البحر : كامل تام ( سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ ** كالنِّسْر فوقَ القِمَّةِ الشَّمَّاءِ ) ( أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِيئّةِ . . ، هازِئاً ** بالسُّحْبِ ، والأمطارِ ، والأَنواءِ ) ( لا أرمقُ الظلَّ الكئيبَ . . ، ولا أَرى ** ما في قراري الهَوّةِ السوداءِ . . . ) 4 ( وأسيرُ في دُنيا المشاعِر ، حَالماَ ، ** غرِداً - وتلكَ سعادةُ الشعراءِ ) 5 ( أُصغِي لموسيقى الحياةِ ، وَوَحْيها ** وأذيبُ روحَ الكونِ في إنْشائي ) 6 ( وأُصِيخُ للصّوتِ الإلهيِّ ، الَّذي ** يُحيي بقلبي مَيِّتَ الأصْداءِ ) 7 ( وأقول للقَدَرِ الذي لا يَنْثني ** عن حرب آمالي بكل بلاءِ : ) 8 ( ' - لا يطفىء اللهبَ المؤجَّجَ في دَمي ** موجُ الأسى ، وعواصفُ الأرْزاءِ ) 9 ( ( فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ ، فإنَّهُ ** سيكون مثلَ الصَّخْرة الصَّمَّاءِ ) )0 ( لا يعرفُ الشكْوى الذَّليلةَ والبُكا ، ** وضَراعَةَ الأَطْفالِ والضُّعَفَاء )
____________________
(1/1)
1( ( ويعيشُ جبَّارا ، يحدِّق دائماً ** بالفَجْرِ . . ، بالفجرِ الجميلِ ، النَّائي )( واملأْ طريقي بالمخاوفِ ، والدّجى ، ** وزَوابعِ الاَشْواكِ ، والحَصْباءِ )( وانشُرْ عليْهِ الرُّعْبَ ، وانثُرْ فَوْقَهُ ** رُجُمَ الرّدى ، وصواعِقَ البأساءِ ) )4 ( ( سَأَظلُّ أمشي رغْمَ ذلك ، عازفاً ** قيثارتي ، مترنِّما بغنائي ) )5 ( ( أمشي بروحٍ حالمٍ ، متَوَهِّجٍ ** في ظُلمةِ الآلامِ والأدواءِ ) )6 ( النّور في قلبِي وبينَ جوانحي ** فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ ) )7 ( ( إنّي أنا النّايُ الذي لا تنتهي ** أنغامُهُ ، ما دامَ في الأحياءِ ) )8 ( ( وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ ، ليس تزيدُهُ ** إلا حياةً سَطْوةُ الأنواءِ ) )9 ( أمَّا إذا خمدَتْ حَياتي ، وانْقَضَى ** عُمُري ، وأخرسَتِ المنيَّةُ نائي ) )0 ( ( وخبا لهيبُ الكون في قلبي الذي ** قدْ عاشَ مثلَ الشُّعْلةِ الحمْراءِ )
____________________
(1/2)
2( فأنا السَّعيدُ بأنني مُتَحوِّلٌ ** عَنْ عَالمِ الآثامِ ، والبغضاءِ ) )( ( لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ ** وأَرْتوي منْ مَنْهَلِ الأَضْواءِ ' )( وأقولُ للجَمْعِ الذينَ تجشَّموا ** هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنائي )4 ( ورأوْا على الأشواك ظلِّيَ هامِداً ** فتخيّلوا أنِّي قَضَيْتُ ذَمائي )5 ( وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما ** وجدوا . . ، ليشوُوا فوقَهُ أشلائي )6 ( ومضُوْا يمدُّونَ الخوانَ ، ليأكُلوا ** لحمي ، ويرتشفوا عليه دِمائي )7 ( إنّي أقول لَهُمْ ووجهي مُشْرقٌ ** وَعلى شِفاهي بَسْمة اسْتِهزاءِ - : )8 ( ' إنَّ المعاوِلَ لا تهدُّ مَناكِبي ** والنَّارَ لا تَأتي عَلَى أعْضائي )9 ( ( فارموا إلى النَّار الحشائشَ . . ، والعبوا ** يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي ) )0 ( ( وإذا تمرّدتِ العَواصفُ ، وانتشى ** بالهول قَلْبُ القبّةِ الزَّرقاءِ ) )
____________________
(1/3)
3( ( ورأيتموني طائراً ، مترنِّماً ** فوقَ الزّوابعِ ، في الفَضاءِ النائي )( ( فارموا على ظلّي الحجارةَ ، واختفوا ** خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ . . ) )( وهُناك ، في أمْنِ البُيوتِ ، تَطارَحُوا ** عثَّ الحديثِ ، وميِّتَ الآراءِ ) )4 ( ( وترنَّموا ما شئتمُ بِشَتَائمي ** وتجاهَرُوا ما شئتمُ بِعدائي ) )5 ( أما أنا فأجيبكم من فوقِكم ** والشمسُ والشفقُ الجميلُ إزائي : )6 ( مَنْ جاشَ بِالوَحْيِ المقدَّسِ قلبُه ** لم يحتفِلْ بحجارَةِ الفلتاء ' )
____________________
(1/4)
البحر : خفيف تام ( أيُّها الحُبُّ أنْتَ سِرُّ بَلاَئِي ** وَهُمُومِي ، وَرَوْعَتِي ، وَعَنَائي ) ( وَنُحُولِي ، وَأَدْمُعِي ، وَعَذَابي ** وَسُقَامي ، وَلَوْعَتِي ، وَشَقائي ) ( فأيها الحبُّ اَنتَ سرُّ وُجودي ** وحياتية ، زعِزَّتي ، وإبائي ) 4 ( وشُعاعي ما بَيْنَ دَيجورِ دَهري ** وأَليفي ، وقُرّتي ، وَرَجائي ) 5 ( يَا سُلافَ الفُؤَادِ ! يا سُمَّ نَفْسي ** في حَيَاتي يَا شِدَّتي ! يَا رَخَائي ! ) 6 ( ألهيبٌ يثورٌ في روْضَةِ النَّفَسِ ، في ** طغى ، أم أنتَ نورُ السَّماءِ ؟ ) 7 ( أيُّها الحُبُّ قَدْ جَرَعْتُ بِكَ الحُزْ ** نَ كُؤُوساً ، وَمَا اقْتَنَصْتُ ابْتِغَائي ) 8 ( فَبِحَقِّ الجَمَال ، يَا أَيُّها الحُ ** بُّ حنانَيْكَ بي ! وهوِّن بَلائي ) 9 ( لَيْتَ شِعْري ! يَا أَيُّها الحُبُّ ، قُلْ لي : ** مِنْ ظَلاَمٍ خُلِقَتَ ، أَمْ مِنْ ضِيَاءِ ؟ )
____________________
(1/5)
البحر : متقارب تام ( سَئِمْتُ الحياةَ ، وما في الحياةِ ** وما أ ، تجاوزتُ فجرَ الشَّبابْ ) ( سَئِمتُ اللَّيالي ، وَأَوجَاعَها ** وما شَعْشَعتْ مَنْ رَحيقِ بصابْ ) ( فَحَطّمتُ كَأسي ، وَأَلقَيتُها ** بِوَادي الأَسى وَجَحِيمِ العَذَابْ ) 4 ( فأنَّت ، وقد غمرتها الدموعُ ** وَقَرّتْ ، وَقَدْ فَاضَ مِنْهَا الحَبَابْ ) 5 ( وَأَلقى عَلَيها الأَسَى ثَوْبَهُ ** وَأقبرَها الصَّمْتُ والإكْتِئَابْ ) 6 ( فَأَينَ الأَمَانِي وَأَلْحَانُها ؟ ** وأَينَ الكؤوسُ ؟ وَأَينَ الشَّرابْ ) 7 ( لَقَدْ سَحَقَتْها أكفُّ الظَّلاَمِ ** وَقَدْ رَشَفَتْها شِفَاهُ السَّرابْ ) 8 ( فَمَا العَيْشُ فِي حَوْمةٍ بَأْسُهَا ** شديدٌ ، وصدَّاحُها لا يُجابْ ) 9 ( كئيبٌ ، وحيدٌ بآلامِه ** وأَحْلامِهِ ، شَدْوُهُ الانْتحَابْ )0 ( ذَوَتْ في الرَّبيعِ أَزَاهِيرُهَا ** فنِمْنَ ، وقَد مصَّهُنَّ التّرابْ )
____________________
(1/6)
1( لَوينَ النَّحورَ على ذِلَّةٍ ** ومُتنَ ، وأَحلامَهنَّ العِذابْ )( فَحَالَ الجَمَالُ ، وَغَاضَ العبيرُ ** وأذوى الرَّدى سِحرَهُنَّ العُجابْ )
____________________
(1/7)
البحر : طويل ( أَلا إنَّ أَحْلاَمَ الشَّبَابِ ضَئِيلَةٌ ** تُحَطِّمُهَا مِثْلَ الغُصُونِ المَصَائِبُ ) ( سألتُ الدَّياجي عن أماني شبيبَتي ** فَقَالَتْ : ( تَرَامَتْهَا الرِّياحُ الجَوَائِبُ ) ) ( وَلَمَّا سَأَلْتُ الرِّيحَ عَنْها أَجَابَنِي : ** ' تلقَّفها سَيْلُ القَضا ، والنَّوائبُ ) 4 ( فصارَت عغفاءً ، واضمحلَّت كذرَّةٍ ** عَلى الشَّاطِىء المَحْمُومِ ، وَالمَوْجُ صَاخِبُ ) )
____________________
(1/8)
البحر : كامل تام ( في اللّيل نَادَيتُ الكَوَاكِبَ ساخطاً ** متأجَّجَ الآلام والآراب ) ( ' الحقلُ يملكه جبابرةُ الدّجى ** والروضُ يسكنه بنو الأرباب ) ( ( والنَّهرُ ، للغُول المقدّسة التي ** لا ترتوي ، والغابُ للحَطّابِ ) ) 4 ( ( وعرائسُ الغابِ الجميلِ ، هزيلةٌ ** ظمأى لِكُلِّ جَنىً ، وَكُلِّ شَرابِ ) ) 5 ( ما هذه الدنيا الكريهةُ ؟ ويلَها ! ** حَقّتْ عليها لَعْنَةُ الأَحْقابِ ! ) ) 6 ( الكونُ مُصغٍ ، ياكوكبُ ، خاشعٌ ** طال انتظاري ، فانطقي بِجواب ' ! ) 7 ( فسمعتُ صوتاً ساحراً ، متموجاً ** فوق المروجِ الفيحِ ، والأَعْشابِ ) 8 ( وَحَفيفَ أجنحةٍ ترفرف في الفضا ** وصدىً يَرنُّ على سُكون الغابِ : ) 9 ( الفجرُ يولدُ باسماً ، مُتَهَلِّلاً ** في الكونِ ، بين دُحنِّةٍ وضباب )
____________________
(1/9)
البحر : كامل تام ( كانَ الربيعُ الحُيُّ روحاً ، حالماً ** غضَّ الشَّبابِ ، مُعَطَّرَ الجلبابِ ) ( يمشي على الدنيا ، بفكرة شاعرٍ ** ويطوفها ، في موكبٍ خلاَّبِ ) ( والأُفقُ يملأه الحنانُ ، كأنه ** قلبُ الوجود المنتِجِ الوهابِ ) 4 ( والكومُ من مظهرِ الحياة كأنما ** هُوَ معبدٌ ، والغابُ كالمحرابِ ) 5 ( والشّاعرُ الشَّحْرورُ يَرْقُصُ ، مُنشداً ** للشمس ، فوقَ الوردِ والأعشابِ ) 6 ( شعْرَ السَّعادة والسَّلامِ ، ونفسهُ ** سَكْرَى بسِحْر العالَم الخلاّبِ ) 7 ( ورآه ثعبانُ الجبالِ ، فغمَّه ** ما فيه من مَرَحٍ ، وفيْضِ شبابِ ) 8 ( وانقضّ ، مضْطَغِناً عليه ، كأنَّه ** سَوْطُ القضاءِ ، ولعنةُ الأربابِ ) 9 ( بُغتَ الشقيُّ ، فصاح في هزل القضا ** متلفِّتاً للصائل المُنتابِ )0 ( وتَدَفَّق المسكين يصرخُ ثائراً : ( ماذا جنيتُ أنا فَحُقَّ عِقابي ؟ ) )
____________________
(1/10)
1( لاشيءِ ، وإلا أنني متعزلٌ ** بالكائنات ، مغرِّدٌ في غابي )( ( أَلْقَى من الدّنيا حناناً طاهراً ** وأَبُثُّها نَجْوَى المحبِّ الصّابي ) )( ( أَيُعَدُّ هذا في الوجود جريمةً ؟ ! ** أينَ العدالةُ يا رفاقَ شبابي ؟ ) )4 ( ( لا أين ؟ ، فالشَّرْعُ المقدّسُ ههنا ** رأيُ القويِّ ، وفكرةُ الغَلاّبِ ! ) )5 ( ( وَسَعَادةُ الضَّعفاءِ جُرْمُ . . ، ما لَهُ ** عند القويِّ سوى أشدِّ عِقَاب ! ) )6 ( ولتشهد - الدنيا التي غَنَّيْتَها ** حُلْمَ الشَّبابِ ، وَرَوعةَ الإعجابِ )7 ( ( أنَّ السَّلاَمَ حَقِيقةٌ ، مَكْذُوبةٌ ** والعَدْلَ فَلْسَفَةُ اللّهيبِ الخابي ) )8 ( ( لا عَدْلَ ، إلا إنْ تعَادَلَتِ القوَى ** وتَصَادَمَ الإرهابُ بالإرهاب ) )9 ( فتَبَسَّمّ الثعبانُ بسمةَ هازئٍ ** وأجاب في سَمْتٍ ، وفرطِ كِذَابِ : )0 ( ( يا أيُّها الغِرُّ المثرثِرُ ، إنَّني ** أرثِي لثورةِ جَهْلكَ التلاّبِ ) )
____________________
(1/11)
2( والغِرُّ بعذره الحكيمُ إذا طغى ** جهلُ الصَّبا في قلبه الوثّابِ )( فاكبح عواطفكَ الجوامحَ ، إنها ** شَرَدَتْ بلُبِّكَ ، واستمعْ لخطابي ) )( أنِّي إلهٌ ، طاَلَما عَبَدَ الورى ** ظلِّي ، وخافوا لعنَتي وعقابي ) )4 ( وتقدَّوموا لِي بالضحايا منهمُ ** فَرحينَ ، شأنَ العَابدِ الأوّابِ ) )5 ( ( وَسَعَادةُ النَّفسِ التَّقيَّة أنّها ** يوماً تكونُ ضحيَّةَ الأَربابِ ) )6 ( ( فتصيرُ في رُوح الألوهة بضعةً ، ** قُدُسيةٌ ، خلصت من الأَوشابِ )7 ( أفلا يسرُّكَ أن تكون ضحيَّتي ** فتحُلَّ في لحمي وفي أعصابي ) )8 ( وتكون عزماً في دمي ، وتوهَّجاً ** في ناظريَّ ، وحدَّةً في نابي )9 ( ( وتذوبَ في رُوحِي التي لا تنتهي ** وتصيرَ بَعََ ألوهتي وشبابي . . ؟ )0 ( إني أردتُ لك الخلودَ ، مؤلَّهاً ** في روحي الباقي على الأحقابِ . . )
____________________
(1/12)
3( فَكِّرْ ، لتدركَ ما أريدُ ، وإنّه ** أسمى من العيش القَصيرِ النَّابي ) )( فأجابه الشحرورُ ، في غُصًَِ الرَّدى ** والموتُ يخنقه : ( إليكَ جوابي ) : )( لا أرى للحقِّ الضعيف ، ولا صدّى ، ** الرَّأيُ ، رأيُ القاهر الغلاّبِ )4 ( ( فافعلْ مشيئَتكَ التي قد شئتَها ** وارحم جلالَكَ منت سماع خطابي ' )5 ( وكذاك تتَّخَذُ المَظَالمُ منطقاً ** عذباً لتخفي سَوءَةَ الآرابِ )
____________________
(1/13)
البحر : كامل تام ( إني ارى َ . . ، فَأرَى جُمُوعاً جَمَّةً ** لكنّها تحيا بِلاَ ألْبابِ ) ( يَدْوِي حوالَيْها الزَّمانُ ، كأنَّما ** يدوي حوالَي جندلٍ وترابِ ) ( وإذا استجَابُوا للزمانِ تَنَاكروا ** وَتَرَاشَقُوا بالشَّوكِ والأحْصَابِ ) 4 ( وقضَوا على رُوح الأخوَّةِ بينهم ** جَهلاً وعاشُوا عِشيةَ الأَغرابِ ) 5 ( فرِحتْ بهم غولُ التّعاسةِ والفَنَا ** وَمَطَامِعُ السّلاَّب والغَلاّبِ ) 6 ( لُعَبٌ ، تُحرِّكُها المَطامعُ ، واللّهى ** وصَغائِرُ الأحقادِ والآرابِ ) 7 ( وأرى نفوساً ، مِنْ دُخانٍ ، جامدٍ ** مَيْتٍ ، كأشباحٍ ، وراءَ ضَبَابِ ) 8 ( مَوتى ، نَسُوا شَوقَ الحياةِ وعزمَها ** وتحرَّوا كتحرُّكِ الأنصابِ ) 9 ( وخبَا بهمْ لَهَبُ الوجودِ ، فما بقُوا ** إلاَّ كمحترِقٍ من الأخشابِ )0 ( لا قلبَ يقتحمُ الحياةَ ، ولا حِجَىً ** يسمُو سُمُوَّ الطَّائر الجوَّابِ )
____________________
(1/14)
1( بلْ في اليرابِ المَيتِ ، في حَزن الثَّرى ** تنمو مَشَاعِرُهُمْ مع الأَعشابِ )( وتموتُ خاملةً ، كَزَهرٍ بائسٍ ** ينمو ويذبُل في ظَلامِ الغَابِ )( أبداً تُحدِّقُ في التراب . . ، ولا تَرَى ** نورَ السماءِ . . ، فروحُها كتُرابِ . . ! )4 ( الشَّاعرُ الموهوبُ يَهْرِق فنَّه ** هدراً على الأَقْدامِ والأَعْتابِ )5 ( ويعيشُ في كونٍ ، عقيمٍ ، ميِّتٍ ** قَدْ شيَّدتْهُ غباوةُ الأَحقَابِ )6 ( والعاِلِمُ النِّحريرُ يُنفقُ عُمره ** في فهمِ ألفاظٍ ، ودرسٍ كيابٍ )7 ( يَحيا على رِمَمِ القديم المُجتَوَى ** كالدُّود في حِمَمِ الرَّماد الخابي )8 ( والشَّعبُ بينهما قطيعٌ ، ضَائعٌ ** دُنياه دنيا مأكلٍ وشرابِ )9 ( الوَيلُ للحسَّاسِ في دُنياهمُ ** ماذا يُلاقي من أَسَى ّ وعَذِابِ ! )
____________________
(1/15)
البحر : خفيف تام ( أيُّها الليلُ ! يا أَبَا البؤسِ والهَوْ ** لِ ، ! ياهيكلَ الحَياةِ الرَّهيبِ ! ) ( فِيكَ تَجْثُو عرائسُ الأَمَلِ العذْ ** بِ ، تُصلَّي بصَوتِها المحبوبَ ) ( فَيُثيرُ النَّشِيدُ ذكرى حياةٍ ** حَجَبَتها غيومُ دَهر كَئيبِ ) 4 ( وَتَرُفُّ الشُّجونُ مِنْ حول قلبي ** بسُكُونٍ ، وَهَيْبَةٍ ، وَقُطُوبِ ) 5 ( أنتَ ياليلُ ! ذرَّةٌ ، صعدت للكونِ ، ** من موطئ الجحيمِ الغَضوبِ ) 6 ( أيُّها الليلُ ! أنت نَغْمٌ شَجِيُّ ** في شفاهِ الدُّهورِ ، بين النَّحيبِ ) 7 ( إنَّ أُنشودة السُّكُونِ ، التي ترتجّ ** في صدرك الرّكود ، الرحيب ) 8 ( تُسْمِعُ النَّفْسَ ، في هدوء الأماني ** رنةَ الحقَّ ، والجمال الخلوبِ ) 9 ( فَتَصوغُ القلوبُ ، منها أَغَارِيداً ، ** تَهُزُّ الحياةَ هَزَّ الخُطُوبِ )0 ( تتلوّى الحياةُ ، مِنْ أَلَم البؤْ ** فتبكي ، بلوعوٍ ونحيبِ )
____________________
(1/16)
1( وَعَلى مَسْمَعيكَ ، تَنْهلُّ نوحاً ** وعويلاً مُراً ، شجون القلوبِ )( فأرى بُرقعاً شفيفاً ، من الأو ** جاع ، يُلقي عليك شجوَ الكئيبِ )( وأرى في السُّكون أجنحة الجبَّ ** بارِ ، مخلصةً بدمعِ القُلوبِ )4 ( فَلَكَ اللَّهُ ! مِنْ فؤادٍ رَحيمٍ ** ولكَ الله ! من فؤادٍ كئيب )5 ( يهجع الكونُ ، في مابيبةِ العصفور ** طفلاً ، بصدركَ الغربيب )6 ( وبأحضانك الرحيمةِ يستيقظُ ، في ** نضرة الضَّحُوكِ ، الطَّرُوبِ )7 ( شَادياً ، كالطُّيوبِ بالأَملِ العَذْ ** بِ ، جميلاً ، كَبَهْجَةِ الشُّؤْبُوبِ )8 ( ياظلام الحياة ! يا روعة الحزنِ ! ** ن ! وَيَا مِعْزَفَ التَّعِيس الغَرِيبِ )0 ( وبقيثارة السّكنة ، في كفَّي ** )( فَيكَ تنمُو زَنَابِقُ الحُلُمِ العذْ ، ** بِ ، وتذوِي لدَى لهيبِ الخُطوبِ )
____________________
(1/17)
2( أَمْ قُلُوبٌ مُحِطَّاتٌ عَلَى سَا ** بُ ظِلالُ الدُّهورِ ، ذَاتَ قُطوبِ )( لبناتِ الشعر . . ، لكن قوَّضتهُ الحادثات ** )( وَبِفَوْديكَ ، فِي ضَفَائِرِكَ ** ودِ ، تدَّب الأيامُ أيَّ دَبيبِ )4 ( صَاحِ ! إنَّ الحياةَ أنشودةُ الحُزْ ** نِ ، فرتِّلْ عَلَى الحياةِ نَحِيبي )5 ( إنَّ كأسَ الحياةِ مُتْرَعَةٌ بالذَّمْ ** مْعِ ، فاسْكُبْ على الصَّبَاحِ حَبيبي )6 ( إنّ وادِي الظَّلامِ يَطْفَحُ بالهَوْ ** لِ ، فما أبعد ابتسام القلوبِ ! )7 ( لا يُغرّنَّك ابتسامُ بني الأر ** ضِ فَخَلْفَ الشُّعاعِ لَذْعُ اللَّهِيبِ )8 ( أنتَ تدري أنَّ الحياةَ قطو ** بٌ وَخُطُوبٌ ، فَما حَيَاةُ القُطُوبِ ؟ )9 ( إنّ في غيبةِ الليالي ، تِباعاً ** لخَطيبٌ يمرُّ إثر خطوبِ )0 ( سَدَّدَتْ في سكينةِ الكونِ ، للأعما ** قِ ، نفْسي لخطأ بعيدَ الرُّسوبِ )
____________________
(1/18)
3( نَظْرةٌ مَزَّقَتْ شِغَافَ اللَّيالي ** لي فرأتْ مهجةَ الظْلام الهيوبِ )( ورأتْ في صميمِها ، لوعةَ الحزْ ** نِ ، وأَصْغَتْ إلى صُراخِ القُلُوبِ )( لا تُحاوِلْ أنْ تنكرَ الشَّجْوَ ، إنّي ** قد خبرتُ الحياةَ خُبرَ لبيبِ )4 ( فتبرمتُ بالسّكينة والضجّ ** ة ، بل فد كرهتُ فيها نصيبي . . . )5 ( كنْ كما شاءَت السماءُ كئيباً ** أيُّ شيءٍ يَسُرُّ نفسَ الأَريبِ ؟ )6 ( أنفوسٌ تموتُ ، شاخِصَةً بالهو ** لِ ، في ظلمةِ القُنوطِ العَصيبِ ؟ )7 ( حلِ لُجِّ الأَسَى ، ** جِّ الأَسى ، بموْجِ الخُطوبِ ؟ )8 ( إنما النّاسُ في الحياة طيورٌ ** قد رَمَاهَا القَضَا بِوادٍ رَهِيبِ )9 ( يَعْصُفُ الهولُ في جَوَانبه السو ** دِ فيقْضي على صَدَى العندليبِ ) 40 ( قَدْ سَألتُ الحياةَ عَنْ نغمةِ الفَجْ ** رِ ، وَعَنْ وَجْمة المساءِ القَطُوبِ )
____________________
(1/19)
4( فسمعتُ الحياةَ ، في هيكلِ الأحزا ** نِ ، تشدو بِلَحْنِها المحبوبِ : ) 4( مَا سُكوتُ السَّماءِ إلا وُجُومٌ ** مَا نشيدُ الصَّبَاحِ غيرُ نحيبِ ) 4( لَيْسَ في الدَّهْرِ طَائرٌ يتغنّى ** في ضِفَافِ الحياةِ غَيْرَ كَئيبِ ) 44 ( خضَّبَ الإكتئابُ أجنحةَ الأيّا ** مِ ، بِالدَّمْعِ ، والدَّم المَسْكُوب ) 45 ( وَعَجيبٌ أنْ يفرحَ النّاسُ في كَهْ ** فِ اللَّيالي ، بِحُزْنِهَا المَشْبُوبِ ! ) ) 46 ( كنتُ أَرْنو إلى الحياةِ بِلَحْظٍ ** باسمٍ ، والرّجاءُ دونَ لغوبِ ) 47 ( ذَاكَ عَهْدٌ حَسِبْتُهُ بَسْمَةَ ال ** فَجْر ، ولكنَّه شُعاع الغُروبِ ) 48 ( ذَاكَ عَهْدٌ ، كَأَنَّه رَنَّةُ الأفرا ** ح ، تَنْسَابُ منْ فَمِ العَنْدَليبِ ) 49 ( خُفِّفَتْ رَيْثَما أَصَخْتُ لَهَا بالقَلْ ** بِ ، حيناً وَبُدِّلَتْ بَنَحيبِ ) 50 ( إن خمر الحياة ورديةُ اللونِ ** ولكنَّها سِمامُ القُلوبِ )
____________________
(1/20)
5( جرفتْ من قرارةِ القلبِ أحْلا ** مي ، إلى اللَّحْدَ ، جَائِراتُ الخُطُوبِ ) 5( فَتَلاشَتْ عَلَى تُخُومِ الليالي ** وتهاوَت إلى الجحيم الغضوبِ ) 5( وسوى في دُجنّة النّفس ، ومضٌ ** لم يزل بين جيئَةٍ ، وذُهوبِ ) 54 ( ذكرياتٌ تميسُ في ظلمةُ النَّف ** سِ ، ضئالاً كرائعاتِ المشيبِ ) 55 ( يَا لِقَلْبٍ تَجَرّعَ اللَّوعةَ المُرَّ ** ةَ منْ جدولِ الزَّمانِ الرَّهيبِ ! ) 56 ( وَمَضَتْ في صَمِيمِهِ شُعْلَةُ الحُزْ ** ن ، فَعَشَّتْهُ مِنْ شُعَاعِ اللَّهيبِ . . )
____________________
(1/21)
البحر : طويل ( ضحِكْنا على الماضي البعيدِ ، وفي غدٍ ** ستجعلُنا الأيامُ أضحوكةَ الآتي ) ( وتلكَ هِيَ الدُّنيا ، رِوَايَةُ ساحرٍ ** عظيمٍ ، غريب الفّن ، مبدعِ آياتِ ) ( يمثلها الأحياءُ في مسرح الأسى ** ووسط ضبابِ الهّم ، تمثيلَ أمواتِ ) 4 ( ليشهدَ مَنْ خَلْفَ الضَّبابِ فصولَها ** وَيَضْحَكَ منها مَنْ يمثِّلُ ما ياتي ) 5 ( وكلٌّ يؤدِّي دَوْرَهُ . . ، وهو ضَاحكٌ ** على الغيرِ ، مُضْحُوكٌ على دوره العاتي )
____________________
(1/22)
البحر : خفيف تام ( لَسْتُ أبْكي لِعَسْفِ لَيْلٍ طَويلٍ ، ** أَوْ لِربعٍ غَدَا العَفَاءُ مَرَاحهْ ) ( إنَّما عَبْرَتِي لِخَطْبٍ ثَقِيلٍ ، ** قد عَرانا ، ولم نجد من أزاحهُ ) ( كلّما قامَ في البلادِ خطيبٌ ، ** مُوقِظٌ شَعْبَهُ يُرِيدُ صَلاَحَهْ ) 5 ( ألبسُ روحَهُ قميصَ اضطهادٍ ** فاتكٍ شائكٍ يردُّ جِماحَهْ ) 6 ( وتوخَّوْاطرائقَ العَسف الإِرْ ** هَاقِ تَوًّا ، وَمَا تَوَخَّوا سَمَاحَهْ ) 7 ( هكذا المخلصون في كلِّ صوبٍ ** رَشَقَاتُ الرَّدَى إليهم مُتَاحَهْ ) 8 ( غيرَ أنَّا تناوبتنا الرَّزايا ** واستباحَتْ حَمانا أيَّ استباحَهْ ) 9 ( أَنَا يَا تُوْنُسَ الجَمِيلَةَ فِي لُجِّ ** الهَوى قَدْ سَبَحْتُ أَيَّ سِبَاحَهْ )0 ( شِرْعَتي حُبُّكِ العَمِيقُ وإنِّي ** قَدْ تَذَوَّقْتُ مُرَّهُ وَقَرَاحَهْ )( لستُ أنصاعُ للوَّاحي ولو م ** تُّ وقامتْ على شبابي المناحَة ْ )
____________________
(1/23)
1( لا أبالي . . , وإنْ أُريقتْ دِمائي ** فَدِمَاءُ العُشَّاق دَوْماً مُبَاحَهْ )( وبطولِ المَدى تُريكَ الليالي ** صَادِقَ الحِبِّ وَالوَلاَ وَسَجاحَهْ )4 ( إنَّ ذا عَصْرُ ظُلْمَةٍ غَيْرَ أنِّي ** مِنْ وَرَاءِ الظَّلاَمِ شِمْتُ صَبَاحَهْ )5 ( ضَيَّعَ الدَّهْرُ مَجْدَ شَعْبِي وَلكِنْ ** سَتَرُدُّ الحَيَاةُ يَوماً وِشَاحَهْ )
____________________
(1/24)
البحر : خفيف تام ( يا عذارى الجمال ، والحبِّ ، والأحلامِ ، ** بَلْ يَا بَهَاءَ هذا الوُجُودِ ) ( قد رأَيْنا الشُّعُورَ مُنْسَدِلاتٍ ** كلّلَتْ حُسْنَها صباحُ الورودِ ) ( ورَأينا الجفونَ تَبْسِمُ . . ، أو تَحْلُمُ ** بالنُّورِ ، بالهوى ، بِالنّشيدِ ) 4 ( وَرَأينا الخُدودَ ، ضرّجَها السِّحْرُ ، ** فآهاً مِنْ سِحْرِ تلكَ الخُدود ) 5 ( ورأينا الشِّفاه تبسمُ عن دنيا ** من الورد غضّةٍ أملُود ) 6 ( ورأينا النُّهودَ تَهْتَزُّ ، كالأزهارِ ** في نشوة الشباب السعيدِ ) 7 ( فتنةٌ ، توقظ الغرام ، وتذكيه ** وَلكنْ مَاذا وراءَ النُّهُودِ ) 8 ( ما الذي خلف سحرها الحالي ، السكران ، ** في ذلك القرارِ البعيدِ . . ؟ ) 9 ( أنفوسٌ جميلةٌ ، كطيور الغابِ ** تشدوُ بساحر التغريدِ )0 ( طاهراتٌ ، كأَنَّها أَرَجُ الأَزَهارِ ** في مَوْلِدِ الرّبيعِ الجَديد ؟ )
____________________
(1/25)
1( وقلوبٌ مُضيئةٌ ، كنجوم الليل ** ضَوَاعةٌ ، كغضِّ الورودِ ؟ )( أم ظلامٌ ، كأنهُ قِطَعُ الليل ، ** وهولٌ يُشيبُ قلبَ الوليدِ )( وخِضَمُّ ، يَمُوج بالإثْمِ والنُّكْ ** رِ ، والشَّرِّ ، والظِّلالِ المَديدِ ؟ )4 ( لستُ أدري ، فرُبّ زهرٍ شذيِّ ** قاتل رغمَ حسنه المشهودِ )5 ( صانَكنَّ الإلهُ من ظُلمةِ الرّوحِ ** وَمِنْ ضَلّة الضّميرِ المُرِيدِ )6 ( إن ليلَ النّفوسِ ليلٌ مُريِعٌ ** سرمديُّ الأسى ، شنيع الخلودِ )7 ( يرزَحُ القَلْبُ فيه بالأَلَم المرّ ، ** ويشقي بعِيشة المنكودِ )8 ( وَربيعُ الشَّبابِ يُذبِلُهُ الدُّهْرُ ، ** ويمضي بِحُسْنِهِ المَعْبُودِ )9 ( غيرَ باقٍ في الكونِ إلا جمالُ ** الرُّوح غضًّا على الزَّمانِ الأَبيدِ )
____________________
(1/26)
البحر : - ( يا عذارى الجمالِ ، والحبِ ، والأحلام ، ** بَلْ يا بَهَاءَ هذا الوجودِ ! ) ( خلق البلبل الجميل ليشدوا ** وَخُلِقْتُنَّ للغرامِ السَّعيدِ ) ( والوُجودُ الرحيبُ كالقَبْرِ ، لولا ** ما تُجَلِّينَ مِنْ قُطوبِ الوُجودِ ) 4 ( والحياةُ التي تخرُّ لها الأحلامُ ** موتٌ مثقَّلٌ بالقيودِ . . . ) 5 ( والشبابُ الحبيبُ شيخوخةٌ تسعى ** إلى الموت في طريق كؤودِ . . . ) 6 ( والربيعُ الجميلُ في هاتِه الدُنيا ** خريفٌ يُذْوِي رفيفَ الوُرودِ . . ) 7 ( والورودُ العِذابُ في ضيفَّة الجدولِ ** شوكٌ ، مُصفَّحٌ بالحديدِ . . . ) 8 ( والطُّيورُ التي تُغَنِّي ، وتقضي ** عَيشَها في ترنّمُ وغريدِ ؟ ) 9 ( إنَّها في الوجودِ تشكو إلى الأيّام ** عِبءَ الحَياةِ بالتَّغْريدِ . . )0 ( والأَنَاشِيدُ ؟ إنَّها شَهَقَاتٌ ** تتشظَّى من كل قلبِ عميدِ . . . )
____________________
(1/27)
1( صورةٌ للوجودِ شوهاءُ ، لولا ** شفَقُ الحسن فوق تلك الخدودِ )( يا زهورَ الحياةِ للحبّ أنتنَّ ** ولكنَّهُ مخيفُ الورودِ )( فَسَبِيلُ الغرامِ جَمُّ المهاوي ** )4 ( رغمَ ما فيه من جمالٍ ، وفنٍّ ** عبقريُّ ، ما أن له من مزيدِ )5 ( وَأناشيدَ ، تُسْكِرُ الملأَ الأعلى ، ** وتُشْجِي جوانِحَ الجلمودِ )6 ( وأريجٍ ، يَكَادُ يَذْهَبُ بالألباب ** ما بين غَامضٍ وَشَديدِ )7 ( وسبيل الحياة رحبٌ ، ولأننتنَّ ** اللواتي تَفْرُشْنَهُ بالوُرودِ )8 ( إنْ أردتُنَّ أن يكونَ بهيجاً ** رَائعَ السِّحْر ، ذَا جمالٍ فريدِ )9 ( أو بشوكٍ يدميّ الفضيلةَ والحبَّ ** ويقضي على بهاءِ الوُجودِ )0 ( إنْ أردتُنّ أنْ يكونَ شنيعاً ، ** مُظْلِمَ الأُفْقِ ميِّتَ التَّغريدِ )
____________________
(1/28)
البحر : رمل تام ( كلُّ ما هبَّ ، وما دبَّ ، وما ** نامَ ، أو حامَ على هذا الوجود ) ( مِنْ طيورٍ ، وَزُهورٍ ، وشذًى ** وينابيعَ . وأغصانٍ تَميدْ ) ( وبحارٍ ، وكهوفٍ ، وذُرًى ** وبراكينَ ، ووديانٍ ، وبيدْ ) 4 ( وضياءٍ ، وظِلالٍ ودجى ، ** وفصولٍ ، وغيولٍ ، ورعودْ ) 5 ( وثلوجٍ ، وضباب عابرٍ ، ** وأعاصيرَ وأمطارٍ تجودْ ) 6 ( وتعاليمَ ، وَدِينٍ ، ورؤى ** وأحاسيسَ ، وَصَمْتٍ ، ونشيدْ ) 7 ( كلُّها تحيْا ، بقلبي حرَّةً ** غَضةَ السّحر ، كأطفال الخلودْ ) 8 ( ههُنا ، في قلبيَ الرحْبِ ، العميقْ ** يرقُصُ الموتُ وأطيافُ الوجودْ ) 9 ( ههُنا ، تَعْصِفُ أهوالُ الدُّجى ** ههنا ، تخفُقُ أحلامُ الورودْ )0 ( ههنا ، تهتُفُ أصداءُ الفَنا ** ههنا ، تُعزَفُ ألحانُ الخلودْ )
____________________
(1/29)
1( ههنا ، تَمْشي الأَماني والهوى ** والأسى ، في موكبٍ فخمِ النشيد )( ههنا الفجْرُ الذي لا ينتهي ** ههنا اللَّيلُ الذي ليسَ يَبيدْ )( ههنا ، ألفُ خِضَمٍّ ، ثَائرٍ ** خالدِ الثَّورةِ ، مجهولِ الحُدودْ )4 ( ههنا ، في كلِّ آنٍ تَمَّحي ** صُوَرُ الدُّنيا ، وتبدو من جَديدْ )
____________________
(1/30)
البحر : خفيف تام ( ليتَ لي أن أعيشَ هذهِ الدنيّا ** سَعيداً بِوَحْدتي وانفرادي ) ( أَصرِفُ العْمْرَ في الجبالِ ، وفي الغاباتِ ** بينَ الصنوبّر الميّادِ ) ( ليس لي من شواغل العيش ما يصرفُ ** نفسي عن استماعِ فؤادي ) 4 ( أرقبُ الموتَ ، والحياةَ وأصغي ** لحديثِ الآزال والآبادِ ) 5 ( وأغنيّ مع البلاد البلابل في الغابِ ، ** وأصغيِ إلى خرير الوادي ) 6 ( وَأُناجي النُّومَ والفجرَ ، والأَطيارَ ** والنّهرَ ، والضّياءَ الهادي ) 7 ( عيشةً للجمالِ ، والفنِ ، أبغيها ** بعيداً عَنْ أمتَّي وبلادي ) 8 ( لا أغنِّي نفسي بأحزانيِ شعبي ** فهو حيٌّ يعيشُ عيشَ الجمالِ ! ) 9 ( وبحسبي مِنَ الأسى ما بنفسي ** من طريفٍ مُسْتَحْدَثٍ وتِلادِ )0 ( وبعيداً عن المدينة ، والنّاس ، ** بعيداً عن لَغْوِ تلك النّوادي )
____________________
(1/31)
1( فهو من معدنِ السّخافة والإفك ** ومن ذلك الهُراء العادي )( أين هوَ من خريرِ ساقية الوادي ** وخفقِ الصدى ، وشدوِ الشادي )( وَحَفيفِ الغصونِ ، نمَّقها الطَّلُّ ** وَهَمْسِ النّسيمِ للأوْراد ؟ )4 ( هذهِ عِيشةٌ تقدِّسُها نفسي ** وأدعُو لمجدها وأنادي )
____________________
(1/32)
البحر : خفيف تام ( عذْبةٌ أنتِ كالطّفولةِ ، كالأحلامِ ** كاللّحنِ ، كالصباحِ الجديدِ ) ( كالسَّماء الضَّحُوكِ كالليلةِ القمراءِ ** كالورد ، كابتسام الوليدِ ) ( يا لها من وَداعةٍ وجمالٍ ** وشبابٍ مُنَعَّم أمْلُودِ ! ) 4 ( يا لها من طهارةٍ ، تبعثُ التقدي ** سَ في مهجة الشَّقيِّ العنيدِ ! . . ) 5 ( يالها رقَّةً تكادُ يَرفُّ الوَرْ ** دُ منها في الصخْرةِ الجُلْمُودِ ! ) 6 ( أيُّ شيء تُراكِ ؟ هلى أنتِ ' فينيسُ ' ** تَهادتْ بين الورى مِنْ جديدِ ) 7 ( لتُعيدَ الشَّبابَ والفرحَ المعسولَ ** للْعالم التعيسِ العميدِ ! ) 8 ( أم ملاكُ الفردوس جاء إلى الأر ** ضِ ليُحييِ روحَ السَّلامِ العهيدِ ! ) 9 ( أنتِ . . ، ما أنتِ ؟ أنتِ رسمٌ جميلٌ ** عبقريٌّ من فنِّ هذا الوجودِ )0 ( فيكِ ما فيه من غموضٍ وعُمقٍ ** وجمالٍ مُقَدِّسٍ معبودِ )
____________________
(1/33)
1( أنتِ . . ما أنتِ ؟ أنتِ فَجْرٌ من السّحرِ ** تجلّى لقلبيَ المعمودِ )( فأراه الحياةَ في مونِق الحسن ** وجلّى له خفايا الخلودِ )( أنتِ روحُ الرَّبيعِ ، تختالُ ف ** الدنيا فتهتزُّ رائعاتُ الورودِ )4 ( وتهبُّ الحياة سكرى من العِطْر ، ** ر ، ويدْوي الوجودُ بالتَّغْريدِ )5 ( كلما أبْصَرَتْكِ عينايَ تمشين ** بخطوٍ موقَّعٍ كالنشيدِ )6 ( خَفَقَ القلبُ للحياة ، ورفّ الزّه ** رُ في حقل عمريَ المجرودِ )7 ( وأنتشتْ روحي الكئيبةُ بالحبِّ ** وغنتْ كالبلبل الغرِّيدِ )8 ( أنتِ تُحِيينَ في فؤادي ما قد ** ماتَ في أمسي السعيدِ الفقيدِ )9 ( وَتُشِيدينَ في خرائبِ روحي ** ما تلاشى في عهديَ المجدودِ )0 ( من طموحِ إلى الجمالِ إلى الفنِّ ، ** إلى ذلك الفضاءِ البعيدِ )
____________________
(1/34)
2( وتَبُثِّين رقّةَ الشوق ، والأحلامِ ** والشّدوِ ، والهوى ، في نشيدي )( بعد أن عانقتُ كآبةُ أيَّامي ** فؤادي ، وألجمتْ تغريدي )( أنت أنشودةُ الأناشيد ، غناكِ ** إله الغناءِ ، ربُّ القصيدِ )4 ( فيكِ شبّ الشَّبابُ ، وشَّحهُ السِّحْرُ ** وشدوُ الهوى ، وَعِطْرُ الورودِ )5 ( وتراءى الجمالُ ، يَرْقُصَ رقصاً ** قُدُسيَّا ، على أغاني الوجودِ )6 ( وتهادتْ في لإُفْقِ روحِكِ أوْزانُ ** الأغَاني ، وَرِقّةُ التّغريدِ )7 ( فَتَمايلتِ في الوجود ، كلحنٍ ** عبقريِّ الخيالِ حلوِ النشيدِ : )8 ( خطواتٌ ، سكرانةُ بالأناشيد ، ** وصوتٌ ، كرجْع ناي بعيدِ )9 ( وَقوامٌ ، يَكَادُ يَنْطُقُ بالألحان ** في كلِّ وقفةٍ وقعودِ )0 ( كلُّ شيءٍ موقَعٌ فيكِ ، حتّى ** لَفْتَةُ الجيد ، واهتزازُ النهودِ )
____________________
(1/35)
3( أنتِ . . ، أنتِ الحياةُ ، في قدْسها ** السامى ، وفي سحرها الشجيِّ الفريدِ )( أنتِ . . ، أنتِ الحياةُ ، في رقَّةِ ** الفجر في رونق الرَّبيعِ الوليدِ )( أنتِ . . ، أنتِ الحياةً كلَّ أوانٍ ** في رُواءِ من الشباب جديدِ )4 ( أنتِ . . ، أنتِ الحياةُ فيكِ وفي عينَيْ ** وفي عيْنَيْكِ آياتُ سحرها الممدُودِ )5 ( أنتِ دنيا من الأناشيد والأحْلام ** والسِّحْرِ والخيال المديدِ )6 ( أنتِ فوقَ الخيال ، والشِّعرِ ، والفنِّ ** وفوْقَ النُّهَى وفوقَ الحُدودِ )7 ( أنتِ قُدْسي ، ومَعبدي ، وصباحي ، ** وربيعي ، ونَشْوَتِي ، وَخُلودي )8 ( يا ابنةَ النُّور ، إنّني أنا وَحْدي ** من رأى فيكِ رَوْعَةَ المَعْبُودِ )9 ( فدَعيني أعيشُ في ظِلّك العذْبِ ** وفي قرْب حُسْنك المشهودِ ) 40 ( عيشةً للجمال والفنّ والإلهام ** والطُّهرْ ، والسّنَى ، والسّجودِ )
____________________
(1/36)
4( عيشةَ النَّاسِكِ البُتولِ يُنَاجي الرّ ** بَّ في نشوَةِ الذُّهول الشديدِ ) 4( وامنَحيني السّلامَ والفرحَ الرّو ** حيَّ يا ضَوْءَ فجْريَ المنشودِ ) 4( وارحَميني ، فقدْ تهدَّمتُ في كو ** نٍ من اليأس والظلام مَشيدِ ) 44 ( أَنقذِيني من الأَسى ، فلقد أَمْسي ** أَمْسَيتُ لا أستطيعُ حملَ وجودي ) 45 ( في شِعَابِ الزَّمان والموت أمشي ** تحت عبءِ الحياة جَمَّ القيودِ ) 46 ( وأماشي الورَى ونفسيَ كالقبرِ ، ** رِ ، وقلبي كالعالم المهدودِ ) 47 ( ظُلْمَةٌ ، ما لها ختامٌ ، وهولٌ ** شائعٌ في شكونا الممدودِ ) 48 ( وإذا ما اسْتخفّني عَبَثُ النَّاس ** تبسَّمتُ في أسَىً وجُمُودِ ) 49 ( بسمةً مُرَّةً ، كأنِّيَ أستلُّ ** من الشَّوْك ذابلاتِ الورودِ ) 50 ( وانْفخي في مَشَاعِري مَرَحَ الدُّنيا ** وشُدِّي مِنْ عزميَ المجهودِ )
____________________
(1/37)
5( وابعثي في دمي الحَرارَة ، عَلَّي ** أتغنَّى مع المنى مِنْ جَديدِ ) 5( وأبثُّ الوُجودَ أنْغامَ قلبٍ ** بُلْبُليٍّ ، مُكَبَّلٍ بالحديدِ ) 5( فالصباحُ الجميلُ يُنعشُ بالدِّفءْ ** حياةَ المحطَّمِ المكدودِ ) 54 ( أَنقذيني ، فقد سئمتُ ظلامي ! ** أَنقذيني ، فقد مللتُ ركودي ) 55 ( آهِ يا زَهرتي الجميلةُ لو تَدْرِين ** ما جَدَّ في فؤادي الوَحِيدِ ) 56 ( في فؤادي الغريبِ تُخْلَقُ أكوانٌ ** من السحر ذات حسن فريد ) 57 ( وشموسٌ وضَّاءةٌ ونجومٌ ** تَنْثُرُ النُّورَ في فَضَاءٍ مديدِ ) 58 ( وربيعٌ كأنّه حُلُمُ الشّاعرِ ** في سَكرة الشّباب السعيدِ ) 59 ( ورياضٌ لا تعرف الحَلَك الدَّاجي ** ولا ثورةَ الخَريفِ العتيدِ ) 60 ( وَطُيورٌ سِحْرِيَّةٌ تتناغَى ** بأناشيدَ حلوةِ التغريدِ )
____________________
(1/38)
6( وقصورٌ كأَنَّها الشَّفَقُ المخضُوبُ ** أو طلعةُ الصباحِ الوليدِ ) 6( وغيومٌ رقيقة تَتَادَى ** كأَباديدَ من نُثَارِ الورودِ ) 6( وحياةٌ شعريَّةٌ هي عندي ** صورةٌ من حياةِ أهلِ الخلودِ ) 64 ( كلُّ هذا يشيدهُ سحرُ عينيكِ ** وإلهامُ حسْنكِ المعبودِ ) 65 ( وحرامٌ عليكِ أن تَهْدمي ما ** شَادهُ الحُسْنُ في الفؤاد العميدِ ) 66 ( وحرامٌ عليكِ أن تسْحَقي آم ** الَ نفسٍ تصْبو لعيشٍ رغيدِ ) 67 ( منكِ ترجو سَعَادَةً لم تجدْهَا ** في حياةِ الوَرَى وسحرِ الوجودِ ) 68 ( فالإلهُ العظيمُ لا يَرْجُمُ العَبْدَ ** إذا كانَ في جَلالِ السّجودِ )
____________________
(1/39)
البحر : خفيف تام ( في جِبال لهمومِ ، أننبتَّ أغصاني ، ** فَرَقّتْ بينَ الصُّخُورِ بِجُهْدِ ) ( وَتَغَشَّانيَ الضَّبَابُ . . ، فأورقتُ ** وأزهرتُ للعواضف ، وحْدي ) ( وتمايلتُ في الظَّلام ، وعطَّرتُ ** فضاءَ الأَسى بأنفاس وردي ) 4 ( وبمجد الحياةِ ، والشوقِ غّنَّيْتُ . . ، ** فلم تفهم الأعَاصيرُ قصدي ) 5 ( وَرَمَتْ للوهادِ أفنانيَ الخضْرَ ، ** وظلّتْ في الثَّلْجِ تحفر لَحْدِي ) 6 ( ومَضتْ بالشَّذى فَقُلْتُ : ( ستبني ** في مروجِ السّماءِ بالعِطْر مَجْدي ) ) 7 ( وَتَغَزَلْتُ بالرَّبيعِ ، وبالفجرِ ** فماذا ستفعلّ الرّيحُ بَعدِي ؟ )
____________________
(1/40)
البحر : خفيف تام ( أنتِ كالزهرةِ الجميلةِ في الغاب ، ** ولكنْ مَا بينَ شَوكٍ ، ودودِ ) ( والرياحينُ تَحْسَبُ الحسَكَ الشِّرِّيرَ ** والدُّودَ من صُنوفِ الورودِ ) ( فافهمي النَاسَ . . ، إنما النّاسُ خَلْقٌ ** مُفْسِدٌ في الوجودِ ، غيرُ رشيدِ ) 4 ( والسَّعيدُ السَّعيدُ من عاشَ كاللَّيل ** غريباً في أهلِ هَذا الوجودِ ) 5 ( وَدَعِيهِمْ يَحْيَوْنَ في ظُلْمةِ الإثْمِ ** وعِيشيي في ظهرك المحمودِ ) 6 ( كالملاك البريءِ ، كالوردة البيضاءَ ، ** كالموجِ ، في الخضمَّ البعيدَ ) 7 ( كأغاني الطُّيور ، كالشَّفَقِ السَّاحِرِ ** كالكوكبِ البعيدِ السّعيدِ ) 8 ( كَثلوجِ الجبال ، يغَمرها النورُ ** وَتَسمو على غُبارِ الصّعيدِ ) 9 ( أنتِ تحتَ السماء رُوحٌ جميلٌ ** صَاغَهُ اللَّهُ من عَبيرِ الوُرودِ )0 ( وبنو الأرض كالقرود ، وما أض ** أضْيَعَ عِطرَ الورودِ بين القرودِ ! )
____________________
(1/41)
1( أنتِ من ريشة الإله ، فلا تُلْقِ ** ي بفنِّ السّما لِجَهْلِ العبيدِ )( أنت لم تُخْلَقي ليقْربَكِ النَّاسُ ** ولكن لتُعبدي من بعيدِ . . . )
____________________
(1/42)
البحر : متقارب تام ( أَتَفنى ابتساماتُ تَلك الجفونِ ؟ ** ويخبو توهُّجُ تلكَ الخدودْ ) ( وتذوي وُرَيْداتُ تلك الشِّفاهِ ؟ ** وتهوِي إلى التُّرْبِ تلكَ النُّهودْ ؟ ) ( وينهدُّ ذاك القوامُ الرَّشيقُ ** وينحلُّ صَدْرٌ ، بديعٌ ، وَجِيدْ ) 4 ( وتربدُّ تلكَ الوحوهُ الصًّباحُ ** وكلٌّ إذا ما سألنا الحياة ) 5 ( ويغبرُّ فرعٌ كجنْحِ الظَّلامِ ** أنيقُ الغدائر ، جعدٌ ، مديدْ ) 6 ( ويُصبحُ في ظُلُماتِ القبورِ ** هباءً ، حقيراً ، وتُرْباً ، زهيدْ ) 7 ( وينجابُ سِحْرُ الغَرامِ القويِّ ** وسُكرُ الشَّبابِ ، الغريرِ ، السّعيدْ ) 8 ( أتُطوَى سماواتُ هذا الوجودِ ؟ ** ويذهبُ هذا الفَضاءُ البعيدْ ؟ ) 9 ( وتَهلِكُ تلكَ النُّجومُ القُدامى ؟ ** ويهرمُ هذا الزّمانُ العَهيدْ ؟ )0 ( ويقضِي صَباحُ الحياةِ البديعُ ؟ ** وليلُ الوجودِ ، الرّهيبُ ، العَتيدْ ؟ )
____________________
(1/43)
1( وشمسٌ توشِّي رداءَ الغمامِ ؟ ** وبدرٌ يضيءُ ، وغَيمٌ يجودْ ؟ )( وضوءٌ ، يُرَصِّع موجَ الغديرِ ؟ ** وسِحْرٌ ، يطرِّزُ تلكَ البُرودْ ؟ )( جليلاً ، رهيباً ، غريباً ، وَحيدْ ** يضجُّ ، ويدوي دويَّ الرّعودْ ؟ )4 ( وريحٌ ، تمرُّ مرورَ المَلاكِ ، ** وتخطو إلى الغاب خَطَوَ الوليدْ ؟ )5 ( وعاصفةٌ من بناتِ الجحيم ، ** كأنَّ صداها زئير الأسودْ )6 ( تَعجُّ ، فَتَدْوِي حنايا الجبال ** وتمشي ، فتهوي صُخورُ النُّجودْ ؟ )7 ( وطيرٌ ، تغنِّي خِلالَ الغُصونِ ، ** وتهتف ُللفجر بين الورود ؟ )8 ( وزهرٌ ، ينمِّقُ تلك التلال ** وَيَنْهَل من كلِّ ضَوءٍ جَدِيدْ ؟ )9 ( ويعبَقُ منه أريجُ الغَرامِ ** ونفحُ الشباب ، الحَييّ ، السعيد )0 ( أيسطو على الكُلِّ ليلُ الفَناءِ ** ليلهُو بها الموتُ خَلْفَ الوجودْ . . )
____________________
(1/44)
2( وَيَنْثُرَهَا في الفراغِ المُخِيفِ ** كما تنثرُ الوردَ ريحٌ شَرود )( فينضبُ يمُّ الحياةِ ، الخضيمُّ ** ويَخمدُ روحُ الربيع ، الولود )( فلا يلثمُ النُّورُ سِحْرَ الخُدودِ ** ولا تُنبِتُ الأرضُ غضَّ الورود )4 ( كبيرٌ على النَّفسِ هذا العَفَاءُ ! ** وصعبٌ على القلب هذا الهموذ ! )5 ( وماذا على الَقدَر المستمرِّ ** لو استمرَأَ الّناسُ طعمَ الخلود )6 ( ولم يُخْفَروا بالخرابِ المحيط ** ولم يفُجعَوا في الحبيبِ الودود )7 ( ولم يَسلكوا للخلمودِ المرجَّى ** سبيلَ الرّدى ، وظَلامَ اللّحودْ )8 ( فَدَامَ الشَّبابُ ، وَسِحْرُ الغرامِ ، ** وفنُّ الربيعِ ، ولطفُ الورُودْ )9 ( وعاش الورى في سَلامٍ ، أمينٍ ** وعيشٍ ، غضيرٍ ، رخيٍّ ، رَغيد ؟ )0 ( ولكنْ هو القَدَرُ المستبدُّ ** يَلَذُّ له نوْحُنا ، كالنّشيد )
____________________
(1/45)
البحر : متقارب تام ( تَبَرَّمْتَ بالعيشِ خوفَ الفناءِ ** ولو دُمْتَ حيَّا سَئمتَ الخلودْ ) ( وَعِشْتَ على الأرضِ مثل الجبال ** جليلاً ، غريباً ، وَحيد ) ( فَلَمْ تَرتشفْ من رُضابِ الحياة ** ولم تصطبحْ منْ رحيقِ الوُجود ) 4 ( ولم تدرِ ما فتنةُ الكائناتِ ** وما سحْرُ ذاكَ الربيعِ الوَليد ) 5 ( وما نشوةُ الحبّ عندَ المحبِّ ** وما صرخةُ القلبِ عندَ الصّدودْ ) 6 ( ولم تفتكرْ بالغدِ المسترابِ ** ولم تحتفل بالمرامِ البعيدْ ) 7 ( وماذا يُرجِّي ربيبُ الخلودِ ** من الكون - وهو المقيمُ العهيد - ؟ ) 8 ( وماذا يودُّ وماذا يخافُ ** من الكونِ - وهو المقيمُ الأبيد - ؟ ) 9 ( تأمَّلْ . . ، فإنّ نِظامَ الحياةِ ** نظامُ ، دقيقٌ ، بديعٌ ، فريد )0 ( فما حبَّبَ العيشَ إلاّ الفناءُ ** ولا زانَهُ غيرُ خوْفِ اللحُود )
____________________
(1/46)
1( ولولا شقاءُ الحياةِ الأليمِ ** لما أدركَ النَّاسُ معنى السُّعودْ )( ومن لم يرُعْه قطوبُ الديَاجيرِ ** لَمْ يغتبطْ بالصّباح الجديدْ )
____________________
(1/47)
البحر : متقارب تام ( إذا لم يكنْ من لقاءِ المنايا ** مناصٌ لمن حلَّ هذا الوجودْ ) ( فأيُّ غَناءٍ لهذي الحياة ** وهذا الصراعِ ، العنيفِ ، الّشديد ) ( وذاك الجمال الذي لا يُملُّ ** وتلك الأغاني ، وذاكَ الّنشيد ) 4 ( وهذا الظلامِ ، وذاك الضياءِ ** وتلكَ النّجومِ ، وهذا الصَّعيد ) 5 ( لماذا نمرّ بوادِي الزمان ** سِراعاً ، ولكنّنا لا نَعُود ؟ ) 6 ( فنشرب من كلّ نبع شراباً ** ومنهُ الرفيعُ ، ومنه الزَّهيد ؟ ) 7 ( ومنه اللذيذُ ، ومنه الكريهُ ، ** ومنه المُشيدُ ، ومنه الُمبيد ) 8 ( وَنَحْمِلُ عبْئاً من الذّكرياتِ ** وتلكَ العهودَ التي لا تَعود ) 9 ( ونشهدُ أشكالَ هذي الوجوهِ ** وفيها الشَّقيُّ ، وفيها السَّعيدْ )0 ( وفيها البَديعُ ، وفيها الشنيعُ ، ** وفيها الوديعُ ، وفيها العنيدْ )
____________________
(1/48)
1( فيصبحُ منها الوليُّ ، الحميمُ ، ** ويصبحُ منها العدوُّ ، الحقُودْ )( ** غريبٌ لعَمْري بهذا الوجودْ )( أتيناه من عالمٍ ، لا نراه ** فُرادى ، فما شأنُ هذي الحقُودْ ؟ )4 ( وما شأنُ هذا العَدَاءِ العنيفِ ؟ ** وما شأنُ هذا الإخاءِ الوَدودْ ؟ )
____________________
(1/49)
البحر : متقارب تام ( خلقنا لنبلغَ شَأوَ الكمالِ ** وَنُصبحَ أهلاً لمجدِ الخُلُودْ ) ( وتطهرُ أرواحنا في الحياة ** بنار الأسى . . . . . . ) ( وَنَكْسَبَ من عَثَراتِ الطَّريقِ ** قُوىً ، لا تُهُدُّ بدأبِ الصّعود ) 4 ( ومجداً ، يكون لنا في الخلود ** أكاليلَ من رائعاتِ الورود )
____________________
(1/50)
البحر : - ( ' خُلقنا لنبلغَ شأوَ الكمال ** ونُصبحَ أهلاً لمجدِ الخلودْ ) )
____________________
(1/51)
البحر : متقارب تام ( ولكن إذا ما لَبسنا الخلودَ ** وَنِلنا كمالَ النُّفوسِ البعيدْ ) ( فهل لا نَمَلُّ دوامَ البقاء ؟ ** وهل لا نَوَدُّ كمالا جديد ) ( وكيف يكوننَّ هذا ' الكمالُ ' : ** ماذا تراه ؟ وكيف الحدود ) 4 ( وإنّ جمالَ ( الكمال ) ( الطُّموحُ ) وما دامَ ( فكراً ) يُرَى من بعيدْ ) 5 ( فما سِحْرُهُ إنْ غدا ( واقعاً ) يُحَسُّ ، وأصبحَ شيئاً شهيدْ ؟ ) 6 ( وهل ينطفي في النفوس الحنينُ ** وتصبحُ أشواقُنا في خُمودْ ) 7 ( فلا تطمحُ النَّفْسُ فوقَ الكمالِ ** ) 8 ( إذا لم يَزُل شوْقُها في الخلودِ ** فذاكَ لعمري شقاءُ الجدود )
____________________
(1/52)
9 ( وحربٌ ، ضروسٌ ، _ كاقد عهدتُ _ ** وَنَصْرٌ ، وكسرٌ وهمُّ مديدْ )0 ( وإن زال عنُها فذاك الفَناءُ ** وإن كانَ في عَرَصات الخُلود )
____________________
(1/53)
البحر : خفيف تام ( أنتَ يا شعرُ ، فلذةٌ من فؤادي ** تتغنَّى ، وقطعةُ من وجودي ) ( فيكَ مَا في جوانحي مِنْ حَنينٍ ** أبديِّ إلى صَميم الوجودِ ) ( فيكَ مَا في خواطري من بكاءٍ ** فيك ما في عواطفي مِنْ نَشيدِ ) 4 ( فيكَ ما في مَشَاعري مِنْ وُجومٍ ** لا يغنِّي ، ومن سرور عهيدِ ) 5 ( فيكَ ما في عَوَالمي مِنْ ظلامٍ ** سرمديّ ، ومن صباحٍ وليدِ ) 6 ( فيكَ ما في عَوَالمي من نجومٍ ** ضاحكاتٍ خلف الغمام الشرودِ ) 7 ( فيكَ ما في عَوَالمي من ضَبَابِ ** وسراب ، ويقظة ، وهجودِ ) 8 ( فيكَ ما في طفولتي مِنْ سلامٍ ، ** وابتسامٍ ، وغبطةٍ ، وَسُعودِ ) 9 ( فيكَ ما في شبيتي من حنينٍ ، ** وشجون ، وبهجة ، وجمودِ )0 ( فيك - إن عانق الربيع فؤادي ** تتثنَّى سَنَابلي وَوُرُودي )
____________________
(1/54)
1( ويغنى الصّباحُ أنشودةَ الحب ، ** على مَسْمَعِ الشَّبابِ السَّعيدِ )( ثم أجنى في صيْف أحلاميَ ** الساحر ما لذَّ من ثمار الخلودِ )( فيك يبدو خريفُ نفسي مَلُولاً ، ** شاحبَ اللون ، عاريَ الأملود )4 ( حَلَّلْته الحَياةُ بالحَزَنِ الدّا ** هُتافُ السَّؤُوم والمُسْتَعيدِ )5 ( فيك يمشي شتاءُ أيَّاميَ البا ** كي ، وتُرغي صَوَاعقي وَرُعُودي )6 ( وتجفُّ الزهورُ في قلبيَ الدا ** جي ، وَتَهْوي إلى قرارٍ بعيدِ . )7 ( أنت يا شعرُ - قصةٌ عن حَياتي ** أنت يا شعرُ صورةٌ من وجودي )8 ( أنت يا شعر - إن فرحتُ - أغاريدي ** وإن غنَّت الكآبة - عودي )9 ( أنت ياشعرُ كأسُ خمرٍ عجيبٍ ** أتلَّهى به خلال اللحودِ . . )0 ( أتحسَّاهُ في الصَّباحِ ، لأنسى ** ما تقضَّى في أمسيَ المفقودِ )
____________________
(1/55)
2( وأناجيه في المساءِ ، لِيُلْهِيَني ** )( أنتَ ما نِلْتُ من كهوفِ الليالي ** وتصفَّحتُ من كتاب الخلودِ )4 ( فيك ما في الوجودِ مِنْ حَلَكٍ ، دا ** جٍ ، وما فيه من ضياءٍ ، بَعيدِ )5 ( فيك ما في الوجودِ من نَغَمٍ ، ** حُلْوٍ ، وما فيه مِن ضَجيجٍ ، شَديدِ )6 ( فيك ما في الوجودِ مِنْ جَبَلٍ ، ** وعْرٍ ، وما فيه من حَضِيضٍ ، وَهِيدِ )7 ( فيك ما في الوجودِ من حَسَكٍ ، ** يُدْمِي ، وما فيه من غَضيضِ الورودِ )
____________________
(1/56)
البحر : طويل ( يودُّ الفَتَى لو خاضَ عاصفةَ الرّدى ** وصدَّ الخميسَ المَجْرَ ، والأسَدَ الوَرْدَا ) ( لِيُدْرِكَ أمجادَ الحُروبِ ، وَلَوْ دَرى ** حَقِيقَتَها مَا رام مِنْ بيْنها مَجْدا ) ( فَما المجدُ في أنْ تُسْكِرَ الأرضَ بالدِّما ** وتركَبَ في هيجائها فرَساً نهْدَا ) 4 ( ولكنّه في أن تَصُدَّ بهمَّةٍ ** عن العالَمِ المرزوءِ ، فيْضَ الأسى صدَّا )
____________________
(1/57)
البحر : متقارب تام ( إذا الشعبُ يوماً أراد الحياة ** فلا بدَّ أن يسجيبَ القدرْ ) ( وفي ليلةٍ من ليالي الخريفِ ** ويدفنها السيّلُ ، أنَّى عَبَرْ ) ) ( ومن لم يعانقه شوقُ الحياة ** تبخَّرَ في جوِّها ، واندثر ) 4 ( ْفويلٌ لمن لم تَشقُهُ الحياةُ ** منْ لعنةِ العَدَمِ المنتصرْ ! ) ) 5 ( كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ ** وحدَّثَنِي رُوحُهَا المُستَتِرْ ) 6 ( وَدَمْدَمَتِ الرِّيحُ بين الفِجاجِ ** وفوقَ الجبالِ وَتَحْتَ الشَّجرْ : ) 7 ( ( إذا ما طَمحْتُ إلى غَايةٍ ** ركبت المنى ، ونسيتُ الحذر ) 8 ( ( وجاء الرَّبيعُ ، بأنغامِهِ ، ** ولاكبة اللَّهَب المستعرْ ) 9 ( ( وَمَنْ لا يحبُّ صُعُودَ الجبالِ ** يَعِشْ أبَدَ الدَّهْرِ بينَ الحُفَرْ ) )0 ( فَعَجَّتْ بقلبي دماءُ الشَّبابِ ** وضجَّت بصدري رياحٌ أُخَرْ . . )
____________________
(1/58)
1( وأطرقتُ ، أصغى لقصف الرعود ** وعزف الرياح ، ووقع المطرْ )9 ( ( ويفنى الجميعُ كحلْمٍ بديعٍ ، تألّقَ في مهجةٍ واندَثَرْ ) )
____________________
(1/59)
البحر : بسيط تام ( يا ليلُ ! ما تصنعُ النفسُ التي سكنتْ ** هذا الوجودَ ، ومِنْ أعدائها القَدَرُ ؟ ) ( ترضى وَتَسْكُتُ ؟ هذا غيرُ محتَمَلٍ ! ** إذاً ، فهل ترفضُ الدنيا ، وتنتحرُ ؟ ) ( وذا جنونٌ ، لَعَمْري ، كلُّه جَزَعٌ ** باكٍ ، ورأيٌ مريضٌ ، كُلُّه خَوَرُ ! ) 4 ( فإنما الموتُ ضَرْبٌ من حَبائِله ** لا يُفلتُ الخلقُ ما عاشوا ، فما النَّظرُ ؟ ) 5 ( هذا هو اللّغْزُ ، عَمَّاهُ وعَقَّدَهُ ** على الخليقةِ ، وحْشٌ ، فاتكٌ حذِرُ ) 6 ( قد كَبَّلَ القدرُ الضّاري فرائسَه ** فما استطاعُو له دفْعاً ، ولا حَزَروا ) 7 ( وخاطَ أعينَهم ، كي لا تُشَاهِدَهُ ** عينٌ ، فتعلمَ ما يأتي وما يذرُ ) 8 ( وَحَاطَهُمْ بفنونٍ من حَبَائِلِهِ ** فما لَهُمْ أبداً مِنْ بطشِه وَزرُ ) 9 ( لا الموتُ يُنقذُهم من هَوْل صولَتهِ ** ولا الحياةُ ، تَسَاوَى النّاسُ والحَجَرُ ! )0 ( حَارَ المساكينُ ، وارتاعُوا ، وأَعْجَزَهم ** أن يحذروهُ ، وهَلْ يُجْديهمُ الحذرُ )
____________________
(1/60)
1( وَهُمْ يعيشونَ في دنيا مشيَّدةٍ ** منَ الخطوب ، وكونٍ كلَّه خَطرُ ؟ )( وكيف يحذرُ أعمَى ، مُدْلِجٌ ، تَعِبٌ ** هولَ الظَّلامِ ، ولا عَزمٌ ولا بَصَرُ ؟ )( قد أيقنوا أنه لا شيءَ يُنقذهُم ** فاستسلموا لِسُكُونِ الرُّعْبِ ، وانتظروا . . )4 ( ولو رأوه لسَارتْ كي تحارِبَه ** مِنَ الورى زُمَرٌ ، في إثرِهَا زُمَرُ )5 ( وثارت الجنّ ، والأملاك ناقمةً ** والبحرُ ، والبَرُّ ، والأفلاكُ ، والعُصُر )6 ( لكنه قوَّةٌ تُملي إرادتها ** سِرَّا ، فَنَعْنو لها قهراً ، ونأتمرُ )7 ( حقيقة مُرَّة ، يا ليلُ ، مُبْغَضَةٌ ** كالموت ، لكنْ إليها الوِرْدُ والصَّدَرُ )8 ( تَنَهَّدَ اللَّيْلُ ، حتَّى قلتُ : ( قد نُثِرَتْ ** تلك النجومُ ، ومات الجنُّ والبشرُ )9 ( وَعَاد للصّمتِ . . ، يُصغي في كآبته ** كالفيلسوف - إلى الدنيا ، ويفتكرُ . . )0 ( وقَهْقَهَ القَدرُ الجبّارُ ، سخريةً ** بالكائنات . تَضَاحَكْ أيّها القدرُ ! )
____________________
(1/61)
2( تمشي إلى العَدَمِ المحتومِ ، باكيةً ** طوائفُ الخلق ، والأشكالُ والصورُ )( وأنتَ فوقَ الأسى والموت ، مبتسمٌ ** ترنو إلى الكون ، يُبْنَى ، ثمّ يندَثِرُ )
____________________
(1/62)
البحر : كامل تام ( يَا أيُّها الشَّادِي المغرِّدُ ههُنا ** ثَمِلاً بِغِبْطةِ قَلْبِهِ المَسْرُورِ ) ( مُتَنَقِّلاً بينَ الخَمائلِ ، تَالِياً ** وحْيَ الربيعِ السّاحرِ المسحورِ ) ( غرّدْ ، ففي تلك السهول زنابقٌ ** تَرْنُو إليكَ بِنَاظرٍ مَنْظُورِ ) 4 ( غرِّدْ ، ففي قلبي إليْك مودَّةٌ ** لكن مودَّة طائر مأسورِ ) 5 ( هَجَرَتْهُ أَسْرابُ الحمائمِ ، وانْبَرَتْ ** لِعَذَابِهِ جنِّيةُ الدَّيْجُورِ . . . ) 6 ( غرِّد ، ولا ترهَبْ يميني ، إنّني ** مِثْلُ الطُّيورِ بمُهْجَتي وضَمِيري ) 7 ( لكنْ لقد هاضَ الترابُ ملامعي ** فَلَبِثْتُ مِثْلَ البُلبلِ المَكْسُورِ ) 8 ( أشدُو برنّاتِ النِّياحَةِ والأسى ** مشبوبة بعواطفي وشعوري ) 9 ( غرِّدْ ، ولا تحفَلْ بقلبي ، إنّهُ ** كالمعزَفِ ، المتحطِّمِ ، المهجورِ )0 ( رتِّل عَلى سَمْع الرَّبيعِ نشيدَهُ ** واصدحْ بفيضِ فؤادك المسجورِ )
____________________
(1/63)
1( و نْشِدْ أناشيدَ الجَمال ، فإنَّها ** روحُ الوجود ، وسلوة المقهورِ )( أنا طَائرٌ ، مُتَغرِّدٌ ، مُتَرنِّمٌ ** لكِنْ بصوتِ كآبتي وَزَفيري )( يهتاجُني صوتُ الطّيور ، لأنَّه ** مُتَدَفِّقٌ بحرارة وطَهورِ )4 ( ما في وجود النَّاس مِنْ شيءٍ به ** يَرضَى فؤادي أو يُسَرُّ ضميري )5 ( فإذا استمعتُ حديثَهم أَلْفَيْتُهُ ** غَثّاً ، يَفِيض بِركَّةٍ وَفُتُورِ )6 ( وإذا حَضَرْتُ جُمُوعَهُمْ ألْفَيتَنِي ** ما بينهم كالبلبل المأسورِ )7 ( متوحِّداً بعواطفي ، ومشاعري ، ** وَخَوَاطِري ، وَكَآبتي ، وَسُروري )8 ( يَنْتَابُنِي حَرَجُ الحياة كأنّني ** مِنْهمْ بِوَهْدَة جَنْدلٍ وَصُخورِ )9 ( فإذا سَكَتُّ تضجَّروا ، وإذا نَطَقْتُ ** تذمَّروا مِنْ فكْرَتي وَشُعوري )0 ( آهٍ مِنَ النَّاسِ الذين بَلَوْتُهُمْ ** فَقَلَوْتُهُمْ في وحشتي وَحُبُوري ! )
____________________
(1/64)
2( ما منهم إلا خبيثٌ غادرٌ ** متربِّصٌ بالنّاس شَرَّ مصيرِ )( وَيَودُّ لو مَلَكَ الوُجودَ بأسره ** ورمى الوَرى في جاحِمٍ مسجورِ )( لِيُبلَّ غُلَّتَهُ التي لا ترتوي ** ويكظّ نهمة قلبه المغفورِ )4 ( وإذا دخلتُ إلى البلاد فإنَّ أفكا ** كاري تُرَفْرِفُ في سُفوح الطُّورِ )5 ( حيثُ الطبيعةُ حلوةٌ فتَّانَةٌ ** تختال بين تَبَرُّجِ وَسُفُورِ )6 ( ماذا أودُّ من المدينة ، وهي غارقةٌ ** بموَّار الدَّم المهْدورِ )7 ( ماذا أودُّ من المدينة ، وهي لا ** ترثي للصوتِ تَفجُّع المَوْتُورِ ؟ )8 ( ماذا أودُّ من المدينة ، وهي لا ** تَعْنو لِغَير الظَّالمِ الشَّرِّيرِ ؟ )9 ( ماذا أودُّ من المدينة ، وهي مُرْتادٌ ** لكل دعارة وفجورِ ؟ )0 ( يا أيُّها الشَّادي المغرِّدُ ههنا ** ثَمِلاً بغبطة قَلْبهِ المسرورِ ! )
____________________
(1/65)
3( قبِّلْ أزاهيرَ الربيعِ ، وغنِّها ** رنَمَ الصّباحِ الضَاحكِ المحبورِ )( واشربْ مِنَ النَّبع ، الجميل ، الملتوي ** ما بين دَوْحِ صنوبر وغدير )( و تْرُكْ دموعَ الفَجْرِ في أوراقِها ** حتَّى تُرشِّفَهَا عَرُوسُ النُّورِ )4 ( فَلَرُبَّما كانتْ أنيناً صاعداً ** في اللَّيل مِنْ متوجِّعٍ ، مَقْهورِ )5 ( ذرفته أجْفان الصباح مدامعاً ** ألاّقة ، في دوحة وزهورِ . . . )
____________________
(1/66)
البحر : كامل تام ( عِشْ بالشُّعورِ ، وللشُّعورِ ، فإنَّما ** دنياكَ كونُ عواطفٍ وشعورِ ) ( شِيدَتْ على العطْفِ العميقِ ، وإنّها ** لتجفُّ لو شِيدتْ على التفكيرِ ) ( وَتَظَلُّ جَامِدَة الجمالِ ، كئيبةً ** كالهيكلِ ، المتهدِّم ، المهجورِ ) 4 ( وَتَظَلُّ قاسيةَ الملامحِ ، جهْمةً ** كالموتِ . . ، مُقْفِرةً ، بغير يرورِ ) 5 ( لا الحبُّ يرقُصُ فوقها متغنِّياً ** للنّاسِ ، بين جَداولٍ وزهورِ ) 6 ( مُتَوَرِّدَ الوَجناتِ سكرانَ الخطا ** يهتزُّ من مَرَح ، وفرْط حبورِ ) 7 ( متكلِّلاً بالورْدِ ، ينثرُ للورى ** أوراقَ وردِ ' اللَّذةِ ' المنضورِ ) 8 ( كلاَّ ! ولا الفنُّ الجميلُ بظاهرٍ ** في الكون تحتَ غمامةٍ من نورِ ) 9 ( مَتَوشِّحاً بالسِّحر ، ينفْخ نايَهُ ** بوبَ بين خمائلٍ وغديرِ )0 ( أو يلمسُ العودَ المقدّسَ ، واصفاً ** للموت ، للأيام ، للديجورِ )
____________________
(1/67)
1( ما في الحياة من المسرَّةِ ، والأسى ** والسِّحْر ، واللَّذاتِ ، والتغريرِ )( أبَداً ولا الأملُ المُجَنَّحُ مُنْشِداً ** فيها بصوتِ الحالم ، المَحْبُورِ )( تلكَ الأناشيدُ التي تَهَبُ الورى ** عزْمَ الشَّبابِ ، وَغِبْطة العُصْفورِ )4 ( واجعلْ شُعورَكَ ، في الطَّبيعة قَائداً ** فهو الخبيرُ بتِيهما المسْحورِ )5 ( صَحِبَ الحياةَ صغيرةً ، ومشى بها ** بين الجماجم ، والدَّمِ المهدورِ )6 ( وعَدَا بهَا فوقَ الشَّواهِق ، باسماً ** متغنِّياً ، مِنْ أعْصُرِ وَدُهورِ )7 ( والعقلُ ، رغْمَ مشيبهِ ووقَاره ، ** ما زالَ في الأيّامِ جِدَّ صغيرِ )8 ( يمشي . . ، فتصرعه الرياحُ . . ، فَيَنْثَنِي ** مُتوجِّعاً ، كالطّائر المكسورِ )9 ( ويظلُّ يَسْألُ نفسه ، متفلسفاً ** متَنَطِّساً ، في خفَّةٍ وغُرورِ : )0 ( عمَّا تُحَجِّبُهُ الكواكبُ خلفَها ** مِنْ سِرِّ هذا العالَم المستورِ )
____________________
(1/68)
2( وهو المهشَّمُ بالعواصفِ . . يا لهُ ** من ساذجٍ متفلسفٍ ، مغرور ! )( وافتحْ فؤادكَ للوجود ، وخلَّه ** لليمِّ للأمواج ، للدّيجورِ )( للثَّلج تنثُرُهُ الزوابعُ ، للأسى ** للهَوْلِ ، للآلامِ ، للمقدورِ )4 ( واتركْه يقتحِمُ العواصفَ . . ، هائماً ** في أفقِها ، المتلبّدِ ، المقرورِ )5 ( ويخوضُ أحشاءَ الوجود . . ، مُغامِراً ** في ليْلِها ، المتَهَّيبِ ، المحذورِ )6 ( حتَّى تعانقَه الحياةُ ، ويرتوي ** من ثغْرِها المتأجِّجِ ، المسجورِ )7 ( فتعيشَ في الدنيا بقلبٍ زاجرٍ ** يقظِ المشاعرِ ، حالمٍ ، مسحورِ )8 ( في نشوةٍ ، صُوفيَّةٍ ، قُدسيةٍ ، ** هيَ خيرُ ما في العالمِ المنظورِ )
____________________
(1/69)
البحر : مجزوء الكامل ( يا موتُ ! قد مزَّقتَ صدري وقصمْتَ بالأرزاءِ ظَهْري ** وَقَصَمْت بالأرزَاءِ ظَهْرِي ) ( ورميْتَني من حَالقٍ وسخرتَ منِّي أيَّ سُخْرِ ** ) ( فَلَبِثْتُ مرضوضَ الفؤادِ أَجُرُّ أجنحتي بِذُعْرِ . . . ** ) 4 ( وَقَسَوْتَ إذ أبقيتني في الكَوْن أذْرَعُ كُلَّ وَعْرِ ** ) 5 ( وفجعتني فيمَن أحبُّ ومنْ إليه أبُثُّ سرّي ** ) 6 ( وَأَعُدُّهُ ، فَجْرِي الجميلَ ، إذا دْلَهَمَّ عليَّ دَهْرِي ** )
____________________
(1/70)
البحر : كامل تام ( الأمُّ تلثُمُ طفلَها ، وتضمُّه ** حرَمٌ ، سماويُّ الجمالِ ، مقدَّسُ ) ( تتألّه الأفكارُ ، وهْي جوارَه ** وتعودُ طاهرةً هناكَ الأنفُسُ ) ( حَرَمُ الحياةِ بِطُهْرِها وَحَنَانِها ** هل فوقَهُ حرَمٌ أجلُّ وأقدسُ ؟ ) 4 ( بوركتَ يا حرَمَ الأمومةِ والصِّبا ** كم فيك تكتمل الحياةُ وتقدُسُ )
____________________
(1/71)
البحر : خفيف تام ( يَنْقَضِي العَيْشُ بَيْنَ شَوْقٍ وَيَأْسِ ** والمُنَى بَيْنَ لَوْعةٍ وَتَأَسِّ ) ( هذه سُنَّةُ الحياة ، ونفسي ** لا تَوَدُّ الرَّحيقَ فِي كَأْسِ رِجْسِ ) ( مُلِىء الدهر بالخداعِ ، فكم قد ** ضلَّلَ الناسَ من إمام وقَسِّ ) 4 ( كلَّما أَسْأَلُ الحياةَ عَنِ الحقِّ ** تكُفُّ الحياةُ عن كل هَمْسِ ) 5 ( لمْ أجِدْ في الحياةِ لحناً بديعاً ** يَسْتَبِيني سِوى سَكِينَةِ نَفْسي ) 6 ( فَسَئِمْتُ الحياةَ ، إلا غِرَاراً ** تتلاشى بِهِ أَناشِيدُ يَأْسِي ) 7 ( ناولتني الحياةُ كأساً دِهاقاً ** بالأماني ، فما تناولْتُ كأسِي ) 8 ( وسقتْني من التعاسَة أكواباً ** تجرعْتُها ، فيأشدّ تُعْسي ) 9 ( إنّ في روضةِ الحياةِ لأشواكاً ** بها مُزِّقتْ زَنابِقُ نفسي )0 ( ضَاعَ أمسي ! وأينَ مِنِّي أَمْسِي ؟ ** وقضى الدهرُ أن أعيش بيأسي )
____________________
(1/72)
1( وقضى الحبُّ في سكون مريعٍ ** سَاعَةَ الموتِ بين سُخْط وَبُؤْسِ )( لم تُخَلِّفْ ليَ الحياة من الأمس ** سِوَى لَوْعَةٍ ، تَهُبُّ وَتُرسي )( تتهادى ما بين غصّات قلبي ** بِسُكونٍ وبين أوجاعِ نَفْسي )4 ( كخيال من عالم الموْت ، ينْساب ** بِصَمْتٍ ما بينَ رَمْسٍ وَرَمْسِ )5 ( تلك أوجاعُ مهجةٍ ، عذَّبتْها ** في جحيم الحياة أطيافُ نحسِ )
____________________
(1/73)
البحر : خفيف تام ( عجباً لي ! أودُّ أن أَفْهَمَ الكونَ ، ** ونفسي لَمْ تستطعْ فَهْمَ نفسِي ! ) ( لم أُفِدْ مِنْ حَقائِقِ الكونِ إلاّ ** أنني في الوجُود مُرْتَادُ رمسِ ) ( كلُّ دهر يمُرُّ يفجعُ قلبي ** ليتَ شعري أينَ الزَّمان المؤسي ) 4 ( في ظلام الكُهوفِ أشباحُ شؤمٍ ** وبهذا الفَضَاءِ أطيافُ نَحْسِ ) 5 ( وَخِلالَ القُصور أنّاتُ حُزْنٍ ** وَبتلكَ الأكواخ أَنْضَاءُ بؤسِ ! ) 6 ( والقَضَاءُ الأَصَمُّ يَعْتَسِفُ ال ** نّاس ويقضي ما بين سَيْفٍ وَقَوْسِ ! ) 7 ( هذه صورةُ الحياةِ ؛ وهذا ** لونُها في الوجود ، من أمسِ أمسِ ) 8 ( صُورةٌ للشَّقَاءِ دَامِعَةُ الطَّرْفِ ** ولونٌ يَسُودُ في كلِّ طَرْسِ )
____________________
(1/74)
البحر : خفيف تام ( أيْها الشعبُ ! ليتني كنتُ حطَّاباً ** فأهوي على الجذوعِ بفأسي ! ) ( ليتَني كنتُ كالسيّولِ ، إذا يالَتْ ** تهدُّ القبورَ : رمْساً برمٍ سِ ! ) ( ليتَني كنتُ كالريّاح ، فأطوي ** ورودُ الرَّبيع مِنْ كلِّ قنْس ) 4 ( ليتني كنتُ كالسّتاء ، أُغَشِّي ** كل ما أَذْبَلَ الخريفُ بقرسي ! ) 5 ( ليتَ لي قوَّةَ العواصفِ ، يا شعبي ** فأُلقي إليكَ ثَوْرةَ نفسي ! ) 6 ( ليت لي قوةَ الأعاصيرِ ! إن ضجَّتْ ** فأدعوكَ للحياةِ بنبسي ! ) 7 ( ليت لي قوةَ الأعاصيرِ . . ! لكْ ** أنتَ حيٌّ ، يقضي الحياة برمسِ . . ! ) 8 ( أنتَ روحٌ غَبِيَّةٌ ، تكره النّور ، ** وتقضي الدهور في ليل مَلْس . . . ) 9 ( أنتَ لا تدركُ الحقائقَ إن طافتْ ** حواليكَ دون مسّ وجسِ . . . )0 ( في صباح الحياةِ صَمَّخْتُ أكوابي ** وأترعتُها بخمرةِ نفسي . . . )
____________________
(1/75)
1( ثُمَّ قدَمْتُها إليكَ ، فأهرقْتَ ** رحيقي ، ودُستَ يا شعبُ كأسي ! )( فتألَّمت . . ، ثًمَّ أسكتُّ آلامي ، ** وكفكفتُ من شعوري وحسّي )( ثُم نَضَّدْتُ من أزاهيرِ قلبي ** باقةً ، لمْ يَمَسَّها أيُّ إِنْسِي . . . )4 ( ثم قدّمْتُها إليكَ ، فَمزَّقْتَ ** ورودي ، ودُستَها أيَّ دوسِ )5 ( ثم ألبَسْتَني مِنَ الحُزْنِ ثوباً ** وبشوْك الجِبال توَّجتَ رأسي )6 ( إنني ذاهبٌ إلى الغابِ ، ياشَعْبي ** لأقضي الحياةَ ، وحدي ، بيأسي )7 ( إنني ذاهبٌ إلى الغابِ ، علَّي ** في صميم الغابات أدفنُ بؤسي )8 ( ثُمَّ أنْسَاكَ ما استطعتُ ، فما أنت ** بأهْلِ لخمرتي ولكَأسي )9 ( سوف أتلو على الطُّيور أناشيدي ، ** وأُفضي لها بأشواق نَفْسي )0 ( فَهْي تدري معنى الحياة ، وتدري ** أنّ مجدَ النُّفوسِ يَقْظَةُ حِسِّ )
____________________
(1/76)
2( ثم أقْضي هناك ، في ظلمة الليل ، ** وأُلقي إلى الوجود بيأسي )( ثم تَحْتَ الصَّنَوْبَر ، النَّاضر ، الحلو ، ** تَخُطُّ السُّيولُ حُفرةَ رمسي )( وتظَلُّ الطيورُ تلغو على قبْرِي ** ويشدو النَّسيمُ فوقي بهمس )4 ( وتظَلُّ الفصولُ تمْشي حواليَّ ، ** كما كُنَّ في غَضارَة أمْسي )5 ( أيّها الشّعبُ ! أنتَ طفلٌ صغيرٌ ، ** لاعبٌ بالتُّرابِ والليلُ مُغْسِ . . ! )6 ( أنتَ في الكَوْنِ قوَّةٌ ، لم تَنسْسها ** فكرةٌ ، عبقريَّةٌ ، ذاتُ بأسِ )7 ( أنتَ في الكَوْنِ قوةٌ ، كبَّلتْها ** ظُلُمَاتُ العُصور ، مِنْ أمس أمسِ . . )8 ( والشقيُّ الشقيُّ من كان مثلي ** في حَسَاسِيَّتي ، ورقَّةِ نفسي )9 ( هكذا قال شاعرٌ ، ناولَ النَّاسَ ** رحيقَ الحياةِ في خير كأسِ )0 ( فأشاحُوا عنْها ، ومرُّوا غِضابا ** واستخفُّوا به ، وقالوا بيأس : )
____________________
(1/77)
3( ' قد أضاعَ الرشّادُ في ملعب الجِنّ ** فيا بؤسهُ ، أصيب بمسّ )( طالما خاطبَ العواصفَ في الليلِ ** ويَمْشي في نشوةِ المُتَحَسِّي )( طالما رافقَ الظلامَ إلى الغابِ ** ونادى الأرواحَ مِن كلِّ جِنْس ) )4 ( طالما حدَّثَ الشياطينَ في الوادي ، ** وغنّى مع الرِّياح بجَرسِ ) )5 ( إنه ساحرٌ ، تعلِّمُه السحرَ ** الشياطينُ ، كلَّ مطلع شمسْ )6 ( ف بعِدوا الكافرَ الخبيثَ عن الهيكلِ ** إنّ الخَبيثَ منبعُ رِجْسِ ) )7 ( ( أطردوه ، ولا تُصيخوا إليه ** فهو روحٌ شريِّرةٌ ، ذات نحْسِ )8 ( هَكَذا قَال شاعرٌ ، فيلسوفٌ ، ** عاشَ في شعبه الغبيِّ بتَعْسِ )9 ( جَهِلَ الناسُ روحَه ، وأغانيها ** فساموُا شعورَه سومَ بخْسِ ) 40 ( فَهْوَ في مَذهبِ الحياةِ نبيٌّ ** وَهْوَ في شعبهِ مُصَابٌ بمسِّ )
____________________
(1/78)
4( هكذا قال ، ثمّ سَار إلى الغابِ ، ** ليَحْيا حياة شعرٍ وقُدْسِ ) 4( وبعيداً ، هناك . . ، في معبد الغاب ** الذي لا يُظِلُّه أيُّ بُؤْسِ ) 4( في ظلال الصَّنوبرِ الحلوِ ، والزّيتونِ ** يقْضي الحياةَ : حرْساً بحرْسِ ) 44 ( في الصَّباح الجميل ، يشدو مع الطّير ، ** ويمْشي في نشوةِ المنحسِّي ) 45 ( نافخاً نايَه ، حوالْيه تهتزُّ ** ورودُ الرّبيع منْ كلِّ فنسِ ) 46 ( شَعْرُه مُرْسَلٌ - تداعُبه الرّيحُ ** على منكبْيه مثلَ الدُّمُقْسِ ) 47 ( والطُّيورُ الطِّرابُ تشدو حواليه ** وتلغو في الدَّوحِ ، مِنْ كُلِّ جنسِ ) 48 ( وترا عند الأصيل ، لدى الجدول ، ** يرنو للطَّائرِ المتحسِّي ) 49 ( أو يغنِّي بين الصَّنوبرِ ، أو يرنو ** إلى سُدْفَة الظَّلامِ الممسّي ) 50 ( فإذا أقْبَلَ الظلامُ ، وأمستْ ** ظلماتُ الوجودِ في الأرض تُغسي )
____________________
(1/79)
5( كان في كوخه الجميل ، مقيماً ** يَسْألُ الكونَ في خشوعٍ وَهَمْسِ ) 5( عن مصبِّ الحياةِ ، أينَ مَدَاهُ ؟ ** وصميمِ الوجودِ ، أيَّان يُرسي ؟ ) 5( وأريجِ الوُرودِ في كلِّ وادٍ ** ونَشيدِ الطُّيورِ ، حين تمسِّي ) 54 ( وهزيمِ الرِّياح ، في كلِّ فَجٍّ ** وَرُسُومِ الحياةِ من أمس أمسِ ) 55 ( وأغاني الرعاةِ أين يُواريها ** سُكونُ الفَضا ، وأيَّان تُمْسي ؟ ؟ ) 56 ( هكذا يَصْرِفُ الحياةَ ، ويُفْني ** حَلَقات السنين : حَرسْاً بحرْسِ ) 57 ( يا لها من معيشةٍ في صميم الغابِ ** تُضْحي بين الطيور وُتْمْسي ! ) 58 ( يا لها مِنْ معيشةٍ ، لم تُدَنّسْهَا ** نفوسُ الورى بخُبْثٍ ورِجْسِ ! ) 59 ( يا لها من معيشةٍ ، هيَ في الكون ** حياةٌ غريبةٌ ، ذاتُ قُدسِ )
____________________
(1/80)
البحر : بسيط تام ( الحُبُّ شُعْلَةُ نُورٍ ساحرٍ ، هَبَطَتْ ** منَ السَّماءِ ، فكانتْ ساطعَ الفَلَقِ ) ( وَمَزّقتْ عَن جفونِ الدَّهْرِ أَغْشِيَةً ** وعن وجوه الليالي بُرقُعَ الغسقِ ) ( الحبُّ رُوحُ إلهيٌّ ، مجنّحةٌ ** أيامُه بضياء الفجر والشّفقِ ) 4 ( يطوفُ في هذهِ الدُّنيا ، فَيَجْعَلُها ** نجْماً ، جميلاً ، ضحوكاً ، جِدَّ مؤتلقِ ) 5 ( لولاهُ ما سُمِعتْ في الكون أغنيةٌ ** ولا تألف في الدنيا بَنْو أُفْقِ ) 6 ( الحبُّ جَدْولٌ خمرٍ ، مَنْ تَذَوَّقَهُ ** خاضَ الجحيمَ ، ولم يُشْفِق من الحرقِ ) 7 ( الحبُّ غايةُ آمالِ الحياةِ ، فما ** خوْفِي إذا ضَمَّني قبرٌ ؟ وما فَرَقِي ؟ )
____________________
(1/81)
البحر : بسيط تام ( ضعفُ العزيمةِ لَحْدٌ ، في سكينَتهِ ** تقْضِي الحياةُ ، بَنَاهُ اليأسُ والوجَلُ ) ( وفِي العَزِيمَةِ قُوَّاتٌ ، مُسَخَّرَةٌ ** يخِرّ دونَ مَداها اليأسُ والوجَلُ ) ( والنّاسُ شَخْصان : ذا يسْعى به قَدَمٌ ** من القُنوطِ ، وذا يسعَى به الأملُ ) 4 ( هذا إلى الموتِ ، والأجداثُ ساخرةٌ ، ** وَذَا إلى المَجْدِ ، والدُّنْيَا لَهُ خَوَلُ ) 5 ( ما كلُّ فعل يُجِلُّ النَّاسُ فَاعلَه ** مجداً ، فإنَّ الورى في رأَيِهم خطَلُ ) 6 ( ففي التماجد تمويهٌ ، وشعْوذَةٌ ، ** وَفِي الحَقِيقَة مَا لا يُدْرِكُ الدَّجِلُ ) 7 ( مَا المَجْدُ إلا ابتِسَامَاتٌ يَفِيضُ بها ** فمُ الزمانْ ، إذا ما انسدَّتِ الحِيَلُ ) 8 ( وليسَ بالمَجدْ ما تشْقى الحياةُ به ** فَيَحْسُدُ اليَوْمُ أمْساً ، ضَمَّهُ الأَزَلُ ) 9 ( فما الحروبُ سوى وحْشيَّةٍ ، نهضَتْ ** في أنفُسِ النّاسِ فانقادَتْ لها الدّولُ )0 ( وأيقظتْ في قلوبِ النّاسِ عاصفةً ** غامَ الوجودُ لها ، واربْدَّت السُّبُلُ )
____________________
(1/82)
1( فَالدَّهْرُ مُنْتَعِلٌ بالنَّارِ ، مُلْتَحِفٌ ** بالهوْلِ ، والويْلِ ، والأيامُ تَشْتَعِلُ )( وَالأَرْضُ دَاميةٌ ، بالإثْمِ طَامِيَةٌ ، ** وَمَارِدُ الشَّرِّ في أَرْجَائِهَا ثَمِلُ )( والموْتُ كالماردِ الجبَّارِ ، منتصِبٌ ** فِي الأرضِ ، يَخْطُفُ مَنْ قَدْ خَانَهُ الأَجَلْ )4 ( وَفِي المَهَامِهِ أشلاءٌ ، مُمَزَّقَةٌ ** تَتْلُو على القَفْرِ شِعْراً ، لَيْسَ يُنْتَحَلُ )
____________________
(1/83)
البحر : خفيف تام ( قَدَّس اللَّهُ ذِكْرَهُ مِن صَبَاحٍ ** سَاحِرٍ ، في ظِلال غابٍ جميلِ ) ( كان فيه النّسيم ، يرقصُ سكراناً ** على الوردِ ، والنّباتِ البَليلِ ) ( وضَبابُ الجبالِ ، يَنْسَابُ في رفقٍ ** بديعٍ ، على مُروج السُّهولِ ) 4 ( وأغاني الرعاةِ ، تخفقُ في الأغوارِ ** والسّهلِ ، والرّبا ، والتّلولِ ) 5 ( ورحابُ الفضاءِ ، تَعْبُقُ بالألحانِ ** والعطرِ ، والذّياءِ الجميلِ ) 6 ( والمَلاَكُ الجميلُ ، ما بين ريحانٍ ** وعُشْبٍ ، وسِنديانٍ ، ظَليلِ ) 7 ( يتغنَّى مع العَصَافيرِ ، في الغاب ** ويرنو إلى الضَّباب الكَسُولِ ) 8 ( وشعورُ الملاك ترقصُ بالأزهار ** والضوءِ ، والنَّسيمِ العَليل ) 9 ( حُلُمٌ ساحرٌ ، به حَلُمَ الغابُ ** فَوَاهاً لِحُلْمِهِ المَعْسُولِ ! )0 ( مثلُ رؤيا تلوحُ للشّاعر الفنَّان ** في نشوةِ الخيال الجليلِ )
____________________
(1/84)
1( قد تملَّيْتُ سِحرَهُ في أناةٍ ** وحنانٍ ، وَلَذَّةٍ ، وَذُهولِ )( ثُمَّ ناديتُ ، حينما طفحَ السِّحرُ ** بأرجاءِ قَلبي المبتولِ )( يا شعورٌ تميد في الغَاب بالر ** يحانِ ، والنّور ، والنّسيم البليلِ )4 ( كَبَّليني بهاتِهِ الخِصَلِ المرخَاةِ ** في فتنةِ الدَّلال المَلُولِ )5 ( كبّلي يا سَلاسلَ الحبِّ أفكا ** ري ، وأحلامَ قلبيَ الضَّلِّيلِ )6 ( كبِّليني بكل ما فيكِ من عِطْرٍ ** وسحرٍ مُقَدّسٍ ، مَجْهولِ )7 ( كبِّليني ، فإنَّما يُصْبِحُ الفنّان ** حرّاً في مثل هذي الكبولِ )8 ( ليت شعري ! كَمْ بينَ أمواجِكِ السّو ** دِ ، وطيّاتِ ليلِكِ المسدولِ )9 ( من غرامٍ ، مُذَهَّبِ التاجِ ، ميْتٍ ** وفؤادٍ ، مصفَّدٍ ، مغلولِ )0 ( وزهورٍ من الأمانيِّ تَذوِي ** في شُحُوبٍ ، وخيبةٍ ، وخمولِ )
____________________
(1/85)
2( أنتِ لا تعلمين . . ، واللَّيلُ لا يعلَمُ ** كم في ظلامِه من قَتيلِ )( أنتِ أُرْجُوحَةُ النسيمِ فميلي ** بالنسيمِ السعيدِ كِلَّ مَمِيلِ )4 ( ودَعي الشَّمسَ والسماءَ تُسَوِّي ** لكِ تاجاً ، من الضياء الجميلِ )5 ( ودِعي مُزْهِرَ الغُصُونِ يُغَشِّي ** كِ بأوراقِ وَردِه المطلولِ )6 ( للشّعاع الجميلِ أنتِ ، وللأنسا ** مِ ، والزَّهر ، فالعبي ، وأطيلي )7 ( ودعي للشقيِّ أشواقَه الظمْأى ** وأَوهامَ ذِهْنه المعلولِ )8 ( يا عروسَ الجبالِ ، يا وردةَ الآ ** مالِ ، يا فتنةَ الوجودِ الجليل )9 ( ليتني كنتُ زهرةً ، تتثنَّى ** بين طيّات شَعْرِكِ المصقولِ ! )0 ( أو فَراشاً ، أحومُ حولكِ مسحوراً ** غريقاً ، في نشوتي ، وَذُهُولي ! )( أو غصوناً ، أحنو عليكِ بأوراقي ** حُنُوَّ المُدَلَّهِ ، المتْيولِ ! )
____________________
(1/86)
3( أو نسيماً ، أضمُّ صدركِ في رِفقٍ ، ** إلى صَدْرِيَ الخفوقِ ، النَّحيلِ )( آهِ ! كم يُسْعِدُ الجمالُ ، ويُشْقي ** )
____________________
(1/87)
البحر : رمل تام ( كلُّ قلبٍ حملَ الخسفَ ، وما ** ملَّ من ذلِّ الحياةِ الأرْذلِ ) ( كُلُّ شَعْبٍ قَدْ طَغَتْ فِيهِ الدِّمَا ** دونَ أن يثْأَرَ للحقّ الجلي ) ( خَلِّهِ لِلْمَوْتِ يَطْوِيهِ ! . . فَمَا ** حظُّه غيرُ الفَناء الأنكلِ )
____________________
(1/88)
البحر : بسيط تام ( ما قدَّسَ المَثلَ الأعلى وجمَّلَه ** في أعيُنِ النّاسِ إلاّ أنّه حُلُمُ ! ) ( ولو مشى فيهم حيّاً لحطَّمه ** قومٌ ، وقالوا بخبثٍ : ( إنّهُ صنَمُ ) ! ) ( لا يعبدُ النَّاسُ إلا كلَّ منعدمٍ ** مُمنَّعٍ ، ولمنْ حابَاهُمُ العَدَمُ ! ) 4 ( حتَّى العَبَاقرةُ الأفذاذُ ، حُبُّهُمُ ** يلقى الشقاءَ وتَلقَى مجدَها الرِّمَمُ ! ) 5 ( النَّاسُ لا يُنْصِفُونَ الحيّ بينهمُ ** حتّى إذا ما توارى عنهمُ نَدِموا ! ) 6 ( الويْل للنَّاسِ من أَهْوائهمْ أبداً ** يمشي الزَّمانُ وريحُ الشَّرِّ تحتدمُ . . )
____________________
(1/89)
البحر : كامل تام ( بيْتٌ ، بَنَتْه ليَ الحياةُ من الشذَى ، ** والظلّ ، والأَضْواءِ ، والأنغامِ ) ( بيتٌ ، من السِّحرِ الجميلِ ، مشَيَدٌ ** للحبِّ ، والأحلامِ ، والالهامِ ) ( في الغابِ سِحْرٌ ، رائعٌ متجدِّدٌ ** باقٍ على الأَيامِ والأعْوامِ ) 4 ( وشذًى كأجنحة الملائكِ ، غامضٌ ** سَاهٍ يُرفرف في سُكونٍ سَامِ ) 5 ( وجداولٌ ، تشْدو بمعسول الغِنا ** وتسيرُ حالمةً ، بغيرِ نِظَامِ ) 6 ( ومخارفٌ نَسَجَ الزمانُ بساطَها ** من يابسِ الأوراقِ والأكمامِ ) 7 ( وَحَنَا عليها الدّوّحُ ، في جَبَرُوتِهِ ** بالظلِّ ، والأغصان والنسام ) 8 ( في الغاب ، في تلك المخارف ، والرُّبى ، ** وعلى التِّلاع الخُضرِ ، والآجامِ ) 9 ( كم من مشاعرِ ، حلْةٍ ، مجْهولةٍ ** سَكْرَى ، ومِنْ فِكَرٍ ، ومن أوهامِ )0 ( غَنَّتْ كأسرابِ الطُّيورِ ، ورفرفت ** حولي ، وذابتْ كالدّخان ، أمامي )
____________________
(1/90)
1( ولَكَمْ أَصَخْتُ إلى أناشيد الأسى ** وتنهُّدِ الآلام والأسقامِ )( وإلى الرياحِ النائحاتِ كأنّها ** في الغاب تبكي ميِّت الأيَّامِ )( وإلَى الشبابِ ، مُغَنَّياً ، مُتَرَنِّماً ** حوْلي بألحان الغَرامِ الظَّامي )4 ( وسمعتُ للطير ، المغرِّد في الفضا ** والسِّنديانِ ، الشامخ ، المتَسامي )5 ( وإلى أناشيد الرّعاةِ ، مُرِفَّةً ** في الغاب ، شَاديةً كسِرْبِ يَمامِ )6 ( وإلى الصّدى ، المِمراح ، يهتفُ راقصاً ** بين الفِجَاجِ الفيحِ والآكامِ )7 ( حتى غَدَا قلبي كنَايٍ ، مُت } رَع ** ثَمِلٍ من الألحان والنغامِ )8 ( فَشَدَوْتُ باللَّحنِ الغَريب مجنَّحاً ** بكآبةِ الأحلامِ والآلامِ )9 ( في الغاب ، دنيا للخيال ، وللرُّؤى ، ** والشِّعرِ ، والتفكيرِ ، والأحلامِ )0 ( لله يومَ مضيتُ أوّلَ مرّةٍ ** للغابِ ، أرزحُ تحت عبءِ سَقامي )
____________________
(1/91)
2( ودخَلتُه وحدي ، وحوْلي موكبٌ ** هَزِجٌ ، من الأحلامِ والأوهامِ )( ومشيْتُ تحت ظِلاله مُتَهَيِّباً ** كالطفل ، في صضمتٍ ، وفي استسلامِ )( أرنو إلى الأّدْوَاحِ ، في جبروتها ** فإخَالُها عَمَدَ السَّماءِ ، أمامي )4 ( قَد مسَّها سِحْرُ الحياة ، فأوْرَقَتْ ** وتَمَايَلَتْ في جَنَّةِ الأحلامِ )5 ( وأُصِيخُ للصّمتِ المفكّر ، هاتِفاً ** في مِسْمعي بغرائب الأنغامِ )6 ( فإذا أنا في نَشْوَةٍ شعرّيةٍ ** فَيَّاضةٍ بالوحي والإلهامِ )7 ( ومشاعري في يقظةٍ مسحورةٍ ** . . . . . . . )8 ( وَسْنَى كيقظةِ آدَمٍ لمَّا سَرَى ** في جسمه ، رُوحُ الحياةِ النّامي )9 ( وشَجَتْه مْوسيقى الوجودِ ، وعان ** قتُ أحلامَهُ ، في رِقّةٍ وسلامِ )0 ( ورأى الفَراديسَ ، الأَنيقةَ ، تنثني ** في مُتْرَفِ الأزهار والكمامِ )
____________________
(1/92)
3( ورأى الملائكَ ، كالأشعَّة في الفَضَا ** تنسابُ سابحةً ، بغير نظامِ )( وأحسّ رُوحَ الكون تخفقُ حوله ** في الظِّلِّ ، والأضواءِ ، والأنسامِ )( والكائناتِ ، تحوطُهُ بِحَنَانها ** وبحبِّها ، الرَّحْبِ ، العميقِ ، الطَّامي )4 ( حتى تملأَ بالحياة كِانُه ** وسَعى وراءَ مواكبِ الأيامِ )5 ( ولَرُبَّ صُبْحٍ غائمٍ ، مُتَحجِّبٍ ** في كِلَّةٍ من زَعْزَعٍ وغَمامِ )6 ( تتنفَّسُ الدُّنيا ضَباباً ، هائماً ** مُتدفِّعاً في أفْقه المُترامي )7 ( والرِّيحُ تخفقُ في الفضاءِ ، وفي الثَّرى ** وعلى الجبال الشُّمِّ ، والآكام )8 ( باكَرْتُ فيه الغابَ ، مَوْهُونَ القُوى َ ** متخاذِلَ الخُطُواتِ والأَقدامِ )9 ( وجلستُ تحتَ السّنديانةِ ، واجماً ** أرنو إلى الأفُق الكئيب ، أمامي ) 40 ( فأرى المبانيَ في الضباب ، كأنها ** فِكْرٌ ، بأرضِ الشَّكِّ والإبهامِ )
____________________
(1/93)
4( أو عَالَمٌ ، ما زال يولَدُ في فضا ** الكونِ ، بين غياهبٍ وسِدامِ ) 4( وأرى الفجاجَ الدامساتِ ، خلالَه ** ومشاهدَ الوديان والآجامَ ) 4( فكأنها شُعَبُ الجحيم ، رهيبةُ ** ملفوفَة في غُبشةٍ وظَلامِ ) 44 ( صُوَرٌ ، من الفنِّ المُرَوِّعِ ، أعجزت ** وَحْيَ القريضِ وريشةَ الرسّامِ ) 45 ( وَلَكَمْ مَسَاءٍ ، حَالمٍ متوَشِّحٍ ** بالظّلِ ، والضّوءِ الحزين الدامي ) 46 ( قدْ سِرْتُ في غابي ، كَفِكرٍ ، هَائمٍ ** في نشوةِ الأحلام والإلهامِ ) 47 ( شَعَري ، وأفكاري ، وكُلُّ مشاعري ** منشورةٌ للنُّور والأنسام ) 48 ( والأفق يزخَرُ بالأشعَّةِ والشَّذَى ** والأرضُ بِالأعشابِ والأكمامِ ) 49 ( والغابُ ساجٍ ، والحياةُ مصيخةٌ ** والأفقُ ، والشفقُ الجميلُ ، أمامي ) 50 ( وعروسُ أحلامي تُداعبُ عُودَها ** فيَرنُّ قلبي بالصَّدَى وعِظامي )
____________________
(1/94)
5( روحٌ أنا ، مَسْحُورةٌ ، في عَالمٍ ** فوق الزمان الزّاخر الدَّوَّامِ ) 5( في الغابِ ، في الغابِ الحبيبِ ، وإنَّه ** حَرَمُ الطَّبيعةِ والجمالِ السَّامي ) 5( طَهَّرْتُ فينار الجمال مشاعِري ** ولقِيتُ في دنيا الخيال سَلامي ) 54 ( ونسيتُ دنيا النّاس ، فهي سخافةٌ ** سَكْرَى من الأَوهامِ والآثامِ ) 55 ( وَقَبسْتُ من عَطْفِ الوجود وحُبِّه ** وجمالهِ قبساً ، أضاءَ ظلامي ) 56 ( فرأيتُ ألوانَ الحياةِ نضيرةً ** كنضارةِ الزّهرِ الجميلِ النّامي ) 57 ( ووجدتُ سحْرَ الكون أسمى عنصراً ** وأجلَّ من حزني ومن آلامي ) 58 ( فأهَبْتُ مسحورَ المشاعر ، حالماً ** نشوانَ بالقلب الكئيب الدّامي : ) 59 ( ' المعبدُ الحيُّ المقدَّسُ هاهنا ** يا كاهنَ الأحزان والآلامِ ) 60 ( ( فاخلعْ مُسُوحَ الحزنِ تحت ظِلالِهِ ** والبسْ رِدَاءَ الشِّعرِ والأَحلامِ ) )
____________________
(1/95)
6( ( وارفعْ صَلاَتكَ للجمالِ ، عَميقةً ** مشبوبةً بحرارة الإلهامِ ) 6( واصدحْ بألحان الحياة ، جميلةً ** كجمال هذا العالم البسَّامِ ) 6( واخفقْ مع العِطْر المرفرفِ في الفضا ** وارقصْ مع الأضواء والأنسامِ ) 64 ( ومعَ الينابيعِ الطليقةِ ، والصَّدَى ** . . . . . . ) 65 ( وَذَرَوْتُ أفكاري الحزِينةَ للدّجى ** ونَثَرْتُها لِعَواصِفِ الأَيَّامِ ) 66 ( ومَضَيْتُ أشدُو للأشعَّةِ ساحراً ** من صوت أحزاني ، وبطش سقامي ) 67 ( وهتفتُ : ' ياروحَ الجمالِ تدَفَّقِي ** كالنَّهرِ في فِكرِي ، وفي أحْلامي ) ) 68 ( وتغلغلي كالنّور ، في رُوحي التي ** ذَبُلتْ من الأحزان والآلامِ ) 69 ( أنتِ الشعورُ الحيُّ يزخرُ دافقاً ** كالنّار ، في روح الوجودِ النَّامي ) ) 70 ( ويصوغ أحلامَ الطبيعةِ ، فاجع ** لي عُمري نشيداً ، ساحِرَ الأتغامِ )
____________________
(1/96)
7( ( وشذًى يَضُوعُ مع الأشعَّةِ والرُّؤى ** في معبد الحق الجليل السامي ' )
____________________
(1/97)
البحر : كامل تام ( قضَّيتُ أدْوارَ الحياةِ ، مُفَكِّراً ** في الكَائِناتِ ، مُعَذَّباً ، مَهْمُوما ) ( فَوَجَدْتُ أعراسَ الوُجود مآتماً ** ووجدتُ فِرْدَوسَ الزَّمانِ جَحيمَا ) ( تَدْوي مَخَارِمُهُ بِضَجَّةِ صَرْصَرٍ ، ** مشبوبَةٍ ، تَذَرُ الجيالُ هشيمَا ) 4 ( وحضرتُ مائدةَ الحياة ، فلم أجدْ ** إلاّ شراباً ، آجناً ، مسموماً ) 5 ( وَنَفضْتُ أعماقَ الفَضَاءِ ، فَلَمْ أجِدْ ** إلا سكوناً ، مُتْعَباً محمومَا ) 6 ( تتبخَّرُ الأَعْمارُ في جَنَباتِهِ ** وتموتُ أشواقُ النّفوس وَجومَا ) 7 ( ولمستُ أوتارَ الدهور ، فلم تُفِضْ ** إلا أنيناً ، دامياً ، مَكْلُوما ) 8 ( يَتْلُو أقاصيصَ التَّعاسةِ والأسى ** ويصيرُ أفراح الحياة همومَا ) 9 ( شُرِّدْتُ عنن وَطَنِي السَّماويِّ الذي ** ما كانَ يوْماً واجمَا ، مغمومَا )0 ( شُرِّدْتُ عَنْ وطني الجميل . . أنا الشَّقِ ** شقيّ ، فعشت مشطورَ الفؤاد ، يتيمَا . . )
____________________
(1/98)
1( في غُربةٍ ، رُوحيَّةٍ ، مَلْعُونةٍ ** أشواقُها تَقْضِي ، عِطاشاً ، هِيما . . . )( يا غُربةَ الرُّوحِ المفكِّر إنّه ** في النَّاسِ يحيا ، سَائماً ، مَسْؤُوما )( شُرِّدتُ لِلدنيا . . وَكُلٌّ تائهٌ ** فيها يُرَوِّعُ رَاحلاً ومقيما )4 ( يدعو الحياة ، فلا يُجيبُ سوى الرَّدى ** ليدُسَّهُ تَحْتَ التُّرابِ رَميما )5 ( وَتَظَلُّ سَائِرةً ، كأنّ فقيدها ** ما كان يوماً صاحباً وحميمَا )6 ( يا أيُّها السّاري ! لقد طال السُّرى ** حَتَّام تَرْقُبُ في الظَّلامِ نُجُوما . . ؟ )7 ( أتخالُ في الوادي البعيدِ المُرْتَجى ؟ ** هيهاتَ ! لَنْ تَلْقى هناكَ مَرُوما )8 ( سرْ ما اسْتَطَعْتَ ، فَسَوْفَ تُلقي مثلما ** خلَّفتَ مَمشُوقَ الغُصونِ حَطِيما )
____________________
(1/99)
البحر : كامل تام ( وأوَدُّ أن أحيا بفكرةِ شاعرٍ ** فأرى الوجودَ يضيقُ عن أحلامي ) ( إلاّ إذا قَطَّعتُ أسْبابي مَعَ الدُّ ** نيا وَعِشْتُ لِوَحْدتي وَظَلامي ) ( في الغابِ ، في الجبلِ البعيدِ عن الورى ** حيثُ الطبيعةُ ، والجمالُ السامي ) 4 ( وأعيشُ عيشةَ زاهدٍ مُتَنَسِّكٍ ** ما إنْ تُدَنِّسه الحَياةُ بِذَامِ ) 5 ( هجرَ الجماعةَ للجبا ، تورُّعاً ** عنها وعن بَطْشِ الحياة الدَّامي ) 6 ( تمشي حواليه الحياةُ كأَنَّها ** الحلمُ الجميل ، خفيفةَ الأقدامِ ) 7 ( وتَخَرُّ أمواجُ الزَّمانِ بهَيْبةٍ ** قدسيَّةٍ ، في يميِّها المُترامي ) 8 ( فأعيش في غابِ حياةً ، كلّها ** للفنِّ للأَحلامِ ، للإلهامِ ) 9 ( لكِنَّني لا أستطيعُ ، فإنَّ لي ** أمَّا ، يصدُّ حنانُها أوهامي )0 ( وصغارَ إخوانٍ ، يرون سلامهمَ ** في الكَائناتِ مُعَلَّقاً بسَلامي )
____________________
(1/100)
1( فقدوا الأب الحاني ، فكنتُ لضعفهم كهفاً ، ** يَصدُّ غوائلَ الأيامِ )( وَيَقِيهمُ وَهَجَ الحياة ، وَلَفْحَها ** ويذودُ عنهم شرّةَ الآلامِ )( فأنا المكبَّلُ في سَلاسِلَ ، حيَّةٍ ، ** ضَحَّيْتُ مِنْ رَأَفي بها أحلامي )4 ( وأنا الذي سكنَ المدينةَ ، مكرهاً ** ومشى إلى الآتي بِقَلْبٍ دامِ )5 ( يُصْغي إلى الدُّنيا السَّخيفةِ راغماً ** ويعيشُ مثلَ النَّاسِ بالأَوهامِ )6 ( وأنا الذي يحيا يأرض ، قفرةً ** مدحوَّةً للشكِّ والآلامِ . . . )7 ( هَجَمَتْ بيَ الدُّنيا على أهوالها ** وخِضمَّها الرَّحْبِ ، العميقِ الطَّامي )8 ( من غير إنذَارٍ فَأحْمِلَ عُدَتي ** وأخوضَهُ كالسَّابحِ العَوَّامِ )9 ( فتحطّمتْ نفسي على شُطْآنهِ ** وتأجّجتْ في جَوِّه آلامي )0 ( الويلُ للدّنيا التي في شرعها ** فأسُ الطَّعام كريشةِ الرّسّامِ ؟ )
____________________
(1/101)
البحر : طويل ( أرى هيكلَ الأيامُ ، مشيَّداً ** ولا بدَّ أنْ يأتي على أُسِّهِ الهَدْمُ ) ( فيصبحَ ما قد شيدَّ الله ، والورى ** خراباً ، كأنَّ الكلُّ في أمسهِ وهمُ ! ) ( فقل لي : ما جّدوى َ الحياةِ وكربِها ، ** وتلك التي تزوي ، وتلك التي تنمو ؟ ) 4 ( ( وفوْجٍ ، تغذِّيه الحياةُ لِبَانَها ، ** وفوجٍ ، يُرى تَحْتَ التُّرابِ لَهُ رَدْمُ ؟ ) 5 ( وعقلٍ من الأضواء ، في رأس نابغ ** وعقلٍ من الظّلماء ، يحملهُ فدمُ ؟ ) 6 ( وأفئدة حسرَ ، تذوب كآبة ** وأفئدةٍ ، سكرى ، يِرفُّ لها النّجمُ ؟ ) 7 ( لِتعْسِ الوَرى ، شاءَ الإلهُ وجودَهم ** فكانَ لَهُمْ جهلٌ ، وكانَ لَهُمْ فهمُ ! ! )
____________________
(1/102)
البحر : خفيف تام ( راعها منهُ صَمتُه ووجُومُه ** وشجاها شكوبهُ وسُهُومهُ ) ( فأمَرَّتْ كفَّا على شَعْره العا ** ري برفقٍ ، كأنَّها ستُنِيمُهْ ) ( وأطلّتْ بوجهها الباسمِ الحلْ ** وِ على خدِّه وقالتْ تَلُومُهْ : ) 4 ( ' أيّها الطائرُ الكئيب تَغَرَّد ** إنّ شَدْوَ الطُّيورِ حلوٌ رَخِيمُهْ ) ) 5 ( وأجبني - فدتكَ نفسي - ماذا ؟ ** أَمُصَابٌ ؟ أَمْ ذاك أمرٌ ترومُهْ ؟ ) ) 6 ( ( بل هو الفنُّ واكتئابُه ، والفنَّ ** جمٌّ أحزانهُ وهمومُهُ ) 7 ( ( أبداً يحملُ الوجودَ بما في ** هـكأنْ ليسَ للوجودِ زعيمُهْ : ) ) 8 ( خلِّ عبءَ الحياة عنك ، وهيَّا ** بمحيّاً ، كالصّبح ، طلْقٍ أديمُه ) 9 ( ( فَكثيرٌ عليكَ أن تحْمل الدّن ** يا وتمشي بِوقْرِها لا تَريمُهْ ) )0 ( ( والوجودُ العظيم أُقْعِدَ في الما ** ضي وما أنتَ رَبُّهُ فَتُقِيمُهْ ) )
____________________
(1/103)
1( وامشِ في روضةِ الشباب طروباً ** فحواليكَ وَرْدُهُ وَكُرومُهْ ) )( ( واتلُ للحُبِّ والحياةِ أغاني ** كَ وَخلِّ الشَّقاءَ تدمَى كُلُومُهْ ) )( واحتضنَّي ، فإنني لكَ ، حتّى ** يتوارى هذا الدُّجَى ونجومُهْ ) )4 ( ودعِ الحُبّ يُنشدُ الشعر لِلّيل . ، ** فكم يُسكر الظلامَ رنيمهُ . . . )5 ( واقطفِ الورد من خدودي ، وجي ** وَنُهودي . . ، وافْعَلْ بِهِ ما تَرُومُهْ ) )6 ( إنِ للبيت لهوةَ ، الناعمَ الحلوَ ، ** وللكونِ حربُه وهمومُهُ )7 ( والاتشفْ من فمي الأناشيدَ شكرى َ ، ** فالهوى ساحرُ الدلالِ ، وسَيمُه )8 ( وانسَ فَيَّ الحياةَ . . ، فالعمرُ قفرٌ ** مرعبٌ ، إنْ ذوى وجفَّ نعيمَه )9 ( وارمِ لِلّيل ، والضّبابِ ، بعيداً ** فَنَّكَ العَابسَ ، الكثيرَ وُجومهْ ) )0 ( فالهوى ، والشبابُ ، والمرحُ ، المع ** سولُ تشدو أفنانُهُ ونسيمهُ )
____________________
(1/104)
2( ( هي فنُّ الحياة ، يا شاعري الفنّا ** بل لُبُّ فنّها وصميمهُ )( ( تلك يا فيلسوفُ ، فلسفةُ الكوْ ** ن ، ووَحيُ الوجودِ هذا قديمهُ )( وهي إنجيليَ الجميلُ ، فصدُّقه ** هـوإلاّ . . ، فلِلغرامِ جَحِيمُهْ . . ) )4 ( فرماها بنظرةٍ ، غشيتُها ** سَكْرةُ الحبِّ ، والأسى وغيومُهْ )5 ( وتلاهى ببسمةٍ ، رشفتها ** منهُ سَكْرَانةُ الشَّبابِ ، رؤومُهْ )6 ( والتقتْ عندها الشفّاهُ . . ، وغنَّت ** قُبلٌ أجفلت لديها همومه )7 ( مَا تريدُ الهُمومُ من عالَمٍ ، ضَا ** مسراتهُّ ، وغنّت نجومه ؟ )8 ( ليلةٌ أسبلَ الغرامُ عليها ** سحرهُ ، الناعمة الطريرَ نعيمَهُ )9 ( وتغنَّى في ظلها الفرحُ اللاهي ** هي فَجَفَّ الأسى وَخَرّ هَشِيمُهْ )0 ( أَغْرَقَ الفيلسوفُ فلسفةَ الأح ** زان في بحرها . . ، فَمَنْ ذا يلومُهْ )
____________________
(1/105)
3( إنَّ في المرأةِ الجميلةِ سِحْراً ** عبقريَّاً ، يذكي الأسى ، وينيمهُ )
____________________
(1/106)
البحر : طويل ( تُسائلني : مالي سكتُّ ، ولا أُهِبْ ** بقومي ، وديجورُ المصائبِ مُظْلِمُ ) ) ( ( وَسَيْلُ الرَّزايا جَارفٌ ، متدفّعٌ ** عضوبٌ ، وجه الدّهر أربدُ ، أقتمُ ؟ ) ( سَكَتُّ ، وقد كانت قناتيَ غضَّةً ** تصيحُ إلى همس النسَّيم ، وتحلمُ ) 4 ( وقلتُ ، وقد أصغتْ إلى الرّيحِ مرّةً ** فجاش بها إعصارهُ المتهزِّمُ ) 5 ( وقلتُ وقد جاش القَريضُ بخاطري ** كما جاش صخَّابُ الأواذيِّ ، أسْحَمُ : ) 6 ( أرى المجدَ معصوب الجبين مُجدَّلاً ً ** على حَسَكِ الآلم ، يغمرهُ الدَّمُ ) 7 ( وقد كان وضَّاحَ الأساريرَ ، باسماً ** يهبُّ إلى الجلَّى ، ولا يَتَبَرّمُ ) ) 8 ( فيا إيها الظلمُ المصَّعرُ حدَّه ** يرويدكَ ! إن الدّهر يبني ويهدمُ ) 9 ( سيثارُ للعز المحطَّم تاجه ** رجالٌ ، إذا جاش الرِّدى فهمُ هُمُ )0 ( رجالٌ يرون الذَُلَّ عاراً وسبَّةً ** ولا يرهبون الموت ، والموتُ مقدمُ )
____________________
(1/107)
1( وهل تعتلي إلا نفوسٌ أبيِّةٌ ** تصدَّع أغلالَ الهوانِ ، وتَحطِمُ ) )
____________________
(1/108)
البحر : طويل ( إذا صَغُرَتْ نفسُ الفتى كان شوقُهُ ** صغيراً ، فلم يتعبْ ، ولم يتجشَّم ) ( ومَنْ كان جبَّارَ المطامِعِ لم يَزلْ ** يلاقي من الدّنيا ضراوةَ قشعمِ )
____________________
(1/109)
البحر : بسيط تام ( تَرجُو السَّعادةَ يا قلبي ولو وُجِدَتْ ** في الكون لم يشتعلْ حُزنٌ ولا أَلَمُ ) ( ولا استحالت حياةُ الناس أجمعها ** وزُلزلتْ هاتِهِ الأكوانُ والنُّظمُ ) ( فما السَّعادة في الدُّنيا سوى حُلُمٍ ** ناءٍ تُضَحِّي له أيَّامَهَا الأُمَمُ ) 4 ( ناجت به النّاسَ أوهامٌ معربدةٌ ** لمَّا تغَشَّتْهُمُ الأَحْلاَمُ والظُّلَمُ ) 5 ( فَهَبَّ كلٌ يُناديهِ وينْشُدُهُ ** كأنّما النَّاسُ ما ناموا ولا حلُمُوا ) 6 ( خُذِ الحياةَ كما جاءتكَ مبتسماً ** في كفِّها الغارُ ، أو في كفِّها العدمُ ) 7 ( وارقصْ على الوَرِد والأشواكِ متَّئِداً ** غنَّتْ لكَ الطَّيرُ ، أو غنَّت لكَ الرُّجُمُ ) 8 ( وأعمى كما تأمرُ الدنيّا بلا مضضٍ ** والجم شعورك فيها ، إنها صنمُ ) 9 ( فمن تآلّم لن ترحم مضاضتهُ ** وَمَنْ تجلّدَ لم تَهْزأ به القمَمُ )0 ( هذي سعادةُ دنيانا ، فكن رجلاً ** إن شئْتَها أَبَدَ الآباد يَبْتَسِمُ ! )
____________________
(1/110)
1( وإن أردت قضاء العيشِ في دعَةٍ ** شعريّةٍ لا يغشّي صفوها ندمُ )( فاتركْ إلى النّاس دنياهمْ وضجَّتهُمْ ** وما بنوا لِنِظامِ العيشِ أو رَسَموا )( واجعلْ حياتكَ دوحاً مُزْهراً نَضِراً ** في عُزْلَةِ الغابِ ينمو ثُمّ ينعدمُ )4 ( واجعل لياليك أحلاماً مُغَرِّدةً ** إنَّ الحياةَ وما تدوي به حُلُمُ )
____________________
(1/111)
البحر : طويل ( يَقُولونَ : ( صَوْتُ المُسْتَذِلِّين خَافِتٌ ** وسمعَ طغاة الأرض ' أطرشُ ' أضخم ) ( وفي صَيْحَةِ الشَّعْبِ المُسَخَّر زَعْزَعٌ ** تَخُرُّ لَهَا شُمُّ العُرُوشِ ، وَتُهْدَمُ ) ( ولعلةُ الحقّ الغضوضِ لها صدىً ** وَدَمْدَمَةُ الحَربِ الضَّروسِ لَهَا فمُ ) 4 ( إذَا التَفَّ حَوْلَ الحقِّ قَوْمٌ فَإنّهُ ** يُصَرِّمُ أحْدَاثُ الزَّمانِ وَيُبْرِمُ ) 5 ( لَكَ الوَيْلُ يَا صَرْحَ المَظَالمِ مِنْ غَدٍ ** إذا نهضَ المستضعفونَ ، وصمّموا ! ) 6 ( إذا حَطَّمَ المُسْتَعبِدُونَ قيودَهُمْ ** وصبُّوا حميمَ السُّخط أيَّان تعلمُ . . ! ) 7 ( أغَرّك أنَّ الشَّعْبَ مُغْضٍ عَلَى قَذًى ** وأنّ الفضاءَ الرَّحبَ وسنانُ ، مُظلمُ ؟ ) 8 ( ألاّ إنَّ أحلام البلادِ دفينةٌ ** تُجَمْجِمُ فِي أعْماقِهَا مَا تُجَمْجِمُ ) 9 ( ولكن سيأتي بعد لأي نشورها ** وينبث اليومُ الذي يترنَّمُ )0 ( هُوَ الحقُّ يَغْفَى . . ثُمَّ يَنْهَضُ سَاخِطاً ** فيهدمُ ما شادَ الظلاّمُ ، ويحطمُ )
____________________
(1/112)
1( غدا الرّوعِ ، إن هبَّ الضعيف ببأسه ، ** ستعلم من منّا سيجرفه الدمُّ )( إلى حيث تجنى كفَّهُ بذرَ أمسهِ ** وَمُزْدَرعُ الأَوْجَاع لا بُدَّ يَنْدَمُ )( ستجرعُ أوصابَ الحياة ، وتنتشي ** فَتُصْغِي إلى الحَقِّ الذي يَتَكَلَّمُ )4 ( إذا ما سقاك الدهرُ من كأسِهِ التي ** قُرَارَتُها صَابٌ مَرِيرٌ ، وَعَلْقَمُ )5 ( إذا صعق الجبّارُ تحتَ قيوده ** يُصِيخُ لأوجاعِ الحَياةِ وَيَفْهَمُ ! ! )
____________________
(1/113)
البحر : بسيط تام ( يا قلبُ ! كم فيكَ من دُنْيا محجَّبةٍ ** كأنَّها ، حين يبدو فجرُها ( إرَمُ ) ) ( يا قلبُ ! كم فيكَ من كونٍ ، قد اتقدَتْ ** فيه الشُّموسُ وعاشتْ فَوقُه الأممُ ) ( يا قلبُ ! كمْ فيكَ من أفقٍ تُنَمِّقْهُ ** كواكبٌ تتجلَّى ، ثُمَّ تَنعِدمُ ) 4 ( يا قلبُ ! كمْ فيكَ من قبرٍ ، قد انطفَأَتْ ** فيهالحياةُ ، وضجَّت تحتُه الرِّمَمُ ) 5 ( يا قلبُ ! كمْ فيكَ من كهفٍ قد انبَجَسَتْ ** منه الجداولُ تجري مالها لُجُمُ ) 6 ( تمشي . . ، فتحملُ غُصناً مُزْهِراً نَضِراً ** أو وَرْدَةً لمْ تشَوِّهْ حُسنَها قَدَمُ ) 7 ( أو نَحْلةً جرَّها التَّيارُ مُندَفِعاً ** إلى البحارِ ، تُغنّي فوقها الدِّيَمُ ) 8 ( أو طائراً ساحراً مَيتْاً قد انفجرتْ ** في مُقْلَتَيْهِ جِراحٌ جَمَّةٌ وَدَمُ ) 9 ( يا قلبُ ! إنَّك كونٌ ، مُدهِشٌ عَجَبٌ ** إنْ يُسألِ الناسُ عن آفاقه يَجِمُوا )0 ( كأنَّكَ الأبدُ المجهولُ . . . ، قد عَجَزَتْ ** عنكَ النُّهَى ، واكْفَهَرَّتْ حَوْلَكَ الظُّلَمُ )
____________________
(1/114)
1( يا قلبُ ! كمْ من مسرَّاتٍ وأخْيِلةِ ** ولذَّةٍ ، يَتَحَامَى ظِلَّها الألمُ )( غَنَّتْ لفجرِكَ صوتاً حالماً ، فَرِحاً ** نَشْوَانَ ثم توارتْ ، وانقضَى النَّغمْ )( وكم رأي لَيْلُك الأشباحَ هائمةً ** مذعورةً تتهاوى حولها الرُّجُمُ )4 ( ورَفْرَفَ الألمُ الدَّامِي ، بأجنحةٍ ** مِنَ اللَّهيبِ ، وأنَّ الحُزْنُ والنَّدَمُ )5 ( وكمْ مُشَتْ فوقكَ الدُّنيا بأجمعها ** حتَّى توارتْ ، وسار الموتُ والعدمُ )6 ( وشيَّدتْ حولك الأيامُ أبنيةً ** مِنَ الأناشيدِ تُبْنَى ، ثُمّ تَنْهدمُ )7 ( تمضي الحياةُ بما ضيها ، وحاضِرها ** وتذْهَبُ الشمسُ والشُّطآنُ والقممُ )8 ( وأنتَ ، أنتَ الخِضمُّ الرَّحْبُ ، لا فَرَحٌ ** يَبْقَى على سطحكَ الطَّاغي ، ولا ألمُ )9 ( يا قلبُ كم قد تملَّيتَ الحياةَ ، وككمْ ** رقَّيتَها مَرَحاً ، ما مَسَّك السَأمُ )0 ( وكمْ توشَّحتَ منليلٍ ، ومن شَفَقٍ ** ومن صباحٍ تُوَشِّي ذَيْلَهُ السُّدُمُ )
____________________
(1/115)
2( وكم نسجْتَ من الأحلام أرديةً ** قد مزَّقّتْها الليالي ، وهيَ تَبْتَسِمُ )( وكم ضَفَرتَ أكاليلاً مُوَرَّدةً ** طارتْ بها زَعْزَعٌ تدوي وتَحْتَدِمُ )( وَكَمْ رسمتَ رسوماً ، لا تُشابِهُهَا ** هذي العَوَالمُ ، والأحلامُ ، والنُّظُمُ )4 ( كأنها ظُلَلُ الفِردَوْسِ ، حافِلةً ** بالحورِ ، ثم تلاشَتْ ، واختفى الحُلُمُ )5 ( تبلُو الحياةَ فتبلِيها وتخلَعُها ** وتستجدُّ حياةً ، ما لها قِدمُ )6 ( وأنت أنتَ : شبابٌ خالدٌ ، نضِرٌ ** مِثلُ الطَّبيعةِ : لا شَيْبٌ ولا هرَمُ )
____________________
(1/116)
البحر : خفيف تام ( هَهُنا في خمائل الغابِ ، تَحْت الزَّا ** والسِّنديانِ ، والزْيتونِ ) ( أنتِ أْشهى منَ الحياةِ وأبْهى ** من جمالِ الطَّبيعةِ الميمونِ ) ( ما أرقَّ الشّبابَ ، في جسمكِ الغضِّ ** وفي جيدكِ البَديعِ ، الثَّمينِ ! ) 4 ( وأدقّ الجمالَ في طرفِك السَّاهي ، ** وفي ثغرِكِ الجميلِ ، الحَزين ! ) 5 ( وألذَّ الحياةَ حينَ تغنّي ** ن فَأُصْغِي لصوتِكِ المحزُونِ ) 6 ( وأرى رُوحَكِ الجميلةَ عِطْراً ** ضايعاً في حلاوة التَّلحينِ ! ) 7 ( قَدْ تَغَنَّيْتِ منذُ حينِ بصوتٍ ** ناعمٍ ، حالمٍ ، شجيٍّ حنونِ ) 8 ( نَغَماً كالحَياةِ عذباً عميقاً ** في حنانٍ ، ورقةٍ وحنينِ ) 9 ( فإذا الكون قطعةٌ من تشيد ** علويِّ ، منغّمٍ موزونِ )0 ( فَلِمَنْ كنتِ تُنشدين ؟ فقالتْ : ( للضياءِ البَنفسجيِّ الحزينِ ) )
____________________
(1/117)
1( ( للضّباب المورّد ، المتلاشي ** كخيالات حالمٍ ، مفتونِ )( ( للمساءِ المطلِّ لشَّفَق السّا ** لسحْرالأسى ، وسحْر السكونِ )( للعبير الذي يرفرف في الأفقِ ** قِ ويفنى ، مثلَ المنى ، في سكونِ ) )4 ( للأَغاني التي يُردِّدُها الرّا ** بمزماره الصّغيرِ ، الأمينِ )5 ( وبنى اللَّيلُ والرّبيعُ حوالي ** نيا حَيَاةَ الهوى ، وروحَ الحنينِ )6 ( ويوشِّي الوجودَ بالسحر ، والحلام ** والزهر ، والشَّذى ، واللُّحونِ )7 ( للحياةِ التي تغنّي حوالَيَّ ، ** على السَّهْلِ ، والرُّبى والحُزُونِ )8 ( للينابيعِ ، للعصافير ، للظلّ ** لهذا الثّرى ، لتلكَ الغصونِ )9 ( ( للنَّسيمِ الذي يضمِّخُ أحلا ** بعطر الأقاح والليمونِ )0 ( ( للجَمال الذي يفيضُ على الدُّ ** لأشواق قلبيَ المَشحونِ )
____________________
(1/118)
2( للزّمان الذي يوشِّح أيّامي ** مي بِضَوءِ المنى وظلِّ الشُّجونِ )( للشباب السكران ، للأملِ المعبودِ ، ** لليأسِ ، للأسى ، للمُنونِ )( فَتَنهَّدْتُ ، ثُمَّ قُلْتُ : ( وقلبي ** مَنْ يغنّيه ؟ مَنْ يُبيد شُجوني ؟ )4 ( قالت : الحُبُّ ثم غنّتْ لقلبي ** قُبَلاً عبقريةَ التلحينِ )5 ( قبلاً ، علَّمتْ فؤادي الأغاني ، ** وأنارتْ لهُ ظَلامَ السنينِ )6 ( قبلاً ، تَرقصُ السعادةُن والحبُّ ** على لحنِها العَميقِ الرّصينِ )7 ( . . وأفقنا ، فقلتُ كالحالم المسحور : ** حورِ : قولي ، تَكَلَّمي ، خَبِّريني )8 ( أيُّ دنيا مسحورة ، أي رؤيا ** طالَعَتْني في ضوء هذي العُيونِ : ) )9 ( زمرٌ من ملائكِ املأِ الأعلى ** يغنّون في حُنُوِّ حَنونِ )0 ( ( وصبايا رواقصٌ ، يتراشقْ ** بزهر التُّفاحِ واليَاسمينِ )
____________________
(1/119)
3( في فضاءٍ ، مُوَرَّدٍ ، حالمٍ ساهٍ ** هٍ أطافتْ به عذارى الفُنونِ ) )( ( وجحيمٍ تَؤُجُّ تَحْتَ فرادِي ** كأحلامِ شاعرٍ مَجنونِ ؟ )( ( أيُّ خمرٍ مؤجَّجٍ ولهيبٍ ** مُسكرٍ ؟ أيّ نشوة ، وجنونِ ؟ )4 ( أي خمرٍ رشفتُ ، بل أيّ نارٍ ** في شفاهٍ ، بديعةِ التَّكْوينِ ) )5 ( ( واسمعي الغابَ ، فهو قيتارةُ الكو ** . . . . . . . )6 ( أي إثمٍ مقدَّسٍ ، قد لبسنا ** بُرْدَهُ في مسائنا الميمونِ ؟ ) )7 ( فبَدَا طيفُ بسمةٍ ، ساحرٌ عذبٌ ، على ثَغرِها ، قويُّ الفتونِ ** . . . . . . . . . )8 ( وأجابتْ - وكلّها فتنةٌ تُغوي ، ** وي ، وتُغري بالحبِّ ، بلْ بالجنونِ : ) 46 ( كلُّ زهرِ يَضُوعُ منه أريجٌ ** من بخُورِ الرّبيعِ ، جَمُّ الفُتونِ ) 47 ( ونجومُ السماء فيه شموعٌ ** أَوْقَدَتْها للحُبِّ رُوحُ القرونِ )
____________________
(1/120)
50 ( طهَّري يا شقيقةَ الروحِ ثَغْري ** بلهيبِ الحياةِ ، بَلْ قبِّليني ) ) 5( ( قبِّليني ، وَأَسْكِري ثغريَ الصَّا ** وقلبي ، وفِتنتي ، وجنوني ) 54 ( علَّني أستطيعُ أَنْ أتغنّى ** لجمال الدّجى بوَحي العُيونِ ) 55 ( ( آه ما أجملَ الظَّلامَ ! وأقوى ** وحيه في فُؤادي المَفْتونِ ! ) 56 ( أنظري الليلَ فهو في حلّة ** لام يمشي على الذُّرى والحُزُونِ ) ) 57 ( واسمعي الغاب ، فهو قيثارةُ الكونِ ** نِ تغنّي لحبنا الميمونِ ) ) 58 ( إن سِحْرَ الضَّباب ، واللّيلِ ، والغَا ** بِ ، بعيدُ المدى ، قويُّ الفُتونِ ) 59 ( وجمالُ الظّلام يعبقُ بالأحلامِ ** والحبّ . . . فابسمي ، والثميني . . . ) 60 ( آه : ما أعذَبَ الغرامَ ! وأحلى ** رَنَّةَ اللَثمِ في خشوع السَكونِ ! ) 6( . . وَسَكِرْنا هناك . . في عالم الأح ** تحتَ السَّماء ، تحتَ الغُصونِ . . . )
____________________
(1/121)
6( وتوارى الوجودُ عنّا بما في ** وغبْنا فيعالَم مَفْتونِ . . . ) 6( ونسينا الحياة ، والموتَ ، والسُّكو ** وما فيه مِنْ مُنّة ومَنونِ )
____________________
(1/122)
البحر : - ( ما كنتُ أحْسَبُ بعدَ موتَك يا أبي ** ومشاعري عمياء بأحزانِ - ) ( أني سأظمأُ للحياةِ ، وأحتسي ** مِنْ نهْرها المتوهِّجِ النّشوانِ ) ( وأعودُ للدُّنيا بقلبٍ خَافقٍ ** للحبِّ ، والأفراحِ ، والألحانِ ) 4 ( ولكلِّ ما في الكونِ من صُوَرِ المنى ** وغرائبِ الأهُواء والأشجانِ ) 5 ( حتى تحرّكتِ السّنون ، وأقبلتْ ** فتنُ الحياةِ بسِحرِها الفنَّانِ ) 6 ( فإذا أنا ما زلتُ طفِْلاً ، مُولَعاً ** بتعقُّبِ الأضواءِ والألوانِ ) 7 ( وإذا التشأوُمُ بالحياةِ ورفضُها ** ضرْبٌ من الُبهتانِ والهذيانِ ) 8 ( إنَّ ابنَ آدمَ في قرارةِ نفسِهِ ** عبدُ الحياةِ الصَّادقُ الإيمانَ )
____________________
(1/123)
البحر : بسيط تام ( ياربَّةَ الشّعرِ والأحلامِ ، غنِّيتي ** فقد سئمت وجومَ الكَوْنِن من حينِ ) ( إن اللَّيالي اللَّواتي ضمَّختْ كَبِدي ** بالسِّحْر أضْحتْ مع الأيَّامِ ترميني ) ( ناخت بنفسي مآسيها ، وما وجدتْ ** قلباً عطوفاً يُسَلِّيها ، فَعزِّيني ) 4 ( وَهَدّ مِنْ خَلَدِي نَوْحٌ ، تُرَجِّعُه ** بَلوى الحياةِ ، وأحزانُ المساكينِ ) 5 ( على الحياة أنا أبكي لشقوتِها ** فَمَنْ إذا مُتُّ يبكيها ويبكيني ؟ ) 6 ( يا ربة السِّعرِ ، غنِّني ، فقد ضجرت ** نفسي من النّاس أبناء الشياطين ) 7 ( تَبَرَّمَتْ بَيْنيَ الدُّنيا ، وَأَعوزَهَا ** في مِعزفِ الدَّهرِ غرِّيدُ الأَرانينِ ) 8 ( وَرَاحَةُ اللَّيل ملأى مِنْ مَدَامِعِهِ ** و غادةُ الحُبّ ثكلى ، لا تغنِّنيني ) 9 ( فهل إذا لُذت بالظلماء منتحباً ** أسلو ؟ وما نفعُ محزونٍ لمَحزونِ ؟ )0 ( يا ربةَ الشعر ! إن يبَائسٌ ، تعسٌ ** عَدِمْتُ ما أرتجي في العالَم الدُّونِ )
____________________
(1/124)
1( وفي يديكِ مزاميرٌ يُخَالِجُها ** وحي السَّما فهاتيها وغنّيني )( ورتِّلي حولَ بيتِ الحُزْن أغْنِيَةً ** تجلُو عن النَّفسِ أحوانَ الأحايينِ )( فإن قلبي قبرٌ ، مظلمٌ ، قُبرتْ ** فيه الأمانِي ، فما عادتْ تناغيني )4 ( لولاك في هذه الدنيا لما لمست ** أوتارَ رُوحِيَ أَصْواتُ الأفَانينِ )5 ( ولا تغنَّيتُ مأخوذاً . . ، ولا عذُبتْ ** لي الحياةُ لدى غضِّ الرياحينِ )7 ( ولا ازدهى النَّفْسَ في أشْجَانَها شَفَقٌ ** يُلوِّنُ الغيمَ لهواً أيَّ تلوينِ )8 ( ولا استخفَّ حياتي وهي هائمةٌ ** فجرُ الهوى في جفون الخُرَّدِ العِينِ )
____________________
(1/125)
البحر : خفيف تام ( إن هذه الحياةَ قيثارةُ الله ، ** وَأَهْلُ الحَيَاةِ مِثْلُ اللُّحُونِ ) ( نَغَمٌ يَسْتَبي المشاعر كالسحرِ ، ** وصوتٌ يُخلُّ بالتَّلحينِ )
____________________
(1/126)
البحر : كامل تام ( كنَّا كزوجي طائِرِ ، في دوحة الحُبّ الأَمينْ ** )
____________________
(1/127)
البحر : متدارك تام ( غَنَّاهْ الأَمْسُ ، وأَطْرَبَهُ ** وشجاه اليومُ ، فما غدُهُ ؟ ) ( قَدْ كان له قلبٌ ، كالطِّفْلِ ، ** يدُ الأحلامِ تُهَدْهِدُهُ ) ( مُذْ كان له مَلَكُ في الكون ** جميلُ الطَلعَة ، يعبدُه ) 4 ( في جَوْفِ اللَّيلِ ، يُنَاجيهِ ** وَأَمَامَ الفَجْرِ ، يُمَجِّدُهُ ) 5 ( وعلى الهضباتِ ، يغنِّيه ** آيات الحبّ ، ويُنشدُهُ ) 8 ( تَمْشي في الغابِ فَتَتْبعه ** أَفَراحُ الحُبِّ ، وَتَنْشُدُهُ ) 9 ( ويرى الافاقَ فيبصرها ** زُمراً في النَّور ، تُراصدهُ )0 ( ويرى الأطيارَ ، فيحسبُها ** أحلام الحُبِّ تغرِّدهُ )( ويرى الأزهارَ ، فيحسبها ** بسَماتِ الحُبّ توادِدُهُ )( فَيَخَالُ الكونَ يناجيهِ ! ** وجمالَ العاَلمِ يُسعدُه ! )
____________________
(1/128)
1( ونجومَ الليل تضاحكُهُ ! ** ونسيمَ الغابَ يطاردُهُ ! )4 ( ويخال الوردَ يداعبهُ ** فرِحاً ، فتعابثه يدُهُ ! . . )5 ( ويرى الينبوعَ ، ونَضرتَه ، ** ونسيمُ الصُّبح يجعِّدهُ )6 ( وخريرُ الماء له نغَمٌ ** نسماتُ الغاب تردّدهُ )7 ( ويرى الأعشابَ وقد سمقَت ** بينَ الأشجارِ تشاهدهُ )8 ( ونطافُ الطلِّ تُنَمِّقُها ** فيجل الحبَّ ويحمدهُ )9 ( ياللأيام ! فكم سَرَّت ** قلْباً في النّاسِ لِتُكْمِدَهُ )0 ( هي مثل العاهر ، عاشقها ** تسقيه الخمر . . ، وتطردُهُ ! )( يعطيكَ اليومُ حلاوتَها ** كالشَّهْدِ ، لَيَسْلُبَهَا غَدُهُ ! )( بالأمسِ يعانقُها فرحاً ** ويضاجعُها ، فتُوسِّدُهُ )
____________________
(1/129)
2( واليومَ ، يُسايرُها شَبَحاً ** أضناه الحُزنُ ، ونكَّدُهُ )4 ( يتلو في الغَابِ مَرَاثِيَه ** وجذوعُ السَّروِ تساندُهُ )5 ( ويماشي الّناسِ ، وما أحدٌ ** منهم يُشجيه تفرُّدُهُ )6 ( في ليل الوَحْشَةِ مسْراهُ ** وَبِكَهْفِ الوَحْدَةِ مرقَدُهُ )7 ( أصواتُ الأمسِ تُعَذِّبه ** وخيالُ الموتِ يُهَدِّدُهُ )8 ( بالأمسِ ، له شفَقٌ في الكونِ ** ُيضئُ الأفقَ تورُّدُهُ )9 ( واليومَ لقد غشَّاه الليلُ ** )0 ( غنَّاه الأمسُ وَأَطْرَبَهُ ** وشجاه اليومُ ، فما غدهُ ؟ )
____________________
(1/130)
البحر : بسيط تام ( لا ينهضُ الشعبُ إلاَّ حينَ يدفعهُ ** عَزْمُ الحياةِ ، إذا ما استيقظتْ فيهِ ) ( والحَبُّ يخترقُ الغَبْراءَ ، مُنْدفعاً ** إلى السماء ، إذا هبَّتْ تُناديهِ ) ( والقيدُ يأَلَفُهُ الأمواتُ ، ما لَبِثوا ** أمَّا الحيَاةُ فيُبْلها وتُبْليهِ )
____________________
(1/131)
البحر : خفيف تام ( يا إلهَ الوجودِ ! هذي جراحٌ ** في فؤادي ، تشْكو إليْك الدّواهي ) ( هذه زفرةٌ يُصعِّدها الهمُّ ** إلى مَسْمَعِ الفَضَاء السَّاهي ) ( هَذِهِ مُهْجَةُ الشَّقَاءِ تُنَاجيكَ ** فهلْ أنتَ سامعٌ يا إلهي ؟ ) ( فلقد جرّعني صوتُ الظّلام ** ) 4 ( أنتَ أنزلتني إل ظلمةِ الأرض ** وقد كنتُ في صباحٍ زارهِ ) 4 ( أَلَماً علّمني كرِهَ الحياة ** ) 5 ( كالشّعاع الجميل ، أَسْبَحُ في الأفق ** وأُصْغي إلى خرير المياهِ ) 5 ( كَجَدْولٍ في مَضَايِقِ السُّبُلُ ** ) 6 ( أَنَا كَئيبْ ، ** ) 6 ( وأُغنِّي بينَ الينابيعِ للفَجْر ** وأشدو كالبلبلِ التَّيَّاهِ )
____________________
(1/132)
7 ( أنتَ أوصلتَني إلى سبل الدنيا ** وهذي كثيرةُ الأشتباهِ ) 8 ( ثم خلَّفَتَني وحيداً ، فريداً ** فَهْوَ يا ربِّ مَعْبَدُ الحقِّ ، ) 9 ( أنتَ أوقفتَني على لُجَّة الحزْنِ ** وجَرَّعتني مرارةَ آهِ ! )0 ( أنت أنشأتني غريباً بنفسي ** بين قوميْ ، في نشْوتي وانتباهي )( امي ، وآياتِ فنِّهِ المتناهي ** وحبَّبْتَني جُمَودَ السَّاهي )( وتلاشت في سكون الأكتئاب ** )( أنتَ جَبَّلتَ بين جنبيَّ قلباً ** سرمديَّ الشُّعور والانتباهِ )( عبقريَّ الأسى : تعذِّبه الدنيا ** وتُشْجيه ساحراتُ الملاهي ! )4 ( أيها العصفورْ ** )4 ( أنتَ عذّبتني بِدِقَّة حِسِّي ** وتعقَّبْتَني بكلّ الدَّواهي )
____________________
(1/133)
16 ( بالمنايا تَغْتال أشْهى أمانيَّ ** وتُذوِي محاجري ، وَشِفاهي )7 ( فإذا من أحبُّ حفنةُ تُرْبٍ ** تافهٍ ، مِنْ تَرائبٍ وَجِبَاهِ )8 ( أنَّةَ الأوتار . . ! ** )9 ( يتلاشى فوق الخضَمِّ : ويبقى ال ** يمُّ كالعهدِ مُزْبدَ الأمواه . . . )9 ( غَرِيبَةٌ فِي عَوَالِمِ الحَزَن ** )0 ( يا إلهَ الوجودِ ! مالكَ لا تَرثي ** لحزن المُعَذَّب الأوَّاهِ ؟ )0 ( مرّت ليالٍ خبَتْ مع الأمدِ ** )( قد تأوَّهتُ في سكونِ اللّيالي ** ثم أطبقتُ في الصّباح شِفاهي )( رُوحِي ، وَتَبْقَى بِها إلى الأَبَدِ ** )5 ( يَا رِياحَ الوجود ! سيري بعنفٍ ** وتغنِّيْ بصوتك الأوَّاه )
____________________
(1/134)
26 ( وانفحيني مِنْ رُوحِكِ الفَخْم ما يُبْ ** لغُ صَوْتي آذَانَ هذا الإلهِ )8 ( وانثُري الوَرْدَ للثُّلوجِ بدَاداً ** واصعقي كلّ بُلبلٍ تَيَّاه )9 ( فالوجودُ الشقيُّ غيرُ جديرٍ ** وَهْوَ نايُ الجمالِ ، والحبِّ ، والأحْ )( فالإله العظيم لميخلق لدنيا ** سوى للفناءِ تَحْتَ الدّواهي ) 64 ( مَشَاعِرِي فِي جَهَنَّمَ الأَلمِ ** )
____________________
(1/135)
البحر : مجتث ( شعري نُفَاثة صدري ** إنْ جَاشَ فِيه شُعوري ) ( لولاه ما أنجاب عنّي ** غَيْمُ الحياةِ الخطيرِ ) ( ولا وجدتَ أكتئابي ** ولا وجدت سروري ) 4 ( بِهِ تَراني حزيناً ** أبكي بدمعٍ غزيرِ ) 5 ( به تراني طروباً ** أجرّ ذيلَ خُبوري ) 6 ( لا أنظمُ الشعرَ أرجو ** به رضاءَ الأمير ) 7 ( بِمِدْحَةٍ أو رثاءٍ ** تُهْدَى لربّ السريرِ ) 8 ( حسْبي إذا قلتُ شعراً ** أن يرتضيهِ ضَميري ) 9 ( مالشعرُ إلا فضاءٌ ** يَرفُّ فيه مَقالي )0 ( فيما يَسُرُّ بلادي ** وما يسرُّ المعالي )
____________________
(1/136)
1( وما يُثِيرُ شُعوري ** من خافقاتِ خيالي )( لا أقرضُ الشعرَ أبغي ** به اقتناصَ نَوال )( الشِّعرُ إنْ لمْ يكنْ في ** جمالِهِ ذَا جَلالِ )4 ( فإنَّما هُوَ طيفٌ ** يَسْعَى بوادي الظِّلال )5 ( يقضي الحياةَ طريداً ** في ذِلّة ، واعتزال )6 ( يا شعرُ ! أنت مِلاكي ** وطارِفِي ، وتِلادي )7 ( أنا إليكَ مُرادٌ ** وأنتَ نِعْمَ مُرادي )8 ( قِف ، لا تَدَعْني وحيداً ** ولا أدعك تنادي )9 ( فَهَلْ وجدتَ حُساماً ** يُناط دون نجادِ )0 ( كَمْ حَطَّمَ الدَّهْرُ ** ذا هِمَّةٍ كثيرَ الرّمادِ )
____________________
(1/137)
2( ألقاه تَحْتَ نعالٍ ** من ذِلَّة وحِدادِ )( رِفقاً بأَهْلِ بلادي ! ** يا منجنون العَوادي ! )
____________________
(1/138)
البحر : مجتث ( إنَّ الحياةَ صِراعٌ ** فيها الضّعيفُ يُداسْ ) ( ما فَازَ في ماضِغيها ** إلا شديدُ المراسْ ) ( للخِبِّ فيها شجونٌ ** فَكُنْ فتى الإحتراسْ ) 4 ( الكونُ كونُ شفاءٍ ** الكونُ كونُ التباسْ ) 5 ( الكونُ كونُ اختلاقٍ ** وضجّةٌ واختلاسْ ) 6 ( السرور ، ** والابتئاسْ ) 7 ( بين النوائبِ بونٌ ** للنّاس فيه مزايا ) 8 ( البعضُ لم يدرِ إلا ** البِلى ينادي البلايا ) 9 ( والبعضُ مَا ذَاقَ منها ** سوى حقيرِ الرزايا )0 ( إنَّ الحياةَ سُبَاتٌ ** سينقضي بالمنايا )
____________________
(1/139)
1( ** آمالُنَا ، والخَطايا )( فإن تيقّظَ كانتْ ** بين الجفون بقايا )7 ( كلُّ البلايا . . . جميعاً ** تفْنى ويحْيا السلامْ ! )8 ( والذلُّ سبُّهُ عارٍ ** لا يرتضيهِ الكِرامْ ! )9 ( الفجر يسطع بعد الدّ ** ُجى ، ويأتي الضِّياءْ )0 ( ويرقُدُ اللَّيْلُ قَسْراً ** على مِهَادِ العَفَاءْ )( وللشّعوب حياةٌ ** حِينا وحِينا فَنَاءْ )( واليأْسُ موتٌ ولكنْ ** موتٌ يثيرُ الشّقاءْ )( والجِدُّ للشَّعْبِ روحٌ ** تُوحِي إليهِ الهَناءْ )4 ( فإن تولَّتْ تصدَّت ** حَيَاتُهُ لِلبَلاءْ )
____________________
(1/140)
البحر : خفيف تام ( قد سكرنا بحبنا واكتفَيْنا ** يا مديرَ الكؤوس فاصرفْ كؤوسَكْ ) ( واسكبِ الخمرَ للعَصَافيرِ والنَّحْلِ ** وَخَلِّ الثَّرى يَضُمُّ عروسَكْ ) ( مالنا والكؤوس ، نطلبُ منها ** نشوةً والغَرامُ سِحْرٌ وسُكْرُ ! ) 4 ( خَلِّنا منكَ ، فَالرّبيعُ لنا ساقٍ ** وهذا الفضاءُ كاسٌ وخمرُ ! ) 5 ( نحن نحيا كالطّيرِ ، في الأفُق السَّاجي ** وكالنَّحْلِ ، فوق غضِّ الزُّهُورِ ) 6 ( لا ترى غيرَ فتنةِ العالم الحيِّ ** وأحلامِ قلبها المسحورِ . . . ) 7 ( نحن نلهو تحتَ الظلالِ ، كطفلينِ ** سعيدين ، في غُرورِ الطُّفولة ْ ) 8 ( وعلى الصخرةِ الجميلةِ في الوادي ** وبين المخاوفِ المجْهولَهْ ) 9 ( نحن نغدو بين المروج ونُمسى ** ونغنِّي مع النسيم المعنِّي )0 ( ونناجي روحَ الطبيعةِ في الكون ** ونُصغي لِقَلْبها المتغنّي )
____________________
(1/141)
1( نحنُ مثلُ الرَبيعِ : نمشي على أرضٍ ** مِنَ الزَّهرِ ، والرُّؤى ، والخَيالِ )( فوقَها يرقصُ الغرامُ ، ويلهو ** ويغنّي ، في نشوةٍ ودلالِ )( نحن نحيا في جَنَّةٍ مِنْ جِنَانِ السِّحْرِ ** في عالمٍ بعيدٍ . . . ، بعيدِ . . . ، )4 ( نحنُ في عُشِّنا الموَرَّدِ ، نتلو ** سُوِرِ الحُبِّ للشَّبابِ السّعيدِ )5 ( قد تركنا الوُجودَ للنَّاس ، ** ضُوا عليه الحياةَ كيفَ أرادُوا )6 ( وذهبنا بِلبِّه ، وَهْوَ رُوحٌ ** وَتَركنا القُشُورَ ، وَهْيَ جَمادُ )7 ( قد سِكْرنا بحبّنا ، واكتَفْينا ** طفَحَ الكأسُ ، فاذهَبُوا يا سُقاةُ )8 ( نحن نحيا فلا نريدُ مزيداً ** حَسْبُنا ما مَنَحْتِنَا يا حَياةُ )9 ( حَسْبُنا زهرُنَا الَّذي نَتَنَشَّى ** حَسْبُنا كأسُنا التي نترشّفْ )0 ( إنَّ في ثغرِنا رحيقاً سماويَّا ** وفي قلبنا ربيعاً مُفَوَّفْ )
____________________
(1/142)
2( أيُّها الدَّهْرُ ، أيُّها الزَّمَنُ الجاري ** إلى غيرِ وُجهةٍ وقرارِ ! )( أيُّها الكونُ ! أيّها القَدَرُ الأَعمى ! ** قِفُوا حيثُ أنتُمُ ! أو فسيرُوا )4 ( وَدَعُونا هنا : تُغنِّي لنا الأحْلامُ ** والحبُّ ، والوجودُ ، الكبيرُ )5 ( وإذا ما أبَيْتُمُ ، فاحْمِلُونا ** ولهيبُ الغَرامِ في شَفَتْينا )6 ( وزهورُ الحياة ، تعبقُ بالعطرِ ** وبالسِّحْرِ ، والصِّبا في يديْنَا )
____________________
(1/143)
البحر : مجزوء الرمل ( في سكونِ الليل لما ** عانقَ الكونَ الخشُوع ) ( وَاخْتَفَى صَوْتُ الأَمَانِي ** خَلْفَ آفَاقِ الهُجُوعْ ) ( رَتَّلَ الرَّعْدُ نَشِيداً ** رَدَّدَتْهُ الكَائِنَاتْ ) 4 ( مِثْلَ صَوْتِ الحَقِّ إنْ صَا ** حَ بأعماقِ الحيَاة ) 5 ( يتهَادى بضَجيجٍ ** في خلاَيا الأودَيهْ )( أَمْ هِيَ القُوَّةُ تَسْعَى ** بِاعْتِسَافٍ واصْطِخَابْ )( ** صَوْتِهَا رُوحُ العَذَابْ ؟ ) ) 5( مِثْلَ جَبَّارِ بَنِي الجِنِّ بأَقْصَى الهَاوِيَة ْ ** )
____________________
(1/144)
البحر : خفيف تام ( يا صَميمَ الحياةِ ! إنّي وَحِيدٌ ** مُدْبجٌ ، تائهٌ . فأين شروقُكْ ؟ ) ( ضَائعٌ ، ظامىء ٌ ، ف ** َأَيْنَ رَحِيقُكْ ؟ ) ( يا صميمَ الحياةِ ! قد وَجَمَ النَّايُ ** وغام الفضا . فأين بروقُكْ ؟ ) 4 ( يا صميمَ الحياةِ ! إنّي فؤادٌ ** فتحت النجومُ يُصغِي مَشوقُكْ ) 5 ( كُنْتُ في فجركَ ، الموشَّحِ بالأحلامِ ، عِطْراً ، يَرِفُّ فَوْقَ وُرودِكْ ** ) 6 ( حالماً ، ينهل الضياءَ ، ويُصغي ** لكَ ، في نشوةٍ بوحي نَشِيدِكْ ) 7 ( ثمَّ جاءَ الدّجى . . ، فَأمسيتُ أوراقاً ، بداداً ، من ذابلاتِ الورودِ ** ) 8 ( ** بين هولِ الدُّجى وصمتِ الوُجودِ ) 9 ( كنتُ في فجرك المغلَّف بالسِّحرِ ، ** فضاءَ من النّشيد الهادي )0 ( وسحاباً من الرَّؤى ، يتهادى ** في ضميرِ الآزال والآبادِ )
____________________
(1/145)
1( وانقضى الفجرُ . . ، فانحدرتُ منَ الأفْق تراباً إلى صَمِيمِ الوادي ** )( يا صميمَ الحياة ! كم أنا في الدُّنيا غَريبٌ أشقى بغُرْبَةِ نفسي ** )4 ( بين قومٍ ، لا يفهمونَ أناشيدَ فؤادي ، ولا معاني بؤسي ** )6 ( فاحتضِنِّي ، وضُمَّني لك - كالماضي - فهذا الوجودُ علَّةُ يأسي ** )7 ( لم أجد في الوجود إلا شقاءً ، ** سرمديّاً ، ولَذَّةُ ، مضمحلّهْ )8 ( وأمانيَّ ، يُغرق الدمعُ أحلاها ، ويُفنى يمُّ الزّمان صداها ** )9 ( وأناشيدَ ، يأكُلُ اللَّهَبُ الدّامي مَسَرَّاتِها ، ويُبْقِي أَساها ** )0 ( وَوُروداً ، تموت في قبضةِ الأشْواكِ ما هذه الحياةُ المملَّة ْ ؟ ** )( سأَمٌ هذهِ الحياةِ مُعَادٌ ** وصباحٌ ، يكرُّ في إثرِ ليلِ )4 ( ليتني لم أزل - كما كنت - ضوءاً ، شائعاً في الوجود ، غيرَ سجين ! ** )
____________________
(1/146)
البحر : متقارب تام ( أراكِ ، فَتَحْلُو لَدَيّ الحياةُ ** ويملأُ نَفسي صَبَاحُ الأملْ ) ( وتنمو بصدرِي ورُودٌ ، عِذابٌ ** وتحنو على قلبيَ المشتعِلْ ) ( ويفْتِنُني فيكِ فيضُ الحياةِ ** وذاك الشّبابُ ، الوديعُ ، الثَّمِلْ ) 4 ( ويفتنُني سِحْرُ تلك الشِّفاهِ ** ترفرفُ منْ حولعنّ القُبَلْ ) 5 ( فأعبُدُ فيكِ جمالَ السّماء ، ** ورقَةَ وَرْدِ الرَّبيعِ ، الخضِلْ ) 6 ( وطُهْرَ الثلوج ، وسِحْرَ المروج ** مُوَشَّحَةً بشعاعِ الطَّفَلْ ) 7 ( أراكِ ، فأُخْلَقُ خلْقاً جديداً ** كأنّيَ لم أَبْلُ حربَ الوجودْ ) 8 ( ولم أحتمِلْ فيه عِبثاً ، ثقيلاً ** من الذِّكْريَاتِ التي لا تَبيدْ ) 9 ( وأضغاثِ أيّاميَ ، الغابراتِ ** وفيها الشَّقيُّ ، وفيها السَّعيدْ )0 ( ويْغْمُرُ روحِي ضياءٌ ، رفيقٌ ** تُكَلّلهُ رَائعاتُ الورودْ )
____________________
(1/147)
1( وتُسْمُعُني هَاتِهِ الكَائِنَاتُ ** رقيقَ الأغاني ، وحُلْوَ النشيدْ )( وترقصُ حولِي أمانٍ ، طِرابٌ ** وأفراحُ عُمْرِ خَلِيٍّ ، سَعيدْ )( كأنِّيَ أصبَحْتُ فوقَ البَشَرْ ** وتهتزُّ مثْلَ اهتزازِ الوتَرْ )4 ( ** أناملَ ، لُدْناً ، كرَطْب الزَّهَرْ )5 ( فتخطو أناشيدُ قلبيَ ، سكْرَى ** تغرِّدُ ، تَحْتَ ظِلالِ القَمَرْ )6 ( وتملأَني نَشْوةٌ ، لا تُحَدُّ ** )7 ( أوَدُّ بروحي عناقَ الوجودِ ** بما فيه من أنفسٍ ، أو شجرْ )8 ( وليلٍ يفرُّ ، وفجرٍ يكرُّ ** وغَيْمٍ ، يُوَشِّي رداءَ السحرْ )
____________________
(1/148)
البحر : سريع ( لو كَانَتِ الأَيّامُ في قبضتي ** أذريتها للريح ، مثل الرمال ) ( وقلتُ : ( يا ريحُ ، بها فاذهبي ** وبدِّديها في سَحيقِ الجبالُ ) ( ' بل في فجاج الموت . . في عالَمٍ ** لا يرقُصُ النُّورُ بِهِ والظِّلالْ . . ) 4 ( لو كان هذا الكونُ في قبضتي ** ألقيْتُه في النّار ، نارِ الجحيمْ ) 5 ( ما هذا الدنيا ، وهذا الورى ** وذلكَ الأُفْقُ ، وَتِلْكَ النُّجُومْ ؟ ) 6 ( النَّارُ أوْلى بعبيدِ الأسى ، ** ومسرحِ الموتِ ، وعشِّ الهمومْ ) 7 ( يا أيّها الماضِي الذي قد قَضَى ** وضمَّهُ الموتُ ، وليلُ الأَبَدْ ) 8 ( يا حاضِرَ النَّاس الذي لم يَزُل ! ** يا أيُّها الآتي الذي لم يَلِدْ ) 9 ( سَخَافةٌ دنياكُمُ هذه ** تائهةٌ في ظلمةِ لا تُحَدْ . . )
____________________
(1/149)
البحر : رمل تام ( كان قلبِيَ فجرٌ ، ونجومْ ، ** وبحارٌ ، لا تُغَشّيها الغيومْ ) ( وأناشيدٌ ، وأطيارٌ تَحُومْ ** وَرَبيعٌ ، مُشْرِقٌ ، حُلْوٌ ، جَميلْ ) ( كانَ في قلبي صباحٌ ، وإياهْ ، ** وابتِسَامَاتٌ ولكنْ . . . واأسَاهْ ! ) 4 ( آه ! ما أهولَ إعْصَارَ الحياة ْ ! ** آه ! ما أشقى قُلُوبَ النّاسِ ! آه ! ) 5 ( كان في قلبيَ فجرٌ ، ونجومْ ، ** ) 6 ( فإذا الكلُّ ظلامٌ ، وسديمْ . . ، ** ) 7 ( كان في قلبيَ فجرٌ ، ونجومْ ** ) 8 ( يا بني أمِّي ! تُرى أينَ الصّباحْ ؟ ** قد تقضَّى العُمْرُ ، والفجْرُ بعيدْ ) 9 ( وَطَغى الوادي بِمَشْبُوبِ النواحْ ** وانقَضَتْ أنشودةُ الفَصْل السَّعيدْ )0 ( أين نايي ؟ هل ترامتْه الرياحْ ؟ ** أين غابي ؟ أين محرابُ السُّجُودْ . . ؟ )
____________________
(1/150)
1( خبِّروا قلبي . فما أقسى الجراحْ ! ** كيف طارتْ نشوةُ العيشِ الحَميدْ ! )( يا بني أمِّي ! تُرى أين الصَّباح ؟ ** )( أوراءَ البحر ؟ أم خلفَ الوُجود ؟ ** )4 ( يا بني أمي ؟ ترى أينَ الصباح ؟ ** )5 ( ليت شعري ! هل سَتُسَلِيني الغَداة ْ ** وتعزِّيني عن الأمسِ الفَقِيدْ )6 ( وتُريني أن أفراحَ الحياة ** زُمَرٌ تمضي ، وأفواجٌ تعود )7 ( فإذا قلبي صياح ، وإيّاه . . ، ** وإذا أحلاميَ الأولى وَرُودْ . . ، )8 ( وإذا الشُّحْرورُ حُلْوُ النَّغماتْ . . ، ** وإذا الغَابُ ضِيَاءٌ وَنَشِيدْ . . ؟ )0 ( أم ستنساني ، وتُبْقيني وحيد ؟ ** )( ليتَ شِعْري ! هل تُعَزِّيني الغَدَاة ْ ؟ ** )
____________________
(1/151)
البحر : خفيف تام ( أينَ يا شعبُ قلبُكَ الخَافقُ الحسَّاسُ ؟ ** أينَ الطُّموحُ ، والأَحْلامُ ؟ ) ( أين يا شعبُ ، رُوحُك الشَّاعرُ الفنَّانُ ** أينَ ، الخيالُ والالهامُ ؟ ) ( أين يا شعبُ ، فنُّك السَّاحرُ الخلاّقُ ؟ ** أينَ الرُّسومُ والأَنغامُ ؟ ) 4 ( إنَّ يمَّ الحياةِ يَدوي حوالَيْكَ ** فأينَ المُغامِرُ ، المِقْدَامُ ) 5 ( أينَ عَزْمُ الحياةِ ؟ لا شيءَ إلاّ ** الموتُ ، والصَّمتُ ، والأسى ، والظلامُ ) 6 ( عُمُرٌ مَيِّتٌ ، وَقَلْبٌ خَواءٌ ** ودمٌ ، لا تثيره الآلامُ ) 7 ( وحياةٌ ، تنامُ في ظلمةِ الوادي ** وتنْمو من فوقِها الأوهام ) 8 ( أيُّ عيشٍ هذا ، وأيُّ حياةٍ ؟ ! ** رُبَّ عَيْشٍ أخَفُّ منه الحِمَام ) 9 ( قد مشتْ حولَك الفصولُ وغَنَّتْكَ ** فلم تبتهِجْ ، ولمْ تترنَّمْ )0 ( ودَوَتْ فوقَك العواصِفُ والأنواءُ ** حَتَّ أَوشَكْتَ أن تتحطَّمْ )
____________________
(1/152)
1( وأطافَتْ بكَ الوُحوشُ وناشتْك ** فلم تضطرب ، ولم تتألمْ )( يا إلهي ! أما تحسُّ ؟ أَمَا تشدو ؟ ** أما تشتكي ؟ أما تتكلَّمْ ؟ )( ملَّ نهرُ الزّمانِ أيَّامَكَ الموتَى ** وأنقاضَ عُمرِكَ المتهدِّمْ )4 ( أنتَ لا ميِّتٌ فيبلَى ، ولا حيٌّ ** فيمشي ، بل كائنٌ ، ليس يُفْهَمْ )5 ( أبداً يرمقُ الفراغَ بطرفٍ ** جامدٍ ، لا يرى العوالِمَ ، مُظْلِمْ )6 ( أيُّ سِحْرٌ دهاكَ ! هل أنتَ مسحورٌ ** شقيٌّ ؟ أو ماردٌ ، يتهكَّمْ ؟ )7 ( آه ! بل أنتَ في الشُّعوب عجوزٌ ، ** فيلسوفً ، مُحطَّمٌ في إهابِهْ )8 ( ماتَ شوقُ الشبابِ في قلبِه الذاوي ، ** وعزمُ الحياةِ في أعصابِهْ )9 ( فمضى يَنْشُدُ السَّلامَ . . ، بعيداً . . ** )0 ( وهناكَ . . اصطفى البقاءَ مع الأموات ، ( في قبرِ أمسِهِ ) غيرَ آبِهْ . . . )
____________________
(1/153)
2( وارتضى القبرَ مسكناً ، تتلاشى ** فيه أيَّامُ عُمرِهِ المتشابِهْ )( وتناسى الحياةَ ، والزّمَنَ الدّاوي ** وما كان منْ قديمِ رِغَابِهْ )4 ( واعبدِ ( الأمسَ ) وادَّكِرْ صُوَرَ الماضِي ** فدُنْيَا العجوزِ ذكري شبابِهْ . . . )5 ( وإذا مرَّتِ الحياةُ حوالَيْكَ ** جميلاً ، كالزّهر غضَّا صِباها )6 ( تتغنّى الحياة بالشوق والعزم ** فيحْي قلبَ الجمادِ غِنَاها )7 ( والربيعُ الجميلُ يرقصُ فوقَ ** الوردِ ، والعشبِ ، مُنْشِداً ، تيَّاهاً )8 ( ومشَى النّاسُ خلفَها ، يتَمَلوْنَ ** جمالَ الوجودِ في مرآها )9 ( فاحذرِ السِّحْرَ ! أيُّها النَّاسكُ القِدِّيسُ ** )0 ( والربيعُ الفَنَّانُ شاعِرُها المفتونُ ** يُغْرِي بحبِّها وهواها )( وَتَمَلَّ الجمالَ في رِممِ الموتَى . . ! ** بعيداً عن سِحْرِهَا وَصَدَاها )
____________________
(1/154)
3( وَتَغَزَّلْ بسِحْرِ أيَّامِكَ الأولى ** وخَلِّ الحياةَ تخطو خطاها )( وإذا هبَّت الطيورُ مع الفجر ، ** تُغنِّي بينَ المروجِ الجميلهْ )4 ( وتُحَيِّي الحياةَ ، والعالَمَ الحيَّ ، ** بِصَوْتِ المحبَّةِ المعسولهْ )5 ( والفَراشُ الجميلُ رَفْرَفَ في الرَّوْضِ ، ** يناجي زهورَهُ المطلولهْ )6 ( وأفاقَ الوجودُ للعمل المُجْدِي ** ولِلسَّعي ، والمعاني الجليلهْ )7 ( ومشى الناس في الشِّعاب ، وفي الغاب ، ** وفوق المسَالكِ المجهولهْ )8 ( ينشدون الجمالَ ، والنُّورَ ، والأفراحَ ** والمجدَ ، والحياةَ النبيلهْ )9 ( فاغضُضِ الطَّرفَ في الظَّلامِ ! وحاذِرْ ** فِتْنَةَ النُّورِ . . ! فهيَ رُؤْيَا مَهولَة . . . ) 40 ( وَصَبَاحُ الحياةِ لا يُوقِظُ الموْتَى ** ولا يَرْحَمُ الجفونَ الكليلهْ ) 4( كلُّ شيءٍ يُعَاطِفُ العالَم الحيَّ ، ** ويُذكِي حياتَه ، ويُفيدُهْ )
____________________
(1/155)
4( والذي لا يجاوِبُ الكونَ بالاحساسِ ** عِبْءٌ على الوجودِ ، وُجُودُهُ ) 4( كُلُّ شيءٍ يُسايرُ الزَّمنَ الماشي ** بعزمٍ ، حتى الترابُ ، ودودُهُ ) 44 ( كلُّ شيءٍ إلاَّكَ حَيٌّ ، عَطوفٌ ** يُؤْنِسُ الكونَ شَوْقُه ، ونَشيدُهُ ) 45 ( فلِماذا تعيشُ في الكون يا صَاحِ ! ** وما فيكَ من جنًى يستفيدُهْ ) 46 ( لستَ يا شيخُ للحياةِ بأَهْلٍ ** أنت داءٌ يُبِيدُها وتُبِيدُهْ ) 47 ( أنت قَفْرٌ ، جهنَّميٌّ لَعِينٌ ، ** مُظْلِمٌ ، قَاحلٌ ، مريعٌ جمودُهْ ) 48 ( لا ترفُّ الحياةُ فيه ، فلا طيرَ ** يغنّي ولا سَحَابَ يجودُهْ ) 49 ( أنتَ يا كاهنَ الظلامِ ياةٌ ** تعبد الموتَ . . ! أنت روحٌ شقيٌّ ) 50 ( كافرٌ بالحياةِ والنُّورِ . . ، لا يُصغي ** إلى الكون قلبُه الحَجَرِيُّ ) 5( أنتَ قلبٌ ، لا شوقَ فيه ولا عزمَ ** وهذا داءٌ الحياةِ الدَّوِيُّ )
____________________
(1/156)
5( أنتَ دنيا ، يُظِلُّها أُفُقُ الماضي ** وليلُ الكآبةِ الأَبديُّ ) 5( مات فيها الزّمانُ ، والكونُ إِلاَّ ** أمسُها الغابرُ ، القديمُ ، القَصِيُّ ) 54 ( والشقيُّ الشقيُّ في الأرض قلبٌ ** يَوْمُهُ مَيِّتٌ ، وما ضيه حيُّ ) 55 ( أنتَ لا شيءَ في الوجودِ ، فغادِرْهُ ** إلى الموت فَهْوَ عنك غَنِيُّ )
____________________
(1/157)
البحر : رمل تام ( رَفْرَفَتْ فِي دُجْيَةِ اللَّيْلِ الحَزِينْ ** زُمرةُ الأحلامْ ) ( فَوْقَ سِرْبٍ مِنْ غَمَامَاتِ الشُّجُونْ ** مِلْؤُهَاالآلامْ ) ( شَخَصَتْ ، لَمَّا رَأَتْ ، عَيْنُ النُّجُومْ ** بَعْثَةَ العُشَّاقْ ) 4 ( وَرَمَتْهَا مِنْ سَمَاها بِرُجُومْ ** تسكبُ الأحراق ) 5 ( كنت إذْ ذَاك على ثَوْبِ السكون ** أنثرُ الأَحزانْ ) 6 ( وَالهَوى يَسْكُبُ أَصْدَاءَ المَنُونْ ** في فؤادٍ فانْ ) 7 ( سَاكِتاً مِثْلَ جَميعِ الكَائِناتْ ** راكدَ الألحانْ ) 8 ( هائمٌ قلبي بأعماقِ الحياة ** تائهٌ ، حيرانْ ) 9 ( إنَّ للحبِّ عَلى النَّاسِ يَدا ** تقصفُ الأعمارْ )0 ( وَلَهُ فَجْرٌ على طُولِ المدى ** سَاطِعُ الأَنْوَارْ )
____________________
(1/158)
1( ثورةُ الشّر ، وأحلامُ السّلام ، ** وجمالُ النّور )( وابتسامُ الفَجْرِ في حُزْنِ الظَّلامْ ، ** في العيونِ الحُورْ )
____________________
(1/159)
البحر : مخلع البسيط ( أدركتَ فَجْرَ الحَياةِ أعمْى ** وَكُنْتَ لاَ تَعْرِفُ الظَّلامْ ) ( فَأَطْبَقَتْ حَوْلَكَ الدَّيَاجِي ** وغامَ من فوقِك الغمامْ ) ( وَعِشْتَ في وَحْشَةٍ ، تقاسي ** خواطراً ، كلّها ضرامْ ) 4 ( وغربةٍ ، ما بها رفيقٌ ** وظلمةٍ ، ما لها ختام ) 5 ( تشقُّ تِيهَ الوجودِ فرداً ** قد عضّك الفَقْرُ والسُّقَامْ ) 6 ( وطاردتْ نفسَك المآسي ** وفرَّ من قلبِك السّلامْ ) 7 ( هوِّنْ عَلى قلبك المعنَّى ** إنْ كُنْتَ لاَ تُبْصِرُ النُّجُومْ ) 8 ( ولا ترى الغابَ ، وهْو يلغو ** وفوقه تَخْطُرُ الغُيومْ ) 9 ( ولا ترى الجَدْوَلَ المغنِّي ** وَحَوْلَهُ يَرْقُصُ الغيم )0 ( فكلُّنا بائسٌ ، جَديرٌ ** برأفةِ الخالقِ العَظيمْ )
____________________
(1/160)
1( وكلُّنا في الحياة أعمى ** يَسُوقه زَعْزَعٌ عَقِيمْ )( وحوله تَزْعَقُ المَنَايا ** كأنَّها جِنَّةُ الجَحِيمْ : )( يا صاح ! إن الحياة قفرٌ ** مروِّعٌ ، ماؤهُ سرابْ )4 ( لا يجتني الطَّرْفُ منه إلاّ ** عَواطفَ الشَّوكِ والتُّرابْ )5 ( وأسعدُ النّاس فيه أعمى ** لا يبصرُ الهولَ والمُصابْ )6 ( ولا يرى أنفس البرايا ** تَذُوب في وقْدَةِ العَذَابْ )7 ( فاحمدْ إله الحياة ، وافنعْ ** فيها بألْحَانِكَ العِذابْ )8 ( وعِشْ ، كما شاءَتِ الليالي ** من آهَةِ النَّاي والرَّبَابْ )
____________________
(1/161)
البحر : متدارك تام ( أُسْكُني يا جرَاحْ ** وأسكني يا شجونْ ) ( ماتَ عهد النُّواحْ ** وَزَمانُ الجُنُونْ ) ( وَأَطَلَّ الصَّبَاحْ ** مِنْ وراءِ القُرُونْ ) 4 ( في فِجاجِ الرّدى ** قد دفنتُ الألَمْ ) 5 ( ونثرتُ الدُّموعْ ** لرياحِ العَدَمْ ) 6 ( واتّخذتُ الحياة ** مِعزفاً للنّغمْ ) 7 ( أتغنَّى عليه ** في رحابِ الزّمانْ ) 8 ( وأذبتُ الأسَى ** في جمال الوجودْ ) 9 ( ودحوتُ الفؤادْ ** واحةً للنّشيدْ )0 ( والضِّيا والظِّلالْ ** والشَّذَى والورودْ )
____________________
(1/162)
1( والهوى والشَّبابَّ ** والمنى والحَنانْ )( اسكُني يا جراحْ ** وأسكُتي يا شجونْ )( ماتَ عهدُ النّواحْ ** وزَمانُ الجنونْ )4 ( وَأَطَلَ الصَّباحْ ** مِنْ وراءِ القُرونْ )5 ( في فؤادي الرحيبْ ** مَعْبِدٌ للجَمَالْ )6 ( شيَّدتْه الحياة ْ ** بالرّؤى ، والخيال )7 ( فَتَلَوتُ الصَّلاة ** في خشوع الظّلالْ . . . )8 ( وَحَرقْتُ البخور . . . ** وأضأتُ الشُّموع )9 ( إن سِحْرَ الحياة ْ ** خالدٌ لا يزولْ )0 ( فَعَلامَ الشَّكَاة ْ ** مِنْ ظَلامٍ يَحُولْ )
____________________
(1/163)
2( ثمَ يأتي الصبَّاح ** وتمُرُّ الفصولْ . . ؟ )( سوف يأتي رَبِيعْ ** إن تقضَّى رَبِيعْ )( سكُنِي يا جراحْ ** وأسكتي يا شجونْ )4 ( ماتَ عهدُ النّواح ** وَزَمانُ الجنونْ )5 ( وأطلَّ الصَّباحْ ** مِن وراءِ القُروُنْ )6 ( من وراءِ الظَّلامْ ** وهديرِ المياهْ )7 ( قد دعاني الصَّباحْ ** وَرَبيعُ الحَيَاهْ )8 ( يا لهُ مِنْ دُعاءُ ** هزّ قلبي صَداهْ )9 ( لَمْ يَعُد } لي بَقاء ** فوق هذي البقاعْ )0 ( الودَاعَ ! الودَاعَ ! ** يا جبالَ الهمومْ )
____________________
(1/164)
3( يا ضَبابَ الأسى ! ** يا فِجَاجَ الجحيمْ )( قد جرى زوْرَقِي ** في الخضمِّ العظيمْ . . . )( ونشرتُ القلاعْ . . . ** فالوَداعَ ! الوَداعْ )
____________________
(1/165)
البحر : متقارب تام ( ألا أيها الظَّالمُ المستبدُ ** حَبيبُ الظَّلامِ ، عَدوُّ الحياهْ ) ( سَخَرْتَ بأنّاتِ شَعْبٍ ضَعيفٍ ** وكفُّكَ مخضوبةُ من دِماهُ ) ( وَسِرْتَ تُشَوِّه سِحْرَ الوجودِ ** وتبدرُ شوكَ الأسى في رُباهُ ) 4 ( رُوَيدَكَ ! لا يخدعنْك الربيعُ ** وصحوُ الفَضاءِ ، وضوءُ الصباحْ ) 5 ( ففي الأفُق الرحب هولُ الظلام ** وقصفُ الرُّعودِ ، وعَصْفُ الرِّياحْ ) 6 ( حذارِ ! فتحت الرّمادِ اللهيبُ ** ومَن يَبْذُرِ الشَّوكَ يَجْنِ الجراحْ ) 7 ( تأملْ ! هنالِكَ . . أنّى حَصَدْتَ ** رؤوسَ الورى ، وزهورَ الأمَلْ ) 8 ( ورَوَيَّت بالدَّم قَلْبَ التُّرابِ ** وأشْربتَه الدَّمعَ ، حتَّى ثَمِلْ ) 9 ( سيجرفُكَ السيلُ ، سيلُ الدماء ** ويأكلُك العاصفُ المشتعِلْ )
____________________
(1/166)
البحر : متقارب تام ( أَزَنْبَقَةَ السفْح ! مالي أراكِ ** تَعَانِقُكِ اللَّوْعةُ القَاسِيه ؟ ) ( أفي قَلْبكِ الغضِّ صوتُ اللهيب ، ** يرتِّل أُنْشُودَةَ الهاويهْ ؟ ) ( أَأَسْمَعَكِ اللَّيلُ نَدْبَ القُلوبِ ** أأرشفكِ الفجرُ كأسَ الأسى ؟ ) 4 ( أَصَبَّ عليكِ شُعَاعُ الغروبِ ** نجيعَ الحياة ، ودمعَ المسا ؟ ) 5 ( أأوقفكَ الدهرُ حيث يُفجِّ ** رُ نوحُ الحياة صُدوعَ الصدور ؟ ) 6 ( وَيَنبَثِقُ الليل طيفاً ، كئيباً ** رهيباً ، ويخفقُ حُزْنُ الدهورْ ؟ ) 7 ( إذا أضرتكِ أغاني الظلامِ ** فقد عذَّبَتْني أغاني الوجومْ ) 8 ( وإن هجرتكِ بناتُ الغيوم ** فقد عانَقَتْني بناتُ الجَحيمْ ) 9 ( وإنْ سَكَبَ الدَّهْرُ في مِسمِعيْكِ ** نَحِيبَ الدُّجَى ، وأنينَ الأملْ )0 ( فقد أجّجَ الدهرُ في مُهْجتي ** شُواظاً من الحَزَن المشتعل )
____________________
(1/167)
1( وإن أرشفتْكِ شفاهُ الحياة ** رُضابَ الأسى ، ورحيقَ الألم )( فإنِّي تجرّعتُ من كفِّها ** كُؤوساً ، مؤجَّجةً ، تَضْطَرِمْ )( أصيخي ! فما بين أعشار قلبي ** يرِفّ صدى نوحِكِ الخافت )4 ( معيداً على مهجتي بحفيف ** جَنَاحَيْهِ صَوْتَ الأسى المائتِ )5 ( وقد أترع الليلُ بالحب كأسى ** وشعشعها بلهيب الحياة )6 ( وجرّعني من ثُمالاتِه ** مرارةَ حُزْنٍ ، تُذيبُ الصَّفاة ْ )7 ( إليَّ ! فقد وحّدت بيننا ** قَسَاوةُ هذا الزّمان الظَّلُومْ )8 ( فقد فَجَّرتْ فيَّ هذي الكُلومَ ** كما فجّرت فيكِ تلك الكلوم )9 ( وإنْ جَرَفَتْنِي أكفُّ المنونِ ** اللحْد ، أو سحقتكِ الخُطوبْ )0 ( فَحُزْني وَحُزْنُكِ لا يَبْرَحَانِ ** ألِيفيْنِ رغمَ الزّمان العَصيبْ )
____________________
(1/168)
2( وتحت رواقِ الظَّلامِ الكَئيبِ ** إذا شملَ الكونَ روحُ السحَرْ )( سيُسمَع صوتٌ ، كلحن شجيٍّ ** تطايَرَ من خَفَقات الوترْ )( يردِّدُه حُزنُنا في سكون ** على قبرنا ، الصّامتِ المطمئن )4 ( فَنَرقُد تَحْتَ التُّرابِ الأصمِّ ** جميعاً على نَغَمَاتِ الحَزَنْ )
____________________
(1/169)
البحر : طويل ( من حديث الشيوخ ** ) ( وتطهرَ أروحنا في الحياةِ ** بنارِ الأسى . . . ) ( اللَّيْلِ ، فِي تِلْكَ النَّوَاحي ** وتلك الأغاني ، وذاك النشيدْ ؟ ) 4 ( ** بَعْدَ إضْرَامِ الكِفَاحِ ) 4 ( يسمعُ الأحزانَ تبكي ** وقال ليَ الغابُ في رقَّةٍ ) 5 ( وضياءٍ ، وظلالٍ ، ودجى ، ** ) 5 ( ألماً علمني كرهَ الحياة ْ ** ) 5 ( وتربدُّ تلكَ الوجوهُ الصباحُ ** فَرَنَتْ نَحْوَ جَلاَلِ الكَوْ ) 5 ( سَعْيَ غَيْدَاءَ ، رَدَاحِ ** ) 6 ( في دولةِ الأَنْصَابِ والأَلقابِ )
____________________
(1/170)
) 6 ( وفتنةَ هذا الوجودِ الأغَرْ ) والهمومْ ) 6 ( وهل ينطفي في النفوسِ الحنينُ ** وانقِبَاضٍ ، وانْشِرَاحِ ) 8 ( أيامَ كانتْ للحياةِ حلاوةُ الروضِ المطيرْ ** ) 9 ( غُدُوٍ ، وَرُوَاحِ ** من الكون وهو المقيم الأبيدْ ؟ ) 9 ( أخرسَ العصفورَ عني ، ** ) 9 ( يَهْجَعُ الكَوْنُ ، في طمأنينةِ الْعُصْ ** )0 ( نِ ، جَوْنَاءُ اللِّيَاحِ ** نظامٌ ، دقيقٌ ، بديعٌ ، فريدْ )( ** وبدرٌ يضيءُ ، وغيمٌ يجودْ ؟ )
____________________
(1/171)
1( ههنا ، تمشي الأماني ، والهوى ، ** والأسى ، في موكبٍ فخمِ النشيدْ )( ولولا شقاءُ الحياةِ الأليمِ ** )4 ( ضمَّتِ الميْتَ تلكَ الحُفرْ ) وسلامهْ )5 ( ( ظمئتُ إلى الكون ! أين الوجودُ ** )6 ( نَحْوَ رَبّاتِ الجَنَاحِ ** كأنّ صدَاها زئيرُ الأسودْ )7 ( ** فَاحْتَسَتْ خَمْرَ نَدَى الدَّا )7 ( لوعةُ اليومِ ، فتبكي وتئنُّ ** لشقاها )( إنَّمَا الدَّهْرُ وَمِيثَا ** كما تنثرُ الوردَ ريحٌ شرودْ )0 ( سِ فِي العَرْشِ الفُسَاحِ ** وعيشٍ ، غضيرٍ ، رخيٍّ ، رغيدْ ؟ )
____________________
(1/172)
البحر : - ( والضَّجَرْ ** أيُّ طَيْر ) ( لَيْتَ شِعْري ! ** ) ( يَسْمَعُ الأَحْزَانَ تَبْكِي ** ) 4 ( وذا جنونٌ ، لعمري ، كلهُ جزعٌ ** حَاكُوا لَكُمْ ثَوْبَ عِزٍّ ) 4 ( فَأَرى صَوْتي فَرِيدْ ! ** يهيجُ فيها غبارا ) 5 ( ** تبقي الأديبَ حمارا ) 7 ( قد كبلَ القدرُ الضاري فرائسهْ ** فما استطاعوا له دفعاً ، ولا حزروا ) 8 ( لا يعرفُ المرءُ منها ** ليلاً رأى أمْ نهارا ) 9 ( يخالُ كلَّ خيالٍ ** )( ** نوى قلىً ، وصغارا )
____________________
(1/173)
1( لبستم الجهلَ ثوباً ** تخذتموهُ شعارا )( كَالكَسِيرْ ؟ ** قطنتمُ الجهلَ دارا ؟ )4 ( ** لَسْتُ أدري )6 ( ** خلعتموهُ احتقارا )8 ( وَأَعْقَبَتْهُمْ خُمَارا ** كالموتِ ، لكنْ إليها الوردُ والصدرُ )8 ( يا ليتَ قومي أصاخوا ** لما أقولُ جهارا )9 ( يا شعرُ ! أسمعتَ لكنْ ** )0 ( فلا تبالِ إذا ما ** أعطوا نداكَ ازورارا )
____________________
(1/174)
البحر : - - ( نَّوَى قِلىً ، وَصَغَارا ** ) ( ** دنياكَ كونُ عواطفٍ وشعورِ ) ( شعري نفاثةُ صدري ** يُهِيجُ فيها غُبارا ) ( لولاهُ ما انجابَ عني ** يَخَالُ كُلَّ خَيَالٍ ) 4 ( ** أيامُهُ بضياءِ الفجرِ والشفقِ ) 4 ( ولا وجدتُ اكتئابي ** ولا وجدتُ سروري ) 5 ( غردْ ، ففي قلبي إليكَ مودةٌ ** لكنْ مودةُ طائرٍ مأسورِ ) 6 ( لولاهُ ما سمعتْ في الكونِ أغنيةٌ ** دُونَ أَنْ تَبْلَعَ النُّفُو ) 6 ( ** لِلْجَهْلِ في الجوِّ نَارا ) 7 ( لا أنظمُ الشعرَ أرجو ** به رضاءَ الأمير )
____________________
(1/175)
8 ( ** نَسَباً صَارَ مُعْرِقا )0 ( ** يرفُّ فيه مقالي )0 ( ** سوى حقيرِ الرزايا )( ** منْ خافقاتِ خيالي )( فوقها يرقصُ الغرامُ ، ويلهو ** ويغني في نشوةٍ ودلالِ )( أبدا ولا الأملُ المجنحُ منشداً ** لَبِسْتُم الجَهْلَ ثَوْباً )4 ( يهتاجني صوتُ الطيورِ ، لأنَّه ** متدفقُ بحرارةٍ وطهورِ )4 ( نحن نحيا في جنةٍ منْ جنانِ السحرِ ** في عالمٍ بعيدٍ . . . ، بعيدِ . . . )6 ( ** وَدِمَائي تخلَّقا )7 ( يا شعرُ ! أنتَ ملاكي ** وطارفي ، وتلادي )
____________________
(1/176)
17 ( بَذَرَ الحُبُّ بَذْرَهُ ** يَرقُبُ البَدْرَ جَفْنُهُ )8 ( متوحداً بعواطفي ، ومشاعري ، ** سَرَى ، تَسَرْبَلَ فَارا )8 ( ** وأنتَ نعمَ مرادي )( ** تَتْلُو سَحَاباً رُكَاماً )( إنّّ في ثغرنا رحيقاً سماوياً ** بَرْقُ غَيْمٍ تَألَّقا )( يَا قَوْمُ مَا لِي أَرَاكُمْ ** ذا همةٍ كثيرَ الرمادِ )( ** موتُ يثيرُ الشقاءْ )( يَا شِعْرُ ! أسْمَعْتَ لكِنْ ** )( ثَغْرُهُ مِنْ عُقُودِهِ ** وَدُمُوعِي تَنَسَّقَا )5 ( ** هَامَ فِي العَيْنِ غَرْبُهُ )
____________________
(1/177)
27 ( أنتَ في الكونِ قوةٌ ، لم تسها ** )0 ( ماذا أودُّ من المدينةِ ، وهيَ مر ** تادٌ لكلِّ دعارةٍ وفجورِ ؟ )4 ( خَلَعْتُمُوهُ احتِقَارا ** )6 ( ذرفتهُ أجفانُ الصباحِ مدامعاً ** ألاقةً ، في دوحةٍ وزهورِ . . . ) 5( أَبْقَوا سَمَاءَ المَعَالي ** )
____________________
(1/178)
البحر : - - ( والشَّقَا لَوْ تَرَفَّقَا ** ) ( فيصبحُ ما قد شيد اللهُ والورى ** خراباً ، كأنّ الكلَّ في أمسهِ وهمُ ! ) ( ما قدسَ المثلَ الأعلى وجملهُ ** ) 4 ( ثُمَّ مِنْ وَصْلِهِ الجَمِي ** وغام الفضا فأينَ بروقكْ ؟ ) 4 ( ** تَضُجُّ ، وها إنّ الفَضاءَ مَآثِمُ ) 4 ( عوائدُ تُحيي في البلاد نوائباً ** ) 5 ( ' أيها الطائرُ الكئيبُ تغردْ ** وطرفُهُ يَرْمُقُ النَّجْمَ ) 6 ( يُصوِّبها نَحْوَ الدِّيانَةِ ظَالِمُ ** حتى إذا ما توارى عنهمُ ندموا ! ) 6 ( ' وأجبني فدتْكَ نفسيَ ماذا ؟ ** ) 6 ( حتى تحركت السنون ، وأقبلتْ ** فتنُ الحياةِ بسحرها الفتانِ )
____________________
(1/179)
7 ( ' خذ الحياةَ كما جاءتْك مبتسماً ** في كفها ، الغارُ أو في كفها العدمُ ' ) 7 ( ** ان جمٌ أحزانُهُ وهمومُهْ ' ) 9 ( ** وغادةُ الحبِّ ثكلى ، لا تغنيني )0 ( فمنْ تألمَ لمْ ترحمْ مضاضتهُ ** )( وسحاباً منَ الرؤى ، يتهادى ** )( تَقُول واللَّيل سَاجٍ ** )( ** قِ تراباً إلى صميمِ الوادي )6 ( ' واقطفِ الوردَ من خدودي ، وجيدي ** يا قلبُ نَهْنِهْ دموعَ )9 ( عبقرُّ السحرِ ، ممراحٌ وديعٌ في سماهْ ** )9 ( وأمانيَّ ، يغرقُ الدمعُ أحلاها ، ** صَارَ ذا جِنَّةٍ بِهِ )
____________________
(1/180)
20 ( وانسَ في الحياةَ . . ، فالعمرُ قفرٌ ، ** مرعبٌ إنْ ذوى وجفّ نعيمهْ ' )0 ( ** ي مسراتها ، ويبقي أساها )( كَمْ قُلُوبٍ تَفَطَّرَتْ ** )( نَاحَتْ عَليهِ فتاةٌ : ** نَ بلْ لبُّ فنها وصميمهْ ' )5 ( فرماها بنظرةٍ ، غشيتها ** والقبرُ مصغٍ إليها : )5 ( ليتني لم يعانقِ الفجْرُ أحلامي ، ** )9 ( نحوَ السماءِ ، وها أنا في الأرضِ تمثالُ الشجونْ ** )5 ( ولربّ صبحٍ غائمٍ ، متحجبٍ ** في كلةٍ من زعزعٍ وغمامِ ) 4( جفتْ به أمواجُ ذياك الغرامِ الآفلِ ** )
____________________
(1/181)
البحر : - ( أيُّ ناسٍ هذا الورى ؟ ما أرى ** إلا برايا ، شقيةً ، مجنونهْ ) ( على الوجود حياتُهْ ** سِ منَ الشرِّ ، كيْ تجنَّ جنونهْ ) 5 ( مانُ صَوْبَ البَلايا ؟ ! ) ) 6 ( أصبحَ الحسنُ لعنةً ، تهبط الأر ** وِهِ ، وَفَرْطِ وُلُوعِهْ ) 7 ( وشقيٍّ ، طافَ المدينةَ ، يستج ** دي ليحيا ، فخيبوه احتقارا )0 ( ** في ظُلْمَةِ اللَّيل فَاضَتْ )( وشعوبٍ ضعيفةٍ ، تتلظى ** في جحيمِ الآلامِ عاماً فعاما )6 ( وفتاةٍ حسبتها معبدَ الحبِّ ، ** يَا لاَبْتِسَامةِ قَلْبٍ )( رصْفَ الصَّفَائِح دونَهْ ( يا دهرُ ! رفقاً ! فإنَّ القُ )
____________________
(1/182)
البحر : - - ( نحنُ نمشي ، وحولنا هاته الأك ** وانُ تمشي . . . ، لكنْ لأيةِ غايهْ ؟ ) ( ** هاته ، يا فؤادُ إنَّا غَريبا ) 4 ( ** نجيعَ الحياةِ ، ودمعَ المسا ) 7 ( إذا أضجرتكِ أغاني الظلامِ ** فقدْ عبتني أغاني الوجومْ ) 8 ( وإنْ هجرتكِ بناتُ الغيومِ ، ** فقد عانقتني بناتُ الجحيمْ ) 9 ( ثمَّ خلفتني وحيداً ، فريداً ** سِ ، وهذا الرَّبيعُ ينفُخُ نَايهْ )0 ( هاتهِ فالظلام حولي كثيفٌ ** بين الخرائبِ يُمسِي )( هاته ، يا فؤادُ إنا غريبا ** )( أصيخي ! فما بينَ أعشارِ قلبي ** يرفُّ صدى نوحكِ الخافتِ )( أنتَ جبلتَ بين جنبيّ قلباً ** سرمديّ الشعورِ والإنتباهِ )
____________________
(1/183)
14 ( بعد القضاءِ الأخيرِ . . . ** )4 ( معيداً على مهجتي بحفيفِ ** ضي وخلَّى النَّحيبَ في شَفَتيَّا ، )8 ( ويرى الأعشابَ وقدْ سمقتْ ** بينَ الأشجارِ تشاهدهُ )0 ( يا إله الوجود ! ما لكَ لا ترثي ** لحزنِ المعذبِ الأواه ؟ )( جفَّ سحرُ الحياةِ ، يا قلبيَ البا ** إنَّ الدُّهورَ البَواكي )( يرددهُ حزننا في سكونٍ ** على قبرنا ، الصامتِ المطمئنْ )( وزرعتُ الأحلامَ في قلبيَ الدا ** مي ، ولا أستطيعُ حتّى بكاها ؟ )4 ( ثمَّ لما حصدتُ لمْ أجنِ إلا ** الشوكَ ، ما ترى فعلتُ ؟ إلهي ! )5 ( مَ واليأسَ ، والأسى ، حيثُ شِينا ** هم ، ويرنو لهم بعطفٍ إلهي )
____________________
(1/184)