(لعمري وَمَا عمري عَليّ بهين ... لبئس الْفَتى الْمَدْعُو بِاللَّيْلِ حَاتِم)
(غَدَاة أَتَى كالثور أحرج فاتقى ... بجبهته أقتاله وَهُوَ قَائِم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَكَانَ من حَدِيث أبياته أَن رجلا من بني السَّيِّد بن مَالك الضَّبِّيّ يُقَال لَهُ زيد بن ثَابت جاور فِي بني طيىء وَكَانَت لَهُ نعْمَة فيهم فَأَغَارَ عَلَيْهِ بَنو معن فَقَتَلُوهُ وَأخذُوا مَاله فَبلغ ذَلِك بني السَّيِّد فَرَكبُوا فِيمَن يتبعهُم من بني ضبة فوجدوا رجلا من طيىء فَقَالُوا لَهُ من أَنْت فكتمهم فعرفوا لغته فَقَالُوا لَهُ أَنْت آمن إِن دللتنا على أقرب أَبْيَات بني معن فدلهم على بني ثَوْر بن ود من بني معن فَقَتَلُوهُمْ إِلَّا قَلِيلا فَذهب رجل مِنْهُم إِلَى حَاتِم بن عبد الله وَهُوَ فِي قبَّة لَهُ من أَدَم فِي دَار لَيْسَ مَعَه فِيهَا أحد غير بَيت أَو بَيْتَيْنِ من بني عدي فيهم يزِيد بن قنافة وَأخْبر حاتما بالْخبر فَأمر أمته أَن توقد النَّار فِي قُبَّته وَاحْتمل تَحت اللَّيْل فنجا وبقى يزِيد بن قنافة وَلم يعلم بالْخبر حَتَّى صبحته الْخَيل غدْوَة وَكَانَت امْرَأَته لَا تكَلمه فدعته باسمه وأخبرته الْخَبَر فثار إِلَى قوسه وَمنع عَن حريمه وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْم أَرَادوا حاتما فنجا فَقَالَ يزِيد بن قنافة هَذِه الأبيات
1 - وَمَا عمري عَليّ الخ هَذَا تَحْقِيق للْيَمِين وَأَن عمره لَيْسَ مِمَّا يهون عَلَيْهِ فَيحلف بِهِ كَاذِبًا وَمَعْنَاهُ أَنِّي أَحْلف بحياتي الَّتِي لَا تهون عَليّ فأحلف بهَا كَاذِبًا أَن حاتما مَذْمُوم من بَين الفتيان المدعوين بِاللَّيْلِ وَإِنَّمَا خص اللَّيْل لشدَّة الهول فِيهِ
2 - غَدَاة أَتَى الخ فَاعل أَتَى يعود على حَاتِم وأحرج أَي ضيق عَلَيْهِ والأقتال جمع قتل بِكَسْر الْقَاف وَهُوَ الْعَدو الْمقَاتل يصف حاتما على سَبِيل السخرية بِأَنَّهُ خرج على أعدائه مثل الثور الهائج فَلَمَّا جَاءَ وَقت الدفاع ولى مُنْهَزِمًا(2/197)
(كَأَن بصحراء المريط نعَامَة ... تبادرها جنح الظلام نعائم)
(أعارتك رِجْلَيْهَا وَهَا فِي لبها ... وَقد جردت بيض الْمُتُون صوارم)
وَقَالَ عارق وَهُوَ قيس بن جروة الطَّائِي تقدّمت تَرْجَمته
3 - (من مبلغ عَمْرو بن هِنْد رِسَالَة ... إِذا استحقبتها العيس تنضى من الْبعد)
4 - (أيوعدني والرمل بيني وَبَينه ... تبين رويدا مَا أُمَامَة من هِنْد)
5 - (وَمن أجإ حَولي رعان كَأَنَّهَا ... قنابل خيل من كميت وَمن ورد)
6 - (غدرت بِأَمْر كنت أَنْت دَعوتنَا ... إِلَيْهِ وَبئسَ الشيمة الْغدر بالعهد)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المريط اسْم مَوضِع وتبادرها أَي تسابقها وجنح الظلام طَائِفَة مِنْهُ
2 - وَهَا فِي لبها أَي خافق عقلهَا وَمَعْنَاهُ كَأَنَّك يَا حَاتِم حِين جردت السيوف من أغمادها أعارتك النعامة رِجْلَيْهَا وَقلة عقلهَا فَكنت مثلهَا فِي سرعَة الجريان وَقلة الْعقل عِنْد فرارك من لِقَاء الْأَعْدَاء
3 - إِذا استحقبتها العيس أَي حملتها فِي الحقائب تنضى من الْبعد أَي تهزل لبعد الْمسَافَة وَجعل الْحمل للعيس اتساعا فِي الْمَعْنى
4 - تبين رويدا أَي تحقق الْأَمر وتمهل فِيهِ وَالْمعْنَى أَتُهَدِّدُنِي يَا ابْن هِنْد وبيني وَبَيْنك حصن منيع لَا تهددني بل تحقق الْأَمر وتمهل وَانْظُر أَيّنَا أشرف فَمَا أمك مثل أُمِّي
5 - وَمن أجا الخ أجأ جبل لطيىء والرعان جمع رعن وَهُوَ أنف الْجَبَل والقنابل الْجَمَاعَات من الْخَيل جمع قنبل والكميت والورد من صِفَات الْخَيل وَالْمعْنَى ألم تنظر يَا ابْن هِنْد مَا بيني وَبَيْنك من الهضاب الَّتِي تشبه الْخَيل فِي كثرتها وألوانها
6 - وَبئسَ الشيمة أَي بئس الطبيعة وَالْمعْنَى أَنَّك يَا ابْن هِنْد غدرت بِنَا بعد مَا ضمنت(2/198)
(وَقد يتْرك الْغدر الْفَتى وَطَعَامه ... إِذا هُوَ أَمْسَى حلبة من دم الفصد)
وَقَالَ آخر
(لعمري وَمَا عمري عَليّ بهين ... لقد سَاءَنِي طورين فِي الشّعْر حَاتِم)
3 - (أيقظان فِي بغضائنا وهجائنا ... وَأَنت عَن الْمَعْرُوف وَالْبر نَائِم)
4 - (بحسبك أَن قد سدت أخزم كلهَا ... لكل أنَاس سادة ودعائم)
5 - (فَهَذَا أَوَان الشّعْر سلت سهامه ... معابلها والمرهفات السلاجم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لنا أَن تحمينا فبئس مَا صنعت من الْغدر وَنقض الْعَهْد وَذَلِكَ أَن عَمْرو بن هِنْد كَانَ قد عاهدهم على أَن لَا يغزوهم فنقض عَهده وغدر
1 - كَانَ الرجل مِنْهُم إِذا جَاع جَاءَ إِلَى عرق بعير وفصده وتلقى دم الفصد فِي مصير حَتَّى إِذا امْتَلَأَ عقده من رَأسه شواه على النَّار وَأكله يَفْعَلُونَ ذَلِك فِي سنة الجدب وَالْمعْنَى قد يتْرك الْإِنْسَان الْغدر وَهُوَ فِي شدَّة الْعَيْش فَكيف لَا تتركه وَأَنت ملك
2 - طورين أَي مرَّتَيْنِ وَالْمعْنَى أقسم بحياتي الَّتِي لَا تهون عَليّ فأحلف بهَا كَاذِبًا أَن حاتما تعرض لي مرَّتَيْنِ بِمَا سَاءَنِي
3 - أيقظان الخ الْهمزَة للإنكار والتوبيخ يَقُول مَا يَنْبَغِي لَك أَن تكون يقظان فِي هجونا وبغضائنا ونائما عَن الْخَيْر وَالْبر وَالْإِحْسَان
4 - بحسبك أَي كافيك والدعائم جمع دعامة هِيَ كِنَايَة عَن السَّيِّد الَّذِي يركن إِلَيْهِ وَالْمعْنَى لَا فَخر لَك غير سيادتك على قبيلتك وَهَذَا أَمر قد صَار مَعْلُوما وَلَيْسَ خُصُوصِيَّة لَك بل غَيْرك سَاد قومه
5 - المعابل جمع معبل وَهُوَ السهْم العريض والمرهفات السيوف المحددة والسلاجم الطوَال وَالْمعْنَى هَذَا وَقت المباراة والمعارضة(2/199)
وَقَالَ رجل من طَيء
(إِن امْرأ يُعْطي الأسنة نَحره ... وَرَاء قُرَيْش لَا أعد لَهُ عقلا)
(يذمون لي الدُّنْيَا وَقد ذَهَبُوا بهَا ... فَمَا تركُوا فِيهَا لملتمس ثعلا)
وَقَالَ رويشد الطَّائِي لبني موقع
3 - (وموقع تنطق غير السداد ... فَلَا جيد جزعك يَا موقع)
4 - (فَمَا فَوق ذلتكم ذلة ... وَلَا تَحت موضعكم مَوضِع)
وَقَالَ جَابر
5 - (أجدوا النِّعَال لأقدامكم ... أجدوا فويها لكم جَرْوَل)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فِي السب والمقاذعة فتعال يَا حَاتِم نَنْظُر أَيّنَا الْغَالِب فَإِن لكل زمَان شَيْئا يظْهر فِيهِ ويغلب وزماننا هَذَا زمَان الشّعْر
1 - وَرَاء قُرَيْش أَي قدامها ووراء من أَسمَاء الأضداد يُطلق على الْخلف وَالْإِمَام وَالْمعْنَى أَن الَّذِي يضر نَفسه لينفع قُريْشًا حَتَّى تكون لَهُم الدولة ويفوزوا بِالْملكِ لَيْسَ من ذَوي الْعقل عِنْدِي
2 - الثعل بِضَم الثَّاء وَفتحهَا زِيَادَة فِي أطباء النَّاقة وَالْبَقَرَة وَالشَّاة وَهُوَ هُنَا كِنَايَة عَن الشَّيْء الْقَلِيل يصف الْخُلَفَاء من قُرَيْش بِأَنَّهُم ينهون غَيرهم عَن حب الدُّنْيَا وهم أحرص النَّاس عَلَيْهَا لم يتْركُوا وَجه رَغْبَة فِيهَا إِلَّا أَتَوْهُ
3 - فَلَا جيد جزعك أَي لَا سقى واديك من الْجُود بِفَتْح الْجِيم وَهُوَ الْمَطَر والجزع منعطف الْوَادي وموقع اسْم قَبيلَة يصفهم بقول الْفُحْش وَيَدْعُو عَلَيْهِم بالجدب وضيق الْعَيْش
فَمَا فَوق ذلتكم الخ مَعْنَاهُ أَنهم أذلّ النَّاس وَأَقلهمْ قدرا
5 - أجدوا النِّعَال أَي اتَّخَذُوهَا جَدِيدَة فويها لكم ويها اسْم(2/200)
(وأبلغ سلامان إِن جِئْتهَا ... فَلَا يَك شبها لَهَا المغزل)
(يكسي الْأَنَام ويعرى استه ... وينسل من خَلفه الْأَسْفَل)
3 - (فَإِن بجيرا وأشياعه ... كَمَا تبحث الشَّاة إِذْ تدأل)
4 - (أثارت عَن الحتف فاغتالها ... فَمر على حلقها المغول)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فعل يغري بِهِ وجرول منادى يُرِيد يَا بني جَرْوَل وَهُوَ جَرْوَل بن مجاشع وَكَانَ لَهُ عشرَة بَنِينَ سماهم كلهم بأسماء السبَاع وَكَانَ جَرْوَل أجبن النَّاس مَعَ حسن منظره وهيئته وَالْمعْنَى غيروا حالكم وأحسنوا هيئتكم أَو هُوَ كِنَايَة عَن الْفِرَار والهرب
1 - سلامان قَبيلَة من هَمدَان إِن جِئْتهَا أَي جِئْت سلامان وحللت فِيهَا وَقَوله فَلَا يَك الخ هُوَ الرسَالَة الَّتِي يُرِيد إبلاغها وَالْمعْنَى إِن حللت فِي بني سلامان فَأخْبرهُم أَن لَا يَكُونُوا فِي أَحْوَالهم مثل المغزل يكسى الْخلق وَهُوَ عُرْيَان وَذَلِكَ أَنهم ينفعون غَيرهم وَلَا ينفعون أنفسهم
2 - يكسى الْأَنَام الخ أَي يكسو الْأَنَام وَهُوَ عُرْيَان وَيخرج أَسْفَله من خَلفه عِنْد خلعه من الْغَزل الَّذِي عَلَيْهِ وَيفهم من هَذَا الْكَلَام أَن بني سلامان كَانُوا يرتكبون الْأَهْوَال الَّتِي مغانمها لغَيرهم فَلذَلِك جعل المغزل مثلا لَهُم لِأَن عمله لغيره
3 - كَمَا تبحث الشَّاة الخ هُوَ مثل يضْرب لكل من أعَان على حتف نَفسه أَي على هلاكها وتدأل من الدألان وَهُوَ الْمَشْي فِي نشاط
4 - فاغتالها أَي أهلكها والمغول مَا يهْلك بِهِ الشَّيْء وَالْمرَاد بِهِ هُنَا السكين وَمَعْنَاهُ مَعَ الْبَيْت الَّذِي قبله أَن بجيرا وَأَتْبَاعه فِي إهلاكهم أنفسهم مثل شَاة حفرت الأَرْض برجلها فظهرت مِنْهَا سكين فذبحت بهَا فَكَانَ حفرهَا سَبَب مَوتهَا(2/201)
(وَآخر عهد لَهَا مونق ... غَدِير وجزع لَهَا مبقل)
وَقَالَ إِيَاس بن الأرث الطَّائِي
(كَأَن مرعى امكم إِذْ بَدَت ... عقربة يكومها عقربان)
3 - (إكليلها زول وَفِي شولها ... وخز أَلِيم مثل وخز السنان)
4 - (كل عَدو يتقى مُقبلا ... وأمكم سورتها بالعجان)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - مونق أَي حسن معجب وَهُوَ نعت لغدير الَّذِي بعده مقدم عَلَيْهِ والغدير قِطْعَة مَاء تغادرها السُّيُول أَي تتركها وجزع مقبل أَي وَاد مخصب وَالْمعْنَى مَا كَانَ أحسن آخر يَوْم لبني سلامان وهم فِي خير نعْمَة من مَاء عذب وَمَكَان خصب
2 - كَأَن مرعى أمكُم يجوز أَن يكون مرعى اسْم كَائِن وأمكم بدل مِنْهُ وَيجوز أَن يكون ذَلِك لقبا لقبها بِهِ الشَّاعِر والعقربة وَالْعَقْرَب مَعْرُوف ويكومها أَي يُجَامِعهَا والعقربان بِضَم الْعين ذكر العقارب يسبهم بِأَن أمّهم فِي الْأَذَى الَّذِي يصدر مِنْهَا مثل العقربة الَّتِي يُجَامِعهَا عقرب فَيكون الْأَذَى طبعا لأمهم كَمَا أَنه طبع للعقربة
3 - إكليلها زول الخ الإكليل كِنَايَة عَن قرنها والزول الْخَفِيف الظريف وَفِي شولها أَي فِيمَا ترفعه من ذنبها وخز أَي طعن وَالْمعْنَى أَن الْأَذَى الَّذِي يصدر مِنْهَا حِين ترفع ذنبها للدغ لَهُ ألم مثل طعن الرمْح
4 - سورتها بالعجان السُّورَة الْقُوَّة والعجان مَا بَين الْقبل والدبر وَهُوَ هُنَا ضد الإقبال وَالْمعْنَى أَن الأعادي يخَاف مِنْهَا إِذا جَاءَت مقبلة وَأَن أمكُم يخْشَى مِنْهَا إِذا ولت مُدبرَة لِأَنَّهَا إِذا أَدْبَرت هيجت النميمة وَقيل إِنَّهَا تبيح عجانها للرِّجَال فتستعين بهم على من يعاديها فَتكون قوتها بعجانها(2/202)
1 - وَقَالَ أدهم بن أبي الزَّعْرَاء الطَّائِي
(بنى خيبري نهنهوا عَن قناذع ... أَتَت من لدنكم وانظروا مَا شؤونها)
3 - (وكائن بِنَا من ناشص قد علمْتُم ... إِذا نفرت كَانَت بطيأ سكونها)
4 - (وبالحجل الْمَقْصُور خلف ظُهُورنَا ... نواشيء كالغزلان نجل عيونها)
5 - (وَإِنَّا لمحقوقون حِين غضبتم ... بأيمة عبد الله أَن سنهينها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - قَالَ أَبُو رياش تزوج عبد الله بن مُدْلِج الطَّائِي هنيدة بنت عبد الرَّحْمَن ابْن حدير فَأَبت أَن تنزله عِنْدهَا فَقَالَ فِي ذَلِك أدهم بن أبي الزَّعْرَاء هَذِه الأبيات
2 - نهنهوا عَن قناذع أَي كفوا وانزجروا والقناذع الدَّوَاهِي أَو هِيَ الْكَلَام الْقَبِيح وَقَوله وانظروا مَا شؤونها أَي تدبروا عَاقبَتهَا وَالْمعْنَى انْتَهوا يَا بني خيبري عَمَّا تَقولُونَ من الْكَلَام الْقَبِيح الَّذِي يأتينا من عنْدكُمْ وانظروا فِي عواقبه
3 - وكائن بِنَا أَي وَكم بِنَا والناشص المبغضة لزَوجهَا وَالْمعْنَى وَكم بِنَا من ناشص إِذا غضِبت لَا يسكن غَضَبهَا وَأَنْتُم تعلمُونَ ذَلِك أَو يُقَال جعل الناشص كِنَايَة عَن بادرة غضبهم وسطوتهم أَي نَحن أَصْحَاب بَأْس وسطوة إِذا غضبنا لشَيْء لَا يسكن غضبنا حَتَّى نبلغ مرادنا
4 - وبالحجل الْمَقْصُور الخ الحجل جمع حجلة وَهِي بَيت الْعَرُوس المزين بالثياب والمقصور الْمَمْنُوع أَو الْمُرْسل عَلَيْهِ السّتْر والنواشئ جمع ناشئة وَهِي الشَّابَّة الحديثة السن ونجل عيونها أَي واسعات عيونها جمع نجلاء من النجل بِفَتْح الْجِيم وَهُوَ سَعَة الْعين وَالْمعْنَى أَن وَرَاءَنَا بالحجال فتيات مثل الغزلان فِي حسن جيدها واتساع عيونها
5 - لمحقوقون أَي حقيق بِنَا وَالْأَيمَة مصدر آمت الْمَرْأَة تئيم أيمة إِذا كَانَت بِلَا زوج وَالْمعْنَى نَحن حقيق نبا أَن نهين تِلْكَ(2/203)
(فلست لمن أدعى لَهُ إِن تفقأت ... عَلَيْهَا دماميل استه وحبونها)
وَقَالَ حُرَيْث بن عناب النبهاني
3 - (بني ثعل أهل الْخَنَا مَا حديثكم ... لكم منطق غاو وَلِلنَّاسِ منطق)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الناشص وَيبقى عبد الله بِلَا زوج لأجل غضبكم
1 - لمن ادّعى لَهُ أَي لمن انتسب إِلَيْهِ وَهُوَ أبي إِن تفقأت أَي إِن تشققت والأست الْعَجز أَو حَلقَة الدبر وَفِي لفظ الأست احتقار وَضرب هَذَا مثلا للاجتماع والحبون جمع حبن بِكَسْر الْحَاء وَهُوَ خراج كالدمل وَعَلَيْهَا أَي على هَذِه الْمَرْأَة وَهِي مَعْلُومَة من الْكَلَام وَالْمعْنَى أكون ضائع النّسَب مَجْهُول الْأَب إِن أَعْطيته مُرَاده حَتَّى يشتفي قلبه أَو يجْتَمع بهَا
2 - وجده مطر بن سلسلة بن كَعْب أحد بني نَبهَان بن عَمْرو بن الْغَوْث بن طيىء وحريث شَاعِر إسلامي من شعراء الدولة الأموية وَلَيْسَ بمذكور فِي الشُّعَرَاء لِأَنَّهُ كَانَ بدويا مقلا غير متصد بالشعر للنَّاس مدحا وهجاء وَلَا يعد وشعره أمرا يَخُصُّهُ وَمن حَدِيث هَذِه الأبيات أَن حريثا كَانَ يهوى امْرَأَة يُقَال لَهَا حييّ بنت الْأسود فَخَطَبَهَا فوعده أَهلهَا أَن يزوجوه مِنْهَا ووعدته أَن لَا تجيب إِلَى تَزْوِيج إِلَّا بِهِ فَخَطَبَهَا رجل من بني ثعل وَكَانَ مُوسِرًا فمالت إِلَيْهِ وَتركت حريثا وَقد خيرت بَينهمَا فَاخْتَارَتْ الثعلى فَتَزَوجهَا فَطَفِقَ حريت يهجو قَومهَا وَقوم المتزوج بهَا فَقَالَ هَذِه الأبيات يهجو بني ثعل
3 - أهل الْخَنَا أَي يَا أهل الْفُحْش وَقَوله مَا حديثكم يُرِيد مَا لغتكم وَذَلِكَ احتقار واستهزاء والمنطق الغاوي الشاذ الزائغ عَن المألوف وَلِلنَّاسِ منطق المُرَاد بِالنَّاسِ الْعَرَب يصفهم بِسوء الْمنطق وَأَنَّهُمْ من الأنباط لَا من الْعَرَب(2/204)
(كأنكم معزى قواصع جرة ... من العي أَو طير بخفاف ينغق)
(ديافية قلف كَأَن خطيبهم ... سراة الضُّحَى فِي سلحه يتمطق)
3 - وَقَالَ شعيث بن عبد الله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - كأنكم معزى الخ المعزى من الْغنم ضد الضَّأْن وقواصع جرة من قصع الْبَعِير بجرته إِذا ردهَا إِلَى جَوْفه والجرة مَا يُخرجهُ من بَطْنه بعد أكله فيأكله ثَانِيًا حِين يجتر وَالْمرَاد بالطير الْغرْبَان وخفاف اسْم مَوضِع وتنغق أَي تصوت وَالْمعْنَى أَنهم لعيهم وَقلة بيانهم إِذا تكلمُوا كَانُوا مثل بَهِيمَة تجتر أَو غربان تصيح فَلَا تعرف مِنْهُم إِلَّا أفواها متحركة بِأَصْوَات تمجها الأسماع
2 - ديافية أَي منسوبون إِلَى دياف وَهِي أَرض بِالشَّام للأنباط يُرِيد أَنهم لَيْسُوا من الْعَرَب لأَنهم إِذا أَرَادوا أَن يعرضُوا بِرَجُل أَنه نبطي نسبوه إِلَى هَذَا الْموضع والقلف جمع أقلف وَهُوَ الَّذِي لم يختن وسراة الضُّحَى وَسطه والسلح الْعذرَة ويتمطق من التمطق وَهُوَ تذوق الشَّيْء بِضَم إِحْدَى الشفتين على الْأُخْرَى مَعَ صَوت بَينهمَا وَالْمعْنَى أَنه يخرجهم من أَن يَكُونُوا عربا ويجعلهم غير مختونين إِلْحَاقًا لَهُم بالعجم وَأَن خطيبهم الَّذِي يزعمونه فصيحا إِذا تكلم عَنْهُم يَوْم فخارهم تلجلج فِي كَلَامه لقلَّة بَيَانه كَأَنَّهُ يتمطق فِي سلحة وَيفهم من وَصفهم بذلك فِي الضُّحَى إِنَّهُم كسَالَى لَا يقومُونَ من فرشهم إِلَّا فِي ذَلِك الْوَقْت
3 - شَاعِر إسلامي فِي عهد بني مَرْوَان وَهُوَ من بني كنَانَة ويهجو بِهَذَا الشّعْر رجلا من بني الْقَيْن اسْمه عقال بن هَاشم وَأَظنهُ الَّذِي كَانَ يهاجي ابْن ميادة وعقال هَذَا يَقُول فِي بني كنَانَة
(فَمَا كنَانَة فِي خير بخائرة ... وَلَا كنَانَة فِي شَرّ بأشرار)(2/205)
(أترجو حييا أَن تَجِيء صغارها ... بِخَير وَقد أعيا عَلَيْك كِبَارهَا)
(إِذا النَّجْم وافى مغرب الشَّمْس أجحرت ... مقاري حييّ واشتكى الْغدر جارها)
وَقَالَ حُرَيْث بن عناب تقدّمت تَرْجَمته
3 - (قولا لصخرة إِذْ جد الهجاء بهَا ... عوجي علينا يُحْيِيك ابْن عناب)
4 - (هلا نهيتم عويجا عَن مقاذعتى ... عبد المقذ دعيا غير صياب)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - أترجو حييا الخ مَعْنَاهُ إِنَّه جرد من نَفسه إنْسَانا ولامه على تَعْلِيق رجائه بِأَن تَأتي صغَار هَذِه الْقَبِيلَة بِخَير لم توفق للإتيان بِهِ كِبَارهَا يُشِير بِهَذَا الْكَلَام إِلَى أَن أهل هَذِه الْقَبِيلَة لَا يفلحون أبدا
2 - إِذا النَّجْم الخ المُرَاد بِالنَّجْمِ فِي كَلَام الْعَرَب الثريا ووافي مغرب الشَّمْس أَي طلع فِي وَقت غُرُوبهَا وَذَلِكَ فِي زمن الشتَاء وأجحرت أَي أخفيت كَأَنَّهَا أدخلت فِي الْجُحر والمقاري جمع مقري وَهِي الْآنِية الَّتِي يقرى فِيهَا الضَّيْف وَالْمرَاد من هَذَا الْكَلَام أَنهم بخلاء يجيعون ضيفهم وَيَسْرِقُونَ مَال جارهم
3 - قولا لصخرة الخ جري الْخطاب هُنَا على عَادَة الْعَرَب من خطاب الْوَاحِد بخطاب الِاثْنَيْنِ وَقَوله إِذْ جد الهجاء بهَا أَي إِذْ جدت فِي الهجاء وَاجْتَهَدت فِيهِ وصخرة اسْم امْرَأَة وَالْمرَاد هُنَا أبناؤها إِذْ جدوا فِي الهجاء واجتهدوا فِيهِ وَقَالَ يُحْيِيك مَعَ أَنه لَا تَحِيَّة هُنَا استهزاء بهم وتهكما عَلَيْهِم وَالْمعْنَى قُولُوا لبني صَخْرَة ينزلُوا علينا لنهجوهم كَمَا هجونا
4 - هلا نهيتم الخ هلا للتحضيض والمقاذعة المشاتمة بقول الْفُحْش وَعبد المقذ بدل من عويج أَو مَنْصُوب على الذَّم والمقذ مُنْقَطع شعر الْقَفَا(2/206)
(مستحقبين سليمى أم منتشر ... وَابْن المكفف ردفا وَابْن خباب)
(يَا شَرّ قوم بنى حصن مهاجرة ... وَمن نعرب مِنْهُم شَرّ أَعْرَاب)
3 - (لَا يرتجي الْجَار خيرا فِي بُيُوتهم ... وَلَا محَالة من شتم وألقاب)
وَقَالَ آخر
4 - (بنى أَسد إِلَّا تنحوا تطأكم ... مناسم حَتَّى تحطموا وحوافر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والدعي الَّذِي يتبناه غير أَبِيه أَي يَتَّخِذهُ ابْنا وَغير صياب أَي غير خِيَار يُقَال فلَان من صياب قومه أَي من خيارهم وَالْمعْنَى هلا تزجرون عويجا عَن مشاتمتي ذَلِك العَبْد الذَّلِيل الَّذِي يضْرب على قَفاهُ فَيسْقط شعره فضلا عَن كَونه دعيا بَين قومه دخيلا فيهم
1 - مستحقبين سليمى أَي حاملين لَهَا فِي مَوضِع الحقيبة وَهِي الْقطعَة المحشوة تَحت الرحل وَابْن المكفف مَعْطُوف على سليمى والردف الَّذِي يركب خلف الرَّاكِب وَابْن خباب مَعْطُوف عَلَيْهَا أَيْضا يعير الْقَوْم الَّذين هجوه بحملهم سليمى وَمن مَعهَا فِي مَوضِع الحقيبة وانتسابهم إِلَيْهَا وَكَأَنَّهُ يرميهم بهَا يُرِيد أَن الْجَمِيع لَيْسُوا من أهل الْخَيْر
2 - بني حصن مَنْصُوب على الذَّم أَو الِاخْتِصَاص وتعرب أَي تكلّف الدُّخُول فِي الْعَرَب وَالْإِعْرَاب سكان الْبَوَادِي وَمَعْنَاهُ أَن بني حصن شَرّ قوم هَاجرُوا إِلَى الْأَمْصَار ودخلوا فِي عربها أَو شَرّ قوم باقين بالبوادي على حَالهم
3 - لَا محَالة أَي لَا بُد والألقاب جمع لقب وَهُوَ تَسْمِيَة الْإِنْسَان بِمَا يكره وَالْمعْنَى أَنهم لَا خير عِنْدهم للْجَار فضلا عَن غَيره وكل من يجاورهم لَا يشكرهم بل يعيرهم وَيظْهر عيوبهم بِالْأَلْقَابِ والشتم
4 - إِلَّا تنحوا أَي إِن لم تبعدوا والمناسم جمع منسم وَهُوَ خف الْبَعِير وَالْمعْنَى إِن لم تبعدوا عَنَّا يَا بني أَسد وتهابونا داستكم(2/207)
(وميعاد قوم إِن أَرَادوا لقاءنا ... مياه تحامتها تَمِيم وعامر)
(وَمَا نَام مياح البطاح ومنعج ... وَلَا الرس إِلَّا وَهُوَ عجلَان ساهر)
3 - (تضاءلتم منا كَمَا ضم شخصه ... أَمَام الْبيُوت الخاريء المتقاصر)
4 - (ترى الجون ذَا الشمراخ والورد يبتغى ... ليَالِي عشرا بَيْننَا وَهُوَ عائر)
5 - (وَلما رأيناكم لِئَامًا أدقة ... وَلَيْسَ لكم من سَائِر النَّاس نَاصِر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خيولنا وإبلنا تَحت مناسمها وحوافرها حَتَّى تستوي بكم الأَرْض
1 - وميعاد قوم على حذف مُضَاف أَي وَمَوْضِع ميعاد قوم وتحامتها أَي تركتهَا وَالْمعْنَى إِن أَرَادَ بَنو أَسد لقاءنا يجدونا عِنْد الْمِيَاه الَّتِي تركتهَا بَنو تَمِيم وَبَنُو عَامر هَيْبَة منا ومخافة يُرِيد إِن بني أَسد لَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يردوا تِلْكَ الْمِيَاه وَإِن كَثُرُوا
2 - مياح البطاح الخ المياح الَّذِي يدْخل الْبِئْر فَيمْلَأ الدَّلْو مِنْهَا لقلَّة مَائِهَا والبطاح مَاء فِي ديار بني أَسد ومنعج والرس موضعان فيهمَا مَاء يُورد وَالْمعْنَى أَنه ينذر بني أَسد وَيَقُول لَهُم لَا تزعموا أننا غافلون عَنْكُم بل نَحن متيقظون لكم إِن أردتم لقاءنا يُرِيد بتيقظ قومه أَنهم الغالبون على بني أَسد
3 - تضاءلتم من التضاؤل وَهُوَ صغر الْجِسْم والمتقاصر الَّذِي يظْهر الْقصر وَالْمعْنَى أَنكُمْ تهابوننا فتجمعون أبدانكم وتضمونها متصاغرين من مخافتنا كَمَا يضم نَفسه الَّذِي يقْضِي حَاجته أَمَام الْبيُوت للستر عَلَيْهَا
4 - ترى الجون الخ الجون الْفرس الأدهم والشمراخ غرَّة الْفرس والورد من الْخَيل بَين الْكُمَيْت والأشقر وعائر من عَار الْفرس إِذا ذهب وانفلت وَالْمعْنَى أَنهم يطْلبُونَ الْفرس الْمَشْهُور بلونه عشر لَيَال فَلَا يجدونه وَهُوَ وَسطهمْ وَذَلِكَ لِكَثْرَة خيلهم
5 - أدقة جمع دَقِيق يُرِيد بِهِ الذَّلِيل وَجَوَاب لما فِي الْبَيْت بعده(2/208)
(ضممناكم من غير فقر إِلَيْكُم ... كَمَا ضمت السَّاق الكسير الجبائر)
وَقَالَ أَبُو صعترة البولاني
(أتهجونا وَكُنَّا أهل صدق ... وتنسى مَا حباك بَنو برَاء)
3 - (هم نتجوك تَحت اللَّيْل سقبا ... خَبِيث الرّيح من خمر وَمَاء)
4 - (وهم جهلوا عَلَيْك بِغَيْر جرم ... وبلوا منكبيك من الدِّمَاء)
وَقَالَ الطرماح بن جهم السنبسي لنافذ بن سعد الْمَعْنى
5 - (إِن بمعن إِن فخرت لمفخرا ... وَفِي غَيرهَا تبنى بيُوت المكارم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَهُوَ ضممناكم
1 - السَّاق الكسير أَي الْمَكْسُورَة وفعيل الَّذِي بِمَعْنى مفعول يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث والجبائر جمع جبيرَة وَهِي العيدان الَّتِي تجبر بهَا الْعِظَام وَالْمعْنَى وَلما رأيناكم أذلاء بَين النَّاس لِئَامًا أخساء وَلَا نَاصِر لكم يقوم بأمركم وَيدْفَع عَنْكُم ضممناكم إِلَيْنَا كَمَا تضم السَّاق الكسيرة بالجبائر ولسنا فِي حَاجَة إِلَيْكُم وَلكنهَا الرَّحْمَة والشفقة عَلَيْكُم
2 - مَا حباك أَي أَعْطَاك وَالْمعْنَى أتهجونا بعد علمك بصدقنا وتنسى إِحْسَان بني برَاء عَلَيْك
3 - نتجوك أَي أولدوك والسقب فِي الأَصْل ولد النَّاقة وَأَرَادَ بِهِ هُنَا مَا يخرج عِنْد قَضَاء الْحَاجة وَالْمعْنَى أَنهم ضربوك ضربا مبرحا وَأَنت سَكرَان حَتَّى أحدثت على نَفسك حَدثا كَهَيئَةِ السقب خَبِيث الرّيح
4 - منكبيك تَثْنِيَة منْكب وَهُوَ مجمع عظم الْعَضُد والكتف وَالْمعْنَى أَنهم ضربوك وَأَنت بَرِيء فَكيف لَا يضربونك إِذا هجوتهم
5 - إِن بِمَعْنى الخ معن قَبيلَة من طيىء وَقَوله وَفِي غَيرهَا تبني الخ يُرِيد فِي غير معن تضرب قباب الْكَرم يَقُول إِن فخرت(2/209)
(مَتى قدت يَا ابْن الحنظلية عصبَة ... من النَّاس تهديها فجاج المخارم)
(إِذا مَا ابْن جد كَانَ ناهز طيىء ... فَإِن الذرا قد صرن تَحت المناسم)
3 - (فقد بزمام بظر أمك واحتفر ... بأير أَبِيك الْغسْل كراث عاسم)
وَقَالَ الكروس بن زيد بن حصن بن مصاد بن مَالك بن معقل بن مَالك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بقبيلة معن كَانَ ذَلِك لَك فَإِن فيهم مَوضِع الْفَخر وَلَكِن لَا يُوجد فيهم الْكَرم والجود
1 - مَتى قدت هَذَا إِنْكَار وتقريع والعصبة من النَّاس وَالْخَيْل مَا بَين الْعشْرَة إِلَى الْأَرْبَعين وَقَوله تهديها يُقَال هديته الطَّرِيق وَإِلَى الطَّرِيق دللته وأرشدته والفجاج جمع فج الطَّرِيق الْوَاسِع بَين جبلين والمخارم جمع مخرم وَهُوَ أنف الْجَبَل وَالْمعْنَى فِي أَي وَقت قدت النَّاس يَا ابْن الحنظلية إِلَى الطّرق الصعاب المجهولة وَكنت لَهُم كالهادي يُرِيد أَن ابْن الحنظلية من الضِّعَاف الَّذين لَا يركن إِلَيْهِم عِنْد الشدائد
2 - إِذا مَا ابْن جد الخ قيل إِن جدا اسْم قَبيلَة وَقيل إِنَّه ينْسبهُ إِلَى الْجد يُشِير إِلَى أَنه لَا أَب لَهُ والناهز رَئِيس الْقَوْم الَّذِي يرى مصالحهم والذرا جمع ذرْوَة وَهِي أَعلَى السنام والمناسم جمع منسم وَهُوَ خف الْبَعِير وَالْمعْنَى أَنه إِذا كَانَ ابْن جد زعيم طيىء وَرَئِيسهمْ فقد انعكس الْأَمر بهم فَصَارَ الشريف وضيعا والوضيع شريفا
3 - فقد بزمام الخ الزِّمَام مَا تقاد بِهِ الدَّابَّة والبظر مَا تقطعه الخافضة من الْفرج والفسل الضَّعِيف وعاسم مَوضِع وَالْمعْنَى لَا تتعرض لطلب الْمَعَالِي فلست من أَهلهَا بل يَكْفِيك أَن تقود بظر أمك بدل أَن تقود النَّاس فَإِنَّهُ عَظِيم وَأَن أَخذ أير أَبِيك فِي يدك فَإِنَّهُ أليق بهَا من السَّيْف وَالْبَيْت كُله سبّ لَهُ(2/210)
(أَلا لَيْت حظي من عطائك أنني ... علمت وَرَاء الرمل مَا أَنْت صانع)
(فقد كَانَ لي عَمَّا أرى متزحزح ... ومتسع من جَانب الأَرْض وَاسع)
3 - (وهم إِذا مَا الجبس قصر نَفسه ... طُلُوع إِذا أعيا الرِّجَال الْمطَالع)
وَقَالَ وضاح بن إِسْمَاعِيل بن عبد كلال بن دَاوُد بن أبي أَحْمد تقدّمت تَرْجَمته
4 - (من مبلغ الْحجَّاج عني رِسَالَة ... فَإِن شِئْت فاقطعني كَمَا قطع السلا)
5 - (وَإِن شِئْت فاقتلنا بمُوسَى رميضة ... جَمِيعًا فقطعنا بهَا عقد العرا)
6 - (وَإِن قلت لَا إِلَّا التَّفَرُّق والنوى ... فبعدا أدام الله تَفْرِقَة النَّوَى)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - وَرَاء الرمل مُتَعَلق بعلمت وَالْمعْنَى لَيْتَني علمت وَأَنا فِي مَكَاني قبل أَن أتوجه إِلَيْك وأرجوك مَا أَنْت صانعه من خيبة رجائي فَكنت أبقى فِي موضعي وَلَا آتِيك وَيكون ذَلِك غَايَة مرادي
2 - متزحزح أَي مبعد وَالْمعْنَى أَنِّي كنت فِي فسحة من أَمْرِي وَكَانَ بعدِي عَنهُ أحسن لي مِمَّا أرَاهُ من الإهانة الَّتِي أصابتني من جِهَته
3 - وهم يُرِيد بِهِ الهمة والمضاء وَقَوله إِذا مَا الجبس الجبس الجبان الثقيل الجافي وَالْمعْنَى أَنِّي كنت فِي مندوحة عَمَّا حصل لي من الإهانة وَكَانَت لي همة عالية يقصر عَنْهَا الجبان وتعز على الرِّجَال مطالعها
4 - فَإِن شِئْت الخ هُوَ الرسَالَة الَّتِي يُرِيد إبلاغها مَعَ الأبيات بعده والسلا الْجلد الَّذِي يكون فِيهِ الصَّبِي فِي بطن أمه وَإِنَّمَا مثل بِهِ لِأَنَّهُ إِذا انْقَطع عَن الصَّبِي حِين يُولد لَا يرجع إِلَيْهِ وَهَذَا كِنَايَة عَن الخيبة وَقطع الْمَوَدَّة بَينهمَا
5 - الموسى آلَة الْحلق ورميضة أَي محددة وَعقد العرى على حذف مُضَاف أَي تقطيع عقد العرى جمع عُرْوَة
6 - تَفْرِقَة النَّوَى أَي(2/211)
(فَإِنِّي أرى فِي عَيْنك الْجذع معرضًا ... وتعجب أَن أَبْصرت فِي عَيْني القذى)
2 - وَقَالَ عَمْرو بن مخلاة الْحمار الْكَلْبِيّ
3 - (ضربنا لكم عَن مِنْبَر الْملك أَهله ... بجيرون إِذْ لَا تَسْتَطِيعُونَ منبرا)
4 - (وَأَيَّام صدق كلهَا قد عَرَفْتُمْ ... نصرنَا وَيَوْم المرج نصرا مؤزرا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فِرَاق الْبعد وَالْمعْنَى إِن لم ترض إِلَّا فراقنا مِنْك وبعدنا عَنْك فأدام الله ذَلِك بَيْننَا وَبَيْنك
1 - الْجذع معرضًا الخ الْجذع أصل الشَّجَرَة ومعرضا أَي مُعْتَرضًا والقذى مَا يسْقط فِي الْعين وَالشرَاب وَالْمعْنَى أَن الْعَدَاوَة بَيْننَا قد رسخت من جهتك وَأَنا أرى الْجذع مُعْتَرضًا فِي عَيْنك فَلَا أنكرهُ وَأَنت تنكر القذى فِي عَيْني وَهَذَا مثل يضْرب لمن يرى الْقَلِيل من عُيُوب النَّاس وَلَا يرى الْكثير من عيوبه وَحَاصِل الأبيات أَنه يظْهر قلَّة مبالاته بالحجاج وَيَقُول لَهُ إِن شِئْت فاقطع الْمَوَدَّة بَيْننَا قطعا لَا وصل بعده وَإِن شِئْت فأبعدنا مِنْك فَلَا حَاج لنا فِيك فَإنَّك تنكر الصَّغِير من عيوبنا وَلَا تنكر الْكَبِير من عيوبك
2 - هُوَ شَاعِر إسلامي فِي عهد بني أُميَّة وَله شعر كثير فِي وقْعَة مرج راهط
3 - ضربنا لكم أَي صرفنَا لكم وَالْخطاب لمروان بن الحكم وأشياعه وَيُرِيد بِأَهْل مِنْبَر الْملك عليا كرم الله وَجهه وَأَوْلَاده وجيرون مَوضِع وَالْمعْنَى نَحن أحسنا إِلَيْكُم بإثباتنا لكم الْمجد الَّذِي لَا تستحقونه بَعْدَمَا صرفنَا عَنهُ أَهله وكنتم لَا تَسْتَطِيعُونَ ذَلِك فعلام الْإِسَاءَة مِنْكُم إِلَيْنَا
4 - وَيَوْم المرج أَي مرج راهط وَهُوَ يَوْم مَعْلُوم عِنْدهم قتل فِيهِ مَرْوَان ابْن الحكم الضَّحَّاك بن قيس الفِهري صَاحب شرطة مُعَاوِيَة ثمَّ طلب الْأَمر لنَفسِهِ وَهُوَ يُوهم أَنه مَعَ ابْن الزبير وَكَانَ من حَدِيث هَذَا الْيَوْم إِنَّه لما مَاتَ(2/212)
(فَلَا تكفرُوا حسنى مَضَت من بلائنا ... وَلَا تمنحونا بعد لين تجبرا)
(فكم من أَمِير قبل مَرْوَان وَابْنه ... كشفنا غطاء الْغم عَنهُ فأبصرا)
3 - (ومستسلم نفسن عَنهُ وَقد بَدَت ... نَوَاجِذه حَتَّى أهل وَكبر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يزِيد بن مُعَاوِيَة وَولى ابْنه مُعَاوِيَة بن يزِيد وَمكث مائَة يَوْم ثمَّ ترك الْأَمر وَاعْتَزل النَّاس فَأخذت الْبيعَة لعبد الله بن الزبير وَكَانَ مَرْوَان بن الحكم بالشأم فهم بِالْمَسِيرِ إِلَى الْمَدِينَة ومبايعة ابْن الزبير فَقدم عَلَيْهِ عبيد الله بن زِيَاد فَقَالَ لَهُ إِنِّي استحييت لَك من هَذَا الْفِعْل إِذْ أَصبَحت شيخ قُرَيْش الْمشَار إِلَيْهِ وتبايع عبد الله بن الزبير وَأَنت أولى بِهَذَا الْأَمر مِنْهُ فَقَالَ لَهُ لم يفت شَيْء فَبَايعهُ وَبَايع أهل الشأم وَخَالف عَلَيْهِ الضَّحَّاك بني قيس الفِهري وَصَارَ أهل الشأم حزبين حزب اجْتمع إِلَى الضَّحَّاك وحزب مَعَ مَرْوَان بن الحكم وَوَقعت بَينهمَا هَذِه الْوَقْعَة واستقام الْأَمر بعد لمروان بن الحكم ومؤزرا أَي قَوِيا وَالْمعْنَى إِن تأييدنا وَنَصَرنَا لكم لَا يحتاجان إِلَى دَلِيل لشهرتهما
1 - حسنى مَضَت الْحسنى هُنَا مصدر وَلَيْسَ بتأنيث الْأَحْسَن لِأَن الأفعل والفعلى إِذا كَانَا صفتين لَا يستعملان إِلَّا نكرَة وَقَوله من بلائنا أَي مَا قاسيناه واحتملناه من الشدائد فِي تمهيد السَّبِيل لكم يَقُول لَا تجحدوا مَا مضى من إحساننا إِلَيْكُم فتعاملونا بالقسوة بدل اللين
2 - فكم من أَمِير يُرِيد بِهِ مُعَاوِيَة وَيزِيد وَالْمعْنَى كم من أَمِير شملناه بنصرنا فكشفنا عَنهُ فِي الْحَرْب كربه فاستقام أمره وَأبْصر رشده فاهتدى إِلَى مَا فِيهِ شرفه بَعْدَمَا كَانَ لَا يَهْتَدِي
3 - ومستسلم أَي مُسلم نَفسه لغيره وَالنُّون فِي نفسن للخيل وَلم يُصَرح باسمها لِأَن الْحَرْب تدل عَلَيْهَا والنواجذ الأضراس وَأهل أَي رفع صَوته وَالْمعْنَى(2/213)
(إِذا افتخر الْقَيْسِي فاذكر بلاءه ... بزراعة الضَّحَّاك شَرْقي جوبرا)
(فَمَا كَانَ فِي قيس من ابْن حفيظة ... يعد وَلَكِن كلهم نهب أشقرا)
3 - وَقَالَ جواس بن القعطل الْكَلْبِيّ
4 - (أعبد المليك مَا شكرت بلاءنا ... فَكل فِي رخاء الْأَمْن مَا أَنْت آكل)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَكم من مستسلم أنجدته خيولنا وَقد انكشفت شفتاه عَن أَسْنَانه من شدَّة الكرب حَتَّى رفع صَوته بِالتَّكْبِيرِ يُرِيد بالمستسلم مُعَاوِيَة ويصفه بِمَا لحقه فِي حربه مَعَ عَليّ كرم الله وَجهه يَوْم صفّين
1 - بزراعة الضَّحَّاك الخ الزِّرَاعَة مَوضِع الزَّرْع وَالضَّحَّاك كَانَت مَعَه قيس فأسلموه إِلَى أعدائه فَقَتَلُوهُ وجوبر قَرْيَة بِالشَّام وَالْمعْنَى إِذا افتخرت قيس فاذكر لَهُم خذلانهم الضَّحَّاك ليتركوا الافتخار
2 - من ابْن حفيظة الخ الحفيظة الْغَضَب وَالْحمية وأشقر رجل كَانَ نهب صندوقا فَظن أَن فِيهِ مَالا ففتحه فَإِذا فِيهِ عِظَام فضربته الْعَرَب مثلا لما لَا خير فِيهِ وَالْمعْنَى أَن قيسا لَيْسَ فيهم رجل شُجَاع وَلَكِن كلهم فِي أَحْوَالهم مثل مَا نهبه أشقر فَلَا خير فيهم لمن يظنّ أَن فيهم خيرا
3 - وَهُوَ أَيْضا شَاعِر إسلامي كَانَ مِمَّن شهد ذَلِك الْيَوْم وَله فِيهِ شعر وَفِي هَذَا الشّعْر يُعَاتب عبد الْملك بن مَرْوَان لِأَنَّهُ لما قتل ابْن الزبير وسكنت الْحَرْب أقبل عبد الْملك يتألف بني قيس وَكَانُوا أعداءه ويوحش بني كلب وهم أنصاره حَتَّى انْتَهَت الْحَال بِهِ إِلَى أَن عزل كثيرا مِمَّن اسْتَعْملهُ من كلب على أَعماله وَجعل أبدالهم من قيس
4 - أعبد المليك الخ يُرِيد بِهِ عبد الْملك بن مَرْوَان وَالْمعْنَى مَا شكرت يَا عبد الْملك نعمتنا ودفاعنا عَنْك وتأييدنا ملكك حَتَّى صرت فِي غَايَة الْأَمْن على نَفسك وعَلى رعيتك وَبعد ذَلِك ضيعت حقوقنا(2/214)
(بجابية الجولان لَوْلَا ابْن بَحْدَل ... هَلَكت وَلم ينْطق لقَوْمك قَائِل)
(فَلَمَّا عَلَوْت الشَّام فِي رَأس باذخ ... من الْعِزّ لَا يسطيعه المتناول)
3 - (نفحت لنا سجل الْعَدَاوَة معرضًا ... كَأَنَّك مِمَّا يحدث الدَّهْر جَاهِل)
4 - (وَكنت إِذا أشرفت من رَأس هضبة ... تضاءلت إِن الْخَائِف المتضائل)
5 - (فَلَو طاوعوني يَوْم بطْنَان أسلمت ... لقيس فروج مِنْكُم وَمُقَاتِل)
وَقَالَ أَيْضا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْوَاجِبَة عَلَيْك
1 - بجابية الجولان مُتَعَلق بشكرت الَّذِي فِي الْبَيْت قبله والجولان مَوضِع وَابْن بَحْدَل هُوَ حميد بن بَحْدَل قَاتل ابْن الزبير وَالْمعْنَى أَنه يعاتبه بقوله لَوْلَا حميد بن بَحْدَل نصرك لهلكت وَلم تكن خَليفَة تخْطب على المنابر أَو يخْطب لَك عَلَيْهَا
2 - عَلَوْت الشَّام أَي تسلطت عَلَيْهَا والباذخ العالي وَالْمعْنَى لما استقام أَمرك وَعلا سلطانك بنصرنا لَك عاديتنا
3 - نفحت لنا أَي عاديتنا والنفح الْإِصَابَة يُقَال نفحه بِالسَّيْفِ إِذا تنَاوله بِهِ والسجل الدَّلْو إِذا كَانَ فِيهَا مَاء وَقَوله كَأَنَّك مِمَّا أحدث الدَّهْر جَاهِل أَي كَأَنَّك من أجل مَا أحدث الدَّهْر لَك من الْملك وَالسُّلْطَان جَاهِل بِمَا يكون بعد وَالْمعْنَى لما وصلت إِلَى مَا وصلت إِلَيْهِ من ولايتك على الشَّام بنصرنا لَك عاديتنا غير ملتفت إِلَى تصاريف الدَّهْر فِي إعراضك عَنَّا
4 - من رَأس هضبة أَي رَأس جبل وتضاءلت أَي تصاغرت وَالْمعْنَى كنت قبل أَن ننصرك ضَعِيفا فتقويت بِنَا
5 - بطْنَان مَوضِع بِالشَّام وَالْمعْنَى لَو طاوعني الْقَوْم يَوْم بطْنَان لملكت قيس نساءكم وَأسْلمت لَهُم مقاتلكم(2/215)
(صبغت أُميَّة بالدماء رماحنا ... وطوت أُميَّة دُوننَا دنياها)
(أأمي رب كَتِيبَة مَجْهُولَة ... صيد الكماة عَلَيْكُم دَعْوَاهَا)
3 - (كُنَّا وُلَاة طعانها وضرابها ... حَتَّى تجلت عَنْكُم غماها)
4 - (فَالله يَجْزِي لَا أُميَّة سعينا ... وَعلا شددنا بِالرِّمَاحِ عراها)
5 - (جئْتُمْ من الْحجر الْبعيد نياطه ... وَالشَّام تنكر كهلها وفتاها)
6 - (إِذْ أَقبلت قيس كَأَن عيونها ... حدق الْكلاب وأظهرت سيماها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - صبغت أُميَّة الخ مَعْنَاهُ أننا حاربنا لأجل بني أُميَّة وقتلنا لَهُم أعداءهم حَتَّى فازوا بالدنيا دُوننَا وَبعد ذَلِك غدروا بِنَا
2 - أأمي ترخيم أُميَّة والكتيبة الْجَيْش الْكَبِير وَالصَّيْد جمع أصيد وَهُوَ المتكبر والكماة جمع كمى وَهُوَ الشجاع وَعَلَيْكُم دَعْوَاهَا أَي تهديدها وَالْمعْنَى رب كَتِيبَة هددتكم شجعانها وَجَوَاب رب كُنَّا وُلَاة طعانها فِي الْبَيْت بعده
3 - الْوُلَاة جمع الْوَالِي وَهُوَ الْمُتَوَلِي للشَّيْء الْفَاعِل لَهُ وَقَوله حَتَّى تجلت أَي انكشفت وغماها أَي أمرهَا الشَّديد مَعْنَاهُ رب كَتِيبَة هددتكم فخلصناكم مِنْهَا وكشفنا عَنْكُم كربها
4 - شددنا أَي قوينا والعرى جمع عُرْوَة وَالْمعْنَى أَن الله هُوَ الَّذِي يجزينا خيرا على سعينا لَا أَنْتُم وَكَذَلِكَ الْمَعَالِي الَّتِي رفعنَا بنيانها تجزينا أَي يجزينا الله عَلَيْهَا
5 - من الْحجر أَي من بِلَاد الْحجر وَهِي مَكَّة والنياط بعد الْمسَافَة وكهلها وفتاها أَي كبيرها وصغيرها وَالْمعْنَى انتقلتم إِلَيْنَا من بِلَاد الْحجاز حَتَّى صرتم بحدودنا لَا يعرفكم أهل الشَّام لأنكم لَسْتُم من أَهلهَا
6 - إِذْ أَقبلت ظرف لقَوْله جئْتُمْ من الْحجر فِي أول الْبَيْت قبله وحدق الْكلاب جمع(2/216)
1 - وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن الحكم
(لحا الله قيسا قيس عيلان إِنَّهَا ... أضاعت ثغور الْمُسلمين وَوَلَّتْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حدقة وَهِي سَواد الْعين يُرِيد أَنَّهَا احْمَرَّتْ للعداوة وَالْغَضَب وأظهرت سيماها أَي علامتها للمحاربة وَالْمعْنَى جئْتُمْ من بِلَاد الْحجاز وَقت إقبال قيس وَقد احْمَرَّتْ عيونها للعداوة وَالْغَضَب وأظهرت علامتها للمحاربة
1 - وجده أَبُو العَاصِي بن أُميَّة بن عبد شمس وَهُوَ أَخُو مَرْوَان بن الحكم شَاعِر إسلامي متوسط الْحَال فِي شعراء زَمَانه وَكَانَ يهاجي عبد الرَّحْمَن بن حسان ابْن ثَابت فيقاومه وينتصف كل وَاحِد مِنْهُمَا من صَاحبه وَكَانَ قد قدم على مُعَاوِيَة وَقد عزل أَخَاهُ مَرْوَان عَن الْحجاز وَولى سعيد بن الْعَاصِ وَكَانَ مَرْوَان وَجه بِهِ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ ألقه أَمَامِي وعاتبه لي واستصلحه فَقَالَ اذْهَبْ إِلَيْهِ فَإِن كَانَ عزلك عَن موجدة دخلت إِلَيْهِ مُنْفَردا وَإِن كَانَ عَن غير موجدة دخلت إِلَيْهِ مَعَ النَّاس وَمضى عبد الرَّحْمَن أَمَامه فَلَمَّا قدم على مُعَاوِيَة دخل إِلَيْهِ فَأَنْشَأَ يَقُول
(أتتك العيس تنفخ فِي برآها ... تكشف عَن مناكبها القطوع)
(بأبيض من أُميَّة مضرحي ... كَأَن جَبينه سيف صَنِيع)
فَقَالَ مُعَاوِيَة أزائرا جِئْت أم مفاخرا أم مكاثرا فَقَالَ أَي ذَلِك شِئْت فَقَالَ لَهُ مَا أَشَاء من ذَلِك شَيْئا وَأَرَادَ مُعَاوِيَة أَن يقطعهُ عَن كَلَامه الَّذِي عَن لَهُ وَحصل بَينهمَا كَلَام ثمَّ قَالَ عبد الرَّحْمَن مَا حملك على عزل ابْن عمك الْجِنَايَة أوجبت سخطا أم لرأي رَأَيْته وتدبير دَبرته فَقَالَ لتدبير ورأي رَأَيْته قَالَ فَلَا بَأْس بذلك وَخرج من عِنْده
2 - الثغور جمع ثغر وَهُوَ مَوضِع المخافة(2/217)
(فشاول بقيس فِي الطعان وَلَا تكن ... أخاها إِذا مَا المشرفية سلت)
2 - وَقَالَ أَبُو الْأسد فِي الْحسن بن رَجَاء بن أبي الضَّحَّاك
3 - (فلأنظرن إِلَى الْجبَال وَأَهْلهَا ... وَإِلَى منابرها بِطرف أخزر)
4 - (مَا زلت تركب كل شَيْء قَائِم ... حَتَّى اجترأت على ركُوب الْمِنْبَر)
5 - وَقَالَ الرَّاعِي النميري
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من الْعَدو وَالْمعْنَى لعن الله قيسا وقبحهم حَيْثُ أضاعوا ثغور الْمُسلمين وأدبروا منهزمين
1 - فشاول بقيس أَي مارس بهم والمشرفية السيوف وَالْمعْنَى مارس بقيس فِي الدعة والسكون وَلَا تمارس بهم فِي الْحَرْب فليسوا من رجالها وَاحْذَرْ أَن تكون أَخَاهُم إِذا جردت السيوف من أغمادها فَإِنَّهُم لَا يقومُونَ مَعَك وَقت الْقِتَال
2 - واسْمه نباتة بن عبد الله الْحمانِي وَقيل إِنَّه من بني شَيبَان وَهُوَ شَاعِر إسلامي مطبوع متوسط الشّعْر مليح النَّوَادِر مداح خَبِيث الهجاء
3 - بِطرف أخزر مُتَعَلق بقوله فلأنظرن والأخزر من الخزر وَهُوَ النّظر بمؤخر الْعين يُرِيد لَا أملأ عَيْني من النّظر إِلَى الْجبَال بعد مَا صرت أَمِيرا عَلَيْهَا خَطِيبًا على منابرها
4 - مَا زلت الخ مَعْنَاهُ مَا زلت تتهافت على ركوبك كل شَيْء قَائِم حَتَّى تجاسرت على جلوسك فَوق الْمِنْبَر
5 - تقدّمت تَرْجَمته وَكَانَ قد نزل بِهِ رجل من بني كلاب فِي ركب مَعَه لَيْلًا فِي سنة مُجْدِبَة وَقد عزبت عَن الرَّاعِي إبِله فَنحر لَهُم نَاقَة من رواحلهم فَلَمَّا جَاءَت الْإِبِل إِلَى الرَّاعِي أعْطى رب الناب نابا مثلهَا وزادها نَاقَة وَقَالَ هَذِه الأبيات(2/218)
(عجبت من السارين وَالرِّيح قُرَّة ... إِلَى ضوء نَار بَين فردة فالرحا)
(إِلَى ضوء نَار يشتوى الْقد أَهلهَا ... وَقد يكرم الأضياف وَالْقد يشتوى)
3 - (فَلَمَّا أتونا فاشتكينا إِلَيْهِم ... بكوا وكلا الْحَيَّيْنِ مِمَّا بِهِ بَكَى)
4 - (بَكَى معوز من أَن يلام وطارق ... يشد من الْجُوع الْإِزَار على الحشا)
5 - (فألطفت عَيْني هَل أرى من سَمِينَة ... ووطنت نَفسِي للغرامة والقرى)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - وَالرِّيح قُرَّة أَي بَارِدَة وفردة مَاء بالثلبوت لبني نعَامَة والثلبوت وَاد بَين طيىء وذبيان والرحا جبل بَين كاظمة والسيدان عَن يَمِين الطَّرِيق من الْيَمَامَة إِلَى الْبَصْرَة وَالْمعْنَى عجبت من الْقَوْم السائرين لَيْلًا فِي زمن الجدب يقصدون ضوء نَار توقد للضيافة فِي مَوضِع بَين فردة والرحا
2 - يشتوي الْقد الخ هَذَا كِنَايَة عَن الجدب والقحط وَالْقد الْقطعَة من الْجلد الْغَيْر المدبوغ لأَنهم إِنَّمَا شووه لعدم مَا ينحرونه وَالْمعْنَى سَارُوا إِلَى ضوء نَار قد عَم أَهلهَا الجدب وَلَكنهُمْ لجودهم يكرمون الضَّيْف
3 - فَلَمَّا أتونا مَعْنَاهُ فَلَمَّا أَتَانَا الْقَوْم لَيْلًا يَشكونَ إِلَيْنَا مَا أَصَابَهُم من الْجُوع ويلتمسون منا مَا يَأْكُلُونَهُ شَكَوْنَا إِلَيْهِم مَا بِنَا من الْفقر فَبكى كل مِنْهُم لما بِهِ من الْجُوع وَبكى كل منا لما بِهِ من الْفقر
4 - المعوز الْفَقِير والطارق الَّذِي يَأْتِي لَيْلًا وَقَوله يشد من الْجُوع الْإِزَار الخ أَي يشده على بَطْنه ليستمسك بِهِ لضَعْفه من الْجُوع وَالْمعْنَى بَكَى الْفَقِير منا خوفًا من أَن يعجزه الْفقر عَن إكرام الضَّيْف وَبكى الَّذِي أَتَانَا مِنْهُم لَيْلًا يلْتَمس منا مَا يَأْكُلهُ وَهُوَ شاد الْإِزَار على بَطْنه ليستمسك لِأَن الْجُوع أضعفه وَهَذَا الْبَيْت بَيَان للبيت الَّذِي قبله
5 - فألطفت عَيْني أَي ضممت أجفاني وَهُوَ فعل الَّذِي يمعن فِي النّظر إِلَى الشَّيْء والقرى(2/219)
(فأبصرتها كوماء ذَات عَرِيكَة ... هجانا من اللَّاتِي تمتعن بالصوى)
(فأومأت إِيمَاء خفِيا حبتر ... وَللَّه عينا خبتر أَيّمَا فَتى)
3 - (وَقلت لَهُ ألصق بأيبس سَاقهَا ... فَإِن يجْبر العرقوب لَا يرقإ النسا)
4 - (فَأَعْجَبَنِي من حبتر أَن حبترا ... مضى غير منكوب ومنصله انتضى)
5 - (كَأَنِّي وَقد أشبعتهم من سنامها ... جلوت غطاء عَن فُؤَادِي فانجلى)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَا يَأْكُلهُ الضَّيْف وَالْمعْنَى فَنَظَرت ببصر حَدِيد لعَلي أجد نَاقَة من النوق السمان فأنحرها للأضياف وأدفع قيمتهَا لصَاحِبهَا
1 - الكوماء الْعَالِيَة السنام والعريكة السنام نَفسه والهجان الْبَيْضَاء والصوى جمع صوة وَهِي الأَرْض الغليظة وَالْمعْنَى أَبْصرت نَاقَة بَيْضَاء سَمِينَة عالية السنام
2 - حبتر غُلَام والحبتر فِي الأَصْل الْقصير من الرِّجَال وَالْمعْنَى فأشرت إِلَى حبتر إِشَارَة خُفْيَة بِأَن ينْحَر هَذِه النَّاقة فَأدْرك المُرَاد من إشارتي فَللَّه حبتر فِي حِدة نظره وَسُرْعَة فهمه
3 - الأيبس مَا قل عَنهُ اللَّحْم من السَّاق وَغَيرهَا والعرقوب فِي رجل الدَّابَّة بِمَنْزِلَة الرّكْبَة فِي يَدهَا وَلَا يرقأ النسا أَي لَا يَنْقَطِع دَمه والنسا عرق يَأْتِي من الورك إِلَى الكعب وَالْمعْنَى أَشرت إِلَيْهِ بِضَرْب سَاقهَا بِالسَّيْفِ وإيصال الضَّرْبَة بالعرقوب والنسا حَتَّى لَا يَنْقَطِع دَمه لِأَن العرقوب إِن أمكن جبره بالعلاج فَإِن نساه لَا يَنْقَطِع دَمه فَحِينَئِذٍ ييأس صَاحب النَّاقة من حَيَاتهَا ويرضى بِأَن يَأْخُذ عوضهَا منا فيستقيم لنا أَمر الضَّيْف والضيافة
4 - غير منكوب أَي غير متباطئ وَلَا مَدْفُوع فِي صَدره والمنصل السَّيْف وَالْمعْنَى أَنِّي لما أمرت حبترا تلقى أَمْرِي بِكُل همة فَقَامَ إِلَى النَّاقة وجرد السَّيْف من غمده وضربها بِهِ
5 - كَأَنِّي الخ مَعْنَاهُ أَنِّي كنت أخْشَى أَن أعجز عَن إكرام(2/220)
(فبتنا وباتت قَدرنَا ذَات هزة ... لنا قبل مَا فِيهَا شواء ومصطلى)
(وَأصْبح راعينا بريمة عندنَا ... بستين أبقتها الأخلة والخلا)
3 - (فَقلت لرب الناب خُذْهَا ثنية ... وناب علينا مثل نابك فِي الحيا)
4 - وَقَالَ فِي ذَلِك خنزر بن أَرقم
5 - (بني قطن مَا بَال نَاقَة ضيفكم ... تعشون مِنْهَا وَهِي ملقى قتودها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأضياف لضيق يَدي فينسبوني إِلَى الْبُخْل فَلَمَّا أشبعتهم من سَنَام هَذِه النَّاقة انجلى عَن قلبِي مَا كنت أخشاه من نسبتي إِلَى الْبُخْل يُرِيد فَلَمَّا أطعمتهم زَالَ مَا كنت أَجِدهُ من الْغم
1 - الهزة صَوت غليان الْقدر وَالْمعْنَى أننا بتنا ليلتنا وَلنَا قبل الَّذِي أودع فِي الْقدر لحم مشوي ونار نستدفئ بهَا وباتت قَدرنَا أَيْضا وَاللَّحم فِيهَا يسمع صَوت غليانها
2 - بريمة اسْم راعيهم والأخلة جمع خَلِيل والخلا الرطب من النَّبَات وَالْمعْنَى أَن بريمة راعينا حضر عندنَا وَقت الصُّبْح بَعْدَمَا أكرمنا الضيفان وَمَعَهُ سِتُّونَ من الْإِبِل أبقتها الأخلاء لنا
3 - الناب النَّاقة المسنة والثنية الدَّاخِلَة فِي السَّادِسَة والحيا هُنَا الشَّحْم وَالسمن وَالْمعْنَى فَقلت لصَاحب النَّاقة الَّتِي أكرمت بهَا الضيفان خُذ هَذِه الثَّنية مني مجَّانا وَلَك علينا نَاقَة مثل نَاقَتك فِي السّمن عِنْدَمَا تَأتي أَيَّام الخصب وتسمن الْإِبِل وَلَيْسَت هَذِه الأبيات من الهجو فِي شَيْء لِأَنَّهَا كلهَا فِي الافتخار بِالْكَرمِ وَإِنَّمَا أوردهَا هُنَا لتعلقها بِمَا بعْدهَا
4 - واسْمه الْحَلَال وَهُوَ أحد بني بدر بن ربيعَة بن عبد الله بن الْحَارِث بن نمير وَهُوَ شَاعِر إسلامي مقل والراعي من بني قطن بن ربيعَة بن عبد الله بن الْحَارِث
5 - القتود جمع قتد وَهُوَ خشب الرحل وَالْمعْنَى مالكم يَا بني قطن أَخَذْتُم نَاقَة ضيفكم وأكلتم(2/221)
(عدا ضيفكم يمشي وناقة رَحْله ... على طُنب الفقماء ملقى قديدها)
(وَبَات الْكلابِي الَّذِي يَبْتَغِي الْقرى ... بليلة نحس غَابَ عَنْهَا سعودها)
3 - (أَمن ينقص الأضياف أكْرم عَادَة ... إِذا نزل الأضياف أم من يزيدها)
4 - (كأنكم إِذْ قُمْتُم تنحرونها ... براذين مشدود عَلَيْهَا لبودها)
5 - (فَمَا فتح الأقوام من بَاب سوأة ... بني قطن إِلَّا وَأَنْتُم شهودها)
فَأَجَابَهُ الرَّاعِي بقصيدة مِنْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لحملها وَصَارَ رَحلهَا ملقى على الأَرْض
1 - عدا ضيفكم أَي صَار والطنب الْحَبل والفقماء لقب امْرَأَة الرَّاعِي والقديد اللَّحْم المقطع طولا وَالْمعْنَى صَار ضيفكم مَاشِيا على رجلَيْهِ وَلحم نَاقَته ملقى على الطنب وَكَانَ من عَادَتهم أَن يلْقوا القديد على الْأَطْنَاب يجففونها
2 - بليلة نحس أَي بليلة لَا خير فِيهَا وَالْمعْنَى صَار الَّذِي يطْلب الضِّيَافَة عنْدكُمْ فِي لَيْلَة نحيسة ذهب عَنْهَا كل خير
3 - عَادَة مَنْصُوب على التَّمْيِيز وَالْمعْنَى هَل الَّذِي ينقص الأضياف إِذا نزلت بِهِ أكْرم عَادَة أم الَّذِي يزيدها إِذا نزلت بِهِ يُريدَان الَّذِي يزيدها أكْرم عَادَة من الَّذِي ينقصها
4 - البراذين جمع برذون وَهُوَ الْفرس التركي يضْربُونَ بِهِ الْمثل لكل مَذْمُوم عِنْدهم واللبود جمع لبد وَهُوَ الشّعْر المتلبد وَقيل شبههم بالبراذين لحرصهم على أكل لَحمهَا لِأَن البراذين تحرص على أكل الْعلف
5 - بني قطن أَي يَا بني قطن وَالْمعْنَى أَن بني قطن من أهل الْعُيُوب والنقائص لَا من أهل الْكَمَال والشرف فَلَا يفتح بَاب من أَبْوَاب السوء إِلَّا وهم شُهُود حاضرون(2/222)
(مَاذَا نكرتم من قلُوص نحرتها ... بسيفي وضيفان الشتَاء شهودها)
(فقد علمُوا أَنِّي وفيت لِرَبِّهَا ... فراح على عنس بِأُخْرَى يَقُودهَا)
3 - (قريت الْكلابِي الَّذِي يَبْتَغِي الْقرى ... وأمك إِذْ يحدى إِلَيْنَا قعودها)
4 - (رفعنَا لَهَا نَارا تثقب للقرى ... ولقحة أضياف طَويلا ركودها)
5 - (إِذا أخليت عود الهشيمة أرزمت ... جوانبها حَتَّى نبيت نذودها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - مَاذَا نكرتم يُقَال نكرت الشَّيْء وأنكرته بِمَعْنى والقلوص من الْإِبِل كالشابة من النِّسَاء وَالْمعْنَى مَا تعييركم لنا من أجل قلُوص دعتني الضَّرُورَة إِلَى نحرها للضيفان وَأعْطيت صَاحبهَا نَاقَة خيرا مِنْهَا
2 - العنس النَّاقة القوية مَعْنَاهُ لَا حرج علينا فِي نحر هَذِه النَّاقة وإطعام الأضياف مِنْهَا لِأَنَّهَا لم تضع على صَاحبهَا بل أَخذ عوضهَا منا نَاقَة أحسن مِنْهَا
3 - يحدى إِلَيْنَا من حدا الْإِبِل إِذا سَاقهَا أَي يساق إِلَيْنَا وَالْمعْنَى أَنِّي لم أخص الضيفان بالإكرام بل أكرمت أمك أَيْضا وأطعمتها حِين جاءتنا يساق إِلَيْنَا بَعِيرهَا
4 - تثقب أَي توقد واللقحة النَّاقة الَّتِي فِيهَا لبن وَهِي هُنَا كِنَايَة عَن الْقدر الَّتِي يطْبخ فِيهَا والركود السّكُون وَجعل ركودها طَويلا لثقلها وامتلائها وَالْمعْنَى رفعنَا لَهَا نَارا توقد للضيافة وَقدرا طَوِيلَة السّكُون لثقلها من امتلائها بِاللَّحْمِ وَالْمعْنَى أَن أمه أكلت مَعَ الضيفان وَلم يختصوا بِالْأَكْلِ دونهَا
5 - إِذا أخليت أَي جعل لَهَا الْحَطب بِمَنْزِلَة الخلا للناقة فَأوقد تحتهَا وأرزمت أَي صاحت بغليانها وَالْمعْنَى لما أوقد الْحَطب تحتهَا اشْتَدَّ صَوت غليانها حَتَّى تدفع مَا فِيهَا من اللَّحْم فبتنا نذوده ونمنعه(2/223)
(إِذا نصبت للطارقين حسبتها ... نعَامَة حزباء تقاصر جيدها)
(تبيت الْمحَال الغر فِي حجراتها ... شكارى مراها مَاؤُهَا وحديدها)
3 - (بعثنَا إِلَيْهَا المنزلين فحاولا ... لكَي ينزلاها وَهِي حام حيودها)
4 - (فباتت تعد النَّجْم فِي مستحيرة ... سريع بأيدي الآكلين جمودها)
5 - (فَلَمَّا سقيناها العكيس تملأت ... مذاخرها وَارْفض رشحا وريدها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الحزباء الأَرْض الصلبة المرتفعة
شبه الْقدر بالنعامة لِأَنَّهَا تكْثر رفع رَأسهَا وَوَضعه لجنبها وَقَوله تقاصر جيدها بَيَان لوجه التَّشْبِيه أَي فَكَذَلِك الْقدر ترفع قطع اللَّحْم الَّتِي فِيهَا وتخفضها لشدَّة غليانها
2 - الْمحَال فقار الظّهْر وَجعلهَا غرا لسمنها والحجرات النواحي والشكارى الممتلئة ومراها أَي استخرج دسمها وحديدها أَي مرقتها وَالْمعْنَى أَن فقرات الظّهْر السمينة تبيت فِي جَوَانِب الْقدر ممتلئة من الدسم يسْتَخْرج دسمها مَاؤُهَا ومرقتها
3 - المنزلين مثنى منزل وَإِنَّمَا ثناه ليرى أَن الْوَاحِد لَا يطيقها وَلَا ينْهض بتحريكها لثقلها وَقَوله فحاولا أَي احتالا فِي إنزالها والحيود الجوانب وَالْمعْنَى أَنهم أرْسلُوا إِلَيْهَا رجلَيْنِ لإنزالها لِأَن الرجل وَحده لَا يَسْتَطِيع تحريكها لكَونهَا حامية الجوانب ثَقيلَة لامتلائها بِاللَّحْمِ فَاسْتعْمل الرّجلَانِ الْحِيلَة فِي إنزالها
4 - المستحيرة الْجَفْنَة الْكَثِيرَة الدسم الممتلئة بِاللَّحْمِ والمرق والجمود يدل على شدَّة الْبرد وَالْمعْنَى أَن هَذِه الْجَفْنَة ترى فِيهَا نُجُوم السَّمَاء لصفائها وَكَثْرَة دسمها
5 - العكيس لبن يصب على المرق وتملأت أَي امْتَلَأت والمذاخر الأمعاء وَالْعُرُوق وَارْفض أَي انصب والوريد عرق فِي صفحة الْعُنُق مَعْنَاهُ أَن بَطنهَا امْتَلَأَ من المرق حِين سقيناها مِنْهُ(2/224)
(وَلما قَضَت من ذِي الْإِنَاء لبانة ... أَرَادَت إِلَيْنَا حَاجَة لَا نريدها)
وَقَالَ رجل من بني أَسد
(دببت للمجد والساعون قد بلغُوا ... جهد النُّفُوس وألقوا دونه الأزرا)
3 - (فكابروا الْمجد حَتَّى مل أَكْثَرهم ... وَعَانَقَ الْمجد من أوفى وَمن صبرا)
4 - (لَا تحسب الْمجد تميا أَنْت آكله ... لن تبلغ الْمجد حَتَّى تلعق الصبرا)
وَقَالَ آخر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المُرَاد بِذِي الْإِنَاء الطَّعَام وَالْمعْنَى لما شبعت بامتلاء بَطنهَا من الطَّعَام أَرَادَت منا أمرا لَا نريده مِنْهَا
2 - الدبيب الْمَشْي فِيهِ بطء وَالسَّعْي السّير بجد وتشمير وَقَوله وَقد بلغُوا جهد النُّفُوس أَي احتملوا الْمَشَقَّة والأزر جمع إِزَار وإلقاء الْإِزَار كِنَايَة عَن الِاجْتِهَاد فِي طلب الشَّيْء وَالْمعْنَى أَن غَيْرك سعى إِلَى الْمجد بهمة عالية وَأَنت لخمولك تسْعَى متكاسلا وتدب دَبِيب الشَّيْخ الْهَرم فَكيف تنَال الْمجد يُرِيد بذلك أَنه لَيْسَ من أَهله
3 - فكابر وَالْمجد أَي تحملوا المشاق وركبوا العظائم فِي طلبه وَعَانَقَ الْمجد أَي طلبه حَتَّى بلغه وخالطه وَقَوله من أوفى من الْوَفَاء وَمن صَبر أَي على شدائده وَالْمعْنَى أَن الْمجد لَهُ أهل غَيْرك قد اجتهدوا فِي طلبه حَتَّى مل أَكْثَرهم وناله أهل الْوَفَاء وَأهل الصَّبْر على شدائده وَلست أَنْت مِنْهُم
4 - هَذَا تقريع وَالصَّبْر بِكَسْر الْبَاء عصارة شجر مر وَالْمعْنَى هَل تزْعم أَن الْمجد طَرِيقه سهل يسلكه مثلك كلا بلَى الْمجد إِنَّمَا يَنَالهُ أهل النجدة وَأَصْحَاب الهمم الَّذين يصبرون على تجرع المرارات فَأَيْنَ أَنْت مِنْهُم(2/225)
(ومستعجل بِالْحَرْبِ وَالسّلم حَظه ... فَلَمَّا استثيرت كل عَنْهَا محافره)
(وَحَارب فِيهَا بامرئ حِين شمرت ... من الْقَوْم معجاز لئيم مكاسره)
3 - (فَأعْطى الَّذِي يُعْطي الذَّلِيل وَلم يكن ... لَهُ سعي صدق قَدمته أكابره)
4 - وَقَالَ إِسْمَاعِيل بن عمار الْأَسدي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - يُقَال استعجل الشَّيْء إِذا تعجله وَلم يصبر إِلَى وقته وَالْمرَاد بمحافره سلاحه ضربه مثلا وَهِي فِي الأَصْل آلَات الْحفر جمع محفر وَالْمعْنَى رب طَالب للحرب مستعجل لَهَا وحظه الصُّلْح قد عجز عَنْهَا حِين هَاجَتْ وَلم يصبر على ممارسة الْأَبْطَال
2 - شمرت أَي اشتدت والمعجاز الدَّائِم الْعَجز ومكاسره أَي أُصُوله ومختبره وَالْمعْنَى أَنه مارس الْحَرْب حِين اشتدادها بامرئ دَائِم الْعَجز لئيم الْأُصُول والمختبر
3 - الَّذِي يُعْطِيهِ الذَّلِيل هُوَ الْهَزِيمَة أَو الْأسر وَقَوله وَلم يكن لَهُ سعي صدق أَي لم يكن لسلفه قديم سعي حميد فيرثه عَنهُ أَو يقْتَدى بِهِ وأكابره أَي أجداده وَالْمعْنَى أَنه لما حَارب انهزم فَأسلم نَفسه إِلَى أعدائه وَلم يكن لسلفه الَّذين مضوا سعي حميد وَقدم فِي الشجَاعَة فَكَانَ يَقْتَدِي بهم أَو يَرث ذَلِك عَنْهُم
4 - وجده عُيَيْنَة بن الطُّفَيْل ابْن جذيمة يَنْتَهِي نسبه إِلَى أَسد بن خُزَيْمَة وَإِسْمَاعِيل شَاعِر مقل من شعراء الدولتين الأموية والعباسية وَكَانَ فِي الْكُوفَة يغشى مجَالِس الْغناء وَيشْرب مَعَ الشّرْب وَكَانَ فِي جواره رجل من قومه ينهاه عَن السكر وهجاء النَّاس ويعذله ويلومه على ذَلِك وَكَانَ إِسْمَاعِيل لَهُ مبغضا فَبنى ذَلِك الرجل مَسْجِدا يلاصق دَار إِسْمَاعِيل وَحسنه وشيده وَكَانَ يجلس فِيهِ هُوَ وذوو الصّلاح من قومه عَامَّة نهارهم فَلَا يقدر إِسْمَاعِيل أَن يشرب فِي دَاره وَلَا يدْخل إِلَيْهِ(2/226)
(بَكت دَار بشر شجوها إِذْ تبدلت ... هِلَال بن مَرْزُوق ببشر بن غَالب)
(وَهل هِيَ إِلَّا مثل عرس تبدلت ... على رغمها من هَاشم فِي محَارب)
3 - وَقَالَت امْرَأَة قتل زَوجهَا فِي جوَار الزبْرِقَان فَلم يطْلب بثأره
4 - (مَتى تردوا عكاظ توافقوها ... بأسماع مجادعها قصار)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أحد مِمَّن كَانَ يألفه فَكَانَ إِسْمَاعِيل يهجوه ويذمه هَذَا وَقَالَ دعبل الْخُزَاعِيّ هَذِه الأبيات للوليد بن كَعْب قَالَهَا لما مَاتَ بشر بن غَالب وَاشْترى دَاره هِلَال ابْن مَرْزُوق
1 - شجوها أَي حزنها وَنصب على أَنه مفعول لَهُ والشاعر يفضل بشرا على هِلَال فَيَقُول إِن دَار بشر بَكت حزنا عَلَيْهِ بعد مَا ملكهَا بعده هِلَال يُرِيد أَن هلالا لَا شرف لَهُ بل الشّرف لبشر بن غَالب
2 - محَارب قَبيلَة مَوْضُوعَة الْقدر يضْربُونَ بهَا الْمثل فِي الخمول وَالْمعْنَى أَن هَذِه الدَّار فِي نزُول ابْن مَرْزُوق بهَا بعد مَا كَانَ ينزلها بشر بن غَالب صَارَت مثل عروس زوجت فِي بني هَاشم ثمَّ زوجت بعدهمْ فِي بني محَارب بِدُونِ رِضَاهَا
3 - وَكَانَ من خبر هَذِه الأبيات أَن رجلا من بني عبد الْقَيْس يُقَال لَهُ ابْن مية كَانَ جارا للزبرقان بن بدر فَقتله رجل من بني عَوْف بن كَعْب وَهُوَ فِي جوَار الزبْرِقَان يُقَال لَهُ هزال فِي مَوضِع يُقَال لَهُ شبرمان فَأَبْطَأَ الزبْرِقَان فِي طلب ثَأْره فَقَالَت امْرَأَة ذَلِك الرجل هَذِه الأبيات فَحلف الزبْرِقَان ليقْتلن هز الْإِثْم سعت بَنو سعد حَتَّى أرضوه وودى ابْن مية
4 - عكاظ اسْم سوق كَانَت للْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَت قبائل الْعَرَب تَجْتَمِع فِيهَا كل سنة يتفاخرون ويحضرها شعراؤهم ويتناشدون مَا أحدثوه من الشّعْر والمجادع من جدعه إِذا قطعه تَقول للَّذين لم يَأْخُذُوا ثار زَوجهَا إِذا حضرتم سوق عكاظ ووافقتم أَهلهَا(2/227)
(أجيران ابْن مية خبروني ... أعين لِابْنِ مية أم ضمار)
(تجلل خزيها عَوْف بن كَعْب ... فَلَيْسَ لخلنها مِنْهُ اعتذار)
3 - (فأنكم وَمَا تخفون مِنْهَا ... كذات الشيب لَيْسَ لَهَا خمار)
وَقَالَ آخر
4 - (تولت قُرَيْش لَذَّة الْعَيْش واتقت ... بِنَا كل فج من خُرَاسَان أغبرا)
5 - (فليت قُريْشًا أَصبَحت ذَات لَيْلَة ... تؤم بهَا بحرا من الموج أكدرا)
وَقَالَت امْرَأَة تهجو قَتَادَة بن مغرب الْيَشْكُرِي وَهُوَ زَوجهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تصاممتم لِكَثْرَة مَا تَسْمَعُونَ من عيوبكم كَأَن أسماعكم مجدوعة
1 - ابْن مية اسْم زَوجهَا الْمَقْتُول وَالْعين النَّقْد الْحَاضِر والضمار الدّين الَّذِي لَا يُرْجَى قَضَاؤُهُ وَالْمعْنَى هَل تَسْتَطِيعُونَ أَن تدركوا ثار زَوجي أَو يذهب دَمه بَاطِلا
2 - تجلل خزيها أَي لبسه وَالْخلف بِسُكُون اللَّام أَوْلَاد السوء وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي الذَّم وَالْمعْنَى أَن بني عَوْف هم الَّذين لبسوا مذلة هَذِه الخطة وركبهم خزيها وَلَا مخلص لبنيهم من ذَلِك الخزي الَّذِي لحقهم
3 - فَإِنَّكُم الخ مَعْنَاهُ أَنكُمْ فِي محاولتكم أَن يخفى على النَّاس مَا ركبكم من ذل هَذِه الْخَطِيئَة ومخازيها مثل امْرَأَة شَمْطَاء لَا خمار لَهَا تغطي بِهِ شيبها فَالْأَمْر أظهر من أَن يكتم
4 - الْفَج الطَّرِيق الْوَاسِع وَالْمعْنَى أَن قُريْشًا استأثرت بِطيب الْعَيْش ووجهتنا إِلَى خُرَاسَان
5 - تؤم أَي تقصد وَبهَا الْبَاء بَاء الْبَدَل وَالضَّمِير لخراسان والأكدر الْمُتَغَيّر فِيهِ لون الكدرة وَالْمعْنَى لَيْت قُريْشًا وجهتنا إِلَى بَحر متغير لنغرق فِيهِ بَدَلا من طرق خُرَاسَان الَّتِي وجهونا إِلَيْهَا(2/228)
(حَلَفت وَلم أكذب وَإِلَّا فَكل مَا ... ملكت لبيت الله أهديه حاقيه)
(لَو أَن المنايا أَعرَضت لاقتحمتها ... مَخَافَة فِيهِ إِن فِيهِ لداهيه)
3 - (فَمَا جيفة الْخِنْزِير عِنْد ابْن مغرب ... قَتَادَة إِلَّا ريح مسك وغاليه)
4 - (فَكيف اصْطِبَارِي يَا قَتَادَة بَعْدَمَا ... شممت الَّذِي من فِيك أثأى صماخيه)
وَقَالَ عبد الله بن أوفى الْخُزَاعِيّ فِي امْرَأَته
5 - (نكحت ابْنة المنتصى نكحة ... على الكره ضرت وَلم تَنْفَع)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - وَلم أكذب جملَة حَالية فِي مَوضِع نصب أَي حَلَفت صَادِقَة فِي خبري وَقَوْلها لبيت الله تُرِيدُ لمن حول بَيت الله وَالْمعْنَى أَنِّي حَلَفت صَادِقَة فِي يَمِيني وَإِن لم أصدق فِيهَا فَجَمِيع مَا أملكهُ أهديه لمن حول بَيت الله وَأَنا حافية
2 - أَعرَضت أم ظَهرت من عرضهَا بِضَم الْعين أَي من جَانبهَا الَّذِي تَجِيء مِنْهُ تُرِيدُ لَو تمكنت مِنْهَا لاقتحمتها أَي رميت بنفسي فِيهَا وَالْمعْنَى أَنَّهَا تخْتَار الْمَوْت وَلَا تخْتَار أَن تعيش مَعَ زَوجهَا خوفًا من بخر فَمه لِأَن بخره من جملَة الدَّوَاهِي وَهَذَا الْبَيْت فِيهِ جَوَاب عَن الْقسم الَّذِي فِي الْبَيْت قبله
3 - الغالية من الطّيب وَالْمعْنَى أَنَّهَا بالغت فِي بخر فَمه حَتَّى جعلت رَائِحَة الجيفة عِنْده كريح الْمسك تُرِيدُ مَا رَائِحَة جيفية الْخِنْزِير إِلَّا ريح مسك وَطيب بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَائِحَة فَمه
4 - أثأي أَي أفسد وَالْمعْنَى أَنَّهَا تخاطب زَوجهَا بِأَنَّهَا لَا تَسْتَطِيع الصَّبْر على معاشرته بَعْدَمَا شمت من بخر فَمه مَا أثرت رَائِحَته فِي أذنها فَكيف حَال الْأنف
5 - ابْنة المنتصي زَوْجَة الشَّاعِر وَالْمعْنَى أَنه تزوج بهَا عَن كره مِنْهُ وَأَن تزَوجه بهَا ضره وَلم يَنْفَعهُ(2/229)
(وَلم تغن من فاقة معدما ... وَلم تَجِد خيرا وَلم تجمع)
(منجذة مثل كلب الهراش ... إِذا هجع النَّاس لم تهجع)
3 - (مفرقة بَين جِيرَانهَا ... وَمَا تستطع بَينهم تقطع)
4 - (بقول رَأَيْت لما لَا ترى ... وَقيل سَمِعت وَلم تسمع)
5 - (فَإِن تشرب الزق لَا يروها ... وَإِن تَأْكُل الشَّاة لَا تشبع)
6 - (وَلَيْسَت بتاركة محرما ... وَلَو حف بالأسل الشَّرْع)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الْفَاقَة الْفقر وَالْمعْنَى أَن تزَوجه بامرأته لم ينفع فِي وَجه من الْوُجُوه فَمَا أغْنى فَقِيرا وَلَا أنال خيرا وَلَا جمع شملا
2 - المنجذة المجربة الْمَعْلُوم مَا عِنْدهَا والهراش تحريش كلب على كلب آخر وَقَوله إِذا هجع النَّاس لم تهجع يصفها بِأَنَّهَا تمشي بالنمائم بَين النَّاس وَالْمعْنَى أَن النَّاس عرفُوا مَا عِنْدهَا وَإِنَّهَا مثل كلب الهراش فِي تهييج الشَّرّ والنميمة فَلَا تتْرك النَّاس فِي رَاحَة من شَرها وَلَا تنام إِن نَامَتْ النَّاس لحرصها على أذاهم
3 - مَا تستطع الخ مَا شَرْطِيَّة وتستطع فعل الشَّرْط وتقطع جَوَابه وجزاؤه وَالْمعْنَى أَن امْرَأَته لحرصها على أَذَى النَّاس تفرق بالنميمة بَين الخلطاء وتقطع الْأَرْحَام بَين الْأَقَارِب مهما استطاعت ذَلِك
4 - بقول مُتَعَلق بقوله تقطع الَّذِي فِي آخر الْبَيْت قبله وَالْمعْنَى أَنَّهَا تباهت وتكابر فتدعي رُؤْيَة مَا لم تره وَسَمَاع مَا لم تسمعه لتقطع بذلك علائق الْمَوَدَّة بَين الْأَصْحَاب والقرابة بَين الْأَقَارِب
5 - تشرب الزق أَي تشرب مَا فِي الزق وَالْمعْنَى أَنَّهَا تَأتي بِأَفْعَال المسرفين فِي الْأكل وَالشرب لَا تعرف القناعة وَلَا تعرف صِحَة نَفسهَا
6 - محرما أَي(2/230)
(وَلَو صعدت فِي ذرى شَاهِق ... تزل بهَا العصم لم تصرع)
(فبئست قعاد الْفَتى وَحدهَا ... وبئست موفية الْأَرْبَع)
وَقَالَ بعض آل الْمُهلب قَالَ دعبل هُوَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن ولقبه أَبُو الأنواء
3 - (قوم إِذا أكلُوا أخفوا كَلَامهم ... واستوثقوا من رتاج الْبَاب وَالدَّار)
4 - (لَا يقبس الْجَار مِنْهُم فضل نارهم ... وَلَا تكف يَد عَن حُرْمَة الْجَار)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حَرَامًا وَالْحُرْمَة مَا لَا يحل انتهاكه وحف أَي أحَاط والأسل الرماح وَالشَّرْع جمع شارعة من أشرعت الرمْح نَحوه فشرع إِذا سددته نَحوه وصوبته وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا مولعة بالحرام لَا تتركه وَلَا تقلع عَنهُ وَلَا يمْنَعهَا من إِتْيَانه مَانع
1 - الذرى جمع ذرْوَة وَهِي أعالي الشَّيْء والشاهق الْجَبَل الْمُرْتَفع والعصم جمع أعصم وَهُوَ الوعل الَّذِي فِي يَده بَيَاض وَالْمعْنَى أَنَّهَا قَليلَة اللَّحْم يابسة الْبدن إِذْ صعدت فِي أَعلَى الْجَبَل الَّذِي تزل بِهِ الوعول لم تزل قدمهَا وَلم تسْقط من فَوْقه
2 - القعاد مَا يقعده الْإِنْسَان فِي بَيته وموفية الْأَرْبَع أَي مَعهَا ثَلَاث نسْوَة فَتكون هِيَ تَمام الْأَرْبَع وَالْمعْنَى أَن الذَّم لَا يفارقها بِوَجْه فَإِن كَانَت مُنْفَرِدَة فَهِيَ مذمومة وَإِن كَانَ مَعهَا غَيرهَا فَهِيَ مذمومة أَيْضا
3 - قوم أَي هم قوم وَقَوله أخفوا كَلَامهم أَي لِئَلَّا يسمعهم أحد فيأكل مَعَهم والرتاج الْبَاب المغلق وَعَلِيهِ بَاب صَغِير وَيُطلق أَيْضا على مَا يغلق بِهِ الْبَاب يصفهم بِشدَّة الْبُخْل
4 - لَا يقبس الْجَار الخ القبس الشعلة من النَّار والقابس طَالب النَّار وَمَعْنَاهُ أَنهم يَبْخلُونَ على جارهم ويؤذونه(2/231)
(كاثر بِسَعْد إِن سَعْدا كَثِيرَة ... وَلَا تَبْغِ من سعد وَفَاء وَلَا نصرا)
(وَلَا تدع سَعْدا للقراع وخلها ... إِذا أمنت ونعتها الْبَلَد القفرا)
3 - (يروعك من سعد بن عمر وجسومها ... وتزهد فِيهَا حِين تقتلها خَبرا)
وَقَالَ آخر
4 - (أعاريب ذَوُو فَخر بإفك ... وألسنة لطاف فِي الْمقَال)
5 - (رَضوا بِصِفَات مَا عدموه جهلا ... وَحسن القَوْل من حسن الفعال)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - كاثر أَمر من قَوْلك كاثرت فلَانا إِذا غالبته بِالْكَثْرَةِ وَقَوله وَلَا تَبْغِ أَي لَا تطلب وَالْمعْنَى أَن بني سعد للمكاثرة لَا للوفاء والنصرة يُرِيد أَن عَددهمْ كثير يغلبُونَ من كاثرهم وَلَكِن لَا وَفَاء عِنْدهم وَلَا نصر
2 - القراع الْمُحَاربَة ونعتها مَنْصُوب على أَنه مفعول مَعَه وَالْمعْنَى أَن بني سعد لَا يصلحون للحرب وَإِنَّمَا يصلحون لقَوْل الشّعْر فِي حَالَة الْأَمْن
3 - يروعك أَي يُعْجِبك وَالْمعْنَى لَا تغرنك أجسامهم فترغب فيهم وتميل إِلَيْهِم فَإنَّك إِذا اختبرتهم زهدت فيهم يُرِيد أَن منظرهم حسن ومخبرهم قَبِيح
4 - الأعاريب جمع أَعْرَاب وهم سكان الْبَوَادِي والإفك الْكَذِب وَسمي الْكَذِب إفكا لِأَنَّهُ مَصْرُوف عَن الْحق وَقَوله وألسنة لطاف أَي أَلْفَاظ حَسَنَة جميلَة وَالْمعْنَى أَنهم من حَوَاشِي النَّاس لَا فَخر لَهُم وَلَكِن ألفاظهم لَطِيفَة رقيقَة يُرِيد أَنهم يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ
5 - رَضوا بِصِفَات الخ أَي أَحبُّوا أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا جهلا وغباوة والفعال بِفَتْح الْفَاء اسْم للْفِعْل الْحسن وَالْمعْنَى أَن جهلهم أرضاهم بِالصِّفَاتِ(2/232)
1 - وَقَالَ مَالك بن أَسمَاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْحَسَنَة الَّتِي تسمعها فِي كَلَامهم وَلَكِن لَا نصيب لَهُم مِنْهَا وَلَا يحسن القَوْل إِلَّا بِحسن الْفِعْل
1 - وجده خَارِجَة بن حصن بن حُذَيْفَة بن بدر الْفَزارِيّ وَهُوَ شَاعِر إسلامي فِي عهد بني أُميَّة غزل ظريف وَكَانَ آباؤه سادة غطعان وَهُوَ أَخُو عُيَيْنَة بن أَسمَاء وَمَالك هُوَ الَّذِي يَقُول
(وَحَدِيث ألذه هُوَ مِمَّا ... ينعَت الناعتون يُوزن وزنا)
(منطق صائب وتلحن أَحْيَانًا ... وَأحلى الحَدِيث مَا كَانَ لحنا)
وَأُخْته هِنْد بنت أَسمَاء الَّتِي تزَوجهَا الْحجَّاج بن يُوسُف الثَّقَفِيّ اخْتلف الْحجَّاج مَعهَا ذَات لَيْلَة فِي وقْعَة بَنَات قين بَنَات قين اسْم مَوضِع بِالشَّام فِي بادية كلب فِيهِ عُيُون مَاء عدَّة وَكَانَت بَنو فَزَارَة أوقعت ببني كلب على هَذِه الْمِيَاه وقْعَة مَشْهُورَة أَيَّام عبد الْملك فَبعث الْحجَّاج إِلَى مَالك بن أَسمَاء وَكَانَ مَحْبُوسًا بِمَال عَلَيْهِ لَهُ فَأخْرجهُ من السجْن وَسَأَلَهُ عَن الحَدِيث فحدثه بِهِ ثمَّ أقبل على هِنْد وَقَالَ لَهَا قومِي إِلَى أَخِيك فَقَالَت لَا أقوم إِلَيْهِ وَأَنت ساخط عَلَيْهِ فَأقبل الْحجَّاج إِلَيْهِ فَقَالَ إِنَّك وَالله مَا علمت للخائن أَمَانَته اللَّئِيم حَسبه الزَّانِي فرجه فَقَالَ مَالك إِن أذن لي الْأَمِير تَكَلَّمت قَالَ قل قَالَ أما قَول الْأَمِير الزَّانِي فرجه فوَاللَّه لأَنا أَحْقَر عِنْد الله سُبْحَانَهُ وأصغر فِي عين الْأَمِير من أَن يجب لله على حد فَلَا يقيمه وَأما قَوْله اللَّئِيم حَسبه فوَاللَّه لَو علم الْأَمِير مَكَان رجل أشرف مني لم يصاهرني وَأما قَوْله إِنِّي خؤون فَلَقَد ائتمنني الْأَمِير فوفرت فأخذني بِمَا أَخَذَنِي بِهِ فَبِعْت مَا كَانَ وَرَاء ظَهْري وَلَو ملكت الدُّنْيَا بأسرها لافتديت بهَا من مثل هَذَا الْكَلَام قَالَ فَنَهَضَ الْحجَّاج وَقَالَ شَأْنك(2/233)
(لَو كنت أحمل خمرًا يَوْم زرتكم ... لم يُنكر الْكَلْب أَنِّي صَاحب الدَّار)
(لَكِن أتيت وريح الْمسك يفغمني ... وَعَنْبَر الْهِنْد أذكيه على النَّار)
3 - (فَأنْكر الْكَلْب ريحي حِين أبصرني ... وَكَانَ يعرف ريح الزق والقار)
وَقَالَ آخر
4 - (هجوت الأدعياء فناصبتني ... معاشر خلتها عربا صحاحا)
5 - (فَقلت لَهُم وَقد نبحوا طَويلا ... عَليّ فَلم أجب لَهُم نباحا)
6 - (أَمنهم أَنْتُم فأكف عَنْكُم ... وأدفع عَنْكُم الشتم الصراحا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَا هِنْد بأخيك ثمَّ أطلقهُ من السجْن
1 - لَو كنت الخ مَعْنَاهُ أَنكُمْ تعودتم على شرب الْخمر حَتَّى عرف كلبكم رائحتها فِيكُم فَلَو كَانَ معي خمر يَوْم زرتكم لتحَقّق كلبكم إِنِّي مِنْكُم
2 - يفغمني من فغمه الطّيب إِذا مَلأ خياشيمه وَالْمعْنَى وَلَكِنِّي أتيتكم متضمخا بالمسك
3 - القار شَيْء أسود يطلى بِهِ الزق وَالْمعْنَى لما جِئتُكُمْ وَأَنا متضمخ بالمسك أنكر الْكَلْب طيب رائحتي لِأَنَّهُ لَا يعرف غير ريح الْخمر والقار
4 - الأدعياء جمع دعِي وَهُوَ هُنَا الْمُتَّهم فِي نسبه وناصبتني أَي عادتني وَمعنى خلتها عربا صحاحا أَي صِحَاح الْأَنْسَاب وَمَعْنَاهُ أَنه لما هجا الأدعياء تعرض لعداوته قوم يظنهم من الْعَرَب الصَّحِيحَة النّسَب
5 - النباح للكلب وَيُقَال نبح الشَّاعِر مجَازًا للذم وَالْمعْنَى أَنهم قَالُوا فِي شأني مَا قَالُوا فَلم أكترث بباطل كَلَامهم وَلم أجاوبهم
6 - أَمنهم أَنْتُم فِي مَوضِع نصب مفعول لَقلت فِي أول الْبَيْت قبله والصراح الْخَالِص من كل شَيْء وَالْمعْنَى(2/234)
(وَإِلَّا فاحمدوا رَأْيِي فَإِنِّي ... سأنفى عَنْكُم التهم القباحا)
(وحسبك تُهْمَة بِبَرِيءٍ قوم ... يضم على أخي سقم جنَاحا)
وَقَالَ مدرك أَو مغلس بن حصن الفقعسي
3 - (لقد كنت أرمي الْوَحْش وَهِي بغرة ... ويسكن أَحْيَانًا إِلَيّ شرودها)
4 - (فقد أمكنتني الْوَحْش مذ رث أسهمي ... وَمَا ضرّ وحشا قانص لَا يصيدها)
5 - (فَأَعْرَضت عَن سلمى وَقلت لصاحبي ... سَوَاء علينا بخل سلمى وجودهَا)
6 - (فَلَا تحسدن عبسا على مَا أَصَابَهَا ... وذم حَيَاة قد تولى زهيدها)
7 - (تشبه عبس هاشما أَن تسربلت ... سرابيل خَز أنكرتها جلودها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هَل أَنْتُم من الأدعياء فأرحمكم وأصرف عَنْكُم الشتم الْخَالِص
1 - فأحمدوا رَأْيِي اجعلوه مَحْمُودًا عنْدكُمْ
2 - تُهْمَة مَنْصُوب على التَّمْيِيز وَضم الْجنَاح كِنَايَة عَن التعطف وَالْمعْنَى وحسبك تُهْمَة بِبَرِئَ قوم يعْطف على ذِي سقم
3 - الْوَحْش هُنَا كِنَايَة عَن النِّسَاء والغرة الْغَفْلَة والشرود النفور وَالْمعْنَى أَنِّي كنت فِيمَا مضى أتعرض للنِّسَاء وَهِي غافلة فأصيبها بمحاسني ويرتاح أَحْيَانًا إِلَى أشدهن نفارا
4 - رث أَي بلَى وَالْمعْنَى أَن الْوَحْش أمكنتني الْيَوْم من صيدها بعد مَا كلت سهامي فعجزت عَن صيدها وَلَا يَضرهَا من لَا يصيدها
5 - فَأَعْرَضت الخ المُرَاد بِهَذَا الْبَيْت أَنه أعرض عَن سلمى وَلم يلْتَفت إِلَيْهَا وَلم يبل بِمَا تجود بِهِ أَو تبخل
6 - قد تولى أَي تولاها وزهيدها أَي لئيمها وَالْمعْنَى لَا تحسد بني عبس على مَا نالوه من الْعِزّ بل ذمّ حَيَاة تولاها اللَّئِيم
7 - أَن تسربلت يُرِيد لِأَن تسربلت الْخَزّ من الثِّيَاب مَعْرُوف وَإِنَّمَا قَالَ(2/235)
(فَلَا تحسبن الْخَيْر ضَرْبَة لازب ... لعبس إِذا مَا مَاتَ عَنْهَا وليدها)
(فسادة عبس فِي الحَدِيث نساؤها ... وقادة عبس فِي الْقَدِيم عبيدها)
وَقَالَ آخر
3 - (أَقُول حِين أرى كَعْبًا ولحيته ... لَا بَارك الله فِي بضع وَسِتِّينَ)
4 - (من السنين تملاها بِلَا حسب ... وَلَا حَيَاء وَلَا قدر وَلَا دين)
وَقَالَ عويف القوافي تقدّمت تَرْجَمته
5 - (وَمَا أمكُم تَحت الخوافق والقنا ... بثكلى وَلَا زهراء من نسْوَة زهر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنكرتها جلودها لِأَنَّهَا لم تعتدها من قبل وَالْمعْنَى أَن بني عبس لَا يكونُونَ مثل بني هَاشم فِي الْمُرُوءَة وَالْكَرم وَغَيرهمَا من الصِّفَات المحمودة وَلَو لبسوا الْخَزّ الَّذِي لم تتعوده جُلُودهمْ
1 - ضَرْبَة لازب أَي لَازم لَهُم وثابت ووليدها هُوَ الْوَلِيد بن عبد الْملك بن مَرْوَان لِأَن أمه ولادَة بنت خُلَيْد بن جُزْء بن الْحَارِث بن زُهَيْر الْعَبْسِي وَكَانَت زَوْجَة عبد الْملك بن مَرْوَان وَالْمعْنَى لَا تظن أَن الْخَيْر يَدُوم لبني عبس بعد موت الْوَلِيد من بَينهم
2 - لمراد بِالنسَاء زَوْجَة عبد الْملك أم الْوَلِيد وَالْمرَاد بالعبيد عنترة لِأَنَّهُ كَانَ هجينا أَي كَانَ ابْن أمة وَأَبوهُ حر وَالْمعْنَى أَن الَّذين تسودهم أُنْثَى ويرشدهم عبد لَا عقل لَهُم وَلَا شرف
3 - الْبضْع مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة
4 - تملاها أَي استمتع بهَا وعاش ملاوتها والملاوة البرهة من الدَّهْر وَمَعْنَاهُ مَعَ الْبَيْت قبله أَن كَعْبًا شَرّ النَّاس لم يفده طول عمره شَيْئا فَلَا مجد لَهُ وَلَا مِقْدَار وَلَا حَيَاء وَلَا دين
5 - الخوافق الريات والثكلى هِيَ الَّتِي تفقد وَلَدهَا وَلَا زهراء أَي لَيست(2/236)
(ألستم أقل النَّاس عِنْد لوائهم ... وَأَكْثَرهم عِنْد الذَّبِيحَة وَالْقدر)
وَقَالَ آخر
(ونبئت ركبان الطَّرِيق تناذروا ... عقيلا إِذا حلوا الذناب فصرخدا)
3 - (فَتى يَجْعَل الْمَحْض الصَّرِيح لبطنه ... شعارا ويقري الضَّيْف عضبا مُجَردا)
وَقَالَ آخر
4 - (أَنَاخَ اللؤم وسط بني ريَاح ... مطيته فأقسم لَا يريم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بكريمة وَالْمعْنَى أَنهم يتأخرون عَن الْحَرْب لقلَّة شجاعتهم فَلَا تفقدهم أمّهم وَأَن أمّهم غير كَرِيمَة
1 - الْقدر مُؤَنّثَة ويقررهم على لؤمهم وتأخرهم فِي الْحَرْب فَيَقُول إِنَّكُم من أهل الْأكل وَالشرب لَا من أهل الشجَاعَة وَالْقُوَّة فَلذَلِك تتأخرون عَن الْحَرْب
2 - تناذروا أَي أنذر بَعضهم بَعْضًا والذناب وَاد لبني مرّة بن عَوْف كثير النّخل غزير المَاء وصرخد بلد ملاصق لبلاد حوران من أَعمال دمشق وَالْمعْنَى أَنِّي خبرت بِأَن الركْبَان قد عرفُوا عقيلا بالغدر والخيانة فَإِذا نزلُوا بِهَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ القريبين من مَحل عقيل أوصى بَعضهم بَعْضًا بالاحتراز مِنْهُ
3 - الْمَحْض اللَّبن الَّذِي لم يخالطه المَاء والصريح الْخَالِص والشعار مَا يَلِي الْجَسَد من الثِّيَاب ثمَّ توسعوا فِيهِ وجعلوه لكل مَا يلاصق من دَاخل الْجِسْم أَو خَارجه وَالْمعْنَى أَن عقيلا بخيل يغدر بضيفه ويخونه وَلَا يعرف غير شبع بَطْنه من الطَّعَام
4 - أَنَاخَ اللؤم يُقَال أنخت الْبَعِير فبرك وَلَا يُقَال فناخ وَمعنى لَا يريم أَي لَا يبرح وَالْمعْنَى أَن بني ريَاح لَا يفارقهم اللؤم وَلَا يتجاوزهم(2/237)
(كَذَلِك كل ذِي سفر إِذا مَا ... تناهى عِنْد غَايَته مُقيم)
وَقَالَ آخر
(إِذا بكرية ولدت غُلَاما ... فيا لؤما لذَلِك من غُلَام)
3 - (يزاحم فِي المآدب كل عبد ... وَلبس لَدَى الْحفاظ بِذِي زحام)
وَقَالَ آخر
4 - (ردي ثمَّ اشربي نهلا وَعلا ... وَلَا تغررك أَقْوَال ابْن ذيب)
5 - (فَلَو كَانَ القليب على لحاهم ... لأسهل وَطْؤُهَا شفة القليب)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - كل ذِي سفر أَي كل مُسَافر وَالْمعْنَى أَن كل مُسَافر إِذا بلغ الْغَايَة من سَفَره يقف عِنْدهَا وَيُقِيم كَمَا أَقَامَ اللؤم بَين بني ريَاح
2 - فيا لؤما لَفظه لفظ النداء وَالْمعْنَى معنى التَّعَجُّب أَي مَا أشده من لؤم وَمثله يَا حسرة على الْعباد وَالْمعْنَى أَن كل بكرية لَا تَلد إِلَّا لئيما يتعجب من لؤمه
3 - المآدب جمع مأدبة وَهِي طَعَام الْوَلِيمَة وَالْمعْنَى أَنه يزاحم اللئام عِنْد الْأكل وَالشرب وَلَا يزاحم الشجعان عِنْد المدافعة عَن الْمَحَارِم
4 - ردي أَمر من الْوُرُود وَالْخطاب لناقته والنهل الشّرْب الأول والعل الشّرْب الثَّانِي يَقُول لناقته ردي المَاء واشربي كَيفَ شِئْت وَلَا تغتري بقول بني ذيب وَبَنُو ذيب بطن من قَبيلَة
5 - القليب الْبِئْر واللحى جمع لحية وأسهل وجدهَا سهلا وَقَوله وَطْؤُهَا الضَّمِير لِلْإِبِلِ وَإِن لم يجر لَهَا ذكر وَالْمعْنَى لَو كَانَت الْبِئْر على لحاهم لوجدنا وَطْء الْإِبِل على فَم تِلْكَ الْبِئْر سهلا يُرِيد بذلك أَنهم أذلاء لَا يقدرُونَ على حماية أنفسهم(2/238)
وَقَالَ آخر
(إِن تبغضوني فقد اسخنت أعينكُم ... وَقد أتيت حَرَامًا مَا تظنونا)
(وَقد ضممت إِلَى الأحشاء جَارِيَة ... عذبا مقبلها مِمَّا تصونونا)
وَقَالَ آخر
3 - (يَا قبح الله أَقْوَامًا إِذا ذكرُوا ... بني عميرَة رَهْط اللؤم والعار)
4 - (قوم إِذا خَرجُوا من سوأة ولجوا ... فِي سواة لم يجنوها بِأَسْتَارِ)
وَقَالَ آخر يهجو الحضري ويمدح البدوي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - أسخنت أعينكُم أَي أحزنتها وأبكيتها وَقَوله مَا تظنونا يجوز أَن يكون من غَالب الظَّن أَو الْيَقِين وَالْمعْنَى إِن أبغضتموني فَحق لكم ذَلِك لِأَنِّي فعلت بكم مَا يَقْتَضِي الْبغضَاء وأتيت مَا تظنونه حَرَامًا
2 - الحشا هُوَ مَا انضمت عَلَيْهِ الضلوع وَالْمعْنَى أخذت جَارِيَة لكم مِمَّا تحتفظون بِهِ وتصونونه وعانقتها ووصلت مِنْهَا إِلَى مَا يُوصل إِلَيْهِ
3 - يَا قبح الله يَا حرف نِدَاء والمنادى مَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ يَا قوم أَو يَا نَاس قبح الله أَقْوَامًا أَي أبعدهم وَبني عُمَيْر بدل من أَقْوَامًا ورهط اللؤم مَنْصُوب على الذَّم والاختصاص وَالْمعْنَى أبعد الله بني عميرَة كلما ذكرُوا فَإِنَّهُم أهل اللؤم والعار
4 - قوم خبر لمبتدأ مَحْذُوف أَي هم قوم والسوأة الْأَمر الْقَبِيح الْمُنكر وولجوا دخلُوا وَقَوله لم يجنوها أَي يغطوها ويستروها والأستار جمع ستر وَالْمعْنَى أَنهم كلما خَرجُوا من سوأة ومخزية دخلُوا فِي سوأة مثلهَا أَو أَسْوَأ مِنْهَا لَا يستترون مِنْهَا يُرِيد بذلك أَن الْعَار لَا يفارقهم(2/239)
(جَوَاب بيداء بهَا عزوف ... لَا يَأْكُل البقل وَلَا يريف)
(وَلَا يرى فِي بَيته القليف ... إِلَّا الحميت المفعم المكشوف)
3 - (للْجَار والضيف إِذا يضيف ... والحضري بَطْنه معلوف)
4 - (للفسو فِي أثوابه شفيف ... أعجب بيتيه لَهُ الكنيف)
5 - (أوطانه مبقلة وَسيف)
وَقَالَ ريعان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الْجَواب من الجوب وَهُوَ قطع الْمسَافَة والبيداء الْمَفَازَة والعزوف من العزف وَهُوَ صَوت الْجِنّ يسمع فِي المفاوز بِاللَّيْلِ أَو هُوَ من عزف الرِّيَاح أَي صَوتهَا الَّتِي يسمع فِيهَا بِاللَّيْلِ وَهَذَا كِنَايَة عَن كَونهَا مخيفة يهاب النَّاس السّير فِيهَا وَلَا يريف أَي لَا يدْخل الرِّيف وَهُوَ الْحَضَر وَالْمعْنَى أَن البدوي طواف فِي المفاوز المخيفة مُقيم على التطواف لَيْسَ بضعيف وَلَا كسلان وَلَا يَأْكُل الْبُقُول الَّتِي ترخي الأعصاب وَلَا ينزل بلادا الْحَضَر
2 - القليف تمر ينْزع نَوَاه ويكنز فِي ظروف من خوص والحميت وعَاء السّمن والمفعم الملآن مَعْنَاهُ أَن البدوي لَا يرى فِي بَيته إِلَّا الحميت المكشوف للْجَار والضيف وكشفه لَهما يدل على السخاء
3 - معلوف أَي ممتلئ طَعَاما وريحا من كَثْرَة أكله
4 - الشفيف رقة الثَّوْب وَالْمعْنَى أَن ثِيَابه رقت لِكَثْرَة فسوه فِيهَا وَأَنه يحب الكنيف لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ لِكَثْرَة أكله
5 - المبقلة مَوضِع الْبُقُول وَالسيف بِكَسْر السِّين سَاحل الْبَحْر مَعْنَاهُ أَن أوطان الحضري مَوضِع الْبُقُول وساحر الْبَحْر(2/240)
(لظلت قراقير صياما بِظَاهِر ... من الضحل كَانَت قبل فِي لجج خضر)
(وَلَا نكسر الْعظم الصَّحِيح تعزرا ... ونغني عَن الْمولى ونجبر ذَا الْكسر)
3 - (غلبنا بني حَوَّاء مجدا وسؤددا ... ولكننا لم نستطع غلب الدَّهْر)
وَقَالَ حجر بن حَيَّة الْعَبْسِي
4 - (وَلَا أدوم قدري بعد مَا نَضِجَتْ ... بخلا لتمنع مَا فِيهَا أثا فِيهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - القراقير جمع قُرْقُور وَهِي السفن وصياما أَي راكدة والضحل المَاء الْقَلِيل واللحجه جمع لجة وَهِي مُعظم الْبَحْر وَالْخضر السود وَالْبَحْر الْأَخْضَر الْأسود وَمعنى الْبَيْتَيْنِ لَو أَن الَّذِي نُعْطِيه من المَال مبتغين بِهِ الْحَمد يُعْطي مثله الْبَحْر الطامي لَصَارَتْ السفن رواكد على مَاء قَلِيل يترقرق على وَجه الأَرْض بَعْدَمَا كَانَت تجْرِي على لجج خضر
2 - تعزرا أَي قهرا وإجبارا ونغني على الْمولى أَي ندفع عَنهُ مَعْنَاهُ نَحن لَا نفصل اللَّحْم إِذا أعطينا بل نُعْطِيه صَحِيحا لعزنا وكرمنا وندافع عَمَّن ينتمي إِلَيْنَا ونجبر ذَا الْكسر بِمَا يصلح شَأْنه
3 - المُرَاد ببني حَوَّاء جَمِيع النَّاس مَعْنَاهُ نَحن غلبنا جَمِيع النَّاس فِي الْمُفَاخَرَة بالمجد وفقناهم فِيهِ ولكننا مَا استطعنا أَن نغلب الدَّهْر مَعَ مَا نَحن فِيهِ من الْعِزّ والشرف
4 - وَلَا أدوم قدري أَي لَا أطيل إدامتها والأثافي جمع أثفية(2/241)
(حَتَّى تقسم شَتَّى بَين مَا وسعت ... وَلَا يؤنب تَحت اللَّيْل عافيها)
(لَا أحرم الجارة الدُّنْيَا إِذا اقْتَرَبت ... وَلَا أقوم بهَا فِي الْحَيّ أخزيها)
3 - (وَلَا أكلمها إِلَّا عَلَانيَة ... وَلَا أخْبرهَا إِلَّا أناديها)
وَقَالَ الْمسَاوِر بن هِنْد بن قيس بن زُهَيْر
4 - (فدا لبني هِنْد غَدَاة دعوتهم ... بجو وبال النَّفس والأبوان)
5 - (إِذا جَارة شلت لسعد بن مَالك ... لَهَا إبل شلت لَهَا إبلان)
6 - (إِذا عقدت أفناء سعد بن مَالك ... لَهَا ذمَّة عزت بِكُل مَكَان)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَهِي الْحِجَارَة الَّتِي تُوضَع عَلَيْهَا الْقدر مَعْنَاهُ أَنِّي لَا أطيل إدامة قدري بعد إِدْرَاكهَا على الأثافي بخلا بِمَا فِيهَا بل أنزلهَا عَنْهَا وَأطْعم مِنْهَا الأضياف وَكَانَ الْبَخِيل مِنْهُم يتْرك الْقدر مَنْصُوبَة على الأثافي ليرى غَيره أَن الْقدر لم تدْرك وَجعل الْمَنْع للأثافي لِأَن الْقدر لم يغْرف مِنْهَا شَيْء مَا دَامَت عَلَيْهَا مَنْصُوبَة
1 - وَلَا يؤنب أَي لَا يلام والعافي طَالب الْمَعْرُوف مَعْنَاهُ أَن مَا فِيهَا من الطَّعَام يعم الْقَرِيب والبعيد والداني والقاصي لَيْلًا وَنَهَارًا
2 - الدُّنْيَا أَي الْقُرْبَى وأخزيها أَي أهينها مَعْنَاهُ أَنِّي لَا أعامل جارتي إِلَّا بِمَا يَلِيق بِي من الْجُود وَالْكَرم وَحفظ الْجَار والرأفة بِهِ
3 - الْعَلَانِيَة ضد السِّرّ مَعْنَاهُ أَنِّي لَا أكلمها إِلَّا مُعْلنا كَلَامي وَلَا أخْبرهَا إِلَّا مناديا لَهَا مَعَ مَا بِي من حسن الْجوَار والعفاف وصيانة الْأَعْرَاض
4 - وبال اسْم مَاء أضيف إِلَيْهِ الجو والجو مَا اطْمَأَن من الأَرْض مَعْنَاهُ نَفسِي وأبواي فدَاء لبني هِنْد حِين دعوتهم لينصروني على أعدائي بجو وبال
5 - شلت أَي طردت مَعْنَاهُ إِذا طردت إبل لجاره سعد طردت من أجلهَا وسببها إبلان لغَيْرهَا عوضا عَمَّا طرد مِنْهَا وَالْمرَاد من ذَلِك أَن قَبيلَة سعد يدافعون عَن جارهم ويحامون عَلَيْهِ لعزهم وشرفهم
6 - أفناء سعد(2/242)
(إِذا سئلوا مَا لَيْسَ بِالْحَقِّ فيهم ... أَبى كل مجني عَلَيْهِ وجاني)
(وَدَار حفاظ قد حللتم مهانة ... بهَا نيبكم والضيف غير مهان)
وَقَالَ آخر
3 - (جزى الله خيرا غَالِبا من عشيرة ... إِذا حدثان الدَّهْر نابت نوائبه)
4 - (فكم دافعوا من كربَة قد تلاحمت ... عَليّ وموج قد علتني غواربه)
5 - (إِذا قلت عودوا عَاد كل شمردل ... أَشمّ من الفتيان جزل مواهبه)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَي قبائلها مَعْنَاهُ أَنهم إِذا عقدوا عهدا لغَيرهم حفظوه وَلم ينقضوه لوفاء ذمتهم
1 - أَبى أَي امْتنع مَعْنَاهُ أَن كل مجني عَلَيْهِ وجان مِنْهُم إِذا سُئِلَ مَا لَيْسَ حَقًا امْتنع من ذَلِك لشرف نَفسه وَلم يرض بالضيم
2 - الْحفاظ الْمُحَافظَة والنيب جمع نَاب والناب النَّاقة المسنة مَعْنَاهُ أَن محلكم منيع مَحْفُوظ تكرمون فِيهِ الأضياف وتهينون الْإِبِل بنحرها لَهُم
3 - الْحدثَان مصدر حدث مَعْنَاهُ كافأ الله عَنَّا خيرا آل غَالب فَإِن مكارمهم وهمتهم لَا تخفى عِنْد اشتداد الزَّمَان
4 - تلاحمت أَي اشتدت ولزمت والغوارب جمع غارب وَهُوَ أَعلَى الموج وَأَعْلَى الظّهْر مَعْنَاهُ مرَارًا كَثِيرَة دافعوا دوني وخلصوني من كرب الدَّهْر
5 - الشمردل الطَّوِيل والأشم من الشمم وَأَصله ارْتِفَاع الْأنف وَهُوَ هُنَا كِنَايَة عَن الْكَرم مَعْنَاهُ إِذا عرضت على كل وَاحِد(2/243)
(إِذا أخذت بزل الْمَخَاض سلاحها ... تجرد فِيهَا متْلف المَال كاسبه)
وَقَالَ آخر
(أيا ابْنة عبد الله وَابْنَة مَالك ... وَيَا ابْنة ذِي البردين وَالْفرس الْورْد)
3 - (إِذا مَا صنعت الزَّاد فالتمسي لَهُ ... أكيلا فَإِنِّي لست آكله وحدي)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من بني غَالب معاودة الْحَرْب والكرور فِيهَا عَاد مِنْهُم إِلَيْهَا كل رجل كريم النَّفس كثير الْعَطِيَّة وَذَلِكَ لما فيهم من الشجَاعَة
1 - البزل جمع بازل وَهُوَ المتناهى قُوَّة وشبابا والمخاض النوق الْحَوَامِل وَالْمرَاد بسلاحها محاسنها وإمارات عتقهَا وكرمها ومتلف المَال كاسبه هُوَ كَقَوْلِهِم مخلف متْلف ومخلاف متلاف مَعْنَاهُ أَن الْإِبِل إِذا بلغت محاسنها فِي عيونهم مَا بلغت لَا يَبْخلُونَ بهَا على الأضياف بل ينحرونها لَهُم وَلَا يمْنَعهَا من نحرها حسنها وجمالها وَذَلِكَ لما عِنْدهم من كَثْرَة الْجُود ومزيد الْكَرم
2 - ابْنة مَالك هِيَ ماوية بنت عبد الله زَوْجَة حَاتِم الطَّائِي وَالْمرَاد بِذِي البردين عَامر بن أُحَيْمِر بن بَهْدَلَة أعطَاهُ الْمُنْذر ابْن مَاء السَّمَاء بردين حِين سَأَلَهُ عَن حَقِيقَته فَوَجَدَهُ من أشرف الْعَرَب وأشجعهم والورد من الْخَيل بَين الْكُمَيْت والأشقر
3 - الأكيل الَّذِي يتَكَرَّر مِنْهُ الْأكل مَعَ غَيره مثل الجليس الَّذِي يتَكَرَّر مِنْهُ الْجُلُوس مَعَه فَإِن أكل مَعَه مرّة وَاحِدَة أَو جالسه مرّة لَا يُقَال لَهُ أكيل وجليس وَقَالَ التمسي لَهُ أكيلا وَلم يقل التمسي لَهُ أكيلي لِأَنَّهُ أَرَادَ وَاحِدًا من المعروفين(2/244)
(أَخا طَارِقًا أَو جَار بَيت فإنني ... أَخَاف مذمات الْأَحَادِيث من بعدِي)
(وَإِنِّي لعبد الضَّيْف مَا دَامَ ثاويا ... وَمَا فِي إِلَّا تِلْكَ من شِيمَة العَبْد)
وَقَالَ آخر
3 - (وَلَيْسَ فَتى الفتيان من جلّ همه ... صبوح وَإِن أَمْسَى ففضل غبوق)
4 - (وَلَكِن فَتى الفتيان من رَاح أَو غَدا ... لضر عَدو أَو لنفع صديق)
وَقَالَ حزاز بن عَمْرو من بني عبد منَاف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بمؤاكلته وَالْمعْنَى أَن حاتما الطَّائِي يَقُول لزوجته إِذا فرغت من اتِّخَاذ الزَّاد وإعداده فاطلبي من أَجله من يؤاكلني فَإِنِّي لم أَعُود نَفسِي الْأكل وحدي
1 - أَخا طَارِقًا بدل من أكيلا فِي الْبَيْت الَّذِي قبله والطارق الَّذِي يَأْتِي لَيْلًا فإنني الخ مَعْنَاهُ أَنه لَا يسرني أَن يذمني النَّاس بعد حَياتِي ويصفوني بالبخل إِذا تكلمُوا فِي شَأْن الْجُود وَالْكَرم
2 - ثاويا أَي مُقيما مَعْنَاهُ أَنِّي أقوم بِخِدْمَة الضَّيْف مُدَّة إِقَامَته عِنْدِي وَمَا فِي من شَيْء يُقَال لَهُ خدمَة إِلَّا خدمتي للضيف وَالْمرَاد من ذَلِك أَنه من أهل الْجُود والسيادة
3 - الصبوح الشّرْب فِي أول النَّهَار والغبوق الشّرْب فِي آخِره
4 - رَاح من الرواح وَهُوَ من زَوَال الشَّمْس إِلَى اللَّيْل وَغدا من الغدو وَهُوَ من أول النَّهَار إِلَى الزَّوَال وَمَعْنَاهُ مَعَ الْبَيْت الَّذِي قبله لَيْسَ الْفَتى الْكَامِل الفتوة(2/245)
(لنا إبل لم تهن رَبهَا ... كرامتها والفتى ذَاهِب)
(هجان يكافأ مِنْهَا الصّديق ... وَيدْرك فِيهَا المنى الرَّاغِب)
3 - (ونطعن عَنْهَا نحور العدا ... وَيشْرب منا بهَا الشَّارِب)
4 - (ونؤلفها فِي السنين الكلول ... إِذا لم يجد مكسبا كاسب)
5 - (وَلم تَكُ يَوْمًا إِذا روحت ... على الْحَيّ يلفى لَهَا جادب)
6 - (حبانا بهَا جدنا والإله ... وَضرب لنا خذم صائب)
وَقَالَ مَنْصُور بن مسجاح)
7 - (ومختبط قد جَاءَ أوذي قرَابَة ... فَمَا اعتذرت إبلي عَلَيْهِ وَلَا نَفسِي)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من يمْضِي أَيَّامه فِي الْأكل وَالشرب بل الْفَتى الْكَامِل هُوَ الَّذِي يذل أعداءه ويعز أصدقاءه فِي كل أوقاته
1 - كرامتها أَي إكرامها مَعْنَاهُ أَنا نؤثر إكرام نفوسنا وصيانتها على إكرام المَال وصيانته فنجود بِهِ
2 - الهجان الْإِبِل الْبيض ويكافأ من الْكُفْء الَّذِي هُوَ الْمثل أَي يماثل وَالْمرَاد بالراغب طَالب الْخَيْر وَالْمَعْرُوف مَعْنَاهُ لنا إبل كَرِيمَة نتساوى فِيهَا مَعَ أصدقائنا لَا نستأثر بهَا دونهم وننحر مِنْهَا للأضياف إِذا نزلُوا بساحتنا
3 - المُرَاد بالشارب هُنَا شَارِب الْخمر مَعْنَاهُ أَنا نستعمل الْإِبِل فِي الغارات ونصرف أثمانها فِي شرب الْخمر
4 - فِي السنين أَي فِي زمن الجدب والكلول جمع كل وَالْمرَاد بهم هُنَا الضُّعَفَاء مَعْنَاهُ إِذا اشْتَدَّ الزَّمَان جعلنَا إبلنا يألفها ضعفاء النَّاس فينالون مِنْهَا
5 - الجادب العائب مَعْنَاهُ نَحن كرام فَكل من رأى إبلنا وَهِي رَائِحَة دَعَا لنا وَأثْنى علينا وَلَا يعيبها لأننا نجود بهَا
6 - حبانا من الحباء وَهُوَ الْعَطاء بِلَا جَزَاء وَلَا من والخذم الْقَاطِع أَي بِضَرْب قَاطع صائب
7 - المختبط(2/246)
(حبسنا وَلم نَسْرَح لكَي لَا يلومنا ... على حكمه صبرا معودة الْحَبْس)
(فَطَافَ كَمَا طَاف الْمُصدق وَسطهَا ... يُخَيّر مِنْهَا فِي البوازل وَالسُّدُس)
وَقَالَ عَامر بن حوط من بني عَامر بن عبد مَنَاة بن بكر بن سعد بن ضبة
3 - (وَلَقَد علمت لتأتين عَشِيَّة ... مَا بعْدهَا خوف عَليّ وَلَا عدم)
4 - (وأزور بَيت الْحق زورة ماكث ... فعلام أحفل مَا تقوض وانهدم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الَّذِي يقْصد غَيره طَالبا للمعروف من غير تقدم معرفَة واعتذرت أَي تَعَذَّرَتْ مَعْنَاهُ وَرب إِنْسَان من الْأَجَانِب أَو الْأَقَارِب قصدنا طَالبا للمعروف أَعْطيته من إبلي وَلم أتعلل بِأَنَّهَا غَائِبَة عني
1 - وَلم نَسْرَح أَي لم نرسلها إِلَى المرعى مَعْنَاهُ حبسنا على حكم هَذَا الْأَجْنَبِيّ الطَّالِب للمعروف أَو حكم الْقَرِيب إبِلا عودناها الْحَبْس بِجَانِب بُيُوتنَا صبرا وَلم نخرجها إِلَى المرعى لِئَلَّا نلام
2 - الْمُصدق الَّذِي يَأْخُذ الصَّدقَات والبوازل جمع بازل وَهُوَ ابْن تسع سِنِين وَالسُّدُس جمع سديس وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين وَخص البوازل وَالسُّدُس لِأَن سنّهَا أنفس الْأَسْنَان عِنْدهم فَمَتَى وَقع فِيهَا التَّخْيِير فَمَا دونهَا أَهْون مَعْنَاهُ أَنا نحكم الْأَجْنَبِيّ أَو الْقَرِيب فِي إبلنا ونجعل لَهُ الِاخْتِيَار فِيهَا كَمَا نحكم الْمُصدق الَّذِي يَجِيء بالعز والقهر فَيكون تدل لَهُ علينا تدلل من يسْتَخْرج حَقًا وَاجِبا
3 - وَلَقَد علمت يجْرِي مجْرى الْقسم فَلذَلِك أَجَابَهُ بلتأتين وَيُرِيد بالعشية آخر النَّهَار من يَوْم مَوته والعدم فقدان المَال وَالْمعْنَى لقد علمت أَنِّي أَمُوت وَلَيْسَ بعد الْمَوْت فقر وَلَا خوف
4 - بَيت الْحق المُرَاد بِهِ الْقَبْر والماكث الْمُقِيم وأحفل أَي أُبَالِي والتقويض الانهدام مَعْنَاهُ(2/247)
(ولأتركن للساملين حياضهم ... ولأحبسن على مكارمي النعم)
وَقَالَ زيد الفوارس بن حُصَيْن بن ضرار
(أقلي عَليّ اللوم يَا ابْنة مُنْذر ... ونامي فَإِن لم تشْتَهي النّوم فاسهري)
3 - (ألم تعلمي أَنِّي إِذا الدَّهْر مسني ... بنائبة زلت وَلم أتترتر)
4 - (يراني الْعَدو بعد غب لِقَائِه ... خليا نعيم البال لم أتغير)
5 - (وراكدة عِنْدِي طَوِيل صيامها ... قسمت على ضوء من النَّار مبصر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَا بُد لي من زِيَارَة الْقَبْر وَالْإِقَامَة فِيهِ فعلام تأسفي على مَا يفوت من حطام الدُّنْيَا
1 - الساملون جمع سامل وَهُوَ المصلح مَعْنَاهُ أَنِّي لَا أسْتَعْمل همتي فِي إصْلَاح مَالِي وَعمارَة حياضي بل استعملها فِي الْجُود وَالْكَرم وإعانة ذَوي الْحَاجَات
2 - أقلى عَليّ اللؤم أَي لَا تلوميني مَعْنَاهُ أَنه يَقُول لعاذلته لَا تلوميني وافعلي مَا شِئْت واعلمي أَن لومك لَا يَمْنعنِي من جودي وكرمي
3 - وَلم أتترتر أَي وَلم أتزلزل مَعْنَاهُ أَنه شُجَاع لَا تزعزعه حوادث الدَّهْر وَلَا تحوله عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ
4 - بعد غب لِقَائِه أَي بعد يَوْم لِقَائِه بِيَوْم وخاليا حَال من يراني وَهُوَ الَّذِي لَا هم لَهُ مَعْنَاهُ أَن الْعَدو يراني بعد يَوْم لِقَائِه بِيَوْم خَالِيا نعيم البال كَأَنَّهُ مَا مسني أَذَى
5 - وراكدة أَي سَاكِنة ثَابِتَة أَرَادَ بهَا الْقدر وصيامها أَي ركودها ومكثها على الأثافي لثقلها بِاللَّحْمِ وَقسمت أَي قسمت مرقها للثرد بِدَلِيل قَوْله قسمت لَحمهَا فِي الْبَيْت الَّذِي بعده وَجعل الضَّوْء(2/248)
(طروقا فَلم أفحش وَقسمت لَحمهَا ... إِذا اجْتنب الْعَافُونَ نَار العذور)
وَقَالَ الْهُذيْل بن مشجعَة البولاني
(إِنِّي وَإِن كَانَ ابْن عمي غَائِبا ... لمقاذف من خَلفه وورائه)
3 - (ومفيده نصري وَإِن كَانَ امْرأ ... متزحزحا فِي أرضه وسمائه)
4 - (وَمَتى أجئه فِي الشدائد مرملا ألق الَّذِي فِي مزودي لوعائه)
5 - (وَإِذا تتبعت الجلائف مَا لنا ... خلطت صحيحتنا إِلَى جربائه)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مبصرا لِأَن الْأَبْصَار يكون فِيهِ وَمثله قَوْله تَعَالَى {وَجَعَلنَا آيَة النَّهَار مبصرة} وَالْمعْنَى وَقدر طَوِيلَة الْمكْث على الأثافي لثقلها من كَثْرَة اللَّحْم فِيهَا قسمت مرقها للثرد على ضوء من النَّار فِي وَقت طروق الضَّيْف واشتداد الْبرد
1 - طروقا أَي وَقت طروق الضَّيْف وَهُوَ ظرف لقسمت على ضوء نَار الْمُتَقَدّم فَلم أفحش أَي لم أقل الْفُحْش والعافون جمع عاف وَهُوَ طَالب الْمَعْرُوف والعذور السيء الْخلق مَعْنَاهُ أَنه قسم مَا فِي الْقدر من المرق لأعمال الثَّرِيد وَقسم مَا فِيهَا من اللَّحْم بَين الأضياف على ضوء من النَّار فِي وَقت طروقهم بِاللَّيْلِ حِين قصدُوا ناره وَاجْتَنبُوا نَار الْبَخِيل السيء الْأَخْلَاق
2 - المقاذف المرامي ووراء هُنَا بِمَعْنى قُدَّام لِأَنَّهُ قد ذكر مَعَه خلف مَعْنَاهُ أَنه يدافع عَن ابْن عَمه من قدامه وَمن خَلفه وَإِن كَانَ غَائِبا
3 - المتزحزح المتباعد وَالْمعْنَى أَنه قَائِم بشأن ابْن عَمه وَإِن تبَاعد عَنهُ فِي أَي مَوضِع كَانَ
4 - المرمل الَّذِي قد نفد زَاده والمزود وعَاء الزَّاد مَعْنَاهُ أَنِّي أنفعه فِي كل شدَّة يَقع فِيهَا
5 - الجلائف جمع جليفة وَهِي السّنة الشَّدِيدَة الَّتِي تذْهب بالأموال وَقَوله خلطت صحيحتنا إِلَى جربائه من الْأَمْثَال يَعْنِي نخلط فقره بغنانا وغثه بسميننا وَالْمعْنَى إِذا افْتقر ابْن عمنَا ساعدناه بِأَمْوَالِنَا(2/249)
(وَإِذا أَتَى من وجهة بطريفة ... لم أطلع مِمَّا وَرَاء خبائه)
(وَإِذا اكتسى ثوبا جميلا لم أقل ... يَا لَيْت أَن عَليّ حسن رِدَائه)
وَقَالَ حسان بن حَنْظَلَة بن أبي رهم بن حسان بن حَيَّة بن شُعْبَة الطَّائِي
3 - (تِلْكَ ابْنة الْعَدوي قَالَت بَاطِلا ... أزرى بقومك قلَّة الْأَمْوَال)
4 - (إِنَّا لعمر أَبِيك يحمد ضيفنا ... ويسود مقترنا على الإقلال)
5 - (غضِبت عَليّ أَن اتَّصَلت بطيىء ... وَأَنا امْرُؤ من طيىء الأجبال)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - من وجهة أَي من سفر والطريفة مَا يستطرفه الْإِنْسَان من المَال ويستحدثه والخباء من الْأَبْنِيَة يكون من صوف أَو وَبرا وَشعر مَنْصُوبًا على عمودين أَو ثَلَاثَة وَمَا فَوق ذَلِك فَهُوَ بَيت يُشِير بِهَذَا الْبَيْت إِلَى تَنْزِيه نَفسه عَن الطمع فِيمَا لَيْسَ لَهُ
2 - يَا لَيْت فِي مَوضِع نصب على أَنه مفعول لم أقل وَيَا حرف نِدَاء والمنادى مَحْذُوف تَقْدِيره يَا قوم أَو يَا نَاس لَيْت أَن على رِدَاءَهُ الْحسن وَهَذَا الْبَيْت يدل على قلَّة المنافسة وَترك الْحَسَد
3 - أزرى بقومك أَي قصر بهم وَالْمعْنَى قَالَت ابْنة الْعَدوي زورا من القَوْل وباطلا لقد قصر بقومك فَقرهمْ وَقلة مَالهم فأجبتها بِقَوْلِي أَنا لعمر أَبِيك الخ
4 - المقتر الْمُعسر مَعْنَاهُ أَن الضَّيْف نعم الشَّاهِد على بطلَان مَا قَالَت حَيْثُ يحمدنا على جودنا وكرمنا وَكَثْرَة مَا ننفقه من أَمْوَالنَا
5 - اتَّصَلت انتسبت وأضاف طيئا إِلَى الأجبال الْمَشْهُورَة فِي بِلَادهمْ نَحْو أجاء وسلمى وعوارض للتخصيص والتبيين وَذَلِكَ لِأَن طيئا فرقتان فرقة تنزل السُّفْلى من جبالهم وَفرْقَة تنزل الْعُلُوّ مِنْهَا وَالْمعْنَى أَن هَذِه الْمَرْأَة غضِبت عَليّ لانتسابي إِلَى طيىء وَقَالَت أَنْت من تَمِيم وَلست من(2/250)
(وَأَنا امْرُؤ من آل حَيَّة منصبي ... وَبَنُو جُوَيْن فاسألي أخوالي)
(وَإِذا دَعَوْت بني جديلة جَاءَنِي ... مرد على جرد الْمُتُون طوال)
3 - (أَحْلَامنَا تزن الْجبَال رزانة ... وَيزِيد جاهلنا على الْجُهَّال)
وَقَالَ إِيَاس بن الْأَرَت
4 - (وَإِنِّي لقوال لعافي مرْحَبًا ... وللطالب الْمَعْرُوف إِنَّك واجده)
5 - (وَإِنِّي لممن يبسط الْكَفّ بالندى ... إِذا شنجت كف الْبَخِيل وساعده)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
طيىء فَقلت لَهَا أَنا مِمَّن يسكن أعالي الْجبَال من طيىء
1 - من آل حَيَّة خبر مقدم ومنصبي مُبْتَدأ مُؤخر وَالْجُمْلَة صفة امْرُؤ وَبَنُو مُبْتَدأ وأخوالي خَبره ومفعول اسألي مَحْذُوف تَقْدِيره النَّاس وَالْمعْنَى أَنا امْرُؤ مَشْهُور النّسَب من آل حَيَّة منصبي وَبَنُو جُوَيْن أخوالي فَإِن ارتبت وَشَكَكْت فِي ذَلِك فاسألي النَّاس
2 - الجرد من الْخَيل الْقصار الشّعْر والمتون جمع متن وَهُوَ الظّهْر وَالْمعْنَى إِذا دَعَوْت بني جديلة للحرب جَاءَنِي مِنْهُم فرسَان شُبَّان لَا يهابون الْأَبْطَال وَإِنَّمَا خص المرد لإقدامهم فِي الحروب على غرَّة
3 - الأحلام جمع حلم وَهُوَ الْعقل وتزن توازي وتساوي والرزانة الثّقل وَالْمعْنَى نَحن قوم عقلاء تماثل عقولنا الْجبَال فِي ثُبُوتهَا فَلَا يستفزنا الْغَضَب وَإِذا جهل وسفه أحد علينا أريناه من الْجَهْل مَا يضعف قوته ويخرس لِسَانه
4 - لقوال كثير القَوْل والعافي طَالب الْعَطاء وَجمعه عفاة ومرحبا مَنْصُوب على الْمصدر وَهُوَ يجْرِي مجْرى الْجمل لمَكَان الْعَامِل فِيهِ مَعَه وَقد وَقع موقع الْمَفْعُول من قَوْله قَوَّال وَالْمَعْرُوف هُنَا الْخَيْر والجميل وَالْمعْنَى أَنِّي رجل أحب الْكَرم وَمَكَارِم الْأَخْلَاق فأرحب بالسائل وَلَا أرده خَالِيا
5 - الندى الْعَطاء وشنجت تقبضت يبسا وَالْمعْنَى أَنِّي رجل أبسط كفي بالعطاء والجود فِي وَقت الجدب وَشدَّة احْتِيَاج النَّاس وَظُهُور الْبُخْل(2/251)
(لعمرك مَا تَدْرِي أُمَامَة أَنَّهَا ... ثنى من خيال مَا أَزَال أعاوده)
(فشقت على ركبى وعنت ركائبي ... وَردت عَليّ اللَّيْل قرنا أكابده)
وَقَالَ آخر
3 - (أثنى عَليّ بِمَا لَا تكذبين بِهِ ... يَا طيب أَي فَتى للضيف وَالْجَار)
4 - (إِنِّي أجاور مَا جَاوَرت فِي حسبي ... وَلَا أُفَارِق إِلَّا طيب الدَّار)
وَقَالَ آخر
5 - (كم من لئيم رَأينَا كَانَ ذَا إبل ... فَأصْبح الْيَوْم لَا معط وَلَا قاري)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الْعُمر بِفَتْح الْعين وَضمّهَا وَاحِد وَلَا يسْتَعْمل فِي الْقسم إِلَّا مَفْتُوحًا وَجَوَاب الْقسم مَحْذُوف تَقْدِيره قسمي وثنى أَي مرّة بعد أُخْرَى يُشِير إِلَى معاودة الخيال مرّة بعد مرّة وَالْمعْنَى أقسم بحياتك أَن أُمَامَة لَا تعلم بِأَن خيالها يأتيني مرّة بعد أُخْرَى
2 - شقَّتْ صعبت وركبي أَصْحَابِي وعنت تعبت والركائب الرَّوَاحِل والقرن الْمنَازل فِي الْحَرْب وَالْمعْنَى أَنِّي لما عاودني خيالها انْتَبَهت وأيقظت أَصْحَابِي ليرحلوا معي فصعب عَلَيْهِم الرحلة معي فرحلت أكابد اللَّيْل سيرا كَمَا يكابد الرجل خَصمه
3 - الثَّنَاء الْمَدْح بالجميل وَطيب منادى مرخم طيبَة وَأي فَتى مُبْتَدأ وَخَبره مُضْمر تَقْدِيره أَنْت وَالْمعْنَى ليكن ثناؤك عَليّ حَقًا يَا طيبَة وَقَوْلِي أَي فَتى أَنْت للضيف إِذا نزل وَالْجَار إِذا استجار بك
4 - فِي حسبي أَي مَعَ حسبي وَشرف أُصَلِّي وَمَتى كَانَ كَذَلِك امْتنع عَن فعل مَا لَا يحسن وَالْمعْنَى أَنِّي إِذا جَاوَرت أحدا عاملته مُعَاملَة الْكِرَام وَإِذا فارقته فارقته وَهُوَ يثني عَليّ ويحمد جواري
5 - الْقَارئ المكرم للضيفان وَالْمعْنَى رَأينَا كثيرا من اللئام كَانُوا يملكُونَ نفائس الْأَمْوَال ويبخلون بهَا على الضَّيْف وَغَيره ثمَّ أزيلت(2/252)
(وَلَو يكون على الْحداد يملكهُ ... لم يسق ذَا غلَّة من مَائه الْجَارِي)
وَقَالَ حسان بن ثَابت
(المَال يغشى رجَالًا لَا طباخ بهم ... كالسيل يغشى أصُول الدندن الْبَالِي)
3 - (أصون عرضي بِمَالي لَا أدنسه ... لَا بَارك الله بعد الْعرض فِي المَال)
4 - (أحتال لِلْمَالِ إِن أودى فأجمعه ... وَلست للعرض أَن أودى بمحتال)
5 - (الْفقر يزري بِأَقْوَام ذَوي حسب ... ويقتدي بلئام الأَصْل أنذال)
قَالَ عبد الْعَزِيز بن زُرَارَة الْكلابِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَنْهُم
1 - الْحداد النَّهر وَقيل إِنَّه وَاد مَاؤُهُ لَا يَنْقَطِع وَالْغلَّة حرارة الْعَطش وَالْمعْنَى وَلَو ملك الْوَاحِد من أُولَئِكَ اللئام ذَلِك المَاء الْمَذْكُور وجاءه رجل أحرقه الظمأ يطْلب مِنْهُ شربة لم يجد بهَا عَلَيْهِ
2 - لَا طباخ بهم أَي لَا خير عِنْدهم والدندن مَا بلَى من الشّجر وَالْمعْنَى يملك المَال رجال لَيْسَ فيهم خير وَلَا حسن تَدْبِير فَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ كَمَا لَا ينْتَفع الشّجر الْبَالِي بالسيل إِذا أَصَابَهُ
3 - أصون أحفظ وَالْمعْنَى إِنِّي أبذل مَالِي لحفظ عرضي كَيْلا يلحقني عيب ومذمة وَلَا خير فِي بَقَاء المَال بعد ذهَاب الْعرض
4 - أودى هلك وَالْمعْنَى أَنِّي أجد طرقا كَثِيرَة لجمع المَال إِذا ذهب وَلَا تُوجد طَرِيق لاسترجاع الْعرض لَو ذهب
5 - أزرى بِهِ عابه والأنذال الأخساء وفاعل يَقْتَدِي يعود على المَال الْمَذْكُور قبلا وَالْمعْنَى أَن الْفقر يظْهر أَصْحَاب الشّرف والحسب لَدَى النَّاس بمظهر الْعَيْب والذلة وَيتبع لئام الْأُصُول الأخساء وَفِي بعض النّسخ بعد المصراع الأول وَلَا يسود غير السَّيِّد المَال وعَلى هَذَا فَفِي الْبَيْت أقواء(2/253)
(دَعَوْت إِلَيْهَا فتية بأكفهم ... من الجزر فِي برد الشتَاء كلوم)
(إِذا مَا اشتهوا مِنْهَا شواء سعى لَهُم ... بِهِ هذريان للكرام خدوم)
وَقَالَ آخر
3 - (فإلا أكن عين الْجواد فإنني ... على الزَّاد فِي الظلماء غير شتيم)
4 - (فإلا أكن عين الشجاع فإنني ... أرد سِنَان الرمْح غير سليم)
وَقَالَ آخر
5 - (وسع بمدك مَاء اللَّحْم تقسمه ... وَأكْثر الشوب إِن لم يكثر اللَّبن)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَلْيتَأَمَّل فيهمَا
1 - دَعَوْت ناديت وَضمير إِلَيْهَا يعود إِلَى نَاقَة ذَبحهَا لأضيافه والجزر الذّبْح وَالْمرَاد بِبرد الشتَاء زمَان الْقَحْط والجدب والكلوم الْجِرَاحَات وَالْمعْنَى أَنِّي كثير الْبر وَالْإِكْرَام للضيفان وَلذَلِك ترى غلماني وخدمي مجرحة أَيْديهم من كَثْرَة النَّحْر سِيمَا فِي أَيَّام الْبُؤْس واحتياج النَّاس
2 - الشواء اللَّحْم المشوي والهذريان الْخَفِيف فِي الْكَلَام والخدوم الْكثير الْخدمَة وَالْمعْنَى مَا اشتهت أضيافي شواء إِلَّا وقدمته لَهُم الْخدمَة بِكُل بشر وإيناس
3 - المُرَاد بِعَين الْجواد ذَات الْكَرِيم وشتيم فعيل بِمَعْنى مفعول
4 - معنى الْبَيْتَيْنِ أَنِّي إِن لم أكن كل الْجواد وَالْجَامِع لأسباب السخاء فإنني لَا أشتم بقلة الزَّاد وحبسه عَن مريده فِي الظلام
وَإِن لم أكن جَامعا لضروب الشجَاعَة فَإِنِّي لَا أرجع رُمْحِي من الْحَرْب سالما من الْكسر والثلم والفل
5 - مد الْقدر إِذا أَكثر مرقها والشوب الْخَلْط والمزج وَالْمعْنَى أَنه يَأْمر خادمه بتكثير المَاء للحم وتكثير مزج اللَّبن إِذا كَانَ قَلِيلا لينال جَمِيع ضيفانه على سَوَاء فَلَا(2/254)
(وسع بِهِ وَتَلفت حول حاضره ... إِن الْكَرِيم الَّذِي لم يخله الفطن)
وَقَالَ آخر
(إِذا هِيَ لم تمنع برسلي لحومها ... من السَّيْف لاقت حَده وَهُوَ قَاطع)
3 - (ندافع عَن أحسابنا بِلُحُومِهَا ... وَأَلْبَانهَا إِن الْكَرِيم يدافع)
4 - (وَمن يقترق خلقا سوى خلق نَفسه ... يَدعه وترجعه إِلَيْهِ الرواجع)
وَقَالَ مُضرس بن ربعي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَأْكُل جمَاعَة صرف اللَّحْم وَيبقى آخَرُونَ خماص الْبُطُون أَو يشرب جمَاعَة لَبَنًا مَحْضا وَيبقى آخَرُونَ من غير شرب وتكثير المرق ورد فِي السّنة
1 - حاضره من حضر للضيافة وَالْمعْنَى أَكثر مَاء اللَّحْم وَأكْثر التفاتك يَمِينا وَشمَالًا لتنظر وَتعلم حوائج الضيفان وشأن الْكَرِيم أَن يكون حاذقا فطنا لأغراض الضيوف
2 - الرُّسُل اللَّبن وَالْمعْنَى أَن أبله إِذا درت اللَّبن للضيفان فقد حفظت لحومها فَلَا تذبح وَذَلِكَ لِأَن الْعَرَب كَانُوا يقتنعون بِاللَّبنِ إِذا وجد وَيَقُولُونَ اللَّبن أحد اللحمين فَإِذا لم تدر إبلهم لم يكن لَهُم بُد من نحرها للضيوف
3 - الْمَعْنى أننا نطعم لحومها ونسقي أَلْبَانهَا النَّاس حَتَّى لَا تلْحق أحسابنا سبة وشتيمة
4 - يقترف يكْتَسب وَالْمعْنَى من يسْتَبْدل أَخْلَاق آبَائِهِ بأخلاق غَيرهم فَلَا بُد أَن تَأتي عَلَيْهِ أَيَّام تضطره أَن يَتْرُكهَا وَيرجع إِلَى أَخْلَاق آبَائِهِ(2/255)
(وَإِنِّي لأدعو الضَّيْف بالضوء بعد مَا ... كسا الأَرْض نضاح الجليد وجامده)
(لأكرمه إِن الْكَرَامَة حَقه ... ومثلان عِنْدِي قربه وتباعده)
3 - (أَبيت أعشه السديف وإنني ... بِمَا نَالَ حَتَّى يتْرك الْحَيّ حامده)
وَقَالَ حماس بن ثامل
4 - (ومستنبح فِي لج ليل دَعوته ... بمشبوبة فِي رَأس صَمد مُقَابل)
5 - (وَقلت لَهُ أقبل فَإنَّك رَاشد ... وَإِن على النَّار الندى وَابْن ثامل)
وَقَالَ النمري وَيُقَال أَنَّهَا لرجل من باهلة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - دَعْوَة الضَّيْف بالضوء هِيَ أَن الْعَرَب كَانُوا يوقدون النَّار فِي أعالي الْجبَال ليراها الْمَارَّة ويأتوها فيضيفوهم ويكرموهم والنضاح الرشاش والجليد مَا يسْقط على الأَرْض من الندى فيجمد لبرد الْهَوَاء
2 - معنى الْبَيْتَيْنِ أَنِّي إِذا اشْتَدَّ الْبرد وجمد المَاء أضرم النَّار فِي اللَّيْل لتَكون عَلامَة للضيف يهتدى بهَا إِلَى بَيْتِي
لأكرمه وَذَلِكَ حق وَدين لَهُ عَليّ سَوَاء كَانَ من أقربائي أَو بَعيدا عني
3 - السديف شَحم السنام وَالْمعْنَى أقدم للضيف أطيب اللَّحْم وَأعد مَا ناله مني نعْمَة قد أنعم بهَا عَليّ فَلَا أَزَال أَحْمد عَلَيْهَا حَتَّى يُفَارق قبيلتي
4 - الْوَاو وَاو رب والمستنبح من يطْلب مَكَان نبح الْكلاب ليستدل بِهِ على مَكَان الضِّيَافَة ولج اللَّيْل مُعظم ظلمته وَأَصله لمعظم المَاء والمشبوبة النَّار المضرمة والصمد الْمَكَان الْمُرْتَفع وَالْمعْنَى أوقدت النَّار فِي مَكَان عَال يُقَابل الضَّيْف إِذا جَاءَ لتَكون دَلِيلا لَهُ على بَيْتِي
5 - رَاشد مهتد والندى الْجُود وَالْمعْنَى بشرت الضَّيْف بقدومه عَليّ وأريته استبشاري بِهِ وانتظاري إِيَّاه(2/256)
(فأوسعني حمدا وأوسعته قرى ... وأرخص بِحَمْد كَانَ كاسبه الْأكل)
وَقَالَ آخر
(تركت ضأني تود الذِّئْب راعيها ... وَأَنَّهَا لَا تراني آخر الْأَبَد)
3 - (الذِّئْب يطرقها فِي الدَّهْر وَاحِدَة ... وكل يَوْم تراني مدية بيَدي)
وَقَالَ آخر
4 - (وَمَا أَنا بالساعي إِلَى أم عَاصِم ... لأضربها إِنِّي إِذا لجهول)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِهِ مَعْنَاهُ أَنه سبق قومه إِلَى ملاقاة الضَّيْف وفاز بإكرامه قبلهم وَيُشِير بِهَذَا إِلَى أَن قومه أهل كرم وذوو فضل وإحسان
1 - وأرخص بِحَمْد أَي مَا أرخص حمدا وَالْمعْنَى أَنه أَكثر فِي حمدي وَأَنا أكثرت فِي إطعامه وإكرامه وَمَا أرخص حمدا ثمنه إطْعَام الطَّعَام
2 - الضَّأْن من الْغنم ضد الْمعز وتود هُنَا تعدِي إِلَى مفعولين وَقَوله وَإِنَّهَا لَا تراني عطف على مَفْعُوله الأول أَي وتود أَنَّهَا لَا تراني الخ
3 - الذِّئْب يطرقها الخ هَذَا بَيَان لسَبَب تمنيها ذَلِك وكل يَوْم ظرف لقَوْله تراني ومدية بدل من الضَّمِير فِيهِ بدل اشْتِمَال والمدية السكين وَمعنى هَذَا الْبَيْت مَعَ الْبَيْت الَّذِي قبله أَن أغنامه تمنت أَن يكون الذِّئْب هُوَ الَّذِي يقوم بشأنها بدله لِأَن الذِّئْب يَأْتِيهَا فِي دهرها مرّة وَاحِدَة ثمَّ لَا يعود إِلَيْهَا وَهُوَ كل يَوْم يَأْتِيهَا والسكين فِي يَده ليذبح مِنْهَا للضيافة يُرِيد بِهَذَا الْكَلَام أَنه كثير الْجُود وَالْكَرم
4 - اللَّام من لأضربها لَام كي وَلَيْسَت بلام الْجُحُود لِأَن لَام الْجُحُود تقع بعد كَانَ وَمَا تصرف مِنْهَا كَقَوْل الله تَعَالَى {وَمَا كَانَ الله ليطلعكم على الْغَيْب} وَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا الْكَلَام(2/257)
(لَك الْبَيْت إِلَّا فينة تحسنينها ... إِذا حَان من ضيف عَليّ نزُول)
وَقَالَ بعض بني أَسد
(وسوداء لَا تُكْسَى الرّقاع نبيلة ... لَهَا عِنْد قرات العشيات أزمل)
3 - (إِذا مَا قريناها قراها تَضَمَّنت ... قرى من عرانا أَو تزيد فتفضل)
وَقَالَ عُرْوَة بن الْورْد تقدّمت تَرْجَمته
4 - (سَلِي الطارق المعتر يَا أم مَالك ... إِذا مَا أَتَانِي بَين قدري ومجزرى)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لما رأى غَيره يضْرب زَوجته ويمنعها من تَدْبِير بَيتهَا فَأَرَادَ أَن يَنْفِي ذَلِك عَن نَفسه فَقَالَ وَمَا أَنا بالساعي الخ
1 - لَك الْبَيْت أَي لَك تَدْبِير الْبَيْت والفينة الْوَقْت وَالْمعْنَى أَن تَدْبِير الْبَيْت مفوض إِلَيْك وأمرك فِيهِ نَافِذ فِي كل وَقت إِلَّا وقتا يجب عَلَيْك أَن تحسني فِيهِ إِلَى الضَّيْف وَهُوَ وَقت نُزُوله عندنَا
2 - المُرَاد بِالسَّوْدَاءِ هُنَا الْقدر الَّتِي يطْبخ فِيهَا وَجمع الرّقاع لِأَن الرقعة والرقعتين لَا تسترها لعظمها والنبيلة الْعَظِيمَة الشان والقرات جمع قُرَّة وَهِي الْبرد والأزمل الصَّوْت الشَّديد وَخص قرات العشيات لِأَنَّهَا وَقت الجدب الَّذِي تكْثر فِيهِ الأضياف وَالْمعْنَى وَرب قدر من قدرونا سَوْدَاء عَظِيمَة الشَّأْن يشْتَد صَوت غليانها وَقت نزُول الأضياف عندنَا زمن الْقَحْط والشدة
3 - قريناها أَي ملأناها لحوما وَجعل مَا يطْبخ فِيهَا قرى لَهَا ليطابق تَضَمَّنت قرى من عرانا وَيُقَال عراه يعروه إِذا غشيه طَالبا معروفه وَالْمعْنَى أَنهم كلما أمدوها بِمَا يطْبخ فِيهَا أمدتهم بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة لَهُم ولأضيافهم أَو تزيد على الْمَطْلُوب فتفضل على غَيرهم
4 - الطارق الْآتِي لَيْلًا(2/258)
(أيسفر وَجْهي أَنه أول الْقرى ... وأبذل معروفي لَهُ دون منكري)
وَقَالَ آخر
(وَإِنَّا لمشاؤن بَين رحالنا ... إِلَى الضَّيْف منالا جني ومنيم)
3 - (فذوا الْحلم منا جَاهِل دون ضَيفه ... وَذُو الْجَهْل منا عَن أَذَاهُ حَلِيم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للضيافة والقرى والمعتر الْمُعْتَرض وَلَا يسْأَل والمجزر مَوضِع جزر الْإِبِل إِذا مَا أَتَانِي يُرِيد أَن المعتر إِذا أَتَاهُ فِي مَوضِع الضِّيَافَة أعطَاهُ إِمَّا لَحْمًا غير مطبوخ وَذَلِكَ من المجزر وَإِمَّا لَحْمًا مطبوخا وَذَلِكَ من الْقدر
1 - أيسفر وَجْهي هَذَا فِي مَوضِع الْمَفْعُول الثَّانِي لسلى وَفِي الْكَلَام حذف أَي أم لَا وساغ الْحَذف لما يدل على الْمَحْذُوف من قَرَائِن اللَّفْظ وَالْحَال وَمعنى قَوْله يسفر أَي يَتَهَلَّل بالبشاشة وَأَنه أول الْقرى أَي أَن أَسْفَاره بالبشاشة للضيف من أَوَائِل إكرامه وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ وَالْمُنكر هَهُنَا أَن يسْأَله عَن اسْمه وَنسبه وبلده ومقصده وكل هَذَا مِمَّا يجلب عَلَيْهِ الْحيَاء وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الْأَعرَابِي الْمَعْرُوف هُنَا الْقرى وَالْمُنكر الْحرم يُرِيد أَنه يبْذل للضيف كل مَا يملك سوى الْحرم وَمَعْنَاهُ أَنه يتلَقَّى الضَّيْف بالبشاشة فِي أول ضيافته لَهُ ويبذل لَهُ من الْمَعْرُوف مَا يؤنسه ويجتنب مَا يوحشه
2 - لاحف أَي يُغطي الضَّيْف باللحاف ومنيم أَي يحدثه حَتَّى ينَام مَعْنَاهُ أَن لَهُم حسن عناية بالضيف لَا يقصرون فِي حَقه
3 - فذو الْحلم منا الخ يُرِيد أَن الْحَلِيم مِنْهُم يجهل دون ضَيفه إِذا أوذي وَمعنى وَذُو الْجَهْل منا الخ أَن الضَّيْف إِذا أحدث مَا يؤذينا يرى الجهول منا مُحْتملا لَهُ وَلَا يتَعَرَّض لأذاه وَالْمعْنَى أَن الْعَاقِل مِنْهُم يتجاهل على من يتَعَرَّض لضيفه وَأَن الْجَاهِل مِنْهُم يتَحَمَّل الْأَذَى من ضَيفه وَلَا يؤاخذه(2/259)
وَقَالَ ابْن هرمة تقدّمت تَرْجَمته
(أغشى الطَّرِيق بقبتي ورواقها ... واحل فِي نشر الرِّبَا فأقيم)
(أَن امْرأ جعل الطَّرِيق لبيته ... طنبا وَأنكر حَقه للئيم)
وَقَالَ آخر
3 - (ومستنبح تستكشط الرّيح ثَوْبه ... ليسقط عَنهُ وَهُوَ بِالثَّوْبِ معصم)
4 - (عوى فِي سَواد اللَّيْل بعد اعتسافه ... لينبح كلب أَو ليفزع نوم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يُرِيد بذلك أَنهم بلغُوا فِي إكرام الضَّيْف غَايَة مَا بعْدهَا غَايَة
1 - الرواق مَا يكون حول الْقبَّة والنشز الْمَكَان الْمُرْتَفع وَكَذَا الربوة وَالْجمع الرِّبَا مَعْنَاهُ أَنه يضْرب قُبَّته على الطَّرِيق وَيُقِيم فِي الْأَمْكِنَة المرتفعة
2 - طنبا على حذف مُضَاف أَي مَوضِع طُنب والطنب حَبل الْبَيْت مَعْنَاهُ أَن من يتَّخذ الطَّرِيق موضعا يضْرب بِهِ خيمته وَلَا يُؤَدِّي حق ذَلِك الطَّرِيق فَهُوَ من اللئام
3 - المستنبح الَّذِي يطْلب نباح الْكَلْب ليهتدي بذلك فِي طَرِيقه وتستكشف أَي تكشف ومعصم أَي مستمسك وَنبهَ بِهَذَا الْكَلَام أَنه فِي وَقت قحط وَشدَّة وَالْمعْنَى وَرب ضال عَن الطَّرِيق يتسمع نباح الْكلاب ليهتدى بهَا وَالرِّيح تجاذب ثَوْبه ليسقط عَنهُ وَهُوَ محتفظ عَلَيْهِ مستمسك بِهِ
4 - عوى فِي سَواد اللَّيْل أَي نبح وَصَاح والاعتساف الْأَخْذ فِي الطَّرِيق على غير هِدَايَة وَالْمعْنَى أَنه صَوت بِصَوْت شَبيه بالعواء ليسمعه كلب فَيُجِيبهُ فيهتدى بذلك فِي طَرِيقه أَو يتيقظ لَهُ قوم نيام فيتلقوه أَو يرفعوا لَهُ نَار الضِّيَافَة(2/260)
(فجاوبه مستسمع الصَّوْت للقرى ... لَهُ عِنْد إتْيَان المهبين مطعم)
(يكَاد إِذا مَا أبْصر الضَّيْف مُقبلا ... يكلمهُ من حبه وَهُوَ أعجم)
3 - وَقَالَ سَالم بن قحفان الْعَنْبَري
4 - (لَا تعذليني فِي الْعَطاء ويسري ... لكل بعير جَاءَ طَالبه حبلا)
5 - (فَإِنِّي لَا تبْكي عَليّ إفالها ... إِذا شبعت من روض أوطانها بقلا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - مستسمع بِمَعْنى سامع وَأَرَادَ بِهِ الْكَلْب والمهبون الأضياف وَالْمعْنَى أَنه لما عوى جاوبه كلب يَدعُوهُ إِلَى الْقرى لِأَن لَهُ عِنْد حُضُور الأضياف مطعما مِمَّا ينْحَر لَهُم من الْإِبِل
2 - الْأَعْجَم الَّذِي لَا يتَكَلَّم يصف بِهَذَا الْبَيْت شدَّة حب الْكَلْب للضيف لِأَنَّهُ يَأْكُل مِمَّا ينْحَر للضيافة
3 - وَكَانَ من حَدِيث هَذِه الأبيات أَن سَالم بن قحفان جَاءَ إِلَيْهِ أَخُو امْرَأَته زَائِرًا فَأعْطَاهُ بَعِيرًا من إبِله وَقَالَ لامْرَأَته هَاتِي حبلا يقرن بِهِ مَا أعطيناه إِلَى بعيره ثمَّ أعطَاهُ بَعِيرًا آخر وَقَالَ لَهَا مثل ذَلِك ثمَّ أعطَاهُ آخر فَقَالَت مَا بَقِي عِنْدِي حَبل فَقَالَ عَليّ الْجمال وَعَلَيْك الحبال فرمت إِلَيْهِ بخمارها وَقَالَت اجْعَلْهُ حبلا لبعضها فَأَنْشَأَ يَقُول
(لقد بكرت أم الْوَلِيد تلومني ... وَلم أجترم جرما فَقلت لَهَا مهلا)
لَا تعذليني فِي الْعَطاء الخ
4 - ويسرى أَي هيئي وَالْمعْنَى لَا تلوميني على مَا أهبه من جمالي بل هيئي لكل بعير أهبه حبلا يُقَاد بِهِ فَمَا أَنا بالبخيل
5 - فَإِنِّي لَا تبْكي عَليّ إفالها مَعْنَاهُ أَن الْإِبِل بهائم لَا تهتم بِي إِذا مت بل غايتها أَنَّهَا ترتع وتشبع والأفال صغَار الْإِبِل جمع أفيل مَعْنَاهُ أَن إبِله لَا تحزن عَلَيْهِ إِذا مَاتَ بل هِيَ بهائم ترتع وتشبع لَا تعقل الْحزن وَلَا الْفَرح فموته عِنْدهَا وَمَوْت من لم يَنْحَرهَا سَوَاء(2/261)
(فَلم أر مثل الْإِبِل مَالا لمقتن ... وَلَا مثل أَيَّام الْحُقُوق لَهَا سبلا)
فأجابته امْرَأَته وَاسْمهَا ليلى
(حَلَفت يَمِينا يَا ابْن قحفان بِالَّذِي ... تكفل بالأرزاق فِي السهل والجبل)
3 - (تزَال حبال محصداة أعدهَا ... لَهَا مَا مَشى مِنْهَا على خفه جمل)
4 - (فأعط وَلَا تبخل لمن جَاءَ طَالبا ... فعندي لَهَا خطم وَقد زاحت الْعِلَل)
وَقَالَ آخر
5 - (أَلا تَرين وَقد قطعتني عذلا ... مَاذَا من الْبعد بَين الْبُخْل والجود)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المقتني هُوَ الَّذِي يقتني المَال وَالْمرَاد بالحقوق مَا ينحره للضيافة وَيُعْطِيه فِي الدِّيات مَعْنَاهُ أَن الْإِبِل أحسن من كل مَال يقتني وَأَن نحرها للأضياف وَدفعهَا فِي الدِّيات أحسن من كل سَبِيل لَهَا تنْفق فِيهِ
2 - السهل ضد الْجَبَل مَعْنَاهُ أقسم بِاللَّه الَّذِي هُوَ متكفل لجَمِيع مخلوقاته بالرزق وَجَوَاب الْقسم قَوْلهَا تزَال
3 - تزَال أَي مَا تزَال وَجَاز حذف حرف النَّفْي لدلَالَة الْيَمين عَلَيْهِ والمحصدات الحبال المحكمة الفتل وأعدها أهيئها وَضمير لَهَا لِلْإِبِلِ وَمَا مَصْدَرِيَّة ظرفية وَالْمعْنَى أَنِّي أقسم مَا تزَال الحبال الْوَثِيقَة الفتل عِنْدِي أعدهَا لِلْإِبِلِ لكل مِنْهَا حَبل يُقَاد بِهِ مَا دَامَت تمشي على أرجلها
4 - الخطم جمع خطام وَهُوَ مَا يُقَاد بِهِ الْبَعِير وزاحت أَي زَالَت وَالْمعْنَى فأعط من الْإِبِل من يطْلب مَعْرُوفك وَلَا تبخل عَلَيْهِ فعندي لكل مَا تعطيه مِنْهَا حَبل يُقَاد بِهِ وَقد زَالَت الْعِلَل فَلَا مَانع من الْإِعْطَاء
5 - أَلا أَدَاة يُنَبه بهَا وَمعنى قطعتني عذلا أَي أوجعتني ملامة وَقَوله مَاذَا من الْبعد اسْتِفْهَام على طَرِيق(2/262)
(أَلا يكن ورقي غضا أراح بِهِ ... للمعتفين فَإِنِّي لين الْعود)
2 - وَقَالَ قيس بن عَاصِم الْمنْقري
3 - (إِنِّي امروء لَا يعتري خلقي ... دنس يفنده وَلَا أفن)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التهويل والتفخيم كَأَنَّهَا كَانَت تلومه على كَثْرَة الْجُود وَلَا تنظر مَا بَين الْبُخْل والجود من الْبعد فَيَقُول أَلا تنظرين إِلَى الْبعد الشاسع بَين الْجُود وَالْبخل فَلَيْسَ لَك أَن تلوميني فِي الْعَطاء
1 - الْوَرق هُنَا المَال من إبل ودراهم وَغَيرهَا والغض الطري وأراح أَي ارْتَاحَ والمعتفون الطالبون للمعروف ولين الْعود كِنَايَة عَن السخاء وَلما كنى عَن معروفه بالورق وَصله بِالْعودِ تحسينا لكَلَامه وَإِشَارَة إِلَى أَنه لَا يتْرك الْجُود بِوَجْه
2 - وجده سِنَان بن خَالِد بن منقر أحد بني سعد بن زيد مَنَاة بن تَمِيم وَقيس يكنى أَبَا عَليّ وَهُوَ شَاعِر فَارس شُجَاع حَلِيم كثير الغارات مظفر فِي غَزَوَاته أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَأسلم وَحسن إِسْلَامه وأتى إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصَحبه فِي حَيَاته وَعمر بعده زَمَانا قَالَ الْأَحْنَف بن قيس مَا تعلمت الْحلم إِلَّا من قيس بن عَاصِم المنقرى قيل لَهُ وَكَيف ذَلِك يَا أَبَا بَحر فَقَالَ قتل ابْن أَخِيه ابْنا لَهُ فَأتى بِابْن أَخِيه مكتوفا يُقَاد إِلَيْهِ فَقَالَ أذعرتم الْفَتى ثمَّ أقبل عَلَيْهِ فَقَالَ يَا بني نقصت عددك وأوهنت ركنك وفتت فِي عضدك وأشمت عَدوك وأسأت قَوْمك خلوا سَبيله واحملوا إِلَى أم الْمَقْتُول دِيَته فَانْصَرف الْقَاتِل وَمَا حل قيس حبوته وَلَا تغير وَجهه
3 - لَا يعتري خلقي أَي لَا يُصِيبهُ والدنس مَا يشين الْإِنْسَان ويعيبه ويفنده أَي يفحشه والأفن ضعف الْعقل مَعْنَاهُ أَنه شرِيف الْخِصَال نقي الْعرض ثَابت الْعقل(2/263)
(من منقر فِي بَيت مكرمَة ... والغصن ينْبت حوله الْغُصْن)
(خطباء حِين يقوم قَائِلهمْ ... بيض الْوُجُوه مصاقع لسن)
3 - (لَا يَفْطنُون لعيب جارهم ... وهم لحفظ جواره فطن)
4 - وَقَالَ ابْن عنقاء الْفَزارِيّ
5 - (رَآنِي على مَا بِي عميلة فاشتكى ... إِلَى مَاله حَالي أسر كَمَا جهر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - منقر أَبُو بطن من تَمِيم والمكرمة فعل الْكَرم وَقَوله والغصن ينْبت الخ مثل فِي أَن الطّيب ينشأ عَنهُ الطّيب وَالْمعْنَى أَن أَصله من قوم كرام فَيكون كَرِيمًا مثل الْغُصْن يخرج مِنْهُ غُصْن آخر فَيكون مثله
2 - مصاقع جمع مصقع وَهُوَ البليغ العالي الصَّوْت واللسن جمع لسن وَهُوَ المتناهي فِي الفصاحة والبلاغة وَمَعْنَاهُ أَنهم أدباء سَادَات إِذا تكلمُوا جاؤا بفصيح الْكَلَام وبليغه
3 - الفطن جمع فطن وَهُوَ الحاذق الذكي يَقُول إِنَّهُم لكرم أَخْلَاقهم لَا يتفحصون عَمَّا خَفِي من أَمر الْجَار بل يلابسونه على ظَاهر أمره وَإِذا اتّفق لَهُ مَا يُوجب عَلَيْهِم حفظه بِعقد الْجوَار فطنوا لذَلِك وحاموا عَلَيْهِ وبذلوا نُفُوسهم دونه
4 - هَذِه الأبيات يَقُولهَا ابْن عنقاء فِي ابْن عَم لَهُ يُقَال لَهُ عميلة وَكَانَ قوم من الْعَرَب أَغَارُوا على نعم لَهُ فاستاقوها حَتَّى لم يبْق لَهُ مِنْهَا شَيْء فَأتى ابْن أَخِيه فَقَالَ لَهُ يَا ابْن أخي أَنه قد نزل بعمك مَا ترى فَهَل من حلوبة قَالَ نعم يَا عَم يروح المَال وأبلغ مرادك مِنْهُ فَلَمَّا رَاح المَال قاسمه إِيَّاه وَأَعْطَاهُ شطره فَقَالَ ابْن عنقاء هَذِه الأبيات
5 - على مَا بِي أَي على الَّذِي بِي من الْفَاقَة والاحتياج وَقَوله فاشتكى إِلَى مَاله مجَاز جعل رُجُوعه إِلَى مَاله فِي إصْلَاح أمره شكاية مِنْهُ إِلَيْهِ وَقَوله أسر كَمَا جهر يُرِيد بِهِ أَنه اهتم بأَمْره فِي(2/264)
(لسنا وَإِن أحسابنا كرمت ... يَوْمًا على الأحساب نَتَّكِل)
(نَبْنِي كَمَا كَانَت أوائلنا ... تبنى ونفعل مثل مَا فعلوا)
3 - وَقَالَ طريح بن إِسْمَاعِيل الثَّقَفِيّ
4 - (طلبت ابْتِغَاء الشُّكْر فِيمَا صنعت بِي ... فقصرت مَغْلُوبًا وَإِنِّي شَاكر)
5 - (وَقد كنت تُعْطِينِي الجزيل بديهة وَأَنت لما استكثرت من ذَاك حاقر)
6 - (فأرجع مغبوطا وَترجع بِالَّتِي ... لَهَا أول فِي المكرمات وَآخر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الْمَعْنى أَنا لَا نَتَّكِل على أحسابنا فِي يَوْم من الْأَيَّام وَإِن كَانَت كَرِيمَة
2 - الْمَعْنى لَا نعتمد على الأحساب بل نَبْنِي ونشيد مَا شيده وبناه آبَاؤُنَا من الْكَرم وَالْمجد ونقتدي بهم فِي جَمِيع فعالهم من المكارم
3 - وجده عبيد ابْن أسيد بن علاج بن أبي سَلمَة بن عبد الْعُزَّى بن قسي وَهُوَ ثَقِيف بن مُنَبّه بن بكر أحد بني قيس عيلان بن مُضر ويكنى طريح أَبَا الصَّلْت وَهُوَ شَاعِر من شعراء الْإِسْلَام فِي عهد بني أُميَّة وَكَانَ خصيصا بالوليد بن يزِيد الْفَاسِق المارق من الدّين واستفرغ شعره فِيهِ وَكَانَ الْوَلِيد بن يزِيد يكرم طريحا وَكَانَت لَهُ مِنْهُ منزلَة ومكانة وَكَانَ يدني مَجْلِسه ويجعله أول دَاخل وَآخر خَارج وَلم يكن يصدر إِلَّا عَن رَأْيه وَمَات طريح أَيَّام الْمهْدي وَهَذَا الشّعْر يمدح بِهِ خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي
4 - الْمَعْنى حاولت طلب شكرك على مَا أوليتني من صنيعك وجميلك فعجزت عَن إِدْرَاك مَا يُوجِبهُ حَقك عَليّ من الشكران مَعَ بذل قصارى جهدي فِي ذَلِك
5 - الجزيل الْكثير وبديهة أَي من غير سُؤال
6 - الْغِبْطَة أَن تتمنى مثل مَا لغيرك بِدُونِ أَن تُرِيدُ زَوَاله عَنهُ وَمعنى(2/265)
(فَقلت لَهُ خيرا وأثنيت فعله ... وأوفاك مَا أسديت من ذمّ أَو شكر)
3 - وَقَالَ آخر
(سأشكر عمرا إِن تراخت منيتي ... أيادي لم تمنن وَإِن هِيَ جلت)
3 - (فَتى غير مَحْجُوب الْغنى عَن صديقه ... وَلَا مظهر الشكوى إِذا النعلو زلت)
5 - (رأى خلتي من حَيْثُ يخفى مَكَانهَا ... فَكَانَت قذى عَيْنَيْهِ حَتَّى تجلت)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - وأثنيت فعله أَي على فعله وَمَعْنَاهُ مدحته وَيُقَال أسداه خيرا إِذا أحسن إِلَيْهِ وَمن ذمّ أَو شكر أَي من ذمّ إساءتك وشكر إحسانك فقد أوفاك حق مَا أسديت إِلَيْهِ وَمَعْنَاهُ أَن الشَّاعِر أثنى على عملية بِمَا فعل مَعَه من الْبر وأوفاه حق إحسانه إِلَيْهِ
2 - هُوَ رجل يُقَال لَهُ عَمْرو بن كميل نظر إِلَيْهِ عَمْرو ابْن ذكْوَان وَعَلِيهِ حَبَّة بِلَا قَمِيص فَجعل يسْعَى لَهُ ويتشفع حَتَّى ولى الْبَصْرَة فَقَالَ هَذِه الأبيات
3 - الأيادي النعم وَلم تمنن أَي لم يمتن عَليّ بهَا وَإِن عظمت وَالْمعْنَى سأكثر شكري لعَمْرو مَا دمت حَيا على النعم الَّتِي اختصني بهَا بِدُونِ من مِنْهُ وَإِن كَانَت جليلة
4 - فَتى أَي هُوَ فَتى وَقَوله غير مَحْجُوب الْغنى الخ يُرِيد أَنه يُشَارك صديقه لَا يمسك عَنهُ شَيْء وَقَوله وَلَا مظهر الشكوى الخ يَعْنِي أَنه جلد صبور ذُو مُرُوءَة لَا يبث شكواه إِلَى أحد وَقَوله إِذا النَّعْل زلت كِنَايَة عَن الشدَّة وَالْحَاجة وَمَعْنَاهُ أَنه كريم يَجْعَل صديقه شَرِيكا لَهُ فِي غناهُ مُدَّة مساعدة الزَّمَان فَإِن لم يساعده الزَّمَان لَهُ لَا يشتكي وَلَا يتألم بل يصبر ويتجلد
5 - الْخلَّة هُنَا الْحَاجة والفقر وَقَوله من حَيْثُ يخفي مَكَانهَا يُرِيد أَنه اطلع على تِلْكَ الْخلَّة من مَكَان تخفى فِيهِ وَلَا تظهر وَقَوله فَكَانَت قذى عَيْنَيْهِ أَي لم يصبر عَلَيْهَا كَمَا لَا يصبر الرجل على قذى عَيْنَيْهِ يَقُول رأى(2/266)
1 - وَقَالَ رجل من بهراء واسْمه فدكي
(إِن أجز عَلْقَمَة بن سيف سَعْيه ... لَا أجزه ببلاء يَوْم وَاحِد)
3 - (لأحبني حب الصَّبِي ورمني ... رم الْهَدْي إِلَى الْغَنِيّ الْوَاجِد)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مني مَا يدل على حَاجَتي وفاقتي فَلم يصبر على ذَلِك حَتَّى كَأَن بِعَيْنيهِ قذى وَمَا زَالَ يحرص على دفع مَا بِي حَتَّى تجلت هَذِه الْغُمَّة الَّتِي كنت فِيهَا
1 - وَكَانَ من خَبره أَنه كَانَ مجاورا فِي بني تغلب لبني عتاب بن سعد الْجُشَمِي فَأَقَامَ فيهم مُدَّة مُنْقَطِعًا إِلَى رجل يُقَال لَهُ عَلْقَمَة بن سيف العتابي وَكَانَ فَارِسًا كَرِيمًا فَخرج عَلْقَمَة ذَات يَوْم فِي بعض غزاوته فَأَغَارَ حَنش بن معبد أحد بني ثَعْلَبَة بن بكر على إبل البهراني فَأَخذهَا فَلَمَّا قدم عَلْقَمَة أخبر بشأن البهراني فَقَالَ إِن حَنش بن معبد صديق لي فَإِذا وفدت إِلَيْهِ رد عَليّ الْإِبِل فوفد إِلَيْهِ فِي جمَاعَة من بني تغلب وَفِيهِمْ رجل من بني الْأَوْس بن تغلب وهم أشأم حَيّ فِي الْعَرَب فَلَمَّا قدمُوا على حَنش بن معبد فَرح بهم وَبنى عَلَيْهِم قبَّة وَأكْرمهمْ وَوَعدهمْ أَن يرد على عَلْقَمَة الْإِبِل إِذا أَصْبحُوا فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل استسمع عَلَيْهِم حَنش بن معبد وهم يتحدثون ويذكرون مَا صنع بهم حَنش فَسمع من رجل من بني الْأَوْس كلَاما أحفظه وأغضبه وَحلف أَن لَا يرد مِنْهَا بَعِيرًا فَلَمَّا رجعُوا أخرج عَلْقَمَة بن سيف من مَاله مائَة بعير وَأَعْطَاهَا البهراني وَقَالَ هَذَا بدل مَا أَخذ مِنْك فَقَالَ البهراني هَذِه الأبيات
2 - إِن أجز أَي إِن أردْت أَن أكافئه وأجازيه وَقَوله ببلاء يَوْم أَي بِنِعْمَة يَوْم يُرِيد انه قَاصِر عَن مُكَافَأَة عَلْقَمَة على مَا أولاه من جزيل الْإِحْسَان
3 - لأحبني اللَّام لَام الْيَمين ورمني أَي أصلح حَالي وَالْهدى الْعَرُوس تزف إِلَى زَوجهَا وَمَعْنَاهُ(2/267)
(وأجابني يَوْم الصُّرَاخ بهجمة ... مائَة تشق على عصي الذائد)
(وَقد نضحت مليلتي فتميثت ... عَن آل عتاب بِمَاء بَارِد)
3 - وَقَالَ أَبُو زِيَاد الْأَعرَابِي الْكلابِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَنه بَالغ فِي إكرامه وَالْإِحْسَان إِلَيْهِ حباله ورأفة بِهِ كَمَا يرأف الْإِنْسَان بِالصَّبِيِّ وَأَنه تكلّف فِي الْعِنَايَة بِهِ كَمَا يتَكَلَّف أهل الْعَرُوس فِي تجهيزها إِذا زفوها إِلَى زَوجهَا الْغَنِيّ خوفًا من تعيير أهل زَوجهَا لَهَا أَو تعيير النَّاس لزَوجهَا بتزوجه إِيَّاهَا
1 - يَوْم الصُّرَاخ أَي وَقت الْفَزع والذعر والهجمة من الْإِبِل مَا بَين السّبْعين إِلَى الْمِائَة وتشق أَي تستعصى والذائد السَّائِق مَعْنَاهُ أَن عَلْقَمَة أعطَاهُ مائَة من إبِله تستعصى على من يَسُوقهَا لقوتها وَذَلِكَ ليصلح بهَا شَأْنه مَكَان إبِله الَّتِي أخذت مِنْهُ
2 - نضحت أَي سكنت والمليلة شدَّة الْعَطش فتميثت أَي بردت وذابت مَعْنَاهُ أَن عَلْقَمَة بن سيف العتابي شرح صَدره وَسكن غليله بِمَا أعطَاهُ من الْإِبِل
3 - هُوَ شَاعِر إسلامي راوية عَالم بالشعر وأخبار النَّاس وَكَانَ فِي أَيَّام بني الْعَبَّاس قَالَ أَبُو زِيَاد أولم جَار لي يكنى أَبَا سُفْيَان وَلِيمَة وَدَعَانِي لَهَا فانتظرت رَسُوله حَتَّى تصرم يومي فَلم يَأْتِ فَقلت لامرأتي
(وَأَن أَبَا سُفْيَان لَيْسَ بمولم ... فقومي وهاتي فقرة من حوارك)
قَالَ إِسْحَاق الْموصِلِي لما حَدثهُ بِهَذَا الحَدِيث أَلَيْسَ غير هَذَا قَالَا إِنَّمَا أَرْسلتهُ يَتِيما فَقلت أَفلا أجيزه قَالَ شَأْنك فَقلت
(فبيتك خير من بيُوت كَثِيرَة ... وقدرك خير من وَلِيمَة جَارك)
قَالَ فَضَحِك وَقَالَ أَحْسَنت بِأبي أَنْت وَأمي(2/268)
(لَهُ نَار تشب على يفاع ... إِذا النيرَان ألبست القناعا)
(وَلم يَك أَكثر الفتيان مَالا ... وَلَكِن كَانَ أرحبهم ذِرَاعا)
3 - وَقَالَ العرندس
4 - (هَينُونَ لَينُونَ أيسار ذَوُو كرم ... سواس مكرمَة أَبنَاء أيسار)
5 - (إِن يسْأَلُوا الْحق يعطوه وَإِن خبروا ... فِي الْجهد أدْرك مِنْهُم طيب أَخْبَار)
6 - (وَإِن توددتهم لانوا وَإِن شهموا ... كشفت أذمار شَرّ غير أشرار)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - تشب أَي توقد واليفاع الْمَكَان الْمُرْتَفع وألبست القناعا كِنَايَة عَن أخمادها مَعْنَاهُ أَنه جواد فِي الشدَّة والرخاء فَلَا تحمله شدَّة الزَّمَان على قلَّة الْجُود وَالْكَرم كَمَا تحمل غَيره
2 - مَالا وذراعا منصوبان على التَّمْيِيز وَالْمعْنَى أَنه وَاسع الْيَد فِي الْعَطاء مَعَ قلَّة مَا عِنْده
3 - هُوَ أحد بني بكر بن كلاب ويمدح بِهَذَا الشّعْر بني عَمْرو والغنويين وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة إِذا أنشدها يَقُول هَذَا وَالله محَال كلابي يمدح غنويا
4 - الأيسار جمع يسر وهم الَّذين يجيلون القداح وَالْعرب تتمدح بذلك لِأَنَّهُ من عَلَامَات الْكَرم عِنْدهم وَقَوله سواس مكرمَة أَي أَنهم يروضون المكارم ويلون أمرهَا يُرِيد أَنهم أَصْحَاب لين وَأهل كرم مَعَ شرف أصلهم
5 - إِن يسْأَلُوا الْحق أَي مَا أوجبوه على أنفسهم من مَالهم وَإِن خبروا أَي اختبروا وامتحنوا والجهد الشدَّة وَمَعْنَاهُ أَنهم لعلو همتهم وكرم أَخْلَاقهم لَا يمْنَعُونَ الْحُقُوق عَن أَرْبَابهَا وَإِن سَأَلت عَنْهُم وهم فِي شدَّة سَمِعت من أخبارهم كل جميل
6 - وَإِن توددتهم أَي طلبت مَوَدَّتهمْ وشهموا مَبْنِيّ للْمَجْهُول من شهمه إِذا أفزعه والأزمار جمع زمر وَهُوَ الشجاع(2/269)
(فيهم وَمِنْهُم يعد الْمجد متلدا ... وَلَا يعد نَثَا خزي وَلَا عَار)
(لَا ينطقون عَن الْفَحْشَاء إِن نطقوا ... وَلَا يمارون إِن ماروا باكثار)
3 - (من تلق مِنْهُم تقل لاقيت سيدهم ... مثل النُّجُوم الَّتِي يسري بهَا الساري)
وَقَالَ آخرى
4 - (رهنت يَدي بِالْعَجزِ عَن شكر بره ... وَمَا فَوق شكري للشكور مزِيد)
5 - (وَلَو أَن شَيْئا يُسْتَطَاع استطعته ... وَلَكِن مَالا يُسْتَطَاع شَدِيد)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَالشَّر الْحَرْب وَقَوله غير أشرار جمع شرير على غير قِيَاس وَالْمعْنَى أَنَّك إِن تقربت إِلَيْهِم بالمودة أحبوك ولانوا لَك وَإِن حركتهم على سَبِيل الإخافة لم تَجِد عِنْدهم لينًا بل تجدهم شجعان حَرْب وَإِن كَانُوا أهل خير
1 - المتلد الْقَدِيم والنثا مَا يخبر بِهِ عَن الرجل من حسن أَو سيء أَي نَثَا سوء يذل صَاحبه إِذا ذكر بِهِ يُريدَان لَهُم قدم صدق فِي الْمجد والشرف وَلَا يصدر عَنْهُم إِلَّا كل جميل
2 - لَا ينطقون الخ يَعْنِي أَن لَهُم أَخْلَاقًا حميدة ونفوسا كَرِيمَة تمنعهم عَن النُّطْق بالفحش وَلَا يمارون أَي لَا يجادلون مَعْنَاهُ أَنهم لَا يَتَكَلَّمُونَ بالفحش وَلَا يكثرون الْكَلَام فِي أَمر لَا طائل فِيهِ
3 - مثل النُّجُوم أَي مثلهَا فِي الاهتداء بهَا مَعْنَاهُ أَنهم كلهم أهل سيادة وَأَنَّهُمْ مثل النُّجُوم فِي ضوئها وإنارتها والاهتداء بهَا
4 - رهنت يَدي بِالْعَجزِ مَعْنَاهُ إِن اسْتَطَاعَ أحد شكر أياديه فلكم يَدي رهينة بِالْعَجزِ عَنهُ ومزيد أَي زِيَادَة يريدانه عَاجز عَن شكر من أحسن إِلَيْهِ وَإِن كَانَ لَا شكر فَوق شكره
5 - وَلَو أَن شَيْئا الخ مَعْنَاهُ لَو كَانَ يَسْتَطِيع أَن يَفِي بشكره لفعل ذَلِك(2/270)
وَقَالَ الْحُسَيْن بن مطير الْأَسدي
(لَهُ يَوْم بؤس نيه للنَّاس أبؤس ... وَيَوْم نعيم قيه للنَّاس أنعم)
(فيمطر يَوْم الْجُود من كَفه الندى ... ويمطر يَوْم الْبَأْس من كَفه الدَّم)
3 - (وَلَو أَن يَوْم الْبَأْس خلى عِقَابه ... على النَّاس لم يصبح على الأَرْض مجرم)
4 - (وَلَو أَن يَوْم الْجُود خلى يَمِينه ... على النَّاس لم يصبح على الأَرْض معدم)
وَقَالَ أَبُو الطمحان القيي واسْمه حَنْظَلَة بن الشَّرْقِي تقدّمت تَرْجَمته
5 - (إِذا قيل أَي النَّاس خير قَبيلَة ... وأصبر يَوْمًا لَا توارى كواكبه)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَلكنه عَاجز عَنهُ
1 - الْبُؤْس ضد النَّعيم مَعْنَاهُ أَن أَيَّام هَذَا الممدوح مقسمة بَين إنعام وانتقام فأيام الإنعام لأصدقائه تسعد بهَا وَأَيَّام الانتقام لأعدائه تشقى بهَا
2 - الْبَأْس الْقِتَال يُرِيد بِهَذَا الْبَيْت أَنه جواد شُجَاع
3 - وَلَو أَن الخ يُشِير بِهِ إِلَى أَن هَذَا الممدوح عالي الهمة شَدِيد الْبَأْس
4 - المعدم الْفَقِير وَالْمرَاد من هَذَا الْبَيْت أَنه سمح كريم كثير الْعَطاء والجود
5 - قَبيلَة مَنْصُوب على التَّمْيِيز وَالْمرَاد بِالْيَوْمِ أَيَّام الْحَرْب والقتال وَلَا توارى أَصله لَا تتورى فَحذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ وكواكبه كِنَايَة عَن شدَّة ذَلِك الْيَوْم وَالْأَصْل فِي هَذَا وَمَا يجْرِي مجْرَاه يَوْم حليمة وَذَلِكَ أَنه صعد الْغُبَار فِي ذَلِك وانعقد فِي الجو حَتَّى ستر الشَّمْس فرؤيت الْكَوَاكِب ظهرا هَكَذَا ذكرُوا مَعْنَاهُ إِذا سَأَلَ سَائل عَمَّن هم خير قَبيلَة وأصبرها يَوْم الْقِتَال(2/271)
(فَإِن بني لأم بن عمر وأرومة ... سمت فَوق صَعب لَا تنَال مراقبه)
(أَضَاءَت لَهُم أحسابهم ووجوههم ... دجى اللَّيْل حَتَّى نظم الْجزع ثاقبه)
3 - وَقَالَ آخر
4 - (يَا أَيهَا المتمني أَن يكون فَتى ... مثل ابْن ليلى لقد خلى لَك السبلا)
5 - (أعدد نَظَائِر أَخْلَاق عددن لَهُ ... هَل سبّ أحد أَو سبّ أَو يخلا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشَّديد قيل لَهُ بَنو لأم
1 - الأرومة الأَصْل والمراقب وَاحِدهَا مرقبة وَهِي الْمَكَان المشرف العالي يقف عَلَيْهِ الحارس يَقُول إِن بني لأم بن عَمْرو سادة أعزاء سموا فَوق صَعب من الْمجد يشق الارتقاء إِلَيْهِ يُريدَان بني لأم حازوا من الْمجد والشرف مَالا يرام
2 - نظم الْجزع أَي حمل ناظمه على نظمه والجزع خرز فِيهِ بَيَاض وَسَوَاد تشبه بِهِ الْعُيُون وَالضَّمِير من ثاقبه يعود إِلَى الْجزع مَعْنَاهُ أَن أحسابهم ووجوههم أَضَاءَت لَهُم ظلام اللَّيْل حَتَّى حملت فِي ضمن ذَلِك ناظم الْجزع على نظمه يُشِير بِهَذَا الْبَيْت إِلَى أَنهم من ذَوي الجاه والحسب
3 - هُوَ مُحَمَّد بن بشير الْخَارِجِي من بني خَارِجَة بن عدوان وَقد تقدّمت تَرْجَمته هَذَا الشّعْر يرثي بِهِ سُلَيْمَان بن الْحصين وَكَانَ خَلِيلًا مصافيا لَهُ وصديقا مخلصا فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَان جزع عَلَيْهِ وحزن حزنا شَدِيدا فرثاه بِهَذِهِ الأبيات
4 - مثل ابْن ليلى هُوَ سُلَيْمَان بن الْحصين وَقَوله لقد خلى لَك السبلا أَي لقد ترك لَك الطّرق فِي اكْتِسَاب مَنَاقِب الفتوة مَعْنَاهُ يَا من تمنى أَن يكون مثل ابْن ليلى فِي فتوته لقد خلي لَك الطّرق فِي اكْتِسَاب مَنَاقِب الفتوة
5 - أَو سبّ أَي هَل سبه أحد مَعْنَاهُ أَنه صَاحب(2/272)
(إِن تنْفق المَال أَو تكلّف مساعيه ... يصعب عَلَيْك وَتفعل دون مَا فعلا)
(لَو يبْعَث النَّاس أَدْنَاهُم وأبعدهم ... فِي ساحة الأَرْض حَتَّى يحرثوا الإبلا)
3 - (كي يطلبوا فَوق ظهر الأَرْض لم يَجدوا ... مثل الَّذِي غَيَّبُوا فِي بَطْنه رجلا)
وَقَالَ آخر
4 - (لم أر معشرا كبني صريم ... تلفهم التهائم والنجود)
5 - (أجل جلالة وأعز فقدا ... وأقضى للحقوق وهم قعُود)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْخِصَال الحميدة والأخلاق الْكَرِيمَة المعدودة الَّتِي مِنْهَا أَنه لَا يسب النَّاس لكرم أخلاقه وَلَا يَسُبُّونَهُ لِكَثْرَة هيبته وَلَا يبخل عَلَيْهِم لِأَنَّهُ شب على الْجُود وَالْكَرم
1 - تكلّف مساعيه أَي تهواها مَعْنَاهُ لَو أنفقت مَالك كل الْإِنْفَاق وسعيت كل السَّعْي لتَكون مثل ابْن ليلى فِي كَثْرَة جوده وعلو همته مَا اسْتَطَعْت إِلَى ذَلِك سَبِيلا بل أتيت بِأَقَلّ مِمَّا أَتَى بِهِ
2 - حَتَّى يحرثوا الْإِبِل أَي يهزلوها ويضعفوها بالأسفار
3 - لم يَجدوا جَوَاب لَو فِي أول الْبَيْت الَّذِي قبله وَمعنى الْبَيْتَيْنِ لَو طَاف النَّاس بِالْأَرْضِ سائرين تَحت كل كَوْكَب لكَي يصادفوا عَلَيْهَا مثل هَذَا الممدوح الَّذِي استودعوه بَطنهَا لم يَجدوا لَهُ نظيرا
4 - تلفهم أَي تجمعهم والتهائم الْأَمَاكِن المنخفضة من الأَرْض ضد النجُود مَعْنَاهُ لم أر قوما تجمعهم الأَرْض مثل بني صريم
5 - وهم قعُود أَي وهم فِي مجَالِسهمْ مَعْنَاهُ وَلم أر أَيْضا قوما أعظم جلالة فِي أَعيننَا وَلَا أثقل فقدانا علينا وَلَا أقضى للحقوق من بني صريم وهم فِي مجَالِسهمْ(2/273)
(واكثر ناشئا مِخْرَاق حَرْب ... يعين على السِّيَادَة أَو يسود)
2 - وَقَالَ شقران مولى بني سلامان بن سعد هذيم
3 - (لَو كنت مولى قيس عيلان لم تَجِد ... عَليّ لإِنْسَان من النَّاس درهما)
4 - (ولكنني مولى قضاعة كلهَا ... فلست أُبَالِي أَن أدين وتغرما)
5 - (أُولَئِكَ قومِي بَارك الله فيهم ... على كل حَال مَا أعف وأكرما)
6 - (ثقال الجفان والحلوم رحاهم ... رَحا المَاء يكتالون كَيْلا غذمذما)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - ناشئا مَنْصُوب على التَّمْيِيز من نَشأ الْغُلَام إِذا شب ومخراق الْحَرْب صَاحبهَا مَعْنَاهُ أَن بني صريم قد نشؤا فِي الْقُوَّة والشجاعة وَلَا يستعملون همتهم إِلَّا فِي طلب السِّيَادَة لَهُم ولغيرهم
2 - هُوَ شَاعِر إسلامي من شعراء الدولتين بني أُميَّة وَبني الْعَبَّاس وَكَانَ يهاجي ابْن ميادة ويشاتمه
3 - درهما مفعول أول لتجدو وَعلي لإِنْسَان مَفْعُوله الثَّانِي
4 - وتغرما مَعْطُوف على أدين وَمعنى الْبَيْتَيْنِ لَو كَانَ ولائي فِي قيس عيلان لم أقترض دهما من أحد لأنفقه فِي سَبِيل الْخَيْر مَخَافَة أَن لَا يؤدوه عني وَلَكِن ولائي فِي قضاعة فَلَا أُبَالِي أَن أقترض مَا أنفقهُ فِي وُجُوه الْبر لأَنهم يؤدون عني مَا أقترضه وَالْمرَاد من هَذَا الْكَلَام تَفْضِيل قضاعة لجودهم وكرمهم على قيس عيلان لبخلهم وإمساكهم
5 - على كل حَال يتَعَلَّق بقوله بَارك الله فيهم أَي بَارك الله فيهم متحولين فِي شؤن الدَّهْر وتصاريفه ثمَّ قَالَ مستأنفا مَا أعف وأكرما أَي مَا أعفهم وَأكْرمهمْ مَعْنَاهُ أَنه يَدْعُو لَهُم بِالْبركَةِ ويتعجب من عفافهم وكرمهم
6 - الجفان جمع جَفْنَة وَهِي الْقَصعَة والرحا مَعْرُوفَة وَخص رَحا المَاء لِأَنَّهَا أَكثر طحنا من(2/274)
(جُفَاة المحز لَا يصيبون مفصلا ... وَلَا يَأْكُلُون اللَّحْم إِلَّا تخذما)
وَقَالَ أَبُو دهبل الجُمَحِي يمدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(إِن الْبيُوت معادن فنجاره ... ذهب وكل بيوته ضخم)
3 - (عقم النِّسَاء فَمَا يلدن شبيهه ... إِن النِّسَاء بِمثلِهِ عقم)
4 - (متهلل بنعم بِلَا متباعد ... سيان مِنْهُ الوفر والعدم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رحى الْيَد وَثقل الجفان وَكَثْرَة الطَّحْن يدلان على كَثْرَة الْإِطْعَام والغذمذم الْكَيْل الْجزَاف يصفهم بإطعام الطَّعَام ورزانة الْعُقُول وبإعطائهم الْعَطاء الجزيل
1 - المحز الْقطع وَهُوَ والحز سَوَاء والتخذم تقطيع اللَّحْم بالسكين مَعْنَاهُ أَنهم إِذا أَرَادوا اللَّحْم تناولوا مَا سهل مِنْهُ وَلَا يتبعُون مَا لصق بالعظم كعادة الْفُقَرَاء وَلَا يَأْكُلُونَهُ إِلَّا مقطعا بالسكاكين يُشِير بذلك إِلَى أَنهم أَغْنِيَاء متنعمون
2 - المُرَاد بِالْبُيُوتِ هُنَا قبائل الْعَرَب وأصولهم والمعادن جمع مَعْدن وَهُوَ منبت الْجَوَاهِر من ذهب وَنَحْوه والنجار الأَصْل وَقَوله وكل بيوته ضخم مَعْنَاهُ أَن الْقَبَائِل الَّتِي اكتنفته من أَخْوَاله وأعمامه شريفة عَظِيمَة مثل هَاشم وَأُميَّة ومخزوم يَقُول إِن الْقَبَائِل مُتَفَاوِتَة فِي الشّرف وَالْمجد فَحل هَذَا من بَينهَا فِي أعظم مَوضِع وأشرف أصل فأصله خَالص نَفِيس كالذهب لَا عيب فِيهِ وَأَن الْقَبَائِل الَّتِي اكتنفته من أَعْمَامه وأخواله كلهَا عَظِيمَة الشَّأْن
3 - عقم النِّسَاء أَرَادَ عقم النِّسَاء بِمثلِهِ فَحذف لدلَالَة مَا بعده عَلَيْهِ والعقم جمع عقيم وَهِي الَّتِي لَا تَلد وَالْمعْنَى أَن النِّسَاء منعن أَن تَأتي بِمثلِهِ فَهِيَ لَا تَلد مثل الممدوح
4 - متهلل بنعم أَي فَرح بقول نعم بِلَا متباعد أَي بعيد من قَول لَا والسيان المثلان والوفر المَال الْكثير والعدم قلَّة المَال مَعْنَاهُ(2/275)
(نزر الْكَلَام من الْحيَاء تخاله ... ضمنا وَلَيْسَ بجسمه سقم)
وَقَالَت ليلى الأخيلية تقدّمت ترجمتها
(يَا أَيهَا السدم الملوي رَأسه ... ليقود من أهل الْحجاز بريما)
3 - (أَتُرِيدُ عَمْرو بن الخليع ودونه ... كَعْب إِذا لوجدته مرؤما)
4 - (إِن الخليع ورهطه فِي عَامر ... كالقلب ألبس جؤجوء أَو حزيما)
5 - (لَا تغزون الدَّهْر آل مطرف ... لَا ظَالِما أبدا وَلَا مَظْلُوما)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَنه يحب الْإِعْطَاء ويميل إِلَيْهِ ويجتنب الْمَنْع ويتباعد مِنْهُ وَأَنه يُعْطي عِنْد الشدَّة وضيق الْعَيْش كَمَا يُعْطي عِنْد الرخَاء وَالسعَة
1 - نزر الْكَلَام أَي قَلِيل الْكَلَام وتخاله ضمنا أَي تظنه سقيما مَعْنَاهُ أَنه لَا يتَكَلَّم كثيرا لشدَّة حيائه كَانَ بِهِ سقما يمنعهُ من الْكَلَام
2 - السدم والسادم النادم الحزين والسدم أَيْضا الْفَحْل الهائج والملوي رَأسه أَي المتكبر والبريم الْجَيْش الْمُؤلف من أخلاط النَّاس وأوباشهم مَعْنَاهُ يَا أَيهَا الشجاع المتكبر الَّذِي يَقُود جَيْشًا من أهل الْحجاز وَالْقَصْد الْإِنْكَار على الْمُخَاطب فِيمَا يَأْتِيهِ
3 - كَعْب المُرَاد بِهِ كَعْب بن ربيعَة بن عَامر والمرؤم اسْم مفعول من رئمه رأما إِذا عطف عَلَيْهِ مَعْنَاهُ لَو طلبت عَمْرو بن الخليع لوجدت قومه منعطفين عَلَيْهِ يمنعونه مِمَّن يُريدهُ
4 - الجؤجؤ الصَّدْر والحزيم مَوضِع الحزام من الصَّدْر مَعْنَاهُ أَن مَوضِع الخليع من بني عَامر مَوضِع الْقلب من الْبدن فَلَا بُد أَن يحفظوه تُرِيدُ أَنه فِي وسط عَامر بن صعصعة فَلَا يمكنك الْوُصُول إِلَيْهِ
5 - لَا ظَالِما انتصب على الْحَال أَي لَا مبتدئا لَهُم بِالْحَرْبِ من غير أَن يحاربوك وَلَا مَظْلُوما أَي وَلَا(2/276)
(قوم رِبَاط الْخَيل وسط بُيُوتهم ... وأسنة زرق تخال نجوما)
(ومخرق عَنهُ الْقَمِيص تخاله ... وسط الْبيُوت من الْحيَاء سقيما)
3 - (حَتَّى إِذا رفع اللِّوَاء رَأَيْته ... تَحت اللِّوَاء على الْخَمِيس زعيما)
وَقَالَت أَيْضا وَيُقَال بل قَالَهَا أَبوهَا
4 - (نَحن الأخايل لَا يزَال غلامنا ... حَتَّى يدب على الْعَصَا مَذْكُورا)
5 - (تبْكي السيوف إِذا فقدن أكفنا ... جزعا وتعلمنا الزفاق بحورا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
منتقما مِنْهُم إِن حاربوك مَعْنَاهُ أَنَّهَا تنهاه عَن غزوهم على كل حَال من أَحْوَاله لأَنهم أولو بَأْس شَدِيد لَا يطاقون
1 - زرق أَي صَافِيَة لامعة تظنها نجوما فِي الصفاء واللمعان تُرِيدُ انهم أَصْحَاب خيل ورماح مستعدون لدفع الْأَعْدَاء
2 - ومخرق عَنهُ الْقَمِيص مَعْنَاهُ أَنه لَا يُبَالِي كَيفَ كَانَت ثِيَابه لِأَنَّهُ لَا يزين نَفسه إِنَّمَا يزين حَسبه ويصون كرمه ومجده أَو أَن ذَلِك كِنَايَة عَن كَونه تَامّ الْخلقَة عَظِيم المناكب لِأَنَّهُ إِذا كَانَ كَذَلِك أسْرع التخرق إِلَى قَمِيصه أَو أَنه كثير الْغَزَوَات مُتَّصِل الْأَسْفَار فَيكون كِنَايَة عَن نشاطه وَقَوْلها من الْحيَاء مُقيما تَعْنِي أَنه منتقع اللَّوْن من الْحيَاء وحياؤه خوفًا أَن لَا يكون قد بلغ من إكرام الْقَوْم مَا يجب عَلَيْهِ تُرِيدُ أَنه شُجَاع كريم
3 - الْخَمِيس الْجَيْش والزعيم الْكَفِيل والرئيس مَعْنَاهُ إِذا رفعت راية الْحَرْب كَانَ هَذَا الممدوح رَئِيس الْجَيْش وقائده
4 - الأخايل قَبيلَة ويدب أَي يمشي مشْيَة الشَّيْخ الْهَرم وَالْمعْنَى نَحن المعروفون المشهورون وَلَا يزَال الْغُلَام منا رفيع الْقدر من صباه إِلَى أَن يصير شَيخا هرما
5 - تبْكي السيوف الخ أَي إِذا فقدت السيوف(2/277)
(ولنحن أوثق فِي صُدُور نِسَائِكُم ... مِنْكُم إِذا بكر الصُّرَاخ بكورا)
وَقَالَ آخر
(يشبهون سيوفا فِي صرامتهم ... وَطول أنضية الْأَعْنَاق والأمم)
3 - (إِذا غَد الْمسك يجْرِي فِي مفارقهم ... راحوا تخالهم مرضى من الْكَرم)
4 - وَقَالَ آخر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أكفنا بَكت حنينا إِلَيْنَا وجزعا على فَوَات مَا كَانَ يَرْوِيهَا وبحورا أَي مثل البحور فِي الْعَطاء مَعْنَاهُ أَن السيوف تبْكي إِذا فقدت أكفنا حزنا وجزعا على مَا يفوتها مِنْهَا لِأَنَّهَا لَا تَجِد من يسقيها من دم الْأَعْدَاء بعد أكفنا وَأَن أَصْحَابنَا يعلمُونَ مَا عندنَا من الْجُود وَالْكَرم وَكَثْرَة الْعَطاء
1 - الصُّرَاخ الصياح وَإِنَّمَا خص الصُّرَاخ بالبكور لِأَن الْغَارة تقع صباحا مَعْنَاهُ أَن نساءكم لَهُنَّ ثِقَة بِنَا أَكثر من ثقتهن بكم لأننا نبادر بجمايتهن قبلكُمْ فَنحْن لنا الْفضل عَلَيْكُم
2 - الصرامة الشجَاعَة والأنضية جمع نضي وَهُوَ السهْم الَّذِي لَا ريش لَهُ وَلَا نصل وَالْمرَاد بهَا هُنَا الْأَعْنَاق والأمم جمع أمة وَهِي الْقَامَة مَعْنَاهُ أَنهم فِي شجاعتهم ومضاء عزيمتهم مثل السيوف مَعَ طول أَعْنَاقهم وَطول قامتهم واعتدالها
3 - تخالهم أَي تظنهم مَعْنَاهُ أَنهم إِذا استعملوا الطّيب وقعدوا فِي مجَالِس الْأنس وَقت الصَّباح يظنهم من رَآهُمْ أَنهم مرضى لشدَّة حيائهم ووقارهم وَهَذَا الْكَلَام كِنَايَة عَن كرم أَخْلَاقهم ورزانة عُقُولهمْ
4 - قَالَ أَبُو الندى قتلت نهد ابْني زِيَاد الجشميين من بني حرَام فَقَالَ الْحَارِث بن عَوْف أَخُو بني حرَام يرثيهما
(إِن تكن الْحَوَادِث غيرتني ... فَلم أر هَالكا كابني زِيَاد)(2/278)
(فَإِن تكن الْحَوَادِث حرقتني ... فَلم أر هَالكا كابني زِيَاد)
(هما رمحان خطيان كَانَا ... من السمر المثقفة الصعاد)
3 - (تهال الأَرْض أَن يطآ عَلَيْهَا ... بمثلهما تسالم أَو تعادي)
وَقَالَ آخر
4 - (كريم يغض الطّرف فضل حيائه ... وَيَدْنُو وأطراف الرماح دواني)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(تهال الأَرْض أَن يطآ إِلَيْهَا ... بمثلهما تسالم أَو تعادي)
(فَلَا بَرحت تجود على عهاد ... نجاء بالروائح والغوادي)
(ديار الأخطبين وَكَيف أَسْقِي ... قَتِيلا بَين نهد أَو مُرَاد)
هما رمحان الخ وَبعده
(مثقفة صدورهما وشيفت ... صُدُور أسنة لَهما حداد)
1 - حرقتني أَي أصابتني مَعْنَاهُ أَن الْحَوَادِث لم تصبه بِمثل هَلَاك ابْني زِيَاد
2 - السمر الرماح والمثقفة من التثقيف وَهُوَ التَّعْدِيل والصعاد جمع صعدة وَهِي الْقَنَاة الَّتِي تنْبت مستوية لَا تحْتَاج إِلَى تثقيف مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا كَانَا كالرمحين فِي صلابتهما واعتدالهما
3 - تهال الأَرْض من الهول وَهُوَ الْفَزع وَقَوله أَن يطآ أَي لِأَن يطآ عَلَيْهَا وَقَوله بمثلهما الخ يُرِيد أَنَّهُمَا أهل صَلَاح وَفَسَاد وصداقة وعداوة مَعْنَاهُ كَانَت لَهما وَطْأَة شَدِيدَة على الأَرْض لقوتهما فيفزعان الأَرْض وَكَانَا حصنين لمن يركن إِلَيْهِمَا فِي كل مهمة
4 - يغض الطّرف أَي يكفه مَعْنَاهُ أَنه كريم يغض طرفه لاستحيائه وَأَنه شُجَاع لَا يهاب الْحَرْب بل يقرب من الرماح كلما قربت مِنْهُ(2/279)
(وكالسيف إِن لاينته لِأَن مَسّه ... وحداه إِن خاشنته خشنان)
وَقَالَ العجير السَّلُولي تقدّمت تَرْجَمته
(إِن ابْن عمي لِابْنِ زيد وَإنَّهُ ... لِبلَال أَيدي جلة الشول بِالدَّمِ)
3 - (طُلُوع الثنايا بالمطايا وسابق ... إِلَى غَايَة من يبتدرها يقدم)
4 - (من النَّفر المدلين فِي كل حجَّة ... بمستحصد من جَوْلَة الرَّأْي مُحكم)
5 - (جديرون أَن لَا يذكروك بريبة ... وَلَا يغرموك الدَّهْر مَا لم تغرم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - وكالسيف الخ مَعْنَاهُ أَنَّك إِن لاطفته ولاينته وجدت مِنْهُ كل رفق ولين وَإِن عاديته وخاشنته لقِيت مِنْهُ كل قسوة وخشونة
2 - لِبلَال أَيدي الخ يُرِيد انه يعرقبها إِذا أَرَادَ نحرها والجلة المسنة من الْإِبِل والشول النوق الَّتِي جف لَبنهَا مَعْنَاهُ أَن ابْن عَمه يقطع بِالسَّيْفِ أَيدي الْإِبِل الْعَظِيمَة السمينة قبل أَن يَنْحَرهَا للأضياف ليتَمَكَّن من نحرها
3 - طُلُوع الثنايا مثل أَي أَنه يسمو إِلَى المكارم لِأَنَّهُ بعيد الهمة والثنايا جمع ثنية وَهِي الْعقبَة وَقَوله من يبتدرها أَي إِلَيْهَا فَحذف الْجَار وَوصل الْفِعْل إِلَى الِاسْم مَعْنَاهُ أَنه ذُو همة يُبَادر إِلَى كل غَايَة من الْمجد كل من بَادر إِلَيْهَا تقدم من بَين أقرانه
4 - المدلين من أدلى بحجته إِذا احْتج بهَا والمستحصد الْمُحكم والجولة مصدر جال رَأْيه يجول إِذا ذهب يغوص فِي الْأُمُور وَذَلِكَ مجَاز يُرِيد أَنهم من الَّذين لَهُم إِصَابَة الرَّأْي وجودة الْفِكر ورزانة الْعقل
5 - جديرون أَي خليقون وَلَا يغرموك مَعْنَاهُ أَنهم لَا يلزمونك أرش جنايتك وَقَوله مَا لم تغرم أَي إِلَّا أَن تأبى وَتكره أَن يتحملها غَيْرك مَعْنَاهُ هم حقيقون بِأَنَّهُم(2/280)
وَقَالَ أَيْضا
(أَقُول لعبد الله وَهنا ودوننا ... مناخ المطايا من منى فالمحصب)
(لَك الْخَيْر عللنا بهَا عل سَاعَة ... تمر وسهواء من اللَّيْل يذهب)
3 - (فَقَامَ فأدنى من وِسَادِي وساده ... طوى الْبَطن ممشوق الذراعين شرجب)
4 - (بعيد من الشَّيْء الْقَلِيل احتفاظه ... عَلَيْك ومنزور الرِّضَا حِين يغْضب)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَا يذكرونك بمكروه وَأَنَّهُمْ لَا يلزمونك بإرش جنايتك إِلَّا أَن تأبى وَتكره أَن يتحملها غَيْرك وَالْمرَاد من ذَلِك أَنهم لَا يغتابون النَّاس وَلَا يؤذونهم
1 - وَهنا أَي بعد سَاعَة من اللَّيْل وَمنى قَرْيَة بِمَكَّة والمحصب مَوضِع رمي الْجمار مَعْنَاهُ قلت لعبد الله بعد مُضِيّ سَاعَة من اللَّيْل وبيننا مَسَافَة مبرك المطايا من منى والمحصب ومقول القَوْل الْبَيْت الَّذِي بعده
2 - لَك الْخَيْر أَي اخْتَار الله لَك الْخَيْر وعللنا بهَا أَي حَدثنَا بحديثها أَي الْمَرْأَة وسهواء أَي قدرا من اللَّيْل مَعْنَاهُ قلت لعبد الله أخْتَار الله لَك الْخَيْر عللنا بِحَدِيث تِلْكَ الْمَرْأَة لَعَلَّ بعض اللَّيْل يَنْقَضِي بسهولة من طيب حَدِيثهَا
3 - الوساد المخدة وطوى الْبَطن أَي صَغِير الْبَطن خلقَة وممشوق الذراعين أَي طويلهما مَعَ خفَّة لحمهما والشرجب الطَّوِيل أَيْضا مَعْنَاهُ فَقَامَ وَقرب مني وَهُوَ طَوِيل الْقد صَغِير الْبَطن خَفِيف لحم الذراعين يُشِير بِهَذِهِ الْأَوْصَاف إِلَى قوته وَكَثْرَة نشاطه
4 - الاحتفاظ الْغَضَب يصفه بسهولة الْجَانِب والمنزور الْقَلِيل مَعْنَاهُ أَنه سهل الْجَانِب لَا يغْضب عَلَيْك بِسَبَب أَمر يسير وَلكنه إِذا غضب لَا يرجع(2/281)
(هُوَ الظفر الميمون إِن رَاح أَو غَدا ... بِهِ الركب والتلعابة المتحبب)
2 - وَقَالَ أَبُو دهبل فِي ابْن الْأَزْرَق المَخْزُومِي
3 - (مَاذَا رزئنا غَدَاة الْخلّ من رمع ... عِنْد التَّفَرُّق من خيم وَمن كرم)
4 - (ظلّ لنا وَاقِفًا يُعْطي فَأكْثر مَا ... قُلْنَا وَقَالَ لنا فِي وَجهه نعم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَن غَضَبه إِلَّا بعد كل تَشْدِيد يُشِير بذلك إِلَى شرف نَفسه وَقُوَّة حميته
1 - التلعابة الْكثير اللّعب وَهُوَ كِنَايَة عَن كَونه سعيدا وَالْمعْنَى أَنه سعيد يفوز بِجَمِيعِ مقاصده ويتودد إِلَى النَّاس
2 - أَبُو دهبل تقدّمت تَرْجَمته وَكَانَ من حَدِيث هَذِه الأبيات أَن ابْن الْأَزْرَق الَّذِي يُقَال لَهُ الثبت بن عبد الرَّحْمَن بن الْوَلِيد المَخْزُومِي كَانَ واليا على بعض الْجِهَات أَيَّام ابْن الزبير فَعَزله ابْن الزبير وَولى مَكَانَهُ ابْنا لسعد بن أبي وَقاص يُقَال لَهُ إِبْرَاهِيم فَخرج حَتَّى ذهب إِلَى عمله فَقَالَ لِابْنِ الْأَزْرَق هَلُمَّ حِسَابك فَقَالَ لَهُ ابْن الْأَزْرَق مَالك عِنْدِي حِسَاب وَلَا بيني وَبَيْنك عمل وَخرج مُتَوَجها إِلَى مَكَّة وَكَانَ مَعَه أَيَّام ولَايَته أَبُو دهبل فَاسْتَأْذن ابْن الْأَزْرَق أَن يُقيم مَعَ إِبْرَاهِيم فَأذن لَهُ فَأَقَامَ أَبُو دهبل مَعَ إِبْرَاهِيم فَلم يصنع بِهِ خيرا فَأَنْشد هَذِه الأبيات
3 - الْخلّ ورمع موضعان بِالْيمن والخيم السجية والطبيعة مَعْنَاهُ أَنهم أصيبوا بذهاب هَذَا الممدوح وَتَفَرَّقَتْ عَنْهُم خصاله الحميدة
4 - فِي وَجهه أَي فِي سَفَره الَّذِي يتَوَجَّه فِيهِ إِلَى مقْصده وَالْمعْنَى أَن أَكثر شَيْء قُلْنَاهُ لَهُ حِين سألناه الْعَطاء وَأكْثر شَيْء قَالَه لنا حِين عزم على السّفر هُوَ لفظ نعم وَالْمرَاد من هَذَا الْكَلَام أَنه كثير الْعَطاء والجود(2/282)
(ثمَّ انتحى غير مَذْمُوم وأعيننا ... لما تولى بدمع سافح سجم) 3 (تحمله النَّاقة الأدماء معتجرا ... بالبرد كالبدر جلي داجي الظُّلم)
3 - (وَكَيف أنساك لَا نعماك وَاحِدَة ... عِنْدِي وَلَا بِالَّذِي أوليت من قدم)
وَقَالَ أَيْضا فِيهِ
4 - (مَا زلت فِي الْعَفو للذنوب وَإِطْلَاق ... لعان بجرمه غلق)
5 - (حَتَّى تمنى البراة أَنهم ... عنْدك أَمْسوا فِي الْقد وَالْحلق)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - انتحى أَي قصد نَاحيَة غير مَذْمُوم انتصب على الْحَال يصفه بِالْكَرمِ والبراءة من الْعَيْب وسافح أَي مسفوح وسجم أَي منسجم وَالْمعْنَى أَنه ذهب عَنَّا وسافر وَنحن نثني على مَا كَانَ من حسن عنايته بشأننا ودموعنا تسيل من أَعيننَا لأجل فِرَاقه
2 - الأدماء أَي الْبَيْضَاء ومعتجرا أَي متعمما وَالْبرد الثَّوْب المخطط مَعْنَاهُ أَنه مضى عَنَّا تحمله النَّاقة الْبَيْضَاء فِي حسن ملابسه وجمال وَجهه
3 - فَكيف أنساك أَي لَا أنساك وَفِيه الْتِفَات وَالْمعْنَى أَنِّي لَا أنساك بَعْدَمَا أَنْعَمت عَليّ بِهَذِهِ النعم العديدة الَّتِي لم يتقادم عهدها
4 - فِي الْعَفو خبر لَا زلت أَي آخِذا فِي الْعَفو العاني الْأَسير والغلق الْمَتْرُوك الَّذِي لَا يفك
5 - البراة جمع بَرِيء أَي البريئون من الجرم وَالْقد السّير الَّذِي يشد بِهِ الْأَسير وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنَّك مَا زلت آخِذا فِي الْعَفو إِلَى أَن تمنى من لَا جرم لَهُ أَن يكون أَسِيرًا عنْدك حَتَّى يتوفر عَلَيْهِ نظرك وإحسانك وَفِي هذَيْن الْبَيْتَيْنِ من الهجنة مَا لَا يخفى لِأَنَّهُ من الحماقة أَن يتمنوا الْأسر ثمَّ الْإِطْلَاق وهم طلقاء معافون وَإِن تمنوا ذَلِك لما يجدونه عِنْد هَذَا الممدوح من الْإِحْسَان فَلَيْسَ هَذَا التَّمَنِّي من الكياسة فِي شَيْء بل الكياسة أَن(2/383)
1 - وَقَالَ الحزين الْكِنَانِي
(هَذَا الَّذِي تعرف الْبَطْحَاء وطأته ... وَالْبَيْت يعرفهُ والحل وَالْحرم)
3 - (إِذا رَأَتْهُ قُرَيْش قَالَ قَائِلهَا ... إِلَى مَكَارِم هَذَا يَنْتَهِي الْكَرم)
4 - (يكَاد يمسِكهُ عرفان رَاحَته ... ركن الْحطيم إِذا مَا جَاءَ يسْتَلم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يتمنوا الْإِحْسَان مَعَ الْإِطْلَاق لَا مَعَ الْأسر فباب التَّمَنِّي مَفْتُوح من كل وَجه
1 - أحد بني كنَانَة والحزين لقب غلب عَلَيْهِ واسْمه عَمْرو بن عبيد بن وهب بن مَالك أحد بني عبد مَنَاة بن كنَانَة ويكنى الحزين أَبَا الحكم كَانَ من شعراء الدولة الأموية حجازيا مطبوعا وَلم يكن من فحول طبقته وَكَانَ هجاء خَبِيث اللِّسَان سَاقِطا يرضيه الْيَسِير ويتكسب بِالشَّرِّ وهجاء النَّاس وَلَيْسَ مِمَّن خدم الْخُلَفَاء وَلَا مِمَّن انتجعهم بمدح وَلَا كَانَ يريم الْحجاز حَتَّى مَاتَ وَهَذَا الشّعْر يَقُوله الحزين فِي عبد الله بن عبد الْملك بن مَرْوَان وَكَانَ عبد الله من فتيَان بني أُميَّة وظرفائهم وَكَانَ حسن الْوَجْه حسن الْمَذْهَب وَالنَّاس يروون هَذِه الأبيات للفرزدق يمدح بهَا عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب وَهُوَ غلط مِمَّن رَوَاهَا فِيهِ لِأَن هَذَا لَيْسَ مِمَّا يمدح بِهِ مثل عَليّ بن الْحُسَيْن وَله من الْفضل الباهر مَا لَيْسَ لأحد فِي وقته
2 - الْبَطْحَاء أَرض مَكَّة والحل خَارج الْمَوَاقِيت من الْبِلَاد وَالْحرم مَا بَين الْمَوَاقِيت الْمَعْرُوفَة مَعْنَاهُ هَذَا الَّذِي يعرفهُ أهل مَكَّة ويعرفه أهل الْبَيْت والحل وَالْحرم فضلا عَن غَيرهم
3 - إِلَى مَكَارِم هَذَا مُتَعَلق بينتهي وَهَذِه الْجُمْلَة فِي مَوضِع الْمَفْعُول لقَالَ
4 - عرفان مَنْصُوب على أَنه مفعول لَهُ ويستلم أَي يلمس وَالْمعْنَى يكَاد يمسِكهُ ركن الْحطيم لأجل عرفان رَاحَته إِذا جَاءَ يلمس الْحجر الْأسود(2/284)
(أَي الْقَبَائِل لَيست فِي رقابهم ... لأولية هَذَا أَو لَهُ نعم)
(بكفه خيزران رِيحهَا عبق ... من كف أروع فِي عرنينه شمم)
3 - (يغضي حَيَاء ويغضى من مهابته ... فَمَا يكلم إِلَّا حِين يبتسم)
وَقَالَ آخر
4 - (إِذا انتدى واحتبى بِالسَّيْفِ دَان لَهُ ... شوس الرِّجَال خضوع الجرب للطالي)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لأولية هَذَا أَي لِآبَائِهِ الْأَوَائِل مَعْنَاهُ أَن فَضله وَفضل آبَائِهِ على الْقَبَائِل لَا يُنكره أحد
2 - الخيزران مَا يمسِكهُ الْملك بِيَدِهِ من عَصا وَنَحْوهَا يُشِير بِهِ إِذا تكلم والأروع الْفَائِق فِي الْجمال والعرنين الْأنف والشمم ارْتِفَاع قَصَبَة الْأنف مَعَ اسْتِوَاء أَعْلَاهُ وَإِذا قرن الشمم بالعرنين أَو الْأنف فَالْمُرَاد بِهِ الْكَرم يُشِير بِهَذَا الْبَيْت إِلَى أَنه من الْمُلُوك الفائقين فِي الْجمال وَالْكَرم والشجاعة
3 - يغضي أَي يدني أجفانه مَعْنَاهُ أَنه كثير الْحيَاء مهيب عِنْد النَّاس لَا يكلمونه إِلَّا فِي وَقت ابتسامه
4 - انتدى أَي جلس فِي النادي وَهُوَ مجْلِس الْقَوْم والاحتباء بِالسَّيْفِ يكون عِنْد عقد جوَار أَو حَرْب أَو شبههما لِأَن السَّيْف فِي أَمْثَال هَذِه الْأَحْوَال رُبمَا مست الْحَاجة إِلَيْهِ لذَلِك ودان لَهُ أَي خضع لَهُ والشوس جمع أشوس وَهُوَ الَّذِي ينظر بمؤخر عينه عَدَاوَة أَو كبرا وَإِنَّمَا خص الجرب لِأَنَّهَا كَثِيرَة الخضوع للطالي لارتياحها إِلَى معالجته مَا بهَا من الجرب يُرِيد أَنه شُجَاع مهاب تنقاد لَهُ الرِّجَال(2/285)
(كَأَنَّمَا الطير مِنْهُم فَوق هامهم ... لَا خوف ظلم وَلَكِن خوف إجلال)
وَقَالَت ليلى الأخيلية تقدّمت ترجمتها
(فَإِنِّي لم أكد آتِيك تهوي ... برحلي رأدة الأصلاب نَاب)
3 - (قريح الظّهْر يفرح أَن يَرَاهَا ... إِذا وضعت وَليهَا الْغُرَاب)
4 - وَقَالَ الْعُرْيَان بن سهلة الْجرْمِي
5 - (مَرَرْت على دَار امْرِئ السوء حوله ... لبون كعيدان بحائط بُسْتَان)
6 - (فَقَالَ أَلا أضحت لبونى كَمَا ترى ... كَأَن على لباتها طين أفدان)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - فَوق هامهم أَي فَوق رُؤْسهمْ مَعْنَاهُ أَنهم فِي مَجْلِسه يكونُونَ فِي غَايَة السّكُون وَالْوَقار خوفًا من هيبته واحتشامه لَا خوفًا من ظلمه
2 - رأدة الأصلاب أَي متحركة الأصلاب والناب المسنة مَعْنَاهُ لم أكد أزورك وَقد زرتك تطير برحلي نَاقَة وَثِيقَة الظّهْر لينته وَقد أخذت من السن بِنَصِيب
3 - القريح الجريح والولية البرذعة مَعْنَاهُ أَنَّهَا قريح الظّهْر يفرح الْغُرَاب إِذا كشف عَنْهَا بردعتها فيطير إِلَى ظهرهَا لِأَنَّهُ ينقره ويدميه
4 - هُوَ شَاعِر من شعراء الْجَاهِلِيَّة وَهُوَ أحد بني جرم من طيىء أَو من قضاعة لَا يدْرِي إِلَى أَي هذَيْن ينتسب
5 - اللَّبُون الْإِبِل ذَات الألبان والعيدان طوال النّخل وَالْمرَاد بِالْحَائِطِ مَوضِع الشّجر مَعْنَاهُ مَرَرْت على دَار رجل لئيم لَهُ إبل عَظِيمَة الشان
6 - اللبات جمع لبة وَهِي المنحر والأفدان جمع فدن وَهُوَ الْقصر يُشِير بذلك إِلَى سمنها وضخامتها(2/286)
(فَقلت عَسى أَن يحوي الْجَيْش سربها ... وَلَا وَاحِد يسْعَى عَلَيْهَا وَلَا اثْنَان)
(ورحت إِلَى دَار امْرِئ الصدْق حوله ... مرابط أَفْرَاس وملعب فتيَان)
3 - (ومنحر مئناث يجر حوارها ... وَمَوْضِع إخْوَان إِلَى جنب إخْوَان)
4 - (فَقلت لَهُ إِنِّي أَتَيْتُك رَاغِبًا ... بذعلبة تدمى وَإِنِّي امروء عاني)
5 - (فَقَالَ أَلا أَهلا وسهلا ومرحبا ... جعلتك مني حَيْثُ أجعَل أشجاني)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - السرب الْجَمَاعَة مَعْنَاهُ فدعوت عَلَيْهَا بالنهب وَالسَّلب من صَاحبهَا اللَّئِيم وَأَن لَا يعاونه أحد على استدراكها وردهَا إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لم يطعم مِنْهَا الأضياف
2 - الأفراس جمع فرس وملعب فتيَان أَي أَنهم يَجْتَمعُونَ حوله لسخائه وَالْمعْنَى فَتركت دَار هَذَا الرجل اللَّئِيم وقصدت دَار رجل آخر كريم حوله خيل وفتيان تلعب لأَنهم يَجْتَمعُونَ عِنْده لسخائه
3 - المئناث من الْإِبِل الَّتِي تَلد إِنَاثًا وَمعنى يجر حوارها أَنَّهَا تجزر وَهُوَ فِي بَطنهَا فيجر من بَطنهَا والحوار ولد النَّاقة مَعْنَاهُ وَحَوله أَيْضا منحر مئناث يجر وَلَدهَا من بَطنهَا حِين نحرها وَمَوْضِع إخْوَان بِجَانِب إخْوَان
4 - الذعلبة النَّاقة السريعة وتدمي أَي يخرج الدَّم من مناسمها وعانى أَي خاضع أطلب فِي دم أَو فكاك مَعْنَاهُ فَقلت لَهُ قصدتك رَاغِبًا إِلَيْك أَبْتَغِي مَعْرُوفك مَعَ مَا نالني ونال نَاقَتي من التَّعَب وَالنّصب وَإِنِّي امْرُؤ خاضع ذليل
5 - معنى جعلتك مني الخ إِنِّي جعلتك فِي قلبِي حَيْثُ أجعَل همي وحاجتي والأشجان جمع شجن وَهُوَ الْحَاجة هُنَا مَعْنَاهُ أَنه تَلقانِي بِكُل إكرام وتعظيم وَقَالَ لي جعلتك فِي قلبِي حَيْثُ أجعَل حَاجَتي(2/287)
(فَقلت لَهُ جَادَتْ عَلَيْك سَحَابَة ... بِنَوْء يندي كل فغو وَرَيْحَان)
(وَقلت سقاك الله خمر سلافة ... بِمَاء سَحَاب حائر بَين مصدان)
وَقَالَ آخر
3 - (لمست بكفي كَفه أَبْتَغِي الْغنى ... وَلم أدر أَن الْجُود من كَفه يعدي)
4 - (فَلَا أَنا مِنْهُ مَا أَفَادَ ذَوُو الْغنى ... أفدت وأعداني فأتلفت مَا عِنْدِي)
5 - وَقَالَ آخر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - بِنَوْء أَي بمطر ويندي أَي يبل والفغو والفاغية نور الْحِنَّاء وَالريحَان النبت الطّيب الرَّائِحَة مَعْنَاهُ فدعوت لَهُ بِالْخصْبِ وَحسن الْحَال
2 - السلاف الْخمر الْمُعتقَة والحائر المتحير المتردد والمصدان جمع مصد وَهُوَ الهضبة الْعَالِيَة مَعْنَاهُ ودعوت لَهُ أَيْضا بِأَن يطيب عيشه وتخصب أوديته
3 - من كَفه يعدي أَي يتَجَاوَز من كَفه إِلَى كفي
4 - أَفَادَ وأفدت بِمَعْنى اسْتَفَادَ واستفدت وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنِّي صافحته طَالبا معروفه وَلم أعلم أَن السخاء من يَده يعدي فَلَا أَنا اسْتَفَدْت من جِهَته مَا استفاده مِنْهُ الْأَغْنِيَاء وأعداني لمس كَفه الْجُود فأهلكت مَا عِنْدِي وَقَالَ الشَّاعِر ذَلِك لِأَن هَذَا الممدوح أعطَاهُ عَطاء جزيلا بعد مَا مدحه بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ ففرقه كُله على النَّاس وَلم يرجع إِلَى بَيته بِشَيْء مِنْهُ فَقَالَ لمست بكفي كَفه الخ
5 - قَالَ أَبُو هِلَال هُوَ جثامة بن قيس أَخُو بلعاء بن قيس أحد بني أبي بكر بن كلاب كَانَ شَاعِرًا جاهليا وَكَانَ رَئِيسا على قبيلته يَوْم الْفجار الثَّانِي لما قتل أَخُوهُ بلعاء بن قيس وَقد شهد هَذِه الْحَرْب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ غُلَام يفع وَكَانَ لَا يصير فِي فِئَة إِلَّا انهزم(2/288)
(إِذا لاقيت قومِي فاسأليهم ... كفى قومِي بِصَاحِبِهِمْ خَبِيرا)
(هَل أعفو عَن أصُول الْحق فيهم ... إِذا عسرت وأقتطع الصدورا)
3 - وَقَالَ عَمْرو بن الأطنابة أحد بني الْخَزْرَج
4 - (إِنِّي من الْقَوْم الَّذين إِذا انتدوا ... بدؤا بِحَق الله ثمَّ النائل)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من يحاذيها فَقَالَ حَرْب بن أُميَّة وَعبد الله بن جدعَان أَلا ترَوْنَ إِلَى هَذَا الْغُلَام مَا يحمل على فِئَة إِلَّا انْهَزَمت
1 - كفى قومِي بِصَاحِبِهِمْ خَبِيرا هُوَ مقلوب التَّرْكِيب وَكَانَ الْوَاجِب أَن يَقُول كفى بقومي خَبِيرا بِصَاحِبِهِمْ إِلَّا أَنهم كثيرا مَا يَفْعَلُونَ ذَلِك اعْتِمَادًا على فهم الْمَعْنى المُرَاد وَيُرِيد بِصَاحِبِهِمْ نَفسه والخبير ذُو الْخِبْرَة التَّامَّة وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول خبراء وَلَكِن الْوَاحِد قد يَنُوب عَن الْجمع مَعْنَاهُ إِن سَأَلت عَن حقيقتي وَشرف نَفسِي فاسألي عني قومِي فَإِنَّهُم أخبر بِصَاحِبِهِمْ
2 - أصُول الْحق أَي أصُول حَقي يُرِيد سليهم هَل أتسامح فِيمَا يجب عَليّ من أصُول حَقي وَهل أترك الِاسْتِقْصَاء فِي استخراجها وَقَوله وأقتطع الصُّدُور أَي آخذ مَا سهل أَخذه من أَوَائِل حقوقي مَعْنَاهُ لَو سَأَلت قومِي عَن حسن معاملتي لَهُم ورأفتي بهم لأخبروك بِأَنِّي أتسامح بِمَا يجب لي عَلَيْهِم من الْحُقُوق وآخذ الْيَسِير مِنْهَا وَلَا أستقصي فِي تقاضيها
3 - كَانَ عَمْرو ملك الْحجاز أَيَّام الْجَاهِلِيَّة والأطنابة أمه وَهُوَ شَاعِر مجيد وَلما بلغه أَن الْحَارِث بن ظَالِم المري قتل خَالِد بن جَعْفَر بن كلاب غضب لذَلِك غَضبا شَدِيدا وَكَانَ خَالِد مصافيا لَهُ وَقَالَ وَالله لَو لَقِي الْحَارِث خَالِدا وَهُوَ يقظان لما نظر إِلَيْهِ وَلكنه قَتله نَائِما وَلَو أَتَانِي لعرف قدره
4 - انتدوا أَي جَلَسُوا فِي النادي وَهُوَ الْمجْلس وَقَوله بدؤا بِحَق الله أَي بدؤا بِمَا يجب عَلَيْهِم وَقَوله ثمَّ(2/289)
(المانعين من الْخَنَا جاراتهم ... والحاشدين على طَعَام النَّازِل)
(والخالطين فقيرهم بغنيهم ... والباذلين عطاءهم للسَّائِل)
3 - (الضاربين الْكَبْش يَبْرق بيضه ... ضرب المهجهج عَن حِيَاض الآبل)
4 - (والقاتلين لَدَى الوغى أقرانهم ... إِن الْمنية م وَرَاء الوائل)
5 - (والقائلون فَلَا يعاب كَلَامهم ... يَوْم المقامة بِالْقضَاءِ الْفَاصِل)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
النائل يَعْنِي الْعَطاء للسَّائِل مَعْنَاهُ أَنهم قوم صلحاء أسخياء يؤدون الْفَرْض أَولا وَالنَّفْل ثَانِيًا
1 - الْخَنَا الْفُحْش والحاشدين أَي الجامعين مَعْنَاهُ أَنهم أهل العفاف الموفون بِحَق الْجوَار وَإِذا نزل بهم الضَّيْف لم يطعموه وَحده وَلَكنهُمْ يجمعُونَ الْقَوْم يَأْكُلُون مَعَه ويؤنسونه
2 - والخالطين الخ مَعْنَاهُ أَنهم أهل شَفَقَة ورأفة بالفقراء والضعفاء فَلَا يميزون الْأَغْنِيَاء عَنْهُم وَلَا يرفعونهم عَلَيْهِم وَأَن عطاءهم مبذول للسائلين
3 - الْكَبْش سيد الْقَوْم وَقَائِدهمْ ويبرق بَيْضَة أَي يلمع وَهُوَ جمع بيضه الْحَدِيد الَّتِي تلبس فِي الرَّأْس والمهجهج الَّذِي يطرد الْإِبِل عَن الْحَوْض إِذا رويت والآبل صَاحب الْإِبِل مثل لِابْنِ وتامر أَي صَاحب لبن وَصَاحب تمر يصف بِهَذَا الْبَيْت شجاعتهم وبسالتهم فِي الْحَرْب والقتال
4 - الوغى الْحَرْب والوائل الَّذِي ولى عَن الْحَرْب يطْلب النجَاة وَمَعْنَاهُ أَنهم إِذا حملُوا على أعدائهم فِي الْحَرْب أبادوهم عَن آخِرهم وَمن فر وهرب من شدَّة بأسهم فَهُوَ هَالك على كل حَال وَالْمرَاد أَنه لَا خلاص لأقرانهم من أَيْديهم وَلَا ملْجأ لَهُم
5 - المقامة الْمجْلس مَعْنَاهُ هم أُمَرَاء الْكَلَام الفاصلون بَين الْحق وَالْبَاطِل(2/290)
(خزر عيونهم إِلَى أعدائهم ... يَمْشُونَ مشي الْأسد تَحت الوابل)
(لَيْسُوا بأنكاس وَلَا ميل إِذا ... مَا الْحَرْب شبت أشعلوا بالشاعل)
وَقَالَت حَبِيبَة بنت عبد الْعُزَّى العوراء
3 - (أعن الْفَتى بر تلكأ نَاقَتي ... فكسا مناسمها النجيع الْأسود)
4 - (إِنِّي وَرب الراقصات إِلَى منى ... بجنوب مَكَّة هديهن مقلد)
5 - (أولي على هلك الطَّعَام ألية ... أبدا وَلَكِنِّي أبين وَأنْشد)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - خزر عيونهم من الخزر وَهُوَ النّظر بِأحد الشقين والوابل الْمَطَر الشَّديد مَعْنَاهُ أَنهم لَا يكترثون بأعدائهم وَلَا يفزعون من شَيْء لشدَّة ثباتهم
2 - الإنكاس جمع نكس وَهُوَ الرجل الَّذِي لَا خير فِيهِ والميل جمع أميل وَهُوَ الَّذِي لَا يثبت على الْفرس وشبت أَي أوقدت والشاعل صَاحب الأشعال مَعْنَاهُ أَنهم لَيْسُوا بالضعفاء بل هم فرسَان إِذا أوقدت نَار الْحَرْب أشعلوها بِمن يشعلها
3 - أعن الْفَتى هَذَا إِنْكَار وَنفي وبر بدل من الْفَتى وتلكأ أَصله تتلكأ والتلكؤ مَعْنَاهُ الْحَبْس والإبطاء وَقَوْلها فكسى مناسمها دُعَاء على النَّاقة بالنحر إِن تَأَخَّرت فِي الْمسير وأبطأت والنجيع الدَّم المائل إِلَى السوَاد أَو دم الْجوف مَعْنَاهُ أَنَّهَا تنكر على نَفسهَا وناقتها أَن تبطئ فِي الْمسير إِلَى بر وَتَدْعُو على ناقتها بالعرقبة أَن تَأَخَّرت فِي سَيرهَا عَنهُ
4 - الراقصات من الرقص وَهُوَ نوع من سير الْإِبِل والجنوب النواحي جمع جنب وَالْهَدْي مَا يهدى إِلَى الْكَعْبَة المشرفة والمقلد الَّذِي فِي عُنُقه عَلامَة لإهدائه وَجَوَاب الْقسم فِي الْبَيْت الَّذِي بعده
5 - أولى أَي لَا أولى من الْإِيلَاء وَهُوَ الْحلف(2/291)
(وصّى بهَا جدي وَعَلمنِي أبي ... نفض الْوِعَاء وكل زَاد ينْفد)
(فأحفظ حميتك لَا أبالك واحترس ... لَا تخرقنه فَأْرَة أَو جدجد)
وَقَالَ مَالك بن جعدة الثَّعْلَبِيّ
3 - (فابلغ صلهبا عني وسعدا ... تحيات مآثرها سفور)
4 - (فَإنَّك يَوْم تَأتِينِي حريبا ... تحل عَليّ يَوْمئِذٍ نذور)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَحذف حرف النَّفْي لأمن اللّبْس لِأَنَّهُ لَو أُرِيد الْإِيجَاب لوَجَبَ أَن يُقَال لأولين بِاللَّامِ وَنون التوكيد وَأبين أَي أظهر منزلي وَأنْشد أَي أطلب من يَأْكُل طَعَامي وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنِّي لَا أَحْلف على هلك الطَّعَام ولكنني أظهر منزلي وأطلب من يَأْكُل طَعَامي
1 - وصّى بهَا أَي بِهَذِهِ الْخصْلَة الحميدة وينفد أَي يفنى وَيذْهب مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تَأتي الْكَرم تكلفا وتطبعا بل هُوَ غريزة فِيهَا ورثتها عَن أَبِيهَا وجدهَا
2 - الحميت زق السم وَالْجد جد طَائِر صَغِير يشبه الْجَرَاد ينزل على الزق فيخرقه مَعْنَاهُ احفظ السّمن فِي الزق للأضياف والطارقين
3 - صلهب وَسعد رجلَانِ والمآثر جمع مأثرة أَو مأثورة والسفور جمع سفر وَهُوَ الْكتاب أَي يستغرقها سفور إِذا كتبت فِيهَا مَعْنَاهُ أبلغهما عني تحيات تستوعب الْكتب مآثرها إِذا سطرت فِيهَا وَقَالَ ذَلِك على سَبِيل الِاسْتِهْزَاء بِدَلِيل مَا بعده
4 - الحريب الَّذِي سلب مَاله فَلم يبْق عِنْده شَيْء ويومئذ بدل من يَوْم تَأتِينِي وَتحل أَي تجب على من قَوْلهم حل الدّين إِذا وَجب فَكَأَن الشَّاعِر أَتَاهُ سَائِلًا فحرمه أَو وعده وَعدا لم يَفِ بِهِ فَقَالَ إِن أتيتني مسلوبا وجدتني لَك بِخِلَاف مَا كنت لي من غير بخل عَلَيْك(2/292)
(تحل عَليّ مفرهة سناد ... على أخفافها علق يمور)
(لأمك ويلة وَعَلَيْك أُخْرَى ... فَلَا شَاة تنيل وَلَا بعير)
وَقَالَ عبد الله الحوالي من الأزد
3 - (لما نعيا بالقلوص ورحلها ... كفى الله كَعْبًا مَا تعيا بِهِ كَعْب)
4 - (دعرنا لَهَا قينا رَفِيقًا بمدية ... يجزئها فِينَا كَمَا يجزأ النهب)
5 - (لعمري لقد ضيعت يَا كَعْب نَاقَة ... يَسِيرا عَلَيْهَا أَن يضر بهَا الركب)
6 - (موكلة بالأولين فَكلما ... رَأَتْ رفْقَة فالأولون لَهَا نصب)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المفرهة الَّتِي تَلد أَوْلَادًا فرها بتَشْديد الرَّاء جمع فاره كراكع وَركع أَي أَوْلَادًا كَرِيمَة والسناد النَّاقة القوية والعلق الدَّم ويمور أَي يجْرِي مَعْنَاهُ يجب عَليّ أَن أنحر لَك نَاقَة هَذِه صفتهَا
2 - الويلة الفضيحة وَأُخْرَى أَي وَعَلَيْك ويلة أُخْرَى وَهَذَا دُعَاء عَلَيْهِ وعَلى أمه وَمعنى قَوْله فَلَا شَاة تنيل الخ أَنه لَا يُرْجَى من جِهَته شَاة فَمَا فَوْقهَا وارتفع بعير على الِاسْتِئْنَاف يَدْعُو عَلَيْهِ وعَلى أمه بالخزي والفضيحة بِسَبَب كَونه بَخِيلًا
3 - تعيا بالقلوص أَي أعياه أمرهَا والقلوص الشَّابَّة من النوق وتعييه بالقلوص هُوَ أَنَّهَا عجزت عَن السّير فنحرها يخبر أَن كَعْبًا لما أعياه أَمر نَاقَته وَأمر رَحلهَا كفى الله كَعْبًا ذَلِك
4 - الْقَيْن اسْم العَبْد والمدية السكين والنهب الْغَنِيمَة مَعْنَاهُ لما كلت النَّاقة عَن السّير نحرناها وقسمناها بَيْننَا تَقْسِيم الْغَنِيمَة
5 - يَسِيرا عَلَيْهَا الخ أَي كَانَ هينا عَلَيْهَا إتعاب الرَّاكِب إِيَّاهَا فَلَا تتعب من السّير لقوتها
6 - موكلة بالأولين الخ المُرَاد بالأولين أَوَائِل الركب يَعْنِي أَنَّهَا كَانَت تقصد أَوَائِل الركاب وَلم(2/293)
وَقَالَ حجر بن خَالِد يمدح النُّعْمَان بن الْمُنْذر
(سَمِعت بِفعل الفاعلين فَلم أجد ... كَمثل أبي قَابُوس حزما ونائلا)
(فساق الْإِلَه الْغَيْث من كل بَلْدَة ... إِلَيْك فأضحى حول بَيْتك نازلا)
3 - (فَأصْبح مِنْهُ كل وَاد حللته ... من الأَرْض مسفوح المذانب سَائِلًا)
4 - (مَتى تنع ينع الْجُود والبأس والتقى ... وتصبح قلُوص الْحَرْب جرباء حَائِلا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تفارقها فَكَأَنَّهَا موكلة بالأولين والرفقة الْجَمَاعَة وَالنّصب الشَّيْء الْمَنْصُوب مَعْنَاهُ أَنَّهَا كلما رَأَتْ ركبا رمت بِنَفسِهَا كَمَا يَرْمِي السهْم إِلَى الهدف وَلَحِقت بأوائله كَأَنَّهَا موكلة بالأوائل وَالْمرَاد أَنَّهَا نَاقَة سريعة السّير
1 - الْكَاف فِي كَمثل زَائِدَة وَأَبُو قَابُوس كنية النُّعْمَان بن الْمُنْذر وحزما ونائلا منصوبان على التَّمْيِيز مَعْنَاهُ أَنِّي سَمِعت كثيرا من أَخْبَار الْمُلُوك لكنني لم أجد فيهم مثل النُّعْمَان بن الْمُنْذر فِي شدَّة الحزم وَكَثْرَة الْعَطاء
2 - إِلَيْك مُتَعَلق بِمَحْذُوف أَي من كل بَلْدَة إِلَيْك أمرهَا وتدبيرها يَدْعُو للنعمان بِالْخصْبِ ومزيد النعم وَأَن تكون الدُّنْيَا تَحت أمره وتدبيره
3 - فَأصْبح مِنْهُ أَي من السَّيْل والمسفوح المنصب الْجَارِي والمذانب جمع مذنب وَهُوَ مسيل المَاء مَعْنَاهُ حَيْثُمَا حللت فِي وَاد وجدته مريعا خصيبا
4 - ينع الْجُود من النعي وَهُوَ الْإِخْبَار بِمَوْت الْمَيِّت والقلوص الشَّابَّة من النوق وَلَيْسَ للحرب قلُوص إِنَّمَا هُوَ مجَاز اسْتَعْملهُ لضعف الْحَرْب الْملك النُّعْمَان والحائل من حَالَة النَّاقة إِذا ضربهَا الْفَحْل فَلم تحمل مَعْنَاهُ أَن الْجُود وَالْكَرم وَالتَّقوى والشجاعة مفقودة بعد النُّعْمَان(2/294)
(فَلَا ملك مَا يدركنك سَعْيه ... وَلَا سوقة مَا يمدحنك بَاطِلا)
وَقَالَ آخرى
(ومستنبح بعد الهدوء دَعوته ... بشقراء مثل الْفجْر ذَاك وقودها)
3 - (فَقلت لَهُ أَهلا وسهلا ومرحبا ... بموقد نَار مُحَمَّد من يرودها)
4 - (نصبنا لَهُ جوفاء ذَات ضَبَابَة ... من الدهم مبطانا طَويلا ركودها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - يدركنك فعل مضارع مُؤَكد بالنُّون الثَّقِيلَة وَمَا الدَّاخِلَة عَلَيْهِ زَائِدَة وَمثل ذَلِك يُقَال فِي يمدحنك وَأدْخل النُّون الثَّقِيلَة عَلَيْهِمَا لما فِي الْكَلَام من معنى النَّفْي وَالْمعْنَى أَنْت أعز من الْمُلُوك وَأجل من أَن تمدحك الرّعية
2 - المستنبح من يطْلب نباح الْكَلْب ليهتدى بِهِ فِي طَرِيقه والهدوء قِطْعَة من اللَّيْل يهدأ فِيهَا النَّاس والشقراء الْحَمْرَاء وَالْمرَاد بهَا النَّار وَشبه النَّار بِالْفَجْرِ لارتفاعها وانتشارها والذاكي المتقد والوقود بِضَم الْوَاو التوقد أَي متقد توقدها فَهُوَ من بَاب شعرك شَاعِر وَالْمعْنَى وَرب طَارق بِاللَّيْلِ بعد مَا سكن النَّاس أَضَاءَت لَهُ نَار الضِّيَافَة ليبصرها فَيَجِيء إِلَيْهَا
3 - بموقد نَار يُرِيد بِهِ الشَّاعِر نَفسه وَهُوَ مُتَعَلق بِمَحْذُوف أَي تنَال الْإِكْرَام والترحيب بموقد نَار وَمُحَمّد من يرودها يُرِيد أَن من طلبَهَا وأتى إِلَيْهَا حمد أمرهَا ويرودها أَي يطْلبهَا مَعْنَاهُ أَنِّي تلقيت الضَّيْف بِكُل إكرام وَقلت لَهُ نلْت مرامك بموقد نَار من أَتَاهَا يحمد أَهلهَا ويثني عَلَيْهِم
4 - الجوفاء الْقدر الواسعة الْجوف وَالْمرَاد بالضبابة مَا يَعْلُو الْقدر من البخار والدهم جمع دهماء وَهِي السَّوْدَاء والمبطان الْعَظِيمَة الْبَطن والركود السّكُون مَعْنَاهُ نصبنا للضيف قدرا سَوْدَاء وَاسِعَة الْبَطن يطول مكثها على النَّار لعظمها وامتلائها بِاللَّحْمِ والمرق(2/295)
(فَإِن شِئْت أثويناك فِي الْحَيّ مكرما ... وَإِن شِئْت بلغناك أَرضًا تريدها)
وَقَالَ آخر
(ومستنبح تهوي مساقط رَأسه ... إِلَى كل شخص فَهُوَ للسمع أصور)
3 - (يصفقه أنف من الرّيح بَارِد ... ونكباء ليل من جُمَادَى وصرصر)
4 - (حبيب إِلَى كلب الْكَرِيم مناخه ... بغيض إِلَى الكوماء وَالْكَلب أبْصر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - أثويناك من أثواه بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَهُ بِهِ مَعْنَاهُ أننا بعد إكرامنا للضيف قُلْنَا لَهُ إِن أردْت الْإِقَامَة بَيْننَا أَقمت مكرما مُعظما وَإِن أردْت التَّوَجُّه إِلَى مقدصك بلغناك مرادك وأوصلناك إِلَى مَحل استقرارك
2 - المساقط جمع مسْقط وَيُرِيد بِهِ الْمصدر أَي يمِيل رَأسه إِلَى كل شخص يقدره إنْسَانا ليلتجئ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ ضل الطَّرِيق والأصور المائل مَعْنَاهُ وَرب طَارق بِاللَّيْلِ ضال عَن الطَّرِيق يكَاد رَأسه يسْقط من مَكَانَهُ لِكَثْرَة التفاته يَمِينا وَشمَالًا ليجد إنْسَانا يضيفه مَعَ ميله إِلَى كل صَوت يسمعهُ لشدَّة حيرته وَجَوَاب رب فِي الأبيات الْآتِيَة وَهُوَ حضأت لَهُ نَارِي
3 - يصفقه أَي يضْربهُ وَالْأنف من الرّيح أَولهَا والنكباء كل ريح تهب بَين ريحين من الرِّيَاح الْأَرْبَع وَالْمرَاد بجمادى شهر من شهور الشتَاء والصرصر الرّيح الْبَارِدَة وَالْمرَاد من هَذَا الْبَيْت وصف الضَّيْف بِمَا لاقاه من أَذَى الرّيح وَشدَّة الْبرد والمطر ليَكُون لَهُ عذر فِي استنباحه الْكلاب وَطَلَبه من ينزل عِنْده
4 - حبيب ارْتَفع على أَنه خبر مقدم ومناخه مُبْتَدأ مُؤخر أَي إِن مناخ الضَّيْف حبيب إِلَى الْكَلْب لِأَنَّهُ يشركهُ فِي الْقرى وَقَوله بغيض أَي هُوَ بغيض يرد ان النَّاقة الْعَظِيمَة تبغض الضَّيْف وتكرهه لِأَنَّهَا تنحر عِنْد نُزُوله وَلَا بُد والكوماء النَّاقة(2/296)
(حضأت لَهُ نَارِي فأبصر ضوأها ... وَمَا كَاد لَوْلَا حضأة النَّار يبصر)
(دَعَتْهُ بِغَيْر اسْم هَلُمَّ إِلَى الْقرى ... فَأسْرى يبوع الأَرْض وَالنَّار تزهر)
3 - (فَلَمَّا أَضَاءَت شخصه قلت مرْحَبًا ... هَلُمَّ وللصالين بالنَّار أَبْشِرُوا)
4 - (فجَاء ومحمود الْقرى يستفزه ... إِلَيْهَا وداعي اللَّيْل بالصبح يصفر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْعَظِيمَة السنام وَأبْصر أَي أعلم من الْبَصَر بِالْقَلْبِ لَا من الْبَصَر بِالْعينِ مَعْنَاهُ أَن كلب الرجل الْكَرِيم يحب الضَّيْف ليَأْكُل من طَعَامه وَأَن نَاقَته تكره الضَّيْف لِأَنَّهُ يَنْحَرهَا لَهُ
1 - حضأت لَهُ نَارِي أَي رفعتها لَهُ مَعْنَاهُ وَرب ضيف رفعت لَهُ نَار الضِّيَافَة ليهتدي بهَا فِي طَرِيقه فَيَأْتِي إِلَيْهَا وَلَوْلَا رَفعهَا لَهُ مَا كَانَ يبصر الطَّرِيق وَلَا يَهْتَدِي
2 - دَعَتْهُ بِغَيْر اسْم يُرِيد أَنَّهَا أمرشدته إِلَى مَوضِع الضِّيَافَة فَكَأَنَّهَا نادته وهلم أَي تعال ويبوع الأَرْض أَي يقطعهَا بالخطوات الواسعة والحركات السريعة وتزهر أَي تضيء فِي ارْتِفَاع مَعْنَاهُ أَن النَّار دعت الضَّيْف بِلِسَان الْحَال فَأتى إِلَيْهَا مسرعا وَهِي مضيئة مُرْتَفعَة
3 - فَلَمَّا أَضَاءَت شخصه أَي لما دنا مني وتراءى لي شخصه وَقَوله قلت مرْحَبًا هَلُمَّ الأول تَسْلِيم عَلَيْهِ وترحيب بِهِ وَالثَّانِي أر بالدنو إِلَيْهِ وَأَبْشِرُوا أَي اسْتَبْشَرُوا وَالْمعْنَى أَن الضَّيْف لما قرب مني وتراءى لي شخصه بضوء النَّار تلقيته بالترحيب وَقلت لمن حول النَّار من المصطلين وَمن الْأَهْل والحاشية اسْتَبْشَرُوا بالضيف
4 - يستفزه أَي يستحثه وداعي اللَّيْل مَا يصوت بِالسحرِ مثل الديك وَغَيره والصفير كل صَوت يَمْتَد مَعَ رقة مَعْنَاهُ أَن الضَّيْف أَتَى فِي وَقت السحر وَأَنا أستحثه إِلَى نَار الضِّيَافَة لأجل أَن يصطلى بهَا ويجد من إكرامنا لَهُ مَا يسره(2/297)
(تَأَخَّرت حَتَّى لم تكد تصطفي الْقرى ... على أَهله وَالْحق لَا يتَأَخَّر)
(وَقمت بنصل السَّيْف والبرك هاجد ... بهَا زره وَالْمَوْت فِي السَّيْف ينظر)
3 - (فأغضضته الطُّولى سناما وَخَيرهَا ... بلَاء وَخير الْخَيْر مَا يتَخَيَّر)
4 - (فأوفضن عَنْهَا وَهِي ترغو حشاشة ... بِذِي نَفسهَا وَالسيف عُرْيَان أَحْمَر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - لم تكد تصطفي الْقرى مَعْنَاهُ أَن غَيْرك يسْبق إِلَى الْقرى فينال صفوته فَلَا تكَاد تنَال شَيْئا مِنْهُ وَقَوله وَالْحق لَا يتَأَخَّر أَي حق الضَّيْف لَا يُؤَخر عَنهُ وَإِن تَأَخّر حُضُوره مَعْنَاهُ أَنِّي قلت للضيف قد تَأَخَّرت حَتَّى كَاد غَيْرك يسْبق إِلَى الْقرى فينال خِيَار الطَّعَام دُونك وَلَكِن حق الضَّيْف لَا يُؤَخر عَنهُ بتأخر حُضُوره
2 - البرك الْإِبِل والهاجد النَّائِم والبهازر جمع بهزرة وَهِي النَّاقة الْعَظِيمَة مَعْنَاهُ فَقُمْت بِالسَّيْفِ إِلَى الْإِبِل الْعَظِيمَة وَهِي نَائِمَة وَالْمَوْت فِي سَيفي ينْتَظر مَاذَا يكون مني
3 - فأعضضته الطُّولى أَي جعلت السَّيْف يعضها والطولى مُؤَنّثَة الأطول وَخَيرهَا بلَاء أَي وأحسنها نعْمَة وَمن نعْمَة النَّاقة أَن تكون كَرِيمَة الْأَوْلَاد غزيرة اللَّبن سريعة السّير وَغير ذَلِك من الصِّفَات المحمودة فِيهَا وَمَعْنَاهُ أَنه نحر من الْإِبِل أطولها سناما وأطيبها لَحْمًا وَأَكْرمهَا عِنْده منزلَة
4 - فأوفضن عَنْهَا من الإيفاض وَهُوَ الْإِسْرَاع أَي تَفَرَّقت الْإِبِل عَنْهَا بِسُرْعَة وترغو من الرُّغَاء أَي تصوت والحشاشة بَقِيَّة الرّوح وبذي نَفسهَا أَي بخالصة نَفسهَا وعريان أَحْمَر أَي مُجَرّد من غمده متلطخ بِدَم النَّاقة وَمَعْنَاهُ أَنه لما عرقب النَّاقة بِالسَّيْفِ تَفَرَّقت الْإِبِل من حولهَا وَهِي تصوت وتجود بِبَقِيَّة روحها وَالسيف مُجَرّد من غمده متلطخ بدمها(2/298)
(فباتت رحاب جونة من لحامها ... وفوها بِمَا فِي جوفها يتغرغر)
وَقَالَ آخر
(وَمَا يَك فِي من عيب فَإِنِّي ... جبان الْكَلْب مهزل الفصيل)
وَقَالَ آخر
3 - (سأقدح من قدري نَصِيبا لجارتي ... وَإِن كَانَ مَا فِيهَا كفافا على أَهلِي)
4 - (إِذا أَنْت لم تشرك رفيقك فِي الَّذِي ... يكون قَلِيلا لم تشاركه فِي الْفضل)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الرحاب الواسعة وَأَرَادَ بهَا الْقدر والجونة السَّوْدَاء وَمن لحامها خبر باتت كَقَوْلِك أَنْت مني وفوها أَي فمها ويتغرغر أَي يصوت من شدَّة غليانها ويسيل بِمَا فِي جوفها مَعْنَاهُ أَن الْقدر باتت من لحم النَّاقة وفمها يصوت من شدَّة غليانها ويسيل بِمَا فِيهَا على النَّار
2 - جبان الْكَلْب الخ أَي كَلْبِي جبان وفصيلي مهزول إِنَّمَا قَالَ جبان الْكَلْب لِأَنَّهُ تعود أَن يسالم الطراق لِئَلَّا تتأذى بِهِ الأضياف إِذا وردوا وَقَالَ مهزول الفصيل لِأَنَّهُ يُؤثر غَيره بِلَبن أمه أَو يَنْحَرهَا عَنهُ وَمَعْنَاهُ أَنِّي سخي كريم خَال من الْعُيُوب
3 - سأقدح أَي سأغرف والكفاف مَا يكف الْإِنْسَان عَن السُّؤَال وَيكون على قدر حَاجته لَا يزِيد عَنْهَا وَلَا ينقص مَعْنَاهُ أنني مَحْمُود الْجوَار فَلَا أبخل على جاري بل أعْطِيه مِمَّا عِنْدِي وَلَو كَانَ على قدر حَاجَتي
4 - الْفضل مَا زَاد عَن الْحَاجة وَمثل هَذَا الْبَيْت قَول الآخر
(لَيْسَ الْعَطاء من الفضول سماحة ... حَتَّى تجود وَمَا لديك قَلِيل)(2/299)
1 - وَقَالَ عَمْرو بن الْأَهْتَم
(ذَرِينِي فَإِن الشُّح يأم هَيْثَم ... لصالح أَخْلَاق الرِّجَال سروق)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - هُوَ عَمْرو بن سِنَان أحد بني منقر من بني تَمِيم وَسمي أَبوهُ سِنَان بالأهتم لِأَن قيس بن عَاصِم ضرب فَمه بقوس فهتم أَسْنَانه وَكَانَ عَمْرو جاهليا إسلاميا وَأَخُوهُ عبد الله بن الْأَهْتَم جد خَالِد بن صَفْوَان الْخَطِيب وَكَانَ عَمْرو لَهُ ابْنة يُقَال لَهَا أم حبيب تزَوجهَا الْحسن بن عَليّ وَقدر فِي نَفسه أَن تكون فِي الْجمال نزعت إِلَى أَبِيهَا فَوَجَدَهَا على غير مَا قدر وَظن فَطلقهَا وَكَانَ عَمْرو شَاعِرًا محسنا مجيدا كَأَن شعره الْحلَل المنشرة وَكَانَ فِي وَفد بني تَمِيم إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانُوا سبعين أَو ثَمَانِينَ رجلا وهم الَّذين نادوا عِنْد الحجرات بِصَوْت جَاف عَال أخرج إِلَيْنَا يَا مُحَمَّد فقد جِئْنَا لِنُفَاخِرَك ومعنا شَاعِرنَا وَخَطِيبِنَا فَخرج إِلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجلسَ فَقَامَ الْأَقْرَع بن حَابِس فَتكلم ورد عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَلَامه أحسن رد وأبلغه ثمَّ توالى الخطباء وَالشعرَاء وَجمع لَهُم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطباءه وشعراءه وَمَا لَبِثُوا أَن عجزت بَنو تَمِيم واستكانت فأسلموا وَأَقَامُوا عِنْده يتعلمون الْقُرْآن ويتفقهون فِي الدّين ثمَّ أَرَادوا الْخُرُوج إِلَى قَومهمْ فَأَعْطَاهُمْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكساهم فَقَالَ أما بَقِي مِنْكُم أحد وَكَانَ عَمْرو بن الْأَهْتَم فِي رِكَابهمْ وَهُوَ غُلَام حدث فَقَالَ قيس بن عَاصِم لم يبْق منا أحد إِلَّا غُلَام حَدِيث السن فِي رِكَابنَا فَأعْطَاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثل مَا أَعْطَاهُم
2 - ذَرِينِي أَي اتركيني أمض على مَا أَنا عَلَيْهِ من الْكَرم وَالشح الْبُخْل وَالْمعْنَى اتركيني أجر على كرمي فَإِن الْبُخْل يزين(2/300)
(ذَرِينِي وحطي فِي هواي فإنني ... على الْحسب الزاكي الرفيع شفيق)
(ذَرِينِي فَإِنِّي ذُو فعال تهمني ... نَوَائِب يغشى رزؤها وَحُقُوق)
3 - (وكل كريم يتقى الذَّم بالقرى ... وللحق بَين الصَّالِحين طَرِيق)
4 - (لعمرك مَا ضَاقَتْ بِلَاد بِأَهْلِهَا ... وَلَكِن أَخْلَاق الرِّجَال تضيق)
وَقَالَ عُرْوَة بن الْورْد تقدّمت تَرْجَمته
5 - (إِنِّي امروء عافي إنائي شركَة ... وَأَنت امروء عافي إنائك وَاحِد)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للْإنْسَان الْعذر الْكَاذِب والعلل الْبَاطِلَة وَيذْهب بأخلاقه الحميدة فَكَأَنَّهُ يسرقها مِنْهُ
1 - وحطي فِي هواي أَي وافقيني وساعديني وَهُوَ منحط الرجل رَحْله حَيْثُ يحط صَاحبه لِأَن ذَلِك يكون باتفاقهما مَعْنَاهُ وافقيني وساعديني على الْجُود فإنني أَخَاف على شرفي من عَار الْبُخْل
2 - الفعال بِفَتْح الْفَاء الْكَرم ويغشى رزؤها أَي يَغْشَانِي رزؤها فَحذف الْمَفْعُول ورزؤها المُرَاد بِهِ مَا يَنَالهُ النَّاس من مَاله وينتفعون بِهِ وَيُقَال مِنْهُ هُوَ يرزأ فِي مَاله إِذا كَانَ سخيا ينَال النَّاس إفضاله والحقوق مَا يلْزمه من حق الأضياف وَالزُّوَّارِ يُرِيد انه كريم يصرف همته إِلَى أَدَاء مَا يلْزمه من حُقُوق الضيفان وَالزُّوَّارِ وإعانة الْمُضْطَرين ذَوي الْحَاجَات ليدوم لَهُ الْمجد وَحسن الثَّنَاء
3 - الْقرى طَعَام الضِّيَافَة مَعْنَاهُ أَن كل كريم يبْذل مَاله دون عرضه وَيتبع سَبِيل الْحق ويسلك طَرِيقه ليستوجب الْمَدْح وَالشُّكْر
4 - تضيق أَي تضيق بهم مَعْنَاهُ أَن أَرض الله وَاسِعَة لم تضق على امْرِئ وَإِنَّمَا تضيق أَخْلَاق الرِّجَال وصدورهم
5 - الْعَافِي طَالب الْمَعْرُوف وَشركَة أَي خلق كثير وَهَذَا كِنَايَة عَن الْكَرم(2/301)
(أتهزأ مني أَن سمنت وَأَن ترى ... بوجهي شحوب الْحق وَالْحق جَاهد)
(أقسم جسمي فِي جسوم كَثِيرَة ... وأحسوا قراح المَاء وَالْمَاء بَارِد)
وَقَالَ آخر
3 - (أَجلك قوم حِين صرت إِلَى الْغنى ... وكل غَنِي فِي الْقُلُوب جليل)
4 - (وَلَيْسَ الْغنى إِلَّا غنى زين الْفَتى ... عَشِيَّة يقري أَو غَدَاة ينيل)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَوله وَأَنت امْرُؤ الخ كِنَايَة عَن الْبُخْل وَمَعْنَاهُ أَنِّي امْرُؤ كريم لَا آكل وحدي بل يَأْكُل معي عدَّة يشاركوني فِي إنائي وَأَنت رجل بخيل تَأْكُل وَحدك فعافى إنائك وَاحِد
1 - أَن سمنت أَي لِأَن سمنت وَلِأَن ترى بوجهي والشحوب التَّغَيُّر من الهزال وَنَحْوه وأضاف الشحوب إِلَى الْحق لِأَن سَببه إِنَّمَا هُوَ توفر همته وبذل عنايته فِي إِقَامَة الْحُقُوق وأدائها فِي وجوهها وَمَعْنَاهُ أَتسخر مني لأجل ضخامتك ونحول جسمي وَتغَير وَجْهي وَلَا تعلم أَن تغير وَجْهي سَببه هُوَ كوني مجهودا فِي أَدَاء الْحُقُوق
2 - أقسم جسمي أَي أقسم قوت جسمي والقراح المَاء الَّذِي لم يخالطه غَيره وَالْمَاء بَارِد كِنَايَة عَن زمن الشتَاء الَّذِي يشْتَد فِيهِ الجدب مَعْنَاهُ أَنِّي أَجود بقوتي على غَيْرِي وأوثره على نَفسِي وأجتزئ بحسو المَاء الْبَارِد عَن الْقُوت يُرِيد انه كريم يُؤثر غَيره على نَفسه أَيَّام الشدَّة والفاقة
3 - أَجلك قوم أَي أعظموك وبجلوك وَقَوله حِين صرت إِلَى الْغنى أَي اسْتَغْنَيْت يَقُول لما اسْتَغْنَيْت عظمت فِي عُيُون النَّاس فأجلوا قدرك والغنى سَبَب لجلالة قدر صَاحبه فِي الْقُلُوب
4 - يقرى أَي يطعم الأضياب وينيل أَي يُعْطي مَعْنَاهُ لَيْسَ الْغنى إِلَّا مَا يُضَاف بِهِ الْقَوْم فِي آخر النَّهَار إِذا نزلُوا ويتزودون مِنْهُ فِي أول النَّهَار إِذا(2/302)
1 - وَقَالَ المثلم بن ريَاح المري
(بكر العواذل بِالسَّوَادِ يلمنني ... جهلا يقلن أَلا ترى مَا تصنع)
(أفنيت مَالك فِي السفاه وَإِنَّمَا ... أَمر السفاهة مَا أمرنك أجمع)
4 - (وقتود نَاجِية وضعت بقفرة ... وَالطير غاشية العوافي وَقع)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ارتحلوا فَهَذَا هُوَ الْغنى الْمَحْمُود صَاحبه
1 - هُوَ شَاعِر جاهلي وَهُوَ الَّذِي التجأ بالحصين بن الْحمام المري لما قتل حُبَاشَة الَّذِي كَانَ فِي جوَار الْحَارِث بن ظَالِم فأجاره الْحصين وَغرم عَنهُ دِيَة الْقَتِيل هَذَا وَقَالَ دعبل إِن هَذِه الأبيات لشبيب بن البرصاء وشبيب تقدّمت تَرْجَمته
2 - إِنَّمَا قَالَ بكر العواذل لِأَن الْعَرَب كَانَت تشرب لَيْلًا وتسكر وَتُعْطِي الْمَوَاهِب فَإِذا أَصْبحُوا لامهم البخلاء وَالْمرَاد بِالسَّوَادِ غلس الصُّبْح وَقَوله أَلا ترى الخ أَي أَي شَيْء تصنع مَعْنَاهُ أَن العواذل لامتني عِنْد الصَّباح على إِنْفَاق مَالِي فِي وُجُوه الْخَيْر وَالْبر جهلا مِنْهُنَّ
3 - السفاه والسفاهة الخفة والطيش مَعْنَاهُ قَالَت لي العواذل ضيعت مَالك فِي السفاهة وَلَيْسَ بِي سفاهة وَإِنَّمَا السفاهة مَا قلنه من عذلي ولومي
4 - وقتود مجرور بِرَبّ مقدرَة وَقَوله وضعت بقفرة خبر مَا بعْدهَا والقتود جمع قتد وَهُوَ خشب الرحل والناجية النَّاقة القوية السريعة وَمعنى وضعت بقفرة أَي تركتهَا لِأَنِّي عرقبتها والقفرة الأَرْض الخالية من النَّبَات وَالْمَاء والعوافي الطير جمع عَافِيَة وَهُوَ من قَوْلهم عفاه واعتفاه إِذا طلب معروفه مَعْنَاهُ وَرب نَاقَة حططت الرحل عَنْهَا ووضعتها بِالْأَرْضِ القفرة وَالطير العوافي تغشاها وَتَقَع عَلَيْهَا بعد مَا عرقبتها بِالسَّيْفِ لأتمكن من نحرها لمن يمر بِنَا من الأضياف الْمُسَافِرين(2/303)
(بمهند ذِي حلية جردته ... يبري الْأَصَم من الْعِظَام وَيقطع)
(لتنوب نائبة فتعلم أنني ... مِمَّن يغر على الثَّنَاء فيخدع)
3 - (إِنِّي مقسم مَا ملكت فجاعل ... أجرا لآخرة وَدُنْيا تَنْفَع)
وَقَالَ أَبُو البرج الْقَاسِم بن حَنْبَل المري فِي زفر بن أبي هَاشم بن مَسْعُود بن سِنَان
4 - (أرى الخلان بعد أبي حبيب ... وَحجر فِي جنابهم جفَاء)
5 - (من الْبيض الْوُجُوه بني سِنَان ... لَو أَنَّك تستضيء بهم أضاؤا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - بمهند تعلق بقوله وضعت بقفرة لِأَنَّهُ فِي معنى عرقبت وَالْمرَاد بالحلية دم النَّاقة الَّذِي تلطخ بِهِ السَّيْف جعله كالحلية لَهُ ويبري أَن يقطع والأصم مَا لَيْسَ بأجوف وَإِذا كَانَ يقطع الْأَصَم من الْعِظَام فالمجوف أَهْون عَلَيْهِ مَعْنَاهُ أَنه عرقب النَّاقة بِسيف مَاض
2 - لتنوب مُتَعَلق بِفعل مُضْمر يدل عَلَيْهِ الْكَلَام الْمُتَقَدّم كَأَنَّهُ قَالَ فعلت ذَلِك لكَي إِذا نابت نائبة علمت أَنِّي أنهض فِيهَا مغرورا مخدوعا عَن المَال بالثناء وَالشُّكْر
3 - كَانَ الْمُنَاسب أَن يَقُول وَمَنْفَعَة لدُنْيَا بدل قَوْله وَدُنْيا تَنْفَع ليَكُون لفقا لقَوْله أجر الْآخِرَة وَلكنه عدل عَن ذَلِك لضَرُورَة الشّعْر مَعْنَاهُ أَنه جعل مَاله مبذولا فِي أَمريْن وهما ثَوَاب الْآخِرَة وَمَنْفَعَة الدُّنْيَا ليحظى بِالْأَجْرِ وَالثَّوَاب من الله تَعَالَى فِي الْآخِرَة ويستوجب الثَّنَاء وَالشُّكْر من النَّاس فِي الدُّنْيَا
4 - الجناب نَاحيَة الْقَوْم مَعْنَاهُ أَن أَصْحَابه بعد أبي حبيب وَحجر لَا يهتمون بحاجته كَمَا كَانَا يهتمان بهَا
5 - من الْبيض الْوُجُوه أَي من الْكِرَام أهل الْجمال والسيادة(2/304)
(لَهُم شمس النَّهَار إِذا اسْتَقَلت ... وَنور مَا يغيبه العماء)
(هم حلوا من الشّرف الْمُعَلَّى ... وَمن حسب الْعَشِيرَة حَيْثُ شاؤا)
3 - (بناة مَكَارِم وأساة كلم ... دِمَاؤُهُمْ من الْكَلْب الشِّفَاء)
4 - (فَأَما بَيتكُمْ إِن عد بَيت ... فطال السّمك واتسع الفناء)
5 - (وَأما أسه فعلى قديم ... من العادي إِن ذكر الْبناء)
6 - (فَلَو أَن السَّمَاء دنت لمجد ... ومكرمة دنت لكم السَّمَاء)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - العماء السَّحَاب مَعْنَاهُ أَنهم لَا نَظِير لَهُم فِي الشّرف كَمَا أَن الشَّمْس لَا نَظِير لَهَا وَأَنَّهُمْ أشهر من النُّور لِأَن النُّور رُبمَا اعتراه سَحَاب يَحْجُبهُ ومجدهم ظَاهر لَا يَحْجُبهُ شَيْء
2 - من الشّرف الْمُعَلَّى أَي من الشّرف الَّذِي هُوَ كالقدح الْمُعَلَّى لِأَنَّهُ أشرف الأقداح وأكثرها حظوظا وانصباء وَجعل هَذَا مثلا لأرفع الْمَرَاتِب
3 - الأساة جمع آس وَهُوَ الطَّبِيب والكلم الْجرْح وَالْكَلب شبه جُنُون يعتري الْإِنْسَان إِذا عضه الْكَلْب الْمَجْنُون قالو أَنه لَا دَوَاء لعض الْكَلْب الْمَجْنُون أنجع فِي المعضوض من شربه دم ملك يُشِير بِهَذَا الْبَيْت إِلَى أَنهم مُلُوك أَشْرَاف يقْتَدى بهم فِي المكارم والمعالي
4 - السّمك أَعلَى الْبَيْت من دَاخل والفناء مَا امْتَدَّ من جَوَانِب الْبَيْت وَالْمرَاد بِالْبَيْتِ الشّرف وَالْعرب يصفونَ الْبَيْت بالعلو والرفعة ويريدون علو الشَّأْن فَإِذا قَالُوا فلَان من أهل الْبيُوت فَإِنَّمَا يعنون شرفه ومجده
5 - الأس الأساس والعادي الْقَدِيم كَأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى عَاد مَعْنَاهُ أَن بَيتهمْ قديم فِي الشّرف كَأَنَّهُ من عهد عَاد
6 - المكرمة فعل الْكَرم مَعْنَاهُ أَنْتُم أهل مجد وكرم ورفعتكم فَوق رفْعَة كل أحد(2/305)
وَقَالَ أَرْطَأَة بن سهية المري تقدّمت تَرْجَمته
(فَلَو أَن مَا نعطي من المَال نبتغي ... بِهِ الْحَمد يُعْطي مثله زاخر الْبَحْر)
(لظلت قراقير صياما بِظَاهِر ... من الضحل كَانَت قبل فِي لجج خضر)
3 - (وَلَا نكسر الْعظم الصَّحِيح تعززا ... ونغني عَن الْمولى ونجبر ذَا الْكسر)
4 - (غلبنا بني حَوَّاء مجدا وسوددا ... ولكننا لم نستطع غلب الدَّهْر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - جملَة نبتغي فِي مَوضِع الْحَال وَكَذَلِكَ جملَة يُعْطي مثله فَكَأَنَّهُ قَالَ لَو أَن الَّذِي نُعْطِيه من المَال مبتغين بِهِ الْحَمد يُعْطي مثله طامي الْبَحْر الزاخر الطامي المتلاطم
2 - القراقير جمع قُرْقُور وَهِي السفن وصياما أَي راكدة والضحل المَاء الْقَلِيل يترقرق على وَجه الأَرْض واللجج جمع لجة وَهِي مُعظم الْبَحْر وَالْخضر السود وَالْبَحْر الْأَخْضَر الْأسود وَمعنى الْبَيْتَيْنِ لَو أَن الَّذِي نُعْطِيه من المَال مبتغين بِهِ الْحَمد يُعْطي مثله الْبَحْر الطامي لَصَارَتْ السفن رواكد على مَاء قَلِيل يترقرق على وَجه الأَرْض بَعْدَمَا كَانَت تجْرِي على لجج خضر
3 - وَلَا نكسر الْعظم الخ مَعْنَاهُ أَنهم لَيْسُوا أهل فَسَاد وانتصب تعززا على أَنه مفعول لَهُ وَقَوله ونجبر ذَا الْكسر أَي نصلح أمره ونزيل فقره وَقَوله ونغني عَن الْمولى أَي نتولى شَأْنه وندافع عَنهُ وَالْمرَاد بِهِ ابْن الْعم يُرِيد انهم لَا يفسدون فِي الأَرْض فَلَا يكسرون الصَّحِيح لعزهم ومجدهم ويعينون ابْن الْعم ويغنون غناءه ويقومون مقَامه ويجبرون ذَا الْكسر والذل
4 - المُرَاد ببني حَوَّاء جَمِيع النَّاس مَعْنَاهُ نَحن غلبنا جَمِيع النَّاس فِي الْمُفَاخَرَة بالمجد وفقناهم فِيهِ ولكننا مَا استطاعنا أَن نغلب الدَّهْر مَعَ مَا نَحن فِيهِ من الْعِزّ والشرف(2/306)
وَقَالَ حجر بن حَيَّة الْعَبْسِي
(وَلَا أدوم قدري بعد مَا نَضِجَتْ ... بخلا لتمنع مَا فِيهَا أثافيها)
(حَتَّى تقسم شَتَّى بَين مَا وسعت ... وَلَا يؤنب تَحت اللَّيْل عافيها)
3 - (لَا أحرم الجارة الدُّنْيَا إِذا اقْتَرَبت ... وَلَا أقوم بهَا فِي الْحَيّ أخزيها)
4 - (وَلَا أكلمها إِلَّا عَلَانيَة ... وَلَا أخْبرهَا إِلَّا أناديها)
وَقَالَ الْمسَاوِر بن هِنْد بن قيس بن زُهَيْر تقدّمت تَرْجَمته
5 - (فدا لبني هِنْد غَدَاة دعوتهم ... بجو وبال النَّفس والأبوان)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - وَلَا أدوم قدري أَي لَا أطيل إدامتها والأثافي جمع أثفية وَهِي الْحِجَارَة الَّتِي تُوضَع عَلَيْهَا الْقدر وَجعل الْمَنْع للأثافي لِأَنَّهَا لَا يُؤْخَذ مِنْهَا شَيْء مَا دَامَت مَنْصُوبَة على الأثافي مَعْنَاهُ أَنِّي لَا أطيل إدامة قدري بعد إِدْرَاكهَا على الأثافي بخلا بِمَا فِيهَا بل أنزلهَا عَنْهَا وَأطْعم مِنْهَا الأضياف وَكَانَ الْبَخِيل مِنْهُم يتْرك الْقدر مَنْصُوبَة على الأثافي ليرى غَيره أَن الْقدر لم تدْرك
2 - وَلَا يؤنب أَي لَا يلام والعافي طَالب الْمَعْرُوف مَعْنَاهُ أَن مَا فِيهَا من الطَّعَام يعم الْقَرِيب والبعيد والداني والقاصي لَيْلًا وَنَهَارًا
3 - الدُّنْيَا أَي الْقُرْبَى وَلَا أقوم بهَا تَقول الْعَرَب قَامَ بِي فلَان وَقعد إِذا نَثَا عَنْك قبيحا وأخزيها أَي أهينها مَعْنَاهُ أَنِّي لَا أعامل جارتي إِلَّا بِمَا يَلِيق بِي من الْجُود وَالْكَرم وَحفظ الْجَار والرأفة بِهِ
4 - الْعَلَانِيَة ضد السِّرّ مَعْنَاهُ أَنِّي لَا أكلمها إِلَّا مُعْلنا كَلَامي وَلَا أخْبرهَا إِلَّا مناديا لَهَا مَعَ مَا بِي من حسن الْجوَار والعفاف وصيانة الْأَعْرَاض
5 - وبال اسْم مَاء لبني عبس أضيف إِلَيْهِ الجو والجو مَا اطْمَأَن(2/307)
(إِذا جَارة شلت لسعد بن مَالك ... لَهَا إبل شلت لَهَا إبلان)
(إِذا عقدت أفناء سعد بن مَالك ... لَهَا ذمَّة عزت بِكُل مَكَان)
3 - (إِذا سئلوا مَا لَيْسَ بِالْحَقِّ فيهم ... أَبى كل مجني عَلَيْهِ وجاني)
4 - (وَدَار حفاظ قد حللتم مهانة ... بهَا نيبكم والضيف غير مهان)
وَقَالَ آخر
5 - (جزى الله خيرا غَالِبا من عشيرة ... إِذا حدثان الدَّهْر نابت نوائبه)
6 - (فكم دافعوا من كربَة قد تلاحمت ... عَليّ وموج قد علتني غواربه)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من الأَرْض مَعْنَاهُ نَفسِي وأبواي فدَاء لبني هِنْد حِين دعوتهم لينصروني على أعدائي بجو وبال
1 - شلت أَي طردت مَعْنَاهُ إِذا طردت إبل لجارة سعد طردت من أجلهَا وسببها إبلان لغَيْرهَا عوضا عَمَّا طرد مِنْهَا وَالْمرَاد من ذَلِك أَن قَبيلَة سعد يدافعون عَن جارهم ويحامون عَلَيْهِ لعزهم وشرفهم
2 - أفناء سعد أَي قبائلها مَعْنَاهُ أَنهم إِذا عقدوا عهدا لغَيرهم حفظوه وَلم ينقضوه لوفاء ذمتهم
3 - أَبى أَي امْتنع مَعْنَاهُ أَن كل مجني عَلَيْهِ وجان مِنْهُم إِذا سُئِلَ مَا لَيْسَ حَقًا امْتنع من ذَلِك لشرف نَفسه وَلم يرض بالضيم
4 - الْحفاظ الْمُحَافظَة والنيب جمع نَاب والناب النَّاقة المسنة مَعْنَاهُ أَن محلكم منيع مَحْفُوظ تكرمون فِيهِ الأضياف وتهينون الْإِبِل بنحرها لَهُم
5 - الْحدثَان نَوَائِب الدَّهْر وشدائده مَعْنَاهُ كافأ الله عَنَّا خيرا آل غَالب فَإِن مكارمهم وهمتهم لَا تخفى عِنْد اشتداد الزَّمَان
6 - الْكُرْبَة اسْم لما يَأْخُذ بِالنَّفسِ من الْهم والحزن وتلاحمت أَي اشتدت ولزمت والغوارب جمع غارب وَهُوَ أَعلَى(2/308)
(إِذا قلت عودوا عَاد كل شمردل ... أَشمّ من الفتيان جزل مواهبه)
(إِذا أخذت بزل الْمَخَاض سلاحها ... تجرد فِيهَا متْلف المَال كاسبه)
3 - وَقَالَ آخر
4 - (أيا ابْنة عبد الله وَابْنَة مَالك ... وَيَا ابْنة ذِي البردين وَالْفرس الْورْد)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الموج وَأَعْلَى الظّهْر مَعْنَاهُ مرَارًا كَثِيرَة دافعوا دوني وخلصوني من كرب الدَّهْر الَّتِي أحاطت بِي واشتدت عَليّ
1 - إِذا قلت عودوا أَي إِلَى الْحَرْب والشمردل الطَّوِيل والأشم من الشمم وَأَصله ارْتِفَاع الْأنف وَهُوَ هُنَا كِنَايَة عَن الْكَرم مَعْنَاهُ إِذا عرضت على كل وَاحِد من بني غَالب معاودة الْحَرْب والكرور فِيهَا عَاد مِنْهُم إِلَيْهَا كل رجل كريم النَّفس كثير الْعَطِيَّة وَذَلِكَ لما فيهم من الشجَاعَة
2 - البزل جمع بازل وَهُوَ المتناهي قُوَّة وشبابا والمخاض النوق الْحَوَامِل وَالْمرَاد بسلاحها محاسنها وأمارات عتقهَا وكرمها ومتلف المَال كاسبه هُوَ كَقَوْلِهِم مخلف متْلف ومخلاف متلاف مَعْنَاهُ أَن الْإِبِل إِذا بلغت محاسنها فِي عيونهم مَا بلغت لَا يَبْخلُونَ بهَا على الأضياف بل ينحرونها لَهُم وَلَا يمْنَعهَا من نحرها حسنها وجمالها وَذَلِكَ لما عِنْدهم من كَثْرَة الْجُود ومزيد الْكَرم
3 - قَالَ التبريزي هَذِه الأبيات لحاتم الطَّائِي يُخَاطب امْرَأَته ماوية بنت عبد الله
4 - ابْنة مَالك هِيَ ماوية بنت عبد الله زَوْجَة حَاتِم الطَّائِي وَالْمرَاد بِذِي البردين عَامر بن أُحَيْمِر بن بَهْدَلَة أعطَاهُ الْمُنْذر بن مَاء السَّمَاء بردين حِين سَأَلَهُ عَن حَقِيقَته فَوَجَدَهُ من أشرف الْعَرَب وأشجعهم والورد من الْخَيل بَين الْكُمَيْت والأشقر(2/309)
(إِذا مَا صنعت الزَّاد فالتمسي لَهُ ... أكيلا فَإِنِّي لست آكله وحدي)
(أَخا طَارِقًا أَو جَار بَيت فإنني ... أَخَاف مذمات الْأَحَادِيث من بعدِي)
3 - (وَإِنِّي لعبد الضَّيْف مَا دَامَ ثاويا ... وَمَا فِي إِلَّا تِلْكَ من شِيمَة العَبْد)
وَقَالَ آخر
4 - (وَلَيْسَ فَتى الفتيان من جلّ همه ... صبوح وَإِن أَمْسَى ففضل غبوق)
5 - (وَلَكِن فَتى الفتيان من رَاح أَو غَدا ... لضر عَدو أَو لنفع صديق)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - إِذا مَا صنعت الزَّاد أَي إِذا فرغت من إعداد الزَّاد والأكيل من يؤاكلك وَالْمعْنَى أَن حاتما الطَّائِي يَقُول لزوجته إِذا فرغت من اتِّخَاذ الزَّاد وإعداده فاطلبي من أَجله من يؤاكلني فَإِنِّي لم أَعُود نَفسِي الْأكل وحدي
2 - أَخا طَارِقًا بدل من أكيلا فِي الْبَيْت الَّذِي قبله والطارق الَّذِي يَأْتِي لَيْلًا فإنني الخ مَعْنَاهُ أَنه لَا يسرني أَن يذمني النَّاس بعد حَياتِي ويصفوني بالبخل إِذا تكلمُوا فِي شَأْن الْجُود وَالْكَرم
3 - ثاويا أَي مُقيما مَعْنَاهُ أَنِّي أقوم بِخِدْمَة الضَّيْف مُدَّة إِقَامَته عِنْدِي وَمَا فِي خصْلَة من خِصَال العَبْد إِلَّا خدمتي للضيف وَالْمرَاد من ذَلِك أَنه من أهل الْجُود والسيادة
4 - من جلّ همه أَي أكبر همه وقصده والصبوح الشّرْب فِي أول النَّهَار والغبوق الشّرْب فِي آخِره
5 - رَاح من الرواح وَهُوَ من زَوَال الشَّمْس إِلَى اللَّيْل وَغدا من الغدو وَهُوَ من أول النَّهَار إِلَى الزَّوَال وَمَعْنَاهُ مَعَ الْبَيْت الَّذِي قبله لَيْسَ الْفَتى الْكَامِل الفتوة من يمْضِي أَيَّامه فِي الْأكل وَالشرب بل الْفَتى الْكَامِل هُوَ الَّذِي يذل أعداءه ويعز أصدقاءه فِي كل أوقاته(2/310)
وَقَالَ حزاز بن عَمْرو من بني عبد منَاف
(لنا إبل لم تهن رَبهَا ... كرامتها والفتى ذَاهِب)
(هجان يكافأ مِنْهَا الصّديق ... وَيدْرك فِيهَا المنى الرَّاغِب)
3 - (ونطعن عَنْهَا نحور العدا ... وَيشْرب منا بهَا الشَّارِب)
4 - (ونؤلفها فِي السنين الكلول ... إِذا لم يجد مكسبا كاسب)
5 - (وَلم تَكُ يَوْمًا إِذا روحت ... على الْحَيّ يلفى لَهَا جادب)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - كرامتها أَي إكرامها وَقَوله والفتى ذَاهِب اعْتِرَاض بَين الْمَوْصُوف وَالصّفة فِي الْبَيْت بعده يَقُول لنا إبل نبذلها دون نفوسنا وأعراضنا نتقي بهَا الذَّم ونصون بهَا الْعرض مَعْنَاهُ أَنا نؤثر إكرام نفوسنا وصيانتها على إكرام المَال وصيانته فنجود بِهِ
2 - الهجان الْإِبِل الْبيض وَيَقَع على الْوَاحِد وَالْجمع ويكافأ من الْمُكَافَأَة وَهِي المجازاة وَالْمرَاد بِالصديقِ جنسه وَالْمرَاد بالراغب طَالب الْخَيْر وَالْمَعْرُوف مَعْنَاهُ لنا إبل كَرِيمَة نتساوى فِيهَا مَعَ أصدقائنا لَا نستأثر بهَا دونهم وننحر مِنْهَا للأضياف إِذا نزلُوا بساحتنا
3 - ونطعن عَنْهَا الخ مَعْنَاهُ ندفع عَنْهَا الغارات ونحامي دونهَا وَالْمرَاد بالشارب هُنَا شَارِب الْخمر يَقُول إِن هَذِه الْإِبِل كَرِيمَة نمْنَع الْأَعْدَاء عَنْهَا ونطعن فِي نحورهم دونهَا ونصرف أثمانها فِي شرب الْخمر
4 - فِي السنين أَي فِي زمن الجدب والكلول جمع كل وَالْمرَاد بهم هُنَا الضُّعَفَاء مَعْنَاهُ إِذا اشْتَدَّ الزَّمَان جعلنَا إبلنا يألفها ضعفاء النَّاس فينالون مِنْهَا
5 - الجادب العائب(2/311)
(حبانا بهَا جدنا والإله ... وَضرب لنا خذم صائب)
وَقَالَ مَنْصُور بن مسجاح
(ومختبط قد جَاءَ أَو ذِي قرَابَة ... فَمَا اعتذرت إبلي عَلَيْهِ وَلَا نَفسِي)
3 - (حبسنا وَلم نَسْرَح لكَي لَا يلومنا ... على حكمه صبرا معودة الْحَبْس)
4 - (فَطَافَ كَمَا طَاف الْمُصدق وَسطهَا ... يُخَيّر مِنْهَا فِي البوازل وَالسُّدُس)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَعْنَاهُ نَحن كرام فَكل من رأى إبلنا وَهِي رَائِحَة دَعَا لنا وَأثْنى علينا وَلَا يعيبها لأننا نجود بهَا
1 - حبانا من الحباء وَهُوَ الْعَطاء بِلَا جَزَاء وَلَا من والخذم الْقَاطِع أَي بِضَرْب قَاطع صائب يَقُول إِن هَذِه الْإِبِل حبانا بهَا إلاله وورثناها من جدنا وَبَعضهَا أخذناه بِالسَّيْفِ
2 - المختبط الَّذِي يقصدك طَالبا للمعروف من غير تقدم معرفَة واعتذرت أَي تَعَذَّرَتْ مَعْنَاهُ وَرب إِنْسَان من غَيرنَا أومن ذَوي قرابتنا قصدنا طَالبا للمعروف أَعْطيته من إبلي وَلم أتعلل بِأَنَّهَا غَائِبَة عني
3 - حبسنا أَي منعنَا وَلم نَسْرَح أَي وَلم نرسلها إِلَى المرعى وَقَوله على حكمه أَي على حكم هَذَا المختبط الْعَافِي أَو الْقَرِيب مني وَتعلق الْجَار فِيهِ بقوله حبسنا وَقَوله صبرا أَي صابرين على مَا نتحمله للعفاة وَقَوله معودة الْحَبْس أَي إبِلا من عَادَتهَا أَن تحبس بالفناء وَلم تخرج إِلَى المرعى مَعْنَاهُ حبسنا على حكم هَذَا الْأَجْنَبِيّ الطَّالِب للمعروف أَو حكم الْقَرِيب إبِلا عودناها الْحَبْس بِجَانِب بُيُوتنَا صبرا وَلم نخرجها إِلَى المرعى لِئَلَّا نلام
4 - الْمُصدق الَّذِي يَأْخُذ الصَّدقَات يُرِيد بذلك أَن إدلاله علينا إدلال من يسْتَخْرج حَقًا وَاجِبا علينا والبوازل جمع بازل وَهُوَ ابْن تسع سِنِين وَالسُّدُس جمع سديس وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين وَخص البوازل وَالسُّدُس لِأَن(2/312)
وَقَالَ عَامر بن حوط من بني عَامر بن عبد مَنَاة بن بكر بن سعد بن ضبة
(وَلَقَد علمت لتأتين عَشِيَّة ... مَا بعْدهَا خوف عَليّ وَلَا عدم)
(وأزور بَيت الْحق زورة ماكث ... فعلام أحفل مَا تقوض وانهدم)
3 - (ولأتركن للساملين حياضهم ... ولأحبسن على مكارمي النعم)
وَقَالَ زيد الفوارس بن حُصَيْن بن ضَرَرا تقدّمت تَرْجَمته
4 - (أقلي عَليّ اللوم يَا ابْنة مُنْذر ... ونامي فَإِن لم تشْتَهي النّوم فاسهري)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سنّهَا أنفس الْأَسْنَان عِنْدهم فَمَتَى وَقع فِيهَا التَّخْيِير فَمَا دونهَا أَهْون مَعْنَاهُ أَنا نحكم ذَلِك المختبط أَو الْقَرِيب فِي إبلنا ونجعل لَهُ الِاخْتِيَار فِيهَا كَمَا نحكم الْمُصدق الَّذِي يَجِيء بالعز والقهر فَيكون تدلله علينا تدلل من يسْتَخْرج حَقًا وَاجِبا
1 - وَلَقَد علمت يجْرِي مجْرى الْقسم فَلذَلِك أَجَابَهُ بلتأتين وَيُرِيد بالعشية آخر النَّهَار من يَوْم مَوته والعدم فقدان المَال وَالْمعْنَى لقد علمت أَنِّي أَمُوت وَلَيْسَ بعد الْمَوْت فقر وَلَا خوف
2 - بَيت الْحق المُرَاد بِهِ الْقَبْر وأضافه إِلَى الْحق لِأَنَّهُ الْموضع الَّذِي يتَيَقَّن فِيهِ الْإِنْسَان بِمَالِه أَو عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أول منزل من منَازِل الْآخِرَة والماكث الْمُقِيم وأحفل أَي أُبَالِي والتقويض الانهدام مَعْنَاهُ لَا بُد لي من زِيَارَة الْقَبْر وَالْإِقَامَة فِيهِ فعلام تأسفي على مَا يفوت من حطام الدُّنْيَا
3 - الساملون جمع سامل وَهُوَ السَّاعِي لإِصْلَاح الْمَعيشَة مَعْنَاهُ أَنِّي لَا أسْتَعْمل همتي فِي إصْلَاح مَالِي وَعمارَة حياضي بل أستعملها فِي الْجُود وَالْكَرم وإعانة ذَوي الْحَاجَات
4 - أقلي عَليّ اللوم أَي اجعليه قَلِيلا هَذَا أَصله وَلَكنهُمْ كثيرا يستعملون الْقلَّة فِي معنى النَّفْي وَالْمرَاد(2/313)
(ألم تعلمي أَنِّي إِذْ الدَّهْر مسني ... بنائبة زلت وَلم أتترتر)
(يراني الْعَدو بعد غب لِقَائِه ... خليا نعيم البال لم أتغير)
3 - (وراكدة عِنْدِي طَوِيل صيامها ... قسمت على ضوء من النَّار مبصر)
4 - (طروقا فَلم أفحش وَقسمت لَحمهَا ... إِذا اجْتنب الْعَافُونَ نَار العذور)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَا تلوميني ونامي اقطعي عني لومك من قَوْلهم نَام الخلخال إِذا انْقَطع صَوته من امتلاء السَّاق بالسمن وَقَوله فَإِن لم تشْتَهي الخ مَعْنَاهُ إِن لم تَكْفِي عَن ذَلِك اللوم فافعلي مَا شِئْت يَقُول لعاذلته لَا تلوميني وافعلي مَا شِئْت واعلمي أَن لومك لَا يَمْنعنِي من جودي وكرمي
1 - مسني أَي أصابني وزلت أَي انصرفت عني وَذَهَبت وَلم أتترتر أَي أعجل وَكَأَنَّهُ يُرِيد زلت عني نَوَائِب الدَّهْر وَلم تستخفني فَكنت أعجل وأتحول عَمَّا كنت عَلَيْهِ يذهب إِلَى أَنه شُجَاع لَا تزعزعه حوادث الدَّهْر وَلَا تحوله عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ
2 - بعد غب لِقَائِه أَي بعد يَوْم لِقَائِه بِيَوْم وخليا حَال من يراني وَهُوَ الَّذِي لَا هم عِنْده وَمَعْنَاهُ أَن الْعَدو يراني بعد يَوْم لِقَائِه بِيَوْم خليا من الهموم ناعم البال كَأَنَّهُ مَا مسني أَذَى
3 - وراكدة أَي سَاكِنة ثَابِتَة وَأَرَادَ بهَا الْقدر وصيامها أَي ركودها ومكثها على الأثافي لثقلها بِاللَّحْمِ وَقسمت أَي قسمت مرقها وَمَا احتوت عَلَيْهِ من اللَّحْم بِدَلِيل قَوْله قسمت لَحمهَا فِي الْبَيْت الَّذِي بعده وَجعل الضَّوْء مبصرا لِأَن الإبصار يكون فِيهِ وَمثله قَوْله تَعَالَى {وَجَعَلنَا آيَة النَّهَار مبصرة} وَالْمعْنَى وَقدر طَوِيلَة الْمكْث على الأثافي لثقلها من كَثْرَة اللَّحْم فِيهَا قسمت مرقها وَمَا احتوت عَلَيْهِ من اللَّحْم على ضوء من النَّار فِي وَقت طروق الضَّيْف واشتداد الْبرد
4 - طروقا أَي وَقت طروق الضَّيْف وَهُوَ ظرف لقسمت(2/314)
وَقَالَ الْهُذيْل بن مشجعَة البولاني
(إِنِّي وَإِن كَانَ ابْن عمي غَائِبا ... لمقاذف من خَلفه وورائه)
(ومفيده نصري وَإِن كَانَ امْرأ ... متزحزحا فِي أرضه وسمائه)
3 - (وَمَتى أجئه فِي الشدائد مرملا ... ألق الَّذِي فِي مزودي لوعائه)
4 - (وَإِذا تتبعت الجلائف مَا لنا ... خلطت صحيحتنا ألى جربائه)
5 - (وَإِذا أَتَى من وجهة بطريفة ... لم أطلع مِمَّا وَرَاء خبائه)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على ضوء نَار الْمُتَقَدّم فَلم أفحش أَي لم أقل الْفُحْش والعافون جمع عاف وَهُوَ طَالب الْمَعْرُوف والعذور السَّيئ الْخلق مَعْنَاهُ أَنه قسم مَا فِي الْقدر من المرق لأعمال الثَّرِيد وَقسم مَا فِيهَا من اللَّحْم بَين الأضياف على ضوء من النَّار فِي وَقت طروقهم بِاللَّيْلِ حِين قصدُوا ناره وَاجْتَنبُوا نَار الْبَخِيل السَّيئ الْأَخْلَاق
1 - المقاذف المرامي ووراء هُنَا بِمَعْنى قُدَّام لِأَنَّهُ قد ذكر مَعَه خلف مَعْنَاهُ أَنه يدافع عَن ابْن عَمه من قدامه وَمن خَلفه وَإِن كَانَ غَائِبا
2 - المتزحزح المتباعد وَقَوله فِي أرضه وسمائه يُرِيد فِي غوره ونجده وَالْمعْنَى أَنه قَائِم بشأن ابْن عَمه وَإِن تبَاعد عَنهُ فِي أَي مَوضِع كَانَ
3 - المرمل الَّذِي قد نفد زَاده والمزود وعَاء الزَّاد مَعْنَاهُ أَنِّي أنفعه فِي كل شدَّة يَقع فِيهَا
4 - الجلائف جمع جليفة وَهِي السّنة الشَّدِيدَة الَّتِي تذْهب بالأموال وَقَوله خلطت صحيحتنا إِلَى جربائه من الْأَمْثَال يَعْنِي نخلط فقره بغنانا وغثه بسميننا وَالْمعْنَى إِذا افْتقر ابْن عمنَا ساعدناه بِأَمْوَالِنَا
5 - من وجهة أَي من سفر والطريفة مَا يستطرفه الْإِنْسَان من المَال ويستحدثه(2/315)
(وَإِذا اكتسى ثوبا جميلا لم أقل ... يَا لَيْت أَن عَليّ حسن رِدَائه)
وَقَالَ حسان بن حَنْظَلَة بن أبي رهم بن حسان بن حَيَّة بن شُعْبَة الطَّائِي
(تِلْكَ ابْنة الْعَدوي قَالَت بَاطِلا ... أزرى بقومك قلَّة الْأَمْوَال)
3 - (إِنَّا لعمر أَبِيك يحمد ضيفنا ... ويسود مقترنا على الإقلال)
4 - (غضِبت عَليّ أَن اتَّصَلت بطيىء ... وَأَنا امرء من طيىء الأجبال)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَوله لم أطلع الخ أَي لم أسأَل عَمَّا ستره عني والخباء من الْأَبْنِيَة يكون من صوف أَو وبر أَو شعر مَنْصُوبًا على عمودين أَو ثَلَاثَة وَمَا فَوق ذَلِك فَهُوَ بَيت يُشِير بِهَذَا الْبَيْت إِلَى تَنْزِيه نَفسه عَن الطمع فِيمَا لَيْسَ لَهُ
1 - يَا لَيْت فِي مَوضِع نصب على أَنه مفعول لم أقل وَيَا حرف نِدَاء والمنادى مَحْذُوف تَقْدِيره يَا قوم أَو يَا بأزرى نَاس لَيْت أَن عَليّ رِدَاءَهُ الْحسن وَهَذَا الْبَيْت يدل على قلَّة المنافسة وَترك الْحَسَد
2 - بَاطِلا أَي قولا بَاطِلا وَقَوله أزري بقومك أَي عابهم وَقصر بهم عَن العلى وَالْمجد وَالْمعْنَى قَالَت ابْنة الْعَدوي زورا من القَوْل وباطلا لقد قصر بقومك فَقرهمْ وَقلة مَا لَهُم
3 - إِنَّا لعمر أَبِيك الخ يُرِيد فَأَخْبَرتهَا مجيبا لَهَا وَمثله يحذف فِي الْكَلَام كثيرا والمقتر الْمُعسر يَقُول فأجبتها رادا عَلَيْهَا أضيفان يحمدنا على جودنا وكرمنا وَكَثْرَة مَا ننفقه من أَمْوَالنَا وَأَن معسرنا يسود غَيره على إقلاله وعسرته
4 - اتَّصَلت أَي انتسبت وأضاف طيئا إِلَى الأجبال الْمَشْهُورَة فِي بِلَادهمْ نَحْو أجأ وسلمى وعوارض للتخصيص والتبيين وَذَلِكَ لِأَن طيئا فرقتان فرقة تنزل السُّفْلى من جبالهم وَفرْقَة تنزل الْعليا مِنْهَا وَالْمعْنَى أَن هَذِه الْمَرْأَة غضِبت عَليّ لانتسابي إِلَى طيىء وَقَالَت أَنْت من تَمِيم وَلست من طيىء فَقلت لَهَا أَنا مِمَّن يسكن أعالي الْجبَال من طيىء(2/316)
(وَأَنا امْرُؤ من آل حَيَّة منصبي ... وَبَنُو جُوَيْن فاسألي أخوالي)
(وَإِذا دَعَوْت بني جديلة جَاءَنِي ... مرد عل جرد الْمُتُون طوال)
3 - (أَحْلَامنَا تزن الْجبَال رزانة ... وَيزِيد جاهلنا على الْجُهَّال)
وَقَالَ إِيَاس بن الْأَرَت
4 - (وَإِنِّي لقوال لعافي مرْحَبًا ... وللطالب الْمَعْرُوف إِنَّك واجده)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - من آل حَيَّة خبر مقدم ومنصبي مُبْتَدأ مُؤخر وَالْجُمْلَة صفة امْرُؤ وَبَنُو مُبْتَدأ وأخوالي خَبره ومفعول اسألي مَحْذُوف تَقْدِيره النَّاس وَالْمعْنَى أَنِّي امْرُؤ مَشْهُور النّسَب من آل حَيَّة منصبي وأصلي وَبَنُو جُوَيْن أخوالي فَإِن ارتبت وَشَكَكْت فِي ذَلِك فاسألي النَّاس
2 - الجرد من الْخَيل الْقصار الشّعْر والمتون جمع متن وَهُوَ الظّهْر وَإِنَّمَا خص المرد لإقدامهم فِي الحروب وصبرهم عَلَيْهَا وَالْمعْنَى إِذا دَعَوْت بني جديلة للحرب جَاءَنِي مِنْهُم فرسَان شُبَّان لَا يهابون الْأَبْطَال وَلَا يخَافُونَ الْمَوْت
3 - الأحلام جمع حلم وَهُوَ الْعقل وتزن توازن وتساوي والرزانة الثّقل وَالْمعْنَى نَحن قوم عقلاء تماثل عقولنا الْجبَال فِي ثباتها فَلَا يستفزنا الْغَضَب وَإِذا جهل وسفه أحد علينا أريناه من الْجَهْل مَا يضعف قوته ويخرس لِسَانه
4 - لقوال كثير القَوْل والعافي طَالب الْعَطاء وَجمعه عفاة ومرحبا مَنْصُوب على الْمصدر وَهُوَ يجْرِي مجْرى الْجمل لمَكَان الْعَامِل فِيهِ مَعَه وَقد وَقع موقع الْمَفْعُول من قَوْله قَوَّال وَقَوله وللطالب الْمَعْرُوف أَي وقوال للطَّالِب الخ وَالْمَعْرُوف هُنَا الْخَيْر والجميل وَالْمعْنَى أَنِّي رجل أحب الْكَرم وَمَكَارِم الْأَخْلَاق فأرحب بالسائل وَلَا أرده خَالِيا(2/317)
(وَإِنِّي لممن يبسط الْكَفّ بالندى ... إِذا شنجت كف الْبَخِيل وساعده)
(لعمرك مَا تَدْرِي أُمَامَة أَنَّهَا ... ثنى من خيال مَا أَزَال أعاوده)
3 - (فشقت على ركبي وعنت ركائبي ... وَردت عَليّ اللَّيْل قرنا أكابده)
وَقَالَ آخر
4 - (أثنى عَليّ بِمَا لَا تكذبين بِهِ ... يَا طيب أَي فَتى للضيف وَالْجَار)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - وَإِنِّي لممن الخ أَي من الْقَوْم الَّذين يبسطون أكفهم بالندى والندى الْعَطاء وشنجت تقبضت يبسا وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى زمن الشدَّة وَالْمَشَقَّة وَالْمعْنَى إِنِّي رجل أبسط كفى بالعطاء والجود فِي وَقت الجدب وَشدَّة احْتِيَاج النَّاس وَظُهُور الْبُخْل
2 - الْعُمر بِفَتْح الْعين وَضمّهَا وَاحِد وَلَا يسْتَعْمل فِي الْقسم إِلَّا مَفْتُوحًا وَجَوَاب الْقسم مَحْذُوف تَقْدِيره قسمي وثنى أَي مرّة بعد أُخْرَى وَقَوله مَا أَزَال أعاوده أَي يعاودني لِأَن الخيال هُوَ الَّذِي يَغْشَاهُ ويزوره وَكَثِيرًا مَا يَقع مثل هَذَا فِي كَلَامهم اعْتِمَادًا على فهم الْمَعْنى وَيُشِير بِهَذَا الْكَلَام إِلَى معاودة الخيال مرّة بعد مرّة وَالْمعْنَى أقسم بحياتك أَن أُمَامَة لَا تعلم بِأَن خيالها يأتيني مرّة بعد أُخْرَى
3 - شقَّتْ صعبت وَالضَّمِير فِيهِ إِلَى الرحلة أَو إِلَى معاودة الخيال وَإِنَّمَا شقَّتْ عَلَيْهِم لأَنهم كَانُوا قد استراحوا فَلَمَّا عاوده خيالها انتبه وَمَعَهُ أَصْحَابه وارتحل يكابد اللَّيْل وركبي أَصْحَابِي وعنت تعبت والركائب الرَّوَاحِل والقرن الْمنَازل فِي الْحَرْب وَالْمعْنَى أَنِّي لما عاودني خيالها انْتَبَهت وأيقظت أَصْحَابِي ليرحلوا معي فصعب عَلَيْهِم الرحلة معي فرحلت أكابد اللَّيْل سيرا كَمَا يكابد الرجل خَصمه
4 - أثنى أَمر للمخاطبة وَالثنَاء الْمَدْح بالجميل وَقَوله لَا تكذبين بِهِ أَي بِمَا لَا تصادفين فِيهِ كَاذِبَة وَطيب منادى(2/318)
(إِنِّي أجاور مَا جَاوَرت فِي حسبي ... وَلَا أُفَارِق إِلَّا طيب الدَّار)
وَقَالَ آخر
(كم من لئيم رَأينَا كَانَ ذَا إبل ... فَأصْبح الْيَوْم لَا معط وَلَا قاري)
3 - (وَلَو يكون على الْحداد يملكهُ ... لم يسق ذَا غلَّة من مَائه الْجَارِي)
وَقَالَ حسان بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ تقدّمت تَرْجَمته
4 - (المَال يغشي رجَالًا لَا طباخ بهم ... كالسيل يغشى أصُول الدندن الْبَالِي)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مرخم طيبَة وَأي فَتى مُبْتَدأ وَخَبره مُضْمر تَقْدِيره أَنْت وَالْمعْنَى ليكن ثناؤك عَليّ حَقًا يَا طيبَة وَقَوْلِي أَي فَتى أَنْت للضيف إِذا نزل وَالْجَار إِذا استجار بك
1 - فِي حسبي أَي مَعَ حسبي وَشرف أُصَلِّي وَمَتى كَانَ كَذَلِك امْتنع عَن فعل مَا لَا يحسن وَالْمعْنَى أَنِّي إِذا جَاوَرت أحدا عاملته مُعَاملَة الْكِرَام وَإِذا فارقته فارقته وَهُوَ يثني عَليّ ويحمد جواري
2 - الْقَارِي المكرم للضيفان وَالْمعْنَى رَأينَا كثيرا من اللئام كَانُوا يملكُونَ نفائس الْأَمْوَال ويبخلون بهَا على الضَّيْف وَغَيره ثمَّ أزيلت عَنْهُم
3 - الْحداد النَّهر وَقيل إِنَّه وَاد مَاؤُهُ لَا يَنْقَطِع وَالْغلَّة حرارة الْعَطش وَالْمعْنَى وَلَو ملك الْوَاحِد من أُولَئِكَ اللئام ذَلِك المَاء الْمَذْكُور وجاءه رجل أحرقه الظمأ يطْلب مِنْهُ شربة لم يجد بهَا عَلَيْهِ
4 - يغشى أَي يزور وَينزل وَقَوله لَا طباخ بهم أَي لَا خير عِنْدهم والدندن مَا بلي من الشّجر وَالْمعْنَى أَن المَال يُصِيب رجَالًا لَيْسَ فيهم خير وَلَا حسن تَدْبِير فَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ كمالا لَا ينْتَفع الشّجر الْبَالِي بالسيل إِذا أَصَابَهُ يُرِيد أَن الْمَرْء لَا ينَال الْغنى لفضل فِيهِ وَإِنَّمَا ذَلِك بمقادير(2/319)
(أصون عرضي بِمَالي لَا أدنسه ... لَا بَارك الله بعد الْعرض فِي المَال)
(أحتال لِلْمَالِ إِن أودى فأجمعه ... وَلست للعرض إِن أودى بمحتال)
3 - (الْفقر يزري بِأَقْوَام ذَوي حسب ... ويقتدي بلئام الأَصْل أنذال)
4 - وَقَالَ عبد الْعَزِيز بن زُرَارَة الْكلابِي
5 - (دَعَوْت إِلَيْهَا فتية بأكفهم ... من الجزر فِي برد الشتَاء كلوم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قدرت فقد يتَّفق حُصُول المَال عِنْد من لَا يسْتَحقّهُ
1 - أصون أحفظ وَالْمعْنَى أَنِّي أبذل مَالِي لحفظ عرضي كَيْلا يلحقني عيب ومذمة وَلَا خير فِي بَقَاء المَال بعد ذهَاب الْعرض
2 - أودى هلك وَالْمعْنَى أَنِّي أجد طرقا كَثِيرَة لجمع المَال إِذا ذهب وَلَا تُوجد طَرِيق لاسترجاع الْعرض لَو ذهب
3 - أزرى بِهِ عابه والأنذال الأخسار وفاعل يَقْتَدِي يعود على المَال الْمَذْكُور قبلا وَالْمعْنَى أَن الْفقر يظْهر أَصْحَاب الشّرف والحسب لَدَى النَّاس بمظهر الْعَيْب والذلة وَيتبع لئام الْأُصُول الأخساء وَفِي بعض النّسخ بعد المصراع الأول
(وَلَا يسود غير السَّيِّد المَال) وعَلى هَذَا فَفِي الْبَيْت أقواء فَلْيتَأَمَّل فيهمَا
4 - هوشاعر إسلامي كَانَ فِي زمن بني أُميَّة وَتَوَلَّى مصر لمعاوية وَذَلِكَ أَنه أَقَامَ على بَاب مُعَاوِيَة سنة لَا يَأْذَن لَهُ وَكَانَ فِي شملة من صوف ثمَّ أذن لَهُ وقربه وَأَدْنَاهُ وَأحسن مَنْزِلَته فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ دخلت إِلَيْك بالأمل واحتملت جفوتك بِالصبرِ وَرَأَيْت ببابك أَقْوَامًا قدمهم الْحَظ وَآخَرين أخرهم الحرمان فَلَيْسَ يَنْبَغِي للمقدم أَن يَأْمَن عواقب الْأَيَّام وَلَا للمؤخر أَن ييأس من عطف الزَّمَان فَمَا خرج حَتَّى ولاه مصر
5 - دَعَوْت ناديت وَضمير إِلَيْهَا يعود إِلَى نَاقَة ذَبحهَا لأضيافه والجزر الذّبْح وَالْمرَاد بِبرد الشتَاء زمَان الْقَحْط والجدب(2/320)
(إِذا مَا اشتهوا مِنْهَا شواء سعى لَهُم ... بِهِ هذريان للكرام خدوم)
وَقَالَ آخر
(فإلا أكن عين الْجواد فإنني ... على الزَّاد فِي الظلماء غير شتيم)
3 - (فإلا أكن عين الشجاع فإنني ... أرد سِنَان الرمْح غير سليم)
وَقَالَ آخر
4 - (وسع بمدك مَاء اللَّحْم تقسمه ... وَأكْثر الشوب إِن لم يكثر اللَّبن)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والكلوم الْجِرَاحَات وَالْمعْنَى أَنِّي كثير الْبر وَالْإِكْرَام للضيفان وَلذَلِك ترى غلماني وخدمي مجرحة أَيْديهم من كَثْرَة النَّحْر سِيمَا فِي أَيَّام الْبُؤْس واحتياج النَّاس
1 - الشواء اللَّحْم المشوي والهذريان الْخَفِيف فِي الْكَلَام والخدوم الْكثير الْخدمَة وَالْمعْنَى مَا اشتهت أضيافي شواء إِلَّا وقدمته لَهُم الْخدمَة بِكُل بشر وإيناس
3 - المُرَاد بِعَين الْجواد ذَات الْكَرِيم وشتيم فعيل بِمَعْنى مفعول
3 - معنى الْبَيْتَيْنِ أَنِّي إِن لم أكن كل الْجواد وَالْجَامِع لأسباب السخاء فإنني لَا أشتم نقلة الزَّاد وحبسه عَن مريده فِي الظلام وَإِن لم أكن جَامعا لضروب الشجَاعَة فَإِنِّي لَا أرجع رُمْحِي من الْحَرْب سالما من الْكسر أَو الثلم والفل
4 - مد الْقدر إِذا أَكثر مرقها والشوب الْخَلْط والمزج وَالْمعْنَى أَنه يَأْمر خادمه بتكثير المَاء للحم وتكثير مزج اللَّبن إِذا كَانَ قَلِيلا لينال جَمِيع ضيفانه على سَوَاء فَلَا يَأْكُل جمَاعَة صرف اللَّحْم وَيبقى آخَرُونَ خماص الْبُطُون أَو يشرب جمَاعَة لَبَنًا مَحْضا وَيبقى آخَرُونَ من غير شرب وتكثير المرق ورد فِي السّنة(2/321)
(وسع بِهِ وَتَلفت حول حاضره ... إِن الْكَرِيم الَّذِي لم يخله الفطن)
وَقَالَ آخر
(إِذا هِيَ لم تمنع برسل لحومها ... من السَّيْف لاقت حَده وَهُوَ قَاطع)
3 - (ندافع عَن أحسابنا بِلُحُومِهَا ... وَأَلْبَانهَا إِن الْكَرِيم يدافع)
4 - (وَمن يقترف خلقا سوى خلق نَفسه ... يَدعه وترجعه إِلَيْهِ الرواجع)
وَقَالَ مُضرس بن ربعي تقدّمت تَرْجَمته
5 - (وَإِنِّي لأدعو الضَّيْف بالضوء بَعْدَمَا ... كسا الأَرْض نضاح الجليد وجامده)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - حاضره من حضر للضيافة وَالْمعْنَى أَكثر مَاء اللَّحْم وَأكْثر التفاتك يَمِينا وَشمَالًا لتنظر وَتعلم حوائج الضيفان وشأن الْكَرِيم أَن يكون حاذقا فطنا لأغراض الضيوف
2 - الرُّسُل اللَّبن وَالْمعْنَى أَن إبِله إِذا درت اللَّبن للضيفان فقد حفظت لحومها فَلَا نذبح وَإِذا لم يكن فِيهَا لبن نحرناها وَذَلِكَ لِأَن الْعَرَب كَانُوا يقتنعون بِاللَّبنِ إِذا وجد وَيَقُولُونَ اللَّبن أحد اللحمين فَإِذا لم تدر إبلهم لم يكن لَهُم بُد من نحرها للضيوف
3 - الْمَعْنى أننا نطعم لحومها ونسقي أَلْبَانهَا النَّاس حَتَّى لَا تلْحق أحسابنا سبة ونقيصة
4 - يقترف يكْتَسب وَالْمعْنَى أَن من يسْتَبْدل أَخْلَاق آبَائِهِ بأخلاق غَيرهم فَلَا بُد أَن تَأتي عَلَيْهِ أَيَّام تضطره أَن يتكرها وَيرجع إِلَى أَخْلَاق آبَائِهِ
5 - دَعْوَة الضَّيْف بالضوء هِيَ أَن الْعَرَب كَانُوا يوقدون النَّار فِي أعالي الْجبَال ليراها الْمَارَّة ويأتوها فيضيفوهم ويكرموهم والنضاح الرشاش والجليد يسْقط على الأَرْض من الندى فيجمد لبرد الْهَوَاء(2/322)
(لأكرمه إِن الْكَرَامَة حَقه ... ومثلان عِنْدِي قربه وتباعده)
(أَبيت أعشيه السديف وإنني ... بِمَا نَالَ حَتَّى يتْرك الْحَيّ حامده)
3 - وَقَالَ حماس بن ثامل
4 - (ومستنبح فِي لج ليل دَعوته ... بمشبوبة فِي رَأس صَمد مُقَابل)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - ومثلان عِنْدِي الخ يُرِيد أَن الْقَرِيب مِنْهُ والبعيد فِي النّسَب عِنْده سَوَاء فِي الْإِكْرَام وَمعنى الْبَيْتَيْنِ إِنِّي إِذا اشْتَدَّ الْبرد وجمد المَاء أضرم النَّار فِي اللَّيْل لتَكون عَلامَة للضيف يَهْتَدِي بهَا إِلَى بَيْتِي لأكرمه وَذَلِكَ حق وَدين لَهُ عَليّ سَوَاء كَانَ من أقاربي أَو بَعيدا عني
2 - السديف شَحم السنام وَقَوله وإنني بِمَا نَالَ الخ يُرِيد ان أَن اقترح عَليّ شَيْئا أعده نعْمَة وَالْمعْنَى أقدم للضيف أطيب اللَّحْم وَأعد مَا ناله مني نعْمَة قد أنعم بهَا عَليّ فَلَا أَزَال أَحْمَده عَلَيْهَا حَتَّى يُفَارق قبيلتي
3 - لَعَلَّه مولى عُثْمَان بن عَفَّان وَكَانَ شَاعِرًا إسلاميا أدْرك بني أُميَّة وَبني الْعَبَّاس كَانَ عِنْد السفاح ذَات يَوْم وَقد ذكر إِسْمَاعِيل ابْن عبد الله الْقَسرِي بني أُميَّة فذمهم وسبهم فَقَالَ حماس يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أيسب بني عمك أَن بني أُميَّة لحمك ودمك فكلهم وَلَا تؤكلهم فَقَالَ لَهُ صدقت وَأمْسك إِسْمَاعِيل فَلم يحر جَوَابا
4 - الْوَاو وَاو رب والمستنبح من يطْلب مَكَان نبح الْكلاب ليستدل بِهِ على مَكَان الضِّيَافَة ولج اللَّيْل مُعظم ظلمته وَأَصله لمعظم المَاء والمشبوبة النَّار المضرمة والصمد الْمَكَان الْمُرْتَفع وَالْمعْنَى أوقدت النَّار فِي مَكَان عَال يُقَابل الضَّيْف إِذا جَاءَ لتَكون دَلِيلا لَهُ على بَيْتِي(2/323)
(وَقلت لَهُ أقبل فَإنَّك رَاشد ... وَإِن على النَّار الندى وَابْن ثامل)
2 - وَقَالَ النمري وَيُقَال إِنَّهَا لرجل من باهلة
3 - (وداع دَعَا بعد الهدوء كَأَنَّمَا ... يُقَاتل أهوال السرى وتقاتله)
4 - (دَعَا بائسا شبه الْجُنُون وَمَا بِهِ ... جُنُون وَلَكِن كيد أَمر يحاوله)
5 - (فَلَمَّا سَمِعت الصَّوْت ناديت نَحوه ... بِصَوْت كريم الْجد حُلْو شمائله)
6 - (فأبرزت نَارِي ثمَّ أثقبت ضوءها ... وأخرجت كَلْبِي وَهُوَ فِي الْبَيْت دَاخله)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - رَاشد مهتد والندى الْجُود وَالْمعْنَى بشرت الضَّيْف بقدومه على وأريته استبشاري بِهِ وانتظاري إِيَّاه
2 - لَعَلَّه مَنْصُور بن الزبْرِقَان النمري أحد بني النمر بن قاسط وَهُوَ شَاعِر من شعراء الدولة العباسية وَهُوَ تلميذ كُلْثُوم بن عَمْرو العتابي وَرِوَايَته وَعنهُ أَخذ وَمن بحراه استقى وبمذهبه تشبه
3 - الهدوء السّكُون والسرى السّير لَيْلًا وَقَوله كَأَنَّمَا يُقَاتل الخ يُريدَان الْحَال بلغ بِهِ حدار أَي فِيهِ أَن أهوال السرى تغالبه عَن نَفسه ويصارعها عَنْهَا ويدفعها
4 - دَعَا أَي نَادَى والبائس هُوَ الَّذِي نزلت بِهِ شدَّة وَنصب على الْحَال وَالْمرَاد بِهِ الْكَلْب وَنصب شبه الْجُنُون على أَنه صفة لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره دَعَا دُعَاء شبه الخ والكيد الْحِيلَة ويحاوله يطْلب دَفعه والخلاص مِنْهُ
5 - حُلْو شمائله أَي أخلاقه كَرِيمَة
6 - أثقبت ضوءها أنرته والأثقاب الإنارة وَهُوَ فِي الْبَيْت مُبْتَدأ وَخبر وداخله خبر ثَان وَمعنى الأبيات الْأَرْبَعَة وَرب مُنَاد نَادَى لمن يؤويه ويطعمه بعد سُكُون اللَّيْل ونوم النَّاس وَهُوَ فِي أَشد(2/324)
(فَلَمَّا رَآنِي كبر الله وَحده ... وَبشر قلبا كَانَ جما بلابله)
(فَقلت لَهُ أَهلا وسهلا ومرحبا ... رشدت وَلم أقعد إِلَيْهِ أسائله)
3 - (وَقمت إِلَى برك هجان أعده ... لوجبة حق نَازل أَنا فَاعله)
4 - (بأبيض خطت نَعله حَيْثُ أدْركْت ... من الأَرْض لم تخطل عَليّ حمائله)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حَال حَتَّى كَأَنَّهُ يتقاتل مَعَ السّري نَادَى وَهُوَ فِي هَذِه الْحَالة الَّتِي تشبه الْجُنُون وَمَا كَانَ بِهِ جُنُون وَإِنَّمَا فعل ذَلِك رَجَاء أَن يشفق عَلَيْهِ من يسمعهُ فيخلصه مِمَّا هُوَ فِيهِ وحينما سَمِعت أَنا صَوته ناديت جِهَته بِصَوْت رجل كريم الأَصْل طيب الْأَخْلَاق واستعملت جَمِيع الْأَسْبَاب الَّتِي توصله إِلَى بَيْتِي بِأَن أضرمت النَّار زِيَادَة ليشتد نورها فيراني بِسَبَبِهِ وأخرجت الْكَلْب لينبح فَيسمع صَوته فيهتدي إِلَيّ
1 - جما بلابله أَي همومه كَثِيرَة
2 - فَقلت لَهُ أَهلا الخ أَي وجدت أَهلا وسهلا وسعة ورشدت اهتديت
3 - البرك اسْم جمع لما يبرك من الْإِبِل والهجان كرائم الْإِبِل ووجبة الْحق أَي نُزُوله
4 - بأبيض مُتَعَلق بقوله قُمْت فِي الْبَيْت قبله والأبيض السَّيْف ونعل السَّيْف مَا تكون فِي أَسْفَل غمده من حَدِيد أَو غَيره من الْمَعَادِن وَلم تخطل أَي لم تضطرب وَلم تطل وحمائل السَّيْف علاقاته وَمعنى الأبيات الْأَرْبَعَة أَن الضَّيْف لما رَآنِي فَرح برؤيتي فَكبر الله وَبشر فُؤَاده بِإِزَالَة همومه الْكَثِيرَة فأسمعته جَمِيع أَلْفَاظ التبشير والترحيب والإيناس وَلم أقعد أسائله من أَيْن جِئْت وَإِلَى أَيْن تذْهب بل قُمْت إِلَى جمَاعَة من كرائم الْإِبِل كنت ادخرتها لما يجب عَليّ من حق النازلين بِي من الأضياف بِسيف إِذا لمس أَسْفَل غمده الأَرْض خططها وَعلمهَا وحمائل هَذَا السَّيْف لم تطل عَليّ لِأَن قامتي طَوِيلَة وَطول الْقَامَة(2/325)
(فجال قَلِيلا واتقاني بخيره ... سناما وأملاه من الني كَاهِله)
(بقرم هجان مُصعب كَانَ فَحلهَا ... طَوِيل الْقرى لم يعد أَن شقّ بازله)
3 - (فَخر وظيف القرم فِي نصف سَاقه ... وَذَاكَ عقال لَا ينشط عاقله)
4 - (بذلك أَوْصَانِي أبي وبمثله ... كَذَلِك أوصاه قَدِيما أَوَائِله)
5 - وَقَالَ النَّابِغَة الذبياني
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مِمَّا تتمدح بِهِ الْعَرَب
1 - فَاعل جال عَائِد على البرك الْمُتَقَدّم ذكره والني الشَّحْم والكاهل مَا بَين الْكَتِفَيْنِ
2 - القرم الْجمل الشَّاب وَهُوَ بدل من خَيره فِي الْبَيْت قبله والمصعب الْفَحْل الْكَرِيم الَّذِي لَا يبتذل فِي الْعَوَارِض بل يقصر على الضراب وَالضَّمِير فِي فَحلهَا رَاجع إِلَى البرك فِيمَا تقدم والقرى الظّهْر وشق بازله طلع سنه وَذَلِكَ سنّ يطلع للجمال فِي السّنة التَّاسِعَة من أعمارها
3 - فَخر أَي فَسقط والوظيف مستدق الذِّرَاع والعقال مَا يعقل ويربط بِهِ من حَبل وَنَحْوه وَلَا ينشط أَي لَا يحل
4 - وَمعنى الأبيات الْأَرْبَعَة إِنِّي لما قُمْت إِلَى ذَلِك البرك تذكر عادتي مَعَه فَطَافَ وتستر مني بِبَعِير هُوَ أعظمه سناما وَأَكْثَره شحما بجمل شَاب كريم قد قصرته على الفحلة طَوِيل الظّهْر لم يُجَاوز عمره تسع سِنِين فضربته بِالسَّيْفِ فَسقط واختلطت يَدَاهُ برجليه وَنزل بِهِ الْمَوْت الَّذِي لَا مناص مِنْهُ وَهَذِه الْأَفْعَال الحميدة لَيست فِينَا بمستحدثة وَإِنَّمَا ورثتها من أبي وَهُوَ ورثهَا من آبَائِهِ قَدِيما
5 - اسْمه زِيَاد بن مُعَاوِيَة أحد بني سعد بن ذبيان ويكنى أَبَا أُمَامَة وَهُوَ شَاعِر جاهلي وَهُوَ فِي الطَّبَقَة الأولى المقدمين على سَائِر الشُّعَرَاء وَهُوَ أحد الْأَشْرَاف الَّذين غض الشّعْر مِنْهُم وَوضع من شَأْنهمْ(2/326)
(لَهُ بِفنَاء الْبَيْت سَوْدَاء فخمة ... تلقم أوصال الْجَزُور العراعر)
(بَقِيَّة قدر من قدور تورثت ... لآل الجلاح كَابِرًا بعد كَابر)
3 - (تظل الْإِمَاء يبتدرن قديحها ... كَمَا ابْتَدَرْت سعد مياه قراقر)
وَقَالَ الفرزدق تقدّمت تَرْجَمته
4 - (وداع بلحن الْكَلْب يَدْعُو ودونه ... من اللَّيْل سجفا ظلمَة وغيومها)
5 - (دَعَا وَهُوَ يَرْجُو أَن يُنَبه إِذْ دَعَا ... فَتى كَابْن ليلى حِين غارت نجومها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - فنَاء الْبَيْت هُوَ مَا امْتَدَّ من جوانبه وَيَعْنِي بِالسَّوْدَاءِ الْقدر والفخمة الْعَظِيمَة والأوصال المفاصل وَالْجَزُور النَّاقة والعراعر الْعَظِيم الْخلق وَجعل اشتمالها على الأوصال كتلقمها إِيَّاهَا وَالْمعْنَى لهَذَا الممدوح قدر عَظِيمَة كَافِيَة لإطعام من نزل بِهِ من الضيفان تلتقم مَا يوضع فِيهَا من مفاصل الْإِبِل الْكَثِيرَة الشَّحْم وَاللَّحم
2 - بَقِيَّة قدر أَي هِيَ بَقِيَّة قدر وَلم يُوجد كَابر فِي معنى كَبِير إِلَّا فِي هَذَا الْموضع وَالْمعْنَى أَن هَذِه الْقدر هِيَ قدر من بَقِيَّة قدور ورثهَا عَن آبَائِهِ كَابِرًا عَن كَابر
3 - تظل أَي تدوم والقديح المرق أَو مَا يبْقى فِي أَسْفَل الْقدر فيغرف بِجهْد وقراقر وَاد بالدهناء وَشبه تبادر الْإِمَاء نَحْو الْقدر بتبادر بطُون سعد إِلَى تِلْكَ الْمِيَاه وَالْمعْنَى لَا تزَال الْإِمَاء تتبادر إِلَى تنَاول مرق هَذِه الْقدر للضيفان كَمَا تتبادر بطُون بني سعد إِلَى مَاء قراقر
4 - الْوَاو وَاو رب وَأَرَادَ بالداعي بلحن الْكَلْب المستنبح وَهُوَ الَّذِي يتَكَلَّف نباح الْكَلْب فِي صَوته وَإِنَّمَا فعل ذَلِك إِذْ حَال بَينه وَبَين النَّاظر ستران ظلمَة اللَّيْل وَالْتِبَاس النُّجُوم
5 - غارت نجومها أَي غارت وَذَهَبت(2/327)
(بعثت لَهُ دهماء لَيست بلقحة ... تدر إِذا مَا هَب نحسا عقيمها)
(كَأَن الْمحَال الغر فِي حجراتها ... عذارى بَدَت لما أُصِيب حميمها)
3 - (غضوبا كحيزوم النامة أحشمت ... بأجواز خشب زَالَ عَنْهَا هشيمها)
4 - (محضرة لَا يَجْعَل السّتْر دونهَا ... إِذا الْمُرْضع العوجاء جال بريمها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - بعثت جَوَاب رب والدهماء السَّوْدَاء وَأَرَادَ بهَا الْقدر والعقيم الرّيح الَّتِي لَيْسَ مَعهَا مطر لِأَنَّهَا لَا تَنْفَع الْأَشْجَار وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة وَرب مُنَاد أظلم عَلَيْهِ اللَّيْل وَلم تضيء لَهُ النُّجُوم ليهتدي إِلَى مَكَان الضِّيَافَة فَصَارَ يصوت بِصَوْت يشبه نباح الْكلاب راجيا أَن يسمعهُ كريم مثل ابْن ليلى فِي وَقت غيبوبة النُّجُوم أرْسلت لَهُ قدرا عَظِيمَة كَثِيرَة الْإِطْعَام فِي أَيَّام الجدب والقحط
2 - الْمحَال فقر الظّهْر واحده محَالة والغر الْبيض والحجرات الجوانب والعذارى الْأَبْكَار وَالْحَمِيم الْقَرِيب الَّذِي يهتم لأَمره وَشبه الْمحَال وفقر الظّهْر فِي نواحي الْقدر وجوانبها وَهِي بَيْضَاء سَمِينَة مَعَ تضمن الْقدر السَّوْدَاء لَهَا بالعذارى الْأَبْكَار وَقد لبسن ثِيَاب السوَاد لما أصبن بِمن يعز عَلَيْهِنَّ وَالْمعْنَى كَأَن قطع اللَّحْم وفقر الظّهْر فِي بياضها وَكَثْرَة شحمها مَعَ سَواد الْقدر وَهِي فِي داخلها أبكار عذارى لبسن السوَاد من الثِّيَاب لفقد الْعَزِيز عَلَيْهِنَّ
3 - غضوبا صفة لدهماء وَجعل غليانها بِمَنْزِلَة الْغَضَب وحيزوم النعامة صدرها وأحمشت أَي أشبعت وقودا تحتهَا والأجواز الأوساط والهشيم الْيَابِس المتكسر من النَّبَات وَالْمعْنَى قدمت لَهُ قدرا كصدر النعامة فِي اتساعها قد اشْتَدَّ غليانها بِمَا وضع تحتهَا من الْوقُود حَتَّى نضج مَا فِيهَا
4 - محضرة أَي لَا يمْنَع مِنْهَا أحد والعوجاء الَّتِي اعوجت هزالًا وجوعا(2/328)
1 - وَقَالَ شُرَيْح بن الْأَحْوَص بن جَعْفَر بن كلاب
(ومستنبح يَبْغِي الْمبيت ودونه ... من اللَّيْل سجفا ظلمَة وستورها)
3 - (رفعت لَهُ نَارِي فَلَمَّا اهْتَدَى بهَا ... زجرت كلابي أَن يهر عقورها)
4 - (فَاتَ وَإِن أسرى من اللَّيْل عقبَة ... بليلة صدق غَابَ عَنْهَا شَرّ برهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والبريم خيط ينظم فِيهِ خرز فتشده الْمَرْأَة فِي وَسطهَا وَالْمعْنَى أَن هَذِه الْقدر معدة لكل من يَأْتِيهَا من الضيفان فَلَا يمْنَع مِنْهَا أحد سِيمَا إِذا اشْتَدَّ الْجُوع فِي وَقت الْقَحْط
1 - هُوَ شَاعِر من شعراء الْجَاهِلِيَّة وأمير من أمرائها وَسيد من ساداتها وَكَانَ أَبوهُ الْأَحْوَص رَئِيس بني عَامر يَوْم رحرحان الثَّانِي وَهُوَ يَوْم لبني عَامر بن صعصعة على بني تَمِيم وَكَانَ سَببه أَن الْحَارِث بن ظَالِم قتل خَالِد بن جَعْفَر بن كلاب ثمَّ هرب فَأتى زُرَارَة بن عدس من بني تَمِيم فَأَقَامَ عِنْده فَخرج الْأَحْوَص بن جَعْفَر هُوَ وعشيرته ثائرا بأَخيه فَالْتَقوا برحرحان وَانْهَزَمَ بَنو تَمِيم وَأسر يَوْمئِذٍ معبد بن زُرَارَة أَخُو حَاجِب بن زُرَارَة رَئِيس بني تَمِيم وَكَانَ شُرَيْح ابْنه رَئِيس الْخَيل الَّتِي خرجت فِي طلب الْحَارِث بن ظَالِم
2 - المستنبح طَالب الْقرى ويبغي يطْلب والسجفان الستران
3 - أَن يهر الخ أَرَادَ أَن لَا يهرهر الْكَلْب إِذا صَوت
4 - الْعقبَة شَيْء من اللَّيْل ونوبة مِنْهُ وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة رب مستنبح يطْلب الْمبيت وَقد أظلم عَلَيْهِ اللَّيْل فَلم يهتد أعليت لَهُ نَارِي ليهتدي إِلَى بَيْتِي بضوئها ومنعت الْكلاب من أَن تهر بعد وُصُوله فَقضى ليلته عِنْدِي هادئ البال مستريحا بَعْدَمَا قاسى من شرور السّير وتعب السّفر(2/329)
وَقَالَ مِسْكين الدَّارمِيّ تقدّمت تَرْجَمته
(كَأَن قدور قومِي كل يَوْم ... قباب التّرْك ملبسة الْجلَال)
(كَأَن الموفدين بهَا جمال ... طلاها الزفت والقطران طالي)
3 - (بِأَيْدِيهِم مغارف من حَدِيد ... أشبههَا مقيرة الدوالي)
وَقَالَ العكلي
4 - (أعاذل بكيني لأضياف لَيْلَة ... نزور الْقرى أمست بليلا شمالها)
5 - (أعامر مهلا لَا تلمني وَلَا تكن ... خفِيا إِذا الْخيرَات عدت رجالها)
6 - (أرى إبلي تجزي مجازي هجمة ... كثير وَإِن كَانَت قَلِيلا إفالها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الْمَعْنى أَنه يشبه قدور قومه فِي عظمها واتساعها واسوداد ظواهرها بقباب التّرْك الَّتِي ألبست أغطية سُودًا
2 - أَرَادَ بالموفدين المزاولين لَهَا فِي نصبها وطبخها وإنزالها وأصل الموفد المشرف على الشَّيْء العالي عَلَيْهِ وَالْمعْنَى أَنه يشبه خدمَة الْقدر بالجمال المطلية بالقطران
3 - المقيرة المطلية بالقار وَهُوَ الزفت والدوالي جمع دالية وَهِي دلو يستقى بهَا
4 - أعاذل منادى مرخم عاذلة وبكيني أبْكِي عَليّ إِذا مت ونزور الْقرى أَي يقل من يضيف فِيهَا والبليل الرّيح الْبَارِدَة وَالْمعْنَى يَا عاذلة أبْكِي عَليّ إِذا مت لِأَنِّي أطْعم وَأكْرم الضيفان حِين يقل من يكرمهم
5 - الْمَعْنى أرْفق يَا عَامر فِي عتبك عَليّ وَلَا تلمني بل اتَّخَذَنِي أُسْوَة فاقتد بِي فِي الْكَرم وَمَكَارِم الْأَخْلَاق حَتَّى لَا يخفى أَمرك إِذا عدت رجال الْخيرَات
6 - الهجمة الْقطعَة من الْإِبِل من الْأَرْبَعين إِلَى الْمِائَة والأفال جمع أفيل وَهُوَ مَا اسْتكْمل الْحول وَدخل فِي السّنة الثَّانِيَة(2/330)
(مثاكيل مَا تنفك أرحل جمة ... ترد عَلَيْهِم نوقها وجمالها)
وَقَالَ جَابر بن حَيَّان
(فَإِن يقتسم مَالِي بني وإخوتي ... فَلَنْ يقسموا خلقي الْكَرِيم وَلَا فعلي)
3 - (أهين لَهُم مَالِي وَأعلم أنني ... سأورثه الْأَحْيَاء سيرة من قبلي)
4 - (وَمَا وجد الأضياف فِيمَا ينوبهم ... لَهُم عِنْد علات الزَّمَان أَبَا مثلي)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من الْإِبِل
1 - مثاكيل جمع مثكال وَهِي النَّاقة الَّتِي اعتادت أَن تثكل وَلَدهَا أَي تفقده بِمَوْت أَو نَحوه والجمة الْجَمَاعَة ترد فِي الصُّلْح بَين النَّاس والأرحل جمع رَحل وَهُوَ المثوى والمنزل وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنِّي أرى إبلي تقوم مقَام كثير من إبل غَيْرِي وَإِن كَانَت قَليلَة الفصلان وَهِي دَائِما تفقد أَوْلَادهَا لِكَثْرَة مَا أنحره للضيوف مِنْهَا وَلَا تزَال مأوى جمَاعَة تصرف إِلَيْهِم إِذا وردوا ذكورها وإناثها أما إناثها فللحلب وَأما ذكورها فللفحل
2 - الْمَعْنى أَن اقتسم مَالِي أَوْلَادِي وإخوتي فَلَنْ يقتسموا مَا تفردت بِهِ من خلق كريم وَفعل جميل أعدهما لزواري
3 - أهين لَهُم مَالِي هَذَا كِنَايَة عَن بذل مَاله وسخاء يَده وَالضَّمِير فِي لَهُم يعود على الزوار والأضياف المفهومين من الْبَيْت السَّابِق وَالضَّمِير فِي قَوْله سأورثه لِلْمَالِ أَي سأورث مَالِي الْأَحْيَاء وَقَوله سيرة من قبلي مَنْصُوب بِفعل مُقَدّر كَأَنَّهُ قَالَ أَسِير فِيمَا أتركه سيرة أسلافي وَالنَّاس قبلي وَيُشِير بِهَذَا إِلَى الْحَالة الْمُعْتَادَة الَّتِي تجْرِي مجْرى الشيم والعادات وَالْمعْنَى أَنِّي أهين مَالِي لزواري وأضيافي مَعَ علمي بأنني سأترك مَالِي للْوَرَثَة بعدِي وأسير فِيمَا أتركه سيرة أسلافي وَالنَّاس قبلي
4 - علات الزَّمَان مكارهه وشدائده وَجعل نَفسه أَبَا الأضياف لِأَنَّهُ يحنو عَلَيْهِم حنو الْأَب وَهَكَذَا(2/331)
وَقَالَ حَاتِم تقدّمت تَرْجَمته
(وعاذلة قَامَت بلَيْل تلومني ... كَأَنِّي إِذا أَعْطَيْت مالى أضيمها)
(أعاذل إِن الْجُود لَيْسَ بمهلكي ... وَلَا مخلد النَّفس الشحيحة لؤمها)
3 - (وتذكر أَخْلَاق الْفَتى وعظامه ... مغيبة فِي اللَّحْد بَال رميمها)
4 - (وَمن يبتدع مَا لَيْسَ من خيم نَفسه ... يَدعه ويغلبه على النَّفس خيمها)
وَقَالَ أَيْضا
5 - (أكف يَدي عَن أَن ينَال التماسها ... أكف صَحَابِيّ حِين حاجتنا مَعًا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كَانَت عَادَة الْعَرَب وَالْمعْنَى لم يجد الأضياف والنازلون فِيمَا يصيبهم من حوادث الدَّهْر ونوائبه رجلا شفوقا عَلَيْهِم مثل كَالْأَبِ الشفوق الرَّحِيم
1 - الْوَاو وَاو رب وهبت أَي قَامَت من نومها وَإِنَّمَا كَانَ اللوم فِي اللَّيْل لِأَنَّهَا لَا تتمكن من ذَلِك بِالنَّهَارِ لاشتغاله بِخِدْمَة الأضياف وأضيمها أظلمها وبابه بَاعَ
2 - عاذل مرخم عاذلة
3 - الرميم الْعظم الْبَالِي
4 - الخيم الطبيعة والخلق وَمعنى الأبيات الْأَرْبَعَة وَرب لائمة اجتهدت فِي عذلي موجهة اللوم فِيمَا أنفقهُ من مَالِي للأضياف كَأَنَّهَا رَأَتْ إنفاقي المَال ظلما لَهَا وانشقاصا من حَقّهَا قلت لَهَا يَا عاذلة إِن كرمي وجودي لَا يهلكني وَإِن النَّفس البخيلة بِمَا عِنْدهَا من المَال لَا يخلدها لؤمها فِي الدُّنْيَا وَأَن أَخْلَاق الرجل الْكَرِيم ومكارمه لَا تزَال تذكر وَهُوَ مغيب فِي قَبره بالية عِظَامه وَأَن الَّذِي يختلق ويبتدع مَا لم يكن من خلقه وطبيعته لَا بُد من أَن يَأْتِي عَلَيْهِ يَوْم يتْركهُ فِيهِ وَيرجع إِلَى ضريبته وأخلاقه
5 - أكف يَدي أَن أقبضها وَقَوله حاجتنا مَعًا أَي(2/332)
(أَبيت هضيم الكشح مضطمر الحشا ... من الْجُوع أخْشَى الذَّم أَن أتضلعا)
(وَإِنِّي لأستحيي رفيقي أَن يرى ... مَكَان يَدي من جَانب الزَّاد أقرعا)
3 - (وَإنَّك مهما تعط بَطْنك سؤله ... وفرجك نالا مُنْتَهى الذَّم أجمعا)
وَقَالَ أَيْضا
4 - (أما وَالَّذِي لَا يعلم السِّرّ غَيره ... ويحيي الْعِظَام الْبيض وَهِي رَمِيم)
5 - (لقد كنت أخْتَار الْقرى طاوي الحشا ... مُحَافظَة من أَن يُقَال لئيم)
6 - (وَإِنِّي لأستحيي يَمِيني وَبَينهَا ... وَبَين فمي داجى الظلام بهيم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كلنا جَائِع فحاجته إِلَى الطَّعَام كحاجة صَاحبه وَالْمعْنَى أَنِّي أَقبض يَدي إِذا جلسنا على الطَّعَام إيثارا لِأَصْحَابِي خوفًا من نفاد الزَّاد فِي حَال احتياجنا كلنا إِلَى الطَّعَام والزاد
1 - أَبيت هضيم الكشح هَذَا يدل على أَنه كَانَ يُؤثر أضيافه بِالْأَكْلِ على نَفسه وَقت الْحَاجة والهضيم الضامر والكشح مَا بَين الخاصرة إِلَى الضلع والمضطمر المهزول وتضلع الرجل إِذا امْتَلَأَ من الزَّاد وَالْمعْنَى أَنِّي أَبيت ضامر الْبَطن مهضوم الحشا لَا أمتلئ طَعَاما مَخَافَة أَن أَذمّ عَلَيْهِ
2 - أَرَادَ بالأقرع الْخَالِي من الطَّعَام وَالْمعْنَى إِنِّي لأَسْتَحي مِمَّن يجالسني على الطَّعَام أَن يرى مَا يليني من الْمَائِدَة خَالِيا
3 - السؤل المسؤول وَأَرَادَ بِهِ مَا يشتهيه وَالْمعْنَى أَن الشَّخْص إِذا أعْطى بَطْنه وفرجه مَا يَشْتَهِي وَاتبع هَوَاهُ بِقَضَاء مَا تزينه لَهُ نَفسه من شهواتها أَصَابَهُ من النَّاس مُنْتَهى الذَّم والشتم
4 - الرميم الْبَالِي
5 - لقد كنت الخ جَوَاب الْقسم ومحافظة مفعول لَهُ
6 - بهيم أَي شَدِيد الظلمَة لَا وضح فِيهِ وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة(2/333)
1 - وَقَالَ رجل من آل حَرْب
(باتت تلوم وتلحاني على خلق ... عودته عَادَة والجود تعويد)
3 - (قَالَت أَرَاك بِمَا أنفقت ذَا سرف ... فِيمَا فعلت فَهَلا فِيك تصريد)
4 - (قلت أتركيني أبع مَالِي بمكرمة ... يبْقى ثنائي بهَا مَا أَوْرَق الْعود)
5 - (إِنَّا إِذا مَا أَتَيْنَا أَمر مكرمَة ... قَالَت لنا أنفس حربية عودوا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أقسم بِالَّذِي لَا يعلم السِّرّ غَيره ويحيي الْخلق بعد فنائهم لقد كنت أوثر أَن أقرى الضيفان وَأَنا جَائِع اتقاء ذمِّي ونسبتي إِلَى اللؤم وَأَنِّي لفي غَايَة من الْحيَاء إِذا أكلت وحدي وَلم أوقد النَّار فِي اللَّيْل ليهتدي إِلَى بَيْتِي الأضياف والمسافرون
1 - ذكر الْمَدَائِنِي أَن السفاح أَمر بقتل رجل من بني أُميَّة فتبعته امْرَأَته وَابْنه الصَّغِير وَجعل يفرق أَمْوَاله وَامْرَأَته تَقول ولدك ولدك فَقَالَ هَذِه الأبيات
2 - تلحاني أَي تعذلني وتوبخني وَمعنى والجود تعويد أَن الْجُود إِذا صَار عَادَة للْإنْسَان لم يُمكنهُ مُفَارقَته وَلَا ينفع اللوم فِيهِ
3 - التصريد التقليل من كل شَيْء يُقَال صرد لَهُ عطاءه أَي أعطَاهُ قَلِيلا قَلِيلا
4 - مَا أَوْرَق الْعود مَا مَصْدَرِيَّة ظرفية وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة أَن لائمة لامتني فِي اللَّيْل وعذلتني على سخائي وكرمي الَّذِي هُوَ طبيعي فِي وَإِن كَانَ النَّاس يتعلمونه تعلما ويتكلفونه فَقَالَت لي إِن كَثْرَة إنفاقك سرف وتبذير فقلل وَأمْسك عَلَيْك مَالك فَقلت لَهَا دعيني أَشْتَرِي بِمَالي مَكَارِم يَدُوم مدح النَّاس لي بِسَبَبِهَا مَا أدام الله الْحَيَاة فِي النَّبَات
5 - أنفس حربية منسوبة إِلَى حَرْب بن أُميَّة وَالْمعْنَى نَحن قوم إِذا عَملنَا عملا من أَعمال الْكَرم أمرتنا وحرضتنا أَنْفُسنَا أَن نكرره ونزداد من مثله لِأَن الْكَرم طبيعتنا(2/334)
وَقَالَ أَبُو كدراء الْعجلِيّ
(يَا أم كدراء مهلا لَا تلوميني ... إِنِّي كريم وَإِن اللوم يُؤْذِينِي)
(فَإِن بخلت فَإِن الْبُخْل مُشْتَرك ... وَإِن أجد أعْط عفوا غير ممنون)
3 - (لَيست بباكية إبلي إِذا فقدت ... صوتي وَلَا وارثي فِي الْحَيّ يبكيني)
4 - (بنى البناة لنا مجدا ومكرمة ... لَا كالبناء من الْآجر والطين)
وَقَالَ عتبَة بن بجير وَقيل أَنَّهَا لمسكين الدِّرَامِي
5 - (لِحَافِي لِحَاف الضَّيْف وَالْبَيْت بَيته ... وَلم يلهني عَنهُ غزال مقنع)
6 - (أحدثه إِن الحَدِيث من الْقرى ... وَتعلم نَفسِي أَنه سَوف يهجع)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَرِثْنَاهَا عَن جدنا الْأَعْلَى حَرْب بن أُميَّة
1 - مهلا أَي رفقا وَالْمعْنَى يَا أيتها الْمَرْأَة ترفقي بِي وأقلعي عَن لومي على مَا أَنا فِيهِ من السخاء والجود لِأَن ذَلِك طبيعتي وَخلقِي فأكره أَن أسمع لوما وعذلا لِأَن ذَلِك يؤلمني ويوجعني
2 - عفوا غير ممنون أَي فضلا لَا يَنْقَطِع وَالْمعْنَى إِن بخلت كَانَ لي فِي الْبُخْل شُرَكَاء كَثِيرُونَ وَإِن جدت كنت فِي الْجُود مثل من يتَصَرَّف فِي ملكه
3 - يبكيني أَي يبكي عَليّ مَعْنَاهُ لَا أُبْقِي من إبلي إِلَّا مَا يفضل عَن إفضالي
4 - الْمَعْنى أَن أسلافي بنوا لي مجدا وكرما فأحتاج إِلَى أَن أقتدي بهم وَأَعْمر خططهم وَإِن لم تكن من الْآجر والطين
5 - كنى بالغزال الْمقنع عَن ذِي الْوَجْه الْجَمِيل
6 - يهجع ينَام وَمعنى الْبَيْتَيْنِ كل مَا أملكهُ فَهُوَ ملك للضيف وَلَيْسَ يلهيني عَنهُ مَا يلهي النَّاس وَإِنِّي لَا أقتصر على إطعامه بل لَا أَزَال أحدثه وأونسه حَتَّى ينَام(2/335)
1 - وَقَالَ عَمْرو بن أَحْمَر الْبَاهِلِيّ
(ودهم تصاديها الولائد جلة ... إِذا جهلت أجوافها لم تحلم)
3 - (ترى كل هرجاب لجوج لهمة ... زفوف بشلو الناب هوجاء عيلم)
4 - (لَهَا لغط جنح الظلام كَأَنَّهُ ... عجارف غيث رائح متهزم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - أحد بني باهلة وَكَانَ من شعراء الْجَاهِلِيَّة وَأدْركَ الْإِسْلَام فَأسلم وغزا مغازي الرّوم وَأُصِيب بِإِحْدَى عَيْنَيْهِ هُنَاكَ ثمَّ نزل الشَّام وَتُوفِّي فِي زمن عُثْمَان بعد أَن بلغ سنا عالية وَهُوَ أحد عوران قيس وهم خَمْسَة شعراء تَمِيم بن أبي مقبل والراعي والشماخ وَابْن أَحْمَر وَحميد بن ثَوْر وَكَانَ عمر وشاعرا فصيحا مقدما معدودا من المجيدين
2 - المُرَاد بالدهم الْقُدُور السود وتصاديها تداريها بِالنّصب والإنزال والولائد جمع وليدة وَهِي الْأمة والجلة الْعَظِيمَة الْكَبِيرَة وَالْمعْنَى وَرب قدور كَثِيرَة تدير شؤونها الْإِمَاء والخدم إِذا اشْتَدَّ غليانها لَا تسكن بعد ذَلِك كالأحمق الَّذِي إِذا اشْتَدَّ غَضَبه لَا يحلم أبدا قدمت مَا فِيهَا من اللَّحْم والمرق للضيفان
3 - الهرجاب الطَّوِيلَة من النوق وَقيل السريعة مِنْهَا وَأَرَادَ بِهِ عظم الْقدر وَسُرْعَة إنضاجها للحم واللجوج الشَّديد الصَّوْت ولهمة أَي تلتقم مَا يلقى فِيهَا والزفوف السَّرِيع والشلو الْعُضْو والهوجاء الَّتِي فِيهَا هوج أَي طيش وَسُرْعَة والعيلم المَاء الْكثير الغزير وكل هَذِه الصِّفَات استعارها للقدر
4 - اللَّغط اخْتِلَاط الْأَصْوَات والعجارف الأمطار الشَّدِيدَة مَعَ الرَّعْد وَالرِّيح والرائح الْآتِي والمتهزم الَّذِي لَهُ هزيم وَهُوَ صَوت الرَّعْد وكل هَذِه الصِّفَات استعارها للقدر أَيْضا(2/336)
(إِذا ركدت حول الْبيُوت كَأَنَّمَا ... ترى الْآل يجْرِي عَن قنابل صيم)
وَقَالَ المرار الفقغسي تقدّمت تَرْجَمته
(آلَيْت لَا أُخْفِي إِذا اللَّيْل جنني ... سنا النَّار عَن سَار وَلَا متنور)
3 - (فيا موقدي نَارِي ارفعاها لَعَلَّهَا ... تضيء لسار آخر اللَّيْل مقتر)
4 - (وماذا علينا أَن يواجه نارنا ... كريم الْمحيا شاحب المتحسر)
5 - (إِذا قَالَ من أَنْتُم ليعرف أَهلهَا ... رفعت لَهُ باسمي وَلم أتنكر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الْآل السراب وَهُوَ مَا يرى حِين اشتداد الْحر كَالْمَاءِ عَن بعد والقنابل جماعات الْخَيل والصيم الواقفات من الْخَيل وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة أَنه يُشِير إِلَى أَنه بلغ الْغَايَة فِي الْكَرم حَتَّى اصْطنع قدورا تشبه الْإِبِل فِي الْعظم والرعد والبرق والغيث فِي شدَّة الغليان وَكَثْرَة المرق وبخارها حينما تنزل عَن النَّار يشبه السراب النَّازِل عَن ظُهُور الْخَيل
2 - آلَيْت حَلَفت وجنه اللَّيْل ستره والسنا الضَّوْء والساري الْمُسَافِر لَيْلًا وَالْمعْنَى حَلَفت أَنِّي لَا أحجب ضوء نَار قراي عَن مُسَافر وَلَا قَاصد
3 - المقتر البائس المفتقر
4 - شاحب المتحسر أَي متغير مَا يَبْدُو مِنْهُ كالوجه وَالْيَد وَالرجل وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنه يُنَادي خدمه وعبيده قَائِلا ارفعا النَّار وأضرماها رَجَاء أَن تضيء لفقير مُسَافر آخر اللَّيْل فيهتدي بهَا إِلَى النُّزُول عندنَا وَأي ضَرَر يلحقنا إِذا نظر نارنا رجل كريم الْوَجْه طلقه مَعَ تغير وَجهه وَيَديه وَرجلَيْهِ من تَعب السّفر
5 - الْمَعْنى إِذا جَاءَنَا الضَّيْف وَقَالَ من أَنْتُم ليعرف أهل هَذِه النَّار أخْبرته باسمي وَلم أتنكر ليجاوزني إِلَى غَيْرِي(2/337)
(فبتنا بِخَير من كَرَامَة ضيفنا ... وبتنا نهيي طعمه غير ميسر)
وَقَالَ عُرْوَة بن الْورْد الْعَبْسِي تقدّمت تَرْجَمته
(أرى أم حسان الْغَدَاة تلومني ... تخوفني الْأَعْدَاء وَالنَّفس أخوف)
3 - (لَعَلَّ الَّذِي خوفتنا من أمامنا ... يصادفه فِي أَهله المتخلف)
4 - (إِذا قلت قد جَاءَ الْغنى حَال دونه ... أَبُو صبية يشكو المفاقر أعجف)
5 - (لَهُ خلة لَا يدْخل الْحق دونهَا ... كريم أَصَابَته حوادث تجرف)
وَقَالَ يزِيد بن الطثرية تقدّمت تَرْجَمته
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الطّعْم الطَّعَام وَالْميسر الْقمَار وَالْمعْنَى أننا لما أكرمنا ضيفنا اطمأننا وسكنا فكأنا أصبْنَا خيرا وبتنا نهدي من لحم مَا ذبحناه لَهُ لجيراننا وَلم يكن مَا نحرناه لقمار فَيكون لنا فِيهِ شُرَكَاء بل كَانَ للضيف فَلَا شريك لنا فِيهِ
2 - الْمَعْنى أَن أم حسان تعذلني وتخوفني الْخُرُوج إِلَى أعدائي وَالنَّفس أخوف فَإِن الْمَوْت يلْحق الْمُقِيم كَمَا يلْحق الْمُسَافِر
3 - يُرِيد أَن الْمَوْت الَّذِي تخوفني مِنْهُ يخَاف مِنْهُ المتخلف الْمُقِيم فِي أَهله المستقر عِنْدهم لَا الْمُتَقَدّم إِلَى الْعَدو
4 - المفاقر الْحَاجَات جمع فقر على غير قِيَاس وأعجف أَي هزيل من الضّر وَالْمعْنَى أننا إِذا جَمعنَا المَال للغنى جَاءَنَا فَقير هزيل ذُو عِيَال فَنُعْطِيه وننفق مِنْهُ وَهَذِه حَالنَا مَعَ غَيره
5 - الْخلَّة الْحَاجة وَالْحق الْقَرَابَة هُنَا وتجرف أَي تذْهب بِالْمَالِ كَمَا تذْهب المجرفة بِمَا يجرف بهَا وَالْمعْنَى أَن أَبَا الصبية الَّذِي جَاءَنَا لَهُ حَاجَة لَا تجاوزها الْقَرَابَة وَهُوَ كريم أَصَابَته حوادث الدَّهْر ونوائبه الَّتِي ذهبت بِمَالِه(2/338)
(إِذا أرسلوني عِنْد تَقْدِير حَاجَة ... أمارس فِيهَا كنت نعم الممارس)
(ونفعى نفع الموسرين وَإِنَّمَا ... سوامي سوام المقترين المفالس)
وَقَالَ الْأَقْرَع بن معَاذ
3 - (إِن لنا صرمة تلفى مخيسة ... فِيهَا معاد وَفِي أَرْبَابهَا كرم)
4 - (تسلف الْجَار شربا وَهِي حائمة ... وَلَا يبيت على أعناقها قسم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - أمارس أعاني وَجُمْلَة أمارس صفة لحَاجَة
2 - السوام الْأَنْعَام الراعية والمقتر الْفَقِير والمفالس جمع مُفلس وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنه يصف نَفسه بِحسن التأني فِي الْأُمُور يَقُول بلغ مني التدبر فِي الْأُمُور أَنهم إِذا أرسلوني لحَاجَة مَوْصُوفَة بكوني أعاني فِيهَا بذلت قصارى جهدي فِي قَضَائهَا وَكنت خير رجل قَامَ بِمِثْلِهَا وَإِن نفعي للنَّاس نفع الْأَغْنِيَاء الباذلين وَإِن كَانَ مَالِي قَلِيلا لِأَنِّي غَنِي النَّفس
3 - الصرمة من الْإِبِل نَحْو الْأَرْبَعين والمخيسة الَّتِي لم تسرح وَلكنهَا حبست للنحر أَو الْقسم وَقَوله فِيهَا معاد أَي يعود فِيهَا العفاة يصيبون مرّة بعد أُخْرَى وَالْمعْنَى أَن لنا إبِلا ترَاهَا محبوسة حول بُيُوتنَا للنحر أَو الْقسم وفيهَا يعود العفاة يصيبون مِنْهَا مرّة بعد أُخْرَى وَكلما عَاد العفاة وجدوا كرما فِي أَصْحَابهَا
4 - تسلف أَي تقدم وَالْجَار نصب على نزع الْخَافِض أَي تقدم إِلَى الْجَار وَالشرب المَاء وَأَرَادَ بِهِ هُنَا اللَّبن والحائم العطشان الَّذِي يحوم حول المَاء وَقَوله وَلَا يبيت على أعناقها قسم يُرِيد لَا نقسم عَلَيْهَا أَن لَا تنحر أَو توهب وَالْمعْنَى أَن هَذِه الْإِبِل تروي الْجَار من لَبنهَا وَهِي عطاش وَإِلَّا نقسم عَلَيْهَا أَن لَا تنحر وَلَا توهب(2/339)
(وَلَا تسفه عِنْد الْحَوْض عطشتها ... أَحْلَامنَا وشريب السوء يحتدم)
(يَزْرَعهَا الله من جنب ويحصدها ... فَلَا يقوم لما يَأْتِي بِهِ الصرم)
3 - (إِن أخلف الضَّيْف رسل عِنْد حاجتنا ... لم يخلف الضَّيْف من أصلابها دسم)
4 - وَقَالَ يزِيد بن الجهم الْهِلَالِي ويروي لحميد بن ثَوْر
5 - (لقد أمرت بالبخل أم مُحَمَّد ... فَقلت لَهَا حثي على الْبُخْل أحمدا)
6 - (فَإِنِّي امرء عودت نَفسِي عَادَة ... وكل امْرِئ جَار على مَا تعودا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - وَلَا تسفه عِنْد الْحَوْض أَي لَا نواثب النَّاس الوراد عِنْد الْحَوْض فننسب إِلَى السَّفه والطيش والأحلام الْعُقُول والشريب المشارك فِي الشّرْب واحتدم تحرق غيظا وَالْمعْنَى إِذا أوردنا إبلنا المَاء وَبهَا عَطش لَا نزاحم الموردين فَيكون عطشها سفها لعقولنا وَقد يَحْتَرِق شريك السوء غيظا
2 - الصرم الْقطع وَالْجنب هُنَا مُعظم الشَّيْء وَأَكْثَره وَالْمعْنَى نطلب من الله تَعَالَى أَن يحيي لنا إبلنا وينشئها من إبل كَثِيرَة عَظِيمَة لنكرم بهَا الضيفان فَلَا يحول بَيْننَا وَبَين مَا يَأْتِي بِهِ الله الْقطع
3 - الرُّسُل اللَّبن وَالْمعْنَى أَنَّهَا إِن لم تدر اللَّبن للضيف فَلَا نحرمه من أَن نطعمه من لحومها
4 - هُوَ حميد بن ثَوْر بن عبد الله أحد بني هِلَال بن عَامر بن صعصعة شَاعِر إسلامي وقرنه مُحَمَّد بن سَلام بنهشل بن حري وَأَوْس بن مغراء وَأدْركَ حميد بن ثَوْر عمر بن الْخطاب وَقَالَ الشّعْر فِي أَيَّامه
5 - أم مُحَمَّد هِيَ زَوجته وَأحمد اسْم علم لولد لَهَا أَو قريب مِنْهَا
6 - معنى الْبَيْتَيْنِ أَن امْرَأَته حينما رَأَتْهُ كَرِيمًا أمراته بالبخل فَقَالَ(2/340)
(أحين بدا فِي الرَّأْس شيب وَأَقْبَلت ... إِلَيّ بَنو عيلان مثنى وموحدا)
(رَجَوْت سقاطي واعتلالى ونبوتي ... وَرَاءَك عني طَالقا وارحلي غَدا)
وَقَالَ آخر
3 - (إِنِّي وَإِن لم ينل مَالِي مدى خلقي ... فياض مَا ملكت كفاي من مَال)
4 - (لَا أحبس المَال إِلَّا ريث أتْلفه ... وَلَا تغيرني حَال إِلَى حَال)
وَقَالَ سوَادَة الْيَرْبُوعي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَهَا لَا تحمليني على الْبُخْل بل احملي قريبك أَحْمد لِأَنِّي امْرُؤ كريم قد عودت نَفسِي الْكَرم فَلَا أحولها عَنهُ وكل إِنْسَان آخذ بِمَا تعود عَلَيْهِ
1 - مثنى معدول عَن اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وموحد معدول عَن وَاحِد وَاحِد
2 - السقاط أَن لَا فعل الْإِنْسَان يفعل الْكِرَام وَأَن لَا يذهب مَذْهَبهم ويسلك طريقهم والاعتلال التعلل أَرَادَ بِالنُّبُوَّةِ الْبعد وَقَوله وَرَاءَك عني أَي ابعدي عني وطالقا نصب على الْحَال من قَوْله وَرَاءَك وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أوقت أَن اشتعل الشيب فِي رَأْسِي وَقد أَقبلت بَنو عيلان نحوي معلقين آمالهم بِي رَجَوْت وأملت سقاطي واعتلالي وبعدي عَن الطالبين لعطائي مَعَ تجربتي واجتماع هَذِه الْأَحْوَال فِي وَلم يوافقك مَا أصنع من الْكَرم فابعدي عني طَالقا وارحلي
3 - المدى الْغَايَة والفياض الْكثير الْعَطاء
4 - الريث البطء وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنِّي وَإِن لم يكن لي مَال كثير يَفِي بِكُل مَا ترغب فِيهِ أخلاقي الطّيبَة من الْكَرم فَأَنا كثير الْعَطاء والبذل لما فِي يَدي وَلَا أمسك مَا عِنْدِي من المَال إِلَّا مُدَّة مَا أنفقهُ وَلَا أتحول عَن خلقي بتحول الزَّمَان وَالْأَيَّام(2/341)
(أَلا بكرت مي عَليّ تلومني ... تَقول أَلا أهلكت من أَنْت عائله)
(ذَرِينِي فَإِن الْبُخْل لَا يخلد الْفَتى ... وَلَا يهْلك الْمَعْرُوف من هُوَ فَاعله)
3 - وَقَالَ حطائط بن يعفر أَخُو الْأسود بن يعفر النَّهْشَلِي
4 - (تَقول ابْنة الْعباب رهم حربتنا ... حطائط لم تتْرك لنَفسك مقْعدا)
5 - (إِذا مَا أفدنا صرمة بعد هجمة ... تكون عَلَيْهَا كَابْن أمك أسودا)
6 - (فَقلت وَلم أعي الْجَواب تبيني ... أَكَانَ الهزال حتف زيد وأربدا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - عاله كفله وَكَفاهُ
2 - ذريتي اتركيني وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَن هَذِه الْمَرْأَة استعجلت بلومي وَقَالَت قد ضيعت بِكَثْرَة إنفاقك من أَنْت كافله وقائم بشؤونه وَلم تبْق لَهُ مَا يتعيش بِهِ من المَال ببذلك للضيفان فَقلت لَهَا اتركيني فَإِن بخل الشَّخْص لَا يزِيد فِي عمره وَإِن فعل الْخَيْر لَا ينقص من عمر فَاعله
3 - وجدهما عبد الْأسود بن جندل بن نهشل وحطائط أَخُو الْأسود شَاعِر جاهلي مقل وَهَذَا الشّعْر يَقُوله لأمه رهم بنت الْعباب وَقد لامته على جوده وعاتبته
4 - ابْنة الْعباب هِيَ أم الشَّاعِر ورهم اسْمهَا وحربتنا أَي سلبتنا مالنا الَّذِي نَعِيش بِهِ وَتَرَكتنَا فُقَرَاء وحطائط منادى وَقَوله لم تتْرك الخ تَقول الْعَرَب مَا ترك لَك مقَاما وَلَا مقْعدا أَي لم يبْق لَك مَا يمكنك الْإِقَامَة فِيهِ وَالْقعُود بِهِ
5 - أفدنا بِمَعْنى استفدنا والصرمة من الْعشْرَة إِلَى الْأَرْبَعين من الْإِبِل والهجمة من الْأَرْبَعين إِلَى مَا زَادَت وَقَوله تكون عَلَيْهَا الخ أَي تعود عَلَيْهَا سالكا طَرِيق أَخِيك الْأسود بن يعفر فِي بذل المَال
6 - أعي الْجَواب أَي لم أعجز عَنهُ وتبيني بِمَعْنى تبصري وَقَوله أَكَانَ الهزال(2/342)
(أريني جوادا مَاتَ هزلا لعلني ... أرى مَا تَرين أَو بَخِيلًا مخلدا)
وَقَالَ الْمقنع الْكِنْدِيّ تقدّمت تَرْجَمته
(نزل المشيب فَأَيْنَ تذْهب بعده ... وَقد ارعويت وحان مِنْك رحيل)
3 - (كَانَ الشَّبَاب خَفِيفَة أَيَّامه ... والشيب محمله عَليّ ثقيل)
4 - (لَيْسَ الْعَطاء من الفضول سماحة ... حَتَّى تجود وَمَا لديك قَلِيل)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الخ أَي هَل كَانَ الْفقر والهزال سَبَب موت من مَاتَ من عشيرتنا
1 - أريني جوادا أَي دليني عَلَيْهِ وعرفيني مَكَانَهُ والهزل هُنَا الهزال والضعف وَمعنى الأبيات الْأَرْبَعَة أَنَّهَا لامته على كرمه وَقَالَت سلبت مَالك وضيعته وَلم تبْق لنَفسك مَا يمكنك من الْمَعيشَة وَلَا مَكَانا تقعد فِيهِ وَكلما ملكنا عددا من الْإِبِل جدت بِهِ بعد أَن جدت من قبله بِعَدَد أَكثر مِنْهُ مثل مَا يفعل أَخُوك أسود فأجبتها وَلم أعجز عَن الْجَواب تبصري وتأملي هَل كَانَ الْفقر والهزال سَبَب موت من مَاتَ من عشيرتنا أَو قلت لَهَا دليني على مَكَان جواد منا أَو من غَيرنَا أَمَاتَهُ الضّر أَو بخيل زَاد بخله فِي عمره لعَلي أهتدي بهديك وأطاوعك وأرجع إِلَى مَا تريدين
2 - ارعوى عَن الشَّيْء انْصَرف عَنهُ وَالْمعْنَى نزل بك مُنْذر الْمَوْت وَقرب انْقِضَاء أَجلك فَيَنْبَغِي أَن تقدم بَين يَدي موتك مَا يجب من الْكَرم والخيرات
3 - محمله أَي حمله وَالْمعْنَى أَن الشَّبَاب وَهُوَ زمَان اللَّهْو قد انْقَضتْ أَيَّامه وَجَاءَت أَيَّام الشيب وَهِي أَيَّام التفكر وَالِاعْتِبَار وَترك الْهوى
4 - الفضول مَا فضل عَنْك بعد حوائجك وَالْمعْنَى أَن الْعَطاء من الفضول لَا يُقَال لَهُ جود وسماحة(2/343)
وَقَالَ جؤية بن النَّضر
(قَالَت طريفة مَا نبقى دراهمنا ... وَمَا بِنَا سرف فِيهَا وَلَا خرق)
(إِنَّا إِذا اجْتمعت يَوْمًا دراهمنا ... ظلت إِلَى طرق الْمَعْرُوف تستبق)
3 - (مَا يألف الدِّرْهَم الصياح صرتنا ... لَكِن يمر عَلَيْهَا وَهُوَ منطلق)
4 - (حَتَّى يصير إِلَى نذل يخلده ... يكَاد من صره إِيَّاه ينمزق)
5 - وَقَالَ زرْعَة بن عَمْرو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَإِنَّمَا الْجُود والسماحة أَن يجود الْإِنْسَان بِكَثِير مَاله وقليله
1 - طريفة اسْم امْرَأَة وَقَوله وَمَا بِنَا الخ الْوَاو فِيهِ للْحَال والسرف التبذير والخرق إِجْرَاء الْأَمر على غير مجْرَاه وَالْمعْنَى أَن هَذِه الْمَرْأَة قَالَت إِن دراهمنا تذْهب وَلَا تبقى وَلَيْسَ ذَلِك لتبذير فِيهَا أَو عدم حسن تصرف
2 - الْمَعْنى أَنا إِذا جَمعنَا الدَّرَاهِم يَوْمًا أنفقناها فِي طرق الْمَعْرُوف وَالْخَيْر
3 - الْمَعْنى بلغ من جودنا وكرمنا إِن الدِّرْهَم الَّذِي لَهُ صَوت صَار لَا يألف صرتنا بل يمر عَلَيْهَا وَلَا يسْتَقرّ
4 - النذل اللَّئِيم والانمزاق الانخراق وَالْمعْنَى أَن الدَّرَاهِم لَا يخزنها إِلَّا اللَّئِيم الْبَخِيل يكَاد من شدَّة حرصه عَلَيْهَا وصره إِيَّاهَا تنخرق بِخِلَاف الْكَرِيم فَإِنَّهُ لَا يدخرها عِنْده وَلَا يحرص عَلَيْهَا بل ينفقها
5 - وجده خويلد بن نفَيْل ابْن عمر بن كلاب شَاعِر أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَشهد يَوْم رحرحان وَكَانَ فَارِسًا شجاعا وَأَخُوهُ يزِيد بن عَمْرو وَكَانَ أَيْضا شجاعا مقدما وَشهد أَيْضا ذَلِك الْيَوْم وَكَانَا مَعَ أَبِيهِمَا عَمْرو بن خويلد وَكَانَا إِذا أَقبلَا نظر إِلَيْهِمَا النَّاس لحسنهما وجمالهما ونضرة شبابهما(2/344)
(وأرملة تنوء على يَديهَا ... من الضراء أَو قصَص الهزال)
(خلطت بغثها سمني فأضحت ... شريكة من يعد من الْعِيَال)
3 - (وأفنتني اللَّيَالِي أم عَمْرو ... وحلي فِي التنائف وارتحالي)
4 - (وتربيتي الصَّغِير إِلَى مداه ... وتأميلي هلالا عَن هِلَال)
5 - وَقَالَ عبد الله بن الحشرج الْجَعْدِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الْوَاو وَاو رب وتنوء أَي تنهض بِجهْد وتعتمد على يَديهَا وَقَوله أَو قصَص الهزال أَي دنو الْمَوْت مِنْهَا
2 - خلطت جَوَاب رب والغث المهزول والسمين ضِدّه وَمعنى الْبَيْتَيْنِ وَرب امْرَأَة شَدِيدَة الضّر قد أعياها الْفقر والجوع الْمدنِي من الْمَوْت إِلَى أَن تعتمد إِذا قَامَت على يَديهَا لما لحقها من الهزال تفقدت أحوالها وجعلتها من جملَة عيالي
3 - الْحل الْحُلُول والتنوفة الْمَفَازَة
4 - مداه أَي غَايَته وهلالا عَن هِلَال أَي هلالا بعد هِلَال وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَن مُرُور اللَّيَالِي وَكَثْرَة الْأَسْفَار أكلت لحمي وأضعفت قواي وَكَذَلِكَ تربيتي الصَّغِير حَتَّى يبلغ أشده وانتظاري الشَّهْر بعد الشَّهْر أعياني أَيْضا
5 - وجده الْأَشْهب بن ورد بن عَمْرو بن ربيعَة بن جعدة وَكَانَ عبد الله شَاعِرًا إسلاميا وَسَيِّدًا من سَادَات قيس وأميرا من أمرائها جوادا ممدحا ولي أَكثر أَعمال خُرَاسَان وَفَارِس وكرمان وَكَانَ أَبوهُ الحشرج بن الْأَشْهب سيدا شَاعِرًا وأميرا كَبِيرا وَكَانَ عَمه زِيَاد بن الْأَشْهب شريفا سيدا وَكَانَ زِيَاد قد سَار إِلَى عَليّ ليصلح بَينه وَبَين مُعَاوِيَة على أَن يوليه الشَّام فَأبى عَليّ وَلم يجبهُ إِلَى ذَلِك(2/345)
(أَلا بكرت تلومك أم سلم ... وَغير اللوم أدنى للسداد)
(وَمَا بذلي تلادي دون عرضي ... بإسراف أميم وَلَا فَسَاد)
3 - (فَلَا وَأَبِيك مَا أعطي صديقي ... مكاشرتي وأمنعه تلادي)
4 - (وَلَكِنِّي امروء عودت نَفسِي ... على علاتها جرى الْجواد)
5 - (مُحَافظَة على حسبي وأرعى ... مساعي آل ورد والرقاد)
وَقَالَ رجل من بني سعد
6 - (أَلا بكرت أم الْكلاب تلومني ... تَقول أَلا قد أبكأ الدّرّ حالبه)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - أدنى أَي أقرب وَالْمعْنَى أَن هَذِه الْمَرْأَة استعجلت عَليّ باللوم مَعَ أَن اسْتِعْمَال غير اللوم أقرب فِي تسديدي وإرشادي إِذْ كَانَ الْإِكْثَار من اللوم يعود إغراء
2 - خَاطب نَفسه فِي الْبَيْت الأول ثمَّ نقل الْكَلَام إِلَى الْأَخْبَار على عَادَتهم والتلاد المَال الْقَدِيم وضده الطارف وأميم مرخم أُمَيْمَة وَالْمعْنَى لَيْسَ مَا أبذل من المَال الَّذِي ورثته عَن آبَائِي صونا وحفظا لعرضي بإسراف يَا أُمَيْمَة وَلَا تبذير وَلَا فَسَاد
3 - المكاشرة إبداء الْأَسْنَان بالضحك وَقَوله وأمنعه تلادي مَعْطُوف على أعْطى
4 - على علاتها أَي على عسرها وشدتها
5 - مُحَافظَة مفعول لَهُ وَورد الرقاد قبيلتان وَالْمعْنَى الأبيات الثَّلَاثَة أقسم بأبيك إِنِّي لَا أعاشر الصّديق وأعطيه مكاشرتي مَانِعا عَنهُ مَالِي وَلَكِنِّي رجل أجري فِي الْبَذْل والجود جري الْفرس والجواد وَلَا أفعل ذَلِك إِلَّا لحفظ شرفي ومراعاة مَكَارِم آبَائِي
6 - ابكأه أَقَله والدر اللَّبن وَيُقَال أَيْضا أبكأ الدّرّ إِذا وجده بكيئا وَهُوَ المُرَاد والبكيئة ضد الغزيرة(2/346)
(تَقول أَلا أهلكت مَالك ضلة ... وَهل ضلة أَن ينْفق المَال كاسبه)
وَقَالَ مزعفر
(وَإِنِّي لأسدي نعمتي ثمَّ أَبْتَغِي ... لَهَا أُخْتهَا حَتَّى أعل وأشفعا)
3 - (وَأَجْعَل نعمى مَا فعلت ذمَامَة ... عَليّ وَآتِي صَاحِبي حَيْثُ ودعا)
4 - (وَإِنِّي بِمَا يَكْفِي من الزَّاد أَهله ... وَإِن كَانَ موفورا جلبناه أجمعا)
وَقَالَ عارق الطَّائِي تقدّمت تَرْجَمته
5 - (أَلا حَيّ قبل الْبَين من أَنْت عاشقه ... وَمن أَنْت مشتاق إِلَيْهِ وشائقه)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الضلة الضلال وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَن هَذِه الْمَرْأَة استعجلت عَليّ باللوم لِكَثْرَة بذلي وإكرامي للنازلين عِنْدِي قائلة قد وجد الحالب لبننا قَلِيلا وَقد أذهبت مَالك للضلال فَقلت لَهَا هَل إِنْفَاق كاسب المَال ضلال
2 - الأسداء الْإِحْسَان وَقَوله ثمَّ ابْتغِي الخ أَي أطلب مثلهَا حَتَّى أعل الخ وأعل من الْعِلَل وَهُوَ الشّرْب الثَّانِي وأشفع أَي أقرن وَالْمعْنَى أَنِّي أحب إسداء النِّعْمَة ثمَّ أطلب مثلهَا إِلَى أَن ألحقها بهَا وأقرن إِلَيْهَا أُخْرَى
3 - الذمامة الذَّم كَأَنَّهُ يعْتَقد أَن فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِ إساءة وَيجوز أَن يكون ذمَامَة بِمَعْنى الْحق من الذمام يُرِيد أَن من أنعم عَلَيْهِ يكون لَهُ حُرْمَة عِنْده ووسيلة لَدَيْهِ وَقَوله وَآتِي صَاحِبي أَي آتِي قَبره زَائِرًا حفظا لعهده حَيا وَمَيتًا وَالْمعْنَى أَنِّي أحب الْكَرم وَأَجْعَل نعْمَة مَا فعلته حَقًا عَليّ وَآتِي قبر صَاحِبي زَائِرًا أحفظ عَهده حَيا وَمَيتًا
4 - الْمَعْنى أَنِّي أكتفي بِمَا تيَسّر من الزَّاد وَلَا أستزيد مِنْهُ إِلَّا عِنْد توفره
5 - الْبَين الْبعد وشائقه أَي من يشتاق إِلَيْك(2/347)
(وَمن لَا تواتي دَاره غير فينة ... وَمن أَنْت تبْكي كل يَوْم يُفَارِقهُ)
(تخب بصحراء الثوية نَاقَتي ... كعدو رباع قد أمخت نواهقه)
3 - (إِلَى الْمُنْذر الْخَيْر بن هِنْد تزوره ... وَلَيْسَ من الْفَوْت الَّذِي هُوَ سابقه)
4 - (فَإِن نسَاء غير مَا قَالَ قَائِل ... غنيمَة سوء وسطهن مهارقه)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المواتاة الْمُوَافقَة والمساعدسة والفينة الْوَقْت والساعة وَمعنى الْبَيْتَيْنِ حَيّ قبل حُلُول الْبعد محبوبك الَّذِي لَك شوق إِلَيْهِ مثل مَا لَهُ شوق إِلَيْك وَالَّذِي لَا توَافق دَاره أَي لَا تَجْتَمِع مَعَه إِلَّا سَاعَات قَليلَة وَالَّذِي أَنْت تبْكي شوقا إِلَيْهِ كل يَوْم تُفَارِقهُ فِيهِ
2 - الخبب ضرب من الْعَدو وصحراء الثوية اسْم مَوضِع والرباع حمَار الْوَحْش وأمخت سمنت والنواهق عِظَام فِي السَّاق
3 - إِلَى الْمُنْذر مُتَعَلق بقوله تخب فِي الْبَيْت قبله وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنه يخبر أَن نَاقَته تسرع السّير كَمَا يسرعه حمَار الْوَحْش الَّذِي قد أطاعه الْعلف والمرتع فَصَارَ لعظامه مخ من السّمن وَإِنَّمَا تجتهد فِي السّير هَذَا الِاجْتِهَاد لِأَنَّهَا تقصد الْمُنْذر الَّذِي قد كثر خَيره حَتَّى صَار هُوَ الْخَيْر وَلَيْسَت تسرع هَذَا الْإِسْرَاع خوفًا أَن يفوتها بره وَكَرمه وَلَكِن إِذا عظم الرجل فالقاصد يَقْصِدهُ بكد وجد
4 - غير مَا قَالَ قَائِل الْجُمْلَة صفة لِنسَاء وغنيمة سوء خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هن الخ وأضاف الْغَنِيمَة إِلَى السوء على طَرِيق الإزراء والاحتقار وَقَوله وسطهن مهارقه خبر أَن والمهارق هِيَ الثِّيَاب الْبيض كَانَت الْعَرَب تكْتب عَلَيْهَا العهود وَمَا أَرَادوا بَقَاءَهُ من الدَّهْر وَضمير مهارقه عَائِد إِلَى الْمُنْذر بن هِنْد وَالْمعْنَى أَن النِّسَاء اللَّاتِي سباهن الْملك وَيُخَالف وصفهن لما قَالَ قَائِل يَعْنِي من حسن لَهُ أَن يُوقع بِهن فهن بِالْحَقِيقَةِ غنيمَة سوء لَا ينْتَفع بهَا لِأَنَّهُ(2/348)
(وَلَو نيل فِي عهد لنا لحم أرنب ... وَفينَا وَهَذَا الْعَهْد أَنْت معالقه)
(أكل خَمِيس أَخطَأ الْغنم مرّة ... وصادف حَيا دانيا هُوَ سائقه)
3 - (وَكُنَّا أُنَاسًا دائنين بغبطة ... تسيل بِنَا تلع الملا وأبارقه)
4 - (فأقسمت لَا أحتل إِلَّا بصهوة ... حرَام عَلَيْك رمله وشقائقه)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قد سبق من الْملك عهد لَهُنَّ بالأمان
1 - لحم أرنب هَذَا تحقير لِأَنَّهُ صيد مستباح وَقَوله معالقه أَي مُتَعَلق بذمتك وَفِي رقبتك حَتَّى تخرج مِنْهُ وَالْمعْنَى لَو تعدى علينا أحد فصاد أرنبا دَاخِلا فِي حمانا لاقتصصنا مِنْهُ وَفَاء بالعهد وَأَنت أَيهَا الْملك سبق مِنْك عهد لهَؤُلَاء السبايا فَلَا يَنْبَغِي أَن تنقض عَهْدك لِأَنَّهُ مُتَعَلق بك يلزمك الْوَفَاء بِهِ
2 - أكل خَمِيس الخ لَفظه لفظ الِاسْتِفْهَام وَمَعْنَاهُ التقريع وَالْخَمِيس الْجَيْش وَالْغنم الْغَنِيمَة وَالْمعْنَى أكل جَيش أخفق فِي وَجه قدر أَن فِيهِ غنما ثمَّ صَادف فِي رُجُوعه قوما قريبين يسهل اغتنامهم وأسرهم يُوقع الْقَتْل فيهم فَهَذَا مشؤمة عواقبه
3 - دائنين آخذين بِالطَّاعَةِ مغتبطين بِمَا لنا من الذِّمَّة وَالْغِبْطَة أَن تتمنى مثل مَا للْغَيْر بِدُونِ أَن تطلب زَوَالهَا عَنهُ والتلعة مسيل مَاء وَجمعه تلع والملا هُنَا الصَّحرَاء والأبارق جمع الأبرق وَهِي الْمَوَاضِع الَّتِي ألبست حِجَارَة سُودًا وبيضا وكنى بِهَذَا عَن الْكَثْرَة يصف نَفسه وَقَومه بِأَنَّهُم كَانُوا أهل نعْمَة ورفاهية وحفض عَيْش وَأَنَّهُمْ كَانُوا مُطِيعِينَ لملوكهم وَقد غبطهم النَّاس على مَا هم فِيهِ
4 - السهوة الْمَكَان العالي والشقائق جمع شَقِيقَة وَهِي رَملَة بَين أَرضين وَالْمعْنَى حَلَفت لَا أنزل إِلَّا بَعيدا من أَرْضك فِي مَكَان مُرْتَفع لَا وُصُول لَك إِلَيْهِ(2/349)
(حَلَفت بِهَدي مشْعر بكراته ... تخب بصحراء الغبيط درادقه)
(لَئِن لم تغير بعد مَا قد صَنَعْتُم ... لأنتحين للعظم ذُو أَنا عارقه)
وَقَالَ برج بن مسْهر الطَّائِي
3 - (سرت من لوى المروت حَتَّى تجاوزت ... إِلَيّ ودوني من قناة شجونها)
4 - (إِلَى رجل يزجي الْمطِي على الوجى ... دقاقا ويشقى بِالسِّنَانِ سمينها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الْهدى الَّذِي يهدي إِلَى الْبَيْت الْحَرَام وإشعاره طعنه فِي سنامه وتقليده والبكرات جمع بكرَة وَهِي الشَّابَّة من الْإِبِل وتخب أَي تمشي الخبب وَهُوَ نوع من سير الْإِبِل وصحراء الغبيط مَكَان مَخْصُوص والداردق من الْإِبِل صغارها
2 - انتحاه قَصده وَذُو بِمَعْنى الَّذِي فِي لُغَة طيىء والعارق منتزع اللَّحْم من الْعظم وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَقْسَمت بِمَا يهدي للحرم من الْبدن الَّتِي تمشي صغارها بصحراء الغبيط إِن لم تحول فعلك وَتغَير صنعك لأقصدن فِي مجازاتك كسر الْعظم الَّذِي آخذ اللَّحْم مِنْهُ
3 - سرت أَي جَاءَ طيفها لَيْلًا واللوى مستدق الرمل والمروت اسْم وَاد وقناة وَاد فِي الْمَدِينَة وشجونها شعابها وجوانبها المتقاربة
4 - إِلَى رجل مُتَعَلق بسرت فِي الْبَيْت قبله وَيَعْنِي بِالرجلِ نَفسه ويزجي يَسُوق والوجى الحفاء وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنَّهَا أَجدت السّير لَيْلًا من الْوَادي الْمَذْكُور حَتَّى مرت على وَادي قناة وَقطعت جَمِيع شعوبه ووصلت إِلَيّ وَأَنا رجل أسوق الْإِبِل الَّتِي تعبت من كَثْرَة السّير حَالَة كَونهَا ضامرة مَهْزُولَة وَلَا أَزَال إِلَى فك العاني وإغاثة الملهوف وأنحر السمين مِنْهَا للعفاة والضيوف(2/350)
(فللقوم مِنْهَا بالمراجل طبخة ... وللطير مِنْهَا فرثها وجنينها)
وَقَالَ ملحة الْجرْمِي
(فَتى عزلت عَنهُ الْفَوَاحِش كلهَا ... فَلم تختلط مِنْهُ بِلَحْم وَلَا دم)
3 - (كَأَن زرور القبطرية علقت ... علائقها مِنْهُ بجذع مقوم)
4 - (عملس أسفار إِذا اسْتقْبلت لَهُ ... سموم كحر النَّار لم يتلثم)
5 - (إِذا مَا رمى أَصْحَابه بجبينه ... سرى اللَّيْلَة الظلماء لم يتهكم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المراجل جمع مرجل وَهُوَ الْقدر وَالضَّمِير فِي مِنْهَا عَائِد إِلَى سمينها فِي الْبَيْت قبله والفرث السرجين مَا دَامَ فِي الكرش والجنين الْوَلَد مَا دَامَ فِي بطن أمه وَالْمعْنَى أَنه بلغ من كرمه أَن أطْعم الْإِنْسَان وَالْحَيَوَان غير الْإِنْسَان فَأَما الْإِنْسَان فَأكل أطيب اللَّحْم وسمينه وَمَا بَقِي أكله الطير
2 - عزلت أَي نحيت مِنْهُ فِي جَانب وَالْمعْنَى أَنه رجل عفيف ذُو نزاهة قد نحى مِنْهُ جَمِيع مَا يشينه ويعيبه
3 - زرور جمع زر وَهُوَ مَا يوضع فِي الْقَمِيص وَنَحْوه والقبطرية ضرب من الثِّيَاب وعلائقها مَا تعلق بِهَذَا الممدوح مِنْهَا وجذوع الشّجر أُصُولهَا وَشبه قامته بجذع مُسْتَقِيم معتدل يصفه بطول الْقَامَة واستقامتها وَهُوَ ممدوح عِنْد الْعَرَب
4 - العملس فِي الأَصْل الذِّئْب الجريء الْمِقْدَام وَشبه نَفسه بِهِ فِي الجراءة والإقدام وَزَاد اللَّام فِي قَوْله اسْتقْبلت لَهُ تَأْكِيدًا وَالْأَصْل استقبلته والسموم الرّيح الحارة يصفه بِالْقُوَّةِ والشدة والشجاعة وَالصَّبْر على مشاق السّفر
5 - إِذا مَا رمى أَصْحَابه الخ مَعْنَاهُ إِذا قدمه أَصْحَابه ليهتدوا بِهِ وَالسري مسير اللَّيْل كُله وَمعنى لم(2/351)
(كَأَن قرادى زوره طبعتهما ... بطين من الجولان كتاب أعجم)
وَقَالَ آخر
(إِنَّك يَا ابْن جَعْفَر نعم الْفَتى ... وَنعم مأوى طَارق إِذا أَتَى)
3 - (وَرب ضيف طرق الْحَيّ سرى ... صَادف زادا وحديثا مَا اشْتهى)
4 - (إِن الحَدِيث طرف من الْقرى ... ثمَّ اللحاف بعد ذَاك فِي الذرى)
وَقَالَ الشماخ تقدّمت تَرْجَمته
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يتهكم لم يركب رَأسه وَلم يتَجَاوَز قدره وَالْمعْنَى أَن أَصْحَابه إِذا قدموه ليهتدوا بِهِ وهم سائرون فِي لَيْلَة شَدِيدَة الظلام لم يجبن وَلم يتَجَاوَز الْحَد
1 - القرادة دويبة مَعْرُوفَة والزور الصَّدْر وَأَرَادَ بقرادي زوره حلمتي الثديين والطبع الْخَتْم والجولان مَوضِع بِالشَّام بَينه وَبَين دمشق مسيرَة لَيْلَة وَخص طين الجولان لِأَنَّهُ شَدِيد السوَاد وَأَرَادَ بِكِتَاب أعجم كتاب الرّوم وَالْفرس لأَنهم حِينَئِذٍ كَانُوا أحذق بِالْكِتَابَةِ يصفه بِالْقُوَّةِ والشجاعة ثمَّ شبه حلمتي ثدييه بقرادتين مصنوعتين من طين الجولان ختمهما كتاب الرّوم وَالْفرس
2 - يَعْنِي بِابْن جَعْفَر عبد الله بن جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق رَضِي الله عَنْهُم والطارق الْآتِي لَيْلًا
3 - السرى سير عَامَّة اللَّيْل
4 - الذري الكنف والجانب وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة مَحْمُود من الفتيان أَنْت يَا ابْن جَعْفَر ومحمود فناؤك ودارك فِي مأوى طَارق إِذا ورد وَرب امْرِئ ضيف أَتَى الْحَيّ لَيْلًا وجد مَا يشتهيه من الزَّاد وحلو الحَدِيث إِذْ أَنه كَمَا يكرم الضَّيْف بِتَقْدِيم الزَّاد كَذَلِك يكرم بحلو الحَدِيث وبالفراش الَّذِي يَلِيق بِهِ(2/352)
(وَأَشْعَث قد قد السفار قمصه ... وجر شواء بالعصا غير منضج)
(دَعَوْت إِلَى مَا نابني فَأَجَابَنِي ... كريم من الفتيان غير مزلج)
3 - (فَتى يمْلَأ الشيزى ويروي سنانه ... وَيضْرب فِي رَأس الكمي المدجج)
4 - (فَتى لَيْسَ بالراضي بِأَدْنَى معيشة ... وَلَا فِي بيوف الْحَيّ بالمتولح)
وَقَالَ يزِيد الْحَارِثِيّ
5 - (وَإِذا الْفَتى لَاقَى الْحمام رَأَيْته ... لَوْلَا الثَّنَاء كَأَنَّهُ لم يُولد)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الْأَشْعَث الَّذِي يبتذل نَفسه وَلَا يصونها عَن الابتذال وَقد الشَّيْء قطعه والسفار السّفر وجر شواء فِيهِ إِشَارَة إِلَى توليه من خدمَة الرفقاء وَالْأَصْحَاب مَا لَا يكون من عمله والشواء اللَّحْم المشوي
2 - دَعَوْت أَي استغثت بِهِ والمزلج النَّاقِص والبخيل
3 - الشيزي الجفان تتَّخذ من الشيز وَهُوَ خشب أسود والسنان الحديدة الَّتِي فِي رَأس الرمْح والكمي الشجاع المتكمي بسلاحه أَي المتغطي بِهِ والمدجج التَّام السِّلَاح
4 - وَمعنى الأبيات الْأَرْبَعَة وَرب رجل متبذل قد أخلق السّفر ثِيَابه لِكَثْرَة الْغَزْو والغارات فَهُوَ يستعجل الْقرى ليدرك اللَّحْم وَإِن مشويا غير ناضج طلبت مِنْهُ الإغاثة على مَا أصابني من نَوَائِب الدَّهْر فَأَجَابَنِي مِنْهُ كريم من الفتيان غير ضَعِيف وَلَا بخيل هُوَ فَتى كريم إِذا طبخ للضيفان مَلأ الجفان وَإِذا نزل للحرب أروى سِنَان رمحه من دم الْأَبْطَال وَلم يضْرب إِلَّا الشجاع التَّام السِّلَاح وَهُوَ فَتى لَا يرضى بالدون من الْمَعيشَة وَلكنه يطْلب الْمَعَالِي من الْأُمُور يُؤْتِي إِلَيْهِ وَلَا يُؤْتِي بِهِ إِلَى أحد
5 - الْحمام الْمَوْت يَقُول إِذا مَاتَ الْإِنْسَان وَمضى إِلَى سَبيله ترَاهُ(2/353)
(وأتيت أَبيض سابغا سرباله ... يَكْفِي الْمشَاهد غيب من لم يشْهد)
وَقَالَ دُرَيْد بن الصمَّة تقدّمت تَرْجَمته
(ترَاهُ خميص الْبَطن والزاد حَاضر ... عتيد وَيَغْدُو فِي الْقَمِيص المقدد)
3 - (وَإِن مَسّه الإقواء والجهد زَاده ... سماحا وإتلافا لما كَانَ فِي الْيَد)
4 - (قصير الْإِزَار خَارج نصف سَاقه ... صبور على العزاء طلاع أنجد)
5 - (قَلِيل التشكي للمصيبات حَافظ ... من الْيَوْم أعقاب الْأَحَادِيث فِي غَد)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَوْلَا الثَّنَاء وَالذكر الْحسن كَأَنَّهُ لم يُولد وَلم يسْبق لَهُ وجود يُرِيد أَنه لَا حَيَاة لرجل يَمُوت وَلَا يذكر بجميل بعده
1 - الْأَبْيَض هُنَا نقي الْعرض وسابغ السربال كِنَايَة عَن طَوِيل الْقَامَة وَقَوله يَكْفِي الْمشَاهد الخ أَي يقوم مقَام الْغَائِب كِفَايَة لَهُ ونيابة عَنهُ وَالْمعْنَى أتيت رجلا طَاهِر الْعرض طَوِيل الْقَامَة جوادا يقوم مقَام الْغَائِب كِفَايَة لَهُ ونيابة عَنهُ
2 - خميص الْبَطن أَي ضامره والعتيد الْحَاضِر المهيأ والمقدد المشقق الممزق
3 - الإقواء الْفقر
4 - أَرَادَ بالعزاء الجدب وشدائد السنين والأنجد جمع نجد وَهُوَ مَا ارْتَفع من الأَرْض
5 - وَمعنى الأبيات الْأَرْبَعَة أَنه يصفه بقلة الْأكل مَعَ اتساع الْحَال وَطَاعَة الزَّاد لِأَنَّهُ يُؤثر غَيره على نَفسه وَإِن افْتقر زَاده الْفقر سماحا وبذلا لما فِي يَده وَإِذا أهمه أَمر أسْرع وشمر لَهُ وبذل الْجهد فِي تلافيه وَهُوَ كثير الصَّبْر فِي الشدائد وَأَيَّام الْقَحْط جاد فِي معالي الْأُمُور وَلذَلِك لَا يطول ثِيَابه ليَكُون على أهبة واستعداد لمثل ذَلِك وَإِذا تدافعت المصائب عَلَيْهِ لَا يتألم مِنْهَا ويحفظ من يَوْمه مَا يتعقب أَفعاله من أَحَادِيث النَّاس غَدا(2/354)
وَقَالَ آخر
(كريم رأى الإقتار عارا فَلم يزل ... أَخا طلب لِلْمَالِ حَتَّى تمولا)
(فَلَمَّا أَفَادَ المَال عَاد بفضله ... على كل من يَرْجُو جداه مؤملا)
وَقَالَ أَبُو تَمام لما أَتَى يزِيد بن عبد الْملك بآل الْمُهلب قَامَ كثير بَين يَدي يزِيد فَقَالَ
3 - (حَلِيم إِذا مَا نَالَ عاقب مُجملا ... أَشد الْعقَاب أَو عَفا لم يثرب)
4 - (فعفوا أَمِير الْمُؤمنِينَ وحسبة ... فَمَا تكتسب من صَالح لَك يكْتب)
5 - (أساؤا فَإِن تغْفر فَإنَّك أَهله ... وَأفضل حلم حسبَة حلم مغضب)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الإقتار التَّضْيِيق فِي الْمَعيشَة والعار النقيصة وَقَوله أَخا طلب لِلْمَالِ أَي ملازما لطلبه مجدا فِيهِ وتمول الرجل كثر مَاله
2 - أَفَادَ المَال استفاده وجناه والجدي الْعَطاء وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنه يصف رجلا بِكَوْنِهِ كَرِيمًا علم أَن التَّضْيِيق فِي الْمَعيشَة يكسبه ذلا وعارا فَمَا زَالَ جادا حَتَّى كثر مَاله فَلَمَّا اسْتغنى تفضل على كل من يَرْجُو نداه وعطاءه
3 - الْمُجْمل من قَوْلهم أجمل فلَان فِي الطّلب إِذا اتأد واعتدل فَلم يفرط وَلم يثرب لم يعير وَلم يوبخ يصفه بالحلم وَأَنه إِذا عاقب أَشد الْعقَاب أجمل فِيهِ وَإِذا عَفا لم يلم وَلم يوبخ
4 - فعفوا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا طلب وسؤال وانتصب عفوا وحسبة على الْمصدر وَالْمعْنَى أطلب مِنْك الْعَفو وَأَن تحتسب عِنْد الله فِيهِ فَإِن الْإِنْسَان مهما اكْتسب من صَالح الْأَعْمَال فَهُوَ ذخر لَهُ عِنْد الله
5 - الْمَعْنى أذنبوا فَاغْفِر لَهُم فَإنَّك أَحَق من غفر عَن المذنبين وَأفضل الْحلم عِنْد الله مَا كَانَ عَن استغضاب(2/355)
وَقَالَ يزِيد بن الجهم
(تسائلني هوَازن أَيْن مَالِي ... وَهل لي غير مَا أتلفت مَال)
(فَقلت لَهَا هوَازن إِن مَالِي ... أضرّ بِهِ الملمات الثقال)
3 - (أضرّ بِهِ نعم ونم قَدِيما ... على مَا كَانَ من مَال وبال)
وَقَالَ إعرابي
4 - (أَلا فَتى نَالَ العلى بهمه ... لَيْسَ أَبُوء بِابْن عَم أمه ... ترى الرِّجَال تهتدي بِأُمِّهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - تسائلني أَي تَسْأَلنِي
2 - الملمات الْآفَات النازلات
3 - الوبال الْهَلَاك وَهُوَ خبر لنعم الثَّانِيَة وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة أَن قَبيلَة هوَازن سَأَلتنِي أَيْن ذهب مَالِي وَمَالِي مَال إِلَّا الَّذِي أنفقته وبذلته فأجبتها قَائِلا يَا هوَازن إِن مَالِي قد أفنته النَّوَازِل الشَّدِيدَة وأذهبه قولي لكل سَائل نعم وَنعم هَلَاك لِلْمَالِ من قديم الزَّمَان
4 - أَلا فَتى هَذَا تمن وَألف الِاسْتِفْهَام دخل على لَا النافية وَقَوله لَيْسَ أَبوهُ الخ هَذَا معنى مَا ورد فِي بعض الْآثَار اغتربوا وَلَا تضووا لِأَن الْوَلَد إِذا كَانَ بَين متشاركين فِي النّسَب مقاربين فِيهِ جَاءَ ضاويا مهزولا وَقَوله ترى الرِّجَال تهتدي بِأُمِّهِ أَي بِقَصْدِهِ وَالْمعْنَى أَتَمَنَّى فَتى ذَا همة غير ضَعِيف لَيْسَ بَين أَبِيه وَأمه نسب ترى الرِّجَال تقتدي بِهِ ويقصدون مَا يَقْصِدهُ وأختار أَن لَا يكون بَين أَبِيه وَأمه نِسْبَة لِأَن الْعَرَب تزْعم أَن الْوَلَد من الْقَرِيب يكون ضَعِيفا وَمن الْبعيد الْأَجْنَبِيّ يكون قَوِيا(2/356)
1 - وَقَالَ ابْن الْمولى ليزِيد بن حَاتِم بن قبيصَة بن الْمُهلب
(وَإِذا تبَاع كَرِيمَة أَو تشترى ... فسواك بَائِعهَا وَأَنت المُشْتَرِي)
3 - (وَإِذا توعرت المسالك لم يكن ... مِنْهَا السَّبِيل إِلَى نداك بأوعر)
4 - (وَإِذا صنعت صَنِيعَة أتممتها ... بيدين لَيْسَ نداهما بمكدر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن مُسلم بن الْمولى مولى الْأَنْصَار وَابْن الْمولى كنيته كَانَ شَاعِرًا مُتَقَدما مجيدا من مخضرمي الدولتين ومادحي أهلهما وَكَانَ ظريفا عفيفا نظيف الثِّيَاب حسن الْهَيْئَة وَكَانَ يسكن بقباء وَكَانَ يقدم على الْمهْدي فيمدحه وَكَانَ مداحا لجَعْفَر بن سُلَيْمَان وَقثم بن الْعَبَّاس الهاشميين وَيزِيد بن حَاتِم بن قبيصَة بن الْمُهلب وَأكْثر فِيهِ الْمَدْح وَكَانَ يزِيد قد تولى مصر ولاه الْمَنْصُور أَبُو جَعْفَر فقصده ابْن الْمولى إِلَى مصر وَكَانَ قد أنشأ فِيهِ قصيدة فأنشده إِيَّاهَا فَأعْطَاهُ حَتَّى رَضِي وَمرض عِنْده مَرضا طَويلا وَثقل حَتَّى أشفى على الْمَوْت فَلَمَّا أَفَاق من علته ونهض دخل عَلَيْهِ يزِيد بن حَاتِم متعرفا خَبره فَقَالَ لَوَدِدْت وَالله يَا أَبَا عبد الله أَن لَا تعالج بعدِي سفرا ثمَّ أَضْعَف صلته
2 - الْكَرِيمَة من الْخِصَال مَا يمدح بهَا صَاحبهَا وَاو بِمَعْنى الْوَاو وَأَرَادَ من البيع انصراف الرَّغْبَة عَن الْفَضَائِل وبالشراء النهوض إِلَيْهَا وَالرَّغْبَة فِيهَا
3 - توعرت من قَوْلهم طَرِيق وعر أَي غليظ والمسالك الطّرق والسبيل الطَّرِيق وَقَوله إِلَى نداك بأوعر الْبَاء زيدت فِي خبر يكن وَهُوَ قَلِيل وأوعر أَي وعر يُرِيد إِذا اشْتَدَّ الزَّمَان فانسدت الطّرق إِلَى من يَبْتَدِئ بِالْمَعْرُوفِ كَانَ الْوُصُول إِلَى عطائك سهلا لسماحتك
4 - الصنيعة عمل الْمَعْرُوف وَالْخَيْر والندى الْعَطاء(2/357)
(وَإِذا هَمَمْت لمعتفيك بنائل ... قَالَ الندى فأطعته لَك أَكثر)
(يَا وَاحِد الْعَرَب الَّذِي مَا إِن لَهُم ... من مَذْهَب عَنهُ وَلَا من مقصر)
3 - وَقَالَ الْمعدل بن عبد الله اللَّيْثِيّ
4 - (جزى الله فتيَان العتيك وَإِن نأت ... بِي الدَّار عَنْهُم خير مَا كَانَ جازيا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المعتفى طَالب الندى والنائل الْعَطاء معنى الأبيات الْأَرْبَعَة أَنَّك رجل لَا تزَال جادا فِي اصطناع الْمَعْرُوف وَفعل الْخيرَات فَأَنت تشتري المكارم وَغَيْرك يَبِيعهَا وَإِذا صعبت وَشقت الطّرق على النَّاس فالطريق إِلَى جودك وكرمك هينة سهلة على من يسلكها وَمن مَكَارِم أخلاقك وعلو همتك أَنَّك إِذا عملت عمل خير باشرته بِنَفْسِك وأكملته وَأَنت مسرور منشرح الصَّدْر وَأَيْضًا إِذا أردْت أَن تمنح وَتُعْطِي الطالبين لعطائك ناداك الْجُود قَائِلا أَكثر الْعَطاء فأطعته
2 - الْمَذْهَب الطَّرِيق والمقصر هُنَا الْحِيلَة والملجأ وَالْمعْنَى أَنَّك مُنْفَرد بَين الْعَرَب بخصال الْخَيْر الَّتِي مِنْهَا أَنهم لَا يقصدون فِي الْمُهِمَّات سواك وَلَا يعدلُونَ عَنْك
3 - كَانَ المعذل كثيرا مَا يقترف من الجنيات ويجترم على النَّاس وَكَانَت تلْزمهُ ديات كَثِيرَة وَكَانَ النهس بن ربيعَة الْعَتكِي يكفل عَنهُ مَا يلْزمه من المَال وَكَانَ النهس إِذا كفل عَنهُ دفع المعذل إِلَيْهِ فَوَقع المعذل ذَات يَوْم وَقبض عَلَيْهِ فأدركه النهس وَحمله على فرس وَأمره أَي ينجو بِنَفسِهِ وَأسلم نَفسه مَكَانَهُ فَلَمَّا نجا قَالَ لَهُ المعذل أخيرك بَين أَن أمدحك أَو أمدح قَوْمك فَاخْتَارَ مدح قومه فَقَالَ هَذِه الأبيات
4 - العتيك اسْم علم ونأت أَي بَعدت وَإِنَّمَا قَالَ وَإِن نأت بِي الدَّار عَنْهُم ليشير أَنه لَا يَبْتَغِي جَزَاء على الْمَدْح وَلَا يطْلب مُكَافَأَة على الثَّنَاء وَلَيْسَ هُوَ(2/358)
(هم خلطوني بالنفوس وأكرموا الصَّحَابَة ... لما حم مَا كنت لاقيا)
(هم يفرشون اللبد كل طمرة ... وأجرد سباح يبذ المغاليا)
3 - (طعامهم فوضى فضا فِي رحالهم ... وَلَا يحسنون السِّرّ إِلَّا تناديا)
4 - (كَأَن دنانيرا على قسماتهم ... إِذا الْمَوْت للأبطال كَانَ تحاسيا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
طامعا فِي ذَلِك وَالْمعْنَى قَابل الله رجال العتيك بِأَحْسَن الْجَزَاء وَإِن كَانَت دَاري بعيدَة عَنْهُم
1 - هم خلطوني بالنفوس مَعْنَاهُ أَنهم أنزلوه مِنْهُم منزلَة أنفسهم وَالصَّحَابَة بِمَعْنى الصُّحْبَة وحم الْأَمر قدر وَالْمعْنَى أَنهم عدوني مِنْهُم وأحسنوا فِي إكرامي وأكرموا صحبتي حِين مَا ألم بِي الضَّرَر وَقدر على الْأَذَى وَلَقِيت مِنْهُ الْأَمر الْعَظِيم
2 - يفرشون اللبد أَي يجْعَلُونَ اللبد فراشا للظهور يُقَال فرشت الْفراش وأفرشنيه فلَان أَي جعلني أفرشه والطمرة الْفرس الْكَثِيرَة الجري والأجرد الْفرس الْقصير الشّعْر ويبذ يغلب والمغالي السهْم يصفهم بالفروسية وجودة المطاردة
3 - فوضى من فوضت إِلَيْهِ الْأَمر والفضاء من فضت الأَرْض إِذا اتسعت وَلَا يحسنون السِّرّ الخ مَعْنَاهُ أَنهم لَا يَفْعَلُونَ قبيحا يستر وَالْمعْنَى لَا يستأثر بَعضهم على بعض فِي الْمَأْكُول وَلَا يَفْعَلُونَ قبيحا يستر فَكل أفعالهم ظَاهِرَة لِأَنَّهَا جميلَة
4 - القسمات الْوُجُوه وَيُقَال وَجه مقسم إِذا وَفِي كل جُزْء مِنْهُ حَظه من الْحسن والتحاسي من الحسو وَهُوَ الشّرْب شَيْئا بعد شَيْء وَالْمعْنَى إِذا شرب الْأَبْطَال كؤوس الْمَوْت قَلِيلا قَلِيلا من المهابة والفزع فَهَؤُلَاءِ يقدمُونَ عَلَيْهِ إقدام المسرور بِهِ المتهلل وَجه فَرحا(2/359)
وَقَالَ أَعْرَابِي
(وَزَاد وضعت الْكَفّ فِيهِ تأنسا ... وَمَالِي لَوْلَا أنسة الضَّيْف من أكل)
(وَزَاد رفعت الْكَفّ عَنهُ تكرما ... إِذا ابتدر الْقَوْم الْقَلِيل من الثفل)
3 - (وَزَاد أكلناه وَلم نَنْتَظِر بِهِ ... غَدا إِن بخل الْمَرْء من أسوإ الْفِعْل)
وَقَالَ بَعضهم
4 - (لقل عارا إِذا ضيف تضيفني ... مَا كَانَ عِنْدِي إِذا أَعْطَيْت مجهودي)
5 - (جهد الْمقل إِذا أَعْطَاك نائله ... ومكثر فِي الْغنى سيان فِي الْجُود)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الْمَعْنى رب أكل طيب مددت يَدي إِلَيْهِ لأونس الضَّيْف إِكْرَاما لَهُ وَإِن كنت لَا أجد فِي نَفسِي حَاجَة للْأَكْل لَوْلَا مُرَاعَاة الضَّيْف وإكرامه
2 - الثفل رذال الطَّعَام وخبيثه وَالْمعْنَى رب أكل خَبِيث رفعت يَدي عَنهُ أَنَفَة مِنْهُ وَكَرَاهَة لَهُ حِين بَادر غَيْرِي إِلَى قَلِيله الْخَبيث
3 - الْمَعْنى وَرب أكل عجلنا بِهِ فأكلناه وَلم نبقه إِلَى غَد مثل مَا تفعل البخلاء لأَنا منزهون عَن أسوإ الْفِعْل وَهُوَ الْبُخْل
4 - اللَّام فِي لقل جَوَاب قسم مُضْمر وعارا انتصب على لتمييز وفاعل قل مَا كَانَ عِنْدِي وتضيفني أَي نزل عَليّ وَالْمعْنَى لَا عَار فِي الْقَلِيل الَّذِي عِنْدِي إِذا أَعْطَيْت مجهودي فِي الْوَقْت الَّذِي ينزل فِيهِ عِنْدِي الضَّيْف
5 - جهد الْمقل مُبْتَدأ ومكثر مَعْطُوف على الْمقل وَقد حذف الْمُضَاف مِنْهُ وَالْمرَاد وَجهد مكثر وسيان خبر الْمُبْتَدَأ وَمَا عطف عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ جهد الْمقل إِذا أَعْطَاك مَا عِنْده وَجهد المكثر فِي الْغنى مثلان يُرِيد أَن قَلِيل المَال إِذا أَعْطَاك مَا عِنْده كالمكثر من الْغَنِيّ إِذا بذل من مَاله فِي أَحْكَام(2/360)
1 - وَقَالَ خلف بن خَليفَة مولى قيس بن ثَعْلَبَة
(عدلت إِلَى فَخر الْعَشِيرَة والهوى ... إِلَيْهِم وَفِي تعداد مجدهم شغل)
3 - (إِلَى هضبة من آل شَيبَان أشرفت ... لَهَا الذرْوَة العلياء والكاهل العبل)
4 - (إِلَى النَّفر الْبيض الألاء كَأَنَّهُمْ ... صَفَائِح يَوْم الروع أخلصها الصقل)
5 - (إِلَى مَعْدن الْعِزّ الْمُؤَيد والندى ... هُنَاكَ هُنَاكَ الْفضل والخلق الجزل)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْجُود وَالْكَرم
1 - هُوَ شَاعِر إسلامي مجيد محسن مقل كَانَ فِي زمن جرير والفرزدق وَكَانَ يُقَال لَهُ الأقطع لِأَنَّهُ قطعت يَده لسرقة أتهم بهَا وَكَانَ لسنا بذيا مر ذَات يَوْم على جمَاعَة فَلَقِيَهُ رجل فَقَالَ لَهُ خلف من الَّذِي يَقُول
(هُوَ الْقَيْن وَابْن الْقَيْن لاقين مثله ... لفطح الْمساحِي أَو لجدل الأداهم)
يعرض بالفرزدق فَقَالَ الرجل ذَاك الَّذِي يَقُول
(هُوَ اللص وَابْن اللص لَا لص مثله ... لنقب الْبيُوت أَو لطر الدَّرَاهِم)
يعرض بخلف
2 - الْمَعْنى صرفت همتي إِلَى ذكر مفاخر الْعَشِيرَة وَهُوَ أَي مَعَهم وَتركت غَيره لِأَن فِي عد مجدهم وإحصائه مَا يشغلني عَن غَيره
3 - الهضبة الْجَبَل من صَخْرَة وَاحِدَة والذروة أَعلَى الشَّيْء والكاهل مَا بَين الْكَتِفَيْنِ والعبل الضخم الممتلئ يَعْنِي بذلك بني شَيبَان وكنى عَنْهُم بالهضبة لأَنهم ملْجأ وحصن
4 - إِلَى النَّفر الْبيض الخ بدل مِمَّا قبله وَمعنى النَّفر الْبيض أَنهم أنقياء الْأَعْرَاض والألاء بِمَعْنى الَّذين وَمَا بعده صلته والصفائح السيوف والروع الْفَزع
5 - الْمُؤَيد المعزز المقوى والندى الْعَطاء والخلق الجزل المُرَاد بِهِ الْخلق الْكَرِيم الْحسن يَقُول عدلت عَمَّا كنت فِيهِ وملت إِلَى مدح(2/361)
(أحب بَقَاء الْقَوْم للنَّاس أَنهم ... مَتى يظعنوا من مصرهم سَاعَة يَخْلُو)
(عَذَاب على الأفواه مَا لم يذقهم ... عَدو وبالأفواه أَسمَاؤُهُم تحلو)
3 - (عَلَيْهِم وقار الْحلم حَتَّى كَأَنَّمَا ... وليدهم من أجل هيبته كهل)
4 - (إِذا استجهلوا لم يعزب الْحلم عَنْهُم ... وَإِن آثروا أَن يجهلوا عظم الْجَهْل)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بني شَيبَان الَّذين هم فِي عزة ومنعة من عدوهم مثل مَنْعَة الْجَبَل الَّذِي هُوَ صَخْرَة وَاحِدَة رفيعة عالية لَا تتزحزح من مَكَانهَا وملت إِلَى النَّفر الْكِرَام المطهري الأحساب الَّذين هم فِي هول الْحَرْب مثل السيوف الَّتِي أجيد صقلها حَتَّى خلصت من جَمِيع الأوساخ وملت إِلَى أصل الْعِزّ الْقوي ومنبع الْجُود ومقر الْفضل والأخلاق الْكَرِيمَة الطّيبَة
1 - بظعنوا يرحلوا وَالْمعْنَى أحب أَن لَا يرحل بَنو شَيبَان من بلدهم لأَنهم إِذا رحلوا خلت من النَّاس وَإِن كَانَ فِيهَا نَاس غَيرهم حَيْثُ أَنهم ينفعون النَّاس وَأَن غَيرهم لَا يعْمل مثل عَمَلهم
2 - عَذَاب على الأفواه يُرِيد أَن طعمهم حُلْو فِي الأفواه وَقَوله مَا لم يذقهم عَدو مَعْنَاهُ إِلَّا على أَفْوَاه الْأَعْدَاء فَإِن مذاقهم مر فِيهَا وَهَذَا كُله كِنَايَة عَن اللين والشدة وخشونة الْجَانِب وَالْمعْنَى أَن طبائعهم وأخلاقهم مَعَ أحبابهم كَرِيمَة لينَة وَمَعَ عدوهم قاسية شرسة وَأَنَّهُمْ لشمُول إحسانهم وَكَثْرَة محاسنهم يحلو ذكرهم فيطيب فِي السّمع
3 - الْوَلِيد الصَّبِي والكهل من الرِّجَال من جَاوز الثَّلَاثِينَ وَصفهم بالحلم والإناة فَبَالغ فِي ذَلِك حَتَّى قَالَ أَن الصَّبِي فِي وقاره وهيبته كمن جَاوز الثَّلَاثِينَ من عمره
4 - لم يعزب أَي لم يبعد وآثروا اخْتَارُوا وَالْمعْنَى أَنهم قوم لَا يبعد حلمهم إِذا جهل عَلَيْهِم وَإِن اخْتَارُوا أَن يظهروا الْجَهْل عظم جهلهم على غَيرهم(2/362)
(هم الْجَبَل الْأَعْلَى إِذا مَا تناكرت ... مُلُوك الرِّجَال أَو تخاطرت البزل)
(ألم نر أَن الْقَتْل غال إِذا رَضوا ... وَإِن غضبوا فِي موطن رخص الْقَتْل)
3 - (لنا فيهم حصن حُصَيْن وَمَعْقِل ... إِذا حرك النَّاس المخاوف وَالْأَزَلُ)
4 - (لعمري لنعم الْحَيّ يَدْعُو صريخهم ... إِذا الْجَار والمأكول أرهقه الْأكل)
5 - (سعاة على أفناء بكر بن وَائِل ... وتبل أقاصي قَومهمْ لَهُم تبل)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - تناكرت يجوز أَن يكون من النكراء وَهِي الداهية أَي تداهوا بمكايدهم وَيجوز أَن يكون من الْإِنْكَار ضد الْمعرفَة أَي يُنكر بَعضهم بَعْضًا لما ينطوي عَلَيْهِ كل لصَاحبه من سوء الرَّأْي وإضمار الشَّرّ وتخاطرت من الخطران وَهُوَ إشالة الأذناب وإدارتها عِنْد الْهياج وَهَذَا إِشَارَة إِلَى الْمُحَاربين إِذا تدافعوا وتضاربوا والبزل جمع بازل وَهُوَ الْبَعِير الَّذِي بلغ السّنة التَّاسِعَة من عمره وَالْمعْنَى أَنهم بلغُوا الْغَايَة فِي الدهاء وَأَنَّهُمْ يعلون رُؤَسَاء النَّاس قولا وفعلا ومكرا
2 - يصفهم بالشجاعة وعلو الجاه وَعظم الشَّأْن والمهابة عِنْد النَّاس فَيَقُول إِن رضاهم إحْيَاء وسخطهم إفناء
3 - المعقل الملجأ وَالْأَزَلُ الضّيق والشدة وَالْمعْنَى أَنهم الملجأ عِنْد المخاوف والشدائد
4 - الصَّرِيخ المستغيث وأرهقه ضيق عَلَيْهِ وغشيه وَالْمعْنَى فَنعم الْحَيّ هم إِذا اسْتَغَاثَ بهم المستغيث واستنصرهم وَإِذا دعاهم أجابوه وَإِذا الْجَار مَأْكُول ومطموع فِيهِ وَإِذا اشْتَدَّ الزَّمَان وَنزل بِالنَّاسِ الكرب
5 - سعى عَلَيْهِ أَقَامَ بأَمْره والتبل الذحل والثار الأقاصي الأباعد وَالْمعْنَى أَنهم يقومُونَ مَأْمُور بكر بن وَائِل ويذبون عَنْهُم وذحل الأباعد من قَومهمْ كذحل(2/363)
(إِذا طلبُوا ذحلا فَلَا الذحل فَائت ... وَإِن ظلمُوا أكفاءهم بَطل الذحل)
(مواعيدهم فعل إِذا مَا تكلمُوا ... بِتِلْكَ الَّتِي إِن سميت وَجب الْفِعْل)
3 - (بحور تلاقيها بحور غزيرة ... إِذا زخرت قيس وَأَخَوَاتهَا ذهل)
وَقَالَ آخر
4 - (عَادوا مروءتنا فضلل سَعْيهمْ ... وَلكُل بَيت مُرُوءَة أَعدَاء)
5 - (لسنا إِذا ذكر الفعال كمعشر ... أزرى بِفعل أَبِيهِم الْأَبْنَاء)
وَقَالَ المتَوَكل اللَّيْثِيّ تقدّمت تَرْجَمته
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمُخْتَص بهم لأَنهم يتشمرون فِي الانتقام والانتصار فيهمَا على حد وَاحِد
1 - الذحل الثار وَالْمعْنَى أَن لَهُم الْقَهْر وَالْغَلَبَة فَإِذا طلبُوا ثارا فَلَا يفوتهُمْ وَإِن ظلمُوا أكفاءهم فِي الْحَرْب فَلَا يطالبهم أحد بثار
2 - بِتِلْكَ أَي بِلَفْظ نعم يصفهم بِالْوَفَاءِ فَيَقُول إِذا قَالُوا نعم وَجب الْفِعْل فَلم يتَأَخَّر
3 - غزيرة أَي كَثِيرَة وزخر الْبَحْر إِذا طما وَعلا موجه وَقيس اسْم قَبيلَة تنْسب إِلَى قيس ابْن ثَعْلَبَة بن عكابة وَذهل اسْم قَبيلَة أَيْضا تنْسب إِلَى ذهل بن شَيبَان بن عكابة وَصفهم بِالْكَثْرَةِ فشبههم بالبحور الْكَثِيرَة فَيَقُول هم كَثِيرُونَ كأعدائهم
4 - عَادوا مروءتنا من الْعَدَاوَة يُرِيد حسدونا على مروءتنا وضلل سَعْيهمْ أَي نسب إِلَى الضلال لما لم يلْحقُوا شأونا
5 - الفعال الْكَرم وأزرى بِهِ عابه وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنهم حسدونا على علو همتنا ومروءتنا فخاب سَعْيهمْ وَلَا يَخْلُو أهل الْمُرُوءَة من أَعدَاء وحساد وَأَنا قوم لَا نعتمد على أنسابنا وعَلى مَا قدمه أسلافنا من المفاخر والمساعي لكننا نعمر مَا شيدوه وَلَا نعيب فعلهم(2/364)
(لسنا وَإِن أحسابنا كرمت ... يَوْمًا على الأحساب نَتَّكِل)
(نَبْنِي كَمَا كَانَت أوائلنا ... تبني ونفعل مثل مَا فعلوا)
3 - وَقَالَ طريح بن إِسْمَاعِيل الثَّقَفِيّ
4 - (طلبت ابْتِغَاء الشُّكْر فِيمَا صنعت بِي ... فقصرت مَغْلُوبًا وَإِنِّي شَاكر)
5 - (وَقد كنت تُعْطِينِي الجزيل بديهة ... وَأَنت لما استكثرت من ذَاك حاقر)
6 - (فأرجع مغبوطا وَترجع بِالَّتِي ... لَهَا أول فِي المكرمات وَآخر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الْمَعْنى أَنا لَا تنكل على أحسابنا فِي يَوْم من الْأَيَّام وَإِن كَانَت كَرِيمَة
2 - الْمَعْنى لَا نعتمد على الأحساب بل نَبْنِي ونشيد مَا شيده وبناه آبَاؤُنَا من الْكَرم وَالْمجد ونقتدي بهم فِي جَمِيع فعالهم من المكارم
3 - وجده عبيد بن أسيد بن علاج بن أبي سَلمَة بن عبد الْعُزَّى بن قسي وَهُوَ ثَقِيف بن مُنَبّه بن بكر أحد بني قيس عيلان بن مُضر ويكنى طريح أَبَا الصَّلْت وَهُوَ شَاعِر من شعراء الْإِسْلَام فِي عهد بني أُميَّة وَكَانَ خصيصا بالوليد بن يزِيد لفَاسِق المارق من الدّين واستفرغ شعره فِيهِ وَكَانَ الْوَلِيد بن يزِيد يكرم طريحا وَكَانَت لَهُ مِنْهُ منزلَة ومكانة وَكَانَ يدني مَجْلِسه ويجعله أول دَاخل وَآخر خَارج وَلم يكن يصدر إِلَّا عَن رَأْيه وَمَات طريح أَيَّام الْمهْدي وَهَذَا الشّعْر بمدح بِهِ خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي
4 - الْمَعْنى حاولت طلب شكرك على مَا أوليتني من صنيعك وجميلك فعجزت عَن إِدْرَاك مَا يُوجِبهُ حَقك عَليّ من الشكران مَعَ بذل قصارى جهدي فِي ذَلِك
5 - الجزيل الْكثير وبديهة أَي من غير سُؤال
6 - الْغِبْطَة أَن تتمنى مثل مَا لغيرك بِدُونِ أَن تُرِيدُ زَوَاله عَنهُ وَمعنى(2/365)
وَقَالَ حبيب بن عَوْف
(فَتى زَاده السُّلْطَان فِي الْحَمد رَغْبَة ... إِذا غير السُّلْطَان كل خَلِيل)
وَقَالَ ابْن الزبير الْأَسدي يفضل مُحَمَّد بن مَرْوَان على عبد الْعَزِيز تقدّمت تَرْجَمته
(لَا تجعلن مثدنا ذَا سرة ... ضخما سرادقه عَظِيم الموكب)
3 - (كأعر يتَّخذ السيوف سرادقا ... يمشي برايته كمشي الأنكب)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْبَيْتَيْنِ طالما أَنْعَمت عَليّ بِالنعَم الْكَثِيرَة من غير سُؤال مني فأجده كثيرا وَأَنت تَجدهُ قَلِيلا حَقِيرًا فأرجع عَنْك مرموقا تتمنى النَّاس أَن يكون لَهُم مِنْك مثل مَا كَانَ لي وَترجع أَنْت بخصال الْكَرم والسبق إِلَى الْغَايَة الْمَطْلُوبَة لَهَا أول يبتدأ بِهِ وَآخر يَنْتَهِي إِلَيْهِ
1 - الْمَعْنى أَنه رجل كريم الْأَخْلَاق حسن الشَّمَائِل لم يبطره الْغنى وَلَا أطغاه السُّلْطَان والإمارة
2 - المثدن الضخم السمين الثقيل الْجِسْم الْكثير اللَّحْم وَقَوله ذَا سرة يُرِيد أَنَّهَا ضخمة لِأَن كل النَّاس لَهُم سرر إِلَّا أَنهم يخصون فِي بعض الْمَوَاضِع لعلم السَّامع بِمَا يُرِيدُونَ والسرادق مَا حول الْخَيْمَة والقبة يُرِيد أَنه مستظل لَهُ وقاء من الْحر وَالْبرد لَا يبتذل فِي الحروب وَلَا يركب مركبا صعبا
3 - الأنكب الَّذِي أحد مَنْكِبَيْه أشرف من الآخر أَي أَعلَى مِنْهُ وَمعنى الْبَيْتَيْنِ لَا تجْعَل رجلا ضخم الْجِسْم مستظلا لَهُ وقاء من الْحر وَالْبرد لَا يبتذل فِي الحروب وَلَا يركب مركبا صعبا كَرجل عَظِيم شُجَاع يتَّخذ السيوف ظلالا وَإِذا مَشى برايته ولوائه مَشى مشي رجل أحد مَنْكِبَيْه أَعلَى من الآخر دلَالَة على شرفه(2/266)
(فتح الْإِلَه بِشدَّة لَك شدها ... مَا بَين مشرقها وَبَين الْمغرب)
(جمع ابْن مَرْوَان الْأَغَر مُحَمَّد ... بَين ابْن أشترهم وَبَين المصعب)
3 - وَقَالَ أعشى بني أبي ربيعَة
4 - (وَمَا أَنا فِي أَمْرِي وَلَا فِي خصومتي ... بمهتضم حَقي وَلَا قارع سني)
5 - (وَلَا مُسلم مولَايَ عِنْد جِنَايَة ... وَلَا خَائِف مولَايَ من شَرّ مَا أجني)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وعلو مَنْزِلَته
1 - الشدَّة الحملة وَالْمعْنَى فتح الله لَك الْبِلَاد مشرقا ومغربا بِمَا شده لَك من الحملات
2 - ابْن الأشتر هُوَ مَالك بن الأشتر النَّخعِيّ وأضافه إِلَى من كَانَ يدين لَهُم وَيدخل تَحت طَاعَته وهواه وَمصْعَب هُوَ بن الزبير يُرِيد أَن مُحَمَّد بن مَرْوَان جمع بَين قتل ابْن الأشتر وَمصْعَب ابْن الزبير فأراح مِنْهُمَا
3 - اسْمه عبد الله بن خَارِجَة بن حبيب أحد بني أبي ربيعَة ابْن ذهل بن شَيبَان وَهُوَ شَاعِر إسلامي مرواني الْمَذْهَب شَدِيد التعصب لبني أُميَّة قدم ذَات يَوْم على عبد الْملك بن مَرْوَان فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ عبد الْملك مَا الَّذِي بَقِي من شعرك فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنا الَّذِي أَقُول
(وَمَا أَنا فِي أَمْرِي وَلَا فِي خصومتي) الأبيات فَلَمَّا فرغ قَالَ عبد الْملك من يلومني على هَذَا وَأمر لَهُ بصلَة كَبِيرَة
4 - الاهتضام الظُّلم وَقَوله حَقي أَي مَا اسْتَحَقَّه على النَّاس وَلَا قارع سني أَي لَا أندم على شَيْء أَفعلهُ لكَمَال حزمي وصواب تدبيري وَالْمعْنَى لست بمهتضم حَقي وَلَا نادم على فعل مَا يحسن فعله وَذَلِكَ لعزتي وشرفي
5 - الْمولى ابْن الْعم هُنَا وَالْمعْنَى إِذا جنى ابْن عمي جِنَايَة لم أخذله وَلَكِنِّي أدفَع عَنهُ وَلَا ألزمهُ جنايتي(2/367)
(وَأَن فؤادا بَين جَنْبي عَالم ... بِمَا أَبْصرت عَيْني وَمَا سَمِعت أذنى)
(وفضلنى فِي الشّعْر واللب أنني ... أَقُول على علم وَأعرف مَا أَعنِي)
3 - (وأصبحت إِذْ فضلت مَرْوَان وَابْنه ... على النَّاس قد فضلت خير أَب وَابْن)
وَقَالَ أَيْضا فِي سُلَيْمَان بن عبد الْملك
4 - (أَتَيْنَا سُلَيْمَان الْأَمِير نزوره ... وَكَانَ امْرأ يحبى وَيكرم زَائِره)
5 - (إِذا كنت بالنجوى بِهِ متزدا ... فَلَا الْجُود مخليه وَلَا الْبُخْل حاضره)
6 - (كلا شَافِعِيّ سُؤَاله من ضَمِيره ... عَن الْجَهْل ناهيه وبالحلم آمره)
7 - وَقَالَ الْكُمَيْت يمدح مسلمة بن عبد الْملك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - يُرِيد أَنه ذُو فطنة ونباهة خَبِير بتصاريف الْأُمُور
2 - الْمَعْنى أَنه متيقظ منتبه لَا يَقُول بِجَهْل وَلَا ينْطق إِلَّا عَن معرفَة وَعلم وَبِذَلِك فضل فِي الشّعْر وَالْعقل
3 - الْمَعْنى أَنِّي حِين فضلت مَرْوَان بن الحكم وَابْنه عبد الْملك على النَّاس فضلت أفضل أَب وَخير ابْن
4 - الحباء الْعَطاء وَالْمعْنَى جِئْنَا لزيارة الْأَمِير سُلَيْمَان الَّذِي ينعم على زَائِره ويكرمه
5 - النَّجْوَى مَا يكون من الحَدِيث فِي الْخلْوَة وَالْمعْنَى إِذا وَقعت فِي خاطره وتفردت بمناجاته فالجود نصب عَيْنَيْهِ وَالْبخل غَائِب عَن همه
6 - سُؤَاله جمع سَائل وتزعم الْعَرَب أَن الْإِنْسَان لَهُ نفسان عِنْد مَا يحضرهُ من الفعال والمقال فإحداهما تَأمره بِالْفِعْلِ وَالْأُخْرَى تنهاه وتبعثه على التّرْك وَمعنى الْبَيْت أَن كلتا نفسيه تنهاه عَن الْبُخْل وتأمره بالبذل والأفضال
7 - هُوَ الْكُمَيْت بن زيد أحد بني أَسد ابْن خُزَيْمَة شَاعِر مقدم عَالم بلغات الْعَرَب خَبِير بأيامها ووقائعها وَهُوَ من(2/268)
(فَمَا غَابَ عَن حلم وَلَا شهد الْخَنَا ... وَلَا استغذب العوراء يَوْمًا فَقَالَهَا)
(يَدُوم على خير الْخلال وَيَتَّقِي ... تصرمها من شِيمَة وانتقالها)
3 - (وتفضل إِيمَان الرِّجَال شِمَاله ... كَمَا فضلت يمنى يَدَيْهِ شمالها)
4 - (وَمَا أجم الْمَعْرُوف من طول كره ... وأمرا بِأَفْعَال الندى وافتعالها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شعراء مُضر وألسنتها والمتعصبين على القطحانية المقارعين لشعرائهم الْعلمَاء بمثالبهم ومعايبهم وَكَانَ فِي أَيَّام بني أُميَّة وَلم يدْرك بني الْعَبَّاس وَكَانَ مَعْرُوفا بالتشيع لبني هَاشم مَشْهُورا بذلك وقصائده الهاشميات من جيد شعره ومختاره وَاعْلَم أَن من يُقَال لَهُ الْكُمَيْت من الشُّعَرَاء ثَلَاثَة كلهم من بني أَسد بن خُزَيْمَة أَوَّلهمْ الْكُمَيْت الْأَكْبَر ابْن ثَعْلَبَة بن نَوْفَل وَالثَّانِي الْكُمَيْت ابْن مَعْرُوف بن الْكُمَيْت الْأَكْبَر وَالثَّالِث ابْن زيد هَذَا
1 - الْخَنَا الْفُحْش والعوراء الْكَلِمَة القبيحة يُرِيد أَنه ملازم للحلم عفيف متنزه عَن النقائص
2 - وَيَتَّقِي أَي يخَاف ويتحفظ والتصرم الِانْقِطَاع وَالْمعْنَى أَنه يحب الْخَيْر أبدا ويتحفظ من أَن تَزُول عَنهُ شِيمَة كَرِيمَة أَو خلق حسن
3 - الْمَعْنى أَن يَده الشمَال تزيد فِي الْفضل والأفضال على أَيْمَان الرِّجَال مثل مَا غلبت وزادت يَمِينه على شِمَاله
4 - وَمَا أجم الْمَعْرُوف أَي مَا كرهه وَقَوله وأمرا بِأَفْعَال الندى عطفه على الْمَعْرُوف يُرِيد وَمَا أجم الْأَمر بِفعل الندى واكتسابه لَهُ كَأَنَّهُ كَانَ يبْعَث غَيره عَلَيْهِ تَارَة ويتولى فعله بِنَفسِهِ أُخْرَى وَيُقَال كرّ الشَّيْء إِذا توالى وتتابع وَالْمعْنَى أَنه لم يكره فعل الْخَيْر وَإِن طَال تكراره وتواتره وَلم يكن يكره الْأَمر بِفعل الندى واكتسابه لَهُ(2/369)
(ويبتذل النَّفس المصونة نَفسه ... إِذا مَا رأى حَقًا عَلَيْهِ ابتذالها)
(بلوناك فِي أهل الندى ففضلتهم ... وباعك فِي الأبواع قدما فطالها)
3 - (فَأَنت الندى فِيمَا يَنُوبك والسدى ... إِذا الخود عدت عقبَة الْقدر مَالهَا)
وَقَالَ المتَوَكل اللَّيْثِيّ تقدّمت تَرْجَمته
4 - (مدحت سعيدا واصطفيت ابْن خَالِد ... وللخير أَسبَاب بهَا يتوسم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - نَفسه الثَّانِيَة بدل من النَّفس الأولى فِي الْبَيْت ذَاته والابتذال ضد الصيانة وَالْمعْنَى أَنه بلغ من كرمه وَطيب أَصله وأخلاقه أَنه إِذا رأى ابتذال نَفسه وَاجِبا عَلَيْهِ حَقًا ملازما لَهُ يبتذلها وَلَا يصونها يُرِيد أَنه كَانَ يفعل ذَلِك فِي الشدائد
2 - بلوناك أَي اختبرناك وَيُقَال فاضلت فلَانا ففضلته فَأَنا أفضله بِالضَّمِّ إِذا غلبته فِي الْفضل وباعك مَعْطُوف على ضمير الْمُخَاطب فِي بلوناك يُرِيد أَن لَك الْغَلَبَة على أهل الْجُود وَالْفضل من قديم
3 - الندى والسدى هما الرُّطُوبَة الَّتِي تنزل من السَّمَاء فتجمد من شدَّة الْبرد وَأَرَادَ بهما الْإِحْسَان وَالْمَعْرُوف ونابه الْأَمر نزل بِهِ والخود الْمَرْأَة الناعمة الشَّابَّة وَخص الخود لكرمها ونعمتها وَعقبَة الْقدر مَا يبْقى فِيهَا من المرق وَغَيره ويكنى بِهِ عَن سنة الجدب وَالْمعْنَى أَنْت الَّذِي فاض برك وإحسانك حَتَّى سميت بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَان فِي حِين أَن الْمَرْأَة الناعمة الَّتِي يغلب عَلَيْهَا الْكَرم وَالنعْمَة تعد مَا يفضل فِي أَسْفَل الْقدر مَالهَا وذخيرتها
4 - توسم الشَّيْء تخيله وتفرسه يَقُول اخْتَرْت من بَين النَّاس ابْن خَالِد ومدحت سعيدا وأثنيت عَلَيْهِ وللخير وُجُوه يتَبَيَّن وسمه وعلامته بهَا(2/370)
(فَكنت كمجتس بمحفاره الثرى ... فصادف عين المَاء إِذْ يترسم)
(فَإِن يسْأَل الله الشُّهُور شَهَادَة ... تنبي جُمَادَى عَنْكُم وَالْمحرم)
3 - (بأنكما خير الْحجاز وَأَهله ... إِذا جعل الْمُعْطِي يمل ويسأم)
وَقَالَ نصيب فِي عمر بن عبيد الله بن معمر التَّيْمِيّ تقدّمت تَرْجَمته
4 - (وَالله مَا يدْرِي امرء ذُو جَنَابَة ... وَلَا جَار بَيت أَي يوميك أَجود)
5 - (أيوم إِذا ألفيته ذَا يسارة ... فَأعْطيت عفوا مِنْك أم يَوْم تجهد)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المجتس المتجسس المتلمس والمحفار آلَة الْحفر وَالثَّرَى التُّرَاب ويترسم يتبع الرسوم والْآثَار وَالْمعْنَى فَكنت فِي اصطفائي إيَّاهُمَا كَرجل يتطلب المَاء بمحافره من تُرَاب الأَرْض فصادف عينه ومنبعه أَي أصبت فِي الْقَصْد وَالِاخْتِيَار وَوضعت الثَّنَاء فِي مَوْضِعه
2 - تنبي أَي تخبر وَإِنَّمَا خص جُمَادَى وَالْمحرم لِأَن جُمَادَى من أشهر الْقَحْط وَالْمحرم من الْأَشْهر الْحرم
3 - بأنكما مُتَعَلق بقوله تنبي فِي الْبَيْت قبله وَجعل بِمَعْنى طفق وَأَقْبل فَلَا يتَعَدَّى والسآمة الضجر يَقُول أَن يسْأَل الله عَنْكُم الشُّهُور أخْبرت جُمَادَى بقراكم الضَّيْف وصلتكم الرَّحِم وَهُوَ شهر برد وجدب وَأخْبر الْمحرم بحفظكم حرمته وتأديتكم حَقه لِأَنَّهُ شهر حرَام لَا يسفك فِيهِ دم وَلَا ينهب فِيهِ شَيْء
4 - الْجَنَابَة هُنَا بِمَعْنى الغربة وَجعل الْجُود لليوم على طَريقَة قَوْله تَعَالَى {بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار} لما كَانَ فيهمَا وعَلى حد قَول النَّاس نَهَاره صَائِم وليله نَائِم
5 - أيوم الخ هَذَا تَفْصِيل لما أجمله قبل وَمعنى ألفيته ألفيت فِيهِ وَجعل الْيَوْم مَفْعُولا بِهِ على السعَة وَذَا يسارة حَال من التَّاء وَيُقَال هُوَ ذُو يسَار(2/371)
(وَإِن خليليك السماحة والندى ... مقيمان بِالْمَعْرُوفِ مَا دمت تُوجد)
(مقيمان ليسَا تاركيك لخلة ... من الدَّهْر حَتَّى يفقدا حِين تفقد)
وَقَالَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت تقدّمت تَرْجَمته
3 - (أأذكر حَاجَتي أم قد كفاني ... حياؤك إِن شيمتك الْحيَاء)
4 - (وعلمك بالحقوق وَأَنت فرع ... لَك الْحسب الْمُهَذّب والسناء)
5 - (خَلِيل لَا يُغَيِّرهُ صباح ... عَن الْخلق الْجَمِيل وَلَا مسَاء)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويساره أَي صَاحب يسر وَمعنى الْبَيْتَيْنِ لَا يعلم الْغَرِيب المتنائي عَنْك وَلَا الْقَرِيب المتداني مِنْك أَي وقتيك أَكثر سخاء وَخيرا وَقت كونك مُوسِرًا غَنِيا أم وَقت كونك مُعسرا مجهودا
1 - السماحة هِيَ سهولة الْجَانِب فِي الْإِعْطَاء وَطيب النَّفس بِهِ وَقَوله مقيمان أَي ثابتان
2 - الْخلَّة الْحَاجة والفقر وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَن السماحة والندى صديقان لَك ثابتان عنْدك بِسَبَب برك ومعروفك مَا دمت أَنْت حَيا وَلَا يُمكن أَن يفارقاك لفقر أَو حَاجَة نزلت بك من الْأَيَّام بل هما ملازمان لَك لَا يزولان إِلَّا بزوالك
3 - الشيمة الْخلق والطبع
4 - السناء الرّفْعَة وَمعنى الْبَيْتَيْنِ يَكْفِينِي عَن ذكر حَاجَتي حياؤك الَّذِي هُوَ طبع فِيك ومعرفتك الْحُقُوق وَأَنت صَغِير مَالك للحسب الْمُهَذّب النقي والعز والرفعة
5 - خَلِيل أَي أَنْت خَلِيل وَقَوله لَا يُغَيِّرهُ صباح الخ أَي لَا تغيره الْأَوْقَات عَمَّا ألف من الْبر وَخص الصَّباح والمسار لِأَنَّهُمَا وقتا الإغارة والضيافة وَالْمعْنَى أَنْت صديق لَا تغيره الْأَوْقَات عَمَّا اعْتَادَ من بره وإحسانه(2/372)
(وأرضك كل مكرمَة بنتهَا ... بَنو تيم وَأَنت لَهَا سَمَاء)
(إِذا أثنى عَلَيْك الْمَرْء يَوْمًا ... كَفاهُ من تعرضه الثَّنَاء)
3 - (تباري الرّيح مكرمَة ومجدا ... إِذا مَا الْكَلْب أجحره الشتَاء)
وَقَالَ ابْن عبدل الْأَسدي تقدّمت تَرْجَمته
4 - (بَينا هم بِالظّهْرِ قد جَلَسُوا ... يَوْمًا بِحَيْثُ ينْزع الذّبْح)
5 - (فَإِذا ابْن بشر فِي مواكبه ... تهوي بِهِ خطارة سرح)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - وأرضك الخ يُرِيد بأرضه مَا توطد لَهُ من مباني الْمجد والشرف وَجعل تفقده ومراعاته من بعد وتوفره على مَا يشيده بِنَفسِهِ كالسماء وَقد علم أَن حَيَاة الأَرْض إِنَّمَا تكون بِمَا ينزل على الأَرْض من الْمَطَر وَالْمعْنَى أَن مَا تبنيه بَنو تيم من مباني الْمجد والشرف كالأرض لَك وَأَنت لَهُ سَمَاء فَأَنت تحييه كَمَا أَن السَّمَاء تحيي الأَرْض بغيثها
2 - أثنى عَلَيْك مدحك وَالْمعْنَى أَن مادحك لَا يحْتَاج إِلَى قصدك بِهِ لِأَنَّهُ مَتى تأدى إِلَيْك مدحه أنلته إحسانك فأغنيته عَن التَّعَرُّض وَالْقَصْد
3 - تباري تجاري وأجحر الشتَاء الْكَلْب أدخلهُ الْجُحر وَهُوَ كل مَا تحفره الوحوش والهوام لتأوي إِلَيْهِ وَالْمعْنَى قد فاض برك وَعظم مجدك حَتَّى شابها الرّيح كَثْرَة وَقُوَّة فِي حِين أَن الْكَلْب من شدَّة الْبرد الَّذِي يكثر فِيهِ الْقَحْط ويعم الجدب قد أَوَى إِلَى جُحْره
4 - الظّهْر مَا علا من الأَرْض وَهُوَ هُنَا مَوضِع وَالذّبْح نبت لَهُ أصل يقشر عَنهُ وَيخرج كالجزر ويقشر عَنهُ جلد أسود وَهُوَ حُلْو يُؤْكَل وَله زهر أَحْمَر
5 - المواكب جمع موكب وَهُوَ الْجَمَاعَة يكونُونَ راكبين وتهوى تسرع(2/373)
(فَكَأَنَّمَا نظرُوا إِلَى قمر ... أَو حَيْثُ علق قوسه قزَح)
وَقَالَ حَاتِم بن عبد الله الطَّائِي تقدّمت تَرْجَمته
(مَتى مَا يَجِيء يَوْمًا إِلَى المَال وارثي ... يجد جمع كف غير ملأى وَلَا صفر)
3 - (يجد فرسا مثل الْعَنَان وصارما ... حساما إِذا مَا هز لم يرض بالهبر)
4 - (وأسمر خطيا كَأَن كوبه ... نوى القسب قد أرمى ذِرَاعا على الْعشْر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والخطارة الَّتِي تخطر فِي مشيها نشاطا والسرح السهلة الْيَدَيْنِ
1 - قَوس قزَح قَوس السَّحَاب وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة بَيْنَمَا كَانَ الْقَوْم جُلُوسًا فِي الْموضع الْمُسَمّى بِالظّهْرِ فِي حِين نزع الذّبْح وجنيه إِذْ جَاءَ الْأَمِير ابْن بشر وَمَعَهُ جَيْشه وَالْخَيْل مسرعة بهم فكأنهم فِي شخوص أَبْصَارهم نَحوه ينظرُونَ الْقَمَر أَو السَّمَاء فِي حِين ظُهُور قَوس قزَح لوسامته وَحسن منظره وارتفاع مجده
2 - جمع كف هُوَ قدر مَا يشْتَمل عَلَيْهِ الْكَفّ من المَال وَغَيره يَقُول مَتى جَاءَ وارثي بعد موتِي يجد قدرا من المَال لَا يُوصف بِالْكَثْرَةِ وَلَا بالقلة
3 - الْعَنَان الْجَام وَشبه الْفرس بالعنان فِي أدماجه ضموره وصارما حساما أَي سَيْفا قَاطعا والهبر الْقطع
4 - الأسمر الرمْح والخطى مَنْسُوب إِلَى خطّ وَهُوَ مرسى السفن بِالْبَحْرَيْنِ والكعوب العقد والقسب ضرب من التَّمْر غليظ النَّوَى صلبه وَمعنى الْبَيْتَيْنِ يجد فرسا ضامرة وسيفا قَاطعا إِذا حرك فِي الضريبة لم يرض بِالْقطعِ وَلَكِن يتجاوزه وَيخرج إِلَى مَا رواءه ويجد رمحا خطيا صلب العقد لم يكن طَويلا فيضطرب حِين الطعْن بِهِ وَلَا قَصِيرا فيقصر عَن الطعْن(2/374)
وَقَالَ آخر
(آل الْمُهلب قوم خولوا شرفا ... مَا ناله عَرَبِيّ لَا وَلَا كادا)
(لَو قيل للمجد حد عَنْهُم وخالهم ... بِمَا احتكمت من الدُّنْيَا لما حادا)
3 - (إِن المكارم أَرْوَاح يكون لَهَا ... آل الْمُهلب دون النَّاس أجسادا)
وَقَالَت قتيلة أُخْت النَّضر بن الْحَرْث تقدّمت ترجمتها
4 - (الْوَاهِب الْألف لَا يَبْغِي بهَا بَدَلا ... إِلَّا الْإِلَه ومعروفا بِمَا اصطنعا)
5 - وَقَالَت صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - خولوا ملكوا وَكَاد قرب وَالْمعْنَى أَن آل الْمُهلب ملكهم الله شرفا لم ينله عَرَبِيّ وَمَا قرب أَن يحوزه
2 - خالهم أَي تخل عَنْهُم وأتركهم وَالْمعْنَى لَو قلت للمجد وَكَانَ مِمَّن يعقل انْصَرف عَن آل الْمُهلب وَخذ حكمك مَا شِئْت لم يفارقهم
3 - جعل آل الْمُهلب دون النَّاس أرواحا للمكارم فَيَقُول إِن قوام المكارم بآل الْمُهلب مثل قوام الأجساد بالأرواح
4 - الْمَعْنى تصفه بِأَنَّهُ يتلذذ بِفعل الْمَعْرُوف واحتساب الْأجر عِنْد الله تَعَالَى
5 - وجدهَا هَاشم بن عبد منَاف القرشية الهاشمية وَهِي عمَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأُخْت حَمْزَة بن عبد الْمطلب لأَبِيهَا وَأمّهَا وَهِي أم الزبير بن الْعَوام وَكَانَ قد تزَوجهَا فِي الْجَاهِلِيَّة الْحَارِث بن حَرْب بن أُميَّة أَخُو أبي سُفْيَان فَمَاتَ عَنْهَا فَتَزَوجهَا الْعَوام بن خويلد فأولدها الزبير وَعبد الْكَعْبَة وَلم يخْتَلف فِي إسْلَامهَا وَاخْتلف فِي عَاتِكَة وأروى وَالصَّحِيح أَنه لم يسلم غَيرهَا وَلما قتل أَخُوهَا حَمْزَة وجدت عَلَيْهِ وجدا شَدِيدا وَلكنهَا صبرت صبرا عَظِيما وَأَقْبَلت لتراه(2/375)
(أَلا من مبلغ عني قُريْشًا ... فَفِيمَ الْأَمر فِينَا والإمار)
(لنا السّلف الْمُقدم قد علمْتُم ... وَلم توقد لنا بالغدر نَار)
3 - (وكل مَنَاقِب الْخيرَات فِينَا ... وَبَعض الْأَمر منقصة وعار)
وَقَالَ زِيَاد الْأَعْجَم يمدح عمر بن عبيد الله بن معمر تقدّمت تَرْجَمته
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِأحد فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لابنها الزبير ألقها فأرجعها لَا ترى مَا بأخيها فلقيها الزبير وَقَالَ أَي أمه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْمُرك أَن تَرْجِعِي قَالَت وَلم وَقد بَلغنِي أَنه مثل بأخي وَذَاكَ فِي ذَات الله فَمَا أرضانا بِمَا كَانَ من ذَلِك لأصبرن ولأحتسبن إِن شَاءَ الله وَعَاشَتْ صَفِيَّة كثيرا وَتوفيت سنة عشْرين فِي خلَافَة عمر
1 - الرسَالَة الَّتِي تطلب إبلاغها قَوْلهَا فَفِيمَ الْأَمر الخ والأمار الْمُشَاورَة كَأَنَّهَا تستجهل قُريْشًا فَتَقول من يبلغهم عني لماذا كَانَ الْأَمر والإمار فينادون غَيرنَا
2 - لنا السّلف الْمُقدم الخ هَذَا بَيَان لسَبَب اخْتِصَاص قَومهَا بِالْأَمر والأمار وتعني بالسلف الْمُقدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَوْلها لم توقد لنا بالغدر نَار مَعْنَاهُ لم نغدر فتوقد نَار للشهرة وَعَادَة الْعَرَب أَنهم إِذا أَرَادوا أَن يشهروا إنْسَانا بالغدر أوقدوا نَارا فَاجْتمع إِلَيْهَا النَّاس ثمَّ نَادَى مُنَاد إِلَّا أَن فلَانا قد غدر نخاطب بِهَذَا بني أُميَّة وَتقول كَيفَ تكون الْولَايَة لكم وَالسَّلَف الْمُقدم لنا
3 - المناقب جمع منقبة وَهِي مَا يُؤثر من المكارم والمحامد وَالْمعْنَى أَن جَمِيع مَا يُؤثر من الْخَيْر اجْتمع فِينَا وأعراضنا مصونة وَلَا يمسنا شَيْء من المنقصة والعار(2/276)
(أَخ لَك لَيْسَ خلته بمذق ... إِذا مَا عَاد فقر أَخِيه عادا)
(أَخ لَك لَا ترَاهُ الدَّهْر إِلَّا ... على العلات بساما جوادا)
وَقَالَت امْرَأَة من بني مَخْزُوم
3 - (إِن تسألي فالمجد غير البديع ... قد حل فِي تيم ومخزوم)
4 - (قوم إِذا صَوت يَوْم النزال ... قَامُوا إِلَى الجرد اللهاميم)
5 - (من كل محبوك طوال الْقرى ... مثل سِنَان الرمْح مشهوم)
وَقَالَت أُخْرَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - خلته أَي مودته والمذق اللَّبن الْمَخْلُوط بِالْمَاءِ
2 - على العلات أَي على جَمِيع الْأَحْوَال وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَن هَذَا الْأَخ لَا ينطوي لَك على غل وَإِذا أعْطى راجيه أغناه فَإِن رَاجعه الْفقر لِكَثْرَة مؤنه عَاد بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَهُوَ رجل جواد يَتَهَلَّل وَجهه وينشرح للمعروف فِي جَمِيع أَحْوَاله وتقلبات الدَّهْر بِهِ
3 - غير البديع أَي لَيْسَ بحادث وَنصب على الْحَال وَالْمعْنَى أَن مجد تيم ومخزوم قديم
4 - يَوْم النزال أَي يَوْم الْحَرْب والجرد من الْخَيل قصيرات الشّعْر وَهُوَ ممدوح فِيهَا واللهاميم من الْخَيل جيادها
5 - المحبوك الْمُحكم الْخلق والقرى الظّهْر وَلَا يحمد من الْفرس طول الظّهْر وَإِنَّمَا أَرَادَت بِهِ بعد الظّهْر من الأَرْض والمشهوم حَدِيد النَّفس وَالْقلب وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنهم قوم إِذا دعوا للحرب قَامُوا إِلَى الْجِيَاد من خيولهم فَرَكبُوا مِنْهَا كل جواد تَامّ الْخلق رفيع الظّهْر ذكي الْقلب(2/377)
(أَلا إِن عبد الْوَاحِد الرجل الَّذِي ... ينيلك مَا تبغيه وَالْعرض وافر)
2 - وَقَالَت الخنساء
3 - (دلّ على معروفه وَجهه ... بورك هَذَا هاديا من دَلِيل)
4 - (تحسبه غَضْبَان من عزه ... ذَلِك مِنْهُ خلق مَا يحول)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الْمَعْنى أَن هَذَا الرجل يُعْطي قبل أَن يسئل بِدُونِ أَن يبْذل مَاء الْوُجُوه لَهُ
2 - هِيَ بنت عَمْرو بن الشريد بن ريَاح من بني سليم وَاسْمهَا تماضر وَلها يَقُول دُرَيْد بن الصمَّة
(حيوا تماضر واربعوا صحبي) الخ قدمت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ قَومهَا فَأسْلمت مَعَهم فَذكرُوا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستنشدها وَيُعْجِبهُ شعرهَا فَكَانَت تنشده وَيَقُول هيه هيه خناس وَقَالُوا وَكَانَت تَقول فِي أول أمرهَا الْبَيْتَيْنِ وَالثَّلَاثَة حَتَّى قتل أَخُوهَا مُعَاوِيَة وَهُوَ شقيقها قَتله هَاشم وَزيد المريان وَقتل صَخْر وَهُوَ أَخُوهَا لأَبِيهَا طعنه أَبُو ثَوْر الْأَسدي فَمَرض مِنْهَا قَرِيبا من سنة ثمَّ مَاتَ فَأَكْثَرت الشّعْر عَلَيْهِمَا وَلَا سِيمَا أَخُوهَا صَخْر وَكَانَ أحبهما إِلَيْهَا وَكَانَ حَلِيمًا جوادا محبوبا فِي الْعَشِيرَة وَأجْمع أهل الْعلم بالشعر أَنه لم يكن امْرَأَة قبلهَا وَلَا بعْدهَا أشعر مِنْهَا وَشهِدت حَرْب الْقَادِسِيَّة وَمَعَهَا أَرْبَعَة بَنِينَ لَهَا فحضتهم على الْقِتَال وَالْجهَاد فكلهم قتل فِي سَبِيل الله فَلَمَّا بلغَهَا الْخَبَر قَالَت الْحَمد لله الَّذِي شرفني بِقَتْلِهِم وَأَرْجُو من رَبِّي أَن يجمعني بهم فِي مُسْتَقر رَحمته وَكَانَ عمر بن الْخطاب يُعْطِيهَا أرزاق أَوْلَادهَا الْأَرْبَعَة حَتَّى قبض رَضِي الله عَنهُ
3 - تصفه بطلاقة الْوَجْه وبشاشته وَنصب هاديا على الْحَال
4 - مَا يحول لَا يتَحَوَّل وَلَا يتَغَيَّر تُرِيدُ أَنه ظَاهر الْعِزّ دَائِما وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنه رجل عِنْده طلاقة وبشاشة(2/278)
(ويلمه مسر حَرْب إِذا ... ألقِي فِيهَا وَعَلِيهِ الشليل)
وَقَالَت امْرَأَة من إياد
(الْخَيل تعلم يَوْم الروع إِن هزمت ... أَن ابْن عمر ولدى الهيجاء يحميها)
3 - (لم يبد فحشا وَلم يهدد لمعظمة ... وكل مكرمَة يلقى يساميها)
4 - (المستشار لأمر الْقَوْم يحزبهم ... إِذا الهنات أهم الْقَوْم مَا فِيهَا)
5 - (لَا يرهب الْجَار مِنْهُ غدرة أبدا ... وَإِن ألمت أُمُور فَهُوَ كافيها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يسْتَدلّ ناظره على خَيره ومعروفه بِمُجَرَّد رُؤْيَته يَظُنّهُ من يرَاهُ أَنه غَضْبَان لعزته وشممه وَهَذَا خلق طبيعي فِيهِ لَا يتَحَوَّل عَنهُ
1 - ويلمه كلمة تعجب ومسعرا مَنْصُوب على التَّمْيِيز وَهُوَ مَا توقد بِهِ النَّار والشليل درع قَصِيرَة تصفه بِالْقُوَّةِ والشجاعة وَأَن النَّاس تتعجب مِنْهُ إِذا كَانَ فِي الْحَرْب لقُوته وَشدَّة بطشه
2 - الْخَيل تعلم الخ اللَّفْظ للخيل وَالْمعْنَى لأصحابها والهيجاء الْحَرْب وَالْمعْنَى يعلم أَصْحَاب الْخَيل يَوْم الْخَوْف إِن هزمت الْأَبْطَال أَن ابْن عَمْرو عِنْد الْحَرْب يحميهم وَيَنْصُرهُمْ
3 - لم يهدد أَي لم يُحَرك والمعظمة الْحَادِثَة ويساميها أَي يسمو إِلَيْهَا وَالْمعْنَى أَنه لَا يظْهر فَاحِشَة وَلم يَتَحَرَّك لحوادث الدَّهْر وكل مكرمَة تَلقاهُ مساميا لَهَا وساعيا إِلَيْهَا
4 - يحزبهم أَي ينوبهم ويشتد عَلَيْهِم والهنات جمع هنة وَهِي كِنَايَة عَن الْأَمر الْمُنكر وَقَوْلها أهم الْقَوْم الخ أَي جعل من هَمهمْ وَالْمعْنَى أَنه الْمرجع فِي المصائب والشدائد إِذا نزلت بالقوم وشغلتهم وَكَانَت من هَمهمْ
5 - يرهب يخَاف وألمت نزلت وَالْمعْنَى أَنه رجل يحمي الْجَار ويحفظ عهوده فَيَأْمَن غدره وَإِن نزلت بِهِ(2/379)
بَاب الصِّفَات وَمَا اخْتَارَهُ مِنْهُ
قَالَ البعيث الْحَنَفِيّ تقدّمت تَرْجَمته
(وهاجرة يشوي مهاها سمومها ... طبخت بهَا عيرانة واشتويتها)
(مفرجة منفوجة حضرمية ... مساندة سر المهارى انتقيتها)
3 - (فطرت بهَا شجعاء قرواء جرشعا ... إِذا عد مجد العيس قدم بَيتهَا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
النوائب أزالها عَنهُ وأنجاه مِنْهَا
1 - الهاجرة وَقت ترك الْعَمَل إِذا قَامَ قَائِم الظهيرة وَغلب الْحر فِيهِ والمها بقر الْوَحْش والسموم الرّيح الحارة والعيرانة النَّاقة القوية واشتويتها مَعْنَاهُ سرت عَلَيْهَا حَتَّى أنضاها حر الهواجر وأذهب لَحمهَا فَصَارَت كالمحترقة
2 - المفرجة الَّتِي بَعدت مرافقها عَن زورها واتسعت آباطها يُرِيد أَنَّهَا فتلاء الْمرَافِق والمنفوجة الواسعة الجنبين والحضرمية من نسل إبل حَضرمَوْت والمساندة القوية الظّهْر وسر المهارى أَي خِيَارهَا والمهارى نِسْبَة إِلَى مهرَة بن حيدان وَمعنى الْبَيْتَيْنِ وَرب وَقت اشْتَدَّ فِيهِ الْحر حَتَّى صَار يشوي الوحوش رِيحه سرت فِيهِ على نَاقَة قَوِيَّة صلبة حَتَّى أثر فِيهَا الْحر مثل تَأْثِير النَّار فِي اللَّحْم من طبخه وشيه وَمن عَلَامَات شدَّة هَذِه النَّاقة وقوتها أَنَّهَا فتلاء الذراعين وَاسِعَة الجنبين قَوِيَّة الظّهْر وَأَنه قد اصطفاها من خِيَار الْإِبِل المهرية
3 - طرت بهَا أَي سرت عَلَيْهَا السّير السَّرِيع والشجعاء الجريئة الْقلب والقرواء الطَّوِيلَة الظّهْر والجرشع المنتفخة الجنبين والعيس الْإِبِل الْبيض يخالط بياضها شقرة وَقَوله إِذا عد مجد العيس يُرِيد إِذا ذكرت مفاخر الْإِبِل ومناسبها قدم نسلها وَالْمعْنَى سرت سيرا حثيثا(2/380)
(وجدت أَبَاهَا رائضيها وَأمّهَا ... فَأعْطيت فِيهَا الحكم حَتَّى حويتها)
وَقَالَ عنترة بن الْأَخْرَس
(لَعَلَّك تمنى من أراقم أَرْضنَا ... بأرقم يسقى السم من كل منطف)
3 - (ترَاهُ بأجواز الهشيم كَأَنَّمَا ... على مَتنه أَخْلَاق برد مفوف)
4 - (كَأَن بضاحي جلده وسراته ... وَمجمع ليتيه تهاويل زخرف)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على هَذِه النَّاقة الَّتِي صفاتها كَيْت وَكَيْت
1 - الرياضة حسن التربية ورائضيها مفعول ثَان لوجدت وَقد فصل بِهِ بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ وَالْمعْنَى وجدت هَذِه النَّاقة مدربة على السّير سلسة القياد فَجعلت حكم الثّمن لصَاحِبهَا يَأْخُذ مني مَا يُرِيد حَتَّى ملكتها
2 - لَعَلَّك تمني الخ هَذَا دُعَاء على الْمُخَاطب وَإِن كَانَ لَفظه ترجيا وَتمنى أَي يقدر لَك وتبتلى والأراقم جمع أَرقم وَهُوَ الْحَيَّة فِيهَا نقط بيض والمنطف من نطف السم إِذا قطر وَالْمعْنَى ادعوا الله تَعَالَى أَن يقدر لَك حَيَّة عَظِيمَة من حيات أَرْضنَا تسيل سما من كل مَوضِع فِيهَا
3 - الأجواز الأوساط وَهِي جمع جوز والهشيم الْيَابِس المتكسر من النَّبَات وَالشَّجر والمتن الظّهْر والأخلاق جمع خلق وَهُوَ الثَّوْب الْبَالِي والمفوف المنقوش وَالْمعْنَى تنظر إِلَى ذَلِك الأرقم بَين الْيَابِس من النَّبَات وَالشَّجر ممزق الْجلد كَأَن على ظَهره أثوابا بالية منقوشة
4 - ضاحي الْجلد مَا ظهر مِنْهُ وسراته أَي أَعْلَاهُ والليتان مثنى لَيْت وَهُوَ عرق فِي صفحة الْعُنُق والتهاويل النقوش والزخرف كل مَا زين وَحسن وَالْمعْنَى كَانَ بِالظَّاهِرِ من جلد الأرقم وَمَا علا مِنْهُ وعنقه نقوشا زخرفته وزينته(2/381)
(كَأَن مثنى نسعة تَحت حلقه ... مِمَّا قد طوى من جلده المتغضف)
(إِذا انْسَلَّ الْحَيَّات بالصيف لم يزل ... يشاعر بَاقِي جلبة لم تقرف)
وَقَالَ ملحة الْجرْمِي
3 - (أرقت وَطَالَ اللَّيْل للبارق الومض ... حبيا سرى مجتاب أَرض إِلَى أَرض)
4 - (نشاوى من الأدلاج كدري مزنه ... يقْضِي بجدب الأَرْض مَا لم يكد يقْضِي)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - النسعة قِطْعَة من سير ينسج عريضا تشد بِهِ الرّحال والمتغضف المتثني المتكسر شبه غُضُون جلده المتكسر لكَونه فَاضلا عَن لَحْمه بنسعة مثنية تَحت حلقه وَالْمعْنَى ترَاهُ من سمنه وَكَثْرَة سمه قد صَار لجلده طيات تَحت حلقه
2 - إِذا أنسل الْحَيَّات الخ اسْتعَار أنسل من ذَوَات الريش إِلَى الْحَيَّات وَالْمرَاد نزعت جلدهَا وَذَلِكَ فِي كل سنة ويشاعر من شَاعِر الْمَرْأَة إِذا بَات مَعهَا فِي شعار وَاحِد والشعار الثَّوْب الَّذِي يَلِي الْجَسَد وَالْمرَاد يُبَاشر وَلم تقرف أَي لم تقشر والجلبة قشرة الْجرْح يُرِيد أَنه صلب الْجلد لَا يبْلى سَرِيعا
3 - أرقت أَي سهرت اللَّيْل والبارق السَّحَاب ذُو الْبَرْق والومض مصدر من ومض الْبَرْق إِذا لمع وَكَثِيرًا مَا يَقع الْوَصْف بِالْمَصْدَرِ والحبي سَحَاب معترض فِي الْآفَاق ومجتاب أَرض أَي قاطعها وَالْمعْنَى فارقني النّوم فطال اللَّيْل من أجل سَحَاب فِيهِ برق يلمع ويسير لَيْلًا من أَرض إِلَى أَرض
4 - النشاوى السكارى وَأَرَادَ بهَا قطع السَّحَاب يُرِيد أَن قطع السَّحَاب لِكَثْرَة سَيرهَا صَارَت كالسكارى تميل من جَانب إِلَى جَانب والأدلاج سير أول اللَّيْل وَالْمرَاد(2/382)
(تحن بأجواز الفلا قطراته ... كَمَا حن نيب بَعضهنَّ إِلَى بعض)
(كَأَن الشماريح الْعلَا من صبيره ... شماريخ من لبنان بالطول وَالْعرض)
3 - (يباري الرِّيَاح الحضرميات مزنه ... بمنهمر الأرواق ذِي قزع رفض)
4 - (يُغَادر مَحْض المَاء ذُو هُوَ محضه ... على إثره أَن كَانَ للْمَاء من مَحْض)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
السّير بِلَا قيد والمزن الْأَبْيَض مِنْهُ وَالْمرَاد مُطلق سَحَاب وَقَوله كدري مزنه كَانَ الظَّاهِر أَن يَقُول كدرية وَلكنه أظهر فِي مَوضِع الضَّمِير وَجعل فِي لَونه كدرة لِكَثْرَة مَائه وَقَوله يقْضِي بجدب الأَرْض الخ أَي يحكم للمجدب من الأَرْض بِالْخصْبِ والنماء مَا لم يكد يقْضِي بِهِ لنَفسِهِ يُرِيد أَن هَذَا السَّحَاب إِذا أَتَى على أَرض مُجْدِبَة لم يفارقها حَتَّى ينزل فِيهَا من المَاء مَا يكون فِيهِ إحْيَاء وخصب لَهَا
1 - الأجواز الأوساط والقطرات النواحي والنيب النياق المسنة وَالْمعْنَى أَن جَوَانِب هَذَا السَّحَاب تتجاوب بالرعد فَكَأَنَّهَا تحن إِلَى مَوَاضِع لَهَا كَالْإِبِلِ يحن بَعْضهَا إِلَى بعض
2 - شماريخ الْجَبَل أَعْلَاهُ واستعاره للسحاب والعلا جمع علياء والصبير السَّحَاب الَّذِي فِيهِ سَواد وَبَيَاض ولبنان جبل فِي الشَّام وَالْمعْنَى كَأَن أعالي هَذَا السَّحَاب فِي ضخامتها مثل أعالي جبل لبنان طولا وعرضا
3 - يباري يجاري والمزن السَّحَاب المنهمر المنسكب والروق المَاء الصافي والقزع قطع السَّحَاب والرفض الْإِبِل تتْرك فِي المرعى وَالْمعْنَى أَن هَذَا السَّحَاب يجاري الرِّيَاح الَّتِي تهب من جِهَة حضر الْمَوْت بمطر صَاف منصف متقطع متفرق
4 - يُغَادر يتْرك وَذُو هُنَا بِمَعْنى الَّذِي والمحض الْخَالِص وَالْمعْنَى يتْرك خَالص المَاء الَّذِي هُوَ خَالِصَة السَّحَاب فِي مسايل الأودية على أَثَره وَقَوله أَن كَانَ للْمَاء من مَحْض إِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَن الْمَطَر(2/383)
(يروي الْعُرُوق الهامدات من البلى ... من العرفج النجدي ذُو باد والحمض)
(وَبَات الحبي الجون ينْهض مقدما ... كنهض المدانى قَيده الموعث النَّقْض)
بَاب السّير وَالنُّعَاس
3 - قَالَ الخطيم
4 - (وَقَالَ وَقد مَالَتْ بِهِ نشوة الْكرَى ... نعاسا وَمن يعلق سرى اللَّيْل يكسل)
5 - (أنخ نعط أنضاء النعاس دواءها ... قَلِيلا ورفه عَن قَلَائِص دبل)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جنس وَاحِد إِذا لم يخْتَلط بِهِ غَيره لَا يخْتَلف
1 - الهامات اليابسات والعرفج نَبَات وباد هلك والحمض المر من النَّبَات وَالْمعْنَى أَنه إِذا مر على الأَرْض المجدبة أَحْيَا الْمَيِّت من شَجَرهَا ونباتها
2 - الحبي السَّحَاب الَّذِي بعضه فَوق بعض والجون السَّحَاب الْأسود والمداني الَّذِي ضيق عَلَيْهِ بتقصير العقال والموعث السائر فِي الوعث وَهِي الأَرْض اللينة الْكَثِيرَة الرمل والنقض المهزول الضَّعِيف وَالْمعْنَى أَن سير هَذَا السَّحَاب لثقله وعظمه مثل سير الْبَعِير الَّذِي ضيق عَلَيْهِ بِالْعقلِ فِي الأَرْض الَّتِي يصعب فِيهَا السّير
3 - لَعَلَّه الخطيم بن عدي بن عَمْرو بن سَواد بن ظفر أَبُو قيس بن الخطيم وَهُوَ من شعراء الْجَاهِلِيَّة
4 - النشوة السكر وانتصب نعاسا على أَنه مصدر فِي مَوضِع الْحَال وَقَوله وَمن يعلق سري اللَّيْل أَي يلْزمه وَيتَعَلَّق بِهِ
5 - الأنضاء المهازيل وأضافها إِلَى النعاس إِشَارَة إِلَى أَن سَبَب هزالها وضعفها عدم النّوم وَقَوله ودواءها أَرَادَ بِهِ النّوم والترفيه التوسيع والقلائص جمع قلُوص وَهِي الشَّابَّة من الْإِبِل وذبل جمع ذابل وَهُوَ المبتذل الَّذِي أضعفه السّفر(2/384)
(فَقلت لَهُ كَيفَ الإناخة بَعْدَمَا ... حد اللَّيْل عُرْيَان الطَّرِيقَة منجلي)
وَقَالَ آخر
(وفتيان بنيت لَهُم رِدَائي ... على أسيافنا وعَلى القسي)
3 - (فظلوا لائذين بِهِ وظلت ... مطاياهم ضوارب باللحي)
4 - (فَلَمَّا صَار نصف اللَّيْل هُنَا ... وَهنا نصفه قسم السوي)
5 - (دَعَوْت فَتى أجَاب فَتى دَعَاهُ ... بلبيه أَشمّ شمردلي)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - حدا اللَّيْل سَاقه وعريان الطَّرِيقَة يَعْنِي الصُّبْح وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة قَالَ لي صَاحِبي وَقد فعل فِيهِ النعاس فعل الْخمر بالسكران وَلَا بُد لمن كثر سيره فِي اللَّيْل أَن يَعْتَرِيه الكسل والتعب أبرك الْإِبِل الَّتِي أهزلها عدم النعاس لتداويها بِقَلِيل من النّوم ووسع عَن إبل مبتذلة مَهْزُولَة فأجبته لَا سَبِيل إِلَى إبراكها بعد أَن أقبل الصُّبْح وَذهب اللَّيْل
2 - الْوَاو وَاو رب وَمعنى بنيت لَهُم رِدَائي أَي وَضعته لَهُم يَسْتَظِلُّونَ بِهِ من الشَّمْس وَالْمعْنَى وَرب فتيَان أثر الْحر فيهم ومالوا إِلَى النُّزُول فَنصبت أسيافنا وقسينا وَرفعت رِدَائي فَوْقهَا لأظل الفتيان بِهِ
3 - لائذين لاجئين وَالْمعْنَى فداموا ملتجئين إِلَى رِدَائي من حر الشَّمْس ودامت إبلهم ملصقة أذقانها بِالْأَرْضِ بِسَبَب الكلال والتعب
4 - هُنَا لُغَة فِي هُنَا يُرِيد فَلَمَّا صَار نصف اللَّيْل فِي نَاحيَة مُعينَة عِنْده وَالنّصف الآخر فِي نَاحيَة وَالْغَرَض انتصاف اللَّيْل وَقَوله قسم السوي انتصب على الْمصدر والسوي أَكثر مَا يَجِيء فِي آخِره تَاء التَّأْنِيث
5 - دَعَوْت جَوَاب لما فِي الْبَيْت قبله وَقَوله أجَاب فَتى أَي أجابني فَتى لِأَنَّهُ هُوَ(2/385)
(فَقَامَ يصارع البردين لدنا ... يقوت الْعين من نوم شهي)
(فَقَامُوا يرحلون منفهات ... كَأَن عيونها نزح الركي)
وَقَالَ رجل من بني بكر
3 - (وَلَقَد هديت الركب فِي ديمومة ... فِيهَا الدَّلِيل يعَض بالخمس)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الدَّاعِي لَهُ وَأَرَادَ بالفتى الثَّانِي نَفسه وَقَوله بلبيه أَي أجَاب بِالتَّلْبِيَةِ وَقَوله أَشمّ مجرور على أَنه بدل من الضَّمِير الْمُتَّصِل بلبيه والشمم ارْتِفَاع الْأنف والشمردلي الطَّوِيل وَمعنى الْبَيْتَيْنِ فَلَمَّا انتصف اللَّيْل وَصَارَ قسمَيْنِ بقسمة الْإِنْصَاف ناديت فَتى مُرْتَفع الْأنف طَوِيل الْقَامَة فَأَجَابَنِي بِالتَّلْبِيَةِ
1 - فَقَامَ يصارع الخ يُرِيد أَنه قَامَ يتمايل ويضطرب لما بِهِ من النعاس فَكَأَنَّهُ يصارع برديه واللدن اللين وَالْمعْنَى فَقَامَ لينًا يتمايل من نعاسه فَكَأَنَّهُ يصارع ثِيَابه وَقد كَانَ من قبل نَائِما يغذي عَيْنَيْهِ من النّوم المشتهي
2 - يرحلون منفهات أَي يلبسونها الرّحال والمنفهات جمع منفهة وَهِي المعيية ونزح الركى هِيَ الَّتِي لم يبْق فِيهَا مَاء والركى جمع ركية وَهِي الْبِئْر وَالْعرب تشبه عُيُون الْإِبِل بالركايا النازحة وَذَلِكَ إِذا غارت عيونها من التَّعَب وَطول السّفر وَالْمعْنَى قَامَ أُولَئِكَ الفتيان يلبسُونَ إبلهم رِحَالهَا ليسيروا عَلَيْهَا وَهِي من شدَّة الكلال والتعب قد غارت عيونها حَتَّى صَارَت مثل الْآبَار المنزوح مَاؤُهَا
3 - الديمومة الأَرْض الواسعة كَأَنَّهُ إِنَّمَا سميت بذلك لِأَن السراب يَدُوم فِيهَا وَقَوله يعَض بالخمس كِنَايَة عَن الغيظ والندم كَأَنَّهُ حِين مَا يضل يُصِيبهُ غيظ وَنَدم فيعض أنامله(2/386)
(مستعجلين إِلَى ركي آجن ... هيهت عهد المَاء بالإنس)
(مستعجلين فمشتو ومعالج ... نقبا بخف جلالة عنس)
3 - (ومهوم ركب الشمَال كَأَنَّمَا ... بفؤاده عرض من الْمس)
وَقَالَ آخر
4 - (وَهن مناخات يحاذرن قولة ... من الْقَوْم أَن شدوا قتود الركائب)
5 - (نكاد إِذا قمنا يطير قُلُوبنَا ... تسربلنا ولوثنا بالعصائب)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الركي جمع ركية وَهِي الْبِئْر والآجن المَاء الْمُتَغَيّر وارتفع عهد المَاء بهيهات وَالْمرَاد تعجلوا إِلَى ركي متغير بعد عهد مَائه بالإنس
2 - مشتو مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ على الِاسْتِئْنَاف فَمنهمْ مشتو وَمِنْهُم معالج ونقب خف الْبَعِير إِذا حفى وَالْجَلالَة النَّاقة القوية والعنس النَّاقة الصلبة
3 - ومهوم مَعْطُوف على قَوْله فمشتو أَي وَمِنْهُم رجل مهوم والمهوم الَّذِي يَهْتَز بِرَأْسِهِ من النعاس والمس الْجُنُون وَمعنى الأبيات الْأَرْبَعَة أَنِّي دللت الْقَوْم فِي أَرض وَاسِعَة يتحير ويندم فِيهَا الدَّلِيل وَقد كَانُوا مستعجلين إِلَى بِئْر متغيرة المَاء بعيدَة الْعَهْد بِالنَّاسِ فَمنهمْ مشتغل باشتواء اللَّحْم وَمِنْهُم من يداوي نَاقَة أَصَابَهَا الحفاء من شدَّة السّير وَمِنْهُم من غلب عَلَيْهِ النعاس فَركب معكوسا كَأَن بِهِ جنونا لَا يُبَالِي بالسقوط لغَلَبَة النعاس عَلَيْهِ
4 - وَهن مناخات يُرِيد الْإِبِل والمناخات المبركات ويحاذرن أَي يخفن والقتود أخشاب الرّحال يُرِيد أَن مطاياهم وَهِي مناخات فِي مباركها تخَاف قَول المنادى شدوا قتود ركائبكم
5 - اللوث الطي والإدارة وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَن مطايانا وَهن مناخات فِي مباركها(2/387)
(حبسن فِي قرح وَفِي داراتها ... سبع لَيَال غير معلوفاتها)
(حَتَّى إِذا قضيت من بتاتها ... وَمَا تقضي النَّفس من حاجاتها)
3 - (حملت أثقالي مصمماتها ... غلب الذفارى وعفرنياتها)
4 - (فانصلتت تعجب لانصلاتها ... كَأَنَّمَا أَعْنَاق سامياتها)
5 - (بَين قرورى ومرورياتها ... قسي نبع رد من سياتها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خائفات قَول المنادى تهيئوا للرحيل نقارب إِذا وقفنا أَن يذهب بقلوبنا لبسنا السرابيل وشدنا العصائب
1 - قرح سوق بوادي الْقرى وَيُرِيد بالدارات دارات الرمل ودارات الْعَرَب نَيف وَعِشْرُونَ دارة والدارة مَا فِي الْجَبَل من الأَرْض الواسعة
2 - الْبَتَات الْمَتَاع
3 - المصممات الْإِبِل الصابرات على السّير الَّتِي لَا ترغو والغلب الْغِلَاظ والذفارى جمع ذفرى وَهِي الْعظم الناتئ خلف الْأذن والعفرنيات جمع عفرناه وَهِي النَّاقة الصلبة السريعة وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة حبست النوق فِي قرح وَفِي داراتها من غير علف سبع لَيَال حَتَّى إِذا نلْت من متاعها وقضيت بهَا حَاجَة نَفسِي حملت متاعي على النياق الصابرات على السّير السمينة القوية
4 - انصلتت أَي ذهبت جادة وَخرجت مسرعة والساميات من النوق الَّتِي ترفع رَأسهَا إِذا سَارَتْ
5 - قرورى مَوضِع بَين الْمَعْدن والحاجر والمروريات صحار على طَرِيق مَكَّة من نَاحيَة الْكُوفَة والنبع شجر يتَّخذ مِنْهُ القسي وسية الْقوس انعطافها وَمعنى الْبَيْتَيْنِ خرجت مسرعة معجبة بإسراعها قد شابهت أعناقها المرتفعة القسي المتخذة(2/388)
(كَيفَ ترى مر طلاحياتها ... والحمضيات على علاتها)
(يبتن ينقلن بأجهزاتها ... وَالْحَادِي اللاغب من حداتها)
3 - وَقَالَ حَكِيم بن قبيصَة الضَّبِّيّ)
4 - (لعمر أبي بشر لقد خانه بشر ... على سَاعَة فِيهَا إِلَى صَاحب فقر)
5 - (فَمَا جنَّة الفردوس هَاجَرت تبتغي ... وَلَكِن دعَاك الْخبز أَحسب وَالتَّمْر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من النبع المعكوفة الْمَوْجُودَة بَين قروى ومرورياتها
1 - إبل طلاحية إِذا ألفت شجر الطلح وأكلت ورقة والحمضيات الَّتِي ترعى نَبَات الحمض وَالْمعْنَى كَيفَ تنظر مُرُور النياق الَّتِي تَأْكُل من الطلح والحمض على مَا فِيهَا من الدبر والهزال وَمَا على ظهرهَا من الأثقال والأحمال
2 - الأجهزات الْأَمْتِعَة وَهُوَ جمع أجهزة جمع جهاز وَالْحَادِي سائق الْإِبِل واللاغب من أَصَابَهُ تَعب وَالْمعْنَى تبيت هَذِه النياق تنقل الْأَمْتِعَة وَتحمل حاديها المتعب
3 - وجده ضرار بن عَمْرو أحد بني ضبة وَقبيصَة أَبوهُ كَانَ مِمَّن شهد يَوْم الْكلاب الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي قتل ابْن لبيد الحماسي الكاهن وَلَعَلَّ حكيما هَذَا أدْرك الْإِسْلَام وَلم يسلم وَقد كَانَ لَهُ ابْن يُقَال لَهُ بشر فَارقه مُهَاجرا البدو إِلَى الْأَمْصَار فَأَنْشد هَذِه الأبيات يعاتبه بهَا
4 - يَعْنِي بِأبي بشر نَفسه وَقَوله على سَاعَة فِيهَا الخ أَي فِي سَاعَة يشْتَد احْتِيَاجه إِلَيْهِ فِيهَا يُشِير إِلَى أَوَان كبره وَضَعفه وَالْمعْنَى لعمري لقد خانني بشر فِي وَقت كبري وعجزي وَهَذَا وَقت يشْتَد فِيهِ فقر الْإِنْسَان وَحَاجته إِلَى معِين
5 - الْمَعْنى لم ترحل عني طَالبا جنَّة الفردوس وَلَكِنِّي أَظن أَن الَّذِي دعَاك إِلَى المهاجرة نهمة بَطْنك(2/389)
(أقرص تصلي ظَهره نبطية ... بتنورها حَتَّى يطير لَهُ قشر)
(أحب إِلَيْك أم لقاح كَثِيرَة ... معطفة فِيهَا الجليلة وَالْبكْر)
3 - (كَأَن أداوى بِالْمَدِينَةِ علقت ... ملاء بأحقيها إِذا طلع الْفجْر)
4 - (كَأَن قرى نمل على سرواتها ... يلبدها فِي ليل سَارِيَة قطر)
وَقَالَ وَاقد بن الغطريف بن طريف بن مَالك بن طيىء وَكَانَ مَرِيضا فحموه المَاء وَاللَّبن
5 - (يَقُولُونَ لَا تشرب نسيئا فَإِنَّهُ ... وَإِن كنت حرانا عَلَيْك وخيم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ورغبتك فِي أَطْعِمَة المدن والحضر
1 - تصلى أَي تدخل فِي النَّار يُقَال صليت الشواء إِذا شويته والنبطية نِسْبَة إِلَى النبط وهم جيل من النَّاس ينزلون بالأباطح بَين العراقين
2 - اللقَاح النوق الغزيرة اللَّبن والجليلة النَّاقة الْعَظِيمَة وَالْبكْر النَّاقة الَّتِي تَلد بَطنا وَاحِدًا
3 - أداوى جمع أداوة وَهِي المطهرة والأحقى جمع حقو وَهُوَ من الْإِنْسَان معقد الأزار
4 - السروات جمع سراة وَهِي من كل شَيْء أَعْلَاهُ والسارية سَحَابَة تسرى بِاللَّيْلِ ويلبدها أَي يصلبها وَمعنى الأبيات الْأَرْبَعَة أرغيف تَشْوِيه جَارِيَة نبطية بتنورها حَتَّى ينضج أحب إِلَيْك أم نياق كَثِيرَة اللَّبن والتعطف على وَلَدهَا القوية الْعَظِيمَة الإخلاف الممتلئة لَبَنًا السمينة المرتفعة الأسمنة الْكَثِيرَة اللَّحْم والشحم
5 - النسيىء اللببن الْمَخْلُوط بِالْمَاءِ والحران الشَّديد الْعَطش ووخيم أَي ثقيل وَالْمعْنَى قَالَ لي النَّاس وهم يحمونني المَاء وَاللَّبن لَا تشهربهما فَإِنَّهُ يثقل عَلَيْك وَيزِيد فِي ألمك شربهما(2/390)
(لَئِن لبن المعزى بِمَاء مويسل ... بغاني دَاء إِنَّنِي لسقيم)
وَقَالَ حندج بن حندج المري
(فِي ليل صول تناهى الْعرض والطول ... كَأَنَّمَا ليله بِاللَّيْلِ مَوْصُول)
3 - (لَا فَارق الصُّبْح كفي إِن ظَفرت بِهِ ... وَإِن بَدَت غرَّة مِنْهُ ونحجيل)
4 - (لساهر طَال فِي صول تململه ... كَأَنَّهُ حَيَّة بِالسَّوْطِ مقتول)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - مويسل اسْم مَاء وَهُوَ تَصْغِير مأسل وبغاني دَاء أَي كسبني وَالْمعْنَى قلت لَهُم مجيبا إِن كَانَ اللَّبن ممزوجا بِمَاء هَذِه الْعين يكسبني ثقلا وداء وَهُوَ غذائي ومساك قوتي مذ كنت فإنني لمتناهى السقم
2 - فِي ليل صول الْجَار وَالْمَجْرُور مُتَعَلق بتناهى وُصُول مَدِينَة من بِلَاد الخزر وَهِي بِلَاد التّرْك وَجعل لِليْل طولا وعرضا تَشْبِيها بالأجسام وَالْمرَاد بِهِ السعَة والامتداد وَالْمعْنَى تناهى الْعرض والطول فِي ليل صول كَأَنَّهُ مَوْصُول بلَيْل آخر
3 - لَا فَارق الخ يجوز أَن يكون هَذَا دُعَاء يُرِيد أَن ظَفرت بالصبح فَلَا فرق الله بيني وَبَينه وَيجوز أَن يكون إِخْبَارًا يُرِيد أَنه يتشبث بِهِ فَلَا يُفَارِقهُ وَقَوله وَإِن بَدَت الخ يُرِيد تباشيره ممتزجة بالظلام والغرة بَيَاض فِي جبهة الْفرس والتحجيل بَيَاض فِي قَوَائِم الْفرس
4 - الْجَار وَالْمَجْرُور فِي قَوْله لساهر مُتَعَلق بقوله بَدَت فِي الْبَيْت قبله وَيَعْنِي بالساهر نَفسه والتململ القلق والانزعاج وَمعنى الْبَيْتَيْنِ إِن ظَفرت بالصبح فَلَا فَارَقت الصُّبْح وَإِن ظَهرت علاماته لساهر ليل طَال تململه فِي صول كتململ الْحَيَّة المضروبة ضربا شَدِيدا بِالسَّوْطِ(2/391)
(مَتى أرى الصُّبْح قد لاحت مخايله ... وَاللَّيْل قد مزقت عَنهُ السرابيل)
(ليل تحير مَا ينحط فِي جِهَة ... كَأَنَّهُ فَوق متن الأَرْض مشكول)
3 - (نجومه ركد لَيست بزائلة ... كَأَنَّمَا هن فِي الجو الْقَنَادِيل)
4 - (مَا أقدر الله أَن يدني على شحط ... من دَاره الْحزن مِمَّن دَاره صول)
5 - (الله يطوي بِسَاط الأَرْض بَينهمَا ... حَتَّى يرى الرّبع مِنْهُ وَهُوَ مأهول)
6 - وَقَالَ حميد الأرقط
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - مَتى أرى الصُّبْح لَفظه اسْتِفْهَام وَمَعْنَاهُ التَّمَنِّي ومخايلة طلايعه وعلاماته والسرابيل أَرَادَ بهَا الظلام وَالْمعْنَى أَتَمَنَّى أَن تظهر لي عَلَامَات الصُّبْح وَأَن يذهب ظلام اللَّيْل
2 - تحير أَي لم تتحرك كواكبه وَمتْن الأَرْض ظهرهَا والمشكول المشدود
3 - معنى الْبَيْتَيْنِ أَن هَذَا اللَّيْل سَاكن لم تتحرك نجومه وَلم يزل إِلَى جِهَة أُخْرَى كالمربوط على وَجه الأَرْض نجومه ساكنه لَا تَزُول كَأَنَّهَا فِي السَّمَاء قناديل معلقَة
4 - مَا أقدر الله لَفظه تعجب وَمَعْنَاهُ الطّلب وَالتَّمَنِّي والشحط الْبعد والحزن مَوضِع يَقُول أَتَمَنَّى أَن يجمع الله بيني وَبَين من أحب وَأَن يداني بَين دارينا على مَا بِنَا من الْبعد والشحط إِذا لَا تدانى بَين من دَاره الْحزن وَبَين من دَاره صول إِلَّا أَن يُرِيد الله اجْتِمَاعهمَا بقدرته
5 - الْبسَاط الأَرْض الواسعة وَالرّبع الدَّار وَالْمعْنَى أطلب من الله أَن يطوي شقة الْبعد بَينا لأرى الدَّار وَمن فِيهَا
6 - هُوَ حميد بن مَالك شَاعِر إسلامي مجيد محسن ولقب بالأرقط لآثار كَانَت بِوَجْهِهِ وَكَانَ أحد البخلاء قَالَ أَبُو عُبَيْدَة بخلاء الْعَرَب أَرْبَعَة الحطيئة وَحميد الأرقط وَأَبُو(2/392)
(قد أغتدي وَالصُّبْح محمر الطرر ... وَاللَّيْل يحدوه تباشير السحر)
(وَفِي تواليه نُجُوم كالشرر ... بسحق الميعة ميال الْعذر)
3 - (كَأَنَّهُ يَوْم الرِّهَان المحتضر ... وَقد بدا أول شخص ينْتَظر)
4 - (دون أثابي من الْخَيل زمر ... ضار غدى ينفض صيبان الْمَطَر)
5 - (عَن زف ملحاح بعيد الْمُنْكَدر ... أقنى تظل طيره على حذر)
6 - (يلذن مِنْهُ تَحت أفنان الشّجر ... من صَادِق الودق طروح بالبصر)
7 - (بعيد توهيم الوقاع وَالنَّظَر ... كَأَنَّمَا عَيناهُ فِي حرفي حجر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْأسود الدؤَلِي وخَالِد بن صَفْوَان
1 - الاغتداء الذّهاب فِي أول الصُّبْح والطرة من كل شَيْء جَانِبه وتباشير الصُّبْح أَوَائِله يصف نَفسه بالنشاط والمضاء فِي الْأَمر
2 - السحق الْبعد وَجعله سحقا لاتصاله وداومه فِي السّير والميعة النشاط والعذر الخصل من الشّعْر وَمعنى الْبَيْتَيْنِ إِنِّي أذهب إِلَى أعمالي ومصالحي فِي أَوَائِل الصُّبْح الَّذِي تنير نجومه على فرس بعيد الْمَشْي سريعة ذِي نشاط مُرْسلَة خصل شعره على عُنُقه
3 - الرِّهَان الْمُسَابقَة على الْخَيل والشخص الْإِنْسَان وَغَيره ترَاهُ من بعيد
4 - الأثابي الْجَمَاعَات وَالزمر جمع زمرة بِمَعْنى الْجَمَاعَة وصائب الْمَطَر نازله وَجمعه صيبان
5 - الزف ريش النعام والملحاح بناه للْمُبَالَغَة من ألح يلح والانكدار انصباب الْبَازِي من الْهَوَاء والأقنى أَشمّ الْأنف مُرْتَفعَة
6 - الأفنان جمع فنن وَهُوَ الْغُصْن والودق حِدة النّظر
7 - الوقاع جمع وقيعة وَهِي نقرة فِي الْجَبَل أَو السهل يستنقع فِيهَا المَاء(2/393)
(بَين مآق لم تخرق بالإبر)
بَاب الْملح
2 - قَالَ بَعضهم
3 - (يَقُول لي الْأَمِير بِغَيْر جرم ... تقدم حِين جد بِنَا المراس)
4 - (فَمَالِي إِن أطعتك من حَيَاة ... وَمَالِي غير هَذَا الرَّأْس راس)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المآقي جمع مؤق وَمعنى الأبيات الْخَمْسَة أَن كَأَن هَذَا الْفرس يَوْم السباق الَّذِي حَضَره الفرسان بَين جماعات من الْخَيل كَثِيرَة طير ينفض صغَار النقط من الْمَطَر عَن ريش النعام ملح فِي سيره بعيد الانصباب من الْهَوَاء مُرْتَفع الْأنف طيوره دائمة الحذر يستترون من هَذَا الصَّقْر تَحت أَغْصَان الشّجر خوفًا أَن يراهن وَهَذَا الصَّقْر خداع وَعِنْده مكر فِي اصطياد الطير بلغ مِنْهُ أَنه يبعد إيهامهم نُزُوله على المَاء للشُّرْب وَرَأسه مثل الْحجر فِي صلابته وَعَيناهُ فِي جانبيه بَين مآق لم تخيط وَقد تخاط عين الْبَازِي إِذا صيد طلبا مِنْهُ أَن يتأنس ويتربى ويتأدب
2 - ذكر الْمبرد أَن الْمُهلب بن أبي صفرَة قَالَ يَوْمًا وَقد اشتدت الْحَرْب ينْه وَبَين الْخَوَارِج لأبي عَلْقَمَة اليحمدي أمددنا بخيل اليحمد وَقَالَ لَهُم أعيرونا جماجمكم سَاعَة فَقَالَ أَيهَا الْأَمِير إِن جماجمهم لَيست بفخار فتعار وأعناقهم لَيْسَ بكراث فتنبت وَقَالَ لحبيب وَلَده كرّ على الْقَوْم وَقَالَ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وَقيل إنَّهُمَا لِلْأَعْوَرِ الشني قالهما للمهلب بن أبي صفرَة
3 - المراس الشدَّة فِي الْقِتَال
4 - وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَن الْأَمِير أَمرنِي من غير حُصُول ذَنْب مني أَن أتقدم حِين اشتداد الْحَرْب فأجبته قَائِلا إِن(2/394)
1 - وَقَالَت امْرَأَة
(فقدت الشُّيُوخ وأشياعهم ... وَذَلِكَ من بعض أقواليه)
3 - (ترى زَوْجَة الشَّيْخ مغمومة ... وتمسي لصحبته قاليه)
4 - (فَلَا بَارك الله فِي عرده ... وَلَا فِي غُضُون أسته الباليه)
5 - (وَإِن دمشق وفتيانها ... أحب إِلَيْنَا من الجاليه)
6 - (نكحت الْمَدِينِيّ إِذْ جَاءَنِي ... فيالك من نكحة غاليه)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أطعتك وحاربت وَقتلت فَلَا حَيَاة لي بعْدهَا وَلَيْسَ لي رَأس ثَانِيَة
1 - وَكَانَت هَذِه الْمَرْأَة تزوجت شَابًّا فاستطابت عيشها مَعَه ثمَّ طَلقهَا وَتَزَوَّجت شَيخا من أهل الْمَدِينَة فَلم تحمد صحبته فَقَالَت هَذِه الأبيات
2 - فقدت الشُّيُوخ هَذَا دُعَاء عَلَيْهِم وأشياعهم أتباعهم وَمن يرضى بهم أَو يتعصب لَهُم وَالْمعْنَى أَنَّهَا تَدْعُو على الشُّيُوخ الطاعنين فِي السن وَمن يرضى مناكحهم أَو يتعصب لَهُم وتشير إِلَى أَن لَهَا طرائق فِي ذمّ الشُّيُوخ
3 - قالية مبغضة وَالْمعْنَى أَن نسَاء الرِّجَال الطاعنين فِي السن فِي غم وكرب يتمنين مفارقتهم ويبغضن مصاحبتهم لما يجدنه من نكد الْعَيْش وضيقه
4 - العرد الذّكر والغضون مَا يظْهر من تقلص الْجلد وتثنية والبالية الْخلقَة وَالْمعْنَى أَنَّهَا تَدْعُو عَلَيْهِ وتذم صحبته وعشرته
5 - الجالية الغرباء الَّذين جلوا عَن أوطانهم الْوَاحِد جال وَالْمعْنَى أَن الشَّام وشبانها محبوبون عندنَا أَكثر من الغرباء
6 - غَالِيَة من الغلاء وَالْمعْنَى تزوجت الرجل الْمَنْسُوب للمدينة حينما خطبني وَكَانَت تَزْوِيجه غَالِيَة خاسرة لِأَنَّهُ لم يكن مشاكلا لي(2/395)
(لَهُ ذفر كصنان التيوس ... أعيا على الْمسك والغاليه)
وَقَالَ آخر
(من أَيّنَا تضحك ذَات الحجلين ... أبدلها الله بلون لونين)
3 - (سَواد وَجه وَبَيَاض عينين)
وَقَالَ أَبُو الخَنْدَق الْأَسدي وَقيل أَنه لدعبل
4 - (أعوذ بِاللَّه من ليل يقربنِي ... إِلَى مضاجعة كالدلك بالمسد)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الذفر الرّيح طيبَة كَانَت أَو خبيثة وَهنا أَرَادَت الخبيثة والصنان ذفر الْإِبِط والغالية طيب وَالْمعْنَى رَائِحَته مُنْتِنَة مثل رَائِحَة التيوس وَمهما أدهن وتطيب فريحه الخبيثة تغلب الروائح الطّيبَة
2 - الحجلان الخلخالان وَالْمعْنَى تضحك على أَي وَاحِد منا صَاحِبَة الخلخالين جعل الله لَوْنهَا لونين بِأَن يعميها ويجعلها مَكْرُوهَة مذمومة فيبيض عينيها ويسود وَجههَا
3 - لَعَلَّه خَنْدَق بن بدر أَو ابْن مرّة الْأَسدي الَّذِي كَانَ صديقا لكثير وَكَانَا على مَذْهَب وَاحِد يَقُولَانِ بالرجعة والتناسخ وَقد اجْتمعَا بِالْمَوْسِمِ ذَات سنة فتذاكرا التشييع فَقَالَ خَنْدَق لَو وجدت من يضمن لي عيالي بعدِي لوقفت بِالْمَوْسِمِ فَذكرت فضل آل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وظلم النَّاس لَهُم وغصبهم إيَّاهُم على حَقهم ودعوت إِلَيْهِم وتبرأت من أبي بكر وَعمر فضمن كثير عِيَاله فَقَامَ خَنْدَق وَفعل ذَلِك فَوَثَبَ عَلَيْهِ النَّاس فضربوه ورموه بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلُوهُ
4 - الدَّلْك الغمز والفرك والمسد الْحَبل من الليف(2/396)
(قد لمست معرها فَمَا وَقعت ... مِمَّا لمست يَدي إِلَّا على وتد)
(فِي كل عُضْو لَهَا قرن تصك بِهِ ... جنب الضجيع فيضحي واهي الْجَسَد)
وَقَالَ آخر وَمر بِأبي الْعَلَاء الْعقيلِيّ يفلي ثِيَابه
3 - (وَإِذا مَرَرْت بِهِ مَرَرْت بقانص ... متشمس فِي شرفة مقرور)
4 - (للقمل حول أبي الْعَلَاء مصَارِع ... من بَين مقتول وَبَين عقير)
5 - (وكأنهن لَدَى دروز قَمِيصه ... فذ وتوأم سمسم مقشور)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - معراها أَي جَسدهَا الَّذِي عرته يصفها بالهزال وخلو الْجِسْم من اللَّحْم حَتَّى صَار لَهَا حجوم تشبه الْأَوْتَاد
2 - الصَّك الدّفع وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة أَنه يتحصن بِاللَّه تَعَالَى من النّوم مَعَ امْرَأَة خشنة الْجَسَد إِذا لمس جَسدهَا المعرى من الثِّيَاب كَأَنَّهُ لمس وتدا فِي خشونته لهزالها وتعرى عظامها من اللَّحْم وَمن شدَّة يبسها كَأَن لَهَا فِي كل عُضْو من أعضائها قرنا تدفع بِهِ جنب من يضاجعها أَو ينَام مَعهَا فَيحصل لَهب بذلك وَهن وَضعف
3 - القانص الصَّائِد وتشمس دخل فِي الشَّمْس والمشرقة والشرقة مقْعد الرجل فِي الشتَاء قرب الشَّمْس والمقرور الَّذِي أصباه القر وَهُوَ الْبرد وَالْمعْنَى أَنه يصفه فِي كآبته وبشاعة منظره بصياد أَصَابَهُ الْبرد فَجَلَسَ يتدفأ بَحر الشَّمْس
4 - العقيل الجريح وَالْمعْنَى أَنه من كَثْرَة درنه ووسخه قد اتخذ الْقمل بُيُوتًا فِي ثِيَابه فَصَارَ يَأْخُذهُ وَيقتل مِنْهُ ويجرح كَأَنَّهُ مَعَه فِي ساحة الْحَرْب
5 - الْفَذ الْفَرد وكل اثْنَيْنِ ولدا فِي بطن وَاحِد يُقَال لأَحَدهمَا توأم(2/397)
(ضرج الأنامل من دِمَاء قتيلها ... حنق على أُخْرَى الْعَدو مغير)
وَقَالَ آخر وَهُوَ لبَعض الْحِجَازِيِّينَ
(خبروها بِأَنِّي قد تزوجت ... فظلت تكاتم الغيظ سرا)
3 - (ثمَّ قَالَت لأختها ولأخرى ... جزعا ليته تزوج عشرا)
4 - (وأشارت إِلَى نسَاء لَدَيْهَا ... لَا ترى دونهن للسر سترا)
5 - (مَا لقلبي كَأَنَّهُ لَيْسَ مني ... وعظامي كَأَن فِيهِنَّ قترا)
6 - (من حَدِيث نمى إِلَيّ فظيع ... خلت فِي الْقلب من تلظيه جمرا)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الضرج الْمَصْبُوغ بالحمرة والحنق الغضبان وَمعنى الْبَيْتَيْنِ كَانَ الْقمل بَين مَا خيط من قَمِيصه فَرد وَزوج من حب السمسم المقشور ورؤس أَصَابِعه مصبوغة بدماء الْمَقْتُول من الْقمل وَهُوَ غَضْبَان مستعد لِحَرْب مَا بَقِي فِي قَمِيصه من الْقمل
2 - فظلت فدامت وَحذف الْمَفْعُول الأول من تكاتم أَي تكاتمني الخ وَيجوز أَن يكون تكاتم بِمَعْنى تكْتم فَلَا يتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ
3 - جزعا انتصب على أَنه مفعول لَهُ
4 - لَدَيْهَا أَي عِنْدهَا
5 - الفتر هُنَا استرخاء الْأَعْضَاء والمفاصل
6 - نمى وصل والتلظي الاشتعال وَمعنى الأبيات الْخَمْسَة أَن زَوجته علمت بِأَنَّهُ تزوج فَلم تظهر غيظا ثمَّ حدثت أُخْتهَا وَامْرَأَة ثَانِيَة قائلة لما لحقها من الْجزع الَّذِي لم تظهره أَتَمَنَّى أَن يكون تزوج عشرا من النِّسَاء وأشارت إِلَى نسْوَة عِنْدهَا لَا تقدر أَن تكْتم سرها عَنْهُن أتعجب من قلبِي الَّذِي كَأَنَّهُ من شدَّة اضطرابه واحتراقه مُنْفَصِل عني وَمن عِظَامِي اللَّاتِي كَأَن فِيهِنَّ ضعفا وفتورا بِسَبَب خبر وصل إِلَى بشع شنيع قد جَاوز الْحَد(2/398)
1 - وَقَالَ آخر
(جزى الله عَنَّا ذَات بعل تَصَدَّقت ... على عزب حَتَّى يكون لَهُ أهل)
3 - (فَإنَّا سنجزيها بِمَا فعلت بِنَا ... إِذا مَا تزوجنا وَلَيْسَ لَهَا بعل)
4 - (أفيضوا على عُزَّابُكُمْ بنسائكم ... فَمَا فِي كتاب الله أَن يحرم الْفضل)
وَقَالَ آخر وَقد سرقت لَهُ دلو
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فِي التَّأْثِير على قلبِي حَتَّى ظَنَنْت أَن جمرا يشتعل فِيهِ
1 - ذكرُوا أَن بعض الْأَعْرَاب ورد إِلَى الْبَصْرَة فَحَضَرَ الْجَامِع وَسمع المؤذنين يُؤذنُونَ فَقَالَ مَا لهَؤُلَاء يصيحون وَلم يكن لَهُ بِالْأَذَانِ عهد فَقَالَ لَهُ بعض ذَوي المجون كل من كَانَ فِي قلبه شَيْء وَصعد إِلَى هَذِه المنارة وباح بِمَا فِي قلبه أعْطى مناه فَقَالَ الْأَعرَابِي إِنِّي إِذن وَالله لصاعد فَقَالَ الماجن لنقيب المؤذنين هَذَا أَعْرَابِي جيد الْأَذَان يُرِيد أَن يُؤذن فَقَالَ ليصعد فَصَعدَ الْأَعرَابِي وَكَانَ جهير الصَّوْت وَرفع صَوته بِهَذِهِ الأبيات فَعدا النَّاس إِلَيْهِ وطرحوه من المنارة فَهَلَك فَسمع بعض نسَاء الْبَصْرَة تَقول رحم الله ذَلِك الْمُؤَذّن مَا كَانَ أطيب أَذَانه
2 - العزب الرجل الَّذِي لم يتَزَوَّج والأهل بِمَعْنى الزَّوْجَة
3 - البعل الزَّوْج
4 - أفيضوا تصدقوا والعزاب جمع عَازِب وقصده إِلَى جمع العزب وَلكنه لما تصور أَن كلا مِنْهُمَا بعيد عَن الْأَهْل جعل العزب والعازب بِمَعْنى ثمَّ اسْتعَار بِنَاء العازب للعزب وَالْفضل الزَّائِد وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة ظَاهر(2/399)
(أنْشد بِاللَّه وبالدلو الْخلق ... يَا رب من أحسها مِمَّن صدق)
(فَهَب لَهُ بَيْضَاء بلهاء الْخلق ... وَمن نوى كتمان دلوي فَاحْتَرَقَ)
3 - (وأبعث عَلَيْهِ علقا من العلق ... إِن لم يَصْحَبهُ بِمَا سَاءَ طرق)
4 - (وَبَات فِي جهد بِلَاد وأرق ... وهب لَهُ ذَات صدار منخرق)
5 - مشومة تخلط شوما بخرق
وَقَالَ آخر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - أنْشد أَي اطلب وَقَوله بِاللَّه أَي مستغيثا بِاللَّه أَو مذكرا بِاللَّه وَقَوله وبالدلو يُرِيد وبسبب الدَّلْو نشدتي وطلبي والخلق الْبَالِي الْقَدِيم وَقَوله من أحسها أَي من رَآهَا وأدركها وَقَوله مِمَّن صدق أَي من الَّذين يصدقون فِي القَوْل
2 - فَهَب لَهُ الخ هَذَا دُعَاء لَهُ بِأَن يملكهُ الله امْرَأَة كَرِيمَة لَا غائل لَهَا والبيضاء الْمَرْأَة الْحَسْنَاء والبلهاء الْمَرْأَة السالمة النِّيَّة وَقَوله فَاحْتَرَقَ أَي أحرقه الله بالنَّار
3 - العلق هُنَا الداهية والطروق المجيئ لَيْلًا
4 - الصدار الثَّوْب الَّذِي يبلغ الصَّدْر
5 - مشومة مسهل الْهمزَة أَصله مشؤومة والخرق ضد الرِّفْق وَمعنى الأبيات الْأَرْبَعَة أطلب مستغيثا بِاللَّه وبسبب الدَّلْو البالية المفقودة طلبي ونشدتي قَائِلا يَا رب من وجد هَذِه الدَّلْو وصدقني عِنْد سُؤَالِي عَنْهَا زوجه امْرَأَة حسناء لَيْسَ عِنْدهَا مكر وَلَا خديعة وَمن كتمها عني فأحرقه بالنَّار وَأرْسل عَلَيْهِ داهية أَن لم تأته فِي الصَّباح تأته فِي الْمسَاء وبيته فِي ضيق وَشدَّة وسهر وزوجه امْرَأَة مَجْنُونَة تقطع ثِيَابهَا مشؤمة تخلط الْحسن بالقبيح فِي أَعمالهَا(2/400)
(كَأَن خصييه من التدلدل ... سحق جراب فِيهِ ثنتا حنظل)
وَقَالَ آخر
(كَأَن خصييه إِذا تدلدلا ... أئغيتان تحملان مرجلا)
3 - وَقَالَت امْرَأَة
4 - (كَأَن خصييه إِذا مَا جبا ... دجاجتان تلقطان حبا)
وَقَالَ آخر
5 - (وفيشة زين وَلَيْسَت فاضحه ... نابلة طورا وطورا رامحه)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - التدلدل الِاضْطِرَاب والسحق الثَّوْب الْبَالِي الْخلق وَمعنى الْبَيْت ظَاهر
2 - الأثفية وَاحِدَة الْأَحْجَار الَّتِي تُوضَع عَلَيْهَا الْقدر والمرجل الْقدر من النّحاس
3 - هَذِه الأرجوزة لامْرَأَة تهجو زَوجهَا لِأَنَّهُ أَرَادَ أَن يُسَافر فَقَالَ لَهَا
(أَن لم أقيدك بِقَيْد فاجمحي ... يرد من غرب الدَّوَاهِي الطمح)
(عَن الغدو وَعَن التروح ... ودلج اللَّيْل إِلَى أَن تصبحي)
(فاعتكفي فِي مَسْجِدي وسبحي)
فأجابته
(من يَشْتَرِي مني زوجا خبا ... أخب من ضَب يداهي ضبا)
كَأَن خصييه الخ
4 - الْجب انحناء الظّهْر وَمد الْيَدَيْنِ إِلَى الأَرْض وَرفع الأليتين
5 - الفيشة رَأس الْقَضِيب وَلَيْسَت فاضحة أَي لَا تفضح صَاحبهَا لشدَّة مَا فِيهَا من الْقُوَّة ونابلة ترمي مثل النبل ورامحة تطعن مثل الرمْح(2/401)
(على الْعَدو وَالصديق جامحه ... من لقِيت فَهِيَ لَهُ مصافحه)
(تسد فرج القحبة المسافجه ... مفْسدَة لِابْنِ الْعَجُوز الصالحه)
(كَأَنَّهَا صنجة ألف راجحه)
وَقَالَ آخر
وفيشة لَيست كهذى الفيش ... قد ملئت من خرق وطيش)
(إِذا بَدَت قلت أَمِير الْجَيْش ... من ذاقها يعرف طعم الْعَيْش)
وَقَالَ آخر
(لَا أكتم الْأَسْرَار لَكِن أنمها ... وَلَا أترك الْأَسْرَار تغلى على قلبِي)
(وَإِن قَلِيل الْعقل من بَات ليله ... تقلبه الْأَسْرَار جنبا إِلَى جنب)
وَقَالَ آخر
(فجاؤا بشيخ كدح الشَّرّ وَجهه ... جهول مَتى مَا ينْفد السب يلطم)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - أَرَادَ بالعدو الْمَرْأَة الَّتِي لَا يحل وَطْؤُهَا وبالصديق ضدها وجامحة من جمح الْفرس إِذا شرد يُرِيد أَنَّهَا لَا تميز بَين الْعَدو وَالصديق
2 - القحبة من النِّسَاء الْعَجُوز المسنة واختارها لاتساع وعائها والمسافحة الزَّانِيَة والصنجة جَدِيدَة الْمِيزَان الَّتِي فِي وَسطه من فَوق والراجحة المائلة
3 - الْخرق الْجُنُون والطيش الخفة
4 - الْعَيْش الْمَعيشَة
5 - أنمها أفشها
6 - بَات ليله أَي فِي ليله وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنِّي أفشي الْأَسْرَار وَلَا أدعها مكتومة تَفُور على قلبِي مثل الْقدر على النَّار وعقله قَلِيل من كتم الْأَسْرَار حَتَّى أرقته وأسهرته وأضجرته
7 - الكدح والخدش متقاربان فِي الْمَعْنى وينفد يفني والنفاد الفناء وَالْمعْنَى(2/402)
وَقَالَت امْرَأَة لأخرى أَخذهَا الطلق وَاسْمهَا سَحَابَة
(أيا سَحَاب طرقي بِخَير ... وطرقي بخصية وأير ... وَلَا تريني طرف البظير)
وَقَالَ آخر
(فَإنَّك إِن ترى عرصات جمل ... بعاقبة فَأَنت إِذا سعيد)
3 - (لَهَا عينان من أقط وتمر ... وَسَائِر خلقهَا بعد الثَّرِيد)
وَقَالَ آخر
4 - (أنخ فاصطبغ قرصا إِذا اعتادك الْهوى ... بِزَيْت كَمَا يَكْفِيك فقد الحبائب)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ظَاهر
1 - سَحَاب مرخم سَحَابَة وَهُوَ اسْم امْرَأَة وطرقت الحبلى إِذا خرج بعض الْوَلَد والنظير مصغر البظر وَهُوَ مَا تقطعه الخافضة وأرادت بِهِ الْفرج تتمنى أَن تَأتي بِذكر لَا بأنثى
2 - عرصات جمع عَرصَة وَهِي مَا يَتَّسِع من الْمَكَان وجمل اسْم علم وَقَوله بعاقبة أَي بعقب مَا عرفتها وَدفعت إِلَيْهَا وَالْمعْنَى من سعادتك أَن ترى فِي عَاقِبَة أَمرك عرصات جمل
3 - الأقط مَا يصنع من لبن الْغنم يُرِيد أَن عينهَا اجْتمع فِيهَا الْبيَاض والسواد وَأَرَادَ بالثريد لين جَسدهَا وَالْمعْنَى ظَاهر
4 - اصطبغ من الصّباغ وَهُوَ الأدام الْمَعْنى أبرك نَاقَتك وكل قرصا مغمسا بالزيت يسليك فقد الأحباب إِذا كَانَ الْحبّ ملازما لَك(2/403)
(إِذا اجْتمع الْجُوع المبرح والهوى ... نسيت وصال الآنسات الكواعب)
وَقَالَ آخر
(كَأَن ثناياها وَمَا ذقت طعمها ... لبا نعجة سوطته بدقيق)
وَقَالَ آخر
3 - (رمتني بِسَهْم الْحبّ أما قذاذه ... فتمر وَأما ريشه فسويق)
وَقَالَ آخر
4 - (أَلا رب خود عينهَا من خزيرة ... وأنيابها الغر الحسان سويق)
وَقَالَ آخر
5 - (وَمَا الْعَيْش إِلَّا نومَة وتشرق ... وتمر كأكباد الْحرار وَمَاء)
وَقَالَ آخر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - المبرح المهلك والكواعب جمع كاعب وَهِي الَّتِي نهد ثدياها وَالْمعْنَى أَن اجْتِمَاع الْحبّ مَعَ شدَّة الْجُوع ينسى وصال الآنسات الجميلات من الأحباب
2 - سطت الشَّيْء إِذا جمعته مَعَ غَيره فِي الْإِنَاء وضربتهما حَتَّى يختطا وَالْمعْنَى ظَاهر
3 - القذاذ جمع القذة وَهُوَ الريش وَرِيش السهْم نصله يُرِيد أَنَّهَا كَانَت تطعمه التَّمْر والسويق فَلذَلِك أحبها
4 - الخود الْمَرْأَة الناعمة الْجِسْم والخزيرة لحم يقطع صغَارًا ويغلى بِمَاء ويذر عَلَيْهِ دَقِيق قيل الْمَقْصُود بذلك بَنو مجاشع وقريش وَكَانَت الْعَرَب تعيرهما بأكلها
5 - التشرق التظاهر للشمس وَالنَّوْم فِيهَا والحرار جمع حران وَهُوَ العطشان شبه التَّمْر بأكباد الْحرار فِي الْجَفَاف والسواد يُرِيد بذلك الرَّدِيء من التَّمْر(2/404)
(قَامَت تمطى والقميص منخرق ... فصادف الْخرق مَكَانا قد حلق)
(كَأَنَّهُ قَعْب نضار منفلق)
وَقَالَ آخر
3 - (إِذا اجْتمع الْجُوع المبرح والهوى ... على الرجل الْمِسْكِين كَاد يَمُوت)
وَقَالَ آخر
4 - (يَا رب إِن قتلتها فعد لَهَا ... فَلَنْ تَمُوت أَو تجيد قَتلهَا)
وَقَالَ آخر
5 - (وَأبْغض الضَّيْف مَا بِي جلّ مأكله ... إِلَّا تنفجه حَولي إِذا قعدا)
6 - (مَا زَالَ ينفج جَنْبَيْهِ وحبوته ... حَتَّى أَقُول لَعَلَّ الضَّيْف قد ولدا)
7 - (وَقَالَ بِلَال بن جرير)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - تمطى أَي تتمطى والتمطي التَّبَخْتُر وَمد الْيَدَيْنِ فِي الْمَشْي وَقَوله مَكَانا قد حلق يَعْنِي الْفرج
2 - الْقَعْب الْقدح الضخم والنضار شجر تتَّخذ من خشبه القصاع وَمرَاده ظَاهر
3 - المبرح المهلك والمسكين من لَا يملك قوت يَوْمه
4 - الْمَعْنى أَنَّهَا لَا تَمُوت إِلَّا أَن تشدد فِي قَتلهَا وتبالغ فِيهِ
5 - تنفج فلَان إِذا توسع فِي جُلُوسه وَالْمعْنَى أَنه يبغض الضَّيْف وَلَيْسَ ذَلِك لِكَثْرَة أكله بل لاتساعه فِي الْمجْلس وَأَخذه مَكَانا وَاسِعًا إِذا قعد مَعَه
6 - النفج الْكبر والحبوة من الاحتباء وَهُوَ جمع الرجل ظَهره وساقيه فعمامته
7 - وجده عَطِيَّة بن الخطفي وَهُوَ ابْن جرير الشَّاعِر وَكَانَ أعق النَّاس بِأَبِيهِ وَكَانَ شَاعِرًا محسنا ناقدا بَصيرًا قيل لَهُ أَي شعر ذِي الرمة أَجود فَقَالَ(2/405)
(وعكلية قَالَت لجارة بَيتهَا ... إِذا العير أدلى حبذا مثل ذَا علقا)
وَقَالَ آخر
(وَإِنَّا لنجفوا الضَّيْف من غير عسرة ... مَخَافَة أَن يضرى بِنَا فَيَعُود)
3 - (ونشلي عَلَيْهِ الْكَلْب عِنْد مَحَله ... ونبدي لَهُ الحرمان ثمَّ نزيد)
وَقَالَ آخر وَنظر إِلَى جَارِيَة سَوْدَاء تخضب كفها
4 - (تخضب كفا بتكت من زندها ... فتخضب الْحِنَّاء من مسودها)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(هَل حَبل خرقاء بعد الْيَوْم مَذْمُوم) إِنَّهَا مَدِينَة الشّعْر
1 - وعكلية منسوبة إِلَى عكل اسْم قَبيلَة وَالْعير الْحمار الوحشي والعلق الشَّيْء النفيس
2 - قَالُوا كَانَ الْأَصْمَعِي يَقُول هَذَا الْبَيْت جَار على مَذْهَب الأخساء من جفَاء الضَّيْف وكراهته وَعدم إكرامه وَخَالفهُ غَيره فتحاكما إِلَى عبد الله بن طَاهِر فَحكم على الْأَصْمَعِي وَقَالَ إِنَّمَا يُرِيد أَنا لَا نبالغ فِي بر الضَّيْف وَلَا نتكلف لَهُ لِئَلَّا يحتشم وَلَكِن نقدم إِلَيْهِ بعض مَا يحضر عندنَا ليأنس بِنَا فيكثر زيارتنا ثمَّ نوفيه حق إكرامه بعد ذَلِك إِلَّا أَن عَادَة أهل الْمُرُوءَة وَالْكَرم أَن يتكلفوا للضيف ابْتِدَاء ليعرف مَحَله عِنْدهم فَإِذا زَالَت الحشمة ترك التَّكَلُّف هَذَا وَبَعْضهمْ يرى أَن الصَّوَاب مَعَ الْأَصْمَعِي بِدَلِيل الْبَيْت الَّذِي بعده وضرى بِهِ لهج وولع
3 - نشلي نغزي وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنهم يظهرون لضيفهم من خلاف عَادَة الكرماء مَا لَا يعود بعده ويغرون كلبهم بِهِ لينهشه عِنْد حُلُوله ويحرمونه من الْعَطاء ثمَّ يزِيدُونَ فِي إهانته وحرمانه
4 - تخضب كفا أَي تزينها بِالْحِنَّاءِ وبتكت قطعت وَهَذَا دُعَاء عَلَيْهَا(2/406)
(كَأَنَّهَا والكحل فِي مرودها ... تكحل عينيها بِبَعْض جلدهَا)
وَقَالَ أَعْرَابِي لِابْنِهِ وَكَانَ قد دخل الْحمام فَأَحْرَقتهُ النورة
(لعمري لقد حذرت قرطا وجاره ... وَلَا ينفع التحذير من لَيْسَ يحذر)
3 - (نهيتهما عَن نورة أحرقتهما ... وحمام سوء مَاؤُهُ يتسعر)
4 - (فَمَا مِنْهُمَا إِلَّا أَتَانِي موقعا ... بِهِ أثر من مَسهَا يتقشر)
5 - (أجدكما لم تعلما أَن جارنا ... أَبَا الحسل بالصحراء لَا يتنور)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَوله فتخضب الْحِنَّاء الخ يُرِيد أَن سَواد لَوْنهَا يُغير من الْحِنَّاء وَالْمعْنَى أَنَّهَا لشدَّة سوادها كَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تحنئ الْحِنَّاء وتخضبها
1 - المرود مَا يكتحل بِهِ فِي الْعين وشدد لضَرُورَة الشّعْر وَالْمعْنَى أَنه لشدَّة سَواد هَذِه الْجَارِيَة كَأَنَّهَا إِذا اكتحلت اكتحلت بِقِطْعَة من جلدهَا
التحذير التخويف وَالْمعْنَى خوفهما ووعظهما فَلم يخافا وَلم يتعظا وَإِذا لم يكن للْإنْسَان من نَفسه واعظ لم تُؤثر فِيهِ المواعظ
3 - النورة مَا يتَّخذ فِي الْحمام لإِزَالَة الشّعْر وَالْمعْنَى نهيتهما عَن اسْتِعْمَال النورة وَدخُول الْحمام الْمُسِيء الَّذِي قد سخن وغلا مَاؤُهُ حَتَّى صَار كالنار المشتعلة
4 - الْموقع الْبَعِير الَّذِي بِهِ آثَار الجروح وتقشر الْجرْح إِذا علاهُ قشر وَالْمعْنَى أَتَاهُ قرط وجاره وَقد أثرت النورة فِي جسميهما مثل تَأْثِير الجروح فِي الْبَعِير وَقد علت جروحهما القشور
5 - أجدكما هَذِه الْكَلِمَة لَا تسْتَعْمل إِلَّا مُضَافَة وَمَعْنَاهَا الْيَمين وَيجوز فِي الْجِيم الْكسر وَالْفَتْح فَإِذا كسر كَانَ الْمَعْنى أَن يستحلفه بحقيقته وَإِذا فتح استحلفه ببخته وحظه والحسل ولد الضَّب وَالْمعْنَى أستحلفكما بحقيقتكما(2/407)
(وَلم تعلما حمامنا ببلادنا ... إِذا جعل الحرباء بالجذل يخْطر)
وَقَالَ آخر
(أَلا فَتى عِنْده خفان يحملني ... عَلَيْهِمَا إِنَّنِي شيخ على سفر)
3 - (أَشْكُو إِلَى الله أحوالا أمارسها ... من الْجبَال وَأَنِّي سيئ الْبَصَر)
4 - (إِذا سرى الْقَوْم لم أبْصر طريقهم ... إِن لم يكن لَهُم ضوء من الْقَمَر)
وَقَالَت جَارِيَة فِي نسَاء يتساببن
5 - (سبي أبي سبك لن يضيره ... إِن معي قوافيا كَثِيره)
6 - (ينْفخ مِنْهَا الْمسك والذريره)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وعظمتكما ألم تعلما أَن أَبَا الحسل لَا يسْتَعْمل النورة حَتَّى تركتما الِاقْتِدَاء بِهِ
1 - الحرباء دويبة تسْتَقْبل الشَّمْس برأسها دَائِما وَيضْرب الْمثل فِيهَا بِكَثْرَة التلون لِأَنَّهَا سريعة الانقلاب من لون إِلَى آخر والجذل أصل الْحَطب الْعَظِيم ويخطر أَي يُحَرك ذَنبه وَالْمعْنَى وَلم تعلما أننا فِي أَيَّام القيظ وَشدَّة الْحر لَا نغتسل بالحمامات بل نغتسل ببلادنا وَبُيُوتنَا
2 - الأخفاف لِلْإِبِلِ كالحوافر للخيل وَالْبِغَال وَالْحمير
3 - أمارسها أعانيها
4 - سرى الْقَوْم سَارُوا لَيْلًا وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة أَلا يُوجد رجل كريم يمن عَليّ براحلة لأركبها وأسافر عَلَيْهَا لِأَنِّي رجل عَاجز عَن الْمَشْي على الْأَقْدَام وأشكو إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شؤونا أقضيها بِسَبَب صعوبة الطّرق فِي الْجبَال وَضعف نَظَرِي حَتَّى إِذا سَار الْقَوْم لَيْلًا لَا أرى طريقهم إِلَّا إِذا كَانَ الْقَمَر طالعا مضيئا
5 - يضيره يضرّهُ
6 - ينفح يفوح والذريرة نوع من الْعطر وَالْمعْنَى مهما سببت أبي(2/408)
وَقَالَت أُخْرَى فِي مثل هَذَا الْوَزْن
(إِن أَبَاك زهزق دَقِيق ... لَا حسن الْوَجْه وَلَا عَتيق)
(تضحك من طرطبه العنوق)
وَقَالَت أُخْرَى
3 - (يَا رب من عادى أبي فعاده ... وارم بسهمين على فُؤَاده)
4 - (وَاجعَل حمام نَفسه فِي زَاده)
5 - وَقَالَت أم النحيف
6 - (لعمري لقد أخلفت ظَنِّي وسؤتني ... فحزت بعصياني الندامة فاصبر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لن يضرّهُ سبك لَهُ وَعِنْدِي شعر وقصائد كَثِيرَة تفوح مِنْهَا رَوَائِح الْمسك والذريرة فَهِيَ تدفع عَنَّا خبث سبك
2 - الزهزق اللَّئِيم الدَّقِيق الْحسب والعتيق الْكَرِيم
2 - الطرطب صَوت الرَّاعِي إِذا سكن معزاه والعنوق إناث أَوْلَاد المعزى وَالْمعْنَى أَن أَبَاهَا قد اجْتمع فِيهِ لؤم الأَصْل وبشاعة المنظر وقبح الصَّوْت حَتَّى صَارَت الْحَيَوَانَات تضحك لسَمَاع صَوته
3 - فعاده أَي أهلكه لِأَن من عَادَاهُ الله هلك
4 - الْحمام الْمَوْت وَالْمعْنَى أهلك يَا رب من يعادي أبي أَشد الإهلاك وَأمته بِسَبَب زَاده الَّذِي يَأْكُلهُ ليحيا بِهِ
5 - وَهُوَ سعد بن قرط أحد بني جذيمة وَكَانَ قد تزوج امْرَأَة نهته أمه عَنْهَا فَأَرَادَ أَن يطلقهَا فَلم ترض أمه وذمته وحذرته من الْمُطَالبَة بِالْمهْرِ وَغير ذَلِك مِمَّا يخافه الْمُطلق وامرته أَن يصبر عَلَيْهَا إِلَى أَن تَمُوت
6 - الْمَعْنى أقسم بعمري إِنَّك قد أخلفت مَا كنت أَظُنهُ فِيك من الْبر بِي وطاعتي وعصيتني(2/409)
(وَلَا تَكُ مطلاقا ملولا وسامح الْقَرِينَة ... وَافْعل فعل حر مشهر)
(فقد حزت بالورهاء أَخبث خبثة ... فدع عَنْك مَا قد قلت يَا سعد وَاحْذَرْ)
3 - (تربص بهَا الْأَيَّام عل صروفها ... سترمي بهَا فِي جاحم متسعر)
4 - (فكم من كريم قد مناه إلهه ... بمذمومة الْأَخْلَاق وَاسِعَة الْحر)
5 - (فطاولها حَتَّى أتتها منية ... فَصَارَت سفاة جثوَة بَين أقبر)
6 - (فأعقب لما كَانَ بِالصبرِ معصما ... فتاة تمشى بَين إتب ومئزر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فندمت فاصبر على مَا أَنْت فِيهِ
1 - المطلاق الْكثير التَّطْلِيق وَالْمعْنَى وَلَا تَكُ كثير التَّطْلِيق كثير الْملَل لقرينتك وزوجتك وسامحها إِذا أساءت إِلَيْك وَافْعل فعل الْأَحْرَار الْمَشْهُورين بالحزم
2 - الورهاء الحمقاء وَقَوْلها أَخبث خبثة أَي كل فَاسد وَقَوْلها فدع عَنْك الخ كَأَنَّهُ لما هم بِطَلَاق زوجه أنْكرت عَلَيْهِ أمه وحذرته ذَلِك وَالْمعْنَى قد نزل بك وأصابك بِهَذِهِ الزَّوْجَة الحمقاء فَسَاد عَظِيم فاترك مَا تَكَلَّمت بِهِ من أَمر الطَّلَاق وَاحْذَرْ أَن تعود إِلَيْهِ
3 - التَّرَبُّص الِانْتِظَار وصروف الْأَيَّام نوائبها ومصائبها والجاحم النَّار الشَّدِيدَة التأجج وَالْمعْنَى اصبر وانتظر لَعَلَّ حوادث الدَّهْر تهلكها فتكفيك شَرها
4 - مناه ابتلاه وَالْحر فرج الْمَرْأَة وَالْمعْنَى ظَاهر
5 - طاولها أَي باراها فِي طول الْمدَّة والمنية الْمَوْت والسفاة الكومة من التُّرَاب والجثوة الْحِجَارَة الْمَجْمُوعَة يَقُول لما ابتلى بهَا طاولها وصابرها إِلَى أَن أَتَاهَا الْمَوْت فَصَارَت كومة من التُّرَاب حَشْو حِجَارَة مَجْمُوعَة بَين قُبُور كَثِيرَة
6 - معصما معتصما وَهُوَ المتحصن الْمُمْتَنع والأتب ثوب أَو برد يشق فِي وَسطه فتلقيه(2/410)
(مهفهفة الكشحين محطوطة المطا ... كهم الْفَتى فِي كل مبدى ومحضر)
(لَهَا كفل كالدعص لبده الندى ... وثغر نقي كالأقاحي الْمنور)
وَقَالَ سعد ابْنهَا وَلَيْسَ من الْكتاب
3 - (يَا لَيْت مَا أمنا شالت نعامتها ... أَيّمَا إِلَى جنَّة أَيّمَا إِلَى نَار)
4 - (تلتهم الوسق مشدودا أشظنه ... كَأَنَّمَا وَجههَا قد طلي بالقار)
5 - (لَيست بشبعى وَلَو أوردتها هجرا ... وَلَا بريا وَلَو قاظت بِذِي قار)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمَرْأَة فِي عُنُقهَا من غَيْركُمْ وَلَا جيب والمئزر الأزار وَالْمعْنَى فرزقه الله بِسَبَب صبره الَّذِي اعْتصمَ بِهِ امْرَأَة حَسَنَة عفيفة مخدرة
1 - المهفهفة الخميصة الْبَطن الدقيقة الخصر ومحطوطة المطا أَي مصقولة الظّهْر مجلوته وَقَوْلها كهم الْفَتى أَي كَمَا يهواها الْفَتى ويهمه أمرهَا حِين مَا ينْصَرف عَنْهَا
2 - الدعص مَا اسْتَدَارَ من الرمل والأقاحي جمع أقحوان وَهُوَ زهر أَبيض فِي وَسطه كتلة صفراء يُسمى بالبابونج وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنَّهَا رقيقَة الخصر ضامرة الْبَطن ناعمة الظّهْر كَمَا يهواها الْفَتى ويهمه أمرهَا حَيْثُمَا انْصَرف عَنْهَا لَهَا كفل عَظِيم مُرْتَفع وثغر كثير النَّظَافَة مجلو الْأَسْنَان صَغِير طيب الرَّائِحَة
3 - شالت من الشول وَهُوَ رفع الذَّنب وَأَرَادَ بشالت نعامتها مَوتهَا وَيُقَال للْقَوْم إِذا ارتحلوا عَن منهلهم أَو تفَرقُوا شالت نعامتهم وَأَيّمَا أَصله أما وَالْمعْنَى أَنه يتَمَنَّى موت أمه سَوَاء ذهبت للنار أَو للجنة
4 - تلتهم تبتلع والوسق سِتُّونَ صَاعا والأشظة جمع شظية وَهِي الفلقة من الْعَصَا وَنَحْوهَا والقار الزفت
5 - هجر بلد بِالْيمن كَثِيرَة التَّمْر وقاظ أَقَامَ فِي القيظ وَهُوَ الْحر وَذُو قار(2/411)
1 - وَقَالَ أَبُو الطمحان القيني الْأَسدي وحلقه صَاحب شرطة يُوسُف بن عمر
(وبالحيرة الْبَيْضَاء شيخ مسلط ... إِذا حلف الْأَيْمَان بِاللَّه برت)
3 - (لقد حَلقُوا مِنْهَا غدافا كَأَنَّهُ ... عناقيد كرم أينعت فاسبكرت)
4 - (فظل العذارى يَوْم تحلق لمتي ... على عجل يلقطنها حَيْثُ خرت)
وَقَالَ آخر
5 - (وَلَقَد غَدَوْت بمشرف يَافُوخه ... عسر المكرة مَاؤُهُ يتدفق)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَوضِع وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنَّهَا كَثِيرَة الْأكل تبتلع السويق من شرهها ونهمها سَوْدَاء الْوَجْه كَأَنَّهُ طلي بالزفت لَا تشبع وَلَو أَنه أطعمها تمر هجر وَلَا تروى وَلَو شربت مَاء ذِي قار
1 - قَائِل هَذِه الأبيات إِنَّمَا هُوَ طخيم أَو الطخماء الْأَسدي وَهُوَ شَاعِر إسلامي أموي مقل وسببها أَن طخيما شرب الْخمر وَكَانَ بِالْحيرَةِ فَأَخذه الْعَبَّاس بن معبد المري وَكَانَ على شرطة يُوسُف بن عمر فحلق رَأسه فَقَالَ هَذِه الأبيات
2 - الْحيرَة بلد قرب الْكُوفَة وَالْمعْنَى ظَاهر
3 - لقد حَلقُوا مِنْهَا أَي من هامته وَمن رَأسه الغداف الْأسود وَأَرَادَ بِهِ الشّعْر واسبكر طَال وامتد وَشبه لمته فِي طولهَا ولينها بعناقيد من الْكَرم استرسلت
4 - فظل أَي صَار وَإِنَّمَا لقطن لمته لحسنها وولوعهن بهَا واللمة الشّعْر الَّذِي يُجَاوز شحمة الْأذن وخرت سَقَطت وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنه يشبه شعر رَأسه الَّذِي حلقوه بعناقيد ناضجة من الْعِنَب تدلت واسترسلت فَصَارَ النِّسَاء الْأَبْكَار يلتقطنها يَوْم حلقها حَيْثُمَا وَقعت
5 - المشرف الْمُرْتَفع واليافوخ وسط الرَّأْس وعسر المكرة أَي شَدِيد الْقُوَّة لَا يسترخي(2/412)
(أرن يسيل من النشاط لعابه ... ويكاد جلد إهابه يتمزق)
بَاب مذمة النِّسَاء
2 - قَالَ بَعضهم
3 - (دمشق خذيها واعلمي أَن لَيْلَة ... تمر بعودي نعشها لَيْلَة الْقدر)
4 - (أكلت دَمًا إِن لم أرعك بضرة ... بعيدَة مهوى القرط طيبَة النشر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الأرن النشيط وَمعنى الْبَيْتَيْنِ ظَاهر
2 - قَائِل هذَيْن الْبَيْتَيْنِ أَعْرَابِي كَانَ قد تزوج امْرَأَة فَلم توافقه فَقيل لَهُ أَن حمى دمشق سريعة فِي موت النِّسَاء فحملها إِلَى دمشق وَأنْشد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وبعدهما
(أما لَك عمر إِنَّمَا أَنْت حَيَّة ... إِذا هِيَ لم تقتل تعش آخر الدَّهْر)
(ثَلَاثِينَ حولا لَا أرى مِنْك رَاحَة ... لهنك فِي الدُّنْيَا لباقية الْعُمر)
(فَإِن أنفلت من عمر صعبة سالما ... تكن من نسَاء النَّاس فِي بَيْضَة الْعقر)
3 - عودي نعشها أَرَادَ بهما يَدي النعش الَّذِي نحمل عَلَيْهِ بعد الْمَوْت وَالْمعْنَى خذيها يَا دمشق وأهلكيها بحماك واعلمي أَن لَيْلَة موت هَذِه الْمَرْأَة عِنْدِي هِيَ لَيْلَة الْقدر الَّتِي هِيَ خير من ألف شهر
4 - أكلت دَمًا هَذَا يجْرِي مجْرى الْيَمين وَالْمرَاد بِالدَّمِ الدِّيَة يُرِيد قتل لي قَتِيل فأعجز عَن الْأَخْذ بثأره فأرضى بِأخذ الْإِبِل فِي دِيَته فَإِذا طعمت ألبناها فَكَأَنَّمَا أشْرب دم ذَلِك الْقَتِيل وكنى ببعيدة مهوى القرط عَن طول الْعُنُق والنشر الرَّائِحَة الطّيبَة وَالْمعْنَى إِن لم أَتزوّج عَلَيْك امْرَأَة حَسَنَة السالفة طيبَة الرَّائِحَة تروعك وتفزعك فَقتل الله لي قَتِيلا أعجز عَن أَخذ ثَأْره فآخذ دِيَته(2/413)
وَقَالَ آخر
(سقى الله دَارا فرق الدَّهْر بَيْننَا ... وَبَيْنك فِيهَا وابلا سَائل الْقطر)
(وَلَا ذكر الرَّحْمَن يَوْمًا وَلَيْلَة ... ملكناك فِيهَا لم تكن لَيْلَة الْبَدْر)
وَقَالَ آخر فِي امْرَأَة طَلقهَا
3 - (رحلت أنيسَة بِالطَّلَاق ... وعتقت من رق الوثاق)
4 - (بَانَتْ فَلم يألم لَهَا ... قلبِي وَلم تبك المآقي)
5 - (ودواء مَالا تشتهيه ... النَّفس تَعْجِيل الْفِرَاق)
6 - (لَو لم أرح بفراقها ... لأرحت نَفسِي بالإباق)
7 - (وخصيت نَفسِي لَا أُرِيد ... حَلِيلَة حَتَّى التلاقي)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الوابل الْمَطَر الْكثير
2 - معنى الْبَيْتَيْنِ أَنه يَدْعُو بِالْخَيرِ للدَّار الَّتِي حصلت فِيهَا الْفرْقَة بَينه وَبَين تِلْكَ الْمَرْأَة وَيَدْعُو على اللَّيْلَة الَّتِي تزَوجهَا فِيهَا لِأَنَّهَا كَانَت مظْلمَة لم يطلع فِيهَا الْبَدْر
3 - الْمَعْنى رحلت امْرَأَته أنيسَة وَمَعَهَا طَلاقهَا وَقد كَانَ قبل تطليقها كالأسير الموثق فَلَمَّا طَلقهَا فَكَأَنَّهُ أطلق من وثَاقه
4 - بَانَتْ فَارَقت وبعدت والمآقي جمع موق وَهُوَ طرف الْعين الَّذِي يَلِي الْأنف وَهُوَ مجْرى الدمع وَجعل الْبكاء للمآقي مجَازًا وسعة
5 - تَعْجِيل الْفِرَاق يُرِيد تَعْجِيل فِرَاقه وَمعنى الْبَيْتَيْنِ بَعدت غير مأسوف عَلَيْهَا وَالَّذِي لَا تشتهيه نَفسك فدواؤه تَعْجِيل مُفَارقَته
6 - أرح أَي أرتاح بعد الْمَشَقَّة والأباقي الْهَرَب
7 - خصى النَّفس قطعهَا عَن الملاذ والحلية الزَّوْج وَقَوله حَتَّى التلاق أَي إِلَى وَقت تلاقي الْخلق يَوْم الْقِيَامَة وَمعنى الْبَيْتَيْنِ(2/414)
وَقَالَ آخر
(ألمم بجوهر بالقضبان والمدر ... وبالعصي الَّتِي فِي روسها عجر)
(ألمم بهَا لَا لتسليم وَلَا مقة ... إِلَّا ليكسر مِنْهَا أنفها الْحجر)
3 - (ألمم بوطباء فِي أشداقها سَعَة ... فِي صُورَة الْكَلْب إِلَّا أَنَّهَا بشر)
4 - (حدباء وقصاء صيغت صِيغَة عجبا ... وَفِي ترائبها عَن صدرها زور)
وَقَالَ آخر
5 - (تمت عُبَيْدَة إِلَّا من محاسنها ... وَالْملح مِنْهَا مَكَان الشَّمْس وَالْقَمَر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَنه لَو لم تحصل لَهُ رَاحَة بفراقها لهرب وَقطع نَفسه عَن ملاذ النِّسَاء وَلم يشته امْرَأَة حَتَّى يَوْم الْقِيَامَة
1 - الْإِلْمَام الزِّيَارَة الْخَفِيفَة وَقَوله بالقضبان أَي والقضبان مَعَك كَمَا يُقَال خرج بسلاحه أَي وَالسِّلَاح مَعَه وَالْعجز جمع عُجَره وَهِي الْعقْدَة
2 - المقة الْمحبَّة
3 - الوطباء الْعَظِيمَة الثديين والأشداق جَوَانِب الْفَم
4 - الحدباء الْخَارِجَة الظّهْر الدَّاخِلَة الصَّدْر والوقصاء القصيرة الْعُنُق والترائب عِظَام الصَّدْر والزور الميلان وَمعنى الأبيات الْأَرْبَعَة أَن ترد أَن تَأتي هَذِه الْمَرْأَة فَلَا تأتها إِلَّا ومعك الْعَصَا وَالْحِجَارَة لضربها وَلَا يكن إتيانك لتسيلم عَلَيْهَا أَو لمحبة لَهَا بل لتكسر بِالْحجرِ أنفها وَهَذِه الْمَرْأَة بشعة الْخلق كَبِيرَة الْفَم أشبهت الْكلاب فِي الصُّورَة وَإِن كَانَت بشرا معوجة الظّهْر قَصِيرَة الْعُنُق مائلة عِظَام الصَّدْر أعجوبة من عجائب الدَّهْر
5 - تمت عُبَيْدَة أطلق القَوْل بِتَمَامِهَا ثمَّ اسْتثْنى من ذَلِك المحاسن فَكَانَ التَّمام فِي المقابح لَا غير والمحاسن جمع حسن على غير قِيَاس وَالْملح الملاحة يُرِيد أَن بعد الملاحة(2/415)
(قل للَّذي عابها من عائب حنق ... أقصر فرأس الَّذِي قد عبت للحجر)
وَقَالَ آخر
(لَا تنكحن الدَّهْر مَا عِشْت أَيّمَا ... مخرمَة قد مل مِنْهَا وملت)
3 - (تحك قفاها من وَرَاء خمارها ... إِذا فقدت شَيْئا من الْبَيْت جنت)
4 - (تجود برجليها وتمنع درها ... وَإِن طلبت مِنْهَا الْمَوَدَّة هرت)
وَقَالَ آخر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مِنْهَا كبعدها من الشَّمْس وَالْقَمَر
1 - الحنق المغتاظ وَقَوله فرأس الَّذِي أَرَادَ فرأس الْإِنْسَان الَّذِي قد عبت الخ وَمعنى الْبَيْتَيْنِ أَنه يصفها بِأَنَّهَا استكملت جَمِيع أَوْصَاف القباحة وَالْحسن بعيد عَنْهَا كبعدها من الشَّمْس وَالْقَمَر قل للَّذي يعيبها عجبا لَك أقلل من ذكر معائبها فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا أَن تكسر رَأسهَا بِالْحجرِ
2 - أَرَادَ بِالنِّكَاحِ العقد أَي لَا تتَزَوَّج والأيم من النِّسَاء الَّتِي فَارقهَا وَجها بِمَوْت أَو طَلَاق وَقَوله مخرمَة أَي كثر الدُّعَاء عَلَيْهَا أَن تخترمها الْمنية أَي تأخذها وَقَوله قد مل مِنْهَا الخ يريدانها طعنت فِي السن وقضت مآرب الشَّهَوَات وقضيت مِنْهَا
3 - تحك قفاها أَي من وسخها وَكَثْرَة الْقمل عَلَيْهَا والخمار مَا تستر وَجههَا بِهِ الْمَرْأَة وَقَوله إِذا فقدت شَيْء الخ أَي إِذا فقدت مَا لَا قيمَة لَهُ وَلَا خطر كَانَ عِنْدهَا كالشيء الَّذِي لَا عوض عَنهُ فيصيبها كالجنون
4 - تجود برجليها الخ هَذَا مثل أَي تسرع بشرها وتمنع خَيرهَا وتمنع درها أَي خَيرهَا وهرت نبحت مثل الْكلاب وَالْمعْنَى ظَاهر(2/416)
(لأسماء وَجه بِدعَة من سماجة ... يرغبني فِي نيك كل أتان)
(بدا فبدت لي شقة من جَهَنَّم ... فَقُمْت وَمَالِي بالجحيم يدان)
3 - (وغادرت أَصْحَابِي الَّذين تخلفوا ... بِمَا شِئْت من خزي وَطول هوان)
4 - (وَمَا كنت أَدْرِي قبلهَا أَن فِي النسا ... جحيما أَرَاهَا جهرة وتراني)
وَقَالَ آخر
5 - (لَا تنكحن عجوزا إِن أتيت بهَا ... واخلع ثِيَابك مِنْهَا ممنعا هربا)
6 - (وَإِن أتوك فَقَالُوا أَنَّهَا نصف ... فَإِن أمثل نصفيها الَّذِي ذَهَبا)
وَقَالَ آخر
7 - (رقطاء حدباء يُبْدِي الكبد مضحكها ... قنواء بِالْعرضِ والعينان بالطول)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - بِدعَة أَي لم يصغ مثله فِي الْقبْح والسماحة القباحة والأتان الْأُنْثَى من الْحمير
2 - الْمَعْنى لما رأى وَجههَا رَأْي جانبا من جَهَنَّم فتهيأ للهرب مِنْهَا وَلم يكن لَهُ طَاقَة بِالصبرِ على مرآها
3 - غادرت أَي تركت والخزي الْوُقُوع فِي بلية
4 - الْجَحِيم النَّار وَمعنى الْبَيْتَيْنِ تركت رُفَقَائِي على حَالَة تشبه حَالَة من نزل بِهِ الْبلَاء والشقاء وَلم أعلم قبل أَن أرى هَذِه الْمَرْأَة أَن بعض النِّسَاء نَار
5 - أمعن فِي الْهَرَب أسْرع فِيهِ
6 - النّصْف من النِّسَاء مَا تكون لَا صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة والأمثل الْأَفْضَل وَمعنى الْبَيْتَيْنِ لَا ترغب فِي نِكَاح الْعَجُوز وانفر مِنْهَا كل النفور وَأَن أخبروك أَنَّهَا متوسطة فِي الْعُمر فَاعْلَم أَن الْأَحْسَن من عمرها الَّذِي تكون فِيهِ ذَات رونق وبهجة قد ذهب
7 - الرقطاء المنقطة بالبرش والحدباء الْخَارِجَة الظّهْر والكبد الشدَّة وَقَوله قنواء بِالْعرضِ الخ(2/417)
(لَهَا فَم ملتقى شدقيه نقرتها ... كَأَن مشفرها قد طر من فيل)
(أسنانها أضعفت فِي خلقهَا عددا ... مظهرات جَمِيعًا بالرواويل)
وَقَالَ آخر
3 - (اصرميني يَا خلقَة المجدار ... وصليني بطول بعد المزار)
4 - (فَلَقَد سمتني بِوَجْهِك والوصل ... قروحا أعيت على المسبار)
5 - (ذقن نَاقص وأنف غليظ ... وجبين كساجة القسطار)
6 - (طَال ليلِي بهَا فَبت أنادي ... يَا لثارات مستضاء النَّهَار)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَعْنِي بِهِ أَن طول أنفها قد بدا بِالْعرضِ وَعرض عينيها قد بدا بالطول فَصَارَ الْحسن قبحا
1 - نقرتها أَرَادَ نقرة قفاها وَمعنى طر أَي قطع من طرته أَي جَانِبه يصفها بِأَن فمها فِي السعَة بلغ نقرة الْقَفَا وَأَن شفتها غَايَة فِي الغلظ كَأَنَّهَا قِطْعَة من شفة الْفِيل
2 - مظهرات أَي جعل بضعهَا فَوق بعض والرواويل جمع راوول وَهِي أَسْنَان زَوَائِد تكون خلف الْأَسْنَان وَالْمعْنَى أَن أسنانها على غير النِّسْبَة الْمُعْتَادَة المألوفة
3 - الصرم الْقطع والمجدار مَا يعْمل لطرد السبَاع فِي الْمزَارِع فَإِذا نصب قَائِما نفرت مِنْهُ وكنى بِهِ عَن الثّقل والغلظ وَإِن كل إِنْسَان ينفر مِنْهَا وَالْمعْنَى أبعدي عني أيتها الغليظة الثَّقِيلَة فَلَقَد اشْتَدَّ بغضك فِي قلبِي حَتَّى صرت أعد بعْدك عني وصلالي
4 - سمتني أَو لَيْتَني والقروح الجروح والمسبار الْميل الَّذِي يختبر بِهِ عمق الْجرْح
5 - الساجة خَشَبَة تتَّخذ من خشب الساج والقسطار الصَّيْرَفِي الَّذِي يتفقد الدَّرَاهِم وَمعنى الْبَيْتَيْنِ ظَاهر
6 - مستضاء النَّهَار أَي النَّهَار المضئ(2/418)
(قامة الفصعل الضئيل وكف ... خنصراها كذينقا قصار)
وَقَالَ آخر
(ألام على بغضي لما بَين حَيَّة ... وضبع وتمساح تغشاك من بَحر)
3 - (تحاكي نعيما زَالَ فِي قبح وَجههَا ... وصفحتها لما بَدَت سطوة الدَّهْر)
4 - (هِيَ الضربان فِي المفاصل خَالِيا ... وَشعْبَة برسام ضممت إِلَى النَّحْر)
5 - (إِذا سفرت كَانَت لعينك سخنة ... وَإِن برقعت فالفقر فِي غَايَة الْفقر)
6 - (وَإِن حدثت كَانَت جَمِيع مصائب ... موفرة تَأتي بقاصمة الظّهْر)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الفصعل الْعَقْرَب الصَّغِير والضئيل الضَّعِيف والكذينق مدقة الْقَاصِر وَهُوَ الصّباغ
2 - تغشاك أَتَاك وَالْمعْنَى من الْعجب أَن أكون ملوما على بغضي لَهَا وَهِي مَوْصُوفَة بِهَذِهِ الصِّفَات الدنية
3 - تحاكى تماثل والسطو الْبسط على الْإِنْسَان بقهر وَشدَّة وَالْمعْنَى أَنَّهَا تماثل فِي قبح وَجههَا قبح زَوَال النِّعْمَة وَأَرَادَ الْمثل السائر أقبح من زَوَال النِّعْمَة يضْرب لشدَّة الْقبْح
4 - البرسام دَاء يعرض للحجاب الَّذِي بَين الكبد والمعي ثمَّ يتَّصل بالدماغ وَالْمعْنَى إِذا خلوت بهَا كَانَت خلوتها كضربان الْعُرُوق بالألم فِي مفاصل من بِهِ دَاء المقرس وَإِن جذبتها إِلَى نَفسك قاسيت مِنْهَا مَا يقاسي المبرسم
5 - سفرت ظَهرت وسخنة الْعين بِالضَّمِّ نقيض قرتها وَيُقَال أسخن الله عينه أَي أبكاه وَقَوله فالفقر فِي غَايَة الْفقر يُرِيد إِذا تناهى الْفقر فَلَا يكون وَرَاءه شَرّ مِنْهُ وَالْمعْنَى إِذا كشفت وَجههَا جلب إِلَى الْعين حرارة تَدْمَع بهَا وَذَلِكَ لسماجة الْوَجْه فَكيف إِذا كَانَت مبرقعة فَإِنَّهَا تكون فقرا لَيْسَ وَرَاءه شَرّ مِنْهُ
6 - قاصمة الظّهْر الداهية(2/419)
(حَدِيث كقلع الضرس أَو نتف شَارِب ... وغنج كحطم الْأنف عيل بِهِ صبري)
(وتفتر عَن قلح عدمت حَدِيثهَا ... وَعَن جبلى طي وَعَن هرمي مصر)
وَقَالَ آخر
3 - (لَو تسمعت صَوته قلت هَذَا ... صَوت فرخ فِي عشه مزقوق)
4 - (أَو تَأَمَّلت رَأسه قلت هَذَا ... حجر من حِجَارَة المنجنيق)
5 - (معمل قرض لحية لَو ترَاهَا ... قلت عئنون هربذ محلوق)
6 - (لم أعبه أَن لَا يكون تقيا ... مُؤمنا مبغضا لأهل الفسوق)
7 - (غير أَنِّي أردْت أَن ينظر النَّاس ... إِلَى خلق رَبنَا الْمَخْلُوق)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الحطم كسر الشَّيْء الْيَابِس وَعيلَ بِهِ صبري أَي غَابَ وَذهب
2 - تفتر تَبَسم والقلح من القلح وَهُوَ صفرَة الْأَسْنَان وَمعنى الأبيات الثَّلَاثَة إِذا تَكَلَّمت أصَاب مخاطبها جَمِيع المصائب والدواهي وحديثها مثل قلع الضرس أَو نتف الشَّارِب وتتبسم عَن أَسْنَان صفر وكل جَانب من فمها مثل جبل من جبلي طي أَو قدر هرم من هرمي مصر فِي ضخامته
3 - يُقَال زق الطَّائِر فرخه إِذا أطْعمهُ بِفِيهِ
4 - المنجنيق آلَة كَانَت للْعَرَب تتخذها لهدم القلاع والحصون فِي الْحَرْب فتضع فِيهَا الصخور الْكَبِيرَة الْعَظِيمَة وتقذفها فَمَا أَتَت على شَيْء إِلَّا حطمته أَو هدمته
5 - الْقَرْض الْقطع والعثنون مَا تدلى من اللِّحْيَة عَن الذقن والهربذ الَّذِي يصلى بالمجوس
6 - أَن لَا يكون أَي بِأَن لَا يكون
7 - الْخلق التَّقْدِير والإيجاد وَمعنى الْبَيْتَيْنِ لَا أعيره بِعَدَمِ تقواه وكفره(2/420)
وَقَالَ آخر
(مَاذَا يؤرقني قدما ويسهرني ... من صَوت ذِي رعثات سَاكن الدَّار)
(كَأَن حماضة فِي رَأسه نَبتَت ... من أول الصَّيف قد هَمت بإئمار)
وَقَالَ آخر
3 - (صَوت النواقيس بالأسحار هيجني ... بل الديرك الَّتِي قد هجن تشويقي)
4 - (كَأَن أعرافها من فَوْقهَا شرف ... حمر بَنِينَ على بعض الجواسيق)
5 - (على نغانغ سَالَتْ فِي بلاعمها ... كَثِيرَة الوشي فِي لين وترقيق)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مُجْتَمع شعر الرَّأْس والجثلة الْكثير من الشّعْر والخوافي مَا دون الريشات الْعشْر فِي جنَاح الطَّائِر والمرعش الْحمام الْأَبْيَض أَو هُوَ النسْر الَّذِي قد كبر وهرم
1 - مَاذَا يؤرقني لَفظه اسْتِفْهَام وَمَعْنَاهُ تعجب وإنكار ويؤرقني يسهرني وَقَوله من صَوت ذِي رعثات أَي من انْتِظَار صَوته فَحذف الْمُضَاف ورعثات جمع رعثة وَهِي من الديك عثنونه أَي عرفه
2 - الحماضة نبت أَحْمَر الثَّمر
3 - الناقوس الَّذِي تضرب بِهِ النَّصَارَى لأوقات صلَاتهم
4 - الجواسيق جمع جوسق وَهُوَ الْقصر أخبر بِأَن صَوت النواقيس أفلقه وهيجه فِي وَقت السحر ثمَّ أضْرب عَن ذَلِك بِأَن صياح الديوك هُوَ الَّذِي هيج شوقه وَشبه أعراف الديوك فِي ارتفاعها على رؤوسها بشرفات من فَوق الْقُصُور الْعَالِيَة
5 - النغانغ لحمات حمر تكون تَحت منقار الديك كاللحية والبلاعم مجاري الطَّعَام فِي الْحلق(2/423)
(كَأَنَّمَا لبست أَو ألبست فنكا ... فقلصت من حَوَاشِيه عَن السُّوق)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الفنك دَابَّة فروتها أطيب أَنْوَاع الفرو وأشرحها وأعدلها صَالح لجَمِيع الأمزجة المعتدلة والتقلص التقبض والارتفاع وَمعنى هَذِه الأبيات بطرِيق الْإِجْمَال أَن صَوت النواقيس بل صَوت الديوك الَّتِي وصفهَا شوقه إِلَى من يُحِبهُ إِلَى هُنَا انْتهى شرح ديوَان الحماسة بعون الله تَعَالَى وَحسن توفيقه وَالْحَمْد لله أَولا وآخرا وَقد وَقع الْفَرَاغ من جمعه يَوْم الثُّلَاثَاء السَّابِع عشر من رَمَضَان الْمُعظم من شهور سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وَألف سنة مَضَت من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة على صَاحبهَا أفضل الصَّلَاة وأزكى التَّحِيَّة(2/424)