الكيانية، وهم الطّبقة الثانية من ملوك الفرس، وادّعى النبوّة وقال بوحدانيّة الله تعالى، وأنّه واحد لا شريك له ولا ضدّ ولا ندّ، وأنه خالق النّور والظّلمة ومبدعهما، وأن الخير والشّرّ والصّلاح والفساد إنما حصل من امتزاجهما، وأن الله تعالى هو الذي مزجهما لحكمة [رآها] في التركيب، وأنهما لو لم يمتزجا لما كان وجود للعالم، وأنّه لا يزال الامتزاج حتّى يغلب النّور الظّلمة، ثم يخلص الخير في عالمه وينحطّ الشّر إلى عالمه، وحينئذ تكون القيامة. وقال باستقبال المشرق حيث مطلع الأنوار، والأمر بالمعروف، والنّهي عن المنكر، واجتناب الخبائث. وأتى بكتاب قيل صنّفه، وقيل أنزل عليه.
قال الشّهرستاني: اسمه «زندوستا» «1» وقال المسعوديّ في «التنبيه والإشراف» : واسم هذا الكتاب «الإيستا» وإذا عرّب أثبتت فيه قاف فقيل:
«الإيستاق» وعدد سوره إحدى وعشرون سورة، تقع كلّ سورة في مائتي ورقة؛ وعدد حروفه ستّون حرفا، لكلّ حرف سورة مفردة، فيها حروف تتكرر وفيها حروف تسقط. قال: وزرادشت هو الذي أحدث هذا الخطّ والمجوس تسمّيه: دين تبره، أي كتاب الدين.
وذكر أنه كتب باللغة الفارسيّة الأولى في اثني عشر ألف جلد ثور بقضبان الذّهب حفرا، وأن أحدا اليوم لا يعرف معنى تلك اللغة، وإنما نقل لهم إلى هذه الفارسية شيء من السّور في أيديهم يقرؤونها في صلواتهم: في بعضها الخبر عن مبتدإ العالم ومنتهاه، وفي بعضها مواعظ. قال: وعمل زرادشت لكتاب «الإيستا» شرحا سماه «الزند» ومعناه عندهم: ترجمة كلام الرّب، ثم عمل لكتاب «الزند» شرحا سماه: «بادزنده» وعملت علماؤهم لذلك الشّرح شرحا سموه: «يازده» .
ومن حيث اختلاف الناس في كتاب زرادشت المقدّم ذكره هذا: نزّل عليه أو صنّفه قال الفقهاء: إن للمجوس شبهة كتاب: لأنه غير مقطوع بكونه كتابا منزّلا.(13/295)
وأتى زرادشت كيستاسف الملك بمعجزات.
منها: أنه أتى بدائرة صحيحة بغير آلة، وهو ممتنع عند أهل الهندسة.
ومنها: أنه مرّ على أعمى، فأمرهم أن يأخذوا حشيشة سمّاها ويعصروها في عينيه، فأبصر. قال الشّهرستانيّ: وليس ذلك من المعجزة في شيء، إذ يحتمل أنه كان يعرف خاصّة الحشيشة.
وهم يقولون: إن الله تعالى خلق في الأوّل خلقا روحانيّا، فلما مضت ثلاثة آلاف سنة أنفذ الله تعالى مشيئته في صورة من نور متلأليء على [تركيب] «1» صورة الإنسان، وخلق الشّمس والقمر والكواكب والأرض (وبنو آدم حينئذ غير متحرّكين) في ثلاثة آلاف سنة.
ثم المجوس يفضّلون الفرس على العرب وسائر الأمم، ويفضّلون مالهم:
من مدن وأبنية على غيرها من الأبنية؛ فيفضّلون إقليم بابل على غيره من الأقاليم، ومدينته على سائر المدن، من حيث إنّ أو شهنج أوّل طبقة الكيانية «2» من ملوك الفرس هو الذي بناها؛ ويقولون: إنه أوّل من جلس على السّرير، ولبس التّاج، ورفع الأعمال، ورتّب الخراج؛ وكان ملكه بعد الطّوفان بمائتي سنة، وقيل: بل كان قبل الطوفان.
ويفضّلون الكتابة الفهلوية وهي الفارسية الأولى على غيرها من الخطوط، ويزعمون أن أوّل من وضعها طهمورث: وهو الذي ملك بعد أو شهنج المقدّم ذكره.
ويجحدون سياسة بني ساسان، وهم الطّبقة الثالثة «3» من ملوك الفرس منسوبون إلى ساسان، ويسخطون [على] «4» الروم، لغزوهم الفرس وتسلّطهم(13/296)
عليهم ببلاد بابل، ويعبدون النّار، ويرون أنّ الأفلاك فاعلة بنفسها، ويستبيحون فروج المحارم من البنات والأمّهات، ويرون جواز الجمع بين الأختين إلى غير ذلك من عقائدهم.
ويعظّمون النّيروز: وهو أوّل يوم من سنتهم وعيدهم الأكبر. وأوّل من رتّبه جمشيد أخو طهمورث. ويعظّمون أيضا المهرجان: وهو عيد مشهور من أعيادهم.
ويسخطون [على] بيوراسب؛ وهو رابع ملوكهم: وهو الضحاك، يقال له بالفارسية: الدهاش، ومعناه عشر آفات. وكان ظلوما غشوما، سار فيهم بالجور والعسف، وبسط يده بالقتل، وسنّ العشور والمكوس واتّخذ المغنّين والملاهي، وكان على كتفه سلعتان مستورتان بثيابه يحرّكهما إذا شاء، فكان يدّعي أنهما حيّتان، تهويلا على ضعفاء العقول، ويزعم أن ما يأخذه من الرّعية يطعمه لهما ليكفّهما عن الناس، وأنهما لا يشبعان إلا بأدمغة بني آدم؛ فكان يقتل في كلّ يوم عددا كثيرا من الخلق بهذه الحجة. ويقال: إن إبراهيم الخليل عليه السّلام كان في آخر أيامه.
وكان من شأنه أنه لما كثر جوره وظلمه على الناس، ظهر بأصبهان رجل اسمه كابي، ويقال: كابيان من سفلة الناس، قيل حدّاد، كان الضّحّاك قد قتل له ابنين فأخذ كابي المذكور درفسا، وهو الحربة، وعلّق بأعلاها قطعة نطع كان يتّقي بها النّار، ونادى في الناس بمحاربة الضّحّاك، فأجابه خلق كثير، واستفحل أمره، وقصد الضّحاك بمن معه، فهرب الضّحاك منه، فسأله الناس أن يتملّك عليهم فامتنع لكونه من غير بيت الملك، وأشار بتولية إفريدون من عقب جمشيد المقدّم ذكره، فولّوه، فتبع الضّحاك فقبض عليه وقتله، وسار فيهم بسيرة العدل وردّ ما اغتصبه الضحّاك إلى أهله، فصار لكابي المذكور عندهم المقام الأعلى، وعظّموا درفسه الذي علق به تلك القطعة من النّطع، وكللوه بالجواهر، ورصّعوه باليواقيت، ولم يزل عند ملوكهم يستفتحون به في الحروب العظيمة حتّى كان(13/297)
معهم أيام يزدجرد آخر ملوكهم عند محاربة المسلمين لهم في زمن عثمان، فغلبهم المسلمون واقتلعوه منهم.
وهم يعظمون أفريدون ملكهم المقدّم ذكره، لقيامه في هلاك الضّحاك وقتله. وفي أوّل ملك أفريدون هذا كان إبراهيم الخليل عليه السّلام. ويقال: إنه ذو القرنين المذكور في القرآن الكريم.
وهم يعظمون أيضا من ملوكهم سابور الملقّب بذي الأكتاف، لأخذه بثار العجم من العرب. وذلك أنه كان يتبع العرب بالجزيرة الفراتيّة وما جاورها، وسار في طلبهم حتّى بلغ البحرين، ليهلكهم قتلا، لا يقبل من أحد منهم فداء؛ ثم أخذ في خلع أكتافهم، فلذلك سمّي ذا الأكتاف.
ويعظمون ماني بن فاتن «1» : وهو رجل ظهر في زمن سابور بن أردشير بعد عيسى عليه السّلام، وادّعى النبوّة وأحدث دينا بين المجوسية والنّصرانية. وكان يقول: بنبوة المسيح عليه السّلام، ولا يقول بنبوّة موسى عليه السلام، وقال: إنّ العالم مصنوع من النّور والظّلمة، وأنهما لم يزالا قديمين حسّاسين سميعين بصيرين. وله أتباع يعرفون بالمانويّة.
ويتبرؤون من مزدك: وهو رجل مشهور منسوب عندهم إلى الزندقة أيضا، ظهر في زمن قباذ أحد ملوك الفرس من الأكاسرة، وادّعى النبوّة ونهى عن المخالفة والمباغضة، وزعم أنّ ذلك إنما يحصل بسبب النساء والمال، فأمر بالاشتراك والمساواة فيهما، وتبعه قباذ على ذلك، فتوصّلت سفلة الرجال إلى أشراف النّساء، وحصل بذلك مفسدة عظيمة. وكان يقول: إن النّور عالم حساس، والظلام جاهل أعمى، والنّور يفعل بالقصد والاختيار، والظّلمة تفعل على الخبط والاتفاق، وإنّ امتزاج النّور والظّلمة كان بالاتفاق والخبط دون القصد والاختيار، وكذلك الخلاص. وله أتباع يقال لهم المزدكيّة، ولم يزل على ذلك حتّى قتله(13/298)
شروان بن قباذ هو وأتباعه، وقتل معهم المانويّة أتباع ماني المقدّم ذكره، وعادت الفرس إلى المجوسيّة القديمة.
وقد رتّب في «التعريف» للمجوس يمينا على مقتضى ما عليه عقيدة المجوس أتباع زرادشت المقدّم ذكره؛ وهي:
«إنّني والله الرّبّ العظيم، القديم، النّور، الأوّل، ربّ الأرباب، وإله الآلهة، ماحي آية الظّلم، والموجد من العدم، مقدّر الأفلاك ومسيّرها، ومنوّر الشّهب ومصوّرها، خالق الشّمس والقمر، ومنبت النجوم والشّجر، والنّار والنّور، والظّلّ والحرور، وحقّ جيومرت وما أولد من كرائم النّسل، وزرادشت وما جاء به من القول الفصل، والزّند وما تضمنه، والخطّ المستدير وما بيّن، وإلّا أنكرت أنّ زرادشت لم يأت بالدائرة الصحيحة بغير آلة، وأن مملكة إفريدون كانت ضلالة، وأكون قد شاركت بيوراسب فيما سفك طعما لحيّتيه، وقلت إن كابيان لم يسلّط عليه، وحرقت بيدي الدّرفس، وأنكرت ما عليه من الوضع الذي أشرقت عليه أجرام الكواكب، وتمازجت فيه القوى الأرضية بالقوى السّماوية، وكذّبت ماني وصدّقت مزدك، واستبحت فضول الفروج والأموال، وقلت بإنكار الترتيب في طبقات العالم، وأنه لا مرجع في الأبوّة إلّا إلى آدم، وفضّلت العرب على العجم، وجعلت الفرس كسائر الأمم، ومسحت بيدي خطوط الفهلويّة، وجحدت السّياسة السّاسانيّة، وكنت ممّن غزا الفرس مع الرّوم، وممن خطّأ سابور في خلع أكتاف العرب، وجلبت البلاء إلى بابل، ودنت بغير دين الأوائل، وإلّا أطفأت النار، وأنكرت فعل الفلك الدّوّار، ومالأت فاعل الليل على فاعل النّهار، وأبطلت حكم النّيروز والمهرجان، وأطفأت ليلة الصّدق مصابيح النّيران، وإلّا أكون ممّن حرّم فروج الأمهات، وقال بأنّه لا يجوز الجمع بين الأخوات، وأكون ممّن أنكر صواب فعل أردشير، وكنت لقومي بئس المولى وبئس العشير.
المهيع الثالث (في الأيمان التي يحلّف بها الحكماء)
وهم المعبّر عنهم بالفلاسفة، جمع فيلسوف: ومعناه باليونانيّة محبّ(13/299)
الحكمة. وأصله «فيلاسوف» ؛ ففيلا معناه محبّ، وسوف معناه الحكمة؛ وهم أصحاب الحكم الغريزيّة والأحكام السماوية، فمنهم من وقف عند هذا الحدّ، ومنهم من عرف الله تعالى وعبده بأدب النّفس.
قال الشّهرستانيّ: وهم على ثلاثة أصناف:
الصنف الأوّل- البراهمة
، وهم لا يقرّون بالنّبوّات أصلا، ولا يقولون بها.
الصّنف الثاني- حكماء العرب
»
؛ وهم شرذمة قليلة، وأكثر حكمتهم فلتات الطّبع، وخطرات الفكر، وهؤلاء ربما قالوا بالنبوّات.
الصّنف الثالث- حكماء الروم
«2» ؛ وهم على ضربين:
الضرب الأوّل (القدماء منهم الذين هم أساطين الحكمة)
وهم سبعة حكماء: ثاليس «3» الملطي، وانكساغورس، وانكسمانس، وانباديقلس «4» ، وفيثاغورس، وسقراط، وأفلاطون، ومذاهبهم مختلفة، وبعضهم عاصر بعض الأنبياء عليهم السلام، وتلقّف منه، كانباديقلس: كان في زمن داود عليه السّلام، ومضى إليه وتلقّى عنه، واختلف إلى لقمان واقتبس منه الحكمة، وكذلك فيثاغورس: كان في زمن سليمان عليه السّلام، وأخذ الحكمة من معدن النبوّة.
الضرب الثاني (المتأخرون منهم؛ وهم أصحاب أرسطاطاليس؛ وهم ثلاث طوائف)
طائفة منهم تعرف بالمشّائين: وهم الذين كانوا يمشون في ركابه يقرأون(13/300)
عليه الحكمة في الطريق وهو راكب. وطائفة تعرف بالرّواقيين: وهم الذين كان يجلس لتعليمهم بالرّواق. والطائفة الثالثة فلاسفة الإسلام: وهم حكماء العجم «1» أما قبل الإسلام فإنه لم ينقل عن العجم مقالة في الفلسفة، بل حكمهم كلّها كانت مستفادة من النّبوّات: إما من الملّة القديمة، وإما من غيرها من الملل.
ومعتقدهم أن الله تعالى واجب الوجود لذاته، وأنه ليس بجوهر ولا عرض، وأن ما سواه صادر عنه على ترتيب، وأنه تعالى واحد فرد، ليس له شريك ولا نظير، باق أبديّ سرمديّ، وأنه الذي أوجد الأشياء وكوّنها، ويعبّرون عنه بعلّة العلل، وأنه قادر، يفعل إن شاء ولا يفعل إن لم يشأ، فاعل بالذات ليس له صفة زائدة على ذاته، مريد، له إرادة وعناية لا تزيد على ذاته، وأنه أوّل لا بداية له، آخر لا نهاية له، وأنه يستحيل أن يتغيّر، منزّه عن أن يكون حادثا أو عرضا للحوادث، حيّ متّصف بصفات البقاء السّر مديّة، وأنه حكيم بمعنى أنه جامع لكلّ كمال وجلال، وأنه خالق الأفلاك بقدرته، ومدبّرها بحكمته، ويقولون: إن الأرض ثابتة لا تتحرّك، والماء محيط بها من سائر جهاتها على ما اقتضته الحكمة الإلهية، وكشف بعض أعلاها لسكنى الخلق فيه، فهي كبطّيخة ملقاة في بركة ماء، ويحيط بالماء الهواء، ويحيط بالهواء النّار، ويحيط بالنار فلك القمر وهو الأوّل، ويحيط بفلك القمر فلك عطارد وهو الثاني، ويحيط بفلك عطارد فلك الزّهرة وهو الثالث، ويحيط بفلك الزّهرة فلك الشّمس وهو الرابع، ويحيط بفلك الشّمس فلك المرّيخ وهو الخامس، ويحيط بفلك المرّيخ فلك المشتري وهو السادس، ويحيط بفلك المشتري فلك زحل وهو السابع، ويحيط بفلك زحل فلك الكواكب وهو الثامن، وهو الذي فيه الكواكب الثابتة بأسرها، وهي ما عدا الكواكب السّبعة التي في الأفلاك السّبعة المقدّم ذكرها: من البروج الاثني عشر ومنازل القمر الثمانية والعشرين وغيرها. ويحيط بالكواكب الفلك الأطلس وهو الفلك التاسع؛ والأفلاك التسعة دائرة بما فيها من المشرق إلى المغرب، بحيث تقطع في اليوم والليلة دورة(13/301)
كاملة، والكواكب السبعة التي في الأفلاك السبعة الأوّلة، وهي: زحل، والمشتري، والمرّيخ، والشّمس، والزّهرة، وعطارد، والقمر، متحركة بالسّير إلى جهات مخصوصة: الشّمس والقمر يسيران بين المشرق والمغرب وبقيّة الكواكب يختلف سيرها استقامة ورجوعا؛ والكواكب التي في الفلك الثامن ثابتة لا تتحرّك؛ والله تعالى هو الذي يسيّر هذه الأفلاك والكواكب ويفيض القوى عليها.
ويقولون: إن الشمس إذا سخّنت الأرض بواسطة الضّوء صعد من الرّطب منها بخار، ومن البارد اليابس دخان. ثم بعضه يخرج من مسامّ الأرض فيرتفع إلى الجوّ، وبعضه يحتبس في الأرض بوجود ما يمنعه من الخروج منها: من جبل ونحوه.
فأما ما يخرج من مسامّ الأرض، فإن كان من البخار، فما تصاعد منه في الهواء يكون منه المطر والثّلج والبرد وقوس قزح والهالة؛ ثم ما ارتفع من الطبقة الحارّة من الهواء إلى الباردة تكاثف بالبرد وانعقد غيما، وإن كان ضعيفا أثّرت فيه حرارة الشمس فاستحال هواء، ومهما انتهى إلى الطّبقة الباردة تكاثف وعاد وتقاطر وهو المطر. فإن أدركها برد شديد قبل أن تجتمع، جمدت ونزلت كالقطن المندوف وهو الثّلج، وإن لم تدركها برودة حتى اجتمعت قطرات من الجوانب أذهبت برودتها، انعقدت بردا؛ وإذا صار الهواء رطبا بالمطر مع أدنى صقالة، صار كالمرآة فيتولد من ضوء الشمس الواقع في قفاه قوس قزح، فإن كان قبل الزّوال رؤي في المغرب، وإن كان بعد الزوال رؤي في المشرق، وإن كانت الشمس في وسط السماء لم يمكن أن يرى إلا قوسا صغيرا إن اتّفق. وفي معنى ذلك الهالة المحيطة بالقمر؛ إلا أنّ الهالة إنما تحصل من مجرّد برودة الهواء وإن لم يكن مطر.
وإن كان ما يخرج من مسامّ الأرض دخانا: فإن تصاعد وارتفع في وسط البخار وضربه الرّيح في ارتفاعه، ثقل وانتكس فحرّكه الهواء فحصل الرّيح. وإن لم يضربه الرّيح، تصاعد إلى عنصر النار واشتعلت النار فيه فصار منه نار تشاهد،(13/302)
وربما استطال بحسب طول الدّخان فيسمّى كوكبا منقضّا. وإن كان الدّخان كثيفا واشتعل بالنار ولكنه لم يستحل على القرب، بل بقي زمانا، رؤي كأنّه كوكب ذو ذنب. وإن بقي شيء من الدخان في تضاعيف الغيم وبرد، صار ريحا في وسط الغيم فيتحرّك فيه بشدّة فيحصل منه صوت وهو الرّعد، فإن قويت حركته اشتعل من حرارة الحركة الهواء والدّخان فصار نارا مضيئة وهو البرق. وإن كان المشتعل كثيفا ثقيلا محرقا، اندفع بمصادفة الغيم إلى جهة الأرض وهي الصاعقة: صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ
«1» ويقرّون أن الله تعالى مكوّن الأكوان، ومنمّي المعادن والنّبات والحيوان.
فأما المعادن- فهي التي تتكوّن فيها جواهر الأرض: من الذّهب والفضّة وغيرهما. وذلك أن البخار والدّخان في الأرض فإنها [إن] «2» تجتمع وتمتزج، فإن غلب الدخان كان الحاصل منه مثل النّوشادر «3» والكبريت. وربّما تغلّب البخار في بعضه فيصير كالماء الصّافي المنعقد المتحجّر، فيكون منه الياقوت والبلّور ونحوه ممّا لا يتطرّق تحت المطارق. وإن استحكم امتزاج الدخان منه بالبخار وقلّت الحرارة المحققة في جواهرها، انعقد منه الذّهب والفضّة والنّحاس والرّصاص ونحوها مما يتطرّق بالمطرقة.
وأما النبات- فإنهم يقولون: إن العناصر قد يقع بها امتزاج واختلاط أتمّ من امتزاج البخار والدّخان المقدّم ذكره، وأحسن وأقرب إلى الاعتدال، فيحصل من ذلك النّموّ الذي لا يكون في الجمادات.
وينشأ عن ذلك ثلاثة أمور:
أحدها- التّغذية بقوّة مغذّية: وهي قوّة محيلة للغذاء تنخلع عنها صورتها(13/303)
وتكسوها صورة المتغذّي، فتنتشر في أجزائه وتلتصق به وتسدّ مسدّ ما تحلّل من أجزائه.
وثانيها- التّنمية بقوّة منمّية، بأن يزيد الجسم بالغذاء في أقطاره على التناسب اللائق بالنامي حتّى ينتهي إلى منتهى ذلك الشيء.
وثالثها- التّوليد بقوّة مولّدة: وهي التي تفصل جسما من جسم شبيه به.
وأما الحيوان- فإنهم يقولون إن تكوّنه من مزاج أقرب إلى الاعتدال وأحسن من الذي قبله، من حيث إن فيه قوّة النباتية وزيادة قوّتين، وهما المدركة والمتحرّكة؛ ومهما حصل من الإدراك انبعثت الشّهوة والنّزوع، وهو إما لطلب ما يحتاج إليه في طلب الملائم الذي به بقاء الشّخص «1» : كالغذاء، أو بقاء النّوع:
كالجماع، ويسمّى قوّة شهوانية، وإما للهرب ودفع المنافي، وهي قوّة غضبيّة؛ فإن ضعفت القوّة الشّهوانية فهو الكراهة، وإن ضعفت القوّة الغضبيّة فهو الخوف.
والقوّة المدركة تنقسم إلى باطنة: كالخيالية والمتوهّمة والذّاكرة والمفكّرة، وإلى ظاهرة: كالسّمع والبصر والذّوق والشّمّ واللّمس، فاللّمس قوّة منبثّة في جميع البشرة، تدرك الحرارة والبرودة والرّطوبة واليبوسة والصّلابة واللّين والخشونة والملاسة والخفّة والثّقل. والشّمّ في زائدتي الدّماغ الشبيهتين بحلمتي الثّدي.
والسّمع في عصبة في أقصى الصّماخ، والذّوق في عصبة مفروشة على ظاهر اللّسان بواسطة الرّطوبة العذبة التي لا طعم لها، المنبسطة على ظاهر اللّسان.
والابصار يحصل عن انطباع مثل صورة المدرك في الرّطوبة الجليديّة التي تشبه البرد والجمد فإنّها كالمرآة، فإذا قابلها يكون انطبع فيها مثل صورته فتحصل الرّؤية.
ويرون أنّ النّفس محلّها العلو. ويقولون: إن النفس في أوّل الصبا تكون(13/304)
عالمة بالمعقولات المجرّدة والمعاني الكلّية بالقوّة، ثم تصير بعد ذلك عالمة بالفعل.
ثم إن سعدت بالاستعداد للقبول، انقطعت حاجتها عن النّظر إلى البدن ومقتضى الحواسّ؛ إلا أن البدن لا يزال يجاذبها ويشغلها ويمنعها من تمام الاتصال بالعلويّات؛ فإذا انحطّ عنها شغل البدن بالموت ارتفع عنها الحجاب، وزال المانع، ودام الاتصال، وكمل حالها بعد فراق البدن، والتذّت به لذّة لا يدرك الوصف كنهها. وإن كانت النفس محجوبة عن هذه السعادة فقد شقيت.
وعندهم أنه إنّما تحجب باتّباع الشهوات، وقصر الهمة على مقتضى الطّبع، وبإقامته في هذا العالم الخسيس الفاني، فترسخ في نفسه تلك العادة ويتأكّد شوقه إليها، فتفوت بالموت آلة درك ذلك الشّوق ويبقى التشوّق وهو الألم العظيم الذي لا حدّ له، وذلك مانع من الوصال والاتصال. وهذه النفس ناقصة بفقد العلم، ملطّخة باتباع الشّهوات، بخلاف النّفس السابقة.
ويقولون: إن الهيولى قابلة لتركيب الأجسام، ويخالفون أهل الطبيعة في قولهم: بإنكار المعاد وفناء الأرواح، فيذهبون إلى أنّ الأرواح باقية وأن المعاد حقّ.
ويرون أن التّحسين والتقبيح راجعان إلى العقل دون الشّرع، كما هو مذهب المعتزلة وغيرهم.
ويقولون: إن الإله تعالى فاعل بالذات ليس له صفة زائدة على ذاته، عالم بذاته وبسائر أنواع الموجودات وأجناسها، لا يعزب عن علمه شيء، وإنه يعلم الممكنات الحادثة.
ويقولون بإثبات النبوّات لأن العالم لا ينتظم إلا بقانون متبوع بين كافّة [الناس] «1» يحكمون به بالعدل، وإلّا تقاتلوا وهلك العالم، إذ النبيّ هو خليفة الله في أرضه، بواسطته تنتهي إلى الخلق الهداية إلى مصالح الدّنيا والآخرة، من(13/305)
حيث إنه يتلقّى عن الملك والملك يتلقّى عن الله تعالى؛ إلا أنهم يقولون: إن النبوّات غير متناهية وإنها مكتسبة ينالها العبد بالرياضات. وهاتان المقالتان من جملة ما كفروا به: بتجويز النّبوّة بعد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الذي أخبر تعالى أنه خاتم النبيين، وقولهم إنها تنال بالكسب.
وقد حكى الصّلاح الصّفديّ في «شرح لامية العجم» أن السلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب إنما قتل عمارة اليمنيّ الشاعر، حين قام فيمن قام بإحياء الدولة الفاطميّة بعد انقراضها، على ما تقدّم ذكره في الكلام على ترتيب مملكة الديار المصرية في المقالة الثانية، مستندا في ذلك إلى بيت نسب إليه من قصيدة، وهو قوله:
وكان مبدأ هذا الدّين من رجل ... سعى فأصبح يدعى سيّد الأمم «1»
فجعل النبوّة مكتسبة، [وهم مجمعون] «2» على أن الله تعالى ليس بجسم ولا جسمانيّ، وأنه ليس في جهة ولا يدخل تحت الحدّ والماهيّة.
وهذه نسخة يمين رتبها لهم في «التعريف» ؛ وهي:
إنني والله والله والله [العظيم] «3» ، الذي لا إله إلا هو، الواحد الأحد، الفرد الصّمد، الأبديّ، السّرمديّ، الأزليّ، الذي لم يزل علّة العلل، ربّ الأرباب، ومدبّر الكلّ [القدير] «4» القديم؛ الأوّل بلا بداية، والآخر بلا نهاية، المنزّه عن أن يكون حادثا أو عرضا للحوادث، الحيّ الذي اتّصف بصفات البقاء والسرمدية والكمال، والمتردّي برداء الكبرياء، والجلال، مدبّر الأفلاك ومسيّر(13/306)
الشّهب، مفيض القوى على الكواكب، وباثّ الأرواح في الصّور، مكوّن الكائنات، ومنمّي الحيوان والمعدن والنبات، وإلّا فلا رقيت روحي إلى مكانها، ولا اتّصلت نفسي بعالمها، وبقيت في ظلم الجهالة وحجب الضّلالة؛ وفارقت نفسي غير مرتسمة بالمعارف ولا مكمّلة بالعلم، وبقيت في عوز النّقص وتحت إمرة الغيّ، وأخذت بنصيب من الشّرك، وأنكرت المعاد، وقلت بفناء الأرواح، ورضيت في هذا بمقالة أهل الطبيعة، ودمت في قيد المركّبات وشواغل الحس، ولم أدرك الحقائق على ما هي عليه، وإلا فقلت: إن الهيولى غير قابلة لتركيب الأجسام، وأنكرت المادّة والصّورة، وخرقت النواميس، وقلت: إن التّحسين والتّقبيح إلى غير العقل، وخلّدت مع النفوس الشّرّيرة، ولم أجد سبيلا إلى النّجاة، وقلت: إن الإله ليس فاعلا بالذات، ولا عالما بالكلّيات، ودنت بأن النبوّات متناهية وأنها غير كسبيّة، وحدت عن طرائق الحكماء، ونقضت تقرير القدماء، وخالفت الفلاسفة، ووافقت على إفساد الصّور للعبث، وحيّزت الرّبّ في جهة، وأثبتّ أنه جسم، وجعلته فيما يدخل تحت الحدّ والماهية [ورضيت بالتّقليد في الألوهية] «1»
المهيع الرابع (في بيان المحلوف عليه، وما يقع على العموم، وما يختصّ به كلّ واحد من أرباب الوظائف مما يناسب وظيفته)
اعلم أن المحلوف عليه في الأيمان الملوكيّة تارة يشترك فيه جميع من يحلّف من أهل الدولة، وتارة يختلف باختلاف ما يمتاز به بعضهم عن بعض مما لا تقع الشّركة بينهم فيه.
فأما ما يقع فيه الاشتراك، كطاعة السلطان وما في معناها: من إخلاص النّيّة وإصفاء الطّويّة، وما يجري مجرى ذلك، فذلك مما يشترك فيه كلّ حالف يحلف(13/307)
للسلطان على اختلاف عقائدهم: من مسلم: سنّيّ أو بدعيّ، وكافر: يهوديّ أو نصرانيّ، أو غيرهما. فكلّ أحد يحلّف بما تقتضيه عقيدته في التعظيم، على ما تقدّم بيانه في أيمان الطوائف كلّها.
فإذا انتهى إلى المحلوف عليه، قال: إنّني من وقتي هذا ومن ساعتي هذه وما مدّ الله في عمري قد أخلصت نيّتي ولا أزال مجتهدا في إخلاصها، وأصفيت طويّتي ولا أزال مجتهدا في إصفائها، في طاعة مولانا السلطان المالك الملك الفلانيّ فلان الدنيا والدّين فلان، ابن السلطان السّعيد الشّهيد الملك فلان الدّنيا والذّين فلان خلد الله تعالى ملكه، وفي خدمته ومحبّته ونصحه، وأكون وليّا لمن والاه، عدوّا لمن عاداه، سلما لمن سالمه، حربا لمن حاربه من سائر الناس أجمعين، لا أضمر له سوءا ولا مكروها ولا خديعة ولا خيانة، في نفس ولا مال ولا ملك ولا سلطنة ولا عساكر ولا جند ولا عربان ولا تركمان ولا أكراد ولا غير ذلك، ولا أسعى في تفريق كلمة أحد منهم عن طاعته الشريفة. وإنّني والله العظيم أبذل جهدي وطاقتي في طاعة مولانا السلطان الملك فلان الدّنيا والدّين المشار إليه، وإن كاتبني أحد من سائر الناس أجمعين بما فيه مضرّة على ملكه لا أوافق على ذلك بقول ولا فعل ولا عمل ولا نيّة، وإن قدرت على إمساك الذي جاءني بالكتاب أمسكته وأحضرته لمولانا السلطان الملك فلان المشار إليه أو النائبه القريب منّي.
وأما ما يقع فيه الاختلاف، فما يتباين الحال فيه باختصاص ربّ كلّ وظيفة بما لا يشاركه فيه الآخر. وقد أشار في «التّعريف» إلى نبذة من ذلك فقال: وقد يزاد نوّاب القلاع ونقباؤها والوزراء وأرباب التّصرّف في الأموال والدوادارية وكتّاب السّرّ زيادات، يعني على ما تقدّم.
فأما نوّاب القلاع ونقباؤها فيزاد في تحليفهم: وإنّني أجمع رجال هذه القلعة على طاعة مولانا السلطان فلان وخدمته في حفظ هذه القلعة وحمايتها وتحصينها، والذّبّ عنها، والجهاد دونها، والمدافعة عنها بكلّ طريق، وإنّني أحفظ حواصلها(13/308)
وذخائرها وسلاح خاناتها على اختلاف ما فيها من الأقوات والأسلحة، وإنّني لا أخرج شيئا منها إلا في أوقات الحاجة والضّرورة الدّاعية المتعيّن فيها تفريق الأقوات والسلاح، على قدر ما تدعو الحاجة إليه، وإنّني أكون في ذلك كواحد من رجال هذه القلعة، وكلّ واحد ممن يتبعني كواحد ممن يتبع أتباع رجال هذه القلعة، لا أتخصّص ولا أمكّن من التخصيص، وإنّني والله والله والله لا أفتح أبواب هذه القلعة إلا في الأوقات الجاري بها عادة فتح أبواب الحصون، وأغلقها في الوقت الجاري به العادة، ولا أفتحها إلا بشمس، ولا أغلقها إلا بشمس، وإنّني أطالب الحرّاس والدرّاجة وأرباب النّوب في هذه القلعة بما جرت به العوائد اللازمة لكلّ منهم مما في ذلك جميعه مصلحة مولانا السلطان فلان، وإنّني لا أسلّم هذه القلعة إلا لمولانا السلطان فلان، أو بمرسومه الشّريف وأمارته الصحيحة وأوامره الصريحة، وإنّني لا أستخدم في هذه القلعة إلا من فيه نفعها وأهليّة الخدمة، لا أعمل في ذلك بغرض نفسي، [ولا أرخّص فيه لمن يعمل بغرض نفس له] «1» ، وإنّني أبذل في ذلك كلّه الجهد، وأشمّر عن ساعد الجدّ، قال: ويسمّي القلعة التي هو فيها.
وأما الوزراء وأرباب التّصرّف [في الأموال] «2» فمما يزاد في تحليفهم:
وإنّني أحفظ أموال مولانا السلطان فلان- خلّد الله ملكه- من التّبذير والضّياع، والخونة وتفريط أهل العجز، ولا أستخدم في ذلك ولا في شيء منه إلا أهل الكفاية والأمانة، ولا أضمّن جهة من الجهات الديوانية إلا من الأمناء الأتقياء القادرين، أو ممن زاد زيادة ظاهرة وأقام عليه الضّمّان الثّقات، ولا أوخّر مطالبة أحد بما يتعين عليه بوجه حقّ من حقوق الديوان المعمور والموجبات السلطانية على اختلافها. وإنّني والله العظيم لا أرخّص في تسجيل ولا قياس، ولا أسامح أحدا بموجب يجب عليه، ولا أخرج عن كلّ مصلحة تتعيّن لمولانا السلطان فلان ولدولته، ولا أخلي كلّ ديوان يرجع إليّ أمره، ويعدق بي أمر مباشرته من تصفّح(13/309)
لأحواله، واجتهاد في تثمير أمواله، وكفّ أيدي الخونة عنه، وغلّ أيديهم أن تصل إلى شيء منه، ولا أدع حاضرا ولا غائبا من أمور هذه المباشرة حتّى أجدّ فيه، وأبذل الجهد الكلّيّ في إجراء أموره على السّداد وحسن الاعتماد، وإنّني لا أستجدّ على المستقرّ إطلاقه ما لم يرسم لي به إلا ما كان فيه مصلحة ظاهرة لهذه الدّولة القاهرة، ونفع بيّن لهذه الأيام الشريفة، وإنّني والله أؤدّي الأمانة في كلّ ما عدق بي وولّيت: من القبض والصّرف، والولاية والعزل، والتأخير والتقديم، والتقليل والتكثير، وفي كلّ جليل وحقير، وقليل وكثير.
وأما الدّواداريّة وكتّاب السّرّ فيزاد فيهما: وإنّني مهما اطلعت عليه من مصالح مولانا السلطان فلان- خلّد الله ملكه- ونصائحه، وأمر داني ملكه ونازحه، أوصّله إليه، وأعرضه عليه، ولا أخفيه شيئا منه ولو كان عليّ، ولا أكتمه ولو خفت وصول ضرره إليّ.
ويفرد الدّوادار: بأنّي لا أؤدّي عن مولانا السلطان رسالة في إطلاق مال، ولا استخدام مستخدم، ولا إقطاع إقطاع، ولا ترتيب مرتّب، ولا تجديد مستجدّ، ولا شادّ شاغر «1» ، ولا فصل منازعة، ولا كتابة توقيع ولا مرسوم، ولا كتاب، صغيرا كان أو كبيرا، إلّا بعد عرضه على مولانا السلطان فلان ومشاورته، ومعاودة أمره الشريف ومراجعته.
ويفرد كاتب السر: بأنّه مهما تأخرت قراءته من الكتب الواردة على مولانا السلطان فلان من البعيد والقريب، يعاوده فيه في وقت آخر، فإن لم يعاوده فيه بمجموع لفظه، لطوله الطّول المملّ، عاوده فيه بمعناه في الملخّصات، وأنه لا يجاوبه بشيء لم ينصّ المرسوم الشريف فيه بنصّ خاصّ، وما لم تجر العادة بالنصّ فيه لا يجاوب فيه إلا بأكمل ما يرى أن فيه مصلحة مولانا السلطان فلان ومصلحة دولته بأسدّ جواب يقدر عليه، ويصل اجتهاده إليه، وأنه مهما أمكنه(13/310)
المراجعة فيه لمولانا السلطان فلان راجعه فيه وعمل بنص ما يرسم له به فيه. (هذا ما انتهى إليه كلامه) «1» قال في «التثقيف» «2» : ويزاد النّوّاب مثل قوله: ولا أسعى في تفريق كلمة أحد منهم عن طاعته الشريفة، وعليّ أن أبذل جهدي وطاقتي في ذلك كلّه وفي حفظ المملكة التي استنابني فيها، وصيانتها وحمايتها، وما بها من القلاع والثّغور والسواحل. ثم يأتي بعده: وإن كاتبني أحد الخ.
قلت: والمراد أنه يؤتى باليمين العامة التي يحلف عليها كلّ أحد، ثم يزاد لكلّ واحد من أرباب الوظائف ما يناسبه مما تقدّم، ثم يؤتى على بقيّة اليمين من عند قوله: وإنّني أفي لمولانا السلطان بهذه اليمين، إلى آخرها أو ما في معنى ذلك من أيمان أهل البدع وأصحاب الملل على ما تقدّم ذكره.
ثم قال في «التثقيف» : وقد تتجدّد وقائع وأمور تحتاج إلى التّحليف، بسببها تتغيّر صيغة المحلوف عليه بالنسبة إلى ما رسم به فيها. ثم أشار إلى أنه لم ير مدّة مباشرته بديوان الإنشاء أحدا ممن ذكره في «التعريف» من أرباب الوظائف حلّف، وإنما ذكرها لاحتمال أن تدعو الحاجة إليها في وقت من الأوقات، أو أنها كانت مستعملة في المتقدّم، فيكون في تركها إهمال لبعض المصطلح.
قلت: وقد أهملا في «التعريف» و «التثقيف» : ذكر يمينين مما رتبه الكتّاب وحلّفوا به في الزمن المتقدّم مما لا غنى بالكاتب عنه.
الأولى- اليمين على الهدنة التي تنعقد بين ملكين أو نائبهما، أو ملك ونائب ملك آخر، على ما سيأتي ذكره في المقالة التاسعة، إن شاء الله تعالى.
وتقع اليمين فيها على ما فيه تأكيد عقد الهدنة والتزام شروطها والبقاء عليها(13/311)
وعدم الخروج عنها أو عن شيء من ملتزماتها، وغير ذلك مما يدخل به التّطرق إلى النّقض والتّوصّل إلى الفسخ.
وهذه نسخة يمين حلّف عليها السلطان الملك المنصور «قلاوون» على الهدنة الواقعة بينه وبين الحكّام بمملكة عكّا وصيدا وعثليث وبلادها، من الفرنج الاستبارية «1» ، في شهر ربيع الأوّل سنة اثنتين وثمانين وستمائة، في مباشرة القاضي فتح الدّين بن عبد الظاهر كتابة السّر، على ما أورده ابن مكرّم في تذكرته؛ وهي «2» :
أقول وأنا فلان: والله والله والله، وبالله وبالله وبالله، وتالله وتالله وتالله، والله العظيم، الطّالب، الغالب، الضّارّ، النافع، المدرك المهلك؛ عالم ما بدا وما خفي، عالم السّر والعلانية، الرّحمن الرحيم، وحقّ القرآن ومن أنزله ومن أنزل عليه، وهو محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلم؛ وما يقال فيه من سورة سورة، وآية آية، وحقّ شهر رمضان، إنّني أفي بحفظ هذه الهدنة المباركة التي استقرّت بيني وبين مملكة عكّا والمقدّمين بها على عكّا وعثليث وصيدا وبلادها، التي تضمّنتها هذه الهدنة، التي مدّتها عشر سنين كوامل، وعشرة أشهر، وعشرة أيام، وعشر ساعات، أوّلها يوم الخميس خامس ربيع الأوّل سنة اثنتين وثمانين وستمائة «3» للهجرة من أوّلها إلى آخرها، وأحفظها وألتزم بجميع شروطها المشروحة فيها، وأجري الأمور على أحكامها إلى انقضاء مدّتها، ولا أتأوّل فيها ولا في شيء منها، ولا استفتي فيها طلبا لنقضها ما دام الحاكمون بمدينة عكّا وصيدا وعثليث- وهم كافل المملكة بعكّا،(13/312)
ومقدّم بيت الرّوم «1» ، ومقدّم بيت الاستبار «2» ، ونائب مقدّم بيت الاستبار إلى الآن «3» ، ومن تولى «4» بعدهم في كفالة مملكة، أو مقدّم بيت بهذه المملكة المذكورة- وافين باليمين التي يحلّفون عليها (في «5» ولدي الملك الصالح، ولأولاده، على استقرار هذه الهدنة المحرّرة الآن) عاملين بها وبشروطها المشروحة فيها إلى انقضاء مدّتها، ملتزمين أحكامها، وإن نكثت في هذه اليمين فيلزمني الحجّ إلى بيت الله الحرام بمكّة حافيا حاسرا ثلاثين حجّة، ويلزمني صوم الدّهر كلّه إلا الأيام المنهيّ عنها.
ويذكر بقية [شروط] «6» اليمين إلى آخرها، ثم يقول: والله على ما نقول وكيل.
وهذه نسخة يمين حلّف عليها الفرنج المعاقدون على هذه الهدنة أيضا، في التاريخ المقدّم ذكره على ما أورده ابن مكرّم أيضا؛ وهي:
والله والله والله، وبالله وبالله وبالله، وتالله وتالله وتالله، وحقّ المسيح وحقّ المسيح، وحقّ الصّليب وحقّ الصّليب، وحقّ الأقانيم الثلاثة من جوهر واحد المكنّى بها عن الأب والابن وروح القدس إله واحد، وحقّ الصليب «7» المكرّم الحالّ في النّاسوت، وحقّ الإنجيل المطهّر وما فيه، وحقّ الأناجيل الأربعة التي نقلها متّى ومرقس ولوقا ويوحنّا، وحقّ صلواتهم وتقديساتهم، وحقّ التلامذة الاثني(13/313)
عشر، والاثنين وسبعين، والثلاثمائة وثمانية عشر المجتمعين للبيعة «1» ، وحقّ الصّوت الذي نزل من السماء على نهر الأردنّ فزجره، وحقّ الله منزل الإنجيل على عيسى بن مريم روح الله وكلمته، وحقّ السيدة مارية أمّ النّور (ومارية مريم) »
ويوحنّا المعمودي ومرتمان ومرتماني، وحقّ الصّوم الكبير، وحقّ ديني ومعبودي وما أعتقده من النّصرانية، وما تلقّيته عن الآباء والأقسّاء المعمودية- إنّني من وقتي هذا وساعتي هذه، قد أخلصت نيّتي، وأصفيت طويّتي في الوفاء للسلطان الملك المنصور ولولده الملك الصالح ولأولادهما، بجميع ما تضمّنته هذه الهدنة المباركة التي انعقد الصّلح عليها، على مملكة عكّا وصيدا وعثليث وبلادها الداخلة في هذه الهدنة، المسماة فيها، التي مدّتها عشر سنين كوامل، وعشرة أشهر، وعشرة أيّام، وعشر ساعات، أولها يوم الخميس ثالث حزيران سنة ألف وخمسمائة وأربع وتسعين للإسكندر بن فيلبس اليوناني، وأعمل بجميع شروطها شرطا شرطا، وألتزم الوفاء بكلّ فصل في هذه الهدنة المذكورة إلى انقضاء مدّتها. وإنّني والله والله وحقّ المسيح، وحقّ الصّليب، وحقّ ديني لا أتعرّض إلى بلاد السّلطان وولده، ولا إلى من حوته وتحويه من سائر الناس أجمعين، ولا إلى من يتردّد منهم إلى البلاد الداخلة في هذه الهدنة بأذيّة ولا ضرر في نفس ولا في مال. وإنّني والله وحقّ ديني ومعبودي أسلك في المعاهدة والمهادنة والمصافاة والمصادقة وحفظ الرّعية الإسلامية، المترددين في البلاد السلطانية، والصادرين منها وإليها- طريق المعاهدين المتصادقين الملتزمين كفّ الأذيّة والعدوان عن النّفوس والأموال، وألزم الوفاء بجميع شروط هذه الهدنة إلى انقضائها، ما دام الملك المنصور وافيا باليمين التي حلف بها على الهدنة، ولا أنقض هذه اليمين ولا شيئا منها، ولا أستثني فيها ولا في شيء منها طلبا لنقضها، ومتى خالفتها ونقضتها فأكون بريئا من ديني واعتقادي ومعبودي، وأكون مخالفا للكنيسة، ويكون عليّ الحجّ إلى القدس الشريف ثلاثين حجّة حافيا حاسرا،(13/314)
ويكون عليّ فكّ ألف أسير مسلم من أسر الفرنج وإطلاقهم، وأكون بريئا من اللاهوت الحالّ في النّاسوت، واليمين يميني وأنا فلان، والنية فيها بأسرها نيّة الملك المنصور، ونية ولده الملك الصالح، ونية مستحلفيّ لهما بها على الإنجيل الكريم، لا نيّة لي غيرها، والله والمسيح على ما نقول وكيل.
وكذلك كتبت اليمينان، من جهة السلطان الملك الظاهر بيبرس، ويمين صاحب بيروت وحصن الأكراد والمرقب من الفرنج الاسبتارية في شهر رمضان سنة خمس وستين وستمائة.
قلت: ومقتضى ما ذكره ابن المكرّم في إيراد هذه الأيمان أن نسخة اليمين تكون منفصلة عن نسخة الهدنة كما في غيرها من الأيمان التي يستحلف عليها، إلا أنّ مقتضى كلام «موادّ البيان» : أن اليمين تكون متّصلة بالهدنة. والذي يتّجه أنه إن تيسّر الحلف عقب الهدنة- لوجود المتحالفين- كتب في نفس الهدنة متّصلا بها، وإلّا أفرد كلّ واحد من الجانبين بنسخة يمين، كما في غيرها من الأيمان. وربّما جرّدت الهدنة عن الأيمان، كما وقع في الهدنة الجارية بين الظاهر بيبرس وبين دون حاكم الريد أرغون «1» ، صاحب برشلونة من بلاد الأندلس، في شهر رمضان سنة سبع وستين وستمائة على مقتضى ما أورده ابن المكرّم في تذكرته.
واعلم أنه قد يكتفى باليمين عن الهدنة [باليمين] «2» في عقد الصّلح.
وقد ذكر القاضي تقيّ الدّين ابن ناظر الجيش في «التثقيف» : أنه رتّب يمينا حلّف عليها الفرنج بالأبواب السلطانية بالديار المصرية عند عقد الصّلح معهم، في سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، فيها زيادات على ما ذكره المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله في «التعريف» ؛ وهي:(13/315)
والله والله والله العظيم، إله إبراهيم، مالك الكلّ، خالق ما يرى وما لا يرى، صانع كلّ شيء ومتقنه، الربّ الذي لا يعبد سواه، وحقّ المسيح، وحقّ المسيح، وحقّ المسيح، وأمّه السيدة مريم، وحقّ الصليب، وحقّ الصليب، وحقّ الصليب، وحقّ الإنجيل، وحقّ الإنجيل، وحقّ الإنجيل، وحقّ الأب والابن وروح القدس إله واحد من جوهر واحد، وحقّ اللاهوت المكرّم، الحالّ في النّاسوت المعظّم، وحقّ الأناجيل الأربعة التي نقلها متّى ومرقس ولوقا ويوحنّا، وحقّ اللاهوت والنّاسوت وصليب الصّلبوت، وحقّ التلاميذ الاثني عشر، والاثنين وسبعين، والثلاثمائة وثمانية عشر المجتمعين على البيعة، وحقّ الصّوت الذي نزل على نهر الأردنّ فزجره، وحقّ السيدة مارية أمّ النّور، وحقّ بيعة وقديس وثالوث، وما يقوله في صلاته كلّ معمدانيّ، وحقّ ما أعتقده من دين النصرانية، والملّة المسيحية- إنّني أفعل كذا وكذا، ومتى خالفت هذه اليمين التي في عنقي، أو نقضتها أو نكثتها، أو سعيت في إبطالها بوجه من الوجوه، أو طريق من الطّرق- برئت من المعمودية، وقلت: إن ماءها نجس، وإن القرابين رجس، وبرئت من مريحنّا المعمدان، والأناجيل الأربعة، وقلت: إنّ متّى كذوب، وإن مريم المجدلانية باطلة الدّعوى في إخبارها عن السّيد اليسوع المسيح، وقلت في السيدة مريم قول اليهود، ودنت بدينهم في الجحود، وبرئت من الثالوث، وجحدت الأب، وكذبت الابن، وكفرت بروح القدس، وخلعت دين النصرانية، ولزمت دين الحنيفيّة، ولطخت الهيكل بحيضة يهوديّة، ورفضت مريم، وقلت:
إنها قرنت مع الأسخر يوطي في جهنّم، وأنكرت اتحاد اللاهوت والنّاسوت، وكذّبت القسوس، وشاركت في ذبح الشّمامس، وهدمت الديارات والكنائس، وكنت ممن مال على قسطنطين بن هيلاني، وتعمدت أمّه بالعظائم، وخالفت المجامع التي اجتمعت عليها الأساقف برومية والقسطنطينيّة، وجحدت مذهب الملكانيّة، وسفّهت رأي الرّهبان، وأنكرت وقوع الصّلب على السّيد اليسوع، وكنت مع اليهود حين صلبوه، وحدت عن الحواريّين، واستبحت دماء الدّيرانيّين، وجذبت رداء الكبرياء عن البطريرك، وخرجت عن طاعة الباب، وصمت يوم(13/316)
الفصح الأكبر، وقعدت عن أهل الشّعانين، وأبيت عيد الصليب والغطاس، ولم أحفل بعيد السّيّدة، وأكلت لحم الجمل، ودنت بدين اليهود، وأبحت حرمة الطّلاق، وهدمت بيدي كنيسة قمامة، وخنت المسيح في وديعته، وتزوّجت في قرن بامرأتين، وقلت: إن المسيح كآدم خلقه الله من تراب، وكفرت بإحياء العيازرة، ومجيء الفارقليط الآخر، وبرئت من التلامذة الاثني عشر، وحرّم عليّ الثلاثمائة وثمانية عشر، وكسرت الصّلبان، ودست برجلي القربان، وبصقت في وجوه الرّهبان عند قولهم: كير اليصون «1» ، واعتقدت أن (بعسه كفر الجون) «2» ، وأنّ يوسف النّجّار زنى بأم اليسوع وعهر، وعطّلت النّاقوس، وملت إلى ملّة المجوس، وكسرت صليب الصّلبوت، وطبخت به لحم الجمل، وأكلته في أوّل يوم من الصّوم الكبير، تحت الهيكل بحضرة الآباء، وقلت في البنوّة مقال نسطورس، ووجّهت إلى الصّخرة وجهي، وصدّيت عن الشّرق المنير حيث كان المظهر الكريم، وإلّا برئت من النّورانيين والشّعشانيين، وأنكرت أنّ السّيد اليسوع أحيا الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص، وقلت: إنّه مربوب، وإنه ما رؤي وهو مصلوب، وأنكرت أن القربان المقدّس على المذبح ما صار لحم المسيح ودمه حقيقة، وخرجت في النّصرانية عن لا حب الطريقة، وإلّا قلت بدين التوحيد، وتعبّدت غير الأرباب، وقصدت بالمظانيات غير طريق الإخلاص، وقلت: إن المعاد غير روحانيّ «3» ، وإن بني المعمودية لا تسيح في فسيح السماء، وأثبتّ وجود الحور العين في المعاد، وأنّ في الدار الآخرة التلذذات الجسمانية، وخرجت خروج الشّعرة من العجين من دين النصرانية، وأكون من ديني محروما، وأقول: إن جرجيس لم يقتل مظلوما، وخرقت غفارة الرّب، وشاركت الشّرير في سلب ثيابه، وأحدثت تحت صليبه، وتجمّرت بخشبته، وصفعت الجاثليق. وهذه اليمين(13/317)
يميني وأنا فلان، والنّية [فيها] بأسرها نية مولانا السلطان الملك الأشرف، ناصر الدّنيا والدّين «شعبان» ونيّة مستحلفيّ، والإله والمسيح على ما أقول وكيل.
قلت: خلط في هذه اليمين بعض يمين اليعاقبة الخارجة عن معتقد الفرنج الذين حلّفهم من مذهب الملكانية؛ يظهر ذلك من النّظر فيما تقدّم من معتقدات النصرانية قبل ترتيب أيمانهم. على أنه قد أتى فيها بأكثر ما رتّبه المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله في تحليفهم على صداقته، وزاد ما زاد من اليمين المرتّبة في التّحليف على الهدنة السابقة وغيرها.
اليمين الثانية- مما أهمله في «التعريف» يمين أمير مكّة.
والقاعدة فيها أن يحلّف على طاعة السلطان، والقيام في خدمة أمير الرّكب، والوصيّة بالحجّاج، والاحتفاظ بهم.
وهذه نسخة يمين حلّف بها الأمير نجم الدّين أبو نميّ أمير مكّة المشرّفة، في الدّولة المنصورية قلاوون الصالحي، في شعبان سنة إحدى وثمانين وستمائة.
ونسختها على ما ذكره ابن المكرّم «1» في تذكرته بعد استيفاء الأقسام:
إنّي أخلصت نيّتي، وأصفيت طويّتي، وساويت بين باطني وظاهري في طاعة مولانا السلطان الملك المنصور، وولده السلطان الملك الصالح، وطاعة أولادهما وارثي ملكهما، لا أضمر لهم سوءا ولا غدرا في نفس ولا ملك ولا سلطنة. وإنّني عدوّ لمن عاداهم، صديق لمن صادقهم؛ حرب لمن حاربهم، سلم لمن سالمهم. وإنّني لا يخرجني عن طاعتهما طاعة أحد غيرهما، ولا أتلفّت في ذلك إلى جهة غير جهتهما، ولا أفعل أمرا مخالفا لما استقرّ من هذا الأمر، ولا أشرك في تحكمهما عليّ ولا على مكّة [المشرّفة] «2» وحرمها وموقف جبلها زيدا ولا عمرا. وإنّني ألتزم ما اشترطته لمولانا السلطان ولولده في أمر الكسوة الشريفة(13/318)
المنصورية الواصلة من مصر المحروسة وتعليقها على الكعبة الشريفة في كل موسم، وأن لا يعلوها كسوة غيرها، وأن أقدّم علمه المنصور على كلّ علم في كلّ موسم، وأن لا يتقدّمه علم غيره. وإنّني أسهّل زيارة البيت الحرام أيام مواسم الحجّ وغيرها للزّائرين والطّائفين والبادين والعاكفين، والآمّين لحرمه والحاجّين والواقفين. وإنني أجتهد في حراستهم من كلّ عاد بفعله وقوله، ومتخطّف للناس من حوله. وإنّني أؤمّنهم في سربهم، وأعذب لهم مناهل شربهم؛ وإنّني والله أستمرّ بتفرّد الخطبة والسّكّة بالاسم الشريف المنصوريّ، وأفعل في الخدمة فعل المخلص الوليّ، وإنّني والله والله أمتثل مراسيمه امتثال النائب للمستنيب، وأكون لداعي أمره أوّل سامع مجيب. وإنني ألتزم بشروط هذه اليمين من أوّلها إلى آخرها لا أنقضها.
المهيع الخامس (في صورة كتابة نسخ الأيمان التي يحلف بها)
وقد جرت العادة أنه إذا أستقرّ ملك، في الملك يحلّف له جميع الأمراء والنوّاب في المملكة، وإذا استقرّ نائب من النوّاب في نيابة حلّف ذلك النائب عند استقراره؛ وربّما اقتضت الحال التحليف في غير هذه الأوقات.
ثم الأيمان التي يحلّف بها على ضربين:
الضرب الأوّل (الأيمان التي يحلّف بها الأمراء بالديار المصرية)
وقد جرت العادة أن كتّاب ديوان الإنشاء يجتمع من يجتمع منهم بالقلعة، ويتصدّى كلّ واحد منهم لتحليف جماعة من الأمراء والمماليك السلطانية وغيرهم، وينصب المصحف الشريف على كرسيّ أمام الحالفين، ويحلّف كلّ كاتب من كتّاب الإنشاء من يحلّفه تجاه المصحف بألفاظ اليمين المتقدّمة الذّكر على الوجه الذي يرسم تحليفهم عليه؛ ويكتب كلّ واحد من أولئك الكتّاب أسماء الذين حلّفهم في ورقة ويؤرّخها ويحملها إلى ديوان الإنشاء فتخلّد فيه.(13/319)
الضرب الثاني (الأيمان التي يحلف بها نوّاب السلطنة والأمراء بالممالك الشامية وما انضمّ إليها)
وقد جرت العادة أنه إذا أريد تحليف نائب من نوّاب الممالك الخارجة عن الحضرة بالدّيار المصرية أو أمير من أمرائها أن تكتب نسخة يمين من ديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية، وتجهّز إلى النائب أو الأمير الذي يقصد تحليفه فيحلف على حكمها متلفظا بألفاظها جميعها. قال في «التثقيف» : وصفة ما يكتب في النّسخة بعد البسملة من يمين الورق «أقول وأنا» .... ثم يخلي بياضا قليلا بقدر أصبعين لموضع كتابة الحالف اسمه، ثم يكتب تحته من يمين الورق بهامش دقيق جدّا «والله والله والله» وتكمّل تتمّة النسخة على ما تقدّم ذكره. وتكون سطورها متلاصقة سطرا إلى سطر إلى عند قوله «وهذه اليمين يميني وأنا» ..... فيخلّي بعد ذلك بياضا قليلا لموضع كتابة اسم الحالف أيضا؛ ثم يكتب من يمين الورق:
«والنّية في هذه اليمين بأسرها» إلى آخر النسخة.
قلت: وكذلك نسخ الأيمان التي تكتب ليحلّف بها في الهدن التي تفرد الأيمان فيها عن الهدن، يخلّى فيها بياض لكتابة الاسم بعد قوله «أقول وأنا» ...... وبعد قوله «وهذه اليمين يميني وأنا» ..... سواء في ذلك اليمين التي يحلّف بها السلطان أو الملك الذي تقع معه المهادنة: من ملوك الإسلام أو ملوك الكفر.
وقد جرت العادة أن يكون الورق الذي تكتب فيه نسخ الأيمان التي يحلّف بها النوّاب وغيرهم من الأمراء الخارجين عن الحضرة في قطع العادة. أما ما يحلّف به على الهدن فلم أقف فيه على مقدار قطع الورق. والذي يظهر أن كلّ يمين تكون في قطع الورق الذي يكاتب بها ذلك الملك الذي يحلّف.(13/320)
المقالة التاسعة في عقود الصّلح والفسوخ الوردة على ذلك، وفيها خمسة «1» أبواب
الباب الأوّل في الأمانات؛ وفيه فصلان
الفصل الأوّل في عقد الأمان لأهل الكفر
قال في «التعريف» : وهو أقوى أمور الصّلح دلالة على اشتداد السّلطان، إذ كان يؤمّن الخائف أمنا لا عوض عنه في عاجل ولا آجل؛ وفيه طرفان:
الطرف الأوّل (في ذكر أصله وشرطه وحكمه)
اعلم أنّ الأمان هو الأمر الأوّل من الأمور الثلاثة التي يرفع بها القتل عن الكفّار.
قال العلماء: وهو من مكايد القتال ومصالحه، وإن كان فيه ترك القتال: لأن الحاجة [داعية] «2» إليه. والأصل فيه من الكتاب قوله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ
«3» ، ومن السّنّة قوله صلّى الله عليه وسلّم: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم، ويجير عليّهم أدناهم، وهم يد على من سواهم» .(13/321)
وقد ذكر الفقهاء له أركانا وشرائط وأحكامها.
فأما أركانه، فثلاثة:
الأوّل- العاقد للأمان من المسلمين. وليعلم أنّ الأمان على ضربين: عامّ وخاصّ؛ فالعامّ هو عقده للعدد الذي لا يحصر كأهل ناحية؛ ولا يصحّ عقد الأمان فيه إلا من الإمام أو نائبه كما في الهدنة. والخاصّ هو عقده للواحد أو العدد المحصور؛ ويصحّ من كلّ مسلم مكلّف [وإن لم تكن] «1» له أهلية القتال، فيصح من العبد والمرأة والشّيخ الهرم والسّفيه والمفلس، بخلاف أمان الصّبيّ والمجنون.
الثاني- المعقود له، ويصح عقده للواحد والعدد من ذكور الكفّار وإناثهم. نعم في تأمين المرأة عن الاسترقاق خلاف.
الثالث- صيغة العقد. وهي كلّ لفظ يفهم الأمان كناية كان أو صريحا، وفي معنى ذلك الأشارة المفهمة. ويعتبر فيه قبول الكافر، فلا بدّ منه، حتى لو ردّ الأمان لم ينعقد، وفيما إذا سكت خلاف. نعم لو دخل للسّفارة بين المسلمين والكفّار في تبليغ رسالة ونحوها؛ أو لسماع كلام الله تعالى لم يعتبر فيه عقد الأمان، بل يكون آمنا بمجرد ذلك؛ أما لو دخل لقصد التجارة بغير أمان فإنه لا يكون آمنا إلّا أن يقول الإمام أو نائبه: من دخل تاجرا فهو آمن.
وأما شرطه، فأن لا يكون على المسلمين ضرر في المستأمن: بأن يكون طليعة أو جاسوسا، فإنّه يقتل ولا يبالى بأمانه، ويعتبر أن لا تزيد مدّة الأمان على سنة «2» بخلاف الهدنة، فقد تقدّم أنها تجوز عند ضعف المسلمين إلى عشر سنين.(13/322)
وأما حكمه، فإذا عقد الأمان لزم المشروط، فلو قتله مسلم وجبت الدّية. ثم هو جائز من جهة الكفّار، فيجوز للكافر نبذه متى شاء، ولازم من جهة المسلمين، فلا يجوز النّبذ إلا أن يتوقّع من المستأمن الشّرّ، فإذا توقّع منه ذلك جاز نبذ العهد إليه ويلحق بمأمنه؛ وبقيّة فقه الفصل مستوفى في كتب الفقه.
الطرف الثاني (في صورة ما يكتب فيه)
والأصل ما رواه ابن إسحاق أنّ رفاعة بن زيد الجذامي «1» قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في هدنة الحديبية، فأهدى لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم غلاما، وأسلم وحسن إسلامه؛ وكتب له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتابا إلى قومه فيه:
«بسم الله الرحمن الرحيم» «هذا كتاب من محمد رسول الله لرفاعة بن زيد: إني بعثته إلى قومه عامّة ومن دخل فيهم يدعوهم إلى الله تعالى وإلى رسوله؛ فمن أقبل منهم ففي حزب الله [وحزب] «2» رسوله، ومن أدبر فله أمان شهرين» .
فلما قدم رفاعة على قومه أجابوا وأسلموا.
ثم للكتّاب فيه مذهبان:
المذهب الأوّل- أن يفتتح الأمان بلفظ
: «هذا كتاب أمان» أو «هذا أمان» وما أشبه ذلك، كما افتتح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما كتب به لرفاعة بن زيد على ما تقدّم.
وعلى ذلك كتب عمرو بن العاص رضي الله عنه الأمان الذي كتب به لأهل مصر عند فتحها؛ ونصّه بعد البسملة:(13/323)
«هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمان على أنفسهم وملّتهم «1» وأموالهم وكنائسهم وصلبهم وبرّهم وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك ولا ينتقص، ولا تساكنهم النّوبة. وعلى أهل مصر أن يعطوا الجزية- إذا اجتمعوا على هذا الصّلح، وانتهت زيادة نهرهم- خمسين ألف ألف. وعليه ممّن جنى نصرتهم «2» ، فإن أبى أحد منهم أن يجيب رفع عنهم من الجزى بقدر [هم وذمّتنا ممّن أبى بريّة، وإن نقص نهرهم عن غايته إذا انتهى، رفع عنهم بقدر] «3» ذلك؛ ومن دخل في صلحهم: من الرّوم والنّوبة فله ما لهم وعليه ما عليهم «4» ؛ ومن أبى واختار الذّهاب فهو آمن حتى يبلغ مأمنه أو يخرج من سلطاننا. وعليهم ما عليهم أثلاثا في كلّ ثلث جباية ثلث ما عليهم. على ما في هذا الكتاب عهد الله [وذمّته] «5» وذمّة رسوله وذمّة الخليفة أمير المؤمنين [وذمم المؤمنين] «6» وعلى النّوبة الذين استجابوا أن يعينوا بكذا وكذا رأسا، وكذا وكذا فرسا، على أن لا يغزوا ولا يمنعوا من تجارة صادرة ولا واردة.
شهد الزّبير وعبد الله ومحمد ابناه، وكتب وردان وحضر» .
وعلى ذلك كتب الحافظ لدين الله أحد خلفاء الفاطميّين الأمان لبهرام الأرمنيّ، حين صرف من وزارته وهرب عنه «7» إلى بلاد الأرمن، وكتب إلى الحافظ يظهر الطاعة ويسأل تسيير أقاربه، فكتب له بالأمان له ولأقاربه.(13/324)
فأما ما كتب له هو فنصّه بعد البسملة:
هذا أمان أمر بكتبه عبد الله ووليّه عبد المجيد أبو الميمون، الحافظ لدين الله أمير المؤمنين، للأمير المقدّم، المؤيّد، المنصور، عزّ الخلافة وشمسها، وتاج المملكة ونظامها، فخر الأمراء، شيخ الدولة وعمادها، ذي المجدين، مصطفى أمير المؤمنين، بهرام الحافظيّ: فإنك آمن بأمان الله تعالى، وأمان جدّنا محمد رسوله، وأبينا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلّى الله عليهما، وأمان أمير المؤمنين، على نفسك ومالك، وأهلك وجميع حالك، لا ينالك سوء، ولا يصل إليك مكروه، ولا تقصد باغتيال، ولا يخرج بك عن عادة الإحسان والإنعام، والتّمييز والإكرام، وحراسة النّفس، والصّون للحريم والأهل، والرّعاية في القرب والبعد، ما دمت متحيّزا إلى طاعة الدولة العلويّة، ومتصرّفا على أحكام مشايعتها، مواليا لمواليها، ومعاديا لمعاديها، ومستمرّا على مرضاة إخلاصك. فثق بهذا الأمان واسكن إليه، واطمئنّ إلى مضمونه؛ والله بما أودعه كفيل وعليه شهيد؛ وما توفيق أمير المؤمنين إلا بالله، عليه يتوكّل وإليه ينيب.
وأما الأمان الذي كتب لأقاربه فنصّه:
هذا أمان تقدّم بكتبه عبد الله ووليّه، لبسيل وزرقا، وبهرام ابن أختهما، ومن ينتمي إليهم ويتعلّق بهم، ويلتزمون أمره ممن دونهم، ومن يتمسّك بسببهم، مضمونه: إنكم معشر الجماعة بأسركم لما قصدتم الدّولة ووفدتم عليها، وتفيّأتم ظلّها وهاجرتم إليها، شملكم الصّنع الجميل، وغمركم الإنعام السّابغ والإحسان الجزيل، وكنفتم بالرّعاية التامّة، والعناية الخاصّة لا العناية العامّة، ووفّر حظّكم من الواجبات المقرّرة لكم، والإقطاعات الموسومة بكم، وكنتم مع ذلك تذكرون رغبتكم في العود إلى دياركم، والرّجوع إلى أوطانكم، والتفاتا إلى من تركتموه من ورائكم. وقد سرتم من الباب على قضيّة(13/325)
المخالفة، وقد أمّنكم أمير المؤمنين، فأنتم آمنون بأمان الله تعالى وأمان جدّنا محمد رسوله وأبينا أمير المؤمنين: عليّ بن أبي طالب، صلى الله عليهما، وأمان أمير المؤمنين، على نفوسكم وأهليكم وأموالكم وما تحويه أيديكم ويحوزه ملككم، ويشتمل عليه احتياطكم، لا ينالكم في شيء من ذلك مكروه، ولا سبب مخوف، ولا يمسّكم سوء، ولا تخشون من ضيم، ولا تقصدون بأذيّة، ولا يغيّر لكم رسم، ولا تنقض لكم عادة، وأنتم مستمرّون في واجباتكم وإقطاعاتكم على ما عهدتموه، ولا تنقصون منها، ولا تبخسون فيها. هذا إذا رغبتم في الإقامة في ظلال الدّولة؛ فإن آثرتم ما كنتم تذكرون الرّغبة فيه من العودة إلى دياركم عند انفتاح البحر، فهذا الأمان لكم إلى أن تتوجّهوا مشمولين بالرعاية، ملحوظين بالعناية، ولكم الوفاء بجميع ذلك؛ والله لكم به وكيل وكفيل، وكفى به شهيدا.
المذهب الثاني- أن يفتتح الأمان المكتتب لأهل الكفر بالتّحميد
، ثم يقال: «ولما كان كذا وكذا اقتضى حسن الرّأي الشريف كذا وكذا» ثم يقال:
«فلذلك رسم بالأمر الشريف أن يكون كذا وكذا» على نحو ما يكتب في الولايات.
وعلى ذلك كتب عن السلطان الملك الناصر «محمد بن قلاوون» أمان لفراكس صاحب السّرب «1» من ملوك النصارى بالشّمال وزوجته ومن معهما من الأتباع، عند طلبهم التّمكين من زيارة القدس الشريف، وإزالة الأعراض عنهم، واستصحاب العناية بهم، إلى حين عودهم آمنين على أنفسهم وأموالهم، من إنشاء الشريف شهاب الدّين كاتب الإنشاء.
ونصّه بعد البسملة:
أمّا بعد حمد الله الذي أمّن بمهابتنا المناهج والمسالك، ومكّن لكلمتنا المطاعة في الأقطار والآفاق والممالك، وأعان على «2» لساننا بدعوة الحقّ التي(13/326)
تنفي كلّ كرب حاك وتكفي كلّ كرب حالك، والشّهادة له بالوحدانية التي تنفي المشابه والمشارك، وتفي بالميعاد من الإصعاد على الأرائك، والصّلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أنجده ببعوث الملإ الأعلى من الملائك، وأيّده بالصّون الملازم والعون المتدارك، ووعده أن سيبلغ ملك أمّته ما بين المشرق والمغرب وأنجز له ذلك، وعلى آله وصحبه الذين زحزحوا عن المهالك، ونصحوا لله ورسوله وأكرم بأولئك!!! - فإنّ كرمنا يرعى الوفود، وشيمنا تدعى فتجود، وذممنا بها لحظ الحقوق وحفظ العهود؛ فبخدمنا ينجح كلّ مقصود، وبنعمنا تمنح الأمانيّ والمنى وهما أعظم نعمتين في الوجود؛ فليس آمل عن أبواب سماحنا بمردود، ولا متوسّل إلينا بضراعة إلا ويرجع بالمرام ويعود.
ولما كانت حضرة الملك الجليل، المكرّم، المبجّل، العزيز، الموقّر، «إستيفانوس فراكس» : كبير الطائفة النّصرانية، جمال الأمّة الصّليبيّة، عماد بني المعمودية، صديق الملوك والسلاطين، صاحب السّرب- أطال الله بقاءه- قد شمله إقبالنا المعهود، ووصله إفضالنا الذي يحجز عن ميامنه السّوء وينجز الوعود- اقتضى حسن الرّأي الشريف أن نيسّر سبيله، ونوفّر له من الإكرام جسيمه كما وفّرنا لغيره من الملوك مسوله، وأن يمكّن من الحضور هو وزوجته ومن معهما من أتباعهما إلى زيارة القدس الشريف، وإزالة الأعراض عنهم، وإكرامهم ورعايتهم، واستصحاب العناية بهم، إلى أن يعودوا إلى بلادهم، آمنين على أنفسهم وأموالهم، ويعاملوا بالوصيّة التامّة، ويواصلوا بالكرامة والرعاية إلى أن يعودوا في كنف الأمن وحريم السّلامة؛ وسبيل كلّ واقف عليه أن يسمع كلامه، ويتبع إبرامه، ولا يمنع عنهم الخير في سير ولا إقامة، ويدفع عنهم الأذى حيث وردوا أو صدروا فلا يحذروا إلمامه؛ والله تعالى يوفّر لكلّ مستعين من أبوابنا أقساط الأمن وأقسامه، ويظفر عزمنا المحمديّ بالنّصر السّرمديّ حتّى يطوّق الطائع والعاصي حسامه. والعلامة الشريفة أعلاه حجّة فيه؛ والخير يكون إن شاء الله تعالى.(13/327)
الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة التاسعة (في كتابة الأمانات لأهل الإسلام وما يكتب فيها
، ومذاهب الكتّاب في ذلك في القديم والحديث، وأصله؛ وفيه طرفان)
الطرف الأوّل (في أصله)
اعلم أنّ هذا النوع فرع ألحقه الكتّاب بالنوع السابق، وإلا فالمسلم آمن بقضيّة الشّرع بمجرّد إسلامه، بدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلا بحقّها» . وإنما جرت عادة الملوك بكتابة الأمان لكلّ من خاف سطوتهم، لا سيّما من خرج عن الطّاعة، وخيف استشراء الفساد باستمرار خروجه عن الطاعة خوفا، حتّى صار ذلك هو أغلب ما يكتب من دواوين الإنشاء.
وقد ورد في السّنّة ما يدلّ لذلك «1» ، وهو ما رواه أبو عبيد في «كتاب الأموال» عن أبي العلاء بن عبد الله بن الشّخّير أنه قال: كنا بالمربد ومعنا مطرّف إذ أتانا أعرابيّ ومعه قطعة أديم، فقال: أفيكم من يقرأ؟ قلنا: نعم، فأعطانا الأديم فإذا فيه:
«بسم الله الرحمن الرحيم» «من محمد رسول الله لبني زهير بن أقيش من عكل. إنّكم إن شهدتم أن(13/328)
لا إله إلا الله [وأن محمدا رسول الله] «1» وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزّكاة، وفارقتم المشركين، وأعطيتم من الغنائم الخمس، وسهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والصّفيّ؛ (أو قال:
وصفيّة) فأنتم آمنون بأمان الله ورسوله» .
الطرف الثاني (فيما يكتب في الأمانات)
وللكتّاب في ذلك مذهبان:
المذهب الأوّل- أن يفتتح الأمان بلفظ: «هذا كتاب أمان» أو «هذا أمان» ونحو ذلك، على ما تقدّم في الفصل السابق.
قال في «موادّ البيان» «2» : والرسم فيه: «هذا كتاب أمان، كتبه فلان بن فلان الفلانيّ، أمير المؤمنين أو وزيره، لفلان بن فلان الفلانيّ الذي كان من حاله كذا وكذا، فإنه قد أمّنه بأمان الله تعالى وأمان رسوله صلّى الله عليه وسلّم وأمانه» . فإن كان عن الوزير قال: «وأمان أمير المؤمنين فلان بن فلان وأمانه، على نفسه وماله، وشعره، وبشره، وأهله، وولده، وحرمه، وأشياعه، وأتباعه، وأصحابه، وحاله، وذات يده، وأملاكه، ورباعه، وضياعه، وجميع ما يخصّه ويخصّهم- أمانا صحيحا، نافذا واجبا لازما، لا ينقض ولا يفسخ ولا يبدّل، ولا يتعقّب بمخاتلة، ولا دهان ولا مواربة، ولا حيلة، ولا غيلة، وأعطاه على ذلك عهد الله وميثاقه وصفقة يمينه، بنيّة خالصة له ولجميع من ذكر معه، وعفا له عن كلّ جريرة متقدّمة، وخطيئة سالفة، إلى يوم تاريخ هذا الأمان، وأحلّه من ذلك كلّه، واستقبله بسلامة النّفس ونقاء السريرة، وأوجب له من الرّعاية ما أوجبه لأمثاله، ممن شمله ظلّه، وكنفته رعايته، حاضرا وغائبا، وملّكه من اختياره قريبا وبعيدا، وأن لا يكرهه على ما لا يريده، ولا يلزمه بما لا يختاره» .(13/329)
قلت: هذا ما أصّله صاحب «مواد البيان» في كتابة الأمانات؛ ومقتضاه افتتاح جميع الأمانات المكتتبة عن الخليفة أو الوزير أو غيرهما بلفظ «هذا» .
وسيأتي أن الأمانات قد تفتتح بغير هذا الافتتاح: من الحمد وغيره، على ما سيأتي بيانه، ولعل هذا كان مصطلح زمانه فوقف عنده.
وبالجملة فالأمانات المكتتبة لأهل الإسلام على نوعين:
النوع الأوّل (ما يكتب عن الخلفاء؛ وفيه مذهبان)
المذهب الأوّل-
طريقة صاحب «مواد البيان» المتقدّمة الذّكر؛ وهي أن يفتتح الأمان بلفظ «هذا» وحينئذ فيقال: «هذا كتاب أمان كتبه عبد الله فلان أبو فلان أمير المؤمنين الفلانيّ، أعزّ الله تعالى به الدّين، وأدام له التّمكين، لفلان الفلانيّ، فإنّه قد أمّنه بأمان الله تعالى، وأمان رسوله صلّى الله عليه وسلّم وأمانه، على نفسه، وماله، وشعره، وبشره، وأهله، وولده، وحرمه، وأشياعه، وأتباعه، وأصحابه، وحاله، وذات يده، وأملاكه، ورباعه، وضياعه، وجميع ما يخصّه ويخصّهم- أمانا صحيحا، نافذا واجبا لازما، لا ينقض ولا يفسخ، ولا يبدّل، ولا يتعقّب بمخاتلة، ولا دهان ولا مواربة، ولا حيلة ولا غيلة، وأعطاه على ذلك عهد الله وميثاقه وصفقة يمينه، بنيّة خالصة له ولجميع من ذكر معه، وعفا له عن كلّ جريرة متقدّمة، وخطيئة سالفة، إلى يوم تاريخ هذا الأمان، وأحلّه من ذلك كلّه، واستقبله بسلامة النّفس ونقاء السريرة، وأوجب له من الرّعاية ما أوجبه لأمثاله: ممّن شمله ظلّه، وكنفته رعايته، حاضرا وغائبا، وملّكه من اختياره قريبا وبعيدا، وأن لا يكرهه على ما لا يريده، ولا يلزمه بما لا يختاره» . وغير ذلك مما يقتضيه الحال ويدعو إليه المقام.
المذهب الثاني-
أن يفتتح الأمان بخطبة مفتتحة بالحمد، والرسم فيه أن(13/330)
يستفتح الأمان بخطبة يكرّر فيها الحمد مرتين أو ثلاثا فأكثر، بحسب ما يقتضيه حال النّعمة على من يصدر عنه الأمان في الاستظهار على من يؤمّنه. يحمد الله في المرّة الأولى على آلائه، وفي الثانية على إعزاز دينه، وفي الثالثة على بعثة نبيّه، وفي الرابعة على إقامة ذلك الخليفة من بيت النبوّة لإقامة الدّين؛ ويأتي مع كلّ واحدة منها بما يناسب ذلك، ثم يذكر الأمان في الأخيرة.
وهذه نسخة أمان من هذا النّمط، كتب به عن بعض متقدّمي خلفاء بني العبّاس ببغداد، أوردها أبو الحسين أحمد بن سعيد في «كتاب البلاغة» «1» الذي جمعه في الترسّل:
الحمد لله المرجوّ فضله، المخوف عدله، باريء النّسم، ووليّ الإحسان والنّعم، السابق في الأمور علمه، النّافذ فيها حكمه، بما أحاط به من ملك قدرته، وأنفذ من عزائم مشيئته؛ كلّ ما سواه مدبّر مخلوق وهو أنشاه وابتداه، وقدّر غايته ومنتهاه.
والحمد لله المعزّ لدينه، الحافظ من حرماته ما تربّض المتربّضون «2» عن حياطته، المذكي من نوره ما دأب الملحدون لإطفائه حتّى أعلاه وأظهره كما وعد في منزل فرقانه بقوله جلّ ثناؤه: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ*
«3» والحمد لله الذي بعث محمدا رحمة للعالمين، وحجّة على الجاحدين، فختم به النبيين والمرسلين، صلوات الله عليهم أجمعين، وجعله الدّاعي إلى دين(13/331)
الحق، والشّهيد على جميع الخلق، فأدّى إليهم ما استودع من الأمانة، وبلّغهم ما حمّل من الرّسالة؛ فلما أنقذ الله به من التّورّط في الضّلالة، والتّهوّر في العمى والجهالة، وأوضح به المعالم والآثار، ونهج به العدل والمنار، اختار له ما لديه، ونقله إلى ما أعدّ له في دار الخلود، من النّعيم الذي لا ينقطع ولا يبيد، ثم جعله في لحمته وأهله وراثة بما قلدهم من خلافته في أمّته، وقدّم لهم شواهد ما اختصّهم به من الفضيلة، وزلفة الوسيلة، في كتابه النّاطق، على لسان نبيّه الصادق، صلّى الله عليه وسلّم- منها ما أخبر به من تطهيره إيّاهم: ليجعلهم لما اختاره معدنا ومحلّا، إذ يقول جلّ وعزّ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً
«1» ، ومنها ما أمر الله به رسوله صلّى الله عليه وسلّم من مسألته أمّته المودّة؛ فقد أوضح لذوي الألباب أنهم موضع خيرته، بتطهيره إياهم، وأهل صفوته، بما افترض من مودّتهم، وولاة الأمر الذين قرن طاعتهم بطاعته.
ولم يزل الله بعظيم منّه وإنعامه يدعم أركان دينه، ويشيّد أعلام هداه، بإعزاز السلطان الذي هو ظلّه في أرضه، وقوام عدله وقسطه، والحجاز الذّائد لهم عن التّظالم والتّغاشم، والحصن الحريز عند مخوف البوائق وملمّ النّوائب؛ فليس يكيد ولاته المستقلّين بحقّ الله فيه كائد، ولا يجحد ما يجب لهم من حقّ الطاعة جاحد، إلّا من انطوى على غشّ الأمّة، ومحاولة التّشتيت للكلمة.
والحمد لله على ما تولّى به أمير المؤمنين في البدء والعاقبة: من الإدلاء بالحجّة، والتّأييد بالغلبة، (عند نشوه من حيز وطأة الخفض) «2» ، متّبعا لكتاب الله حيث سلك به حكمه، مقتفيا سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حيث انسابت أمامه، باذلا لله نفسه، لا يصدّه وعيد من تكبّر وعتا، ولا يوحشه خذلان من أدبر وتولّى، منتظرا لمن نكث عهده وغدر بيعته والتمس المكر به(13/332)
في حقّه الآيات الموجبة في قوله: ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ
«1» ، فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ
«2» ، مكتفيا بالله ممّن خذله، مستعينا به على من نصب، لا يستفزّه ما أجلب به الشيطان من خيله ورجله، وهو في أنصاره المعتصمين، لا تستهويهم الشّبه في بصائرهم، ولا تخونهم قواعد عزائمهم في ساعة العسرة من بعد ما كادت تزيغ قلوب فريق منهم؛ فكتّبهم أمير المؤمنين، وأنهدهم لعدوّه، ينتظرون إحدى الحسنيين: من الفلج المبين، والفوز «3» بالشّهادة والسعادة؛ فليس يلفتهم عن حقّهم ما يتلقّون به من الترغيب والترهيب، ولا يزدادون على عظيم التّهاويل والأخطار إلا تقحّما وإقداما، متمثّلين لسير إخوانهم قبلهم فيما اقتص الله عليهم من شأنهم، إذ يقول جلّ وعزّ:
الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
«4» وكان بداية جند أمير المؤمنين في حربهم التّقدّم بالإعذار والإنذار، والتّخويف بالله جلّ وعزّ وأيّامه، وما هم مسؤولون عنه في مقامه: من عهوده المؤكّدة عليهم في حرمه، وبين ركن كعبته ومقام خليله، المعلّقة في بيته، الشاهد عليها وفوده.
فكان أوّل ما بصّرهم الله به حجّته التي لا يقطعها قاطع، ولا يدفعها دافع، ثم ما جعلهم الله عليه من التناصر والتّوازر الذي فتّ في أعضادهم، ورماهم به من التّخاذل والتّواكل؛ فكلّما نجمت لهم قرون اجتثّها الله بحدّ أوليائه، وكلّما مرق منهم مارق أسال الله مهجته، وأورثهم أرضه ودياره.
ومخلوعهم المبتديء بما عادت عليهم نقمته ونكاله قد أعلق بالرّدّة، وصرّحت شياطينه بالغدر والنّكث، يرى بذلك الذّلّ في نفسه وحزبه، وتنتقص(13/333)
عليه الأرض من أطرافها وأقطارها، ويؤتى بنيانه من قواعده، ويردّ الله جيوشهم مفلولة، وجنودهم مخلّاة عن مراكزها، مقموعا باطلها؛ وليس مع ما ناله من سخط الله جلّ وعزّ نازعا عن انتهاك محارمه ومآثمه، ولا محدثا عن جائحة يحلّها به إحجاما عن التّقحّم في ملاحمه الملبسة له في عاجل ما يرديه ويوبقه، وآجل ما يرصد الله به المعاندين عن سبيله، النّاكبين عن سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وأمير المؤمنين- إذ جمع الله له متباين الألفة، وضمّ له منتشر الفرقة، على معرفته بحربه وحزبه، وعدوّه ووليّه، ومن سعى له أو عليه، أو أطاع الله أو عصاه فيه: من واف ببيعة، أو خاتر بإلّ وذمّة-[جدير] «1» أن يعمّ بجميل نظره كافّة رعيّته، ويتعطّف عليهم بحسن عائدته، ويشملهم بمبسوط عدله وكريم عفوه، وتقديم أهل الأفكار المحمودة، في المواطن المشهودة، بما لم تزل أنفسهم تشرئبّ إليه، وأعينهم ترنو نحوه، لتحمد عنهم عاقبة الطاعة، ويعجّل لهم الوفاء بما وعدهم من الجزاء، إلى ما ذخره لهم من حسن المثوبة ومزيد الشّكران. وأمر لفلان بكذا، ولمن قبله من أهل الغناء بكذا، وأمّن الأسود والأحمر، ما خلا الملحد ابن الربيع، فإنّه سعى في بلاد الله وعباده سعي المفسدين، والتمس نقض وثائق الدّين.
فجميع من حلّ مدينة السلام آمنون بأمان الله، غير متبعين بترة «2» ، ولا مطلوبين بإحنة، فلا تدخلنّ أحدا وحشة منهم لضغينة يظنّ بأمير المؤمنين الانطواء عليها، ولا يحملنّه ما عفا له عنه من ذنبه على [خلاف] «3» ما هو مستوجب من ثواب طاعته أو نكال معصيته، فإنّ الله جلّ وعزّ يقول: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ
«4»(13/334)
فاحمدوا الله على ما ألهم خليفتكم، من إثابة أهل السوابق منكم بأوفى سعيهم، والتطوّل على عامّة جنده بما شملهم برفقه وحسنت عليهم عائدته، وما تعطّف به على أهل التفريط: من إقالة هفواتهم وعثراتهم، حتى صرتم بنعمة الله إخوانا مترافدين، قد أذهب الله أضغانكم ونزع حسائك «1» صدوركم، وردّ ألفتكم إلى أحسن ما يكون، وصرتم بين متقدّم بغناء، ومقمع بإحسان؛ فحافظوا على ما يرتبط به راهن النّعمة، ويستدعى به حسن المزيد، إن شاء الله تعالى.
النوع الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام، ما يكتب به عن الملوك؛ وهو على ضربين)
الضرب الأوّل (ما كان يكتب من هذا النّمط في الزمن السابق
، مما كان يصدر عن وزراء الخلفاء والملوك المتغلّبين على الأمر معهم؛ ولهم فيه أسلوبان)
الأسلوب الأوّل (أن يصدّر بالتماس المستأمن الأمان)
وهذه نسخة أمان من هذا الأسلوب، كتب بها أبو [إسحاق بن] «2» هلال الصابي، عن صمصام الدّولة، بن عضد الدّولة، بن ركن الدّولة، بن بويه الدّيلميّ لبعض من كان متخوّفا منه؛ وهو:
هذا كتاب من صمصام الدّولة وشمس الملّة أبي كاليجار، بن عضد الدّولة(13/335)
وتاج الملّة أبي شجاع، بن ركن الدّولة أبي عليّ مولى أمير المؤمنين- لفلان بن فلان.
إنّك ذكرت رغبتك في الانحياز إلى جملتنا، والمصير إلى حضرتنا، والسّكون إلى ظلّنا، والسّكنى في كنفنا، والتمست التّوثقة منّا بما تطيب به نفسك، ويطمئنّ إليه قلبك، فتقبّلنا ذلك منك، وأوجبنا به الحقّ والذّمام لك، وأمّنّاك بأمان الله جلّ ثناؤه، وأمان رسوله صلّى الله عليه وسلّم، [وأمان] «1» أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، وأماننا- على نفسك، وجوارحك، وشعرك، وبشرك، وأهلك، وولدك، ومالك، وذات يدك: أمانا صحيحا ماضيا نافذا، واجبا لازما؛ ولك علينا بالوفاء به إذا صرت إلينا عهد الله وميثاقه، من غير نقض له ولا فسخ لشيء منه، ولا تأوّل عليك فيه على [كلّ] «2» وجه وسبب.
ثم إنّا نتناولك إذا حضرت بالإحسان والإجمال، والاصطناع والإفضال، موفين بك على أملك، ومتجاوزين حدّ ظنّك وتقديرك. فاسكن إلى ذلك وثق به، وتيقّن أنك محمول عليه، ومفض إليه. ومن وقف على كتابنا هذا: من عمّال الخراج والمعاون وسائر طبقات الأولياء والمتصرّفين في أعمالنا، فليعمل بما فيه، وليحذر من تجاوزه أو تعدّيه، إن شاء الله تعالى.
وعلى نحو من ذلك كتب أبو إسحاق الصابي، عن صمصام الدّولة المقدّم ذكره، الأمان لجماعة من عرب المنتفق «3» ، بواسطة محمد بن المسيّب «4» ؛ وهو:(13/336)
هذا كتاب منشور من صمصام الدّولة، وشمس الملّة، أبي كاليجار، بن عضد الدّولة وتاج الملّة أبي شجاع، بن ركن الدّولة أبي عليّ، مولى أمير المؤمنين لجماعة من العرب من المنتفق، الرّاغبين في الطاعة والداخلين فيها مع أولياء الدّولة.
إن محمد بن المسيّب سأل في أمركم، وذكر رغبتكم في الخدمة، والانحياز إلى الجملة، والتمس أمانكم على نفوسكم وأموالكم، وأهلكم وعشيرتكم، على أن تلزموا الأستقامة، وتسلكوا سبيل السّلامة، ولا تخيفوا سبيلا، ولا تسعوا في الأرض فسادا، ولا تخالفوا للسلطان وولاة أعماله أمرا، ولا تؤوا له عدوّا، ولا تعادوا له وليّا، ولا تجيروا أحدا خرج عن طاعته، ولا تذمّوا لأحد طلبه، ولا تخونوه في سرّ ولا جهر، ولا قول ولا عمل، فرأينا قبول ذلك منكم، وإجابة محمد إلى ما رغب فيه عنكم، وتضمّنته العهدة فيما عقد من هذا الأمان لكم على شرائطه المأخوذة عليكم: في الكفّ عن الرّعيّة والسّابلة، وأهل السّواد والحاضرة، وترك التّعرّض للمال والدّم، أو الانتهاك لذمّة أو محرم، أو الارتكاب لمنكر أو مأثم.
فكونوا على هذه الحدود قائمين، وللصّحّة والاستقامة معتقدين، ولأحداثكم ضابطين، وعلى أيدي سفهائكم آخذين؛ وأنتم مع ذلك آمنون بأمان الله جلّ جلاله، وأمان رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وأمان مولانا أمير المؤمنين، وأماننا: على نفوسكم وأموالكم وأحوالكم، وكلّ داخل في هذا الأمان وشرائطه معكم: من أهلكم وعشيرتكم وأتباعكم، ومن ضمّته حوزتكم.
ومن قرأ هذا الكتاب من عمّال الخراج والمعاون، والمتصرّفين في الحمّارة والسّيارة وغيرهم من جميع الأسباب، فليعمل بمتضمّنه، وليحمل جماعة هؤلاء القوم على موجبه، إن شاء الله تعالى.(13/337)
الأسلوب الثاني (أن لا يتعرّض في الأمان لالتماس المستأمن الأمان)
وهذه نسخة أمان على هذا الأسلوب، أورده أبو الحسين بن الصابي «1» في كتابه «غرر البلاغة» ونصه بعد البسملة:
هذا كتاب من فلان مولى أمير المؤمنين لفلان.
إننا أمّنّاك على نفسك ومالك وولدك وحرمك، وسائر ما تحويه يدك، ويشتمل عليه ملكك، بأمان الله جلّت أسماؤه، وعظمت كبرياؤه، وأمان محمد رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وأماننا- أمانا صحيحا غير معلول، وسليما غير مدخول، وصادقا غير مكذوب، وخالصا غير مشوب، لا يتداخله تأويل، ولا يتعقّبه تبديل، قد كفله القلب المحفوظ، وقام به العهد الملحوظ- على أن تشملك الصّيانة فلا يلحقك اعتراض معترض، وتكنفك الحراسة فلا يطرقك اغتماض مغتمض، وتعزّك النّصرة فلا ينالك كفّ متخطّف، ولا تمتدّ إليك يد متطرّف، بل تكون في ظلّ السلامة راتعا، وفي محاماة الأمانة وادعا، وبعين المراعاة ملحوظا، ومن كلّ تعقّب وتتبّع محفوظا؛ لك بذلك عهد الله الذي لا يخفر، ومواثيقه التي لا تنكث، وذمامه الذي لا يرفض، وعهده الذي لا ينقض.
المذهب الثاني (مما يكتب به في الأمانات لأهل الإسلام- أن يفتتح الأمان بلفظ: «رسم» كما تفتتح صغار التواقيع والمراسيم؛ وهي طريقة غريبة)
وهذه نسخة أمان على هذا النّمط، أوردها محمد بن المكرّم أحد كتّاب ديوان الإنشاء في الدولة المنصورية «قلاوون» في تذكرته التي سماها: «تذكرة اللّبيب» كتب بها عن المنصور قلاوون المقدّم ذكره، للتّجّار الذي يصلون إلى(13/338)
مصر من الصّين والهند والسّند واليمن والعراق وبلاد الرّوم، من إنشاء المولى فتح الدّين بن عبد الظاهر صاحب ديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية بالديار المصرية؛ وهي:
رسم «1» - أعلى الله الأمر العالي- لا زال عدله يحلّ الرعايا من الأمن في حصن حصين، ويستخلص الدعاء لدولته الزاهرة [من] «2» أهل المشارق والمغارب فلا أحد إلا وهو من المخلصين، ويهيّيء برحابها للمعتفين جنّة عدن من أيّ أبوابها شاء الناس دخولا: من العراق، من العجم، من الرّوم، من الحجاز، من الهند، من الصّين- أنه من أراد من الصّدور الأجلّاء الأكابر التّجّار وأرباب التّكسّب، وأهل التّسبّب، من أهل هذه الأقاليم التي عدّدت والتي لم تعدّد، ومن يؤثر الورود إلى ممالكنا إن أقام أو تردّد- النّقلة إلى بلادنا الفسيحة أرجاؤها، الظّليلة أفياؤها وأفناؤها، فليعزم عزم من قدّر الله له في ذلك الخير والخيرة، ويحضر إلى بلاد لا يحتاج ساكنها إلى ميرة ولا إلى ذخيرة: لأنها في الدنيا جنّة عدن لمن قطن، ومسلاة لمن تغرّب عن الوطن؛ ونزهة لا يملّها بصر، ولا تهجر للإفراط في الخصر «3» ، والمقيم بها في ربيع دائم، وخير ملازم؛ ويكفيها أن من بعض أوصافها أنها شامة الله في أرضه، وأن بركة الله حاصلة في رحل من جعل الإحسان فيها من قراضه والحسنة من قرضه، ومنها ما إذا أهبط إليها آمل كان له ما سأل، إذ أصبحت دار إسلام بجنود تسبق سيوفهم العذل؛ وقد عمّر العدل أوطانها، وكثّر سكّانها، واتّسعت أبنيتها إلى أن صارت ذات المدائن، وأيسر المعسر فيها فلا يخشى سورة المداين؛ إذ المطالب بها غير متعسّرة، والنّظرة فيها إلى ميسرة، وسائر الناس وجميع التّجار، لا يخشون فيها من يجور فان العدل قد أجار.(13/339)
فمن وقف على مرسومنا هذا من التّجار المقيمين باليمن والهند، والصّين والسّند، وغيرهم، فليأخذ الأهبة في الارتحال إليها، والقدوم عليها، ليجد الفعال من المقال أكبر، ويرى إحسانا يقابل في الوفاء بهذه العهود بالأكثر، ويحلّ منها في بلدة طيّبة وربّ «1» غفور، وفي نعمة جزاؤها الشّكر- وهل «2» يجازى إلا الشّكور- وفي سلامة في النّفس والمال، وسعادة تجلّي الأحوال وتموّل الآمال؛ ولهم منا كلّ ما يؤثرونه: من معدلة تجيب داعيها، وتحمد عيشتهم دواعيها، (وتبقي أموالهم على مخلّفيهم، وتستخلصهم لأن يكونوا متفيّئين في ظلالها وتصطفيهم) «3» ؛ ومن أحضر معه بضائع من بهار وأصناف تحضرها تجّار الكارم فلا يحاف عليه في حقّ، ولا يكلّف أمرا يشقّ، فقد أبقى لهم العدل ما شاق ورفع عنهم ما شقّ؛ ومن أحضر معه منهم مماليك وجواري فله في قيمتهم ما يزيد على ما يريد، والمسامحة بما يتعوّضه بثمنهم على المعتاد في أمر من يجلبهم من البلد القريب فكيف من البعيد: لأن رغبتنا مصروفة إلى تكثير الجنود، ومن جلب هؤلاء فقد أوجب حقّا على الجود؛ فليستكثر من يقدر على جلبهم، ويعلم أن تكثير جيوش الإسلام هو الحاثّ على طلبهم: لأنّ الإسلام بهم اليوم في عزّ لواؤه المنشور، وسلطانه المنصور، ومن أحضر منهم فقد أخرج من الظلمات إلى النّور، وذمّ بالكفر أمسه وحمد بالإيمان يومه، وقاتل عن الإسلام عشيرته وقومه.
هذا مرسومنا إلى كلّ واقف عليه من تجّار شأنهم الضّرب في الأرض:
يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
«4» ، ليقرأوا منه ما تيسّر لهم من حكمه، ويهتدوا «5» بنجمه، ويغتذوا «6» بعلمه، ويمتطوا «7» كاهل الأمل الذي يحملهم على الهجرة، ويبسطوا «8» أيديهم بالدّعاء لمن يستدني إلى بلاده(13/340)
الخلائق ليفوزوا من إحسانه بكلّ نضارة وبكلّ نظرة، ويغتنموا «1» أوقات الرّبح فإنّها قد أدنت قطافها، وبعثت بهذه الوعود الصادقة إليهم تحقّق لهم حسن التّأميل، وتثبت عندهم أن الخطّ الشريف [أعلاه الله] «2» حاكم بأمر الله على ما قالته الأقلام ونعم الوكيل.
قلت: هذا المكتوب وإن لم يكن صريح أمان فإنه في معنى الأمان، كما أشار إليه ابن المكرّم؛ وفيه غرابتان: إحداهما- الافتتاح «برسم» ، والثانية- الكتابة به إلى الآفاق البعيدة والأقطار النائية، إشارة إلى امتداد لسان قلم هذه المملكة إليهم.
الضرب الثاني (من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام ما عليه مصطلح زماننا؛ وهي صنفان)
الصنف الأوّل (ما يكتب من الأبواب السلطانية)
والنظر فيه من جهة قطع الورق، ومن جهة الطّرّة، ومن جهة ما يكتب في المتن.
فأما قطع الورق فقد قال في «التثقيف» : إنّ الأمان لا يكتب إلا في قطع العادة.
قلت: والذي يتّجه أن تكون كتابة أمان كلّ أحد في نظير قطع ورق المكاتبة إليه. فإن كان ممن تكتب المكاتبة إليه في قطع العادة، كتب له في قطع العادة.
وإن كان في قطع فوق ذلك، كتب فيه.
وأما الطّرّة فقد قال في «التثقيف» : إنه يكتب في أعلى الدّرج، في الوسط، الاسم الشّريف، كما في المكاتبات وغيرها، ثم يكتب من أوّل عرض الورق إلى آخره كما في سائر الطّرر ما صورته:(13/341)
«أمان شريف لفلان بن فلان الفلانيّ بأن يحضر إلى الأبواب الشريفة، أو إلى بلده أو مكانه، أو نحو ذلك آمنا على نفسه وأهله وماله، لا يصيبه سوء، ولا يناله ضيم، ولا يمسّه أذى، على ما شرح فيه» .
قلت: والعلامة في الأمان الاسم؛ والبياض بعد الطّرّة على ما في المكاتبات إما وصلان أو ثلاثة، بحسب ما تقتضيه رتبة صاحب الأمان، وبحسب ما يقتضيه الحال: من مداراة من يكتب له الأمان: لخوف استشراء شرّه وما يخالف ذلك.
وأما متن الأمان: فإنّه تكتب البسملة في أوّل الوصل الثالث أو الرابع، بهامش من الجانب الأيمن كما في المكاتبات، ثم يكتب سطر من الأمان تحت البسملة على سمتها، ويخلّى موضع العلامة بياضا كما في المكاتبات، ثم يكتب السّطر الثاني وما يليه على نسق المكاتبات.
قال في «التعريف» : ويجمع المقاصد في ذلك أن يكتب بعد البسملة:
«هذا أمان الله تعالى وأمان نبيّه محمد [نبيّ الرحمة] «1» صلّى الله عليه وسلم وأماننا الشّريف، لفلان بن فلان الفلانيّ [ويذكر أشهر أسمائه وتعريفه] «2» ، على نفسه وأهله وماله، وجميع أصحابه وأتباعه وكلّ ما يتعلق به: من قليل وكثير، وجليل وحقير- أمانا لا يبقى معه خوف ولا جزع في أوّل أمره ولا آخره، ولا عاجله ولا آجله، يخصّ ويعمّ، وتصان به النّفس والأهل والولد والمال وكلّ ذات اليد.
فليحضر هو وبنوه، وأهله وذووه وأقربوه، وغلمانه وكلّ حاشيته، وجميع ما يملكه من دانيته وقاصيته، وليصل بهم إلينا، ويفد على حضرتنا في ذمام الله وكلاءته وضمانة هذا الأمان، له ذمّة الله وذمة رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن لا يناله مكروه منّا، ولا من أحد من قبلنا، ولا يتعرّض إليه بسوء ولا أذى، ولا يرنّق له مورد بقذى؛ وله منّا(13/342)
الإحسان، والصّفاء بالقلب واللّسان، والرعاية التي تؤمّن سربه [وتهنّيء شربه] «1» ويطمئنّ [بها] »
خاطره، وترفرف عليه كالسّحاب لا يناله إلا ماطره.
فليحضر واثقا بالله تعالى وبهذا الأمان الشريف؛ وقد تلفّظنا له به ليزداد وثوقا، ولا يجد بعده سوء الظّنّ إلى قلبه طريقا. وسبيل كلّ واقف عليه إكرامه في حال حضوره، واجراؤه على أحسن ما عهد من أموره؛ وليكن له ولكلّ من يحضر معه أوفر نصيب من الإكرام، وتبليغ قصارى القصد ونهاية المرام؛ والاعتماد على الخطّ الشريف أعلاه» .
وذكر في «التثقيف» بصيغة أخرى أخصر من هذه؛ وهي:
«هذا أمان الله عزّ وجلّ، وأمان رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وأماننا الشريف لفلان بن فلان الفلانيّ، بأن يحضر إلى الأبواب الشريفة آمنا على نفسه وأهله وماله، لا يصيبه سوء، ولا يناله ضيم، ولا يمسّه أذى. فليثق بالله وبهذا الأمان الشريف ويحضر إلى الأبواب الشريفة، آمنا مطمئنّا، لا يصيبه سوء، ولا يناله أذى في نفس ولا مال ولا أهل ولا ولد. والاعتماد على الخطّ الشريف أعلاه، والله الموفّق بمنه وكرمه» .
وزاد فقال: ثم التاريخ والمستند والحسبلة. ولا يكتب فيه: «إن شاء الله تعالى» لأنها تقتضي الاستثناء فيما وقع من الأمان المذكور.
ثم قال: هذا هو الأمر المستقرّ من ابتداء الحال وإلى آخر وقت، لم يكتب خلاف ذلك. غير أنّ القاضي شهاب الدّين ذكر النّسخة المذكورة بزيادات حسنة لا بأس بها، لكنّني لم أر أنه كتب بها في وقت من الأوقات. ثم قال: وهي في غاية الحسن، وكان الأولى أن لا يكتب إلّا هي.
قلت: وقد رأيت عدّة نسخ أمانات فيها زيادات ونقص عمّا ذكره في «التعريف» و «التثقيف» . والتحقيق ما ذكره صاحب «موادّ البيان» : وهو أن مقاصد(13/343)
الأمان تختلف باختلاف الأحوال، والذي يضبط إنّما هو صورة الأمان، أما المقاصد فإن الكاتب يدخل في كلّ أمان ما يليق به مما يناسب الحال.
وهذه نسخة أمان، كتب بها لأسد الدّين رميثة «1» أمير مكّة، في سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، من إنشاء القاضي تاج الدين بن البار نباري؛ وهي:
هذا أمان الله سبحانه وتعالى، وأمان رسوله سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وأماننا الشريف، للمجلس العالي الأسديّ رميثة ابن الشريف نجم الدّين محمد بن أبي نميّ: بأن يحضر إلى خدمة السّنجق «2» الشريف المجهّز صحبة الجناب السّيفيّ أيتمش الناصريّ، آمنا على نفسه وماله وأهله وولده وما يتعلّق به، لا يخشى حلول سطوة قاصمة، ولا يخاف مؤاخذة حاسمة، ولا يتوقّع خديعة ولا مكرا، ولا يجد سوءا ولا ضرّا، ولا يستشعر مهابة ولا وجلا، ولا يرهب بأسا وكيف يرهب من أحسن عملا؟؛ بل يحضر إلى خدمة السّنجق آمنا على نفسه وماله وآله، مطمئنّا واثقا بالله وبرسوله وبهذا الأمان الشريف المؤكّد الأسباب، المبيّض للوجوه الكريمة الأحساب؛ وكلّ ما يخطر بباله أنّا نؤاخذه به فهو مغفور، ولله عاقبة الأمور؛ وله منّا الإقبال والتّأمير والتّقديم، وقد صفحنا الصّفح الجميل: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ
«3» فليثق بهذا الأمان الشّريف ولا تذهب به الظّنون، ولا يصغ إلى الذين لا(13/344)
يعلمون، ولا يستشر في هذا الأمر غير نفسه، ولا يظنّ إلّا خيرا فيومه عندنا ناسخ لأمسه؛ وقد قال صلّى الله عليه وسلّم [فيما يرويه عن ربه] «1» : «أنا عند ظنّ عبدي بي فليظنّ بي خيرا» .
فتمسّك بعروة هذا الأمان فإنها وثقى، واعمل عمل من لا يضلّ ولا يشقى؛ ونحن قد أمّنّاك فلا تخف، ورعينا لك الطاعة والشّرف؛ عفا الله عما سلف؛ ومن أمّنّاه فقد فاز؛ فطب نفسا وقرّ عينا فأنت أمير الحجاز.
قلت: هذا الأمان إنشاء مبتكر مطابق للواقع، وهكذا يجب أن يكون كلّ أمان يكتب.
وهذه نسخة أمان كتب بها عن السلطان الملك الظاهر «برقوق» عند محاصرته لدمشق بعد خروجه من الكرك بعد خلعه من السّلطنة «2» : أمّن فيها أهل دمشق خلا الشيخ شهاب الدّين بن القرشيّ وجردمر «3» الطاربي، كتب في ليلة(13/345)
يسفر صباحها عن يوم الأربعاء السادس والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام، سنة إحدى وتسعين وسبعمائة؛ وهي:
هذا أمان الله سبحانه وتعالى، وأمان نبيّه سيدنا محمد نبيّ الرّحمة، وشفيع الأمّة، وكاشف الغمّة، صلّى الله عليه وسلّم، وأماننا لكلّ واقف عليه من أهل مدينة دمشق المحروسة: من القضاة، والمفتين، والفقهاء، وطالبي العلم الشّريف، والفقراء والمساكين، والأمراء، والأجناد، والتّجّار، والمتسبّبين، والشّيوخ، والكهول والشّبّان، والكبار والصّغار، والذّكور والإناث، والخاصّ والعامّ من المسلمين وأهل الذمة، إلا جردمر الطاربي، وأحمد بن القرشيّ- على أنفسهم، وأموالهم، وأولادهم، وأهلهم، وحرمهم، وأصحابهم، وأتباعهم، وغلمانهم، وقبائلهم، وعشائرهم، ودوابّهم، وما يملكونه من ناطق وصامت، وكلّ ما يتعلق بهم: من كثير وقليل، وجليل وحقير، أمان لا يبقى معه خوف ولا جزع، في أوّل أمره ولا في آخره، ولا في عاجله ولا في آجله، ولا ضرّ، ولا مكر، ولا غدر، ولا خديعة، يخصّ ويعم، وتصان به النفس والمال، والولد والأهل، وكلّ ذات يد.
فليحضروا بينيهم، وأهلهم وذويهم، وأقربائهم، وغلمانهم، وحاشيتهم، وجميع ما يملكونه من ناطق وصامت، ودان وقاص، وليصلوا بهم إلينا، وليفدوا بهم على حضرتنا الشريفة في ذمام الله تعالى وكلاءته، وضمان هذا الأمان. لهم ذمّة الله تعالى وذمّة رسوله سيدنا محمد نبيّ الرّحمة، صلّى الله عليه وسلّم- أن لا ينالهم مكروه منّا، ولا من أحد من قبلنا، ولا يتعرّض إليهم بسوء ولا أذى، ولا يرنّق لهم مورد بقذى؛ ولهم منّا الإحسان، والصّفاء بالقلب واللّسان، والرعاية التي نؤمّن بها(13/346)
سربهم، ونهنّيء بها شربهم، ويطمئنّ بها خاطرهم، وترفرف عليهم كالسّحاب لا ينالهم إلا ماطرهم.
فليحضروا واثقين بالله تعالى وبرسوله صلّى الله عليه وسلّم، وبهذا الأمان الشريف. وقد تلطّفنا بهم ليزدادوا وثوقا، ولا يجد سوء الظّنّ بعد ذلك إلى قلوبهم طريقا. وسبيل كلّ واقف عليه إكرامهم في حال حضروهم، وإجراؤهم على أكمل ما عهدوه من أمورهم؛ وليكن لهم ولكلّ من يحضر معهم وما يحضر أوفر نصيب من الإكرام، والقبول والاحترام، وتبليغ قصارى القصد ونهاية المرام، والصّفح والرّضا، والعفو عما مضى؛ وليتمسّكوا بعروة هذا الأمان المؤكّد الأسباب، الفاتح إلى الخيرات كلّ باب، وليثقوا بعروته الوثقى، فإنّه من تمسّك بها لا يضلّ ولا يشقى، وليشرحوا بالصّفح عما مضى صدرا، ولا يخشوا ضيما ولا ضرّا، ولا يعرض كلّ منهم على نفسه شيئا مما جنى واقترف، فقد عفا الله عما سلف.
ونحن نعرّفهم أن هذا أماننا بعد صبرنا عليهم نيّفا وأربعين يوما مع قدرتنا على دوس ديارهم وتخريبها، واستئصال شأفتهم، ولكنّا منعنا من ذلك الكتاب العزيز والسنة الشريفة، فإنّنا مستمسكون بهما، وخوفنا من الله تعالى ومن نبيّه سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم واليوم الآخر يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
«1» وهم يغالطون أنفسهم ويظنون أن تأخيرنا عنهم عن عجز منّا.
فليتلقّوا هذا الأمان الشريف بقلبهم وقالبهم، وليرجعوا إلى الله تعالى، وليصونوا دماءهم وأموالهم وأولادهم، وحرمهم وديارهم، فقد رأوا ما حلّ بهم من نكثهم وبغيهم. قال الله عزّ وجلّ: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً
«2» ، وقال عزّ من قائل: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا
«3» في معرض المدح لمن وفي بعهده، وقال جلّ وعلا:(13/347)
ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ
، و «1» ، وقال تبارك وتعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ
«2» ، وقال تعالى: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ
«3» ، وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاث من كنّ فيه كنّ عليه: المكر والبغي والخديعة» ، وقال عليه السّلام: «المرء مجزيّ بعمله» ، وقال عليه السّلام:
«الجزاء من جنس العمل» ، وقال أهل التصوّف: (الطّريق تأخذ حقّها) ، وقال أهل الحكمة: (الطّبيعة كافية) ، وقال الشاعر:
قضى الله أنّ البغي يصرع أهله ... وأنّ على الباغي تدور الدّوائر!
ثم إنّهم يعلّلون آمالهم بعسى ولعلّ، ويقولون: العسكر المصريّ. واصل إليهم نجدة لهم؛ وهذا والله من أكبر حسراتنا أن تكون هذه الإشاعة صحيحة، وبهذا طمعت آمالنا، وصبرنا هذه المدّة الطّويلة، وتمنّينا حضوره ورجوناه، فإنّه بأجمعه مماليك أبوابنا الشريفة، وقد صارت الممالك الشريفة الإسلامية المحروسة في حوزتنا الشريفة، ودخل أهلها تحت طاعتنا المفترضة على كلّ مسلم يؤمن بالله تعالى وبنبيّه سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم وباليوم الآخر: من حاضر وباد، وعربان وأكراد وتركمان، وقاص ودان؛ وهم يتحققون ذلك ويكابرون في المحسوس ويتعلّلون بعسى ولعلّ، ويقولون: يا ليت، فيقال لهم: هيهات.
فليستدركوا الفارط قبل أن يعضّوا أيديهم ندما، وتجري أعينهم بدل الدّموع دما؛ وهذا منّا والله أمان ونصيحة في الدنيا والآخرة؛ والله تعالى ربّ النّيّات، وعالم الخفيّات، يعلمون ذلك ويعتمدونه؛ والله تعالى يوفّقهم فيما يبدئونه ويعيدونه؛ والخطّ الشريف شرّفه الله تعالى وأعلاه، وصرّفه في الآفاق وأمضاه- أعلاه، حجّة فيه.(13/348)
قلت: وهذا الأمان أوّله ملفّق من كلام «التعريف» وغيره، وآخر كلام سوقيّ مبتذل نازل، ليس فيه شيء من صناعة الكلام.
(تنبيه) من غرائب الأمانات ما حكاه محمد بن المكرّم في كتابه: «تذكرة اللّبيب» أن رسل صاحب اليمن وفدت على الأبواب السلطانية، في الدولة المنصورية «قلاوون» في شهر رمضان، سنة ثمانين وستمائة، وسألوا السلطان في كتب أمان لصاحب اليمن، وأن يكتب على صدره صورة أمان له ولأولاده، فكتب له ذلك وشملته علامة السلطان، وعلامة ولده وليّ عهده «الملك الصالح علي» وأعلمهم أنّ هذا ممّا لم تجربه عادة، وإنّما أجابهم إلى ذلك إكراما لمخدومهم، وموافقة لغرضه واقتراحه.
الصنف الثاني (من الأمانات الجاري عليها مصطلح كتّاب الزّمان، ما يكتب عن نوّاب الممالك الشامية)
وهو على نحو ما تقدّم ذكره مما يكتب عن الأبواب السلطانية، إلا أنه يزاد فيه: «وأمان مولانا السّلطان» وتذكر ألقابه المعروفة، ثم يؤتى على بقيّة الأمان، على الطريقة المتقدّمة، ويقال في طرّته: «أمان كريم» . ويقال في آخره:
«والعلامة الكريمة» كما تقدّم في التواقيع.
وهذه نسخة أمان كتب به عن نائب السّلطنة بحلب في نيابة الأمير قشتمر «1» المنصوريّ، في الدولة الأشرفية «شعبان بن حسين» لبعض من أراد تأمينه؛ وهي:
هذا أمان الله سبحانه وتعالى، وأمان نبيّه سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، وأمان مولانا السلطان الأعظم، العالم، العادل، المجاهد، المرابط، المثاغر، المؤيّد،(13/349)
المالك، الملك الأشرف، ناصر الدّنيا والدّين، سلطان الإسلام والمسلمين، محيي العدل في العالمين، منصف المظلومين من الظالمين، قامع الكفرة والمشركين، قاهر الطّغاة والمعتدين، مؤمّن قلوب الخائفين والتائبين، ملك البحرين، صاحب القبلتين خادم الحرمين الشريفين، وارث الملك، سلطان العرب والعجم والتّرك، ملك الأرض، الحاكم في طولها والعرض، سيّد الملوك والسلاطين، قسيم أمير المؤمنين «شعبان» ابن الملك الأمجد جمال الدّنيا والدّين «حسين» ابن مولانا السلطان الشّهيد الملك الناصر، ناصر الدّنيا والدّين، سلطان الإسلام والمسلمين «محمد» ابن مولانا السلطان الشهيد الملك المنصور «قلاوون» - خلّد الله ملكه، وجعل الأرض بأسرها ملكه- إلى فلان بالحضور إلى الطاعة الشريفة: طيّب القلب، منبسط الأمل، آمنا على نفسه وماله وأولاده، وجماعته وأصحابه ودوابّه، لا يخاف ضررا ولا مكرا، ولا خديعة ولا غدرا؛ وله مزيد الإكرام والاحترام، والرعاية الوافرة الأقسام، والعفو والرّضا، والصفح عمّا مضى.
فليتمسّك بعروة هذا الأمان المؤكّد الأسباب، الفاتح إلى الخيرات كلّ باب، وليثق بعروته الوثقى، فإنّه من تمسّك بها لا يضلّ ولا يشقى؛ وليشرح بالصّفح عما مضى صدرا، ولا يخش ضيما ولا ضرّا، ولا يعرض على نفسه شيئا مما جنى واقترف، فقد عفا الله عمّا سلف؛ والخطّ الكريم- أعلاه الله تعالى- أعلاه حجّة فيه.
قلت: ومما ينبغي التنبيه عليه في الأمانات، أنه إن احتاج الأمر في الأمان إلى الأيمان، أتى بها بحسب ما يقتضيه حال الحالف والمحلوف له، على ما تقدّم ذكره في المقالة الثامنة.(13/350)
الباب الثاني من المقالة التاسعة (في الدّفن)
والمراد به دفن ذنوب من يكتب له حتّى لم تر بعد؛ وفيه فصلان:
الفصل الأوّل في أصله وكونه مأخوذا عن العرب
والأصل فيه ما ذكره في «التعريف» أن العرب إذا جنى أحد منهم جناية، وأراد المجنيّ عليه العفو عما وقع، فالتّعويل في الصّفح فيها على الدّفن. قال في «التعريف» : وطريقتهم فيه أن تجتمع أكابر قبيلة الذي يدفن بحضور رجال يثق بهم المدفون له، ويقوم منهم رجل، فيقول للمجنيّ عليه: نريد منك الدّفن لفلان، وهو مقرّ بما أهاجك عليه؛ ويعدّد ذنوبه التي أخذ بها ولا يبقي منها بقيّة؛ ويقرّ الذي يدفن ذلك القائل على أن هذا جملة ما نقمه على المدفون له، ثم يحفر بيده حفيرة في الأرض، ويقول: قد ألقيت في هذه الحفيرة ذنوب فلان التي نقمتها عليه، ودفنتها له دفني لهذه الحفيرة؛ ثم يردّ تراب الحفيرة إليها حتّى يدفنها بيده.
قال: وهو كثير متداول بين العرب، ولا يطمئنّ خاطر المذنب منهم إلا به؛ إلا أنه لم تجر للعرب فيه عادة بكتابة، بل يكتفى بذلك الفعل بمحضر كبار الفريقين؛ ثم لو كانت دماء أو قتلى عفّيت وعفت بها آثار الطلائب.(13/351)
الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة التاسعة (فيما يكتب في الدّفن عن الملوك)
قال في «التعريف» : صورته أن يكتب بعد البسملة: «هذا دفن لذنوب فلان، من الان لا تذكر ولا يطالب بها، ولا يؤاخذ بسببها، اقتضته المراحم الشّريفة السّلطانية الملكيّة الفلانية، ضاعف الله تعالى حسناتها وإحسانها: وهي ما بدا من الذنوب لفلان من الجرائم التي ارتكبها، والعظائم التي احتقبها، وحصل العفو الشّريف عن زللها، وقابل الإحسان العميم بالتغمّد سوء عملها؛ وهي: كذا وكذا (وتذكر) دفنا لم تبق معه مؤاخذة بسبب من الأسباب، ومات به الحقد وهيل عليه التّراب، ولم يبق معه لمطالب بشيء منه مطمع، ولا في إحيائه رجاء وفي غير ما وارت الأرض فاطمع، وتصدّق بها سيّدنا ومولانا السلطان الأعظم (ويذكر ألقابه واسمه) تقبّل الله صدقته- وعفا عنها، وقطع الرّجاء باليأس منها، وأبطل منها كلّ حقّ يطلب، وصفح منها عن كل ذنب كان [به] «1» يستذنب، ودفنها تحت قدمه، ونسيها في علم كرمه، وخلّاها نسيا منسيّا لا تذكر في خفارة ذممه، وجعله بها مقيما في أمن الله تعالى إلى أن يبعث الله تعالى خلقه، ويتقاضى كما يشاء حقّه، لا يتعقّب في هذا الأمان متعقّب، ولا ينتهي إلى أمد له نظر مترقّب، لا ينبش هذا الدّفين، ولا يوقف له على أثر في اليوم ولا بعد حين، ولا يخشى فيه صبر مصابر، ولا يقال فيه: إلّا وهبها كشيء لم يكن أو كنازح به الدّار أو من غيّبته المقابر. ورسم بالأمر الشريف العاليّ، المولويّ، السّلطانيّ، الملكيّ(13/352)
الفلانيّ- أعلاه الله تعالى وشرّفه، وغفر به لكلّ مذنب ما أسلفه- أن يكتب له هذا الكتاب بما عفي له عنه وحفر له ودفن، وأصبح بعمله غير مرتهن، ودفن له فيه دفن العرب، وقطع في التّذكّر له أرب كلّ [ذي] «1» أرب، ودرس في القبور الدّوارس، وغيّب مكانه فيما طمر في اللّيالي الدّوامس.
وسبيل كلّ واقف على هذا الكتاب- وهو الحجّة على من وقف عليه، أو بلغه خبره، أو سمعه أو وضح له أثره- أن يتناسى هذه الوقائع، ويتّخذها فيما تضمّنته الأرض من الودائع، ولا يذكر منها إلا ما اقتضاه حملنا الذي يؤمن معه التّلف، وعفونا الذي شمل وعفا الله عمّا سلف.
قال في «التثقيف» : ولم أكن رأيت شيئا من هذا ولا وجدته مسطورا إلا في كتابة «التعريف» . قال: والذي أعتقده أنه لم يكتب به قطّ، وإنما الرجل بسعة فضله وفضيلته، أراد أن يرتّب هذه النّسخة لاحتمال أن يؤمر بكتابة شيء من هذا المعنى، فلا يهتدي الكاتب إلى ما يكتبه. ثم قال: على أنه كرّر فيها ذكر السلطان مرّتين، والثالثة قال: رسم بالأمر الشريف، فهي على غير نحو من النّظام المعهود والمصطلح المعروف، بحكم أن فيها أيضا توسّعا كثيرا في العبارة والألفاظ التي تؤدّي كلّها معنى واحدا. قال: وكان الأولى بنا اختصار ذلك وعدم كتابته، لكنّنا أرادنا التنبيه على ما أشار إليه، ليكون هذا الكتاب مستوعبا لجميع ما ذكر، ممّا يستعمل ومما لا يستعمل.
قلت: ما قاله في «التثقيف» كلام ساقط صادر عن غير تحقيق؛ فإنّه لا يلزم من عدم اطّلاعه على شيء كتب في هذا المعنى ولا سطّر فيه أن لا يكون مسطورا لأحد في الجملة. وماذا عسى يبلغ اطّلاع المطّلع فضلا عن غيره؟ وإن كان صاحب «التعريف» هو الذي ابتكر ذلك، كما أشار إليه في «التثقيف» فنعمت السّجيّة الاتية بمثل ذلك مما لم يسبق إليه. وأما إنكاره تكرير ذكر السلطان فيها،(13/353)
فلا وجه له بعد انتظام الكلام وحسن ما أتى به في «التعريف» سواء كان فيه مبتكرا أو متّبعا أو منتزعا له من الأصل السابق.
وأحسن ما يكتب في ذلك في تأمين العربان: لأنه إنما أخذ عنهم؛ فإذا صدر إليهم شيء يعرفونه ويجري على قواعدهم التي يألفونها، تلقّوه بالقبول، واطمأنّت إليه قلوبهم، ووقع منهم أجلّ موقع؛ وبالله المستعان.(13/354)
الباب الثالث من المقالة التاسعة (فيما يكتب في عقد الذّمّة، وما يتفرّع على ذلك؛ وفيه فصلان)
الفصل الأوّل في الأصول التي يرجع إليها هذا العقد؛ وفيه طرفان
الطرف الأوّل (في بيان رتبة هذا العقد، ومعناه، وأصله من الكتاب والسّنّة، وما ينخرط في سلك ذلك)
أما رتبته، فإنه دون الأمان بالنّسبة إلى الإمام؛ وذلك أنه إنما يقرّره بعوض يأخذه منهم، بخلاف الأمان.
وأما معناه، فقد قال الغزاليّ في «الوسيط» «1» : إنه عبارة عن التزام تقريرهم في ديارنا، وحمايتهم، والذّبّ عنهم ببذل الجزية أو الإسلام من جهتهم.
وأما الأصل فيه: فمن الكتاب قوله تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ
«2» فجعل الجزية غاية ما يطلب منهم، وهو دليل تقريرهم بها.(13/355)
ومن السّنّة ما ورد «أن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حين وجّه معاذ بن جبل إلى اليمن. قال:
إنّك سترد على قوم معظمهم أهل كتاب فاعرض عليهم الإسلام، فإن امتنعوا فاعرض عليهم الجزية وخذ من كلّ حالم دينارا، فإن امتنعوا فاقتلهم» «1» فجعل القتل بعد الامتناع عن أداء الجزية يدلّ على تقريرهم بها أيضا.
وقد قرّر أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه نصارى الشّام بإيالتهم على شروط اشترطوها في كتاب كتبوا به إليه، مع زيادة زادها.
قال الإمام الحافظ جمال الدّين أبو صادق محمد، ابن الحافظ رشيد الدّين أبي الحسين يحيى، بن علي، بن عبد الله القرشيّ في كتابه المرسوم «بالزّبد المجموعة، في الحكايات والأشعار والأخبار المسموعة» : أخبرنا الشيخ الفقيه أبو محمد عبد العزيز بن عبد الوهّاب بن إسماعيل الزّهريّ المالكيّ وغير واحد من شيوخنا إجازة، قالوا: أنبأنا أبو الطّاهر إسماعيل بن مكّيّ بن إسماعيل الزّهريّ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الوليد الفهريّ الطّرطوشيّ قراءة عليه، قال: أخبرنا قاضي القضاة الدامغانيّ، أخبرنا محمد، أخبرنا أبو محمد عبد الرّحمن بن عمر بن محمد التّجيبيّ فيما قرأت عليه، أخبرنا أبو سعيد أحمد بن عمر بن زياد الأعرابي بمكّة سنة أربعين وثلاثمائة، أخبرنا محمد بن إسحاق أبو العبّاس الصّفّار، أخبرنا الرّبيع بن تغلب أبو الفضل، أخبرنا يحيى بن عقبة بن أبي العيزار عن سفيان الثّوريّ، والوليد بن روح، والسّريّ بن مصرّف، يذكرون عن طلحة بن مصرف، عن مسروق، عن عبد الرّحمن بن غنم «2» ، قال: كتبت لعمر بن الخطّاب حين صالح نصارى الشّام:(13/356)
«بسم الله الرحمن الرحيم» «هذا كتاب «1» لعبد الله عمر أمير المؤمنين، من نصارى مدينة كذا وكذا، إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذراريّنا وأموالنا وأهل ملّتنا، وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها قلّيّة «2» ولا صومعة راهب، ولا نجدّد ما خرب منها: ديرا ولا كنيسة، ولا نخفي ما كان منها في خطط «3» المسلمين، ولا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال نطعمهم، ولا نؤوي في منازلنا ولا كنائسنا جاسوسا، ولا نكتم غشّا للمسلمين، ولا نعلّم أولادنا القرآن، ولا نظهر شركا، ولا ندعو إليه أحدا، ولا نمنع من ذوي قرابتنا الدّخول في الإسلام إن أرادوه، وأن نوقّر المسلمين ونقوم لهم في مجالسنا إذا أرادوا الجلوس، ولا نتشبّه بهم في شيء من لباسهم: في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر، ولا نتكلّم بكلامهم، ولا نتكنّى بكناهم، ولا نركب السّروج، ولا نتقلّد السّيوف، ولا نتّخذ شيئا من السلاح، ولا نحمله معنا، ولا تنقش على خواتيمنا بالعربيّة، ولا نبيع الخمور وأن نجزّ مقادم رؤوسنا، وأن نلزم ديننا حيث ما كنّا، وأن نشدّ زنانيرنا «4» على أوساطنا، وأن لا نظهر الصّليب على كنائسنا، ولا كتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نضرب بنواقيسنا في كنائسنا إلّا ضربا خفيفا، ولا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا ولا في شيء من حضرة المسلمين، ولا نخرج سعانين ولا باعوثا «5» ، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا،(13/357)
ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نجاورهم بموتانا، ولا نتّخذ من الرّقيق ما يجري عليه سهام المسلمين، ولا نطّلع عليهم في منازلهم» .
قال عبد الرحمن: فلما أتيت عمر بالكتاب زاد فيه:
«ولا نضرب أحدا من المسلمين. شرطنا ذلك على أنفسنا وأهل ملّتنا، وقبلنا عليه الأمان. فإن نحن خالفنا عن شيء مما شرطناه لكم وضمنّاه على أنفسنا فلا ذمّة لنا، وقد حلّ لكم منّا ما يحلّ لأهل «1» المعاندة والشّقاق» .
وفي رواية له من طريق أخرى «أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلّاية ولا صومعة راهب» .
وفيها:- «وأن لا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد في ليل ولا نهار، وأن نوسّع أبوابها للمارّة وابن السّبيل» .
وفيها:- «وأن ننزل من مرّ بنا من المسلمين ثلاثة أيّام نطعمه» .
وفيها:- «وأن لا نظهر صليبا أو نجسا في شيء من طرف المسلمين وأسواقهم» .
وفيها:- «وأن نرشد المسلمين ولا نطّلع عليهم في منازلهم» .
قال أبو صادق المقدّم ذكره: ومما ذكره أهل التاريخ أن الحاكم الفاطميّ أمر اليهود والنّصارى إلا الجبابرة بلبس العمائم السّود، وأن يحمل النّصارى في أعناقهم من الصّلبان ما يكون طوله ذراعا ووزنه خمسة أرطال، وأن تحمل اليهود في أعناقهم قرامي الخشب على وزن صلبان النّصارى، وأن لا يركبوا شيئا من المراكب المحلّاة، وأن تكون ركبهم من الخشب، وأن لا يستخدموا أحدا من المسلمين، ولا يركبوا حمارا لمكار مسلم، ولا سفينة نوتيّها مسلم، وأن يكون في أعناق النصارى- إذا دخلوا الحمّام- الصّلبان، وفي أعناق اليهود الجلاجل:(13/358)
ليتميّزوا بها من المسلمين، وأفرد حمامات اليهود والنصارى عن حمامات المسلمين ونهوا عن الاجتماع مع المسلمين في الحمّامات، وخطّ على حمامات النّصارى صور الصّلبان، وعلى حمّامات اليهود صور القرامي «1» قال: وذلك بعد الأربعمائة. ثم قال: ولقد أحسن فيما فعل بهم، عفا الله عنّا وعنه، ورزقنا من ينظر في أمورنا وأمورهم بالمصلحة.
الطرف الثاني (في ذكر ما يحتاج الكاتب إلى معرفته في عقد الذّمّة)
واعلم أنّ ما يحتاج الكاتب إليه من ذلك يرجع إلى ثمانية أمور:
الأمر الأوّل- فيمن يجوز أن يتولّى عقد الذّمة من المسلمين
؛ ويختصّ ذلك بالإمام أو نائبه في عقدها؛ وفي آحاد الناس خلاف، والأرجح أنه لا يصحّ منه لأنه من الأمور الكلّية، فيحتاج إلى نظر واجتهاد.
الأمر الثاني- معرفة من تعقد له الذّمة
. ويشترط في المعقود له: التّكليف والذّكورة والحرّية؛ فلا تعقد لصبيّ ولا مجنون ولا امرأة ولا عبد، بل يكونون تبعا، حتّى لا تجب على أحد منهم الجزية، وفيمن ليس أهلا للقتال: كالشّيخ الكبير والزّمن «2» خلاف، والأصحّ صحّة عقدها له. ويعتبر في المعقود له أيضا أن يكون زاعم التّمسّك بكتاب: كاليهوديّ يزعم تمسّكه بالتّوراة، والنّصرانيّ يزعم تمسّكه بالتّوراة والإنجيل جميعا؛ وفي المتمسّك بغير التّوراة والإنجيل: كصحف إبراهيم(13/359)
وزبور داود خلاف، والأصحّ جواز عقدها له. وكذلك المجوس، لقوله صلّى الله عليه وسلّم:
«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» . والسّامرة إن وافقت أصولهم أصول اليهود، عقد لهم وإلّا فلا. وكذلك الصّابئة إن وافقت أصولهم أصول النّصارى، ولا يعقد لزنديق، ولا عابد وثن، ولا من يعبد الملائكة والكواكب. ثم إذا كملت فيه شروط العقد فلا بدّ من قبوله العقد. ولو قال: قرّرني بكذا فقال: قرّرتك، صحّ. ولو طلبها طالب من الإمام وجبت إجابته.
الأمر الثالث- معرفة صيغة العقد
: وهي ما يدل على معنى التّقرير من الإمام أو نائبه، بأن يقول: أقررتكم أو أذنت لكم في الإقامة في دارنا على أن تبذلوا كذا وكذا وتنقادوا لحكم الإسلام.
الأمر الرابع- المدّة التي يعقد عليها
. ويعتبر فيها أن تكون مطلقة بأن لا يقيّدها بانتهاء، أو بما شاء المعقود له من المدّة. ولا تجوز إضافة ذلك إلى مشيئة الإمام، لأن المقصود من عقدها الدّوام. وقوله صلّى الله عليه وسلّم «أقرّكم ما أقرّكم الله» إنما ورد في المهادنة لا في عقد الذّمّة.
الأمر الخامس- معرفة المكان الذي يقرّون فيه
؛ وهو ما عدا الحجاز، فلا يقرّون في شيء من بلاد الحجاز: وهي مكّة، والمدينة، واليمامة، ومخاليفها- يعني قراها:- كالطّائف بالنّسبة إلى مكّة، وخيبر بالنّسبة إلى المدينة، ونحو ذلك.
وسواء في ذلك القرى والطّرق المتخلّلة بينها. ويمنعون من الإقامة في بحر الحجاز، بخلاف ركوبه للسفر. وليس لهم دخول حرم مكّة لإقامة ولا غيرها، إذ يقول تعالى: فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا
«1» فلو تعدّى أحد منهم بالدخول ومات ودفن في الحرم، نبش وأخرج منه ما لم يتقطّع، فإن تقطّع ترك. وقيل: تجمع عظامه وتخرج؛ وعليه يدلّ نصّ الشافعيّ رضي الله عنه في «الأمّ» .(13/360)
الأمر السادس- معرفة ما يلزم الإمام لهم بعد عقد الذّمّة
. إذا عقد لهم الإمام الذّمّة فينبغي أن يكتب أسماءهم ودينهم وحلاهم، وينصب على كلّ جمع عريفا: لمعرفة من أسلم منهم، ومن مات ومن بلغ من صبيانهم، ومن قدم عليهم أو سافر منهم، وإحضارهم لأداء الجزية، أو شكوى من تعدّى الذّمّيّ عليه من المسلمين ونحو ذلك؛ وهذا العريف هو المعبّر عنه في زماننا بالديار المصرية بالحاشر. ثم يجب الكفّ عنهم بأن لا يتعرّض متعرّض لأنفسهم ولا أموالهم، ويضمن ما أتلف منها، ولا تراق خمورهم إلا أن يظهروها، ولا تتلف خنازيرهم إذا أخفوها، ولا يمنعون التّردّد إلى كنائسهم؛ ولا ضمان على من دخل دار أحد منهم فأراق خمره وإن كان متعدّيا بالدّخول، وأوجب أبو حنيفة عليه الضّمان. ويجب ذبّ الكفّار عنهم ما داموا في دارنا، بخلاف ما إذا دخلوا دار الحرب.
الأمر السابع- معرفة ما يطلب منهم إذا عقد لهم الذّمّة
. ثم المطلوب منهم ستّة أشياء:
منها: الجزية: وهي المال الذي يبذلونه في مقابلة تقريرهم بدار الإسلام.
قال الماورديّ في «الأحكام السلطانية» : وهي مأخوذة من الجزاء: إمّا بمعنى أنها جزاء لتقريرهم في بلادنا، وإما بمعنى المقابلة لهم على كفرهم «1» وقد اختلف الأئمة في مقدارها: فذهب الشّافعيّ رضي الله عنه إلى أنها مقدّرة الأقلّ، وأقلّها دينار أو اثنا عشر درهما نقرة «2» في كلّ سنة على كلّ حالم، ولا يجوز الاقتصار على أقلّ من الدّينار؛ وغير مقدّرة الأكثر، فتجوز الزيادة على الأقلّ برضا المعقود له. ويستحبّ للإمام المماكسة: بأن يزيد «3» عليهم بحسب ما(13/361)
يراه. ونقل ابن الرّفعة عن بعض أصحاب الشافعيّ أنه إذا قدّر على العقد غاية لم يجز أن ينقص عنها. ويستحبّ أن يفاوت فيها: فيأخذ من الفقير دينارا، ومن المتوسّط دينارين، ومن الغنيّ أربعة دنانير.
وذهب أبو حنيفة إلى تصنيفهم ثلاثة أصناف: أغنياء، يؤخذ منهم ثمانية وأربعون درهما. وأوساط يؤخذ منهم أربعة وعشرون درهما. وفقراء، يؤخذ منهم اثنا عشر درهما «1» فجعلها مقدّرة الأقل والأكثر، ومنع من اجتهاد الإمام ورأيه فيها.
وذهب مالك إلى أنه لا يتقدّر أقلّها ولا أكثرها، بل هي موكولة إلى الاجتهاد في الطّرفين.
ومنها: الضّيافة: فيجوز للإمام بل يستحبّ أن يشترط على غير الفقير منهم ضيافة من يمرّ بهم من المسلمين زيادة على الجزية، ويعتبر ذكر مدّة الإقامة، وأن لا تزيد على ثلاثة أيام، وكذلك يعتبر ذكر عدد الضّيفان من فرسان ورجّالة، وقدر طعام كلّ واحد وأدمه، وقدر العليق وجنس كلّ منهما، وجنس المنزل.
ومنها: الانقياد لأحكامنا؛ فلو ترافعوا إلينا أمضينا الحكم بينهم برضا خصم واحد منهم، ونحكم بينهم بأحكام الإسلام.
ومنها: أن لا يركبوا الخيل. ولهم أن يركبوا الحمير بالأكف عرضا: بأن يجعل الرّاكب رجليه من جانب واحد. وفي البغال النفيسة خلاف: ذهب الغزاليّ وغيره إلى المنع منها والراجح الجواز، إلا أنهم لا يتخذون اللّجم المحلّاة بالذّهب والفضّة «2»(13/362)
ومنها: أن ينزلوا المسلمين صدر المجلس وصدر الطريق. وإن حصل في الطّريق ضيق [ألجئوا] «1» إلى أضيقه. ويمنعون من حمل السّلاح.
ومنها: التمييز عن المسلمين في اللّباس: بأن يخيطوا في ثيابهم الظاهرة ما يخالف لونها، سواء في ذلك الرجال والنّساء. والأولى باليهود الأصفر، وبالنّصارى الأزرق والأكهب (وهو المعبّر عنه بالرّماديّ) وبالمجوسيّ- الأسود والأحمر. ويشدّ الرجال منهم الزّنّار من غير الحرير في وسطه، وتشدّه المرأة تحت إزارها، وقيل فوقه. ويميّزون ملابسهم عن ملابس المسلمين، وتغاير المرأة لون خفّيها: بأن يكون أحدهما أبيض والآخر أسود، ونحو ذلك. ويجعل في عنقه في الحمّام جلجلا أو خاتما من حديد. وإن كان على رأس أحدهم شعر أمر بجزّ ناصيته. ويمنعون من إرسال الضّفائر كما تفعل الأشراف. ولهم لبس الحرير والعمامة والطّيلسان. والذي عليه عرف زماننا في التّمييز أنّ اليهود مطلقا تلبس العمائم الصّفر، والنّصارى العمائم الزّرق، ويركبون الحمير على البراذع، ويثني أحدهم رجله قدّامه، وتختصّ السّامرة بالشّام بلبس العمامة الحمراء، ولا مميّز يعتادونه الآن سوى ما قدّمناه.
ومنها: أنهم لا يرفعون ما يبنونه على [بنيان] «2» جيرانهم من المسلمين، ولا يساوونه به ولو كان في غاية الانخفاض، ويمنع من ذلك وإن رضي الجار المسلم، لأن الحقّ للدين دون الجار، وله أن يرفع ما بناه بمحلّة منفصلة عن أبنية المسلمين. ولو اشترى بناء عاليا بقي على حاله، فلو انهدم فأعاده لم يكن له الرّفع على المسلم ولا المساواة.
ومنها: أنهم لا يحدثون كنيسة ولا بيعة فيما أحدثه المسلمون من البلاد:
كالبصرة، والكوفة، وبغداد، والقاهرة، ولا في بلد أسلم أهلها عليها: كالمدينة واليمن. فإن أحدثوا فيها شيئا من ذلك نقض، نعم يترك ما وجد منها ولم يعلم(13/363)
حاله، لاحتمال اتصال العمارات به. وكذلك لا يجوز إحداث الكنائس والبيع فيما فتح عنوة، ولا إبقاء القديم منها لحصول الملك بالاستيلاء. أمّا ما فتح صلحا بخراج على أن تكون الرّقبة لهم، فيجوز فيها إحداث الكنائس وإبقاء القديمة منها، فإن الأرض لهم. وإن فتحت صلحا على أن تكون لنا: فإن شرط إبقاء القديمة بقيت وكأنّهم استثنوها. ويجوز لهم إعادة المتهدّمة منها، وتطيين خارجها دون توسيعها.
الأمر الثامن- معرفة ما ينتقض به عهدهم
. وينتقض بأمور:
منها: قتال المسلمين بلا شبهة، ومنع الجزية، ومنع إجراء حكمنا عليهم؛ وكذا الزّنا بمسلمة أو إصابتها باسم نكاح، والاطلاع على عورات المسلمين وإنهاؤها لأهل الحرب، وإيواء جاسوس لهم، وقطع الطّريق، والقتل الموجب للقصاص، وقذف مسلم، وسبّ نبيّ جهرا، وطعن في الإسلام أو القرآن إن شرط عليهم الانتقاض وإلا فلا. أما لو أظهر ببلد الإسلام الخمر أو الخنزير أو النّاقوس أو معتقده في عزير والمسيح عليهما السلام أو جنازة لهم أو سقى مسلما خمرا فإنه يعزّر.(13/364)
الفصل الثاني من الباب الثالث من المقالة التاسعة (ما يكتب في متعلّقات أهل الذّمة (عند خروجهم) «1» عن لوازم عقد الذّمّة)
واعلم أنه ربّما خرج أهل الذّمّة عن لوازم عقد الذّمة، وأظهروا التمييز والتّكبّر وعلوّ البناء، إلى غير ذلك مما فيه مخالفة الشروط، فيأخذ أهل العدل: من الخلفاء والملوك في قمعهم والغضّ منهم وحطّ مقاديرهم، ويكتبون بذلك كتبا ويبعثون بها إلى الآفاق ليعمل بمقتضاها، غضّا منهم وحطّا لقدرهم، ورفعة لدين الإسلام وتشريفا لقدره، إذ يقول تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ*
«2» وهذه نسخة كتاب كتب به عن المتوكّل على الله حين حجّ، سمع رجلا يدعو عليه، فهمّ بقتله، فقال [له الرجل] «3» : والله يا أمير المؤمنين ما قلت ما قلت إلّا وقد أيقنت بالقتل، فاسمع مقالي ثم مر بقتلي، فقال: قل! - فشكا إليه استطالة كتّاب أهل الذّمّة على المسلمين في كلام طويل، فخرج أمره بأن تلبس النّصارى واليهود ثياب العسليّ، وأن لا يمكّنوا من لبس البياض كي لا يتشبّهوا بالمسلمين، وأن تكون ركبهم خشبا، وأن تهدم بيعهم المستجدّة، وأن تطلق عليهم الجزية، ولا يفسح لهم في دخول حمّامات خدمها من أهل الإسلام [وأن تفرد لهم حمامات خدمها من أهل الذمّة] «4» ، ولا يستخدموا مسلما في حوائجهم لنفوسهم، وأفردهم(13/365)
بمن يحتسب عليهم. وقد ذكر أبو هلال العسكريّ في كتابه «الأوائل» : أن المتوكّل أوّل من ألزمهم ذلك؛ وهي:
أما بعد فإنّ الله [تعالى] «1» اصطفى الإسلام دينا فشرّفه وكرّمه، وأناره ونضرّه وأظهره، وفضّله وأكمله؛ فهو الدّين الذي لا يقبل غيره؛ قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ
«2» ، بعث به صفيّه وخيرته من خلقه، محمّدا صلّى الله عليه وسلّم، فجعله خاتم النّبيّين، وإمام المتّقين، وسيّد المرسلين: لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ
«3» ، وأنزل كتابا [عزيزا] «4» : لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ
«5» ، أسعد به أمّته، وجعلهم خير أمّة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله، وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ
«6» ، وأهان الشّرك وأهله، ووضعهم وصغّرهم وقمعهم وخذلهم وتبرّأ منهم، وضرب عليهم الذّلّة والمسكنة، فقال: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ
«7» واطّلع على قلوبهم، وخبث سرائرهم وضمائرهم، فنهى عن ائتمانهم، والثّقة بهم: لعداوتهم للمسلمين، وغشّهم وبغضائهم، فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ
«8» ، وقال(13/366)
تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً
«1» ، وقال تعالى: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً
«2» ، وقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
«3» وقد انتهى إلى أمير المؤمنين أنّ أناسا لا رأي لهم ولا رويّة يستعينون بأهل الذّمة في أفعالهم، ويتّخذونهم بطانة من دون المسلمين، ويسلّطونهم على الرّعيّة، فيعسفونهم ويبسطون أيديهم إلى ظلمهم وغشّهم والعدوان عليهم، فأعظم أمير المؤمنين ذلك، وأنكره وأكبره، وتبرّأ منه، وأحبّ التقرّب إلى الله [تعالى] بحسمه والنّهي عنه، ورأى أن يكتب إلى عمّاله على الكور والأمصار، وولاة الثّغور والأجناد، في ترك استعمالهم لأهل الذّمّة في شيء من أعمالهم وأمورهم، وإلا شراك لهم في أماناتهم «4» ، وما قلّدهم أمير المؤمنين واستحفظهم إيّاه، إذ جعل في المسلمين الثّقة في الدّين، والأمانة على إخوانهم المؤمنين، وحسن الرّعاية لما استرعاهم، والكفاية لما استكفوا، والقيام بما حمّلوا بما أغنى عن الاستعانة [بأحد] «5» من المشركين بالله، المكذّبين برسله، الجاحدين لآياته، الجاعلين معه إلها آخر، ولا إله إلا هو وحده لا شريك له؛ ورجا أمير المؤمنين- بما ألهمه الله من ذلك، وقذف في قلبه- جزيل الثّواب، وكريم المآب، والله يعين أمير المؤمنين على نيّته على تعزيز الإسلام وأهله، وإذلال الشّرك وحزبه.
فلتعلم هذا من رأي أمير المؤمنين، ولا تستعن بأحد من المشركين، وأنزل(13/367)
أهل الذّمّة منازلهم التي أنزلهم الله بها، [واقرأ] «1» كتاب أمير المؤمنين على أهل أعمالك وأشعه فيهم، ولا يعلم أمير المؤمنين أنّك استعنت ولا أحد من عمّا لك وأعوانك بأحد من أهل الذّمّة في عمل الإسلام.
وفي أيام المقتدر بالله، وفي سنة خمس وتسعين ومائتين، عزل كتّاب النّصارى وعمّا لهم، وأمر أن لا يستعان بأحد من أهل الذّمّة حتّى أمر بقتل ابن ياسر النّصرانيّ عامل يونس الحاجب، وكتب إلى عمّا له بما نسخته:
عوائد الله عند أمير المؤمنين توفي على غاية رضاه «2» ونهاية أمانيه، وليس أحد يظهر عصيانه. إلا جعله الله عظة للأنام، وبادره بعاجل الاصطلام «3» : وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ*
«4» ؛ فمن نكث وطغى وبغى، وخالف أمير المؤمنين، وخالف محمدا صلّى الله عليه وسلّم، وسعى في إفساد دولة أمير المؤمنين، عاجله أمير المؤمنين بسطوته وطهّر من رجسه دولته وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ*
«5» وقد أمر أمير المؤمنين بترك الاستعانة بأحد من أهل الذّمة، فليحذر العمال تجاوز أوامر أمير المؤمنين ونواهيه.
وفي أيام الآمر بأحكام الله الفاطميّ بالديار المصرية، امتدّت أيدي النّصارى، وبسطوا أيديهم بالخيانة، وتفنّنوا في أذى المسلمين وإيصال المضرة إليهم. واستعمل منهم كاتب يعرف بالرّاهب، ولقّب بالأب القدّيس، الرّوحانيّ(13/368)
النّفيس، أبي الآباء، وسيّد الرّؤساء، مقدّم دين النّصرانية، وسيّد البتركيّة «1» ، صفيّ الرّبّ ومختاره، وثالث عشر الحواريّين، فصادر اللّعين عامّة من بالديار المصرية: من كاتب وحاكم وجنديّ وعامل وتاجر، وامتدّت يده إلى النّاس على اختلاف طبقاتهم، فخوّفه بعض مشايخ الكتّاب من خالقه وباعثه ومحاسبه، وحذّره من سوء عواقب أفعاله، وأشار عليه بترك ما يكون سببا لهلاكه. وكان جماعة من كتّاب مصر وقبطها في مجلسه، فقال مخاطبا له ومسمعا للجماعة:
نحن ملّاك هذه الدّيار حرثا وخراجا، ملكها المسلمون منّا، وتغلّبوا عليها وغصبوها، واستملكوها من أيدينا؛ فنحن مهما فعلنا بالمسلمين فهو قبالة ما فعلوا بنا، ولا يكون له نسبة إلى من قتل من رؤسائنا وملوكنا في أيام الفتوح؛ فجميع ما نأخذه من أموال المسلمين وأموال ملوكهم وخلفائهم حلّ لنا، وهو بعض ما نستحقّه عليهم؛ فإذا حملنا لهم مالا كانت المنّة لنا عليهم، وأنشد:
بنت كرم يتّموها أمّها ... وأهانوها فديست بالقدم
ثمّ عادوا حكّموها بينهم ... ويلهم من فعل مظلوم حكم
فاستحسن الحاضرون من النّصارى والمنافقين ما سمعوه منه، واستعادوه، وعضّوا عليه بالنّواجذ، حتّى قيل: إنّ الذي احتاط عليه قلم اللّعين من أملاك المسلمين مائتا ألف واثنان وسبعون ألفا، ومائتا دار وحانوت وأرض بأعمال الدّولة، إلى أن أعادها إلى أصحابها أبو عليّ بن الأفضل «2» ، ومن الأموال ما لا يحصيه إلا الله تعالى.
ثم انتبه من رقدته «3» ، وأفاق من سكرته، وأدركته الحميّة الإسلامية،(13/369)
والغيرة المحمّديّة، فغضب الله غضبة ناصر للدّين، وثائر للمسلمين، فألبس أهل الذّمّة الغيار، وأنزلهم بالمنزلة التي أمر الله أن ينزلوا بها من الذّل والصّغار، وأمر أن لا يولّوا شيئا من أعمال الإسلام، وأن ينشأ في ذلك كتاب يقف عليه الخاصّ والعامّ.
وهذه نسخته:
الحمد لله المعبود في أرضه وسمائه، والمجيب دعاء من يدعو «1» بأسمائه، المنفرد بالقدرة الباهرة، المتوحّد بالقوّة الظاهرة، وهو الله الّذي لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة، هدى العباد بالإيمان إلى سبيل الرّشاد، ووفّقهم في الطاعات لما هو أنفع زاد في المعاد، وتفرّد بعلم الغيوب فعلم من كلّ عبد إضماره كما علم تصريحه يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ
«2» ، الذي شرّف دين الإسلام وعظّمه، وقضى بالسعادة الأبديّة لمن انتحاه ويمّمه، وفضّله على كلّ شرع سبقه وعلى كلّ دين تقدّمه، فنصره وخذلها، وأشاده وأخملها، ورفعه ووضعها، وأطّده وضعضعها، وأبى أن يقبل دينا سواه من لأوّلين والآخرين، فقال تعالى وهو أصدق القائلين: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ
«3» ، وشهد به بنفسه، وأشهد به ملائكته وأولي العلم الذين هم خلاصة الأنام، فقال تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ
«4» ولمّا ارتضاه لعباده وأتمّ به نعمته، أكمله لهم وأظهره على الدّين كلّه(13/370)
وأوضحه إيضاحا مبينا، فقال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً
«1» وفرق به بين أوليائه وأعدائه، وبين أهل الهدى والضّلال، وأهل البغي والرّشاد، فقال تعالى: فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ
«2» وأمر تعالى بالثّبات عليه إلى الممات، فقال وبقوله يهتدي المهتدون: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
«3» ؛ وهي وصيّة إمام الحنفاء لبنيه وإسرائيل: يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
«4» وشهد على الحواريّين عبد الله ورسوله وكلمته عيسى به مريم وهو الشّاهد الأمين، قال تعالى: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
«5» وأمر تعالى رسوله أن يدعو أهل الكتاب إليه، ويشهد من تولّى منهم بأنّه عليه فقال تعالى وقوله الحقّ المبين: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
«6»(13/371)
وصلّى الله على الذي رفعه باصطفائه إلى محلّه المنيف، وبعثه للناس كافّة بالدّين القيّم الحنيف.
أما بعد، فإن الله سبحانه ببالغ حكمته وتتابع نعمته، شرّف دين الإسلام وطهّره من الأدناس، وجعل أهله خير أمّة أخرجت للناس؛ فالإسلام الدّين القويم الذي اصطفاه الله من الأديان لنفسه، وجعله دين أنبيائه ورسله وملائكة قدسه؛ فارتضاه واختاره، وجعل خير عباده وخاصّتهم هم أولياءه وأنصاره، يحافظون على حدوده ويثابرون، ويدعون إليه ويذكّرون، ويخافون ربّهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون؛ فهم بآيات ربّهم يؤمنون، وإلى مرضاته يسارعون، ولمن خرج عن دينه مجاهدون، ولعباده بجهدهم ينصحون، وعلى طاعته مثابرون، وعلى صلواتهم يحافظون، وعلى ربّهم يتوكّلون، وبالآخرة هم يوقنون: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ*
«1» هذا وإنّ أمّة لله هداها إلى دينه القويم، وجعلها- دون الأمم الجاحدة- على صراط مستقيم، توفي من الأمم سبعين، هم خيرها وأكرمها على ربّ العالمين- حقيقة بأن لا نوالي من الأمم سواها، ولا نستعين بمن حادّ الله خالقه ورازقه وعبد من دونه إلها، وكذّب رسله، وعصى أمره واتّبع غير سبيله، واتّخذ الشّيطان وليّا من دون الله؛ ومعلوم أن اليهود والنّصارى موسومون بغضب الله ولعنته، والشّرك به والجحد لوحدانيّته؛ وقد فرض الله على عباده في جميع صلواتهم أن يسألوا هداية سبيل الذين أنعم الله عليهم: من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين، ويجنّبهم سبيل الذين أبعدهم من رحمته، وطردهم عن جنّته، فباءوا بغضبه ولعنته: من المغضوب عليهم والضالين.
فالأمة الغضبية هم اليهود بنصّ القرآن، وأمة الضّلال هم النصارى المثلّثة، عبّاد الصّلبان؛ وقد أخبر تعالى عن اليهود بأنّهم بالذّلّة والمسكنة والغضب(13/372)
موسومون، فقال تعالى: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ
«1» وأخبر بأنّهم باؤوا بغضب على غضب وذلك جزاء المفترين، فقال: بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ
«2» وأخبر سبحانه أنه لعنهم، ولا أصدق من الله قيلا، فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا
«3» وحكم سبحانه بينهم وبين المسلمين حكما ترتضيه العقول، ويتلقّاه كلّ منصف بالإذعان والقبول، فقال: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ
«4» وأخبر عمّا أحلّ بهم من العقوبة التي صاروا بها مثلا في العالمين، فقال تعالى: فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ «5» بِما كانُوا يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ
«6» ثم حكم عليهم حكما مستمرّا عليهم في الذّراريّ والأعقاب، على ممرّ(13/373)
السنين والأحقاب، فقال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ
«1» ، فكان هذا العذاب في الدّنيا بعض الاستحقاق: وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ
«2» ، وأنهم أنجس الأمم قلوبا وأخبثهم طويّة، وأرداهم سجيّة، وأولاهم بالعذاب الأليم، فقال: أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ
«3» ، وأنهم أمّة الخيانة لله ورسوله ودينه وكتابه وعباده المؤمنين، فقال: وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
«4» وأخبر عن سوء ما يسمعون ويقبلون، وخبث ما يأكلون ويحكمون، فقال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
«5» وأخبر تعالى أنه لعنهم على ألسنة أنبيائه ورسله بما كانوا يكسبون، فقال:
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ
«6» وقطع الموالاة بين اليهود والنّصارى وبين المؤمنين، وأخبر أنّ من تولّاهم فإنه منهم في حكمه المبين، فقال تعالى وهو أصدق القائلين: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا(13/374)
لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
«1» وأخبر عن حال متولّيهم بما في قلبه من المرض المؤدّي إلى فساد العقل والدّين، فقال: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ
«2» ثم أخبر عن حبوط أعمال متولّيهم ليكون المؤمن لذلك من الحذرين، فقال: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ
«3» ونهى المؤمنين عن اتّخاذ أعدائه أولياء، وقد كفروا بالحقّ الذي جاءهم من ربّهم، وإنهم لا يمتنعون من سوء ينالونهم به بأيديهم وألسنتهم إذا قدروا عليه فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ. إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ
«4» وجعل سبحانه لعباده المسلمين أسوة حسنة في إمام الحنفاء ومن معه من المؤمنين، إذ تبرّأ ممّن ليس على دينهم امتثالا لأمر الله، وإيثارا لمرضاته وما عنده، فقال تعالى: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا(13/375)
وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ
«1» ، وتبرّأ سبحانه ممن اتّخذ الكفّار أولياء من دون المؤمنين فقال: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ
«2» فمن ضروب الطاعات إهانتهم في الدّنيا قبل الآخرة التي هم إليها صائرون، ومن حقوق الله الواجبة أخذ جزية رؤوسهم التي يعطونها عن يد وهم صاغرون، ومن الأحكام الدّينية أن يعمّ جميع الأمّة إلا من لا تجب عليه باستخراجها، وأن يعتمد في ذلك سلوك سبيل السّنّة المحمّدية ومنهاجها، وأن لا يسامح بها أحد منهم ولو كان في قومه عظيما، وأن لا يقبل إرساله بها ولو كان فيهم زعيما، وأن لا يحيل بها على أحد من المسلمين، ولا يوكّل في إخراجها عنه أحدا من الموحّدين، بل تؤخذ منه على وجه الذّلّة والصّغار، إعزاز للإسلام وأهله وإذلالا لطائفة الكفّار، وأن تستوفى من جميعهم حقّ الاستيفاء؛ وأهل خيبر وغيرهم في ذلك على السّواء.
وأمّا ما ادّعاه الجبابرة من وضع الجزية عنهم بعهد من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإنّ ذلك زور وبهتان، وكذب ظاهر يعرفه أهل العلم والإيمان، لفّقه القوم البهت وزوّروه، ووضعوه من تلقاء أنفسهم ونمّقوه، وظنّوا أن ذلك يخفى على الناقدين، أو يروج على علماء المسلمين؛ ويأبى الله إلّا أن يكشف محال المبطلين، وإفك المفترين؛ وقد تظاهرت السنن وصحّ الخبر بأن خيبر فتحت عنوة، وأوجف عليها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون على إجلائهم عنها كما أجلى إخوانهم من أهل الكتاب؛ فلمّا ذكروا أنهم أعرف بسقي نخلها ومصالح أرضها، أقرّهم فيها كالأجراء وجعل لهم نصف الارتفاع، وكان ذلك شرطا مبينا، وقال: «نقرّكم فيها ما شئنا» ؛ فأقرّ بذلك الجبابرة صاغرين، وأقاموا على هذا الشّرط في الأرض عاملين؛ ولم يكن للقوم من الذّمام والحرمة، ما يوجب إسقاط الجزية عنهم دون من عداهم(13/376)
من أهل الذّمّة؛ وكيف؟ وفي الكتاب المشحون بالكذب والمين، شهادة سعد بن معاذ وكان قد توفّي قبل ذلك بأكثر من سنتين، وشهادة معاوية بن أبي سفيان، وإنّما أسلم عام الفتح بعد خيبر سنة ثمان؛ وفي الكتاب المكذوب أنه أسقط عنهم الكلف والسّخر، ولم تكن على زمان خلفائه الذين ساروا في الناس أحسن السّير.
ولما اتّسعت رقعة الإسلام، ودخل فيه الخاصّ والعام، وكان في المسلمين من يقوم بعمل الأرض وسقي النّخل، أجلى عمر بن الخطّاب اليهود من خيبر بل من جزيرة العرب حتّى [قال] «1» : «لا أدع فيها إلا مسلما» .
وفي شهر رجب سنة سبعمائة وصل إلى القاهرة المحروسة وزير صاحب المغرب حاجّا، فاجتمع بالملك النّاصر «محمد بن قلاوون» ، ونائبه يومئذ الأمير سلار، فتحدّث الوزير معه ومع الأمير بيبرس الجاشنكير في أمر اليهود والنّصارى، وأنهم عندهم في غاية الذّلّة والهوان، وأنهم لا يمكّن أحد منهم من ركوب الخيل ولا الاستخدام في الجهات الدّيوانية، وأنكر حال نصارى الدّيار المصرية ويهودها بسبب لبسهم أفخر الملابس، وركوبهم الخيل والبغال، واستخدامهم في أجلّ المناصب، وتحكيمهم في رقاب المسلمين، وذكر أن عهد ذمّتهم انقضى من سنة ستمائة من الهجرة النّبويّة، فأثّر كلامه عند أهل الدّولة، لا سيّما الأمير بيبرس الجاشنكير، فأمر بجمع النصارى واليهود، ورسم أن لا يستخدم أحد منهم في الجهات السلطانية، ولا عند الأمراء، وأن تغيّر عمائمهم، فيلبس النّصارى العمائم الزّرق، وتشدّ في أوساطهم الزنانير، ويلبس اليهود العمائم الصّفر ويدقوا.... «2» في البيع في إبطال ذلك فلم يقبل منهم، وغلّقت الكنائس بمصر والقاهرة، وسمّرت أبوابها، ففعل بهم ذلك، وألزموا بأن لا يركبوا إلا الحمير، وأن(13/377)
يلفّ أحدهم إحدى رجليه إذا ركب، وأن يقصّر بنيانهم المجاور للمسلمين عن بناء المسلم. وكتب بذلك إلى جميع الأعمال ليعمل بمقتضاه، وأسلم بسبب ذلك كثير منهم؛ وألبس أهل الذّمة بالشام: النّصارى الأزرق، واليهود الأصفر، والسامرة الأحمر.
ثم عادوا إلى المباشرات بعد ذلك، فانتدب السلطان الملك «الصالح صالح» ابن الملك الناصر في سنة خمس «1» وخمسين وسبعمائة لمنعهم من ذلك، وألزمهم بالشروط العمريّة، وكتب بذلك مرسوما شريفا وبعث بنسخته إلى الأعمال فقرئت على منابر الجوامع.
وهذه نسخته «2» - صورة ما في الطّرّة:
«مرسوم شريف بأن يعتمد جميع طوائف اليهود والنّصارى والسّامرة: بالديار المصرية، والبلاد الإسلامية المحروسة وأعمالها، حكم عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، لمن مضى من أهل ملّتهم: وهو أن لا يحدثوا في البلاد الإسلامية ديرا ولا كنيسة ولا صومعة راهب، ولا يجدّدوا ما خرب منها، ولا يؤوا جاسوسا ولا من فيه ريبة لأهل الإسلام، ولا يكتموا غشّا للمسلمين، ولا يعلّموا أولادهم القرآن، ولا يظهروا شركا، ولا يمنعوا ذوي قرابة من الإسلام إن أرادوه، ولا يتشبّهوا بالمسلمين في لباسهم، ويلبسون الغيار الأزرق والأصفر، وتمنع نساؤهم من التّشبّه بنساء المسلمين، ولا يركبوا سرجا، ولا يتقلّدوا سيفا، ولا يركبوا الخيل ولا البغال، ويركبون الحمير بالأكف عرضا، ولا يبيعوا الخمور، وأن يلزموا زيّهم حيث كانوا، ويشدّوا زنانيرهم غير الحرير على أوساطهم؛ والمرأة البارزة من النصارى تلبس الإزار الكتّان المصبوغ أزرق، واليهودية الإزار الأصفر؛ ولا يدخل أحد منهم الحمّام إلا بعلامة تميّزه عن المسلمين في عنقه: من خاتم(13/378)
حديد أو رصاص أو غير ذلك، ولا يعلوا على المسلمين في البناء ولا يساووهم، بل يكونون أدون «1» منهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضربا خفيفا، ولا يرفعوا أصواتهم في كنائسهم، ولا يخدموا في دولتنا الشريفة- ثبّت الله قواعدها- ولا عند أحد من أمرائها- أعزّهم الله تعالى- ولا يلوا وظيفة يعلو أمرهم فيها على أحد من المسلمين، وأن يحمّل الأمر في مواريث موتاهم على حكم الشريعة الشريفة المحمّديّة، وتوقع عليهم الحوطة «2» الدّيوانية أسوة موتى المسلمين، وأن لا يدخل نسوة أهل الذّمة الحمّامات مع المسلمات، ويجعل لهنّ حمّامات تخصّهنّ يدخلنها، عملا في ذلك بما رجّحه علماء الشّرع الشريف، على ما شرح فيه» .
ونصّه بعد البسملة الشريفة.
الحمد لله الذي بصّر سلطاننا الصّالح، باعتماد مصالح الدّين والدّنيا، ويسّر لرأينا الراجح، توفير التّوفيق إثباتا ونفيا، وتحرير التّحقيق أمرا ونهيا، وقهر بأحكام الإسلام، من رام نكث العهد ونقض الذّمام، بتعدّي الحدود عدوانا وبغيا، وجسر على اقتحام ذنوب عظام، تحلّ به في الدّارين عذابا وخزيا، وتكفّل للأمة المحمّدية في الأولى والأخرى بالسعادة السّرمديّة التي لا تتناهى ولا تتغيّا، وجعل كلمة الذين كفروا السّفلى وكلمة الله هي العليا.
نحمده أن أصحب فكرنا رشدا وأذهب بأمرنا غيّا، ونشكره على أن جبر بأحكام العدل للإيمان وهنا وآثر لذوي البهتان بالانتقام وهيا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واحد أحد، فرد صمد، خلق ورزق وانشأ وأفنى وأمات وأحيا، وتقدّس وتمجّد عن الصّاحبة والولد، وأوجد عيسى بن مريم كما أوجد آدم ولم يكن شيئا وجعله عبدا صالحا نبيّا زكيّا، ونشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أنزل عليه مع الرّوح الأمين قرآنا ووحيا، واستأصل به شأفة الكفّار وأنزل بهم(13/379)
من الأخطار الداهية الدّهيا، واتّبع ملّة أبيه إبراهيم الذي أري الصّدق وصدّق الرّؤيا، وجمع الله به الشّتات فهدى قلوبا غلفا وأسماعا صمّا وأبصارا عميا، وبلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمّة فبشرى لمن وفّق من أمّته فرزق لحكمته وعيا، ورفع الضلالة، وردّ الضالة، وأجمل للعهد حفظا وللذّمام رعيا، ونسخت شريعته الشرائع، وسدّت الذّرائع، وشمخت على النّجوم الطوالع، فهي أسمى منها رفعة وأنمى عددا وأسنى هديا، صلّى الله عليه وعلى آله فروع الزّهراء الذين عنوا بقوله تعالى: رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
«1» أمرع سقيا، خصوصا صدّيقه ورفيقه في الممات وفي المحيا، ومن استخلفه في الصّلاة عنه إشارة إلى أنه أحقّ لرتبة الخلافة بالرّقيا، ومن فرق منه الشّيطان ووافق الفرقان له رأيا، ويسّر الله تعالى في أيّامه المباركة من الفتوحات ما لا أتّفق لغيره ولا تهيّا، وذا النّورين الذي قطع اللّيل تسبيحا وقرآنا وأحيا، واستحيت منه ملائكة السماء لمّا من الله استحيا، وعلى الصّهر وابن العمّ المجاهد الزّاهد الذي طلّق ثلاثا الدّار الفانية التي ليس لها بقيا، وسرّه لمّا قضى على الرّضا نحبه، فوجد الأحبّة: محمدا وحزبه، وحمد اللّحاق واللّقيا، وعلى تتمّة بقيّة العشرة الأبرار، وبقيّة المهاجرين والأنصار، رحمة تديم لمضاجعهم صوبها الدّارّ السّقيا، صلاة وافرة الأقسام سافرة القسمات باهرة المحيّا، وسلّم تسليما كثيرا.
أما بعد، فأحكام الشّرع الشريف أولى بوجوب الاتّباع، وذمام الدّين الحنيف يبير من عصى ويجير من أطاع، وحرمات الملّة المحمّديّة أحقّ بأن تحفظ فلا تضاع؛ ومن المهمّات التي تصرف إليها الهمّة، ويرهف لها حدّ العزمة، وتقام على متعدّي حدودها بالانتقام الجزية، اعتبار أحوال الملّتين من أهل الذّمّة الذين حقن منهم الدّماء حكم الإسلام، وسكّن عنهم الدّهماء ما التزموه من الأحكام، مع القيام بالجزية في كلّ عام، وسلّموا لأوامر الشّريعة المطهّرة التي لولا الانقياد إليها والاستسلام، لأغمد في نحورهم حدّ الحسام؛ فهم تحت قهر سلطان(13/380)
الإيمان سائرون، ولأمر دين الحقّ الذي نسخ الله به الأديان صائرون، وهم المعنيّون بقوله تعالى: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ
«1» ولمّا فتح الله تعالى ببركة سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما فتح من البلاد، واسترجع بأيدي المهاجرين والأنصار من أيدي الكفّار العادية كثيرا من الأمصار واستعاد- وأكثر ذلك في خلافة أمير المؤمنين «عمر بن الخطّاب» رضي الله عنه، فإنها كانت للفتح مواسم، وبالمنح بواسم، وتظافرت فيها للمسلمين غرائز العزائم، التي أعادت هزاهزها الكفّار يجرّون ذيول الهزائم- عقد أمراؤه الفاتحون لها بأمره- رضي الله عنه وعنهم- لأهل الكتاب عهدا، وحدّوا لهم من الآداب حدّا لا يجوز أن يتعدّى؛ ولم تزل الخلفاء بعد ذلك والملوك في جميع بلاد الإسلام يجدّدونها، وبالمحافظة والملاحظة يتعهّدونها؛ وآخر من ألزمهم أحكامها العادلة، وعصمهم بذمّتها التي هي لهم ما استقاموا بالسّلامة كافلة، والدنا السلطان الشّهيد «الملك الناصر» ناصر الدّنيا والدّين، سقى الله تعالى عهده عهاد الرّحمة، ولقّى نفسه الخير لنصحه الأمّة؛ فإنه- قدّس الله روحه- جدّد لهم في سنة سبعمائة لباس الغيار، وشدّد عليهم بأس النّكال والإنكار، وعقد لهم ذمّة بها الاعتبار، وسطّر في الصحائف منها شروطا لهم بالتزامها إقرار، وبأحكامها أمكنهم في دار الإسلام الاستقرار، وخذل الفئتين المفتريتين عملا بقول الله تعالى: وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ*
«2» ولمّا طال عليهم الأمد تمادوا على الاغترار، وتعادوا إلى الضرّ والإضرار، وتدرّجوا بالتكبّر والاستكبار، إلى أن أظهروا التّزيّن أعظم إظهار، وخرجوا عن المعهود في تحسين الزّنّار والشّعار، وعتوا في البلاد والأمصار، وأتوا من الفساد بأمور لا تطاق كبار.(13/381)
ولما وضح عندنا منهم الاستمرار على ذلك والإصرار، أنكرنا عليهم أشدّ إنكار، ورأينا أن نتّبع فيهم ما أمر الله تعالى به في الكتاب والسّنّة، وأبينا [إلا معاملتهم] «1» بأحكام الملّة المحمّديّة التي كم لها على الملتين العيسويّة والموسويّة من منّة، وادّخر الله تعالى لنا هذه الحسنة التي هي من جملة الفتوحات التي يفتح الله تعالى بها لنا في الدّنيا أبواب السّعادة وفي الآخرة أبواب الجنّة، فاستفتينا في أمرهم المجالس العالية حكّام الشّريعة المطهّرة، واقتدينا بأقوال مذاهبهم المحرّرة، التي لنا بهديها إلى إصابة الصّواب تبصرة، وعقدنا لهم مجلسا بدار عدلنا الشريف، وألزمناهم أحكام أهل الذّمّة التي بالتزام أوائلهم لها جرى عليهم حكم هذا التّكليف، وأخذناهم بالعهد الذي نسوه، وألبسناهم ثوب الهوان الذي لبسوا [و] «2» لما طال عليهم الزمان نزعوه ولم يلبسوه، وأجرينا عليهم الآن شروطه المضبوطة، وقوانينه التي هي من التّبديل والتّغيير محوطة؛ فمن جاوزها، فقد شاقق الشّريعة الشريفة وبارزها، ومن خالفها، فقد عاند الملّة الإسلاميّة وواقفها، ومن صدف عن سبلها وتنكّبها، فقد اقترف الكبائر وارتكبها؛ وحظرنا عليهم أن يجعل أحد منهم له بالمسلمين شبها، وصيّرنا عليهم الذّلّة التي ضربها الله تعالى عليهم وأوجبها.
فلذلك رسم بالأمر الشريف العاليّ، المولويّ، السّلطانيّ، الملكيّ، الصّالحيّ، الصّلاحيّ- لا زال أمره الممتثل المطاع، وزجره به عن المآثم امتناع وارتداع، ورأيه الصالح يريد الإصلاح ما استطاع- أن يعتمد جميع طوائف النّصارى واليهود والسّامرة بالديار المصرية وجميع بلاد الإسلام المحروسة وأعمالها: من سائر الأقطار والآفاق، وما أخذ على سالفيهم في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه من أكيد العهد ووثيق الميثاق:
وهو أن لا يحدثوا في البلاد الإسلامية وأعمالها ديرا ولا كنيسة ولا قلّاية ولا صومعة راهب، ولا يجدّدوا فيها ما خرب منها، ولا يمنعوا كنائسهم التي عوهدوا(13/382)
عليها، وثبت عهدهم لديها، أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم، ولا يؤوا جاسوسا ولا من فيه ريبة لأهل الإسلام، ولا يكتموا غشّا للمسلمين، ولا يعلّموا أولادهم القرآن، ولا يظهروا شركا، ولا يمنعوا ذوي قرابة من الإسلام إن أرادوه، وإن أسلم أحد منهم لا يؤذوه ولا يساكنوه، وأن يوقّروا المسلمين، وأن يقوموا من مجالسهم إن أرادوا الجلوس، وأن لا يتشبهوا بشيء من المسلمين في لباسهم قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر، بل يلبس النّصرانيّ منهم العمامة الزّرقاء عشرة أذرع غير الشعرى «1» فما دونها، واليهوديّ العمامة الصّفراء كذلك، وتمنع نساؤهم من التّشبّه بنساء المسلمين ولبس العمائم، ولا يتسمّوا بأسماء المسلمين، ولا يتكنّوا بكناهم، ولا يتلقّبوا بألقابهم، ولا يركبوا سرجا، ولا يتقلّدوا سيفا، ولا يركبوا الخيل ولا البغال، ويركبون الحمير بالأكف عرضا من غير تزيّن ولا قيمة عظيمة لها «2» ، ولا يتخذوا شيئا من السّلاح، ولا ينقشوا خواتيمهم بالعربيّة، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجزّوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيّهم حيث ما كانوا، ويشدّوا زنانيرهم غير الحرير على أوساطهم؛ والمرأة البارزة من النصارى تلبس الإزار الكتّان المصبوغ أزرق، واليهوديّة الإزار المصبوغ أصفر؛ ولا يدخل أحد منهم الحمّام إلا بعلامة تميزه عن المسلمين في عنقه: من خاتم نحاس أو رصاص أو جرس أو غير ذلك، ولا يستخدموا مسلما في أعمالهم؛ وتلبس المرأة البارزة منهم خفّين: أحدهما أسود، والآخر أبيض، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يرفعوا بناء قبورهم، ولا يعلوا على المسلمين في البناء، ولا يساووهم، ولا يتحيّلوا على ذلك بحيلة، بل يكونون أدون من ذلك، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضربا خفيفا، ولا يرفعوا أصواتهم في كنائسهم، ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا أصواتهم على موتاهم، ولا يظهروا النّيران، ولا يشتروا مسلما من الرّقيق ولا مسلمة، ولا من جرت عليه سهام المسلمين، ولا من منشؤه مسلم، ولا يهوّدوا ولا ينصّروا رقيقا، ويجتنبون أوساط الطريق توسعة للمسلمين، ولا(13/383)
يفتنوا مسلما عن دينه، ولا يدلّوا على عورات المسلمين، ومن زنى بمسلمة قتل؛ ولا يضعوا أيديهم على أراض موات للمسلمين ولا غير موات ولا مزدرع، ولا ينسبوه لصومعة ولا كنيسة ولا دير ولا غير ذلك، ولا يشتروا شيئا من الجلب الرقيق ولا يوكّلوا فيه، ولا يتحيّلوا عليه بحيلة، ومتى خالفوا ذلك فقد حلّ منهم ما يحلّ من أهل النّفاق والمعاندة.
وكذلك رسمنا أنّ كلّ من مات من اليهود والنّصارى والسّامرة: الذّكور والإناث منهم يحتاط عليهم من ديوان المواريث الحشريّة «1» بالديار المصرية وأعمالها وسائر البلاد الإسلاميّة المحروسة، إلى أن تثبت ورثته ما يستحقّونه من ميراثه بمقتضى الشّرع الشريف، وإذا أثبتوا ما يستحقّونه يعطونه بمقتضاه، ويحمل ما فضل بعد ذلك لبيت المال المعمور؛ ومن مات منهم ولا وارث له يستوعب، حمل موجوده لبيت المال المعمور، ويجرون في الحوطة على موتاهم من دواوين المواريث ووكلاء بيت المال المعمور مجرى من يموت من المسلمين:
ليتبيّن أمر مواريثهم، ويحمل الأمر فيها على حكم الشّرع الشريف، عملا بالفتاوى الشّرعية المتضمّنة إجراء مواريث موتاهم على حكم الفرائض الشّرعيا بحكم الملّة الاسلاميّة المحمّديّة: من إعطاء كلّ ذي فرض وعصبة ما يستحقّه شرعا، من غير مخالفة ولا امتناع، ولا مواقفة ولا دفاع؛ فإنّ ذلك ممّا يتعيّن أن يكون له إلى بيت المال المعمور فيه إرجاع، ولتعلّق حقوق المؤمنين بذلك، ولأنه يعيد حيث تفيا إلى المسلمين ما يستحقّه بيت المال من مال كلّ هالك، ولأنّا المطالبون بما يؤول إلى ميراث المسلمين من تراث أولئك، لتكون هذه الحسنة في صحائفنا مسطّرة، وإن كانت الأيام قد تمادت عليها ومعرفتها نكرة، وتعادت إليها أيديهم العادية فاختلست من الذّهب والفضّة القناطير المقنطرة.(13/384)
ورسمنا أن لا يخدم نصرانيّ ولا سامريّ ولا يهوديّ في دولتنا الشريفة، ثبّت الله قواعدها، ولا في دواوين الممالك المحروسة والأعمال، ولا عند أحد من أمرائنا أعزّهم الله تعالى، ولا يباشر أحد منهم وكالة ولا أمانة، ولا ما فيه تأمّر على المسلمين، بحيث لا يكون لهم كلمة يستعلون بها على أحد من المسلمين في أمر من الأمور؛ فقد حرّم الله ذلك نصّا وتأويلا، وضمّن حكمه في الحال والاستقبال قرآنا وتنزيلا، فقال تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا
«1» ، وأوضح في اجتنابهم للمتّقين علم اليقين، فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
«2» وقد نهى الله موالاتهم وأضاف بسخطه كلّ خزي إليهم، فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
«3» وقد أذلّهم الله جلّ وعزّ لافترائهم واجترائهم من كتابه العزيز في مواضع عدّة، فقال تعالى: وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ
«4» ، فوجب أن لا يكونوا على الأعمال أمنة، ولا للأموال خزنة: لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اليهود والنصارى خونة» . وقال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه:
«لا تستعملوا اليهود والنّصارى فإنّهم أهل رشا في دينهم ولا تحلّ الرّشا» ؛ فباعتزالهم واختزالهم يؤمن من مكرهم وخيانتهم ما يختشى.
ولما قدم عليه أبو موسى الأشعريّ من البصرة وكان عامله بها، دخل عليه المسجد، واستأذن لكاتبه وكان نصرانيّا، فقال له أمير المؤمنين عمر:- ولّيت ذمّيّا على المسلمين، أما سمعت قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا(13/385)
الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ
«1» هلّا اتخذت حنيفيّا؟ - فقال يا أمير المؤمنين: لي كتابته وله دينه، فأنكر أمير المؤمنين عليه ذلك، وقال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزّهم إذ أذلّهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله-.
فاتّبعنا في صرفهم الكتاب والسّنّة والأثر، ومنعنا عن المسلمين- بغلّ أيديهم عن المباشرة- الأذى والضّرر، ودفعنا عن أمير المؤمنين من سوء معاشرتهم ما ألموا له من الأذى مع شرّ معشر.
فليعتمد حكم هذا المرسوم، الذي هو بالعدل والإحسان موسوم، وليخلّد في صحائف المثوبات ليستقرّ ويستمرّ ويدوم، وليشع ذكره في الممالك، وليذع أمره في المسالك؛ وعلى حكّام المسلمين- أيدهم الله تعالى- وقضاتهم، ومتصرّفيهم وولاتهم، أن يوقعوا بمن تعدّى هذه الحدود، من النصارى واليهود، ويردعوا بسيف الشّرع كلّ جهول من أهل الجحود، ويحلّوا العذاب بمن حمله العقوق على حلّ العقود، ويذلّوا رقاب الكافرين بالإذعان لاستخراج الحقوق وإخراج الأضغان والحقود.
وقد رسمنا بأن يحمل الأمر في هذا المرسوم الشريف على حكم ما التزم في المرسوم الشريف الشّهيديّ الناصريّ المتقدّم المكتتب في رجب سنة سبعمائة، المتضمّن للشهادة على بطركي النصارى اليعاقبة، والملكيّة، ورئيس اليهود بالتّحريم وإيقاع الكلمة على من خالف هذا الشّرط المشروط والحدّ المحدود، وأن لا يحلّوا ما انبرم من محكم العقود، فيحلّ عليهم عذاب غير مردود؛ والله تعالى يعين سلطان الحقّ على ما يرجع بنفع الخلق ويعود، ويزين بصالح المؤمنين ملك الإسلام وممالك الوجود، ويهين ببأسه أعداء الدّين، الذين لهم عن السبيل المبين، صدوف وصدود، ويسلك به شرعة الشّرع الشريف ومنهاجه: من إماتة البدع وإحياء السّنن وإدامة الصّون(13/386)
وإقامة الحدود، ويهلك بسطوته الكافرين كما هلك بدعوة صالح النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ثمود. والعلامة الشريفة أعلاه حجّة فيه.
تم الجزء الثالث عشر. يتلوه إن شاء الله تعالى الجزء الرابع عشر وأوّله الباب الرابع من المقالة التاسعة والحمد لله رب العالمين. وصلاته على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه والتابعين، وسلامه وحسبنا الله ونعم الوكيل(13/387)
ثبت المراجع
1- الأحكام السلطانية والولايات الدينية.
تأليف أبي الحسن الماوردي.
دار الكتب العلمية- بيروت.
2- الإشارة إلى من نال الوزارة.
تأليف ابن الصيرفي المصري.
تحقيق عبد الله مخلص.
منشورات المعهد العلمي الفرنسي- القاهرة- 1924.
3- الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة.
تأليف ابن شداد.
تحقيق يحيى عبّادة.
منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي- دمشق.
4- الأعلام (قاموس تراجم) .
تأليف خير الدين الزركلي.
دار العلم للملايين- بيروت.
5- الأغاني.
تأليف أبي الفرج الأصفهاني.
تحقيق مجموعة من الباحثين بإشراف محمد أبو الفضل إبراهيم.
الهيئة المصرية العامة للكتاب.
6- الانتصار لواسطة عقد الأمصار.
تأليف ابن دقماق.
دار الافاق الجديدة- بيروت.
7- الأوائل.
تأليف أبي هلال العسكري.
تحقيق محمد المصري ووليد قصّاب.
منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي- دمشق.
8- الألقاب الإسلامية في التاريخ والوثائق والاثار.
تأليف حسن الباشا.
مكتبة النهضة المصرية- 1957.
9- بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب.
تأليف محمود شكري الالوسي.
دار الكتب العلمية- بيروت.
10- تأصيل ما ورد في تاريخ الجبرتي من الدخيل.
تأليف أحمد السعيد سليمان.
دار المعارف- مصر.
11- تاريخ الإسلام.
تأليف حسن إبراهيم حسن.
مكتبة النهضة المصرية- القاهرة.
12- تاريخ الطبري (تاريخ الأمم والملوك) .(13/389)
تأليف أبي جعفر الطبري.
دار الكتب العلمية- بيروت.
13- تاريخ ابن الفرات.
تأليف محمد بن عبد الرحيم بن الفرات.
تحقيق قسطنطين زريق ونجلاء عز الدين.
المطبعة الأمريكية- بيروت.
14- تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور.
تأليف محيي الدين بن عبد الظاهر.
تحقيق مراد كامل ومحمد علي النجار.
منشورات وزارة الثقافة والإرشاد.
القومي بالجمهورية العربية المتحدة.
15- التعريفات.
تأليف علي بن محمد الجرجاني.
دار الكتب العلمية- بيروت.
16- تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) .
تأليف أبي عبد الله القرطبي.
دار الشام للتراث- بيروت.
17- تهذيب تاريخ ابن عساكر.
تأليف عبد القادر بدران- دمشق.
18- جمهرة الأمثال.
تأليف أبي هلال العسكري.
تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وعبد المجيد قطامش.
المؤسسة العربية الحديثة.
الطبعة الأولى 1964.
19- جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة.
تأليف أحمد زكي صفوت.
المكتبة العلمية- بيروت.
20- الجوهر الثمين.
تأليف ابن دقماق.
تحقيق محمد كمال الدين عز الدين علي.
عالم الكتب- بيروت.
21- الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة.
تأليف علي باشا مبارك.
الهيئة المصرية العامة للكتاب.
22- الخطط المقريزية (المواعظ والاعتبار) .
تأليف أحمد بن علي المقريزي.
دار صادر- بيروت.
23- دائرة المعارف الإسلامية.
الطبعة العربية.
منشورات كتاب الشعب- القاهرة.
24- الذيل على كشف الظنون (إيضاح المكنون) .
تأليف إسماعيل باشا البغدادي.
دار الفكر- بيروت.
25- الروض المعطار في خبر الأقطار.
تأليف محمد بن عبد المنعم الحميري.
تحقيق إحسان عباس.
مكتبة لبنان- بيروت.
26- سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب.
تأليف محمد أمين البغدادي السويدي.
دار الكتب العلمية- بيروت.
27- سفر نامه.
تأليف ناصر خسرو.
ترجمة يحيى الخشاب.(13/390)
دار الكتاب الجديد- بيروت.
28- السيرة النبوية لابن هشام.
تحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي.
منشورات البابي الحلبي.
الطبعة الأولى 1967.
29- شذرات الذهب في أخبار من ذهب.
تأليف ابن العماد الحنبلي.
مكتبة القدسي- القاهرة.
30- شرح ديوان الحماسة.
تأليف الخطيب التبريزي.
عالم الكتب- بيروت.
31- الشعر والشعراء (طبقات الشعراء) .
تأليف ابن قتيبة الدينوري.
تحقيق مفيد قميحة.
دار الكتب العلمية- بيروت.
32- صبح الأعشى في صناعة الإنشا.
تأليف القلقشندي.
طبعة دارالكتب المصرية.
33- صفة جزيرة الأندلس (منتخب من الروض المعطار) .
تحقيق ليفي بروفنسال- القاهرة- 1937.
34- الضوء اللامع لأهل القرن التاسع.
تأليف محمد بن عبد الرحمن السخاوي.
مكتبة الحياة- بيروت.
35- طبقات سلاطين الإسلام.
تأليف استانلي لين بول.
ترجمه عن الفارسية مكي طاهر الكعبي.
حققه علي البصري.
منشورات البصري- بغداد.
36- فتوح البلدان.
تأليف البلاذري.
تحقيق صلاح الدين المنجد.
مكتبة النهضة المصرية القاهرة.
37- الفقه على المذاهب الخمسة.
تأليف محمد جواد مغنية.
دار الجواد- بيروت.
38- فوات الوفيات.
تأليف محمد بن شاكر الكتبي.
تحقيق إحسان عباس.
دار صادر- بيروت.
39- الفهرست.
تأليف ابن النديم.
دار المعرفة- بيروت.
40- القاموس المحيط.
تأليف الفيروز ابادي.
المؤسسة العربية للطباعة والنشر- بيروت.
41- القرآن الكريم.
42- القلقشندي وكتابه صبح الأعشى.
مجموعة من الباحثين في الجمعية المصرية للدراسات التاريخية.
الهيئة المصرية العامة للكتاب.
43- قوانين الدواوين.
تأليف ابن مماتي.
تحقيق عزيز سوريال عطية.
مطبعة مصر- 1943.
44- الكامل في التاريخ.
تأليف ابن الأثير.
دار صادر- بيروت.
45- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون.(13/391)
تأليف حاجي خليفة.
دار الفكر- بيروت.
46- الكليات (معجم في المصطلحات والفروق اللغوية) .
تأليف أبي البقاء الكفوي.
تحقيق عدنان درويش ومحمد المصري.
ووزارة الثقافة والإرشاد القومي- دمشق.
47- لسان العرب- تأليف ابن منظور.
دار صادر- بيروت.
48- مآثر الإنافة في معالم الخلافة.
تأليف القلقشندي.
تحقيق عبد الستار أحمد فراج.
عالم الكتب- بيروت.
49- المتعة ومشروعيتها في الإسلام.
تحقيق الشيخ عبد الله نعمة.
دار الزهراء- بيروت.
50- محيط المحيط.
تأليف بطرس البستاني.
مكتبة لبنان- بيروت.
51- مذكرات جوانفيل (القديس لويس:
حياته وحملاته على مصر والشام) .
ترجمة وتعليق حسن حبشي.
دار المعارف بمصر.
الطبعة الأولى 1968.
52- مصطلحات صبح الأعشى.
تأليف محمد قنديل البقلي.
الهيئة المصرية العامة للكتاب.
53- معجم الألفاظ والأعلام القرآنية.
تأليف محمد إسماعيل إبراهيم.
دار الفكر العربي- القاهرة.
54- معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي.
تأليف المستشرق زامباور. أخرجه زكي محمد حسن بك وحسن أحمد محمود.
مطبعة جامعة فؤاد الأول- 1951.
55- معجم البلدان.
تأليف ياقوت الحموي.
دار الكتاب العربي- بيروت.
56- معجم الشعراء.
تأليف المرزباني.
دار الكتب العلمية- بيروت.
57- معجم عبد النور المفصل.
تأليف جبّور عبد النور.
دار العلم للملايين- بيروت.
58- معجم قبائل العرب القديمة والحديثة.
تأليف عمر رضا كحالة.
مؤسسة الرسالة- بيروت.
59- معجم مقاييس اللغة.
تأليف أحمد بن فارس.
تحقيق عبد السلام محمد هارون.
دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع- بيروت.
60- المعجم الوسيط.
مجمع اللغة العربية- القاهرة.
61- المغرب في حلى المغرب.
تأليف ابن سعيد المغربي.
تحقيق شوقي ضيف.
دار المعارف بمصر.
62- مقدمة ابن خلدون تأليف عبد الرحمن بن خلدون.
دار الكتاب اللبناني- بيروت.(13/392)
63- منطلق تاريخ لبنان.
تأليف كمال سليمان الصليبي.
منشورات كارافان- نيويورك.
64- الموسوعة العربية الميسرة- بإشراف محمد شفيق غربال.
دار الشعب ومؤسسة فرنكلين- القاهرة.
65- الموسوعة الفلسطينية. القسم العام:
أربعة مجلدات.
هيئة الموسوعة الفلسطينية- دمشق.
66- الميزان في تفسير القرآن.
تأليف محمد حسين الطباطبائي.
مؤسسة الأعلمي للطباعة- بيروت.
67- نزهة النفوس والأبدان في تواريخ الزمان.
تأليف الخطيب الصيرفي.
تحقيق حسن حبشي.
منشورات وزارة الثقافة بالجمهورية العربية المتحدة- 1970- مطبعة دار الكتب.
68- النظم الإسلامية.
تأليف الشيخ صبحي الصالح.
دار العلم للملايين- بيروت.
69- الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة. جمعها محمد حميد الله.
دار النفائس- بيروت.
70- الوزارة والوزراء العصر الفاطمي.
تأليف محمد حمدي المناوي.
دار المعارف بمصر.
71- وفيات الأعيان.
تأليف ابن خلكان.
تحقيق إحسان عباس.
دار الثقافة- بيروت.
72- ولاة مصر.
تأليف محمد بن يوسف الكندي.
تحقيق حسين نصار.
دار بيروت ودار صادر- 1959.
73- يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر.
تأليف أبي منصور الثعالبي.
دار الباز للنشر والتوزيع- مكة المكرمة.(13/393)
[فهرس]
الموضوع الصفحة المقالة السادسة فيما يكتب في الوصايا الدينية، والمسامحات، والاطلاقات السلطانية والطّرخانيات؛ وتحويل السنين والتذاكر، وفيها أربعة أبواب 3 الباب الأوّل- في الوصايا الدينية، وفيه فصلان 3 الفصل الأوّل- فيما لقدماء الكتاب من ذلك 3 الفصل الثاني- فيما يكتب من ذلك في زماننا، وهو على ضربين 13 الضرب الأوّل- ما يكتب عن الأبواب السلطانية 13 الضرب الثاني- ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك 14 الباب الثاني- فيما يكتب في المسامحات والاطلاقات، وفيه فصلان 24 الفصل الأوّل- فيما يكتب في المسامحات، وهي على ضربين 24 الضرب الأوّل- ما يكتب من الأبواب السلطانية، وهو على مرتبتين 24 المرتبة الأولى- المسامحات العظام 24 المرتبة الثانية- من المسامحات أن تكتب في قطع العادة الخ 39 الضرب الثاني- ما يكتب عن نوّاب السلطنة بالممالك الشامية 41 الفصل الثاني- فيما يكتب من الاطلاقات، وفيه طرفان 43 الطرف الأوّل- فيما يكتب عن الأبواب السلطانية، وهو على ثلاث مراتب 43 المرتبة الأولى- ما يكتب في قطع الثلث مفتتحا ب «الحمد لله» 43 المرتبة الثانية- ما يفتتح ب «أما بعد حمد الله» 46 المرتبة الثالثة- مما يكتب به في الاطلاقات أن يكتب في قطع العادة(13/395)
مفتتحا ب «رسم بالأمر الشريف» 48 الباب الثالث- في الطّرخانيات، وفيه فصلان 51 الفصل الأوّل- في طرخانيات أرباب السيوف، وهي على ثلاث مراتب (لم يذكر إلا مرتبتين) 51 المرتبة الأولى- أن يفتتح المرسوم المكتتب في ذلك ب «الحمد لله» . 51
المرتبة الثانية- أن يفتتح مرسوم الطرخانيات ب «أما بعد» 54 الفصل الثاني- فيما يكتب في طرخانيات أرباب الأقلام 56 الباب الرابع- فيما يكتب في التوفيق بين السنين الشمسية والقمرية المعبر عنه في زماننا بتحويل السنين وما يكتب في التذاكر، وفيه فصلان 58 الفصل الأوّل- فيما يكتب في التوفيق بين السنين، وفيه طرفان 58 الطرف الأوّل- في بيان أصل ذلك 58 الطرف الثاني- في صورة ما يكتب في تحويل السنين، وهو على نوعين (لم يذكر إلا نوعا واحدا) 67 النوع الأوّل- ما كان يكتب في ذلك عن الخلفاء، وفيه مذهبان 67 المذهب الأوّل- أن يفتتح ما يكتب ب «أما بعد» 67 المذهب الثاني- مما كان يكتب عن الخلفاء في تحويل السنين أن يفتتح ما يكتب بلفظ «من فلان أمير المؤمنين إلى أهل الدولة» ونحو ذلك، وفيه ضربان 75 الضرب الأوّل- ما كان يكتب في الدولة الأيوبية 75 الضرب الثاني- ما يكتب به في زماننا 78 الفصل الثاني- فيما يكتب في التذاكر [وفيه ثلاثة أضرب] (ولم يذكر الضرب الأوّل) 84 الضرب الثاني- ما كان يكتب لنوّاب السلطنة بالديار المصرية عند سفر السلطان عن الديار المصرية 96 الضرب الثالث- ما كان يكتب لنوّاب القلاع وولاتها: إما عند(13/396)
استقرار النائب بها وإما في خلال نيابته 105 المقالة السابعة في الاقطاعات والقطائع، وفيها بابان 111 الباب الأوّل- في ذكر مقدّمات الاقطاعات، وفيه فصلان 111 الفصل الأوّل- في ذكر مقدّمات تتعلق بالاقطاعات، وفيه ثلاثة أطراف 111 الطرف الأوّل- في بيان معنى الاقطاعات وأصلها في الشرع 111 الطرف الثاني- في بيان أوّل من وضع ديوان الجيش وكيفية ترتيب منازل الجند فيه والمساواة والمفاضلة في الاعطاء 113 الطرف الثالث- في بيان من يستحق إثباته في الديوان وكيفية ترتيبهم فيه 117 الفصل الثاني- في بيان حكم الاقطاع، وهو على ضربين 120 الضرب الأوّل- إقطاع التمليك 120 الضرب الثاني- إقطاع الاستغلال 122 الباب الثاني- فيما يكتب في الاقطاعات في القديم والحديث، وفيه فصلان 125 الفصل الأوّل- في أصل ذلك 125 الفصل الثاني- في صورة ما يكتب في الاقطاعات، وفيه طرفان 130 الطرف الأوّل- فيما كان يكتب من ذلك في الزمن القديم، وهو على ضربين 130 الضرب الأوّل- ما كان يكتب عن الخلفاء، ولهم فيه طريقتان 130 الطريقة الأولى- طريقة كتاب الخلفاء العباسيين ببغداد 130 الطريقة الثانية- ما كان يكتب في الاقطاعات عن الخلفاء الفاطميين بالديار المصرية 139(13/397)
الضرب الثاني- مما كان يكتب في الاقطاعات في الزمن المتقدم ما كان يكتب عن ملوك الشرق القائمين على خلفاء بني العباس، وفيه طريقتان 146 الطريقة الأولى- أن يكتب في الابتداء «هذا كتاب» كما كان يكتب عن خلفاء بني العباس في ذلك 146 الطريقة الثانية- ما كان يكتب عن الملوك الأيوبية بالديار المصرية، ولهم فيه أساليب 150 الأسلوب الأوّل- أن يفتتح التوقيع المكتتب بالاقطاع بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» 151 الأسلوب الثاني- أن يفتتح التوقيع بلفظ «أما بعد فإنّ كذا» 154 الأسلوب الثالث- أن يفتتح التوقيع بما فيه معنى الشجاعة والقتال، وما في معنى ذلك 157 الطرف الثاني- ما يكتب في الاقطاعات في زماننا، وهو على ضربين 159 الضرب الأوّل- ما يكتب قبل أن ينقل إلى ديوان الإنشاء، وفيه جملتان 159 الجملة الأولى- في ابتداء ما يكتب في ذلك من ديوان الجيش 159 الجملة الثانية- في صورة ما يكتب في المربعة الجيشية 160 الضرب الثاني- فيما يكتب في الاقطاعات من ديوان الإنشاء، وفيه خمس جمل 162 الجملة الأولى- في ذكر اسم ما يكتب في الاقطاعات من ديوان الإنشاء 162 الجملة الثانية- في بيان أصناف المناشير، وما يخص كل صنف منها من مقادير قطع الورق 163 الجملة الثالثة- في بيان صورة ما يكتب في المناشير في الطرّة والمتن. 164
الجملة الرابعة- في الطّغرى التي تكون بين الطرّة المكتتبة في أعلى(13/398)
المنشور وبين البسملة 167 الجملة الخامسة- في ذكر طرف من نسخ المناشير التي تكتب في الاقطاعات في زماننا، وهي على ثلاثة أنواع 171 النوع الأوّل- ما يفتتح ب «الحمد لله» وهو على ثلاثة أضرب 172 الضرب الأوّل- مناشير أولاد الملوك 172 الضرب الثاني- مناشير الأمراء مقدّمي الألوف 173 الضرب الثالث- مناشير أمراء الطبلخاناه 188 النوع الثاني- من المناشير ما يفتتح ب «أما بعد» وهو على ضربين 193 الضرب الأوّل- في مناشير العشرات كائنا ذلك الأمير من كان 193 الضرب الثاني- في مناشير أولاد الأمراء 196 النوع الثالث- من المناشير ما يفتتح ب «خرج الأمر الشريف» 200 المقالة الثامنة في الأيمان، وفيها بابان 202 الباب الأوّل- في أصول يتعين على الكاتب معرفتها قبل الخوض في الأيمان، وفيه فصلان 202 الفصل الأوّل- فيما يقع به القسم، وفيه طرفان 202 الطرف الأوّل- في الأقسام التي أقسم بها الله تعالى في كتابه العزيز 202 الطرف الثاني- في الأقسام التي تقسم بها الخلق، وهي على ضربين 206 الضرب الأوّل- ما كان يقسم به في الجاهلية 206 الضرب الثاني- الأقسام الشرعية 208 الفصل الثاني- في بيان معنى اليمين الغموس ولغو اليمين والتحذير من الحنث والوقوع في اليمين الغموس، وفيه طرفان 212 الطرف الأوّل- في بيان معنى اليمين الغموس ولغو اليمين 212 الطرف الثاني- في التحذير من الوقوع في اليمين الغموس 213 الباب الثاني- في نسخ الأيمان الملوكية، وفيه فصلان 215(13/399)
الفصل الأوّل- في نسخ الأيمان المتعلقة بالخلفاء، وهي على نوعين 215 النوع الأوّل- في الأيمان التي يحلف بها على بيعة الخليفة عند مبايعته 215 [النوع] الثاني- الأيمان التي يحلف بها الخلفاء (ووقع سهوا:
الضرب الثاني الخ) 219 الفصل الثاني- في نسخ الأيمان المتعلقة بالملوك، وفيه خمسة مهايع (لم يذكر المهيع الخامس) 220 المهيع الأوّل- في بيان الأيمان التي يحلّف بها المسلمون، وهي على نوعين 220 النوع الأوّل- أيمان أهل السنة 220 النوع الثاني- أيمان أهل البدع، وهم ثلاث طوائف 225 الطائفة الأولى- الخوارج 225 الطائفة الثانية- الشيعة، وهم خمس فرق 229 الفرقة الأولى- الزيدية 230 الفرقة الثانية- الإمامية 231 الفرقة الثالثة- الاسماعيلية 238 الفرقة الرابعة- الدّرزية 251 الفرقة الخامسة- النّصيرية 253 الطائفة الثالثة- القدرية 254 المهيع الثاني- في الأيمان التي يحلّف بها أهل الكفر، وهم على ضربين 256 الضرب الأوّل- من زعم منهم التمسك بشريعة نبيّ من الأنبياء، وهم أصحاب ثلاث ملل 256 الملة الأولى- اليهود، وهم طائفتان 256 الطائفة الأولى- المتفق على يهوديتهم، وهم القرّاؤون 260 الطائفة الثانية- من اليهود السامرة 270 [الملّة الثانية]- النصرانية (ووقع سهوا: الفرقة الثالثة الخ) وهم(13/400)
ثلاث فرق 273 الفرقة الأولى- الملكانية 279 الفرقة الثانية- اليعقوبية 281 الفرقة الثالثة- النسطورية 283 الملة الثالثة- المجوسية، وهم ثلاث فرق 294 الفرقة الأولى- الكيومرتية 294 الفرقة الثانية- الثنوية 294 الفرقة الثالثة- الزرادشتية 294 المهيع الثالث- في الأيمان التي يحلّف بها الحكماء، وهم على ثلاثة أصناف 299 الصنف الأوّل- البراهمة 300 الصنف الثاني- حكماء العرب 300 الصنف الثالث- حكماء الروم، وهم على ضربين 300 الضرب الأوّل- القدماء منهم 300 الضرب الثاني- المتأخرون منهم، وهم أصحاب أرسطاطاليس 300 المهيع الرابع- في بيان المحلوف عليه، وما يقع على العموم، وما يختص به كل واحد من أرباب الوظائف مما يناسب وظيفته 307 المهيع الخامس- في صورة كتابة نسخ الأيمان التي يحلّف بها، وهي على ضربين 319 الضرب الأوّل- الأيمان التي يحلّف بها الأمراء في الديار المصرية 319 الضرب الثاني- الأيمان التي يحلّف بها نوّاب السلطنة والأمراء بالممالك الشامية، وما انضم إليها 320 المقالة التاسعة في عقود الصلح والفسوخ الواردة على ذلك، وفيها خمسة أبواب 321 الباب الأوّل- في الأمانات، وفيه فصلان 321(13/401)
الفصل الأوّل- في عقد الأمان لأهل الكفر، وفيه طرفان 321 الطرف الأوّل- في ذكر أصله وشرطه وحكمه 321 الطرف الثاني- في صورة ما يكتب فيه 323 الفصل الثاني- في كتابة الأمانات لأهل الإسلام، وفيه طرفان 328 الطرف الأوّل- في أصله 328 الطرف الثاني- فيما يكتب في الأمانات، وفيه مذهبان 329 المذهب الأوّل- أن يفتتح الأمان بلفظ: «هذا كتاب أمان الخ» وهو على نوعين 329 النوع الأوّل- ما يكتب عن الخلفاء، وفيه مذهبان 330 المذهب الأوّل- أن يفتتح الأمان بلفظ: «هذا» 330 المذهب الثاني- أن يفتتح الأمان بخطبة مفتتحة بالحمد 330 النوع الثاني- ما يكتب به عن الملوك، وهو على ضربين 335 الضرب الأوّل- ما يكتب من هذا النمط مما كان يصدر عن وزراء الخلفاء والملوك المتغلبين على الأمر معهم، ولهم فيه أسلوبان 335 الأسلوب الأوّل- أن يصدر بالتماس المستأمن الأمان 335 الأسلوب الثاني- ألا يتعرّض في الأمان لالتماس المستأمن الأمان 338 المذهب الثاني- مما يكتب به في الأمانات لأهل الإسلام أن يفتتح الأمان بلفظ: «رسم» 338 الضرب الثاني- من الأمانات التي تكتب لأهل الإسلام ما عليه مصطلح زماننا، وهي صنفان 341 الصنف الأوّل- ما يكتب من الأبواب السلطانية 341 الصنف الثاني- من الأمانات الجاري عليها مصطلح كتاب الزمان- ما يكتب عن نوّاب الممالك الشامية 349 الباب الثاني- من المقالة التاسعة في الدفن (دفن الذنوب) وفيه فصلان 351(13/402)
الفصل الأوّل- في أصله وكونه مأخوذا عن العرب 351 الفصل الثاني- فيما يكتب في الدفن عن الملوك 352 الباب الثالث- فيما يكتب في عقد الذمة، وفيه فصلان 355 الفصل الأوّل- في الأصول التي يرجع إليها هذا العقد، وفيه طرفان 355 الطرف الأوّل- في بيان رتبة هذا العقد، ومعناه وأصله من الكتاب والسنة 355 الطرف الثاني- في ذكر ما يحتاج الكاتب إلى معرفته في عقد الذمة 359 الفصل الثاني- ما يكتب في متعلقات أهل الذمة عند خروجهم عن لوازم عقد الذمة 365 (تم فهرس الجزء الثالث عشر من كتاب صبح الأعشى)(13/403)
[المجلد الرابع عشر]
بسم الله الرّحمن الرّحيم وصلّى الله وسلّم على سيدنا محمد وآله وصحبه
[تتمة المقالة التاسعة]
الباب الرابع من المقالة التاسعة (في الهدن الواقعة بين ملوك الإسلام وملوك الكفر؛ وفيه فصلان)
الفصل الأوّل في أصول تتعيّن على الكاتب معرفتها؛ وفيه ثلاثة أطراف
الطرف الأوّل (في بيان رتبتها ومعناها، وذكر ما يرادفها من الألفاظ)
أما رتبتها فإنها متأخرة- عند قوّة السلطان- عن عقد الجزية: لأن في الجزية ما يدلّ على ضعف المعقود له، وفي الهدنة ما يدلّ على قوّته.
وأما معناها فالمهادنة في اللّغة المصالحة؛ يقال: هادنه يهادنه مهادنة إذا صالحه؛ والاسم الهدنة. وهي إما من هدن بفتح الدال يهدن بضمّها «1»(14/3)
هدونا إذا سكن، ومنه قولهم: «هدنة على دخن» . أي سكون على غلّ «1» ، أو تكون قد سميت بذلك لما يوجد من تأخير الحرب بسببها.
ويرادفها ألفاظ أخرى:
أحدها- الموادعة، ومعناها المصالحة أيضا، أخذا من قولهم: عليك بالمودوع: يريدون بالسّكينة والوقار، فتكون راجعة إلى معنى السّكون.
وإما أخذا من توديع الثّوب ونحوه: وهو جعله في صوان يصونه، لأنه بها تحصل الصيّانة عن القتال. وإما أخذا من الدّعة: وهي الخفض والهناء، لأن بسببها تحصل الراحة من تعب الحرب وكلفه.
الثاني- المسالمة ومعناها ظاهر: لأن بوقوعها يسلم كلّ من أهل الجانبين من الآخر.
الثالث- المقاضاة، ومعناها [المحاكمة مفاعلة من القضاء بمعنى الفصل والحكم] «2» .
الرابع- المواصفة، سمّيت بذلك لأن الكاتب يصف ما وقع عليه الصّلح من الجانبين. على أن الكتّاب يخصّون لفظ المواصفة بما إذا كانت المهادنة من الجانبين، ولا شكّ أن ذلك جار في لفظ الموادعة والمسالمة والمقاضاة أيضا: لأن المفاعلة لا تكون إلا بين اثنين إلا في ألفاظ قليلة محفوظة، على ما هو مقرّر في علم العربية.
أما لفظ الهدنة فإنّه يصدق أن يكون من جانب واحد، بأن يعقد الأعلى الهدنة لمن هو دونه. على أنها عند التّحقيق ترجع إلى معنى المفاعلة، إذ لا تتصوّر إلا من آثنين.(14/4)
وأما في الشّرع فعبارة عن صلح يقع بين زعيمين في زمن معلوم بشروط مخصوصة، على ما سيأتي بيانه فيما بعد، إن شاء الله تعالى.
والأصل فيها أن تكون بين ملكين مسلم وكافر، أو بين نائبيهما، أو بين أحدهما ونائب الآخر. وعلى ذلك رتّب الفقهاء رحمهم الله باب الهدنة في كتبهم. قال صاحب «موادّ البيان» «1» : وقد يتعاقد عظماء أهل الإسلام على التّوادع والتّسالم واعتقاد المودّة والتّصافي، والتّوازر والتّعاون، والتّعاضد والتّناصر، ويشترط الأضعف منهم للأقوى تسليم بعض ما في يده والتّفادي عنه بمعاطفته والانقياد إلى اتّباعه، والطاعة والاحترام في المخاطبة، والمجاملة في المعاملة، أو الإمداد بجيش، أو امتثال الأوامر والنواهي وغيرها مما لا يحصى.
قلت: وقد يكون الملكان متساويين في الرّتبة أو متقاربين، فيقع التّعاقد بينهما على المسالمة والمصافاة، والموازرة والمعاونة، وكفّ الأذيّة والإضرار وما في معنى ذلك، دون أن يلتزم أحدهما للآخر شيئا يقوم به أو إتاوة يحملها إليه؛ ولكلّ مقام مقال، والكاتب الماهر يوفّي كلّ مقام حقّه، ويعطي كلّ فصل من الفصول مستحقّه.
الطرف الثاني (في أصل وضعها)
أمّا مهادنة أهل الكفر فالأصل فيها قوله تعالى: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ
«2» الآية، وقوله: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها
«3» .
وما ثبت في صحيح البخاريّ من حديث عروة بن الزّبير رضي الله عنه،(14/5)
أنّ قريشا وجّهت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو بالحديبية «1» - حين صدّه قريش عن البيت- سهيل بن عمرو، فقال للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «هات [اكتب] «2» بيننا وبينك كتابا «3» ، فدعا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الكاتب «4» ، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «اكتب بسم الله الرحمن الرحيم» ، فقال سهيل: «أما الرّحمن فو الله ما أدري ما هو؟ ولكن اكتب:
باسمك اللهمّ، كما كنت تكتب «5» ، فقال المسلمون: «والله لا نكتب إلّا:
بسم الله الرحمن الرحيم» ، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «اكتب: باسمك اللهم» - ثم قال: «هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله» - فقال سهيل: «والله لو كنّا نعلم أنّك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك؛ ولكن اكتب:
محمد بن عبد الله» ، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «والله إني لرسول الله وإن كذّبتموني، اكتب محمد بن عبد الله» : ثم قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «على أن تخلّوا بيننا وبين البيت فنطوف به» - فقال سهيل: «والله لا تتحدّث العرب أنّا قد أخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب- قال سهيل: وعلى أنه لا يأتيك منّا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا- قال المسلمون:
سبحان الله! كيف يردّ إلى المشركين وقد جاء مسلما! فبينما هم كذلك، إذ جاء أبو جندل يرسف في قيوده، وقد خرج من مكّة حتّى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين- فقال سهيل: هذا يا محمد أوّل ما أقاضيك عليه أن تردّه إليّ-(14/6)
فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنا لم نقض الكتاب بعد» - قال: فو الله [إذا] «1» لا أصالحك على شيء أبدا- قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «فأجزه لي» - قال: ما أنا بمجيزه لك- قال: «بلى فافعل» - قال: ما أنا بفاعل. قال مكرز بن حفص: بلى قد أجزناه لك. قال أبو جندل: أي معشر المسلمين: أردّ إلى المشركين وقد جئت مسلما؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذّب عذابا شديدا في الله تعالى. قال عمر بن الخطّاب: فأتيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقلت:
ألست نبيّ الله حقّا؟ قال بلى! قلت: ألسنا على الحقّ وعدوّنا على الباطل؟
قال بلى! قلت: فلم نعطي الدّنيّة في ديننا إذا؟ قال: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري» .
قلت: هذا ما أورده البخاريّ في حديث طويل. والذي أورده أصحاب السّير أن الكاتب كان عليّ بن أبي طالب، وأن نسخة الكتاب:
«هذا ما قاضى «2» عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو، [اصطلحا] على وضع الحرب عن الناس عشر سنين، وأنه من أحبّ أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحبّ أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه» .
وأشهد في الكتاب على الصّلح رجالا من المسلمين والمشركين «3» .(14/7)
الطرف الثالث (فيما يجب على الكاتب مراعاته في كتابة الهدن)
قال في «موادّ البيان» : وهذا الفنّ من المكاتبات له من الدّولة محلّ خطير، ومن المملكة موضع كبير؛ ويتعين على الكاتب أن يخلّى له فكره، ويعمل فيه نظره، ويتوفّر عليه توفّرا يحكم مبانيه، ويهذّب معانيه.
والذي يلزم الكاتب في ذلك نوعان:
النوع الأوّل (ما يختص بكتابة الهدنة بين أهل الإسلام وأهل الكفر)
وهي الشروط الشرعية المعتبرة في صحّة العقد بحيث لا يصحّ عقد الهدنة مع إهمال شيء منها. وهي أربعة شروط:
الأوّل- في العاقد. ويختلف الحال فيه باختلاف المعقود عليه: فإن كان المعقود عليه إقليما: كالهند والرّوم ونحوهما، أو مهادنة الكفّار مطلقا، فلا يصحّ العقد فيه إلا من الإمام الأعظم أو من نائبه العامّ المفوّض إليه التّحدّث في جميع أمور المملكة. وإن كان على بعض القرى والأطراف، فلآحاد الولاة المجاورين لهم عقد الصّلح معهم.
الثاني- أن يكون في ذلك مصلحة للمسلمين: بأن يكون في المسلمين ضعف أو في المال قلّة، أو توقّع إسلامهم بسبب اختلاطهم بالمسلمين، أو طمع في قبولهم الجزية من غير قتال وإنفاق مال. فإن لم تكن مصلحة فلا يهادنون بل يقاتلون حتّى يسلموا أو يؤدّوا الجزية إن كانوا من أهلها.
الثالث- أن لا يكون في العقد شرط يأباه الإسلام: كما لو شرط أن يترك بأيديهم مال مسلم، أو أن يردّ عليهم أسير مسلم انفلت منهم، أو شرط لهم على المسلمين مال من غير خوف على المسلمين، أو شرط ردّ مسلمة إليهم، فلا يصحّ العقد مع شيء من ذلك، بخلاف ما لو شرط ردّ الرجل المسلم أو(14/8)
المرأة الكافرة فإنه لا يمنع الصّحّة. قال الغزالي: وقد جرت العادة أن يقول:
[نهادنكم] «1» على أنّ من جاءكم من المسلمين رددتموه، ومن جاءنا مسلما رددناه. فإن كان في المسلمين ضعف وخيف عليهم، جاز التزام المال لهم دفعا للشّرّ، كما يجوز فكّ الأسير المسلم إذا عجزنا عن انتزاعه.
الرابع- أن لا تزيد مدّة الهدنة عن أربعة أشهر عند قوّة المسلمين وأمنهم، ولا يجوز أن تبلغ سنة بحال؛ وفيما دون سنة وفوق أربعة أشهر قولان للشافعيّ رضي الله عنه، أصحّهما أنه لا يجوز، أما إذا كان في المسلمين ضعف وهناك خوف، فإنه تجوز المهادنة إلى عشر سنين؛ فقد هادن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهل مكّة عشر سنين كما رواه أبو داود في سننه. ولا تجوز الزيادة عليها على الصحيح؛ وفي وجه تجوز الزيادة على ذلك للمصلحة.
فلو أطلق المدّة فالصحيح من مذهب الشافعيّ أنّها فاسدة؛ وقيل: إن كانت في حال ضعف المسلمين حملت على عشر سنين، وإن كانت في حال القدرة: فقد قيل تحمل على الأقل: وهو أربعة أشهر، وقيل على الأكثر: وهو ما يقارب السنّة. ولو صرّح بالزيادة على ما يجوز عقد الهدنة عليه: فإن زاد على أربعة أشهر في حال القوّة أو على عشر سنين في حال الضّعف صح في المدّة المعتبرة وبطل في الزائد؛ فإن احتيج إلى الزيادة على العشر، عقد على عشر ثم عشر ثم عشر قبل تقضّي الأولى؛ قاله الفورانيّ «2» وغيره من أصحابنا الشافعية. وذهب أصحاب مالك رحمهم الله إلى أن مدّتها غير محدودة، بل يكون موكولا إلى اجتهاد الإمام ورأيه.(14/9)
النوع الثاني (ما تشترك فيه الهدن الواقعة بين أهل الكفر والإسلام، وعقود الصّلح الجارية بين زعماء المسلمين؛ وهي ضربان)
الضرب الأوّل (الشروط العادية التي جرت العادة أن يقع الاتّفاق عليها بين الملوك في كتابة الهدن خلا ما تقدّم)
وليس لها حدّ يحصرها، ولا ضابط يضبطها، بل بحسب ما تدعو الضرورة إليه في تلك الهدنة بحسب الحال الواقع.
فمن ذلك- أن يشترط عليه أن يكون لوليّه مواليا، ولعدوّه معاديا، ولمسالمه مسالما، ولمحاربه محاربا، ولا يواطيء عليه عدوّا، ولا يوقع عليه صلحا، ولا يوافق على ما يقدح في أمره، ولا يقبل سؤال سائل، ولا بذل باذل، ولا رسالة مراسل مما يخالف الاتّفاق الجاري، والأخذ على يد من سعى في نقض الصّلح ونكث العهد إن كان من أهل طاعته، والمقاتلة إن كان من المخالفين له، وأنّه إذا جنى من أهل مملكتهم جان كان عليه إحضاره أو الأخذ منه بالجناية.
ومن ذلك- أن يشترط عليه أن يكفّ عن بلاده وأعماله، ومتطرّف ثغوره، وشاسع نواحيه- أيدي الداخلين في جماعته، والمنضمّين إلى حوزته، ولا يجهّز لها جيشا، ولا يحاول لها غزوا، ولا يبدأ أهلها بمنازعة، ولا يشرع لهم في مقارعة، ولا يتناوبهم بمكيدة ظاهرة ولا باطنة، ولا يعاملهم بأذيّة جليّة ولا خفيّة، ولا يطلق لأحد ممّن ينوب عنه في إمارة جيشه، ومن ينسب إلى جملته، ويتصرّف على إرادته- عنانا إلى شيء من ذلك بوجه من الوجوه، ولا سبب من الأسباب، وأن لا يجاوز حدود مملكته إلى المملكة الأخرى بنفسه ولا بعسكر من عساكره.
ومن ذلك- أن يشترط عليه أن يفرج عمّن هو في حوزته ممّن أحاطت به(14/10)
ربقة الأسر، ويمكّنهم من المسير إلى بلادهم: بأنفسهم وخدمهم وعيالهم وأتباعهم، وأصناف أموالهم، في أتمّ حراسة، وأكمل خفارة، دون كلفة ولا مؤونة تلحقهم على إطلاقهم، ونحو ذلك.
ومن ذلك- أن يشترط عليه مالا يحمله إليه في كلّ سنة، أو أن يسلّم إليه ما يختاره: من حصون وقلاع وأطراف وسواحل مما وقع الاستيلاء عليه من بلاد المسلمين، أو أحبّ انتزاعه أو استضافته من بلاد من يهادنه من ملوك الكفر، وأن يبقي من بها من أهلها، ويقرّرهم فيها بحرمهم وأولادهم ومواشيهم وأزوادهم وسلاحهم وآلاتهم، دون أن يلتمس عن ذلك أو عن شيء منه مالا، أو يطلب عنه بدلا، وما ينخرط في هذا السّلك.
ومن ذلك- أن يشترط عليه عدم التّعرّض لتجّار مملكته، والمسافرين من رعيّته، برّا وبحرا بنوع من أنواع الأذيّة والإضرار، في أنفسهم ولا في أموالهم، وللمجاورين للبحر عدم ركوب المراكب الحربيّة التي لا يعتاد التّجّار ركوب مثلها.
ومن ذلك- أن يشترط عليه إمضاء ما وقعت عليه المعاقدة، وأن لا يرجع عن ذلك ولا عن شيء منه، ولا يؤخّر شيئا عن الوقت الذي [اتفق عليه] «1» .
ومن ذلك- أن يشترط عليه أنه إذا بقي من مدّة الهدنة مدّة قريبة مما يحتاج إلى التّعبيء فيه، أن يعلمه بما يريده من مهادنة أو غيرها.
ومن ذلك- أن يشترط عليه أنه إذا انقضى أمد الهدنة على أحد من الطائفتين وهو في بلاد الآخرين، أن يكون له الأمن حتّى يلحق مأمنه.
ومن ذلك- أن يشترط مالا يحمله إليه في الحال أو في كلّ سنة، أو حصونا، أو بلادا يسلّما من بلاده، أو مما يغلب عليه من بلاد مهادنه، إلى غير ذلك من الأمور التي يجري عليها الاتّفاق مما لا تحصى كثرة.(14/11)
الضرب الثاني (مما يلزم الكاتب في كتابة الهدنة- تحرير أوضاعها، وترتيب قوانينها، وإحكام معاقدها)
وذلك باعتماد أمور:
منها- أن يكتب الهدنة فيما يناسب الملك الذي تجري الهدنة بينه وبين ملكه؛ ولم أرمن تعرّض في الهدن لمقدار قطع الورق، وإن كثرت كتابتها في الزّمن المتقدّم بين ملوك الديار المصرية وبين ملوك الفرنج، كما سيأتي ذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى. والذي ينبغي أن يراعى في ذلك مقدار قطع الورق الذي يكاتب فيه الملك الذي تقع الهدنة معه: من قطع العادة أو الثّلث أو النّصف.
ومنها- أن يأتي في ابتدائها ببراعة الاستهلال: إما بذكر تحسين موقع الصّلح والنّدب إليه ويمن عاقبته، أو بذكر السلطان الذي تصدر عنه الهدنة، أو السّلطانين المتهادنين، أو الأمر الذي ترتّب عليه الصّلح، وما يجري هذا المجرى مما يقتضيه الحال ويستوجبه المقام.
ومنها- أن يأتي بعد التّصدير بمقدّمة يذكر فيها السّبب الذي أوجب الهدنة ودعا إلى قبول الموادعة.
فإن كانت الهدنة مع أهل الكفر، احتجّ للإجابة إليها بالائتمار بأمر القرآن والانقياد إليه، حيث أمر الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم بالمطاوعة على الصّلح والإجابة إلى السّلم بقوله: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
«1» ، وما وردت به السّنّة، من مصالحته صلّى الله عليه وسلّم قريشا عام الحديبية، وذكر ما سنح له من آيات الصّلح وأحاديثه، وما جرى عليه الخلفاء الراشدون من بعده، وكفّهم عن القتال وقوفا عند ما حدّ لهم، وأنّه لولا ذلك لشرعوا الأسنّة(14/12)
إلى مخالفيهم في الدّين، وركضوا الجياد إلى جهاد من يليهم من الملحدين.
وإن كان الصّلح بين مسلمين احتجّ بنحو قوله تعالى: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما
«1» ، وبأحاديث التّحذير من تقاتل المسلمين كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النّار» وما يجري هذا المجرى.
ومنها- أن يراعي المقام في تبجيل المتهادنين أو أحدهما بحسب ما يقتضيه الحال، ووصف كلّ واحد منهما بما يليق به: من التعظيم، أو التّوسّط، أو انحطاط الرّتبة بحسب المقام، ويجري على حسب ذلك في الشدّة واللين.
فإن كانت الهدنة بين متكافئين سوّى بينهما في التعظيم، وجرى بهما في الشّدّة واللّين على حدّ واحد، إلا أن يكون أحدهما أسنّ من الآخر، فيراعي للأسنّ ما يجب له على الحدث من التّأدّب معه، ويراعي للحدث ما يجب له على الكبير من الحنوّ والشّفقة.
وإن كانت الهدنة من قويّ لضعيف، أخذ في الاشتداد، آتيا بما يدلّ على علوّ الكلمة، وانبساط القدرة، وحصول النّصرة، واستكمال العدد، وظهور الأيد، ووفور الجند، وقصور الملوك عن المطاولة، وعجزهم عن المحاولة، ونحو ذلك مما ينخرط في هذا السّلك، لا سيّما إذا كان القويّ مسلما والضعيف كافرا، فإنه يجب الازدياد من ذلك، وذكر ما للإسلام من العزّة، وما توالى له من النّصرة، وذكر الوقائع التي كانت فيها نصرة المسلمين على الكفّار في المواطن المشهورة، والأماكن المعروفة، وما في معنى ذلك.
وإن كانت الهدنة من ضعيف لقويّ، أخذ في الملاينة بحسب ما يقتضيه الحال، مع إظهار الجلادة، وتماسك القوّة، خصوصا إذا كان القويّ(14/13)
المعقود معه الهدنة كافرا. وإن شرط له مالا عند ضعف المسلمين للضرّورة أتى في كلامه بما يقتضي أنّ ذلك رغبة في الصّلح المأمور به، لا عن خور طباع وضعف قوّة؛ إذ الله تعالى يقول: فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ
«1» .
ومنها- أن يتحفظ من سقط يدخل على الشريعة نقيصة، إن كانت المهادنة مع أهل الكفر، أو يجرّ إلى سلطانه وهيصة «2» ، إن كانت بين مسلمين؛ ويتحذّر كلّ الحذر من خلل يتطرّق إليه: من إهمال شيء من الشروط، أو ذكر شرط فيه خلل على الإسلام أو ضرر على السلطان، أو ذكر لفظ مشترك أو معنى ملتبس يوقع شبهة توجب السبيل إلى التأوّل، وأن يأخذ المأخذ الواضح الذي لا تتوجّه عليه معارضة، ولا تتطرّق إليه مناقضة، ولا يدخله تأويل.
ومنها- أن يبيّن أن الهدنة وقعت بعد استخارة الله تعالى وتروية النّظر في ذلك وظهور الخير فيه، ومشاورة ذوي الرّأي وأهل الحجى، وموافقتهم على ذلك.
ومنها- أن يبيّن مدّة الهدنة. فقد تقدّم أن الصّحيح من مذهب الشافعي أنه إذا لم تبيّن المدّة في مهادنة أهل الكفر فسدت الهدنة.
قال في «التعريف» : وقد جرت العادة أن يحسبوها مدّة سنين شمسيّة فيحرّر حسابها بالقمريّة. ويذكر سنين وأشهرا وأيّاما وساعات حتّى يستوفي السنين الشّمسية المهادن عليها. أما في عقد الصّلح بين مسلمين فإنه لا يشترط ذلك، بل ربّما قالوا: إن ذلك صار لازما للأبد، حتّى في الولد وولد الولد.(14/14)
ومنها- أن يبيّن أن الهدنة وقعت بين الملكين أنفسهما، أو بين نائبيهما، أو بين أحدهما ونائب الآخر، ويستوفي ما يجب لكلّ قسم منها.
فإن كانت بين الملكين أنفسهما بغير واسطة بين ذلك، ذكر ما أخذ عليهما من العهود والمواثيق، والأيمان الصادرة من كلّ منهما، وذكر ما وقع من الإشهاد بذلك عليهما، وما جرى من ثبوت حكمه إن جرى فيه ثبوت ونحو ذلك.
وإن كانت بين المكتوب عنه ونائب الآخر، بيّن ذلك، وتعرّض إلى المستند في ذلك: من حضور كتاب من الملك الغائب، بتفويض الأمر في ذلك إلى نائبه، وأنه وصل على يده أو يد غيره، والإشارة إلى أنّه معنون بعنوانه، مختوم بختمه المتعارف عنه أو وكالة عنه. ويتعرّض إلى قيام البيّنة بها وثبوتها بمجلس الحكم ونحو ذلك من المستندات.
وإن كانت بين نائبين، بيّن ذلك وذكر مستند كلّ نائب منهما على ما تقدّم ذكره. ويتعرّض إلى أن النائب في ذلك قام فيه باختياره وطواعيته، لا عن إكراه ولا إجبار، ولا قسر ولا غلبة، بل لما رأى لنفسه ولمستنيبه في ذلك من المصلحة والحظّ، وأنّ كتاب الهدنة قريء عليه وبيّن له فصلا فصلا، وترجم له بموثوق به، إن كان لا يعرف العربيّة ونحو ذلك.
ومنها- أن يتعرّض إلى ما يجري من التّحليف في آخرها: على الوفاء، وعدم النّكث والإخلال بشيء من الشروط، أو الخروج عن شيء من الالتزامات، أو محاولة التأويل في شيء من ذلك، أو السّعي في نقضه أو في شيء منه، وما في معنى ذلك:
فإن كانت بين ملكين، تعرّض إلى تحليف كلّ منهما على التّوفية بذلك.
وإن كانت بين أحدهما ونائب الآخر، حلّف الملك كما تقدّم؛ وستأتي(14/15)
صورة الحلف الذي يقع في الهدن في الكلام على الأيمان «1» فيما بعد، إن شاء الله تعالى.
ومنها- أن يحرّر أمر التّاريخ بالعربيّ وما يؤرّخ به في مملكة الملك المهادن: من السّريانيّ والرّوميّ وغيرهما. قال في «التعريف» : ولهم عادة أن يحسبوها مدّة سنين شمسيّة فيحرّر حسابها بالقمريّة، ويذكر سنين وأشهرا وأيّاما وساعات حتّى يستكمل السنين الشمسية المهادن عليها. وقد تقدّم في الكلام على التّاريخ من المقالة الثالثة كيفية معرفة التواريخ واستخراجها.
ومنها- أن يقع الإشهاد على كلّ من المتعاقدين بذلك، ولا بأس بإثبات ذلك. وقد جرت العادة أنه يشهد على كلّ ملك جماعة من أهل دولته ليقضى على ملكهم بقولهم وإن كان مخالفا في الدّين. وقد ثبت في الصّحيح أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم «أشهد على مصالحته مع قريش رجالا من المسلمين ورجالا من المشركين» . وربّما طلب النائب عن الملك الغائب إحضار نسخة مهادنة من جهة مستنيبه على ما وقع به العقد، مشمولة بخطّ الكتّاب، مشهودا عليه فيها بأهل مملكته، أو تجهّز إليه نسخة يكتب عليها خطّه، ويشهد عليه فيها أهل مملكته. والغالب الاكتفاء بالرّسل في ذلك.(14/16)
الفصل الثاني في صورة ما يكتب في المهادنات والسّجلّات «1» ، ومذاهب الكتّاب في ذلك؛ وفيه طرفان.
الطرف الأوّل (فيما يستبدّ ملوك الإسلام فيه بالكتابة عنهم- وتخلّد منه نسخ بالأبواب السلطانية، وتدفع منه نسخ إلى ملوك الكفر)
ثم ما يكتب في ذلك على نمطين:
النّمط الأوّل (ما يكتب في طرّة الهدنة من أعلى الدّرج)
وقد جرت العادة أن يفتتح بلفظ «هذا» أو لفظ «هذه» وما في معنى ذلك، مثل أن يكتب: «هذا عقد صلح» أو «هذا كتاب هدنة» أو «هذه موادعة» أو «هذه مواصفة» وما أشبه ذلك. وربّما حذف المبتدأ وهو «هذا» واكتفي بالخبر عنه، مثل أن يقال: «كتاب هدنة» أو «كتاب موادعة» أو «عقد مصالحة» وما أشبه ذلك.(14/17)
وهذه نسخة بعقد صلح أنشأتها لينسج على منوالها؛ وهي:
هذا عقد صلح انتظمت به عقود المصالح، وانتسقت بواسطته سبل المناجح، وتحدّث بحسن مقدّمته الغادي وترنّم بيمن نتيجته الرّائح- عاقد عليه السلطان فلان فلانا القائم في عقد هذا الصّلح عن مرسله فلان، حسب ما فوّض إليه الأمر في ذلك في كتابه الواصل على يده، المؤرّخ بكذا وكذا، المعنون بعنوانه، المختوم بطابعه المتعارف عنه- على أن يكون الأمر كذا وكذا. ويشرح ملخّص ما يقع من الشروط التي يقع عليها الاتفاق بينهما في الصّلح إلى آخرها؛ ثم يقال: على ما شرح فيه.
النّمط الثاني (ما يكتب في متن الهدنة، وهو على نوعين)
النوع الأوّل (ما تكون الهدنة فيه من جانب واحد)
بأن يكون الملكان متكافئين، [فيتعاقدان إما على حصن] «1» وإما على مال يعطيه الملك المعقودة له الهدنة لعاقدها، كما كان يكتب عن صاحب الديار المصرية.
وللكتّاب فيه مذهبان:
المذهب الأوّل (أن تفتتح الهدنة بلفظ: «هذا ما هادن عليه»
أو «هذه هدنة أو موادعة أو مواصفة أو سلّم أو صلح» أو نحو ذلك، على نحو ما تقدّم في الكلام على الطرّة) وعلى ذلك كتب كتاب القضيّة بين النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وبين قريش عام(14/18)
الحديبية، على ما تقدّم ذكره في الكلام على أصل مشروعيّتها.
وهذه نسخة هدنة كتب بها عن سلطان قويّ، لملك مضعوف، باشتراط مال يقوم به المضعوف للقويّ في كلّ سنة أو حصون يسلّمها له أو نحو ذلك؛ وهي:
هذا ما هادن عليه، وأجّل إليه، مولانا السلطان فلان- خلّد الله سلطانه وشرّف به زمانه- الملك فلانا الفلانيّ: هادنه حين تردّدت إليه رسله، وتوالت عليه كتبه، وأمّله، ليمهله، وسأله، ليكفّ عنه أسله، حين أبت صفاحه أن تصفح، وسماء عجاجه بالدّماء إلا أن تسفح؛ فرأى- سدّد الله آراءه- أن الصّلح أصلح، وأن معاملة الله أربح، وهادن هذا الملك (ويسميه) على نفسه وأهله، وولده ونسله، وجميع بلاده، وكلّ طارفه وتلاده، وماله من ملك ومال، وجهات وأعمال، وعسكر وجنود، وجموع وحشود، ورعايا في مملكته من المقيم والطّاريء، والسّائر بها والساري- هدنة مدّتها أوّل تاريخ هذه الساعة الراهنة وما يتلوها، مدّة كذا وكذا من سنين وأشهر وساعات، يحمل فيها هذا الملك فلان إلى بيت مال المسلمين، وإلى تحت يد مولانا السلطان فلان قسيم أمير المؤمنين، في هذه المدّة كذا وكذا- يقوم به هذا الملك من ماله، ومما يتكفّل بجبايته من جزية أهل بلاده وخراج أعماله، على أقساط كذا وكذا- قياما لا يحوج معه إلى تكلّف مطالبة، ولا إلى تناوله بيد مغالبة.
على أن يكفّ مولانا السلطان عنه بأس بأسائه، وخيله المطلّة عليه في صباحه ومسائه، ويضمّ عن بلاده أطراف جنوده وعساكره وأتباعهم، ويؤمّنه من بطائهم وسراعهم، ويمنع عن بلاد هذا الملك المتاخمة لبلاده، والمزاحمة لدوافق أمداده، ويردّ عنها وعمّن جاورها من بقيّة ما في مملكته، وهي كذا وكذا أيدي النّهب، ويكفّ الغارات ويمنع الأذى، ويردّ من نزح من رعايا هذا الملك إليه، ما لم يدخل في دين الإسلام ويشهد الشّهادتين،(14/19)
ويقرّ بالكلمتين المعتادتين، ويؤمّن جلّابة هذا الملك وتجّاره المتردّدين من بلاده إلى بلاد الإسلام في عوارض الأشغال، ولا يحصل عليهم ضرر في نفس ولا مال؛ وإن أخذت المتجرّمة منهم مالا أو قتلت أحدا، أمر بإنصافهم من ذلك المتجرّم، وأن يؤخذ بحقّهم من ذلك المجرم. وعليه مثل ذلك فيمن يدخل إليه من بلاد الإسلام، وأن لا يفسح لنفسه ولا لأحد من جميع أهل بلاده في إيواء مسلم متنصّر، ولا يرخّص لذي عمّى منهم ولا متبصّر.
وأنه كلما وردت إليه كتب مولانا السّلطان فلان أو كتب نوّابه، أو أحد [من المتعلّقين] «1» بأسبابه، يسارع إلى امتثاله والعمل به في وقته الحاضر ولا يؤخّره ولا يمهله، ولا يطرحه ولا يهمله.
وعليه أن لا يكون عينا للكفّار، على بلاد الإسلام وإن دنت به أو بعدت الدّار، ولا يواطيء على مولانا السّلطان فلان أعداءه [وأوّلهم التّتار] «2» ، وأن يلتزم ما يلزمه من المسكة بالمسكنة، ويفعل ما تسكت عنه به الأسنّة وما أشبهها من الألسنة، وعليه أن ينهي ما يتجدّد عنده من أخبار الأعداء ولو كانوا أهل ملّته، وينبّه على سوء مقاصدهم، ويعرّف ما يهمّ سماعه من أحوال ما هم عليه.
هذه هدنة تمّ عليها الصّلح إلى منتهى الأجل المعيّن فيه ما استمسك بشروطها، وقام بحقوقها، ووقف عند [حدّها الملتزم به] «3» ، وصرف إليها عنان اجتهاده وبنى عليها قواعد وفائه، وصان من التكدير فيها سرائر صفائه، سأل هو في هذه الهدنة المقرّرة، وأجابه مولانا السلطان إليها على شروطها المحرّرة، وشهد به الحضور بالمملكتين وتضمّنته هذه الهدنة المسطّرة؛ وبالله التوفيق.
قلت: الظاهر أنه كان يكتب بهذه النّسخة عن صاحب الديار المصرية(14/20)
والممالك الشامية، لمتملّك سيس «1» ؛ فإنّ في خلال كلام المقرّ الشّهابيّ بعد قوله: ولا يواطيء على مولانا السلطان فلان أعداءه: «وأوّلهم التّتار» ، وقد تقدّم في الكلام على الممالك أن متملك سيس كان يماليء التّتار ويميل إليهم، ويساعدهم في حرب المسلمين ويكثّر في سوادهم.
وعلى مثل ذلك يكتب لكلّ ملك مضعوف في مهادنة الملك القويّ له.
وهذه نسخة هدنة من هذا النّمط، كتب بها أبو إسحاق الصّابي، عن صمصام الدّولة، بن عضد الدّولة، بن ركن الدّولة، بن بويه الدّيلميّ؛ بأمر أمير المؤمنين الطّائع لله، الخليفة العبّاسيّ ببغداد يومئذ، لوردس «2» المعروف بسفلاروس ملك الرّوم، حين حيل بينه وبين بلاده، والتمس أن يفرج له طريقه إلى بلاده، على شروط التزمها، وحصون يسلّمها، على ما سيأتي ذكره، وهي:
هذا كتاب من صمصام الدّولة، وشمس الملّة، أبي كاليجار، بن عضد الدّولة وتاج الملّة أبي شجاع، بن ركن الدّولة أبي عليّ، مولى أمير المؤمنين، كتبه لوردس بن بينير المعروف بسفلاروس ملك الروم.(14/21)
إنك سألت بسفارة أخينا وعدّتنا، وصاحب جيشنا (أبي حرب ربار بن شهر اكويه) تأمّل حالك في تطاول حبسك، واعتياقك عن مراجعة بلدك، وبذلت- متى أفرج عنك، وخلّي طريقك، وأذن لك في الخروج إلى وطنك، والعود إلى مقرّ سلطانك- أن تكون لوليّنا وليّا، ولعدوّنا عدوّا، ولسلمنا سلما، ولحربنا حربا: من جميع الناس كلّهم، على اختلاف أحوالهم وأديانهم، وأجناسهم وأجيالهم، ومقارّهم وأوطانهم؛ فلا تصالح لنا ضدّا مباينا، ولا تواطيء علينا عدوّا مخالفا، وأن تكفّ عن تطرّق الثغور والأعمال التي في أيدينا وأيدي الدّاخلين في طاعتنا: فلا تجهّز إليها جيشا، ولا تحاول لها غزوا، ولا تبدأ أهلها بمنازعة، ولا تشرع لهم في مقارعة، ولا تتناولهم بمكيدة ظاهرة ولا باطنة، ولا تقابلهم بأذيّة جليّة ولا خفيّة، ولا تطلق لأحد ممن ينوب عنك في قيادة جيوشك، ومن ينسب إلى جملتك، ويتصرّف على إرادتك- الاجتراء على شيء من ذلك على الوجوه والأسباب كلّها، وأن تفرج عن جميع المسلمين وأهل ذمّتهم الحاصلين في محابس الرّوم، ممّن أحاطت بعنقه ربقة الأسر، واشتملت عليه قبضة الحصر والقسر، في قديم الأيّام وحديثها، وبعيد الأوقات وقريبها، المقيمين على أديانهم، والمختارين للعود إلى أوطانهم؛ وتنهضهم بما ينهض به أمثالهم، وتمكّنهم من البروز والمسير بنفوسهم وحرمهم وأولادهم وعيالاتهم وأتباعهم، وأصناف أموالهم، موفورين مضمونين، متبذرقين «1» محروسين، غير ممنوعين، ولا معوّقين، ولا مطالبين بمؤونة ولا كلفة صغيرة ولا كبيرة.
وأن تسلّم تتمّة سبعة من الحصون، وهي: حصن أرحكاه المعروف بحصن الهندرس، وحصن السناسنة، وحصن حويب، وحصن أكل، وحصن أنديب، وحصن حالي، وحصن تل حرم، برساتيقها ومزارعها إلى من نكاتبك(14/22)
بتسليمها إليه، مع من بها من طبقات أهلها أجمعين، المختارين لسكناها والاستقرار فيها، بحرمهم وأولادهم وأسبابهم ومواشيهم وأصناف أموالهم وغلّاتهم وأزوادهم وسلاحهم وآلاتهم، ليكون جميعها حاصلا في أيدينا وأيدي المسلمين، على غابر الأيام والسّنين، من غير أن تلتمس عنها أو عن شيء منها مالا، ولا بدلا، ولا عوضا من الأعواض كلّها.
وعلى أنك تمضي ما عقدته على نفسك من ذلك كلّه بابا بابا، وتفي به أوّلا أوّلا، منذ وقت وصولك إلى أوائل أعمالك، وإلى غاية استيلائك عليها، ونفاذ أمرك فيها، ولا ترجع عن ذلك ولا عن بعضه، ولا تؤخّر شيئا من الوقت الذي تقدر فيه عليه، ولا ترخّص لنفسك في تجاوز له ولا عدول عنه.
ومتى سعت طائفة من الطّوائف التي تنسب إلى الروم والأرمن وغيرهم في أمر يخالف شرائط هذا الكتاب، كان عليك منعهم من ذلك إن كانوا من أهل الطاعة والقبول منك، أو مجاهدتهم وممانعتهم إن كانوا من أهل العنود عنك، والخلاف عليهم حتّى تصرفهم عما يرومونه، وتحول بينهم وبين ما يحاولونه، بمشيئة الله وإذنه، وتوفيقه وعونه.
واشترطت علينا بعد الذي شرطته لنا من ذلك التّخلية عن طريقك وطريق من تضمّنته جملتك، واشتملت عليه رفقتك: من طبقات الأصحاب والأتباع، في جميع أعمالنا حتّى تنفذ عنها إلى ما وراءها، غير معوّق، ولا معتقل، ولا مؤذى، ولا معارض، ولا مطالب بمؤونة ولا كلفة، ولا ممنوع من ابتياع زاد ولا آلة، ولا نؤثر عليك أحدا ناوأك في أعمالك، ونازعك سلطان بلادك، ودافعك عنه وناصبك العداوة فيه: ممّن ينتسب إلى الرّوم والأرمن والخزرية وسائر الأمم المضادّة لك، ولا نوقّع معه صلحا عليك، ولا موافقة على ما يعود بثلمك أو قدح في أمرك، ولا نقبل سؤال سائل، ولا بذل باذل، ولا رسالة مراسل فيما خالف شرائط هذا الكتاب أو عاد بإعلاله، أو إعلال وثيقة من وثائقه.(14/23)
ومتى وفد إلينا رسول من جهة أحد من أضدادك، راغبا إلينا في شيء يخالف ما انعقد بيننا وبينك- امتنعنا من إجابته إلى ملتمسه، ورددناه خائبا خاليا من طلبته. وإذا سلّمت الحصون المقدّم ذكرها إلى من نكاتبك بالتّسليم إليه، كان لك علينا أن نقرّ من فيها وفي رساتيقها على نعمهم ومنازلهم وضياعهم وأملاكهم، وأن لا نزيلهم عنها ولا عن شيء منها، ولا نحول بينهم وبين ما تحويه أيديهم من جميع أموالهم، وأن نجريهم في المعاملات والجبايات على رسومهم الجارية الماضية التي عوملوا عليها، على مرّ السنين، وإلى الوقت الذي يقع فيه التّسليم، من غير فسخ ولا تغيير ولا نقض ولا تبديل.
فأنهينا إلى مولانا أمير المؤمنين الطائع لله ما سألت والتمست، وضمنت وشرطت واشترطت من ذلك كله، واستأذنّاه في قبوله منك، وإيقاع المعاهدة عليه معك؛ فأذن- أدام الله تمكينه- لنا فيه، وأمرنا بأن نحكمه ونمضيه، لما فيه من انتظام الأمور، وحياطة الثّغور، وصلاح المسلمين، والتّنفيس عن المأسورين.
فأمضيناه على شرائط، وتراضينا جميعا به، وعاقدناك عليه، وحلفت لنا باليمين المؤكّدة التي يحلف أهل شريعتك بها، ويتحرّجون من الحنث فيها على الوفاء به، وأشهدنا على نفوسنا، وأشهدت على نفسك الله جلّ ثناؤه، وملائكته المقرّبين، وأنبياءه المرسلين، وأخانا وعدّتنا أبا حرب ربار بن شهر اكويه مولى أمير المؤمنين، ومن حضر المجلس الذي جرى فيه ذلك، باستقرار جميعه بيننا وبينك، ولزومه لنا ولك.
ثم حضر بعد تمام هذه الموافقة واستمرارها، وثبوتها واستقرارها، قسطنطين بن بينير أخو وردس بن بينير، وأرمانوس بن وردس بن بينير، فوقّعا على هذا الكتاب، وأحاطا به علما، واستوعباه معرفة، وشهدا على وردس ابن بينير ملك الرّوم بإقراره به، والتزامه إياه. ثم تبرّع كلّ واحد منهما بأن(14/24)
أوجب على نفسه التّمسّك به والمقام عليه متى قام وردس بن بينير فيما هو موسوم به من ملك الرّوم، وجعل جميع الشرائط الثابتة في هذا الكتاب المعقود بعضها ببعض أمانة في ذمّته، وطوقا في عنقه، وعهدا يسأل عنه، وحقّا يطالب في الدّنيا والآخرة به؛ وصار هذا العقد جامعا لهم ولنا، ولأولادنا وأولادهم، وعقبنا وعقبهم، ما عشنا وعاشوا، يلزمنا وإيّاهم الوفاء بما فيه علينا وعليهم، ولنا ولهم، على مرور اللّيالي والأيام، واختلاف الأدوار والأعوام.
أمضى وأنفذ صمصام الدّولة وشمس الملّة أبو كاليجار ذلك كلّه على شرائطه وحدوده، والتزمه وردس بن بينير المعروف بسفلاروس ملك الرّوم، وأخوه قسطنطين، وابنه أرمانوس بن وردس بن بينير، وضمنوا الوفاء به، وأشهدوا كلّ واحد منهم على نفوسهم بالرّضا به، طائعين غير مكرهين ولا مجبرين، ولا علّة بهم من مرض ولا غيره، بعد أن قرأه عليهم، وفسّره لهم وخاطبهم باللغة الرّومية من وثق به، وفهموا عنه، وفقهوا معنى لفظه، وأحاطوا علما ومعرفة به، بعد أن ملكوا نفوسهم، وتصرّفوا على اختيارهم، وتمكّنوا من إيثارهم، ورأوا أن في ذلك حظّا لهم، وصلاحا لشأنهم، وذلك في شعبان سنة ست وسبعين وثلاثمائة.
وقد كتب هذا الكتاب على ثلاث نسخ متساويات، خلّدت اثنتان منها بدواوين مدينة السّلام، وسلمت الثالثة إلى وردس بن بينير ملك الرّوم وأخيه وابنه المذكورين معه فيه.
وهذه نسخة هدنة من ملك مضعوف لملك قويّ، كتب بها الفقيه أبو عبد الله بن ... «1» ... أحد كتّاب الأندلس، عن بعض ملوك الأندلس من المسلمين، من أتباع «المهديّ بن تومرت» القائم بدعوة الموحّدين، مع «دون(14/25)
فرّانده» «1» صاحب قشتالة من ملوك الفرنج بعقد الصّلح على مرسية من بلاد الأندلس، وهي:
هذا عقدنا بعد استخارة الله تعالى واسترشاده، واستعانته واستنجاده، نيابة عن الإمارة العليّة بحكم استنادنا إلى أوامرها العالية، وآرائها الهادية، عقدناه- والله الموفّق- لقشتالة مع فلان النائب في عقده معنا عن مرسله إلينا، الملك الأجلّ الأسنى المبجّل «دون فرّانده» ملك قشتالة، وطليطلة، وقرطبة، وليون، وبلنسية- أدام الله كرامته وميزته بتقواه- حين وصلنا من قبله كتاب مختوم بطابعه المعلوم له والمتعارف عنه، تفويضا منه إليه، في كل ما يعقد له وعليه، وعاقدنا على أن يكون السّلم بيننا وبين مرسله المذكور لعامين اثنين، أوّلهما شهر المحرّم الذي هو أوّل سنة تاريخ هذا الكتاب، الموافق من الأشهر العجميّة شهر كذا، على جميع ما تحت نظرنا الآن من البلاد الراجعة إلى الدّعوة المهديّة- أسماها الله تعالى- حواضرها وثغورها، مواسطها وأطرافها، من جزيرة شقر «2» إلى بيرة «3» والمنصورة «4» وما يليها-(14/26)
حرس الله جميعها- سلما محافظا عليها من الجهتين، محفوظا عهدها عند أهل الملّتين، لا غدر فيها، ولا إخلال في معنى من معانيها، ولا تشنّ في مدنها غارة، ولا تذعر سيّارة؛ ومهما وقع إغوار، أو حدث إقدار، على جهة المجاهرة، إذا اتّصلت والمساترة؛ فإن كان من جهة النصارى، فعلى ملك قشتالة تسريح الأسارى، وردّ الغنائم والنّهب، والإنصاف من الغنيمة إن عدمت العين، وأعوز الطّلب، وعلينا مثل ذلك سواء، ليقابل بالوفاء؛ هذا بعد أن يتّبع الأمر ويعلم من أين كان.
ومن هذه المهادنة أن لا يتسبّب إلى الحصون بالغدر ولا بالشّرّ، ولا يتجاوز النصارى حدود بلادهم وأرضهم بشيء من البناء، ولا يصل من بلد قشتالة مدد لمخالفنا، ولا معونة لمفاتننا. وكل ما يرجع إلى هذه الدّعوة، ويدخل في الطّاعة من البلاد بعد هذا العقد فداخل في السّلم، بزيادة نسبته من المال الذي هو شرط في صحّة هذا الحكم، وإذا بقي من مدّة هذه المسالمة شهران اثنان، فعلى ملك قشتالة أن يعلمنا بغرضه في المهادنة أو سواها، إعلاما من مذاهب الوفاء أوفاها.
وقد التزم رسول المذكور لنا هذه الشّروط، وأحكم معنا- نيابة عنه فيها- العقود والرّبوط، على كلّ ما ذكرناه. والتزمنا في هذا السلم لملك قشتالة المذكورة- مكافأة عن وفاء عهده، وصحّة عقده- مائة ألف دينار واحدة، وأربعين ألف دينار في كلّ عام من عامي هذا الصّلح المقدّم الوصف، مقسّما ذلك على ثلاثة أنجم في العام، ليتقاضاها ثقاته، ويوفّى عينها على التمام والكمال، قبض منها كذا ليوصّلها إلى مرسله، والتزم له تخليص باقي كذا عند انقضاء كذا على أوفى وجه وأكمله؛ فإن وفّي له بذلك بعد الأربعين(14/27)
يوما المؤقّتة، فالسّلم باقية وحكمها ثابت، وإلا فالسّلم مفسوخة ولا حكم لها إن عجز عن الوفاء له، بحصول ما بقي من الشّروط في استصحاب الحكم واتّصال العمل، إن شاء الله تعالى.
وعلى ما تضمّنه هذا الكتاب أمضى فلان- أعزّه الله- بحكم النيابة، عن الأمر العالي- أسماه الله- هذا العقد الصّلحيّ، وأشهد بما فيه على نفسه وحضره (المعسل طور) «1» المذكور، فترجم له الكتاب وبيّنت له معانيه، وقرّر على مضامينه، فالتزم ذلك كلّه عن مرسله ملك قشتالة حسب ما فوّض إليه فيه، وأشهد بذلك على نفسه، في صحّته وجواز أمره في كذا؛ والله الموفّق لما يرضاه، ومقدّم الخير والخيرة فيما قضاه، بمنّه والسّلام.
المذهب الثاني (أن تفتتح المهادنة قبل لفظ «هذا» ببعديّة)
وهذه نسخة هدنة بين ملكين متكافئين دون تقرير شيء من الجانبين، كتب بها الفقيه المحدّث أبو الرّبيع بن سالم «2» من كتّاب الأندلس، في عقد صلح على بلنسية وغيرها من شرق الأندلس؛ وهي:
وبعد، فهذا كتاب موادعة أمضى عقدها والتزمه، وأبرم عهدها وتممه، فلان لملك أرغون، وقومط برجلونة «3» ، (ويرنسب مقت بشلى، حافظة) «4» بن(14/28)
بطرة «1» ، بن أدفونش «2» ، بن ريموند، أدام الله كرامته بتقواه له خاتما وعنوانا، المعهود صدوره في أمثالها من المراوضات الصّلحيّة تضرّعا وإعلانا، متضمّنا من الإحالة في عقد المسالمة عليه، والتّفويض في إبرام أسبابها والتزام فصولها وأبوابها إليه، ما أوجب صحيح النّظر، وصريح الرّأي المعتبر، مقاربة فيه، وموافقة منه على ما يحفظ حقّ المسلمين ويوفّيه، جنوحا منه إلى ما جنح إليه من ذلك متقاضيه، وتحرّيا للعمل على شاكلة الصّواب والإيثار لما يقتضيه، بعد محاولات بلغ منها النّظر غايته من الاجتهاد، وإراغات قرن بها من استخارة الله تعالى واستنجاده ما رضي فيه من فضله العميم معهود التّسديد والإنجاد، فأجلى ذلك عن إمضاء عهد السّلم لملك ارغون «3» على بلنسية وكافّة جهاتها أطرافا ومواسط، وثغورا وبسائط، وكذلك شاطبة ودانية، وما ينتظم معهما من أحوازهما ويرجع إلى حكم بلنسية، وحالها من الجهة النّائية والدانية، لمدّة عامين اثنين، ويحقّق عدده، أن نفتتحه، بيوم الأحد الرابع والعشرين لشهر نوبر «4» ، الموافق لعاشر ذي القعدة المؤرّخ به(14/29)
هذا الكتاب، الذي هو من عام أحد وعشرين وستّمائة بتاريخ الهجرة- مسالمة تضع بها الحرب بين الجانبين أوزارها، وتمهّد للهدنة بين الطائفتين آثارها، وترفع (اللبنة) «1» عمن ذكر من الملّتين أذيّتها وأضرارها، البرّ والبحر في ذلك سيّان، والمساترة فيها بالأذى والمجاهرة ممنوعان، وحقيقة اللّازم من ذلك غنيّ ببيانه ووضوحه عن الإيضاح والتّبيان؛ لا التباس ولا إشكال، ولا غائلة ولا احتيال؛ ليس إلّا الأمن الكافل لكافّة من تشتمل عليه كافّة المواضع المذكورة من المسلمين، ومن تحويه بلاد ملك أرغون من الطّوائف أجمعين. وكلّ منتم إلى خدمة هذه المملكة الأرغونيّة بما كان من وجوه الانتماء، أو ناظر في جزء منها كائنا ما كان من الأجزاء، فهو في هذا الحكم داخل، وتحت هذا الرّبط الصّلحيّ واصل، ولا حجّة لمن كان له منهم حصن ينفرد به عن هذه المملكة، على ما لهم في ذلك من العوائد المتعارفة.
فإن نقض بجزء منه وذهب إلى أن يكون في حصنه منفردا فهو وما اختار، إذا تنكّب الإضرار؛ فإن رام التّطرّق بشيء إلى أحد الجانبين كان على المسلمين وعلى أهل أرغون التظافر على استنزاله، والتظاهر على قتاله، حتّى يكفّوا ضرره، ويعفّوا أثره.
والحدود الفاصلة بين الجزأين هي أوساط المسافات، على ما عرف من متقدّم المسالمات، ويد كلّ فريق منهم مطلقة فيما وراء حدّه بما شاء، من انتشاء برسم الإصلاح والإنشاء؛ وكلّ من قصد المسلمين من رجال المملكة الأرغونيّة بريئا من تبعة الفساد فقبول قصده مباح، وليس في استخدامه والإحسان إليه جناح؛ والطريق للتّجّار المعهود وصولهم من بلاد أرغون إلى بلنسية في البرّ والبحر مباحة الانتياب، محفوفة بالأمنة التامّة في الجيئة والذّهاب؛ على تجّار البحر منهم أن يتجنّبوا ركوب الأجفان «2» الحربيّة التي(14/30)
يمكن بها الإضرار، ويستغني عن [ركوبها] «1» التّجّار؛ والاسترهاب مرفوع عن هؤلاء الواصلين برسم التّجارة على اختلافهم، وتباين أصنافهم، فيما لم تجنه أيديهم، ولا كان منسوبا إلى تعدّيهم، وكلّ معتقل من الطائفتين بأدنى شيء يطرّق إلى حكم هذه السّلم خلافا، أو يلحق بعهدها إخلافا، فعلى أهل موضعه الإنصاف ممن جناه، وصرف ما سلبته يداه، وإحضاره مع ذلك ليعاقب بما أتاه. وليس لأحد من الطائفتين أن يتسبّب باسترسال، إلى الإنصاف من جناية حال، بل يقوم بدفع ذلك حيث يحبّ، ويطلبه في الموضع الذي ينبغي فيه الطّلب، حتّى يخاطب الناظر على المملكة التي نسبت إليها هذه الإذاية، وصدرت عن أهلها [تلك] «2» الجناية، بطلب الإنصاف من عدوانها، وتعاد عليه الأعذار في شانها، وعليه- ولا بدّ- التّخليص منها عملا بالوفاء الذي يجب العمل به، وقياما بحقّ العهد الذي أكّد الاعتلاق بسببه، ومتى غادر مغادر من أحد الملّتين حصنا من حصون الأخرى فله الأمن على الكمال، والرّعي الحافظ للنّفس والمال، حتى يلحق بمأمنه، ويعود سالما إلى وطنه.
فعلى هذه الشروط المحقّقة، والرّبوط الموثّقة، انعقد هذا السّلم، وعلى من ذكر من المسلمين وأهل أرغون الحكم؛ وهذا الكتاب ينطق في ذلك بالحقّ اللازم للطائفتين، ويعرب عن حقيقة ما انعقد بين من سمّي من أهل الملّتين، والتزم كلّة عن ملك أرغون النائب عنه بتفويضه إليه، واستنابته إيّاه عليه، الزعيم بطره ابن (فدانف بكدريش) «3» على أتم وجوه الالتزام، وأبرم ذلك ملك أرغون بأوثق علائق الإبرام، وكلّ ذلك بعد أن بيّنت له الفصول المتقدّمة غاية التّبيين وأفهمها حقّ الإفهام، وألزم نفسه مع ذلك وصول كتاب هذا الملك الذي تولّى النّيابة عنه في هذا العقد، مصرّحا(14/31)
بالتزامه وإمضائه فيه عمله، وفق ما تضمّنه كتابه الذي أرسله، وأشهد مع ذلك زعماء دولته وكبراء القائمين عليه، تحقيقا لمعناه، وتوثيقا لمبناه، إن شاء الله تعالى.
النوع الثاني (من الهدن الواقعة بين ملك مسلم وملك كافر- أن تكون الهدنة من الجانبين جميعا)
وفيها للكتّاب ثلاثة مذاهب:
المذهب الأوّل (أن تفتتح الهدنة بلفظ: «هذه هدنة» ونحو ذلك)
قال في «التعريف» : وسبيل الكتابة فيها أن يكتب بعد البسملة: هذه هدنة استقرّت بين السّلطان فلان والسّلطان فلان، هادن كلّ واحد منهما الآخر على الوفاء عليه، وأجّل له أجلا ينتهي إليه، لما اقتضته المصلحة الجامعة، وحسمت به موادّ الآمال الطّامعة، تأكّدت بينهما أسبابها، وفتحت بهما أبوابها، وعليهما عهد الله على الوفاء بشرطها، والانتهاء إلى أمدها، ومدّ حبل الموادعة إلى آخر مددها، ضربا لها أجلا أوّله ساعة تاريخه وإلى نهاية المدّة، وهي مدّة كذا وكذا؛ على أنّ كلّ واحد منهما يغمد بينه وبين صاحبه سيف الحرب، ويكفّ ما بينهما من السّهام الراشقة، وتعقل الرّماح الخطّارة «1» ، وتقرّ على مرابطها الخيل المغيرة. وبلاد السلطان فلان كذا وكذا، وبلاد السلطان فلان كذا وكذا، وما في بلاد كلّ منهما من الثّغور، والأطراف والمواني والرّساتيق «2» والجهات والأعمال: برّا وبحرا، وسهلا(14/32)
وجبلا، ونائيا ودانيا، ومن فيها: من ملكها المسمّى وبنيه، وأهله وأمواله، وجنده وعساكره وخاصّ من يتعلّق به وسائره، ورعاياه على اختلاف أنواعهم، وعلى انفرادهم واجتماعهم، البادي والحاضر، والمقيم والسّائر، والتّجّار والسّفّارة، وجميع المتردّدين من [سائر] «1» الناس أجمعين. على أن يكون على فلان كذا و [على فلان] «2» كذا [ويعين ما يعين] «3» : من مال، أو بلاد، أو مساعدة في حرب، أو غير ذلك، يقوم بذلك لصاحبه، وينهض من حقّه المقرّر بواجبه، وعليهما الوفاء المؤكّد المواثيق، والمحافظة على العهد والتّمسّك بسببه الوثيق- هدنة صحيحة، نطقا بها، وتصادقا عليها، وعلى ما تضمّنته المواصفة [المستوعبة بينهما فيها، وأشهدا الله عليهما بمضمونها، وتواثقا على ديونها، وشهد من حضر مقام كلّ منهما على هذه الهدنة وما تضمّنته من المواصفة] «4» ، وجرت بينهما على حكم المناصفة، رأيا فيها سكون الجماع، وغضّ طرف الطّماح.
وعلى أنّ على كلّ منهما رعاية ما جاوره من البلاد والرّعيّة، وحملهم في قضاياهم على الوجوه الشّرعيّة؛ ومن نزح من إحدى المملكتين إلى الأخرى أعيد، وما أخذ منها باليد الغاصبة استعيد؛ وبهذا تم الإشهاد، وقريء على المسامع على رؤوس الأشهاد.
المذهب الثاني (أن تفتتح الهدنة بلفظ: «استقرّت الهدنة بين فلان وفلان» ويقدّم فيه ذكر الملك المسلم)
وعلى ذلك كانت الهدن تكتب بين ملوك الدّيار المصرية، وبين ملوك الفرنج، المتغلّبين على بعض البلاد الشامية.(14/33)
وهذه نسخة هدنة على هذا النّمط، دون تقرير من الجانبين، كتبت بين الملك الظّاهر «بيبرس البندقداري» صاحب الدّيار المصرية، وبين الاسبتار «1» بحصن الأكراد والمرقب «2» ، في رابع شهر رمضان سنة خمس وستين وستّمائة؛ وهي:
استقرّت الهدنة المباركة الميمونة بين مولانا السلطان الملك الظّاهر ركن الدّين أبي الفتح «بيبرس» الصّالحيّ النّجميّ، وبين المقدّم الكبير الهمام فلان مقدّم بيت الاسبتار الفلانيّ بعكّا، والبلاد السّاحليّة، وبين فلان مقدّم حصن الأكراد، وبين فلان مقدّم حصن المرقب، وجميع الإخوة الاسبتار، لمدّة عشر سنين متوالية وعشرة أشهر وعشرة أيّام وعشر ساعات:
أوّلها يوم الاثنين رابع رمضان سنة خمس وستّين وستّمائة من الهجرة النّبويّة على صاحبها أفضل الصّلاة والسّلام، الموافق لليوم الثّلاثين من أيّام «3» ..... سنة ألف وخمسمائة وتسعة وسبعين للإسكندر «4» بن فيلبّس اليونانيّ- على أن جميع المملكة الحمصيّة والشّيزريّة «5» والحمويّة وبلاد الدّعوة المباركة، واقع عليها الاتفاق المبارك، ومستقرّة لها هذه الهدنة الميمونة بجميع حدود هذه الممالك المعروفة، وبلادها الموصوفة، وقراها وضياعها، وسهلها وجبلها، وعامرها وغامرها، ومزروعها ومعطّلها(14/34)
وطرقاتها ومياهها، وقلاعها وحصونها- على ما يفصّل في كلّ مملكة، ويشرح في هذه الهدنة المباركة للمدّة المعيّنة إلى آخرها.
وعلى أن المستقرّ بمملكة حمص المحروسة أنّ جميع المواضع والقرى والأراضي التي من نهر العاصي، وتغرّب إلى الحدّ المعروف من الغرب لبلد المناصفات: عامرا وداثرا، وبما فيها من الغلّات صيفيّا وشتويّا، والعداد «1» وغيرها من الفوائد جميعها- تقرّر أن يكون النّصف من ذلك للسّلطان الملك الظاهر ركن الدنيا والدّين أبي الفتح «بيبرس» ، والنّصف لبيت الاسبتار.
وعلى أن كلّا من الجهتين يجتهد ويحرص في عمارة بلد المناصفات المذكورة بجهده وطاقته، ومن دخل إليها من الفلّاحين بدوابّ، أو من التّركمان، أو من العرب، أو من الأكراد، أو من غيرهم، أو الفناة- كان عليهم العداد كجاري العادة، ويكون النّصف للسلطان، والنّصف لبيت الاسبتار.
وعلى أن الملك الظاهر يحمي بلد المناصفات المقدّم ذكرها من جميع عسكره وأتباعه، وممّن هو في حكمه وطاعته، ومن جميع المسلمين الدّاخلين في طاعته كافّة. وكذلك مقدّم بيت الاسبتار وأصحابه يحمون بلاد مولانا السلطان الدّاخلة في هذه الهدنة.
وعلى أنّ جميع من يتعدّى نهر العاصي مغرّبا لرعي دوابّه: سواء أقام أو لم يقم، كان عليه العداد سوى قناة «2» البلد ودوابّه، ومن يخرج من مدينة حمص ويعود إليها، ومن غرّب منهم ومات كان عليه العداد.(14/35)
وعلى أن يكون أمر فلّاحي بلد المناصفات في الحبس والإطلاق والجباية راجعا إلى نائب مولانا السلطان، باتّفاق من نائب بيت الاسبتار، على أن يحكم فيه بشريعة الإسلام إن كان مسلما، وان كان نصرانيّا يحكم فيه بمقتضى دولة حصن الأكراد. وأن يكون الفلاحون الساكنون في بلاد المناصفات جميعها مطلقين من السّخر من الجانبين.
وعلى أن الملك الظاهر لا يأخذ في بلد المناصفات المذكورة: من تركمان ولا عرب ولا أكراد ولا غيرهم عدادا ولا حقّا من حقوق بلد المناصفات، إلا ويكون النّصف منه للملك الظاهر، والنّصف الآخر لبيت الاسبتار.
وعلى أن الملك الظاهر لا يتقدّم بمنع أحد من الفلّاحين المعروفين بسكنى بلاد المناصفات من الرّجوع إليها، والسّكن فيها إذا اختاروا العود، وكذلك بيت الاسبتار لا يمنعون أحدا من الفلّاحين المعروفين بسكنى بلاد المناصفات من الرّجوع إليها والسّكن فيها إذا اختاروا العود.
وعلى أن الملك الظاهر لا يمنع أحدا من العربان والتّركمان وغيرهم:
ممّن يؤدّي العداد، من الدّخول إلى بلد المناصفات، إلّا أن يكون محاربا لبعض الفرنج الداخلين في هذه الهدنة، فله المنع من ذلك. وأن تكون خشارات الملك الظاهر وخشارات عساكره وغلمانهم وأهل بلده ترعى في بلد المناصفات آمنة من الفرنج والنّصارى كافّة. وكذلك خشارات بيت الاسبتار وخشارات عسكرهم وغلمانهم وأهل بلدهم ترعى آمنة من المسلمين كافّة في بلد المناصفات. وعند خروج الخشارات من المراعي وتسليمها لأصحابها، لا يؤخذ فيها حقّ ولا عداد ولا تعارض من الجهتين.
وعلى أن تكون مصيدة السّمك الرّوميّة مهما تحصّل منها، يكون النّصف منه للملك الظاهر والنّصف لبيت الاسبتار، وكذلك المصايد التي في الشّطّ الغربيّ من العاصي يكون النّصف منه للملك الظاهر والنصف لبيت(14/36)
الاسبتار، ويكون لبيت الاسبتار في كلّ سنة خمسون دينارا صوريّة عن القشّ، ويكون القشّ جميعه للملك الظاهر يتصرّف نوّابه فيه على حسب اختيارهم، ويكون اللّينوفر مناصفة: النّصف منه للملك الظاهر والنّصف لبيت الاسبتار. وتقرّر أن الطاحون المستجدّ المعروف بإنشاء بيت الاسبتار، الذي كان حصل الحرب فيه، والبستان الذي هناك المعروف بإنشاء بيت الاسبتار أيضا يكون مناصفة، وأن يكون متولّي أمرهما نائب من جهة نوّاب السلطان ونائب من جهة بيت الاسبتار، يتوليان أمرهما والتّصرّف فيهما وقبض متحصّلهما. وتقرّر أنّ مهما يجدّده بيت الاسبتار على الماء الذي تدور به الطاحون ويسقي البستان من الطواحين والأبنية وغير ذلك، يكون مناصفة بين الملك الظاهر وبين بيت الاسبتار.
وأما المستقرّ بمملكة شيزر المحروسة، فهي شيزر، وأبو قبيس وأعماله، وعينتاب وأعمالها، ونصف زاوية بغراس المعروفة بحماية بيت الاسبتار وأعمالها، وجميع أعمال المملكة الكسروية والبلاد المذكورة بحدودها المعروفة بها، وقراها المستقرّة بها، وسهلها وجبلها وعامرها وغامرها.
وما استقرّ بمملكة الملك المنصور، ناصر الدّين «محمد» بن الملك المظفّر أبي الفتح «محمود» بن الملك المنصور «محمد» بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب فهي: حماة المحروسة وقلاعها ومدنها، والمعرّة وقراها وسهلها وجبلها وأنهارها، ومنافعها وثمارها وعامرها وغامرها؛ وبلاد رقيبة وبلاد بارين «1» . بحدودها وتخومها وعامرها وداثرها وجميع من فيها وما فيها- على أن الملك المنصور لا يرخّص للتّركمان ولا للعرب أن ينزلوا بلد رقيبة وبارين سوى(14/37)
ثلاثين بيتا يحملون الغلّة لقلعة بارين، وإن أرادوا الزيادة يكون بمراجعة الإخوة الاسبتارية والاتفاق معهم على ذلك.
وعلى أنّه إن تعدّى أحد من أصحابه بأذيّة، أو تعدّى أحد من الفرنجة في بلاده بأذيّة، كانت المهلة في ذلك خمسة عشر يوما؛ فإن انكشفت الأخيذة «1» ، أعيدت، وإلا تحلّف الجهة المدّعى عليها أنها ما علمت وما أحسّت، وكما لهم، كذلك عليهم.
والمستقرّ لمملكة الصاحبين: نجم الدّين وجمال الدّين، والأمير صارم الدّين نائبي الدّعوة المباركة، وولد الصاحب رضيّ الدّين، وهي:
مصياف والرّصافة وجميع قلاع الدّعوة «2» وحصونها وسهلها ووعرها وعامرها وداثرها، ومدنها وبلادها، وضياعها وطرقاتها، ومياهها ومنابعها، وجميع بلاد الإسماعيلية بجبلي بهرا واللّكّام، وكلّ ما تشتمل عليه حدود بلاد الدّعوة وتخومها- أن يكون الجميع آمنين من على الرّصيف الذي بشيزر إلى نهاية الأراضي التي بحصون الدّعوة وبلادها. وحماية القرية المعروفة (بعرطمار) «3» يكون له أسوة الإسماعيلية. وإن علم الأصحاب أن أحدا من الإسماعيلية قد عبر إلى بيت الاسبتار لأذيّة، أعلموا بيت الاسبتار قبل أن تجري أذيّة، وما لم يعلموا به عليهم اليمين أنّهم ما علموا به، وإن لم يحلفوا يردّوا الأذيّة التي تجري.
وتقرّر أن يكون فلّاحو بيت الاسبتار رائحين وغادين ومتصرّفين في بيعهم وشرائهم، مطمئنّين لا يتعدّى أحد عليهم. وكذلك جميع فلّاحي بلاد الإسماعيلية لا يتعدّى أحد عليهم، وأن يكونوا آمنين مطمئنّين في جميع بلاد(14/38)
الاسبتارية؛ وإن تعدّى أحد من الجهتين في سوق أو طريق، في ليل أو نهار، تكون المهلة خمسة عشر يوما؛ فإن ردّت الشّكوى كلّها فما يكون إلا الخير بينهم؛ ومن توجّهت عليه اليمين حلف، ومن لم يفعل يحلّف وإلا يردّ الأذيّة. وتكون الضّيعة التي رهنها عبد المسيح رئيس المرقب الاسبتار، وهي «المشيرقة» تكون آمنة إن كان الحال استقرّ عليها إلى آخر وقت عند كتابة هذه الهدنة المباركة بين الأصحاب وأصحابهم. ويحمل الأمر في الحقوق.
ويبطل ما هو على بلاد الدّعوة المباركة من جميع ما لبيت الاسبتار على حماية مصياف والرّصافة، وهو في كلّ سنة ألف ومائتا دينار قومصيّة، وخمسون مدّا حنطة، وخمسون مدّا شعيرا، ولا تبقى قطيعة على بلاد الدّعوة جميعها، ولا يتعرّض بيت الاسبتار ولا نوّابهم ولا غلمانهم إلى طلب قديم من ذلك ولا جديد، ولا منكسر ولا ماض، ولا حاضر ولا مستقبل على اختلافه.
وتقرّر أن تكون جميع المباحات من الجهتين مطلقة مما يختصّ بالمملكة الحمصيّة، يسترزق بها الصّعاليك، وأنّ نوّاب الملك الظاهر يحمونهم من أذيّة المسلمين من بلاده المذكورة، وأن نوّاب بيت الاسبتار يصونونهم ويحرسونهم ويحمونهم من النّصارى والفرنج من جميع هذه البلاد الداخلة في هذه] «1» الهدنة. ولا يتعرّض أحد من المسلمين كافّة من هذه البلاد الدّاخلة في [هذه] «2» الهدنة [إلى بلاد الاسبتارية] «3» بأذيّة ولا إغارة، ولا يتعرّض أحد من جميع الفرنجة من هذه البلاد الداخلة في هذه الهدنة بحدودها الجارية في يد نوّاب الاسبتار وفي أيديهم، إلى بلاد الملك الظاهر بأذيّة ولا إغارة.
وعلى أنه متى دخل في بلاد المناصفات أحد ممن يجب عليه العداد(14/39)
وامتنع من ذلك، وكان عداد إحدى الجهتين حاضرا: إمّا عداد ديوان الملك الظاهر، وإمّا عداد بيت الاسبتار، فلنائب العداد الحاضر من إحدى الجهتين أن يأخذ من ذلك الشّخص الممتنع عن العداد أو الخارج من بلد المناصفات رهنا بمقدار ما يجب عليه من العداد، بحضور رئيس من رؤساء بلد المناصفات، ويترك الرّهن عند الرّئيس وديعة إلى أن يحضر النائب الآخر من الجهة الأخرى، ويوصّل إلى كلّ من الجهتين حقّه من العداد.
وإن خرج أحد ممن يجب عليه العداد، وعجز النائب الحاضر عن أخذ رهنه: فإن دخل بلدا من بلاد الملك الظاهر، كان على النوّاب إيصال بيت الاسبتار إلى حقّهم مما يجب على الخارج من العداد، وكذلك إن دخل الخارج المذكور إلى بيت الاسبتار، كان عليهم أن يوصّلوا إلى نوّاب الملك الظاهر حقّهم مما يجب على الخارج من العداد. وكذلك يعتمد ذلك في المملكة الحمويّة وبلاد الدّعوة المحروسة.
وعلى أن التّجّار والسّفّار والمتردّدين من جميع هذه الجهات المذكورة يكونون آمنين من الجهتين: الجهة الإسلامية، والجهة الفرنجية والنّصرانيّة، في البلاد التي وقعت هذه الهدنة عليها- على النّفوس والأموال والدّوابّ وما يتعلق بهم، يحميهم السّلطان ونوّابه، ويتعاهدون البلاد الداخلة في هذه الهدنة المباركة الواقع عليها الصّلح وفي بلد المناصفات- من جميع المسلمين، ويحميهم بيت الاسبتار في بلادهم الواقع عليها الصّلح وفي بلد المناصفات- من الفرنج والنصارى كافّة.
وعلى أن يتردّد التّجّار والمسافرون من جميع المتردّدين على أيّ طريق اختاروه من الطّرق الداخلة في عقد هذه البلاد الداخلة في هذه الهدنة المباركة المختصّة بالملك الظاهر، وبلاد معاهديه، وبلاد المناصفات، وخاصّ بيت الاسبتار والمناصفات، يكون الساكنون والمتردّدون في الجهتين آمنين مطمئنّين على النّفوس والأموال، تحمي كلّ جهة الجهة الأخرى.(14/40)
وعلى أنّ ما يختص بكلّ جهة من هذه الجهات: الإسلامية، والفرنجية الاسبتارية، لا يكون عداد على مالها في المناصفات: من الدّوابّ والغنم والبقر والجمال وغيرها، على العادة المقرّرة في ذلك.
وعلى أنّ إطلاق الرّؤساء يكون باتفاق من الجهتين: الإسلامية، والفرنجية الاسبتارية. ومتى وقعت دعوى على الجهة الأخرى، وقف أمرها في الكشف عنها أربعين يوما؛ فإن ظهرت أعيدت على صاحبها، وإن لم تظهر حلف ثلاثة نفر ممّن يختارهم صاحب الدّعوى على ما يعلمونه في تلك الدّعوى، وإن ظهرت بعد اليمين أعيدت إلى صاحبها، وإن كان قد تعوّض عنها أعيد العوض.
وعلى أن يكشفوا عن الأخيذة بجهدهم وطاقتهم. ومتى تحققت أعيدت إلى صاحبها، فإن حلفوا يبرؤون من الدعوى، وإن ظهرت بعد اليمين أعيدت على صاحبها، وإن امتنع المدّعى عليه من اليمين حلف المدّعي، ولا يستحق «1» عوض ما عدم من كل شيء مثله. وكذلك يجري الأمر في القتل:
عوض الفارس فارس، وعوض الرّاجل راجل، وعوض البركيل بركيل «2» ، وعوض التّاجر تاجر، وعوض الفلّاح فلّاح. وإذا انقضت الأربعون يوما المذكورة لكشف الدعوى ولم يحلف المدّعى عليه للمدّعي وجب عليه العوض حتّى يردّ، وإن ردّ اليمين على المدّعي ومضى على ذلك عشرة أيّام، ولم يحلف صاحب الدعوى بطلت دعواه وحكمها، وإن حلف أخذ العوض.
ومتى هرب من إحدى الجهتين إلى الأخرى أحد، ومعه مال لغيره أعيد جميع ما معه، وكان الهارب مخيّرا بين المقام والعود. وإن هرب عبد وخرج عن دينه، أعيد ثمنه، وإن كان باقيا على دينه أعيد.(14/41)
وعلى أن لا يدخل أحد من القاطنين في بلد المناصفات: من الفلّاحين والعرب والتركمان وغيرهم، إلى بلاد الفرنج والنّصارى كافّة لإغارة ولا أذيّة بعلم الملك الظاهر وبلاد معاهديه، [ولا يدخل أحد] «1» بلاد المسلمين لإغارة ولا أذيّة بعلم بيت الاسبتار ولا رضاهم ولا إذنهم.
وعلى أنّ الدعاوى المتقدّمة على هذا الصّلح يحمل أمرها على شرط المواصفة التي بين الملك الظاهر وبين معاهديه وبين بيت الاسبتار.
وعلى أن هذه الهدنة تكون ثابتة مستقرّة، لا تنقض بموت أحد من الجهتين، ولا وفاة ملك ولا مقدّم، إلى آخر المدّة المذكورة، وهي: عشر سنين وعشرة أشهر وعشرة أيّام وعشر ساعات، أوّلها يوم تاريخه.
وعلى أن نوّاب الملك الظاهر ومعاهديه لا يتركون أحدا من التّركمان، ولا من العربان، ولا من الأكراد، يدخل بلاد المناصفات بغير اتّفاق من بيت الاسبتار أو رضاه، إلا أن يكفلوه على نفوسهم في هذه الطوائف المذكورة، ويعلموا حاله، لئلّا تبدو منهم أذيّة أو ضرر أو فساد ببلد المناصفات وببلد النصارى. ولنوّاب مولانا السلطان أن تتركهم على شرط أنهم يعلم بهم بيت الاسبتار في غد نزولهم المكان، إن كان المكان قريبا. وإن ظهر منهم فساد كان النوّاب يجاوبون بيت الاسبتار.
وعلى أن المهادنة بحدودها يكون الحكم فيها كما في المناصفات، والحدود في هذه البلاد جميعها تكون على ما تشهد به نسخ الهدن، وما استقرّ الحال عليه إلى آخر وقت.
وعلى أن تخلّى أمور المملكة الحمصيّة على ما كان مستقرّا في الأيام الأشرفيّة، على ما قرّره الأمير علم الدّين «سنجر» .(14/42)
هذا ما وقع الاتّفاق والتّراضي عليه من الجهتين، وبذلك جرى القلم الشريف السلطانيّ الملكيّ الظاهريّ: حجّة بمقتضاه، وتأكيدا لما شرح أعلاه. كتب في تاريخ كذا وكذا.
وهذه نسخة هدنة من هذا النّمط، عقدت بين السلطان الملك الظاهر «بيبرس» أيضا، وبين ملكة بيروت «1» من البلاد الشامية، في شهور سنة سبع وستين وستمائة حين كانت بيدها، وهي:
استقرّت الهدنة المباركة بين السّلطان الملك الظاهر ركن الدين(14/43)
«بيبرس» وبين الملكة الجليلة المصونة الفاخرة، فلانة ابنة فلان، مالكة بيروت وجميع جبالها وبلادها التّحتية مدّة عشر سنين متوالية، أوّلها يوم الخميس سادس رمضان سنة سبع وستين وستمائة الموافق لتاسع أيار سنة ألف وخمسمائة وثمانين يونانية- على بيروت وأعمالها المضافة إليها، الجاري عادتهم في التّصرّف فيها في أيام الملك العادل، أبي بكر بن أيّوب، وأيام ولده الملك المعظّم عيسى، وأيّام الملك الناصر صلاح الدّين يوسف بن الملك العزيز، والقاعدة المستقرّة في زمنهم إلى آخر الأيام الظاهرية، بمقتضى الهدنة الظاهريّة، وذلك مدينة بيروت وأماكنها المضافة إليها: من حدّ جبيل إلى حدّ صيدا، وهي المواضع الآتي ذكرها: جونية بحدودها، والعذب «1» بحدودها، والعصفورية بحدودها، والراووق بحدودها، وسنّ الفيل بحدودها، والرح والشّويف «2» بحدودها، وأنطلياس بحدودها، والجديدة «3» بحدودها، وحسوس «4» بحدودها، والبشرية «5» بحدودها، والدكوانة وبرج قراجار بحدودها، وقرينة بحدودها، والنصرانية بحدودها، وجلدا «6» بحدودها، والناعمة بحدودها، ورأس الفيقة، والوطاء المعروف بمدينة بيروت، وجميع ما في هذه الأماكن من الرّعايا والتّجّار، ومن سائر أصناف الناس أجمعين، والصّادرين منها والواردين إليها من جميع أجناس النّاس، والمتردّدين إلى بلاد السلطان فلان، وهي: الحميرة «7»(14/44)
وأعمالها وقلاعها وبلادها وكلّ ما هو مختصّ بها، والمملكة الأنطاكية وقلاعها وبلادها، وجبلة واللّاذقيّة وقلاعها وبلادها، وحمص المحروسة وقلاعها وبلادها، وما هو مختصّ بها، ومملكة حصن عكّا وما هو منسوب إليه، والمملكة الحمويّة وقلاعها وبلادها وما هو مختصّ بها، والمملكة الرّحبيّة «1» وما هو مختصّ بها: من قلاعها وبلادها، والمملكة البعلبكّيّة وما هو مختصّ بها: من قلاعها وبلادها، والمملكة الدّمشقية وما هو مختصّ بها: من قلاعها وبلادها ورعاياها وممالكها، والمملكة الشّقيفية وما يختصّ بها من قلاعها وبلادها ورعاياها، والمملكة القدسيّة وما يختصّ بها، والمملكة الحلبيّة وما يختصّ بها، والمملكة الكركيّة والشّوبكيّة وما يختص بها من القلاع والبلاد والرّعايا، والمملكة النّابلسيّة، والمملكة الصّرخديّة، ومملكة الدّيار المصريّة جميعها: بثغورها، وحصونها، وممالكها، وبلادها، وسواحلها، وبرّها، وبحرها، ورعاياها، وما يختصّ بها، والسّاكنين في جميع هذه الممالك: المذكورة وما لم يذكر من ممالك السّلطان وبلاده، وما سيفتحه الله تعالى على يده ويد نوّابه وغلمانه يكون داخلا في هذه الهدنة المباركة، ومنتظما في جملة شروطها، ويكون جميع المتردّدين من هذه البلاد وإليها آمنين مطمئنّين على نفوسهم وأموالهم وبضائعهم، من الملكة فلانة وغلمانها، وجميع من هو في حكمها وطاعتها: برّا وبحرا، ليلا ونهارا، ومن مراكبها وشوانيها «2» . وكذلك رعيّة الملكة فلانة وغلمانها يكونون آمنين على أنفسهم وأموالهم وبضائعهم من السّلطان ومن جميع نوّابه وغلمانه ومن هو تحت حكمه وطاعته: برّا وبحرا، ليلا ونهارا: في جبلة، واللّاذقيّة، وجميع بلاد السلطان، ومن مراكبه وشوانيه.(14/45)
وعلى أن لا يجدّد على أحد من التّجّار المتردّدين رسم لم تجر به عادة، بل يجرون على العوائد المستمرّة، والقواعد المستقرّة من الجهتين. وإن عدم لأحد من الجانبين مال، أو أخذت أخيذة، وصحت في الجهة الأخرى ردّت إن كانت موجودة، أو قيمتها إن كانت مفقودة. وإن خفي أمرها كانت المدّة للكشف أربعين يوما، فإن وجدت ردّت، وإن لم توجد حلّف والي تلك الولاية المدّعى عليه، وحلّف ثلاثة نفر ممّن يختارهم المدّعي، وبرئت جهته من تلك الدّعوى. فإن أبى المدّعى عليه من اليمين حلّف الوالي المدّعي، وأخذ ما يدّعيه. وإن قتل أحد من الجانبين خطأ كان أو عمدا، كان على القاتل في جهته العوض عنه نظيره: فارس بفارس، وبركيل ببركيل، وراجل براجل، وفلّاح بفلّاح. وإن هرب أحد من الجانبين إلى الجانب الآخر بمال لغيره، ردّ من الجهتين هو والمال، ولا يعتذر بعذر.
وعلى أنه إن تاجر فرنجي صدر من بيروت إلى بلاد السّلطان يكون داخلا في هذه الهدنة، وإن عاد إلى غيرها لا يكون داخلا في هذه الهدنة.
وعلى أنه إن تاجر فرنجي صدر من بيروت إلى بلاد السّلطان يكون داخلا في هذه الهدنة، وإن عاد إلى غيرها لا يكون داخلا في هذه الهدنة.
وعلى أنّ الملكة فلانة لا تمكّن أحدا من الفرنج على اختلافهم من قصد بلاد السّلطان من جهة بيروت وبلادها، وتمنع من ذلك وتدفع كلّ متطرّق بسوء، وتكون البلاد من الجهتين محفوظة من المتجرّمين المفسدين.
وبذلك انعقدت الهدنة للسلطان، وتقرّر العمل بهذه الهدنة والالتزام بعهودها والوفاء بها إلى آخر مدّتها من الجهتين: لا ينقضها مرور زمان، ولا يغيّر شروطها حين ولا أوان، ولا تنقض بموت أحد من الجانبين. وعند انقضاء الهدنة تكون التّجّار آمنين من الجهتين مدّة أربعين يوما، ولا يمنع أحد منهم من العود إلى مستقره؛ وبذلك شمل هذه الهدنة المباركة الخطّ الشريف حجّة فيها، والله الموفّق، في تاريخ كذا وكذا.
وهذه نسخة هدنة عقدت بين السلطان الملك الظاهر «بيبرس» وولده(14/46)
الملك السّعيد، وبين الفرنج الاسبتارية، على قلعة لدّ بالشام، في سنة تسع وستين وستمائة؛ وهي:
استقرّت الهدنة المباركة بين السّلطان الملك الظّاهر ركن الدّين «بيبرس الصّالحيّ» قسيم أمير المؤمنين وولده الملك السّعيد ناصر الدّين «محمد بركه خاقان» «1» خليل أمير المؤمنين، وبين المباشر المقدّم الجليل افريز «2» أولد كال مقدّم جميع بيت اسبتار سرجوان بالبلاد السّاحليّة، وبين جميع الإخوة الاسبتارية، لمدّة عشر سنين كوامل متواليات متتابعات، وعشرة أشهر، أوّلها مستهلّ رمضان سنة تسع وستين وستمائة للهجرة النبويّة المحمّديّة، الموافق للثامن عشر من نيسان سنة ألف وخمسمائة واثنتين وثمانين للإسكندر بن فيلبّس اليونانيّ- على أن تكون قلعة لدّ «3» بكمالها وربضها وأعمالها، وما هو منسوب إليها ومحسوب منها، بحدودها المعروفة بها من تقادم الزمان، وما استقرّ لها الآن، وما يتعلّق بذلك: من المواضع، والمصايد، والملّاحات، والبساتين، والمعاصر، والطّواحين، والجزائر:
سهلها وجبلها، وعامرها، وداثرها، وما يجري بها من أنهار، وينبع بها من عيون، وما هو مبنيّ بها من عمائر، وما استجدّ بها من القراح «4» وغير ذلك،(14/47)
وكلّ ما عمّر في أراضي المناصفات على دورها وأنهارها، وما بحدود ذلك من نهر «بدرة» «1» إلى جهة الشّمال، وما استقرّ «لبلدة» «2» من هذه الجهات إلى آخر الأيام النّاصريّة من الحدود المعروفة بها والمستقرّة لها، وحصن برغين «3» وما ينسب إلى ذلك من البلاد والضّياع والقرى التي كانت مناصفة- تكون جميع «بلدة» وهذه الجهات خاصّا إلى آخر الزائد للملك الظّاهر، ولا يكون لبيت الاسبتار ولا للمرقب فيها حقّ ولا طلب بوجه ولا سبب إلى حين انقضاء مدّة الهدنة وما بعدها إلى آخر الزائد، ولا لأحد من جميع الفرنجة فيها تعلّق ولا طلب بوجه ولا سبب.
وكذلك مهما كان مناصفة كقلعة «العليقة» «4» في بلادها لبيت الاسبتار، يكون ذلك جميعه للدّيوان المعمور والخاصّ الشريف، ولا يكون للمرقب فيها شيء ولا لبيت الاسبتار.
وكذلك كلّ ما هو في بلاد الدّعوة المباركة جميعها وقلاعها من القرى- لا تكون فيها مناصفة لبيت الاسبتار ولا للمرقب، ولا حقّ، ولا رسم، ولا شرط، ولا طلب في جميع بلاد الدّعوة: مصياف المحروسة، والكهف، والمنيقة، والقدموس، والخوابي، والرّصافة، والعليقة، وكلّ ما هو في هذه(14/48)
القلاع وفي بلادها من مناصفة، يكون ذلك خاصّا للملك الظاهر، وليس لبيت الاسبتار ولا الفرنجة فيه حديث ولا طلب.
وعلى أن تكون بلاد المرقب وحدودها من نهر لدّ ومقبّلا ومغرّبا إلى حدود بلاد مرقبة المعروفة بها، الدّاخل جميعها في الفتوح الشريف، واستقرارها بحكم ذلك في الخاصّ المبارك الشّريف، وحدّ البيوت المحاذية لسور الرّبض، تستقرّ جميعها مناصفة بين السّلطان وبين بيت الاسبتار نصفين بالسّويّة، وما في جميع هذه البلاد: من بساتين، وطواحين، وعمائر، ومصايد، وملّاحات، ووجوه العين، والمستغلّات الصّيفيّة والشّتويّة، والقطاني، والحقوق المستخرجة، وما هو مزروع من الفدن لأهل الرّبض وبيادرها: يكون ذلك مناصفة بين السلطان وبين بيت الاسبتار سرجوان بالسّويّة نصفين.
وما هو داخل الرّبض وداخل المرقب، فإنه مطلق من الملك الظاهر للمقدّم الكبير «افريز أولد كال» «1» مقدّم بيت الاسبتار سرجوان وخيّالته، ورجاله وحمّالته ورجّالته ورعيّته، برسم إقامتهم وسكناهم من داخل الأسوار، وعن سور الرّبض المحاذية للسّور تكون مناصفة جميعها، بما فيه من حقوق طرقات وأحكار، ومراعي المواشي على اختلاف أصوافها وأوبارها، وجميع السخريات، وكلّ أرض مزروعة أو غير مزروعة مهما أخذ منه من حقّ أو عداد يكون مناصفة.
وكلّ ما هو من المواني والمراسي البحريّة المعروفة جميعها بحصن المرقب: من مينا بلدة إلى مينا القنطرة المجاورة لحدود مرقبة- تكون هي وما يتحصّل منها من الحقوق المستخرجة من الصادرين والواردين والتّجّار، وما ينعقد عليه ارتفاعها، وتشهد به الحسبانات- جميعه مناصفة. وما يدخل في(14/49)
ذلك من أجناس البضائع على اختلافها يؤخذ الحقّ [منه] «1» مناصفة على العادة الجارية من غير تغيير لقاعدة من حين أخذ بيت الاسبتار المرقب إلى تاريخ هذه الهدنة المباركة مناصفة على العادة الجارية، بل تجري التّجّار في الحقوق على عادتهم في البضائع التي يحضرونها والمتجر كائنا من كان.
يعتمد ذلك في كلّ ما يصل للمتردّدين والمقيمين بالقلعة والرّبض: من عامّة وغير عامّة، وخيّالة وغير خيّالة، على اختلاف أجناسهم، خلا ما يصل للإخوة ولغلمانهم المعروفين بالإخوة الاسبتارية من الحبوب والمؤونة والكسوة والخيل التي هي برسم ركوبهم خاصّة، لا يكون عليها حقّ، بشرط أنه لا يكون فيها للتّجّار شيء من ذلك، وما خلا ذلك جميعه يؤخذ الحقّ منه مناصفة على ما شرحناه.
وعلى أنه لا يحمي أحد من الإخوة الخيّالة، والوزراء، والكتّاب، والنّوّاب، والمستخدمين شيئا على اسم بيت الاسبتار، ليستطلق الحقّ ويمنع من استيدائه، ولو أنّه أقرب أخ إلى المقدّم أو ولد المقدّم، إذا ظهر منه خلاف ما وقع عليه الشّرط، أخذ جميع ماله مستهلكا للجهتين: للدّيوان السّلطانيّ المعمور، ولبيت الاسبتار، إن كان خارجا من البحر أو نازلا إلى البحر، صادرا وواردا، وكذلك في البرّ صادرا وواردا بعد المحاققة على ذلك وصحّته.
وعلى أنّ نوّاب المباشر المقدّم الكبير لبيت الاسبتار، وولاته وكتّابه ومستخدميه وغلمانه، يكونون آمنين مطمئنّين على نفوسهم وأموالهم وجميع ما يتعلّق بهم. وكذلك غلماننا وولاتنا ونوّابنا ومستخدمونا وكتّابنا ورعايا بلادنا يكونون آمنين مطمئنّين على نفوسهم وأموالهم، متّفقين على مصالح البلاد وأخذ الحقوق، وسائر المقاسمات والطّرقات والبساتين والطّواحين،(14/50)
والحقوق المقرّرة على الفدن على اختلاف أجناسها. وكذلك الرّآسة واستخراج وجوه العين، والحبوب، والتصاريف الجاري بها العادة المقرّرة على الفدن، من جميع ما يتعلّق بها.
وعلى أن جميع الضمانات يكون نوّاب السلطان ونوّاب بيت الاسبتار متّفقين جملة على ذلك، لا ينفرد أحد منهم بشيء إلا باتفاق وتنزيل في دفاتر الديوان المعمور وديوان بيت الاسبتار، ولا يطلق ولا يحبس إلا باتّفاق من الجهتين، ولا ينفرد واحد دون آخر.
وعلى أنّ أيّ مسلم تصدر منه أذيّة يحكم فيه بما يقتضيه الشرع الشريف في تأديبه، يعتمد ذلك فيه نائبنا: من شنق يجب عليه، أو قطع، أو أدّب بحكم الشّرع الشريف: من شنق، وقطع، وكحل أعين، بحيث لا يعمل ذلك إلا بحضور نائب من جهة بيت الاسبتار، حاضر يعاين ذلك بعينه، ويكون قد عرف الذّنب وتحقّقه. وإن كان ذنبه يستوجب جناية أو غرامة دراهم أو ذهب أو مواش أو غير ذلك على اختلاف أجناسه، يكون ما يستأدى مناصفة للدّيوان المعمور ولبيت الاسبتار وصاحب المرقب. فإن كان فيها «1» قماش وبضائع على اختلاف أجناسه، وصاحبه مسلم، يأخذ بضاعته من غير اعتراض من الجهتين بعد أداء الحقّ للدّيوان المعمور ولبيت الاسبتار. وإن لم يعرف صاحب البضاعة وكانت لمسلم، أعيدت للخزانة السّلطانية، ولا يكون لبيت الاسبتار فيها تعلّق. وإن كان صاحب البضاعة نصرانيّا على اختلاف أجناس النّصارى، تؤخذ بضاعته، من غير اعتراض من جهتنا، بعد أداء الحقّ، وإن لم يعرف صاحب البضاعة، وكانت لنصرانيّ، تبقى تحت يد بيت الاسبتار، خلا من كان من بلاد مملكة السّلطان على(14/51)
اختلاف دينه: إن كان نصرانيّا أو ذميّا، على اختلاف جنس دينه، ليس لبيت الاسبتار عليهم اعتراض، ويحمل ذلك جميعه على اختلاف أجناس البضائع للدّيوان المعمور.
وعلى أنه متى انكسر مركب، وظهر إلى برّ المواني بضاعة، وقصد صاحبه شيله إلى جهة يختارها في البرّ والبحر، ولا يتبع، فيؤخذ الحقّ منه:
إن باع يؤخذ الحقّ، وإن حمل يؤخذ الحقّ، ويكون الحقّ للجهتين: وهو الحقّ المعروف الجاري به العادة.
وعلى أن التّجّار السّفّارة والمتردّدين بالبضائع من بلاد المسلمين والنّصارى متى ما خرجوا من المواني المحدودة أعلاه يتوجّهون بخفارة «1» الجهتين من غير حقّ: لا يتناول من الخفارة شيء منسوب إلى نفوسهم إلى أن يخرجهم ويحضرهم إلى برّ حدود المرقب آمنين مطمئنّين تحت حفظ الجهتين.
ومتى وصل التّجّار من مملكة السّلطان إلى بلاد المرقب وموانيها، فالتّرتيب على الخفارة من الجهتين، مع تدرّك الرّؤساء الحفظ للطرقات صادرا وواردا، بحيث إنّهم يحضرون إلى بلاد المرقب، وإلى المواني بالمرقب المحدودة أعلاه، طيّبين آمنين على أرواحهم وأموالهم بالخفارة من الجهتين، على ما شرحناه.
وعلى أنّ غلمان المباشر المقدّم لبيت الاسبتار والإخوة والخيّالة والرّعيّة المقيمين بقلعة المرقب والرّبض، يكونون آمنين مطمئنّين على أنفسهم وأموالهم ومن يلوذ بهم ويتعلّق، في حال صدورهم وورودهم إلى بلادنا الجارية في مملكتنا في البرّ، منّا ومن نوّابنا بالمملكة والبلاد الجارية في حكمنا، ومن ولدنا الملك السّعيد، ومن أمرائنا وعساكرنا المنصورة. وإن قتل قتيل أو أخذت أخيذة في حدود المناصف ببلاد المرقب، فيقع الكشف(14/52)
عن ذلك عشرين يوما: فإن وجد فاعل ذلك، يؤخذ الفاعل بذنبه، وإن لم يظهر فاعل ذلك مدّة عشرين يوما فيمسك رؤساء مكان قطع الطّريق وأخذ الأخيذة، وقتل القتيل، إن كان أخذ وقتل- مكان من قتل القتيل أو أخذ الأخيذة- أقرب القرباء إلى الذي قطع عليه الطريق أو قتل قتيلا، فإن خفي الفاعل لذلك، وعجز عن إحضاره بعد عشرين يوما، يلزم أهل نوّاب الجهتين من القرباء الأقرب لذلك المكان بألف دينار صوريّة: للدّيوان السلطانيّ النّصف، ولنقيب الاسبتار النّصف، ولا تتكاسل الولاة في طلب ذلك، ويكون طلبه يدا واحدة، ولا يختص الواحد دون الآخر، ولا يحابي أحد منهم لأخذ الفلّاح في هذا أو غيره في مصلحة عمارة البلاد، واستخراج الحقوق، ومقاسمة الغلال، وطلب المفسدين ليلا ونهارا.
وعلى أن لا تغيّر الهدنة المباركة بأمر من الأمور، لا من جهتنا ولا من جهة ولدنا الملك السّعيد، إلى انقضاء مدّتها المعيّنة أعلاه وفروعها، ولا تتغيّر بتغيّر المقدّم المباشر لبيت الاسبتار الحاكم على المرقب وغيره. وإذا جرت قضيّة في أمر من الأمور يعرّفهم نوّابنا، ويحقّق الكشف إلى مدّة أربعين يوما؛ فمن يكون للبداية يخرج منها على من يثبت «1» ويكون قد عرف دينه الذي بدا من جهة كلّ واحد. وإذا تغيّر النّواب بالمرقب وحضر نائب مستجدّ يعتمد ما تضمّنته هذه الهدنة، ولا يخرج عن هذه المواصفة. وإذا تسحّب من المسلمين أحد على اختلاف أجناسه، إن كان مملوكا أو غير مملوك، أو معتوقا أو غير معتوق، أو كائنا من كان من المسلمين على اختلاف منازلهم، وإن كان غلاما أو غير غلام- يردّ بجميع ما يوجد معه، إن كان قليلا أو كثيرا يردّ. ولو أنّ المتسحّب دخل الكنيسة وجلس فيها يمسك بيده ويخرج ويسلّم لنوّابنا بجميع ما معه؛ وإن كان خيلا أو قماشا أو دراهم أو ذهبا وما يتعامل الناس به، يسلّم بما معه إلى نوّابنا على ما شرحناه. وكذلك إذا تسحّب أحد(14/53)
من جهتهم من الفرنج أو النّصارى إلى أبوابنا الشريفة، أو وصل إلى جهة نوّابنا يمسك ويسلّم بما يحضر معه: من الخيل والأقمشة والعدّة وجميع ما يصل إن كان قليلا أو كثيرا، يمسكه نوّابنا ويسلّمون ذلك بما معه لنائب المقدّم الماستر «1» المقيم بالمرقب، وأخذوا «2» الخطوط بذلك بتسليمه بما حضر معه.
وعلى أنهم لا يكون لهم حديث مع قلعة العليقة، ولا الرّعيّة الذين فيها، ولا مع نوّاب ابن الرديني المقيمين فيها: لا بكتاب، ولا بمشافهة، ولا برسالة، ولا بقول، ولا يطلع أحد من جهتهم إليهم، ولا يمكّن أحد من الحضور إليهم، [والوصول] «3» إلى جهتهم من القلعة المذكورة، ولا تسيّر إليهم مؤونة ولا تجارة ولا جلب على اختلاف أجناسه، ولا تكون بينهم معاملة. وإن حضر من جهة قلعة العليقة إليهم يمسكون ويسلّمون لنوّابنا ويأخذوا «4» بذلك خطوطهم.
وعلى أنهم لا يجدّدون عمارة قلعة، ولا في القلعة عمارة، ولا في البدنة «5» ولا في أبراجها، ولا [يعتمدون] «6» إصلاح شيء منها إلا إذا عاينه نوّابنا أو أبصروا أنه يحتاج إلى الضّرورة في ترميم يرمّمونه بعد أن يعاينه نوّابنا من هذا التاريخ، ولا يجدّدون عمارة في ربضها «7» ، ولا في سورها، ولا في(14/54)
أبراجها، ولا يجدّدون حفر خندق، وعمارة خندق، أو تجدّد بناية خندق أو قطع جبل، أو تحصّن عمارة، أو تحصّن بقطع جبل، منسوبا لتحصين يمنع أو يدفع. ولم نأذن لهم بسوى البناية [على] أثر الدّور التي أحرقت عند دخول العساكر صحبة الملك السّعيد. وقد أذنّا لهم في عمارة باطن الرّبض على أثر الأساس القديم.
وعلى أنّ صهيون «1» وأعمالها، وبرومه «2» وأعمالها، والقليعة وأعمالها، وعيدوب «3» وأعمالها، الجارية تحت نظر الأمير سيف الدّين محمد ابن عثمان صاحب صهيون- يجري حكم هذه البلاد المختصة به حكم بلادنا في المهادنة، بحكم أنّ بلاده المذكورة جارية في ممالكنا الشّريفة.
وعلى أنه لا يمكّن بيت الاسبتار من دخول رجل غريبة في البرّ ولا في البحر إلى بلادنا، بأذيّة ولا ضرر يعود على الدّولة، وعلى بلادنا وحصوننا ورعيّتنا، إلا أن يكونوا يدا غالبة، صحبة ملك متوّج.
وعلى أنّ البرج الداخل في المناصفة، وهو برج معاوية الذي عند المحاصّة الداخلة في مناصف المرقب الآن، يخرّب ما يخصّنا منه، وهو النّصف من البرج المذكور أعلاه؛ وأن الجسر المعروف بجسر بلدة لم يكن لبيت الاسبتار فيه شيء من البرّين، وأنه خالص للديوان المعمور دون بيت الاسبتار؛ وأن الدّار المستجدّة عمارتها بقلعة المرقب برسم الماستر المقدّم الكبير، الذي هو عايز «4» تكميل عمارة سقف القبو بالحجارة والكلس، لا(14/55)
تكمّل عمارتها، ويبقى على حاله، وهو في وسط القلعة الظاهر منه قليل إلى البرّ الشّرقيّ وهو المذكور أعلاه.
وعلى أن نوّاب الاسبتار بالمرقب لا يخفون شيئا من مقاسمات البلاد ولا شيئا من حقوقها الجارية بها العادة أن بيت الاسبتار يستخرجونه ولا يخفون منه شيئا؛ وكلّ ما كان يستأدى من البلاد في أيدي الاسبتار قبل هذه الهدنة يطلعون نوّابنا عليه ولا يخفون منه شيئا قليلا ولا كثيرا من ذلك.
وعلى أنّ السلطان يأمر نوّابه بحفظ مناصفات بلاد المرقب الداخلة في هذه الهدنة، من المفسدين والمتلصّصين والحراميّة ممن هو في حكمه وطاعته. وكذلك الماستر المقدّم افريز أولد كال يلزم ذلك من الجهة الأخرى. ومتى وقع- والعياذ بالله- فسخ بسبب من الأسباب، كان التّجّار والسّفّار آمنين من الجهتين إلى أن يعودوا بأموالهم، ولا يمنعون من السّفر إلى أماكنهم من الجهتين، وتكون النهاية لهم أربعين يوما. وتكون هذه الهدنة منعقدة بشروطها المذكورة، مستقرّة بقواعدها المسطورة للمدّة المعيّنة، وهي: عشر سنين وعشرة أشهر كوامل، أوّلها مستهلّ رمضان سنة تسع وستّين وستمائة إلى آخرها، متتابعة متوالية، لا تفسخ بموت أحد من الجهتين، ولا بعزل وال وقيام غيره موضعه، ولا زوال رجل غريبة، ولا حضور يد غالبة، بل يلزم كلّا من الجهتين حفظها إلى آخرها، ومن تولّى بعد الآخر حفظها إلى آخرها، بالشّروط المشروطة فيها أوّلا وآخرا. والخطّ أعلاه، حجّة بمقتضاه، إن شاء الله تعالى. في تاريخ كذا وكذا.
وهذه نسخة هدنة عقدت بين السلطان الملك المنصور «قلاوون» الصالحيّ صاحب الدّيار المصريّة والبلاد الشاميّة وولده الملك الصالح «عليّ» وليّ عهده، وبين حكّام الفرنج بعكّا وما معها من بلاد سواحل(14/56)
الشّام، في شهور سنة آثنتين وثمانين وستمائة، وهي يومئذ بأيديهم؛ وصورتها «1» :
استقرّت الهدنة بين مولانا السّلطان الملك المنصور سيف الدّين أبي الفتح «قلاوون» الملكيّ الصّالحيّ وولده السلطان الملك الصالح علاء الدّين «عليّ» - خلّد الله تعالى سلطنتهما «2» - وبين الحكّام بمملكة عكّا، وصيدا، وعثليث، وبلادها التي انعقدت عليها هذه الهدنة، وهم: (الشيخان أو دهيل المملكة بعكّا) «3» ، وحضرة المقدّم الجليل (افريز كاسام ديبا حول) «4» مقدّم بيت الديويّة، وحضرة المقدّم الجليل (افريز سكفل للورن) «5» مقدّم بيت الاسبتارية، والمرشان الأجلّ (افريز) «6» كورات نائب مقدّم بيت الاسبتار الآمن «7» - لمدّة عشر سنين كوامل، وعشرة أشهر، وعشرة أيّام، وعشر ساعات: أوّلها يوم الخميس خامس ربيع الأوّل سنة اثنتين وثمانين وستمائة للهجرة النّبويّة، صلوات الله على صاحبها وسلامه، الموافق للثالث(14/57)
من حزيران سنة ألف وخمسمائة وأربع وتسعين لغلبة الإسكندر بن فيلبّس اليونانيّ- على جميع بلاد السّلطان وولده «1» ، وهي التي في مملكتهما وتحت حكمهما وطاعتهما وما تحويه أيديهما يومئذ: من جميع الأقاليم والممالك، والقلاع، والحصون الإسلامية، وثغر دمياط «2» ، وثغر الإسكندريّة المحروستين، ونسترو «3» ، وسنتريّة «4» وما ينسب إليها من المواني والسواحل، وثغر فوّة «5» ، وثغر رشيد، والبلاد الحجازية، وثغر غزّة المحروس، وما معها من المواني والبلاد، والمملكة الكركيّة «6» ، والشّوبكيّة وأعمالها، والصّلت وأعمالها، وبصرى «7» وأعمالها، ومملكة بلاد الخليل صلوات الله عليه وسلامه، ومملكة القدس الشّريف وأعمالها، وبيت لحم «8» وأعماله(14/58)
وبلاده، وجميع ما هو داخل فيها ومحسوب منها، وبيت جبريل «1» ، ومملكة نابلس «2» وأعمالها، ومملكة الأطرون «3» وأعمالها، وعسقلان «4» وأعمالها وموانيها وسواحلها، ومملكة يافا والرّملة وميناها، وقيساريّة وميناها وسواحلها وأعمالها، وأرسوف «5» وأعمالها، وقلعة قاقون «6» وأعمالها وبلادها، وأعمال العوجاء «7» وما معها من الملاحة، والفتوح السّعيد وأعمالها ومزارعها، وبيسان وأعمالها وبلادها، والطّور وأعماله، واللّجون «8» وأعماله، وجينين «9» وأعمالها، وعين جالوت وأعمالها، والقيمون «10»(14/59)
وأعماله وما ينسب إليه، وطبريّة وبحيرتها وأعمالها وما معها، والمملكة الصّفدية وما ينسب إليها، وتبنين وهونين «1» وما معهما من البلاد والأعمال، والشّقيف المحروس المعروف بشقيف أرنون «2» وما معه من البلاد والأعمال وما هو منسوب إليه، وبلاد الفرن «3» وما معه خارجا عما عيّن في هذه الهدنة المباركة، ونصف مدينة إسكندرونة، ونصف ضيعة مأرب «4» بفدنهما وكرومهما وبساتينهما وحقوقهما؛ وما عدا ذلك من حقوق «5» إسكندرونة المذكورة، يكون جميعه بحدوده وبلاده للسلطان الملك المنصور ولولده النّصف، والنّصف الآخر لمملكة عكّا. والبقاع العزيزي «6» وأعماله، وشعرا «7» وأعمالها، وشقيف تيرون «8» وأعماله، والعامر جميعها (ولا با(14/60)
وغيرها) «1» ، وبانياس وأعمالها «2» وقلعة الصّبيبة وأعمالها وما معها من البحيرات والأعمال، وكوكب وأعمالها وما معها، وقلعة عجلون وأعمالها، ودمشق والمملكة الدّمشقيّة- حرسها الله تعالى- وما لها من القلاع والبلاد والممالك والأعمال، وقلعة بعلبكّ المحروسة وما معها وأعمالها، ومملكة حمص وما لها من الأعمال والحدود، ومملكة حماة المحروسة ومدينتها وقلعتها وبلادها وحدودها، وبلاطنس وأعمالها، وصهيون وأعمالها، وبرزية «3» وأعمالها، وفتوحات حصن الأكراد المحروس وأعماله، وصافيثا وأعمالها، و [ميعار و] «4» أعمالها، والعريمة وأعمالها، وقدقيا «5» وأعمالها، وحلبا «6» وأعمالها، والقليعة «7» وأعمالها، وحصن عكّار «8» وأعماله وبلاده، وقلعة شيزر «9» وأعمالها، وأفامية «10» وأعمالها، وجبلة «11» وأعمالها، وأبو قبيس «12» وأعماله، والمملكة الحلبيّة وما هو مضاف إليها من القلاع والمدن والبلاد والحصون، وأنطاكية وأعمالها وما دخل في الفتوح(14/61)
المبارك، وبغراس «1» وأعمالها، والدّربساك «2» وأعمالها، والرّاوندان وأعمالها، وعينتاب وأعمالها، وحارم «3» وأعمالها، ويبرين «4» وأعمالها، وسيح «5» الحديد وأعماله، وقلعة نجم وأعمالها، وشقيف دركوش «6» وأعماله، والشّغر وأعماله، وبكاس «7» وأعماله، والسّويداء وأعمالها، والباب وبزاعا وأعمالهما، والبيرة وأعمالها، والرّحبة وأعمالها، وسلمية وأعمالها، وشميمس «8» وأعمالها، وتدمر وأعمالها، وما هو منسوب إليها، وجميع ما هو منسوب لمولانا السلطان ولولده من البلاد التي عيّنت في هذه الهدنة المباركة، والتي لم تعيّن.
وعلى جميع العساكر، وعلى جميع الرّعايا من سائر الناس أجمعين:
على اختلافهم، وتغيّر أنفارهم وأجناسهم وأديانهم، للقاطنين فيها، والمتردّدين في البرّ والبحر، والسّهل والجبل، في اللّيل والنهار، يكونون آمنين مطمئنّين في حالتي صدورهم وورودهم- على أنفسهم، وأموالهم، وأولادهم، وحريمهم، وبضائعهم، وغلمانهم، وأتباعهم، ومواشيهم، ودوابّهم، وعلى جميع ما يتعلّق بهم، وكلّ ما تحوي أيديهم من سائر الأشياء على اختلافها، من الحكّام بمملكة عكّا: وهم كفيل المملكة بها، والمقدّم(14/62)
(افريز كليام ديبا حول) «1» مقدّم بيت الديوية، والمقدّم (افريز بيكوك للورن) «2» [مقدّم بيت الاسبتار] «3» ، وافريز اهداب «4» نائب مقدّم بيت الاسبتار الامن، ومن جميع الفرنج والإخوة، والفرسان الدّاخلين في طاعتهم وتحويه مملكتهم السّاحليّة، ومن جميع الفرنج على اختلافهم، الذين يستوطنون عكّا والبلاد الساحليّة الداخلة في هذه الهدنة من كلّ واصل إليها في برّ أو بحر على اختلاف أجناسهم وأنفارهم، لا ينال بلاد السّلطان وولده، ولا حصونهما، ولا قلاعهما، ولا بلادهما، ولا ضياعهما، ولا عساكرهما، ولا جيوشهما، ولا عربهما، ولا تركمانهما، ولا أكرادهما، ولا رعاياهما، على اختلاف الأجناس والأنفار، ولا ما تحويه أيديهم من المواشي والأموال والغلال وسائر الأشياء منهم غدر «5» ولا سوء، ولا يخشون من جميعهم أمرا مكروها ولا إغارة، ولا تعرّضا ولا أذيّة.
وكذلك ما يستفتحه ويضيفه السلطان وولده على يديهما، وعلى يد نوّابهما وعساكرهما: من بلاد، وحصون، وقلاع، وملك، وأعمال، وولايات، برّا وبحرا، سهلا ووعرا.
وكذلك جميع بلاد الفرنج التي استقرّت الآن عليها هذه الهدنة [من البلاد الساحلية] «6» وهي مدينة عكّا وبساتينها، وأراضيها وطواحينها، وما يختصّ بها من كرومها، وما لها من حقوق حولها، وما تقرّر لها من بلاد في هذه الهدنة [وعدتها بما فيها من مزارع ثلاثة وسبعون ناحية خاصّا(14/63)
للفرنج] «1» وهي: البصة «2» ومزرعتها، مجدل «3» ، حمصين، رأس عبده «4» ، المنواث «5» ومزرعتها، الكابرة «6» ومزرعتها، نصف وفيه جمعون «7» ، كفر بردى ومزرعتها، كوكب «8» عمقا ومزرعتها، المونية، كفر ياسيف»
ومزرعتها، توسيان، مكر حرسين ومزرعتها، الحديدة «10» ، الغياضة، العطوانية، مرتوقا الحارثية «11» ثمرا الطرة، الرنب «12» ، البابوحيه «13» ومزرعتها، العرج ومزرعتها، المزرعة السّميرية البيضاء، دعوق والطاحون، كردانه «14» والطاحون، حدرول «15» ، تل النحل، الغار، الرخ والمجدل، تلّ كيسان، البروة «16» ، الرامون، ساسا السياسية، الشبيكة، المشيرقة، العطرانية، المنيير، اكليل، هرياسيف(14/64)
العربية، هوشة «1» ، الزراعة «2» الجديدة الشمالية، الرحاحيه، قسطه، كفرنبتل، الدويرات «3» ، ماصوب «4» ، متماس «5» ، العباسية، سيعانه «6» ، عين الملك، المنصورة «7» ، الرصيفة، حبابا «8» ، سرطا «9» ، كفرتا «10» ، أرض الزراعة، رولس «11» ، صغد عدي، سفرعم «12» ، هذه البلاد المذكورة [تكون] خاصّا للفرنج. حيفا والكروم والبساتين التي لها جميعها، والقصر وهو الحوش وكفر توثا، وهي: الكنيسة «13» ، والطيرة «14» ، والسعبة،(14/65)
والسعادة، والمعر «1» ، والباجور «2» ، وسومرا. تكون حيفا وهذه البلاد المذكورة بحدودها وأراضيها خاصّة للفرنج. وكذلك قرية (مارنياباره) «3» بها، المعروفة بها وكرومها وغروسها يكون خاصّا للفرنج. ودير السياح «4» ، ودير مارلياس «5» بأراضيهما المعروفة بهما وكرومهما وبساتينهما يكون خاصّا للفرنج.
وعلى أن يكون للسّلطان الملك المنصور ولولده الصّالح، من بلاد الكرمل وهي: الدالية «6» ، ودونه، وضريبة الريح، والكرك، ومعليا، والرامون «7» ، ولوبيه «8» ، وبسور، وخربة يونس، وخربة خميس، ورشميا، ودوابه «9» ، يكون خاصّا للفرنج في بلاد أخرى ذكرها. وما عدا ذلك من البلاد الجبلية جميعها للسلطان ولولده بكمالها.
«10» وتكون جميع هذه البلاد العكّاويّة وما عيّن في هذه الهدنة المباركة من البلاد السّاحليّة آمنة من السّلطان الملك المنصور وولده الملك الصّالح،(14/66)
وآمنة من عساكرهما وجنودهما ومن خدمهما، وتكون هذه البلاد المشروحة أعلاه، الداخلة في هذه الهدنة المباركة: الخاصّ بها»
، وما هو مناصفة- مطمئنّة هي ورعاياها، وسائر أجناس الناس فيها، والقاطنين بها، والمتردّدين إليها على اختلاف أجناسهم وأديانهم، والمتردّدين إليها من جميع بلاد الفرنجة والسّفّار، والمتردّدين منها وإليها في برّ وبحر، في ليل أو نهار، سهل وجبل، آمنين على النّفوس والأموال والأولاد، والمراكب والدّوابّ، وجميع ما يتعلّق بهم، وكلّ ما تحويه أيديهم من الأشياء على اختلافها، من السّلطان وولده، وجميع من هو تحت طاعتهما، لا ينالهم ولا ينال هذه البلاد المذكورة التي انعقدت عليها الهدنة سوء ولا ضرر ولا إغارة، ولا ينال إحدى الجهتين المذكورتين: الإسلاميّة والفرنجية من الأخرى ضرر ولا أذيّة، ويكون ما تقرّر أنه يكون خاصّا للفرنج حسب ما بيّن أعلاه لهم، وما تقرّر أن يكون للسّلطان ولولده خاصّا لهما، والمناصفات تكون كما شرح. ولا يكون للفرنج من البلاد والمناصفات إلا ما شرح في هذه الهدنة وعيّن فيها من البلاد.
وعلى أنّ الفرنج لا يجدّدون في غير عكّا وعثليث وصيدا: ممّا هو خارج عن(14/67)
أسوار هذه الجهات الثّلاث المذكورات، لا قلعة، ولا برجا، ولا حصنا، ولا مستجدّا.
وعلى أنه متى هرب أحد- كائنا من كان- من بلاد السّلطان وولده إلى عكّا والبلاد السّاحلية المعيّنة في هذه الهدنة، وقصد الدّخول في دين النّصرانيّة وتنصّر بإرادته، يردّ جميع ما يروح معه ويبقى عريانا، وإن كان ما يقصد الدّخول في دين النصرانية ولا يتنصّر، ردّ إلى أبوابهما العالية بجميع ما يروح معه، بشفاعة ثقة بعد أن يعطى الأمان. وكذلك إذا حضر أحد من عكّا والبلاد السّاحليّة الداخلة في هذه الهدنة، وقصد الدّخول في دين الإسلام وأسلم بإرادته، يردّ جميع ما معه ويبقى عريانا، وإن كان ما يقصد الدّخول في دين الإسلام ولا يسلم، يردّ إلى الحكّام بعكّا، والمقدّمين بجميع ما يروح معه بشفاعة بعد أن يعطى له الأمان.
وعلى أنّ الممنوعات المعروف منعها قديما تستقرّ على قاعدة المنع من الجهتين. ومتى وجد مع أحد من تجّار بلاد السّلطان وولده من المسلمين وغيرهم على اختلاف أديانهم وأجناسهم شيء من الممنوعات بعكّا والبلاد السّاحليّة الداخلة في هذه الهدنة، مثل عدّة السّلاح وغيره، يعاد على صاحبه الذي اشتراه منه، ويعاد إليه ثمنه، ويردّ ولا يؤخذ ماله استهلاكا، ولا يؤذى.
وللسّلطان ولولده أن يفتصلا «1» في من يخرج من بلادهما من رعيّتهما، على اختلاف أديانهم وأجناسهم، بشيء من الممنوعات. وكذلك كفيل المملكة بعكّا والمقدّمون لهم أن يفتصلوا في رعيّتهم الذين يخرجون بالممنوعات من بلادهم الدّاخلة في هذه الهدنة.
ومتى أخذت أخيذة من الجانبين، أو قتل قتيل من الجانبين، على أيّ وجه كان- والعياذ بالله- ردّت الأخيذة بعينها إن كانت موجودة أو قيمتها إن(14/68)
كانت مفقودة، والقتيل يكون العوض عنه بنظيره من جنسه: فارس بفارس، وبركيل «1» ببركيل، وتاجر بتاجر، وراجل براجل، وفلّاح بفلّاح، فإن خفي أمر القتيل والأخيذة، كانت المهلة في الكشف أربعين يوما؛ فإن ظهرت الأخيذة أو تعيّن أمر المقتول، ردّت الأخيذة بعينها ويكون العوض عن القتيل بنظيره، وإن لم تظهر كانت اليمين على والي المكان المدّعى عليه، وثلاثة نفر يقع اختيار المدّعي عليهم، من تلك الولاية. وإن امتنع الوالي عن اليمين حلّف من الجهة المدّعية ثلاثة نفر تختارهم الجهة الأخرى وأخذ قيمتها. وإن لم ينصف الوالي ولا ردّ المال، أنهى المدّعي أمره إلى الحكّام من الجهتين، وتكون المهلة بعد الإنهاء أربعين يوما، ويلزم الولاة من الجهتين بالوفاء بهذا الشّرط.
ومتى أخفوا قتيلا أو أخيذة، أو قدروا على أخذ حقّ ولم يأخذه كلّ واحد في ولايته، يتعيّن على الذي يوليه من ملوك الجهتين إقامة السّياسة «2» فيه: من أخذ الرّوح والمال والشّنق، والإنكار التامّ على من يتعيّن عليه الإنكار إذا فعل ذلك في ولايته وأرضه.
وإن هرب أحد بمال واعترف ببعضه وأنكر بعض ما يدّعى به عليه، لزمه أن يحلف أنه لم يأخذ سوى ما ردّه؛ فإن لم يقنع المدّعي بيمين الهارب، حلف والي تلك الولاية أنه لم يطّلع على أنه وصل معه غير ما ردّه؛ وإن أنكر أنّه لم يصل معه شيء أصلا، استحلف الهارب أنه لم يصل معه للمدّعي شيء.
وعلى أنه إذا انكسر مركب من مراكب تجّار السّلطان وولده التي انعقدت عليها الهدنة، ورعيّتهما من المسلمين وغيرهم: على اختلاف أجناسهم وأديانهم، في مينا عكّا وسواحلها، والبلاد السّاحليّة التي انعقدت(14/69)
عليها الهدنة، كان كلّ من فيها آمنا على الأنفس والأموال والأتباع والمتاجر؛ فإن وجد أصحاب هذه المراكب التي تنكسر تسلّم مراكبهم وأموالهم [إليهم] «1» ؛ وإن عدموا بموت أو غرق أو غيبة، فيحتفظ بموجودهم ويسلّم لنوّاب السّلطان وولده. وكذلك المراكب المتوجّهة من هذه البلاد السّاحلية المنعقد عليها الهدنة للفرنج، يجري لها مثل ذلك في بلاد السّلطان وولده، ويحفظ بموجودها إن لم يكن صاحبها حاضرا إلى أن يسلّم لكفيل المملكة بعكّا أو المقدّم.
ومتى توفّي أحد من التّجّار الصادرين والواردين، على اختلاف أجناسهم وأديانهم، من بلاد السّلطان وولده، في عكّا وصيدا وعثليث، والبلاد السّاحلية الداخلة في هذه الهدنة على اختلاف أجناسهم وأديانهم [فيحتفظ على ماله حتى يسلم لنواب السلطان وولده] «2» ، وإذا توفّي أحد في البلاد الإسلامية الداخلة في هذه الهدنة، يحتفظ على ماله إلى حين يسلّم إلى كفيل المملكة بعكّا والمقدّمين.
وعلى أنّ شواني «3» السّلطان وولده إذا عمّرت وخرجت لا تتعرّض بأذيّة إلى البلاد الساحليّة التي انعقدت عليها هذه الهدنة؛ ومتى قصدت الشّواني المذكورة جهة غير هذه الجهات، وكان صاحب تلك الجهة معاهدا للحكّام بمملكة عكّا، فلا تدخل إلى البلاد التي انعقدت عليها هذه الهدنة ولا تتزوّد منها؛ وإن لم يكن صاحب تلك الجهة التي تقصدها الشّواني المنصورة معاهدا للحكّام بمملكة عكّا والبلاد التي انعقدت عليها الهدنة، فلها أن تدخل إلى بلادها وتتزوّد منها. وإن انكسر شيء من هذه الشّواني- والعياذ بالله- في مينا من مواني البلاد التي انعقدت عليها الهدنة وسواحلها: فإن(14/70)
كانت قاصدة [إلى] من له مع مملكة عكّا ومقدّمي بيوتها عهد، فيلزم كفيل المملكة بعكّا ومقدّمي البيوت بحفظها، وتمكين رجالها من الزّوادة وإصلاح ما انكسر منها، والعود إلى البلاد الإسلامية، [ويبطل حركة ما ينكسر] «1» منها- والعياذ بالله- أو يرميه البحر. هذا إذا كانت قاصدة من له مع مملكة عكّا ومقدّميها عهد، فإن [قصدت من] «2» لم يكن لها معهم عهد، فلها أن تتزوّد وتعمر رجالها من البلاد المنعقد عليها هذه الهدنة، وتتوجّه إلى البلاد المرسوم لها بقصدها، ويعتمد هذا الفضل من الجهتين.
وعلى أنّه متى تحرك أحد من ملوك [البحر] «3» الفرنجة وغيرهم من جوّا البحر لقصد الحضور لمضرّة السّلطان وولده في بلادهما المتّفقة «4» عليها هذه الهدنة، فليلزم «5» نائب المملكة والمقدّمين بعكّا، أن يعرّفوا السلطان وولده بحركتهم قبل وصولهم إلى البلاد الإسلاميّة الداخلة في هذه الهدنة بمدّة شهرين، وإن وصلوا بعد انقضاء مدّة شهرين، فيكون كفيل المملكة بعكّا، والمقدّمون بريئين «6» من عهدة اليمين في هذا الفصل. ومتى تحرّك عدوّ من جهة البرّ من التّتار وغيرهم، فأيّ من سبق الخبر إليه من الجهتين يعرّف الجهة الأخرى بما سبق الخبر إليه من أمرهم.
وعلى أنه إن قصد البلاد الشّاميّة- والعياذ بالله- عدوّ من التّتار وغيرهم في البرّ، وانحازت العساكر الإسلامية من قدّام العدوّ، ووصل العدوّ إلى(14/71)
القرب من البلاد السّاحليّة الداخلة في هذه الهدنة وقصدوها بمضرّة، فيكتب «1» إلى [كفيل] المملكة بعكّا، والمقدّمين بها أن يدرؤوا عن بيوتهم ورعيّتهم وبلادهم بما تصل قدرتهم إليه. وإن حصل- والعياذ بالله- جفل «2» من البلاد الإسلاميّة إلى السّاحليّة الداخلة في هذه الهدنة، فيلزم كفيل المملكة بعكّا، والمقدّمين بها حفظهم والدّفع عنهم ومنع من يقصدهم بضرر، ويكونون آمنين مطمئنّين بما معهم.
وعلى أنّ النّائب بمملكة عكّا «3» والمقدّمين بها يوصون في سائر البلاد الساحلية التي وقعت الهدنة عليها، أنّهم لا يمكّنون حراميّة البحر من الزوادة من عندهم ولا من حمل ماء، وإن ظفروا بأحد منهم يمسكونه، وإن كانوا يبيعون عندهم بضائع فيمسكها كفيل المملكة بعكّا والمقدّمون حتّى يظهر صاحبها وتسلّم إليه. وكذلك يعتمد السلطان وولده [في أمر الحراميّة هذا الاعتماد] «4» .
وعلى أن الرّهائن بعكّا والبلاد السّاحلية الدّاخلة في هذه الهدنة، كلّ من عليه منهم مبلغ أو غلّة، فيحلف والي ذلك المكان الذي منه الرّهينة، ويحلف المباشر والكاتب في وقت أخذ هذا الشّخص رهينة أنه عليه كذا وكذا: من دراهم أو غلّة أو بقر أو غيره، فإذا حلف الوالي والمباشر والكاتب قدّام نائب السلطان وولده على ذلك يقوم أهل الرّهينة عنه بما للفرنج عليه ويطلقونه. وأما الرّهائن الذين أخذوا منسوبين إلى الجفل والاختشاء أنهم لا يهربون إلى بلاد الإسلام ويمتنع الولاة والمباشرون من اليمين عليهم، فأولئك يطلقون.(14/72)
وعلى أن لا يجدّد على التّجّار المسافرين: الصادرين والواردين من الجهتين حقّ لم تجر به عادة، ويجروا على عوائدهم المستمرّة إلى آخر وقت، وتؤخذ منهم الحقوق على العادة المستمرّة، ولا يجدّد عليهم رسم ولا حقّ لم تجر به عادة. وكلّ مكان عرف باستخراج الحقّ فيه يستخرج بذلك المكان من غير زيادة من الجهتين، في حالتي سفرهم وإقامتهم، ويكون التّجّار والسّفّار والمتردّدون آمنين مطمئنّين مخفّرين من الجهتين في حالتي سفرهم وإقامتهم، وصدورهم وورودهم بما صحبتهم من الأصناف والبضائع التي هي غير ممنوعة.
وعلى أنه ينادى في البلاد الإسلامية والبلاد الفرنجية الدّاخلة في هذه الهدنة: أنه من كان من فلّاحي بلاد المسلمين يعود إلى بلاد المسلمين مسلما كان أو نصرانيّا، وكذلك من كان من فلّاحي بلاد الفرنج مسلما كان أو نصرانيّا، معروفا قراريّا من الجهتين، ومن لم يعد بعد المناداة يطرد من الجهتين. ولا يمكّن فلّاحو بلاد المسلمين من المقام في بلاد الفرنج المنعقد عليها هذه الهدنة، ولا فلّاحو بلاد المسلمين من المقام في بلاد المسلمين التي انعقدت عليها هذه الهدنة؛ ويكون عود الفلّاح من الجهة إلى الجهة الأخرى بأمان.
وعلى أن تكون كنيسة النّاصرة وأربع بيوت من أقرب البيوت إليها لزيارة الحجّاج وغيرهم من دين الصّليب: كبيرهم وصغيرهم على اختلاف أجناسهم وأنفارهم: من عكّا والبلاد الساحليّة الداخلة في هذه الهدنة، ويصلّي بالكنيسة الاقسّاء «1» والرّهبان، وتكون البيوت المذكورة لزوّار كنيسة النّاصرة خاصّة، ويكونون آمنين مطمئنّين في توجّههم وحضورهم إلى حدود البلاد الداخلة في هذه الهدنة. وإذا نقبت الحجارة التي بالكنيسة المذكورة ترمى برّا، ولا يحطّ حجر منها على حجر لأجل بنايته «2» ، ولا يتعرّض إلى(14/73)
الأقسّاء والرّهبان، وذلك على وجه الهبة لأجل زوّار دين الصّليب بغير حقّ.
ويلزم السلطان وولده حفظ هذه البلاد المشروحة التي انعقدت عليها الهدنة من نفسهما وعساكرهما وجنودهما، ومن جميع المتجرّمة والمتلصّصين والمفسدين: ممّن هو داخل تحت حكمهما وطاعتهما. ويلزم كفيل المملكة بعكّا والمقدّمين بها حفظ هذه البلاد الإسلامية المشروحة التي انعقدت عليها الهدنة، من نفسهم وعساكرهم وجنودهم، وجميع المتجرّمة والمتلصّصين والمفسدين: ممن هو داخل تحت حكمهم وطاعتهم بالمملكة السّاحليّة الداخلة في هذه الهدنة. ويلزم كفيل المملكة بعكّا، ومقدّمي البيوت بها الحكّام بعكّا والبلاد الساحلية الداخلة في هذه الهدنة- القيام بما تضمّنته هذه الهدنة من الشّروط جميعها، شرطا شرطا، وفصلا فصلا، والعمل بأحكامها، والوقوف مع شروطها إلى انقضاء مدّتها. ويفي كلّ منهم بما حلف به من الأيمان المؤكّدة: من أنّه يفي بجميع ما في هذه الهدنة على ما حلفوا به.
تستمرّ هذه الهدنة المباركة بين السّلطان وولده وأولادهما وأولاد أولادهم، وبين الحكّام بمملكة عكّا، وصيدا، وعثليث؛ وهم الشيخان (أودرا) «1» المقدّمون المذكورون فلان وفلان إلى آخرها، لا تتغيّر بموت ملوك أحد الجهتين، ولا بتغيّر مقدّم وتولية غيره، بل تستمرّ على حالها إلى آخرها وانقضائها، بشروطها المحدودة، وقواعدها المقرّرة، كاملة تامّة، ومتى انقضت هذه الهدنة المباركة، أو وقع- والعياذ بالله- فسخ، كانت المهلة في ذلك أربعين من الجهتين. وينادى برجوع كلّ أحد إلى وطنه بعد الإشهاد، ليعود الناس إلى مواطنهم آمنين مطمئنّين، ولا يمنعون من السّفر من الجهتين، ولا تبطل بعزل أحد من الجهتين، وتشيّد أحكامها متتابعة(14/74)
متوالية، بالسنين والشّهور والأيّام إلى انقضائها، ويلزم المتولي حفظها والعمل بشروطها وفصولها، وفروعها وأصولها، ويجري الحال فيها على أجمل الحالات إلى آخرها. وعلى جميع ذلك وقع الرّضا والصّفح والاتّفاق، وحلف عليها من الجهتين، والله الموفّق «1» .
وهذه نسخة هدنة، عقدت بين الملك الأشرف، صلاح الدّين «خليل» ابن الملك المنصور سيف الدّين «قلاوون» صاحب الديار المصريّة والبلاد الشّامية، وبين دون حاكم الريد أرغون «2» ، صاحب برشلونة من بلاد الأندلس، على يد رسله: أخويه وصهريه الآتي ذكرهم، في صفر سنة اثنتين وتسعين وستّمائة؛ وهي:
استقرّت الموّدّة والمصادقة بين الملك الأشرف، وبين حضرة الملك الجليل، المكرّم، الخطير، الباسل، الأسد، الضرّغام، المفخّم، المبجّل «دون» حاكم الريد أرغون، وأخويه دون ولذريك «3» ، ودون بيدرو، وبين صهريه اللّذين طلب الرّسولان الواصلان إلى الأبواب الشريفة عن مرسلهما الملك دون حاكم أن يكونا داخلين في الهدنة والمصادقة،(14/75)
وأن يلتزم الملك دون حاكم عنهما بكلّ ما التزم به عن نفسه، ويتدرّك أمرهما، وهما الملك الجليل، المكرّم، الخطير، الباسل، الأسد، الضّرغام، دون شانجه «1» ، ملك قشتالة، وطليطلة، وليون، وبلنسية، وأشبيلية، وقرطبة، ومرسية، وجيّان، والغرب، الكفيل بمملكة أرغون وبرتقال «2» - والملك الجليل دون أتفونش «3» ملك برتقال، من تاريخ يوم الخميس تاسع عشر صفر سنة اثنتين وتسعين وستّمائة، الموافق لثلاث بقين من جنير «4» سنة ألف ومائتين واثنتين وتسعين لمولانا السّيّد المسيح عليه السّلام، وذلك بحضور رسولي الملك دون حاكم، وهما: المحتشم الكبير «روصوديمار موند» الحاكم، عن الملك دون حاكم في بلنسية، ورفيقه المحتشم العمدة «ديمون المان قراري» برجلونة، الواصلين بكتاب الملك دون حاكم، المختوم بختم الملك المذكور، المقتضي معناه أنّه حمّلهما جميعا أحوالهم ومطلوبهم، وسأل أن يقوما فيما يقولانه عنه، فكان مضمون مشافهتهما وسؤالهما تقرير قواعد الصّلح والمودّة والصّداقة، والشّروط التي يشترطها الملك الأشرف على الملك دون حاكم، وأنّه يلتزم بجميع هذه الشّروط الآتي ذكرها، ويحلف الملك المذكور عليها هو وأخواه وصهراه المذكورون، ووضع الرسولان المذكوران خطوطهما بجميع الفصول الآتي ذكرها، بأمره ومرسومه، وأن الملك دون حاكم وأخويه وصهريه يلتزمون بها؛ وهي: استقرار المودّة والمصادقة من التّاريخ المقدّم ذكره، على ممرّ السنين والأعوام، وتعاقب اللّيالي والأيّام: برّا وبحرا، سهلا ووعرا، قربا وبعدا.
وعلى أن تكون بلاد السلطان الملك الأشرف، وقلاعه، وحصونه،(14/76)
وثغوره، وممالكه، ومواني بلاده وسواحلها، وبرورها، وجميع أقاليمها ومدنها، وكلّ ما هو داخل في مملكته، ومحسوب منها، ومنسوب إليها: من سائر الاقاليم الرّوميّة، والعراقيّة، والمشرقيّة، والشّاميّة، والحلبية، والفراتيّة، واليمنية، والحجازيّة، والدّيار المصرية، والغرب.
وحدّ هذه البلاد والأقاليم وموانيها وسواحلها من البرّ الشّاميّ من القسطنطينيّة والبلاد الرّومية السّاحليّة، وهي: من طرابلس الغرب، وسواحل برقة، والإسكندريّة، ودمياط، والطّينة، وقطيا، وغزّة، وعسقلان، ويافا، وأرسوف، وقيساريّة، وعثليث، وحيفا، وعكّا، وصور، وصيدا، وبيروت، وجبيل، والبيرون «1» ، وأنفة طرابلس الشّام، وأنطرسوس، ومرقيّة، والمرقب، وساحل المرقب: بانياس وغيرها، وجبلة، واللّاذقيّة، والسّويديّة وجميع المواني والبرور إلى ثغر دمياط وبحيرة تنّيس.
وحدّها من البرّ الغربيّ: من تونس وإقليم إفريقية وبلادها وموانيها، وطرابلس الغرب وثغورها، وبلادها وموانيها، وبرقة وثغورها وبلادها وموانيها، إلى ثغر الإسكندريّة ورشيد وبحيرة تنّيس وسواحلها وبلادها وموانيها.
وما تحويه هذه البلاد والممالك المذكورة والّتي لم تذكر، والمدائن والثّغور والسّواحل والمواني والطّرقات في البرّ والبحر، والصّدور والورود، والمقام والسّفر، من عساكر وجنود، وتركمان، وأكراد، وعربان، ورعايا، وتجّار، وشواني، ومراكب، وسفن، وأموال، ومواش، على اختلاف الأديان والأنفار والأجناس، وما تحويه الأيدي، من سائر أصناف الأموال والأسلحة والأمتعة والبضائع والمتاجر، قليلا كان أو كثيرا، قريبا كان أو بعيدا، برّا كان أو بحرا- آمنة «2» على الأنفس، والأرواح، والأموال(14/77)
والحريم، والأولاد من الملك دون حاكم ومن أخويه وصهريه المذكورين، ومن أولادهم، وفرسانهم، وخيّالتهم، ومعاهديهم، وعمائرهم، ورجالهم، وكلّ من يتعلّق بهم. وكذلك كلّ ما سيفتحه الله تعالى على يد الملك الأشرف، وعلى يد أولاده وعساكره وجيوشه، من القلاع والحصون، والبلاد والأقاليم، فإنه يجري عليه هذا الحكم.
وعلى أن تكون بلاد الملك دون حاكم وبلاد أخويه وصهريه وممالكه المذكورة في هذه الهدنة، وهي: أرغون وأعمالها وبلادها: صقلّية «1» وجزيرتها وبلادها وأعمالها، برّبولية «2» وأعمالها وبلادها، جزيرة مالقة، وقوصرة وبلادها وأعمالها، ميورقة ويابسة «3» وبلادها، وأرسويار»
وأعمالها، وما سيفتحه الملك دون حاكم من بلاد أعدائه الفرنج المجاورين له بتلك الأقاليم- آمنين من الملك الأشرف وأولاده، وعساكره وجيوشه، وشوانيه وعمائره، هي ومن فيها من فرسان وخيّالة ورعايا، وأهل بلاده آمنين مطمئنّين على الأنفس والأموال، والحريم والأولاد، في البرّ والبحر، والصّدور والورود.
وعلى أنّ الملك دون حاكم هو وأخواه وصهراه أصدقاء من يصادق الملك الأشرف وأولاده، وأعداء من يعاديهم من سائر الملوك الفرنجية وغير الملوك الفرنجية. وإن قصد الباب «5» برومية، أو ملك من ملوك الفرنج:
متوّجا كان أو غير متوّج، كبيرا كان أو صغيرا، أو من الجنويّة، أو من البنادقة أو من سائر الأجناس على اختلاف الفرنج والرّوم، والبيوت: بيت الإخوة(14/78)
الديويّة، والاسبتارية، والرّوم، وسائر أجناس النّصارى- مضرّة بلاد الملك الأشرف، بمحاربة أو أذيّة، يمنعهم الملك دون حاكم هو وأخواه وصهراه ويردّونهم، ويعمرون شوانيهم ومراكبهم، ويقصدون بلادهم، ويشغلونهم بنفوسهم عن قصد بلاد الملك الأشرف وموانيه وسواحله وثغوره المذكورة، وغير المذكورة، ويقاتلونهم في البرّ والبحر بشوانيهم وعمائرهم، وفرسانهم وخيّالتهم ورجّالتهم.
وعلى أنّه متى خرج أحد من معاهدي الملك الأشرف من الفرنج عن شروط الهدنة المستقرّة بينه وبينهم، ووقع ما يوجب فسخ الهدنة، لا يعينهم الملك دون حاكم ولا أحد من أخويه ولا صهريه، ولا خيّالتهم، ولا فرسانهم، ولا أهل بلادهم، بخيل ولا خيّالة، ولا سلاح ولا رجّالة، ولا مال ولا نجدة، ولا ميرة، ولا مراكب ولا شواني ولا غير ذلك.
وعلى أنّه متى طلب الباب برومية، وملوك الفرنج، والرّوم، والتّتار، وغيرهم من الملك دون حاكم أو من أخويه أو من صهريه أو من بلادهم، إنجادا، أو معاونة: بخيّالة، أو رجّالة، أو مال، أو مراكب، أو شواني، أو سلاح- لا يوافقهم على شيء من ذلك، لا في سرّ ولا جهر، ولا يعين أحدا منهم ولا يوافقه على ذلك. ومتى اطّلعوا على أنّ أحدا منهم يقصد بلاد الملك الأشرف لمحاربته أو لمضرّته بشيء، يعرّف الملك الأشرف بخبرهم، وبالجهة التي اتّفقوا على قصدها في أقرب وقت، قبل [حركتهم] «1» من بلادهم، ولا يخفيه شيئا من ذلك.
وعلى أنّه متى انكسر مركب من المراكب الإسلاميّة في بلاد الملك دون حاكم، أو بلاد أخويه أو بلاد صهريه، [فعليهم] «2» أن يخفروهم، ويحفظوا(14/79)
مراكبهم وأموالهم، ويساعدوهم على عمارة مراكبهم، ويجهّزوهم وأموالهم وبضائعهم إلى بلاد الملك الأشرف. وكذلك إذا انكسرت مركب من بلاد دون حاكم، وبلاد أخويه وصهريه، ومعاهديه في بلاد الملك الأشرف، يكون لهم هذا الحكم المذكور أعلاه.
وعلى أنّه متى مات أحد من تجّار المسلمين ومن نصارى بلاد الملك الأشرف، أو ذمّة أهل بلاده، في بلاد الملك دون حاكم وبلاد أخويه وصهريه وأولاده ومعاهديه، لا يعارضوهم في أموالهم ولا في بضائعهم، ويحمل مالهم وموجودهم إلى بلاد الملك الأشرف ليفعل فيه ما يختار.
وكذلك من يموت في بلاد الملك الأشرف من أهل مملكة الملك دون حاكم وبلاد أخويه وصهريه ومعاهديهم، فلهم هذا الحكم المذكور أعلاه.
وعلى أنّه متى عبر على بلاد الملك دون حاكم أو بلاد أخويه أو صهريه أو معاهديه رسل من بلاد الملك الأشرف قاصدين جهة من الجهات القريبة أو البعيدة، صادرين أو واردين، أو رماهم الرّيح في [بلاده] «1» ، تكون الرّسل وغلمانهم وأتباعهم، ومن يصل معهم من رسل الملوك أو غيرهم- آمنين محفوظين في الأنفس والأموال، ويجهّزهم إلى بلاد الملك الأشرف.
وعلى أنّ الملك دون حاكم وأخويه وصهريه متى جرى من أحد من بلادهم قضيّة توجب فسخ المهادنة، كان على كلّ من الملك دون حاكم وأخويه وصهريه طلب من يفعل ذلك وفعل الواجب فيه.
وعلى أنّ الملك دون حاكم وأخويه وصهريه يفسح كلّ منهم لأهل بلاده وغيرهم من الفرنج، أنّهم يجلبون إلى الثّغور الإسلامية، الحديد والبياض والخشب وغير ذلك.
وعلى أنّه متى أسر أحد من المسلمين في البرّ أو البحر، من مبدإ تاريخ(14/80)
هذه المهادنة من سائر البلاد: شرقها وغربها، أقصاها وأدناها، ووصلوا به إلى بلاد الملك دون حاكم وبلاد أخويه وصهريه ليبيعوه بها، فيلزم الملك دون حاكم وأخويه وصهريه فكّ أسره وحمله إلى بلاد الملك الأشرف.
وعلى أنّه متى كان بين تجّار المسلمين، وبين تجّار بلاد الملك دون حاكم وأخويه وصهريه معاملة في بضائعهم، وهم في بلاد الملك الأشرف، كان أمرهم محمولا على موجب الشّرع الشريف.
وعلى أنّه متى ركب أحد من المسلمين في مراكب بلاد الملك دون حاكم وأخويه وصهريه، وحمل بضاعته معهم وعدمت البضاعة، كان على الملك دون حاكم وعلى أخويه وصهريه ردّها إن كانت موجودة، أو قيمتها إن كانت مفقودة.
وعلى أنّه متى هرب أحد من بلاد الملك الأشرف الدّاخلة في هذه المهادنة إلى بلاد الملك دون حاكم وأخويه وصهريه، أو توجّه ببضاعة لغيره وأقام بتلك البلاد، كان على الملك دون حاكم وعلى أخويه وصهريه ردّ الهارب أو المقيم ببضاعة غيره، والمال معه إلى بلاد الملك الأشرف ما دام [المذكور] مسلما؛ وإن تنصّر، يردّ المال الذي معه خاصّة. ولمملكة الملك دون حاكم وأخويه وصهريه فيمن يهرب من بلادهم إلى بلاد الملك الأشرف هذا الحكم المذكور أعلاه.
وعلى أنّه إذا وصل من بلاد الملك دون حاكم وبلاد أخويه وصهريه ومعاهديه من الفرنج من يقصد زيارة القدس الشّريف، وعلى يده كتاب الملك دون حاكم وختمه إلى نائب الملك الأشرف بالقدس الشّريف، يفسح له في الزّيارة مسموحا بالحقّ ليقضي زيارته ويعود إلى بلاده آمنا مطمئنّا في نفسه وماله، رجلا كان أو امرأة، بحيث إن الملك دون حاكم لا يكتب لأحد من أعدائه ولا من أعداء الملك الأشرف في أمر الزيارة بشيء.
وعلى أنّ الملك دون حاكم يحرس جميع بلاد الملك الأشرف هو(14/81)
وأخواه وصهراه من كل مضرّة، ويجتهد كلّ منهم في أنّ أحدا من أعداء الملك الأشرف لا يصل إلى بلاد الملك الأشرف، ولا ينجدهم على مضرّة بلاد الملك الأشرف ولا رعاياه، وأنه يساعد الملك الأشرف في البرّ والبحر بكلّ ما يشتهيه ويختاره.
وعلى أنّ الحقوق الواجبة على من يصدر ويرد ويتردّد من بلاد الملك دون حاكم وأخويه وصهريه، إلى ثغري الإسكندريّة ودمياط، والثّغور الإسلامية، والممالك السّلطانية، بسائر أصناف البضائع والمتاجر على اختلافها، تستمرّ على حكم الضرائب المستقرّة في الدّيوان المعمور إلى آخر وقت، ولا يحدث عليهم فيها حادث. وكذلك يجري الحكم على من يتردّد من البلاد السلطانية إلى بلاد الملك دون حاكم وأخويه وصهريه.
تستمرّ هذه المودّة والمصادقة على حكم هذه الشّروط المشروحة أعلاه بين الجهات على الدّوام والاستمرار، وتجري أحكامها وقواعدها على أجمل الاستقرار؛ فإن الممالك بها قد صارت مملكة واحدة وشيئا واحدا؛ لا تنتقض بموت أحد من الجانبين، ولا بعزل وال وتوليه غيره، بل تؤيّد أحكامها، وتدوم أيّامها، وشهورها وأعوامها. وعلى ذلك انتظمت واستقرّت في التاريخ المذكور أعلاه، وهو كذا وكذا، والله الموفّق بكرمه إن شاء الله تعالى.
قلت: وهذه النّسخ الخمس المتقدّمة الذّكر نقلتها من تذكرة محمد بن المكرّم «1» ، أحد كتّاب الإنشاء بالدّولة المنصورية «قلاوون» المسّماة:
«تذكرة اللّبيب، ونزهة الأديب» من نسخة بخطّه، ذكر فيها أن النّسخة الأولى منها كتبها بخطّه على مدينة صفد. وليس منها ما هو حسن التّرتيب، رائق الألفاظ، بهج المعاني، بليغ المقاصد، غير النّسخة الأخيرة المعقودة بين(14/82)
الملك الأشرف وبين الملك دون حاكم. أما سائر النّسخ المتقدّمة فإنها مبتذلة الألفاظ، غير رائقة التّرتيب، لا يصدر مثلها من كاتب عنده أدنى ممارسة لصناعة الكلام. والعجب من صدور ذلك في زمن «الظّاهر بيبرس» و «المنصور قلاوون» وهما من هما من عظماء الملوك!!! وكتابة الإنشاء يومئذ بيد بني عبد الظّاهر الذين هم بيت الفصاحة ورؤوس أرباب البلاغة!!! ولعلّ ذلك إنما وقع، لأن الفرنج كانوا مجاورين للمسلمين يومئذ ببلاد الشّام، فيقع الاتّفاق والتراضي بين الجهتين على فصل فصل، فيكتبه كاتب من كلّ جهة من جهتي المسلمين والفرنج بألفاظ مبتذلة غير رائقة، طلبا للسّرعة، إلى أن ينتهي بهم الحال في الاتّفاق والتراضي، إلى آخر فصول الهدنة، فيكتبها كاتب الملك المسلم على صورة ما جرى في المسودّة، ليطابق ما كتب به كاتب الفرنج؛ إذ لو عدل فيها كاتب السلطان إلى الترتيب، وتحسين الألفاظ وبلاغة التّركيب، لاختلّ الحال فيها عما وافق عليه كاتب الفرنج أوّلا، فينكرونه حينئذ، ويرون أنه غير ما وقع عليه الاتّفاق، لقصورهم في اللّغة العربيّة، فيحتاج الكاتب إلى إبقاء الحال على ما توافق عليه الكاتبان في المسودّة. وبالجملة فإنما ذكرت النّسخ المذكورة- على سخافة لفظها، وعدم انسجام ترتيبها- لا شتمالها على الفصول التي جرى فيها الاتّفاق فيما تقدّم من الزّمان، ليستمدّ منها الكاتب ما لعلّه لا يحضر بباله من مقاصد المهادنات، أغنانا الله تعالى عن الحاجة إليها.
واعلم أنه قد جرت العادة، إنه إذا كتبت الهدنة، كتب قرينها يمين يحلف بها السلطان أو نائبه القائم بعقد الهدنة، على التّوفية بفصولها وشروطها، ويمين يحلف عليها القائم عن الملك الكافر بعقد الهدنة، ممّن يأذن له في عقدها عنه، بكتاب يصدر عنه بذلك، أو تجهّز نسختها إلى الملك الكافر ليحلف عليها، ويكتب خطّه بذلك، وتعاد إلى الأبواب السلطانية.(14/83)
المذهب الثالث (أن تفتتح المهادنة بخطبة مبتدأة ب «الحمد لله» )
وعلى هذا بنى صاحب «موادّ البيان» «1» أمره في كتابة الهدنة، حيث قال: والرسم فيها أن تفتتح بحمد الله تعالى على الهداية إلى دين الإسلام الذي أذلّ كلّ دين وأعزّه، وخذل كلّ شرع ونصره، وأخفى كلّ مذهب وأظهره، والتّوغّل في توحيده، وتقديسه وتمجيده، والثّناء عليه بآلائه، والصلاة على خير أنبيائه، محمد صلّى الله عليه وسلّم.
قلت: ولم يأت بصورة هدنة منتظمة على هذا الترتيب، بل أشار إلى كيفيّة عملها. ثم قال: والبليغ يكتفي بقريحته في ترتيب هذه المعاني إذا دفع إلى الإنشاء فيها، إن شاء الله تعالى. ولم أقف لغيره على صورة هدنة مفتتحة بالتحميد، ولا يخفى أن الابتداء به في كلّ مهمّ من العهود وجلائل الولايات ونحو ذلك هو المعمول عليه في زماننا.
الطرف الثاني (فيما يشارك فيه ملوك الكفر ملوك الإسلام في كتابة نسخ من دواوينهم)
اعلم أنّ الغالب في الهدن الواقعة بين ملوك الديار المصرية وبين ملوك الكفر أن تكتب نسخة تخلّد بديوان الإنشاء بالدّيار المصرية، ونسخة تجهّز إلى الملك المهادن. وربّما كتبت نسخة من ديوانه مفتتحة بيمين.
وهذه نسخة هدنة «2» وردت من جهة الأشكري، صاحب القسطنطينيّة في شهر رمضان سنة ثمانين وستمائة؛ مؤرّخة بتاريخ موافق لأواخر المحرّم من السّنة المذكورة، فعرّبت فكانت نسختها على ما ذكره ابن مكرّم في «تذكرته» :(14/84)
إذ قد أراد السلطان العظيم، النّسيب، العالي، العزيز، الكبير الجنس، الملك، المنصور، سيف الدّين «قلاوون» صاحب الديار المصرية ودمشق وحلب، أن يكون بينه وبين مملكتي محبّة- فمملكتي تؤثر ذلك، وتختار أن يكون بينها وبين عزّ سلطانه محبّة. ولهذا وجب أن يتوسّط هذا الأمر يمين واتّفاق: لتدوم المحبّة التي بهذه الصّورة فيما بين مملكتي وعزّ سلطانه ثابتة بلا تشويش. فمملكتي [من] «1» هذا اليوم، وهو يوم الخميس الثامن من شهر أيار من التاريخ [الرومي] التابع «2» لسنة ستة آلاف وسبعمائة وتسع وثمانين لآدم- تحلف بأناجيل الله المقدّسة، والصّليب المكرّم المحيّى، أنّ مملكتي تكون حافظة للسّلطان العظيم، النّسيب، العالي، العزيز، الكبير الجنس، سيف الدّين «قلاوون» صاحب الدّيار المصرية ودمشق وحلب، ولولده «3» ولوارث ملك عزّ سلطانه: محبّة مستقيمة، وصداقة كاملة نقيّة، ولا يحرّك ملكي أبدا على عزّ سلطانه حربا، ولا على بلاده ولا على قلاعها، ولا على عساكره، ولا يتحرّك ملكي أبدا على حربه «4» ، بحيث إنّ هذا السّلطان العظيم، النّسيب، العالي، العزيز، الكبير الجنس، الملك المنصور سيف الدّين «قلاوون» صاحب الدّيار المصرية ودمشق وحلب، يحفظ مثل ذلك لمملكتي ولولد مملكتي الحبيب (الكمينوس، الانجالوس، الدوقس، البالا ولوغس، الملك ايرلنك) «5» ، ولا يحرّك عزّ سلطانه على مملكتنا حربا قطّ، ولا على بلادنا، ولا على قلاعنا، ولا على عساكرنا، ولا يحرّك أحدا آخر أيضا على حرب مملكتنا، وأن تكون الرّسل(14/85)
المتردّدون عن عزّ سلطانه أيضا مطلقا [آمنين، لهم] «1» أن يعبروا في بلاد مملكتي بلا مانع ولا عائق، ويتوجّهوا إلى حيث يسيرون من عزّ سلطانه، وكذلك يعودون إلى عزّ سلطانه، وأن لا يحصل للتّجّار الواردين من بلاد عزّ سلطانه [ضرر] «2» من بلاد مملكتي، ولا يحذرون من أحد جورا ولا ظلما، بل يكون لهم مباحا أن يعملوا متاجرهم. (ونظير هذا- التّجّار الواردون إلى بلاد عزّ سلطانه من أهل بلاد ملكي، يقومون بالحقّ الواجب على بضائعهم، وليقم) «3» كذلك التّجّار الواردون من بلاد عزّ سلطانه إلى بلاد ملكي بالحقّ الواجب على بضائعهم. وإن حضر من بلاد «سوداق» تجّار وأرادوا السّفر إلى بلاد عزّ سلطانه، فلا ينال هؤلاء تعويق في بلاد ملكي، بل في عبورهم وعودهم يكونون بلا مانع ولا عائق بعد القيام بالحقّ الواجب. وهؤلاء التّجّار الذين من بلاد عزّ سلطانه والذين من أهل سوداق إن حضر صحبتهم مماليك وتجّار «4» ، فليعودوا بهم إلى بلاد عزّ سلطانه بلا عائق ولا مانع، ما خلا إن كانوا نصارى، لأنّ شرعنا وترتيب مذهبنا «5» لا يسمح لنا في أمر النّصارى بهذا.
وأمّا إن كان في بلاد عزّ سلطانه مماليك نصارى: روم وغيرهم من أجناس النّصارى، متمسّكون بدين النصارى، ويحصل لقوم منهم العتق، فليكن للذين معهم عتائق مباح ومطلق من عزّ سلطانه، أن يفدوا في البحر إلى بلاد مملكتي. وكذلك إن أراد أحد من أهل بلاد عزّ سلطانه أن يبيع مملوكا نصرانيّا هذه صورته لأحد من رسل مملكتي، أو لتجّار وأناس بلاد(14/86)
مملكتي، أن لا يجد في هذا تعويقا، بل يشتروا المذكور ويفدوا به في البحر إلى بلاد مملكتي بلا عائق. وأيضا إن أراد هذا السلطان العظيم النّسيب، أن يرسل إلى بلاد ملكي بضائع متجرا، وأرادت مملكتي أن ترسل إلى بلاد عزّ سلطانه بضائع متجرا، فليكن هكذا: وهو إن أراد عزّ سلطانه أن تكون بضائع متاجره في بلاد ملكي منجّاة من القيام بكلّ الحقوق، فلتكن أيضا بضائع متاجر مملكتي في بلاد عزّ سلطانه منجّاة مثل ذلك من كلّ الحقوق، وإن أراد أن تقوم متاجر ملكي في بلاده بالحقوق الواجبة [يقوم] بمثل ذلك. وأيضا أن يطلق عزّ سلطانه لملكي أن يرسل أناسا من بلاد مملكتي إلى بلاد عزّ سلطانه، فيشترون «1» لي خيلا جيادا ويحملونها إلى بلاد ملكي. وكذلك إن أراد عزّ سلطانه شيئا من خيرات بلاد ملكي، فمملكتي أيضا تطلق لعزّ سلطانه أن يرسل أناسه ليشتروه ويحملوه إلى عزّ سلطانه.
ولمّا كان في البحر «كرسالية» «2» من بلاد غريبة، وقد يتّفق في بعض الأوقات أن يعملوا خسارة في بلاد ملكي، وكذلك يجدون هؤلاء «الكرسالية» قوما من بلاد عزّ سلطانه فيعملون لهم خسارة، ثم إنّ هؤلاء «الكرسالية» يفعلون هذا في الآفاق في تخوم بلاد ملكي، لأجل هذا صار: إذا حضر قوم من بلاد مملكتي إلى بلاد عزّ سلطانه بمتجر يمسكون من أهل بلاد عزّ سلطانه ويغرّمون. ولهذا فليصر مرسوم من عزّ سلطانه في كلّ بلاده أن أحدا من أهل بلاد مملكتي لا يغرّم بهذا السّبب ولا يمسك، وإن عرض أن يقول أحد من أهل بلاد عزّ سلطانه: إن غرّم أو ظلم من أهل بلاد ملكي فليعرّف ملكي بذلك. وإذا كان الذي وضع الغرامة من أهل بلاد ملكي، فملكي يأمر، وتعاد تلك الخسارة إلى بلاد عزّ سلطانه. وكذلك إن قال أحد من أهل بلاد مملكتي: إنه ظلم أو غرّم من أحد من بلاد عزّ سلطانه، يأمر عزّ سلطانه، وتعاد(14/87)
الغرامة إلى بلاد ملكي. وأيضا إذ قد أزمعت المحبّة أن نصير بهذه الصّورة، وتكون الصّداقة بين مملكتي وعزّ سلطانه خالصة، حتّى إنه أرسل يقول لملكي على معونة ونجدة ملكي في البحر لمضرّة العدوّ المشترك، فمملكتي تفوّض هذا الأمر إلى اختيار عزّ سلطانه، أن يرتب في نسخة اليمين مع بقيّة الفصول المعيّنة فيه، وتأتي الصورة كيف تعين وتنجد مملكتي في البحر. وإن كان لا يريد نجدة ومعونة مملكتي، فمملكتي تسمح بهذا الفصل أن لا يضعه عزّ سلطانه في نسخة يمينه، وهذه اليمين منا بحفظ ملكي لعزّ سلطانه ثابتة غير متزعزعة إن كان هذا السلطان العظيم يحلف لي يمينا بمثلها، وأنه يحفظ المحبّة لمملكتنا، ثابتة غير متزعزعة، والسّلام.
وهذه نسخة اتّفاق، كتبت من الأبواب السلطانية عن الملك المنصور «قلاوون» عن نظير الهدنة المتقدّمة، الواردة من قبل صاحب القسطنطينيّة، مفتتحة بيمين موافقة لها، وهي:
أقول وأنا فلان: إنه لما رغب حضرة الملك الجليل، كرميخائيل، الدوقس، الأنجالوس، الكمينيوس، البالا ولوغس، ضابط مملكة الرّوم والقسطنطينيّة العظمى، أكبر ملوك المسيحيّة، أبقاء الله- أن يكون بين مملكته وبين عزّ سلطاني، محبة وصداقة ومودّة لا تتغيّر بتغيّر الأيام، ولا تزول بزوال السّنين والأعوام، وأكّد ذلك بيمين حلف عليها، تاريخها يوم الخميس ثامن شهر أيار سنة ستة آلاف وسبعمائة وتسع وثمانين لآدم، صلوات الله عليه، بحضور رسول عزّ سلطاني، الأمير ناصر الدّين بن الجزريّ، والبطرك الجليل «أنباسيوس» بطرك الاسكندرية، وحضر رسولاه فلان وفلان إلى عزّ سلطاني بنسخة اليمين، ملتمسين أن يتوسّط هذا الأمر أيضا يمين واتفاق من عزّ سلطاني، لتدوم المحبّة فيما بين مملكته وعزّ سلطاني، وتكون ثابتة مستمرّة على الدّوام والاستمرار.
فعزّ سلطاني من هذا اليوم، وهو يوم الاثنين مستهلّ رمضان المعظم،(14/88)
سنة ثمانين وستّمائة للهجرة النّبويّة المحمّديّة، على صاحبها أفضل الصّلاة والسّلام، يحلف بالله العظيم، الرّحمن الرّحيم، عالم الغيب والشّهادة، والسّرّ والعلانية وما تخفي الصّدور، وبالقرآن العظيم، وبمن أنزله، وبمن أنزل عليه، وهو النّبيّ الكريم، محمد صلّى الله عليه وسلّم- على استمرار الصّداقة، واستقرار المودّة النّقيّة، للملك الجليل كريمخائيل، ضابط مملكة الرّوم والقسطنطينيّة العظمى، ولولد مملكته الحبيب الكمينيوس الانجالوس، الدّوقس، البلا ولوغس، الملك إير إندرو بنفوس «1» ولوارثي مملكة ملكه، ولا يحرّك عزّ سلطاني أبدا على مملكته حربا، ولا على بلاده، ولا على قلاعه، ولا على عساكره، في برّ ولا بحر، ولا يحرّك عزّ سلطاني أحدا آخر على حربه، بحيث إن الملك الجليل «كرميخائيل» يحفظ مثل ذلك لعزّ سلطاني، ولملكي، ولبلادي، ولقلاعي، ولعساكري، ولولدي، السّلطان الملك الصالح علاء الدين «عليّ» ولوارثي ملكي من أولادي، ويستمرّ على هذه الصداقة والمودّة النّقيّة، ولا يحرّك ملكه على عزّ سلطاني حربا قطّ، ولا على بلادي، ولا على قلاعي، ولا على عساكري، ولا على مملكتي، ولا يحرّك أحدا آخر على حرب مملكة عزّ سلطاني في البرّ ولا في البحر، ولا يساعد أحدا من أضداد عزّ سلطاني، ولا أعدائي من سائر الأديان والأجناس، ولا يوافقه على ذلك، ولا يفسح لهم في العبور إلى مملكة عزّ سلطاني لمضرّة شيء فيها بجهده وطاقته.
وأن الرسل المسيّرين من مملكة عزّ سلطاني إلى برّ «بركة» وأولاده وبلادهم وتلك الجهات، وبحر «سوداق» وبرّه، يكونون آمنين مطمئنّين مطلقا: لهم أن يعبروا في بلاد مملكة الملك الجليل، كرميخائيل من أوّلها إلى آخرها، بلا مانع ولا عائق: أرسلوا في برّ أو بحر، على ما تقتضيه مصلحة ذلك الوقت لمملكة عزّ سلطاني، آمنين مطمئنّين، غير ممنوعين(14/89)
بجميع من يصل معهم من رسل تلك الجهات وغيرها، وكلّ من معهم من مماليك وجوار وغير ذلك. وأن لا يحصل للتّجّار الواردين من مملكة الملك الجليل كرميخائيل إلى بلاد عزّ سلطاني جور ولا ظلم، ويترددون آمنين مطمئنّين يعملون متاجرهم، ولهم الرّعاية في الصّدور والورود، والمقام والسّفر، بحيث يكون لتجّار مملكة عزّ سلطاني في بلاد مملكة الملك الجليل كرميخائيل مثل ذلك، ويكونون مرعيّين، لا يجدون من أحد في بلاد مملكة الملك الجليل كرميخائيل جورا ولا ظلما. ومن عليه حقّ واجب في الجهتين على ما استقرّ عليه الحال، يقوم به من غير حيف ولا ظلم.
وأنّ من حضر من التّجّار: من سوداق وغيرها بمماليك وجوار تمكّنهم مملكة الملك الجليل كرميخائيل من الحضور بهم إلى مملكة عزّ سلطاني ولا تمنعهم. وأن الكرسالية متى تعرّضوا إلى أخذ أحد من التّجار المسلمين في البحر، ونسبت الكرسالية إلى رعيّة مملكة الملك الجليل كرميخائيل، يسيّر عزّ سلطاني إليه في طلبهم، ولا يتعرض أحد من نوّاب مملكة عزّ سلطاني إلى هذا الجنس بسببهم، إلا أن يتحقّق أنهم آخذون، أو تظهر عين المال معهم، على ما تضمّنته نسخة يمين الملك الجليل كرميخائيل؛ ولمملكة الملك الجليل كرميخائيل من بلاد عزّ سلطاني مثل ذلك.
وعلى أنّ الرسل المتردّدين من الجهتين: من مملكة عزّ سلطاني، ومن مملكة الملك الجليل كرميخائيل، يكونون آمنين مطمئنّين في سفرهم ومقامهم: برّا وبحرا، وتكون رعيّة بلاد عزّ سلطاني، ورعية بلاد الملك الجليل كرميخائيل، في الجهتين من المسلمين وغيرهم آمنين مطمئنّين، صادرين واردين، محترمين مرعيّين. وهذه اليمين لا تزال محفوظة ملحوظة، مستمرّة مستقرّة، على الدّوام والاستمرار.
قلت: وهذه النّسخة الواردة من صاحب القسطنطينيّة المتقدّمة عليها، وإن عبّر عنهما في خلالهما بلفظ اليمين، فإنهما بعقد الصّلح أشبه، واليمين جزء من أجزاء ذلك، ولذلك أوردتها في عقود الصّلح دون الأيمان.(14/90)
الباب الخامس من المقالة التاسعة (في عقود الصّلح الواقعة بين ملكين مسلمين؛ وفيه فصلان)
الفصل الأوّل (في أصول تعتمد في ذلك)
اعلم أنّ الأصل في ذلك ما ذكره أصحاب السّير وأهل التّاريخ، أنه لمّا وقع الحرب بين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، وبين معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه، في صفّين، في سنة سبع وثلاثين من الهجرة- توافقا على أن يقيما حكمين بينهما، ويعملا بما يتّفقان عليه. فأقام أمير المؤمنين عليّ أبا موسى الأشعريّ حكما عنه، وأقام معاوية عمرو بن العاص حكما عنه؛ فاتّفق الحكمان على أن يكتب بينهما كتاب بعقد الصّلح، واجتمعا عند عليّ رضي الله عنه، وكتب كتاب القضيّة بينهما بحضرته، فكتب فيه بعد البسملة:
هذا ما تقاضى أمير المؤمنين عليّ، فقال عمرو: هو أميركم، أما أميرنا فلا. فقال [الأحنف: لا تمح اسم أمير المؤمنين فإني أخاف إن محوتها أن لا ترجع إليك أبدا. لا تمحها وإن قتل الناس بعضهم بعضا، فأبى ذلك عليّ مليّا من النّهار. ثم إن الأشعث] «1» بن قيس قال: أمح اسم أمير المؤمنين؛ فأجاب عليّ ومحاه. ثم قال عليّ: الله أكبر! سنّة بسنّة [ومثل بمثل] «2» . والله(14/91)
إني لكاتب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم الحديبية، فكتبت: محمد رسول الله، فقالوا:
لست برسول الله، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك، فأمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمحوه، فقلت: لا أستطيع أفعل! فقال إذن أرنيه فأريته فمحاه بيده، وقال: «إنّك ستدعى إلى مثلها فتجيب» .
وهذه نسخة كتاب القضيّة بين أمير المؤمنين عليّ وبين معاوية، فيما رواه أبو عبد الله الحسين بن نصر بن مزاحم المنقريّ، في «كتاب صفّين والحكمين» بسنده إلى محمد بن عليّ الشّعبيّ؛ وهو «1» : [بسم الله الرحمن الرحيم] .
هذا ما تقاضى عليه عليّ بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان وشيعتهما، فيما تراضيا من الحكم بكتاب الله وسنّة نبيّه محمد صلّى الله عليه وسلّم، قضيّة عليّ على أهل العراق ومن كان من شيعته من شاهد أو غائب، وقضيّة معاوية على أهل الشّام ومن كان من شيعته من شاهد أو غائب، إنا رضينا أن ننزل عند حكم كتاب الله بيننا حكما فيما اختلفنا فيه من فاتحته إلى خاتمته، نحيي ما أحيا، ونميت ما أمات. على ذلك تقاضينا، وبه تراضينا. وإنّ عليّا وشيعته رضوا أن يبعثوا عبد الله بن قيس «2» ناظرا ومحاكما، ورضي معاوية وشيعته أن يبعثوا عمرو بن العاص ناظرا ومحاكما، على أنهم أخذوا عليهما عهد الله وميثاقه، وأعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه، ليتّخذان الكتاب إماما فيما بعثاله، لا يعدوانه إلى غيره في الحكم بما وجدا فيه مسطورا، وما لم يجداه(14/92)
مسمّى في الكتاب ردّاه إلى سنّة رسول الله الجامعة، لا يتعمّدان لها خلافا، ولا يتّبعان في ذلك لهما هوى، ولا يدخلان في شبهة.
وأخذ عبد الله بن قيس، وعمرو بن العاص على عليّ ومعاوية عهد الله وميثاقه بالرّضا بما حكما به من كتاب الله وسنّة نبيّه، ليس لهما أن ينقضا ذلك [ولا يخالفا] «1» إلى غيره، وأنهما آمنان في حكومتهما على دمائهما وأموالهما وأهليهما، ما لم يعدوا الحقّ، رضي بذلك راض أو أنكر منكر، وأنّ الأمة انصار لهما على ما قضيا به من العدل.
فإن توفّي أحد الحكمين قبل انقضاء الحكومة، فأمير شيعته وأصحابه يختارون رجلا، [يألون] «2» عن أهل المعدلة والإقساط، على ما كان عليه صاحبه من العهد والميثاق والحكم بكتاب الله وسنّة رسوله، وله مثل شرط صاحبه.
وإن مات واحد من الأميرين قبل القضاء، فلشيعته أن يولّوا مكانه رجلا يرضون عدله.
وقد وقعت [هذه] «3» القضيّة بيننا و [معها] «4» الأمن والتّفاوض، ووضع السّلاح، وعلى الحكمين عهد الله وميثاقه: ليحكمان بكتاب الله وسنّة نبيّه، لا يدخلان في شبهة ولا يألوان اجتهادا، ولا يتعمّدان جورا، ولا يتّبعان هوى، ولا يعدوان ما في كتاب الله تعالى وسنّة رسوله، فإن لم يفعلا برئت الأمّة من حكمهما، ولا عهد لهما ولا ذمّة. وقد وجبت القضيّة على ما سمّينا في هذا الكتاب من موقع الشّرط على الأميرين والحكمين والفريقين، والله أقرب شهيدا وأدنى حفيظا، والناس آمنون على أنفسهم وأهليهم وأموالهم إلى انقضاء مدّة الأجل، والسّلاح موضوع، والسّبيل(14/93)
مخلّى، والشاهد والغائب من الفريقين سواء في الأمر. وللحكمين أن ينزلا منزلا عدلا بين أهل العراق وأهل الشّام، ولا يحضرهما فيه إلا من أحبّا عن ملإ «1» منهما وتراض. وأجّل القاضيين المسلمون إلى رمضان: فإن رأى الحكمان تعجيل الحكومة فيما وجّها له، عجّلاها، وإن أرادا تأخيرها بعد رمضان إلى انقضاء الموسم، فإن ذلك إليهما. فإن هما لم يحكما بكتاب الله وسنّة نبيّه إلى انقضاء الموسم، فالمسلمون على أمرهم الأوّل في الحرب، ولا شرط بين واحد «2» من الفريقين. وعلى الأمّة عهد الله وميثاقه على التّمام «3» على ما في هذا الكتاب. وهم يد على من أراد في هذا الكتاب إلحادا أو ظلما، أو أراد له نقضا.
شهد على ما في هذا الكتاب من أصحاب عليّ: الأشعث بن قيس [الكنديّ] «4» ، وعبد الله بن عبّاس، والأشتر بن الحارث «5» ، وسعيد بن قيس الهمدانيّ، والحصين والطّفيل ابنا الحارث بن المطّلب، وأبو أسيد بن ربيعة الأنصاريّ، وخبّاب بن الأرتّ، وسهل بن حنيف الأنصاريّ، وأبو اليسر بن عمرو الأنصاريّ، ورفاعة بن رافع بن مالك الأنصاريّ، وعوف بن الحارث بن المطّلب القرشيّ، وبريدة الأسلميّ، وعقبة بن عامر الجهنيّ، ورافع بن خديج الأنصاريّ، وعمرو بن الحمق الخزاعيّ، والحسن والحسين ابنا عليّ، وعبد الله بن جعفر الهاشميّ، واليعمر بن عجلان(14/94)
الأنصاريّ، وحجر بن عديّ الكنديّ، وورقاء «1» بن سميّ البجليّ، وعبد الله ابن الطّفيل الأنصاريّ «2» ، ويزيد بن حجيّة الدكريّ «3» ، ومالك بن كعب الهمدانيّ، وربيعة بن شرحبيل، وأبو صفرة، والحارث بن مالك، وحجر بن يزيد، وعقبة بن حجيّة.
ومن أصحاب معاوية: حبيب بن مسلمة الفهميّ «4» ، و [أبو] الأعور السّلميّ «5» ، وبسر بن أرطاة القرشيّ، ومعاوية بن حديج الكنديّ، والمخارق بن الحارث الحميريّ، وزميل «6» بن عمرو السّكسكيّ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد «7» المخزوميّ، وحمزة بن مالك الهمدانيّ، وسبع بن زيد الحميريّ «8» ، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعلقمة بن مرثد الكلبيّ، وخالد بن الحصين السّكسكيّ، وعلقمة بن يزيد الحضرميّ، ويزيد ابن الحرّ «9» العبسيّ، ومسروق بن حملة العكّيّ، ونمير بن يزيد الحميريّ، وعبد الله بن عامر القرشيّ، ومروان بن الحكم، والوليد بن عقبة القرشيّ، وعقبة «10» بن أبي سفيان، ومحمد بن أبي سفيان، ومحمد بن عمرو بن العاص، ويزيد بن عمرو الجذاميّ، وعمّار بن الأخوص الكلبيّ، ومسعدة ابن عمر القينيّ، وعاصم بن المستنير الجذاميّ، وعبد الرحمن بن ذي كلاع(14/95)
الحميريّ، والصباح بن جلهمة الحميريّ، وثمامة بن حوشب، وعلقمة بن حكيم، وحمزة بن مالك [الهمداني] «1» .
وإنّ بيننا على ما في هذه الصّحيفة عهد الله وميثاقه. وكتب عمير يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من صفر سنة سبع وثلاثين.
وأخرج أيضا بسنده إلى أبي إسحاق الشّيبانيّ أن عقد الصّلح كان عند سعيد بن أبي بردة في صحيفة صفراء عليها خاتمان: خاتم في أسفلها، وخاتم في أعلاها. في خاتم عليّ «محمد رسول الله» وفي خاتم معاوية «محمد رسول الله» .
قلت: وذكر روايات أخرى فيها زيادة ونقص أضربنا عن ذكرها خوف الإطالة، إذ فيما ذكرنا مقنع. على أن المؤرّخين لم يذكروا من ذلك إلا طرفا يسيرا.(14/96)
الفصل الثاني من الباب الخامس من المقالة التاسعة (فيما جرت العادة بكتابته بين الخلفاء وملوك المسلمين على تعاقب الدول؛ ممّا يكتب في الطّرّة والمتن)
أما الطّرّة: فليعلم أنّ الذي ينبغي أن يكتب في الطّرّة هنا: «هذا عقد صلح» ويكمل على ما تقدّم في الهدنة، ولا يكتب فيه: «هذه هدنة» لما يسبق إلى الأذهان من أن المراد من الهدنة ما يجري بين المسلمين والكفّار.
وأما المتن فعلى نوعين:
النوع الأوّل (ما يكون العقد فيه من الجانبين)
ولم أر فيه للكتّاب إلا الاستفتاح بلفظ: «هذا» ، وعليه كتب كتاب القضيّة بين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه، وبين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، على ما تقدّم ذكره.
وعلى ذلك استكتب هارون الرّشيد ولديه: محمدا الأمين، وعبد الله المأمون: العهدين اللّذين عهد فيهما بالخلافة بعده لابنه الأمين، وولّى خراسان ابنه المأمون، ثم عهد بالخلافة من بعد الأمين للمأمون، وأشهد فيهما، وبعث بهما إلى مكّة فعلّقا في بطن الكعبة، في جملة المعلّقات التي(14/97)
كانت تعلّق فيها، على عادة العرب السّابقة: من تعليق القصائد ونحوها.
وبذلك سمّيت القصائد السبع المشهورة: بالمعلّقات لتعليقهم إيّاها في جوف الكعبة.
أما عهد الأمين، فنسخته بعد البسملة- على ما ذكره الأزرقيّ «1» في أخبار مكّة- ما صورته:
هذا كتاب لعبد الله هارون أمير المؤمنين، كتبه محمد ابن أمير المؤمنين في صحّة من بدنه وعقله، وجواز من أمره، طائعا غير مكره.
إنّ أمير المؤمنين هارون ولّاني العهد من بعده، وجعل لي البيعة في رقاب المسلمين جميعا، وولّى أخي عبد الله ابن أمير المؤمنين هارون العهد والخلافة وجميع أمور المسلمين من بعدي، برضا منّي وتسليم، طائعا غير مكره، وولّاه خراسان بثغورها، وكورها، وجنودها، وخراجها، وطرازها «2» ، وبريدها، وبيوت أموالها، وصدقاتها، وعشرها وعشورها، وجميع أعمالها، في حياته وبعد وفاته، فشرطت لعبد الله ابن «3» أمير المؤمنين عليّ الوفاء بما جعله له أمير المؤمنين هارون: من البيعة والعهد، وولاية الخلافة وأمور المسلمين بعدي، وتسليم ذلك له، وما جعل له من ولاية خراسان وأعمالها، وما أقطعه أمير المؤمنين هارون من قطيعة، أو جعل له من عقدة «4» أو ضيعة من ضياعه وعقده، أو ابتاع له من الضّياع والعقد،(14/98)
وما أعطاه في حياته وصحّته: من مال، أو حليّ، أو جوهر، أو متاع، أو كسوة، أو رقيق، أو منزل، أو دوابّ، قليلا أو كثيرا، فهو لعبد الله ابن أمير المؤمنين موفّرا عليه، مسلّما له. وقد عرفت ذلك كلّه شيئا فشيئا باسمه وأصنافه ومواضعه، أنا وعبد الله ابن هارون أمير المؤمنين. فإن اختلفنا في شيء منه فالقول فيه قول عبد الله بن هارون أمير المؤمنين، لا أتبعه بشيء من ذلك، ولا آخذه منه، ولا أنتقصه، صغيرا ولا كبيرا [من ماله] «1» ولا من ولاية خراسان ولا غيرها مما ولّاه أمير المؤمنين من الأعمال، ولا أعزله عن شيء منها، ولا أخلعه، ولا أستبدل به غيره، ولا أقدّم عليه في العهد والخلافة أحدا من الناس جميعا، ولا أدخل عليه مكروها في نفسه ولا دمه، ولا شعره ولا بشره، ولا خاصّ ولا عامّ من أموره وولايته، ولا أمواله، ولا قطائعه، ولا عقده، ولا أغيّر عليه شيئا لسبب من الأسباب، ولا آخذه ولا أحدا من عمّاله وكتّابه وولاة أمره- ممن صحبه وأقام معه- بمحاسبة، ولا أتتبّع شيئا جرى على يديه وأيديهم في ولاية خراسان وأعمالها وغيرها مما ولاه أمير المؤمنين في حياته وصحّته: من الجباية، والأموال، والطّراز، والبريد، والصّدقات، والعشر والعشور، وغير ذلك، ولا آمر بذلك أحدا من الناس، ولا أرخّص فيه لغيري، ولا أحدّث نفسي فيه بشيء أمضيه عليه، ولا ألتمس قطيعة له، ولا أنقص شيئا مما جعله له هارون أمير المؤمنين وأعطاه في حياته وخلافته وسلطانه من جميع ما سمّيت في كتابي هذا. «2» وآخذ له عليّ وعلى جميع الناس البيعة، ولا أرخّص لأحد- من جميع الناس كلّهم في جميع ما ولّاه- في خلعه ولا مخالفته، ولا أسمع من أحد من البريّة في ذلك قولا، ولا أرضى بذلك في سرّ ولا علانية، ولا أغمض عليه، ولا أتغافل عنه، ولا أقبل من برّ من العباد ولا فاجر، ولا صادق ولا كاذب، ولا ناصح ولا غاشّ، ولا قريب(14/99)
ولا بعيد، ولا أحد من ولد آدم عليه السّلام: من ذكر ولا أنثى- مشورة، ولا حيلة، ولا مكيدة في شيء من الأمور: سرّها وعلانيتها، وحقّها وباطلها، وظاهرها وباطنها، ولا سبب من الأسباب، أريد بذلك إفساد شيء مما أعطيت عبد الله بن هارون أمير المؤمنين من نفسي، وأوجبت له عليّ، وشرطت وسمّيت في كتابي هذا.
وإن أراد به أحد من الناس أجمعين سوءا أو مكروها، أو أراد خلعه أو محاربته، أو الوصول إلى نفسه ودمه، أو حرمه، أو ماله، أو سلطانه أو ولايته: جميعا أو فرادى، مسرّين أو مظهرين له- فإنّي انصره وأحوطه، وأدفع عنه، كما أدفع عن نفسي، ومهجتي، ودمي، وشعري، وبشري، وحرمي، وسلطاني، وأجهّز الجنود إليه، وأعينه على كلّ من غشّه وخالفه، ولا أسلمه [ولا أخذله] «1» ولا أتخلّى عنه، ويكون أمري وأمره في ذلك واحدا [أبدا] «2» ما كنت حيّا.
وإن حدث بأمير المؤمنين هارون حدث الموت، وأنا وعبد الله ابن أمير المؤمنين بحضرة أمير المؤمنين، أو أحدنا، أو كنّا غائبين عنه جميعا:
مجتمعين كنّا أو متفرّقين، وليس عبد الله بن هارون أمير المؤمنين في ولايته بخراسان [فعليّ لعبد الله ابن أمير المؤمنين أن أمضيه إلى خراسان] «3» وأن أسلّم له ولايتها بأعمالها كلّها وجنودها، ولا أعوقه عنها، ولا أحبسه قبلي، ولا في شيء من البلدان دون خراسان، وأعجّل إشخاصه إلى خراسان واليا عليها مفردا بها، مفوّضا إليه جميع أعمالها كلّها، وأشخص معه من ضمّ إليه أمير المؤمنين: من قوّاده، وجنوده، وأصحابه، وكتّابه، وعمّاله، ومواليه، وخدمه، ومن تبعه من صنوف الناس بأهليهم وأموالهم، ولا أحبس عنه(14/100)
أحدا، ولا أشرك معه في شيء منها أحدا، ولا أرسل أمينا ولا كاتبا ولا بندارا «1» ، ولا أضرب على يديه في قليل ولا كثير.
وأعطيت هارون أمير المؤمنين وعبد الله بن هارون على ما شرطت لهما على نفسي، من جميع ما سمّيت وكتبت في كتابي هذا- عهد الله وميثاقه، وذمّة أمير المؤمنين وذمّتي، وذمة آبائي وذمم المؤمنين، وأشدّ ما أخذ الله تعالى على النّبيّين والمرسلين وخلقه أجمعين: من عهوده ومواثيقه، والأيمان المؤكّدة التي أمر الله عزّ وجلّ بالوفاء بها، ونهى عن نقضها وتبديلها.
فإن أنا نقضت شيئا مما شرطت لهارون أمير المؤمنين ولعبد الله بن هارون أمير المؤمنين وسمّيت في كتابي هذا، أو حدّثت نفسي أن أنقض شيئا ممّا أنا عليه، أو غيّرت أو بدّلت، أو حلت أو حلت أو غدرت، أو قبلت [ذلك] من أحد من الناس: صغيرا أو كبيرا، برّا أو فاجرا، ذكرا أو أنثى، وجماعة أو فرادى- فبرئت «2» من الله عزّ وجلّ، ومن ولايته، ومن دينه، ومن محمد صلّى الله عليه وسلم، ولقيت الله عزّ وجلّ يوم القيامة كافرا مشركا؛ وكلّ امرأة هي اليوم لي أو أتزوّجها إلى ثلاثين سنة طالق ثلاثا، البتّة، طلاق الحرج «3» ، وعليّ المشي إلى بيت الله الحرام ثلاثين حجّة:
نذرا واجبا لله تعالى في عنقي، حافيا راجلا، لا يقبل الله منّي إلا الوفاء بذلك، وكلّ مال هو لي اليوم، أو أملكه إلى ثلاثين سنة هدي «4» بالغ الكعبة الحرام، وكلّ مملوك هو لي اليوم، أو أملكه إلى ثلاثين سنة أحرار لوجه الله عزّ وجلّ.
وكلّ ما جعلت لأمير المؤمنين ولعبد الله بن هارون أمير المؤمنين،(14/101)
وكتبته وشرطته لهما، وحلفت عليه، وسمّيت في كتابي هذا لازم لي الوفاء به، ولا أضمر غيره، ولا أنوي إلّا إيّاه؛ فإن أضمرت أو نويت غيره فهذه العقود والمواثيق والأيمان كلّها لازمة، واجبة عليّ، وقوّاد أمير المؤمنين وجنوده وأهل الآفاق والأمصار في حلّ من خلعي وإخراجي من ولايتي عليهم، حتّى أكون سوقة من السّوق، وكرجل من عرض «1» المسلمين، لا حقّ لي عليهم، ولا ولاية، ولا تبعة لي قبلهم، ولا بيعة لي في أعناقهم، وهم في حلّ من الأيمان التي أعطوني، براء من تبعتها ووزرها في الدّنيا والآخرة.
شهد سليمان ابن أمير المؤمنين المنصور، وعيسى بن جعفر، وجعفر بن جعفر، وعبد الله بن المهديّ، وجعفر بن موسى أمير المؤمنين، وإسحاق بن موسى أمير المؤمنين، وإسحاق بن عيسى بن عليّ، وأحمد بن إسماعيل بن عليّ، وسليمان بن جعفر بن سليمان، وعيسى بن صالح بن عليّ، وداود بن عيسى بن موسى، ويحيى بن عيسى بن موسى، وداود بن سليمان بن جعفر، وخزيمة بن حازم، وهرثمة بن أعين، ويحيى بن خالد، والفضل بن يحيى، وجعفر بن يحيى، والفضل بن الرّبيع مولى أمير المؤمنين، والقاسم بن الرّبيع مولى أمير المؤمنين، ودماثة بن عبد العزيز العبسيّ، وسليمان بن عبد الله بن الأصمّ، والربيع بن عبد الله الحارثيّ، وعبد الرحمن بن أبي الشّمر الغسّانيّ، ومحمد بن عبد الرحمن قاضي مكّة، وعبد الكريم بن شعيب الحجبيّ، وإبراهيم بن عبد الله الحجبيّ، وعبد الله بن شعيب الحجبيّ، ومحمد بن عبد الله بن عثمان الحجبيّ، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن نبيه الحجبيّ، وعبد الواحد بن عبد الله الحجبيّ، وإسماعيل بن عبد الرحمن بن نبيه الحجبيّ، وأبان مولى أمير المؤمنين، ومحمد بن منصور، وإسماعيل بن صبيح، والحارث مولى أمير المؤمنين، وخالد مولى أمير المؤمنين.(14/102)
وكتب في ذي الحجة سنة ستّ وثمانين ومائة:
وأما ما كتبه المأمون، فنصّه بعد البسملة «1» :
هذا كتاب لعبد الله هارون أمير المؤمنين، كتبه له عبد الله بن هارون أمير المؤمنين، في صحّة من عقله، وجواز من أمره، وصدق نيّة فيما كتب من كتابه، ومعرفة ما فيه من الفضل والصّلاح له ولأهل بيته ولجماعة المسلمين.
إنّ أمير المؤمنين هارون ولّاني العهد والخلافة وجميع أمور المسلمين في سلطانه بعد أخي محمد بن هارون أمير المؤمنين، وولّاني في حياته وبعده خراسان وكورها، وجميع أعمالها: من الصّدقات والعشر والبريد والطّراز وغير ذلك، واشترط لي على محمد ابن أمير المؤمنين الوفاء بما عقد لي من الخلافة والولاية للعباد والبلاد بعده، [وولاية] «2» خراسان وجميع أعمالها، ولا يعرض لي في شيء ممّا أقطعني أمير المؤمنين أو ابتاع لي من الضّياع والعقد والدّور والرّباع، أو ابتعت منه [لنفسي] «3» من ذلك، وما أعطاني أمير المؤمنين هارون من الأموال والجوهر والكسا والمتاع والدّواب [والرقيق وغير ذلك، ولا يعرض لي ولا لأحد من عمالي وكتّابي بسبب محاسبة] «4» ، ولا يتتبّع لي في ذلك ولا لأحد منهم أثرا، ولا يدخل عليّ ولا على أحد ممن كان معي ومنّي، ولا عمّالي ولا كتّابي، ومن استعنت به من جميع الناس- مكروها: في دم، ولا نفس، ولا شعر، ولا بشر، ولا مال، ولا صغير، ولا كبير [من الأمور] »
فأجابه إلى ذلك وأقرّ به، وكتب له به(14/103)
كتابا كتبه على نفسه ورضي به أمير المؤمنين [هارون وقبله وعرف صدق نيّته فيه، فشرطت لعبد الله هارون أمير المؤمنين] «1» وجعلت له على نفسي أن أسمع لمحمد ابن أمير المؤمنين وأطيعه ولا أعصيه، وأنصحه ولا أغشّه، وأوفّي ببيعته وولايته، ولا أغدر ولا أغدر ولا أنكث، وأنفّذ كتبه وأموره، وأحسن مؤازرته ومكانفته «2» ، وأجاهد عدوّه في ناحيتي بأحسن جهاد ما وفى لي بما شرط لي ولعبد الله هارون أمير المؤمنين، وسمّاه في الكتاب الذي كتبه لأمير المؤمنين ورضي به أمير المؤمنين، ولم ينقص شيئا من ذلك، ولم ينقض أمرا من الأمور التي اشترطها لي عليه هارون أمير المؤمنين.
وإن احتاج محمد بن هارون أمير المؤمنين إلى جند وكتب إليّ يأمرني بإشخاصهم إليه، أو إلى ناحية من النّواحي، أو إلى عدوّ من أعدائه خالفه أو أراد نقص شيء من سلطانه وسلطاني الذي أسنده هارون أمير المؤمنين إلينا وولّاناه-[فعليّ] «3» أن أنفّذ أمره ولا أخالفه، ولا أقصّر في شيء كتب به إليّ.
وإن أراد محمد بن أمير المؤمنين هارون أن يولّي رجلا من ولده العهد والخلافة من بعدي، فذلك له، ما وفّى لي بما جعل لي أمير المؤمنين هارون واشترط لي عليه، وشرطه على نفسه في أمري، وعليّ إنفاذ ذلك والوفاء له بذلك، ولا أنقض ذلك ولا أغيّره، ولا أبدّله، ولا أقدّم [قبله] «4» أحدا من ولدي، ولا قريبا ولا بعيدا من الناس أجمعين، إلّا أن يولّي هارون أمير المؤمنين أحدا من ولده العهد من بعدي، فيلزمني [ومحمدا] «5» الوفاء بذلك.
وجعلت لأمير المؤمنين ومحمد بن أمير المؤمنين عليّ الوفاء بما اشترطت وسمّيت في كتابي هذا، ما وفّى لي محمد ابن أمير المؤمنين هارون(14/104)
بجميع ما اشترط لي هارون أمير المؤمنين عليه في نفسي، وما أعطاني أمير المؤمنين هارون من جميع الأشياء المسمّاة في الكتاب الذي كتبه له، [وعليّ] «1» عهد الله تعالى وميثاقه، وذمّة أمير المؤمنين، وذمّتي، وذمّة آبائي، وذمم المؤمنين، وأشدّ ما أخذ الله عزّ وجلّ على النبيّين والمرسلين من خلقه أجمعين من عهوده ومواثيقه، والأيمان المؤكّدة التي أمر الله عزّ وجلّ بالوفاء بها [ونهى عن نقضها وتبديلها] «2» ؛ فإن أنا نقضت شيئا مما اشترطت وسمّيت في كتابي هذا له، أو غيّرت، أو بدّلت، أو نكثت، أو غدرت- فبرئت من الله عزّ وجلّ ومن ولايته ومن دينه، ومن محمد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولقيت الله سبحانه وتعالى يوم القيامة كافرا مشركا، وكلّ امرأة لي اليوم أو أتزوّجها إلى ثلاثين سنة طالق ثلاثا البتّة [طلاق] «3» الحرج، وكلّ مملوك لي اليوم أو أملكه إلى ثلاثين سنة أحرار لوجه الله تعالى، وعليّ المشي إلى بيت الله الحرام الذي بمكّة ثلاثين حجّة، نذرا واجبا عليّ وفي عنقي، حافيا راجلا، لا يقبل الله منّي إلا الوفاء به، وكلّ مال هو لي اليوم أو أملكه إلى ثلاثين سنة هدي بالغ الكعبة، وكل ما جعلت لعبد الله هارون أمير المؤمنين أو شرطت في كتابي هذا لازم لي، لا أضمر غيره ولا أنوي سواه.
شهد فلان وفلان، بأسماء الشهود المقدّم ذكرهم في كتاب الأمين المبتدإ بذكره.
قال الأزرقيّ: ولم يزل هذان الشرطان معلقين في جوف الكعبة حتّى مات هارون الرّشيد؛ وبعد ما مات بسنتين، في خلافة الأمين [كلّم] «4» الفضل بن الربيع محمد بن عبد الله الحجبيّ في إتيانه بهما، فنزعهما من الكعبة وذهب بهما إلى بغداد، فأخذهما الفضل فخرّقهما وحرّقهما بالنّار.
قلت: وعلى نحو من ذلك كتب أبو إسحاق الصّابي مواصفة بالصّلح بين شرف الدّولة وزين الملّة أبي الفوارس، وصمصام الدّولة وشمس(14/105)
الملّة أبي كاليجار، ابني عضد الدّولة بن ركن، الدّولة بن بويه، في النّصف من صفر سنة ستّ وسبعين وثلاثماية.
ونصّها بعد البسملة الشّريفة:
هذا ما اتّفق واصطلح وتعاهد وتعاقد عليه شرف الدّولة وزين الملّة أبو الفوارس، وصمصام الدّولة أبو كاليجار، ابنا عضد الدّولة وتاج الملّة أبي شجاع بن ركن الدّولة أبي عليّ، موليا أمير المؤمنين الطائع لله- أطال الله بقاءه، وأدام عزّه وتأييده، ونصره وعلوّه وإذنه.
اتّفقا وتصالحا، وعاهدا وتعاقدا، على تقوى الله تعالى وإيثار طاعته، والاعتصام بحبله وقوّته، والالتجاء إلى حسن توفيقه ومعونته، والإقرار بانفراده ووحدانيّته، لا شريك له ولا مثل، ولا ضدّ ولا ندّ، والصلاة على محمد رسوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم تسليما، والطّاعة لأمير المؤمنين الطّائع لله، والالتزام بوثائق بيعته، وعلائق دعوته، والتّوازر على موالاة وليّه، ومعاداة عدوّه، وعلى أن يمسكا [ذات] «1» بينهما بالسّير الحميدة، والسّنن الرشيدة، التي سنّها لهما السّلف الصالح من آبائهما وأجدادهما في التآلف والتّوازر، والتّعاضد والتّظافر، وتعظيم الأصغر للأكبر، وإشبال «2» الأكبر على الأصغر، والاشتراك في النّعم، والتّفاوض في الحظوظ والقسم، والاتّحاد بخلوص الطّوايا والخفايا، وسلامة الخواطر، وطهارة الضّمائر، ورفع ما خالف ذلك من أسباب المنافسة، وجرائر المضاغنة، وجوالب النّبوة، ودواعي الفرقة، والإقران لأعداء الدّولة، والإرصاد لهم، والاجتماع على دفع كلّ ناجم، وقمع كلّ مقاوم، وإرغام أنف كلّ ضار متجبّر، وإضراع خدّ كلّ متطاول مستكبر، حتّى يكون الموالي لأحدهم منصورا من جماعتهم، والمعادي له مقصودا من سائر جوانبهم، فلا يجد(14/106)
المنابذ على أحدهم مفزعا عند أحد من الباقين ولا اعتصاما له، ولا التجاء إليه، لكن يكون مرميّا بجميع سهامهم، ومضروبا بأسياف نقمتهم، ومأخوذا بكلّيّة بأسهم وقوّتهم، ومقصودا بغالب نجدتهم وشدّتهم؛ إذ كانت هذه الآداب القويمة، والطّرائق السّليمة، جارية للدّول مجرى الجنن «1» الدّافعة عنها، والمعاقل المانعة لها، وبمثلها تطمئنّ النعم وتسكن، كما أنّ بأضدادها تشمئزّ وتنفر.
ولما وفّق الله تعالى شرف الدّولة وزين الملّة أبا الفوارس، وصمصام الدّولة وشمس الملّة أبا كاليجار اعتقاد هذه الفضائل وإيثارها، والتّظاهر بها واستشعارها، ودعاهما مولاهما الطائع لله أمير المؤمنين إلى ما دعاهما إليه من التّعاطف والتآلف، والتّصافي والتّخالص، وأمر صمصام الدّولة أبا كاليجار بمراسلة شرف الدّولة أبي الفوارس في إحكام معاقد الأخوّة، وإبرام وثائق الألفة- امتثل ذلك وأصغى إليه شرف الدّولة وزين الملّة أبو الفوارس: أصغى إليه شرف الدّولة إصغاء المستوثق المستصيب، وتقبّله تقبّل العالم اللّبيب، وأنفذ إلى باب أمير المؤمنين رسوله أبا نصر «خرشيد بن ديار بن مأفنة» بالمعروف من كفايته، والمشهور من اصطناع الملك السّعيد عضد الدّولة وتاج الملّة رضوان الله عليه له، وإيداعه إيّاه وديعة الإحسان التي يحقّ عليه أن يساوي في حفظها بين الجهتين، ويوازي في رعايتها بين كلا الفريقين.
فجرت بين صمصام الدّولة وشمس الملة أبي كاليجار وبينه مخاطبات استقرّت على أمور أتت المفاوضة عليها، وأثبت منها في هذه المواصفة ما احتيج إلى إثباته منها [أمر] «2» عامّ للفريقين، وقسمان يختصّ كلّ واحد منهما بواحد منهما.(14/107)
فأما الأمر الذي يجمعهما عمومه، ويكتنفهما شموله، فهو: أن يتخالص شرف الدّولة وزين الملّة أبو الفوارس، وصمصام الدّولة وشمس الملّة أبو كاليجار في ذات بينهما، ويتصافيا في سرائر قلوبهما، ويرفضا ما كان جرّه عليهما سفهاء الأتباع: من ترك التّواصل، واستعمال التّقاطع، ويرجعا عن وحشة الفرقة، إلى أنس الألفة، وعن منقصة التّنافر والتّهاجر، إلى منقبة التّبارّ والتّلاطف، فيكون كلّ واحد منهما مريدا لصاحبه من الصّلاح مثل الذي يريده لنفسه، ومعتقدا في الذّبّ عن بلاده وحدوده مثل الذي يعتقده في الذّبّ عما يختصّ به، ومسرّا مثل ما يظهر: من موالاة وليّه، ومعاداة عدوّه، والمراماة لمن راماه، والمصافاة لمن صافاه؛ فإن نجم على أحدهما ناجم، أو راغمه مراغم، أو همّ به حاسد، أو دلف إليه معاند، اتّفقا جميعا على مقارعته: قريبا كان أو بعيدا، وترافدا على مدافعته: دانيا كان أو قاصيا، وسمح كلّ منهما لصاحبه عند الحاجة إلى المواساة في ذلك في سائر أحداث الزّمان ونوبه، وتصاريفه وغيره، بما يتّسع ويشتمل عليه طوقه من مال وعدّة، ورجال ونجدة، واجتهاد وقدرة، لا يغفل أخ منهما عن أخيه، ولا يخذله ولا يسلمه، ولا يترك نصرته، ولا ينصرف عن مؤازرته ومظاهرته بحال من الأحوال التي تستحيل بها النّيّات: من إرغاب مرغب، وحيلة محتال، ومحاولة محاول، ولا يقبل أحدهما مستأمنا إليه من جهة صاحبه: من جنديّ، ولا عامل، ولا كاتب، ولا صاحب، ولا متصرّف في وجه من وجوه التصرفات كلّها، ولا يجير عليه هاربا، ولا يعصم منه مواربا، ولا يتطرّف له حسدا، ولا يتحيّفه حقّا، ولا يهتك له حريما، ولا يتناول منه طوفا «1» ، ولا يخيف له سبيلا، ولا يتسبّب إلى ذلك بسبب باطن، ولا باعتلال ظاهر، ولا يدع موافقته، وملاءمته، ومعاونته ومظافرته في كلّ قول وفعل، وسرّ وجهر، على سائر الجهات، وتصرّف الحالات، ووجوه التّأويلات. يلتزم كلّ(14/108)
واحد منهما ذلك لصاحبه التزاما على التماثل والتّعادل، والتّوازي والتّقابل.
وأما الأمر الذي يختصّ شرف الدّولة وزين الملّة به، ويلتزمه صمصام الدّولة وشمس الملّة له، فهو أن يقدّمه صمصام الدّولة وشمس الملّة على نفسه، ويعطيه ما أعطاه الله له من فضل سنّه، ويطيعه في كلّ ما أفاد الدّولة الجامعة لهما صلاحا، وهاض من عدوّهما جناحا، وعاد على وليّهما بعزّ، وعلى عدوّهما بذلّ، وأن يقيم صمصام الدّولة الدّعوة على منابر ما في يده من مدينة السّلام وسائر البلدان والأمصار، التي أحاطت بهما حقوقه، وضربت عليهما حدوده، لأمير المؤمنين ثم لشرف الدّولة وزين الملّة أبي الفوارس، ثم لنفسه، ويجري الأمر في نقش سكك دور الضّرب التي يطبع بها الدّينار والدّرهم في جميع هذه البلاد على المثال، ويوفّي صمصام الدّولة وشمس الملّة أبو كاليجار شرف الدّولة وزين الملّة أبا الفوارس في المكاتبات والمخاطبات حقّ التّعظيم، وشعار التّفخيم، على التّقرير بينه وبين خرشيد بن ديار بن مأفنة في ذلك.
وأما الأمر الذي يختصّ صمصام الدّولة وشمس الملة أبو كاليجار به، ويلتزمه شرف الدولة وزين الملّة أبو الفوارس له، فهو ترك التّعرّض لسائر ممالكه، وما يتّصل بها من حدودها الجارية معها، والإفراج منها عما يودّه ويسرع إليه أصحاب شرف الدولة وزين الملّة، وتجنّب التّحيّف لها أو لشيء من الحقوق الواجبة فيها، ومراعاته في الأمور التي يحتاج فيها إلى نظره وطوله، وإجماله وفضله، وما يجب على الأخ الأكبر مراعاة أخيه وتاليه فيه، ممّا ثبتت في هذه المواصفة جملته، واشتملت المفاوضة مع خورشيد بن ديار ابن مأفنة على تفصيله.
اتّفق شرف الدّولة وزين الملّة أبو الفوارس، وصمصام الدّولة وشمس الملّة أبو كاليجار، بأمر أمير المؤمنين الطائع لله، وعلى الاختيار منهما، والانشراح من صدورهما من غير إكراه ولا إجبار، ولا اصطبار ولا(14/109)
اضطرار- على الرّضا بذلك كلّه، والالتزام له، ويصير جميعه عهدا مرجوعا إليه، وعقدا معمولا عليه، وحلف كلّ منهما على ما يلتزمه من ذلك يمينا عقدها بأن يحلف صاحبها بمثلها، على ما يلتزمه منه. فقال صمصام الدّولة:
والله الذي لا إله إلا هو (ويستتم اليمين) .
النوع الثاني (ممّا يجري عقد الصّلح فيه بين ملكين مسلمين- ما يكون العقد فيه من جانب واحد)
وللكتّاب فيه مذهبان:
المذهب الأوّل (أن يفتتح عقد الصّلح بلفظ: «هذا» كما في النوع السابق)
وهذه نسخة عقد صلح من ذلك، كتب بها أبو إسحاق الصّابي، بين الوزير أبي نصر سابور بن أزدشير «1» ، والشّريفين: أبي أحمد الحسين بن موسى، وأبي الحسن محمد ابنه الرّضيّ، بما انعقد من الصّلح والصّهر بين الوزير المذكور، وبين النّقيب أبي أحمد الحسين وولده محمد، حين تزوّج ابنه محمد المذكور بنت سابور المذكور، وجعله على نسختين، لكلّ جانب نسخة، بعد البسملة ما صورته:
هذا كتاب لسابور بن أزدشير، كتبه له الحسين بن موسى الموسويّ، وولده محمد بن الحسين الموسويّ.
إنّا وإيّاك- عندما وصله الله بيننا من الصّهر والخلطة، ووشجه من(14/110)
الحال والمودّة- آثرنا أن ينعقد بيننا وبينك ميثاق مؤكّد، وعهد مجدّد، تسكن النفوس إليهما، وتطمئنّ القلوب معهما، وتزداد الألفة بهما على مرّ الأيّام، وتعاقب الأعوام، ويكون ذلك أصلا مستقرّا نرجع جميعا إليه، ونعوّل ونعتمد عليه، وتتوارثه أعقابنا، وتتبعنا فيه أخلافنا.
فأعطيناك عهد الله وميثاقه، وما أخذه على على أنبيائه المرسلين، وملائكته المقرّبين، صلّى الله عليهم أجمعين، عن صدور منشرحة، وآمال في الصّلاح منفسحة- أنّا نخلص لك جميعا وكلّ واحد منّا إخلاصا صحيحا يشاكل ظاهره باطنه، ويوافق خافيه عالنه، وأنّا نوالي أولياءك، ونعادي أعداءك، ونصل من وصلك، ونقطع من قطعك، ونكون معك في نوائب الزمان وشدائده، وفي فوائده وعوائده، وضمنّا لك ضمانا شهد الله بلزومه لنا، ووجوبه علينا، وأنا نصون الكريمة علينا، الأثيرة عندنا، فلانة بنت فلان- أدام الله عزّها- المنتقلة إلينا، كما تصان العيون بجفونها، والقلوب بشغافها، ونجريها مجرى كرائم حرمنا، ونفائس بناتنا، ومن تضمّه منازلنا وأوطاننا، ونتناهى في إجلالها وإعظامها، والتّوسعة عليها في مراغد عيشها وعوارض أوطارها، وسائر مؤنها ومؤن أسبابها، والنّهوض والوفاء بالحقّ الذي أوجبه الله علينا لها ولك فيها، فلا نعدم شيئا ألفته: من إشبال عليها، وإحسان إليها، وذبّ عنها، ومحاماة دونها، وتعهّد لمسارّها، وتوخّ لمحابّها، ونكون جميعا وكلّ واحد منا مقيمين لك ولها على جميع ما اشتمل عليه هذا الكتاب في حياتك- أطالها الله- وبعد الوفاة إن تقدّمتنا، وحوشيت من السّوء في أمورك كلّها، وأحوالك أجمعها.
ثم إنا نقول- وكلّ واحد منا، طائعين مختارين، غير مكرهين ولا مجبرين، بعد تمام هذا العقد بيننا وبينك، ولزومه لنا ولك-: والله الذي لا إله إلّا هو الطّالب الغالب، المدرك المهلك، الضّارّ النّافع، المطّلع على السّرائر، المحيط بما في الضمائر، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور، وحقّ محمد النّبيّ، وعليّ الرضيّ- صلى الله عليهما وسلّم وشرّف(14/111)
ذكرهما، وسادتنا الأئمّة الطيبين، الطاهرين، رحمة الله عليهم أجمعين، وحقّ القرآن العظيم، وما أنزل فيه من تحليل وتحريم، ووعد ووعيد، وترغيب وترهيب، لنفينّ لك يا سابور بن أزدشير، والكريمة الأثيرة ابنتك فلانة- أحسن الله رعايتها- بجميع ما تضمّنه هذا الكتاب، وفاء صحيحا، ولنلتزمنّ لك ولها شرائطه ووثائقه، فلا نفسخها، ولا ننقضها، ولا نتتبّعها، ولا نتعقّبها، ولا نتأوّل فيها، ولا نزول عنها، ولا نلتمس مخرجا ولا مخلصا منها، حتّى يجمعنا الموقف بين يدي الله، والمقدم على رحمة الله، ونحن يومئذ ثابتان عليها، ومؤدّيان للأمانة فيها، أداء يشهد الله تعالى به وملائكته يوم يقوم الأشهاد، ويحاسب العباد؛ فإن نحن أخللنا بذلك أو بشيء منه، أو تأوّلنا فيه أو في شيء منه، أو أضمرنا خلاف ما نظهر، أو أسررنا ضدّ ما نعلن، أو التمسنا طريقا إلى نقضه، أو سبيلا إلى فسخه، أو ألممنا بإخفار ذمّة من ذممه، أو انتهاك حرمة من حرمه، أو حلّ عصمة من عصمه، أو إبطال شرط من شروطه، أو تجاوز حدّ من حدوده- فالذي يفعل ذلك منّا يوم يفعله أو يعتقده، وحين يدخل فيه ويستجيزه- بريء من الله جلّ ثناؤه، ومن نبوّة رسوله محمد، ومن ولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلّى الله عليهما وسلّم، ومن القرآن الحكيم العظيم، ومن دين الله الصحيح القويم، ولقي الله يوم العرض عليه، والوقوف بين يديه، وهو به- سبحانه- مشرك، ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم مخالف، ولأهل بيته معاد، ولأعدائهم موال، وعليه الحجّ إلى بيت الله الحرام العتيق الذي بمكّة: راجلا، حافيا، حاسرا، وإماؤه عواتق، ونساؤه طوالق، طلاق الحرج والسّنّة، لا رجعة فيه ولا مثنويّة، وأمواله- على اختلاف أصنافها- محرّمة عليه، وخارجة عن يديه، وحبيسة في سبيل الله، وبرّأه الله من حوله وقوّته، وألجأه إلى حوله وقوّته.
وهذه اليمين لازمة لنا، وقد أطلق كلّ واحد منا بها لسانه، وعقد عليها ضميره؛ والنّية في جميعها نيّة فلان بن فلان، لا يقبل الله من كلّ واحد منّا إلا الوفاء بها، والثّبات عليها، والالتزام بشروطها، والوقوف على حدودها،(14/112)
وكفى بالله شهيدا، وجازيا لعباده ومثيبا. وذلك في يوم كذا، من شهر كذا، من سنة كذا.
المذهب الثاني (أن يفتتح عقد الصّلح بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» وربّما كرّر فيها التحميد إعلاما بعظيم موقع النّعمة)
وهذه نسخة عقد صلح كتب بها أبو الحسين أحمد بن سعد عن بعض الأمراء لمن كان ... «1» ...
ونصّها على ما ذكره في «كتاب البلاغة» «2» في الترسل، بعد البسملة:
الحمد لله الذي خلق العباد بقدرته، وكوّن الأمور بحكمته، وصرّفها على إرادته. لم يلطف عنه خفيّ، ولا امتنع عنه قويّ؛ ابتدع الخلائق على اختلاف فطرها، وتباين صورها، من غير مثال احتذاه، ولا رسم اقتفاه، وأيّدهم بنعمته، فيما ركبه فيهم من الأدوات الدّالّة على ربوبيّته، الناطقة بوحدانيّته، واكتفوا بالمعرفة به- جلّ جلاله- بخبر العقول، وشهادة الأفهام، ثم استظهر لهم في التّبصرة، وغلبهم في الحجّة، برسل أرسلها، وآيات بيّنها، ومعالم أوضحها، ومنارات لمسالك الحقّ رفعها، وشرع لهم الإسلام دينا وارتضاه واصطفاه، وفضّله واجتباه، وشرّفه وأعلاه، وجعله مهيمنا على الدّين كلّه، وقدّر العزّ لحزبه وأهله، فقال جلّ جلاله: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ*
«3» وأيّده بأنبيائه الدّاعين إليه، والنّاهجين لطرقه، والهادين لفرائضه، والمخبرين عن شرائعه، قرنا بعد قرن، وأمّة بعد أمّة، في فترة بعد فترة «4» ،(14/113)
وبيّنة بعد بيّنة، حتّى انتهى تقديره- جلّ جلاله- أن بعث النّبيّ الأمّيّ، الفاضل الزّكيّ، الذي قفّى به على الرّسل، ونسخ بشريعته شرائع الملل، وبدينه أديان الأمم، على حين تراخي فترة، وترامي حيرة؛ فأباخ «1» به نيران الفتن بعد اضطرامها، وأضاء به سبل الرّشاد بعد إظلامها، على علم منه- تعالى ذكره- بما وجده عنده من النّهوض بأعباء الرّسالة، والقيام بأداء الأمانة، فأزاح بذلك العلّة، وقطع المعذرة، ولم يبق للشّاكّ موضع شبهة، ولا للمعاند دعوى مموّهة، حتى مضى حميدا تشهد له آثاره، وتقوم بتأييد سنّته أخباره، قد خلّف في أمّته، ما أصارهم به إلى عطف الله ورحمته، والنّجاة من عقابه وسخطه، إلّا من شقي بسوء اختياره، وحرم الرّشاد بخذلانه، صلّى الله عليه وعلى آله الطيبين أفضل صلاة وأتمّها، وأوفاها وأعمّها.
والحمد لله الذي خصّ سيدنا الأمير بالتّوفيق، وتوحّده بالإرشاد والتّسديد، في جميع أنحائه، ومواقع آرائه، وجعل همّته (إذ كانت الهمم منصرفة إلى هشيم الدّنيا وزخارفها، التي يتحلّى بها الأبناء وتدعوها إلى نفسها) مقصورة على ما يجمع له رضا ربّه، وسلامة دينه، واستقامة أمور مملكته، وصلاح أحوال رعيّته، وأيّده في هذه الحال المعارضة، والشّبهة الواقعة، التي تحار في مثلها الآراء، وتضطرب الأهواء، وتتنازع خواطر النفوس، وتفتلج وساوس الصّدور، ويخفى موقع الصّواب، ويشكل منهج الصّلاح- بما اختار له من السّلم والموادعة، والصّلح والموافقة، الذي أخبر الله تعالى في كتابه على فضله، والخير الذي في ضمنه، بقوله جلّ وعزّ:
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ
«2» وقوله جلّ ذكره: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
«3» حتّى أصبح السّيف مغمودا، ورواق الأمن ممدودا، والأهواء(14/114)
متّفقة، والقلوب مؤتلفة، والكلمة مجتمعة، ونيران الفتن والضّلالة خامدة، وظنون بغاتها والسّاعين لها كاذبة، وطبقات الأولياء والرّعيّة- بما أعيد إليهم من الأمنة تعقب الخيفة، والأنسة من بعد الوحشة- مستبشرة، وإلى الله عزّ وجلّ- في إطالة بقاء الأمير وإدامة دولته، وحراسة نعمته وتثبيت وطأته- راغبين، وفي مسالمته مخلصين. ولو لم يكن السّلم في كتاب الله مأمورا به، والصّلح مخبرا عن الخير الذي فيه، لكان فيما ينتظم به: من حقن الدّماء، وسكون الدّهماء، ويجمع من الخلال المحمودة، والفضائل الممدودة، المقدّم ذكرها- ما حدا عليه، ومثّل للعقول السّليمة والآراء الصّحيحة موضع الخير فيه، وحسن العائدة على الخاصّ والعامّ به، فيما يتجلّى للعيون، من مشتبهات الظّنون، إذ الدّين واقع، والشّكّ جانح بين المحقّ والمبطل، والجائر والمقسط. وقد قال الله جلّ ثناؤه: وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ
«1» ناظرا للمسلمين من معرّة أو مضرّة تلحق بعضهم بغير علم، ومؤثرا تطهيرهم من ظنّ العدوان، مع رفعه عنهم فرطات النّسيان، وكافّا أيدي المسلمين عن المشركين، كما كفّ أيديهم عن المسلمين، تحنّنا على بريّته، وإبقاء على أهل معصيته، إلى أن يتمّ لهم الميقات الذي أدناه، والأمر الذي أمضاه، وموقع الحمد في عاقبته، والسّلامة في خاتمته، وبلّغهم من غاية البقاء أمدها، ومن مرافق العيش أرغدها، مقصورة أيدي النّوائب عما خوّله، ومعصومة أعين الحوادث عما نوّله، إنه جواد ماجد.
قلت: وعلى هذا المذهب كتب عقد الصّلح بين السّلطان الملك النّاصر أبي السّعادات «فرج» بن السّلطان الملك الظّاهر «برقوق» ، وبين المقام الشّريف القطبيّ تيمور كوركان «2» صاحب ماوراء النّهر، بعد طروقه(14/115)
الشّام وفتحه دمشق وتحريقها وتخريبها، وإرسال كتابه في معنى طلب الصّلح، وإرسال الأمير أطلمش لزمه، المأسور «1» في الدّولة الظاهريّة «برقوق» صحبة الخواجا نظام الدين مسعود الكججاني. جهّز ذلك إليه قرين كتاب من الأبواب السلطانية صحبة الخواجا مسعود المذكور، والأمير شهاب الدين بن أغلبك، والأمير قانبيه، في جمادى الأولى «2» سنة خمس وثمانمائة، بإشارة المقرّ الفتحيّ صاحب ديوان الإنشاء الشريف، من إنشاء الشيخ زين الدّين طاهر، ابن الشيخ بدر الدين حبيب الحلبيّ، أحد كتّاب الدّست الشّريف بالأبواب السلطانية، وهو مكتوب في قطع ... «3» ...
بقلم ... «4» ... وفي طرّته ما صورته:
«مرقوم «5» شريف جليل عظيم، مبجّل مكرّم جميل نظيم، مشتمل على عقد صلح افتتحه المقام الشريف، العاليّ، القطبيّ، نصرة الدّين، تيمور كوركان، زيدت عظمته، يكون بينه وبين المقام الشريف، السّلطان، المالك، الملك النّاصر أبي السّعادات «فرج» بن السلطان الشّهيد، الملك الظّاهر أبي سعيد «برقوق» خادم الحرمين الشريفين، خلّد الله تعالى(14/116)
ملكه، انعقد بمباشرة السّفير عن المقام الشريف القطبيّ، المشار إليه ووكيله في ذلك، الخواجا نظام الدّين مسعود الكججاني، بشهادة من حضر صحبته من العدول بالتوكيل المذكور، على حكم إشارة مرسله إليه ومضمون مكاتبته، وقصده تجهيز الأمير أطلمش لزمه، وحلف المقام القطبيّ على الموافاة والمصافاة، واتّحاد المملكتين، وإجراء الأمور على السّداد، وعمل مصالح العباد والبلاد» .
والبياض ثلاثة أوصال بوصل الطّرّة، والبسملة في أوّل الوصل الرابع بهامش عن يمينها، وتحت البسملة سطر، ثم بيت العلامة، والسّطر الثاني بعد بيت العلامة. والعلامة بجليل الثّلث بالذّهب ما صورته: «الله أملي» .
ونسخة المكتوب بعد البسملة ما صورته:
الحمد لله الذي جعل الصّلح خير ما انعقدت عليه المصالح، والإصلاح بين النّاس أولى ما اتّصلت به أسباب المناجح، وأحقّ ما نطقت به ألسن المحامد وأثنت عليه أفواه المدائح.
نحمده على نعمه التي جمعت أشتات القلوب الطوائح، وأضافت إلى ضياء الشّمس نور القمر فاهتدى بهما كلّ غاد ورائح، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبلّغ قائلها أهنى المنائح، وتتعطّر مجالس الذّكر بعرف روائحها الرّوائح، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من آخى بين المتحاكمين فنصح لله ورأى الصّلح من أعظم النّصائح، وأكمل رسول انقادت لأخلاقه الرّضيّة، وصفاته المرضيّة، جوانح النّفوس الجوانح، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّ أولى ما اجتمعت عليه آراء أولي الألباب، وركنت إليه قلوب ذوي المعرفة من أهل المودّة والأحباب- ائتلاف القلوب بعد اختلافها، واتصافها بالتّلبّس بأحسن أوصافها، والعمل على الصّلح الذي هو أصلح للناس، وأربح متاجر الدّنيا والآخرة وأدفع لليأس والباس، إذ هو مفتاح أبواب الخيرات الشّاملة، ومصباح مناهج الفكر الصّحيحة الكاملة،(14/117)
والدّاعي إلى كلّ فعل جميل، والسّاعي بكلّ قول هو شفاء صدى الغليل ونجاة من داء العليل.
ولمّا كان المقام الشّريف، العاليّ، الكبيريّ، العالميّ، العامليّ، المؤيديّ، المظفّريّ، الملجئيّ، الملاذيّ، الوالديّ، القطبيّ، نصرة الدّين، ملجأ القاصدين، ملاذ العابدين، قطب الإسلام والمسلمين، تيمور كوركان، زيدت عظمته- هو الباديء بإحياء هذه السّنّة الحسنة، والحادي إلى العمل بمقتضى مفاوضته الشريفة التي هي لذلك متضمّنة، الواردة إلى حضرة عبد الله ووليّه، السّلطان المالك، الملك النّاصر، زين الدّنيا والدّين، أبي السّعادات «فرج» بن السّلطان الشّهيد الملك الظّاهر، أبي سعيد «برقوق» خادم الحرمين الشّريفين- خلّد الله تعالى ملكه- على يد سفير حضرته، المجلس السّاميّ، الشّيخيّ، النّظاميّ، مسعود الكججانيّ، المؤرّخة بمستهلّ شهر ربيع الأوّل سنة تاريخه.
وجلّ مضمونها، وسرّ مكنونها- قصد إيقاع الصّلح الشريف بين المشار إليهما، ونسج المودّة والمحبّة والمصادقة بينهما، وإسبال رداء محاسنها عليهما، بمقتضى تفويض المقام الشّريف القطبيّ المشار إليه الأمر في الصّلح المذكور إلى الشّيخ نظام الدّين مسعود المذكور، وتوكيله إيّاه فيه، وإقامته مقام نفسه الشّريفة، وجعل قوله من قوله، وأنّه- عظّم الله تعالى شأنه- أشهد الله العظيم عليه بذلك، وأشهد عليه من يضع خطّه من جماعته المجهّزين صحبة الشّيخ نظام الدّين مسعود المذكور، وهما: الشّيخ بدر الدّين أحمد بن الشّيخ الإمام العالم شمس الدين محمد بن الجزريّ الشّافعي، والصّدر الأجلّ كمال الدّين كمال أغا «1» ، وأنّ ذلك صدر عن المقام الشريف القطبيّ المشار إليه، لموافقته على الصّلح الشريف، وإجابة(14/118)
القصد فيه بإطلاق الأمير أطلمش لزم المقام القطبيّ المشار إليه، وتجهيزه إلى حضرته العالية، وأنّه عاهد الله عزّ وجلّ بحضور جمّ غفير من أمراء دولته وأكابرها، ومن حضر مجلسه، باليمين الشّرعية الجامعة لأشتات الحلف:
بالله الذي لا إله إلا هو ربّ البريّة وباريء النّسم، على ذلك جميعه، وعلى أنه لا يدخل إلى البلاد الداخلة في مملكة مولانا السّلطان الملك النّاصر المشار إليه، وأنّه مهما عاهد وصالح وعاقد عليه الشّيخ نظام الدّين مسعود الوكيل المذكور يقضي به المقام القطبيّ المشار إليه، ويمضيه ويرتضيه، وانفصل الأمر على ذلك.
فعند ما وقف مولانا السّلطان الملك النّاصر المشار إليه- خلّد الله تعالى ملكه- على المكاتبة الشّريفة المشار إليها، وتفهّم مضمونها، ورأى أن المصلحة في الصّلح: تبرّكا بما ورد في كتاب الله عزّ وجلّ، وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم- استخار الله عزّ وجلّ، وأمر بتجهيز الأمير أطلمش المذكور، وتسليمه للشّيخ نظام الدّين مسعود المذكور، وأذن لهما في التّوجّه إلى حضرة المقام الشريف القطبيّ المشار إليه: بموافقة مولانا أمير المؤمنين المتوكّل على الله- أدام الله تعالى أيّامه- على ذلك، وحضور الشّيخ الإمام الفرد الأوحد، شيخ الإسلام، سراج الدّين، عمر البلقينيّ- أعاد الله تعالى على المسلمين من بركاته- وقضاة القضاة الحكّام- أعزّ الله تعالى أحكامهم- ومشايخ العلم الشّريف والصّلاح، وأركان الدّولة الشّريفة، ومن يضع خطّه في هذا الصّلح الشّريف بالشهادة بمضمونه.
وعقد الصّلح الشريف بين مولانا السّلطان الملك الناصر المشار إليه- خلّد الله تعالى ملكه- وبين الشّيخ نظام الدّين مسعود الوكيل المذكور عن المقام الشّريف القطبيّ المشار إليه- زيدت عظمته- على حكم مضمون مفاوضته الشريفة المقدّم ذكرها، وما قامت به البيّنة الشّرعية، بشهادة العدلين المذكورين الواصلين صحبة الوكيل المذكور بالتّوكيل المشروح فيه، فكان صلحا صحيحا شرعيّا، تامّا كاملا معتبرا مرضيّا، على أحسن الأمور وأجملها، وأفضل الأحوال وأكملها.(14/119)
وحلف مولانا السّلطان الملك النّاصر المشار إليه- خلّد الله ملكه- وعاهد الله عزّ وجلّ نظير ما حلف وعاهد عليه المقام الشّريف القطبيّ المشار وإليه من القول والعمل، واستقرّت بمشيئة الله تعالى الخواطر، وسرّت القلوب وقرّت النّواظر، لما في ذلك من حفظ ذمام العهود الشريفة، وإقامة منار الشّرع الشريف وامتداد ظلال أعلامه الوريفة، وإجراء كلمة الصّدق، على لسان أهل الحقّ، وصون أمانة الله تعالى وشعار دينه بين الخلق، فلا يتغيّر عقد هذا الصّلح الشريف على مدى الليالي والأيام، ولا ينقضي حكمه ولا ينحلّ إبرامه على توالي السّنين والأعوام.
هذا: على أن لا يدخل أحد من عساكرهما وجندهما ومماليكهما إلى حدود مملكة الآخر، ولا يتعرّض إلى ما يتعلّق به من ممالك وقلاع، وحصون وسواحل وموان وغير ذلك من سائر الأنواع، ورعاياهما من جميع الطوائف والأجناس، وما هو مختصّ ببلاد كلّ منهما ومعروف به بين الناس: حاضرها وباديها، وقاصيها ودانيها، وعامرها وغامرها، وباطنها وظاهرها، ولا إلى من فيها من الرّعيّة والتّجّار والمسافرين، وسائر الغادين والرّائحين في السّبل والطّرق: متفرّقين ومجتمعين.
هذا على أن يكون كلّ من المقامين الشّريفين المشار إليهما مع الآخر على أكمل ما يكون في السّرّاء والضّرّاء: من حسن الوفاء، وجميل المودّة والصّفاء، ويكونا في الاتحاد كالوالد والولد، وعلى المبالغة في الامتزاج والاختلاط كروحين في جسد، مع ما يضاف إلى ذلك من مصادقة الأصدقاء، ومعاداة الأعداء، ومسالمة المسالمين، ومحاربة المحاربين، في السّرّ والإعلان، والظّهور والكتمان؛ وبالله التّوفيق، وهو العالم بما تبدي الأعين وما تخفي الصّدور، وعليه التّكلان «1» في كلّ الأمور، في الغيبة والحضور، والورود والصّدور.(14/120)
الباب السادس من المقالة التاسعة (في الفسوخ الواردة على العقود السابقة؛ وفيه فصلان)
الفصل الأوّل (الفسخ؛ وهو ما وقع من أحد الجانبين دون الآخر)
قال في «التعريف» : وقلّ أن يكون فيه إلا ما يبعث به على ألسنة الرّسل. قال: وقد كتب عمّي الصاحب شرف الدّين [أبو محمد] «1» عبد الوهّاب رحمه الله، سنة دخول العساكر الإسلامية ملطية «2» ، سنة أربع عشرة وسبعمائة فسخا على «التكفور» متملك سيس «3» ، كان سببا لأن زاد قطيعته.
ولم يذكر صورة ما كتبه في ذلك.
وقد جرت العادة أنه إذا كان الفسخ من الجانب الواحد أن يذكر الكاتب فيه موجب الفسخ الصادر عن المفسوخ عليه: من ظهور ما يوجب نقض العهد، ونكث العقد، وإقامة الحجّة على المفسوخ عليه من كل وجه.(14/121)
قال في «التعريف» : والذي أقول فيه: إنه إن كتب فيه، كتب بعد البسملة:
هذا ما استخار الله تعالى فيه فلان، استخارة تبيّن له فيها غدر الغادر، وأظهر له بها سرّ الباطن ما حقّقه الظّاهر؛ فسخ فيها على فلان ما كان بينه وبينه من المهادنة التي كان آخر الوقت الفلانيّ آخر مدّتها، وطهّر السيوف الذّكور «1» فيها من الدّماء إلى انقضاء عدّتها، وذلك حين بدا منه من موجبات النّقض، وحلّ المعاقدة التي كانت يشدّ بعضها ببعض (وهي كذا وكذا، وتذكر وتعدّ) مما يوجب كلّ ذلك إخفار الذّمّة، ونقض العهود المرعيّة الحرمة، وهدّ قواعد الهدنة، وتخلية ما كان قد أمسك من الأعنّة؛ كتب إنذارا، وقدّم حذارا؛ وممن يشهد بوجوب هذا الفسخ، ودخول ملّة تلك الهدنة في حكم هذا النّسخ، ما تشهد به الأيّام، ويحكم به عليه النّصر المكتتب للإسلام؛ وكتب هذا الفسخ عن فلان لفلان وقد نبذ إليه عهده، وأنجز وعده، وأنفذ إليه سهمه بعد أن صبر مليّا على ممالاته، وأقام مدّة يداري مرض وفائه ولا ينجح فيه شيء من مداواته، ولينصرنّ الله من ينصره، ويحذر من يأمن مكره من يحذره؛ وأمر فلان بأن يقرأ هذا الكتاب على رؤوس الأشهاد، لينقل مضمونه إلى البلاد، أنفة من أمر لا يتأدّى به الإعلان، وينصب به هذا الغادر لواء لا يقال إذا يقال: هذا اللّواء لغدرة فلان بن فلان.(14/122)
الفصل الثاني المفاسخة؛ وهي ما يكون من الجانبين جميعا
قال في «التعريف» : وصورة ما يكتب فيها: هذا ما اختاره فلان وفلان من فسخ ما كان بينهما من المهادنة التي هي إلى آخر مدّة كذا. اختارا فسخ بنائها، ونسخ أنبائها، ونقض ما أبرم من عقودها، وأكّد من عهودها، جرت بينهما على رضا من كلّ منهما بإيقاد نار الحرب التي كانت أطفئت، وإثارة تلك الثّوائر التي كانت كفيت، نبذاه على سواء بينهما، واعتقاد من كلّ منهما، أن المصلحة في هذا لجهته، وأسقط ما كان يحمله للآخر من ربقته، ورضي فيه بقضاء السّيوف، وإمضاء أمر القدر والقضاء في مساقات الحتوف، وقد أشهدا عليهما بذلك الله وخلقه ومن حضر، ومن سمع ونظر، وكان ذلك في تاريخ كذا وكذا.(14/123)
المقالة العاشرة في فنون من الكتابة يتداولها الكتّاب وتتنافس في عملها، ليس لها تعلّق بكتابة الدّواوين السلطانية ولا غيرها؛ وفيها بابان
الباب الأوّل في الجدّيّات؛ وفيه [ستة] «1» فصول.
الفصل الأوّل في المقامات
وهي جمع مقامة بفتح الميم؛ وهي في أصل اللّغة اسم للمجلس والجماعة من الناس. وسمّيت الأحدوثة من الكلام مقامة، كأنها تذكر في مجلس واحد يجتمع فيه الجماعة من الناس لسماعها. أما المقامة بالضّم، فبمعنى الإقامة، ومنه قوله تعالى حكاية عن أهل الجنّة: الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ
«2» .
واعلم أن أوّل من فتح باب عمل المقامات، علّامة الدّهر، وإمام الأدب، البديع الهمذانيّ «3» : فعمل مقاماته المشهورة المنسوبة إليه، وهي(14/124)
في غاية من البلاغة، وعلوّ الرّتبة في الصّنعة. ثم تلاه الإمام أبو محمد القاسم الحريريّ «1» ، فعمل مقاماته الخمسين المشهورة، فجاءت نهاية في الحسن، وأتت على الجزء الوافر من الحظّ، وأقبل عليها الخاصّ والعامّ، حتّى أنست مقامات البديع وصيرّتها كالمرفوضة. على أن الوزير ضياء الدّين بن الأثير في «المثل السّائر» لم يوفّه حقّه، ولا عامله بالإنصاف، ولا أجمل معه القول، فإنه قد ذكر أنه ليس له يد في غير المقامات، حتّى ذكر عن الشيخ أبي محمد أحمد بن الخشّاب أنه كان يقول: إن الحريريّ رجل مقامات، أي إنّه لم يحسن من الكلام المنثور سواها، فإن أتى بغيرها فلا يقول شيئا. وذكر أنه لما حضر بغداد، ووقف على مقاماته، قيل: هذا يستصلح لكتابة الإنشاء في ديوان الخلافة، ويحسن أثره فيه، فأحضر وكلّف كتابة كتاب فأفحم، ولم يجر لسانه في طويله ولا قصيره، حتّى قال فيه بعضهم:
شيخ لنا من ربيعة الفرس ... ينتف عثنونه من الهوس
أنطقه الله بالمشان وفي ... بغداد أضحى الملجوم بالخرس
«2» !(14/125)
واعتذر عنه بأن المقامات مدارها جميعها على حكاية تخرج إلى مخلص، بخلاف المكاتبات فإنها بحر لا ساحل له، من حيث أن المعاني تتجدّد فيها بتجدّد حوادث الأيام، وهي متجدّدة على عدد الأنفاس.
وهذه المقامة التي قدّمت الإشارة إليها في خطبة هذا الكتاب، إلى أنّي كنت أنشأتها في حدود سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، عند استقراري في ديوان الإنشاء بالأبواب الشريفة، وأنها اشتملت- مع الاختصار- على جملة جمّة من صناعة الإنشاء، ووسمتها ب «الكواكب الدّرّيّة، في المناقب البدريّة» ووجّهت القول فيها لتقريظ المقرّ البدريّ، بن المقرّ العلائيّ، بن المقرّ المحيويّ، بن فضل الله، صاحب ديوان الإنشاء «1» بالأبواب السلطانية بالدّيار المصرية يومئذ، جعلت مبناها على أنه لا بدّ للإنسان من حرفة يتعلّق بها، ومعيشة يتمسّك بسببها، وأن الكتابة هي الحرفة التي لا يليق بطالب العلم سواها، ولا يجوز له العدول عنها إلى ما عداها، مع الجنوح فيها إلى تفضيل كتابة الإنشاء وترجيحها، وتقديمها على كتابة الدّيونة «2» وترشيحها.(14/126)
وقد اشتملت على بيان ما يحتاج إليه كاتب الإنشاء من الموادّ، وما ينبغي أن يسلكه من الجوادّ، مع التّنبيه على جملة من المصطلح بيّنت مقاصده، ومهّدت قواعده، على ما ستقف عليه في خلال مطاويها إن شاء الله تعالى؛ وهي:
حكى النّاثر ابن نظّام، قال: لم أزل من قبل أن يبلغ بريد عمري مركز التّكليف، ويتفرّق جمع خاطري بالكلف بعد التّأليف؛ أنصب لاقتناص العلم أشراك التّحصيل، وأنزّه توحيد الاشتغال عن إشراك التّعطيل، مشمّرا عن ساق الجدّ ذيل الاجتهاد، مستمرّا على الوحدة وملازمة الانفراد، أنتهز فرصة الشّباب قبل تولّيها، وأغتنم حالة الصّحّة قبل تجافيها؛ قد حالف جفني السّهاد، وخالف طيب الرّقاد، أمرّن النّفس على الاشتغال كي لا تملّ فتنفر عن الطّلب وتجمح، مميلا جانب قصدها عن ركوب الأهواء والميل إليها، صارفا وجه غايتها عن المطالب الدّنيويّة والرّكون إليها، متخيّرا أليق الأماكن وأوفق الأوقات، قانعا بأدنى العيش راضيا بأيسر الأقوات، أونس من شوارد العقول وحشيّها، وأشرّد عن روابض المنقول حوشيّها، وألتقط ضالّة الحكمة حيث وجدتها، وأقيّد نادرة العلم حيث أصبتها، مقدّما من العلوم أشرفها، ومؤثرا من الفنون ألطفها، معتمدا من ذلك ما تألفه النفس ويقبله الطّبع، مقبلا منه على ما يستجلي حسنه النّظر ويستحلي ذكره السّمع، منتقيا من الكتب أمتعها تصنيفا، وأتمّها تحريرا وأحسنها تأليفا، منتخبا من أشياخ الإفادة أوسعهم علما وأكثرهم تحقيقا، ومن أقران المذاكرة أروضهم بحثا وألطفهم تدقيقا، عارفا لكلّ عالم حقّه، وموفّيا لكلّ علم مستحقّه؛ قد استغنيت بكتابي عن خلّي ورفيقي، وآثرت بيت خلوتي على شفيقي وشقيقي؛ أجوب فيافي الفنون لتظهر لي طلائع الفوائد فأشهدها عيانا، وأجول في ميدان الأفكار لتلوح لي كمائن المعاني فلا أثني عنها عنانا، وأشنّ غارات المطالعة على كتائب الكتب فأرجع بالغنيمة، وأهجم على حصون الدّفاتر ثم لا أولّي عن هزيمة، بل كلّما لاحت لي فئة من البحث تحيّزت إليها، أو ظهرت لي(14/127)
كتيبة من المعاني حملت عليها، إلى أن أتيح لي من الفتح ما أفاضته النّعمة، وحصلت من الغنيمة على ما اقتضته القسمة.
فبينا أنا أرتع في رياض ما نفّلت، وأجتني ثمار ما خوّلت، إذ طلع عليّ جيش التّكليف فحصرني، وخرج عليّ كمين التّكليف فأسرني، فأمسيت في أضيق خناق، وأشدّ وثاق، قد عاقني قيد الاكتساب عن الاشتغال، وصدّني كلّ الكدّ عن الاهتمام بالطّلب والاحتفال، فغشيني من القبض ما غشيني، وأخذني من الوحشة ما أخذني، وتعارض فيّ حكم العقل بين الكسب وطلب العلم، وتساويا في التّرجيح فلم تجنح واحدة منهما إلى السّلم، فصرت مدهوشا لا أحسن صنعا، وبقيت متحيّرا لا أدري أيّ الأمرين أقرب إليّ نفعا:
إن طلبت العلم للكسب فقد أفحشت رجوعا، وإن تركت الكسب للعلم هلكت ضيعة ومتّ جوعا.
فلما علمت أنّ كلّا منهما لا يقوم إلا بصاحبه، ولا يتمّ الواجب في أحدهما ما لم يقم في الآخر بواجبه، التمست كسبا يكون للعلم موافقا، وبحملته لائقا، ليكون ذلك الكسب للعلم موضوعا والعلم عليه محمولا، والجمع ولو بوجه أولى، فجعلت أسبر المعايش سبر متقصّد وأسير في فلوات الصّنائع سير متعهّد، لكي أجد حرفة تطابق أربي، أو صنعة تجانس طلبي.
فبينما أنا أسير في معاهدها، وأردّد طرفي في مشاهدها، إذ رفع لي صوت قرع سمعي برنّته، وأخذ قلبي بحنّته، فقفوت أثره متّبعا، وملت إليه مستمعا، فإذا رجل من أحسن الناس شكلا، وأرجحهم عقلا، وهو يترنّم وينشد:
إن كنت تقصدني بظلمك عامدا ... فحرمت نفع صداقة الكتّاب
السّائقين إلى الصّديق ثرى الغنى ... والنّاعشين لعثرة الأصحاب
والنّاهضين بكلّ عبء مثقل ... والنّاطقين بفصل كلّ خطاب(14/128)
والعاطفين على الصّديق بفضلهم ... والطّيّبين روائح الأثواب
ولئن جحدتهم الثّناء فطالما ... جحد العبيد تفضّل الأرباب!
فلما سمعت منه ذلك، وأعجبني من الوصف ما هنالك، دنوت منه دنوّ الواجل، وجلست بين يديه جلوس السّائل، وقلت: هذه وأبيك صفات الملوك بل ملوك الصّفات، وأكرم الفضائل بل أفضل المكرمات؛ ولم أك أظنّ أنّ للكتابة هذا الخطر الجسيم، وللكتّاب هذا الحظّ العظيم؛ فأعرض مغضبا، ثم فوّق بصره إليّ معجبا، وقال: هيهات فاتك الحزم، وأخطأك العزم؛ إنها لمن أعظم الصّنائع قدرا، وأرفعها ذكرا؛ نطق القرآن الكريم بفضلها، وجاءت السّنّة الغرّاء بتقديم أهلها، فقال تعالى جلّ ثناؤه، وتباركت أسماؤه: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ
«1» فأخبر تعالى أنه علّم بالقلم، حيث وصف نفسه بالكرم، إشارة إلى أن تعليمها من جزيل نعمه، وإيذانا بأن منحها من فائض ديمه؛ وقال جلّت قدرته: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ
«2» فأقسم بالقلم وما سطّرته الأقلام، وأتى بذلك في آكد قسم فكان من أعظم الأقسام. وقال تقدّست عظمته: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ
«3» فجعل الكتابة من وصف الكرام، كما قد جاء فعلها عن جماعة من الأنبياء عليهم السّلام؛ وإنما منعها النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، معجزة قد بيّن تعالى سببها، حيث ذكر إلحادهم بقوله: وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها
«4» .
هذا: وقد كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في كثرة الكتّاب راغبا؛ فقد روي أنه كان له عليه أفضل الصّلاة والسّلام نيّف وثلاثون كاتبا، هم نخبة أصحابه، وخلاصة(14/129)
أترابه؛ ومن ائتمنهم على أسرار الوحي والتّنزيل، وخاطب بألسنة أقلامهم ملوك الأرض فأجابوا بالإذعان على البعد والمدى الطّويل؛ وكتب الملوك أيضا إليه ابتداء وجوابا، وكاتب أصحابه وكاتبوه فأحسن استماعا وأفحم خطابا، وبذلك جرت سنّة الخلفاء الراشدين فمن تلاهم، وعلى نهجه مشت ملوك الإسلام ومن ضاهاهم.
فالكتابة قانون السّياسة، ورتبتها غاية رتب الرّياسة؛ عندها تقف الإنافة، وإليها تنتهي مناصب الدّنيا بعد الخلافة؛ والكتّاب عيون الملوك المبصرة وآذانهم الواعية، وألسنتهم النّاطقة وعقولهم الحاوية، بل محض الحقّ الذي لا تدخله الشّكوك؛ وإن الملوك إلى الكتّاب أحوج من الكتّاب إلى الملوك؛ وناهيك بالكتابة شرفا، وأعل بذلك رتبة وكفى، أنّ صاحب السّيف والعلم يزاحم الكاتب في قلمه، ولا يزاحم الكاتب صاحب السّيف والعلم في سيفه وعلمه.
وعلى الجملة فهم الحاوون لكلّ وصف جميل، وشأن نبيل؛ الكرم شعارهم، والحلم دثارهم، والجود جادّتهم، والخير عادتهم، والأدب مركبهم، واللّطف مذهبهم؛ ولله القائل:
وشمول كأنّما اعتصروها ... من معاني شمائل الكتّاب!
فلما انقضى قيله، وبانت سبيله، قلت: لقد ذكرت قوما راقني وصفهم، وشاقني لطفهم، ودعاني طيب حديثهم، وحسن أوصافهم، وجميل نعوتهم، إلى أن أحلّ بناديهم وأنزل بواديهم، فأجعل حرفتهم كسبي، وصنعتهم دأبي، ليجتمع بالعلم شملي، ويتّصل بالاشتغال حبلي، فأكون قد ظفرت بمنيتي، وفزت ببغيتي، فأي قبيل من الكتّاب أردت؟ وإلى أيّ نوع من الكتابة أشرت؟ أكتابة الأموال؟ أم كتابة الإنشاء والخطابة؟، أم غيرهما من أنواع الكتابة؟ فنظر إليّ متبسّما، وأنشد مترنّما:
قوم إذا أخذوا الأقلام من غضب ... ثم استمدّوا بها ماء المنيّات(14/130)
نالوا بها من أعاديهم وإن بعدوا ... ما لم ينالوا بحدّ المشرفيّات!
فقلت: كأنّك تريد كتابة الإنشاء دون سائر الكتابات، وهي التي تقصدها بالتّصريح وتشير إليها بالكنايات؛ فقال: وهل في أنواع الكتابة جملة نوع يساويها، أو في سائر الصّنائع على الإطلاق صنعة تضاهيها؟ إنّ لها للقدح المعلّى، والجيد المحلّى، والذّروة المنيفة، والرّتبة الشّريفة؛ كتّابها أسّ الملك وعماده، وأركان الملك وأطواده، ولسان المملكة النّاطق، وسهمها المفوّق الرّاشق؛ ولله حبيب بن أوس الطّائيّ «1» حيث يقول:
ولضربة من كاتب ببنانه ... أمضى وأقطع من رقيق حسام!
قوم إذا عزموا عداوة حاسد ... سفكوا الدّما بأسنّة الأقلام!
قلمها يبلّغ الأمل، ويغني عن البيض والأسل؛ به تصان المعاقل، وتفرّق الجحافل:
فلكم يفلّ الجيش وهو عرمرم ... والبيض ما سلّت من الأغماد!
فقلت: إن كتّاب الأموال يزعمون أن لهم في ذلك المقام الأعلى، والطّريقة المثلى، ويستشهدون لفضلها، وتقدّم أهلها، بقول الإمام أبي محمد القاسم الحريريّ، رحمه الله، في مقاماته «2» :
«إنّ صناعة الحساب مبنيّة «3» على التّحقيق، وصناعة الإنشاء مبنيّة على التّلفيق، وقلم الحاسب ضابط، وقلم المنشيء خابط «4» ؛ وبين إتاوة توظيف المعاملات، وتلاوة طوامير السّجلّات، بون لا يدركه قياس، ولا يعتوره التباس؛ إذ الإتاوة تملأ الأكياس، والتّلاوة تفرّغ الرّاس، وخراج(14/131)
الأوارج «1» ، يغني النّاظر، واستخراج المدارج، يعنّي الخاطر؛ والحسبة «2» حفظة الأموال، وحملة الأثقال؛ والنّقلة الأثبات، والسفرة الثّقات؛ وأعلام الإنصاف والانتصاف، والشّهود المقانع في الاختلاف «3» ؛ ومنهم المستوفي الذي هو يد السّلطان، وقطب الدّيوان؛ وقسطاس الأعمال، والمهيمن على العمّال؛ وإليه المآب في السّلم والهرج، وعليه المدار في الدّخل والخرج؛ وبه مناط الضّرّ والنّفع، وفي يده رباط الإعطاء والمنع؛ ولولا قلم الحسّاب، لأودت ثمرة الاكتساب، ولاتّصل التّغابن إلى يوم الحساب؛ ولكان نظام المعاملات محلولا، وجرح الظّلامات مطلولا، [وجيد التّناصف مغلولا] «4» ، وسيف التّظالم مسلولا؛ على أنّ يراع الإنشاء متقوّل، ويراع الحساب متأوّل، والمحاسب مناقش، والمنشيء أبو براقش» «5» .
فوصف كتابة الأموال بأتمّ الصّفات، ونبّه من شيم أهلها وشياتهم على أكرم الشّيم وأحسن الشّيات.
فقال: هذه الحجّة معارضة بمثلها، بل باطلة من أصلها؛ وأين ذلك من قوله في صدر كلامه؟:(14/132)
«اعلموا أن صناعة الإنشاء أرفع، وصناعة الحساب أنفع؛ وقلم المكاتبة خاطب، وقلم المحاسبة حاطب «1» ؛ وأساطير البلاغات تنسخ لتدرس، ودساتير الحسبانات تنسخ وتدرس «2» ؛ والمنشيء جهينة الأخبار «3» ، وحقيبة الأسرار، ونجيّ العظماء، وكبير النّدماء؛ وقلمه لسان أسرار «4» الدّولة، وفارس الجولة، ولقمان الحكمة، وترجمان الهمّة؛ وهو البشير والنّذير، والشّفيع والسّفير، به تستخلص الصّياصي «5» ، وتملك النّواصي، ويقتاد العاصي، ويستدنى القاصي؛ وصاحبه بريء من التّبعات، آمن كيد السّعاة، مقرّظ بين الجماعات، غير معرّض لنظم الجماعات» «6» .
فهذه أرفع المراتب، وأشرف المناقب، التي لا يعتورها شين، ولا يشوبها مين؛ وصدر الكلام يقتضي التّرجيح، ويؤذن بالتّرشيح؛ والرّفع، أبلغ في الوصف من النّفع؛ فقد ينتفع بالنّزر اليسير، ولا يرتفع إلا بالأمر الكبير، على أنّه لو اعتبر نفع كتابة الإنشاء لكان أبلغ، وإقامة الدّليل عليه أسوغ؛ وأنّى لكتّاب الأموال، من التأثير في فلّ الجيوش من غير قتال، وفتح الحصون من غير نزال؛ فهذه هي الخصّيصى»
التي لا تساوى، والمنقبة التي لا تناوى:(14/133)
تلك المكارم لا قعبان «1» من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا!
فقلت: الآن قد انقطعت الحجّة، وبانت المحجّة، فما الذي يحتاج كاتب الإنشاء إلى ممارسته؟ فقال: إذا قد تعلّقت من الصّنعة بأسبابها، وأتيت البيوت من أبوابها.
اعلم أن كاتب الإنشاء لا تظهر فصاحته، وتبين بلاغته، وتقوى يراعته، وتجلّ براعته، إلا بعد تحصيل جملة من العلوم، ومعرفة الاصطلاح والإحاطة بالرّسوم؛ ثم أهمّ ما يبدأ بتحصيله، ويعتمد عليه في جملة الأمر وتفصيله، حفظ كتاب الله العزيز الذي هو معدن الفصاحة، وعنصر البلاغة، وإدامة قراءته وتكرير مثانيه، مع العلم بتفسيره وتدبّر معانيه، حتّى لا يزال دائرا على لسانه حاضرا في ذكره، ولا يبرح معناه ممثّلا في قلبه مصوّرا في فكره، ليكون مستحضرا له في الوقائع التي يحتاج إلى الاستشهاد به فيها، ويضطرّ إلى إقامة الأدلّة القاطعة عليها، فلله الحجّة البالغة، ولآياته الأجوبة الدّامغة؛ خصوصا السّير والأحكام، وما يتعلّق بذلك من مهمّات الدّين وقواعد الإسلام، وما اشتمل عليه كلام النّبوّة من الألفاظ البديعة التي أبكمت الفصحاء، والمعاني الدّقيقة التي أعيت البلغاء؛ مع النّظر في معانيها ومعرفة غريبها، والاطّلاع على ما للعلماء في ذلك من الأقوال بعيدها وقريبها، لتكون أبدا حجّته ظاهرة، وأدلّته قويّة متظاهرة؛ فإنّ الدّليل إذا استند إلى النّصّ انقطع النّزاع وسلّم المدّعى ولزم؛ والفصاحة والبلاغة غايتهما- بعد كتاب الله تعالى- في كلام من أوتي جوامع الكلم؛ والعلم بالأحكام السّلطانيّة وفروعها، وخصوصها وشيوعها، والتّوغّل في أشعار العرب والمولّدين، وأهل الصّناعة من المحدثين، وما ورد عن كلّ فريق منهم من الأمثال نثرا ونظما، وما جرى بينهم من المحاورات والمناقضات حربا وسلما؛ والتّعويل من ذلك على الأشعار البديعة التي اختارها العلماء بها،(14/134)
فتمسّكوا بأوتادها وتعلّقوا بسببها، والأمثال الغريبة التي انتقوها، ودوّنوها ورووها، واستيضاح القسمين واستكشاف غوامضهما، واستظهار النّوعين واستمطار عوارضهما، والاطّلاع على خطب البلغاء، ورسائل الفصحاء، وما وقع لهم في مخاطباتهم، ومكاتباتهم، والعلم بأيّام العرب وحروبهم، وما كان من الوقائع بين قبائلهم وشعوبهم، والنّظر في التّواريخ وأخبار الدّول الماضية، والقرون الخالية، وسير الملوك وأحوال الممالك، ومعرفة مكايدهم في الحرب المنقذة من المهاوي والمنجية من المهالك، مع سعة الباع في اللّغة التي هي رأس ماله، وأسّ مقاله، وكنزه المعدّ للإنفاق، ومعينه بل مغيثه وقت الضّرورة على الإطلاق، والنّحو الذي هو ملح كلامه، ومسك ختامه، والتّصريف الذي تعرف به أصول أبنية الكلمة وأحوالها، وكيفيّة التّصرّف في أسمائها وأفعالها، وعلوم المعاني والبيان والبديع التي هي حلية لسانه، وآية بيانه، ومعرفة أبوابها وفصولها، وتحقيق فروعها وأصولها: من الفصاحة وطرائقها، والبلاغة ودقائقها، واختيار المعاني وترتيبها، ونظم الألفاظ وتركيبها، والفصل والوصل ومواقعهما، والتّقديم والتّأخير ومواضعهما؛ ومواطن الحذف والإضمار، وحكم الرّوابط والأخبار، وغير ذلك من الحقيقة والمجاز، والبسط والإيجاز، والحلّ والعقد، وتمييز الكلام جيّده من رديّه بصحّة النّقد، مع معرفة أنواع البديع وطرائقها، والاطّلاع على غوامض أسرارها وفرائد دقائقها.
على أن آكد شيء يجب تحصيله قبل كلّ حاصل، ويستوي في الاحتياج إلى معرفته المفضول من الكتّاب والفاضل، العلم بالخطّ وقوانينه: من الهجاء والنّقط والشّكل، والفرق بين الضّاد والطّاء المتخالفين في الصّورة والشّكل، مع المعرفة بآلات الكتابة وصفاتها، وتباين أنواعها واختلاف صفاتها.
هذه أصوله التي يبنى عليها، وقواعده التي يرجع إليها؛ فإذا أحاط بهذه الفنون علما، وأتقنها فهما، غزرت عنده الموادّ، واتّضحت له الجوادّ،(14/135)
فأخذ في الاستعداد، وسهل عليه الاستشهاد؛ فقال عن علم وتصرّف عن معرفة واستحسن ببرهان، وانتقد بحجّة وتخيّر بدليل وصاغ بترتيب وبنى على أركان، واتّسع في العبارة مجاله، وفتح له من باب الأوصاف أقفاله، وتلقّى كلّ واقعة بما يماثلها، وقابل كلّ قضيّة بما يشاكلها، وعلم المجيد فنسج على منواله، وظهر له القاصر فأعرض عن أقواله، وحصل له القوّة على فهم الخطاب، وأنشأ الجواب بحسب الوقائع والأعراض، على طبق المقاصد والأغراض؛ ومتى أخلّ بشيء من ذلك فاتته الفضائل، وعلقت به الرذائل، وقلّت بضاعته، ونقصت صناعته، وساءت آثاره، وقبحت أخباره؛ وخلط الغرر بالعرر، ولم يميّز بين الصّدف والدّرر، فأخرج الصّنعة عن أماكنها، وطمس من الكتابة وجوه محاسنها، فجرّ اللّوم إلى نفسه، وأمسى مهزأة لأبناء جنسه.
ووراء ذلك علوم هي كالنافلة للكاتب، والزّيادة للرّاغب:
منها ما تكمل به صناعته، وتعظم به مكانته: كعلم الكلام، وأصول الفقه وسائر الأحكام، والمنطق والجدل، وأحوال الفرق والنّحل والملل، وعلم العروض والميزان المحكم، وعلم القوافي وحلّ المترجم؛ والحساب المفتوح وما يترتّب عليه من المعاملة، وما تستخرج به المجهولات: من حساب الخطأين والدّرهم والدّينار والجبر والمقابلة، وحساب الدّور والوصايا، والتّخت والميل وما لأعماله على غيرها من المزايا، والعلم بالفلاحة، وأحوال المساحة، وعلم عقود الأبنية والمناظر المحقّقة، ومراكز الأثقال والمرايا المحرقة، وعلم جرّ الأثقال الأبيّة، والعلم بالآلات الحربيّة، وعلم المواقيت والبنكامات «1» ، والتّقاويم(14/136)
والزّيجات، وعلم تسطيح الكرة والتّوصّل بها إلى استخراج المطالب الفلكيّة، وكيفية الأرصاد وأحكام النّجوم والآلات الظّلّيّة، وعلم الطّبّ والبيطرة، وأحوال سائر الحيوان وعلم البيزرة «1» .
ومنها ما تكمل به ذاته، وتتمّ به أدواته، كعلم التّعبير وعلم الأخلاق وعلم السّياسة، وعلم تدبير المنزل وعلم الفراسة، وغير ذلك من العلوم التي أضربنا عن ذكرها خشية الإطالة، وأعرضنا عن إيرادها خوف الملالة؛ فهذه علوم فضلة يعظم بعلمها أمره، وفضيلة يرتفع بتحصيلها ذكره؛ بل لا يستغني عن العلم برؤوس مسائلها، وإشارات أربابها الآخذة من بحارها بأطراف سواحلها؛ على أنّه قد ترد عليه أوقات لا يسعه جهل ذلك فيها، وتمرّ عليه أزمان يودّ لو تشترى فيشتريها.
قلت: قد بانت لي علومها، فما رسومها؟ قال: إن أعباءها لباهظة حملا، وإنها لكبيرة إلّا «2» ؛ ولكن سأحدث لك مما سألت ذكرا، وأنبّئك بما لم تحط به خبرا.
فمن ذلك: المعرفة بالولايات ولواحقها، على اختلاف مقاصدها وتباين طرائقها، من البيعات وأحكامها، والعهود وأقسامها، والتّقاليد وصفاتها، والتّفاويض ومضاهاتها، والمراسيم وأوضاعها، والتّواقيع(14/137)
وأنواعها، والخطب ومناسباتها، والوصايا ومطابقاتها، ثم العلم بالمناشير ومراتبها، والمربّعات الجيشيّة «1» ومعايبها، ومعرفة رتب المكاتبات وطبقاتها، ومن يستحقّ من الرّتب أدناها أو يستوجب الرّفع إلى أعلى درجاتها: من المكاتبات الصادرة عن الأبواب الشريفة الخليفتيّة، والمكاتبات الواردة عليها وعلى أرباب المناصب من سائر الآل والعترة النّبويّة، وملوك المسلمين والقانات، وملوك الكفر وأرباب الدّيانات، وأهل المملكة من النّوّاب والكشّاف والولاة، والأمراء والوزراء والعربان والقضاة، وسائر حملة الأقلام، وأهل الصّلاح وبقيّة الأعلام، ونساء الملوك والخوندات «2» ، ومكاتبات التّجّار وما عساه يطرأ من المكاتبات المستجدّات، وكتب البشرى بوفاء النّيل والقدوم من الغزو والسّفر، واسترهاف العزائم، والبطائق المحمولة على أجنحة الحمائم، والملطّفات التي يضطرّ إليها، ويعوّل في الأمور الباطنة عليها، وأوراق الجواز في الطّرقات، والإطلاقات في التّسفير والمثالات المطلقات، ومعرفة الأوصاف التي يكثر في المكاتبات تكرارها، ويتّسق في جيد المراسلات إيرادها وإصدارها: كوصف الأنواء والكواكب، والأفلاك العليّة المراتب، والآلات الملوكية الجليلة المقدار، والسّلاح وآلات الحصار، والخيل المسوّمة، والجوارح المعلّمة، وجليل الوحش وسباعه، وطير الواجب «3» وأتباعه، والأمكنة والرّياض، والمياه والغياض، وغير ذلك مما يعزّ ويغلو، ويرتفع ويعلو؛ وإخوانيّات المكاتبات وطبقاتها، وتميز كلّ طبقة منها عن أخواتها، وما تشتمل عليه من الابتداء والجواب، والتّشوّق والعتاب، والتّرفّق والاعتذار، والشّفاعة وطلب(14/138)
الصّفح والعفو عند الاقتدار، والتّهاني والتّعازي، وما يكتب مع الهديّة ويجاب عنها من المجازيّ وغير المجازي.
وغير ذلك من مقاصد المكاتبات التي يتعذّر حصرها، ويمتنع على المستقصي ذكرها؛ ومعرفة الطّغراة «1» والطّرّة والعنوان والتّعريف، والعلامة في الكتب على أماكنها الفارقة بين انحطاط القدر والتّشريف، وتتريب الكتاب وطيّه وختمه، وتعمية ما في الكتب بضرب من الحيلة وإخفاء ذلك وكتمه، ونسخ الأيمان التي يستحلف بها، ويتمسّك للوفاء بسببها، كيمين البيعة العامّة للموافق والمخالف، وما يختصّ من ذلك بالنّوّاب وأرباب الوظائف، وأيمان أصحاب البدع والأهواء، وأهل الملل والحكماء، وكتابة الهدن والمواصفات، والأمانات والدّفن والمفاسخات، ومعرفة الأسماء والكنى والألقاب، وبيان المستندات ومحلّها المصطلح عليه بين الكتّاب؛ وكتابة التّاريخ وما أخذت به كلّ طائفة وثابت إليه تمسّكا، وما يفتتح به في الكتابة تيمّنا ويختتم به تبرّكا؛ ومعرفة قطع الورق: من كامل البغداديّ والشّاميّ والثّلثين والنّصف والثّلث والمنصوريّ والعادة، ومن يستحقّ من هذه المقادير أعلاها أو يوقف به مع أدنى رتبها من غير زيادة؛ والأقلام المناسبة لهذه الأقدار، من الرّقاع والتّواقيع والثّلث ومختصر الطّومار؛ والعلم بالأوضاع وكيفية الترتيب، ومقادير البياض ومباعدة ما بين السّطور والتقريب؛ ومعرفة الرّزاديق «2» وقطّانها، والنّواحي والبلدان وسكّانها،(14/139)
والأمم وممالكها، وطرق الأقاليم ومسالكها، ومراكز البريد ومسافاتها، وأبراج الحمام ومطاراتها، وهجن الثّلج والسّفن المعدّة لنقله، والمحرقات المؤدّية إلى اجتياح العدوّ وتفريق شمله، والمناور وأماكنها، والقصّاد ومكامنها.
هذه رسومها على سبيل الإجمال، والإشارة إلى مصطلحاتها بأخصر الأقوال.
واعلم أنّ حسن الخطّ من الكتابة واسطة عقدها، وقوّة الملكة على السّجع والازدواج ملاك حلّها وعقدها، على أنّ خير الخطّ ما قري، وأحسن السّجع ما سلّم من التّكلّف وبري؛ وللكتّاب في بحر الكتابة سبح طويل، وتفنّن يسفر عن كلّ وجه جميل.
قلت: فهل لهذه الرّتبة الرّئيسة، والمنقبة النّفيسة، سمط يلمّها، أو سلك يضمّها؟ فقال: سبحان الله: إن بيتها لأشهر من «قفانبك» «1» ، وأظهر للعيان من شامخات جبال النّبك «2» ؛ أيخفى من البدر ضوءه الباهر، ونوره الزّاهر؟ إن ذلك لقاصر على «آل فضل الله» «3» حقّا، ومنحصر في المقرّ(14/140)
البدريّ صدقا؛ فهو قطبها الذي تدور عليه، وابن بجدتها التي ترجع في علومها ورسومها وسائر أمورها إليه، فلو رآه «الفاضل عبد الرحيم» «1» لم ير لنفسه فضلا ولا رضي لفيه مقالا، أو عاينه «عبد الحميد الكاتب» لقال: هكذا هكذا وإلّا فلا لا، أو عاصره «قدامة» «2» لجلس قدّامه، أو أدركه «ابن قتيبة» لاتّخذه في «أدب الكاتب» شيخه وإمامه، أو بصر به «الصّابيّ» «3» لصبا إليه ومال، أو قارن زمانه «الحسن بن سهل» بل «الفضل» أخوه لأقام ببابه وما زال، أو جنح «ابن العديم» «4» إلى مناوأته لأدركه العدم، أو جرى «الصاحب ابن عبّاد» في مضمار فضله لكبا وزلّت به القدم، أو اطّلع «ابن مقلة» «5» على حسن خطّه لقال: هذا هو الجوهر الثّمين، أو نظر «ابن هلال» «6» إلى بهجة رونقه لقال: إنّ هذا لهو الفضل المبين؛ إن تكلّم نفث سحرا، أو كتب خلت زهرا أو تخيّلت درّا.
يؤلّف اللّؤلؤ المنثور منطقه ... وينظم الدّرّ بالأقلام في الكتب!
قد علا نسبا، وفاق حسبا، وورث الفضل لا عن كلالة، واستحقّ الرّتبة بنفسه وإن كانت له بالأصالة:
فحيّهلا بالمكرمات وبالعلى ... وحيّهلا بالفضل والسّؤدد المحض!(14/141)
فلما سمعت ذلك زال عنّي الإلباس، وقلت: ذلك من فضل الله علينا وعلى النّاس. ثم قلت: أقسمت عليك بالذي تشير إليه، إلا تدلّني عليه، فقال: إنّه صفيّ الملك ونجيّه، وكاتب سرّه ووليّه، والقريب منه إذا بعدوا، والمخصوص بالمقام إذا طردوا، والموجّه إليه الخطاب إذا حضروا، والمستأثر بالورود إذا صدروا، والمتكلّم بلسان الملك إذا سكتوا، والناطق بفصل الخطاب إذا بهتوا، والصّائل بحسام لسانه وخطّيّ «1» قلمه، والحامي الممالك بجيوش سطوره وجند كلمه، والمشتّت شمل العدوّ ببديع ألفاظه ودقيق حكمه، والحائز قصب السّبق بكرم فضله وفضل كرمه، والمروي ظمأ الوافدين إليه بواكف وبله وفائض ديمه، والمجلي غياهب الظّلم بنيّر بدره ومضيء أنجمه:
فما زال بدرا في سماء سيادة ... يشار إليه في الورى بالأنامل
بسيط مساعي المجد يركب نجدة ... من الشّرف الأعلى وبذل الفواضل
إذا سال أعيى السّامعين جوابه ... وإن قال لم يترك مقالا لقائل
قلت: حسبك! قد دلّني عليه عرفه، وأرشدني إليه وصفه، وبان لي محتده الفاخر وحسبه الصّميم، وعرفت أصله الزّاكي وفرعه الكريم، ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ*
«2» .
ثم عرّجت إلى حماه، وملت إلى حيّه كي أراه، فإذا به قد برز تتلألأ أنواره، وتشرق بالجلالة أقماره؛ قد علته الهيبة وغشيته السّكينة وحفّته الرياسة وجلّلته السعادة، وحكمت بعزّ منال قدره الأقدار كما اقتضته الإرادة.(14/142)
فلما رأيته استصغرت الرّتبة مع شرفها الباذخ في جانبه، وعلمت أن ما تقدّم من المدح لم يوفّ حقّه ولم يقم ببعض واجبه؛ فغلبت هيبته إقدامي، وحالت حرمته بيني وبين مرامي، فقلت: إنا لله! قد فاتتني مآربي، ورجعت من فوري إلى صاحبي، فأظهرت له الأسف، وقصصت عليه القصّة قال: لا تخف؛ إنها لمنقبة عمريّة، وأثرة عدويّة؛ فالفاروق جدّه، وبنو عديّ قبيله وجنده «1» .
هذا وإنّه لألطف وأرقّ من النّسيم السّاري، والماء الجاري، وأحيى من العذراء في خدرها، وأشفق من الوالدة إذا ضمّت ولدها إلى صدرها، وأحلم من «معن بن زائدة» ، وإن كان أفصح من «قسّ بن ساعدة» .
يغضي حياء ويغضى من مهابته ... فلا يكلّم إلا حين يبتسم!
بالعزائم الفاروقيّة فتحت الأمصار، وبالهيبة العمريّة أقرّ المهاجرون والأنصار؛ ويشهد لذلك قصّة «ابن عبّاس» في العول «2» وسكوته في خلافة عمر وصمته، وجوابه بعد ذلك للقائل له: هلّا قلت ذلك في زمن عمر؟
بقوله: إنّه كان مهيبا فهبته؛ كيف؟ وما سلك فجّا إلا وسلك الشّيطان فجّا غير فجّه وضاقت عليه الفجاج، ولم تماثل هيبته بهيبة غيره وإن عظمت سطوته حتى قال الشّعبيّ: إن درّة «3» عمر لأهيب من سيف الحجّاج؛ وهو مع ذلك يلطف بالأرامل والمساكين، ويعين الفقراء والمحتاجين؛ فقد اتضحت لك القضيّة، وتحقّقت أنها سمات إرثيّة.(14/143)
فعند ذلك ذهب روعي، وقوي روعي «1» ؛ وقلت: فهل له أتباع من الكتّاب فأتعلق بحبالهم، وأتأسّى بهم في أقوالهم وأفعالهم؟ لكي أتّسم بسمة الكتّاب، وأثبت في جملة غلمان الباب، قال: أجل! رأس الدّست الشريف صنوه الكريم، وقسيمه في حسبه الصّميم؛ به شدّ عضده، وقوي كتده «2» ، فاجتمع الفضل له ولأخيه، وورثا سرّ أبيهما «والولد سرّ أبيه» ؛ ثم كتّاب ديوان الإنشاء جنده وأتباعه، وأولياؤه وأشياعه؛ وكتّاب الدّست منهم أرفع في المقام «3» ، وكتّاب الدّرج أجدر بالكتابة وصنعة الكلام.
قلت: القسم الثاني أليق بمقداري، وأقرب إلى أوطاري؛ ثم ودّعت صاحبي شاكرا له على صنيعه وحامدا له على أدبه، وتركته ومضيت وكان ذلك آخر العهد به؛ ثم عدت إليه هو فرفعت إليه قصّتي، وسألته الإسعاف بإجابة دعوتي، فقابلها بالقبول، وأنعم بالمسؤول، وقرّرني في كتابة الدّرج الشّريف، واكتفى بالعرف عن التّعريف؛ وطابق الخبر الخبر، واستغنيت بالعيان عن الأثر؛ ثم قمت عجلا، وأنشدت مرتجلا:
إذا ما بنو الفاروق في المجد أعرقوا، ... ونالوا بفضل الله ما لا كمثله
وجلّت دجى الظّلماء أنوار بدرهم، ... وعمّت بقاع الأرض أنواء فضله
تعالت ذرى العلياء فيهم وأنشدت: ... أبى الفضل إلّا أن يكون لمثله!
ثم تشرفت بتقبيل يده، ومضيت إلى ما أنا بصدده؛ قد منعتني هيبتي من اللّياذ به والقرب إليه، وصيّرت عاطر مدحي وخالص أدعيتي وقفا عليه؛(14/144)
وصرت إلى الدّيوان، فوجدت قوما قد حفّهم الحسن وزانهم الإحسان؛ فقلت: الحمد لله! هؤلاء فتية ذاك الكهف بلا امتراء، وأشبال ذاك الأسد من غير افتراء؛ فجلست جلوس الغريب، وأطرقت إطراق الكئيب؛ إذ كنت في هذه الصّنعة عصاميّا لا عظاميّا «1» ، ومتهما لا تهاميّا؛ غير أني تعلقت منها بحبال القمر، واستوقدت نارها من أصغر الشّرر؛ فتلقّوني بالرّحب، وأحلّوني من ديوانهم بالمكان الرّحب، وقابلوني بالجميل قبل المعرفة، وعاملوني بالإحسان والنّصفة.
فلما رأيت ذلك منهم حمدت مسراي، وشكرت مسعاي، ودعوت لصاحبي أوّلا إذ حبّب صنعتهم إليّ وشاقني، ودلّني عليهم وساقني.
ولما تحققت أني قد أثبتّ في ديوانه، وكتبت من جملة غلمانه، رجعت القهقرى عن طلب الكسب، واستوى عندي المحل والخصب، واكتفيت بنظري إليه عن الطّعام والشّراب، وتيقّنت أن نظرة منه إليّ ترقّيني إلى السّحاب، وتلوت بلسان الصّدق على الملإ وهم يسمعون: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ
«2» .
وفيما تضمّنته هذه المقامة من فضل الكتابة وشرف الكتّاب مقنع من غيرها، ومغن عن سواها، والحمد لله والمنّة.
وهذه نسخة مقامة أنشأها أبو القاسم الخوارزميّ في لقائه لأديب يعرف بالهيتيّ، وانقطاعه في البحث، وغلبة الخوارزميّ له. أوردها ابن حمدون في «تذكرته» وهي:
وصيّة لكلّ لبيب، متيقّظ أريب، عالم أديب، يكره مواقف السّقطات،(14/145)
ويتحفّظ من مصادف الغلطات، ويتلطّف من مخزيات الفرطات، أن يدّعي دون مقامه، ويقتصر من تمامه، ويغضّ من سهامه، ويظهر بعض شكيمته، ويساوم بأيسر قيمته، ويستر كثيرا من بضاعته، ويكتم دقيق صناعته، ولا يبلغ دقيق غاية استطاعته، وأن يعاشر الناس بصدق المناصحة، وجميل المسامحة، وأن لا يحمله الإعجال بما يحسنه، على الازدراء بمن يستقرنه، والافتراء على من يعترضه ويلسنه، ليكون خبره أكثر من خبره، ونظرته أروع من منظره، ويكون أقرب من الاعتذار، وأبعد من الخجلة والانكسار.
فليس الفتى من قال: إنّي أنا الفتى ... ولكنّه من قيل: أنت كذلكا
وكم مدّع ملكا بغير شهادة ... له خجلة إن قيل: أن لست مالكا!
ولقد نصرت بالاتّضاع، على ذي نباهة وارتفاع؛ وذلك أني أصعدت في بعض الأعوام، مع جماعة من العوام؛ بين تاجر وزائر، إلى العزل والحائر «1» ، حتّى انتهينا إلى قرية شارعة، آهلة زارعة، وما منّا إلا من أملّته السّمريّة «2» فاعترضته، وأسقمته وأمرضته، وفتّرته فقبضته، وكثر منا الجؤار، واستولى علينا الدّوار، فخرجنا منها خروج المسجون، وقد تقوّسنا تقوّس العرجون، فاسترحنا بالصّعود، من طول القعود:
كأنّنا الطّير من الأقفاص ... ناجية من أحبل القنّاص
طيّبة الأنفس بالخلاص ... منفضات الرّيش والنّواصي!
فما استتمّت الرّاحة، ولا استقرّت بنا الرّاحة، حتى وقف علينا واقف، وهتف بنا هاتف: أيّكم الخوارزميّ؟ فقالوا له: ذلك الغلام المنفرد، والشّابّ المستند؛ فأقبل إليّ، وسلّم عليّ، وقال: إن النّاظر يستزيرك، فليعجّل إليه مصيرك؛ فقمت معه، يتقدّمني وأتبعه، حتّى انتهى بي إلى جلّة من(14/146)
الرجال، ذوي بهاء وجلال، وزينة وجمال، من أشراف الأمصار، وأعيان ذوي الأخطار؛ من أهل واسط وبغداد، والبصرة والسّواد.
ترى كلّ مرهوب العمامة لاثما ... على وجه بدر تحته قلب ضيغم!
فقام إليّ ذو المعرفة لإكرامه، وساعده الباقون على قيامه، وأطال في سؤاله وسلامه؛ وجذبوني إلى صدر المجلس فأبيت، ولزمت ذناباه واحتبيت؛ وأخذوا يستخبروني عن الحال، والمعيشة والمال، وداعية الارتجال، وعن النّيّة والمقصد، والأهل والولد، والجيران والبلد.
وما منهم إلا حفيّ مسائل ... وواصف أشواق ومثن بصالح
ومستشفع في أن أقيم لياليا ... أروح وأغدو عنده غير بارح
ثم قال قائلهم: هل لقيت عين الزّمان وقلبه، ومالك الفضل وربّه، وقليب الأدب وغربه، إمام العراق، وشمس الآفاق؟. فقلت: ومن صاحب هذه الصّفة المهولة، والكناية المجهولة، فقالوا: أو ما سمعت بكامل هيت، ذي الصّوت والصّيت؟:
ذاك الذي لو عاش [دهرا] «1» إلى ... زمانه ذا وابن صوحان
وابن دريد وأبو حاتم ... وسيبويه وابن سعدان
وعامر الشّعبيّ وابن العلا ... وابن كريز وابن صفوان
قالوا مجاب كلّهم: إنّه ... سيّدنا، أو قال: غلماني.
فقلت لهم: قد قلّدتّم المنّة، وهيّجتم الجنّة، إلى لقاء العالم المذكور، والسّيّد المشهور، وقد كانت الرياح تأتيني بنفحات هذا الطّيب، وهدر هذا(14/147)
الخطيب؛ فالآن لا أثر بعد عين، سأصبّح لأجله عن سرى القين، اغتناما للفائدة، والنّعم الباردة، ووجدانا للضّالّة الشّاردة.
أين أمضي وما الذي أنا أبغي ... بعد إدراكي المنى والطّلابا؟
فإذا ما وجدت عندكم العلم ... قريبا فما أريد الثّوابا
اذهبوا أنتم فزوروا عليّا: ... لأزور الهنيتيّ «1» والآدابا
لن أبالي إن قيل الخوارز ... ميّ أخطا فعله أو أصابا!
فقالت الجماعة: بل أصبت، ووجدت ما طلبت؛ وقديما كنا ننشر أعلاقك، ونتمنّى اتّفاقك، ونتداول أوصافك، ونحب مضافك؛ ونكبر لديه ذكرك، ونعظّم لديه قدرك، فيتحرّك منك ساكنه، وتتقلقل بك أماكنه، ونسأل الله سبحانه أن يجمع بينك وبينه بمحضرنا، وتلامح عينك عينه بمنظرنا، ويلتفّ غبارك بغباره، ويمتزج تيّارك بتيّاره، ويختلط مضمارك بمضماره، فيعرف منكما السّابق والسّكيت، والسّوذانق والكعيت «2» ، ويتبيّن من الذي يحوي القصب؛ فإنكما كما قال الشاعر:
هما رمحان خطّيّان كانا ... من السّمر المثقّفة الصّعاد
تهال الأرض أن يطا عليها ... بمثلهما نسالم أو نعادي!
فقال [بعض الجماعة] «3» لقد تنكّبتم الإنصاف، وأخطأتم الاعتراف، وأبعدتم القياس، وأوقعتم الالتباس؛ أين ابن ثلاثين، إلى ابن ثمانين؟ وابن اللّبون، من البازل الأمون «4» ؟ والرّمح الرّازح، من الجواد القارح، والكودن المبروض «5» ، من المجرّب المروض.(14/148)
وابن اللّبون إذا ما لزّ في قرن ... لم يستطع صولة البزل القناعيس
«1» ! كم لديهم بطائح وسباخ، وساكن صرائف وأكواخ، بين يديه سوادية أنباط، وعلوج أشراط، ورعاع أخلاط، وسفل سقّاط، في بلدة إن رأيت سورها، وعبرت جسورها، صحت: واغربتاه، وإن رأيت وجها غريبا ناديت: واأبتاه؛ لا أعرف غير النّبطيّة كلاما، ولا ألقى سوى والدي إماما، في معشر ما عرفوا التّرحال، ولا ركبوا السّروج والرّحال، ولا فارقوا الجدار والطّلال.
أولئك معشر كبنات نعش «2» ... خوالف لا تغور مع النّجوم!
[فأنّى له] «3» بمصاولة رجل جوّال، رحّال حلّال، بهيت وضع، وبالكوفة أرضع، وببغداد أثغر، وبواسط أحفر، وبالحجاز وتهامة فطامه، وبمصر والمغرب كان احتلامه، وبنجد والشّام بقل عارضه، وباليمن وعمان قويت نواهضه، وبخراسان بلغ أشدّه، وببخارى وسمرقند تناهى جدّه، وبغزنة والهند شاب واكتهل، ومن سيحون وجيحون علّ ونهل، وبميسان والبصرة عوّد وقرح، وبالجبال جله وجلح «4» ؛ فهو يعدّ «المازنيّ» إمامه، وابن «جنّيّ» غلامه، و «المتنبّي» من رواته، و «المعرّي» حامل دواته، و «الصّابي» باري قلمه، و «الصّاحب» رافع علمه، و «ابن مقلة» من ناقلي غاشيته، «وبني أبي حفصة» بعض حاشيته، وقد قرأ الكتب وتلاها، وحفظ العلوم ورواها، ودرس الآداب ووعاها، ودوّن الدّواوين وألّفها، وأنشأ(14/149)
الحكم وصنّفها، وفصّل المشكلات وشرحها، وارتجل الخطب ونقّحها؛ فهو البحر المورود، والإمام المقصود، والعلم المصمود، هذا بون ومرتقى شديد.
أتلقون بالأعزل الرّامحا ... وبالأكشف الحاسر الدّارعا
وبالكودن السّابق السّابحا ... وبالمنجل الصّارم القاطعا؟
فما استتم كلامه حتى أقبل: فإذا نحن به قد طلع مهرولا، وأقبل مستعجلا، فرأيت رجلا أجلح، أهتم أفلح، أفلح أردح، طويلا عنطنط، يحكي ذئبا أمعط، أجمع أحبط «1» ، فتلقّوه معظّمين، وله مفخّمين، فقصد في المجلس صدره، وأسند إلى المخدّة ظهره؛ فما استقرّ به المكان، حتى قيل له: هذا فلان؛ فقبض من أنفه، ونظر إليّ بشطر من طرفه، وقال ببعض فيه؛ هلمّوا ما كنتم فيه، تعسا للشّوهاء وجالبيها، والقرعاء وحالبيها:
جاء زيد مجرّرا رسنه ... فحل لا يمنعه سننه «2» (؟)
أحبّه قومه على شوق ... إن القرنبى في عين أمّها حسنة «3»
! كان لنا شيخ بالأنبار، كثير الأخبار، قد بلغ من العمر أملاه، ومن السّنّ أعلاه، قرأت عليه جميع الكتاب، وعلم الأنساب، و «مسائل ابن السّرّاج» ، و «ديوان ابن العجّاج» ، و «كتاب الإصلاح» ، و «مشروح الإيضاح» ، وشعر الطّرمّاح، و «العين» للفرهودي، و «الجمهرة» للأزدي؛ وأكثر من المصنّفات، المجهولات والمعروفات؛ ينفخ في شقاشقه، ويزبد في بقابقه،(14/150)
ويتعاظم في مخارقه؛ وجعل القوم يقسمون بيننا الألحاظ، ويحسبون الألفاظ؛ وما منهم إلا من اغتاظ لسكوتي وكلامه، وتأخّري وإقدامه.
ثم هذى الشيخ إذ وصف له رجل على الغيب ثم رآه، فاحتقره وازدراه؛ وأنشد متمثّلا:
لعمر أبيك تسمع بالمعيدي «1» ... بعيد الدّار خير أن تراه
فقال: هذا المعيديّ هو ضمرة، بن ضمرة بن جابر، بن قطن، بن نهشل، بن دارم، بن مالك، بن حنظلة، بن مالك، بن زيد مناة، بن تميم، ابن مرّة، بن أدّ، بن طابخة، بن اليأس، بن مضر، بن نزار، بن معدّ، بن عدنان. والمعيديّ تصغير معديّ؛ وهو الذي قالت فيه نادبته:
أنعى الكريم النّهشليّ المصطفى ... أكرم من خامر أو تخندفا!
فقلت: ما بعد هذا المقال، وجه للاحتمال، وما يجب لي بعد هذه المواقحة، غير المكافحة، ولم يبق لي بعد المغالبة، من مراقبة:
ما علّتي وأنا جلد نابل «2» ... والقوس فيه وتر عنابل
تزل عن صفحته المعابل! ... ما علتي وأنا [رجل] جلد
والقوس فيه وتر عردّ(14/151)
مثل ذراع البكر أو أشدّ «1»
فعطفت عليه عطف الثّائر العاسف، والتفتّ إليه التفات الطّائر الخاطف، فقلت له: يا أخاهيت، قد قلت ما شيت، فأجب الآن إذا دعيت، والزم مكانك، وغضّ عنانك، وقصّر لسانك؛ إنّ نادبة ضمرة خندفته، لمّا وصفته، وما سمعت في نسبتك إياه لخندف ذكرا، فأبن عن ذلك عذرا؛ فقال: إن خندف هي امرأة اليأس بن مضر، غلبت على بنيها فنسبوا إليها، كطهيّة ومزينة، وبلعدويّة وعرينة، والسّلكة وجهينة، وندبة وأذينة، وكشبيب ابن البرصاء وابن الدّعماء. فقلت له: سئلت، فأجبت وأصبت؛ فأخبرني عن خندف هل هو اسم موضوع، أو لقب مصنوع؟؛ فوقف عند ذلك حماره، وخمدت ناره، وركد جريانه، وسكن هذيانه، وفتر غليانه، وظهر حرانه، وذلّ وانقمع، وانطوى واجتمع، فاضطّرّه الحياء، وألجأه الاستجداء، إلى أن قال وهو يخفي لفظه، ويطرق لحظه: أظنّه لقبا. فقلت: هو كما ظننت فما معناه وما سببه؟ وكيف كان موجبه؟ فلم يجد بدّا من أن يقول: لا أدري، فقال وقد أذقته مرّ الإماتة، وأحسّ من القوم بتظاهر الشّماتة:
وودّ بجدع الأنف لو أنّ صحبه ... تنادوا وقالوا في المناخ له: نم!
ثم أقبلوا إليّ، وعكفوا عليّ، بأوجه متهلّلة، وألسنة متوسّلة؛ في شرح الحال، والقيام بجواب السّؤال، فقلت: هذا بديع عجيب، أنا أسأل وأنا أجيب؛ إن اليأس بن مضر تزوّج ليلى بنت ثعلبة «2» ، بن حلوان، بن إلحاف «3» ، بن قضاعة، بن معدّ، (في بعض النّسب) ، فولد له منها: عمرو وعامر وعمير؛ ففقدتهم ذات يوم، فألحى على ليلى باللّوم، فقال: اخرجي(14/152)
في أثرهم، وأتيني بخبرهم؛ فمعنت في طلبهم، وعادت بهم، فقالت: ما زلت أخندف في اتّباعهم، حتى ظفرت بلقائهم، فقال لها اليأس: أنت خندف.
والخندفة في الاتّباع، تقارب الخطو في إسراع؛ وقال عمرو: يا أبتي أنا أدركت الصّيد فلويته، فقال له: أنت مدركة إذ حويته. وقال عامر أنا طبحته وشويته. فقال له: أنت طابخة إذ شويته. فقال عمير: أنا انقمعت في الخباء، فقال له: أنت قمعة للاختباء؛ فلصقت بها وبهم هذه الألقاب، وجرت بها إليهم الأنساب.
فقال حينئذ: هذا علم استفدته، وفضل استزدته؛ وقد قال الحكيم:
مذاكرة ذوي الألباب؛ نماء في الآداب؛ فقلت له متمثّلا.
أقول له والرّمح يأطر متنه ... تأمّل خفافا: إنّني أنا ذلكا!
ثم لم يحتبس إلا قليلا، ولم يمسك طويلا، حتى عاد إلى هديره، وأخذ في تهذيره، طمعا بأن يأخذ بالثّار، ويعود الفيض له في القمار، فعدل عن العلوم النّسبيّة، وجال في ميدان العربيّة، ولم يحسّ أن باعه فيها أقصر، وطرفه دون حقائقها أحسر، فقال: حضرت يوما حلبة من حلبات العلوم، وموسما من مواسم المنثور والمنظوم، وقد غصّ بكلّ خطيب مصقع، وحكم مقنّع، وعالم مصدع، ومليء من كلّ عتيق صهّال، وفتيق صوّال، ومنطيق جوّال؛ فأخذوا في فنون المعارضات، وصنوف المناقضات، وسلكوا في معاني القريض، كلّ طويل عريض، حتّى أخذ السّائل منهم بالمخنّق، ببيت [الفرزدق] «1» .
وعضّ زمان يا ابن مروان لم يدع ... من المال إلّا مسحتا أو مجلّف «2» !
فكثر فيه الجدال، وطال المقال؛ وما منهم إلا من أجاد القياس،(14/153)
وأصاب القرطاس، ووقع على الطّريق، وأتى بالتّحقيق؛ فلمّا رأيتهم في غمرتهم ساهون، وفي ضلالتهم يعمهون، «1» فناديتهم: إليّ فسارعوا، ومنّي فاسمعوا؛ فإنّي أنا ابن بجدتها، وعالم ما تحت جلدتها؛ ثم إنّي أبديت لهم سراره، وأبقيت ناره، وحللت عقده، ومخضت زبده، وأطرت لبده، وبجست حجره، وأبثثتهم عجره وبجره، فقالوا: لله أبوك! فإنّك أسبقنا إلى غاية، وأكشفنا لغياية، وأجلانا لشبهة، وأضوأنا في بدهة؛ وما أعلم اليوم على ظهرها من يقوم بعلم ما فيه، ويطّلع على خافيه.
فأدركني الامتعاض، وأخذني الانتفاض، فأنشدته:
من ظنّ أنّ عقول النّاس ناقصة ... وعقله زائد أزرى به الطّمع!
وقلت له: ادّعيت، فوق ما وعيت؛ فأخبرني عن أوّل هذ البيت، يا مجري الكميت، وكيف ننشده: وعضّ بالفتح أو وعضّ بالضم؟ فقال:
كلاهما مرويّ، فقلت: نبتديء بالفعل ثم نعود إلى الاسم ياذا الإعجاب، تهيّأ للسّائل في الجواب، وأخبرني لم فتحت آخر الماضي؟ فأسرع من غير التغاضي، وقال: لأنّه مبنيّ عليه، لا يضاف سواه إليه. فقلت: هذا جواب نعلمه، ومن صبيان المكتب لا نعدمه؛ وإنما ألتمس منك الفائدة فيها، وأطلب كشف خافيها. فقال: ما جاء عن أمّة النّحاة، وسائر الرّواة، في هذا غير ما شرحته، ولا زاد على ما أوضحته. فقلت: دع عنك هذا وأخبرني عن هذا البناء، ألعلّة أم لغيرها؟ فأقبل يتردّد ويتزحزح، ويتثاءب تارة ويتنحنح.
فلما سدّ عليه من طريقه، وحصل في مضيقه، وغصّ بريقه، قال: لا أعلم!.
فقالت الجماعة: أعذر إليك من ألقى سلاحه، وغضّ جماحه، ومن أدبر بعد إقباله، عدل عن قتاله:
والحقّ أبلج لا يحدّ سبيله ... والحقّ يعرفه ذوو الألباب!(14/154)
والآن فقد فازت قداحك، وبانت غررك وأوضاحك، وأجدت النّضال، وأدركت الخصال، فأوضح لنا عمّا سألت، وأرشدنا إلى ما دللت، لئلّا يقال: هذا بهت، ومحال بحت؛ فقلت حبّا وكرامة، اسمع أنت يا طغامة «1» ؛ إنّ الفعل من فاعله، كالولد من ناجله، لا يخلو الفعل من علامة الفاعل، في لفظ كلّ قائل، وهي الفتحة من ماضيه وواقعه، والزّوائد في مستقبله ومضارعه. وبيان ذلك: أن الفتحة لا تكون مع التاء والنون ... «2» ... فتثبت الفتحة، ثم تقول: أخرجت وأخرجنا، فتسقط ما ذكرنا، وعلامتان لمعنى محال، لا يوجبهما الحال؛ فإن كانت النون التي مع الألف ضمير المفعول عادت الفتحة، فتقول: أخرجنا الأمير، فهذا بيّن؛ فصفّقت الجماعة وسمحت، وحسنت وبحبحت؛ وجعل الأديب يضطرب اضطّراب العصفور، ويتقلّب تقلّب الصّقور، متيقّنا أن أسده صار جرذا، وبازيه عاد صردا «3» ؛ ودوره انقلبت مخشلبا «4» ، وزيتونه تحوّل عربا، وقناه تغيّر قصبا، وأن مستقيمه تعوّج؛ وجيّده تبهرج، وصحيحه تدحرج، وجديده تكرّج؛ فقال منشدهم:
ترى الرّجل النّحيف فتزدريه ... وتحت ثيابه أسد مزير،
ويعجبك الطّرير فتبتليه ... فيخلف ظنّك الرجل الطّرير.
فما عظم الرّجال لهم بفخر ... ولكن فخرهم كرم وخير! «5»
فأخذه الإبلاس «6» ، وضاقت به الأنفاس، وسكنت منه الحواسّ،(14/155)
ورفضه الناس، وجعل ينكت الأرض، ويواصل بكفّه العضّ، ويتشاءم بيومه، ويعود على نفسه بلومه؛ يمسح جبينه، ويكثر أنينه؛ فقمت فقامت معي الجماعة وتركته، واستهانت به وفركته؛ فلما بقي وحده، تمنّى لحده، وأسبل دمعته، وودّ أنّ الأرض بلعته.
وكان كمثل البوّ «1» ما بين روّم ... تلوذ بحقويه السّراة الأكابر
فأصبح مثل الأجرب الجلد مفردا ... طريدا فما تدنو إليه الأباعر!
فقام فتبعني، ووقف وودّعني، وأطال الاعتذار، وأظهر التّوبة والاستغفار، وقال: مثلك من ستر الخلل، وأقال العثرة والزّلل؛ فقد اغتررت من سنّك بالحداثة، ومن أخلاقك بالدّماثة؛ فقلت: كلّ ذلك مفهوم معلوم، وأنت فيه معذور لا ملوم؛ وما جرى بيننا فهو منسيّ غير مذكور، ومطويّ غير منشور، ومخفيّ غير مشهور:
و [جدال] «2» أهل العلم ليس بقادح ... ما بين غالبهم إلى المغلوب!
ثم سكت فما أعاد، ونزلت وعاد، وكان ذلك أوّل عهد به وآخره، وباطن لقاء وظاهره، وكلّ اجتماع وسائره.(14/156)
الفصل الثاني من الباب الأوّل من المقالة العاشرة (في الرّسائل)
وهي جمع رسالة، والمراد فيها أمور يرتّبها الكاتب: من حكاية حال من عدوّ أو صيد، أو مدح وتقريض، أو مفاخرة بين شيئين، أو غير ذلك مما يجري هذا المجرى. وسمّيت رسائل من حيث إنّ الأديب المنشيء لها ربّما كتب بها إلى غيره مخبرا فيها بصورة الحال، مفتتحة بما تفتتح به المكاتبات، ثم توسّع فيها فافتتحت بالخطب وغيرها.
ثم الرّسائل على أصناف:
الصنف الأوّل (منها الرّسائل الملوكيّة؛ وهي على ضربين)
الضرب الأوّل (رسائل الغزو؛ وهي أعظمها وأجلّها)
وهذه نسخة رسالة أنشأها القاضي محيي الدّين بن عبد الظّاهر، رحمه الله بفتح [الملك الظّاهر] «1» لقيساريّة من بلاد الروم، واقتلاعها من أيدي(14/157)
التّتار، واستيلائه على ملكها، وجلوسه على تخت بني سلجوق، ثم العود منها إلى مملكة الدّيار المصرية؛ كتب بها إلى الصّاحب بهاء الدّين بن حنّا، وزير السلطان الملك الظاهر، ومعرفة ما كان في تلك الغزوة، وما اشتملت عليه حال تلك السّفرة؛ وهي:
يقبّل الأرض بساحات الأبواب الشريفة السّيّديّة، الصّاحبية البهائيّة- لا زالت ركائب السّير تحثّ إلى أرجائها السّير، وصروف الزّمن تسالم خدّامها وتحلّ الغير بالغير، ولا برحت موطن البرّ ومعدن الجود وبحر الكرم وعكاظ الخير- وينهي بعد رفع أدعيته التي لا تزال من الإجابة محوطة، ولا تبرح يداه بها مبسوطة، أنّ العبيد من شأنهم إتحاف مواليهم بما يشاهدونه في سفراتهم من عجائب، وإطلاعهم على ما يرونه في غزواتهم من غرائب؛ ليقضوا بذلك حقوق الاسترقاق، وتكون نعم ساداتهم قد أحسنت لأفواههم الاستنطاق، ويتعرّضوا لما عساه يعنّ من مراحمهم التي ما عندهم غيرها ينفد وما عندها باق.
ولمّا كان المملوك قد انتظم في سلك الخدم والعبيد، وأصبح كم له قصيد في مدح هذا البيت الشّريف كلّ بيت منها بقصيد بيت القصيد، وأنّ في مآثره الرّسائل التي قد شاعت، وضاعت نفحاتها في الوجود وكم رسالة غيرها في غيره ضاعت- رأى أن يتحف الخواطر الشّريفة من هذه الغزوة بلمح يختار منها من يؤلّف، ويسند إليها من يؤرّخ أو يصنّف؛ وإنّما قصد أن يتحف بها أبواب مولانا مع بسط القول واتّساع كلماته، لأن الله قد شرّف المملوك بعبوديّة مولانا: واللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ
«1» . فإن كان المملوك قد طوّل في المطارحة، فمولانا يتطوّل في المسامحة؛ وإن قال أحد: هذا هذى، فما زال شرح الوقائع مطوّلا كذا؛ وتالله ما ورّخ مثلها في التواريخ(14/158)
الأوّل، ولعمري إنّ خيرا من سيرة ذلك البطّال سيرة هذا البطل، والأمر أعلى في قراءتها واستماعها، والتّمهّل في حجلها حتّى تسفر حسن نقابها وترفع مسدول قناعها،....... «1» .....
قد أحاطت العلوم الشريفة بالعزمات الشّريفة السّلطانية، وأنها استصحبت ذلك، حتى تصفّحت المهالك؛ وسرنا لا يستقرّ بنا في شيء منها قرار، ولا يقتدح من غير سنابك الخيل نار، ولا نمرّ على مدينة إلا مرور الرّياح على الخمائل في الأصائل والأبكار، ولا نقيم إلا بمقدار ما يتزيّد الزّائر من الأهبة، أو يتزوّد الطائر من النّغبة؛ نسبق وفد الرّيح من حيث ننتحي، وتكاد مواطيء خيلنا بما تسحبه أذيال الصّوافن تمتحي، تحمل همنا الخيل العتاق، ويكبو البرق خلفنا إذا حاول بنا اللّحاق، وكلّ يقول لسلطاننا نصره الله:
أين أزمعت أيّهذا الهمام؟ ... نحن نبت الرّبا وأنت الغمام!
ومرّ لا يفعل السّيف أفعاله، ولا يسير في مهمه إلا عمّه ولا جبل إلا طاله: تسايره السّواري والغوادي، ولا ينفكّ الغيث من انسكاب في كلّ ناد ووادي:
فباشر وجها طالما باشر القنا ... وبلّ ثيابا طالما بلّها الدّمّ!
وكان مولانا السّلطان من حلب قد أمر جميع عساكره بادّراع لامات حربهم، وحمل آلات طعنهم وضربهم:
فجاز له حتّى على الشّمس حكمه ... وبان له حتّى على البدر ميسم
يمدّ يديه في المفاضة ضيغم ... وعينيه من تحت التّريكة أرقم!
ورحلوا من حلب في يوم الخميس ثاني ذي القعدة جرائد على الأمر(14/159)
المعهود، قد خففوا كلّ شيء حتّى البنود والعمود، فسرنا في جبال نشتهي به سلوك الأرض، وأودية تهلك الأشواط فيها إذا ملئت الفروج من الرّكض.
نزور ديارا ما نحبّ مغناها، ولا نعرف أقصاها من أدناها، واستقبلنا الدّرب فكان كما قال المتنبّي:
رمى الدّرب بالخيل العتاق «1» إلى العدا ... وما علموا أنّ السّهام خيول
شوائل تشوال العقارب بالقنا ... لها مرح من تحته وصهيل
فلمّا تجلّى من دلوك وصنجة ... علت كلّ طود راية ورعيل
على طرق فيها على الطّرق رفعة ... وفي ذكرها عند الأنيس خمول!
ومررنا على مدينة دلوك، وهي رسوم سكّانها، ضاحكة عن تبسّم أزهارها وقهقهة غدرانها، ذات بروج مشيّدة، وأركان موطّدة، ونيران تزاويق موقدة، في عمد من كنائسها ممدّدة؛ وسرنا منها إلى مرج الدّيباج نتعادى، وذلك في ليلة ذات أندية وإن لم تكن من جمادى؛ ظلماتها مدلهمّة، وطرقاتها قد أصبح أمرها علينا غمّة؛ لا يثبت تربها تحت قدم المارّ، وكأنّما سالكها يمشي على شفا جرف هار؛ فبتنا هنالك ليلة نستحقر بالنّسبة إلى شدّتها ليلة الملسوع، وتتمنّى العين بها هجعة «2» هجوع؛ وأخذنا في اختراق غابات أشجار تخفي الرّفيق عن رفيقه، وتشغله عن اقتفاء طريقه، ينبري منها كلّ غصن يرسله المتقدّم إلى وجه رفيقه، كما يخرج السّهم بقوّة من منجنيقه؛ حولها معاثر أحجار كأنّها قبور بعثرت، أو جبال تفطّرت، بينها مخائض، لا بل مغائض، كأنّها بحار فجّرت؛ ما خرجنا منها إلا إلى جبال قد تمنطقت بالجداول وتعمّمت بالثّلوج، وعمّيت مسالكها فلا أحد إلا وهو قائل: فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ
«3» أو إلى سبيل من خروج؛ تضيق مناهجها بمشي(14/160)
الواحد، وتلتفّ شجراتها التفاف الأكمام على السّاعد؛ ذات أوعار زلقة، وصدور شرقة، وأودية بالمزدحمين مختنقة؛ بينما يقول منتحيها: قد نلت السّماء بسلّم من هذه الشّواهق، إذا هو متضائل «1» قد هبط في مأزق متضايق؛ لم تزل هذه الجبال تأخذنا وترمينا، وتلك المسارب تضمّنا وتلك المشارب تظمينا:
تسوّد الشّمس منّا بيض أوجهنا ... و [لا] «2» تسوّد بيض العذر واللّمم
ونترك الماء لا ينفكّ من سفر ... ما سار في الغيم منه سار في الأدم!
حتى وصلنا الحدث الحمراء المسمّاة الآن بكينوك، ومعناها المحرقة، (كان الملك قسطنطين والد صاحب سيس قد أخذها من أصحاب الرّوم وأحرقها، وتملّكها وعمرها، بقصد الضّرر لبلاد الإسلام والتّجّار، فلما كان في سنة اثنتين وسبعين «3» وسبعمائة سيّر مولانا السلطان إليها عسكر حلب فافتتحها بالسّيف وقتل من كان بها من الرّجال وسبى الحريم والذّرّيّة، وخربت من ذلك الحين، وما بقي بها من يكاد يبين، فشاهدنا ما بنى سيف الدّولة بن حمدان منها والقنا تقرع القنا وموج المنايا حولها متلاطم، وقيل حقيقة هناك: على قدر أهل العزم تأتي العزائم، وهي التي عناها أبو الطّيّب بقوله:
غصب الدّهر والملوك عليها ... فبناها في وجنة الدّهر خالا
فهي تمشي مشي العروس اختيالا ... وتثنّى على الزّمان دلالا!) «4»(14/161)
فبتنا بها [وانثنينا] «1» وخيلنا مبثوثة فوق «الأحيدب» كما نثرت الدّراهم فوق العروس، [وحوافرها على الوكور في أعلى القنن تدوس] «2» ؛ إذا زلقت [تمشي على صلد الصفا] «3» كالأراقم على البطون، وإن تكاسلت جرّ بعضها بعضا بالصّهيل: «والحديث شجون» ؛ وخضنا في أثناء ذلك مخائض سوافح، كأنّها لأجل عوم الخيل بها سمّي كلّ منها لأجل ذلك سابح «4» ؛ كلّما قلنا: هذا بحر قد قطعناه اعترض لنا جبل، وكلّما قلنا:
هذا جبل طلعناه بان لنا واد يستهان دون الهويّ فيه نفاد الأجل؛ لم نزل كذلك حتّى وصلنا كوكصوا «5» وهو النّهر الأزرق، وهو الذي ردّ الملك الكامل منه سنة الدّربندات لما قصد التّوجّه إلى الرّوم، وهذا النّهر بين [جبال هو] «6» مهوى رجامها، ومثوى غمامها، وملوى زمامها، ومأوى قتامها، فللوقت عبرناه ركضا، وأعجلت الخيل فما درت هل خاضت لجّة أم قطعت أرضا؛ [وسارت العساكر متسلّلة في تلك الجبال الشّم] «7» ووقع السّنابك يسمع من تلك الجبال الصّم؛ حتّى وصلوا إلى أقجا دربند «8» فما ثبتت يد فرس لمصافحة صفاها، ولا نعله لمكافحة رحاها، ولا رجله لمطارحة قواها؛ وتمرّنت الخيل على الاقتحام والازدحام في التّطرّق، وتعوّدت ما تعوّدته الأوعال من التّسرّب والتّسلّق، فصارت تنحطّ انحطاط الهيدب، وترتفع(14/162)
ارتفاع الكوكب، وتسري سريان الخيال، وتمكّن حوافرها الجياد فتزول منها الجبال؛ حتّى حصل الخروج من منتهى أقجا دربند، وهو خناق ذلك المأزق الذي كم أمسك على طارق، وفم ذلك الدّرب الذي كم عضّت أنيابه على مساوق ومسابق، وذلك في يوم الأربعاء ثامن ذي القعدة، وبات السلطان والناس في وطأة هناك، وسمحت السّحب بما شاءت من برد وبرد، وجاءت الرّياح بما آلمت الجلد واستنفدت الجلد؛ وانتشرت العساكر في وطأة هناك حتّى ملأت المفاوز، وملكت الطّرق على المارّ وأخذتها على الجائز، وقدّم مولانا السلطان الأمير شمس الدّين سنقرا الأشقر في الجاليش «1» في جماعة من العساكر، فوقع على ثلاثة آلاف فارس من التّتار مقدّمهم كراي، فانهزموا من بين يديه، وأخذ منهم من قدّم للسّيف السلطانيّ فأكل نهمته وأسأر «2» ، واستمرّت تلك سنّة فيمن يؤخذ من التّتار ويؤسر؛ وذلك في يوم الخميس تاسع ذي القعدة.
وبات التّتار على أجمل ترتيب لأنفسهم وأجمل منظر، وبات المسلمون على أتمّ تيقّظ وأعظم حذر «3» ، ولم يتحقّقوا قدوم مولانا السلطان في جيوش الإسلام، ولا أنّه حضر بنفسه النّفيسة ليقوم في نصرة دين الله «4» هذا المقام. فلمّا كان يوم الجمعة عاشر ذي القعدة تتابع الخبر بعد الخبر بأن القوم قد قربوا، وأنهم ثابوا وثبوا:
وقد تمنّوا غداة الدّرب «5» في لجب ... أن يبصروه فلمّا أبصروه عموا!
(وشرع مولانا السلطان فوصّى جنوده بالتّثبّت عند المصدمة،(14/163)
والاجتماع عند المصادمة) «1» ورتّب جيش الإسلام اللّجب، على ما يجب، وأراهم من نور رأيه ما لا على بصر ولا بصيرة يحتجب، فطلعت العساكر مشرفة على صخرات «2» هوني من بلد أبلستين، وكان العدوّ ليلته تلك بائتا على نهر زمان، وهو أصل نهر جهان «3» ، وهو نهر جيحان المذكور في الحديث النّبويّ، وإنّما الأرمن لا تنطق بالهاء «4» .
فلما أقبل الناس «5» من علو الجبل شاهدوا المغل قد ترتّبوا أحد عشر طلبا كلّ طلب يزيد على ألف فارس حقيقة، وعزلوا عسكر الرّوم عنهم خيفة منهم، وجعلوا عسكر الكرج «6» طلبا واحدا بمفرده، ولمّا شاهدوا سناجق مولانا السلطان المنصورة ومن حولها من المماليك الظاهرية، وعليهم الخود الصّفر المقترحة «7» ، وكأنّها في شعاع الشّمس نيران مقتدحة، رجعوا إلى ما كانوا عقدوا من العزائم فحلّوا، وسقط في أيديهم ورأوا أنّهم قد ضلّوا، وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ*
«8» وعلى الموت يتراسلون؛ فانصبّت الخيل إليهم من أعلى الجبل انصباب السّيل، وبطلت الحيلة منهم ونفي الحيل؛ فشمّروا عن السّواعد، ووقفوا وقفة رجل واحد؛ وهؤلاء المغل كان طاغية التّتار آبغا- أهلكه الله- قد اختارهم من كلّ ألف مائة، ومن كل مائة عشرة، ومن كلّ عشرة واحدا لأجل هذا اليوم، وعرفهم بسيما الشّجاعة وعرضهم لهذا السّوم؛ وكان فيهم من المقدّمين الكبار «تدلون» ؛ ومعنى هذا الاسم النفّاذ يعني أنه ما كان في عسكر قطّ إلا نفّذة، والمقدّم الآخر(14/164)
(نفوا) «1» وإليه أمر بلاد الروم وعساكر المغل بها، وأرختوا أخو تدلون، وبهادر بخشى، ومن مقدّمي الألوف دنرك، وصهر آبغا، وقرالق وخواصّه:
بيض العوارض طعّانون من لحقوا ... من الفوارس شلّالون للنّعم!
قد بلّغوا بفناهم فوق طاقته ... وليس يبلغ ما فيهم من الهمم
في الجاهليّة إلّا أنّ أنفسهم ... من طيبهنّ به في الأشهر الحرم!
فعندما شاهدوا نجد الملائكة، وتحقّقوا أن نفوسهم هالكة، أخلدت فرقة منهم إلى الأرض فقاتلت، وعاجت المنايا على نفوسهم وعاجلت، وباعت نفوس المسلمين لهم وتاجرت، وكسرت وما كاسرت، وجاء الموت للعدوّ من كلّ مكان، وأصبح ما هناك «2» منهم وقد هان؛ وللوقت خذلوا وجدّلوا، ولبطون السّباع وحواصل الطّيور حصّلوا، وصاروا مع عدم ذكر الله بأفواههم وقلوبهم، يقاتلون قياما وقعودا وعلى جنوبهم، فكم من شجاع ألصق ظهره إلى ظهر صاحبه وحامى، وناضل ورامى، وكم فيهم من شهم، ما سلّم قوسه حتّى لم يبق في كنانته سهم، وذي سنّ طارح به فما طرحه حتّى تثلّم، وذي سيف حادثه بالصّقال فما جلى محادثة حتى تكلّم؛ وأبانوا عن نفوس في الحرب أبيّة، وقلوب كافرة ونخوة عربيّة، واشتدّت فرقة من العدوّ من جهة الميسرة معرّجين على السناجق الشريفة من خلفها، منقلبين بصفوفهم على صفّها:
فلزّهم الطّراد إلى قتال ... أحدّ سلاحهم فيه الفرار!
فثاب مولانا إليهم، ووثب عليهم، فضحّى كلّ منهم بكلّ أشمط «3» وأفرى الأجساد فأفرط؛ ولحق مولانا السلطان منهم من قصد التّحصين(14/165)
بالجبال فأخذهم الأخذة الرّابية، وقتلهم فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ
«1» .
وما الفرار إلى الأجبال «2» من أسد ... تمشي النّعام به في معقل الوعل؟
وانهزمت جماعة يسيرة طمع فيها من العوامّ من كان لا يدفع عن نفسه، وأخذتهم المهاوي فما نجا منهم إلا آيس من حياة غده في أمسه.
مضوا متسابقي الأعضاء فيه ... لأرؤسهم بأرجلهم عثار «3»
إذا فاتوا الرّماح تناولتهم ... بأرماح من العطش القفار!
وقصدت ميمنة عسكرنا جماعة من المغل ذوو بأس شديد، فقاتلهم المسلمون حتّى ضجر الحديد من الحديد؛ (وكان مولانا الصاحب زين الدّين- حرس الله جلاله- لما دعيت نزال أوّل مسابق، وأسرع راشق، وأقرب مطاعن، وأعظم معاون؛ فذكر من شاهده أنه أحسن في معركته، وأجمل في كرّته، وأجاد في طعنته، وزأر زئير اللّيث، وسابق حتّى لم يبق حيث، ووقف دريئة للرّماح من عن يمينه وشماله، وخضّب بما تحدّر من دم عدوّه أكناف سرجه وعنان لجامه، وكانت عليه من الله باقية واقية في تقدّمه وإقدامه، وشاهدناه وقد خرج من وسط المعركة وهو شاكي السّلاح، وقد أخذ نصيبه ونصيب فرسه من سالم الجراح؛ وأراد الله أن لا يخليه من إسالة دم يعظّم الله الأجر بسائله- فجعله- والمنّة لله- من بعض أطراف أنامله.
ولقد ذكر الأمير عزّ الدّين أيدمر الدّوادار الظّاهريّ، قال: لقيتني وقد تكسّر رمحي، وعاد- لولا لطف الله- إلى الخسارة ربحي، فأعطاني المولى الصاحب زين الدّين رمحه فإذا فيه نصول، وبسنّه من قراع الدّارعين فلول؛ ورأيت دبّوس المولى الصاحب زين الدّين وقد تثلّم، وكان الخوف(14/166)
عليه في ذلك اليوم شديدا ولكنّ الله سلّم؛ ولقد بلغ مولانا السلطان خبره فسأله فما أجابه بغير أن قال: سيف مولانا السلطان هو الذي سفك، وعزمه هو الذي فتك.
ومن يك محفوظا من الله فلتكن ... سلامته ممّن يحاذر هكذا
ويخرج من بين الصّفوف مسلّما ... ولا منّ يبديه ولا ناله أذى!!) «1»
وأما العدوّ فتقاسمت الأيدي ما يمتطونه من الصّواهل والصّوافن، وما يصولون به من سيوف وقسيّ وكنائن، وما يلبسونه من خود ودروع وجواشن، وما يتموّلونه من جميع أصناف المعادن؛ فغنم ما هنالك، وتسلّم من استشهد من المسلمين رضوان وتسلّم من قتل من الكفّار مالك.
وكان الذين استشهدوا في هذه الوقعة من المقدّمين: شرف الدّين قيران العلائيّ [أحد مقدّمي الحلقة] «2» وعزّ الدّين أخو الأمير جمال الدّين المحمّديّ، ومن المماليك السلطانية: شرف الدّين (فلحق) «3» الجاشنكير الظّاهريّ، وأيبك الشّقيفيّ الذي كان وزير الشّقيف. وكان المجروحون عدّة لطيفة لم يعلم عددها لقلّتها، بل لخفّتها؛ وأورث الله المسلمين منازلهم فنزلوها، ووطاقاتهم وخركاواتهم «4» فتموّلوها، وكان مولانا السلطان وكان أعداؤه كما قيل:
فمسّاهم وبسطهم حرير ... وصبّحهم وبسطهم تراب!!(14/167)
(وأصبح الأعداء لا ترى إلا أشلاؤهم، ولا تبصر إلا أعياؤهم؛ كأنّما جزر أجسادهم جزائر يتخلّلها من الدّماء السّيل، وكأنّما رؤوسهم المجموعة لدى الدّهليز المنصور أكر تلعب بها صوالجة من الأيدي والأرجل من الخيل) «1» :
ألقت إلينا دماء المغل طاعتها ... فلو دعونا بلا حرب أجاب دم «2» !
فكم شاهد مولانا السلطان منهم مهيب الهامة، حسن الوسامة، تتفرّس في جهامة وجهه الفخامة، قد فضّ الرّمح فاه فقرع السّنّ على الحقيقة ندامة:
ووجوها أخافها منك وجه ... تركت حسنها له والجمالا!
أو كما قيل:
لا رحم «3» الله أرؤسا لهم ... أطرن عن هامهنّ أقحافا!
وأقبل بعض الأحياء من الأسارى على الأموات يتعارفون، ولأخبار شجاعتهم يتواصفون؛ فكم من قائل: هذا فلان وهذا فلان، وهذا كان وهذا كان؛ وهذا كان يحدّث نفسه بأنه يهزم الألوف، وهذا يقرّر في ذهنه أنه لا تقف بين يديه الصّفوف؛ وكثرت الأسارى من المغل فاختار السلطان من كبرائهم البعض، وعمل فيهم بقول الله عزّ وجلّ: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ
«4» . فجعلهم للسّيوف طعمة، وأحضرت الأسارى من الرّوم فترقّب مولانا السّلطان فيهم الإلّ والذّمّة:
وما قتل الأحرار كالعفو عنهم ... ومن لك بالحرّ الذي يحفظ اليدا!(14/168)
وكان في جملة الأسارى الرّوميّين مهذّب الدين بكلارنكي «1» ، يعني أمير الأمراء ولد البرواناه، ونور الدّين جاجا «2» أكبر الأمراء، وجماعة كثيرة من أمراء الرّوم ومقدّمي عساكره «3» ، فكان البرواناه أحقّ بقول أبي الطّيّب:
نجوت بإحدى مقلتيك جريحة ... وخلّفت إحدى مهجتيك تسيل!
أتسلم للخطّيّة ابنك هاربا ... ويسكن في الدّنيا إليك خليل؟
لأنه شمّر الذّيل، وامتطى- هربا- أشهب الصّبح وأحمر الشّفق وأصفر الأصيل وأدهم اللّيل؛ وثمّ يخبر من خلفه بما تمّ، وهمّ قلبه رفيقه حين همّ «4» :
فنحن في جذل والرّوم في وجل ... والبرّ في شغل والبحر في خجل
ودخل البرواناه مدينة قيصريّة «5» في تاريخ يوم الأحد ثاني عشر الشّهر(14/169)
المذكور، فأفهم غياث الدّين سلطانها، والصاحب فخر الدّين [وزيرها] «1» ، والأتابك مجد الدّين، والأمير جلال الدّين المستوفي، والأمير بدر الدّين ميكائيل النّائب، والأمير فلان الدين الطّغرائي، وهو ولد عزّ الدّين أخي البرواناه، وهو الذي يكتب طرر المناشير- أنّ المسلمين [أسروا] «2» بعض المغل وبقيتهم منهزمون، ويخشى منهم دخول قيصريّة وإتلاف ما يكون بها في طرائقهم حنقا على الإسلام؛ فأخذهم جرائد، وأخذ زوجته كرجي خاتون بنت غياث الدّين صاحب أرزن الرّوم، فاستصحبت معها أربعمائة جارية لها، وكان لها مالا كان لصاحب الرّوم من البخاتيّ «3» والخيام والآلات، وتوجهوا كلهم إلى حرنه «4» توقات، وهو مكان حصين مسيرة أربعة أيام من قيصريّة، ولما خرجوا من قيصرية حملهم على سرعة الهرب، وأنذرهم عذابا قد اقترب، وهوّل على بقيّة أمراء الرّوم فاتّبعوه إلا قليلا منهم، وأخفى البرواناه أمره وأمر من معه حتّى ولا مخبر يخبر عنهم.
وكان مولانا السلطان قد جرّد الأمير شمس الدّين سنقرا الأشقر في عدد مستظهرا به لإدراك من فات من المغل [والتوجّه لقيسارية، وأمّن أهلها] «5» ، فمرّوا في طريقهم بفرقة [من التتار] «6» معها بيوتهم فأخذ منها جانبا، ودخل عليهم اللّيل فمرّ كلّ في سربه ذاهلا ذاهبا. ورحل مولانا السلطان في بكرة السّبت حادي عشر ذي القعدة من مكان المعركة، فنزل(14/170)
قريب القرية المعروفة بريّان «1» ، وهذه القرية قريب الكهف والرّقيم حقيقة، لا ما يقال: إنه قريب حسبان من بلاد البلقاء، وقريبا منه صلد من الصّفا عليه كتابة بالرّوميّة أو غيرها من الخطّ القديم، وأما القرية المذكورة المسماة بريّان فإنّ بيوتها بنيت حول سنّ جبل قائم كالهرم إلا أنّه ملموم، وعمّرت البيوت في سفحه حوله بيتا فوق بيت فبدت كأنّها مجرّة النّجوم، وما من بيت منها إلا وبه مقاعد ذوات درابزينات منجورة، ورواشن «2» قد بدت في أكمل صورة، يختمها من أعلاها أحسن بنيان، ويعلوها من رأسها منزل مسنّم الرأس كما يعلو الصّعدة السّنان، وتطوف بهذه القرية جبال كأنّها أسوار بل سوار، وكأنّها في وسطها إناء فيه جذوة نار؛ ويتفرّع منها أنهار، هي في تلك الأودية كأنّها بهبوطها كثيب قد انهار؛ ذوات قناطر لا تسع غير راكب، ومضايق لا يلفى عبرها لناكب؛ قدّر الله أنّ العساكر خلصت منها ولكن بعد مقاساة الجهد، وخرجت وقد رقّ لها قلب كلّ وهد؛ ونزلنا قريبا منها حتّى تخلّص من تخلّص، وحضر من كان في المضايق قد تربّص، وقال: كلّ الأرض حصحص «3» .
ورحلنا من هناك في يوم الأحد ثاني عشر شهر ذي القعدة وكانت السماء قد حيّت الأرض بتيجان أمطارها، وأغرقت الهوامّ في أحجارها، والفتخ «4» في أوكارها؛ وأصبحت الأرض لا تتماسك حتّى ولا لمرور الأراقم، والجبال لا تتماسك أن تكون للعصم عواصم؛ تضع بها من الدّواب كلّ [ذات] «5» حمل، وتزلق في صقيلها أرجل النّمل؛ وسرنا على هذه الحالة نهارنا كلّه إلى(14/171)
قريب الغروب، وقطعناه بتسلّمنا أيدي الدّروب من أيدي الدّؤوب، ونزلنا عشاء في منتقع أرض تطوف بها جبال شاهقة، ومياه دافقة، تعرف قاعة تلك الأرض بوطأة (قشلا وسار) «1» من أعمال أصاروس العتيق؛ ويقرب من تلك الجهة معدن الفضّة.
وبينما نحن قد شرعنا في أهبة المبيت، ولم نقض الشّمل الشّتيت «2» ؛ وإذا بالصّادح قد صدح، والنّذير قد سنح، رافعا عقيرته بأن فوجا من التّتار في فجوة هنالك قد استتروا، وفي نجوة لغرّة قد انتظروا؛ فركب مولانا السلطان وركب الناس في السّلاح، وعزموا على المطار فعاقهم تتابع الغيث وكيف يطير مبلول الجناح؟؛ ثم لطف الله وعاد مولانا السلطان وهو يقول للناس:
لا بأس؛ فنمنا نومة السّليم «3» ، وصدرت أفكارنا شاغرة في كلّ واد تهيم، وأصبحنا فسلكنا جبالا لا يحيط بها الوصف، وتنبسط عذراء الطّرف فيها حين يكبو فيها الطّرف؛ ننحطّ منها إلى جنادل، يضعف عن الهويّ إليها قويّ الأجادل؛ بينا نقول: قد أحسن الله لها نفادا ومنها نفاذا؛ وإذا بعد الأودية أودية وبعد الجبال جبال نشكر عند ذاك هذه وذاك عند هذا؛ ومررنا على قرية «أوتراك» ، وتحتها قناطر وخان من حجر منحوت، ثم خان آخر للسّبيل على رأس رابية هناك تعرف باشيبدي «4» ، قريبا من حصن سمندو، التي عرّض بها أبو الطّيّب في قوله:
فإن يقدم فقد زرنا سمندو ... وإن يحجم فموعده الخليج!
وكان مولانا السلطان قد سيّر إليها خواصّه بكتاب إلى نائبها فقبله(14/172)
وقبّله، وأذعن لتسليم حصنها المنيع وللنّزول لأمر السلطان عنها إن استنزله؛ فشكر مولانا السلطان له تلك الإجابة، ووفّاه من الشّكر حسابه. وكذلك [والي] «1» قلعة دوندا [ووالي] «2» دوالوا، فكلّهم أجابوا وأطاعوا ولكلمة الإذعان قالوا؛ ونزلنا في وطأة قريب قرية تعرف بحمرها، وكان الناس قد فرغت علوفات خيلهم أو كادت، والخيل قد باتت ليالي بلا عليق فما استفادت، وشاركتها خيول الكسوب (؟) في عليقها، وما ساعدتها في طروقها ولا في طريقها، فضعفت عن حمل نفوسها فما ظنّك براكبيها؛ وكاد الفارط- لولا لطف الله عزّ وجلّ- أن يفرط فيها؛ فصادفنا في هذه اللّيلة بعض أتبان أمسكت أرماقها، وأحسنت إرفادها وإرفاقها.
وأصبحنا في يوم الثلاثاء رابع عشر ذي القعدة راحلين في جبال كأنها تلك الأول، وهابطين في أودية يتمنّى سالكها من شدّة مضايقها أن لو عاد إلى ترقّي أعلى جبل؛ وما زلنا كذلك حتّى أشرفنا على خان هناك يعرف بقرطاي يدلّ على شرف همّة بانيه «3» ، وطلب ثواب الله فيه؛ وذلك أنه من أكبر الأبنية سعة وارتفاعا، وأحسنها شكلا وأوضاعا؛ كلّه مبنيّ بالحجر المنحوت المصقول الأحمر الذي كأنّه رخام، ومن ظاهر أسواره وأركانه نقوش لا يتمكن أن يرسم مثلها بالأقلام؛ وله خارج بابه مثل الرّبض ببابين بأسوار حصينة، مبلّط الأرض، فيه حوانيت. وأبواب الخان حديد من أحسن ما يمكن استعماله، وداخله أواوين صيفيّة، وأمكنة شتويّة، وإصطبلات على هذه الصورة لا يحسن الإنسان أن يعبّر عنها بكيف، وما منها إلا ما يجده الإنسان رحلة للشّتاء والصّيف؛ وفيه الحمّام والبيمارستان والأدوية والفرش والأواني والضّيافة لكلّ طارق على قدره، حمل لمولانا السلطان من ضيافته(14/173)
لمّا مرّ عليه، وكثر الناس فما وصل أحد إليها ولا إليه؛ وعليه أوقاف عظيمة، وضياع كثيرة حوله وفي غيره من البلاد، وله دواوين وكتّاب ومباشرون يتولّون استخراج أمواله والإنفاق فيه؛ ولم يتعرّض التّتار إلى إبطال شيء من رسومه، وأبقوه على عوائد تكريمه؛ وأهل الرّوم يبالغون في تبجيل بانيه- رحمه الله- وتعظيمه؛ ونزلنا تلك اللّيلة قريب قرية تقرب من قيصريّة من حقوق وادي صلعومة شرقيّ الجبل المعروف بعسيب، وفيه قبر امريء القيس الشاعر، [وهو الذي يقول فيه] :
أجارتنا «1» إن الخطوب تنوب ... وإنّي مقيم ما أقام عسيب
أجارتنا إنّا غريبان ها هنا ... وكلّ غريب للغريب نسيب!!
وهذا الجبل يعلوه جبل «أرجاس» ، وهو الذي يضرب الرّوم الأمثال بتساميه، وتتضاءل الجبال في جميع الدّنيا لتعاليه؛ لا تسحب ذيول السّحائب إلا دون سفحه، ولا يعرف من ثلوجه شتاء وصيفا ومن مثال الأبخرة المتصعّدة منه عشاؤه من صبحه.
ولما كان يوم الأربعاء منتصف ذي القعدة، وهو يوم شرف الزّهرة ركبت العساكر المنصورة مترتبة، وملأت الفضاء متسرّبة؛ وركب مولانا السلطان في زمرته، وذوي أمره وإمرته، يختال جواده في أفسح ميدان، ويصيح به فرحا ومرحا كأنّه نشوان درى أنه سلطان:
تظلّ ملوك الأرض خاشعة «2» له ... تفارقه هلكى وتلقاه سجّدا!
وخرج أهل قيصرية وأكابرها، وعلماؤها وزهّادها وتجّارها، ورعاياه ونساؤها وصغارها، فأكرم مولانا السلطان ممشاهم، وشكر مسعاهم، وتلقّى قضاتهم وعلماءهم ركبانا، وحادثهم إنسانا فإنسانا؛ وحصلت لجماعة من(14/174)
الفقراء والناس حالات وجد مطربة، وصدحات ذكر معجبة. وكان دهليز السلطان غياث الدّين صاحب الرّوم وخيامه وشعار سلطنة الرّوم قد بني جميع ذلك في وطأة قريب الجوسق والبستان المعروف بكيخسرو، وترجّل النّاس على اختلاف طبقاتهم في الرّكاب الشّريف من ملك وأمة ومأمور وأمير، وارتفعت الأصوات بالتّهليل والتّكبير:
رجا الرّوم من ترجى النّوافل كلّها ... لديه ولا ترجى لديه الطّوائل!
ونزل مولانا السلطان في تلك المضارب المعدّة لكرم الوفادة، وضربت نوبة سلجوق على باب دهليزه على العادة؛ وأذن مولانا السلطان للناس في التقرّب إلى شريف فسطاطه، وشملهم بنظره واحتياطه؛ وحضر أصحاب الملاهي، فما ظفروا بغير النّواهي، وقيل لهم: ارجعوا وراءكم فالتمسوا، واذهبوا إلى واد غير هذا الوادي فاقتبسوا؛ فهذه الهناة لا تنفق هنا، وما هذا موضع الغناء بل هذا موضع الغنى؛ وشرع مولانا السلطان في إنفاق اللهى «1» ، وعيّن لكلّ جهة شخصا وقال: أنت لها؛ وحكم وحكّم، وعلم وعلّم؛ واعتمد على الأمير سيف الدّين جاليش في النّيابة، وأعطى كلّا بيمينه كتابه، [وكتب إلى أولاد قرمان، أمراء التركمان، وهم ألوف، وما فيهم للتتار ألوف، وأكّد عليهم في الحضور] «2» ، وأقام الحجّة على من انتزح بالاستعطاف، وتأمين من خاف، فما خرج كبيرهم «3» عن المخاتلة، ولا زعيمهم عن المطاولة؛ فلمّا علم مولانا السلطان أنهم لا يفلحون، ولغير التّتار لا يصلحون، وأنّهم إن أصبحوا على الطاعة لا يمسون وإن أمسوا لا يصبحون، عاد عن تلك الوعود، واختار أن ما بدأ إليه يعود، وأن يبعث نفسه إلى ما بعثه الله إليه من المقام المحمود، فركب يوم الجمعة سابع عشر ذي(14/175)
القعدة مستقبلا من الله كلّ الخير، ونصب «جتر» «1» بني سلجوق على رأسه فشاهد الناس منه صاحب القبّة والسّبع وصاحب القبّة والطّير؛ ودخل قيصريّة في بكرة هذا اليوم وكانت دار السلطنة قد فرشت لنزوله، وتخت بني سلجوق وقد هيّيء لحلوله؛ وهي دار تزهو، ومنازل من يتعبّد أو منازه من يلهو، أنيقة المبتنى، تحفّ بها بساتين عذبة الجنى؛ جدارنها بأحسن أصناف القاشانيّ مصفّحة، وبأجمل نقوشه مصرّحة؛ فجلس مولانا السلطان في مرتبة الملك في أسعد وقت، ونال التّخت بحلوله أسعد البخت:
وما كان هذا التّخت من حين نصبه ... لغير المليك الظّاهر النّدب يصلح
مليك على اسم الله ما فتحت له ... صوارمه البيض المواضي وتفتح
أتته وفود الرّوم والكلّ قائل ... «رأيناك تعفو عن كثير وتصفح»
فأوسعهم حلما وجاد لهم ندى ... وأمسوا على منّ وأمن وأصبحوا
ولو أنّهم لم يجنحوا لمنكّب ... عن الحقّ والنهج القويم لأفلحوا
ولكنّهم أعطوا يدا فوقها يد ... تصافح كفّا زندها النار يقدح!! «2»
وأقبل الناس على مولانا السلطان يهنّؤّونه، وعلى كفّه الشريف يقبّلونه «3» ؛ وبعد ذلك حضرت القضاة والفقهاء والعلماء والصّوفيّة وذوو المراتب من أصحاب العمائم على عادة بني سلجوق في كلّ جمعة، ووقف أمير المحفل وهو كبير المقدار عندهم، له وسامة وفخامة، وله أكبر كمّ وأوسع عمامة، وأخذ في ترتيب المحفل على قدر الأقدار، وانتصب قائما بين يدي مولانا(14/176)
السلطان منتظرا ما إليه به يشار؛ وشرع القرّاء يقرأون جميعا وفرادى بأحسن تلحين، وأجمل تحسين، فأتت أصواتهم بكلّ عجيب، وعدلوا عن التّرتيل إلى الترتيب. ولما فرغوا شرع أمير المحفل صارخا، وبكور فمه نافخا، فأنشد وأورد بالفارسيّة «1» ما يعجب مدلوله، ويهول مقوله؛ وأطال وما أطاب، واستصوب من يعرف مقاله قوله، والله أعلم بالصواب.
ولما «2» انقضى ذلك مدّ سماط ليس يناسب همم الملوك، فأكل الناس منه للشّرف لا للسّرف، ثم عاد كلّ منهم إلى مقامه فوقف؛ وقام مولانا السلطان إلى مكان الاستراحة فأقام ساعة أو ساعتين، ثم خرج إلى مخيّمه قرير العين؛ وكان بدار الملك حرم السّلجوقية قد أصبحوا لا ترى إلا مسكنتهم ومساكنهم، قد نبت بهم مواطئهم ومواطنهم؛ على أبوابهم أسمال ستور من حرير، ومشايخ خدّام يستحقّ كلّ منهم- لكبر سنّه- أن يدعى بالكبير؛ عليهم ذلّة الانكسار، وأماير الأفتقار؛ فجبرهم مولانا السلطان وآنسهم، وأحسن إليهم؛ وتوجّه من توجّه إلى صلاة الجمعة في قيصريّة وبها سبع جمع تقام، وبها خطباء إن هم إلا كالأنعام؛ فصلّينا في جامع السّلطان وهو جامع عليّ يدلّ على احتفال ملوكها ببيوت عباداتهم، ورأينا فيه من دلائل الخير ما يقضي بحسن إراداتهم؛ فحضر أهل المدينة وأكابرها، وجلسوا حلقا لا صفوفا، وأجروا من البحث بالعجميّة صنوفا، واجتمعت جماعة من حفظة الكتاب العزيز فتخارجوا القراءة آية آية، وهي قراءة بعيدة عن الدّراية؛ بل إنها تبرزها أصوات مترنّمة، وألحان لتفريق الكلمات مقسّمة، ينطقون بالحروف كيف اتّفقت، ولا يتوقّفون على مخارج الحروف أنها بها نطقت أو لا نطقت.
فلما آن وقت الأذان قام صبيّ عليه قباء من وسط جماعة عليهم أقبية قعود على دكّة المؤذّنين، فابتدأ بالتّكبير أوّلا وثانيا بمفرده من غير إعانة ولا(14/177)
إبانة. ولما تشهّد ساعدوه جميعهم بأصوات محمحمة ملعلعة، ونغمات متنوّعة؛ يمسكون له النّغم بأحسن تلحين، ويترنّمون بالأصوات إلى آخر التّأذين؛ وفرغ الأذان وكلّهم قعود ما منهم أحد غير الصّبيّ وقف، وما منّا أحد لكلمة من الأذان عرف؛ ولما فرغ الأذان طلع شيخ كبير السّنّ يعرف بأمير محفل المنبر، وشرع في دعاء لا نعرفه، وادعاء لا نألفه: كأنّه مخاصم، أو وكيل شرع أحضره لمشادّة خصمه محاكم بين يدي حاكم؛ وطلع الخطيب بعد ذلك فخطب ودعا لمولانا السلطان بغير مشاركة، ودعا الناس بما تلقّته من الأفواه الملائكة؛ وانقضت الجمعة على هذه الصّورة المسطورة؛ وضربت السّكّة باسم مولانا السلطان، وأحضرت الدّراهم إليه في هذا اليوم، فشاهدها فرأى أوجهها باسمة باسمه الميمون، وأقرّت الألسنة بهذه النعمة وقرّت العيون؛ وشاهدت بقيساريّة مدارس وخوانق وربطا تدلّ على اهتمام بانيها، ورغبتهم في العلوم الشّرعية والدّينية، مشيدة بأحسن الحجار الحمر المصقولة المنقوشة، وأراضيها بأجمل تلك مفروشة، وأواوينها وصففها مؤزّرة بالقاشانيّ الأجمل صورة، وجميعها مفروشة بالبسط الكرجيّة والعالية، وفيها المياه الجارية، ولها الشّبابيك على البساتين الحسنة، وسوق قيصريّة طائف بها من حولها، وليس داخل المدينة دكّان ولا سوق.
والوزير في بلاد الرّوم جميعها يعرف بالصّاحب «فخر الدّين خواجا عليّ» ولا يحسن الكتابة ولا الخطّ، وخلعته من مماليكه خاصّة مائتا مملوك، ودخله في كلّ يوم- غير دخل أولاده وغير الإقطاعات التي له ولأولاده وخواصّه- سبعة آلاف درهم سلطانية. ولقد شاهدت في مدرسته من خيامه وخركاواته شيئا لا يكون لأكبر الملوك، وله برّ ومعروف، وهو بالخير موصوف:
والمسمّون بالوزير كثير ... والوزير الذي لنا المأمول!
وعليّ هذا وذاك عليّ ... وعليّ هذا له التّفضيل!(14/178)
الذي زلت عنه شرقا وغربا ... ونداه مقابلي لا يزول!
ومعي أينما سلكت كأنّي ... كلّ وجه له بوجهي كفيل!
وأمّا معين الدّين سليمان البرواناه وزوجته كرجي خاتون، فظهر لهما بن الموجود البادي للعيون كلّ نفيس، وبحمد الله استولى مولانا السلطان مماليكه من موجوده ودار زوجته المذكورة على ملك سليمان وصرح لقيس.
ولما أقام مولانا السلطان بقيصريّة هذه المدّة، فكّر في أمر عساكره مصالحه بما لا يعرفه سواه، ونظر في حالهم بما أراه الله، وذلك لأن لأقوات قلّت، [وقيسارية ألقت ما فيها من المؤن وتخلّت] «1» والسّيوف من لمصارعة ملّت، والسّواعد من المصادمة كلّت، وأنّه ما بقي في الرّوم من الكفّار من يغزى، ولا بجزاء السّوء يجزى؛ ولا بقي في البلاد غير رعايا كالسّوائم الهاملة، ولا دية- للكفر منهم- على عاقل وعاقلة؛ وأنّه إن أقام فالبلاد لا تحمله، وموادّ بلاده لا تصله، وأعشاب الرّوم بالدّوس قد اضمحلّت، وعلوفاتها قد قلّت، وزروعها لا ترتجى لكفاية، ولا ترضى خيول العساكر المنصورة بما ترضى به خيول الرّوم من الرّعي والرّعاية، وأن الحسام الصّقيل الذي قتل التّتار به في يد القاتل، وأنّهم إن كان أعجبهم عامهم فيعودون إلى الرّوم في قابل.
ورحل في يوم الاثنين عشرين «2» من ذي القعدة بعد أن أعطى أمراءه وخواصّه كلّ ما أحضر إليه من الأعنّة والأزمّة، وكلّ ما يطلق على تولّيه اسم النّعمة؛ فنزل بمنزلة تعرف بعترلوا «3» ؛ وفي هذه المنزلة ورد إلى السلطان رسول من جهة غياث الدّين سلطان الرّوم، ومن جهة البرواناه والكبراء الذين(14/179)
معه، يسمّى ظهير الدّين التّرجمان- وفي الحقيقة هو من عند البرواناه- يستوقف مولانا السلطان عن الحركة وما علموا إلى أين، بل كان الأمر شائعا بين الناس أن الحركة إلى جهة سيواس؛ فعدّد مولانا السلطان عليه حسن وفائه بعهده، وأنه أجاب دعاءهم مرّة بعد مرّة من أقصى ملكه مع بعده، وأنهم ما وقفوا عند الشّروط المقرّرة، ولا وفوا بمضمون الرّسائل المسيّرة، وأنهم لما جاء الحقّ وزهق الباطل طلبوا نظرة إلى ميسرة، وأن أعنّتهم للكفر مسلّمة، وأنّهم منذ استيلاء التّتار [على الروم] «1» هم أصحاب المشأمة؛ وعلم مولانا السلطان أن بلاد الرّوم ما بها عسكر يستخلصه لنفسه، ولا من يقابل المغل في غده خوفا ممّا شاهده كلّ منهم في أمسه، وأنهم أهل التذاذ، لا أهل نفاذ، وأهل طرب، لا أهل حرب [وغلب] «2» ؛ وأهل طيبة عيش، لا قوّاد جيش؛ فردّ السلطان إلى سليمان البرواناه مدّيده «3» ، وقال: قل له: إنّني قد عرفت الروم وطرقاتها، وأخذت أمّه أسيرة وابن بنته وولده، ويكفينا ما جرى من النّصر الوجيز، وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
«4» وما كلّ من قضى فريضة الحجّ يجب عليه المجاورة، ولا بعد هذه المناصرة مناصرة، ولا بعد هذه المحاورة محاورة، ونحن فقد ابتغينا فيما آتانا الله:
من حقن دماء أهل الرّوم وعدم نهب أموالهم الدّار الآخرة، وتنزّهنا عن أموال كنتم للتّتار تستحبّونها، ومغارم كثيرة هي لهم من الجنّات مغانم يأخذونها حين يأخذونها؛ وما كان جلوسنا في تخت سلطنتكم لزيادة بتخت آل سلجوق «5» ، [بل] «6» لنعلمكم أنّه لا عائق لنا عن أمر من الأمور يعوق؛(14/180)
وأنّ أحدا لا ينبغي له أن يأمن لنا سطوة، وليتحقّق كلّ أنّ كلّ مسافة جمعة لنا خطوة، وسروجنا- بحمد الله- أعظم من ذلك التّخت جلالا، وأرفع منالا، وكم في ممالكنا كراسيّ ملك نحن آية ذلك الكرسيّ، وكم لنا فتح كلّه- والحمد لله- في الإنافة الفتح القدسيّ.
من كان فوق محلّ الشّمس موضعه ... فليس يرفعه شيء ولا يضع «1» !
واستصحب السلطان معه تحت الرّضا والعفو من أكابر الرّوميين- الأمير سيف الدّين جاليش النّائب بالرّوم، وهو رجل شيخ نبيه له اشتغال بعلم؛ وكان له في الرّوم صورة، وهو أمير دار يعني أمير المظالم. واستصحب ظهير الدّين [متوّج] مشرّف الممالك، ومرتبته دون الوزارة وفيه فضل، ونسخ كثيرا من العلوم بخطّه، مثل الصّحاح في مجلّد واحد، وغير ذلك.
واستصحب الأمير نظام الدّين أوحد بن شرف الدّين بن الخطير، وإخوته وجماعته وجماعة والده، وأولاد عمّه ضياء الدّين بن الخطير المستشهد رحمه الله.
واستصحب من الأمراء: الأمير مظفّر الدّين محاف «2» (؟) والأمير سيف الدّين كجكيا «3» الجاشنكير، والأمير نور الدّين المنجنيقيّ، وأصحاب ملطية أولاد رشيد الدّين أمير عارض، وهم: كمال الدّين وإخوته، وأمير عليّ صاحب كركر.
واستصحب قاضي القضاة بملطية، وهو القاضي حسام الدّين ابن قاضي العسكر، ووالده الذي كان يترسّل عن السلطان علاء الدّين إلى الملوك، وهو رجل عالم فاضل. وأكثر هؤلاء حضروا ببيوتهم ونسائهم وغلمانهم وحفدتهم.(14/181)
والذين حضروا تحت الغضب- ولد البرواناه المذكور، وولد خواجا يونس، وهو ابن بنت البرواناه، ووالدة البرواناه، والأمير نور الدّين جاجا «1» ، وهو أكبر أمراء الرّوم أصحاب النّعمة والنّعم، والأمير قطب الدّين أحمد أخو الأتابك، والأمير سيف الدّين سنقر حاه الروناسيّ «2» ، والأمير سراج الدّين إسماعيل بن جاجا، والأمير نصرة الدّين صاحب سيواس، والأمير كمال الدّين عارض الجيش، والأمير حسام الدّين ركاوك «3» قريب البرواناه، والأمير سيف الدّين الجاويش «4» ، والأمير سراج الدّين أخو حسام الدّين، والأمير شهاب الدين غازي بن علي شير التّركمانيّ «5» .
ومن المغل: مقدّمي الألوف والمئات- زيرك «6» وسرطلق»
، وحنوكه «8» ، وسركده «9» ، وتماديه «10» .
ثمّ رحل السلطان في اليوم الثاني ونزل بمنزلة قريب خان السلطان علاء الدّين كيقباذ، ويعرف بكرواني صراي، وهذا الخان بنية عظيمة من نسبة خان قرطاي، وله أوقاف عظيمة. ومن جملة ما وجد قريبا منه أذواد كثيرة من الأغنام عبثت فيها العساكر المنصورة، سألت عنها فقيل: إنها وقف على هذا الخان يذبح نتاجها للواردين على هذا الخان، وهذه الأغنام له من جملة(14/182)
الوقوف، قدّر الله استيفادها جملة لمّا كثرت على هذا الخان من الجيوش المنصورة الضّيوف.
ورحلنا في اليوم الثالث وهو يوم الأربعاء ثاني عشرين من الشّهر، ونزلنا في وطأة عادة التّتار ينزلون بها تسمّى روران «1» كودلوا، وكودلوا اسم جبال تلك الوطأة.
ورحلنا في يوم الخميس ثالث عشرين من ذي القعدة، فعارضنا بها- في وطأة خلف حصن «سمندو» من طريق غير الطريق التي كنّا توجّهنا منها- نهر يعرف بنهر قزل صو، قريب كودلوا الصغير. ومعنى قزل صو النّهر الأحمر؛ وهذا النّهر صعب المخاض، واسع الاعتراض، عالي المهبط، زلق المسقط، مرتفع المرتقى، بعيد المستقى، لا يجد السّالك من أو حال حافتيه إلا صعيدا زلقا؛ فوقف مولانا السلطان بنفسه، وجرّد سيفه بيده، وباشر العمل بنفسه هو وجميع خواصّه، حتّى تهيّأ المكان جميعه، ووقف راجلا يعبّر الناس أوّلا فأوّلا: من كبير وصغير وغلام، وهو في أثناء ذلك يكرّ على من يزدحم، يكرّر التّأديب لمن يطلب بأذيّة رفيقه ويقتحم؛ وما زال من رابعة هذا النهار لى الساعة الثامنة حتّى عبرت الناس سالمين. ولمّا خفّت البرور، ولم يبق لا المرور، ركب فرسه وعبر الماء والألسنة له داعية، وعليه من الله واقية باقية، فنزل في واد هناك به «مرعى ولا كالسّعدان» ، «ومرأى ولا كشعب وّان» «2» .
ثم رحل في يوم الجمعة فنزل عند صحرات قراجار «3» حصار، وهي قرية(14/183)
كانت عامرة فيما مضى، قريبة من «هدر رجال» «1» قبالة بازار بلّو، وهذا البازار هو الذي كانت الخلائق تجتمع إليه من أقطار الأرض، ويباع فيه كلّ شيء يجلب من الأقاليم، ويقرب من كودلوا الكبير.
وسرنا في يوم السّبت سوقا طول النّهار، حتّى نزلنا في وطأة الأبلستين، وفي هذا النهار عبر مولانا السلطان- نصره الله- على مكان المعركة لمشاهدة أمم التّتار، وكيف تعاقبت عليهم من العقبان كواسرها، وكفّ بأسهم من النّسور مناسرها «2» ، وكيف أصبحوا لا يندبهم إلا البوم، وتحقّقوا أن الّتي أهلكتهم زرق الأسنّة لا زرق الرّوم، فرآهم لمن بقي عبرة، وعرضوا على ربّهم صفّا وجاؤوه كما خلقوا أوّل مرّة، وأبصر الرّياح لأشلائهم متخطّفة، والهوامّ في أجسادهم متصرّفة، وشاهدهم وقد هذأهم «3» كلّ شيء حتّى الوحوش والرّياح: فهذه من صديدهم متكرّعة وهذه عليهم متقصّفة.
قد سوّدت شجر الجبال شعورهم ... فكأنّ فيه مسفّة الغربان!
ولمّا عاينهم مولانا السلطان وعاينهم الناس، أكثروا شكر الله على هذه النّعم التي أمست لكافّة الكفر كافّة وشالّة ودارزة، وأثنوا على مننه التي سنّت «4» إليهم خيار العساكر المنصورة حتّى أصبحت تلك الأرض بهم بارزة، وحضرت من أهل الأبلستين هنالك جماعة من أهل التّقى والدّين، واستخبرهم مولانا السلطان عن عدّة قتلى المغل فقالوا: فَسْئَلِ(14/184)
الْعادِّينَ
«1» ، فاستفهم من كبيرهم عن عدّة المغل كم من قتيل، فقال: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ
«2» وقال بعضهم ممن عدّهم وممّن عنده علم من الكتاب «3» : أنا عددت ستّة آلاف وسبعمائة وسبعين نفرا وضاع الحساب؛ هذا: غير من آوى إلى جبل يعصمه من ماء السّيوف فما عصمه، وغير من اعتقد أن فرسه تسلّمه «4» فأسلمه:
[فلقد غدوا خلل الرماح كأنما ... غضبت رؤوسهم على الأجسام
أحجار ناس فوق أرض من دم ... ونجوم بيض في سماء قتام] «5»
فتركهم مولانا السلطان ومضى والفلوات مزرعة لجسومهم، والدّود- لأنّها مؤمنة وهم كفّار- وقد أثّرت كالنواسر في لحومهم، فرسم مولانا السلطان بتقدّم الأثقال والحرّاس والدّهليز «6» المنصور صحبة الأمير بدر الدّين الخزندار، والدّخول في «أقجه دربند» ، وأقام مولانا السلطان في ساقة العسكر المنصور بقيّة يوم السّبت ويوم الأحد:
فهو يوم الطّراد أوّل سابق ... وهو يوم القفول آخر سائق!
وانتظر في هذين اليومين صيدا من العدوّ يعنّ، وما من دماءهم إلى السّيف يحنّ؛ فلمّا لم يجد أحدا رحل في يوم الاثنين فنزل قريبا من الخان الذي في الدّربند، وركب يوم الاثنين من طريق غير التي حضر منها، فسلك طريقا من الأوعار يبسا، وسلك من قلل الجبال في هضاب كأنّ كلّا منها ألف حملت من الأنجم قبسا؛ فقاسى العالم في هذا اليوم من الشّدّة ما لا يدخل في(14/185)
قياس، وكادوا يهلكون لولا أن الله عزّ وجلّ تدارك النّاس، فتسابقوا ولكن على مثل حدّ السّيف، وتسلّلوا ولكن سلّ حوافر الخيل كيف؟ وهبطوا من جبال يستصعبها كلّ شيء حتّى طارق الطّيف؛ يستصعب الحجر المحلّق من شاهق وقوعه في عقابها، ويستهول النّجم الثّاقب ترفّع شعابها، بالقرب منها جبل شاهق يعرف «بسقر» وما أدراك ما سقر، لا يبقي على شيء من الدّوابّ ولا يذر؛ له عقبة لوّاحة للبشر «1» ، أعان الله على الهبوط منها، وفاز بمشيئة الله وبسعادة مولانا السلطان من زحزح عنها؛ وعدّينا كوكصوا وهو النّهر الأزرق، وبات مولانا السلطان هناك، وكان قضيم البغال تلك اللّيلة ورق البلّوط، إلا من أمست عناية الله أن تيسّر في شعير بخمسة عشر درهما كلّ مدّ يحوط.
ورحل مولانا السلطان في يوم الأربعاء تاسع عشرين من ذي القعدة فنزل قريب كسول (؟) المقدّم ذكرها، وعدل إلى طريق مرعش فزال بحمد الله «2» الداعي، وقالوا للشّعير: ما فينا لك مخاطب ولا منّا فيك بماله مخاطر، وللخيول قد حصل لك في مصر الرّبيع الأوّل في شعبان وفي الشّام في ذي(14/186)
الحجّة الرّبيع الآخر، فأرتعت لا يروعها أصحاب الموازين في تلك المساجد، واستمرّت في مروج يتأسف عليها ابن المساجد (؟) ؛ وقسّم مولانا السلطان تلك الأعشاب كما تقسّمت في آفاق السماء النّجوم، وأوقف كلّ أحد في مقام حتّى قال: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ
«1» ؛ فكم هنالك من مروج أعشبت فأعجبت، وانجابت السماء عنها فأنجبت، وأربت على زهر النّجوم فاهتزّت وربت:
يصدّ الشّمس أنّى واجهتنا ... فيحجبها ويأذن للنّسيم «2» !
يتخلّلها هنالك أترع الحياض، ويلهو بها كلّ شيء فكم قصف العاصي بها في تلك الرّياض.
هذا كلّه: وخير من أرزنجان، حارة برجوان؛ وخير من أراضي توريز، قطعة من إيليز، وكوم من كيمان سفط ميدوم، خير من قصر في قيصريّة الرّوم؛ ونظرة إلى المقياس، خير من سيواس؛ ومناظر اللّوق، خير من كيقباذ آل سلجوق؛ وتربة من ترب القرافة، خير من مروج العرافة؛ وشبر من شبرا، خير من سطا ومرا:
وجلوس في باب دارك خير ... من جلوس في [باب] «3» إيوان كسرى
والتماحي لنور وجهك خير ... لي من أنّني أشاهد بدرا!
يا وليّا يولي الأيادي سرّا ... ووزيرا فليس يكسب وزرا
ما رأينا والله فيمن رأينا ... لك مثلا من البريّة طرّا
كم خبرنا الرّجال في كلّ أرض ... فإذا أنت أعظم الخلق قدرا!(14/187)
كم فلان قالوا وقالوا فلانا ... فإذا النّاس دون علياك حسرى
لك مدح قد طبّق الأرض سبحا ... ن إله به إلى النّاس أسرى!
ما رأينا مصرا كمصر ولا مثلك فينا، والحمد لله شكرا!
الضرب الثاني (من الرسائل الملوكية رسائل الصّيد)
وهذه نسخة رسالة في صيد السّلطان الشّهيد الملك الناصر بن السّلطان الشّهيد الملك المنصور «قلاوون» من إنشاء القاضي تاج الدين البارنباريّ «1» ؛ وهي:
الحمد لله الذي نعّم النّفوس الشّريفة بإدراك الظّفر، وأنعم على هذه الأمّة بمحمّدها الذي أنار كوكب نصره وسفر، وشرع لها على لسان نبيّها صلّى الله عليه وسلّم- الغنيمة في السّفر، وأسعف هذه الدّولة الشريفة بدوام سلطانها الذي حفّت أيّامه بالعزّ والتّأييد والظّفر.
نحمده على أن أقرّ العيون بفضله بما أقر، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة ألانت قلب من نفر، وكرمت أسبابها فلا يتمسّك بها إلّا أعزّ فريق ونفر، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أعزّ من آمن وأذلّ من كفر، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين تجاوز الله عن ذنوبهم وغفر، وسلّم تسليما.
وبعد، فإنّ في ابتغاء النّصر ملاذا تدركها كلّ ذات شرفت، وتملكها السّجايا التي تعارفت بالفخار وائتلفت، وتنالها النّفوس التي مالت إلى العزّ(14/188)
وإلى تلقائه صرفت؛ ومنشؤها من حالتين: إمّا في موقف عزّ عندما تلمع بروق الصّفاح، وتشيب من هول الحرب رؤوس الرّماح، وتسرح جوارح النّبال لتحلّ في الجوارح وتصيد في الأرواح؛ وإمّا في موطن سلّم عندما تنبسط النفوس إلى امتطاء صهوات الجياد في الأمن والدّعة، وتنشرح الصّدور إلى معاطاة الصّيود والمسرّات مجتمعة، وتطلق البزاة فتصيد، وتتصرّف بأمر الملوك الصّيد، وترسل الحوامي الممسكة، وتلقى على ما سنح من الوحش فلا ترى إلا مدركة؛ وتفاض النّعم السّلطانية وتجزل مواهبها، وتلوح العصابة الشّريفة وتنبعث مواكبها.
وكان الله تعالى قد جمع للمواقف الشّريفة، المعظّمة، السّلطانية، الملكيّة، النّاصريّة، خلّد الله سلطانها- سعادة الحالتين حربا وسلما، وآتاه فيهما النّصر الأرفع والعزّ الأسمى، ووسم بصدقاته وعزماته الأمرين وسما، ونصره نعتا وعظّمه سمعة وشرّفه اسما، فأيّام حروبه كلّها رفعة وانتصار، واستيلاء واستظهار، وقوة تحيا بها المؤمنون وتفنى الكفّار؛ وأيّام سلمه كلّها عدل وهبة، وصدقات منجية منجبة، ورفع ظلامات متشعبة، وقمع نفوس متوثّبة، وحسم خطوب مستدّة، وحفظ الحوزة الإسلامية من كلّ بأس ووقايتها من كلّ شدّة، وفي خلال كلّ عام تصرف عزائمه الشريفة إلى ابتغاء صيد الوحش والطّير: لما في ذلك من تمرين النّفوس على اكتساب التّأييد، وحصول المسرّة بكلّ ظفر جديد؛ فيرسم- خلد الله سلطانه- في الوقت الذي يرسم به من مشتى كلّ عام بإخراج الدّهليز المنصور فينصب في برّ الجيزة بسفح الهرم، في ساعة مباركة آخذة في إقبال الجود والكرم؛ فتمدّ بالتّأييد أطنابه، وترفع على عمد النّصر قبابه، ويحاط بحراسة الملائكة الكرام رحابه، وتضرب خيام الأمراء حوله وطاقا، وتحفّ به [مثل] «1» النّجوم بالبدر إشراقا؛ ويستقلّ الرّكاب الشريف- شرّفه الله- بعد ذلك بقصد عبور النّيل المبارك فيظهر من القلعة المحروسة والسّلامة تحجبه من المخافة، والحراسة(14/189)
تصحبه فيما قرب ونأى من المسافة، ولسان السّعد قد خاطبه بالتّحيّة وشافه، ومماليكه الأمراء قد حفّوا به أطلابا «1» ، وسنيّ موكبه قد بعث أمامه من الإضاءة نجّابا «2» ؛ ولم يزل حتّى يأتي النّيل المبارك ويستوي على الكرسيّ في الفلك المشحون، محوطا بالنّصر الميمون والجيش المأمون، وقد استبشر باعتلائه البحر والنّون «3» ، وأضحى لظهر الفلك من الفخار [بحضرته] «4» المكرّمة، ما لصهوات أجياده العتاق المسوّمة، فلهذا نشر أعلام بشراها، وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها
«5» ، فسارت به في اليمّ، ونصر الله قد تمّ، وصعد من فلكه، على ما يسرّ نفوس المؤمنين في كمال سلطانه وعزّة ملكه، واستقرّ على جواد شرفت صهوته، وقرنت بالأناة والسّكون خطوته، عربيّ النّجار، يختال في سيره كأنّما انتشى من العقار:
ويختال بك الطّرف ... كأنّ الطّرف نشوان
ترى الطّرف درى أو ... ليس يدري أنّك سلطان!
وسار في زروع مخضرّة، وثغور نبات مفترّة؛ وقد طلعت للظّفر شموسه وبدوره، وأعدّت للصّيد بزاته وصقوره، من كلّ متوقّد اللّحظ من الشّهامة، محمول على الرّاحات من فرط الكرامة، يتوسّم فيه النّجاح، قبل خفق الجناح، ويخرج من جوّ السّماء ولا حرج ولا جناح؛ وبازها الأشهب،(14/190)
يجيء بالظفر ويذهب بصدر مفضّض وناظر مذهب، له منسر أقنى، طالما أغنى، كأنّما هو شبا السّنان وقد حباه الكماة طعنا:
وصارم في يديك منصلت ... إن كان للسّيف في الوغى روح
متّقد اللّحظ من شهامته ... فالجوّ من ناظريه مجروح!
قد راش النّجح جناحه، وقرن الله باليمن غدوّه ورواحه، ونصره في حربه حيث جعل منسره رمحه ومخلبه صفاحه، في قوادمه السّعد قادم، وفي خوافيه النّصر ظاهر المعالم، كأنّما ألهم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «بورك لأمّتي في بكورها» ، فيسرح والطّير جاثمة في وكورها، ويخرج في إغباش السّحر وعليه سواد، فيهابه الصّادح في الجوّ والباغم في الواد، ويأمر- خلّد الله سلطانه- أمراءه فيضربون على الطّير حلقة وهي لاهية في التقاط حبّها، غافلة عمّا يراد بها، فيذعرونها بخفق الطّبول وضربها، ومولانا السلطان- خلّد الله ملكه- لنافرها مترقّب، ولطائرها بالجارح معقّب، فما يدنو الكركيّ مقرورا حتّى يؤوب مقهورا، ساقطا من سمائه إلى أرضه، ومن سعته إلى قبضه، فسبحان من خلق كلّ جنس وقهر بعضه ببعضه؛ هذا: والجارح قد أنشب فيه مخالبه، وسدّ عليه سبله في جوّ السّماء ومذاهبه؛ ولم يزل- خلّد الله تعالى سلطانه- عامّة يومه متوغّلا في التّمتّع بلذّات صيوده، وأوقات سعوده، وحصول أربه ومقصوده، وجنود الملائكة حافّون به وبجنوده، حتّى ينسخ النهار الليل بظلمائه، ويلمع الطّارق بأضوائه، فيعود عند ذلك الرّكاب الشريف إلى المخيّم المنصور والجوارح كاسبة، والأقدار واهبة، والجوارح مسرورة، والطّيور مأسورة، والنّفوس ممتّعة، والمواهب منوّعة، والأرجاء مضوّعة، والله تعالى مع سلطانه بكلاءته: «ومن كان مع الله كان الله معه» ، فيرفع أمامه فانوسان توءمان، كأنهما كوكبان بينهما اقتران، أو فرقدان رفعتهما يدان، فيدنو إلى مخيّمه المنصور في سرادق العزّ الحفيل، وعصابة النّصر الأثيل، وتترجّل الأنصار قبل فسطاطه المعظّم على قدر ميل، ويسعى بالشّموع لتلقّيه، ويسوّى تخت الملك لترقّيه، فعند ذلك(14/191)
يطوف بالدهليز أمراء الحرس بالشّموع المرفوعة، والمزاهر المسموعة، فإذا طلع الفجر مستطيلا، وجاء الصّبح شيئا قليلا، عرضت عليه النّعم فأعطاها، والمهمّات الإسلامية فقضاها، وقدّمت له الجياد المسوّمة فامتطاها، ويسرح إلى الصّيد والجوارح التي صادت بالأمس قد استأسدت، وبسعادته إلى ظفرها قد أرشدت؛ فإذا سار ركابه الشّريف فرّقت على أثره عساكر الإسلام، وقوّضت تلك الخيام كأنها الأيّام.
ولم يبرح ذلك دأبه في كلّ يوم من أيّام حركته حتّى يأخذ حظّه من صيد الطّير، فعند ذلك يثني عنان السّير، إلى اقتناص الوحش فيعدّ لإمساكها كلّ هيكل قيد الأوابد «1» قد عقد الخير بناصيته فأصبح حسن المعاقد.
فمن أشهب: كريم المغار، ذي إهاب من النّهار، وأديم كأنّه صحيفة الأبرار، أبيض مثل الهدى، له في الصّبح إثارة النّصر وإغارة على العدا؛ علا قدرا وغلا قيمة، وله إلى آل أعوج «2» نسبة مستقيمة، إذا استنّ في مضمار يسبق البروق الخاطفة، ويخلّف الرّيح حسرى وهي واقفة، يجده الفارس بحرا، وله عند مجرى العوالي مع السّوابق مجرى.
ومن أحمر: كأنّما صبغ بدم الأعداء أديمه، وكأنّما هو شقيق الشّقيق وقسيمه؛ كرمت غرره وحجوله، وحسنت أعراقه وذيوله، مكرّ مفرّ كجلمود صخر حطّته من عليّ سيوله»
؛ حكى لونه محمرّ الرّحيق، وله كلّ يوم ظفر جديد مع أنه عتيق.(14/192)
ومن أدهم: مدرك كاللّيل، منصبّ كالسّيل، كريم النّاصية، جوّاب قاصية، كأنّ غرّته صبح تنفّس في الدّجى الحالك، وكأنّه من اللّيل باق بين عينيه كوكب يضيء المسالك، وكأنّ حجوله بروق تفرّقت في جوانب الغسق فحسن منظرا لذلك؛ سنابكه يوري قدحها «1» ، وغرّته ينير صبحها، وجوارحه مسودّ جنحها، وصهوته كمن فيها العزّ فلا يزال ظاهرا نجحها.
وممّا سوى ذلك من الجياد المختبرة، والصّافنات المعتبرة:
إذا ما صرفت اللّحظ نحو شياتها ... وألوانها فالحسن عنك مغيّب «2» !
وإنما هي بصبرها على الظّما، وشدّة عدوها في النّور والظّلما، وسبقها إلى غايات رهانها، وثباتها تحت رايات فرسانها.
وتليها الفهود الحسن منظرها، الجميل ظفرها، الكاسب نابها وظفرها؛ تفرّق اللّيل في أهبها المجتمعة، وأدركت العواصم في هضابها المرتفعة، وجوهها كوجوه اللّيوث الخادرة، ووثباتها على الطّريدة وثبات الفئة المؤمنة على الفئة الكافرة، مقلّصة الخواصر، عزماتها على الوحش حواصر؛ ما أطلقت على صيد إلا قنصته سريعا، ولا بصرت بعانة من حمر إلا أخذتها جميعا.
ثم الحوامي المعلّمة، والضّواري التي أضحت بالنّجح متوسّمة، ما منها إلّا طاوي الخاصرة، وثباته طائلة غير قاصرة، بنيوب كالأسنّة،(14/193)
وساعدين مفتولين تسبق بهما ذوات الأعنّة، لو رآه عديّ بن حاتم رضي الله عنه لضمّه إلى ما لديه، وأكل مما أمسك عليه.
وتضرب العساكر حلقة ما يلتقي طرفاها إلا إلى اللّيل في اتّساعها، تحوي سائر الأوابد على اختلاف أنواعها.
فمن نعام: خضّب ظليمها «1» لمّا أكل ربيعا، وأحمرّت أطراف ريشه فكأنّها سهام أصابت نجيعا، طالت أعناقها النّاحلة فكأنّها خطّيّة، واشتدّت قوائمها الحاملة فكأنّها مطيّة، شاركت الطّير في وجود الجناح، وفارقتها في كثافة الاشباح، وأشبهت الوحش في مسكن القفار، وشدّة النّفار، قد اجتمع في ظاهرها اللّونان من الوحش والطّير وائتلف في باطنها الضّدّان من ماء ونار.
ومن ظباء: مسودّة الأحداق، حكت الحبائب في كحل المقل وحسن سوالف الأعناق؛ ابيضّت بطونها، واحمرّت متونها، وراقت أوراقها، وحلكت آماقها؛ نافرة في صحرائها، طيّب مرعاها فالمسك من دمائها.
ومن بقر وحشية: عفر الإهاب، ساكنة الهضاب؛ لها في حقاف الرّمل مرابض، حذرا من قانص قابض؛ كم في ... «2» ... من لوّى يتهادى، كأنّ إبرة روقه قلم أصاب من الدّواة مدادا.
ومن حمر إهابها أقمر منسوبة إلى أحد «3» ولم تركّب متونها، وقد حكى الجزع «4» الذي لم يثقّب في دجى اللّيل عيونها.(14/194)
وعندما تلتقي حلقة العساكر يلحقها- خلّد الله سلطانه- ومعه الجوارح الصائدة، والحوامي الصائلة، والأسهم النّافذة، والفهود الآخذة، فتموج الوحش ذعرا، وترى مسالكها قد سدّت عليها سهلا ووعرا، وضرب دون نجاتها بسور من الجياد والفرسان، وحيل بينها وبين خلاصها بنبال وخرصان؛ فحينئذ تفرّ النّعام عن رمالها، والظّباء عن ظلالها، والبقر عن جآذرها، والحمر عن بولها؛ ويقبض- خلّد الله سلطانه- من جنس الوحش كلّ نوع، ولو يمسكها بجارح لأمسكها كما تمسك عداة الإسلام بالرّوع؛ وتجزل منها المكاسب، وتملأ منها الحقائب؛ فإذا أخذ حظّه من القبض ولذّة اكتسابه، رسم لأمرائه بالصّيد عند صدور ركابه؛ فيصيدون ويقنصون، زادهم الله من فضله- فإنهم في طاعته مخلصون؛ فيكثر عند ذلك كلّ قنص ذبيح، ويأتي كلّ بما اقتنصه ليظهر التّرجيح؛ فإذا استكمل أوقات الصّيد من الطّير والوحش ثنى ركابه الشّريف إلى جهة القلعة المحروسة والقفار قد شرفت بمرور مواكبه، والوحش والطّير قد افتخرت بكونها أصبحت من مكاسبه.
هذا كلّه وإن كانت النفس تراه لهوا، وتبلغ به كلّ ما تهوى، ففي طيّه من تمرين الجنود على الحرب ما تشدّ به العزمات وتقوى؛ فيؤمّ الركاب الشّريف عائدا إلى سرير ملكه بالقلعة المحروسة، والسّلامة قد قضت ما يجب عليها من حراسته، والأقدار قد وفت ما ينبغي من كلاءته؛ فلم يك إلا وهو صاعد إلى القلعة المحروسة وألسنة السّعادة تخاطبه، وسريره قد اهتزت فرحا بمقدمه جوانبه، والصّيد المبارك قد سعدت مباديه وحمدت عواقبه؛ فيلقي أهبة السّفر، ويأخذ فيما بطن من المصالح الإسلامية وظهر، وتنشده ألسنة السلامة ما أملى عليها العزّ والتّأييد والظّفر:
ملك البسيطة آب من سفره ... والنّصر والتّأييد في أثره
فكأنّه في عزّ موكبه ... بدر تألّق في سنا خفره
ما في البريّة مثله ملك ... أوتي الذي أوتيه من ظفره!(14/195)
يسري إلى أعدائه رهب ... ممّا يبث الناس من خبره
فالله ربّ النّاس فاطرنا ... يؤتيه ما يربي على وطره!!
الصنف الثاني (من الرسائل ما يرد منها مورد المدح والتّقريض)
إما بأن يجعل المدح مورد الرّسالة ويصدّر بمدح ذلك الشّخص المراد، وإما بأن يصدّر بما جرية «1» يحكيها المنشيء ويتخلّص منها إلى مدح من يقصد مدحه وتقريضه، وما يجري مجرى ذلك. وللكتّاب وأهل الصّناعة في ذلك أفانين مختلفة المقاصد، وطرق متباينة الموارد.
وهذه نسخة رسالة أنشأها أبو عمرو عثمان بن بحر الجاحظ سمّاها «رسالة الشّكر» قصد بها تقريض وزير المتوكّل وشكر نعمه لديه، مصدّرا لها بذكر حقيقة الشّكر وبيان مقاصده؛ وهي:
جعلت فداك، أيّدك الله وأكرمك وأعزّك، وأتمّ نعمته عليك وعندك.
ليس يكون الشّكر- أبقاك الله- تامّا، ومن حدّ النّقصان خارجا، حتّى يستصحب أربع خلال، ويشتمل على أربع خصال:
[الخصلة الاولى] أوّلها: العلم بموقع النّعمة من المنعم عليه
، وبقدر انتفاعه بما يصل إليه من ذلك: من سدّ خلّة، أو مبلغ لذّة وعلوّ في درجة، مع المعرفة بمقدار احتمال المنعم للمشقّة، والذي حاول من المعاناة والكلفة في بذل جاه مصون، أو مفارقة علق ثمين. وكيف لا يكون كذلك؟ وقد خوّل من نعمه بعض ما كان حبيسا على حوادث عدّة، فزاد في نعم غيره بما انتقص من نعم نفسه وولده. فكلّما تذكّر الشاكر ما احتمل من مؤونة البذل، سهل عليه احتمال ما نهض به من ثقل الشّكر.
والخصلة الثانية: الحرّيّة الباعثة على حبّ المكافأة
واستحسان(14/196)
المجازاة. والشّكر من أكبر أبواب الأمانة، وأبعده من أسباب الخيانة؛ ولن يبلغ أحد في ذلك غاية المجد إلا بمعونة الطمع، وإلا الحرب سجال بينهما، والظّفر مقسوم عليهما. كذلك حكم الأشياء إذا تساوت في القوّة، وتقاربت في بلوغ المدّة. وقد زعم ناس أن الشّاكر والمنعم لا يستويان، كما أن الباديء بالظّلم والمنتصر لا يعتدلان، لأنّ الباديء أخذ ما ليس له، والمنتصر لم يتجاوز حقّه الذي هو له، ولأن الباديء لم يكن مهيّجا على الظّلم بعلّة جناها المنتصر، والمنتصر مهيج على المكافأة بعلّة جناها الباديء، والمثوّر للطباع المغضب، والمستخفّ المهيّج أعذر من السّاكن الوادع المطمئن.
فلذلك قالوا: إن الباديء أظلم، والمنتصر أعذر. وزعموا أن المنعم هو الذي أودع صدر الشاكر المحبّة بإنعامه عليه، وهيّجه بذلك على مكافأته لإحسانه إليه، فقد صار المنعم شريك الشّاكر في إحسانه، وتفرّد بفضل إنعامه دون مشاركة غيره؛ والمنعم هو الذي دفع للشاكر أداة الشّكر، وأعاره آلة الوفاء، فهو من ههنا أحقّ بالتقديم، وأولى بالتّفضيل.
هذا، وقد قال بعض الحكماء والأدباء والعلماء: من تمام كرم المنعم التّغافل عن حجّته، والإقرار بالفضيلة لشاكر نعمته، لأن المحاجّة مغالبة، ولا تتمّ مودّة إلا مع المسامحة. ولذلك قال الرّبعيّ لناس من العرب يختصمون:
هل لكم في الحقّ أو خير منه؟ قالوا: قد عرفنا الحقّ، فما الذي هو خير منه؟
قال: التّغافل فإنّ الحقّ مرّ. ألا ترى إلى بنت هرم بن سنان لما قالت لابنة زهير بن أبي سلمى في بعض المناحات، أو في بعض المزاورات: إنّه ليعجبني ما أرى من حسن شارتكم، ونقاء نفحتكم. قالت ابنة زهير: أما والله لئن قلت ما قلت، فما ذلك إلا من فضول ما وهبتم، ومن بقايا ما أنعمتم. قالت بنت هرم: لا بل لكم الفضل، وعلينا الشّكر؛ أعطيناكم ما يفنى، وأعطيتمونا ما يبقى. وقيل لعبد الله بن جعفر حين أجزل لنصيب الشّاعر في الهبة، وكثّر له في العطيّة: أتنيل هذا العبد الأسود كلّ هذا النّيل، وتحبوه بمثل هذا الحباء؟ فقال عبد الله بن جعفر: أما والله لئن كان أسود الجلد إنه(14/197)
لأبيض الشّعر؛ أعطيناه دراهم تفنى، وثيابا تبلى، ورواحل تنضى، وأعطانا ثناء يبقى، وحديثا يثنى، ومكارم لا تبلى. فلهذه الخصال تكاملت خصال المجد فيهم، فظهر عنوان كرم الخير عليهم، فصاروا في زمانهم منارا، ولمن بعدهم أعلاما. وليس تتمّ معاني كرم المنعم، ومعاني وفاء الشاكر، حتّى تتوافى أقوالهما، وتتّفق أهواؤهما على تدافع الحجة، والإقرار بالمعجزة، فيزداد بذلك المنعم فضلا والشّاكر نبلا.
هذا جملة القول في خصلتين من الأربع التي قدّمنا ذكرها، وشهرنا أمرها.
والخصلة الثالثة: الدّيانة بالشّكر
، والإخلاص للمنعم في تصفية الودّ، فإن الدّين قائد المروءة، كما أن المروءة خطام «1» الحميّة. وهذه الخصال وإن تشعّبت في بعض الوجوه، وافترقت في بعض الأماكن، فإنها ترجع إلى نصاب يجمعها، وإلى إناء يحفظها، منه نجمت، وعنه انبثّت، وإليه رجعت. ولاجتماع هذه الخصال على مخالفة الهوى، ومجانبة الهوينى، وعلى اتّهام دواعي الشّهوة، والامتناع من كلب الطّبيعة- وفّق الأوّلون بينها في جملة الاسم، وقارنوا بينها في جمهرة الحكم. ولذلك قال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: اعتبر عزمه بحميّته، وحزمه بمتاع بيته.
ومدار جميع الأحوال المحمودة على الصّبر، ولن يتكلّف مرارة الصّبر من يجهل عاقبة الصّبر. وقالوا: لمّا صار ثقل الشّكر لا يحتمل إلا بالصّبر، صار الشّكر من نتاج الصّبر. وكما أنه لا بدّ للحلم- مع كرم الحلم- من الصّبر، فكذلك لا بدّ للشّكر- مع كرم الشّكر- من الصّبر. فالصّبر يجري مع جميع الأفعال المحمودة، كما يجري الهوى مع جميع الأفعال المذمومة.
ولذلك قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خلق الله عزّ وجلّ النّار وحفّها بالشّهوات، وخلق الجنّة وحفّها بالمكاره» .(14/198)
والخصلة الرابعة: وصف ذلك الإحسان باللّسان البيّن
، وتخيّره بالبيان النيّر، وباللّفظ العذب الشّهيّ، والمعنى الشّريف البهيّ؛ فإن الكلام إذا كان حسنا، جعلته الحكماء أدبا، ووجدت الرّواة إلى نشره سببا، حتّى يصير حديثا مأثورا، ومجدا مذكورا، وداخلا في أسمار الملوك، وسوقا من أسواق المتأدّبين، ووصلة في المجالس، وزيادة في العقل، وشحذا للسان، وترهيفا للقلب، وتلطيفا للفكر، وعمارة للصّدر، وسلّما إلى العظماء، وسببا إلى الجلّة الكبراء. وإذا لم يكن اللّفظ رائعا، والمعنى بارعا، وبالنّوادر موشّحا، وبالملح مجلوّا، لم تصغ له الأسماع، ولم تنشرح له الصّدور، ولم تحفظه النّفوس، ولم تنطق به الأفواه، ولم يخلّد في الكتب، ولم يقيّد بالدّرس، ولم يجذل به قائل، ولم يلتذّ به سامع. ومتى لم يكن كذلك كان كلاما ككلام اللّغو، ومعاني السّهو، وكالهجر «1» الذي لا يفهم، والمستغلق الذي لا يعلم.
وليس- أبقاك الله- شيء أحوج إلى الحذق، ولا أفقر إلى الرّفق، من الشّكر النّافع، والمديح النّاجع، الذي يبقى بقاء الوشم، ويلوح كما يلوح النّجم. كما أنّه لا شيء أحوج إلى وسع الطّاقة، وإلى الفضل في القوّة، وإلى البسطة في العلم، وإلى تمام العزم- من الصّبر. وعلى أن الشّكر في طبقات متفاوتة، ومنازل متباينة؛ وإن جمعها اسم، فليس يجمعها حكم؛ فربّما كان كلاما تجيش به الصّدور، وتمجّه الأفواه، وتجدف به الألسنة، ويستعمل فيه الرّأي المقتضب، والخاطر المحتار، والكلام المرتجل، فيرمى به على عواهنه، وتبنى مصادره على غير موارده، لا يتعذّر فيه الشّاكرون لانتفاع المنعمين، كما تعذّر المنعمون لانتفاع الشّاكرين. وليست غاية القائل إلا أن يعدّ بليغا مفوّها، أو يستزيد به إلى نعمه السّالفة نعما آنفة؛ أو ليس إلا ليغترّ كريما، أو يختدع غنيّا لا يتفقّد ساعات القول، ولا يتعرّف(14/199)
أقدار المستمعين؟ وليس غايته إلا الكسب والتّعرّض والانتفاع والتّرنّح؛ وعلى هذا يدور شكر المستأكلين، وإحماد المتكسّبين.
وهذا الباب وإن جعلته العوامّ شكرا، فهو بغير الشّكر أشبه، وبذلك أولى؛ وربّما كان شكره عن تأنّق وتذكير، وعن تخيّر وتخيير، وعن تفقّد للحالات، وتحصيل للأمور في المقامات التي تحيط بمهجته، وبحضرة عدوّ لا يزال مترصّدا لنعمته؛ فربّما التمس الزيادة في غبطه، وربّما التمس شفاء دائه وإصلاح قلبه، ونقض المبرم من معاقد حقده، على قدر الرّد، وعلى قدر تصرّف الحالات في المصلحة، لأن الشاكر كالرّائد لأهله، وكزعيم رهطه، والمشار إليه عند مشورته؛ فربّما اختار أن يكون شكره شعرا: لأن ذلك أشهر، وربّما اختار أن يكون كلاما منثورا: لأن ذلك أنبل، وربّما أظهر اليسر وانتحل الثّروة، وجعل من الدّليل على ذلك كثرة النّفقة، وحسن الشّارة، ويرى أن ذلك أصدق المدحين، وأنبل الشّكرين، ويجعل قائده إلى هذا المذهب، وسابقه إلى هذا التّدبير قول نصيب «1» :
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب!
وممّا يدخل في هذا الباب وليس به- قول العنزيّ «2» :
يابن العلاء ويابن القرم مرداس ... إنّي لأطريك في أهلي وجلّاسي
حتّى إذا قيل: ما أعطاك من صفد؟ ... طأطأت من سوء حال عندها راسي!
أثني عليك ولي حال تكذّبني ... بما أقول فأستحيي من النّاس!
وبين هذين الشّكرين طبقات معروفة، ومنازل معلومة. وموضع الشّكر(14/200)
من قلب السّامع في القبول والاستنامة، على قدر حسن النّيّة؛ والذي يعرف به الشّاكر من صدق اللهجة، ومن قلّة السّرف، واعتدال المذاهب، والاقتصاد في القول. وهذا باب سوى الباب الآخر من حسن الوصف، وجودة الرّصف؛ ولذلك لمّا أحسن بعض الواعظين في الموعظة، وأبلغ في الاعتبار وفي ترقيق القلوب، ولمّا لم ير أحدا يخشع، ولا عينا تدمع، قال: يا هؤلاء إما أن يكون بي شرّ، أو يكون بكم شرّ.
وقيل لجلساء الفضل الرّقاشيّ «1» ، وعبد الصّمد بن الفضل الرّقاشيّ:
ما بال دموعكم عند الفضل أغزر، وعند عبد الصّمد أنزر، وكلام عبد الصّمد أغزر، وكلام الفضل أنزر؟ قالوا: لأن قلب الفضل أرقّ، فصارت قلوبنا أرقّ، والقلوب تتجارى.
وقالوا: طوبى للممدوح إذا كان للمدح مستحقّا، وللدّاعي إذا كان للاستجابة أهلا، وللمنعم إذا حظي بالشّكر، وللشّاكر إذا حظي بالقبول.
إني لست أحتشم من مدحك، لأني لست أتزيّد في وصفك، ولست أمدحك من جهة معروفك عندي، ولا أصفك بتقديم إحسانك إليّ، حتّى أقدّم الشّكر الذي هو أولى بالتّقديم، وأفضّل الصّنف الذي هو أحقّ بالتّفضيل. وفي الخبر المستفيض، والحديث المأثور: «ما قلّ وكفى خير ممّا كثر وألهى.
وقليل باق خير من كثير فان» .
تذاكر الناس عند بعض الحكماء طبقات السّابقين في الفضل، وتنزيل حالاتهم في البرّ، ومن كانت الخصلة المحمودة فيه أكثر، والخصلة الثانية فيه أوفر، فقال ذلك الحكيم: ليس بعجب أن يسبق رجل إلى الإسلام، وكلّ(14/201)
شيء، فقد سبق إلى تقديمه ناس وأبطأ آخرون؛ وليس بعجب أن يفوق الرّجل أترابه في الزّهد، وأكفاءه في الفقه، وأمثاله في الذّبّ: وهذا يوجد في كلّ زمان، ويصاب في كلّ البلدان؛ ولكنّ العجب العجيب، والنّادر الغريب، الذي تهيّأ في عمر بن الخطّاب رضي الله عنه واتّسق له؛ وذلك أنه غبر عشر حجج: يفتح الفتوح، ويدوّخ البلاد، ويمصّر الأمصار، ويدوّن الدّواوين، ويفرض الفروض، ويرتّب الخاصّة، ويدبّر العامة، ويجبي الفيء، وترمي إليه الأرض بأفلاذ كبدها، وأنواع زخرفها، وأصناف كنوزها، ومكنون جوهرها، ويقتل ملوكها، ويلي ممالكها، ويحلّ ويعقد، ويولّي ويعزل، ويضع ويرفع، وبلغت خيله إفريقية، ودخلت خراسان: كلّ ذلك بالتّدبير الصّحيح والضّبط، والإتقان والقوّة، والإشراف، والبصر النّافذ، والعزم المتمكّن، ثم قال: لا يجمع مصلحة الأمّة، ولا يحوشهم على حظّهم من الألفة واجتماع الكلمة، وإقامتهم على المحجّة، مع ضبط الأطراف، وأمن البيضة- إلا لين في غير ضعف، وشدّة في غير عنف. ثم غبر بعد ذلك سنيّه كلّها على وتيرة واحدة، وطريقة مطّردة؛ لا ينجرف عنها، ولا يغيّرها، ولا يسأمها، ولا يزول عنها: من خشونة المأكل والملبس، وغلظ المركب، وظلف «1» النّفس عن صغيرها وكبيرها، ودقيقها وجليلها، وكلّ ما يناجز الناس عليه؛ لم يتغيّر في لقاء ولا في حجاب، ولا في معاملة ولا في مجالسة، ولا في جمع ولا في منع، ولا قبض ولا بسط: والدّنيا تنصبّ عليه صبّا، وتتدفّق عليه تدفّقا؛ والخصلة من خصاله، والخلّة من خلاله، تدعو إلى الرّغبة، وتفتح باب الألفة، وتنقض المبرم، وتفيد المروءة وتفسح المنّة، وتحلّ العقدة، وتورث الاغترار بطول السّلامة، والاتّكال على دوام الظّفر، ومواتاة الأيّام، ومتابعة الزّمان. وكان ثباته عشر حجج على هذه الحال أعجوبة، ومن البدائع الغريبة. وبأقلّ من هذا يظهر العجب، ويستعمل الكبر، ويظهر الجفاء، ويقلّ التّواضع.(14/202)
ونحن وإن كنّا لا نستجيز أن نلحق أحدا بطباع عمر ومذهبه، وفضل قوّته، وتمام عزمه، فإنّا لا نجد بدّا من معرفة فضل كلّ من استقامت طريقته، ودامت خليقته، فلم يتغيّر عند تتابع النّعم، وتظاهر الصّنع، وإن كانت النّعم مختلفة الأجناس، ومتفاوتة في الطّبقات. وكيف يلحق به أحد؟ مع قوله:
«لو أنّ الصّبر والشّكر بعيران ما باليت أيّهما ركبت» ، ولكنّا على حال لا ندع تعظيم كلّ من بان من نظرائه في المرتبة، وأشباهه في المنزلة، إذ كان أدومهم طريقة، وأشدّهم مريرة، وأمضاهم على الجادّة الوسطى، وأقدرهم على المحجّة العظمى.
ولا بدّ من أن يعطى كلّ رئيس قسطه، وكلّ زمان حظّه؛ ولا يعجبني قول القائل: لم يدع الأوّل للآخر شيئا، بل لعمري لقد ترك له العريض الطّويل، والثّمين الخطير، واللّقم «1» النّهج، والمنهج الرّحب. ولو أنّ الناس مذ جرت هذه الكلمة على أفواه العوام، وأعجب بها الأغمار من الرّجال- قلّدوا هذا الحكم، واستسلموا لهذا المذهب، وأهملوا الرّويّة، ويئسوا من الفائدة، [إذن] لقد كان ارتفع من الدّنيا نفع كثير، وعلم غزير.
وأيّ زمان بعد زمان النّبيّ صلّى الله عليه وآله أحقّ بالتّفضيل، وأولى بالتقديم، من زمان ظهرت فيه الدّعوة الهاشميّة، والدّولة العبّاسيّة، ثم زمان المتوكّل على الله، والنّاصر لدين الله، والإمام الذي جلّ فكره، وكثر شغله بتصفية الدّين وتهذيبه، وتلخيصه وتنقيحه، وإعزازه وتأييده، واجتماع كلمته، ورجوع ألفته. وقد سمعت من يقول- ويستشهد العيان القاهر، والخبر المتظاهر-: ما رأيت في زماننا من كفاة السّلطان وولاته، وأعوانه وحماته، من كان يؤمّل لمحلّك، ويتقدّم في التّأهّب له، إلا وقد كان معه من البذخ والنّفخ، ومن الصّلف والعجب، ومن الخيلاء، ومن إفراط التّغيّر للأولياء، والتّهكّم على الخلطاء، ومن سوء اللقاء، ما لا خفاء به على كاتب(14/203)
ولا على عامل، ولا على خطيب ولا على أديب، ولا على خاصّيّ ولا على عامّيّ.
فجمعت- والحمد لله على النّعمة فيك- بين التّواضع والتّحبّب، وبين الإنصاف وقلّة التّزيّد؛ فلا يستطيع عدوّ معلن، ولا كاشح مسرّ، ولا جاهل غبيّ، ولا عالم مبرّز، يزعم أنه رأى في شمائلك وأعطافك- عند تتابع النّعم، وتظاهر المنن- تغيّرا في لقاء ولا في بشر عند المساءلة، ولا في إنصاف عند المعاملة، واحتمال عند المطاولة: الأمر واحد، والخلق دائم، والبشر ظاهر، والحجج ثاقبة، والأعمال زاجية، والنفوس راضية، والعيون ناطقة بالمحبّة، والصّدور مأهولة بالمودّة، والدّاعي كثير، والشاكي قليل؛ وأنت بحمد الله تزداد في كلّ يوم بالتّواضع نبلا، وبالإنصاف فضلا، وبحسن اللّقاء محبّة، وبقلة العجب هيبة.
وقال سهل بن هارون في دعائه لبعض من كان يعتني بشأنه: «اللهم زده من الخيرات، وابسط له في البركات، حتّى يكون كلّ يوم من أيامه موفيا على أمسه، مقصّرا عن فضيلة غده» «1» . وقال في هذا المعنى أعشى همدان، وهو من المخضرمين:
رأيتك أمس خير بني معدّ ... وأنت اليوم خير منك أمس
وبعد غد تزيد الخير ضعفا «2» ... كذاك تزيد سادة عبد شمس!
قد- والله- أنعم الله عليك وأسبغ، فاشكر الله وأخلص. محتدك(14/204)
شريف، وأرومتك كريمة، والعرق منجب، والعدد دثر «1» ، والأمر جميل، والوجوه حسان، والعقول رزان، والعفاف ظاهر، والذّكر طيّب، والنّعمة قديمة، والصّنيعة جسيمة، وما مثلكم إلا كما قال الشّاعر:
إنّ المهالبة «2» الكرام تحمّلوا ... دفع المكاره عن ذوي المكروه
زانوا قديمهم بحسن حديثهم ... وكريم أخلاق بحسن وجوه!
النعمة محفوظة بالشّكر، والأخلاق مقوّمة بالأدب، والكفاءة محفوفة بالحذق، والحذق مردود إلى التوكّل، والصّنع من وراء الجميع إن شاء الله.
هذا إلى ما ألبسك الله من القبول، وغشّاك من المحبّة، وطوّقك من الصّبر، فبقي الآن أن نشتهي ما أنت فيه شهوة في وزن هذه المرتبة، وفي مقدار هذه المنزلة، فإنّ الرغبة وإن قويت، والرّهبة وإن اشتدّت، فإنهما لا يثمران من النشاط، وينتجان من القوّة على المباشرة والكدّ، ما تثمره الشّهوة وإن ضعفت، والحركة من ذات النّفس وإن قلّت، لأن النّفس لا تسمح بمكنونها كلّه، وتجود بمخزون قواها أجمع، إلا بالشهوة دون كلّ علّة محرّكة، وكلّ سبب مهيّج.
قال يحيى بن خالد لجعفر بن يحيى حين تقلّد الوزارة، وتكلّف النّهوض بأعباء الخلافة: «أي بنيّ، إنّي أخاف عليك العجز:
لعظيم ما تقلّدت، وجسيم ما تحمّلت. إني لست آمن أن تتفسّخ تحت ثقلها تفسّخ الجمل تحت الحمل الثّقيل. قال جعفر: لكنّي أرجو القوّة، وأطمع أن أستقلّ بهذا الثّقل وأنا مبتهل غير مبهور، وأجيء قبل السّوابق وأنا ثاني.(14/205)
يقول: وأنا ثاني عناني، لأنّي لم أجهد فرسي ركضا. قال يحيى: إن لكلّ رجاء سببا، فما سبب رجائك؟ قال: شهوتي لما أنا فيه، والمشتهي للعمل لا يجد من ألم الكدّ ما يجده العسيف «1» الأسيف. قال يحيى: إن نهضت بثقلها فبهذا، وإلّا فلا. وأنا أسأل الله أن يصرف شهوتك إلى حبّ ذلك، وهواك إلى الاحتفاظ بنعمتك: بشكر المصلحين، والتوكّل على ربّ العالمين.
وحقّ لمن كان من غرس المتوكّل على الله وابتدائه، ومن صنائعه واختياره، أن يخرّج على أدبه وتعليمه، وعلى تثقيفه وتقويمه، وأن يحقّق الله فيه الأمل، وينجز فيه الطّمع، وأن يمدّ له في السّلامة، ويجزل له من الغنيمة، ويطيّب ذكره، ويعلي كعبه، ويسرّ صديقه، ويكبت عدوّه.
وهذه نسخة رسالة تسمّى «الإغريضيّة» ، أرسلها أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرّي التّنوخي إلى أبي القاسم الحسين بن عليّ المغربي «2» ؛ وهي:(14/206)
[بسم الله الرحمن الرحيم وبه الإعانة] «1» .
السّلام «2» عليك أيّتها الحكمة المغربيّة، والألفاظ العربيّة؛ أيّ هواء رقاك، وأيّ غيث سقاك؛ برقه كالإحريض، وودقه مثل الإغريض «3» ؛ حللت الرّبوة، وجللت عن الهبوة «4» ؛ أقول لك ما قال أخو [بني] «5» نمير، لفتاة بني عمير:
زكا لك صالح وخلاك ذمّ ... وصبّحك الأيامن والسّعود!
لأنا آسف على قربك من الغراب الحجازيّ، على حسن الزّيّ، لمّا أقفر، وركب السّفر، فقدم جبال الرّوم في نوّ «6» ، أنزل البرس «7» من الجوّ،(14/207)
فالتفت إلى عطفه وقد شمط فأسي، وترك النّعيب أو نسي، وهبط إلى الأرض فمشى في قيد، وتمثّل ببيت دريد «1» :
صبا ما صبا حتّى علا الشّيب رأسه ... فلمّا علاه قال للباطل: ابعد!
وأراد الإياب، في ذلك الجلباب، فكره الشّمات، فكمد حتّى مات؛ وربّ وليّ أغرق في الإكرام، فوقع في الإبرام، إبرام السّأم، لا إبرام السّلم «2» ؛ فحرس الله سيدنا حتّى تدغم الطاء في الهاء «3» ، فتلك حراسة بغير انتهاء؛ وذلك أن هذين ضدّان، وعلى التّضادّ متباعدان، رخو وشديد، وهاد وذو تصعيد، وهما في الجهر والهمس، بمنزلة غد وأمس؛ وجعل الله رتبته التي [هي] «4» كالفاعل والمبتدا، نظير الفعل في أنها لا تنخفض أبدا، فقد جعلني: إن حضرت عرف شاني، وإن غبت لم يجهل مكاني، ك «يا» في النّداء، والمحذوف من الابتداء، إذا قلت: زيد أقبل، والإبل الإبل، بعد ما كنت كهاء الوقف إن ألقيت «5» فبواجب، وإن ذكرت فغير لازب «6» .
إنّي وإن غدوت [في زمان] «7» كثير الدّد، كهاء العدد، لزمت المذكّر، فأتت بالمنكر، مع إلف يراني في الأصل، كألف الوصل، يذكرني بغير «8» الثّناء، ويطّرحني عند الاستغناء، وحال كالهمزة تبدل العين،(14/208)
وتجعل بين بين، وتكون تارة حرف لين، وتارة مثل الصّامت الرّصين، فهي لا تثبت على طريقة، ولا تدرك لها صورة في الحقيقة «1» ، ونوائب ألحقت الكبير بالصّغير، كأنها ترخيم التّصغير، ردّت المستحلس إلى «حليس» ، [وقابوس] «2» إلى قبيس؛ لأمدّنّ صوتي بتلك الآلاء، مدّ الكوفيّ صوته في هؤلاء، وأخفّف عن حضرة سيدنا [الوزير] «3» الرّئيس الحبر، تخفيف المدنيّ ما قدر عليه من النّبر «4» ؛ إن كاتبت فلست «5» ملتمس جواب، وإن أسهبت في الشّكر فلست «6» طالب ثواب، حسبي ما لديّ من أياديه، وما غمر(14/209)
من فضل السّيّد الأكبر أبيه، أدام الله لهما القدر «1» ما دام الضّرب الأوّل من الطّويل صحيحا «2» ، والمنسرح خفيفا سريحا؛ وقبض الله يمين عدوّهما عن كلّ معن، قبض العروض من أوّل وزن «3» ، وجمع له المهانة إلى التّقييد، كما جمعا في ثاني المديد «4» ، وقلم قلم الفسيط، وخبل كسباعيّ البسيط «5» ، وعصب [الله] الشّرّ بهامة شانئهما وهو مخزوّ، عصب الوافر الثّالث «6» وهو مجزوّ، بل أضمرته الأرض إضمار ثالث الكامل «7» ، وعداه أمل الآمل،(14/210)
وسلّم سيّدانا أعزّ الله نصرهما ومن أحبّاه وقرّباه سلامة متوسّط المجموعات «1» ، فإنه آمن من المروّعات؛ فقد افتننت في نعمهما الرّائعة، كافتنان الدّائرة الرّابعة، وذلك أنّها أمّ ستّة موجودين، وثلاثة مفقودين «2» .
وأنا أعد نفسي مراسلة حضرة سيدنا الجليلة عدة ثريّا اللّيل «3» ، وثريّا سهيل «4» ، هذه القمر، وتلك عمر «5» ، وأعظّمه في كلّ وقت، إعظاما في مقة وبعض الإعظام في مقت «6» ؛ فقد نصب للآداب قبّة صار الشّام فيها كشامة المعيب، والعراق كعراق الشّعيب «7» ؛ أحسب ظلالها من البردين «8» ، وأغنت(14/211)
العالم عن الهندين، هند الطّيب، وهند النّسيب، ربّة الخمار، وأرباب قمار، أخدان التّجر، وخدينة الهجر «1» ..
«2» ما حاملة طوق من اللّيل، وبرد من المرتبع مكفوف الذّيل، أوفت الأشاء، فقالت للكئيب ما شاء؛ تسمعه غير مفهوم، لا بالرّمل ولا بالمزموم؛ كأن سجيعها قريض، ومراسلها الغريض؛ فقد ماد لشجوها العود، وفقيدها لا يعود؛ تندب هديلا فات، وأتيح له بعض الآفات «3» - بأشوق إلى هديلها من عبده إلى مناسمة أنبائه، ولا أوجد على إلفها منه على زيارة فنائه؛ وليست الأشواق، لذوات الأطواق، ولا عند السّاجعة، عبرة متراجعة، إنما رأت الشّرطين «4» ، قبل البطين، والرّشاء بعد العشاء، فحكت صوت الماء في الخرير، وأتت براء دائمة التّكرير، فقال جاهل فقدت حميما، وثكلت ولدا كريما «5» : وهيهات يا باكية، أصبحت فصدحت، وأمسيت فتناسيت؛ لا همام لا همام «6» ، ما رأيت أعجب من هاتف الحمام: سلم فناح، وصمت وهو(14/212)
مكسور الجناح؛ إنّما الشّوق لمن يدّكر في كلّ حين، ولا يذهله مضيّ السّنين.
وسيّدنا الوزير أطال الله بقاءه القائل النّظم في الذّكاء مثل الزّهر، وفي النّقاء مثل الجوهر، تحسب بادرته التّاج؛ ارتفع عن الحجاج «1» ، وغابرته الحجل في الرّجل؛ يجمع بين اللّفظ القليل، والمعنى الجليل، جمع الأفعوان في لعابه بين القلّة وفقد البلّة «2» ؛ خشن فحسن، ولان فما هان؛ لين الشّكير، يدلّ على عتق المحضير «3» ، وحرش الدّينار آية كرم النّجار؛ فصنوف الأشعار بعده كألف السّلم، يلفظ بها في الكلام، ولا تثبت لها هيئة بعد اللّام، خلص من سبك النّقد خلوص الذّهب من اللهب، واللّجين من يد القين، كأنّه لآل في أعناق حوال، وسواه لطّ في عنق ثطّ «4» ، ما خانته قوّة الخاطر الأمين، ولا عيب بسناد ولا تضمين «5» ؛ وأين النّثرة «6» من العثره،(14/213)
والغرقد من الفرقد؟؛ فالسّاعي في أثره فارس عصا بصير، لا فارس عصا قصير «1» .
وأنا ثابت على هذه الطّويّة ثبات حركة البناء «2» ، مقيم تلك الشّهادة بغير استثناء، غنيّ عن الأيمان فلا عدم، مقسم على ما قلت فلا حنث ولا ندم؛ وإنّما تخبأ الدّرّة للحسناء الحرّة، ويجاد باليمين في العلق الثّمين، ما أنفسه خاطرا امترى الفضّة من القضّة، والوصاة من مثل الحصاة «3» ؛ وربّما نزعت(14/214)
الأشباه، ولم يشبه المرء أباه؛ ولا غرو لذلك: الخضرة أمّ اللهيب، والخمرة بنت الغربيب «1» .
وكذلك سيدنا: ولد من سحر المتقدّمين، حكمة للحنفاء المتديّنين؛ كم له من قافية تبني السّود «2» ، وتثني الحسود، كالميت، من شرب العاتقة الكميت: نشوره قريب، وحسابه تثريب «3» ؛ أين مشبّهو النّاقة بالفدن، والصّحصح برداء الرّدن «4» ؛ وجب الرّحيل، عن الرّبع المحيل؛ نشأ بعدهم واصف، غودر رأله كالمناصف «5» ، إذا سمع الخافض صفته للسّهب الفسيح، والرّهب الطّليح، ودّ أنّ حشيّته بين الأحناء، وخلوقه عصيم الهناء «6» ، وحلم بالقود في الرّقود، وصاغ برى ذوات الأرسان، من برى البيض الحسان، شنفا لدرّ النّحور، وعيون الحور، وشغفا بدرّ بكيّ، وعين مثل الرّكيّ «7» ، وإعراضا عن بدور، سكنّ في الخدور، إلى [حول] «8» ،(14/215)
كأهلّة المحول؛ فهنّ أشباه القسيّ، ونعام السّيّ «1» ؛ وإن أخذ في نعت [الخيل] «2» فيا خيبة من سبّه «3» الأوابد بالتّقييد، وشبّه الحافر بقعب الوليد «4» ، نعتا غبط به الهجين المنسوب، والبازيّ اليعسوب، إذ رزق من الخير، ما ليس لكثير من سباع الطّير؛ وذلك أنه على الصّغر، سمّي بعض الغرر؛ وقد مضى حرس «5» ، وخفت جرس؛ وللقالع «6» ، أبغض طالع، والأزرق، يجنّبك عنه الفرق.
فالآن سلمت الجبهة من المعض، وشمل بعضها بركات بعض، فأيقن النّطيح، أنّ ربّه لا يطيح، والمهقوع، نجاء «7» راكبه من الوقوع، فلن يحرب، قائد [المغرب] «8» ، ولن يرجل، سائس الأرجل «9» ، والعاب، وإن لحق الكعاب «10» ، فإنّه ناكب، عن ناقلات المراكب. وقالت خيفانة امريء(14/216)
لقيس: الدّبّاءة، لراعي المباءة «1» ، والأثفيّة، للقدر الكفيّة، نقما على جاعل [عذرها] «2» كقرون العروس، وجبهتها كمحذّف التّروس «3» ؛ وأنّى للكنديّ، قواف كهجمة السّعدي «4» :
إذا اصطكّت بضيق حجرتاها ... تلاقى العسجديّة واللّطيم
«5» ! فالقسيب «6» ، في تضاعيف النّسيب، والشّباب في ذلك التّشبيب؛ ليس رويّه «7» بمقلوب، ولكنّه من إرواء القلوب؛ قد جمع أليل ماء الصّبا، وصليل ظماء الظّبا «8» ؛ فالمصراع كوذيلة الغريبة «9» ، حكت الزّينة والرّيبة، وأرت الحسناء سناها، والسّمجة ما عناها؛ فأما الرّاح فلو ذكرها لشفت من الهرم، وأنتفت من الكرم إلى الكرم، ولم ترض دنان العقار، بلباس القار، ونسج العناكب، على المناكب، ولكن تكسى من وشي ثيابا، ويجعل طلاؤها(14/217)
زريابا «1» ؛ ولقد سمعته ذكر خيمة يغبط المسك جارها من الشّيام، ويودّ سعد الأخبية أنه سعد الخيام «2» .
ووقفت على «مختصر إصلاح المنطق» الذي كاد بسماة الأبواب، يغني عن سائر الكتاب، فعجبت كلّ العجب من تقييد الأجمال، بطلاء الأحمال «3» ؛ وقلب البحر، إلى قلت النّحر «4» وإجراء الفرات، في مثل الأخرات «5» ؛ شرفا له تصنيفا شفى الرّيب، وكفى من ابن قريب «6» ، ودلّ على جوامع اللّغة بالإيماء، كما دلّ المضمر على ما طال من الأسماء.
أقول في الإخبار: أمرت أبا عبد الجبّار؛ فإذا أضمرته، عرف متى قلت: أمرته؛ وأبلّ من المرض والتّمريض، بما أسقط من شهود القريض؛ كأنّهم في تلك الحال، شهدوا بالمحال، عند قاض، عرف أمانتهم بالانتقاض، على حقّ علمه بالعيان، فاستغنى فيه عن كلّ بيان.
وقد تأمّلت شواهد «إصلاح المنطق» فوجدتها عشرة أنواع في عدّة إخوة الصّدّيق، لمّا تظاهروا على غير حقيق، وتزيد على العشرة بواحد، كأخ ليوسف لم يكن بالشّاهد. والشّعر الأوّل وإن كان سبب الأثرة، وصحيفة(14/218)
المأثرة، فإنه كذوب القالة، نموم الإطالة؛ وإنّ «قفانبك» [على حسنها] «1» ، وقدم سنّها، لتقرّ بما يبطل شهادة العدل الرّضا، فكيف بالبغيّ الأنثى؟! قاتلها الله عجوزا لو كانت بشريّة، كانت من أغوى البريّة. وقد تمادى بأبي يوسف رحمه الله الاجتهاد، في إقامة الأشهاد، حتى أنشد رجز الضّبّ «2» ، وإن معدّا من ذلك لجدّ مغضب؛ أعلى فصاحته يستعان بالقرض، ويستشهد بأحناش الأرض «3» ؟! ما رؤبة عنده في نفير «4» ، فما قولك في ضبّ دامي الأظافير؟! ومن نظر في كتاب يعقوب وجده كالمهمل، إلا باب فعل وفعل، فإنّه مؤلّف على عشرين حرفا: ستّة مذلّقة «5» ، وثلاثة مطبقة «6» ، وأربعة من الحروف الشّديدة «7» ، وواحد من المزيدة «8» ، ونفيثتين: الثّاء والذّال، وآخر متعال «9» والأختين العين والحاء، والشّين مضافة إلى حيّز الراء.
فرحم الله أبا يوسف لو عاش لفاظ كمدا، أو احفاظّ حسدا «10» ؛ سبق ابن السّكّيت ثم صار السّكيت «11» ، وسمق ثم حار «12» وتدا للبيت؛ كان الكتاب(14/219)
تبرا في تراب معدن، بين الحثّ وبين المتّدن «1» ؛ فاستخرجه سيّدنا واستوشاه «2» ، وصقله فكره ووشّاه، فغبطه النّيّرات على التّرقيش، والآل النّقيش «3» ؛ فهو محبوب ليس بهين، على أنه ذو وجهين؛ ما نمّ قطّ ولا همّ، ولا نطق ولا أرمّ «4» ، فقد ناب في كلام العرب الصّميم، مناب مرآة المنجّم في علم التّنجيم؛ شخصها ضئيل ملموم، وفيها القمران والنّجوم.
وأقول بعد في إعادة اللّفظ: إنّ حكم التّأليف في ذكر الكلمة مرّتين، كالجمع في النكاح بين الأختين: الأولى حلّ يرام، والثانية بسل «5» حرام؛ كيف يكون في الهودج لميسان، وفي السّبّة «6» خميسان؛ يا أمّ الفتيات حسبك من الهنود، ويا أبا الفتيان شرعك من السّعود؛ عليك أنت بزينب ودعد، وسمّ أيّها الرّجل بسوى سعد؛ ما قلّ أثير، والأسماء كثير.
مثل يعقوب مثل خود «7» كثيرة الحليّ ضاعفته على التّراق، وعطّلت الخصر والسّاق؛ كان يوم قدوم تلك النّسخة يوم ضريب «8» حشر الوحش مع الإنس، وأضاف الجنس إلى غير الجنس؛ ولم يحكم على الظّباء، بالسّباء، ولا رمى الآجال، بالأوجال؛ ولكنّ الأضداد تجتمع، فتستمع؛ وتنصرف بلذّات، من غير أذاة؛ وإن عبده موسى لقيني نقابا «9» ؛ فقال: هلمّ كتابا؛ يكون لك شرفا، وبموالاتك في حضرة سيدنا- أطال الله بقاءه- معترفا؛(14/220)
فتلوت عليه هاتين الآيتين: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى
«1» . وأحسبه رأى نور السّؤدد فقال لمخلّفيه، ما قاله موسى صلّى الله عليه لأهليه: إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً
«2» ، فليت شعري: ما يطلب؟ أقبس ذهب؟ أم قبس لهب؟
بل يتشرّف بالأخلاق الباهرة، ويتبرك بالأحساب الطاهرة:
باتت حواطب ليلى يقتبسن «3» لها ... جزل الجذا غير خوّار ولا دعر!
«4» وقد آب من سفرته الأولى ومعه جذوة من نار قديمة: إن لمست فنار إبراهيم، أو أونست فنار الكليم؛ واجتنى بهارا حبت به المرازبة كسرى، وحمل في فكاك الأسرى، وأدرك نوحا مع القوم، وبقي غضّا إلى اليوم؛ وما انتجع موسى إلا الرّوض العميم، ولا اتّبع إلا أصدق مقيم «5» ؛ وورد عبده الزّهيريّ من حضرته المطهّرة وكأنّه زهرة بقيع «6» ، أو وردة ربيع، كثيرة الورق، طيّبة العرق؛ وليس هو في نعمته كالرّيم، في ظلال الصّريم «7» ؛ والجاب، في السّحاب المنجاب «8» ؛ لأن الظلام يسفر، والغمام ينسفر؛ ولكنّه مثل النّون في اللّجّة، والأعفر تحت جربة «9» .(14/221)
وقد كنت عرّفت سيدنا في ما سلف أن الأدب كعهود في غبّ «1» عهود، أروت النّجاد فما ظنّك بالوهود؟؛ وأنّي نزلت من ذلك الغيث ببلد طسم «2» ، كأثر الوسم؛ منعه القراع، من الإمراع؛ «يابوس، بني سدوس» «3» العدوّ حازب، والكلأ عازب «4» ؛ يا خصب بني عبد المدان؛ ضأن في الحربث وإبل «5» في السّعدان؛ فلما رأيت ذلك أتعبت الأظلّ «6» ، فلم أجد إلّا الحنظل، فليس في اللّبيد، إلا الهبيد «7» ؛ جنيته من شجرة اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار. لبن الإبل عن المرار مرّ، وعن الأراك طيّب حرّ «8» .
هذا مثلي في الأدب، فأما في النّشب «9» ، فلم تزل لي بحمد الله تعالى وبقاء سيّدنا بلغتان: بلغة صبر، وبلغة وفر، أنا منهما بين اللّيلة المرعيّة، واللّقوح الرّبعيّة «10» ، هذه عام، وتلك مال وطعام، والقليل، سلّم إلى(14/222)
الجليل، كالمصلّي يريغ الضّوء «1» ، بإسباغ الوضوء، والتّكفير، بإدامة التّعفير، وقاصد بيت الله يغسل الحوب، بطول الشّحوب.
وأنا في مكاتبة حضرة سيّدنا الجليلة، والميل عن حضرة سيّدنا الأجلّ والده- أعزّ الله نصره- كسبا بن يعرب، لما ابتهل في التّقرّب، إلى خالق النّور، ومصرّف الأمور، نظر فلم ير أشرق «2» من الشّمس يدا، فسجد لها تعبّدا. وغير ملوم سيّدنا لو أعرض عن شقائق النّعمان الرّبيعيّة «3» ، ومدائحه اليربوعيّة «4» ؛ مللا من أهل هذه البلد المضاف إلى هذا الاسم؛ فغير معتذر، من أبغض لأجلهم بني المنذر، وهم إلى حضرته السّنيّة رجلان: سائل، وقائل؛ فأمّا السّائل فألحّ، وأما القائل فغير مستملح؛ وقد سترت نفسي عنها ستر الخميص، بالقميص؛ وأخي الهتر، بسجوف السّتر، فظهر لي فضله الذي مثله مثل الصّبح إذا لمع تصرّف الحيوان في شؤونه وخرج من بيته اليربوع، وبرز الملك من أجلّ الرّبوع، وقد يولع الهجرس «5» ، بأن يجرس، في البلد الجرد، قدّام الأسد الورد. وإني خبّرت أن تلك الرسالة الأولى عرضت بالمعرض الكريم «6» : فأوجب ذلك رحيل أختها، متعرّضة لمثل بختها؛ وكيف لا تنفع «7» ، وفي اليم تقع، وهي بمقصد سيّدنا فاخرة، ولو نهيت الأولى لا نتهت الآخرة.(14/223)
كملت الرسالة [التي كتبها أبو العلاء إلى الوزير الكامل أبي القاسم المغربي] «1» قلت: وهذه رسالة أنشأتها في تقريض المقرّ الكريم الفتحيّ «2» ، أبي المعالي فتح الله، صاحب دواوين الإنشاء بالديار المصرية والممالك الإسلاميّة، أدام الله تعالى معاليه، في شهور سنة أربع عشرة وثمانمائة؛ وهي:
الحمد لله الذي جعل الفتح محطّ رحال القرائح الجائدة، ومستقرّ نواها، ومحيط دائرة الأفكار الواردة، ومركز شعاع كواها، ومادّة عناصر الأفهام الجائلة، وعتاد شكيمة قواها.
نحمده على أنّ خصّ المملكة المصرية من إيداع سرّها المصون بأوسع صدر رحيب، وأنهض بتدبير مصالحها من إذا سرت كتائب كتبه إلى عدوّ أنشد من شدّة الفرق: قفانبك من ذكرى حبيب، وأقام لنصرتها بأسل الأقلام وصفاح المهارق «3» من إذا طرقها على البعد طارق تلا لسان يراعته: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ
«4» ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تسير بها برد الهداية إلى آفاق الأخلاق فتشيّد لقلاع الإيمان بأقطار القلوب أركانا، وترقم أسرار شعائرها بنقس «5»
القبول في صحف الإقبال فتبدّل داعيها بإذاعة خبرها من الإسرار إعلانا، وتدين بطاعتها ملوك الممالك(14/224)
النائية خضوعا فتتّخذ كتب رسائلها على المفارق بعد اللّثم تيجانا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل نبيّ سنّ المعروف وندب إليه، وأكرم رسول جعل خير بطانتي الملك التي تأمره بالخير وتحثّه عليه، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين سلكوا في السّير سبيله واتّبعوا في السّيرة سننه واقتفوا فيه سننه، واتّبعوا في المعروف آثاره فتلا عليهم تالي الإخلاص: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
«1» ، صلاة تتناقل على مرّ الزمان أخبارها، ويتصدّى لروايتها من الأمّة على تمادي الدّهر أحبارها، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن رياسة أهل الدّول تتفاوت باعتبار قرب الرئيس من ملكه في مخاطبته ومناجاته، واعتماد تصرّفه في أمور دولته وتنفيذ مهمّاته، والاستناد على رأيه في جليل خطوبه وعظيم ملمّاته:
فعال تمادت في العلوّ كأنّما ... تحاول ثأرا عند بعض الكواكب
ولا خفاء أنّ صاحب ديوان الإنشاء من هذه الرتبة بالمحلّ الأرفع، والمنزلة التي لا تدافع ولا تدفع، والمقام الذي تفرّد بصدارته فكان كالمصدر لا يثنّى ولا يجمع؛ إذ هو كليم الملك ونجيّه، ومقرّب حضرته وحظيّه، بل عميد المملكة وعمادها، وركنها الأعظم وسنادها، حامي حومتها وسدادها، وعقدها المتّسق ونظامها، ورأس ذروتها العلياء وسنامها، وجهينة خبرها، وحقيبة وردها وصدرها، ومبلّغ أنبائها وسفيرها، وزند رأيها الموري ومشيرها.
فحيّهلا بالمكرمات وبالعلى ... وحيّهلا بالفضل والسّؤدد المحض
هذا، وهو الواسطة بين الملك ورعيّته، والمتكفّل لقصيّهم بدرك قصده وبلوغ بغيته، والمسعد للمظلوم من عزائم توقيعاته بما يقضي بنصرته؛(14/225)
وحينئذ فلا يصلح لها إلا من كان من كرام الخيم «1» بارز الخيام لاصطناع المعروف، ومع سموّ الرّتبة سامي الهمّة لإغاثة الملهوف، ومع عزّ الجناب لدى ملكه ليّن الجانب لذي المسألة، ومع قربه بحضرة سلطانه قريبا من الرّعيّة حتّى من المسكين والأرملة.
وغير خاف أن كلّ وصف من هذه الأوصاف مع مقابله كالضّدّين اللّذين لا يجتمعان بحال، والنّقيضين اللّذين قضى العقل بأنّ الجمع بينهما محال، وأنّى يجتمع العالي والهابط، والمرتفع والسّاقط؟ أم كيف تتّصل الأرض بالسّماء، أو يقع امتزاح عنصر النّار بعنصر الماء؟ ومن ثمّ عزّ هذا المطلب لهذه الوظيفة حتّى إنّه لأعزّ من الجوهر الفرد، وقلّ وجوده حتّى لم يوجد إلا في الواحد الفذّ [الفرد] ، فلا تراه إن تراه إلا في حيز النّادر، ولا تظفر به إلا ظفرك ببيض الأنوق «2» إن كان يظفر به ظافر؛ إلا أنه ربّما سمح الدّهر فأتى بالفذّ من هذا النّوع في الزّمن المتباعد، أو أسعد الدّهر فأسعف بالواحد بعد ألف واحد.
ثم قد مضت برهة من الأيام وجيد ديوان الإنشاء من نظر من هو متّصف ببعض هذه الأوصاف عاطل، والدّهر يعد بمن يقوم فيه بتفريج كربة الملهوفين ولكنّه يماطل:
يرفّه ما يرفّه في التّقاضي ... وليس لديه غير المطل نقد!
إلى أن طلع نيّر الزّمان وتوضّح شروقه، وظهرت تباشير صباحه وأفل بطلوع السّعد عيّوقه «3» ، فأقبلت الدولة الظاهرية بسعادتها، وتلقّتها الأيام الناصرية جارية منها على وفق عادتها، ووفّر للدّولتين من انتخاب الأصفياء(14/226)
قسمتها، ومخضت لها الرّأي الصائب حتّى ظهرت في الوجود زبدتها؛ فكان خلاصة اصطفائهما، وزبدة انتقائهما، المقرّ الأشرف، العاليّ، المولويّ، القاضويّ، الكبيريّ، السّفيريّ، المشيريّ، الفتحيّ، نظام الممالك الإسلامية وزمام سياستها، ومنفّذ أمورها، وجامع رآستها؛ أبو المعالي فتح الله صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية، زاد الله تعالى في ارتقائه على تعاقب الدّول، وأجراه من خفيّ اللّطف على أجمل العوائد وقد فعل، فألقي إليه من أسرار المملكة مقاليدها، واتّفقت بحسن سفارته باتّفاق الرّواة أسانيدها، فنفذت بتنفيذه أمورها، وكملت بصحيح رأيه كسورها، فجرت الأمور بحسن تدبيره على السّداد، ومشت الأحوال بلطف سفارته على أتمّ المراد، واعترفت له الكافّة بالسّيادة فأطاعت، وعرفت له الرّعية تقدّمه في الرآسة فرعت حرمته وراعت.
وإنّ أمور الملك أضحى مدارها ... عليه كما دارت على قطبها الرّحى!
قد استعبد الخطّ فأصبح له كالخديم، وأتى من المعروف بكلّ غريب فأنسى من أثر عنه ذلك في الزّمن القديم؛ فلو رآه «خالد بن برمك» لأحجم عن ملاقاته عظما، أو ناوأه «يحيى بن خالد» لمات من مناوأته عدما، أو سابقه «الفضل وجعفر» ابناه لسبقهما كرما:
مناقب لو أنّي تكلّفت نسخها ... لأفلست في أقلامها ومدادها!
أو سمع به «الحسن بن سهل» لقطع إليه الحزن والسّهل، أو بصر به «الفضل» أخوه، لما رأى أنه للفضل أهل، أو عاينه «أبو عليّ بن مقلة» لعلم أنه فاقه حظّا وخطّا، أو نظر «ابن هلال» إلى أهلّة نوناته لتحقّق أنه سبقه إلى تحرير هندسة الحروف وما أخطا:
إذا أخد القرطاس خلت يمينه ... تفتّح نورا أو تنظّم جوهرا!
فإن تكلّم أتى من بيانه بالسّحر الحلال، أو حاور أتى من البلاغة بما(14/227)
يقصّر عن رتبته «سحبان» في المقال، أو ترسّل أعيى «عبد الحميد» في رسائله، أو كتب رتعت من روض خطّه في زهر خمائله:
يؤلّف اللّؤلؤ المنثور منطقه ... وينظم الدّرّ بالأقلام في الكتب!
فرأيه السيف لا ما صنع الهند، وعقله الصّارم لا ما استودع الغمد:
ففي رأيه نجح الأمور ولم يزل ... كفيلا بإرشاد الحيارى موفّقا!
أقلامه تزري بالصّوارم وتهزأ بالأسل، وتجري بصلة الأرزاق فتزيد على الأماني وتربو على الأمل:
بت جاره فالعيش تحت ظلاله ... واستسقه فالبحر من أنوائه!
فمكارمه تغني من الإملاق، وبواكره بالإسعاد تبادر الغدوّ والإشراق، وعطاياه تسير سير السّحاب فتمطر الغيث على الآفاق.
كريم مساعي المجد يركب نجدة ... من الشّرف الأعلى وبذل الفواضل
قد خدمته الحظوظ وأسعدته الجدود، وقسمت المنازل السّنيّة فكان له منها سعد السّعود:
لو عدّد الناس ما فيه لما برحت ... تثني الخناصر حتّى ينفد العدد!
فلو غرس الشّوك أثمر العنباء «1» أنّى أرادها، أو حاول العنقاء في الجوّ لصادها، أو زرع في السّباخ «2» لكان ذلك العام والسّنة الخصبة، ولضوعفت مضاعفة حسناته فأنبتت كلّ حبّة سبع سنابل في كلّ سنبلة مائة حبّة:
وإذا السعادة لا حظتك عيونها ... نم فالمخاوف كلّهن أمان
واصطد بها العنقاء فهي حبائل ... واقتد بها الجوزاء فهي عنان!(14/228)
قد لبس شرفا لا تطمع الأيام في خلعه، وتقمّص من الفضل جلبابا لا تتطلّع الأيام إلى نزعه، وانتهى إليه المجد فوقف، وعرف الكرم مكانه فانحاز إليه وعطف.
فقصرت عنه خطا من يجاريه، وضاق عنه باع من يباريه:
نالت يداه أقاصي الكرم الّذي ... مدّ الحسود إليه باعا ضيّقا!
فمناقبه تسبق أقلام الكاتب، وتستغرق طاقة الحاسب؛ لسس لارتفاعها غاية، ولا لتداولها نهاية؛ فلا توفي جامعة بشرطها، ولا تقوم جريدة ببسطها:
وقد وجدت مكان القول ذا سعة ... فإن وجدت لسانا قائلا فقل!
قد هتف بمدحه خطباء الأقلام على منابر الطّروس، ونطقت بفضله أفواه المحابر فنكّست لرفعة قدره شوامخ الرّؤوس، وطلعت في أفق المهارق سعود إيالته السعيدة فأفلت لوجوده النّحوس، ورقمت محاسنه بنقس اللّيل على صفحات النّهار فارتسمت، وحملت أخبار معروفه فتزاحمت الآفاق على انتشاق أرج ريحه العبقة واستهمت:
لقد كرمت في المكرمات صفاته ... فما دخلت لاء عليها ولا إلّا!
اتّفقت الألسنة على تقريضه فمدح بكلّ لسان، وتوافقت القلوب على حبّه فكان له بكلّ قلب مكان، واستغرقت ممادحه الأزمنة والأمكنة فاستولى شكره على الزّمان والمكان:
ولم يخل من إحسانه لفظ مخبر ... ولم يخل من تقريضه بطن دفتر!
على أنّي أستقيل عثرتي من التّقصير في إطرائه، والتّعرّض من مدحه لما لا أنهض بأعبائه؛ فلو أن «الجاحظ» نصيري، و «ابن المقفّع» ظهيري، و «قسّ بن ساعدة» يسعدني، و «سحبان وائل» ينجدني، و «عمرو بن الأهتم» يرشدني، لكان اعترافي بالعجز في مدحه أبلغ مما آتيه، وإقراري بالتّقصير في شكره أولى مما أصفه من توالي طوله وأياديه:(14/229)
ولو أنّ لي في كلّ منبت شعرة ... لسانا يطيل الشّكر فيه لقصّرا!
وهذه نسخة رسالة للشيخ الإمام العالم معين الدّين تاج العلماء، خطيب الخطباء، زين الأئمة، قدوة الشّريعة، الصّدر أبي الفضل يحيى بن جعفر «1» بن الحسين بن محمد الحصكفي رحمه الله، سماها: «عتاب الكتّاب، وعقاب الألقاب، المشتملة على أصول الغريب والإغراب» وهي:
عذيري من وزراء النصبة وكتّابها، وكبراء الدّسوت وأربابها، وأواخي الدّول وأطنابها، ونوّاب الدّواوين وأنيابها «2» ، وجباة بيوت الأموال، والسّعاة في زمّ نشر الأحوال، وساسة الممالك، وصحف أسرار المآلك «3» ، الشّامخين بأنوف التّيه والكبرياء، والسّاحبين ذيول العجب والخيلاء، الرّافلين في حلل البهاء، والغافلين عن فروض العلاء، الذين تبوّؤوا السّؤدد من غير سداد، وتسنّموا الرّتب بلا إعداد، فكأنهم الحاصب، وعدوّ الله المناصب؛ شغلهم الأشر والفجور، وكلّ على بسطته يجور؛ همهم محح «4» الأجراح، وشجّ الراح بالماء القراح، وامتطاء المرد، والعتاق الجرد؛ أملهم تنجيد الأفنية، وتشييد الأبنية، والزّيادة في الرّقيق والكراع والخول والاتباع، وليس بغال، كثرة خيل وبغال، بما باعوه من الورع والدّيانة وأضاعوه من العفة والصّيانة:
قد ملكوا الدّنيا على غرّة ... ونافسوا فيها السّلاطينا!(14/230)
توزّعوا الدّولة والملك والحضرة والإسلام والدّينا
شادوا بأعمالهم دورهم ... وأخربوا فيها الدّواوينا
عفّوا وما عفّوا بأقلامهم ... مساكنا تحوي مساكينا
غرّتهم الدّنيا بأن أظهرت ... عن غلظة تضمرها لينا
والدّهر كم جرّع في مرّة ... مرّا وحينا ساقه حينا
يا أنفسا ذلّت بإتيانهم ... ويك أتأتين الأتاتينا
لا ترغبي في رسلهم إنّما ... تمرين في القعب الأمرّينا!
وكان يجدي القصد لو أنّهم ... يدرون شيئا أو يدرّونا.
موتى همو فليك تقريظهم ... إن كنت لا تأبين، تأبينا
لا يعتني الفضل بإطراء من ... يكون فيه الهجو مغبونا
لو رمت شيئا دون أقدارهم ... لهجوهم لم تجد الدّونا!!!
قد أخلدوا إلى الوضاعة، عن تحصيل البضاعة، وكفاهم من البراعة، بري اليراعة، وعنوا باسوداد اللّيقة «1» ، عن سؤدد الخليقة، وأحالوا على الرّمم، عند قصور الهمم؛ ومن أعظم الآفات، فخرهم بالعظم الرّفات.
وكأنّهم لصميم هاشم ... أو من لهاميم العباشم «2»
غشموا فما يغشاهم ... بالطّوع إلا كلّ غاشم
لا يعين أحدهم على مروّة، ولا ينعش ذا أخوّة، ولا يرعى وارث أبوّة، ولو اعتزى إلى بنوّة؛ فهو غير آس بجوده، ولا مواس بموجوده؛ يروقك كيّسه والغلام، وتروعك دويّه والأقلام؛ فإذا استنطق قلمه الصّامت، أجذل عدوّه الشّامت؛ فزاد أدراجه ناقصا، وعاد على أدراجه ناكصا.
فهو الذي أملى لهم حلمه ... مع الخنا والنّكد الباهض:(14/231)
لو أنّني ولّيت تأديبهم ... شفيت صدر النّقه «1» النّاهض!
من ناظر يضحي بلا ناظر ... وعارض يمسي بلا عارض
ومشرف للدين ما قصده ... في الوطب «2» إلا زبدة الماخض
وخازن إن لفّ مرضاته ... من حلوهم عفّ عن الحامض
ومن خبيث جاءنا ذكره ... في الذّكر بين البكر والفارض
وكاتب لو أنصفوا مهره ... لكان أولى منه بالرّائض!!
إن وقّع، رأيت اللّفظ المرقّع، وإن أطال وأسهب، أذال عرضه وأنهب، وكان أحقّ بتقليد الفهود، عند تقليد العهود، وأولى بشطر المناشير، عن سطر المناشير، وأجدر بقبض الرّوح، إذا انبسط للشّروح، وأخذ في ذكر الوقائع والفتوح، كفّه بالجلم «3» ، أولى منها بالقلم، وأخلق بالمسحاة، من السّحاة، وأليق بالفؤوس، من الطّروس، يبري ويقطّ، ولا يدري ما يخطّ، إذ ليس في السّفط، غير السّقط؛ إن فاتحته أو طارحته، ظفرت بغصّة الماتح «4» ، وخشر المفاتح؛ إن خطّ: فنونه كلامه، وخلط فنونه في كلامه.
إن وقّعوا وقعوا في ذمّ كلّ فم ... أو أنفذوا أنفذتهم أسهم الكلم
أو قلّدوا قلّدوا خزيا يجلّلهم ... أو أقطعوا قطّعوا شتما بجعلهم
أراقم المال والأعمال إن رقموا ... جاؤوا من الرّقم والألفاظ بالرّقم
فالله يأخذ منهم للدّواة ... وللأنقاس بالحقّ والقرطاس والقلم!!
فالجديد بهم سمل، والسّوام بينهم همل، ولا علم عندهم ولا عمل؛ لهفي على الفضل المذال، برفعة الأنذال، وضياع الحقوق، وانصياع البيضة عن العقوق.(14/232)
ثم ما على سيّدنا الوزير، مع اصطحاب البمّ والزّير «1» ، ونفاق سوقه، وانغماسه في فسوقه، واتّصال صبوحه بغبوقه، وتخلّيه في البهو، للّعب واللهو، من ظهر غيّ يركب، وذي يسار ينكب، وساع يشي، وراع يرتشي، ورسوم حيف تجدّد، وسوآت تعدّد، ما يضرّه من شكوى الجارح البغاث «2» ، وصريخ لا يغاث، ووال يعسف بأهل مصره، وإن شركه في إصره، وقاض لا ينصف الرّعية، ولا يتّبع القضايا الشّرعية، وفقيه يسفّ إلى تحصيل عرض زائل، وتعجيل غرض من سائل؛ ماله ولحفظ المال، ومحاسبة العمال؟:
أم ما على العامل نمس الدّجاج ... إن نقص الكرم وزاد الخراج؟
عليه أن يحصل في كمّه ... شيء وإن أخلى جميع الخراج
وهو خراج عند ما ينتهي ... يبطّ بالمبضع ما في الخراج!!
شغلهم بالشّهد المشور، لا بمشهد يوم النّشور، وقصدهم الجمع والاكتساب، ومتى الجمع والحساب، إنما هو مال يحتقب «3» ، لا مآل يرتقب، وفساد في الأرض، لا إعداد ليوم العرض:
وإنّي لأرثي للمراتب تحتوي ... عليها قرود فوقهن برود
سراع إلى السّوآت فيما يشينهم ... ولكنّهم عما يزين ركود
يقاظ إذا ما ثوّب اللّؤم داعيا ... وعند نداء المكرمات رقود
وما غرّني إلّا جلاوز حولهم ... وإلا قيام بينهم وقعود
لقد حسدوا ظلما على ما أتاهم ... وهل لأخي نقص يسود حسود؟
وللسّيّد المحسود كفّ عن العلى ... تذود وأخرى بالنّوال تجود
لحا الله دنيانا التي ضلّ سعيها ... وفيها علينا بالضّلال شهود.(14/233)
إذا صغّرت كاسم الحسين محلّة ... علت وعلا فيها يزيد يزيد
إنما الصّدر من صدّره كماله، وحسنت أعماله، وجرّد العزمات، فشرّد الأزمات، ونفى بذبّه الكربات، واصطفى لربّه القربات، فسهّل الغنى، وأفعم الإنا، ووضع مواضع النّقب الهنا؛ فهو يهشّ للنّوال، ويبشّ عند السّؤال؛ لا يشوب ورده القذا، ولا يبطل منّه بالمنّ والأذى؛ يبشر بشره بمحاسن الأخلاق، وينشر نشره الطّيّب في الآفاق، ويحسم بدواته داء الإملاق، ويحرز بقصبته قصب السّباق:
يجرّدها من مثل وفضة نابل ... أجنّتها من نافذات المعابل
وفي خطّه المنسوب تزري شباتها ... بلهذم منسوب إلى الخطّ ذابل
وإن بذرت عن حبّة القلب أنبتت ... من البرّ قبل البرّ سبع سنابل!!
دؤوبه لإقالة العاثر، وعمارة الدّاثر، وإشاعة المآثر؛ همّه في معضلة تراض، ومعدلة تفاض، وخلل يسدّ، وجلل يصدّ، وعان بظهره يعان، وعات بقهره يهان؛ بابه مفتوح، وخيره ممنوح، وما أقلّ اللّائم، لمن أكثر الولائم، وأغفل الجادب، لمن صنع المآدب، وأخلص الإخاء، لمن استخلص السّخاء، فبذل الرّغوة والصّريح، والسّنام الإطريح «1» ، لا كمن يشحّ بالقتار، لفرط الإقتار، ويضنّ بالوضر «2» ، على المحتضر؛ ويبخل بالعراق «3» ، عمّن روحه في التّراق، ويسرّ الغميرة «4» ، لمن يبتغي الميرة، ويبطن الدّاء، لمن ينتظر الغداء، ويسعر الأحشاء، لمن ترقّب العشاء:(14/234)
مسلط سيرته نقمة ... وجائر قسمته ضيزى «1»
ليس بذي لبّ يملّ الثّأى ... ولا لباب يملأ الشّيزى «2» !
يحقد على الإخوان، عند ظهور الخوان؛ فتراه يحدّق، إلى من يشدّق، وينتقم، ممن يلتقم، ويذلّ الأكيل، ويحلّ به التّنكيل، ويبغض الشّرّيب، وإن كان الخدن القريب؛ فالحائن «3» من يرد، فيزدرد، والخائن من ينبسط، فيسترط «4» ؛ يشنأ من الأجراس، صوت الأضراس، وحشرجة البلاعم، بدحرجة المطاعم، وهرهرة الشّدوق، وجرجرة الحلوق، وقد صدّت حواجز بلواه، أفواها تصدّت لحلواه، وحكمت لجامه، بحكمة لجامه، وعدّت بكيوانه، لهى وعدت بألوانه؛ رغيفه أعرز «5» من الغريف، وأغرب من الشّيء الطّريف؛ صريف «6» بابه، دون صريف نابه، ويحكم صكّ بابه، عن كبابه، ويعدّ سديف جفانه، من سديف أجفانه، يمانع بلديده، عن سفّود قديده، ويصافح بصفحة وريده، عن صحفة ثريده؛ حمله من نجوم الحمل، وسمكه فوق السّماك الأعزل، وحوته بين الحوت والأسد، وجديه عند جدي الفرقد؛ دون عجّته ارتفاع العجاجة، وتحت دجاجته ذنب الدّجاجة:
يدرج في القدر درّاجه ... ليلقط الحبّ وطيهوجه «7»
ففي السّموات سماناته ... وعند ديك العرش فرّوجه(14/235)
يحرس مائدته الدّلو والعقرب، وهما منّا أدنى وأقرب؛ يعجبه التّثمير والاحتجان، ويلذّ له التّوفير والاختزان؛ وقصر مفاجأة أحوال، تصرّح عن أهوال؛ وكأنّك بالأيام بعد الابتسام، شاهرة للحسام؛ قد كشرت عن أنيابها العصل، في بكرها والأصل، وأجلت عن سليب مسحوب، لتنكّر مصحوب؛ وآخر يتردّد في البوس، ويخلّد في الحبوس؛ قد حصل على سلّة الحاوي، من سلة الحلاوي، ومن طعم العسل، على طعن الأسل، ومن العذب البارد، على حزّ المبارد:
تقبض من خطوه الكبول ... فهو على قيده يبول
خلا من الخير فهو طبل ... وهكذا تضرب الطّبول
يشكو إلى الله مستغيثا ... وما له عنده قبول
ذاك بما كان مستطيلا ... تردي دواهيه والميول!
فهم بين حصى تعصر، وقفا يقصر، وكعاب مثقوبة، وأنواع عقوبة؛ أو يقال فلان أنارته شعوب «1» ، ووارته الجبوب، واكتفى بسلفة الممات، من المقدّمات؛ وما ظنّك بالشّلو الطّريح، في ضنك الضّريح، تحته البرزخ الموصود، وفوقه الجبل المنضود؛ انظر كيف هجر بابه المقصود، وجانبت جنابه الوفود، وأخلقت رباعه، وتفرّقت أتباعه؛ ثم تشويه الحوب «2» ، أبشع من تشويه الشّحوب؛ وويل للقوم البور، من بعثرة القبور:
ويا خسار الأنفس الغاويه ... من بعد تلك الحفر الهاويه
وكلّ من خفّت موازينه ... فأمّه في بعثه هاويه
وليس يدري ويحه ماهيه ... نار على سكّانها حاميه!
أعاذنا الله من خلال يقضي جهلها بالشّنار، وأفعال تفضي بأهلها إلى النّار، بكرمه وإحسانه، وطوله وامتنانه.(14/236)
الصنف الثالث (من الرسائل المفاخرات؛ وهي على أنواع)
منها: المفاخرة بين العلوم.
وهذه نسخة رسالة في المفاخرة بين العلوم، أنشأتها في شهور سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، لقاضي القضاة شيخ الإسلام، علّامة الزمان، جلال الدّين «1» ، عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام، بقيّة المجتهدين، أبي حفص عمر البلقينيّ الكنانيّ، الشّافعيّ،- أمتع الله تعالى المسلمين ببقائه- ذكرت فيها نيّفا وسبعين علما، ابتدأتها بعلم اللّغة، وختمتها بفنّ التاريخ؛ ذاكرا فخر كلّ علم على الذي قبله، محتجّا عليه بفضائل موجودة فيه دون الآخر؛ وجعلت مصبّ القول فيها إلى اشتماله على جميعها، وإحاطته بكلّها، مع الإشارة إلى فضل والده، شيخ الإسلام، ومساهمته له في الفضل، على ما ستقف عليه إن شاء الله تعالى؛ وهي:
الحمد لله الذي جعل للعلم جلالا تودّ جلائل الفضائل أن تكون له أتباعا، وأطلق ألسنة الأقلام من جميل ثنائه بما أنطق به ألسنة العالم ليكون الحكم بما ثبت من مأثور فضله إجماعا، وأجرى من قاموس فكره جداول أنهار العلوم الزّكيّة فنعّش قلوبا ونزّه أبصارا وشنّف أسماعا.
أحمده على أن أفاض نتائج الأفكار على الأذهان السّليمة لذي النّظر الصحيح، وبثّ جياد الألسنة في ميدان الجدال فحاز قصب السّبق منها كلّ لسان ذلق فصيح، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي قهرت بيّنات دلائله الملحد المعاند، وبهرت قواطع براهينه الألدّ الخصيم والجدل(14/237)
المكايد، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذي أظهر من واضح الحجج الجليّة ما سقط بحجّيّته دعوى المعارض، وأتى من فصل الخطاب بما أفحم به الخصوم فلم يستطع أشدّهم في البلاغة شكيمة أن يأتي له بمناقض، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين فازوا من جليل المناقب بكل وصف جميل، واشتهرت في الوجود مفاخرهم فلم يحتج في إثباتها إلى إقامة دليل، صلاة يتمسّك في دعوى الشّرف بمتين حبلها، وتتّفق أدلّة العقل والنّقل على القطع بعلوّ شأنها وتوفّر فضلها.
وبعد، فلما كانت العلوم مشتركة في أصل التّفضيل، متّفقة الفضل في الجملة وإن تفاوتت في التفصيل، مسلّما أصل الشّرف فيها من غير منازع، مجمعا على أنه لا شيء من العلم من حيث هو علم بضّارّ ولا شيء من الجهل من حيث هو جهل بنافع، مع اختلافها في التّفاضل باختلاف موضوعاتها، وتفاوتها في الشّرف بحسب الحاجة إليها أو وثاقة حججها أو نفاسة غاياتها؛ عطس كلّ منها بأنف شامخ غير مسلّم للآخر ولا مسالم، ومدّ إلى العلياء يد المطاولة فتناول الثّريّا قاعدا غير قائم، وادعى كلّ منها أن بحره الطّامي، وفضله النّامي، وجواده الطّامح، وسماكه الرّامح، زاعما أن حسامه القاطع وعضبه القاضب، وقدحه المعلّى وسهمه الصّائب، ونجمه الساري وشهابه الثّاقب، وأنّ نشر الثناء على مجامره موقوف، وخطيب المحامد بمنابره معروف، وفلك الفضل على قطبه دائر، وكلّ شرف عليه محبّس وكلّ فخر عليه قاصر؛ فماس بعطفه ومال، وبسط في الكلام لسانه فقال وطال.
هذا: وإنّها اجتمعت يوما اجتماع معنى لا صورة، وقامت لها سوق بالبحث معروفة وعلى الجدال مقصورة، وتفاوضت بلسان الحال وتخاطبت، وتحاورت في دعوى الشّرف وتجاوبت، وألمّت بالمنافرة فتنافرت، وتسابقت في ميدان الافتخار فتفاخرت، وأخذ كلّ منها في نصرة مذهبه، وتحقيق مطلبه، بأنواع الحجج والاستدلالات، وإقامة البراهين والأمارات، وما(14/238)
يتوجّه على ذلك من الأسئلة والاعتراضات. فكان أوّل باديء بدأ منها بالكلام وفتح باب الجدال والخصام، «علم اللّغة» فقال:
قد علمتم معشر العلوم أنّي أعمّكم نفعا، وأوسعكم مجالا وأكثركم جمعا؛ على قطب فلكي تدور الدوائر، وبواسطتي تدرك المقاصد ويستعلم ما في الضمائر، وبدلالتي تعلم المعاني المفردات، ويتميّز ما يدلّ على الذوات مما يدلّ على الأدوات، وتتبيّن دلالات العامّ والخاص، ويتعرف ما يرشد إلى الأنواع والأجناس وما يختصّ بالأشخاص؛ على أن كلّكم كلّ عليّ، ومحتاج في ترجمة مقصوده إليّ؛ فلفظي «المحكم» وأقوالي «الصّحاح» ، وكلامي «الجامع» وسيف لساني «المجرّد» ناهيك من سلاح، وفضلي «المجمل» لا يحتاج إلى بيان. استأثر الله تعالى بتعليمي لآدم عليه السّلام، وآثره بي معرفة على الملائكة فكان خصيصة له على الملائكة الكرام.
فلما انقضى قيله، وبانت للمستبين سبيله، ثاب إليه «علم التّصريف» مبتدرا، ولنفسه ولسائر العلوم منتصرا، فقال: رويدك أيّها المساجل، وعلى رسلك يا ذا المناضل؛ فقد ذلّ من ليس له ناصر، وحطّ قدر من ترفّع على أبناء جنسه ولو عقدت عليه الخناصر، وما يجدي البازي بغير جناح، أو يغني السّاعي إلى الحرب بغير سلاح؛ وأنّى يطعن رمح بغير سنان، أو يقطع سيف لم يؤيّد بقائم ولم تقبض عليه بنان؛ إنّك وإن حويت فضلا، وأعرقت أصلا، وكنت للكلام نظاما، وإلى بيان المقاصد إماما، فأنت غير مستقلّ بنفسك، ولا قائم برأسك؛ بل أنا المتكفّل بتأسيس مبانيك، والملتزم بتحرير ألفاظك وتقرير معانيك، بي تعرف أصول أبنية الكلمة في جميع أحوالها، وكيفية التّصرّف في أسمائها وأفعالها، وما يتّصل بذلك من أحوال الحروف البسيطة وترتيبها، واختلاف مخارجها، وبيان تركيبها، والأصليّ منها والمزيد، والمهموس والرّخو والشّديد؛ و.. «1» تقديره، والصحيح والمعتلّ(14/239)
وتحريره، وكيفية التّثنية والجمع، والفصل والوصل والابتداء والقطع، وأنواع الأبنية وتغيّرها عند اللّواحق، وكيفية تصريف الفعل عند تجرّده عن العوائق، وأمثلة الألفاظ المفردة في الزنة والهيئة وما يختصّ من ذلك بالأسماء والأفعال، وتمييز الجامد منها والمشتقّ وأصناف الاشتقاق، وكيف هو على التّفصيل والإجمال.
على أنّك لو خلّيت ومجرّد التعريف، وبيان المقاصد بالاصطلاح أو التّوقيف، لكان «علم الخطّ» يقوم مقامك في الدّلالة الحاليّة لدى الملتقى، ويترجّح عليك ببعد المسافة مع طول البقا؛ مع ما فيه من زيادة ترتيب الأحوال، وضبط الأموال، وحفظ العلوم في الأدوار، واستمرارها على الأكوار، وانتقال الأخبار من زمان إلى زمان، وحملها سرّا من مكان إلى مكان؛ بل ربّما اكتفي عنك بالإشارة والتّلويح، وقامت الكناية منها مقام التصريح.
فعندها غضب علم النّحو واكفهرّ، وزمجر واشمخرّ، وقال: يا لله! «استنّت الفصال حتّى القرعا» «1» ، و «استنسرت البغاث» فكان أشدّ ثلمة وأعظم صدعا، لقد ادّعيت ما ليس لك ففاتك الحبور، و «من تشبّع بما لم ينل فهو كلابس ثوبي زور» ؛ وهل أنت إلا بضعة منّي؟، تسند إليّ وتنقل عنّي، لم يزل علمك بابا من أبوابي، وجملتك داخلة في حسابي، حتّى ميّزك «المازنيّ» فأفردك بالتّصنيف، وتلاه «ابن جنّي» فتبعه في التأليف؛ واقتصر «ابن مالك» منك في تعريفه على الضروريّ الراجب، وأحسن بك «ابن الحاجب» في شافيته فرفع عنك الحاجب، وأنت مع ذلك كلّه مطويّ ضمن كتبي، نسبتك متّصلة بنسبتي وحسبك لا حق بحسبي، أنا ملح الكلام، ومسك الختام، لا يستغني عنّي متكلم، ولا يليق جهلي بعالم ولا متعلم؛ بي(14/240)
تتبين أحوال الألفاظ المركّبة في دلالتها على المقاصد، ويرتفع اللّبس عن سامعها فيرجع من فهمها بالصّلة والعائد؛ فلو أتى المتكلّم في لفظه بأجلّ معنى ولحن لذهبت حلاوته، وزالت طلاوته، وعيب على قائله وتغيرت دلالته، وقد كانت الخلفاء تحثّ على النّحو وترشد إليه، وتحذر اللّحن وتعاقب عليه:
وإذا طلبت من العلوم أجلها ... فأجلّها عندي مقيم الألسن!
فبينما هو كذلك إذ برزت «علوم المعاني والبيان والبديع» جملة، وحملت عليه بصدق العزم في اللّقاء حملة، وقالت: جعجعة رحا من غير طحن، وتصويت رعد من غير مزن؛ لقد أتيت بغير معرب، وأعربت عن لحن ليس بمطرب، الحقّ أبلج، والباطل لجلج؛ إنّ الفوز لقدحنا، والوري لقد حنا؛ نحن لبّ العربيّة وخلاصتها، والمعترف لنا بالفضل عامّتها وخاصّتها؛ وهل أنت إلا شيء جرى عليك الاصطلاح، وساعدك الاستعمال فأمنت الاطّراح؛ فلو اصطلح على نصب الفاعل ورفع المفعول لم يخلّ بالتّفاهم في المقاصد، وها كلام العامّة لذلك أقوم دليل وأعظم شاهد.
فقال «علم الشعر» : أراكم قد نسيتم فضلي الذي به فضلتم، وصرمتم حبلي الذي من أجله وصلتم؛ أنا حجّة الأدب، وديوان العرب؛ عليّ تردون، وعنّي تصدرون؛ وإليّ تنتسبون، وبي تشتهرون، مع ما اشتملت عليه من المدح الذي كم رفع وضعا، وجلب نفعا، ووصل قطعا، وجبر صدعا؛ والهجو الذي كم حطّ قدرا، وأخمد ذكرا، وجعل بين الرّفيع والوضيع في حطيطة القدر نسبا وصهرا؛ إلى غير ذلك من أنواعي الشّعرية التي شاع ذكرها، وأضواعي العطرية التي فاح نشرها؛ بل لا يكاد علم من العلوم الأدبيّة يستغني عن شواهدي، ولا يخرج في أصوله عن قوانيني وقواعدي، حتّى «علم النّثر» الذي هو شقيقي في النّسب، وعديلي في لسان العرب، لم يزل أهله يتطفّلون عليّ في بيت يحلّونه، ويقفون من بديع محاسني عند حدّ لا يتعدّونه.(14/241)
فقال «علم القافية» : إنّك وإن تألّق برق مباسمك، وطابت أيّام مواسمك، فأنت موقوف على مقاصدي، ومغترف من رويّ مواردي؛ أنا عدّة الشّاعر، وعمدة الناثر؛ لا يستغني عني شعر ولا خطابة، ولا يستنكف عن الوقوف على أبوابي ذو ترسّل ولا كتابة؛ طالما عثر الفحول في ميداني، وتشعّبت عليهم طرقي فضلّوا السّبيل واختلفت عليهم المباني؛ فلم يفرّقوا بين التّكاوس «1» والتّراكب في التّعارف، ولم يميّزوا بين التّدارك والتّواتر والتّرادف.
فقال «علم العروض» : لقد أسمعت القول في الدّعوى من غير توجيه فدخل عليك الدّخيل، وأوقعك الوصل دون تأسيس في هوّة النّقص: فهل إلى خروج من سبيل؟؛ أنا معيار القريض وميزانه، وعليّ تبنى قواعده وأركانه؛ لم يزل الشّعر في علوّ رتبته بفضلي معترفا ولحقّي متحقّقا، ومن بحوري مغترفا، وبأسبابي متعلّقا؛ فأبياته بميزاني محرّرة، وأجزاؤه بقسطاس تفاعيلي مقدّرة، وبفواصلي متّصلة، وبأوتادي مرتبطة غير منفصلة.
فقال «علم الموسيقى» : لقد أسرفت في الافتخار فضللت الطّريق وبنت عنها، وورّطت نفسك فيما لا فائدة فيه فلزمت دائرة لا تنفكّ عنها، وأتيت من طويل الكلام بما لا طائل تحته فثقل قولا، وجئت من بسيط القول بما لو اقتصرت منه على المتقارب لكان بك أولى؛ فأنت بين ذي طبع وزّان لا يحتاج إلى معيارك في نظم قريضه، وآخر نبت طباعه عن الوزن فلم ينتفع من علمك بضربه ولا عروضه؛ فإذا لا فائدة فيك ولا حاجة إليك، ولا عبرة(14/242)
بك ولا معوّل عليك؛ وكفى بك هضما، ونقيصة وذمّا، واستدلالا على دحض حجّتك، وضعف أدلّتك، قول ابن حجّاج:
مستفعلن فاعلن فعول ... مسائل كلّها فضول
قد كان شعر الورى صحيحا ... من قبل أن يخلق الخليل!
على أنه إن ثبتت لك فائدة، وعاد منك على الشّعر أو الشّعراء عائدة، فإنّما تفاعيلك مقدّمة لألحاني، وأوزانك وسيلة إلى أوزاني؛ نعم أنا غذاء الأرواح، وقاعدة عمود الأفراح، والمتكفّل ببسط النّفوس وقبضها، والقائم من تعديلها وتقويتها بنفلها وفرضها؛ أحرّك النّفس عن مبدئها فيحدث لها السّرور وتظهر عنها الشّجاعة والكرم، وأبعثها إلى مبدئها فيحدث لها الفكر في العواقب وتزايد الهموم والنّدم؛ فتارة أستعمل في الأفراح وزوال الكروب، وتارة في علاج المرضى وأخرى في ميادين الحروب، وآونة في محلّ الأحزان واجتماع المآتم، ومرّة يستعملني قوم في بيوت العبادات فأبعثهم على طلب الطاعات واجتناب المحارم؛ وآتي من غريب الألحان، بما يشبع به الجائع ويروى به الظّمآن، ويأنس به المستوحش وينشط به الكسلان، وتدنو لسماعه السّباع، ويعنو له بعد الشّدّة الشّجاع، مع ما يتفرّع عني من «علم الآلات الرّوحانيّة» التي تنعش الأرواح، وتجلب الأفراح، وتنفي الأتراح، وتؤثر في البخيل السّماح، وتفعل في الألباب ما لا تفعل في اللّبّات «1» بيض الصّفاح.
فقال «علم الطّب» : لقد أضعت الزّمان في اللهو، وملت مع الأريحية فماس بك العجب وزاد بك الزّهو، وداخلك الطّيش فقنعت بالإطراب، وعنيت بمعرفة اللّحن ففاتك الإعراب؛ تذكّر العشّاق أحوال النّوى فيسلمها الهوى إلى الهوان، وتتنقّل في نواحي الإيقاع تنقّل الهائم(14/243)
فتمسي في حجاز وتصبح في أصبهان؛ وأنت وإن ادّعيت أنك العلم الرّوحانيّ، والمستولي بتحريك الطبائع الأربع على النّوع الإنسانيّ وغير الإنسانيّ، فأنت غير مستغن عني، ولا فنّك في الحقيقة منفكّ عن فنّي؛ بل قواعدك مرتّبة على قواعدي، وفوائدك مستفادة من فوائدي، وأهل صناعتك يتطفّلون في معرفة الملائم والمنافي على ساقط لباب موائدي؛ وأنّى تنبسط بك الروح مع وجود السّقم، أو يستريح إليك القلب مع شدّة مقاساة الألم؟؛ بل أنا قوام الأبدان، وغاية ملاك الإنسان؛ بي تحفظ صحّة الأجسام، وتتمكّن النفس من استكمال قوّتيها النظرية والعملية بواسطة زوال الأسقام وانتفاء الآلام، مع ما يتّضح بالنظر في التّشريح الذي هو أحد أنواعي من سرّ قوله تعالى: وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ
«1» ، وما يظهر من حال الصّحة والمرض وسرّ الموت من أنه تعالى بدأ الخلق أوّل مرّة وإليه يحشرون- مع ما يلتحق بي من «علم خواصّ العقاقير» الغريبة، والأحجار التي تؤثّر بتمزيجها الصّناعيّ التآثير العجيبة، وتأتي من نوادر الأفعال بالأعمال الغريبة؛ على أنّي لست بمختصّ في الحقيقة ببدن الإنسان، ولا قاصر على نوع من أنواع الحيوان، وإنما أفردت بنوع البشر اهتماما بشانه، وتنبيها على جلالة قدره وعلوّ مكانه.
ثم ألحق بالإنسان في الاعتناء به الخيول فاشتقّ لها منّي «علم البيطرة» ، وتلاها في الاعتناء جوارح الطيور لاهتمام الملوك بشأنها فاستنبط لها من أجزائي «علم البيزرة» ، وأهمل ما سوى ذلك من جنس الحيوان، فلم يعتن بأمره ولم يهتمّ له بشان.
فقال علم القيافة «2» : لقد ارتقيت مرتقى صعبا، وولجت مولجا صلبا،(14/244)
وأتيت من مشكلات القضايا بما ضاقت مطالبه، وعرّضت نفسك لمغالبة الموت والموت لا شيء يغالبه، واقتصرت في تشريحك الأعضاء على ذكر منافعها وصفاتها، وأضربت عما تدلّ عليه بصورها وكيفياتها؛ أين أنت من إلحاق الابن بالأب بالصّفات المتماثلة، والحكم بثبوت النّسب بدلائل الأعضاء كما يحكم بالبيّنة العادلة؟؛ فهذه هي الفضيلة التي لا تساوى، والمنقبة التي لا تعادل ولا تناوى؛ وكفاك لذلك شاهدا، وعلى ثبوته في الشّريعة المطهّرة مساعدا؛ وأنه لا يعتور ذلك معارضة ولا نقض، استبشار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقول مذحج المدلجيّ: «إنّ هذه الأقدام بعضها من بعض» .
فقال «علم قصّ الأثر» «1» : نعم إنّ شأنك لغريب، وإنّ اجتهادك لمصيب؛ غير أنّي أنا أغرب منك شأنا، وأدقّ في الإدراك معنى؛ إذ أنت إنما تلحق المحقّق بالمشاهدة بمثله، وتقيس فرعا على أصل ثم تلحق الفرع بأصله؛ وأنا فأدرك المؤثّر من الأثر، وأستدلّ على الغائب بما يظهر من اللّوائح في الرّمل والمدر؛ وربّما ميّزت أثر البعير الشّارد من المراتع، وفرّقت بالنّظر فيه بين الصحيح والظّالع «2» ، فأدركت من الأمر الخفيّ ما تدركه أنت من الظّاهر، وقضيت على الغائب بما تقضي به على الحاضر.
فقال «علم غضون الكفّ والجبهة» : ما الذي أتيت به من الغريب، أو أظهرته بعلمك من العجيب؟؛ فلو ابتليت بأرض صلبة لوقفت آمالك، أو محت الرّيح معالم الأثر لبطلت أعمالك، أو ولج من تقفّي أثره الماء لفات حدسك الصائب، أو جعل الماشي مقدّم نعله مؤخّره لقلت: إنّ الذّاهب قادم والقادم ذاهب؛ لكن أنا كاشف الأسرار الخفيّة، والمستدلّ على لوازم(14/245)
الإنسان بما ركّب فيه من الدلائل الخلقيّة؛ أستخرج من أسارير الجبهة وغضون الكفّ أمورا قد أرشدت الحكمة الإلهيّة إليها، وجعلت تلك العلامة في الإنسان دلالة عليها.
فقال «علم الكتف» : إنه ليس في الاستدلال على الشّيء بلازمه أمر مستغرب، ولا ما يقال فيه: هذا من ذاك أعجب، وإنما الشّأن أن يقع الاستدلال على الشّيء بما هو أجنبيّ منه، وخارج عنه، كما أستدل أنا بالخطوط الموجودة في كتف الذّبيحة على الحوادث الغريبة، والأسرار العجيبة، مما أجرى الله به العادة في ذلك، وجعله علامة دالة على ما هنالك.
فقال «علم خطّ الرّمل» : لقد علمت أنك لست بمحقّق لما أنت له متوسّم، ولا واثق بالإصابة فيما أنت عنه تترجم؛ وغايتك الوقوف مع التجارب، والرّجوع فيما تحاوله إلى التقارب، مع ما أنت عليه من الرّفض والإهمال، وما رميت به من القطيعة وقلّة الاستعمال؛ أما أنا ففارس هذا الميدان، ومالك زمام هذا الشان؛ فكم من ضمير أبرزته، وأمر خفيّ أظهرته، ومكان عيّنته فوافق، وأمد قدّرته فطابق؛ على أنه ليس لك أصل ترجع إليه، ولا دليل تعتمد عليه؛ فأنا أثبت منك قواعد، وأوضح عند الاعتبار في الدلالة على المقاصد؛ فإن عدوت طورك، أو جزت في الاحتجاج خصمك، فمداك، أنه كان نبيّ يخطّ فمن وافق خطّه فذاك.
فقال «علم تعبير الرّؤيا» «1» : إنّك وإن أظهرت السّرائر، وأبرزت الضمائر، فإنّ أمرك موقوف في حدسك على الدّلالة الحاليّة، ومقصور في تخمينك على الأمور الاحتمالية؛ أين أنت منّي حين أعبّر عما شاهدته النفس في النّوم من عالم الغيب؟ وكيف أكشف عنه الحجب بالتّأويل فيقع كفلق(14/246)
الصّبح من غير شكّ ولا ريب، فأخبر بحوادث تقع في العالم قبل وجودها، وآتي من حقائق النّذارة والبشارة بما ينبّه على التحذير من نحوسها والتّرقّب لموافاة سعودها.
فقال «علم أحكام النّجوم» : حقيق ما أوّلت، وصحيح ما عنه عبّرت وعليه عوّلت؛ إلا أنك قاصر على وقائع مخصوصة ترشد إليها، وأمور محدودة تنبّه عليها؛ على أنه ربّما نشأت الرؤيا عن فكرة وقعت في اليقظة فاتّصلت بالمنام، أو حدثت عن سوء مزاج أو رداءة مطعم ونحو ذلك فكانت أضغاث أحلام؛ أما أنا فإني أدلّ بما أجراه الله تعالى من العادة، على الحوادث العامّة مصاحبا لمقتضيات الإرادة، ليظهر ما في الحكمة الإلهيّة من قضايا التّدبير، ويتبيّن ما اشتملت عليه الأفلاك العلويّة من تقدير التّرتيب وترتيب التّقدير، مع ما يترتّب على ذلك من الأعمال العجيبة، والأحوال الغريبة، التي تبهر العقول، ويمتنع إليها من غير طريقي الوصول: من «علم السّحر» على الإطلاق، و «علم الطّلّسمات» «1» الغريبة و «علم الأوفاق» ، وكذلك «علم النيرنجيات» و «علم السّيمياء» الأخذ بالأحداق.
فقال «علم الهيئة» : مالك ولأباطيل تنمّقها، وأكاذيب تزخرفها وتزبرقها «2» وأماثيل يعتمدها المعتمد فتخيب، وأقاويل تارة تخطيء وتارة تصيب؛ ولقد وردت الشريعة المطهّرة بالنّهي عن اعتبارك، وجاءت السّنّة الغرّاء بمحو أخبارك وإعفاء آثارك؛ وناهيك بفساد هذا الاعتقاد وردّ هذا(14/247)
المذهب، ما ثبت في الصحيح من أنه من قال: مطرنا بنوء كذا فهو كافر بالله مؤمن بالكوكب؛ على أنك في الحقيقة نوع من أنواعي، معدود من جندي ومحسوب من أتباعي؛ نعم أنا القائم من دليل الاعتبار في القدرة بتمام الفرض، والقائد بزمام العقل إلى التّفكّر في خلق السموات والأرض؛ عنّي يتفرّع علم الزيجات والتقاويم الذي به يعرف موضع كلّ واحد من الكواكب السّيّارة ومدّة إقامتها، وزمن تشريقها وتغريبها ومقدار رجوعها واستقامتها، وحال ظهورها واختفائها في كلّ زمان، وما يتّصل بذلك من الاتّصال والانفصال والخسوف والكسوف واختصاص ذلك بمكان دون مكان.
فقال «علم كيفيّة الأرصاد» : ما علم الزّيجات والتّقاويم الذي تقدّمه في الذّكر عليّ، وتؤثره من الفضل بما لديّ؛ إذ بي تتعرّف كيفية تحصيل مقادير الحركات الفلكيّة، والتوصّل إليها بالآلات الرّصدية، التي عليها يترتب علم الزّيجات، ويعرف في التقويم الاتّصالات والانفصالات والامتزاجات، مع ما يلتحق بي من «علم الكرة» الذي منه تعرف كيفية اتخاذ الآلات الشّعاعيّة، ويتوصّل به إلى استخراج المطالب الفلكيّة.
فقال «علم المواقيت» : كيف وأنا سيّد علوم الهيئة وزعيمها، وشريفها في الشريعة وكريمها؛ بي تعرف أوقات العبادات، وتستخرج جهة القبلة بل سائر الجهات، وتعلم أحوال البلدان ومحلّها من المعمور في الطّول والعرض، ومقادير أبعادها وانحراف بعضها عن بعض، مع ما ينخرط في هذا السّلك من معرفة السماوات وارتفاع الكواكب، ومطالعها من أجزاء البروج والطّالع منها والغارب، وغير ذلك من الشّعاعات المخروطة، والظّلال القائمة والمبسوطة، إلى غير ذلك مما يلتحق بي، وينسب إليّ ويتعلّق بسببي:
من علم «الآلات الظّلّيّة» التي تعرف بها ساعات النهار، ويظهر منها الماضي والباقي بأقرب ملتمس وألطف اعتبار، من نحو الرّخامات القائمات، والمبسوطات منها والمائلات.(14/248)
فقال «علم الهندسة» : إن فضلك لمشهور، ومقامك في الشّرف غير منكور؛ إلا أن آلاتك بي مقدّرة، وأشكالك بأوضاعي محرّرة؛ فأنا إمامك الذي به تقتدي، ونجمك الذي به تهتدي؛ بل جميع علوم الهيئة في الحقيقة موقوفة علي، وراجعة في قواعدها إليّ؛ لولاي لم يعرف السّطح والكرة، ولم يميّز بين الخطوط والقسيّ والدّوائر المقدّرة، مع ما ينشأ عني، ويستملى من صحابي ويقتبس منّي، من أحوال المقادير ولواحقها، ومعرفة ظواهرها الواضحة ودقائقها، وأوضاع بعضها عند بعض ونسبها، وخواصّ أشكالها والطّرق إلى عمل ما سبيله أن يعمل لها، واستخراج ما يحتاج إلى استخراجه بالبراهين اليقينيّة القاطعة، وإظهارها إلى الحسّ بالأشكال البيّنة والحدود الجامعة المانعة.
فقال «علم عقود الأبنية» : نعم، إلا أنّي أنا أجلّ مقاصدك، وأعذب مواردك، ونور عيونك، وعروس فنونك؛ منّي يستفاد بناء الحصون والأسوار، ويتعرّف شقّ الأقنية وحفر الأنهار، وعمارة المدن وعقد القواصر، وسدّ البثوق وبناء القناطر، وتنضيد المساكن ووضع المنازل، ونصب الأشجار وترتيب الرّياض ذوات الخمائل.
فقال علم «جرّ الأثقال» : صدقت ولكنّي أنا أساس مبانيك وقاعدة سنادك، وحامل أثقالك وعمود اعتمادك؛ بي تعرف كيفية نقل الثّقل العظيم بالقوّة اليسيرة، حتّى تنقل مائة ألف رطل بقوّة خمسمائة وذلك من الأسرار النّفيسة والأعمال الخطيرة.
فقال «علم مراكز الأثقال» : إلا أنّك محتاج إليّ في أعمالك، ومتوقّف عليّ في جميع أحوالك، من حيث استخراج مراكز الأجسام المحمولة، وبيان معادلة الجسم العظيم بما هو دونه لتوسّط المسافة بالآلات المعمولة.
فقال «علم المساحة» : أراك قد غفلت عن معرفة المقادير(14/249)
والمسافات التي هي مقدّمة عليك في وضع المباني، ومنفردة عنك بكثير من المعاني؛ من [أنواع] الخراج والزراعات، وتقدير الرّساتيق والبياعات، وكيفيّة ذرع المثلّثات، والمربّعات، والمدوّرات، والمستطيلات، وغير ذلك من دقائق الأعمال، وإدراك كمّيات المقادير على التفصيل والإجمال.
فقال «علم الفلاحة» : فإذا قد اعترفت أنّك من جملة لواحقي، مندرج في حقوقي وداخل تحت مرافقي؛ فأنا في الحقيقة المقصود منك في الوضع بالقياس، والمتّحد بك دون غيري من غير التباس، مع ما أنا عليه من معرفة كيفية تدبير النّبات من بدء كونه إلى تمام تدبيره، وتنمية الحبوب والثّمار بإصلاح الأرض وما تخلّلها من المعفّنات كالسّماد وغيره، وما أبديه من اللّطائف في إيجاد بعض الفواكه في غير فصله، وتركيب بعض الأشجار على بعض واستخراج بعضها من غير أصله.
فقال علم «إنباط المياه» : إلا أنّي أنا بداية عملك، وغاية منتهى أملك؛ لا يتم لك أمر بدوني، ولا تنبت لك خضراء ما لم تسق من بئاري وعيوني؛ فأنا الكفيل بإحياء الأرض الميّتة وإفلاحها، والقائم بتلطيف مزاجها وإصلاحها.
فقال «علم المناظر» : ما الذي تجدي أنت وطرفي عنك مرتدّ، ونظري إليك غير ممتدّ؛ وأنّى تستطيع مياهك التّرقي من الأغوار إلى النّجود، وتتنقّل عيونك وأنهارك بين الهبوط والصّعود، إذا لم أكن لك ملاحظا، وعلى الاعتناء بأمرك محافظا، مع ما أشتمل عليه غير ذلك من تحقيق المبصرات في القرب والبعد على اختلاف معانيها، وما يغلط فيه البصر كالأشجار القائمة على شطوط المياه حيث ترى وأسافلها أعاليها.
فقال علم «المرايا «1» المحرقة» : إنّك وإن دقّقت النّظر، وحقّقت كلّ(14/250)
ما وقع عليه حاسّة البصر، فأنا مقصدك الأعظم، ومهمّك المقدّم؛ طالما أحرقت القلاع بشعاعي، وحصّنت الجيوش بدفاعي، وقمت بما لم يقم به الجيش العرمرم والعسكر الجرّار، وأغنيت مع انفرادي عن كثرة الأعوان ومعاضدة الأنصار.
فقال «علم الآلات الحربيّة» : وإنّ حدّك لكليل، وإنّ جداك لقليل، وإنّ المستنصر بك لذليل؛ وماذا عسى تصل في الإحراق إليه، أو تسلّط في الحروب عليه؟؛ أنا باع الحرب المديد، والمحصّن من كلّ بأس شديد، والتّالي بلسان الصّدق على الأعداء: قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ
«1» . فأنا نفس المقصود وعين المراد، وعمود الحقّ وقاعدة الجهاد.
فقال «علم الكيماء» : ما أنت والقتال، ومواقعة الحروب وقوارع النّزال؛ وهل أنت إلا آلة من الآلات، لا تستقلّ بنفسك في حالة من الحالات؛ وأنّي يغني السّلاح عن الجبان مع خور الطّباع، أو يحتاج إليه البطل الصّنديد والمجرّب الشّجاع؛ فالعبرة بالمقاتل، لا بالذّوابل، والعمدة على الرّجال، لا ببوارق السّيوف عند النّزال؛ وبكلّ حال فالعمدة في الحروب وجمع العساكر على النّقدين دون ما عداهما، والاستناد إلى الذّهب والفضّة بخلاف ما سواهما؛ وإليّ هذا الحديث يساق وعليّ فيه يعتمد، وعنّي يؤخذ وإليّ في مثله يستند، أحاول بحسن التدبير، ما طبخته الطبيعة على ممرّ الدّهور «2» ، فآتي بمثله في الزّمن القريب، وأجانس بين المعادن في ممازجتها فيظهر عنها كلّ معنى غريب، وأبرز من خصائص الإكسير ما يقلب المرّيخ قمرا من غير لبس، ويحيل الزّهرة شمسا وناهيك بإحالة الزّهرة إلى الشّمس؛ فصاحبي أبدا عزيز المنال، شريف النّفس عن الطّلب عفيف اللسان عن السّؤال.(14/251)
فقال «علم الحساب المفتوح» : إنّك وإن دفعت عنا، وجلبت غنى، فأموالك الجمّة، وحواصلك الضّخمة، محتاجة إلى حسّابي، غير غنيّة عن كتّابي؛ أنا جامع الأموال وضابط أصولها، والمتكفّل بحفظ جملتها وتفصيلها، مع احتياج كثير من العلوم إليّ في الضّرب والقسمة والإسقاط. قد أخذت من «علم الارتماطيقي» الذي هو أصل علوم الحساب بجوانبه، وتعلّقت منه بأسهل طرقه وأقرب مذاهبه؛ وناهيك بشرف قدري، ورفعة ذكري، قول أبي محمد الحريريّ في بعض مقاماته، منبّها على شرف قلمي وسنيّ حالاته:
«ولولا قلم الحسّاب لأودت ثمرة الاكتساب، ولا تّصل التّغابن إلى يوم الحساب» «1» .
فقال «علم حساب التّخت والميل» : مه! فما أنت إلا علم العامّة في الأسواق، تدور بين الكافّة على العموم وتتداول بينهم على الإطلاق؛ تكاد أن تكون بديهيّا حتّى للأطفال، وضروريّا للنساء والعبيد في جميع الأحوال؛ يتّسع عليك مجال الضّرب فتقصر عنه همّتك المقصّرة، وتتشعّب عليك مدارك القسمة فتأتي بها على التّقريب غير محرّرة؛ أين أنت من سعة باعي، وامتداد ذراعي، وتحرير أوضاعي؟؛ لا يعتمد أهل الهيئة في مساحة الأفلاك والكواكب غير حقائق أموري، ولا يعوّلون فيها- على سعة فضائها- إلا على صحاحي وكسوري.
فقال «علم حساب الخطأين» : مالي ولعلم لا يوصّل إلى المقصود إلا بعد عمل طويل؟ ويحتاج صاحبه مع زيادة العناء إلى استصحاب تخت وميل، وقد قيل: كلّ علم لا يدخل مع صاحبه مع الحمّام فجداه قاصر ونفعه قليل؛ على أنّ غيرك يشاركك فيما أنت فيه، ويوصل إلى مقصودك بطريق لا يدخله الغلط ولا يعتريه؛ وإنما الشّأن في استكشاف غامض أو إظهار غريب،(14/252)
ولا أعجب من أن تصيب إخراج المجهول من الأعداد بخطأين فيقال: أتى بخطأين وهو مصيب.
فقال «علم الجبر والمقابلة» : حسبك! فإنّما أنت في استخراج المجهولات كنقطة من قطر، أو نغبة من بحر؛ تقتصر منها بطرقك القاصرة وأعمالك النّاكبة، على ما أمكن صيرورته من العدد في أربعة أعداد متناسبة؛ نعم أنا أبو عذرتها، وابن بجدتها، وأخو نجدتها؛ أستخرج جميع المجهولات، من مسائل المعاملات، والوصايا والتّركات، وغير ذلك مما يجري هذا المجرى، وينحو هذا النّحو ويسري هذا المسرى، مما يدخل تحت الأموال والجذور، والأعداد المطلقة من الصّحاح والكسور.
فقال «علم حساب الدّرهم والدّينار» : مالك ولادّعاء التّعميم في استخراج المجهولات وكشف الغوامض؟ وإنّما أنت قاصر على استعلام المجهولات العدديّة المعلومة العوارض، دون ما تزيد عدّته على المعادلات الجبريّة، فقد فاتك حينئذ الدّعاوى الحصرية؛ لكنّي أنا كاشف هذه الحقائق، ومبيّن سبلها بألطف الطّرائق؛ فبي إليها يتوصّل، وعلى قواعدي لاستخراج مقاصدها يجمل ويفصّل.
فقال «علم حساب الدّور والوصايا» : إنّ استخراج المجهولات وإن عظم نفعا، وحسن وضعا، فأنا أعظم منه فائدة، وأجلّ منه عائدة؛ أبيّن مقدار ما يتعلّق بالدّور من الوصايا، حتى يتّضح لمن يتأمّل، وأقطع الدّور فتعود المسألة من أظهر القضايا، ولولا ذلك لدار أو تسلسل.
فقال «علم الفقه» : وهل أنت إلا نبذة من الوصايا التي هي بارقة من بوارقي، تتعلّق بأطنابي وتدخل تحت سرادقي؛ بي تتميّز معالم الأحكام، ويتبيّن الواجب والمندوب والمباح والمكروه والحرام، ويتعرّف ما يتقرّب به إلى الله تعالى من العبادات، وسائر أنواع التّكاليف الشّرعيّة العملية مما تدعو إليه الضرورات وتجري به العادات؛ فأنا إمام العلوم الذي به يقتدى،(14/253)
وعميدها الذي عليه يعتمد ونجمها الذي به يهتدى؛ فلولا إرشادي لضلّ سعي المكلّفين، ولأمسوا في ديجاء مدلهمّة فأصبحوا عن ركائب الخير مخلّفين.
وناهيك أن من جملة أفرادي، وآحاد أعدادي:- «علم الفرائض» الذي حضّ الشارع على تعلّمه وتعليمه، وأخبر بأنّه نصف العلم منبّها على تعظيم شأنه وتفخيمه، وبالغ في إثبات قواعده وإحكام أسّه، فقال: «إنّ الله لم يكل قسمة مواريثكم إلى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل بل تولّاها فقسمها بنفسه» .
فقال «علم أصول الفقه» : إن مقالك لعال، وإنّ جيدك لحال؛ غير أنّي أنا المتكفّل بتقرير أصولك، وتوجيه المسائل الواقعة في خلال أبوابك وفصولك؛ بي تعرف مطالب الأحكام الشّرعيّة العملية وطرق استنباطها، ومواد حججها واستخراجها بدقيق النّظر وتحقيق مناطها؛ فبأصولي فروعك مقرّرة، وبمحاسن استدلالي حججك منقّحة محرّرة؛ قد مهّدت طرقك حتى زال عنها الإلباس، وبنيت على أعظم الأصول فروعك فاسندتها للكتاب والسّنّة والإجماع والقياس.
فقال «علم الجدل» : قد علمت أن الدّليل لا يقوم برأسه، ولا يستقلّ بنفسه، بل لا بدّ في تقريره من النّظر في معرفة كيفيّة الاستدلال، والطّريق الموصّل إلى المطلوب على التّفصيل والإجمال؛ وأنا المتكفّل بذلك، والموصّل بكشف حقائق البحث إلى هذه المدارك؛ بي تعرف كيفيّة تقرير الحجج الشّرعيّة، وقوادح الأدلة وترتيب النّكت الخلافيّة؛ فموضوعك عليّ محمول، ونظرك إلى نظري بكلّ حال موكول.
فقال «علم المنطق» : خفّض عليك! فهل أنت إلا نوع من قياساتي المنطقيّة أفردت بالتّصنيف، وخصصت بالمباحث الدّينية فخالطت أصول الفقه في التأليف؟؛ فأنت إذا فرد من أفرادي، وواحد من أعدادي، مع ما اشتمل عليه سواك من القياسات البرهانيّة القاطعة في المناظرات،(14/254)
والقياسات الخطابيّة والبلاغات النّافعة في مخاطبات الجمهور على سبيل المخاصمات والمساورات؛ وكذلك حال القياسات الشّعريّة، وكيف يستعمل التّشبيه المفيد للتّخيّل الموجب للانفعالات النّفسانيّة: كالإغراء والتّحذير، والتّرغيب والتّرهيب والتّعظيم والتّحقير، وغير ذلك من معرفة الألفاظ والمعاني المفردة من حيث هي عامّة كلّيّة، وتركيب المعاني المفردة بالنسبة إلى الإيجابية والسّلبية؛ تعصم مراعاتي الفكر عن الخطإ فلا يزلّ، وتهديه سواء السّبيل فلا يحيد عن الصّراط السّويّ ولا يضلّ، وأسري في جميع المعقولات فأتصرّف فيما يدقّ منها ويجلّ.
فقال علم «دراية الحديث» : قد علمت بما ثبتت به الأدلّة بالتّلويح والتّصريح، أنه لا مجال للعقل في تحسين ولا تقبيح؛ وحينئذ فلا بدّ من نصّ شرعيّ تعتمد عليه، وتستند في مقدّماتك إليه؛ ولا أقوى حجّة، وأوضح محجّة، من كلام الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، الذي لا ينطق عن الهوى إذا تكلّم؛ فإذا استندت إلى نصوصه، واعتمدت عليه في عمومه وخصوصه، فقد حسن منك المقدّم والتّالي، وكانت مقدّماتك في البحث أمضى من المرهفات ونتائجك أنفع من العوالي؛ وقد تحققت أنّي إمام هذا المقام، ومالك قياد هذا الزّمام.
فقال «علم رواية الحديث» : لقد ذكرت من الصّحيح المتّفق عليه بما لا طعن فيه لمريب، وتعلّقت من كلام النّبوّة بأوثق سبب فأتيت بكل لفظ حسن ومعنى غريب؛ إلا أن الدّراية، موقوفة على الرّواية؛ وكيف يقع نظر الناظر في حديث قبل وصوله إليه، أو يتأتّى العلم بمعناه قبل الوقوف عليه؟؛ وهل يثبت فرع على غير أصل في مقتضى القياس، أو يرقى من غير سلّم أو يبنى على غير أساس؟؛ فعلى المحدّث تقديم العلم بالرواية بشرطها، ومعرفة أقواله صلّى الله عليه وسلّم بالسّماع المتّصل وتحريرها وضبطها.
فقال «علم التّفسير» : قد تبيّن لدى العلماء بالشّريعة أن حكم الكتاب والسّنّة واحد، وإن اختلفت في الأسماء فلم تختلف في المقاصد؛ إلا أنهما(14/255)
وإن اتّفقا في الدّلالة والإرشاد، فقد اختصّ الكتاب في النّقل بالتّواتر وجاء أكثر السّنّة بالآحاد.
فقال «علم القراآت» : إلا أنه لا ينبغي للمفسّر أن يقدم على التّفسير ما لم يكن بقراءة السّبع والشّاذّ عالما، وبلغاتها عارفا وللنّظر في معانيها ملازما؛ مع ما يلتحق بذلك من علم قوانين القراءة المتعلّق من المصاحف بخطّها، والأشكال والعلامات المتكفّلة بتحريرها وضبطها.
فقال «علم النّواميس» : (وهو العلم بمتعلّقات النّبوةّ) : إنّك لفرع من فروع الكتاب المبين، وما نزل به الرّوح الأمين على قلب سيّد المرسلين؛ وإليّ النّظر في أحوال النّبوة وحقيقتها، ومسيس الحاجة إليها في بيان الشّريعة وطريقتها، والفرق بين النّبوة الحقّة، والدّعاوى الباطلة غير المحقّة، ومعرفة المعجزات المختصّة بالأنبياء والرّسل عليهم السّلام، والكرامات الصّادرة عن الصّدّيقين الأبرار والأولياء الكرام؛ فأنا المقدّم على سائر العلوم الشّرعية، وإمام الأصليّة منها والفرعيّة.
فقال «العلم الإلهي» : لقد تحقّقت أنّ اللازم المحتّم، والواجب تقديمه على كلّ مقدّم، العلم بمعرفة الله تعالى والطّريق الموصّل إليها، وأثبات صفاته المقدّسة وما يجب لها ويستحيل عليها، وأنه الواجب الوجود لذاته، وباعث الرّسل لإقامة الحجّة على خلقه بمحكم آياته؛ وأنا الزّعيم بإقامة الأدلّة على ذلك من المعقول والمنقول، والمتكفّل بتصحيح مقدّماته البرهانيّة بتحرير المقدّم والتّالي والموضوع والمحمول.
فقال «علم أصول الدّين» : فحينئذ قد فزت من جمعكما بالشّرفين، وجمع لي منكما الفضل بطرفيه فصرت بكما معلم الطّرفين، وميّزت بين صحيح الاعتقاد وفاسده فكان لي منهما أحسن الاختيارين، وبيّنت طريق الحقّ لسالكها فكنت سببا للفوز والنّجاة في الدّارين؛ فانا المقصود للإنسان بالذّات في كمال ذاته، وكلّ علم يستمدّ منّي في مباديه ويفتقر إليّ في مقدّماته.(14/256)
فقال «علم التّصوّف» : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا، إذ كان كلّ امريء بما عمل مجازى وبما كسب رهينا؛ إنّه يجب على كلّ من كان بمعتقد الحقّ جازما، أن يكون عن دار الغرور متجافيا ولأعمال البرّ ملازما؛ فإنّما الدّنيا مزرعة للآخرة، إن حصلت النّجاة فتلك التّجارة الرّابحة وإن كانت الأخرى فتلك إذا كرّة خاسرة؛ فمن لزم طريقتي في الإعراض عن الدّنيا والزّهد فيها سلّم، ومن اغترّ بزخرفها الفاني فقد خاب في القيامة وندم.
فلما كثرت الدّعاوى والمعارضات، وتتابعت الحجج والمناقضات، نهض «علم السياسة» قائما، وقصد حسم مادّة الجدال وطالما، وقال: أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجّب «1» ، وسائسها الكافي وحاكمها المهذّب؛ لقد ذكر كلّ منكم من فضله ما يشوّق السّامع، وأظهر من جليل قدره ما تنقطع دونه المطامع، وأتى من واضح كلامه بما لا يحتاج في إثباته إلى دليل ظنّيّ ولا برهان قاطع؛ غير أنه لا يليق بالمنصف أن يتخطّى قدره المحدود ولا يتعدّى جزءه المقسوم، ولكلّ أحد حدّ يقف عنده وما منّا إلّا له مقام معلوم؛ فلو سلك كلّ منكم سبيل المعدلة، وأنصف من نفسه فوقف عند ما حدّ له، لكان به أليق، ولمقام العلم أرفق.
فقال «علم تدبير المنزل» : لقد تحرّيت الصّواب، ونطقت بالحكمة وفصل الخطاب؛ لكنّه لا بدّ لكم من حبر عالم، وإمام حاكم، يكون لشملكم جامعا، ولمواقع الشّكّ في محلّ التفاضل بينكم رافعا، محيط من كلّ علم بمقصوده ومراده، عارف بما تشمل عليه مباديه من حدّه وموضوعه وفائدته واستمداده، ليبلغ به من الفضل منتهاه، ويقف به من الشّرف عند حدّ لا يتعدّاه؛ فلا يدّعي مدّع بغير مستحقّ، ولا يطالب طالب ما ليس له بحقّ؛ إلا أنّ المحيط بكلكم علما، والقائم بجميعكم فهما، أعزّ من الجوهر الفرد(14/257)
والكبريت الأحمر، وأقلّ وجودا من بيض الأنوق «1» بل بيض الأنوق في الوجدان أكثر.
فقال «علم الفراسة» : على الخبير سقطت، وبابن بجدتها حططت؛ أنا بذلكم زعيم، وبمظنّته عليم؛ فللعلم عرف ينمّ على صاحبه، وتلوح عليه بوارقه وإن أكنّه بين جوانبه؛ فحامل المسك لا تخفى ريحه على غير ذي زكام، والنّهار لا يخفى ضوءه على ذي بصر وإن تسترت شمسه بأذيال الغمام؛ ولقد تصفّحت وجوه العلماء الكملة، الذين طواياهم على أجمل العلوم منطوية وعلى تفاصيلها مشتملة، وسبرت وقسّمت، وتفرّست وتوسّمت، فلم أجد من يليق لهذا المقام، ويصلح لقطع الجدال والخصام، ويعرف بلغة كلّ علم فيجيب بلسانه، ويحكم فلا ينقض حكمه غيره لانحطاطه عن بلوغ مكانه، إلا البحر الزّاخر، و [الفاضل] «2» الذي لا يعلم لفضله أوّل ولا يدرك لمداه آخر؛ حبر الأمة، وعلّامة الأئمة، وناصر السّنة وحاميها، وقامع البدعة وقاميها «3» ، نجل شيخ الإسلام، وخلاصة غرر الأيّام، جلال الدّين، بقيّة المجتهدين، أبو الفضل عبد الرحمن البلقينيّ الشّافعيّ، النّاظر في الحكم العزيز بالديار المصرية، وسائر الممالك الإسلامية وما أضيف إلى ذلك من الوظائف الدّينية، لا زالت فواضل الفضائل معروفة: فهو العالم الذي إذا قال لا يعارض، والحاكم الذي إذا حكم لا يناقض، والإمام الذي لا يتخلّل اجتهاده خلل، والمناظر الذي ما حاول قطع خصم إلا كان لسانه أمضى من السّيف أذا يقال: «سبق السّيف العذل» :(14/258)
إذا قال بذّ القائلين ولم يدع ... لملتمس في القول جدّا ولا هزلا
إن تكلّم في الفقه فكأنما بلسان «الشّافعيّ» تكلّم، و «الرّبيع» عنه يروي و «المزنيّ» منه يتعلّم، أو خاض في أصول الفقه، قال «الغزاليّ» : هذا هو الإمام باتفاق، وقطع السّيف «الآمديّ» بأنه المقدّم في هذا الفنّ على الإطلاق، أو جرى في التّفسير، قال «الواحديّ» : هذا هو العالم الأوحد، وأعطاه «ابن عطيّة» صفقة يده بأن مثله في التّفسير لا يوجد، واعترف له «صاحب الكشّاف» بالكشف عن الغوامض، وقال الإمام «فخر الدّين» : «هذه مفاتيح الغيب وأسرار التّنزيل» فارتفع الخلاف واندفع المعارض، أو أخذ في القراءات والرّسم أزرى بأبي «عمرو الدّاني» ، وعدا شأو «الشّاطبيّ» في «الرّائية» وتقدّمه في «حرز الأماني» ، أو تحدّث في الحديث شهد له «السّفيانان» بعلوّ الرتبة في الرّواية، واعترف له «ابن معين» بالتّبريز والتّقدّم في الدّراية، وهتف «الخطيب البغداديّ» بذكره على المنابر، وقال «ابن الصّلاح» : لمثل هذه الفوائد تتعيّن الرّحلة وفي تحصيلها تنفد المحابر، أو أبدى في أصول الدّين نظرا تعلّق منه «أبو الحسن الأشعريّ» بأوفى زمام، وسدّ باب الكلام على المعتزلة حتّى يقول «عمرو بن عبيد» و «واصل بن عطاء» ليتنا لم نفتح بابا في الكلام، أو دقّق النظر في المنطق بهر «الأبهريّ» في مناظرته، وكتب «الكاتبيّ» على نفسه وثيقة بالعجز عن مقاومته، أو ألمّ بالجدل رمى «الأرمويّ» نفسه بين يديه، وجعل «العميديّ» عمدته في آداب البحث عليه، أو بسط في اللغة لسانه اعترف له «ابن سيده» بالسّيادة، وأقرّ بالعجز لديه «الجوهريّ» وجلس «ابن فارس» بين يديه مجلس الاستفادة، أو نحا إلى النّحو والتّصريف أربى فيه على «سيبويه» ، وصرف «الكسائيّ» له عزمه فسار من البعد إليه، أو وضع أنموذجا في علوم البلاغة وقف عنده «الجرجانيّ» ، ولم يتعدّ حدّه «ابن أبي الاصبع» ولم يجاوز وضعه «الرّمانيّ» ، أو روى أشعار العرب أزرى ب «الأصمعيّ» في حفظه، وفاق(14/259)
«أبا عبيدة» في كثرة روايته وغزير لفظه، أو تعرّض للعروض والقوافي استحقّها على «الخليل» ، وقال «الأخفش» : عنه أخذت «المتدارك» واعترف «الجوهريّ» بأنه ليس له في هذا الفن مثيل، أو أصّل في الطّبّ أصلا قال «ابن سينا» : هذا هو القانون المعتبر في الأصول، وأقسم «الرازيّ» بمحيي الموتى إن «بقراط» لو سمعه لما صنّف «الفصول» ، أو جنح إلى غيره من العلوم الطبيعية فكأنما طبع عليه، أو جذب له ذلك العلم بزمام فانقاد إليه، أو سلك في علوم الهندسة طريقا لقال «أو قليدس» : هذا هو الخطّ المستقيم، وأعرض «ابن الهيثم» عن حلّ الشكوك وولّى وهو كظيم، وحمد «المؤتمن بن هود» عدم إكمال كتابه «الاستكمال» وقال: عرفت قدر نفسي: وفوق كلّ ذي علم عليم، أو عرّج على علوم الهيئة لا عترف «أبو الرّيحان البيرونيّ» أنه الأعجوبة النادرة، وقال «ابن أفلح» : هذا العالم قطب هذه الدائرة، أو صرف إلى علم الحساب نظره لقال «السّموأل بن يحيى» : لقد أحيا هذا الفنّ الدّارس، ونادى «ابن مجلي الموصليّ» : قد انجلت عن هذا العلم غياهبه حتى لم يبق فيه عمه لعامه ولا غمّة على ممارس.
وقد وجدت مكان القول ذا سعة ... فإن وجدت لسانا قائلا فقل!
وكيف لا تلقي إليه العلوم مقاليدها، وتصل به الفضائل أسانيدها، وهو ابن شيخ الإسلام وإمامه، وواحد الدّهر وعلّامه، وجامع العلوم المنفرد، ومن حقّق وجوده في أواخر الأعصار أنّ الزّمان لا يخلو من مجتهد، ومن لم يزل موضوع الأوضاع المعتبرة عليه محمولا، ومن كان على رأس المائة الثّامنة مضاهيا لعمر بن عبد العزيز على رأس المائة الأولى؛ فالخناصر عليه وعلى ولده تعقد، ولا غرو إن قام منشدهما فأنشد:
إن المائة الأولى على رأسها أتى ... لها عمر الثّاني لذا الدّين صائنه
ووالى رجال بعد ذاك كمثله ... فها عمر وافى على رأس ثامنه(14/260)
يظاهره نجل سعيد غدت به ... معاقل علم في ذرا الحقّ آمنه
إذا شيخ إسلام أضاء سراجه ... رأيت جلالا من سنا الفضل قارنه!
فلا يعدم الإسلام جمع علاهما ... ولن يبرحا للدّين دأبا ميامنه!
فقال «علم الأخلاق» : أصبت سواء الثّغرة وجئت بالرّأي الأكمل، وعرفت من أين تؤكل الكتف فطبّقت المفصل بالمفصل؛ إلا أنّ من محاسن الأخلاق، ومعالم الإرفاق، أن تعودوا بفضلكم، وترجعوا بمعروفكم وبرّكم، إلى من جرى بكم في التّفاخر مجرى الإنصاف، وبسط لسان كلمه بما اشتمل عليه كلّ منكم من جميل الأوصاف؛ ثم كان من شأنه أن وصل بالاتّفاق والالتئام حبلكم، وجمع بالمحلّ الكريم بعد التباعد شملكم، وذكركم بحسن المصافاة أصل الوداد القديم، وتلا بلسان الألفة فيكم: فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ
«1» ، بأن ينتصب كلّ منكم له شفيعا إلى هذا السّيّد الجليل، ويكون له وسيلة إلى هذا الإمام الحفيل، أن يصرف إليه وجه العناية، وينظر إليه بعين الإقبال والرّعاية، ليعزّ في الناس جانبه، ويطلع في أفق السّعد بعد الأفول غاربه، ويبلغ من منتهى أمله ما له جهد، ويسعد بالنّظر السعيد جدّه فقد قيل: «من وقع عليه نظر السّعيد سعد» .
على أنه- أمتع الله الإسلام ببقائه وبقاء والده، وجمع بينهما في دار الكرامة كما جمع لهما بين طارف المجد وتالده- قد فتح له من التّرقّي أوّل باب، ولا شكّ أنّ نظرة منه إليه بعد ذلك ترقّيه إلى السّحاب.
فأزرق الفجر يبدو قبل أبيضه ... وأوّل الغيث قطر ثم ينسكب!
فقال «علم التاريخ» : اهبطوا مصرا فإنّ لكم ما سألتم، وقرّوا عينا فإلى القصد الجليل وصلتم، وعلى غاية الأمل- ولله الحمد- حصلتم؛ فقد بلوت الأوائل والأواخر، وخبرت حال المتقدّم والمعاصر، فلم أر فيمن مضى(14/261)
وغبر، وشاع ذكره واشتهر، من ذوي المراتب العليّة، والمناصب السّنيّة، من يساوي هذا السّيّد الجليل فضلا! أو يدانيه في المعروف قولا وفعلا؛ قد لبس شرفا لا تطمع الأيام في خلعه، ولا يتطلّع الزمان إلى نزعه، وانتهى إليه المجد فوقف، وعرف الكرم مكانه فانحاز إليه وعطف، وحلّت الرّآسة بفنائه فاستغنت به عن السّوى، وأناخت السّيادة بأفنائه فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى، فقصرت عنه خطا من يجاريه، وضاق عنه باع من يناويه، واجتمعت الألسن على تقريضه فمدح بكلّ لسان، وتوافقت القلوب على حبّه فكان له بكلّ قلب مكان:
ولم يخل من إحسانه لفظ مخبر ... ولم يخل من تقريظه بطن دفتر!
فهو الحريّ بأن يكتب بأقلام الذّهب جميل مناقبه، وأن يرقم على صفحات الأيام حميد مطالبه؛ فلا يذهب على ممرّ الزمان ذكرها، ولا يزول على توالي الدّهور فخرها.
ولما تمّ للعلوم هذا الاجتماع الذي قارن السّعد جلاله، وتفجّرت ينابيع الفضل خلاله، أقبلوا بوجوههم على الشّعر معاتبين، وبما يلزمه من تقريض هذا الحبر ومدحه مطالبين، وقالوا: قد أتى النّثر من مدحه بقدر طاقته، وإن لم يوف بجليل قدره ورفيع مكانته، فلا بدّ من أن تختم هذه الرسالة بأبيات بالمقام لائقة، ولما نحن فيه من القضيّة الواقعة مطابقة، قائمة من مدحه بالواجب، سالكة من ذلك أحسن المسالك وأجمل المذاهب، لتكمل هذه الرسالة نظما ونثرا، وتفتنّ في صناعة الأدب خطابة وشعرا، فقال: سمعا وطاعة، واستكانة وضراعة؛ ثم لم يلبث أن قام عجلا، وأنشد مرتجلا:
بشراكم معاشر العلوم أن ... جمعتم بصدر حبر كامل!
فنونه لم تجتمع لعالم ... وفضله لم يكتمل لفاضل!
يشفي الصّدور إن غدا مناظرا ... وبحثه فزينة المحافل!
كم عمّرت دروسه من دارس ... وزيّنت بحليها من عاطل!(14/262)
وو أوضحت أقواله من مشكل ... لمّا أتى بأوضح الدّلائل!
وكم غدت آراؤه حميدة ... ونبّهت بجدّها من خامل.
وحكمه فكم أقال عثرة ... وجوده ففوق قصد الآمل!
هذا: وقد فاق الورى رآسة ... محفوفة بألطف الشّمائل!
من ذا يروم أن ينال شأوه؟ ... أنّى له بأمثل الأماثل؟
مولى علا فوق السّماك رتبة ... قد زيّنت بأفضل الفواضل!
فما له في فضله من مشبه، ... وما لبحر جوده من ساحل!
حاشى لراج فضله أن ينثني ... صفر اليدين أو ممنّى الآجل!
قلت ولم أرمن تعرّض للمفاخرة بين العلوم سوى القاضي الرّشيد أبي الحسين بن الزبير في مقالته المقدّم ذكرها «1» ؛ على أنّها لم تكن جارية على هذا النّمط، ولا مرتّبة على هذا التّرتيب، مع الاقتصار فيها على علوم قليلة، أشار إلى المفاضلة بينها على ما تقدّم ذكره. ولكنّ الله تعالى قد هدى بفضله إلى وجوه التّرجيح التي يرجح بها كلّ علم على خصمه، ويفلج به على غيره؛ والمنصف يعرف لذلك حقّه. والذي أعانني على ذلك جلالة قدر من صنّفت له وعلوّ رتبته، واتساع فضله، وكثرة علومه، وتعداد فنونه، إذ صفات الممدوح تهدي المادح وترشده.
ومنها المفاخرة بين السّيف والقلم؛ وقد أكثر الناس منها: فمن عال وهابط، وصاعد وساقط.
وهذه رسالة في المفاخرة بين السّيف والقلم، أنشأتها للمقرّ الزّيني أبي يزيد «2» الدّوادار الظّاهريّ، في شهور سنة أربع وتسعين وسبعمائة، وسمّيتها:
«حلية الفضل وزينة الكرم، في المفاخرة بين السّيف والقلم» ؛ وهي:(14/263)
الحمد لله الذي أعزّ السّيف وشرّف القلم، وأفردهما برتب العلياء فقرن لهما بين المجد والكرم، وساوى بينهما في القسمة فهذا للحكم وهذا للحكم.
أحمده على أن جمع بخير أمير بعد التّفرّق شملهما، ووصل بأعزّ مليك بعد التّقاطع حبلهما، وأرغب إليه بشكر يكاثر النجوم في عديدها، ويكون للنّعمة على ممرّ الزّمان أبا يزيدها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يأتمّ الإخلاص بمذهبها، ولا ينجو من سيفها إلا من أجاب داعيها وأقرّبها، وأن محمدا عبده ورسوله الذي خصّ بأشرف المناقب وأفضل المآثر، واستأثر بالسؤدد في الدّارين فحاز أفخر المعالي ونال أعلى المفاخر، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين قامت بنصرتهم دولة الإسلام فسمت بهم على سائر الدّول، وكرعت في دماء الكفر سيوفهم فعادت بخلوق النّصر لا بحمرة الخجل، صلاة ينقضي دون انقضائها تعاقب الأيام، وتكلّ ألسنة الأقلام عن وصفها ولو أنّ ما في الأرض من شجرة أقلام.
وبعد، فإنّه ما تقارب اثنان في الرّتبة إلا تحاسدا، ولا اجتمعا في مقام رفعة إلا ازدحما على المجد وتواردا، ورام كلّ منهما أن يكون هو الفائز بالقدح المعلّى، وأن يكون مفرقه هو المتوّج وجيده هو المحلّى، وادّعى كلّ منهما أن جواده هو السابق في حلبة السّباق، والفائز بقصب السّبق بالاتّفاق، وأن نجمه هو الطالع الذي لا يأفل، وسؤدده هو الحاكم الذي لا يعزل، وأن المسك دون عبيره، والبحر لا يجيء نقطة في غديره، والدّرّ لا يصلح له صدفا، ونفيس الجوهر لا يعادله شرفا، وأن منابر المعالي موقوفة على قدمه، ومجامر المفاخر فائحة بنشر كرمه.
ولمّا كان السّيف والقلم قد تدانيا في المجد وتقاربا، وأخذا بطرفي الشّرف وتجاذبا؛ إذ كانا قطبين تدور عليهما دوائر الكمال، وسعدين يجتمعان في دائرة الاعتدال، ونجمين يهديان إلى المعالي، ومصباحين(14/264)
يستضاء بهما في حنادس اللّيالي، وقاعدتين تبنى الدّول على أركانهما، وشجرتين يجتنى العزّ من أغصانهما؛ جرّ كلّ منهما ثوب الخيلاء فخرا فمشى وتبختر، وأسبل رداء العجب تيها فما تخبّل ولا تعثّر، واتسع له المجال في الدّعوى فجال، وطاوعته يد المقال فقال وطال، وتطرّقت إليهما عقارب الشّحناء ودبّت، وتوقّدت بينهما نار المنافسة وشبّت، وأظهر كلّ منهما ما كان يخفيه فكتب وأملى، وباح بما يكنّه صدره والمؤمن لا يكون حبلى؛ وبدأ القلم فتكلم، ومضى في الكلام بصدق عزم فما توقف ولا تلعثم، فقال:
باسم الله تعالى أستفتح، وبحمده أتيمّن وأستنجح؛ إذ من شأني الكتابة، ومن فنّي الخطابة؛ وكلّ أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله تعالى فهو أجذم، وكلّ كلام لا يفتتح بحمده فأساسه غير محكم ورداؤه غير معلم؛ والعاقل من أتى الأمر من فصّه، وأخذ الحديث بنصّه؛ والحقّ أحقّ أن يتّبع، والباطل أجدر أن يترك فلا يصغى إليه ولا يستمع؛ إني لأوّل مخلوق بالنّص الثابت والحجّة القاطعة، والمستحقّ لفضل السّبق من غير منازعة؛ أقسم الله تعالى بي في كتابه، وشرّفني بالذّكر في كلامه لرسوله وخطابه، فقال جلّ من قائل: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ
»
، وقال جلّت قدرته: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ
«2» ، فكان لي من الفضل وافر القسمة، وخصصت بكمال المعرفة فجمعت شوارد العلوم وكنت قيّم الحكمة.
فقال السّيف: بسم الله والله أكبر: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ
«3» .
لكلّ باغ مصرع، وللصّائل بالعدوان مهلك لا ينجو منه ولا ينجع؛ وفاتح باب(14/265)
الشّرّ يغلق به، وقادح زند الحرب يحرق بلهبه؛ أقول بموجب استدلالك، وأوجب الاعتراض عليك في مقالك:
نعم أقسم الله تعالى بالقلم ولست بذلك، وكان أوّل مخلوق ولست المعنيّ بما هنالك؛ إنّ ذلك لمعنى يكلّ فهمك عن إدراكه، ويضلّ نجمك أن يسري في أفلاكه؛ وأنت وإن ذكرت في التنزيل، وتمسكت من الامتنان بك في قوله: عَلَّمَ بِالْقَلَمِ
بشبهة التّفضيل؛ فقد حرّم الله تعالى تعلّم خطّك على رسوله، وحرمك من مسّ أنامله الشريفة ما يؤسى على فوته ويسرّ بحصوله؛ لكنّي قد نلت في هذه الرتبة أسنى المقاصد، فشهدت معه من الوقائع ما لم تشاهد، وحلّاني من كفه شرفا لا يزول حليه أبدا، وقمت بنصره في كلّ معترك: وسل حنينا وسل بدرا وسل أحدا!!!؛ ذكر الله تعالى في القرآن الكريم جنسي الذي أنا نوعه الأكبر، ونبّه على ما فيه من المنافع التي هي من نفعك أعمّ وأشهر، وما اجتمع فيه من عظيمي الشّدّة والباس، فقال تقدّست عظمته: وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ
«1» . على أنك لو اعتبرت جنسي القصب والحديد، وعرفت الكليل منهما والجليد، لتحققت تسلط الحديد عليك قطّا وبريا، وتحكّمه فيك أمرا ونهيا.
فقال القلم: فررت من الشريعة وعدلها، وعوّلت على الطبيعة وجهلها، فافتخرت بحيفك وعدوانك، واعتمدت في الفضل على تعدّيك وطغيانك، فملت إلى الظّلم الذي هو إليك أقرب، وغلب عليك طبعك في الجور:
و «الطّبع أغلب» ؛ فلا فتنة إلا وأنت أساسها، ولا غارة إلا وأنت رأسها، ولا شرّ إلا وأنت فاتح بابه، ولا حرب إلا وأنت واصل أسبابه؛ تؤكّد مواقع الجفاء، وتكدّر أوقات الصّفاء، وتؤثّر القساوة، وتؤثر العدواة؛ أما أنا فالحقّ مذهبي، والصّدق مركبي، والعدل شيمتي، وحلية الفضل زينتي؛ إن حكمت أقسطت، وإن استحفظت حفظت وما فرّطت؛ لا أفشي سرّا يريد صاحبه(14/266)
كتمه، ولا أكتم علما يبتغي متعلّمه علمه؛ مع عموم الحاجة إليّ، والافتقار إلى علمي والاكتساب مما لديّ؛ أدير في القرطاس كاسات خمري فأزري بالمزامير وأهزأ بالمزاهر، وأنفث فيه سحر بياني فألعب بالألباب وأستجلب الخواطر، وأنفذ جيوش سطوري على بعد فأهزم العساكر:
فلكم يفلّ الجيش وهو عرمرم ... والبيض ما سلّت من الأغماد!
فقال السّيف: أطلت الغيبة، وجئت بالخيبة، وسكتّ ألفا، ونطقت خلفا.
السّيف أصدق أنباء «1» من الكتب ... في حدّه الحدّ بين الجدّ واللّعب
إنّ نجادي لحلية للعواتق، ومصاحبتي آمنة من البوائق؛ ما تقلّدني عاتق إلا بات عزيزا، ولا توسّدني ساعد إلا كنت له حرزا حريزا؛ أمري المطاع وقولي المستمع، ورأيي المصوّب وحكمي المتّبع؛ لم أزل للنّصر مفتاحا، وللظلام مصباحا، وللعزّ قائدا، وللعداة ذائدا؛ فأنّى لك بمساجلتي، ومقاومتي في الفخر ومنافرتي؟؛ مع عري [جسمك] «2» ونحافة بدنك، وإسراع تلافك وقصر زمنك، وبخس أثمانك على بعد وطنك، وما أنت عليه من جري دمعك، وضيق ذرعك، وتفرّق جمعك، وقصر باعك، وقلّة أتباعك.
فقال القلم: مهلا أيّها المساجل، وعلى رسلك أيها المغالب والمناضل؛ لقد أفحشت مقالا، ونمّقت محالا، فغادرتك سبل الإصابة، وخرجت عن جادّة الإنابة، وسؤت سمعا فأسأت جابة «3» ؛ إنّي لمبارك الطّلعة(14/267)
وسيمها، شريف النّفس كريمها، آخذ بالفضائل من جميع جهاتها، مستوف للممادح بسائر صفاتها؛ فطائري ميمون، وغولي مأمون، وعطائي غير ممنون؛ أصل وتقطع، وأعطي وتمنع، وتفرّق وأجمع؛ وإنّ ازدراءك بي من الكبر المنهيّ عنه، وغضّك عنّي من العجب المستعاذ منه؛ ومن حقّر شيئا قتله، ومن استهان بفاضل فضله؛ وإنّي وإن صغر جرمي فإني لكبير الفعال، وإن نحف بدني فإني لشديد البأس عند النّزال؛ وإن عري جسمي فكم كسوت عاريا، وإن جرى دمعي فكم أرويت ظاميا، وإن ضاق ذرعي فإني بسعة المجال مشهور، وإن قصر باعي فكم أطلقت أسيرا وأنا في سجن الدّواة مأسور؛ إذا امتطيت طرسي، وتدرّعت نقسي، وتقلدت خمسي، وجاشت على الأعداء نفسي:-
رأيت جليلا شأنه وهو مرهف ... ضنّى وسمينا خطبه وهو ناحل!
أنسيت إذ أنت في المعدن تراب تداس بالأقدام؟ وتنسفك الرّياح وتزري بك الأيام؟ ثم صرت إلى القين «1» تقعد لك السّنادين بالمراصد، وتدمغك المقامع وتسطو بك المبارد؛ ثم لولا صقالك لأذهبك الجرب وأكلك الصّدى، مع قلّة صبرك على المطر والنّدى.
فقال السّيف: إنّا لله! لقد استأسدت الثّعالب، واستنسرت البغاث فعدّ العصفور نفسه من طير الواجب «2» ، وجاء الغراب إلى البازيّ يهدّده، ورجع ابن آوى على الأسد يشرّده؛ فلو عرفت قدر نفسك، ولزمت في السّكينة طريق أبناء جنسك، ووقفت عند ما حدّ لك، وذكرت عجزك وكسلك، لكان أجدر بك، وأحمد لعاقبتك، وأليق بأدبك.
إن الملوك لتعدّني لمهمّاتها، وتستنجد بي في ملمّاتها، وتتعالى في(14/268)
نسبي، وتتغالى في حسبي، وتتنافس في قنيتي وتتحاسد، وتجعلني عرضة لأيمانها فتتعاقد بالحلف عليّ وتتعاهد، وتدّخرني في خزائنها ادّخار الأعلاق، وتعدّني أنفس ذخائرها على الإطلاق، فتكلّلني الجواهر، وتحلّيني العقود فأظهر في أحسن المظاهر؛ أبرز للشّجعان خدّي الأسيل فأنسيهم الخدود ذوات السّوالف، وأزهو بقدّي فأسلبهم هيف القدود مع لين المعاطف، وأوهم الظّمآن من قرب أن بأنهاري ماء يسيل، وأخيّل للمقرور من بعد أنّي جذوة نار فيطلبني على المدى الطّويل؛ ويخالني متوقّع الغيث برقا لامعا، ويظنّني الجائز في الشّرق نجما طالعا؛ فالشّمس من شعاعي في خجل، واللّيل من ضوئي في وجل، وما أسرعت في طلب ثار إلا قيل: «فات ما ذبح» و «سبق السّيف العذل» .
فقال القلم: برّق لمن لا عرفك، وروّج على غير الجوهريّ صدفك؛ فما أنت من بزّي ولا عطري، ولست بمساو حدّك القاطع بقلامة ظفري؛ إنّ برقك لخلّب، وإن ريحك لأزيب «1» ، وإن ماءك لجامد، وإن نارك لخامد؛ ومن ادّعى ما ليس له فقد باء بالفجور، ومن تشبّع بما لم يعط فهو كلابس ثوبي زور.
ومن قال: إنّ النّجم أكبرها السّهى ... بغير دليل كذّبته ذكاء «2» !
أنا جذيلها المحكّك، وعذيقها المرجّب، وكريمها المبجّل وعالمها المهذّب؛ يختلف حالي في الأفعال السّنية باختلاف الأعراض، وأمشي مع المقاصد الشريفة بحسب الأغراض، وأتزيّا بكلّ زيّ جميل، فأنزل في كلّ حيّ وأسير في كلّ قبيل؛ فتارة أرى إماما عالما، وتارة لدرّ الكلام ناثرا وأخرى(14/269)
لعقود الشّعر ناظما، وطورا تلفيني جوادا سابقا، ومرّة تجدني رمحا طاعنا وسهما راشقا، وآونة تخالني نجما مشرقا، وحينا تحسبني أفعوانا مطرقا؛ قد فقت الشّبّابة في الطّرب، وبرّزت عليها في كلّ معنى وإن جمع بيننا جنس القصب؛ فكانت للأغاني، وكنت للمعاني، وجاءت بغريب النّغم، وجئت ببديع الحكم، ولعبت بالأسماع طربا، وولعت بالألباب فاتّخذت لدهرها مما عراها عجبا.
فقال السّيف: ذكّرتني الطّعن وكنت ناسيا، وطلبت التّكثّر فازددت قلّة وعدت خاسيا، فكنت كطالب الصّيد في عرّيسة «1» الأسد إن لقيه أهلكه، وخالفت النّصّ فألقيت بيديك إلى التّهلكة؛ فاقنع من الغنيمة بالإياب، وعدّ الهزيمة مع السّلامة من أربح الأكساب؛ فلست ممن يشقّ غباري، ولا يقابل في الهيجاء ضرمي ولا يصطلي بناري؛ فكم من بطل أبطلت حراكه، وكم من شجاع عجلت هلاكه، وكم صنديد أرقت دمه، وكم ثابت الجأش زلزلت قدمه.
وأراد القلم أن يأخذ في الكلام، ويرجع إلى الجدال والخصام، فغلب عليه رقّة طبعه وحسن موارده، وسلاسة قياده وجميل مقاصده، فمال إلى الصّلح وجنح إلى السّلم، وأعرض عن الجهل وتمسّك بالحلم، وأقبل على السّيف بقلب صاف، ولسان رطب غير جاف، فقال: قد طالت بيننا المجادلة، وكثرت المراجعة والمقاولة، مع ما بيننا من قرابة الشّرف، وأخذ كلّ منّا من الفضل بطرف؛ فنحن في الكرم شقيقان، وفي المجد رفيقان؛ لا يستقلّ أحدنا بنفسه، ولا يأنس بغير صاحبه وإن كان من غير جنسه؛ وقد حلبت الدّهر أشطره، وعلمت أصفاه وأكدره، وقلّبته ظهرا وبطنا، وجبت فيافيه سهلا وحزنا؛ وإنّ معاداة الرّفيق، ومباينة الشّقيق، توجب شماتة العدوّ وتغمّ الصديق؛ فهل لك أن تعقد للصلح عقدا لا يتعدّى حدّه، ولا يحلّ على طول(14/270)
الزّمان عقده؟ لنكون أبدا متآلفين، وعلى السّرّاء والضّرّاء متصاحبين، حتى لا يضرب بنديمي جذيمة «1» مع اصطحابنا مثل، ولا يتشبّه بنا الفرقدان إلا باءا بالخطل.
ولست بمستبق أخا لا تلمّه ... على شعث، أيّ الرّجال المهذّب «2»
فقال السّيف: لقد رأيت صوابا، ورفعت عن وجه المحجّة نقابا، وسريت أحسن مسرى وسرت أجمل سير، وصحبك التّوفيق فأشرت بالصّلح:
والصّلح خير.
وقد يجمع الله الشّتيتين بعدما ... يظنّان كلّ الظّنّ أن لا تلاقيا!
ثم قالا: لا بدّ من حكم يكون الصّلح على يديه، وحاكم نرجع في ذلك إليه، لنحظى بزيادة الشّرف، ونظفر من كمال الرّفعة بغرف من فوقها غرف؛ ولسنا بفائزين بطلبتنا، وظافرين ببغيتنا، إلا لدى السّيّد الأكمل، والمالك الأفضل، الماجد السّريّ، والبطل الكميّ، والبحر الخضمّ، والغيث الأعمّ، مولى المعالي ومولي النّعم، وممتطي جواد العزّ ورافع أعلام الكرم، جامع أشتات الفضائل ومالك زمامها، وضابط أمر الدّولة الظاهرية وحافظ نظامها، المقرّ الكريم، العاليّ، المولويّ، الزّينيّ، أبي يزيد الدّوادار الظّاهريّ: ضاعف الله تعالى حسناته المتكاثرة، وزاده رفعة في الدّارين ليجمع له الارتقاء بين منازل الدّنيا والآخرة؛ فهو قطب المملكة الذي عليه تدور، وفارسها الأروع وأسدها الهصور، وبطلها السّميدع وليثها(14/271)
الشهير، وأبو عذرتها حقّا من غير نكر وابن بجدتها السّاقطة منه على الخبير، ومعقلها الأمنع وحرزها الحصين، وعقدها الأنفس وجوهرها الثّمين، وتلادها العليم بأحوالها، والجدير بمعرفة أقوالها وأفعالها، وترجمانها المتكلّم بلسانها، وعالمها المتفنّن في أفنانها، وطبيبها العارف بطبّها، ومنجدها الكاشف لكربها.
هذا: وإنّه لمالك أمرنا، ورافع قدرنا، والصّائل منا بالحدّين، والجامع منا بين الضّدّين؛ فلو لقيه «فارس عبس» لولّى عابسا، أو طرق حمى «كليب» لبات من حماه آيسا، أو قارعه «ربيعة بن مكدّم» «1» لعلا بالسّيف مفرقه، أو نازله «بسطام» «2» لبدّد جمعه وفرّقه؛ كما أنه لو قرن خطّه بنفيس الجوهر لعلاه قيمة، أو قاسمه «ابن مقلة» في الكتابة لما رضي أن يكون قسيمه، أو فاخره «ابن هلال» لرأى انه سبقه إلى كلّ كريمة.
وبالجملة فعزّه الظاهر وفضله الأكمل، وسماكه الرّامح وسماك غيره الأعزل؛ فلا يسمح الزمان أن يأتي له بنظير، ولا أراد مدّع بلوغ شأوه إلا قيل: اتّئد فلقد حاولت الانتهاض بجناح كسير:
فحيّهلا بالمكرمات وبالعلى ... وحيّهلا بالفضل والسّؤدد المحض
فالحمد لله الذي جمعنا بأكرم محلّ وأفضل، وأحسن مقام وأجمل؛ فهلمّ إليه يعقد بيننا عقد الصّلح، ونبايعه على ملازمة الخدمة والنّصح.
ثم لم يلبثا أن كتبا بينهما كتابا بالصّلح والمصافاة، وتعاهدا على الودّ والموافاة، وأعلن بعقد الصّلح مناديهما، وحدا بذكر التّعاضد والتّناصر حاديهما، وراح ينشد:(14/272)
حسم الصّلح ما اشتهته الأعادي ... وأذاعته ألسن الحسّاد!
وزالت عنهما الأحقاد والإحن، وباتا في أعزّ مكان وأشرف وطن، وثلّث قرانهما فأسعد، ثم قام منشدهما فأنشد:
لا ينكر الصّلح بين السّيف والقلم ... فعاقد الصّلح عالي القدر والهمم!
أبو يزيد نظام الملك مالكنا ... وواصل العلم في علياه بالعلم.
فهو المراد بما أبديه من مدح ... وغاية القصد من ترتيب ذا الكلم!
وإن جرى مدح سيف أو علا قلم، ... فذاك وصف لما قد حاز من كرم!
قلت: وسبب إنشائي لهذه الرسالة أن الأمير أبا يزيد الموضوعة له، تغمّده الله تعالى بالرحمة والرضوان، كان من جودة الخطّ وتحرير قواعده في الطّبقة العليا، وعظمت مكانته عند سلطانه الملك الظاهر «برقوق» وعلت رتبته حتى ولّاه وظيفة الدّواداريّة بإمرة تقدمة ألف، ولم يزل مقدّما عنده حتى مات هو متولّيها، وأولاني عند عملها له من الصّلة والبرّ المتوالي ما يقصر عنه الوصف، ويكلّ عنه اللّسان.
الصّنف الرابع
الصّنف الخامس «1» (من الرسائل- الأسئلة والأجوبة؛ وهي على ضربين)
الضرب الأوّل «2» (الأسئلة الامتحانيّة)
قد جرت عادة مشايخ الأدب وفضلاء الكتّاب أنهم يكتبون إلى الأفاضل بالمسائل يسألون عنها: إمّا على سبيل الاستفهام واستماحة ما عند المكتوب إليه في ذلك، وأمّا على سبيل الامتحان والتّعجيز. ثم تارة يجاب(14/273)
عن تلك الأسئلة بأجوبة فتكتب، وتارة لا يجاب عنها، بحسب ما تقتضيه الحال.
وهذه رسالة كتبها الشيخ جمال الدين بن نباتة المصريّ إلى الشيخ شهاب الدّين محمود الحلبيّ صاحب ديوان الإنشاء بالمملكة الشّامية، وقد بلغه أن بعض أهل الديوان نال منه، وأن الشيخ شهاب الدّين المذكور ناضل عنه ودافع، فكتب إليه يشكره على ذلك ويسأل كتّاب الدّيوان عن أسئلة بعضها يرجع إلى صنعة الإنشاء، وأكثرها يرجع إلى فنّ التّاريخ. وقد بيّنت بعضها ونبهت عليه في مواضعه في خلال هذا الكتاب، وهي:
لا يخرج الكره منّي غير نائبة «1» ... ولا ألين لمن لا يبتغي ليني!
الاستفتاح ب «لا» تيمّن ببركة الشّهادة، وهي ههنا مقراض يقطع من العيب المدّة ويحسم المادّة؛ فحسم الله عن سيدنا الإمام العلّامة القدوة، شهاب الدّين، مكمّل الآداب، وملك الشّعراء والكتّاب، شرّ كلّ عين حاسد ولو أنها عين الشّمس، وحماه عن مدّ ألسنة ذوي الاغتياب والارتياب من الهمج والهمس، وهيّأ له أسباب الخير حتى يكون يومه فيه مقصّرا عن الغد زائدا على الأمس، واستخدم له الأقدار حتّى تكون فرائض تقبيل أنامله العشر عندهم كفرائض الخمس، وجعل ما يردّ عنه العين من العيب- بعد شأنه عن المتناول- وقاية عن اللّمس، حتّى يكون المعنيّ بقول القائل:(14/274)
ولا عيب فيه غير أنّ علاءه «1» ... إذا حدّدوه كان قد جاوز الحدّا
ولا عيب أيضا في مآثر بيته ... سوى أنّها تروى بألسنة الأعدا!
وحتّى يؤمّن عليه القائل:
ما كان أحوج ذا الكمال إلى ... عيب يوقّيه من العين!
ويقبل من الآخر قوله:
شخص الأنام إلى كمالك فاستعذ ... من شرّ أعينهم بعيب واحد!
العبد يخدم بسلام ما روضة نقّطها الجوّ بدرّ سحائبه، وأفرغ عليها الأفق سفط كواكبه، وامتدّ نوء الذّراع لتدبيج سمائها، وتأريج أرجائها، وتخميش معاصم أنهارها المنشقّة بأفنائها، وصقال نسماتها السّحرية، ومغازلة عيونها السّحريّة، وهوان الغالية «2» بنفحاتها الشّجريّة، تصرف دنانير أزهارها الصّروف، ويسلّ جدولها على الهموم السّيوف، وتجذب حمائمها القلوب بالأطواق، ويتشفّع دوحها إلى النواظر بالأوراق؛ قد ترقرق في وجناتها ماء الشّباب، وغنّى مطرب حمامها وعنتره «3» في حك من الذّباب، وبحرها رونق السّيف وفي قلب روضته الذّباب.
فما كلّ أرض مثل أرض هي الحمى ... وما كلّ نبت مثل نبت هو البان!
يوما بأبهج منه أشواقا، وأطيب منه انتشاقا واتّساقا؛ والطّيّبون للطيبات، ولكلّ غيث نبات، وما لذلك الغيث إلا هذا النّبات.
ونعود فنقول: لا أدري أأتعجّب:(14/275)
على أنّها الأيّام قد صرن كلّها ... عجائب حتّى ليس فيها عجائب!!
من قوم هم ما هم: شرب مناسب، وطيب مكاسب، قد أمكنتهم المعالي، وطاوعتهم الأيام واللّيالي، وخدمتهم جواري السّعود، وتطامنت لكلّ منهم مراقي الصّعود؛ كابر بسكون الجأش منحدر «1» (؟) وكنت قد استجديت كلّا منهم ولكن بالكلام، واستسقيت ولكن قطرة من غمام الأقلام:
وأيسر ما يعطي الصّديق صديقه ... من الهيّن الموجود أن يتكلّما!
«وليسعد النّطق إن لم يسعد الحال» فضنّ وظنّ ما ظنّ، واستعطف بنسيم الكلام غصن يراعه فما عطف ولا حنّ؛ وبخل بما رزقه الله فإنّ الفضيلة من الرّزق، وحرمني لذّة ألفاظه فإنها التي إذا أدخلت في رقّ دخل حرّ البلاغة تحت ذلك الرّق؛ وهل هو البحر فكيف شحّ بمدّة من مدّه، والغيث ولا أقول: إن الذي حبسه إلا ما قسمه الله تعالى من الحظّ عند عبده:
وإذا الزّمان جفاك وهو أبو الورى ... طرّا فلا تعتب على أولاده!
فأعلى الله كلمة سيدنا العلّامة في الدّارين، وشكر غنيّ جود كرمه وكلمه الدّارّين؛ [فهو] صاحب ديوانهم، وحجّة زمانهم؛ فلقد وصفني بما يزيد على الجواب، وشافهني من الشّكر بما لا يتوارى من الرّزق بحجاب، وأمّنني العزّ والزمان حرب، ونصرني والأيام سيوف تتنوّع من الضّرب في كلّ ضرب، وأعطاني كرمه والمحلّ محل، وفي قلب الزّمان ذحل «2» ، ونحلني شهدة إحسانه والأوقات كإبر النّحل، حتى عذرني في حبّه من كان من اللائمين، واهتديت من لفظه وفضله بقمرين لا يميل أحدهما ولا يمين، وصلت من جاهه وماله بيدين إلا أن كلتيهما في الإعراض يمين:
ويلومني في حبّ علوة نسوة ... جعل الإله خدودهن نعالها!(14/276)
وحرس الله سيّدنا شهاب زمانهم، كما حرس به سماء ديوانهم؛ فلقد أسمعنى من الشّكر ما أربى على الأرب، وجعلني كحاجب «1» حين دخل على كسرى وهو واحد من العرب خرج وهو سيّد العرب، وهدتني أنواره وأنا أخبط من ليل القريحة في عشواء، وجادت عليّ أنواؤه وناهيك بتلك الأنوار من الأنواء، ورفعتني ألفاظه ولكن على السّماك برغم حسودي العوّاء؛ وهذه قصائده فيّ تتدارسها ألسنة الأقلام، وتكتب بأنقاس اللّيالي على صفحات الأيّام؛ من كلّ بيت هو بيت مال لا ينقصه الإنفاق، ولولا التّقى لقلت: إنّه البيت الذي أمر الله تعالى بحجّه الرّفاق من الآفاق؛ فمتى أتفرّغ لطلب مدحه، وقد شغلني بمنحه؟ ومتى أجاريه بامتداح وإنما مدحي له من فوائد مدحه:
وما هو إلّا من نداه وإنّما ... معاليه تمليني الذي أنا كاتبه!
أم أتعجّب ممن ثنيت عنان الثّناء إليه، وجلوت عرائس المدائح عليه، وعاديت في تنضيد أو صافه الكرى، وأنضيت بالقلم له في نهار الطّرس وليل النّقس من السّير والسّرى، ومدحته بملء فيّ واجتهدت في وصفه وكان سواء علىّ أن أجهدت، في وصفه أو اجتهدت، فجازاني مجازاة السّنمّار «2» ، وأوقعني من عنت عتبه في النّار، وجعل محاسني التي أدلي بها ذنوبا فكيف يكون الاعتذار؟:
وكان كذئب السّوء إذ قال مرّة ... لعمروسة «3» والذّئب غرثان مرمل:(14/277)
أأنت التي من غير سوء شتمتنى؟ ... فقالت: متى ذا؟ قال: ذا عام أوّل
فقالت: ولدت الآن بل رمت غدرة ... فدونك كلني لا هنالك مأكل!
وحلّ هذا المترجم، وتحقيق هذا الظّنّ المرجّم، أنه بلغني أن جماعة من الذين استفتيتهم استنباطا لفوائدهم، والتقاطا لفرائدهم، لا تكليفا لهم فيما لا يقوم به إلّا الأقوى من الأقوام، ولا يستنجد به في هذا الوقت إلا بأرباب صفحات السّيوف لا أرباب قصبات الأقلام، أرادوا الغضّ منّي، ونفي الإحسان عنّي؛ وهيهات!
أنا أبو النّجم وشعري شعري
هأنا وبضاعتي، وهذه يدي لا أنّي ألقيت بها إلى السّلم ولكن لأعرض صناعتي:
هو الحمى ومغانيه مغانيه
وإنهم اجتمعوا بالميدان على حديثي، وذكروا قديمي وحديثي، وتسابقوا في الغيبة أفراس رهان، وأعجب كلّا منهم أن يقول: هذه الشّقراء في يدي وهذا الميدان؛ ولاموا وعذلوا، وهمّوا بالسّبّ وفعلوا، واستطابوا لحم أخيهم فسلقوه بألسنة حداد وأكلوا، حتى تعدّى ذلك إلى من جاد عليّ بالجواب، وفعله إمّا جزاء للمدح وإمّا للثّواب:
فقلت لها عيثي جعار «1» وجرّري ... بلحم امريء لم يشهد اليوم ناصره!
وما كان المليح أن يغري بي من سبق مدحه إليّ، ومن انتصر بعزّه لنفسه فما انتصر لديّ «وهذا لعمري جهد من لاله جهد» وما تخلو هذه الأفعال: إمّا(14/278)
أن تكون مجازاة على مدحهم، فأين الكرام وفضلهم، والمنصفون وعدلهم؟، أو ظنّا أنّي عرّضت بهم فيمن عرّضت، فأين ذكاء الألبّاء وأين عقلهم؟ وهل تظنّ السّماء أن يدا تصل إليها، والنّجوم أن خلقا تحكم عليها؟
والذّهب محروس لا يصدا جرمه، والجوهر معروف لا يجهل حكمه؛ ومن الذي تحدّثه نفسه أن يجحد الشّمس فضلها الطّائل، أو يحسّن له عقله أن يقول: سحبان وائل كباقل «1» ؟؛ [فقلت] «2» أدركني ذلك اليوم ولمّا أمزّق، وأنجدني بكلّ لفظة هي أمضى من السّهم وأرشق، وأضوء من النّجم وأشرق؛ وما أعرف كيف صبري على هذا الحرب في صورة السّلم؟ وما أظنّه أراد إلا أن يعلّم قلبي الذي في يده الحكم، كما علمه للقلم؛ وحيث قضى الحديث ما قضى، ومضى الوقت وما كان إلا سيفا في عرض العبد مضى:
فكرّت تبتغيه فصادفته ... على دمه ومصرعه السّباعا
فأنا أنشد الله تعالى هؤلاء السادة الغائبين، أو القوم العاتبين، هل يعرفون أنّ الذي عرّضت به منهم قوم قد استولى عليهم العيّ بجريضه «3» ، ونزل فيهم الجهاد بقضّه وقضيضه، وأصبح بابهم لهم كبستان بلا ثمار، وديوانهم على رأي أبي العلاء كديوان أبي مهيار؛ لا يحسن أحدهم في الكتابة غير العمامة المدرّجة، والعذبة المعوّجة، والعباءة الضّيّقة والأثواب المفرّجة، ويتناول السلم باليمين وكتابه إن شاء الله تعالى بالشمال، ومشى هذا على هذا ولكن على الضّلال؛ لو سئل أحدهم عن «البديع» في الكتابة لم يعرف من السؤال غير التّرديد، وعن «عبد الحميد» لزاد في الفكر ونقص:
وعبد الحميد عبد الحميد، و «الصّاحب» لقال: إنه تبرقع بمجلسي، و(14/279)
«الخوارزميّ» لقال: سرج فرسي، و «الفاضل» لقال: ها هو ذا ذيل ملبسي. فإن كان الأمر كذلك ففيم الملام والتفنيد:
علّقوا اللّحم للبزاة ... على ذروتي حضن»
ثمّ لاموا البزاة أن ... قطّعت نحوها الرّسن
لو أرادوا صيانتي ... حجبوا وجهك الحسن!
والوجه الحسن ههنا وجه المنصب وحجابه عن شين تلك الآثار، وتخميش تلك الألفاظ.
وإن كان غير ذلك فما مثلي مع من ذكرني إلا قول القائل:
سافر بطرفك حيث شئت فلن ترى إلّا بخيلا! فقيل له: بخّلت الناس، فقال: كذّبوني بواحد. وهأنا فلتكذّبوني بواحد ممّن عرّضت، وصحيح ممّن أمرضت، وليبرز إلى مضجعه، وليكن على يقين من مصرعه؛ ولا يترك شيئا من أدواته، ولا يأتي إلّا ومعه نادبته من حمائم همزاته.
وأنا أقترح عليه من مسائل الكتابة بعض ما اقترحه الفضلاء، ونبّه عليه العلماء؛ وإلّا فما أنا أبو عذرته، ومالك إمرته، ولا يلوم إلّا القائل:
من تحلّى بغير ما هو فيه ... فضحته شواهد الإمتحان!
فإنه الذي نبهّني عليه وإن لم أكن ساهيا، وذكّرني الطّعن وما كنت ناسيا، حتى رميته من هذه المسائل، في مجاهل، لا يهتدى فيها بغير الذّهن الواقد، واقتحمت به في بحار لا يعصم منها جبل الفكر الجامد؛ على أنّها فيما أغفلت كالثّمد من البحار، واللّمحة من النّهار، ولولا الاختصار، لأتيت منها بالجمع الجمّ فلنحمد الله والاختصار، فأقول:(14/280)
من كتب في الورق واستنبطه؟ ومن ختم الكتاب بالطّين وربطه؟
ومن غيّر طين الكتاب بالنّشا وضبطه؟ ومن قال: أمّا بعد في كتابه؟ ومن جعلها في الخطب وأسقطها في ابتدائه في المكاتبة وجوابه؟، ومن كره الاستشهاد في مكاتبات الملوك بالأشعار؟، وكيف تركها على ما فيها من الاثار، ومن الّذي أراد أن يكتب نثرا فجاء شعرا؟، ومن وضع هذه الطّرّة في التقاليد واخترعها؟، وما حجّته إذ قدّمها على اسم الله ورفعها؟، ومن الّذي باعد بين السّطور ووسّعها؟، وكيف ترك بالتعاظم في كتبه سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله ولم يسعه من التّواضع ما وسعها؟، ومن استغنى بكتابة آية من كتاب الله عن الجواب؟، ومن اكتفى ببيت من الشّعر عما يحتاج من تطويله الكتاب؟، ومن الّذي عانى المترجمات ورتّبها؟ وأخفى ملطّفات الجواسيس وغيّبها؟، ومن الّذي سنّ البرد وبعثها في الملماّت؟، وما أوجز مكاتبة كتب بها عن خليفة في معنى؟، وما أبلغ جواب وأوجزه أجاب به عن خليفة من لا سمّى لا كنّى؟، ولم أرّخ بهجرة النّبي صلّى الله عليه وآله؟ وكيف لم يؤرّخ بمولده أو غير ذلك من الأيام؟، ومن الذي أمره الخليفة بكتابة معنى فارتجّ عليه الكلام ولقّنه في المنام؟، ومن الذي وصف برسالة طويلة شيئا لم يصفه بنثار ولا نظام؟، وكيف جاز للكاتب أن يكتب آية من الكتاب في لفظة يحسبها من لا يحفظ أنّها من عنده لا من حفظه؟، مثل قوله مع الرسول: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا
«1» ، وقول الآخر في كتابه: هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ
«2» ، وكثير من هذا؟ وهل يؤخذ عليه في مثل ذلك ما أخذ على الحجّاج في أسماء «3» المستغيثين به من أهل السّجن:
اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ
«4» ؟، وما الفرق بينهما؟(14/281)
وعلام يطوّل الكاتب باء البسمله؟، ولا يثبت إلا قليلا واو الحسبله؟، ولا يحمدل ولا يبسمل على ما ألف، وكيف يعلّم في بعض السّجعات على الأسماء المقصورة بالياء والأصل فيها الألف؟؛ وأسأله كيف يصف القراطيس والأقلام ويستدعيها؟، والسّكّين والدّواة ويستهديها، وكيف يكتب ملك طلب منه عدوّ قطيعة عن جيشه يعطيها؟، وكيف يكتب عن خليفة استسقى ولم يمطر؟، وخليفة صارع فصرع كالمعتصم وكيف يعذر؟، وما الذي يكتب في نار وقعت في حرم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم؟ وما الّذي يكتب عن المهزوم إلى من هزمه في معنى ركونه إلى الإحجام؟، وكيف يهنّي خليفة خلع فرجع، وغرّب عن السّجن وطلع؟، وأسره العدوّ ثم تخلص واستقام بعد ما نهضه الدّهر بمرض، أو تمرّض فانتهض؟، وكيف يهنّي من زوّج بعد موت أبيه أمّه، ويعزّي والدا قتل ولده وولدا قتل والده ويصوّب حكمه؟، ويكتب عمن حاصر حصنا وتركه بعد تسهيل المسالك، وكيف يكتب في نيل لم يوف لا أحوج الله لذلك؟، ويعزّي كافرا عن بعض الأعزّاء الألزام، وينشيء عهد يهوديّ بوزارة أمير المؤمنين عليه السّلام؟، ويكتب تقليدا لثلاثة أو أربعة من الحكّام، ويستنجد بأموال أو مساكين (؟) من عدوّ كافر على كافر؟ ويبشّر عدوّا بأخذ بلاده منه، ويعتذر عن ملك أخذت شوانيه وحجزت عنه؟، ويهنّي خصيّا بزواجه، ويعتذر عمن فرّ وترك ولده تحكم الظّبا في أوداجه؟، ويكتب لملك بنى مباني فاحترقت أو وقعت، أو أجرى خيول رهان فسبقت خيله وانقطعت؟، أو خرج لصيد فلم يجد ما يصاد، أو لبرزة بندق احتفل فيها ولم يصرع شيئا من الواجب المعتاد؟، أو ركب أوّل يوم من تملّكه فتقطّر «1» به الجواد، أو وضعت له أنثى فضّلها بكلام على ما يرجوه من ذكور الأولاد.
ومن ههنا أكفّ القلم عن شوطه، وأرفع عنه ما وضعه اللسان من سوطه، خوفا من الملال والصّخب، وكفى بالغرفة عن معرفة النهر.(14/282)
فإذا نشط هذا الكاتب من هذا العقال، وتصرّف في فنون هذا المقال، وخرج من هذه الأسئلة خروج السّيف من الصّقال، امتدّت كفّ الثّريّا في هذا النّسيان بمسح جبهته، وجاء بجواب هذا النكث كما يقال: برمّته، وأماط لثامها، وشمّر عن أزهارها أكمامها- انقطعت الأطماع دون غايته، وبسطت أيدي رسائل البلغاء لمبايعة رسالته، بل أتته وحمل قلمه على أقلام فرسان الكلام سوداء رايته، وبان هنالك ظلم العائب وحيفه، فكان كمن سلّ لنحره سيفه، وعذر على توالي التّأنيب مؤنّبه، وكان يومئذ له الويل لا لمن يكذّبه، وامتاز هذا الفاضل بما تحدثه هذه الواقعة من الفخر وتجلبه:
فعاجوا فأثنوا بالّذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب!
والمسؤول من إحسان سيّدنا أن يسدّ الخلل كيف ما وجده، ويصلح الخطأ والخطل كما عوّدته منه وكما عوّده؛ فإنّه أمير هذه الصّناعة ونحن الرعايا، وشيخ الفصاحة ونحن الفقراء الذين كم وجدنا في زواياه منها خبايا؛ وما هذه الرسالة إلا يد امتدّت تسأل من الحلم ما يسعها، وهذه السّطور إلا حبائل تتصيّد من عوائده ما ينفعها ويرفعها.
فأرخ عليها ستر معروفك الّذي ... سترت به قدما عليّ عواري!
والله تعالى العالم أنها وردت عن قلب مذهول عن حسن الإيقان، معدّد عليه نوائب الدّهر بأنامل الخفقان، مرميّ بسهام الأعادي في قسيّ الضّلوع، غائص في بحر الهمّ وكلما رمت أن يلقي إليّ درّ الكلام ألقى درّ الدّموع:
أبكي فتجري مهجتي في عبرتي ... وكأنّ ما أبكيته أبكاني!
لا يدع لي الفكر في قلّة [مصافاة] «1» الإخوان وقتا أستنبط فيه معنى، ولا(14/283)
يفسح لي التّعجّب من أبناء الزّمان لنقصهم أن أصحّح نقدا ولا وزنا؛ أجنح لسلم الأيّام فكأنّي لحربها جنحت، وأقدح فكرتي في استعطاف الزّمان فكأنّي فيه قد قدحت؛ فلو قضى الله لي بالمنية من المنيّة لأرحت الزّمان واسترحت:
فالأرض تعلم أنّني متصرّف ... من فوقها وكأنني من تحتها!
ولا فرق فيما بيننا غير أنّنا ... بمسّ الأذى ندري ومن مات لا يدري
ولا بدّ لي أن أطلّق هذه الصّناعة طلاقا قطعيّا، لا طلاقا رجعيّا، وأجاهرها جهارا حربيّا لا جهارا عينيّا، وأضع صعدة حملها من أدب عن بدني، وأتولى قوس داله مع سهم بائها فما أصبت غير كبدي؛ «كأنّما القوس منها موضع الوتر» ، و «وقلت اذهبي يا صبوتي بسلام» فماذا لقيت من آفاتها، ومنيت به من الخوف في عرفاتها، ومطرت لا من عوارض قطرها ولكن من عوارض مرجفاتها:
وإنّي رأيت الحبّ في القلب والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحبّ يذهب!
ومع هذا الحديث لم أشكّ أنّ أحدا سينتقد على تشبيهي، وطرقه قديمة في استفتاح المكاتبة، واستنجاح المخاطبة، ويقول: تلك أمّة قد خلت، ودولة فاضليّة أدبرت مثل ما أقبلت؛ فكيف تبعها وترك طريقة فضلاء عصره، وأبناء مصره؛ فالجواب ما قاله القاضي السّعيد بن سناء الملك رحمه الله تعالى، فما كان أسعد خاطره!، وأكثر ذهب لفظه وجواهره!!:
إنّي رأيت الشّمس ثم رأيتها ... ماذا عليّ إذا عشقت الأحسنا؟!
(وذكرت أن الاس عدره ونسيت أن الاس أفعلها) «1» .
انتهت إلى هذا الموضع، والدّيك قد نعى بعيد الظّلام، وبلّغ عن(14/284)
الصّبح السّلام، والأزهار قد سلبته عينه فقام من كراه يصيح، وميدان الغصون قد أصخب بمغنى الأطيار وشغب الرّيح، ونسر السّماء قد فرّ من الغداة وبازيها، والنّجوم قد حملت إلى ملحدها من الغرب على نعوش دياجيها، والمجرّة من الجوزاء عاطلة الخصر، وخاقان الصّبح قد حمل على نجاشيّ الظّلام راية النّصر.
لا برح سيّدنا معصوم الرّويّة والارتجال، مسجلا بشجاعة اليراعة والحرب سجال، محمود المواقف والمساعي «والنّقس نقع والطّروس مجال» ، والسّلام.
[الصّنف الخامس]
(الصنف السادس (من الرسائل ما تكتب به الحوادث والماجريات)) ويختلف الحال فيها باختلاف الوقائع: فإذا وقعت للأديب ماجرية وأراد الكتابة بها إلى بعض إخوانه، حكى له تلك الماجرية في كتابه مع تنميق الكلام في ذلك، إما ابتداء وإما جوابا، عند مصادفة ورود كتابه إذ ذاك إليه.
وهذه نسخة رسالة أنشأها الإمام قاضي قضاة المسلمين محيي الدّين، أبو الفضل يحيى، ابن قاضي القضاة الإمام محيي الدّين أبي المعالي محمد، بن عليّ، بن محمد، بن الحسين، بن عليّ، بن عبد العزيز، بن عليّ، بن الحسين، ابن محمد، بن عبد الرحمن، بن القاسم، بن الوليد، بن القاسم، بن عبد الرحمن، بن أبان، بن عثمان، بن عفّان رضي الله عنه، لمّا ورد إلى القاهرة المحروسة في التّاسع من جمادى الأولى من سنة تسع وعشرين وستمائة وتعرف «برسالة النّمس» ؛ وهي:
وردت رقعة سيّدنا أسعده الله بتوفيقه، وأوضح في اكتساب الخيرات(14/285)
سبل طريقه، فوقفت عليها وقوف السّارّ «1» بورودها، المستسعد بوفودها، المبتهل إلى الله في إبقاء مهجته التي يتشرّف الوجود بوجودها:
وليس بتزويق اللّسان وصوغه ... ولكنّه قد مازج اللّحم والدّما!
وفضضتها عن مثل النّور تفتحه الصّبا، وبرود الرّياض تساهمت في اكتساء وشيها الأهضاب والرّبا؛ يكبو جواد البليغ في مضمار وصفها، وينبو عضب لسانه عن مجاراتها في رصفها؛ يخجل محيّا النهار بياض طرسها، ويودّ الليل لو نفضت عليه صبغة نقسها، وتحسد الكواكب رائق معانيها، وتتمنّى لو أعيرت فضل إشراقها وتلاليها، في كلّ فقرة روضة وكلّ معنى كأس مدام، وكلّ ألف ساق وكلّ سين طرّة غلام، وكلّ واو عطفة صدغ وكلّ نون تقويس حاجب، وكلّ لام مشقة عذار وكلّ صاد خطّة شارب؛ تصيب من سامعها أقصى ما يراد بالنّفث في العقد، وتستولي بلفظها على لبّه استيلاء الجواد على الأمد.
فلما اجتليت منها المعاني المسهبة في اللّفظ الموجز، وأجلت طرفي منها ما بين نزهة المطمئنّ وعقلة المستوفز، وأسلمت قيادي إلى سحرها المحلّل وإن جنى قتل العاشق المتحرّز- علمت أن سيّدنا أجرى في حلبة السّباق فحاز قصب سبقها، وذلّلت له البلاغة فتوغّل في شعابها وطرقها، وحكّمت يده في أعنّة الفضائل فسلّمت القوس إلى باريها، ودرجات العلى إلى مستحقّيها؛ فمن وائل؟ ومن سحبان؟ ومن عبد الحميد؟ وابن صوحان، وأيّ خبر يقابل العيان؟ ومن يقاوم ما هو كائن بما كان؟؛ فسألت خاطري الجامد أن يعارض بوابله طلّها، وأن يقابل بجثمانه ظلّها، وأن يجاريها في حلبة المساجلة وإن دعي بالسّكيت، ولقد أسمعت لو ناديت حيّا وكيف بنطق من ميت؛ وأنّى يطمع في مجاراة البحر ولات حين لعلّ أوليت؛ فوجدته أصلد من(14/286)
الصّخرة مسّا، وألفيت «باقلا» لديه «قسّا» ؛ فما كلّ من طرق قرى، ولا من إذا خلق فرى؛ وهذا المعهود من خاطري إذا كان جامّا فكيف وقد نضب ماؤه وكدّرت الحوادث بحر علمه والغير، فمن دون أن تستخرج منه الدّرر أن يلين لضرس الماضغ الحجر؛ فبذل جهده لما شعّبت الهموم سبله، وتقنّع بالخلق من لا جديد له.
هذا مع واقعة وقعت له فأصبح متشتّتا، وثنى عنانه عن كلّ شيء إليها متلفّتا، وذلك أنّه في بارحته استولى عليه القلق بسلطانه، واستلبت يد الأرق كراه من بين أجفانه، كأنّه ساورته ضئيلة سمّها ناقع «1» ، أو مدّت إليه خطاطيف حجن «2» لها أيدي الخطوب نوازع:
إذا اللّيل ألبسني ثوبه ... تقلّب فيه فتى موجع
فتارة فكرته متوجّهة نحو قلّة حظّه، وآونة لا يقع إلّا على ما يقذفه طارف لحظه؛ وإنّ يد الخمول قد استولت عليه، وأزمّة المطالب صرفت عنه وحقّها أن تصرف إليه، والسعادة شاردة عنه وما أجدرها أن تطيف ببابه وتستقرّ بين يديه:
لئن كان أدلى حابل فتعذّرت ... عليه وكانت رادة فتخطّت
لما تركته رغبة عن حباله ... ولكنّها كانت لآخر خطّت!!
ولقد جهد في سلّم الدّهر وهو يحاربه، «وكيف توقّى ظهر ما أنت راكبه» ؟ فما شام بارقة أمل إلا أخفقت ورجع بخفّي حنين، وقرّت أعين(14/287)
أعاديه كلّما سخنت منه العين، فلقد أصبح «أفرغ من حجّام ساباط» «1» وإن كان «أشغل من ذات النّحيين» «2» .
وكلما تأمّل جدّه «3» العاثر النّاكص، ونظر رزقه النّاضب النّاقص، وقابله الدّهر بالوجه العابس الكالح، ومنّى نفسه عقبى يوم صالح، ربع عليها فمن لي بالسّانح بعد البارح «4» ؟ وناجى نفسه بإعمال الركائب، والاضطراب في المشارق والمغارب، وأن يرى بالجود طلعة نائر وبالعرمس «5» غرّة آئب، ويصل التّهجير بالسّرى، ويبتّ من قيد الأوطان موثقات العرى؛ وإن كسدت فضيلة من فضائله، أو رثّت وسيلة من وسائله، اكتسب بأخرى من أخواتها، ونفث في عقدها ومتّ بها وقال: أنا ابن بجدتها؛ فإلام وعلام وحتّى متى، أجاور من أنا فيهم أضيع من قمر الشّتا؟ وحالي أظهر من أن يقام عليه دليل، و «إذا ذلّ مولى المرء فهو ذليل» :
وما أنا كالعير المقيم بأهله ... على القيد في بحبوحة الدّار يرتع
ثم استهول تقحّم الإغوار والإنجاد، واستفتح لقادح زناد الحظّ(14/288)
الإكداء والإصلاد، وأقول: أخطأ مستعجل أو كاد، فأثوب مثاب من حلب الدّهر أشطره، وأخذ إذا ارتفع عن الدّنيّة من حظّه أيسره، وبنى كما بنى سلفه وقرّر ما قرّره، فأقول: ارفض الدّنيّة ولا تلو عليها، فتكون «أحمق من الممهورة إحدى خدمتيها» «1» «فالحرّة تجوع ولا تأكل بثدييها» :
ولسنا بأوّل من فاته ... على رفقه بعض ما يطلب
وقد يدرك الأمر غير الأريب ... وقد يصرع الحوّل القلّب!
وتارة يخطر أن لو شكوت حالي إلى أصدقائي من ذوي الجاه، وسألتهم بإلحاقي بهم في الابتغاء من فضل الله، وأحضّهم على انتهاز فرصة الإحسان قبل الفوت، وأضرب لهم: «أعن أخاك ولو بالصّوت» فليس على مثلي ممن يخيفه الدّهر في ذلك من جناح، «وهل ينهض البازيّ بغير جناح» ؛ ثم أرى أنهم لو فضل عنهم شيء لجادوا، بل لو زويت «2» الأرض لهم لازدادوا، ولو ملّكوا ظلّ الله لأصبحت لديهم ضاحيا، وما حالي بخاف عليهم وكفى برغائها مناديا، وقبلي بغى «3» عليّ ففاته وأدرك الجدّ السّعيد معاويا؛ وإلى كم أعلّل تعليل الفطيم بالخضاب:
سئمت العيش حين رأيت دهري ... يكلّفني التّذلّل للرّجال!
وأخرى يسلّي نفسه عن مصابها ومصائبها، ويمنّيها كرّ الأيام بتعاقبها، ويقصّ عليها تقلّب اللّيالي بالأمم الماضية في قوالبها، وأنها ما قدّمت لأحد سعادة إلا عقّبتها بتغيير، وما سقت صفو الأماني بشرا إلا شابت كأسه بتكدير،(14/289)
وأنّ سبيل كلّ أحد منها سبيل ذي الأعواد «1» ، وقصاراي ولو اتخذت الأرض مسكنا وأهلها خولا سبيل ربّ القصر من سنداد «2» ، ولو عمّرت عمر نوح كنت كأنّي وآدم وقت الوفاة على ميعاد؛ فإن شئت فارفع عصا التّسيار أوضع؛ فما هو إلّا: «حارب بجدّ أودع» .
فبينا أنا أعوم في هذه الخواطر متفكّرا، وأقرع سنّ النّدم على تقضّي عمري في غير مآربي متحسّرا، وأتسلّى بمصارع الأوّلين أخرى معتبرا:
ولو أنجزتني الأيام مواعيد عرقوب، لأفضت بي إلى أحلى من ميراث العمّة الرّقوب، ولقد تقاعس أملي حتى قنعت بحالي «وشرّ ما ألجأك «3» إلى مخّة عرقوب» ثم يخاطبني حجاي بأن تثبّت واصبر، فالليل طويل وأنت مقمر، فستبلغ بك الأسباب، وينتهي بك إلى المقدور الكتاب؛ فلا تعجل «فجري المذكيات غلاب» «4» .
فاستروحت إلى فتح باب كان مرتجا، وارتدت باستجلاء محيّا السماء من بعض همّي فرجا، وانتشقت من نسيم السّحر ما وجدت به من ضيق فكري مخرجا، ففتحته عن شبّاك كتخطيط الأوفاق، أو كرقعة شطرنج وضعت بين الرّفاق؛ ألبس من صبغة اللّيل شعارا، واتّخذ لاستجلاء وجه الغزالة نهارا؛ جلد على القيام والكدّ، صبور على الحالين في الحرّ والبرد؛ يحوّل(14/290)
جثمان المرء عما واراه، ويبيخ إنسان الطّرف رعي حماه؛ يديل من ظلمة اللّيل ضوء النهار، وينمّ بما استودعته من الأسرار؛ يشرف إلى غيضة قد التفّت أشجارها، وتهدّلت ثمارها، ورقصت أغصانها إذ غنّت أطيارها، واطّردت بصافي الزّلال أفهارها، ونمّت بعرف العنبر الشّحريّ «1» أزهارها؛ وقد قامت عرائس النّارنج على أرجلها، تختال في حليها وحللها؛ قد ألبست من أوراقها خلعا خضرا، وحلّيت من ثمارها تبرا، ونظّم قداحها في جيادها لؤلؤا رطبا، ورنّحها نسيم السّحر فمالت عجبا؛ وقد مدّت في أرضها من البنفسج مفارش سندس فروزت «2» بالجداول، كبساط أخضر سلّت أيدي القيون «3» عليه صقيلات المعاول، وقد حدّقت عيون الرّقباء من النّرجس قائمة على ساق، ولعبت بها يد النّسيم فتمايلت كعناق المحبّين عند الفراق؛ فاجتلينت محيّا وسيما تتبلّج أسرّته، ومنظرا جسيما تروق بهجته؛ قد مدّ السّماط بساطا أزرقا، بزهر الكواكب مشرقا، وطرّزه بالشّفق طرازا مذهبا، وأبدى تحته للأصباح مفرقا أشيبا:
ورث قميص اللّيل حتّى كأنّه ... سليب بأنفاس الصّبا متوشّح
ورقّع منه الذّيل صبح كأنّه ... وقد لاح شخص أشقر اللّون أجلح
ولاحت بقيّات النّجوم كأنّها ... على كبد الخضراء نور يفتّح!
وجنح البدر للغروب فتداعت الكواكب تتبعه كوكبا فكوكبا، فكأنه ملك اتّخذ المجرّة عليه مضربا، وتوّج بالثّريا إكليلا، وخنست «4» الكواكب بين يديه توقيرا له وتبجيلا، واصطفّت حوله خدما وجنودا، ونشرت من أشعّتها ألوية وبنودا، وأخذت مقاماتها في مراكزها كجيوش عبّئت للقاء مناجزها، ومسابقها أخذ فرصة النّصر ومناهزها:(14/291)
ولاح سهيل من بعيد كأنّه ... شهاب ينحّيه عن الريح قابس!
وانبرى نسيم السّحر عليلا، وجرّ على أعطاف الأزهار ذيلا بليلا، وروى أحاديث الرّياض بلسان نشره، مذيعا لأسرار خزاماه وزهره، وغرّدت خطباء الطّير على منابر الأغصان، واستنبطت من قلوب المحبّين دفائن الأشجان، وحثّ داعي الفلاح، طائفة التّقى والصّلاح، على أن تؤدّي فرضها ونفلها، وترتقي بخضوعها بين يدي مولاها درجات السّعادة التي كانت أحقّ بها وأهلها، وهتف بشير النّجح بمن أحيا ليلته لما تمزّق قميص اللّيل وانفرى: «عند الصّباح يحمد القوم السّرى» .
فبينا أنا أتفكّر في أنّ جملة ما عاينته سيصبح زائلا، وعن تلك الصّبغة العجيبة حائلا، وأتدبّر: وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا
«1» إذ أهدت إليّ الأيام إحدى طرفها وغرائبها، وكبرى أوابدها وعجائبها، فطرق سمعي من الشّبّاك نبأة، وتلتها وجبة تتبعها وثبة، فاستعذت من كيد الشّيطان المريد، وقلت: أسعد أم سعيد؛ وإذا بنمس قد فارق وجاره إلى وجاري، واختارني على الصّحراء جارا فارتضيته لجواري، فولج مستأنسا، ومرح بين يديّ آنسا، وأراني أحد كتفيه في الاسترسال ليّنا والآخر بالتّمنّع شامسا، فمدّ له الحرص على جوره حبائل مكره وشباكه، ويد الغبش تحول دون قنصه وإمساكه، وبقايا الظّلام تقضي بتمنّعه، وتصدّ عن جعله من الوثاق في موضعه، وأنا ملازمه ملازمة المعسر لربّ الدّين، حتى يتبيّن الصّبح لذي عينين.
فلما خشيت على صلاتي الفوت عدلت إلى تأدية فرضها، وتوجيهها بين يدي موجبها وعرضها؛ فلما انفتلت من مصلّاي، وانصرفت عن مناجاة مولاي، برقت لي بارقة، خيّل إليّ أنها صاعقة، فقلت: أذرّ قرن الغزالة؟ وإلا فلات حين(14/292)
ذبالة؛ فقيل: إنّ الغلام نظر إليه شزرا، وهزّ له المهنّد فشقّ له من الظّلماء فجرا، وأبدى له وجها مكفهرّا، ورام أن يمطيه من المنيّة مركبا وعرا، كأنّه قد لاقى أسدا هزبرا، وأترع له كأس الحمام بالوافي، ورماه بثالثة الأثافي، فعطفت عليه باللّائمة منكرا لجهله، وهتفت به زاجرا عن قبح فعله، ثم عذرته: «ومن لك بأخيك كلّه» ؛ وقلت له: ماذا تراك تصنع لو لاقيت أسدا أغلبا؟، لقد خلت أنّك ترتدّ- وإن كنت وليدا- أشيبا؛ أمن هذا بادرت إلى السّيف مخترطا؟، «إنّك لأجبن من المنزوف ضرطا» «1» لقد أظهرت من الفشل ما جاوز قدر الحدّ، ووضعت المزاح في محلّ الجدّ وقابلت الأسهل بالأشدّ؛ فسحقا لك وبعدا، لقد قدح مرجّيك بعدها زنادا صلدا، واستنبع الماء جلمدا جلدا.
فصوّب طرفه فيّ وهتف مناديا، وأظهر وفاء أزرى بالسّموءل بن عاديا: أنج هربا ولا إخالك ناجيا؛ إنّي رميت من الخطوب بأصعبها، ولا ينبّئك بالحروب كمجرّبها، والغاصّ باللّقمة أخبر بها؛ فلقد أوطأني ما لا أستقيل منه العثرة، وما لاقيت في حرب كهذه المرّة، والعوان لا تعلّم الخمرة «2» لقد صرّح لي بالشّرّ ولم يجمجم، وكشر عن أنيابه غير متبسّم، و «حسبك من شرّ سماعه» و «است البائن أعلم» «3» ، تالله إنّه لأجرأ من خاصي الأسد، ولئن سبرته لتعلمنّ ما بين الذّئب والتّقد؛ ولقد رضيت نفسي من الغنيمة أن تؤوب بذمائها «4» ، لما تشبّث بخنصري فخضبها بدمائها،(14/293)
فقلت: «أجفل عن جنابك الخير وأجلى» «أضرطا وأنت الأعلى» «1» ؟، ثم تضاحكت إليه لمّا شاهدت استعباره، وأويت له إذ رأيت استكثاره الخطب واستكباره، وقلت: من ضاف الأسد قراه أظفاره، ومن حرك الدّهر أراه اقتداره؛ وعدلت إلى الذّلول الشّامس، المستأسد المستأنس، ومددت يدي إليه فانقاد لها طائعا، وخضع لإجابة دعوتي سامعا.
فلمّا حازه في القبضة الإسار، وبطل الإقلال من ذلك اللّفظ والإكثار- وقد كان أعزّ من الأبلق العقوق، وأبعد من بيض الأنوق- استجليت صورته متأمّلا، إذ لم يبق له سوى قبضتي موئلا، فرأيت هامة فحمة، وجثّة ضخمة، وشدقا أهرتا «2» رحبا، ذا مرّة على اختلاف الحوادث صعبا، وأنيابا محدّدة عصلا كالنّصال، وطرفا مخالسا غير غرّ بالمكر والختال، كأنّه شهاب يتوقّد، أو شعلة نار لم تخمد، وسامعتين تتوجّسان ما دار في الأوهام، وتدركان ما يناجي به المرء نفسه ولو في الأحلام؛ قد نيطت بعنق صغرت هامته بالنسبة إليه، إن استدبرته قلت: هو مشرف عليها أو استقبلته قلت: هي مشرفة عليه، يشتمل على نحر خصيب، وصدر رحيب، فيه نزعتا بياض كهلالين قرنا في نسق، أو نجمي ذؤابة ظهرا في غسق، تسرّ نفس الناظر إليها، ويعقد خنصر الاختيار في حسن الشّيات عليها، اتّصل ذلك بمنكب عتيد، وساعد شديد، وبرثن شثن «3» ومخلب حديد:
ذوات أشاف ركّبت في أكفّها ... نوافذ في صمّ الصّخور نواشب
معقّفة التّرهيف عوج كأنّها ... تعقرب أصداغ الحسان الكواعب
قد جاور جؤجؤا «4» نهدا، وقابل كاهلا ممتدّا؛ يكاد خصره ينعقد(14/294)
اضطمارا، وهمّته تتسعّر نارا؛ برجلين تسبق في الحضر يديه، وتقدّ بأظفارها أذنيه، وذنب كالرّداء المسبل يجرّه اختيالا ومرحا، ويتيه عجبا وفرحا، إن انساب قلت: انساب أفعوان، أو صال قلت: أسد خفّان «1» ، أو وثب سبق الوهم في انحطاطه، أو طلب أدرك البرق من نشاطه، أو طلب فات الطّرف في انخراطه؛ أنعم مسّا من أرنب، وأزهى من ثعلب، قد كساه الظّلام خلعته، وقبّل الصّباح طلعته؛ حاز من القندس «2» صقاله وبهجته، ومن الفنك لينه ونعمته؛ ألبس رداء الشّباب، ونزّه عن تزوير الخضاب؛ إن اختلس فما تأبّط شرّا، أو خاتل أزرى بالشّنفرى مكرا؛ أحدّ نفسا من عمرو بن معدي، لا يصلد قادح زناد بطشه ولا يكدي؛ أنزق من أبي عبّاد، وأصول من عنترة بن شدّاد؛ أفتك من الحارث بن ظالم، وأنهر فصدا للدّم من حاتم، لا يلين ولا يشكو إلى ذي تصميت، «كأنّه كوكب في إثر عفريت» ؛ يكاد عند المخاتلة في انسيابه، يفوت الخاطر أو يخرج من إهابه، إن قارن طيرا أباحه منسرا كمنسر الأسد، أغلب فيه شغا «3» كأنّه عقد ثمانين في العدد، فينشده: ألا عم صباحا أيّها الطّلل البالي، فلا يحسّ له بعين ولا أثر سجيس «4» اللّيالي؛ فكأنّ قلوبها رطبا ويابسا لدى وكره العنّاب والحشف البالي «5» ؛ اعتاد قنص السانح والبارح «6» ، فما فات ورد المنيّة منه غاد ولا رائح؛ طويل القرا مدمج(14/295)
الأعظم، له مخاتلة سرحان وهجمة ضيغم؛ أحنّ من نقبة «1» ، «وأظلم من حيّة» ، أطيش من فراشة، وأسبق إلى الغايات من عكّاشة «2» ؛ أخطف من عقاب، وأشجع من ساكن غاب، أسرق من جرذ وأنوم من فهد، وألين من عهن «3» وأخشن من قدّ؛ بأسه قضاء على الطّير منزل، وبطشه ملك بآجالها مرسل.
فلمّا تأملت خلقه، وسبرت بتجربة الفراسة خلقه، عجّلت له جريرا مستحصد المرّة لوثاقه، وأحكمت شدّه في محلّ خناقه، وقلت له: إنّي مجرّبك سحابة هذا النهار، «ومن سلك الجدد أمن من العثار» ، فعل ذي خبرة بمكره، وعلى ثقة من غدره؛ فإنّ اللّئيم ذو صولة بعد الخضوع، وفضح التّطبّع شيمة المطبوع؛ وكيف الثّقة به وإن استقرّ ولم ينبس؟ وأنّى الطّمأنينة إليه وهو الأزرق المتلمّس؟.
ثم انصرفت إلى البلد لبعض شاني، والاجتماع بأخلّائي وأخداني، واستغرقت أديم النهار فيما توجّهت له، وقطعت عمر يوم ما كان أطوله! فلما قضيت نهمتي، من نجعتي، وحانت مع وجوب الشّمس رجعتي، ألفيته عمد إلى الوثاق فقرضه، ووفّاه بالكيل الوافي ما اقترضه، وصال على شيخة نستسعد بدعائها، ونفزع إن دهمنا همّ قبل نداء أولي البطش إلى ندائها؛ ذات خلق عظيم، ومنطق رخيم، وقلب رحيم، ووجه ذي نضرة ونعيم؛ إن قامت أحيت اللّيل بالسّهر، أو قرأت رأيتنا حولها زمرا بعد زمر؛ إن حادثتها نطقت بالسّحر محلّلا، أو تاركتها رأت الصّمت على كثير من النّطق مفضّلا؛ تسرّ نفسك في حالة الصّخب، وتريك وجه الرّضا في صورة الغضب؛ فمدّ إليها يد العدوان، وأطاع بأذاها أمر الشّيطان، ولم يرقب فيها(14/296)
إلّا «1» ولا ذمّة، وحملها فحمّلنا من أذاها غمّة، ومزّق قشيب أثوابها، وحكّم مخالبه الحديدة في إهابها، فعظم مصاب من حوت داري بمصابها.
فلما وصلت رأيتها باكية ذات قلب مريض، وجناح مهيض، فسلّيتها بأنّ المصائب تلقّاها الأبرار، وترفّقت بها إلى أن رقأت تلك الأدمع الغزار، وأوردت: «إنّ جرح العجماء جبار» «2» ؛ وقلت: إيها لك وآها، لقد ارتكبت خطّة ما أليقها بعذرك وأولاها!!، «فلقد أنصف القارة من راماها» «3» ثم آليت أليّة برّة، لأوطئنّه من الوثاق جمرة، ولأقتصّنّ بهذه المرّة تلك المرّة؛ وأتيته بسلسلة تنبو أنيابه عن عجمها، ولا تثبت شياطين مكره برجمها؛ قد أبدع قينها الصّنعة بإحكامها، وأتى بالعجب في نظامها، فلله هو ممن تحكّم فيما يقطع الجلمد، فجعله من اللّطافة يحلّ ويعقد؛ فاستودعت عنقه منها أمينا لا يخفر وثيق ذمّته، ولا تتطرّق الأوهام إلى تهمته، مستحكم القوّة في الشّد، فتغيّظ تغيّظ الأسير على القدّ «4» ، ونظر إليّ بطرف حديد، وتذلّل بعد بأس شديد، وبصبص «5» بذنبه فقلت: «أمكرا وأنت في الحديد» «6» . فلمّا أيس من الخلاص، تلوت: وَلاتَ حِينَ مَناصٍ
«7» .(14/297)
فلما تمّ ما ذكرته، وأبدأته وأعدته، وردت رقعة سيّدنا على عقابيل «1» هذه الوقعة التي وقعت، وصدّت عن الجواب ومنعت، واقتضى بي الحال كتب هذه الخرافة وإن تشبّثت بأذيال الجدّ، فأخرجتها مخرج الهزؤ وإن دلّت على حوز قصبات المجد، ليعلم أن في الزّوايا خبايا، وإذا صحّ أنّ الأصول عليها تنبت الشّجر «فأنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا» .
هذا: وإن أبقى قراع الخطوب في حدّي فلولا، «فالفحل يحمي شوله معقولا» «2» ؛ ولقد تجمّعت الخطوب عليّ من كلّ وجهة وأوب، وطرقت الرّزايا جنابي من كلّ صوب، وجريت مع الخطوب كفرسي الرّهان، وما هممت بمقصد إلا سقط بي العشاء على سرحان؛ وبكل حبل يختنق الشّقيّ، ولعمرك ما يدري امرؤ كيف يتّقي؛ والجلد يرى عواقب الأمور فيحمد عند النّجاح عقبى السّير وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ
«3» .
تجوز المصيبات الفتى وهو عاجز ... ويلعب صرف الدّهر بالحازم الجلد
فسطّرت هذه الأحرف إلى سيّدنا ليوافق خبري عند أصحابه خبره، و «من يشتري سيفي وهذا أثره» واعلم أنها سيضرب بها في بابها المثل، وقد «أوردها سعد وسعد مشتمل» «4» .
وهذه رسالة في الشّكر على نزول الغيث، من إنشاء أبي عبد الله(14/298)
محمد «1» بن أبي الخصال الغافقي الأندلسيّ، نقلتها من خطّ الشيخ شمس الدّين محمد بن محمد بن محمد بن سيّد الناس اليعمريّ المصريّ «2» وهي:
الحمد لله الذي لا يكشف السّوء سواه، ولا يدعو المضطرّ إلا إيّاه.
ننزل فقرنا بغناه، ونعوذ من سخطه برضاه، ونستغفره من ذنوبنا: وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ
«3» .
وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له إلها علا فاقتدر، وأورد عباده وأصدر، وبسط الرّزق وقدر، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذي بشّر وأنذر، ورغّب وحذّر، وغلّب البشرى على الإقناط، ودلّ على الصّراط، وأشار إلى السّاعة بالأشراط، ولم يأل أمّته في الذّبّ والاحتياط، صلّى الله عليه وعلى الوزراء الخلفا، والبررة الأتقيا، والأشدّاء الرّحما، والأصحاب الزّعما، صلاة تملأ ما بين الأرض والسّما، وتوافيهم في كلّ الأوقات والآنا، وتضع الثّناء موضع الثّنا «4» .
ولما لقحت «5» حرب الجدب عن حيال، وأشفق ربّ الصّريحة والعيال، وتنادى الجيران للتّفرّق والزّيال، وتناوحت في الهبوب ريحها الجنوب والشّمال، وتراوحت على القلوب راحتا اليمين والشّمال، وأحضرت(14/299)
أنفس الأغنياء الشّح، وودّوا أن لا تنشأ مزنة ولا تسحّ، وتوهّم خازن البرّ، أنّ صاعه يعدل صاع الدّرّ، وخفّت الأزواد، وماجت الأرض والتقت الرّواد، وانتزعت العازب القصيّ، فألقت العصيّ، وصدرت بحسراتها، وقد أسلمت حزراتها، وأصبحت كلّ قنّة فدعاء «1» ، وهضبة درعاء، (صفاه وها ونقبا وها) «2» ؛ والصّبح في كل أفق قطر أو قطع، والأرض كلّها سيف ونطع، والشّعر يشمر ذيله للنّفاق، ويضمّر خيله للسّباق؛ وجاء الجدّ وراح الهزل، وقلنا: هذه الشّدّة هذا الأزل؛ وللمرجفين في المدينة عجاجة ظنّوها لا تلبد، وقسيّ نحو الغيوب تعطف وتلبّد؛ فما يسقط السّائل منهم إلا على ناب يحرق، وشهاب يبرق؛ حتّى إذا عقدوا الأيمان، وأخذوا بزعمهم الأمان، وقالوا: لا يطمع في الغيث، وزحل في اللّيث، فإذا فارق الأسد، لكدّ ما أفسد «3» :
تخرّصا وأحاديثا ملفّقة ... ليست بنبع إذا عدّت ولا غرب!
أنشأ الله العنان «4» ، وقال له: كن فكان؛ فبينما النّجوم دراريّها الأعلام، وأغفالها التي لا تحمد عندهم ولا تلام؛ قد اختلط مرعاها بالهمل، ولم تدر السدّة بالحمل؛ ولا علم الجدي بالرّئبال، ولا أحسّ الثّور بالرّامي ذي الشّمال؛ إذ غشيتها ظلل الغمام، وحجبتها أستار كأجنحة الحمام، وأخذت عليها في الطّروق، مصادر الغروب والشّروق؛ فما منها إلا مقنّع بنصيف، أو مزمّل في نجاد خصيف؛ لم تترك له عين تطرف، ولا ثقبة يطلع منها أو يشرف؛ فباتت بين دور متداركة السّقوط، ودرر متناثرة السّموط، وديم منحلّة الخيوط، وجيوش منصورة الأعلام، ثابتة الأقدام، وكتائب(14/300)
صادقة الهجوم، صائبة الرّجوم، تطلب المحل ما بين التّخوم والنّجوم، وما زالت ترميه بأحجاره، وتحترشه في أجحاره، وتغزوه في عقر داره، حتّى عفّت على آثاره، وأخذت للحزن والسّهل بثاره.
فيا أيّها المؤمن بالكواكب، انظر إلى الدّيم السّواكب، واسبح في لجج سيولها، وارتح في ممرّ ذيولها، وسبّح باسم ربّك العظيم الذي قذف بالحقّ على الباطل، وأعاد الحلي إلى العاطل؛ فبرود الظواهر مخضرّة، وثغور الأزاهر مفترّة، ومسرّات النّفوس منتشرة، والدّنيا ضاحكة مستبشرة، وأرواح الأدواح حاملة، وأعطاف الأغصان مائلة، وأوراق الأوراق تفصّل، وأجنحة الظّلال تراش وتوصل، وخطباء الطّير تروي وتخبر، وشيوخ المحارب تهلّل وتكبّر، وإن من شيء إلا يخضع لجبروته، ويشهد لملكوته، وتلوح الحكمة ما بين منطقه وسكوته.
فأما الخطاطيف فقد سبق هاديها، ونطق شاديها، وتراجع شكرا لله ناديها؛ فعشّ يرمّ، ولبنة إلى أخرى تزمّ، وشعث يلمّ، وبدأة توفّى وتتم؛ وكأنّها حنّت نحو المشاهد، وسابقت اللّقالق إلى المعاهد، فظلّت اللّقالق بعدها نزّاعا، وسقطت على آطامها أوزاعا، وأجدّت إقطاعا، وأجابت من الخصب أمرا مطاعا، وحازت من الحدائق والبساتين إقطاعا؛ وسيغرّد في روضته المكّاء «1» ، ويضحكه هذا الوابل البكّاء، وترومه فلا تلحظه ذكاء؛ تحته من الأفنان النّاعمة قلاص، وأحصنته من الخضراء التّبّعيّة دلاص؛ فالويل لأهل الأقوال المنكرات، والنّيل لأهل الثّناء والخيرات، والمرعى والسّعدان «2» ، وأرض بكواكب النّور تزدان، وبقاع تدين الغيث كما تدان؛ أذكرها فذكرت، وسكرت من أخلاقه فشكرت، وعرّفها ما أنكرت؛ كأنّما(14/301)
أعداؤها من أم خارجة نسب أو ملح، قالت لها: خطب فقال: نكح، فمثلت الأزهار بسبيله، ونبتت في مسيله، وثبتت كاللّحظة في شطّي خميله.
فمن نرجس ترنو الرّواني بأحداقه، وتستعير الشّمس بهجة إشراقه، ويودّ المسك نفحة انتشاقه، يحسد السّندس خضرة ساقه، ويتمنّاه الحمام بدلا من أطواقه؛ كحلّة ندى تترقرق، أو غصن بان لا يزال يورق.
ومن عرار تغنّى مطالعه على عرار، وكلفت به السّواري والغوادي كلف عمرو بعرار؛ فجاء كسوالف الغيد ترفّ، وكوميض الثّغور يعبق ويشفّ.
ومن أقحوان جرى على الثّنايا الغرّ، وسبك من ناصع الدّرّ؛ يقبّله النّسيم فيعبق، ويصبح الجوّ بما [ ... «1» ] ويغبق، ويستقبله ناظرا الشمس فيشرق.
ومن بنفسج كأطواق الورق، أو كاليواقيت الزّرق، تشرّف بأبدع الخلق، وتألّف من الغسق والخلق؛ تلحظه من بين أوراقه نواظر دعج بالأجفان وقيت، وبدموع الكحل سقيت؛ نسيمه ألين من الحرير، ونفسه أعطر من العبير؛ يفاخر به كانون البرد، مفاخرة نيسان بالورد.
وكلّ ربوة قد أخذت زخرفها وازّيّنت، وبيّنت من آيات الله ما بيّنت، كما تتوّج في إيوانه كسرى، واستقبلته وفوده تترى، وانقلبت عن حسن ناديه النّواظر حسرى، وكلّ تلعة مذانب نصولها تسلّ ومضارب فصولها لا تثنى؛ وأراقم تنساب، ولجين يدأب ويذاب؛ على حافاتها نجوم من النّور مشتبكة، وجيوب عن لبّات الغواني منتهكة؛ فلو افتتحت الظّهور والبطون،(14/302)
ونطقت السّهول والحزون، لقالت: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ
«1» .
فشكرا لربّنا شكرا، وسحقا للذين بدّلوا نعمة الله كفرا؛ اللهمّ باريء النّسم، وداريء القسم، وناشر الرّحمة والنّعم، ومنزل الدّيم، وباعث الرّمم، ومحيي الأمم؛ فإنّا نؤمن بقدرك: خيره وشرّه، ونطوي غيثك على غرّه، ولا نتعرّض لنشره حتّى تأذن بنشره، ونعتقد ربوبيّتك كلّ الاعتقاد، ونبرأ إليك من أهل المروق والإلحاد، ونستزيدك من مصالح العباد ومنافع البلاد؛ رزقنا لديك، ونواصينا بيديك، وتوكّلنا عليك، وتوجّهنا إليك؛ ولا نشرك بك في غيبك أحدا، ولا يجد عبد من دونك ملتحدا؛ تباركت وتعاليت، وأمتّ الحيّ وأحييت الميت؛ لا هادي لمن أضللت ولا مضلّ لمن هديت، فاكفنا فيمن كفيت، وتولّنا فيمن تولّيت، إنّك تقضي ولا يقضى عليك، وتقرأ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً
«2» الآية.
وهذه نسخة رسالة، كتب بها الصاحب فخر الدّين عبد الرّحمن بن مكانس، تغمّده الله برحمته، إلى الشّيخ بدر الدين البشتكي عندما زاد النّيل الزيادة المفرطة، سنة أربع وثمانين وسبعمائة «3» ؛ وهي:
ربّنا اجعلنا في هذا الطّوفان من الآمنين، وسلام على نوح في العالمين.(14/303)
ما تأخير مولانا بحر العلم وشيخه عن رؤية هذا الما؟، وما قعاده عن زرقة هذا النّيل الذي جعل الناس فيه بالتّوبة كالملائكة لمّا غدا هو أيضا كالسّما؟، وكيف لم ير هذا الطّوفان الذي استحال للزّيادة فما أشبه زيادته بالظّما؛ فهي كزيادة الأصابع الدّالّة في الكفّ على نقصه، وأولى أن ننشد بيت المثل بنصّه:
طفح السّرور عليّ حتّى إنّه ... من عظم ما قد سرّني أبكاني!
فإنه قارب أن يمتزج بنهر المجرّة بل وصل وامتزج؛ وأرانا من عجائبه ما حقّق أنه المعنيّ [بقول القائل] : «حدّث عن البحر ولا حرج» ؛ وتجاوز في عشر الثّلاثين الحدّ، وأرانا بالمعاينة في كلّ ساحل منه ما سمعناه عن الجزر والمدّ، وأساء في دفعه فلم يدفع بالتي هي أحسن، وأقعد الماشي عن التّسبّب والحركة حتّى شكا إلى الله في الحالين جور الزمن، وسقى الناس من ماء حياته المعهودة كما شربوا من الموت أصعب كاس، وسئل ابن أبي الرّدّاد «1» عن قياس الزيادة فقال: زاد بلا قياس؛ امتلأ اليباب، وهال العباب، وضاع العدّ واختلط الحساب؛ كال فطفّف، وزار فما خفّف؛ غسل الجسور، وأعاد الإملاق بعزمه إلى البحور، وبرع فكان أولى بقول الحلّي من ابن منصور:
بمكارم تذر السّباسب أبحرا ... وعزائم تذر البحار سباسبا!(14/304)
جمع في صعوده إلى الجبال بين الحادي والملّاح، ودخل النّاس إلى أسواق مصر وخصوصا سوق الرّقيق على كلّ جارية ذات ألواح، وغدا التّيّار ينساب في كلّ يمّ كالأيم، وأصحبت هضاب الموج في سماء البحر وكأنّما هي قطع الغيم، واستحالت الأفلاك فكلّ برج مائيّ، وتغيّرت الألوان فكلّ ما في الأرض سمائيّ، وحكى ماؤه حكاكة الصّندل لمّا مسّه شيطان الرّيح فتخبّط، وزاد فاستحال نفعه فتحقّق ما ينسب إلى الصّندل من الاستحالة إذا أفرط؛ فلقد حكت أمواجه ودوائره الأعكان «1» والسّرر، وغدا كلّ حيّ ميّتا من زيادته لا كما قال المعرّي: حيّا من بني مطر «2» ؛ وتحالى إلى أن أقرف اللّيمون الأخضر، واحمرّت عينه على الناس فأذاقهم الموت الأحمر؛ ولقد صعب سلوكه وكيف لا؟ وهو البحر المديد، وأصبح كلّ جدول منه جعفرا «3» ويزيد:
فلست أرى إلا إفاضة شاخص ... إليه بعين أو مشيرا بأصبع!
فلكم قال الهرم للسّارين يا سارية الجبل، وأنشد وقد شمّر ساقه للخوض: أنا الغريق فما خوفي من البلل؟ وكم قال أبو الهول: لا هول إلا هول هذا البحر، وقال المسافرون: ما رأينا مثل هذا النّيل من هنا إلى ماوراء النّهر، وقال المؤرّخون: لم ننقل كهذه الزيادة من عهد النّهروان وإلى هذا الدّهر.
وكيف يسوغ لمولانا في هذه الأيام غير ارتشاف فم الخمور؟ ولم لا يغيّر مذهبه ويطيّب على هذه الخلج بالسّلسل والدّور؟؛ وكيف وكيف؟!!،(14/305)
ولم لا يتّخذ مولانا حمو النّيل وبرده رحلة الشّتاء والصّيف؟؛ وهو في المبادرة إلى علوّ المعالي وغلوّ المعاني، وانتهاز الفرص في بلاغ الآمال وبلوغ الأماني:
عجب من عجائب البرّ والبحر ... ونوع فرد وشكل غريب!
نعم:
من قاسكم بسواكم ... قاس البحار إلى الثّماد!
أعلى الأنام في العلوم قدرا، وإمام النّحاة من عهد سيبويه وهلمّ جرّا، وشيخ العروضيين على الحقيقة برّا وبحرا:
وشيخ سيحون والنّيل ... والفرات ودجله
وشيخ جيحون أيضا ... وشيخ نهر الأبلّه!
أي والله:
أقولها لو بلغت ما عسى: ... الطّبل لا يضرب تحت الكسا!
لا مخبأ لعطر بعد عروس، أنت أعوم في بحور الشّعر من ابن قادوس «1» ، وأصلح إذا حدّثت من صالح بن عبد القدّوس، وأشهى إذا هزلت من ابن حجّاج إلى النّفوس:
ولو أنّ بحر النّيل جاراك مازحا ... وحقّك ما استحلى له الناس زائدا!
نعود إلى ما كنّا فيه من وصف النيل، وذكر حاله الذي أصبح كما قال ابن عبد الظّاهر: كوجه جميل: فلو رآه مولانا وقد هجم على مصر فجاس خلال الدّيار، ودخل إلى المعشوق فتركه كالعاشق المهجور لم ير منه غير(14/306)
الآثار، لبكى بعيني «عروة» ، وأوى من الرّصد وقد تفجّرت من صلده عيون النّزّ إلى ربوة، أورنا لروض «الجزيرة» وقد خلع حلاه، وتخلخلت عرائس أشجاره على الحالين بالمياه، والنّخيل وقد قتلت ملّاكها- حين فتك- بالأسف، وجفّ أحمر ثمرها وأصفره قأرانا العنّاب والحشف، و «الجيزة» وقد قلت لها: تبّا لجارك النّيل إذ أفسدك صورة ومعنى، وسكن مغانيك فسقى ديارك بغير استثنا، وقراها الغربيّة وقد قلت لها حين أوت إلى أعالي الأرض هربا من المياه، واعتصمت بالجبل الغربيّ: لا عاصم اليوم من أمر الله- وكلّ سفينة وقد علت على وجه الماء، وارتقت لارتقاء البحر إلى أن اختلطت بالسّماء؛ وقد قالت لها أترابها عند الفراق: إلّا ترجعي، وقلنا لها نحن على سبيل التّفاؤل: يا سماء أقلعي؛ والنّيل تبدو عليه القلوع خافية فكأنّها الخيام بذي طلوح «1» ، وجار على الناس بطغيانه فكأنّما هو أخو فرعون مصر أو ابن طوفان نوح.
فلقد طار النّسر مبلول الجناح، ودنا نهر المجرّة من السّكارى بالشّخاتيت «2» إلى أن كاد يدفعه من قام بالرّاح، ونرجس البساتين وقد ابيضّت عيناه من الحزن فهو كظيم، وفارق أحبابه من الرّياحين ولم يبق له غير القلانس صديق وغير الماء حميم، والورد وقد قيل له: مالك من آس، وغصن البان وقد قيل له: طوبى لمن عانقك ولا باس، والأسماك وقد ألجمهم العرق، والقلقاس وقد شكا شكوى ابن قلاقس وابنه من الغرق «3» ،(14/307)
والقصب بالجيزة وقد شرب ماء النّزّ فهو بئس الشّراب، والقصب ببولاق لم ينجه من مشاهدة الغرق إلا كونه غاب، والفارسيّ بالبساتين وقد ترجّل ووقع فأرانا كيف تكسير الأقصاب؛ وقيل للآس: عالج جيرانك بالغيطان فالنّاس بالنّاس، وبادر إلى جبر ما كسر فالحاجة تدعو المكسور في الحالين إلى الآس.
هذا وأنا مقيم بالروضة «1» إذ زهت على سائر الرّياض، وسلّم جوهر حصبائها من أكثر هذه الأعراض؛ وإن اعتلّت بالاستسقاء فهو عين الصّحّة كما ينسب السّقم إلى العيون المراض، أو كما قال المملوك قديما من قصيدة في بعض الأغراض:
وقائل: في لحاظ الغيد باقية ... من السّقام وما ضمّت خصورهم
وفي النّسيم فقلت: الأمر مشتبه ... عليك فالزم فأنت الحاذق الفهم
قلت الصّحيح ولكنّي بموجبه ... أقول: تلك دواة برؤها السّقم!
قد أحاط بها النّيل إحاطة المراشف باللّما، فأشرقت ضياء بين زرقته فكأنّها البدر في كبد السّما:
بصحن خدّ لم يغض ماؤه ... ولم تخضه أعين النّاس!
متعطّش مع هذا الطّوفان لريّاك، متشوّف وإن كنت مغازل النّجوم الأرضية والسّمائيّة يا بدر لرؤياك؛ لكنّي يسليني أني ما نظرت إلى النّيل إلا(14/308)
رأيتك من سائر الجهات، ولا لمحت بيوت البحر بل البحور إلا رأيتك عمارة الأبيات:
ولا هممت بشرب الماء من عطش ... إلا رأيت خيالا منك في الماء!
ولكن للعيان لطيف معنى ... له طلب المشاهدة الكليم!
فهلمّ إلى التّمتّع برؤية هذا النّيل الذي لم تر مثله العيون، والنّظر إلى سائر المخلوقات لعمومه وكلّ في فلك يسبحون؛ فليس يطيب للتّلميذ رؤية هذا البحر بغير رؤية شيخه، ولا يلذّ له التّملّي بمشاهدة هذا الفلك ما لم يشرق وجهه وذهنه ببدره ومرّيخه؛ فما هذا الإهمال؟، وليت شعري يا أديب تشاغلك بأيّ الأعمال؟، أبالكتابة؟ فلتكن في هذا النّيل الذي هو كالطّلحيّة «1» بغير مثال، أو بالنّثر والنّظم؟ ففي هذا البحر الذي منه تؤخذ الدّرر وفيه تضرب الأمثال؛ ولقد ولّد فيه الفكر للمملوك، كيف تصادم الأكفاء وقهر الملوك للملوك؛ فإنه لم يسمع في مملكة الإسلام، ولا ورّخ في عام من الأعوام، بمثل هذه الزيادة الزائدة، والجري على خرق العادة التي لا جعل الله بها صلة ولا منها عائدة؛ وغاية ما وصل إليه في الماضي من عشرين:
فضيّق بسعته المسالك، وأوجب المهالك، وتطرّق تطرّق أهل الجرائم والفساد فقطع الطّريق على السّالك، وأحوج مرّات إلى الاستضحاء لا أحوج الله لذلك.
ودليل ما شمل به من الفساد، وما عامل به البلاد وأهل البلاد، ما قاله أدباء كلّ عصر، عندما أبيح للمسافر في مدّ عرضه القصر.
فمن ذلك ما قاله مولانا القاضي الفاضل، وما هو رحمه الله إلا بحر طفح درّه، فلله درّه، من رسالة:(14/309)
«ورود مثاله يتضمّن نبأ سطوره العظيمة أمر طوفان النّيل التي كأنّها جداوله، وأنّه جاد لمؤمّله بنفسه التي ليس في يده غيرها فليتّق الله سائله ...
...» .
ومنها: «ولم يزل يجري لمستقرّ له، ويضمّه شيئا فشيئا إلى أن أدرك آخره أوّله؛ حتى إذا تكامل سموّ أمواجه حالا على حال، وتنوّر أقاصي الأرض من بنية المقياس فأدناها النّظر العال، فلم يترك بقعة كانت من قبل فارغة إلا وكلّها عند نظره ماق، وليت هواه المعتلّ كان عدلا فحمّل كلّ غدير ما أطاق؛ وطالما جرى بالصّفا ولكن كدّر صفاه بهذا المسعى، والمرجوّ من الله أن يتلو ما أفسده هذا الماء ما يصلحه خروج المرعى» .
وما قاله القاضي محيي الدّين بن عبد الظاهر، سقى الله تلك الألفاظ النّيليّة صوب الماطر:
«.. وينهي إليه أمر النّيل الذي سرّ في أوائله الأنفس بأنفس بشرى، ويقصّ عليه نبأه العظيم الذي ما يرينا من آية إلا هي أكبر من الأخرى، ويصف له ما ساقه إلى الأرض من كلّ طليعة إذا تنفّس اللّيل تفرّق صبحها وتفرّى؛ فهو وإن كان خصّ الله البلاد المصرية بوفوره ووفائه، وأغنى به قطرها عن القطر فلم يحتج إلى مدّ كافه وفائه، ونزّهه عن منّة الغمام الذي هو إن جاد فلا بدّ من شهقة رعده ودفعة بكائه، فقد وطيء بلادها بعسكره العجّاج، وزاحم ساحتها بأفواج الأمواج، فعمل فيها بذراعه، ودار عليها بخناقه وتخلّلها بنزاعه، وحملها على سواري الصّواري تحت قلوعه وما هي إلا عمد قلاعه، وزار زرابيّ الدّور المبثوثة، وجاس خلال الحنايا كأنّ له فيها خبايا موروثة، ومرق كالسّهم من قناطره المنكوسة، وعلا زبد حركته ولولاه ظهرت في باطنه من الأقمار والنّجوم أشعّتها المعكوسة، وحمل على بركة الفيل «1» حمل الأسود على الأبطال، وجعل «المجنونة» «2» من تيّاره(14/310)
المنحدر في السّلاسل والأغلال؛ والمرجوّ من الله أن يزيل أذاه، ويعيد علينا منه ما عهدناه؛ فأنّ له الإياب الأكبر، وفيه العجائب والعبر؛ فها وجود الوفاء، عند عدم الصفاء، وبلوغ الهرم، إذا احتدم واضطّرم؛ وأمن كلّ فريق، إذا قطع الطّريق، وفرح قطّان الأوطان، إذا كسر وهو كما يقال:
سلطان؛ إلى غير ذلك من خصائصه، وبراءته مع الزيادة من نقائصه؛ طالما فتح أبواب الرّحمة بتعليقه، وفاز كلّ أحد عند رؤية مائه المعصفر بتحليقه» .
وما قاله المولى زين الدّين عمر الصّفديّ- تغمّده الله بعفوه- وجمع له بين حلاوة الكوثر وصفوه:
«وأما النّيل فقد أخذ الدّار والسّكّان، وقال ابن الخامل كما قال ابن النّبيه: الأمان الأمان، وبكى الناس عندما رأوه مقبلا عليهم بالطّوفان، وانسابت أراقم غدرانه في الإقليم فابتلعت غدران أراقمه، ومحاسيله المتدفّق معالمه المجهولة فاستعمل الأقلام في إثبات معالمه، وأحاط بالقرى كالمحاصر فضرب بينها وبين السماء بسور، وأخذ الطريق على السّالكين فلا مركب إلا المراكب ولا عاصم إلا البحور» .
وما قاله السديد «ابن كاتب المرج» «1» ، نصرة الأقباط، وأحد عمد(14/311)
الشّعر المشهورة بالفسطاط؛ فما أطيب مدائحه النّبويّة التي جعلها سورا بينه وبين النار، وما أعجب رثاءه: جعل الله قبره بالرحمة كالرّوض غبّ القطار!!!:
يا نيل يا ملك الأنهار قد شربت ... منك البرايا شرابا طيّبا وعذا
وقد دخلت القرى تبغي منافعها ... فعمّها بعد فرط النّفع منك أذى
فقال: يذكر عنّي أنّني ملك ... وتعتدي ناسيا: إنّ الملوك إذا «1» !
وما قاله شيخنا الشّيخ جمال الدين بن نباتة «2» الذي أطاعته من الآداب جوانح نظمها ونثرها، وسخّرت له بحور الشّعر فقالت له الآداب:
اختر من درّها؛ فسبحان من يسّر له ممتنع الكلام وهوّنه، وجعله من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه؛ فما أشفّ دقيق فكره الجليل، وما أكثر ما يضحك زهر تقاطيعه على زهر مقطّعات النّيل؛ فما كان إلا مخصوصا في الأدب ببحور الهبات، وكلامه في العذوبة والبلاغة يزري بالفرات وابن الفرات «3» ؛ وإن قيل أيّ أصدق كلمة قالها شاعر بعد لبيد، يقال قول ابن نباتة:
فلا عجب للفظي حين يحلو ... فهذا الفطر من ذاك النّبات!
وأما النّيل فقد استوى على الأرض فثبتت فيها قدمه، وامتدّ نصل تيّاره كالسّيف الصّقيل فقتل الإقليم وهذا الاحمرار إنّما هو دمه:
حمرتها من دماء ما قتلت ... والدّم في النّصل شاهد عجب!(14/312)
فلم يترك وعدا بل وعيدا إلا وفّاه، ولا وهدا بل جبلا إلا أخفاه؛ أقبل كالأسد الهصور إذا احتدّ واضطّرم، وجاء من سنّ الجنادل فتحدّر وعلا حتى بلغ أقصى الهرم، وعامل البلاد بالحيلاء وكيف لا؟ وهو سلطان جائر أيّد بالنّصر، قائلا: إن كنت بليت بالاحتراق في أرضكم فأنا أفيض بأن أرمي من بروق تيّاري بشرر كالقصر.
هذا وطالما قابلنا قبلها بوجه جميل، وسمعنا عنه كلّ خبر خير ثابت ويزيد كما قال «جميل» ، وكلّ بديع من آثار جود يصبغ الثّرى فيخضرّ بخلاف المشهور عن صبغة اللّيل، وطالما خصصناه بدعاء فكانت الراحة به كمقياسه ذات بسطة، وكمنازل الخصب بقدومه المبارك ذات غبطة، ومنحناه بولاء وثناء هذا يدور من الإخلاص بفلك وهذا يعذب من البحار بنقطة؛ كم ورد إلى البلاد ضيفا ومعه القرى، وكم أتى مرسلا بمعجز آيات الخصب إلى أهل القرى؛ فهو جواد قد خلع الرّسن، ساهر في مصالح الخلق وقد ملأ الأمن أجفانهم بالوسن، جامع لأهل مصر من سقياه ومرعاه ووجهه بين الماء والخضرة والوجه الحسن؛ كم بات سير مقياسه يشمل بظلّه الغائبين والحاضرين، وكم رفع على الوفاء راية صفراء فاقع لونها تسرّ النّاظرين، وبلغ وبلّغ بخرير التّيّار سلامه، وبات الناس بوفائه من حذار الغلاء تحت السّتر والسّلامة، وخلّق صدر العمود «1» وكيف لا يخلّق بشير العباد والبلاد، ودعا مصر لأخذ زخرفها فسواء قيل: ذات العمود أو ذات العماد، وبسط يده ببركة الماء فقيل: سلام لك من أصحاب اليمين، وخضّب بنانه وأقسم بحصول الخير فقيل لمخضوب البنان يمين، وأشار إلى وصول المدّ المتتابع، وقبض يده المخلّقة على الماء فوفت وما خابت فروج الأصابع، ونادى رائد(14/313)
الوفاء ولكن كم حياة في الأرض لمن ينادي، وتمّت أصابع الزيادة ونمت حتّى قال الناس: ما ذي أصابع ذي أيادي.
هذا وقد قرنت زرابيّ الدّور المثوثة بالنّمارق «1» ، وقال المقياس:
تغطّت منها الدّرج فنال الرّجاء وظهرت الدّقائق؛ فهو جمّ المنافع، عذب المنابع، يشار في الحقيقة والمجاز إليه بالأصابع.
فأعاده الله إلى ذلك النّفع المعهود، وأرانا منه الأمان من الطّوفان إلى أن نرد الحوض المورود، وكفى أهل مصر هذه المصيبة التي إذا أصابتهم قالوا: إنّا لله وإنا إليه راجعون، ولا ابتلاهم بمثل ما ابتلى به قوما جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم فإنّما يستغشي ثيابه منهم الفقراء في المطر ويجعل أصابعه في آذانه منهم المؤذّنون؛ اللهمّ إنك وليّ النّعمة، وأولى برحمة خلقك من فيض هذه الرّحمة» .
وما قاله صاحبنا الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة «2» الذي كان أغرب من زرقاء اليمامة، وأعجب إذا ركب بغلته وزرزوره من أبي دلامة، الأديب الذي كان حجّة العرب، والناثر الذي كان بنسبته إلى الطّيور محرّك المناطق وإلى الشّعر صنّاجة الأدب، والنّاظم الذي كان إذا أنشد مقاطيعه في التّشبيب فاق على المواصيل ذوات الطّرب، والصّديق الذي كانت منه عوائد الوفاء مألوفة، وشيخ الصّوفيّة الذي لا عجب إذا كانت له المقامات الموصوفة، أسكنه الله فسيح الجنان، وخصّ ذلك الوجه الجميل بالعارض الهتّان، من مقامته الزّعفرانيّة عن أبي الرّياش:
«فاعتنقته لدى السّلام، وقلت: ما وراءك يا عصام؛ فقد بلغنا أن النّيل(14/314)
تزايد دفعه، وأدّى إلى الضّرر نفعه، فقال: خذ العفو، ولا تكدّر بذكر النّيل الصّفو؛ فقد امتزج بالمعصرات ثجّاجه، وأعيى طبيب الغيطان علاجه:
وشرّق حتّى ليس للشّرق مشرق ... وغرّب حتّى ليس للغرب مغرب!
قلت: فما فعل النّغير «1» ، بجزيرة الطّير، قال: لم يبق بها هاتف يبشّر بالصّباح، ولا ساع يسعى برجل ولا طائر يطير بجناح، إلا اتخذ نفقا في الأرض أو سلّما في السّماء، أو أوى إلى جبل يعصمه من الماء، فأذاق بها الحمام الحمام في المروج، وترك أرضها كسماء ما لها من فروج، وتلا على الحمام: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ
«2» . وكم في سماء مائها من نسر واقع، وبومة تصفّر على ديارها البلاقع:
ومنهل فيه الغراب ميت ... سقيت منه القوم واستقيت!
قلت: فمصر؟ قال: زحف عليها بعسكره الجرّار، ونفط مائه الطّيّار.
قلت: فالجيزة؟ قال: طغى الماء حتّى علا على قناطرها وتجسّر، ووقع بها القصب من قامته حين علا عليه الماء وتكسّر، فأصبح بعد اخضرار بزّته شاحب الإهاب، ناصل الخضاب، غارقا في قعر بحر يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب «3» ، وقطع طريق زاويتها على من بها من المنقطعين والفقراء، وترك الطّالح كالصّالح يمشي على الماء، فتنادوا مصبحين، ألّا يدخلنّها اليوم عليكم مسكين، وأدركهم الغرق فأيسوا من الخلاص، وغشيهم من اليمّ ما غشيهم ولات حين مناص، وخرّ عليهم السّقف من فوقهم فهدّت قواهم، واستغاثوا من كثرة الماء بالذين آمنوا وعملوا الصّالحات وقليل ما هم.(14/315)
قلت: فالرّوضة؟ قال: أحاط بها إحاطة الكمام بزهره، والكأس بحباب خمره:
فكأنّها فيه بساط أخضر ... وكأنّه فيها طراز مذهب!
فلم يكن لها بدفع أصابعه يدان، وكم أنشد مرجها حين مرج البحرين يلتقيان:
أعينيّ كفّا عن فؤادي فإنّه ... من البغي سعي اثنين في قتل واحد
قلت: فدار النّحاس «1» ؟ قال: أنحس حالها، وأفسد ما عليها وما لها، فدخل من حمّامها الطّهر، وقطع الطريق بالجامع الظّهر؛ فألحق مجاز بابه بالحقيقة، ورقي منه على درجتين في دقيقة؛ كم اغترف ما جاوره من الغرف غرفا، وأطلق من مائه الأحمر النّار بموردة الخلفا.
قلت: فالخليج الحاكميّ «2» ؟ قال: خرج عسكر موجه بعد الكسر على حميّة، ومرق من قسيّ قناطره مروق السّهم من الرّميّة.
قلت: فالمنشاة «3» ؟ قال: أصبحت للبحر مقرّة، بعد أن كانت للعيون قرّة، وقيل لمنشئها: أنّى يحيي هذه الله بعد موتها قال: يحييها الذي أنشأها(14/316)
أوّل مرّة؛ قد مال على ما فيها من شون الغلال كلّ الميل، وتركها تتلو بفمها الذي شفتاه مصراعا بابها: يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ
«1» .
قلت: فجزيرة أروى «2» ؟ قال: قد أفسد جلّ ثمارها، وأتى على مغانيها فلم يدع شيئا من رديّها وخيارها؛ أخلق ديباجة روضها الأنف، وترك قلقاسها في الجروف على شفا جرف:
بعيني رأيت الماء يوما وقد جرى ... على رأسه من شاهق فتكسّرا!
طالما تضرّع بأصابعه إلى ربّه، ولطم برؤوسه الحيطان مما جرى من الماء على قلبه، وتمثّل بقول الأوّل:
وإن سألوك عن قلبي وما قاسى ... فقل: قاسى، وقل: قاسى وقل: قاسى،
لم يفده تحصّنه من ورقه بالدّرق والسّتائر، ولا حنّ عليه حين تضرّع بأصابعه فصحّ أن الماء سلطان جائر.
قلت: فحكر ابن الأثير «3» ؟ قال: لم يبق منه غير الثّلث والثلث كثير؛ قد أخمل من دوره خمائلها، وجعل عاليها سافلها؛ فكم دار أعدم صاحبها قراره، ونادى في عرصاتها المتداعية: إيّاك أعني فاسمعي يا جارة؛ فأصبحت بعد نفعها قليلة الجدا، مستولية عليها يد الرّدى، شبيهة بدار الدّنيا لأنها دار متى أضحكت في يومها أبكت غدا.
قلت: فبولاق؟ قال: إملاق، قد التفّت بها من الزّلق السّاق بالسّاق،(14/317)
فأتى من النّوتية على الصّغير والكبير، ومن المراكب وممرّها على النّقير والقطمير «1» .
هذا بعد أن ترك جامع الخطيريّ «2» على خطر، وحيطانه يانعة الثّمر؛ قد دنا قطافها، وحان تلافها؛ فكأنّي به وقد منع رفده، وتلا على محرابه سورة السّجدة.
قلت: فجزيرة الفيل «3» ؟ قال: اقتلع أشجارها بشروشها، وترك سواقيها خاوية على عروشها.
قلت: فالتاج والسبعة وجوه «4» ؟ قال: هجم على حرمها، وعمّ الوجوه من فرقها إلى قدمها؛ فبلّ ثرى الموتى في التّخوم، وعنت الوجوه للحيّ القيّوم؛ قلت: فما الحيلة؟، قال: ترك الحيلة:
دعها سماويّة تجري على قدر ... لا تفسدنها برأي منك راضي «5»
طال الكتاب، وخرجنا عن فصل الخطاب:
ولربّما ساق المحدّث بعض ما ... ليس النّديّ إليه بالمحتاج!
وكأنّي بقائل يقول: أليس من الكبر أن يستخدم هذا في رسالته ملوك الكلام، ومن الحمق أن يجلي عرائس أفكاره بما للناس من حلي النّثار(14/318)
والنّظام، فأقول: مسلّم أنّ كلّ ما أوردته درر وجواهر، وعقود كزهر الرّبيع عيون وجوهها النواضر نواظر، ولكنّها هاهنا أمثل، وجمع شملها على هذي العروس أجمل:
وفي عنق الحسناء يستحسن العقد!
وعلى الجملة فيرجع المملوك إلى التّواضع وهو الأليق بالأدب، فيقول: لا عيب على الفقيرة إذا تجمّلت بحليّ الغنيّة، ولا عار على الجوهريّ إذا نظم سلكا كانت درره على الطّرق مرميّة؛ ونرجع إلى ما ولّده الفكر من عجب البحر، وما ظهر من دفع الملوك لأمثالها عن جريها إلى غاياتها بصور القمر، فأقول: إنما قالت الأدباء ذلك لما جرى من جور النّيل على الأرض، ولما عمّ الناس من الإرجاف بطول أذاه وهرجه فكأنّما هم في يوم العرض؛ وكلّ ذلك وما وصل إلى هذا الارتفاع، وربّما كان أنقص من هذه الزيادة بقريب الذّراع.
وعلى هذا القياس إنّما دفع ضرره، وجمّل في البلاد أثره، وحسّن في السّماء خبره وفي الأرض مخبره، السّريّ الذي اهتمامه بالمعروف معروف، وسيف الدّين الذي سهر في مصالح الرّعايا لمّا تنام ملء أجفانها السّيوف، أتابك العساكر، والملك الذي هو بالإسلام وله منصور وناصر؛ حصّن سائر الكوى بالجسور، وركز على أفواه البحر والخليج الأمراء كما يركز المجاهدون على الثّغور، وقابل البحر من سطواته بما ليس له به قبل، وردّ دفعه بكلّ دفع من الرّأي والتّدبير يغني عن البيض والأسل، وحاربه بجيش عزم إلى أن ولّى هاربا مع التراع والقناطر، وجاهده بجند ركزهم على جوانبه لمّا تحقّق أن البحر سلطان جائر، وحصره بالتّضييق عليه كما تحصر البرك والتراع، وغلّ يده عن التّصرّف فسقاه الموت كما سقى الناس أنواع النّزاع؛ فما هو إلا أن تضاءل بنيران سطواته واحترق، وذلّ خاضعا وكفى به تضرّعا بالأصابع وتوسّلا بالملق، وأطاع لمّا لم تنجه مجاهرته من تيّاره بالسيوف ولا تحصّنه من داراته بالدّرق.(14/319)
على أنه تطاول ليضاهي بأصابعه جود أياديه فقصّر، وتحسّر فركب خيل خيلائه ليحاكي بأسه فوقع من جسور عجبه وتقطّر، وسمت نفسه كبرا لأن يبلغ قدره فقيل: يا بحر هذا خليفة الله في أرضه والله أكبر؛ نعم:
رأى البحر الخضمّ نداه طام ... يفيض على الورى منه بحار
فصار البحر ملتطما وأضحى ... على الحالين ليس له قرار!
فلو زدت في أيّام غيره من الملوك المترفين، وفيمن يؤثر ملاذّ نفسه على مصالح المسلمين، كنت أيّها الملك بلغت قصدك، وفعلت في أبناء مصرك جهدك، وكنت من الملوك الّذين إذا دخلوا قرية انتعلوا فيها الأهلّة، وأفسدوها وجعلوا أعزّة أهلها أذلّة؛ لكن هبّ قبولك إدبارا، ولاقت ريحك إعصارا؛ فليس لك به قبل، «والسّيل أدرى بالجبل» ؛ فما لك سبيل إلى بلاده، ولا طاقة بإياب الخير على عناده؛ فإنه خادم الحرمين، والمدعوّ له حتّى في مواقف الحرب بين العلمين؛ حامي السّواحل والثّغور، والمخدوم بأيادي السّحائب وأصابع البحور، وإن كنت يا أبا خالد أبا جعفر فلست بمنصور؛ والرّأي أن تقف مستغفرا، وتقول معتذرا؛ لم أفرط بالزيادة في أيامه، ولم أفض على طرف الميدان إلا لأفوز بتقبيل آثار جوادّ خيله ومواطيء أقدامه، ونتّبع نواهيه ونمتثل أوامره، وندعو له كالرّعايا بطول البقاء في الدّنيا وحسن الثواب في الآخرة.
ونحن نسأل الله كما بلّغ بك المنافع، أن يرينا كوكب نؤئك عن قريب راجع؛ وكما أغنى بزيادتك عن الاستسقاء، لا يحوجنا في نقصك إلى الاستضحاء، إنه سميع مجيب الدّعاء، بمنّه وكرمه.(14/320)
الفصل الثالث من الباب الأوّل من المقالة العاشرة (في قدمات البندق)
جمع قدمة بكسر القاف وسكون الدال المهملة، وهي رسائل تشتمل على حال الرّمي بالبندق «1» ، وأحوال الرّماة، وأسماء طير الواجب، واصطلاح الرّماة وشروطهم.
وهذه نسخة قدمة، كتب بها شيخنا الشيخ شمس الدّين محمد بن الصّائغ الحنفيّ الأديب رحمه الله، لصلاح الدّين بن المقرّ المحيويّ بن فضل الله؛ ونصّها:
الحمد لله الذي سدّد لصلاح الدّين سهام الواجب، وشيّد بنجاح المطلوب مرام الطّالب، وجعل حصول الرّزق الشّارد بالسّعي في المناكب، وسهّل الممتنع على القاصدين فما منهم إلا من رجع وهو صائب.(14/321)
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ولد ولا صاحب، شهادة تزجر طير الإشراك بهذه الأشراك من كلّ جانب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي قرّبه فكان قاب قوسين أو أدنى وهذه أعلى المراتب، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين رقوا في العلياء لمراق لم يسم إليها طير مراقب، صلاة يسبق بها المصلّي إلى بقاع شرف يشرق سناه في المشارق والمغارب، ويرجع طائرا بالسّرور ولا رجوع الطائر الشّارد إلى المشارب.
وبعد، فإن الصّيد من أحلّ الأشياء وأحلاها، وأجلّها وأجلاها، وأبهرها وأبهاها، وأشهرها وأشهاها، وأفخرها قيمة، وأغزرها ديمة؛ بورود الطّير فيه إلى المناهل تنشرح الصدور، وبوقوعه في شرور الشّرك يتمّ السّرور؛ يحصّل عند متعاطيه نشاطا، ويزيده انبساطا، ويشرح خاطره، ويسرّح ناظره، ويملأ عينه قرّة، وقلبه مسرّة؛ يشجّع الجبان، ويثبّت الجنان، ويقوّي الشّهوة، ويسوّي الخطوة، ويسوق الظّفر، ويشوق النّظر، ويروق منه الورد والصّدر، ويفوق فيه الخبر على الخبر. قال بعض الحكماء: «قلّما يغمش ناظر زهرة، أو يزمن مريع طريدة» ؛ يعني بذلك من أدمن الحركة في الصّيد ونظر إلى البساتين، فاستمتع طرفه بنضرتها، وأنيق منظرها.
ومن ذا الذي ينكر لذّة الاصطياد، والطّرب بالقنص على الإطراد؟
ولله درّ القائل:
لولا طراد الصّيد لم تك لذّة ... فتطاردي لي بالوصال قليلا.
هذا الشّراب أخو الحياة وما له ... من لذّة حتّى يصيب عليلا!
يا حسنه من فعل اعتلّت بالنّسيم موارده ومصادره، وفاقت أوائله في اللّذاذة أواخره؛ ولله القائل:
إنّما الصّيد همّة ونشاط ... يعقب الجسم صحّة وصلاحا
ورجاء ينال فيه سرور ... حين يلقى إصابة ونجاحا!(14/322)
وما أطيب الاقتناص بعد الشّرود، وكيف يرى موقع الوصل بعد الصّدود:
وزادني رغبة في الحبّ أن منعت ... أحبّ شيء إلى الإنسان ما منعا!
تقضي رياضات النّفوس السامية بمعاطاة كاسه، ومصافاة ناسه، لما فيهم من الفتوّة، وكمال المروّة، وصدق اللسان، وثبات الجنان، وطيب الأخلاق، وحفظ الميثاق؛ لا يعرفون غير الصّدق وإن كانوا يميلون إلى الملق، ولا يبغون بصاحبهم بديلا يعطفون عليه عطف النّسق؛ لا سيّما تعاطي صيد طيور الواجب، الذي سنّة الأكابر وجعلوا أمره من الواجب، وتشرّفت به هممهم العالية: تارة إلى السّماء، وآونة إلى مشارع الماء.
لا يتمّ سرورهم إلا برؤية تمّ كبدر التّمام، ومصباح الظّلام؛ يفرّ من ظلّه فرارا، ويريك بياض لونه وسواد منقاره شيبا ووقارا؛ ولا يداوي هموم لغبهم مثل كيّ، لأجنحته الخوافق في الخافقين نشر وطيّ، ولا تبتهج نفوسهم النّفيسة إلا بإوزّة، يزدري دلالها بالكاعب المعتزّة، ولا يطرب أسماعهم غير لغات اللّغلغة، حين تمتدّ كأنها مدامة في الزّجاجة مفرغة، ولا يؤنسهم إلا الأنيسة الأنيسة، والدّرّة النّفيسة، ولا يذهب حرجهم غير الحبرج الصّادح، المستوقف بحسنه كلّ غاد ورائح؛ تكاد قلوبهم تطير بالفرح عند رؤية النّسر الطائر، وتجبر خواطرهم بكسر ذلك الكاسر؛ إذا عاينوا عقبانا أعقبهم الفرح، ونزح عنهم التّرح، وإن كرّ كركيّ فرّ عنهم البوس، ورأوا على رأسه ذلك التّاج الذي لم يعل مثله على الرّؤوس؛ وإن عرض غرنوق غرقوا في بحار أفكارهم، وجدّوا إلى أن يقع بمجدول أوتارهم، وإن لاح ضوع كالذّهب المصوغ، ألقوه في الحبال وهو بدمه مصبوغ، وإن مرّ مرزم كالخودة الحسناء، ضربوا له الآلة الحدباء، وإن مرّ السّبيطر أجنحته كالسّحائب، جاءته المرامي من كلّ جانب، وإن عنّ عنز عمدوا إليه، حتّى يسقط في يديه؛ قد تعالوا في رتبها، وتغالوا في وصف وشيها، وجعلوا كلّ آلة(14/323)
صنيعة، وربّة جمال منيعة، وبعيدة الرّمي بديعة:- من كلّ قوس هي في العين كالحاجب، أو النّون التي أجادها الكاتب؛ تدوّر الطائر عند الرّمي وتذيبه، وتئنّ أنينا أولى به من تصيبه. وبندق جبلت طينته على صوب الصّواب، يستنزل الطّير ولو استتر بذيل السحاب؛ كأنه النّجم الثّاقب، والشّهاب الصّائب؛ يرى الطّير كالسحاب الواكف، فينقضّ عليه انقضاض البرق الخاطف، ويرجع النّسر من حتفه راتعا، ويغدو بعد أن كان طائرا واقعا، ويصير بعد أن كان كاسرا مكسورا، وفي سوار القسيّ مأسورا؛ فهنالك يلفى الغالب وهو مغلوب، والطير الواجب وهو مندوب؛ فحينئذ تنشرح النفوس، وتطرب ولا طربها بالكؤوس.
ولما كان بهذه المنزلة العظيمة، والمرتبة الجسيمة، تعاطته الملوك وأبناء الملوك، ونظموا عقده بحسن السّلوك «1» ، وارتاضت به النفوس الطاهرة، واعتاضت به عن الكؤوس الدّائرة، ورأت به تكميل الأدوات، وسامت به فعل الواجب وإن قيل: إنّ ذلك من الهفوات؛ فهو تعب تنشأ الراحة عنه، ولعب لم يكن شيء أشبه بالجدّ منه.
فلذلك قصد الجناب الكريم، العاليّ، الصّلاحيّ، صلاح الدّنيا والدين، ونجاح الطّالبين، سليل الوزراء، ونجل الكبراء، وصدر الرؤساء، وعين العظماء، ابن المقرّ المحيويّ بن فضل الله، أدام الله تعالى علاه،(14/324)
وكبت عداه، وأعلى معاليه، وشكر مساعيه، وأطال حياته، وأطاب ذاته- أن يسلك تلك المسالك، ويريض نفسه الكريمة بذلك، ويتحيّل على تحصيل اللذات بالتّحوّل، عملا بقول الشاعر:
تنقّل فلذّات الهوى في التّنقّل! وعمد إلى تحصيل آلاته، سائرا كالبدر في هالاته، فسار مع سرايا كالنّجوم، يتفاكهون في الحديث بالمنثور والمنظوم، ويخلطون جدّ القول بهزله، كلّما خلط لهم طلّ الجود بوبله، وانحدروا في النّيل بجمعهم الصحيح، وقصدوا المرامي العالية ولم يقنعوا من الأيام بالرّيح، وظلّوا يسيرون في تلك المراكب، التي كأنها قطع السّحائب.
هذا وهم يتشوّفون إلى المصايد، ويشرفون إلى الشّوارد، فيطلعون أحيانا إلى البرّ متفرّجين، وبطيب ذلك النسيم متأرّجين:
نسيم قد سرى فيهم بنشر ... فأذكرهم بمسراه السّريّا!
كرامته استقرّت حين وافى ... له نفس يعيد الميت حيّا!
ويجتنون من الغصن الزّاهي قدّا، ويجتلون من الورد الزّاهر خدّا، ويتأمّلون ضحك الأرض من بكاء السماء، وشماخة القضب عند خرير الماء؛ لا تذوق أجفانهم طعم الكرى، ولا يميلون عن السّير ولا يملّون السّرى؛ ما منهم إلا من إذا رأى الطّير جائشا، عاد من وقته له حائشا؛ بينما هم يسيرون متفرّقين، حتّى إذا لاح لهم طير تداعوا إليه غير مقصّرين والتفّوا محلّقين؛ ولم يزالوا كذلك ينهمون العيش، بالدّعة والطّيش؛ حتّى إذا أقبل اليوم المبارك الثامن والعشرون من جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، وهو اليوم الذي عزم فيه الجناب الصّلاحيّ على الاصطياد، بالبنادق الحداد، فتباشرت به الطّيور، وسدّت بأجنحتها الثّغور، وسهل عندها فيه نزول الرئيس، فجادت له بالنّفيس، وخرجت من قشرها، وسمحت عند مدّ القوس بحزّ(14/325)
نحرها، ورغب كلّ منها أن يكون له بذلك أوفر القسم، وترجّى أن يكون هو المكتوب له في القدم.
ومدّ يده نحو السّما، فأصاب مرزما؛ فيا له من صيد فاق به على الأكابر الصّيد! ويا له من يوم صار بنحر الطّير يوم العيد!! قام فيه بواجب ما شرعه الرّماة من الشّرع، وذكّرنا بهذا الصّرع يوم ذلك الصّرع؛ فلا زال سهمه مسدّد الأغراض، وجوهره محميّا من الأعراض؛ يجري بمراده المقدور، ويطيعه في سائر الأمور.
وقد نظمت مخمّسا مشتملا على ذكر طيور الواجب، وطرّزته باسمه، لأن هذه القدمة قد قدّمت له وجعلت برسمه؛ غير أني أعتذر عنها، لعدم مادّة عندي أستمدّ منها:
جلّ كؤوسا عطّلت بالرّاح ... ولا تطع فيها كلام لاحي
واشرب هنيئا واسقني يا صاح ... واذكر زمانا مرّ بالأفراح
هبّت به فيما مضى رياحي! ... أيام كنت أصحب الأكابرا
وأغتدي مع الرّماة سائرا ... ولا أزال بالغيار غائرا
إذا رأيت في المياه طائرا ... نحوته من سائر النّواحي!
فتارة كنت أصيد النّسرا ... وبعده العقاب يحكي الجمرا
والكيّ والكركيّ صدت جهرا ... وصدت غرنوقا «1» وعنزا قهرا
وكنت بالإوزّ في انشراح! ... وتارة تمّا كبدر التّمّ
تتبعه أنيسة كالنّجم(14/326)
ولغلغ أسود مسك الهمّ ... وحبرج عن الرّماة محمي
والضّوع مع سبيطر «1» سيّاح! ... وكم وكم قد صدت يوما مرزما
أنزلته بالقوس من جوّ السّما ... جناحه يحكي طرازا معلما
على بياض شية شبه الدّما ... كأنّه ليل على صباح!
حيث الصّبا تشفع بالقبول ... وشملنا يجمع بالشّمول
في مجلس ليس به فضولي ... وجاءنا التّوقيع في الوصول:
فسادكم يغفر بالصّلاح ... السّيّد الفائق في أفعاله
والمزدري بالبدر في كماله ... والمشتري حسن الثّنا بماله
لا أحد يحكيه في نواله: ... إلا أخوه معدن السّماح!
من ساد في الدّنيا على الكتّاب ... وصان سرّ الملك في حجاب
عليّ العالي على السّحاب ... الباذل المال بلا حساب! «2»
زاده الله نعما، وأجرى له في النّدى يدا، وثبّت له في العلى قدما؛ بمنّه وكرمه.
وهذه نسخة رسالة في صيد البندق، من إنشاء الشيخ شهاب الدّين أبي الثّناء محمود بن سلمان الحلبيّ، رحمه الله؛ وهي «3» :(14/327)
الرّياضة- أطال الله بقاء الجناب الفلانيّ، وجعل حبّه كقلب «1» عدوّه واجبا، وسعده كوصف عبده للمسارّ جالبا، وللمضارّ حاجبا- تبعث النفس على مجانبة الدّعة والسّكون، وتصونها عن مشابهة الحمائم في الرّكون إلى الوكون، وتحضّها على أخذ حظّها من كلّ فنّ حسن، وتحثّها على إضافة الأدوات الكاملة إلى فصاحة اللّسن، وتأخذ بها طورا في الجدّ وطورا في اللّعب، وتصرفها من ملاذّ السّموّ في المشاقّ التي يستروح إليها التّعب؛ فتارة تحمل الأكابر والعظماء في طلب الصّيد على مواصلة السّرى، ومقاطعة الكرى، ومهاجرة الأوطار، ومهاجمة الأخطار، ومكابدة الهواجر، ومبادرة الأوابد التي لا تدرك حتى تبلغ القلوب الحناجر؛ وذلك من محاسن أوصافهم التي يذمّ المعرض عنها، وإذا كان المقصود من ميلهم جدّ الحرب فهذه صورة لعب يخرج إليها منها. وتارة يدعوهم «2» إلى البروز إلى الملق، ويحدوهم «3» في سلوك طريقها مع من هو دونهم على ملازمة الصّدق ومجانبة الملق، فيعتسفون إليها الدّجى، إذا سجى، ويقتحمون في بلوغها حرق «4» النّهار، إذا انهار، ويتنعّمون بوعثاء السّفر، في بلوغ الظّفر، ويستصغرون ركوب الخطر، في إدراك الوطر، ويؤثرون السّهر على النّوم، واللّيلة على اليوم، والبندق على السّهام، والوحدة على الالتئام.
ولمّا عدنا من الصّيد الذي اتّصل به «5» حديثه، وشرح له قديم أمره وحديثه، تقنا إلى أن نشفع صيد السوانح، برمي الصّوادح، وأن نفعل في الطّير الجوانح، بأهلّة القسيّ ما تفعل الجوارح، تفضيلا لملازمة الارتحال، على الإقامة في الرّحال، وأخذا بقولهم:(14/328)
لا يصلح النّفس إذ كانت مدبّرة ... إلّا التّنقّل من حال إلى حال!
فبرزنا وشمس الأصيل تجود بنفسها، وتسير «1» من الأفق الغربيّ إلى موضع «2» رمسها، وتغازل عيون النّور بمقلة أرمد، وتنظر إلى صفحات الورد نظر المريض إلى وجوه العوّد، فكأنها كئيب أضحى من الفراق على فرق، أو عليل يقضي بين صحبه بقايا مدّة الرّمق؛ وقد اخضلّت عيون النّور لوداعها، وهمّ الرّوض بخلع حلّته المموّهة بذهب شعاعها:
والطّلّ في أعين النّوّار تحسبه ... دمعا تحيّر لم يرقأ ولم يكف:
كلؤلؤ ظلّ عطف الغصن متّشحا ... بعقده وتبدّى منه في شنف
يضمّ من سندس الأوراق في صرر ... خضر ويجنى من الأزهار في صدف
والشّمس في طفل الإمساء تنظر من ... طرف غدا وهو من خوف الفراق خفي
كعاشق سار عن أحبابه وهفا ... به الهوى فتراآهم على شرف
إلى أن نضّى المغرب عن الأفق حلي «3» قلائدها، وعوّضه عنها من النّجوم بخدمها وولائدها؛ فلبثنا بعد أداء الفرض لبث الأهلّة، ومنعنا جفوننا أن ترد النّوم إلا تحلّة؛ ونهضنا وبرد اللّيل موشّع، وعقده مرصّع؛ وإكليله مجوهر، وأديمه معنبر؛ وبدره في خدر سراره مستكنّ، وفجره في حشا مطالعه مستجنّ؛ كأن امتزاج لونه بشفق الكواكب خليطا مسك وصندل، وكأنّ ثريّاه لامتداده معلّقة بأمراس كتّان إلى صمّ جندل «4» :
ولا حت نجوم اللّيل زهرا كأنّها ... عقود على خود من الزّنج تنظم
محلّقة في الجوّ تحسب أنّها ... [طيور] «5» على نهر المجرّة حوّم(14/329)
إذا لاح بازي الصّبح ولّت يؤمّها ... إلى الغرب خوفا منه نسر ومرزم!
إلى حدائق ملتفّة، وجداول محتفّة؛ إذا خمش النّسيم غصونها اعتنقت اعتناق الأحباب، وإذا فرك مرّ المياه متونها انسابت في الجداول انسياب الحباب، ورقصت في المناهل رقص الحباب؛ وإن لثم ثغور نورها حيّته بأنفاس المعشوق، وإن أيقظ نواعس ورقها غنّته بألحان المشوق؛ فنسيمها وان، وشميمها لعرف الجنان عنوان، ووردها من سهر نرجسها غيران:
وطلّها في خدود الورد منبعث ... طورا وفي طرر الرّيحان حيران!
وطائرها غرد، وماؤها مطّرد؛ وغصنها تارة يعطفه النّسيم إليه فينعطف، وتارة [يعتدل] «1» تحت ورقائه فتحسب أنها همزة على ألف؛ مع ما في تلك الرياض من توافق المحاسن وتباين التّرتيب، إذ كلّما اعتلّ النّسيم صحّ الأرج وكلّما خرّ الماء شمخ القضيب:
فكأنّما تلك الغصون إذا ثنت ... أعطافها ريح «2» الصّبا أحباب:
فلها إذا افترقت من استعطافها ... صلح ومن سجع الحمام عتاب
وكأنّها حول العيون موائسا ... شرب وهاتيك المياه شراب!
فغديرها كأس وعذب نطافها ... راح وأضواء النّجوم حباب!
يحيط بملق نطاقها صاف، وظلال دوحها ضاف، وحصاها لصفاء مائها في نفس الأمر راكد وفي رأي العين طاف؛ إذا دغدغها النّسيم حسبت ماءها بتمايل الظّلال فيه يتبرّج ويميل؛ وإذا طّردت عليه أنفاس الصّبا ظننت أفياء تلك الغصون تارة تتموّج وتارة تسيل: فكأنه محبّ هام بالغصون هوى فمثّلها في قلبه، وكأنّ النسيم كلف بها غار من دنوّها إليه فميلها عن قربه:(14/330)
والنّور «1» مثل عرائس ... لفّت عليهنّ الملاء
شمّرن فضل الأزرعن ... سوق خلاخلهنّ ماء
والنّهر كالمرآة تنظر «2» ... وجهها فيه السّماء!!!
وكأن صوافّ الطّيور المتّسقة «3» بتلك الأرض «4» خيام، أو ظباء بأعلى الرّقمتين قيام، أو أباريق فضّة رؤوسها لها أقدام «5» ، ومناقيرها المحمرّة أوائل ما انسكب من المدام، وكأن رقابها رماح أسنّتها من ذهب، أو شموع أسود رؤوسها ما انطفى وأحمره ما التهب؛ وكنا كالطّير الجليل عدّة، وكطراز العمر الأوّل جدّة:
من كلّ أبلج كالنّسيم لطافة ... عفّ الضّمير مهذّب الأخلاق
مثل البدور ملاحة، وكعمرها ... عددا، ومثل الشّمس في الإشراق!
ومعهم قسيّ كالغصون في لطافتها ولينها، والأهلّة في نحافتها وتكوينها، والأزاهر في ترافتها وتلوينها؛ بطونها مدبّجة، ومتونها مدرّجة؛ كأنها كواكب الشّولة في انعطافها، أو أرواق الظّباء في التفافها؛ لأوتارها عند القوادم أوتار، ولبنادقها [في] «6» الحواصل أوكار؛ إذا انتضيت لصيد «7» ذهب من الحياة نصيبه، وإن انتضت لرمي بدا لها أنها أحقّ به ممن يصيبه؛ ولعلّ ذاك الصّوت زجر لبندقها أن يبطيء في سيره، أو يتخطّى الغرض إلى غيره، أو وحشة لمفارقة أفلاذ كبدها، أو أسف على خروج بنيها من يدها؛ على أنها طالما نبذت بنيها بالعراء، وشفعت لخصمها التّحذير بالإغراء:(14/331)
مثل العقارب أذنابا معقّدة ... لمن تأمّلها أو حقّق النّظرا!
إن مدّها قمر منهم وعاينه ... مسافر الطّير فيها أو نوى «1» سفرا
فهو المسيء اختيارا إذ نوى سفرا ... وقد رأى طالعا في العقرب القمرا!
ومن البنادق كرات متّفقة السّرد، متّحدة العكس والطّرد، كأنما خرطت من المندل الرّطب أو عجنت من العنبر الورد؛ تسري كالشّهب في الظلام، وتسبق إلى مقاتل الطّير مسدّدات السّهام:
مثل النّجوم إذا ما سرن في أفق ... عن الأهلّة لكن نونها راء
ما فاتها من نجوم اللّيل إن رمقت ... إلا ثبات يرى فيها وأضواء
تسري ولا يشعر اللّيل البهيم بها ... كأنّها في جفون اللّيل إغفاء
وتسمع الطّير إذ تهفو قوادمه ... خوافقا في الدّياجي وهي صمّاء!!!
يصونها جراوة «2» كأنها درج درر، أو درج غرر، أو كمامة ثمر، أو كنانة نبل، أو غمامة وبل؛ حالكة الأديم، كأنّما رقمت بالشّفق حلّة ليلها البهيم:
كأنّها في وضعها مشرق ... تنبثّ منه في الدّجى الأنجم
أو ديمة قد أطلعت قوسها ... ملوّنا وانبثقت تسجم!
فاتّخذ كلّ له مركزا، وتقضّى من الإصابة وعدا منجزا، وضمن له السّعد أن يصبح لمراده محرزا:
كأنّهم في يمن أفعالهم ... في نظر المنصف والجاحد:
قد ولدوا في طالع واحد ... وأشرقوا من مطلع واحد!
فسرت علينا من الطّير عصابة، أظلّتنا من أجنحتها سحابة، من كلّ طائر(14/332)
أقلع يرتاد مرتعا، فوجد ولكن مصرعا، وأسفّ يبتغي ماء جمّا فوجد ولكن السّمّ منقعا، وحلّق في الفضاء يبغي ملعبا فبات هو وأشياعه سجّدا لمحاريب القسيّ وركّعا؛ فتبرّكنا بذلك الوجه الجميل، وتداركنا أوائل ذلك القبيل.
فاستقبل أوّلنا تمام بدره، وعظم في نوعه وقدره؛ كأنه برق كرع في غسق، أو صبح عطف على بقيّة الدّجى عطف النّسق؛ تحسبه في أسداف المنى غرّة نجح، وتخاله تحت أذيال الدّجى طرّة صبح؛ عليه من البياض حلّة وقار، وله كدهن «1» عنبر فوق منقار من قار؛ له عنق ظليم، والتفاتة ريم، وسرى غيم يصرّفه نسيم:
كلون المشيب، وعصر الشّباب ... ووقت الوصال، ويوم الظّفر!
كأنّ الدّجى غار من لونه ... فأمسك منقاره ثم فرّ!
فأرسل إليه عن الهلال نجما، فسقط منه ما كبر بما صغر حجما؛ فاستبشر بنجاحه، وكبّر «2» عند صياحه، وحصّله «3» من وسط الماء بجناحه.
وتلاه كيّ نقيّ اللّباس، مشتعل شيب الرّاس، كأنّه في عرانين شيبه لا وبله كبير أناس؛ إن أسفّ في طيرانه فغمام، وإن خفق بجناحه فقلع له بيد النّسيم زمام؛ ذو عيبة كالجراب، ومنقار كالحراب، ولون يغرّ في الدّجى كالنّجم ويخدع في الضّحى كالسّراب؛ ظاهر الهرم، كأنما يخبر عن عاد ويحدّث عن إرم:
إن عام في زرق الغدير حسبته ... مبيضّ غيم في أديم سماء
أو طار في أفق السّماء ظننته ... في الجوّ شيخا عائما في ماء
متناقض الأوصاف فيه خفّة الجهّال ... تحت رزانة العلماء!(14/333)
فثنى الثاني إليه عنان بندقه، وتوخّاه فيما بين رأسه وعنقه، فخّر كمارد انقضّ عليه نجم من أفقه؛ فتلقاه الكبير بالتّكبير، واختطفه قبل مصافحة الماء «1» من وجه الغدير.
وقارنته إوزّة حلباء دكناء، وحلّتها حسناء «2» ؛ لها في الفضاء مجال، وعلى طيرانها خفّة ذوات التّبرّج وخفر ربّات الحجال؛ كأنّما عبّت في ذهب، أو خاضت في لهب؛ تختال في مشيتها كالكاعب، وتتأنّى في خطوها كاللّاعب، وتعطف «3» بجيدها كالظّبي الغرير، وتتدافع في سيرها مشي القطاة إلى الغدير:
إذا أقبلت تمشي فخطرة كاعب ... رداح، وإن صاحت فصولة حازم «4»
وإن أقلعت قالت لها الرّيح: ليت لي ... خفا ذي الخوافي أو قوى ذي القوادم
فأنعم بها في البعد زاد مسافر ... وأحسن بها في القرب تحفة قادم!
فلوى الثالث جيده إليها، وعطف بوجه إقباله «5» عليها، فلجّت في ترفّعها ممعنة، ثم نزلت على حكمه مذعنة؛ فأعجلها عن استكمال الهبوط، واستولى عليها بعد استمرار القنوط.
وحاذتها لغلغة تحكي لون وشيها، وتصف حسن مشيها، وتربي عليها بغرّتها، وتنافسها في المحاسن كضرّتها؛ كأنها مدامة قطبت بمائها، أو غمامة شفّت عن بعض نجوم سمائها:
بغرّة بيضاء ميمونة ... تشرق في اللّيل كبدر التّمام!
وإن تبدّت في الضّحى خلتها ... في الحلّة الدّكناء برق الغمام!(14/334)
فنهض الرابع لاستقبالها، ورماها عن فلك سعده بنجم وبالها؛ فجدّت في العلوّ مبتذّة «1» ، وتطاردت أمام بندقه ولولا طراد الصّيد لم تك لذّة؛ وانقضّ عليها من يده شهاب حتفها، وأدركها الأجل لخفّة طيرانها من خلفها، فوقعت من الأفق في كفّه، ونفر ما في بقايا صفّها عن صفّه.
وأتت في إثرها أنيسة آنسة «2» ، كأنّها العذراء العانسة، أو الأدماء «3» الكانسة، عليها خفر الأبكار، وخفّة ذوات الأوكار، وحلاوة المعاني التي تجلى على الأفكار، ولها أنس الرّبيب، وإدلال الحبيب، وتلفّت الزائر المريب من خوف الرّقيب؛ ذات عنق كالإبريق، أو الغصن الوريق، قد جمع صفرة البهار إلى حمرة الشّقيق، وصدر بهيّ الملبوس، شهيّ إلى النفوس، كأنّما رقم فيه النهار باللّيل أو نقش فيه العاج بالآبنوس، وجناح ينجيها من العطب، يحكي لونها المندل الرّطب لولا أنه حطب:
مدبّجة الصّدر تفويفه ... أضاف إلى اللّيل ضوء النهار
لها عنق خاله من رآه ... شقائق قد سيّجت بالبهار!
فوثب الخامس منها إلى الغنيمة، ونظم في سلك رميه تلك الدّرّة اليتيمة، وحصل بتحصيلها بين الرّماة على الرّتبة الجسيمة.
وأتى على صوتها حبرج تسبق همّته جناحه، ويغلب خفق قوادمه صياحه؛ مدبّج المطا، كأنّما خلع حلّة منكبيه على القطا؛ ينظر من لهب، ويخطو على رجلين من ذهب:
يزور الرّياض، ويجفو الحياض ... ويشبه في اللّون كدر القطا(14/335)
ويغوي «1» الزّروع ويلهو بها ... ولا يرد الماء إلا خطا!
فبدره السادس قبل ارتفاعه، وأعان قوسه بامتداد باعه، فخرّ على الألاء كبسطام بن قيس «2» ، وانقضّ عليه راميه [فحصّله] «3» بحذق وحمله بكيس.
وتعذّر على السّابع مرامه، ونبا [به] «4» عن بلوغ الأرب مقامه؛ فصعد هو وترب له إلى جبل، وثبت في موقفه من لم يكن له بمرافقتهما قبل.
فعنّ له نسر ذو قوائم «5» شداد، ومناسر حداد، كأنّه من نسور لقمان بن عاد؛ تحسبه في السماء ثالث «6» أخويه، وتخاله في الفضاء قبّته المنسوبة إليه؛ قد حلق كالفقراء رأسه، وجعل مما قصّر من الدّلوق الدّكن لباسه، واشتمل من الرّياش العسليّ إزارا، وألف العزلة فلا تجد له إلا في قنن الجبال الشّواهق مزارا؛ قد شابت نواصي اللّيل وهو لم يشب، ومضت الدّهور وهو من الحوادث في معقل أشب:
مليك طيور الأرض شرقا ومغربا ... وفي الأفق الأعلى له أخوان!
له حال فتّاك، وحلية ناسك ... وإسراع مقدام، وفترة وان!
فدنا من مطاره، وتوخّى ببندقه عنقه فوقع في منقاره؛ فكأنّما هدّ منه(14/336)
صخرا، أو هدم به بناء مشمخرّا؛ ونظر إلى رفيقه، مبشّرا له بما امتاز به عن فريقه.
وإذا به قد أظلته عقاب كاسر، كأنّما أضلّت صيدا أفلت من المناسر؛ إن حطّت فسحاب انكشف، وإن أقامت فكأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا لدى وكرها العنّاب والحشف «1» ، بعيدة ما بين المناكب:
إذا أقلعت لجّت علوّا كأنّما ... تحاول ثأرا عند بعض الكواكب «2»
يرى الطّير والوحش في كفّها ... ومنقارها ذا عظام مزاله
فلو أمكن الشّمس من خوفها ... إذا طلعت ما تسمّت غزاله!
فوثب إليها الثامن وثبة ليث قد وثق من حركاته بنجاحها، ورماها بأوّل بندقة فما أخطأ قادمة جناحها؛ فأهوت كعود صرع، أو طود صدع؛ قد ذهب باسها، وتذهّب بدمها لباسها؛ وكذلك القدر يخادع الجوّ عن عقابه، ويستنزل الأعصم من عقابه، فحملها بجناحها المهيض، ورفعها بعد التّرفّع في أوج جوّها من الحضيض، ونزل إلى الرّفقة، جذلا بربح الصّفقة.
فوجد التّاسع قد مرّ به كركيّ طويل الشّفار، سريع النّفار، شهيّ الفراق، كثير الاغتراب يشتو بمصر ويصيف بالعراق؛ لقوادمه في الجوّ حفيف، ولأديمه لون سماء طرأ عليها غيم خفيف؛ تحنّ إلى صوته الجوارح، وتعجب من قوّته الرّياح البوارح؛ له أثر حمرة في رأسه كوميض جمر تحت رماد، أو بقيّة جرح تحت ضماد، أو فصّ عقيق شفت عنه بقايا ثماد؛ ذو منقار كسنان، وعنق كعنان؛ كأنّما ينوس، على عودين من آبنوس:(14/337)
إذا بدا في أفق مقلعا ... والجوّ كالماء تفاويفه:
حسبته في لجّة مركبا ... رجلاه في الأفق مجاديفه!
فصبر له حتّى جازه مجلّيا، وعطف عليه مصلّيا، فخرّ مضرّجا بدمه، وسقط مشرفا على عدمه؛ وطالما أفلت لدى الكواسر من أظفار المنون، وأصابه القدر بحبّة من حمإ مسنون؛ فكثر التكبير من أجله، وحمله على وجه الماء برجله «1» .
وحاذاه غرنوق حكاه في زيّه وقدره، وامتاز عنه بسواد رأسه وصدره؛ له ريشتان ممدودتان من رأسه إلى خلفه، معقودتان من أذنيه مكان شنفه «2» :
له من الكركيّ أوصافه ... سوى سواد الصّدر والرّاس
إن شال رجلا وانبرى قائما ... ألفيته هيئة برجاس!
فأصغى العاشر له منصتا، ورماه متلفّتا؛ فخرّ كأنّه صريع الألحان، أو نزيف بنت الحان؛ فأهوى إلى رجله بيده [وأيده] «3» ، وانقضّ عليه انقضاض الكاسر على صيده.
وتبعه في المطار ضوع «4» ، كأنّه من النّضار مصنوع، تحسبه عاشقا قد مدّ صفحته، أو بارقا قد بثّ لفحته:
طويلة رجلاه مسودّة ... كأنّما منقاره خنجر
مثل عجوز رأسها أشمط ... جاءت وفي رقبتها معجر «5» !(14/338)
فاستقبله الحادي عشر ووثب، ورماه حين «1» حاذاه من كثب، فسقط كفارس تقطّر عن جواده، أو وامق «2» أصيبت حبّة فؤاده؛ فحمله بساقه، وعدل به إلى رفاقه.
واقترن به مرزم له في السماء سميّ «3» معروف، ذو منقار كصدغ معطوف، كأن رياشه فلق اتّصل به شفق، أو مآء صاف علق بأطرافه علق:
له جسم من الثّلج ... على رجلين من نار:
إذا أقلع ليلا قلت ... برق في الدّجى ساري!
فانتحاه الثاني عشر ميمّما، ورماه مصمّما، فأصابه في زوره، وحصّله من فوره، وحصل له من السّرور ما خرج به عن طوره.
والتحق به سبيطر، كأنه [مدية] «4» مبيطر؛ ينحطّ كالسّيل، ويكرّ على الكواسر كالخيل، ويجمع من لونيه بين ضدّين يقبل منهما بالنّهار ويدبر باللّيل؛ يتلوّى في منقاره الأيم «5» ، تلوّي التّنّين في الغيم:
تراه في الجوّ ممتدّا وفي فمه ... من الأفاعي شجاع أرقم ذكر:
كأنّه قوس رام عنقه يدها ... ورجله رجلها «6» والحيّة الوتر!
فصوّب الثالث عشر إليه بندقه، فقطع لحيه وعنقه؛ فوقع كالصّرح الممرّد، أو الطّراف الممدّد.(14/339)
واتّبعه عناز «1» أصبح في اللّون ضدّه، وفي الشّكل ندّه؛ كأنّه ليل ضمّ الصّبح إلى صدره، أو انطوى على هالة بدره:
تراه في الجوّ عند الصّبح حين بدا ... مسودّ أجنحة مبيضّ حيزوم «2» :
كأنّه حبشيّ «3» عام في نهر ... وضمّ في صدره طفلا من الرّوم!
فنهض تمام القوم إلى التّتمّة، وأسفرت عن نجح الجماعة تلك اللّيلة المدلهمّة؛ وغدا ذلك الطّير الواجب واجبا، وكمل العدد به قبل أن تطلع الشمس عينا أو تبرز حاجبا؛ فيا لها ليلة حضرنا بها الصادح في الفضاء المتّسع، ولقيت فيها الطير ما طارت به من قبل على كلّ شمل مجتمع، وأصبحت أشلاؤها على وجه الأرض كفرائد خانها النّظام، أو شرب كأنّ رقابها من اللّين لم يخلق لهنّ عظام؛ وأصبحنا مثنين على مقامنا، منثنين بالظّفر إلى مستقرّنا ومقامنا، داعين للمولى جهدنا، مذعنين له قبلنا أوردّنا، حاملين ما صرعنا إلى بين يديه، عاملين على التّشرّف بخدمته والانتماء إليه:
فأنت الذي لم يلف من لا يودّه ... ويدعى له في السّرّ أو يدّعى له:
فإن كان رمي، أنت توضح طرقه ... وإن كان جيش: أنت تحمى قبيله «4» !
والله تعالى يجعل الآمال منوطة به وقد فعل، ويجعله كهفا للأولياء وقد جعل، بمنّه وكرمه. [إنما أثبتّ هذه الرسالة بكمالها لكثرة ما اشتملت عليه من الأوصاف، ولتعلق بعضها ببعض] «5» .(14/340)
الفصل الرابع من الباب الأوّل من المقالة العاشرة (في الصّدقات؛ وفيه طرفان)
الطرف الأوّل (في الصّدقات الملوكيّة وما في معناها)
قد جرت العادة أنه إذا تزوّج سلطان أو ولده أو بنته أو أحد من الأمراء الأكابر وأعيان الدّولة أن تكتب له خطبة صداق تكون في الطّول والقصر بحسب صاحب العقد، فتطال للملوك وتقصّر لمن دونهم بحسب الحال.
وهذه نسخة صداق، كتب به للملك السّعيد بركة، ابن السلطان الملك الظاهر بيبرس البندقداريّ، على بنت الأمير سيف الدّين قلاوون الصالحيّ الألفيّ قبل سلطنته، بالقلعة المحروسة، من إنشاء القاضي محيي الدّين بن عبد الظاهر؛ وهي:
الحمد لله موفّق الآمال لأسعد حركة، ومصدّق الفأل لمن جعل عنده أعظم بركة، ومحقّق الإقبال لمن أصبح نسيبه سلطانه وصهره ملكه، الذي جعل للأولياء من لدنه سلطانا نصيرا، وميّز أقدارهم باصطفاء تأهّله حتّى حازوا نعيما وملكا كبيرا، وأفرد فخارهم بتقريبه حتّى أفاد شمس آمالهم ضياء وزاد قمرها نورا، وشرّف به وصلتهم حتّى أصبح فضل الله عليهم بها عظيما وإنعامه كثيرا، مهيّيء أسباب التّوفيق العاجلة والآجلة، وجاعل ربوع(14/341)
كلّ إملاك من الأملاك بالشّموس والبدور والأهلّة آهلة، جامع أطراف الفخار لذوي الإيثار حتّى حصلت لهم النّعمة الشاملة وحلّت عندهم البركة الكاملة.
نحمده على أن أحسن عند الأولياء بالنّعمة الاستيداع، وأجمل لتأميلهم الاستطلاع، وكمّل لأخيارهم الأجناس من العزّ والأنواع، وأتى آمالهم بما لم يكن في حساب أحسابهم من الابتداء بالتّخويل والابتداع، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة حسنة الأوضاع، مليّة بتشريف الألسنة وتكريم الأسماع، ونصلّي على سيدنا محمد الذي أعلى الله به الأقدار، وشرّف به الموالي والأصهار، وجعل كرمه دارّا لهم في كلّ دار، وفجره على من استطلعه من المهاجرين والأنصار مشرق الأنوار، صلّى الله عليه وعليهم صلاة زاهية الأزهار، يانعة الثّمار.
وبعد، فلو كان اتصال كلّ شيء بحسب المتّصل به في تفضيله، لما استصلح البدر شيئا من المنازل لنزوله، ولا الغيث شيئا من الرّياض لهطوله، ولا الذّكر الحكيم لسانا من الألسنة لترتيله، ولا الجوهر الثمين شيئا من التّيجان لحلوله؛ لكن ليتشرّف بيت يحلّ به القمر، ونبت يزوره المطر، ولسان يتعوّذ بالآيات والسّور، ونثار يتجمّل باللآليء والدّرر؛ ولذلك تجمّلت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم أصهاره وأصحابه، وتشرّفت أنسابهم بأنسابه، وتزوّج صلّى الله عليه وسلّم منهم، وتمّت لهم مزيّة الفخار حتى رضوا عن الله ورضي عنهم.
والمرتّب على هذه القاعدة الفاضلة نور يستمدّه الوجود، وتقرير أمر يقارن سعد الأخبية منه سعد السّعود، وإظهار خطبة تقول للثّريّا لانتظام عقودها:
كيف، وإبراز وصلة يتجمّل بترصيع جوهرها متن السّيف الذي يغبطه على إبداع هذا الجوهر به كلّ سيف، ونسج صهارة يتمّ بها- إن شاء الله- كلّ أمر(14/342)
سديد، ويتّفق بها كلّ توفيق تخلق الأيّام وهو جديد، ويختار لها أبرك طالع:
وكيف لا تكون البركة في ذلك الطّالع وهو السّعيد؟.
وذلك بأن المراحم الشريفة السلطانية أرادت أن تحصّن المجلس الساميّ بالإحسان المبتكر، وتفرده بالمواهب التي يرهف بها الحدّ المنتضى ويعظم الجدّ المنتظر، وأن ترفع من قدره بالصّهارة مثل ما رفعه صلّى الله عليه وسلّم من قدر صاحبيه: أبي بكر وعمر، فخطب إليه أسعد البريّة، وأمنع من تحميها السيوف المشرفيّة، وأعزّ من تسبل عليها ستور الصّون الخفيّة، وتضرب دونها خدور الجلال الرّضيّة، وتتجمّل بنعوتها العقود: وكيف لا؟ وهي الدّرّة الألفيّة؛ فقال والدها وهو الأمير المذكور: هكذا ترفع الأقدار وتزان، وكذا يكون قران السّعد وسعد القران!!!؛ وما أسعد روضا أصبحت هذه المراحم الشريفة السلطانية له خميلة!، وأشرف سيفا غدت منطقة بروج سمائها له حميلة!، وما أعظمها معجزة آتت الأولياء من لدنها سلطانا!، وزادتهم مع إيمانهم إيمانا! وما أفخرها صهارة يقول التوفيق لإبرامها: ليت!، وأشرفها عبوديّة كرّمت سلمانها بأن جعلته من أهل البيت «1» !.
وإذ قد حصلت الاستخارة في رفع قدر المملوك، وخصّصته بهذه المزيّة التي تقاصرت عنها آمال أكابر الملوك؛ فالأمر لملك البسيطة في رفع درجات عبيده كيف يشاء، والتّصدّق بما يتفوّه به هذا الإنشاء؛ وهو:
بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب مبارك تحاسدت رماح الخطّ وأقلام الخطّ على تحريره، وتنافست مطالع النّوّار ومشارق الأنوار على نظم سطوره، فأضاء نوره(14/343)
بالجلالة وأشرق، وهطل نوءه بالإحسان فأغدق، وتناسبت فيه أجناس تجنيس لفظ الفضل فقال الاعتراف: هذا ما تصدّق، وقال العرف: هذا ما أصدق مولانا السلطان: أصدقها ما ملأ خزائن الأحساب فخارا، وشجرة الأنساب ثمارا، ومشكاة الجلالة أنوارا، وأضاف إلى ذلك ما لولا أدب الشّرع لكان أقاليم ومدائن وأمصارا، فبذل لها من العين المصريّ ما هو باسم والدها قد تشرّف، وبنعوته قد تعرّف، وبين يدي هباته وصدقاته قد تصرّف.
وهذه نسخة صداق المقام الشّريف العالي السّيفيّ «أنوك» ، ولد السلطان الشّهيد الملك النّاصر «محمد بن قلاوون» على بنت المقرّ المرحوم السّيفيّ «بكتمر الساقي» . وكان العاقد قاضي القضاة جلال الدّين القزوينيّ، والقابل السلطان الملك الناصر والد الزّوج؛ وهي:
الحمد لله مسيّر الشّمس والقمر، وميسّر حياة كلّ شيء باتصال الرّوض بالمطر، ومبشّر المتّقين من دراريّ الذّراري بأسعد كوكب ينتظر، وأحمد عاقبة تهتزّ لها أعطاف عظماء الملوك على كبر، وتنجاب عن الأنجاب كما تتفتّح الأكمام عن الثّمر، الذي مدّ من الشّجرة المباركة الملوكيّة فروعا التفّت بعضها على بعض، ورفّت على من استظلّ بها فراقب السماء على الأرض.
نحمده على نعمه التي أطابت لنا جنى الغروس، وأطالت منا منى النّفوس، وأطافت بملوكنا حتّى مدّت لسؤالهم الأيدي وخضعت لأمرهم الرّؤوس، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نتّخذها عصمة نافعة، ونعمة لحسن العاقبة جامعة، ورحمة تبارك على أئمّتنا وعلى أبنائهم البدور الطالعة، والأنوار الساطعة، والبروق اللامعة، والغيوث الهامعة، والسّيول الدّافعة، والسّيوف القاطعة، والأسود التي هي عن حرم حضرتها مانعة، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أزان من تمسك له بحسب،(14/344)
وشرّف من اعتزى إليه بالقربى أو اعتزّ منه بصهر أو نسب، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذي أرضاهم ورضي عنهم، وكرّمهم بصلته الشريفة لما زوّجهم وتزوّج منهم، وسلّم تسليما كثيرا.
أما بعد، فإنّ من عادة الغمام أن يتفقّد الأرض بمطره، والبحر أن يسقي الزّروع بما فاض من نهره، والمصابيح أن تمدّ بأنوارها ما يتوقّد، والسّماء أن لا يخلو أفقها من اتّصال فرقد بفرقد؛ ولو توقّفت القربى على مقاربة كبير، أو مقارنة نظير، لما صلحت الأغماد لمضاجع السّيوف ولا دنت الكواكب من الشّمس والقمر المنير، ولا صافحت يمين شمالا، ولا جاورت جنوب شمالا، ولا حوت الكنائن سهاما، ولا جمع السّلك للجواهر نظاما، ولا طمح طرف إلى غاية، ولا قدر لسان إنسان على تلاوة سورة ولا آية؛ وإنّما الصّدقات الشّريفة الملوكية لها في البرّ عوائد، وفي الخير سجايا يقتدي فيها الولد بالوالد.
ولم يزل من المقام الشريف، الأعظم، العاليّ، المولويّ، السّلطانيّ، الملكيّ، النّاصريّ، أعزّ الله سلطانه على من لاذ به تسبل ذيول الفخار، وتودع في هالات أقمارهم ودائع الأنوار، وتؤهّل أهلّتهم لأن يكون منها أحد الأبوين لذرّيّته الأطهار، وتخطب من حجبهم كلّ مصونة يغور بها بدر الدّجى وتغار منها شمس النّهار.
وكان من تمام النّعمة الشريفة السلطانية، النّاصريّة، على من تعرّض لسحابها الماطر، ووقف للاغتراف من بحرها الزّاخر- ما رفعت به ذكره إلى آخر الأبد، وأتمّت له السعادة إذ كان يعدّ في جدود من ينسب إليه من ولد، وأكّدت له بالقربى مزيّة مزيد، واستخرجت من بحره جوهرة لا يطمع في التّطوّق بها كلّ جيد، وقالت: نحن أحقّ بتكميل ما بيننا، وتخويل الخؤولة من أولينا، وتأهيل من قرّ بنا عينا وقرّبناه إلينا، وتفضيل غرس نعمة نحن غرسناه واجتنينا ثمراته بيدينا، فاقتضى حسن الاختيار الشريف الملكيّ(14/345)
الناصريّ، لولده المقام العاليّ السّيفيّ، أحسن الله لهما الاختيار، وأجرى بإرادتهما اقتدار الأقدار- أن تزفّ أتمّ الشموس إلى ستوره الرفيعة، وتصان أكمل معاقل العقائل بحجبه المنيعة، وتحاط أشرف الدّرر في مستودعه، وتناط أشرف الدّراريّ بمطلعه، وتساق إليه الكريمة حسبا، العظيمة بأبيه- عظّم الله سلطانه- أبا، الذي كم له في خدمة الدولة القاهرة من مناقب كالنجوم، ومذاهب تشبّه بها البرق فتشبّث بأذيال الغيوم، ومراتب تقدّم فيها على كلّ نظير قال: وما منّا إلّا من له مقام معلوم؛ من قدره لا يسامى ولا يسام، ورأيه لا يرامى ولا يرام، وسيفه في غير طاعتنا الشّريفة لا يشيم ولا يشام، وهو «سيف الدولة» لا كما يسمّى به من استعار «1» هذا اللّقب في سالف الأيام؛ كم له في مراضي سلطانه من رغبة بذل بها ما لديه، وسمح فيها بولده وهو أحبّ شيء إليه، وجاد بروحه أو بما هو أعزّ عليه؛ كم نبّهت بعزائمه السّيوف من سناتها، [و] كم وهبت من مكارمه الأيام ما يعدّ من حسناتها؛ كم التهبت صوارمه نارا فجرت أنهارا فجّرت من جنباتها؛ كم لسماء الملك بشهبه من حرس، وبقضبه من قبس، وكم قام وقعد في مصلحة وكان أدناهم من ملكه مقاما لمّا قام وأعلاهم مجلسا لمّا جلس، فسمع المقام العاليّ السّيفيّ وأطاع، وانتهى إلى ما برزت به مراسم والده- أنفذها الله- وامتثل أمره المطاع، وعمل برأيه الشريف وهو ناصر السّنّة فقدّم فيها ما استطاع، وسارع إلى ما أمر الله به من الألفة والاجتماع، واتّبع السّنّة النّبويّة في تكثير الأمّة بذرّية أئمّة ملوكيّة كلّ واحد منها له الأمّة أتباع، لعلمه اليقين أنه لو خطب له والده في أقطار الأرض إلى جميع الملوك، لم يجد منهم إلا كلّ ملك عظيم وهو له عبد مملوك، فأحيى سنّة شريفة ملوكيّة ما برحت الخلفاء والملوك تحفظ بها قلوب أوليائها على أمداد المدى، ويكفي من هذا ميمون فعل «المأمون» لمّا(14/346)
تزوّج «بوران» من أبيها «ابن سهل» وخطب «المعتضد» إلى «ابن طولون» ابنته «قطر النّدى» .
ورأى والدها أعزّه الله تعالى قدرا هاله مهابة فسلّم وقال: للمالك التّصرّف وللملك التّصريف، وإذا اقتضى حسن النّظر الشّريف تشريف عبد فياحبّذا التّشريف، ويا حبّذا السّبب الذي اتصلت له بالمقام الشّريف الأسباب، واحتفلت ديم النّعم واحتفّت للاجتماع على سنّة وكتاب، فتحاسدت على إثباته صفر الأصائل وحمر النّعم، وتنافست على رقم سطوره صحائف السّحاب وصفيح الماء وصليل السّيف وصرير القلم، وتمنّت الكواكب لو اجتمعت مواكب في يومه المشهود، والمناقب لو أنها حوله بمقانب خافقة البنود، وودّت نسمات الأسحار لو كانت هي التي سعت بالاتّفاق، والحمائم لو أبيح لها أن تغرّد وتخلع ما في أعناقها من الأطواق، بل السّيوف لمّا رأت مقام الجلالة أغضت وغضّت الأحداق، والرّماح لمّا بدالها سرير الملك مائلا وقفت على ساق.
فبرزت المراسم الشريفة- زادها الله شرفا- بتحرير هذا الكتاب الكريم، وتنضيد ما يصلح من الدّرر لهذا العقد النظيم، ونفّذ المرسوم العاليّ المولويّ السلطانيّ ما أمر به وصدّق، وتأدّب إجلالا لمقام أبيه الشريف فأطرق، وتواضع لله فلم يقل: هذا ما تصدّق، بل قال: هذا ما أصدق المقام العاليّ السّيفيّ أنوك ابن مولانا السلطان الأعظم، مالك رقاب الأمم، الملك النّاصر، السّيّد الأجلّ، العالم، العادل، الغازي، المجاهد، المؤيّد، المرابط، المثاغر، المظفّر، المنصور، الشّاهنشاه، ناصر الدنيا والدّين، سلطان الإسلام والمسلمين، محيي العدل في العالمين، منصف المظلومين من الظالمين، ملك البسيطة، ناصر السّنّة، ركن الشريعة، ظلّ الله في أرضه، القائم بسنّته وفرضه، وارث الملك، ملك العرب والعجم(14/347)
والتّرك، خداوند عالم پادشاه بني آدم «1» ، بهلوان جهان «2» ، شهريار إيران «3» ، إسكندر الزّمان «4» ، مملّك أصحاب المنابر والأسرّة والتّخوت والتّيجان، فاتح الأقطار، واهب الممالك والأقاليم والأمصار، مبيد البغاة والطّغاة والكفّار، صاحب البحرين، حامي الحرمين، خادم القبلتين، كفيل العبّاد والعباد، مقيم شعائر الحجّ والجهاد، إمام المتّقين، قسيم أمير المؤمنين، أبي المعالي محمد بن السلطان الشهيد الملك المنصور، السّيّد، الأجلّ، العالم، العادل، المجاهد، المؤيّد، سيف الدّين، والد الملوك والسلاطين، أبي الفتح «قلاوون» ، خلّد الله سلطانه، ونصر جنوده وجيوشه وأعوانه-:
الحجاب «5» الكريم، الرفيع، المنيع، المصون، المكنون، الجهة المكرّمة، المفخّمة، المعظّمة، بنت الجناب الكريم، العاليّ، الأميريّ، الأجليّ، الكبيريّ، العالميّ، العادليّ، الممهّديّ، المشيّديّ، الزّعيميّ، المقدّميّ، الغياثيّ، الغوثيّ، الذّخريّ، الأوحديّ، الظّهيريّ، الكافليّ، السّيفيّ، ركن الإسلام والمسلمين، سيّد الأمراء في العالمين، نصير الغزاة والمجاهدين، زعيم الجيوش، مقدّم العساكر، عون الأمة، غياث الملّة، ممهّد الدّول،(14/348)
مشيّد الممالك، ظهير الملوك والسلاطين، عضد أمير المؤمنين، بكتمر الساقي الناصريّ، ضاعف الله نعمته.
أصدقها ما تلقّت به أنسابها إجلالا، وبلغت به أحسابها جمالا، وطلعت في سماء الملك هلالا، ولبست فخارا، وقبست أنوارا، وأوت إلى حصن حصين، ووصلت إلى مقام أمين، [وآبت] «1» بأموال وبنين، ما لولا أدب الشّرف، وتجنّب السّرف، والعمل بالشّرع في تعيين معلوم، وتبيّن مقدار مفهوم، لخرج عن كلّ وصف محدود، وقدر معدود، ولما قام به موجود، ولكان مما تقلّ له الممالك ولا يستكثر لأجله الوجود.
قدّم لها من الذّهب العين المصريّ المسكوك ما هو بنقد ممالك والده معروف، ومن حقوقه مقبوض وفي هباته مصروف، ما يحمد مآلا، وينمّى مالا، ويأتي كلّ دينار منه ووجهه بذكر الله واسم أبيه يتلالا.
أصدقها على بركة الله تعالى وعونه وتوفيقه كذا وكذا، عجّل لها كذا وكذا، قبضه وكيل والدها من وكيله، قبضا تامّا كاملا، وتأخّر بعد ذلك كذا وكذا دينارا حالّا، على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان:
إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ
«2» .
وولي تزويجها منه على الصّداق المعيّن بإذن والدها- أعزّة الله تعالى- المقدّم ذكره:- العبد الفقير إلى الله تعالى، قاضي القضاة، حاكم الحكّام، خطيب خطباء المسلمين، جلال الدّين، خالصة أمير المؤمنين، أبو المعالي، محمد ابن قاضي القضاة سعد الدّين أبي القاسم، عبد الرحمن ابن الشّيخ الإمام العالم العلّامة إمام الدّين، أبي حفص عمر بن أحمد القزوينيّ الشافعيّ، الحاكم بالديار المصرية المحروسة وأعمالها وبلادها، وجندها(14/349)
وضواحيها، وسائر الممالك المضافة إليها، بالولاية الشّرعية، أدام الله أيّامه، وأعزّ أقضيته وأحكامه، فقبل مولانا السلطان- خلّد الله ملكه- لولده المسمّى- أدام الله تعالى نعمته- ذلك منه قبولا شرعيّا، يخاطب عليه شفاها بحضور من تمّ العقد بحضوره، في دار الملك بالقصر الأبلق، بقلعة الجبل، حرسها الله تعالى، بكرة يوم السّبت حادي عشرين من صفر سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة.
وهذه نسخة صداق المقرّ الشّريف إبراهيم ابن السلطان الشهيد الملك الناصر محمد بن قلاوون، من إنشاء المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله؛ وهي:
الحمد لله مغني الملوك بالمظافرة، ومكثّر زينة الأسماء بنجومهم الزّاهره، ومكبّر أقدار الأولياء بما تمّت النّعمة به من شرف المصاهرة.
نحمده على نعمه التي شرّفت قدرا، وصرّفت أمرا، وأطلعت من هالة البدر المنير شمسا لا تتخذ غير الأفق خدرا، ولا تتمنّى الليالي والأيام إلا أن تقلّدها من الأشعّة ياقوتا ومن الكواكب درّا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تجمع من حماة الدّين نسبا وصهرا، وترفع في أنباء الأبناء لها حسبا وذكرا، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي عصم به، وخصّ صفوة الخلق في المصاهرة باختلاط نسبهم بنسبه، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تستوثق بها الأسباب، وتستوسق الأنساب، وتبقى أنوارها بملك أبناء الملوك كلمة باقية في الأعقاب، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فلمّا جمع الله بملوك البيت الشريف المنصوريّ- كثّر الله عددهم- شتات الإسلام، ومحا ببوارق جهادهم ما امتدّ من ظلام، حتّى انتهت النّوبة إلى من أصبحت به الدولة القاهرة وكلّ أوقاتها أنوار صباح، ونوّار أقاح، وسماء سماح، وأسمى نعم لا تعدّ إلا معاقد تيجان الملوك على كلّ جبين وضّاح، المقام الشريف العاليّ المولويّ، السّلطانيّ، الملكيّ،(14/350)
النّاصريّ، زاد الله شرفه، وأعلى على شرفات بروج السماء غرفه، فأحبّ- لما أجراه الله به وبمن سلف من ملوك بيته الشريف من تأييد هذه الأمّة، وتأييد ما شملها بفتوحاتهم المذهبات الفتوح من سوابغ النّعمة،- أن يعمل بقول نبيّه المشرّف بموافقه اسمه ومتابعة حكمه في التزويج، وأن تقع مواقع أمطاره على كلّ أرض حرّه فتنبت كلّ زوج بهيج. وكان من بنيه- أدام الله سعودهم- من يطيع في كلّ أمر أمره العالي أدام الله تمكينه، ولولا هذا لما رضي سوى أقران الفرسان له قرينة، وكان من نجبائهم إذا عدّت الأولاد، وأحبّائهم إذا كان كما يقال: الولد ثمرة الفؤاد؛ ومن هو لجملتهم جمال، ولدولتهم دلال، ولغابهم أسد الأشبال- من يعترف كلّ من عرفه بفضله، ويؤمّل في أبنائه ما لأبناء سميّه إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم من بركة نسله.
برز المرسوم الشريف العاليّ، المولويّ، السلطانيّ، الملكيّ، الناصريّ، أنفذه الله في الأقطار- بأن يتخير لمغرسه الكريم، ونسبه الصّميم، وصباحه المشرق، وسماحه المغدق، فصادف الإحسان موضعه، وانتخب له من مشرق البدر التّمام مطلعه، ومن هو من هذه الدّولة القاهرة على الحقيقة باليمين، ومن هو البحر الزّاخر ومن مكنونه يستخرج أفخر الثّمين، فبادر الخاطب إليه إلى اغتنام هذا الشّرف الذي لا يطاول، وعاجل هذه النّعمة التي لولا فضل الله وصدقات سلطانه- خلّد الله ملكه- ما كانت مما تحاول، وقال: إن رضيت تلك السّتور بهذه المخطوبة، أو أهلّت تلك السماء العلياء هذه المحجوبة، فهي لما أهلّت له في خدمة ذلك المقام الأمين، وهي كما شاء مالكها المتصدّق من ذوات العفّة وإلا فهي مما ملكت اليمين، فأتمّت الصدقة الشريفة عوارفها بما هو أشرف مقاما، وأعظم لها في رتبة الفخار فهي تسمو بهذا ولا تسامى، وشرّفته بما وصلت إليه عند المقرّ الشريف من المقام الكريم، ولم تكن إلا من ذوات العقود ولا كيد ولا كرامة لما ينجلي به اللّيل البهيم، ولا لما يتحلّى في جيد الجوزاء من عقد درّها النّظيم؛ ولولا إجلال المقام عن التطويل لما اختصر القائل فقال:(14/351)
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أصدق.. الخ...........
الطرف الثاني (في صدقات الرّؤساء والأعيان وأولادهم)
وهي على نحو من الصّدقات الملوكيّة في التّرتيب، إلا أنها أخصر، ومن الألقاب بحسب أحوال أصحابها من أرباب السيوف والأقلام.
وهذه نسخة صداق جمال الدّين عبد الله [بن سيف الدين أبي سعيد أمير حاجب] «1» على بنت بيدمر العمريّ، من إنشاء المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله؛ وهي:
الحمد لله مبلّغ كلّ آمل ما يرجوه، وراعي ذمم من لم ينسوا عهده ولم يخلفوه، ومكمّل الخير لكل ذي [.. «2» .] يصدّ من يجفوه، ومجيب كلّ منيب يدعوه قائما وقاعدا: وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ
«3» .
نحمده حمدا نكرّر فضله ونتلوه، ونحلّ معضله ونجلوه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يتظافر عليها الآمر المسلم وبنوه، وتبيضّ بها وجوه الأودّاء، وتسودّ وجوه الأعداء، يوم تبيضّ وجوه وتسودّ وجوه، ونشهد أن سيّدنا محمدا عبده ورسوله الذي سعد به ذووه، وصعد قدر صهره وحموه، وشرّف نسبا ما التقى فيه على سفاح هو ولا أوّلوه، صلّى الله عليه(14/352)
وعلى آله وصحبه صلاة لا يزال بها الرّوض الأرج يفوه، والسّحر يبلّغها ولو سكت وختم بالبرق فوه، وسلّم تسليما.
وبعد، فإن أزهى زهر طاب مجتنوه، وطال باعا في الفخار مجتبوه، زهر كمامة جرت عنها لأمة كميّ، وأبرزتها سنّة الإسلام من حجاب ذي أنف حميّ، وطلعت من أفق بدريّ طالما سنح مجتلوه، وحمى سيف أمن في كلئه بكلاءته مختلوه.
وكان الجناب الجماليّ عبد الله ابن المرحوم سيف الدّين أبي سعيد أمير حاجب، أدام الله تعالى علاه، ورحم أباه، هو ولد ذلك الوالد، وطارف ذلك التالد، ونشو هذه الدولة الشريفة الكاملية التي أخذ منها حظّه بالتمام والكمال، وأصبحت به كالغادة الحسناء ذات الحسن والجمال، ولم يمت أبوه في أيّام سلطانها- خلّد الله ملكه- حتّى قرّت به عينه، وساواه في الإمرة لولا تفاوت العدّة وقدم المدّة بينه وبينه، وجاء منه ولد نجيب، وابن شاع وذاع سرّ أبيه وحمد وهذا عجيب!!!.
ولما انتقل والده رحمه الله تعالى إلى رحمة ربّه، وشرب بالكأس الذي لا بدّ لكلّ حيّ من شربه- تطلّب مثل ذلك الأب ولم يزل يجدّ حتّى وجد، وظفر بوالد إن لم يكن ولده حقيقة فإنه عنده مثل الولد، وهو المقرّ بيدمر، وهو الوالد الذي لم يفقد معه من والده ذرّة، والأب الذي هو أرأف من كلّ أمّ برّة، والنّيّر البدريّ الذي سعد قرانا، وصعد وداس بقدمه أقرانا، وقسّم دهره شطرين: نهاره للضّيوف قرى وليله لله قرآنا.
هذا إلى أنه طالما طيّب لزكاة أمواله وثمّرها، وزيّن في أعماله بمدرسة عمّرها، وقيّد شوارد حسناته وثقّفها، مع أنه شيّد الممالك وسدّد أمورها، وسدّ ثغورها، وحمى ببيض سيوفه السّواد الأعظم، ورمى بصوائب سهامه(14/353)
النّوائب ولم تستعظم، ولم تزل نوب الأيام تجرّب منه مسوريّا «1» ، وتجرّد حرّا كريما جاء في أوّل السّنة صقرا بدريّا، فكان من تمام برّه بمن سلف إجابة ولده، وإجالة الرّأي فيما يكون سببا لصيانة عزمته وذات يده، فأنعم له بعقيلته الممنّعة، وربيبته التي غدت الشمس منها سافرة مقنّعة، وقال: على الخير والخيرة، وابن أخ كريم وجدع الحلال أنف الغيرة؛ وما أسنى عقدا يكون متولّيه، ومنشئه إحسانا منه ومسنيه، مولى به نظمت عقود الّلآلي، ورقمت بعلمه أعلام الأيّام وذوائب اللّيالي، وسلّمت القضايا به إلى منفّذ أحكامها، ومنيل الفضل لحكّامها، البحر الزّاخر، والنّجم الذي كم ترك الأوّل منه للآخر، والغمام إلا أنه قضت صواعقه على الخصوم، والإمام الذي أجمعت عليه السّنّة ولم تنكر الشّيعة أنه الإمام المعصوم، والعالم الذي ما برحت بروقه تشام، وحقوقه على أهل مصر والشّام، والذي ولّى الظّلم منذ ولي، واعترف ذوو الفضل والفصل في القضاء أنّ أتقاهم تقيّ الدّين وأقضاهم:
قاضي القضاة أبو الحسن ... ببقائه يجلى الحزن
و [هو] «2» الذي في حكمه ... يجري على أقوى [سنن] «3» !
طود إذا وازنته ... بالطّود في حكم وزن!
والبحر طيّ ردائه ... قلد «4» العقود بلا ثمن!
فأضاء المحفل به وبالحاضرين، وقام شعار الدين حتّى قال القائل:
هذه سيوف المجاهدين وهذا سيف المناظرين، وقيل: هذا وقت جود قد حضر، وموضع سرور ينبغي أن يعجّل منه ما ينتظر، فابتدأ السعد محياه الوسيم، وافتتح فقال:(14/354)
بسم الله الرحمن الرحيم هذا...........
وهذه نسخة صداق ناصر الدّين محمد بن الخطيريّ، من إنشاء المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله؛ وهي:
الحمد لله الذي زاد الأصول الطّيّبة قربا، وزان الأنساب الطّاهرة بصلة تتأكّد حبّا، وصان كرائم البيوت القديمة الفخار بمن يناضل عن حسبه ذبّا، ويناظر العلياء فلم يبن إلا بين منازل النّجوم بيوتا ولم يسبل سوى السّمر سمر القنا حجبا.
نحمده حمد من دعاه قبل بثّ النّسم فلبّى، واستدعاه لأخذ العهد عليه أمام تفريق القسم فما تأبّى، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تستنطق ألسنة وتشكر قلبا، وتستغدق أنواء السّرور فتضيء البشائر بروقا وتمطر الرّحمة سحبا، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي قام في تكثير الأمّة حتى زاد عددها على مواقع القطر وأربى، وقال مما أمر به: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى
«1» صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وعلى أقربائه صلاة تضمّ آلا وصحبا، ما سارت الشّهب تقطع الآفاق شرقا وغربا، وسلّم تسليما.
وبعد، فإنّ أولى ما اشتبك وشيجه، واشتبه في منابت الأيك بهيجه، وانتبه في أرائك الخمائل أريجه، وانتدب لإتيانه الأفق وظهر عليه من ذهب العشاء تمويهه ومن لمع الصّباح تدبيجه- ما اتّبعت فيه الشريعة المطهّرة حيث لا تختلف الأئمّة، والسّنة النبويّة على من سنّها أفضل الصلاة والسّلام فيما تأتلف به البعداء وتكثر لمباهاته الأمم يوم القيامة هذه الأمّة، وتدنو به الأجانب بعضهم من بعض ويجعل بينهم مودّة ورحمة، وتعدّ به أياد جمّة لا(14/355)
تحصر ويخلّد به في العاقبة شرف الذّكر ويتعجّل به شرف النّعمة؛ وهو النّكاح الذي تشتدّ به الأواصر، وتعتدّ به الموارد لتمثيل أكثر الصّور من أزكى العناصر، وتمتدّ به همم الأبطال لما يستخرجه بحفدة أبنائه من أتمّ قوّة وناصر. وأكمله ما تماثلت في أشرف البيوت العريقة وجوه فخاره، وتقابلت في مطالع السّعود- حيث البدر المنير والشّرف الخطير- مشارق شمومه ومطالع أقماره.
وكان الأبوان في أهل الفخار من جرثومة بسقا، وأرومة تفرّقت فروعها ثم تلاقى منها غصنان واعتنقا، من بيت ما حجبه إلا مواضي الصّفاح، ولا شهبه إلا طلائع الأسنّة في رؤوس الرّماح، ولا سحبه إلا ما يفيض على جنباته من النّفوس أو يفيض من السّماح، ولا سجفه إلا المناقب لولا أن الثّريّا جاذبت ما يعرض في السماء أثناء الوشاح؛ وكان هو الرّاغب إلى عمّه، الخاطب إليه ما لم يكن يخبأ إلا لقسمه، الطّامح بنظره إلى عقيلة الفخار في غرفها، الطّامع بخطبة الشّمس شمس النّهار إلا أنها في بيت شرفها، المتوقّع من كرم عمّه الإجابة التي لحظها بأمله، وتولية يد كريمة لا يعتدل الزمان إلا إذا حملت شمسها في بيت حمله، توقّعا لنسل لا يزال به شرف هذا البيت الكريم موجودا، ونسب إذا عدّ ولد منه الآباء عدّ جدّين سعيدين هذا مسعودا وهذا محمودا، فتلقى قصده بإكرام بوّأه أكناف الشّرف، وأوطأه فرش الكرامة ممتّعا بنعيم التّرف، ابتداعا للكرم المألوف، واتّباعا للسّنّة الشّريفة إذ كان الأقربون أولى بالمعروف.
فتباريا جودا سارع كلّ منهما في أداء حقّه إلى الواجب، وتجاريا إليه ليلحقا شأو أبويهما وكلّ منهما يعلم أنه العين والعين لا ترتفع على الحاجب؛ وأتمّ الجناب الشّرفيّ محمود- أدام الله نعمته بحسن إجابته، ويمن رغبته في أهل عصبته، وأهّل جنوده إلى أن ساروا إلى الهيجاء تحت عصابته- بأن فوّض هذا الأمر إلى أخيه الكبير والد الخاطب، وسكت وقال: هو في التّصرف وعنّي المخاطب، وله الأمر ولولا الشّرف بنسبة الأخوّة إليه لما قلنا:(14/356)
إلا أنّنا ملك يده، وإذا كان العمّ صنو الأب فأيّ فرق بين ولدي وولده؟، ولئن اختصّ في نسبة هذه الزّوجة في يومه هذا فإنّ أولادها لا تعرف إلّا به في غده؛ فكمل هذا العقد، وأشرق به السّعد الطالع أضوأ ممّا قدّم وأخّر من النّقد، وكان من تمام التّكريم، أن قال قائله:
بسم الله الرحمن الرحيم.........
وهذه نسخة صداق القاضي تقيّ الدّين؛ وهي:
الحمد لله الذي رفع إلى المنازل العليّة من كان تقيّا، وجمع شمل من لم يبرح لسنن السّنن تابعا وبها حفيّا، وخلع أثواب الثّواب على من سرّح طرف طرفه في روض التّأهّل وجعله وضيّا.
نحمده على نعمه التي من هزّ جذع نخلها تساقط عليه رطبا جنيّا، ونشكره على فضله الذي كم أجرى لقاصده من بحره المعروف سريّا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تمنح قائلها في غرف الجنّة مكانا عليّا، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي آتاه الله الكتاب وجعله نبيّا، الآمر بالنّكاح ليكاثر بهم الأمم يوم يقرّبه الله نجيّا، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين كان يحلّ منهم في حالتي الكرم والكرامات وليّا، ما أطلع التوفيق في آفاق الاتّصال من الأنساب الكريمة كوكبا درّيّا؛ وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن أولى السّنن بالاتباع سنّة النّكاح، التي أخفى نور مصباحها شمس الصّباح، وخفقت على معالمها أعلام النّجاة والنّجاح، وحمد المسير إلى ربوعها الآهلة بأهلّة العصمة في الغدوّ والرّواح؛ يا لها سنّة سنّة وجهها جميلة، وأصابع نيل نيلها بل أياديه جزيلة، بها تحمى أشجار النّسب ويطيب جناها، وتبلغ النفوس من الصّيانة أقصى مناها، ويظفر أولو الرّغبة فيما أحلّ الله بمطلوبهم، وتؤلّف بين من لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألّفت بين(14/357)
قلوبهم؛ وهي الوسيلة التي تكثّر سواد هذه الأمّة، والذّريعة إلى [بقاء] «1» النّوع الذي أظهر الله في سماء التّكريم نجمه، وإليها الإشارة في قوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً
«2» .
ولما كان كذلك رغب في اقتناء آثارها، واهتدى بالضّوء اللّامع من أقمارها، من يتشرف المكان بذكر وصفه، ويتعطر ما انتشر في طيبه من طيب عرفه، ماجد عمر البلاد السّاحليّة بدوام ديمه، وجواد ما جاوره البحر إلا ليقتبس من كرمه، ورئيس امتطى ذروة العلياء بحسن السّلوك، وأريحيّ لو لم يكن صدرا لما أودع سرّ الملوك، إن تكلّم أبرز لك الجوهر المصون، وإن كتب ضحكت لبكاء قلمه ثغور الثّغور والحصون؛ لله نسبه المشهور بين الأكابر الأعيان، وبيته المعمور بالعين المرفوع خبرها إلى فتيان «3» ، فخطب من علا قدرها، واشتهر بالحسن الجميل ذكرها، وجلّت عن أن ترى العيون لها في الصّون شبيها، وعمّت البقاع سحب بركة أبيها؛ أكرم به عالما عاملا، وإماما لم يزل يبدي فضلا ويسدي نائلا؛ كم له من آثار مشهورة، ومناقب مأثورة، وصدقات مبرورة، ومواطن بذكر الله معمورة.
فقوبل بالبشر قول رسوله، وردّ رائده مخبرا ببلوغ سوله، وقيل له بلسان الحال: هذا ما كانت تنتظر الآمال؛ يا له عقدا غلت جواهر عقوده، وأنارت في آفاق الاتّفاق أنجم سعوده، وتمايلت قدود أغصان الأفراح،(14/358)
وزهت مجالس السّرور بالانشراح، وهبّت قبول الإقبال، وقام القلم خطيبا على منبر الطّرس فقال:
هذا ما أصدق.........
وهذه نسخة صداق من إنشاء الشيخ صلاح الدين الصّفديّ، للقاضي بدر الدين خطيب بيت الآثار، على بنت شمس الدّين الخطيب من بيت الآثار، تسمّى سولي، في مستهل جمادى الآخرة سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، في مجلس مولانا قاضي القضاة تقيّ الدين السّبكيّ الشافعيّ، أدام الله أيّامه؛ وهي:
الحمد لله الذي زيّن سماء المعالي ببدرها، وأنبت في رياض السّعادة يانع زهرها، وألهم ذوي الهمم أن يبذلوا في الكرائم غوالي مهرها.
نحمده على نعمه التي جلّلت ما ضفا من لباسها، وسوّغت ما صفا من رضاب كاسها، وخصّنا بما عمّت به من أنواع أجناسها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أعلمنا في الإيمان نصّها بالأداء، وبنى اسمها على الفتح كما فتح المضاف في النّداء، ورفع خبرها: إمّا على رأي الرّواة للشّهرة وإما على رأي النّحاة بالابتداء، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي شرع النّكاح لهذه الأمّة، ومنع السّفاح فلم يكن أمرنا علينا غمّة، ونهج الصّواب فما ظنّك بالصّباح إذا ابتلج عقيب اللّيلة المدلهمّة، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين تلقّوا أوامره بالطاعة، واجتنبوا نواهيه حتّى بلغوا جهد الاستطاعة، وفهموا مراده بمكاثرة الأمم فكان البضاع «1» عندهم خير بضاعة، صلاة رضوانها يضيء إضاءة الكواكب في أبراجها، وغفرانها يكاثر البحار في(14/359)
أعداد موجها، ما اتّصل سبب بالنكاح، وانفصل نسب بالسّفاح، وسلّم تسليما كثيرا إلى يوم الدّين.
وبعد، فإن النّكاح من محاسن هذا الدين القيّم، وفضائل هذا الشّرع الذي لا زال شرفه بدرا بين مشرقات النّجوم وهو مخيّم؛ به يحفظ النّسب الشّرود، ويرعى عهد القرينة الولود الودود.
وكان فلان ممن أشبه أباه، وأبين ما أودعه من نفائس العلوم وحباه؛ تصدّر في المجالس، ودرّس في المدارس، وأورد ما عنده من النّفائس؛ كيف لا؟ وهو سبط شيخ الإسلام وإمام المسلمين، وقاضي قضاة الشّافعيّة وأوحد المجتهدين؛ وقد أراد الآن إحصان فرجه، وأن تنزل الزّهرة مع بدره في برجه.
فلذلك رغب المجلس العالي (المسمّى) وخطب الجهة «1» المصونة المحجّبة، النّقيّة، التّقية، العفيفة، الخاتون «2» غصن الإسلام، شرف(14/360)
الخواتين، جمال ذوات السّتور، قرّة عين الملوك والسلاطين، السّيّدة «سولي» بنت فلان، صان الله حجابها- فأكرم موارد قصده، وحباه أنفس درّة في عقده.
فلذلك قام خطيب هذا الحفل الكريم، والنّجم الذي لم يزل نجمه بالطّالع المستقيم، وقال:
بسم الله الرحمن الرحيم............
قلت: وهذه نسخة صداق زين الدّين صدقة السّيفيّ أزدمر، على بنت أمير المؤمنين «المتوكّل على الله» ، أنشأته له في خلافة أخيها المستعين بالله العبّاسيّ؛ وهي:
الحمد لله مستخرج الدّوحة الهاشميّة من أطيب العناصر، ومفرّع النّبعة العبّاسيّة من أكرم صنو انعقدت على فضله الخناصر، ومخصّص بيت الخلافة منها بأعزّ جانب ذلّت لعزّه عظماء الملوك ما بين متقدّم ومعاصر.
نحمده على أن صان عقائل الخلفاء بمعاقل الحسب، وحصر كفاءتها في العلم والدّين حيث لم يكافآ بحرفة ولا نسب، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي سنّ النّكاح وشرعه، وأرغم بالحلّ أنف الغيرة لدى الإباء وقمعه، شهادة يستنشق من ريّا عبيرها كلّ شذى أريج، وتجتنى ثمار ينعها بشريف النّتاج من كلّ زوج بهيج، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أفضل نبيّ وفر في الفضل سهمه حتى لم يساهم، وأكرم رسول رخّص في تزويج بناته من صحابه وإلا فأين كفء رسول الله من العالم؟، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين شرّفهم بقربه، وقرن الصّهر بالنّسب فيهم فخصّ مصاهرته أخصّهم به، صلاة تصل سبب قائلها بسببه، وتجعل الفخار بها كلمة باقية في عقبه، وسلّم تسليما كثيرا.(14/361)
وبعد، فإنّ أولى ما أطال فيه المطيل، وشحذ في وصفه الذّهن الكليل، ورقمت محاسن ذكره على صفحة النّهار بذائب ذهب الأصيل- ما تواصلت به الأنساب، وتوصّل بواسطته في دراريّ الذّراري إلى شرف الأحساب، وتوفّرت عليه الدّواعي فاشتدّت به الأواصر، وحسنت في طريق قصده المساعي فتأكّدت به المودّة في البواطن والظواهر، وهو النّكاح الذي ندب الله تعالى إلى معاطاته، وحضّ على التّحلّي بحليه حتى ألحقه بالعبادة في بعض حالاته، طلبا للتّحصين الكافل بسلوك نهج الاستقامة، ورغبة في تكثير النّسل الواقع [به] مكاثرة الأمم يوم القيامة.
هذا وكرائم بيت الخلافة، وربائب محتد المجد والإنافة، في حيّز لو طلب مناو مكافأتها لطلب معوزا، أو رام مقاوم مضاهاتها في علوّ الرّتبة لرام معجزا، لما اختصّت به من السّيادة التي لا يرقى إلى منزلتها، والمعالي التي لا تسمو النّفوس وإن شمخت إلى رتبتها، إذ كان النّظير لشرف أرومتها ممتنعا، والنّقيض بما ثبت من طيب جرثومتها مرتفعا؛ فبرق معاليها في التّطاول لا يشام، وجوهر فخارها في المآثر لا يسامى ولا يسام؛ فعزّ بذلك في الوجود مكافيها، وامتنع- خوف الهجوم بالاختطاب- موافيها؛ إلا أن المواقف الشريفة المقدّسة المتوكّلة- زاد الله تعالى في شرفها، وأدام رعايتها بحلّة الملوك وحمايتها وكنفها- مع ما انفردت به من العزّ الشّامخ الذي لا يساوى، والشّرف الباذخ الذي لا يناوى، قد رغب تفضّلها في أهل الفضل فمال إليهم، واختصّ باقباله أهل الدّين فأقبل بكلّيته عليهم، محلّا لهم من شريف مقامه العليّ محلّ الاصطفاء، ومقدّما لهم في المصاهرة على أبناء الملوك والخلفاء، فوافق في الفضل «شنّ طبقة» ، وحاول سارّة النّعم منها خير خاطب فتلقّى بقبول: إنّ الله تصدّق عليكم بصدقة، فعند ذلك ابتدر القلم منبر الطّرس فخطب، وخطب بالمحامد لسانه اللّسن فكتب:
هذا ما أصدق العبد الفقير إلى الله تعالى، الجناب العاليّ، الأميريّ، الكبيريّ، الشّيخيّ، الإماميّ، العالميّ، العامليّ، العابديّ، الخاشعيّ، النّاسكيّ،(14/362)
البليغيّ، المفوّهيّ، الصّدريّ، الرئيسيّ، الأصيليّ، العريقيّ، الزّينيّ، أبو المعالي صدقة- الجهة الشّريفة العالية، الكبرى، المعظمة المحجّبة، المصونة، سليلة الخلافة، فرع الشجرة الزّكيّة، جليلة المصونات، جميلة المحجّبات، سارّة، البكر البالغ، ابنة سيّدنا ومولانا المقام الأشرف، المقدّس، العاليّ، المولويّ، السّيّديّ، الإماميّ، النّبويّ، المتوكّل على الله «أبي عبد الله محمد» أمير المؤمنين، ابن المقام الأشرف العاليّ، المولويّ، الإماميّ، المعتضد بالله «أبي الفتح أبي بكر» ابن الإمام المستكفي بالله «أبي الرّبيع سليمان» ابن الإمام الحاكم بأمر الله «أبي العباس أحمد» لا زال شرفه باذخا، وعرنينه «1» الشّريف شامخا، وذكر مناقبه العليّة لكلّ منقبة ناسخا- صداقا جملته كذا وكذا، زوّجها منه بذلك فلان، وقبله فلان، وتمّ على بركة الله تعالى وحسن توفيقه، كاملة شروطه ولوازمه، مباركة عوذه وتمائمه، ميمونة فواتحه وخواتمه، مفتتحة بطيب العيش أزاهره مفترّة عن [نوره] «2» إن شاء الله تعالى كمائمه.(14/363)
الفصل الخامس من الباب الأوّل من المقالة العاشرة (فيما يكتب عن العلماء وأهل الأدب مما جرت العادة بمراعاة النّثر المسجوع فيه، ومحاولة الفصاحة والبلاغة؛ وفيه طرفان)
الطرف الأوّل (فيما يكتب عن العلماء وأهل الأدب؛ ثم هو على صنفين)
الصنف الأوّل (الإجازات بالفتيا والتّدريس والرّواية وعراضات الكتب ونحوها)
أما الإجازة بالفتيا، فقد جرت العادة أنه إذا تأهّل بعض أهل العلم للفتيا والتّدريس- أن يأذن له شيخه في أن يفتي ويدرّس، ويكتب له بذلك.
وجرت العادة أن يكون ما يكتب في الغالب في قطع عريض، إما في فرخة الشّاميّ أو نحوها من البلديّ، وتكون الكتابة بقلم الرّقاع أسطرا متوالية، بين كلّ سطرين نحو أصبع عريض.
وهذه نسخة إجازة بالفتيا والتّدريس على مذهب الإمام الشافعيّ رضي الله عنه وأرضاه، كتبت لي حين أجازني شيخنا العلّامة سراج الدّين أبو حفص عمر بن أبي الحسن الشهير بابن الملقّن «1» ، سقى الله تعالى عهده،(14/364)
عند قدومه ثغر الإسكندرية، وأنا مقيم به في شهور سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، وكتب لي بذلك القاضي تاج الدّين بن غنوم موقّع الحكم العزيز بالإسكندرية في درج ورق شاميّ في قطع الشاميّ الكامل، وسنّي يومئذ إحدى وعشرون سنة، فضلا من الله ونعمة.
ونسختها بعد البسملة الشريفة:
الحمد لله الذي رفع للعلماء مقدارا، وأجزل نعمه عليهم إذ أعلى لهم منارا، ووفّق بسواء الطّريق من اقتدى بهم إيرادا وإصدارا؛ أشرعت هممهم العليّة في حلبة السّباق فهي لا تجارى، وتحلّوا بالمفاخر جهرا وقد عجز غيرهم أن يتحلّى بها إسرارا؛ أبرز بهم في هالات المفاخر أقمارا، وأزال بضياء علومهم ريب الشّكّ حتّى عاد ليل الجهالة نهارا؛ جعلهم لدينه أنصارا، وصيّرهم نخبة أصفيائه إذ أودعهم من المعارف أسرارا، واختصّهم بكونهم ورثة أنبيائه: وناهيك بها فخارا.
أحمده حمد من هدي إلى الحقّ فجعله شعارا، واستضاء بنور الهدى فلجأ إلى مولاه في حالتي سرّه وجهره افتقارا، وعجز عن شكر ما أسدى إليه من النّعم لمّا توالى عليه وبلها مدرارا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تصديقا وإقرارا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله والأصنام قد عبدت جهارا، والكفّار قد أعرضوا عن الحقّ استكبارا، فقام بأمر الله انتصارا، وقهر من أعرض عن الله اغترارا، وأخمد بضياء نوره الباطل وأهدره إهدارا، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تزيدنا في ديننا استبصارا، وتحطّ عنّا من ثقل الذّنوب أوزارا، وتبوّؤنا إن شاء الله تعالى في دار الخلود قرارا.
أما بعد، فقد وضح لذوي الأبصار والبصائر، واتّضح عند ذوي(14/365)
الأسرار والسّرائر، واستقرّ عند ذوي القلوب السّليمة، والعقول الرّاجحة المستقيمة، أنّ منزلة علم الشّريعة عند الله تعالى أعلى المنازل، وفضله أفضل المآثر وآثر الفضائل، وخصوصا معرفة تفاصيل أحكام أفعال المكلّفين بالشّريعة المحمّديّة، التي من علمها وعمل بها وعلّمها فقد سعد السّعادة الأبدية؛ إذ هي الشريعة الجامعة لمصالح الدّنيا والآخرة، النّاسخة لما خالفها من الشّرائع الغابرة، الباقية إلى أن يأتي وعيد الله وكلّ شريعة سواها داثرة؛ فقد أعظم الله تعالى على من حفظها على عباده المنّة، إذ جعله وقاية لهم من مهالك الجهل وجنّة، ووعده أن ينزل في أعلى منازل الجنّة، لما شهدت به نصوص الكتاب والسّنّة؛ قال الله تعالى لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً
«1» ، فنبّهه على أنّ العلم أقوى أسباب العبادة، إذ خصّه به وحضّه على أن يطلب منه الزّيادة، وقال تعالى: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ
«2» ، فثنّى بذكرهم بعده، لكونهم أفضل الخلائق عنده، وقال تبارك وتعالى اسمه، وتقدّس علمه: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ
«3» ؛ فأوضح بذلك أنّ أولياءه من خلقه العلماء؛ إذ وصفهم وخصّهم بأنهم الخائفون منه الأتقياء. وقال عليه السّلام: «من يرد الله به خيرا يفقّهه في الدّين» ، وقال أيضا: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له طريقا إلى الجنّة» ، وقال أيضا: «ألا إنّ الدّنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه، وعالم ومتعلّم» .
ولما كان فلان- أدام الله تعالى تسديده وتوفيقه، ويسّر إلى الخيرات طريقه- ممّن شبّ ونشأ في طلب العلم والفضيلة، وتخلّق بالأخلاق المرضيّة الجميلة الجليلة، وصحب السّادة من المشايخ والفقهاء، والقادة من الأكابر(14/366)
والفضلاء، واشتغل عليهم بالعلم الشريف اشتغالا يرضي، وإلى نيل السعادة- إن شاء الله تعالى- يفضي- استخار الله تعالى سيّدنا وشيخنا وبركتنا العبد الفقير إلى الله تعالى، الشيخ الإمام العلّامة، الحبر الفهّامة، فريد دهره، ونسيج وحده، جمال العلماء، أوحد الفضلاء، عمدة الفقهاء والصّلحاء، سراج الدّين، مفتي الإسلام والمسلمين، أبو حفص عمر ابن سيدنا العبد الفقير إلى الله تعالى، الشيخ الإمام العالم، العامل، الأوحد، الكامل، القدوة، المرحوم نور الدين أبي الحسن عليّ، ابن سيدنا العبد الفقير إلى الله تعالى، الشيخ الصالح، الزاهد، العابد، الخاشع، الناسك، القدوة، المرحوم شهاب الدّين بركة الصالحين، أبي العبّاس أحمد، ابن سيدنا العبد الفقير إلى الله تعالى، الشيخ الصالح، القدوة العارف، المرحوم، شمس الدّين، أبي عبد الله محمد الأنصاريّ الشافعيّ، أدام الله تعالى النّفع به وببركته، وأشركنا والمسلمين في صالح أدعيته، بمحمد وآله وصحبه وعترته.
وأذن وأجاز لفلان المسمّى فيه، أدام الله تعالى معاليه، أن يدرّس مذهب الإمام المجتهد المطلق العالم الرّبّاني، أبي عبد الله محمد بن إدريس المطّلبيّ، الشافعيّ، رضي الله عنه وأرضاه، وجعل الجنّة متقلّبه ومثواه، وأن يقرأ ما شاء من الكتب المصنّفة فيه، وأن يفيد ذلك لطالبيه، حيث حلّ وأقام، كيف ما شاء متى شاء وأين شاء، وأن يفتي من قصد استفتاءه خطّا ولفظا، على مقتضى مذهبه الشريف المشار إليه: لعلمه بديانته وأمانته، ومعرفته ودرايته، وأهليّته لذلك وكفايته.
فليتلقّ أيده الله تعالى هذه الحلّة الشريفة، وليترقّ بفضل الله تعالى ذروة هذه المرتبة المنيفة، وليعلم قدر ما أنعم الله تعالى عليه، وأسدى من الإحسان الوافر إليه، وليراقبه مراقبة من يعلم اطّلاعه على خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وليعامله معاملة من يتحقّق أنه يعلم ما يخفيه العبد وما يبديه في الورود والصّدور، ولا يستنكف أن يقول فيما لا يعلم: لا أعلم: فذاك(14/367)
قول سعد قائله. وقد جاء: «جنّة العالم «لا أدري» فإن أخطأها أصيبت مقاتله» ؛ فالله تعالى يرزقنا وإياه التّوفيق والتحقيق، ويسلك بنا وبه أقرب طريق، ويهدينا إلى سواء السبيل، فهو حسبنا ونعم الوكيل.
وكتب في تاريخ كذا.
وكتب شيخنا الشيخ سراج الدين المشار إليه تحت ذلك بعد حمد الله تعالى ما صورته:
«ما نسب إليّ في هذه الإجازة المباركة من الإذن لفلان- أدام الله تعالى النّفع به، وأجرى كلّ خير بسببه، بتدريس مذهب الإمام المطّلبيّ، محمد بن إدريس الشافعيّ، قدّس الله روحه، ونوّر ضريحه، والإفتاء به لفظا وخطّا- صحيح. فإنه ممن فاق أقران عصره بذكائه، وبرع عليهم بالاستحضار وتحرير المنقول ووفائه.
وقد اعتنى وفّقه الله تعالى وإيّاي من جملة محفوظاته ب «مختصر الجوامع» لشيخنا العلّامة كمال الدّين النشائيّ، تغمده الله تعالى بغفرانه، فاستحضر بحضرتي مواضع منه جمّة، وأزال ببديع فصاحته جملة مدلهمّة، وأظهر من مشكلاته ما يعجز عنه اللبيب، ومن أغاريبه ما يقف عنده البارع الأريب.
فليتّق الله حينئذ فيما يبديه، وليتحرّ الصواب في لفظه وخطّه وليراقب الله فيه؛ فإنه موقّع عن الله تعالى فليحذر الزّلل، ومحاولة الخطإ والخطل، ويستحضر ما اشتملت عليه من الجلالة، فإن الله تعالى تولّاها بنفسه حيث قال: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ
«1» .
وأجزت له مع ذلك أن يروي عنّي مالي من التآليف، ومنها «جامع الجوامع» أعان الله على إكماله، وكذا شرح «صحيح الإمام أبي عبد الله(14/368)
محمد بن إسماعيل البخاريّ» ، ومنها «البدر المنير، في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشّرح الكبير» للإمام أبي القاسم الرّافعيّ، وبه تكمل معرفة الفقيه ويصير محدّثا فقيها.
وأجزت له مع ذلك ما جاز لي وعنّي روايته بشرطه عند أهله، زاده الله وإيّاي من فضله؛ ومنها الكتب الستة: «البخاريّ» و «مسلم» و «أبو داود» و «التّرمذيّ» و «النّسائيّ» و «ابن ماجه» ، والمسانيد: «مسند أحمد» و «مسند الشافعي» وغير ذلك.
وكان ذلك في تاريخ كذا. وكتب عمر بن عليّ بن أحمد الأنصاريّ الشّافعيّ، غفر الله لهم: حامدا ومصلّيا ومسلّما وأشهد عليه جماعة من أهل العلم بآخره» .
قلت: وتكون ألقاب المجاز على قدر رتبته، مثل أن يكتب له: «الفقير إلى الله تعالى، الشيخ، الإمام، العالم العامل، الأوحد، الفاضل، المفيد، البارع، علم المفيدين، رحلة القاصدين، فلان الدين، أبو فلان فلان بن فلان» (بحسب رتب آبائه) . وإنما أهملت ذكر الألقاب في هذه الإجازة، من حيث إنه لا يليق بأحد أن يذكر ألقاب نفسه في مصنّف له، لأنه يصير كأنّه أثنى على نفسه.
وأمّا الإجازة بعراضة الكتب، فقد جرت العادة أن بعض الطّلبة إذا حفظ كتابا في الفقه، أو أصول الفقه، أو النّحو، أو غير ذلك من الفنون، يعرضه على مشايخ العصر، فيقطع الشيخ المعروض عليه ذلك الكتاب، ويفتح منه أبوابا ومواضع، يستقرئه إيّاها من أيّ مكان اتّفق، فإن مضى فيها من غير توقّف ولا تلعثم، استدلّ بحفظه تلك المواضع على حفظه لجميع الكتاب، وكتب له بذلك كلّ من عرض عليه، في ورق مربّع صغير، يأتي كلّ منهم بقدر ما عنده من الملكة في الإنشاء، وما يناسب ذلك المقام من براعة الاستهلال ونحوها: فمن عال، ومن هابط. وربّما خفّف بعضهم فكتب:(14/369)
«وكذلك عرض عليّ فلان» ، أو: «عرض عليّ وكتبه فلان» : إما رياسة وتأبّيا عن شغل فكره وكدّ نفسه فيما يكتبه، وإما عجزا عن مضاهاة من يكتب معه.
وقد اخترت أن أضع في هذا المحلّ ما وافق الصنعة، وجرى على أسلوب البلاغة.
فمن ذلك ما كتب به الشيخ الإمام العلّامة، لسان العرب، وحجّة الأدب، بدر الدين محمد بن أبي بكر المخزوميّ المالكيّ «1» للنّجل النبيل الذي تنتهي الألقاب ولا نهاية لمناقبه، شهاب الدّين أبي العباس أحمد ابن سيدنا الفقير إلى الله تعالى، ذي الأوصاف التي تكلّ شبا الألسن عن حدّها، شمس الدّين أبي عبد الله محمد العمريّ الشافعي، حين عرض عليه «عمدة الأحكام» «2» للحافظ عبد الغنيّ، و «شذور الذّهب» للشيخ جمال الدّين بن هشام، في رمضان سنة سبع عشرة وثمانمائة؛ وهو:
أما بعد حمد الله على كرمه الذي هو عمدتنا في النّجاة يوم العرض وناهيك بها عمدة، وسندنا الذي لا يزال لسان الذّوق يروي حديث حلاوته عن «صفوان بن عسّال» من طريق «شهدة» «3» والصلاة والسّلام على سيدنا محمد الذي أحيا بروح سنّته الشريفة كلّ من جاء ومن ذهب، وأعربت كلماته النّفيسة عن عقود الجوهر و «شذور الذّهب» وعلى آله وصحبه الذين(14/370)
أحسنوا الرواية والدّراية، وبنوا الأمر على أساس التقوى وأعربوا عن طرق الهداية، ما انهلّ من أفق الكرم المحمديّ كلّ عارض صيّب، وتحلّت الاسماع والأفواه من أخباره بنفائس الشّذور البديعة وحلاوة الكلم الطّيّب- فقد عرض عليّ الجناب العاليّ البارعيّ، الأوحديّ، الألمعيّ، اللّوذعيّ، الشّهابيّ، شهاب الدين، نخبة النّجباء، أوحد الألبّاء، نجل السّادة العظماء، سلالة الأعيان العلماء، أبو العبّاس أحمد ابن سيدنا المقرّ الكريم العاليّ، المولويّ، العالميّ، الفاضليّ، البليغيّ، المفيديّ، الفريديّ، المفوّهيّ، الشّمسيّ، العمريّ، أطاب الله حديثه، وجمع له بالإعراب عن علوّ الهمّة قديم الفضل وحديثه- طائفة متفرّقة من «عمدة الأحكام» للحافظ عبد الغنيّ المقدسيّ، و «شذور الذّهب» للعلامة جمال الدّين بن هشام رحمة الله عليهما- عرضا قصرت دونه القرائح على طول جهدها، وكانت الألفاظ الموردة فيه لأمة حرب الفئة الباغية عليه فأحسن عند العرض في سردها، وزيّن- أبقاه الله- تلك الأماكن بطيّب لحنه وإعراب لفظه، وآذن امتحانه فيها بأنّ جواهر الكتابين قد حصلت بمجموعها في خزانة حفظه.
فحبّذا هو من حافظ روى حديث فضله عاليا، وتلا على الأسماع ما اقتضى تقديمه على الأقران فلله درّه مقدّما وتاليا، وسار في حكم العرض على أعدل طريق وناهيك بالسّيرة العمريّة، وصان منطقه عن خلل المعاني وكيف لا؟ وقد تمسّك بطريقة والده وهي «المقدّمة الشّمسيّة» ، وسابق أقرانه فكانت له زبدة التّفضيل في حلبة السّباق، وطابق بين رفع شأنه وخفض شانيه ولا ينكر لمن هو من هذا البيت حسن الطّباق، واشتغل فلم يقع التنازع في حسن دخوله من باب الاشتغال، ونصب فكره لتحصيل العلم فتعيّن تمييزه على كلّ حال، وتوقّدت نار ذهنه فتلظّى حاسده بالالتهاب، ورويت أحاديثه بالغة في العلوّ إلى سماء الفضل ولا بدع إذا رويت أحاديث الشّهاب، وافتخر من والده بالفاضل الذي ارتفع في ديوان الإنشاء خبره، وهزّ المعاطف بتوقيعه الذي لا يزال يحرّره ويحبّره، ووشّى المهارق فكأنّما هي رياض قد غرّد فيها(14/371)
بسجعه، ونحاها بإنشائه الذي هو عمدة المتأدّبين فلا عجب في رفعه، ونظم ببيانه نفائس الدّرر ففدتها بالعين «صحاح الجوهريّ» ، وفتح بجيش بلاغته معاقل المعاني الممتنعة وحسبك بالفتح العمريّ:
بيانه السّحر قد أخفى معاقده ... لكن أرانا لسرّ الفضل إنشاء
إذا أراد أدار الرّاح منطقه ... نظما ويطربنا بالنّثر إن شاء!
والله تعالى يبهج نفسه بما يصبح به الحاسد وهو مكمد، ويقرّ عينه بهذا الولد النّجيب حتى لا يبرح يقول: أشكر الله وأحمد، بمحمد وآله.
ومن ذلك ما كتب به الشيخ شمس الدّين محمد بن عبد الدائم، لولدي نجم الدّين أبي الفتح محمد، حين عرض عليه «المنهاج» في الفقه للنّوويّ، في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة؛ وهو:
الحمد لله الذي أوضح بنجم الدّين منهاج الفقه وأناره، وأفصح لسانه بكتاب من عند الله وأثاره، فسطعت أنوار شهابه لمن استنبطه وأثاره- من يرد الله به خيرا يفقّهه في الدّين ويرفع مناره- والصلاة والسّلام على سيدنا محمد المخصوص بعموم الرّسالة، والمنصوص فضله بجميع أنواع الدّلالة، وعلى آله وصحبه نجوم الهدى، وشهب التّأسّي والاقتدا.
وبعد، فقد عرض عليّ الفقيه الفاضل نجل الأفاضل، وسليل الأماثل، ذو الهمّة العليّة، والفطنة الذّكيّة، والفطرة الزّكية، نجم الدّين، أبو عبد الله محمد بن فلان: نفع الله به كما نفع بوالده، وجمع له بين طارف العلم وتالده- مواضع متعدّدة من «المنهاج» في فقه الإمام الشافعيّ المطّلبيّ- رضي الله عنه وعنّا به- تأليف الحبر العلّامة وليّ الله أبي زكريا بن شرف بن مري النّوويّ، سقى الله تعالى ثراه، وجعل الجنّة مأواه، دلّ حفظه لها على(14/372)
حفظ الكتاب، كما فتح الله له مناهج الخير دقّه وجلّه، وكان العرض في يوم كذا.
وكتب علّامة العصر الشيخ عزّ الدّين بن جماعة «1» ما صورته:
كذلك عرض عليّ المذكور باطنها عرضا حسنا، محرّرا مهذّبا مجادا متقنا؛ عرض من أتقن حفظه، وزيّن بحسن الأداء لفظه، وأجزل له من عين العناية حظّه، مرّ فيه مرور الهملاج الوساع «2» ، في فسيح ذي السّباع. وقد دلّني ذلك منه- نفعه الله تعالى ونفع به، ووصل أسباب الخير بسببه، على علوّ همّته، ووفور أريحيّته، وتوقّد فكرته، واتّقاد فطنته؛ وأصله في ذلك كلّه عريق:
سجيّة تلك منهم غير محدثة ... إنّ الخلائق- فاعلم- شرّها البدع!
وقد أذنت له أن يروي عنّي الكتاب المذكور، وجميع ما يجوز لي وعنّي روايته من مصنّفاتي وغيرها من منظوم ومنثور، ومنقول ومعقول ومأثور، بشرطه المعتبر، عند أهل الأثر. وكتب فلان في تاريخ كذا.
ومن ذلك ما كتبته لمن اسمه «محمد» ولقبه «شمس الدين» من أبناء بعض الإخوان: وقد عرض عليّ «الأربعين حديثا» للشيخ محيي الدّين النّوويّ رحمه الله، و «الورقات» في الأصول لإمام الحرمين، و «اللّمحة(14/373)
البدريّة» في النّحو للشيخ أثير الدّين أبي حيّان دفعة واحدة، وهو لدون عشر سنين؛ وهو:
الحمد لله الذي أطلع من دراريّ الأفاضل في أفق النّجابة شمسا، وأظهر من أفاضل الذّراري ما يغضّ به المخالف طرفا ويرفع به المحالف رأسا، وألحق بالأصل الكريم فرعه في النجابة فطاب جنّى وأعرق أصلا وزكا غرسا، وأبرز من ذوي الفطر السليمة من فاق بذكائه الأقران فأدرك العربيّة في لمحة، وسما بفهمه الثاقب على الأمثال فأمسى وفهم «الورقات» لديه كالصّفحة، وخرق بكرم بدايته العادة فجاز الأربعين لدون العشر وأتى على ذلك بما يشهد له بالصّحّة، والصلاة والسّلام على سيدنا محمد الذي عمّت بركة اسمه الشريف سميّه ففاز منها بأوفر نصيب، وخصّ بإلهام التّسمية به أولو الفضل والنّهى فما سمّي به إلا نجيب، وعلى آله وصحبه الذين أينعت بهم روضة العلم وأزهرت، وأورقت شجرة المعارف وأثمرت.
وبعد، فقد عرض عليّ فلان مواضع من كتاب كذا وكتاب كذا، فمرّ فيها مرور الصّبا، وجرى في ميدانها جري الجواد فما حاد عن سنن الطريق ولا كبا «1» .
وأما الإجازة بالمرويّات على الاستدعاءات:- فمن ذلك ما كتب به الشّيخ صلاح الدين الصّفديّ رحمه الله على استدعاء كتب له به القاضي شهاب الدين أحمد الحنبلي خطيب بيت الآلهة، وكاتب الدّست بالشّأم، يطلب منه فيه الإجازة لنفسه؛ وهو:
الحمد لله الذي إذا دعي أجاب، وإذا أنعم على الأديب بذوق أتى في نظمه ونثره بالعجاب، وإذا وهب البليغ فطرة سليمة لم يكن على حجاه حجاب.(14/374)
نحمده على نعمه التي منها البلاغة، وأتقان ما لصناعة الإنشاء من حسن الصّياغة، وصيد أوابد المعاني التي من أعمل فكره في اقتناصها أو روّى [أمن] «1» رواغه، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة فطر الضمير على إخلاصها، وجبل الفكر على افتناء أدلّتها القاطعة واقتناصها، وجعلت وقاية لقائلها يوم يضيق على الخلائق فسيح عراصها، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أفصح من نطق بهذا اللسان، وجاء من هذه اللغة العربيّة بالنّكت الحسان، وحثّ على الخير وحضّ على الإحسان، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين رووا أقواله، وبلّغوا لمن لم يره سننه وأفعاله، وعلموا أنّ هذه الشّرعة المطهّرة أذخرها الله تعالى له فلم تكن تصلح إلا له، صلاة هامية الغفران، نامية الرّضوان، ما أجاب مجيب لمن استدعى، وعملت إنّ في المبتدإ نصبا ولم تغيّر على الخبر رفعا، وسلّم تسليما كثيرا إلى يوم الدّين.
وبعد، فإن [علم] «2» الرّواية من محاسن الإسلام، وخصائص الفضلاء الذين تخفق لهم ذوائب الطروس وتنتصب رماح الأقلام، ولم تزل رغبة السّلف تتوفّر عليه، وتشير أنامل إرشادهم للأنام بالحثّ إليه. قيل للإمام أحمد بن حنبل- رضي الله عنه- ما يشتهي؟ فقال: سند عال، وبيت خال.
وما برح الأئمّة الكبار يرتحلون إلى أقاصي الأقاليم في طلبه، ويتحملون المشاقّ والمتاعب فيه ويتجمّلون بسببه؛ فقد ارتحل الإمام الشافعيّ رضي الله عنه وغيره إلى عبد الرّزّاق باليمن، وكان فيمن أخذ عنه ممن هو أحقّ بالتفضيل عليه قمن؛ ولكنه فنّ يحتاج إلى ذوق يعاضد من لا يعانده، وأمر لا يصبر عنه من ألفه وما يعلم الشّوق إلا من يكابده؛ فما عند من طلب الرواية أجلّ من أبناء جنسه، ولا عند المفيد المفيد أحلى من قوله: حدّثنا فلان أو انشدنا فلان لنفسه، ولكن:(14/375)
ما كلّ من طلب المعالي نافذا ... فيها ولا كلّ الرّجال فحولا!
ولما كان الشيخ الإمام شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد ابن الشيخ ...
.... ممّن نظم فودّت الدّرر في أفلاكه لو اتّسقت، وكتب فرقم الطّروس ووشّاها، وغشّاها من زهرات الرّياض ما غشّاها، وحلّ المترجم فسحر عقل كلّ لبيب وخلب لبّه، ووقع على القصد فيه فكأنّه شيء من الغيب خصّ الله به قلبه، وأتى فيه ببدائع ما تساوى ابن الصّيرفيّ ولا ابن [نباتة] «1» عندها بحبّة، وخطب فصدع القلوب، وأجرى ذنوب المدامع من أهل الذّنوب، وحذّر فكانت أسجاعه كألحان إسحاق وسامعه يبكي بأجفان يعقوب؛ كأنّما هو في حلّة الخطابة بدر في غمامة، أو منبره غصن وهو فوقه حمامة، أو بحر وفضائله مثل أمواجه ودرّه يحكي كلامه؛ لو رآه «ابن نباتة» ما أورقت بالفصاحة أعواده، أو «ابن المنيّر» ما رقمت بالبلاغة أبراده، أو «ابن تيميّة» ما حظيت بالجدود أجداده؛ فأراد أن يشرّف قدري، ويعرّف نكري، فطلب الإجازة مني وأنا أحقّ بالأخذ عنه، واستدعى ذلك منّي: وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
فنعم قد استخرت الله تعالى وأجزت له ما يجوز لي تسميعه، وذكرت هنا شيئا من مرويّاتي وأشياخي رحمهم الله وذكرت مصنّفاتي:
إجازة قاصر عن كلّ شيء ... يسير من الرّواية في مفازه:
لمن ملك الفضائل واقتناها ... وجاز مدى العلى سبقا وحازه!
ومن ذلك ما كتب به الشيخ العلّامة شمس الدّين محمد بن الصائغ «2» على استدعاء لبعض من سأله الإجازة:(14/376)
أقول بعد حمد الله الذي لا يخيّب من استجدى كرمه، ولا يخيب من استدعى نعمه، والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه وخدمه وما اسود مدمه «1» :
أثرت الجوى بي إذ أردت جوابي ... وعظّمت خطبي إذ قصدت خطابي:
ومن أنا في الدّنيا أجيب ومن أنا! ... أجيز؟ مضى الأشياخ تحت تراب!
عجيب لطلّاب لدينا تخلّفوا ... وكم قد أتانا دهرنا بعجاب!
نحن إلى الموبلحة أمر ناي ... عربناه بالعذيب عذاب «2» (؟)
يا أخانا: إنّ بضاعتنا في العلم مزجاة، وصناعتنا في الوقت مرجاة، ونسيم أخباره عليل، وأدب إخباره قليل، وتصانيفي وجوه أكثرها مسودّة، وآمالي في تبييضها لقصر الهمم ممتدّة؛ سئلت قديما من بعض الفضلاء أن أعدّها، فكتبت فيها رسالة لا أعرف لصقل الأذهان حدّها؛ ومنّ الله بعد ذلك بتصانيف أخر، ومقاطيع إن لم تكن كالزّهر فهي كالزّهر؛ ثم عدّد نيّفا وثلاثين مصنّفا، منها «مجمع الفرائد» في ستّ «3» عشرة مجلّدة. ثم أنشد في آخر ذلك:
ولقد شرّفت قدري ... بنفيس من هدايا:
بنظام شنّف السّمع ... بدرّ كالثّنايا
فارو منّي وارو عنّي ... واغن عن شدّ المطايا
وانتق الفضل وحصّل، ... واحظ منّي بمزايا
وتحرّ الصّدق واعلم ... أنه خير الوصايا!!!
أجزت لك أن تروي هذه وغيرها عنّي، ولك الفضل في قبول ذلك منّي.(14/377)
الصنف الثاني (التّقريضات التي تكتب على المصنّفات المصنّفة والقصائد المنظومة)
قد جرت العادة أنه إذا صنّف في فنّ من الفنون أو نظم شاعر قصيدة فأجاد فيها أو نحو ذلك، أن يكتب له أهل تلك الصناعة على كتابه أو قصيدته بالتّقريض والمدح، ويأتي كلّ منهم بما في وسعه من البلاغة في ذلك.
فمن ذلك ما كتب به الشيخ صلاح الدين الصّفديّ على مصنّف وضعه الشيخ تاج الدّين عليّ بن الدّرهم الموصليّ الشافعيّ في الاستدلال على أن البسملة من أوّل الفاتحة؛ وهي:
وقفت على هذا التصنيف الذي وضعه هذا العلّامة، ونشر به في المذهب الشافعيّ أعلامه، وأصبح ونسبته إليه أشهر علم وأبهر علامة؛ فأقسم ما سام الرّوض حدائقه، ولا شام أبو شامة بوارقه، كلّ الأئمة تعترف بما فيه من الأدلّة، وكلّ التصانيف تقول أمامه: بسم الله؛ كم فيه من دليل لا يعارض بما ينقضه، وكم فيه من حجّة يكلّ عنها الخصم لأنّ عقله على محكّ النّقد يعرضه؛ قد أيّد ما ادّعاه بالحديث والأثر، ونقل مذهب كلّ إمام سبق وما عثر؛ لقد سرّ الشافعيّ بنصّ قوله الذي هذّبه، وجعل أعلام مذهبه مذهبة، وأتى فيه بنكت تطرب من أسرار الحرف، وفوائد عرف بها ما بين ابن الدّرهم وبين البوني من البون في تفاوت الصّرف:
أكرم به مصنّفا ... فاق تصانيف الورى!
ليل المداد فيه ... بالمعنى المنير أقمرا!
كم فيه برد حجّة ... قد حاكه محرّرا،
وكم دليل سيفه ... إذا التقى خصما فرى
فلم يكن من بعده ... مخالف قطّ يرى!!
ومن ذلك ما كتب به المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله على قصيدة ميميّة،(14/378)
للشيخ غرس الدّين خليل الصّفديّ المعروف بالصّلاح الصّفديّ، مدح بها الأمير سيف الدين ألجاي الدّوادار النّاصريّ، في شهور سنة تسع وعشرين وسبعمائة؛ وهي:
وقفت على هذه القصيدة التي أشرقت معانيها فكادت ترى، وتمكّنت قوافيها فاستمسك بها الأدب لمّا كانت الميمات فيها كالعرا، فوجدتها مشتملة من البلاغة بوزنها على البحر المحيط، لطيفة لا تقاس بأمثالها من الكلام المركّب لأنها من البسيط، فنظرت إليها مكتسبا من بيانها سحر الحدق، متعجّبا من منشئها لغرس يسرع الإثمار في الورق، ثم فطنت إلى أنّ الممدوح بها أعزّه الله تعالى سحّت ديمه فروّضت الطروس، وبرّحت مناقبه بما كان مصونا في أخبية النّفوس؛ وقد استوجب هذا المادح عطّف الله تعالى قلبه عليه من منائحه حظّا جزيلا، وحبّا يقول به لمن قصد المساواة به: لو كنت متّخذا خليلا لا تخذت فلانا خليلا:
مدبّر الملك له على العلى مقاعد ... تهوي إلى جنابه القصّاد والقصائد!
قلت: وكتبت على قصيدة نظمها شرف الدّين عيسى بن حجّاج الشاعر المعروف بالعالية «1» ، مدح بها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وضمّنها أنواع البديع، ضاهى بها بديعيّة الصّفيّ الحلّيّ، في شهور سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، ما صورته:
أما بعد حمد الله الذي أحلّ سحر البيان، وأقدر أهل البلاغة من بديع التّخيّل على ما يشهد بصحّته العيان، وذلّل برائض أفكارهم صعاب الألفاظ(14/379)
فامتطوا من متون أحاسنها الجياد، وأوضح لهم طرق الفصاحة فغدت لديهم- بحمد الله تعالى- سهلة القياد، وأحيى ميّت الأدب بروح الأنفاس العيسويّة وعمّر بأنسها ربوعه الخالية، وحمى نفس الفضل في رقعة المساجلة أن تصل إليه فرازنة «1» الدّعاوى ولا غرو أنّ حماها العالية، والصّلاة على رسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم أفصح من نطق بالضّاد، وأوتي جوامع الكلم فلن تحصر معاني كلامه الأعداد- فإنّي وقفت على البديعيّة البديعة التي نظمها الفاضل الأرفع، واللّوذعيّ المصقع، أديب الزّمان، وشاعر الأوان، شرف الدّين أبو الرّوح عيسى العالية- أعلى الله تعالى منار أدبه ورفعه على مناويه، وبلغ به من قصب السّبق ما يمتنع أن يراه على البعد مضاهيه- فألفيتها الدّرّة الثمينة غير أنها لا تسام، والخريدة «2» المخدّرة إلا أنها لا يليق بها الاحتشام:
تروم احتشاما ستر لألاء وجهها! ... ومن ذا لذات الحسن يخفي ويستر؟
قد اتّخذت من الاحتشام معقلا وحصنا لا يغشى، وانتبذت من حسّادها مكانا قصيّا فلا تخاف دركا ولا تخشى:
ولم أدر- والألفاظ منها شريفة- ... إلى البدر تسمو أم إلى الشّمس ترتقي؟
أراد المدّعي بلوغ شأوها الجري في مضمارها فقيل: كلّا، ورام الملحد في آياتها الغضّ منها عنادا فأبى الله إلّا:
ما إن لها في الفضل مثل كائن! ... وبيانها أحلى البيان وأمثل!
فأمسوا في معارضتها غير طامعين، وتلت عليهم آيات بلاغتها:
فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ
«3» :(14/380)
كم جدّلت يوم الوغى من جندل ... صاحت به فما أطاق تصبّرا!
وكيف لا تخضع لها الأعناق، وتذلّ لها رقاب الشّعراء على الإطلاق، وهي اليتيمة التي أعقمت الأفهام عن مثلها، والفريدة التي اعترف كلّ طويل النّجاد بالقصور عن وصلها:
زادت على، من ذا يطيق وصالها؟ ... ومحلّها منه الثّريّا أقرب!
وأنّى بذلك وقد أخذت من المحاسن بزمامها، وأحاطت من الطّلاوة بكمامها، وأحدقت رياض الأدب بحدائقها، واقتطفت من أفنان الفنون ثمار معان تلذّ لناظرها وتحلو لذائقها؟:
ولا تعر غيرها سمعا ولا نظرا ... في طلعة الشّمس ما يغنيك عن زحل
وتصرّفت في جميع العلوم وإن كانت على البديع مقصورة، وشرفت بشرف متعلّقها فأصبحت بالشرف مشهورة:
أهانت الدّرّ حتّى ماله ثمن، ... وأرخصت قيمة الأمثال والخطبا!
لا جرم أضحت أمّ القصائد وكعبة القصّاد، ومحطّ الرّحال ومنهل الورّاد، فأربت في الشّهرة على «المثل السائر» ، واعترف بفضلها جزالة البادي وسهولة الحاضر:
فللأ فاضل في عليائها سمر ... إنّ الحديث عن العلياء أسمار!
فأعجب بها من بادرة جمعت بين متضادّين سمر وسمر، وقرنت بين متباعدين زهر وزهر، وجادت بمستنزهين روض ونهر، وتفنّنت في أساليب الكلام وجالت، وطاوعتها يد المقال فقالت وطالت، ودعت فرسان العربيّة إلى المبارزة فنكسوا، وتحقّق المفلقون العجز عن مؤاخاتها ولو حرصوا:
فأعرب عن كلّ المعاني فصيحها ... بما عجزت عنه نزار ويعرب!
إن ذكرت ألفاظها فما الدّرّ المنثور؟ أو جليت معانيها أخجلت الرّوض(14/381)
الممطور، أو اعتبر تحرير وزنها فاق الذّهب تحريرا، أو قوبلت قوافيها بغيرها زكت توفيرا وسمت توقيرا، أو تغزّلت أسكتت الورق في الأغصان، أو امتدحت قفت إثر «كعب» وسلكت سبيل «حسّان» ؛ فإطنابها- لفصاحتها- لا يعدّ إطنابا، وإيجازها- لبلاغتها- يمدّ على المعاني من حسن السّبك أطنابا:
أبن لي مغزاها أخا الفهم إنّها ... إلى الفضل تعزى أو إلى المجد تنسب؟
هذا وبراعة مطلعها تحثّ على سماع باقيها شغفا، وبديع مخلصها يسترق الأسماع لطافة ويسترقّ القلوب كلفا، وحسن اختتامها تكاد النّفوس لحلاوة مقطعه تذوب عليها أسفا:
لها من براهين البيان شواهد ... إذ الفضل ورد والمعالي موارد!
وبالجملة فمآثرها الجميلة لا تحصى، وجمائلها المأثورة لا تعدّ ولا تستقصى؛ فكأنّما «قسّ بن ساعدة» يأتمّ بفصاحتها، و «ابن المقفّع» يهتدي بهديها ويروي عن بلاغتها، «وامرؤ القيس» يقتبس من صنعة شعرها، و «الأعشى» يستضيء بطلعة بدرها؛ فلو رآها «جرير» لرأى أنّ نظمه جريرة اقترفها، أو سمعها «الفرزدق» لعرف فضلها وتحقق شرفها، أو بصربها «حبيب بن أوس» لأحبّ أن يكون من رواتها، أو اطّلع عليها «المتنبّي» لتحيّر بين جميل ذاتها وحسن أدواتها:
فللبصائر هاد من فضائلها ... يهدي أولي الفضل إن ضلّوا وإن حاروا
ولا نطيل فمبلغ القول فيها أنّ آيتها المحكمة ناسخة لما قبلها، وبرهانها القاطع قاض بأن لا تسمح قريحة أن تنسج على منوالها ولا يطمع شاعر أن يسلك سبلها:
وآيتها الكبرى التي دلّ فضلها ... على أنّ من لم يشهد الفضل جاحد!(14/382)
الطرف الثاني (فيما يكتب عن القضاة؛ وهو على أربعة أصناف)
الصنف الأوّل (التقاليد الحكميّة؛ وهي على مرتبتين)
المرتبة الأولى (أن تفتتح بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» )
ثم يقال: «أما بعد» ثم يقال: «ولمّا علمنا من حال فلان الفلانيّ كذا وكذا، استخرنا الله تعالى وفوّضنا إليه كذا وكذا، فليباشر ذلك» ويوص بما يناسب. ثم يقال: «هذا عهدنا إليك، وحجّتنا عند الله عليك، فاعلم هذا واعمل به، وكتب ذلك عن الإذن الفلانيّ» .
وهذه نسخة تقليد:
الحمد لله الوليّ الحميد، الفعّال لما يريد، نحمده على ما أولانا من إحسانه فهو المولى ونحن العبيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة توصّلنا إلى جنّة نعيمها مقيم، وتقينا من نار عذابها شديد أليم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبيّ الكريم، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه المشتملين على الطاعة والقلب السّليم، وسلّم تسليما كثيرا.
أما بعد، فإن مرتبة الحكم لا تعطى إلّا لأهلها، والأقضية لا ينصب لها إلّا من هو كفء لها، ومن هو متّصف بصفات الأمانة والصّيانة، والعفّة والدّيانة؛ فمن هذه صفته استحقّ أن يوجّه ويستخدم، ويترقّى ويتقدّم.
ولمّا علمنا من حال فلان الفلانيّ الأوصاف الحميدة، والأفعال السّديدة، فإنه قد حوى المعرفة والعلوم، والاصطلاح والرّسوم، وجمعت فيه خصال حملتنا على استنابته، وقوّتنا على نيابته- استخرنا الله تعالى وفوّضنا إليه كذا وكذا.
فليباشر ذلك متمسكا بحبل الله المتين، إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ(14/383)
لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ
«1» وليجتهد في إقامة الدّين وفصل الخصومات، وفي النّظر في ذوي العدالات والتّلبس بالشهادات وإقامة البيّنات؛ فمن كان من أهل العدالة نزها، وإلى الحقّ متوجّها، فليراعه ويقدّمه على أقرانه، ومن كان منهم خلاف ذلك فليقصه ويطالعنا بحاله. ولينظر في أمر الجوامع والمساجد ويفعل في ذلك الأفعال المرضيّة، وفي أموال الأيتام يصرف منها اللّوازم الشّرعية؛ فمن بلغ منهم رشيدا أسلم إليه ما عساه يفضل له منها، ويقرّر الفروض، ويزوّج الخاليات من الأزواج والعدد والأولياء، من الأزواج الأكفاء، ويندب لذلك من يعلم ديانته، ويتحقّق أمانته، ويتخيّر لكتابة الصّكوك من لا يرتاب بصحّته، ولا يشكّ في ديانته وخبرته، وينظر في أمر المتصرّفين، ومن عنده من المستخدمين؛ فمن كان منهم على الطريقة الحميدة فليجره على عادته، وليبقه على خدمته، ومن كان منهم بخلاف ذلك فليستبدل به وليقصه.
هذا عهدي إليك، وحجّتي غدا عند الله عليك؛ فاعلم هذا واعمل به.
وكتب ذلك عن الإذن الكريم الفلانيّ، وهو في محلّ ولايته وحكمه وقضائه، وهو نافذ القضاء والحكم ماضيهما، في التاريخ الفلانيّ. (ثم يكتب الحاكم علامته والتاريخ) وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وهذه نسخة تقليد:
الحمد لله الحكم العدل الهادي عباده صراطا مستقيما، الحاكم الذي لا يظلم مثقال ذرّة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما، المثيب من قدّم له الطاعة من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال، الرّقيب على ما يصدر من أفعالهم فلا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مردّ له وما لهم من دونه من وال.(14/384)
أحمده على نعمه التي تنشيء السّحاب الثّقال، وأستعيذه من نقمه التي يرسلها فيصيب بها من يشاء من عباده وهو شديد المحال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تفيد المخلص بها في الإقرار النّجاة يوم المآل، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي نعته بأكرم الشّيم وأشرف الخصال، وعرّفه بما يجب من عبوديّته فقال: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ
«1» ، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين اتّبعوه في الأقوال والأفعال، وسلّم تسليما كثيرا.
أما بعد، فإن من حسنت سريرته، وحمدت سيرته، وعرف بورع وشهر بعفاف، وديانة وخير وإنصاف، وأضحى نزه النّفس عن الأمور الدّنيّة، فقيها دربا بالأحكام الشّرعية، عارفا بالأوضاع المرضية- استحقّ أن يوجّه ويستخدم، ويرقّى ويتقدّم.
ولمّا علمنا من حال فلان الفلانيّ من الأوصاف الحميدة، والأفعال السّديدة- استخرنا الله تعالى وفوّضنا إليه كذا وكذا.
فليكن متمسّكا معتصما بحبل الله القويّ المتين، إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ
«2» وليباشر ما قلّدناه- أعانه الله سبحانه وتعالى- ويراع حقوق الله تعالى في السّرّ والعلانية: فإنّه معين من استعان به وتوكّل عليه، وهادي من استرشده وفوّض أموره إليه.
وليجتهد في فصل الأحكام بين المتنازعين، والمساواة في العدل بين المتحاكمين؛ قال الله تعالى: وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ
«3» .(14/385)
وأن يثبت في الخصومات، ويفرق بين الحقائق والشّبهات، وينصف كلّ ظالم من ظالمه بالشّريعة المحمّديّة، ليكون ذلك سببا للسعادة الأبديّة، وينظر في أمر الشهود: فمن كان منهم نزها، وإلى الحقّ متوجّها، فليراعه، ومن كان منهم غير ذلك طالعنا بحاله، وينظر في أمر الجوامع والمساجد معتمدا في ذلك قول الله العزيز القاهر: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
«1» .
وينظر في أمر الأيتام، ويحتاط على ما لهم من الأموال، ويفعل في ذلك على جاري عادة أمثاله من الحكّام: من نفقة وكسوة ولوازم شرعيّة؛ فمن بلغ منهم رشيدا أسلم إليه ما فضل من ماله بالبيّنة المرضيّة، ويقرّر الفروض على مقتضى قول الله تعالى: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ
«2» ، ويزوّج النّسوة الخالية من العدد والأولياء، ممّن رغب فيهنّ من الأكفاء، ويندب لذلك من يعلم أمانته وخبرته، وينظر في أمر المتصرّفين: فمن كان منهم على الطّريقة المأثورة أجراه على عادته، وأبقاه على حكمه وخدمته، ومن كان منهم خلاف ذلك يبعده ويقصيه، ويستبدل به غيره ليبقى مكانه وفي تصرّفه.
هذا عهدي إليك، وحجّتي يوم القيامة عند الله عليك؛ فلتعلم ذلك وتعمل به إن شاء الله تعالى. (ويؤرّخ، ويكون ذلك بخطّ الحاكم) ويكتب: «وحسبنا الله ونعم الوكيل» ويتوّجه بعلامته الكريمة.
وهذه نسخة تقليد:
الحمد لله ذي الفضل والسخاء، واللّطف في الشّدّة والرّخاء، الذي(14/386)
من تواضع إليه رفعه، ومن أطاعه نفعه، ومن أخلص له في العبادة أمال عنه كيد الشيطان ودفعه، الذي أحاط علمه بالموارد والمصادر، واستوت عنده أحوال الأوائل والأواخر، واطّلع على ضمائر النفوس ولا ينبغي لغيره أن يطّلع على الضمائر، الخافض الرّافع، والمعطي المانع؛ فإليه الأمر والتدبير، المقسط الجامع: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
«1» .
أحمده حمدا يقضي للسعادة بالتّيسير، وأشكره شكرا يسهّل من المآرب العسير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له سبحانه نعم المولى ونعم النّصير، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الذي أرسله بالهدى والكتاب المنير، وجعله للأمّة خير بشير ونذير، صلّى الله عليه وعلى آله وصحابته شهادة يحلّ المخلصون بها جنّة يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ*
«2» .
أما بعد، فإنّ من كان عارفا بأحكام الشّريعة، متهيّئا لنيل درجاتها الرّفيعة، مستندا إلى بيت مشكور، وقدر موفور، قلّد الأحكام الدّينيّة، ليعمل فيها بالشريعة المحمّديّة.
ولمّا علمنا فلان بن فلان بن فلان الفلانيّ، قلّدناه كذا وكذا.
فباشر أعانك الله: محافظا على تقوى الله الذي إليه المرجع والمصير، قال الله تعالى في كتابه العزيز: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) *
«3» . واستشعر خيفة الله واجعلها نصب عينك، وتمسّك بالحقّ واجعله حجابا بين النار وبينك، وانتصب لتنفيذ الأحكام انتصاب من يراقب الله ويخشاه، وحاسب نفسك محاسبة من يتحقّق أنه يطّلع عليه ويراه، وابذل في إنصاف المظلوم من(14/387)
الظالم وسعك، ورحّب للمتحاكمين ذرعك، وانظر في أمر الشّهود وحذّرهم أن يزوغوا عن الحقّ، وحاسبهم فيما جلّ ودقّ، ولا ترخّص لهم، وألزمهم أن يتّخذوا الصّدق منطقهم، وانههم عن التّسمّح فيها، وعرّفهم التّحرّز عما يؤدّي من التّهمة والتّطرّق إليها، وانظر في أمر المتصرّفين بباب الحكم العزيز نظرا يؤدّي إلى صلاحهم، ولا تعوّل في النيابة عنك إلا على من تختاره وترتضيه، ولا تعرّج إلى من هو مستند إلى غاية ولا تمل إليه، وانظر في أمر الأحباس «1» نظرا يحفظ أصولها، ولا تراع في استخلاص ما يتعيّن لها كبيرا ولا صغيرا، ولا تعامل فيها إلّا ذوي الوفاء واليسار، وارفض معاملة من يستند إلى العدم والإعسار، وافعل ما يفعله مثلك من الحكّام، من إنشاء العدالة والفسخ والإنكاح وغير ذلك فقد قلّدناك هذه الأحكام؛ فإن عملت فيها بتقوى الله تعالى وطاعته يعينك على ذلك، وإن عملت غير ذلك فأنت والله هالك ثم هالك؛ واستمع نصيحتي، وافعل ما تبرّد به جلدتك وجلدتي، إن شاء الله تعالى.
[المرتبة الثانية] «2»
قلت: وربّما كتب التقليد بصيغة كتاب، مثل أن يكتب إلى الذي يتولّى على قدر مرتبته، من: «صدرت هذه المكاتبة» أو: «هذه المكاتبة» ثم يقال: «تتضمّن إعلامه أنّ المجلس الفلانيّ» بلقبه، ويدعى له: «لمّا علمنا من حاله كذا وكذا- استخرنا الله تعالى وفوّضنا إليه الحكم والقضاء بمكان كذا، فليباشر ذلك» على نحو ما تقدّم في التقليد الذي قبله.(14/388)
الصنف الثاني (إسجالات العدالة)
قد جرت العادة أن أبناء العلماء والرّؤساء تثبت عدالتهم على الحكّام، ويسجّل لهم بذلك، ويحكم الحاكم بعدالة من تثبت عدالته لديه، ويشهد عليه بذلك، ويكتب له بذلك في درج عريض، إمّا في قطع فرخة الشاميّ الكاملة، وإما في نحو ذلك من الورق البلديّ، وتكون كتابته بقلم الرّقاع وأسطره متوالية، وبين كلّ سطرين تقدير عرض أصبع أو نحو ذلك.
قلت: وهذه نسخة سجلّ أنشأته، كتب به لولدي نجم الدّين أبي الفتح محمد، وكتب له بها عند ثبوت عدالته، على الشّيخ العلّامة وليّ الدّين أحمد، ابن الشّيخ الإمام الحافظ زين الدّين عبد الرّحيم العراقيّ، خليفة الحكم العزيز بمصر والقاهرة المحروستين، في شهور سنة ثلاث عشرة وثمانمائة؛ وهي:
الحمد لله الذي أطلع نجم العدالة من سماء الفضائل في أفق معاليها، وأنار بدراريّ العلماء من حنادس الجهالة مدلهمّ لياليها، وكمّل عقود النّجابة من نجباء الأبناء بأغلى جواهرها وأنفس لآليها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ترقّي قائلها إلى أرفع الذّرا، ويمتطي منتحلها صهوة الثّريّا: وإنّا لنرجو فوق ذلك مظهرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المخصوص بمحاسن الشّيم، والموصوف بكرم المآثر ومآثر الكرم، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين تمسّكوا من عرا الدّين بالسّبب الأقوى، وسلكوا جادّة الهداية فحصلوا من أقصى مغيّاها على الغاية القصوى، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فلمّا كانت العدالة هي أسّ الشريعة وعمادها، وركنها الأعظم في الاستناد إلى الصّواب وسنادها، لا تقبل دونها شهادة ولا رواية، ولا يصحّ مع عدمها إسناد أمر ولا ولاية- فقد بنيت الشريعة المطهّرة على أركانها،(14/389)
واعتمد الرّواة في صحّة الأخبار على أصولها وتعلقت الحكّام في قبول الشهادة بأحضانها، إذ هي الملكة الحاملة على ملازمة التّقوى، والحفيظة المانعة من الوقوع في هوّة البدع المتمسّك بسببها الأقوى، والحكمة الثّانية عن الجماح إلى ارتكاب الكبائر، والعنان الصّارف عن الجنوح إلى الإصرار على الصغائر، والزّمام القائد إلى صلاح أعمال الظواهر وسلامة عقائد الضّمائر.
ولما كان مجلس القاضي الأجلّ، الفقيه، الفاضل، المشتغل، المحصّل، الأصيل، نجم الدّين، سليل العلماء، أبو الفتح محمد بن فلان القلقشنديّ الفزاريّ، الشّافعيّ، خليفة الحكم العزيز بالقاهرة المحروسة والده، والحاكم بالعمل الفلانيّ وما معهما: أيّد الله تعالى أحكامه، وأقرّ عينه بولده- هو الذي ولد على فراش الدّيانة، وظهرت عليه في الطّفولية آثارها، ونشأ في أحياء الصّيانة، فرويت عنه بالسّند الصحيح أخبارها، وارتضع ثدي العلم حين بزوغ نجمه، وغذيه مع لبان أمّه فامتزج بدمه ولحمه وعظمه، وأعلن منادي نشأته بجميل الذّكر فأغنى فيه عن الاستخبار، ولاحت عليه لوائح النّجابة فقضى له بالكمال قبل أن يبلغ قمر عمره زمن الإبدار: فلم يرد منهل التكليف إلا وقد تزيّن من محاسن الفضائل بأكمل زين، ولم يبلغ مبلغ العلم حتّى صار لوالده- ولله الحمد- قرّة عين- رفعت قصّة مخبرة عن حاله فيها من مضمون السؤال طلب الإذن الكريم بسماع بيّنة المذكور، وكتابة إسجال بعدالته، فشملها الخطّ الكريم العاليّ، المولويّ، القاضويّ، الإماميّ، العالميّ، العامليّ، العلّاميّ، الشّيخيّ، المحدّثيّ، الحافظيّ، الحبريّ، المجتهديّ، المحقّقيّ، المدقّقيّ، الوحيديّ، الفريديّ، الحجّيّ، الحججيّ، الخطيبيّ، البليغيّ، الحاكميّ، الجلاليّ، الكنانيّ، البلقينيّ، الشافعيّ، شيخ الإسلام، الناظر في الأحكام الشرعية بالديار المصرية، والممالك الشريفة الإسلامية: أدام الله تعالى أيّامه، وأعزّ أحكامه، وأحسن إليه، وأسبغ نعمه في الدّارين عليه- لسيّدنا العبد الفقير(14/390)
إلى الله تعالى، الشّيخ الإمام العالم، الحافظ، وليّ الدّين، شرف العلماء، أوحد الفضلاء، مفتي المسلمين، أبي زرعة أحمد ابن سيّدنا العبد الفقير إلى الله تعالى زين الدّين، شيخ الإسلام، قاضي المسلمين، أبي الفضل عبد الرّحيم، ابن سيّدنا العبد الفقير إلى الله تعالى بدر الدين، شرف العلماء، أوحد الفضلاء، مفتي المسلمين، أبي عبد الله الحسين العراقيّ الشافعيّ، خليفة الحكم العزيز بالقاهرة ومصر المحروستين، والحاكم بالأعمال المنوفيّة، ومفتي دار العدل الشريف بالديار المصرية: أيّد الله تعالى أحكامه، وأحسن إليه بالنظر في ذلك على الوجه الشّرعيّ.
فحينئذ سمع سيدنا العبد الفقير إلى الله تعالى الشيخ الإمام، العالم، الحافظ، وليّ الدّين، الحاكم المشار إليه: أحسن الله تعالى إليه- البيّنة بتزكيته، وصرّحت له بالشّهادة بعدالته، وقبلها القبول الشرعيّ السائغ في مثله.
ثم أشهد على نفسه الكريمة من حضر مجلس حكمه وقضائه، وهو نافذ القضاء والحكم ماضيهما، وذلك في اليوم المبارك يوم الأربعاء الثامن والعشرين من شهر رجب الفرد سنة ثلاث عشرة وثمانمائة- أنّه ثبت عنده وصحّ لديه: أحسن الله إليه- على الوضع المعتبر الشرعيّ، والقانون المحرّر المرعيّ، بالبينة العادلة المرضيّة، التي تثبت بمثلها الحقوق الشّرعيّة- عدالة القاضي الأجلّ، العدل، الرّضيّ، نجم الدين محمد المسمى أعلاه: زاده الله تعالى توفيقا، وسهّل له إلى الخير طريقا، وما اشتمل عليه من صفاتها، وتحلّى به من أدواتها، ثبوتا صحيحا معتبرا، مستوفى الشرائط محرّرا.
وأنه- أيّد الله تعالى أحكامه، وسدّد نقضه وإبرامه- حكم بعدالته، وقبول شهادته، حكما تامّا وجزمه، وقضى فيه قضاء أبرمه، وأذن له- أيّد الله تعالى أحكامه- في تحمّل الشهادة وأدائها، وبسط قلمه في سائر أنديتها(14/391)
وأرجائها، وأجراه- أجرى الله تعالى الخيرات على يديه- مجرى أمثاله من العدول، ونظمه في سلك الشّهداء أهل القبول، ونصبه بين الناس شاهدا عدلا، إذ كان صالحا لذلك وأهلا.
فليبسط بالشهادة قلمه، وليؤلّف على شروط أدائها كلمه، وليحمد الله تعالى على ما منحه من ملابسها الجميلة، وأناله من التّرقّي لرتبتها الجليلة، وليتّق الله تعالى في موارده ومصادره، وليسلك مسالك التقوى في أوّل أمره وآخره، وليعلم أن من سلك الحقّ نجا، ومن يتّق الله يجعل له مخرجا.
أوزعه الله تعالى شكر هذه الرتبة العلية، والمنزلة السّنيّة.
وتقدّم أمر سيدنا العبد الفقير إلى الله تعالى الشيخ الإمام، العالم، الحافظ، وليّ الدين، الحاكم المذكور، وقاه الله تعالى كلّ محذور، بكتابة هذا الإسجال، فكتب عن إذنه الكريم، متضمّنا لذلك مسؤولا فيه، مستوفيا شرائطه الشرعية، وأشهد على نفسه الكريمة بذلك في التاريخ المقدّم ذكره بأعاليه، المكتوب بخطّه الكريم- شرفه الله تعالى؛ حسبنا الله ونعم الوكيل.
قلت: والعادة أن يعلّم فيه الحاكم علامة تلو البسملة، ويكتب التاريخ في الوسط، والحسبلة في الآخر، كل ذلك بخطّه، ويشهد عليه فيه من يشهد عليه من كتّاب الحكم وغيرهم، كما في سائر الإسجالات الحكميّة.
الصنف الثالث (الكتب إلى النّوّاب وما في معناها)
واعلم أنّ الكتب التي تكتب عن القضاة ألفاظها مرسلة، لا جنوح فيها إلى فنّ البلاغة والسّجع إلا في القليل النّادر.
وهذه نسخة كتاب كتب به عن قاضي القضاة فخر الدّين الشافعيّ، إلى الحكّام بالمملكة؛ وهو:
أدام الله فضائل الجنابات العالية والمجالس العالية، وجعلهم قادة(14/392)
يقتدى بهم في القول والعمل، و [ «1» ] الاحتفال من يعتنى بأمره ويحتفل، ولا سيّما من سارت طريقة فضله المثلى في الآفاق سير المثل؛ ولا زال عرف معروفهم على ذوي الفضائل يفوح، وجياد جودهم تغدو في ميدان الإحسان وتروح، ونيل نيلهم يسري إلى القصّاد فيحمد سراه عند الغبوق كما يحمد سراه عند الصّبوح.
هذه المكاتبة إليهم تقريهم سلاما ألطف من النّسيم، وتهدي إليهم ثناء مزاج كاتبه من تسنيم «2» ، وتبدي لعلومهم الكريمة أن الجناب الكريم، العاليّ، الشّيخيّ، الإماميّ، الفاضليّ، البارعيّ، الأوحديّ، الأكمليّ، البليغيّ، المقدّميّ، الخطيبيّ، البهائيّ، أوحد الفضلاء، فخر العلماء، زين الخطباء، قبلة الأدباء، قدوة البلغاء، صفوة الملوك والسلاطين، خطيب الموصل- أدام الله المسرّة به، ووصل الخير بسببه، ونفع بفوائد فضله وأدبه- ورد علينا بطرابلس المحروسة، فحصلت المسرّة بذلك الورود، وتجدّد بخدمته ما تقدم من وثيق العهود، وأبدى لنا من نظره الفائق الرّقيق، وإنشائه المغني عن نشوة الرّحيق، وكتابته التي هي السّحر الحلال على التّحقيق، ما نزّه الأبصار وشنّف الأسماع، وقطع من فرسان الأدب أسباب الأطماع، فأزال عن القلب الكئيب فكرا، وأخجل من الرّوض الأنيق زهرا، وأخمل من المسك السّحيق عطرا؛ وكيف لا؟ وهو النّفيس الذي جمع فيه قديم الأدب وحديثه، والجليس الذي لا يسأم كلامه ولا يملّ حديثه؛ يا له أديبا ليس فيما يبديه من الأدب تحريف ولا غلط، وفاضلا لو لم يكن بحرا لما كان الدّرّ من فيه يلتقط؛ يمينه وفطنته الكريمتان ذواتا أفنان: فهذه إن رقمت طرسا فروح وريحان، أو بذلت برّا فعينان تجريان، وهذه إن نظمت شعرا(14/393)
فياقوت ومرجان، أو نثرت تبرا فثمين الدّرّ ألوان؛ ما برح الفضلاء إلى لقائه يسارعون، وحقّ لهم أن يسارعوا ومن أبواب معروفه يقتبسون؛ وكيف لا؟
وهو الشّهاب السّاطع، والجليل الذي لم نزل نشير إليه بالأصابع، والنّيل الذي تجري لفراقه من عيون اللّبيب المدامع، والنّزيل الذي ينشده العارف عند وداعه:
بعيشك خبّرني متى أنت راجع
يعرف المحسن إحسانه فينشر له من الثّناء لواء، ويجمل في مدح صفاته ونعوته الإنشاء إن شاء، ويجزل في ذمّ مستحقّ الذّمّ منه الهجاء، فأكرم به مدّاحا وأعظم به هجّاء: العلماء لحضوره يترقّبون، وإليه يتقرّبون، والفضلاء بفضله يعترفون، ومن بحره يغترفون، والأدباء إليه يستبقون، ومنه يقتبسون، والطّلبة بأذيال فضله يتمسّكون، وبنشر أثنيته يتمسّكون، وإخوانه في الله بوجوده يفتخرون، وإلى جوده يفتقرون؛ كلّما عرضت لهم حاجة تمسكوا بإيثاره، وكلّما عاندهم الدّهر سألوه الإمداد بأنصاره، فيجوّد في خدمتهم بيان بنانه، ويجرّد في نصرتهم سيف لسانه.
ثم من قبل أن نبلغ منه الوطر، ومن دون أن يكتفي منه السّمع والبصر، عرفنا أنه قصد التّوجّه إلى البلاد الساحليّة، والأعمال الطّرابلسيّة؛ ليملي على أهلها من فضائله الباهرة الباسقة، وألفاظه التي هي كالدّرر المتناسقة، ويجليهم عرائس الأفكار من أفكاره، ويجنيهم غرائس الأثمار من أشجار علمه، ويريهم البديهة البديعة، والقوافي المجيبة المطيعة.
فليتقدّم الجماعة- أيدهم الله تعالى- بإكرامه إكرام الأهل والأصحاب، وتلقّيه بالبشر والطّلاقة والتّرحاب، وإحلاله من الإحسان محلّا ساميا، وإنزاله من الإفضال منزلا عاليا، والاعتناء الوافر بأمره، واستجلاب بثّ حمده وشكره، والتقاط درر فوائده، واكتساب غرر فرائده، والإصغاء(14/394)
إلى المنثور والمنظوم من أقواله، والتّعجّب من حسن بداهته وسرعة ارتجاله.
وليحتفل كلّ يوم بخدمته غاية الاحتفال، ويعتن بأمره اعتناء لا يشاركه تقصير ولا إهمال، ويرع له حقّ الضّيف الجليل، والقادم الذي إذا رحل عن بلده أبقى له بها الذّكر الجميل، ويساعد على ما توجّه بصدده كلّ ساعة يعود نفعها عليه، وينفق مما آتاه الله ويحسن كما أحسن الله إليه.
ونحن نؤكّد على الجماعة- أيّدهم الله- في ذلك كلّ التأكيد، ونبالغ فيه مبالغة ما عليها من مزيد، ونحذّرهم من الإهمال والتّسويف والتّقصير، ومن مقابلة جنابه الكريم بالنّزر الحقير والقدر اليسير؛ فإكرام هذا الرجل ليس كإكرام من لم يسر بسيره، وما هو إلا لعلمه وفضله وخيره، وقد قال الإمام الشافعيّ رضي الله عنه: «وليس من يكرم لنفسه كالذي يكرم لغيره» .
فلتعظّموه كلّ التعظيم وتنزلوه منزلة تليق بأهل الفضل والإفضال، وترفعوا له المقام وتحفظوا له المقال، ليعود محقّق الآمال مبلّغ المقاصد، ناشرا ألوية الثّناء والمحامد، مشمولا بجميل الصّلة والعائد؛ ونحن منتظرون ما يرد عنه من مكاتباته الكريمة بما وصل إليه من [المنازل] «1» الحسنة.
وفي هممهم العليّة، ومكارمهم السّنيّة، ما يغني عن التأكيد بسببه والوصيّة؛ والله تعالى يديم عليهم سابغ الإفضال والإنعام، ويجمّل بوجودهم وجودهم الأحكام والحكّام، بمنّه وكرمه.
الصنف الرابع (ما يكتب في افتتاحات الكتب)
فمن ذلك ما يكتب في أوائل كتب الأوقاف.
وهذه نسخة خطبة في ابتداء كتاب وقف على مسجد؛ وهي:(14/395)
الحمد لله جامع الناس ليوم لا ريب فيه إنه لا يخلف الميعاد، وناصر الدّين المحمّديّ بنبيّنا صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله الكرام الأمجاد، ومشرّف هذه الأمّة بالأئمّة والجمعة والجماعات من أهل الرّشاد، وجاعل من ارتضاه من أرباب سنّة نبيّه المختار من عباده العبّاد، وميسّر القربات إليه لأهل السّداد، ومريد الأعمال الصالحات ممّن أخلصه بالطاعات ومزيد الإرفاد، ومفضّل الأوقاف على أفضل وجوه البرّ من جعله للخير أهلا بالنّفع المتعدّي وكثرة الأمداد، ومعظّم الأجر لمن بنى بيتا لله بنيّة خليّة من الرّياء والعناد؛ وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من بنى مسجدا لله ولو كمفحص «1» قطاة بنى الله تعالى له به قصرا في الجنّة» ونرجو من كرم الله الازدياد.
أحمده على موادّ نعمه التي جلّت عن التّعداد، وأشكره شكرا وافيا وافرا نجعله ذخيرة ليوم التّناد، وأستمدّ من اللّطف لوازم الفضل الخفيّ وهو الكريم الجواد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسوله الخاتم الحائم على حوضه الورّاد، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه ما أصغي إلى الذّكر وأجيب كلّ داع من حاضر أو باد.
وبعد، فلمّا كانت المثوبات مضمونة الأجر عند الكريم، والأعمال متعدّدة في التّقديم، وكان بنيان المساجد وافرا أجرا، لمن أقام بواجب تبيان الظّنّ الجميل وسدّد إلى الخيرات سيرا؛ وقد قال تعالى: «أنا عند حسن ظنّ عبدي بي فليظنّ بي خيرا» «2» ، ورأى العقلاء أنّ الأوقاف على المساجد والجوامع من أنفس قواعد الدّين وأعلى- فلذلك قيل في هذا الإسجال المبارك:
هذا ما وقفه وحبّسه، وسبّله وأبّده فلان. وقف وحبّس رغبة في مزيد الثّواب، ورجاء في تهوّن تهويل يوم الحساب، واغتناما للأجر الجزيل من(14/396)
الكريم الوهّاب، لقول الله تعالى في الآيات المبرورة: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً
«1» . وقف بنيّة خالصة، وعزيمة صالحة، ونيّة صادقة، ما هو له وفي ملكه، وحوزه ويده وتصرّفه، من غير مناظر له في ذلك ولا شريك، (ثم يذكر الوقف) .(14/397)
الفصل السادس (في العمرات التي تكتب للحاجّ)
وهذه نسخة عمرة اعتمرها أبو بكر بن محمد الأنصاريّ الخزرجيّ، عند مجاورته بمكّة المشرفة في سنة سبع، وسنة ثمان، وسنة تسع، وسنة عشر وسبعمائة، للسلطان الملك الناصر «محمد بن قلاوون» ؛ وهي:
الحمد لله الذي جعل البيت مثابة للناس وأمنا، وأمّن من فيه بالقائم بأمر الله ومن هو للإسلام والمسلمين خير ناصر، وجعله ببكّة «1» مباركا، ووضع الإصر بمن كثرت منه ومن سلفه الكريم على الطّائفين والعاكفين الأواصر، وعقد لواء الملك بخير ملك وهو واحد في الجود ألف في الوغى:
ففي حالتيه تعقد عليه الخناصر، وأطاب المقام في حرم الله تعالى وحرم سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمن يستحقّ السّلطنة بذاته الشريفة وشرف العناصر، وسهل الطّريق، إلى حجّ بيته العتيق، من المشارق والمغارب في دولة من أجمعت القلوب على محبّته وورث الملك كابرا عن كابر، وأنطق الألسنة(14/398)
بالدعاء له من كلّ وافد إلى بيته الحرام على اختلاف لغاتهم واهتزّت لوصف مناقبه المنابر.
أحمده على ما بلّغ من جزيل إنعامه، وأشكره شكرا أستزيد به من فضله ونواله وإكرامه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له نعم الذّخيرة لصاحبها يوم لقائه وعند قيامه، وأقولها خالصا مخلصا ويا فوز من كانت آخر كلامه، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أشرف مبعوث إلى الحقّ دعي فجاء بأشرف ملّة، فقال صلّى الله عليه وسلّم: «عمرة في رمضان تعدل حجّة» صلّى الله عليه وعلى جميع آله وأصحابه خصوصا على خليفته في أمّته المخصوص بالسّبق والمؤازرة والتّصديق، مولانا أبي بكر الصّدّيق، وعلى مظهر الأذان ومصدّق الخطاب، مولانا أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب، وعلى من جمع على الأمّة آيات القرآن، مولانا أمير المؤمنين عثمان بن عفّان، وعلي ابن عمّه، وارث علمه، الجامع لجميع المآثر والمناقب، مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وعلى بقيّة الأنصار والمهاجرة، سادات الدّنيا وملوك الآخرة، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن الله تعالى مالك الملك يؤتيه من يشاء من عباده، والخير بيده يفيضه على خلقه في أرضه وبلاده؛ فإذا أراد الله تعالى بعباده خيرا نصر ناصرهم ورفع عنهم الغلا، ودفع عنهم العدا، وولّى عليهم خيارهم، فيقيمه من خير أمّة أخرجت للناس، ليذهب عنهم الضّرر ويزيل عنهم الباس، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينصف المظلوم من الظّالم ويقيم منار الشّرع المطهّر.
ولما كان مولانا السلطان الأعظم، والشّاهنشاه «1» المعظّم، الملك(14/399)
النّاصر- خلّد الله سلطانه- قد جمع في المحتد بين طارف وتالد، وورث الملك عن أشرف أخ وأعظم والد، وقامت على استحقاقه للسّلطنة الدلائل، وألفه سرير الملك وعرف فيه من والده ومن أخيه- رحمهما الله تعالى- الشّمائل؛ فهو المالك الذي لم يزل الملك به آهلا ولم يزل له أهلا، والسّيّد الذي لبس حلّة الفخار فلم نجد له في السّؤدد والفخار مثلا، والملك الذي ما بدا لرائيه إلا قيل: بحر طمى أو بدر تجلّى، والمؤيّد الذي خصّه الله تعالى بعلوّ شأنه وارتقائه، ولم يرض مراقد الفراقد لعليائه، والكريم الذي ساد الأوائل والأواخر، وأضفيت عليه حلل المفاخر، والمنصور الذي أعطي على الأعداء قوّة ونصرا، والنّاصر الذي اتّسع مجال نصره فأخذ الكفّار حصرا، وحكمت سيوفه القواضب فوضعت عن الأولياء إصرا، قد خصّه الله تعالى بالعزّ والنّصر كرّة بعد كرّة، وفضّله على سائر ملوك الإسلام بالحجّ وزيارة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مرّة بعد مرّة، ومرّة أخرى إن شاء الله تعالى ومرّة ومرّة!!! كم سلك سنن والده وأخيه- رحمهما الله تعالى- بالغزاة فكان له كلّ مشهد مذكور، وعرف تقدّمه وإقدامه فكان أعظم ناصر وأشرف منصور؛ يحمده الله تعالى والناس عن جميل ذبّه عن الإسلام وحميد فعله، واستقلّ الجزيل فينيل الجميل لمن أمّ أبوابه الشريفة فلا يستكثر هذا من مثله؛ ما حملت راياته الشّريفة كتيبة إلا نصرت، ولا وقف بوجهه الكريم في دفع طائفة الكفر إلا كسرت، ولا جهّز عساكره المنصورة إلى قلعة إلا نزل أهلها من صياصيهم، ولا حاصروا ثغرا للكفّار إلا أخذوا بنواصيهم، ولا سيّر سريّة لمواجهة محارب إلا ذلّ على رغمه، ولا نطق لسان الحمد للمجاهد أو سار الشاهد إلّا وقف الحمد على قوله واسمه، فاختاره الله تعالى على علم على العالمين، واجتباه(14/400)
للذّبّ عن الإسلام والمسلمين، وجعله لسلطانه وارثا، وفي الملك ماكثا، وللقمرين ثالثا، ولأموره سدادا، ولثغور بلاد الإسلام سدّادا، وفوّض إليه القيام بمصالح الإسلام، والنّظر في مصالح الخاصّ والعامّ، وعدق به أمور الممالك والأملاك، وأطلع بسعادته أيمن البروج في أثبت الأفلاك، وحمى الإسلام والمسلمين من كلّ جانب شرقا وغربا، وملأ بمهابته البلاد والعباد رعبا وحبّا، وبسط في البسيطة حكمه وعدله، ونشر على الخلائق حلمه وفضله، وفرض طاعته على جميع الأمم، وجعله سيّدا لملوك العرب والعجم، وأمّن بمهابته كلّ حاضر وباد، ونوّم سكّان الحرمين الشريفين من كنفه في أوطإ مهاد، وسكّن خواطر المجاورين من جميع المخاوف، وصان بالمقام في مكّة الطّائف والعاكف؛ قد حسن مع الله تعالى سيرة وسيرا، ودلّت أيامه الشريفة أنه خير ملك أراد الله تعالى برعيّته خيرا، وراعى الله فيما رعى، وسعى في مصالح الإسلام عالما أن ليس للإنسان إلّا ما سعى.
قد ملأ أعين الرعايا بالطّمأنينة والهجوع، وأمّنهم في أيّامه الشريفة بالرّخاء من الخوف والجوع، وجمع لهم بين سعادة الدّنيا والأخرى، وسهّل لهم الدّخول إلى بيته الحرام برّا وبحرا، وفتح الله تعالى على يديه- خلّد الله تعالى سلطانه- جميع الأمصار، وملأ من مهابته جميع الأقطار:
فسارت مسير الشّمس في كلّ بلدة ... وهبّت هبوب الرّيح في القرب والبعد
فوجب على العالمين أن يدعوا لدولته الشريفة المباركة بطول البقاء، و [دوام] «1» العلوّ والارتقاء، ووجب على كلّ من الواصلين إلى بيته الحرام وحضرة قدسه، أن يبتهل بالدعاء له قبل أن يدعو لنفسه، فكيف من هو مملوكه وابن مملوكه ووارث عبوديّته، ومن لم يزل هو ووالده «2» وإخوته في(14/401)
صدقات والده الشهيد- رحمه الله تعالى- وعميم نعمته، العبد الفقير إلى الله تعالى أبو بكر بن محمد بن المكرّم الأنصاريّ الخزرجيّ، فإنه لم يزل مدّة أيّامه مبتهلا بصالح دعواته، متوسّلا إلى الله تعالى بدوام نصره وطول حياته، طائفا عند مقامه الشريف حول بيته الحرام، والمشاعر العظام.
وأحبّ أن يتحفه بأشرف العبادة فلم يجد أجلّ مقدارا ولا أعظم أجرا، من عمرة يعتمرها عنه ويهدي ثوابها لصحائفه الشريفة ويزيد بذلك فخرا، فقام عنه بعمرتين شريفتين اعتمرهما عنه في رمضان، مكملتين بإحرامهما وتلبيتهما، وطوافهما وسعيهما، يتقرّب بذلك إلى أبوابه الشريفة، ويسأل الله تعالى ويسأل صدقاته الشريفة أن ينعم عليه بنصف معلوم صدقة عليه، وبنصفه لأولاده: ليقضي بقيّة عمره في الثلاثة المساجد، ويخصّه بجزيل الدعاء من كلّ راكع وساجد، وأن يكون ذلك مستمرّا عليه مدّة حياته، وعلى ذرّيّته ونسله وعقبه بعد وفاته، لتشمل صدقات مولانا السلطان- خلّد الله تعالى ملكه- الأحياء والأموات، ويطيب لغلمانه في أيامه الشريفة الممات؛ جعل الله تعالى مولانا السلطان وارث الأعمار، وأجرى بدوام أيّامه الشريفة المقدار، وجعل كلمة الملك باقية في عقبه، وبلّغه من النّصر والظّفر والأجر غاية أربه، وجعل أيّامه كلّها مسارّ وبشائر، ودولته تسرّ النّواظر، وسعادته ليس لها آخر، ويهنّئه بما قد أتمّه الله له من ملك والده الشّهيد رحمه الله تعالى:
[أهنّيك] «1» بالملك يا خير من ... أجار البرايا ومن مارها
ومن ليس للأرض ملك سواه ... تميل له الخلق أبصارها!
وأنت الذي تملك الخافقين ... [ «2» ] وإعصارها
وتملك سيّب تكفورها «3» ... وتركب بالجيش أوعارها(14/402)
وتحكم في المرء حكم الملوك ... وتنشد في التّخت أشعارها
وتفتح بغداد دار السّلام ... وتنفي بملكك أكدارها
وتأخذ بالعسكر النّاصريّ ... قصور الخلافة أوتارها
ويأمن في ذلك العالمون ... وتحمي الأسود وأوكارها
وتبقى إلى أن تعمّ البلاد ... بنعمى تتابع إدرارها
ويبلغ ملكك أقصى البلاد ... وتجري العباد وأوطارها
وينظم سيرتك النّاظمون ... وتعيي مغازيك سمّارها
[والله يبقيه] «1» بعدها دائما ناصر الدنيا والإسلام والمسلمين، كما سماه والده ناصر الدّنيا والدّين، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل.(14/403)
الباب الثاني من المقالة العاشرة في الهزليّات «1»
اعلم أنه ربّما اعتنت الملوك ببعضه، فاقترحت على كتّابها إنشاء شيء من الأمور الهزليّة، فيحتاجون إلى الإتيان بها على وفق غرض ذلك الملك، كما وقع لمعين «2» الدّولة بن بويه الدّيلميّ في اقتراحه على أبي إسحاق الصّابي كتابة عهد بالتّطفّل، لرجل كان عنده اسمه عليكا، ينسب إلى التّطفّل، ويسخر منه السلطان بسبب ذلك.
وهذه نسخة عهد بالتّطفّل، التي أنشأها أبو إسحاق الصّابي لعليكا المذكور:
هذا ما عهد عليّ بن أحمد المعروف بعليكا إلى عليّ بن عرس الموصلّي، حين استخلفه على إحياء سننه، واستنابه في حفظ رسومه، من التّطفّل على أهل مدينة السّلام وما يتّصل بها من أرباضها وأكنافها، ويجري(14/404)
معها في سوادها وأطرافها، لما توسّمه فيه من قلّة الحياء، وشدّة اللّقاء، وكثرة اللّقم، وجودة الهضم، ورآه أهلا له من سدّ مكانه، والرّفاهة المهملة التي فطن لها، والرّقاعة «1» المطّرحة التي اهتدى إليها، والنّعم العائدة على لا بسيها بملاذّ الطّعوم، وخصب الجسوم، وردّا على من اتسعت حاله، وأقدره الله على غرائب المأكولات، وأظفره ببدائع الطّيّبات، آخذا من ذلك كلّه بنصيب الشّريك المناصف، وضاربا فيه بسهم الخليط المفاوض، ومستعملا للمدخل اللّطيف عليه، والمتولّج العجيب إليه، والأسباب التي ستشرح في مواضعها من أوامر هذا الكتاب، وتستوفى الدّلالة على ما فيها من رشاد وصواب؛ وبالله التّوفيق وعليه التّعويل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
أمره بتقوى الله التي هي الجانب العزيز، والحرز الحريز، والرّكن المنيع، والطّود الرّفيع، والعصمة الكالئة، والجنّة الواقية، والزّاد النّافع يوم المعاد، وحيث الأمثلة من الأزواد، وأن يستشعر خيفته في سرّه وجهره، ويراقبه في قوله وفعله، ويجعل رضاه مطلبه، وثوابه مكسبه، والقربة منه أربه، والزّلفى لديه غرضه، ولا يخالفه في مسعاة قدم، ولا يتعرّض عنده لعاقبة ندم، ولا يقدم على ما كره وأنكر، ولا يتقاعس عما أحبّ وأمر.
وأمره أن يتأدّب بأدبه فيما يأتي ويذر، ويقف على حدوده فيما أباح وحظر، فإنه إذا كان ذلك هجّيراه وديدنه «2» ، وجرى عليه منهاجه وسننه، تكفّل الله له بالنّجاح والصّلاح، وأفضى به إلى الرّشاد والفلاح، وأظفره بكلّ بغية، وأوصله إلى كلّ مشية، ولم يخله من الفوز بما يرصد، والحوز بما يقصد؛ بذاك وعد، وكذاك يفعل؛ وما توفيقنا إلا بالله، ولا مرجعنا إلا إليه.
وأمره أن يتأمّل اسم التّطفيل ومعناه، ويعرف مغزاه ومنحاه، ويتصفّحه تصفّح الباحث عن حظّه بمحموده، غير القائل فيه بتسليمه(14/405)
وتقليده، فإنّ كثيرا من الناس قد استقبحه ممن فعله، وكرهه لمن استعمله، ونسبه فيه إلى الشّره والنّهم، وحمله منه على التّفه والقرم؛ فمنهم من غلط في استدلاله، فأساء في مقاله، ومنهم من شحّ على ماله، فدافع عنه باحتياله؛ وكلّ الفريقين مذموم، وجميعهما ملوم؛ لا يتعلقان بعذر واضح، ولا يعتريان من لباس فاضح؛ ومنهم الطائفة التي ترى فيها شركة العنان: فهي تتدلّه إذا كان لها، وتتدلّى عليه إذا كان لغيرها، وترى أن المنّة في المطعم للهاجم الآكل، وفي المشرب للوارد الواغل؛ وهي أحقّ بالحرّيّة، وأخلق بالخيريّة، وأحرى بالمروّة، وأولى بالفتوة؛ وقد عرفت بالتّطفيل، ولا عار فيه عند ذوي التّحصيل، لأنه مشتقّ من الطّفل وهو وقت المساء، وأوان العشاء، فلما كثر استعمل في صدر النّهار وعجزه، وأوّله وآخره، كما قيل للشّمس والقمر:
قمران وأحدهما القمر، ولأبي بكر وعمر: العمران وأحدهما عمر؛ وقد سبق إمامنا «بيان» رحمة الله عليه إلى هذا الأمر سبقا أوجب له خلود الذّكر، فهو باق بقاء الدّهر، ومتجدّد في كلّ عصر؛ وما نعرف أحدا نال من الدّنيا حظّا من حظوظها فبقي له منه أثر يخلفه، وصيت يستبدّ به إلا هو وحده، فبيان رضوان الله عليه يذكر بتطفيله كما تذكر الملوك بسيرها؛ فمن بلغ إلى نهايته، أو جرى إلى غايته، سعد بغضارة عيشه في يومه، ونباهة ذكره في غده؛ جعلنا الله جميعا من السابقين إلى مداه، والمذكورين كذكراه.
وأمره أن يعتمد موائد الكبراء والعظماء بغزاياه، وسمط الأمراء والوزراء بسراياه، فإنه يظفر منها بالغنيمة الباردة، ويصل عليها إلى الغريبة النّادرة؛ وإذا استقراها وجد فيها من طرائف الألوان، الملذّة للسان، وبدائع الطّعوم، السّائغة في الحلقوم، ما لا يجده عند غيرهم، ولا يناله إلا لديهم، لحذق صناعتهم، وجودة أدواتهم، وانزياح عللهم، وكثرة ذات بينهم؛ والله يوفّر من ذلك حظّنا، ويسدّد نحوه لحظنا، ويوضّح عليه دليلنا، ويسهّل إليه سبيلنا.
وأمره أن يتّبع ما يعرض لموسري التّجّار، ومجهّزي الأمصار، من(14/406)
وكيرة «1» الدّار، والعرس والإعذار، فإنهم يوسّعون على نفوسهم في النّوائب، بحسب تضييقهم عليها في الرّاتب؛ وربّما صبروا على تطفيل المتطفّلين، وأغضوا على تهجّم الواغلين، ليتحدّثوا بذلك في محافلهم الرّذلة، ويعدّوه في مكارم أخلاقهم النّذلة؛ ويقول قائلهم الباجح باتّساع طعامه، المباهي بكثرة حطامه: إنّني كنت أرى الوجوه الغريبة فأطعمها، والأيدي الممتدّة فأملؤها. وهذه طائفة لم ترد بما فعلته الكرم والسّعة، وإنما أرادت المنّ والسّمعة؛ فإذا اهتدى الأريب إلى طرائقها وصل إلى بغيته من إعلان قضيّتها، وفاز بمراده من ذخائر حسنتها، إن شاء الله.
وأمره أن يصادق قهارمة «2» الدّور ومدبّريها، ويرافق وكلاء المطابخ وحمّاليها، فإنّهم يملكون من أصحابهم أزمّة مطاعمهم ومشاربهم، ويضعونها بحيث يحبّون من أهل مودّاتهم ومعارفهم؛ وإذا عدّت هذه الطائفة أحدا من الناس خليلا من خلّانها، واتّخذته أخا من إخوانها، سعد بمرافقتها، ووصل إلى محابّه من جهاتها، ومآربه في جنباتها.
وأمره أن يتعهّد أسواق المسوّقين، ومواسم المتبايعين؛ فإذا رأى وظيفة قد زيد فيها، وأطعمة قد احتشد مشتريها، اتّبعها إلى المقصد بها، وشيّعها إلى المنزل الحاوي لها، واستعلم ميقات الدّعوة، ومن يحضرها من أهل النّسيان والمروّة، فإنه لا يخلو فيهم من عارف به يراعي وقت مصيره إليها ليتبعه، ويكمن له ليصحبه ويدخل معه؛ وإن خلا من ذلك اختلط بزمر الدّاخلين، وعصب الرّاحلين؛ فما هو إلا أن يتجاوز عتب الأبواب، ويخرج من سلطان البوّابين والحجّاب، حتّى يحصل حصولا قلّ ما حصل [عليه] «3» أحد قبله فانصرف عنه إلا ضليعا من الطّعام، بريقا من المدام، إن شاء الله.(14/407)
وأمره أن ينصب الأرصاد على منازل المغنّيات والمغنّين، ومواطن الأبليات «1» والمخنّثين؛ فإذا أتاه خبر لجمع يضمّهم، ومأدبة تعمّهم، ضرب إليها أعناق إبله، وأنضى نحوها مطايا خيله، وحمل عليها حملة الحوت الملتقم، والثّعبان الملتهم، واللّيث الهاصر، والعقاب الكاسر، إن شاء الله.
وأمره أن يتجنّب مجامع العوامّ المقلّين، ومحافل الرّعاع المقترين، وأن لا ينقل إليها قدما، ولا يعفّر لمأكلها فما، ولا يلقى في عتب دورها كيسانا «2» ، ولا يعدّ الرّجل منها إنسانا، فإنها عصابة يجتمع لها ضيق النّفوس والأحلام، وقلّة الإحكام والأموال؛ وفي التّطفيل عليها إجحاف بها يوسم، وإزراؤه بمروءة المتطفّل يوصم؛ والتّجنّب لها أحرى، والأزورار عنها أحجى، إن شاء الله.
وأمره أن يحزر الخوان إذا وضع، والطعام إذا نقل، حتى يعرف بالحدس والتّقريب، والبحث والتّنقيب، عدد الألوان في الكثرة والقلّة، وافتنانها في الطيّب واللّذّة، فيقدّر لنفسه أن يشبع مع آخرها، وينتهي منها عند انتهائها، ولا يفوته النّصيب من كثيرها وقليلها، ولا يخطئه الحظّ من دقيقها وجليلها. ومتى أحسّ بقلّة الطّعام، وعجزه عن الأقوام، أمعن في أوّله إمعان الكيّس من سعته، الرّشيد في أمره، الماليء لبطنه، من كلّ حارّ وبارد، وخبيث وطيّب؛ فإنه إذا فعل ذلك سلّم من عواقب الأغمار الذين يكفّون تطرّفا، ويقلّون تأدّبا، ويظنّون أن المادّة تبلغهم في آخر أمرهم، وتنتهي بهم إلى غاية سعيهم، فلا يلبثوا أن يخجلوا خجلة الواثق، وينقلبوا بحسرة الخائب، أعاذنا الله من مثل مقامهم، وعصمنا من شقاء جدودهم، إن شاء الله.(14/408)
وأمره أن يروض نفسه، ويغالط حسّه، ويضرب عن كثير مما يلحقه صفحا، ويطوي دونه كشحا، ويستحسن الصّمم عن الفحشا؛ وإن أتته اللّكزة في حلقه، صبر عليها في الوصول إلى حقّه، وإن وقعت به الصّفعة في رأسه، صبر عليها لموقع أضراسه، وإن لقيه لاق بالجفاء، قابله باللّطف والصّفاء، إذ كان قد ولج الأبواب، وخالط الأسباب؛ وجلس مع الحضور، وامتزج بالجمهور، فلا بدّ أن يلقاه المنكر لأمره، ويمرّ به المستغرب لوجهه؛ فإن كان حرّا حييّا أمسك وتذمّم، وإن كان فظّا غليظا همهم وتكلّم، وتجنّب عند ذلك المخاشنة، واستعمل مع المخاطب له الملاينة، ليبرّد غيظه، ويفلّ حدّه، ويكفّ غربه، ويأمن شغبه؛ ثم إذا طال المدى تكررت الألحاظ عليه فعرف، وأنست النّفوس به فألف، ونال من المحالّ المجتمع عليها، منال من حشم وسئل الذّهاب إليها.
وقد بلغنا أن رجلا من العصابة كان ذا فهم ودراية، وعقل وحصافة، طفّل على وليمة، لرجل ذي حال عظيمة، فرمقته فيها من القوم العيون، وصرفت بهم فيه الظّنّون، فقال له قائل منهم: من تكون أعزّك الله؟ فقال: أنا أوّل من دعي إلى هذا الحقّ. قيل له: وكيف ذاك ونحن لا نعرفك؟ فقال:
إذا رأيت صاحب الدّار عرفني وعرّفته نفسي؛ فجيء به إليه، فلما رآه بدأه بأن قال له: هل قلت لطبّاخك: أن يصنع طعامك زائدا على عدد الحاضرين، ومقدار حاجة المدعوّين؟ قال: نعم! قال: فإنّما تلك الزيادة لي ولأمثالي، وبها يستظهر لمن جرى مجراي، وهي رزق لنا أنزله الله على يدك وبك، فقال له:
كرامة ورحبا، وأهلا وقربا؛ والله لا جلست إلا مع علية الناس ووجوه الجلساء، إذ أطرفت في قولك، وتفنّنت في فعلك. فليكن ذلك الرجل إماما يقتدى به، ويقتفى طريقه، إن شاء الله.
وأمره بأن يكثر من تعاهد «الجوارشنات» «1» المنفّذة للسّدد، المقوّية(14/409)
للمعد، المشهّية للطعام، المسهّلة لسبل الانهضام، فإنها عماد أمره وقوامه، وبها انتظامه والتئامه؛ إذ كانت تعين على عمل الدّعوتين، وتنهض في اليوم الواحد الأكلتين؛ وهو يتناولها كذا كالكاتب الذي يقطّ أقلامه، والجنديّ الذي يصقل حسامه، والصّانع الذي يحدّد آلته، والماهر الذي يصلح أدواته، إن شاء الله.
هذا عهد عليكا بن أحمد إليك، وحجّته لك وعليك؛ لم يألك فيه إرشادا وتوقيفا، وتهذيبا وتثقيفا، وبعثا وتبصيرا، وحثّا وتذكيرا؛ فكن بأوامره مؤتمرا، وبزواجره مزدجرا، ولرسومه متّبعا، وبحفظها مضطّلعا، إن شاء الله تعالى، والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته.(14/410)
الخاتمة في ذكر أمور تتعلق بديوان الإنشاء غير أمور الكتابة وفيها أربعة أبواب
الباب الأوّل في الكلام على البريد؛ وفيه فصلان
الفصل الأوّل في مقدمات يحتاج الكاتب إلى معرفتها؛ ويتعلّق الغرض من ذلك بثلاثة أمور
الأمر الأوّل (معرفة معنى لفظ البريد لغة واصطلاحا)
أما معناه لغة، فالمراد منه مسافة معلومة مقدّرة باثني عشر ميلا، واحتجّ له الجوهريّ بقول مزرّد «1» يمدح عرابة الأوسيّ:
فدتك عراب اليوم أمّي وخالتي ... وناقتي النّاجي إليك بريدها!(14/411)
يريد سيرها في البريد. وقد قدّره الفقهاء وعلماء المسالك والممالك بأنه أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل ثلاثة آلاف ذراع بالهاشميّ، وهو أربعة وعشرون أصبعا، كلّ أصبع ستّ شعيرات معترضات، ظهر إحداها لبطن الأخرى، والشّعيرة سبع شعرات معترضات من ذنب بغل أو برذون «1» .
قال الجوهريّ: ويقال أيضا على البريد: المرتّب؛ يقال: حمل فلان على البريد. قال: ويطلق أيضا على الرّسول: بريد.
ثم اختلف فيه فقيل: إنه عربيّ. وعلى هذا ذهب «الخليل» إلى أنه مشتقّ من بردت الحديد إذا أرسلت ما يخرج منه. وقيل: من أبردته إذا أرسلته. وقيل: من برد إذا ثبت، لأنه يأتي بما تستقرّ عليه الأخبار، يقال:
اليوم يوم بارد سمومه
أي ثابت.
وذهب آخرون إلى أنّه فارسيّ معرّب. قال أبو السعادات بن الأثير في كتابه «النّهاية في غريب الحديث» : وأصله بالفارسيّة «بريده دم» ، ومعناه مقصوص الذّنب. وذلك أن ملوك الفرس كانت من عادتهم أنهم إذا أقاموا بغلا في البريد قصّوا ذنبه، ليكون ذلك علامة لكونه من بغال البريد. وأنشد الجوهريّ لامريء القيس:
على كلّ مقصوص الذّنابى معاود ... بريد السّرى باللّيل من خيل بربرا
الأمر الثاني (أوّل من وضع البريد وما آل إليه أمره إلى الآن)
أما في الجاهليّة، فقد ذكر في «التعريف» : أنّ البريد كان موجودا في عهد الأكاسرة من ملوك الفرس، والقياصرة ملوك الرّوم. قال: ولكن لا أعرف(14/412)
هل كان على البريد المحرّر أو كانت مقاديره متفاوتة كما هو الآن؟. ثم قال:
ولا أظنّه إلا على القدر المحرّر، إذ كانت حكمتهم تأبى إلّا ذلك.
وأمّا في الإسلام فقد ذكر أبو هلال العسكريّ في كتابه «الأوائل» : أنّ أوّل من وضعه في الإسلام معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. قال في «التعريف» : وذلك حين استقرّت له الخلافة، ومات أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه، وسلّم له ابنه الحسن عليه السّلام، وخلا من المنازع، فوضع البريد لتسرع إليه أخبار بلاده من جميع أطرافها، فأمر بإحضار رجال من دهاقين الفرس وأهل أعمال الرّوم وعرّفهم ما يريد، فوضعوا له البريد. قال:
وقيل: إنما فعل ذلك زمن عبد الملك بن مروان حين خلا وجهه من الخوارج عليه: كعمرو بن سعيد الأشدق، وعبد الله بن الزّبير، ومصعب بن الزبير، والمختار بن أبي عبيد.
والذي ذكره العسكريّ: أن عبد الملك إنما أحكمه. وذكر عنه أنه قال لابن الدغيدغة: ولّيتك ما حضر بابي إلا أربعة: المؤذّن، فإنه داعي الله تعالى فلا حجاب عليه، وطارق اللّيل، فشرّ ما أتى به ولو وجد خيرا لنام، والبريد، فمتى جاء من ليل أو نهار فلا تحجبه، فربّما أفسد على القوم سنة حبسهم البريد ساعة، والطّعام إذا أدرك، فافتح الباب وارفع الحجاب وخلّ بين الناس وبين الدخول. ثم قال: ويذكر هذا الكلام عن زياد أيضا.
قال في «التعريف» : وكان الوليد بن عبد الملك يحمل عليه الفسيفساء وهي الفصّ المذهب من القسطنطينيّة إلى دمشق، حتى صفّح منه حيطان المسجد الجامع بها، ومساجد مكّة والمدينة والقدس.
قال: ثم لم يزل البريد قائما، والعمل عليه دائما، حتى آن لبناء الدّولة المروانيّة أن ينتقض، ولحبلها أن ينتكث، فانقطع ما بين خراسان والعراق، لانصراف الوجوه إلى الشّيعة القائمة بالدّولة العبّاسيّة. ودام الأمر على ذلك حتّى انقضت أيام مروان بن محمد آخر خلفاء بني أميّة، وملك السّفّاح، ثم(14/413)
المنصور، ثم المهديّ، والبريد لا يشدّ له سرج، ولا تلجم له دابّة. ثم إن المهديّ أغزى ابنه هارون الرشيد الرّوم، وأحبّ أن لا يزال على علم قريب من خبره، فرتّب فيما بينه وبين معسكر ابنه بردا كانت تأتيه بأخباره، وتريه متجدّدات أيّامه. فلما قفل الرشيد قطع المهديّ تلك البرد؛ ودام الأمر على هذا باقي مدّته ومدّة خلافة موسى الهادي بعده. فلما كانت خلافة هارون الرّشيد، ذكر يوما حسن صنيع أبيه في البرد التي جعلها بينهما، فقال له يحيى ابن خالد: لو أمر أمير المؤمنين بإجراء البريد على ما كان عليه، كان صلاحا لملكه، فأمره به، فقرّره يحيى بن خالد، ورتّبه على ما كان عليه أيام بني أميّة، وجعل البغال في المراكز؛ وكان لا يجهّز عليه إلا الخليفة أو صاحب الخبر، ثم استمرّ على هذا؛ فلما دخل المأمون بلاد الرّوم ونزل على نهر البرذون «1» وكان الزمان حرّا، والفصل صيفا، قعد على النّهر ودلّى رجليه فيه وشرب ماءه، فاستعذبه واستبرده واستطابه، وقال لمن كان معه: ما أطيب ما شرب عليه هذا الماء؟، فقال كلّ رجل برأيه. فقال هو: أطيب ما شرب عليه هذا الماء رطب «إزاز» ، فقالوا له: يعيش أمير المؤمنين حتّى يأتي العراق ويأكل من رطبها الإزاز، فما استتمّوا كلامهم حتى أقبلت بغال البريد تحمل ألطافا فيها رطب إزاز، فأتي المأمون بها فأكل منها وأمعن وشرب من ذلك الماء، فكثر تعجّب الحاضرين منه لسعادته في أنه لم يقم من مقامه حتّى بلغ أمنيّته، على ما كان يظنّ من تعذّرها؛ فلم يقم المأمون من مقامه حتّى حمّ حمّى حادّة كانت فيها منيّته.
ثم قطع بنو بويه البريد حين علوا على الخلافة وغلبوا عليها، ليخفى على الخليفة ما يكون من أخبارهم وحركاتهم أحيان قصدهم بغداد، وكان الخليفة لا يزال يأخذ بهم على بغتة.
ثم جاءت ملوك السّلاجقة على هذا؛ وأهمّ ملوك الإسلام اختلاف(14/414)
ذات بينهم وتنازعهم، فلم يكن بينهم إلا الرّسل على الخيل والبغال، في كلّ أرض بحسبها.
فلما جاءت الدّولة الزّنكيّة أقامت لذلك النّجّابة «1» ، وأعدّت له النّجب المنتخبة. ودام ذلك مدّة زمانها ثم زمان بني أيّوب إلى انقراض دولتهم.
وتبعها على ذلك أوائل الدّولة التّركية، حتّى صار الملك إلى الملك الظاهر بيبرس رحمه الله، واجتمع له ملك مصر والشام وحلب إلى الفرات، وأراد تجهيز دولته إلى دمشق فعيّن لها نائبا، ووزيرا، وقاضيا، وكاتبا للإنشاء.
قال: وكان عمّي الصاحب شرف الدّين أبو محمد عبد الوهّاب رحمه الله هو كاتب الإنشاء، فلما مثل إليه ليودّعه، أوصاه وصايا كثيرة، آكدها مواصلته بالأخبار وما يتجدّد من أخبار التّتار والفرنج، وقال له: إن قدرت أن لا تبيّتني كلّ ليلة إلا على خبر [ولا تصبّحني إلا على خبر] «2» فافعل، فعرّض له بما كان عليه البريد في الزّمان الأوّل وأيام الخلفاء، وعرضه عليه فحسن موقعه منه وأمر به. قال عمّي: فكنت أنا المقرّر له قدّامه وبين يديه. ثم ذكر أنه لم يزل باقيا على ذلك إلى أيّامه. ثم قال: وهو جناح الإسلام الذي لا يحصّ «3» ، وطرف قادمته التي لا تقصّ.
قلت: ولم يزل البريد بعد ذلك مستقرّا بالديار المصريّة والممالك الشّاميّة إلى أن غشي البلاد الشامية تمرلنك صاحب ما وراء النّهر، وفتح دمشق وخرّبها وحرّقها في سنة أربع وثمانمائة، فكان ذلك سببا لحصّ جناح البريد وبطلانه من سائر الممالك الشامية. ثم سرى هذا السّمّ إلى الدّيار المصرية فألحقها بالهمل، ورماها بعد الحلي بالعطل، فذهبت معالم البريد من مصر والشام، وعفت آثاره، وصار إذا عرض أمر من الأمور السلطانية في(14/415)
بعض نواحي الديار المصرية أو الممالك الشامية، ركب البريديّ على فرس له، يسير بها الهوينا سير المسافر إلى المكان الذي يريده، ثم يعود على هذه الصورة، فيحصل بواسطة ذلك الإبطاء في الذّهاب والإياب.
الأمر الثالث (بيان معالم البريد)
إعلم أنه كان فيما تقدّم في زمن الخلفاء للبريد شخص مخصوص يتولّى أمره بتنفيذ ما يصدر وتلقّي ما يرد، يعبّر عنه ب «صاحب البريد» . وممن تعرّض إلى ذكر ذلك أبو جعفر النّحّاس «1» في كتابه «صناعة الكتّاب» في الكلام على أرباب الوظائف، واشتقاق أسمائهم. وقد أشار إليه الجوهريّ في صحاحه أيضا فقال: ويقال أبرد صاحب البريد إلى الأمير فهو مبرد يعني أرسل إليه البريد.
ثم قد تقدّم في مقدّمة الكتاب في الكلام على صاحب ديوان الإنشاء وماله التّحدّث عليه- أن صاحب ديوان الإنشاء وماله التّحدّث عليه- أن صاحب ديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية هو المتولّي لأمر البريد وتنفيذ أموره في الإيراد والإصدار. وكان للبريد ألواح من فضّة مخلّدة بديوان الإنشاء تحت أمر كاتب السّرّ بالأبواب السلطانية، منقوش على وجهي اللّوح نقشا مزدوجا ما صورته: «لا إله إلا الله محمد رسول الله، أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون. ضرب بالقاهرة المحروسة» . وعلى الوجه الآخر ما صورته:
«عزّ لمولانا السّلطان الملك الفلانيّ: فلان الدّنيا والدّين، سلطان الإسلام والمسلمين، فلان، ابن مولانا السلطان الشهيد الملك الفلانيّ فلان، خلّد الله ملكه» «2» . وفي ذلك اللوح ثقب معلّق به شرّابة من حرير أصفر ذات(14/416)
بندين، يجعلها البريديّ في عنقه، بإدخاله رأسه بين البندين، ويصيّر اللوح أمامه تحت ثيابه، والشّرّابة خلفه من فوق ثيابه. فإذا خرج بريديّ إلى جهة من الجهات، أعطي لوحا من تلك الألواح، يعلّقه في عنقه، على ما تقدّم ذكره، ويذهب إلى جهة قصده؛ فكلّ من رأى تلك الشّرّابة خلف ظهره علم أنه بريديّ. وبواسطة ذلك تذعن له أرباب المراكز بتسليم خيل البريد. ولا يزال كذلك حتّى يذهب ويعود، فيعيد ذلك اللّوح إلى ديوان الإنشاء.
وكذلك الحكم في دواوين الإنشاء بدمشق وحلب وغيرهما من الممالك الشامية؛ لا يختلف الحكم في ذلك إلا في الكتابة بمحلّ ضرب اللّوح. فإن كان بدمشق كتب: «ضرب بالشّام» . وإن كان بحلب كتب:
«ضرب بحلب المحروسة» وكذلك باقي الممالك.(14/417)
الفصل الثاني من الباب الأوّل من الخاتمة في ذكر مراكز البريد
وهي الأماكن التي تقف فيها خيل البريد لتغيير خيل البريديّة فيها فرسا بعد فرس. قال في «التعريف» : وليست على المقدار المقدّر في البريد المحرّر، بل هي متفاوتة الأبعاد، إذ ألجأت الضّرورة إلى ذلك: تارة لبعد ماء، وتارة للأنس بقرية، حتى إنك لترى في [هذه] «1» المراكز البريد الواحد بقدر بريدين. ولو كانت على التّحرير [الذي عليه الأعمال] «2» لما كان تفاوت. وقد ذكر منها المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله رحمه الله في «التعريف» ما أربى في ذلك على المقصود وزاد، وهو بذلك أدرى وأدرب. وهأنا أذكر ما ذكره، موضّحا لما يحتاج منه إلى التّوضيح، مع الزيادة عليه وتقريب التّرتيب.
ويشتمل على ستة مقاصد:
المقصد الأوّل (في مركز قلعة الجبل المحروسة بالديار المصرية التي هي قاعدة الملك، وما يتفرّع عنه من المراكز، وما تنتهي إليه مراكز كلّ جهة)
إعلم أن الذي يتفرّع عن مركز القلعة ويتشعّب منه أربع جهات، وهي:(14/418)
جهة «قوص» من الوجه القبليّ وما يتّصل بذلك من أسوان وما يليها من بلاد النّوبة، وعيذاب وما يليها من سواكن، وجهة الإسكندريّة من الوجه البحريّ، وجهة دمياط من الوجه البحريّ أيضا، وما يتفرّع عنها من جهة غزّة من البلاد الشامية.
فأما مراكز قوص وما يليها: فمن مركز قلعة الجبل المحروسة، ومنها إلى مدينة الجيزة. وهي قاعدة الأعمال الجيزيّة، وقد تقدّم الكلام عليها في الكلام على بلاد المملكة في المقالة الثانية. ثم منها إلى زاوية أمّ حسين، وهي قرية من عمل الجيزة. قال في «التعريف» : والمركز الآن بمنية القائد وهي على القرب من زاوية أمّ حسين المذكورة؛ ثم منها إلى «ونا» وهي بلدة من عمل البهنسى؛ ثم منها إلى دهروط وهي بلدة من عمل البهنسى أيضا؛ ثم منها إلى أقلوسنا «1» ، وهي بلدة من عمل الأشمونين؛ ثم منها إلى منية بني خصيب، وهي مدينة من عمل الأشمونين، وقد تقدّم الكلام عليها في المقالة الثانية؛ ثم منها إلى مدينة الأشمونين، وهي قاعدة بلادها، وقد تقدّم الكلام عليها في المقالة الثانية؛ ثم منها إلى ذروة سربام «2» وهي بلدة من عمل الأشمونين على فم الخليج اليوسفيّ الواصل من النّيل إلى الفيّوم، وتعرف بذروة الشريف، إضافة إلى الشّريف ناصر الدّين محمد بن تغلب الذي كان عصى بها في زمن الظّاهر بيبرس، وسمت نفسه إلى الملك حتّى كاده الظّاهر وقبض عليه وشنقه بالإسكندرية، وبها دياره وقصوره والجامع الذي أنشأه بها إلى الآن؛ ثم منها إلى مدينة منفلوط، وهي قاعدة الأعمال المنفلوطيّة التي هي أجلّ خاصّ السّلطان؛ ثم منها إلى مدينة أسيوط، وهي قاعدة الأعمال الأسيوطيّة، ومقرّ نائب الوجه القبليّ الآن، وقد تقدّم ذكرها في المقالة الثانية؛ ثم منها إلى طما، وهي قرية من عمل أسيوط المقدّمة الذّكر(14/419)
على ضفّة النّيل؛ ثم منها إلى المراغة، وهي بلدة من عمل إخميم. قال في «التعريف» : وربّما سمّيت المرائغ؛ ثم منها إلى بلسبورة وهي بلده من عمل إخميم أيضا. قال في «التعريف» : وربّما قيل بلزبورة «1» بإبدال السّين زايا، ثم منها إلى جرجا، وهي بلدة من العمل المذكور، ثم منها إلى البلينة، وهي بلدة من عمل قوص، ويقال فيها البلينا «2» بإبدال الهاء ألفا؛ ثم منها إلى «هوّ» ، وهي بلدة من عمل قوص أيضا؛ قال في «التعريف» :
ويليها الكوم الأحمر، وهما من خاصّ السلطان، وعندهما ينقطع الرّيف في البرّ الغربيّ، ويكون الرّمل المتّصل بدندرى ويسمّى خان دندرى، وقد تقدّم الكلام على ذلك مستوفى في المقالة الثانية. ومنها إلى مدينة قوص قاعدة الأعمال القوصيّة، وقد تقدّم الكلام عليها في المقالة الثانية.
ثم من قوص تنقطع مراكز البريد، ويتشعّب الطريق إلى جهة أسوان، وبلاد النّوبة، وجهة عيذاب وسواكن.
فمن أراد المسير إلى جهة أسوان ركب الهجن من قوص إلى أسوان، ثم منها إلى بلاد النّوبة.
ومن أراد المسير إلى عيذاب سار من قوص إلى كيمان قفط على القرب من قوص.
قلت: ثم يسير في قفار وجبال، من كيمان قفط إلى ماء يسمى ليطة على مرحلة من الكيمان، به عين تنبع وليست جارية، ثم منها إلى ماء يسمى الدريح على القرب من معدن الزّمرّد، به عين صغيرة يستقى منها من الماء ما شاء الله، وهي لا تزيد ولا تنقص؛ ثم منها إلى حميثرة حيث قبر سيّدي أبي الحسن الشّاذليّ، وهناك عين ماء يستقى منها؛ ثم منها إلى عيذاب، وهي(14/420)
قرية صغيرة على ضفّة بحر القلزم في الشمال إلى الغرب، وعلى القرب منها عين يستقى منها.
وتقدير جميع المسافة من الكيمان إلى عيذاب نحو عشرة أيام بسير الأثقال، على أنه في «مسالك الأبصار» قد ذكر أن الطّريق إلى عيذاب من شعبة على القرب من أسوان، ثم يسير منها في بلاد عرب يسمّون بني عامر إلى سواكن، وهي قرية حاضرة البحر صاحبها من العرب، وكتب السلطان تنتهي إليه، على ما تقدّم ذكره في الكلام على المكاتبات.
وأما الإسكندرية فالمراكز الموصّلة بها في طريقين:
الطريق الأولى: الآخذة على الجبل الغربي ويسمّى طريق الحاجر.
والمسير فيها من مركز القلعة المقدّم ذكره إلى مدينة الجيزيّة؛ ثم منها إلى جزيرة القطّ، وهي قرية من آخر عمل الجيزة من الجهة البحرية؛ ثم منها إلى وردان، وهي قرية من عمل البحيرة. [ثم منها إلى الطّرّانة] «1» ؛ ثم منها إلى طيلاس «2» وهي بلدة من عمل البحيرة أيضا وتعرف بزاوية مبارك. قال في «التعريف» : وأهل تلك البلاد يقولون: انبارك. ثم منها إلى مدينة دمنهور وتعرف بدمنهور الوحش، وهي قاعدة أعمال البحيرة، ومحلّ مقام نائب السّلطنة بالوجه البحريّ، وقد تقدّم الكلام عليها في المقالة الثانية، ثم منها إلى لوقين وهي قرية من عمل البحيرة؛ ثم منها إلى الإسكندريّة.
الطريق الثانية: الآخذة في وسط العمران، وتعرف بالوسطى.
وهي من مركز القلعة إلى مدينة قليوب قاعدة الأعمال القليوبيّة، وقد تقدّم الكلام عليها في المقالة الثانية، ثم منها إلى مدينة منوف العليا، وهي(14/421)
قاعدة الأعمال المنوفيّة، وقد تقدّم الكلام عليها في المقالة الثانية، ثم منها إلى مدينة المحلّة المعروفة بالمحلّة الكبرى، وهي قاعدة الأعمال الغربيّة، وقد تقدّم الكلام عليها في المقالة الثانية. وقد وهم في «التعريف» فسماها محلّة المرحوم بلدة من بلاد الغربيّة غيرها، ثم منها إلى النحريريّة، وهي مدينة من عمل الغربية، ثم منها إلى الإسكندريّة.
وأما الطريق إلى دمياط وغزّة، فمن مركز القلعة إلى سرياقوس، وهي بلدة من ضواحي القاهرة، وليس المركز في نفس البلد، بل بالقرية المستجدّة بجوار الخانقاه النّاصرية التي أنشأها السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون على القرب من سرياقوس. قال في «التعريف» : وكان قبل هذا بالعشّ، وكان طويل المدى في مكان منقطع، وكانت البريديّة لا تزال تتشكّى منه، فصلح بنقله، وحصل به الرّفق لأمور لم يكن منها إلا قربه من الأسواق المجاورة للخانقاة النّاصريّة وما يوجد فيها، وأنسه بما حولها [لكفى] ، ثم منها إلى بئر البيضاء، وهي مركز بريد منفرد ليس حوله ساكنون، ثم منها إلى مدينة بلبيس قاعدة الأعمال الشّرقية، وقد تقدّم الكلام عليها في المقالة الثانية. قال في «التعريف» : وهي آخر المراكز السّلطانية، وهي التي تشترى خيلها من الأموال السلطانية ويقام لها السّوّاس «1» وتصرف لها العلوفات، ثم منها إلى السّعيديّة، ثم من السّعيدية إلى أشموم الرّمّان قاعدة بلاد الدّقهليّة والمرتاحيّة، وقد تقدّم ذكرها في المقالة الثانية، ومنها إلى دمياط ومن أراد غزّة. وقد تقدّم أنّ مدينة بلبيس هي آخر المراكز السلطانية. ثم السّعيديّة وما بعدها إلى الخرّوبة تعرف بالشّهّارة، خيل البريد بها مقرّرة على عربان ذوي إقطاعات، عليهم خيول موظّفة يحضر بها أربابها عند هلال كلّ شهر إلى المراكز؛ وتستعيدها في آخر الشّهر ويأتي غيرها، ومن هنالك سمّيت(14/422)
الشّهّارة. قال في «التعريف» : وعليهم وال من قبل السّلطان يستعرض في رأس كلّ شهر خيل أصحاب النوبة ويدوّغها بالدّاغ «1» السلطانيّ. قال: وما دامت تستجدّ فهي قائمة، ومتى اكترى أهل نوبة ممن قبلهم فسدت المراكز، لأن الشّهر لا يهلّ وفي خيل المنسلخ قوّة، لا سيّما والعرب قليلة العلف.
وأوّل هذه المراكز السّعيديّة المقدّم ذكرها، ثم منها إلى الخطّارة، ثم منها إلى قبر الوايلي. قال في «التعريف» : وقد استجدّ به أبنية وأسواق وبساتين حتّى صار كأنه قرية، ثم منها إلى الصّالحيّة، وهي قرية لطيفة. قال في «التعريف» : وهي آخر معمور الديار المصرية، ثم منها إلى بئر عفرى «2» ، وإلى هذا المركز يجلب الماء من بئر وراءه، ومنها إلى القصير.
قال في «التعريف» : وقد كان كريم الدّين وكيل الخاصّ بنى بها خانا ومسجدا ومئذنة، وعمل ساقية، فتهدّم ذلك كلّه، ولم يوجد له من يجدّده، وبقيت المئذنة خاصّة، ورتّب بها زيت للتّنوير. قال: وهذا القصير يقارب المركز القديم المعروف بالعاقولة المقارب لقنطرة الجسر الجاري تحتها فواضل ماء النيل أوان زيادته إذا خرج إلى الرّمل، ثم منها إلى حبوة. قال في «التعريف» : وليس بها ماء ولا بناء، وإنما هي موقف يقف به خيل العرب الشّهّارة، ويجلب الماء إليها من بئر وراءها، ثم منها إلى الغرابي، ثم منها إلى قطيا، وهي قرية صغيرة بها تؤخذ المرتّبات السلطانية من التّجّار الواردين إلى مصر والصادرين عنها، وهناك رمل بالطريق يختم في الليل ويحفظ ما حوله بالعربان، حتّى لا يمرّ أحد ليلا. فيكون من القاهرة إلى قطيا اثنا عشر بريدا، ثم منها إلى صبيحة نخلة معن. قال في «التعريف» : ومن الناس من يقتصر على إحدى هذه الكلمات في تسميتها؛ ثم منها إلى المطيلب؛ ثم منها(14/423)
إلى السّوادة. قال في «التعريف» : وقد حوّلت عن مكانها فصار المسافر لا يحتاج إلى تعريج إليها، ثم منها إلى الورّادة، قال في «التعريف» : وهي قرية صغيرة بها مسجد على قارعة الطريق، بناه الملك الأشرف «خليل» بن المنصور قلاوون تغمده الله برحمته، حصل به الرّفق بمبيت السّفّارة به.
قال: وقد كان فخر الدّين كاتب المماليك بنى إلى جانبه خانا فبيع بعده، ثم منها إلى بئر القاضي. قال في «التعريف» : والمدى بينهما بعيد جدّا يملّه السّالك، ومنها العريش. قال في «التعريف» : وقد أحسن كريم الدّين رحمه الله بعمل ساقية سبيل به وبناء خان حصين فيه يأوي إليه من الجأه المساء، وينام فيه آمنا من طوارق الفرنج، ثم منها إلى الخرّوبة، وبها ساقية وخان، بناهما فخر الدّين كاتب المماليك، حصل به من الرّفق والأمن ما بالعريش. قال في «التعريف» : وهذا آخر مراكز العرب الشّهّارة، ثم ممّا يليها خيل السلطان ذوات الإصطبلات والخدم تشترى بمال السلطان وتعلف منه، وأوّلها الزّعقة، ثم منها إلى رفح، ثم منها إلى السلقة. قال في «التعريف» : وكان قبل هذا المركز ببئر طرنطاي حيث الجمّيز ويسمى سطر. قال: وكان في نقله إلى السلقة المصلحة، ثم منها إلى الدّاروم، ثم منها إلى غزّة. يكون من قطيا إلى غزّة أحد عشر مركزا.
المقصد الثاني (في مراكز غزّة وما يتفرّع عنه من البلاد الشامية)
والذي يتفرّع عنه مراكز ثلاث جهات، وهي: الكرك، ودمشق، وصفد.
فأما الطريق إلى الكرك: فمن غزّة إلى ملاقس وهو مركز بريد، ثم منها إلى بلد الخيل عليه السّلام، ثم منها إلى جنبا، ثم منها إلى الصّافية، ثم منها إلى الكرك.
وأما مراكز دمشق: فمن غزّة إلى الجينين، وهو مركز بريد؛ ومنها إلى بيت دارس «1» ، والناس يقولون: تدارس، وبها خان بناه ناصر الدّين خزندار(14/424)
تنكز. قال في «التعريف» : وكان قديما بياسور، وكان قريب المدى فنقل وكانت المصلحة في نقله؛ ثم منها إلى قطرى «1» . قال في «التعريف» : وهو مركز مستجدّ كان المشير به طاجار الدوادار الناصريّ، وبه بئر سبيل وآثار له.
قال: وقد حصل به رفق عظيم لبعد ما بين [لدّ وبيت دارس] «2» أو ياسور، ثم منها إلى لدّ، ثم منها إلى العوجاء. قال في «التعريف» : وهي زوراء عن الطّريق، ولو نقلت منه لكان أرفق؛ ثم منها إلى الطيرة. قال في «التعريف» : وبها خان كان قد شرع في بنائه ناصر الدّين دوادار تنكز ثم كمل بيد غيره؛ ثم منها إلى قاقون، ثم منها إلى فحمة [ثم منها إلى جينين] «3» . قال في «التعريف» : وهي على صفد، يعني القيام به، وبه خان لطاجار الدّوادار، حسن البناء جليل النّفع، ليس على الطريق أخصّ منه ولا أحصن، ولا أزيد نفعا منه ولا أزين.
ومن أراد دمشق وما يليها سار من جينين إلى ذرعين «4» . قال في «التعريف» : ومنها ينزل على عين جالوت، وهو مركز مستجدّ حصل به أعظم الرّفق والرّاحة من العقبة التي كان [يسلك] «5» عليها بين جينين وبيسان مع طول المدى، ثم منها إلى بيسان؛ ثم منها إلى المجامع. قال في «التعريف» : وهو مركز مستجدّ عند جسر أسامة «6» ، كنت أنا المشير به في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وحصل به الرّفق لبعد ما كان بين بيسان وزحر. قال: وقد كان الطريق قديما من بيسان [إلى] «7» طيبة اسم، ثم إلى أربد، وكانت غاية في المشقّة، إذ كان المسافر ما بين بيسان وطيبة اسم(14/425)
يحتاج إلى خوض الشّريعة، وبها معدّية للفارس دون الفرس، وإنما يعبر فيها الفرس سباحة، وكان في هذا من المشقّة ما لا يوصف، لا سيّما أيام زيادة الشّريعة «1» وكلب البرد: لقطع الماء ومعاناة العقاب التي لا يشقّها جناح العقاب، ولكن الأمير الطنبغا كافل الشّام رحمه الله نقل هذه الطّريق وجعلها على القصير حيث هي اليوم، ونقل المركز من الطّيبة إلى زحر حين غرق بعض البريديّة الجبليين بالشّريعة؛ ثم من المجامع المذكورة إلى زحر «2» ، ثم منها إلى أربد، ثم منها إلى طفس، ثم منها إلى الجامع. قال في «التعريف» : وكان قديما في المكان المسمّى برأس الماء، فلما ملكه الأمير الكبير تنكز كافل الشّام رحمه الله نقل المركز منه إلى هذا الجامع، فقرب به المدى فيما بينه وبين طفس، وكان بعيدا فما جاء إلا حسنا، ثم منها إلى الصّنمين، ثم منها إلى غباغب؛ ثم منها إلى الكسوة، ثم منها إلى دمشق المحروسة.
وأما الطريق الموصّلة إلى صفد: فمن جينين المقدّم ذكرها إلى تبنين؛ ثم منها إلى [حطّين] «3» وبها قبر شعيب عليه السّلام، ثم منها إلى صفد.
المقصد الثالث (في ذكر دمشق وما يتفرّع عنه من المراكز الموصّلة إلى حمص وحماة وحلب، وإلى الرّحبة، وإلى طرابلس، وإلى جعبر، ومصياف وبيروت وصيدا وبعلبكّ والكرك وأذرعات)
فأما طريق حلب: فقال في «التعريف» : من دمشق إلى القصير.
والذي رأيته في بعض الدّساتير أنه من دمشق إلى خان لاجين، ثم إلى القصير. قال في «التعريف» : ثم من القصير إلى القطيفة، ثم منها إلى(14/426)
القسطل. ورأيت في الدّستور المذكور [أنه] «1» من القصير إلى خان الوالي، ثم إلى خان العروس، ثم إلى القسطل، ثم منها إلى قارا، ثم منها إلى بريج العطش، ويقال فيه البزيج أيضا. قال في «التعريف» : وقد كان مقطع طريق، وموضع خوف، فبنى به قاضي القضاة نجم الدّين أبو العبّاس أحمد بن صصري رحمه الله مسجدا وبركة، وأجرى الماء إلى البركة من ملك كان له هناك وقفه على هذا السّبيل، فبدّل الخوف أمنا، والوحشة أنسا، أثابه الله على ذلك. ثم منها إلى الغسولة، ثم منها إلى سمنين، ثم منها إلى حمص، ثم منها إلى الرّستن، ثم منها إلى حماة، ثم منها إلى لطمين، ثم منها إلى طرابلس، ثم منها إلى المعرّة، ثم منها إلى أنقراتا، ثم منها إلى إياد، ثم منها إلى قنّسرين، ثم منها إلى حلب.
وأما طريق الرّحبة: فمن القطيفة المقدّمة الذّكر إلى العطنة. قال في «التعريف» : وليس بها مركز، وإنّما بها خان تفرّق به صدقة من الخبز والأحذية ونعال الدّوابّ، [ثم] «2» إلى جليجل، ثم منها إلى المصنع، ثم منها إلى القريتين، ثم منها إلى الحسير، ثم منها إلى البيضاء، ثم منها إلى تدمر، ثم منها إلى أرك، ثم منها إلى السّخنة، ثم منها إلى قباقب، ثم منها إلى كواثل. قال في «التعريف» : وهو اليوم عطل. ثم منها إلى الرّحبة وهي حدّ هذه المملكة.
وأما طريق طرابلس: فمن الغسولة المتقدّمة الذّكر [إلى القصب، ثم منها إلى قدس] «3» إلى أقمار، ثم منها إلى الشّعراء، ثم منها إلى عرقا، ثم منها إلى طرابلس.
وأما طريق جعبر وما يليها: فمن حمص المتقدّمة الذّكر إلى سلمية،(14/427)
ثم منها إلى بغيديد، ثم منها إلى سوريا، ثم منها إلى الحص، ثم منها إلى جعبر، إلى عين بذال، ثم منها إلى صهلان، ثم منها إلى الخابور، ثم منها إلى رأس عين.
وأما طريق مصياف: فمن حمص المقدّمة الذّكر إلى مصياف.
وأما طريق صفد: فمن دمشق إلى بريج الفلوس، ومنه إلى أرينبة، ومنها إلى لغران، ومنها إلى صفد.
وأما طريق بيروت: فمن دمشق إلى ميسلون، ومنها إلى زبدان، ومنها إلى الحصين، ومنها إلى بيروت.
وأما طريق صيداء: فمن دمشق إلى خان ميسلون المقدّم الذّكر، إلى جزيرة صيداء، إلى كرك نوح، ثم منه إلى بعلبكّ. قال في «التعريف» :
واعلم أنّ من صيداء إلى بيروت قدر مركز.
وأما بعلبكّ، فلها طريقان: إحداهما من خان ميسلون المقدّم الذّكر إلى كرك نوح إلى بعلبكّ. والثانية من دمشق إلى الزّبدانيّ إلى بعلبكّ.
ومن أراد من بعلبكّ حمص، توجّه منها إلى القصب، ثم إلى الغسولة المتقدمة الذّكر، وبعدها شمسين، ثم حمص على ما تقدّم ذكره.
وأما طريق الكرك: فمن دمشق- في المراكز المذكورة في الوصول من غزّة إلى دمشق- على عكس ما تقدّم، إلى طفس، ومنها إلى القنية، ومنها إلى البرج الأبيض، ومنها إلى حسبان، ومنها إلى [ديباج] «1» ومنها إلى [اكرية] «2» ومنها إلى الكرك.
وأما طريق أذرعات، مقرّ ولاية الولاة بالصّفقة القبليّة: فمن طفس(14/428)
المقدمة الذّكر إلى أذرعات. قال في «التعريف» : فهذه جملة مراكز دمشق إلى كل جهة.
قال: فأما مقدار الولايات، فمن كلّ واحدة إلى ما يليها، حتّى يتوصّل المسافر على البريد إلى حيث أراد.
المقصد الرابع (من مركز حلب وما يتفرّع عنه من المراكز الواصلة إلى البيرة وبهسنى وما يليهما، وقلعة المسلمين المعروفة بقلعة الرّوم، وآياس، مدينة الفتوحات الجاهانية، وجعبر)
فأما الطريق الموصّلة إلى البيرة: فمن حلب إلى الباب، ثم منها إلى السّاجور. ثم منها إلى كلناس «1» ، ثم منها إلى البيرة، وهي في البرّ الشّرقيّ من الفرات. قال في «التعريف» : وهي أجلّ ثغورها.
وأما طريق بهسنى وما يليها: فمن حلب إلى السموقة، ثم منها إلى سندرا «2» ، [ثم منها إلى بيت الفار] «3» ثم منها إلى عينتاب، ثم منها إلى بهسنى.
ثم منها يدخل إلى جهة قيساريّة والبلاد المعروفة الآن ببلاد الرّوم، وهي بلاد الدّروب. قال في «التعريف» : وقد استضفنا نحن (يعني أهل هذه المملكة) في هذا الحين القريب إلينا منها: قيساريّة ودرندة، وإنما المستقرّ المعروف أنّ آخر حدّ الممالك الإسلامية من هذه الجهة- بهسنى.
وأما طريق قلعة المسلمين وما يليها: فمن عينتاب المقدّمة الذكر إليها،(14/429)
وهي وسط الفرات، وهو خلجان دائرة عليها. ثم من قلعة المسلمين إلى جسر الحجر، ثم إلى الكختا، وهي آخر الحدّ من الطّرف الآخر.
وأما طريق آياس: فمن حلب إلى أرحاب، ثم منها إلى تيزين، ثم منها إلى يغرا، ثم منها إلى بغراس؛ قال في «التعريف» : وهي كانت آخر الحدّ مما يلي بلاد الأرمن. قال: وقد استضفنا نحن في هذا الحين ما استضفنا، فصار من بغراس إلى باياس، وهي أوّل جيل الأرمن، ثم من باياس إلى آياس.
وأما طريق جعبر: فمن حلب إلى الجبّول، ثم منها إلى بالس، ثم منها إلى جعبر. قال في «التعريف» : هذه جملة مراكز حلب. أما بقايا القلاع ومقارّ الولايات، فمن شعب هذه الطّرق، أو من واحدة إلى أخرى.
المقصد الخامس (في مركز طرابلس وما يتفرّع عنه من المراكز الموصّلة إلى جهاتها)
فأما طريق اللّاذقيّة: فمن طرابلس إلى مرقية، ثم منها إلى بلنياس، ثم منها إلى اللّاذقيّة، ثم منها إلى صهيون- وهي قلعة جليلة كانت دار ملك- ثم منها إلى بلاطنس. قال في «التعريف» : ومن شاء فمن صهيون إلى برزيه- وهو حصن سمّي باسم من عمره أو عرف بملكه- ومن شاء فمن بلاطنس إلى العلّيقة أوّل قلاع الدّعوة مما يلي بلاطنس، ثم منها إلى الكهف، ثم منها إلى القدموس، ثم منها إلى الخوابي، ثم منها إلى الرّصافة، ثم منها إلى مصياف. قال في «التعريف» : فهذه جملة مراكز طرابلس. فأما مقارّ الولايات فمن واحدة إلى أخرى، ثم ذكر جميع مراكز البريد بالممالك المحروسة.
قال: فأمّا من أطراف ممالكنا إلى حضرة الأردو «1» ، حيث هو ملك بني(14/430)
هولاكو، فلهم مراكز تسمّى خيل الأولاق وخيل اليام يحمل عليها، لا تشترى بمال السلطان ولا يكلّف ثمنها، وإنما هي على أهل تلك الأرض، نحو مراكز العرب في رمل مصر ونحو ذلك.
المقصد السادس (في معرفة مراحل الحجاز الموصّلة إلى مكّة المشرّفة والمدينة النّبويّة، على ساكنها سيدنا محمد أفضل الصلاة والسّلام والتحية والإكرام، إذ كانت من تتمّة الطّرق الموصّلة إلى بعض أقطار المملكة)
وكما ضبطت تلك بالمراكز فقد ضبطت هذه بالمراحل. وعادة الحجّاج أنهم يقطعون في كلّ يوم وليلة منها مرحلتين بسير الأثقال، ودبيب الأقدام، [ويقطعونها كلّها] «1» في شهر، بما فيه من أيّام الإقامة بالعقبة والينبع نحو ستّة أيام. أما من يسافر على النّجب مخفّا مع الجدّ في السّير فإنه يقطعها في نحو أحد عشر.
ثم أوّل مصيرهم من القاهرة إلى البركة المعروفة ببركة الحاجّ؛ ثم منها إلى البويب، ثم منها إلى الطّليحات، ثم منها إلى المنفرح، ثم منها إلى مراكع موسى، ثم منها إلى عجرود- وبها بئر ومصنع ماء متّسع يملأ منها- ثم منها إلى المنصرف، ثم منها إلى وادي القباب- وهو كثير الرّمل- ثم منها إلى أوّل تيه بني إسرائيل- وهو واد أفيح متّسع- ثم منها إلى العنق، ثم منها إلى نخل- وبها ماء طيّب- ثم منها إلى جسد الحيّ، ثم منها إلى بئر بيدرا، ثم منها إلى تمد الحصا، ثم منها إلى ظهر العقبة، ثم منها إلى سطح العقبة- وهو عرقوب البغلة على جانب طرف بحر القلزم، وفيها ماء طيّب من حفائر- ثم منها إلى حفن على جانب طرف بحر القلزم- وفيها ماء طيّب من الحفائر-(14/431)
ثم منها إلى عشّ الغراب، ثم منها إلى آخر الشرفة، ثم منها إلى مغارة شعيب- وبها ماء ومصنع- ثم منها إلى وادي عفّان، ثم منها إلى ذات الرّخيم، ثم منها إلى عيون القصب- وبه ماء نابع وأجمة قصب نابتة فيها- ثم منها إلى المويلحة- وبها ماء في آبار- ثم منها إلى المدرّج، ثم منها إلى سلمى مجاور بحر القلزم- وبها ماء ملح- ثم منها إلى الأتيلات، ثم منها إلى الأزنم، والناس يقولون: الأزلم باللام بدل النون، وبه آبار بها ماء رديء يطلق بطن من شربه، لا يسقى منه غالبا إلا الجمال، وهي نصف الطّريق- ثم منها إلى رأس وادي عنتر، ثم منها إلى الوجه، وبه آبار قليلة الماء، وما هو داخل الوادي يعزّ الماء فيه غالبا ولا يوجد فيه إلا حفائر، ويقال: إنه إذا طلعت الشّمس عليه نضب ماؤه، وفيه يقول بعض من حجّ من الشعراء وعزّ عليه وجود الماء فيه:
إذا قلّ ماء «الوجه» قلّ حياؤه ... ولا خير في «وجه» بغير حياء!
ثم منه إلى المحاطب، ثم منها إلى أكرا، ثم منها إلى رأس القاع الصّغير، ثم منه إلى قبر القرويّ، ثم منه إلى كلخا، ثم منها إلى آخر القاع الصّغير، ثم منه إلى الحوراء، وبها ماء غير صالح، ثم منها إلى العقيق بضم العين تصغير عقيق بفتحها، وهو مضيق صعب- ثم منها إلى مغارة نبط، وبها ماء عذب ليس بطريق الحجاز أطيب منه، ثم منها إلى وادي النّور، ثم منها إلى قبر أحمد الأعرج الدّليل، ثم منه إلى آخر وادي النّور، ثم منه إلى رأس السّبع وعرات، ثم منها إلى دار البقر، ثم منها إلى الينبع، وهي النّصف والرّبع من الطريق، وبها تقع الإقامة ثلاثة أيام أو نحوها، وبها يودع الحجّاج ما ثقل عليهم إلى حين العود، ويستميرون منها مما يصل إليها من الديار المصرية في سفن بحر القلزم- ثم منها إلى المحاطب في الوعر، ثم منها إلى رأس وادي بدر، وهي منزلة حسنة بها عيون تجري وحدائق- ثم منها إلى رأس قاع البزوة، ثم منه إلى وسط قاع البزوة، ثم منه إلى رابغ، وهو مقابل الجحفة التي هي ميقات الإحرام لأهل مصر، وبها يحرم الحجّاج(14/432)
ولا يغشون الجحفة، إذ قد دعا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بنقل حمّى المدينة إليها بقوله:
«وانقل حمّاها إلى الجحفة» فلو مرّ بها طائر لحمّ- ثم منها إلى قديد بضم القاف، ثم منه إلى عقبة السويق، ثم منها إلى خليص- وبه مصنع ماء- ثم منها إلى عسفان، ثم منها إلى مدرّج عليّ، وهو كثير الوعر، ثم منه إلى بطن مرّ، والعامة يقولون: مرو، بزيادة واو، وبه عيون تجري وحدائق- ثم منه إلى مكّة المشرفة شرّفها الله تعالى وعظّمها، ثم من مكّة إلى منى، وبها ماء طيّب من آبار تحفر، ثم منها إلى المشعر الحرام والمزدلفة، ثم منها إلى عرفة وهي الموقف، واليها ينتهي سفر الحجّاج.
ثم العود في المنازل المتقدّمة الذّكر إلى وادي بدر على عكس ما تقدّم.
الطريق إلى المدينة النّبويّة (على ساكنها أفضل الصلاة والسّلام)
من مصر في المراحل المتقدّمة الذّكر، إلى وادي بدر المتقدّمة الذّكر، إلى رأس وادي الصّفراء، وبه عيون تجري وحدائق وأشجار- ثم منها إلى وادي بني سالم، ثم منه إلى وادي الغزالة، ثم منه إلى الفرش، ثم منه إلى بئر عليّ، وبها ماء طيّب، ثم منها إلى المدينة الشريفة النّبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسّلام والتحية والإكرام.
ومن شاء ذهب إليها من الينبع إلى رأس نقب عليّ عند طرف الجبل، ثم إلى وادي الصّفراء، ثم في المراحل المتقدّمة الذّكر إلى المدينة؛ وهي أقرب الطريقين للذّاهب من مصر، وتلك أقرب للعائد من مكّة.(14/433)
الباب الثاني من الخاتمة في مطارات الحمام الرّسائليّ، وذكر أبراجها المقرّرة بطرق الديار المصرية والبلاد الشّاميّة، وفيه فصلان
الفصل الأوّل في مطاراته
قد تقدّم في الكلام على أوصاف الحمام- عند ذكر ما يحتاج إلى وصفه في أواخر مقاصد المكاتبات من المقالة الرّابعة- أنّ الحمام اسم جنس يقع على هذا الحمام المتعارف بين الناس، وعلى اليمام والدّباسيّ والقماريّ والفواخت وغيرها، وأنّ المتبادر إلى فهم السامع عند ذكر الحمام هو هذا النّوع المخصوص، وأن أغلاه قيمة وأعلاه رتبة الحمام الرسائليّ، وهو الذي يتّخذه الملوك لحمل المكاتبات، ويعبّر عنه ب «الهدي» . وتقدّم هناك الكلام على ذكر ألوانها على اختلافها، وعدد الرّياش المعتبرة فيها، وهي رياشّ أجنحتها وأذنابها، وبيان الفرق بين الذّكر والأنثى، وصفة الطائر الفاره، والفراسة في نجابته في حال صغره، والزّمان والمكان اللائقين بالإفراخ، وما يجري مجرى ذلك مما يحتاج إليه الكاتب عند وصفه لبيان النّجيب منه من غيره، فأغنى عن ذكره هنا.
والمختصّ منه بهذا المكان ذكر الاعتناء بهذا الحمام، وأوّل من اهتمّ(14/434)
بشأنه، واعتنى بأمره، ومن قام به من الملوك، ومسافات طيرانه، وما يجري هذا المجرى.
فأما الاعتناء به والاهتمام بشأنه- فقد اعتنى به في القديم خلفاء بني العبّاس: كالمهديّ ثالث خلفائهم، والنّاصر منهم، وتنافس فيه رؤساء الناس في العراق لا سيّما بالبصرة. فقد ذكر صاحب «الروض المعطار» «1» أنهم تنافسوا في اقتنائه، ولهجوا بذكره، وبالغوا في أثمانه، حتّى بلغ ثمن الطائر الفاره منها سبعمائة دينار، ثم قال: ويقال: إنّه بلغ ثمن طائر منها جاء من خليج القسطنطينيّة ألف دينار. قال: وكانت تباع بيضتا الطّائر المشهور بالفراهة بعشرين دينارا، وأنه كان عندهم دفاتر بأنساب الحمام كأنساب العرب، وأنه كان لا يمتنع الرجل الجليل ولا الفقيه ولا العدل من اتّخاذ الحمام، والمنافسة فيه، والإخبار عنها، والوصف لأثرها، والنّعت لمشهورها، حتى وجّه أهل البصرة إلى بكّار بن شيبة البكرانيّ قاضي مصر، (وكان في فضله وعقله ودينه وورعه على ما لم يكن عليه قاض) بحمامات لهم مع ثقات، وكتبوا إليه يسألونه أن يتولّى إرسالها بنفسه، ففعل.
وكان الحمام عندهم متجرا من المتاجر، لا يرون بذلك بأسا.
وذكر المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله في «التّعريف» أن الحمام أوّل ما نشأ بالديار المصرية والبلاد الشّاميّة من الموصل، وأنّ أوّل من اعتنى به من الملوك [ونقله] «2» من الموصل الشّهيد نور الدّين بن زنكي صاحب الشّام رحمه الله، في سنة خمس وستين وخمسمائة، وحافظ عليه الخلفاء الفاطميّون بمصر، وبالغوا حتّى أفردوا له ديوانا وجرائد بأنساب الحمام، وصنّف فيه الفاضل محيي الدّين بن عبد الظاهر كتابا سماه: «تمائم الحمائم» .
قلت: وقد سبقه إلى التّصنيف في ذلك- أبو الحسن بن ملاعب(14/435)
الفوارس البغداديّ، فصنف فيه كتابا للنّاصر لدين الله الخليفة العباسيّ ببغداد، وذكر فيه أسماء أعضاء الطّائر ورياشه، والوشوم التي توسم في كلّ عضو، وألوان الطّيور وما يستحسن من صفاتها، وكيفية إفراخها، وبعد المسافات التي أرسلت فيها، وذكر شيء من نوادرها وحكاياتها، وما يجري هذا المجرى. وأظنّ أنّ كتاب القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر نتيجة عن مقدّمته.
وأما مسافات طيرانه، فقد تقدّم أن الطائر الذي بيع بألف دينار طار من القسطنطينيّة إلى البصرة، وأن الحمام أرسل من مصر إلى البصرة بحضرة القاضي بكّار قاضي مصر.
وذكر ابن سعيد في كتابه «حيا المحل وجنى النّحل» أنّ العزيز، ثاني خلفاء الفاطميّين بمصر، ذكر لوزيره يعقوب بن كلّس أنه ما رأى القراصية «1» البعلبكّية، وأنه يحبّ أن يراها. وكان بدمشق حمام من مصر وبمصر حمام من دمشق، فكتب الوزير لوقته بطاقة يأمر فيها من هو تحت أمره بدمشق أن يجمع ما بها من الحمام المصريّ، ويعلّق في كلّ طائر حبّات من القراصية البعلبكّية، ويرسلها إلى مصر، ففعل ذلك، فلم يمض النّهار حتّى حضرت تلك الحمائم بما علّق عليها من القراصية، فجمعه الوزير يعقوب بن كلّس وطلع به إلى العزيز في يومه، فكان ذلك من أغرب الغرائب لديه.
وذكر أيضا في كتابه «المغرب في حلى المغرب» أن الوزير اليازوريّ «2» المغربيّ، وزير المستنصر بالله الفاطميّ وجّه الحمام من تونس من أفريقية من بلاد المغرب فجاء إلى مصر، والعهدة عليه في ذلك.(14/436)
الفصل الثاني من الباب الثاني من الخاتمة في أبراج الحمام المقرّرة لإطارتها بالديار المصرية والبلاد الشّاميّة
وهي من القواعد والطّرق، على ما تقدّم في البريد.
أما في المسافات فإنّها تختلف، فإن مطارات الحمام ربّما زادت على مراكز البريد.
الأبراج الاخذة من قلعة الجبل المحروسة إلى جهات الديار المصرية
قال في «التعريف» : واعلم أن الحمام قد انقطع تدريجه من مصر إلى قوص وأسوان وعيذاب. وهذا ظاهر في أنّ الحمام كان يدرّج إلى هذه الأماكن، ثم أهمل تدريجه بعد ذلك. قال: ولم يبق منه الآن إلا ما هو من القاهرة إلى الإسكندريّة، ومن القاهرة إلى دمياط، ومن القاهرة إلى السّويس من طريق الحاجّ، ومن القاهرة إلى بلبيس متّصلا بالشام.
قلت: وآهل هذه الأبراج كلّها برج قلعة الجبل المحروسة، ومنها التّدريج إلى سائر الجهات.
ثم لم يذكر في «التعريف» الأبراج الموصّلة إلى أسوان وعيذاب والإسكندريّة ودمياط.(14/437)
الأبراج الآخذة من قلعة الجبل إلى غزّة
من بروج قلعة الجبل- إلى بلبيس، ثم منها إلى الصّالحيّة، ثم منها إلى قطيا، ومنها إلى الورّادة، ثم منها إلى غزّة.
الأبراج الآخذة من غزّة وما يتفرّع عنها
اعلم أن الأبراج من غزّة تتشعّب فيها مسارح الحمام إلى غير جهة دمشق وإلى جهتها.
فأمّا غير جهة دمشق، فمن غزّة إلى بلد الخليل عليه السّلام، ومن غزّة إلى القدس الشّريف، ومن غزّة إلى نابلس.
وأما جهة الشّام: فمن غزّة إلى لدّ، ومن لدّ إلى قاقون، ومن قاقون إلى جينين، ومن جينين تتشعّب المسارح إلى غير جهة دمشق وإلى جهتها.
فأمّا ما إلى غير جهة دمشق: فمن جينين إلى صفد. وأمّا ما إلى جهة دمشق: فمن جينين إلى بيسان، ومن بيسان إلى أربد، ومن أربد إلى طفس، ومن طفس إلى الصّنمين، ومن الصّنمين إلى دمشق.
قال في «التعريف» : ومن كلّ واحد من هذه المراكز إلى ما جاور ذلك من المشاهير: مثل من بيسان إلى أذرعات مقرّ ولاية الولاة بالصّفقة القبليّة، ومن طفس إليها- لإشعار وإلي الولاة «1» .
الأبراج الآخذة من دمشق وما يتفرّع عنها
تتشعّب مسارح الحمام من دمشق إلى غير جهة حلب، وإلى جهتها.
فأما إلى غير جهة حلب: فتسرّح من دمشق إلى بعلبكّ، ومن دمشق إلى القريتين.(14/438)
وأما ما هو إلى جهة حلب: فتسرّح من دمشق إلى قارا «1» ، ثم من قارا «2» إلى حمص، ثم من حمص إلى حماة، ثم من حماة إلى المعرّة، ثم من المعرّة إلى حلب.
الأبراج الاخذة من حلب وما يتفرّع عنها
برج الحمام من حلب إلى البيرة، ومن حلب إلى قلعة المسلمين، ومن حلب إلى بهسنى. قال في «التعريف» : وإلى بقية [ماله شأن] «3» ممّا حولها، [ثم من القريتين إلى تدمر، ومنها إلى السّخنة، ومنها إلى قباقب، ومنها إلى الرّحبة، وقد تعطّل الآن تدريج السّخنة إلى قباقب، وإنما صار يسوق ببطائق تدمر الواقعة بالسّخنة منها إلى قباقب، ثم يسرّح على الجناح من قباقب إلى الرحبة] «4» . قال: وبما ذكرتمّ ذكر مراكز الحمام في سائر الممالك الإسلامية.
قلت: وقد تعطّل تدريج الحمام الآن.(14/439)
الباب الثالث من الخاتمة في ذكر هجن الثّلج والمراكب المعدّة لحمل الثّلج الذي يحمل من الشام إلى الأبواب السلطانية بالديار المصريّة؛ وفيه ثلاثة فصول
الفصل الأوّل (في نقل الثّلج)
إعلم أنّ ماء نيل مصر لما كان من الحلاوة واللّطافة على ما لا يساويه فيه نهر من الأنهار، على ما تقدّم ذكره في الكلام على الديار المصرية في المقالة الثانية، مع شدّة القيظ بها في زمن الصيف، وسخونة الهواء الذي قد لا يتأتّى معه تبريد الماء، وكان الثّلج غير موجود بها، وكانت الملوك قد اعتادت الرّفاهية مع اقتدارها على تحصيل الأشياء العزيزة، وولوعهم بجلبها من الأماكن البعيدة- إكمالا لحال الرّفاهية، وإظهارا لأبّهة الملك- دعاهم كمال الرّفاهية والأبّهة إلى جلب الثّلج من الشام إلى مصر: لتبريد الماء به في زمن الحرّ. على أنّ ذلك كان في غيرهم من الملوك التي لا ثلج بحاضرتهم.
وقد ذكر أبو هلال العسكريّ في كتابه «الأوائل» أنّ أوّل من حمل إليه الثّلج الحجّاج بن يوسف بالعراق. ثم لاعتناء ملوك مصر بالثّلج قرّروا له هجنا تحمله في البرّ وسفنا تحمله في البحر، حتى يصل إلى القلعة المحروسة.(14/440)
الفصل الثاني من الباب الثالث من الخاتمة في المراكب المعدّة لنقل الثّلج من الشام
قد ذكر في «التعريف» أنها كانت في أيّام الملك الظّاهر «بيبرس» ، تغمّده الله برحمته، ثلاث مراكب في السنة، لا تزيد على ذلك. قال: ودامت على أيّام سلطاننا (يعني الملك النّاصر «محمد بن قلاوون» ) في السّلطنة الثالثة، وبقيت صدرا منها، ثم أخذت في التزيّد إلى أن بلغت أحد عشر مركبا في مملكتي الشام وطرابلس، وربّما زادت على ذلك. قال: وآخر عهدي بها من السّبعة إلى الثمانية تطلب من الشام ولا تكلّف طرابلس إلا المساعدة، وكلّ ذلك بحسب اختلاف الأوقات ودواعي الضرورات.
قال: والمراكب تأتي دمياط في البحر، ثم يخرج الثّلج في النيل إلى ساحل بولاق، فينقل منه على البغال السلطانية، ويحمل إلى الشرابخاناه «1» الشريفة، على ما تقدّم ذكره.(14/441)
وقد جرت العادة أن المراكب إذا سفّرت سفّر معها من يتدرّكها من ثلّاجين لمداراتها. ثم الواصلون بها في البحر يعودون على البريد في البرّ.(14/442)
الفصل الثالث من الباب الثالث من الخاتمة في الهجن المعدّة لنقل ذلك
قد ذكر في «التعريف» أنه مما حدث في الدّولة الناصرية «محمد بن قلاوون» واستمرّ. وقد كان قبل ذلك لا يحمل إلا في البحر خاصّة. ثم ذكر أن هذه المراكز من دمشق إلى الصّنمين، ثم منها إلى بانياس، ثم منها إلى أربد، ثم منها إلى بيسان، ثم منها إلى جينين، ثم منها إلى قاقون، ثم منها إلى لدّ، ثم منها إلى غزّة، ثم منها إلى العريش، ثم منها إلى الورّادة، ثم منها إلى المطيلب، ثم منها إلى قطيا، ثم منها إلى القصير، ثم منها إلى الصّالحيّة، ثم منها إلى بلبيس، ثم منها إلى القلعة.
قال: والمستقرّ في كلّ مركز ستّ هجن: خمسة للأحمال، وهجين للهجّان، تكون كلّ نقلة خمسة أحمال. وهذه الهجن من الشام إلى العريش على المملكة الشّاميّة، خلا جينين فإنها على صفد. ومن الورّادة إلى القلعة هجن من المناخات السّلطانية والكلفة على مال مصر. ولاتستقرّ هذه الهجن بهذه المراكز إلا أوان حمل الثّلج، وهي: حزيران وتشرين الثاني؛ وعدّة نقلاته إحدى وسبعون نقلة، متقارب مدد ما بينها، ثم صار يزيد على ذلك؛ ويجهّز مع كلّ نقلة بريديّ يتداركه، ويجهّز معه ثلّاج خبير بحمله ومداراته، يحمل على فرس ببريد ثان. قال: واستقرّ في وقت أن يحمل الثّلّاج على خيل الولاية.(14/443)
واعلم أن الثّلج إذا وصل على المراكب والهجن حتّى انتهى إلى القلعة، خزن بالشرابخاناه السلطانية. قال في «التعريف» : ومذ قرّر أن يحمل من الثّلج على الظّهر ما يحمل، استقرّ منه خاصّ المشروب، لأنه يصل أنظف وآمن عاقبة، على أن المتسفّرين يأخذون الجاشني «1» منه بحضور أمير مجلس وشادّ الشّرابخاناه السلطانية وخزّانها. أما المنقول في البحر فلما عدا ذلك. قال: وللمجهّزين به من الخلع ورسوم الإنعام رسوم مستقرّة، وعوائد مستمرّة.
قلت: وقد جرت العادة أنّ واصل الثّلج في كلّ نقلة في البرّ والبحر تكتب به رجعة من ديوان الإنشاء، وهذا هو وجه تعلّقه بديوان الإنشاء.(14/444)
الباب الرابع من الخاتمة في المناور والمحرقات؛ وفيه فصلان.
الفصل الأوّل في المناور
قال في «التعريف» وهي مواضع رفع النّار في اللّيل والدّخان في النّهار.
وذلك أن مملكة إيران لمّا كانت بيد هولاكو من التّتار، وكانت الحروب بينهم وبين أهل هذه المملكة، كان من جملة احتياط أهل هذه المملكة أن جعلوا أماكن مرتفعة من رؤوس الجبال توقد فيها النّار ليلا و [يثار] الدّخان نهارا، للإعلام بحركة التّتار إذا قصدوا دخول البلاد لحرب أو إغارة. وهذه المناور تارة تكون على رؤوس الجبال، وتارة تكون في أبنية عالية، ومواضعها معروفة تعرّف بها أكثر السّفّارة، وهي من أقصى ثغور الإسلام كالبيرة والرّحبة، وإلى حضرة السلطان بقلعة الجبل، حتّى إنّ المتجدّد بالفرات إن كان بكرة علم به عشاء، وإن كان عشاء علم به بكرة. ولما يرفع من هذه النّيران، أو يدخّن من هذا الدّخان أدلّة يعرف بها اختلاف حالات رؤية العدوّ والمخبر به باختلاف حالاتها، تارة في العدد، وتارة في غير ذلك. وقد أرصد في كلّ منوّر الدّيادب «1» والنّظّارة، لرؤية ما وراءهم وإيراء(14/445)
ما أمامهم، ولهم على ذلك جوامك «1» مقرّرة كانت لا تزال دارّة. قال: وكان ينوّر بمدينة عانة «2» من تلك المملكة قوم من النّصّاح بحجّة أمر سوى التّنوير، ويستر عليهم أهل البلد حبّا لملوكنا، فترى [ناره أو دخانه بخربة الرّوم وبالجرف أيضا، ويرفع فيهما أو في إحداهما فيرى] «3» من كلّ منهما بوادي الهيكل، ويرفع فيه فيرى [بالقناطر، ويرفع بالقناطر فيرى بالرّحبة، وقاها الله، ويرفع بها فيرى في كواثل، ويرفع فيها فيرى في منظرة قباقب، ويرفع فيها فيرى في حفير أسد الدّين، ويرفع بها فيرى] «4» بالسّخنة، فيرفع فيها فيرى بمنظرة أرك، فيرفع فيها فيرى بالبويب وهو قنطرة [بين أرك] «5» وتدمر، فيرفع فيها فيرى بمنظرة تدمر، فيرفع فيها فيرى بمنظرة البيضاء، فيرفع فيها فيرى بالحير، فيرفع فيها فيرى بجليجل، فيرفع فيها فيرى بالقريتين، فيرفع فيها فيرى بالعطنة، فيرفع فيها فيرى بثنيّة العقاب، فيرفع فيها فيرى بمئذنة العروس، فيرفع فيها لما حولها، إنذارا للرعايا وضمّا للأطراف، فيرفع حول دمشق بالجبل المطلّ على برزة فيرى بالمانع، فيرفع به فيرى بتلّ قرية الكتيبة، ثم يرفع فيها فيرى بالطّرّة، ثم يرفع فيرى بجبل أربد وبجبل عجلون، ثم يرفع بهما فيرى بجبل طيبة اسم، ثم يرفع بها فيرى بالمنوّر المعمول بإزاء البئر الذي برأس الجبل المنحدر إلى بيسان المعروف بعقبة البريد، لا عدول «6» بطريق البريد الآن عنه، ويرى منه أطراف أعمال نابلس [نحو جبال أبزيق وما حولها، ويرفع من هذا المنوّر الذي برأس عقبة البريد فيرى بالجبل المعروف بقرية جينين، ثم يرفع منه فيرى بجبل فحمة، ثم يرفع منه فيرى بشرفة قاقون، ثم يرفع منه(14/446)
فيرى بأطراف أعمال نابلس] «1» ويرى على قصد الطريق بذروة الجبل المصاقب لمجدل [يابا] «2» ، فيرفع منه فيرى بمركز ياسور المعدول بالبريد الآن عنه، ثم يرفع منه فيرى بالجبال المطلّة على غزّة، فيرفع بغزّة على أعالي الحدب المعروف بحدب غزّة، ثم [لا منوّر و] «3» لا إخبار بشأن التّتار إلا على الجناح والبريد.
قال: ثم اعلم أن جميع ما ذكرناه مناور تتشعّب إلى ما خرج عن جادّة الطريق إلى البلاد الآخذة على جنب جنوبا وشمالا، شرقا وغربا. أما منذ أصلح الله بين الفئتين، وأمّن جانب الجهتين، فقد قلّ بذلك الاحتفال، وصرف عن البال. وهذه المناور رسوم قد عفت، وجسوم [أكلت شعل النّار أرواحها] «4» فانطفت.
على أنه قد نصّ في «التعريف» على مناور طريق البيرة، ومناور طريق الرّحبة، وهما من نفس المملكة.
قلت: وهذه المناور مأخوذة عن ملوك الهند، فقد رأيت في بعض الكتب أنّ ببلادهم مناور على جبال مرتفعة، ترى النّار فيها على بعد أكثر من هذه.
على أن مرتّبها بهذه المملكة أوّلا أتى بحكمة ملوكيّة لا تساوى مقدارا، إذ قد ترقّى في سرعة بلوغ الأخبار إلى الغاية القصوى. وذلك أن البريد يأتي من سرعة الخبر بما لم يأت به غيره، والحمام يأتي من الخبر بما هو أسرع من البريد، والمناور تأتي من الخبر بما هو أسرع من الحمام. وناهيك أن يظهر عنوان الخبر في الفرات بمصر في مسافة يوم وليلة «5» .(14/447)
الفصل الثاني من الباب الرابع من الخاتمة: في المحرقات
قال في «التعريف» : وهي مواضع ممّا يلي بلادنا من حدّ الشّرق داخلة في تلك المملكة (يعني مملكة بني هولاكو من التّتار) يجهّز إليها رجال فتحرق زرعها، كأرض البقعة والثّرثار والقينة، وباشزة، والهتّاخ، ومشهد ابن عمر، والمويلح، وبلاد نينوى من برّ الموصل التي يقال إن يونس عليه السّلام بعث إلى أهلها، والوادي، والميدان، والباب، والصّومعة، والمرج المعروف ببني زيد، والمرج المحترق، ومنازل الأويراتية، وهي أطراف هذه المواضع إلى جبل الأكراد، وبلاد سنجار- المنطق والمنظرة والمزيدة- وتحت الجبال عند التّليلات، وكذلك التارات، وأعالي جبل سنجار وما إلى ذلك.
وذلك أنه كان من عادة التّتر أنّهم لا يكلفون علوفة لخيلهم بل يكلونها إلى ما تنبت الأرض، فإذا كانت تلك الأرض مخصبة سلكوها، وإذا كانت مجدبة تجنّبوها؛ وكانت أرض هذه البلاد المتقدّمة الذّكر أرضا مخصبة، تقوم بكفاية خيل القوم إذا قصدوا بلادنا، فإذا أحرقوا زرعها ونباتها ضعفوا عن قصد بلادنا وحصل بذلك جميع الرّفق، والدّفع عن مباغته الأطراف ومهاجمة الثّغور.
وكان طريقهم في إحراقها أن يجهّزوا إليهم الرجال ومعهم الثّعالب(14/448)
الوحشيّة وكلاب الصّيد، فيكمنون عند أمناء النّصّاح في كهوف الجبال وبطون الأودية، ويرتقبون يوما تكون ريحه عاصفة وهواؤه زعزع، تعلّق النار موثقة في أذناب تلك الثعالب والكلاب، ثم تطلق الثّعالب، والكلاب في أثرها وقد جوّعت، لتجدّ الثعالب في العدو، والكلاب في الطّلب، فتحرق ما مرّت به من الزّرع والنّبات، وتعلق الريح النار منه فيما جاوره، مع ما يلقيه الرّجّالة بأيديهم في اللّيالي المظلمة، وعشاء الأيام المعتمة. وكان ينفق في نظير هذا الإحراق من خزانة دمشق جمل من الأموال. قال: وكان الاهتمام بذلك في أوّل الأمر قبل أن يفطنوا بقصد التّحريق، ثم نبّههم على ذلك أهل المداجاة، فصاروا يربطون عليها الطّرق، ويمسكون منها بالأطراف؛ وقتل عديد من الرجال بسببها، وأحرقوهم بأشدّ من نارها.
وذكر أنّ مما كان يجتنب تحريقه- أرض الجبال «1» ، من حيث إنها بلاد بقيّة السّلف الصالح من ذرّيّة شيخ الإسلام الإمام الكبير العارف بالله «عبد القادر الجيليّ» المعروف بالكيلانيّ، نفع الله تعالى ببركاته، لتعظيمهم من الجهتين، مع ما لهم عند ملوكنا من المكانة العليّة: لقديم سلفهم، وصميم شرفهم، ولما للإسلام وأهله من إسعافهم بما تصل إليه القدرة ويبلغه الإمكان.
قلت: وبتمام القول في هذا الطّرف قد تمّ ما كنت أحاوله من التأليف، وأهتمّ به من الجمع؛ وبالله التّوفيق، وإليه الرغبة؛ وهو حسبي ونعم الوكيل.
واعلم أن المصنّفات تتفاوت في الحظوظ إقبالا وإدبارا: فمن مرغوب(14/449)
فيه، ومرغوب عنه، ومتوسّط بين ذلك. على أنه قلّ أن ينفق تأليف في حياة مؤلّفه، أو يروج تصنيف على القرب من زمان مصنّفه.
قال المسعوديّ في كتابه «التّنبيه والإشراف» وقد تشترك الخواطر، وتتّفق الضمائر، وربّما كان الآخر أحسن تأليفا، وأمتن تصنيفا، لحكمة التّجارب، وخشية التّتبّع، والاحتراس من موانع المضارّ. ومن هاهنا صارت العلوم نامية، غير متناهية، لوجود الآخر ما لا يجده الأوّل، وذلك إلى غير غاية محصورة، ولا نهاية محدودة. على أنّ من شيم كثير من الناس إطراء المتقدّمين، وتعظيم كتب السّالفين، ومدح الماضي، وذمّ الباقي؛ وإن كان في كتب المحدثين ما هو أعظم فائدة، وأكثر عائدة.
ثم حكى عن الجاحظ- على جلالة قدره- أنه قال: كنت أؤلّف الكتاب الكثير المعاني، الحسن النّظم، وأنسبه إلى نفسي، فلا أرى الأسماع تصغي إليه، ولا الإرادات تتيمّم نحوه، ثم أؤلّف ما هو أنقص منه رتبة، وأقل فائدة، وأنحله عبد الله بن المقفّع، أو سهل بن هارون، أو غيرهما من المتقدّمين، ممّن صارت أسماؤهم في المصنّفين، فيقبلون على كتبها، ويسارعون إلى نسخها، لا لشيء إلا لنسبتها للمتقدّمين، ولما يداخل أهل هذا العصر من حسد من هو في عصرهم، ومنافسته على المناقب التي عني بتشييدها.
قال: وهذه طائفة لا يعبأ بها كبار الناس، وإنّما العمل على أهل النّظر والتّأمّل الذين أعطوا كلّ شيء حقّه من القول، ووفّوه قسطه من الحقّ، فلم يرفعوا المتقدّم إذا كان ناقصا، ولم ينقصوا المتأخّر إذا كان زائدا؛ فلمثل هؤلاء تصنّف العلوم، وتدوّن الكتب.
وإذا كان هذا نقل المسعوديّ عن الجاحظ الذي هو رأس المصنّفين، وعين أعيانهم، فما ظنّك بغيره؟.
لكنّي أحمد الله تعالى على رواج سوق تأليفي، ونفاق سلعته، والمسارعة إلى استكتابه قبل انقضاء تأليفه، حتّى إنّ قلمي التّأليف والنّسخ(14/450)
يتسابقان في ميدان الطّرس إلى اكتتابه، ومرتقب نجازه للاستنساخ يساهمهما في ارتقابه، فضلا من الله ونعمة، ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ*
» .
قال المؤلّف: نجّزت تأليفه في اليوم المبارك، يوم الجمعة الثامن والعشرين من شهر شوّال، سنة أربع عشرة وثمانمائة.
ونجّزت هذه النسخة في يوم السبت المبارك التّاسع والعشرين من شهر صفر الخير، سنة تسع وثمانين وثمانمائة.
فرغ منه كتابة وستّة قبله، فقير رحمة ربه الغنيّ الفاتح، عبد الرزّاق بن عبد المؤمن بن محمد الناسخ الشّافعيّ، نزيل الصّالحيّة النّجميّة المعروفة بالسّادة الحنابلة، بخطّ بين القصرين: غفر الله ذنوبه، وستر عيوبه، وختم له وللمسلمين بخير، آمين.
وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلّى الله على سيدنا محمد خاتم الأنبياء وسيّد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين: سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين(14/451)
المصادر والمراجع المستعملة في الحواشي
1 1- الإشارة إلى من نال الوزارة.
تأليف ابن الصير في المصري.
تحقيق عبد الله مخلّص.
منشورات المعهد العلمي الفرنسي- القاهرة 1924.
2- الإصابة في تمييز الصحابة.
تأليف ابن حجر العسقلاني.
دار صادر- بيروت.
3- الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة.
تأليف ابن شداد.
تحقيق يحيى عبادة.
منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي- دمشق.
4- الأعلام (قاموس تراجم) .
تأليف خير الدين الزركلي.
دار العلم للملايين- بيروت.
5- الأغاني- تأليف أبي الفرج الأصفهاني.
تحقيق مجموعة من الباحثين باشراف محمد أبو الفضل إبراهيم.
منشورات الهيئة المصرية العامة للكتاب.
6- الألقاب الإسلامية في التاريخ والوثائق والآثار.
تأليف حسن الباشا. مكتبة النهضة المصرية- 1957.
7- الأمالي- تأليف أبي علي القالي.
دار الكتب العلمية- بيروت.
8- الإمامة والسياسة.
تأليف ابن قتيبة.
مؤسسة ناصر الثقافية- بيروت.
9- أمثال العرب.
للضبيّ.
تحقيق إحسان عباس.
دار الرائد العربي- بيروت.
10- الإنتصار لواسطة عقد الأمصار.
تأليف ابن دقماق.
دار الآفاق الجديدة- بيروت.
11- بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب.
تأليف محمود شكري الآلوسي.
دار الكتب العلمية- بيروت.
12- تاريخ الإسلام.
تأليف حسن إبراهيم حسن.
مكتبة النهضة المصرية- القاهرة.
13- تاريخ بيروت.
تأليف عصام محمد شبارو.
دار مصباح الفكر- بيروت.
14- تاريخ بيروت (أخبار السلف من ذرية بحتر بن علي أمير الغرب ببيروت) .(14/452)
1 تأليف صالح بن يحيى.
تحقيق كمال الصليبي وفرنسيس اليسوعي.
دار المشرق- بيروت.
15- تاريخ التمدّن الإسلامي.
تأليف جرجي زيدان.
16- تاريخ الزمان.
تأليف ابن العبري.
17- تاريخ الطبري (تاريخ الأمم والملوك) .
تأليف أبي جعفر الطبري.
دار الكتب العلمية- بيروت.
18- تاريخ ابن الفرات.
تأليف محمد بن عبد الرحيم بن الفرات.
تحقيق قسطنطين زريق ونجلاء عز الدين.
المطبعة الأميركية- بيروت.
19- تأصيل ما ورد في تاريخ الجبرتي من الدخيل.
تأليف أحمد السعيد سليمان.
دار المعارف- مصر.
20- التذكرة الحمدونية.
تأليف محمد بن الحسن بن محمد بن علي المعروف بابن حمدون.
تحقيق إحسان عباس.
معهد الإنماء العربي- بيروت.
21- تشريف الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور.
تأليف محيي الدين بن عبد الظاهر.
تحقيق مراد كامل ومحمد علي النجار.
منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي بالجمهورية العربية المتحدة.
22- تعريف القدماء بأبي العلاء.
جمعه لجنة من المحققين بإشراف الدكتور طه حسين. 2 نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية لسنة 1944.
الدار القومية بالقاهرة.
23- التعريف بالمصطلح الشريف.
تأليف شهاب الدين بن فضل الله العمري.
طبعة سنة 1312 هـ بمصر- مطبعة العاصمة.
24- تهذيب الأسماء واللغات.- للنووي.
دار الكتب العلمية- بيروت.
25- جمهرة الأمثال.
تأليف أبي هلال العسكري.
تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وعبد المجيد قطامش.
المؤسسة العربية الحديثة- 1964.
26- جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة.
تأليف أحمد زكي صفوت.
المكتبة العلمية- بيروت.
27- جنى الجنّتين في تمييز نوعي المثنيين.
تأليف محمد أمين المحبّي.
دار الآفاق الجديدة- بيروت.
28- الحلّة السيراء.
تأليف ابن الأبّار.
تحقيق حسين مؤنس.
الشركة العربية للطباعة والنشر- القاهرة- الطبعة الأولى 1963.
29- الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة.
تأليف علي باشا مبارك.
الهيئة المصرية للكتاب.
30- الخطط المقريزية (المواعظ والاعتبار) .
تأليف أحمد بن علي المقريزي.(14/453)
1 دار صادر- بيروت.
31- دائرة المعارف الإسلامية.
الطبعة العربية- منشورات كتاب الشعب- القاهرة.
32- الذيل على كشف الظنون (إيضاح المكنون) .
تأليف اسماعيل باشا البغدادي.
دار الفكر- بيروت.
33- رسائل المعري.
تحقيق إحسان عباس.
دار المشرق- بيروت.
34- الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر.
تأليف محيي الدين بن عبد الظاهر.
تحقيق عبد العزيز الخويطر- الرياض.
35- الروض المعطار في خبر الأقطار.
تأليف محمد بن عبد المنعم الحميري.
تحقيق إحسان عباس.
مكتبة لبنان- بيروت.
36- شذرات الذهب في أخبار من ذهب.
تأليف ابن العماد الحنبلي.
مكتبة القدسي- القاهرة.
37- شروح سقط الزند.
بتحقيق جماعة من المحققين بإشراف الدكتور طه حسين.
نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية لسنة 1945.
الدار القومية- القاهرة.
38- الشعر والشعراء (طبقات الشعراء) .
تأليف ابن قتيبة الدينوري.
تحقيق مفيد قميحة.
دار الكتب العلمية- بيروت. 2 39- صبح الأعشى في صناعة الإنشا- القلقشندي.
طبعة دار الكتب المصرية.
40- صفة جزيرة الأندلس (منتخب من الروض المعطار) .
تحقيق ليفي بروفنسال- القاهرة- 1937.
41- الضوء اللامع لأهل القرن التاسع.
تأليف السخاوي.
مكتبة الحياة- بيروت.
42- طبقات الشافعية.
لأبي بكر بن هداية الله الحسيني.
تحقيق عادل نويهض.
دار الآفاق الجديدة- بيروت.
43- العقد الفريد- لابن عبد ربّه.
دار الكتب العلمية- بيروت.
44- عيون الأخبار- لابن قتيبة الدينوري.
دار الكتب العلمية- بيروت.
45- فتوح البلدان- للبلاذري.
تحقيق صلاح الدين المنجد.
مكتبة النهضة المصرية- القاهرة.
46- فوات الوفيات.
تأليف ابن شاكر الكتبي.
تحقيق إحسان عباس.
دار صادر- بيروت.
47- القاموس المحيط- للفيروز أبادي.
المؤسسة العربية للطباعة والنشر. بيروت.
48- القرآن الكريم.
49- القلقشندي وكتابه صبح الأعشى.
مجموعة من الباحثين في الجمعية المصرية للدراسات التاريخية.
الهيئة المصرية العامة للكتاب.
50- الكامل في التاريخ.(14/454)
1 تأليف ابن الأثير.
دار صار- بيروت.
51- كتاب الحلبة في أسماء الخيل.
للصاحبي التاجي.
تحقيق حاتم صالح الضامن.
كلية الآداب- جامعة بغداد.
52- كتاب الصناعتين- لأبي هلال العسكري.
تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم.
مطبعة البابي الحلبي.
53- الكتابة والتعبير.
تأليف أحمد محمد فارس.
دار الفكر- بيروت.
54- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون.
تأليف حاجي خليفة.
دار الفكر- بيروت.
55- لسان العرب- تأليف ابن منظور.
دار صادر- بيروت.
56- مآثر الإنافة في معالم الخلافة.
القلقشندي.
تحقيق عبد الستار أحمد فراج.
عالم الكتب- بيروت.
57- مجمع الأمثال- للميداني.
تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
مطبعة السنّة المحمدية.
58- مراصد الاطّلاع على أسماء الأمكنة والبقاع.
تأليف عبد المؤمن البغدادي.
تحقيق علي محمد البجاوي.
دار إحياء الكتب العربية. 2 59- المستقصى في أمثال العرب.
تأليف الزمخشري.
دار الكتب العلمية- بيروت.
60- المشترك وضعا والمفترق صقعا.
تأليف ياقوت الحموي.
مكتبة المثنى- بغداد.
61- مصطلحات صبح الأعشى.
تأليف محمد قنديل البقلي.
الهيئة المصرية العامة للكتاب.
62- معجم الألفاظ والأعلام القرآنية.
تأليف محمد إسماعيل إبراهيم.
دار الفكر العربي- القاهرة.
63- معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي.
تأليف زامباور.
أخرجه زكي محمد حسن بك وحسن أحمد محمود.
مطبعة جامعة فؤاد الأول- 1951.
64- معجم البلدان.
تأليف ياقوت الحموي.
دار الكتاب العربي- بيروت.
65- معجم الشعراء- للمرزباني.
دار الكتب العلمية- بيروت.
66- معجم عبد النور المفصل.
تأليف جبور عبد النور.
دار العلم للملايين- بيروت.
67- معجم قبائل العرب القديمة والحديثة.
تأليف عمر رضا كحالة.
مؤسسة الرسالة- بيروت.
68- المعجم الوسيط.
مجمع اللغة العربية- القاهرة.
69- المغرب في حلى المغرب.(14/455)
تأليف ابن سعيد المغربي.
تحقيق شوقي ضيف.
دار المعارف- مصر.
70- مقامات الحريري.
شرح دي ساسي.
طبعة باريس.
71- مقدمة ابن خلدون.
تأليف ابن خلدون.
دار الكتاب اللبناني.
72- منطلق تاريخ لبنان.
تأليف كمال سليمان الصليبي.
منشورات كارافان- نيويورك.
73- الموسوعة الفلسطينية.
القسم العام.
هيئة الموسوعة الفلسطينية- دمشق.
74- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة.
تأليف ابن تغري بردي.
طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية- القاهرة.
75- نزهة النفوس والأبدان في تواريخ الزمان.
الخطيب الصيرفي.
تحقيق حسن حبشي.
وزارة الثقافة بالجمهورية العربية المتحدة.
مطبعة دار الكتب- 1970.
76- نظم دولة سلاطين المماليك ورسومهم في مصر. تأليف الدكتور عبد المنعم ماجد.
مكتبة الانجلو المصرية.
77- النظم الإسلامية.
تأليف صبحي الصالح.
دار العلم للملايين- بيروت.
78- نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب- للقلقشندي.
دار الكتب العلمية- بيروت.
79- نهج البلاغة.
للإمام علي بن أبي طالب.
تحقيق وشرح محمد أبو الفضل إبراهيم.
دار إحياء الكتب العربية.
80- الوافي بالوفيات للصفدي.
باعتناء هلموت ريتر. اسطنبول.
مطبعة الدولة 1931.
81- الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة.
جمعها محمد حميد الله.
دار النفائس- بيروت.
82- وفيات الأعيان.
تأليف ابن خلكان.
تحقيق احسان عباس.
دار الثقافة- بيروت.
83- يتيمة الدهر- للثعالبي.
دار الباز للنشر والتوزيع- مكة لمكرمة.(14/456)
[فهرس]
الموضوع الصفحة الباب الرابع من المقالة التاسعة- في الهدن الواقعة بين ملوك الاسلام وملوك الكفر، وفيه فصلان 3 الفصل الأوّل- في أصول تتعين على الكاتب معرفتها، وفيه ثلاثة أطراف 3 الطرف الأوّل- في بيان رتبتها ومعناها وذكر ما يرادفها من الألفاظ 3 الطرف الثاني- في أصل وضعها 5 الطرف الثالث- فيما يجب على الكاتب مراعاته في كتابة الهدن، والذي يلزم الكاتب في ذلك نوعان 8 النوع الأوّل- ما يختصّ بكتابة الهدنة بين أهل الإسلام، وأهل الكفر 8 النوع الثاني- ما تشترك به الهدن الواقعة بين أهل الكفر والإسلام، وعقود الصلح الجارية بين زعماء المسلمين؛ وهي ضربان 10 الضرب الأوّل- الشروط العادية التي جرت العادة أن يقع الاتّفاق عليها بين الملوك في كتابة الهدن خلا ما تقدّم 10 الضرب الثاني- مما يلزم الكاتب في كتابة الهدنة- تحرير أوضاعها وترتيب قوانينها وإحكام معاقدها 12 الفصل الثاني- في صورة ما يكتب في المهادنات والسجلّات ومذاهب الكتّاب في ذلك؛ وفيه طرفان 17 الطرف الأوّل- فيما يستبدّ ملوك الاسلام فيه بالكتابة عنهم، وتخلّد منه نسخ بالأبواب السلطانية، وتدفع منه نسخ إلى ملوك الكفر، وهو على نمطين. 17
النمط الأوّل- ما يكتب في طرّة الهدنة من أعلى الدّرج 17 النمط الثاني- ما يكتب في متن الهدنة، وهو على نوعين 18(14/457)
الموضوع الصفحة النوع الأوّل- ما تكون الهدنة فيه من جانب واحد، وللكتّاب فيه مذهبان. 18
المذهب الأوّل- أن تفتتح الهدنة بلفظ: «هذا ما هادن عليه» أو: «هذه هدنة أو موادعة أو مواصفة أو سلّم أو صلح» أو نحو ذلك 18 المذهب الثاني- أن تفتتح المهادنة قبل لفظ «هذا» ببعديّة 28 النوع الثاني- من الهدن الواقعة بين ملك مسلم وملك كافر، أن تكون الهدنة من الجانبين جميعا، وفيه للكتّاب ثلاثة مذاهب 32 المذهب الأوّل- أن تفتتح الهدنة بلفظ: «هذه هدنة» ونحو ذلك 32 المذهب الثاني- أن تفتتح الهدنة بلفظ: «استقرّت الهدنة بين فلان وفلان» ويقدّم فيه ذكر الملك المسلم 33 المذهب الثالث- أن تفتتح المهادنة بخطبة مبتدأة ب «الحمد لله» 84 الطرف الثاني- فيما يشارك فيه ملوك الكفر ملوك الإسلام في كتابة دواوينهم 84 الباب الخامس من المقالة التاسعة- في عقود الصلح الواقعة بين ملكين مسلمين؛ وفيه فصلان 91 الفصل الأوّل- في أصول تعتمد في ذلك 91 الفصل الثاني- فيما جرت العادة بكتابته بين الخلفاء وملوك المسلمين على تعاقب الدّول، فيما يكتب في الطرّة والمتن. وما يكتب في المتن فعلى نوعين 97 النوع الأوّل- ما يكون العقد فيه من الجانبين 97 النوع الثاني- ما يكون العقد فيه من جانب واحد، وللكتّاب فيه مذهبان. 110
المذهب الأوّل- أن يفتتح عقد الصلح بلفظ «هذا» كما في النوع السابق. 110
المذهب الثاني- ان يفتتح عقد الصلح بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» وربما كرّر فيها التحميد إعلاما بعظيم موقع النعمة 113 الباب السادس من المقالة التاسعة- في الفسوخ الواردة على العقود السابقة، وفيه فصلان 121 الفصل الأوّل- الفسخ؛ وهو ما وقع من أحد الجانبين دون الآخر 121 الفصل الثاني- المفاسخة، وهي ما يكون من الجانبين جميعا 123(14/458)
الموضوع الصفحة المقالة العاشرة- في فنون من الكتابة يتداولها الكتاب وتتنافس في عملها ليس لها تعلّق بكتابة الدواوين السلطانيّة ولا غيرها؛ وفيها بابان 124 الباب الأوّل- في الجدّيات؛ وفيه خمسة فصول [بلغ في العدّ إلى ستة فصول] 124 الفصل الأوّل- في المقامات 124 الفصل الثاني- في الرسائل؛ وهي على أصناف 157 الصنف الأوّل- الرسائل الملوكية؛ وهي على ضربين 157 الضرب الأوّل- رسائل الغزو، وهي أعظمها وأجلّها 157 الضرب الثاني- رسائل الصيد 188 الصنف الثاني- من الرسائل ما يرد منها مورد المدح والتقريض 196 الصنف الثالث- من الرسائل المفاخرات 237 الصنف الرابع [وقد كتب خطأ الخامس]- من الرسائل الأسئلة والأجوبة، وهي على ضربين 273 الضرب الأوّل- الاسئلة الامتحانيّة [ولم يذكر الضرب الثاني] 273 الصنف الخامس [وقد كتب خطأ السادس]- من الرسائل ما تكتب به الحوادث والماجريات 285 الفصل الثالث- في قدمات البندق 321 الفصل الرابع- في الصّدقات؛ وفيه طرفان 341 الطرف الأوّل- في الصدقات الملوكية وما في معناها 341 الطرف الثاني- في صدقات الرؤساء والأعيان وأولادهم 352 الفصل الخامس- فيما يكتب عن العلماء وأهل الأدب مما جرت العادة بمراعاة النثر المسجوع فيه، ومحاولة الفصاحة والبلاغة؛ وفيه طرفان 364 الطرف الأوّل- فيما يكتب عن العلماء وأهل الأدب، وهو على صنفين.. 364
الصنف الأوّل- الاجازات بالفتيا والتدريس والرواية وعراضات الكتب ونحوها 364 الصنف الثاني- التقريضات التي تكتب على المصنّفات المصنفة والعقائد(14/459)
الموضوع الصفحة المنظومة 378 الطرف الثاني- فيما يكتب عن القضاة؛ وهو على أربعة أصناف 383 الصنف الأوّل- التقاليد الحكميّة؛ وهي على مرتبتين 383 المرتبة الأولى- أن تفتتح بخطبة مفتتحة ب «الحمد لله» 383 [المرتبة الثانية]- ان يكتب التقليد بصيغة كتاب. الخ 388 الصنف الثاني- اسجالات العدالة 389 الصنف الثالث- الكتب الى النّواب وما في معناها 392 الصنف الرابع- ما يكتب في افتتاحات الكتب 395 الفصل السادس- في العمرات التي تكتب للحاجّ 398 الباب الثاني- في الهزليّات 404 الخاتمة- في ذكر أمور تتعلق بديوان الانشاء غير أمور الكتابة، وفيها أربعة أبواب 411 الباب الأوّل- في الكلام على البريد؛ وفيه فصلان 411 الفصل الأوّل- في مقدمات يحتاج الكاتب إلى معرفتها، ويتعلق الغرض من ذلك بثلاثة أمور 411 الأمر الأوّل- معرفة معنى لفظ البريد لغة واصطلاحا 411 الأمر الثاني- أوّل من وضع البريد وما آل اليه أمره إلى الآن 412 الأمر الثالث- بيان معالم البريد 416 الفصل الثاني- في ذكر مراكز البريد، ويشتمل على ستة مقاصد 418 المقصد الأول- في مركز قلعة الجبل المحروسة بالديار المصرية التي هي قاعدة الملك، وما يتفرّع عنه من المراكز، وما تنتهي إليه مراكز كلّ جهة. 418
المقصد الثاني- في مراكز غزّة وما يتفرّع عنه من البلاد الشاميّة 424 المقصد الثالث- في ذكر دمشق وما يتفرّع عنه من المراكز الموصّلة الى حمص وحماة وحلب الخ 426 المقصد الرابع- في مركز حلب وما يتفرع عنه من المراكز الواصلة الى البيرة وبهسنى الخ 429(14/460)
الموضوع الصفحة المقصد الخامس- في مركز طرابلس وما يتفرّع عنه من المراكز الموصّلة الى جهاتها 430 المقصد السادس- في معرفة مراحل الحجاز الموصّلة الى مكة المشرفة والمدينة النبوية 431 الباب الثاني- في مطارات الحمام الرسائليّ وذكر أبراجها المقرّرة بطرق الديار المصرية والبلاد الشامية؛ وفيه فصلان 434 الفصل الأوّل- في مطاراته 434 الفصل الثاني- في أبراج الحمام المقرّرة لإطارتها بالديار المصرية والبلاد الشاميّة 437 الباب الثالث- في ذكر هجن الثلج والمراكب المعدّة لحمل الثلج من الشام إلى الأبواب السلطانية بالديار المصرية؛ وفيه ثلاثة فصول 440 الفصل الأوّل- في نقل الثلج 440 الفصل الثاني- في المراكب المعدّة لنقل الثلج من الشام 441 الفصل الثالث- في الهجن المعدّة لنقل ذلك 443 الباب الرابع- في المناور والمحرقات؛ وفيه فصلان 445 الفصل الأوّل- في المناور 445 الفصل الثاني- في المحرقات 448(14/461)
[الجزء الخامس عشر]
كلمة المصنف
إن وضع فهارس عامة لكتاب «صبح الأعشى» يشكل حاجة عملية ملحّة، ويكتسب أهمية خاصة من كون هذا المؤلّف الضخم يرتدي طابعا موسوعيا غزير المادة ومتنوعها؛ «فهو أشبه بغابة كبيرة، كثيرة الخيرات متعددة الثمار، ولكنها وعرة المسالك متشابكة الأغصان بحيث يصعب على من يطرقها- دون دليل مرشد- أن يخرج منها بما يشتهي «1» ، وهذا لا يعني أن مؤلف الكتاب لا يمتلك منهجا واضحا وسليما في التأليف والتصنيف؛ فهو صاحب منهج علمي واضح متقدم يقوم على أساس وحدة الفكرة من ناحية، وعلى أسلوب التفريع داخل إطار محدد من ناحية أخرى؛ وهو بذلك يلتقي مع أحدث أساليب ومناهج التصنيف الموسوعي الحديث، وهو التصنيف «الموضوعي» للمواد، أي تبعا للموضوعات وليس تبعا للطريقة الأبجدية. وموضوعاته سماها مقالات؛ وقد بسط كل مقالة على أبواب وفصول وجمل- وغير ذلك من طرائق البسط والتفريع- بالاضافة إلى مقدمة وخاتمة «2» . غير أنه لما كان همّ المؤلف الأساسي هو تقديم العدّة النظرية والمعلوماتية الكاملة «لكاتب الانشاء في الدواوين» فقد جاء اختياره لتقسيم موضوعاته على أساس من احتياجات الكاتب هذا، وليس على أساس احتياجات الباحث أو القاريء. ولما كانت احتياجات الكاتب في نظره تشمل جميع أنواع المعلومات في مجالي النظرية والتطبيق، فقد جاءت تلك المعلومات موزعة على جميع أبواب الكتاب وفصوله، وعلى امتداد أربعة عشر جزءا كبيرا. والحقيقة أن هذا الكتاب يحتوي على فيض من المعلومات والفوائد تتعلق(15/3)
بصلب الموضوعات المطروقة وبتفريعاتها، وبما يتصل بها من قريب أو بعيد، تجعل منه مصدرا غنيا بذاته لا يشاركه في هذا الغنى غيره من المصادر. ولقد حفظ لنا القلفشندي ثروة ضخمة من الآثار والمعلومات عن عصره والعصور السابقة في مختلف نواحي التاريخ والسياسة والاقتصاد ونظم الحكم والعادات والآدات والعلوم، هذا إلى جانب وفرة من المصطلحات والمسميات في الشؤون العامة والخاصة تضيف إلى المعاجم العربية ثروة جديدة لم تدخلها إلى اليوم بالشكل الكافي. ونحن مثلا نجد كتبا بعينها تكاد تكون مفرغة بكاملها داخل كتاب صبح الأعشى: مثل التعريف بالمصطلح الشريف لشهاب الدين بن فضل الله العمري، ومعالم الكتابة ومغانم الاصابة لابن شيث القرشي، وبعض فصول من مؤلفات قديمة لم تشهد النور حتى الآن إما لأنها ما تزال في طيّ مخطوطات موزعة في مكتبات العالم، أو لأنها مفقودة. وبحكم موقعه الوظيفي في جهاز دولة المماليك السلاجقة، استطاع أن يحتفظ لنا بمجموعة هائلة من الوثائق لا يمكننا العثور عليها مجموعة في كتاب واحد، وبعضها لا يمكن العثور عليه أي مصدر آخر «1» . وفي بعض المجالات نجد أن كتاب صبح الأعشى يشكل مصدرا أساسيا- لا بل المصدر الأساسي- للمعلومات حول بعض الموضوعات: فكل من يريد البحث والتأليف في موضوع الألقاب الاسلامية مثلا لا يمكنه الاستغناء عن كتاب القلقشندي؛ إذ من خلال صبح الأعشى وحده يمكننا استخراج مؤلف كامل حول الألقاب الإسلامية وأصولها ومعانيها وتطوّر استعمالها عبر التاريخ «2» ، إلى غير ذلك من الموضوعات في مختلف المجالات.
وبكثير من الاطمئنان نستطيع القول إن أي باحث أو دارس في أي من مباحث العلوم العربية الإسلامية المعروفة (الثقافة الإسلامية الكلاسيكية) يجد شيئا وأشياء في صميم موضوع بحثه بين تضاعيف صبح الأعشى؛ ولا شك عندنا أنه- أي الباحث- يحبذ الوصول إلى ضالته من أقرب السبل وبأنجع الوسائل توفيرا للجهد والوقت. من هنا أهمية أن يكون بين أيدينا فهارس مفصلة لمحتويات هذا الكتاب- الموسوعة.(15/4)
وبرأينا أن وضع فهارس تفصيلية لكتاب من الكتب- خصوصا إذا كان كتابا مرجعيا- ليس فقط عملا عرضيا يكتفي بتقديم تفصيلات العناوين التي يقدمها الكتاب، أو إفراغ ألفاظ مؤبجدة تحت عناوين أصبحت معروفة في عمل الفهارس: مثل الأعلام والأماكن والنبات والحيوان والشعر وغير ذلك ... إنما هو- إلى ذلك- عمل تأليفي يأتي بعد قراءات متأنية لمحتويات الكتاب، ومن ثم تقديم المفاتيح الضرورية والكافية لكل ما يمكن أن يقدمه الكتاب من فوائد ومعلومات؛ وبعبارة أخرى هو عمل استكشافي لجميع امكانيات الكتاب.
ولقد بذلنا الوسع في سبيل ان تأتي هذه الفهارس ملبية لحاجة الباحث في سبر كنوز هذا الكتاب؛ ولله الكمال وحده، وهو المستعان.
محمد حسين شمس الدين بيروت 1988(15/5)
فهرس النصوص
يشتمل هذا الفهرس على أنواع المكاتبات الرسمية الصادرة عن دواوين الإنشاء (الوثائق) بالإضافة الى جميع النصوص الأخرى التي احتوى عليها الكتاب وهي:
1- الإجازات
2- الأمان
3- الأوقاف
4- الأيمان
5- تحويل السنين والتوفيق بين السنين الشمسية والقمرية
6- التذاكر
7- التفاويض
8- التقاليد
9- التقريضات التي تكتب على المصنفات والقصائد
10- تقريظ الأشخاص
11- التهاني والتعازي
12- التواقيع
13- الخطب
14- الدفن
15- الرسائل والكتب والمكاتبات
16- السجلّات
17- الصّدقات
18- الطرخانيات
19- الظهورات
20- عقود الذمة، والكتب المتعلقة بأهل الذمة
21- عقود الصلح
22- العمرات
23- العهود
24- الفسوخ والمفاسخات
25- قدمات البندق
26- الكتب والمكاتبات (انظر الرسائل)
27- المبايعات
28- المثالات أو المطلقات
29- المحاورات والمناظرات والمقاولات والمفاخرات
30- المراسيم
31- المسامحات
32- المطالعات
33- المقاطعات
34- المقامات
35- الملطفات
36- المنشورات
37- المهادنات
38- الوصايا(15/7)
الإجازات
نسخة إجازة بالفتيا والتدريس على مذهب الإمام الشافعي، كتبت للمؤلف حين أجازه شيخه سراج الدين بن الملقن في سنة 778 هـ. 14/364
نسخة إجازة بعراضة الكتب، كتب بها الشيخ بدر الدين محمد بن أبي بكر المخزومي المالكي لشهاب الدين أبي العباس أحمد بن شمس الدين أبي عبد الله محمد العمري الشافعي حين عرض عليه عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني، وشذور الذهب لا بن هشام. 14/370
نسخة إجازة كتب بها الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الدائم لولد المؤلف نجم الدين أبي الفتح محمد، حين عرض عليه المنهاج في الفقه للنووي في سنة 813 هـ. 14/372
نسخة إجازة كتبها الشيخ عز الدين بن جماعة. 14/373
نسخة إجازة كتب بها المؤلف لمن اسمه محمد ولقبه شمس الدين، وقد عرض عليه بعض الكتب في الحديث والأصول والنحو. 14/373
نسخة إجازة كتب بها الشيخ صلاح الدين الصفدي على استدعاء كتب له به القاضي شهاب الدين أحمد الحنبلي خطيب بيت الآلهة، وكاتب الدست بالشام يطلب منه فيه الإجازة لنفسه. 14/374
نسخة إجازة كتب بها الشيخ شمس الدين محمد بن الصائغ على استدعاء لبعض من سأله الإجازة. 14/376(15/8)
الأمان
نسخة أمان كتبه رسول الله صلىّ الله عليه وسلم لرفاعة بن زيد. 13/323
نسخة الأمان الذي كتبه عمرو بن العاص لأهل مصر عند فتحها. 13/323
نسخة الأمان الذي كتبه الحافظ لدين الله الفاطمي لبهرام الأرمني حين صرف من وزارته وهرب عنه إلى بلاد الأرمن، وكتب إلى الحافظ يظهر الطاعة ويسأل تسيير أقاربه. 13/324
نسخة الأمان الذي كتب عن السلطان الناصر محمد بن قلاوون لفراكس صاحب السرب من ملوك النصارى بالشمال وزوجته ومن معهما من الأتباع، عند طلبهم التمكين من زيارة القدس الشريف وإزالة الأعراض عنهم، من انشاء الشريف شهاب الدين. 13/326
نسخة أمان كتبه رسول الله صلّى الله عليه وسلم لبني زهير بن أقيش من عكل. 13/328
نسخة أمان كتب به عن بعض خلفاء بني العباس. 13/331
نسخة أمان كتب بها أبو إسحاق الصابي عن صمصام الدولة البويهي. 13/335
نسخة أمان كتب بها أبو إسحاق الصابي عن صمصام الدولة البويهي لجماعة من عرب المنتفق، بواسطة محمد بن المسيّب. 13/336
نسخة أمان كتب بها عن المنصور قلاوون للتجار الذين يصلون إلى مصر من الصين والهند والسند واليمن والعراق وبلاد الروم، من إنشاء فتح الدين بن عبد الظاهر. 13/339
نسخة أمان كتب بها لأسد الدين رميثة أمير مكة، في سنة 731 هـ، من إنشاء القاضي تاج الدين بن البارنباري. 13/344
نسخة أمان كتب بها عن السلطان الملك الظاهر برقوق عند محاصرته لدمشق بعد خروجه من الكرك بعد خلعه من السلطنة، أمّن فيها أهل دمشق خلا الشيخ شهاب الدين بن القرشي وجردمر الطاربي، سنة 791 هـ. 13/346
نسخة أمان كتب به عن نائب السلطنة بحلب في نيابة الأمير قشتمر المنصوري، في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين لبعض من أراد تأمينه. 13/349(15/9)
الأوقاف
نسخة خطبة في ابتداء كتاب وقف على مسجد. 14/395
الأيمان
نسخة يمين أوردها أبو الحسين الصابي في كتابه غرر البلاغة. 13/215
نسخة يمين بيعة أوردها ابن حمدون في تذكرته وأبو الحسن بن سعد في ترسله. 13/217
نسخة يمين أوردها العمري في التعريف. 13/220
نسخة يمين أوردها ابن ناظر الجيش في التثقيف. 13/222
نسخة يمين حلف عليها العساكر للسلطان الملك المنصور قلاوون في سنة 678 هـ له ولولي عهده الملك الصالح علاء الدين علي، أوردها ابن المكرم في تذكرته. 13/224
صورة يمين الخوارج. 13/229
صورة يمين الزيدية. 13/231
صورة يمين الشيعة الإمامية الاثني عشرية. 13/237
صورة يمين الشيعة الإسماعيلية. 13/250
صورة يمين الشيعة الدروز. 13/252
صورة يمين الشيعة النصيرية. 13/254
صورة يمين القدرية. 13/256
صورة يمين اليهود. 13/268
صورة يمين السامرة. 13/273
صورة يمين النصارى. 13/278
صورة يمين الملكانية من النصارى. 13/291
نسخة يمين حلف عليها ملك النوبة للسلطان الملك المنصور قلاوون عند استقراره نائبا عنه في بلاد النوبة. 13/293
صورة يمين المجوس أتباع زرادشت 13/299
صورة يمين الحكماء أصحاب أرسطو طاليس. 13/306(15/10)
نسخة يمين حلف عليها السلطان الملك المنصور قلاوون على الهدنة الواقعة بينه وبين الحكام بمملكة عكا وصيدا وعثليث وبلادها من الفرنج الاسبتارية في شهر ربيع الأول سنة 682 هـ، في مباشرة القاضي فتح الدين بن عبد الظاهر كتابة السرّ. 13/312
نسخة يمين حلف عليها الفرنج المعاقدون على الهدنة السابقة في التاريخ المقدم ذكره. 13/313
نسخة يمين حلف بها الأمير نجم الدين أبو نميّ أمير مكة المشرفة، في الدولة المنصورية قلاوون الصالحي، في سنة 681 هـ. 13/318
تحويل «1» السنين والتوفيق بين السنين الشمسية والقمرية
نسخة ما كتب به في نقل سنة 278 هـ إلى سنة 279 هـ، في خلافة المعتضد بالله. 13/67
نسخة ما كتب به أبو إسحاق الصابي عن المطيع لله بنقل سنة 306 هـ إلى سنة 307 هـ. 13/69
نسخة مرسوم بتحويل السنة القبطية إلى السنة العربية، من إنشاء القاضي الفاضل عن الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي. 13/75
نسخة مرسوم بتحويل السنة القبطية الى العربية. 13/79
التذاكر
نسخة تذكرة أنشأها القاضي الفاضل عن السلطان صلاح الدين، سيرها صحبة الأمير شمس الدين الخطيب، أحد أمراء الدولة الصلاحية، إلى أبواب الخلافة ببغداد في خلافة الناصر لدين الله. 13/86
نسخة تذكرة سلطانية كتب بها عن الملك الصالح علي ابن الملك المنصور قلاوون(15/11)
الصالحي، لكافل السلطنة بالديار المصرية الأمير زين الدين كتبغا، عند سفر السلطان الملك المنصور إلى الشام واستقرار كتبغا نائبا عنه في سنة 679 هـ، من إنشاء محمد بن المكرّم بن أبي الحسن الأنصاري. 13/96
نسخة تذكرة كتب بها عن السلطان الملك المنصور قلاوون بسبب قلعة صرخد من الشام، عند استقرار الأمير سيف الدين باسطي نائبا بها، والأمير عز الدين واليا بها في سنة 679 هـ، من إنشاء القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر. 13/106
التفاويض
نسخة تفويض لقاض، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري، كتبه لقاضي القضاة شهاب الدين بن المجد عبد الله بالشام، على مذهب الإمام الشافعي. 12/40
التقاليد
نسخة تقليد كتب بها العلاء بن موصلايا عن القائم بأمر الله للوزير فخر الدولة بن جهير في سنة 472 هـ. 10/242
نسخة تقليد كتب بها عن المسترشد بالله العباسي لبعض وزرائه. 10/246
نسخة تقليد بحماية الكوفة، لأبي طريف بن عليان العقيلي، من إنشاء أبي إسحاق الصابي. 10/272
نسخة تقليد في رسم ما يكتب للوزير، من إنشاء علي بن خلف. 10/397
نسخة تقليد في رسم ما يكتب بزمّ الأقارب، وهو التقدمة على أقارب الخليفة، من إنشاء علي بن خلف. 10/402
رسم تقليد بنقابة العلويين، من إنشاء علي بن خلف. 10/405
رسم تقليد بزمّ طوائف الرجال، من إنشاء علي بن خلف. 10/409
رسم تقليد بإمارة الحجّ، لعلي بن خلف. 10/412
رسم تقليد بالإمارة على الجهاد، لعلي بن خلف. 10/414
رسم تقليد بالإمارة على قتال أهل البغي، لعلي بن خلف. 10/424(15/12)
نسخة تقليد بولاية الحسبة، من إنشاء ضياء الدين بن الأثير. 11/67
نسخة تقليد بكفالة السلطنة، من إنشاء شهاب الدين الحلبي. 11/133
نسخة تقليد بكفالة السلطنة. 11/137
نسخة تقليد بكفالة السلطنة، كتب به عن السلطان الملك أبي بكر بن الناصر محمد بن قلاوون للأمير طقزدمر أمير مجلس في سنة 742 هـ، بعد أن بطلت النيابة في دولة أبيه عدة سنين. 11/142
نسخة تقليد بالوزارة، كتب به للأمير سيف الدين بكتمر. 11/147
نسخة تقليد بالإشارة للأمير جمال الدين يوسف البشاسي إستادار في الدولة الناصرية فرج، حين فوضت إليه الإشارة مضافة إلى الاستدارية، من إنشاء القلقشندي، وكتبه المقر الشمسي العمري كاتب الدست الشريف في سنة 809 هـ. 11/152
نسخة تقليد بنظر البيمارستان. 11/155
نسخة تقليد بنظر الجامع الطولوني، من إنشاء المقر البدري ابن المقر العلائي بن فضل الله العمري صاحب ديوان الإنشاء في الدولة الظاهرية برقوق، كتب به المقر الشمسي العمري كاتب الدست لأبي يزيد الدوادار. 11/158
نسخة تقليد بقضاء القضاة الشافعية، كتب به لقاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعزّ، من إنشاء محيي الدين بن عبد الظاهر. 11/175
نسخة تقليد بقضاء قضاة الحنفية، كتب به لمن لقبه شمس الدين. 11/178
نسخة تقليد بقضاء قضاة المالكية، لقاضي القضاة جمال الدين يوسف البساطي في سنة 804 هـ. 11/181
نسخة تقليد بالوزارة، كتب بها للصاحب بهاء الدين بن حنّا، من إنشاء محيي الدين ابن عبد الظاهر. 11/265
نسخة تقليد بالوزارة، كتب به للصاحب تاج الدين محمد بن فخر الدين ابن الصاحب بهاء الدين علي بن حنّا، في سنة 693 هـ، من إنشاء شهاب الدين محمود الحلبي. 11/269
نسخة تقليد بالوزارة، كتب به للصاحب ضياء الدين بالاستمرار على الوزارة، من إنشاء شهاب الدين محمود الحلبي. 11/273
نسخة تقليد بالوزارة. 11/279(15/13)
نسخة تقليد آخر بالوزارة. 11/284
نسخة تقليد بكتابة السر، كتب بها للمقرّ المحيوي محيي الدين بن فضل الله العمري عند عودته إلى كتابة السر بالديار المصرية، من إنشاء الشريف شهاب الدين كاتب الدرج الشريف. 11/288
نسخة تقليد بكتابة السر، كتب بها للقاضي شهاب الدين بن فضل الله العمري. 11/292
نسخة تقليد بعود القاضي شهاب الدين بن فضل الله العمري إلى كتابة السرّ، من إنشاء الشريف شهاب الدين كاتب الإنشاء الشريف. 11/298
نسخة تقليد بكتابة السرّ. 11/302
نسخة تقليد بكتابة السر. 11/305
نسخة تقليد بنيابة ثغر الاسكندرية. 11/400
نسخة تقليد بولاية الولاة بالوجه القبلي، من إنشاء الشريف شهاب الدين كاتب الإنشاء. 11/420
نسخة تقليد بنيابة السلطنة بالوجه القبلي، كتب به لعلاء الدين المرادي، من إنشاء الشريف شهاب الدين. 11/424
نسخة تقليد بنيابة السلطنة بالوجه القبلي، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري. 11/427
نسخة تقليد بنيابة السلطنة بالوجه البحري، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري. 11/431
نسخة تقليد بكفالة السلطنة بالشام، كتب به عن السلطان الملك العادل كتبغا للأمير سيف الدين غرلو العادلي، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 12/6
نسخة تقليد بكفالة السلطنة بالشام، كتب به للأمير جمال الدين أقوش الأشرفي سنة 711 هـ، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 12/10
نسخة تقليد بكفالة السلطنة بالشام، كتب بها للأمير سيف الدين تنكز الناصري سنة 712 هـ، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 12/15
نسخة تقليد بكفالة السلطنة بالشام، كتب به للأمير يلبغا الكاملي بعد نيابته بحلب وحماة، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري. 12/18
نسخة تقليد بكفالة السلطنة بالشام. 12/20(15/14)
نسخة تقليد بإمرة آل فضل. 12/118
نسخة تقليد بنيابة السلطنة بحلب، كتب به للأمير أستدمر، من إنشاء شهاب الدين محمود الحلبي. 12/141
نسخة تقليد بنيابة حلب أيضا، كتب بها عن السلطان الناصر محمد بن قلاوون للأمير شمس الدين قراسنقر بإعادته إليها، من إنشاء شهاب الدين محمود الحلبي. 12/147
نسخة تقليد بنيابة طرابلس. 12/176
نسخة تقليد بنيابة حماة. 12/198
نسخة تقليد بنيابة السلطنة بصفد، كتب به لسيف الدين قطلقتمس السلحدار الناصري سنة 710 هـ، من إنشاء شهاب الدين محمود الحلبي. 12/202
نسخة تقليد بنيابة غزة، كتب به للأمير علم الدين الجاولي، من إنشاء شهاب الدين محمود الحلبي. 12/209
نسخة تقليد بتقدمة العسكر بغزة. 12/212
نسخة تقليد بنيابة السلطنة بالكرك، كتب به للأمير سيف الدين أيتمش، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 12/216
نسخة تقليد بنيابة السلطنة بالكرك كتب به للأمير تلكتمر الناصري عندما كان المقر الشهابي أحمد ولد السلطان الملك الناصر بالكرك. 12/219
نسخة تقليد بنيابة السلطنة بالكرك، كتب بها عن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون لولده الملك الناصر أحمد قبل سلطنته، من إنشاء الشريف شهاب الدين. 12/221
نسخة تقليد بإمرة مكة، كتب بها عن الناصر محمد بن قلاوون للأمير أسد الدين رميثة بن أبي نميّ، عوضا عن أخيه عطيفة عند قتل الأمير الدمرجان دار وولده خليل، من إنشاء المولى تاج الدين بن البار نباري، في سنة 731 هـ. 12/228
نسخة تقليد لأمير مكة المشرّفة. 12/231
نسخة تقليد بإمارة المدينة النبوية، كتب به للأمير بدر الدين وديّ بن جماز، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري. 12/237
نسخة تقليد بإمرة المدينة النبوية. 12/243
نسخة تقليد آخر بإمرة المدينة النبوية. 12/249
نسخة تقليد بقضاء الشافعية بالمدينة النبوية. 12/253(15/15)
نسخة تقليد، كتب به الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي لمتملك سيس بإقراره على ما هو قاطع النهر من بلاده. 12/260
نسخة تقليد قاض. 14/383
نسخة تقليد قاض. 14/384
نسخة تقليد قاض. 14/386
التقريضات التي تكتب على المصنفات والقصائد
ما كتب به الشيخ صلاح الدين الصفدي على مصنف وضعه الشيخ تاج الدين علي بن الدرهم الموصلي الشافعي في الاستدلال على أن البسملة من أول الفاتحة. 14/378
تقريض كتبه ابن فضل الله العمري على قصيدة ميمية للصلاح الصفدي. 14/378
ما كتب به المؤلف على قصيدة نظمها شرف الدين عيسى بن حجاج المعروف بالعالية، مدح بها النبي وضمنها أنواع البديع، في سنة 792 هـ. 14/379
التقريظ (في مدح الأشخاص)
في تقريظ شاعر، للمؤلف 1/0345 في تقريظ قاضي القضاة جلال الدين البلقيني، للمؤلف. 1/564
التهاني والتعازي
تهنئة بوزارة، من إنشاء أبي الحسين بن سعد، كتب بها إلى الوزير محمد بن القاسم بن عبيد. 9/5
تهنئة أخرى لأبي الحسين بن سعد. 9/6
تهنئة ثالثة له. 9/7
تهنئة بوزارة، من إنشاء علي بن خلف. 9/8
تهنئة بكفالة السلطنة، كتب بها عن نائب الشام، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة. 9/10(15/16)
تهنئة لأمير جاندار بولاية إمرة جاندار، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة. 9/12
تهنئة بالإمارة أوردها أبو الحسين بن سعد في ترسّله. 9/13
تهنئة من إنشاء أبي الحسين بن سعد، كتب بها إلى أبي بكر بن ياقوت حين ولي الحجابة بعد نكبة أصابته. 9/14
تهنئة بولاية الحجابة من إنشاء علي بن خلف. 9/15
تهنئة بولاية القضاء، من إنشاء علي بن خلف. 9/16
تهنئة بولاية القضاء، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 9/18
تهنئة بولاية الدعوة على مذهب الشيعة، من إنشاء علي بن خلف. 9/19
تهنئة بالتقدمة على الرجال. 9/21
تهنئة بولاية الديوان. 9/22
تهنئة بولاية عمل، من إنشاء أبي الفرج الببغاء. 9/24، 25
تهنئة بإنعام سلطاني. 9/26
تهنئة بإنعام سلطاني، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 9/27
تهنئة برضى السلطان بعد غضبه. 9/28، 29
تهنئة بالخلاص من الاعتقال، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 9/30
تهنئة بالعود من الحجّ. 9/32، 33
تهنئة بالعود من الحجّ، من إنشاء أبي الفرج الببغاء. 9/34
تهنئة بالقدوم من السفر، من إنشاء علي بن خلف. 9/34
تهنئة بالقدوم من السفر، لأبي الفرج الببغاء. 9/35، 36
تهنئة بالقدوم من السفر، لابن أبي الخصال. 9/37
تهنئة من إنشاء ابن نباتة عن نائب الشام إلى القاضي علاء الدين بن فضل الله العمري كاتب السر الشريف بالأبواب الشريفة بالديار المصرية عند عوده من الكرك إلى الديار المصرية سنة 743 هـ، مهنئا له بعوده إلى منزله واستقراره وعوده إلى كتابة السر الشريف. 9/38
تهنئة بقدوم من سفر، للشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 9/39
تهنئة بأول العام وغرّة السنة، من إنشاء أبي مسلم محمد بن بحر. 9/41
تهنئة في نفس الموضوع، لأبي الحسين بن سعد. 9/41، 42
تهنئة بشهر رمضان، لأبي الحسين بن سعد. 9/42، 43(15/17)
تهنئة بشهر رمضان، لأبي الفرج الببغاء. 9/43
تهنئة بالصوم، شعرا، من نظم القلقشندي، إلى محمد بن البارزي كاتب السرّ الشريف المؤيدي بالممالك الإسلامية، في سنة 816 هـ. 9/44
تهاني لكل شهر من شهور السنة، لأبي الحسين بن سعد. 9/44، 45
تهنئة بعيد الفطر، لأبي الحسين بن سعد. 9/45
تهنئة بعيد الفطر، لأبي الفرج الببغاء. 9/45
تهنئة بعيد الفطر، للشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 9/46
تهنئة بعيد الفطر، شعرا، من نظم القلقشندي، إلى محمد بن البارزي. 9/47
تهنئة بعيد الأضحى، لأبي الحسين بن سعد. 9/47
تهنئة بعيد الأضحى، لشهاب الدين الحلبي. 9/47
تهنئة تصلح لكل عيد، لأبي الفرج الببغاء. 9/48، 49
تهنئة بالنيروز، لأبي الحسين بن سعد 9/49
تهنئة بالنيروز للكرجي. 9/50
تهنئة بالمهرجان، لأبي الحسين بن سعد. 9/51
تهنئة بالمهرجان، لأبي الفرج الببغاء. 9/52، 53
تهنئة بالزواج والتسرّي، لأبي الفرج الببغاء. 9/55
تهنئة بالزواج والتسرّي، للشيخ شهاب الدين الحلبي. 9/56
تهنئة بالبنين، لأبي الحسين بن سعد. 9/57، 58
تهنئة بالبنين، لعلي بن خلف. 9/58
تهنئة بالبنين، للشيخ شهاب الدين الحلبي. 9/60
تهنئة بالبنات، لأبي الحسين بن سعد. 9/61
تهنئة بالبنات، لأبي مسلم بن بحر. 9/61
تهنئة بالبنات، لعلي بن خلف. 9/61
تهنئة بالبنات، لأبي الفرج الببغاء. 9/62
تهنئة بالإبلال من المرض. 9/64
تهنئة بالإبلال من المرض، لأبي الفرج الببغاء. 9/65، 66، 67
تهنئة بالإبلال من المرض، للشيخ شهاب الدين الحلبي. 9/68
تهنئة بالإبلال من المرض، للشيخ جمال الدين بن نباتة. 9/68(15/18)
تهنئة بقرب المزار، للشيخ شهاب الدين الحلبي. 9/71
تهنئة بنزول منازل مستجدة، لعلي بن خلف. 9/72
تهنئة بنزول منازل مستجدة، لأبي الفرج الببغاء. 9/73
تهنئة ذمّيّ بإسلامه، لأبي الحسين بن سعد. 9/74
تهنئة ذمّيّ بإسلامه، لأبي العيناء. 9/75
تهنئة بختان وخروج اللحية. 9/76
تهنئة بختان وخروج اللحية، لأبي الحسين بن سعد. 9/77
تهنئة بالمرض، لأبي الفرج الببغاء. 9/78
تهنئة بالصرف عن الولاية، لأبي الحسين بن سعد. 9/79
تهنئة من تزوّجت أمه بزواجها، لأبي الفرج الببغاء، وقد أمره سيف الدولة الحمداني بالكتابة في معنى ذلك امتحانا. 9/81
نسخة كتاب تعزية من النبي صلى الله عليه وسلّم إلى معاذ بن جبل، يعزّيه بابن له مات. 9/82
تعزية بولد، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة. 9/83
تعزية بولد، للشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 9/84
تعزية ببنت، لابن أبي الخصال المغربي. 9/87
تعزية بوزير، لابن أبي الخصال. 9/88
تعزية بأم، لأبي محمد بن عبد البرّ المغربي. 9/89
تعزية بأخ، لابن عبد البرّ. 9/90
تعزية بأخ، لابن أبي الخصال. 9/91
تعزية بزوجة، لابن عبد البرّ. 9/92
تعزية بزوجة، لابن أبي الخصال. 9/93
تعزية بزوجة، للشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 9/93
تعزية مطلقة يصلح إيرادها في كل صنف، لأبي الحسين بن سعد. 9/94
تعزية مطلقة يصلح إيرادها في كل صنف، لعلي بن خلف. 9/95
تعزية مطلقة يصلح إيرادها في كل صنف، لأبي الفرج الببغاء. 9/97(15/19)
التواقيع
من جملة توقيع لبعض مدرسي الشام، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة. 1/253
من توقيع لهارون الرشيد إلى بعض عماله. 2/16
نسخة توقيع بتدريس، كتب به عن الإمام الناصر لدين الله، للقاضي محيي الدين محمد بن فضلان بتدريس المدرسة النظامية ببغداد في سنة 614 هـ. 10/302
نسخة توقيع بولاية ناحية وإقطاع بلادها لمتوليها. 11/31
نسخة توقيع بتدريس مدرسة والنظر عليها والتحدّث على أوقافها وسائر تعلقاتها. 11/32
نسخة توقيع بوزارة من إنشاء بعض بني الأثير. 11/35
نسخة توقيع بإعادة النظر بثغر الإسكندرية لابن بصاصة في شهور سنة 678 هـ. 11/39
نسخة توقيع بولاية الشرقية. 11/41
نسخة توقيع بولاية الغربية. 11/43
نسخة توقيع بنظر الدواوين. 11/65
نسخة توقيع بنقابة الأشراف. 11/161
نسخة توقيع بقضاء القضاة الحنفية بدمشق، من انشاء القاضي ناصر الدين بن النشائي. 11/186
نسخة توقيع بنظر الخاص. 11/313
نسخة توقيع بنظر الجيش. 11/315
نسخة توقيع بنظر الجيش. 11/317
نسخة توقيع بنظر الدواوين، كتب به لتاج الدين بن سعيد الدولة. 11/320
نسخة توقيع بنظر الدواوين المعمورة، ونظر الصحبة الشريفة، كتب بهما جميعا لتاج الدين بن سعيد الدولة على أثر إسلامه، من إنشاء شهاب الدين محمود الحلبي. 11/322
نسخة توقيع بنظر الصحبة، كتب به للشريف شهاب الدين ناظر الصحبة، من إنشاء الشيخ شهاب الدين الحلبي. 11/324
نسخة توقيع بكتابة الدست. 11/327
نسخة توقيع بكتابة الدست أيضا. 11/329(15/20)
نسخة توقيع بنظر الخزانة الكبرى. 11/331
نسخة توقيع بنظر خزانة الخاص، كتب به للقاضي شرف الدين محمد بن علاء الدين الجوجري في سنة 739 هـ. 11/334
نسخة توقيع بنظر البيوت والحاشية. 11/337
نسخة توقيع بنظر البيوت. 11/338
نسخة توقيع بنظر خزائن السلاح، من إنشاء المولى شمس الدين بن القيسراني، كتب به لفخر الدين أخي جمال الدين ناظر الخاص. 11/340
نسخة توقيع باستيفاء الصحبة، من إنشاء القاضي ناصر الدين بن النشائي. 11/343
نسخة توقيع بكتابة الدرج الشريف، كتب به للقاضي تاج الدين عبد الرحيم ابن الصاحب فخر الدين بن أبي شاكر. 11/347
نسخة توقيع بكتابة درج تجديدا. 11/348
نسخة توقيع بشهادة الخزانة، كتب به لابن عبادة. 11/349
نسخة توقيع باستيفاء الدولة. 11/350
نسخة توقيع باستيفاء الدولة، كتب به لعلم الدين بن ريشة. 11/352
نسخة توقيع باستيفاء الخاص، لمن لقبه أمين الدين. 11/353
نسخة توقيع باستيفاء الخاص، لمن لقبه بدر الدين. 11/354
نسخة توقيع باستيفاء البيوت والحاشية، كتب به لعلم الدين شاكر عوضا عن تاج الدين بن الغزولي في أيام الأشرف شعبان. 11/355
نسخة توقيع بنظر دواوين بعض الأمراء. 11/356
نسخة توقيع بمشيخة الشيوخ بالخانقاه الصلاحية- سعيد السعداء بالقاهرة- للشيخ شمس الدين بن النخجواني، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري. 11/365
نسخة توقيع بمشيخة الشيوخ بالخانقاه الناصرية بسرياقوس، كتب به للشيخ نظام الدين الأصفهاني، من إنشاء السيد الشريف شمس الدين. 11/367
نسخة توقيع برياسة الطب. 11/371
نسخة توقيع برياسة الطب، من إنشاء الشيخ شهاب الدين الحلبي، كتب بها لشهاب الدين الحكيم في سنة 709 هـ. 11/374
نسخة توقيع برآسة اليهود، من إنشاء محيي الدين بن عبد الظاهر. 11/379(15/21)
نسخة توقيع برآسة اليهود. 11/383
نسخة توقيع لبطرك الملكية. 11/387
نسخة توقيع لبطرك النصارى اليعاقبة. 11/390
نسخة توقيع لبطرك النصارى اليعاقبة، كتب به للشيخ المؤتمن، في شهور سنة 764 هـ. 11/392
نسخة توقيع بقضاء القضاة المالكية، لقاضي القضاة جمال الدين البسطامي عند عوده إلى الوظيفة سنة 807 هـ، من إنشاء القلقشندي. 11/189
نسخة توقيع بقضاء قضاة الحنابلة. 11/192
نسخة توقيع بقضاء العسكر المنصور بالحضرة السلطانية. 11/203
نسخة توقيع بإفتاء دار العدل لمن لقبه جمال الدين. 11/205
نسخة توقيع بوظيفة الحسبة. 11/208
نسخة توقيع بحسبة الفسطاط. 11/210
نسخة توقيع بوكالة بيت المال. 11/213
نسخة توقيع بخطابة الجامع بقلعة الجبل المحروسة، حيث مصلى السلطان، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 11/219
نسخة توقيع بإمامة جامع. 11/223
نسخة توقيع بتدريس، كتب به للقاضي عز الدين ابن قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، عوضا عن والده في سنة 730 هـ. 11/224
نسخة توقيع بتدريس زاوية الشافعي بالجامع العتيق، من إنشاء المولى زين الدين بن الخضر، موقع الدست، كتب به لتاج الدين محمد الإخنائي شاهد خزانة الخاص بالنيابة عن عمه قاضي القضاة تقي الدين المالكي. 11/226
نسخة توقيع بتدريس المدرسة الصلاحية المجاورة لتربة الإمام الشافعي، كتب به لقاضي القضاة تقي الدين ابن قاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز، من إنشاء القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر. 11/227
نسخة توقيع بتدريس المدرسة الصلاحية بمصر، المختصة بالمالكية، المعروفة بالقمحية، أنشأه القلقشندي لقاضي القضاة جمال الدين الأقفهسي 11/233
نسخة توقيع بتدريس المدرسة الصلاحية، أنشأه القلقشندي للقاضي شمس الدين محمد بن شهاب الدين أحمد الدّفري المالكي في سنة 805 هـ. 11/235(15/22)
نسخة توقيع بالتدريس بقبة الصالح، أنشأه القلقشندي لقاضي القضاة جمال الدين يوسف البساطي سنة 804 هـ. 11/237
نسخة توقيع بتدريس الحديث بالجامع الحاكمي، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي للشيخ قطب الدين عبد الكريم. 11/240
نسخة توقيع بتصدير أنشأه القلقشندي للشيخ شهاب الدين أحمد الأنصاري الشهير بالشاب التائب، بالجامع الأزهر. 11/247
نسخة توقيع بتدريس الطب بالبيمارستان المنصوري، كتب بها لمهذب الدين. 11/249
نسخة توقيع بنظر الأحباس. 11/252
نسخة توقيع بنظر الأوقاف. 11/253
نسخة توقيع بنظر البيمارستان المنصوري بين القصرين، من إنشاء الشيخ شهاب الدين الحلبي. 11/255
نسخة توقيع بنظر الجامع الناصري بقلعة الجبل، كتب به للقاضي جلال الدين القزويني. 11/258
نسخة توقيع بنظر مشهد الإمام الحسين بالقاهرة المحروسة، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 11/260
نسخة توقيع بنظر البيمارستان العتيق الذي رتبه السلطان صلاح الدين في بعض قاعات قصر الفاطميين. 11/264
نسخة توقيع بالتحدّث في وقف. 11/264
نسخة توقيع بنظر الخاص، كتب به للقاضي شمس الدين موسى بن عبد الوهاب في أيام الناصر محمد بن قلاوون. 11/310
نسخة توقيع لبطرك اليعاقبة. 11/395
نسخة توقيع لبطرك اليعاقبة. 11/396
نسخة توقيع بقضاء ثغر الإسكندرية المالكي، كتب به للشيخ وجيه الدين محمد بن عبد المعطي الإسكندري المالكي. 11/402
نسخة توقيع بقضاء ثغر الإسكندرية، كتب به للقاضي علم الدين الإخنائي الشافعي، في سنة 730 هـ. 11/405
نسخة توقيع بالحسبة بثغر الإسكندرية. 11/408
نسخة توقيع بنظر الصادر والوارد، أنشأه القلقشندي عن السلطان الملك الناصر(15/23)
فرج بن برقوق للقاضي ناصر الدين محمد الطناحي سنة 804 هـ. 11/410
نسخة توقيع بنظر ثغر الإسكندرية، كتب به للقاضي جمال الدين بن بصاصة. 11/413
نسخة توقيع بنظر ثغر الإسكندرية. 11/415
نسخة توقيع بكتابة الدرج بالإسكندرية. 11/417
نسخة توقيع بنظر دار الطراز بثغر الإسكندرية، كتب به لصلاح الدين بن علاء الدين علي بن البرهان في سنة 741 هـ، من إنشاء الشريف شهاب الدين كاتب الإنشاء. 11/418
نسخة توقيع لقاضي الركب، كتب به للشيخ تقي الدين السبكي. 11/435
نسخة توقيع بشدّ المهمات بدمشق. 12/34
نسخة توقيع بقضاء الشافعية بدمشق، كتب به لقاضي القضاة بهاء الدين أبي البقاء السبكي. 12/36
نسخة توقيع بقضاء، أنشأه القلقشندي بدمشق للقاضي شرف الدين مسعود. 12/48
نسخة توقيع بقضاء قضاة المالكية بالشام، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 12/51
نسخة توقيع بقضاء قضاة الحنابلة، كتب بها للقاضي علاء الدين منجّى التنوخي. 12/54
نسخة توقيع بالحسبة. 12/58
نسخة توقيع بنظر الحسبة الشريفة، مضافا إلى نظر أوقاف الملوك، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري. 12/60
نسخة توقيع بوكالة بيت المال المعمور، من إنشاء القاضي تاج الدين البارنباري، للقاضي نجم الدين أبي الطيّب. 12/63
نسخة توقيع بوكالة بيت المال بالشام. 12/66
نسخة توقيع بالخطابة بالجامع الأموي، كتب بها لزين الدين الفارقي، من إنشاء شهاب الدين محمود الحلبي. 12/69
نسخة توقيع بالخطابة بالجامع الأموي، كتب بها للقاضي تقي الدين السبكي. 12/72
نسخة توقيع بخطابة الجامع الأموي، أنشأها القلقشندي للشيخ شهاب الدين بن حاجّي. 12/73
نسخة توقيع بتدريس المدرسة الريحانية، كتب به لقاضي القضاة عماد الدين الطرسوسي الحنفي، عوضا عن جلال الدين الرازي، كتب بسؤال بعض كتاب(15/24)
الإنشاء. 12/76
نسخة توقيع أنشأه القلقشندي لقاضي القضاة بدر الدين محمد ابن قاضي القضاة بهاء الدين أبي البقاء وولده جلال الدين محمد، بإعادة تصديرين كانا باسمهما. 12/80
نسخة توقيع بنظر البيمارستان النوري، كتب بها لمن لقبه شهاب الدين. 12/83
نسخة توقيع للصاحب أمين الملك بتدبير الممالك الشامية والخواص الشريفة والأوقاف المبرورة، من إنشاء الصلاح الصفدي. 12/86
نسخة توقيع بصحابة ديوان الإنشاء بدمشق، كتب بها لفتح الدين بن الشهيد، من إنشاء القاضي ناصر الدين بن النشائي. 12/89
نسخة توقيع بكتابة السر بالشام، كتب به للقاضي شرف الدين عبد الوهاب بن فضل الله العمري، عندما رسم بنقله من القاهرة إلى دمشق في سنة 711 هـ، من إنشاء شهاب الدين محمود الحلبي. 12/93
نسخة توقيع بكتابة السر. 12/95
نسخة توقيع بنظر الجيوش، كتب به لموسى بن عبد الوهاب، من إنشاء السيد الشريف شهاب الدين. 12/96
نسخة توقيع بنظر الخزانة العالية. 12/98
نسخة توقيع بمشيخة الخانقاه الصلاحية، المسماة بالشميصاتية بالشام. 12/100
نسخة توقيع بمشيخة خانقاه. 12/102
نسخة توقيع بشدّ الدواوين بحلب. 12/153
نسخة توقيع بقضاء قضاة الشافعية بحلب. 12/156
نسخة توقيع بوكالة بيت المال المعمور بحلب. 12/158
نسخة توقيع بكتابة السر بحلب 12/161
نسخة توقيع بنظر المملكة الحلبية، كتب به لعماد الدين سعيد بن ريان بالعود إليها. 12/163
نسخة توقيع بنظر الجيش بالمملكة الحلبية. 12/165
نسخة توقيع كتب به لقاضي قلعة المسلمين. 12/174
نسخة توقيع كتب به بنظر جعبر، من معاملة حلب. 12/175
نسخة توقيع بشدّ الدواوين بطرابلس. 12/179
نسخة توقيع بقضاء قضاة الشافعية بطرابلس. 12/181(15/25)
نسخة توقيع بوكالة بيت المال بطرابلس. 12/183
نسخة توقيع بوظيفة قراءة الحديث النبوي بطرابلس. 12/185
نسخة توقيع بكتابة السر بطرابلس. 12/187
نسخة توقيع بنظر المملكة الطرابلسية. 12/189
نسخة توقيع بنظر الجيش بالمملكة الطرابلسية. 12/190
نسخة توقيع بكتابة الدست بطرابلس. 12/192
نسخة توقيع بنظر وقف على جامع بمعاملة طرابلس. 12/196
نسخة توقيع بقضاء مكة المشرفة. 12/235
نسخة توقيع بمشيخة الحرم الشريف. 12/255
نسخة توقيع لحكم رماة البندق. 12/264
نسخة توقيع آخر لحاكم البندق. 12/266
نسخة توقيع بفتوّة، من إنشاء القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر. 12/269
نسخة طرة توقيع بنقابة الأشراف بحلب، كتب به للشريف غياث الدين أحمد المعروف بابن الممدوح. 12/291
نسخة طرّة توقيع بكشف الصفقة القبلية بالشام، مما كتب به لغرس الدين خليل الناصري. 12/291
نسخة طرّة توقيع بالمهمندارية بالشام المحروس، كتب به لغرس الدين خليل الطناحي. 12/292
نسخة طرّة توقيع بتصدير الجامع الأموي بالشام، كتب به للقاضي ناصر الدين بن أبي الطيب كاتب السرّ بالشام. 12/292
نسخة طرّة توقيع بإعادة مشيخة الشيوخ بالشام إلى القاضي ناصر الدين بن أبي الطيب. 12/293
نسخة طرّة توقيع بالحمل والنزول على التقرير الشرعي بالزاوية الأمينية بالقدس، كتب به للشيخ برهان الدين الموصلي. 12/293
نسخة طرّة توقيع ببطركية النصارى الملكية بالشام، كتب به لداوود الخوري. 12/294
نسخة توقيع بولاية دمشق. 12/295
نسخة توقيع بنظر الجامع الأموي، كتب به في الدولة الظاهرية برقوق لناصر الدين محمد ابن الأمير جمال الدين عبد الله بن الحاجب عند مصاهرته الأمير بطا(15/26)
الدوادار. 12/297
نسخة توقيع بتولية الزكاة، من إنشاء جمال الدين بن نباتة. 12/299
نسخة توقيع بشدّ الحوطات بدمشق، كتب به لشرف الدين يحيى بن العفيف بإجرائه على عادته وحمله على ما بيده من التوقيع الشريف. 12/301
نسخة توقيع بشدّ مراكز البريد، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة، كتب بها لمن لقبه بدر الدين في سنة 743 هـ. 12/302
نسخة توقيع بنقابة النقباء، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة، كتب بها لشهاب الدين بولاقي عوضا عن أبيه، في سنة 804 هـ. 12/304
نسخة توقيع بشدّ خزائن السلاح، من إنشاء ابن نباتة. 12/305
نسخة توقيع بشدّ الجوالي، من إنشاء ابن نباتة. 12/306
نسخة توقيع بنيابة بعلبك كتب بها لركن الدين عمر بن الطحان. 12/307
نسخة توقيع بكشف البلاد القبلية، كتب به لغرس الدين خليل الناصري في الدولة الظاهرية برقوق. 12/309
نسخة توقيع بكشف الرملة، كتب به لأبي بكر، أمير علم، في الدولة الظاهرية برقوق. 12/311
نسخة توقيع بنيابة بعلبك، كتب به لمن لقبه ناصر الدين، من إنشاء ابن نباتة. 12/313
نسخة توقيع بولاية الولاة بالشام، لمن لقبه عز الدين، من إنشاء ابن نباتة. 12/315
نسخة توقيع بولاية البلقاء والصّلت، من إنشاء ابن نباتة. 12/316
نسخة توقيع بولاية نابلس، من إنشاء ابن نباتة. 12/318
نسخة توقيع بشدّ الدواوين بغزة، من إنشاء ابن نباتة، كتب به لعلاء الدين بن الحصني. 12/319
نسخة توقيع بنيابة قلعة القدس، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة، كتب بها لشرف الدين موسى الردّادي. 12/321
نسخة توقيع بنيابة قلعة صرخد لمن لقبه جمال الدين. 12/322
نسخة توقيع بنيابة قلعة الصّبيبة. 12/323
نسخة توقيع بنيابة قلعة حمص، من إنشاء ابن نباتة. 12/324
نسخة توقيع بنيابة قلعة جعبر، قبل أن تنقل إلى حلب. 12/325
نسخة توقيع بنيابة مغارة زلّايا، من إنشاء ابن نباتة. 12/326(15/27)
نسخة توقيع بولاية القدس، من إنشاء ابن نباتة. 12/327
نسخة توقيع بولاية غزّة. 12/327
نسخة توقيع بولاية لدّ، لمن اسمه نجم الدين أيوب. 12/328
نسخة توقيع بولاية بيسان، لمن لقبه شهاب الدين، من إنشاء ابن نباتة. 12/329
نسخة توقيع بولاية صيدا، لمن لقبه شجاع الدين. 12/330
نسخة توقيع بولاية قاقون، من إنشاء ابن نباتة. 12/331
نسخة توقيع بولاية صرخد، من إنشاء ابن نباتة، لمن لقبه جمال الدين. 12/331
نسخة توقيع بولاية سلمية، كتب به لشهاب الدين الحجازي، من إنشاء ابن نباتة. 12/332
نسخة توقيع بشدّ متحصّل قمامة، من إنشاء ابن نباتة. 12/333
نسخة توقيع بنظر الحسبة بالشام، كتب به للقاضي نور الدين علي بن أبي الفرج. 12/334
نسخة توقيع بنظر الجامع الأموي، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي عماد الدين بن الشيرازي، في دولة الصالح بن الناصر محمد. 12/337
نسخة توقيع بنظر مدرسة الشيخ أبي عمر، من إنشاء ابن نباتة، كتب للقاضي تقي الدين. 12/340
نسخة توقيع بخطابة الجامع الأموي، كتب به باستمرار القاضي تاج الدين من إنشاء ابن نباتة. 12/342
نسخة توقيع بتدريس المدرسة المسرورية بدمشق، كتب به للشيخ تقي الدين السبكي، من إنشاء صلاح الدين الصفدي. 12/345
نسخة توقيع بتدريس المدرسة الناصرية الجوانية، كتب به للقاضي ناصر الدين محمد بن يعقوب كاتب السرّ يومئذ بالشام حين عاد إلى تدريسها بعد انفصاله عنها، من إنشاء صلاح الدين الصفدي. 12/348
نسخة توقيع بتدريس المدرسة النورية، من إنشاء ابن نباتة، كتب به لقاضي القضاة نجم الدين الحنفي بنزول والده عنها. 12/351
نسخة توقيع بتدريس المدرسة الريحانية الحنفية، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي عماد الدين الحنفي. 12/353
نسخة توقيع بتصدير بالجامع الأموي، كتب به لقاضي القضاة علم الدين بن القفصي قاضي قضاة دمشق. 12/356(15/28)
نسخة توقيع بقضاء العسكر بدمشق، كتب به للقاضي شمس الدين محمد الإخنائي الشافعي. 12/358
نسخة توقيع بنظر جامع يلبغا اليحياوي، كتب به للأمير جمال الدين يوسف شاه العمري الظاهري. 12/359
نسخة توقيع بنظر تربة أرغون شاه، كتب به لقجا السيفي بوطا. 12/361
نسخة توقيع بتدريس الجامع الأموي عودا إليه، من إنشاء جمال الدين بن نباتة، كتب به للقاضي فخر الدين المصري. 12/362
نسخة توقيع بتدريس المدرسة الدماغية بدمشق، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي جمال الدين، أبي الطيّب الحسن بن علي الشافعي. 12/363
نسخة توقيع بتدريس المدرسة الركنية الحنفية بظاهر دمشق، كتب به للقاضي بدر الدين محمد بن أبي منصور الحنفي. 12/366
نسخة توقيع بتدريس المدرسة الخاتونية البرانية الحنفية بدمشق، كتب به للشيخ صدر الدين علي بن الآدمي الحنفي. 12/367
نسخة توقيع بخطابة جامع جراح، من إنشاء ابن نباتة، كتب به لشرف الدين بن عمرون. 12/369
نسخة توقيع بالتدريس بالجامع الأموي والإفتاء به، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للشيخ فخر الدين المصري. 12/371
نسخة توقيع بتدريس مدرسة القصّاعين، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي جمال الدين يوسف الحنفي بنزول من والده. 12/373
نسخة توقيع بتصدير بالجامع الأموي، من إنشاء ابن نباتة، كتب به لشمس الدين بن الخطيب. 12/374
نسخة توقيع بتدريس المدرسة النورية بحمص، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي زين الدين عمر البلفياني. 12/375
نسخة توقيع بحسبة بعلبك، من إنشاء ابن نباتة، كتب به لشهاب الدين بن أبي النور. 12/378
نسخة توقيع بنظر السبيل بدرب الحجاز بالركب الشامي، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي قطب الدين السبكي. 12/379
نسخة توقيع بكتابة الدست بدمشق، كتب به لتاج الدين عبد الوهاب بن المنجا(15/29)
التنوخي، عوضا عن شمس الدين محمد بن حميد بالوفاة. 12/381
نسخة توقيع بنظر الخاص، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي بهاء الدين بن الريّان. 12/383
نسخة توقيع بنظر الخزانة العالية، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي تقي الدين بن أبي الطيب. 12/385
نسخة توقيع بنظر الأسرى ونظر الأسوار، كتب به لدوادار الأمير سودون الطرنطاي كافل الشام. 12/388
نسخة توقيع بصحابة ديوان الأسرى، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي شرف الدين سالم بن القلاقسي. 12/390
نسخة توقيع [بكتابة السر] ، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي علاء الدين بن شرف الدين بن الشهاب محمود عند موت أبيه وهو صغير. 12/392
نسخة توقيع بنظر مطابخ السكر، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للقاضي شرف الدين بن عمرون. 12/393
نسخة توقيع بنظر دار الطراز، من إنشاء ابن نباتة. 12/394
نسخة توقيع بنظر الرباع، من إنشاء صلاح الدين الصفدي، باسم القاضي نجم الدين أحمد بن نجم الدين محمد بن أبي الطيب. 12/395
نسخة توقيع باستيفاء المقابلة واستيفاء الجيش. 12/396
نسخة توقيع بصحابة ديوان الأسواق، من إنشاء ابن نباتة. 12/397
نسخة توقيع بشهادة الخزانة العالية، من إنشاء ابن نباتة، كتب به لجمال الدين عبد الله بن العماد الشيرازي. 12/398
نسخة توقيع بشهادة الأسوار. 12/400
نسخة توقيع بمشارفة خزائن السلاح، لمن لقبه جمال الدين إبراهيم. 12/400
نسخة توقيع بوظيفة بكتابة ديوانية لسامريّ، من انشاء ابن نباتة. 12/401
نسخة توقيع بنظر غزّة. 12/402
نسخة توقيع بصحابة ديوان الحرمين، من إنشاء ابن نباتة، لمن لقبه شمس الدين. 12/403
نسخة توقيع بنظر الشّعرا وبانياس، من إنشاء ابن نباتة، لمن لقبه صدر الدين واسمه أحمد. 12/404(15/30)
نسخة توقيع بنظر حمص، من إنشاء ابن نباتة، كتب به لابن البدر ناظر حمص بالنزول من أبيه عندما أسنّ. 12/405
نسخة توقيع بنظر الرحبة، من إنشاء ابن نباتة، لمن لقبه تاج الدين. 12/406
نسخة توقيع بنظر جعبر، قبل أن تنقل إلى عمل حلب، من إنشاء ابن نباتة، كتب به لهبة الله بن النفيس. 12/407
نسخة توقيع بنظر البقاع، من إنشاء ابن نباتة. 12/408
نسخة توقيع بمشيخة الشيوخ بالشام، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للشيخ علاء الدين علي، مفردة عن كتابة السرّ. 12/409
نسخة توقيع بمشيخة الشيوخ بالشام، مضافة إلى كتابة السر به، كتب به للقاضي ناصر الدين محمد بن أبي الطيب. 12/411
نسخة توقيع بمشيخة إقراء القرآن، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للشيخ شهاب الدين أحمد بن النقيب. 12/415
نسخة توقيع بمشيخة الجواليقية، من إنشاء ابن نباتة. 12/418
نسخة توقيع بمشيخة الحرام الخليلي، من إنشاء ابن نباتة، كتب به للشيخ شمس الدين بن البرهان الجعبري. 12/419
نسخة توقيع بمشيخة الزاوية الأمينية بالقدس ونظرها، كتب به للقاضي برهان الدين بن الموصلي. 12/420
نسخة توقيع لبطرك النصارى، كتب به للبطرك ميخائيل. 12/422
نسخة توقيع لبطرك النصارى بالشام، كتب به للبطرك داوود الخوري. 12/424
نسخة توقيع برآسة اليهود بالشام، من إنشاء ابن نباتة. 12/426
نسخة توقيع بنقابة الأشراف، كتب به للشريف عز الدين أحمد بن أحمد الحسيني. 12/427
نسخة توقيع بنقابة الجيوش بحلب، كتب به لناصر الدين بن أيتبك. 12/430
نسخة توقيع بالمهمندارية بحلب، كتب به لغرس الدين الطناحي. 12/431
نسخة توقيع بتقدمة البريدية بحلب، كتب به لعماد الدين إسماعيل. 12/432
نسخة توقيع بنيابة عينتاب، كتب به لناصر الدين محمد بن شعبان. 12/433
نسخة توقيع بقضاء القضاة، كتب به لقاضي القضاة جمال الدين إبراهيم بن أبي جرادة، قاضي قضاة حلب الشهير بابن العديم. 12/436
نسخة توقيع بخطابة جامع، كتب به لقاضي القضاة كمال الدين عمر ابن قاضي(15/31)
القضاة جمال الدين إبراهيم بن أبي جرادة الحنفي. 12/439
نسخة توقيع بتدريس بالجامع المذكور سابقا، كتب به للقاضي علاء الدين علي الصرخدي الشافعي نائب الحكم العزيز بحلب. 12/441
نسخة توقيع بتدريس بالجامع المذكور لحنفي، كتب به للشيخ شمس الدين محمد القرمي الحنفي. 12/442
نسخة توقيع بإمامة وتصدير بجامع منكلي بغا الشمسي بحلب، كتب به للشيخ شمس الدين محمد الإمام. 12/443
نسخة توقيع بكتابة الدست بحلب، كتب به بهاء الدين بن الفرفور، ونظر بيت المال بحلب. 12/444
نسخة توقيع بصحابة ديوان الأموال بحلب، من إنشاء ابن الشهاب محمود، كتب به للقاضي شمس الدين محمد بن محمد أحد كتاب الدست بحلب. 12/445
نسخة توقيع بنظر بهسنى من عمل حلب، كتب به لفتح الدين صدقة بن زين الدين عبد الرحيم المصري. 12/446
نسخة توقيع بكتابة الإنشاء ونظر الجيش بدبركي، كتب به للقاضي شهاب الدين أحمد بن أبي الطيب العمري العثماني. 12/447
نسخة توقيع بشدّ الدواوين بطرابلس، كتب به لصلاح الدين صلاح الحافظي. 12/448
نسخة توقيع بالاستمرار في شدّ الدواوين. 12/449
نسخة توقيع بنقابة العساكر بطرابلس. 12/451
نسخة توقيع بشدّ الشواني بطرابلس، كتب به لعلاء الدين أيدغمش. 12/453
نسخة توقيع بشدّ دار الضرب، كتب به لعلاء الدين الدوادار 12/454
نسخة توقيع بشدّ البحر بمينا طرابلس. 12/455
نسخة توقيع بنيابة اللاذقية، من إنشاء القاضي تاج الدين بن البارنباري، كتب به لشمس الدين ابن القاضي. 12/456
نسخة توقيع بنيابة قلعة حصن الأكراد، كتب به لشهاب الدين أحمد الناصري. 12/458
نسخة توقيع بنيابة حصن الأكراد، كتب به لشهاب الدين الجاكي. 12/459
نسخة توقيع بنيابة حصن عكار، كتب به لناصر الدين الكردي. 12/463
نسخة توقيع بنيابة بلاطنس. 12/464
نسخة توقيع بتقدمة العسكر بجبلة، كتب به لصلاح الدين الحافظي. 12/465(15/32)
نسخة توقيع بتقدمة العسكر بجبلة، مما كتب به لحسام الدين العلائي. 12/467
نسخة توقيع بنظر الحسبة بطرابلس، كتب به للقاضي ناصر الدين بن شيصة. 12/468
نسخة توقيع بالخطابة والإمامة بالجامع المنصوري بطرابلس، كتب به للخطيب جمال الدين إبراهيم. 12/471
نسخة توقيع بخطابة، كتب به للشيخ صدر الدين الخابوري. 12/472
نسخة توقيع بشهادة الجيوش بطرابلس، كتب به للقاضي بدر الدين محمد بن الفرفور، ووالده يومئذ ناظر الجيوش بها. 12/473
نسخة توقيع بكتابة الدرج بطرابلس. 12/475
نسخة توقيع بشهادة دار الضرب بطرابلس. 12/476
نسخة توقيع بنظر اللاذقية، كتب به للقاضي برهان الدين الأذرعي. 12/477
نسخة توقيع بنفس المعنى. 12/477
نسخة توقيع بمشارقة حصن الأكراد، كتب به للقاضي بدر الدين. 12/478
نسخة توقيع بمشيخة المقام الأدهمي، كتب به باسم الشيخ عبد الله السطوحي. 12/479
نسخة توقيع بمنع أهل صيدا وبيروت وأعمالهما من اعتقاد مذاهب الرافضة والشيعة وردعهم والرجوع إلى السنة والجماعة، في سنة 764 هـ. 13/14
نسخة توقيع باستقرار ما أطلقه السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بالديار المصرية للعمريين أعصاب عمر بن الخطاب، كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري. 13/43
نسخة توقيع شريف بإطلاق. 13/46
نسخة توقيع شريف بمرتب على الفرنج الجرجان الواردين لزيارة القدس، من إنشاء المؤلف لشرف الدين قاسم. 13/48
نسخة توقيع أنشأه المؤلف باسم بهاء الدين أبي بكر بن غانم كاتب الدست الشريف بالشام باستمرار مرتبه على الفرنج الجرجان الواردين إلى ثغر الرملة. 13/49
نسخة توقيع بإقطاع، كتب به عن السلطان صلاح الدين لأخيه العادل أبي بكر بإقطاع الديار المصرية والبلاد الشامية وبلاد الجزيرة وديار بكر في سنة 580 هـ. 13/151
نسخة توقيع بإقطاع كتب بها لأمير قدم على الدولة فاستخدمته. 13/154
نسخة توقيع بإقطاع، كتب به لبعض الأمراء الصغار. 13/157(15/33)
الخطب
من خطبة لابن نباتة السعدي. 1/237
خطبة كعب بن لؤي جدّ النبيّ صلىّ الله عليه وآله وسلّم. 1/255
خطبة قسّ بن ساعدة الإيادي في سوق عكاظ. 1/255
خطبة أبي طالب حين خطب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم خديجة. 1/256
خطبة للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم. 1/256
خطبة لأبي بكر الصّديق. 1/257
خطبة لعمر بن الخطاب. 1/257
خطبة لعثمان بن عفّان، وقد أنكروا عليه تقديم بني أمية على غيرهم. 1/258
خطبة لعلي بن أبي طالب، حين بويع بالخلافة. 1/258
خطبة للحسن بن علي. 1/259
خطبة لمعاوية بن أبي سفيان بصفين. 1/259
خطبة لعتبة بن أبي سفيان، وهو يومئذ أمير مصر. 1/259
خطبة زياد بن أبيه حين قدم البصرة. 1/260
خطبة عبد الملك بن مروان لما قتل عمرا الأشدق ابن سعيد بن العاص. 1/261
خطبة الحجاج بن يوسف الثقفي لما قدم البصرة يتهدد أهل العراق ويتوعّدهم. 1/264
خطبة لأبي بكر بن عبد الله أمير المدينة النبوية، وقد بلغه أن قوما من أهل المدينة ينالون من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم. 1/265
خطبة لخالد بن عبد الله القسري أمير البصرة. 1/267
خطبة قطري بن الفجاءة المشهورة في ذم الدنيا. 1/268
خطبة علي بن أبي طالب في المسجد عند مبايعته لأبي بكر الصّديق، ورد عمر عليه، ثم ردّ علي على عمر. 1/292
خطبة عائشة دفاعا عن أبيها حين بلغها أن أقواما يتناولونه. 1/294
خطبة أم الخير بنت الحريش البارقية يوم صفين في الانتصار لعلي بن أبي طالب. 1/296
خطبة الزرقاء بنت عديّ بن قيس الهمدانية يوم صفين. 1/299
خطبة عكرشة بنت الأطرش يوم صفين. 1/300(15/34)
من خطبة تقليد بفتوة عن ملك، لشهاب الدين محمود الحلبي. 1/354
خطبة لعطاء بن صيفي عند يزيد بن معاوية يهنئه بالخلافة. 9/287
مخاطبة أعرابية لأبي جعفر المنصور في طريق مكة بعد وفاة أبي العباس السفّاح. 9/288
نسخة خطبة في ابتداء كتاب وقف على مسجد. 14/395
الدفن
صورة ما يكتب في دفن ذنوب من يكتب له. 13/352
الرسائل والكتب والمكاتبات
رسالة عبد الحميد بن يحيى الكاتب إلى الكتّاب يوصيهم فيها. 1/118
نسخة مكاتبة في التهنئة بمولود. 1/200
رسالة من إنشاء الشيخ محيي الدين بن عبد الظاهر في تصرّف الكاتب في علم العربية. 1/215
رسالة للقلقشندي في تقريظ المقرّ الفتحي صاحب دواوين الانشاء بمصر. 1/225
مما كتبه ملك الروم يقفور إلى الرشيد مهددا. 1/231
جواب الرشيد على كتاب يقفور. 1/231
كتاب المعتصم إلى ملك الروم جوابا على كتابه الذي يتهدده فيه ويتوعّده. 1/232
كتاب الأدفونش ملك الفرنج بالأندلس إلى يعقوب بن عبد المؤمن أمير المسلمين بالأندلس مهددا متوعدا. 1/232
جواب ابن عبد المؤمن على الكتاب المذكور. 1/233
جواب من الديوان العزيز ببغداد على كتاب لصلاح الدين يعدّد فيه مواقفه في إقامة دعوة بني العباس. 1/233
من رسالة لابن الأثير في مدح الجود وذمّ البخل. 1/238
من مكاتبة لصلاح الدين إلى الديوان العزيز ببغداد من إنشاء القاضي الفاضل. 1/240
من رسالة لابن الأثير في وصف غبار الحرب. 1/240
مما كتبه بعض الكتّاب في صدر كتاب لديوان الخلافة. 1/249(15/35)
من دعاء كتاب لابن الأثير. 1/250
مكاتبة لمعاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب في زمن المشاجرة بينهما. 1/273
مكاتبة علي بن أبي طالب إلى معاوية في جواب مكاتبته السابقة. 1/274
مكاتبة أبي جعفر المنصور وهو يومئذ خليفة إلى محمد بن عبد الله بن الحسن المثنّى بن الحسن حين بويع له بالخلافة وخرج على المنصور يريد انتزاعها منه. 1/277
مكاتبة محمد بن عبد الله إلى المنصور في جواب مكاتبته. 1/278
مكاتبة أبي جعفر المنصور إلى محمد بن عبد الله، في جواب مكاتبته. 1/279
مكاتبة أرسطو طاليس إلى الاسكندر. 1/282
مكاتبة أبرويز إلى ابنه شيرويه يوصيه بالرعيّة. 1/282
كتاب أردشير إلى رعيته. 1/282
رسالة أبي بكر الصديق إلى علي بن أبي طالب حين تلكأ عن مبايعته. 1/283
رسالة عمر بن الخطاب إلى علي بن أبي طالب عطفا على رسالة أبي بكر السابقة. 1/288
كتاب عن عز الدولة بن بويه، كتبه أبو إسحاق الصابي، جوابا عن كتاب وصل إليه عن أخيه عضد الدولة يخبره بمولود ولد له. 1/315
نسخة كتاب عارض بها علي بن حمزة بن طلحة كتاب الصابي السابق. 1/317
مكاتبة للقاضي الفاضل إلى بعض إخوانه يتشوق إليه. 1/322
رسالة للقاضي الفاضل يضمّن فيها أبياتا كاملة من الشعر. 1/324
رسالة للقاضي الفاضل يضمّن فيها أنصاف أبيات من الشعر. 1/325
رسالة للقاضي الفاضل يضمّن فيها أبياتا وأنصاف أبيات. 1/326
رسالة للقلقشندي فيها تضمين، حيث ركب نصف البيت على نصف القرينة. 1/327
رسالة الشيخ ضياء الدين أحمد بن عمر بن يوسف القرطبي إلى الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد استعمل فيها التضمين. 1/327
رسالة لبديع الزمان الهمذاني استعمل فيها التضمين. 1/328
مكاتبة علي بن الأزهر إلى صديق له يستدعي منه أقلاما. 2/480
كتاب ابن الحرون إلى رجل من إخوانه الكتّاب، أهداه ابن الحرون أقلاما. 2/481
كتاب لأبي الخطاب الصابي يصف فيه أقلاما أهداها في جملة أصناف. 2/481
كتاب عمر بن الخطاب إلى نيل مصر. 3/322
كتاب ملك الروم إلى عبد الملك بن مروان بخصوص ذكر اسم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في الطوامير(15/36)
الإسلامية. 6/257
كتاب ركن الدولة بن بويه إلى أحد العاصين عليه، كتبه ابن العميد. 6/264
كتاب أبي حفص بن برد الأندلسي عن ملكه إلى أحد العاصين عليه. 6/264
كتاب لأبي إسحاق الصابي بمناسبة فتح بغداد وهزيمة الترك. 6/265
من كتاب لأبي إسحاق الصابي عن الطائع إلى بعض ولاة الأطراف عند زوال الوحشة بينه وبين الأمراء. 6/266
من كتاب للقلقشندي إلى بعض الرؤساء بثغر الاسكندرية. 6/266
كتاب زبيدة إلى بعض عمالها. 6/280
كتاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى كسرى أبرويز. 6/284
كتاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى وائل بن حجر الحضرمي. 6/284
من كتاب لعلي بن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان. 6/295
كتاب إبراهيم بن العباس عن المتوكل إلى أهل حمص يحذرهم فيه بعد أن وثبوا على عماله. 6/296
من كتاب الملك الأفضل ابن السلطان صلاح الدين إلى الناصر لدين الله الخليفة العباسي، وردّ الخليفة عليه. 6/296
من كتاب لأبي إسحاق الصابي عن معز الدولة بن بويه إلى عدة الدولة أبي تغلب. 6/297
من كتاب للقاضي الفاضل عن السلطان صلاح الدين إلى ديوان الخلافة ببغداد. 6/297
من كتاب للقاضي محيي الدين بن عبد الظاهر عن المنصور قلاوون إلى صاحب اليمن في جواب تعزية. 6/298
من كتاب الشيخ علاء الدين البيري عن الظاهر برقوق جوابا لصاحب تونس. 6/298
من كتاب بعض كتّاب السلطان أبي الحسن المريني عنه إلى السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون. 6/298
من رسالة للصاحب بن عبّاد. 6/300
كتاب المهلّب بن أبي صفرة إلى الحجاج بن يوسف في فتح الأزارقة. 6/306
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى خالد بن الوليد في جواب كتاب إليه بإسلام بني الحارث. 6/353
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين. 6/353
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى فروة بن عمرو الجذامي. 6/354
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى طهفة النهدي وقومه. 6/354(15/37)
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى أكيدر دومة. 6/356
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى وائل بن حجر وأهل حضر موت. 6/357
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى قبيلة همدان من اليمن. 6/360
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى. 6/362
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى هرقل. 6/362
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى كسرى أبرويز ملك الفرس. 6/363
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى المقوقس صاحب مصر. 6/364
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة. 6/364
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي صاحب اليمامة. 6/365
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى نصارى نجران. 6/365، 367
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى جيفر وعبد ابني الجلندى ملكي عمان. 6/365
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم إلى مسيلمة الكذاب. 6/366
كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم مع رفاعة بن زيد إلى قومه. 6/367
كتاب أبي بكر الصديق إلى أهل الردّة. 6/369
كتاب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص وهو يومئذ أمير على مصر. 6/373
كتاب معاوية بن أبي سفيان إلى ابنه يزيد، وقد بلغه مقارفته اللذات وانهماكه على الشهوات. 6/373
كتاب عثمان بن عفّان إلى علي بن أبي طالب حين خرج عليّ إلى الينبع واختلف الناس على عثمان. 6/375
كتاب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف، وقد بلغه تعرّضه لأنس بن مالك. 6/376
كتاب يزيد بن معاوية إلى أهل المدينة النبوية، وقد بلغه خلافهم عليه. 6/377
كتاب عمر بن عبد العزيز إلى عديّ بن أرطاة، وهو عامله على بعض النواحي. 6/377
كتاب يزيد بن الوليد (الناقص) إلى مروان بن محمد، وقد بلغه منه تلكؤ في بيعته. 6/378
كتاب الطائع لله العباسي إلى صمصام الدولة أبي كاليجار بن عضد الدولة بن بويه، من إنشاء أبي إسحاق الصابي. 6/382
كتاب عن المقتفي لأمر الله إلى السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي في تعزية بولد مات له. 6/384(15/38)
كتاب عن المعتصم بالله العباسي إلى ملوك الآفاق من المسلمين عند قبض الأفشين على بابك ملك الروم. 6/387
كتاب عن القائم بالله إلى عضد الدولة ألب أرسلان إلى مسعود بن محمود صاحب غزنة بالبشارة بالنصر على البساسيري، كتبه أبو سعيد العلاء بن موصلايا. 6/391
كتاب عن المطيع لله إلى بعض ولاة الأطراف عند طاعة عبد الملك بن نوح أحد ملوك بني ساسان، كتبه أبو إسحاق الصابي. 6/397
كتاب عن الطائع لله إلى من بصحار (قصبة عمان) وسوادها وجبال عمان وأعمالها، بالأمر بالاجتماع على الطاعة، كتبه أبو إسحاق الصابي. 6/400
كتاب عن القائم بأمر الله إلى وزيره، كتبه العلاء بن موصلايا. 6/404
كتاب عن المسترشد إلى معز الدين بن الفضل بن محمود، وزير معز الدين سنجر بن ملكشاه. 6/408
كتاب عن المستكفي بالله إلى أبي الربيع سليمان بن الحاكم بأمر الله إلى الملك المؤيد هزبر الدين داوود ابن الملك المظفر صلاح الدين يوسف بن رسول في دولة الناصر محمد بن قلاوون حين منع صاحب اليمن الهدية التي جرت العادة بإرسالها إلى الأبواب الشريفة بالديار المصرية. 6/410
كتاب عن الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد بن المستكفي بالله إلى السلطان الملك الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون يستدعي حضوره إلى قلعة الجبل بالقاهرة لتقليد السلطنة بعد خلع أخيه الأشرف كجك. 6/415
كتاب العزيز بالله نزار الفاطمي إلى عامله بمصر يبشره بالفتح حين خرج إلى قتال القرمطي بالشام. 6/421
كتاب ببشارة بفتح فتحه الخليفة وعاد منه، وهي من العهد الفاطمي. 6/428
كتاب عن عبد المؤمن خليفة المهدي بن تومرت إلى الشيخ عبد الله محمد بن سعد المعروف بابن مردنيش. 6/432
كتاب عن المستنصر بالله أحد خلفاء الموحدين إلى بعض نوابه وقد نقض العهد على بعض المهادنين من النصارى، كتبه أبو الميمون. 6/435
كتاب عن المقتفي لأمر الله إلى غياث الدين مسعود بن ملكشاه السلجوقي يخبره أن بعض من كان خرج عن طاعته دخل فيها. 6/437
كتاب عن الحافظ لدين الله الفاطمي إلى شمس الدولة أبي منصور محمد بن ظهير(15/39)
الدين بن نوري بن طغتكين ببعلبك جوابا عن كتابه. 6/438
كتاب من المقتفي لأمر الله إلى السلطان محمود بن محمد السلجوقي جوابا عن كتابه الوارد بإخباره باجتماعه مع عمه سنجر. 6/441
كتاب عن القائم بأمر الله إلى أتسز عند ورود كتابه على أبواب الخلافة يتضمن انتظامه في سلك الطاعة، كتبه العلاء بن موصلايا. 6/442
كتاب تقفور ملك الروم إلى هارون الرشيد وجواب الرشيد عليه. 6/446
كتاب عن الحافظ لدين الله الفاطمي إلى صاحب صقلية وما معها من ملوك الفرنج. 6/446
كتاب خالد بن الوليد إلى النبي صلّى الله عليه وسلم بإسلام بني الحارث. 6/454
كتاب النجاشي ملك الحبشة إلي النبي صلّى الله عليه وسلم في جواب النبي إليه. 6/455
كتاب المقوقس صاحب مصر إلى النبي صلّى الله عليه وسلم في جواب كتاب النبي إليه. 6/455
كتاب مسيلمة الكذاب إلى النبي صلّى الله عليه وسلم. 6/456
كتاب تبّع الأول إلى النبي صلّى الله عليه وسلم قبل ظهوره عليه السلام. 6/457
كتاب عن السلطان يوسف بن فرج بن نصر (ابن الأحمر) موجّه إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم بعد وفاته، ومضمونه التحية والسلام والتشفّع به، كتبه لسان الدين بن الخطيب. 6/458
كتاب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب في جواب الكتاب الذي سأله فيه الخليفة عن أصل أمواله الفاشية. 6/468
كتاب المغيرة بن شعبة إلى معاوية بن أبي سفيان يستعفيه عن العمل كتاب الحجاج بن يوسف إلى عبد الملك بن مروان في جواب كتابه الذي وبّخه فيه بسبب تعرّضه لأنس بن مالك. 6/469
كتاب عبد الله بن عمر إلى عبد الملك بن مروان في خلافته. 6/471
كتاب عن عز الدولة بن بويه إلى المطيع لله عند فتحه الموصل وهزيمة أبي تغلب بن حمدان صاحب حلب، كتبه أبو إسحاق الصابي. 6/474
كتاب عن السلطان أبي تغلب بن ناصر الدولة الحمداني جوابا للكتاب الوارد عليه من الطائع أو المطيع بالكنية والخلع، كتبه أبو الفرج الببّغا. 6/487
كتاب عن السلطان صلاح الدين إلى الناصر لدين الله العباسي بفتح القدس، كتبه القاضي الفاضل. 6/490
كتاب عن السلطان صلاح الدين إلى ديوان الخلافة ببغداد، كتبه القاضي(15/40)
الفاضل. 6/502
كتاب عن السلطان صلاح الدين إلى الخليفة العباسي المستضيء بأمر الله ببشرى بفتح بلد من بلاد النوبة، كتبه القاضي الفاضل. 6/504
كتاب من السلطان صلاح الدين إلى الخليفة ببغداد في البشرى بفتح بلد من بلاد النوبة أيضا، كتبه القاضي الفاضل. 6/510
كتاب عن السلطان صلاح الدين إلى الخليفة ببغداد يعتذر له عن تأخر الكتب، كتبه القاضي الفاضل. 6/514
كتاب عن السلطان صلاح الدين إلى الناصر لدين الله ببغداد بفتح القدس، كتبه العماد الأصفهاني. 6/516
كتاب القاسم بن عبد الله إلى المكتفي بالله (المعتضد بالله) العباسي مهنئا له بالخلافة. 6/520
كتاب إلى أحد الخلفاء الفاطميين في جواب عن كتاب ورد من الخليفة بالسؤال عن المكتوب عنه في مرضه. 6/521
كتاب عن المنصور بن أبي عامر إلى هشام بن الحكم بن عبد الرحمن الناصر خليفة الأندلس يخبره بجريان الصلح بينه وبين الموفّق، كتبه أبو المطرّف بن المثنّى. 6/523
كتاب عن السلطان صلاح الدين إلى المنصور يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن (أحد خلفاء الموحدين بالمغرب) يستجيشه على الروم الفرنج القاصدين بلاد الشام والديار المصرية، كتبه القاضي الفاضل. 6/526
كتاب عن بعض أهل دولة الموحدين إلى بعض خلفائهم جواب كتاب ورد بالكشف عن عامل ثغر شقورة، كتبه أبو الميمون. 6/530
كتاب بعض أهل دولة الموحدين إلى الناصر لدين الله أحد خلفائهم، كتبه أبو الميمون. 6/532
كتاب عن صاحب أرغون من الأندلس إلى المستنصر بالله أحذ خلفاء الموحدين يستأذنه في وفادة صاحب أرغون على أبواب الخلافة مغاضبا لأهل مملكته، كتبه أبو المطرّف بن عميرة. 6/533
كتاب عن السلطان ابن الأحمر صاحب الأندلس إلى المستنصر بالله أبي إسحاق إبراهيم خليفة الموحدين بالأندلس، كتبه ابن الخطيب. 6/535
كتاب الحجاج بن يوسف إلى المهلب بن أبي صفرة وهو يومئذ نائب عن الحجاج(15/41)
على بعض الأعمال والحروب. 6/559
كتاب عن صمصام الدولة بن عضد الدولة بن بويه إلى الصاحب كافي الكفاة إسماعيل بن عباد وزير فخر الدولة في الشفاعة في شخص من بعض ألزامه، كتبه أبو إسحاق الصابي. 6/561
كتاب عن صمصام الدولة إلى الصاحب بن عبّاد بسبب ردّ اقطاع إلى أبي جعفر محمد بن مسعود، كتبه أبو إسحاق الصابي. 6/563
كتاب عن عز الدولة بن معز الدولة بن بويه إلى عضد الدولة بن بويه في طلب الصلح، كتبه أبو إسحاق الصابي. 6/565
كتاب عن الأمير نصر خوزة فيروز بن عضد الدولة إلى ابن عمه شرف الدولة يذكر له حاله مع أخيه صمصام الدولة، كتبه أبو إسحاق الصابي. 6/569
كتاب عن أحمد بن طولون إلى ابنه العبّاس حين عصى عليه بالإسكندرية، كتبه ابن عبد كان. 7/3
كتاب الإخشيد محمد بن طغج إلى أرمانوس ملك الروم، من إنشاء إبراهيم بن عبد الله النجيرمي. 7/9
نسخة مكاتبة بالإخبار بفتح غزة واقتلاعها من الفرنج الديويّة الذين كانوا مستولين عليها. 7/21
كتاب عن السلطان صلاح الدين إلى أخيه سيف الإسلام سلطان اليمن يستقدمه إليه معاونا له على قتال الفرنج ويبشره بفتح كوكب وصفد والكرك، كتبه القاضي الفاضل. 7/23
نسخة كتاب بالإخبار بفتح أيلة التي تحت العقبة. 7/27
كتاب عن السلطان صلاح الدين إلى بعض أمراء الشام عند وفاة السلطان نور الدين محمود، كتبه القاضي الفاضل. 7/29
كتاب عن أبي محمد بن هود في قيامه بالدعوة العباسية ببلاد المغرب إلى أهل بلد من رعيته، كتبه أبو بكر بن هشام. 7/31
كتاب عن أبي عبد الله بن هود (من ملوك الطوائف) إلى أكابر بلده بالرفق بالرعية، كتبه أبو عبد الله بن الجيّان. 7/34
كتاب عن الأمير أبي جميل (زيان بن مدافع بن يوسف بن سعد بن مردنيش، صاحب بلنسية ودانية) إلى أهل ناحية بولاية وال عليهم، كتبه ابن الأبّار. 7/37(15/42)
كتاب عن ابن هود في البشارة بفتح حصن، كتبه أبو المطرف بن عميرة. 7/39
كتاب عن ابن الأحمر إلى السلطان أبي عنان بن أبي الحسن المريني صاحب فاس عند موت الطاغية ملك قشتالة (الفونسو بن فرناندو) ، كتبه لسان الدين بن الخطيب. 7/42
كتاب عن ابن الأحمر إلى السلطان أبي سعيد عثمان بن يغمراسن صاحب تلمسان عند بعثه بطعام إلى الأندلس شاكرا له على ذلك ومخبرا بفتح حصن قنيط بالأندلس، كتبه ابن الخطيب. 7/48
كتاب ابن الأحمر إلى عجلان بن رميثة سلطان مكة، كتبه ابن الخطيب. 7/50
كتاب عن ابن الأحمر إلى أمير المدينة النبوية، كتبه ابن الخطيب. 7/58
كتاب عن ابن الأحمر إلى أبي عليّ الناصر ابن السلطان أبي الحسن المريني عندما أرسله والده إلى ناحية من النواحي لعمارتها وإصلاح حالها، كتبه ابن الخطيب. 7/61
كتاب عن ابن الأحمر إلى الأمير يلبغا العمري الخاصكي أتابك العساكر بالديار المصرية، كتبه ابن الخطيب. 7/65
كتاب عن ابن الأحمر إلى بعض ملوك الغرب يهنئه بدخول مدينة بجاية في طاعته، كتبه ابن الخطيب. 7/67
كتاب ابن الأحمر إلى بعض رعاياه بمدينة المريّة بالأندلس بالبشارة بموت ملك قشتالة بجبل الفتح، كتبه ابن الخطيب. 7/70
كتاب عن ابن الأحمر، كتبه لسان الدين بن الخطيب. 7/74
كتاب عن الوزير قوام الدين بن صدقة إلى بعض وزراء ملوك زمانه في معنى أمير مكة وما كان بينه وبين أمير الحاج في بعض السنين. 7/78
كتاب عن الوزير قوام الدين بن صدقة إلى ملك سمرقند جوابا عن كتاب وصل منه إليه. 7/81
كتاب عن بعض وزراء العاضد إلى بعض الملوك، كتبه القاضي الفاضل. 7/83
كتاب عن أبي الفضل الشيرازي أحد نواب بني بويه إلى عضد الدولة بن بويه يخبره بفتح خراسان وطاعة صاحبها، كتبه أبو إسحاق الصابي. 7/86
كتاب عن بعض وزراء الراشد أو المسترشد إلى السلطان سنجر السلجوقي في حق قطب الدين أبي منصور أزدشير العبادي، وقد ورد إلى أبواب الخلافة ببغداد رسولا. 7/90(15/43)
نسخة كتاب كتب به إلى الملك العادل أبي بكر بن أيوب في جواب كتاب ورد منه بالبشارة بفتح خلاط. 7/92
كتاب القاضي الفاضل إلى السلطان صلاح الدين يهنئه بمولود ولد له. 7/94
كتاب عن ابن خلاص إلى أمير المسلمين الواثق بالله أبي بكر بن هود في جواب كتاب ورد عليه منه، كتبه ابن البنّاء. 7/96
كتاب إلى المتوكل بن هود القائم بالدعوة العباسية بالأندلس عن بعض أتباعه عند ورود كتابه عليه يخبره بفتح حصن المراد بالأندلس وقتل الثائر بها، كتبه أبو المطرّف بن عميرة. 7/99
كتاب أبي المطرّف بن عميرة إلى المتوكل بن هود يهنئه بوصول هدية الخليفة العباسي إليه من بغداد. 7/103
كتاب لسان الدين بن الخطيب وزير ابن الأحمر إلى السلطان أبي عنان ابن السلطان أبي الحسن المريني صاحب فاس عند ورود كتابه إلى الأندلس بفتح تلمسان. 7/104
كتاب عن صمصام الدولة أبي كاليجار إلى حاجب الحجّاب أبي القاسم سعد بن محمد وهو مقيم بنصيبين على محاربة باد الكردي، كتبه أبو إسحاق الصابي. 7/109
كتاب عن صمصام الدولة إلى أبي العلاء عبيد الله بن الفضل في جواب كتابه الوارد عليه بالظفر بأهل الاقتباس، كتبه أبو إسحاق الصابي. 7/112
كتاب عن بعض وزراء الحافظ لدين الله العبيدي إلى أمين الدولة زنكي كشنكين. 7/113
كتاب عن بعض ملوك الغرب في جواب كتاب ورد عليه بطاعة بلد، كتبه أبو المطرّف بن عميرة. 7/116
كتاب عن السلطان صلاح الدين في جواب كتاب ورد عليه مخبرا فيه بالحركة للقاء العدو، كتبه القاضي الفاضل. 7/117
كتاب القائد أبي الفوارس ختور التركي المعزّي إلى وردس بن قنبر المعروف بعسقلاروس (ورد بن قنبر السقلاروس) ، كتبه أبو إسحاق الصابي. 7/119
كتاب عن السلطان صلاح الدين إلى بردويل (بلدوين الخامس ملك بيت المقدس الذي خلف أباه بلدوين الرابع) معزّيا له في أبيه ومهنئا له بجلوسه في الملك، كتبه القاضي الفاضل. 7/121
كتاب عن أبي جميل بن زيّان صاحب بلنسية ودانية من الأندلس إلى ملك قشتالة(15/44)
في مراودة الصلح، كتبه أبو المطرف بن عميرة. 7/123
كتاب عن الملك الجواد الأيوبي جواب كتاب ورد عليه من فرانك أحد ملوك الفرنج (فردريك الثاني) . 7/124
كتاب عن السلطان صلاح الدين إلى ديوان الخلافة ببغداد في أيام الناصر لدين الله بخبر ملك الالمان من الفرنجة والقتال معه، كتبه القاضي الفاضل. 7/135
كتاب عن رماة البندق بالشام إلى الديوان العزيز الحاكمي أحمد بن أبي الربيع سليمان أحد الخلفاء العباسيين بمصر، كتبه شهاب الدين بن فضل الله العمري. 7/139
نسخة مكاتبة إلى نائب الشام بسبب خلاص حق، وموضوعه أن أحد الأعيان برتبة رأس نوبة تقدم بدعوى شرعية على أقوام بدمشق المحروسة. 7/214
نسخة مكاتبة ثانية بخلاص حق أحد الأعيان من الصدقات الشريفة التي شملته. 7/215
نسخة مكاتبة ثالثة بخلاص حق أحد الأمراء، وكان بيده إقطاع بالحلقة الشامية، وأن الوزير بالشام المحروس في كل وقت يتعرّض إلى إقطاعه. 7/216
نسخة مكاتبة رابعة بخلاص حق أحدهم من تركة أخته المتوفاة عن زوج، وقد وضع الزوج يده على جميع مالها. 7/216
نسخة مكاتبة خامسة بخلاص حقوق بعض التجار الفرنج الذين كانوا قد رفعوا قصة بذلك. 7/216
مكاتبة باستقرار نائب في نيابة بعض القلاع. 7/218
مكاتبة بنقل نائب سلطنة من نيابة إلى نيابة. 7/218
مكاتبة بحمل شخص للأبواب السلطانية. 7/219
مكاتبة باستقرار بعض الأمراء بالقدس الشريف بطّالا. 7/219
مكاتبة ببيع غلّة للديوان السلطاني. 7/220
مكاتبة بخصوص توجّه بعض الأمراء بسبب استخراج الأموال وبيع الغلال والأصناف الديوانية المتحصلة من القرى المستأجرة. 7/220
مكاتبة بسبب طلب عصيّ الجواكين والكرابيج والأكر. 7/221
مكاتبة بسبب استقرار قاض بدمشق عوض من كان بها. 7/221
مكاتبة بسبب حمل الثلج إلى الأبواب السلطانية. 7/222
مكاتبة بتمكين شخص من الحضور للأبواب السلطانية. 7/222
مكاتبة بمنع العربان من الدخول إلى البلاد الشامية قبل فراغ الزرع. 7/223(15/45)
مكاتبة بحفظ السواحل. 7/223
مكاتبة باستعمال قماش. 7/224
مكاتبة بتجهيز بريديّ. 7/225
مكاتبة بعدم تمكين أحد من نقل سلاح ولا عدة حرب إلى جهة البلاد الرومية. 7/225
مكاتبة بالكشف على بعض النواحي المستعصية على الكشّاف، وهم بمثابة المراقبين والمفتشين. 7/225
مكاتبة باستدعاء أحد المتعرّضين لبعض الأملاك الجارية في ديوان خاص السلطان، وإلزامه بإعادة ما استأداه. 7/226
مكاتبة في جواب عما ورد من أحد النواب، وفيه أمور مختلفة تتعلق بأحوال عدة نواحي من المملكة. 7/227
مكاتبة في معنى الرضا عن ابن دلغادر التركماني وأمور أخرى. 7/230
نسخة مكاتبة عن الأبواب السلطانية في جواب على رسالة أحد النواب بالشام تتعلق بأمور مختلفة. 7/233
نسخة كتاب عن السلطان الملك المنصور قلاوون في جواب كتاب ورد عن السلطان أحمد القان بإيران في زمانه يذكر فيه أنه أسلم- إذ كان أول من أسلم من ملوكهم- ويذكر فيه أن أخاه الكبير كان قد عزم على دخول ممالك الديار المصرية قبل موته وأنه منع ذلك وأن المشير بذلك الشيخ عبد الرحمن، وأشار إلى أشياء حمّلها لرسله يذكرونها مشافهة، كتب بخط ناصر الدين شافع بن علي بن عباس في رمضان سنة 681. 7/257
نسخة كتاب عن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون جواب كتاب ورد عن السلطان محمود غازان، القان بمملكة إيران، يذكر فيه أن جماعة من عساكر البلاد الشامية أغاروا على ماردين وأن الحمية اقتضت الركوب في مقابلة ذلك، وذكر أنه قدّم الرسل بالإنذار وأنه أقام بأطراف البلاد ولم يدخلها خوف التخريب والفساد، وأنه إذا لم تجر موجبات الصلح كانت دماء المسلمين مطلولة- كتبه القاضي علاء الدين علي بن فتح الدين محمد بن محيي الدين بن عبد الظاهر صاحب ديوان الانشاء بالديار المصرية سنة 701 هـ. 7/265
نسخة مكاتبة عن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى السلطان أبي سعيد بهادرخان، من إنشاء المقر الشهابي بن فضل الله العمري. 7/275(15/46)
مكاتبة عن الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى موسى خان ملك توريز، من إنشاء المقر الشهابي بن فضل الله العمري. 7/280
نسخة مكاتبة كتب بها إلى الشيخ أويس (مؤسس الدولة الجلايرية في العراق وأذربيجان) جوابا عن كتاب ورد منه، من إنشاء القاضي تقي الدين ابن ناظر الجيش. 7/283
نسخة كتاب كتب به إلى الملك الصالح شرف الدين محمود بن الصالح صالح، جوابا عما ورد به كتابه من وفاة والده المنصور أحمد، منقولة عن مجموع بخط تقي الدين ابن ناظر الجيش. 7/290
نسخة كتاب إلى القان محمد ببلاد أزبك، وهو القائم مقام أزبك خان صاحب خوارزم ودشت القبجاق، كتبه تقي الدين ابن ناظر الجيش عن الأبواب السلطانية سنة 776 هـ. 7/318
نسخة كتاب عن الملك الناصر فرج بن برقوق إلى القان ببلاد أزبك، كتبه القلقشندي بإشارة من المقر الفتحي بن فضل الله العمري صاحب ديوان الإنشاء سنة 182 هـ. 7/321
نسخة كتاب عن الملك الظاهر برقوق في جواب الأمير تيمور لنك عن الكتب الواردة منه قبل ذلك، من إنشاء المقرّ البدري بن فضل الله العمري سنة 796 هـ وذلك عند سفر الظاهر برقوق إلى حلب لملتقى تيمور لنك. 7/331
نسخة مكاتبة إلى تيمور لنك بعدما خرّب دمشق، جوابا عما ورد منه بطلب أطلمش، أحد أمرائه الذي كان قد أسر في أيام الظاهر برقوق، والتماس الصلح. 7/344
نسخة كتاب عن السلطان فرج بن برقوق إلى تيمورلنك بعد وصول أطلمش إلى تيمور لنك. 7/350
نسخة كتاب عن الناصر محمد بن قلاوون إلى الإمام ابن مطهّر إمام الزيدية باليمن جوابا عن كتاب ورد منه إلى الأبواب السلطانية يستمدّ العون على صاحب اليمن ويعدد قبائحه، كتبه المقر الشهابي بن فضل الله العمري. 7/362
نسخة كتاب عن السلطان صلاح الدين إلى أخيه سيف الإسلام صاحب اليمن يستقدمه إليه معاونا له على قتال الفرنج ويخبره بما وقع له من الفتوحات في سنة 584 هـ. 7/365(15/47)
نسخة كتاب عن السلطان محمد بن قلاوون جواب كتاب ورد من صاحب اليمن في مقابلة البشرى بدخول العساكر المنصورة إلى بلاد الأرمن، وطلب سلامش نائب التتار بالروم الدخول في الطاعة- كتبه الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 7/369
نسخة كتاب إلى صاحب اليمن عن السلطان الملك المنصور قلاوون مبشرا بفتوح صافيتا، من إنشاء ابن عبد الظاهر. 7/379
نسخة كتاب عن الملك المنصور قلاوون إلى صاحب اليمن، جواب تعزية أرسلها إليه في ولده الملك الصالح، من إنشاء محيي الدين بن عبد الظاهر. 7/382
نسخة كتاب عن الملك المظفر قطز إلى صاحب اليمن، وهو يومئذ المنصور، بالبشارة بهزيمة التتار؛ وهي من إنشاء محيي الدين بن عبد الظاهر. 7/385
نسخة كتاب إلى صاحب اليمن الملك المجاهد سيف الدين علي بن داوود، أنشأه المقر الشهابي بن فضل الله العمري جوابا عن هديته ولم يكتب بها إليه. 7/389
نسخة كتاب عن الأشرف خليل بن قلاوون قرين كتاب أبيه المنصور قلاوون إلى صاحب اليمن بالبشرى بفتح طرابلس. من إنشاء القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر. 7/392
نسخة كتاب عن الظاهر برقوق إلى صاحب تونس، من إنشاء علاء الدين. 7/407
نسخة كتاب من الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى السلطان أبي الحسن المريني في جواب كتاب ورد عليه منه. 7/416
نسخة جواب الكتاب الوارد على الملك الناصر محمد بن قلاوون من أبي الحسن المريني صاحب فاس المغرب بالبشارة بفتح بجاية والانتصار على تلمسان. 7/422
نسخة كتاب جواب عن السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق إلى صاحب فاس حيث ورد كتابه بالتعرض لوقعة تيمورلنك- من إنشاء القلقشندي. 7/436
نسخة كتاب جواب عن صاحب مصر إلى صاحب حمراء غرناطة، وقد ورد كتابه يتضمن قيامه بأمر الجهاد في الكفار، وما حصل من استيلاء بعض أقاربه على ملكه ونزعة منه، وأنه استظهر بعد ذلك على المذكور وقتله وعاد إلى ملكه على عادته في سنة 765 هـ. 7/442
نسخة جواب كتاب ورد عن صاحب الحبشة من سلطنة الملك المظفّر صاحب اليمن، على الملك الظاهر بيبرس، بطلب مطران يقيمه لهم البطرك، مما كتب به القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر. 8/42(15/48)
نسخة كتاب كتب به هولاكو بن طوجي بن جنكزخان، المنتزع العراق من أيدي الخلفاء العباسيين، إلى الملك المظفّر قطز سنة 658 هـ. 8/64
نسخة كتاب ورد عن السلطان أحمد صاحب مملكة إيران من بني هولاكو، وهو أول من أسلم منهم، كتب به إلى الملك المنصور قلاوون، ورد سنة 681 هـ، وهو من إنشاء الفخر بن عيسى الموصلي. 8/66
نسخة كتاب كتب به عن السلطان محمود غازان صاحب إيران إلى السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة 700 هـ. 8/70
نسخة كتاب عن الملك الأشرف إسماعيل صاحب اليمن إلى الملك الظاهر برقوق صاحب الديار المصرية، في شهور سنة 798 هـ، على يد القاضي برهان الدين المحلّي تاجر الخاص، والطواشي افتخار الدين فاخر دوادار الملك الأشرف صاحب اليمن المذكور. 8/73
نسخة كتاب عن المتوكل على الله أحمد بن أبي عبد الله بن أبي بكر إلى السلطان الملك الظاهر برقوق صاحب مصر، جوابا عن كتابه إليه. 8/80
كتاب عبد الرحمن بن أبي موسى بن يغمراسن إلى السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة 725 هـ، يشكره على السماح له بأداء فريضة الحجّ. 8/86
كتاب من أبي الحسن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني إلى السلطان محمد بن قلاوون. 8/88
نسخة كتاب من أبي الحسن المريني إلى السلطان محمد بن قلاوون، وصل صحبة الهدايا والحرّة الحاجّة في رمضان سنة 738 هـ. 8/100
نسخة كتاب عن السلطان عثمان بن أبي العباس المريني إلى السلطان أبي السعادات فرج بن برقوق في العشر الأوسط من سنة 804 هـ. 8/104
نسخة كتاب كتب به عن أمير المسلمين، السلطان أبي عبد الله محمد بن أبي الحجاج يوسف بن نصر بن الأحمر، صاحب غرناطة، إلى السلطان الملك الأشرف شعبان بن حسين، من إنشاء الوزير أبي عبد الله بن الخطيب، صاحب ديوان إنشائه، يشير فيه إلى حادثة الفرنج بالإسكندرية سنة 767 هـ، إلا أنه وهم في لقبه الملوكي فلقبه بالمنصور. 8/108
نسخة كتاب ورد على الملك الظاهر أبي سعيد برقوق من أبي عمر وعثمان بن إدريس صاحب البرنو؛ ووصل هذا الكتاب في شهور سنة 794 هـ، صحبة ابن(15/49)
عمه مع هدية بعث بها ملك البرنو إلى الظاهر برقوق. 8/119
نسخة مكاتبة عن أحد ملوك الحبشة وردت على الملك الظاهر بيبرس ضمن كتاب إلى صاحب اليمن، وصاحب اليمن أرسل الكتاب إلى مصر. 8/123
نسخة كتاب معرّبة بترجمة بطرك الملكانية بحضور سيف الدين سيف الترجمان، من ملك الروم صاحب القسطنطينية مانويك المسيحي إلى الملك الناصر فرج بن برقوق. 8/125
نسخة كتاب وارد إلى السلطان فرج بن برقوق من دوج البنادقة ميكائيل، على يد قاصده نقولا البندقي في منتصف شهر صفر سنة 814 هـ، ترجمة شمس الدين سنقر وسيف الدين سودون، التراجمة بالأبواب الشريفة. 8/126
نسخة كتاب ورد من كبطان الماغوصة والمستشارين بها إلى الملك الناصر فرج بن برقوق في سنة 814 هـ، ترجمة شمس الدين سنقر وسيف الدين سودون. 8/128
كتاب أبي إسحاق الصابي إلى الصاحب إسماعيل بن عبّاد بالشكر والتشوق. 8/139
كتاب أبي إسحاق الصابي عن بعض الأمراء إلى أمير آخر، مبشرا بفتح. 8/140
كتاب الصابي عن الوزير أبي عبد الله الحسن بن سعدان إلى فخر الدولة بن بويه في بشارة فتح. 8/141
كتاب الصابي إلى صاحب الجيش في تعزية. 8/141
من نسخة كتاب إلى شجاع الدولة وزير دمشق، بعد هلاك زنكي بن آقسنقر، كتبه صاحب ديوان الإنشاء في زمن المسترشد عن نفسه. 8/142
مما كتبه الصابي عن نفسه إلى الأثير أبي الحسن يهنئه بعيد. 8/142
مما كتبه صاحب ديوان الإنشاء في زمن المسترشد عن نفسه إلى أبي الفرج سعد بن محمد تشوّقا. 8/143
من كتاب للصابي. 8/143
مما كتبه الصابي عن نفسه إلى الصاحب بن عبّاد. 8/144
مما كتب الصابي عن الوزير أبي عبد الله بن سعدان في جواب كتاب ورد عليه. 8/145
من كتاب لأبي الفرج الببّغاء في جواب كتاب. 8/145
من كتاب لعبد الله بن طاهر. 8/152
من كتاب لأبي المطرّف بن عميرة. 8/152
من كتاب لأبي محمد بن عبد البرّ إلى بعض أرباب الأقلام. 8/153(15/50)
من كتاب لأبي زيد الفازازي. 8/153
من كتاب لأبي المطرف بن عميرة في صدر شفاعة. 8/154
من كتاب لأبي المطرّف بن عميرة إلى بعض العلماء. 8/154
من كتاب لأبي زيد الفازازي. 8/155
من كتاب لأبي المطرّف بن عميرة إلى بعض الرؤساء. 8/155
من كتاب لأبي بكر بن عيسى، شافعا في أنصاريّ. 8/155
مما كتب أبو المطرف بن عميرة عن الأمير أبي جميل زيّان إلى الأمير أبي زكريا بن إسحاق. 8/156
مما كتبه أبو الحسن بن شلبون. 8/157
مما كتب أبو المطرّف بن عميرة إلى بعض الفقهاء شافعا موصيا. 8/157
من مكاتبة لابن أبي الخصال. 8/157
من مكاتبة لأبي محمد بن عبد البرّ. 8/158
من مكاتبة لأبي المطرّف بن المثنّى. 8/158
مما كتب أبو المطرّف بن الدبّاغ إلى بعض الأدباء عند وروده إلى بلاده. 8/159
مما كتب أبو المطرّف بن عميرة إلى أحد الرؤساء بشاطبة. 8/160
من مكاتبة لأبي زيد الفازازي. 8/161
من كتاب لابن أبي الخصال إلى بعض الكتّاب يسأله حاجة. 8/162
من كتاب لأبي عمرو الباجي. 8/163
من كتاب لابن أبي الخصال. 8/163
من كتاب لأبي عمرو الباجي. 8/164
من كتاب لأبي المطرف بن الدبّاغ. 8/164
من كتاب لأبي جعفر الكاتب. 8/164
من كتاب لأبي المطرّف بن المثنّى. 8/164
من مكاتبات لابن عبد كان. 8/165، 166،
167، 168، 169،
من كتاب للقاضي الفاضل إلى العماد الأصفهاني. 8/171
من كتاب للعماد الأصفهاني. 8/171
من مكاتبة للقاضي الفاضل إلى السلطان صلاح الدين بالتهنئة بمولود. 8/175(15/51)
نسخة كتاب في معنى انتقال الخلافة إلى الخليفة، كتب به عن الآمر بأحكام الله عند استقراره في الخلافة بعد أبيه المستعلي بالله، من إنشاء ابن الصيرفي. 8/240
نسخة كتاب عن الآمر بأحكام الله الفاطمي، كتب به إلى ولاة الأطراف بعد قراءة عهده، مهنئا بخلافته وتجديد ولايته، من إنشاء ابن الصيرفي. 8/242
نسخة مكاتبة بالبشارة بجلوس الملك الصالح صالح ابن المالك الناصر محمد بن قلاوون على التخت سنة 752 هـ، بعد خلع أخيه الملك الناصر حسن. 8/246
نسخة مكاتبة في الحثّ على الجهاد، عن السلطان إلى بعض نواب الثغور، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 8/251
مكاتبات في معنى الحث على لزوم الطاعة وذمّ الخلاف، أوردها أبو الحسين بن سعد في ترسّله. 8/256
مكاتبة في الحث على الزوم الطاعة وذم الخلاف، من إنشاء عبد الحميد الكاتب. 8/257
مكاتبة في ذم الخلاف لابن عبد كان. 8/257
مكاتبة في ذم الخلاف لموسى بن عيسى العباسي الهاشمي. 8/258
نسخة مكاتبة إلى متملك سيس، عند كسرة التتار، بعد قيامه معهم في المصافّ، ومساعدته إياهم، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 8/259
نسخة كتاب كتب به عن الحافظ لدين الله الفاطمي، إلى بهرام النصراني الأرمني الذي كان قد استوزره، ثم خرج عليه رضوان بن ولخشي، ارتغاما للدين، لتحكّم نصراني في أهل الملّة، وولي الوزارة مكانه، ففرّ بهرام هاربا إلى الشام ناقضا العهد، وكتب إلى الحافظ يطلب أهله وجماعته من الأرمن الذين كانوا معه، مظهرا للطاعة والرغبة في التخلّي عن الدنيا، فكتب له بذلك جوابا عن كتابه الوارد منه. 8/264
نسخة كتاب، كتب به عبد الحميد الكاتب إلى بعض من خرج عن الطاعة. 8/271
نسخة كتاب، كتب به قوام الدين يحيى بن زيادة، وزير الناصر لدين الله الخليفة ببغداد، إلى طغرل مقطع البصرة بأمر الخليفة له في ذلك، وقد بلغه أنه نزح عنها مفارقا لطاعة الخليفة. 8/272
نسخة كتاب المهلّب بن أبي صفرة إلى الحجاج، في فتح الأزارقة من الخوارج. 8/280
نسخة كتاب بفتح فتحه الخليفة وعاد منه. 8/281
نسخة كتاب، كتب به إلى الديوان العزيز، أيام الناصر لدين الله، عن السلطان(15/52)
صلاح الدين الأيوبي، بفتح القدس الشريف وإنقاذه من يد الكفر، في آخر شعبان سنة 583 هـ، من إنشاء القاضي الفاضل. 8/284
نسخة مكاتبة بالاعتذار عن السلطان في هزيمة. 8/296
نسخة مكاتبة بالاعتذار عن السلطان في هزيمة، من إنشاء أحمد بن سعيد. 8/299
نسخة مكاتبة فيمن هزم هو وجيشه، تتضمن إقامة عذره ووصف اجتهاده، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 8/300
كتاب من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي على لسان المهزوم، يتضمن الاعتذار ويصف الاحتفال بأخذ الثأر. 8/302
نسخة مكاتبة بمعنى توبيخ المهزوم والتهكّم به، كتبها الشيخ محيي الدين بن عبد الظاهر إلى البولس بيمند ملك الفرنج المستولي على طرابلس من الشام وانطاكية من بلاد العواصم. 8/304
نسخة كتاب بمعنى توبيخ المهزوم، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 8/307
نسخة كتاب عن الأمير أبي عبد الله بن هود أحد ملوك الطوائف بالأندلس، في موضوع أوامر ونواهي تتعلق بأمور السلطنة، من إنشاء أبي عبد الله بن الجنان. 8/313
نسخة كتاب بالبشارة بالسلامة في الركوب في غرّة السنة. 8/319
نسخة كتاب بالبشارة بالسلامة في ركوب أول شهر رمضان، من إنشاء ابن الصيرفي. 8/320
نسخة كتاب بالبشارة بالسلامة في ركوب الجمعة الأولى من شهر رمضان، من إنشاء ابن الصيرفي. 8/321
نسخة كتاب بالبشارة بالسلامة في ركوب الجمعة الثانية من شهر رمضان من إنشاء ابن الصيرفي. 8/322
نسخة كتاب بالبشارة بالسلامة في ركوب الجمعة الثالثة من شهر رمضان، من انشاء ابن الصيرفي. 8/323
نسخة كتاب بالبشارة بالسلامة في ركوب عيد الفطر، من إنشاء ابن الصيرفي. 8/324
نسخة كتاب بالبشارة بالسلامة في ركوب عيد الفطر، عن الحافظ لدين الله الفاطمي سنة 531 هـ. 8/326
نسخة كتاب بالبشارة بالسلامة في ركوب عيد النحر، من إنشاء ابن الصيرفي. 8/328
نسخة كتاب بالبشارة بالسلامة في ركوب عيد النحر، من إنشاء ابن قادوس. 8/330(15/53)
نسخة كتاب بالبشارة بوفاء النيل في الأيام الفاطمية، من إنشاء ابن قادوس. 8/332
نسخة كتاب بالبشارة بوفاء النيل، من إنشاء ابن الصيرفي. 8/333
نسخة كتاب بالسلامة من سفر الحجّ. 8/339
نسخة كتاب بسلامة الخليفة من سفر. 8/340
نسخة كتاب، كتب به أبو إسحاق الصابي عن الطائع لله، إلى صمصام الدولة بن عضد الدولة بن بويه، قرين خلعة وفرسين بمركبين من ذهب وسيف وطوق. 8/342
نسخة مكاتبة إلى الأفضل بن ولخشي، وزير الحافظ لدين الله الفاطمي، حين قرر الحافظ نعوته: السيد، الأجلّ، الأفضل، أمير الجيوش، سيف الإسلام، ناصر الأنام، كافل قضاة المسلمين، وهادي دعاة المؤمنين. 8/346
نسخة مكاتبة بالإحماد، كتبت عن صمصام الدولة بن عضد الدولة بن بويه، إلى صاحب الحجّاب أبي القاسم سعد بن محمد وهو مقيم بنصيبين على محاربة باد الكردي. 8/350
نسخة مكاتبة بالإذمام، كتبها عبد الحميد الكاتب. 8/352
نسخة مكاتبة في الذمّ على خطأ، كتبها أحمد بن يوسف. 8/353
نسخة كتاب بمعنى البشارة عن الخليفة بولد رزقه. 8/359
نسخة كتاب بعافية الملك الناصر محمد بن قلاوون من مرض إلى صاحب ماردين. 8/361
نسخة كتاب، كتب به من نائب الشام إلى بعض نواب السلطنة، بالبشارة بسلطنة الملك الصالح إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة سنة 743 هـ. 8/363
نسخة كتاب بورود مثال شريف بعافية السلطان الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون، في خلافة الحاكم بأمر الله أحمد بن المستكفي بالله، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة. 8/365
نسخة كتاب بورود مثال شريف بوفاء النيل، إلى بعض النواب، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة. 8/369
نسخة جواب عن كتاب وصل من الخليفة بانتقال الخلافة إليه، كتب به إلى أمير الأمراء، قرين خلعة وسيف وتاج وسوارين، من إنشاء أبي الحسن بن سعد. 8/378(15/54)
نسخة كتاب أنشأه القلقشندي ليكتب به إلى أمير المؤمنين المستعين بالله، عن نائب الغيبة بالديار المصرية حين وردت كتبه من الشام إلى الديار المصرية بالقبض على الناصر فرج بن برقوق، في سنة 815 هـ. 8/382
نسخة جواب عن نائب طرابلس عن مثال شريف ورد بوفاة السلطان محمد بن قلاوون واستقرار ولده الملك المنصور أبي بكر مكانه بعهد من أبيه، من إنشاء القاضي تاج الدين بن البارنباري. 8/383
نسخة جواب عن ورود مثال شريف بركوب السلطان بالميدان والإذن للنواب في لعب الكرة. 8/385
نسخة جواب بوفاء النيل، كتب به عن نائب طرابلس. 8/386
نسخة جواب آخر في نفس المعنى. 8/386
نسخة جواب عن مثال شريف بوصول فرس إنعام، كتب به عن نائب طرابلس. 8/387
نسخة جواب عن وصول خيل من الإنعام السلطاني، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 8/388
نسخة مكاتبة كتب بها عن نائب حلب إلى السلطان يخبره فيها بوصوله إلى مقر ولايته. 8/392
نسخة مكاتبة بنفس المعنى إلى الأبواب السلطانية عن نائب طرابلس. 8/393
نسخة كتاب بالتهنئة بالخلافة. 8/394
من مكاتبة بالبشارة بفتح حصن المرقب. 8/395
نسخة مكاتبة في التعزية إلى الخليفة. 8/399
نسخة كتاب بنفس المعنى. 8/400
نسخة كتاب، كتب به إلى الأبواب السلطانية عند فتح آياس قاعدة بلاد الأرمن وانتزاعها من أيديهم. 8/401
كتاب جواب عن تهنئة بولاية. 9/25
كتاب جواب تهنئة بخلعة، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 9/31
جواب عن تهنئة بالعيد، لأبي الفرج الببغاء. 9/54
جواب عن تهنئة بالعيد، لشهاب الدين الحلبي. 9/54
جواب عن تهنئة بالأولاد، للشيخ شهاب الدين الحلبي. 9/64
جواب عن تهنئة بالإبلال من المرض، للشيخ شهاب الدين الحلبي. 9/70(15/55)
جواب تهنئة بالصرف من الخدمة. 9/80
جواب عن تعزية، للشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 9/99
كتاب للشيخ جمال الدين بن نباتة، إلى كاتب السرّ بالأبواب السلطانية صحبة تقدمة من نائب الشام إلى السلطان. 9/102
له أيضا مع الجهاز الشريف السلطاني. 9/102
كتاب لعلي بن خلف، في إهداء جواد أدهم أغرّ محجّل. 9/105
كتاب عن نائب الشام إلى الملك الصالح شمس الدين صاحب ماردين، قرين خيل منعم بها إليه، عن السلطان الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة. 9/106
جواب عن نائب الشام إلى أمير آخور بالأبواب الشريفة، عن وصول خيل إليه من الإنعام الشريف، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة. 9/108
جواب في وصول أكديش وباز وكوهية، لابن نباتة. 9/109
جواب بوصول جوارح، كتب به عن نائب الشام جوابا لمطالعة وردت على نائب الشام من الصالح صاحب ماردين من بقايا بني أرتق، صحبة سناقر، هدية للملك الصالح إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة. 9/111
جواب بوصول بازيين، لابن نباتة. 9/113
جواب بوصول كوهيتين على يد شخص اسمه باشق، لابن نباتة. 9/114
جواب بوصول طيور، لابن نباتة. 9/114
جواب في نفس المعنى، لابن نباتة. 9/115
جواب في وصول طيور العقعق، لابن نباتة. 9/116
جواب بوصول تمّات وإوزّ صيني، وطلب إمرة عشرة، لابن نباتة. 9/117
جواب عن نائب الشام إلى نائب حلب بوصول لحم طير صيد قديد وصحبته بطيخ أخضر، من إنشاء ابن نباتة. 9/118
جواب بوصول مشمش لؤلؤي ودغميشي من حماة، لابن نباتة. 9/119
جواب بوصول مشمش وبطيخ حلبي، من إنشاء ابن نباتة. 9/120
جواب عن وصول بطيخ حلبي، من إنشاء ابن نباتة. 9/121
جواب بوصول قصب سكر وأترجّ وقلقاس، من إنشاء ابن نباتة. 9/122(15/56)
جواب بوصول باكورة خيار وملوخيّة، من إنشاء ابن نباتة. 9/123
مكاتبة في استهداء دواة، لأبي الفرج الببغاء. 9/124
له أيضا في استهداء مداد. 9/124
مكاتبة لعلي بن خلف في نفس الموضوع. 9/125
مكاتبة لأبي الفرج الببغاء في استهداء مشروب. 9/125
مكاتبة لعلي بن خلف في نفس الموضوع. 9/126
مكاتبة في شفاعة من عمرو بن مسعدة وزير المأمون إلى المأمون. 9/128
مكاتبة للحسن بن سهل في نفس الموضوع. 9/128
مكاتبة لأبي الحسين بن سعد في نفس الموضوع. 9/128
مكاتبة لطفال بن شبّة في نفس الموضوع. 9/129
مكاتبة لأبي مسلم محمد بن بحر في نفس الموضوع. 9/129
مكاتبات لأبي الخطاب بن الصابي في موضوع الشفاعة. 9/130، 131،
132، 133
مكاتبة لأبي الفرج الببغاء في نفس الموضوع. 9/134
مكاتبة للشيخ شهاب الدين الحلبي بشفاعة في استخدام كاتب درج. 9/136
له أيضا في استخدام جندي. 9/137
مكاتبة بشفاعة في رد معزول إلى ولايته. 9/138
مكاتبة بشفاعة في خلاص مسجون. 9/139
مكاتبة بشفاعة في خلاص حق. 9/140
مكاتبة بشفاعة فيمن اسمه سراج الدين إلى من اسمه جمال الدين، من إنشاء ابن نباتة. 9/140
مكاتبة بشفاعة عن نائب الشام إلى نائب حماة، في شخص اسمه شهاب الدين، من إنشاء ابن نباتة. 9/142
مكاتبة بشفاعة لابن نباتة أيضا. 9/143
من مكاتبات في التشوّق، لأبي الفرج الببغاء. 9/144
مكاتبة في التشوّق، من إنشاء ابن نباتة. 9/146
نسخة كتاب بمعنى التشوّق عن نائب الشام إلى القاضي علاء الدين بن فضل الله العمري كاتب السر بالأبواب السلطانية، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن(15/57)
نباتة. 9/147
كتاب بمعنى التشوّق كتب به ابن نباتة إلى بعض رؤساء مصر. 9/148
له أيضا في نفس المعنى إلى كاتب السرّ. 9/148
مكاتبات في موضوع الاستزارة، لعلي بن خلف. 9/152، 153،
154، 155
مكاتبات في موضوع اختطاب المودّة وافتتاح المكاتبة. 9/156،
157، 158
مكاتبة للشيخ جمال الدين بن نباتة، في اختطاب المودة وافتتاح المكاتبة. 9/159
مكاتبات في خطبة النساء، لأبي الحسين بن سعد. 9/160، 161،
162، 163
كتاب إلى شخص في تزويج أمه، ذكره الشيخ شهاب الدين الحلبي. 9/164
مكاتبة في الاسترضاء والاستعطاف والاعتذار، لأبي الحسين بن سعد. 9/167
ومنه لسليمان بن وهب. 9/167
ومنه لأبي علي البصير. 9/167
ومنه لأبي الحسين بن أبي البغل. 9/168
ومنه لأبي الربيع (محمد بن الليث) . 9/168
ومنه لأبي الحسين بن سعد. 9/170
ومنه لعلي بن خلف. 9/170
ومنه لأبي الفرج الببغاء. 9/170
مكاتبات في شكوى هموم. 9/174،
175، 176
مكاتبة في استماحة الحوائج، لأبي الحسين بن سعد. 9/177
ومن ذلك لعلي بن خلف. 9/177
مكاتبات في استماحة الحوائج، شعرا، من نظم القلقشندي. 9/179، 180
نسخة جواب بالإسعاف بالمطلوب كتب بها في جواب لكاتب السر من نائب الشام، في طلب إقطاع، من إنشاء جمال الدين بن نباتة. 9/182
مكاتبات في معنى الشكر، لأبي الفرج الببغاء. 9/184، 185
مكاتبات في نفس المعنى، لعلي بن خلف. 9/185، 186، 187(15/58)
كتاب جواب عن فعل المعروف والشكر عليه، لابن نباتة. 9/188
مكاتبات في معنى العتاب، من كلام المتقدمين من الكتاب. 9/189، 190،
191، 192، 193
مكاتبات في معنى العتاب، للشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 9/195، 196
أجوبة عن مكاتبات في معنى العتاب. 9/198،
199، 200
مكاتبة في العيادة والسؤال عن حال المريض. 9/201
أجوبة كتب شفاعات وعنايات. 9/202، 203،
204، 205
جواب في استخلاص حق. 9/206
آخر في نفس المعنى. 9/208
كتاب إلى مريض بالسؤال عنه. 9/209
جواب الى من قنطره فرسه. 9/210
جواب عن كتاب عيادة، لابن نباتة المصري. 9/212
جواب عن كتاب عيادة، للشيخ شهاب الدين الحلبي. 9/214
كتاب في ذمّ بخيل، لاحمد بن يوسف. 9/216
كتاب في الذم، لأبي العيناء. 9/217
ومنه لمحمد بن الليث. 9/217
ومنه لأبي علي البصير. 9/217
ومنه لسعيد بن حميد. 9/218
كتاب في الاخبار بوقوع مطروسيل، لأبي الحسين بن سعد. 9/219
صدر كتاب بإخبار عن الخليفة. 9/220
صدر كتاب بإخبار عن الوزير. 9/220
صدر بإخبار عن أمير. 9/220
صدر كتاب بإخبار عن عافية المكتوب عنه. 9/221
كتاب في الإخبار عن زلزلة عظيمة وقعت بمدينة قرطبة من الأندلس، لابن أبي الخصال. 9/221
نسخة كتاب عن نائب الشام إلى كافل الممالك الإسلامية مخبرا له بوصوله إلى(15/59)
دمشق، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة. 9/223
مكاتبة في معنى المداعبة، لابن أبي الخصال. 9/226
كتاب في معنى المداعبة، كتبه أحدهم إلى كمال الدين بن الأثير، وقد جاء إليه في بستانه فلم يجده ولا وجد من أنصفه. 9/227
نسخة كتاب، كتب به عن القائم بأمر الله لعبد يشوع الجاثليق من إنشاء العلاء بن موصلايا. 10/304
نسخة رسالة أنشأها القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر بفتح الملك الظاهر لقيسارية من بلاد الروم واقتلاعها من أيدي التتار واستيلائه على ملكها وجلوسه على تخت بني سلجوق، كتب بها إلى الصاحب بهاء الدين بن حنا وزير السلطان الملك الظاهر، ومعرفة ما كان في تلك الغزوة وما اشتملت عليه حال تلك السفرة. 14/157
نسخة رسالة في صيد السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، من إنشاء القاضي تاج الدين البار نباري. 14/188
نسخة رسالة أنشأها الجاحظ سماها «رسالة الشكر» قصد بها تقريض وزير المتوكل وشكر نعمه عليه. 14/196
نسخة رسالة تسمى «الإغريضية» أرسلها أبو العلاء المعري إلى أبي القاسم الحسين بن علي المغربي. 14/206
نسخة رسالة من إنشاء المؤلف في تقريض المقر الفتحي أبي المعالي فتح الله صاحب دواوين الإنشاء بالديار المصرية والممالك الاسلامية، في سنة 814 هـ. 14/224
نسخة رسالة للشيخ الإمام العالم معين الدين تاج العلماء خطيب الخطباء الصدر أبي الفضل يحيى بن جعفر بن الحسين بن محمد الحصكفي سماها: «عتاب الكتاب وعقاب الألقاب، المشتملة على أصول الغريب والإغراب» . 14/230
نسخة رسالة في المفاخرة بين العلوم، من إنشاء المؤلف سنة 798 هـ، أرسلها لقاضي القضاة جلال الدين بن عمر البلقيني. 14/237
نسخة رسالة في المفاخرة بين السيف والقلم، أنشأها المؤلف للمقرّ الزيني أبي يزيد الدوادار الظاهري في سنة 794 هـ، وسماها: حلية الفضل وزينة الكرم، في المفاخرة بين السيف والقلم. 14/263
نسخة رسالة كتبها الشيخ جمال الدين بن نباتة المصري إلى الشيخ شهاب الدين(15/60)
محمود الحلبي صاحب ديوان الإنشاء بالمملكة الحلبية، وقد بلغه أن بعض أهل الديوان نال منه، وأن الشيخ شهاب الدين ناضل عنه ودافع، فكتب إليه يشكره على ذلك ويسأل كتّاب الديوان عن أسئلة بعضها يرجع إلى صنعة الإنشاء، وأكثرها يرجع إلى فن التاريخ. 14/274
نسخة رسالة أنشأها الإمام قاضي قضاة المسلمين محيي الدين أبو الفضل يحيى بن محيي الدين أبي المعالي محمد بن علي لما ورد إلى القاهرة في سنة 629 هـ وتعرف برسالة النمس. 14/285
نسخة رسالة في الشكر على نزول الغيث، من إنشاء أبي عبد الله محمد بن أبي الخصال الغافقي الأندلسي. 14/298
نسخة رسالة كتب بها الصاحب فخر الدين عبد الرحمن بن مكانس إلى الشيخ بدر الدين البشتكي عند ما زاد النيل الزيادة المفرطة سنة 784 هـ. 14/303
نسخة كتاب، كتب به عن قاضي القضاة فخر الدين الشافعي إلى الحكام بالمملكة. 14/392
السجلات
نسخة سجلّ، كتب به الموفق بن الخلال صاحب ديوان الإنشاء، عن العاضد الفاطمي بالوزارة لشاور السّعدي بعد أن غلبه ضرغام عليها ثم كانت له الكرّة عليه. 10/319
نسخة سجلّ، كتب به الموفق بن الخلال، عن العاضد بولاية ابن شاور السعدي نيابة الوزارة عن أبيه وتفويض الأمور إليه. 10/327
نسخة سجلّ، كتب به بعض الكتاب عن العاضد الفاطمي لرزّيك بن الصالح طلائع بن رزّيك، بولاية المظالم وتقدمة العسكر في وزارة أبيه. 10/334
نسخة سجلّ بولاية القاهرة. 10/347
نسخة سجلّ، كتب به القاضي الفاضل عن العاضد الفاطمي بولاية قاض. 10/351
نسخة سجلّ بولاية المعونة والحسبة بمدينة مصر والجيزة والقرافة، من إنشاء القاضي الفاضل. 10/356
نسخة سجلّ بولاية قاض بثغر الإسكندرية، كتب به القاضي الفاضل. 10/360
نسخة سجلّ بولاية ديوان المرتجع. 10/365(15/61)
نسخة سجلّ بزمّ طائفة، من إنشاء القاضي الفاضل. 10/368
نسخة سجلّ بولاية الفسطاط المعبّر عنها بمصر في ولاية القاهرة. 10/370
نسخة سجلّ بولاية الأعمال القوصية. 10/375
نسخة سجلّ بولاية الأعمال الغربية. 10/379
نسخة سجلّ بولاية ثغر الإسكندرية، كتب به لابن مصّال، من إنشاء القاضي الفاضل. 10/382
نسخة سجلّ بولاية عسقلان بالشام. 10/389
نسخة سجلّ بولاية مصر. 10/427
نسخة سجلّ كتب به القاضي الفاضل عن العاضد الفاطمي بولاية بعض القضاة. 10/432
نسخة سجلّ أوردها علي بن خلف بالدعوة للدولة والمشايعة لها والموافقة على مذهبها. 10/442
نسخة سجلّ بزمّ عن الخليفة الفاطمي. 10/447
نسخة سجلّ بولاية ثغر عن الخليفة الفاطمي. 10/449
نسخة سجلّ عن الوزير في الدولة الفاطمية بولاية الإسكندرية من إنشاء القاضي الفاضل. 10/454
نسخة سجلّ بحماية الرّباع. 10/457
نسخة سجلّ بالحكم بقوص ومشارفة أعمال الصعيد. 10/458
نسخة سجلّ بالنيابة في الحكم والأحباس والجوالي بثغر دمياط. 10/459
نسخة سجلّ بالحكم بالأعمال الغربية. 10/460
نسخة سجلّ بالحكم والمشارفة بثغر عسقلان من سواحل الشام. 10/462
نسخة سجلّ بتدريس. 10/464
نسخة سجلّ بولاية الحسبة، من إنشاء القاضي الفاضل. 10/466
نسخة سجلّ بمشارفة الجوالي بالصعيد الأدنى والأشمونين. 10/468
نسخة سجلّ باستيفاء الأعمال القبلية. 10/469
نسخة سجلّ بمباشرة الأغنام والمطابخ. 10/471
نسخة سجلّ بإقطاع عن العاضد آخر خلفاء الفاطميين لبعض أمراء الدولة، من إنشاء القاضي الفاضل. 13/142(15/62)
نسخة سجلّ بإقطاع، كتب به لبعض وزراء الفاطميين، من إنشاء القاضي الفاضل. 13/143
نسخة سجلّ أنشأه المؤلف لولده نجم الدين أبي الفتح محمد عند ثبوت عدالته. 14/389
الصدقات
«1» نسخة صداق، كتب به للملك السعيد بركة ابن السلطان الملك الظاهر بيبرس البندقداري على بنت الأمير سيف الدين قلاوون الصالحي الألفي قبل سلطنته، من إنشاء ابن عبد الظاهر. 14/341
نسخة صداق المقام الشريف العالي السيفي أنوك ولد السلطان محمد بن قلاوون على بنت بكتمر الساقي، وكان العاقد قاضي القضاة جلال الدين القزويني. 14/344
نسخة صداق المقر الشريف إبراهيم ابن السلطان محمد بن قلاوون، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري 14/350
نسخة صداق جمال الدين عبد الله بن سيف الدين أبي سعيد أمير حاجب على بنت بيدمر العمري، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري. 14/352
نسخة صداق ناصر الدين محمد بن الخطيري، من إنشاء ابن فضل الله العمري. 14/355
نسخة صداق القاضي تقي الدين. 14/357
نسخة صداق من إنشاء الشيخ صلاح الدين الصفدي، للقاضي بدر الدين خطيب بيت الآثار على بنت شمس الدين الخطيب من بيت الآثار، تسمى سولى، في سنة 753 هـ، في مجلس قاضي القضاة تقي الدين السبكي الشافعي. 14/359
نسخة صداق زين الدين صدقة السيفي أزدمر، على بنت أمير المؤمنين المتوكل على الله، من إنشاء المؤلف في خلافة أخيها المستعين بالله العباسي. 14/361
الطرخانيات
نسخة مرسوم بطرخانية لأمير. 13/52
نسخة مرسوم بطرخانية. 13/54(15/63)
نسخة طرخانية كتب بها عن الملك الناصر محمد بن قلاوون للقاضي قطب الدين بن المكرّم أحد كتاب الدرج بالأبواب الشريفة عند إقامته بالحجاز الشريف بأن يستقر طرخانا بنصف معلومه الذي كان له على كتابة الدرج وأن يقيم حيث شاء. 13/56
الظهورات- الظهائر
نسخة ظهير بولاية ناحية، كتب به عن بعض الخلفاء ببلاد المغرب والأندلس. 10/310
نسخة ظهير آخر في نفس المعنى. 10/311
نسخة ظهير بإعادة وال إلى ناحية. 10/312
نسخة ظهير بولاية قاض. 10/313
نسخة ظهير كتب به أبو الحسن الرعيني بولاية قاض. 10/314
نسخة ظهير كتب به أبو المطرّف بن عميرة بولاية وزارة. 10/315
نسخة ظهير بمشارفة ناحية، كتب به أبو عبد الله بن الأبّار. 10/316
نسخة ظهير بإعادة مشارف إلى ناحية، كتب به أبو عبد الله بن الأبّار. 10/316
نسخة ظهير بنيابة السلطنة بالحضرة، من إنشاء أبي عبد الله بن الخطيب. 11/4
نسخة ظهير بنيابة السلطنة ببعض الأعمال. 11/7
نسخة ظهير بالإمرة على الجهاد. 11/10
نسخة ظهير بالتقدمة على الطبقة الأولى من المجاهدين، لولد السلطان. 11/13
نسخة ظهير لمشيخة الغزاة بمدينة مالقة. 11/17
نسخة ظهير بقضاء الجماعة بالحضرة. 11/19
نسخة ظهير بقضاء الجماعة بالحضرة أيضا. 11/23
نسخة ظهير بالقلم الأعلى المعبّر عنه بكتابة السرّ. 11/24
عقود الذمة والكتب المتعلقة بأهل الذمة
نسخة كتاب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لمعاذ بن جبل في عقد الذمة لأهل اليمن. 13/356
نسخة كتاب عقد الذمة الذي بعثه نصارى الشام إلى عمر بن الخطاب فوافق عليه(15/64)
وزاد فيه. 13/357
نسخة كتاب كتب به عن المتوكل على الله يتعلق بما يترتّب على أهل الذمة في المملكة بسبب خروجهم عن عقد الذمة. 13/366
نسخة كتاب المقتدر بالله إلى عماله سنة 295 هـ بأن لا يستعان بأحد من أهل الذمة. 13/368
نسخة كتاب الآمر بأحكام الله الفاطمي إلى الخاص والعام من أهل مملكته يعلمهم فيها إنزال أهل الذمة بالمنزلة التي أمر الله أن ينزلوا بها من الذل والصغار. 13/370
نسخة مرسوم صادر سنة 755 هـ أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون وابنه الملك الصالح بمنع النصارى من مباشرة الوظائف والتطاول على المسلمين وإلزامهم بالشروط العمرية. 13/378
عقود الصلح
«1» نسخة بعقد صلح، من إنشاء القلقشندي. 14/18
نسخة ما كتب به أبو إسحاق الصابي بمواصفة بالصلح (عقد صلح) بين شرف الدولة أبي الفوارس وصمصام الدولة أبي كاليجار ابني عضد الدولة البويهي سنة 376 هـ. 14/106
نسخة عقد صلح، كتب بها أبو إسحاق الصابي، بين الوزير أبي نصر سابور بن أزدشير، والشريفين: أبي أحمد الحسين بن موسى وأبي الحسن محمد ابنه الرضيّ، بما انعقد من الصلح والصهر بين الوزير المذكور وبين النقيب أبي أحمد الحسين وولده محمد، حين تزوج ابنه محمد المذكور بنت سابور. 14/110
نسخة عقد صلح كتب بها أبو الحسين أحمد بن سعد عن بعض الأمراء. 14/113
نسخة عقد الصلح بين السلطان الملك الناصر أبي السعادات فرج بن برقوق وبين تيمور كوركان (تيمور لنك) سنة 805 هـ. 14/116
العمرات
نسخة عمرة اعتمرها أبو بكر بن محمد الأنصاري الخزرجي، عند مجاورته بمكة(15/65)
بين سنتي 707 هـ و 710 هـ، للسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون. 14/398
العهود
من نسخة عهد لسلطان من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 1/238
من قوله في عهد السلطان المنصور لاجين. 1/239
نسخة عهد عمر بن الخطاب بالخلافة عن أبي بكر الصديق. 9/375
نسخة عهد عمر بن عبد العزيز بالخلافة عن سليمان بن عبد الملك، ثم من بعده إلى أخيه يزيد بن عبد الملك، فيما ذكره ابن قتيبة في تاريخ الخلفاء. 9/376
نسخة عهد علي بن موسى العلوي (عليّ الرضيّ) بالخلافة عن المأمون العباسي، فيما ذكره صاحب العقد الفريد. 9/379
وما كتبه علي بن موسى الرضيّ تحت عهد المأمون إليه بالخلافة. 9/411
نسخة عهد كتب بها الوزير أبو حفص بن برد للناصر لدين الله عبد الرحمن بن المنصور بن أبي عامر العامري، عن المؤيد بالله هشام بن الحكم الأموي الخليفة بالأندلس. 9/384
نسخة عهد عن الإمام المتوكل على الله أبي عبد الله محمد بن المعتضد أبي الفتح أبي بكر لولده العباس، من إنشاء القلقشندي سنة 801 هـ. 9/389
نسخة عهد كتب بها عن الحافظ لدين الله الفاطمي لولده حيدرة بأن يكون ولي عهد الخلافة بعده. 9/397
نسخة بولاية العهد من خليفة لولده بالخلافة، من إنشاء القاضي الفاضل. 9/399
نسخة عهد أوردها علي بن خلف من إنشائه في زمن الفاطميين. 9/405
نسخة عهد المستوثق بالله عن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان بن الحاكم بأمر الله أحمد بالخلافة بعده. 9/409
نسخة طرّة عهد أسد الدين شيركوه بالوزارة عن العاضد. 9/427
نسخة طرّة عهد السلطان صلاح الدين بالوزارة قبل استقلاله بالسلطنة، عن العاضد. 9/427
نسخة طرّة عهد، كتب بها القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر، في نسخة عهد أنشأه للسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، في سنة 717 هـ. 9/428(15/66)
نسخة عهد كتب بها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعمرو بن حزم حين وجهه إلى اليمن. 10/7
نسخة عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لمالك بن الأشتر النخعي حين ولاه على مصر، كما ذكرها ابن حمدون. 10/10
نسخة عهد الخليفة الطائع لله إلى فخر الدولة بن ركن الدولة بن بويه سنة 366 هـ من إنشاء أبي إسحاق الصابي. 10/13
نسخة عهد القائم بأمر الله العباسي إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين بسلطنة الأندلس وبلاد المغرب، من إنشاء العلاء بن موصلايا بعد سنة 420 هـ. 10/30
نسخة عهد الخليفة الإمام الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد إلى الملك العادل كتبغا، من إنشاء الشيخ شهاب الدين الحلبي. 10/46
نسخة عهد الخليفة الحاكم بأمر الله بن أبي الربيع سليمان إلى الملك المنصور لاجين، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 10/53
نسخة عهد الحاكم بأمر الله أحمد بن أبي الربيع سليمان إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون، من إنشاء القاضي شمس الدين إبراهيم بن القيسراني. 10/59،
161
نسخة عهد المستكفي بالله أبي الربيع سليمان إلى الملك المظفّر ركن الدين بيبرس المنصوري الجاشنكير، من إنشاء القاضي علاء الدين بن عبد الظاهر. 10/69
نسخة عهد الطائع لله إلى شرف الدولة بن عضد الدولة البويهي، من إنشاء أبي إسحاق الصابي. 10/75
نسخة عهد العاضد الفاطمي إلى أسد الدين شيركوه، والوزارة يومئذ قائمة مقام السلطنة، من إنشاء القاضي الفاضل. 10/81
نسخة عهد العاضد الفاطمي إلى الناصر صلاح الدين الأيوبي بالوزارة، من إنشاء القاضي الفاضل. 10/92
نسخة العهد المكتوب به من ديوان الخلافة ببغداد للعادل أبي بكر بن أيوب أخي السلطان صلاح الدين. 10/102
نسخة العهد الذي كتب به الصاحب فخر الدين إبراهيم بن لقمان للظاهر بيبرس. 10/116
نسخة عهد الخليفة الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد إلى السلطان الملك المنصور قلاوون، كتبها القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر. 10/320(15/67)
نسخة عهد الإمام المستعين بالله أبي الفضل العباس إلى الملك المؤيد أبي النصر شيخ المحمودي سنة 815 هـ، من إنشاء محمد بن البارزي الحموي صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالديار المصرية وسائر الممالك الإسلامية. 10/125
نسخة عهد المستعين بالله أبي الفضل العباس إلى الملك العادل مظفر شاه بالسلطنة بالمملكة الهندية في سنة 813 هـ، من إنشاء الشيخ تقي الدين محمد بن حجّة. 10/134
نسخة عهد من إنشاء الوزير ضياء الدين بن الأثير في معارضة المكتوب للسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب من ديوان الخلافة ببغداد. 10/141
نسخة عهد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب من ديوان الإنشاء ببغداد، وهو الذي عارضه ابن الأثير. 10/150
نسخة ما كتب به أبو بكر بن القصيرة المغربي عن أمير المسلمين يوسف بن تاشفين سلطان المغرب بولاية عهده لابنه أبي الحسن على ما بيده من الغرب والأندلس سنة 496 هـ. 10/165
نسخة ما كتب به محيي الدين بن عبد الظاهر عن الظاهر بيبرس عهد ولده الملك السعيد بركة. 10/167
نسخة ما كتب به محيي الدين بن عبد الظاهر عن المنصور قلاوون عهد ولده الملك الأشرف صلاح الدين خليل. 10/170
نسخة ما كتب به محيي الدين بن عبد الظاهر عن المنصور قلاوون عهد ولده الملك الصالح علاء الدين علي. 10/177،
183
نسخة عهد كتب بها المقر الشهابي بن فضل الله العمري عن الملك الناصر محمد بن قلاوون للملك الأفضل محمد ابن المؤيد عماد الدين إسماعيل بسلطنة حماة سنة 732 هـ. 10/187،
193
نسخة عهد كتب به أبو بكر الصديق لأمرائه الذين وجههم لقتال أهل الردّة. 10/195
نسخة عهد كتب به عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري حين ولّاه القضاء. 10/196
نسخة عهد كتب به عبد الحميد الكاتب عن مروان بن محمد لبعض من ولّاه (وهو ابنه عبد الله بن مروان بن محمد حين وجّهه لمحاربة الضحّاك بن قيس) . 10/198(15/68)
نسخة عهد، كتب به أبو إسحاق الصابي، عن المطيع لله، إلى الحسين بن موسى العلوي بتقليد المظالم بمدينة السلام. 10/252
نسخة عهد بنقابة الطالبيين، كتب به أبو إسحاق الصابي، عن الطائع لله إلى الشريف أبي الحسن بن محمد بن الحسين العلوي الموسوي، مضافا إليها النظر في المساجد وعمارتها، واستخلافه لوالده الشريف أبي أحمد الحسين بن موسى على النظر في المظالم والحج بالناس سنة 380 هـ. 10/256
نسخة عهد، كتب بها أبو إسحاق الصابي عن الطائع لله، لأبي الحارث محمد بن موسى العلوي بتقليده الصلاة في جميع النواحي والأمصار والأطراف، وتوقّف عن إظهاره لرأي رآه في ذلك. 10/264
نسخة عهد بنظر الأوقاف كتب بها أبو إسحاق الصابي عن الطائع لله للحسين بن موسى العلوي. 10/269
نسخة عهد بولاية قضاء حاضرة بغداد وسائر الأعمال، كتب به المسترشد بالله لقاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي. 10/273
نسخة عهد بولاية القضاء بسرّ من رأى، كتب بها أبو إسحاق الصابي عن الطائع لله للقاضي أبي الحسين محمد ابن قاضي القضاة أبي محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف، حين ولاه القضاء بسرّ من رأى وغيرها وما أضيف إلى ذلك من أعمال الجزيرة. 10/286
نسخة عهد بقضاء القضاة بحاضرة بغداد وسائر الأعمال، كتب به عن الإمام الناصر لدين الله أحمد للقاضي محيي الدين أبي عبد الله بن محمد بن فضلان، من إنشاء أستاد الدار عضد الدين بن الضحّاك. 10/295
نسخة عهد، كتب به عن الحاكم بأمر الله الفاطمي، للحسين بن علي بن النعمان بقضاء الديار المصرية وأجناد الشام وبلاد المغرب. 10/392
نسخة عهد، كتب به ابن عبد كان عن أحمد بن طولون بقضاء برقة. 11/27
نسخة عهد كتبه الأمين بن هارون الرشيد على نفسه. 14/98
نسخة عهد كتبه المأمون بن هارون الرشيد على نفسه. 14/103
نسخة عهد بالتطفّل أنشأها أبو إسحاق الصابي لرجل اسمه عليكا. 14/404(15/69)
الفسوخ والمفاسخات
صورة ما يكتب في الفسخ. 14/122
صورة ما يكتب في المفاسخة. 14/123
قدمات البندق
نسخة قدمة كتب بها الشيخ شمس الدين محمد بن الصائغ الحنفي لصلاح الدين بن المقر المحيوي بن فضل الله العمري. 14/321
نسخة رسالة في صيد البندق، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 14/327
المبايعات
من نسخة مبايعة من إنشاء القلقشندي. 1/236
من نسخة مبايعة أخرى من إنشائه. 1/237
فقرة من نص بيعة من إنشاء القلقشندي. 2/5
نسخة مبايعة ذكرها أبو الحسين بن إسحاق الصابي في «غرر البلاغة» . 9/290
نسخة مبايعة ذكرها ابن حمدون في تذكرته. 9/292
نسخة مبايعة أخرى ذكرها أبو الحسين الصابي في «غرر البلاغة» . 9/294
نسخة بيعة لولي عهد بعد موت العاهد، كتب بها لبعض خلفاء الفاطميين. 9/296
نسخة بيعة، كتب بها عن الحافظ لدين الله الفاطمي بعد وفاة ابن عمه الآمر بأحكام الله، قام بعقدها الوزير أبو الفتح يانس الحافظي. 9/300
نسخة بيعة كتب بها طاهر الأندلسي، في أخذ البيعة على أهل دانية من الأندلس، للرشيد بن المأمون الأموي، وهو منتصب في الخلافة، لخلف توهّمه في الرعيّة. 9/308
نسخة بيعة، كتب بها أبو المطرّف بن عميرة الأندلسي، ما بأخذ البيعة على أهل شاطبة من الأندلس لأبي جعفر المستنصر بالله العباسي، قام بعقدها أبو عبد الله محمد بن يوسف بن هود صاحب الأندلس، ثم أخذ البيعة بعد ذلك عليهم(15/70)
لنفسه، وأن يكون ابنه وليّ عهده بعده. 9/310
نسخة بيعة، مرتبة على موت خليفة، من إنشاء القلقشندي. 9/318
نسخة بيعة، مرتبة على خلع خليفة، من إنشاء القلقشندي. 9/323
نسخة مبايعة، أنشأها المقر الشهابي بن فضل الله العمري، للإمام الحاكم بأمر الله أبي القاسم أحمد بن أبي الربيع سليمان المستكفي بالله ابن الإمام الحاكم بأمر الله بعد موت أبيه. 9/330
نسخة بيعة وصورة وضعها في الورق للمتوكل على الله بن المعتضد بالله العباسي، قام بعقدها الملك الظاهر برقوق، من إنشاء القلقشندي. 9/344
نسخة بيعة كتب بها للسلطان أبي عبد الله محمد ابن السلطان أبي الحجاج بن نصر بن الأحمر الأنصاري صاحب حمراء غرناطة من الأندلس، من إنشاء الوزير أبي عبد الله محمد بن الخطيب صاحب ديوان إنشائه. 9/348
المثالات أو المطلقات
صورة مثال مطلق (من نوع البرالغ) أوردها المقرّ الشهابي بن فضل الله العمري في تذكرته بخط أخيه المقر العلائي، كتب في دولة الناصر محمد بن قلاوون في عاشر شهر رجب الفرد سنة 729 هـ لتمر بغا الرسول الواصل إلى الديار المصرية عن القان أبي سعيد صاحب مملكة إيران بالإكرام والمسامحة بما يلزمه. 7/249
نسخة مثال شريف في معنى البشارة بوفاء النيل. 8/334
نسخة مثال شريف في نفس المعنى كتب به سنة 766 هـ. 8/335
نسخة مثال شريف في نفس المعنى كتب به سنة 760 هـ. 8/336
نسخة مثال شريف في نفس المعنى كتب به سنة 754 هـ. 8/337
نسخة مثال شريف بالإنعام. 8/354
نسخة مثال آخر بنفس المعنى. 8/355
نسخ مثالات بالإنعام مع إرسال جوارح وسلاح. 8/356، 357
358، 359
نسخة مثال كريم عن نائب الشام، من إنشاء الشيخ جمال الدين بن نباتة، سنة 743 هـ. 8/367(15/71)
المحاورات والمقاولات والمناظرات والمفاخرات
محاورة بين ابن قادم النحوي وإسحاق بن إبراهيم المصعبي صاحب شرطة المأمون وميمون بن إبراهيم كاتبه على الرسائل. 1/207
محاورة بين الكندي الفيلسوف وأبي العباس السفاح حول الحشو في كلام العرب. 1/223
مناظرة بين ابن الأثير وبعض علماء الأدب حول استعمال الأحاديث والآثار في الكتابة. 1/246
محاورة بين علي بن أبي طالب وأبي عبيدة حامل رسالة أبي بكر إلى عليّ. 1/290
محاورة بين معاوية وأم الخير بنت الحرش البارقية. 1/296
محاورة بين معاوية والزرقاء بنت عدي بن قيس الهمدانية. 1/299
محاورة بين معاوية وعكرشة بنت الأطرش. 1/300
محاورة بين معاوية وصعصعة بن صوحان رسول علي بن أبي طالب إليه. 1/302
محاورة بين معاوية وسعيد بن عثمان بن عفان. 1/303
محاورة بين معاوية وزيد بن منبّه. 1/304
محاورة بين معاوية وسنان بنت جشميّة بن خرشة المذحجية. 1/305
محاورة بين معاوية وامرأة من كنانة يقال لها الدارميّة. 1/306
محاورة بين عدي بن أرطأة والي عمر بن عبد العزيز على البصرة وإياس بن معاوية والقاسم بن ربيعة. 1/309
محاورة بين أبي جعفر المنصور ورجل من بين الناس. 1/310
محاورة بين المهدي ولي عهد المنصور ورجل يطمع في أعطية. 1/311
محاورة بين هشام بن عبد الملك ومحمد بن أبي الجهم بن حذيفة العدوي في وفد من أهل الحجاز. 1/311
مذاكرة بين الطبري المؤرخ الحافظ وأبي جعفر أحمد بن إسحاق البهلوان بن حسان الأنباري. 1/320
مفاخرة لعطارد بن حاجب بن زرارة أمام رسول الله. 1/427
رد ثابت بن قيس الخزرجي على المفاخرة السابقة. 1/427
مفاخرة للنعمان بن العجلان الزرقي أمام معاوية. 1/431(15/72)
مفاخرة بين عبد الله بن الزبير ومعاوية بن أبي سفيان. 1/431
مفاخرات للنعمان بن المنذر، وحذيفة بن زرارة، والأشعث الكندي، وبسطام الشيباني، وحاجب بن زرارة، وقيس بن عاصم السعدي أمام كسرى. 1/432
مفاخرة بين الأعشى الشاعر وعلقمة بن علاقة بن كلاب، ثم بين الأعشى وعامر بن الطفيل ولبيد من جهة، وبين علقمة والحطيئة والسندريّ الشاعر من جهة ثانية. 1/437
محاورة حاجب بن زرارة مع كسرى ملك الفرس. 1/451
من محاورة بين الحجاج بن يوسف وابن القريّة. 6/319
من محاورة بين بعض الملوك وخصيص من خواصه عصاه. 8/275
مناظرة بين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وبين الأنصار في سقيفة بني ساعدة. 9/283
محاورة بين عمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق وبعض الصحابة في أمر استخلاف خليفة على المسلمين بعد أبي بكر، ثم بعد عمر. 9/364
المراسيم
نسخة مرسوم، في معنى الحثّ على الجهاد، كتب به عند ظهور الفرنج اللوساريّة والشوال بالبحر، من إنشاء الشيخ بدر الدين بن حبيب الحلبي. 8/253
نسخة مرسوم بشدّ ناحية. 11/46
نسخة مرسوم بشدّ وقف. 11/46
نسخة مرسوم بتقليد وزير بالمملكة الشامية. 12/22
نسخة مرسوم شريف بنيابة قلعة دمشق المحروسة، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري. 12/24
نسخة مرسوم شريف بنيابة قلعة دمشق المحروسة، كتب بها لحسام الدين لاجين الإبراهيمي، من إنشاء الشريف شهاب الدين. 12/28
نسخة مرسوم شريف بشدّ الدواوين بدمشق. 12/32
نسخة مرسوم بنيابة السلطنة بحمص. 12/106
نسخة مرسوم بنيابة الرحبة. 12/109(15/73)
نسخة مرسوم بنيابة مصياف. 12/113
نسخة مرسوم بنيابة بعلبك. 12/115
نسخة مرسوم بإمرة آل فضل، كتب بها للأمير حسام الدين مهنا بن عيسى، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 12/121
نسخة مرسوم بإمرة آل علي، كتب به للأمير عز الدين جماز بعد وفاة والده محمد بن أبي بكر، من إنشاء ابن فضل الله العمري. 12/124
نسخة مرسوم بالتقدمة على عرب آل فضل وآل علي، كتب به للأمير فخر الدين عثمان بن مانع بن هبة. 12/128
نسخة مرسوم بإمرة آل مراء، كتب بها للأمير بدر الدين شطي بن عمر. 12/131
نسخة مرسوم بنصف إمرة آل مراء، كتب به لقناة بن نجاد في شهر رمضان سنة 733 هـ، من إنشاء ابن فضل الله العمري. 12/132
نسخة مرسوم بربع إمرة بني مهدي. 12/136
نسخة مرسوم بربع إمرة بني مهدي أيضا. 12/137
نسخة مرسوم بتقدمة عرب زبيد. 12/138
نسخة مرسوم بنيابة قلعة حلب. 12/151
نسخة مرسوم بنيابة آياس، وهي المعبّر عنها بالفتوحات الجاهانية. 12/169
نسخة مرسوم كتب به لنائب حجر شغلان من معاملة حلب. 12/172
نسخة مرسوم بنيابة قلعة، تصلح لنائب اللاذقية. 12/193
نسخة مرسوم بنيابة قلعة بلاطنس. 12/195
نسخة مرسوم بنيابة قلعة صفد، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري، كتب به للأمير سيف الدين أزاق الناصري سنة 734 هـ. 12/205
نسخة مرسوم بنيابة الينبع، كتب به لمخذم بن عقيل سنة 734 هـ، من إنشاء ابن فضل الله العمري. 12/257
نسخة طرّة مرسوم بربع تقدمة إمرة بني مهدي، كتب به لعيسى بن حناس. 12/293
نسخة مرسوم بربع تقدمة بني مهدي، كتب به لموسى بن حناس. 12/421
نسخة مرسوم بإمارة الركب الحلبي المتوجه إلى الحجاز الشريف، كتب به لشهاب الدين أحمد بن الطنبغا. 12/434
نسخة مرسوم كتب به عن نائب المملكة الطرابلسية إلى نائب حصن الأكراد(15/74)
بإبطال ما أحدث في الحصن من الخمارة والفواحش، وإلزام أهل الذمة بما أجري عليهم أحكامه من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، في سنة 765 هـ. 13/21
نسخة مرسوم بمسامحة ببواقي دمشق وأعمالها، من إنشاء شهاب الدين محمود الحلبي. 13/25
نسخة مرسوم بالمسامحة بالبواقي في ذمم الجند والرعايا بالشام، كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون سنة 702 هـ، بخط العلامة كمال الدين محمد الزملكاني من إنشائه، وقريء على المنبر في الجامع الأموي. 13/29
نسخة مرسوم بتحويل السنة القبطية إلى السنة العربية، من إنشاء القاضي الفاضل عن الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي. 13/75
نسخة مرسوم بتحويل السنة القبطية إلى السنة العربية. 13/79
نسخة مرسوم صادر سنة 755 هـ لمنع النصارى من التطاول على المسلمين وإلزامهم بالشروط العمرية. 13/378
المسامحات
نسخة مرسوم بمسامحة ببواقي دمشق وأعمالها، من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي. 13/25
نسخة مرسوم بالمسامحة بالبواقي في ذمم الجند والرعايا بالشام، كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون سنة 702 هـ، بخط وإنشاء العلامة كمال الدين محمد الزملكاني، وقريء على المنبر بالجامع الأموي. 13/29
نسخة مسامحة بمكوس على جهات مستقبحة بالمملكة الطرابلسية وإبطال المنكرات، كتب بها في دولة الناصر محمد بن قلاوون سنة 717 هـ. 13/31
نسخة توقيع بالمسامحة في جميع المراكز بما يستأدى على الأغنام الدغالي الداخلة إلى حلب، وأن يكون ما يستخرج من تجار الغنم على الكبار منها خاصة، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري، في سنة 737 هـ. 13/37
نسخة توقيع بمسامحة. 13/40
نسخة دعاء توقيع بمسامحة. 13/40
نسخة مرسوم بمسامحة، كتب بها عن نائب الشام في الدولة الناصرية فرج لخواجا(15/75)
محمد بن المزلّق. 13/41
المطالعات
نسخة مطالعة عن نائب الشام ابتداء. 8/59
نسخة مطالعة عن نائب الشام، في جواب مكاتبة شريفة وردت عليه. 8/61
نسخة مطالعة تشتمل على ابتداء وجواب. 8/61
المقاطعات
نسخة كتاب النبي صلّى الله عليه وسلم بإقطاع الداريّين. 13/126،
128، 129
نسخة كتاب أبي بكر الصديق إلى أبي عبيدة بن الجراح في نفس الموضوع. 13/127
نسخة كتاب أبي بكر الصديق بإثبات إقطاع الداريّين. 13/128
نسخة مقاطعة كتب بها عن المطيع لله العباسي، من إنشاء أبي إسحاق الصابي. 13/130
نسخة منشور بإقطاع، من إنشاء القاضي الفاضل لولد من أولاد الخليفة الفاطمي اسمه حسن ولقبه حسام الدين. 13/140
نسخة سجلّ بإقطاع عن العاضد آخر خلفاء الفاطميين لبعض أمراء الدولة، من إنشاء القاضي الفاضل. 13/142
نسخة سجل بإقطاع، كتب به لبعض وزراء الفاطميين، من إنشاء القاضي الفاضل. 13/143
نسخة مقاطعة بضيعة، كتب بها عن صمصام الدولة بن بويه. 13/146
نسخة توقيع بإقطاع، كتب به عن السلطان صلاح الدين الأيوبي لأخيه العادل أبي بكر بإقطاع الديار المصرية وبلاد الشام وبلاد الجزيرة وديار بكر في سنة 580 هـ، بعد الانفصال من حرب الكفار بعكا وعقد الهدنة معهم. 13/151
نسخة توقيع بإقطاع، كتب بها لأمير قدم على الدولة فاستخدمته. 13/154
نسخة توقيع بإقطاع، كتب به لبعض الأمراء الصغار. 13/157
نسخة منشور بإقطاع، كتب به عن الملك المنصور قلاوون لابنه الناصر محمد في(15/76)
سلطنة أبيه، من إنشاء محيي الدين بن عبد الظاهر. 13/172
نسخة منشور بإقطاع، كتب به للأمير بدر الدين بيدرا، استادار الملك المنصور قلاوون، من إنشاء محيي الدين بن عبد الظاهر. 13/173
نسخة منشور بإقطاع، لمن لقبه سيف الدين، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري. 13/175
نسخة منشور بإقطاع لمن لقبه شمس الدين، كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون. 13/177
نسخة منشور بإقطاع لمن لقبه بدر الدين، كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون. 13/178
نسخة منشور بإقطاع لمن لقبه صلاح الدين، كتب به في دولة الناصر محمد بن قلاوون. 13/179
نسخة منشور بإقطاع، كتب به للأمير سعد الدين مسعود بن الخطيري، من إنشاء الشريف شهاب الدين كاتب الإنشاء. 13/180
نسخة منشور بإقطاع، كتب به لعلاء الدين أيدغمش أمير آخور الناصري، كتب به في دولة الناصر محمد بن قلاوون، من إنشاء الشريف شهاب الدين. 13/182
نسخة منشور بإقطاع، كتب به للأمير شمس الدين سنقر البكتوتي الشهير بالمسّاح. 13/183
نسخة منشور بإقطاع، كتب به للأمير خاص ترك في الروك الناصري. 13/185
نسخة منشور بإقطاع، كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون لجمال الدين أقوش الأشر في المعروف بنائب الكرك عند خروجه من الجبّ. 13/186
نسخة منشور بإقطاع، كتب به لبعض الأمراء. 13/188
نسخة منشور بإقطاع، لمن لقبه زين الدين. 13/189
نسخة منشور بإقطاع. 13/190
نسخة منشور بإقطاع. 13/191
نسخة منشور بإقطاع، تصلح لمن مات أبوه. 13/192
نسخة منشور بإقطاع. 13/193
نسخة منشور بإقطاع. 13/194
نسخة منشور بإقطاع. 13/195(15/77)
نسخة منشور بإقطاع آخر. 13/195
نسخة منشور بإقطاع. 13/196
نسخة منشور بإقطاع. 13/197
نسخة منشور بإقطاع. 13/198
نسخة منشور بإقطاع. 13/199
نسخة منشور بإقطاع لأمير عرب. 13/200
المقامات
نسخة المقامة التي أنشأها القلقشندي في تقريظ المقرّ البدري بن المقرّ العلائي بن محيي الدين بن فضل الله العمري صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية، والمعروفة باسم: الكواكب الدرّية في المناقب البدرية. 14/126
نسخة مقامة أنشأها أبو القاسم الخوارزمي في لقائه لأديب يعرف بالهيتي وانقطاعه في البحث وغلبة الخوارزمي له. 14/145
الملطفات
نسخة ملطّف، بمعنى انتقال الخلافة، كتب به عن وزير في الدولة الفاطمية ليلفّ كتاب الخليفة طيّة. 8/245
المنشورات
نسخة منشور بمشارفة المواريث الحشرية والفروض الحكمية. 10/472
نسخة منشور بعمالة. 10/473
نسخة منشور بنقابة الأشراف. 11/47
نسخة منشور بولاية الشرقية. 11/50
نسخة منشور بولاية المرتاحية. 11/51
نسخة منشور بولاية السمنودية. 11/52(15/78)
نسخة منشور بولاية النستراوية. 11/54
نسخة منشور بولاية الإسكندرية. 11/55
نسخة منشور بولاية برقة. 11/58
نسخة منشور بولاية الفرما. 11/59
نسخة منشور بولاية عسقلان. 11/61
نسخة منشور من إنشاء القاضي الفاضل لولد من أولاد الخليفة الفاطمي اسمه حسن ولقبه حسام الدين. 13/140
نسخة منشور بإقطاع، كتب به عن المنصور قلاوون لابنه الناصر محمد في سلطنة أبيه، من إنشاء محيي الدين بن عبد الظاهر. 13/172
نسخة منشور بإقطاع، كتب به للأمير بدر الدين بيدرا، استادار الملك المنصور قلاوون، من إنشاء محيي الدين بن عبد الظاهر. 13/173
نسخة منشور بإقطاع، لمن لقبه سيف الدين، من إنشاء شهاب الدين بن فضل الله العمري. 13/175
نسخة منشور بإقطاع لمن لقبه شمس الدين، كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون. 13/177
نسخة منشور بإقطاع لمن لقبه بدر الدين، كتب به في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون. 13/178
نسخة منشور بإقطاع لمن لقبه صلاح الدين، كتب به في دولة الناصر محمد بن قلاوون. 13/179
نسخة منشور بإقطاع، كتب به للأمير سعد الدين مسعود بن الخطيري، من إنشاء الشريف شهاب الدين كاتب الإنشاء. 13/180
نسخة منشور بإقطاع، كتب به لعلاء الدين أيدغمش أمير آخور الناصري، كتب به في دولة الناصر محمد بن قلاوون، من إنشاء الشريف شهاب الدين. 13/182
نسخة منشور بإقطاع كتب به للأمير شمس الدين سنقر البكتوتي الشهير بالمسّاح. 13/183
نسخة منشور بإقطاع، كتب به للأمير خاص ترك في الروك الناصري. 13/185
نسخة منشور بإقطاع، كتب به في دولة الناصر محمد بن قلاوون لجمال الدين أقوش الأشرفي المعروف بنائب الكرك عند خروجه من الجبّ. 13/186
نسخة منشور بإقطاع كتب به لبعض الأمراء. 13/188(15/79)
نسخة منشور بإقطاع لمن لقبه زين الدين. 13/189
نسخة منشور بإقطاع. 13/190
نسخة منشور بإقطاع. 13/191
نسخة منشور بإقطاع، تصلح لمن مات أبوه. 13/192
نسخة منشور بإقطاع. 13/193
نسخة منشور بإقطاع. 13/194
نسخة منشور بإقطاع. 13/195
نسخة منشور بإقطاع آخر. 13/195
نسخة منشور بإقطاع. 13/196
نسخة منشور بإقطاع. 13/197
نسخة منشور بإقطاع. 13/198
نسخة منشور بإقطاع. 13/199
نسخة منشور بإقطاع لأمير عرب. 13/200
المهادنات
«1» نسخة هدنة بين النبي صلّى الله عليه وسلم وبين قريش. 14/7
نسخة هدنة كتب بها عن سلطان قوي لملك مضعوف. 14/19
نسخة هدنة كتب بها أبو إسحاق الصابي عن صمصام الدولة البويهي، بأمر أمير المؤمنين الطائع لله العباسي، لوردس المعروف بسفلاروس ملك الروم، حين حيل بينه وبين بلاده، والتمس أن يفرج له طريقه إلى بلاده. 14/21
نسخة هدنة من ملك مضعوف لملك قوي، كتب بها الفقيه أبو عبد الله أحد كتاب الأندلس عن بعض ملوك الأندلس من المسلمين من أتباع المهدي بن تومرت القائم بدعوة الموحدين، مع دون فرانده صاحب قشتالة من ملوك الفرنج بعقد الصلح على مرسية من بلاد الأندلس. 14/26
نسخة هدنة بين ملكين متكافئين دون تقرير شيء من الجانبين، كتب بها الفقيه(15/80)
المحدث أبو الربيع بن سالم، من كتاب الأندلس، في عقد صلح على بلنسية، وغيرها من شرق الأندلس. 14/28
نسخة هدنة دون تقرير شيء من الجانبين، كتبت بين الملك الظاهر بيبرس البندقداري وبين الاستبار بحصن الأكراد والمرقب، في سنة 665 هـ. 14/34
نسخة هدنة عقدت بين السلطان الملك الظاهر بيبرس وبين ملكة بيروت من البلاد الشامية في سنة 667 هـ. 14/43
نسخة هدنة عقدت بين الظاهر بيبرس وولده الملك السعيد وبين الفرنج الاسبتارية على قلعة لدّ بالشام سنة 669 هـ. 14/47
نسخة هدنة عقدت بين المنصور قلاوون الصالحي وولده الملك الصالح علي ولي عهده، وبين حكام الفرنج بعكا وما معها من بلاد سواحل الشام سنة 682 هـ. 14/57
نسخة هدنة عقدت بين الملك الأشرف صلاح الدين خليل ابن الملك المنصور قلاوون وبين دون حاكم الريد أرغون صاحب برشلونة من بلاد الأندلس في سنة 692 هـ. 14/75
نسخة هدنة وردت من جهة الأشكري صاحب القسطنطينية في شهر رمضان سنة 680 هـ، وقد عرّبت. 14/84
نسخة اتفاق، كتبت عن المنصور قلاوون عن نظير الهدنة المتقدمة الواردة من قبل صاحب القسطنطينية. 14/88
نسخة كتاب القضية بين أمير المؤمنين علي وبين معاوية، فيما رواه أبو عبد الله الحسين بن نصر بن مزاحم المنقري في كتاب «صفين والحكمين» بسنده إلى محمد بن علي الشعبي. 14/92
الوصايا
من وصية خطيب للشيخ جمال الدين بن نباتة. 1/354
وصية أبي تمّام الطائي لأبي عبادة البحتري مرشدا له للوقت المناسب. 2/346
وصيّة لنائب سلطنة. 11/146
نسخة وصية لنقيب الأشراف. 11/163
وصيّة أتابك المجاهدين. 11/165(15/81)
وصية أستاذ الدار. 11/167
وصية أمير آخور. 11/169
وصية مقدم المماليك. 11/172
وصية جامعة لقاض من أي مذهب كان. 11/194
وصية لقاضي العسكر. 11/204
وصية محتسب. 11/212
وصية وكيل بيت المال. 11/217
وصية خطيب. 11/222
وصية مدرّس. 11/243
وصية مقريء. 11/243
وصية محدّث. 11/245
وصية نحوي. 11/245
وصية وزير. 11/286
وصية لكاتب السرّ. 11/308
وصية ناظر الجيش. 11/318
وصية ناظر الخزانة. 11/332
وصية لمستوفي الصحبة. 11/345
وصية متطبب طبائعي. 11/377
وصية لرئيس اليهود. 11/385
وصية لرئيس السامرة. 11/386
وصية لبطرك النصارى الملكية. 11/388
وصية لبطرك النصارى اليعاقبة. 11/399
وصية نائب قلعة. 12/29
وصية لأمير مكة، أوردها العمري في التعريف. 12/233، 251
نسخة وصيّة، كتب بها أبو زيد الداراري أحد كتاب الأندلس عن أمير المؤمنين ابن أمير المؤمنين المنصور أحد خلفاء بني أمية بالأندلس. 13/3(15/82)
فهرس الألفاظ والتعابير الاصطلاحية والحضارية العامة
(أ)
آخر ملوك اليونان: 6/83- 8/46
الآدر السلطانية: 3/505
آلة الملك: 5/195
الآمري: 3/505- 7/167
الأب (البطرك أو القسيس) : 8/45- 13/277
الأب القديس: 13/368
أبراج الحمام: 1/59، 153، 154- 11/92- 14/140، 337
الإبرنس: 7/394
الأبريسم: 4/307
الأبدال: 7/223- 8/61- 12/8
أبو الآباء: 13/369
أبواب الخلافة: 6/21، 228- 7/135، 139، 401- 8/382- 11/27- 12/228- 13/86
أبواب الخلافة المقدسة: 5/469
الأبواب السلطانية: 1/50، 57، 74، 151، 154، 158، 163، 225،
358- 3/282، 515- 4/18، 32، 52، 102، 149، 195، 197، 205، 206، 207، 208، 209، 211، 213، 224، 232، 233، 234، 235، 240، 244، 248، 280، 319، 326، 328، 351، 355، 357، 363، 365، 367، 376، 377، 378، 435، 461- 5/31، 52، 55، 264، 267، 269، 403، 404، 455، 462، 470- 6/78، 97، 106، 122، 126، 144، 181، 205، 287، 350- 7/168، 172، 173، 174، 175، 179، 180، 181، 182، 184، 188، 194، 205، 219، 235، 255، 285، 288، 303، 326، 401- 8/12، 18، 25، 28، 43، 59، 62، 72، 88، 100، 107، 118، 124، 217، 228، 333، 393، 401- 9/147، 252، 261، 264،(15/83)
273، 279- 11/74، 407- 12/3، 6، 39، 89، 103، 118، 141، 160، 167، 172، 176، 181، 186، 196، 208، 216، 228، 254، 278، 324، 434- 13/13، 24، 43، 320، 339، 341، 349- 14/17، 83، 88، 116، 126، 440
الأبواب الشريفة: 4/61، 155، 192، 195، 196، 199، 200، 201، 207، 213، 224، 225، 227، 228- 6/410، 489- 7/128، 144، 187، 216، 219، 220، 318، 349- 8/57، 58، 61، 63، 107، 108، 116، 118، 147، 186، 393- 9/37- 11/120- 13/342، 343- 14/75، 126، 402
الأبواب الشريفة الخليفتية: 14/138
الأبواب الشريفة السلطانية: 4/30- 7/285- 8/56- 9/272- 12/100، 197، 274
الأبواب الشريفة السيّدية: 14/158
الأبواب الشريفة العالية: 5/470
الأبواب العالية: 5/470- 7/140- 8/59، 178- 12/26، 38، 94، 113، 212
الأبواب العزيزة: 7/91
الأبواب الكريمة: 8/179، 181
الأبواب الكريمة العالية: 5/470
الأتابك (الأتابكية) : 4/18، 24- 6/35، 198، 199، 202- 7/160، 187- 8/218، 219، 222، 223- 14/170، 182
أتابك الجيوش: 6/108، 129- 9/255
أتابك طائفة الإسماعيلية: 9/256
أتابك العساكر: 3/280- 4/191، 203- 6/35- 7/65- 8/54، 217، 228، 233
أتابك المجاهدين: 1/158- 11/165
الأتابكي: 6/3، 127، 129- 7/187
الأتابكية (وظيفة) : 11/104
الأتقى: 6/4
الأثافي: 2/147
الأثير: 6/4، 147، 153، 156
أثير الإمام: 6/36، 150
أثير الإمامة المكرمة: 7/441
أثير الأنام: 10/105
أثير الدين: 11/358
الأثيري: 6/4، 142، 143، 144، 145، 146، 152، 159
الأثيل: 6/4، 166
الأثيلي: 6/4، 142، 146
الإجازة (الإجازات) : 1/58- 14/364، 374
الأجفان: 14/30(15/84)
الأجلاب: 10/37، 454
الأجلّ: 3/563، 564- 5/413، 471- 6/4، 114، 120، 122، 138، 139، 140، 147، 153، 159، 160، 161، 162- 7/19، 65، 125- 8/346- 10/4، 59، 105- 11/84
الأجلّي: 5/413، 471- 6/5، 123، 124، 129، 130، 132، 133، 136، 137، 138، 143، 146، 152، 156، 161- 8/273
أجمل البلغاء في العالمين: 6/36
الأجناد- الجند- الجنود
أجناد الأمراء: 4/63
الأجناد البحرية (الجنود البحرية) : 4/16، 191، 224، 229
أجناد الحلقة- جنود الحلقة- جند الحلقة.
أجناد المئين: 4/64
أجناد المئتين: 4/65
الأحبار: 6/91- 11/358
الأحبار السريانيون: 6/166
الأحباس- الأوقاف
الأحداث: 10/14، 20، 31، 413، 417
الأحراس: 10/223
الإحسان: 5/136، 198، 199
الأحكار: 10/474
الأحكام السلطانية: 1/39- 2/3، 6
الأحكام المريخية: 5/173
أحوال الطريق (الصوفية) : 11/98
إحياء الموات: 2/4
الأخ في الله: 5/415
اختيار الملوك: 7/19
اختيار الملوك والسلاطين: 6/116، 164
الأخصّ: 6/5، 140، 165- 11/84
الأخصيّ: 6/5
الإخشيد: 1/474- 5/415، 453
إخوان أهل الصفا الصوفية: 11/366
إخوان سلار- خوان سلار
الإخوانيات (في المكاتبات) : 6/310
الإخوة: انظر السبتارية والداوية
الإخوة الإسبتار- الإسبتار- الاستبار
الإخوة الداويّة- الداويّة- الديويّة
الأخويّ: 6/5، 121- 7/148
الأدراك- أرباب الأدراك
الأدعية- الدعاء
الأدفونش- الأذفونش: 5/220، 243، 249، 454- 6/85- 8/34، 35، 37، 39- 9/247
الأدلّة: 4/55
أدوان الأمراء (ممن لم يؤهل لحمل القضب) :
3/551
الأراضي المؤبّدة: 4/53
أرباب الأدراك: 3/525- 11/423- 12/462
أرباب الإقطاعات: 1/136- 11/92(15/85)
أرباب الأقلام: 1/28، 42، 45، 51، 52، 91، 137- 3/297، 298، 299، 324، 559، 560، 561، 562، 567- 4/46، 53، 55، 57، 60، 197، 198، 204، 226، 244، 424- 5/90، 133، 135، 197، 423، 424، 435- 6/101، 102، 113، 115، 117، 141، 197، 273- 7/150، 179، 201، 235- 8/56، 182، 229- 9/257، 274، 275، 276- 10/242، 273، 301، 346- 11/19، 86، 161- 13/45، 56- 14/352
أرباب الأقلام الدينية: 12/427، 448
أرباب الأقلام الديوانية: 12/427
أرباب الأملاك: 11/66
أرباب البدع: 1/56
أرباب التصرف بالأموال: 13/308
أرباب تفرقة الصواني: 3/576
أرباب التقاليد: 11/265
أرباب التواقيع (أرباب التواقيع الديوانية) :
3/546- 6/183- 9/276- 10/301- 11/202، 310- 12/98
أرباب الجامكيات (أرباب الجوامك) :
3/532- 13/107
أرباب الجرايات: 3/549
أرباب الجوامع والمساجد: 3/549
أرباب الحدود: 11/51
أرباب الخدم: 1/146، 169- 3/546- 9/263، 264- 10/350
أرباب الدرك- أرباب الأدراك
أرباب الدواوين: 3/600- 4/423- 7/179
أرباب الدولة: 3/558- 5/91
أرباب الديانات: 14/138
أرباب الرتب: 3/543
أرباب الرسوم: 3/589، 603
أرباب الرواتب: 3/549، 567- 4/12
أرباب الزكوات: 3/529
أرباب الزوايا: 10/456
أرباب السيوف: 1/8، 42، 45، 51، 52، 91، 137- 3/297، 298، 299، 324، 551، 553، 554، 560، 562- 4/14، 41، 46، 54، 61، 64، 190، 195، 197، 200، 224، 227، 231، 236، 240- 5/88، 89، 133، 134، 197، 415، 423- 6/3، 101، 103، 105، 106، 107، 108، 110، 111، 113، 115، 117، 126، 173- 7/150، 166، 184، 235، 312- 8/176، 181، 184، 201، 203، 209، 211، 212- 9/252، 255،(15/86)
272، 275، 423- 10/242، 272، 273، 310، 319، 346، 454- 11/4، 30، 41، 45، 71، 75، 86، 114، 133، 161، 431- 12/6، 22، 31، 104، 141، 167، 176، 191، 202، 216، 279، 427- 13/45، 51، 138- 14/352
أرباب السيوف الحجوبية: 4/205، 244
أرباب الشورى: 9/358
أرباب الصدقات: 3/528
أرباب الصنائع (أرباب الصناعات) :
4/200- 5/6، 34، 63، 80- 6/160- 12/62
أرباب الضرورات: 4/46
أرباب العلم: 5/139
أرباب العهود: 10/272
أرباب القرارات: 12/111
أرباب القضب: 3/551، 573، 580
أرباب المراتب: 9/337
أرباب المراسيم: 6/183- 12/136
أرباب المراسيم المكبرة: 9/276
أرباب المرتبات: 12/478
أرباب المستحقات: 4/12
أرباب المظالم: 5/92
أرباب المعايش: 12/62
أرباب المناصب: 4/423- 10/195- 14/138
أرباب المناصب السلطانية: 4/41
أرباب النوب: 13/109
أرباب النيابات: 12/167
أرباب الوظائف: 2/3- 3/289، 324، 533- 4/46، 47، 48، 50، 51، 190، 206، 421- 5/33، 34، 88، 90، 91، 133، 197، 417، 433- 6/188- 7/231- 8/181، 233- 9/252، 255، 271، 295- 10/251، 273، 301- 11/4- 12/3، 85، 421- 14/139
أرباب الوظائف الدينية: 1/51- 3/557- 4/35، 38، 43- 6/148- 7/180، 181- 9/257- 10/346، 458- 11/19، 32، 80، 114، 202- 12/104، 165، 185، 201، 227، 278، 334، 370، 468
أرباب الوظائف الديوانية: 1/51- 4/28، 45، 240- 9/260- 10/346، 468- 11/24، 35، 86، 114، 327- 12/85، 160، 192، 197، 208، 278، 381، 448
أرباب الوظائف السلطانية: 11/356
أرباب الوظائف الصناعية: 9/265، 272
أرباب وظائف المعالجة: 12/84(15/87)
أرباب الولايات: 1/147- 2/6- 9/272، 276- 10/318- 11/32، 74، 431- 12/216، 282، 288
الأرباع- أصحاب الأرباع
الإردبّ: 3/512، 514- 4/188، 205
الأردو (أردو القان) : 4/425، 457- 7/302، 306- 14/430
الأرشد (لقب) : 7/416
أرض الخراج: انظر فهرس المسميات
أرض الزراعة: انظر فهرس المسميات
أرض السواد: انظر فهرس المسميات
الأرض العامرة: انظر فهرس المسميات
أرض الكفر: 9/425
الأرض الموات: انظر فهرس المسميات
الأرضى (لقب) : 7/61
الأرقى: 6/5
الأريب: 6/5
الأريبي: 6/5، 150
الأزكى: 6/5
الأزلام: 1/452
أزمّة العساكر: 3/543
الأساطيل- الأسطول: 8/107- 10/421، 453، 456
الأساقفة: 5/444- 10/307، 309- 11/394- 12/424- 13/277، 285، 316
الأساورة: 7/322
أسباسلار (أسفهسلار) : 3/573، 580، 584، 586، 603- 4/13- 5/426- 6/6، 440- 7/113
الإسبتار (بيت الإسبتار الإسبتارية) :
7/23- 13/312- 14/34، 35، 40، 47، 49، 50، 55، 78
الأستادار (الاستادارية) : 1/21، 46- 4/32، 48، 50، 55، 62- 5/429، 430- 6/192، 202، 253- 7/176، 220، 238- 8/174، 228، 233- 9/255- 11/167، 336- 13/173
الأستاذ دار: 3/528- 8/22- 10/259- 13/174
الأستاذ دار الكبير: 3/524
أستادار الأملاك الشريفة: 8/219
أستادار الصحبة (أستاذ دار الصحبة) :
3/557، 594- 4/13، 21، 22، 62، 195- 5/135، 427، 431
أستادار العالية: 3/507- 5/430- 6/253- 8/22
أستادار المباشرة: 4/195
الأستاذ (الأستاذون) : 1/136، 475- 3/541، 551، 552، 555، 563، 574، 575- 5/458- 7/340
الأستاذ المحنّك (الأستاذون المحنّكون) :
3/551، 552، 555، 575،(15/88)
576، 580، 582، 589، 591، 593، 594، 599، 602
الإستبار- الإستبارية- الإسبتار
الاستثناء بالمشيئة: 6/223
الاستيفاء (وظيفة) : 10/469
استيفاء البيوت والحاشية: 11/355
استيفاء الجيش: 12/396
إستيفاء الخاص: 9/263- 11/353
إستيفاء الدولة: 4/29، 30، 35- 9/263- 11/350
إستيفاء الصحبة: 4/29، 35- 9/263- 11/120، 343
إستيفاء المرتجع: 4/198
إستيفاء المقابلة: 12/396
الاستيمار: 3/566، 567، 568
الإسجال: 13/45- 14/396
الإسجالات الحكيمة: 14/392
إسجالات العدالة: 1/59- 14/389
إسحاء الكتب: 6/344
الأسد (لقب) : 6/79، 165، 166، 167، 168، 171، 172
أسد الجيوش (لقب) : 7/65
أسد الدين (لقب) : 10/4، 81
أسد الله: 5/414
الأسرى: 6/5
الأسعد (لقب) : 7/61، 416
الأسفهسلار- أسباسلار
الأسفهلارية- (الأسفهسلارية) : 3/554- 5/87، 90، 91- 6/6- 10/343
الأسفهسلاريّ: 6/133، 136- 7/249- 8/272
الأسقف- الأساقفة
إسكندر الزمان: 6/36، 120، 122- 7/399، 406، 407- 8/26- 14/348
الأسمى (لقب) : 7/61، 65
الأسنى: 6/6- 7/61، 65
أسواق الرقيق: 10/31، 41، 156
أسوة الملوك والسلاطين: 6/84، 166- 8/46
الإشارة (وظيفة) : 10/151، 154
الأشرف: 6/98، 120- 10/363
الأشغان الأشغانية: (ملوك الفرس) :
5/451
الأشكري (لقب ملوك الروم) : 8/45
الإشهاد: 13/160
إشهاد بالشركة: 13/159
إشهاد بالمقايظة: 13/159
إشهاد بالنزول: 13/159
الأشهر (لقب) : 7/65
الأشياخ- الشيوخ
أشياخ الجند: 5/139
الأشياخ الصغار (من الموحدين) : 5/133، 136، 197، 199
الأشياخ الكبار (من الموحدين) : 5/133، 136، 141، 197، 198، 199(15/89)
أشياخ الموحدين: 5/137، 140
أصحاب الأحراس: 10/223
أصحاب الأرباع: 10/359- 13/99
أصحاب الأقلام أرباب الأقلام
أصحاب البدع: 14/139
أصحاب التوقيعات أرباب التواقيع
الديوانية
أصحاب الحلق: 5/201
أصحاب الخراج والمعاون: 13/136
أصحاب الدعوة الهادية: 1/155- 4/151
أصحاب الدواوين- أرباب الدواوين.
أصحاب دواوين المكاتبات: 12/276
أصحاب الرايات والسبعين: 3/581
أصحاب الرسوم- أرباب الرسوم
أصحاب الرواتب: 9/338
أصحاب السيوف- أرباب السيوف
أصحاب الشورى: 9/325
أصحاب الصوامع: 13/290
أصحاب العمائم: 14/176
أصحاب المعاون: 10/38، 156، 263
أصحاب النوبة: 4/51
أصحاب الوظائف الديوانية أرباب
الوظائف الديوانية
الاصطبلات (الاصطبلات السلطانية) :
1/149- 3/302، 423، 549، 557، 568، 577- 4/19، 33، 47، 62، 97، 190، 216-
7/224- 11/67، 169، 170، 171، 227- 14/424
إصطبلات الخليفة: 3/293، 425، 427، 505، 523
إصطبل الخيول الخاص: 3/427
إصطبل النائب: 4/231
الإصطرلاب: 2/176
الأصعد (لقب) : 6/7- 7/416
الأصفهسلارية الإسفهسلارية
الأصيل (لقب) : 6/7، 79، 139، 147، 166
الأصيليّ: 6/7، 100، 122، 124، 128، 136، 137، 142، 145، 146، 148، 150، 151، 155، 157، 173
إضبارة (أضابير) : 1/150، 169، 171، 174- 6/348
الأضخم: 6/7
الأطابك الأتابك
الأطباء: 4/19- 9/265
الأطباء الطبائعية: 11/99، 376
اطّراح التكلّف: 4/4
الأطلاب: 8/97- 14/190
الإطلاقات: 1/53، 54، 84- 3/427، 523، 549- 4/25، 560- 6/188، 189، 192، 255- 11/67- 12/480- 3/3، 24، 43- 14/138(15/90)
الإطلاقات السلطانية: 12/482
الأطلس: 11/333
الأطهر (لقب) : 7/61
الأظهر (لقب) : 7/61
الاعتداد: 3/565
اعتضاد صناديد الأوان: 6/131
اعتضداد صناديد الزمان: 6/36
الأعدلي: 7/318
الأعزّ: 6/7، 140، 165- 7/61، 125- 11/84
الأعشار: 10/14، 26، 31، 40
الأعظم: 6/7، 120
الأعظمي: 6/122- 7/90، 399
الأعلم: 6/8
الأعلى: 6/7
أعمال الحرب: 10/14
الأعلام- الأعلام السلطانية: 5/32، 428
الأعلام السلطانية: 2/142- 4/7- 11/96
الأعلام الملوكية: 3/542
الأعلام المنصورة: 5/51- 7/361- 11/171
أعيان أمراء الطبلخانات: 8/229
أعيان الجند: 4/42- 5/91، 141- 8/223- 10/431
أعيان جند الحلقة: 4/52- 12/281
أعيان الدولة: 3/324- 6/184- 8/227، 232، 234- 11/419
أعيان العشرات: 8/230
الأعيان المعصبون: 10/98
أعيان المملكة: 4/14، 41
الآغا: 14/118
إغلاق الظهر: 1/459
إفتاء دار العدل: 4/36، 199، 205، 228- 11/119، 205- 12/4، 57، 160، 208
الافتقادات: 5/90
الأفخم (لقب) : 6/8
الأفشين: 5/415، 454
الأفضل: 5/416، 457- 6/8- 7/61- 8/346
الأفضلي: 6/141، 144، 146، 150، 151- 7/149
الأفعى (لقب لملوك حمير من ولاة التبايعة) :
5/43، 44
الأقاليم العرفيّة: 4/430، 451
الأقبية: 5/32- 14/177
الأقبية التتريّة: 4/41
الإقرارات: 10/294
أقضى القضاة: 6/16
الإقطاعات (الإقطاع- القطائع) : 1/54، 125، 163، 471، 481- 2/4- 3/525، 565، 566- 4/18، 31، 34، 51، 64، 191، 196، 204، 213، 227، 474- 5/88، 136، 137، 198، 199، 287-(15/91)
6/368- 7/204- 8/32، 265- 9/182، 425- 10/90، 186، 190، 405- 11/92، 319، 425- 13/111، 120، 124، 130، 139، 142، 150، 157، 163، 171، 230- 14/178
إقطاع استغلال: 1/55- 13/122
إقطاع تمليك: 1/55- 13/120
إقطاعات الأمراء: 3/522
إقطاعات الجند: 3/598- 13/201
إقطاعات العربان: 3/565
أقلّ العبيد: 7/128
أقل المماليك: 7/128
الإقليد: 10/64- 12/152
الأقنوم: 13/278
أكابر الأمراء: 4/46، 50- 5/92- 11/419
أكابر النوّاب: 6/275
الأكاديش: 4/238
الأكاسرة: 5/451- 7/256- 14/412
أكبر زعماء الملة المسيحية: 6/168
أكبر ملوك الحبشان: 6/170- 8/42
أكبر ملوك المسيحية: 14/88
أكرم نجباء الأبناء في العالمين: 6/36
الأكرمي: 6/122- 7/318
الأكمل: 5/471- 6/8، 140- 7/61
أكمل البلغاء في العالمين: 6/149
أكمل نجباء الأبناء في العالمين: 6/150
الأكملي: 5/471- 6/134، 141،
- 144، 145، 151، 158
إلباس الفتوّة: 12/268
الألمعيّ: 6/35
الألوية: 8/26
الإمارة: 7/61- 8/11، 13- 9/12- 12/237
إمارة استكفاء: 9/420، 423
إمارة استيلاء: 9/420، 423، 425- 10/163- 11/71
إمارة الجهاد: 2/3- 3/299- 10/414
إمارة الحجّ: 3/299- 10/317، 412
إمارة الركب: 12/434
الإمارة العدوية: 7/405
إمارة مكة: 12/228
الإمام: 1/278- 3/529- 5/48، 49، 50، 51، 52، 132، 186، 414، 447- 6/8، 317، 379، 380، 403، 421، 431، 445، 520- 7/144- 8/149، 241، 375- 9/270، 284، 292، 337، 367، 416- 10/361، 433- 13/322، 359
الإمام الأعظم: 14/8
إمام الأعياد: 9/305
إمام الأئمة: 6/38
إمام الأئمة في العالمين: 6/38
إمام البلغاء: 6/38
الإمام الحجّة المنتظر: 5/50(15/92)
إمام الحرمين: 8/109
إمام الدين: 14/349
إمام الزيدية: 5/35، 45، 48، 462- 6/41، 45، 48، 50، 52، 58، 62، 64، 119- 7/357- 8/77
إمام العارفين: 7/346
الإمام القائم: 5/50
إمام المتقين: 14/348
إمام المتكلمين: 6/38
الإمام المستور- الأئمة المستورون
الإمام المعصوم: 5/50، 132- 13/231، 242
الإمام المهدي المنتظر: 13/231
الإمام النبوي: 9/320
الإمامة: 2/3، 5- 5/47، 48- 7/357، 358- 8/238، 327- 9/270، 285، 297، 300، 305، 309، 324، 358، 366، 419، 421- 10/243، 303، 336- 11/72- 12/471- 13/229، 231، 233، 240
إمامة الجوامع: 11/222- 12/71، 443
الإمامة الحافظية: 8/347
إمامة الصلاة: 1/239
الإمامة العباسية: 7/319- 10/172
الإمامة القرشية: 7/405
الإمامة المستقرّة: 13/234
الإمامة المستودعة: 13/234
الإماميّ: 6/119، 148، 149، 150، 151، 152، 154، 155، 156- 7/127، 135، 140
الأمان (الأمانات) : 1/57، 84، 125، 167، 170، 173- 2/140- 4/269- 5/30- 6/368- 8/59- 13/323، 324، 328، 341، 346- 4/68، 139
الأمانة (وظيفة الأمين) : 13/385
الأمانة (عقيدة النصرانية) : 13/278
الأمثلة الشريفة السلطانية: 13/97
الأمجد: 6/8
الأمراء: 1/473، 474- 4/4، 12، 14، 16، 20، 41، 46، 47، 49، 51، 52، 55، 61، 62، 63، 64، 65، 122، 204، 229، 231، 241، 245، 421، 424، 425، 456، 473، 474- 5/32، 66، 78، 87، 90، 91، 93، 287، 406، 428- 6/29، 126، 197، 207، 289، 467، 469، 559- 7/19، 61، 65، 172، 175، 176، 177- 8/23، 56، 132، 172، 186، 211، 218، 338، 386- 9/256، 300- 10/49- 11/45، 77- 12/227، 282- 13/51، 103، 138، 163، 320، 346- 14/52، 138(15/93)
أمراء الأتراك- أمراء الترك: 8/11
أمراء الإسلام: 10/181
أمراء الأشراف: 4/302
أمراء الأكراد: 7/227، 244
أمراء الألوس: 4/422، 423، 426، 427، 473- 6/33، 34، 130، 131، 132- 7/285، 286، 325، 326، 327
أمراء الألوف: 4/20، 421، 423- 5/133، 136- 8/220
أمراء الأيزاك: 12/462
الأمراء البحرية: 12/462
الأمراء البرّانيون: 4/57
أمراء التركمان: 7/227، 244- 14/175
أمراء التوامين: 4/421- 5/133- 6/131، 173- 7/286
أمراء الجند: 10/229
أمراء الجيوش: 6/317، 318- 8/273، 346- 10/428- 13/144
أمراء الحاج: 12/233
أمراء الحرس: 14/192
الأمراء الخاصكية: 5/133- 11/356
أمراء الخلافة: 4/375
أمراء الخمسات: 3/551- 4/15، 194، 203، 205، 224، 229، 230، 240، 243، 247- 6/192
أمراء الخمسين: 4/189
أمراء الدول: 10/326
أمراء الدولة: 3/302- 8/239، 246
الأمراء الراشدون: 7/408- 8/80
أمراء السبعين: 4/189
أمراء السرايا: 6/467، 469، 559
أمراء الشيوخ: 1/136- 3/563
أمراء الطبلخانات (أمراء الطبلخاناه) :
3/426- 4/15، 19، 22، 23، 25، 26، 53، 56، 61، 64، 65، 66، 67، 120، 155، 189، 192، 193، 203، 205، 206، 208، 224، 225، 229، 230، 232، 233، 234، 235، 236، 240، 243، 247- 5/197- 6/6، 138، 182، 192، 193- 7/169، 170، 171، 174، 185، 186، 187، 191، 192، 199، 200، 209، 238، 243، 246- 8/60، 219، 222، 229، 230، 233- 9/254- 12/105، 115، 168، 201، 276، 280، 434- 13/164، 193
أمراء العربان (أمراء العرب) : 4/22، 68، 72، 281- 6/62، 137- 7/176، 177، 244- 9/256- 11/106، 107، 171- 12/118، 122، 288
أمراء العسكر: 4/63(15/94)
أمراء العشرات: 3/426، 551- 4/13، 15، 19، 23، 24، 52، 53، 56، 64، 67، 189، 192، 193، 194، 203، 205، 206، 207، 208، 209، 224، 225، 226، 229، 230، 232، 233، 234، 235، 236، 237، 240، 241، 242، 243، 247، 421، 423- 6/182، 192، 193- 7/171، 172، 174، 186، 191، 199، 209، 243، 246- 8/220، 222، 223- 9/254- 11/109- 12/104، 115، 168، 169، 201، 266، 276، 281- 13/164، 193
أمراء عشرات التركمان: 6/182
أمراء العشرينات: 4/27، 67، 192، 206، 224، 240- 6/69- 7/171، 209- 8/222، 223- 12/281- 13/193
الأمراء على الجهاد: 11/10
الأمراء المركّزون: 4/65- 8/60
أمراء المشورة: 4/46، 47- 8/18
الأمراء المطوقون: 3/551، 572، 584، 593، 602- 10/98، 344
الأمراء المقدّمون: 4/19، 21، 25، 48، 54، 57، 64، 65، 189، 224، 229، 230، 241، 244-
6/181، 193- 7/228- 8/233- 11/169- 12/467
الأمراء المقدمون الخاصكية: 8/228
أمراء مقدمي الألوف: 4/20
أمراء مكة: 5/50- 12/231
أمراء المئين: 4/9، 42، 46، 55، 61، 421، 423
أمراء المئين الخاصكية: 4/9، 14
الأمراء النوينات: 7/286
إمرة أخورية أمير آخور
إمرة أعرابية: 4/281
إمرة ببوق وعلم: 4/72
إمرة جاندار أمير جاندار
إمرة خمسة امراء الخمسات
إمرة سلاح أمير سلاح
إمرة شكار أمير شكار
إمرة طبر أمير طبر
إمرة طبلخاناه- أمير طبلخاناه- أمراء الطبلخانات
إمرة العربان بالوجه القبلي: 4/70
إمرة عشرة أمير عشرة أمراء العشرات
إمرة عشرين أمير عشرين أمراء العشرينات
إمرة مجلس- أمير مجلس
إمرة المئين- أمير مائة- أمراء المئين.
إمريت: 5/88، 90
الأمضى (لقب) : 7/61
الأمكن (لقب) : 7/416(15/95)
أملاك بيت المال: 12/65
أمم الكفر: 4/465
أمناء النصّاح: 14/449
الأمة الداعية: 6/489- 7/128
أمة الضلال: 13/372
الأمة الغضبية: 13/372
أموال الأوقاف: 4/64- 12/360
أموال الأيتام: 4/64
أموال الخاص: 11/353
أموال الخراج: 1/85
الأموال الديوانية: 3/536- 11/55- 12/154
الأموال السلطانية: 14/422
الأمير (لقب) : 5/413، 422، 468، 471، 472- 6/4، 99، 138، 139، 140، 283، 440- 9/220، 248، 252، 272، 283
أمير آخور: 3/549- 4/19، 62، 195، 240- 5/433- 7/224، 345، 364- 8/218، 233- 9/255- 11/169- 13/181
أمير آخورية البريد (أمير آخور البريد) :
1/149، 150- 4/194، 198، 240، 244
أمير آل محمد: 5/415
الأمير الأجلّ: 5/466- 6/140- 7/18، 61، 171
أمير ألف أمراء الألوف
أمير الألوس أمراء الألوس
أمير الأمراء: 4/422، 423- 7/285، 325- 14/169
أمير التوامين أمراء التوامين
أمير جاندار: 3/596- 4/19، 20، 61، 195- 5/433- 9/11
أمير الجيوش أمراء الجيوش
أمير الحاج: 7/78
أمير حاجب: 4/192، 225- 7/247، 355- 8/60، 194، 221- 11/207- 14/352
أمير حاجب بحلب المحروسة: 7/188
أمير حاجب بالشام المحروس: 7/185
أمير حاجب بطرابلس المحروسة: 7/194
أمير خازندار: 3/556
أمير خاص: 13/185
أمير خمسة أمراء الخمسات
أمير دار (أمير المظالم) : 14/181
أمير دوادار: 1/150
أمير الركب: 4/277، 279، 281، 306- 5/284- 8/103- 11/435- 13/318
أمير سلاح (إمرة سلاح) : 4/19، 48، 55، 195- 5/428- 8/233
أمير شكار: 4/23- 5/433
أمير طبر: 4/23- 5/434
أمير طبلخاناه أمراء الطبلخانات
أمير عرب: 6/57(15/96)
أمير عرب الشام: 4/210
أمير عشرة آلاف: 4/421
أمير عشرة أمراء العشرات
أمير عشرين أمراء العشرينات
أمير علم: 4/13، 23- 5/135- 5/428- 12/311
أمير علم راكب: 5/142
الأمير الكبير: 6/198
أمير مائة أمراء المئين
أمير مجلس: 4/19، 195- 5/428- 7/149- 8/233- 11/142- 13/174- 14/444
أمير المحفل: 14/176
أمير محفل المنبر: 14/178
أمير المسلمين: 5/456- 6/122، 124، 125- 7/61، 67، 415- 8/104، 110- 9/314- 10/165، 181- 11/17، 19
أمير المظالم: 14/181
أمير المعلف: 5/433
الأمير المقدّم الأمراء المقدّمون
أمير مكة أمراء مكة
أمير المؤمنين: 1/470، 471، 501، 503- 2/5- 3/509- 4/167- 5/130، 412، 445، 456- 6/16، 66، 106، 107، 111، 125، 174، 217، 288، 316، 331، 372، 376، 380، 428،
432، 439، 445، 474، 486، 489، 523، 530، 535- 7/128، 137، 144، 347، 348، 405- 8/80، 88، 120، 238، 241، 242، 264، 267، 281، 311، 314، 328، 338، 344، 346، 353، 360، 378، 394، 401- 9/15، 220، 270، 289، 290، 296، 301، 310، 337، 339، 392، 397- 10/4، 29، 70، 198، 243، 247، 263، 269، 303، 308، 320، 369، 428- 13/68، 138، 329، 333، 368- 14/24، 98، 109، 282
الأميريّ (لقب) : 3/297، 505- 4/200- 5/413، 471، 472- 6/8، 23، 99، 113، 115، 126، 127، 252، 254- 7/167- 8/272- 9/274- 11/86
الأمين: 5/414- 6/9، 159
أمين الحكم: 11/368
أمين الدين: 11/358
أمين المصاحف: 1/477
أمين الملك: 3/556
أمين الملّة: 5/462
الأميني: 6/9، 159(15/97)
الأنجالوس (لقب) : 6/79، 168، 169- 8/48- 14/85، 88
أنظار الأوقاف الصغار: 11/123
أنظار البيمارستانات: 9/260
الإنعامات: 8/354، 355، 377، 388، 392
الأنمقة (نوع من الخفاف) : 5/198
الأهراء (الأهراء السلطانية) : 3/523
أهل الإسلام: 13/338، 341- 14/8
أهل الإيمان: 1/95
أهل البدع: 13/225
أهل الحل والعقد: 2/5- 9/342، 347، 369- 10/129
أهل الدعوة: 12/115
أهل الديوان: 14/274
أهل الديونة: 2/517
أهل الذمة: 1/472، 488- 3/531- 5/460- 9/272- 10/305، 422- 11/99- 12/227- 13/13، 21، 22، 365، 367، 377، 379
أهل الرباط: 11/308
أهل الردّة: 13/321
أهل السنّة: انظر فهرس الجماعات
والشعوب
أهل الشرك: 7/430- 8/254
أهل الشعانين: 13/317
أهل الصلاح: 4/53- 6/12، 13، 14،
66، 113، 154- 12/47- 14/138
أهل الصليب: 8/253
أهل الظلامات: 1/471
أهل العباء: 11/48
أهل العمود: 10/331
أهل العناد: 8/254
أهل الكفر: 1/45- 6/78، 95، 164، 274، 330، 362، 446- 7/434- 8/124- 13/321- 14/5، 8، 10
أهل المشورة: 5/134
أهل المناصب: 4/56
أهل النجامة: 11/96، 212- 12/62، 470
أوابد العرب: 1/39، 454
الأوارج: 1/88- 14/132
الأوجاقي: 5/427
الأوجاقية الأوشاقية.
الأوحد: 5/471، 6/9، 123، 124، 125، 138، 139، 140، 147، 153، 156، 160، 7/65، 125.
أوحد الأشراف: 6/، 38
أوحد الأشراف الطاهرين: 6/، 38
أوحد الأشراف في العالمين: 6/38
أوحد الأشراف المجاهدين: 6/38
أوحد الأصحاب: 6/39، 144
أوحد الأعيان: 6/137(15/98)
أوحد الأكابر: 6/39
أوحد الأكابر في العالمين: 6/39
أوحد الأمناء: 6/158
أوحد الأمناء في العالمين: 6/39
أوحد الأمناء المقربين: 6/158
أوحد الأمة: 6/39
أوحد الأولياء المقربين: 6/134
أوحد الأئمة: 6/39، 152
أوحد الأئمة العلماء في العالمين: 6/39
أوحد البلغاء: 6/39،
أوحد البلغاء في العالمين: 6/39
أوحد بني المعمودية: 6/172
أوحد الحفاظ: 6/39
أوحد الخطباء في العالمين: 6/39، 152
أوحد الرؤساء: 6/39
أوحد الرؤساء في الأنام: 6/39
أوحد الرؤساء في العالمين: 6/39، 143
أوحد العارفين: 6/157
أوحد العلماء الأعلام: 6/39، 109، 150
أوحد العلماء في الأنام: 6/156
أوحد الفضلاء: 6/40، 109، 145، 147، 152
أوحد الفضلاء العارفين: 6/40، 149، 151
أوحد الفضلاء في العالمين: 6/150
أوحد الفضلاء الماجدين: 6/142، 144
أوحد الفضلاء المفيدين: 6/40، 151
أوحد الفضلاء المقربين: 6/160
أوحد الكبراء: 6/40، 146، 156، 159
أوحد الكتاب: 6/40، 109، 143، 146
أوحد المتصرفين: 6/40
أوحد المتكلمين: 4/40، 149
أوحد المجاهدين: 6/40، 108، 137
أوحد المحققين: 6/40، 110، 154
أوحد المسلكين: 6/155
أوحد المفيدين: 6/40
أوحد الملوك والسلاطين: 6/40، 122، 7/399
أوحد الملوك العيسوية: 6/85، 166- 8/46
أوحد الملوك اليعقوبية: 6/85، 166- 8/41
أوحد الناسكين: 6/110، 155
أوحد الوعاظ: 6/40
أوحد الوقت: 6/40
أوحد الوقت والأوان: 6/40
الأوحدي: 5/471- 6/9، 123، 129، 133، 134، 135، 136، 137، 142، 143، 144، 145، 146، 149، 150، 51*، 152، 156، 158، 159، 160
أوراق أرباب الجرايات: 3/565
أوراق البياكير: 11/318
أوراق الطريق (أوراق الجواز) : 1/150- 6/188، 254- 7/251، 253- 11/112، 125، 127، 130، 264- 13/167- 14/138
أوراق المسجل: 3/525، 526(15/99)
الأوشاقية (الأوجاقية) : 4/7- 7/224- 11/170
أوشاقية الجفتة: 4/48، 50، 62
الأوقاف: 1/476- 2/4- 4/64، 198، 199- 10/459، 474- 10/271، 281، 292- 11/22، 33، 47، 49، 95، 146- 12/51، 85، 117، 183، 291، 299، 314، 338، 360، 383، 428- 13/45- 14/388- 14/395، 397
أوقاف المسلمين: 4/193
أوقاف الملوك: 12/60
الأوقى (لقب) : 8/89
الأوقية: 5/109
أولياء الدولة: 8/392- 13/337
الأئمة الإمام
الأئمة الراشدون: 10/305
الأئمة الظاهرون: 13/242
الأئمة المرشدون: 13/16
الأئمة المستورون (أئمة الستر) : 11/164- 13/242، 243
الأئمة المعصومون الامام المعصوم
أئمة الكفر: 7/423
الأئمة المهديون: 10/70، 81
الأيربان: 5/141
الأيزاك: 7/223- 8/61، 393- 10/113- 12/212، 457
الأيمان (اليمين) : 1/56، 84، 167، 173- 4/151- 9/289، 317- 13/202، 217، 219، 224، 256، 293، 299، 311، 315، 320- 14/15، 16، 24، 83، 88، 139
أيمان البيعة: 9/290
الأيمان الملوكية: 1/56- 13/215، 307
الإينافية (أبناء الأمراء) : 4/426
الإيوان: 3/301- 4/47، 65- 6/252
إيوان السلطان: 4/5
الإيوان الكبير دار العدل.
(ب)
الباب (البابا) : 5/443- 6/78، 82، 93، 164- 7/138- 8/45، 183- 11/100، 399- 12/425- 13/277، 316- 14/38
الباب (نعوت الباب) : 6/77
بابا (لقب غلمان الطشت خاناه وقبّاض اللحم) : 4/10
بابا رومية (الباب برومية) : 6/164- 8/45
باب البريد: 8/365
الباب الجليل: 8/45
باب الستارة: 3/424
باب السرّ: 3/301، 422، 423، 425(15/100)
الباب الشريف: 1/132- 4/20
الباب الشريف العالي: 5/470
باب صاحب الإقطاع: 3/525
الباب العالي: 5/470- 7/165- 8/184، 186، 187، 219
الباب العزيز: 6/489- 7/122، 144
باب القلّة الدركاه
الباب الكريم: 7/162، 163- 8/182، 184، 219، 228، 233، 235
الباب الكريم العالي: 5/470- 8/185
البادهنجات: 4/45
البارع: 6/9، 147، 153
البارعيّ: 6/9، 142، 143، 144، 145، 146
البازدار: 4/483- 5/88
البازدارية: 8/74، 125
الباسط: 5/469- 8/195
الباسط الشريف العالي: 5/469- 8/188، 191، 214، 220، 233، 235
الباسط الكريم العالي: 5/469
الباسطة: 5/469- 8/195، 207، 214، 228، 235
الباسطة الشريفة: 7/194، 220- 9/38، 108
الباسطة الكريمة: 8/207
الباسل (لقب) : 6/165، 166، 167، 168، 170، 171
الباشورة: 3/398
الباطنية: 1/155
الباعوث: 13/357
الباق (من أنواع الأراضي) : 3/517، 521
البالالوغس: 6/80، 168- 8/48، 126- 14/85، 88
البحّانة (أجراس) : 5/157
البحرية: 4/189، 209- 12/27- 13/103
البحيرة: 1/458
البخاتي: 14/170
بدر الدين: 5/459- 11/358
البدنة: 3/411، 571، 593- 4/283- 14/54
البراءات: 10/270، 473
البرّاج: 1/154- 4/61
البراذين: 5/77
البراسيم السلطانية: 11/171
البراقع (ثياب السروج بالمغرب) : 5/201
البرالغ: 7/248، 250
البرّاني (البرّانيون) : 3/426- 4/57
البرايب (البروبيّة- من أنواع الأراضي) :
3/517، 521
البربا (البرباة- البرابي) 3/355، 363، 364، 365، 434، 435
البرددار (البرددارية) : 4/21- 5/440
البردة: 1/503- 2/140- 3/289، 293(15/101)
البرش: 3/517
البرش النقاء (من أنواع الأراضي) :
3/518، 521
البركات: 5/136
البركصطوانات: 4/59، 63- 5/93
بركة الأنام: 6/40
بركة الدول: 6/40
بركة الدولة: 6/40، 151، 163- 7/183
بركة المسلمين: 6/40
بركة الملوك والسلاطين: 6/51، 106، 129، 148، 149، 152، 154، 155، 156، 157
البركيل: 14/41، 46، 69
البرنس السلطاني: 5/198
برهان الدين: 5/459- 11/358
برهان المناظرين: 6/148
البرواناه: 5/332- 14/169، 170
البريد: 1/59، 148، 149، 150، 163، 472، 503- 4/61، 427- 5/143- 7/217- 10/191- 11/91- 12/21، 188، 215- 14/98، 99، 103، 414، 447
البريديّ (البريدية) : 1/149، 150، 151، 159- 3/55- 4/30، 52، 194- 6/199، 205، 347- 7/219، 220، 225، 234، 253- 8/58، 61، 387-
12/432- 14/416، 422
البساط الشريف: 7/231
البستندود: 3/588
البشتميخ: 4/62، 63، 202
البشكنس: 8/35
البشمقدار- بصمقدار: 5/88، 431
بصيرة الأمة العيسوية: 8/55
البطاركة القديسون: 6/166
بطاركة النصارى: 6/12
البطّال: 7/219
البطائق: 1/153- 14/138
بطائق الحمام: 1/163- 3/52، 126- 4/61- 6/183، 185، 241- 7/251، 254
البطريرك- البطريركية: 5/443- 6/79، 82، 91، 164، 165- 8/44، 45، 123- 9/265- 11/89- 12/279، 294، 423- 13/276، 277، 285، 316
بطريرك الملكانية: 4/201- 8/125- 11/84، 100، 381، 387
بطريرك النصارى: 12/4، 5، 289
بطريرك اليعاقبة: 4/201- 11/84، 100، 390
البطريرك الأكبر: 13/290
البطريرك المحتشم: 12/289
البطل (لقب) : 6/167، 168، 169
بطل النصرانية: 6/85، 167- 8/36(15/102)
البعدية (أما بعد في الكتب) : 6/221
البغال السلطانية: 14/441
بغال الكوسات السعيدة: 11/171
البقجة: 4/63
البقماهة (من أنواع الأراضي) : 3/517
بقية أبناء الملوك والتيجان: 6/166- 8/28
بقية الأصحاب: 6/41، 145
بقية الأعيان: 6/41
بقية الأكابر: 6/40
بقية الأكابر في العالمين: 6/40
بقية البيت النبوي: 6/41، 119- 7/359
بقية السلاطين: 6/124
بقية السلالة الطاهرة: 5/473- 6/41
بقية السلف: 6/41، 154
بقية السلف الصالح: 6/41
بقية سلف قيصر: 6/85، 167- 8/36
بقية السلف الكرام: 6/41، 142، 150، 156
بقية السلف الكرام الدارجين: 6/148
بقية السلف الكريم والنسب الصميم:
6/123
بقية شجرة الفخار: 6/41
بقية الملوك الاغريقية: 6/85، 166- 8/28
بقية الملوك والسلاطين: 6/41، 124، 125
بكلاري بك (أمير الأمراء) : 7/285،
325، 327
بلاد الدعوة: 14/48
بلاد العواصم والثغور: 4/133، 134، 234- 8/30
البلاسات: 4/63
البلا لاوس (لقب) : 6/166- 8/46
البلديون: 1/211
البلكات: 7/277، 278
بلهبرا (ملك ملوك الهند) :
البليغ: 6/9، 147
البليغي: 6/9، 144، 145، 146، 149، 150، 151، 152، 157
بناكيم الرمل (الساعات الرملية) : 4/51- 14/136
بنجار (أمير) : 4/484
البندار: 14/101
البندق: 2/69، 153، 154- 9/257- 12/264- 14/282، 321، 332.
البندقدار: 5/431- 7/142
البنود: 4/381- 5/120- 6/61
بهاء الإسلام: 6/102
بهاء الأعيان: 6/41
بهاء الأنام: 6/42، 104، 137، 138، 139، 146، 147، 152، 153، 155
بهاء الدولة: 5/462
بهاء الدولة ونظام الدين: 5/416، 462
بهاء الدين: 5/458، 459(15/103)
بهاء العصابة العلوية: 6/42، 135
بهاء الملّة: 6/127، 139
البهادري: 13/177
بهلوان جهان: 14/348
البهيّ (لقب) : 7/416
بوجين (أمير) : 4/484
البودشطا: 8/48
البوقات: 2/142- 5/201
البوقية: 3/596
البولس: 8/304
البولسية: 8/305
البياض (في أعلى الكتب) : 8/21
بيت الإسبتار الاسبتار
بيت بركة: 4/365- 7/316، 323
بيت الخلافة: 14/362
بيت الديويّة الديويّة الداويّة
بيت العلامة (في المكاتبات) : 6/301، 302- 8/23- 9/344، 346، 410- 10/135، 158، 160، 182- 11/131- 12/294- 14/117
بيت المال: 1/470- 3/285، 523، 530، 532، 569، 592- 4/32، 36، 211، 308- 5/49- 7/359- 9/317، 372- 10/27، 39، 423، 459- 11/37، 40، 197، 414- 12/65، 111، 160، 183، 445- 13/103،
117، 147، 384- 14/19
بيت هولاكو: 4/365
البيزرة: 2/61
البيضة: 2/151- 7/438
بيع الكفر (أماكن عبادة النصارى) : 10/51
بيعات الخلفاء: 6/181
البيعة (البيعات) : 1/51، 52، 91، 167، 236، 237، 271، 503- 2/4، 5، 15- 5/46، 195، 405- 6/215، 219- 8/237، 239، 245- 9/251، 276، 281، 292، 296، 307، 310، 318، 329، 342، 348، 361، 368، 416، 419، 425- 9/288، 289، 290- 10/70، 73، 158- 11/73- 13/217- 14/98، 102، 137، 139
بيعة الرضوان: 10/61
البيعة النبوية: 10/138
البيكار (البياكير) : 11/172، 318- 13/101، 104
البيكارية: 4/54، 55
البيمارستان: 1/491- 3/312، 392، 397، 415، 417، 418، 471- 4/120، 334- 5/151- 11/249- 12/283- 14/173
البيوت السلطانية: 4/21، 198
البيوت الشريفة: 4/62(15/104)
البيوت الكريمة: 4/62
(ت)
تاج الأحكام: 10/363
تاج الأمناء: 6/42، 159
تاج خواص الإمام: 9/314
تاج الخواص: 7/65
تاج الدولة: 5/416
تاج الدين: 5/458، 459- 11/358
التاج الشريف: 3/540
تاج العلماء والحكام: 6/42، 109، 152
تاج الفضلاء: 6/42
تاج الفضلاء المنتشئين: 6/42، 143
تاج المتصرفين: 6/42
تاج الملّة: 5/416، 462- 6/42، 382- 14/106
تاج الملوك والسلاطين: 10/105، 151
تاج المملكة ونظامها: 8/264
تاج الوزراء: 10/245
تاجر الخاص: 8/73
تأخير البكاء على المقتول: 1/461
تأريج الأسماء: 3/526
تأريج القبائل: 3/526
تأريخ الكتب (في المكاتبات) : 6/225
تالي الإنجيل: 6/164- 8/45
التبابعة: 5/450- 7/12، 360
تتريب الكتب: 6/260- 14/139
التجار الخواجكية: 6/9، 15، 30، 31، 39، 40، 42، 52، 57، 59، 64، 70، 72، 73، 158- 13/39
التجار الكارمية: 3/529، 536- 4/33
تجار الكفار: 3/531
التجاريد: 4/190
تجريد الكعبة من ثيابها: 4/287
التجسيم: 6/52
التحكيم: 13/225، 226، 227، 228
تحويل السنين: 1/53- 13/3، 58، 67
التخافيف: 5/32
التخت (السرير) : 1/50- 2/140- 3/301- 6/72- 8/25- 14/176
تخت الخلافة: 10/245
تخت السلطنة: 8/384
تخت الملك: 4/5، 47، 213- 8/245، 246، 363- 10/130- 14/191
التخليق: (تخليق مقياس النيل) : 3/590، 592، 594
التداريس (وظيفة التدريس) : 4/40، 200، 228،- 6/148- 10/302، 464- 11/32، 223- 12/40، 201، 345، 353
التداريس الصغار: 11/123، 124- 12/4
التداريس الكبار: 12/86
تدريج الحمام: 12/145- 14/337، 339(15/105)
التذاكر: 1/53، 54، 167، 168، 169، 171، 174- 7/220- 10/474- 11/434- 12/48- 13/3، 58، 84، 106
التذاكير السلطانية: 3/515
التذكرة الديوانية: 10/473
التذكرة السلطانية: 3/515
ترجمان الزمان: 6/152
الترجمة (عن المكتوب عنه في الكتب) :
6/332
الترس: 2/152
الترسّل: 1/91
التركاش: 7/333
الترويس (ترويس الكتب) : 3/50
التروية: 2834
تريال (طبل كبير) : 5/202
تسجيل الفدن: 11/93
التسليك: 12/415، 421
التشبيه (القول بالتشبيه عند اليهود) :
13/261
التشريف (التشاريف- التشريفات) :
2/142- 3/294، 546، 567- 4/45، 53، 54، 55، 66، 68، 73، 192، 197، 213- 5/144- 7/177، 178، 218- 8/26، 31، 247، 332، 342، 393- 11/93، 332، 419
التشهّد (في خطبة الكتاب) : 6/217
التصادير: 4/228- 12/80
التصدير (وظيفته) : 11/247- 12/40، 292، 355، 443- 13/75
تصفيق الضالّ: 1/461
التصلية (في الصلاة والسلام على النبي) :
6/218، 256
التعريف (في المكاتبات) : 8/199
التعشير (من أوابد العرب) : 1/464
تعليق سنّ الثعلب: 1/462
تعليق كعب الأرنب: 1/463
التعمية: 1/459
التعيين: 1/46، 145- 6/188، 291، 202
تفقد الأيزاك: 12/457
التفقئة: 1/459
التفويض (التفويضات- التفاويض) :
1/271- 2/4، 16- 3/282، 505- 6/219- 11/71، 113، 124، 127- 12/40، 277- 14/137
التقادم: 3/427- 11/171
التقاليد التقليد
التقاليد الحكمية: 1/59- 14/383
التقدمة (وظيفة المقدم) : 12/128
تقدمة الأكراد: 11/121
تقدمة ألف: 14/273
تقدمة البريد: 4/194، 240، 248- 12/432(15/106)
تقدمة التركمان: 4/240- 11/121
تقدمة الجيوش: 10/49- 12/8، 178
تقدمة العربان: 12/129
تقدمة العسكر: 4/102، 139، 204، 205- 7/218- 8/33- 10/334- 11/420- 12/208، 212، 275، 465
التقدمة على الرجال: 9/21
التقدمة على أقارب الخليفة: 10/402
التقدمة على الطبقة الأولى من المجاهدين:
11/13
تقدمة المماليك: 4/22
التقريضات: 14/378
التقليد (التقاليد- التقليدات) : 1/53، 132، 166، 167، 168، 170، 173، 241، 271، 335- 2/3، 4، 15- 3/282، 289، 300، 302، 505- 4/17، 36، 37، 66، 68، 195، 213، 225- 5/405، 411- 6/117، 181، 189، 214، 215، 217، 219- 7/177، 218- 8/31، 393- 9/275، 276، 278- 10/89، 143، 164، 182، 193، 246، 272، 397، 409- 11/30، 71، 86، 100، 103، 113، 124، 127، 279- 12/6، 10، 14، 18، 20، 22، 118، 141، 147،
167، 176، 197، 209، 243، 277- 13/167- 14/137، 212، 383، 386، 388
التّقيّ: 6/10، 132
تقي الدين: 5/459- 11/359
التقيّة: 13/227، 229، 233
التكفور: 7/394- 8/31- 14/402
التكلاوات: 4/41- 5/89
التلمساني (قماش) : 5/137
التلّيس: 4/33
التمليك: 3/27
التناسخ: 13/242
التنصيص: 13/229
التنكة: 5/81، 90
التنكة البيضاء: 5/81
التنكة الحمراء: 5/81
التواقيع (التوقيع- التوقيعات) : 1/37، 53، 81، 83، 127، 145، 169، 173، 213، 239، 357- 2/4، 15- 3/282، 283، 300، 505- 4/17، 19، 191، 193، 201، 224، 226، 227، 228، 240، 243، 244، 245- 5/405- 6/138، 152، 155، 157، 187، 188، 191، 192، 200، 212، 217، 219، 255، 304- 9/254، 259، 263، 265، 268، 276- 10/190، 302-(15/107)
11/30، 32، 39، 71، 100، 124، 127، 203، 324، 343، 408- 12/34، 36، 48، 58، 66، 83، 89، 95، 100، 161، 163، 174، 183، 277، 330، 331، 406، 407، 408، 420، 443- 13/13، 14، 37، 43، 150، 157، 167- 14/137
التواقيع الصغار: 11/125، 130
التواقيع المتوسطة: 11/73
التوقيع التواقيع
توقيع الدست: 11/330
توقيع شريف: 12/277
توقيع كريم: 12/277
التوقيع بالقلم الجليل: 3/564
التوقيع بالقلم الدقيق في المظالم: 3/563
التّومان: 4/423، 424- 8/27
(ث)
ثالث عشر الحواريين (لقب) : 13/369
ثقة الأصدقاء: 6/166- 8/46
ثقة أمير المؤمنين: 7/19
ثقة ثقات السيف والقلم: 3/562
ثقة الدول: 6/42
ثقة الدولتين: 6/42
ثقة الدولة: 6/158
ثقة المملكتين: 7/249
الثلّاجون: 14/442
ثياب الخلافة: 3/291
(ج)
الجاثليق: 5/444- 6/327- 10/304، 306- 13/277، 317
الجاشنكير (الجاشنكيرية) : 4/21، 48، 195- 5/432- 10/69
الجاشني: 14/444
جالوت: 5/453
الجاليش: 4/7- 13/38- 14/163
جاليش العساكر: 7/228
الجامات: 4/307
الجامع (لقب) : 7/417
جامع البلاد الساحلية: 6/86، 166
جامع البلاد المسيحية: 8/46
جامع طرق الواصفين: 6/43، 142
جامع كلمة الإيمان: 6/43، 120
الجامكية (الجوامك) : 3/524، 526، 597- 4/42- 5/136- 11/316- 13/107- 14/446
الجانب: 5/462
الجانب الأشرف: 7/78
الجانب الأعلى: 5/462- 6/288، 489- 7/128، 144
الجانب الشريف: 6/489- 7/145، 146(15/108)
الجانب الشريف العالي: 5/462
الجانب العالي: 5/462
الجانب الكريم العالي: 5/462
الجاندار (الجاندارية) : 13/98، 104
الجاويشية: 4/49، 50، 245
الجباة: 10/31
جباة الجزية: 10/112
جباة جماجم أهل الذمة: 10/27، 40
الجباية الخراجية: 13/73
الجتر (المظلة) : 2/141- 4/6، 48- 5/93- 14/176
الجدّيات: 1/58
الجراوة: 2/154- 14/332
الجراريف: 11/434- 13/101
الجرائد: 6/349، 350- 10/39، 417- 13/82
جرائد الإحسان: 11/253
جرائد الجزية: 11/66
جرائد الجند: 4/190- 10/114- 11/92، 317
جرائد الخراج: 11/66
الجرائحية: 3/418- 4/50- 9/265- 11/251
جرايات رجال الأسطول: 3/549
الجراية (الجرايات) : 3/289، 565، 598- 11/41- 13/107
الجريب: 13/132
جريدة الجند- جريدة الجيش: 5/32، 203
جريدة القواد: 3/597
الجزية: 1/471، 482- 2/4- 3/530- 5/281- 8/30- 10/27، 40، 308، 422، 423- 13/361، 376- 14/3، 19
الجسور البلدية: 3/516
الجسور السلطانية: 3/515، 516
الجشارات: 11/170
الجفاوة: 5/141
الجفتاه: 2/142- 4/7
الجلّابة: 12/259- 14/20
جلال الأسرة الزاهرة: 6/45، 136
جلال الإسلام: 6/103، 119، 132، 155
جلال الإسلام والمسلمين: 6/45، 102، 103، 142، 143، 155، 156
جلال الأصحاب: 6/45، 145
جلال الأكابر: 6/45، 145
جلال الأئمة في العالمين: 6/151
جلال الحسّاب: 6/146، 147
جلال الحكّام: 6/45، 151
جلال الدين: 5/459- 11/359
جلال دين الله: 6/384
جلال الطالبين: 6/148
جلال الطائفة الصليبية: 7/125
جلال العترة الطاهرة: 6/45- 7/210(15/109)
جلال العلماء العاملين: 6/45، 128، 149
جلال العلماء في العالمين: 6/45
جلال الكبراء: 6/45، 145
جلال الكتّاب: 6/144، 146
جلال النساء: 6/78، 168- 7/182
جلال النساء في العالمين: 6/163- 7/183، 184
الجلالي (لقب) : 7/351
الجلاهق: 2/154
الجليل (لقب) : 6/10، 80، 123، 124، 164، 168، 169، 170
جليلة المصونات: 6/78، 163- 7/183، 184
جماعة البريدية البريدي
الجماعات: 14/133
جماعة المشائين: 5/141
جمال الإسلام: 6/43، 44، 147- 9/314
جمال الإسلام والمسلمين: 6/145، 148، 149، 150، 151، 160
جمال الأصفياء العاملين: 6/154
جمال الأعيان: 6/109، 153، 159
جمال الأكابر: 6/143
جمال الأمراء: 6/138
جمال الأمة: 6/152
جمال أهل الإفتاء: 6/44
جمال الأئمة: 6/43
جمال الأئمة العارفين: 6/43
جمال الأئمة الفصحاء البارعين: 6/152
جمال البارعين: 6/43
جمال البلغاء: 6/43، 145، 146، 147
جمال بني المعمودية: 6/168
جمال التخوت والتيجان: 6/168
جمال الحسّاب: 6/147
جمال الحكام: 10/363
جمال الدولة: 6/128
جمال الدين: 5/458، 459- 11/359
جمال الذرّية: 6/43، 139
جمال ذوات الستور: 14/361
جمال الزهاد: 6/155
جمال الصدور: 6/43
جمال الطائفة العيسوية: 6/170
جمال الطائفة المسيحية: 6/169
جمال الطائفة الهاشمية: 6/43، 135- 7/211
جمال الطائفتين الرومية والفرنجية: 6/170
جمال العترة الطاهرة: 6/44، 136
جمال العصبة الفاطمية: 6/44، 139
جمال العلماء: 6/44، 109، 152
جمال العلماء في العالمين: 6/149
جمال العلماء العاملين: 6/152
جمال العيسوية: 6/172
جمال الفضلاء: 6/44، 146
جمال الفضلاء البارعين: 6/128
جمال الفضلاء المفيدين: 6/44(15/110)
جمال الكتاب: 6/44، 109
جمال المتصرفين: 6/134
جمال الملك: 10/151
جمال الملوك: 7/19
جمال الملوك والسلاطين: 6/132
جمال الممالك: 6/142
جمال المملكة: 6/44
جمال النسّاك: 6/157
جمال الورعين: 6/44، 155
الجمالي (لقب) : 8/273
الجمدار (الجمدارية) : 3/299- 4/46، 51، 62، 381- 5/92، 431
جميلة المحجبات: 6/78، 163- 7/183، 184- 14/363
جميلة المصونات: 14/363
الجناب: 5/464، 468، 473- 6/17، 20، 25، 119، 123، 129، 143، 149، 154، 158، 174، 282، 329- 7/20، 95، 145، 179، 238، 294، 341- 8/57، 354- 9/271، 277- 11/74- 12/221
الجناب الأشرف: 7/81
الجناب الشريف: 5/473- 6/15، 17، 102، 103، 104، 105، 106، 107، 108، 109، 113، 119، 129، 131، 133، 143، 149- 8/206
الجناب الشريف العالي: 5/464
الجناب الشريفة (للنساء) : 6/154
الجناب العالي: 5/464، 472- 6/76، 98، 101، 103، 104، 105، 106، 107، 109، 110، 113، 114، 132، 133، 144، 150، 151، 155، 158، 200، 252، 254- 7/19، 90، 163، 164، 168، 169، 170، 173، 179، 180، 194، 197، 199، 214، 236، 237، 240، 246، 284، 299، 325- 8/10، 22، 196، 201، 203، 214، 221، 226، 232، 234، 235، 246، 247، 334، 354- 9/115- 11/74، 76، 101، 102، 117، 129، 149، 279- 12/12، 85، 143، 148، 176، 203، 209، 221، 281، 431، 467- 13/41- 14/392
الجناب العالي الشيخي: 12/288
الجناب العالي الصاحبي: 6/113
الجناب العالي القاضوي: 6/114
الجناب الكريم: 5/473- 6/76، 101، 102، 103، 104، 105، 106، 107، 108، 109، 110، 113، 119، 123، 124، 129، 130، 131، 132، 143، 150، 155،(15/111)
174- 7/161، 162، 167، 173، 184، 188، 281، 286، 327، 359- 8/6، 9، 10، 26، 196، 201، 206، 221، 232، 234، 272- 9/274- 11/275، 101، 117- 12/38، 141، 280، 447- 13/22، 23- 14/348
الجناب الكريم العالي: 5/464- 6/98- 11/74، 102
الجنائب: 4/48، 50، 62، 216، 381- 5/201
الجند (الجنود- الأجناد) : 1/149، 474- 3/405، 509، 516، 557، 565- 4/4، 12، 15، 19، 20، 25، 51، 53، 64، 120، 174، 241، 382، 423، 456، 474- 5/32، 67، 87، 89، 90، 133، 134، 136، 138، 142، 194، 197، 199، 287، 406- 6/334- 8/224، 241- 9/30، 254، 316- 10/98، 130، 158، 181، 222، 400- 11/111، 204- 12/104، 74، 214، 431- 13/51، 113، 163، 346، 367- 14/77، 195
الجند من الإفرنج (العلوج) : 5/134
جند الأمراء: 7/174
الجند الغرباء: 5/137
الجند المتطوعون: 10/420
الجند المرتزقة: 10/420
الجندي (رتبة) : 4/64، 194، 206، 207، 208، 225، 234، 236
الجنك (آلة تشبه العود- وقد وردت خطأ
بالحاء المهملة) : 2/160
جنكصان: 4/483
الجنود الآمرية: 3/553
الجنود الأفضلية: 3/553
الجنود البحرية- الأجناد البحرية
الجنود الجيوشية: 3/553، 581
الجنود الحافظية: 3/553
جنود الحلقة (جند الحلقة- أجناد الحلقة) :
3/525- 4/25، 52، 64، 189، 193، 224، 225، 243، 245- 5/428- 8/222، 231- 12/104، 281- 13/166
الجنود الريحانية: 3/581
الجنود العساقلة: 3/509
الجنود الكتّانية: 3/509
جنود المائتين أجناد المائتين.
الجنود الوزيرية: 3/553
الجنويات: 7/137
الجهبذ: 6/45
جهبذ الحذّاق: 6/45
جهبذ الحذّاق المتصرفين: 6/45، 143
الجهبذة: 10/14، 26، 31، 40-(15/112)
13/133، 136، 147
الجهة (من ألقاب النساء) : 5/470، 473- 6/77 (نعوت الجهة) ، 162- 7/314
الجهة الشريفة: 5/473- 6/162، 163- 7/183
الجهة الشريفة العالية: 14/363
الجهة الكريمة: 6/163
الجهة الكريمة العالية: 5/473
الجهة المصونة: 6/77- 14/360
الجهة المكرمة: 14/348
الجوارح السلطانية: 3/427
الجوارشنات: 14/409
الجواز: 7/228
الجواسق: 5/142
الجواسيس (العيون) : 1/489- 8/68- 10/221، 223
الجواشن: 3/547
الجوالي: 3/530، 568، 600- 10/14، 26، 31، 40، 423- 13/62، 148
الجوامك الجامكية
الجوسق: 3/464- 4/98- 14/175
الجوكان: 5/430- 7/221
الجوكندار: 4/55- 5/430
الجونة: 2/498
جيش الديار المصرية: 4/456
جيش العسرة: 10/178
جيش مؤتة: 9/369
الجيش الناصري: 8/402
الجيوش: 4/188، 205، 223، 240، 243، 245، 473- 5/87- 7/178- 8/323، 326- 10/72، 416- 11/14- 12/8، 10، 13، 150، 154، 165، 262، 397- 14/78
جيوش الإسلام: 10/176، 181- 11/136- 13/47
الجيوش المنصورة: 7/377- 10/63- 11/316
(ح)
الحاج (لقب) : 6/10، 162
الحاجب (الحجّاب) : 1/136، 472- 3/288، 296، 554، 558، 562، 564، 565، 566، 574، 603- 4/17، 46، 64، 225، 229، 230، 244، 245، 381، 410- 5/33، 49، 88، 91، 92، 134، 422- 6/35، 173- 7/168، 169، 184، 196، 197، 198، 201، 359- 8/363- 9/15- 10/283، 440- 12/107(15/113)
الحاجب (والي التركيز) : 4/65
حاجب أمير عشرة: 4/64
الحاجب الثاني: 8/221، 222، 228
الحاجب الثالث: 8/229
حاجب جندي: 4/64
حاجب الحجّاب: 3/537- 4/20، 60، 63، 192، 197، 203، 225، 230، 240، 241- 7/185، 188- 8/219، 221، 228، 233، 350
حاجب الديوان: 1/171
الحاجب الرابع: 8/229
الحاجب الصغير: 8/223
الحاجب الكبير: 7/173- 8/222
الحاجيّة: 6/163- 7/183
الحاشر (للنصارى) : 3/530
الحاشر (لليهود) : 3/530- 13/361
حاشية السلطان: 4/190- 6/161
الحاشية (في الكتب) : 6/186
الحاصل الحواصل
الحافر الملوكي: 3/541
الحافظ (وظيفة صاحب الشرطة) : 5/135
الحافظ: 6/10
حافظ الأسرار: 6/46
حافظ البحار والخلجان: 6/164، 166
حافظ البلاد الجنوبية: 6/86، 166- 8/41
حافظ بلاد الله: 6/384
حافظ بيت المقدس: 7/122
حافظ الجسور والخلجان: 8/45
الحافظي: 6/10
الحافل: 6/10- 7/65
الحاكم (لقب) : 6/10- 11/115
حاكم أمور ولاة الزمان: 5/473- 6/46، 131
حاكم البندق: 7/132- 9/257- 12/264، 266
حاكم الحكام: 6/46- 14/349
الحاكم على الثغور والبحور والخلجان:
6/168- 8/47، 48
حاكم العمل: 3/526
الحاكمي: 6/11، 114، 115، 148، 149، 150، 151، 174- 7/140
الحام: 1/458
حامل الجتر: 4/48- 5/92
حامل الدواة: 3/556
حامل راية المسيحية: 6/86، 167- 8/36
حامل الرمح: 3/554، 599
حامل الرسالة: 3/599
حامل سلاح الخليفة: 3/554
حامل السيف: 3/554، 599
حامل المظلة: 3/554
حامي البحار والخلجان: 6/86- 8/46
حامي الثغور: 6/167
حامي الجزائر القبرسية: 6/167(15/114)
حامي الجمهور: 8/89
حامي الحرمين: 14/348
حامي الحرمين الشريفين والقبلتين:
6/120- 8/26
حامي الحصون والثغور: 6/169
حامي حماة بني الأصفر: 6/87، 167- 8/36
حامي حمى الفرسان: 6/166- 8/28
حامية الثغور: 6/171- 8/55
حامي القبلتين: 7/416- 8/89
حامي كلمة الموحدين: 8/101
الحائز: 6/11- 7/416
حائز الفخرين المنيفين: 8/105
حائز ملك الأقطار: 8/101
حائط الجمهور: 8/101
الحبر: 6/11، 165
الحبر الجندية: 4/283
الحبري: 6/11
حبس البلايا: 1/461
الحبوس الأحباس الأوقاف.
الحجّاب الحاجب
الحجّاب الصغار: 4/22
الحجّاب الطبلخاناه: 8/234
حجّاب الحكم: 3/574
حجّاب الخليفة: 3/574
الحجاب الكريم: 14/348
حجابة الديوان: 1/174
الحجبة: 4/286
حجبة الكعبة: 1/410
الحجّتي: 6/11
الحجج: 10/284، 293، 300
الحجرة الشريفة: 4/307
الحجفة: 2/152
الحجّة: 6/11
حجّة الإسلام: 6/102، 150- 10/302
حجّة الأمراء الحاكمين: 6/128
حجّة الأمة: 6/46، 151
حجّة الأئمة: 6/46
حجّة البلغاء: 6/46
حجّة العرب: 6/46
حجّة العصابة الهاشمية: 6/129
حجّة الكتّاب: 6/145
حجّة المذاهب: 6/46
حجّة المذهب: 6/46
حجّة المفتين: 6/46
حجّة المنتشئين: 6/142
الحجوبية (الحجابة) : 1/499- 3/296، 297- 4/20، 192، 225، 240، 247- 11/208
الحجّيّ: 6/11، 128، 138، 139، 150، 151
الحدربي (لقب) : 5/264
الحدوج: 12/27
حراسة الطير: 4/23
الحرّاقة (الحراقات والحراريق- وهي نوع من(15/115)
السفن) : 3/408، 590- 5/262
الحرّاقة (مقعد بالاصطبلات السلطانية) :
3/302
الحرّاقة السلطانية (الذهبية) : 4/49- 5/439
حراريق الأمراء: 4/49
حرز الإمام: 6/46
الحرس: 1/473
الحرضة (أمين المقامرين) : 1/457
الحرمة الشريفة: 7/182
حريم دار الخلافة: 4/333
الحريم السلطانية: 3/421، 424
الحزّان: 5/445
حسام أمير المؤمنين: 6/46، 106، 107، 111، 112، 133، 134، 135، 174- 7/19
حسام الدين: 5/458
حسام المملكة المالوصية: 6/168
حسام المملكة الماكصونية: 8/47
الحسبة: 2/4- 3/298، 299- 4/38، 200، 228- 5/425- 7/234- 10/14، 31، 114، 156، 284، 300، 360- 11/207، 408- 12/4، 58، 160، 208، 378- 13/12
الحسبلة (في آخر الكتب) : 6/258
الحسك: 10/234
حسنة الأيام: 6/47، 142، 155
حسنة الزمان: 7/65
حسنة الوجود: 6/142
الحسيب: 6/11، 138، 139
الحسيبي: 6/12، 119، 128، 135، 173
الحشيشة: 2/162
حصى الجمار: 4/250
الحضرة (حضرة الخلافة) : 3/293، 299- 5/139، 466- 6/77
(نعوت الحضرة) ، 95، 103، 125، 291، 533- 7/19، 99، 287- 8/237، 252- 9/256، 272، 273- 10/269، 354، 368، 405، 437- 11/133
الحضرة الأعظمية: 6/125
حضرة الامارة العدوية: 7/405
حضرة الأمير العالم: 6/126
الحضرة الأوحدية: 6/125
حضرة البطرك: 5/467
الحضرة الجليلة: 7/119
حضرة الدوك (الدوج) : 6/169- 8/49
الحضرة السامية: 1/241- 5/467- 6/164، 167- 8/36، 45، 121- 11/84
حضرة السلطان: 12/5
الحضرة السلطانية: 4/24، 35، 38، 52، 63، 189، 190، 191، 195، 226- 5/284- 6/125-(15/116)
7/176- 8/215، 228- 9/257
الحضرة السريّة: 6/126
الحضرة السنيّة: 6/126
الحضرة الشاهنشاهية: 6/125
الحضرة الشريفة: 6/104، 125- 7/273، 274، 276، 318، 405- 8/224
الحضرة الشريفة العالية: 5/467- 7/250
حضرة الشيخ: 5/467- 9/272، 273
الحضرة الطاهرة: 6/110
الحضرة العالية: 5/467- 6/125، 165، 166- 7/274، 329، 335، 407- 8/41، 46، 86
الحضرة العالية المكرمة: 6/95
الحضرة العليّة: 5/467- 6/126، 166- 7/100، 408، 442- 8/28، 82، 106- 11/13، 23
الحضرة القانية: 6/125
الحضرة الكريمة العالية: 5/467
حضرة المحتشم: 6/170- 8/49
الحضرة المصونة: 6/126
الحضرة المظفرية: 6/126
حضرة المقام العالي: 7/414
الحضرة المكرمة: 6/167
حضرة الملك: 6/168، 169- 8/29، 32
حضرة الملك الجليل: 5/467- 6/95،
165، 166- 8/36، 47، 51، 54
الحضرة المنصورة: 6/126
الحضرة الموقرة: 6/167- 8/37
الحضرة الميمونية: 6/126
الحطّي: 5/455- 6/170- 8/41
حطّي ملك أمحرة: 8/42
الحقوق الديوانية: 13/40، 41
الحقوق السلطانية: 1/68
حكم رماة البندق حاكم البندق
حكم الملوك والسلاطين: 6/47، 106، 150، 151- 7/221
الحلقة: 4/42، 43، 53
الحلقة الشامية: 7/216- 13/161
حلقة العساكر: 14/195
الحلقة المصرية: 13/161
الحلقة المنصورة: 8/60- 12/467- 13/103
الحمالة: 3/597
الحمام الرسائلي: 1/153، 154- 2/96- 4/61- 11/297- 12/207- 14/434
حمام الهدي: 14/434
الحماة: 10/466
حماة الأهراء: 3/600
حماة البساتين: 3/600
حماة الجوالي: 3/600
حماة المناخات: 3/600
الحماية: 10/272(15/117)
حماية الرباع: 10/457
الحمولة (في آخر الكتب) : 6/215، 254
الحمل على النزول والتقدير الشرعي (وظيفة) : 12/293
الحمى: 1/4
الحندات: 5/89
الحنك: 5/137- 7/359
الحواصل: 4/61
حواصل الحرم الشريف: 12/251
حواصل الخليفة: 3/545
حواصل السلطان: 4/8
حواصل الغلال: 3/549
حواصل المواشي: 3/548
الحوائج خاناه: 4/10، 12، 13، 61- 13/102
الحوش: 5/203
الحوطة (الحوطات) : 13/384
الحوطات الديوانية: 13/379
الحوندار (الذي يتصدى لخدمة طيور الصيد) : 5/441
الحياصة: 4/42، 57- 5/198
حيدرة (لقب) : 5/414
(خ)
الخاتم: 1/503- 2/139- 3/289- 6/340، 341، 342، 343
الخاتون- الخواتين: 4/424، 425،
426، 470، 473- 6/78، 163- 14/360
الخاتوني- الخاتونية: 6/163- 7/184
الخادم (لقب) : 6/332، 489- 7/89، 104، 117، 128، 130، 131، 132، 133، 136، 145، 146، 147
الخادم الخدّام
خادم الحرمين الشريفين: 6/47، 120- 7/333، 340، 406، 407- 8/101- 10/59- 13/350- 14/116
الخادم الخصيّ: 5/88
خادم القبلتين: 14/348
الخادم المطواع: 6/489- 7/128
الخازن (الخازندار- الخزندارية) : 1/170، 171، 174- 3/556، 565- 4/21، 192، 197- 5/88، 435- 10/271، 294، 300- 14/185
خازن الشرابخاناه: 14/444
خازن الصابون: 8/128
الخاشع (لقب) : 6/12، 80، 124، 157، 164
الخاشعيّ: 6/12، 150، 152، 154، 155، 156- 11/85
خاص السلطان: 14/48، 49
الخاصكي: 7/65(15/118)
الخاصكية: 3/426، 552- 4/6، 46- 6/207- 7/173- 8/228- 13/163
خاصة أمير المؤمنين: 7/19
خاصة الملوك والسلاطين: 6/160
الخافقي: 5/5
الخاقانية: 7/315
خالصة الأصدقاء: 6/87
خالصة الأصدقاء المقربين: 6/167- 8/228
خالصة الإمام: 6/48
خالصة أمير المؤمنين: 6/48، 107، 145، 148- 10/351
خالصة الأنام: 6/104، 154
خالصة الدولة: 6/47، 145
خالصة سلف الأنصار: 6/48
خالصة الملوك والسلاطين: 6/47، 106، 139، 142، 143، 144، 145، 146، 149، 150، 151، 152
الخانات (الخان) : 3/405، 465- 4/311، 428- 5/66، 78، 87، 88، 89، 90، 91، 92، 93- 7/275، 329- 14/182
الخانقاه (الخوانق- الخوانك) : 3/355، 389، 391، 396، 416، 417، 419، 429، 463- 4/98، 120، 200، 334، 429- 5/151- 9/337- 11/368- 12/102،
410، 415- 14/178
الخانية: 4/311
ختم الكتب: 1/481- 8/24
الخدّام: 3/551- 4/22- 6/30، 31- 8/151، 285- 9/27- 10/403- 12/254
الخدام الخصيان: 5/458
خداوند عالم بادشاه بني آدم: 14/342
الخدم السلطانية: 13/51
الخدم الصغار: 1/167- 3/564
الخدمة الجمعية: 5/91
الخدمة في الجوالي- المواريث الحشرية:
3/568
الخدمة في ديوان الأحباس: 3/567
الخدمة في ديوان أسفل الأرض: 3/568
الخدمة في ديوان الثغور: 3/568
الخدمة في ديوان الجهاد: 3/569
الخدمة في ديوان الرواتب: 3/567
الخدمة في ديوان الصعيد: 3/568
الخدمة في ديوان الكراع: 3/568
الخدمة في ديواني الخراجي والهلالي: 3/568
الخدمة اليومية: 5/91
خديم الحرمين الشريفين: 8/89، 105
الخراج: 1/471، 473، 482- 2/4- 6/267- 8/313- 10/14، 25، 26، 31، 130- 13/122- 14/19، 250
خراج الأوراج: 14/131، 132(15/119)
خراج السلطان: 3/328
الخراجي: 3/539
خرائط المهمات: 1/171
الخرس (من أنواع الأراضي) : 3/518
الخركاوات (الخركاه) : 2/146- 4/50، 59، 63، 425- 5/93- 14/167، 178
الخرنشف: 3/401
الخريطة: 3/564
خزانة البنود: 3/404- 13/99
خزانة التجمّل: 3/543، 457، 551، 577
خزانة الخاص: 3/524، 545- 11/118، 121، 226، 330، 419- 12/98
خزانة الخليفة خزائن الخليفة
خزانة السروج الركاب خاناه
خزانة السلاح: 3/404، 547
خزانة السلطان: 4/316- 5/283- 14/51
خزانة الشراب: 3/546
خزانة الشمائل: 13/99
خزانة الطعم: 3/46
الخزانة الظاهرة: 3/545
الخزانة العالية: 4/197- 10/354- 11/94، 171، 333
خزانة الفراش الفراش خاناه
خزانة الفروش: 10/354
الخزانة الكبرى: 3/545- 4/31- 11/120- 12/98
خزانة الكتب: 3/545- 5/139
خزانة الكسوة: 3/545، 567، 571، 578
خزانة الكعبة: 4/282
خزانة اللباس: 11/167
خزائن الأموال السلطانية (خزائن المال- خزانة المال) : 3/548- 4/21
خزائن الخليفة: 3/562، 566، 574- 4/50
خزائن السروج الركاب خاناه
الخزائن السلطانية: 1/85- 3/526- 11/40، 414
خزائن السلاح: 4/32- 12/27
الخزائن المعمورة: 12/33
الخزائن الملوكية: 3/526
خزن بيت المال الخاص: 10/354
الخزندار الخازن
خسروان إيران: 12/270
الخشكار: 11/382
الخشكنان: 3/588، 603
الخصيان: 3/288
الخط البرباوي (الهيروغليفي) : 3/363
الخط الشريف: 1/46
الخط الشريف السلطاني: 4/191، 196، 227
الخط الجليل: 3/16، 17، 18(15/120)
خط الدرج: 3/19
الخط العالي الكافلي: 6/193
خط النّسخ: 3/18
الخطابة (وظيفة) : 1/479- 4/40- 11/219- 12/4، 69، 71، 72، 105، 160، 254، 298، 342، 369، 471- 14/130
خطابة الجامع الأموي: 4/200- 6/48- 7/221
الخطابة بالجامع الكبير: 4/228
خطابة جامع القلعة: 6/48
الخطب المقامية: 1/207
الخطبة: 5/120
خطبة صداق: 1/239، 271- 14/341
الخطبة العباسية: 3/493- 4/170، 275
الخطبة العلوية: 8/244
خطبة نكاح: 1/254
الخطيب (خطباء المساجد) : 5/435- 9/259- 10/396، 423، 440- 11/89، 97
خطيب بيت الآلهة: 14/347
خطيب جامع القلعة: 4/47
خطيب الحضرة: 11/23
خطيب الخطباء: 6/48
خطيب خطباء المسلمين: 14/349
الخطيبي: 6/152
الخطير (لقب) : 6/80، 165، 166،
167، 168- 7/125
الخفر: 7/232
خلاصة الخلافة المعظمة: 6/48- 7/441
خلاصة سلف القوم: 6/49
خلاصة ملوك السريان: 6/87، 166- 8/28
الخلافة: 1/127، 128، 137، 470، 471، 472، 487، 503، 504- 2/5- 3/263، 264، 284، 285، 286، 287، 289، 299- 4/5، 20، 416- 5/129، 130، 131، 154، 237، 239- 6/116، 118، 125، 330، 410، 535- 7/76، 83، 399- 8/80، 237، 238، 259- 9/251، 287، 310، 324، 347، 369، 370، 410- 10/72، 75، 247، 356- 11/26- 12/298- 13/233- 14/98، 103، 130، 205
الخلافة الأموية: 5/131
الخلافة التيمية: 1/526
الخلافة العاضدية: 10/330
الخلافة العباسية: 1/127، 128- 10/121، 241
الخلافة العبيدية: 5/131
الخلافة العلية: 8/106
الخلافة الفاطمية: 6/200(15/121)
خلافة النبوّة- الخلافة النبوية: 8/347
الخلعة (الخلع) : 2/142- 3/301، 302، 546، 591- 4/42، 53، 64، 190، 192، 197- 5/144، 284- 7/334- 8/332، 342، 344- 9/26، 31، 316، 322- 10/143، 287- 11/93، 334- 13/92- 14/444
خلف الأولياء: 6/48، 155
الخلفاء الخليفة
خلفاء بني أمية: 1/537- 3/283، 483- 4/6، 299- 5/232، 414، 447- 6/320، 376، 379، 469- 9/289- 10/198
خلفاء بني أمية بالأندلس: 5/154، 183، 448- 6/431، 523- 9/307
الخلفاء الراشدون: 3/283- 4/40، 270- 9/310، 315- 10/195، 307- 12/49- 13/16- 14/12
الخلفاء العباسيون (خلفاء بني العباس) :
1/127، 473، 504، 537- 3/284، 291، 300، 461، 486، 493، 495- 4/6، 58، 137، 286، 301، 336، 415- 6/296، 297، 331، 378، 410، 420، 431، 472، 520- 7/76، 127- 8/64- 9/289، 423، 424- 10/140، 241-
13/59، 130، 139، 146، 331- 14/435
خلفاء العبيديين: 5/121
الخلفاء الفاطميون: 1/537- 2/122- 3/323، 333، 396، 401، 402، 493، 549- 4/210، 286، 307- 6/190، 220، 420، 520- 7/3- 8/318، 332، 346- 9/255، 284، 296، 418- 11/26، 72- 12/113- 13/75، 139، 239، 244- 14/435، 436
خلفاء مصر: 3/292- 4/348- 5/106
الخلفاء الموحدون: 5/449- 6/432، 525
الخلوة: 5/445
الخليفة (الخلفاء) : 1/41، 127، 128، 136، 145، 470، 475، 497، 498، 500، 501، 502، 503، 509- 3/285، 289، 294، 299، 300، 301، 302، 303، 540، 541، 543، 547، 548، 552، 556، 557، 559، 560، 563، 564، 566، 567، 571، 572، 573، 576، 577، 579، 582، 583، 586، 587، 589، 593، 597، 601- 4/5، 58، 277، 307، 348، 378، 417،(15/122)
425، 450، 473، 474- 5/112، 120، 130، 132، 159، 233، 403، 404، 406، 410، 414، 417، 446- 6/8، 38، 96، 111، 186، 190، 200، 217، 288، 295، 319، 326، 331، 340، 341، 343، 369، 376، 378، 379، 380، 381، 384، 403، 407، 419، 442، 446، 469، 472، 473، 489، 502، 530، 532، 561- 7/11، 31، 77، 83، 86، 109، 128، 129، 135، 144- 8/4، 30، 45، 88، 237، 245، 248، 284، 313، 318، 340، 344، 359، 375- 9/4، 220، 251، 270، 277، 279، 283، 285، 296، 302، 307، 310، 323، 329، 344، 347، 364، 369، 370، 373، 375، 388، 399، 410، 417، 422، 426، 428، 429- 10/3، 6، 44، 75، 258، 310، 453- 11/71، 114- 12/75- 13/12، 67، 75، 124، 130، 219، 233، 330، 365- 14/97
خليفة الأرمن: 4/124
الخليفة الأندلسي: 9/384
خليفة الأئمة: 6/48، 119- 7/359
خليفة بغداد: 4/277
خليفة الحكم: 14/390
الخليفة العباسي: 3/496- 4/307- 5/47، 50، 120، 416، 447
الخليفة الفاطمي: 5/50، 97، 416، 448
الخليل: 5/414
خليل أمير المؤمنين: 6/48، 106، 111، 116، 123، 124- 7/399- 10/164، 177، 429
خليل الملوك والسلاطين: 6/168
الخمس: 10/130
الخواتم (الخواتيم) : 1/47، 481- 6/208
الخواتين الخاتون.
الخواجا: 6/12، 159- 7/288، 324، 354- 13/41- 14/117
الخواجكي: 6/12، 158، 159- 13/41
الخواجكية: 4/424، 426- 6/30، 156، 158
خواص الأمراء: 3/425
خواص الخليفة: 3/555
خواص السلطان: 4/216- 5/5
الخواص الشريفة: 12/85
الخوان: 5/91، 92- 11/337
الخوان سلار: 5/442- 6/162(15/123)
الخوانق الخانقاه
خولة القانون: 3/525
الخوندات- الخوند: 6/78
الخوندات السلطانية: 7/182
خوند خاتون: 6/163- 7/183
الخيّالة: 4/209
الخيّر: 6/12
خيرة الإسلام: 6/49، 156
الخيري: 6/12
خيل أصحاب النوبة: 14/423
خيل الأولاق: 14/431
خيل البريد: 7/252- 11/170- 14/417، 418
خيل التلاد: 11/170
خيل السلطان: 14/424
الخيل الشهّارة: 14/422
الخيل العراب: 5/77
خيل الكراء: 7/253
خيل اليام: 14/431
خيول الخاص: 3/578
الخيول السلطانية: 3/427- 11/171
خيول المناداة: 4/63
(د)
الدار: 6/77 (نعوت الدار) ، 164
دار التقيّة: 13/227
دار الحرب: 3/531
دار الخلافة: 3/284، 288- 4/334- 6/181- 7/135- 10/377
دار الديباج: 3/402
دار الذهب: 3/375
دار السلطنة: 14/176
الدار السيفيّة: 7/182
دار الضرب (دار الضرب والعيار) :
3/397، 509، 510، 533، 534، 557- 4/36- 7/233- 10/14، 28، 31، 41، 156، 364، 392، 396، 441- 12/27
دار ضرب العين: 10/437
دار الضيافة: 4/60
دار الطراز: 3/546- 4/6- 5/80- 10/388- 11/93، 333، 419- 12/395
دار العدل (الإيوان الكبير) : 1/172- 3/301، 423، 425، 571، 572، 589، 591، 603- 4/12، 28، 29، 30، 35، 37، 45، 46، 48، 57، 192، 196، 197، 199، 204، 231، 232، 241، 484- 5/261، 436- 6/193، 252، 254- 7/237- 8/22، 38، 393- 11/202، 327- 13/382
الدار العزيزة: 5/461، 470- 10/248
دار العلم: 3/558(15/124)
دار الفطرة: 3/403، 550، 566، 576، 602
دار الكرامة دار الضيافة.
الدار الكريمة: 6/77
دار الملك: 3/547
دار المملكة: 6/16
دار الندوة: 4/268
دار النقود: 12/470
دار النيابة: 3/424، 427- 4/17، 25، 65، 191، 202، 225، 229، 230، 241، 245
دار الوزارة: 3/396، 421، 501، 589، 593
الداعي (داعي الشيعة- الداعي الفاطمي) :
3/413- 5/48- 9/19- 13/243
الداعي الأصغر: 5/49
الداعي الأكبر: 5/49
داعي الدعاة: 3/558، 576، 589، 599- 5/425- 9/20
داعي الدعاة بالبراهين الظاهرة الى استعلام
الحقائق: 6/49
الداغ السلطاني: 14/423
الداويّة الديويّة
الدبّابة (دبابة العساكر) : 10/234، 235
الدبابيس (الدبّوس) : 1/474- 2/151- 4/4، 43
الدبادب: 2/142، 143- 3/288
الدبندار: 4/13
الدبيران: 5/88، 91
الدبيقي: 3/545- 4/307
الدرّاجة (درّاجة العسكر) : 10/228، 234
الدرّاعة (الدراريع) : 3/562- 5/89، 287
الدراهم- الدرهم: 5/172- 6/257- 7/233- 13/147
الدراهم الأحديّة: 1/483، 484
الدراهم الرديئة: 3/535
الدراهم الزيوف: 1/484
الدراهم السوداء: 3/510
الدراهم النقرة: 3/509، 510، 535- 4/187، 205، 239، 280، 420- 5/80، 136، 172- 13/42، 361
الدربندات (الدربند) : 14/162
الدّرج (دروج الورق) : 1/45، 46، 173- 2/510- 3/43- 5/399- 6/180، 185، 186، 224، 256، 302، 381- 7/235- 8/20- 9/343، 415- 10/192- 11/126- 13/341- 14/17
الدّرع: 2/151
الدرقة: 2/152- 5/141، 201
الدرقة الملوكية: 3/541
الدّرك: 4/222
الدركاه: 3/424، 427- 4/97(15/125)
الدرّة اليتيمة: 3/579
الدرهم الجديد: 5/109
الدرهم الدرازدهكاني: 5/80
الدرهم السلطاني: 5/80- 14/178
الدرهم الششتكاني: 5/80
الدرهم القديم: 5/109، 136
الدرهم الكاملي: 4/280، 281
الدرهم المسعودي: 4/280
الدرهم المغربي: 5/136
الدرهم النقرة الدراهم النقرة
الدرهم الهشتكاني: 5/80
الدرهم الوكاني: 5/80
دساتير المكاتبات الدستور
الدّست: 7/145- 11/275
دست السلطنة: 8/385- 10/170- 11/327
دست الملك: 10/100
الدساتير الشامية: 6/15، 54، 150، 152، 164، 167، 172- 11/161
الدستور (الدساتير) : 4/375، 376، 377- 6/47، 95، 102، 110، 141، 143، 144، 148، 149، 151، 157، 163، 168، 334- 7/183، 298، 317، 362، 389- 8/45، 48، 66، 186، 187، 196- 10/160- 13/109
دسكرة فتوّة: 1/182
الدعاء (في المكاتبات) : 6/272- 7/150، 155، 156، 157
الدعاة: 10/99- انظر أيضا: الداعي
الدعوة: 13/243
الدعوة الأموية: 5/163
الدعوة الحفصية: 5/191
الدعوة العباسية: 7/31
الدعوة المهدية: 14/26
الدعوة الهادية: 8/244- 9/20- 10/326، 378، 443- 13/241
الدعوة الهاشمية: 14/203
الدعيّ: 5/124
الدفاتر: 11/174
الدفّ: 2/160
دفتر المجلس: 3/556، 566
الدّفن: 1/57- 13/351، 352- 14/139
الدلاكسات: 5/32
الدلق: 4/44
دليل المريدين إلى أوضح الطرائق: 6/49
الدنانير: 6/257- 7/233
الدنانير الإفرنتية (الإفرنسية) : 3/508، 509
الدنانير الناصرية: 3/508
الدهاقنة: 13/60
دهاليز السلطان: 4/16
الدهليز: 3/299، 572، 573، 577- 4/47، 50- 14/135، 185(15/126)
دهليز العمود: 3/572
الدهليز المنصور: 11/17- 14/189
الدوادار (الدواداريّة) : 1/46، 149، 150، 172- 4/19، 20، 30، 32، 46، 55، 60، 61، 62- 5/135، 434- 6/14، 35، 173، 199، 202، 205، 252، 254، 347- 7/174، 214، 237- 8/22، 228، 233- 11/129- 13/308، 310- 14/273
دوادار كاتب السرّ: 1/174
الدوادار الكبير: 1/154- 4/21، 39
الدواة الملوكية (دواة الخليفة) : 3/541، 592
الدواوين: 1/69، 126، 473- 3/520، 521- 10/239، 344
دواوين الأمراء: 4/64
دواوين الأموال ديوان المال
دواوين الإنشاء ديوان الإنشاء
دواوين الإنشاء بالممالك الإسلامية:
1/137
دواوين الإنشاء بالممالك الشامية: 6/183، 185
دواوين الديار المصرية: 3/458
الدواوين السلطانية: 3/424، 522، 531- 6/191، 203، 205- 11/323- 13/24
الدوج: 8/48
الدوج الجليل: 8/49
دوج البندقية والمانسية: 8/49
دوج كرال دين بني المعمودية: 8/49
دوران المحمل: 4/55، 58، 59
الدور السلطانية: 4/12، 145- 5/79
دور الضرب دار الضرب
الدورة في القلعة: 4/8
دوق البندقية والمانسية: 6/169
الدوقس (لقب) : 6/80، 168، 169- 14/85، 88
الدوك: 3/508- 5/454- 8/49، 50، 127
الدوك الجليل: 6/170
دوك البنادقة وديارقة والرؤساء والاسطنبولية:
8/49
الدوكات (دراهم) : 3/508
الدولة العلوية: 10/330، 371، 384
الديادب: 11/92، 309- 12/110، 111، 145، 205- 14/445
الديدبانات: 7/224- 8/61
الديرانيون: 13/290، 316
الدينار الافرنتي: 4/187
الدينار الجيشي: 3/509، 510، 598- 4/52، 53- 5/109
الدينار الخراساني: 4/444(15/127)
الدينار الرابح: 4/421، 423، 444، 468، 474
الدينار الرائج: 5/109
الدينار الصوري: 14/37، 53
الدينار العوال: 4/420، 421
الدينار الكبير: 5/109
الدينار المرسل: 4/420
الدينار المسمّى: 5/136
الدينار المصري: 3/509
الديوان: 4/422- 5/87، 88، 90، 286، 469- 6/119، 182، 337، 348، 379، 421، 502- 8/72، 273، 313- 11/41، 171- 13/113، 115، 132، 138، 385- 14/149
ديوان الأحباس ديوان الوقف
ديوان الأحوال: 3/488
ديوان الاستداريّة: 6/192
ديوان الاستيفاء: 10/470- 11/49، 319
ديوان استيفاء الصحبة: 7/224
ديوان الأسرى: 4/198
ديوان أسفل الأرض: 3/568
ديوان الاقطاع: 3/565- 11/93، 346
ديوان الأمراء دواوين الأمراء
ديوان الأملاك: 3/524
ديوان الإنشاء: 1/38، 45، 78، 88، 123، 124، 125، 127، 128،
129، 130، 131، 132، 133، 135، 137، 147، 150، 151، 158، 165، 481- 2/4- 3/52، 128، 424، 563، 569، 584، 587، 590- 4/20، 60، 151، 192، 195، 224، 225، 226، 244، 423، 427- 5/33، 193، 399، 436، 469- 6/181، 185، 191، 192، 198، 200، 204، 205، 206، 288، 299، 315، 489- 7/238، 294، 301- 8/5، 20، 48، 78، 332، 338- 9/229، 251، 252، 254، 257، 254، 257، 263، 279- 10/97، 160، 354، 367، 381- 11/26، 27، 54، 71، 327، 346- 12/94، 160، 168، 186- 13/64، 110، 159، 160، 319، 320- 14/84، 116، 126، 226، 411
ديوان الأحباس: 3/567- 4/39
ديوان الاستدارية: 6/192، 202، 205
ديوان استيفاء الصحبة: 7/224
ديوان بيت الاستبار (الاسبتار) الاسبتار بيت الاستبار الاستبار
ديوان التحقيق: 3/566، 600
ديوان الثغور: 3/568
ديوان الجهاد (ديوان العمائر) : 3/569(15/128)
ديوان الجيش (ديوان الجيوش) : 1/54، 55، 125، 137، 481- 3/365، 424، 509، 565، 598، 600- 4/16، 18، 31، 52- 5/32- 6/192، 202، 205، 206- 7/220، 238- 9/263- 10/401- 12/192- 13/113، 159، 160
ديوان الجيوش السلطانية: 4/63، 64، 196، 227
ديوان الحضرة: 13/131، 138
ديوان الحكم: 10/292
ديوان الحمام الرسائلي: 14/435
ديوان الخاتم: 1/472، 481- 2/139- 6/341
ديوان الخاص: 1/46، 137- 3/523- 4/30- 5/440- 6/192، 202، 205، 206، 253، 254- 7/217، 226- 8/22- 11/87، 123، 353- 13/41
ديوان الختم: 6/342
ديوان الخراج (ديوان الخراجي) : 3/568- 6/204- 13/63
ديوان خزائن الكسوة: 3/567
ديوان الخلافة: 1/128، 233، 241، 248، 249، 453- 3/336- 4/375- 5/460- 6/20، 32، 333- 7/127- 10/3، 4، 100،
141، 251، 272، 273، 301- 11/26- 13/67- 14/125
ديوان الخواص الشريفة: 7/238
ديوان الرسائل: 1/70، 78، 124، 137- 3/590- 6/342
ديوان الرواتب: 3/365، 565، 567
ديوان الزمام: 8/276
ديوان السلطان: 4/34
الديوان السلطاني: 3/515، 520، 527، 533، 536، 539- 4/20- 7/220- 11/93، 124- 14/50، 53
ديوان السواد: 13/131
ديوان الشام (دواوين الشام) : 1/482
ديوان الشدّ: 12/398
ديوان الشهود: 1/477
ديوان صاحب الإقطاع: 3/525
ديوان الصعيد: 3/568
الديوان العالي السلطاني: 7/78
ديوان العدل: 1/473
ديوان العرب: 1/89، 123
ديوان العراق: 1/482
الديوان العزيز: 1/233، 240، 248- 5/469- 6/20، 119، 288، 489، 490- 7/127، 128، 129، 130، 131، 134، 135، 136، 139، 140، 144- 8/284- 9/315(15/129)
الديوان العزيزي النبوي: 6/32
ديوان العمائر ديوان الجهاد
ديوان القضاء: 10/284
ديوان القضاء والحكم: 10/300
الديوان الكبير: 3/568
ديوان الكراع: 3/568
ديوان المال: 4/9، 423- 5/33- 9/260، 263
ديوان المجلس: 3/564، 566، 600
ديوان المرتجع: 10/365، 366
ديوان مصر: 1/482
الديوان المعمور: 7/216- 11/103، 112، 115، 317، 342- 12/62، 92، 94، 308، 448، 464- 13/36، 56، 81- 14/48، 52، 55، 82
الديوان المفرد: 3/524، 528- 4/14- 6/205- 7/220- 11/154
ديوان المقطع: 3/526
ديوان المكاتبات: 1/124، 137- 3/563
ديوان المكاتبات بحلب: 4/226
ديوان المواريث: 11/92، 368
ديوان المواريث الحشرية: 4/33- 11/318- 13/384
ديوان الناحية: 13/131
ديوان النظر: 3/566، 600- 13/160
ديوان الهلالي: 3/568
ديوان الوزارة: 1/127، 137- 3/522، 523، 532- 6/191، 192، 200؛ 202، 205، 206- 11/129، 353، 436
ديوان الوقف (ديوان الأحباس) : 1/476- 3/567- 10/271- 11/111، 252- 12/299، 357، 360
الدّيونة: 2/506
الديويّة: 7/21، 23، 366- 14/78، 79
(ذ)
الذّخر: 6/12
ذخر الإسلام: 6/124
ذخر الإسلام والمسلمين: 6/49
ذخر الأمة: 6/49
ذخر الأمة النصرانية: 6/88، 169
ذخر أمير المؤمنين: 6/50
ذخر الدول: 6/156
ذخر الدولة: 6/49، 127، 132، 133، 134، 135
ذخر الطالبين: 6/50، 156
ذخر العشائر: 12/126
ذخر الغزاة والمجاهدين: 6/49، 108، 136، 137، 139
ذخر القانات: 8/226
ذخر المسلمين: 6/50، 119(15/130)
ذخر الملّة: 6/50، 128، 129، 142- 8/212
ذخر الملّة الصليبية: 6/170
ذخر الملّة المسيحية: 6/165، 167، 169- 8/37
ذخر الملّة النصرانية: 6/167
ذخر الملوك: 7/19
ذخر ملوك البحار والخلج: 6/88، 166- 8/28
ذخر الملوك والسلاطين: 6/128
ذخر الممالك: 6/50، 124، 141- 8/212
ذخر الموحدّين: 6/50، 129
الذخريّ: 6/13، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135، 136، 137
ذخيرة الدين: 9/270، 374
ذراريّ الملوك: 6/167
الذراع وأنواعها (للقياس) : 2/155، 156، 157
الذراع الزيادي: 3/513
الذراع الشامي: 4/306
ذراع العمل: 3/513- 4/123، 188، 223، 240، 243، 246
ذراع القماش المصري: 4/223، 281
الذراع النجاري: 3/513
الذراع الهاشمي: 3/512، 513- 7/332
الذهبية (حراقة السلطان العظمى) : 4/49
ذو جدن: 5/414
ذو الجلالتين: 8/74
ذو الجناحين: 5/414
ذو رعين: 5/414
ذو الرياستين: 5/415
ذو السيفين: 5/414، 415
ذو الشهادتين: 5/414
ذو الكفايتين: 5/415
ذو المجدين: 8/264
ذو المنار: 5/414
ذو نواس: 5/414
ذو النورين: 5/414
ذو النون: 5/414
ذو الوزارتين: 1/527- 5/415
ذو اليدين: 5/414
ذو يزن: 5/414
ذو اليمينين: 5/415
(ر)
رأس الأولياء: 6/21
رأس البلغاء: 6/50
رأس الصدور: 6/50، 142، 158
رأس العلماء: 6/119
رأس العلياء: 6/50- 7/359
رأس الكهنة: 11/380
رأس رؤوس النوب: 5/428(15/131)
رأس نوبة: 4/18، 62، 195- 5/427- 7/215
رأس نوبة النوب: 5/428
الراهب الرهبان
الرباب: 2/160
الرباط (الرّبط) : 3/391، 417، 429، 463- 9/337- 11/24
الرباع: 3/568- 10/396- 14/103
الرباع السلطانية: 10/457
الربّاني: 6/13، 155
الربّانيون: 6/91- 10/255- 13/260، 271
الربط: 4/98، 334، 429- 5/151- 12/415- 14/178
ربع إمرة: 12/136، 137
ربع تقدمة إمرة: 12/293، 421
ربيب الملك القديم: 6/123- 7/414
رجال الحلقة: 13/164
الرجال المجرّدون: 10/382
رجال المركزيّة: 10/382
الرجّالة: 12/464
الرجعة- الرجعات: 11/94
الرّحلة: 6/13
رحلة الأقطار: 12/70
رحلة الحفاظ: 6/50
رحلة الطالبين: 6/149
رحلة القاصدين: 6/50
رحلة المحصلين: 6/50
رحلة الوقت: 6/51
الرحلّي: 6/13
الرختوان: 4/10- 5/442
الرزاديق: 14/139
الرزق: 10/130
رزق الخطابات: 4/39
الرسالة (الرسائل) : 1/313
الرسائل البلدانية: 1/207
الرسائل الصيديّة (رسائل الصيد) : 2/57- 14/188
رسائل المفاخرات: 1/58
الرسائل الملوكية: 1/58- 14/157، 188
الرستاق (الرساتيق) : 4/125- 5/59- 13/131- 14/250
رسم العواري: 3/547، 548
الرسوم: 1/136
رسوم الأنعام: 13/230- 14/444
الرشاشون داخل القصر: 3/600
الرشيد: 5/417
رضيّ أمير المؤمنين: 6/51
رضيّ الباب بابا رومية: 6/88، 166- 8/46
رضيّ الدولة: 6/51
رضيّ الدين: 11/359
الرطل: 4/188- 5/109، 172
رطل بغداد: 4/42
الرطل المصري: 3/511(15/132)
الرفادة: 4/269
الرّق: 2/514
الرقاع: 1/145- 5/200
الرقبة: 2/141- 4/7
الرقبة السلطانية: 4/48، 381- 10/189
رقم خليفتي: 5/284
الركاب: 2/144- 3/555
الركاب خاناه (خزانة السروج) : 3/547، 558، 577- 4/11، 61- 7/224
الركاب داريّة: 4/6
الركاب الشريف السلطاني: 1/133، 162- 7/180- 10/373- 14/189
الركابيّة (الركابة) : 3/543، 554، 577، 580، 583، 600- 4/21- 11/170
الركّاضة: 11/421
ركب الحجيج: 4/281- 8/18
ركن الإسلام: 10/105، 429
ركن الإسلام والمسلمين: 6/51، 101، 102، 110، 116، 122، 129
ركن الأمة: 6/51- 8/10
ركن الأمة العيسوية: 6/88، 166- 8/41
ركن الأولياء: 6/51
ركن بيت جنكزخان: 7/317
ركن الدولة: 5/415- 7/65- 14/106
ركن الدين: 5/458
ركن الشريعة: 14/347
ركن القبائل: 12/126
ركن الملة الإسلامية: 7/323
ركن الملوك والسلاطين: 6/51، 154، 156- 7/314
الركني (لقب) : 8/273
ركوب أول العام: 3/577- 8/375
ركوب أول شهر رمضان: 8/320
ركوب الجمعة الأولى من رمضان: 8/322
ركوب الجمعة الثانية من رمضان: 8/321
ركوب الجمعة الثالثة من رمضان: 8/323
ركوب عيد الفطر: 8/324
ركوب العيدين: 8/376
ركوب عيد النحر: 8/328
ركوب كسر الخليج: 4/48
ركوب الميدان: 1/50- 3/582- 4/7، 48، 57- 8/25، 336، 385
رماة البندق: 1/182- 7/140، 142
الرمخ (من الآلات الملوكية) : 2/149- 3/541
رمي البعرة: 1/460
الرّنك: 4/63- 5/9، 201
الرهبان: 5/445- 8/123- 10/40- 11/392- 12/424- 13/277، 285، 316- 14/73
الرواتب: 1/132- 4/53
الروباص: 12/455(15/133)
رؤساء اليهود: 6/165
الروحاني: (لقب) : 6/81، 164، 168، 171- 8/29، 45- 13/368
الروزنامجات: 13/74
الروشن: 1/485- 14/171
الرّوك: 11/319- 13/185
الرّوك الحسامي: 3/500
الرّوك الناصري: 3/501- 4/14
رياسة الأطباء: 4/200، 228- 5/438- 6/160- 11/371- 12/4، 5، 289
رياسة الجرائحية: 4/200، 228، 6/160
رياسة الكحالين: 4/200، 228- 6/160- 11/378
رياسة اليهود: 11/378- 12/4، 5، 289، 426
الرئيس (وظيفة دينية) : 5/445،- 6/13، 144، 147، 148، 153، 161، 164- 12/279
رئيس الأصحاب: 6/141، 142، 145، 150، 151- 7/203- 8/212- 10/302
رئيس الأطباء: 6/160- 11/98، 371- 12/289
الرئيس الأوحد: 6/165- 11/84
رئيس الجرائحية: 5/439
رئيس الحرّاقة: 5/439- 6/161
رئيس الخلافة: (رئيس الحراقة) : 5/439
رئيس الرؤساء: 3/293
رئيس السامرة: 4/201- 11/386
رئيس الكبراء: 6/52، 144، 145
رئيس الكحالين: 5/439- 11/89، 99
رئيس النصارى: 8/30
رئيس اليهود: 9/265- 11/84، 89، 99، 385- 12/279، 289- 13/386
رئيس اليهود الربانيين: 4/201
رئيس اليهود القرائين: 4/201
الرئيسي (لقب) : 6/13، 142، 143، 144، 145، 146، 152، 158، 161
ريّ الشراقي (من أنواع الأراضي) :
3/517
الريد أرغون: 6/84، 166، 167- 8/37، 46- 14/75
الريد إفرنس: 5/261، 454- 8/35، 37، 39
الريع: 11/95، 199، 253
(ز)
الزاهد: 6/13، 138، 157
الزاهديّ: 6/13، 128، 152، 154، 155، 156(15/134)
الزبطانة: 2/154
الزجر والطيرة: 1/455
الزراعة الجديدة الشمالية: 14/65
الزراكشة: 5/80
الزردخاناه (ثوب) : 5/198
الزردخاناه: 4/11، 21، 61، 189- 11/339- 12/117
الزردخاناه السلطانية: 11/339
الزردكاش: 4/10
الزعامة: 10/105
زعماء أهل الذمة: 4/201- 9/272، 273- 10/303- 11/84، 378- 12/4، 279، 422
زعيم الجنود: 6/52، 129
زعيم الجيش: 10/180
زعيم الجيوش: 6/52، 108، 109، 123، 126، 128، 130، 132، 135- 8/212
زعيم الجيوش الموحدين: 6/52، 108، 109، 123، 124، 127، 130، 131، 132- 8/212
الزعيم الكفيل: 6/52
زعيم الموحدين: 6/52
زعيم المؤمنين: 6/52، 119- 7/359
الزعيمي: 6/14، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132
الزفّة حول السلطان في سفره: 4/21
الزكوات: 10/130
الزكيّ: 6/14، 138
الزمّ (وظيفة) : 10/369، 449
زمّ الأشراف الإسماعيليين: 10/404
زمّ الأقارب: 3/556- 10/317، 402
زمّ الرجال: 3/557
زمّ الرجال والطوائف: 10/317، 368، 409
زمّ السودان: 3/557
زمّ صبيان الحجر: 3/557
زمّ الطائفة الآمرية: 3/557
زمّ الطائفة الحافظية: 3/557
الزمّالة (الفراشون) : 5/202
الزمام: 2/144
زمام الأشراف والأقارب: 3/586، 599
زمام بيت المال: 3/572، 573
زمام الآمرية: 3/573
زمام الحافظية: 3/557، 573
الزمام دار (الزنان دار) : 5/432
زمام الدور السلطانية: 3/556- 4/22
زمام القصر (زمام القصور) : 3/556، 572، 578، 586، 599
الزمر: 2/142
الزنانير: 13/377
الزنان دار الزمام دار
الزوايا: 3/429، 463- 4/98، 120، 429- 11/249
الزّوجين: 4/484
الزيارات (من أقسام المنجنيق) : 2/153(15/135)
زين الإسلام والمسلمين: 6/52
زين الأعيان: 6/52، 153، 158
زين الأكابر: 6/52، 159
زين الأمراء: 6/139- 7/75
زين الأمراء في الأنام: 6/137
زين الأمراء المجاهدين: 6/54، 103، 108
زين الأمراء المقدمين: 6/136
زين الأنام: 6/52، 105، 125، 136، 159
زين الأئمة: 6/52
زين الأئمة العلماء: 6/52
زين البلغاء: 6/52، 146
زين بني المعمودية: 6/169
زين الحكام: 6/52
زين الدولة: 6/141
زين الدين: 5/458، 459- 11/359
زين الذوائب: 6/52
زين الذوائب الهاشمية: 6/52
زين الرؤساء: 6/147
زين الزهّاد: 6/54، 156
زين السلالة الزاهرة: 6/138
زين العابدين: 5/412
زين العبّاد: 6/54، 156
زين العترة: 6/139
زين العترة الطاهرة: 6/54، 128، 135
زين العشائر: 6/139
زين الغزاة: 6/139، 140
زين القبائل: 6/137
زين الكتّاب: 6/54، 147
زين المجاهدين: 6/54، 108، 138، 140
زين المشايخ: 6/157
زين الملّة: 14/106
زين الملوك: 7/19
زين المملكة: 6/128
زين المنتشئين: 6/144
زين المنشئين: 6/54
زينة النساء في العالمين: 6/163
الزّينيّ: 6/117
(س)
السابق (لقب) : 7/417
سابق الدين: 5/458
السادة (أولاد الملوك) : 6/293
ساعي السنّة: 1/162
ساعي الشيعة: 1/162
الساقي: 5/426
السالك: 6/14، 157- 12/415
السالكيّ: 6/14، 154، 155، 156
السامي (لقب- بالياء وبغير الياء) :
4/120- 6/4، 14، 32، 98، 103، 104، 105، 108، 109، 113، 115، 116- 7/18، 172، 180، 181، 185، 191، 192(15/136)
199، 205، 206، 245، 297، 298، 299، 300، 308، 328، 397- 8/13، 14، 15، 209، 210، 223، 230، 234- 9/275- 12/124، 136، 156، 160، 169، 193، 201، 227، 253
السائبة: 1/458
السائس: 3/549
السباخ (من أنواع الأراضي) : 3/519
السّبنيّة (بقجة قماش) : 5/198، 199
السّتارة (لقب للمرأة الجليلة) : 5/470- 6/77 (نعوت الستارة) ، 164
الستارة الرفيعة: 6/77
الستائر (من آلات الحرب) : 2/153- 8/305- 11/91- 12/31، 207
السّتر (وزن) : 3/586- 5/81
السجلّ (السجلات) : 1/120، 130، 168، 169- 3/558- 6/190- 8/244- 10/97، 271، 284، 300، 346، 360، 369، 389، 454، 460- 11/42، 54- 13/142، 163- 14/7، 131، 389
سداد الثغور: 6/54
سدانة البيت: 4/269، 270
سدنة النيران: 4/407
سراج الدين: 5/459- 11/359
السراحات: 6/212
السراخور- السلاخور: 5/432
سراخوري- سلاخوري: 5/433
السرادق: 3/368- 14/191
السّرج: 2/143
السرموزة: 4/10
السرّة النبوية: 5/461
سريّ الدين: 6/6- 11/359
سرير الخلافة: 3/505
سرير السلطنة: 10/130
سرير الملك: 3/425، 556، 572، 588، 601- 4/5- 10/177- 11/291
السريرية: 3/543
السعاة: 1/162
سعاة الصدقات: 10/40
سعد الدولة (علم سلطان بني عبد الحق
بالمغرب) : 5/200
سعد الدين: 5/458، 459، 460
السعيد- السعيدة (ما يوصف بالسعادة) :
6/176، 178
السفّاح: 5/414
السفساري (قماش) : 137
السفير: 5/288- 6/15
سفير الأمة: 6/55، 145
سفير الدولة: 6/55، 173- 13/41
سفير الممالك: 6/55
سفير المملكة: 6/55، 142(15/137)
سفير الملوك والسلاطين: 6/55
السفيريّ: 6/14، 142، 145، 173
سقاية الحجيج: 4/269- 7/51
السقلاطون: 3/546
السكرجة: 4/9
السكّة السلطانية (السكّة) : 3/282، 505، 508، 509، 534، 536- 5/45، 120- 9/305- 10/41، 437- 12/336، 454- 14/178
السلاح خاناه (خزانة السلاح) : 3/547- 4/11- 7/221
السلاح خاناه السلطانية: 4/19
السلاح دار: 5/434
السلاح دارية: 3/555- 4/19، 46، 48، 381- 5/91، 92
السلاخور السراخور
السلاطين السلطان
سلالة الأتقياء العارفين: 6/143
السلام (في أول الكتب) : 6/220
السلحدارية: 4/11
السلطان (السلاطين) : 1/88، 103، 104، 105، 106، 108، 109، 110، 111- 2/139- 3/300، 301، 302، 303، 423، 425، 427، 428، 505، 509، 528، 530، 532- 4/5، 6، 7، 10، 16، 19، 29، 30، 31، 33، 39، 40، 43، 46، 48، 52، 53، 54،
55، 56، 57، 58، 60، 61، 62، 64، 68، 72، 73، 98، 155، 189، 190، 192، 195، 197، 200، 201، 210، 211، 213، 214، 216، 225، 226، 228، 229، 278، 279، 280، 321، 421، 422، 423، 425، 427، 450، 461، 473، 474- 5/32، 33، 48، 78، 87، 88، 89، 91، 92، 93، 94، 98، 133، 134، 135، 136، 137، 138، 140، 141، 142، 149، 157، 195، 198، 199، 200، 201، 202، 203، 261، 283، 284، 286، 410، 436، 420، 471- 6/15، 19، 97، 105، 106، 120، 121، 148، 189، 194، 196، 198، 199، 201، 205، 207، 217، 253، 267، 288، 286، 293، 303، 304، 305، 306، 308، 310، 321، 419- 7/18، 19، 20، 41، 86، 92، 135، 167، 168، 177، 178، 182، 217، 322، 378، 392، 396، 401- 8/18، 23، 25، 36، 38، 57، 89، 105، 123، 173، 174، 186، 212، 227، 232، 234، 237، 245، 248، 255،(15/138)
296، 311، 315، 316، 318، 336، 344، 354، 367، 392- 9/7، 26، 31، 248، 254، 256، 264، 270، 272، 279، 296، 315، 317، 338، 361، 411، 418، 423، 425- 10/4، 59، 75، 158، 172، 182، 190، 251، 379، 453- 11/13، 71، 86، 123، 129، 205، 327- 12/3، 4، 174، 221، 277- 13/24، 96، 123، 307، 337، 349- 14/3، 12، 14، 32، 40، 45، 69، 350
سلطان الإسلام: 7/399
سلطان الإسلام والمسلمين: 6/120- 7/317، 406- 8/26، 104- 10/59، 70- 13/350- 14/347
السلطان الأعظم: 6/7- 7/317- 9/271، 321، 326- 13/349- 14/85، 347
سلطان الأوان: 6/55، 122- 7/399
سلطان البسيطة: 6/55، 120، 122- 7/406، 407
سلطان بيت هولاكو: 8/27
سلطان الجيوش: 10/4، 320
سلطان الزمان: 12/270
سلطان العالم: 12/270
سلطان العدوتين: 8/89
سلطان العرب والعجم والترك: 6/55، 120- 7/406- 10/59- 13/350
سلطان الكرج: 6/166- 8/28
سلطان المغل والقبجاق والترك: 7/317
السلطاني: 5/471- 6/15، 117، 121، 122، 123- 7/90، 149
السلطنة: 3/554- 4/201، 206، 320، 417، 456- 6/5- 8/245، 313- 9/4، 251، 317، 321، 418، 424، 428- 10/65، 75، 169، 178، 182، 192- 11/71- 13/345- 14/398
سلطنة الخانية: 4/428
السلطنة العظمى: 10/192
سليل الأطهار: 6/55، 119- 7/359
سليل الأكابر: 6/56، 145
سليل الخلافة: 9/320
سليل الطيبين: 6/56
سليل الملوك والسلاطين: 6/56- 7/292
سليل اليونان: 6/166- 8/28
سليلة الملوك والسلاطين: 6/78، 172- 7/182
السماريّات- السميريات (نوع من السفن) :
2/451
السماط: 3/302، 600، 602- 4/12، 17، 21، 22، 25، 48، 49، 57، 65، 202، 229، 230،(15/139)
241، 484- 5/199، 200- 7/231- 9/306- 11/167، 337- 12/298- 14/177
السّميدع (لقب) : 6/81، 165، 167، 169
السناجق (السنجق) : 1/474- 2/142- 4/4، 7، 49، 461- 7/396- 9/332- 12/108- 13/344- 14/165
سنان الدولة (أمير) : 3/596
السنجق اليمني: 5/33
السنجقدار: 5/435
سند الملّة المسيحية: 6/170- 8/42
سنة الدربندات: 14/162
السهام الخطاية (الخاطية) : 2/153
سوق الخيل: 3/427- 4/63، 202
السوط: 2/145
سياج بلاد الروم وإيران: 6/166- 8/28
سيّارة العسكر: 10/228
السياط الأصبحية: 1/487
السيّد (لقب) : 3/564- 6/15، 120، 122- 7/92- 8/346- 10/4، 105
السيّد الأجلّ: 10/164، 320، 357، 390
سيد الأكابر في العالمين: 6/142
سيد أمراء العالمين: 5/473- 6/56، 104، 127، 130، 132
سيد الأمراء الأشراف في العالمين: 5/473
سيد الأمراء في العالمين: 5/473- 6/56، 103، 104، 116، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 133- 8/212
سيد الأمراء المقدمين: 6/56، 103، 129
سيد البتركية: 13/369
السيّد الجليل: 9/270
سيد الرؤساء: 13/369
سيد الرؤساء في العالمين: 6/56، 141، 145، 160
سيد العلماء والحكام: 6/109، 116، 150
سيد العلماء والحكام في العالمين: 6/56، 116، 117
سيد العلماء والرؤساء والمشايخ في العالمين:
6/142
سيد العلماء العاملين: 6/151
سيد الفضلاء العاملين: 6/148
سيد الكبراء في العالمين: 6/56، 104، 109- 8/212
سيد ملوك الزمان: 6/120
سيد الملوك والسلاطين: 5/473- 6/120- 7/406- 10/59، 70
سيّد ملوك النصرانية: 6/168
سيد الوزراء في العالمين: 6/56، 104، 109، 141، 144، 145
سيدة الخواتين: 6/163- 7/183، 184(15/140)
سيدة الخواتين في العالمين: 5/473- 6/78
السّيديّ: 6/15، 118، 119، 141، 150، 154- 7/127، 140، 145- 8/273
السيروان: 11/168
سيف آل محمد: 5/415
سيف الإسلام: 8/346
السيف (من الآلات الملوكية) : 2/148
سيف الإسلام والمسلمين: 6/56
سيف الإمام: 6/119، 155- 10/320، 429
سيف الأمراء في العالمين: 7/325
سيف أمير المؤمنين: 5/413- 6/56، 106، 111، 112، 129، 130، 131، 132، 174- 7/19- 8/212- 9/315
سيف الجلالة: 8/7
سيف جماعة الشاكرين: 6/56- 7/407
سيف الحق: 6/56
السيف الخاص: 3/540
سيف الخلافة: 6/56، 123
سيف الدعوة: 7/65
سيف الدولة: 5/416، 455
سيف الدين: 5/458، 472- 6/277- 7/161
سيف الله: 5/414
سيف المناظرين: 6/56
سيف النظر: 6/56، 150
سيف نمجاه سلطانية: 4/65، 202
السيفي: 5/472
السيمياء: 5/155
سيوف الدم: 3/543، 581
السيوف القلجورية: 3/547
(ش)
الشابورة: 3/601
الشادّ: 3/524، 530، 532، 558- 4/9- 5/33- 7/243، 248
شاد التاج: 3/599
شاد الخاص: 3/462
شاد الدواوين: 4/28- 11/109، 110- 12/31، 153
شاد الشراب خاناه: 4/195- 14/444
شاد مراكز البريد: 11/107، 109، 110،
شاد المسابك: 4/198
شاد المهمات: 4/197
الشاذروان: 3/330
الشاعر (سفير) : 5/288
الشاهد (الشهود) : 1/476، 477- 2/6- 3/523، 526، 530، 532، 558، 573، 574، 594- 4/36، 55، 59، 64، 197، 226، 227، 245- 5/437- 6/189- 9/263، 264، 341، 347، 410- 10/298، 395-(15/141)
11/29، 196- 12/45، 50- 14/132، 388
الشاهنشاه: 6/15، 120، 384- 7/406- 8/25- 9/345- 14/347، 399
شاهنشاه القان: 12/270
الشاهنشاهي: 6/122- 7/90، 399
الشاهنشاهية: 7/250
الشبّابة (من آلات الطرب) : 2/161- 4/8، 25، 26
الشبابة السلطانية: 4/65، 67
الشّباك: 2/154
شبيه مريوحنا المعمدان: 6/88، 167- 8/36
الشتونية- الشتاني (من أنواع الأراضي) :
3/518
شجاع الدين: 5/458
الشّحاني: 7/261- 8/30، 68
الشحنة: 5/342، 343، 344
الشحنكية: 5/344
الشخاتيت: 14/307
الشدّ (وظيفة) : 11/45- 2/35
الشدّاد: 3/549
شد الأقواد: 4/226، 227
شد الأوقاف: 4/193، 225، 240- 11/46
شد البحر: 12/455
شد التاج: 3/555
شد الجوالي: 12/306
شد الحوطات: 12/301
شد الخاص: 4/193، 240
شد خزائن السلاح: 12/305
شد دار البطيخ والفاكهة: 4/114
شد دار الضرب: 12/454
شد الدواوين: 4/23، 193، 205، 225، 240- 12/31، 32، 179، 201، 319، 448
شد الزكاة: 4/193
شدّ الزنّار (لأهل الذمة) : 13/23، 357، 378
شد الشراب خاناه: 4/22
شد الشراب خاناه السلطانية: 4/22
شد الشواني: 12/453
شدّ الطعم: 4/193
شد العشر: 4/193
شد العمائر: 4/23
شد متحصل قمامة: 12/333
شد مراكز البريد: 4/225، 240، 244- 12/181، 201، 302
شد المسابك: 4/194
شد المهمات: 4/192- 12/33
شد المواريث الحشوية: 4/194
شد المينا: 4/240
شدّة الوقار: 3/555- 9/305
الشراب خاناه: 3/546- 4/8، 9، 21، 22- 5/440- 7/222- 11/167- 14/441، 444(15/142)
الشراب خاناه السلطانية: 4/22
الشراب دار: 4/9- 5/440
الشراقي (من أنواع الأراضي) : 3/519
الشرطة: 1/476- 4/194- 5/423، 425- 10/20، 222، 235
شرف الأسرة الزاهرة: 6/129
شرف الأصفياء المقربين: 6/57
شرف الأكابر: 6/147، 158
شرف الأكابر في العالمين: 6/158
شرف الأمراء: 6/104، 136، 137، 138- 9/314
شرف الأمراء الأشراف في العالمين: 6/57، 135
شرف الأمراء العربان في العالمين: 6/57، 135- 7/204
شرف الأمراء في الأنام: 6/103
شرف الأمراء في العالمين: 6/57، 104، 131، 132، 134، 135، 145
شرف الأمراء المقدمين: 6/57، 103، 104، 133، 135، 136
شرف الأمراء والوزراء في العالمين:
6/134- 7/326
شرف الأنام: 6/104، 105، 150، 156- 10/320، 429
شرف أولي المراتب: 6/129
شرف الخواتين: 6/78، 162- 7/182- 14/361
شرف الخواص: 6/139
شرف الدواوين (لقب) : 11/84
شرف الدول: 6/57
شرف الدولة: 6/124- 14/106
شرف الدين: 11/359
شرف الرؤساء: 6/57، 109، 137، 146، 147، 159
شرف الرؤساء في العالمين: 6/57، 142، 143، 144
شرف السادة الأشراف: 6/138
شرف الصدور: 6/147
شرف الصلحاء في العالمين: 6/57، 156
شرف الطائفة الإسرائيلية: 6/165
شرف العلماء: 6/157
شرف العلماء والحكام: 6/109، 152
شرف العلماء العاملين: 6/57، 151
شرف العلماء في العالمين: 6/57
شرف الكتّاب: 6/109
شرف الكتاب في العالمين: 6/57
شرف ملوك الأنام: 6/123
شرف الملوك في الأنام: 6/124
شرف الملوك والسلاطين: 6/57، 123
شرف النبلاء: 6/152
الشّرفيّ: 6/200
الشريف (وما يوصف بالشرف) : 6/17، 98، 139، 174، 177- 7/135
الشريفيّ: 6/17، 119، 135، 136، 173
الشطحات (عند الصوفية) : 11/98(15/143)
الشطرنج: 2/158، 160
الشطفات السلطانية: 4/59
شعار الخلافة: 1/128- 3/289
شعار الذمة: 11/99، 385
شعار السلطنة: 5/33- 10/130، 172، 189- 11/27- 14/175
شعار الملك: 3/286
الشقة (خيمة سلطانية) : 4/50
الشليحصبّور: 5/445
الشليف: 3/550
الشمامسة- الشمّاس: 5/445- 8/44- 11/394- 13/277، 285، 290
شمس الأفق: 6/57
شمس الدين: 5/459، 460، 472- 6/277- 11/359
شمس الرياسة: 6/164- 11/391
شمس الشريعة: 6/58، 150، 151- 7/203
شمس العصر: 6/58
شمس المذاهب: 6/58
شمس الملّة: 6/382
شمس الملة النصرانية: 7/125
الشمسي (لقب) : 5/472
الشن (بمثابة دار العدل) : 4/484
شهاب الدين: 5/459- 11/360
الشهابي: 6/135- 7/351
شهادة الأسوار: 12/400
شهادة الجيوش: 12/473
شهادة الخزانة: 11/349
شهادة خزانة الخاص: 9/263
شهادة الخزانة العالية: 12/398
شهادة الخزانة الكبرى: 9/263
شهادة دار الضرب: 12/476
الشهدانج: 2/162
شهريار إيران: 14/348
الشهود الشاهد
شهود الدواوين: 2/471
شهود السبيل (شهود المحمل) : 11/436
شهود القيمة: 11/94، 97
شهود المحمل شهود السبيل
شهود المعدلين: 10/279
شهود المماليك: 4/31
الشهير: 6/17
الشوال: 8/251، 253
الشواني (الشينيّة) : 1/233- 3/597- 5/152- 7/47- 8/49- 10/57، 175- 12/177، 178، 214، 462- 14/45، 70، 79
الشورى: 10/276، 421- 11/195- 13/233
الشوزك: 3/542
شوشمس السلايح (من أنواع الأراضي) :
3/518
شون الأتبان: 3/549
الشونة: 3/366، 528(15/144)
شونة الغلال السلطانية: 4/33، 61، 62، 63
الشونيز: 4/421
الشيخ (لقب) : 5/132، 460، 468، 471، 472- 6/17، 157، 164- 7/181- 9/272- 11/83، 84
الشيخ الأجلّ: 11/4
شيخ الإسلام: 3/302- 7/347، 348- 8/176- 9/180- 14/119، 449
شيخ الجبال: 7/346
شيخ الحرم الشريف: 12/251
شيخ الخانقاه (مشيخة الخانقاه) : 4/39- 11/89، 98- 364- 12/100، 104، 409
شيخ الخانقاه الشميصاتية بدمشق: 4/200
شيخ الدولة وعمادها: 8/264
الشيخ الشمسي: 5/460
شيخ الشيوخ: 5/88، 90- 6/58، 155- 8/176، 178- 11/5، 82- 12/100، 409
شيخ شيوخ الإسلام: 6/58، 156
شيخ شيوخ العارفين: 6/58، 109، 148- 7/221
شيخ شيوخ المجاهدين: 11/4
الشيخ الصالح: 5/465
الشيخ الصفي: 5/460
شيخ الصوفية مشايخ الصوفية
شيخ الطريقة: 4/313
شيخ الغزاة: 11/5
شيخ الفداوية مقدم الفداوية
شيخ القراء: 7/347
الشيخ الكبير: 11/5
شيخ المذاهب: 6/150
شيخ المشايخ مشيخة المشايخ
شيخ الملوك والسلاطين: 6/58
الشيخ المعظم: 5/134
شيخ الموحدين الكبار أشياخ الموحدين الكبار
الشيخ الموفق: 5/460
الشيخي: 5/471، 472- 6/17، 113، 142، 148، 149، 150، 151، 154، 155، 156، 157- 7/313
الشيشني: 5/432
الشينية الشواني
الشيوخ المشايخ: 5/67، 138، 199، 201، 202- 7/313- 11/110- 12/122
شيوخ الجند: 5/139
الشيوخ الصغار: 5/136
الشيوخ الكبار: 5/136
(ص)
الصاحب (لقب) : 1/475- 6/17، 52
صاحب الأشغال: 5/134، 139(15/145)
صاحب أمصار الروس والعلّان: 6/168- 8/47
صاحب الباب: 3/554، 559، 573، 575، 576، 580، 584، 593، 599، 601- 5/423، 425- 6/6
صاحب البحرين: 14/348
صاحب البريد: 14/416
صاحب بيت المال: 3/556، 578، 583، 585، 586، 591، 599
صاحب التّخت (القان الكبير) : 4/313- 7/356
صاحب التخت والتاج (لقب) : 7/317، 318
صاحب التعبئة: 10/234
الصاحب الجليل: 6/563- 8/144
صاحب الجيش: 8/141
صاحب الخراج: 2/446
صاحب الدفتر: 3/556، 586، 599
صاحب دفتر المجلس: 3/586
صاحب دواوين الإنشاء: 1/225- 4/195- 11/288
صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية: 1/137- 7/180- 10/125- 11/291
صاحب الديوان: 5/437
صاحب ديوان الإنشاء (صاحب الديوان) :
1/38، 45، 46، 84، 138، 149، 151، 159، 164، 171-
4/226- 5/416- 6/189، 192، 197، 201، 203، 337- 7/20- 8/20، 39، 63- 12/94- 13/339- 14/126، 224، 225، 416
صاحب ديوان الإنشاء بالشام: 1/138- 4/195
صاحب ديوان الإنشاء والمكاتبات: 3/563
صاحب ديوان الجيش: 9/264
صاحب ديوان الخزانة: 4/31
صاحب ديوان الرسائل: 12/161، 208، 282
صاحب الديوان الكبير: 3/568
صاحب ديوان المال: 3/603
صاحب ديوان المجلس: 3/564، 565
صاحب ديوان المكاتبات: 9/264- 12/161، 187
صاحب ديوان المكاتبات بحماة: 4/244
صاحب ديوان المكاتبات بطرابلس: 4/240
صاحب ديوان المكاتبات بحلب: 1/138- 4/226
صاحب ديوان المماليك: 4/31
صاحب ديوان النظر صحابة ديوان النظر
صاحب الرسالة: 3/556، 586
صاحب الرقاعات: 5/135
صاحب الركاب الخاص (أصحاب ركاب الخليفة) : 3/555
صاحب سبل القبلتين: 7/407(15/146)
صاحب السرير: 7/316
صاحب السيف: 3/557
صاحب الشرطة: 1/471- 3/559- 5/135، 140، 423- 10/207، 230
صاحب الصلاة: 5/425، 444- 13/277
صاحب الطعام: 5/135
صاحب العلامة: 5/135، 142- 7/41
صاحب العلامة الصغرى: 5/143
صاحب العلامة الكبرى: 5/143
صاحب القبلتين: 10/59- 13/350
صاحب القلم الجليل: 3/564
صاحب القلم الدقيق: 3/564- 6/200
صاحب كتب المظالم: 5/135، 140
صاحب المائدة: 3/594
صاحب المجلس: 3/556، 599
صاحب المظالم: 5/425- 10/254، 261
صاحب المظلة: 3/579، 586
صاحب المعونة: 2/446- 10/291
صاحب المقرعة: 3/580
صاحب المقياس: 3/324- 4/49
صاحب الملوك والسلاطين: 6/172
الصاحبي: 6/18، 113، 115، 141، 144، 145، 148، 149، 150- 7/287
الصادع (لقب) : 7/447
صارم الدين: 5/458
الصاع: 5/172
صاع الفطرة: 3/512
الصاع النبوي: 5/172
الصالح (لقب) : 6/18، 157
صالح الأولياء: 6/58، 119- 7/359
الصبيان: 5/134، 143- 8/246
صبيان الحجر: 3/552، 557
صبيان الخاص: 3/542، 552، 584
صبيان الخليفة: 3/543
صبيان الركاب: 3/554، 579
صبيان الزرد: 3/581
صحابة دواوين الإنشاء بالممالك الإسلامية:
11/296
صحابة ديوان الأحباس: 4/35
صحابة ديوان الأسرى: 12/390
صحابة ديوان الأسواق: 12/397
صحابة ديوان الأموال: 12/445
صحابة ديوان الإنشاء: 9/262، 264- 12/89
صحابة ديوان الإنشاء والمكاتبات: 3/563
صحابة ديوان البيمارستان: 4/35
صحابة ديوان الجيش: 4/34- 12/100
صحابة ديوان الحرمين: 12/403
صحابة ديوان الخاص: 9/262
صحابة ديوان المكاتبات: 12/208
صحابة ديوان النظر: 12/100
الصحبة الشريفة: 4/29(15/147)
الصحفة: 5/109، 172
الصحوبية: 11/268
الصحيفة: 2/514
الصداق الصدقات
الصدر: 5/471، 472- 6/18، 147، 148، 153، 159، 160، 161، 162- 9/272- 11/84- 12/289
الصدر الأجلّ: 5/466- 6/161، 162- 11/74- 12/279- 14/118
صدر الأعيان: 6/146
صدر الأئمة: 6/139
صدر الأئمة العلماء: 6/139
صدر جهان (قاضي القضاة) : 5/90، 91
صدر الدين: 5/459- 11/360
صدر الرؤساء: 6/142، 158
صدر الشام: 6/150- 7/203
صدر المدرسين: 6/58، 142، 148، 152
صدر مصر والشام: 6/58، 142، 151
صدر مصر والعراق والشام: 6/58
الصدري: 5/471- 6/18، 113، 153، 158، 159، 161
الصّدقات: 1/125، 140- 7/215، 219، 222، 230- 8/129، 392- 9/12، 420- 10/14، 26، 31، 40، 441- 11/171- 12/40- 14/99، 103، 402
الصّدقات (صداق الزواج) : 14/341، 344، 350، 352، 355، 357، 359، 361
صدقات الأعيان: 1/58
الصدقات الحكمية: 12/44
الصدقات الشريفة: 12/115
الصدقات الملوكية: 1/58- 14/341
الصّديق: 5/414
صديق المسلمين: 6/166- 8/46
صديق الملوك والسلاطين: 6/79، 164، 166، 167، 168، 169، 170، 173- 8/28، 41
صديقة الملوك والسلاطين: 6/171- 8/55
الصراصير (من أنواع الدفوف) : 2/161
الصعاليك: 14/39
صغار التقاليد: 11/73
صغار التواقيع: 1/173- 11/73
صغار المراسيم المكبرة: 11/73
صفوة الأتقياء: 6/59، 154
صفوة أمير المؤمنين: 6/107- 7/19
صفوة الدولة: 6/59، 145، 146
صفوة الصلحاء: 6/59
صفيّ الخلافة: 10/151
صفيّ الرب ومختاره: 13/369
الصكوك: 10/309
صلاح الإسلام: 6/59، 103
صلاح الإسلام والمسلمين: 6/59، 102،(15/148)
103، 141، 144، 145، 154
صلاح الدنيا والدين: 10/164، 177
صلاح الدول: 6/59
صلاح الدين: 5/459- 11/360
صلاح الملة: 6/59
الصلبوت: 7/424- 13/90، 289، 316
صلة دار الإسلام (لقب) : 9/315
صليب الصلبوت: 13/292، 317
الصماصم: 3/577
صمصام الدولة: 6/382- 14/106
صمصام الملوك اليونانية: 6/168- 8/47
صناعة الإنشاء: 8/119- 14/126، 131
صناعة الترسل: 8/236
صناعة الكتابة: 6/310
الصنانير: 2/154
الصنج: 3/507
الصّنجة: 4/187، 205، 223، 239، 243، 246، 280
الصنجة الشامية: 4/122
الصنوج: 5/92
صنيعة أمير المؤمنين: 7/19
الصهان: 2/142
الصوّاغ: 5/80
الصوفية: 6/12، 13، 14، 66، 113
الصولق: 2/140- 4/41، 42
صولة الإسلام (لقب) : 9/315
الصومعة: 13/382
الصيارف: 5/460
الصيرفي: 3/523- 5/438- 6/45
(ض)
الضابط: 8/125
ضابط العساكر المسيحية: 7/125
ضابط الممالك الرومية: 6/79، 166- 8/46
ضابط الممالك الكرجية: 6/168
ضابط مملكة الروم: 8/48، 126- 14/88
الضرّابون (ضرّابو العملة) : 1/483
ضرائب الرسوم: 1/171
ضرب الثور ليشرب البقر: 1/462
الضرغام (لقب) : 6/81، 165، 166، 167، 168، 169، 170
الضمّان: 4/423- 11/173- 12/470- 13/98، 136
الضّوقس: 6/81- 8/48
الضّويّ: 3/567
ضياء الإسلام: 6/59، 102، 103، 150
ضياء الإسلام والمسلمين: 6/59؛ 103، 148، 151، 152
ضياء الأنام: 6/59، 156
ضياء الدين: 11/360(15/149)
(ط)
الطاريء: 3/530
الطائع لله: 5/447
الطاهر: 6/19، 138
الطباق: 3/426
الطبائعية: 11/251
الطّبر (المظلّة) : 2/141
الطّبر (الفأس) : 2/150- 4/11، 23- 5/201
الطبردار: 5/430
الطبردارية: 2/150- 3/555- 4/23، 48، 49، 50- 5/434
طبرزذ: 2/150
الطبرزينات: 5/201
الطبلخاناه: 2/142- 3/551- 4/7، 8، 13، 61
الطبول: 2/142- 5/201
الطبيب: 5/88
طبيب الخاص: 3/599
الطراحات: 3/558، 564، 583، 586
الطراز (الطّرز) : 3/301، 567- 4/6، 307- 6/60- 10/14، 28، 31، 41- 11/88- 14/98، 99، 103
طراز العصابة العلوية: 6/60- 7/210
الطرائق الصوفية: 11/98
الطرحة: 3/301، 302
الطرخان- الطرخانيات: 1/53، 54- 4/311- 12/482- 13/3، 51
الطرخانية: 7/249، 250
طرز الكسا: 10/28
الطرقيّة: 11/96، 212، 374- 12/470
الطرّة (في الكتب) : 1/55، 56- 5/404، 405، 411- 6/214، 301، 302- 7/19، 240، 244، 247، 274، 329، 332، 350- 8/21، 26، 62- 9/274، 277، 343، 361، 373، 415، 426، 428- 10/133، 193- 11/86، 126- 12/290- 13/25، 164، 341، 378- 14/97، 116، 138، 170
الطست دار: 5/440
الطسوج: 13/131
الطسوق: 13/68، 131
الطشت خاناه: 3/546- 4/8، 9، 10، 61، 62- 5/440- 11/167
الطشت داريّة: 4/10
الطغراة- الطغرى- الطغراوات: 1/55- 2/506- 3/52، 128- 5/410- 6/215- 7/272، 273، 317، 321، 329، 399، 400- 8/24، 78- 13/167، 168! 169- 14/138(15/150)
الطغرائي: 14/170
طلاق الحرج: 14/101
الطلبة: 5/202
الطلحية: 12/290- 14/309
الطمغات: 7/273، 274، 275، 333
طمغاج: 4/480
الطن طمغا: 4/427
الطواحين السلطانية: 3/523، 549، 550
الطواحين النجدية والغشيمة: 3/550
الطوارق: 3/428
الطواشية- الطواشي: 3/551- 4/192، 197- 5/428، 458- 6/9- 7/174- 8/39، 73- 12/254- 13/165
الطوّاف: 12/153- 13/99
طوائف الأجناد: 3/552
الطوسق: 10/271
الطوق: 3/294، 558- 8/342
الطومار- الطوامير: 1/87- 3/54- 6/180، 184، 373- 7/129- 8/79
الطومار الكامل: 7/41
الطومار المنصوري: 6/182
طيّ الكتاب وختمه: 6/338
الطير الجليل- طير الواجب: 2/58، 69، 75، 76- 12/267- 14/138، 321، 323
الطيلسان: 1/487- 8/323- 11/197- 12/42- 13/363
(ظ)
الظاهري: 6/117
ظل الله في أرضه: 6/60، 120- 7/406، 407- 8/26، 104- 14/347
ظل الله الممدود: 7/416
الظهير- الظهائر (من أنواع المكاتبات) :
6/19- 10/309، 310- 11/3، 4، 13، 23
الظهير (لقب) : 7/125
ظهير الإمام: 8/6
ظهير الإمامة: 6/60، 123- 8/7
ظهير أمير المؤمنين: 6/60، 123
ظهير الباب بابا رومية: 6/89، 167- 8/28
ظهير بابا رومية: 6/168- 8/37
ظهير الخلافة: 8/89
ظهير عباد الله: 6/384
ظهير الملوك والسلاطين: 5/413- 6/60، 105، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135، 136، 141، 174- 8/212
الظهيريّ: 6/19، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135- 8/273(15/151)
(ع)
العابد: 6/19، 157
العابدي: 6/127، 128، 152، 154، 155، 156، 173- 11/85
العادل (لقب) : 5/457- 6/19، 120، 122، 123، 124، 282- 7/125- 10/59
العادل في أهل مملكته: 168
العادل في رعيته: 6/166
العادل في ملّته: 6/84
العادل في ممالكه: 8/46
العادل في مملكته: 6/84، 165، 166، 170- 8/41
العادلة في مملكتها: 6/171
العادليّ: 6/19، 115، 121، 122، 123، 124، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 141، 144، 148، 173
عارض الجيش: 14/182
العارف: 6/20، 165
العارفيّ: 6/20، 156، 158
العاشر (الذي يأخذ المكوس) : 3/407
العاضد: 6/20
عاضد كلمة الموحدين: 8/89
العاضد لدين الله: 5/416، 449
عاقد البنود: 6/61، 122، 123، 129
العالم (لقب) : 5/471، 472- 6/20، 120، 122، 123، 124، 138، 153، 182- 7/125- 10/59
العالم بأمور دينه: 6/165، 166- 8/46
العالم الربّاني: 6/13
العالم في ملته: 6/165، 166، 168، 170- 8/41
عالمات النساء: 11/96- 12/470
العالمة في ملتها: 6/171
العالمي: 5/471، 472- 6/20، 115، 121، 122، 123، 124، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135، 136، 141، 142، 143، 144، 145، 146، 148، 149، 150، 151، 152، 154، 155، 156، 160، 173
العالي: 4/120- 6/20، 68، 104، 113، 115، 117، 119، 123، 124، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 141، 142، 143، 148، 149، 154، 155، 174، 178 (ما يوصف
بالعلوّ) 7/18، 192، 308، 328- 8/14، 222، 230، 232، 234
العالية (لقب النساء) : 6/162، 163- 7/182، 183، 184
العالية المحجّبة: 6/162(15/152)
العامل- العمّال: 1/68، 74، 77، 167، 169- 3/530- 8/379- 11/32- 13/138، 368
العامل (الذي ينظم الحسابات) : 5/438- 10/378
العامل (لقب) : 471، 6/20، 138، 164- 7/125
العاملي: 5/471- 6/20، 141، 143، 146، 149، 150، 154، 155، 156
العباءة- العبي: 2/143- 4/43، 44، 63
العبد (لقب) : 7/100، 103، 109، 117، 128
عبد الله ووليّه: 5/446- 6/118
عبرة الإقطاعات- العبرة: 3/509، 565- 11/316- 13/141
عيي المراكيب: 4/12
العبي الإصطبليات: 4/12
عبيد الدولة: 8/265
العبيد الركابية: 5/88
عبيد السلطان- العبيد السلطانية: 5/90، 143
عبيد الشراء: 3/405، 553
عبيد المخزن: 5/141
العتابي (من القماش) : 11/333
العتبات الشريفة: 7/129، 133، 145
العتبات العالية: 6/288، 7/19
العتبات الكريمة: 8/187
العتقاء: 3/553
عتيق: 5/414
العداد: 14/35، 36
عدة الدنيا والدين: 6/61
عدة الملوك والسلاطين: 6/61، 62، 105، 139، 140- 7/19
العدول: 3/562
العرّادات: 10/421
عراضات الكتب: 1/59- 14/364، 369
العراضي الدبيقية: 3/583
العرب الشهّارة: 14/424
العربان: 4/212، 234، 237- 7/175، 203، 213، 247، 304- 8/3، 23- 12/421- 14/77، 138
عربان الطاعة: 7/245
العربان ذوي الإقطاعات: 14/422
العرض: 10/105
العرضيات: 6/307
العريف- العرفاء (لجباية المال) : 1/483- 10/31، 400- 13/361
العريق (لقب) : 6/20، 147
العريقيّ: 6/20، 128، 135، 137، 142، 145، 148، 149، 150، 151، 173
عز الإسلام: 6/61، 123، 124، 136- 7/18(15/153)
عز الإسلام والمسلمين: 6/61، 101، 102، 110، 111، 116، 123، 124، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135، 142- 8/212
عز الأمة المسيحية: 6/168- 8/29، 47
عز الأمة النصرانية: 6/79، 166
عز الخلافة وشمسها: 8/264
عز الدين: 5/458، 459، 472- 6/277- 11/361
عز المجاهدين: 10/151
عز الملة المسيحية: 6/170
عز الملة النصرانية: 8/41
عز الملوك: 7/19
العزيّ: 5/472- 8/273
العزيز: 6/20، 177 (ما يوصف بالعزّ)
العزيز بالله: 5/416
العساكر- العسكر- العسكرية: 3/581- 4/204، 223، 278، 382، 422، 424، 449- 5/87، 142، 183، 203، 287- 6/35- 7/261، 387- 8/69، 106، 329، 338، 347- 10/56، 180، 221، 426- 11/64- 12/20، 165، 199، 314، 431- 13/224- 14/19، 62، 77، 179، 194
العساكر الآمرية: 3/581
العساكر الاتراك- العساكر الأتراك
المصطفون: 3/581
عساكر الإسلام: 8/43- 14/121، 192
العساكر الأفضلية: 3/581
العساكر الأكراد: 3/581
العساكر الحافظية: 3/581
العساكر الحجوبية الصغار- والكبار:
3/581
العساكر الجيوشية: 3/581
عساكر الغزّ: 3/581
العساكر المنصورة: 7/228- 8/73، 253، 326، 392- 10/90- 11/146، 171- 12/22، 107، 132- 14/52، 182، 400
العسس: 1/473- 10/234
العسكر الجلالية: 4/456
العسكر الهولاكية: 8/27
العسكرية المركزيّة: 10/378
العسلي: 1/488
العشاريات: 3/590، 594
عشرات التركمان: 6/182
العشور: 8/74- 14/99، 103
العصابة: 4/7
العصائب السلطانية: 4/48، 50
العصمة: 7/184
عصمة الدين: 6/162- 7/182
العصمى (لقب) : 6/163(15/154)
العصميّة (لقب النساء) : 6/162، 163
العضد (لقب) : 6/21، 125، 139
عضد الأمة الفرنجية: 7/125
عضد أمير المؤمنين: 6/61، 106، 111، 112، 116، 123، 124، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 174- 8/212
عضد الدولة: 5/416- 6/382- 14/106
عضد الدولة وتاج الملّة: 5/416، 462
عضد الدين: 11/361
عضد دين النصرانية: 6/170
عضد المتقين: 7/318
عضد الملوك والسلاطين: 5/474- 6/61، 105، 133، 136، 137، 138، 139، 173، 174
العضديّ: 6/21، 128، 131، 135، 137، 138
العطاء: 7/105- 10/31، 39
العطّارون: 11/212- 12/470
عظيم الملّة المسيحية: 6/164- 8/45
عقد الأمان: 1/57- 13/321
عقد الجزية: 14/3
عقد الذمة: 13/355، 359، 360، 365
عقد الرّتم (من أوابد العرب) : 1/465
عقد الصلح- عقود الصلح: 1/56، 58- 7/352- 13/321- 14/8، 10،
18، 26، 90، 91، 110
علاء الإسلام والمسلمين: 6/63، 149
علاء الدين: 5/458- 11/361
العلامة: 3/282، 505، 515، 564- 5/410- 13/342
العلّامة (لقب) : 6/21، 332، 334، 336- 7/20، 129، 235، 332، 344- 8/21، 24، 180، 184، 194
علامة أهل الذمة: 11/382
العلامة السلطانية: 1/137- 3/282، 505، 515، 564- 5/193، 403- 7/176- 8/23- 11/232- 13/24، 327، 349، 387
العلامة الشريفية: 1/132- 4/8- 7/169، 274- 397- 11/32، 92
العلّاميّ: 6/21، 128، 141، 142، 144، 148، 149، 150، 152، 155
علم الأعلام: 6/62
علم الأئمة المهتدين: 8/104
العلم الخليفتي: 10/136
العلم دار: 5/435
علم الدولة: 6/61
علم الدين: 5/458، 459- 10/351- 11/360
علم الزهّاد: 6/61(15/155)
علم العبّاد: 6/155
علم الكلام: 1/478
علم العلماء الأعلام: 6/61
علم الكبراء: 7/65
علم المفسرين: 6/61، 62
العلم المنصور: 5/138، 142، 200، 202
علم النحاة: 6/62
علم الهداة: 6/62، 119- 7/359
علماء السنّة: 6/70
العلوج- علوج السلطان: 5/197، 201، 202
العليف: 3/524
العماد: 5/417
عماد الأمة: 6/132، 135
عماد بني المعمودية: 6/89، 164، 166، 167، 169، 170- 8/28، 41، 46- 11/84
عماد الحكام: 6/62
عماد الحكام البارعين: 6/62
عماد الحكام في العالمين: 6/62
عماد الدولة: 6/62- 8/212- 10/151
عماد الدنيا والدين: 8/104
عماد الدين: 11/361
عماد العباد: 6/156
عماد العرب: 6/62، 135- 7/204
عماد المحدثين: 6/62
عماد الملّة: 6/62، 127، 129، 130،
131، 132، 144، 145- 8/10
عماد الملّة الباهرة: 6/384
عماد الملوك والسلاطين: 6/137، 139
عماد المملكة: 6/62، 133
عماد المملكة الجنكزخانية: 7/323
عماد النصرانية: 6/169
العمادي: 8/273
العماريات: 3/544، 548، 573، 577
العمال العامل
عمال الخراج: 10/24، 38، 40- 13/337
عمال الخلفاء: 3/482، 483- 4/414- 5/44
عمال الصحابة: 4/167
العمامة العمائم
العمائر السلطانية: 1/180- 3/379- 4/23- 10/374
العمامة الحمراء: 13/363
العمامة الزرقاء: 13/363، 377، 383
العمامة الصفراء: 13/363، 377، 383
العمائم- العمامة: 1/474- 3/294، 301، 302- 4/3، 41، 47، 44- 5/89، 137، 138، 197، 287- 7/359- 11/195، 385- 13/363
عمدة أمير المؤمنين: 10/363
عمدة الدين: 10/320، 363
عمدة المحدّثين: 6/151(15/156)
عمدة المحققين: 6/151
عمدة المفتين: 6/152
عمدة الملوك: 7/125
عمدة الملوك والسلاطين: 6/62، 105، 125، 138، 139، 140- 7/18، 19
العمرات: 14/398، 402
عميد الدولة: 5/415
العنوان- العنونة (في المكاتبات) : 6/335، 352، 381- 8/20- 14/138
العهد بالخلافة: 5/238، 405
العهد بالسلطنة العهود السلطانية
العهود- العهد: 1/52، 91، 125، 166، 167، 173، 229، 234، 239، 271، 504- 2/4، 5، 15- 3/55، 61، 289، 299، 300، 301، 302، 495، 505، 557- 5/180، 249، 405، 411- 6/214، 215، 219- 8/238- 9/251، 271، 276، 284، 318، 342، 344، 362، 364، 367، 373، 376، 383، 387، 389، 396، 405، 410، 417، 425، 428- 10/6، 30، 44، 68، 75، 100، 120، 158، 164، 182، 193، 195، 251، 295، 334- 11/71، 185- 13/364- 14/137، 282، 404
عهود الخلفاء: 6/181
العهود السلطانية: 5/405
العهود العباسية: 10/136
العواري: 10/421
عوامل بساتين الملك: 3/550
عوان الأمة: 6/126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 135، 142، 144
العود (من آلات الطرب) : 2/160
عون الإسلام والمسلمين: 6/130
عون الأمة: 5/474- 8/212
عون الأنام: 8/13
عون جيوش الموحدين: 6/62- 8/10
عون العساكر: 6/62
عون العناة: 8/89
عون الملّة: 6/129
العوني: 6/21، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135، 136، 141، 144، 145
العيار: 1/483- 3/534- 10/14، 31، 396
العيّارة- العيّارون: 12/112، 455
عين الأعيان: 6/63، 142، 158- 7/65
عين الخواجكية: 13/41
عين السلطنة: 6/128
عين المملكة: 6/63
العيون والجواسيس: 1/159، 160،(15/157)
161، 162- 10/221، 223
(غ)
الغازي: 6/21، 124، 125، 138، 139، 140
الغاشية: 1/528- 2/142- 4/6، 48- 5/5- 7/397
الغالية: 1/490
الغراب- الغربان (من السفن) : 7/427- 8/128- 10/175- 12/212
الغرارة: 4/122، 188، 205، 206، 243، 281- 13/30
غرس الدين (لقب) : 11/361
غرس الملوك والسلاطين: 6/171- 8/44
الغرّة (دنانير ودراهم) : 3/582
الغريبة (بوق خاص بموكب الخليفة) :
3/579
غرة الزمان: 6/63
الغزاة: 6/107
الغشمشم (لقب) : 8/120
غصن الإسلام: 14/360
الغضنفر (لقب) : 6/81، 165، 166، 167، 169، 172
الغلات: 10/105
الغلام (الغلمان) : 5/442- 11/170، 173
غلمان الاصطبل السعيد: 11/168
الغلمان السلطانية: 4/21- 5/460- 8/74، 76
الغلمان المجريّة: 3/288
الغنيمة: 2/4
الغوث: 5/472- 6/21، 24
غوث الأنام: 6/63
الغوثي: 6/126، 127، 128
الغول: 1/462
غياث الأمة: 6/63، 129
غياث الأنام: 6/63، 122
غياث الدنيا والدين: 6/384
غياث الدين: 11/361
غياث الملة: 6/126، 128، 130- 8/212
الغياثي: 5/472- 6/21، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 141- 7/314
الغيار (لباس أهل الذمة) : 10/468- 13/370، 378
غيث العفاة: 8/89
(ف)
الفاتح: 6/22
فاتح الأقطار: 6/63، 120- 7/406- 14/348
فاتح الأمصار: 10/59(15/158)
فاتح الممالك والأقاليم والأقطار: 5/473
فارس البحور: 6/169
فارس البر والبحر: 6/89، 167- 8/36
فارس الدين: 5/458
فارس المسلمين: 6/63- 7/18
الفاروق: 5/414
الفاضل: 5/417- 6/22، 138، 147، 153- 7/65
الفاضليّ: 6/22، 128، 142، 144، 145، 146، 150، 151، 152، 154، 156، 160
الفانوس الفوانيس
الفانوسيّة: 1/474
الفائز: 6/22
فتح الخليج: 3/592- 8/332
فتح الدين (لقب) : 11/362
الفتوحات الإسلامية الساحلية: 10/180
الفتوحات الجاهانية: 4/85، 137، 234- 11/108- 12/168- 14/429
الفتوحات الصفدية: 10/180
الفتوّة- الفتيان: 1/182- 12/269، 270
الفخّ: 2/154
فخر أبناء المعمودية: 7/125
فخر الأسرّة: 6/139
فخر الأسرّة الزاهرة: 6/64
فخر الأعيان: 6/64، 143، 159
فخر الأمراء: 6/104، 138، 140- 8/264
فخر الأمة العيسوية: 6/167- 8/37
فخر الأمة المسيحية: 6/169
فخر الأنام: 6/64، 104، 139، 146، 152
فخر الحسّاب: 6/146- 11/80
فخر الحسب العلوي: 6/119
فخر الخواص المقربين: 7/249
فخر الدولة: 10/4
فخر الدين: 5/459- 8/7- 11/362
فخر دين النصرانية: 6/168- 8/29
فخر الرؤساء: 6/64
فخر السالكين: 6/155
فخر السلالة الزاهرة: 6/64، 135
فخر الشجرة الزكية: 6/64، 139- 7/210
فخر الصدور: 6/64، 153
فخر الصلحاء: 6/64، 156، 157
فخر العبّاد: 6/64
فخر العترة الطاهرة: 6/138
فخر العشائر: 6/137
فخر العيسوية: 6/169، 170
فخر القبائل: 6/139
فخر الكتّاب: 6/142
فخر المجاهدين: 6/64، 125
فخر المحدثين: 6/64
فخر المدرّسين: 6/64(15/159)
فخر المفيدين: 6/64
فخر الملوك: 7/19- 9/314- 10/429
فخر الملوك والسلاطين: 6/64، 123- 10/164، 177
فخر الملّة: 10/151
فخر الملة المسيحية: 6/90، 169
فخر النسب العلوي: 6/64- 7/259
الفخري: 7/289
الفدان الإسلامي: 4/205، 223، 240، 246
الفدان الرومي: 4/205، 223، 240، 246
الفداوية: 1/154- 4/151، 279- 7/248
الفرّاشون- الفرّاش: 1/474- 3/563، 583، 600- 14/11- 5/202
الفراش خاناه: 3/547- 4/10، 61، 62، 190- 11/168
الفرجيّة: 4/44، 45- 5/89- 11/195
الفرخة (الطومار الكامل) : 3/54- 6/180- 7/129، 184- 12/290- 13/85
الفرخة البلدي: 8/126
فردادار (بردادار) : 5/440
فرد الزمان: 6/65
فرد الزمان: 6/65
فرد السالكين: 6/65
فرد الكم: 3/563
فرد الوجود: 6/65
فرسان الديويّة: 6/518
فرش السجّادة: 11/98
فرع الشجرة الزكية: 6/65
فرعون: 5/451
الفرمان: 8/65، 70
الفرنج الدموية: 4/180
الفرنج الشوال: 8/253
الفرنج اللوسرية: 8/253
الفرنجية (فرقة في الجيش) : 3/581
الفرنسيس: 3/508- 5/454- 8/40
الفرنسيسية: 4/63
الفروض الحكمية: 10/472
الفريدي (لقب) : 6/23، 142، 149، 150، 151
الفسطاط: 2/146- 4/8، 59- 14/175، 191
الفسوخ: 1/56- 13/321- 14/121
الفضّة النقرة: 3/535
الفطرق: 10/304- 13/276
الفطرة: 3/403
فقهاء المكاتب: 6/22- 11/96- 12/62، 470
الفقيه (لقب) : 6/22، 100
الفقيهيّ: 6/23، 100، 152
الفلوس: 3/510، 511
الفلوس الجدد: 3/502، 510، 511، 536- 4/122، 187، 205، 281- 7/233(15/160)
الفلوس الصغار: 3/535- 4/187
الفلوس العتق: 3/511- 4/223، 240- 7/233
الفلوس القديمة الفلوس العتق
فن الديونة: 2/448
الفنداق: 3/526- 12/454
الفواتح- فواتح الكتب- الافتتاحات:
1/47، 48، 480- 6/208
الفوانيس: 1/474- 2/145
فوريلياي (انظر قوريلتاي)
الفيء: 2/4
(ق)
قاتل الكفرة والمشركين: 6/122- 7/318
القاتول: 2/146- 3/544، 592
القاضوي: 5/424، 471- 6/23، 99، 113، 141، 144، 145، 148، 150، 151
القاضي- القضاة: 1/475، 476، 477، 509- 2/5، 6، 15- 3/301، 302، 394- 4/30، 43، 44، 46، 55، 57، 59، 65، 204، 227، 231، 232، 243، 423- 5/67، 88، 89، 92، 138، 139، 197، 198، 286، 406، 423، 459، 468، 471، 472- 6/23، 52، 99، 102،
104، 106، 107، 109، 114، 147، 148، 151، 153، 188، 202، 273، 277- 7/19، 92، 221- 8/23، 133، 148، 198، 202، 203، 208، 209، 213، 221- 9/18، 265، 272، 337، 418- 10/38، 99، 157، 196، 224، 364، 434- 11/80، 88، 115، 407- 12/40، 57، 158، 174، 208، 216، 253، 287- 13/153، 277- 14/138، 383، 415
القاضي الأجلّ: 5/466- 6/148- 12/167، 287
قاضي الجماعة: 5/135، 141- 11/20، 23
قاضي الحكم: 8/179، 182- 10/64
قاضي الركب: 11/435
قاضي العسكر: 4/46، 203، 230، 240، 244- 8/221، 229،- 9/258- 11/96، 118- 12/286- 14/181
قاضي القضاة- قضاة القضاة: 1/484، 487- 3/324، 533، 534، 557، 558، 563، 573، 575، 576، 583، 584، 589، 599، 601- 4/64، 198، 202، 203- 5/88، 90، 91، 135، 141،(15/161)
199- 6/18، 46، 47، 48، 52، 57، 58، 334- 7/203، 347، 348- 8/133، 176، 178، 219، 228، 246، 392- 9/17، 21، 180، 257- 10/158، 273، 395، 317- 11/80، 81، 103، 116، 118، 173- 12/4، 40، 43، 76، 156، 201، 276- 14/119، 181، 349
قاضي قضاة الحنابلة: 11/192
قاضي قضاة الحنفية: 11/177
قاضي قضاة الشافعية: 1/477- 7/182، 202، 221- 11/85
قاضي قضاة المالكية: 7/181
قاضي قضاة الممالك: 4/423
قاضي القلعة: 12/174
القاضي المكين: 10/363، 391
قاعة الذهب: 3/569
قاعة الصاحب: 3/424
قامع البدع: 6/65
قامع البدع ومخفي أهلها: 6/65
قامع البدعة: 6/65
قامع الكافرين: 7/26
قامع الكفرة والمشركين: 10/105، 151
القان- القانات: 1/49- 2/506- 3/61- 4/60، 419، 422، 424، 426، 475، 478، 483، 484- 5/403، 443- 6/122،
134، 181، 297، 287- 7/288، 321، 344، 400، 403،- 8/20، 24، 25، 45، 62، 72، 77، 224- 10/192- 14/138
القان الأعظم: 7/256- 8/64
القان الكبير- القانات الكبار: 7/356، 399
القانية: 7/250
قاهر الخوارج والمتمردين: 10/105، 106، 151
قائد القواد: 3/562
قائد الموحدين: 6/122- 7/414
القائم: 5/414، 447
القائم بأمر الله: 5/447، 448
القائم بسنّته وفرضه: 6/120- 14/347
القائم في مصالح المسلمين: 6/37
القائم في مصالح الدنيا والدين: 7/405
القائمقام: 4/20
القباء- الأقبية: 3/301- 4/10- 5/138
القباء الإسلامي: 4/41، 42، 54، 57، 381- 5/89
قبّاض اللحم: 4/10
القبّة: 2/141، 146
قبّة الساقة: 5/203
القبوض: 10/300
قتل الأولاد خشية الإملاق: 1/460(15/162)
القداح: 1/456
القدح المصري: 3/512
القدمة: 1/356
قدمات البندق- قدم البندق: 1/58- 2/57، 69، 75- 14/321
القدوة (لقب) : 6/23
قدوة الأولياء: 6/65
قدوة البارعين: 6/65
قدوة البلغاء: 6/65، 144، 151
قدوة الخلف: 6/65، 154
قدوة الزهاد: 6/155
قدوة السالكين: 6/156، 157
قدوة السلاك: 6/157
قدوة الطائفة العلوية: 6/129
قدوة الطوائف العيسوية: 6/164
قدوة العبّاد: 6/65، 155
قدوة العبّاد والزهاد: 6/65
قدوة العلماء: 6/65
قدوة العلماء في العالمين: 6/148
قدوة العلماء العاملين: 6/65، 145
قدوة الفرق: 6/65، 150
قدوة الفضلاء: 6/66، 157
قدوة الكتّاب: 6/66، 145
قدوة المتورّعين: 6/156
قدوة المجتهدين: 6/66
قدوة المحققين: 6/66، 149
قدوة المسلكين: 6/66
قدوة المشتغلين: 6/66
قدوة الموحدين: 6/66
قدوة النصرانية: 6/164
القدويّ: 6/23، 142، 148، 149، 150، 151، 152، 155، 156
القديس: 6/81، 164، 168، 171- 8/45- 11/84
قراء الحديث النبوي: 12/185
قراء الحضرة: 3/560، 572، 575، 576، 583، 590، 593، 599، 602
القرّاؤن: 13/260، 271
قراباغ (البستان الأسود) : 4/425
القراريط على الأملاك المبيعة: 3/539
القراغولات: 3/261- 8/68
القرقلات: 2/152- 4/11
القرقوبي: 3/572
قرّة عين الملوك والسلاطين: 14/361
قرين الملوك والسلاطين: 6/173
قرينة الملوك والسلاطين: 6/78، 163، 173- 7/183
قرينة نوين الملوك والسلاطين: 6/163
القسامات (الأمان) : 1/167
قسيّ اللولب: 3/547
القسيس- القسوس- القسس: 5/444- 8/44، 45- 10/309- 11/392، 394- 12/424- 13/277، 285- 14/73
قسيم أمير المؤمنين: 6/66، 106، 111(15/163)
121، 384- 7/407- 8/26، 101- 10/71- 14/47، 348
قسيم الباب: 11/100
القصّاد: 1/162- 4/30، 151- 8/95- 11/297- 12/111، 432- 14/140
القصّاص: 12/62
القصبة: 2/157
القصبة الحاكمية: 3/512
القصبة السندفاوية: 3/513
القصص: 1/45، 46، 127، 132، 137، 145، 172، 173، 174، 356، 471- 3/104- 4/17، 46، 65، 203، 231، 241، 245- 5/33، 200، 361، 436- 6/187، 193، 195، 196، 199، 200، 201، 254- 7/216- 8/182- 10/344- 11/114، 125، 127، 327- 12/3، 193، 275، 445- 13/159، 160
قصص الإقطاعات: 13/159
القصص الحكمية: 4/426
قصص المظالم: 1/471- 3/564- 6/252
القضاميري (لقب) : 6/23
القضاة القاضي
قضاة الجماعة قاضي الجماعة
قضاة العسكر قاضي العسكر
قضاة القضاة قاضي القضاة
القضاء: 1/476- 3/298- 11/402
قضاء الجماعة بالحضرة: 11/19، 23
قضاء العسكر: 4/36، 199، 205، 228- 11/202، 204،- 12/4، 57، 160، 208، 358
قضاء القضاة: 4/35، 44، 46، 199، 230، 240- 11/175، 177، 181- 12/181، 435
قضاء قضاة الحنابلة: 12/54
قضاء قضاة الحنفية: 11/103
قضاء قضاة الشافعية: 11/103
قضاء قضاة المالكية: 12/51
القضائي: 5/424، 471- 6/9، 23، 24، 99، 113، 141، 142، 143، 144، 145، 146، 149، 150، 152، 160- 9/274- 11/161- 12/453
القضايا الديوانية: 4/34
القضيب: 1/503- 3/291، 548، 577
قضيب الملك: 3/540
قطاع الطرق: 7/354
القطب: 5/472- 6/21، 24، 66
قطب الإسلام والمسلمين: 7/343، 345، 350- 14/118
قطب الأولياء: 6/66(15/164)
قطب الجلالة: 8/120
قطب الدين: 11/362
قطب الزهّاد: 6/66، 155
قطب العبّاد: 6/154
القطبي (لقب) : 7/343
قطع البغدادي: 6/181، 185، 186- 7/129- 10/192
قطع البغدادي الكامل: 6/181، 415- 7/272، 317، 321، 400- 8/20، 65، 66- 9/279، 343، 414- 10/135، 159، 182، 193- 14/139
قطع البغدادي الناقص: 6/181
قطع ثلث الطومار: 6/180، 182، 185- 7/279، 287، 299، 328، 350، 406- 8/7، 20، 42، 51، 73، 199، 201- 9/280- 11/73، 121- 12/31، 57، 98، 136، 160، 172، 181، 193، 227، 253- 13/24، 164- 14/139
قطع ثلثي الطومار: 6/180، 181، 185- 7/343، 344- 11/73، 80، 106- 12/6، 85، 141، 176، 197، 209- 13/163، 168- 14/139
قطع الثلثين المنصوري: 9/279
قطع الحموي: 8/226
قطع ربع الطومار: 6/180
قطع سدس الطومار: 6/180
قطع الشامي: 6/181، 182، 183، 184، 185- 9/344- 13/85- 14/139، 365، 389
قطع الشامي الكامل: 7/235- 8/73- 9/343، 414
القطع الصغير: 6/182، 183- 7/331
قطع الطلحية الشامية الكاملة: 12/290
قطع العادة: 6/182، 183، 184، 185- 7/235، 289- 8/5، 20، 26، 32، 173- 9/280- 12/102، 167، 174، 185، 196، 208- 13/48، 320، 341- 14/12، 139
قطع العادة البلدي: 12/290
قطع العادة الصغير: 11/73، 111، 128
قطع العادة المنصوري: 11/73، 111، 122- 13/164- 14/139
قطع النصف: 7/282، 285- 8/20، 37، 124- 9/279، 280- 11/73، 78، 106- 12/22، 36، 85، 105، 124، 161، 201- 13/164، 168- 14/12، 139
قطع نصف الحموي: 6/183، 185- 8/224- 12/290
قطع نصف الطومار: 6/180، 182، 185(15/165)
قطع الورق: 6/180، 181، 185، 301- 7/129، 235- 9/279، 342، 414- 10/159، 182، 11/73، 101- 12/290- 13/341- 14/139
قطع ورق الطير: 6/183
القفيز: 4/420- 5/109
قلاع الدعوة: 1/157- 4/146، 151، 186، 209، 242- 7/186، 196
القلّاية (القلالي) : 11/389- 12/425- 13/38
القلجورية (سيوف) : 3/547
قلم الاستيفاء: 12/475
القلم الأعلى: 11/24
القلم الأكبر: 11/90
قلم التوقيعات: 3/17، 51- 6/185- 7/184، 284، 286، 406- 8/42، 196- 11/74، 109، 122- 12/290- 14/139
قلم الثلث: 2/494- 3/17، 20، 51- 12/290- 13/165- 14/139
قلم الثلث الثقيل: 6/185- 8/202- 9/343- 11/74، 106
قلم الثلث الخفيف: 6/185- 7/184- 8/226- 11/106
قلم الثلث الصغير: 8/222
قلم الثلث الكبير: 8/37
قلم الثلثين: 2/494- 3/17
قلم الثلثين الثقيل: 9/415
القلم الجليل: 6/186- 7/19- 8/177
قلم جليل الثلث: 7/343، 344، 350- 13/168- 14/117
قلم جليل مبسوط: 13/168
قلم الجناح: 6/185
القلم الحوائجي: 3/17
قلم خط القصص: 3/17
قلم خط المؤامرات: 3/17
قلم خفيف الثلث: 3/17، 51
قلم خفيف الطومار: 10/135
القلم الدقيق: 6/200، 212- 10/160، 183
قلم الديوان: 11/31
قلم الرقاع: 3/51- 6/185، 224- 7/235- 8/174، 182، 194- 11/74، 122، 126- 12/290- 13/85، 165- 14/139، 389
قلم الرقاع الدقيق: 8/124، 125
القلم الرياسي: 3/17
قلم الطومار: 2/494- 3/16- 6/186
قلم الطومار الكامل: 3/51
قلم غبار الحلية: 3/17، 51
القلم القبطي: 13/159
القلم المحقق: 3/51- 7/321
قلم مختصر الطومار: 2/494- 3/51- 6/185، 198- 8/21، 78، 212- 9/343، 415- 10/159،(15/166)
182- 13/168- 14/139
القلم المسلسل: 3/17
قلم النصف: 3/17
القمامات: 13/290
القمامسة: 13/290
القمقام: 6/167، 168
القنصل (الكنصل) : 6/171- 8/55، 127
القنطار المصري: 3/512
القنطاريات: 3/542، 547
القنّوج (لقب ملك) : 5/73
القهرمان: 14/407
القواد: 4/281
قوارير النفط: 2/153- 5/93
قوام الإسلام: 6/67
قوام الأمة: 6/66، 141- 8/212
قوام الجمهور: 6/67
قوام الدول: 6/144
قوام الدولة: 6/67
قوام المصالح: 6/67، 145
قوام الملّة: 7/65
القوامس- القومس: 5/255- 8/305- 11/398
القواميّ (لقب) : 6/24، 142، 144، 145، 148، 149، 150، 151
قوريليان- (صوابه قوريلتاي) : 7/259- 8/67
القوس: 2/150
قوس البندق: 2/154
القومص: 4/180
قومة المشاهد (قيم المشهد) : 3/576
القومون: 8/128
القيشداد- القيشدادية (ملوك الفرس) :
5/450
القيصر: 5/452- 7/125- 14/412
قيّم الكنيسة: 5/445
(ك)
الكاتب- الكتّاب- الكتبة: 1/37، 38، 75، 92، 93، 95، 96، 97، 98، 100، 102، 106، 109، 115، 117، 118، 120، 121، 122، 127، 128، 129، 137، 165، 167، 172، 183، 185، 186، 199، 202، 203، 212، 219، 220، 221، 228، 243، 245، 253، 270، 272، 313، 319، 321، 329، 345، 346، 358، 426، 445، 451، 469، 494، 497، 525- 2/4، 6، 16، 57، 126، 139، 184، 195، 469- 7/424- 4/64، 68، 197، 210، 221، 227، 225، 406، 410، 423، 484- 5/15، 67، 88، 89، 105، 138، 139،(15/167)
198، 203، 262، 286، 406، 413، 422، 460- 6/39، 107، 109، 141، 173، 190، 214، 262، 263، 268، 280، 288، 289، 319، 330، 442- 7/19، 40، 78، 92، 175، 356- 8/20، 38، 57، 63، 172، 175، 201، 203، 208، 209، 212، 236، 248، 250، 300، 313، 317، 354، 378- 9/3، 4، 127، 156، 166، 183، 203، 264، 267، 270، 274، 285، 337، 366، 373، 387، 425- 10/75، 160، 283، 300، 367، 401، 440، 453- 11/3، 26، 71، 85، 93، 345- 12/94، 115، 197- 13/3، 202، 311، 359- 14/3، 5، 8، 17، 32، 50، 72، 83، 101، 124، 140، 273، 411
كاتب أصل: 3/569
كاتب أصيل بطرّاحة: 3/565
كاتب الأموال- كتاب الأموال: 1/83، 85- 2/471، 472- 5/425
كاتب الإنشاء- كتاب الإنشاء: 1/95، 131، 147، 169، 173، 175، 181- 2/472، 510- 3/128، 129، 568- 4/110، 311-
5/15، 33، 425، 436- 6/18، 50، 54، 65، 190، 193، 197، 198، 199، 200، 201، 211، 299، 304- 7/413- 8/90- 9/414- 10/101، 130- 11/92، 126- 12/76، 188- 13/41، 319، 330- 14/82، 127، 144، 415
كاتب التواقيع- التوقيعات- (كتاب التواقيع) : 6/211
كاتب جند: 1/178، 179
كاتب الجيش: 5/33- 13/160
كاتب الخراج- كتاب الخراج: 1/119- 3/525
كاتب الدّرج- كتاب الدّرج: 1/131، 138، 172، 173، 177، 179، 525- 3/528، 564، 600- 4/30، 196، 205، 226، 240، 245، 248- 5/437- 6/201- 9/136، 264- 11/123، 124، 349- 12/167، 227، 284، 475- 13/56، 96- 14/144
كاتب الدّست- كتّاب الدست: 1/46، 84، 138، 150، 172، 173- 3/282، 528، 563، 564، 599-- 4/30، 196، 197، 200، 203، 207، 226، 230، 231، 240، 241، 245- 5/436،(15/168)
464- 6/144، 197، 198، 200، 201، 252- 7/179، 237- 8/20- 9/181، 264- 11/118، 152- 12/283- 13/49- 14/116، 144، 374
كاتب الدست الشريف: 4/110
كاتب الدعوة: 10/446
كاتب ديوان الإنشاء كاتب الإنشاء
كاتب الرسائل: 1/135، 482
كاتب السرّ: 1/46، 138، 149، 154، 163، 172، 174، 177- 3/55، 302، 324، 423، 424، 563، 564، 599- 4/19، 28، 46، 47، 55، 60، 61، 64، 195، 203، 204، 208، 226، 230، 231، 232، 233، 237، 241، 243، 244، 245، 484- 5/33، 88، 90، 91، 92، 134، 139، 143، 199، 200، 436- 6/27، 31، 35، 50، 68، 74، 102، 104، 109، 141، 144، 173، 197، 198، 199، 200، 201، 202، 205، 206، 207، 212، 252، 347- 7/179، 180، 236- 8/22، 179، 180، 215، 219، 221، 225، 228، 234- 9/37، 264- 10/186- 11/25،
125، 327- 12/89، 95، 102، 282- 13/41، 160، 308، 310- 14/416
كاتب السلطان: 1/95، 96، 97
كاتب شرطة: 1/178، 180
كاتب القاضي: 1/177، 179
كاتب المال كاتب الأموال.
كاتب المماليك: 4/31- 14/424
كاتب ناظر الجيش: 13/160
كاتب الوزير بالقلم الدقيق: 3/603
كاتم السرّ: 1/138
الكارم: 3/597- 11/430- 13/230
الكارة: 4/420
الكاشف- الكشّاف: 4/15، 25، 26، 206- 6/137- 7/198، 225، 245، 247- 8/221، 222، 224، 234، 235- 11/92، 429- 12/3- 14/138
كاشف أمير طبلخاناه: 4/206
كاشف الجسور: 3/515- 8/222
كاشف كبير: 4/66
كاشف الكشّاف: 4/207
الكاغد: 1/481- 2/480، 502، 505، 506، 516
الكافل: 6/24، 108- 8/109
كافل السلطنة: 4/224- 5/426- 6/67، 130، 415- 7/184،(15/169)
236- 7/241، 242- 8/217، 218
كافل السلطنة بالحضرة: 8/218
كافل السلطنة الشريفة بالشام المحروس:
4/191
كافل قضاة المسلمين: 8/346- 10/4، 81
كافل الممالك: 6/129
كافل الممالك الإسلامية: 6/67- 7/167- 9/223
كافل الممالك الشامية: 12/29
كافل الممالك الشريفة الإسلامية: 4/17- 5/426- 6/253- 7/235، 237- 8/22، 58، 182- 11/130- 13/82
كافل المملكة: 6/33، 286- 7/168، 184، 285، 287، 325- 8/181، 218- 13/312
كافل المملكة الشريقية: 6/131- 7/286
الكافلي: 6/24، 100، 114، 128، 130، 132، 146، 154، 164، 173، 174- 7/168، 169، 286
الكافي: 11/84
كافي الدولة: 6/67
كافي الدولة القانية: 6/130- 7/286
كافي الكفاة: 1/475- 6/17، 561- 7/65
الكامل (لقب) : 6/138، 147، 153،
159- 7/65- 10/105
الكاملي: 6/142، 143، 146، 151، 152، 156، 159، 160
الكاملية: 3/301
كبار التداريس: 12/160
كبار التقاليد: 11/73
كبار التواقيع: 1/173، 271، 11/73، 128
الكبرى (من ألقاب النساء) : 6/163- 7/184
الكبطان: 8/48، 128
الكبير (لقب) : 5/413، 471- 6/24، 114، 123، 124، 138، 139، 140، 147، 148، 153، 159، 161، 162، 165، 172- 7/65، 125- 11/84
كبير الخلفاء العادلين: 9/357
كبير الخواجكية: 6/158- 13/41
كبير الرؤساء: 6/144، 145
كبير الطائفة الصليبية: 6/171- 8/32، 44، 47، 52
كبيرة دين النصرانية: 6/171- 8/55
الكبيري: 5/413، 471، 472- 6/24، 114، 122، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135، 136، 137، 138، 143، 144، 145، 146، 148، 149، 150، 151، 152،(15/170)
155، 158، 159، 161، 200، 254- 8/273- 11/86
الكبيريّة: 6/163- 7/183
الكتّاب الكاتب
كتاب التواقيع- التوقيعات كاتب التواقيع
كتّاب الحكم: 11/186
كتاب الدرج كاتب الدرج
كتاب الدست كاتب الدست
كتّاب الدواوين: 1/77- 2/510
كتّاب الدولة: 3/424
كتاب الديار المصرية: 6/39
كتاب الديوان: 3/424
كتاب ديوان الإنشاء: 3/61- 6/215، 343، 349
كتاب ديوان الخاص: 4/30
كتّاب الديونة: 2/510- 3/157
كتاب السلطان: 1/68
الكتّاب الصغار: 5/90
كتّاب القبط: 8/38
كتّاب الملخصات: 6/203
كتاب النسخ: 2/506
الكتابة- صناعة الكتابة: 1/63، 64، 65، 66، 72، 74، 81، 88، 97، 99، 100، 118، 185، 219، 246، 314، 321، 323، 329، 336- 2/6
كتابة الأموال: 1/82، 84، 85، 87، 481- 14/130، 132
كتابة الإنشاء: 1/37، 82، 83، 84، 85، 87، 88، 126، 323، 451، 480- 14/83، 125
كتابة بيت المال: 1/85
كتابة الجيوش: 1/85
كتابة الدرج: 6/146، 147- 11/346، 348- 12/4، 216
كتابة الدست: 12/4، 192، 381، 444
كتابة الدواوين السلطانية: 14/124
الكتابة الديوانية: 12/401
كتابة الديونة: 14/126
كتابة السرّ: 1/132، 133- 4/17، 29، 30- 9/23، 101، 147، 182- 11/24، 78، 86، 115، 127- 12/4، 89، 92، 94، 160، 186، 216، 409
كتابة المربعات: 4/196
كتابة الولايات: 1/51
الكتب السلطانية: 6/251- 8/24
الكتد الأعظم: 7/430
الكحّالون: 3/418، 528- 4/19، 50- 9/265- 11/251
الكرّ: 4/420، 421
الكرّار: 6/82، 166
كراسي البطاركة: 5/443
الكراع: 3/548- 10/113، 225
الكرسالية: 14/87(15/171)
الكرسف: 2/498
كرسي الاسبتارية (الاستبارية) : 7/366
كرسي السلطنة: 4/24، 65، 231، 241- 8/246- 10/71
كرسي الملك: 5/111، 174
الكريم: 6/17، 25، 98، 160، 174، 178 (ما يوصف بالكريم)
كريم الدين: 11/362
الكريمة: 7/183
كريمة الملوك والسلاطين: 6/78، 163، 173- 7/183
الكزغندات: 4/216
الكزلك: 4/41
كسر الخليج: 3/407- 4/48- 8/332
كسرى: 5/451
الكسوة: 3/524- 4/281، 284، 285، 286
كسوة الحجرة الشريفة: 4/306
كسوة الكعبة: 4/58، 282، 284، 287
الكشّاف الكاشف
كشاف الجسور كاشف الجسور
الكشّافة: 4/209- 12/111
الكشف (وظيفة) : 12/309
الكفالة (وظيفة) : 10/284، 300- 11/133
كفالة السلطنة: 9/9- 10/139، 179- 11/102، 104- 12/5، 6، 10، 18
كفالة قضاة المسلمين: 10/88
الكفالات الكفالة
الكفيل: 6/108
كفيل العبّاد والعباد: 14/348
كفيل المملكة: 14/62، 70، 74
الكفيلي: 6/25، 100، 114، 127
الكلاليب: 4/54، 461
الكلوتة- الكلوتات: 1/474- 4/3، 4، 10، 41، 54، 461- 5/284- 11/86
الكليم: 5/414
كمال الدين: 11/362
الكمخاوات الخطائية: 4/475
الكمصيا (قماش) : 5/287
الكمنجة: 2/160
الكمنون: 8/48
الكمينيوس (الكمنينوس) : 6/82، 168، 169- 8/48- 14/85، 88
الكنبهارات: 2/453
الكنبوش- الكنابيش: 2/141، 144- 4/12، 43، 44، 45، 54، 56
الكنجاوات: 3/544
الكندرة: 2/63
كنز التقى: 6/67، 156
كنز الطالبين: 6/67
كنز الطائفة الصليبية: 6/164، 168- 8/29- 11/84
كنز الطائفة العيسوية: 6/165(15/172)
كنز العلماء: 6/67
كنز المتفقهين: 6/67
كنز المسلكين: 6/67
كنز المفسرين: 6/67
الكهانة: 1/454
كهف الأسرة الزاهرة: 6/68
كهف الإسلام والمسلمين: 5/462
كهف الأمة: 6/128
كهف الكتّاب: 6/68، 145
كهف الملة: 6/68، 132، 133، 134، 135
الكهنة- الكهان: 11/384، 397
الكور: 2/144
الكوسات: 3/544- 4/8- 5/32، 92
الكوسات السلطانية: 4/59
الكوسج: 2/452
الكوسيّ: 4/13
كوكب الأسرة الزاهرة: 6/68
كوكب الذرّية: 6/68
الكبانية (من ملوك الفرس) : 5/451
الكيل: 4/188
الكيل الحفصي: 5/109
الكيمخت: 3/543
(ل)
لابس ثوب الفخار: 6/75
اللاجوق: 4/50
لافت الغواة إلى طريق الرشاد: 6/75
اللاهوت: 13/280، 316
لباس الفتوّة: 9/257- 12/298
اللّبوس: 11/91
اللّبيب (لقب) : 6/25
اللبيبيّ: 6/25، 150
اللّتوت: 3/543، 577
اللجام: 2/143
لسان البيان: 6/152
لسان الحفاظ: 6/68
لسان الحقيقة: 6/68
لسان الدولة: 6/68
لسان السلطنة: 6/69، 142، 145
لسان المتكلمين: 6/148، 150، 151- 7/203، 221
لسان ملوك الأمصار: 6/69
لسان الممالك: 6/69
لسان المملكة: 6/173
لعب الكرة بالميدان: 4/56، 57
لغو اليمين: 1/56- 13/212
اللفّاف: 3/555
لكّ: 5/81، 90
اللك الأبيض: 5/81
اللك الأحمر: 5/81
لنجون (رئيس كتّاب) : 4/484
اللواء: 3/586- 7/177
لواء الحمد: 3/542، 578، 580
لواء العدل والإحسان (لقب) : 6/120(15/173)
اللواحق (في الكتب) : 1/47- 6/208
اللوازم السلطانية: 13/24
اللوذعي (لقب) : 6/25
اللوسارية: 8/253
ليالي الوقود: 3/574
الليقة: 2/498، 506- 3/43
(م)
ماء الأملاق: 3/322
ماء السلطان: 3/320
ماء المعمودية: 3/312
الماجد (لقب) : 6/25، 159
الماجديّ: 6/25، 142، 143، 144، 145، 146، 151، 159
المارستان البيمارستان
الماستر: 14/54، 55
الماسح: 5/438
الماشطة: 1/181
مال الأوقاف: 4/37
مال الأيتام: 4/37
مال الخراج: 3/519، 539
المال الهلالي: 3/539
المالك: 6/120
مالك البحرين: 7/407
مالك رقاب الأمم: 14/347
مالك رقاب العرب والعجم: 6/184
مالك زمام الأدب: 6/69
مالك السرب والبلغار: 6/169- 8/52
مالك العدوتين: 8/88
المالك لأزمّة الطريقة: 6/154
مالك اليرغلية والأملاحية: 8/47
المالكيّ (لقب) : 6/25، 126، 141، 142
ماليء صدور البراري والبحار: 6/123- 7/414
المأمون: 5/416، 457
مانح الممالك والأقاليم والأمصار: 6/69- 7/406، 408
مانح الممالك والأمصار: 6/120
الماهد (لقب) : 7/416
المبارك- المباركة (ما يوصف بالبركة) :
6/179
المأثور (لقب) : 7/416
المباشر- المباشرون: 1/132- 3/339، 417، 523، 525، 527، 529، 530، 565- 4/12، 28، 30، 32، 55، 197، 226- 7/216، 220، 226، 250- 11/170- 12/166، 445- 13/109- 14/72
المباشر (من ألقاب مقدم الاسبتارية) :
14/47
المباشرة- المباشرات: 1/132
مباشرة الأغنام والمطابخ: 10/470
مباشر والأموال: 11/90(15/174)
مباشر وديوان الخاص: 6/192
المبايعات البيعة
المبجّل: 6/164، 165، 167، 168، 169، 170، 171- 11/84
المبجّلة: 9/171
المبرور- المبرورة (ما يوصف بالبرّ) : 6/176
مبيد الأرمن والفرنج والتتار: 10/59
مبيد الطغاة والبغاة والكفّار: 6/120- 14/348
مبيد الكفار: 8/89
المتبتّل: 6/82
متّبع الحواريين: 6/166، 172
متّبع الحواريين والأحبار: 6/90- 8/41
متّبع لما يجب في أقضيته: 6/166
المتحدّث في أموال الأيتام والأوقاف: 4/64
المتحدّث في الوساطة: 5/425
المتخّت: 6/82، 166- 8/28
المتصرف- المتصرفون: 7/243، 248، 250- 10/444، 466- 11/47- 12/50- 13/46، 138، 145- 14/384
المتصرفون على باب الحكم العزيز:
10/374
المتصرفون في الحماية والسيارة: 13/337
المتصرفيّ: 6/26، 134، 144، 145- 7/326
المتصوّف (لقب) : 6/277
متطبب طبائعي: 11/377
متعمد المصالح: 6/69
المتملك: 8/12، 33، 54
متملك السواحل والبحور: 6/167- 8/37
المتوّج: 6/82، 166
المتوّج من الله: 6/168
المتوكل على الله: 5/447، 448
متولي الحسبة: 13/13
متولي الحكم: 8/244- 10/391
متولي الدعوة الهادية: 11/61، 64
متولي الديوان: 5/437
متولي ديوان الإنشاء: 1/147، 148- 6/188، 190
متولي ديوان التحقيق: 3/600
متولي ديوان الجيوش: 3/600
متولي ديوان الخراج: 6/204
متولي ديوان الرسائل: 1/146
متولي ديوان المجلس: 3/600
متولي ديوان النظر: 3/600
متولي الشرطة: 10/38
مثابة الجلالة: 9/315
المثاغر (لقب) : 6/26، 120، 122، 124
المثاغريّ: 6/26، 122، 123، 124، 126، 127، 129، 130، 131، 132
المثال- المثالات: 1/79- 4/18- 6/191، 197، 200- 7/200(15/175)
216، 218، 220، 239، 294، 355- 8/58، 76، 213، 363- 9/204- 11/32، 34- 13/159، 161
المثال الأشرف: 8/382
مثال شريف: 7/247- 8/247، 336، 354، 367، 383- 9/107
مثال شريف مطلق: 7/240، 244، 245، 249- 14/138
المثال العالي: 8/214، 216- 9/188
مثال كريم: 8/213، 215، 216
مجالس الأمراء: 5/473
المجالس العالية: 14/392
المجانيق المنجنيق المنجنيقات
المجاهد: 6/26، 120، 122، 123، 124، 125، 138، 139، 140- 10/56، 105
مجاهد الدين: 9/314
المجاهد عن الدين: 6/37
المجاهد في سبيل رب العالمين: 5/473- 7/61- 8/105
المجاهدون: 1/158- 6/107
المجاهديّ: 6/26، 122، 123، 124، 128، 129، 133، 134، 135، 136، 137، 138
المجبّرون: 11/251
المجتبى: 6/140- 7/125
مجتبى الدولة: 6/139
المجتهد: 6/26
المجتهديّ: 6/26، 150
مجد الإسلام: 6/69، 101، 102، 110، 111، 125، 137، 138، 139، 146، 147، 152، 153، 155، 156، 157، 158، 159
مجد الإسلام والمسلمين: 6/69، 101، 110، 111، 131، 133، 134، 135، 136، 143، 144، 145، 152، 158
مجد الأمراء: 6/69، 101، 104، 139، 140
مجد الأنام: 9/314
مجد الدين: 5/459- 11/362
مجد الرؤساء: 6/70، 159
مجد الصدور: 6/70، 153، 159
مجد الصلحاء: 6/157
مجد العصبة العلوية: 6/138
مجد الملة المسيحية: 6/171- 8/44
مجد الملة النصرانية: 6/170
مجد النصرانية: 6/169
المجلس: 1/322- 5/465، 468- 6/20، 134، 144، 151، 158، 174، 282، 291، 329- 7/18، 20، 27، 238، 366- 8/57، 171- 9/271، 272- 11/74
مجلس الأمير: 5/466، 472- 6/101، 104، 105، 108، 114، 139،(15/176)
140، 282- 7/169، 172، 186، 191، 196، 198، 206، 208، 209، 213، 214، 297، 309، 397،- 8/3، 19، 57، 212، 215، 247- 9/271، 275- 11/74، 77، 110- 12/140، 172، 201، 282- 13/166
المجلس الجليل: 8/5
مجلس الحضرة: 7/19
مجلس الخلافة: 1/136
المجلس السامي (بالياء وبغير ياء) :
5/465، 472- 6/98، 101، 102، 103، 105، 109، 113، 114، 116، 124، 136، 137، 138، 139، 146، 147، 152، 153، 156، 157، 158، 159، 161- 7/18، 169، 172، 174، 177، 185، 191، 197، 205، 206، 213، 236، 249، 276، 287، 304، 324، 346- 8/14، 17، 151، 209، 213، 215، 247- 9/140، 273، 275- 11/39، 74، 77، 81، 110، 124، 335- 12/24، 57، 61، 67، 94، 105، 129، 150، 179، 181، 206، 287، 372- 13/56- 14/118
المجلس السامي الأميري: 7/206
المجلس السامي الشيخي: 6/114
المجلس السامي الصدري: 6/114
المجلس السامي القاضي: 11/125
المجلس السامي الكبيري: 6/114
المجلس السيفي: 7/23
مجلس الشيخ: 5/466، 472- 6/114، 157- 8/211- 9/272- 11/74، 83
مجلس الصدر: 5/466، 472- 6/114، 159، 162- 7/179- 9/272، 273- 11/83- 12/279
المجلس العالي (بالياء وبغير الياء) :
5/465، 472- 6/76، 98، 101، 102، 103، 104، 105، 106، 107، 108، 109، 113، 114، 124، 134، 135، 136، 144، 145، 146، 151، 152، 155، 156، 158، 160- 7/125، 166، 173، 180، 182، 185، 185، 202، 204، 205، 212، 240، 283، 307، 308، 312، 327، 355، 389- 8/13 16، 18، 73، 151، 206، 209، 213، 215، 222، 226، 234، 246- 9/273، 274، 275- 11/74، 81، 202، 281- 12/9، 22، 23، 38، 43، 73،-(15/177)
94، 105، 122، 169، 214، 244، 287، 330، 375، 478، 479
المجلس العالي الأميري: 6/135
المجلس العالي الشيخي: 11/369
المجلس العالي القضائي: 12/289
مجلس القاضي: 5/466، 472- 6/114، 147، 153- 7/179، 181- 8/211- 9/271، 275- 11/74، 82، 124، 125- 12/160، 167، 192، 196، 287- 13/48- 14/390
مجلس القسيس: 12/289
المجلس الكبير: 6/125
مجلس النظر: 8/331
مجلّي الغياهب: 6/70، 150
مجمل الأمصار: 6/70
مجنّد الجنود: 6/122
مجهد نفسه في رضا مولاه: 6/70
مجهّز الغزاة والمجاهدين: 6/122
مجهز المقانب: 8/226
المحاسبة: 4/64
المحاضر: 10/284، 291، 300
المحاكمات الديوانية: 4/197
المحاكمات السلطانية: 4/204
محبّ المسلمين: 6/167- 8/36
المحبرة: 2/498
المحترم (لقب) : 6/26، 159، 160،
161، 162
المحترمي: 6/158- 8/273- 13/41
المحتسب: 3/325، 558- 4/37، 46، 55، 59، 64، 65، 205، 206، 240، 244- 5/88، 90، 135، 140، 424- 7/180- 8/221، 222- 9/258- 11/88، 118، 211- 12/201، 216
المحتشم: 6/82، 165، 172
المحجّبة: 6/162، 163- 7/183، 184
المحجبيّة: 6/163- 7/183
المحدّث: 5/436- 11/245
المحرقات: 1/60، 163، 164- 11/92- 12/112- 14/140، 445، 448
محركو الساقة: 5/135، 142
المحروس- المحروسة (ما يوصف بالحراسة) : 6/175
المحسني: 6/148، 149
المحفّدار: 5/441
المحفّة: 2/145
المحقّق: 6/26
المحققي: 6/26، 100، 142، 149، 150، 151، 154
محل أبينا: 7/61
محل أخينا: 7/41، 67- 8/105
المحل السامي: 7/19(15/178)
محل الشرف: 6/288- 7/19
المحل الممجد: 5/461
محل والدنا السلطان: 7/41
محل ولدنا: 7/41
المحمل: 2/145- 4/279، 281- 8/76
المحمل الشريف: 12/233
محيي الدولة العباسية: 10/70، 71
محيي الدولة القاهرة: 6/384
محيي الدين: 11/363
محيي السنّة: 6/70
محيي طرق الفلاسفة والحكماء: 6/91، 166،- 8/46
محيي العدل في العالمين: 6/70، 120
المخاطبات السلطانية: 5/427
المختار: 6/26، 140
المخدوم: 6/27
المخدوميّ: 6/27، 118، 126، 141، 142- 8/183
المخذول- المخذولة (ما يوصف بالخذلان) :
6/176
المخلّقات: 3/583
المخوّل: 6/172
مخوّل التخوت والتيجان: 6/92، 166- 8/46
المخيّم (لقب) : 5/470- 8/183
المخيم الشريف (لقب) : 5/471
المخيم العالي (لقب) : 5/471
المخيم الكريم (لقب) : 5/471
2 لمدّ: 5/109
المدّ النبوي: 5/109
المداد: 2/500
المدارس الكبار: 11/222
مدافع النفط: 4/49
المداينات: 1/125
مدبّر أمور السلطنة: 6/70
مدبّر الجيوش: 6/70
مدبّر الدول (لقب) : 6/142
مدبّر الدولة: 6/70، 141، 142- 7/172- 8/212
مدبّر الممالك: 6/70
مدبّر الممالك الشريفة: 6/253- 7/201، 237- 11/130
المدبّري: 6/27، 128، 142، 144، 173
المدرا (أعوان صاحب الديوان) : 1/174
مدراء ديوان الإنشاء: 6/193
المدرّس: 5/436- 9/258- 11/89، 97، 191، 243
المدقق: 6/27
المدققيّ: 6/27، 154
المدوّرة (مائدة) : 3/601
المدوّرة (مقعد من جلد) : 4/63
المدوّرة (قبّة) : 5/203
المدير: 6/197
المدية: 2/495
مذكر القلوب: 6/70(15/179)
المذبّتان: 3/543
مذلّ البدعة: 6/70
مذلّ حزب الشيطان: 6/70
المرابط- المرابطون: 6/27، 120، 122، 124- 10/59، 105
المرابطيّ: 6/27، 123، 124، 126، 127، 129، 130، 131، 132
المراسم: 11/291
المراسلات: 4/419
المراسيم المرسوم
المراسيم السلطانية: 4/29، 30، 60، 157، 225، 316
المراسيم الشريفة: 10/189- 11/91- 14/347
المراسيم المربعة: 6/192
المراسيم المصغرة: 6/211، 254- 11/110، 130- 12/274
المراسيم المكبرة: 9/276- 11/73، 107، 109، 115، 128- 12/274
مراكب الثلج: 1/60- 14/441
المربعات: 1/45، 46، 55، 137- 4/224، 226- 6/192، 202،- 8/60، 76- 11/92، 436- 12/96
المربعات الجيشية: 4/52، 191، 196، 197- 13/160، 200- 14/138
المربعات المصرية: 4/191
المربيّ: 6/27، 155
مربي المريدين: 6/27، 71، 155
مرتب الجيوش: 6/71، 144- 11/85
مرتب نفقة: 3/524
المرتبات السلطانية: 3/538- 14/423
المرتزقة: 11/421
المرتضى: 5/414، 447- 6/27، 138، 140
المرتضى بالله: 5/448
مرتضى الدولة: 6/71، 153
مرتضى الملوك والسلاطين: 6/71، 147، 153
المرزبان: 4/407
المرسوم- المراسيم: 1/53، 158، 173، 271- 2/16، 494- 4/20، 191، 201، 213، 224، 225، 232، 233، 244، 424- 5/33، 405- 6/182، 202، 219- 7/217، 219، 220، 249، 297- 8/128، 253- 9/268- 11/30، 45، 71، 107، 124، 127، 426- 12/22، 28، 31، 105، 113، 124، 138، 151، 167، 172، 179، 205، 257، 421- 13/21، 51، 67، 75، 79، 340، 378، 386- 14/137، 351
المرسوم الشريف: 4/155، 192-(15/180)
7/143- 8/57، 59، 61، 75، 367، 383، 386- 9/106، 254
مرسوم كريم: 12/277
مرسوم مربع: 7/231
المرشد: 6/27
المرشديّ: 6/27
المرفّع (لقب) : 7/65
المرقدار: 5/441
المرسلة: 2/508
المرويّات: 1/59
المريدون: 11/98- 12/415
المزاريق: 5/141
المزر (نبيذ) : 5/265
مزعزع أسرة الكفار: 6/123- 7/414
المزمار العراقي: 2/161
المزهر (العود) : 2/160
المزوار: 5/133
المسامحات: 6/188، 189- 10/98- 12/482- 13/3، 11، 24، 31
المسامحات السلطانية: 1/53، 54، 84
المسامحات العظام: 13/24
المستأجرات السلطانية: 4/197
المستبحر (من أنواع الأراضي) : 3/519
مستخدم أرباب الطبل والعلم: 6/71، 131
المستخدم في الحكم العزيز: 10/378
المستخدمون بباب الحكم: 10/359
المستند- المستندات: 1/47- 5/399-
6/188، 252، 254- 7/253- 8/22، 23- 9/342، 410- 10/160، 182، 191، 11/129- 13/343- 14/139
المستنصر بالله: 5/449
مستنيب ملوك العجم: 6/131
المستوفي: 1/88- 3/523، 569- 4/30، 64، 226- 5/437- 9/263، 264- 14/132
المستوفيات: 3/543
مستوفي أصل: 5/438
مستوفي الخاص: 4/30
مستوفي الدولة: 3/533- 11/123، 124، 353
مستوفي الصحبة: 4/30- 6/192- 11/88، 93، 118، 345
مستوفي مباشرة: 5/438
مستوفي المرتجع: 4/34، 197
المسدّد (لقب) : 7/416
المسدّدي: 6/28، 144، 145
المسطح: 3/597
المسطرة: 2/511
المسقاة: 2/511
المسلّك: 6/28- 12/410
مسلك سبل القبلتين: 6/120- 7/406
المسلكيّ: 6/28، 142، 154، 155
المسنّ: 2/512
المسيح: 5/414(15/181)
مسيح الأبطال المسيحية: 6/92، 167- 8/28
مسيّر السبل للوفود: 7/416
المشارف: 1/167، 169- 3/532- 532- 6/197-، ظ/ 316، 378- 11/47
المشارفة: 10/316، 458- 12/478
مشارفة الجوالي: 10/462
مشارفة خزائن السلاح: 12/400
مشارفة دار الضرب: 10/393
مشارفة المواريث الحشرية: 10/472
مشاعر الحج: 4/261
المشاعل: 2/146
المشّاؤون: 5/141
المشايخ الشيخ الشيوخ
المشايخ بجنوة: 8/48
مشايخ الأمكنة: 12/415، 418، 448
مشايخ الخوانق شيخ الخانقاه
مشايخ الخوانق الصغار: 11/123
مشايخ الخوانق الكبار: 11/118
مشايخ الصوفية: 4/44- 6/49، 154، 326- 8/176، 179، 198، 200، 208، 211، 212- 11/82- 12/102، 288
المشربش: 11/333
المشرف: 4/13، 62- 5/427- 13/138
مشرّف الممالك: 14/181
مشرّف المواكب: 8/89
المشعل المشاعل
المشكور بعقله عند الملوك والسلاطين:
6/165
المشيخة: 12/419، 420، 479
مشيخة إقراء القرآن: 12/415
مشيخة حرم الخليل: 12/105
مشيخة الحرم الشريف: 12/224
مشيخة الخانقاه شيخ الخانقاه
مشيخة خانقاه صغيرة: 11/124
مشيخة الخانقاه الصلاحية: 4/39- 11/365
مشيخة الشيوخ: 4/39، 200، 228- 7/221- 9/259- 11/364- 12/4، 5، 91، 282، 293
مشيخة العائد: 11/121
مشيخة العربان: 4/72
مشيخة الغزاة: 11/171
مشيّد الدول: 6/129
مشيّد الدولة: 6/71
مشيد الممالك: 6/71، 126، 127، 130، 131، 132، 173، 174- 8/212
المشيّدي: 6/28، 100، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 141، 145
المشير: 11/86، 104
مشير الدولة: 1/133
مشير السلطنة: 6/71(15/182)
مشير الملوك والسلاطين: 6/71، 134، 142، 144، 145
المشيري: 6/28، 142، 144، 145، 173
مصافي المسلمين: 6/92- 8/29
مصرّف الكتائب: 8/89
مصطفى أمير المؤمنين: 8/264
المصقلة: 2/511
المصونة: 6/162، 163- 7/182، 183
المصونية: 6/163- 7/183
المضمّة (نوع من الحياصة) : 5/198
المطابخ المطبخ
مطابخ السكر السلطانية: 4/63، 190، 194
المطابخ السعيدة: 10/471
مطارات الحمام الرسائلي: 1/59- 14/140، 434، 437
المطالعات: 8/56، 59، 61
المطبخ: 3/289- 4/61
المطبخ السلطاني: 3/550- 4/12، 22
المطران- المطارنة: 5/444- 6/172- 8/44، 123- 10/307، 309- 12/424- 13/277، 285، 290
المطران الكبير: 8/124
المطلقات (المطلق) : 6/76- 7/200، 208، 238، 244، 248- 12/202
المطلقات- المطلق الشريف: 1/59-
5/474- 7/246، 305
المطلقات المصغرة: 7/243
المطلقات المكبرة: 4/244- 7/239، 248
المطوّعة: 10/418
المظالم: 1/132، 145- 6/193- 10/156، 343- 11/31، 41
المظاهر (لقب) : 6/28
المظفر: 5/415،- 6/29، 120، 122، 124- 10/59
المظفري: 6/122، 123، 124، 129
المظلّة: 2/141- 3/542- 4/6، 48، 50
مظهر أبناء الشريعة: 6/71
المعاملات: 1/125، 483
المعاهدات: 10/130
المعاون: 10/14، 31، 37- 13/337
معتصم الممالك: 9/315
المعتصم بالله: 5/447
معتقد الملوك والسلاطين: 12/101
المعتمد: 5/449
المعتمد على الله: 5/448
معتمد المصالح: 6/144
معرف طائفة التحريم والتحليل: 6/164- 8/45
المعرق (لقب) : 6/29، 166
معزّ الإسلام والمسلمين: 6/71، 101، 110، 127(15/183)
معز اعتقاد الكرج والسريان: 6/168- 8/47
معز إمام رومية: 7/125
معزّ الباب: 6/170- 8/55
معزّ بابا رومية: 8/53
معز الدولة: 5/415
المعز لدين الله: 5/416، 448
معزّ السنّة: 6/71، 151
معز طغاج (من ألقاب القانات) : 7/317
معز الملة: 6/123
معزّ الملة الزاهرة: 6/384
معزّ النصرانية: 6/93، 166- 8/28، 46
المعزّز: 6/29، 83، 169- 11/84
المعزّزة: 6/171
المعزوز: 6/164
المعظم: 6/29- 7/65
المعظمة (للنساء) : 6/163- 7/183، 184
معظم البيت المقدس: 6/93
معظم البيت المقدس بعقد النية: 6/93، 167- 8/28
معظم كنيسة صهيون: 6/93، 166- 8/41
معفيّ آل ساسان: 5/473
معفي ملوك آل ساسان وبقايا فراسياب
وخاقان: 6/37، 122- 7/399
المعلم لأهل ملته: 6/165
المعمور- المعمورة (ما يوصف بالعمارة) :
6/175
المعيد: 5/436- 11/191
المعين: 3/569- 5/438
معين الحق وناصره: 6/71
معين خليفة الله: 6/384
معين الملوك: 7/19
المغرة: 1/40- 2/507- 7/318
المغفر: 2/151
المفاسخات: 2/4- 5/35، 48- 7/359- 14/123، 139
المفاوضة: 8/42
المفتي: 13/277
مفتي دار العدل- مفتو دار العدل: 4/46، 64، 230، 231، 240، 244- 9/258- 10/134- 11/118، 207- 12/201- 14/391
مفتي السنّة: 6/150
مفتي الفرق (لقب) : 7/221
مفتي الفريقين (لقب) : 10/302
مفتي المسلمين: 6/71، 151
المفخّر: 6/164- 11/84
المفخّم: 6/29، 169، 170
المفخّمة: 6/171
المفرشة: 2/510
المفوّه: 6/29
المفوهيّ: 6/29، 142، 144
المفيد: 6/29(15/184)
المفيديّ: 6/29، 141، 148، 149، 150، 151، 152، 155
مفيد أهل مصر والعراق والشام: 6/72
مفيد الأوطار: 8/89
مفيد البلغاء: 6/71
مفيد الطالبين: 6/72- 6/150، 154
مفيد العلوم: 10/302
مفيد كل غاد ورائح: 6/72
مفيد المناجح: 6/72، 144
المقادّات (الجنائب بالمغرب) : 5/201
المقاسمة: 1/482
المقاطعة- المقاطعات: 13/146، 148
المقام: 5/462، 463، 464، 468، 472- 6/20، 122، 282، 530- 7/18، 41، 95، 392- 9/271
المقام الأشرف: 5/463- 6/97، 113، 122، 288، 489- 7/128، 144، 339- 10/70، 138- 14/363
المقام الإماريّ: 10/310
المقام السامي: 7/19
المقام الشريف: 6/15، 121، 122- 7/149، 282، 283، 345، 350، 385- 8/72، 73، 88- 9/321- 10/5، 73، 119، 164، 182، 188- 14/116، 350
المقام الشريف العالي: 5/463- 6/97- 8/231
المقام الشريف القطبي: 14/117، 118
المقام العالي: 5/463- 6/97، 113، 114، 121، 122- 7/19، 90، 94، 148، 283، 320، 370، 377، 400، 416، 425، 436- 8/175- 10/5، 72، 164، 179، 189
المقام العليّ: 7/96، 100، 103
المقام القطبيّ: 7/350- 14/117
المقام الكريم: 5/463- 6/121- 9/314- 10/5، 164، 373
المقامات- المقامة: 1/58، 393- 14/124، 126، 145
المقامات الشريفة: 5/461
المقبول- المقبولة (ما يوصف بالقبول) :
6/176
المقدّس: 8/29- 9/357
المقدّم- المقدّمون: 1/155، 156، 157، 158- 4/14، 16، 22، 41، 52، 55، 56، 120- 6/192- 7/173، 187- 8/223- 11/94- 12/122، 464- 14/47، 50، 70، 74
مقدّم ألف- مقدمو الألوف: 3/426، 551- 4/14، 18، 19، 21، 145، 191، 192، 194، 205، 207، 209، 225، 232، 233، 234، 235، 236، 240، 243، 247- 6/29، 56، 205-(15/185)
7/172، 184، 188، 192، 200، 237، 243- 8/218، 221، 229- 9/254- 11/421- 12/23، 34، 105، 168، 193، 279- 13/163، 166، 183- 14/65، 182
مقدم بيت الإسبتار: 14/34، 35، 49، 57، 63
مقدم بيت الديويّة: 14/57، 63
مقدم التركمان: 5/440- 9/256
مقدم التركمان بالبلاد الشرقية: 7/304
مقدم التركمان البياضية: 8/226
المقدّم الجليل: 14/57
مقدم الجيوش: 10/173، 429
مقدم حلقة مقدمو الحلقة
مقدم الخاص: 5/439
مقدم الدولة: 5/439، 440
مقدم دين النصرانية: 13/369
مقدم الشواني الجنوية بقبرص: 8/49
مقدم طبلخاناه- مقدمو الطبلخانات:
4/19، 20، 21، 191- 7/172- 11/108، 421- 12/24، 105، 193
مقدم العرب: 8/222
مقدم عسكر (مقدم العسكر- مقدم العساكر- مقدمو العسكر) : 4/25، 65، 205، 235- 6/6، 123،
126، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135- 7/198، 199، 214، 239، 242، 335، 340- 8/67، 216، 212، 219، 235- 9/252- 10/158- 11/103- 12/209- 14/169
مقدم عشرة: 7/174- 12/195
مقدم الفداوية (شيخ الفداوية) : 1/158
المقدم الكبير: 14/55
مقدم المماليك: 3/425، 557- 4/22، 50- 5/428- 9/255- 11/172، 421
مقدمو الأكراد: 9/256
مقدمو الألوف مقدم ألف.
مقدمو بيت الإسبتار: 13/313
مقدمو بيت الديويّة مقدم بيت الديوية
مقدمو بيت الروم: 13/313
مقدمو البريدية: 8/230
مقدمو البيوت: 14/71، 74
مقدمو التركمان مقدم التركمان
مقدمو الجبلية: 9/256
مقدمو الجند: 7/174
مقدمو الحلقة: 4/52، 56، 189، 193، 202، 203، 204، 208، 224، 226، 243- 6/182، 193- 7/243- 8/223، 230- 9/254- 11/111، 421- 12/104، 276،(15/186)
281، 324- 13/164
مقدمو الدولة: 6/10
مقدمو رجال القلعة: 13/107
مقدمو العساكر المجاهدين: 6/127
مقدمو العشرات مقدم عشرة
مقدمو المئات: 14/182
المقدمون الكبار: 14/164
المقدّميّ: 6/29، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 133، 134، 135
المقرّ: 1/133، 150، 236- 5/462، 463، 464، 468، 472، 473- 6/17، 20، 25، 141، 148، 154، 282، 328- 7/18، 50- 8/12، 185، 186- 9/271، 277- 10/5- 11/74
المقر الأشرف: 5/464- 6/113- 7/19، 58- 10/124- 14/227
المقر الأشرف العالي: 6/97
مقرّ الرحمة: 6/288- 7/19
المقر الشريف: 5/473- 6/17، 101، 102، 103، 104، 105، 106، 107، 108، 109، 141، 142، 143، 148، 154- 7/220، 386- 8/183، 187، 191، 207، 214، 224، 228، 231- 12/439
المقر الشريف العالي: 5/464- 6/97
المقر العالي: 1/133- 5/464- 6/97، 101، 102، 103، 105، 107، 109، 113، 123، 128، 142، 149، 154- 8/9، 207، 226، 232- 10/5- 12/6، 280، 441،
المقر الكريم: 5/473- 6/76، 101، 102، 103، 104، 105، 106، 107، 108، 109، 113، 121، 127، 128، 142، 149، 154- 7/158، 167، 172، 184، 214، 219، 220، 235، 242، 285، 289، 296، 327- 8/12، 196، 197، 206، 214، 221، 224، 225، 229، 233- 9/273، 274- 11/101، 133- 12/19، 280، 348، 436
المقر الكريم العالي: 5/464- 6/97- 8/229- 11/74، 102
المقرّب: 6/30، 159، 160
مقرب الحضرتين: 6/72، 159
مقرب الدول: 6/72
مقرب الدولة: 6/159
المقرّبي: 6/30، 158، 159
المقرعة: 2/145
المقريء: 5/436- 11/243
المقصورة: 4/5
المقطّ: 2/497
المقطع: 3/579(15/187)
مقطع الوزارة: 3/579
المقلقلات: 13/101
المقلمة: 2/495
المقندس: 11/333
مقياس النيل: 3/325، 590- 8/234، 269
مقيم شعائر الحج والجهاد: 14/348
المكاتبات- المكاتبة: 1/84، 128، 129، 130، 136، 145، 147، 149، 150، 165، 166، 167، 168، 169، 170، 173، 174، 213، 271، 272، 313، 323، 358، 426، 480- 2/494- 3/52، 56، 282، 300، 505، 563، 567- 4/30، 66، 213، 351، 355، 366، 435، 461- 5/31، 52، 55، 143، 264، 269، 399، 403، 404، 409، 413، 414، 437، 446، 455، 460- 6/27، 97، 181، 182، 187، 189، 191، 211، 215، 221، 260، 263، 266، 268، 272، 275، 282، 294، 296، 299، 300، 303، 310، 315، 317، 319، 320، 321، 322، 326، 328، 330، 337، 351، 369، 378، 381، 419، 420، 431، 445، 446، 453، 467، 469،
472، 486، 489، 515، 520، 523، 525، 530، 532، 535، 559، 561، 565، 569- 7/3، 18، 27، 30، 31، 34، 41، 61، 67، 74، 81، 86، 92، 95، 99، 103، 109، 112، 118، 121، 124، 127، 135، 144، 150، 161، 174، 176، 180، 184، 199، 205، 212، 214، 235، 236، 251، 255، 272، 279، 285، 287، 299، 302، 316، 325، 327، 344، 356، 359، 365، 369، 392، 398، 401، 403، 412، 413، 440- 8/3، 4، 6، 8، 9، 14، 20، 26، 29، 32، 36، 39، 40، 44، 50، 54، 56، 72، 77، 80، 85، 88، 100، 118، 122، 131، 134، 136، 139، 149، 151، 163، 165، 170، 174، 182، 186، 188، 191، 194، 201، 204، 207، 208، 213، 217، 231، 236، 245، 267، 268، 277، 296، 304، 309، 315، 318، 332، 344، 349، 359، 370، 373- 9/82، 101، 115، 166، 189، 247، 272، 277، 344، 361، 396- 10/44، 75، 160،(15/188)
184- 11/27، 73، 74، 108، 129- 12/169، 202- 13/12، 167، 341، 342- 14/8، 126، 138
المكاتبات الإخوانيات: 1/322- 6/5، 299- 8/130- 9/3
المكاتبات السلطانية: 4/191- 5/58، 203، 403- 8/236، 249، 250، 255، 262، 266، 300، 331، 342، 354، 360، 370، 392
المكاتبات الملوكية: 6/5
مكاحل البارود: 2/153
المكتب (لإقراء الأولاد) : 5/156
المكرّم: 6/30، 164، 167، 168، 169، 170- 11/84
المكرّمة: 6/163، 166، 171
المكروهة الدراهم المكروهة الدراهم
الأحدية
المكلّفة- المكلّفات: 3/526- 11/93، 346- 13/82
المكوس: 3/536، 538، 568
مكوس الملاهي: 3/539
المكّوك: 4/122، 223، 240، 243، 420
الملاحدة: 1/155
ملاذ البطارقة والأساقفة والقسوس والرهبان: 6/164- 8/45
ملاذ الطالبين: 6/73
ملاذ الطلاب الراغبين: 6/129
ملاذ العبّاد: 6/73، 155
ملاذ العرب: 6/137
ملاذ الفرسان: 6/168
ملاذ الكتّاب: 6/73، 144، 145
الملاذيّ: 6/32، 142، 155
الملازم لاحياء سنّة الجهاد المتروكة في الأقطار: 7/417
الملاطفات: 3/567
ملتزم الملائك: 9/315
ملتزمو خيل البريد: 3/525
ملجأ الفقراء والمساكين: 6/72
ملجأ القاصدين: 7/345، 350
ملجأ المريدين: 6/72، 156
الملجئي (لقب) : 7/345، 350
الملخصات: 1/45، 46، 174- 5/399- 6/188، 205، 206
الملزمة: 2/510
الملطفات: 1/136، 162، 163- 3/52، 129- 6/183- 7/275، 279- 8/245- 9/228- 11/297- 14/138
الملك: 1/473، 474، 475، 506- 4/5، 8، 60- 5/416، 420، 471- 6/105، 106، 111، 117، 120، 121، 122، 124، 289، 295، 327، 334، 453،(15/189)
472، 486، 523، 561، 565، 569- 9/101، 251، 256، 318، 326، 344، 415، 417، 423، 429- 10/3، 59، 162، 172، 181، 189، 339
ملك الأرض: 13/350
الملك الأفضل: 5/417، 457
ملك الأمراء: 5/427- 8/178، 216
ملك البحرين: 6/72، 120- 7/406- 13/350
ملك البرين: 8/88
ملك البرين والبحرين: 8/109
ملك البسيطة: 6/122- 7/393، 399- 14/347
ملك البلغاء: 6/72
ملك الجبال والكرج والجرجان: 6/168- 8/29
الملك الجليل: 6/80، 167- 8/42
الملك الصالح: 5/417، 457
ملك طليطلة وما يليها من البلاد الأندلسية:
6/167
الملك العادل: 5/457
ملك العرب والعجم والترك: 6/120- 8/26- 14/347، 348
الملك العزيز: 5/457
الملك على الحقيقة: 6/154
ملك الغرب: 7/417
ملك المسلمين: 7/440
ملك الملوك: 6/16- 8/127
ملك ملوك الحبشة: 8/41
ملك ملوك السريان: 6/94، 166- 8/46
ملك الملوك شرقا وغربا: 8/64
ملك ملوك العرب والعجم والترك: 7/407
الملك الكامل: 5/457
الملك المعز: 5/457
الملك المعظم: 5/457
الملك المنصور: 5/457
ملك منفراد: 6/170
الملك الناصر: 5/457
الملكة (نعوت الملكة) : 6/95- 8/55
الملكة الجليلة: 14/44
الملكيّ: 5/471- 6/30، 117، 121، 122، 123، 124، 125- 7/148، 149- 8/57
الملكية (لقب) : 7/273، 317
الملواق: 2/508
الملوك: 4/277، 381، 425، 445، 469، 471- 5/11، 16، 87، 88، 89، 91، 92، 93، 111، 406- 7/18، 41، 67، 86، 109، 117، 139، 144، 315، 398- 8/11، 50، 57، 212، 236، 245، 259، 313- 11/3، 7، 147- 13/65، 124، 335، 352، 365- 14/10، 130،(15/190)
185، 324
ملوك الإسلام: 1/57- 4/161- 5/85- 6/214- 7/255، 319، 338، 340، 341- 8/10، 23، 56- 10/129، 187- 13/44، 320- 14/3، 17، 84، 97، 414
الملوك الأيوبية: 3/498
ملوك البحر: 14/71
ملوك البيت الهولاكوهي: 8/31
ملوك التتر: 4/375- 7/338، 341، 375
ملوك الترك: 3/497- 4/429
ملوك نوران: 7/356
ملوك الحضرة: 3/294
ملوك الديار المصرية: 4/58، 375- 7/121، 148- 14/12
ملوك الديلم: 1/473
ملوك الروم: 14/412
ملوك السلاجقة: 14/414
ملوك السودان: 8/118
ملوك الشرك: 10/54
ملوك الصلبان: 7/137
ملوك الطوائف: 1/537- 4/411، 419- 5/239، 249، 257، 449- 8/313
ملوك الغرب: 7/116، 123، 403- 8/79
ملوك الفرس: 14/412
ملوك الفرنج: 14/12، 33، 78
ملوك الكفر: 1/57- 5/84، 404، 410- 6/29، 78، 170، 173، 214- 7/118، 124، 137- 8/24، 34، 40، 44، 55، 123- 13/320- 14/3، 17، 84، 138
ملوك المرابطين: 5/249
ملوك المسلمين: 14/138
ملوك مصر: 5/28، 30
ملوك المغرب: 6/29، 30، 37
ملوك النصرانية: 7/356- 8/27
ملوك اليمن: 7/357
مليك اصحاب المنابر والأسرّة والتخوت والتيجان: 7/407
الممالك الاسلامية: 1/132- 12/13
الممالك الشامية: 12/5، 10، 16، 20، 43
الممالك القانية: 6/33
المماليك: 3/503- 4/4، 21، 47، 49، 50، 62، 65، 195، 456- 5/88، 92- 6/15، 41- 9/11، 12- 14/86، 178
المماليك الأتراك: 3/491- 4/69، 281، 456- 5/133، 140
مماليك البيت الشريف: 8/23
المماليك الجراكسة: 4/456
المماليك الروم: 4/69
المماليك السلطانية: 2/142- 3/426،(15/191)
523، 525- 4/10، 12، 14، 15، 18، 19، 22، 53، 56، 59، 189، 209- 5/90- 6/182، 193، 197- 8/385- 11/169، 172- 12/27- 13/161، 164، 319
المماليك الصغار: 4/46
مماليك الطباق (الكتّانية) : 3/288، 552- 5/134، 143- 11/170
مماليك الملاهي: 5/88
مماليك النائب: 4/203
الممجّد: 6/30، 83، 166
الممسحة: 2/510
مملك أصحاب المنابر والأسرّة والتيجان:
6/120- 14/348
مملك أصحاب المنابر والتخوت والتيجان:
7/406، 8/26
مملك الممالك والتخوت والتيجان: 6/72
مملك ملوك النصرانية: 6/164- 8/45
المملكة: 5/86
مملكة بيت بركة: 4/365، 470، 482
مملكة بيت الدعوة: 12/113
مملكة بيت هولاكو: 4/365، 470
مملكة الديار المصرية: 3/304
مملكة الكفر: 7/60
المملوك (لقب) : 5/403- 6/294، 334، 489،- 7/92، 94، 117، 128، 134، 383، 393، 396،
399، 401- 8/57، 61، 151، 176، 183، 194، 201، 206، 209، 213، 225، 367، 385، 391- 9/11، 18، 21، 32، 34، 39، 106
ممنّع السلوك: 6/167- 8/36
ممهد الدول: 5/473- 6/72، 126، 127، 130، 131، 132، 173- 8/212
ممهد المملكة: 6/127
الممهدي: 6/30، 72، 100، 126، 127، 128، 129، 130، 131، 132، 141، 144
المنّ: 3/512- 4/281، 420
المناخات (حواصل الجمال) : 3/549، 600
المناخات السلطانية: 3/523- 4/33، 62- 11/168
المناشير- المنشور: 1/55، 56، 137، 147، 148، 167، 169، 170، 171، 173، 271- 2/4- 3/449، 595- 4/17، 19، 31، 52، 68، 191، 197، 224، 227، 243- 6/117، 181، 182، 189، 192، 214، 215- 7/177، 8/18- 9/425- 10/157، 186، 190، 307، 466- 11/30، 47، 49، 93،(15/192)
121- 12/96- 13/76، 92، 140، 162، 164، 171، 186، 188، 200- 14/138
مناشير الإقطاع (منشور اقطاع) : 1/84- 3/52، 300- 6/213، 214
مناشير عشرات التركمان: 6/182
المناطق المنطقة
المناظر: 7/224- 8/61
المناور: 1/60، 163- 7/224- 8/61- 11/92- 14/140، 445، 447
منبع الكرم والإحسان: 6/122
منبه الخواطر: 6/72
المنتخب: 6/30، 159
المنتخبيّ: 6/30، 137، 159
منجد الملوك والسلاطين: 6/72، 119- 7/371
المنجنيقات- المنجنيق- المجانيق: 1/489- 2/152- 3/550، 597- 4/190- 7/395- 8/71، 292، 305، 396، 402- 11/91- 12/27، 30، 110، 117، 207
المنحر: 3/589
المنديل: 2/140
المنشاة: 2/509
منشيء العلماء والمفتين: 6/73
المنصف لرعيته: 6/85، 166
منصف المظلومين من الظالمين: 6/73، 120
المنصفيّ: 6/31
المنصور: 5/447- 6/31، 120، 122، 124، 174 (ما يوصف بالنصر) 10/4
المنصور بالله: 5/448
المنصور على أعداء الله: 6/122
المنصوريّ: 6/31، 122، 123، 129
المنطقة: 2/142- 3/288- 4/42، 54، 381، 461- 5/89، 138، 198، 284- 11/195، 332
المنفذ: 2/510
المنفّذي: 6/31، 141، 144، 145
المنفّر: 4/13
المنوّرون: 7/223- 8/61
المهادنة الهدن
المهارك (أحجار النرد) : 2/158
المهتار (المهتارية) : 4/9، 12، 61- 5/441- 8/74- 11/83
مهتار البيوت (مهتارية) : 4/200، 229- 6/10، 161، 162
مهتار الركاب خاناه: 4/12- 5/441
مهتار الشراب خاناه: 4/9- 5/441- 6/162
مهتار الطبلخاناه: 4/13
مهتار الطشت خاناه: 4/10- 5/441- 6/162
مهتار الفراش خاناه: 4/10- 6/162
المهتدي: 5/414، 447(15/193)
المهدي: 5/186، 448، 449
المهدي المنتظر: 13/232، 235
المهرجان: 1/492
المهرق: 2/512
المهقوع: 1/465
المهمّات: 11/291
المهماز: 2/144
المهمرد: 5/442- 11/168
المهمندار- المهمندارية: 3/559، 560- 4/22، 60، 194، 205، 225، 240، 244، 245، 247- 5/283، 431- 12/292، 431
مهندس العمائر: 5/438- 6/161
موادّ المسلمين: 6/94، 167، 172- 8/28
موادّ الملوك والسلاطين: 6/173
الموادعة: 14/17، 28
المواريث الحشرية: 3/532، 568
الموازع الحكمية: 4/199
المواساة: 5/136
المواشي الديوانية: 3/549
المواصفات: 14/4، 17، 105، 139
المواقف الشريفة: 8/55، 215- 9/10- 11/91، 112- 14/189
المواقف المشرفة: 6/489- 7/128، 144، 187
المواقف المقدسة: 5/461- 6/38، 288، 489- 7/128، 144
المواقف المقدسة الشريفة: 6/288، 7/19
الموالي: 5/239
الموبذان: 2/450
المؤامرة: 11/67
المؤتمن: 5/415، 6/31، 162
مؤتمن الدول: 6/159
مؤتمن الملوك والسلاطين: 6/158- 7/218، 219- 13/41
المؤتمنيّ: 6/158
مورد الجود: 6/73
موصل السالكين: 6/73
موضح الطرائق: 6/73
موضح الطريقة: 6/73
موضح قوانين العدل والاحسان: 6/131
موفق الدين: 11/363
الموقر: 6/169، 170، 171- 7/65، 416
الموقّرة (للنساء) : 6/171
الموقّع: 5/437
موقع الحكم: 14/365
موقع الدست: 5/235- 8/230- 11/226
الموقع بالقلم الجليل: 3/600
الموقع بالقلم الدقيق: 3/599
الموقعون: 3/558- 4/46، 65، 200، 203، 231- 10/344
الموكب السلطاني: 5/33
المولّدون: 1/211(15/194)
المولويّ: 6/31، 114، 117، 118، 119، 121، 122، 126، 127، 128، 129، 131، 132، 141، 142، 143، 148، 149، 150، 154- 7/127، 140، 145، 401- 8/72
المولى: 6/31، 318
مولي الإحسان: 6/73، 120
مولي الأمم: 6/384
مولى أمير المؤمنين: 6/382- 10/3- 14/21
مؤمل الأمة: 7/65
مؤمن الأرض المحيطة: 6/73، 120- 7/406، 407
المؤيد: 6/32، 120، 122، 123، 124، 125، 138، 139، 140- 7/61، 125
مؤيد الإسلام والمسلمين: 6/130
مؤيد أمور الدين: 6/73، 119
مؤيد الحق: 6/73
مؤيد السنة: 6/123
مؤيد المسيحية: 6/94، 166- 8/46
مؤيد العيسوية: 6/94، 167- 8/28
مؤيد الغزاة والمجاهدين: 6/122
مؤيد الملّة: 6/73، 150، 151
مؤيد الملة المسيحية: 6/167
المؤيديّ: 6/32، 122، 123، 124، 127، 129، 130، 131، 133،
134، 136، 137، 138، 145
الميرة: 4/274- 7/421
الميسر: 1/456
الميزان: 2/154
(ن)
النادبة: 1/181
نار الاستمطار: 1/466
نار الأسد: 1/467
نار الحرب: 1/467
نار الحرتين: 1/467
نار الحلف: 1/466
نار السعالي: 1/467
نار السليم: 1/467
نار الصيد: 1/467
نار الطرد: 1/466
نار الفداء: 1/467
نار القرى: 2/147- 4/467- 7/323
نار المزدلفة: 1/466
نار الوسم: 1/467
الناسك: 6/32، 124، 157
الناسكيّ: 6/32، 127، 128، 150، 152، 154، 155، 156- 11/85
الناسوت: 13/280، 316
ناشر لواء العدل والاحسان: 6/74
ناصح الملوك والسلاطين: 6/73، 172
الناصر: 5/448- 6/33- 10/59(15/195)
ناصر الإسلام: 10/151، 320
ناصر الإسلام والمسلمين: 6/384
ناصر الأنام: 8/346
ناصر الجيوش المنصورة: 9/181
ناصر الدنيا والدين: 6/120- 10/59
ناصر الدولة: 5/416، 455
ناصر الدين: 5/458، 472- 6/277- 7/61- 11/363
ناصر السنّة: 6/73- 14/347
ناصر الشريعة: 6/74
ناصر الغزاة والمجاهدين: 6/73، 108، 123، 127، 128، 129، 130، 131، 132
الناصر لدين الله: 5/415، 441
ناصر الملة المحمدية: 10/70
ناصر الملة المسيحية: 6/94، 166- 8/41
الناصري: 5/472- 6/117، 252- 7/135، 149
الناظر: 3/523، 532- 4/55، 64، 65- 5/437- 9/260، 263
ناظر الأحباس: 4/35، 49- 11/118
ناظر الأحكام الشرعية: 14/390
ناظر أسواق الرقيق: 10/156
ناظر الأصل: 11/413
ناظر الأملاك الشريفة السلطانية: 4/32- 8/230
ناظر الأهراء: 11/123، 124
ناظر الأوقاف: 5/437
ناظر بيت المال: 4/32، 198- 11/118
ناظر البيمارستان: 4/35
ناظر البيوت والحاشية: 4/31، 48، 198- 11/118
ناظر الجهات: 5/437
ناظر الجيش: 3/325- 4/18، 34، 46، 47، 55، 64، 65، 197، 198، 203، 204، 205، 230، 231، 240، 245، 248- 5/437، 464- 6/102، 206- 7/179- 8/179، 221، 228، 234- 9/264- 11/85، 86، 92، 117- 12/208، 276، 473- 13/159، 160
ناظر الجيوش المنصورة بالأبواب الشريفة:
8/58، 219
ناظر الحسبة: 4/46
ناظر الخاص: 3/325، 524، 534- 4/21، 28، 47، 55- 5/437، 464- 6/45، 59، 65، 69، 102، 176، 192، 202، 206- 7/179، 180- 8/179، 219، 228، 234- 11/78، 85، 86، 93
ناظر خاص البريد: 8/221، 230
ناظر الخزانة: انظر نظر الخزانة
ناظر خزانة الخاص: 4/30
ناظر الخزانة الكبرى: 11/118(15/196)
ناظر خزائن السلاح: 4/32، 198
ناظر الخواص الشريفة: 6/145- 7/180
ناظر الدعوة الهاديّة: 10/387
ناظر الدواوين: 5/437- 7/238
ناظر دواوين الإنشاء بالممالك الاسلامية:
1/137
ناظر الدواوين المعمورة والصحبة الشريفة:
11/116
ناظر الدولة: 4/29، 37، 195- 5/437، 464- 7/179- 8/219- 11/116، 117، 350
ناظر الديوان: 1/138
ناظر الشام: 6/59
ناظر الصحبة: 11/413
ناظر الكسوة: 4/55، 59
ناظر المال: 4/28، 205، 248- 11/265- 12/208، 276
ناظر المباشرة: 11/413
ناظر المطابخ: 11/123
ناظر المملكة: 4/240، 245- 8/229- 9/261
ناظر المملكة بحلب: 5/437
ناظر المملكة الشامية: 4/195
ناظر المهمات: 7/224
ناظر النظار: 5/437- 6/145- 7/201، 202- 7/202- 11/79-
12/276
ناظر الوقف: 9/265
ناظم مفرّق الفخار (لقب) : 7/417
النائب- النوّاب: 1/167، 172- 3/570، 603- 4/14، 17، 18، 20، 22، 37، 46، 52، 54، 60، 64، 65، 66، 67، 119، 120، 122، 145، 149، 180، 190، 192، 194، 196، 197، 200، 202، 203، 204، 209، 213، 225، 226، 227، 228، 231، 232، 240، 241، 245، 247- 5/33، 86، 426، 436- 6/114، 118، 127، 129، 131، 133، 134، 136، 140، 148، 181، 188، 277- 7/165، 172، 188، 189، 191، 192، 193، 195، 213، 226، 234، 239، 245، 250- 8/23، 44، 59، 180، 195، 221، 224، 229، 235، 251، 370- 9/10، 19، 37، 223، 252، 266- 10/181، 185- 11/27، 34، 185- 12/3، 4، 167، 169، 174، 201، 257- 13/46، 105، 320- 14/4، 50، 53، 138، 139، 415(15/197)
نائب الإسبتار: 14/36، 39، 51، 56
نائب استادار: 4/48
نائب الإمام: 3/529- 13/359
نائب أمير عشرة: 4/22
نائب الباب: 3/574- 6/172
النائب بالحضرة: 6/67
نائب البطرك (الأسقف) الأسقف
نائب بيت الاسبتار نائب الاسبتار
نائب بيت المال: 4/64
نائب الجيش: 8/221
نائب الحكم: 3/533
نائب الحكم العزيز: 10/343، 382، 387
نائب حلب: 1/483
نائب الدعوة: 14/38
نائب السلطان: 6/24- 7/253- 14/36
نائب السلطنة: 3/507- 4/24، 63، 65، 102، 155، 190، 191، 192، 193، 205، 206، 224، 225، 240- 5/134، 426، 427- 6/14، 19، 24، 25، 26، 27، 28، 33، 46، 49، 52، 56، 68، 96، 106، 114، 126، 127، 128، 173- 7/158، 163، 164، 166، 169، 170، 184، 185، 186، 187، 188، 189، 190، 193، 194، 195، 196، 197، 198، 200، 227،
236، 240، 242، 298- 8/58، 59، 176، 178، 179، 182، 213، 216، 232، 333، 344، 354، 367، 392- 9/254، 264، 266، 275- 11/86- 12/3، 6، 100، 102، 141، 160، 176، 192، 196، 216- 13/14، 41، 96، 109، 320- 14/37، 51، 70، 72
نائب السلطنة بالحضرة: 7/166- 8/217
نائب السلطنة وكافل الممالك الشريفة الإسلامية: 7/167
نائب صاحب الباب: 3/559
نائب العداد: 14/40
نائب الغيبة: 4/18، 192، 225- 7/168- 8/381
نائب الفتوحات الجاهانية: 7/190
نائب القاضي: 10/461
نائب قلعة: 4/229- 7/191، 197، 199، 11/87، 90- 12/23، 162، 193، 205
نائب كاتب السرّ: 3/282- 6/205
النائب الكافل: 1/46- 3/424، 554- 4/17، 18، 63، 191- 5/426- 6/3، 19، 24، 35، 50، 52، 73، 101، 108، 127، 129، 173، 202، 253- 7/158، 160، 166، 184، 235، 237،-(15/198)
8/22، 57، 219، 223، 233، 234- 9/255- 11/101، 130- 12/3- 13/163
النائب الكافل بالحضرة: 8/218
نائب كبير: 5/88، 90
نائب متولي ديوان الإنشاء: 1/148
نائب مقدم بيت الإسبتار: 13/313- 14/63
نائب المقدم الماستر: 14/54
نائب المملكة: 8/221، 253، 376
نائب الوالي: 4/66
النبويّ: 6/32، 119- 7/127، 135، 140، 145
النتريات: 5/89
النجّابة (البريديّون) : 11/91، 169، 297- 14/190، 415
النجاشي: 5/453- 6/318
نجاشي عصره: 6/170- 8/42
نجل الأكابر: 6/74
نجل السلطنة: 6/74
نجم الدين: 11/363
النجيدي: 6/150، 151
نخبة الفرقة الناجية الحسينية: 6/129
نخبة المحققين: 6/149
النرد- نردشير: 2/157
النزول (إشهاد بنزول) : 13/159
نسطور النصارى: 10/307
النسيب: 6/33، 138، 139
نسيب الإمام: 6/74، 136
نسيب أمير المؤمنين: 6/74، 135
النسيبيّ: 6/33، 119، 128، 135، 136، 173
النشّاب (من الآلات الملوكية) : 2/150
النّشو: 3/530
نصر النصرانية: 6/167
نصرة الإسلام: 7/18
نصرة الغزاة: 6/132
نصرة الغزاة والمجاهدين: 6/74، 108، 124، 128، 129، 130، 131، 132، 137، 134، 135، 136، 234- 8/212
نصرة الملوك: 7/19
نصف إمرة: 12/132، 240
النصير: 6/33، 139
نصير الغزاة والمجاهدين: 6/74، 108، 123، 124، 132
نصيرة الملّة العيسوية: 6/171
النصيري: 6/33، 128، 133، 134، 135، 136، 137، 138
النظّار الناظر
النظّارة: 11/92، 309- 14/445
نظام الدولة: 6/74
نظام الدين: 5/416- 11/364
نظام الملك: 6/144
نظام الملّة: 6/141- 8/212
نظام الممالك: 6/74(15/199)
نظام المناجح: 6/74، 145
النظامي: 6/33، 142، 144، 145، 148، 149، 150، 151، 155
النظر (وظيفة) : 9/262- 11/248- 12/83، 406، 407، 408
نظر الأحباس: 9/260- 11/121، 248- 12/201
نظر الأحباس والبيمارستان المنصوري:
9/260
نظر الأسرى: 12/388
نظر الأسواق: 4/198- 12/388
نظر الأشغال المخزنية: 10/316
نظر الإصطبلات السلطانية: 4/32- 9/261
نظر الأقواد: 4/227
نظر الأملاك السلطانية: 4/32
نظر الأوقاف: 4/227- 10/318- 11/110، 407- 12/40، 62، 196، 275
نظر الأوقاف الكبار: 12/160
نظر أوقاف الملوك: 12/60
نظر الأهراء بمصر بالصناعة: 4/33- 9/262
نظر البهار والكارمي: 4/33- 9/272
نظر بيت المال: 9/261-- 11/120- 12/444
نظر البيمارستان: 4/227- 11/114، 117، 155
نظر البيمارستان العتيق: 11/263
نظر البيمارستان المنصوري: 4/39، 191- 11/255
نظر البيمارستان النوري: 4/191، 197- 12/83
نظر البيوت والحاشية: 9/261- 11/120، 331، 336
نظر تربة: 12/361
نظر الجامع- نظر الجوامع والمساجد:
4/191، 198، 227- 10/392- 11/114، 157، 258- 12/62، 297، 336، 359
نظر الجهات: 4/34
نظر الجيش: 3/567- 4/31، 196، 226- 11/85، 314- 12/4، 96، 165، 190، 208، 216، 227، 447
نظر الحاصلات: 4/34
نظر الحرمين: 7/187- 11/114- 12/104
نظر الحسبة: 12/60، 334، 468
نظر الحوطات: 4/198
نظر الخاص: 3/567- 4/30، 197- 8/234- 9/261- 11/310، 334- 12/383
نظر الخزانة: 4/31، 197- 11/330
نظر خزانة الخاص: 11/88، 120، 334
نظر الخزانة العالية: 12/98، 385(15/200)
نظر الخزانة الكبرى: 9/61، 11/120، 330، 334
نظر خزائن السلاح: 9/261، 262- 11/118، 120، 339
نظر الخواص الشريفة: 12/88
نظر دار الضيافة والأسواق: 4/32- 9/261
نظر دار الطراز: 11/418- 12/394
نظر الدواوين: 3/533، 566- 9/261- 11/65، 320، 356
نظر الدواوين المعمورة والصحبة الشريفة:
4/31- 11/117، 322
نظر الدولة: 11/320
نظر ديوان الأسرى: 4/198
نظر الرباع: 12/284، 395
نظر السبيل: 12/379
نظر الصادر والوارد: 11/410
نظر الصحبة: 11/322، 324
نظر الطواحين السلطانية بمصر بالصناعة:
4/33
نظر كسوة الكعبة: 11/213
نظر المال: 4/227- 12/4، 208، 216، 227
نظر المدارس والجوامع: 12/4، 339
نظر مراكز البريد: 4/198
نظر المرتجعات: 4/34
نظر المسابك: 4/198
نظر المساجد: 10/256، 318
نظر مشهد الحسين: 11/260
نظر مطابخ السكر: 4/199- 11/124- 12/393
نظر المظالم: 10/252، 256، 261، 317
نظر المملكة: 4/226- 9/262- 10/400- 12/162، 189
نظر المهمات الشريفة: 4/197
نظر المواريث الحشرية: 4/33- 9/272
نظر الوزارة: 3/532- 11/154
نظر الوقف: 11/124
نظر وقف صغير: 11/125
النفقة: 3/289
النفقة في الأولياء: 7/105،- 10/31، 39
نقابة الأشراف: 4/38، 200، 228- 6/9، 128، 136- 9/259- 10/256- 11/47، 117، 118، 161، 163- 12/291، 427، 453
نقابة الأشراف الطالبيين: 3/297، 557، 573، 586- 10/407- 11/163
نقابة الجيش: 4/193، 203، 230، 231
نقابة الجيوش نقيب الجيوش
نقابة الطالبيين: 4/38- 10/256
نقابة العساكر: 4/244- 12/451
نقابة العلويين: 10/317، 405(15/201)
النقابة على ذوي الأنساب: 3/297
نقابة القلعة: 4/192
نقابة النقباء: 4/192، 193، 205، 240، 245- 5/429- 6/136- 12/403
النقارات السلطانية: 3/544، 591
النقباء: 4/22، 50- 5/135، 142، 143، 202- 7/253- 11/92- 12/304- 13/308
نقباء الأمراء: 3/565
نقباء الجيش نقابة الجيش
نقيب الإسبتار: 14/53
نقيب الأشراف نقابة الأشراف
نقيب الأشراف الطالبيين نقابة الأشراف
الطالبيين
نقيب أولي المناقب: 6/129
نقيب الجيش: 5/428
نقيب الجيوش: 4/22- 12/430
نقيب الميسرة: 4/192
نقيب الميمنة: 4/192
نقيب النقباء نقابة النقباء
نقيب نقباء الشرفاء: 6/138
النقيبي: 6/128
نكاح المتعة: 12/46
نكاح المقت: 1/459
النمجاه: 4/231
النمجاه السلطانية: 4/24، 65
النواب النائب
نواب الأهراء: 11/67
نواب الباب: 3/574
نواب الجزية: 11/66
نواب الحسبة: 4/200، 228
نواب الحكم: 3/559- 11/53
نواب الخلفاء: 1/128، 129- 4/167، 445- 5/26، 174، 456- 7/404- 11/26
نواب الديوان: 14/230
نواب السلطنة نائب السلطنة
نواب الطبلخاناة: 9/255
نواب القلاع: 7/174، 200، 244- 8/335- 9/253- 11/108- 13/105، 308
النواب المتوسطون: 6/56
نواب الملك: 6/303
نواب الممالك: 4/56- 9/263- 12/106، 174- 13/349
نواب المملكة: 8/376
النوبة: 3/406- 14/175
النورانيّون: 4/310
نور الدين: 5/459، 472- 11/363
نور الزهّاد: 6/74، 156
النورة: 1/485
النوري: 5/472
النوكر (الرفيق) : 4/419
النوين (أمير تومان- أمير عشرة آلاف) :
4/421، 423- 5/133- 6/33-(15/202)
7/281، 295
نوين التوامين: 8/226
النوينيّ: 6/34، 130، 131، 132، 135، 173- 7/284، 285، 299
النيابات: 1/42- 12/5، 104، 109، 141، 147، 173، 193، 257
النيابات الصغار: 1/154- 9/253، 258- 12/4
نيابات الطبلخاناه: 12/434
نيابات العشرات: 12/434
النيابات العظام: 1/154
النيابات الكبار: 12/5
النيابة: 1/42، 151- 4/17، 102، 103، 139، 201، 204، 205، 206، 207، 208، 209، 223، 224، 235- 7/149- 9/223، 254، 255- 10/333، 458- 11/27، 109
نيابة امرة طبلخاناه: 12/4
نيابة إمرة عشرة: 12/4
نيابة تقدمة ألف: 12/4
نيابة الرسالة: 9/315
نيابة السلطنة: 3/464- 4/17، 224- 9/10، 252، 254- 11/4، 7، 101، 141- 12/9، 19، 21، 106، 202، 220
نيابة السلطنة بالحضرة: 11/133
النيابة الشريفة: 3/559
نيابة طبلخاناه: 12/104
نيابة القلعة: 4/191، 224- 12/26، 28، 151، 195، 321، 458
نيابة الوزارة: 10/326
نيران العرب: 1/466
النيروز: 1/491، 492
(هـ)
هادي دعاة المؤمنين: 8/346- 10/4، 81
هازم جيوش الأرمن والفرنج والكرج
والتتار: 8/89، 109
هازم فرق الفجّار: 7/417
الهامش (في الكتب) : 6/301، 302
الهجّان: 7/334
هجن الثلج: 1/60- 14/140، 440، 443
هداية دعاة المؤمنين: 10/88
الهدن- الهدنة- المهادنات: 1/57، 84- 2/4- 3/496- 4/183، 184- 5/32، 48، 258- 6/242، 368- 7/266، 359- 8/262، 265، 279- 10/130- 11/397- 13/311، 315، 320، 360- 14/3، 4، 5، 14، 17، 25، 48، 88
الهدنة الدمشقية: 13/94
الهدنة الظاهرية: 14/44(15/203)
الهدي: 14/101
الهرمزان: 6/233- 13/113
الهلالي: 3/539
الهمام: 6/34، 83، 124، 165، 166، 167، 168، 169، 172
همام الدولة: 6/75
همام الدين: 11/364
الهمامي: 6/34، 133، 134، 135، 137، 138
الهناب: 4/63
الهيمانوت: 13/279
(و)
الواثق بالله: 5/447
وأد البنات: 1/460
وارث آبائه في الأسرّة والتيجان: 6/94، 166- 8/28
وارث الأسرّة والتيجان: 6/168- 8/47
وارث التاج: 8/55
وارث تخت جنكزخان: 7/356
وارث التيجان: 6/94، 167، 170- 8/36
وارث القياصرة العظماء: 6/94
وارث القياصرة القدماء: 6/94، 166، 8/46
وارث لذريق: 6/167
وارث لذريق وذراري الملوك: 8/36
وارث الملك: 6/75، 120- 10/59- 13/350- 14/347
والد الملوك والسلاطين: 6/120، 173- 14/348
والدة الملوك والسلاطين: 6/163، 173- 7/183، 184
الوالدي: 6/34، 35- 7/350
الوالدية: 7/183
الوالي- الولاة: 1/95، 167- 3/55، 570- 4/26، 27، 55، 64، 65، 208، 230- 5/33، 88، 143، 423- 6/196- 7/171، 177، 187، 197، 239، 245، 250- 8/20، 38، 62، 221، 223، 230- 9/224، 255، 363- 10/224، 310- 11/34، 41، 420- 13/46- 14/8، 72، 138
والي البرّ- ولاة البرّ: 4/205، 236
والي التركيز: 4/65
والي الحرب: 12/3
والي الشرطة: 4/61
والي القلعة: 4/206- 7/198، 247
والي المدينة- ولاة المدينة: 4/205، 236- 5/135
والي الولاة: 4/25، 27، 66، 67، 207- 9/255- 11/422، 429
الوامق (لقب) : 7/417
واهب الأقاليم والأمصار: 6/120-(15/204)
8/26- 14/348
وجوه العين: 4/39
الورّاقون: 3/405
الورع: 6/34، 138، 157
الورعي: 6/34، 150، 154، 155، 156
الورق الأحمر: 7/442- 8/56
الورق الأزرق: 7/383
الورق الأصفر: 7/383
ورق البطائق: 7/254
الورق البغدادي: 10/192
الورق البلدي: 8/56- 14/389
الورق الشامي: 8/56، 173- 14/365
ورق الطير (ورق بطائق الحمام) : 3/125- 6/183
الورق الفرنجي: 8/124، 126
الورق المصري: 7/321
الوزارة: 1/127، 131، 137- 2/3- 3/295، 298، 523، 553، 560، 562، 567- 4/17، 28، 29، 30، 195، 197، 226- 6/144- 7/174- 9/4، 5، 8، 283، 296، 419، 428- 10/243، 315، 334، 398، 453- 11/35، 85، 150، 279- 12/85، 189- 14/181، 205
وزارة التفويض: 3/553- 9/418، 423، 424، 425، 426-
10/163- 11/71
وزارة التنفيذ: 9/419
الوزارة الصغرى: 3/554
الوزراء- الوزير: 1/46، 172، 475، 487، 498- 3/295، 396، 423، 548، 556، 557، 558، 559، 560، 562، 566، 572، 573، 582، 584، 586، 588، 589، 593، 594، 597، 601- 4/29، 31، 32، 45، 46، 47، 53، 55، 59، 193، 203، 204، 226، 231، 232، 243، 245، 421، 422، 424، 426، 427، 473، 483- 5/33، 49، 67، 78، 89، 90، 92، 134، 138، 141، 197، 202، 239، 261، 286، 414، 421، 437- 6/17، 27، 34، 102، 104، 105، 107، 109، 113، 114، 115، 141، 190، 191، 200، 202، 273، 289، 342، 380، 403، 421، 431- 7/18، 19، 77، 83، 179، 180، 287، 325، 359- 8/56، 133، 148، 172، 176، 219، 228، 232، 245، 344- 9/5، 6، 9، 220، 261، 316، 337، 419- 10/49- 11/35، 77، 86، 286-(15/205)