البحر : طويل ( تذكّرَ أنساً ، من بثينةَ ، ذا القلبُ ** وبثنةُ ذكراها لذي شجنٍ ، نصبُ ) ( وحنّتْ قَلوصي ، فاستمعتُ لسَجْرها ** برملةِ لدٍّ ، وهيَ مثنيّةٌ تحبو ) ( أكذبتُ طرفي ، أم رأيتُ بذي الغضا ** لبثنةَ ، ناراً ، فارفعوا أيها الركّبُ ) 4 ( إلى ضوءِ نارٍ ما تَبُوخُ ، كأنّها ، ** من البُعدِ والإقواء ، جَيبٌ له نَقْب ) 5 ( ألا أيها النُّوّامُ ، ويحكُمُ ، هُبّوا ! ** أُسائِلكُمْ : هل يقتلُ الرجلَ الحبّ ؟ ) 6 ( ألا رُبّ ركبٍ قد وقفتُ مطيَّهُمْ ** عليكِ ، ولولا أنتِ ، لم يقفِ الرّكبُ ) 7 ( لها النّظرةُ الأولى عليهم ، وبَسطةٌ ، ** وإن كرّتِ الأبصارُ ، كان لها العقبُ )
____________________
(1/1)
البحر : وافر تام ( أشاقكَ عالجٌ ، فإلى الكثيب ، ** إلى الداراتِ من هِضَبِ القَلِيبِ ) ( إذا حلّتْ بِمصرَ ، وحَلُّ أهلي ** بيَثرِبَ ، بينَ آطامٍ ولُوبِ ) ( مجاورةً بمسكنِها نحيباً ، ** وما هيَ حينَ تسألُ من مجيبِ ) 4 ( وأهوى الأرضِ عندي حيثُ حلتْ ** بجدبٍ في المنازلِ ، أو خصيبِ )
____________________
(1/2)
البحر : طويل ( من الحفراتِ البيضش أخلصَ لونها ** تلاحي عدوّاً لم يجدْ ما يعيبها ) ( فما مزنةٌ بينَ السّماكينِ أومضتْ ** من النّورِ ، ثمّ استعرضتها جنوبها ) ( بأحسنَ منها ، يومَ قالتْ ، وعندنا ، ** من الناسِ ، أوباشٌ يخاف شغوبها : ) 4 ( تعاييتَ ، فاستغنيتَ عنّا بغيرنا ** إلى يوم يلقى كلَّ نفسٍ حبيبها )
____________________
(1/3)
البحر : طويل ( بثينةُ قالتْ : يَا جَميلُ أرَبْتَني ، ** فقلتُ : كِلانَا ، يا بُثينَ ، مُريبُ ) ( وأرْيَبُنَا مَن لا يؤدّي أمانةً ، ** ولا يحفظُ الأسرارَ حينَ يغيبُ ) ( بعيدٌ عل من ليسَ يطلبُ حاجةً ** وأمّا على ذي حاجةٍ فقريبُ )
____________________
(1/4)
البحر : طويل ( ردِ الماءَ ما جاءتْ بصفوٍ ذنائبهْ ** ودعهُ إذا خيضتْ بطرقٍ مشاربهْ ) ( أُعاتِبُ مَن يحلو لديّ عتابُهُ ، ** وأتركُ من لا أشتهي ، وأُجانبُهْ ) ( ومن لذةِ الدنيا ، وإن كنتَ ظالماً ، ** عناقُكَ مَظلوماً ، وأنتَ تُعاتِبُهْ )
____________________
(1/5)
البحر : طويل ( ألا قد أرى ، إلاّ بثينةَ ، للقلبِ ** بوادي بَديٍّ ، لا بحِسْمى ولا شَغْبِ ) ( ولا ببراقٍ قد تيمّمتَ ، فاعترفْ ** لما أنتَ لاقٍ ، أو تنكّبْ عن الرّكبِ ) ( أفي كلّ يومٍ أنتَ محدثُ صبوةٍ ** تموتُ لها ، بدّلتُ غيركَ من قلبِ )
____________________
(1/6)
البحر : كامل تام ( إنّ المنازلَ هيّجتْ أطرابي ** واستعْجَمَتْ آياتُها بجوابي ) ( قفراً تلوح بذي اللُّجَينِ ، كأنّها ** أنضاءُ رسمٍ ، أو سطورُ كتابِ ) ( لمّا وقفتُ بها القَلوصَ ، تبادرتْ ** مني الدموعُ ، لفرقةِ الأحبابِ ) 4 ( وذكرتُ عصراً ، يا بثينةُ ، شاقني ** وذكرتُ أيّامي ، وشرخَ شبابي )
____________________
(1/7)
البحر : خفيف تام ( ارحَمِيني ، فقد بلِيتُ ، فحَسبي ** بعضُ ذا الداءِ ، يا بثينةُ ، حسبي ! ) ( لامني فيكِ ، يا بُثينةُ ، صَحبي ، ** لا تلوموا ، قد أقرحَ الحبُّ قلبي ! ) ( زعمَ الناسُ أنّ دائيَ طِبّي ، ** أنتِ ، والله ، يا بُثينةُ ، طِبّي ! )
____________________
(1/8)
البحر : وافر تام ( بثغرٍ قد سُقِينَ المسكَ منهُ ** مَساوِيكُ البَشامِ ، ومن غُروبِ ) ( ومن مجرى غواربِ أقحوانٍ ، ** شَتِيتِ النّبْتِ ، في عامٍ خصيبِ )
____________________
(1/9)
البحر : وافر تام ( وقالوا : يا جميلُ ، أتى أخوها ، ** فقلت : أتَى الحبِيبُ أخُو الحبِيبِ ) ( أُحبُّكَ أن نزلتَ جبالَ حِسْمى ، ** وأن ناسبتَ بَثنةَ من قريبِ )
____________________
(1/10)
البحر : طويل ( أمنكِ سرى ، يا بَثنَ ، طيفٌ تأوّبا ، ** هُدُوّاً ، فهاجَ القلبَ شوقاً ، وأنصَبا ؟ ) ( عجبتُ له أن زار في النوم مضجعي ** ولو زارني مستيقظاً ، كان أعجبا )
____________________
(1/11)
البحر : طويل ( وأوّلُ ما قادَ المَودّةَ بيننا ، ** بوادي بَغِيضٍ ، يا بُثينَ ، سِبابُ ) ( وقلنا لها قولاً ، فجاءتْ بمثلهِ ، ** لكلّ كلامٍ ، يا بثينَ ، جوابُ )
____________________
(1/12)
البحر : وافر تام ( وما بكتِ النساءُ على قَتيلٍ ، ** بأشرفَ من قتيلِ الغانياتش ) ( فلمّا ماتَ من طَرَبٍ وسُكْرٍ ، ** رددنَ حياته بالمسمعاتِ ! ) ( فقامَ يجُرّ عِطفَيهِ خُماراً ، ** وكان قريبَ عهدٍ بالمماتِ )
____________________
(1/13)
البحر : طويل ( حلفتُ لها بالبُدْنِ تَدمَى نُحورُها : ** لقد شقيتْ نفسي بكم ، وعنيتُ ) ( حلفتُ يميناً ، يا بُثينَةُ ، صادقاً ، ** فإن كنتُ فيها كاذباً ، فعميتُ ! ) ( إذا كان جِلدٌ غيرُ جِلدِكِ مسّني ، ** وباشرني ، دونَ الشّعارِ ، شريتُ ! ) 4 ( ولو أنّ داعٍ منكِ يدعو جِنازتي ، ** وكنتُ على أيدي الرّجالِ ، حييتُ ! )
____________________
(1/14)
البحر : طويل ( حلفتُ ، لِكيما تَعلمِيني صادقاً ، ** وللصدقُ خيرٌ في الأمرِ وأنجحُ ) ( لتكليمُ يومٍ من بثينةَ واحدٍ ** ألذُّ من الدنيا ، لديّ وأملحُ ) ( من الدهرِ لو أخلو بكُنّ ، وإنما ** أُعالِجُ قلباً طامحاً ، حيثُ يطمحُ ) 4 ( ترى البزلَ يكرهنَ الرياحَ إذا جرتْ ** وبثنةُ ، إن هبتْ بها الريحُ تفرحُ ) 5 ( بذي أُشَرٍ ، كالأقحُوانِ ، يزينُه ** ندى الطّلّ ، إلاّ أنّهُ هو أملَح )
____________________
(1/15)
البحر : وافر تام ( تنادى آلُ بثنةَ بالرواحِ ** وقد تَرَكوا فؤادَكَ غيرَ صاحِ ) ( فيا لكَ منظراً ، ومسيرَ ركبٍ ** شَجاني حينَ أبعدَ في الفَيَاحِ ) ( ويا لكَ خلةً ظفرتْ بعقلي ** كما ظَفِرَ المُقامِرُ بالقِداحِ ) 4 ( أُريدُ صَلاحَها ، وتُريدُ قتلي ، ** وشَتّى بينَ قتلي والصّلاحِ ! ) 5 ( لَعَمْرُ أبيكِ ، لا تَجِدينَ عَهدي ** كعهدكِ ، في المودةِ والسماحِ ) 6 ( ولو أرسلتِ تستَهدينَ نفسي ، ** أتاكِ بها رسولكِ في سراحِ )
____________________
(1/16)
البحر : طويل ( لقد ذَرَفَتْ عيني وطال سُفُوحُها ، ** وأصبحَ ، من نفسي سقيماً ، صحيحها ) ( ألا ليتَنا نَحْيا جميعاً ، وإن نَمُتْ ، ** يُجاوِرُ ، في الموتى ، ضريحي ضريحُها ) ( فما أنا ، في طولِ الحياةِ ، براغبٍ ** إذا قيلَ قد سويّ عليها صفيحها ) 4 ( أظلُّ ، نهاري ، مُستَهاماً ، ويلتقي ، ** مع الليل ، روحي ، في المَنام ، وروحُها ) 5 ( فهل ليَ ، في كِتمانِ حُبّيَ ، راحةٌ ، ** وهل تنفعنّي بَوحةٌ لو أبوحُها ! )
____________________
(1/17)
البحر : طويل ( رمى الله ، في عيني بثينةَ ، بالقذى ** وفي الغرِّ من أنيابها ، بالقوادحِ ) ( رَمَتني بسهمٍ ، ريشُهُ الكُحلُ ، لم يَضِرْ ** ظواهرَ جلدي ، فهوَ في القلب جارحي ) ( ألا ليتني ، قبلَ الذي قلتِ ، شِيبَ لي ، ** من المُذْعِفِ القاضي سِمامُ الذّرَارِحِ ) 4 ( قمتُّ ، ولم تعلمُ عليّ خيانٌ ة ** ألا رُبّ باغي الرّبْحِ ليسَ برابِحِ ) 5 ( فلا تحملها ، واجعليها جنايةٍ ** تروحتُ منها في مياحةِ مائحِ ) 6 ( أبُوءُ بذَنبي ، انّني قد ظَلمْتُها ، ** وإني بباقي سِرّها غيرُ بائحِ )
____________________
(1/18)
البحر : طويل ( ألاّ يا غرابُ البينِ ، فيمَ تصيحُ ** فصوتُكَ مَشيٌّ إليّ ، قَبيحُ ) ( وكلَّ غداةٍ ، لا أبا لك ، تنتحي ** إليّ فتلقاني وأنتَ مشيحُ ) ( تحدثني أن لستُ لاقي نعمٍ ة ** بعدتَ ، ولا أمسى لديكَ نيحُ ) 4 ( فإن لم تهجني ، ذاتَ يومٍ فإنهّ ** سيكفيكَ ورقاءُ السَّراةِ ، صَدُوحُ )
____________________
(1/19)
البحر : طويل ( هل الحاتمُ العطشانُ مسقىً بشربةٍ ** من المُزْنِ ، تُروي ما به ، فتُريحُ ؟ ) ( فقالت : فنخشى ، إن سقيناكَ شربةً ** تُخبّرُ أعدائي بها ، فتبوحُ ) ( إذنْ ، فأباحتني المنايا ، وقادني ** إلى أجَلي ، عَضبُ السلاح ، سَفوحُ ) 4 ( لَبِئسَ ، إذنْ ، مأوى الكريمةِ سرُّها ، ** وإني ، إذَنْ ، من حبّكم ، لَصَحِيحُ )
____________________
(1/20)
البحر : طويل ( ألا ليتَ ريعانَ الشبابِ جديدُ ** ودهراً تولى ، يا بثينَ ، يعودُ ) ( فنبقى كما كنّا نكونُ ، وأنتمُ ** قريبٌ وإذ ما تبذلينَ زهيدُ ) ( وما أنسَ ، مِ الأشياء ، لا أنسَ قولها ** وقد قُرّبتْ نُضْوِي : أمصرَ تريدُ ؟ ) 4 ( ولا قولَها : لولا العيونُ التي ترى ، ** لزُرتُكَ ، فاعذُرْني ، فدَتكَ جُدودُ ) 5 ( خليلي ، ما ألقى من الوجدِ باطنٌ ** ودمعي بما أخفيَ ، الغداةَ ، شهيدُ ) 6 ( ألا قد أرى ، واللهِ أنْ ربّ عبرةٍ ** إذا الدار شطّتْ بيننا ، ستَزيد ) 7 ( إذا قلتُ : ما بي يا بثينةُ قاتِلي ، ** من الحبّ ، قالت : ثابتٌ ، ويزيدُ ) 8 ( وإن قلتُ : رديّ بعضَ عقلي أعشْ بهِ ** تولّتْ وقالتْ : ذاكَ منكَ بعيد ! ) 9 ( فلا أنا مردودٌ بما جئتُ طالباً ، ** ولا حبها فيما يبيدُ يبيدُ )0 ( جزتكَ الجواري ، يا بثينَ ، سلامةً ** إذا ما خليلٌ بانَ وهو حميد )
____________________
(1/21)
1( وقلتُ لها ، بيني وبينكِ ، فاعلمي ** من الله ميثاقٌ له وعُهود )( وقد كان حُبّيكُمْ طريفاً وتالداً ، ** وما الحبُّ إلاّ طارفٌ وتليدُ )( وإنّ عَرُوضَ الوصلِ بيني وبينها ، ** وإنْ سَهّلَتْهُ بالمنى ، لكؤود )4 ( وأفنيتُ عُمري بانتظاريَ وَعدها ، ** وأبليتُ فيها الدهرَ وهو جديد )5 ( فليتَ وشاةَ الناسِ ، بيني وبينها ** يدوفُ لهم سُمّاً طماطمُ سُود )6 ( وليتهمُ ، في كلّ مُمسًى وشارقٍ ، ** تُضاعَفُ أكبالٌ لهم وقيود )7 ( ويحسَب نِسوانٌ من الجهلِ أنّني ** إذا جئتُ ، إياهنَّ كنتُ أريدُ )8 ( فأقسمُ طرفي بينهنّ فيستوي ** وفي الصّدْرِ بَوْنٌ بينهنّ بعيدُ )9 ( ألا ليتَ شعري ، هلَ أبيتنّ ليلةً ** بوادي القُرى ؟ إني إذَنْ لَسعيد ! )0 ( وهل أهبِطَنْ أرضاً تظَلُّ رياحُها ** لها بالثنايا القاوياتِ وئِيدُ ؟ )
____________________
(1/22)
2( وهل ألقينْ سعدى من الدهرِ مرةً ** وما رثّ من حَبلِ الصّفاءِ جديدُ ؟ )( وقد تلتقي الأشتاتُ بعدَ تفرقٍ ** وقد تُدرَكُ الحاجاتُ وهي بعِيد )( وهل أزجرنْ حرفاً علاةً شملةً ** بخرقٍ تباريها سواهمُ قودُ )4 ( على ظهرِ مرهوبٍ ، كأنّ نشوزَهُ ، ** إذا جاز هُلاّكُ الطريق ، رُقُود )5 ( سبتني بعيني جؤذرٍ وسطَ ربربٍ ** وصدرٌ كفاثورِ اللجينَ جيدُ )6 ( تزيفُ كما زافتْ إلى سلفاتها ** مُباهِيةٌ ، طيَّ الوشاحِ ، مَيود )7 ( إذا جئتُها ، يوماً من الدهرِ ، زائراً ، ** تعرّضَ منفوضُ اليدينِ ، صَدود )8 ( يصُدّ ويُغضي عن هواي ، ويجتني ** ذنوباً عليها ، إنّه لعَنود ! )9 ( فأصرِمُها خَوفاً ، كأني مُجانِبٌ ، ** ويغفلُ عن مرةً فنعودُ )0 ( ومن يُعطَ في الدنيا قريناً كمِثلِها ، ** فذلكَ في عيشِ الحياةِ رشيدُ )
____________________
(1/23)
3( يموتُ الْهوى مني إذا ما لقِيتُها ، ** ويحيا ، إذا فرقتها ، فيعودُ )( يقولون : جاهِدْ يا جميلُ ، بغَزوةٍ ، ** وأيّ جهادٍ ، غيرهنّ ، أريدُ )( لكلّ حديثِ بينهنّ بشاشةُ ** وكلُّ قتيلٍ عندهنّ شهيدُ )4 ( وأحسنُ أيامي ، وأبهجُ عِيشَتي ، ** إذا هِيجَ بي يوماً وهُنّ قُعود )5 ( تذكرتُ ليلى ، فالفؤادُ عميدُ ، ** وشطتْ نواها ، فالمزارُ بعيدُ )6 ( علقتُ الهوى منها وليداً ، فلم يزلْ ** إلى اليومِ ينمي حبه ويزيدُ )7 ( فما ذُكِرَ الخُلاّنُ إلاّ ذكرتُها ، ** ولا البُخلُ إلاّ قلتُ سوف تجود )8 ( إذا فكرتْ قالت : قد أدركتُ ودهُ ** وما ضرّني بُخلي ، فكيف أجود ! )9 ( فلو تُكشَفُ الأحشاءُ صودِف تحتها ، ** لبثنةَ حبُ طارفٌ وتليدُ ) 40 ( ألمْ تعلمي يا أمُ ذي الودعِ أنني ** أُضاحكُ ذِكراكُمْ ، وأنتِ صَلود ؟ )
____________________
(1/24)
4( فهلْ ألقينْ فرداً بثينةَ ليلةً ** تجودُ لنا من وُدّها ونجود ؟ ) 4( ومن كان في حبي بُثينةَ يَمتري ، ** فبرقاءُ ذي ضالٍ عليّ شهيدُ )
____________________
(1/25)
البحر : طويل ( ألم تسالِ الدارَ القديمةَ : هلَ لها ** بأُمّ حسين ، بعد عهدكَ ، من عَهدِ ؟ ) ( سلي الركبَ : هل عجنا لمغناكِ مرً ** صدورُ المطايا ، وهيَ موقرةُ تخدي ) ( وهل فاضتِ العينُ الشَّروقُ بمائِها ، ** من أجلكِ ، حتى اخضل من دمعها بردي ) 4 ( وإني لأستَجري لكِ الطيرَ جاهداً ، ** لتجري بيمنٍ من لقائكِ أوْ سعدِ ) 5 ( وإني لأستبكي ، إذا الرّكبُ غرّدوا ** بذكراكِ ، أن يحيا بكِ الركبُ إذ يحدي ) 6 ( فهل تجزيني أمُّ عمروٍ بودها ** فإنّ الذي أخفي بها فوقَ ما أبدي ) 7 ( وكلّ محبٍ لم يزدْ فوقَ حهدهِ ** وقد زدتها في الحبّ منيّ على الجهدِ ) 8 ( إذا ما دنتْ زدتُ اشتياقاً ، إن نأتْ ** جزعتُ لنأيِ الدارِ منها وللبعدِ ) 9 ( أبى القلبُ إلاّ حبَّ بثنةِ لم يردْ ** سواها وحبُّ القلبِ بثنةَ لا يجدي )0 ( تعلّقَ روحي روحَها قبل خَلقِنا ، ** ومن بعد ما كنا نطافاً وفي المهدِ )
____________________
(1/26)
1( فزاد كما زدنا ، فأصبحَ نامياً ، ** وليسَ إذا متنا بِمُنتقَضِ العهد )( ولكنّه باقٍ على كلّ حالةٍ ، ** وزائِرُنا في ظُلمةِ القبرِ واللحد )( وما وجدتْ وجدي به أمٌ واحدٍ ** ولا وجدَ النهديّ وجدي على هندِ )4 ( ولا وجدَ العذريّ عروةُ ، إذ قضى ** كوجدي ، ولا من كان قبلي ولا بعدي )5 ( على أنّ منْ قد ماتَ صادفَ راحةً ، ** وما لفؤادي من رَواحِ ولا رُشد )6 ( يكاد فَضِيضُ الماءِ يَخدِشُ جلدَها ، ** إذا اغتسلتْ بالماءِ ، من رقةِ الجلدِ )7 ( وإني لمشتاقٌ إلى ريح جيبها ، ** كما اشتاقُ إدريسُ إلى جنةِ الخلدِ )8 ( لقد لامني فيها أخٌ ذو قرابةٍ ، ** حبيبٌ إليه ، في مَلامتِه ، رُشدي )9 ( وقال : أفقْ ، حتى متى ّ أنتَ هائمٌ ** ببَثنةَ ، فيها قد تُعِيدُ وقد تُبدي ؟ )0 ( فقلتُ له : فيها قضى الله ما ترى ** عليّ ، وهَلْ فيما قضى الله من ردّ ؟ )
____________________
(1/27)
2( فإن كان رُشداً حبُّها أو غَوايةً ، ** فقد جئتهُ ما كانَ منيّ على مدِ )( لقد لَجّ ميثَاقٌ من الله بيننا ، ** وليس ، لمن لم يوفِ الله ، من عَهْد )( فلا وأبيها الخير ، ما خنتُ عهدها ** ولا ليَ عِلْمٌ بالذي فعلتْ بعدي )4 ( وما زادها الواشونَ إلاّ كرامةً ** عليّ ، وما زالتْ مودّتُها عندي )5 ( أفي الناس أمثالي أحبَّ ، فحالُهم ** كحالي ، أم أحببتُ من بينهم وحدي )6 ( وهل هكذا يلقَى المُحبّونَ مثلَ ما ** لقيتُ بها ، أم لم يجدَ أحدٌ وجدي )7 ( يغور ، إذا غارت ، فؤادي ، وإن تكن ** بنجدٍ ، يَهِمْ منّي الفؤادُ إلى نجد )8 ( أتيتُ بنيّ سعدٍ صحيحاً مسلماً ** وكانَ سقَامَ القلب حُبُّ بني سعد )
____________________
(1/28)
البحر : بسيط تام ( وعاذلينَ ، ألحوا في محبتها ** يا ليتَهم وجَدوا مثلَ الذي أجِدُ ! ) ( لما أطالوا عتابي فيكِ ، قلتُ لهم ** لا تكثروا بعضَ هذا اللومِ ، واقتصدوا ) ( قد ماتَ قبلي أخو نهدٍ ، وصاحبهُ ** مُرَقِّشٌ ، واشتفى من عُروةَ الكمَدُ ) 4 ( وكلهم كانَ منْ عشقٍ منيته ** وقد وجدتُ بها فوقَ الذي وجدوا ) 5 ( إني لأحسبُ ، أو قد كدتُ أعلمه ، ** أنْ سوفَ تُورِدني الحوض الذي وَرَدوا ) 6 ( إن لم تنلني بمعروفٍ تجودُ بهِ ** أو يدفعَ اللهث عنيّ الواحدُ الصمدُ ) 7 ( فما يضرّ امرأً ، أمسَى وأنتِ له ، ** أنْ لا يكونَ من الدنيا لهُ سندُ )
____________________
(1/29)
البحر : كامل تام ( رحلَ الخليطُ جِمالَهم بِسَوَادِ ، ** وحدا ، على إثرِ الحبيبةِ ، حادِ ) ( ما إن شعرتُ ، ولا علمتُ بينهم ** حتى سمعتُ به الغُرابَ يُنادي ) ( لما رأيتُ البينَ ، قلتُ لصاحبي ** صدعتْ مصدعةُ القلوب فؤادي ) 4 ( بانوا ، وغودرِ في الديارِ متيمُ ** كَلِفٌ بذكرِكِ ، يا بُثينةُ ، صادِ )
____________________
(1/30)
البحر : طويل ( تذكرَ منها القلبُ ، ما ليسَ ناسياً ** ملاحةَ قولٍ ، يومَ قالتْ ، ومعهدا ) ( فإن كنتَ تهوى أوْ تريدُ لقاءنا ** على خلوةٍ ، فاضربْ ، لنا منكَ ، موعدا ) ( فقلتُ ، ولم أملِكْ سوابِقَ عَبْرةٍ : ** أأحسنُ ، من هذي العيشةِ ، مقعدا ) 4 ( فقالت : أخافُ الكاشِحِينَ ، وأتّقي ** عيوناً ، من الواشينَ ، حولي شهدا )
____________________
(1/31)
البحر : طويل ( يكذبُ أقوالَ الوشاةِ صدودها ** ويجتازها عني ، كأنْ لا أريدها ) ( وتحتَ مجاري الدّمعِ منّا مودّةٌ ؛ ** تلاحظُ سراً ، لا ينادي وليدها ) ( رفعتُ عن الدنيا المنى ّ غيرَ ودها ** فما أسألُ الدنيا ، ولا أستزيدُها ! )
____________________
(1/32)
البحر : خفيف تام ( ليت شعري ، أجَفوةٌ أم دَلالٌ ، ** أم عدوٌ أتى بثينةَ بعدي ) ( فمريني ، أطعكِ في كلّ أمرٍ ** أنتِ ، والله ، أوجَهُ الناسِ عندي ! )
____________________
(1/33)
البحر : وافر تام ( أتعجَبُ أنْ طرِبْتُ لصوتِ حادِ ، ** حدا بزلاً يسرنَ ببطنِ وادِ ) ( فلا تعجَبْ ، فإنّ الحُبّ أمسى ، ** لبثنةِ ، في السوادِ من الفؤادِ )
____________________
(1/34)
البحر : طويل ( قفي ، تسلُ عنكِ النفسُ بالخطةِ التي ** تُطِيلِينَ تَخويفي بها ، ووعِيدي ) ( فقد طالما من غيرِ شكوى قبيحةٍ ** رضينا بحكمٍ منكِ غير سديدِ )
____________________
(1/35)
البحر : طويل ( بني عامرٍ ، أنّى انتَجعتُم وكنتمُ ، ** إذا حصلَ الأقوامُ ، كالخصيةِ الفردِ ) ( فأنتم ولأيَ موضعِ الذلَّ حجرًة ** وقُرّةُ أولى باعَلاءِ وبالمجدِ )
____________________
(1/36)
البحر : طويل ( إذا الناسُ هابوا خَزيةً ، ذهبتْ بها ** أحبُّ المخازي : كهلها ووليدها ) ( لعمرث عجوزٍ طرّقتْ بك إني ، ** عُميرَ بنَ رَملٍ ، لابنُ حربٍ أقودها ) ( بنفسي ، فلا تقطَعْ فؤادَك ضِلّةً ، ** كذلك حزني : وعثها وصعودها )
____________________
(1/37)
البحر : رجز تام ( أنا جمِيلٌ في السنّامِ من مَعَدّ ، ** في الذّروَةِ العَلياء ، والرّكن الأشدّ ) ( والبيتِ من سعدِ بن زيدٍ والعددْ ، ** ما يبتغي الأعداءُ منّي ، ولقدْ ) ( أُضْرِيَ بالشّمِ لساني ومَرَدْ ، ** أقودُ مَن شِئتُ ، وصَعبٌ لم أُقَدْ )
____________________
(1/38)
البحر : طويل ( خلِيليّ ، عوجا اليومَ حتى تُسَلّما ** على عذبةِ الأنياب ، طيبةِ النشرِ ) ( فإنكما إن عُجتما ليَ ساعةً ، ** شكرتكما ، حتى أغيّبَ في قبري ) ( ألما بها ، ثم اشفعا لي ، وسلّما ** عليها ، سقاها اللهُ من سائغِ القطرِ ) 4 ( وبوحا بذكري عند بثنةَ ، وانظرا ** أترتاحُ يوماً أم تهشُّ إلى ذكري ) 5 ( فإن لم تكنْ تقطعْ قُوى الودّ بيننا ، ** ولم تنسَ ما أسلفتُ في سالفِ الدهرِ ) 6 ( فسوف يُرى منها اشتياقٌ ولوعةٌ ** ببينٍ ، وغربٌ من مدامعها يجري ) 7 ( وإن تكُ قد حالتْ عن العهدِ بَعدنا ، ** وأصغتْ إلى قولِ المؤنّبِ والمزري ) 8 ( فسوف يُرى منها صدودٌ ، ولم تكن ، ** بنفسيَ ، من أهل الخِيانةِ والغَدر ) 9 ( أعوذ بكَ اللهمُ أن تشحطَ النوى ** ببثنةَ في أدنى حياتي ولا حَشْري )0 ( وجاور ، إذا متُّ ، بيني وبينها ، ** فيا حبّذا موتي إذا جاورت قبري ! )
____________________
(1/39)
1( عدِمتُكَ من حبٍّ ، أما منك راحةٌ ، ** وما بكَ عنّي من تَوانٍ ولا فَتْر ؟ )( ألا أيّها الحبّ المُبَرِّحُ ، هل ترى ** أخا كلَفٍ يُغرى بحبٍّ كما أُغري ؟ )( أجِدَّكَ لا تَبْلى ، وقد بليَ الهوى ، ** ولا ينتهي حبّي بثينةَ للزّجرِ )4 ( هي البدرُ حسناً ، والنساءُ كواكبٌ ، ** وشتّانَ ما بين الكواكب والبدر ! )5 ( لقد فضّلتْ حسناً على الناس مثلما ** على ألفِ شهرٍ فضّلتْ ليلة القدرِ )6 ( عليها سلامُ اللهِ من ذي صبابةٍ ، ** وصبٍّ معنّىً بالوساوس والفكرِ )7 ( وإنّكما ، إن لم تَعُوجا ، فإنّني ** سأصْرِف وجدي ، فأذنا اليومَ بالهَجر )8 ( أيَبكي حَمامُ الأيكِ من فَقد إلفه ، ** وأصبِرُ ؟ ما لي عن بثينةَ من صبر ! )9 ( وما ليَ لا أبكي ، وفي الأيك نائحٌ ، ** وقد فارقتني شختهُ الكشح والخصرِ )0 ( يقولون : مسحورٌ يجنُّ بذكرها ، ** وأقسم ما بي من جنونٍ ولا سحرِ )
____________________
(1/40)
2( وأقسمُ لا أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ ** وما هبّ آلٌ في مُلمَّعةٍ قفر )( وما لاحَ نجمٌ في السماءِ معلّقٌ ، ** وما أورقَ الأغصانُ من فننِ السدرِ )( لقد شغفتْ نفسي ، بثينَ ، بذكركم ** كما شغفَ المخمورُ ، يا بثنَ بالخمرِ )4 ( ذكرتُ مقامي ليلةَ البانِ قابضاً ** على كفِّ حوراءِ المدامعِ كالبدرِ )5 ( فكِدتُ ، ولم أمْلِكْ إليها صبَابَةً ، ** أهيمُ ، وفاضَ الدمعُ مني على نحري )6 ( فيا ليتَ شِعْري هلْ أبيتنّ ليلةً ** كليلتنا ، حتى نرى ساطِعَ الفجر ، )7 ( تجودُ علينا بالحديثِ ، وتارةً ** تجودُ علينا بالرُّضابِ من الثغر )8 ( فيا ليتَ ربي قد قضى ذاكَ مرّةً ، ** فيعلمَ ربي عند ذلك ما شكري )9 ( ولو سألتْ مني حياتي بذلتها ، ** وجُدْتُ بها ، إنْ كان ذلك من أمري )0 ( مضى لي زمانٌ ، لو أُخَيَّرُ بينه ، ** وبين حياتي خالداً آخرَ الدهرِ )
____________________
(1/41)
3( لقلتُ : ذروني ساعةً وبثينةً ** على غفلةِ الواشينَ ، ثم اقطعوا عمري )( مُفَلَّجةُ الأنيابِ ، لو أنّ ريقَها ** يداوى به الموتى ، لقاموا به من القبرِ )( إذا ما نظمتُ الشعرَ في غيرِ ذكرها ، ** أبى ، وأبيها ، أن يطاوعني شعري )4 ( فلا أُنعِمتْ بعدي ، ولا عِشتُ بعدها ، ** ودامت لنا الدنيا إلى ملتقى الحشرِ )
____________________
(1/42)
البحر : كامل تام ( يا صاحِ ، عن بعضِ الملامةِ أقصرِ ، ** إنّ المنى لَلِقاءُ أُمّ المِسْوَرِ ) ( وأكنّ طارقها ، على علل الكرى ، ** ولنجمُ ، وهناً قد دنا لتغوّرِ ) ( يستافُ رِيحَ مدامةٍ معجونةٍ ** بذكيِّ مِسكٍ ، أو سَحِيقِ العنبرِ ) 4 ( إني لأحفظُ غيبَكم ويسرّني ، ** لو تعلمينَ ، بصالحٍ أن تذكري ) 5 ( ويكون يومٌ ، لا أرى لكِ مُرسَلاً ، ** أو نلتقي فيه ، عليّ كأشْهُر ) 6 ( يا ليتني ألقى المنيّة بغتةً ، ** إنْ كانَ يومُ لقائكم لم يُقْدَر ) 7 ( أو أستطيعُ تجلّداً عن ذكركم ، ** فيفيقَ بعضُ صبابتي وتفكّري ) 8 ( لو تعلمين بما أجنُّ من الهوى ، ** لعَذَرتِ ، أو لظلمتِ إن لم تَعذرِي ) 9 ( واللهِ ، ما للقلب ، من علمٍ بها ، ** غيرُ الظنونِ وغيرُ قولِ المخبرِ )0 ( لا تحسبي أني هجرتكِ طائعاً ** حَدَثٌ ، لَعَمْرُكِ ، رائعٌ أن تُهجري )
____________________
(1/43)
1( ولتبكينّي الباكياتُ ، وإنْ أبحْ ، ** يوماً ، بسرِّكِ مُعلناً ، لم أُعذَر )( يهواكِ ، ما عشتُ ، الفؤادُ ، فإن أمُتْ ، ** يتبعْ صدايَ صداكِ بين الأقبرِ )( إني إليكِ ، بما وعدتِ ، لناظرٌ ** نظرَ الفقيرِ إلى الغنيِّ المكثرِ )4 ( تقضى الديونُ ، وليس ينجزُ موعداً ** هذا الغريمُ لنا ، وليس بمُعسِر )5 ( ما أنتِ ، والوعدَ الذي تعدينني ، ** إلاّ كبرقِ سحابةٍ لم تمطرِ )6 ( قلبي نصَحتُ له ، فردّ نصِيحتي ، ** فمتى هَجرَتِيه ، فمنه تَكَثَّري )
____________________
(1/44)
البحر : طويل ( أغادٍ ، أخي ، من آلِ سلمى ، فمبكرُ ؟ ** أبنْ لي : أغادٍ أنت ، أم متهجّرُ ؟ ) ( فإنك ، إن لا تَقضِني ثِنْيَ ساعةٍ ، ** فكلُّ امرىء ٍ ذي حاجةٍ متيسّرُ ) ( فإن كنتَ قد وطنتَ نفساً بحبها ، ** فعند ذوي الأهواء وردٌ ومصدرُ ) 4 ( وآخرُ عهدٍ لي بها يومَ ودعتْ ، ** ولاحَ لها خدٌّ مليحٌ ومحجرُ ) 5 ( عشيةَ قالت : لا تضيعنّ سرّنا ، ** إذا غبتَ عنا ، وارعهُ حين تدبرُ ) 6 ( وطَرفَكَ ، إمّا جِئتنا ، فاحفَظنّهُ ، ** فذَيْعُ الهوى بادٍ لمن يتبصّر ) 7 ( وأعرضْ إذا لاقيتَ عيناً تخافها ، ** وظاهرْ ببغضٍ ، إنّ ذلك أسترُ ) 8 ( فإِنَّكَ إِنْ عَرَّضْتَ فِينا مَقَالَةً ** يَزِدْ ، في الَّذِي قَدْ قُلْتَ ، واشٍ ويُكْثِر ) 9 ( وينشرُ سرّاً في الصديقِ وغيره ، ** يعزُّ علينا نشرهُ حين ينشرُ )0 ( فما زِلتَ في إعمال طَرفِكَ نحونا ، ** إذا جئتَ ، حتى كاد حبّكَ يظهرُ )
____________________
(1/45)
1( لأهليَ ، حتى لامني كلُّ ناصِحٍ ، ** وإني لأعصي نَهيهمْ حين أُزجَر )( وما قلتُ هذا ، فاعلَمنّ ، تجنّباً ** لصرمٍ ، ولا هذا بنا عنكَ يقصرُ )( ولكنّني ، أهلي فداؤك ، أتّقي ** عليك عيونَ الكاشِحين ، وأحذَر )4 ( وأخشى بني عمّي عليك ، وإنّما ** يخافُ ويتقي عرضهُ المتفكرُ )5 ( وأنت امرؤ من أهل نجدٍ ، وأهلُنا ** تَهامٍ ، فما النجديّ والمتغوّر ! )6 ( غريبٌ ، إذا ما جئتَ طالبَ حاجةٍ ، ** وحوليَ أعداءٌ ، وأنتَ مُشهَّر )7 ( وقد حدّثوا أنّا التقَينا على هَوىً ، ** فكُلّهمُ من حَملِه الغيظَ مُوقَر )8 ( فقلتُ لها : يا بثنَ ، أوصيتِ حافظاً ، ** وكلُّ امرىء ٍ ، لم يرعهُ الله ، معورُ )9 ( فإن تكُ أُمُّ الجَهم تَشكي مَلامَةً ** إليّ ، فما ألقَى من اللومِ أكْثَر )0 ( سأمنَحُ طَرفي ، حين ألقاكِ ، غيرَكم ، ** لكيما يروا أنّ الهوى حيث أنظر )
____________________
(1/46)
2( أقلّبُ طرفي في السماءِ ، لعله ** يوافقُ طَرفي طَرفَكُمْ حين يَنظُر )( وأكني بأسماءٍ سواكِ ، وأتقي ** زِيارَتَكُمْ ، والحُبّ لا يتغيّرُ )( فكم قد رأينا واجِداً بحبيبةٍ ، ** إذا خافَ ، يُبدي بُغضَهُ حين يظهر )
____________________
(1/47)
البحر : متقارب تام ( تقولُ بثينةُ لما رأتْ ** فُنُوناً مِنَ الشَّعَرِ الأحْمَرِ : ) ( كبرتَ ، جميلُ ، وأودى الشبابُ ، ** فقلتُ : بثينَ ، ألا فاقصري ) ( أتَنسيَنَ أيّامَنَا باللّوَى ، ** وأيامَنا بذوي الأجفَرِ ؟ ) 4 ( أما كنتِ أبصرتني مرّةً ، ** لياليَ ، نحنُ بذي جَهْوَر ) 5 ( لياليَ ، أنتم لنا جيرةٌ ، ** ألا تَذكُرينَ ؟ بَلى ، فاذكُري ! ) 6 ( وإِذْ أَنَا أَغْيَدُ ، غَضُّ الشَّبَابِ ، ** أَجرُّ الرِّداءَ مَعَ المِئْزَرِ ، ) 7 ( وإذ لمتني كجناحِ الغرابِ ، ** تُرجَّلُ بالمِسكِ والعَنْبَرِ ) 8 ( فَغَيّرَ ذلكَ ما تَعْلَمِينَ ، ** تغيّرَ ذا الزمنِ المنكرِ ) 9 ( وأنتش كلؤلؤةِ المرزبانِ ، ** بماءِ شبابكِ ، لم تُعصِري )0 ( قريبانِ ، مَربَعُنَا واحِدٌ ، ** فكيفَ كَبِرْتُ ولم تَكْبَري ؟ . . )
____________________
(1/48)
البحر : كامل تام ( زورا بثينة ، فالحبيبُ مزورٌ ، ** إنّ الزيارةَ ، للمحبِّ ، يسيرُ ) ( إنّ الترحُّلَ أن تَلَبّسَ أمرُنَا ، ** وأعتاقنا قَدَرٌ أُحِمَّ بَكُورُ ) ( إني ، عَشِيّةَ رُحتُ ، وهي حزينةٌ ، ** تشكو إليّ صبابةً ، لصبورُ ) 4 ( وتقول : بتْ عندي ، فديتكَ ليلةً ** أشكو إليكَ ، فإنّ ذاكَ يَسيرُ ) 5 ( غرّاءُ مِبسامٌ كأنّ حديثها ** دُرٌّ تحدّرَ نَظمُه ، منثور ) 6 ( محطوطةُ المَتنين ، مُضمَرةُ الحشا ، ** رَيّا الروادفِ ، خَلّقُها مَمكُور ) 7 ( لا حسنها حسنُ ، لا كدلالها ** دَلٌّ ، ولا كوقَارها توقير ) 8 ( إنّ اللسانَ بذكرها لموكلُ ، ** والقلبُ صادٍ ، والخواطِرُ صُور ) 9 ( ولئن جَزَيتِ الودَّ منّي مثلَهُ ، ** إني بذلكَ ، يا بثينَ ، جديرُ )
____________________
(1/49)
البحر : طويل ( أفقْ ، قد أفاقَ العاشقونَ ، وفارقوا ** الهوى ، واستمرّتْ بالرجالِ المرائِرُ ) ( فقد ضلّ ، إلاّ أنْ تقضي حاجةً ** ببرقٍ حفيرٍ ، دمعكَ المتبادرُ ) ( وهبها كشيءٍ لم يكنْ ، أو كنازحٍ ** به الدارُ ، أو من غَيّبَتْهُ المقابرُ ) 4 ( أألحَقُّ ، إن دارُ الرّبابِ تَباعدتْ ، ** أو أنَ شطّ وليٌ ، أنّ قلبكَ طائرُ ) 5 ( لعمريَ ، ما استودعتُ سريَ وسرها ** سوانا ، حذاراً أن تشيعَ السرائرُ ) 6 ( ولا خاطبتْها مُقلتايَ بنظرةٍ ، ** فتعلمَ نجوانا العيونُ النواظرُ ) 7 ( ولكن جعلتُ اللحظَ ، بيني وبينها ** رسولاً ، فأدّى ما تَجُنّ الضمائر )
____________________
(1/50)
البحر : كامل تام ( لاحتْ ، لعينكِ من بثينةَ ، نارُ ، ** فدموعُ عينِكَ دِرّةٌ وغِزارُ ) ( والحبُّ ، أولُ ما يكون لجاجةً ** تأتي بهِ وتسوقهُ الأقدارُ ) ( حتى إذا اقتحَمَ الفتى لجَجَ الهَوى ، ** جاءتْ أُمورٌ لا تُطاقُ ، كِبارُ ) 4 ( ما من قرينٍ آلفَ لقرينها ، ** إلاّ لحبلِ قَرينِها إقصار ) 5 ( وإذا أردتِ ، ولن يخونكِ كاتمُ ، ** حتى يُشِيعَ حديثَكِ الإظهارُ ) 6 ( كتمانِ سركِ ، يا بثينَ ، فإنما ، ** عندَ الأمينِ ، تُغيَّبُ الأسرارُ )
____________________
(1/51)
البحر : طويل ( أتَهْجُرُ هذا الرَّبْعَ ، أم أنتَ زَائرُهْ ، ** وكيفَ يُزَارُ الرَّبْعُ قد بانَ عامِرُه ؟ ) ( رأيتكَ تأتي البيتَ تُبغِضُ أهْلَهُ ، ** وقلبُكَ في البيتِ اذي أنتَ هاجِرُهْ )
____________________
(1/52)
البحر : وافر تام ( يطولُ اليومُ إن شحَطت نَواها ، ** وحَوْلٌ ، نَلتقي فيه ، قَصِيرُ ) ( وقالوا : لا يضيركَ نأيُ شهرٍ ، ** فقلتُ لصاحبيّ : فمنْ يضيرُ )
____________________
(1/53)
البحر : منسرح ( لا والذي تسجدُ الجباهُ لهُ ، ** ما لي بما دون ثوبها خبرٌ ) ( ولا بفِيها ، ولا همَمتُ به ، ** ما كانَ إلاّ الحديثُ والنظرُ )
____________________
(1/54)
البحر : بسيط تام ( ما أنسَ ، ولا أنسَ منها نظرة سلفت ، ** بالحِجْرِ ، يومَ جَلْتها أُمُّ منظورِ ) ( ولا انسلابتها خرساً جبائرها ، ** إليّ ، من ساقط الوراقِ ، مستورِ )
____________________
(1/55)
البحر : متقارب تام ( وكان التفرّقُ عندَ الصّباحِ ، ** عن مِثْلِ رائِحَةِ العَنْبَرِ ) ( خَلِيلانِ ، لم يَقرُبا ريبَةً ، ** ولم يستخفا إلى منكرِ )
____________________
(1/56)
البحر : طويل ( أبوكَ حُبابٌ ، سارقُ الضيفِ بُردَه ، ** وجديَّ ، يا شماخُ ، فارسُ شمرا ) ( بنو الصالحينَ الصالحونَ ، ومن يكنْ ** لآباءِ سَوءٍ ، يَلقَهُمْ حيثُ سُيّرا ) ( فإن تغضبوا من قسمةِ اللهّ فيكمُ ، ** فَلَلّهُ ، إذ لم يُرضِكُمْ ، كان أبصَرا )
____________________
(1/57)
البحر : طويل ( لَعَمْرُكِ ، ما خوّفتِني من مَخافةٍ ، ** بثينَ ، ولا حذرتني موضعَ الحذرْ ) ( فأقسمُ ، لا يلفى لي اليومَ غرةٌ ، ** وفي الكفّ مني صارمٌ قاطعٌ ذكرْ )
____________________
(1/58)
البحر : رجز تام ( إنّ أحَبّ سُفَّلٌ أشرارُ ، ** حُثالةٌ ، عودُهمُ خَوّارُ ) ( أذلُّ قوم ، حينَ يُدعى الجارُ ، ** كما أذَلَّ الحرثَ النخّارُ )
____________________
(1/59)
البحر : طويل ( أهاجَكَ ، أم لا ، بالمداخِلِ مَربَعُ ، ** ودارٌ ، بأجراعِ الغَديرَينِ ، بَلقَعُ ؟ ) ( ديارٌ لسَلمى ، إذ نحِلّ بها معاً ، ** وإذ نحن منها بالمودةِ نطمعُ ) ( وإن تكُ قد شطّتْ نواها ودارُها ، ** فإنّ النوى ّ مما تشتُ وتجمعُ ) 4 ( إلى الله أشكو ، لا إلى الناس ، حبَّها ، ** ولا بُدّ من شكوى حبيبٍ يُروَّع ) 5 ( ألا تَتّقِينَ الله فيمَن قتلتهِ ، ** فأمسى إليكم خاشعاً يتضرّع ؟ ) 6 ( فإنْ يكُ جثماني بأرضِ سواكم ، ** فإنّ فؤادي عندكِ الدهرَ أجمع ) 7 ( إذا قلتُ هذا ، حين أسلو وأَجْتَري ** على هجرها ، ظلّتْ لها النفسُ تَشفَع ) 8 ( ألا تَتّقِينَ الله في قَتْلِ عاشقٍ ، ** له كَبِدٌ حَرّى عليكِ تَقَطّع ) 9 ( غريبٌ ، مَشوقٌ ، مولَعٌ بادّكاركُمْ ، ** وكلُّ غريبِ الدارِ بالشّوقِ مُولَع )0 ( فأصبحتُ ، مما أحدث الدهرُ ، موجعَاً ، ** وكنتُ لريبِ الدهرِ لا أتخشّع )
____________________
(1/60)
1( فيا ربِّ حببني إليها ، وأعطني ** المودةَ منها ، أنتَ تعطي وتمنعُ ! )( وإلاّ فصبرني ، وإن كنتُ كارهاً ، ** فإنّي بها ، يا ذا المَعارج ، مُولَعُ )( وإن رمتُ نفسي كيف آتي لصَرمِها ، ** ورمتُ صدوداً ، ظلّتِ العينُ تدمَع )4 ( جزعتُ خذارَ البينِ يومَ تحملوا ** ومن كان مثلي ، يا بُثينةُ ، يجزَع )5 ( تمتّعْتُ منها ، يومَ بانوا ، بنظرةٍ ، ** وهل عاشقٌ ، من نظرةِ ، يتمتعُ ؟ )6 ( كفى حزناً للمرءِ ما عاشَ أنهّ ، ** ببينِ حبيبِ ، لا يزالُ يروعُ )7 ( فواحزنا ! لو ينفعُ الحزنُ أهلَه ، ** وواجَزَعَا ! لو كان للنفسِ مَجزَع )8 ( فأيُّ فؤادٍ لا يذوبُ لما أرى ، ** وأيُّ عيونٍ لا تجود فتدمَع ؟ )
____________________
(1/61)
البحر : بسيط تام ( صدتْ بثينةُ عني أن سعى ساعِ ، ** وآيستْ بعد موعودٍ وإطماعِ ) ( وصدّقتْ فيّ أقوالاً تَقَوّلها ** واشٍ ، وما أنا للواشي بمطواعِ ) ( فإنْ تَبِيني بلا جُرمٍ ولا تِرَةٍ ، ** وتُولَعِي بيَ ظُلماً أيّ إيلاعِ ) 4 ( فقد يَرى الله أني قد أُحِبّكُمُ ، ** حباً أقامَ جواهُ بين أضلاعي ) 5 ( لولا الذي أرتجي منه وآملهُ ، ** لقد أشاعَ ، بموتي عندها ، ناعِي ) 6 ( يا بثنُ جودي وكافي عاشقاً دنفاً ، ** واشفي بذلك أسقامي وأوجاعي ) 7 ( إنّ القليلَ كثيرٌ منكِ ينفعني ، ** وما سواهُ كثيرٌ ، غيرُ نَفّاعِ ) 8 ( آليْتُ ، لا أصْطفي بالحبِّ غيرَكمُ ، ** حتى أُغَيَّبَ ، تحتَ الرمسِ ، بالقاعِ ) 9 ( قد كنتُ عنكم بعيدَ الدارِ مغترباًَ ** حتى دعاني ، لحيَني ، منكمُ ، داع )0 ( فاهتاجَ قلبي لحُزنٍ قد يُضَيّقه ، ** فما أُغمّضُ غُمضاً غيرَ تَهياع )
____________________
(1/62)
1( ولا تُضِيعِنّ سرّي ، إن ظفِرتِ به ، ** إني لِسِرِّكِ ، حقّاً ، غيرُ مِضياع )( أصونُ سركِ في قلبي ، وأحفظهُ ، ** إذا تَضَايَقَ صدرُ الضيّقِ الباع )( ثم اعلمي أنّ ما استودعتِني ، ثِقةً ، ** يُمسي ويصبحُ عندَ الحافِظِ الواعي )
____________________
(1/63)
البحر : طويل ( سقى منزلينا ، يا بثينَ ، بحاجرٍ ، ** على الهجرِ منّا ، صَيِّفٌ وربِيعُ ) ( ودوركِ ، يا ليلى ، وإن كنّ بعدنا ** بلينِ بلىً ، لم تبلهنّ ربوعُ ) ( وخَيماتِكِ اللاتي بمُنعَرَجِ اللّوى ، ** لقُمريّها ، بالمشرقين ، سَجِيعُ ) 4 ( يزعزعُ فيها الريحُ ، كلَّ عشيةً ، ** هزيمٌ ، بسلافِ الرياحُ ، رجيعُ ) 5 ( وإنيَ ، أن يَعلى بكِ اللّومُ ، أو تُرَيْ ** بدارِ أذًى ، من شامتٍ لَجزُوع ) 6 ( وإني على الشيء الذي يُلتَوى به ، ** وإن زجرتني زجرةً ، لوريعُ ) 7 ( فقدتكِ من نفسٍ شعاعٍ ! ، فإنني ، ** نهيتُكِ عن هذا ، وأنتِ جَميع ) 8 ( فقربتِ لي غيرَ القريبِ ، وأشرفتِ ** هناكَ ثنايا ، ما لهنّ طُلوع ) 9 ( يقولون : صَبٌّ بالغواني موكَّلٌ ، ** وهلْ ذاكَ ، من فعلِ الرجال ، بديع ؟ )0 ( وقالوا : رعيت اللّهوَ ، والمالُ ضائعٌ ، ** )
____________________
(1/64)
البحر : بسيط تام ( لما دنا البينُ ، بينَ الحيَّ ، واقتسموا ** حبلَ النوى ، فهو في أيديهم قطعُ ) ( جادتْ بأدمُعِها ليلى ، وأعجلني ** وشكُ الفراقِ ، فما أبقي وما أدعُ ) ( يا قلبُ ما عيشي بذي سلمٍ ، ** لا الزمانُ ، الذي قد مرّ ، مرتجعُ ) 4 ( أكلّما بانَ حَيٌّ ، لا تُلائِمهمْ ، ** ولا يُبالونَ أنْ يَشتاقَ مَن فجَعوا ) 5 ( علقتني بهوى ّ مردٍ ، فقد جعلتْ ** من الفِراقِ ، حَصاةُ القلب تَنصدِعُ )
____________________
(1/65)
البحر : طويل ( ألا نادِ عيراً من بثينةُ ، ترتعي ، ** نودِّعْ على شَحْطِ النوى ، وتودِّعِ ) ( وحثوا على جمع الركاب ، وقربوا ** جِمالاً ، ونوقاً جِلّةً ، لم تَضَعضَعِ ) ( أُعيذُكِ بالرّحمن من عيشِ شِقوَةٍ ، ** وأن طعمي ، يوماً ، إلى غيرِ مطمعِ ! ) 4 ( إذا ما ابنُ معلونٍ تحدرَّ رشحهُ ** عليكِ ، فموتي بعد ذلكَ ، أودعيِ ! ) 5 ( مللنَ ، ولم أمللْ ، وما كنتُ سائماً ** لإجمالِ سعدى ، ما أنخن بجعجعِ ) 6 ( ألا قد أرى ، إلاّ بثينةَ ، ههنا ، ** لنا بعدَ ذا المُصطافِ والمُترَبَّعِ )
____________________
(1/66)
البحر : طويل ( عرفتُ مصيفِ الحيَّ ، والمتربعا ، ** كما خطتِ الكفَّ الكتابِ المرجعا ) ( معارِفُ أطلالٍ لِبثنَةَ ، أصبَحَتْ ** مَعارفُها قَفْراً ، من الحيِّ ، بَلقَعا ) ( مَعارِفُ للخَودِ التي قُلتُ : أجمِلي ** إلينا ، فقد أصفيتِ بالودّ أجمعا ) 4 ( فقالتْ : أفِقْ ، ما عندنا لكَ حاجةٌ ، ** وقد كنتَ عنا عزاءٍ مشيعا ) 5 ( فقلتُ لها : لو كنتُ أعطيتُ عنكم ** عَزاءً ، لأقللتُ ، الغَدَاةَ ، تضرُّعا ) 6 ( فقالت : أكلَّ الناسِ أصبحتَ مانِحاً ** لسانكَ ، كيما أن تغرَّ وتخدعا ؟ )
____________________
(1/67)
البحر : طويل ( أمنَ منزلٍ قفرٍ تعفتْ رسومهُ ** شَمال تُغاديهِ ، ونَكباءُ حَرجَفُ ) ( فأصبحَ قفراً ، بعدما كان آهِلاً ، ** وجملُ المنى تشتوُ بهِ وتصيفُ ) ( ظللتُ ، ومُستَنٌّ من الدمع هامِلٌ ** من العين ، لما عجتُ بالدارِ ، ينزفُ ) 4 ( أمُنصِفَتي جُمْلٌ ، فتَعدِلَ بيننا ، ** إذا حكَمَتْ ، والحاكمُ العَدلُ يُنصِفُ ) 5 ( تَعلّقتُها ، والجسمُ مني مُصَحَّحٌ ، ** فما زال ينمي حبُّ جملٍ ، وأضعفُ ) 6 ( إلى اليوم ، حتى سلّ جسمي وشفنين ** وأنكرتُ من نفسي الذي كنت أعرفُ ) 7 ( قَناةٌ من المُرّان ما فوقَ حَقوِها ، ** وما تحتَه منها نَقاً يتقصّفُ ) 8 ( لها مُقْلتا ريمٍ ، وجِيدُ جِدايَةٍ ، ** وكشحق كطيّ السابرية أهيفُ ) 9 ( ولستُ بناسٍ أهلها ، حين أقبلوا ، ** وجالوا علينا بالسيوفِ ، وطَوّفوا )0 ( وقالوا : جميلٌ بات في الحيّ عندها ، ** وقد جردوا أسافهم ثم وقفوا )
____________________
(1/68)
1( وفي البيتِ ليْثُ الغاب ، لولا مخافةٌ ** على نفس جملُ ، وإلالهِ ، لأرعفوا )( هممتُ ، وقد كادت مراراً تطلعتْ ** إلى حربهم ، نفسي ، وفي الكفْ مرهفُ )( وما سرني غيرُ الذي كان منهمُ ** ومني ، وقد جاؤوا إليّ وأوجفوا )4 ( فكم مرتجٍ أمراً أتيحَ له الردى ّ ، ** ومن خائفٍ لم ينتقضهُ التخوفُ )5 ( أإن هَتَفَتْ وَرقاءُ ظِلتَ ، سَفاهَةً ، ** تبكي ، على جملٍ ، لورقاءَ تهتفُ ؟ )6 ( فلو كان لي بالصرم ، يا صاحِ ، طاقةٌ ، ** صرمتُ ، ولكني عن الصرمِ أضعفُ )7 ( لها في سوادِ القلب بالحبَّ منعةُ ، ** هي الموت ، أو كادت على الموت تشرفُ )8 ( وما ذكرتكِ النفسُ ، يا بثنَ ، مرةً ** من الدهر ، إلاّ كادت النفسُ تُتلَف )9 ( وإلاّ اعترتني زَفرةٌ واستِكانَةٌ ، ** وجادَ لها سجلٌ من الدمع يذرفُ )0 ( وما استطرفتْ نفسي حديثاً لخلةٍ ، ** أُسَرّ به ، إلاّ حديثُك أطرَفُ )
____________________
(1/69)
2( وبين الصّفا والمَرْوَتَينِ ذكرتُكم ** بمختلفٍ ، والناس ساعٍ ومُوجِف )( وعند طوافي قد ذكرتكِ مرةً ، ** هي الموتُ ، بل كادت على الموت تضعفُ )
____________________
(1/70)
البحر : طويل ( فما سِرْتُ من ميلٍ ، ولا سرْتُ ليلةً ، ** من الدهرِ ، إلا اعتادني منكِ طائِفُ ) ( ولا مرّ يومٌ ، مذ ترامتْ بكِ النوى ، ** ولا ليلةٌ ، إلاّ هوًى منكِ رادفُ ) ( أهُمّ سُلُوّاً عنكِ ، ثم تردّني ** إليكِ ، وتثنيني عليكِ العواطِفُ ) 4 ( فلا تحسبنّ النأيَ أسلى مودتي ، ** ولا أنّ عيني ردهاّ عنكِ عاطفُ ) 5 ( وكم من بديلٍ قد وجدتُ ، طرفةٍ ، ** فتأبى عليّ النفسُ تلكَ الطرائفِ )
____________________
(1/71)
البحر : طويل ( وإني لأستحيي منَ الناسِ أنْ أُرى ** رَديفاً لوصلٍ ، أو عليّ رديفُ ) ( وأشرَبَ رَنْقاً منكِ ، بعد مودّةٍ ، ** وأرضى بوصلٍ منكِ ، وهو ضعيفُ ) ( وإنيَ للماءِ المُخالِطِ للقَذى ، ** إذا كَثُرَتْ وُرّادُهُ ، لَعَيوفُ ! )
____________________
(1/72)
البحر : طويل ( ونحنُ منعنا يومَ أولٍ نساءنا ، ** ويومَ أفيٍّ ، والأسنةُ ترعفُ ) ( ويومَ ركايا ذي الجداةِ ، ووقعةً ** ببنيانَ كانت بعضَ ما قد تسلّفوا ) ( يحبُّ الغواني البيضُ ظلَّ لوائنا ** إذا ما أتانا الصارخُ المتلهّفُ ) 4 ( نسِيرُ أمامَ الناسِ ، والناسُ خَلفَنا ، ** فإن نحنُ أمأنا إلى الناسِ ، وقّفوا ) 5 ( فأيُّ معدٍّ كان فيءَ رماحهم ** كما قد أفأنا ، والمُفاخِرُ يُنصِفُ ) 6 ( وكُنّا إذا ما مَعشَرٌ نصَبوا لنا ، ** ومرّتْ جواري طيرهمْ ، وتعيّفوا ) 7 ( وضعنا لهم صاعَ القصاصِ رهينةٍ ، ** ونحنُ نُوفّيها ، إذا الناسُ طفّفُوا ) 8 ( إذا استبقَ الأقوامُ مجداً ، وجدتنا ** لنا مغرفا مجدٍ ، وللناس مغرفُ ) 9 ( برَزنا وأصحَرنا لكلّ قبيلةٍ ، ** بأسيافنا ، إذ يؤكلُ المتضعّفُ )0 ( ونحن حَمينا ، يومَ مَكَةَ ، بالقَنا ، ** قصيّاً ، وأطرافُ القنا تتقصفُ )
____________________
(1/73)
1( فَحُطنَا بها أكنافَ مكةَ ، بعدما ** أرادتْ بها ، ما قد أبى الله ، خِنْدِف )
____________________
(1/74)
البحر : رجز تام ( لَهفاً على البيتِ المَعدّيِّ لَهفا ، ** من بعدِ ما كان قد استَكَفّا ) ( ولو دعا الله ، ومَدّ الكَفّا ، ** لرجَفتْ منهُ الجِبالُ رَجْفَا )
____________________
(1/75)
البحر : طويل ( ألم تسألِ الرّبعَ الخلاءَ فينطقُ ، ** وهل تخبرنكَ اليومَ بيداءُ سملقُ ؟ ) ( وقفتُ بها حتى تجلتْ عمايتي ** وملّ الوقوفَ الأرحبيُّ المنوّقُ ) ( بمختَلفِ الأرواحِ ، بين سُوَيْقَةٍ ** وأحدبَ ، كادت بعد عهدكَ تخلقُ ) 4 ( أضَرّتْ بها النّكباءُ كلَّ عشيّةٍ ، ** ونفخُ الصبا ، والوابلُ المتبعّقُ ) 5 ( وقال خليلي : إنّ ذا لَصَبابَةٌ ، ** ألا تَزجُر القلبَ اللّجوجَ فيُلحَق ؟ ) 6 ( تعزَّ ، وإنْ كانتْ عليكَ كريمةً ، ** لعلَّكَ من رِقّ ، لبَثْنَةَ ، تَعتِقُ ) 7 ( فقلتُ له : إنّ البِعادَ لَشائقي ، ** وبعضُ بِعادِ البَينِ والنّأي أشْوَق ) 8 ( لعلّكَ محزونٌ ، ومُبدٍ صَبابَةً ، ** ومظهرُ شكوى من أناسٍ تفرّقوا ) 9 ( وما يبتغي منّي عداةٌ تعاقدوا ، ** ومن جلدِ جاموسٍ سمينٍ مطرّقِ )0 ( وأبيضَ من ماءِ الحَديدِ مُهنّدٍ ، ** له بعد إخلاص الضريبةِ رونقُ )
____________________
(1/76)
1( إذا ما علتْ نَشْزاً تمُدّ زِمامَها ، ** كما امتدّ جلدُ الأصلف المترقرق )( وبيضٍ غريراتٍ تثنّي خصورها ، ** إذا قمنَ ، أعجازٌ ثقالٌ وأسوقُ )( غَرائِرَ ، لم يَعرِفنَ بؤسَ معيشةٍ ، ** يُجَنّ بهنّ الناظِرُ المُتَنَوِّق )4 ( وغَلغَلتُ من وجدٍ إليهنّ ، بعدما ** سريتُ ، وأحشائي من الخوفِ تخفقُ )5 ( معي صارمٌ قد أخلص القَينُ صقلَهُ ، ** له ، حين أُغشِيهِ الضريبةَ ، رَونق )6 ( فلولا احتيالي ، ضِقْن ذَرعاً بزائرٍ ، ** به من صَباباتٍ إليهنّ أولَق )7 ( تَسُوكُ بقُضبانِ الأراكِ مُفَلَّجاً ، ** يُشَعْشَعُ فيه الفارسيُّ المُرَوَّق )8 ( أبثنةُ ، للوصلُ ، الذي كان بيننا ، ** نضَا مثلما يَنضو الخِضابُ ، فيَخلُق )9 ( أبثنةُ ، ما تنأينَ إلاّ كأنّني ** بنجم الثريّا ، ما نأيتِ ، معلّقُ )
____________________
(1/77)
البحر : طويل ( ألمّ خَيالٌ ، من بثينةَ ، طارقُ ، ** على النّأيِ ، مشتاقٌ إليّ وشائقُ ) ( سرتْ من تلاعِ الحجر ، حتى تخلصتْ ** إليّ ، ودوني الأشعرونَ وغافقُ ) ( كأنَّ فتيتَ المسكِ خالطَ نشرها ، ** تغلُّ به أرادنها والمرافقُ ) 4 ( تقومُ إذا قامتْ به من فِراشها ، ** ويغدُو به من حِضْنِها مَن تُعانِقُ ) 5 ( وهَجرُكَ من تَيما بَلاءٌ وشِقْوَةٌ ** عليكَ ، معَ الشّوقِ الذي لا يفارقُ ) 6 ( ألا إنها ليست تجود لذي الهوى ، ** بل البخلُ منها شيمةٌ ، والخلائقُ ) 7 ( وماذا عسى الواشونَ أنْ يتحدثوا ، ** سوى أن يقولوا إنّني لكِ عاشقُ ؟ ) 8 ( نعم ، صدقَ الواشونَ ، أنتِ كريمةٌ ** عليّ ، وإن لم تَصْفُ منك الخلائقُ ! )
____________________
(1/78)
البحر : طويل ( وما صائبٌ من نابلٍ قذفتْ به ** يدٌ ، ومُمَرُّ العُقدَتَينِ وَثِيقُ ) ( له من خوافي النسر حُمٌّ نظائِرٌ ، ** ونصلٌ ، كنصلِ الزاعبيّ ، فتيقُ ) ( على نبعةٍ زوراءَ ، أمّا خطامها ** فمتنٌ ، وأمّا عودها فعتيقُ ) 4 ( بأوشكَ قتلاً منكِ يومَ رميتني ** نوافِذَ ، لم تَظْهَرْ لهنّ خُروق ) 5 ( تفرّقَ أهلانا ، بُثينَ ، فمنهُمُ ، ** فريقٌ أقاموا ، واستمرّ فريقُ ) 6 ( فلو كنتُ خوّاراً ، لقد باحَ مضمري ، ** ولكنّني صُلْبُ القَناةِ عَريقُ ) 7 ( كأنْ لم نحاربْ ، يا بثينَ ، لو انّهُ ** تكشّفُ غماها ، وأنتِ صديقُ ! )
____________________
(1/79)
البحر : خفيف تام ( مَنَعَ النّومَ شدّةُ الاشتِياقِ ، ** وادّكارُ الحبيبِ بعدَ الفِرَاقِ ) ( ليتَ شعري ، إذا بُثينةُ بانتْ ، ** هل لنا ، بعدَ بينها ، من تلاقِ ؟ ) ( ولقد قلتُ ، يومَ نادى المنادي ، ** مستحثاً برحلةٍ وانطلاقِ ؟ ) 4 ( ليتَ لي اليومَ ، يا بثينةُ منكم ، ** مجلساً للوداعِ قبلَ الفراقِ ! ) 5 ( حيثُ ما كنتمُ وكنتُ ، فإني ** غيرُ ناسٍ للعهدِ والميثاقِ )
____________________
(1/80)
البحر : طويل ( لقد فرحَ الواشون أن صرمتْ حبلي ** بُثينةُ ، أو أبدتْ لنا جانبَ البُخلِ ) ( يقولون : مهلاً ، يا جميلُ ، وإنني ** لأقسِمُ ما لي عن بُثينةَ من مَهلِ ) ( أحِلماً ؟ فقبلَ اليوم كان أوانُه ، ** أمَ اخشى ؟ فقبلَ اليوم أوعدتُ بالقتلِ ) 4 ( لقد أنكحوا جهلاً نبيهاً ظعينةً ، ** لطيفةَ طيِّ الكَشحِ ، ذاتَ شوًى خَدل ) 5 ( وكم قد رأينا ساعياً بنميمةٍ ** لأخرَ ، لم يعمدِ بكفٍ ولا رجلٍ ) 6 ( إذا ما تراجعنا الذي كان بيننا ، ** جرى الدمعُ من عينَي بُثينةَ بالكُحل ) 7 ( ولو تركتْ عقلي معي ما طلبتها ، ** ولكنْ طلابيها لما فات من عقلي ) 8 ( فيا ويحَ نفسي ! حسبُ نفسي الذي بها ** ويا ويحَ أهلي ! ما أصيب به أهلي ) 9 ( وقالتْ لأترابٍ لها ، لا زعانفٍ ** قِصارٍ ، ولا كُسّ الثنايا ، ولا ثُعْل )0 ( إذا حَمِيَتْ شمسُ النهار ، اتّقينها ** بأكسيةِ الديباجِ ، والخزّ ذي الحملِ )
____________________
(1/81)
1( تداعينَ ، فاستعجمنَ مشياً بذي الغضا ، ** دبيبَ القطا الكُدريّ في الدمِثِ السّهل )( إذا ارتعنَ ، أو فزعنَ ، قمنَ حوالها ، ** قِيامَ بناتِ الماءِ في جانبِ الضَّحل )( أرانيّ لا ألقَى بُثينةَ مرةً ، ** من الدهرِ ، إلاّ خائفاً ، أو على رَحْل )4 ( خليليّ ، فيما عِشتما ، هَلْ رَأيتُما ** قتيلاً بكى ، من حبّ قاتلهِ ، قبلي ؟ )5 ( أبيتُ ، مع الهلاك ، ضيفاً لأهلها ، ** وأهلي قريبٌ موسعونَ ، ذوو فضلِ )6 ( ألا أيّها البيت الذي حِيلَ دونه ، ** بنا أنت من بيتٍ ، وأهلُكَ من أهلِ )7 ( بنا أنت من بيتٍ ، وحولَك لذةٌ ، ** وظِلُّكَ لو يُسطاعُ بالباردِ السّهل )8 ( ثلاثةُ أبياتٍ : فبيتٌ أحبه ، ** وبيتان ليسا من هَوايَ ولا شَكلي )9 ( كِلانا بكى ، أو كاد يبكي صَبابَةً ** إلى إلفِه ، واستعجلتْ عبرَةً قبلي )0 ( أعاذلتي أكثرتِ ، جهلاً ، من العذلِ ، ** على غيرِ شيءٍ من مَلامي ومن عذلي )
____________________
(1/82)
2( نأيتُ فلم يحدثْ ليَ النأيُ سلوةً ، ** ولم ألفِ طولَ النأي عن خلةٍ يسلي )( ولستُ على بذلِ الصّفاءِ هَوِيتُها ، ** ولكن سَبتني بالدلالِ وبالبُخل )( ألا لا أرى اثنَينِ أحسنَ شِيمَةً ، ** على حدثان الدهر ، مني ، ومن جملِ )4 ( فإن وُجدَتْ نَعْلٌ بأرضٍ مَضِلّةٍ ، ** من الأرضِ ، يوماً ، فاعلمي أنها نعلي )
____________________
(1/83)
البحر : وافر تام ( وقلتُ لها : اعتللتِ بغيرِ ذنبٍ ، ** وشرٌّ الناسِ ذو العللِ البخيلُ ) ( ففاتيني إلى حكمٍ منَ أهلي ** وأهلكَ ، لا يحيفَ ولا يميلُ ) ( فقالت : أبتغي حَكَماً مِنَ اهلي ؟ ** ولا يدري بنا الواشي المَحُول ) 4 ( فولّينا الحكومةَ ذا سُجوفٍ ، ** أخاً دنيا ، لهُ طرفٌ كليلُ ) 5 ( فقلنا : ما قضيتَ به رَضينا ، ** وأنتَ بما قضيتَ بهِ كفيلُ ) 6 ( قضاؤكَ نافذٌ ، فاحكُم علينا ، ** بما تهوى ، ورأيكَ لا يفيلُ ) 7 ( وقلتُ له : قتلتُ بغيرِ جرمٍ ، ** وغبَّ الظلمّ مرتعهُ وبيلُ ) 8 ( فسَلْ هذي : متى تَقضي ديوني ، ** وهل يَقضِيكَ ذو العِلَلِ المَطول ؟ ) 9 ( فقالت : إنّ ذا كَذِبٌ وبُطْلٌ ، ** وشرّ ، من خُصومته ، طويل )0 ( أأقتُلهُ ؟ وما لي من سِلاحٍ ، ** وما بي لو أقاتلهُ ، حويلُ )
____________________
(1/84)
1( ولم آخُذْ له مالاً ، فيُلفَى ** له دينٌ عليّ ، كما يقولُ )( وعند أميرنا حكمٌ وعدلٌ ، ** ورأيٌ ، بعد ذلكمُ ، أصيلُ )( فقال أميرنا : هاتوا شهوداً ، ** فقلتُ : شهيدُنا الملِكُ الجليل )4 ( فقال : يمينها ، وبذاكَ أقضي ، ** وكلُّ قضائهِ حسنٌ جميلُ )5 ( فبتُ حلفةٍ ، ما لي لديها ** نقيرٌ ، أدعيهِ ، ولا فتيلُ )6 ( فقلتُ لها وقد غلبَ التعزي : ** أما يقضى لنا ، يابثنَ ، سولُ )7 ( فقالت ثمّ زجّت حاجبيها : ** أطلتَ ولستَ في شيءٍ تطيلُ )8 ( فلا يَجِدَنّكَ الأعداءُ عندي ، ** فَتَثْكَلَني وإيّاكَ الثَّكُول ! )
____________________
(1/85)
البحر : طويل ( ألا من لقلبٍ لا يمَلّ فيَذهَلُ ، ** أفقْ ، فالتعزي عن بثينةَ ، أجملُ ) ( سلا كلٌّ ذي ودٍ ، علمتُ مكانهّ ، ** وأنتَ بها حتى المماتِ موكلُ ) ( فما هكذا أحببتَ من كان قبلها ، ** ولا هكذا ، فيما مضى ، كنتَ تفعلُ ) 4 ( أعن ظُعُنِ الحيِّ الأُلى كنتَ تسألُ ، ** بليلٍ ، فردوا عيرهمَ ، وتحملوا ) 5 ( فأمسوا وهم أهلُ الديار ، وأصبحوا ، ** ومن أهلِها الغِربانُ بالدارِ تَحجِل ) 6 ( على حين ولّى الأمرُ عنّا ، وأسمَحتْ ** عصا البينِ ، وانبتّ الرجاءُ المؤمَّل ) 7 ( وقد أبقت الأيامُ منيّ ، على العدى ، ** حُساماً ، إذا مسَّ الضريبةَ ، يَفصِل ) 8 ( ولستُ كمن إن سِيمَ ضَيماً أطاعَهُ ، ** ولا كامرىء ٍ ، إن عضّهُ الدهرُ يَنكُل ) 9 ( لعمري ، لقد أبدى ليَ البينُ صَفحَهُ ، ** وبيّنَ لي ما شئت ، لو كنتُ أعقِل )0 ( وآخرُ عهدي ، من بثينَة نظرةٌ ، ** على مَوقِفٍ ، كادت من البَينِ تقتلُ )
____________________
(1/86)
1( فللهِ عينا من رأى مثل حاجةٍ ، ** كتَمتُكِها ، والنفسُ منها تَمَلمَلُ )( وإني لأستبكي ، إذا ذُكِر الهوى ، ** إليكِ ، وإني ، من هواكِ ، لأوجِل )( نظرتُ ببِشرٍ نظرةً ظَلْتُ أمْتري ** بها عَبرةً ، والعينُ بالدمعِ تُكحَل )4 ( إذا ما كَررتُ الطرفَ نحوكِ ردّه ، ** من البُعدِ ، فيّاضٌ من الدمعِ يَهمِل )5 ( فيا قلبُ ، دع ذكرى بثينةَ إنها ، ** وإن كنتَ تهواها ، تَضَنّ وتَبخَل )6 ( قناةٌ من المُرّان ما فوقَ حَقْوِها ، ** وما تحتَه منها نَقاً يَتهيّل )7 ( وقد أيأستْ من نيلها ، وتجهمتْ ، ** ولَليأسُ ، إن لم يُقدَر النّيْلُ ، أمثَل )8 ( وإلاّ فسلها نائلاً قبلَ بينها ، ** وأبخِلْ بها مسؤولةً حين تُسأل )9 ( وكيف تُرجّي وصلَها ، بعد بُعدِها ، ** وقد جذُّ حبلُ الوصلِ ممن تؤملُ )0 ( وإنّ التي أحببتَ قد حِيلَ دونَها ، ** فكن حازماً ، والحازِمُ المُتحوِّل )
____________________
(1/87)
2( ففي اليأسِ ما يُسلي ، وفي الناس خُلّةٌ ، ** وفي الأرضِ ، عمنّ لا يؤاتيكَ ، معزلُ )( بدا كلفٌ مني بها ، فتثاقلت ، ** وما لا يُرى من غائبِ الوجدِ أفضَل )( هبيني بريئاً نلتهُ بظلامةٍ ، ** عفاها لكمُ ، أو مذنباً يتنصلُ )
____________________
(1/88)
البحر : طويل ( ألا هلْ إلى إلمامةٍ ، أن ألمها ، ** بُثينةُ ، يوماً في الحياةِ ، سبيلُ ؟ ) ( على حينَ يسلو الناسُ عن طلبِ الصّبا ، ** وينسى ، اتّباعَ الوصل منكِ ، خَليلُ ) ( فإن هي قالتْ : لا سبيلَ ، فقل لها : ** عناءٌ ، على العذريّ منكِ ، طويلُ ) 4 ( ألا ، لا أُبالي جَفوةَ الناس ، إن بدا ، ** لنا منكِ ، رأيٌ ، يا بُثَيْنَ ، جميل ) 5 ( وما لم تُطِيعي كاشحاً ، أو تَبدّلي ** بنا بدلاً ، أو كانَ منكِ ذُهُول ) 6 ( وإنّ صباباتي بكم لكثيرةٌ ، ** بثينَ ، ونسيانيكمُ لقليلُ ) 7 ( يَقِيكِ جميلٌ كلّ سوءٍ ، أما له ** لديكِ حَديثٌ ، أو إليكِ رسول ؟ ) 8 ( وقد قلتُ ، في حبّي لكمْ وصبابتي ، ** مَحاسِنَ شِعرٍ ، ذِكرُهُنّ يطولُ ) 9 ( فإنْ لم يكنْ قولي رضاكِ ، فعلميّ ، ** هبوبَ الصبا ، يا بثنَ ، كيفَ أقولُ )0 ( فما غابَ عن عيني خيالكِ لحظةً ، ** ولا زالَ عنها والخيالُ يزولُ )
____________________
(1/89)
البحر : خفيف تام ( رسمِ دارٍ وقفتُ في طَلَلِهْ ، ** كدتُ أقضي ، الغداةَ من جللهِ ) ( مُوحِشاً ، ما ترى به أحَداً ، ** تنتسجُ الريحُ تربَ معتدلهِ ) ( وصريعاً منَ الثمام ترى ** عارماتِ المدبِّ في أسلهِ ) 4 ( بينَ علياءَ وابشٍ ، قبلي ، ** فالغميمُ الذي إلى جبلهِ ) 5 ( واقفاً في ديارٍ أمّ حسينٍ ، ** من ضُحَى يومه إلى أُصُلِه ) 6 ( يا خليليّ ، إن أُمّ حسينٍ ، ** حين يدنو الضجيجُ منَ عللهِ ) 7 ( روضةٌ ذاتُ حَنوةٍ وخُزَامَى ، ** جادَ فيها الربيعُ من سبلهِ ) 8 ( بينَما هُنّ بالأراكِ معاً ، ** إذ بدا راكبٌ على جَمَلِه ) 9 ( فتأطرنَ ، ثمّ قلنَ لها ** أكرِمِيهِ ، حُيّيتِ ، في نُزُلِه )0 ( فَظَلِلْنا بنعمةٍ ، واتّكأنا ، ** وشربنا الحلالَ منْ قللهِ )
____________________
(1/90)
1( قد أصونُ الحديثَ دونَ أخٍ ، ** لا أخافُ الأذاةَ من قِبَلِه )( غيرَ ما بغضةٍ ، ولا لاجتنابٍ ، ** غيرَ أني ألتُ من وجلهِ )( وخليلٍ ، صافيتُ مرضياً ، ** وخليلٍ ، فارقتُ منِ مللهِ )
____________________
(1/91)
البحر : - ( أبثينَ ، إنكِ ملكتِ فأسجحي ، ** وخُذي بحظّكِ من كريمٍ واصلِ ) ( فلربّ عارضةٍ علينا وصلَها ، ** بالجدِ تخلطهُ بقولِ الهازلِ ) ( فأجبتها بالرفقِ ، بعدَ تستّرٍ : ** حُبّي بُثينةَ عن وصالكِ شاغلي ) 4 ( لو أنّ في قلبي ، كقَدْرِ قُلامَةٍ ، ** فضلاً ، وصلتكِ أو أتتكِ ، رسائلي ) 5 ( ويقلنَ : إنكِ قد رضيتِ بباطلٍ ** منها فهل لكَ في اعتزالِ الباطلِ ؟ ) 6 ( ولَبَاطِلٌ ، ممن أُحِبّ حَديثَه ، ** أشهَى إليّ من البغِيضِ الباذِل ) 7 ( ليزلنَ عنكِ هوايّ ، ثمَ يصلني ، ** وإذا هَوِيتُ ، فما هوايَ بزائِل ) 8 ( صادت فؤادي ، يا بثينَ ، حِبالُكم ، ** يومَ الحَجونِ ، وأخطأتكِ حبائلي ) 9 ( منّيتِني ، فلوَيتِ ما منّيتِني ، ** وجعلتِ عاجلَ ما وعدتِ كآجلِ )0 ( وتثاقلتْ لماّ رأتْ كلفي بها ، ** أحببْ إليّ بذاكَ من متثاقلِ )
____________________
(1/92)
1( وأطعتِ فيّ عواذلاً ، فهجرتني ، ** وعصيتُ فيكِ ، وقد جَهَدنَ ، عواذلي )( حاولنني لأبتَّ حبلَ وصالكم ، ** مني ، ولستَ ، وإن جهدنَ ، بفاعلِ )( فرددتهنّ ، وقد سعينَ بهجركم ، ** لماّ سعينَ له ، بأفوقَ ناصلِ )4 ( يَعْضَضْنَ ، من غَيْظٍ عليّ ، أنامِلاً ، ** ووددتُ لو يعضضنَ صمَّ جنادلِ )5 ( ويقلنَ إنكِ يا بثينَ ، بخيلةُ ، ** نفسي فداؤكِ من ضنينٍ باخلِ ! )
____________________
(1/93)
البحر : طويل ( خليليّ ، عُوجَا بالمحلّةِ من جُمْلِ ، ** وأترابِها ، بين الأجيفر فالخَبْلِ ، ) ( نَقِفْ بمَغَانٍ قد محا رَسمَها البِلى ، ** تعاقبها الأيامُ بالريحِ والوبلِ ) ( فلو درجَ النملُ الصغارُ بجلدها ** لأندبَ ، أعلى جلدها ، مدرجُ النملِ ) 4 ( أفي أمّ عمروٍ تعذلاني ؟ هديتما ، ** وقد تيّمَتْ قلبي ، وهام بها عقلي ) 5 ( وأحسنُ خلقِ اللهِ جيداً مقلةً ، ** تُشبَّهُ ، في النّسْوان ، بالشادِن الطفل ) 6 ( وأنتِ لعيني قرةٌ حينَ نلتقي ، ** وذكركِ يشفيني ، إذا خدرتْ رجلي ) 7 ( أفِقْ ، أيها القلبُ اللّجوجُ ، عن الجهلِ ، ** ودع عنكَ جملاً ، لا سبيلَ إلى جملِ ) 8 ( ولو أنّ ألفاً دونَ بَثنةَ ، كُلّهم ** غيارى ، وكلٌ مزمعونَ على قتلي ) 9 ( لحاولتها إما نهاراً مجاهراً ، ** وإماّ سرى ليلٍ ، ولو قطعوا رجليّ )
____________________
(1/94)
البحر : طويل ( ألا أيّها الرَّبعُ الذي غَيّرَ البِلى ، ** عفا وخلا ، من بعد ما كان لا يخلو ) ( تَذأبُ ريحُ المسكِ فيه ، وإنما ** بهِ المسكُ وإن مرتْ به ذيلها جملُ ) ( وما ماءُ مزنٍ من جبالٍ منيعةٍ ، ** ولا ما أكَنّتْ ، في مَعادنِها ، النّحل ) 4 ( بأشهى من القولِ الذي قلتِ ، بعدما ** تمكنَ من حيزومِ ناقتي الرحل ) 5 ( فما روضةٌ بالحَزْنِ صادٍ قَرارُها ، ** نحاهُ من الوَسميِّ ، أو دِيَمٌ هُطْلُ ) 6 ( بأطيَبَ من أردانِ بَثنةَ مَوهِناً ، ** ألا بل لريَّها ، على الروضةِ ، الفَضْل )
____________________
(1/95)
البحر : طويل ( أنختُ جَديلاً عند بَثنَةَ ليلةً ، ** ويوماً ، أطالَ اللهُ رغمَ جديلِ ) ( أليسَ مناخُ النضوْ يوماً وليلةً ، ** لبثنةَ ، فيما بيننا بقليلٍ ؟ ) ( بُثينَ ، سَلِيني بعضَ مالي ، فإنّما ** يُبَيَّنُ ، عند المالِ ، كلُّ بخيلِ ) 4 ( وإني ، وتَكراري الزّيارةَ نحوكم ، ** لبينَ يَدَي هجرٍ ، بُثَينَ ، طويلِ ) 5 ( فيا ليتَ شعري ، هل تقولين بعدنا ، ** إذا نحن أزمعنا غداً لرحيلِ ) 6 ( ألا ليتَ أياماً مضينَ رواجعٌ ، ** وليتَ النّوى قد ساعدت بجَميل ! )
____________________
(1/96)
البحر : طويل ( بثينةُ من صِنفٍ يُقلّبنَ أيديَ ال ** رُّماةِ ، وما يَحمِلْنَ قوساً ولا نَبلا ) ( ولكنماّ يظفرنَ بالصيدِ ، كلماّ ** جلَونَ الثنايا الغُرّ ، والأعيُن النُّجْلا ) ( يخالسنَ ميعاداً ، يرعنَ لقولها ** إذا نَطَقَتْ ، كانت مقالتُها فَصْلا ) 4 ( يرينَ قريباً بيتها ، وهي لا ترى ** سوى بيتها ، بيتاً قريباً ، ولا سهلا )
____________________
(1/97)
البحر : وافر تام ( أيا ريحَ الشَّمالِ ، أما تَريني ** أهِيمُ ، وأنني بادي النُّحُولِ ؟ ) ( هبيَ لي نسمةً من ريحِ بثنٍ ، ** ومنيّ بالهبوبِ على جميلِ ) ( وقولي : يا بثينةُ حسب نفسي ** قليلُكِ ، أو أقلُّ مِنَ القَلِيلِ ! )
____________________
(1/98)
البحر : كامل تام ( عجلَ الفراقُ وليتهُ لم يعجلِ ، ** وجرت بَوادِرُ دمعِكَ المُتهلّلِ ) ( طرباً ، وشاقكَ ما لقيتَ ، ولم تخفْ ، ** بينَ الحبيبِ ، غداةَ بُرقةِ مِجْوَلِ ) ( وعرفتَ أنكَ حينَ رحتَ ولم يكن ، ** بعدُ ، اليقينُ ، وليس ذاك بمشكلِ ) 4 ( لن تستطيعَ إلى بثينةَ رجعًة ، ** بعد التّفرّقِ ، دونَ عامٍ مُقبِلِ )
____________________
(1/99)
البحر : طويل ( وإني لأرضى ، من بُثينةَ ، بالّذي ** لوَ أبصره الواشي ، لقرتْ بلابلهْ ) ( بِلا ، وبألاّ أستطِيعَ ، وبالمُنى ، ** وبالوعدِ حتى يسأمَ الوعدَ آملهْ ) ( وبالنظرةِ العجلى ، وبالحولِ تنقضي ، ** أواخِرُه ، لا نلتقي ، وأوائِلُهْ )
____________________
(1/100)
البحر : طويل ( فيا حسنها ! إذ يغسلُ الدمعُ كحلها ** وإذ هيَ تذري الدمعَ منها الأناملِ ! ) ( عشيةَ قالت في العتابِ : قتلتني ، ** وقتلي ، بما قالت هناك ، تُحاوِلُ ) ( فقلت لها : جودي ، فقالت مجيبةً ، ** ألَلجِدُّ هذا منكَ ، أم أنتَ هازِلُ ؟ ) 4 ( لقد جعلَ الليلُ القصيرُ لنا بكم ، ** عليّ ، لروعاتِ الهوى ، يتطاولُ )
____________________
(1/101)
البحر : رجز تام ( يا بثنَ حييّ ، أو عديني ، أو صلي ** وهوّني الأمرَ ، فزوري واعجَلي ) ( بُثينَ ، أيّاً ما أردتِ ، فافعلي ، ** إني لآتي ما أشأتِ مُعتَلي )
____________________
(1/102)
البحر : طويل ( ويعجبني من جعفرٍ أنّ جعفراً ** ملٌّ على قرصٍ ، ويبكي على جملِ ) ( فلو كنتَ عذريِّ العلاقةَ ، لم تكن ** بطيناً ، وأنساك الهوى كثرةَ الأكلِ )
____________________
(1/103)
البحر : وافر تام ( إلى القرمِ الذي كانت يداه ، ** لفعلِ الخيرِ ، سطوةَ منَ ينيلُ ) ( إذا ما غاليَ الحمدِ اشتراه ، ** فما إن يستقيل ولا يُقيل ) ( أمينُ الصدر ، يحفظُ ما تولى ، ** بما يكفي القويَّ به ، النبيلُ ) 4 ( أبا مَروانَ ، أنتَ فتى قريشٍ ، ** وكهلهمُ ، إذا عدّ الكهولُ ) 5 ( تولّيهِ العشيرةُ ما عَناها ، ** فلا ضَيْقُ الذراع ، ولا بخيلُ ) 6 ( إليكَ تشيرُ أيديهم ، إذا ما ** رُمُوا ، أو غالَهُمْ أمرٌ جلِيلُ ) 7 ( كلا يوميهِ بالمعروفِ طلقٌ ، ** وكلُّ بلائِهِ حَسَنٌ جميلُ ) 8 ( تمايَلَ في الذُّؤابةِ من قُرَيْشٍ ، ** ثناهُ المجدُ ، والعزُّ الأثيلُ ) 9 ( أُرومٌ ثابتٌ ، يهتَزّ فيه ، ** بأكرمِ منبتٍ ، فرعٌ طويلُ )
____________________
(1/104)
البحر : كامل تام ( صدعَ النعيَّ ، وما كنى بجميلٍ ، ** وثوى بمصرَ ثواءً غيرِ قفولِ ) ( ولقد أجرُّ الذيلَ في وادي القرى ، ** نَشوانَ ، بينَ مَزارعٍ ونَخِيل ) ( بكرَ النعيَّ بفارسِ ذي همٍ ة ، ** بطلٍ ، إذا حُمّ اللّقاءُ ، مُذيلِ ) 4 ( قُومي ، بثينةُ ، فاندُبي بعويلِ ، ** وابكي خليلكَ دونَ كلّ خليلِ )
____________________
(1/105)
البحر : طويل ( جذامُ سيوفُ اللهِ في كلّ موطنٍ ، ** إذا أزمتْ ، يومَ اللّقاءِ ، أزامِ ) ( همُ منعوا ما بين مِصرٍ فذي القُرى ، ** إلى الشامِ ، من حلٍّ بهِ وحرامِ ) ( بضربٍ يُزيلُ الهَامَ عن سَكَناتِهِ ، ** وطعنٍ ، كإيزاغِ المخاضِ تؤامِ ) 4 ( إذا قصرتْ ، يوماً ، أكفُّ قبيلةٍ ، ** عن المجدِ ، نالتْهُ أكُفُّ جُذامِ )
____________________
(1/106)
البحر : طويل ( وما عَرّ جوّاسُ اسْتها إذ يَسبّهم ، ** بصَقْرَيْ بني سُفيانَ ، قيسٍ وعاصِمِ ) ( هما جرداّ أمَّ الحسينِ ، وأوقعا ، ** أمرّ وأدهَى من وقيعةِ سالمِ )
____________________
(1/107)
البحر : رجز تام ( أنا جمِيلٌ في السّنامِ الأعظَمِ ، ** الفارِعِ النّاسَ ، الأعزّ الأكرم ) ( أحمي ذِماري ، ووجدتُ أقرُمي ، ** كانوا على غاربِ طودٍ خضرمِ )
____________________
(1/108)
البحر : طويل ( لَعَمري ، لقد حسّنْتِ شَغْباً إلى بَدَا ** إليّ ، وأوطاني بلادٌ سواهما ) ( حللتَ بهذا حلةً ، ثمّ حلةً ** بهذا ، فطابَ الواديانِ كِلاهُما )
____________________
(1/109)
البحر : طويل ( حلفتُ بربّ الراقصات إلى منى ّ ، ** هُوِيَّ القَطا يَجْتَزْنَ بطنَ دفِينِ ) ( لقد ظنَ هذا القلبُ أن ليسَ لاقياً ، ** سليمى ، ولا أمَّ الحسينِ لحينِ ) ( فليتَ رجالاً فيكِ قد نذروا دمي ، ** وهَمّوا بقتلي ، يا بُثَينَ ، لقُوني ! ) 4 ( إذا ما رأوني طالعاً من ثنيةٍ ، ** يقولون : من هذا ؟ وقد عرفونيِ ) 5 ( يقولون لي : أهلاً وسهلاً ومرحباً ! ** ولو ظفروا بي خالياً ، تلوني ) 6 ( وكيف ، ولا توفي دماؤهم دمي ، ** ولا مالُهم ذو ندهةٍ فيدوني ) 7 ( وغرَّ الثنايا ، من ربيعةَ ، أعرضت ، ** حروبُ معدٍ دونهنّ ودوني ) 8 ( تَحَمّلْنَ من ماءِ الثُّديّ كأنما ** تَحَمّلَ من مُرْسًى ثِقالُ سَفينِ ) 9 ( كأنّ الخُدورَ أولجتْ ، في ظِلالِها ، ** ظِباءَ المَلا ليست بذاتِ قُرون )0 ( إلى رجحَ الأعجازِ ، حورٍ نمى بها ، ** مع العِتْقِ والأحساب ، صالحُ دِين )
____________________
(1/110)
1( يبادِرنَ أبوابَ الحِجالِ كما مشى ** حمَامٌ ضُحًى في أيْكةٍ ، وفنون )( سددنَ خصاصَ الخيمَ ، لما دخلنهُ ، ** بكلّ لبَانٍ واضحٍ ، وجبين )( دعوتُ أبا عمرٍ و ، فصدّق نَظرتي ، ** وما ان يَراهنّ البصيرُ لحِين )4 ( وأعرضَ ركنٌ من أحامرَ دونهم ، ** كأنّ ذراهُ لفعتْ بسدينِ )5 ( قرضنَ ، شمالاً ، ذا العشيرةِ كلها ، ** وذاتَ اليمين ، البُرقَ بُرْقَ هَجين )6 ( وأصعدنَ في سراءَ ، حتى إذا انتحتْ ** شَمالاً ، نَحا حادِيهمُ ليَمِين )7 ( وقال خليلي : طالعاتٌ من الصّفَا ، ** فقلت : تأمّلْ ، لسنَ حيثُ تريني )8 ( ولو أرسلتْ ، يوماً ، بُثينةُ تبتغي ** يميني ، ولو عزّت عليّ يميني )9 ( لأعطيتها ما جاءَ يبغي رسولها ، ** وقلتُ لها بعد اليمين : سليني ، )0 ( سليني مالي ، يا بثينَ ، فإنّما ** يُبيَّنُ ، عند المالِ ، كلُّ ضَنين )
____________________
(1/111)
2( فما لكِ ، لمّا خَبّر الناسُ أنني ** غدرتُ بظهرِ الغيبِ ، لم تسليني )( فأُبليَ عُذراً ، أو أجيءَ بشاهِدٍ ، ** من الناسِ ، عدلٍ أنهم ظلموني )( بُثينَ ، الزمي لا ، إنّ لا ، إن لزمتِه ، ** على كثرة الواشينَ ، أيُّ معونِ )4 ( لحا الله من لا ينفعُ الوعدُ عنده ، ** ومَنْ حَبلُه ، إن مُدّ ، غيرُ متين )5 ( ومن هو ذو وجهين ليس بدائمٍ ** على العهدِ ، حلاف بكلّ يمينِ )6 ( ولستُ ، وإن عزّت عليّ ، بقائلٍ ** لها بعد صَرمٍ : يا بُثَينَ ، صِليني ! )
____________________
(1/112)
البحر : طويل ( شهِدتُ بأني لم تَغَيّر مودّتي ، ** وأني بكم ، حتى الممات ، ضنينُ ) ( وأنّ فؤادي لا يلينُ إلى هوى ** سواكِ ، وإن قالوا : بلى ، سيلينُ ) ( فَقَدْ بَانَ أَيَّام الصِّبَا ثُمَّ لَمْ يَكَدْ ، ** مِنَ الدَّهْرِ ، شَيْءٌ ، بَعْدَهُنَّ ، يَلينُ ) 4 ( ولمّا علونَ اللابتينِ ، تشوفت ** قلوبٌ إلى وادي القُرى ، وعيونُ ) 5 ( كأنّ دموعَ العينِ ، يومَ تحملتْ ** بُثينةُ ، يسقِيها الرِّشاشَ مَعِينُ ) 6 ( ظعائِنُ ، ما في قُرْبهنّ لذي هوًى ** من الناس ، إلا شقوةٌ وفنونُ ) 7 ( وواكلنهُ والهمَّ ، ثمّ تركنه ، ** وفي القلبِ ، من وجد بهنّ ، حنين ) 8 ( ورُحنَ ، وقد أودَعنَ قلبي أمانةً ** لبثينةَ : سرٌّ في الفؤاد ، كمينُ ) 9 ( كسِرّ النّدى ، لم يعلم الناسُ أنّه ** ثَوَى في قَرَارِ الأرضِ وهو دَفين )0 ( إذا جاوزَ الاثنينِ سرٌّ ، فإنه ، ** بنَثٍّ وإفشاءِ الحديثِ ، قَمِين )
____________________
(1/113)
1( تُشيِّبُ رَوعاتُ الفِراق مفَارقي ، ** وأنشَزنَ نفسي فوقَ حيثُ تكون )( فوا حسرَتا ! إنْ حِيلَ بيني وبينها ، ** ويا حينَ نفسي ، كيف فيكِ تحينُ ! )( وإني لأستغشي ، وما بيَ نَعسةٌ ** لعلّ لِقاءً ، في المنام ، يكون )4 ( فإن دامَ هذا الصّرمُ منكِ ، فإنني ** لأغبرها ، في الجانبينَ ، رهينُ )6 ( يقولون : ما أبلاكَ ، والمالُ عامرٌ ** عليك ، وضاحي الجلد منك كنِين )7 ( فقلت لهم : لا تَعذُلوني ، وانظُروا ** إلى النازِعِ المقصورِ كيف يكونُ )
____________________
(1/114)
البحر : طويل ( أرى كلّ معشوقينِ ، غيري وغيرَها ، ** يَلَذّانِ في الدّنْيا ويَغْتَبِطَانِ ) ( وأمشي ، وتمشي في البلادِ ، كأننا ** أسِيران ، للأعداءِ ، مُرتَهَنانِ ) ( أصلي ، فأبكي في الصلاةِ لذكرها ، ** ليَ الويلُ ممّا يكتبُ الملكانِ ) 4 ( ضَمِنْتُ لها أنْ لا أهيمَ بغيرِهَا ، ** وقد وثقتْ مني بغيرِ ضمانِ ) 5 ( ألا ، يا عبادَ الله ، قوموا لتسمعوا ** خصومةَ معشوقينِ يختصمانِ ) 6 ( وفي كل عامٍ يستجدانِ ، مرةً ، ** عتاباً وهجراً ، ثمّ يصطلحانِ ) 7 ( يعيشانِ في الدّنْيا غَريبَينِ ، أينما ** أقاما ، وفي الأعوامِ يلتقيانِ ) 8 ( وما صادياتٌ حمنَ ، يوماً وليلةً ، ** على الماءِ ، يُغشَيْنَ العِصيَّ ، حَواني ) 9 ( لواغبُ ، لا يصدرنَ عنه لوجهةٍ ** ولا هنّ من بَردِ الحِياضِ دَواني )0 ( يرين حبابَ الماءِ ، والموتُ دونه ، ** فهنّ لأصواتِ السُّقاةِ رَواني )
____________________
(1/115)
1( بأكثرَ منّي غلّةً وصبابةً ** إليكِ ، ولكنّ العدوّ عَداني )
____________________
(1/116)
البحر : خفيف تام ( وهما قالتا : لَو انّ جميلاً ** عرض اليومَ نظرةً ، فرآنا ) ( بينما ذاك منهما ، رأتاني ** أعملُ النّصَّ سيرةً زفيانا ) ( نظرتْ نحو تربها ، ثمّ قالتْ : ** قد أتانا ، وما علمنا ، منانا ! )
____________________
(1/117)
البحر : - ( يا عاذليّ ، من الملامِ دعاني ، ** إنّ البليةَ فوقَ ما تصفانش ) ( زعمتْ بثينةُ أنّ فرقتنا غداً ** لا مرحباً بغدٍ ، فقد أبكاني )
____________________
(1/118)
البحر : طويل ( فيا بثنَ ، إن واصلتِ حجنةَ ، فاصرمي ** حبالي ، وإن صارمتِهِ ، فصِلِيني ) ( ولا تجعلِيني أسوةَ العبدِ ، واجعلي ، ** مع العبدِ ، عبداً مثلَه ، وذَرِيني ! )
____________________
(1/119)
البحر : رجز تام ( يا أمّ عبد الملكِ اصرميني ** فبيني صرميَ ، أو صليني ) ( أبكي ، وما يُدريكِ ما يبكيني ، ** أبكي حِذاراً أن تُفارِقيني ) ( وتجعلي أبعدَ مني دوني ، ** إنّ بني عمّكِ أوعدوني ) 4 ( أن يقطعوا رأسي ، إذا لقوني ** ويقتلوني ، ثم لا يدوني ) 5 ( كلا ، وربِّ البيتِ ، لو لقوني ** شَفعاً ووَتراً ، لَتَواكَلوني ! ) 6 ( قد علم الأعداءُ أنّ دوني ** ضرباً ، كإيزاغِ المَخاضِ الجُونِ ) 7 ( ألا أسُبُّ القومَ ، إذ سَبّوني ؟ ** بلى ، وما مرّ على دَفِين ) 8 ( وسابحاتٍ بِلوى الحَجُونِ ، ** قد جرّبوني ، ثمّ جَرّبوني ) 9 ( حتى إذا شابُوا وشَيّبُوني ، ** أخزاهمُ اللهُ ، ولا يخزيني ! )0 ( أشباهُ أعْيارٍ على مَعِينِ ، ** أحسسنَ حسَّ أسدٍ حرونِ )
____________________
(1/120)
1( فهنّ يضرطنَ من اليقينِ ، ** أنا جَمِيلٌ ، فتَعَرّفُوني ! )( وما تقنّعتُ ، فتنكروني ، ** وما أُعَنّيكُمْ ، لتسألوني )( أنمي إلى عاديةٍ طحونِ ، ** ينشقُّ عنها السيلُ ذو الشؤونِ )4 ( غمرٌ ، يدقُّ رجحَ السفينِ ، ** ذو حَدَبٍ ، إذا يُرى ، حَجُون )
____________________
(1/121)
البحر : رجز تام ( أنا جمِيلٌ ، والحجازُ وطني ، ** فيه هوى نفسي ، وفيه شجني )
____________________
(1/122)
البحر : بسيط تام ( يا ابن الأبَيرِقِ ، وَطْبٌ بِتَّ مُسنِدَه ** إلى وسادكَ ، من حمّ الذرى جونِ ) ( وأكلتانِ ، إذا ما شئتَ مرتفقاً ** بالسيرِ ، من نَغِل الدَّفَّينِ مَدهُونِ ) ( اذكرْ ، وأمّكَ مني ، حين تنكبني ** جِنّي ، فيَغلِبُ جِنّي كلَّ مجنون )
____________________
(1/123)
البحر : طويل ( خليليّ ، إن قالت بثينةُ : ما لهُ ** أتانا بلا وعدٍ ؟ فقولا لها : لها ) ( أتى ، وهو مشغُولٌ لعُظمِ الذي به ، ** ومن بات طولَ الليل ، يرعى السهى سها ) ( بثينةُ تُزري بالغزالةِ في الضّحى ، ** إذا برزت ، لم تبق يوماً بها بها ) 4 ( لها مقلةٌ كَحلاءُ ، نَجْلاءُ خِلقَةً ، ** كأنّ أباها الظبيُ ، وأمها مها ) 5 ( دهنتني بودٍ قاتلٍ ، وهو متلفي ، ** وكم قتلتْ بالودّ من ودّها ، دها )
____________________
(1/124)
البحر : طويل ( ورُبّ حبالٍ ، كنتُ أحكمتُ عَقدَها ، ** أُتِيحَ لها واشٍ رَفيقٌ ، فحَلّها ) ( فعدنا كأنّا لم يكن بيننا هوىً ، ** وصارَ الذي حَلّ الحِبالَ هوًى لها ) ( وقالوا : نراها ، يا جميلُ ، تبدّلتْ ، ** وغيرها الواشي ؛ فقلتُ : لعلها ! )
____________________
(1/125)
البحر : طويل ( أتانيَ عن مَروانَ ، بالغَيبِ أنّه ** مُقيِّدٌ دمِي ، أو قاطِعٌ من لِسانيا ) ( ففي العِيسِ منجاةٌ وفي الأرضِ مذهَبٌ ** إذا نحنُ رفعنا لهنّ المثانيا ) ( وردّ الهوى اثنانُ ، حتى استفزني ، ** من الحبِّ ، مَعطوفُ الهوى من بلاديا ) 4 ( أقولُ لداعي الحبّ ، والحجرُ بيننا ، ** ووادي القُرى : لَبّيك ! لمّا دعانيا ) 5 ( وعاودتُ من خِلّ قديمٍ صبابتي ، ** وأظهرتُ من وجْدي الذي كان خافيا ) 6 ( وقالوا : بهِ داءٌ عَياءٌ أصابه ، ** وقد علمتْ نفسي مكانَ دوائيا ) 7 ( أمضروبةٌ ليلى على أن أزورَها ، ** ومتخذٌ ذنباً لها أن ترانيا ؟ ) 8 ( هي السّحرُ ، إلاّ أنّ للسحرِ رُقْيةً ، ** وإنيَ لا ألفي لها ، الدهرَ ، راقيا ) 9 ( أُحِبّ الأيامَى ، إذ بُثينةُ أيّمٌ ، ** وأحببتُ ، لما أن غنيتِ ، الغوانيا )0 ( أُحِبّ من الأسماءِ ما وافَقَ اسمَها ، ** وأشبههُ ، أو كانَ منه مدانيا )
____________________
(1/126)
1( وددتُ ، على حبِّ الحياةِ ، لو أنها ** يزاد لها ، في عمرها ، من حياتنا )( وأخبرتماني أنّ تَيْمَاءَ مَنْزِلٌ ** لليلى ، إذا ما الصيفُ ألقى المراسيا )( فهذي شُهور الصيفِ عنّا قد انقضَتْ ، ** فما للنوى ترمي بليلى المراميا ؟ )4 ( وأنتِ التي إن شئتِ أشقيتِ عيشتي ، ** وإنْ شئتِ ، بعد الله ، أنعمتِ بالِيا )5 ( وأنتِ التي ما من صديقٍ ولا عداً ** يرى نِضْوَ ما أبقيتِ ، إلاّ رثى ليا )6 ( ومازلتِ بي ، يا بثنَ ، حتى لوانني ، ** من الوجدِ أستبكي الحمامَ ، بكى ليا )7 ( إذا خدرتْ رجلي ، وقيل شفاؤها ** دُعاءُ حبيبٍ ، كنتِ أنتِ دُعائِيا )8 ( إذا ما لَدِيغٌ أبرأ الحَلْيُ داءهُ ، ** فحليكِ أمسى ، يا بثينةُ ، دائيا )9 ( وما أحدَثَ النأيُ المفرِّقُ بيننا ** سلواً ، ولا طولُ اجتماعٍ تقاليا )0 ( ولا زادني الواشونَ إلاّ صبَابةً ، ** ولا كثرةُ الواشينَ إلاّ تماديا )
____________________
(1/127)
2( ألم تعلمي يا عذبةَ الريق أنني ** أظلُّ ، إذا لم ألقَ وجهكِ ، صاديا ؟ )( لقد خِفْتُ أن ألقَى المنيّةَ بَغتَةً ، ** وفي النفسِ حاجاتٌ إليكِ كما هيا )( وإني لينسيني لقاؤكِ ، كلما ** لقِيتُكِ يوماً ، أن أبُثّكِ ما بِيا )
____________________
(1/128)