ، وَكَانَ الجُنَيْدُ يُعَظِّمُهُ، لَكِنَّهُ فِي الآخِرِ رَقَّ لَهُ وَعذَرَهُ، لَمَّا فَسَدَ دِمَاغُهُ.
__________
(1) " طبقات الصوفية " ص 176.
(*) طبقات الصوفية: 169 164، حلية الأولياء: 10 / 255 249، تاريخ بغداد: 5 / 136 130، الرسالة القشيرية: 20 الأنساب: 570 / ب، صفة الصفوة: 2 / 440 439، المنتظم: 6 / 77، البداية والنهاية: 11 / 106، طبقات الأولياء: 70 62، النجوم الزاهرة: 3 / 163.(14/70)
وَقَدْ سَاحَ النُّوْرِيُّ إِلَى الشَّامِ، وَأَخَذَ عَنْ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَقَدْ جَرَتْ لَهُ مِحْنَةٌ، وَفَرَّ عَنْ بَغْدَادَ فِي قِيَامِ غُلاَمِ خَلِيْلٍ عَلَى الصُّوْفِيَّةِ، فَأَقَامَ بِالرَّقَّةِ مُدَّةً مُتَخَلِّياً مُنْعَزِلاً.
حَكَى ذَلِكَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، قَالَ: ثُمَّ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ وَقَدْ فَقَدَ جُلاَّسَهُ وَأُنَاسَهُ وَأَشْكَالَهُ، فَانْقَبَضَ لِضَعْفِ قُوَّتِهِ، وَضَعْفِ بَصَرِهِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ البَنَّاءَ البَغْدَادِيَّ بِمَكَّةَ يَحكِي مِحْنَةَ غُلاَمِ خَلِيْلٍ، قَالَ:
نَسَبُوا الصُّوْفِيَّةَ إِلَى الزَّنْدَقَةِ، فَأَمَرَ الخَلِيْفَةُ المُعْتَمِدُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ بِالقَبْضِ عَلَيْهِم، فَأَخَذَ فِي جُمْلَتِهِم النُّوْرِيَّ، فَأُدْخِلُوا عَلَى الخَلِيْفَةِ، فَأَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِم، فَبَادَرَ النُّوْرِيُّ إِلَى السَّيَّافِ، فَقِيْلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: آثَرْتُ حَيَاتَهُم عَلَى نَفْسِي سَاعَةً.
فَتَوَقَّفَ السَّيَّافُ عَنْ قَتْلِهِ، وَرَفَعَ أَمْرَهُ إِلَى الخَلِيْفَةِ، فَرَدَّ الخَلِيْفَةُ أَمْرَهُم إِلَى قَاضِي القُضَاةِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِسْحَاقَ، فَسَأَلَ أَبَا الحُسَيْنِ النُّوْرِيَّ عَنْ مَسَائِلَ فِي العِبَادَاتِ، فَأَجَابَ، ثُمَّ قَالَ: وَبَعْدَ هَذَا، فَلِلَّهِ عِبَادٌ يَنْطِقُوْنَ بِاللهِ، وَيَأْكلُوْنَ بِاللهِ، وَيَسْمَعُوْنَ بِاللهِ.
فَبَكَى إِسْمَاعِيْلُ القَاضِي، وَقَالَ: إِنْ كَانَ هَؤُلاَءِ القَوْمُ زَنَادِقَةٌ، فَلَيْسَ فِي الأَرْضِ مُوَحِّدٌ.
فَأَطْلَقُوْهُمُ (1) .
أَبُو نُعَيْمٍ (2) :سَمِعْتُ أَبَا الفَرَجِ الوَرْثَانِيَّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَبْدِ الرَّحِيْمِ يَقُوْلُ:
دَخَلْتُ عَلَى النُّوْرِيِّ، فَرَأَيْتُ رِجْلَيهِ مُنْتَفِخَتَينِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَمرِهِ، فَقَالَ: طَالَبَتْنِي نَفْسِي بِأَكْلِ تَمْرٍ، فَدَافَعْتُهَا، فَأَبَتْ عَلَيَّ، فَاشْتَرَيْتُهُ، فَلَمَّا أَكَلْتُ، قُلْتُ: قُومِي فَصَلِّي.
فَأَبَتْ، فَقُلْتُ: للهِ عَلَيَّ إِنْ قَعَدتِ عَلَى الأَرْضِ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً، فَمَا قَعَدْتُ - يَعْنِي: إِلاَّ فِي صَلاَةٍ -.
__________
(1) الخبر مطولا في " حلية الأولياء " 10 / 251 250، و" تاريخ بغداد " 5 / 134 وما بين حاصرتين منهما.
(2) في " الحلية " 10 / 251.(14/71)
وَعَنِ النُّوْرِيِّ، قَالَ: مَنْ رَأَيْتَهُ يَدَّعِي مَعَ اللهِ حَالَةً تُخْرِجُ عَنِ الشَّرْعِ، فَلاَ تَقْرَبَنْ مِنْهُ.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عَطَاءٍ: سَمِعْتُ أَبَا الحُسَيْنِ النُّوْرِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ فِي نَفْسِي مِنْ هَذِهِ الكَرَامَاتِ، فَأَخَذْتُ مِنَ الصِّبْيَانِ قَصَبَةً، ثُمَّ قُمْتُ بَيْنَ زَوْرَقَينِ، وَقُلْتُ: وَعِزَّتِكَ، لَئِنْ لَمْ تُخْرِجْ لِي سَمَكَةً فِيْهَا ثَلاَثَةُ أَرْطَالٍ، لأُغرِقَنَّ نَفْسِي.
قَالَ: فَخَرَجَتْ لِي سَمَكَةٌ ثَلاَثَةُ أَرْطَالٍ.
قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ الجُنَيْدَ، فَقَالَ: كَانَ حُكْمُهُ أَنْ تَخْرُجَ لَهُ أَفْعَى فَتَلْدَغُهُ.
وَعَنِ النُّوْرِيِّ، قَالَ: سَبِيْلُ الفَانِينَ الفَنَاءُ فِي مَحْبُوْبِهِم، وَسَبِيْلُ البَاقِيْنَ البَقَاءُ بِبَقَائِهِ، وَمَنِ ارْتَفَعَ عَنِ الفَنَاءِ وَالبَقَاءِ، فَحِيْنَئِذٍ لاَ فَنَاءَ وَلاَ بَقَاءَ.
عَنِ القَنَّادِ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى النُّوْرِيِّ وَأَنَا حَدَثٌ:
إِذَا كَانَ كُلُّ المَرْءِ فِي الكُلِّ فَانِياً ... أَبِنْ لِيَ عَنْ أَيِّ الوُجُودَيْنِ يُخْبِرُ؟
فَأَجَابَ لِوَقْتِهِ:
إِذَا كُنْتَ فِيْمَا لَيْسَ بِالوَصْفِ فَانِياً ... فَوَقْتُكَ فِي الأَوْصَافِ عِنْدِي تَحَيُّرُ (1)
قُلْتُ: هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ طَوِيْلٍ، وَتَحُرُّزٍ عَنِ الفَنَاءِ الكُلِّيِّ، وَمُرَادُهُم بِالفَنَاءِ، فَنَاءُ الأَوْصَافِ النَّفْسَانِيَّةِ وَنَحْوِهَا، وَنِسْيَانُهَا بِالاشْتِغَالِ بِاللهِ - تَعَالَى - وَبِعِبَادَتِهِ، فَإِنَّ ذَاتَ العَارِفِ وَجَسَدَهُ لاَ يَنْعَدِمُ مَا عَاشَ، وَالكَونُ وَمَا حَوَى فَمَخْلُوْقٌ، وَاللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَمُبْدِعُهُ - أَعَاذَنَا اللهُ وَإِيَّاكُم مِنْ قَوْلِ
__________
(1) الخبر والبيتان في " حلية الأولياء " 10 / 254 253، ولفظ البيت الأول في " الحلية ": إذا كان كل الكل في النور فانيا * أبن لي عن أي الوجودين أخبر(14/72)
الاتِّحَادِ (1) فَإِنَّهُ زَنْدَقَةٌ -.
قَالَ فَارِسٌ الحَمَّالُ: رَأَيْتُ النُّوْرِيَّ خَرَجَ مِنَ البَادِيَةِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلاَّ خَاطِرُهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَلْ يَلْحَقُ الأَسْرَارَ مَا يَلْحَقُ الصِّفَاتِ؟ - يُرِيْدُ الضَّنَا الَّذِي رَأَى بِهِ - فَقَالَ: إِنَّ اللهَ (2) أَقْبَلَ عَلَى الأَسْرَارِ فَحَمَلَهَا، وَأَعْرَضَ عَنِ الصِّفَاتِ فَمَحَقَهَا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ:
أَهَكَذَا صَيَّرَنِي ... أَزْعَجَنِي عَنْ وَطَنِي
حَتَّى إِذَا غِبْتُ بِهِ ... وَإِذْ بَدَا غَيَّبَنِي (3)
وَاصَلَنِي..حَتَّى إِذَا ... وَاصَلْتُهُ قَاطَعَنِي
يَقُوْلُ: لاَ تَشْهَدُ مَا ... تَشْهَدُ أَوْ تَشْهَدُنِي (4)
قَالَ: وَلَمَّا مَاتَ النُّوْرِيُّ، قَالَ الجُنَيْدُ: ذَهَبَ نِصْفُ العِلْمِ بِمَوتِهِ.
وَقِيْلَ: قَالَ النُّوْرِيُّ لِلْجُنَيْدِ: غَشَشْتَهُمْ فَصَدَّرُوكَ، وَنَصَحْتُ لَهُمْ فَرَمَونِي بِالحِجَارَةِ.
قِيْلَ: كَانَ النُّوْرِيُّ يَلْهَجُ بِفَنَاءِ صِفَاتِ العَارِفِ، فَكَانَ ذَلِكَ أَبُو جَادَ فَنَاءِ ذَاتِ العَارِفِ كَمَا زَعَمَتِ الاتِّحَادِيَّةُ، فَقَالُوا بِتَعْمِيمِ فَنَاءِ السِّوَى، وَقَالُوا: مَا فِي الكَوْنِ سِوَى اللهِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ تَعَالَى اتَّحَدَ لِخَلْقِهِ، وَأَنْتَ أَنَا، وَأَنَا أَنْتَ، وَأَنْشَدُوا:
__________
(1) انظر في تعريف " الاتحاد " ما كتبه محمد فريد وجدي في " دائرة معارف القرن العشرين " 10 / 684 678.
(2) لفظ " الحلية ": إن الحق.
(3) رواية البيت في الحلية كما يلي: حتى إذا غبت بدا * وإن بدا غيبني
(4) الخبر والابيات في " حلية الأولياء " 10 / 250.(14/73)
وَأَلْتَذُّ إِنْ مَرَّتْ عَلَى جَسَدِي يَدِي ... لأَنِّي فِي التَّحْقِيْقِ لَسْتُ سِواكُم
فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الضَّلاَلِ.
قَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ: مَضَيْتُ يَوْماً أَنَا وَرُوَيْمٌ وَأَبُو بَكْرٍ العَطَّارُ نَمْشِي عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ، فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ فِي مَسْجِدٍ بِلاَ سَقْفٍ.
فَقَالَ رُوَيْمٌ: مَا أَشْبَهَ هَذَا بِأَبِي الحُسَيْنِ النُّوْرِيِّ!
فَمِلْنَا إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ هُوَ، فَسَلَّمْنَا وَعَرَفَنَا، وَذَكَرَ أَنَّهُ ضَجِرَ مِنَ الرَّقَّةِ فَانْحَدَرَ، وَأَنَّهُ الآنَ قَدِمَ وَلاَ يَدْرِي أَيْنَ يَتَوَجَّهُ، وَكَانَ قَدْ غَابَ عَنْ بَغْدَادَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَعَرَضْنَا عَلَيْهِ مَسْجِدَنَا، فَقَالَ: لاَ أُرِيدُ مَوْضِعاً فِيْهِ الصُّوْفِيَّةُ، قَدْ ضَجِرْتُ مِنْهُم.
فَلَمْ نَزَلْ نَطْلُبُ إِلَيْهِ حَتَّى طَابَتْ نَفْسُهُ.
وَكَانَتِ السَّوْدَاءُ قَدْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ، وَحَدِيْثُ النَّفْسِ، ثُمَّ ضَعُفَ بَصَرُهُ، وَانْكَسَرَ قَلْبُهُ، وَفَقَدَ إِخْوَانَهُ، فَاسْتَوْحَشَ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ.
ثمَّ إِنَّهُ تَأَنَّسَ وَسَأَلَنَا عَنْ نَصْرِ بنِ رَجَاءَ وَعُثْمَانَ - وَكَانَا صَدِيْقَيْنِ لَهُ، إِلاَّ أَنَّ نَصْراً تَنَكَّرَ لَهُ - فَقَالَ: مَا أَخَافُ بَغْدَادَ إِلاَّ مِنْ نَصْرٍ.
فَعَرَّفنَاهُ أَنَّهُ بِخِلاَفِ مَا فَارَقَهُ، فَجَاءَ مَعَنَا إِلَى نَصْرٍ، فَلَمَّا دَخَلَ مَسْجِدَهُ، قَامَ نَصْرٌ، وَمَا أَبْقَى فِي إِكرَامِهِ غَايَةً، وَبِتْنَا عِنْدَهُ، وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ، رَكِبْنَا مَعَ نَصْرٍ زَوْرَقاً مِن زَوَارِقِهِ إِلَى مَكَانٍ، وَصَعَدْنَا إِلَى الجُنَيْدِ، فَقَامَ القَوْمُ وَفَرِحُوا، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الجُنَيْدُ، يُذَاكِرُهُ وَيُمَازِحُهُ، فَسَأَلَهُ ابْنُ مَسْرُوْقٍ مَسْأَلَةً، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِأَبِي القَاسِمِ.
فَقَالَ الجُنَيْدُ: أَجِبْ يَا أَبَا الحُسَيْنِ، فَإِنَّ القَوْمَ أَحَبُّوا أَنْ يَسْمَعُوا جَوَابَكَ.
قَالَ: أَنَا قَادِمٌ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَ.
فَتَكَلَّمَ الجُنَيْدُ وَالجَمَاعَةُ، وَالنُّوْرِيُّ سَاكِتٌ، فَعَرَّضُوا لَهُ لِيَتَكَلَّمَ، فَقَالَ: قَدْ لُقِّبْتُم أَلْقَاباً لاَ أَعْرِفُهَا، وَكَلاَماً غَيْرَ مَا كُنْتُ أَعْهَدُ، فَدَعُونِي حَتَّى أَسْمَعَ، وَأَقِفَ عَلَى مَقْصُودِكُمْ.
فَسَأَلُوهُ عَنِ الفَرْقِ الَّذِي بَعْدَ الجَمْعِ: مَا عَلاَمَتُهُ؟ وَمَا الفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الفَرْقِ الأَوَّلِ؟ - لاَ أَدْرِي سَأَلُوهُ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ بِمَعْنَاهُ -.(14/74)
وكُنْتُ قَدْ لَقِيْتُهُ بِالرَّقَّةِ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَسَأَلَنِي عَنِ الجُنَيْدِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ يُشِيْرُونَ إِلَى شَيْءٍ يُسَمُّونَهُ الفَرْقَ الثَّانِي وَالصَّحْوَ.
فَقَالَ: اذْكُر لِي شَيْئاً مِنْهُ.
فَذَكَرْتُهَ، فَضَحِكَ، وَقَالَ: مَا يَقُوْلُ ابْنُ الخَلْنَجِيِّ؟
قُلْتُ: مَا يُجَالِسُهُم.
قَالَ: فَأَبُو أَحْمَدَ القَلاَنِسِيُّ؟
قُلْتُ: مَرَّةً يُخَالِفُهُم، وَمَرَّةً يُوَافِقُهُم.
قَالَ: فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟
قُلْتُ: مَا عَسَى أَنْ أَقُوْلَ أَنَا؟
ثُمَّ قُلْتُ: أَحْسِبُ أَنَّ هَذَا الَّذِي يُسَمُّونَهُ فَرْقاً ثَانِياً هُوَ عَيْنٌ مِنْ عُيُونِ الجَمْعِ، يَتَوَهَّمُوْنَ بِهِ أَنَّهُم قَدْ خَرَجُوا عَنِ الجَمْعِ.
فَقَالَ: هُوَ كَذَاكَ، أَنْتَ إِنَّمَا سَمِعْتَ هَذَا مِنَ القَلاَنِسِيِّ.
فَقُلْتُ: لاَ.
فَلَمَّا قَدِمْتُ بَغْدَادَ، حَدَّثْتُ أَبَا أَحْمَدَ القَلاَنِسِيَّ بِذَلِكَ، فَأَعْجَبَهُ قَولُ النُّوْرِيِّ.
وَأَمَّا أَبُو أَحْمَدَ فَكَانَ رُبَّمَا يَقُوْلُ: هُوَ صَحْوٌ وَخُرُوْجٌ عَنِ الجَمْعِ، وَرُبَّمَا قَالَ: بَلْ هُوَ شَيْءٌ مِنَ الجَمْعِ.
ثُمَّ إِنَّ النُّوْرِيَّ شَاهَدَهُم، فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ عَيْنٌ مِنْ عُيُونِ الجَمْعِ، وَلاَ هُوَ صَحْوٌ مِنَ الجَمْعِ، وَلَكِنَّهُم رَجَعُوا إِلَى مَا يَعْرِفُونَ.
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ذَكَرَ رُوَيْمٌ وَابْنُ عَطَاءٍ: أَنَّ النُّوْرِيَّ يَقُوْلُ الشَّيْءَ وَضِدَّهُ، وَلاَ نَعْرِفُ هَذَا إِلاَّ قَوْلَ سُوْفَسْطَا وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ (1) .
وَكَانَ بَيْنَهُم وَحْشَةٌ، وَكَانَ يُكْثِرُ مِنْهُمُ التَّعَجُّبَ، وَقَالُوا لِلْجُنَيْدِ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِم، وَقَالَ: لاَ تَقُولُوا مِثْلَ هَذَا لأَبِي الحُسَيْنِ، وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ لَعَلَّهُ قَدْ تَغَيَّرَ دِمَاغُهُ.
ثمَّ إِنَّ أَبَا الحُسَيْنِ انْقَبَضَ عَنْ جَمِيْعِهِم، وَجَفَاهُم، وَغَلَبَتْ عَلَيْهِ العِلَّةُ، وَعَمِيَ، وَلَزِمَ الصَّحَارَى وَالمَقَابِرَ، وَكَانَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ أَحْوَالٌ يَطُوْلُ شَرْحُهَا.
وَسَمِعْتُ جَمَاعَةً يَقُوْلُوْنَ: مَنْ رَأَى النُّوْرِيَّ بَعْدَ قُدُومِهِ مِنَ الرَّقَّةِ وَلَمْ يَكُنْ رَآهُ قَبْلَهَا، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِتَغَيُّرِهِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
__________
(1) وهم السوفسطائيون: فرقة من الفلاسفة، ينكرون المحسوسات والبدهيات، ويعدون الوجود خيالا في خيال. انظر ما كتبه محمد فريد وجدي عن السوفسطائية في " دائرة معارف القرن العشرين " 5 / 173 171.
وقد عرف شيخ الإسلام السفسطة، فقال: هي نفي الحقيقة، أو التردد فيها، أو جعلها تابعة لظنون الغير.(14/75)
قَالَ ابْنُ جَهْضَمٍ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الجَلاَّءُ، قَالَ:
كَانَ النُّوْرِيُّ إِذَا رَأَى مُنْكراً، غَيَّرَه، وَلَوْ كَانَ فِيْهِ تَلَفُهُ، نَزَلَ يَوْماً، فَرَأَى زَوْرَقاً فِيْهِ ثَلاَثُوْنَ دَنّاً، فَقَالَ لِلْمَلاَّحِ: مَا هَذَا؟
قَالَ: مَا يَلْزَمُكَ؟
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَنْتَ - وَاللهِ - صُوْفِيٌّ كَثِيْرُ الفُضُولِ، هَذَا خَمْرٌ لِلْمُعْتَضِدِ.
قَالَ: أَعْطِنِي ذَلِكَ المِدْرَى، فَاغْتَاظَ، وَقَالَ لأَجِيْرِهِ: نَاوِلْهُ حَتَّى أُبْصِرَ مَا يَصْنَعُ.
فَأَخَذَهُ، وَنَزَلَ، فَكَسَّرَهَا كُلَّهَا غَيْرَ دَنٍّ، فَأُخِذَ، وَأُدْخِلَ إِلَى المُعْتَضِدِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ وَيْلَكَ؟!
قَالَ: مُحْتَسِبٌ.
قَالَ: وَمَنْ وَلاَّكَ الحِسْبَةَ؟
قَالَ: الَّذِي وَلاَّكَ الإِمَامَةَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ!
فَأَطْرَقَ، وَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى فِعْلِكَ؟
قَالَ: شَفَقَةً مِنِّي عَلَيْكَ!
قَالَ: كَيْفَ سَلِمَ هَذَا الدَّنُّ؟
فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْسِرُ الدِّنَانَ وَنَفْسُهُ مُخْلِصَةٌ خَاشِعَةٌ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى هَذَا الدَّنِّ، أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ، فَارْتَابَ فِيْهَا، فَتَرَكَهُ.
عَنْ أَبِي أَحْمَدَ المَغَازِلِيِّ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ أَعْبَدَ مِنَ النُّوْرِيِّ!
قِيْلَ: وَلاَ الجُنَيْدُ؟
قَالَ: وَلاَ الجُنَيْدُ.
وَقِيْلَ: إِنَّ الجُنَيْدَ مَرِضَ مَرَّةً، فَعَادَهُ النُّوْرِيُّ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَعُوفِيَ لِوَقْتِهِ.
تُوُفِّيَ النُّوْرِيُّ: قَبْلَ الجُنَيْدِ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ شَاخَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
وَقَدْ مَرَّ مَوتُ الجُنَيْدِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ (1) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ العَطَوِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ الجُنَيْدِ لَمَّا احْتُضِرَ، فَخَتَمَ القُرْآنَ، ثُمَّ ابْتَدَأَ سُوْرَةَ البَقَرَةِ، فَتَلاَ سَبْعِيْنَ آيَةً وَمَاتَ.
قَالَ الخُلْدِيُّ: رَأَيْتهُ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟
فَقَالَ: طَاحَتْ
__________
(1) انظر الصفحة (66) من هذا الجزء، وما يجئ من الكلام بعد هذا فهو من تمام ترجمة الجنيد.(14/76)
تِلْكَ الإِشَارَاتُ، وَغَابَتْ تِلْكَ العِبَارَاتُ، وَفَنِيَتْ تِلْكَ العُلُوْمُ، وَنَفِدَتْ تِلْكَ الرُّسُوْمُ، وَمَا نَفَعَنَا إِلاَّ رَكَعَاتٌ كُنَّا نَرْكَعُهَا فِي الأَسْحَارِ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: ذُكِرَ لِي أَنَّهُم حَزَرُوا الجَمْعَ يَوْمَ جَنَازَةِ الجُنَيْدِ الَّذِيْنَ صَلَّوْا عَلَيْهِ نَحْوَ سِتِّيْنَ أَلْفاً، وَمَا زَالُوا يَنْتَابُوْنَ قَبْرَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ نَحْوَ الشَّهْرِ، وَدُفِنَ عِنْدَ السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ.
قُلْتُ: غَلِطَ مَنْ وَرَّخَهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
36 - البَرْذَعِيُّ أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَمَّارٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرِو بنِ عَمَّارٍ الأَزْدِيُّ، البَرْذَعِيُّ.
رَحَّالٌ، جَوَّالٌ، مُصَنِّفٌ.
سَمِعَ: أَبَا كُرَيْبٍ، وَعَبْدَةَ الصَّفَّارَ، وَعَمْرَو بنَ عَلِيٍّ الفَلاَّسَ، وَمُحَمَّدَ بنَ المُثَنَّى، وَبُنْدَاراً، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ وَهْبٍ، وَأَبَا إِسْحَاقَ الجَوْزَجَانِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ الفُرَاتِ، وَأَبَا زُرْعَةَ - وَلاَزَمَهُ وَفَقُهَ بِهِ وَبِمُسْلِمِ بنِ الحَجَّاجِ - وَابْنَ وَارَةَ (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: حَفْصُ بنُ عُمَرَ الأَرْدُبِيْلِيُّ (2) ، وَأَحْمَدُ بنُ طَاهِرٍ المَيَانَجِيُّ،
__________
(*) معجم البلدان: 1 / 381 380، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 128 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 744 743، الوافي بالوفيات: 13 / 147، طبقات الحفاظ: 313، تهذيب ابن عساكر: 6 / 166.
(1) هو الحافظ المجود أبو عبد الله محمد بن مسلم بن عثمان بن وارة المتوفى سنة 270، قال الطحاوي: ثلاثة لم يكن في الأرض مثلهم في وقتهم: أبو حاتم، وأبو زرعة، وابن وارة.
وقد تقدمت ترجمته.
(2) نسبة إلى أردبيل من أشهر مدن أذربيجان.(14/77)
وَالحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَيَّاشٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ المِيْمَذِيُّ (1) ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ عُقْدَةَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ مُنِيْرٍ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيُّ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ طَاهِرٍ الحَافِظَ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ عَمْرٍو الحَافِظَ يَقُوْلُ:
لَمَّا رَجَعْتُ مِنْ مِصْرَ، أَقَمْتُ ثَانِياً عِنْدَ أَبِي زُرْعَةَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ كِتَابَ المُزَنِيِّ، فَكُلَّمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ مِمَّا يُخَالِفُ الشَّافِعِيَّ، بَقِيَ يَتَبَسَّمُ، وَيَقُوْلُ: لَمْ يَعْمَلْ صَاحِبُكَ شَيْئاً فِي اخْتِيَارِهِ، لاَ يُمْكِنُهُ الانْفِصَالُ فِيْمَا ادَّعَى.
قُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَ مِنْهُ شَيْئاً؟
قَالَ: لاَ، وَمَا جَالَسْتُهُ إِلاَّ يَوْمِيْنِ.
37 - الوَلِيْدُ بنُ حَمَّادِ بنِ جَابِرٍ الرَّمْلِيُّ *
الحَافِظُ، أَبُو العَبَّاسِ الرَّمْلِيُّ، مُؤَلِّفُ كِتَابِ (فَضَائِلِ بَيْتِ المَقْدِسِ) .
حَدَّثَ عَنْ: سُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَيَزِيْدَ بنِ مَوْهِبٍ الرَّمْلِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الحَلَبِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيِّ، وَيَحْيَى بنِ يَعْقُوْبَ، وَعِدَّةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ، وَالفَضْلُ بنُ مُهَاجِرٍ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ وَكِيْعٍ قَاضِي طَبَرَيَّةَ،
__________
(1) نسبة إلى ميمذ مدينة بأذربيجان ذكرها السمعاني في " الأنساب " دونما ضبط، وضبطها ابن الأثير، في " اللباب " والسيوطي في " لب اللباب " بفتح الميمين، أما ياقوت، فقد ضبطها في " معجمه " 5 / 244 بكسر الميم الأولى، وفتح الثانية.
(*) تاريخ ابن عساكر: 17 / 408 / ب.(14/78)
وَآخَرُوْنَ. وَكَانَ رَبَّانِيّاً.
ذَكَرَهُ: ابْنُ عَسَاكِرَ مُخْتَصَراً، وَلاَ أَعْلَمُ فِيْهِ مَغْمَزاً، وَلَهُ أُسْوَةُ غَيْرِهِ فِي رِوَايَةِ الوَاهِيَاتِ.
بَقِيَ إِلَى قَرِيْبِ الثَّلاَثِ مائَةٍ.
38 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ حَمْزَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ بِنَيْسَابُوْرَ، أَبُو إِسْحَاقَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، تِلْمِيْذُ ابْنِ عَبْدِ الحَكَمِ.
حَدَّثَ عَنْ: يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعِ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ العَلاَءِ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ؛ مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدُوْنَ، وَحَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ زِيَادٍ النَّقَّاشُ (1) .
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مَحْمُوْدَ بنَ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ عَمِّي؛ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَمِ: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا خُرَاسَانِيٌّ أَعْرَفُ بِطَرِيْقَةِ مَالِكٍ مِنْكَ، فَإِذَا رَجَعْتَ إِلَى خُرَاسَانَ، فَادْعُ النَّاسَ إِلَى رَأْي مَالِكٍ.
قَالَ: وَكَانَ عَمِّي يَصُوْمُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ، وَلاَ يَدَعُ الجِهَادَ فِي كُلِّ ثَلاَثِ
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 2 / 274 / أ، تهذيب ابن عساكر: 2 / 296 295.
(1) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي، ثم البغدادي النقاش، شيخ المقرئين في عصره على ضعيف شديد فيه، فقد نقل المؤلف في " ميزانه " عن طلحة بن محمد الشاهد: كان النقاش يكذب في الحديث، والغالب عليه القصص، وقال المؤلف في " العبر " 2 / 293: ومع جلالته في العلم ونبله، فهو ضعيف متروك الحديث. توفي سنة 351 هـ وسترد ترجمته في هذا الجزء.(14/79)
سِنِيْنَ. ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ يُعْرَفُ بِالقَطَّانِ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ بِنَيْسَابُوْرَ لِلْمَالِكيَّةِ مُدَرِّسٌ.
وَسَمِعْتُ أَبَا الطَّيِّبِ الكَرَابِيْسِيَّ يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ الفَقِيْهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مَحْمُوْدٍ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
39 - الأَصْبَهَانِيُّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
إِمَامُ القُرَّاءِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَبِيْبٍ الأَصْبَهَانِيُّ.
اعْتَنَى بِقِرَاءةِ وَرْشْ (1) ، وَحَذَقَ فِيْهَا، فَتَلاَ عَلَى: عَامِرٍ الحَرَسِيِّ (2) ، وَسُلَيْمَانَ الرِّشْدِيْنِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ دَاوُدَ بنِ أَبِي طَيْبَةَ.
وَسَمِعَ الحُرُوْفَ مِنْ: يُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى.
وَرَوَى الحَدِيْثَ عَنْ: دَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ مُشْكُدَانَةَ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَطَبَقَتِهِم.
قَرَأَ عَلَيْهِ: هِبَةُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ المُطَرِّزُ، وَمُحَمَّدُ بُنُ يُوْنُسَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ جَعْفَرٍ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ مُجَاهِدٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَصْبَهَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 226، تاريخ بغداد: 2 / 364، طبقات القراء للذهبي: 1 / 190 189، طبقات القراء للجزري: 2 / 170 169، طبقات المحدثين بأصبهان لوحة 233.
(1) لقبة شيخه نافع المدني بورش لشدة بياضه، والورش لبن يصنع، وقيل: لقبه بطائر اسمه " ورشان " ثم خفف، فقيل: ورش، وهو عثمان بن سعيد القرشي مولاهم القبطي المصري المتوفي سنة 197 هـ وقد تقدمت ترجمته في الجزء التاسع رقم الترجمة (82) .
(2) بالسين المهملة نسبة إلى " حرس " محلة شرقي مصر، وقد تصحفت في " طبقات القراء " إلى " الجرشي " انظر " المشتبه " 1 / 148.(14/80)
وَكَانَ يَقُوْلُ: ارْتَحَلْتُ إِلَى مِصْرَ وَمَعِي ثَمَانُوْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَنْفَقْتُهَا عَلَى ثَمَانِيْنَ خَتْمَةً.
وَلَقَدْ بَالَغَ فِي تَعْظِيْمِهِ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ، وَقَالَ: هُوَ إِمَامُ عَصْرِهِ فِي قِرَاءةِ وَرْشْ.
قُلْتُ: مَاتَ بِبَغْدَادَ، فِي سَنَةِ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
40 - المُرِّيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الوَلِيْدِ *
الإِمَامُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الوَلِيْدِ بنِ سَعْدٍ المُرِّيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، المُقْرِئُ.
رَوَى عَنْ: أَبِي مُسْهِرٍ الغَسَّانِيِّ، وَأَبِي اليَمَانِ، وَآدَمَ بنِ أَبِي إِيَاسٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ آدَمَ، وَابْنُ أَبِي العَقِبِ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَةَ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَرَّخَهُ: ابْنُ زَبْرٍ.
41 - أَبُو الآذَانِ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ **
الحَافِظُ، العَالِمُ المُتْقِنُ، القُدْوَةُ، أَبُو الآذَانِ عُمَرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ.
__________
(*) الأنساب: 525 / أ، تاريخ ابن عساكر: 2 / 111 / ب، تهذيب ابن عساكر: 2 / 79 78.
(* *) تاريخ بغداد: 11 / 215 - 216، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 128 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 744 - 745، طبقات الحفاظ: 313 - 314، شذرات الذهب: 2 / 205.(14/81)
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى العَنْزِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المِسْوَرِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيِّ، وَيَحْيَى بنِ حَكِيْمٍ المُقَوِّمِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ خَلَفٍ العَطَّارِ، وَطَبَقَتِهِم مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَوَكِيْعٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ فِي (سُنَنِهِ) - وَهُوَ أَكْبَرُ سِنّاً مِنْهُ - وَابْنُ قَانِعٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَمُظَفَّرُ بنُ يَحْيَى، وَطَائِفَةٌ.
أَثْنَى عَلَيْهِ: أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ.
قَالَ البَرْقَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، قَالَ:
حُكِيَ أَنَّ أَبَا الآذَانِ طَالَتْ خُصُومَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُودِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَدْخِلْ يَدَكَ وَيَدِي فِي النَّارِ، فَمَنْ كَانَ مُحِقّاً لَمْ تَحْتَرِقْ يَدُهُ.
فَذُكِرَ أَنَّ يَدَهُ لَمْ تَحْتَرِقْ، وَأَنَّ يَدَ اليَهُودِيِّ احْتَرَقَتْ.
تُوُفِّيَ أَبُو الآذَانِ: فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَسِتُّوْنَ سَنَةً.
42 - قِرْطِمَةُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ البَغْدَادِيُّ، قِرْطِمَةُ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَالزَّعْفَرَانِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى.
وَلَهُ رِحْلَةٌ وَاسِعَةٌ، وَحِفْظٌ بَاهِرٌ، وَقَلَّ مَا رَوَى.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُقْدَةَ يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ ابْنَ يَمَانٍ
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 66 65، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 128 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 745، الوافي بالوفيات: 4 / 107، طبقات الحفاظ: 314، شذرات الذهب: 2 / 205.(14/82)
يَقُوْلُ: النَّاسُ يَقُوْلُوْنَ: أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ فِي الحِفْظِ! وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ قِرْطِمَةَ!
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
43 - ابْنُ صَدَقَةَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُتْقِنُ، الفَقِيْهُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ صَدَقَةَ البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ بِمَسَائِلَ.
وَعَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِسْكِيْنٍ اليَمَامِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَرْبٍ النَّشَاسْتَجِيِّ، وَصَالِحِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى القَطَّانِ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَسُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالفَقِيْهُ أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّلُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مُجَاهِدٍ.
وَكَانَ نَقَّالاً لِكُتُبٍ مِنَ القِرَاءاتِ وَمَسَائِلِهِ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ مُدَوَّنَةً، وَكَانَ مَوْصُوَفاً بِالإِتْقَانِ وَالتَّثَبُّتِ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَنْبَأَنَا ابْنُ قُدَامَةَ، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرْنَا ابْنُ عَلاَّنٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَدَقَةَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُثْمَانَ بنِ
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 66.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 41 40، طبقات الحنابلة: 1 / 65 64، تاريخ ابن عساكر: 2 / 92 / ب، تذكرة الحفاظ: 2 / 746 745، طبقات القراء للجزري: 1 / 119، طبقات الحفاظ: 314، شذرات الذهب: 2 / 215، تهذيب ابن عساكر: 2 / 58.(14/83)
مُرَّةَ، عَنِ القَاسِمِ:
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: (إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُوْنَ عَذَاباً لاَ يُعَذَّبُهُ أَحَدٌ مِنَ العَالَمِيْنَ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ (1)) .
قَالَ ابْنُ المُنَادِي: كَانَ ابْنُ صَدَقَةَ مِنَ الضَّبْطِ وَالحِذْقِ عَلَى نِهَايَةٍ.
44 - قُنْبُلٌ أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيُّ *
إِمَامٌ فِي القُرَّاءِ، مَشْهُورٌ.
وَهُوَ: أَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيُّ مَوْلاَهُمُ، المَكِّيُّ.
عَاشَ: سِتّاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
تَلاَ عَلَى: أَبِي الحَسَنِ القَوَّاسِ، وَغَيْرِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ شَنَبُوْذٍ، وَابْنُ مُجَاهِدٍ، وَابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ شَوْذَبٍ الوَاسِطِيُّ.
يُقَالُ: هَرِمَ وَتَغَيَّرَ.
وَقَدْ طَوَّلْتُهُ فِي (طَبَقَاتِ القُرَّاءِ (2)) .
مَاتَ: سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
__________
(1) أخرجه من طرق عن نافع، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها كل من البخاري 9 / 216، و10 / 327، 330، و13 / 446، ومسلم (2106) (96) ، وابن ماجه (2151) ، والنسائي 8 / 215، وأحمد: 6 / 70، 80، 223.
ولفظ مسلم: " إن أصحاب هذه الصور يعذبون ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم " ثم قال: " إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة ".
(*) معجم الأدباء: 17 / 18 17، وفيات الأعيان: 3 / 42، العبر: 2 / 89، طبقات القراء للذهبي: 1 / 187 186، دول الإسلام: 1 / 176، الوافي بالوفيات: 3 / 227 226، البداية والنهاية: 11 / 99، القد الثمين: 2 / 110 109، طبقات القراء للجزري: 2 / 166 165، النشر في القراءات العشر: 1 / 121 120، شذرات الذهب: 2 / 208.
وإنما لقب قنبلا لأنه كان يكثر من استعمال دواء يعرف بالقنبيل.
(2) 1 / 187 186.(14/84)
45 - يُوْسُفُ القَاضِي بنُ يَعْقُوْبَ الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُمْ *
صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ فِي السُّنَنِ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ الكَبِيْرُ، الثِّقَةُ، القَاضِي، أَبُو مُحَمَّدٍ يُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ حَمَّادِ بنِ زَيْدِ بنِ دِرْهَمٍ الأَزْدِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَصْرِيُّ الأَصْلِ، البَغْدَادِيُّ.
حَرَصَ عَلَيْهِ أَهْلُهُ، فَإِنَّهُم بَيْتُ عِلْمٍ.
وَسَمِعَ وَهُوَ حَدَثٌ مِنْ: مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَعَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ كَثِيْرٍ العَبْدِيِّ، وَمُسَدَّدِ بنِ مُسَرْهَدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَمْرٍو بنُ السَّمَّاكِ، وَأَبُو سَهْلٍ القَطَّانُ، وَعَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، وَدَعْلَجُ بنُ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَانَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ أَسْنَدَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِبَغْدَادَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ثِقَةً، صَالِحاً، عَفِيْفاً، مَهِيْباً، سَدِيْدَ الأَحْكَامِ، وَلِيَ القَضَاءَ بِالبَصْرَةِ وَوَاسِطَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَضُمَّ إِلَيْهِ قَضَاءُ الجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ بَغْدَادَ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 14 / 312 310، المنتظم: 6 / 97 96، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 113 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 660، العبر: 2 / 109، دول الإسلام: 1 / 181، البداية والنهاية: 11 / 112، النجوم الزاهرة: 3 / 171، طبقات الحفاظ: 287، شذرات الذهب: 2 / 227، الرسالة المستطرفة: 37.
(1) في " تاريخه " 14 / 310.(14/85)
وفِي (تَارِيْخِ الخَطِيْبِ (1)) :أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي الدُّنْيَا (2) دَخَلَ عَلَى يُوْسُفَ القَاضِي، فَسَأَلَهُ عَنْ قُوَّتِهِ، فَقَالَ القَاضِي: أَجِدُنِي كَمَا قَالَ سِيْبَوَيْه:
لاَ يَنْفَعُ الهِلْيَوْنُ وَالأَطْرِيْفُلُ ...
انْخَرَقَ الأَعْلَى وَخَارَ الأَسْفَلُ ...
وَنَحْنُ فِي جِدٍّ وَأَنْتَ تَهْزِلُ ...
فَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا:
أُرَانِيَ فِي انْتِقَاصٍ كُلَّ يَوْمٍ ... وَلاَ يَبْقَى مَعَ النُّقْصَانِ شَيُّ
طَوَى العَصْرَانِ مَا نَشَرَاهُ مِنِّي ... فَأَخْلَقَ جِدَّتِي نَشْرٌ وَطَيُّ
مَاتَ يُوْسُفُ القَاضِي - رَحِمَهُ اللهُ -:فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمِنْ تَآلِيْفِهِ: كِتَابُ (العِلْمِ) سَمِعنَاهُ، وَ (الزَّكَاةِ) ، وَ (الصِّيَامِ) .
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، وَغَيْرهُ إِجَازَةً، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كَيْسَانَ، حَدَّثَنَا يُوْسُفُ القَاضِي، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا حَرِيْزُ بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو خِدَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (المُسْلِمُوْنَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاَثَةٍ: فِي النَّارِ، وَالكَلأِ، وَالمَاءِ) .
__________
(1) 14 / 311.
(2) هو عبيد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا القرشي مولاهم البغدادي.
صاحب التصانيف، كان صدوقا أديبا، أخباريا، كثير العلم.
توفي في جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين ومئتين. انظر " عبر الذهبي " 2 / 65، و" تهذيب التهذيب " 6 / 13 12.(14/86)
أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ (1) ، عَنْ مُسَدَّدٍ.
وَأَبُو خِدَاشٍ هَذَا: هُوَ حِبَّانُ بنُ زَيْدٍ الشَّرْعَبِيُّ الحِمْصِيُّ، مَا عَلِمْتُ رَوَى عَنْهُ سِوَى حَرِيْزٍ، وَشُيُوْخُهِ قَدْ وُثِّقُوا مُطْلَقاً.
وَكَانَ وَالِدُهُ يَعْقُوْبُ (2) قَاضِي المَدِيْنَةِ، سَمِعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ، وَجَمَاعَةً، حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ نَاجِيَةَ، وَقَاسِمٌ المُطَرِّزُ، وَطَائِفَةٌ.
وَلَقَّنَ لِحَفِيْدِهِ أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ القَاضِي حَدِيْثاً حَفِظَهُ عَنْهُ.
وَمَاتَ: بِفَارِسِ، عَلَى قَضَائِهَا، سَنَةَ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَهُوَ ثِقَةٌ.
46 - عَلِيُّ بنُ أَبِي طَاهِرٍ أَبُو الحَسَنِ القَزْوِيْنِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الأَوْحَدُ، الثِّقَةُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَبِي طَاهِرٍ أَحْمَدَ بنِ الصَّبَّاحِ القَزْوِيْنِيُّ.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْلَ بنَ تَوْبَةَ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَدُحَيْماً، وَبُنْدَاراً، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ القَطَّانُ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ القَاضِي،
__________
(1) برقم (3477) في البيوع والاجارات: باب في منع الكلا، ورجاله ثقات.
وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " ثلاث لا يمنعن: الماء: والكلا: والنار " أخرجه ابن ماجه (2473) وسنده صحيح كما قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 173.
وللطبراني بسند حسن فيما قاله الحافظ في " التلخيص " 3 / 65 من حديث ابن عمر " المسلمون شركاء في ثلاث: الماء، والكلا، والنار ".
(2) هو يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم. أبو يوسف. ترجمته في " تاريخ بغداد " 14 / 276 275.
(*) تاريخ ابن عساكر: 11 / 422 / ل.(14/87)
وَغَيْرُهُمَا.
وَرَوَى عَنْهُ بِالإِجَازَةِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَكَانَ أَحَدَ الأَثبَاتِ.
وَثَّقَهُ الخَلِيْلِيُّ، وَقَالَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ يَحْكِي عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَزِيْدَ:
أَنَّ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَاهِرٍ لَمَّا رَحَلَ إِلَى الشَّامِ، وَكَتَبَ الحَدِيْثَ جَعَلَ كُتُبَهُ فِي صُنْدُوْقٍ، وَقَيَّرَهُ، وَرَكِبَ البَحْرَ، فَاضْطَرَبَتِ السَّفِيْنَةُ وَمَاجَتْ، فَأَلقَى الصُّنْدُوقَ فِي البَحْرِ، ثُمَّ سَكَنَتِ السَّفِيْنَةُ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْهَا، أَقَامَ عَلَى السَّاحِلِ ثَلاَثاً يَدْعُو اللهَ، ثُمَّ سَجَدَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، وَقَالَ: إِنْ كَانَ طَلَبِي ذَلِكَ لِوَجْهِكَ وَحُبِّ رَسُوْلِكَ، فَأَغِثْنِي بِرَدِّ ذَلِكَ.
فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا بِالصُّنْدُوْقِ مُلْقَىً عِنْدَهُ، فَقَدِمَ، وَأَقَامَ بُرْهَةً، ثُمَّ قَصَدُوهُ لِسَمَاعِ الحَدِيْثِ، فَامْتَنَعَ مِنْهُ.
قَالَ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنَامِي، وَمَعَهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:يَا عليُّ، مَنْ عَامَلَ اللهُ بِمَا عَامَلَكَ بِهِ عَلَى شَطِّ البَحْرِ؟! لاَ تَمْتَنِعْ مِنْ رِوَايَةِ أَحَادِيْثِي.
قَالَ: فَقُلْتُ: قَدْ تُبْتُ إِلَى اللهِ.
فَدَعَا لِي، وَحَثَّنِي عَلَى الرِّوَايَةِ.
ذَكَرَهُ الخَلِيْلِيُّ فِي مَشَايخِ القَطَّانِ، وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ -.
47 - الخَفَّافُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ *
الحَافِظُ، العَالِمُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ النَّيْسَابُوْرِيّ، الخَفَّافُ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ الرِّبَاطِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ
__________
(*) لم نقف له على ترجمة عند غير المؤلف في المصادر التي وقفنا عليها.(14/88)
إِسْمَاعِيْلَ البُخَارِيِّ، وَطَبَقَتِهِم.
وَلاَزَمَ البُخَارِيَّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ - وَهُوَ أَسْنَدُ مِنْهُ - وَمُحَمَّدُ بنُ أَبْيَضَ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو العُقَيْلِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ الوَرْدِ، وَآخَرُوْنَ.
وَرِوَايَة النَّسَائِيِّ عَنْهُ فِي كِتَابِ (الكُنَى) .
وَهُوَ مِمَّنْ فَاتَ الحَاكِمَ ذِكْرُهُ فِي (تَارِيْخِ نَيْسَابُوْرَ) .
تُوُفِّيَ: بِمِصْرَ، فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَكَانَ مِنَ البُصَرَاءِ بِهَذَا الشَّأْنِ.
48 - ابْنُ الصَّفَّارِ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ القُرْطُبِيُّ *
مُفْتِي الأَنْدَلُسِ مَعَ: ابْنِ لُبَابَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ يَحْيَى.
ارْتَحَلَ، وَأَخَذَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ المِصْرِيِّ، وَيُوْنُسَ، وَابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، وَالعُتْبِيِّ، وَابْنِ وَضَّاحٍ.
مَاتَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَهُوَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ غَالِبٍ القُرْطُبِيُّ، ابْنُ الصَّفَّارِ.
وَمَاتَ ابْنُهُ؛ العَلاَّمَةُ المُفْتِي أَبُو الوَلِيْدِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ، كَهْلاً.
__________
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 21 20، جذوة المقتبس: 81، بغية الملتمس: 119، الديباج المذهب: 2 / 227.
(1) انظر " تاريخ علماء الأندلس " 1 / 26.(14/89)
49 - عُبَيْدٌ العِجْلُ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَاتِمٍ البَغْدَادِيُّ؛ تِلْمِيْذُ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ.
حَدَّثَ عَنْ: دَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَيَعْقُوْبَ بنِ حُمَيْدِ بنِ كَاسِبٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، وَأَبِي هُمَامٍ الوَلِيْدِ بنِ شُجَاعٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيِّ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الصَّمَدِ الطَّسْتِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ سَنَقَةَ (1) ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :كَانَ ثِقَةً، مُتْقِناً، حَافِظاً.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ المُنَادِي: كَانَ مِنَ المُتَقَدِّمِيْنَ فِي حِفْظِ (المُسْنَدِ) خَاصَّةً.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ:
كُنَّا نَحْضُرُ مَعَ عُبَيْدٍ، فَيَنْتَخِبُ لَنَا، فَإِذَا أَخَذَ الكِتَابَ بِيَدِهِ، طَارَ مَا فِي رَأْسِهِ، فَنُكَلِّمُهُ، فَلاَ يَرُدُّ، فَإِذَا فَرَغَ، قُلْنَا: كَلَّمْنَاكَ فَلَمْ تُجِبْنَا؟!
قَالَ: إِذَا أَخَذْتُ الكِتَابَ بِيَدِي، يَطِيْرُ عَنِّي مَا فِي رَأْسِي، يَمُرُّ بِي حَدِيْثُ الصَّحَابِيِّ، وَأَنَا أَحْتَاجُ أَنْ أُفَكِّرَ فِي مُسْنَدِ ذَلِكَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 8 / 94 93، المنتظم: 6 / 62 61، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: 116 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 673 672، العبر: 2 / 98، البداية والنهاية: 11 / 102، النجوم الزاهرة: 3 / 161، طبقات الحفاظ: 293، شذرات الذهب: 2 / 216.
(1) هو أبو عمرو، عثمان بن محمد بن بشر السقطي المعروف بابن سنقة المتوفى 356 هـ ذكره الزبيدي في " تاج العروس " وضبطه بالتحريك. وسترد ترجمته عند المؤلف وانظر العبر: 2 / 305، و" تاريخ بغداد " 11 / 305.
(2) في " تاريخه " 8 / 94.(14/90)
الصَّحَابِيِّ، مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، هَلِ الحَدِيْثُ فِيْهِ أَمْ لاَ؟ أَخَافُ أَنْ أَزِلَّ فِي الانْتِخَابِ، وَأَنْتُمْ شَيَاطِيْنُ قَدْ قَعَدْتُمْ حَوْلِي.
قِيْلَ: إِنَّ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ هُوَ الَّذِي لَقَّبَهُ عُبَيْداً العِجْلَ.
قَالَ ابْنُ قَانِعٍ: مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
50 - البَرْبَرِيُّ أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ حَمَّادٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَاهِرُ، الأَخْبارِيُّ، أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى بنِ حَمَّادٍ البَرْبَرِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
مَوْلِدُهُ: فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ القَوَارِيْرِيَّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ صَالِحٍ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي، وَإِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ، وَابْنُ قَانِعٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ أَخْبَارِيّاً، فَهْماً، ذَا مَعْرِفَةٍ بِأَيَّامِ النَّاسِ، وَكَانَ يَخْضِبُ بِالحُمْرَةِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالقَوِيِّ.
قُلْتُ: غَيْرُهُ أَتْقَنُ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، يُذْكَرُ مَعَ المَعْمَرِيِّ
__________
(*) تاريخ بغداد: 3 / 243، ميزان الاعتدال: 4 / 51، الوافي بالوفيات: 5 / 92، لسان الميزان: 5 / 400، طبقات الحفاظ: 292.(14/91)
وَالحُفَّاظِ، وَقَدْ أَكْثَرَ عَنْهُ الطَّبَرَانِيُّ.
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
51 - البَرَاثِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، المُجَوِّدُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ البَغْدَادِيُّ، البَرَاثِيُّ.
تَلاَ عَلَى: خَلَفِ بنِ هِشَامٍ، فَكَانَ خَاتِمَةَ أَصْحَابِهِ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَكَامِلِ بنِ طَلْحَةَ، وَسُرَيْجِ بنِ يُوْنُسَ، وَطَبَقَتِهِم.
أَخَذَ عَنْهُ الحُرُوْفَ: عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَبِي هَاشِمٍ، فَهُوَ أَعْلَى مَنْ لَقِيَ.
وَرَوَى عَنْهُ: مَخْلَدٌ البَاقَرْحِيُّ، وَالجِعَابِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلِيُّ (2) ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْوَصُ بنُ المُفَضَّلِ الغَلاَبِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ سَمَاعَةَ، وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ القَتَّاتُ، وَالحُسَيْنُ بنُ أَبِي الأَحْوَصِ الثَّقَفِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عِقَالٍ الحَرَّانِيُّ.
__________
(1) في " تاريخه " 3 / 243.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 4 3، طبقات الحنابلة: 1 / 64، الأنساب: 70 / أ، طبقات القراء للجزري: 1 / 113، النجوم الزاهرة: 3 / 181.
(2) كذا ضبطه ابن الجزري في " غاية النهاية " 1 / 44 فقال: بالمعجمة وتشديد التاء المثناة من فوق وضمهما.
وانظر " أنساب " السمعاني: ص 189 188.(14/92)
52 - مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ بنِ الأَزْهَرِ أَبُو بَكْرٍ البَصْرِيُّ *
المُسْنِدُ، المُعَمَّرُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ العَبْدِيُّ، البَصْرِيُّ، القَطَّانُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَعَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، وَغَيْرِهِمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَالقَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَعُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَبَنْكَ، وَجَمَاعَةٌ سِوَى هَؤُلاَءِ مِمَّنْ أَخَذُوا عَنْهُ بِبَغْدَادَ.
ضَعَّفَهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصُّوْرِيُّ الحَافِظُ، وَكَانَ قَدْ نَزَلَ بَغْدَادَ.
قَالَ ابْنُ سَبَنْكَ: أَوَّلُ مَا كَتَبْتُ سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ عَنِ ابْنِ حُبَّانٍ، وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: جَاوَزَ مائَةَ عَامٍ فِيْمَا أَرَى.
وَ
53 - مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانِ بنِ بَكْرِ بنِ عَمْرٍو البَاهِلِيُّ البَصْرِيُّ **
نَزِيْلُ المُخَرِّمِ؛ مِنْ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: أُمَيَّةَ بنِ بِسْطَامَ، وَكَثِيْرِ بنِ يَحْيَى، وَكَامِلِ بنِ طَلْحَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ المِنْهَالِ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 232 231، الأنساب: 64 / ب، المنتظم: 6 / 127 126، العبر: 2 / 120 119، ميزان الاعتدال: 3 / 508، لسان الميزان: 5 / 115، شذرات الذهب: 2 / 237.
(* *) الإكمال لابن ماكولا: 2 / 308 307.(14/93)
كَأَنَّهُ الأَوَّلُ - إِنْ شَاءَ اللهُ - بِنَاءً عَلَى أَنَّ الأَزْهَرَ لَقَبٌ لِبَكْرِ بنِ عَمْرٍو، أَوْ هُوَ جَدٌّ أَعْلَىً لَهُ، أَوْ وَقَعَ وَهْمٌ فِي نَسَبِهِ.
وَقَدْ وَهِمَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ بنُ سَعِيْدٍ، فَقَالَ: مُحَمَّدُ بنُ حَبَّانَ - بِالفَتْحِ - حَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ.
قَالَ: وَبِضَمِّ الحَاءِ: مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ، حَدَّثَ عَنْهُ أَبُو قُتَيْبَةَ سَلْمُ بنُ الفَضْلِ.
قَالَ الصُّوْرِيُّ: هُمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ بِالضَّمِّ.
قُلْتُ: لَيْسَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ عَنْهُ سِوَى حَدِيْثٍ وَاحِدٍ عَنْ كَامِلِ بنِ طَلْحَةَ، أَوْرَدَهُ لَهُ فِي (مُعْجَمِهِ الأَوْسَطِ) ، وَ (مُعْجَمِهِ الأَصْغَرِ (1)) .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ: لَيْسَ بِذَاكَ.
قَالَ أَبُو نَصْرٍ بنُ مَاكُوْلاَ (2) :مُحَمَّدُ بنُ حَبَّانَ بنِ الأَزْهَرِ البَاهِلِيُّ - بِالفَتْحِ - رَوَى عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، وَعَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ النَّهْرَدَيْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ حَبَّانَ أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ.
ذَكَرَهُ عَبْدُ الغَنِيِّ، وَهُوَ مُتْقِنٌ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُ شَيْخِ شَيْخِهِ، وَكَانَ القَاضِي الذُّهْلِيُّ مِنَ المُتَثَبِّتِيْنَ، لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُ شُيُوخِهِ.
وَقَالَ الصُّوْرِيُّ: إِنَّمَا هُمَا وَاحِدٌ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: لاَ، بَلْ هُمَا اثْنَانِ، وَالنِّسْبَةُ تُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ الجَدُّ، فَإِنْ كَانَ شَيْخُنَا الصُّوْرِيُّ قَدْ أَتْقَنَهُ بِالضَّمِّ، فَقَدْ غَلِطَ فِي تَصَوُّرِهِ: أَنَّهُمَا هُمَا وَاحِدٌ، وَهُمَا اثْنَانِ، كُلٌّ مِنْهُمَا مُحَمَّدُ بنُ حبَّانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَتْقَنَهُ
__________
(1) 2 / 18 برقم (796) من طريقه ومن طريق معاذ بن المثنى قالا: حدثنا كامل بن طلحة الجحدري، حدثنا محمد بن عمر الأنصاري، عن محمد بن سيرين قال: قال رجل لأبي هريرة: قد أفتيتنا في كل شيء، يوشك أن تفتينا في الخرء، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من سل سخيمة على طريق من طرق المسلمين، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ". لم يروه عن محمد بن سيرين إلا محمد بن عمر.
(2) في " الإكمال " 2 / 306.(14/94)
فَالأَوَّلُ بِالفَتْحِ، وَهَذَا بِالضَّمِّ.
قُلْتُ: مَا قَالَ الصُّوْرِيُّ: هُمَا اثْنَانِ، إِلاَّ بِاعْتِبَارِ المُسَمَّيْنِ المَذْكُوْرَيْنِ، أَمَّا بِاعْتِبَارِ الرَّجُلِ الآخَرِ الَّذِي ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، فَيَصِيْرُوْنَ ثَلاَثَةً.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ بنِ بَكْرِ بنِ عَمْرٍو البَصْرِيُّ، نَزَلَ بَغْدَادَ فِي المُخَرِّمِ، وَحَدَّثَ عَنْ: أُمَيَّةَ بنِ بِسْطَامَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِنْهَالٍ، وَغَيرِهِمَا.
قُلْتُ: الظَّاهِرُ - كَمَا قُلْنَا - إِنَّهُمَا وَاحِدٌ، وَالَّذِي لاَ أَرْتَابُ فِيْهِ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ حُبَّانٍ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ، رَجُلٌ وَاحِدٌ مُعَمَّرٌ، وَهُوَ بِالضَّمِّ، وَقَدْ يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ أَبُوْهُ حبَّانُ بِالضَّمِّ وَبَالفَتْحِ - فَالله أَعْلَمُ -.(14/95)
الطَّبَقَةُ السَّابِعَةَ عَشَرَ
54 - الفِرْيَابِيُّ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ المُسْتَفَاضِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الوَقْتِ، أَبُو بَكْرٍ الفِرْيَابِيُّ (1) ، القَاضِي.
وُلِدَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَتَيْنِ.
وَقَالَ: أَوَّلُ مَا كَتَبْتُ الحَدِيْثَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
أَرَّخَ مَوْلِدَهُ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ.
قُلْتُ: ارْتَحَلَ مِنْ فِيْرِيَابَ (2) - وَهِيَ مَدِيْنَةٌ مِنْ بِلاَدِ التُّرْكِ - إِلَى بِلاَدِ مَا
__________
(*) فهرست ابن النديم: 324، تاريخ بغداد: 7 / 202 199، ترتيب المدارك: 3 / 188 187، الأنساب: 426 / ب، المنتظم: 6 / 125 124، معجم البلدان: 4 / 284، الكامل في التاريخ: 8 / 85، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 120 / 1، تذكر الحفاظ: 2 / 694 692: العبر: 2 / 119، دول الإسلام: 1 / 181، مرآة الجنان: 2 / 238، البداية والنهاية: 11 / 122 121، الديباج المذهب: 1 / 322 321، طبقات الحفاظ: 302 301، شذرات الذهب: 2 / 235، الرسالة المستطرفة: 48 47، شجرة النور الزكية: 1 / 77.
(1) بكسر الفاء، وسكون الراء، وفتح الياء، وبعد الالف باء موحدة: نسبة إلى " فارياب " بليدة بنواحي بلخ، ينسب إليها: الفريابي، والفاريابي، والفيريابي. انظر " اللباب " 2 / 427.
(2) انظر " معجم البلدان " لياقوت: 4 / 284.(14/96)
وَرَاءِ النَّهْرِ، وَخُرَاسَانَ، وَالعِرَاقِ، وَالحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالجَزِيْرَةِ، وَلَقِيَ الأَعْلاَمَ، وَتَمَيَّزَ فِي العِلْمِ، وَوَلِيَ قَضَاءَ الدِّيْنَوَرِ.
حَدَّثَ عَنْ: شَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَقُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَأَبِي جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيِّ، وَسُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَائِذٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ السَّامِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبِي قُدَامَةَ السَّرَخْسِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ مَوْهِبٍ الرَّمْلِيِّ، وَهَدِيَّةَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ المَرْوَزِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى الخَطْمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ خَالِدٍ العُثْمَانِيِّ، وَعَمْرِو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ البَرْمَكِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ أَيُّوْبَ الطَّالْقَانِيِّ، وَأَبِي كَامِلٍ الجَحْدَرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ عِيْسَى التُّسْتَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُعَاذٍ، وَأَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ، وَتَمِيْمِ بنِ المُنْتَصِرِ، وَأَبِي الأَصْبَغِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ يَحْيَى، وَمِنْجَابِ بنِ الحَارِثِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُصَفَّى، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ النَّافِعَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عدَيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ أَبِي العَقِبِ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، وَعَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِعٍ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ - وَالِدُ تَمَّامٍ الرَّازِيِّ - وَالحَسَنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ عُبَيْدِ اللهِ بنُ عَبْدِ(14/97)
الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، وَهُوَ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، وَقَعَ لَنَا مِنْ طَرِيْقِهِ (صِفَةُ المُنَافِقِ (1)) عَالِياً.
قَالَ الخَطِيْبُ (2) :جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ قَاضِي الدِّيْنَوَرِ كَانَ ثِقَةً، حُجَّةً، مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، وَمِنْ أَهْلِ المَعْرِفَةِ وَالفَهْمِ، طَوَّفَ شَرْقاً وَغَرْباً، وَلَقِيَ الأَعْلاَمَ.
وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ الزَّيَّاتِ، قَالَ: لَمَّا وَرَدَ الفِرْيَابِيُّ إِلَى بَغْدَادَ، اسْتُقْبِلَ بِالطَّيَّارَاتِ (3) ، وَالزَّبَازِبِ، وَوُعِدَ لَهُ النَّاسُ إِلَى شَارِعِ المَنَارِ لِيَسْمَعُوا مِنْهُ.
قَالَ: فَحَضَرَ مَنْ حُزِرُوا، فَقِيْلَ: كَانُوا نَحْوَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً، وَكَانَ المُسْتَمْلُوْنَ ثَلاَثَ مائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ نَفْساً.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَافِ: سَمِعْتُ الفِرْيَابِيَّ يَقُوْلُ:
كُلُّ مَنْ لَقِيْتُهُ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إِلاَّ مِنْ لَفْظِهِ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ شَيْخَيْنِ: أَبِي مُصْعَبٍ فَإِنَّهُ ثَقُلَ لِسَانُهُ، وَالمُعَلَّى بنِ مَهْدِيٍّ بِالمَوْصِلِ، وَكَتَبْتُ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيُّ: لَمَّا سَمِعْتُ مِنَ الفِرْيَابِيِّ، كَانَ فِي مَجْلِسِهِ مِنْ أَصْحَابِ المَحَابِرِ مَنْ يَكْتُبَ حُدُوْدَ عَشْرَةِ آلاَفِ إِنْسَانٍ، مَا بَقِيَ مِنْهُم غَيْرِي، هَذَا سِوَى مَنْ لاَ يَكْتُبُ.
ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي.
قُلْتُ: سَمَاعُهُ مِنْهُ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: كُنَّا نَشْهَدُ مَجْلِسَ جَعْفَرٍ الفِرْيَابِيِّ، وَفِيْهِ عَشْرَةُ آلاَفٍ، أَوْ أَكْثَرُ.
__________
(1) اسم الكتاب " صفة النفاق وذم المنافقين " وهو مطبوع.
(2) في " تاريخه " 7 / 200 199.
(3) كذا الأصل، وهي كذلك في " تاريخ بغداد " 7 / 201، أما في " تذكرة الحفاظ " فلفظه: " بالطبارات ".
والطيارات والزباب: ضرب من السفن. انظر الحاشية رقم (1) من الصفحة (53) من هذا الجزء.(14/98)
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) :الفِرْيَابِيُّ قَاضِي الدِّيْنَوَرِ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قَطَعَ الفِرْيَابِيُّ الحَدِيْثَ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ: دَخَلْتُ بَغْدَادَ وَالفِرْيَابِيُّ حَيٌّ، وَقَدْ أَمْسَكَ عَنِ التَّحْدِيْثِ، وَدَخَلْنَا عَلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَنَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ، كُنَّا نَرَاهُ حَسْرَةً.
قُلْتُ: نِعْمَ مَا صَنَعَ، فَإِنَّهُ أَنِسَ مِنْ نَفْسِهِ تَغَيُّراً، فَتَوَرَّعَ، وَتَرَكَ الرِّوَايَةِ.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ مِنْ شُيُوخِهِ: مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ البَصْرِيُّ.
فَأَنْبَأَنَا المُسْلِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَطَائِفَةٌ، عَنِ القَاسِمِ بنِ عَلِيٍّ:
أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ قُبَيْسٍ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ بنُ خَيْرُوْنَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُمَرَ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الخُرَاسَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو جُنَادَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يُؤْتَى يَوْمَ القِيَامَةِ بِنَاسٍ مِنَ النَّاسِ إِلَى الجَنَّةِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْهَا، وَاسْتَنْشَقُوا رِيْحَهَا ... ) ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (2) .
__________
(1) في " تاريخه " 7 / 199.
(2) وتمامه، "..ونظروا إلى قصورها وإلى ما أعد الله لهم فيها، نودوا: أن اصرفوهم عنها، لا نصيب لهم فيها.
قال: فيرجعون بحسرة ما رجع الاولون بمثلها، فيقولون: يا ربنا لو أدخلتنا النار قبل أن ترينا ما أريتنا من ثوابك وما أعددت لهم فيها؟ قال الله: ذلك أردت بكم، كنتم إذا خلوتم بي بارزتموني بالمعاصي العظائم، وإذا لقيتم الناس لقيتموهم مخبتين، تراؤون الناس خلاف ما في قلوبكم، هبتم الناس ولم تهابوني، أجللتم الناس ولم تجلوني، ركنتم للناس ولم تركنوا لي، فاليوم أذيقكم أليم العذاب مع ما حرمتم من الثواب ".
وهو حديث موضوع، فيه أبو جنادة واسمه: حصين بن مخارق متهم بالكذب كما قال المؤلف في " ميزانه " =(14/99)
ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ (1) :حَدَّثَنَاهُ جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرٌو مِثْلَهُ.
قَالَ القَاضِي أَبُو الطَّاهِرِ السَّدُوْسِيُّ: سَمِعْتُ الفِرْيَابِيَّ يَقُوْلُ:
كُلُّ مِنْ لَقِيْتُهُ بِخُرَاسَانَ وَالعِرَاقِ وَالأَمْصَارِ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إِلاَّ مِنْ لَفْظِهِ، إِلاَّ أَبَا مُصْعَبٍ - وَسَمَّى آخَرَ، يَعْنِي: مُعَلَّى بنَ مَهْدِيٍّ - فَإِنَّهُمَا كَانَا قَدْ كَبِرَا وَضَعُفَا.
قَالَ الحَافِظُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ: رَأَيْتُ مَجْلِسَ الفِرْيَابِيِّ يُحْزَرُ فِيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ مِحْبَرَةٍ، وَكَانَ الوَاحِدُ (2) يَحْتَاجُ أَنْ يَبِيْتَ فِي المَجْلِسِ، لِيَجِدَ مَعَ الغَدِ مَوْضِعاً.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: كَانَ الفِرْيَابِيُّ مَأْمُوْناً، مَوْثُوقاً بِهِ.
وَقَالَ القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: جَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ ثِقَةٌ، مُتْقِنٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَاتَ الفِرْيَابِيُّ فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ: تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الأَرْبعَاءِ، فِي مُحَرَّمٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
قَالَ: وَكَانَ قَدْ حَفَرَ لِنَفْسِهِ قَبْراً فِي مَقَابِرِ أَبِي أَيُّوْبَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِخَمْسِ سِنِيْنَ، وَلَمْ يُقْضَ أَنْ يُدْفَنَ فِيْهِ.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ: مَاتَ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنَ المُحَرَّمِ.
وَأَمَّا عِيْسَى الرُّخَّجِيُّ، فَقَالَ: مَاتَ لأَرْبَعٍ بَقِيْنَ مِنَ المُحَرَّمِ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: قَوْلُ عِيْسَى هُوَ الصَّحِيْحُ.
كَذَلِكَ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ.
__________
= 4 / 511، وقال الدارقطني: " يضع الحديث ". وذكره ابن حبان في " المجروحين " 3 / 155 فقال: " لا تجوز الرواية عنه، ولا الاحتجاج به إلا على سبيل الاعتبار "، ثم أورد له هذا الحديث.
(1) هو محمد بن عبد الله المذكور في سند الحديث.
(2) زيادة يقتضيها السياق.(14/100)
وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ الجَعْدِ الوَشَّاءُ البَغْدَادِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيُّ، وَالحَافِظُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ الهِسِنْجَانِيُّ، وَالحَافِظُ بَكْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُقْبِلٍ البَصْرِيُّ، وَمُقْرِئُ بَغْدَادَ الحَسَنُ بنُ الحُبَابِ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو مَعْشَرٍ الحَسَنُ بنُ سُلَيْمَانَ الدَّارِمِيُّ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ الهَرَوِيُّ، وَالحَافِظُ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَاجِيَةَ البَرْبَرِيُّ بِبَغْدَادَ، وَشَيْخ الحَرَمِ عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ المَكِّيُّ الزَّاهِدُ، وزَاهِدُ دِمَشْقَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَيِّدِ حَمْدُوَيْه، وَمُسْنِدُ العِرَاقِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ حُبَّانَ - بِضَمِّ الحَاءِ - البَاهِلِيُّ.
مَشْيَخَةٌ عَلَى (المُعْجَمِ) لِلْفِرْيَابِيِّ، التَقَطَهُم شَيْخُنَا المِزِّيُّ:
إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ السَّامِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيُّ الخَلاَّلُ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ دَنُوْقَا، إِبْرَاهِيْمُ بنُ العَلاَءِ الزُّبَيْدِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الفِرْيَابِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِشَامِ بنِ يَحْيَى الغَسَّانِيُّ.
أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ الزَّاهِدُ، أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الخَلاَّلُ - بَغْدَادِيٌّ - أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، أَحْمَدُ بنُ أَبِي العَتَكِيِّ(14/101)
السَّمَرْقِنْدِيُّ، أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى المِصْرِيُّ، أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، أَحْمَدُ بنُ الفُرَاتِ الرَّازِيُّ، أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيُّ، أَحْمَدُ بنُ مَنِيْعٍ البَغَوِيُّ، أَحْمَدُ بنُ الهَيْثَمِ.
إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حَبِيْبٍ، إِسْحَاقُ بنُ بُهْلُوْلٍ الأَنْبَارِيُّ، إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه الحَافِظُ، إِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ الحَرْبِيُّ، إِسْحَاقُ بنُ سَيَّارٍ النَّصِيْبِيُّ، إِسْحَاقُ بنُ مَنْصُوْرٍ الكَوْسَجُ، إِسْحَاقُ بنُ مُوْسَى الخَطْمِيُّ.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَيْفٍ الرِّيَاحِيُّ، إِسْمَاعِيْلُ بنُ عُبَيْدٍ بنِ أَبِي كَرِيْمَةَ، أُمَيَّةُ بنُ بِسْطَامَ العَيْشِيُّ.
بِشْرُ بنُ هِلاَلٍ، بَكْرُ بنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ.
تَمِيْمُ بنُ المُنْتَصِرِ.
حِبَّانُ بنُ مُوْسَى المَرْوَزِيُّ، حَجَّاجُ بنُ الشَّاعِرِ، الحَسَنُ بنُ سَهْلٍ الخَيَّاطُ، الحَسَنُ بنُ الصَّبَّاحِ البَزَّارُ، الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ، الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عَلِيٍّ، الحُسَيْنُ بنُ عِيْسَى القُوْمِسِيُّ، الحَكَمُ بنُ مُوْسَى البَغْدَادِيُّ، حَكِيْمُ بنُ سَيْفٍ، حُمَيْدُ بنُ مَسْعَدَةَ السَّامِيُّ، حَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ.
خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ.
دَاوُدُ بنُ مِخْرَاقٍ الفِرْيَابِيُّ.
رَجَاءُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّقَطِيُّ، رَوْحُ بنُ الفَرَجِ أَبُو الزِّنْبَاعِ، رِيَاحُ بنُ الفَرَجِ الدِّمَشْقِيُّ.
زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى البَلْخِيُّ، زَيْدُ بنُ أَخْزَمَ، أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بنُ حَرْبٍ، زِيَادُ بنُ يَحْيَى الحَسَّانِيُّ.
سُرَيْجُ بنُ يُوْنُسَ العَابِدُ، سَعِيْدُ بنُ يَعْقُوْبَ الطَّالْقَانِيُّ، سَلاَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ المَقْدِسِيُّ، سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو أَيُّوْبَ، سُوَيْدُ بنُ(14/102)
سَعِيْدِ الحَدَثَانِيُّ، سُلَيْمَانُ بنُ معَبْدٍ السِّنْجِيُّ.
شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ الأُبُلِّيُّ.
صَفْوَانُ بنُ صَالِحٍ المُؤَذِّنُ.
طَاهِرُ بنُ خَالِدِ بنِ نِزَارٍ الأَيْلِيُّ.
عَاصِمُ بنُ النَّضْرِ الأَحْوَلُ، العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ العَظِيْمِ العَنْبَرِيُّ، العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيُّ، العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ مَزْيَدٍ، العَبَّاسُ بنُ الوَلِيْدِ النَّرْسِيُّ.
عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ البَرْمَكِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زِيَادٍ القَطَوَانِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ الحِمْصِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ بنِ أَبَانٍ الجُعْفِيُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَمْرِو بنِ أَبِي سَعِيْدٍ الوَرَّاقُ، عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي شَيْبَةَ أَبُو بَكْرٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلاَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ وَهْبٍ.
عَبْدُ الأَعْلَى بنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بَيَانٍ، عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ حَبِيْبٍ الفِرْيَابِيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ دُحَيْمٌ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ، عَبْدُ السَلاَّمِ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ بِحَرَّانَ، عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي يَحْيَى الحَرَّانِيُّ، عَبْدُ المَلِكِ بنُ حَبِيْبٍ المَصِّيْصِيُّ، عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ غِيَاثٍ.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ سَعِيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ القَوَارِيْرِيُّ، عُبَيْدُ اللهِ بنُ مُعَاذٍ، عُبَيْدُ بنُ هِشَامٍ أَبُو نُعَيْمٍ، عُثْمَانُ بنُ أَبِي شَيْبَةَ، عِصَامُ بنُ الحُسَيْنِ الجُوْزَجَانِيُّ، عُقْبَةُ بنُ مُكْرِمٍ العَمِّيُّ، عُقْبَةُ بنُ مُكْرِمٍ الضَّبِّيُّ.
عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ الأَوْدِيُّ، عَلِيُّ بنُ حَكِيْمٍ السَّمَرْقِنْدِيُّ، عَلِيُّ بنُ سَهْلِ بنِ المُغِيْرَةِ، عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ المَدِيْنِيِّ، عَلِيُّ بنُ مَيْمُوْنٍ الرَّقِّيُّ، عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ الجَهْضَمِيُّ.
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ، عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، عَمْرُو بنُ عَبْدُوْسٍ الإسْكَنْدَرَانِيُّ، عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ الحِمْصِيُّ، عَمْرُو بنُ عَلِيٍّ الفَلاَّسُ، عَمْرُو بنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، عَمْرُو بنُ(14/103)
هِشَامٍ الحَرَّانِيُّ، عَنْبَسَةُ بنُ سَعِيْدٍ الشَّاشِيُّ أَبُو المُنْذِرِ، عِيْسَى بنُ مُحَمَّدٍ أَبُو عُمَيْرٍ الرَّمْلِيُّ.
الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ، الفَضْلُ بنُ مُقَاتِلٍ البَلْخِيُّ، فُضَيْلٌ أَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِيُّ.
القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ.
مُحَمَّدُ بنُ آدَمَ المَصِّيْصِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الجُنَيْدِ، مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ أَبُو حَاتِمٍ، مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ أَبُو بَكْرٍ الصَّغَانِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الرَّافِعِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ التِّرْمِذِيُّ.
مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ، مُحَمَّدُ بنُ بَكَّارٍ العَيْشِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ حَاتَمٍ بِطَرَسُوْسَ، مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ النَّشَائِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ البَلْخِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ خَلاَّدٍ البَاهِلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي السَّرِيِّ العَسْقَلاَنِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ سمَاعَةَ الرَّمْلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ كَعْبٌ الذَّارِعُ، مُحَمَّدُ بنُ الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيُّ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادٍ المَكِّيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عُبَادَةَ الوَاسِطِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ بَكَّارٍ البُسْرِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ المَوْصِلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَائِذٍ الدِّمَشْقِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ زَنْجَوَيْه، مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ.
مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابِ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَتَّابٍ الأَعْيَنُ، مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ العُثْمَانِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ عَزِيْزٍ الأَيْلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ العَلاَءِ أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ.
مُحَمَّدُ بنُ فَرْقَدٍ الجَزَرِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ مَاهَانَ المَصِّيْصِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى الزَّمِنُ، مُحَمَّدُ بنُ مُجَاهِدٍ، مُحَمَّدُ بنُ مُصَفَّى الحِمْصِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ مَهْدِيٍّ الأَيْلِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ وَزِيْرٍ الوَاسِطِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَدَنِيُّ.
مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ، مُزَاحِمُ بنُ سَعِيْدٍ المَرْوَزِيُّ، المُسَيَّبُ بنُ وَاضِحٍ، مُطَّلِبُ(14/104)
بنُ شُعْبَةَ المِصْرِيُّ، مُعَلَّى بنُ مَهْدِيٍّ المَوْصِلِيُّ، المُغِيْرَةُ بنُ مَعْمَرٍ، مِنْجَابُ بنُ الحَارِثِ التَّمِيْمِيُّ، مُوْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَلاَّءُ، مُوْسَى بنُ السِّنْدِيِّ، مُوْسَى بنُ حَيَّانَ، مَيْمُوْنُ بنُ أَصْبَغَ.
نَافِعُ بنُ خَالِدٍ الطَّاحِيُّ، نَصْرُ بنُ عَاصِمٍ، نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ.
هَارُوْنُ بنُ إِسْحَاقَ، هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَمَّالُ، هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ القَيْسِيُّ، هَدِيَّةُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، هُرَيْمُ بنُ مِسْعَرٍ التِّرْمِذِيُّ، هِشَامُ بنُ خَالِدٍ الأَزْرَقُ، هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ أَبُو تَقِيٍّ، هِشَامُ بنُ عَمَّارٍ، هَنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، الهَيْثَمُ بنُ أَيُّوْبَ الطَّالْقَانِيُّ.
الوَلِيْدُ بنُ شُجَاعٍ أَبُو هَمَّامٍ، الوَلِيْدُ بنُ عُتْبَةَ الدِّمَشْقِيُّ، الوَلِيْدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مُسَرَّحٍ، وَهْبُ بنُ بَقِيَّةَ.
أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بنُ خَلَفٍ، يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ المَقَابِرِيُّ، يَحْيَى بنُ عَمَّارٍ المَصِّيْصِيُّ، يَزِيْدُ بنُ خَالِدِ بنِ مَوْهَبٍ، يَعْقُوْبُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيُّ، يَعْقُوْبُ بنُ حُمَيْدِ بنِ كَاسِبٍ، يُوْسُفُ بنُ الفَرَحِ الكِشِّيُّ، يُوْنُسُ بنُ حَبِيْبٍ الأَصْبَهَانِيُّ، أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي النَّضْرِ الفِرْيَابِيُّ: هُوَ عَبْدُ اللهِ (1) بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ الهَمَذَانِيِّ، أَخْبَرَكُمُ الفَتْحُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الأُرْمَوِيُّ، وَأَبُو غَالِبٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الطَّرَائِفِيُّ، قَالُوا:
أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ المُسْلِمَةِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ
__________
(1) في الأصل " عبيد الله " والتصويب من " مشتبه " الذهبي، و" توضيح " ابن ناصر، و" تبصير " ابن حجر.(14/105)
سَنَةَ ثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ سَنَة ثَمَانٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَثُلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ (1)) .
أَخْرَجَهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، عَنْ هُدْبَةَ بِتَمَامِهِ.
فصل:
وَفِي العُلَمَاءِ جَمَاعَةٌ، اسْمُهُم: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ مَرَّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ، وَأَجَلُّهُم:
جَعْفَرٌ الصَّادِقُ: كَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ الثَّعْلَبِيُّ: كُوْفِيٌّ، صَدُوْقٌ، خَرَّجَ لَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَبَقَةِ أَبِي كُرَيْبٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْلٍ الرَّسْعَنِيُّ: شَيْخٌ، ثِقَةٌ، مِنْ مَشْيَخَةِ التِّرْمِذِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الهُذَيْلِ الكُوْفِيُّ القَنَّادِ: مِنْ شُيُوْخِ النَّسَائِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيُّ: نَزِيْلُ حَرَّانَ، يَرْوِي عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَطَبَقَتِهِ.
__________
(1) قطعة من حديث أخرجه البخاري: 9 / 59 58 في فضائل القران: باب فضل القرآن على سائر الكلام، و86: باب إثم من راءى بقراءة القرآن، و481 في الاطعمة: باب ذكر الطعام، و13 / 447 في التوحيد: باب قراءة الفاجر والمنافق، وأخرجه مسلم (797) في صلاة المسافرين: باب فضيلة حافظ القرآن، ولفظ الحديث بتمامه: " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الاترجة: طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة: طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: طعمها مر ولا ريح لها ". وأخرجه أيضا أبو داود (4829) والترمذي (2865) والنسائي: 8 / 125 124، والفريابي في " ذم النفاق ".
ص 54.(14/106)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيُّ الوَرَّاقُ: يَرْوِي عَنْ يَعْلَى بنِ عُبَيْدٍ، وَعِدَّةٍ، ثِقَةٌ، مُجَوِّدٌ، أَخَذَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، وَالمَحَامِلِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ رَبَالٍ: يَرْوِي عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَامِرٍ الضُّبَعِيِّ، ثِقَةٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ القُوْمِسِيُّ: يَرْوِي عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ مُوْسَى، وَعِدَّةٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نُوْحٍ: يَرْوِي عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى بنِ الطَّبَّاعِ، ثِقَةٌ كَبِيْرٌ، نَزَلَ مُرَابِطاً بِأَذَنَةَ، حَدَّثَ عَنْهُ: البَرْدِيْجِيُّ، وَالأَصَمُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ السَّامَرِّيُّ البَزَّازُ: حَدَّثَ عَنْ: أَبِي نُعَيْمٍ، وَقَبِيْصَةَ، حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ الصَّفَّارُ، صَدُوْقٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُرْوَةَ النَّيْسَابُوْرِيُّ: سَمِعَ: حَفْصَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالجَارُوْدَ بنَ يَزِيْدِ، قَدِيْمُ المَوْتِ، مَحَلُّهُ الصِّدْقُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ القَعْقَاعِ: بِبَغْدَادَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ وَطَبَقَتِهِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المُنَادِي: عَنْ عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ وَأَقرَانِهِ، رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ أَبُو الحُسَيْنِ أَحْمَدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ المُنَادِي، وَغَيْرُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَاكِرٍ البَغْدَادِيُّ الصَّائِغُ: العَبْدُ الصَّالِحُ، سَمِعَ: أَبَا نُعَيْمٍ، وَعَفَّانَ، ثِقَةٌ، مُتْقِنٌ، شَهِيْرٌ، عَوَالِيهِ فِي (الغَيْلاَنِيَّاتِ) (1) .
__________
(1) والغيلانيات: أحد عشر جزءا، تخريج الدارقطني، من حديث أبي بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي الشافعي البزار، الامام الحجة، المفيد، والمتوفى سنة أربع وخمسين وثلاث مئة.
وهو القدر المسموع لأبي طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزار المتوفى سنة أربعين وأربع مئة من أبي بكر المذكور.
وهي من أعلى الحديث وأحسنه. انظر: " عبر الذهبي " 2 / 301، و" الرسالة المستطرفة " ص 93 92.(14/107)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ، أَبُو يَحْيَى الزَّعْفَرَانِيُّ الرَّازِيُّ: حَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُوْسَى الفَرَّاءِ، وَطَبَقَتِهِ، ثِقَةٌ، مُفَسِّرٌ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَجَّاجِ الرَّقِّيُّ القَطَّانُ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، وُثِّقَ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَمَّادٍ، أَبُو الفَضْلِ الرَّمْلِيُّ القَلاَنِسِيُّ: عَنْ عَفَّانَ وَآدَمَ، لَقِيَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَخَيْثَمَةُ، صَدُوْقٌ، عَابِدٌ، كَبِيْرُ القَدْرِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي عُثْمَانَ الطَّيَالِسِيُّ البَغْدَادِيُّ: حَافِظٌ، نَبِيْلٌ، يُكْنَى: أَبَا الفَضْلِ، عَنْ: عَفَّانَ، وَعَارِمٍ، وَطَبَقَتِهِمَا، رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَنْدَقِيُّ الخَبَّازُ: يَرْوِي عَنْ: خَالِدِ بنِ خِدَاشٍ، وَطَبَقَتِهِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَرْبٍ العَبَّادَانِيُّ: عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ، وَطَبَقَتِهِ، حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرٌ الخُلْدِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كُزَالٍ السِّمْسَارُ: عَنْ: عَفَّانَ، وَسَعْدَوَيْه، رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَالطَّسْتِيُّ، لَيْسَ بِمُتْقِنٍ، يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَكْرٍ البَالِسِيُّ: سَمِعَ: النُّفَيْلِيَّ، وَالحَكَمَ بنَ مُوْسَى.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَاشِمٍ المُؤَدِّبُ: عَنْ عَفَّانَ، لَحِقَهُ الطَّسْتِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ البَلْخِيُّ المُؤَدِّبُ الوَرَّاقُ: عَنْ: سَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَابْنِ حُمَيْدٍ.(14/108)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ ابْنُ الحَمَّارِ: يَرْوِي عَنْ: يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، وَغَيْرِهِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَرَفَةَ المُعَدَّلُ: بَغْدَادِيٌّ، مِنْ مَشْيَخَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّسْتِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شَرِيْكٍ: أَصْبَهَانِيٌّ، عَنْ لُوَيْنٍ، وَعَنْهُ: أَبُو الشَّيْخِ، وَالعَسَّالُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ بنِ بُرَيْقٍ المُخَرِّمِيُّ: عَنْ خَلَفٍ البَزَّارِ، وَعَنْهُ: الطَّبَرَانِيُّ، وَغَيْرُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَمَانٍ المُؤَدِّبُ: عَنْ أَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَعَنْهُ: الشَّافِعِيُّ (1) .
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّاطُ صَاحِبُ أَبِي ثَوْرٍ: رَوَى عَنْهُ: عُثْمَانُ بنُ السَّمَّاكِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَاجِدٍ: بَغْدَادِيٌّ، مِنْ شُيُوْخِ الطَّبَرَانِيِّ، لاَ أَعْرِفُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفُرَاتِ الكَاتِبُ: أَخُو الوَزِيْرِ الشَّهِيْرِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ: بَغْدَادِيٌّ، عَنْ وَهْبِ بنِ بَقِيَّةَ، وَعَنْهُ الإِسْمَاعِيْلِيُّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزْدِيْنَ، أَبُو الفَضْلِ السُّوْسِيُّ: عَنْ: عَلِيِّ بنِ بَحْرٍ القَطَّانِ، وَسَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَعَنْهُ: الحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ، وَالمِصْرِيُّونَ، صَدُوْقٌ.
__________
(1) يعني أبا بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي الشافعي البزار.(14/109)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ اللَّيْثِ الزِّيَادِيُّ: بَصْرِيٌّ، عَنْ مُسْلِمِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، وَطَبَقَتِهِ، تَأَخَّرَ حَتَّى لَقِيَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَأَقْرَانُهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى القُبُوْرِيُّ: بَغْدَادِيٌّ، ثِقَةٌ، سَمِعَ سُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ، وَعَنْهُ: الشَّافِعِيُّ (1) ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، أَبُو الفَضْلِ الحِمْيَرِيُّ الزَّاهِدُ: قَاضِي نَسَفَ، رَوَى عَنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَطَائِفَةٍ، لَيْسَ بِمَشْهُوْرٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُتَيْبٍ، أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ السُّكَّرِيُّ: حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مَعْمَرٍ القَيْسِيِّ، وَطَبَقَتِهِ، رَوَى عَنْهُ: ابْنُ المُظَفَّرِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الأَصْبَهَانِيُّ التَّاجِرُ الأَعْوَرُ: عَنِ: ابْنِ عَرَفَةَ، وَالزَّعْفَرَانِيِّ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدٍ البَغْدَادِيُّ: سَمِعَ مَحْمُوْدَ بنَ خِدَاشٍ، صَدُوْقٌ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ العَبَّاسِ الكَرْخِيُّ: عَنْ: جُبَارَةَ بنِ المُغَلِّسِ، وَطَائِفَةٍ، حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَدِيِّ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: مِصْرِيٌّ، سَمِعَ: حَرْمَلَةَ، وَغَيْرَهُ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَشَّارِ بنِ أَبِي العَجُوْزِ: عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ خِدَاشٍ، حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيُّ، وَابْنُ شَاهِيْنٍ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ الصَّنْدَلِيُّ الزَّاهِدُ: عَنِ: الزَّعْفَرَانِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حَرْبٍ.
__________
(1) هو الشافعي البزار. انظر التعليق السابق.(14/110)
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُغَلِّسِ البَغْدَادِيُّ: عَنْ حَوْثَرَةَ المِنْقَرِيِّ.
وَخَلْقٌ سِوَى هَؤُلاَءِ مِنَ المُتَأَخِّرِيْنَ بِهَذَا الاسْمِ.
وَلَكِنَّ جَعْفَرَ بنَ مُحَمَّدٍ ?لخُرَاسَانِيَّ - الَّذِي هُوَ الفِرْيَابِيُّ - يَشْتَبِهُ بِهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ:
جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنِ بنِ طُغَانَ، أَبُو الفَضْلِ النَّيْسَابُوْرِيُّ المَعْرُوْفُ بِالتُّرْكِ (1) :ثِقَةٌ، حَافِظٌ، ثَبْتٌ، سَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَابْنِ رَاهْوَيْه، وَالنَّاسِ، وَعَنْهُ: ابْنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَوَّارٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الحَافِظُ (2) :رَحَلَ، وَكَتَبَ عَنْ: قُتَيْبَةَ، وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَأَقْرَانِهِمَا، كَبِيْرُ القَدْرِ.
فَيَجُوْزُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يَكُوْنُ هُوَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الأَزْدِيُّ المَذْكُوْرُ، فَإِنَّهُمَا وَجَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الفِرْيَابِيُّ طَبَقَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَلَنَا: جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَعْرَجُ (3) ، وَيُقَالُ لَهُ: جَعْفَرَكُ المُفِيْدُ، هُوَ أَصْغَرُ مِنَ الثَّلاَثَةِ، يَرْوِي عَنِ: الحَسَنِ بنِ عَرَفَةِ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، مَاتَ بِحَلَبَ، رَوَى عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ.
55 - ابْنُ سَيِّدِ حَمْدُوَيْه مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُم *
الإِمَامُ، العَارِفُ، شَيْخُ العُبَّادِ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سَيِّدِ حَمْدُوَيْه
__________
(1) سبقت ترجمته في الصفحة (46) من هذا الجزء.
(2) وثقه الخطيب البغدادي في " تاريخه " 7 / 191 وقال: توفي في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين ومئتين.
(3) ستأتي ترجمته في الصفحة (265) من هذا الجزء.
(*) تاريخ ابن عساكر: 14 / 345 / ب.(14/111)
الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمْ - وَقِيْلَ: مَوْلَى بَنِي تَمِيْمَ الصُّوْفِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ، صَاحِبُ الأَحْوَالِ وَالكَشْفِ.
صَحِبَ قَاسِماً الجُوْعِيَّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ، وَعَنْ شُعَيْبِ بنِ عَمْرٍو، وَمُؤَمَّلِ بنِ يِهَابٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دُجَانَةِ، وَأَبُو زُرْعَةَ أَخُوْهُ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ، وَأَبُو هَاشِمٍ المُؤَدِّبُ، وَآخَرُوْنَ.
وَالزَّاهِدُ أَبُو صَالِحٍ البَابْشرْقِيُّ، وَكَانَ يُلَقَّبُ بِالمُعَلِّمِ.
قَالَ ابْنُ النَّاصِحِ: أَقَامَ خَمْسِيْنَ سَنَةً مَا استَنَدَ، وَلاَ مَدَّ رِجْلَهُ هَيْبَةً للهِ تَعَالَى.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ بَسَطَ رِدَاءهُ عَلَى المَاءِ عِنْد الْحَد عشريَّة (1) وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَمْ يَبْتَلَّ الرِّدَاءُ، رَوَاهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ عُمَرَ بنِ البُرِّيِّ، فَالله أَعْلَمُ.
وَقِيْلَ: كَانَتْ تُطْوَى لَهُ الأَرْضُ.
استَوْفَى ابْنُ عَسَاكِرَ أَخْبَارَهُ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ - وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ.
56 - ابْنُ بَسَّامٍ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ *
العَلاَّمَةُ، الأَدِيْبُ، البَلِيْغُ، الأَخْبَارِيُّ، صَاحِبُ الكُتُبِ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ
__________
(1) والمقصود بالماء هنا نهر بردى فإنه يمر بهذا المكان الذي هو بداية غوطة دمشق الشرقية.
(*) مروج الذهب: 2 / 509 504، معجم الشعراء: 154، فهرست ابن النديم: 214، تاريخ بغداد: 12 / 63، الأنساب: 80 / أ، معجم الأدباء: 14 / 152 139، وفيات الأعيان: 3 / 363، فوات الوفيات: 3 / 92، مرآة الجنان: 2 / 239 238، البداية والنهاية: 11 / 126 125، النجوم الزاهرة: 3 / 190 189، مفتاح السعادة 1 / 191.(14/112)
بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرِ بنِ مَنْصُوْرِ بنِ بِسَامٍ البَغْدَادِيُّ الشَّاعِرُ.
يَرْوِي فِي تَصَانِيْفِهِ عَنِ الزُّبَيْرِ بنِ بَكَّارِ، وَعُمَرَ بنِ شَبَّةَ وَطَبَقَتِهِمَا.
وَعَنْهُ: الصُّوْلِيُّ، وَأَبُو سَهْلٍ القَطَّانُ، وَزِنْجِيُّ الكَاتِبُ.
وَلهُ هِجَاءٌ خَبِيْثٌ فِي أَبِيْهِ، وَفِي الخُلَفَاءِ وَالوُزَرَاءِ.
وَهُوَ القَائِلُ فِي المُعْتَضِدِ:
تَرَكَ النَّاسَ بِحَيْرَه ... وَتَخَلَّى فِي البُحَيْرَه
قَاعِداً يَضْرِبُ بِالطَّبْـ ... ـلِ عَلَى حِرِّ دُرَيْره (1)
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
57 - الحُسَيْنُ بنُ إِدْرِيْسَ بنِ مُبَارَكِ بنِ الهَيْثَمِ الأَنْصَارِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّالُ، أَبُو عَلِيٍّ الأَنْصَارِيُّ الهَرَوِيُّ، كَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَفهْمٍ.
حَدَّثَ عَنْ: سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ، وَخَالِدِ بنِ هيَّاجٍ، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَطَبَقَتِهِمْ.
حَدَّثَ عَنْهُ: بِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَنِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ العَبَّاسِ، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ
__________
(1) البيتان مع خبر طريف في " معجم الأدباء " 14 / 144 143.
(*) الجرح والتعديل: 3 / 47، الأنساب: 589 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 120 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 696 695، العبر: 2 / 119، ميزان الاعتدال: 1 / 531 530، الوافي بالوفيات: 12 / 340، لسان الميزان: 2 / 273 272، النجوم الزاهرة: 3 / 184، طبقات الحفاظ: 302، شذرات الذهب: 2 / 235، تهذيب ابن عساكر: 4 / 288.(14/113)
حِبَّانَ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ المُفَسِّرُ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خميرويه، وَالهَرَوِيُّوْنَ.
وَلهُ تَارِيْخٌ كَبِيْرٌ وَتَصَانِيْفُ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ (1) :يُعْرَفُ بِابْنِ خُرَّمٍ، كَتَبَ إِلَيَّ بِجُزْءٍ مِنْ حَدِيْثِهِ، عَنْ خَالِدِ بنِ هَيَّاجِ بنِ بِسْطَامٍ، فِيْهِ بَوَاطِيْلُ، فَلاَ أَدْرِي: البَلاَءُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ خَالِدٍ؟
قُلْتُ: بَلْ مِنْ خَالِدٍ، فَإِنَّهُ ذُو مَنَاكِيرَ، عَنْ أَبِيْهِ، وَأَمَّا الحُسَيْنُ فَثِقَةٌ حَافِظٌ.
أَرَّخَ مَوْتَهُ أَبُو النَّضْرِ الفَامِيُّ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَعَلَّهُ جَاوَزَ التِّسْعِيْنَ.
58 - السَّامِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَرَوِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَرَوِيُّ.
سَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيَّ وَطَبَقَتَهُ بِالكُوْفَةِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ أَبِي أُوَيْسٍ وَغَيْرَهُ بِالمَدِيْنَةِ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَطَبَقَتَهُ بِبَغْدَادَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدٍ
__________
(1) في " الجرح والتعديل " 3 / 47.
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 698 697، العبر: 2 / 120، الوافي بالوفيات: 3 / 226، طبقات الحفاظ: 304، شذرات الذهب: 2 / 235.(14/114)
الشَّافِعِيَّ بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُوْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُقَاتِلِ المَرْوَزِيَّ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ فِي (صَحِيْحِهِ) وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ النَّضْرَوِيُّ، وَبِشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُزَنِيُّ، وَسَائِرُ عُلَمَاءِ هَرَاةَ.
مَاتَ: فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ عَلَى الأَصحِّ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَقَدْ قَارَبَ المائَةَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَرِيْكٍ الأَسَدِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مِتَّوَيْهُ، وَأَبُو قُصَيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ العُذْرِيُّ، وحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الكَاتِبُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ الصَّقْرِ السُّكَّرِيُّ.
59 - الهِسِنْجَانِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ بنِ خَالِدِ بنِ سُوَيْدٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو إِسْحَاقَ الرَّازِيُّ، الهِسِنْجَانِيُّ.
__________
(*) الأنساب: 590 / ب، تاريخ ابن عساكر: 2 / 286 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 120 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 692، العبر: 2 / 118، الوافي بالوفيات: 6 / 172، طبقات الحفاظ: 301 300، شذرات الذهب: 2 / 235، الرسالة المستطرفة: 70، تهذيب ابن عساكر: 2 / 311.
(1) بكسر الهاء والسين المهملة، وسكون النون، وفتح الجيم، وبعد الالف نون ثانية هذه النسبة إلى قرية من قرى الري يقال لها: هسنكان، فعربت فقيل: هسنجان. انظر " اللباب " 3 / 388.(14/115)
سَمِعَ: طَالُوْتَ بنَ عَبَّادٍ، وَعَبْدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ النَّرْسِيَّ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَعَبْدَ الوَاحِدِ بنَ غِيَاثٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو العُقَيْلِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ مَطَرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ وَالِدُ تَمَّامِ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ، الحُفَّاظُ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الدَّيْلَمِيُّ، وَالعَبَّاسُ بنُ الحُسَيْنِ الصَّفَّارُ خَاتِمَةُ أَصْحَابِهِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ الثِّقَةُ المَأْمُوْنُ.
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الخَلِيْلِيّ فِي (إِرْشَادِهِ) :لِلهِسِنْجَانِيِّ (مُسْنَدٌ) يَزِيْدُ عَلَى مائَةِ جُزْءٍ، رَوَاهُ عَنْهُ مَيْسَرَةُ بنُ عَلِيٍّ القَزْوِيْنِيُّ.
وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ: مَاتَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى عِيْسَى بنِ عَبْدِ المُنْعِمِ المُؤَدِّبِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَحْمَدَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بنُ ثَابِتِ بنِ بُنْدَارٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الإِمَامُ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ، وَأَبُو يَعْلَى، قَالُوا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1) عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ، فَوَافَقْنَاهُ.
__________
(1) برقم (3) . وهو حديث متواتر، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من سبعين صحابيا.
انظر " الجامع الصغير " و" الأسرار المرفوعة في الاخبار الموضوعة " لعلي القاري: ص 34 4.(14/116)
وَقَدْ رَوَى الهِسِنْجَانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ كِتَابَ (الزُّهْدِ) ، وَرَوَى عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَجَمَعَ فَأَوعَى.
60 - الإِسْمَاعِيْلِيُّ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مِهْرَانَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الرَّحَّالُ، الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ مِهْرَانَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، المَعْرُوْفُ بِالإِسْمَاعِيْلِيُّ.
وَهَذَا أَقْدَمُ مِنْ شَيْخِ الشَّافِعِيَّة بجُرْجَانَ أَبِي بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيِّ (1) .
سَمِعَ هَذَا الكَبِيْرُ (2) مِنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَحَرْمَلَةَ ابْنِ يَحْيَى، وَعِيْسَى بنِ زُغْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ، وَأَبِي حُمَةَ مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ الزُّبَيْدِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ رُمْحٍ، وَأَبِي نُعَيْمٍ الحَلَبِيِّ، وَدُحَيْمٍ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَطَبَقَتِهِم، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيْقُهَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ، وَابْنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الأَخْرَمِ، وَدَعْلَجُ السِّجْزِيُّ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْدٍ، وَعَلِيُّ بنُ حَمْشَاذ، وَوَلَدُهُ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ أَحَدُ أَركَانِ الحَدِيْثِ بِنَيْسَابُوْرَ: كَثْرَةً، وَرِحْلَةً،
__________
(*) الأنساب: 36 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 118 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 683 682، العبر: 2 / 103، ميزان الاعتدال: 3 / 485، مرآة الجنان: 2 / 225، لسان الميزان: 5 / 82 81، طبقات الحفاظ: 297 296، شذرات الذهب: 2 / 221.
(1) هو الحافظ أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل، أبو بكر الاسماعيلي، الفقيه الشافعي الجرجاني المتوفى سنة 376.
قال الحاكم: " كان الاسماعيلي واحد عصره، وشيخ المحدثين والفقهاء، وأجلهم في الرياسة والمروءة والسخاء ". وسترد ترجمته. وهو مترجم في " تذكرة الحفاظ " 3 / 951 947، " تاريخ جرجان " للسهمي ص 77 69.
(2) يعني صاحب الترجمة، لأنه أقدم من الحافظ أبي بكر المتوفى سنة 371.(14/117)
وَاشتِهَاراً.
وَهُوَ مُجَوِّدٌ عَنِ المِصْرِيِّينَ (1) ، وَالشَّامِيِّيْنَ، ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ: لَمْ يُجَوِّدْ لَنَا حَدِيْثُ مَالِكٍ كَالإِسْمَاعِيْلِيِّ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ ابْنَهُ أَبَا الحَسَنِ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: مَرِضَ أَبِي فِي صَفَرٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَبَقِيَ فِي مَرَضِهِ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: كَانَ بِهِ اللَّقْوَةُ (2) ، بَقِيَ فِيْهَا حَتَّى مَاتَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
قُلْتُ: مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ: أَبُو العَبَّاسِ بنُ حَمْدَانَ، نَزِيْلُ خُوَارِزْمَ.
وَقَدْ جَمَعَ حَدِيْثَ الزُّهْرِيِّ، وَجَوَّدَهُ، وَحَدِيْثَ مَالِكٍ، وَجَمَاعَةٍ.
وَقَدْ سُقْتُ فِي (التَّذْكِرَةِ (3)) عَنْهُ حَدِيْثاً عَالِياً مِنْ جُزْءِ ابْنِ نُجَيْدٍ.
61 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَسْبَاطَ بنِ السَّكَنِ الكُوْفِيُّ البَزَّازُ *
شَيْخٌ مُعَمَّرٌ، مَحَلُّهُ السَّتْرُ.
سَمِعَ مِنْ: عَاصِمِ بنِ عَلِيٍّ، وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ، وَجَمَاعَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ قَانِعٍ، وَأَبُو بَكْرٍ الجعَابِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ الزَّيَّاتُ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى.
__________
(1) كذا الأصل، وفي " تذكرة الحفاظ ": البصريين.
(2) في " اللسان ": " اللقوة: داء يكون في الوجه، يعوج منه الشدق ".
(3) 2 / 683.
(*) تاريخ بغداد: 6 / 45 44.(14/118)
62 - حَمَّادُ بنُ مُدْرِكٍ أَبُو الفَضْلِ الفَارِسِيُّ الفِسِنْجَانِيُّ *
المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ، أَبُو الفَضْلِ الفَارِسِيُّ الفِسِنْجَانِيُّ، عُمِّرَ دَهْراً، وَحَدَّثَ بِشِيْرَاز عَنْ عَمْرِو بنِ مَرْزُوْقٍ، وَأَبِي عُمَرَ الحوضيِّ، وَطَائِفَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ بَدْرٍ الأَمِيْرُ، وَالزَّاهِدُ مُحَمَّدُ بنُ خَفِيْفِ (1) .
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
63 - مُسَدَّدُ بنُ قَطَنِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ أَبُو الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المَأْمُوْنُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، أَبُو الحَسَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ، المُزَكِّي.
سَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيِّ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ سَمِعَ وَهُوَ حدَثٌ، فَتَوَرَّعَ عَنِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَسَمِعَ مِنْ: جَدِّهِ لأُمِّهِ بِشْرِ بنِ الحَكَمِ، وَإِسْحَاقَ ابْنِ رَاهْوَيْه، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدِ، وَالصَّلْتِ بنِ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيِّ، وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَطَبَقَتهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَدَعْلَجُ السِّجْزِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ عِيْسَى، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنْ أَقْرَانِهِ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاجُ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ مُزَكِّي عَصْرِهِ المُقَدَّمَ فِي الزُّهْدِ وَالوَرَعِ، وَالتَّمَكُّنِ
__________
(*) الأنساب: 428 / أ، معجم البلدان: 4 / 266، اللباب: 2 / 432.
(1) هو أبو عبد الله، محمد بن خفيف بن إسفكشاد الشيرازي.
ترجمه السلمي في " طبقاته " ص 462 وقال فيه: كان أوحد المشايخ في وقته: حالا، وعلما، وخلقا، مات سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة ". وانظر ترجمته في: " حلية الأولياء " 10 / 389 385.
(* *) النجوم الزاهرة: 3 / 181، شذرات الذهب: 2 / 237 236.(14/119)
فِي العَقْلِ، تَوَرَّعَ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى لِصِغَرِ سِنِّهِ، تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِيْنَ.
وَكَانَ أَبُوْهُ صَاحِبَ حَدِيْثٍ.
64 - إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَرِيْكِ بنِ الفَضْلِ أَبُو إِسْحَاقَ الأَسَدِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو إِسْحَاقَ الأَسَدِيُّ، الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ اليَرْبُوْعِيِّ، وَمُنْجَابَ بنِ الحَارِثِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعُقْبَةَ بنِ مُكْرَمٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مَخْلَدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَدَّادُ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ لُؤْلُؤٍ الوَرَّاقُ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ الزَّيَّاتِ: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ بن عُقْدَةَ يَقُوْلُ: مَا دَخَلَ عَلَيْكُم أَحَدٌ أَوْثَقُ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَرِيْكٍ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
قُلْتُ: مَاتَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةِ، وَحُمِلَ إِلَى الكُوْفَةِ.
وَقِيْلَ: مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 103 102، الكامل في التاريخ: 8 / 91، العبر: 2 / 122، شذرات الذهب: 2 / 238.(14/120)
65 - النَّخَعِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ مُصْعَبٍ النَّخَعِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: سُلَيْمَانَ بنَ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَدَاوُدَ بنَ رُشَيْدٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ خُبَيْقِ، وَسُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ، وَطَائِفَةً.
وَعَنْهُ: الطَّسْتِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ خَلاَّدِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَقَالَ: كَانَ شَيْخاً كَبِيْراً، قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ البَلْغَمُ.
ثُمَّ رَوَى عَنْهُ حَدِيْثاً، تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَبُو الجَهْمِ المَشْغَرَائِيُّ، عَنِ العَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ الخَلاَّلِ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ بَشِيْرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوْعاً: (فُضِّلْتُ عَلَى النَّاسِ، بِأَرْبَعٍ: بِالسَّخَاءِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَكَثْرَة الجِمَاعِ، وَشِدَّةِ البَطْشِ) (1) .
__________
(*) تاريخ بغداد: 8 / 70 69، ميزان الاعتدال: 1 / 543، لسان الميزان: 2 / 303.
(1) هذا خبر منكر، آفته سعيد بن بشير، فقد ضعفه غير واحد كما في " الميزان " 2 / 130 128.
وأورده المؤلف في ترجمة مروان بن محمد في " الميزان " 4 / 93 من طريق الطبراني في " معجمه الأوسط " عن محمد بن هارون بن محمد بن بكار، عن العباس بن الوليد، عن مروان بن محمد..وقال: هذا خبر منكر.
وقال ابن الجوزي فيما نقله عنه المناوي في " فيض القدير ": حديث لا يصح.(14/121)
66 - البَرْدِيْجِيُّ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ رَوْحٍ * (1)
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الحُجَّةُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ رَوْحٍ البَرْدِيْجِيُّ، البَرْذَعِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
وُلِدَ: بَعْدَ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ أَوْ قَبْلَهَا.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَعِيْدِ الأَشَجِّ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيِّ، وَالفَضْلِ الرُّخَامِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ إِشْكَاب، وَهَارُوْنَ بنِ إِسْحَاقَ، وَبَحْرِ بنِ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيِّ، وَالرَّبِيْعِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَسُلَيْمَانَ بنِ سَيْفٍ الحَرَّانِيِّ، وَالعَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ البَيْرُوْتِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَوْفٍ الطَّائِيِّ، وَيَزِيْدَ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَطَبَقَتهِم بِالشَّامِ، وَالحَرَمَيْنِ، وَالعَجَمِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَالجَزِيْرَةِ.
وَجَمَعَ وَصَنَّفَ، وَبَرَعَ فِي عِلْمِ الأَثَرِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤٍ الوَرَّاقُ، وَآخَرُوْنَ.
ذَكَرَهُ الحَاكِمُ فِي (تَارِيْخِهِ) فَقَالَ: قَدِمَ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، فَاسْتفَادَ وَأَفَادَ، وَكَتَبَ عَنْهُ مَشَايخُنَا فِي ذَلِكَ الوَقْتِ، وَقَدْ قَرَأْت بِخَطّ أَبِي عَمْرٍو
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 113، تاريخ بغداد: 5 / 195 194، الأنساب: 72 / ب، تاريخ ابن عساكر: 2 / 133 / ب، معجم البلدان: 1 / 378، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 128 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 747 746، العبر: 2 / 118، الوافي بالوفيات: 8 / 223، النجوم الزاهرة: 3 / 184، شذرات الذهب: 2 / 234، تهذيب ابن عساكر: 2 / 107.
(1) ضبطت في الأصل بكسر الباء الموحدة، وضبطها السمعاني بفتحها.
أما ياقوت فلم يشر إلى ضبط الباء، وانتقل مباشرة إلى الحرف التالي فقال: بسكون الراء وكسر الدال: مدينة بأقصى أذربيجان، بينها وبين برذعة أربعة عشر فرسخا.(14/122)
المُسْتَمْلِي سَمَاعَهُ مِنْ أَحْمَدَ بنِ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيِّ فِي مَسْجِدِ الذُّهْلِيِّ، سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ شَيْخُنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ بِمَكَّةَ، وَأَظُنُّهُ جَاوَرَ بِهَا حَتَّى مَاتَ ... إِلَى أَنْ قَالَ: لاَ أَعْرِفُ إِمَاماً مِنْ أَئِمَّةِ عَصْرِهِ فِي الآفَاقِ إِلاَّ وَلَهُ عَلَيْهِ انتِخَابٌ يُسْتَفَادُ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ البَرْدِيْجِيِّ، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ، جَبَلٌ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ثِقَةً فَاضِلاً فَهْماً، حَافِظاً.
قَالَ أَبُو الشَّيْخِ الأَصْبَهَانِيُّ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: مَاتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى.
كَتَبَ إِلَيْنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَمُسْلِمُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَاتِبُ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَلِّمُ، أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ جَهْوَر، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَل، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بنُ خَالِد، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (قَضَى أَنَّ الخَرَاجَ بِالضَّمَانِ (2)) .
هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ.
__________
(1) في " تاريخه " 5 / 195 وما بين حاصرتين منه.
(2) إسناده حسن في الشواهد، ومسلم بن خالد: سيء الحفظ لكنه متابع.
وهو في " مسند الشافعي " وسنن أبي داود (3510) وصححه ابن حبان (1126) والحاكم: 2 / 15 14 ووافقه الذهبي.
وأخرجه أبو داود أيضا (3508) و (3509) والترمذي (1285) والنسائي: 7 / 255 254 من طرق عن ابن أبي ذئب، عن مخلد بن خفاف، عن عروة، عن عائشة ... ، وهذا إسناد صحيح، وصححه الترمذي وابن حبان (1125) والحاكم: 2 / 15، ووافقه الذهبي. وأخرجه الترمذي (1286) من طريق عمر بن علي المقدمي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث هشام بن عروة. =(14/123)
قَرَأْتُ عَلَى الحَسَنِ بنِ عَلِيّ: أَخْبَرَكُم جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَلَّكَوَيْه، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِمْلاَءً، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ البَرْدِيْجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ شَيْبَةَ، أَخْبَرَنِي أَبُو قَتَادَةَ البَدْرِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيّ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ صُعَيْرِ، عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: (أَنْفَعُ النَّاسِ لِلنَّاسِ) .
__________
= وتفسير الخراج بالضمان: قال الخطابي: " معنى الخراج " الدخل والمنفعة، ومعنى قوله: الخراج بالضمان: المبيع إذا كان مما له دخل وغلة، فإن مالك الرقبة الذي هو ضامن الأصل يملك الخراج بضمان الأصل.
فإذا ابتاع الرجل أرضا فأشغلها، أو ماشية فنتجها، أو دابة فركبها، أو عبدا فاستخدمه، ثم وجد به عيبا، فله أن يرد الرقبة ولا شيء عليه فيما انتفع به، لأنها لو تلفت ما بين مدة العقد والفسخ لكانت من ضمان المشتري، فوجب أن يكون الخراج من حقه.
وانظر الحاشية رقم (2) من سنن أبي داود: 3 / 777 لمعرفة أقوال العلماء في هذه المسألة.
(1) أبو قتادة البدري لم نظفر له بترجمة، وابن أخي الزهري واسمه محمد بن عبد الله ابن مسلم صدوق له أوهام، وباقي رجاله ثقات.
وله شاهد يتقوى به من حديث ابن عمر أخرجه ابن أبي الدنيا في " قضاء الحوائج " ص 80، وأبو إسحاق المزكي في " الفوائد المنتخبة " 1 / 147 / 2، وابن عساكر 11 / 144 / 1 من طرق عن بكر بن خنيس، عن عبد الله ابن دينار، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عند ابن أبي الدنيا، وقال الآخران: عن عبد الله بن عمر قال: قيل: يا رسول الله من أحب الناس إلى الله؟ قال: أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الاعمال إلى الله عزوجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولان امشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد يعني مسجد المدينة شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يميضه أمضاه ملا الله قلبه رجاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الاقدام، وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل ".
وهذا سند حسن. وانظر " المقاصد الحسنة " ص 201 200.(14/124)
67 - النَّسَائِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبِ بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، نَاقِدُ الحَدِيْثِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبِ بنِ عَلِيِّ بنِ سِنَانَ بنِ بَحْرِ الخُرَاسَانِيُّ، النَّسَائِيُّ، صَاحِبُ (السُّنَنِ) .
وُلِدَ بِنَسَا فِي سَنَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَطَلَبَ العِلْمَ فِي صِغَرِهِ، فَارْتَحَلَ إِلَى قُتَيْبَةَ فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، فَأَقَامَ عِنْدَهُ بِبَغْلاَنَ (1) سَنَةً، فَأَكْثَرَ عَنْهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ النَّضْرِ بنِ مُسَاوِرٍ، وَسُوَيْدِ بنِ نَصْرٍ، وَعِيْسَى بنِ حَمَّادٍ زُغْبَةَ، وَأَحْمَدَ بنِ عَبْدَةَ الضَّبِّيِّ، وَأَبِي الطَّاهِرِ بنِ السَّرْحِ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ شَاهِيْنَ، وَبِشْرِ بنِ مُعَاذٍ العَقَدِيِّ، وَبِشْرِ بنِ هِلاَلٍ الصَّوَّافِ، وَتَمِيْمِ بنِ المُنْتَصِرِ. وَالحَارِثِ بنِ
__________
(*) طبقات العبادي: 51، الأنساب: 559 / أ، المنتظم: 6 / 132 131، الكامل في التاريخ: 8 / 96، وفيات الأعيان: 1 / 78 77، تهذيب الكمال: 1 / 25 23، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 1، تذهيب التهذيب: 1 / 12 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 701 698، العبر: 2 / 124 123، دول الإسلام: 1 / 184، الوافي بالوفيات: 6 / 417 416، مرآة الجنان: 2 / 241 240، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 16 14، طبقات الاسنوي: 2 / 481 480، البداية والنهاية: 11 / 124 123، العقد الثمين: 3 / 46 45، طبقات القراء للجزري: 1 / 61، تهذيب التهذيب: 1 / 37 36، النجوم الزاهرة: 3 / 188، طبقات الحفاظ: 303، حسن المحاضرة: 1 / 350 349، خلاصة تذهيب التهذيب: ص 7، مفتاح السعادة: 2 / 12 11، شذرات الذهب: 2 / 241 239، الرسالة المستطرفة: 12 11.
(1) بفتح الباء المنقوطة بواحدة، وسكون الغين المعجمة، وفي آخرها نون. قال السمعاني في " الأنساب ": " بلدة بنواحي بلخ، وظني أنها من طخارستان، وهي العليا والسفلى، وهما من أنزه بلاد الله على ما قيل.
ينسب إليها قتيبة بن سعيد بن جميل. البغلاني، المحدث المشهور في الشرق والغرب ". وانظر أيضا " معجم البلدان " 1 / 468.(14/125)
مِسْكِيْنٍ، وَالحَسَنِ بنِ الصَّبَّاحِ، البَزَّارِ، وَحُمَيْدِ بنِ مَسْعَدَةَ، وَزِيَادِ بنِ أَيُّوْبَ، وَزِيَادِ بنِ يَحْيَى الحَسَّانِيّ، وَسَوَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيِّ، وَالعَبَّاسِ بنِ عَبْدِ العَظِيْمِ العَنْبَرِيِّ، وَأَبِي حُصَيْن عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ اليَرْبُوْعِيِّ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ وَاصِلٍ، وَعَبْدِ الجَبَّارِ بنِ العَلاَءِ العَطَّارِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ الحَلَبِيِّ، ابْنِ أَخِي الإِمَامِ، وَعَبْدِ المَلِكِ بنِ شُعَيْبٍ بنِ اللَّيْثِ، وَعَبْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارِ، وَأَبِي قُدَامَةَ عُبَيْدِ اللهِ بنِ سَعِيْدٍ، وَعتبَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ المَرْوَزِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حُجْرِ، وَعَلِيِّ بنِ سَعِيْدِ بنِ مَسْرُوْقٍ الكِنْدِيِّ، وَعَمَّارِ بنِ خَالِدٍ الوَاسِطِيِّ، وَعِمْرَانَ بنِ مُوْسَى القَزَّازِ، وَعَمْرو بنِ زُرَارَةَ الكِلاَبِيِّ، وَعَمْرو بنِ عُثْمَانَ الحِمْصِيِّ، وَعَمْرو بنِ عَلِيٍّ الفَلاَّسِ، وَعِيْسَى بنِ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيِّ، وَعِيْسَى بنِ يُوْنُسَ الرَّمْلِيِّ، وَكَثِيْرِ بنِ عُبَيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ البَلْخِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ آدَمَ المَصِّيْصِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ عُلَيَّةَ قَاضِي دِمَشْقَ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ زُنْبُوْرٍ المَكِّيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ لُوَيْن، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُخَرِّمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ أَبِي رِزْمَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ المُحَارِبِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ الهَمْدَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَصِّيْصِيِّ الجَوْهَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُثَنَّى، وَمُحَمَّدِ بنِ مُصَفَّى، وَمُحَمَّدِ بنِ مَعْمِرِ القَيْسِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الحَرَشِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ هَاشِمٍ البَعْلَبَكِّيِّ، وَأَبِي المُعَافَى مُحَمَّدِ بنِ وَهْبٍ، وَمجَاهِدِ بنِ مُوْسَى، وَمَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَنَ، وَمَخْلَدِ بنِ حَسَنِ الحَرَّانِيِّ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيِّ، وَهَارُوْنَ بنِ عَبْدِ اللهِ الحَمَّالِ، وَهَنَّادِ بنِ السَّرِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ أَيُّوْبَ الطَّالْقَانِيّ، وَوَاصِلِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَوَهْبِ بنِ بيَان، وَيَحْيَى بنِ دُرُسْت البَصْرِيِّ، وَيَحْيَى بنِ مُوْسَى خَتِّ، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيِّ، وَيَعْقُوْبَ بنِ مَاهَانِ البَنَّاءِ، وَيُوْسُفَ بنِ حَمَّادِ المَعْنِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ عِيْسَى(14/126)
الزُّهْرِيِّ، وَيُوْسُفَ بنِ وَاضِحٍ المُؤَدِّبِ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، وَإِلَى أَنْ يَرْوِي عَنْ رُفَقَائِهِ.
وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، مَعَ الفَهْمِ، وَالإِتْقَانِ، وَالبَصَرِ، وَنَقْدِ الرِّجَالِ، وَحُسْنِ التَّأْلِيْفِ.
جَالَ فِي طَلَبِ العِلْمِ فِي خُرَاسَانَ، وَالحِجَازِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَالشَّامِ، وَالثُّغُوْرِ، ثُمَّ اسْتَوْطَنَ مِصْرَ، وَرَحَلَ الحُفَّاظُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ نَظِيْرٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ النَّحَّاس النَّحْوِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الحَدَّادِ الشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ الكَرِيْمِ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ الخَضِرِ الأُسْيُوْطِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السِّنِيّ، وَأَبُو القَاسِمِ سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُعَاوِيَةَ بنِ الأَحْمَرِ الأَنْدَلُسِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَيُّوْيَه النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى المَأْمُوْنِيُّ، وَأَبْيَضُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبْيَضَ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ شَيْخاً مَهِيْباً مَلِيْحَ الوَجْهِ ظَاهِرَ الدَّمِ حَسَنَ الشَّيْبَةِ.
قَالَ قَاضِي مِصْرَ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي العَوَّامِ السَّعْدِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ، أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ رَاهْوَيْه، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَعْيَنَ قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ المُبَارَكِ: إِنَّ فلاَنَا يَقُوْلُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي} [طه:14] مَخْلُوْقٌ فَهُوَ كَافِرٌ.
فَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: صَدَقَ، قَالَ النَّسَائِيُّ: بِهَذَا أَقُوْلُ.(14/127)
وَعَنِ النَّسَائِيِّ، قَالَ: أَقَمْتُ عِنْدَ قُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ سَنَةً وَشَهْرَيْنِ.
وَكَانَ النَّسَائِيُّ يَسْكُنُ بِزُقَاقِ القَنَادِيْلِ (1) بِمِصْرَ.
وَكَانَ نَضِرَ الوَجْهِ مَعَ كِبَرِ السِّنِّ، يُؤْثِرُ لِبَاسَ البُرُوْدِ النَّوْبِيَّةِ وَالخُضْرِ، وَيُكْثِرُ الاسْتِمَتَاعَ، لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ، فَكَانَ يَقْسِمُ لَهُنَّ، وَلاَ يَخْلُو مَعَ ذَلِكَ مِنْ سُرِّيَّةٍ، وَكَانَ يُكْثِرُ أَكْلَ الدُّيُوْكِ تُشْترَى لَهُ وَتُسَمَّن وَتُخْصَى.
قَالَ مَرَّةً بَعْضُ الطَّلَبَةِ: مَا أَظُنُّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلاَّ أَنَّهُ يَشْرَبُ النَّبِيْذَ لِلنُّضْرَةِ الَّتِي فِي وَجْهِهِ.
وَقَالَ آخَرُ: لَيْتَ شِعْرِي مَا يَرَى فِي إِتيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ؟
قَالَ: فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: النَّبِيْذُ حَرَامٌ، وَلاَ يَصِحُّ فِي الدُبُرِ شَيْءٌ.
لَكِنْ حَدَّثَ مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (اسقِ حَرْثَكَ حَيْثُ شِئْتَ (2)) .
فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَاوَزَ قَوْلُهُ.
قُلْتُ: قَدْ تَيَقَنَّا بِطُرُقٍ لاَ مَحِيْدَ عَنْهَا نهِيَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَدْبَارِ النِّسَاءِ (3) ، وَجَزَمْنَا بِتَحْرِيْمِهِ، وَلِيَ فِي ذَلِكَ مُصَنَّفٌ كَبِيْرٌ.
__________
(1) محلة بمصر مشهورة، فيها سوق الكتب والدفاتر والظرائف كالزجاج وغيرها مما يستظرف.
قال الكندي: " سمي بذلك لأنه كان منازل الاشراف، وكانت على أبوابهم القناديل ".
أنظر " معجم البلدان " 3 / 145.
(2) أخرجه البيهقي: 7 / 196 من طريق سعيد بن منصور، عن عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس رضي الله عنه بلفظ " اسق حرثك من حيث نباته ".
(3) قال الامام البغوي في " شرح السنة " 9 / 106 بتحقيقنا: اتفق أهل العلم على أنه يجوز للرجل إتيان زوجته في قبلها من جانب دبرها، وعلى أي صفة شاء، وفيه نزلت الآية.
قال ابن عباس: (فأتوا حرثكم أنى شئتم) قال: ائتها من بين يديها ومن خلفها بعد أن يكون في المأتى.
وقال عكرمة: (فأتوا حرثكم أنى شئتم) إنما هو الفرج، ومثله عن الحسن.
وعن سعيد بن المسيب (فأتوا حرثكم أنى شئتم) قال: إن شئت فاعزل.
وإن شئت فلا تعزل. وقيل في قوله عز =(14/128)
وَقَالَ الوَزِيْرُ ابْنُ حِنْزَابَةُ (1) :سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى المأَمونِيَّ - صَاحِبُ النَّسَائِيّ قَالَ: سَمِعْتُ قَوْماً يُنْكِرُوْنَ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ كِتَاب (الخَصَائِص) لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَتَرْكَهُ تَصْنِيْفَ فَضَائِلَ الشَّيْخَيْنِ، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: دَخَلتُ دِمَشْقَ وَالمُنْحَرِفُ بِهَا عَنْ عَلِيٍّ كَثِيْر، فَصَنَّفْتُ كِتَابَ (الخَصَائِصِ) رَجَوْتُ أَنْ يَهْدِيَهُمُ الله تَعَالَى.
ثُمَّ إِنَّهُ صَنَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضَائِلَ الصَّحَابَةِ، فَقِيْلَ لَهُ: وَأَنَا أَسْمَعُ أَلاَ تُخْرِجُ فَضَائِلَ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -؟
فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أُخْرِجُ؟ حَدِيْثَ: (اللَّهُمَّ لاَ تُشْبِعْ بَطْنَهُ (2)) فَسَكَتَ السَّائِلُ.
__________
= وجل (نساؤكم حرث لكم) أي: هن لكم بمنزلة الأرض تزرع، ومحل الحرث هو القبل.
أما الاتيان في الدبر فحرام، فمن فعله جاهلا بتحريمه نهي عنه، فإن عاد عزر، فروى الشافعي 2 / 360، وأحمد: 2 / 213، والطحاوي: 2 / 25 من حديث خزيمة بن ثابت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن ". وسنده صحيح، وصححه ابن حبان (1299) وابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " ووصفه الحافظ في " الفتح " 8 / 143 بأنه من الأحاديث الصالحة الإسناد.
وأخرج أحمد: 2 / 244 و479، وأبو داود (2162) في النكاح: باب جامع في النكاح، وابن ماجه (1923) في النكاح: باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ملعون من أتى امرأة في دبرها ".
قال البوصيري في " الزوائد " ورقة 125: إسناده صحيح.
وله شاهد عند ابن عدي: 3 / 421، والطبراني في " الأوسط " كما في " المجمع " 4 / 299 من حديث عقبة بن عامر.
وسنده حسن، فيتقوى به.
وانظر الأحاديث التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن إتيان الرجل زوجته في الدبر في " زاد المعاد " 4 / 257 وما بعدها و" سير أعلام النبلاء " 7 / 131.
(1) بكسر الحاء المهملة، وسكون النون وبعدها زاي، وبعد الالف باء موحدة مفتوحة.
والحنزابة في اللغة: المرأة القصيرة الغليظة، وهي هنا أم الفضل بن جعفر بن الفرات. انظر " وفيات الأعيان " 1 / 349 346.
(2) هو في " مسند الطيالسي " برقم (2688) من طريق أبي عوانة، عن أبي حمزة القصاب، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى معاوية ليكتب له، فقال: إنه يأكل، ثم بعث إليه صلى الله عليه وسلم، فقال: إنه يأكل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا =(14/129)
قُلْتُ: لَعَلَّ أَنْ يُقَالْ هَذِهِ مَنْقَبَةٌ لِمُعَاوِيَةَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اللَّهُمَّ مَنْ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجعَلْ ذَلِكَ لَهُ زَكَاةً وَرَحْمَةً (1)) .
قَالَ مَأْمُوْن المِصْرِيُّ، المُحَدِّثُ: خَرَجْنَا إِلَى طَرَسُوْسَ مَعَ النَّسَائِيّ سَنَةَ الفِدَاءِ، فَاجتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ مُرَبَّعٌ، وَأَبُو الآذَانِ، وَكِيْلَجَةُ (2) ، فَتَشَاوَرُوا: مَنْ يَنْتَقِي لَهُمْ عَلَى الشُّيُوْخِ؟ فَأَجْمَعُوا عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَكَتَبُوا كُلُّهُم بَانتِخَابِهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَلاَمُ النَّسَائِيِّ عَلَى فَقْهِ الحَدِيْثِ كَثِيْرٌ، وَمَنْ نَظَرَ فِي (سُنَنِهِ) تَحَيَّرَ فِي حُسْنِ كَلاَمِهِ.
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ فِي أَوَّلِ (جَامِعِ الأُصُوْلِ (3)) :كَانَ شَافِعِيّاً لَهُ مَنَاسِكٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَكَانَ وَرِعاً مُتَحَرّياً.
قِيْلَ: إِنَّهُ أَتَى الحَارِثَ بنَ مِسْكِيْنٍ فِي زِيٍّ أَنْكَرَهُ، عَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ وَقَبَاءٌ، وَكَانَ الحَارِثُ خَائِفاً مِنْ (4) أُمُورٍ تَتَعَلَّقُ بِالسُّلْطَانِ، فَخَافَ أَنْ يَكُوْنَ عَيناً عَلَيْهِ، فَمَنَعَهُ، فَكَانَ يَجِيْءُ فَيَقْعُدُ خَلْفَ البَابِ وَيَسْمَعُ، وَلذَلِكَ مَا قَالَ: حَدَّثَنَا الحَارِثُ وَإِنَّمَا يَقُوْلُ: قَالَ الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ قِرَاءةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ.
__________
= أشبع الله بطنه ".
وأخرجه مسلم (2604) في البر والصلة بلفظ آخر عن شعبة، عن أبي حمزة القصاب، عن ابن عباس. وانظر " أنساب الاشراف " 4 / 126 125.
(1) أخرجه مسلم برقم (2600) من حديث عائشة، و (2601) من حديث أبي هريرة، و (2602) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم، ولفظ حديث أبي هريرة: " اللهم إنما أنا بشر، فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته، فاجعلها له زكاة ورحمة ".
(2) بكسر الكاف وفتح اللام كما في " المغني ": هو محمد بن صالح بن عبد الرحمن البغدادي، أبو بكر الأنماطي، الملقب كيلجة.
قال الحافظ في " التقريب " 2 / 170: ثقة حافظ..توفي سنة 271 هـ.
(3) 1 / 197 196.
(4) في " جامع الأصول ": خائضا في.(14/130)
قَالَ ابْنُ الأَثِيْرِ: وَسَأَل أَمِيْرٌ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ (سُنُنِهِ) :أَصَحِيْحٌ كُلَّهُ؟
قَالَ: لاَ.
قَالَ: فَاكتُبْ لَنَا مِنْهُ الصَّحِيْحَ.
فَجَرَّدَ المُجْتَنَى (1) .
قُلْتُ: هَذَا لَمْ يَصِحَّ، بَلِ المُجْتَنَى اخْتِيَارُ ابْنُ السُّنِّيّ (2) .
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ: أَخْبَرَنَا الإِمَامُ فِي الحَدِيْثِ بِلاَ مُدَافَعَةٍ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بنُ نَصْرٍ الحَافِظُ: مَنْ يَصْبُرُ عَلَى مَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ النَّسَائِيّ؟! عِنْدَهُ حَدِيْثُ ابْنِ لُهِيْعَةَ تَرْجَمَةً - يَعْنِي: عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ ابْنِ لُهِيْعَةَ - قَالَ: فَمَا حَدَّثَ بِهَا.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ مَنْ يُذْكَرُ بِهَذَا العِلْمِ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ طَاهِرٍ: سَأَلْتُ سَعْدَ بنَ عَلِيٍّ الزِّنْجَانِيَّ عَنْ رَجُلٍ، فَوَثَّقَهُ.
فَقُلْتُ: قَدْ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ.
فَقَالَ: يَا بُنَيَّ! إِنَّ لأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَرْطاً فِي الرِّجَالِ أَشَدَّ مِنْ شَرْطِ البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ.
قُلْتُ: صَدَقَ فَإِنَّهُ لَيَّنَ جَمَاعَةً مِنْ رِجَالِ صَحِيْحَي البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ الحَافِظُ: سَمِعْتُ مَشَايخَنَا بِمِصْرَ يَصِفُونَ اجتِهَادَ النَّسَائِيّ فِي العِبَادَةِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَّهُ خَرَجَ إِلَى الفِدَاءِ مَعَ أَمِيْرِ مِصْرِ فَوُصِفَ
__________
(1) كذا الأصل " المجتنى " بالنون، وهو في " جامع الأصول " المجتبى بالباء، وكلاهما صحيح. انظر في ذلك مقدمه " السنن " ص (د) .
(2) وهو المطبوع المتداول بين أيدي الناس في هذا الزمان.
وأما كتاب " السنن " الذي ألفه النسائي، فلم يطبع بتمامه، وإنما طبع جزء منه في الهند فيما نعلم.
وابن السني: هو الحافظ الامام الثقة، أبو بكر، أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط الدينوري.
مترجم في " تذكرة الحفاظ " 3 / 939 - 950(14/131)
مِنْ شَهَامَتِهِ وَإِقَامَتِهِ السُّنَنِ المَأْثُورَةِ فِي فَدَاءِ المُسْلِمِينَ، وَاحْتِرَازِهِ عَنْ مَجَالِسِ السُّلْطَانِ الَّذِي خَرَجَ مَعَهُ، وَالاَنبسَاطِ فِي المَأْكَلِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبهُ إِلَى أَنِ اسْتُشْهِدَ بِدِمَشْقَ مِنْ جِهَةِ الخَوَارِجِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الحَدَّادِ الشَّافِعِيُّ كَثِيْرَ الحَدِيْثِ وَلَمْ يُحَدِّثْ عَنْ غَيْرِ النَّسَائِيِّ، وَقَالَ: رَضِيْتُ بِهِ حُجَّةً بَيْنِي وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي (مُعْجَمِهِ (1)) :حَدَّثَنَا أَبُو عَبِدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ القَاضِي بِمِصْرَ.
فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ فِي (صَحِيْحِهِ) :حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ قَاضِي حِمْصَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ قُدَامَةَ.
فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
رَوَى أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ، عَنْ حَمْزَةَ العَقْبِيِّ المِصْرِيِّ وَغَيْرِهِ، أَنَّ النَّسَائِيَّ خَرَجَ مِنْ مِصْرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ إِلَى دِمَشْقَ فَسُئِلَ بِهَا عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَمَا جَاءَ فِي فَضَائِلِهِ.
فَقَالَ: لاَ (2) يَرْضَى رَأْساً برَأْسٍ حَتَّى يُفَضَّلَ؟
قَالَ: فَمَا زَالُوا يَدْفَعُوْنَ فِي حِضْنَيْهِ (3) حَتَّى أُخْرِجَ مِنَ المَسْجَدِ، ثُمَّ حُمِلَ إِلَى مَكَّةَ فَتُوُفِّيَ بِهَا.
كَذَا قَالَ، وَصَوَابهُ: إِلَى الرَّمْلَةِ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: خَرَجَ حَاجّاً فَامتُحِنَ بِدِمَشْقَ، وَأَدْرَكَ الشَّهَادَةَ فَقَالَ:
__________
(1) 1 / 23 برقم (43) : حدثنا أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي القاضي بمصر، حدثنا أبو المعافى محمد بن وهب بن أبي كريمة الحراني، حدثنا محمد بن سلمة الحراني، عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن جحادة، عن أبي صالح، عن عبيد بن عمير، عن علي كرم الله وجهه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعصفر، والقسي، وخاتم الذهب، وعن المكفف بالدياج.
ثم قال: واعلم أني لك من الناصحين " قال الطبراني: لم يروه عن ابن جحادة إلا زيد، تفرد به خالد بن أبي يزيد، ولا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد.
(2) كذا الأصل، وفي " تذكرة الحفاظ ": ألا.
(3) وهما جنباه، وفي " شذرات الذهب ": خصيتيه.(14/132)
احمِلُونِي إِلَى مَكَّةَ.
فَحُمِلَ وَتُوُفِّيَ بِهَا، وَهُوَ مَدْفُونٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ: وَكَانَ أَفْقَهَ مَشَايِخِ مِصْرَ فِي عَصْرِهِ، وَأَعْلَمَهُم بِالحَدِيْثِ وَالرِّجَالِ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ فِي (تَارِيْخِهِ) :كَانَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ إِمَاماً حَافِظاً ثَبْتاً، خَرَجَ مِنْ مِصْرَ فِي شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَتُوُفِّيَ بفِلَسْطِيْنَ فِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ لِثَلاَثِ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ صَفَرِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ.
قُلْتُ: هَذَا أَصحُّ، فَإِنَّ ابْنَ يُوْنُسَ حَافِظٌ يَقِظٌ وَقَدْ أَخَذَ عَنِ النَّسَائِيِّ، وَهُوَ بِهِ عَارِفٌ.
وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي رَأْسِ الثَّلاَثِ مائَةٍ أَحْفَظ مِنَ النَّسَائِيِّ، هُوَ أَحْذَقُ بِالحَدِيْثِ وَعِلَلِهِ وَرِجَالِهِ مِنْ مُسْلِمٍ، وَمِنْ أَبِي دَاوُدَ، وَمِنْ أَبِي عِيْسَى، وَهُوَ جَارٍ فِي مِضْمَارِ البُخَارِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ إِلاَّ أَنَّ فِيْهِ قَلِيْلَ تَشَيُّعٍ وَانحِرَافٍ عَنْ خُصُومِ الإِمَامِ عَلِيٍّ، كمُعَاوِيَةَ وَعَمْرو، وَاللهِ يُسَامِحُهُ.
وَقَدْ صَنَّفَ (مُسْنَدَ عَلِيٍّ) وَكِتَاباً حَافِلاً فِي الكُنَى، وَأَمَّا كِتَاب: (خَصَائِص عَلِيٍّ) فَهُوَ دَاخِلٌ فِي (سُنَنِهِ الكَبِيْرِ) وَكَذَلِكَ كِتَاب (عَمَل يَوْمٍ وَليْلَةٍ) وَهُوَ مُجَلَّدٌ، هُوَ مِن جُمْلَةِ (السُّنَنِ الكَبِيْرِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَلَهُ كِتَابِ (التَّفْسِيْرِ) فِي مُجَلَّدٍ، وَكِتَابِ (الضُّعَفَاءِ) وَأَشيَاء، وَالَّذِي وَقَعَ لَنَا مِنْ (سُنَنِهِ) هُوَ الكِتَابُ (المُجْتَنَى) مِنْهُ، انتِخَابِ أَبِي بَكْرٍ بنِ السُّنِّيّ، سَمِعْتُهُ مَلَفَّقاً مِنْ جَمَاعَةٍ سَمِعُوهُ مِنِ ابْنِ بَاقَا بِرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ المَقْدِسِيِّ، سَمَاعاً لِمُعْظَمِهِ، وَإِجَازَةً لِفَوْتِ لَهُ مُحَدَّدٍ فِي الأَصْلِ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ حَمَدٍ الدُّونِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا القَاضِي أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ الكَسَّارِ، حَدَّثَنَا ابْنُ السُّنِّيّ عَنْهُ.
وَمِمَّا يُرْوَى اليَوْمَ فِي عَامِ أَرْبَعَةٍ وَثَلاَثِيْنَ وَسَبْعِ مائَةٍ مِنَ السُّنَنِ عَالِياً جُزْآنِ(14/133)
الثَّانِي مِنَ الطَّهَارَةِ وَالجُمُعَةِ، تَفَرَّدَ البُوصِيرِيُّ بِعُلُوِّهِمَا فِي وَقْتِهِ، وَقَدْ أَنْبَأَنِي أَحْمَدُ بنُ أَبِي الخَيْرِ بِهِمَا، عَنِ البُوصِيْرِيِّ فَبَيْنِي وَبَيْنَ النَّسَائِيِّ فِيْهِمَا خَمْسَة رِجَالٍ.
وعِنْدِي جُزْءٌ مِنْ حَدِيْثِ الطَّبَرَانِيِّ، عَنِ النَّسَائِيِّ، وَقَعَ لَنَا بِعُلُوٍّ أَيْضاً.
وَوَقَعَ لَنَا جُزْءٌ كَبِيْرٌ انتَخَبَهُ السِّلَفِيُّ مِنَ (السُّنَنِ) ، سَمِعْنَاهُ مِنَ الشَّيْخِ أَبِي المَعَالِي بنِ المُنَجَّا التَّنُوْخِيّ: أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ الهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا الدُّوْنِيُّ، وَبَدْرُ بنُ دُلَفٍ الفَركِيُّ بِسَمَاعِهِمَا مِنَ الكَسَّارِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّيّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ:
عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَنَّهُ نَهَى عَنِ البَوْلِ فِي المَاءِ الرَّاكِدِ (1)) .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ حُجْرٍ، أَخْبَرَنَا عَبِيْدَة بن حُمَيْد، عَنْ يُوْسُفَ بنِ صُهَيْبٍ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أَرْقَمِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ لَمْ يَأْخُذْ شَارِبَهُ فلَيْسَ مِنَّا (2)) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ سَأَلْتُ النَّسَائِيَّ مَا تَقُولُ فِي بَقِيَّةَ؟
فَقَالَ: إِنْ قَالَ: حَدَّثَنَا، وَأَخْبَرَنَا، فَهُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ المرَاغِيُّ: سَمِعْتُ النَّسَائِيَّ يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " سنن النسائي " 1 / 34 في الطهارة: باب النهي عن البول في الماء الراكد، وأخرجه مسلم (281) من طريق يحيى بن يحيى، ومحمد بن رمح، وقتيبة، ثلاثتهم عن الليث به، وأخرجه ابن ماجه (343) من طريق محمد بن رمح عن الليث.
(2) إسناده صحيح، وهو في " سنن النسائي " 1 / 15، و8 / 130 129، وأخرجه أحمد: 4 / 366 و368، والترمذي (2762) وقال الترمذي: حسن صحيح. وفي الباب عن رجل من بني غفار عند أحمد: 5 / 410 وسنده حسن في الشواهد.(14/134)
حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ كَذَّابٌ.
قَرَأْتُ عَلَى عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ، وَشُهْدَةَ العَامِرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ، أَخْبَرَنَا السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ بِهَمَذَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْد اللهِ بنُ مَنْدَةَ: الَّذِيْنَ أَخْرَجُوا الصَّحِيْحَ وَمِيَّزُوا الثَّابِتَ مِنَ المَعْلُوْلِ، وَالخَطَأَ مِنَ الصَّوَابِ أَرْبَعَةٌ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ.
وَمِمَّنْ مَاتَ مَعَهُ: المُحَدِّثُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِسْحَاقَ الصُّوْفِيُّ الصَّغِيْرُ بِبَغْدَادَ، وَالمُفَسِّرُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ فَرَحٍ البَغْدَادِيُّ الضَّرِيْرُ، المُقْرِئُ، وَالمُفَسِّرُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَنْمَاطِيُّ، الحَافِظُ، وَالمُسْنِدُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى الجَوْزِيُّ، وَالمُحَدِّثُ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ البُشْتِيُّ، وَالحَافِظُ جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ الحَصِيْرِيّ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ الحَافِظُ، وَالمُحَدِّثُ، أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يُوْنُسَ السِّمْنَانِيّ، وَالمُحَدِّثُ عُمَرُ بنُ أَيُّوْبَ السَّقَطِيُّ بِبَغْدَادَ، ورَأْسُ المُعْتَزِلَةِ أَبُو عَلِيٍّ الجُبَائِيُّ، وَالحَافِظُ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ الهَرَوِيُّ شَكَّرُ.(14/135)
68 - ابْنُ مُجَاشِعٍ عِمْرَانُ بنُ مُوْسَى الجُرْجَانِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحُجَّةُ، الحَافِظُ، أَبُو إِسْحَاقَ عِمْرَانُ بنُ مُوْسَى بنِ مُجَاشِعٍ الجُرْجَانِيُّ، السَّخْتِيَانِيُّ.
وُلِدَ سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ مِنْ: هُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ الحِزَامِيِّ، وَابْنَي أَبِي شَيْبَةَ، وَسُوَيْدَ بنِ سَعِيْدٍ، وَأَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ، وَطَبَقَتهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: رَفِيْقُهُ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْسُفَ الهِسِنْجَانِيّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ نُجَيْدٍ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ الغِطْرِيْفِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَحَدَّثَ بِنَيْسَابُوْرَ قَدِيْماً، فَأَخَذَ عَنْهُ أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَالكِبَارُ.
قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ مُحَدِّثٌ ثَبْتٌ مَقْبُوْلٌ، كَثِيْرُ التَّصْنِيْفِ وَالرِّحْلَةِ، رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ الدَّامغَانِيّ، وَالهِسِنْجَانِيّ، وَهُمَا مِنْ أَقْرَانِهِ.
سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ عِمْرَان بنَ مُوْسَى الجُرْجَانِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ سُوَيْد بن سَعِيْدٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مَالِكاً، وَشَرِيْكاً، وَحَمَّادَ بنَ زَيْدٍ، وَابْنَ عُيَيْنَةَ، وَالفُضَيْلَ بنَ عِيَاضٍ، وَمُسْلِمَ بنَ خَالِدٍ، وَابْنَ إِدْرِيْسَ، وَجَمِيْعَ مَنْ حَمَلْتُ عَنْهُ العِلْمَ يَقُوْلُوْنَ:
الإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ.
__________
(*) تاريخ جرجان: 323 322، الأنساب: 293 / أ، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 763 762، العبر: 2 / 130 129، البداية والنهاية: 11 / 128، طبقات الحفاظ: 321 320.(14/136)
وَالقُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ مِنْ صِفَةِ ذَاتِهِ، غَيْرَ مَخْلُوْقٍ، مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ كَافِرٌ.
قَالَ عِمْرَانُ: بِهَذَا أَدِيْنُ وَمَا رَأَيْتُ مُحَدِّثاً إِلاَّ وَهُوَ يَقُوْلُهُ.
قُلْتُ: مَاتَ بجُرْجَانَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَهُوَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
أَخْبَرْنَا ابْنُ عَسَاكِر، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بنُ مُوْسَى، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ، أَخْبَرَنَا مَعْن، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فلَيْسَ مِنَّا (1)) .
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ (2) :كَانَ قَدْ صَنَّفَ المُسْنَدَ، وَحَدَّثَنَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَحَدَّثَنِي الإِسْمَاعِيْلِيُّ، قَالَ: أَبُو إِسْحَاقَ عِمْرَانُ بنُ مُوْسَى جُرْجَانِيٌّ صَدُوْقٌ، مُحَدِّثُ البَلَدِ فِي زَمَانِهِ.
69 - مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَخْلَدِ بنِ فَرْقَدٍ الأَصْبَهَانِيُّ *
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو جَعْفَرٍ الأَصْبَهَانِيُّ،
__________
(1) أخرجه البخاري: 13 / 20 في الفتن، ومسلم (98) في الايمان: باب قوله صلى الله عليه وسلم: من حمل علينا السلاح فليس منا، كلاهما من طريق مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وأخرجه الطيالسي: 1 / 290 289 من طريق عبيد الله المعمري، عن نافع، عن ابن عمر.
(2) في " تاريخه " 322.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 242 241، الأنساب: 218 / أ، العبر: 2 / 135، شذرات الذهب: 2 / 251.(14/137)
الدَّارَكِيُّ (1) .
خَاتِمَةُ أَصْحَابِ إِسْمَاعِيْلَ بنَ عَمْرٍو البَجَلِيَّ، وَسَمِعَ أَيْضاً مِنْ: سُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيِّ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْساً.
حَدَّثَ عَنْهُ: الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّانَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَجَمَاعَةٌ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمَاتَ قَبْلَهُ بعَامَيْنِ:
70 - مُحَمَّدُ بنُ نُصَيْرِ بنِ أَبَانٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ المَدِيْنِيُّ *
يَرْوِي أَيْضاً عَنْ: إِسْمَاعِيْلَ بنِ عَمْرٍو، وَالشَّاذَكُوْنِيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الشَّيْخِ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ المُقْرِئِ أَيْضاً.
وَثَّقَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ.
71 - الوَكِيْعِيُّ أَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ **
الإِمَامُ، المُعَمَّرُ، الثِّقَةُ، أَبُو العَلاَءِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرِ بنِ أَبِي جَمِيْلَةَ الذُّهْلِيُّ، الوَكِيْعِيُّ، الكُوْفِيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
__________
(1) بفتح الدال، وبعد الالف راء مفتوحة بعدها كاف، نسبة إلى " دارك " من قرى أصبهان.
انظر " أنساب السمعاني " 217 / ب.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 241، العبر: 2 / 130، شذارت الذهب: 2 / 246.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 14 / 338 / ب، تهذيب الكمال: 1159، تذهيب التهذيب: 3 / 179 / 2، تهذيب التهذيب: 9 / 21، خلاصة تذهيب الكمال: 325، حسن المحاضرة: 1 / 294، النجوم الزاهرة: 3 / 181.(14/138)
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ: عَاصِمَ بنَ عَلِيٍّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الصَّبَّاحِ الدُّوْلاَبِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، وَعَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَعَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَأَحْمَدَ بنَ صَالِحٍ، وَعِدَّةً.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَدِيٍّ، وَحَمْزَةُ الكِنَانِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالحَسَنُ الأُسْيُوْطِيُّ، وَابْنُ حَيُّوْيَه النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَابْنُ يُوْنُسَ، وَالحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ شَعْبَانَ المَالِكِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ.
72 - البَسَّامِيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ *
ابْنِ نَصْرِ بنِ بِسَّامٍ الشَّاعِرُ.
مِنْ كِبَارِ الشُّعرَاءِ، بَارِعٌ فِي الثَّنَاءِ وَالهِجَاءِ، عَاشَ نَيِّفاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً، وَمَاتَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلهُ تَصَانِيْفُ أَدَبِيَّةٌ، أَوْرَدَ لَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ مُقَطَّعَاتٍ.
73 - البُشْتِيُّ أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، الرَّحَّالُ، أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ نَصْرٍ البُشْتِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، مِنْ رُسْتَاقِ بُشْتَ (1) .
__________
(*) سبق للمؤلف أن ترجمه في الصفحة (112) من هذا الجزء (الترجمة 56) لكن باسم: علي بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام. فانظر مصادر ترجمته هناك.
(* *) الإكمال لابن ماكولا: 1 / 433، الأنساب: 83، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 2، تذكر الحفاظ: 2 / 702 701، العبر: 2 / 125،
طبقات الحفاظ: 304، شذرات الذهب: 2 / 242 241، الرسالة المستطرفة: 71.
(1) انظر " معجم البلدان " 1 / 425.(14/139)
سَمِعَ مِنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَقُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عِمْرَانَ العَابِدِيّ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُصَفَّى، وَحُمَيْدِ بنِ مَسْعَدَةَ، وَابْنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَصَنَّفَ المُسْنَدَ وَغَيْرَ ذَلِكَ.
رَوَى عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ هَانِئٍ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الهَاشِمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى، وَآخَرُوْنَ.
وَحَدَّثَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ. لَمْ أَقَعْ بِوَفَاتِهِ.
سَمِيُّهُ المُحَدِّثُ:
74 - إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُسْتِيُّ *
بِمُهْمَلَةٍ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ الصَّبَّاحِ البَزَّارَ وَطَبَقَتَهُ، وَهُوَ مَنْسُوْبٌ إِلَى مَدِيْنَةِ بُسْتَ (1) مِنْ إِقلِيِمِ سِجِسْتَان وَرَاءَ نَاحِيَةِ هَرَاةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ البُسْتِيُّ وَغَيْرُهُ.
عَاشَ إِلَى نَحْوِ الثَّلاَثِ مائَةٍ
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 1 / 514 415.
(*) الإكمال لابن ماكولا: 1 / 431، تاريخ ابن عساكر: 2 / 354 / ب، تذكرة الحفاظ: 2 / 702 ضمن ترجمة البشتي، شذرات الذهب: 2 / 242، تهذيب ابن عساكر: 2 / 409.(14/140)
75 - المِنْجَنِيْقِيُّ أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْنُسَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْنُسَ البَغْدَادِيُّ، الوَرَّاقُ، نَزِيْلُ مِصْرَ، وَعُرِفَ بِالمِنْجَنِيْقيِّ لِكَوْنِهِ كَانَ يَجْلِسُ بقُرْبِ مِنْجَنِيْقٍ كَانَ بِجَامِعِ مِصْرَ.
مَوْلِدُهُ بَعْدَ سَنَةِ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادِ النَّرْسِيِّ، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْد، وَأَبِي إِبْرَاهِيْمَ التَّرْجَمَانِيّ، وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَكَثِيْرِ بنِ عُبَيْدٍ، وَعَمْرِو بنِ عُثْمَانَ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُطِيْعِ، وَابْنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ، وَجَعْفَرُ الخُلْدِيّ، وَأَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ التِّنِّيْسِيُّ النَّقَّاشُ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ رَشِيْقٍ، وَالحَسَنُ بنُ خضْرٍ السُّيوطِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الخيَاشُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا: أَنَّ النَّسَائِيَّ انتَقَى عَلَى أَبِي يَعْقُوْبَ المِنْجَنِيْقيّ مُسْنَدَهُ، فَكَانَ يَمْنَعُ النَّسَائِيَّ أَنْ يَجِيْءَ إِلَيْهِ، وَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى مَنْزِلِ النَّسَائِيِّ حَتَّى سَمِعَ مِنْهُ النَّسَائِيُّ مَا انتَقَاهُ حُسْبَةً فِي ذَلِكَ.
وَكَانَ شَيْخاً صَالِحاً، قَالَ لَهُ النَّسَائِيُّ يَوْماً: يَا أَبَا يَعْقُوْبَ! لاَ تُحَدِّثْ عَنْ سُفْيَانَ بنِ وَكِيْعٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 386 385، تاريخ ابن عساكر: 2 / 371 / أ، المنتظم: 6 / 140، تهذيب الكمال: 1 / 83 82، تذهيب التذهيب: 1 / 53 / أ، العبر: 2 / 127، تهذيب التهذيب: 1 / 221 220، خلاصة تذهيب التهذيب: 27، شذرات الذهب: 2 / 243، الرسالة المستطرفة: 163، تهذيب ابن عساكر: 2 / 429.(14/141)
فَقَالَ: اختَرْ لِنَفْسِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا شِئْتَ، وَأَنَا فُكُلُّ مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ فَإِنِّي أُحَدِّثُ عَنْهُ.
قَالَ النَّسَائِيُّ: هُوَ صَدُوْقٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ثِقَةٌ، كَانَ فِي جَامِعِ مِصْرَ مِنْجَنِيْقٌ يوَقِدُ فِيْهِ القُوَّامُ ثُرَيَّا، وَكَانَ هَذَا يَجْلِسُ قَرِيْباً مِنْهُ فَنُسِبَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثِقَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: صَدُوْقٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ.
76 - ابْنُ مَتُّوَيْه أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ *
الإِمَامُ، المَأْمُوْنُ، القُدْوَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ مَتُّوَيْه الأَصْبَهَانِيُّ، إِمَامُ جَامِعِ أَصْبَهَان، كَانَ مِنَ العُبَّادِ وَالسَّادَةِ، يَسْرُدُ الصَّوْمَ، وَكَانَ حَافِظاً، حُجَّةً، مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ، وَيُعْرَفُ أَيْضاً بِأَبَّهْ (1) ، وَبِابنِ فِيُرَّةَ الطَّيَّانِ.
سَمِعَ بِالشَّامِ، وَالعِرَاقِ، وَالحَرَمِ، وَمِصْرَ: سَمِعَ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَبِشْرَ بنَ مُعَاذٍ، وَأَحْمَدَ بن مَنِيْعٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ هَاشِمٍ البَعْلَبَكِّيَّ، وَعَبْدَ الجَبَّارِ بنَ العَلاَءِ العَطَّارِ، وَهِشَامَ بنَ خَالِدٍ الأَزْرَقَ
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 190 189، الإكمال لابن ماكولا: 1 / 11، تاريخ ابن عساكر: 2 / 253 / أ، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 127 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 740، العبر: 2 / 122، الوافي بالوفيات: 6 / 126 125، شذرات الذهب: 2 / 239 238، تهذيب ابن عساكر: 2 / 256، طبقات المحدثين بأصبهان: لوحة 229.
(1) بفتح الهمزة، وتشديد الموحدة مفتوحة، وآخرها هاء كما في " مشتبه النسبة " للمؤلف 1 / 9.(14/142)
وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، وَهَنَّادَ بنَ السَّرِيِّ، وَأَبَا هَمَّامٍ الوَلِيْدَ بنَ شُجَاعٍ، وَيُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَالرَّبِيْعَ بنَ سُلَيْمَانَ، وَطَبَقَتهُم، فَأَكْثَرَ وَجَوَّدَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّانَ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، وَأَحْمَدُ بنُ بُنْدَارٍ الشَّعَّارُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ وَقَالَ: هُوَ أَوَّلُ شَيْخٍ كَتَبْتُ عَنْهُ الحَدِيْثَ.
وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ كَانَ مِنْ مَعَادِنِ الصِّدْقِ.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: كَانَ مِنَ العُبَّادِ الفُضَلاَءِ، مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
77 - ابْنُ زَنْجَوَيْه مُحَمَّدُ بنُ زَنْجَوَيْه بنِ الهَيْثَمِ القُشَيْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ زَنْجَوَيْه بنِ الهَيْثَمِ القُشَيْرِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ، وَعَبْدَ العَزِيْزِ بنَ يَحْيَى، وَابْنَ رَاهْوَيْه، وَعَمْرَو بنَ زُرَارَةَ، وَأَبَا مَرْوَانَ العُثْمَانِيَّ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَيَحْيَى بنَ أَكْثَم، وَطَبَقَتهُم.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ حَمْشَاذٍ، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانِ، وَالشُّيُوْخَ.
وَمَا عَلِمْتُ بِهِ بَأْساً.
قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) طبقات الحنابلة: 1 / 306، العبر: 2 / 123، شذرات الذهب: 2 / 239.(14/143)
78 - الرَّسْعَنِيُّ أَبُو صَالِحٍ القَاسِمُ بنُ اللَّيْثِ بنِ مَسْرُوْرٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الحُجَّةُ، المُجَوِّدُ، الرَّحَّالُ، أَبُو صَالِحٍ القَاسِمُ بنُ اللَّيْثِ بنِ مَسْرُوْرٍ العتَّابِيُّ، الرَّسْعَنِيُّ (1) ، نَزِيْلُ مَدِيْنَةِ تِنِّيْسٍ (2) .
سَمِعَ: المُعَافَى بنَ سُلَيْمَانَ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيَّ، وَابْنَ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَعَمْرَو بنَ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيَّ، وَبِشْرَ بنَ هِلاَلٍ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ (الكُنَى) ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ شُعَيْبٍ، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ المَوْصِلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّقَّاشُ الحَافِظُ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَارِثِ بنِ أَبْيَضَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَيَّويَه النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَعِدَّةٌ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: ثِقَةٌ مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ بِتَنِّيْسٍ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، ثِقَةٌ.
79 - ابْنُ الأَخْرَمِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ أَيُّوْبَ الأَصْبَهَانِيُّ **
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، الحَافِظُ، الأَثَرِيُّ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ أَيُّوْبَ
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 14 / 278 / ب، العبر: 2 / 128، شذرات الذهب: 2 / 243.
(1) هذه النسبة إلى " رأس عين " ويقال فيها: رأس العين، وهي مدينة كبيرة مشهورة من مدن الجزيرة، بين حران ونصيبين ودنيسر، فيها عيون كثيرة عجيبة صافية، تجتمع كلها في موضع فتصير نهر الخابور. انظر " معجم البلدان " 3 / 14 13، و" اللباب " 2 / 26 25.
(2) بكسرتين وتشديد النون، وياء الساكنة، والسين مهملة: جزيرة في بحر مصر قريبة من البر، ما بين الفرما ودمياط.
انظر " معجم البلدان " 2 / 51.
(* *) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 225 224، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد =(14/144)
بنِ الأَخْرَمِ الأَصْبَهَانِيُّ، الفَقِيْهُ.
ارْتَحَلَ، وَأَخَذَ عَنْ: أَبِي كُرَيْبٍ، وَالمُفَضَّلِ بنِ غَسَّانَ الغَلاَبِيِّ، وَزِيَادِ بنِ يَحْيَى الحَسَّانِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ حَرْبٍ، وَعَمَّارِ بنِ خَالِدٍ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ العَسَّالُ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَأَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَفْرِجَة، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ، وَآخَرُوْنَ.
وَله وَصِيَّةٌ أَكْثَرُهَا عَلَى قَوَاعِدِ السَّلَفِ، يَقُوْلُ فِيْهَا: مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَفْظَهُ بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ فَهُوَ كَافِرٌ.
فَكَأَنَّهُ عَنَى بِاللَّفْظِ: المَلْفُوْظَ لاَ التَّلَفُّظَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
80 - عَلِيُّ بنُ سَعِيْدِ بنِ بَشِيْرِ بنِ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ *
الحَافِظُ البَارِعُ، أَبُو الحَسَنِ الرَّازِيُّ، عَلِيَّك (1) ، نَزِيْلِ مِصْرَ.
حَدَّثَ عَنْ: عَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ النَّرْسِيِّ، وَجُبَارَةَ بنِ المُغَلِّسِ، وَبشْرِ بنِ مُعَاذٍ العَقَدِيِّ، وَنُوْحِ بنِ عَمْرٍو السَّكْسَكِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ هَاشِمٍ البَعْلِيِّ،
__________
= الهادي: الورقة 128 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 747 - 748، العبر: 2 / 120، الوافي بالوفيات: 3 / 190 - 191، طبقات الحفاظ: 315، النجوم الزاهرة: 3 / 184، شذرات الذهب: 2 / 234 - 235.
طبقات المحدثين بأصبهان: لوحة 228.
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 750، ميزان الاعتدال: 3 / 131، لسان الميزان: 4 / 231 - 232، طبقات الحفاظ: 315 - 316، حسن المحاضرة 1 / 350، النجوم الزاهرة: 3 / 203، شذرات الذهب: 2 / 232.
(1) كذا ضبطه المؤلف في " المشتبه " وقال: " والكاف في لغة العجم هي حرف التصغير، وبعض الحفاظ قيده باختلاس كسرة اللام، وفتح الياء وخفف. قال ابن نقطة: وهذا عندي أصح، وليس في كتاب الأمير ابن ماكولا تشديد الياء، بل أهمل ذلك، وقد ضبطه المؤتمن الساجي بسكون اللام وفتح الياء ".(14/145)
وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ خَالِدِ بنِ نَجِيْحِ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيِّ، وَالهَيْثَمِ بنِ مَرْوَانَ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عُتْبَةَ الرَّازِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرِ بنِ الوَرْدِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ خَرُوْفٍ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَالحَسَنُ بنُ رَشِيْقِ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ الأَبِيْوَرْدِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ بذَاكَ فِي حَدِيْثِهِ، سَمِعْتُ بِمِصْرَ أَنَّهُ كَانَ وَالِيَ قَرْيَةٍ، وَكَانَ يُطَالِبُهُمْ بِالخَرَاجِ، فَمَا كَانُوا يُعْطُوْنَهُ.
قَالَ: فَجَمَعَ الخَنَازِيْرَ فِي المَسْجَدِ.
قُلْتُ: فَكَيْفَ هُوَ فِي الحَدِيْثِ؟
قَالَ: حَدَّثَ بِأَحَادِيْثَ لَمْ يُتَابَعُ عَلَيْهَا، وَتَكَلَّمَ فِيْهِ أَصْحَابُنَا بِمِصْرَ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ يَفْهَمُ وَيَحْفَظُ، مَاتَ بِمِصْرَ فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قُلْتُ: الكَافُ فِي عَلِيَّكَ هِيَ علاَمَةُ التَّصْغِيْرِ فِي عَلِيٍّ بِالفَارِسِيَّةِ.
أَمَا عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ العَسْكَرِيُّ - مُؤلِّفُ كِتَابِ (السَّرَائِر) فآخَرٌ، مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (1) .
81 - الفَرْهَيَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، النَّاقِدُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ
__________
(1) سيورد المؤلف له ترجمة مستقلة في الصفحة 463 من هذا الجزء، وقد ذكرنا مصادره هناك فارجع إليها.
(*) معجم البلدان: 4 / 259 258، اللباب: 2 / 427، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 124 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 717 716، طبقات الحفاظ: 308، شذرات الذهب: 2 / 235.(14/146)
الفَرْهَاذَانِيّ، وَيُقَالُ: فِيْهِ الفَرْهَيَانِيّ.
سَمِعَ: هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَقُتَيْبَةَ بنَ سَعِيْدٍ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَدُحَيْماً، وَمُحَمَّدَ بنَ وَزِيْرٍ، وَحَرْمَلَةَ بنَ يَحْيَى، وَعَبْدَ المَلِكِ بنَ شُعَيْبٍ، وَطَبَقَتهُم. وَكَانَ ذَا رِحْلَةٍ وَاسِعَةٍ، وَعُلُوْمٍ نَافِعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ النَّقَّاشُ المُفَسِّرُ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَبِشْرُ بنُ أَحْمَدَ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ رَفِيْقَ النَّسَائِيِّ، وَكَانَ ذَا بَصَرٍ بِالرِّجَالِ، وَكَانَ مِنَ الأَثْبَاتِ؛ سَأَلْتُهُ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيَّ عَنْ حَرْمَلَةَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ! وَمَا تَصْنَعُ بِحَرْمَلَةَ؟ إِنَّهُ ضَعِيْفٌ.
ثُمَّ أَمْلَى عَلَيَّ عَنْهُ ثَلاَثَةَ أَحَادِيْثَ لَمْ يَزِدْنِي.
قَرَأْتُ عَلَى أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَيَّارٍ الفَرْهَاذَانِيّ، أَخْبَرَنَا هَارُوْنُ بنُ زَيْدِ بنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (رِضَى اللهِ فِي رِضَى الوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الوَالِدِ (1)) .
لَمْ أَظْفَرْ لِهَذَا الحَافِظِ بِوَفَاةٍ، تُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) أخرجه الترمذي (1899) في البر والصلة: باب ما جاء من الفضل في رضى الوالدين من حديث خالد بن الحارث، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله ابن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2026) والحاكم 4 / 151، 152 من حديث عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا، ووافقه الذهبي.(14/147)
82 - الوَشَّاءُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ *
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، العَالِمُ، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ الجَعْدِ الوَشَّاءُ، البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: سُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ (مُوَطَّأَ مَالِكٍ) ، وَمِنْ: مُحَمَّدِ بنِ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادِ، وَأَبِي مَعْمَرٍ الهُذَلِيِّ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّافِ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ غَرِيْبٍ البَزَّازُ، وَآخَرُوْنَ.
سَمِعْنَا (المُوَطَّأُ) مِنْ طَرِيْقِهِ.
وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ.
83 - أَبُو مَعْشَرٍ الدَّارِمِيُّ الحَسَنُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ نَافِعٍ **
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو مَعْشَرٍ الحَسَنُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ نَافِعٍ الدَّارِمِيُّ، شَيْخٌ بَصْرِيُّ مُعَمَّرٌ.
سَكَنَ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَطَبَقَتِهِمَا.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ قَانِعٍ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ الطَّسْتِيُّ، وَمَخْلَدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤٍ الوَرَّاقُ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 56، العبر: 2 / 118، الوافي بالوفيات: 8 / 55، النجوم الزاهرة: 3 / 184، شذارت الذهب: 2 / 237.
(* *) تاريخ بغداد: 7 / 327، المنتظم: 6 / 125.(14/148)
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
84 - المُطَرّزُ أَبُو بَكْرٍ القَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو بَكْرٍ القَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى البَغْدَادِيُّ، المَعْرُوْفُ: بِالمُطَرِّزِ.
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ وَالمائَتَيْنِ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ.
تَلاَ عَلَى: أَبِي حَمْدُوْنَ الطَّيِّبِ، وَعَلَى: أَبِي عُمَرَ الدُّوْرِيِّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: سُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي هَمَّامِ الوَلِيْدِ بنِ شُجَاعٍ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَعَبَّادِ بنِ يَعْقُوْبَ الرَّوَاجِنِي، وَطَبَقَتهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرٍ الخَرْقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو حَفْصٍ الزَّيَّاتِ، وَعَدَدٌ كَثِيْرٌ.
وَصَنَّفَ المُسْنَدَ وَالأَبْوَابَ، وَتَصَدَّرَ لِلإِقْرَاءِ.
وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُوْناً، أَثْنَى عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرهُ، وَذَكَرَ عَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ الغَضَائِرِيُّ - شَيْخٌ لأَبِي عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ - أَنَّهُ تَلاَ عَلَيْهِ: خَتْمَةً بِالإِدغَامِ الكَبِيْرِ (1)
__________
(*) تاريخ بغداد: 12 / 441، المنتظم: 6 / 146، تهذيب الكمال: الورقة 1109 - 1110 مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 124 / 2، تذهيب التهذيب: 3 / 145 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 717، العبر: 2 / 130، طبقات القراء للذهبي: 1 / 195، البداية والنهاية: 11 / 128، طبقات القراء للجزري: 2 / 17، تهذيب التهذيب: 8 / 314 - 315، طبقات الحفاظ: 308، خلاصة تذهيب التهذيب: 312، شذرات الذهب: 2 / 246.
(1) الادغام: هو النطق بحرفين حرفا واحدا كالثاني، والادغام الكبير وهو لأبي عمرو ابن العلاء البصري رواية السوسي هو ما كان الأول من الحرفين فيه متحركا، سواء أكان الحرفان مثلين، أم جنسين، أم متقاربين، مثال الأول قوله تعالى (والشمس والقمر =(14/149)
وَالإِبدَالِ فِي سَنَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةِ، فَافتُضِحَ فِي دَعْوَاهُ لأَنَّ المُطَرِّز - رَحِمَهُ اللهُ - تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عِشْرِ التِّسْعِيْنَ.
85 - طَرِيْفُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المَوْصِلِيُّ *
الشَّيْخُ، أَبُو الوَلِيْدِ طَرِيْفُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ المَوْصِلِيُّ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ.
رَحَلَ وَرَوَى عَنْ: عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَيَحْيَى بنِ بِشْرٍ الحَرِيْرِيِّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيِّ.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ بنُ بُرَيْدَةَ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَآخَرُوْنَ.
ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
86 - حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى أَبُو عَلِيٍّ الجُرْجَانِيُّ **
الشَّيْخُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَلِيٍّ الجُرْجَانِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الكَاتِبُ، لَمْ يَكُنْ مُحَدِّثاً، وَإِنَّمَا حُبِسَ فِي شَأْنِ التَصَرُّفِ فَصَادَفَ فِي
__________
= رأيتهم لي ساجدين) ومثال الثاني قوله تعالى (حيث شئتم رغدا) ومثال الثالث قوله تعالى (تريد زينة الحياة الدنيا) والابدال وهو لأبي عمرو رواية السوسي أيضا إبدال الهمز الساكن مدا مثل (يؤمنون) تقرأ (يومنون) بترك الهمز، وأبو عمرو يبدل الهمزة الساكنة بحرف مد في جميع القرآن إلا أن يكون سكون الهمزة للجزم أو للامر، وعدل عن الابدال أيضا في (تؤوي) لان
الابدال فيها أثقل من الهمز، وفي (رئيا) لان الابدال يوقع الالتباس بما لا يهمز، وفي (مؤصدة) لان الابدال يخرجها من لغة إلى لغة أخرى.
انظر " تحبير التيسير " ص 43 و58، وشرح الطيبة: 58 و101 لابن الجزري، وشرح الشاطبية: 33 و75 لابن القاصح.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 365 364، ميزان الاعتدال: 2 / 336، لسان الميزان: 3 / 209 208.
(* *) تاريخ بغداد: 8 / 180، العبر: 2 / 122، شذرات الذهب: 2 / 238.(14/150)
الحَبْسِ الحَافِظَ نُعَيْمَ بنَ حَمَّادٍ (1) ، فَأَملَى عَلَيْهِ جُزْءاً وَاحِداً وَهُوَ جُزْءٌ عَالٍ طَبْرَزَدِيُّ، يُعْرَفُ بِنُسْخَةِ نُعَيْمِ بنِ حَمَّادٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الجعَابِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ لُؤْلُؤٍ، وَغَيْرهُم.
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ (2) .
تُوُفِّيَ: فِي شَهْرِ رَجَبٍ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى التِّسْعِيْنَ.
87 - عَبَّادُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَرْزُوْقٍ أَبُو يَحْيَى السِّيْرِيْنِيُّ *
المُعَمَّرُ الكَبِيْرُ، أَبُو يَحْيَى السِّيْرِيْنِيُّ مَوْلاَهُمُ، البَصْرِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
فِيْهِ ضَعْفٌ.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمائَتَيْنِ، وَحَدَّثَ عَنْ: بَكَّارِ بنِ مُحَمَّدٍ السِّيْرِيْنِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ المَدَائِنِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ البَخْتَرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ، وَضَعَّفَهُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ مائَةٌ وَخَمْسُ سِنِيْنَ، وَلَوْلاَ تَأَخُّرِ وَفَاتِهِ لَذُكِرَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي عَاصِمٍ وَنُظَرَائِهِ.
__________
(1) الخزاعي المروزي، وهو على شهرته كثير الخطأ لا يحتج بما تفرد به، قال المؤلف في " ميزانه ": أحد الأئمة الاعلام على لين في حديثه، وقال الحافظ في " التقريب ": صدوق يخطئ كثيرا، وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه، وقال: باقي حديثه مستقيم.
(2) في " تاريخه " 8 / 180.
(*) تاريخ بغداد: 11 / 110 109، الأنساب: 322 / ب، ميزان الاعتدال: 2 / 370، لسان الميزان: 3 / 234 233.(14/151)
88 - الصُّوْفِيُّ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ رَاشِدٍ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ بنِ رَاشِدٍ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ الكَبِيْرُ، احتِرَازاً مِنْ أَحْمَدَ بنِ الحُسَيْنِ الصُّوْفِيِّ الصَّغِيْرِ (1) .
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ سَنَةِ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ مِنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَالهَيْثَمِ بنِ خَارِجَةَ، وَأَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَأَحْمَدِ بنِ جَنَابٍ، وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَعِدَّةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الشَّيْخِ بنُ حَيَّانَ، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ السُّكَّرِيُّ.
مَاتَ: فِي عشْرِ المائَةِ، فِي شَهْرِ رَجَبَ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
وَثَّقَهُ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (2) وَغَيْرُهُ، وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَإِتْقَانٍ.
رَوَى عَنْ: يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ نُسْخَةً وَقَعَتْ لَنَا بِعُلُوٍّ بَاهِرٍ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي المَعَالِي أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ القَرَافِيِّ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الفَتْحِ، وَالفَتْحُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بِبَغْدَادَ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحربِيُّ سَنَةَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 86 82، طبقات الحنابلة: 1 / 37 36، المنتظم: 6 / 149، العبر: 2 / 131، ميزان الاعتدال: 1 / 91، الوافي بالوفيات:: 6 / 305، لسان الميزان: 1 / 153 151، شذرات الذهب: 2 / 247.
(1) انظر الترجمة التالية.
(2) في " تاريخه " 4 / 82.(14/152)
خَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي ذِي القَعْدَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ المُثَنَّى بنِ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ:
عَنْ أَنَسِ: (أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِالكَلِمَةِ رَدَّدَهَا ثَلاَثاً، وَإِذَا أَتَى قَوْماً فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِم ثَلاَثاً)
هَذَا مِنْ غَرَائِبِ (صَحِيْحِ البُخَارِيِّ (1)) رَوَاهُ عَنْ ثِقَةٍ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَبْدِ الوَارِثِ.
89 - الصُّوْفِيُّ الصَّغِيْرُ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِسْحَاقَ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ إِسْحَاقَ البَغْدَادِيُّ، الصُّوْفِيُّ الصَّغِيْرُ.
سَمِعَ: بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ، وَالرَّبِيْعَ بنَ ثَعْلَبِ العَابِدِ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنَ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى الفَزَارِيَّ، وَأَبَا إِبْرَاهِيْمَ التَرْجمَانِيَّ، وَسُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ، وَأَبَا كُرَيْبٍ وَمُوْسَى بنَ إِسْحَاقَ الخَطْمِيَّ، وَدَاوُدَ بنَ رُشَيْدٍ، وَعَبْدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ، وَعِدَّةً.
وَلَهُ رِحْلَةٌ وَمَعْرِفَةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمُ.
__________
(1) أخرجه في العلم 1 / 169: باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه، و11 / 22 في الاستئذان: باب التسليم والاستئذان ثلاثا. وقد تقدم تخريجه في الصفحة (32) من هذا الجزء.
(*) تاريخ بغداد: 4 / 99 98، العبر: 2 / 125، ميزان الاعتدال: 1 / 93 92، لسان الميزان: 1 / 156 155، شذرات الذهب: 2 / 241.(14/153)
وَثَّقَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، وَبَعْضُهُمْ لَيَّنَهُ.
تُوُفِّيَ فِي آخِرِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
رَوَى ابْنُ بَوْشٍ (1) جُزْءاً مِنْ حَدِيْثِهِ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ.
90 - صَاحِبُ خُرَاسَانَ الأَمِيْرُ أَبُو إِبْرَاهِيْمَ إِسْمَاعِيْلُ ابنُ المَلِكِ أَحْمَدَ *
ابْنِ أَسَدِ بنِ سَامَانَ بنِ نُوْحٍ.
كَانَ مَلِكاً فَاضِلاً، عَالِماً، فَارِساً، شُجَاعاً، مَيْمُوْنَ النَّقِيْبَةِ، مُعَظِّماً لِلْعُلَمَاءِ، يُلَقَّبُ بِالأَمِيْر المَاضِي.
سَمِعَ مِنْ: أَبِيْهِ، وَمِنْ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيِّ عَامَّةَ تَصَانِيْفِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ.
قَالَ ابْنُ قَانِعٍ: سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ مُحَمَّدٍ الطَّهْمَانِيّ: سَمِعْتُ الأَمِيْرَ إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: جَاءَنَا أَبُوْنَا بِمُؤَدِّبٍ، فَعَلَّمَنَا الرَّفْضَ، فَنِمْتُ، فرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -.
فَقَالَ لِي: لِمَ تَسُبُّ صَاحِبَيَّ؟
فَوَقَفْتُ، فَقَالَ لِي بِيَدِهِ، فَنَفَضَهَا فِي وَجْهِي، فَانتَبَهْتُ فَزِعاً
__________
(1) ترجمه المؤلف في " العبر " 4 / 283 فقال: " هو يحيى بن أسعد بن بوش، أبو القاسم الازجي الحنبلي الخباز. سمع الكثير من أبي طالب اليوسفي، وأبي سعد بن الطيوري، وأبي علي الباقرحي، وطائفة، وكان عاميا، مات شهيدا: غص بلقمة فمات، وذلك في ذي القعدة سنة 593 للهجرة عن بضع وثمانين سنة، وله إجازة من ابن بيان ".
* (*) الأنساب: 286، المنتظم: 6 / 78 77، الكامل في التاريخ: 7 / 504 500 و8 / 8 5، وفيات الأعيان: 5 / 161، العبر: 2 / 102، دول الإسلام: 1 / 178، البداية والنهاية: 11 / 106، ابن خلدون: / 334، النجوم الزاهرة: 3 / 163، شذرات الذهب: 2 / 219.(14/154)
أَرْتَعِدُ مِنَ الحُمَّى، فَكُنْتُ عَلَى الفِرَاشِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، وَسَقَطَ شَعْرِي، فَدَخَلَ أَخِي، فَقَالَ: أَيْش قِصَّتُكَ؟
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: اعتَذِرْ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فَاعْتَذَرْتُ وَتُبْتُ، فَمَا مَرَّ لِي إِلاَّ جُمُعَةً حَتَّى نَبَتَ شَعْرِي.
قُلْتُ: كَانَ هُوَ وَآبَاؤُهُ مُلُوْكَ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ، وَلَهُ غَزَوَاتٌ فِي التُّرْكِ، وَهُوَ الَّذِي ظَفَرَ بِعَمْرِو بنِ اللَّيْثِ وَأَسَرَهُ، فَجَاءهُ مِنَ المُعْتَضِدِ التَّقْلِيْدُ بِوِلاَيَةِ خُرَاسَانَ وَمَا يَلِيْهَا، وَكَانَتْ سَلْطَنَتُهُ مُدَّةَ سَبْعِ سِنِيْنَ.
تُوُفِّيَ: بِبُخَارَى فِي صَفَرٍ، سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) ، فَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أَحْمَدُ.
وَمَاتَ ابْنُهُ السُّلْطَانُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ، قَتَلَهُ مَمَالِيْكُهُ (2) ، ثُمَّ مَلَّكُوا وَلَدَهُ نَصْراً (3) ، فَدَامَ ثَلاَثِيْنَ عَاماً، فَأَحْسَنَ السِّيْرَةَ، وَعَظُمَتْ هَيْبَتُهُ.
91 - صَاحِبُ الأَنْدَلُسِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
وَابْنُ مُلُوْكِهَا، الأَمِيْرُ أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ بنِ هِشَامِ بنِ الدَّاخِلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ الخَلِيْفَةِ هِشَامِ بنِ
__________
(1) انظر " عبر الذهبي " 2 / 102.
(2) ولقب بعد موته بالشهيد. انظر " الكامل " لابن الأثير: 8 / 87 77، و" العبر " 2 / 118.
(3) الملقب بالسعيد. ترجمه المؤلف في " العبر " 2 / 227، وانظر " الكامل " لابن الأثير: 8 / 80 78.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 6، جذوة المقتبس: 12، الكامل في التاريخ: 8 / 73، الحلة السيراء: 1 / 124 120، البيان المغرب: 2 / 120 وما بعدها، العبر: 2 / 114، دول الإسلام: 1 / 182، مرآة الجنان: 2 / 236، ابن خلدون: 4 / 132، تاريخ الخلفاء: 831، النجوم الزاهرة: 3 / 181، نفخ الطيب: 1 / 353 352، شذرات الذهب: 2 / 233.(14/155)
عَبْدِ المَلِكِ المَرْوَانِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَخِيْهِ المُنْذِرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ، وَامتَدَّتْ دَوْلَتُهُ، وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ العَدْلِ، مُثَابِراً عَلَى الجِهَادِ، مُلاَزِماً لِلصَّلَوَاتِ فِي الجَامِعِ، لَهُ مَوَاقِفُ مَشْهُوْدَةٌ، مِنْهَا: مَلْحَمَةُ بلِي (1) :كَانَ ابْنُ حَفْصُوْنَ قَدْ حَاصَرَ حِصْنَ بلِي وَمَعَهُ ثَلاَثُوْنَ أَلْفاً، فَسَارَ عَبْدُ اللهِ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفاً، فَالتَقَوا، فَانهَزَمَ ابْنُ حَفْصُوْنَ، وَاسْتَحَرَّ بِجَمْعِهِ القَتْلُ، فَقَلَّ مَنْ نَجَا، وَكَانُوا عَلَى رَأْيِ الخَوَارِجِ.
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ ذَا فِقْهٍ وَأَدَبٍ.
وَنَقَلَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ الأَمِيْرَ عَبْدَ اللهِ اسْتفتَى بَقِيَّ بنَ مَخْلَدِ فِي الزِّنْدِيْقِ، فَأَفتَى أَنَّهُ لاَ يُقْتَلُ حَتَّى يُسْتَتَابُ، وَذَكَرَ حَدِيْثاً فِي ذَلِكَ.
مَاتَ: فِي أَوَّلِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلاَثِ مائَةٍ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ ابْنُ ابْنِهِ النَّاصِرُ لِدِيْنِ اللهِ، فَدَامَ خَمْسِيْنَ سَنَةً، وَتَلَقَّبَ بِإِمرَةِ المُؤْمِنِيْنَ، وَهَذَا وَآبَاؤُهُ ذَكَرْتُهُمْ مُجْتَمِعِيْن فِي المائَةِ الثَّانِيَةِ فِي عَصْرِ هُشَيْمٍ (2) .
__________
(1) كذا الأصل، وهي كذلك في " العبر " 2 / 114. وانظر " البيان المغرب " لابن عذاري: 2 / 123، وابن خلدون: 4 / 135.
(2) انظر الجزء الثامن 217، 241، وكان الناصر لدين الله واسمه عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد أول من تلقب بالخلافة من رجال الدولة الاموية في الأندلس.
وكانت ولايته مما يستغرب، لأنه كان شابا، وأعمامه وأعمام أبيه حاضرون، فتصدى لها، واحتازها دونهم، ووجد الأندلس مضطربة بالمخالفين، مضطرمة بنيران المتغلبين، فأطفأ تلك النيران، واستنزل أهل العصيان، واستقامت له الأندلس في سائر جهاتها بعد نيف وعشرين سنة من أيامه.(14/156)
92 - الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ بنِ عَامِرِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الشَّيْبَانِيُّ *
ابْنِ النُّعْمَانِ بنِ عَطَاءٍ، الإِمَامُ، الحَافِظُ، الثَّبْتُ، أَبُو العَبَّاسِ الشَّيْبَانِيُّ، الخُرَاسَانِيُّ، النَّسَوِيُّ، صَاحِبُ (المُسْنَدِ) .
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَهُوَ أَسَنُّ مِنْ بَلَدِيِّهِ الإِمَامُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيِّ، وَمَاتَا مَعاً فِي عَامٍ.
ارْتَحَلَ إِلَى الآفَاقِ وَرَوَى عَنْ: أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ يُوْسُفَ البَلْخِيِّ، وَقُتَيْبَةَ بنِ سَعِيْدٍ، وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَلاَّمٍ الجُمَحِيِّ، وَسَهْلِ بنِ عُثْمَانَ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَسَعْدِ بنِ يَزِيْدَ الفَرَّاءِ، وَحِبَّانَ بنِ مُوْسَى، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَصَفْوَان بنِ صَالِحٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ هِشَامِ بنِ يَحْيَى الغَسَّانِيِّ، وَعِيْسَى بنِ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ رُمْحٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ السَّامِي، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ غِيَاثٍ، وَأَبِي كَامِلٍ الجَحْدَرِيِّ، وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ مُعَاذٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَهُوَ مِنْ أَقرَانِ أَبِي يَعْلَى، وَلَكِنْ أَبُو يَعْلَى أَعْلَى إِسْنَاداً مِنْهُ وَأَقْدَمُ
__________
(*) الجرح والتعديل: 3 / 16، الأنساب: 63 / أ، تاريخ ابن عساكر: 4 / 227 / ب، المنتظم: 6 / 136 132، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 122 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 705 703، العبر: 2 / 125 124، دول الإسلام: 1 / 184، ميزان الاعتدال: 1 / 493 492، الوافي بالوفيات: 12 / 33 32، مرآة الجنان: 2 / 341، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 265 263، البداية والنهاية: 11 / 125 124، لسان الميزان: 2 / 211، النجوم الزاهرة: 3 / 189، طبقات الحفاظ: 305، شذرات الذهب: 2 / 241، الرسالة المستطرفة: 7، 17، وغيرها، تهذيب ابن عساكر: 4 / 182 178.(14/157)
لِقَاءً، فَإِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ.
وَقَدْ سَمِعَ الحَسَنُ تَصَانِيْفَ الإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْهُ، وَسَمِعَ: (السُّنَنَ) مِنْ أَبِي ثَوْرٍ الفَقِيْهِ، وَتَفَقَّهَ بِهِ، وَلاَزَمَهُ، وَبَرَعَ، وَكَانَ يُفْتِي بِمَذْهَبِهِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَيَحْيَى بنُ مَنْصُوْرٍ القَاضِي، وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَمِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ النَّقَاشُ المُقْرِئُ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ ابْنُ حِبَّانَ، وَحَفِيْدُهُ إِسْحَاقُ بنُ سَعْدٍ النَّسَوِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الهَاشِمِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ النَّسَوِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمُ، رَحَلُوا إِلَيْهِ وَتَكَاثرُوا عَلَيْهِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ البُسْتِيُّ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ يَقُوْلُ: لَوْلاَ اشتِغَالِي بِحِبَّانَ بنِ مُوْسَى لَجِئْتُكُم بِأَبِي الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ حَرْبٍ.
يَعْنِي: أَنَّهُ تَعَوَّقَ بِإِكْبَابِهِ عَلَى تَصَانِيْفِ ابْنِ المُبَارَكِ عِنْدَ حِبَّانَ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ: سَمِعْتُ الحَسَنَ بنَ سُفْيَان يَقُوْلُ: إِنَّمَا فَاتَنِي يَحْيَى بنُ يَحْيَى بِالوَالدَةِ: لَمْ تَدَعْنِي أَخْرُجُ إِلَيْهِ.
قَالَ: فَعَوَّضَنِي اللهُ بِأَبِي خَالِدٍ الفَرَّاءِ، وَكَانَ أَسْنَدَ مِنْ يَحْيَى بنِ يَحْيَى.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ - مُحَدِّثُ خُرَاسَانَ فِي عَصْرِهِ - مُقَدَّماً فِي الثَّبْتِ، وَالكَثْرَةِ، وَالفَهْمِ، وَالفِقْهِ، وَالأَدَبِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ: كَانَ الحَسَنُ مِمَّنْ رَحَلَ، وَصَنَّفَ، وَحَدَّثَ، عَلَى تَيَقُّظٍ مَعَ صِحَّةِ الدِّيَانَةِ، وَالصَّلاَبَةِ فِي السُّنَّةِ.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ: لَيْسَ لِلْحَسَنِ فِي الدُّنْيَا نَظِيْرٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ بنِ سُلَيْمَانَ يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ(14/158)
الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، فَدَخَلَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ، وَهُمْ مُتَوَجِّهُوْنَ إِلَى فُرَاوَةَ (1) .
فَقَالَ الرَّازِيُّ: كَتَبْتُ هَذَا الطَّبَقَ مِنْ حَدِيْثِكَ.
قَالَ: هَاتِ.
فَقَرَأَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَ إِسْنَاداً فِي إِسْنَادٍ، فَرَدَّهُ الحَسَنُ، ثُمَّ بَعْدَ قَلِيْلٍ فَعَلَ ذَلِكَ، فَرَدَّهُ الحَسَنُ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ لَهُ الحَسَنُ: مَا هَذَا؟! قَدِ احتَمَلْتُكَ مَرَّتَيْنِ وَأَنَا ابْنُ تِسْعِيْنَ سَنَةً، فَاتَّقِ اللهَ فِي المشَايِخِ، فَرُبَّمَا اسْتُجِيْبَتْ فِيْكَ دَعْوَةٌ.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ: مَهْ! لاَ تُؤْذِ الشَّيْخَ.
قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ أَبَا العَبَّاسِ يَعْرِفُ حَدِيْثَهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ (2) :الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ سَمِعَ حِبَّانَ بنَ مُوْسَى، وَقُتَيْبَةَ، وَابْنَ أَبِي شَيْبَةَ، كَتَبَ إِلَيَّ وَهُوَ صَدُوْقٌ.
قَالَ أَبُو الوَلِيْدِ (3) حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ أَدِيْباً فَقِيْهاً، أَخَذَ الأَدَبَ عَنْ أَصْحَابِ النَّضْرِ بنِ شُمَيْلٍ، وَالفِقْهَ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، وَكَانَ يُفْتِي بِمَذْهَبِهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: سَمِعَ الحَسَنُ مِنِ ابْنِ رَاهْوَيْه أَكْثَرَ (مُسْنَدِهِ) وَسَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ (تَفْسِيْرَهُ) .
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: حَضَرْتُ دَفْنَهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ،
__________
(1) كذا ضبطها السمعاني في " الأنساب " بضم الفاء، وتبعه على ذلك صاحب " اللباب ". أما ياقوت فقيدها في " معجمه " 4 / 245 بالفتح، وقال: هي بليدة من أعمال نسا، بينها وبين دهستان وخوارزم، خرج منها جماعة من أهل العلم، ويقال لها: رباط فراوة.
(2) في " الجرح والتعديل " 3 / 16.
(3) في الأصل " أبوالبد " وهو خطأ، وأبو الوليد هذا مترجم في " تذكرة الحفاظ " 3 / 895.(14/159)
مَاتَ بِقَرْيَتِهِ بَالُوْزَ، وَهِيَ عَلَى ثَلاَثَةِ فَرَاسِخَ مِنْ مَدِيْنَةِ نَسَا - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى (1) -.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ تَاجِ الأُمَنَاءِ بِأَرْبَعِيْنَ الحَسَنِ سَمَاعاً، عَنِ المُؤَيَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيِّ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَنِ الشَّعْرِيّ، قَالَ: أَخْبَرَتْنَا أُمُّ الخَيْرِ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيِّ بنِ زَعْبَل سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ الغَافِرِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمْهُ وَلاَ يُسْلِمْهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيْهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ (2)) .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ فَوَافَقْنَاهُمْ بِعُلُوٍّ.
وَبِهِ: إِلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ بيَان السُّكَّرِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ
__________
(1) انظر " معجم البلدان " 1 / 330 329.
(2) أخرجه مسلم (2580) في البر والصلة: باب تحريم الظلم، وأبو داود (4893) في الأدب: باب المؤاخاة، والترمذي (1426) في الحدود: باب ما جاء في الستر على المسلم. وأخرجه البخاري: 5 / 71 70 في المظالم: باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، من طريق يحيى بن بكير، عن الليث به.
وليس هو في " سنن النسائي " المطبوع باختصار ابن السني، ويغلب على الظن أنه في الكبرى، فإن المنذري نسبة أيضا في مختصر أبي داود إليه.(14/160)
عَبَّاسٍ: عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ، فَلاَ صَلاَةَ لَهُ إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ (1)) .
أَخْرَجَهُ: ابْنُ مَاجَه، عَنْ عَبْدِ الحَمِيْدِ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوٍّ.
رَوَى بِشْروَيْه بنُ مُحَمَّدٍ المُغْفِلِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الحَسَنِ الصَّفَّارُ الفَقِيْهُ، قَالَ: كُنَّا عِنْد الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، وَقَدِ اجتَمَعَ إِلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الفَضْلِ، ارتَحَلُوا إِلَيْهِ، فَخَرَجَ يَوْماً، فَقَالَ: اسْمَعُوْا مَا أَقُولُ لَكُمْ قَبْلَ الإِملاَءِ: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّكُم مِنْ أَبْنَاءِ النِّعَمِ، هَجَرْتُمُ الوَطَنَ، فَلاَ يَخْطُرَنَّ بِبَالِكُمْ أَنَّكُمْ رَضِيْتُم بِهَذَا التَّجَشُّمِ لِلْعِلْمِ حَقاً، فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ بِبَعْضِ مَا تَحَمَّلْتُهُ فِي طَلَبِ العِلْمِ:
ارتَحَلْتُ مِنَ وَطَنِي، فَاتَّفَقَ حُصُوْلِي بِمِصْرَ فِي تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِي طَلَبَةِ العِلْمِ، وَكُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَى شَيْخٍ أَرْفَعِ أَهْلِ عَصْرِهِ فِي العِلْمِ مَنْزِلَةً، فَكَانَ يُمْلِي عَلَيْنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيْلاً، حَتَّى خَفَّتِ النَّفَقَةُ، وَبِعْنَا أَثَاثنَا، فَطَوَيْنَا ثَلاَثاً، وَأَصْبَحْنَا لاَ حِرَاكَ بِنَا، فَأَحْوَجَتِ الضَّرُوْرَةُ إِلَى كَشْفِ قِنَاعِ الحِشْمَةِ وَبَذَلِ الوَجْهِ، فَلَمْ تَسْمَحْ أَنْفُسُنَا فَوَقَعَ الاخْتِيَارُ عَلَى قُرْعَةٍ، فَوَقَعَتْ عَلَيَّ، فَتَحَيَّرْتُ وَعَدَلْتُ، فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ، وَدَعَوْتُ، فَلَمْ أَفْرغْ حَتَّى دَخَلَ المَسْجَدَ شَابٌّ مَعَهُ خَادِمٌ، فَقَالَ: مَنْ مِنْكُمُ الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ؟
قُلْتُ: أَنَا.
قَالَ: إِنَّ الأَمِيْرَ طُولُوْنَ يَقْرِئُكُمُ السَّلاَمَ وَيَعْتَذِرُ مِنَ الغَفْلَةِ عَنْ تَفَقُّدِ أَحْوَالِكُمُ، وَقَدْ بَعَثَ بِهَذَا وَهُوَ زَائِركُمْ غَداً.
وَوَضَعَ بَيْنَ يَدَي كُلِّ وَاحِدٍ مائَةِ دِيْنَارٍ، فَتَعَجَّبْنَا وَقُلْنَا: مَا القِصَّةُ؟
قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ بُكْرَةً، فَقَالَ: أُحِبُّ أَنْ أَخْلُوَ اليَوْمَ.
فَانصَرَفْنَا، فَبَعْدَ سَاعَةٍ طَلَبَنِي، فَأَتَيْتُهُ، فَإِذَا بِهِ يَدُهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ لِوَجَعٍ مُمِضٍّ
__________
(1) إسناده صحيح، وقد صرح هشيم بالتحديث عند الحاكم، وتابعه عبد الرحمن بن غزوان عنده أيضا.
وأخرجه ابن ماجه (293) في المساجد: باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، والدارقطني: 161، وصححه ابن حبان (426) والحاكم: 1 / 245، ووافقه الذهبي.(14/161)
اعتَرَاهُ، فَقَالَ لِي: تَعْرِفُ الحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: اقصُدِ المَسْجَدَ الفلاَنِيَّ، وَاحمِلْ هَذِهِ الصُّرَرَ إِلَيْهِم، فَإِنَّهُم مُنْذُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ جِيَاعٌ، وَمَهِّدْ عُذْرِي لَدَيْهِم.
فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: انفَرَدْتُ فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ فَارِساً فِي الهَوَاءِ، فِي يَدِهِ رُمْحٌ فَنَزَلَ إِلَى بَابِ هَذَا البَيْتِ، وَوَضَعَ سَافِلَةَ رُمْحِهِ عَلَى خَاصِرتِي وَقَالَ: قُمْ فَأَدْرِكِ الحَسَنَ بنَ سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ، قُمْ فَأَدْرِكْهُمُ، فَإِنَّهُمْ مُنْذُ ثَلاَثٍ جِيَاعٌ فِي المَسْجَدِ الفُلاَنِيّ.
فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا رُضْوَانُ صَاحِبُ الجَنَّة.
فَمُنْذُ أَصَابَ رُمْحَهُ خَاصِرَتِي أَصَابنِي وَجَعٌ شَدِيدٌ فَعَجِّلْ إِيْصَالَ هَذَا المَالِ إِلَيْهِم لِيَزُوْلَ هَذَا الوَجَعُ عَنِّي.
قَالَ الحَسَنُ: فَعَجِبْنَا وَشَكَرْنَا اللهَ، وَخَرَجْنَا تِلْكَ اللَّيْلَة مِنْ مِصْرَ لِئَلاَّ نَشْتَهِرَ، وَأَصْبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا وَاحِدَ عَصْرِهِ، وَقَرِيْعَ دَهْرِهِ فِي العِلْمِ وَالفَضْلِ.
قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ الأَمِيْرُ طولُوْنَ فَأَحَسَّ بِخُرُوْجِنَا، أَمَرَ بَابْتِيَاعِ تِلْكَ المَحَلَّةِ، وَوَقَفَهَا عَلَى المَسْجَدِ وَعَلَى مَنْ يَنْزِلُ بِهِ مِنَ الغُرَبَاءِ وَأَهْلِ الفَضْلِ، نَفَقَةً لَهُم، لِئَلاَّ تَخْتَلَّ أُمُوْرُهُمْ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ قُوَّةِ الدِّيْنِ وَصَفَاءِ العَقِيْدَةِ.
رَوَاهَا الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ فِي الرَّابِعِ مِنَ الحِكَايَاتِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ إِذْناً، عَنِ الحَسَنِ بنِ أَحْمَدَ السَّمَرْقَنْدِيِّ، عَنْ بِشْرُوَيْه، فَاللهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا.
وَلَمْ يَلِ طُولُوْنَ مِصْرَ، وَأَمَّا ابْنُهُ أَحْمَدُ بنُ طُوْلُوْنَ فَيَصْغُرُ عَنِ الحِكَايَةِ، وَلاَ أَعْرِفُ نَاقِلَهَا، وَذَلِكَ مُمْكِنٌ.(14/162)
93 - ابْنُ رُسْتَه أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الضَّبِّيُّ *
الحَافِظُ، المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ رُسْتَه بنِ الحَسَنِ بنِ عُمَرَ بنِ زَيْدٍ الضَّبِّيُّ، المَدِيْنِيُّ، مِنْ كُبَرَاءِ أَصْبَهَانَ.
حَدَّثَ عَنْ: شَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ القَيْسِيِّ، وَأَبِي مَعْمَرٍ الهُذَلِيِّ، وَسُلَيْمَانَ الشَّاذَكُوْنِيِّ - وَفِي دَارِهِم نَزَلَ الشَّاذَكُوْنِيُّ لَمَّا قَدِمَ - وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ، وَطَائِفَةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ المَرْزُبَانِ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ، أَرَّخَهُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ مَنْدَةَ.
94 - ابْنُ فَرَحٍ أَحْمَدُ بنُ فَرَحِ بنِ جِبْرِيْلَ العَسْكَرِيُّ **
العَلاَّمَةُ، الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُفَسِّرُ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ فَرَحِ بنِ جِبْرِيْلَ العَسْكَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ، الضَّرِيْرُ.
تَلاَ عَلَى: البَزِّي، وَالدُّوْرِيِّ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: ابْنُ سَمْعَانَ، وَأَحْمَدُ بنُ جَعْفَرٍ الخُتُّلِيُّ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ خَلْقٌ، مِنْهُمُ: زَيْدُ بنُ أَبِي بِلاَلٍ، وَعُمَرُ بنُ بَيَانٍ، وَأَبُو بَكْرٍ
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 226 225، طبقات المحدثين بأصبهان: لوحة 231.
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 346 345، العبر: 2 / 125، طبقات القراء للذهبي: 1 / 194، طبقات القراء للجزري: 1 / 96 95، النشر في القراءات العشر: 1 / 134، شذرات الذهب: 2 / 241.(14/163)
النَّقَاشُ، وَابْنُ أَبِي هَاشِمٍ.
وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، ذَا فنُوْنٍ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
95 - ابْنُ نَاجِيَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَرْبَرِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الصَّادِقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَاجِيَةَ بنِ نَجَبَةَ البَرْبَرِيُّ، ثُمَّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: سُوَيْدَ بنَ سَعِيْدٍ، وَأَبَا مَعْمَرٍ الهُذَلِيَّ، وَعَبْدَ الوَاحِدَ بنَ غِيَاثٍ، وَعَبْدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ النَّرْسِيَّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَبَنْدَاراً، وَطَبَقَتهُم.
وَصَنَّفَ وَجَمَعَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ ابْنُ النَّخَّاسِ المُقْرِئُ، وَإِسْحَاقُ النِّعَالِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ الحَافِظُ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ إِمَاماً، حُجَّةً، بَصِيْراً بِهَذَا الشَّأْنِ، لَهُ (مُسْنَدٌ) كَبِيْرٌ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ: نَاوَلَنِي خَلَفُ بنُ القَاسِمِ (مُسْنَدَ ابْنِ نَاجِيَّةِ) ، وَهُوَ فِي مائَةِ جُزْءٍ وَاثنَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ جُزْءاً، بِرِوَايَتِهِ عَنْ سَلمِ بنِ الفَضْلِ عَنْهُ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 10 / 105 104، المنتظم: 6 / 125، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 697 696، العبر: 2 / 119، طبقات الحفاظ: 302، شذرات الذهب: 2 / 235، الرسالة المستطرفة: 71.(14/164)
قَالَ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً.
تُوُفِّيَ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا زينُ الأُمَنَاءِ حَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ بنُ العَلاَّفِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَاجِيَةَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الوَاسِطِيُّ، عَنْ مُطَرِّفِ بنِ طَرِيْفٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:
أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى أَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ قَبْلَ العِشَاءِ وَبَعْدَهَا، يُغَلِّطُ أَصْحَابَهُ فِي الصَّلاَةِ، وَالقَوْمُ يُصَلُّوْنَ.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ (2) ، فِيْهِ النَّهْيُ عَنْ قِرَاءةِ الأَسْبَاعِ التِي فِي المَسَاجِدِ وَقْتَ صَلوَاتِ النَّاسِ فِيْهَا، فَفِي ذَلِكَ تَشْوِيْشٌ بَيِّنٌ عَلَى المُصَلِّيْنَ، هَذَا إِذَا قَرَؤُوا قِرَاءةً جَائِزَةً مُرَتَّلَةً، فَإِنْ كَانَتْ قِرَاءتُهُم دَمْجاً وَهَذْرَمَةً (3) وَبَلْعاً
__________
(1) في " تاريخ " 10 / 104.
(2) كيف يكون صالح الإسناد وفيه الحارث بن عبد الله الهمداني الاعور، وقد ضعفه غير واحد من العلماء، منهم المصنف في " الميزان " 1 / 435، لكن معنى الحديث قد ثبت من وجه آخر، فقد أخرج أبو داود في سننه (1332) في الصلاة: باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر، وقال: " ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة " أو قال: " في الصلاة ". وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 101 في العمل في القراءة، من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي حازم التمار، عن البياضي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس، وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة، فقال: " إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن ". وإسناده صحيح أيضا.
(3) في " اللسان ": " الهذرمة: السرعة في القراءة، قال ابن عباس: لان أقرأ القرآن في ثلاث أحب إلي من أن أقرأه في ليلة هذرمة ".(14/165)
لِلْكَلِمَاتِ، فَهَذَا حَرَامٌ مُكَرَّرٌ، فَقَدْ - وَاللهِ - عَمَّ الفَسَادُ، وَظَهَرَتِ البِدَعُ، وَخَفِيَتِ السُّنَنُ، وَقَلَّ القَوَّالُ بِالْحَقِّ، بَلْ لَوْ نَطَقَ العَالِمُ بَصِدْقٍ وَإِخْلاصٍ لَعَارَضَهُ عِدَّةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الوَقْتِ، وَلَمَقَتُوهُ وَجَهَلُوْهُ - فَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ -.
96 - ابْنُ شِيْرَوَيْه عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الفَقِيْهُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ شِيْرَوَيْه بنِ أَسَدٍ القُرَشِيُّ، المَطْلَبِيُّ، النَّيْسَابُوْرِيُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.
وَسَمِعَ: إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَعَمْرَو بنَ زُرَارَة، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيَّ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنِيْعٍ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَهَنَّادَ بنَ السَّرِيِّ، وَابْنَ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيَّ، وَخَالِدَ بنَ يُوْسُفَ السَّمْتِيَّ، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَطَبَقَتهُم.
وَسَمِعَ (المُسْنَدَ) كُلَّهُ مِنْ إِسْحَاقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِمَامُ الأَئِمَّةِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الأَخْرَمِ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: ابْنُ شِيْرَوَيْه الفَقِيْهُ أَحَدُ كُبَرَاءِ نَيْسَابُوْرَ، لَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيْرَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَدَالَتِهِ وَاسْتِقَامَتِهِ، رَوَى عَنْهُ حُفَّاظُ بَلَدِنَا ... ، ثُمَّ سَمَّى جَمَاعَةً، وَقَالَ: وَاحتَجُّوا بِهِ.
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ حَامِدٍ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ العَبْدَوِيَّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ شِيْرَوَيْه يَقُوْلُ:
قَالَ لِي بُنْدَارُ: يَا ابْنَ شِيْرَوَيْه، اعرِضْ عَلَيَّ مَا كَتَبْتَهُ عَنِّي، فَقَدْ أَكْثَرْتَ عَنِّي.
قَالَ: فَجَمَعْتُ مَا كَتَبْتُهُ عَنْهُ فِي
__________
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 122 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 706 705، العبر: 2 / 129، طبقات الحفاظ: 305، شذرات الذهب: 2 / 246.(14/166)
أَسْفَاطٍ، وَحَمَلْتُهَا إِلَيْهِ عَلَى ظَهْرِ حَمَّالٍ، فَنَظَرَ فِيْهَا، وَقَالَ: أَفْلَسْتَنِي وَأَفْلَسَكَ الوَرَّاقُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ الخَضِرِ الشَّافِعِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ خُزَيْمَةَ يَقُوْلُ:
كُنْتُ أَرَى عَبْدَ اللهِ بنَ شِيْرَوَيْه يُنَاظِرُ وَأَنَا صَبِيُّ، فَكُنْتُ أَقُولُ: تُرَى! أَتَعَلَّمُ مِثْلَ مَا تَعَلَّمَ ابْنُ شِيْرَوَيْه قَطُّ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعَ ابْنُ شِيْرَوَيْه بِالحِجَازِ كِتَابَ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ مِنَ العَدَنِيِّ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ أَبِي طَالِبٍ: كَانَ إِسْحَاقُ لاَيُعِيْدُ لأَحَدٍ، وَأَنَا أَتَعَجَّبُ كَيْفَ لَمْ يَفُتْهُ - يَعْنِي: ابْنَ شِيْرَوَيْه - شَيْءٌ (1) مِنَ (المُسْنَدِ) ؟!
ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ لَهُ مَنْزِلَةً عِنْدَ إِسْحَاقَ لِمَكَانِ أَبِيْهِ.
قُلْتُ: جَدُّهُمْ شِيْرَوَيْه هُوَ: ابْنُ أَسَدِ بنِ أَعْيَنَ بنِ يَزِيْدَ بنِ رُكَانَةَ بن عَبْدِ يَزِيْدَ بنِ هَاشِمِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبٍ المُطَّلِبِيُّ.
وَرُكَانَةُ (2) :صَحَابِيٌ مَشْهُوْرٌ، مُفْرِطُ القِوَى، صَارَعَهُ فَصَرَعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ شِيْرَوَيْه، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابنُ إِدْرِيْسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ
__________
(1) في الأصل " شيئا " وهو خطأ.
(2) أخرج أبو داود (4078) في اللباس: باب في العمائم، والترمذي (1784) في اللباس: باب العمائم على القلانس، كلاهما من طريق قتيبة بن سعيد، عن محمد بن ربعة، عن أبي الحسن العسقلاني، عن أبي جعفر محمد بن ركانة، عن أبيه أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم، قال ركانة: وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس " قال الترمذي: هذا حديث غريب، وإسناده ليس بالقائم، ولا نعرف أبا الحسن العسقلاني، ولا ابن ركانة، وانظر " الإصابة " 1 / 520، 521.(14/167)
وَمَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الفَضْلِ، عَنْ نَافِعِ بنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا (1)) .
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ: أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو المكَارِمِ التَّيْمِيُّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ المُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ شِيْرَوَيْه، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَلَمَةَ، وَالمُحَارِبِيُّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبَانِ بنِ صَالِحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ:
عَرَضْتُ القُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلاَثَ عَرْضَاتٍ، أَقِفُهُ عَلَى كُلِّ آيَةٍ أَسْأَلُهُ: فِيْمَ نَزَلَتْ، وَكَيْفَ كَانَتْ (2) ؟
مَاتَ ابْنُ شِيْرَوَيْه: سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
97 - عَبْدَانُ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى بنِ زِيَادٍ الأَهْوَازِيُّ *
الحَافِظُ، الحُجَّةُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو
__________
(1) أخرجه الامام مالك في " الموطأ " 2 / 62 في النكاح: باب استئذان البكر والايم في أنفسهما، ومسلم (1421) في النكاح: باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، والترمذي (1108) في النكاح: باب ما جاء في استئمار البكر والثيب، وأبو داود (2098) في النكاح: باب في الثيب، والنسائي: 6 / 84 في النكاح: باب استئذان البكر في نفسها.
(2) رجاله ثقات، وأخرجه الطبري في تفسيره: 1 / 40 من طريق أبي كريب، حدثنا المحاربي ويونس بن بكير، كلاهما عن ابن إسحاق بهذا الإسناد. وروى الطبري: 1 / 40 من طريق أبي كريب، عن طلق بين غنام، عن عثمان بن الأسود بن موسى المكي، عن ابن أبي مليكة قال: رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه الواحد، فيقول له ابن عباس: اكتب.
قال حتى سأله عن التفسير كله. وهذا سند صحيح.
(*) تاريخ بغداد: 9 / 379 378، الأنساب: 139 / أ، تاريخ ابن عساكر: 8 / 512 / ب، المنتظم: 6 / 151 150، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 119 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 689 688، العبر: 2 / 133، مرآة الجنان: =(14/168)
مُحَمَّدٍ الأَهْوَازِيُّ، الجَوَالِيقِيُّ، عَبْدَانُ صَاحِبُ المُصَنَّفَاتِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ بَكَّارِ بنِ الرَّيَّانِ، وَشَيْبَانَ بنَ فَرُّوْخٍ، وَطَالُوْتَ بنَ عَبْدَانَ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ السُّلَمِيَّ، وَسَهْلَ بنَ عُثْمَانَ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبَا كَامِلٍ الجَحْدَرِيَّ، وَخَلِيْفَةَ بنَ خَيَّاطٍ، وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَزَيْدَ بنَ الحَرِيْشِ، وَمَسْرُوْقَ بنَ المَرْزُبَانِ، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيَّ، وَعُبَيْدَ بنَ يَعِيْشَ، وَأَحْمَدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَحْشَلَ، وَحُمَيْدَ بنَ مَسْعَدَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ عُبَيْدِ بنِ حِسَابٍ، وَأَبَا الطَّاهِرِ بنَ السَّرْحِ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُصَفَّى، وَابْنَ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيَّ، وَعِيْسَى بنَ زُغْبَةَ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَوَهْبَ بنَ بيَانٍ، وَبَنْدَاراً، وَخَلْقاً سِوَاهُم بِالحِجَازِ، وَالشَّامِ، وَمِصْرَ، وَالعِرَاقِ، وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ قَانِعٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَحَمْزَةُ الكِنَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مِيكَالَ، وَآخَرُوْنَ.
وَارْتَحَلَ إِلَيْهِ الحُفَّاظُ إِلَى عَسْكَرِ مُكْرَمِ، وَهِيَ قَرِيْبَةٌ مِنَ البَصْرَةِ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ أَرْبَعَةً: إِبْرَاهِيْمَ بنَ أَبِي طَالِبٍ - يَعْنِي: رَفِيْقَ مُسْلِمٍ - وَابْنَ خُزَيْمَةَ بِنَيْسَابُوْرَ، وَالنَّسَائِيَّ بِمِصْرَ، وَعَبْدَانَ بِالأَهْوَازِ.
قَالَ: فَأَمَّا عَبْدَان فَكَانَ يَحْفَظُ مائَةَ أَلْفِ حَدِيْثٍ، مَا رَأَيْتُ فِي المَشَايِخِ أَحْفَظَ مِنْهُ!
وَقَالَ حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَان يَقُوْلُ:
دَخَلتُ البَصْرَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ مَرَّةً مِنْ أَجْلِ حَدِيْثِ أَيُّوْبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَجَمَعْتُ مَا يَجْمَعُهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ - يَعْنِي: مِنْ حَدِيْثِ الكِبَارِ - قَالَ: إِلاَّ حَدِيْثَ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ لَمْ
__________
= 2 / 249، النجوم الزاهرة: 3 / 195، طبقات الحفاظ: 299، شذرات الذهب: 2 / 249، الرسالة المستطرفة: 96، تهذيب ابن عساكر: 7 / 287 - 288.(14/169)
يَكُنْ عِنْدِي (المُوَطَّأُ) بِعُلُوٍّ وَإِلاَّ حَدِيْثَ أَبِي حُصَيْنٍ.
قَالَ حَمْزَةُ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: جَمَعْتُ لِبِشْرِ بنِ المُفَضَّلِ سِتَّ مائَةِ حَدِيْثٍ، مَنْ شَاءَ يَزِيْدُ عَلَيَّ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كَانَ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيِّ لاَ يُسَامِحُ فِي المُذَاكَرَةِ بَلْ يُوَاجِهُ بِالرَّدِّ فِي المَلأِ فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدَانَ لِذَلِكَ، فَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُوْلُ: أَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ عَبْدَان، فَقُلْتُ لَهُ: اللهَ اللهَ! تَحْتَالُ لِي فِي حَدِيْثِ سَهْلِ بنِ عُثْمَانَ العَسْكَرِيِّ، عَنْ جُنَادَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ.
فَقَالَ: قَدْ حَلَفَ الشَّيْخُ أَنْ لاَ يُحَدِّثَ بِهَذَا الحَدِيْث وَأَنْتَ بِالأَهْوَازِ.
قَالَ: فَأَصْلَحْتُ شأنِي لِلسَّفَرِ، وَوَدَّعْتُ الشَّيْخَ، وَشَيَّعَنِي أَصْحَابُنَا، ثُمَّ اختَفَيْتُ إِلَى يَوْمِ المَجْلِسِ، ثُمَّ حَضَرْتُ مُتَنَكِّراً لاَ يَعْرِفُنِي أَحَدٌ، فَأَملَى عَبْدَان الحَدِيْثَ، وَأَمْلَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا كَانَ قَدِ امتَنَعَ عَلَيَّ مِنْهَا.
ثُمَّ بَلَغَهُ بَعْدُ أَنِّي كُنْتُ فِي المَجْلِسِ فَتَعَجَّبَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدَان بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ، وَكَانَ عَسِراً نَكِداً.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدَان، فَقَالَ: مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يَجِبْ فَقَدْ عَصَى اللهَ - بِفَتْحِ اليَاءِ -.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ سُرَيْج: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَقُولُ: يُجِبْ.
فَأَبَى، وَعَجِبَ مِنْ صَوَابِ ابْنِ سُرَيْجٍ (1) ، كَمَا عَجِبَ ابْنُ سُرَيْجٍ مِنْ خَطَئِهِ (2) .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: عَبْدَان كَبِيْرُ الاسْمِ، قَالَ لِي: جَاءَنِي أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي غَالِبٍ، فَذَهَبَ إِلَى شَاذَانَ الفَارِسِيِّ فَلَمْ يَلْحَقْهُ، فَعَطَفَ إِلَى ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ بِأَصْبَهَانَ، ثُمَّ جَاءَنِي فَقَالَ: فَاتَنِي شَاذَانُ، وَذَهَبْتُ إِلَى ابْنِ أَبِي عَاصِمٍ فَلَمْ أَرَهُ مَلِيْئاً بِحَدِيْثِ البَصْرَةِ، وَجِئْتُكُ لأَكْتُبَ حَدِيْثهُم عَنْكَ لأَنَّكَ مَلِيءٌ
__________
(1) في الأصل " جريج " وهو خطأ.
(2) الخبر في " المحدث الفاصل " ص 527، و" الكفاية " ص 188.(14/170)
بِهِم. فَأَخْرَجْتُ إِلَيْهِ حَدِيْثهُمْ، وَقَاطَعْتُهُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مائَةِ حَدِيْثٍ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا عَبْدَان، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، فَذَكَرَ حَدِيْثاً.
كَذَا قَالَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرو بن سَوَّادٍ (1) ، كَانَ عَبْدَان يُخطِئُ فِيْهِ فَيَقُوْلُ مَرَّة كَمَا ذكرنَا، وَمرَّة يَقُوْلُ: مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو.
وَإِنَّمَا هُوَ عَمْرو بن سَوَّادٍ، وَكَانَتْ هيبَةُ عَبْدَان تَمْنَعُنَا أَن نَقُوْل لَهُ.
وَحَدَّثَنَا بِحَدِيْثٍ فِيْهِ أَشْرَسُ، فَقَالَ: رشرس.
فتوقفتُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ يَقُوْلُ:
ورد العَسْكَرَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ سُرَيْج وَأَنَا بِهَا، فَقصدتُهُ، فَقَالَ لِي: سَلْ إِذَا حضَرتَ عَبْدَان.
قَالَ: فَدَخَلَ فَسَأَلتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَنْ حَدِيْث، فَقَالَ: حَدَّثَنَا بِهِ القُطَعِيُّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ البُرْسَانِي، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِم، عَنْ أَبِيْهِ: فِي رَفعِ اليَدَيْنِ فِي الصَّلاَةِ إِذَا رَكَعَ وَرَفَعَ (2) .
قَالَ الحَاكِمُ: فَقُلْتُ لأَبِي عَلِيٍّ: مَا عِلَّة هَذَا؟
قَالَ: لاَ أَدْرِي.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ ابْنُ جُرَيْج بَدلَ ابْن عَوْنٍ.
قَالَ: لَيْسَ ذَا عِنْد البُرْسَانِي، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَعَبْدَانُ ثَبْتٌ، وَحَدَّثَنَا بِهِ مِنْ أَصل كِتَابهِ.
قِيْلَ: وَسَرَقَهُ
__________
(1) بتشديد الواو كما في " التقريب ". هو عمرو بن سواد بن الأسود بن عمرو بن محمد ابن عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري السرحي. كان ثقة، توفي سنة خمس وأربعين ومئتين. انظر " تهذيب التهذيب " 8 / 46 45.
(2) حديث رفع اليدين رواه البخاري: 2 / 183 181 في صفة الصلاة: باب رفع اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح سواء، وباب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع، وباب إلى أين يرفع يديه، وباب رفع اليدين إذا قام من الركعتين. وأخرجه مسلم (390) في الصلاة: باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين..، ومالك في " الموطأ " 1 / 97: باب ما جاء في افتتاح الصلاة، كلهم عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه، وقيل أن يركع، وإذا رفع من الركوع، ولا يرفعهما بين السجدتين.(14/171)
الحَسَنُ بنُ عُثْمَانَ التُّسْتَرِيّ، فَرَوَاهُ عَنِ القُطَعِيّ.
قُلْتُ: عَبْدَانُ حَافِظٌ صَدُوْقٌ، وَمَنِ الَّذِي يَسْلَمُ مِنَ الوَهمِ؟! عَاشَ تِسْعِيْنَ عَاماً وَأَشهراً، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقع إِلَيَّ ثَلاَثَةُ أَجزَاءٍ مِنْ حَدِيْثِهِ بِعُلُوّ.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي العَام: فَقِيْهُ العَصْر أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ سُرَيْج بِبَغْدَادَ، وَمسندُ العِرَاقِ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيّ، وَالمُسْنِدُ عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ زَاطِيَا، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ وَكِيْعٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدٍ الأَسَدِيُّ - مُحَدِّثُ قَزْوينَ، وَشَيْخُ الطَّرِيْقِ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ الجلاَّء.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَسَاكِرَ بِقِرَاءتِي، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى، حَدَّثَنَا طَالُوْتُ - هُوَ ابْنُ عَبَّاد - حَدَّثَنَا حَرْبُ بنُ سُرَيْج، حَدَّثَنَا أَبُو المهزِّم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
أَوْصَانِي خَلِيلِي أَبُو القَاسِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِثَلاَث: الغُسْلِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَة، وَالوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَصَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ.
متنُهُ مَحْفُوْظ (1) ، وَأَبُو المهزِّمِ يَزِيْدُ بنُ سُفْيَانَ، مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ (2) ،
__________
(1) فقد أخرجه البخاري: 3 / 47 في التطوع: باب صلاة الضحى في الحضر، وفي الصوم: باب صيام أيام البيض، ومسلم (721) في صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، وأبو داود (1432) في الصلاة: باب في الوتر قبل النوم، والترمذي (760) في الصوم: باب ما جاء في صوم ثلاثة أيام من كل شهر، والنسائي: 3 / 229 في قيام الليل: باب الحث على الوتر قبل النوم، كلهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أو أرقد ".
وأما الغسل في كل يوم جمعه، فقد أخرجه البخاري: 2 / 318، ومسلم (849) من حدث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: " حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام، يغسل رأسه وجسده ".
(2) انظر " ميزان الاعتدال ": 4 / 426.(14/172)
وَالعجبُ أَنَّ شُعبَةَ يَرْوِي عَنْهُ، مَا أَظُنُّه تبيَّنَ لَهُ حَالُه - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
98 - ابْنُ الصَّقْرِ أَحْمَدُ بنُ الصَّقْرِ بنِ ثَوْبَانَ الطَّرَسُوْسِيُّ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو سَعِيْدٍ أَحْمَدُ بنُ الصَّقْرِ بنِ ثَوْبَانَ الطَّرَسُوْسِيّ، ثُمَّ البَصْرِيُّ، المُسْتَمْلِي.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي كَامِل الجَحْدَرِي، وَمُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى الحَرَشِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَشَّارٍ، وَكَانَ مُسْتَملِي ابْنِ بَشَّار (1) .
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ، وَغَيْرهُم.
وَثَّقَهُ الخَطِيْب.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
99 - ابْنُ الصَّقْرِ عَبْدُ اللهِ بنُ الصَّقْرِ بنِ نَصْرٍ البَغْدَادِيُّ **
هُوَ: الإِمَامُ، الثِّقَةُ، أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ بنُ الصَّقْرِ بنِ نَصْرٍ البَغْدَادِيّ، السُّكَّرِيُّ.
سَمِعَ: إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيَّ، وَعَبْدَ الأَعْلَى النَّرْسِيَّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ المُنْذِرِ.
وَعَنْهُ: الخُلْدِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَجَمَاعَةٌ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 206، طبقات القراء للجزري: 1 / 63.
(1) في " تاريخ بغداد " 4 / 206: وكان مستملي بندار.
(* *) تاريخ بغداد: 9 / 483 482، المنتظم: 6 / 129، طبقات القراء للجزري: 1 / 423.(14/173)
وَثَّقَهُ الخَطِيْبُ (1) ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الأُولَى، سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
100 - أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى التَّمِيْمِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو يَعْلَى أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى بنِ يَحْيَى بنِ عِيْسَى بنِ هِلاَلٍ التَّمِيْمِيُّ، المَوْصِلِيُّ، مُحَدِّثُ المَوْصِلِ، وَصَاحِبُ (المُسْنَدِ) وَ (المُعْجَم) .
وُلِدَ: فِي ثَالثِ شَوَّالٍ، سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَتَيْنِ، فَهُوَ أَكْبَرُ مِنَ النَّسَائِيِّ بِخَمْسِ سِنِيْنَ، وَأَعْلَى إِسْنَاداً مِنْهُ.
لقِي الكِبَارَ، وَارْتَحَلَ فِي حَدَاثَتِهِ إِلَى الأَمصَارِ بِاعتنَاء أَبِيْهِ وَخَالِهِ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي المُثَنَّى، ثُمَّ بِهِمَّتِهِ العَالِيَةِ.
وَسَمِعَ مِنْ: أَحْمَدَ بنِ حَاتِم الطَّوِيْلِ، وَأَحْمَدَ بنِ جَمِيلٍ، وَأَحْمَدَ بنِ عِيْسَى التُّسْتَرِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيِّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْعٍ، وَأَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ السَّامِيِّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ الحَجَّاجِ النِّيلِيِّ صَاحِبِ سَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيعٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَرْعَرَةَ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيِّ، وإِبْرَاهِيْمَ بنِ زِيَادٍ سَبَلاَنَ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى الخَطْمِيِّ، وَإِسْحَاقَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الطَّالْقَانِيِّ، وَأَبِي مَعْمرٍ إِسْمَاعِيْلَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الهُذَلِيِّ، وَأَبِي
__________
(1) في " تاريخه " 9 / 483.
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 122 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 708 707، العبر: 2 / 134، دول الإسلام: 1 / 186، الوافي بالوفيات: 7 / 241، مرآة الجنان: 2 / 249، البداية والنهاية: 11 / 130، النجوم الزاهرة: 3 / 197، طبقات الحفاظ: 306، مفتاح السعادة: 2 / 16، الرسالة المستطرفة: 71.(14/174)
إِبْرَاهِيْمَ إِسْمَاعِيْلَ التَّرْجُمَانِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدٍ القُرَشِيِّ، وأَيُّوْبَ بنِ يُوْنُسَ البَصْرِيِّ: عَنْ وُهَيْبٍ، وَالأَزْرَقِ بنِ عَلِيٍّ أَبِي الجَهْمِ، وَأُمَيَّةَ بنِ بِسْطَامَ.
وَبِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ، وَبِشْرِ بنِ هِلاَلٍ، وَبَسَّامِ بنِ يَزِيْدَ النقَّالِ.
وَجَعْفَرِ بنِ مِهْرَانَ السَّبَّاكِ، وَجُبارَةَ بنِ المُغَلِّسِ، وَجَعْفَرِ بنِ حُمَيْدٍ الكُوْفِيِّ.
وحَوْثَرَةَ بنِ أَشْرَسَ العَدَوِيِّ، وَالحَسَنِ بنِ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَالحَكَمِ بنِ مُوْسَى، وَالحَارِثِ بنِ مِسْكِيْنٍ، وَالحَارِثِ بنِ سُرَيْجٍ، وَحَفْصِ بنِ عَبْدِ اللهِ الحُلْوَانِيِّ، وَحَجَّاجِ بنِ الشَّاعِرِ.
وخَلَفِ بنِ هِشَامٍ البَزَّارِ، وَخَالِدِ بنِ مِرْدَاسٍ، وَخَلِيْفَةَ بنِ خَيَّاطٍ.
وَدَاوُدَ بنِ عَمْرٍو الضَّبِّيِّ، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ.
وَرَوحِ بنِ عَبْدِ المُؤْمِنِ المُقْرِئِ، وَالرَّبِيْعِ بنِ ثَعْلَبٍ.
وَأَبِي خَيْثَمَةَ زُهَيْرِ بنِ حَرْبٍ، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى زَحْمُوْيَه، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى الرَّقَاشِيِّ، وَزَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى الكِسَائِيِّ الكُوْفِيِّ، وَأَبِي الرَّبِيْعِ الزَّهْرَانِيِّ.
وَأَبِي الرَّبِيْعِ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الخُتُّلِيِّ، وَأَبِي أَيُّوْبَ سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ الشَّاذَكُوْنِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ المُبَاركِيِّ، وَسَعِيْدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي الرَّبِيْعِ السَّمَّانِ، وَسَعِيْدِ بنِ مُطَرّفٍ البَاهِلِيِّ، وَسُرَيْجِ بنِ يُوْنُسَ، وَسَهلِ بنِ زَنْجَلَةَ الرَّازِيِّ.
وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوخٍ.
وَالصَّلْتِ بنِ مَسْعُوْدٍ الجَحْدَرِيِّ، وَصَالِحِ بنِ مَالِكٍ الخُوَارِزْمِيِّ،(14/175)
وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَسْمَاءَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ سَلَمَةَ البَصْرِيِّ، عَنْ أَشعَثَ بنِ بَرَازٍ الهُجَيْمِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَوْنٍ الخَرَّازِ، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَكَّارٍ البَصْرِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ مُشْكُدَانَةَ (1) ، وَعُبيدِ اللهِ بنِ عُمَرَ القَوَارِيْرِيِّ، وَعُبَيدِ اللهِ بنِ مُعَاذٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَلاَّمٍ الجُمَحِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ صَالِحٍ الأَزْدِيِّ، وَأَبِي نَصْرٍ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ التَّمَّارِ، وَعَبْدِ الوَاحِدِ بنِ غِيَاثٍ، وَعَبْدِ الغَفَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بنِ حَمَّادٍ النَّرْسِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ، وَعَلِيِّ بنِ حَمْزَةَ المِعْوَلِيِّ، وَعَلِيِّ بنِ المَدِيْنِيِّ، وَعَمْرٍو النَّاقِدِ، وَعَمْرِو بنِ الحُصَيْنِ، وَعَمْرِو بنِ أَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَعِيْسَى بنِ سَالِمٍ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَغَسَّانَ بنِ الرَّبِيْعِ، وَالفَضْلِ بنِ الصَّبَّاحِ، وقَطَنِ بنِ نُسَيْرٍ، وكَامِلِ بنِ طَلْحَةَ.
وَمُصعبِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَمَنْصُوْرِ بنِ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَمُعَلَّى بنِ مَهْدِيٍّ، وَمَسْرُوْقِ بنِ المَرْزُبَانِ، وَالمُنتجعِ بنِ مُصْعَبٍ - بَصرِيٍّ - وَمُوْسَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ حَيَّانَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِنْهَالٍ الضَّرِيْرِ، وَمُحَمَّدِ بنِ مِنْهَالٍ الأَنْمَاطِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ القَطَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ جَامِعٍ
__________
(1) كذا ضبطه الحافظ في " التقريب " بضم الميم والكاف بينهما معجمة ساكنة وبعد الالف نون، وجاء في " خلاصة التذهيب " (مسكدانه) بالسين المهملة. وانظر ترجمته في " العبر " 1 / 430.(14/176)
العَطَّارِ - وَضَعَّفَهُ - وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ بَكَّارٍ البَصْرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبَّادٍ المَكِّيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ المُسَيِّبِيِّ، وَأَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بنِ العَلاَءِ، وَمُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ الطَّحَّانِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ المَوْصِلِيِّ.
وَنُعَيْمِ بنِ الهَيْصَمِ.
وهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَهَارُوْنَ بنِ مَعْرُوْفٍ، وَهَاشِمِ بنِ الحَارِثِ، وَالهُذَيْلِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الجُمَّانِيِّ.
ووَهْبِ بنِ بَقِيَّةَ.
وَيَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَيَحْيَى بنِ أَيُّوْبَ المَقَابرِيِّ، وَيَحْيَى الحِمَّانِيِّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ سِوَاهُم، مَذْكُوْرينَ فِي (مُعْجَمِهِ) .
قَالَ أَبُو مُوْسَى المَدِيْنِيُّ: أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللهِ الأَبَرْقُوْهِيُّ عَمَّنْ ذَكَرَهُ:
أَنَّ وَالدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ مَنْدَةَ رَحَلَ إِلَى أَبِي يَعْلَى، وَقَالَ لَهُ: إِنَّمَا رَحَلتُ إِلَيْكَ لإجمَاعِ أَهْلِ العَصْرِ عَلَى ثِقَتِكَ وَإِتْقَانِكَ.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْ أَبِي يَعْلَى، فَقَالَ: ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الحَافِظُ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ فِي (الكُنَى) ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ المُثَنَّى، نِسبَة إِلَى جَدِّه، وَالحَافِظُ أَبُو زَكَرِيَّا يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ حِبَّانُ، وَأَبُو الفَتْحِ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَحَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الكِنَانِيُّ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَابْنُ السُّنِّيِّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ الحِيْرِيُّ، وَأَبُوْهُ، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المُقْرِئُ، وَالقَاضِي يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ المَيَانَجِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ النَّضْرِ النَّخَّاسُ -(14/177)
بِمُعْجَمةٍ - وَنَصْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الخَلِيْلِ المَرْجِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ فِي (تَارِيْخ المَوْصِلِ) :وَمِنْهُم أَبُو يَعْلَى التَّمِيْمِيُّ.
فَذَكَرَ نَسَبَهُ وَكِبارَ شُيوخِهِ، وَقَالَ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، وَالدِّينِ وَالحِلمِ، رَوَى عَنْ: غَسَّان بنِ الرَّبِيْعِ، وَمُعَلَّى بنِ مَهْدِيٍّ، وَغَيرِهِمَا مِنَ المَوَاصِلَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ:
وَهُوَ كَثِيْرُ الحَدِيْثِ، صَنّفَ (المُسْنَدَ) وَكُتُباً فِي الزُّهْدِ وَالرقَائِقِ، وَخَرَّجَ الفَوَائِدَ، وَكَانَ عَاقِلاً، حَلِيماً صَبُوْراً، حَسنَ الأَدبِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ ابْنَ قُدَامَةَ: سَمِعْتُ سُفْيَان يَقُوْلُ:
مَا تمتَّعَ مُتمتِّعٌ بِمثلِ ذِكْرِ اللهِ، قَالَ دَاوُدُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -:مَا أَحْلَى ذكرَ اللهِ فِي أَفْوَاهُ المتعبِّدينَ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا ابْنُ زَنْجُوَيْه: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُوْلُ: الرَّافِضيُّ عِنْدِي كَافِر.
وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمْدَانَ: أَنَّهُ كَانَ يُفضِّلُ أَبَا يَعْلَى المَوْصِلِيَّ عَلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَانَ، فَقِيْلَ لَهُ: كَيْفَ تُفَضِّلُهُ وَ (مُسنَدُ الحَسَنِ) أَكْبَرُ، وَشُيُوخُهُ أَعْلَى؟
قَالَ: لأَنَّ أَبَا يَعْلَى كَانَ يُحَدِّث احتسَاباً، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ كَانَ يُحَدِّثُ اكتسَاباً.
وَقَدْ وَثَّقَ أَبَا يَعْلَى: أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ، وَغَيْرُهُ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: هُوَ مِنَ المُتْقِنِيْنَ المُوَاظِبينَ عَلَى رِعَايَةِ الدِّينِ وَأَسبَابِ الطَّاعَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: مَا سَمِعْتُ مُسنَداً عَلَى الوَجْهِ إِلاَّ (مُسنَدَ أَبِي يَعْلَى) ؛لأَنَّه كَانَ يُحَدِّثُ للهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.
قَالَ ابْنُ المُقْرِئِ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ بنَ حَمْزَةَ يُثْنِي عَلَى (مُسنَدِ أَبِي يَعْلَى) ، وَيَقُوْلُ: مَنْ كَتَبَهُ قَلَّ مَا يَفوتُهُ مِنَ الحَدِيْثِ.(14/178)
قَالَ ابْنُ المُقْرِئِ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى يَقُوْلُ: عَامَّةُ سَمَاعِي بِالبَصْرَةِ مَعَ أَبِي زُرْعَةَ.
وَقَالَ الحَافِظُ عَبْدُ الغَنِيِّ الأَزْدِيُّ: أَبُو يَعْلَى أَحَدُ الثِّقَاتِ الأَثبَاتِ، كَانَ عَلَى رَأْي أَبِي حَنِيْفَةَ.
قُلْتُ: نَعَم، لأَنَّه أَخَذَ الفِقْهَ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي يُوْسُفَ.
قَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ المُثَنَّى بنِ عِيْسَى بنِ هِلاَلِ بنِ دِيْنَارٍ التَّمِيْمِيُّ أَبُو يَعْلَى أَحَدُ الثِّقَات، مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ فِي (كَامِلِهِ (1)) فِي ذِكرِ مُحَمَّدٍ الطُّفَاوِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْلَى يَقُوْلُ: عِنْدِي عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ (المُسْنَدُ) وَ (التَّفْسِيْرُ) ، وَالمَوْقُوَفَاتُ، حَدِيْثُهُ كُلُّه.
وَقَدْ وَصف أَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ أَبَا يَعْلَى بِالإِتْقَانِ وَالدِّينِ، ثُمَّ قَالَ: وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلاَثَةُ أَنفُس.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كُنْت أَرَى أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظَ مُعْجَباً بِأَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وَحفظِهِ وَإِتقَانِهِ، وَحفظِهِ لحديثِهِ، حَتَّى كَانَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ إِلاَّ اليَسِيْر.
ثُمَّ قَالَ الحَاكِمُ: هُوَ ثِقَةٌ، مَأْمُوْنٌ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ: لَوْ لَمْ يَشتغلْ أَبُو يَعْلَى بكُتُبِ أَبِي يُوْسُفَ عَلَى بِشْر بن الوَلِيْدِ الكِنْدِيِّ لأَدركَ بِالبَصْرَةِ سُلَيْمَانَ بن حَرْبٍ، وَأَبَا الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيَّ.
قُلْتُ: قَنِعَ برفيقهِمَا الحَافِظِ عَلِيِّ بنِ الجَعْدِ.
__________
(1) 4 / 300 / أ، وفيه " الموقوف " بدل " الموقوفات ".(14/179)
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْل التَّيْمِيِّ الحَافِظ يَقُوْلُ:
قَرَأْتُ المسَانيدَ كـ (مسنَدِ العَدَنِيّ) ، وَ (مسندِ أَحْمَدَ بنِ مَنِيْع) ، وَهِيَ كَالأَنهَار، وَ (مسنَد أَبِي يَعْلَى) كَالبَحْر يَكُوْنُ مجتَمع الأَنهَار.
قُلْتُ: صَدَقَ، وَلاَ سِيَّمَا (مُسنده) الَّذِي عِنْد أَهْلِ أَصْبَهَان مِنْ طريقِ ابْنِ المُقْرِئِ عَنْهُ، فَإِنَّهُ كَبِيْرٌ جِدّاً، بِخلاَفِ (المُسْنَدِ) الَّذِي روينَاهُ مِنْ طريقِ أَبِي عَمْرٍو بنِ حَمدَانَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ مُخْتَصَرٌ.
وَيَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً بِالاتِّصَال لِلشَّيْخِ فَخرِ الدِّيْنِ بنِ البُخَارِيّ فِي (أَمَالِي الجَوْهَرِيِّ) ، وَيَقَعُ حَدِيْثُهُ بِالإِجَازَةِ العَالِيَةِ لأَوْلاَدِنَا فِي أَثْنَاء (جُزء مَأْمُوْنٍ) ، وَقَدْ قَرَأْتُ سَمَاعه فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ بِبَغْدَادَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَاتِم الطَّوِيْلِ - صَاحِب مَالِكٍ - وَأَبُو الوَلِيْدِ الطَّيَالِسِيُّ حَيٌّ بِالبَصْرَةِ إِلَى سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ، وَعَاشَ أَبُو يَعْلَى إِلَى أَثْنَاءِ سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَقيَّده أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي فِي رَابِعَ عَشَرَ جُمَادَى الأُولَى.
قُلْتُ: وَانْتَهَى إِلَيْهِ عُلوُّ الإِسْنَاد، وَازدحَمَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيْث، وَعَاشَ سَبْعاً وَتسعين سَنَةً.
وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ سبعٍ: عِدَّةٌ مِنَ الكِبَارِ، كَالحَافِظ زَكَرِيَّا السَّاجِيِّ، وَأَبِي عِمْرَانَ مُوْسَى بنِ سَهْل الجَوْنِيِّ، شَيْخَي الحَدِيْث بِالبَصْرَةِ، وَالحَافِظُ مُحَمَّد بن هَارُوْنَ الرُّويَانِيُّ، وَشَيْخا بَلَدِ وَاسِطَ: جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سِنَانٍ، وَمَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَدِّثُ دِمَشْقَ جَعْفَرُ بنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَمسنِدُ بَغْدَادَ الحَسَنُ بنُ الطيِّب الشّجَاعِيُّ البَلْخِيُّ، وَمُسنِدُ أَصْبَهَان المُعَمَّرُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مَخْلدِ بنِ فَرْقَدٍ الأَصْبَهَانِيُّ، وَشَيْخُ القُرَّاءِ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الأُشْنَانِي، وَالحَافِظُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ النَّيْسَابُوْرِيّ بِمَكَّةَ، وَالمُحَدِّثُ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا النَّيْسَابُوْرِيُّ - صَاحِب(14/180)
قُتَيْبَة بِمِصْرَ - وَالحَافِظُ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَعْرَج بِحَلَبَ، وَيُقَالُ لَهُ: جَعْفَرَكَ، وَمُقْرِئ مِصْر أَبُو بَكْرٍ بنُ مَالِكِ بنِ سَيْفٍ التُّجِيْبِيّ، وَشَيْخُ بَغْدَاد أَبُو مُحَمَّدٍ الهَيْثَمُ بنُ خَلَفٍ الدُّوْرِيّ.
ورفيقُهُ مُحَمَّدُ بنُ صَالِح بن ذَرِيْح العُكْبَرِيُّ - رَحِمَهُمُ الله تَعَالَى -.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ قِرَاءةً عَلَيْهِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّازِ: أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ الجُرْجَانِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الكَنْجَرُوذيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَربعِ مائَة، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيُّ بِهَا سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ، عَنِ الهِرْمَاسِ بنِ زِيَادٍ، قَالَ:
رَأَيتُ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ العِيْدِ الأَضحَى يَخْطُبُ عَلَى بَعِيْر.
هَذَا حَدِيْثٌ حسنٌ، عَالٍ جِدّاً، تُسَاعِيٌّ لَنَا (1) .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيّ، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَروذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ الجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عَوْن: سَمِعْتُ جَابِرَ بنَ سَمُرَةَ قَالَ:
قَالَ عُمَر لسَعد: قَدْ شَكوكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي الصَّلاَةِ.
قَالَ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَمدُّ فِي الأُولَيَيْن، وَأَحذِفُ فِي الأُخْرَيَيْن، وَمَا آلُوا مَا اقتدَيْتُ بِهِ مِنْ صَلاَة رَسُوْل اللهِ.
قَالَ:
__________
(1) وأورده ابن الأثير في " أسد الغابة " 5 / 393 من طريق أبي يعلى، وأخرجه أبو داود (1954) في المناسك: باب من قال: خطب يوم النحر من طريق هارون بن عبد الله، عن هشام بن عبد الملك، عن عكرمة، عن الهرماس بن زياد الباهلي، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقته العضباء يوم الاضحى بمنى.
وهذا سند قوي.(14/181)
ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ، أَوْ كذَاكَ ظَنِّي بِك (1) .
قَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيّ: أَنْشَدَنَا عُمَر بن شَبَّةَ، عَنْ أَبِي غزيَة:
لاَ يُزْهِدَنَّكَ فِي أَخٍ ... لَكَ أَنْ تَرَاهُ زَل زلَّه
وَالمَرْءُ يَطْرَحُهُ الَّذ ... ينَ يَلونَهُ فِي شَرِّ إِلَّه
وَيَخُونُهُ مَنْ كَانَ مِنْ ... أَهْلِ البِطَانَةِ وَالدَّخِلَّه
وَالموتُ أَعْظَمُ حَادِثٍ ... مِمَّا يَمُرُّ عَلَى الجِبِلَّه
101 - أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الصَّدْرُ الأَنبَل، أَبُو مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، أَحَدُ الكُبَرَاءِ وَالزُّعَمَاءِ ببلَده.
سَمِعَ مِنْ: جدِّه لأُمِّهِ؛ القَاضِي نَصْرِ بنِ زِيَادٍ، وَإِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه - وَقرأَ عَلَيْهِ (مُسنَدَهُ) - وَعَمْرِو بنِ زُرَارَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُقَاتل، وَمَحْمُوْدِ بنِ غَيْلاَنَ، وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيِّ المَكِّيّ، وَسَلَمَةَ بنِ شَبِيْب، وَطَائِفَة.
وَعَنْهُ: مُؤَمَّلُ بنُ الحَسَنِ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ، وَأَحْمَدُ بنُ أَبِي عُثْمَانَ الحِيْرِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري 2 / 208 في صفة الصلاة: باب يطول في الاوليين، ويحذف في الاخريين، ومسلم (453) في الصلاة: باب القراءة في الظهر والعصر، وأبو داود (803) في الصلاة: باب تخفيف الاخريين، والنسائي 2 / 174 في الافتتاح: باب الركود في الركعتين الاوليين، والطيالسي (415) كلهم من طريق شعبة، عن أبي عون، عن جابر بن سمرة.
(*) لم نظفر له بترجمة عند غير المؤلف في المصادر المتيسرة لنا.(14/182)
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ جَدِّي لأُمِّي أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ مِن وُجُوهِ نَيْسَابُوْر وَزُعَمَائِهَا، وَمِنَ المقبُولينَ فِي الحَدِيْثِ وَالرِّوَايَةِ.
102 - الجُبَّائِيُّ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ البَصْرِيُّ *
شَيْخُ المُعْتَزِلَةِ، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ البَصْرِيُّ.
مَاتَ: بِالبَصْرَةِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخَذَ عَنْ: أَبِي يَعْقُوْبَ الشَّحَّامِ.
وَعَاشَ: ثَمَانِياً وَسِتِّيْنَ سَنَةً.
وَمَاتَ، فَخلَفَهُ ابْنُه؛ العَلاَّمَةُ أَبُو هَاشِمٍ (1) الجُبَائِيُّ.
وَأَخَذَ عَنْهُ فَنَّ الكَلاَمِ أَيْضاً: أَبُو الحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ، ثُمَّ خَالفَهُ، وَنَابَذَهُ، وَتَسَنَّنَ.
وَكَانَ أَبُو عَلِيٍّ - عَلَى بِدعتِه - مُتوسِّعاً فِي العِلْمِ، سَيَّالَّ الذِّهنِ، وَهُوَ الَّذِي ذَلَّلَ الكَلاَمَ، وَسهَّلَه، وَيسَّرَ مَا صَعُبَ مِنْهُ.
وَكَانَ يَقِفُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟
__________
(*) مقالات الإسلاميين: 1 / 236، الفرق بين الفرق: 169 167، فهرست ابن النديم: ص 6 من التكملة، الملل والنحل: 1 / 85 78، الأنساب: 121 / أ، المنتظم: 6 / 137، وفيات الأعيان: 4 / 269 267، العبر: 2 / 125، دول الإسلام: 1 / 184، الوافي بالوفيات: 4 / 75 74، البداية والنهاية: 11 / 125، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 85 80، لسان الميزان: 5 / 271، النجوم الزاهرة: 3 / 189، طبقات المفسرين للسيوطي: 33، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 190 189، شذرات الذهب: 2 / 241.
(1) هو عبد السلام بن أبي علي محمد بن عبد الوهاب البصري المتكلم المشهور، قال المؤلف في " العبر " 2 / 187: هو شيخ المعتزلة وابن شيخهم، توفي ببغداد في شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة.
وانظر " طبقات المعتزلة ": 94، و" والفرق بين الفرق ": 169، و" الملل والنحل " 1 / 78.(14/183)
وَلهُ: كِتَابُ (الأُصُوْلِ) ، وَكِتَابُ (النَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ) ، وَكِتَابُ (التَّعديلِ وَالتَّجويزِ) ، وَكِتَابُ (الاجْتِهَادِ) ، وَكِتَابُ (الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ) ، وَكِتَابُ (التَّفْسِيْرِ الكَبِيْرِ) ، وَكِتَابُ (النَّقضُ عَلَى ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ) ، كِتَابُ (الرَّدِّ عَلَى ابْنِ كُلاَّبٍ) ، كِتَابُ (الرَّدِ عَلَى المنَجِّمِينَ) ، وَكِتَابُ (مَنْ يَكفرُ وَمَنْ لاَ يكفرُ) ، وَكِتَابُ (شَرحُ الحَدِيْثِ) ، وَأَشيَاءٌ كَثِيْرَةٌ.
قِيْلَ: سَأَلَ الأَشْعَرِيُّ أَبَا عَلِيٍّ: ثَلاَثَةُ إِخوَةٍ: أَحَدُهُم تَقِيٌّ، وَالثَّانِي كَافِرٌ، وَالثَّالِثُ مَاتَ صَبِيّاً؟
فَقَالَ: أَمَّا الأَوَّلُ فَفِي الجَنَّةِ، وَالثَّانِي فَفِي النَّارِ، وَالصَّبِيُّ فَمِنْ أَهْلِ السَّلاَمَةِ.
قَالَ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَصعدَ إِلَى أَخِيْهِ؟
قَالَ: لاَ؛ لأَنَّه يُقَالُ لَهُ: إِنَّ أَخَاكَ إِنَّمَا وَصلَ إِلَى هُنَاكَ بِعملِه.
قَالَ: فَإِنْ قَالَ الصَّغِيْرُ: مَا التَّقْصِيرُ مِنِّي، فَإِنَّكَ مَا أَبْقَيْتَنِي، وَلاَ أَقْدَرْتَنِي عَلَى الطَّاعَةِ.
قَالَ: يَقُوْلُ اللهُ لَهُ: كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ لَوْ بَقِيْتَ لَعَصَيْتَ، وَلاستحقَّيْتَ العَذَابَ، فَرَاعَيْتُ مَصْلَحَتَكَ.
قَالَ: فَلَو قَالَ الأَخُ الأَكْبَرُ: يَا ربِّ كَمَا علمتَ حَالَه، فَقَدْ عَلمتَ حَالِي، فَلِمَ رَاعِيتَ مَصلحتَهُ دُونِي؟
فَانقطَعَ الجُبَّائِيُّ (1) .
__________
(1) أورد هذه المناظرة السبكي في " طبقاته " 3 / 356، وقال: هذه مناظرة شهيرة، وقد حكاها شيخنا الذهبي، وهي دامغة لاصل من يقلده، لان الذي يقلده يقول: إن الله لا يفعل شيئا إلا بحكمة باعثة له على فعله، ومصلحة واقعة، وهو من المعتزلة في هذه المسألة، فلو يدري شيخنا هذا، لاضرب عن ذكر هذه المناظرة صفحا.
قلت: في كلام السبكي هذا مؤاخذات، فقوله " وهي دامغة لاصل من يقلده " يعني به شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا محض اقتراء على الذهبي، " فإنه وإن كان شديد الإعجاب به، كثير التنويه بعلمه وفضله، قوي الاعتداد بمنهجه القائم على الاخذ بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله الثابتة، والاعتصام بهما، وفهمهما على النحو الذي فهمه السلف لم يكن معه على وفاق تام، فأحيانا يأخذ برأيه ويوافقه، وتارة يخطئة ويرد عليه ويقسو في الرد شأن العالم المتبصر المستقل الذي يرى أن كل أحد من أهل العلم يؤخذ من قوله ويترك، فكان ماذا؟ ! =(14/184)
103 - أَبُو قُصَيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ العُذْرِيُّ *
المُحَدِّثُ، العَالِمُ، أَبُو قُصَيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بن إِسْمَاعِيْلَ بنِ مَسْرُوْقٍ العُذْرِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ، وَعَمِّه؛ عَبْدِ اللهِ.
وَعَنْ: سُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَزُهَيْرِ بنِ عَبَّادٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
__________
= وقوله: " وهو من المعتزلة في هذه المسألة " فرية بلا مرية، فإنه رحمه الله متابع في هذه المسألة جمهور أهل السنة، والنصوص الكثيرة الوفيرة تشهد لما انتهى إليه.
فهل يكون مجانبا للصواب، ومعدودا من المعتزلة في هذه المسألة من يقول: إن لله تعالى حكمة تتعلق به يحبها ويرضاها، ويفعل لأجلها، فهو سبحانه يفعل ما يفعل لحكمة يعلمها، وهو يلعم العباد أو بعض العباد من حكمته ما يطلعهم عليه، وقد لا يعلمون ذلك، والامور العامة التي يفعلها تكون لحكمة عامة، ورحمة عامة كإرساله محمدا صلى الله عليه وسلم، فإنه كما قال تعالى (وما أرسناك إلا رحمة للعالمين) وما يشاهد في الوجود من الضرر، فلا بد فيه من حكمة كما قال تعالى (صنع الله الذي أتقن كل شيء) وكما قال (الذي أحسن كل شيء خلقه) والضرر الذي تحصل به حكمة مطلوبة لا يكون شرا مطلقا وإن كان شرا بالنسبة إلى من تضرر به، وكلما ازداد العبد علما وإيمانا، ظهر له من حكمة الله ورحمته ما يبهر عقله، وتبين له تصديق ما أخبر الله به في كتابه حيث قال: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) راجع " مجموعة الرسائل والمسائل " 5 / 122 وما بعدها..وقوله: " فلو يدري شيخنا هذا لا ضرب عن ذكر هذه المناظرة صفحا " اتهام للذهبي شيخه بسوء الفهم، وله من ذلك غير ما عبارة، والشيخ الذهبي ليس بحاجة إلى التدليل على جودة ذكائه، ووفور حفظه وفهمه للنصوص على الوجه الصحيح، وقدرته الفائقة على صوغها بأسلوبه الواضح العري عن الغموض والالتواء، فإن في كتابه هذا وغيره من مؤلفاته الكثير من ذلك، ولكن السبكي وهو لا يرى الحق إلا في ما انتهى إليه الأشاعرة يتجاهل كل ما ذكرت، وينعت شيخه بسوء الفهم، وأنه يدون ما لا يدري، وأنه لا خبرة له بمدلولات الألفاظ بدافع الحقد والتعصب، وبالرجوع إلى ما كتب في مقدمة هذا الكتاب، وإلى ما كتبه السخاوي في الإعلان بالتوبيخ ص 76، 77 يتبين للقارئ الكريم أن ما يقوله السبكي في حق شيخه الذهبي مرفوض لأنه صادر عن هوى وتعصب.
(*) تبصير المنتبه: 3 / 1000، والعذري: نسبة إلى عذرة بن سعد بن هذيم.(14/185)
وَالطَّبَرَانِيُّ، وَابْنُ عَدِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَةَ، وَآخَرُوْنَ.
قِيْلَ: كَانَ أَصَمَّ.
مَاتَ: سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ، بِدِمَشْقَ.
104 - ابْنُ قِيْرَاطٍ أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ العُذْرِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ بنِ قِيْرَاطٍ العُذْرِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: سُلَيْمَانَ ابْنِ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ، وَحَرْمَلَةَ بنِ يَحْيَى، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَطَبَقَتِهِم.
وَكَانَ صَاحِبَ رِحلَةٍ وَمَعْرِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ جَوْصَاءَ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَخَيْثَمَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي العَقِبِ، وَابْنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَخَاتِمَتُهُم: أَبُو أَحْمَدَ بنُ النَّاصِحِ.
مَاتَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
105 - ابْنُ أَبِي غَيْلاَنَ عُمَرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الثَّقَفِيُّ **
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ المُتْقِنُ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي غَيْلاَنَ الثَّقَفِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: عَلِيَّ بنَ الجَعْدِ، وَدَاوُدَ بنَ عَمْرٍو الضَّبِّيَّ، وَأَبَا إِبْرَاهِيْمَ التَّرْجُمَانِيَّ، وَطَائِفَةً.
__________
(*) تبصير المنتبه: 3 / 1000.
(* *) تاريخ بغداد: 11 / 224، العبر: 2 / 144.(14/186)
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْحَاقُ النِّعَالِيُّ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّاتِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاقُ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَثَّقَهُ: الخَطِيْبُ (1) ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي عَشْرِ المائَةِ.
يَقَعُ حَدِيْثُهُ عَالِياً لَنَا بِإِجَازَةٍ، وَلِشَيخِنَا أَبِي الحَجَّاجِ اللُّغَوِيِّ بِالسَّمَاعِ المتَّصلِ.
106 - الصَّفَّارُ أَبُو مُحَمَّدٍ خَالِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ *
الشَّيْخُ، المُسْنِدُ، العَالِمُ، أَبُو مُحَمَّدٍ خَالِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ بنِ كُوْلَخْشَ الخُتُّلِيُّ، الصَّفَّارُ.
سَمِعَ: بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ، وَيَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ، وَأَبَا إِبْرَاهِيْم التَّرْجُمَانِي، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُفِيْد، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، وَغَيْرُهُم.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: صَالِحٌ.
وَقَدْ ذكر المُفِيْدُ - وَهُوَ تَالف (2) - أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ هَذَا الشَّيْخ تَفْسِيْرَ حَدِيْثٍ
__________
(1) في " تاريخه " 11 / 224.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 318 317.
(2) قال المؤلف في " العبر " 3 / 8: " أبو بكر المفيد، محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب، كان يفهم ويحفظ ويذاكر، وهو بين الضعف ". وانظر أيضا " ميزان الاعتدال " 3 / 461 460.(14/187)
سَمِعَهُ مِنْ أَبِي عُبَيْدٍ القَاسِمِ بنِ سَلاَّمٍ.
مَاتَ: سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَاشَ بِضْعاً وَتِسْعِيْنَ سَنَةً.
107 - ابْنُ مَنْدَةَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَبْدِيُّ *
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَةَ، وَاسم مَنْدَةَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ الوَلِيْدِ بنِ سندَة بنِ بُطَّة بن أَستُنْدَار (1) بنِ جَهَارْ بُخت العَبْدِيُّ مَوْلاَهُمُ الأَصْبَهَانِيّ، جدُّ صَاحِبِ التَّصَانِيْفِ الحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ بن مُحَمَّد.
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ فِي حَيَاة جَدِّهم مَنْدَة.
سَمِعَ: إِسْمَاعِيْل بنَ مُوْسَى السُّدِّيّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ لُوَيْن، وَأَبَا كُرَيْبٍ مُحَمَّدَ بنَ العَلاَءِ، وَهَنَّادَ بن السَّرِيِّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجّ، وَأَحْمَدَ بنَ الفُرَاتِ، وَطَبَقَتهُم بِالكُوْفَةِ وَالبَصْرَة وَأَصْبَهَان، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: القَاضِي أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخ، وَأَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ، وَوَلَدُهُ إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم مِنْ شُيُوْخِ أَبِي نُعَيْمٍ الحَافِظ، الَّذِيْنَ لقيَهُم بِأَصْبَهَانَ.
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 224 222، الإكمال لابن ماكولا: 1 / 331، طبقات الحنابلة: 1 / 328، وفيات الأعيان: 4 / 289، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 127 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 742 741، العبر: 2 / 120، الوافي
بالوفيات: 5 / 189، مرآة الجنان: 2 / 238، النجوم الزاهرة: 3 / 184، طبقات الحفاظ: 313، شذرات الذهب: 2 / 234.
(1) كذا الأصل، وهو كذلك في " ذكر أخبار أصبهان "، وقد ورد في " التذكرة ": اسبندار.(14/188)
وَكَانَ يُنَازعُ الحَافِظَ أَحْمَدَ بنَ الفُرَاتِ، وَيذَاكِرُه، وَيُرَادِدُهُ وَهُوَ شَابّ.
قَالَ أَبُو الشَّيْخ فِي (تَارِيْخِهِ) :هُوَ أُسْتَاذُ شُيُوْخِنَا وَإِمَامُهُم، أَدرَك سَهْلَ بنَ عُثْمَانَ.
قُلْتُ: سهلٌ مِنْ شُيُوْخِ مُسْلِم، مَاتَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) .
قَالَ أَبُو الشَّيْخ: وَمَاتَ ابْنُ مَنْدَة فِي رَجَبٍ سَنَة إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوْسُفَ المُقْرِئ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ ظَافر، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بن عَبْدِ الوَهَّابِ ابْنِ الحَافِظِ مُحَمَّد بنِ إِسْحَاقَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَة، أَخْبَرَنَا أَبِي وَعَمَّاي قَالُوا: أَخْبَرَنَا أَبونَا أَبُو عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ عَنْبَسَة، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِيْر، عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَان، عَنْ أَبِي زِيَادٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ أَكل البَصَل، فَقَالَتْ: آخِرُ طَعَامٍ أَكَلَهُ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيْهِ بَصَل.
هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيْبٌ، صَالِح الإِسْنَاد،، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي (مُسْنَدِهِ (2)) عَنْ حَيْوَةَ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ بَقِيَّة.
أَخْبَرْنَا إِسْحَاقُ بنُ أَبِي بَكْرٍ: أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو المكَارِم التَّيْمِيّ، أَخْبَرْنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَدَّادُ، أَخْبَرَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى بنِ مَنْدَة، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر، حَدَّثَنَا أَبُو عقيل الثَّقَفِيّ، حَدَّثَنَا مُجَالد، حَدَّثَنَا عَوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ
__________
(1) ذكره المؤلف في " العبر " 1 / 414 في وفيات سنة 233، وهو مترجم في " التذكرة " 2 / 453 452.
(2) 6 / 89، وأبو داود (3829) في الاطعمة: باب في أكل الثوم، وقد صرح بقية بالتحديث عند أحمد.
وأبو زياد - وهو خيار بن سلمة - لم يوثقه غير ابن حيان.(14/189)
ابْن عُتْبَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
مَا مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قرأَ وَكَتَبَ (1) .
قُلْتُ: لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَبَ شَيْئاً، إِلاَّ مَا فِي (صَحِيْح البُخَارِيِّ) مِنْ أَنَّهُ يَوْمَ صُلْحِ الحُدَيْبِيَة كَتَبَ اسْمَهُ (مُحَمَّد بن عَبْدِ اللهِ (2)) .
وَاحتجَّ بِذَلِكَ القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِي (3) ، وَقَامَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ فُقَهَاء الأَنْدَلُس بِالإِنْكَار، وَبدَّعُوهُ حَتَّى كَفَّرَهُ بَعْضهُم.
وَالخَطْبُ يَسِيْر، فَمَا خَرَجَ عَنْ كَونه أُمِّياً بِكِتَابَةِ اسْمه الكَرِيْم، فجَمَاعَةٌ مِنَ المُلُوك مَا عَلِمُوا مِنَ الكِتَابَة سِوَى مُجَرَّد العلاَمَة، وَمَا عدَّهُمُ النَّاسُ بِذَلِكَ كَاتِبِين، بَلْ هُم أُمِّيُّون، فَلاَ عِبْرَةَ بِالنَادرِ، وَإِنَّمَا الحكمُ للغَالِب، وَاللهُ تَعَالَى فَمَنْ حِكْمَتِهِ لَمْ يُلْهِم نَبِيَّه تَعَلُّمَ الكِتَابَة، وَلاَ قِرَاءة الكُتُبِ حَسْماً لمَادَةِ المُبْطِلِيْن، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِيْنِكَ إِذاً لارتَابَ المُبْطِلُوْنَ} [الْعَنْكَبُوت:48] وَمَعَ هَذَا فَقَدِ افتَرَوْا وَقَالُوا: {أَسَاطِيْرُ الأَوَّلِيْنَ اكتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ} [الفرقَان:5] فَانْظُرْ إِلَى قِحَةِ المعَانِدِ، فَمَنِ الَّذِي كَانَ بِمَكَّةَ وَقتَ المَبْعثَ يَدْرِي أَخْبَارَ الرُّسْلِ وَالأُمم الخَاليَة؟ مَا كَانَ بِمَكَّةَ أَحَدٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَصلاً.
ثُمَّ مَا المَانعُ مِنْ تعلُّم النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابَةَ اسْمِهِ وَاسمِ أَبِيْهِ مَعَ فرط ذكَائِه، وَقوَةِ فَهمِه، وَدوَام مُجَالسته لِمَنْ يَكْتُبُ بَيْنَ يَدَيْهِ الوَحْيَ وَالكُتُبَ إِلَى مُلُوْك الطوَائِف، ثُمَّ هَذَا خَاتمُهُ فِي يَده،
__________
(1) إسناده ضعيف لضعف مجالد وهو ابن سعيد الهمداني الكوفي، وأورده الحافظ في " الفتح " 7 / 378 386 وقد تحرف فيه مجالد إلى مجاهد، ونسبه لابن أبي شيبة، وضعفه.
(2) انظر البخاري: 5 / 223 في الصلح: باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان بن فلان فلان بن فلان، و7 / 386 في المغازي: باب عمرة القضاء.
(3) هو الحافظ العلامة، سليمان بن خلف بن سعد التجيبي المالكي الأندلسي الباجي، كان من كبار علماء الأندلس وحفاظها، رحل إلى المشرق سنة ست وعشرين وأربع مئة، ثم عاد إلى وطنه بعد ثلاث عشرة سنة بعلم جم، وولي قضاء أماكن، وصنف التصانيف الكثيرة. ترجمه المؤلف في " التذكرة " 3 / 1178، وانظر في ترجمته أيضا " معجم الأدباء " 11 / 251 246، و" وفيات الأعيان " 2 / 409 408.(14/190)
وَنَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ (1) ، فَلاَ يَظنُّ عَاقلٌ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - مَا تعقَّلَ ذَلِكَ، فَهَذَا كُلُّه يَقْتَضِي أَنَّهُ عرف كِتَابَة اسْمِه وَاسمِ أَبِيْهِ، وَقَدْ أَخبر اللهُ بِأَنَّهُ - صلوَات الله عَلَيْهِ - مَا كَانَ يَدْرِي مَا الكِتَاب؟ ثُمَّ عَلَّمَهُ الله تَعَالَى مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَم.
ثُمَّ الكِتَابَةُ صِفَةُ مَدْحٍ، قَالَ تَعَالَى: {الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم} [الْعلق:4 5] فَلَمَّا بلَّغَ الرِّسَالَة، وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دين الله أَفواجاً، شَاءَ اللهُ لنبيِّه أَنْ يَتَعَلَّم الكِتَابَة النَّادرَة الَّتِي لاَ يَخْرُج بِمثلِهَا عَنْ أَنْ يَكُوْنَ أُمِياً، ثُمَّ هُوَ القَائِلُ: (إِنَّا أُمَّةٌ أُمَيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ (2)) .
فصدقَ إِخبارُهُ بِذَلِكَ، إِذِ الحُكم للغَالِب، فنفَى عَنْهُ وَعَنْ أُمته الكِتَابَة وَالحِسَاب لِندُور ذَلِكَ فِيهِم وَقِلَّته، وَإِلاَّ فَقَدْ كَانَ فِيهِم كُتَّابُ الوَحِي وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَكَانَ فِيهِم مَنْ يَحسُب، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِيْنَ وَالحِسَابَ} [الإِسرَاء:12] .
وَمِنْ عِلمهُم الفَرَائِضُ، وَهِيَ تَحتَاجُ إِلَى حِسَاب وَعَوْل، وَهُوَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - فنفَى عَنِ الأُمَّةِ الحِسَاب، فعَلمنَا أَنَّ المنفيَّ كمَالُ علم ذَلِكَ وَدقَائِقه الَّتِي يَقُوْم بِهَا القِبْطُ وَالأَوَائِل، فَإِنَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَيْهِ دين الإِسْلاَم وَلله الْحَمد، فَإِنَّ القِبْطَ عَمَّقُوا فِي الحسَاب وَالجَبْر، وَأَشيَاء تُضيِّعُ الزَّمَان. وَأَربَابُ
__________
(1) أخرجه البخاري: 10 / 273 في اللباس: باب اتخاذ الخاتم ليختم به الشئ أو ليكتب به إلى أهل الكتاب وغيرهم، ومسلم (2092) (56) في اللباس والزينة: باب اتخاذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما لما أن يكتب إلى العجم، كلاهما من طريق شعبة عن قتادة، عن أنس قال: لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم، فقيل له: إنهم لن يقرؤوا كتابك إذا لم يكن مختوما، فاتخذ خاتما من فضة، ونقشه: محمد رسول الله. فكأنما إنظر إلى بياضه في يده.
(2) أخرجه البخاري: 4 / 108 في الصوم: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكتب ولا نحسب، ومسلم (1080) (15) في الصيام: باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال، من طريق شعبة، عن الأسود بن قيس، عن سعيد بن عمرو بن سعيد، عن ابن عمر رضي الله عنهما..وتمامة: الشهر هكذا وهكذا يعني: مرة تسعا وعشرين، ومرة ثلاثين ".(14/191)
الهَيْئَة تكلَّمُوا فِي سَير النُّجُوْم وَالشَّمْس وَالقَمَر، وَالكسوف وَالقِرَان (1) بِأُمُور طَوِيْلَة لَمْ يَأْتِ الشَّرْعُ بِهَا، فَلَمَّا ذكر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّهُور وَمعرفَتَهَا، بَيَّنَ أَنَّ معرفَتَهَا لَيْسَتْ بِالطُّرق الَّتِي يَفْعَلهَا المنَجِّم وَأَصْحَابُ التَّقْوِيم، وَأَنَّ ذَلِكَ لاَ نعبأُ بِهِ فِي ديننَا، وَلاَ نحسُبُ الشهرَ بِذَلِكَ أَبَداً.
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الشهرَ بِالرُّؤْيَة فَقط، فَيَكُوْن تِسْعاً وَعِشْرِيْنَ، أَوْ بتكملَة ثَلاَثِيْنَ (2) ، فَلاَ نَحتَاجُ مَعَ الثَّلاَثِيْنَ إِلَى تكلُّف رُؤْيَة.
وَأَمَّا الشِّعْرُ فنزَّهَهُ الله تَعَالَى عَنِ الشِّعرِ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس:69] فَمَا قَالَ الشِّعر مَعَ كَثْرَتِهِ وَجُوْدَتِهِ فِي قُرَيْش، وَجَرَيَان قرَائِحِهِم بِهِ، وَقَدْ يقعُ شَيْءٌ نَادرٌ فِي كَلاَمهِ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - مَوزُوناً، فَمَا صَارَ بِذَلِكَ شَاعِراً قَطُّ، كَقَوْلِه:
أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ (3)
وَقَوْله:
هَلْ أَنْتِ إِلاَّ إِصْبَعٌ دَمِيْتِ ... وَفِي سَبِيْلِ اللهِ مَا لَقِيْتِ (4)
__________
(1) يعني قران الكواكب.
انظر " اللسان " مادة " قرن ".
(2) انظر تخريج الحديث السابق.
(3) قطعة من خبر مطول أخرجه البخاري: 8 / 24 في المغازي: باب قول الله تعالى: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم) ومسلم (1776) في الجهاد والسير: باب في غزوة حنين.
وانظر " سيرة ابن هشام " 2 / 444 و445.
(4) أخرجه البخاري: 6 / 14 في الجهاد: باب من ينكب أو يطعن في سبيل الله، ومسلم (1796) في الجهاد والسير: باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذي المشركين والمنافقين، من طريق أبي عوانة عن الأسود بن قيس، عن جندب بن سفيان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في بعض المشاهد، وقد دميت أصبعه فقال:
هل أنت إلا إصبع دميت * وفي سبيل الله ما لقيت(14/192)
وَمِثلُ هَذَا قَدْ يقعُ فِي كتب الفِقْه وَالطِّبِّ وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَقَع اتِّفَاقاً، وَلاَ يقصِدُهُ المُؤلِّف وَلاَ يشعرُ بِهِ، أَفَيَقُوْلُ مُسْلِمٌ قَطُّ: إِنَّ قَوْلَه تَعَالَى: {وَجِفَانٍ كَالجَوَابِي (1) ، وَقُدُوْرٍ رَاسِيَاتٍ} [سبأ:13] هُوَ بَيْت؟! مَعَاذَ اللهِ! وَإِنَّمَا صَادَفَ وَزناً فِي الجُمْلَةِ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.
108 - الأَنْمَاطِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يُوْسُفَ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المحقِّقُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ بنِ يُوْسُفَ النَّيْسَابُوْرِيُّ، الأَنمَاطِيُّ، صَاحِبُ (التَّفْسِيْر) الكَبِيْر.
سَمِعَ: إِسْحَاق بنَ رَاهْوَيْه، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ بنِ الرَّمَّاح، وَمُحَمَّدَ بنَ رَافِع، وَعِدَّةً بِبَلَدِهِ، وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْدٍ، وَطَائِفَةً بِالرَّيِّ، وَعَمْرو بنَ عَلِيٍّ، وَحميد بن مَسْعَدَةَ، وَجَمَاعَةً بِالبَصْرَةِ، وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبَا كُرَيْبٍ بِالكُوْفَةِ، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى العَدَنِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عِمْرَان العَابديَّ بِمَكَّةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ لُوَيْناً، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيَّ بِبَغْدَادَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوْبَ بنِ الأَخْرَم، وَيَحْيَى بنُ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَعَاشَ: نَيِّفاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
مَاتَ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاء الأَثَر - رَحِمَهُ اللهُ -.
__________
(1) قراها ابن كثير ساء في الوصل والوقف، وقرأ أبو عمرو، وورش بياء في الوصل خاصة، وحذفها الباقون في الوصل والوقف.
انظر " الكشف عن وجوه القراءات السبع " 2 / 209.
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 121 / 2، تذكرة الحفاظ 2 / 701، العبر: 2 / 126 125، طبقات الحفاظ: 304، طبقات المفسرين للداودي: 1 / 6 5، شذرات الذهب: 2 / 242.(14/193)
مَا عرفتُ أَنَّهُ وَقَعَ لِي حَدِيْثُهُ عَالِياً بَعْد.
109 - المُهَلَّبِيُّ أَبُو عِمْرَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَانِىء بنِ خَالِدٍ *
شَيْخُ الشَّافِعِيَّة بجُرْجَان، العَلاَّمَةُ، الفَقِيْهُ، القُدْوَةُ، أَبُو عِمْرَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ هَانِئ بن خَالِدٍ المُهَلَّبِيُّ، الجُرْجَانِيُّ.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي مُحَمَّدٍ الدَّارِمِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَطَائِفَة.
وَعَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى السَّهْمِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَتَفَقَّهَ بِهِ الإِسْمَاعِيْلِيُّ وَأَهْلُ البَلَد.
مَاتَ: سنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ.
110 - السِّمْنَانِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، الصَّادِقُ، أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْنُسَ السِّمْنَانِيُّ.
سَمِعَ: إِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَعِيْسَى بنُ زُغْبَة، وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد الرَّازِيّ، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَبركَة الحَلَبِيّ، وَعَمْرو بنَ عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَمُحَمَّدَ بنَ هَاشِمٍ البَعْلَبَكِّيّ، وَطَبَقَتهُم.
وَكَانَ وَاسِع الرِّحلَة، غزيرَ الفضيلَة، حسنَ التَّصْنِيف.
رَوَى عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ حمشَاذ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ مَطَر، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ،
__________
(*) تاريخ جرجان: 92 91، الأنساب: 546 / ب، اللباب: 3 / 276.
(* *) مختصر طبقات علماء الا حديث لابن عبد الهادي: الورقة 124 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 718، العبر: 2 / 126، طبقات الحفاظ: 309، شذرات الذهب: 2 / 242(14/194)
وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِح بن هَانِئ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ (1) :بَلَغَنِي عَنْ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ جَزَرَةَ: أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى حَلقَة أَبِي الحُسَيْنِ السِّمْنَانِي وَهُوَ يَرْوِي عَنْ بَرَكَة بنِ مُحَمَّدٍ الحَلَبِيّ - يَعْنِي: مَنَاكِير - فَقَالَ صَالِحٌ: يَا أَبَا الحُسَيْنِ! لَيْسَ ذَا بَرَكَة، ذَا نِقْمَة.
قَالَ أَبُو النَّضْر مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدٍ: أَنشدنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ السِّمْنَانِي لِنَفْسِهِ:
تَرَى المَرْءَ يَهْوَى أَنْ تَطُوْلَ حَيَاتُهُ ... وَطُولُ البَقَا مَا لَيْسَ يَشْفِي لَهُ صَدْرَا
وَلَوْ كَانَ فِي طُول البَقَاءِ صَلاَحُنَا ... إِذاً لَمْ يَكُنْ إِبْلِيسُ أَطْوَلَنَا عُمْرَا
مَاتَ أَبُو الحُسَيْنِ الحَنْظَلِيُّ السِّمْنَانِيُّ: فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيّ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ السِّمْنَانِي، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي يُوْنُسُ بنُ يَزِيْدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَن النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاَةِ الجُمُعَةِ أَوْ غَيْرِهَا - يَعْنِي: رَكْعَةً - فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ) .
صَحِيْحٌ غَرِيْبٌ (2) .
__________
(1) في " كامله "؟ / 39 / أ، وقد تقدم الخبر في ترجمة صالح بن محمد جزرة ص 23 من هذا الجزء.
(2) وأخرجه ابن ماجه (1123) في إقامة الصلاة باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة،؟ ؟ طريق عمرو بن عثمان، عن بقية به.(14/195)
111 - ابْنُ الجَرْجَرَائِيِّ جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
المُحَدِّثُ، الحجَّةُ، أَبُو الفَضْلِ جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيّ.
حدَّث بِبَغْدَادَ عَنْ: جَدِّهِ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ، وَعَنْ: بِشْرِ بنِ مُعَاذٍ العَقَدِيِّ، وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَطَائِفَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّات، وَمُحَمَّدُ بنُ الشِّخِّير، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ قَارَب التِّسْعِيْنَ.
112 - المُخَرِّمِيُّ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ **
المُحَدِّثُ، المُعَمَّرُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ ابْنُ المُحَدِّثِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْب المُخَرِّمِيُّ (1) ، البَغْدَادِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: عُبيدِ اللهِ بنِ عُمَرَ القَوَارِيْرِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَطبقَتِهِمَا.
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 206 205، الأنساب: 126 / ب، المنتظم:؟ / 160.
(* *) تاريخ بغداد: 6 / 125 124، الأنساب: 513 / ب، المنتظم: 6 / 140 139، العبر: 2 / 127، ميزان الاعتدال: 1 / 42 41، لسان الميزان: 1 / 73 72، شذرات الذهب: 2 / 243.
(1) بضم الميم، وفتخ الخاء المعجمة، وتشديد الراء المكسورة: نسبة إلى المخرم، محلة ببغداد مشهورة انظر " أنساب السمعاني " 513 / ب، و" معجم البلدان " 5 / 72 71.(14/196)
رَوَى عَنْهُ: الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَأَبُو حَفْصٍ الزَّيَّات، وَعبيدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ: صَدُوْقٌ.
وَأَمَّا الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، حَدَّثَ عَنْ ثِقَات بِأَحَادِيْثَ باطلَة.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْهَا.
وَفِيْهَا مَاتَ: إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ المَنْجَنِيْقِي، وصَاحِبُ المَغْرِبِ زِيَادَةُ الله بنُ الأَغلبِ بِالرَّملَة فَاراً مِنَ المَهْدِيِّ، وطريفُ بنُ عبيدِ اللهِ المَوْصِلِيّ، وَالقَاسِمُ بنُ اللَّيْثِ الرَّسْعَنِي، ويموتُ بنُ المُزَرِّعِ الأَخْبَارِي، وَيُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ الزَّاهِدُ.
113 - السَّاجِيُّ زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الإِمَامُ، الثَّبْتُ، الحَافِظُ، مُحَدِّثُ البَصْرَةِ وَشَيْخُهَا وَمُفْتيهَا، أَبُو يَحْيَى
__________
(*) الجرح والتعديل: 3 / 601، فهرست ابن النديم: 300، طبقات العبادي: 61، طبقات الشيرازي: 104، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 123 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 710 709، العبر: 2 / 134، دول الإسلام: 1 / 186، ميزان الاعتدال: 2 / 79، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 301 299، طبقات الاسنوي: 2 / 22، البداية والنهاية: 11 / 131، تهذيب التهذيب: 3 / 334، لسان الميزان: 2 / 489 488، طبقات الحفاظ: 307 306، خلاصة تذهيب التهذيب: 122، طبقات ابن هداية الله: 44، شذرات الذهب: 2 / 251 250، الرسالة المستطرفة: 148، طبقات الاصوليين: 1 / 167.(14/197)
زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بَحْر بنِ عَدِيِّ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبيضَ بنِ الدَّيْلَم بن باسِل بن ضَبَّةَ الضَّبِّيُّ، البَصْرِيُّ، الشَّافِعِيُّ.
سَمِعَ: طَالُوْتَ بنَ عَبَّاد، وَأَبَا الرَّبِيْع الزَّهْرَانِيّ، وَعُبَيْدَ اللهِ بنَ مُعَاذٍ العَنْبَرِيّ، وَعَبْدَ الوَاحِد بنَ غِيَاث، وَعَبْدَ الأَعْلَى بن حَمَّادٍ النَّرْسِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَأَبَا كَامِلٍ الجَحْدَرِي، وَمُوْسَى بن عُمَرَ الجَارِي، وَسُلَيْمَانَ بنَ دَاوُدَ المَهْرِي، وَهُدْبَةَ بنَ خَالِدٍ القَيْسِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُوْسَى الحَرَشِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَوَالدَهُ يَحْيَى السَّاجِيّ، وَخَلْقاً بِالبَصْرَةِ.
وَلَمْ يَرْحَلْ فِيْمَا أَحسِب.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّقَّاء الوَاسِطِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المُتَكَلِّم، وَيُوْسُفُ بنُ يَعْقُوْبَ البَخْتَرِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَالقَاضِي يُوْسُف المَيَانَجِي وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَأَبُو الشَّيْخ بن حَيَّانَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو الحَسَنِ الأَشْعَرِيّ مَقَالَة السَّلَف فِي الصِّفَات، وَاعتمد عَلَيْهَا أَبُو الحَسَنِ فِي عِدَّة تآلِيف.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (طبقَات الشَّافِعِيَّة (1)) :وَمِنْهُم زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى السَّاجِيّ، أَخَذَ عَنِ الرَّبِيْعِ وَالمُزَنِيِّ، وَلَهُ كِتَاب (اخْتِلاَف العُلَمَاء) (2) ،
__________
(1) ص 104.
(2) في " الطبقات ": اختلاف الفقهاء.(14/198)
وَكِتَاب (علل الحَدِيْث) .
قُلْتُ: وَلِلسَّاجِي مصَنَّفٌ جليلٌ فِي علل الحَدِيْث يدلُّ عَلَى تبحُّره وَحِفْظِهِ، وَلَمْ تبلُغْنَا أَخْبَارُهُ كَمَا فِي النّفس، وَقَدْ هَمَّ بِمَنْ أَدخلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ الخَلِيْلِيّ: سَمِعْتُ عبدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَحْمَدَ الشيرَازيَّ الحَافِظ يَقُوْلُ: سَأَلْتُ ابْنَ عَدِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بن مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ مَنْدَة، فَقَالَ: كُنَّا بِالبَصْرَةِ عِنْد زَكَرِيَّا السَّاجِيّ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيْمُ حَدِيْثَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن وَهْبٍ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ مَالِكٍ، فَقُلْتُ: هُمَا عَنْ يُوْنُس، فَأَخَذَ السَّاجِيُّ كِتَابَهُ، فتَأَمَّل وَقَالَ لِي: هُوَ كَمَا قُلْتَ.
وَقَالَ لإِبْرَاهِيْم: مِمَّنْ أَخذتَ هَذَا؟
فَأَحَال عَلَى بَعْضِ أَهْلِ البَصْرَةِ.
قَالَ: عَلَيَّ بصَاحِب الشُّرْطَة حَتَّى أُسَوِّدَ وَجه هَذَا.
فَكلَّمُوهُ حَتَّى عفَا عَنْهُ، وَمزَّقَ الكِتَاب.
مَاتَ: بِالبَصْرَةِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَهُوَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ -.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ بنِ عَسَاكِرَ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ الصُّوْفِيّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَروذِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بنُ يَحْيَى السَّاجِيّ - وَمَا كَتَبْتُ عَنْهُ إِلاَّ هَذَا الحَدِيْث الوَاحِد - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنِ مُعَاذ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بنُ حَيَّان، عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلاَ يَدَعَنَّ أَحَداً يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنَّ مَعَهُ شَيْطَاناً) .
صَحِيْح غَرِيْب، تَفَرَّد بِهِ حُمَيْد بن هِلاَلٍ. أَخرجَهُ الشَّيْخَانِ (1) مِنْ طريقِ
__________
(1) البخاري: 1 / 481 480 في سترة المصلي: باب يرد المصلي من مر بين يديه، =(14/199)
يُوْنُس بن عُبَيْدٍ، وَسُلَيْمَان بن المُغِيْرَةِ، عَنْ حُمَيْدٍ بِهِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَخْبَرْنَا ابْنُ قُدَامَةَ، وَأَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ السُّلَمِيّ، أَخْبَرَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالاَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْح بن شَاتيل، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ الرَّزَّاز، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَعْقُوْبَ القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ السَّقَّاء، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَرَشِيّ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بنُ يسَافَ اليَمَامِيّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ أَبِي كَثِيْر، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! أَلاَ أُخْبِرُكَ بِأَمرٍ هُوَ حقٌ، مَنْ تَكَلَّمَ بِهِ بَعْدَ المَوْتِ فَقَدْ نَجَا؟) فَذَكَرَ حَدِيْثاً مُنْكراً (1) ، وَعَامِرٌ ضَعِيْفُ الحَدِيْثِ.
__________
= ومسلم (505) في الصلاة: باب منع المار بين يدي المصلي، وأخرجه أيضا أبو داود (700) بلفظ: " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان ".
وقد رقع في رواية للاسماعيلي فيما
قاله الحافظ " فإن معه الشيطان " ونحوه لمسلم برقم (506) من حديث ابن عمر بلفظ: " فإن معه القرين ".
(1) الخبر في " كامل ابن عدي " الورقة 266 / ب من طريق أبي نصر التمار، عن عامر به.
ونصه بتمامه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا أبا هريرة ألا أحدثك بأمر هو حق من تكلم [به] في أول مضجعه من مرضه نجاه الله من النار؟ " قال: قلت: بلى بأبي وأمي أنت يا رسول الله.
قال: " فاعلم أنك إذا أصبحت لم تمس، وإذا أمسيت لم تصبح، وأنك إذا فعلت ذلك في أول مرضك من مضجعك نجاك الله من النار، أن تقول: لا إله إلا الله، يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، سبحان الله رب العباد، والحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه على كل حال، الله أكبر كبيرا، كبرياء ربنا وجلالته وقدرته بكل مكان، اللهم إن أنت أمرضتني لتقبض روحي في أول مرضي هذا فاجعل روحي في أرواح من سبقت لهم منك الحسنى، وباعدني من النار كما باعدت أولياءك الذين سبقت لهم منك الحسنى. فإن مت في مرضك ذلك فلك رضوان الله عزوجل الجنة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن اقترفت ذنوبا تاب الله عليك ".(14/200)
114 - ابْنُ سُرَيْجٍ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، فَقِيْهُ العِرَاقَين (1) ، أَبُو العَبَّاسِ، أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بن سُرَيْج البَغْدَادِيّ، القَاضِي الشَّافِعِيّ، صَاحِبُ المُصَنَّفَات.
وُلِدَ: سَنَةَ بِضْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ فِي الحدَاثَةِ، وَلَحِقَ أَصْحَابَ سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ، وَوَكِيْع.
فسَمِعَ مِنَ: الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيّ - تِلْمِيْذِ الشَّافِعِيّ - وَمِنْ: عَلِيِّ بن إِشكَاب، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَعَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيِّ، وَأَبِي يَحْيَى مُحَمَّدِ بنِ سَعِيْدِ بنِ غَالِب العَطَّار، وَعَبَّاسِ بنِ عَبْدِ اللهِ التُّرْقُفِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ الدَّقِيْقِيّ، وَالحَسَنِ بنِ مُكرم، وَحَمْدَان بنِ عَلِيٍّ الوَرَّاق، وَمُحَمَّدِ بنِ عِمْرَانَ الصَّائِغ، وَأَبِي عَوْفٍ البُزُورِيّ، وَعُبَيْدِ بنِ شَرِيْك البَزَّار، وَطَبَقَتِهِم.
وَتفقَّه بِأَبِي القَاسِمِ عُثْمَانَ بنِ بَشَّار الأَنْمَاطِيّ الشَّافِعِيّ، صَاحِب المُزَنِيّ، وَبِهِ انْتَشَر مَذْهَب الشَّافِعِيِّ، بِبَغْدَادَ، وَتخرَّج بِهِ الأَصْحَاب.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَقِيْهُ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ الغِطْرِيْف الجُرْجَانِيّ، وَغَيْرهُم.
__________
(*) فهرست ابن النديم: 300 299، طبقات العبادي: 62، تاريخ بغداد: 4 / 290 287، طبقات الشيرازي: 109 108، المنتظم: 6 / 150 149، تهذيب الأسماء واللغات: 2 / 252 251، وفيات الأعيان: 1 / 67 66، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 139 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 813 811، العبر: 2 / 132، دول الإسلام: 1 / 187 185، الوافي بالوفيات: 7 / 261 260، مرآة الجنان: 2 / 248 246، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 39 21، طبقات الاسنوي: 2 / 21 20، البداية والنهاية: 11 / 129، النجوم الزاهرة: 3 / 194، طبقات الحفاظ: 338، مفتاح السعادة: 2 / 174، شذرات الذهب: 2 / 248 247، طبقات الاصوليين: 1 / 166 165.
(1) يعني: البصرة والكوفة.(14/201)
يَقَع لِي مِنْ عَالِي رِوَايَتِه فِي جُزْء الغِطْرِيْفِيّ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِم: أَنْبَأَنَا أَبُو اليُمْن الكِنْدِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ السَّلاَم، أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (طبقَات الفُقَهَاء (1)) قَالَ: كَانَ يُقَالُ لاِبْنِ سُرَيْج: البَاز الأَشهب.
وَلِيَ القَضَاءَ بشِيرَاز، وَكَانَ يُفضَّل عَلَى جَمِيْع أَصْحَاب الشَّافِعِيّ، حَتَّى عَلَى المُزَنِيّ.
وَإِنَّ فِهْرستَ كُتُبه كَانَ يشْتَمل عَلَى أَرْبَع مائَة مصَنَّف، وَكَانَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الإِسْفَرَايِيْنِيّ يَقُوْلُ: نَحْنُ نجرِي مَعَ أَبِي العَبَّاسِ فِي ظوَاهر الفِقْه دُوْنَ دقَائِقه.
تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي القَاسِمِ الأَنْمَاطِيّ، وَأَخَذَ عَنْهُ خَلق، وَمِنْهُ انْتَشَرَ المَذْهَب.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ خَيْرَان: سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ بن سُرَيْج يَقُوْلُ: رَأَيْتُ كَأَنَّمَا مُطِرْنَا كِبْريتاً أَحمر، فملأَتُ أَكمَامِي وَحِجْرِي، فَعُبِّرَ لِي: أَنْ أُرزقَ عِلْماً عَزِيْزاً كَعِزَّة الكِبْريت الأَحْمَر.
وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ الفَقِيْه: سَمِعْتُ ابْنَ سُرَيْج يَقُوْلُ: قَلَّ مَا رَأَيْتُ مِنَ المتفقِّهَة مَنِ اشْتَغَلَ بِالكَلاَم فَأَفلح، يفوتُهُ الفِقْهُ وَلاَ يصل إِلَى مَعْرِفَة الكَلاَم.
وَقَالَ الحَاكِمُ (2) :سَمِعْتُ حَسَّانَ بنَ مُحَمَّد يَقُوْلُ: كُنَّا فِي مَجْلِس ابْن سُرَيْج سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فَقَالَ: أَبْشِرْ أَيُّهَا القَاضِي، فَإِنَّ اللهَ يبعثُ عَلَى رَأْسِ كُلّ مائَة سَنَةٍ مَنْ يجدِّد - يَعْنِي: لِلأُمَّة - أَمر دِينهَا (3) ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى بعثَ عَلَى رَأْس المائَة عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَبَعَثَ
__________
(1) ص 109.
(2) في " مستدركه " 4 / 523 522، وما بين حاصرتين منه. والخبر مع أبياته أيضا في " تاريخ بغداد " 4 / 289، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 813 812.
(3) أخرجه أبو داود (4291) في أول كتاب الملاحم: باب ما يذكر في قرن المئة، والحاكم: 4 / 522، والخطيب في " تاريخه " 2 / 61 من طرق عن ابن وهب، عن سعيد بن =(14/202)
عَلَى رَأْس المائَتَيْنِ مُحَمَّد بن إِدْرِيْسَ الشَّافِعِيّ، وَبعثَكَ عَلَى رَأْس الثَّلاَث مائَة، ثُمَّ أَنشَأَ يَقُوْلُ:
اثْنَانِ قَدْ ذَهَبَا فَبُورِكَ فِيْهِمَا ... عُمَرُ الخَلِيْفَةُ ثُمَّ حلفُ السُّؤْدُدِ
الشَّافِعِيّ الأَلْمَعِيُّ (1) مُحَمَّدٌ ... إِرْثُ النُّبُوَّةِ وَابْنُ عَمِّ مُحَمَّدِ
أَبْشِرْ أَبَا العَبَّاسِ إِنَّكَ ثَالثٌ ... مِنْ بَعْدِهِمْ سُقْياً لتُرْبَةِ أَحْمَدِ
قَالَ: فصَاح أَبُو العَبَّاسِ، وَبَكَى، وَقَالَ: لَقَدْ نعَى إِلَيَّ نَفْسِي.
قَالَ حَسَّانُ الفَقِيْه: فَمَاتَ القَاضِي أَبُو العَبَّاسِ تِلْكَ السّنَة.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ عَلَى رَأْس الأَربع مائَة الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الإسْفَرَايينِيّ، وَعَلَى رَأْسِ الْخمس مائَة أَبُو حَامِدٍ الغزَالِيّ، وَعَلَى رَأْس الَسْتِّ مائَة الحَافِظُ عَبْدُ الغنِيّ، وَعَلَى رَأْس السَّبعِ مائَة شَيْخنَا أَبُو الفَتْحِ ابْنُ دَقيق العِيْد.
وَإِن جعلتَ (مَنْ يُجَدِّد) لفظاً يَصْدُقُ عَلَى جَمَاعَة - وَهُوَ أَقوَى - فَيَكُوْنُ عَلَى رَأْس المائَة: عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْز خَلِيْفَةُ الوَقْت، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالحَسَنُ البَصْرِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سِيْرِينُ، وَأَبُو قِلاَبَةَ، وطائفةٌ.
وَعَلَى رَأْس المائَتَيْنِ مَعَ الشَّافِعِيِّ: يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، وَأَشهبُ الفَقِيْه، وَعِدَّةٌ.
وَعَلَى رَأْس الثَّلاَث مائَة مَعَ ابْنِ سُرَيْج: أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ النَّسَائِيّ، وَالحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، وَطَائِفَةٌ.
وَمِمَّنْ مَاتَ فِي سَنَةِ سِتٍّ: مُسْنِدُ بَغْدَادَ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ الصُّوْفِيّ، وَشَيْخُ الصُّوْفِيَّة أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ الجلاَّء أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى
__________
= أبي أيوب، عن شراحيل بن يزيد المعافري، عن أبي علقمة، عن أبي هريرة. وإسناده صحيح.
(1) رواية " المستدرك ": الابطحي.(14/203)
بِالشَّامِ، وَالمُحَدِّثُ حَاجِبُ بنُ أَركين الفَرْغَانِيّ، وَالحَافِظُ عَبْدَان بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى الأَهْوَازِيّ، وَالمُحَدِّث عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ زَاطِيَا المُخَرِّمِيّ، وَالقَاضِي مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ وَكِيْع الأَخْبَارِيّ، وَمُحَدِّثُ قَزْوين أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدٍ بن الحَارِثِ الأَسَدِيّ، وَمُفْتِي الشَّافِعِيَّة بِمِصْرَ أَبُو الحَسَنِ مَنْصُوْرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الضَّرِيْر.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ أَبِي عُمَرَ إِذْناً: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي قَالاَ:
أَخْبَرَنَا طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ بنُ سُرَيْج، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ إِشكَاب، حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ ذرّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرُّصَافَة البَاهِلِيُّ مِنْ أَهْلِ الشَّام:
أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ حَدَّثَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ، قَالَ: (مَا مِنِ امرِئٍ تَحْضُرُهُ صَلاَةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيَتَوَضَّأُ عِنْدَهَا، فَيُحْسِنُ الوُضُوءَ، ثُمَّ يُصَلِّي فَيُحْسِنُ الصَّلاَةَ إِلاَّ غَفَرَ اللهُ لَهُ بِهَا مَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلاَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا مِنْ ذُنُوبِه (1)) .
وَبِهِ: حَدَّثَنَا ابْنُ سُرَيْج: حَدَّثَنَا الزَّعْفَرَانِيّ، حَدَّثَنَا وَكِيْعٌ، حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَبِيْعَةَ الرَّأْي، عَنْ يَزِيْدَ مَوْلَى المُنْبَعث، عَنْ زَيْدِ بنِ خَالِدٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ اللُّقَطَةِ؟
فَقَالَ: (عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَاسْتَنْفِقْهَا) (2) .
__________
(1) أبو الرصافة الباهلي مجهول، وباقي رجاله ثقات. وأبو بدر: هو شجاع بن الوليد ابن قيس السكوني.
وأخرجه أحمد في " مسنده " 5 / 260 من طريق روح بهذا الإسناد.
وللحديث شاهد من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه عند البخاري: 1 / 228 في الوضوء: باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، ومسلم (227) في الطهارة: باب فضل الوضوء والصلاة عقبه، ولفظه: " لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء فيصلي صلاة، إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التي تليها ".
(2) إسناده صحيح. وأخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 226 في القضاء في اللقطة، والبخاري: 5 / 61 في اللقطة: باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها، =(14/204)
115 - ابْنُ مُقْبِلٍ أَبُو مُحَمَّدٍ بَكْرُ بنُ أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ بَكْرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُقبل الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُمُ البَصْرِيّ.
يَرْوِي عَنْ: عَبْدِ اللهِ بنِ مُعَاوِيَةَ الجُمَحِيِّ، وَأَبِي حَفْصٍ الفَلاَّس، وَبُنْدَار، وَعَبْد المَلِكِ بن هَوْذَةَ بنِ خَلِيْفَةَ، وَطَبَقَتهِم.
وَعَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي رَمَضَانَ.
116 - ابْنُ الحَدَّادِ سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَبِيْحٍ المَغْرِبِيُّ **
الإِمَامُ، شَيْخُ المَالِكِيَّة، أَبُو عُثْمَانَ، سَعِيْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَبِيْح بن الحَدَّاد المَغْرِبِيّ، صَاحِب سَحْنُوْن (1) ، وَهُوَ أَحَد الْمُجْتَهدين، وَكَانَ بَحْراً فِي الفُرُوْع، وَرَأْساً فِي لِسَان العَرَب، بَصِيْراً بِالسُّنَنِ.
__________
= وباب إذا صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه، وباب من عرف اللقطة ولم يدفعها إلى السلطان، وفي العلم: باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره، وفي الطلاق: باب حكم المفقود في أهله وماله، وفي الأدب: باب ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله.
وأخرجه مسلم (1722) في أول كتاب اللقطة، كلهم من طريق ربيعة الرأي، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد الجهني قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة؟ فقال: " اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها " قال: فضالة الغنم؟ قال " هي لك أو لاخيك أو للذئب " قال: فضالة الابل؟ قال: " مالك ولها؟ ! معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر، حتى يلقاها ربها ".
(*) العبر: 2 / 119 118، شذرات الذهب: 2 / 234.
(* *) طبقات النحويين واللغويين: 241 239، إنباه الرواة: 2 / 54 53، معالم الايمان: 2 / 315 295، العبر: 2 / 122، الوافي بالوفيات: 15 / 180 179 و256، مرآة الجنان: 2 / 240، شذرات الذهب: 2 / 238.
(1) بفتح السين المهملة وضمها، هو أبو سعيد عبد السلام بن سعيد بن حبيب ... =(14/205)
وَكَانَ يذُمُّ التَّقليد وَيَقُوْلُ: هُوَ مِنْ نقص العُقول، أَوْ دنَاءة الهِمَم.
ويَقُوْلُ: مَا لِلْعَالِم وَملاَءَمَة المَضَاجع.
وَكَانَ يَقُوْلُ: دليلُ الضَّبْطِ الإِقلاَل، وَدليلُ التَّقْصِير الإِكثَار.
وَكَانَ مِنْ رُؤُوْس السُّنَّة.
قَالَ ابْنُ حَارِث: لَهُ مَقَامَاتٌ كَرِيْمَة، وَموَاقفُ مَحْمُودَة فِي الدَّفع عَنِ الإِسْلاَم، وَالذَّبِّ عَنِ السُّنَّة، نَاظرَ فِيْهَا أَبَا العَبَّاسِ المعجوقِيّ أَخَا أَبِي عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيِّ الدَّاعِي إِلَى دَوْلَة عُبَيْد اللهِ، فَتَكَلَّم ابْنُ الحَدَّاد وَلَمْ يَخَفْ سَطْوَة سُلطَانهم، حَتَّى قَالَ لَهُ: وَلدُه أَبُو مُحَمَّدٍ: يَا أَبَة! اتَّقِ الله فِي نَفْسِك وَلاَ تبَالغ.
قَالَ: حَسْبِي مَنْ لَهُ غَضِبتُ، وَعَنْ دِينه ذَبَبْت.
وَله مَعَ شَيْخ المُعْتَزِلَة الفَرَّاء مُنَاظَرَاتٌ بِالقَيْرَوَان، رَجَعَ بِهَا عددٌ مِنَ المُبتدِعَة.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ صَنَّف فِي الرَّدِّ عَلَى (المدَوَّنَة (1)) وَأَلَّف أَشيَاء.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ اللَّبَّاد: بَيْنَا سَعِيْدُ بنُ الحَدَّاد جَالسٌ أَتَاهُ رَسُوْلُ عُبَيْد اللهِ - يَعْنِي: المَهْدِيّ - قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَأَبُو جَعْفَرٍ البَغْدَادِيُّ وَاقف، فَتَكَلَّمتُ بِمَا حَضَرنِي، فَقَالَ: اجْلِسْ.
فجلَسْت، فَإِذَا بِكِتَابٍ لطيف، فَقَالَ لأَبِي
__________
= التنوخي، من كبار فقهاء المالكية انتهت إليه الرئاسة في العلم بالمغرب في زمانه، وحصل له من الأصحاب والتلامذة ما لم يحصل لأحد من أصحاب مالك مثله، وعنه انتشر علم مالك في المغرب.
توفي سنة أربعين ومئتين.
وسحنون: اسم طائر حديد بالمغرب، لقب به سحنون لحدته وقد تقدمت ترجمته في الجزء الثاني عشر رقم الترجمة (15) .
(1) قال المؤلف في " العبر " 2 / 122 في معرض ترجمته لابن الحداد: " وأخذ يسمي " المدونة ": " المدودة ".
وانظر حول تصنيف " المدونة " ما كتبه ابن خلكان في " الوفيات " 3 / 182 181.(14/206)
جَعْفَر: اعرضِ الكِتَابَ عَلَى الشَّيْخ.
فَإِذَا حَدِيْثُ غَدِير خُمّ (1) .
قُلْتُ: وَهُوَ صَحِيْح، وَقَدْ رَوَيْنَاهُ.
فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَمَا لِلنَّاسِ لاَ يكُونُوْنَ عَبِيْدنَا؟
قُلْتُ: أَعزَّ اللهُ السَّيِّد، لَمْ يُرِدْ وَلاَيَةَ الرِّق، بَلْ وَلاَيَة الدِّين.
قَالَ: هَلْ مِنْ شَاهد؟
قُلْتُ: قَالَ الله تَعَالَى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الكِتَابَ وَالحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُوْلَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُوْنِ اللهِ} [آل عِمْرَانَ:79] ، فَمَا لَمْ يَكُنْ لِنبِيّ الله لَمْ يَكُنْ لِغَيْره.
قَالَ: انْصَرَفْ لاَ ينَالُكَ الحرّ.
فَتَبِعَنِي البَغْدَادِيُّ، فَقَالَ: اكتُمْ هَذَا المَجْلِس.
وَقَالَ مُوْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَطَّان: لَوْ سَمِعْتُم سَعِيْدَ بنَ الحَدَّاد فِي تِلْكَ المحَافل - يَعْنِي: مُنَاظرته لِلشِّيعِيِّ - وَقَدِ اجْتَمَعَ لَهُ جَهَارَةُ الصَّوت، وَفخَامَةُ المَنْطِقِ، وَفَصَاحَةُ اللِّسَان، وَصوَابُ المَعَانِي، لتَمَنَّيْتُم أَنْ لاَ يَسْكُت.
وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ الحَدَّاد تَحوَّل شَافِعِيّاً مِنْ غَيْر تَقْلِيد، وَلاَ يَعْتَقِدُ مَسْأَلَةً إِلاَّ بِحجَّة.
وَكَانَ حَسَنَ البِزَّة، لكنَّه كَانَ يتقوَّتُ بِاليَسِيْر، وَلَمْ يَحُجّ، وَكَانَ كَثِيْر الردِّ عَلَى الكُوْفِيِّين.
__________
(1) أخرج الامام أحمد في " مسنده " 2 / 372 عن سفيان، ثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن أبي عبيد، عن ميمون قال: قال زيد بن أرقم وأنا أسمع: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بواد يقال له: وادي خم، فأمر بالصلاة، فصلاها بهجير، قال: فخطبنا وظلل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب على شجرة سمرة من الشمس، فقال: ألستم تعلمون، أو لستم تشهدون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى، قال: فمن كنت مولاه فإن عليا مولاه. اللهم عاد من عاداه، ووال من والاه ".
وإسناده صحيح، وهو في " المسند " أيضا: 4 / 364 و370.
وفي الباب عن علي عند أحمد: 1 / 119 118، وعن البراء عند أحمد: 4 / 281، وابن ماجه (116) .
وانظر حول غدير خم " معجم البلدان " 2 / 390 389.(14/207)
وَقِيْلَ: إِنَّهُ سَارَ لتلقِّي أَبِي عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيّ، فَقَالَ لَهُ: يَا شَيْخ! بِمَ كُنْت تقضِي؟
فَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ يُوْنُسَ: بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
قَالَ: فَمَا السُّنَّة؟
قَالَ: السُّنَّة السُّنَّة.
قَالَ ابْنُ الحَدَّاد: فَقُلْتُ لِلشِّيعِي: المَجْلِسُ مشتَرَك أُمْ خَاصّ؟
قَالَ: مشترَك.
فَقُلْتُ: أَصلُ السُّنَّة فِي كَلاَم العَرَب المثَال، قَالَ الشَّاعِر:
تُرِيْكَ سَنَّةَ وَجْهٍ غَيْرَ مُقْرِفَةٍ ... مَلْسَاءَ لَيْسَ بِهَا خَالٌ وَلاَ نَدَبُ (1)
أَي صُورَة وَجه وَمثَاله.
وَالسُّنَّة محصورَةٌ فِي ثَلاَث: الاَئِتمَار بِمَا أَمرَ بِهِ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالاَنتهَاء عَمَّا نَهَى عَنْهُ، وَالاَئِتسَاء بِمَا فعل.
فَقَالَ الشِّيْعِيّ: فَإِنِ اختلفَ عَلَيْكَ النّقل، وَجَاءتِ السُّنَّةُ مِنْ طُرق؟
قُلْتُ: أَنظرُ إِلَى أَصحِّ الخَبَرَيْن، كشُهُوْدٍ عدولٍ اختلفُوا فِي شهَادَة.
قَالَ: فَلَو اسْتَوَوْا فِي الثَّبَات؟
قُلْتُ: يَكُوْنُ أَحَدهُمَا نَاسخاً لِلآخر.
قَالَ: فمِنْ أَيْنَ قلتُم بِالقِيَاس؟
قُلْتُ: مِنْ كِتَاب الله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُم} [المَائِدَة:95] فَالصَّيْدُ معلومَةٌ عينُه، فَالجزَاءُ أُمرنَا أَنْ نمثِّلَهُ بِشَيْءٍ مِنَ النَّعَم، وَمثلُه فِي تَثْبِيت القِيَاس: {لَعَلِمَهُ الَّذِيْنَ يَسْتَنبِطُوْنَهُ} [النِّسَاء:83] وَالاستنباط غَيْر مَنْصُوص.
ثُمَّ عَطَفَ عَلَى مُوْسَى القَطَّان فَقَالَ: أَيْنَ وَجدتُمْ حدَّ الخَمْر فِي كِتَاب الله، تَقُولُ: اضرِبُوْهُ بِالأَرديَة وَبَالأَيْدِي ثُمَّ بِالجَرِيد (2) ؟
فَقُلْتُ أَنَا: إِنَّمَا حُدَّ قِيَاساً عَلَى حدِّ القَاذف، لأَنَّه إِذَا شرِبَ سَكِر، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افترَى (3) ،
__________
(1) البيت لذي الرمة، وهو في ديوانه ص 8 من قصيدته التي مطلعها: ما بال عينك منها الماء ينسكب * كأنه من كلى مفرية سرب وقوله: سنة وجه: أي صورة وجه.
والندب: الاثر من الجراح.
(2) ثبت ذلك من حديث أنس عند البخاري: 12 / 54 في الحدود: باب ما جاء في ضرب شارب الخمر، ومسلم (1706) في الحدود: باب حد الخمر، من طريق شعبة، عن قتادة، عن أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين ".
(3) أخرجه مالك: 2 / 55 في الاشربة: باب الحد في الخمر، وعنه الشافعي: =(14/208)
فَأَوجبَ عَلَيْهِ مَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمرُه.
قَالَ: أَوَلَمْ يقلْ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَأَقْضَاكُمْ عَليّ..) فَسَاقَ لَهُ مُوْسَى تمَامَه وَهُوَ: (وَأَعْلَمُكُمْ بِالحَلاَلِ وَالحَرَام مُعَاذ، وَأَرْأَفُكُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّكُمْ فِي دِيْنِ اللهِ عُمَر (1)) .
قَالَ: كَيْفَ يَكُوْنُ أَشدَّهُم وَقَدْ هَرَبَ بِالرَّايَة يَوْم خَيْبَر (2) ؟
قَالَ مُوْسَى: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا.
فَقُلْتُ: إِنَّمَا تحيَّز إِلَى فئَةٍ فلَيْسَ بفَارّ.
__________
= 2 / 304 من طريق ثور بن زيد الديلي " أن عمر بن الخطاب استشار في الخمر يشربها الرجل، فقال له علي: نرى أن نجلده ثمانين، فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هدى افترى أو كما قال فجلد عمر في الخمر ثمانين ".
قال الحافظ في " تلخيص الحبير " 4 / 75: وهو منقطع، لان ثورا لم يلحق عمر بلا خلاف، لكن وصله النسائي في " الكبرى "، والحاكم: 4 / 375 من وجه آخر عن ثور، عن عكرمة، عن ابن عباس.
ورواه عبد الرزاق (13542) عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة ولم يذكر ابن عباس.
وفي صحته نظر لما ثبت في " الصحيحين " عن أنس أن النبي صلى الله لعيه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر.
ولا يقال: يحتمل أن يكون عبد الرحمن وعلي أشارا بذلك جميعا، لما ثبت في صحيح مسلم (1707) (38) من طريق حضين بن المنذر أبي ساسان قال: شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان أحدهما حمران: أنه شرب الخمر، وشهد آخر: أنه رآه
يتقيأ.
فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها.
فقال: يا علي قم فاجلده.
فقال علي: قم يا حسن فاجلده.
فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها كأنه وجد عليه فقال: يا عبد الله ابن جعفر قم فاجلده، فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين.
فقال: أمسك.
ثم قال: جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين. وكل سنة، وهذا أحب إلي ".
(1) قطعة من حديث أخرجه الترمذي (3791) وابن ماجه (154) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينا، وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ".
وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (2218) والحاكم: 3 / 422 ووافقه الذهبي، وهو كما قالوا.
(2) كذا الأصل، وفي " معالم الايمان " حنين.(14/209)
وَقَالَ فِي: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} [التَّوبَة:40] إِنَّمَا نَهَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ حُزْنِه لأَنَّه كَانَ مسخوطاً.
قُلْتُ: لَمْ يَكُنْ قَوْلُه إِلاَّ تَبْشِيْراً بِأَنَّهُ آمنٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ وَعَلَى نَفْسه، فَقَالَ: أَيْنَ نَظِيْرُ مَا قُلْتَ؟
قُلْتُ: قَوْلُهُ لِمُوْسَى وَهَارُوْن: {لاَ تخَافَا إِنَّنِي مَعْكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46] فَلَمْ يَكُنْ خَوْفُهُمَا مِنْ فِرْعَوْن خَوْفاً بِسخط الله.
ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْل البلدَة: إِنَّكُم تبغضُون عَلِيّاً؟
قُلْتُ: عَلَى مُبْغِضِهِ لعنَةُ الله.
فَقَالَ: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: نَعَمْ، وَرفعتُ صَوْتِي: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَنَّ الصَّلاَةَ فِي خطَاب العَرَب الرَّحْمَةُ وَالدُّعَاء، قَالَ: أَلَمْ يقلْ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُوْنَ مِنْ مُوْسَى) ؟
قُلْتُ: نَعَمْ، إِلاَّ أَنَّهُ، قَالَ: (إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي (1)) .
وَهَارُوْن كَانَ حجَّة فِي حَيَاة مُوْسَى، وَعلِيٌّ لَمْ يَكُنْ حجَّةً فِي حَيَاةِ النَّبِيّ، وَهَارُوْنُ فَكَانَ شَرِيْكاً، أَفَكَانَ عليٌّ شريكاً لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النُّبُوَّة؟! وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّقْرِيْب وَالوِزَارَة وَالوِلاَيَة.
قَالَ: أَولَيْسَ هُوَ أَفضل؟
قُلْتُ: أَلَيْسَ الحَقُّ مُتَّفِقاً عَلَيْهِ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: قَدْ ملكتَ مدَائِن قَبْلَ مدينتنَا، وَهِيَ أَعْظَمُ مَدِيْنَة، وَاسْتفَاضَ عَنْكَ أَنَّك لَمْ تُكْرِهْ أَحَداً عَلَى مذهَبِكَ، فَاسلُكْ بِنَا مسلَكَ غيرِنَا وَنَهَضْنَا.
قَالَ ابْنُ الحَدَّاد: وَدخلتُ يَوْماً عَلَى أَبِي العَبَّاسِ، فَأَجلسَنِي مَعَهُ فِي مَكَانِهِ وَهُوَ يَقُوْلُ لِرَجُلٍ: أَلَيْسَ المتعلِّم مُحتَاجاً إِلَى المُعَلِّم أَبَداً؟ فَعَرفتُ أَنَّهُ
__________
(1) أخرجه البخاري: 8 / 86 في المغازي: باب غزوة تبوك، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب مناقب علي بن أبي طالب، ومسلم (2404) في فضائل الصحابة: باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه من طريق شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال: خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك.
فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ ! غير أنه لا نبي بعدي ".(14/210)
يُرِيْدُ الطَّعن عَلَى الصِّدِّيق فِي سُؤَاله عَنْ فرض الجَدَّة (1) ، فَبدرتُ وَقُلْتُ: المتعلِّم قَدْ يَكُوْنُ أَعْلَمَ مِنَ المُعَلِّم وَأَفقَهَ وَأَفْضَلَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: (رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ (2) ... ) .
ثُمَّ مُعَلِّمُ الصِّغَار القُرْآن يَكبرُ أَحَدُهُم ثُمَّ يَصير أَعْلَمَ مِنَ المُعَلِّم.
قَالَ: فَاذكر مِنْ عَامِّ القُرْآنِ وَخَاصِّه شَيْئاً؟
قُلْتُ: قَالَ تَعَالَى: {وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ} [البَقَرَة:221] فَاحتمل المرَادُ بِهَا العَامّ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِيْنَ أُوْتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم} [المَائِدَة:5] فعَلمنَا أَنَّ مُرَاده بِالآيَة الأُولَى خَاصٌّ، أَرَادَ: وَلاَ
__________
(1) إشارة إلى الحديث الذي رواه مالك في " الموطأ " 2 / 54 في الفرائض: باب ميراث الجدة، وأبو داود (2894) في الفرائض: باب في الجدة، والترمذي (2102) فيه أيضا: باب ميراث الجدة وابن ماجه (2724) في الفرائض: باب ميراث الجدة، من حديث قبيصة بن ذؤيب أنه قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر تسأله ميراثها، فقال: مالك في كتاب الله من شيء، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذ لها أبو بكر السدس.
ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب تسأله ميراثها، فقال: مالك في كتاب الله من شيء، وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك، وما أنا بزائد في الفرائض شيئا، ولكن هو ذلك السدس، فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما، وأيتكما خلت به فهو لها ".
قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم: 4 / 338، وابن حبان (1224) وقال الحافظ في " التلخيص " 3 / 82: وإسناده صحيح لثقة رجاله إلا أن صورته مرسل، فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق، ولا يمكن شهوده للقصة.
(2) قطعة من حديث صحيح، أخرجه الشافعي: 1 / 14، والترمذي (2658) في العلم: باب في الحث على تبليغ السماع، من حديث ابن مسعود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " نضر الله عبدا سمع مقالتي، فحفظها ووعاها وأداها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ". قال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح. وفي الباب عن زيد بن ثابت عند أحمد: 5 / 183، وأبي داود (3660) والترمذي (2656) وابن ماجه (230) والدارمي: 1 / 75، وقد صححه الحافظ ابن حجر وغيره. وعن جبير بن مطعم عند أحمد: 4 / 80، وابن ماجه (231) والدارمي: 1 / 74 و75. وعن أبي الدرداء عند الدارمي: 1 / 76 75، وعن أنس عند أحمد: 3 / 225.(14/211)
تَنْكِحُوا المُشْركَاتِ غَيْرَ الكتَابيَّات مِنْ قَبْلِكُم حَتَّى يُؤمِنّ.
قَالَ: وَمَنْ هنَّ المحصَنَات؟
قُلْتُ: العفَائِف.
قَالَ: بَلِ المتزوِّجَات.
قُلْتُ: الإِحصَانُ فِي اللُّغَة: الإِحرَاز، فَمَنْ أَحرزَ شَيْئاً فَقَدْ أَحصَنَهُ، وَالعِتْقُ يُحَصِّنُ المَمْلُوْكَ لأَنَّه يحرزُهُ عَنْ أَنْ يجرِيَ عَلَيْهِ مَا عَلَى المَمَالِيْك، وَالتّزويجُ يحصِنُ الفرجَ لأَنَّهُ أَحرزَهُ عَنْ أَنْ يَكُوْنَ مبَاحاً، وَالعفَافُ إِحْصَانٌ لِلْفَرْج.
قَالَ: مَا عِنْدِي الإِحصَان إِلاَّ التَّزْوِيج.
قُلْتُ لَهُ: مُنْزِلُ القُرْآنِ يَأْبَى ذَلِكَ، قَالَ: {وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [التّحريم:12] أَي أَعَفَّتْه، وَقَالَ: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النِّسَاء:25] عفَائِف.
قَالَ: فَقَدْ قَالَ فِي الإِمَاء: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النِّسَاء:25] وَهنَّ عِنْدَكَ قَدْ يكنَّ عفَائِف.
قُلْتُ: سَمَّاهُنَّ بِمتقدِّم إِحصَانِهِنَّ قَبْل زِنَاهُنَّ، قَالَ تَعَالَى: {وَلكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُم} [النِّسَاء:12] .
وَقَدِ انْقَطَعتِ العِصْمَةُ بِالمَوْت، يُرِيْدُ اللاَتِي كُنَّ أَزواجَكُم.
قَالَ: يَا شَيْخ! أَنْتَ تَلُوذ.
قُلْتُ: لَسْتُ أَلوذ، أَنَا المُجِيْب لَكَ، وَأَنْت الَّذِي تلوذُ بِمسأَلَة أُخْرَى، وَصِحْتُ أَلاَ أَحَدٌ يَكْتُبُ مَا أَقُولُ وَتَقُولُ.
قَالَ: فوقَى الله شرَّه.
وَقَالَ: كَأَنَّك تَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاس.
قُلْتُ: أَمَّا بِدينِي فَنَعم.
قَالَ: فَمَا تحتَاجُ إِلَى زِيَادَةٍ فِيْهِ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَأَنْتَ إِذاً أَعْلَمُ مِنْ مُوْسَى إِذْ يَقُوْلُ: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي} [الْكَهْف:66] قَالَ: هَذَا طعنٌ عَلَى نُبُوَّة مُوْسَى، مُوْسَى مَا كَانَ محتَاجاً إِلَيْهِ فِي دِيْنِهِ، كلاَّ، إِنَّمَا كَانَ العِلْم الَّذِي عِنْد الخَضِرِ دُنْيَاويّاً: سَفِيْنَةً خَرَقَهَا، وَغُلاَماً قَتَلَهُ، وَجِدَاراً أَقَامَهُ، وَذَلِكَ كُلُّه لاَ يَزِيْدُ فِي دِين مُوْسَى.
قَالَ: فَأَنَا أَسأَلُكَ.
قُلْتُ: أَوْرِدْ وَعلِيَّ الإِصدَارُ بِالْحَقِّ بِلاَ مَثْنَوِيَّة (1) .
قَالَ: مَا تَفْسِيْرُ الله؟
قُلْتُ: ذُو الإِلهيَّة.
قَالَ: وَمَا هِيَ؟
قُلْتُ: الرُّبوبيَّة.
قَالَ: وَمَا الرُّبوبيَّة؟
قُلْتُ: المَالِكُ الأَشيَاء كُلّهَا.
__________
(1) أي: بلا استثناء.(14/212)
قَالَ: فَقُرَيْشٌ فِي جَاهِليَّتهَا كَانَتْ تَعْرِفُ الله؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَقَدْ أَخبر الله تَعَالَى عَنْهُم أَنَّهُم قَالُوا: {مَا نَعْبُدُهُم إِلاَّ لِيُقَرِّبُوْنَا إِلَى اللهِ} [الزمر:3] .
قُلْتُ: لَمَّا أَشركُوا مَعَهُ غَيْرَه قَالُوا: وَإِنَّمَا يَعْرِفُ اللهَ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ.
وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافرُوْنَ، لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُوْنَ} [الكَافرُوْنَ:1 - 2] فَلَو كَانُوا يعبدُوْنَهُ مَا قَالَ: {لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُوْنَ} .
إِلَى أَنْ قَالَ: فَقُلْتُ: المشركُونَ عَبَدَة الأَصْنَامِ الَّذِيْنَ بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم - إِلَيْهِم عَلِيّاً ليقرأَ عَلَيْهِم سُوْرَة برَاءة (1) .
قَالَ: وَمَا الأَصْنَام؟
قُلْتُ: الحجَارَة.
قَالَ: وَالحجَارَةُ أَتُعْبَد؟
قُلْتُ: نَعَمْ، وَالعُزَّى كَانَتْ تُعْبَد وَهِيَ شَجَرَة، وَالشِّعرَى كَانَتْ تُعبد وَهِيَ نجم.
قَالَ: فَالله يَقُوْلُ: {أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي (2) إِلاَّ أَنْ يُهْدَى} [يُوْنُس:35] فَكَيْفَ تَقُولُ: إِنَّهَا الحجَارَة؟ وَالحجَارَةُ لاَ تهتدِي إِذَا هُديت، لأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ذوَاتِ العُقُوْل.
قُلْتُ: أَخْبَرَنَا اللهُ أَنَّ الجُلُودَ تَنْطِقُ وَلَيْسَتْ بذوَاتِ عُقُوْل، قَالَ: نسبَ إِلَيْهَا النُّطْقَ مَجَازاً.
قُلْتُ: مُنْزِلُ القُرْآنِ يَأْبَى ذَلِكَ، فَقَالَ: {اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيْهِمْ} [يس:65] إِلَى أَنْ قَالَ: {قَالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت:21] وَمَا الفرقُ
__________
(1) أخرج البخاري: 8 / 240 238 في أول سورة براءة، من حديث حميد بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون بمنى: ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان.
قال حميد: ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب، وأمره أن يؤذن ببراءة.
قال أبو هريرة: فأذن معنا علي يوم النحر في هل منى ببراءة، وأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ".
وانظر " المسند " 2 / 299، والنسائي: 5 / 234، والطبري (16370) و (16371) و (16373) و (16375) و" المستدرك " 2 / 331، وابن كثير في " تفسيره " 2 / 332 331، والبداية: 5 / 39 36.
(2) بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال المكسورة، وفي آخرها ياء، وهي قراءة حفص.
ولها أيضا قراءات متعددة انظرها في " النشر " 2 / 283.(14/213)
بَيْنَ جِسمِنَا وَالحجَارَة؟ وَلَوْ لَمْ يُعقِّلْنَا لَمْ نَعْقِل، وَكَذَا الحجَارَةُ إِذَا شَاءَ أَنْ تَعقلَ عَقَلت.
وَقِيْلَ: لَمْ يُرَ أَغزر دَمْعَةً مِن سَعِيْدِ بن الحَدَّاد، وَكَانَ قَدْ صَحِبَ النُّسَّاك، وَكَانَ مُقِلاً حَتَّى مَاتَ أَخٌ لَهُ بِصِقِلِّيَّة، فورِثَ مِنْهُ أَرْبَع مائَة دِيْنَارٍ، فَبنَى مِنْهَا دَارَهُ بِمَائتَيْ دِيْنَار، وَاكتسَى بخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً.
وَكَانَ كَرِيْماً حليماً.
رَوَى عَنْهُ: وَلَدُهُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ شَيْخُ ابْن أَبِي زَيْدٍ.
وَكَانَ يَقُوْلُ: القُرْبُ مِنَ السُّلْطَان فِي غَيْرِ هَذَا الوَقْت حتفٌ مِنَ الحُتوف، فَكَيْفَ اليَوْم؟
وَقَالَ: مَنْ طَالَتْ صُحْبتُهُ لِلدُّنْيَا وَلِلنَّاسِ فَقَدْ ثَقُل ظهرُه.
خَاب السَّالُوْنَ عَنِ اللهِ، المتنعِّمُوْنَ بِالدُّنْيَا.
من تَحَبَّبَ إِلَى العِبَاد بِالمَعَاصِي بَغَّضَهُ اللهُ إِلَيْهِم.
وَقَالَ: لاَ تعدِلَنَّ بِالوَحدَةِ شَيْئاً، فَقَدْ صَارَ النَّاسُ ذئاباً.
وَقَالَ: مَا صَدَّ عَنِ اللهِ مِثْلُ طلب المَحَامِد، وَطلب الرِّفعَة.
وَله:
بَعْدَ سَبْعِيْنَ حِجَّة وَثَمَانِ ... قَدْ تَوَفَّيْتُهَا مِنَ الأَزْمَانِ
يَا خَلِيْلِيَّ قَدْ دَنَا المَوْتُ مِنِّي ... فَابْكِيَانِي - هُدِيْتُمَا - وَانْعِيَانِي
قَالَ القَاضِي عِيَاض: مَاتَ أَبُو عُثْمَانَ سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ ثَلاَثٌ وَثَمَانُوْنَ سَنَةً - رَحِمَهُ اللهُ -.(14/214)
117 - حِمَاسٌ الهَمْدَانِيُّ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَرْوَانَ بنِ سِمَاكٍ *
العَلاَّمَةُ المُفْتِي القَاضِي، أَبُو القَاسِمِ، حِمَاسُ بنُ مَرْوَانَ بنِ سِمَاك الهَمْدَانِيّ المَغْرِبِيّ.
اختلفَ فِي صِغره إِلَى سَحْنُوْن، وَكَانَ عَادلاً فِي حُكمه، بَصِيْراً بِالفِقْه، عَلاَّمَة، وَكَانَ الإِمَامُ يَحْيَى بنُ عُمَرَ يُثْنِي عَلَى حِمَاس وَيُطْرِيه.
وَقَالَ ابْنُ حَارِث: كَانَ مَعْدُوْداً فِي العبَّاد، صَاحِبَ تهجُّد وَصِيَام، وَلبس صوف، مَعَ الفِقْه البَارِع.
وَقَالَ أَبُو العَرَبِ: سَمِعَ مِنْ سَحْنُوْن، وَابْن عَبْدوس وَغَيْرِهِمَا.
قِيْلَ: إِنَّهُ قَامَ مِنَ اللَّيْل، فَوَجَد وَلَدَيْهِ وَالعَجُوزَ وَالخَادِمَ يتهجَّدُوْنَ، فَسُرَّ بِذَلِكَ.
ويُؤثر عَنْهُ حكَايَاتٌ فِي زُهْده وَقنوعه.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ أَيْضاً، بِإِفْرِيْقِيَةَ.
118 - ابْنُ البَرْدُوْنِ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الضَّبِّيُّ **
الإِمَامُ، الشَّهِيْدُ، المُفْتِي، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ البَرْدُوْنِ الضَّبِّيّ مَوْلاَهُمُ، الإِفْرِيْقِيّ، المَالِكِيّ، تِلْمِيْذُ أَبِي عُثْمَانَ بن الحَدَّاد.
قَالَ القَاضِي عِيَاض: كَانَ يَقُوْلُ: إِنِّيْ أَتكلَّم فِي تِسْعَة أَعشَار قيَاس العِلْم (1) .
__________
(*) معالم الايمان: 2 / 330 320، الديباج المذهب: 1 / 344 342.
(* *) معالم الايمان: 2 / 265 261، الديباج المذهب: 1 / 267 266.
(1) في " معالم الايمان " و" الديباج المذهب ": إني أتكلم في تسعة عشر فنا من العلم.(14/215)
وَكَانَ منَاقضاً لِلْعرَاقيِّيْن، فَدَارت عَلَيْهِ دوَائِر فِي أَيَّامِ عُبَيْد اللهِ، وضُرِبَ بِالسِّيَاط، ثُمَّ سَعَوا بِهِ عِنْد دُخُوْل الشِّيْعِيِّ إِلَى القَيْرَوَان، وَكَانَتِ الشِّيْعَةُ تمِيلُ إِلَى العِرَاقيِّين لموَافقتِهِم لَهُم فِي مَسْأَلَةِ التفْضِيْل وَرخصَة مَذْهَبهم، فرفَعُوا إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيّ: أَنَّ ابْنَ البَرْدُوْنَ وَأَبَا بَكْرٍ بنَ هُذَيل يطعنَان فِي دولتِهِم، وَلاَ يفضِّلاَن عَلِيّاً.
فَحَبَسَهُمَا، ثُمَّ أَمرَ مُتَوَلِّي القَيْرَوَان أَنْ يضربَ ابْنَ هُذيل خَمْسَ مائَةِ سَوْط، وَيضربَ عُنُق ابْنِ البردُوْنَ، فَغَلِطَ المُتولِّي فَقتلَ ابْنَ هُذيل، وضربَ ابْنَ البردُوْنَ، ثُمَّ قتلَه مِنَ الغَدِ.
وَقِيْلَ لاِبْنِ البردُوْنَ لَمَّا جرِّد لِلْقتل: أَترجعُ عَنْ مَذْهَبِك؟
قَالَ: أَعنِ الإِسْلاَم أَرجِع؟ ثُمَّ صُلِبا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَأَمر الشِّيْعِيُّ الخَبِيْثُ أَنْ لاَ يفتَى بِمَذْهَبِ مَالِكٍ، وَلاَ يُفتَى إِلاَّ بِمَذْهَب أَهْل البَيْت، وَيَرَوْنَ إِسقَاط طلاَق البتَّة، فَبَقِيَ مَنْ يتفقَّه لِمَالِكٍ إِنَّمَا يتفقَّهُ خِفيَة.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ سَعِيْدٍ الخرَّاط: كَانَ ابْنُ البَرْدُوْنَ بَارِعاً فِي العِلْمِ، يَذْهَبُ مَذْهَبَ النَّظَر، لَمْ يَكُنْ فِي شَبَاب عصره أَقوَى عَلَى الجَدَل وَإِقَامَة الحجَّة مِنْهُ.
سَمِعَ مِنْ عِيْسَى بنِ مِسْكِيْن، وَيَحْيَى بن عُمَرَ، وَجَمَاعَة.
وَلَمَّا أُتِيَ بِهِ إِلَى ابْنِ أَبِي خِنْزِير، وَقَفَ، فَقَالَ لَهُ: يَا خِنْزِير.
فَقَالَ ابْنُ البَرْدُوْنَ: الخنَازيرُ مَعْرُوْفَةٌ بِأَنيَابهَا.
فَغَضِبَ وَضَرَبَ عُنُقَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ خُرَاسَان: لَمَّا وَصلَ عبيدُ اللهِ إِلَى رَقَّادَة (1) ، طلبَ مِنَ القَيْرَوَان ابْنَ البَردُوْنَ، وَابْنَ هُذَيْل، فَأَتيَاهُ وَهُوَ عَلَى السَّرِيْر، وَعَنْ يمِينِهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ الشِّيْعِيّ، وَأَخُوْهُ أَبُو العَبَّاسِ عَنْ يسَاره، فَقَالَ: أَتشهدَانِ أَنَّ هَذَا
__________
(1) كذا ضبطها ياقوت في " معجمه " 3 / 55، وقال: " بلدة كانت بإفريقية، بينها وبين القيروان أربعة أيام، وأكثرها بساتين، ولم يكن بإفريقية أطيب هواء، ولا أعدل نسيما، وأرق تربة منها ".(14/216)
رَسُوْلُ اللهِ؟
فَقَالاَ بلفظٍ وَاحِد: وَاللهِ لَوْ جَاءَنَا هَذَا وَالشَّمْسُ عَنْ يمِينِهِ وَالقَمَرُ عَنْ يسَاره يَقُوْلاَنِ: إِنَّهُ رَسُوْلُ اللهِ، مَا قُلْنَا ذَلِكَ.
فَأَمَرَ بِذَبْحِهِمَا.
119 - ابْنُ خَيْرُوْنَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَيْرُوْنَ المَعَافِرِيُّ *
الإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ، مُحَمَّدُ بنُ خَيْرُوْنَ المَعَافِرِيُّ مَوْلاَهُمُ القُرْطُبِيّ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: كُنْتُ جَالِساً عِنْد ابْن أَبِي خِنْزِير فَدَخَلَ شَيْخٌ ذُو هَيْئَة وَخشوع، فَبَكَى ابْن أَبِي خِنْزِير وَقَالَ: السُّلْطَان - يَعْنِي: عُبَيْد اللهِ - وَجَّه إِلَيَّ يَأْمرنِي بِدَوْس هَذَا حَتَّى يَمُوت.
ثُمَّ بَطَحَهُ، وَقَفَزَ عَلَيْهِ السُّودَانُ حَتَّى مَاتَ، لِجِهَادِهِ وَبُغْضِهِ لِعُبَيْدِ اللهِ وَجُنْدِهِ.
وَكَانَ سَعَى بِهِ المَرُّوْذِيّ اللَّعين، وَلَمَّا رَأَى ابْنُ أَبِي خِنْزِير كَثْرَةَ أَذَاهُ لِلْعُلَمَاء، تحيَّل وَسعَى بِهِ، حَتَّى قَتَلَهُ عُبَيْدُ الله سَنَةَ ثَلاَثِ مائَة، أَوْ بَعْدهَا، فَيَا مَا لَقِيَ الإِسْلاَم وَأَهلُهُ مِنْ عبيدِ اللهِ المَهْدِيِّ (1) الزِّنْدِيق!
120 - الحَصِيْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْرٍ **
الحَافِظُ الحجَّةُ، القُدْوَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْر النَّيْسَابُوْرِيُّ المَعْرُوْف بِالحَصيرِيّ، أَحَدُ الأَعلاَم.
سَمِعَ مِنْ: إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَأَبِي مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ مُوْسَى السُّدِّيِّ، وَأَبِي مَرْوَان العُثْمَانِيِّ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَابْنِ أَبِي عُمَرَ
__________
(*) جذوة المقتبس: 54، بغية الملتمس: 94 93.
(1) سبق التعريف به في الحاشية (2) من الصفحة (58) .
(* *) الأنساب: 169 / ب، وهو فيه (الحصري) ، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 122 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 703 702، العبر: 2 / 126، النجوم الزاهرة: 3 / 188، طبقات الحفاظ: 305 304، شذرات الذهب: 2 / 242.(14/217)
العَدَنِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ، وَالذُّهْلِيّ، وَخَلاَئِق.
رَوَى عَنْهُ الحُفَّاظ: أَبُو عَلِيٍّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَحْمَدُ بنُ الْخضر، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ نُجَيْد، وَآخَرُوْنَ خَاتِمَتُهُم أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ.
قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ السَّلاَمِ التَّمِيْمِيّ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بن مُحَمَّدٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ المُسْتَمْلِي، وَتَمِيْمُ بنُ أَبِي سَعِيْدٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَدِيْب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانَ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَة، حَدَّثَنِي وَرْقَاء، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (لاَ تَقُوْمُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُوْنَ كَذَّابُوْنَ، قَرِيْبٌ مِنْ ثَلاَثِيْنَ، كُلُّهُم يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُوْل اللهِ) (1) .
قَالَ الحَاكِمُ فِي (تَارِيْخِهِ) :الحَصِيْرِيُّ ركنٌ مِنْ أَركَانَ الحَدِيْث فِي الحِفْظِ، وَالإِتْقَانِ، وَالوَرَع، سَمِعَ مِنْهُ أَخِي مُحَمَّدٌ الكَثِيْرَ، وَهُوَ جَدُّه.
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الْخضر الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: لَمَّا وَرَدَ أَبُو عَلِيٍّ عَبْد اللهِ بن
__________
(1) أخرجه البخاري: 13 / 78 72 في الفتن، من طريق أبي اليمان، عن شعيب: عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة، وأخرجه مسلم: 4 / 2239 2240 رقم الحديث الخاص (84) من طريقين عن عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري: 6 / 454 في علامات النبوة في الإسلام، والترمذي (2218) من طريق عبد الرزاق، عن معمر عن همام ابن منبه، عن أبي هريرة.
وأخرجه أبو داود (4333) من طريق عبد العزيز بن محمد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، وأخرجه أيضا (4334) من طريق عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه.(14/218)
مُحَمَّد البَلْخِيّ، عجزَ النَّاسُ عَنْ مُذَاكَرَتِهِ لحِفْظِهِ، فَذَاكَرَ جَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ بِأَحَادِيْثِ التَّمتُّع وَالحَجِّ، وَالإِفرَاد، وَالقِرَان، فَكَانَ يسرُد، فَقَالَ لَهُ جَعْفَر: تَحْفَظُ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبَّى بِحجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعاً (1) ؟
قَالَ: فَبقِي وَاقفاً وَجَعَلَ يَقُوْلُ: التَّيْمِيُّ عَنْ أَنَسٍ ... فَقَالَ جَعْفَرُ: حدَّثْنَاهُ يَحْيَى بنُ حَبِيْبٍ بنِ عربِيّ: حَدَّثَنَا مُعْتمر، عَنْ أَبِيْهِ.
قَالَ الحَاكِمُ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ السُّكَّرِيُّ - سِبْطُ جَعْفَر -:كَانَ جَدِّي قَدْ جزَّأَ اللَّيْل ثَلاَثَة أَجزَاء: ثُلُثاً يُصَلِّي، وَثُلُثاً يصَنّف وَثُلُثاً ينَام، وَكَانَ مرضُهُ ثَلاَثَة أَيَّام، لاَ يفتُرُ عَنْ قِرَاءة القُرْآن.
وَسَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ الشَّافِعِيِّ يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو عَمْرٍو الخَفَّاف حِفظُهُ أَكْثَرُ مِنْ فَهْمِهِ، وَكَانَ لاَ يَقْبَلُ مِمَّنْ يرُدُّ عَلَيْهِ غَيْر جَعْفَر الحَافِظ، فَإِنَّهُ كَانَ يَرْجِعُ إِلَى قَوْله.
وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ الْخضر: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: كُنَّا فِي مَجْلِس مُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ تَحْتَ شَجَرَة يَقْرَأُ عَلَيْنَا، وَكَانَ إِذَا رفع أَحَدٌ صَوْته، أَوْ تَبَسَّمَ قَامَ وَلاَ يُرَاجَعُ، فَوَقَعَ ذرقُ طَير عَلَى يدِي وَكتَابِي، فَضَحِكَ خَادمٌ لأَوْلاَد طَاهِر بنِ عَبْدِ اللهِ الأَمِيْر، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ رَافِع، فَوَضَع الكِتَاب، فَانْتَهَى الخَبَرُ إِلَى السُّلْطَانِ، فجَاءنِي الخَادِمُ وَمَعَهُ حَمَّالٌ عَلَى ظَهره نبت سَامَان، فَقَالَ: وَاللهِ مَا أَملكُ إِلاَّ هَذَا، وَهُوَ هديَّةٌ لَكَ، فَإِن سُئِلت عَنِّي فَقُلْ: لاَ أَدْرِي مَنْ تبسَّم.
فَقُلْتُ: أَفعل.
فَلَمَّا كَانَ الْغَد حُمِلتُ إِلَى بَابِ السُّلْطَان، فَبرَّأْتُ الخَادِم، ثُمَّ بِعْتُ السَّامَان بِثَلاَثِيْنَ دِيْنَاراً، وَاسْتعنتُ بِذَلِكَ عَلَى
__________
(1) ذكره ابن القيم في " زاد المعاد " 2 / 116، ونسبه للبزار، وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي من طرق أخرى عن أنس.
انظر " زاد المعاد " 2 / 117 وما بعدها.(14/219)
الخُرُوج إِلَى العِرَاقِ، فَلُقِّبْتُ بِالحُصرِيّ، وَمَا بِعْتُ حُصْراً وَلاَ آبَائِي (1) .
قَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ الحَصِيرِيّ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
121 - الخَيَّاطُ عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ *
شَيْخُ المُعْتَزِلَةِ البَغْدَادِيِّيْنَ، لَهُ الذّكَاء المُفرط، وَالتَّصَانِيْفُ المهذَّبَة، وَكَانَ قَدْ طلب الحَدِيْث، وَكَتَبَ عَنْ يُوْسُفَ بنِ مُوْسَى القَطَّان وَطَبَقَته.
وَهُوَ أَبُو الحُسَيْنِ، عَبْدُ الرَّحِيْمِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ.
وَكَانَ مِنْ بحورِ العِلْم، لَهُ جلاَلَةٌ عَجِيْبَةٌ عِنْد المُعْتَزِلَة، وَهُوَ مِنْ نُظَرَاء الجُبَّائِي (2) .
صَنّفَ كِتَاب (الاسْتدلاَل) وَنقض كِتَاب ابْن الرَّاوندِي فِي فضَائِح المُعْتَزِلَة، وَكِتَاب (نقض نعت الحِكْمَة) وَكِتَاب (الرَّد عَلَى مَنْ قَالَ بِالأَسبَاب) وَغَيْر ذَلِكَ.
لاَ أَعرف وَفَاتَه.
122 - مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ بنِ الوَلِيْدِ الشَّيْبَانِيُّ **
الإِمَامُ الأَوْحَد، أَبُو جَعْفَرٍ الشَّيْبَانِيُّ الكُوْفِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا كُرَيْبٍ، وَالحَسَن بن عَلِيٍّ الحُلْوَانِيّ، وَطَبَقَتْهُمَا.
__________
(1) الخبر بطوله في " أنساب السمعاني " ص 69.
(*) الفرق بين الفرق: 165 163، تاريخ بغداد: 11 / 87، الملل والنحل: 1 / 76، الأنساب: 214 / ب، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: 88 85، لسان الميزان: 4 / 9 8.
(2) سبقت ترجمته في الصفحة 183 من هذا الجزء.
(* *) الوافي بالوفيات: 1 / 99.(14/220)
وَعَنْهُ: الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَابْنُ، المُقْرِئُ، وَالمَيَانَجِي، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ كَبِيرَ الشَّأْنِ، ثِقَة، نَافذَ الكَلِمَة، كَثِيْرَ النَّفع، انتَاب النَّاسُ قَبْرهُ نَحْو السَّنَّة، وَعَاشَ تِسْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
123 - شَكَّرٌ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ بنِ سَعِيْدٍ السُّلَمِيُّ *
الإِمَامُ، العَالِم، الحَافِظُ المُتْقِنُ، أَبُو عَبْد الرَّحْمَنُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ المُنْذِرِ بنِ سَعِيْدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ رَجَاءٍ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الصَّحَابِيِّ العَبَّاس بن مِرْدَاس السُّلَمِيُّ الهَرَوِيُّ، شَكَّر الحَافِظ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ رَافِع القُشَيْرِيّ، وَعَلِيَّ بنَ خَشْرَم، وَعُمَرَ بنَ شَبَّةَ، وَعَلِيَّ بنَ حَرْبٍ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ عِيْسَى المِصْرِيّ، وَخَلْقاً كَثِيْراً.
وَكَانَ وَاسِعَ الرِّوَايَة، جَيِّد التَّصْنيف.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو عُمَرَ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ مَطَر، وَيَحْيَى بنُ مَنْصُوْر، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: حدَّثَ شَكَّر بِمَرْو، وَطُوس، وَسَرخس، وَمرو الرُّوذ،
__________
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 749 748، العبر: 2 / 126، الوافي بالوفيات: 5 / 67، طبقات الحفاظ: 315، شذرات الذهب: 2 / 242.(14/221)
وَبُخَارَى وَنَيْسَابُوْر حدَّث بِهَا فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَمَاتَ شكَّر فِي أَحَد الرَّبيعَين سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقِيْلَ: بَلْ مَاتَ: فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَأَظُنُّهُ يُسَافرُ فِي التِّجَارَة أَيْضاً.
124 - السَّرَّاجُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبَانٍ *
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُسْنِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبَانِ بنِ مَيْمُوْنٍ البَغْدَادِيُّ السَّرَّاج.
سَمِعَ: يَحْيَى الحِمَّانِيّ، وَالحَكَم بنَ مُوْسَى، وَعُبَيْدَ اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: عَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ، وَأَبُو حَفْصٍ الزَّيَّات، وَمُحَمَّدُ بنُ زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ.
125 - المُهَلَّبِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ خَالِدٍ **
الإِمَامُ، الحَافِظُ المُفِيْدُ الثَّبْت، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المُؤْمِنِ بنِ خَالِدٍ المُهَلَّبِيّ الأَزْدِيّ الجُرْجَانِيّ، عَالِم جُرْجَان.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ زُنْبور المَكِّيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد الرَّازِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 1 / 401، المنتظم: 6 / 146، العبر: 2 / 130، شذرات الذهب: 2 / 246.
(* *) تاريخ جرجان: 214 213، الأنساب: 546 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 130 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 757، طبقات الحفاظ:
318، شذرات الذهب: 2 / 258.(14/222)
مُوْسَى الوَزْدُوْلِيّ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الجُرْزِي، وَخَلْقاً كَثِيْراً فِي الرِّحلَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ أَبِي عِمْرَانُ، وَأَبُو الحَسَنِ القَصْرِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو أَحْمَدَ الغِطْرِيْفِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَالجُرْجَانيُّون.
وَكَانَ خَالِدٌ - جدُّه - مِنْ كِبَارِ الأُمَرَاء وَالأَعيَان، وَهُوَ خَالِدُ بنُ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ المُهَلَّبِ بنِ عُيَيْنَةَ بنِ الأَمِيْر المُهَلَّب بنِ أَبِي صُفْرَةَ (1) .
أَثْنَى عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِي وَغَيْرُهُ، وَكَانَ مُقَدَّماً فِي العِلْمِ وَالعمل.
وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ: كَانَ ثِقَةً، يَعْرِفُ الحَدِيْث.
ثُمَّ قَالَ: تُوُفِّيَ فِي سَلَخ المُحَرَّم سَنَة تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: لَعَلَّهُ تُوُفِّيَ فِي عشرِ التِّسْعِيْنَ.
126 - تِكِيْنُ الأَمِيْرُ أَبُو مَنْصُوْرٍ التُّرْكِيُّ الخَزَرِيُّ *
بِخَاءٍ، ثُمَّ زَايٍ مُعْجَمَتَيْنِ.
وَلِيَ إِمرَة دِيَار مِصْر لِلْمُقْتَدِر بَعْد عِيْسَى النُّوشَرِي (2) ، وَكَانَ ملكاً سَائِساً مَهِيْباً، كَبِيرَ الشَّأْنِ، قَدِمَ عَلَى مِصْرَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَتَهَيَّأَ
__________
(1) وهو مذكور في " تاريخ طبري " 6 / 540، 543، 585، و" الكامل لابن الأثير " 5 / 30، 34، 73.
(*) ولاة مصر للكندي: 299 286، الكامل في التاريخ: 8 / 273 وفيات الأعيان: 5 / 62، العبر: 2 / 186، دول الإسلام: 1 / 195، الوافي بالوفيات: 10 / 286، حسن المحاضرة: 1 / 596، تاريخ مصر لابن إياس: 1 / 42، النجوم الزاهرة: 3 / 186 171، تهذيب تاريخ ابن عساكر: 3 / 340.
(2) سبقت ترجمته في الصفحة (46) من هذا الجزء.(14/223)
لأَمر المَغْرِب وَظُهُوْر دُعَاة الشِّيْعَة هُنَاكَ، وَاهتمَّ لِذَلِكَ، وَعقد لأَبِي النَّمِر (1) عَلَى بَرْقَة فِي جَيْش كَثِيف، ثُمَّ عَزَلَهُ بِالأَمِيْر خَيْر، فَالتَقَوا، فَانهزم المِصْرِيُّون، ثُمَّ كتب تِكين إِلَى عَامل إِفْرِيْقِيَةَ يدعُوهُ إِلَى الطَّاعَة سَنَةَ ثَلاَثِ مائَة.
ثمَّ أَقبل حَبَاسَة (2) فِي مائَةِ أَلْفٍ، فَأَخَذَ الإِسْكَنْدَرِيَّة سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَأَقبلَ مِنَ العِرَاقِ القَاسِمُ بنُ سِيْمَاء مَدَداً لتِكين، وَقَدِمَ أَحْمَدُ بنُ كَيَغْلَغ وَأُمَرَاء، ثُمَّ التُّقَى الجمعَان، وَاسْتَحَرَّ الْقَتْل (3) بِالمغَاربَة، وَانهزم حَبَاسَة، وَكَانَ المَصَافُّ بِالجِيزَة، ثُمَّ خَرَجَ كمِين لحبَاسَة، وَمَالُوا عَلَى المِصْرِيّين، فَقتل نَحْو عَشْرَة آلاَف، ثُمَّ أَصبحُوا عَلَى المَصَافِّ وَالسَّيْفُ يعْمل، وَقَاتلتِ العَوَام قتَالَ الْحَرِيم وَكَانَتْ وَقعَة مشهودَة.
ثمَّ أَقبل مُؤنس الخَادِم (4) فِي جيوشِه مِنْ بَغْدَادَ إِلَى مِصْرَ، فعُزل تِكِين فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
ثمَّ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَلِيَ إِمرَة مِصْر ذِه (5) الرُّوْمِيُّ الأَعور، وَرجعتِ المغَاربَةُ إِلَى إِفْرِيْقِيَة.
ثمَّ عَادَ تِكين إِلَى وَلاَيَة مِصْر سنَة سبعٍ، ثُمَّ عُزل سَنَة تِسع ثُمَّ أَعيد
__________
(1) أبوالنمر: هو أحمد بن صالح.
انظر " ولاة مصر " للكندي: 287 286.
(2) كذا الأصل، وهو كذلك في " مشتبه النسبة " و" تاريخ الإسلام " للمؤلف، وقد اختلفت المراجع في ضبط اسم هذا القائد: فقد ضم ابن الأثير حاءه، وجعله ياقوت بالشين وضم الحاء، أما صاحب " القاموس " فقال: هو بالخاء والسين.
وهو حباسة بن يوسف. انظر " عبر الذهبي " 2 / 121، و" ولاة مصر " ص 287.
(3) أي: اشتد القتل وكثر.
(4) الملقب بالمظفر، قال المؤلف في " العبر " 2 / 188: " وكان أميرا معظما، شجاعا منصورا، لم يبغ أحد من الخدام منزلته إلا كافور صاحب مصر. توفي سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة ".
(5) كذا الأصل، وفي " ولاة مصر " 291، و" النجوم الزاهرة " 3 / 186: وحسن المحاضرة 1 / 596 " ذكاء ".(14/224)
مَرَّات، وَقلَّ أَن سُمِعَ بِمثل هَذَا.
ثمَّ بَقِيَ تكين عَلَى إِمرَة مِصْر أَعْوَاماً إِلَى أَنْ مَاتَ فِي رَبِيْعِ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
127 - القَزْوِيْنِيُّ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ الحَارِثِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ المُتْقِن، عَالِم قَزْوين، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ مَسْعُوْد بن الحَارِثِ الأَسَدِيُّ القَزْوِيْنِيّ.
سَمِعَ: عَمْرو بن رَافِعٍ، وَيُوْسُفَ بنَ حَمْدَان، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ تَوْبَة، وَسهلَ بنَ زَنْجَلَةَ، وَابْنَ حُمَيْدٍ، وَالحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عِمْرَان العَابدِي، وَهَارُوْنَ بنَ هزَارِي، وَعَبْدَ السَلامِ بنَ عَاصِم، وَعِدَّة.
وَله رِحلَةٌ وَمَعْرِفَة، لقيَ بِالكُوْفَةِ إِسْمَاعِيْلَ سِبْطَ السُّدِّيّ، وَبِالمَدِيْنَة أَبَا مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وَجمعَ فَأَوعَى.
كتب عَنْهُ عَلِيُّ بنُ مِهْرَوَيْهِ، وَابْنُ سَلَمَةَ القَطَّان، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الصَّيْدَنَانِي، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بن مَاك، وَعَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ.
وَكَانَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ إِسْحَاقَ عَنْهُ سِتَّةُ أَحَادِيْث.
وَثَّقَهُ الخَلِيْلِيّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: لَعلَّهُ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
__________
(*) لم نقف على ترجمة له في المصادر التي بين أيدينا.(14/225)
128 - ابْنُ حَبِيْبٍ مُوْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الإِفْرِيْقِيُّ *
شَيْخُ المَالِكِيَّة بِإِفْرِيْقِيَّةَ، العَلاَّمَةُ قَاضِي أُطرَابُلس الْغرب، أَبُو الأَسْوَد، مُوْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَبِيْب الإِفْرِيْقِيُّ القَطَّانُ المَالِكِيّ.
أَخَذَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سَحْنُوْن، وَشجرَة بن عِيْسَى، وَغَيْرهُمَا.
رَوَى عَنْهُ: تَمِيْمُ بنُ أَبِي العَرَب، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَسْرُور، وَجَمَاعَة.
تُوُفِّيَ فِي ذِي القَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ وَالفِقْه.
129 - الأُشْنَانِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ سَهْلِ بنِ الفَيْزُرَانِ *
الإِمَامُ، شَيْخُ القُرَّاءِ بِبَغْدَادَ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ سَهْلِ بنِ الفَيْرُزان الأُشْنَانِيّ، صَاحِب عُبَيْد بن الصَّبَّاحِ.
تَلاَ عَلَى عبيد، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ تَلاَمِذَةِ عَمْرو بن الصَّبَّاحِ، وَبَرَعَ فِي عِلْمِ الأَدَاء، وَعُمِّرَ دَهْراً.
وَحَدَّثَ عَنْ: بِشْرِ بنِ الوَلِيْدِ الكِنْدِيّ، وَعَبْدِ الأَعْلَى بن حَمَّادٍ النَّرْسِيّ، وَطَائِفَة.
تَلاَ عَلَيْهِ خلقٌ، مِنْهُم: أَبُو بَكْرٍ بنُ مِقْسَم، وَعَبْدُ الوَاحِد بنُ أَبِي هَاشِم، وَعَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ صَالِحٍ الهَاشِمِيّ، وَابْنُ زِيَادٍ النَّقَّاش، وَالحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ المُطَّوِّعِيّ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ أَحْمَدَ الخِرَقِي.
وَمِمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ تَلاَ عَلَى الأُشْنَانِيّ: أَبُو أَحْمَدَ السَّامرِّيّ، وَعَلِيُّ بنُ
__________
(*) البيان المغرب: 1 / 181، معالم الايمان: 2 / 339 335، الديباج المذهب: 2 / 336 335، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 343 341، شجرة النور الزكية: 81.
(* *) تاريخ بغداد: 4 / 185، العبر: 2 / 134 133، طبقات القراء للذهبي: 1 / 201 200، الوافي بالوفيات: 6 / 407، طبقات القراء للجزري: 1 / 60 59، شذرات الذهب: 2 / 250.(14/226)
الحُسَيْن الغَضَائِرِيّ، وَعَبْدُ القُدُّوسِ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُوَيْدٍ المُعَلِّم، وَثَلاَثَتُهُمُ انْفَرد بِذِكْرِهِم أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ (1) - فَاللهُ أَعْلَم -.
وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ العَزِيْزِ الخِرَقِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سُوَيْدٍ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
قَالَ ابْنُ أَبِي هَاشِم: قَرَأْتُ القُرْآن كُلَّهُ عَلَى الأُشنَانِي، وَكَانَ خَيِّراً، فَاضِلاً، ضَابطاً، وَقَالَ لِي: قَرَأْتُ عَلَى عُبَيْد بن الصَّبَّاحِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِي: قطع الأُشْنَانِيُّ الإِقْرَاءَ قَبْل مَوْتِهِ بعَشْرِ سِنِيْنَ.
هَكَذَا قَالَ الأَهْوَازِيّ: فَإِن صَحَّ ذَلِكَ فَأَيْنَ قَوْلُ أَبِي أَحْمَدَ وَالغَضَائِرِيّ: إِنَّهُم قرأَوا عَلَيْهِ؟! فَقبح اللهُ الكذبَ وَذَوِيْه.
مَاتَ الأُشْنَانِيُّ: فِي المُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
130 - ابْنُ أَبِي الدُّمَيْكِ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرٍ البَغْدَادِيُّ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ، الصَّادِقُ، أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ طَاهِرِ بنِ خَالِدِ بنِ أَبِي الدُّمَيْكِ البَغْدَادِيّ.
سَمِعَ: عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَعُبَيْدَ اللهِ العَيْشِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ زِيَاد سَبَلاَن.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَرٌ الخُلْدِيّ، وَمخلدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِي، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ.
__________
(1) هو الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد، المقرئ المحدث، صاحب التصانيف، المتوفي 446 هـ كذبه الخطيب البغدادي وغيره.
انظر " الميزان " 1 / 512، 513.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 377، الأنساب: 229 / ب، اللباب: 1 / 509.(14/227)
وَثَّقَهُ الخَطِيْب وَقَالَ: مَاتَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
فِيْهَا مَاتَ:
أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُوْرِيّ، سِبْطُ القَاضِي نَصْر بن زِيَادٍ، قرأَ (المُسْنَد) عَلَى ابْنِ رَاهْوَيْه.
وَشَيْخُ النَّحْو أَبُو مُوْسَى سُلَيْمَان بنُ مُحَمَّدٍ الحَامض.
وَالمُحَدِّثُ عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ البُخَارِيُّ البَغْدَادِيّ.
وَالحَافِظُ عَلِيُّ بنُ سَعِيْدٍ العَسْكرِي.
وَمُقْرِئ بَغْدَاد عُمَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ نَصْر الكَاغَدِي.
وَمُحَدِّثُ جُرْجَان أَبُو إِسْحَاقَ عِمْرَانُ بنُ مُوْسَى بنِ مُجَاشع السِّخْتِيَانِيّ.
وَمسندُ الْعَصْر أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ الجُمَحِيّ.
وَالمُقْرِئُ الحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ القَاسِمُ بنُ زَكَرِيَّا المَطَرِّز.
وَالعَلاَّمَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بَشَّار وَالدُ أَبِي بَكْرٍ بنِ الأَنْبَارِيِّ.
وَالمُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ أَبَانٍ البَغْدَادِيُّ بنُ السَّرَّاج.
وَالمُحَدِّثُ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ شَبِيْب الأَصْبَهَانِيّ.
وَمسندُ أَصْبَهَان مُحَمَّدُ بنُ نُصَيْر بنِ أَبَانٍ المَدِيْنِيّ.
وعَالِمُ الحَنَفِيَّة أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُوْسَى القُمِّيّ، لحقَ مُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد الرَّازِيّ.(14/228)
131 - العُمَرِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
المُحَدِّثُ الحجَّة، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ العُمَرِيّ المَوْصِلِيّ.
سَمِعَ: مُعَلَّى بن مَهْدِيٍّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، وَهَذِهِ الطَّبَقَة.
وَأَكْثَر عَنْ أَصْحَابِ ابْن عُيَيْنَةَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَاهِرٍ بنُ أَبِي هَاشِم المُقْرِئُ، وَأَبُو بَكْرِ الإِسْمَاعِيْلِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَادِ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالخَطِيْب.
قدمَ بَغْدَاد، وَحَدَّثَ بِهَا.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
132 - الفَزَارِيُّ أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ **
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، النَّاقِدُ، أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ الفَزَارِيّ مَوْلاَهُمُ المِصْرِيّ.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ رُمْح، وَزَكَرِيَّا كَاتِب العُمَرِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ، وَطَبَقَتهم.
__________
(*) تاريخ بغداد: 6 / 133 132، المنتظم: 6 / 150، طبقات القراء للجزري: 1 / 20.
(* *) لم نقف على ترجمة له في المصادر التي بين أيدينا.(14/229)
رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ الطَّبَرَانِيّ، وَلَحِقَهُ، الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَابْنُ عَدِيٍّ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ (1) :أَكْثَرتُ عَنْهُ، وَكَانَ يُعْرَفُ بِالبَصْرِيّ، مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ أَثبت مِنْهُ.
تُوُفِّيَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
133 - ابْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ اللهِ القُرَشِيُّ *
القَاضِي، الإِمَامُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ القُرَشِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، ابْنُ أَخِي المُحَدِّث يَزِيْد بنِ مُحَمَّدٍ.
سَمِعَ: هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَإِسْحَاقَ بنَ مُوْسَى الخَطْمِيّ، وَنُوْح بنَ حَبِيْب، وَعَبْدَ الرَّحْمَن دُحَيْماً، وَطَبَقَتهُم.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَة، وَجُمَح بنُ القَاسِمِ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّبعِي، وَالفَضْلُ بنُ جَعْفَر.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
134 - ابْنُ فَيَّاضٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدٍ العُثْمَانِيُّ **
المُحَدِّثُ، الزَّاهِدُ، العَابِد، أَبُو سَعِيْدٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عُبَيْدِ بنِ فَيَّاض العُثْمَانِيُّ الدِّمَشْقِيُّ.
__________
(1) هو الحافظ البارع، أبو سعيد، عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي، مؤرخ محدث، له تاريخان: أحدهما كبير في " أخبار مصر ورجالها " والثاني صغير في " ذكر الغرباء الواردين على مصر ".
توفي سنة سبع وأربعين وثلاث مئة، وسترد ترجمته في الجزء الخامس عشر.
(*) طبقات القراء للجزري: 1 / 390، النجوم الزاهرة: 3 / 193.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 14 / 351 / أ.(14/230)
عَنْ صَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَعِيْسَى بنِ حَمَّادٍ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَخَلْق.
وَعَنْهُ: ابْنُ عَدِيٍّ، وَابْن السُّنِّي، وَحَمْزَةُ الكِنَانِيّ، وَابْنُ المُقْرِئُ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
قُلْتُ: مَاتَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
135 - أَبُو زُرْعَةَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ الثَّقَفِيُّ *
الإِمَامُ، الكَبِيْرُ، القَاضِي، أَبُو زُرْعَةَ مُحَمَّدُ بنُ عُثْمَانَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ بنِ زُرْعَة الثَّقَفِيُّ مَوْلاَهُمُ الدِّمَشْقِيُّ، وَكَانَتْ دَارُه بِنَاحيَة بَاب البَرِيْد (1) ، وَكَانَ جَدُّهُ يَهُودِيّاً فَأَسْلَمَ.
قلَّ مَا رَوَى، أَخَذَ عَنْهُ أَبُو عَلِيٍّ الحَصَائِرِيُّ وَغَيْرهُ.
ذكرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ (2) .
وَكَانَ حَسَنَ المَذْهَب، عَفِيْفاً، مُتثبتاً.
وَلِي قَضَاء الدِّيَار المِصْرِيَّة سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ شَافِعِيّاً، وَوَلِيَ قَضَاءَ دِمَشْق.
وَقَدْ كَانَ قَامَ مَعَ الملكِ أَحْمَدَ بنِ طُولُوْنَ، وَخلعَ مِنَ الْعَهْد أَبَا أَحْمَدَ المُوَفَّق لِكَوْنِهِ نَافسَ المعتمدَ أَخَاهُ، فَقَامَ أَبُو زُرْعَةَ عِنْد المِنْبَر بِدِمَشْقَ قَبْل الجُمعَة، وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاس! أُشْهِدكُم أَنِّي قَدْ خلعتُ أَبَا أَحمق
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 15 / 329 / أ، العبر: 2 / 123، الوافي بالوفيات: 4 / 83 82، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 198 196، البداية والنهاية: 11 / 123 122، النجوم الزاهرة: 3 / 184 183، حسن المحاضرة: 1 / 399 و2 / 145، قضاة دمشق لابن طولون: 23 22، شذرات الذهب: 2 / 239.
(1) باب البريد: اسم لأحد أبواب جامع دمشق. انظر " معجم البلدان " 1 / 306.
(2) في " تاريخه " 15 / 330 329.(14/231)
كَمَا يُخلعُ الخَاتمُ مِنَ الأُصبع، فَالْعَنُوهُ.
ثمَّ تمَّت ملحمَةٌ بِالرَّملَة بَيْنَ الْملك خُمَارَوَيْه بنِ أَحْمَدَ بنِ طُولُوْنَ، وَبَيْنَ ابْن المُوَفَّق، فَانتصرَ فِيْهَا أَحْمَدُ بنُ المُوَفَّق الَّذِي وَلِيَ الخِلاَفَة، وَلقِّبَ بِالمُعتضِد، فَلَمَّا انتصرَ دَخَلَ دِمَشْق، وَأَخَذَ هَذَا، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَأَبَا زُرْعَةَ النَّصرِيَّ الحَافِظ فِي الْقُيُود، ثُمَّ اسْتحضَرَهُم فِي الطَّرِيْق وَقَالَ: أَيُّكُم القَائِل: قَدْ نزعتُ أَبَا أَحمق؟
قَالَ: فَرَبَتْ أَلسِنَتُنَا، وَأَيِسْنَا مِنَ الحَيَاة.
قَالَ الحَافِظُ: فَأُبْلِسْت (1) ، وَأَمَّا يَزِيْدُ فَخرِسَ وَكَانَ تَمْتَاماً.
وَكَانَ ابْنُ عُثْمَانَ أَصْغَرنَا، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْر.
فَقَالَ كَاتِبهُ: قِفْ حَتَّى يَتَكَلَّم أَكْبَرُ مِنْكَ.
فَقُلْتُ: أَصلحكَ الله وَهُوَ يَتَكَلَّم عَنَّا.
قَالَ: قل.
فَقَالَ: وَاللهِ مَا فِيْنَا هَاشِمِيٌّ صَرِيح، وَلاَ قُرَشِيٌّ صَحِيْح، وَلاَ عربِيٌّ فَصيح، وَلكنَّا قَوْمٌ مُلِكنَا - أَي قُهِرْنَا -.
وَرَوَى أَحَادِيْث فِي السَّمْع وَالطَّاعَة، وَأَحَادِيْثَ فِي العَفْو وَالإِحسَان.
وَهُوَ كَانَ المُتَكَلِّمَ بِتِيْكَ اللَّفْظَة.
وَقَالَ: وَإِنِّيْ أُشهدُ الأَمِيْرَ أَنَّ نِسَائِي طوَالق، وَعَبِيْدِي أَحرَار، وَمَالِي حرَامٌ إِنْ كَانَ فِي هَؤُلاَءِ القَوْم أَحَدٌ قَالَ هَذِهِ الكَلِمَة، فورَاءَنَا حُرَمٌ وَعِيَال، وَقَدْ تسَامعَ الخَلقُ بهلاَكنَا، وَقَدْ قدرتَ، وَإِنَّمَا العفوُ بَعْد المقدرَة.
فَقَالَ لكَاتِبه: أَطْلِقْهُم، لاَ كثَّر اللهُ مِنْهُم.
قَالَ: فَاشْتَغَلتُ أَنَا وَيَزِيْدُ فِي نُزَهِ أَنطَاكيَة عِنْد عُثْمَان بنِ خُرَّزَاذ، وَسبقَ هُوَ إِلَى حِمْصَ.
قَالَ ابْنُ زُوْلاَق فِي (تَارِيْخ قضَاة مِصْر) :وَلِيَ أَبُو زُرْعَةَ، وَكَانَ يُوَالِي عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيِّ وَيصَانعُ عَلَيْهِ، وَكَانَ عَفِيْفاً، شَدِيد التَّوقُّف فِي إِنفَاذ الأَحْكَام، وَلَهُ مَالٌ كَثِيْر، وضيَاعٌ كِبَارٌ بِالشَّامِ، وَاختلف فِي أَمره، فَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ فِي عهد الْملك هَارُوْنَ بن خُمَارَوَيْه - مُتَوَلِّي مِصْر -:إِنَّ القَضَاءَ إِلَى أَبِي
__________
(1) أي: سكت.(14/232)
زُرْعَة، فولاَهُ القَضَاء.
وَقِيْلَ: إِنَّ المُعْتَضِدَ نفذ لَهُ عهداً.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ يَرقِي مِنْ وَجع الضِّرس، وَيُعْطِي الموجوعَ حَشِيْشَةً توضَع عَلَيْهِ فَيَسْكُن.
وَكَانَ يُوفِي عَنِ الغُرَمَاء الضَّعفَى.
وَسَمِعْتُ الفَقِيْهَ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ الحَدَّاد يَقُوْلُ: سَمِعْتُ مَنْصُوْراً الفَقِيْه يَقُوْلُ:
كُنْتُ عِنْدَ القَاضِي أَبِي زُرْعَةَ، فَذَكَرَ الخُلَفَاء، فَقُلْتُ: أَيجوزُ أَنْ يَكُوْنَ السَّفيهُ وَكيلاً؟
قَالَ: لاَ.
قُلْتُ: فولِيّاً لاَمرأَة؟
قَالَ: لاَ.
قُلْتُ: فَخَلِيْفَة؟
قَالَ: يَا أَبَا الحَسَنِ! هَذِهِ مِنْ مَسَائِل الخَوَارِج.
وَكَانَ أَبُو زُرْعَةَ شرَطَ لِمَنْ حفظ (مُخْتَصَر المُزَنِيّ) مائَة دِيْنَارٍ.
وَهُوَ الَّذِي أَدخل مَذْهَب الشَّافِعِيِّ دِمَشْق، وَكَانَ الغَالِبَ عَلَيْهِ قَوْلُ الأَوْزَاعِيّ.
وَكَانَ مِنَ الأُكَلَة، يَأْكُل سَلَّ مِشْمِشٍ وَسلَّ تِيْنٍ.
بقِي عَلَى قَضَاء مِصْر ثَمَانَ سِنِيْنَ.
فَصُرِفَ، وَرُدَّ إِلَى القَضَاء مُحَمَّد بن عَبْدَةَ (1) .
قُلْتُ: مَاتَ بِدِمَشْقَ، سَنَة اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
136 - أَبُو الخِيَارِ هَارُوْنُ بنُ نَصْرٍ الأَنْدَلُسِيُّ *
وَمَاتَ بِالأَنْدَلُسِ العَلاَّمَةُ أَبُو الخيَار هَارُوْنُ بنُ نَصْرٍ الأَنْدَلُسِيُّ الفَقِيْهُ الشَّافِعِيّ، تِلْمِيْذُ الإِمَامُ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ (2) ، صَحِبَهُ زمَاناً، وَأَكْثَر عَنْهُ، ثُمَّ مَال
__________
(1) هو محمد بن عبدة بن حرب، والخبر في " ولاة مصر " ص 271. وانظر " حسن المحاضرة " 2 / 145.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 2 / 169، جذوة المقتبس: 364، بغية الملتمس: 484.
(2) هو الامام الحافظ، أبو عبد الرحمن الأندلسي، أحد الأئمة الاعلام، صنف =(14/233)
إِلَى تَصَانِيْف الشَّافِعِيِّ فَحَفِظَهَا، وَكَانَ إِمَاماً مُنَاظراً.
تُوُفِّيَ أَبُو الخيَار الشَّافِعِيُّ فِي عَام اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
137 - الجَوْزِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى التَّوَّزِيُّ *
الإِمَامُ، الحُجَّةُ، المُحَدِّثُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُوْسَى التَّوَّزيُّ الجَوْزِيّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
سَمِعَ: بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ، وَعَبْدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ، وَعَبْدَ الرَّحِيْم الدَّيْبُلِيَّ وَطَائِفَة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّات، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَآخَرُوْنَ.
وَانتخب عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ البَاغَنْدِي.
تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَهُوَ مِنَ الثِّقَات.
138 - رُوَيْمٌ أَبُو الحَسَنِ بنُ أَحْمَدَ بنِ يَزِيْدَ البَغْدَادِيُّ **
الإِمَامُ الفَقِيْهُ، المُقْرِئُ، الزَّاهِدُ، العَابِدُ، أَبُو الحَسَنِ رُوَيْم بنُ
__________
= التفسير الكبير والمسند الكبير.
قال المؤلف في " العبر " 2 / 56: " قال ابن حزم: أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره.
وكان بقي علامة، فقيها، مجتهدا، صواما، قواما، متبتلا، عديم المثيل ".
(*) تاريخ بغداد: 6 / 188 187، الأنساب: 112 / أ، المنتظم: 6 / 140، اللباب: 1 / 309.
(* *) طبقات الصوفية: 184 180، حلية الأولياء: 10 / 302 296، تاريخ بغداد: 8 / 432 430، الرسالة القشيرية: 20 / 21، المنتظم: 6 / 137 136، صفة الصفوة: 2 / 443 442، البداية والنهاية: 11 / 125، طبقات الأولياء: 231 228، النجوم الزاهرة: 3 / 189.(14/234)
أَحْمَدَ، وَقِيْلَ: رُوَيْم بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ رُوَيْم بن يَزِيْدَ البَغْدَادِيّ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، وَمِنَ الفُقَهَاء الظَّاهِريَّة، تَفَقَّهَ بدَاوُد.
وَهُوَ رُوَيْم الصَّغِيْر، وَجدُّه هُوَ رُوَيْم الكَبِيْر، كَانَ فِي أَيَّامِ المَأْمُوْن.
وَقَدِ امتُحِنَ صَاحِب التَّرْجَمَة فِي نَوْبَة غُلاَم خَلِيل (1) ، وَقَالَ عَنْهُ: أَنَا سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ الله حِجَاب.
فَفَرَّ إِلَى الشَّامِ وَاخْتَفَى زمَاناً.
وَأَمَّا الحجَابُ: فَقولٌ يسوغُ بَاعتبَار أَنَّ اللهَ لاَ يحجُبُهُ شَيْءٌ قَطُّ عَنْ رُؤْيَة خَلْقه، وَأَمَّا نَحْنُ فمحجوبُوْنَ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَأَمَّا الكفَّار فمحجوبُوْنَ عَنْهُ فِي الدَّارَيْن.
أَمَا إِطلاَق الحجبِ، فَقَدْ صَحَّ: (أَنَّ حجَابَهُ النُّوْر (2)) فنؤمنُ بِذَلِكَ، وَلاَ نجَادلُ، بَلْ نَقف.
وَمِنْ جَيِّد قَوْله: السُّكُونُ إِلَى الأَحْوَال اغترَار.
وَقَالَ: الصَّبْرُ تركُ الشَّكوَى، وَالرِّضَى اسْتِلذَاذُ البَلْوَى.
مَاتَ رُوَيْم بِبَغْدَادَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ ابْنُ خَفِيْف: مَا رَأَيْتُ فِي المَعَارِف كَرُوَيْم.
__________
(1) انظر حول محنة غلام خليل الصفحة (71) من هذا الجزء.
(2) أخرج مسلم في صحيحة (179) في الايمان: باب قوله عليه السلام: إن الله لا ينام وحجابه النور، وابن ماجه (195) و (196) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، وأحمد: 4 / 401 و405، كلهم من طرق عن أبي عبيدة، عن أبي موسى قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات فقال: " إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، ويرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، ولو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه ".(14/235)
139 - القُمِّيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُوْسَى بنِ يَزِيْدَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، شَيْخُ الحَنَفِيَّة بِخُرَاسَانَ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُوْسَى بنِ يَزِيْدَ القُمِّيّ النَّيْسَابُوْرِيّ، كَانَ عَالِمَ أَهْل الرَّأْيِ فِي عصره بِلاَ مدَافعَة، وَصَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، مِنْهَا: كِتَاب (أَحْكَام القُرْآن) كِتَاب نَفِيس.
تصدَّر بِنَيْسَابُوْرَ لِلإِفَادَة، وَتخرَّج بِهِ الكِبَار، وَبعُدَ صِيْتُه، وَطَالَ عُمُرُهُ، وَأَملَى الحَدِيْث، وَكَانَ صَاحِبَ رِحلَةٍ وَمَعْرِفَة.
سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ الرَّازِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ مُعَاوِيَةَ بن مَالج، وَتفقَّه بِمُحَمَّدِ بنِ شُجَاع الثَّلْجِي.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ سَعْدِ بنِ نصر، وَأَحْمَدُ بنُ أَحْيَد الكَاغَديُّ، وَآخَرُوْنَ.
ذكره الحَاكِمُ، فعظَّمَهُ وَفخَّمَهُ، وَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
فهَذَا، وَأَبُو سَعِيْدٍ المَذْكُوْر كَانَا عَالِمَي خُرَاسَان فِي مَذْهَب أَبِي حَنِيْفَةَ، تخرَّج بِهِمَا جَمَاعَةٌ مِنَ الكِبَارِ، وَكَانَ مَعَهُمَا فِي البَلَد مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَر مِثْلُ ابْن خُزَيْمَةَ، وَأَبِي العَبَّاسِ السَّرَّاج، وَعِدَّة، فَكَانَ المُحَدِّثُونَ إِذْ ذَاكَ أَئِمَّةً عَالِمِيْنَ بِالفِقْه أَيْضاً، وَكَانَ أَهْلُ الرَّأْي بُصَرَاء بِالحَدِيْثِ، قَدْ رَحَلُوا فِي طَلَبِهِ، وَتَقَدَّمُوا فِي مَعْرفَته.
وَأَمَّا اليَوْم، فَالمُحَدِّثُ قَدْ قَنِعَ بِالسِّكَّة وَالخُطْبَة، فَلاَ يَفْقَهُ وَلاَ يحفَظ، كَمَا أَنَّ الفَقِيْهَ قَدْ تَشَبَّثَ بِفِقْه لاَ يُجِيْد مَعْرفَته، وَلاَ يَدْرِي مَا هُوَ الحَدِيْثُ، بَلِ المَوْضُوْعُ وَالثَّابتُ عِنْدَهُ سوَاء، بَلْ قَدْ يعَارضُ مَا فِي
__________
(*) فهرست ابن النديم: 292، الأنساب: 461 / ب، اللباب: 3 / 56، الجواهر المضية: 1 / 380، تاج التراجم: 31، طبقات المفسرين للسيوطي: 26، طبقات المفسرين للداودي: 1 / 436.(14/236)
الصَّحِيْح بِأَحَادِيْث سَاقِطَة، وَيُكَابرُ بِأَنَّهَا أَصحُّ وَأَقوَى - نَسْأَلُ اللهَ العَافيَة -.
140 - وَكِيْعٌ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ حَيَّانَ الضَّبِّيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الأَخْبَارِيُّ، القَاضِي، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ بنِ حَيَّانَ بنِ صَدَقَةَ الضَّبِّيُّ البَغْدَادِيّ، المُلَقَّب بِوَكِيْع، صَاحِبُ التآلِيف المُفيدَة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي حُذَافَة السَّهْمِيّ، وَالزُّبَيْر بن بَكَّار، وَالحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ، وَطَبَقَتهم، فَأَكْثَر.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الجِعَابِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو الفَرَجِ صَاحِبُ (الأَغَانِي) ، وَأَبُو جَعْفَرٍ بنُ المتيَّم، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ المُنَادِي: أَقَلُّوا عَنْهُ لِلينٍ شُهِرَ بِهِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: كَانَ نَبِيْلاً، فَصِيْحاً، فَاضِلاً، مِنْ أَهْلِ القُرْآن وَالفِقْه وَالنَّحْو، لَهُ تَصَانِيْف كَثِيْرَة.
قُلْتُ: وَلِي قَضَاءَ كورِ الأَهْوَاز كُلِّهَا، وَتُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) فهرست ابن النديم: 166، تاريخ بغداد: 5 / 237 236، المنتظم: 6 / 152، الكامل في التاريخ: 8 / 115، العبر: 2 / 133، ميزان الاعتدال: 5 / 538، الوافي بالوفيات: 3 / 44 43، البداية والنهاية: 11 / 130، طبقات القراء للجزري: 2 / 137، لسان الميزان: 5 / 157 156، النجوم الزاهرة: 3 / 195، شذرات الذهب: 2 / 249.(14/237)
141 - مَنْصُوْرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ أَبُو الحَسَنِ التَّمِيْمِيُّ الشَّافِعِيُّ *
العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ مِصْر، أَبُو الحَسَنِ التَّمِيْمِيُّ الشَّافِعِيُّ الضَّرِيْرُ الشَّاعِر.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (1) :لَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي المَذْهَب، وَشعرٌ سَائِر، وَهَذَا لَهُ:
لِي حِيْلَةٌ فِيْمَنْ يَنُمُّ ... وَلَيْسَ فِي الكَذَّابِ حِيْلَة
مَنْ كَانَ يَخْلُقُ مَا يَقُو ... لُ فَحِيْلَتِي فِيْهِ طَوِيْلَة
قَالَ القُضَاعِي: أَصلُه مِنْ رَأْس عَيْن، وَكَانَ متصرِّفاً فِي كُلِّ عِلم، شَاعِراً مُجَوِّداً، لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مثلُه، تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ فَهِماً، حَاذِقاً، صَنَّفَ مُخْتَصَرَاتٍ فِي الفِقْه، وَكَانَ شَاعِراً خَبِيْثَ الهَجْو، يتشيَّع، وَكَانَ جُنْدِيّاً، ثُمَّ عَمِي.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ (2) :لَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي المَذْهَب، أَخَذَ عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيّ، وَأَصْحَابِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ: مَاتَ قَبْلَ العِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: بَلْ سَنَة سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ كَمَا قَدَّمنَا.
__________
(*) معجم الشعراء: 280، طبقات العبادي: 64، طبقات الشيرازي: 108 107، المنتظم: 6 / 152، معجم الأدباء: 19 / 190 185، وفيات الأعيان: 5 / 292 289، مرآة الجنان: 2 / 249 248، نكت الهميان: 298 297، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 483 478، طبقات الاسنوي: 1 / 301 299، البداية والنهاية: 11 / 130، شذرات الذهب: 2 / 250 249، حسن المحاضرة: 1 / 400، طبقات ابن هداية الله: 43 42.
(1) في " وفيات الأعيان " 5 / 290 289، والبيتان في " معجم الأدباء " 19 / 186، و" نكت الهميان " ص 298.
(2) الشيرازي في " طبقاته " ص 107.(14/238)
142 - الجَارُوْدِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ *
الحَافِظُ المُتْقِنُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الجَارُوْدِ الأَصْبَهَانِيّ.
لَهُ رحلَةٌ وَهمَّة، وَمَعْرِفَةٌ تَامَّة.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، وَعُمَر بن شَبَّةَ، وَهَارُوْن بن إِسْحَاقَ، وَأَحْمَد بن الفُرَاتِ، وَطَبَقَتهم.
وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَة، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سِيَاهُ، وَأَهْلُ أَصْبَهَان.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَقِيْلَ: قبلَهَا بعَام.
143 - ابْنُ الجَارُوْدِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ **
صَاحِبُ كِتَاب (المُنْتَقَى فِي السُّنَن) مُجَلَّد وَاحِد فِي الأَحْكَام، لاَ ينزلُ فِيْهِ عَنْ رُتْبَة الحَسَن أَبَداً، إِلاَّ فِي النَّادر فِي أَحَادِيْث يَخْتلفُ فِيْهَا اجْتِهَادُ النُّقَّاد (1) .
وُلِدَ فِي حُدُوْدِ الثَّلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وَاسمُه: الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ النَّيْسَابُوْرِيُّ،
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 118 117، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 752 751، الوافي بالوفيات: 7 / 215.
(* *) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: 129 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 795 794، إيضاح المكنون: 2 / 570، هدية العارفين: 1 / 444، الرسالة المستطرفة: 25.
(1) كلام الامام الذهبي وهو العارف الخبير بهذه الصنعة يدل على أن التصحيح والتضعيف في غير ما حديث أمر اجتهادي، تختلف فيه الانظار، ولا يمكن البت فيه.(14/239)
الحَافِظُ المُجَاوِرُ بِمَكَّةَ.
كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الأَثَر.
سَمِعَ مِنْ: أَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، وَالحَسَنِ بنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيّ، وَعَلِيِّ بنِ خَشْرَمَ، وَمَحْمُوْدِ بنِ آدَمَ، وَإِسْحَاقَ الكَوْسَج، وَزِيَادِ بنِ أَيُّوْبَ، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ هَاشِمٍ الطُّوْسِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ الأَزْهر، وَأَحْمَدَ بنِ يُوْسُفَ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ المُقْرِئ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ بِشْرٍ بن الحَكَمِ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الحَكَم، وَبحرِ بنِ نَصْرٍ الخَوْلاَنِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ بنِ كرَامَة، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ، إِلَى أَنْ ينزلَ إِلَى إِمَام الأَئِمَّة ابْنِ خُزَيْمَةَ.
فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِم فِيْهِ: سَمِعَ مِنْ إِسْحَاقَ بنِ رَاهْوَيْه، وَعَلِيِّ بنِ حُجْر، وَأَحْمَدَ بنِ مَنِيْع: فَلَمْ أَجِدْ لَهُ شَيْئاً عَنْهُم، وَلاَ أَرَاهُ لحِقَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بن الشَّرْقِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ نَافِعٍ الخُزَاعِيُّ، المَكِّيُّ، وَدَعْلَجُ بنُ أَحْمَدَ السِّجْزِيُّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ جِبْرِيْل العجيفيُّ، وَآخَرُوْنَ، وَيَحْيَى بنُ مَنْصُوْرٍ القَاضِي.
أَثْنَى عَلَيْهِ الحَاكِمُ وَالنَّاس.
مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَعَ لِي مِنْ حَدِيْثه: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الدَّائِم، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ هِبَةِ اللهِ الخَطِيْبُ، أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ الكَاتِبَةُ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ شَاذَانَ، أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ، حَدَّثَنَا الرَّبِيْع، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ(14/240)
نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (لاَ يَبِيْعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ (1)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَوَقَعَ لَنَا عَالِياً.
أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَحْمَدَ الصَّيْدَلاَنِيّ:
أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ الجُوزْدَانِيَّة، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ الجَارودِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَفْص، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ طَهْمَان، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْن عَمِيرَة، عَنِ الأَحْنَفِ بنِ قَيْس، عَنِ العَبَّاس قَالَ:
مرَّتْ سَحَابَةٌ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (هَلْ تَدْرُوْنَ مَا هَذَا؟) .
قُلْنَا: السّحَاب.
قَالَ: (وَالمُزْنُ) .
قَالُوا: وَالمُزْنُ.
قَالَ: (أَوِ العنَان) .
قُلْنَا: أَوِ العنَان.
فَقَالَ: (هَلْ تَدرُوْنَ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ؟)
قُلْنَا: لاَ.
قَالَ: (إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ، أَوْ ثِنْتَيْن، أَوْ ثَلاَث وَسَبْعِيْنَ سَنَةً ... ) الحَدِيْث (2) .
__________
(1) هو في مسند الشافعي: 2 / 154، وأخرجه البخاري: 4 / 312 من طريق عبد الله بن الصباح، عن أبي علي الحنفي، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد.
ولم يخرجه مسلم من حديث ابن عمر، وإنما هو عنده (1520) في البيوع: باب تحريم بيع الحاضر للبادي، وفي النكاح: باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتى يأذن أو يترك، من حديث أبي هريرة، و (1521) من حديث ابن عباس، و (1522) من حديث جابر، و (1523) من حدث أنس رضي الله عنهم.
(2) وتمامه: " ثم السماء فوقها كذلك " حتى عد سبع سماوات. " ثم فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أو عال، بين أظلافهن وركبهن كما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهن العرش، بين أعلاه وأسفله كما بين سماء إلى سماء، ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك ".
وإسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن عميرة، وقد أخرجه أبو داود (4723) في كتاب السنة: باب في الجهمية، والترمذي (3320) في التفسير: باب ومن سورة الحاقة، وابن ماجه (193) في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، وأحمد في " مسنده " 1 / 206 كلهم من طريق سماك، عن عبد الله بن عميرة به.(14/241)
144 - مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنُّوْيَه أَبُو عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيُّ *
الحَافِظُ المُفِيْدُ، العَالِمُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الوَاسِطِيّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ أَبَان الوَاسِطِيّ، وَوَهْبَ بنَ بَقِيَّة، وَالعَبَّاسَ بنَ عَبْدِ العَظِيْمِ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: الطَّبَرَانِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ زَنْجَوَيْه القَزْوِيْنِيّ، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو الشَّيْخ وَآخَرُوْنَ.
وَقَدْ أُسْكتَ قَبْلَ مَوْته بعَامَيْن.
وَرَوَى أَيْضاً عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ الجِعَابِيّ. وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ.
وَقَدِ انْقَلَب اسْمُه عَلَى عَبْد الغَنِيِّ بن سَعِيْدٍ الحَافِظ، فَقَالَ: مُحَمَّدُ بنُ مَحْمُوْدِ بنِ مَنُّويه، نَسَبُه لَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الذُّهْلِيّ.
وَقَالَ ابْنُ مَاكُوْلاَ (1) :هُوَ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَنُّويه أَبُو عَبْدِ اللهِ، يَرْوِي عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ الوَاسِطِيّ، وَمُحَمَّد بن الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِيّ.
وَقَدْ نَبَّهَ ابْنُ نُقْطَة عَلَى وَهْمِهِمَا فِي اسْمِهِ، لَكِنِ اعْتذر عَنْ عَبْدِ الغَنِيِّ وَقَالَ: كَانَ لمَحْمُوْدٍ ابْنَان: أَحْمَدُ وَمُحَمَّدُ، كِلاَهُمَا قَدْ حدَّث.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كتبت عَنْ أَبِي الحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُوْد الوَاسِطِيّ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ الحَافِظُ مَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، سنَة سبعٍ
__________
(*) تاريخ بغداد: 13 / 95 94، الإكمال لابن ماكولا: 7 / 207.
(1) في " إكماله " 7 / 207.(14/242)
وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ بَقَايَا الحُفَّاظِ بِبَلَده، مِنْ أَبْنَاءِ الثَّمَانِيْنَ، بَلْ أَزْيَد.
وَمَنُّويه: بِنُوْنٍ.
145 - عَبْدُ اللهِ بنُ صَالِح بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الضَّحَّاكِ البُخَارِيُّ *
الإِمَامُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيّ، وَيُلَقَّبُ بِالبُخَارِيّ.
سَمِعَ: لُوَيْناً، وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقَ بنَ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: عَبْدُ اللهِ الزَّبِيْبِي، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَابْنُ الزَّيَّات، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَقَالَ: هُوَ ثِقَةٌ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي رَجَبٍ، سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
146 - الأَعْرَجُ يَحْيَى بنُ زَكَرِيَّا بنِ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، الحَافِظُ، الثِّقَةُ، أَبُو زَكَرِيَّا النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَعْرَج.
سَمِعَ: قُتَيْبَةَ بنَ سَعِيْدٍ، وَإِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَعَلِيَّ بنَ حُجْر،
__________
(*) تاريخ بغداد: 9 / 482 481.
(* *) المنتظم: 6 / 156، تهذيب الكمال: الورقة 1496، تذهيب التهذيب: 4 / 153 / 2، تذكر الحفاظ: 2 / 744، العبر: 2 / 135، تهذيب التهذيب، حسن المحاضرة: 1 / 350، خلاصة تذهيب التهذيب: 433، شذرات الذهب: 2 / 252 251.(14/243)
وَأَقرَانَهُم.
وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ مُوْسَى خَتّ (1) ، وَارْتَحَلَ فِي الشَّيْخُوخَة نَاشراً لِعِلْمه.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ أَخِيْهِ أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ زَكَرِيَّا بنِ حيُّويه النَّيْسَابُوْرِيّ نَزِيْل مِصْر، وَمكِيُّ بنُ عَبْدَانُ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَة، وَأَبُو حَامِدٍ بنُ الشَّرْقِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ يطلبُ الحَدِيْثَ بِمِصْرَ عَلَى كِبَر السِّنّ.
مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَيُشْبِهُهُ مِنْ وَجه نَزِيْلُ حَلَب جعفَرَك النَّيْسَابُوْرِيّ الأَعْرَج، الَّذِي عَاشَ إِلَى بَعْد سَنَة عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَسوف يَأْتِي (2) .
147 - أَبُو شَيْبَةَ البَغْدَادِيُّ دَاوُدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ دَاوُدَ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، العَالِمُ، الصَّدُوْقُ، أَبُو شَيْبَة دَاوُدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ دَاوُدَ بنِ يَزِيْدَ بنِ رُوزبَةَ البَغْدَادِيُّ، نَزِيْلُ مِصْرَ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ بَكَّار بنِ الرَّيَّانِ، وَعَبْدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ، وَعُثْمَان بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد الرَّازِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَجَعْفَرُ بنُ الفَضْلِ المُؤَذِّن، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ المُهَنْدِس، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) هو يحيى بن موسى البلخي، لقبه خت.
قال الحافظ في " التقريب ": بفتح المعجمة وتشديد المثناة، أصله من الكوفة، ثقة.
(2) في الصفحة 265 من هذا الجزء.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 379 378، العبر: 2 / 145، النجوم الزاهرة: 3 / 206، حسن المحاضرة: 1 / 367، شذرات الذهب: 2 / 259.(14/244)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: صَالِحٌ.
قُلْتُ: مَاتَ بِمِصْرَ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
يَقَعُ حَدِيْثُهُ مَعَ نُسْخَة أَبِي مُسْهِرٍ، وَغَيْر ذَلِكَ.
148 - السَّقَطِيُّ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ *
الإِمَامُ المُتْقِنُ، أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ أَيُّوْبَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ البَغْدَادِيّ السَّقَطِيّ، الرَّجُلُ الصَّالِحُ.
سَمِعَ: بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَكَّار بن الرَّيَّانِ، وَسُرَيْجَ بنَ يُوْنُسَ، وَعِدَّة.
رَوَى عَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ الصَّوَّاف، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ الخِرَقِي، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ، وَمُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ جيَّان - بِجِيم (1) - وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
مَاتَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
149
- ابْنُ الدِّرَفْسِ (2) مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ الغَسَّانِيُّ **
الإِمَامُ الصَّالِحُ، الصَّادِقُ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ بنِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 129، العبر: 2 / 126، شذرات الذهب: 2 / 242.
(1) هو أبو بكر، محمد بن خلف بن محمد بن جيان بن الطيب بن زرعة الفقيه المقرئ الخلال، وثقه الخطيب البغدادي في " تاريخه " 5 / 239 وقال: توفي في ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وثلاث مئة. وانظر " مشتبه النسبة " للمؤلف: 1 / 131.
(2) كذا ضبطت في الأصل بكسر الدال، أما صاحب " الأنساب " فقد قيدها بالضم، وتبعه على ذلك ابن الأثير.
(* *) الأنساب: 225 / ب، تاريخ ابن عساكر: 15 / 250 / أ، العبر: 2 / 126، شذرات الذهب: 2 / 242.(14/245)
الوَلِيْدِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بنِ الدِّرَفْسِ الغَسَّانِيُّ، الدِّمَشْقِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَدُحَيْم، وَهِشَامِ بنِ خَالِدٍ الأَزْرَق، وَيُوْنُسَ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَخَلْق.
وَعَنْهُ: أَبُو زُرْعَةَ بنُ أَبِي دُجَانَة، وَأَخُوْهُ أَبُو بَكْرٍ، وَجُمَحُ بنُ القَاسِمِ، وَالفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فَضَالَة، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَآخَرُوْنَ.
وَالدَّرَفْس - بِمُهْمَلَةٍ - مِنْ أَسْمَاءِ الأَسَدِ.
150 - ابْنُ زَنْجَوَيْه أَحْمَدُ بنُ زَنْجَوَيْه بنِ مُوْسَى المُخَرِّمِيُّ *
المُحَدِّثُ المُتْقِنُ، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ زَنْجَوَيْه بنِ مُوْسَى، وَقِيْلَ: أَحْمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ زَنْجَوَيْه بن مُوْسَى المُخَرِّمِيّ القَطَّان.
وَفرَّقَ الخَطِيْب بينَهُمَا (1) ، وَهُمَا وَاحِد.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ بَكَّار، وَبِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ، وَلُوَيْناً، وَدَاوُدَ بن رُشَيْدٍ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ المُنْذِرِ الحِزَامِيّ، وَطَبَقَتَهُم.
وَعَنْهُ: عَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ، وَابْنُ المُظَفَّر، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِي، وَالطَّبَرَانِيّ، وَالآجُرِّيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَعِدَّة.
وَكَانَ موثَّقاً مَعْرُوْفاً.
تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 165 164.
(1) فأفرد للثاني ترجمة منفصلة. انظر " تاريخ بغداد " 4 / 287.(14/246)
151 - العَامِرِيُّ أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنٍ *
المُحَدِّثُ الرَّحَّالُ، أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَسَنِ بنِ السَّكنِ القُرَشِيّ العَامِرِيّ، أَحَدُ الحُفَّاظ عَلَى لِيْنٍ فِيْهِ.
يَرْوِي عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ الهَرَوِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ مُوْسَى الخَطْمِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَهْم، وَطَبَقَتهم.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دُجَانَة، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي العَقب، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو الشَّيْخ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدَان الشِّيْرَازِي، وَقَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلاَ أُحَدِّث عَنْهُ، كَانَ لَيِّناً.
152
- يَمُوْتُ بنُ المُزَرَّعِ (1) بنِ يَمُوْتَ بنِ عِيْسَى العَبْدِيُّ **
العَلاَّمَةُ، الأَخْبَارِيُّ، أَبُو بَكْرٍ العَبْدِيُّ البَصْرِيُّ، الأَدِيْبُ، وَاسمُه مُحَمَّد.
__________
(*) تاريخ بغداد: 4 / 425، تاريخ ابن عساكر: 2 / 57 / أ، ميزان الاعتدال: 1 / 138، لسان الميزان: 1 / 267 266، تهذيب ابن عساكر: 1 / 456 455.
(1) قال ابن خلكان في " وفياته " 7 / 59: " المزرع بضم الميم وفتح الزاي وبعدها راء مشددة مفتوحة ثم عين مهملة.
هكذا قاله لي الشيخ الحافظ زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري، رحمه الله تعالى ".
وقال السيوطي في " البغية ": بفتح الراء، والمحدثون يكسرونها.
(* *) طبقات النحويين واللغويين: 216 215، معجم الشعراء: 506 505، جمهرة أنساب العرب: 2 / 298، تاريخ بغداد: 14 / 360 358، نزهة الالباء: 238، المنتظم: 6 / 143، معجم الأدباء: 20 / 58 57، الكامل في التاريخ: 8 / 96 و106، إنباه الرواة: 4 / 74، وفيات الأعيان: 7 / 59 53، العبر: 2 / 128، مرآة الجنان: 2 / 244 241، البداية والنهاية: 11 / 127، البلغة في تاريخ أئمة اللغة: 289، طبقات القراء للجزري: 2 / 392، النجوم الزاهرة: 2 / 191، بغية الوعاة: 2 / 353، شذرات الذهب: 2 / 244 243.(14/247)
سَكَنَ طَبَريَّة مُدَّة.
وَحَدَّثَ عَنْ: خَاله الجَاحظ، وَأَبِي حَفْصٍ الفَلاَّس، وَمُحَمَّدِ بنِ حُمَيْدٍ اليَشْكُرِيِّ، وَأَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيّ، وَنَصْرِ بنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيّ، وَالعَبَّاس الرِّيَاشِيّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الخَرَائِطِيّ، وَسَهْلُ بنُ أَحْمَدَ الدِّيْبَاجِي، وَالحَسَنُ بنُ رَشِيق، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ مُجَاهِد، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ يَرْوِي القِرَاءة عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ القصبِي - صَاحِب عَبْد الوَارِث - وَعَنِ السِّجِسْتَانِيّ.
وَكَانَ لاَ يعُود مَرِيْضاً كَيْلاَ يَقَعَ فِي التَّطَيُّر باسْمِهِ.
وَله تآلِيف.
وَمَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْساً.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
153 - يُوْسُفُ بنُ الحُسَيْنِ الرَّازِيُّ أَبُو يَعْقُوْبَ *
الإِمَامُ، العَارفُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّة، أَبُو يَعْقُوْبَ.
أَكْثَر التَّرحَال، وَأَخَذَ عَنْ ذِي النُّوْن المِصْرِيّ، وَقَاسِم الجوعِي، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَأَحْمَدَ بنِ أَبِي الحَوَارِيِّ، وَدُحَيْم، وَأَبِي تُرَابٍ عَسْكَر النَّخْشَبِيّ.
__________
(*) طبقات الصوفية: 191 185، حلية الأولياء: 10 / 243 238، تاريخ بغداد: 14 / 319 314، الرسالة القشيرية: 22، طبقات الحنابلة: 1 / 420 418، صفة الصفوة: 4 / 103 102، المنتظم: 6 / 143 141، الكامل في التاريخ: 8 / 106، العبر: 2 / 128، دول الإسلام: 1 / 185، البداية والنهاية: 11 / 127 126، طبقات الأولياء: 384 379، النجوم الزاهرة: 3 / 191 و265، شذرات الذهب: 2 / 245.(14/248)
وَعَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شَاذَانَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ إِمَامَ وَقته، لَمْ يَكُنْ فِي المَشَايِخ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَته فِي تَذْلِيل النَّفْس وَإِسقَاط الجَاهُ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ القُشَيْرِيُّ: كَانَ نسيجَ وَحْدِهِ فِي إِسْقَاط التَّصَنُّع.
يُقَال: كَتَبَ إِلَى الجُنَيْد: لاَ أَذَاقَكَ اللهُ طعم نَفْسك، فَإِنْ ذُقْتَهَا لاَ تُفْلِح (1) .
وَقَالَ: إِذَا رَأَيْتَ المُرِيدَ يشتغلُ بِالرُّخَص فَاعلمْ أَنَّهُ لاَ يَجِيْء مِنْهُ شَيْء.
وَقِيْلَ: كَانَ يَسْمَعُ الأَبيَاتَ وَيَبْكِي.
مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَدْ سَمِعَ قَوَّالاً يُنشد (2) :
رَأَيْتُكَ تَبْنِي دَائِماً فِي قَطِيْعَتِي ... وَلَوْ كُنْتَ ذَا حَزْمٍ لَهَدَّمْتَ مَا تَبْنِي (3)
كَأَنِّيْ بِكُمْ وَاللَّيْتُ أَفْضَلُ قَوْلِكُم ... أَلاَ لَيْتَنَا كُنَّا إِذَا اللَّيْتُ لاَ تُغْنِي (4)
فَبَكَى كَثِيْراً وَقَالَ لِلْمنشد: يَا أَخِي! لاَ تَلُم أَهْلَ الرَّيّ أَنْ يُسَمُّونِي زِنْدِيْقاً، أَنَا مِنْ بكرَةٍ أَقرأُ فِي المُصْحَفِ مَا خَرَجَتْ مِنْ عَيْنِي دَمْعَة، وَوقَعَ مِنِّي إِذْ غَنَّيْتَ مَا رَأَيْتَ.
__________
(1) انظر " الرسالة القشيرية " ص 22، وفيها: " فإنك إن ذقتها لم تذق بعدها خيرا أبدا ".
(2) في معرفة اسم هذا المنشد اختلاف، فهو في " حلية الأولياء " 10 / 240: يتيمك الرازي، وفي " تاريخ بغداد " 14 / 317 و" طبقات الأولياء " ص 380: أبو الحسين الدراج.
انظر في ذلك الحاشية (9) من الصفحة 380 من " طبقات الأولياء ".
(3) كذا الأصل: وفي المصادر التي أشرنا إليها في التعليق السابق: " دائبا ".
(4) كذا الأصل: وهي كذلك في " طبقات ابن الملقن "، أما الحلية ففيها: " اللبث " بدل " الليت ".(14/249)
قَالَ السُّلَمِيُّ: كَانَ - مَعَ عِلْمه وَتمَامِ حَاله - هَجَرَهُ أَهْلُ الرَّيّ، وَتكلَّمُوا فِيْهِ بِالقبَائِح، خُصُوْصاً الزُّهَّاد، وَأَفْشَوْا أُمُوراً، حَتَّى بَلَغَنِي أَنَّ شَيْخاً رَأَى فِي النَّوْمِ كَأَنَّ برَاءةً نزلتْ مِنَ السَّمَاء، فِيْهَا مَكْتُوْب: هَذِهِ برَاءةٌ ليُوْسُفَ بنِ الحُسَيْنِ مِمَّا قِيْلَ فِيْهِ.
فَسَكَتُوا.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ.
قُلْتُ: هُوَ صَاحِبُ حِكَايَة الفَأْرَة مَعَ ذِي النُّوْنِ لَمَّا سأَله الاسْم الأَعْظَم (1) .
وَقَدْ عُمِّرَ دَهْراً.
وَعَنْهُ، قَالَ: بِالأَدب تَتَفَهَّم العِلْم، وَبَالعِلْمِ يصحُّ لَكَ العَمَل، وَبَالعَمَلِ تنَالُ الحِكْمَة، وَبَالحِكْمَة تفهَمُ الزُّهْد، وَبَالزُّهْدِ تتركُ الدُّنْيَا، وَترغبُ فِي الآخِرَةِ، وَبِذَلِكَ تنَالُ رِضَى الله تَعَالَى.
قَالَ السُّلَمِيُّ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
طَوَّل ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَته.
قَالَ الخُلْدِيّ: كتبَ الجُنَيْد إِلَى يُوْسُفَ بن الحُسَيْنِ: أُوْصِيْكَ بِتَرْكِ الاَلتفَاتِ إِلَى كُلِّ حَالٍ مَضَتْ، فَإِنَّ الاَلتفَاتَ إِلَى مَا مَضَى شغلٌ عَنِ الأولَى، وَأُوصِيْكَ بِتَرْكِ ملاَحظَةِ الحَالِ الكَائِنَة، اعملْ عَلَى تخليصِ هَمِّكَ مِنْ هَمِّكَ لِهَمِّكَ، وَاعملْ عَلَى محقِ شَاهِدِكَ مِنْ شَاهدك حَتَّى يَكُوْنَ الشَّاهدُ عَلَيْكَ شَاهداً لَكَ وَبِكَ وَمنكَ ... فِي كَلاَم طَوِيْل.
وَليُوْسُف رسَالَة إِلَى الجُنَيْد مِنْهَا:
__________
(1) أنظر حكاية الفأرة في " تاريخ بغداد " 14 / 317 316.(14/250)
كَيْفَ السَّبِيْلُ إِلَى مَرْضَاةِ مَنْ غَضِبَا ... مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ وَلَمْ أَعْرِفْ لَهُ سَبَبَا
قَالَ وَالد تمَام: سَمِعْتُ يُوْسُفَ بنَ الحُسَيْنِ يَقُوْلُ: قيلَ لِي: ذُو النُّوْنِ يَعْرِفُ الاسْمَ الأَعْظَم.
فَسِرْتُ إِلَيْهِ، فَبَصُرَ بِي وَأَنَا طَوِيْلُ اللِّحْيَة، وَمعِي ركوَة طَوِيْلَة، فَاسْتَشْنَعَ مَنْظرِي.
قَالَ وَالد تمَام: يُقَال: كَانَ يُوْسُفُ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ بِالكَلاَم وَبعلم الصُّوْفِيَّة.
قَالَ: فَجَاءَ مَتَكَلِّمٌ، فَنَاظَر ذَا النُّوْنِ، فَلَمْ يَقم لَهُ بِحجَّة.
قَالَ: فَاجْتَذَبْتُهُ إِلَيَّ، وَنَاظرْتُه، فَقَطَعْتُهُ، فَعَرَف ذُو النُّوْنِ مَكَانِي، وَعَانَقَنِي، وَجَلَسَ بَيْنَ يَديَّ، وَقَالَ: اعذُرْنِي.
قَالَ: فَخَدَمْتُهُ سنَة.
154 - ابْنُ الجَلاَّءِ أَبُو عَبْدِ اللهِ أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى *
القُدْوَةُ، العَارفُ، شَيْخُ الشَّام، أَبُو عَبْدِ اللهِ ابْنُ الجلاَّء، أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى، وَقِيْلَ: مُحَمَّد بن يَحْيَى.
يُقَالُ: أَصلُه بَغْدَادِيّ، صحبَ وَالدَه، وَأَبَا تُرَابٍ النَّخْشَبِيّ، وَذَا النُّوْنِ المِصْرِيَّ وَحَكَى عَنْهُ.
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الدُّقِّي، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ اللَّبَّاد، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ اليَقْطينِي.
__________
(*) طبقات الصوفية: 176 - 179، حلية الأولياء: 10 / 314 - 315، تاريخ بغداد: 5 / 213 - 215، الرسالة القشيرية: 20، الأنساب: 146 / أ، تاريخ ابن عساكر: 2 / 137 / أ، المنتظم: 6 / 148 - 149، صفة الصفوة: 2 / 443 - 444، العبر: 2 / 132، دول الإسلام: 1 / 186، الوافي بالوفيات: 8 / 239، مرآة الجنان: 2 / 249، البداية والنهاية: 11 / 129، طبقات الأولياء: 81 - 83، النجوم الزاهرة: 3 / 170 و 194، شذرات الذهب: 2 / 248 - 249، تهذيب ابن عساكر: 2 / 111 - 115(14/251)
أَقَامَ بِالرَّملَة وَبِدِمَشْقَ.
وَكَانَ يُقَالُ: الجُنَيْدُ بِبَغْدَادَ، وَابْنُ الجلاَّء بِالشَّامِ، وَأَبُو عُثْمَانَ الحِيْرِيُّ بِنَيْسَابُوْرَ - يَعْنِي: لاَ نَظِيْرَ لَهُم -.
قَالَ الدُّقِّي: مَا رَأَيْتُ شَيْخاً أَهيَبَ مِنِ ابْنِ الجلاَّء مَعَ أَنِّي لقيتُ ثَلاَثَ مائَةِ شَيْخ، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا جلاَ أَبِي شَيْئاً قَطُّ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَعِظُ، فيقعُ كَلاَمُه فِي القُلُوْبِ، فسُمِّيَ جَلاَّءَ القُلُوْب.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الجُلندى: سُئِلَ ابْنُ الجلاَّء عَنِ المحبَّة، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا لِي وَلِلْمحبَّة؟ أَنَا أُرِيْدُ أَنْ أَتعلَّم التَّوبَة.
قَالَ أَبُو عُمَرَ الدِّمَشْقِيّ: سَمِعْتُ ابْنَ الجلاَّء يَقُوْلُ: قُلْتُ لأَبوِيَّ: أُحِبُّ أَنْ تَهَبَانِي للهِ.
قَالاَ: قَدْ فَعَلْنَا.
فَغِبْتُ عَنْهُم مُدَّة، ثُمَّ جِئْتُ فدققتُ البَاب، فَقَالَ أَبِي: مِنْ ذَا؟
قُلْتُ: وَلدُك.
قَالَ: قَدْ كَانَ لِي وَلدٌ وَهبنَاهُ للهِ.
وَمَا فتحَ لِي.
وَعَنِ ابْنِ الجلاَّء، قَالَ: آلَةُ الْفَقِير صِيَانَةُ فَقْره، وَحِفْظُ سِرِّه، وَأَدَاءُ فَرْضِه.
تُوُفِّيَ: فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
155 - ابْنُ مَطَرٍ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البَغْدَادِيُّ*
الإِمَامُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَطَرٍ البَغْدَادِيُّ السُّكَّرِيُّ.
سَمِعَ: دَاوُدَ بنَ رُشَيْد، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مُعَاوِيَةَ، وَطَبَقَتهُم.
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 137.(14/252)
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِي، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرٍ الخِرَقِي، وَيُوْسُف المَيَانَجِي، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
تُوُفِّيَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
156 - ابْنُ زَاطِيَا عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ عِيْسَى المُخَرِّمِيُّ *
المُحَدِّثُ، أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ إِسْحَاقَ بنِ عِيْسَى بنَ زَاطِيَا المُخَرِّمِيُّ البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ بَكَّار بن الرَّيَّانِ، وَدَاوُدَ بنَ رُشَيْد، وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَجَمَاعَة.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّات، وَابْنُ بُخَيْت الدَّقَّاق، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّي وَقَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
قُلْتُ: كُفَّ بَصَرُهُ بِأَخَرَةٍ.
تُوُفِّيَ: فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
157 - ابْن حَمْدُوَيْه مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوَيْه بنِ مُوْسَى السِّنْجِيُّ **
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو رَجَاءَ مُحَمَّدُ بنُ حَمْدُوَيْه بنِ مُوْسَى بنِ طَرِيْفٍ السِّنْجِيّ المَرْوَزِيُّ الهُوْرْقَانِي.
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 349، ميزان الاعتدال: 3 / 114 - 115، لسان الميزان: 4 / 205.
(* *) الأنساب: 593 / أ، اللباب: 3 / 395، وانظر: الاكما لابن ماكولا: 2 / 557.(14/253)
سَمِعَ: سُوَيْدَ بنَ نَصْرٍ، وَعتبَةَ بنَ عَبْدِ اللهِ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْز بن أَبِي رِزْمَةَ، وَعَلِيَّ بنَ حُجْر، وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد.
رَوَى عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ الصِّدِّيق، وَأَبُو عِصْمَةَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبَّادٍ، وَأَهْلُ مَرْو.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
ذكره ابْنُ مَاكُوْلاَ.
158 - أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ الحَسَنِ بنِ نَصْرٍ الحَلَبِيُّ *
القَاضِي المُحَدِّثُ، أَبُو حَفْصٍ، عُمَرُ بنُ الحَسَنِ بنِ نَصْر بنِ طَرْخَان الحَلَبِيّ، قَاضِي دِمَشْق.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ أَبِي سَمِيْنَة، وَزُهَيْرِ بن حَرْبٍ، وَلُوَيْن، وَعُقْبَة بن مُكْرَمٍ، وَمُحَمَّد بن قُدَامَةَ المَصِّيْصِيّ، وَعِدَّة.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو عَلِيٍّ بنُ آدم، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَرْوَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَالإِسْمَاعِيْلِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاق، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّات، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ الحَرْبِيُّ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ثِقَةٌ صَدُوْقٌ.
قُلْتُ: سَمَاعُ الوَرَّاق مِنْهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ.
159
- الدَّوِيْرِيُّ (1) مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ **
المُحَدِّثُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يُوْسُفَ بنِ خُرشيد
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 222 221 وهو فيه: أبوحفيص، تاريخ ابن عساكر: 12 / 351 / ب، تاريخ حلب الشهباء: 4 / 15.
(* *) الأنساب: 234 / أ، معجم البلدان: 2 / 491 490.
(1) كذا ضبط في الأصل و" اللباب " و" المشتبه " بفتح الدال، أما صاحب " البلدان " فقيده بضمها، ولم يتابع عليه.(14/254)
النَّيْسَابُوْرِيُّ الدَّوِيْرِيُّ، وَدوير: عَلَى فَرْسَخٍ مِنْ نَيْسَابُوْر.
سَمِعَ: قُتَيْبَة، وَإِسْحَاقَ، وَيَحْيَى خَتّ.
وَعَنْهُ: ابنُ الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَيَحْيَى بن زَكَرِيَّا الدَّوِيرِي، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَآخَرُوْنَ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
160 - ابْنُ عَطَاءٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلٍ الأَدَمِيُّ *
الزَّاهِدُ، العَابِدُ، المتَأَلِّه، أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَهْلٍ بن عَطَاءٍ الأَدَمِيُّ البَغْدَادِيُّ.
حَدَّثَ عَنْ: يُوْسُفَ بنِ مُوْسَى القَطَّان.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ حُبيش، وَقَالَ: كَانَ لَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ خَتمَة، وَفِي رَمَضَانَ تِسْعُوْنَ (1) خَتمَة، وَبَقِيَ فِي خَتمَة مُفردَةٍ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً يتفهَّمُ وَيتدبَّر.
وَقَالَ حُسَيْنُ بنُ خَاقَان: كَانَ ينَامُ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَة سَاعَتَيْن، مَاتَ فِي سَنَةِ: تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي ذِي القَعْدَةِ.
قُلْتُ: لكنَّه رَاجَ عَلَيْهِ حَالُ الحَلاَّج، وَصحَّحَه، فَقَالَ السُّلَمِيُّ:
__________
(*) طبقات الصوفية: 272 265، حلية الأولياء: 10 / 305 302، تاريخ بغداد: 5 / 30 26، الرسالة القشيرية: 24 23، صفة الصفوة: 2 / 446 444، المنتظم: 6 / 160، العبر: 2 / 144، دول الإسلام: 1 / 187، الوافي بالوفيات: 8 / 25 24، مرآة الجنان: 2 / 261، البداية والنهاية: 11 / 144، طبقات الأولياء: 61 59، شذرات الذهب: 2 / 258 257.
(1) في الأصل: " تسعين ".(14/255)
امتُحِنَ بِسَبِب الحَلاَّج، وَطَلَبه حَامِدُ الوَزِيْر وَقَالَ: مَا الَّذِي تَقُولُ فِي الحَلاَّج؟
فَقَالَ: مَالَك وَلذَاكَ؟ عَلَيْكَ بِمَا نُدِبْتَ لَهُ مِنْ أَخذ الأَمْوَال، وَسفكِ الدِّمَاء.
فَأَمَرَ بِهِ فَفُكَّتْ أَسنَانُه، فصَاح: قطعَ اللهُ يَديكَ وَرِجْلَيْك.
وَمَاتَ بَعْدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْماً، وَلَكِنْ أُجيبَ دُعَاؤُه، فَقُطِعَتْ أَرْبَعَةُ حَامِد.
قَالَ السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بنَ حَمْدَان يذكر هَذَا.
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَطَاء يَنْتمِي إِلَى المَارِسْتَانِيّ إِبْرَاهِيْم.
وَقِيْلَ: إِنَّ ابْنَ عَطَاء فَقَدَ عقلَهُ ثَمَانيَةَ عَشَرَ عَاماً، ثُمَّ ثَاب إِلَيْهِ عقلُهُ.
ثَبَّتَ اللهُ عَلَيْنَا عُقُوْلَنَا وَإِيْمَانَنَا، فَمَنْ تسبَّبَ فِي زوَالِ عَقْلِهِ بِجُوع، وَرِيَاضَةٍ صَعْبَة، وَخَلْوَة، فَقَدْ عَصَى وَأَثِمَ، وَضَاهَى مِنْ أَزَال عقلِهِ بَعْضَ يَوْمٍ بسُكر.
فَمَا أَحسنَ التَّقيُّد بِمتَابعَةِ السُّنَنِ وَالعِلْم.
161 - الوَشَّاءُ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَنْبَرٍ *
الشَّيْخُ الرَّاوِي، أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَنْبر بن شَاكِر البَغْدَادِيُّ الوَشَّاء.
سَمِعَ: عَلِيَّ بن الجَعْد، وَمَنْصُوْرَ بنَ أَبِي مُزَاحِمٍ، وَعَلِيَّ بن المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ عَوْن الخَرَّاز، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ بنُ النَّخَّاسِ، وَابْنُ الشِّخِّير، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
ضَعَّفَهُ عَبْدُ البَاقِي بنُ قَانِع.
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 414، الأنساب: 584 / أ، المنتظم: 6 / 157، ميزان الاعتدال: 1 / 520، لسان الميزان: 2 / 251 250.(14/256)
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَكَلَّمُوا فِيْهِ مِنْ جهَةِ سَمَاعِهِ.
وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ البُرْقَانِيّ فَوَثَّقَهُ.
مَاتَ: فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِبَغْدَادَ.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: أَبُو خُبَيْبٍ بنُ البِرْتِي، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُفْيَانَ الفَقِيْه، وَالمُفَضَّلُ بنُ مُحَمَّدٍ الجَنَدِي، وَشُعَيْبُ بنُ مُحَمَّدٍ الذَّارع، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ بِدينَا، وَعَبْدُ الكَرِيْم بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ حِبَّان المِصْرِيّ.
162 - ابْنُ البِرْتِيِّ أَبُو خُبَيْبٍ العَبَّاسُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، أَبُو خُبَيْبٍ العَبَّاسُ ابنُ القَاضِي العَلاَّمَةِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى البِرتِيُّ.
سَمِعَ: عَبْدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ النَّرْسِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَوَّار بنَ عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيّ، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي صَابر، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ.
أَثْنَى عَلَيْهِ بَعْضُ الحُفَّاظ.
وَمَاتَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ بِضْعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً أَوْ أَكْثَر.
163 - الجَنَدِيُّ أَبُو سَعِيْدٍ المُفَضَّلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ **
المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، الإِمَامُ، أَبُو سَعِيْدٍ المُفَضَّلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 12 / 153 152، الأنساب: 71 / أ، المنتظم: 6 / 159 158، طبقات القراء للجزري: 1 / 352.
(* *) الأنساب: 137 / ب، معجم البلدان: 2 / 170، العبر: 2 / 137، مرآة =(14/257)
بنِ مفضَّلِ بنِ سَعِيْدِ ابْنِ الإِمَامِ عَامِر بن شرَاحيل الشَّعْبِيُّ الكُوْفِيُّ، ثُمَّ الجَنَدِي.
حَدَّثَ عَنِ: الصَّامِتِ بنِ مُعَاذٍ الجندِي، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حُمَة مُحَمَّدِ بنِ يُوْسُفَ، وَسَلَمَةَ بنِ شَبِيْبٍ.
وَقَدْ رَوَى القرَاءاتِ عَنْ طَائِفَةٍ كَالبَزِّي وَغَيْرِهِ.
أَخَذَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ مُجَاهد، وَعَبْدُ الوَاحِد بنُ أَبِي هَاشِم، وَحَدَّثَ عَنْهُ أَيْضاً أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ العُقَيْلِيُّ: قَدَمتُ مَكَّةَ وَلأَبِي سَعِيْدٍ الجَنَدِي حَلْقَةٌ بِالمَسْجَد الحَرَام.
وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ: هُوَ ثِقَةٌ.
قَالَ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
164 - الفَرْغَانِيُّ أَبُو العَبَّاسِ حَاجِبُ بنُ مَالِكِ بنِ أَرْكِيْنَ *
المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو العَبَّاسِ، حَاجِبُ بنُ مَالِكِ بنِ أَرْكين الضَّرِيْر الفَرْغَانِيُّ التُّركِيّ، نَزِيْلُ دِمَشْقَ.
__________
= الجنان: 2 / 250، البداية والنهاية: 11 / 131، طبقات القراء للجزري: 2 / 307، لسان الميزان: 6 / 82 81، شذرات الذهب: 2 / 253، الرسالة المستطرفة: 60.
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 302، تاريخ بغداد: 8 / 272 271، الأنساب: 424، تاريخ ابن عساكر: 4 / 39 / أ، المنتظم: 6 / 150، العبر: 2 / 132، شذرات الذهب: 2 / 249، تهذيب ابن عساكر: 3 / 430 429.(14/258)
حَدَّثَ عَنْ: الفَلاَّس، وَمُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى، وَأَبِي سَعِيْدٍ الأَشَجِّ، وَأَبِي عُمَرَ الدُّوْرِيّ، وَعَلِيِّ بنِ حَرْبٍ، وَابْنِ عَبْد الحَكَم وَطَبَقَتِهِم.
وَعَنْهُ: أَبُو عَلِيٍّ بنُ هَارُوْنَ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ فضَالَة، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّبعِي، وَالمَيَانَجِي، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الشَّيْخ، وَخَلْقٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ.
وَثَّقَهُ الخَطِيْب (1) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ.
مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
165 - ابْنُ ذَرِيْحٍ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ المُتْقِنُ، الثِّقَةُ، أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ صَالِحِ بنِ ذَرِيْح البَغْدَادِيُّ العُكْبَرِيُّ.
سَمِعَ: جُبارَة بنَ المغلِّس، وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبَا مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وَأَبَا ثَوْرٍ الكَلْبِيّ، وَطَبَقَتهُم.
وَكَانَ صَاحِبَ حَدِيْثٍ وَرحلَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْحَاقُ النِّعَالِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ الزَّيَّات، وَابْنُ بُخَيْت الدَّقَّاق، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
__________
(1) في " تاريخه " 8 / 271.
(*) تاريخ بغداد: 5 / 361، الأنساب: 396 / أ، المنتظم: 6 / 152، العبر: 2 / 134، طبقات القراء للجزري: 2 / 155، شذرات الذهب: 2 / 251.(14/259)
مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ.
وَقِيْلَ: سَنَةَ سِتٍّ.
فَالله أَعْلَم.
وثَّقوهُ وَاحتَجُّوا بِهِ.
166 - الحَسَنُ بنُ الطَّيِّبِ بنِ حَمْزَةَ أَبُو عَلِيٍّ الشُّجَاعِيُّ *
المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ، أَبُو عَلِيٍّ الشُّجَاعِيُّ، البَلْخِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ، ابْن أَخِي الحَافِظ الحَسَن بنِ شُجَاع.
حَدَّثَ بِبَغْدَادَ عَنْ قُتَيْبَة بنِ سَعِيْدٍ، وَهُدْبَة بنِ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَأَبِي كَامِل الجَحْدرِي، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: إِسْمَاعِيْلُ الخُطَبِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ القَطِيْعِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاق، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لاَ يُسَاوِي شَيْئاً، لأَنَّه حدَّثَ بِمَا لَمْ يَسْمَعْ.
وَكَذَا تَكَلَّمَ فِيْهِ ابْن عُقْدَةَ.
وَقَالَ البَرْقَانِيُّ: ذَاهبُ الحَدِيْث.
وَأَمَّا الإِسْمَاعِيْلِيُّ فَكَانَ حَسَنَ الرَّأْي فِيْهِ.
وَقَالَ مُطَيَّنٌ: كَذَّاب.
مَاتَ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ التِّسْعِيْنَ.
__________
(*) الكامل لابن عدي: 1 / 93 / ب، تاريخ بغداد: 7 / 336 333، المنتظم: 6 / 154، ميزان الاعتدال: 1 / 501، المغني في الضعفاء: 1 / 161، لسان الميزان: 2 / 216 215(14/260)
167 - الجَوْنِيُّ مُوْسَى بنُ سَهْلِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، الرَّحَّال، أَبُو عِمْرَانَ مُوْسَى بنُ سَهْلِ بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الجَوْنِيُّ، البَصْرِيُّ، نَزِيْلُ بَغْدَادَ.
سَمِعَ: طَالُوْتَ بنَ عَبَّاد، وَعَبْدَ الوَاحِدِ بنَ غِيَاث، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَعِيْسَى بنَ حَمَّادٍ زُغْبَة، وَمُحَمَّدَ بنَ رُمْح، وَأَبَا همَّام السَّكُوْنِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ مُصَفَّى، وَطَبَقَتهُم بِالشَّامِ، وَمِصْر، وَالعِرَاق.
وَعُمِّرَ دَهْراً، وَكَانَ مِنَ الحُفَّاظِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: دَعْلَج السِّجْزِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الزَّبِيْبِي، وَمُحَمَّدُ بنُ المظَفَّر، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
مَاتَ: فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَبَقِيَ إِلَى هَذَا العَام بِمِصْرَ مَنْ يَرْوِي عَنْ يَحْيَى بنِ بُكير وَهُوَ الحُسَيْن بن سَعِيْدِ بنِ كَامِلٍ، كتب عَنْهُ ابْن يُوْنُسَ.
168 - الهَيْثَمُ بنُ خَلَفِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدُّوْرِيُّ **
ابْنِ مُجَاهِدٍِ المُتْقِنُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ
__________
(*) تاريخ بغداد: 13 / 57 56، الأنساب: 143 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 764 763، العبر: 2 / 135، طبقات الحفاظ: 321، شذرات الذهب: 2 / 251.
(* *) تاريخ بغداد: 14 / 63، المنتظم: 6 / 156، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 766 765، العبر: 2 / 135، البداية والنهاية: 11 / 131، طبقات الحفاظ: 322 321، شذرات الذهب: 2 / 251.(14/261)
الدُّوْرِيُّ، البَغْدَادِيُّ.
سَمِعَ: عبدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ النَّرْسِيّ، وَعُبَيْدَ اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَعُثْمَانَ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقَ بنَ مُوْسَى الخَطْمِيّ، وَطَبَقَتَهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرٍ الخِرَقِي، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَابْن لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَآخَرُوْنَ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ، وَمِنْ أَهْلِ التَّحَرِّي وَالضَّبْط.
مَاتَ فِي أَوَائِل سَنَة سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِيْهَا مَاتَ أَبُو يَعْلَى المَوْصِلِيّ، وَمَحْمُوْدُ بنُ مُحَمَّدٍ الوَاسِطِيّ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سِنَان، وَمُحَمَّدُ بنُ صَالِح بنِ ذَرِيْح، وَأَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيّ، وَالحَسَنُ بنُ الطَّيِّب الشُّجَاعِي، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الفَرْقَدِي، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ الجَارُوْدِ، وَأُسَامَةُ بنُ أَحْمَدَ التُّجِيْبِيّ.
169 - الشَّطَوِيُّ أَبُو أَحْمَدَ هَارُوْنُ بنُ يُوْسُفَ *
الإِمَامُ، الفَاضِلُ، أَبُو أَحْمَدَ هَارُوْنُ بنُ يُوْسُفَ الشَّطَوِيّ، وَيُعرف قَدِيْماً: بِابْنِ مِقرَاض.
سَمِعَ: ابْن أَبِي عُمَرَ العَدَنِيّ، وَأَبَا مَرْوَان مُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ العُثْمَانِيّ، وَالحَسَنَ بنَ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَطَائِفَةً.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الجِعَابِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ العَسْكرِي، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ، وَعُمَرُ بنُ الزَّيَّات، وَالإِسْمَاعِيْلِيّ، وَوَثَّقَهُ.
تُوُفِّيَ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 14 / 29.(14/262)
170 - مُحَمَّدُ بنُ شَادَلَ بنِ عَلِيٍّ أَبُو العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ * (1)
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، المُقْرِئُ، المُعَمَّرُ، أَبُو العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ مَوْلاَهُم النَّيْسَابُوْرِيُّ.
سَمِعَ: أَبَا مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وَإِسْحَاقَ بنَ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ لُوَيْناً، وَعَمْرَو بنَ زُرَارَة، وَهَنَّادَ بنَ السَّرِيّ، وَالحُسَيْنَ بنَ الضَّحَّاك، وَأَحْمَدَ بنَ حَرْبٍ، وَأَبَا مَرْوَان العُثْمَانِيّ، وَحَرْمَلَةَ بنَ يَحْيَى - لَعَلَّهُ لَقِيَهُ بِمَكَّةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْحَلْ إِلَى مِصْرَ -.
قَالَ الحَاكِمُ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زِيَاد: سأَلْنَا ابْنَ شَادَل عَنْ نَسَبه، فَقَالَ: مُحَمَّدُ بنُ شَادَل بنِ عَلِيِّ بنِ برد بنِ سَوَّارِ بنِ جَعْفَرِ بنِ يَزِيْدَ بنِ عَبْدِ اللهِ الهَاشِمِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَلِيُّ بنُ عِيْسَى، وَأَحْمَدُ بنُ الخَضِر الشَّافِعِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ الحَافِظ، وَأَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الأَنْصَارِيّ، وَالقَاضِي يُوْسُفُ المَيَانَجِي، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ طَاهِرَ بنَ أَحْمَدَ الوَرَّاق يَقُوْلُ:
تُوُفِّيَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ شَادَل، وَكَانَ يختمُ القُرْآنَ كُلَّ يَوْم، وَذهبَ بصرُه قَبْل مَوْته بعِشْرِيْنَ سَنَةً.
تُوُفِّيَ فِي يَوْم الأَحَد الثَّانِي عشر مِنْ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدِ المُؤَذِّن يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْع.
__________
(*) العبر: 2 / 150، شذرات الذهب: 2 / 263، تاج العروس: مادة (شدل) .
(1) ضبطت في الأصل بفتح الدال، ووضع فوقها كلمة " صح ".
وضبط في " المشتبه " 385، والتوضيح الورقة 91، والتبصير 764: بكسر الدال، وقال الزبيدي في " تاج العروس ": " شادل كصاحب: أهمله الجوهري، وصاحب اللسان، وقال الصاغاني: علم، ومحمد بن شادل ابن علي النيسابوري: صاحب إسحاق بن راهوية، كذا في " التبصير ".(14/263)
وَقَالَ أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ: كَانَ صَحِيْح الأُصُوْل، سَمِعَ ابْنَ رَاهْوَيْه، وَمُحَمَّدَ بنَ عُثْمَانَ العُثْمَانِيّ.
سأَلنَا أَبَا العَبَّاسِ المَاسَرْجِسِيَّ عَنْهُ، فثَّبت سُمَاعَهُ مِنْ إِسْحَاق.
171 - ابْنُ المَرْزُبَانِ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ المُحَوَّلِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الأَخْبَارِي، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ خَلَفِ بنِ المَرْزُبَانِ بنِ بَسَّامٍ المُحَوَّلِيُّ البَغْدَادِيُّ الآجُرِّيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
حَدَّثَ عَنْ: الزُّبَيْرِ بنِ بكَّار، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبِي السَّرِيّ الأَزْدِيّ لاَ العَسْقلاَنِي، وَأَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي الدُّنْيَا، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ الأَنْبَارِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ بنُ المُتَوَكِّل، وَأَبُو عُمَرَ ابْن حَيُّويَه، وَآخَرُوْنَ.
وَقَعَ لِي قطعَةٌ مِنْ تآلِيفه، وَلَهُ كِتَاب: (الحَاوِي فِي عُلُوْم القُرْآن) وَكِتَاب فِي (الحمَاسَة) وَكِتَاب (المتيَّمِين) وَكِتَاب (أَخْبَار الشُّعَرَاء) وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَكَانَ صَدُوْقاً.
مَاتَ: فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فِي عَشْرِ الثَّمَانِيْنَ، أَوْ جَاوزهَا.
وَفِيْهَا تُوُفِّيَ: حَامِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْب، وَمُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُكرم، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ مُوْسَى الحَاسِب، وَالحَلاَّجُ - قتل - وَعُمَرُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ ابْنِ أَبِي غَيْلاَنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ رَاشِدِ بنِ مَعْدَانَ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ عَطَاءٍ
__________
(*) فهرست ابن النديم: 214 213، تاريخ بغداد: 5 / 239 237، الأنساب: 513، المنتظم: 6 / 165، العبر: 2 / 144، ميزان الاعتدال: 3 / 538، الوافي بالوفيات: 3 / 45 44، لسان الميزان: 5 / 157، النجوم الزاهرة: 3 / 203، شذرات الذهب: 2 / 258.(14/264)
الصُّوْفِيّ، وَجَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ الجَرْجَرَائِي، وَعَبَّادُ بنُ عَلِيٍّ ثقَّاب اللُؤْلُؤ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ المُؤْمِن المُهَلَّبِيّ - مُحَدِّثُ جُرْجَان - وَمُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُقْبَةَ أَبُو جَعْفَرٍ الشِّبْلِي.
172 - جَعْفَرَكْ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، الرَّحَّالُ، أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُوْسَى النَّيْسَابُوْرِيُّ الأَعْرَجُ، نَزِيْلُ حَلَب.
وَيُقَالُ لَهُ: جَعْفَرَكْ.
حَدَّثَ عَنْ: الحَسَنِ بنِ عَرفَة، وَعَبْدِ اللهِ بنِ هَاشِمٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيّ، وَعَلِيِّ بنِ حَرْبٍ الطَّائِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللهِ الخُشْك، وَعِدَّةٍ.
وَعَنْهُ: أَبُو إِسْحَاقَ بنُ حَمْزَةَ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَافِظَانِ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ غَيْر وَاحِدٍ، وَنَعَتوهُ بِالحِفْظ وَالمَعرفَة، وَلَقِيَهُ ابْن المُقْرِئ بِالمَوْصِل.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ نيِّف عَشْرَة وَثَلاَثِ مائَةٍ.
173 - ابْنُ جَمِيْلٍ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ **
الشَّيْخُ، الثِّقَةُ، المُعَمَّرُ، أَبُو يَعْقُوْبَ إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ
__________
(*) تاريخ بغداد: 7 / 204 203، المنتظم: 6 / 154، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 751 750، طبقات الحفاظ: 317.
(* *) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 218، العبر: 2 / 145، شذرات الذهب: 2 / 259.(14/265)
جَمِيْل الأَصْبَهَانِيّ.
رَوَى عَنْ: أَحْمَدَ بنِ مَنِيع (مسنَدَه) .
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَحَفِيْدُه عبيدُ اللهِ بنِ يَعْقُوْبَ بنِ إِسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْه: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ يَقُوْلُ: عَاشَ جَدِّي مائَةً وَسَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَاتَ سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: إِن صَحَّ هَذَا فِي مَوْلِده، فَمَا سَمِعَ الحَدِيْث إِلاَّ فِي الكُهُوْلَة.
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الحَافِظُ (1) :مَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
174 - العُثْمَانِيُّ أَبُو عُمَرَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ الأُمَوِيُّ *
المُحَدِّثُ، الصَّدُوْقُ، المُعَمَّرُ، أَبُو عُمَرَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ الأُمَوِيُّ العُثْمَانِيُّ البَغْدَادِيُّ.
مَنْعُوْتٌ بِالصِّدْق.
سَمِعَ: عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ، وَعَبْدَ الأَعْلَى بنَ حَمَّادٍ.
وَعَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّويَه، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَجَمَاعَةٌ.
وَكَانَ مِنْ بَقَايَا الْمُسْندين بِبَغْدَادَ.
بَقِيَ إِلَى سَنَة عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَلاَ أَعْلَم فِيْهِ جَرْحاً.
وَفِيْهَا مَاتَ: مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ، وَأَبُو شَيْبَة دَاوُدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَأَبُو بِشْرٍ
__________
(1) في " ذكر أخبار أصبهان " 1 / 218.
(*) تاريخ بغداد: 10 / 348 347، المنتظم: 6 / 197.(14/266)
الدُّوْلاَبِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ زُهَيْر التُّسْتَرِيّ، وَالوَلِيْدُ بنُ أَبَان، وَعَلِيُّ بنُ العَبَّاسِ المقَانِعِي، وَفَقِيْهُ بَغْدَاد أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ جَابِرٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَمِيْل، وَخَالِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ كُولَخْش الصَّفَّار، وَمُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ بنِ المَرْزُبَانِ، وَالحَسَنُ بنُ الحُسَيْنِ الصَّوَّاف، وَالعَبَّاسُ بنُ الفَضْلِ الرَّازِيّ.
175 - مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرِ بنِ يَزِيْدَ بنِ كَثِيْرٍ الطَّبَرِيُّ *
الإِمَامُ، العَلَمُ، المجتهدُ، عَالِمُ العَصر، أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ البَدِيْعَة، مِنْ أَهْلِ آمُل (1) طَبَرِسْتَان.
مَوْلِدُه: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَطَلَبَ العِلْمَ بَعْد الأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ وَأَكْثَرَ التَّرحَال، وَلقِي نُبَلاَء الرِّجَال، وَكَانَ مِنْ أَفرَاد الدَّهْر عِلْماً، وَذكَاءً، وَكَثْرَةَ تَصَانِيْف.
قلَّ أَنْ تَرَى العُيُونُ مثلَه.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ أَبِي رَوْح الهَرَوِيّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرٌ
__________
(*) فهرست ابن النديم: 326، تاريخ بغداد: 2 / 169 162، طبقات الشيرازي: 93، الأنساب: 367 / أ، المنتظم: 6 / 172 170، معجم الأدباء 18 / 94 40، إنباه الرواة: 3 / 90 89 تهذيب الأسماء واللغات: 1 / 79 78، وفيات الأعيان 4 / 192 191، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 123 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 716 710، العبر: 2 / 146، ميزان الاعتدال: 3 / 499 498، طبقات القراء للذهبي: 1 / 213 212، دول الإسلام: 1 / 187، الوافي بالوفيات: 2 / 284 287، مرآة الجنان: 2 / 260، طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 128 120، البداية والنهاية: 11 / 145، 147، طبقات القراء للجزري: 2 / 108 106، لسان الميزان: 5 / 103 100، النجوم الزاهرة: 3 / 205، طبقات المفسرين للسيوطي: 30، طبقات الحفاظ: 308 307، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 114 106، شذرات الذهب: 2 / 260، الرسالة المستطرفة: 43.
(1) اسم أكبر مدينة بطبرستان، في السهل، لان طبرسنان سهل وجبل، خرج منها كثير من العلماء، يقال في نسبتهم: الطبري.
أنظر " معجم البلدان " 1 / 57.(14/267)
المُسْتَمْلِي، أَخبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الفَقِيْه، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيّ، قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ مَنِيْع، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيْلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صلَّى الله عَلَيْهِ وسلَّم - قَالَ لِضُبَاعَة: (حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي (1)) ، حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ مِنْ أَعْلَى مَا عِنْدِي عَنِ ابْنِ جَرِيْرٍ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ بنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، وَإِسْمَاعِيْلَ بنَ مُوْسَى السُّدِّيّ، وَإِسْحَاقَ بنَ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَمُحَمَّدَ بنَ أَبِي مَعْشَر - حَدَّثَهُ بِالمَغَازِي عَنْ أَبِيْهِ - وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد الرَّازِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنِيْع، وَأَبَا كُرَيْبٍ مُحَمَّدَ بنَ العَلاَءِ، وَهَنَّاد بنَ السَّرِيّ، وَأَبَا هَمَّام السَّكُوْنِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، وَبُنْدَاراً، وَمُحَمَّدَ بنَ المُثَنَّى، وَسُفْيَانَ بنَ وَكِيْع، وَالفَضْلَ بنَ الصَّبَّاحِ، وَعَبْدَةَ بنَ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّار، وَسَلْمَ بنَ جُنَادَةَ، وَيُوْنُسَ بنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَيَعْقُوْبَ الدَّوْرَقِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ المِقْدَامِ العِجْلِيّ، وَبِشْرَ بنَ مُعَاذٍ العَقَدِيّ، وَسَوَّار بنَ عَبْدِ اللهِ العَنْبَرِيّ، وَعَمْرو بنَ عَلِيٍّ الفَلاَّس، وَمُجَاهِدَ بنَ مُوْسَى، وَتَمِيْمَ بنَ المُنْتَصِر، وَالحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَمهنَّا بنَ يَحْيَى، وَعَلِيَّ بنَ سَهْل الرَّمْلِيّ، وَهَارُوْنَ بنَ إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيّ، وَالعَبَّاسَ بنَ الوَلِيْدِ العُذْرِيّ، وَسَعِيْدَ بنَ عَمْرٍو السَّكُوْنِيّ، وَأَحْمَدَ ابْنَ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ،
__________
(1) أخرجه أبو داود (1776) والدارمى: 2 / 35 34، والترمذي (941) ، والنسائي: 5 / 168 167، كلهم من طريق هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد: 1 / 337، ومسلم (1208) من طرق عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاووسا وعكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس..، وفي الباب عن عائشة عند البخاري: 9 / 114، ومسلم (1209) وأحمد: 6 / 164 و194، والنسائي: 5 / 168.(14/268)
وَمُحَمَّدَ بنَ مَعْمَر القَيْسِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَنَصْرَ بنَ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ بَزِيع، وَصَالِحَ بنَ مِسْمَار المَرْوَزِيّ، وَسَعِيْدَ بنَ يَحْيَى الأُمَوِيّ، وَنَصْرَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَوْدِيّ، وَعَبْدَ الحمِيدِ بنَ بيَان السُّكَّرِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي سُرَيْج الرَّازِيّ، وَالحَسَنَ بنَ الصَّبَّاحِ البَزَّار، وَأَبَا عَمَّارٍ الحُسَيْنَ بنَ حُرَيْث، وَأُمَماً سِوَاهُم.
وَاستقرَّ فِي أَوَاخِرِ أَمره بِبَغْدَادَ.
وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الاجْتِهَاد.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو شُعَيْب عَبْدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الحَرَّانِيّ - وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ - وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَمخلدُ بنُ جَعْفَرٍ البَاقَرْحِي، وَالقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ زَبْرٍ، وَأَحْمَدُ بنُ القَاسِمِ الخَشَّاب، وَأَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمْدَانُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الكَاتِب، وَعَبْدُ الغَفَّار بنُ عَبيدِ اللهِ الحُضَيْنِي، وَأَبُو المُفَضَّل مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّيْبَانِيّ، وَالمُعَلَّى بنُ سَعِيْدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ: مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ مِنْ أَهْلِ آمُل، كتبَ بِمِصْرَ، وَرَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ، وَصَنَّفَ تَصَانِيْف حسنَةً تَدُلُّ عَلَى سَعَة عِلْمِهِ.
وَقَالَ الخَطِيْبُ (1) :مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ بنِ يَزِيْدَ بنِ كَثِيْرِ بنِ غَالِب: كَانَ أَحَدُ أَئِمَّةِ العُلَمَاء، يُحكم بِقَوله، وَيُرجع إِلَى رأَيهِ لِمَعْرِفَتِهِ وَفَضْله، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ مِنَ الْعُلُوم مَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِيْهِ أَحَد مِنْ أَهْلِ عَصْره، فَكَانَ حَافِظاً لكتَاب الله، عَارِفاً بِالقِرَاءات، بَصِيْراً بِالمَعَانِي، فَقِيْهاً فِي أَحْكَام القُرْآن، عَالِماً بِالسُّنَنِ وَطُرُقِهَا، صَحيحِهَا وَسَقيمِهَا، وَنَاسِخِهَا وَمَنْسوخِهَا، عَارِفاً بِأَقوَال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِيْنَ، عَارِفاً بِأَيَّام النَّاس وَأَخْبَارهم، وَلَهُ الكِتَابُ المَشْهُوْرُ فِي (
__________
(1) في " تاريخه " 2 / 163.(14/269)
أَخْبَار الأُمَم وَتَارِيْخهِم) وَلَهُ كِتَاب (التَّفْسِيْر) لَمْ يصَنّف مثلُه، وَكِتَاب سَمَّاهُ (تَهْذِيْب الآثَار) لَمْ أَرَ سِوَاهُ فِي مَعْنَاهُ، لَكِن لَمْ يُتِمَّه، وَلَهُ فِي أُصُوْل الفِقْه وَفُرُوْعه كتبٌ كَثِيْرَةٌ مِنْ أَقَاويل الفُقَهَاء، وَتَفَرَّدَ بِمَسَائِلَ حُفِظَت عَنْهُ.
قُلْتُ: كَانَ ثِقَةً، صَادِقاً، حَافِظاً، رَأْساً فِي التَّفْسِيْر، إِمَاماً فِي الفِقْه، وَالإِجْمَاع وَالاخْتِلاَف، عَلاَّمَةٌ فِي التَّارِيْخ وَأَيَّام النَّاس، عَارِفاً بِالقِرَاءات وَبَاللُّغَة، وَغَيْر ذَلِكَ.
قَرَأَ القُرْآنَ بِبَيْرُوْت عَلَى العَبَّاسِ بنِ الوَلِيْدِ.
ذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ جَعْفَرٍ الفرغَانِيّ: أَنَّ مَوْلِدُهُ بآمُل.
وَقِيْلَ: إِنَّ المُكْتَفِي أَرَادَ أَنْ يحبِّسَ وَقفاً تجتمعُ عَلَيْهِ أَقَاويلُ العُلَمَاء، فَأَحضر لَهُ ابْن جَرِيْرٍ، فَأَملَى عَلَيْهِم كِتَاباً لِذَلِكَ، فَأُخْرَجت لَهُ جَائِزَة، فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولهَا، فَقِيْلَ لَهُ: لاَ بُدَّ مِنْ قَضَاء حَاجَة.
قَالَ: أسأَلُ أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ أَنْ يمْنَع السُّؤال يَوْم الجُمُعَة، فَفَعَل ذَلِكَ.
وَكَذَا التمسَ مِنْهُ الوَزِيْرُ أَنْ يعملَ لَهُ كِتَاباً فِي الفِقْه، فَأَلَّف لَهُ كِتَاب (الخَفِيْف) فَوجَّه إِلَيْهِ بِأَلفِ دِيْنَار، فَرَدَّهَا.
الخَطِيْب: حَدَّثَنِي أَبُو الفَرَجِ مُحَمَّدُ بنُ عبيدِ اللهِ الشِّيرَازيُّ الخَرْجُوشِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مَنْصُوْر الشِّيرَازِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ الصحَّاف السِّجِسْتَانِيّ، سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ البَكْرِيَّ يَقُوْلُ:
جَمعتِ الرِّحلَةُ بَيْنَ ابْنِ جَرِيْرٍ، وَابْن خُزَيْمَةَ، وَمُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ الرُّويَانِي بِمِصْرَ، فَأَرملُوا وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُم مَا يقُوتُهُم، وَأَضَرَّ بِهِم الْجُوع، فَاجْتَمَعُوا لَيْلَةً فِي مَنْزِلٍ كَانُوا يَأْوونَ إِلَيْهِ، فَاتَّفَقَ رأَيُهُم عَلَى أَنْ يَسْتَهمُوا(14/270)
وَيضربُوا القُرْعَة، فَمَنْ خَرجتْ عَلَيْهِ القُرعَةُ سَأَلَ لأَصْحَابِهِ الطَّعَام، فَخَرَجت القرعَة عَلَى ابْنِ خُزَيْمَة، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: أَمْهِلونِي حَتَّى أُصَلِّي صَلاَة الخِيرَة.
قَالَ: فَاندفعَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِذَا هُم بِالشُّموع وَخَصِيٍّ مِنْ قَبْل وَالِي مِصْر يَدَقُّ البَاب، فَفَتَحُوا، فَقَالَ: أَيُّكُم مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ؟
فَقِيْلَ: هُوَ ذَا.
فَأَخْرَجَ صرَّةً فِيْهَا خَمْسُوْنَ دِيْنَاراً، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَيُّكُم مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ؟
فَأَعطَاهُ خَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، وَكَذَلِكَ للرُّويَانِي، وَابْن خُزَيْمَةَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الأَمِيْرَ كَانَ قَائِلاً (1) بِالأَمس، فَرَأَى فِي المَنَامِ أَنَّ المَحَامِدَ جِيَاعٌ قَدْ طَوَوْا كَشْحَهُم، فَأَنفذَ إِلَيْكُم هَذِهِ الصُّرَر، وَأَقسمَ عَلَيْكُم: إِذَا نفدَتْ، فَابْعَثُوا إِلَيَّ أَحَدَكُم (2) .
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفرغَانِيُّ (3) فِي (ذيل تَارِيْخه) عَلَى (تَارِيْخ الطَّبَرِي) ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ لَمَّا دَخَلَ بَغْدَاد، وَكَانَتْ مَعَهُ بِضَاعَةٌ يتقوَّتُ مِنْهَا، فَسرقت فَأَفضَى بِهِ الحَالُ إِلَى بيعِ ثِيَابِهِ وَكُمَّي قَمِيصِهِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصدقَائِه: تنشَطُ لتَأَدِيْب بَعْضِ وَلد الوَزِيْر أَبِي الحَسَنِ عبيد اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ خَاقَان؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَمَضَى الرَّجُل، فَأَحكَمَ لَهُ أَمره، وَعَاد فَأَوصَلَه إِلَى الوَزِيْرِ بَعْدَ أَنْ أَعَاره مَا يلبَسُهُ، فَقرَّبه الوَزِيْر وَرفعَ مَجْلِسه، وَأَجرَى عَلَيْهِ عَشْرَة دَنَانِيْر فِي الشَّهْرِ، فَاشترطَ عَلَيْهِ أَوقَاتَ طلبه لِلْعِلم وَالصَّلوَات وَالرَّاحَة، وَسأَل إِسلافَهُ رِزْقَ شَهْر، فَفَعَل، وَأدخل فِي
__________
(1) أي: نائما في القائلة: وهي نصف النهار. وفعله: قال يقيل.
(2) الخبر في " تاريخ بغداد " 2 / 165 164، و" معجم الأدباء " 18 / 47 46 وما بين حاصرتين منهما، وسيكرر المؤلف هذه القصة في ترجمة محمد بن هارون الروياني ص 508 من هذا الجزء.
(3) هو عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني، حدث بدمشق عن ابن جرير وغيره، وتوفي في جمادى الأولى سنة 362 هـ وسترد ترجمته في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب.(14/271)
حُجْرَة التَّأَدِيْب، وَخَرَجَ إِلَيْهِ الصَّبيّ - وَهُوَ أَبُو يَحْيَى - فَلَمَّا كتَّبه أَخَذَ الخَادِمُ اللَّوْحَ، وَدخلُوا مُسْتَبْشِرين، فَلَمْ تبقَ جَارِيَةٌ إِلاَّ أَهدتْ إِلَيْهِ صينيةٌ فِيْهَا درَاهُمُ وَدنَانير، فردَّ الجَمِيْع وَقَالَ: قَدْ شُورطتُ عَلَى شَيْءٍ، فَلاَ آخُذُ سِوَاهُ.
فَدَرَى الوَزِيْر ذَلِكَ، فَأدخلته إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ، فَقَالَ: هَؤُلاَءِ عبيدٌ وَهُم لاَ يملكُون فعظُم ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ.
وَكَانَ رُبَّمَا أَهدَى إِلَيْهِ بَعْضُ أَصدقَائِه الشَّيْءَ فيَقْبله، وَيكَافِئُهُ أَضعَافاً لِعِظَمِ مُروءته.
قَالَ الفَرغَانِي: وَكَتَبَ إِلَيَّ المرَاغِي يَذْكُرُ أَنَّ المُكْتَفِي قَالَ لِلْوَزِيْرِ: أُرِيْدُ أَنْ أَقفَ وَقفاً.
فَذَكَرَ القِصَّةَ وَزَاد: فردَّ الأَلفَ عَلَى الوَزِيْرِ وَلَمْ يَقْبَلْهَا، فَقِيْلَ لَهُ: تصدَّق بِهَا.
فَلَمْ يَفْعَلْ، وَقَالَ: أَنْتُم أَوْلَى بِأَمْوَالكُم وَأَعرَفُ بِمَنْ تصدَّقُوْنَ عَلَيْهِ.
قَالَ الخَطِيْبُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عبيدِ اللهِ اللُّغَوِيَّ يَحْكِي:
أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ جَرِيْر مكثَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً يَكْتُبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا أَرْبَعِيْنَ وَرقَة.
قَالَ الخَطِيْبُ: وَبلغَنِي عَنْ أَبِي حَامِد أَحْمَدَ بنِ أَبِي طَاهِرٍ الإِسْفَرَايينِيُّ الفَقِيْه أَنَّهُ، قَالَ: لَوْ سَافرَ رَجُلٌ إِلَى الصِّينِ حَتَّى يحصِّلَ تَفْسِيْرَ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ لَمْ يَكُنْ كَثِيْراً.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ حُسَيْنَك بنَ عَلِيٍّ يَقُوْلُ: أَوَّل مَا سَأَلَنِي ابْنُ خُزَيْمَةَ فَقَالَ لِي: كتبتَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ الطَّبرِيّ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: وَلِمَ؟
قُلْتُ: لأَنَّه كَانَ لاَ يَظهر، وَكَانَتِ الحَنَابِلَةُ تمنعُ مِنَ الدُّخول عَلَيْهِ، قَالَ: بِئس مَا فَعَلْتَ، ليتَكَ لمْ تَكْتُبْ عَنْ كُلِّ مَنْ كتبتَ عَنْهُم، وَسَمِعْتَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ بَالُويه يَقُوْلُ: قَالَ لِي: أَبُو بَكْرٍ بنُ(14/272)
خُزَيْمَة: بَلَغَنِي أَنَّك كتبتَ التَّفْسِيْرَ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ؟
قُلْتُ: بَلَى، كتبتُه عَنْهُ إِمْلاَءً.
قَالَ: كُلّه؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: فِي أَي سَنَة؟
قُلْتُ: مِنْ سَنَةِ ثَلاَثٍ وَثَمَانِيْنَ إِلَى سَنَةِ تِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
قَالَ: فَاسْتعَارَهُ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ رَدَّهُ بَعْد سِنِيْنَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ نظرتُ فِيْهِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِره، وَمَا أَعْلَمُ عَلَى أَديمِ الأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، وَلَقَدْ ظَلَمَتْهُ الحَنَابِلَة.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفَرْغَانِي: تَمَّ مِنْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ كِتَاب (التَّفْسِيْر) الَّذِي لَوِ ادَّعَى عَالِمٌ أَنْ يصَنِّف مِنْهُ عَشْرَة كُتُبْ، كُلُّ كِتَابٍ مِنْهَا يَحْتوِي عَلَى عِلْمٍ مفرَد مستقصَىً لفعل.
وَتَمَّ مِنْ كُتُبِهِ كِتَاب (التَّارِيْخ) إِلَى عصره، وَتمَّ أَيْضاً كِتَاب (تَارِيْخ الرِّجَال) مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ، وَإِلَى شُيُوْخه الَّذِيْنَ لَقِيَهُم، وَتمَّ لَهُ كِتَاب (لطيف القَوْل فِي أَحْكَام شرَائِع الإِسْلاَم) وَهُوَ مَذْهَبُهُ الَّذِي اختَاره، وَجَوَّدَهُ، وَاحتجَّ لَهُ، وَهُوَ ثَلاَثَةٌ وَثَمَانُوْنَ كِتَاباً، وَتمَّ لَهُ كِتَاب (القرَاءات وَالتنَزِيْل وَالعدد) ، وَتمَّ لَهُ كِتَاب (اخْتِلاَف عُلَمَاء الأَمصَار) ، وَتم لَهُ كِتَاب (الخَفِيْف فِي أَحْكَام شرَائِع الإِسْلاَم) وَهُوَ مُخْتَصَر لطيف، وَتمَّ لَهُ كِتَاب (التبصير) وَهُوَ رسَالَةٌ إِلَى أَهْل طَبَرِسْتَان، يشرحُ فِيْهَا مَا تقلَّده مِنْ أُصُوْل الدِّيْنِ، وَابتدأَ بِتَصْنِيف كِتَاب (تَهْذِيْب الآثَار) وَهُوَ مِنْ عجَائِب كتبه، ابْتِدَاء بِمَا أَسنده الصِّدِّيقُ مِمَّا صَحَّ عِنْدَهُ سَنَدُهُ، وَتكلَّم عَلَى كُلِّ حَدِيْثٍ مِنْهُ بِعِلَلِهِ وَطُرُقه، ثُمَّ فِقْهه، وَاخْتِلاَف العُلَمَاء وَحججهُم، وَمَا فِيْهِ مِنَ المَعَانِي وَالغَريب، وَالرَّدّ عَلَى المُلْحِدين، فَتَمَّ مِنْهُ مسندُ العشرَةِ وَأَهْل البَيْت وَالموَالِي، وَبَعْض (مُسْند ابْن عَبَّاسٍ) ، فَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِه.
قُلْتُ: هَذَا لَوْ تمَّ لكَانَ يَجِيْءُ فِي مائَة مُجَلَّد.
قَالَ: وَابتدأَ بِكِتَابه (البَسيط) فَخَرَجَ مِنْهُ كِتَاب (الطهَارَة) فَجَاءَ فِي نَحْوٍ مِنْ أَلفٍ وَخَمْسِ مائَة وَرقَة، لأَنَّه ذكرَ فِي كُلِّ بَابٍ مِنْهُ اخْتِلاَفَ الصَّحَابَة(14/273)
وَالتَّابِعِيْنَ، وَحجَّة كُلِّ قَوْل، وَخَرَجَ مِنْهُ أَيْضاً أَكْثَر كِتَاب الصَّلاَة، وَخَرَجَ مِنْهُ آدَاب الْحُكَّام.
وَكِتَاب (المحَاضِر وَالسجلاَت) ، وَكِتَاب (تَرْتِيْب العُلَمَاء) وَهُوَ مِنْ كتبه النفيسَة، ابتدأَه بآدَاب النُّفُوْسِ وَأَقوَال الصُّوْفِيَّة، وَلَمْ يُتِمَّه، وَكِتَاب (المنَاسك) ، وَكِتَاب (شَرْح السُّنَّة) وَهُوَ لطيف، بَيَّنَ فِيْهِ مذهَبَه وَاعْتِقَادَه، وَكِتَابه (المُسْنَد) المخرَّج، يَأْتِي فِيْهِ عَلَى جَمِيْعِ مَا رَوَاهُ الصَّحَابِيُّ مِنْ صَحِيْحٍ وَسقيمٍ، وَلَمْ يُتِمَّه، وَلَمَّا بلغه أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ تَكَلَّمَ فِي حَدِيْث غَدِيْر خُمّ (1) ، عَمل كِتَاب (الفَضَائِل) فَبدأَ بِفضل أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَر، وَتكلَّم عَلَى تَصْحِيْحِ حَدِيْث غَدِير خُمّ، وَاحتجَّ لِتَصْحِيْحِهِ، وَلَمْ يتمَّ الكِتَاب.
وَكَانَ مِمَّنْ لاَ تَأْخُذُه فِي اللهِ لومَةُ لاَئِم مَعَ عَظِيْم مَا يلحَقُه مِنَ الأَذَى وَالشَّنَاعَات، مِنْ جَاهِل، وَحَاسد، وَمُلحد، فَأَمَّا أَهْلُ الدِّين وَالعِلْم، فغيرُ منكرينَ علمَه، وَزهدَه فِي الدُّنْيَا، وَرفضَهُ لَهَا، وَقنَاعته - رَحِمَهُ اللهُ - بِمَا كَانَ يردُ عَلَيْهِ مِنْ حصَّةٍ مِنْ ضَيعَةٍ خلَّفهَا لَهُ أَبُوْهُ بطَبَرِسْتَان يَسِيْرَة.
وَحَدَّثَنِي هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اسْتخرتُ اللهَ وَسأَلتهُ العُوْنَ عَلَى مَا نويتُهُ مِنْ تصنيفِ التَّفْسِيْر قَبْلَ أَنْ أَعْمَلَهُ ثَلاَث سِنِيْنَ، فَأَعَاننِي.
القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ القُضَاعِي: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ نَصْرٍ بن الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ عبيدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ السِّمْسَار، وَأَبُو القَاسِمِ بنُ عَقِيْلٍ الوَرَّاق:
أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّبرِيَّ قَالَ لأَصْحَابِهِ: هَلْ تَنْشَطُوْنَ لتَارِيْخِ العَالَمْ مِنْ آدم إِلَى وَقْتِنَا؟
قَالُوا: كم قدرُه؟
فَذكر نَحْو ثَلاَثِيْنَ أَلفِ وَرقَة، فَقَالُوا: هَذَا مِمَّا تَفْنَى
__________
(1) تقدم تخريج حديث غدير خم في الصفحة (203) من هذا الجزء.(14/274)
الأَعْمَارُ قَبْل تمَامِه!
فَقَالَ: إِنَّا للهِ! مَاتَتِ الهِمَم.
فَاختصرَ ذَلِكَ فِي نَحْوِ ثَلاَثَةِ آلاَفِ وَرقَة، وَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يُمْلِي التَّفْسِيْرَ قَالَ لَهُم نَحْواً مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَملاَهُ عَلَى نَحْوٍ مِنْ قدر (التَّارِيْخ) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي: أَرْبَعَةٌ كُنْتُ أُحِبُّ بَقَاءهُم: أَبُو جَعْفَرٍ بنُ جَرِيْرٍ، وَالبَرْبَرِي، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَالمَعْمَرِيّ، فَمَا رَأَيْتُ أَفهَمَ مِنْهُم وَلاَ أَحْفَظ.
قَالَ الفَرغَانِي: وَحَدَّثَنِي هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْز: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيّ: أَظهرتُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيّ، وَاقتديتُ بِهِ بِبَغْدَادَ عشرَ سِنِيْنَ، وَتلقَّاهُ مِنِّي ابْنُ بَشَّار الأَحْوَل أُسْتَاذ ابْنِ سُرَيْج.
قَالَ هَارُوْنُ: فَلَمَّا اتَّسَعَ علمُه أَدَّاهُ اجْتِهَادُه وَبحثُه إِلَى مَا اختَارَهُ فِي كُتُبِهِ.
قَالَ الفرغَانِي: وَكَتَبَ إِلَيَّ المرَاغِي، قَالَ: لَمَّا تقلَّد الخَاقَانِيُّ الوِزَارَةَ وَجَّهَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِي بِمَالٍ كَثِيْرٍ، فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُوله، فَعَرض عَلَيْهِ القَضَاء فَامْتَنَعَ، فَعَرض عَلَيْهِ المَظَالِم فَأَبَى، فَعَاتبه أَصْحَابه وَقَالُوا: لَكَ فِي هَذَا ثَوَاب، وَتُحْيِي سُنَّةً قَدْ دَرَسَتْ.
وَطمعُوا فِي قَبُوله المَظَالِم، فَبَاكروهُ لِيَرْكَبَ مَعَهُم لقبُول ذَلِكَ، فَانتَهَرَهُم وَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي لَوْ رغبتُ فِي ذَلِكَ لَنَهَيْتُمُونِي عَنْهُ.
قَالَ: فَانْصَرَفْنَا خَجِلين.
أَبُو الفَتْح بنُ أَبِي الفَوَارِس: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ سَهْلِ ابْنِ الإِمَامِ - صَاحِبِ مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ -:
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ جَرِيْر وَهُوَ يُكَلِّم ابْنَ صَالِحٍ الأَعْلَم، وَجرَى ذكر عَلِيٍّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ: مَنْ قَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعمر ليسَا بِإِمَامِي هدَىً، أَيش هُوَ؟
قَالَ: مبتَدع.
فَقَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ إِنكَاراً عَلَيْهِ: مُبْتَدِعٌ مُبْتَدِعٌ! هَذَا يُقْتَل.
وَقَالَ مخلدُ البَاقَرحِي: أَنشدنَا مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ لِنَفْسِهِ:(14/275)
إِذَا أَعْسَرْتُ لَمْ يَعْلَمْ رَفِيْقِي ... وَأَسْتَغْنِي فَيَسْتَغْنِي صَدِيْقِي
حَيَائِي حَافِظٌ لِي مَاءَ وَجْهِي ... وَرِفْقِي فِي مُطَالَبَتِي رَفِيْقِي
وَلَوْ أَنِّي سَمَحْتُ بِمَاءِ وَجْهِي ... لكُنْتُ إِلَى العُلَى سَهْلَ الطَّرِيْقِ (1)
وَله:
خُلْقَانِ لاَ أَرْضَى فَعَالَهُمَا ... بَطَرُ الغِنَى وَمَذَلَّةُ الفَقْرِ
فَإِذَا غَنِيْتَ فَلاَ تَكُنْ بَطِراً ... وَإِذَا افْتَقَرْتَ فَتِهْ عَلَى الدَّهْرِ (2)
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفَرْغَانِي: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الدِّيْنَوَرِيّ، قَالَ:
لَمَّا كَانَ وَقتُ صَلاَة الظُّهر مَنْ يَوْم الاثْنَيْنِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيْهِ - فِي آخِره - ابْنُ جَرِيْرٍ طلبَ مَاءً لِيُجَدِّدَ وُضوءهُ، فَقِيْلَ لَهُ: تُؤخِّر الظُّهر تجمع بينهَا وَبَيْنَ العَصْر.
فَأَبَى وَصَلَّى الظُّهر مفردَة، وَالعصرَ فِي وَقتهَا أَتمَّ صَلاَة وَأَحسَنَهَا.
وحضرَ وَقتَ مَوْتِه جَمَاعَةٌ مِنْهُم: أَبُو بَكْرٍ بنُ كَامِلٍ فَقِيْلَ لَهُ قَبْلَ خُرُوْج روحه: يَا أَبَا جَعْفَرٍ! أَنْتَ الحجَّة فِيْمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الله فِيْمَا نَدِينُ بِهِ، فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ توصينَا بِهِ مِنْ أَمر دِيْنِنَا، وَبيِّنَةٍ لَنَا نَرْجُو بِهَا السَّلاَمَة فِي مَعَادِنَا؟
فَقَالَ: الَّذِي أَدينُ اللهَ بِهِ وَأَوصِيْكُم هُوَ مَا ثَبَّتُّ فِي كُتُبِي، فَاعمَلُوا بِهِ وَعَلَيْهِ.
وَكَلاَماً هَذَا مَعْنَاهُ، وَأَكْثَرَ مِنَ التشهّد وَذَكَرَ الله - عَزَّ وَجَلَّ - وَمسحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ، وَغَمَّضَ بصَرَهُ بِيَدِهِ، وَبَسَطَهَا وَقَدْ فَارقَتْ روحُهُ الدُّنْيَا.
وَكَانَ مَوْلِدُهُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَرَحَلَ مِنْ آمُل لمَّا تَرَعْرَعَ وَحفِظَ القُرْآن، وَسمحَ لَهُ أَبُوْهُ فِي أَسفَاره، وَكَانَ طول حيَاتِهِ يمدُّه بِالشَّيْءِ بَعْد
__________
(1) الأبيات في " تاريخ بغداد " 2 / 165 و" المنتظم " لابن الجوزي: 6 / 171، و" معجم الأدباء " 18 / 43، و" وفيات الأعيان " 4 / 192.
(2) البيتان في " تاريخ بغداد " 2 / 165، و" المنتظم " 6 / 171، و" معجم الأدباء " 18 / 43.(14/276)
الشَّيْءِ إِلَى البلدَان، فيقتَات بِهِ، وَيَقُوْلُ فِيْمَا سَمِعْتُه: أَبطأَتْ عَنِّي نفقَةُ وَالدِي، وَاضطُرِرْتُ إِلَى أَنْ فتقتُ كُمَّيْ قَمِيصي فَبِعْتُهُمَا.
قُلْتُ: جمع طرق حَدِيْث: غَدِيْر خُمّ، فِي أَرْبَعَةِ أَجزَاء، رَأَيْتُ شَطْرَهُ، فَبهَرَنِي سَعَةُ رِوَايَاته، وَجزمتُ بِوُقُوع ذَلِكَ.
قيل لاِبْنِ جَرِيْرٍ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي دَاوُدَ يُمْلِي فِي مَنَاقِب عليّ.
فَقَالَ: تكبيرَة مِنْ حَارس.
وَقَدْ وَقَعَ بَيْنَ ابْنِ جَرِيْرٍ وَبَيْنَ ابْن أَبِي دَاوُدَ، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لاَ يُنْصِفُ الآخر، وَكَانَتِ الحَنَابِلَةُ حزبَ أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي دَاوُدَ، فكَثُرُوا وَشَغَّبُوا عَلَى ابْنِ جَرِيْرٍ، وَنَاله أَذَىً، وَلَزِمَ بيتَه، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى.
وَكَانَ ابْنُ جَرِيْرٍ مِنْ رِجَال الكَمَال، وَشُنِّعَ عَلَيْهِ بِيَسِيْر تشيُّع، وَمَا رأَينَا إِلاَّ الخَيْر، وَبَعْضُهُم ينْقل عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُجِيز مسحَ الرِّجْلَيْن فِي الْوضُوء، وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ فِي كُتُبِه.
وَلأَبِي جَعْفَرٍ فِي تآلِيفه عبارَةٌ وَبلاغَة، فَمِمَّا قَاله فِي كِتَاب (الآدَاب النفيسَة وَالأَخلاَق الحمِيدَة) :القَوْلُ فِي البيَان عَنِ الحَال الَّذِي يَجِبُ عَلَى العَبْد مرَاعَاةُ حَاله فِيْمَا يَصْدُرُ مِنْ عَمَله للهِ عَنْ نَفْسِه، قَالَ: إِنَّهُ لاَ حَالَةَ مِنْ أَحْوَال المُؤْمِن يَغْفُلُ عدُوُّهُ المُوكلُ بِهِ عَنْ دُعَائِه إِلَى سَبِيلهُ، وَالقُعُود لَهُ رَصَداً بِطرق رَبِّهِ المُسْتقيمَة، صَادّاً لَهُ عَنْهَا، كَمَا قَالَ لربِّه - عزَّ ذِكْرُهُ - إِذْ جَعَلَهُ مِنَ المُنْظَرين: {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيْمْ*، ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيْهِمْ وَمِنْ خَلْفِهم} [الأَعرَاف:16، 17] طَمَعاً مِنْهُ فِي تَصْدِيْقِ ظَنَّهِ عَلَيْهِ إِذْ قَالَ لربِّه: {لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَتَهُ إِلاَّ قَلِيْلاً} [الإِسرَاء:62] فَحَقٌ عَلَى كُلِّ ذِي حِجَىً أَنْ يُجْهِدَ نَفْسَهُ فِي تَكْذِيب ظَنَّهِ، وَتَخْييْبِهِ مِنْهُ أَمَلَهُ وَسَعْيِهِ فِيْمَا أَرْغَمَهُ، وَلاَ شَيْءَ مِنْ فِعل العَبْد أَبلغُ فِي مكروهِهِ مِنْ طَاعته رَبّهُ، وَعِصْيَانِهِ أَمرَه، وَلاَ شَيْءَ أَسَرُّ إِلَيْهِ مِنْ عِصْيَانِهِ رَبّهُ، وَاتِّبَاعِه أَمرَه.(14/277)
فَكلامُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ هَذَا النَّمط، وَهُوَ كَثِيْرٌ مُفِيْد.
وَقَدْ حَكَى أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيّ فِي (النشوَار) لَهُ، عَنْ عُثْمَانَ بنِ مُحَمَّدٍ السُّلَمِيّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي ابْنُ منجو القَائِد قَالَ: حَدَّثَنِي غُلاَمٌ لاِبْنِ المزوّق، قَالَ:
اشْتَرَى مَوْلاَيَ جَارِيَة، فَزَوَّجَنِيْهَا، فَأَحْبَبْتُهَا وَأَبْغَضَتْنِي حَتَّى ضَجِرْتُ، فَقُلْتُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقُ ثَلاَثاً، لاَ تُخَاطِبِيْنِي بِشَيْءٍ إِلاَّ قُلْتُ لَكِ مثلَه، فَكَم أَحتملُكِ؟
فَقَالَتْ فِي الحَال: أَنْتَ طَالِقٌ ثَلاَثاً فَأُبْلِسْتُ، فَدُلِلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، فَقَالَ لِي: أَقِمْ مَعَهَا بَعْدَ أَنْ تَقُولُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً إِنْ طَلَّقْتُكِ.
فَاسْتَحْسَنَ هَذَا الجَوَاب.
وَذكرَهُ شَيْخُ الحَنَابِلَة ابْنُ عَقِيْلٍ، وَقَالَ: وَلَهُ جَوَابٌ آخر: أَنْ يَقُوْلَ كَقَوْلِها سوَاء: أَنْتَ طَالِقٌ ثَلاَثاً - بِفَتْح التَّاء - فَلاَ يَحْنَث.
وَقَالَ أَبُو الفَرَجِ ابْنُ الجَوْزِيِّ: وَمَا كَانَ يلزمُهُ أَنْ يَقُوْلَ لَهَا ذَاكَ عَلَى الْفَوْر، فَلَهُ التَّمَادِي إِلَى قَبْلِ المَوْت.
قُلْتُ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً، وَقَصَدَ الاسْتفهَام أَوْ عَنَى أَنَّهَا طَالِقٌ مِنْ وَثَاق، أَوْ عَنَى الطَّلْقَ لَمْ يَقَعْ طلاَقٌ فِي بَاطِن الأَمْر.
وَله جَوَابٌ آخر عَلَى قَاعدَة مُرَاعَاة سَبَب اليَمِين وَنيَّة الحَالف، فَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُوْلَ لَهَا مَا قَالَتْهُ، إِذْ مِنَ المَعْلُوْم بِقَرِيْنَةِ الحَال اسْتثنَاءُ ذَلِكَ قطعاً، لأَنَّه مَا قَصَدَ إِلاَّ أَنَّهَا إِذَا قَالَتْ لَهُ مَا يُؤذيه أَنْ يُؤذيهَا بِمِثْلِهِ، وَلَوْ جَاوبهَا بِالطَّلاَقِ لَسُرَّتْ هِيَ، وَلتَأَذَّى هُوَ، كَمَا اسْتُثْنِي مِنْ عُموم قَوْله تَعَالَى: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النَّمْل:23] بقرينَة الحَال أَنَّهَا لَمْ تُؤْتَ لِحْيَةً لاَ إِحليلاً.
وَمِنَ المَعْلُوْم اسْتثنَاؤُهُ بِالضَّرورَة الَّتِي لَمْ يَقْصِدْهَا الحَالفُ قَطُّ لَوْ حلف: لاَ تقولِي لِي شَيْئاً إِلاَّ قُلْتُ لَكِ مثلَه، أَنَّهَا لَوْ كَفَرَتْ وَسَبَّتِ الأَنْبِيَاءَ فَلَمْ يُجَاوِبْهَا بِمثلِ ذَلِكَ لأَحسنَ.
ثمَّ يَقُوْلُ طَائِفَةٌ مِنَ الفُقَهَاء: إِنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ - وَالعيَاذُ بِاللهِ -(14/278)
قَصَدَ دُخُوْلَ ذَلِكَ فِي يمِينِهِ.
وَأَمَّا عَلَى مَذْهَب دَاوُدَ بنِ عَلِيٍّ، وَابْنِ حَزْمٍ، وَالشِّيْعَة، وَغَيْرهم، فَلاَ شَيْء عَلَيْهِ، وَرأَوا الحلفَ وَالأَيْمَان بِالطَّلاَق مِنْ أَيْمَان اللَّغْوِ، وَأَنَّ اليَمِين لاَ تنعقدُ إِلاَّ بِاللهِ.
وذهبَ إِمَامٌ (1) فِي زَمَانِنَا إِلَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى حضٍّ أَوْ مَنْعٍ بِالطَّلاَق، أَوِ العِتَاق، أَوِ الحَجِّ وَنحو ذَلِكَ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يمِين، وَلاَ طلاَقَ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيْرٍ فِي كِتَاب (التبصير فِي معَالِم الدِّيْنِ) :القَوْل فِيْمَا أُدْرِكَ علمُهُ مِنَ الصِّفَات خَبراً، وَذَلِكَ نَحْو إِخبارِهِ تَعَالَى أَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيْرٌ، وَأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ بِقَوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان} [المَائِدَة:64] وَأَنَّ لَهُ وَجْهاً بِقَوله: {وَيَبْقَى وَجْهَ رَبِّكَ} [الرَّحْمَن:27] وَأَنَّهُ يَضْحَكُ بِقَوله فِي الحَدِيْثِ: (لَقِيَ اللهَ وَهُوَ يَضْحَكُ إِلَيْهِ (2)) ، وَ (أَنَّهُ يَنْزِلُ إِلَى سمَاء الدُّنْيَا) لخبرِ رَسُوْلِهِ بِذَلِكَ (3) ، وَقَالَ
__________
(1) هو شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد جاء في هامش الأصل ما نصه: " أخطأ هذا الامام فيما ذهب إليه، وبدع بذلك، وحجر عليه، واعتقل غير مرة إلى أن مات.
وقد نقل الاجماع في المسألة على خلاف قوله جماعة من الأئمة، ورد عليه غير واحد من المحققين، وبالله المستعان ".
(2) الحديث في " الصحيحين " وسيذكر المؤلف نصه في الصفحة (562) من هذا الجزء.
(3) أخرج مالك في " الموطأ " 1 / 214 في القرآن: باب ما جاء في الدعاء، والبخاري: 3 / 26 25 في التهجد: باب الدعاء والصلاة من آخر الليل، و11 / 110 في الدعوات: باب الدعاء نصف الليل، و13 / 389 في التوحيد: باب قول الله تعالى: (يريدون أن يبدلوا كلام الله) ، ومسلم (758) في صلاة المسافرين: باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، والترمذي (3498) وأبو داود (1315) كلهم من طريق ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعن أبي عبد الله الاغر، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له؟ ".
وقد شرح هذا الحديث شيخ الإسلام شرحا مفصلا في كتابه " حديث النزول " وهو مطبوع.(14/279)
عَلَيْهِ السَّلاَمُ: (مَا مِنْ قَلْبٍ إِلاَّ وَهُوَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَن (1)) .
إِلَى أَنْ قَالَ: فَإِنَّ هَذِهِ المَعَانِي الَّتِي وُصفت وَنظَائِرهَا مِمَّا وَصَفَ اللهُ نَفْسهُ وَرَسُوْلُه مَا لاَ يَثْبُتُ حَقِيْقَةُ عِلْمِهِ بِالفِكر وَالرَّويَّة، لاَ نُكَفِّرُ بِالجَهْل بِهَا أَحَداً إِلاَّ بَعْد انتهَائِهَا إِلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ: أَخْبَرَنَا زَيْنُ الأُمنَاء الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الأَسَدِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ بنُ أَبِي العَلاَءِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي نَصْرٍ التَّمِيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الدِّيْنَوَرِيُّ مُسْتَمْلِي ابْنِ جَرِيْرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ بِعَقِيدَتِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ: وَحَسْبُ امرِئٍ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ رَبّهُ هُوَ الَّذِي عَلَى الْعَرْش اسْتوَى، فَمَنْ تجَاوَزَ ذَلِكَ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ.
وَهَذَا (تَفْسِيْر) هَذَا الإِمَام مشحونٌ فِي آيَات الصِّفَاتِ بِأَقوَالِ السَّلَفِ عَلَى الإِثْبَات لَهَا، لاَ عَلَى النَّفِي وَالتَّأْوِيْل، وَأَنَّهَا لاَ تُشْبِهُ صِفَاتِ المَخْلُوْقينَ أَبَداً.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا المُسْلِمُ بنُ أَحْمَدَ المَازِنِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ الحَافِظُ بِبَعْلَبَكَّ سَنَة إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِ مائَة، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الحُسَيْنِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظ، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ هِبَةِ اللهِ بنِ الحَسَنِ الأَدِيْب لاِبْنِ دُرَيْد.
قُلْتُ: يَرْثِي ابْنَ جَرِيْر:
لَنْ تَسْتَطِيْعَ لأَمْرِ اللهِ تَعْقِيْبَا ... فَاسْتَنْجِدِ الصَّبْرَ أَوْ فَاسْتَشْعِرِ الحُوْبَا
وَافْزَعْ إِلَى كَنَفِ التَّسْلِيم وَارْضَ بِمَا ... قَضَى المُهَيْمِنُ مَكْرُوْهَا وَمَحْبُوبَا
إِنَّ الرَّزِيَّة لاَوَفْرٌ تُزَعْزِعُهُ ... أَيْدِي الحَوَادِثِ تَشْتِيْتاً وَتَشْذِيْبَا
__________
(1) أخرج الامام أحمد في " مسنده " 2 / 168، ومسلم في " صحيحه " (2654) من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم مصرف القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك ". =(14/280)
وَلاَ تفرُّق أُلاَّفٍ يَفُوْتُ بِهِم ... بَيْنٌ يُغَادِرُ حَبْلَ الوَصْلِ مَقْضُوبَا
لَكِنَّ فِقْدَانَ مَنْ أَضحَى بِمَصْرَعِهِ ... نُوْرُ الهُدَى وَبهَاءُ العِلْمِ مَسْلُوْبَا
إِنَّ المنيَّةَ لَمْ تُتْلِفْ بِهِ رَجُلاً ... بَلْ أَتْلَفَتْ عَلَماً لِلدِّيْنِ مَنْصُوبَا
أَهْدَى الرَّدَى للثَّرَى إِذْ نَالَ مُهْجَتَهُ ... نَجْماً عَلَى مَنْ يُعَادِي الحَقَّ مَصْبُوبَا
كَانَ الزَّمَانُ بِهِ تَصْفُو مَشَارِبُهُ ... فَالآنَ أَصْبَحَ بِالتَّكْدِيْرِ مَقْطُوبَا
كَلاَّ وَأَيَّامُهُ الغُرُّ الَّتِي جَعَلَتْ ... لِلْعِلْمِ نُوْراً وَلِلتَّقْوَى مَحَارِيْبَا
لاَ يَنْسَرِي الدَّهْرُ عَنْ شِبْهٍ لَهُ أَبَداً ... مَا اسْتَوْقَفَ الحَجُّ بِالأَنصَابِ أُرْكُوبَا
إِذَا انتَضَى الرَّأْي فِي إِيضَاحِ مُشْكِلَةٍ ... أَعَادَ مَنْهَجَهَا المَطْمُوْسَ مَلْحُوبَا
لاَ يُوْلِجُ اللَّغْو وَالعَوْرَاء مَسْمَعَهُ ... وَلاَ يُقَارِفُ مَا يُغْشِيْهِ تَأْنِيْبَا
تَجْلُو مَوَاعِظُهُ رَيْنَ القُلُوبِ كَمَا ... يَجْلُو ضِيَاءَ سَنَا الصُّبْحِ الغَيَاهِيْبَا
لاَ يَأْمَنُ العَجْزَ وَالتَّقْصِيْرَ مَادِحُهُ ... وَلاَ يَخَافُ عَلَى الإِطنَابِ تَكْذِيْبَا
وَدَّتْ بِقَاعُ بِلاَدِ اللهِ لَوْ جُعِلَتْ ... قَبْراً لَهُ لَحَبَاهَا جِسْمُهُ طِيْبَا
كَانَتْ حَيَاتُكَ لِلدُّنْيَا وَسَاكِنِهَا ... نُوْراً فَأَصْبَحَ عَنْهَا النُّوْرُ مَحْجُوْبَا
لَوْ تَعْلَمُ الأَرْضُ مَنْ وَارَتْ لَقَدْ خَشَعَتْ ... أَقْطَارُهَا لَكَ إِجلاَلاً وَتَرْحِيْبَا
إِنْ يَنْدِبُوْكَ فَقَدْ ثُلَّتْ عُرُوْشُهُمُ ... وَأَصْبَحَ العِلْمُ مَرْثِياً وَمَنْدُوبَا
وَمِنْ أَعَاجِيْبِ مَا جَاءَ الزَّمَانُ بِهِ ... وَقَدْ يُبِيْنُ لَنَا الدَّهْرُ الأَعَاجِيْبَا
__________
= وأخرج الترمذي (2141) من حديث أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " فقلت: يا رسول الله قد آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: " نعم، إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرج أحمد 4 / 182 بإسناد صحيح عن النواس بن سمعان: سمعت رسول الله صلى إليه عليه وسلم يقول: " ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع رب العالمين، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه " وكان يقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.
والميزان بيد الرحمن عزوجل يحفضه ويرفعه ".(14/281)
أَنْ قَدْ طَوَتْكَ غُمُوْضُ الأَرْضِ فِي لِحفٍ ... وَكُنْتَ تَمْلأُ مِنْهَا السَّهْلَ وَاللُّوبَا (1)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ: تُوُفِّيَ ابْنُ جَرِيْرٍ عَشِيَّة الأَحَدِ لِيَوْمَيْنِ بَقِيَا مِنْ شَوَّال سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَدُفِنَ فِي دَارهِ بِرَحْبَةِ يَعْقُوْب - يَعْنِي: بِبَغْدَادَ -.
قَالَ: وَلَمْ يُغَيِّر شَيْبَه، وَكَانَ السَّوَادُ فِيْهِ كَثِيْراً، وَكَانَ أَسمر إِلَى الأُدْمَةِ، أَعْيَنَ، نَحِيْفَ الجِسْمِ، طَوِيْلاً، فَصِيْحاً، وَشَيَّعَهُ مَنْ لاَ يُحْصِيْهُم إِلاَّ اللهُ تَعَالَى، وَصُلِّيَ عَلَى قَبْره عِدَّة شهورٍ ليلاً وَنهَاراً إِلَى أَنْ قَالَ: وَرثَاهُ خلقٌ مِنَ الأَدباء وَأَهْل الدِّين، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل أَبِي سَعِيْدٍ بن الأَعْرَابِيّ:
حَدَثٌ مُفْظِعٌ وَخَطْبٌ جَلِيْلٌ ... دَقَّ عَنْ مِثْلِهِ اصْطِبَارُ الصَّبُورِ
قَامَ نَاعِي العُلُومِ أَجْمَعِ لمَّا ... قَامَ نَاعِي مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ (2)
176 - مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرِ بنِ رُسْتُمَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ *
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ الكتَّانِيّ: هُوَ مِنَ الرَّوَافض، صَنّف كتباً كَثِيْرَة فِي ضلاَلتهِم، لَهُ كِتَاب: (الرُّوَاة عَنْ أَهْلِ البَيْت) ، وَكِتَاب: (الْمُسْتَرْشِد فِي الإِمَامَة) . نقلته مِنْ خطّ الصَّائِن.
__________
(1) الابيات في " ديوان ابن دريد " ص 69 67. وانظر أيضا: " تاريخ بغداد " 2 / 167 - 169.
(2) أورد البيتين ابن عبد الهادي في " مختصر طبقات علماء الحديث " في ترجمته.
(*) ميزان الاعتدال: 3 / 499، لسان الميزان: 5 / 103، طبقات أعلام الشيعة: 250 - 253.(14/282)
177 - عَلِيُّ بنُ سِرَاجٍ أَبُو الحَسَنِ بنُ أَبِي الأَزْهَرِ الحَرَشِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ البَارِعُ، أَبُو الحَسَنِ بنُ أَبِي الأَزْهَر الحَرَشِيّ مَوْلاَهُمُ المِصْرِيّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، جَال وَكَتَبَ العَالِي وَالنَّازل (1) .
وَأَخَذَ عَنْ: أَبِي عُمَيْر عِيْسَى بن النَّحَّاسِ، وَسَعِيْدِ بنِ أَبِي زيدُوْنَ القَيْسَرَانِيّ، وَيُوْسُف بن بَحْر، وَسَعِيْد بن عَمْرٍو السَّكُوْنِيّ، وَمُحَمَّد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الأَشْعَث، وَفهد بن سُلَيْمَانَ، وَأَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَنَزَلَ بَغْدَادَ، وَجَمَعَ وَصَنَّفَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيْلِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ العَسَّال، وَأَبُو بَكْرٍ الجِعَابِيّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: كَانَ يَحْفَظ الحَدِيْث.
وَقَالَ الخَطِيْبُ: كَانَ عَارِفاً بِأَيَّام النَّاس وَأَحْوَالِهم، حَافِظاً.
وَقِيْلَ: مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ.
__________
(*) تاريخ بغداد: 11 / 433 431، تاريخ ابن عساكر: 12 / 51 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 130 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 757 756، ميزان الاعتدال: 3 / 131، لسان الميزان: 4 / 231 230، طبقات الحفاظ: 318، شذرات الذهب: 2 / 252.
(1) كان الأئمة المتقدمون يطلبون علو الإسناد، ويرغبون فيه، ويرحلون من أجله، لأنه أبعد عن الخطأ والعلة من الإسناد النازل.
وأجل أنواع العلو ما قرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح نظيف خال من الضعف، بخلاف ما إذا كان مع ضعف، فعندها لا يلتفت إليه، لا سيما إن كان فيه بعض الكذابين المتأخرين ممن ادعى سماعا من الصحابة.
وانظر حول العالي والنازل " شرح الالفية للسخاوي " 3 / 26 3.(14/283)
إِلاَ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: كَانَ يشربُ وَيَسكر (1) .
كتب إِلَيْنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْصٍ المُعَلِّم، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ القَاضِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العَبَّاسِيّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ سِرَاج الحَافِظ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْر الرَّمْلِيّ، حَدَّثَنَا روَّاد بن الجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ بَشِيْر، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! رَآنِي رَجُلٌ وَأَنَا أُصَلِّي فِي السِّرِّ، فسرَّنِي ذَلِكَ.
قَالَ: (لَكَ أَجرَان: أَجْرُ السِّرِّ، وَأَجْرُ العلاَنيَة) (2) .
178 - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحُسَيْنِ بنِ خَالِدٍ النَّيْسَابُوْرِيُّ *
القَاضِي، العَلاَّمَة، شَيْخُ أَهْلِ الرَّأْي بِخُرَاسَانَ، أَبُو سَعِيْدٍ النَّيْسَابُوْرِيّ، الحَنَفِيُّ.
سَمِعَ: الحَسَنَ بنَ عِيْسَى بنِ مَاسَرْجِسَ، وَمُحَمَّدَ بنَ رَافِعٍ، وَعَلِيَّ بنَ
__________
(1) ربما كان يشرب الطلاء المختلف فيه، أما أن يشرب ما هو متفق على تحريمه، فيستعبد صدوره من مثله.
(2) سعيد بن بشير ضعيف لكنه متابع، فقد رواه الترمذي (2385) في الزهد: باب عمل السر، وابن ماجه (4226) في الزهد: باب الثناء الحسن، من طريقين عن أبي داود، عن سعيد بن سنان الشيباني، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
قال الترمذي: " وقد فسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إذا اطلع عليه فأعجبه، فإنما معناه أن يعجبه ثناء الناس عليه بالخير لقول النبي صلى الله عليه وسلم " أنتم شهداء الله في الأرض " فيعجبه ثناء الناس عليه لهذا لما يرجو بثناء الناس عليه.
فأما إذا أعجبه ليعلم الناس منه الخير ليكرم على ذلك، ويعظم عليه فهذا رياء.
وقال بعض أهل العلم: إذا اطلع عليه فأعجبه رجاء أن يعمل بعمله فيكون له مثل أجورهم، فهذا له مذهب أيضا ".
(*) لم نجد ترجمة له في المصادر التي بين أيدينا.(14/284)
سلمَة اللَّبَقِيّ، وَسَعْدَانَ بن نَصْرٍ، وَأَقرَانَه بِبَغْدَادَ، وَأَبَا زُرْعَةَ، وَأَبَا حَاتِم بِالرَّيِّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ القَاضِي عَبْدُ الحَمِيْدِ، وَأَحْمَد بن هَارُوْنَ الفَقِيْه، وَطَائِفَة.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ: كَانَ إِمَام أَهْل الرَّأْي فِي عصرِهِ بِلاَ مدَافعَة.
قُلْتُ: مَاتَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ بِنَيْسَابُوْرَ عَنْ نَيِّف وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْن خُزَيْمَةَ وَاقع، بِحَيْثُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صنعَ تِلْكَ المأْدُبَة - الَّتِي مَا سُمِعَ لشيْخ بِمثلهَا، وَشهدهَا أَلوف مِنَ التُّجَّار وَالفُقَهَاء - إِثر وَفَاة هَذَا القَاضِي.
رَحِمَ اللهُ الجَمِيْع.
179 - ابْنُ جَابِرٍ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ جَابِرٍ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ المجتهدُ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، أَبُو إِسْحَاقَ، إِبْرَاهِيْمُ بنُ جَابِرٍ البَغْدَادِيُّ الفَقِيْهُ، الثَّبْتُ.
يروِي فِي (الخلاَفيَّات (1)) عَنِ الحُسَيْنِ بنِ أَبِي الرَّبِيْع، وَالرَّمَادِيّ.
وَعَنْهُ: الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ الزُّهْرِيّ.
تُوُفِّيَ: سَنَةَ عشر وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) فهرست ابن النديم: 306 305، طبقات العبادي: 73: 73، تاريخ بغداد: 6 / 54 53، طبقات الاسنوي: 1 / 345 344.
(1) كتاب الخلافيات: لأبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى البيهقي الشافعي، المتوفى سنة ثمان وخمسين وأربع مئة. قال التاج السبكي: " لم يسبق إلى نوعه، ولم يصنف مثله ".
انظر " الرسالة المستطرفة " ص 34 33.(14/285)
180 - ابْنُ مُكْرمٍ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيُّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، البَارِعُ، الحجَّةُ، أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنُِ مُكرم البَغْدَادِيّ، نَزِيْلُ البَصْرَةِ.
سَمِعَ: بِشْرَ بنَ الوَلِيْدِ الكِنْدِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ بَكَّارٍ بنِ الرَّيَّانِ، وَعُبَيْدَ اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَمَنْصُوْرَ بنَ أَبِي مزَاحِم، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَد العَطَّار، وَابْنُ عَدِيٍّ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَالحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ القَطَّان، وَأَهْلُ البَصْرَة.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ثِقَة.
وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ فَهْد: مَا قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ بَغْدَادَ أَحَدٌ أَعْلَم بِالحَدِيْثِ مِنِ ابْنِ مُكرم.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ بِضْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً.
أَكْثَر عَنْهُ الطَّبَرَانِيّ.
181 - القَطَّانُ أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ **
الحَافِظُ، المُسْنِدُ، الثِّقَةُ، أَبُو عَلِيٍّ، الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ الأَزْرَق الرَّقِّيّ المَالِكِيُّ القَطَّان الجَصَّاص، رحَّال مُصَنِّف.
سَمِعَ: هِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ هِشَام الغَسَّانِيّ، وَالوَلِيْدَ بنَ عُتْبَةَ،
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 233، المنتظم: 6 / 165، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 126 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 736 735، العبر: 2 / 844، شذرات الذهب: 2 / 258.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 5 / 1، تهذيب ابن عساكر: 4 / 305.(14/286)
وَإِسْحَاقَ بنَ مُوْسَى الخَطْمِيّ، وَمخلدَ بنَ مَالِك، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: جَعْفَر الخُلْدِيّ، وَالحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ السُّنِّيّ، وَأَبُو حَاتِمٍ البُسْتِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عدَيّ، وَأَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ الأَزْدِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ وَخَلْق.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
تُوُفِّيَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
182 - الطُّوْسِيُّ أَبُو عَلِيٍّ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ نَصْرٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَلِيٍّ، الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ نَصْر بن مَنْصُوْرٍ الطُّوْسِيّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى، وَأَحْمَدَ بن حَفْص بن عَبْدِ اللهِ، وَأَحْمَدَ بن الأَزْهَرِ، وَالفَضْل بن عَبْدِ اللهِ بنِ خرَّم الهَرَوِيّ، وَبُندَاراً، وَابْنَ مُثَنَّى، وَإِسْحَاقَ بنَ شَاهِيْن، وَابْنَ عَرَفَةَ، وَالزَّعْفَرَانِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَمْرِو بنِ أَبِي مَذْعُوْر، وَأَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجّ، وَابْنَ المُقْرِئ، وَطَبَقَتهُم.
وَحَدَّثَ بِقَزْوِين كرَّتين.
رَوَى عَنْهُ: إِسْحَاقُ بنُ مُحَمَّدٍ الكَيْسَانِيّ، وَابْنُ سَلَمَةَ القَطَّان، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ بنِ يَزِيْدَ الفَامِيّ، وَعِدَّة.
وَكَتَبَ عَنْهُ شَيْخه أَبُو حَاتِمٍ.
__________
(*) تاريخ جرجان: 144 143، ذكر أخبار أصبهان: 1 / 263 262، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 134 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 788 787، ميزان الاعتدال: 1 / 509، لسان الميزان: 2 / 233 232، طبقات الحفاظ: 330، شذرات الذهب: 2 / 264.(14/287)
قَالَ الخَلِيْلِيّ: ثِقَة، عَالِم بِهَذَا الشَّأْن.
سُئِلَ عَنْهُ ابْن أَبِي حَاتِمٍ، فَقَالَ: ثِقَةٌ معتمدٌ عَلَيْهِ.
قَالَ الخَلِيْلِيّ: أَدْرَكْت مِنْ أَصْحَابه نَحْو عَشْرَة.
وَلَهُ تَصَانِيْف حِسَان.
وَقَالَ الحَاكِمُ: يُعْرَفُ بِكردَوْش.
وَقَالَ أَبُو النَّضْر الفَامِيّ: يُعرفُ بِمُكردش.
قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: أَبُو سَهْلٍ الصُّعْلُوْكِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوْس.
تُوُفِّيَ عَلَى مَا قَاله الحَاكِم: بِطُوْسَ، سنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقَالَ الخَلِيْلِيّ: مَاتَ فِي طَرِيْق الغَزْو سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
183 - الوَلِيْدُ بنُ أَبَانِ بنِ بُوْنَةَ أَبُو العَبَّاسِ الأَصْبَهَانِيُّ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، العَلاَّمَةُ، أَبُو العَبَّاسِ الأَصْبَهَانِيّ، صَاحِبُ (المُسْنَدِ الكَبِيْر) وَ (التَّفْسِيْر) .
حَدَّثَ عَنْ: أَحْمَدَ بن عَبْدِ الجَبَّارِ العُطَارِدِيّ، وَأَحْمَدَ بنِ الفُرَاتِ، وَعَبَّاس الدُّوْرِيّ، وَأُسِيْد بن عَاصِمٍ، وَيَحْيَى بنِ عَبْدك القَزْوِيْنِيّ، وَطَبَقَتِهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو الشَّيْخ، وَالطَّبَرَانِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن مَخْلَدٍ،
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 335 334، الإكمال لابن ماكولا: 1 / 371، الأنساب: 95 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 134 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 784، العبر: 2 / 147، مرآة الجنان: 2 / 250، النجوم الزاهرة: 3 / 206، طبقات الحفاظ: 329، طبقات المفسرين للداودي: 2 / 360، شذرات الذهب: 2 / 261، الرسالة المستطرفة: 72.(14/288)
وَأَحْمَد بن عُبَيْد اللهِ بن مَحْمُوْدٍ، وَالأَصْبَهَانيُّون.
مَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ بِضْع وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو الشَّيْخ كَثِيْراً فِي تآلِيفه، وَكَانَ بَصِيْراً بِهَذَا الشَّأْن، لاَ يقعُ لَنَا حَدِيْثه إِلاَّ بِنُزول.
184 - الخُزَاعِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ *
الإِمَامُ، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، إِسْحَاقُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْحَاقَ بن نَافِعٍ الخُزَاعِيُّ المَكِّيُّ، شَيْخ الحَرَمِ، جوَّد القُرْآن عَلَى البَزِّي، وَعَبْدِ الوَهَّابِ بن فُلَيْحٍ.
وَحَدَّثَ عَنِ: ابْنِ أَبِي عُمَرَ العَدَنِيّ بِـ (مسنَده) ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بنِ زُنْبور، وَأَبِي الوَلِيْدِ الأَزرقِيّ.
وَكَانَ مُتْقِناً، ثِقَةً، ذكر أَنَّهُ تَلاَ عَلَى ابْنِ فُلَيْحٍ مائَةً وَعِشْرِيْنَ خَتمَة.
وَلَهُ مصنَّفَات فِي القرَاءات.
قرأَ عَلَيْهِ: ابْن شَنَبُوذ، وَالمُطَّوِّعِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الزَّيْنَبِيّ، وَعِدَّة.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ المُقْرِئُ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الأَنطَاكِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ: بِمَكَّةَ فِي ثَامن رَمَضَان، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) طبقات القراء للذهبي: 1 / 185 184، العبر: 2 / 137 136، الوافي بالوفيات: 8 / 403، البداية والنهاية: 11 / 131، العقد الثمين: 3 / 290، طبقات القراء للجزري: 1 / 156، شذرات الذهب: 2 / 252.(14/289)
185 - المَنْبَجِيُّ أَبُو بَكْرٍ عُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَحْمَدَ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، القُدْوَةُ، العَابِدُ، أَبُو بَكْرٍ، عُمَرُ بنُ سَعِيْدِ بنِ أَحْمَدَ بنِ سَعْدِ بنِ سِنَان الطَّائِيّ المَنْبِجِيّ.
سَمِعَ: أَبَا مُصْعَب الزُّهْرِيّ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَدُحَيْماً، وَأَحْمَدَ بنَ أَبِي شُعَيْب الحَرَّانِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ قُدَامَةَ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَعَبْدَان بنُ حُمَيْدٍ المَنْبِجِيُّ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ المَنْبِجِيّ، وَأَبُو الأَسد مُحَمَّد بن إِليَاس البَالِسِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ قَدْ صَام النَّهَار وَقَامَ اللَّيْل ثَمَانِيْنَ سَنَةً، غَازياً مرَابطاً - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ -.
لم أَظفر لَهُ بوَفَاة.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ الصَّالِحيّ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ بن الحَسَنِ الأَسَدِيّ، أَخْبَرَنَا جَدِّي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ أَبِي العَلاَءِ الفَقِيْه، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الوَلِيْدِ بِمَنْبِج، حَدَّثَنَا أَبُو الأَسد مُحَمَّدُ بنُ إِليَاس، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ سَعِيْدٍ المَنْبِجِيّ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ دُحَيْم، حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ المُنْذِر، سَمِعَ القَاسِمَ بن مُحَمَّد يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاوِيَةَ: أَنَّهُ أَرَاهُم وضوءَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ الرَّأْسِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّم رَأْسِه، ثُمَّ مرَّ بِهِمَا حَتَّى بَلَغَ القَفَا، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ المَكَان الَّذِي مِنْهُ بدأَ. غَرِيْب (1) ، وَالقَاسِم هَذَا: ثَقَفِيٌّ مِنْ أَهْلِ دِمَشْق.
__________
(*) الأنساب: 542 / ب، تاريخ ابن عساكر: 13 / 114 / أ، معجم البلدان: 5 / 207، اللباب: 3 / 259.
(1) وأخرجه الامام أحمد: 4 / 94، وأبو داود (124) في الطهارة: باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من طريقين عن الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الله بن العلاء، حدثنا أبو الأزهر =(14/290)
رَوَى عَنْهُ أَيْضاً: قَيْسُ بنُ الأَحْنَف.
186 - البَلْخِيُّ أَبُو العَبَّاسِ حَامِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثَّبْتُ، أَبُو العَبَّاسِ، حَامِدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبِ بنِ زُهَيْرٍ البَلْخِيّ ثُمَّ البَغْدَادِيّ، المُؤَدِّب.
حَدَّثَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ بَكَّار بن الرَّيَّانِ، وَعُبَيْد اللهِ القَوَارِيْرِيّ، وَسُرَيْج بن يُوْنُسَ، وَطَبَقَتهِم.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الجِعَابِيّ، وَعَلِيُّ بنُ لُؤْلُؤ الوَرَّاق، وَمُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الوَرَّاق، وَعَلِيُّ بنُ عُمَرَ السُّكَّرِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرهُ.
مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ، وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، عَنْ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ مِنْ بَقَايَا المُسْنِدين.
__________
= المغيرة بن فروة وزاد أبو داود: ويزيد بن أبي مالك أن معاوية توضأ للناس كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء، فتلقاها بشماله حتى وضعها على مقدم رأسه، حتى قطر الماء أو كاد يقطر، ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه ".
وسنده صحيح، فقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث.
(1) قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 7 / 118: القاسم بن محمد الثقفي: روى عن معاوية وأسماء ابنة أبي بكر، روى عنه قيس بن الاحنف وعثمان بن المنذر. سمعت أبي يقول ذلك.
(*) تاريخ بغداد: 8 / 170 169، المنتظم: 6 / 164، العبر: 2 / 144، شذرات الذهب: 2 / 258.(14/291)
187
- ابْنُ مُيَسَّرٍ (1) أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدٍ *
شَيْخُ المَالِكِيَّةِ، أَبُو بَكْرٍ، أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَالِدِ بنِ مُيَسَّر، الفَقِيْهُ الإِسْكَنْدَرَانِيّ، صَاحِبُ ابْن الموَّاز، وَرَاوِي كِتَابه.
صَنّف التَّصَانِيْف، وَانتهتْ إِلَيْهِ رِئاسَةُ المَذْهَب بِمِصْرَ.
تُوُفِّيَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ حَدَّثَ عَنْ يَزِيْدَ بنِ سَعِيْدٍ الإِسْكَنْدَرَانِيّ.
188 - الحَاسِبُ أَبُو أَحْمَدَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُوْسَى البَغْدَادِيُّ **
الثِّقَةُ المُتْقِنُ، أَبُو أَحْمَدَ، إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُوْسَى البَغْدَادِيُّ الحَاسِب.
سَمِعَ: بِشْر بن الوَلِيْدِ، وَجُبارَة بن المغَلِّس، وَالقَوَارِيْرِيّ.
وَعَنْهُ: ابْنُ المُظَفَّر، وَأَبُو بَكْرٍ الوَرَّاق.
تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
189 - ابْنُ قُتَيْبَةَ أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ اللَّخْمِيُّ ***
الإِمَامُ، الثِّقَةُ، المُحَدِّثُ الكَبِيْرُ، أَبُو العَبَّاسِ، مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ بنِ قُتَيْبَة بن زِيَادَة اللَّخْمِيُّ العَسْقَلاَنِيّ.
__________
(1) في الأصل " مبشر " بالشين المعجمة، وهو تصحيف، والتصويب من " مشتبه " المؤلف، و" تبصير " ابن حجر، وجميع المصادر التي ترجمت له.
(*) الديباج المذهب: 1 / 169، حسن المحاضرة: 1 / 449، شجرة النور الزكية: 1 / 80.
(* *) تاريخ بغداد: 6 / 297 296، المنتظم: 6 / 160.
(* * *) تاريخ ابن عساكر: 15 / 120 / ب، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 765 764، العبر: 2 / 147، طبقات الحفاظ: 321، شذرات الذهب: 2 / 261 260.(14/292)
سَمِعَ: صَفْوَانَ بنَ صَالِحٍ، وَهِشَامَ بنَ عَمَّارٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنَ هِشَام الغَسَّانِيّ، وَيَزِيْد بن عَبْدِ اللهِ بنِ مَوْهب الرَّمْلِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ رُمْح، وَعِيْسَى بن حَمَّادٍ، وَحَرْمَلَة بن يَحْيَى، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الزِّمَّانِيّ، وَعِدَّة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَأَبُو هَاشِمٍ المُؤَدِّب، وَالقَاضِي يُوْسُفُ بنُ القَاسِمِ المَيَانَجِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
أَكْثَر عَنْهُ ابْنُ المُقْرِئُ، وَكَانَ مسنِدَ أَهْل فِلَسْطِيْن، ذَا مَعْرِفَة وَصِدق.
فَارقه ابْنُ المُقْرِئُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ، فَلَعَلَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ عشر، أَوْ نحوهَا.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحُسَيْنِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ أَبِي عُمَرَ، وَغيرُهُمَا قَالُوا:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ كِتَابَةً، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ النَّحْوِيّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، أَخْبَرْنَا ابْنُ قُتَيْبَة، وَأَبُو عَرُوْبَةَ، وَابْن جَوْصَاء قَالُوا:
حَدَّثَنَا كَثِيْر بن عُبَيْدٍ، أَخْبَرَنَا الحَسَنُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عليَّ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا أَلعبُ بِالبَنَاتِ (1) .
قَالَ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ: سَأَلت الدَّارَقُطْنِيّ عَنِ ابْنِ قُتَيْبَة اللَّخْمِيّ فَقَالَ: ثِقَةٌ.
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري: 10 / 437 في الأدب: باب الانبساط إلى الناس، ومسلم (2440) في فضائل الصحابة، من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن يتغيين منه، فيسر بهن يرسلهن إلي، فيلعبن معي ".(14/293)
190 - عَبْدُ اللهِ بنُ عُرْوَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ الهَرَوِيُّ *
الحَافِظُ، الإِمَامُ البَارِعُ، أَبُو مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ، مُصَنِّف كِتَاب: (الأَقضيَة)
سَمِعَ: أَبَا سَعِيْدٍ الأَشَجَّ، وَالزَّعْفَرَانِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ الوَلِيْدِ البُسْرِيّ، وَالحَسَنَ بنَ عَرَفَةَ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الأَزْهَرِيّ اللُّغَوِيّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ السَّيَّارِيّ، وَأَبُو مَنْصُوْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَزَّار، وَأَهْل هَرَاة.
تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ الخَلاَّل، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ خُميرَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ الأَزْهَر إِمْلاَءً، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بن عُرْوَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيْدِ، عَنْ غُنْدَر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحَكَم، عَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، عَنْ مَرْوَانَ بن الحَكَمِ، قَالَ: شهدتُ عُثْمَانَ وَعَلِيّاً بِمَكَّةَ وَالمَدِيْنَةَ، وَعُثْمَانُ ينَهَى عَنِ المُتْعَةِ وَأَن يَجْمَعَ بينهُمَا، فَلَمَّا رَأَى عليّ ذَلِكَ أَهْلَّ بِهِمَا فَقَالَ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَة.
فَقَالَ عُثْمَانُ: ترَانِي أَنَهَى النَّاس وَأَنْت تَفْعَلُهُ!
قَالَ: لَمْ أَكُنْ لأَدَعَ سُنَّةَ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَولِ أَحَدٍ مِنَ النَّاس.
__________
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 134 / 2، تذكرة الحفاظ: 3 / 787 786، العبر: 2 / 148، طبقات الحفاظ: 330، شذرات الذهب: 2 / 262.
(1) أخرجه البخاري: 3 / 337 336 في الحج: باب التمتع والقران، من طريق محمد بن بشار، حدثنا غندر وهو محمد بن جعفر حدثنا شعبة، عن الحكم هو ابن عتبة عن علي بن الحسين، عن مروان.
وأخرجه الدارمي: 2 / 70 69 في الحج: باب القران، من =(14/294)
191 - ابْنُ النَّفَّاحِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ البَاهِلِيُّ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ، الثَّبْتُ، المُجَوِّدُ، الزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، أَبُو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ النَّفَّاحِ بنِ بَدْرٍ البَاهِلِيُّ البَغْدَادِيُّ، نَزِيْلُ مِصْر وَمُحَدِّثُهَا.
سَمِعَ: إِسْحَاقَ بنَ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، وَأَحْمَدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيّ، وَحَفْصَ بنَ عُمَرَ الدُّوْرِيّ المُقْرِئ، وَأَخَذَ عَنْهُ الحُرُوْف، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو سَعِيْدٍ بنُ يُوْنُسَ، وَعُبَيْدُ الله بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ البَزَّاز، وَأَبُو الطَّيِّبِ العَبَّاسُ بنُ أَحْمَدَ الهَاشِمِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَنْدِس، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: تُوُفِّيَ فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قَالَ: وَكَانَ ثِقَةً، ثَبْتاً، صَاحِب حَدِيْثٍ، متقلِّلاً مِنَ الدُّنْيَا.
وَقَالَ الحَافِظُ حَمْزَةُ الكِنَانِيّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدٍ البَاهِلِيّ يَقُوْلُ: بضَاعَتِي قَلِيْلَة، وَاللهُ يجعلُ فِيْهَا البَرَكَة.
قُلْتُ: وَقَدْ سَمِعَ بِدِمَشْقَ مِنْ مَحْمُوْد بنِ خَالِدٍ، وَجوَّد القُرْآن عَلَى أَبِي عُمَرَ الدُّوْرِيّ، وَعَاشَ بِضْعاً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
__________
= طريق سهل بن حماد، عن شعبة به.
وأخرجه النسائي: 5 / 148 في الحج: باب القران، من طريق إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا أبو عامر، عن شعبة.
وأخرجه أيضا من طريق عمران بن يزيد، عن عيسى بن يونس، عن الاشعث، عن مسلم البطين، عن علي بن الحسين، عن مروان بن الحكم.
(*) تاريخ بغداد: 3 / 214، الأنساب: 565 / ب، المنتظم: 6 / 204، العبر: 2 / 159، طبقات القراء للذهبي: 1 / 198، الوافي بالوفيات: 1 / 99، البداية والنهاية: 11 / 154، طبقات القراء للجزري: 2 / 242، النشر في القراءات العشر: 1 / 180، النجوم الزاهرة: 3 / 216، حسن المحاضرة: 1 / 350، شذرات الذهب: 2 / 269.(14/295)
192 - السِّجْزِيُّ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَرِ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ، أَبُو العَبَّاسِ، أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الأَزْهَر بن حُرَيْثٍ السِّجْزِيّ.
عَنْ: سَعِيْدِ بنِ يَعْقُوْبَ الطَّالْقَانِيّ، وَعَلِيِّ بنِ حُجْر، وَأَبِي حَفْصٍ الفَلاَّس، وَمُحَمَّدِ بنِ رَافِعٍ، وَالكَوْسَجِ.
وَعَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمٍ، وَطَائِفَة.
لكنَّه وَاهٍ، ذكرتُهُ فِي (المِيزَان (1)) .
تُوُفِّيَ سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ حِبَّانَ، وَتعجَّب مِنْ حِفْظِهِ وَمذَاكرته، وَاتَّهَمَهُ.
فَأَمَّا الثِّقَة أَبُو الحَسَنِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْل السِّجِسْتَانِيّ (2) نَزِيْلُ دِمَشْقَ، فَيَرْوِي عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ المُقْرِئ، وَعَلِيِّ بنِ خَشْرَمَ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الدَّرِامِيّ، وَطَبَقَتهِم.
وَعَنْهُ: جُمَحُ، وَالرَّبَعِيّ، وَابْنُ حِبَّان، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَالقَاضِي الأَبْهَرِيّ.
مَاتَ: سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(*) ذكر أخبار أصبهان: 1 / 138، الأنساب: 291 / أ، ميزان الاعتدال: 1 / 132 130، لسان الميزان: 1 / 254 253
(1) 1 / 131 130.
(2) أفرد له المؤلف ترجمة خاصة في الصفحة 426 من هذا الجزء.(14/296)
193 - الخَلاَّلُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الفَقِيْهُ، شَيْخُ الحَنَابِلَةِ وَعَالِمُهُم، أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ بن يَزِيْدَ البَغْدَادِيُّ الخَلاَّل.
وُلِدَ: فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، أَوْ فِي الَّتِي تلِيهَا، فيجوزُ أَنْ يَكُوْنَ رَأَى الإِمَام أَحْمَد، وَلَكِنَّهُ أَخذ الفِقْه عَنْ خلقٍ كَثِيْرٍ مِنْ أَصْحَابه، وَتلمذ لأَبِي بَكْرٍ المَرُّوْذِيّ.
وَسَمِعَ مِنَ: الحَسَن بن عَرَفَةَ، وَسَعْدَان بن نَصْرٍ، وَيَحْيَى بن أَبِي طَالِبٍ، وَحَرْبِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الكَرْمَانِيّ، وَيَعْقُوْبَ بنَ سُفْيَان الفَسَوِيّ - لقِيه بفَارس - وَأَحْمَدَ بنِ مُلاعِب، وَالعَبَّاسِ بنِ مُحَمَّدٍ الدُّوْرِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيّ، وَعَلِيِّ بنِ سَهْلِ بنِ المُغِيْرَةِ البَزَّاز، وَأَحْمَدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الرَّمَادِيِّ، وَأَبِي يَحْيَى زَكَرِيَّا بن يَحْيَى النَّاقِد، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْد اللهِ ابْن المُنَادِي، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَالحَسَنِ بنِ ثوَاب المُخَرِّمِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ المَيْمُوْنِيّ، وَإِبْرَاهِيْم بن إِسْحَاقَ الحَرْبِيّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَوْفٍ الطَّائِيّ، وَإِسْحَاقَ بنِ سَيَّارٍ النَّصِيْبِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الصَّاغَانِيّ، وَخَلْقٍ كَثِيْرٍ.
وَرَحَلَ إِلَى فَارس، وَإِلَى الشَّامِ، وَالجَزِيْرَة يتطلَّب فِقْهَ الإِمَام أَحْمَد وَفتَاويَه وَأَجوبته، وَكَتَبَ عَنِ الكِبَار وَالصِّغَار، حَتَّى كتب عَنْ تَلاَمِذَتِهِ، وَجمع فَأَوعَى، ثُمَّ إِنَّهُ صَنَّف كِتَاب (الجَامِع فِي الفِقْه) مِنْ كَلاَم الإِمَام، بِأَخْبَرَنَا وَحَدَّثَنَا، يَكُوْن عِشْرِيْنَ مُجَلَّداً، وَصَنَّفَ كِتَاب (الْعِلَل) عَنْ أَحْمَدَ
__________
(*) تاريخ بغداد: 5 / 113 112، طبقات الشيرازي: 171، طبقات الحنابلة: 2 / 15 12، المنتظم: 6 / 174، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 134 / 1، تذكرة الحفاظ: 3 / 786 785، العبر: 2 / 148، دول الإسلام: 1 / 188، الوافي بالوفيات: 8 / 99، البداية والنهاية: 11 / 148، النجوم الزاهرة: 3 / 209، طبقات الحفاظ: 330 329، شذرات الذهب: 2 / 261، الرسالة المستطرفة: 38 37.(14/297)
فِي ثَلاَث مُجَلَّدَات، وَأَلف كِتَاب (السُّنَّة، وَأَلْفَاظ أَحْمَد، وَالدليل عَلَى ذَلِكَ مِنَ الأَحَادِيْث) فِي ثَلاَث مُجَلَّدَات، تَدُلُّ عَلَى إِمَامته وَسَعَة عِلْمِهِ، وَلَمْ يَكُنْ قبلَه لِلإِمَام مَذْهَبٌ مستقلٌ، حَتَّى تتبَّع هُوَ نُصُوص أَحْمَد، وَدوَّنهَا، وَبَرْهَنَهَا بَعْد الثَّلاَث مائَة، فَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ شَهْرَيَار: كُلُّنَا تبعٌ لأَبِي بَكْرٍ الخَلاَّل، لَمْ يسبِقْهُ إِلَى جمع علم الإِمَام أَحْمَد أَحَد.
قُلْتُ: الرِّوَايَةُ عَزيزَةٌ عَنْهُ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَر - غُلاَم الخَلاَّل - وَأَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَطَائِفَة.
قَالَ الخَطِيْبُ فِي (تَارِيْخِهِ (1)) :جَمَعَ الخَلاَّل عُلُوْمَ أَحْمَدَ وَتَطَلَّبَهَا، وَسَافَرَ لأَجلهَا، وَكَتَبَهَا، وَصَنَّفَهَا كتباً، لَمْ يَكُنْ - فِيْمَنْ يَنْتحل مَذْهَب أَحْمَد - أَحَد أَجمعَ لِذَلِكَ مِنْهُ.
قَالَ لِي أَبُو يَعْلَى بنُ الفَرَّاء: دُفن أَبُو بَكْرٍ الخَلاَّل إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ المَرُّوْذِيّ.
قُلْتُ: تُوُفِّيَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَلَهُ سبعٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً، وَيُقَالُ: بَلْ نَيَّفَ عَلَى الثَّمَانِيْنَ.
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ يُوْنُسَ، وَعِيْسَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ هَارُوْنَ، حَدَّثَنَا المَرُّوْذِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ سُفْيَان بنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ: فِكْرُكَ فِي رِزْقِ غَدٍ يَكْتُبُ عَلَيْكَ خَطِيْئَة.
__________
(1) 5 / 113 112.(14/298)
194 - أَبُو جَعْفَرٍ بنُ حَمْدَانَ أَحْمَدُ بنُ حَمْدَانَ بنِ عَلِيٍّ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ الزَّاهِدُ، القُدْوَةُ، المجَابُ الدَّعوَة، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بنُ حَمْدَانَ بنِ عَلِيِّ بنِ سِنَان الحِيْرِيُّ النَّيْسَابُوْرِيُّ، وَالدُ الشَّيْخَيْن: أَبِي العَبَّاسِ مُحَمَّد، وَأَبِي عَمْرٍو مُحَمَّد.
مَوْلِدُهُ فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ، أَوْ قَبْل ذَلِكَ.
وَسَمِعَ: أَحْمَدَ بنَ الأَزْهَر، وَعَبْدَ اللهِ بنَ هَاشِمٍ الطُّوْسِيّ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ بِشْر، وَمُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى الذُّهْلِيّ، فَمَنْ بَعْدهُم بِبَلَدِهِ، وَارْتَحَلَ وَحَجّ.
وَأَخَذَ عَنْ: أَبِي يَحْيَى بن أَبِي مَيْسَرَة، وَأَبِي عَمْرٍو بنِ أَبِي غرَزَة الغِفَارِيّ، وَإِسْمَاعِيْل القَاضِي، وَعُثْمَانَ بنِ سَعِيْدٍ الدَّارِمِيّ، وَالحَسَن بنِ عَلِيِّ بنِ زِيَادٍ، وَمُعَاذ بن نجدَة، وَأَمثَالِهِم.
وَارْتَحَلَ بِوَلَدِهِ أَبِي العَبَّاسِ إِلَى مُحَمَّدِ بنِ أَيُّوْبَ البَجَلِيِّ وَغَيْرهُ، ثُمَّ ارْتَحَلَ بِابْنه أَبِي عَمْرٍو إِلَى الحَسَنِ بنِ سُفْيَان وَأَقرَانِه، وَصَنَّفَ (الصَّحِيْحَ) المستخرجَ عَلَى (صَحِيْح مُسْلِم) وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الحِيْرِيُّ الزَّاهِدُ، وَأَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ الحَافِظُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو الوَلِيْدِ حَسَّانُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ، وَابْنَاهُ، وَطَائِفَةٌ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بنَ حَمْدَان يَقُوْلُ:
لَمَّا بلغَ أَبِي مِنْ
__________
(*) طبقات الصوفية: 334 332، تاريخ بغداد: 4 / 116 115، المنتظم: 6 / 176، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 762 761، العبر: 2 / 148 147، الوافي بالوفيات: 6 / 360، مرآة الجنان: 2 / 264، طبقات الأولياء: 49 48، طبقات الحفاظ: 320، شذرات الذهب: 2 / 261، الرسالة المستطرفة: 27.(14/299)
كتَاب مُسْلِم إِلَى حَدِيْث مُحَمَّد بن عَبَّاد، عَنْ سُفْيَانَ: (يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا (1)) لَمْ يجدْه عِنْد أَحَد عَنِ ابْنِ عَبَّادٍ، فَقِيْلَ لَهُ: هُوَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى المَوْصِلِيّ، عَنِ ابْنِ عَبَّادٍ: فَرَحَلَ إِلَيْهِ قَاصداً مِنْ نَيْسَابُوْر لسَمَاع هَذَا الحَدِيْث.
قُلْتُ: وَرَحَلَ لأَجل وَلَدَيْهِ، قَالَ: وَخَرَجَ أَبِي - عَلَى كِبَرِ السِّنّ - إِلَى جُرْجَان ليسمعَ مِنْ عِمْرَان بن مُوْسَى بن مجَاشِع حَدِيْثَ سُوَيْد بن سَعِيْد، عَنْ حَفْص بن مَيْسَرَةَ، عَنْ مُوْسَى بنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: (بَيْنَمَا النَّاسُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ إِذْ أَتَاهُم آتٍ) وَذَكَرَ الحَدِيْثَ (2) ، وَسَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كُلّ مَا قَالَ البُخَارِيُّ: قَالَ لِي فُلاَن، فَهُوَ مُنَاولَةٌ وَعَرْض (3) .
وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يَقُوْلُ: كَانَ أَبِي يُحْيي اللَّيْل.
__________
(1) أخرجه مسلم (1733) في الجهاد: باب في الامر بالتيسير وترك التنفير، من حديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن، فقال: " يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا ".
(2) أخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 195 في القبلة: باب ما جاء في القبلة، والبخاري: 1 / 424 في الصلاة: باب ما جاء في القبلة، و8 / 131 في التفسير: با (وما جعلنا القبلة..) وباب (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب..) وباب (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه..) وباب (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام) وفي خبر
الواحد: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، ومسلم (526) في المساجد: باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة، وأحمد: 2 / 16 و26، والترمذي (341) والنسائي: 2 / 61 كلهم من طريق عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة.
(3) القراءة على الشيخ تسمى عندهم عرضا. والمناولة: أن يعطي الشيخ للطالب أصل سماعه، أو فرعا مقابلا به ويقول له: هذا سماعي عن فلان فاروه عني، أو أجزت لك روايته عني.
ثم يبقيه معه ملكا له، أو يعيره إياه لينسخه، ويقابل به ثم يعيده إلى الشيخ. أو =(14/300)
الحَاكِم: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيْدٍ (1) الشُّعَيْبِيّ، سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو بن حَمْدَان يَقُوْلُ: عرضتُ هَذَا الحَدِيْث - يَعْنِي: الحَدِيْث الَّذِي أَسنده بَعْد - عَلَى ابْنِ عُقْدَة، فَقَالَ: حَدَّثْنَاهُ شَيْخٌ طُوَالٌ يُقَال لَهُ: ابْن سِنَانٍ.
فَقُلْتُ: ذَاكَ أَبِي.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيّ: أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوذِيّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الحِيْرِيّ، حَدَّثَنِي أَبِي أَبُو جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ الأَزْهَر بن مَنِيْعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَار، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: طَلَّقْتُ امرأَتِي وَهِيَ حَائِض، فسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ عُمَر رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيْضَ حَيْضَةً أُخْرَى ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ يُطَلِّقهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا إِنْ شَاءَ أَوْ يُمْسِكهَا، فَإِنَّ تِلْكَ العِدَّة الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاء (2)) .
رَوَاهُ الحَاكِم، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الحِيْرِيّ، فَوَافَقْنَاهُ بِعُلُوّ.
__________
= يعطي الطالب للشيخ الكتاب، فينظره الشيخ ويتأمله وهو عارف متيقظ، ويوقن أنه أصل صحيح
وأنه من روايته، ثم يعيده الشيخ للطالب ويخبره بأنه من روايته، ويأذن له بأن يرويه عنه.
فهذه الصور كلها مناولة مقرونة بالاجازة، وهي أعلى أنواع الاجازة.
قال النووي: وهذه المناولة كالسماع في القوة عند الزهري، وبيعة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومجاهد، والشعبي، وعلقمة، وإبراهيم، وأبي العالية، وأبي الزبير، وأبي المتوكل، ومالك، وابن وهب، وابن القاسم، وجماعات آخرين.
وقال الحافظ في " الفتح " 1 / 143: وقد ادعى ابن مندة أن كل ما يقول البخاري فيه: قال لي، فهو إجازة، وهي دعوى مردودة بدليل أني استقرأت كثيرا من المواضع التي يقول فيها في الجامع: قال لي، فوجدته في غير الجامع يقول فيها: حدثنا.
والبخاري لا يستجيز في الاجازة إطلاق التحديث، فدل على أنها عنده من المسموع، لكن سبب استعماله لهذه الصيغة ليفرق بين ما يبلغ شرطه وما لا يبلغ.
واله أعلم.
(1) في الأصل " سعد " وما أثبتناه من " الأنساب " و" تبصير المنتبه " و" اللباب ".
(2) سنده حسن وأورده المؤلف أيضا في " تذكرة الحفاظ " 2 / 762 بهذا الإسناد وقال: هذا غريب من هذا الوجه، قد رواه الحافظ ابن عقدة، عن أبي جعفر الحيري هذا =(14/301)
وَبِهِ: قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي أَبُو جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ.
وَبِهِ: قَالَ: وأَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ النَّرْسِيّ، حَدَّثَنَا القَطَّانُ، عَنْ عُبَيْد اللهِ بنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيَّرَ اسْمَ عَاصِيَةَ، وَقَالَ: (أَنْتِ جَمِيْلَة) .
وَبِهِ: قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ إِسْحَاقَ الأَنْمَاطِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى القَطَّان بِهَذَا.
خَرَّجَهُ مُسْلِم (1) عَنْ أَبِي قُدَامَةَ السَّرَخْسِيّ.
قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ: صحبَ الشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا حَفْص النَّيْسَابُوْرِيّ، وَالشَّاهَ بنَ شُجَاع (2) .
وَكَانَ الجُنَيْد يُكَاتِبهُ، وَكَانَ أَبُو عُثْمَانَ الحِيْرِيّ يَقُوْلُ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى سُبل الخَائِفين فليَنْظُرْ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ.
قَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يَقُوْلُ:
تُوُفِّيَ أَبِي فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ
__________
= وقد صح هذا الحديث من غير وجه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
انظر " صحيح البخاري " 9 / 306 301 في أول الطلاق، ومسلم (1471) في أول الطلاق أيضا، و" الموطأ " 2 / 576 في الطلاق: باب ما جاء في الاقراء، وأبو داود (2179) (2180) (2182) (2183) (2184) (2185) والترمذي (1175) والنسائي: 6 / 141 137، و" المسند " 2 / 26 و43 و51 و54 و58 و63 و74 و68 و78 و79 و80 و81 و128 و130 و145.
(1) برقم (2139) في الآداب: باب استحباب تغيير الاسم القبيح إلى حسن.
واسم أبي قدامة السرخسي: عبيد الله بن سعيد بن يحيى اليشكري.
وأخرجه أحمد في " مسنده " 2 / 18، وأبو داود (4952) والترمذي (2838) من طريق يحيى، عن عبيد الله، عن ابن عمر.
وأخرجه ابن ماجه (3733) من طريق حماد بن سلمة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر.
(2) هو أبو الفوارس شاه بن شجاع الكرماني.
ذكره السلمي في " طبقاته " ص 194 192 وقال: " كان من أولاد الملوك، وكان من أجلة الفتيان، وله رسالات مشهورة، والمثلثة التي سماها " مرآة الحكماء " مات قبل الثلاث مئة.
وانظر في ترجمته أيضا: " حلية الأولياء " 10 / 238 237.(14/302)
وَثَلاَثِ مائَةٍ، قَبْل ابْن خُزَيْمَةَ بِأَيَّام، وَكَانَ أَبِي يَخْتلف مَعَ أَبِي عُثْمَانَ إِلَى أَبِي حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيّ مُدَّة.
قُلْتُ: مَاتَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي ثَانِي ذِي القَعْدَةِ مِنْ سَنَة إِحْدَى عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَقَدْ كَانَ الإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ ذِكرُهُ يَملأُ الْفَم.
خلَّفَ وَلدين مَشْهُورَيْن: أَبَا العَبَّاسِ بنَ حَمْدَان - شَيْخَ خُوَارزم - وَمسنِدَ نَيْسَابُوْر أَبَا (1) عَمْرٍو بن حَمْدَانَ.
195 - ابْنُ الأَشْقَرِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
الشَّيْخُ، العَالِمُ الصَّدُوْقُ، أَبُو القَاسِمِ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الخَلِيْل ابْن الأَشْقَر، رَاوِي (التَّارِيْخ الصَّغِيْر) لِلْبُخَارِيِّ عَنْ مُؤلِّفه، كَانَ مُحَدِّثاً، معمَّراً، إِمَاماً، مُفْتِياً.
سَمِعَ مِنْ: مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمَانَ لُوَيْن، وَالحَسَنِ بنِ عَرَفَةَ، وَيُوْسُفَ بن مُوْسَى القَطَّان، وَالحُسَيْن بن مَهْدِيٍّ، وَرَجَاء بن مُرَجَّى، وَطَائِفَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: مُحَمَّدُ بنُ المُظَفَّرِ، وَجِبْرِيْلُ بنُ مُحَمَّدٍ الهَمَذَانِيُّ، وَأَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّويَه، وَأَبُو حَفْصٍ بنُ شَاهِيْنٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ يُوْسُفَ، وَأَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ زَنْبيل، وَجَمَاعَة.
وَوَلِيَ قَضَاءَ كَرْخَ بَغْدَاد.
وَقَدْ حدَّث بهمذَان وَبِأَصْبَهَانَ، وَرِوَايَاتُهُ فِي أَهْل تِلْكَ النَّوَاحِي.
تُوُفِّيَ سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) في الأصل (أبو) .
(*) ذكر أخبار أصبهان: 2 / 72، تاريخ بغداد: 10 / 118 117، الأنساب: 39 / ب.(14/303)
196 - أَبُو قُرَيْشٍ مُحَمَّدُ بنُ جُمُعَةَ بنِ خَلَفٍ القُهُسْتَانِيُّ *
الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الحَافِظُ الكَبِيْرُ، أَبُو قُرَيْش، مُحَمَّدُ بنُ جُمعَة بن خَلَفٍ القُهُسْتَانِيُّ الأَصَمُّ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ.
وُلِدَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: أَبَا مُسْلِمٍ القُهُستَانِيّ، وَمُحَمَّدَ بنَ حُمَيْد الرَّازِيّ، وَأَحْمَدَ بنَ مَنِيْع، وَأَبَا كُرَيْبٍ مُحَمَّد بن العَلاَءِ، وَيَحْيَى بن سُلَيْمَانَ بن نَضْلَة، وَمُحَمَّدَ بن زُنْبور، وَعَبْد الجَبَّارِ بن العَلاَءِ العَطَّار، وَسَعِيْد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُوْمِيّ، وَيَحْيَى بن حَكِيْمٍ، وَأَحْمَد بن المِقْدَامِ العِجْلِيّ، وَمُحَمَّد بن المُثَنَّى، وَسَلْم بن جُنَادَةَ، وَمُحَمَّد بن سَهْلِ بنِ عَسْكَرٍ، وَسَلَمَة بن شَبِيْبٍ، وَطَبَقَتهُم بِالرَّيِّ، وَالكُوْفَة، وَالبَصْرَة، وَالحِجَاز.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَامِدٍ بن الشَّرْقِيِّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ يَعْقُوْبَ الأَخْرَم، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَلِيٍّ الرَّازِيُّ، وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ يَعْقُوْبَ الحَجَّاجِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو سَهْلٍ الصُّعْلوكِيّ، وَأَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ، وَأَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ بالُويه، وَأَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.
قَالَ الحَاكِمُ: كَانَ أَبُو قُرَيْش مِنَ الحُفَّاظِ المُتْقِنِيْنَ، كَثِيْرَ السَّمَاع وَالرِّحلَة، جمع المسنَدَين عَلَى الرِّجَال وَعَلَى الأَبْوَاب، وَصَنَّفَ حَدِيْث الشُّيُوْخ الأَئِمَّة: مَالِك، وَالثَّوْرِيّ، وَشُعْبَة، وَيَحْيَى بن سَعِيْد، وَغَيْرهِم،
__________
(*) تاريخ بغداد: 2 / 170 169، الأنساب: 466 / أ، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 132 / أ، تذكرة الحفاظ: 2 / 767 766، العبر: 2 / 158، الوافي بالوفيات: 2 / 310 309، النجوم الزاهرة: 3 / 215، طبقات الحفاظ: 322، شذرات الذهب: 2 / 268.(14/304)
وَكَانَ يُذَاكر بحديثهِم، وَيغلبُ كَثِيْراً مِنَ الحُفَّاظِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَسَمِعَ بِوَاسِط مُحَمَّدَ بنَ حَسَّانٍ الأَزْرَق، وَإِسْحَاقَ بن حَاتِمٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ (1) :كَانَ ضَابطاً، حَافِظاً، مُتْقِناً، كَثِيْرَ السَّمَاعِ وَالرِّحلَة، يُذَاكر الحُفَّاظ فيغلبهُم.
وَقَالَ الحَاكِمُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الحَافِظ يَقُوْلُ: حَدَّثَنَا أَبُو قُرَيْش الحَافِظُ، الثِّقَةُ الأَمِيْنُ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: تُوُفِّيَ أَبُو قُرَيْش بقُهُسْتَان سَنَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
قُلْتُ: فِيْهَا مَاتَ: أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّاج - صَاحِب المُسْنَدِ - وَمُحَدِّثُ الكُوْفَة عَبْدُ اللهِ بنُ زَيْدَان البَجَلِيّ، وَمُحَدِّثُ سَرَخْس أَبُو لبيد مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ السَّامِي، وَمُحَدِّثُ حَلَب أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الحَمِيْدِ الغَضَائِرِيّ، وَمُحَدِّثُ نَسَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ أَبِي عَوْن النَّسَوِيّ، وَمُحَدِّثُ دِمَشْق جُمَاهَر بن مُحَمَّدٍ الأَزْدِيّ الزَّمْلَكَانِيّ، وَالمُسْنِدُ مُحَدِّث نَيْسَابُوْر أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ المَاسَرْجِسِيّ، وَالمُسْنِدُ أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَابُوْرَ الدَّقَّاق.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ المُعِزِّ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَالوييّ، حَدَّثَنَا أَبُو قُرَيْش مُحَمَّد بن جمعَة، حَدَّثَنَا عبدَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّار، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ حُمرَان، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا بيَان بن بِشْرٍ:
__________
(1) في " تاريخه " 2 / 169، وما بين حاصرتين منه.(14/305)
سَمِعْتُ حُمرَان يُحَدِّث عَنْ عُثْمَانَ قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَنْ عَلِمَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ دَخَلَ الجَنَّة (1)) .
غَرِيْبٌ تَفَرَّد بِهِ ابْن حُمرَان.
وَلاَ يَعْلَم العَبْدُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ كُلِّ دينٍ غَيْر الإِسْلاَم، وَحَتَّى يَتَلَفَّظَ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ الله موقناً بِهَا، فَلَو عَلِمَ وَأَبَى أَنْ يَتَلَفَّظَ مَعَ القُدْرَة يُعَدُّ كَافِراً.
197 - المَقْدِسِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْمٍ *
الإِمَامُ، المُحَدِّثُ العَابِدُ، الثِّقَةُ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سَلْم بن حَبِيْب الفِرْيَابِيُّ الأَصل المَقْدِسِيّ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ رمح، وَحَرْمَلَة بن يَحْيَى، وَجَمَاعَة بِمِصْرَ، وَهِشَام بن عَمَّارٍ، وَعَبْد الرَّحْمَنِ بن إِبْرَاهِيْمَ دُحَيْماً، وَعَبْدَ اللهِ بنَ ذَكْوَانَ بِدِمَشْقَ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ وَوَثَّقَهُ، وَالحَسَنُ بنُ رَشيق، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَآخَرُوْنَ.
وصفَهُ ابْن المُقْرِئ بِالصَّلاَحِ وَالدِّين.
مَاتَ: سَنَةَ نيِّف عَشْرَة وَثَلاَثِ مائَةٍ.
__________
(1) إسناده حسن ومتنه صحيح، فقد أخرجه أحمد في " مسنده " 1 / 65 من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن خالد الحذاء، عن أبي بشر العنبري، عن حمران بن أبان، عن عثمان.
وأخرجه أيضا 1 / 69، ومسلم (26) في الايمان: باب الدليل على ان من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، من طريق ابن علية، عن خالد الحذاء عن الوليد بن مسلم بن شهاب العنبري، عن حمران، عن عثمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ".
(*) الأنساب: 426 / ب، اللباب: 3 / 246.(14/306)
198 - ابْنُ أَخِي الإِمَامِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ الهَاشِمِيُّ *
الشَّيْخُ، المُحَدِّثُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ بن الفَضْلِ الهَاشِمِيُّ الحَلَبِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ أَخِي الإِمَام.
سَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عبيدِ اللهِ الأَسَدِيِّ الحَلَبِيِّ ابْن أَخِي الإِمَام - وَهُوَ سمِيُّه - وَمُحَمَّدِ بنِ قُدَامَةَ المَصِّيْصِيّ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَبركَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الحَلَبِيّ، وَجَمَاعَة.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ الرَّبَعِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَالقَاضِي عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ الحَلَبِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
وَقِيْلَ: يُكْنَى أَبَا القَاسِم أَيْضاً.
مَاتَ: سَنَةَ بِضْعَ عَشْرَةَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
فَأَمَّا سمِيُّه المُحَدِّث:
199 - أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ الأَسَدِيُّ **
الحَلَبِيّ المُعَدِّل.
حَدَّثَ عَنْ: إِبْرَاهِيْمَ بنِ سَعِيْدٍ الجَوْهَرِيّ، وَمُحَمَّد بن قُدَامَةَ المَصِّيْصِيّ، وَأَحْمَد بن حَرْب الطَّائِيّ.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ عَدِيٍّ، وَمُحَمَّد بن المُظَفَّر، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، وَأَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّد بن سُلَيْمَانَ بن أَحْمَدَ بنِ ذَكْوَان، وَآخَرُوْنَ.
__________
(*) تاريخ ابن عساكر: 10 / 20 / ب، تاريخ حلب الشهباء: 4 / 19.
(* *) تاريخ ابن عساكر: 10 / 20 / ب، تاريخ حلب الشهباء: 4 / 18.(14/307)
وَيعرف هَذَا أَيْضاً - فِيْمَا قِيْلَ - بِابْنِ أَخِي الإِمَام، فصَارُوا ثَلاَثَة، فَهَذَانِ المُتَعَاصِرَانِ يشتبهَان، بِخلاَف الكَبِيْر الَّذِي هُوَ شَيْخ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيّ.
200 - جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ بنِ سِنَانِ بنِ أَسَدٍ الوَاسِطِيُّ القَطَّانُ *
الحَافِظُ، أَبُو مُحَمَّدٍ.
سَمِعَ: أَبَاهُ، الحَافِظَ أَبَا جَعْفَرٍ القَطَّانَ، وَتَمِيْمَ بنَ المُنْتَصِر، وَأَبَا كُرَيْبٍ، وَهَنَّاد بن السَّرِيِّ، وَسُلَيْمَان بنَ عُبَيْد اللهِ، وَمُحَمَّدَ بن بَشَّار بُنْدَاراً، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَدِيّ، وَالقَاضِي يُوْسُف المَيَانَجِيّ، وَأَبُو عَمْرٍو بنُ حَمْدَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ تَاجِ الأُمَنَاءِ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بن مُحَمَّدٍ؛ أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ المُسْتَمْلِي، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الطّيّب، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ الحِيْرِيّ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بنُ أَحْمَدَ الحَافِظُ بِوَاسِط، أَخْبَرَنَا تَمِيْمُ بنُ المُنْتَصِر، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ سُفْيَانَ، وَشَريك، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرو قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُهُ بِقَبض العُلَمَاء ... ) الحَدِيْث (1) .
__________
(*) مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 129 / 2، تذكرة الحفاظ: 2 / 752، طبقات الحفاظ: 316.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري: 1 / 175 174 في العلم: باب كيف يقبض العلم، وفي الاعتصام: باب ما يذكر من ذم الرأي..، ومسلم (2673) في العلم: باب رفع العلم وقبضه، والترمذي (2654) في العلم: باب ما جاء في ذهاب العلم، من طرق =(14/308)
201
- الدُّوْلاَبِيُّ (1) أَبُو بِشْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ *
الإِمَامُ، الحَافِظُ البَارِعُ، أَبُو بِشْرٍ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَمَّادِ بنِ سَعِيْدِ بن مُسْلِمٍ الأَنْصَارِيُّ، الدُّوْلاَبِيُّ، الرَّازِيُّ، الوَرَّاقُ.
سَمِعَهُ الحَسَنُ بنُ رَشِيق يَقُوْلُ: وُلِدْتُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
سَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّد بن المُثَنَّى، وَأَحْمَد بن أَبِي سُرَيْج الرَّازِيّ، وَزِيَاد بن أَيُّوْبَ، وَمُحَمَّد بن مَنْصُوْرٍ الجَوَّاز، وَهَارُوْن بنَ سَعِيْدٍ الأَيْلِيّ، وَمُوْسَى بن عَامِرٍ المُرِّيّ، وَأَبَا غَسَّانَ زُنَيْج، وَمُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ ابْن عُلَيَّةَ، وَأَبَا إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيّ، وَأَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُعْفِيّ، وَيَزِيْدَ بنَ عَبْدِ الصَّمَدِ، وَمُحَمَّدَ بنَ عَوْفٍ الحِمْصِيّ، وَطَبَقَتهُم.
حَدَّثَ عَنْهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ، وَأَبُو القَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو الحَسَنِ بنُ حَيُّويَه، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ المُقْرِئِ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَنْدِس، وَأَبُو حَاتِمٍ بنُ حِبَّانَ، وَهِشَام بن مُحَمَّدِ بنِ قرَّة
__________
= عن هشام بن عروة، عن أبيه: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا ".
(1) ضبطت الدال في الأصل بالضم والفتح، وكتب فوق الحركتين " معا " إشارة إلى جواز الوجهين. ولكن المؤلف نقل عن السمعاني في نهاية الترجمة روايته بالفتح، وتصحيح لذلك.
(*) الأنساب: 233 / ب، المنتظم: 6 / 169، وفيات الأعيان: 4 / 353 352، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادي: الورقة 131 / 1، تذكرة الحفاظ: 2 / 760 759، العبر: 2 / 146 145، دول الإسلام: 1 / 187، ميزان الاعتدال: 3 / 459، الوافي بالوفيات: 2 / 36، البداية والنهاية: 11 / 145، لسان الميزان: 5 / 42 41، النجوم الزاهرة: 3 / 206، طبقات الحفاظ: 319، شذرات الذهب: 2 / 260، الرسالة المستطرفة: 120.(14/309)
الرُّعَيْنِيُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: يَتَكَلَّمُوْنَ فِيْهِ، وَمَا يُتَبَيَّنُ مِنْ أَمره إِلاَّ خَيْر.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مُتَّهَم فِيْمَا يَقُوْله فِي نُعَيْم بن حَمَّادٍ لصلاَبتِهِ فِي أَهْل الرَّأْي.
وَقَالَ ابْنُ يُوْنُسَ: كَانَ أَبُو بِشْرٍ مِنْ أَهْلِ الصَّنْعَة، وَكَانَ يُضعَّف.
قَالَ: وَمَاتَ بِالعرج - بَيْنَ مَكَّة وَالمَدِيْنَة - فِي ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ عَشْرٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عميرَة قَالاَ:
أَخْبَرَنَا الحَسَنُ بنُ صبَّاح، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ رِفَاعَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ القَاضِي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عُمَرَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ بُهزَاد الفَارِسِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الدُّوْلاَبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا قَبِيْصَة، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَابِر قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِر الله (1) } .
أَخْبَرْنَا ابْنُ طَارِق، أَخْبَرْنَا ابْنُ خَلِيْلٍ، أَخْبَرَنَا المُؤَيَّدُ بنُ الْأُخوة، أَخْبَرَنَا سَعِيْدُ بنُ أَبِي الرَّجَاءِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مَحْمُوْدٍ، وَمَنْصُوْرُ بنُ الحُسَيْنِ قَالاَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ بنِ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو أَبُو غَسَّان، حَدَّثَنَا حَكَّامُ بنُ سَلْم، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بنُ زَائِدَة، عَنِ الزُّبَيْر بن عَدِيٍّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ قُبِضَ رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه مالك في " الموطأ " 1 / 372 في الحج: باب البدء بالصفا في السعي، ومسلم (1218) في الحج: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو داود (1905) وأحمد: 3 / 321 320، والطيالسي (1688) وابن ماجه (3074) والدارمي: 2 / 44، 49، والبيهقي: 5 / 9 7 كلهم من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر.(14/310)
وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ، وَعمرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّيْنَ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِم (1) ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ.
قَالَ السَّمْعَانِيُّ: فتحُ دَال الدَّوْلاَبِيّ أَصحَّ، وَدولاَب: مِنْ قرَى الرَّيّ.
202 - المَرْوَزِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ *
الحَافِظُ، المُجَوِّدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِبْرَاهِيْمَ المَرْوَزِيُّ.
رَحَلَ وَحَمَلَ عَنْ بُنْدَار، وَعَلِيّ بن خَشْرَمٍ، وَخَلْق.
وَعَنْهُ: ابْنُ عقدَة، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي دَارم، وَآخَرُوْنَ.
مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
203 - ابْنُ سُفْيَانَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ النَّيْسَابُوْرِيُّ **
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، الفَقِيْهُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الثِّقَةُ، أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُفْيَان النَّيْسَابُوْرِيُّ، مِنْ تَلاَمِذَة أَيُّوْب بنِ الحَسَنِ الزَّاهِد الحَنَفِيّ.
وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الحَدِيْثِ.
سَمِعَ: (الصَّحِيْح) مِنْ مُسْلِم بِفَوْت، رَوَاهُ وِجَادَة (2) وَهُوَ فِي الحَجّ، وَفِي
__________
(1) برقم (2348) في الفضائل: باب كم سن النبي صلى الله عليه وسلم يوم قبض.
(*) لم نقف له على ترجمة في المصادر المتيسرة لنا.
(* *) الكامل في التاريخ: 8 / 123، العبر: 2 / 136، دول الإسلام: 1 / 186، الوافي بالوفيات: 6 / 129 128، البداية والنهاية: 11 / 131، شذرات الذهب: 2 / 252.
(2) الوجادة: هي أن يأخذ الحديث من صحيفة من غير سماع، ولا إجازة، ولا مناولة. وقوله: " بفوت " أي: فاته السماع في بعضه.(14/311)
الوصَايَا، وَفِي الإِمَارَة، وَذَلِكَ محرَّر مقيَّد فِي النّسخ، يَكُوْن مَجْمُوْعه سَبْعاً وَثَلاَثينَ قَائِمَة.
وَسَمِعَ مِنْ: سُفْيَان بنِ وَكِيْع، وَعَمْرو بن عَبْدِ اللهِ الأَوْدِيّ، وَعِدَّة بِالعِرَاقِ، وَمِنْ مُحَمَّد بن مُقَاتل الرَّازِيّ، وَمُوْسَى بن نَصْرٍ بِالرَّيِّ، وَمِنْ مُحَمَّد بن أَبِي عَبْد الرَّحْمَنِ المُقْرِئ، وَأَقرَانه بِمَكَّةَ، وَمِنْ مُحَمَّد بن رَافِعٍ، وَمُحَمَّد بن أَسْلَم الطُّوْسِيّ بِبَلَدِهِ، وَلاَزم مسلماً مُدَّة، وَبَرَعَ فِي عِلْمِ الأَثر.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ هَارُوْنَ الفَقِيْه، وَالقَاضِي عَبْدُ الحَمِيْدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ شُعَيْب، وَأَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَمُحَمَّد بن عِيْسَى بنِ عمروَيه الجُلُوديُّ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ شُعَيْب: مَا كَانَ فِي مَشَايِخنَا أَزهدُ وَلاَ أَعْبَدُ مِنِ ابْنِ سُفْيَان.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَزِيْدَ الْعدْل: كَانَ ابْنُ سُفْيَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ.
وَقَالَ الحَاكِمُ: كَانَ مِنَ العُبَّاد الْمُجْتَهدين الملاَزمِين لمُسْلِم.
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ أَحْمَدَ بنِ شُعَيْب يَقُوْلُ: تُوُفِّيَ ابْنُ سُفْيَانَ عَشِيَّة الاثْنَيْن، وَدُفِنَ يَوْمَئِذٍ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -.
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَضْلِ بنُ عَسَاكِر، أَنْبَأَنَا أَبُو رَوْحٍ، أَخْبَرَنَا زَاهِر، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الأَدِيْب، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْه، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سُفْيَان، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيْدٍ الأَشَجُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبْدِ المَلِكِ بن أَبِي غَنيَّة، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً (1)) .
غَرِيْبٌ فردٌ دَار عَلَى الأَشَجّ، وَقَدْ حدَّث
__________
(1) إسناده حسن، وأخرجه الترمذي (2844) في الأدب: باب ما جاء ان من الشعر حكمة، من طريق أبي سعيد الاشج واسمه عبد الله بن سعيد عن يحيى بن عبد الملك به.
وفي الباب عن أبي بن كعب عند البخاري: 10 / 446 445 في الأدب، وأبي داود (5010) وعن عبد الله بن عباس عند الترمذي (2848) وأبي داود (5011) بلفظ: " إن من الشعر حكما " قال ابن الأثير: " الحكم: الحكمة.
والمعنى: إن من الشعر كلاما يمنع عن الجهل والسفه، وينهى عنهما ".(14/312)
بِهِ عَنْهُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيّ.
204 - الكَعْبِيُّ أَبُو القَاسِمِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْدٍ *
العَلاَّمَةُ، شَيْخُ المُعْتَزِلَة، أَبُو القَاسِمِ عَبْد اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ مَحْمُوْد البَلْخِيُّ، المَعْرُوْف: بِالكَعْبِيِّ، مِنْ نُظَرَاء أَبِي عَلِيٍّ الجُبَائِيّ، وَكَانَ يَكْتُبُ الإِنشَاء لبَعْض الأُمَرَاء وَهُوَ أَحْمَد بن سَهْل مُتَوَلِّي نَيْسَابُوْر، فثَار أَحْمَد، وَرَام الْملك، فَلَمْ يتمَّ لَهُ، وَأُخذَ الكَعْبِيّ، وَسُجن مُدَّة، ثُمَّ خَلَّصَه وَزِيْرُ بَغْدَاد عليُّ بنُ عِيْسَى، فَقَدم بَغْدَاد، وَنَاظر بِهَا.
وَله مِنَ التَّصَانِيْف كِتَاب (المقَالاَت) ، وَكِتَاب (الغُرَر) ، وَكِتَاب (الاسْتدلاَل بِالشَّاهد عَلَى الغَائِب) ، وَكِتَاب (الجَدَل) ، وَكِتَاب (السُّنَّة وَالجَمَاعَة) ، وَكِتَاب (التَّفْسِيْر الكَبِيْر) ، وَكِتَاب فِي الرَّد عَلَى متنبِئٍ بِخُرَاسَانَ، وَكِتَاب فِي النَّقض عَلَى الرَّازِيّ فِي الفَلْسَفَة الإِلهيَّة، وَأَشيَاء سِوَى ذَلِكَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ النَّدِيْم: تُوُفِّيَ فِي أَوَّلِ شَعْبَان سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
كَذَا قَالَ: وَصوَابُه: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ، وَسيعَاد.
205 - الحَلاَّجُ الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرِ بنِ مَحْمِيٍّ **
هُوَ: الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرِ بن مَحْمِيٍّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ - وَيُقَالُ: أَبُو مُغِيْثٍ -
__________
(*) الفرق بين الفرق: 167 165، الفصل في الملل والنحل: 4 / 203، تاريخ بغداد: 9 / 384، الملل والنحل: 1 / 78 76، الأنساب: 485 / أ، المنتظم: 6 / 238، الكامل في التاريخ: 8 / 236، وفيات الأعيان: 3 / 45 العبر: 2 / 176، مرآة الجنان: 2 / 278، البداية والنهاية: 11 / 174، طبقات المعتزلة لابن المرتضي: 89 88، لسان الميزان: 3 / 256 255، شذرات الذهب: 2 / 281، طبقات الاصوليين: 1 / 171 170
(* *) صلة تاريخ الطبري: 94 79، طبقات الصوفية: 311 307، تجارب الأمم 1 / 76 حوادث سنة 309، فهرست ابن النديم: 272 269، تاريخ بغداد: =(14/313)
الفَارِسِيُّ، البيضَاوِيُّ، الصُّوْفِيُّ.
وَالبَيْضَاء: مَدِيْنَة ببلاَد فَارس (1) .
وَكَانَ جَدُّهُ مَحْمِيٌّ مَجُوْسِيّاً.
نشَأَ الحُسَيْن بِتُسْتَر، فَصَحِب سَهْلَ بنَ عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيّ، وَصَحِبَ بِبَغْدَادَ الجُنَيْد، وَأَبَا الحُسَيْنِ النُّوْرِيّ، وَصَحِبَ عَمْرو بنَ عُثْمَانَ المَكِّيّ.
وَأَكْثَر التَّرحَال وَالأَسفَار وَالمُجَاهَدَة.
وَكَانَ يصحِّح حَالَه أَبُو العَبَّاسِ بنُ عَطَاءٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ خَفِيْف، وَإِبْرَاهِيْمُ أَبُو القَاسِمِ النَّصْر آباذِيّ.
وَتبرَّأَ مِنْهُ سَائِرُ الصُّوْفِيَّة وَالمَشَايِخ وَالعُلَمَاء لِمَا سترَى مِنْ سوء سِيرتِهِ وَمُروقه، وَمِنْهُم مِنْ نَسَبَهُ إِلَى الحُلول، وَمِنْهُم مَنْ نَسَبَهُ إِلَى الزَّنْدَقَةِ، وَإِلَى الشَّعْبَذَةِ وَالزَّوكرَة، وَقَدْ تَسْتَّر بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ ذوِي الضَّلال وَالانحلاَل، وَانتحلُوهُ وَروَّجُوا بِهِ عَلَى الجُهَّال.
نَسْأَلُ اللهَ العِصْمَة فِي الدِّين.
أَنْبَأَنِي ابْنُ عَلاَّنَ وَغَيْرهُ: أَنَّ أَبَا اليُمْن الكِنْدِيّ أَخْبَرَهُم قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُوْرٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي مَسْعُوْدُ بنُ نَاصر
__________
= 8 / 112 - 141، الأنساب: 181، المنتظم: 6 / 164 160، الكامل في التاريخ: 8 / 126 - 129، وفيات الأعيان: 2 / 140 - 146، العبر: 2 / 138 - 144، ميزان الاعتدال: 1 / 548، دول الإسلام: 1 / 187، مرآة الجنان: 2 / 253 - 261، البداية والنهاية: 11 / 132 - 144، المختصر في أخبار البشر: 2 / 71 70، طبقا ت الأولياء: 187 - 188، لسان الميزان: 2 / 314 - 315، النجوم الزاهرة: 3 / 182 و202 - 203، شذرات الذهب: 2 / 253 - 257، روضات الجنات: 226 - 237.
وانظر " أخبار الحلاج من جمع ماسبنيون (باريس 1957) و" ديوان الحلاج " جمع ما سينيون أيضا، نشر في المجلة الاسيوبة (باريس 1931) كما نشر ماسينيون " الأصول الأربعة " وهي تتعلق بسيرة الحلاج.
(1) قال ياقوت في " البلدان " 1 / 529: " وقال الاصطخري: البيضاء: أكبر مدينة في كورة اصطخر، وإنما سميت البيضاء، لان لها قلعة تبين من بعد ويرى بياضها، وكانت =(14/314)
السِّجْزِيّ، حَدَّثَنَا ابْنُ بَاكُويه، أَخْبَرَنِي حمدُ بنُ الحَلاَّج قَالَ: مَوْلِدُ أَبِي بِطُور البَيْضَاء، وَمنشؤُهُ تُسْتَر، وَتلمذ لسَهل سَنَتَين، ثُمَّ صعد إِلَى بَغْدَادَ.
كَانَ يَلْبس المُسوح، وَوقتاً يَلْبس الدُّرَّاعَة وَالعِمَامَة وَالقَبَاء، وَوقتاً يَمْشِي بِخِرْقَتين، فَأَوَّل مَا سَافر مِنْ تُسْتَر إِلَى البَصْرَةِ كَانَ لَهُ ثَمَان عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى عَمْرو المَكِّيّ، فَأَقَامَ مَعَهُ ثَمَانيَةَ عشرَ شَهْراً، ثُمَّ إِلَى الجُنَيْد، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُنَيْد لأَجل مَسْأَلَة، وَنسبه الجُنَيْد إِلَى أَنَّهُ مُدَّعٍ، فَاسْتوحَشَ وَأَخَذَ وَالدتِي، وَرَجَعَ إِلَى تُسْتَر، فَأَقَامَ سنَة، وَوَقَعَ لَهُ القَبول التَّامّ، وَلَمْ يَزَلْ عَمْرُو بن عُثْمَانَ يَكْتُبُ الكُتُب فِيْهِ بِالعظَائِم حَتَّى حرِد أَبِي وَرَمَى بثِيَاب الصُّوْفِيَّة، وَلبس قَباءٌ، وَأَخَذَ فِي صُحْبَة أَبْنَاء الدُّنْيَا.
ثمَّ إِنَّهُ خَرَجَ وَغَاب عَنَّا خَمْسَ سِنِيْنَ، بلغَ إِلَى مَا وَرَاء النَّهر، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فَارس، وَأَخَذَ يَتَكَلَّم عَلَى النَّاسِ، وَيعملُ المَجْلِس وَيدعُو إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَصَنَّفَ لَهُم تَصَانِيْف، وَكَانَ يَتَكَلَّم عَلَى مَا فِي قُلُوْب النَّاس، فسُمِّيَ بِذَلِكَ حلاَّج الأَسرَار، وَلُقب بِهِ.
ثمَّ قَدِمَ الأَهْوَاز وَطلبنِي، فحُملت إِلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى البَصْرَةِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ وَلبس المرقَّعَة، وَخَرَجَ مَعَهُ خلق، وَحسَدَهُ أَبُو يَعْقُوْبَ النَّهْرَجُورِيّ، وَتكلّم فِيْهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الأَهْوَاز، وَحمل أُمِّي وَجَمَاعَة مِنْ كِبَار أَهْل الأَهْوَاز إِلَى بَغْدَادَ، فَأَقَامَ بِهَا سنَة.
ثُمَّ قصد إِلَى الهِنْد وَمَا وَرَاء النَّهر ثَانياً، وَدَعَا إِلَى اللهِ، وَأَلَّف لَهُم كتباً، ثُمَّ رَجَعَ، فَكَانُوا يكَاتِبونه مِنَ الهِنْد بِالمُغِيْث، وَمِنْ بلاَد مَاصين وَتُرْكستَان بِالمُقيت، وَمِنْ خُرَاسَان بِأَبِي عَبْدِ اللهِ الزَّاهِد، وَمِنْ خوزستَان بِالشَّيْخ حلاَّج الأَسرَار.
__________
= معسكرا للمسلمين يقصدونها في فتح إصطخر..وهي تامة العمارة، خصبة جدا، بينها وبين شيراز ثمانية فراسخ ".(14/315)
وَكَانَ بِبَغْدَادَ قَوْم يُسَمُّونه المُصْطَلم، وَبِالبَصْرَة المُحيّر، ثُمَّ كثرتِ الأَقَاويلُ عَلَيْهِ بَعْد رُجُوعه مِنْ هَذِهِ السَّفرَة، فَقَامَ وَحَجّ ثَالِثاً، وَجَاور سَنَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ وَتَغَيَّر عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فِي الأَوَّل، وَاقتنَى العَقَار بِبَغْدَادَ، وَبنَى دَاراً، وَدَعَا النَّاس إِلَى مَعْنَى لَمْ أَقف عَلَيْهِ، إِلاَّ عَلَى شطر مِنْهُ، ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشِّبلِيِّ وَغَيْره مِنْ مَشَايِخ الصُّوْفِيَّة، فَقِيْلَ: هُوَ سَاحر.
وَقِيْلَ: هُوَ مَجْنُوْنَ.
وَقِيْلَ: هُوَ ذُو كَرَامَات، حَتَّى أَخذه السُّلْطَان.
انْتَهَى كَلاَم وَلده.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: إِنَّمَا قِيْلَ لَهُ: الحَلاَّج لأَنَّه دَخَلَ وَاسطاً إِلَى حلاَّج، وَبعثَه فِي شُغل، فَقَالَ: أَنَا مَشْغُوْل بِصَنْعَتِي.
فَقَالَ: اذهبْ أَنْتَ حَتَّى أُعينك، فَلَمَّا رَجَعَ وَجد كُلَّ قُطْنٍ عِنْدَهُ محلوجاً.
قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ بنِ حَنْظَلَة الوَاسِطِيُّ السَّمَّاك، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
دَخَلَ الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْرٍ وَاسطاً، فَاسْتقبله قَطَّان، فَكلَّفه الحُسَيْنُ إِصْلاَح شغله وَالرَّجُلُ يتثَاقل فِيْهِ، فَقَالَ: اذهبْ فَإِنِّي أُعينك.
فَذَهَبَ، فَلَمَّا رَجَعَ، رَأَى كُلَّ قُطْن عِنْدَهُ محلوجاً مندوَفاً، وَكَانَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِيْنَ أَلْفَ رَطْل.
وَقِيْلَ: بَلْ لتكلُّمه عَلَى الأَسرَار.
وَقِيْلَ: كَانَ أَبُوْهُ حلاَّجاً.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ السَّرَّاج: صَحِبَ الحَلاَّجُ عَمْرو بنَ عُثْمَانَ، وَسرقَ مِنْهُ كتباً فِيْهَا شَيْءٌ مِنْ علم التصوُّف، فَدَعَا عَلَيْهِ عَمْرو: اللَّهُمَّ اقطَعْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ الوَلِيْدِ: كَانَ المَشَايِخُ يَسْتَثقلُوْنَ كلامَه، وَينَالُوْنَ مِنْهُ لأَنَّه كَانَ يَأْخذ نَفْسَه بِأَشيَاء تُخَالف الشَّريعَة، وَطَرِيْقَة الزُّهَّاد، وَكَانَ يدَّعِي المحبَّة للهِ، وَيظهر مِنْهُ مَا يخَالف دعوَاهُ.
قُلْتُ: وَلاَ ريبَ أنَّ اتِّبَاع الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - علمٌ لمحبَّة الله لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كُنْتُم تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُوْنِي يُحْبِبْكُم اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُم ذُنُوبكُم} [آل عِمْرَان:31] .(14/316)
أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ الحَضْرَمِيّ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْد الجُنَيْد، إِذْ وَرد شَابٌّ عَلَيْهِ خِرْقَتَانِ، فَسَلَّمَ وَجَلَسَ سَاعَة، فَأَقبل عَلَيْهِ الجُنَيْد، فَقَالَ لَهُ: سَلْ مَا تُرِيْد أَنْ تسأَل.
فَقَالَ لَهُ: مَا الَّذِي بَايَنَ الخَلِيْفَة عَنْ رُسُوم الطَّبْع؟
فَقَالَ الجُنَيْد لَهُ: أَرَى فِي كَلاَمك فُضُولاً، لِمَ لاَ تسأَل عَنْ مَا فِي ضمِيرك مِنَ الخُرُوج وَالتَّقَدُّم عَلَى أَبْنَاء جِنْسِكَ؟
فَأَقبلَ الجُنَيْد يَتَكَلَّم، وَأَخَذَ هُوَ يُعَارِضُهُ إِلَى أَنْ قَالَ لَهُ الجُنَيْد: أَيّ خَشَبَةٍ تُفْسِدُهَا؟ يُرِيْد أَنَّهُ يُصْلب.
قَالَ السُّلَمِيُّ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الهَمَذَانِيَّ يَقُوْلُ: سأَلت إِبْرَاهِيْمَ بنَ شَيْبَان عَنِ الحَلاَّج، فَقَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُر إِلَى ثمرَات الدَّعَاوِي الفَاسِدَة فليَنْظُرْ إِلَى الحَلاَّج وَمَا صَارَ إِلَيْهِ.
أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ بَاكويه: حَدَّثَنَا أَبُو الفَوَارِسِ الجَوْزَقَانِيّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ شَيْبَان قَالَ: سلَّم أُسْتَاذِي أَبُو عَبْدِ اللهِ المَغْرِبِيُّ عَلَى عَمْرو بنِ عُثْمَانَ، فجَارَاهُ فِي مَسْأَلَة، فجرَى فِي عُرض الكَلاَم أَنْ قَالَ: هَا هُنَا شَابٌّ عَلَى جَبَل أَبِي قُبَيْس.
فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْد عَمْرو صعِدنَا إِلَيْهِ، وَكَانَ وَقت الهَاجرَة، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ جَالسٌ فِي صحْن الدَّار عَلَى صخرَةٍ فِي الشَّمْس، وَالعَرَقُ يسيلُ مِنْهُ عَلَى الصَّخْرَة، فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ المَغْرِبِيُّ رَجَعَ وَأَشَار بِيَدِهِ: ارْجِع.
فنزلنَا المَسْجَد، فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ: إِن عشتَ ترَ مَا يَلقَى هَذَا، قَدْ قَعَدَ بِحمقِهِ يتصبَّر مَعَ الله.
فَسَأَلنَا عَنْهُ فَإِذَا هُوَ الحَلاَّج.
قَالَ السُّلَمِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ شَاذَانَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ الكتَّانِيَّ يَقُوْلُ: دَخَلَ الحَلاَّج مَكَّة، فجهِدْنَا حَتَّى أَخَذْنَا مرقَّعته، فَأَخَذْنَا مِنْهَا قَمْلَة، فوزنَّاهَا فَإِذَا فِيْهَا نِصْفُ دَانقٍ (1) مِنْ شِدَّة مُجَاهَدته.
__________
(1) الدانق والدانق: من الاوزان. قال صاحب " اللسان ": هو سدس الدرهم، وأنشد ابن بري: =(14/317)
قُلْتُ: ابْن شَاذَانَ مُتَّهَم، وَقَدْ سَمِعْنَا بِكَثْرَة الْقمل، أَمَا كبرُ الْقمل، فَمَا وَقَعَ، وَلَوْ كَانَ يَقَع، لتدَاوله النَّاس.
قَالَ عَلِيُّ بنُ المُحَسِّنِ التَّنُوْخِيّ (1) :أَخْبَرَنَا أَبِي: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ القَاضِي، قَالَ: حَمَلنِي خَالِي مَعَهُ إِلَى الحَلاَّج، فَقَالَ لِخَالِي: قَدْ عَملتُ عَلَى الخُرُوج مِنَ البَصْرَةِ.
قَالَ: وَلِمَ؟
قَالَ: قَدْ صيَّرَنِي أَهلُهَا حَدِيْثاً، حَتَّى إِنَّ رَجُلاً حمل إِلَيَّ درَاهم وَقَالَ: اصرِفْهَا إِلَى الفُقَرَاء، فَلَمْ يَكُنْ بِحَضْرتِي أَحَد، فجعلتُهَا تَحْتَ بارِيَّة (2) ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ غدٍ احتفَّ بِي قَوْم مِنَ الفُقَرَاء، فَشُلْتُ البَارِيَّةَ وَأَعطَيْتُهُم تِلْكَ الدَّرَاهِم، فشَنَّعُوا وَقَالُوا: إِنِّيْ أَضرب بيدِي إِلَى التُّرَاب فَيصير درَاهم.
وَأَخَذَ يعدِّدُ مِثْل هَذَا، فَقَامَ خَالِي وَقَالَ: هَذَا مُتنمّس (3) .
قَالَ ابْنُ النَّدِيْم: قَرَأْتُ بخَطِّ عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بنِ أَبِي طَاهِرٍ: كَانَ الحَلاَّج مشعبذاً محتَالاً، يتعَاطَى التصرُّف، وَيدَّعِي كُلَّ علم، وَكَانَ صِفْراً مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ يَعْرِف فِي الكيمِيَاء، وَكَانَ مِقْدَاماً جسوراً عَلَى السَّلاَطين، مرتكباً لِلْعظَائِم، يروم إِقلاَب الدُّول، وَيدَّعِي عِنْد أَصْحَابه الإِلهيَّة، وَيَقُوْلُ بالحُلول، وَيُظهر التَّشَيُّع لِلْمُلُوْك، وَمَذَاهِبَ الصُّوْفِيَّة لِلْعَامَّة، وَفِي تضَاعِيف ذَلِكَ يَدَّعِي أَنَّ الإِلهيَّة حلَّت فِيْهِ، تَعَالَى الله وَتَقَدَّسَ عَمَّا يَقُوْلُ.
وَقَالَ ابْنُ بَاكويه: سَمِعْتُ أَبَا الحَسَنِ بنَ أَبِي توبَة يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ
__________
= يا قوم من يعذر من عجرد * القاتل المرء على الدانق
(1) هو القاضي أبو القاسم، علي بن المحسن التنوخي.
من علماء المعتزلة، تقلد القضاء في عدة نواح، منها: المدائن وأذربيجان، وكان ظريفا نبيلا جيد النادرة.
توفي سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
وسترد ترجمته في الجزء الثامن عشر.
وأبوه هو القاضي أبو علي المحسن بن أبي القاسم التنوخي الأديب الشاعر الاخباري صاحب " نشوار المحاضرة "، " والفرج بعد الشدة " المتوفي سنة 384 هـ.
(2) هي الحصير المنسوج. انظر " تاج العروس " مادة: بور، والمعرب ص 46 للجواليقي.
(3) أي: محتال.(14/318)
أَحْمَد الحَاسِبَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ وَالدِي يَقُوْلُ: وَجَّهنِي المُعْتَضِدُ إِلَى الهِنْد لأُمُورٍ أَتعرَّفُهَا لَهُ، فَكَانَ مَعِي فِي السَّفِيْنَة رَجُلٌ يُعْرَفُ بِالحُسَيْن بنِ مَنْصُوْرٍ، وَكَانَ حَسَنَ العِشْرَة، فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ الْمركب قُلْتُ: لِمَ جِئْت؟
قَالَ لأَتَعَلَّمَ السِّحرَ وَأَدْعُو الْخلق إِلَى اللهِ.
وَكَانَ عَلَى سطح كوخ فِيْهِ شَيْخ.
فَقَالَ لَهُ: هَلْ عِنْدَكُم مَنْ يَعْرِف شَيْئاً مِنَ السّحر؟
قَالَ: فَأَخْرَجَ الشَّيْخ كُبَّةً مِنْ غزل، وَنَاول طرَفهَا الحُسَيْن، ثُمَّ رمَى الكُبَّةَ فِي الهوَاء، فصَارت طَاقَة وَاحِدَة، ثُمَّ صعد عَلَيْهَا وَنَزَلَ، وَقَالَ لِلْحُسَيْنِ: مِثْل هَذَا تُرِيْد؟.
وَقَالَ أَبُو القَاسِمِ التَّنُوْخِيّ (1) :سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يُوْسُفَ الأَزْرَق: حَدَّثَنِي غَيْر وَاحِدٍ مِنَ الثِّقَات: أَنَّ الحَلاَّج كَانَ قَدْ أَنْفَذَ أَحَدَ أَصْحَابِهِ إِلَى بلاَد الْجَبَل، وَوَافقه عَلَى حِيْلَةٍ يعملهَا، فسَافر، وَأَقَامَ عِنْدَهُم سِنِيْنَ يظْهر النُّسُكَ وَالعِبَادَة، وَإِقرَاء القُرْآن وَالصَّوْم، حَتَّى إِذَا علم أَنَّهُ قَدْ تَمَكَّنَ أَظهر أَنَّهُ قَدْ عَمِيَ، فَكَانَ يُقَاد إِلَى مَسْجِد، وَيتعَامَى شهوراً، ثُمَّ أَظهر أَنَّهُ قَدْ زَمِنَ، فَكَانَ يُحْمَلَ إِلَى المَسْجَد، حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَتقرَّر فِي النُّفُوْس زَمَانَتُهُ وَعَمَاهُ، فَقَالَ لَهُم بَعْدَ ذَلِكَ: رَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ لِي: إِنَّهُ يَطْرُقُ هَذَا البلدَ عَبْدٌ مُجَابُ الدَّعْوَةِ، تُعَافَى عَلَى يَده، فَاطلبُوا لِي كُلَّ مَنْ يجتَاز مِنَ الفُقَرَاء، فلَعَلَّ الله أَنْ أُعَافَى.
فَتَعَلَّقَتِ النُّفُوْس بِذَلِكَ العَبْد، وَمَضَى الأَجلُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الحَلاَّج، فَقَدِمَ البلدَ، وَلبس الصُّوف، وَعكَفَ فِي الجَامِع، فتنبَّهُوا لَهُ، وَأَخبَرُوا الأَعمَى، فَقَالَ: احمِلونِي إِلَيْهِ، فَلَمَّا حصل عِنْدَهُ وَعلم أَنَّهُ الحَلاَّج قَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ: إِنِّيْ رَأَيْت منَاماً.
وَقصَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ أَنَا وَمَا مَحَلِّي؟ ثُمَّ أَخذ يَدْعُو لَهُ، وَمسح يَده عَلَيْهِ، فَقَامَ
__________
(1) الخبر في " نشوار المحاضرة " 6 / 78 76، و" تاريخ بغداد " 8 / 123 122 وما بين حاصرتين منهما.(14/319)
المتزَامن صَحِيْحاً بَصِيْراً، فَانقلَبَ البَلَد، وَازْدَحَمُوا عَلَى الحَلاَّج، فتركهُم وَسَافَرَ، وَأَقَامَ المُعَافَى شهوراً، ثُمَّ قَالَ لَهُم: إِنَّ مِنْ حقِّ الله عِنْدِي، وَردِّهِ جَوَارحِي عليّ أَنْ أَنفردَ بِالعِبَادَة، وَأَنَّ أُقيمَ فِي الثَّغْرِ، وَأَنَا أَستودِعُكُم الله.
فَأَعطَاهُ هَذَا أَلفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ: اغزُ بِهَا عَنِّي، وَأَعطَاهُ هَذَا مائَة دِيْنَارٍ وَقَالَ: اخرجْ بِهَا فِي غَزْوَة، وَأَعطَاهُ هَذَا مَالاً، وَهَذَا مَالاً، حَتَّى اجْتَمَعَ لَهُ أَلوف دَنَانِيْر وَدرَاهم، فَلحق بِالحَلاَّج، وَقَاسَمَهُ عَلَيْهَا.
قَالَ التَّنُوْخِيّ: أَخْبَرَنَا أَبِي، قَالَ: مِنْ مخَاريق الحَلاَّج أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَراً وَمَعَهُ مَنْ يَتَنَمَّس عَلَيْهِ وَيَهُوسُهُ، قَدِمَ قَبْل ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابه الَّذِيْنَ يَكْشِفُ لَهُم الأَمْر، ثُمَّ يمضِي إِلَى الصَّحرَاء، فَيُدْفَن فِيْهَا كَعْكاً، وَسُكَّراً، وَسَوِيقاً، وَفَاكهَةً يَابسَة، وَيعلِّم عَلَى مَوَاضِعهَا بِحجر، فَإِذَا خَرَجَ القَوْم وَتَعِبُوا قَالَ أَصْحَابُهُ: نريدُ السَّاعَة كَذَا وَكَذَا.
فينفردُ وَيُرِي أَنَّهُ يدعُو، ثُمَّ يَجِيْءُ إِلَى المَوْضِعِ فَيُخْرِجُ الدَّفين الْمَطْلُوب مِنْهُ.
أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ الجَمُّ الغَفير، وَأَخبرُونِي قَالُوا: رُبَّمَا خَرَجَ إِلَى بِسَاتينِ البَلَد، فيقدِّم مَنْ يَدْفِنُ الفَالوذَجَ الحَارَّ فِي الرُّقَاق، وَالسَّمك السُّخن فِي الرُّقَاق، فَإِذَا خَرَجَ طلبَ مِنْهُ الرَّجُل - فِي الحَال - الَّذِي دَفنه، فيُخْرِجه هُوَ.
ابْنُ بَاكويه: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ خَفِيْف: سَمِعْتُ أَبَا يَعْقُوْب النَّهرجورِيَّ يَقُوْلُ: دَخَلَ الحَلاَّج مَكَّة وَمَعَهُ أَرْبَعُ مائَة رَجُل، فَأَخَذَ كُلُّ شَيْخ مِنْ شُيُوْخ الصُّوْفِيَّةِ جَمَاعَة، فَلَمَّا كَانَ وَقت المَغْرِب جِئْت إِلَيْهِ، قُلْتُ: قُمْ نُفْطِرْ.
فَقَالَ: نَأْكل عَلَى رَأْس أَبِي قُبَيْس.
فصعدنَا فَلَمَّا أَكَلْنَا قَالَ الحُسَيْنُ: لَمْ نَأْكل شَيْئاً حُلُواً!
قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ أَكلنَا التَّمْر؟
فَقَالَ (1) :أُرِيْد شَيْئاً مَسَّته النَّار، فَهَام وَأَخَذَ
__________
(1) في الأصل: قلت، وهو تصحيف.(14/320)
ركوَة، وَغَاب سَاعَة، ثُمَّ رَجَعَ وَمَعَهُ جَامُ حلوَاء، فَوَضَعه بَيْنَ أَيدينَا وَقَالَ: بِسْمِ اللهِ.
فَأَخَذَ القَوْم يَأْكلُوْنَ وَأَنَا أَقُول: قَدْ أَخذ فِي الصَّنعَة الَّتِي نسبهَا إِلَيْهِ عَمْرو بن عُثْمَانَ، فَأَخذتُ قطعَة، وَنزلتُ الوَادِي، وَدُرْتُ عَلَى الحلاَوييِّن أُريهُم تِلْكَ الحلوَاء، وَأَسأَلهُم، حَتَّى قَالَتْ لِي طبَّاخَة: لاَ يعْمل هَذَا إِلاَّ بِزَبيْد، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُمكن حملُه، فَلاَ أَدْرِي كَيْفَ حُمل؟ فَرَجَعَ رَجُلٌ مِنْ زَبيْد إِلَى زَبِيْد، فتعرَّف الْخبز بزَبيْد: هَلْ ضَاع لأَحَدٍ مِنَ الحلاَوييِّن جَامٌ علاَمتُهُ كَذَا وَكَذَا، وَإِذَا بِهِ قَدْ حُمل مِنْ دكَانَ إِنْسَانٍ حلاَوِيّ، فصحَّ عِنْدِي أَنَّ الرَّجُل مَخْدُومِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ البَنَّاءِ - فِيْمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْن نَاصر بِالإِجَازَةِ -:حرَّك الحَلاَّج يَده يَوْماً، فَنثرَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ درَاهِم.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ درَاهم مَعْرُوْفَة، وَلَكِنْ أُؤمِنُ بِكَ إِذَا أَعطيتَنِي دِرْهَماً عَلَيْهِ اسْمُك وَاسمُ أَبيك.
فَقَالَ: وَكَيْفَ وَهَذَا لَمْ يُصنع؟
قَالَ: مَنْ أَحضرَ مَنْ لَيْسَ بحَاضِرٍ صَنَعَ مَا لَمْ يُصنع.
فَهَذِهِ حِكَايَة منقطعَة.
وَقَالَ التَّنُوْخِيّ: أَخْبَرَنَا أَبِي: أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ زنجِيّ الكَاتِب، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: حضَرتُ مَجْلِسَ حَامِد الوَزِيْر وَقَدْ أَحضر السِّمَّرِيّ - صَاحِب الحَلاَّج - وَسَأَلَهُ عَنْ أَشيَاء مِنْ أَمر الحَلاَّج، وَقَالَ لَهُ: حَدِّثْنِي بِمَا شَاهدت مِنْهُ.
فَقَالَ: إِنْ رَأَى الوَزِيْر أَنْ يُعْفِيَنِي، فَعَلَ.
فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَعْلَم أَنِّي إِن حَدَّثْتُكُ كَذَّبْتَنِي، وَلَمْ آمن عقوبَة، فَأَمَّنَهُ، فَقَالَ: كُنْتُ مَعَهُ بفَارس فَخَرَجْنَا إِلَى إِصْطَخر (1) فِي الشِّتَاء، فَاشْتَهَيْتُ عَلَيْهِ
__________
(1) قال ياقوت: " إصطخر بالكسر وسكون الخاء المعجمة: بلدة من أعيان حصون فارس ومدنها وكورها، قيل: كان أول من أنشأها إصطخر بن طهمورث ملك الفرس. قال الاصطخري: بها كان مسكن ملك فارس حتى تحول أردشير إلى جور ".
انظر " معجم البلدان " 1 / 211.(14/321)
خِيَاراً، فَقَالَ لِي: فِي مِثْلِ هَذَا المَكَان وَالزَّمَان؟
قُلْتُ: هُوَ شَيْءٌ عَرَضَ لِي، فَلَمَّا كَانَ بَعْد سَاعَة قَالَ: أَنْتَ عَلَى شَهْوَتك؟
قُلْتُ: نَعَم، فسرنَا إِلَى جبل ثَلج، فَأَدخل يَده فِيْهِ، وَأَخرج إِلَيَّ خيَارَةً خَضْرَاء، فَأَكَلتُهَا.
فَقَالَ حَامِد: كذبتَ يَا ابْنَ مائَة أَلْف زَانيَة، أَوجِعُوا فَكَّهُ.
فَأَسرع إِلَيْهِ الغلمَانُ، وَهُوَ يَصِيْح: أَلَيْسَ مِنْ هَذَا خِفْنَا؟ وَأُخرج، فَأَقبل حَامِد الوَزِيْر يتحدَّثُ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِ النِّيرنجَات (1) أَنَّهُم كَانُوا يغدُوْنَ بِإِخرَاج التِّين وَمَا يجرِي مجرَاهُ مِنَ الْفَوَاكِه، فَإِذَا حصل فِي يَد الإِنْسَان وَأَرَادَ أَنْ يَأْكله صَارَ بَعْراً (2) .
قُلْتُ: صدق حَامِد، هَذَا هُوَ شغل أَربَاب السِّحْرِ وَالسيمِيَاء، وَلَكِن قَدْ يقوَى فعلُهُم بِحَيْثُ يَأْكُلُ الرَّجُل البعرَ وَلاَ يشعُرُ بِطعْمِهِ.
قَالَ ابْنُ بَاكويه: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مُفْلِح، حَدَّثَنَا طَاهِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ التُّسْتَرِيُّ، قَالَ: تعجَّبت مِنْ أَمر الحَلاَّج، فَلَمْ أَزل أَتتبَّعُ وَأَطلبُ الحِيَلَ، وَأَتعلم النَّارنجيات لأَقف عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَدَخَلتُ عَلَيْهِ يَوْماً مِنَ الأَيَّام، وَسلَّمتُ وَجلَسْتُ سَاعَة، فَقَالَ لِي: يَا طَاهِر! لاَ تتعنَّ، فَإِنَّ الَّذِي ترَاهُ وَتسمعه مِنْ فعل الأَشخَاص لاَ مِنْ فِعلِي، لاَ تَظُنَّ أَنَّهُ كرَامَةٌ أَوْ شَعْوَذَة.
فعل الأَشخَاص: يَعْنِي بِهِ الجِنّ.
وَقَالَ التَّنُوْخِيّ: أَخْبَرَنَا أَبِي، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ يُوْسُفَ الأَزْرَق: أَنَّ الحَلاَّج لَمَّا قَدِمَ بَغْدَادَ اسْتغوَى خلقاً مِنَ النَّاس وَالرُّؤسَاء، وَكَانَ طمعُهُ فِي الرَّافِضَة أَقوَى لدُخُوْله فِي طَرِيقهمْ، فرَاسَلَ أَبَا سَهْل بن نُوْبَخْت
__________
(1) النيرنجات، بكسر النون: ضرب من الشعوذة والاحتيال والخداع فارسي معرب عن نيرنك، وفي الأصل: عن قوم كفاريجيات، وما أثبتناه من نشوار المحاضرة، وتاريخ بغداد.
(2) الخبر في " نشوار المحاضرة " 6 / 84 83، و" تاريخ بغداد " 8 / 136.(14/322)
يَسْتَغويه، وَكَانَ أَبُو سَهْلٍ فَطِناً، فَقَالَ لرَسُوْله: هَذِهِ المعجزَاتُ الَّتِي يُظهرهَا يُمكن فِيْهَا الحِيل، وَلَكِنِّي رَجُلٌ غزِل، وَلاَ لذَّةَ لِي أَكْبَر مِنَ النِّسَاء، وَأَنَا مبتلَى بِالصَّلَع، فَإِن جَعَلَ لِي شَعراً وَردَّ لحيتِي سَوْدَاء، آمنتُ بِمَا يَدْعُونِي إِلَيْهِ وَقُلْتُ: إِنَّهُ بَابُ الإِمَامُ، وَإِن شَاءَ قُلْتُ: إِنَّهُ الإِمَامُ، وَإِن شَاءَ قُلْتُ: إِنَّهُ النَّبِيّ، وَإِن شَاءَ قُلْتُ: إِنَّهُ الله.
فَأَيِسَ الحَلاَّج مِنْهُ وَكفَّ.
قَالَ الأَزْرَق: وَكَانَ يدعُو كُلَّ قَوْمٍ إِلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَشيَاء حسب مَا يَسْتَبله طَائِفَة طَائِفَة.
أَخْبَرَنِي جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابه: أَنَّهُ لَمَّا افتُتِنَ بِهِ النَّاس بِالأَهْوَاز وَكُورِهَا بِمَا يُخْرِجُ لَهُم مِنَ الأَطعمَة وَالأَشربَة فِي غَيْر حينهَا، وَالدَّرَاهم الَّتِي سمَّاهَا درَاهم القُدرَة، فَحَدَّث أَبُو عَلِيٍّ الجبَائِيّ بِذَلِكَ، فَقَالَ: هَذِهِ الأَشيَاء يُمكن الحِيَل فِيْهَا فِي منَازل، لَكِن أَدخلُوهُ بيتاً مِنْ بُيُوْتكُم وَكلِّفُوهُ أَنْ يُخرج مِنْهُ جرزتين شوكاً.
فَبلغَ الحَلاَّج قَوْلُه، وَأَنَّ قَوْماً عَملُوا عَلَى ذَلِكَ، فسَافر.
وفِي (النشوَار) لِلتَّنُوخِيّ (1) :أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الأَهْوَازِيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُنَجِّمٌ مَاهرٌ قَالَ: بَلَغَنِي خبر الحَلاَّج، فجئتُهُ كَالمسترشد، فَخَاطَبَنِي وَخَاطبته ثُمَّ قَالَ: تَشَهَّ السَّاعَة مَا شِئْت حَتَّى أَجيئَكَ بِهِ.
وَكُنَّا فِي بَعْضِ بلدَان الْجَبَل الَّتِي لاَ يَكُوْن فِيْهَا الأَنهَار، فَقُلْتُ: أُرِيْدُ سَمَكاً طَرِيّاً حَيّاً، فَقَامَ، فَدَخَلَ البَيْت، وَأَغلق بَابَه، وَأَبطأَ سَاعَة، ثُمَّ جَاءنِي وَقَدْ خَاض وَحلاً إِلَى ركبته، وَمَعَهُ سمَكَةٌ تَضْطَرِب، وَقَالَ: دعوتُ الله، فَأَمرنِي أَنْ أَقصِدَ البطَائِح، فَجئْت بِهَذِهِ.
قَالَ: فعلمتُ أَنَّ هَذَا حِيْلَة، فَقُلْتُ لَهُ: فَدَعنِي أَدخل البَيْت، فَإِنْ لَمْ تَنْكَشِف لِي حِيْلَةٌ آمنتُ بِكَ؟.
قَالَ: شأَنك.
فَدَخَلت البَيْت وَغَلَّقْتُ عَلَى نَفْسِي، فَلَمْ أَجِدْ طريقاً وَلاَ حِيلَة،
__________
(1) 1 / 165 - 168 وما بين حاصرتين منه.(14/323)
ثُمَّ قلعت مِنَ التَّأزير، وَدخلتُ إِلَى دَارٍ كَبِيْرَة فِيْهَا بستَانٌ عَظِيْم، فِيْهِ صُنُوف الأَشجَار، وَالثِّمَار، وَالرَّيْحَان، الَّتِي هُوَ وَقتهَا، وَمَا لَيْسَ وَقتهَا مِمَّا قَدْ غُطِّيَ وَعُتِّقَ وَاحتيل فِي بقَائِه، وَإِذَا الخزَائِن مُفَتَّحَةٌ، فِيْهَا أَنْوَاع الأَطعمَة وَغَيْر ذَلِكَ، وَإِذَا بِرْكَةٌ كَبِيْرَة، فَخضتُهَا، فَإِذَا رجلِي قَدْ صَارت بِالوحلِ كَرِجْلَيه، فَقُلْتُ: الآنَ إِن خَرَجتُ وَمعِي سمَكةً قتلنِي، فَصِدْتُ سمَكَة، فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى بَابِ البَيْت أَقبلتُ أَقُولُ: آمنتُ وَصَدَّقْتُ، مَا ثَمَّ حِيْلَة، وَلَيْسَ إِلاَّ التَّصْدِيق بِك.
قَالَ: فَخَرَجَ.
وَخَرَجتُ وَعدوتُ، فَرَأَى السّمَكَة مَعِي، فَعدَا خَلْفِي، فلحقنِي، فضربتُ بِالسَّمَكَةِ فِي وَجْهِهِ وَقُلْتُ لَهُ: أَتعبْتَنِي حَتَّى مَضَيْت إِلَى البَحْر فَاسْتَخرجت هَذِهِ، فَاشْتَغَل بِمَا لَحِقَهُ مِنَ السَّمَكَة، فَلَمَّا صرت فِي الطَّرِيْق رميت بنفسِي لِمَا لحقنِي مِنَ الْجزع وَالفزع، فَجَاءَ إِلَيَّ، وَضَاحكنِي وَقَالَ: ادْخل.
فَقُلْتُ: هَيْهَاتَ.
فَقَالَ: اسْمع، وَاللهِ لَئِنْ شِئْتُ قتلتُك عَلَى فِرَاشك، وَلَكِن إِن سَمِعْتُ بِهَذِهِ الحِكَايَة لأَقتلنَّك، فَمَا حكيتهَا حَتَّى قتل.
قُلْتُ: هَذَا المنجِّم مَجْهُوْل، أَنَا أَستَبْعِدُ صِدْقَهُ.
ابْنُ بَاكويه: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ الحُسَيْنِ الفَارِسِيَّ بِالمَوْصِل، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ سعدَان يَقُوْلُ: قَالَ لِي الحَلاَّج: تُؤمن بِي حَتَّى أَبعثَ إِلَيْك بعُصفورٍ أَطرحُ مِنْ ذَرْقهَا وَزن حَبَّةٍ عَلَى كَذَا مَنّاً (1) نُحَاساً فَيَصِيْرُ ذَهباً؟
فَقُلْتُ لَهُ: بَلْ أَنْتَ تُؤمن بِي حَتَّى أَبعثَ إِلَيْكَ بفيلٍ يَسْتَلقِي فتصيرُ قَوَائِمُهُ فِي السَّمَاء، فَإِذَا أَردتَ أَنْ تُخفيهُ أَخفيتَه فِي إِحْدَى عَيْنَيْك.
قَالَ: فَبُهِتَ وَسَكَتَ.
وَيُرْوَى أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلْحلاَّج: أُرِيْد تُفَّاحَة، وَلَمْ يَكُنْ وَقته، فَأَومأَ بِيَدِهِ
__________
(1) في " اللسان ": المن: لغة في المنا الذي يوزن به. ونقل عن الجوهري قوله: المن: المنا، وهو رطلان، والجمع أمنان، وجمع المنا: أمناء.(14/324)
إِلَى الهوَاء، فَأَعطَاهُم تُفَّاحَةً وَقَالَ: هَذِهِ مِنَ الجَنَّة.
فَقِيْلَ لَهُ: فَاكهَة الجَنَّة غَيْرُ متغيِّرَة، وَهَذِهِ فِيْهَا دودَة.
فَقَالَ: لأَنَّهَا خَرَجت مِنْ دَار البَقَاء إِلَى دَار الفنَاء، فحلَّ بِهَا جُزْءٌ مِنَ البلاَءِ.
فَانظر إِلَى ترَامِي هَذَا المِسْكِيْنِ عَلَى الكَرَامَاتِ وَالخوَارق، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الخِذلاَن، فَعَنْ عُمَر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ خُشُوْعِ النِّفَاق.
قَالَ ابْنُ بَاكويه: حَدَّثَنَا حمدُ بنُ الحَلاَّج قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ أَبِي بَغْدَاد، وَبنَى دَاراً، وَدَعَا النَّاس إِلَى مَعْنَىً لَمْ أَقف إِلاَّ عَلَى شطرٍ مِنْهُ، حَتَّى خَرَجَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ، وَقبَّحُوا صورَتَه، وَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشِّبْلِيّ.
قَالَ ابْنُ بَاكويه: سَمِعْتُ عِيْسَى بنَ بَزُولٌ القَزْوِيْنِيّ يَقُوْلُ: إِنَّهُ سَأَلَ ابْنَ خَفِيْف عَنْ مَعْنَى هَذِهِ الأَبيَات
سُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ نَاسُوْتُهُ ... سِرَّ سَنَا لاَهُوتِه الثَّاقِبِ
ثُمَّ بدَا فِي خَلْقِهِ ظَاهِراً ... فِي صُوْرَةِ الآكِلِ وَالشَّارِبِ
حَتَّى لَقَدْ عَايَنَهُ خَلْقُهُ ... كَلَحْظَةِ الحَاجِبِ بِالحَاجِبِ
فَقَالَ ابْنُ خَفِيْف: عَلَى قَائِل ذَا لعنَةُ الله.
قَالَ: هَذَا شِعر الحُسَيْن الحَلاَّج.
قَالَ: إِنْ كَانَ هَذَا اعْتِقَادَهُ فَهُوَ كَافِر فَرُبَّمَا يَكُوْن مَقُولاً عَلَيْهِ (1) .
السُّلَمِيّ (2) :أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِد بنُ بَكْرٍ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ فَارس، سَمِعْتُ الحَلاَّج يَقُوْلُ: حجبَهُم الاسْم فَعَاشوا، وَلَوْ أَبَرَز لَهُم عُلُوْم القدرَة لطَاشوا.
__________
(1) الابيات في " ديوان الحلاج " ص 41، والخبر بطوله في " تاريخ بغداد " 8 / 129. وانظر أيضا " المنتظم " لابن الجوزي: 6 / 162، و" البداية والنهاية " لابن كثير: 11 / 134.
(2) في " طبقات الصوفية " ص 308.(14/325)
وَقَالَ: أَسْمَاءُ اللهِ مِنْ حَيْثُ الإِدرَاكُ رسم (1) ، وَمِنْ حَيْثُ الحَقُّ حَقِيْقَة.
وَقَالَ: إِذَا تخلَّص العَبْدُ إِلَى مقَام المَعْرِفَة، أُوحيَ إِلَيْهِ بخَاطرَة.
وَقَالَ: مَنَ التمسَ الحَقَّ بِنُورِ الإِيْمَان، كَانَ كَمَنْ طَلَبَ الشَّمْس بِنُوْرِ الْكَوَاكِب.
وَقَالَ: مَا انفصَلَتِ البشريَّةُ عَنْهُ، وَلاَ اتَّصلت بِهِ.
وَمِمَّا رُوِيَ لِلْحلاج:
أَنْتَ بَيْنَ الشَّغَافِ وَالقَلْبِ تَجْرِي ... مِثْلَ جَرْيِ الدُّمُوعِ مِنْ أَجْفَانِي
وَتَحِلُّ الضَّمِيْرَ جَوْفَ فُؤَادِي ... كَحُلُوْلِ الأَروَاحِ فِي الأَبْدَانِ
يَا هِلاَلاً بَدَا لأَرْبَع عَشْرٍ ... لِثَمَانٍ وَأَرْبَعٍ وَاثْنَتَان (2)
وَله:
مُزِجَتْ رُوْحِي فِي رِوحِكْ كَمَا ... تُمْزَجُ الخَمْرَةُ بِالمَاءِ الزُّلاَلِ
فَإِذَا مَسَّكَ شَيْءٌ مَسَّنِي ... فَإِذَا أَنْتَ أَنَا فِي كُلِّ حَال (3)
وَعَنِ القَناد قَالَ: لقيتُ يَوْماً الحَلاَّج فِي حَالَةٍ رَثَّةٍ، فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ حَالك؟ فَأَنشَأَ يَقُوْلُ:
__________
(1) في " طبقات السلمي ": اسم.
(2) الابيات في " ديوان الحلاج " ص 97 96، و" طبقات الصوفية " ص 309 و" أخبار الحلاج " ص 114 113.
(3) البيتان في " ديوان الحلاج " ص 82، و" تاريخ بغداد " 8 / 115 ورواية البيت الأول فيهما:
مزجت روحك في روحي كما * تمزج الخمرة بالماء الزلال(14/326)
لَئِنْ أَمْسَيْتُ فِي ثَوْبَي عَدِيْمٍ ... لَقَدْ بَليَا عَلَى حُرٍّ كَرِيْمِ
فَلاَ يَحْزُنْكَ أَنْ أَبْصَرْتَ حَالاً ... مُغَيَّرَةً عَنِ الحَالِ القَدِيْم
فَلِي نَفْسٌ سَتَذْهَبُ أَوْ سَتَرْقَى ... لَعَمْرُكَ بِي إِلَى أَمْرٍ جَسِيْم (1)
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِ مائَةٍ أُدخل الحَلاَّج بَغْدَاد مَشْهُوْراً عَلَى جَمل، قبض عَلَيْهِ بِالسُّوس، وَحُمِلَ إِلَى الرَّائِشِيّ، فَبَعَثَ بِهِ إِلَى بَغْدَادَ، فَصُلِبَ حَيّاً، وَنُودِي عَلَيْهِ: هَذَا أَحَدُ دُعَاة القرَامِطَة فَاعْرِفُوهُ.
وَقَالَ الفَقِيْه أَبُو عَلِيٍّ بنُ البَنَّاءِ: كَانَ الحَلاَّجُ قَدِ ادَّعَى أَنَّهُ إِله، وَأَنَّهُ يَقُوْلُ بِحُلُول اللاَّهُوتِ فِي النَّاسُوت، فَأَحْضَرَهُ الوَزِيْرُ عَلِيُّ بنُ عِيْسَى فَلَمْ يجده - إِذْ سأَله - يُحْسِنُ القُرْآن وَالفِقْه وَلاَ الحَدِيْثَ.
فَقَالَ: تعلُّمُكَ الفرضَ وَالطَّهور أَجدَى عَلَيْكَ مِنْ رسَائِل لاَ تَدْرِي مَا تَقُولُ فِيْهَا.
كَمْ تَكْتُبُ - وَيْلَك - إِلَى النَّاس: تبَاركَ ذُو النُّوْرِ الشَّعْشَعَانِيّ؟! مَا أَحْوَجَكَ إِلَى أَدب! وَأَمَرَ بِهِ فصُلب فِي الجَانب الشَّرْقِيّ، ثُمَّ فِي الغربِيّ.
وَوُجد فِي كُتُبِه: إِنِّيْ مُغْرِقُ قَوْم نوح، وَمُهْلِك عَادَ وَثمود.
وَكَانَ يَقُوْلُ لِلْوَاحِد مِنْ أَصْحَابه: أَنْتَ نُوح.
وَلآخر: أَنْتَ مُوْسَى.
وَلآخر: أَنْتَ مُحَمَّد.
وَقَالَ: مَنْ رَسَتْ قَدَمُهُ فِي مَكَان المنَاجَاة، وَكُوْشِفَ بِالمُبَاشرَة، وَلُوْطِفَ بِالمُجَاوَرَة، وَتلذَّذ بِالقُرْبِ، وَتزيَّن بِالأُنْس، وَترَشَّحَ بِمرَأَى الْمَلَكُوت، وَتوشَّح بِمَحَاسِن الجَبَروت، وَترقَّى بَعْدَ أَنْ توقَّى، وَتَحَقَّقَ بَعْدَ أَنْ تمَزَّق، وَتَمَزَّقَ بَعْدَ أَنْ تزندَق، وَتصرَّف بَعْدَ أَنْ تعرَّف، وَخَاطبَ وَمَا رَاقبَ، وَتدلَّلَ بَعْدَ أَنْ تَذَلَّل، وَدَخَلَ وَمَا اسْتَأَذنَ، وَقُرِّبَ لَمَّا خُرِّب، وَكُلِّمَ لَمَّا كُرِّم، مَا قتلُوهُ وَمَا صَلَبوهُ.
__________
(1) " ديوان الحلاج 2 ص 118 117. وانظر أيضا " تاريخ بغداد " 8 / 117، و" البداية والنهاية " 11 / 134.(14/327)
ابْنُ بَاكويه: سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ مُحَمَّدٍ المذَارِيّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْقُوْب النَّهْرَجُورِيّ يَقُوْلُ: دَخَلَ الحُسَيْنُ بنُ مَنْصُوْر مَكَّة، فَجَلَسَ فِي صحْن المَسْجَد لاَ يَبْرَحُ مِنْ مَوْضِعه إِلاَّ لِلطَّهَارَة أَوِ الطَّوَاف، لاَ يُبَالِي بِالشَّمْس وَلاَ بِالمَطَر، فَكَانَ يُحمل إِلَيْهِ كُلَّ عَشِيَّةٍ كُوْزٌ وَقُرص، فيعَضُّ مِنْ جَوَانبه أَرْبَعَ عَضَّاتٍ وَيَشْرَبُ.
أَخْبَرَنَا المسلمُ بنُ مُحَمَّدٍ القَيْسِيّ كِتَابة، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرْنَا ابْنُ زُرَيْق، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَبِي الحَسَنِ السَّاحلِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّدٍ النَّسَوِيّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ الحُسَيْنِ الحَافِظ، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بنَ مُحَمَّدٍ الوَاعِظ يَقُوْل: قَالَ أَبُو القَاسِمِ الرَّازِيّ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ مُمْشَاذ: حضَر عِنْدنَا بِالدِّيْنَور رَجُلٌ مَعَهُ مِخلاَة، فَفَتَّشوهَا، فَوَجَدُوا فِيْهَا كِتَاباً لِلْحلاَّج عنوَانُهُ: مِنَ الرَّحْمَن الرَّحِيْم إِلَى فُلاَن بن فُلاَن.
فَوجه إِلَى بَغْدَادَ فَأُحضرَ وَعُرض عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَذَا خَطِّي وَأَنَا كَتَبْتُهُ.
فَقَالُوا: كُنْتَ تَدَّعِي النُّبُوَّة، صِرْتَ تَدَّعِي الرُّبوبيَّة؟!
قَالَ: لاَ، وَلَكِن هَذَا عينُ الجَمْعِ عِنْدنَا، هَلِ الكَاتِب إِلاَّ الله وَأَنَا؟ فَاليد فِيْهِ آلَة.
فَقِيْلَ: هَلْ مَعَكَ أَحَد؟
قَالَ: نَعَمْ، ابْنُ عَطَاء، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الجَرِيْرِيّ، وَالشِّبلِيّ.
فَأُحضر الجَرِيْرِيّ، وَسُئِلَ، فَقَالَ: هَذَا كَافِر، يُقْتَل مَنْ يَقُوْلُ هَذَا.
وَسُئِلَ الشِّبلِيّ فَقَالَ: مَنْ يَقُوْلُ هَذَا يُمنع.
وَسُئِلَ ابْنُ عَطَاء، فَوَافق الحَلاَّج، فَكَانَ سَبَب قَتله.
قُلْتُ: أَمَّا أَبُو العَبَّاسِ بنُ عَطَاءٍ فَلَمْ يُقتل، وَكلَّم الوَزِيْر بكَلاَم غليظٍ لَمَّا سأَله، وَقَالَ: مَا أَنْتَ وَهَذَا، اشْتَغَلت بظُلْم النَّاس.
فعزَّره.
وَقَالَ السُّلَمِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ شَاذَانَ قَالَ: كَانَ الوَزِيْرَ حِيْنَ أُحضر الحَلاَّجُ لِلْقتل حَامِدُ بنُ العَبَّاسِ، فَأَمره أَنْ يَكْتُبَ اعْتِقَاده، فَكَتَبَ اعْتِقَاده، فَعَرضه الوَزِيْر عَلَى الفُقَهَاء بِبَغْدَادَ، فَأَنكروهُ، فَقِيْلَ لحَامِد: إِنَّ ابْنَ عَطَاء يُصَوِّب قَوْله، فَأَمر(14/328)
بِهِ، فَعُرض عَلَى ابْنِ عَطَاءٍ، فَقَالَ: هَذَا اعْتِقَادٌ صَحِيْح، وَمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ هَذَا فَهُوَ بِلاَ اعْتِقَاد.
فَأُحضر إِلَى الوَزِيْرِ، فَجَاءَ، وَتصدَّر فِي المَجْلِسِ، فغَاظ الوَزِيْر ذَلِكَ، ثُمَّ أُخرج ذَلِكَ الخطّ فَقَالَ: أَتصوِّبُ هَذَا؟
قَالَ: نَعَمْ، مَا لَك وَلِهَذَا؟ عَلَيْك بِمَا نُصِبْتَ لَهُ مِنَ المُصَادرَة وَالظُّلم، مَا لَك وَلِلْكَلاَمِ فِي هَؤُلاَءِ السَّادَة؟
فَقَالَ الوَزِيْر: فَكَّيْهِ.
فَضُرِبَ فَكَّاهُ، فَقَالَ أَبُو العَبَّاسِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ سَلَّطْتَ هَذَا عليَّ عُقوبَةً لدُخُوْلِي عَلَيْهِ.
فَقَالَ الوَزِيْر: خُفَّه يَا غُلاَم.
فَنزع خُفَّه.
فَقَالَ: دمَاغَه.
فَمَا زَالَ يضْرب دمَاغه حَتَّى سَالَ الدَّم مِنْ مَنْخِرَيه.
ثُمَّ قَالَ: الحَبْس.
فَقِيْلَ: أَيُّهَا الوَزِيْر؟ يتشوَّش العَامَّة.
فَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ.
وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ البَرْمَكِيّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: حضَرتُ بَيْنَ يدِي أَبِي الحَسَنِ بنِ بَشَّارٍ، وَعِنْدَهُ أَبُو العَبَّاسِ الأَصْبَهَانِيّ، فَذَاكره بقصَّة الحَلاَّج، وَأَنَّهُ لَمَّا قُتل كتب ابْنُ عَطَاء إِلَى ابْنِ الحَلاَّج كِتَاباً يعزِّيه عَنْ أَبِيْهِ، وَقَالَ: رَحِمَ اللهُ أَبَاك، وَنسخَ رُوحه فِي أَطيبِ الأَجسَاد.
فدلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يَقُوْلُ بالتَّنَاسخ، فَوَقَعَ الكِتَابُ فِي يَد حَامِد، فَأَحضر أَبَا العَبَّاسِ بنَ عَطَاء وَقَالَ: هَذَا خَطَّكَ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَإِقرَارُك أَعْظَم.
قَالَ: فَشَيْخٌ يكذب؟!
فَأَمر بِهِ، فَصُفِعَ.
فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ بنُ بَشَّار: إِنِّيْ لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَ اللهُ حَامِد بن العَبَّاسِ الجَنَّة بِذَلِكَ الصَّفْع.
قَالَ السُّلَمِيُّ (1) :أَكْثَر المَشَايِخ ردُّوا الحَلاَّج وَنَفَوهُ، وَأَبَوْا أَنْ يَكُوْنَ لَهُ قَدَمٌ فِي التَّصَوُّف، وَقبله ابْنُ عَطَاء، وَابْنُ خَفِيْف، وَالنَّصْر آباذِيّ.
قُلْتُ: قَدْ مرَّ أَنَّ ابْنَ خَفِيْف عُرِض عَلَيْهِ شَيْء مِنْ كَلاَم الحَلاَّج، فَتبرَّأَ مِنْهُ.
__________
(1) في " الطبقات " 308 307.(14/329)
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى الرَّازِيّ: سَمِعْتُ عَمْرَو بنَ عُثْمَانَ يلعنُ الحَلاَّج وَيَقُوْلُ: لَوْ قدرت عَلَيْهِ لقتلتُهُ بيدِي.
فَقُلْتُ: أَيش وَجد الشَّيْخ عَلَيْهِ؟
قَالَ: قَرَأْتُ آيَةً مِنْ كِتَاب اللهِ فَقَالَ: يُمْكنُنِي أَنْ أُؤلِّف مثلَه.
وَقَالَ أَبُو يَعْقُوْبَ الأَقطع: زوَّجتُ ابْنتِي مِنَ الحُسَيْنِ بنِ مَنْصُوْر لِمَا رَأَيْت مِنْ حُسنِ طَرِيقَته وَاجْتِهَاده، فَبَانَ لِي بَعْد مُدَّة يَسِيْرَة أَنَّهُ سَاحرٌ، محتَالٌ كَافِرٌ.
وَقَالَ أَبُو يَعْقُوْبَ النُّعْمَانِيّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بنَ دَاوُدَ الفَقِيْه يَقُوْلُ: إِنْ كَانَ مَا أَنزل اللهُ عَلَى نَبِيّه حقاً، فَمَا يَقُوْلُ الحَلاَّج بَاطِل.
وَكَانَ شَدِيْداً عَلَيْهِ.
السُّلَمِيّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ سَعِيْدٍ الوَاسِطِيَّ بِالكُوْفَةِ يَقُوْلُ: مَا تجرَّد أَحَدٌ عَلَى الحَلاَّج وَحَمَلَ السُّلْطَانَ عَلَى قَتله كَمَا تجرَّد لَهُ ابْن دَاوُدَ.
وَبلغَنِي أَنَّهُ لَمَّا أُخرج إِلَى الْقَتْل تغيَّر وَجهُ حَامِدِ بنِ العَبَّاسِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الفُقَهَاء: لاَ تَشُكَّنَّ أَيُّهَا الوَزِيْر، إِنْ كَانَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ حقّاً، فَمَا يَقُوْلُ هَذَا بَاطِل.
السُّلَمِيّ: سَمِعْتُ الحُسَيْنَ بنَ يَحْيَى، سَمِعْتُ جَعْفَراً الخُلْدِيّ وَسُئِلَ عَنِ الحَلاَّج فَقَالَ: أَعرفُه وَهُوَ حَدَث، كَانَ هُوَ وَالفُوَطِيّ يصحَبَان عَمْراً المَكِّيَّ، وَهُوَ يِحلِج.
السُّلَمِيّ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بنَ أَحْمَدَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي سعدَان يَقُوْلُ: الحَلاَّجُ مُمَوِّهٌ مُمَخْرِق.
قَالَ السُّلَمِيُّ: وَبلغنِي أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى الجُنَيْد، فَقَالَ: أَنَا الحَقّ.
قَالَ: بَلْ أَنْتَ بِالْحَقِّ، أَيَّ خشبَةٍ تُفسد.
السُّلَمِيّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ غَالِب يَقُوْلُ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصحَابنَا(14/330)