-----------------------------------
وكنتُ أحاربُ صِرْفَ الزّما
نِ أَيَّامَ أعيُنُهُ نَائمَهْ
فَلَمَّا تَيَقَّظَ سَالَمْتُهُ
وَمَنْ خَافَ سطوَتَهُ سَالَمَهْ
وقد كنتُ أسرعُ في قمرة ٍ
فقد صِرتُ أقنعُ بالقائِمَهْ
العصر العباسي >> كشاجم >> أَخوكَ الذي إنْ أفسَدَ الدَّهرُ وُّدّهُ
أَخوكَ الذي إنْ أفسَدَ الدَّهرُ وُّدّهُ
رقم القصيدة : 9463
-----------------------------------
أَخوكَ الذي إنْ أفسَدَ الدَّهرُ وُّدّهُ
تَلَطَّفَ لاسِتصْلاحِهِ فَتَقَوَّما
ولم يحتفلْ مستأنِفاً ودَّ صاحبٍ
لعلَّكَ تلقاهُ أعقَّ وأظلما
وإنَّ علاجِي عِلَّة ً قد عرفتُها
أداوي الذي أودتهُ منِّي لأَسْلَمَا
لأَيْسَرُ خَطْباً مِنْ علاجِ غريبة ٍ
من السُّقْمِ ما عاينتُهَا مُتَقَدّما
العصر العباسي >> كشاجم >> وَيْحَ عَينٍ لَمْ تَرْوَ مِنْ ماءِ وجهٍ
وَيْحَ عَينٍ لَمْ تَرْوَ مِنْ ماءِ وجهٍ
رقم القصيدة : 9464
-----------------------------------
وَيْحَ عَينٍ لَمْ تَرْوَ مِنْ ماءِ وجهٍ
قد سقَاهُ الشَّبابُ ماءَ نعيمِ
العصر العباسي >> كشاجم >> مَالُكَ موفورٌ فما بالُهُ
مَالُكَ موفورٌ فما بالُهُ
رقم القصيدة : 9465
-----------------------------------
مَالُكَ موفورٌ فما بالُهُ
أَكْسبَكَ التّيهَ على المُعْدَمِ
وَلِمْ إذا جِئْتَ نَهَضْنَا وإنْ
جِئْنَا تطاوَلْتَ ولَمْ تَهْتَمِ
وإن خرجنا لم تقُلْ مِثلما
نقولُ قدِّمْ طرفَهُ قدّمِ
ما لكَ سلطانٌ فتزهى ولو
تَوَاضَعَ السلطانُ لَمْ يُذْمَمِ
إنْ كنتَ ذا علمٍ فَمَنْ ذا الذي
مثلُ الذي تعلَمْ لَمْ يَعْلَمِ
ولستَ في الغاربِ من دولة ٍ
ونحنُ من دونِكَ في المنسِمِ
إنْ كنتَ ذا حسنٍ فلو حكمَتْ
في ذاكَ مظلومة ٌ لم تظلمِ
وسترها تَعَلمْ مَنْ يَشْتَهي
منّا وإنْ مَالَتْ إلى الدّرهَمِ
وقد وُلِينا وعُزِلنا كما
أنتَ فلم نصغُرْ ولم نَعْظُمِ
تكافاَتْ أحوالُنا كُلُّها
فَصِلْ على الإنْصاف أو فاصرُمِ(91/54)
العصر العباسي >> كشاجم >> سلامٌ على الأطلالِ حسنى خيامِهَا
سلامٌ على الأطلالِ حسنى خيامِهَا
رقم القصيدة : 9466
-----------------------------------
سلامٌ على الأطلالِ حسنى خيامِهَا
وهلْ مُستَطاعٌ أنْ يُردَّ سَلامُهَا
تحيّة ُ مشتاقٍ أطاعَ دموعَهُ
وأسعدُهَا بين الرسومِ انسجامُهَا
غَدَتْ لِظَليمِ الوحشِ بَعدَ ظلومِهَا
وخالَفَهَا من بعد نُعْمٍ نَعَامُهَا
فأين عيونُ العينِ والأوجُهُ التي
إذا لحنُّ في الظّلماءِ زَالَ ظَلاَمُهَا
نَأَيْنَ وفيهنَّ التي لِفِرَاقِهَا
نأى عن جُفُونِ المُسْتَهَامِ مَنَامُهَا
معدّلَة ُ الأَقسامِ للبدرِ وَجْهُهَا
وللغُصنِ منها قدُّهَا وقِوامُهَا
وكَمْ عَاذِلٍ لو كانَ يُصْغَى لِعَذِلْهِ
ولائمة ٍ لو كانَ يُنْهى ملامُهَا
لَحَتْنِي وأرْبَتْ في الكلامِ وأَنكَرَتْ
مُقامي وقالتْ خطّة ٌ لا أُسَامُهَا
وقد يُتَّقى من صَولة ِ الأُسْدِ رَبْضُهَا
ويُحمدُ للغُرِّ الجيادِ جِمامُهَا
أحاوِلُ أنْ أغدو وأتبَعَ معشراً
أراذِلَ تَنْبُو عنِ كرامٍ لِئامُهَا
ويغمدُ محمودُ النّصال ويهتبي
وقد يُنْتَضى في كلِّ حينٍ كَهَامُهَا ك
فيا ليتَ نفساً لا يُصَان مَصُونُها
عنِ الذُّلِّ لاقَاهَا وَشِيكاً حِمَامُهَا
سأكرِمُ نفساً لا يهونُ كَرِيمها
وأحرمُها من أن يُذَلَّ مُقَامُهَا
أبا حَسنٍ حُسنُ الأمورِ تمامُهَا
وزينتُها أكمالُهَا وخِتَامُها
وليسَ يربُّ العرفَ بعد اصطناعِهِ
لديكَ من الأملاكِ إلاَّ كِرامُهَا
فكم لكَ عندي من صَنيعة ِ مُجْمَلٍ
وبيضِ أيادٍ طوقَّتني جِسامُهَا
أرسل قصيدة | أخبر صديقك | راسلنا
العصر العباسي >> كشاجم >> ياريمُ كمْ أدنو وأنتَ ترِيمُ
ياريمُ كمْ أدنو وأنتَ ترِيمُ
رقم القصيدة : 9467
-----------------------------------
ياريمُ كمْ أدنو وأنتَ ترِيمُ
وتنامُ عن ليلى وليسَ تُنِيمُ
أخلفْتَ ميعادَ المُدَامِ وقلَّما
ألفيتَ عهداً للمُدَامِ يَدُومُ
فاسْتأنفِ العهدَ المُحيلَ فإنَّهُ(91/55)
قد عادَ بعدَ العهدِ وهو ذَمِيمُ
قُمْ غيرَ مذمومِ القيامِ فإنَّنا
سَنُقِيمُ سوقَ اللّهوِ حينَ نقومُ
هذا الصباحُ فأَضْحِكِ الإبريقَ عن
شمسٍ يَحِفّ بها لديَّ نُجومُ
فإذا رآها الصّبْح في خلَلِ الدجا
كالجيش زنجياً غَزتُه الرُّومُ
والنجمُ في افقِ الغروبِ كأّنَّه
نسرٌيحلقُ تارة ً ويحومُ
والأفقُ أبيضُ والهِلالُ كأَنَّهُ
خَلْخالُ ساقِ خريدة ٍ مفصُومَ
والجوُّ معطورُ الهواءِ كأنَّما
يأتي بعرفِ المسكِ منهُ نَسِيِمُ
ومسلّطُ اللّحظاتِ يُحْسَبُ ظَالماً
فإذا رَنَا فكأَنَّهُ مظلومُ
تَمَّتْ مَحَاسنُهُ وقامَ لِقَدّهِ
في التّيهِ إنَّ الحسنَ فيهِ يقيمُ
يسعى بما في كَفِّهِ وَنَظِيرُهَا
في طَرْفِهِ ورحيقُها مَخْتُومُ
راحاً كأَنَّ نسيمُهَا متولّدٌ
من نَشْرِهِ ومزاجَها تَسْنِيمُ
شبهانِ تنحَسِرُ الهمومُ إذا هما
حَضَرَا وَيَحْسُنُ فيهما التّأثيمُ
جاءَتْ بنكهتِهِ وجاءَ بلونِهَا
في خَدّه فَصَبَا إليهِ حَليمُ
وَسَقَى بها سُقِياً وأثملَ مَثْملاً
وتظلَّمتْ منهُ إليَّ ظَلُومُ
وَشَدَا لنا فَنَفَى الأَسى بمحفَّقٍ
إيقاعُهُ المحصورُ والمذمُومُ
متجاوبُ الأوتارِ في نغماتِهِ
خَنِثٌ وفي ألفاظِهِ تَرَخِيمُ
متوسّدٌ يُسْرَى يديهِ ممهّدٌ
كالطّفلِ إلاّ أَنَّهُ مَفْطُومُ
مُستَعجمٌ لا يستبينُ كلامُهُ
حتّى يُرى في الصّدرِ منهُ كُلومُ
لا يفهمُ النّجْوَى إذا خاطَبْتَهُ
وحَدِيثُهُ مستَحْسَنٌ مُفهومُ
فكأنَّ كِسرى فى الزّجاجَة ِ سابحٌ
في الماءِ يغرقُ تارة ً ويَعُومُ
اشفي على تمثالِهِ برحيقِهِ
وكأَنَّه لي صاحبٌ ونَدِيمُ
في مجلسٍ حَجَبَ الزّمانُ صروفَه
عنّا فَظِلُّ العَيْشِ فيهِ مُقِيمُ
لَو لَمْ يكدّرْ صَفْوَهُ لمغيبِه
عنِّي أبو إسحاقَ إبراهيمُ
يا بدرَ هَاشِمَ والذي من بَيْنِهِمْ
أضحى لَهُ التّفضيِيلُ والتّعظِيمُ
ياروضة َ الأخلاقِ والأدبِ الذ
ي فيهِ علومٌ جَمَّة ٌ وَحُلُومُ
مهلاً أبا إسحاقَ إنَّكَ ماجدٌ(91/56)
نَدْبٌ ومنتخبُ الفروعِ كَريمُ
وتواضُعَ الكُبراءِ في أَخْلاَقِهِمْ
شرفٌ كما أنَّ الَتكّبرُ لُومُ
والبدرُ جارٌ للنّجومِ وآلفٌ
والغيثُ يسقي النَبتَ وهو هَشِيمُ
والمسكُ يُخْلَطُ بالعبيرِ وفضلُهُ
في طيبهِ متعارفٌ مَعلُومُ
والظرفُ يأبى للظّريفِ قطيعتِي
والمجدُ لا يرضَى بها والخِيمُ
بأَبي واُمِّي أَنْتَ من متشابهٍ
لَمْ يُثْنِهِ التّبجيلُ والتّعظِيمُ
لو أعرَضَتْ معشوقة ٌ عن عاشِقٍ
إعراضَهُ عنِّي لكانَ يَهِيمُ
كَثَّرتَ حُسّادي فحينَ هجرَتنِي
غادرتني فكأنّني المحرومُ
فاسْلَمْ ظَلَلْتَ بنعمة ٍ محروسة ٍ
تَبْقَى وطرفُ الدّهرِ عَنكَ نؤُومُ
واعلَمْ باَنَّكَ ماأَقمتَ على التي
منها استجرتَ من العقوقِ سليمُ
لكنَّني سأزُورُ إنْ صارمْتَني
وعلى الصفاءِ وإِنْ كُدُرْتَ أدومُ
العصر العباسي >> كشاجم >> نِعْمَ المعينُ على الآدابِ والحكَمِ
نِعْمَ المعينُ على الآدابِ والحكَمِ
رقم القصيدة : 9468
-----------------------------------
نِعْمَ المعينُ على الآدابِ والحكَمِ
صحائفٌ حُلُكُ الألوانِ كالظُّلَمِ
لا تستمدُّ مداداً غير صبغَتِها
فَسِرُّ ذَي اللّبّ فيها جِدُّ مُكتتَمِ
جَفَّتْ وَخَفَّتْ فلم يدنَسْ لحامِلها
ثوبٌ ولَمْ يَخْشَ فيها سورة َ القَلَمِ
وأمكن المحُو فيها الكفَّ فاتَّسَعَتْ
لِمَا تَضَمَّنَ مِنْ نثرٍ ومنتظَمِ
حَلّيتُهَا بلُجينٍ وانتخبتُ لها
وِقَايَة ً من زكيِّ العودِ لا الأَدَمِ
فالكمّ يعبقُ منها حين تودِعُهُ
عرفاً تنسَّمَ منها الطيبَ بالشَّمَمِ
لو كُنَّ ألواحَ موسى حينَ أغْضبَهُ
هارونُ لم يُلْقِها خوفاً من النَّدَمِ
العصر العباسي >> كشاجم >> صِينَتْ بمرفَعها الدواة ُ فَأصبَحَتْ
صِينَتْ بمرفَعها الدواة ُ فَأصبَحَتْ
رقم القصيدة : 9469
-----------------------------------
صِينَتْ بمرفَعها الدواة ُ فَأصبَحَتْ
من شرّ أحوالِ التبدُّلِ سَالِمَهْ
حَنَّتْ عليهِ لأَنَّهُ من جِنْسِهَا(91/57)
وَغَدَتْ لهُ إدناسة ٌ متلائِمَهْ
فكأّنَّهُ ملكٌ على كُرسّيهِ
أو غادة ٌ فوقَ الأريكة ِ نَائِمَهْ
سَودَاءُ مَجَّتْ ريقتينِ فريقَة ٌ
للملكِ بانية ٌ وأخرى هَادِمَهْ
زجَّتْ دموعَ العابدينَ بدمعِها
فأنوفُهُمْ أبداً لديها راغِمَهْ
زنجيَّة ٌ عجماءُ إلاَّ أنَّها
بِجَلِيلِ تبريزِ البريَّة ِ عَالِمَهْ
العصر العباسي >> كشاجم >> جَعَلتْ تأمّلُ زرقة ً في خَاتَمي
جَعَلتْ تأمّلُ زرقة ً في خَاتَمي
رقم القصيدة : 9470
-----------------------------------
جَعَلتْ تأمّلُ زرقة ً في خَاتَمي
وتقولُ فصُّكَ ذا لباسُ المأتَمِ
فأجَبْتُهَا مُذْ بانَ وصلُكِ وانقضى
فبكيتهُ بدمٍ ودمعٍ ساجِمِ
ورغبتُ في لبسِ الحدادِ لأنَّهُ
لبسُ الحزينة ِ والحزينِ الهائِمِ
وخشيتُ إنْ أنا في الشَّبابِ لبستُهُ
أنْ يفطنوا فجعلتُهُ في خَاتَمي
العصر العباسي >> كشاجم >> ومستحثُّ الأَوتارِ من سَأمٍ
ومستحثُّ الأَوتارِ من سَأمٍ
رقم القصيدة : 9471
-----------------------------------
ومستحثُّ الأَوتارِ من سَأمٍ
لا بِغَبيٍّ ولا بنمّامِ
في حُجْرِ مُجْدولة ٍ مذكّرة ٍ
غلامُ خَلْفٍ فَتَاتُ قُداَّمِ
تلوى ملاويهِ وفي أنامِلها
قطاً وقداً بمثلِ أَقلامِ
تَعْرُكُ آذانَهُ وتخنقُهُ
ما بَيْنَ سّبّابة ٍ وإِبهَامِ
قالتْ لهُ واليمينُ تُنْطِقُهُ
عصيتَ فيمن هويتُ لوّامي
فَقَالَ يحذُر مثالَ نَغْمَتِها
وإن طالَ الحبيبُ إِرغَامي
العصر العباسي >> كشاجم >> قد رَاحَ تحتَ الصّبحِ ليلٌ مظلمُ
قد رَاحَ تحتَ الصّبحِ ليلٌ مظلمُ
رقم القصيدة : 9472
-----------------------------------
قد رَاحَ تحتَ الصّبحِ ليلٌ مظلمُ
إذ لاحَ في السّرجِ المحلَّى الَدهَمُ
ديباجُ ألوانِ الجيادِ ولم يَكُنْ
ليخصَّ بالدِّيباجِ إلاَّ الأَكرَمُ
ضَحِكَ اللّجينُ على سوادِ أديمِهِ
وكذا الظّلامُ تبينُ فيهِ الأَنجُمُ
فكأَنَّهُ ببناتِ نَعْشَ مُلَبَّبٌ
وكأَنَّما هو بالثريّا ملجَمُ(91/58)
العصر العباسي >> كشاجم >> بؤْسَى اللّيالي عقيبة ُ النّعَمِ
بؤْسَى اللّيالي عقيبة ُ النّعَمِ
رقم القصيدة : 9473
-----------------------------------
بؤْسَى اللّيالي عقيبة ُ النّعَمِ
وكُلُّما غِبْطَة ٍ إلى نَدَمِ
مَنْ سَاوَرَتْهُ الخطوبُ أقصَدهُ الْـ
ـحَتْفُ ومنْ أغْفَلَتْهُ لمْ يُرَمِ
وكلُّماصحّة ٍ إلى سَقَمٍ
وكُلُّما جِدّة ٍ إلى هَرَمِ
وللمنايا عَيْنٌ موكّلة ٌ
بالحيّ لم تغتمضْ ولَمْ تَنَمِ
أسمعْ بروضٍ يسعى على قَدَمِ
حلّ الدّبابيُّ كأَنَّ سندسَهُ
ذَرَّتْ عليهِ موشيّة ُ العَلَمِ
متوّجاً ختلعة ً حَبَاهُ بها
ذو المفطرِ المعجزاتِ والحكَمِ
كأَنَّهُ يَزْدَجُرْدَ منتصِباً
يَبنِي فَيُعْلي مآثِرَ العَجَمِ
يطبقُ أجفانَهُ ويحسُر عَنء
فصَّينِ يُسْتَصْحَبَانِ في الظُّلَمِ
أدلّ بالحُسْنِ فاستذالَ لهُ
ذيلاً من الكبرِ غَيرَ محتشِمِ
ثمّ مشى مشية َ العروسِ فَمِنْ
مستظرفٍ معجبٍ ومبتَسِمِ
بعدَ صحونِ الدّيارِ عوّضَ من
فسيحِهَا ضيقُ هذِهِ الرّجَمِ
وللردّى همّة ٌ يغولُ بها
كلُّ نفسٍ وكلَّ ذي هِمَمِ
كأَنَّما اللاّزّوّرْدُ نَقّطَهُ
وَنَقَّطَ اللاّزّوّرْدَ بالعَنَمِ
ما أَحْسَنَ الصَّبْرَ في البلاءِ وما
أجملهُ عصمة ً لِمُعْتَصِمِ
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة
العصر العباسي >> كشاجم >> قَدْ عَزَمْنَا على مباكَرَة ِ الشّر
قَدْ عَزَمْنَا على مباكَرَة ِ الشّر
رقم القصيدة : 9474
-----------------------------------
قَدْ عَزَمْنَا على مباكَرَة ِ الشّر
بِ ولكنْ ما عندنَا من طَعَام
غيرُ ما رَاجَ من رقاقٍ هَنيءٍ
مَعَ هَامٍ على عِدَادِ الهامِ
تلكَ كالماءِ ذي الحبابِ وهاتيـ
ـكَ عليهِ كطيرِ ماءٍ نِيَامِ
يا لإقْبَالُهنَّ أَوَّلَ ما يُقْبِلْـ
ـنَ في جاحمٍ شديدِ الضّرامِ
كأناسٍ توسَّخُوا بالمناديـ
ـلِ وقد أخرجوا من الحمّامِ
يمتطينَ الحُوارَ أرْؤُسَ خِرْقا
نٍ وينزلنَ عنه بيضَ نَغَامِ(91/59)
ولدينا ما تَشْتَهِي بَعْدَ هذا
من غناءٍ يُنْسِي غِناءَ الحَمامِ
ثمّ مِنْ نرجسٍ بصيرٍ واُعْمى ً
ونبيذٍ محلّلٍ وَحَرَامِ
مِنْ غلامٍ في زِيّهِ كَفَتاة ٍ
وفتاة ٍ في زيّها كَغُلاَمِ
يرميانِ الأَسى بسهمِ سرورٍ
مُسْتَعارٍ من بينِ رَطْلٍ وَجَامِ
فأَطِعْ أمْرَنَا نُطِعكَ وإلاّ
فاعْصَ إنْ شئتَ أمرنا بسَلامِ
العصر العباسي >> كشاجم >> قَدْ أتانا الذي بَعَثْتَ إلينا
قَدْ أتانا الذي بَعَثْتَ إلينا
رقم القصيدة : 9475
-----------------------------------
قَدْ أتانا الذي بَعَثْتَ إلينا
وهو شيءٌ في وَقْتِنا مَعْدُومُ
طلعة ٌ غضّة ٌ أتَتْنَا تُحاكي
سَفَطاً فيهِ لؤلؤٌ منظومُ
وكثيرٌ ما قلَّ عندكَ عندي
إذْ حَبَاني بها رئيسٌ عَظِيمُ
ما جوادٌ من جادَ بالمالِ لكِنَّ
المواسِي هُوَ الجوادَ الكَرِيمُ
العصر العباسي >> كشاجم >> تَقولُ وعانقتني يومَ بردٍ
تَقولُ وعانقتني يومَ بردٍ
رقم القصيدة : 9476
-----------------------------------
تَقولُ وعانقتني يومَ بردٍ
وما إن عَانَقَتْ غيرَ السّقامِ
أجسمُكَ ذا خيالٌ زارَ جسمي
فقلتُ نَعَمْ وَوَصْلُكِ كالمَنَامِ
العصر العباسي >> كشاجم >> باكرِ الصَبحة َ هذا
باكرِ الصَبحة َ هذا
رقم القصيدة : 9477
-----------------------------------
باكرِ الصَبحة َ هذا
يومَ عيدٍ ومُدامِ
ما ترى باللّهِ ما
أحسنَ آدابَ الغمامِ
بدأَ القَطْرُ بطلٍّ
ثمّ ثَنّى برُهَامِ
وانجلَى مثلَ انجلاءِ الـ
ـغمدِ من متنِ الحُسَامِ
كافتتاحٍ حَسَنٍ زَيَّنَـ
ـ هُ حُسْنُ اختِتامِ
مشتملاً مثلَ أفعا
لِكَ في حُسْنِ النّظامِ
فاشْرَبِ الراحَ بأرطَا
لٍ وطاساتٍ وَجَامِ
إنَّما الدّنيا كَوَهمٍ
أَو كأَحلامِ مَنَامِ
لا تَرُومَنَّ بعيداً
وارْضَ بالأمرِ الموامِ
لا تَدَعْ وُسْطَى من الـ
ـحَالِ لأَحوالٍ جِسامِ
كلُّ شيءٍ يتوَقَّى
نَقْصُهُ عِنْدَ التَمامِ
العصر العباسي >> كشاجم >> فَمَا أنسَهُ لا أنسَ مِنهُ إشارة ً(91/60)
فَمَا أنسَهُ لا أنسَ مِنهُ إشارة ً
رقم القصيدة : 9478
-----------------------------------
فَمَا أنسَهُ لا أنسَ مِنهُ إشارة ً
بسبّابة ِ اليُمْنَى على خَاتَمِ الفَمِ
وأَعلَنْتُ بالشَّكْوَى إليها فاعلَنَتْ
حذَاراُ من الواشينَ لا تَتَكَلَّمِ
فَلَمْ أَرَ شكلاً واقِعاً فوقَ شَكْلِهِ
كعنّابة ٍ تُومي بها فَوقَ عَنْدَمِ
العصر العباسي >> كشاجم >> ومهذّبُ الألفاظِ منطقُهُ
ومهذّبُ الألفاظِ منطقُهُ
رقم القصيدة : 9479
-----------------------------------
ومهذّبُ الألفاظِ منطقُهُ
ما فيهِ من خَطَلٍ ومن مَيْنِ
ما شئتَ من ظَرْفٍ ومن شِيَمٍ
جَلَّتْ محاسِنُهُنَّ عن شيْنِ
قد قُلْتُ حينَ تكامَلَتْ وَعَلَتْ
أفعالُه زيناً من الزّينِ
ما كان أحوجَ ذا الكمالَ إلى
عيبٍ يُوَقِّيهِ منَ العَيْنِ
العصر العباسي >> كشاجم >> ما أرتضي عَنْكَ بالرّياضِ غِنَى
ما أرتضي عَنْكَ بالرّياضِ غِنَى
رقم القصيدة : 9480
-----------------------------------
ما أرتضي عَنْكَ بالرّياضِ غِنَى
عنهنُّ لي منظرٌ وَطِيبُ جَنَا
قالوا تَرَوَّحْ غلى الجنانِ وما
يدرونَ ما في الدّيارِ منكَ لَنَا
أُدِيرُ طرفي فلا أرى حَسناً
إلاّ أرى فيكَ ذلكَ الحَسَنَا
بي منكَ ما لَو وَزَنْتَ أكثَرَهُ
بما على الأرضِ كلَّها وَزَنَا
لو قيلَ لي مَنْ أَحْسَنُ الأَنامِ وَمَنْ
أعشَقُهُمْ قلتُ هذهِ وأَنَا
العصر العباسي >> كشاجم >> بأبي أقيكَ من الحوادثِ والرّدَى
بأبي أقيكَ من الحوادثِ والرّدَى
رقم القصيدة : 9481
-----------------------------------
بأبي أقيكَ من الحوادثِ والرّدَى
يا عودُ بلْ من طارقِ الحدثانِ
فُجِعَتْ بهِ عوداً يَئِنُّ كأنَّهُ
صَبّانِ مهجورانِ يشتكِيَانِ
هزجاً قوامُ لِسانِهِ في أذنِهِ
يا من رأى أذناً قوامَ لِسَانِ
وكأَنَّ موقِعَ زيره زِيرانِ
وكأَنَّهُ عودانِ يصطَحِبَانِ
ومخففُّ الأجزاءِ ليس لِجِرْمِهِ
وَزْنٌ يُميّلُ كَفّة َ الميزَانِ(91/61)
وكأَنَّ مقبضَهُ جبيرة ُ ساعِدٍ
قد فُصّلَتْ بالدّرِّ والمرجَانِ
في صدرِهِ من نقبهِ عَيْنَانِ
وبنحرِهِ طَوْقٌ من الدّستانِ
لا غَرْوَ سيّدة َ القيانِ فأنْسُنَا
يبقى ويَهلِكُ سَيّدُ العِيدانِ
العصر العباسي >> كشاجم >> قد وفَيْنَا لكَ بالوعـ
قد وفَيْنَا لكَ بالوعـ
رقم القصيدة : 9482
-----------------------------------
قد وفَيْنَا لكَ بالوعـ
ـدِ وكانَ الوعدُ دَيْنَا
وحكمنَا لكَ بالإيـ
ـثَارِ بالحظّ علينَا
ببديعٍ مَا رأيَنا
مثلهُ فبما رَأينَا
فيهِ للحُسْنِ مياهٌ
لو تَصَوّبْن جَرَينَا
فهو لو يكرعُ ذودٌ
فيهِ يوماً لارتَوَينَا
أو جَرى لانبجَسَتْ منـ
ـه اثنتا عَشرَة َ عَينَا
زَيْنُهُ يُهْدَى إلى كَـ
ـفِّ فتى ً زَادَتْهُ زَينَا
العصر العباسي >> كشاجم >> ياقاتَلَ اللهُ كُتّابَ الدّواوينِ
ياقاتَلَ اللهُ كُتّابَ الدّواوينِ
رقم القصيدة : 9483
-----------------------------------
ياقاتَلَ اللهُ كُتّابَ الدّواوينِ
ما يستحلّون مِنْ سَرقِ السّكَاكينِ
لقد دَهاني لطيفٌ منهُمُ خَتِلٌ
في ذاتِ حدّ كحدّ السيفِ مُسْنونِ
فابتزَّنيها وَلَمْ يشعُر بهِ عبثاً
وَلَسْتُ لو ساءَني ظَنُّ بمغبونِ
واقفرتْ بَعْدَ عمرانٍ بموقِعِهَا
منها دواة ُ فتى ً بالكُتْبِ مفتونِ
تبكي على مُدْيَهْ أَودَى الزّمانُ بها
كانَتْ على جائزِ الأقلامِ تعدِيني
كانَتْ تُقَزّمُ أَقلامِي وتَنْحَتُهَا
نَحْتاً وتسخطُهَا قطّاً فتُرضِيني
فأُضْحِكُ الطّرْسَ والقرطاسَ عن حُلَلٍ
تنوبُ للعينِ عن نورِ البساتينِ
إذا بَشرتُ بها سوداءَ من صُحُفي
عادتْ كبعضِ خدودِ الخُرّدِ العِينِ
جزْعُ النّصابِ لطيفاتٌ شَعَائِرُهَا
محسِّناتٌ بأصنافِ التّحاسِينِ
هيفاءُ مرهفة ٌ بيضاءُ مذْهبَة ٌ
قالَ الإله لها سُبْحانه كُوني
مَحْفوظَة ُ الوَسطِ تحكي في تَخَصُّرِهَا
خُصْرَ البديعِ بديعٍ في الحضانينِ
كأَنَّها حينَ يشجيني تذكُّرُهَا
في القلبِ منِّي وفي الأَحشاءِ تَفْريني(91/62)
لكنْ مِقَطَّيَ أَمسى شَامتاً جَذِلاً
وكانَ في ذلّة ٍ منها وفي هُونِ
فَصِينَ حتّى يُضَاهِي في صِيَانَتِهِ
جَاهي لِصَوْنيهِ عمَّا لا يُدَانيني
ولو يُريدُ فِدَاءً ما جَعَلْتُ بهِ
منها فَدَيْنَاهُ بالدّنيا وبالدِّينِ
فلستُ عنهَا بسالٍ ما حَييتُ ولا
بواجدٍ عِوَضاً منها بسكِّينِ
أرسل قصيدة | أخبر صديقك | راسلنا
العصر العباسي >> كشاجم >> ولّما عَبَثْنَ باَوتارِهِنَّ
ولّما عَبَثْنَ باَوتارِهِنَّ
رقم القصيدة : 9484
-----------------------------------
ولّما عَبَثْنَ باَوتارِهِنَّ
قبيلُ التَّبَلُّجِ يقّظنَنِي
جَسَسْنَ مَثَالِث يمزُجْنَها
بنقرِ النمومِ فأَطْربننِي
عَمَدْنَ لإِصْلاحِ أَوتارِهِنَّ
فأَصلَحننِي ثُمَّ أنشَدْنَنِي
العصر العباسي >> كشاجم >> سئمتُ من كلّ شيىء ٍ كان يعجبُنِي
سئمتُ من كلّ شيىء ٍ كان يعجبُنِي
رقم القصيدة : 9485
-----------------------------------
سئمتُ من كلّ شيىء ٍ كان يعجبُنِي
إلاَّ سَمَاعِي أحاديثَ المحبينَا
إذا شَكَا بعضُهَمْ وجداً بكيتُ لهُ
وإنْ دَعَا قلتُ بالإخلاصِ آمينَا
ما ذاكَ إلاَّ لأنِّي قد لَقِيتُ كما
لاقَوْا وكابدتُ ما قد كابَدوا حِينَا
لكنَّنِي لَم يكُنْ لي منْ يساعدُني
وها أنا مُسْعِدٌ مَنْ كَانَ محزُونَا
العصر العباسي >> كشاجم >> شَارفَتْنَا طَلائعُ المهرجانِ
شَارفَتْنَا طَلائعُ المهرجانِ
رقم القصيدة : 9486
-----------------------------------
شَارفَتْنَا طَلائعُ المهرجانِ
مخبراتٍ بطيبِ فَضْلِ الزّمانِ
والهدايا في المهرجانِ حَديثاً
وقديماً مِنْ سُنّة ِ الدهقَانِ
وتفكَّرتُ في الهدايا وفيما
بعثَ الفكرُ من لَطيفِ المَعاني
فرأيتُ الأشياءَ تقصُرُ عن وجـ
ـهٍ عَلا أن يُرى لهُ من مُداني
فبَعثتُ الذي ترَى منهُ فيهِ
كلّ ما قَدْ نراهُ في البُسْتَانِ
بِمرِاة ٍ إلى مراة ٍ تُهادى الـ
ـحُسْنُ فيهِ ومنهُ مِرْآتانِ
أختُ شمسِ الضّحاء في الشّكْلِ وإلا(91/63)
شْراقِ غيرِ الإعشَاءِ للأَجْفَانِ
جونة ُ الصَّقلِ فَضْلُها في المَرَايا
فَضْلُ أذهانِكُم على الأَذْهَانِ
خطَّ منها شَكْلَ المُدَوّرِ قدّاً
واعتدالاً إقليدسُ اليوناني
ذاتُ طوقٍ مشرّقٍ من لجينٍ
أَجرَيتْ فيهِ صفرة ُ العقبانِ
فهيَ كالَهالة ٍ المحيطة ِ بالبَدْ
رِ لِسِتٍّ مَضَيْنَ بعدَ ثَمَانِ
وَرِثَتْ عن متوّجينَ وأدّا
ها إلينا تَعَاقُبُ الأَزمَانِ
وعلى ظَهرِهَا فوراسُ تلهو
ببزاة ٍ تعدُو على غُزْلاَنِ
لكَ فيها إذا تَأَمَّلْتَ حُسْنٌ
مخبرٌ فَضلُهُ بنيلِ الأَماني
خَسِروا نّية َ المَنَاسِبِ إلاَّ
أَنَّها في نَصَابِ جزعٍ يماني
خُطَّ فيها مثالُ كسرى كما مـ
ـثلَ كِسْرَى أَباكَ في التّيجانِ
وتريكَ المكانَ فيها وإنْ كنتَ تَـ
ـرَاهَا ومثلَها في المكَانِ
لَمْ يكنْ قَبْلَها مِنَ الماءِ جرمٌ
حاضرٌ نفسُهُ لغيرِ أوانِ
عدّلَتْ عكسَهَا الشُّعاعَ فمبدا
هُ إلينا ورَجْعُهُ سِيَّانِ
هي دُنيا بها تَفَاءَلْتُ إِلاَّ
أَنَّها خِلوة ٌ من الأَحزانِ
وهي شمسٌ فإنْ مِثَالُكَ يوماً
لاحَ فيها فأنتما شَمسْاَنِ
أينما قابَلَتْ مثالُكَ من أر
ضٍ ففيها تَقَابُلُ النّيرانِ
فالقَها منكَ بالذي ما رَآهُ
خائفٌ فانثنى بغيرِ أَمانِ
وعلى المصطفى فَضْلٌ فقد يـ
ـشرفُ فضلُ العيونِ بالأَعيانِ
العصر العباسي >> كشاجم >> ومغنٍّ باردُ النّـ
ومغنٍّ باردُ النّـ
رقم القصيدة : 9487
-----------------------------------
ومغنٍّ باردُ النّـ
ـغمة ِ مختلُّ اليدينِ
ما رآهُ أَحَدٌ في
دارِ قوم مرّتينِ
قربُهُ أقطَعُ للّذّا
تِ من صُحبة بَيْنِ
العصر العباسي >> كشاجم >> أَخٌ كانَ منَّيَ في قُرْبهِ
أَخٌ كانَ منَّيَ في قُرْبهِ
رقم القصيدة : 9488
-----------------------------------
أَخٌ كانَ منَّيَ في قُرْبهِ
بحيثُ بَنَانُ يدي من بناني
وكنّا كأحسنِ لفظِ امرىء ٍ
يؤلّفُهُ في بديعِ المعاني
يَروحُ ويغدوا على حالهٍ
سواءٍ كما ألَّفَ الثناني(91/64)
إذا غبتُ مثّلني شخصُهُ
ومن يَرَهُ فَكَأَنْ قَدْ رَآني
وكنتُ على الدّهرِ أسطو بهِ
فدبّتْ إليهِ صروفُ الزّمانِ
فَلَمْ يبقَ منهُ سوى ذكرِهِ
وذِكْرُ الحبيبِ كبعضِ العِيانِ
العصر العباسي >> كشاجم >> عَذِيريَ منْ صرفِ هذا الزّمنْ
عَذِيريَ منْ صرفِ هذا الزّمنْ
رقم القصيدة : 9489
-----------------------------------
عَذِيريَ منْ صرفِ هذا الزّمنْ
رماني فأقصَدَني بالمِحَنْ
كثيرُ النّوائبِ جمُّ الخطوبِ
قديمُ التّراتِ شديدُ الإحَنْ
بخيلٌ عليَّ بعهدِ الشّبابِ
يهدّمُ ديوانَه بالحَزَنْ
وينفضُ مورقَ أغصانهِ
فيَذْوي وقد كانَ نَضْرَ الغُصُنْ
ويصرفُ عنِّي وجوهَ الحسانِ
وقد كنَّ يخلعنَ فيَّ الرَّسَنِ
كأَنَّ الزّمانَ فتى ً عاشقٌ
وأَنِّي أُعارِضُهُ في سَكَنْ
فَشَمْلٌ يُشتّتُ من نَظْمِهِ
ودارٌ يباعدها من وَطَنْ
وعينٌ يوكّلُها بالبكاءِ
وأُخرى مفجّعَة ٌ بالوَسَنْ
أعاتِبُ دهريَ والدّهرُ عن
عِتَابِ الأَديبِ أصمّ الأُذُنْ
فطوراً أَهُونُ إذا عَزّني
وطوراً ألينُ لهُ إنْ خَشُنْ
وإن شَامَ سيفاُ من الحادثاتِ
جَعَلْتُ لهُ القبرَ دوني مِجَنّْ
وما خانَني الدّهرُ لكّنني
أرى رأيَهُ فيَّ عَيْنَ الأَفَنْ
سأَشكُو الزمانَ فقدْ مسَّنِي
بِنَصْبٍ إلى الحَسَنِ بنِ الحَسَنْ
كريمٌ إذا ما اعتصَمْنَا بهِ
لجأَنا إلى مُحْصَنَاتِ الجُنَنْ
وإنْ اَمْسَكَ الغيثُ جادَتْ لنا
سحائبُ من رَاحَتَيهِ هُتُنْ
فتى ً عشِقَ المجدَ حتّى غَدَا
بهِ وهو صبٌّ بهِ مُفْتَتَنْ
سليلُ الأَكابرِ سَنّوا العلا
فأكرِمْ بها وبِهَمْ مِنْ سُنَنْ
هُمَ أثبتوا المُلْكَ في اُسَّهِ
وشَادوا دعائِمَهُ والرّكَنْ
وبينَ الأَناملِ في كفّهِ
فصيحٌ يخبّر عمّا يُجنّْ
إذا ما بَكى في قراطِيسِهِ
ضَحِكْنَ من الرّوضِ في كلّ فَنّْ
وينهرُ كالطّلِّ من راحتيهِ
فيفعلُ في الأَرضِ فِعْلَ المُزُنْ
وفاقَ إياساَ بفضلِ الذّكاءِ
وقسَّ بنَ سَاعِدَة ٍ في الّلسَنْ
مقيمٌ وأَفعالُهُ سُيَّرٌ(91/65)
وثاوٍ وتدبيرُه قد ظَعَنْ
وكم من رهينٍ بهِ مُطْلَقٌ
وكم من طليقٍ بهِ مُرتْهَنْ
ولولا افتتاحُ المَعَالي بهِ
كما افُتتِحَتْ بالسيوفِ المُدُنْ
إليكَ ثَنَيْتُ عِنَانَ الرّجاءِ
بامنِ رَجَاءٍ عَلَى حُسْنِ ظَنّْ
ولي خِدْمَة ٌ يَكشِفُ الإمتحا
نُ عنها فتحمدُ ما تُمْتَحِنْ
ومَوْشيُّ خَطٍّ أَضاءِ بهِ
غرائبُ موشيّ نَسْجِ اليَمَنْ
منثورُ لفظٍ كمعروفِكَ الـ
جَميلِ الذي لم يُكَدَّرْ بِمَنّْ
قنوعٌ على أَنَّ لي همّة ً
تُنَاطُ النجومُ بها في قَرَنْ
وأنسى السّرائرَ حتى ّ تكو
نَ عندي سواءً وما لم يَكُنء
وضعْتَ الصّنيعَة في حَقّها
فأحرَزْتَ عندي زَكيّ المِنَنْ
وأنتَ إذا شئتَ أنْ تُصْطَفِي
نصيحاً وأَنْ تجتَبِي مُؤْتَمَنْ
العصر العباسي >> كشاجم >> مَتَى تنشَطُ للأَكْلِ
مَتَى تنشَطُ للأَكْلِ
رقم القصيدة : 9490
-----------------------------------
مَتَى تنشَطُ للأَكْلِ
فقد كلّلَتِ الجونَهْ
وَقَدْ زَيّنَتَه الطاهي
لنا أَحسنَ تَزْيِينَهْ
كما زيَّنَ صَوبُ الغيـ
ـثِ في الرّوضِ أَفانينَهْ
فَجَاءَتْ وَهْيَ مِنْ أَطيـ
ـبِ ما يؤكَلُ مَشْحُونَهْ
فَمِنْ جديٍ شهيٍّ قد
أردنا لكَ تحسينَهْ
فنضّرْنَا عليه نعـ
ـنَعَ البَقلِ وطرخُونَهْ
وفرخٌ وافرُ الزّورِ
أجدنا لكَ تَسْمِينَهْ
وطيهوجٌ وفرّوجٌ
أجدنَا لكَ تطحينَهْ
وسبوجَة ُ مَقْلوَّ
ة ُ في إِثرِ طروينَهْ
وحمراءٌ من البَيضِ
إلى جانبِ زيتونَهْ
وطَْعٌ كَنظامِ الـ
ـدُّرِّ في الأَسْفَاطِ مكنونَهْ
برُغْفِ ككسورِ الـ
ـدّرِّ بالعنبرِ مَعْجونَهْ
وحرّيفٌ من الجبنِ
بهِ الأَوساطُ مقرونهْ
وباذنجانُ داراني
بهِ نَفْسُكَ مفتونهْ
وهليونٌ وعهدي بـ
ـكَ تستَعذبُ هليونَهْ
ولوزَيْنَجَة ٌ في الدّهنِ
وفي السكّرِ مدفُونَهْ
وعندي لكَ دَسْتِيجَة ُ
مطبوخٌ وقنّينَهْ
وساقٍ وعدتْ بالقطـ
ـفِ منه عَطْفَة ُ النّونَهْ
لهُ شدّة ُ ألحاظٍ
وفي ألفاظِهِ لينَهْ
وقمريٌّ يُغَنّينَا
لحوناً غيرَ ملحونهْ(91/66)
ألا يأنى لمحزونٍ
نأى عَنْ دارِ محزونَهْ
فَمَا عُذْرُك في أنْ لا
ترى من سكّرٍ طِينَهْ
Free counter
العصر العباسي >> كشاجم >> أيُّ حِرَاكٍ غالَ منكَ السكونْ
أيُّ حِرَاكٍ غالَ منكَ السكونْ
رقم القصيدة : 9491
-----------------------------------
أيُّ حِرَاكٍ غالَ منكَ السكونْ
ونارٍ كيسٍ أطفأتْهَا المُنونْ
يا بشرُ إنْ تُودِ فكُلّ أمرىء ٍ
بمثلما صرتَ إليه رَهِينْ
أو تُمْسِ غصناً في الثّرى ذاوياً
فقد ذَوَتْ قبلَكض فيهِ غُصُونْ
أَو يَبْلُ من خُسنِكَ رَيْعَانُهُ
فهكذا تنمي وَتَبْلى القُرُونْ
وليس مملوكٌ ولا مَالِكٌ
بخالدٍ كُلٌّ بموتٍ رَهينْ
منْ لِدَواة ٍ كنتَ تُعْنَى بها
عناية ً تعجزُ عنها القُيُونْ
أَمْ مَنْ لحاجاتٍ إذا ما مضى
فيها مَضَى وهو لِنُجْحٍ ضَمِينْ
أمْ منْ لكُتْبٍ كنتَ في طيّها
أسرعَ مما تمتلي في الجُفونْ
أمْ مَنْ لتذليلِ صعابٍ إذا
بَاشَرَها سهّلَ منها الحَرُونْ
أمْ مَنْ لكاسٍ ولدا مشيه
فيها لهُ من كلّ فنٍّ فُنونْ
يطوي الطوايرَ بلا كلفة ٍ
واللصقُ في الإلصاقِ لا يستَبِينْ
ظبْيُ كناسٍ يزنيه الرّدى
والليثُ لا يدفعُ عنهُ العَرِينْ
وجهٌ على البابِ إذا أمّه
رزقٌ وللكوكبِ حِصْنٌ حَصِينْ
يميّزُ الناسُ بتمييزه
منازلَ فيها شريفٌ ودُونْ
طَاهي قُدُورٍ طيّبٌ كفّه
مذاقُها فالغَثُّ فيها سَمينْ
يرمي إلى المفصلِ سِكّينَهُ
فَقَبْلَ أنْ تقربَ منهُ يَبينْ
يا ناصحي إذْ ليسَ لي ناصحٌ
ويا أميني إذ يخونُ الأَمينْ
لّما دّفَناكَ رَجعنَا وفي الأَحـ
ـشَاءِ من فَقْدِكَ داءٌ دَفِينْ
أمتَعْتْنَي حيّاً وآجرتني
ميتاً فحظّي منكَ دُنْيَا وَدِينْ
كنتَ لأَسراري فأصبحتَ قد
أُبيحَ من سريَ حِمَاهُ المَصُونْ
وكنتَ لي أنساً فلا أُنْسَ لي
وكنتَ عوناً فبمَنْ ستعيِنْ
إنْ تخلفِ الآمالُ في عُمْرِهِ
فلا تَكنْ تُخْلِفُ فيهِ الظّنونْ
تغدوا مع الكتَّابِ غلمانُهُمْ
ووأعتدي وَحْدِي وما لي قَرينْ
ولو أشا اعتضْتُ ولكنَّ ما(91/67)
يعتاضُ إلاّ تاجرٌ أو خَؤُونْ
فاترة ٌ ألحاظُهُ طَالمَا
جرَّدَ من ذاكَ الفتورِ العُيونْ
منقادة ٌ للموتِ أَعْضاؤوهُ
يضعفُ أن يُسمَعَ فيه الأَنينْ
اسألهُ وهوَ على مَا بهِ
مقنع لِقولي ومجيبٌ مُبينْ
يذبلُ شيئاً بَعْدَ شيءٍ كما
يذبلُ بعد النظرة ِ الياسَمينْ
يا موتُ أخليتَ مكانَ الذي
لهُ مكانٌ من فؤادي مَكيِنْ
يا موتُ لو غَيْرُكَ أَودَى بهِ
ما كنتُ أستجدي ولا أستَكينْ
ما زالَ بِشرِي ليّناً بشرُهُ
متّبعاً حتّى أتاهُ اليَقِينْ
فالدّمعُ جارٍ والأَسى في الحَشَا
ثاوٍ وقلبي مستطارٌ حَزِينْ
عينٌ أصابَتْهُ فلا متعة ٌ
والعينُ لا تفضُلُ عنها العٌيوُنْ
فكيفَ حالي بعدَ منْ هذهِ
صِفَاتٌ منَ الخيرِ فيهِ تَكُونْ
العصر العباسي >> كشاجم >> أَناسٌ أعْرَضُوا عنّا
أَناسٌ أعْرَضُوا عنّا
رقم القصيدة : 9492
-----------------------------------
أَناسٌ أعْرَضُوا عنّا
بلاَ جُرمٍ ولا مَعْنَى
أَساؤُوا ظنّهم فِينَا
فهلاّ أحْسَنُوا الظّنّا
و خَلّونا ولَوْ شَاؤوا
لَعَادُوا كالّذي كُنّا
فإنْ عَادُوا لَنا عُدْنَا
وإنْ خانوا لمَا خُنَّا
وإنْ كانُوا قدِ استَغْنُوا
فإنّا عنهُمُ أغنى
العصر العباسي >> كشاجم >> أنا أفْدي منْ لَيسَ أعرف تيهاً
أنا أفْدي منْ لَيسَ أعرف تيهاً
رقم القصيدة : 9493
-----------------------------------
أنا أفْدي منْ لَيسَ أعرف تيهاً
ودلالاً في أي شيءٍ رِضَاهُ
غائبٌ ليسَ يتركُ الحبّ قلبي
يتسلّى عنهُ جُعِلْتُ فِدَاهُ
كلّما قالَ لي رِضَائَي في هـ
ـذا فثَرْتُهُ أرادَ سِوَاهُ
فأنا الدّهرُ وَهْوَ يطلبُ ما غَا
بَ عياناً فليسَ يعرفُ مَا هو
العصر العباسي >> كشاجم >> جَاءَتْ فاكَبَرَهَا طرفي فقمتُ لها
جَاءَتْ فاكَبَرَهَا طرفي فقمتُ لها
رقم القصيدة : 9494
-----------------------------------
جَاءَتْ فاكَبَرَهَا طرفي فقمتُ لها
وقد يَقُومُ لأتباعي مَوَاليهَا
ثمّ استهلّتْ فَغَنّت وهيَ محسِنّة ٌ(91/68)
من بَعضِ أبياتِ شعرٍ قلتُهُ فيهَا
فأحْسَنَتْ فأَصَابَتْ في صنَاعَتِهَا
وما أخلّتْ بمعنى ً من معَانِيها
هي الشّبيبة ُ تطويني وأنشُرُهَا
عِنْدَ الفتاة ِ فترضيني وأرضيهَا
تهوى مُناجَاتها نفسي ويُقنِعُهَا
بعضُ العِنَاقِ بعضُ اللّثْمِ يكفيهَا
ولا أهمُّ بشيءٍ غيرِ ذاكَ بَلى
استغفرُ اللهَ مَصُّ الرّيقِ من فِيهَا
غُصْني نَضيرٌ وأخلاقي محبّبَة ٌ
إلى القِيَانِ رقيقاتٌ حَواشِيَها
كَمْ مِنْ حديثٍ قصيرٍ لي أصِيدُ بهِ
قلبَ الفَتَاة ِ وأَشعارٍ أسدّيهَا
تَوَدُّ كلُّ فتاة ٍ حينَ تَسْمَعُهَا
أَنِّي بها دُونَ خلْقِ اللهِ أَعْنِيَها
فكيفَ أخْشَى صدودَ الغَانياتِ وَقَدْ
أخذتُ عَهْدَ أَمانٍ مِنْ تجنّيهَا
العصر العباسي >> كشاجم >> لنا شَرَايحُ مِنْ ظَبيٍ قَنَصْنَاهُ
لنا شَرَايحُ مِنْ ظَبيٍ قَنَصْنَاهُ
رقم القصيدة : 9495
-----------------------------------
لنا شَرَايحُ مِنْ ظَبيٍ قَنَصْنَاهُ
وعندَ طبّاخِنَا جَدْيٌ قَرَضْنَاهُ
وَرَاحُنَا بِنْتُ أَعوامٍ وزَامِرُنا
بدرٌ وقَيْنَتُنَا الحسناءُ ثنياهُ
فَكُنْ جَوابي ولا تركُنْ إلى عُذُرٍ
فإنْ كَنْتَ إلى شيءٍ أَبَيْنَاهُ
وقَدْ تَيَقَّنْتُ أَنِّي ما التَمَسْتُ أخاً
مُسَاعِداً قطُّ إِلاَّ كنتَ إِيَّاهُ
العصر العباسي >> كشاجم >> سُقْياً لها ولظَرْفِ منْ سمّاها
سُقْياً لها ولظَرْفِ منْ سمّاها
رقم القصيدة : 9496
-----------------------------------
سُقْياً لها ولظَرْفِ منْ سمّاها
فَلَقَدْ أصابَ بلطْفِهِ معنَاهَا
قالَ العواذلُ مَنْ عَشِقْتَ فقلتُ منْ
نِصْفُ اسِمها وَصفٌ لِمَنْ يَهْوَاهَا
العصر العباسي >> كشاجم >> رأيتُ الرّيَاسَة َ مقرونة ً
رأيتُ الرّيَاسَة َ مقرونة ً
رقم القصيدة : 9497
-----------------------------------
رأيتُ الرّيَاسَة َ مقرونة ً
بلبسِ التّكبّرِ والنخوَهْ
إذا ما تَقَمّصَهَا لابسٌ
ترفّعَ في الجهرِ والخَلوَهْ
ويقعدُ عن حَقِّ إخوانِهِ(91/69)
ويطمعُ أن يَهْرَعُوا نحوَهْ
وينقصُهُمْ من جَميلِ الدعاءِ
وَيَأْملُ عندهُمُ الحُظْوَهْ
وَلَسْتُ بآتٍ لهُ مَنزلاً
ولو أنّه يسكُنُ المرْوَهْ
العصر العباسي >> كشاجم >> وَلَقدْ كَتَمْتُ هَوَاكَ أصدقَ صاحبٍ
وَلَقدْ كَتَمْتُ هَوَاكَ أصدقَ صاحبٍ
رقم القصيدة : 9498
-----------------------------------
وَلَقدْ كَتَمْتُ هَوَاكَ أصدقَ صاحبٍ
عندي مخافة َ أنْ يعودَ عدوَّا
حذراً عليكَ وأنتَ موضعُ ضَنّة ٍ
لا زلتُ فيكَ مسلّماً مَكْلُوَّا
لا نَالَ قلبي من وِصَالِكَ سُؤْلَهُ
إنْ كانَ قلبي رَامَ عنكَ سُلْوَّا
العصر العباسي >> كشاجم >> فما وَحْشِيَّة ٌ أدماءُ ترعى
فما وَحْشِيَّة ٌ أدماءُ ترعى
رقم القصيدة : 9499
-----------------------------------
فما وَحْشِيَّة ٌ أدماءُ ترعى
أَغَنَّ كعطفِة الخلخالِ ضَاوِي
فأغْفتْ ساعة ً عنه فأضْحَى
حشاهُ بنبلهِ غرثانَ طاوي
فباتَتْ مِنْ تَحَرُّقِهَا عليهِ
بِدَاءٍ ما لها مِنْهُ مُدَاوي
تُثيرُ تُرابَ مصرَعِهِ بقرنٍ
أَجَمَّ كأَنَّهُ بعضُ الملاوي
بأجزَعَ منكِ يومَ يقولُ خُلّي
أفي الغادِينَ أنتَ أَمَ انتَ ثَاوي
العصر العباسي >> كشاجم >> أَخِي بَلْ رئِيسي بَلْ أميري وسيّدي
أَخِي بَلْ رئِيسي بَلْ أميري وسيّدي
رقم القصيدة : 9500
-----------------------------------
أَخِي بَلْ رئِيسي بَلْ أميري وسيّدي
وَمَنْ لَمْ يَزَلْ للفَضْلِ والبرّ مَأَمُولا
أغِثْنا فإِنَّا قد ظَمِئْنا وَرَوِّنَا
من الرائقِ المطبوخَ وَلْيَكُ مَعْسُولا
فَنَحْنُ بحَالٍ لو تَرَانا لَخِلْتَنَا
لِئاماً وإنْ كنَّا كراماً بها لَيْلا
ستارتُنَا مهجورة ٌ لكؤوسِنَا
تُعَلّلُ بالنّذْرِ الصّبابة َ تَعْلِيلا
تَرَى ماءَها أضعافَ جزءٍ رَحِيقِهَا
فتحسَبُهَا فوقَ الأَكفِّ قَنَادِيلا
وحدّثَنَا السّاقي شراءَ شَرابِهِ
وقد قيلَ في السّاقي المحدِّثِ ما قيلا
العصر العباسي >> كشاجم >> يا حبَّذَا يومُنَا ونحنَ على(91/70)
يا حبَّذَا يومُنَا ونحنَ على
رقم القصيدة : 9501
-----------------------------------
يا حبَّذَا يومُنَا ونحنَ على
رؤوسِنَا نعقدُ الأَكاليلا
في جنّة ٍ ذُلّلَتْ لِقاطِفِهَا
قُطوفُها الدّانِيَاتُ تَذْليلا
كأَنَّ أَترُجَّهَا يميلُ بهِ
أغصانُهُ حاملاً ومحمولا
سَلاسِلُ من زبرجدٍ حَمَلتْ
مِنْ ذَهَبٍ أصْفَرِ قَنَاديلا
العصر العباسي >> كشاجم >> عِنْدِي معتّقَة ٌ كودّكَ صافِيهْ
عِنْدِي معتّقَة ٌ كودّكَ صافِيهْ
رقم القصيدة : 9502
-----------------------------------
عِنْدِي معتّقَة ٌ كودّكَ صافِيهْ
ونديمِكَ الدّمِثِ الرّقيقِ الحاشِيَهْ
فإذا طربْتَ إلى السّماعِ ترنّمَتْ
بيضاءُ ذاهبة ٌ تُسمّى دَاهيَهْ
يَصِلُ الغناءُ يمينُها بشمالِهَا
لمثلّثٍ أَضْلاَعُهُ متَسَاوِيَهْ
وتحبّها سوداءُ تعملُ نأيها
فتُرِيكَ كافوراً يقاوِمُ غَالِيَهْ
فاحضَرْ فقد حَضَر السرورُ ولا تَدَعْ
يوماً يفوتُكَ فهي دُنيا فَانِيَهْ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> حُسامُك من سقراطَ في الخطب أَخْطَبُ
حُسامُك من سقراطَ في الخطب أَخْطَبُ
رقم القصيدة : 9504
-----------------------------------
حُسامُك من سقراطَ في الخطب أَخْطَبُ
وعودك من عود المنابر اصلبُ
ملكتَ سَبِيلَيْهِمْ:ففي الشرق مَضْرِبٌ
لجيشك ممدودٌ ، وفي الغرب مضرب
وعزمك من هومير أمضى بديهة
وأجلى بياناً في القلوب ، واعذب
وإن يذكروا إسكندراً وفتوحه
فعهدُك بالفتح المحجَّل أَقرب
ثمانون ألفاً أسد غابٍ ، ضراغمٌ
لها مِخْلبٌ فيهم، وللموتِ مخلب
إِذا حَلمتْ فالشرُّ وسْنانُ حالمٌ
وإن غضبتْ فالرُّ شقظان مغضب
ومُلكُك أرقى بالدليل حكومة ً
وأَنفذُ سهماً في الأُمور، وأَصوَب
وتغشى أَبِيّاتِ المعاقل والذُّرا
فثيِّبُهُنَّ البِكْرُ، والبكْرُ ثَيِّب
ظهرتَ أَميرَ المؤمنين على العدا
ظهوراً يسوء الحاسدين ويتعب
يقود سراياها ، ويحمي لواءها
حوائرَ، ما يدرين ماذا تخرِّب؟(91/71)
سل العصر ، والأيام : والناس : هل نبا
نَبا لرأْيك فيهم، أو لسيفكَ مَضْرِب
همُ ملأوا الدنيا جَهاماً، وراءَه
جهامٌ من الأعوان أَهذَى وأَكذب
يجيء بها حيناً ، ويرجع مرة ً
كما تَدفعُ اللّجَّ البحارُ وتَجْذِب
ويرمي بها كالبحر من كلِّ جانبٍ
فكل خميسٍ لجة ٌ تتضرب
فلما استللت السيف أخلب برقهم
وما كنت - يا برق المنية - تخلبُ
أخذتهم ، لا مالكين لحوضهم
من الذَّودِ إلا ما أطالوا وأسهبوا
ويُنفذُها من كلِّ شعب، فتلتقي
كما يتلاقى العارض المتشعب
ولم يتكلف قومك الأسد أهبة ً
ولكنَّ خلقاً في السباع التأهب
ويجعلُ ميقاتاً لها تَنبري له
كما دار يلقى عقرب السَّير عقرب
كذا الناس : بالأخلاق يبقى صلاحهم
ويذهب عنهم أمرهم حين يذهب
فظلت عيونُ الحرب حيرى لما ترى
نواظرَ ما تأْتي الليوثُ وتُغرِب
تبالغ بالرامي، وتزهو بما رمى
وتعجب القواد ، والجندُ أعجب
ومن شرف الأوطان ألا يفوتها
حسامٌ معِزٌّ، أو يَراعٌ مهذَّب
أمِنَّا الليالي أَن نُرَاع بحادثٍ
ومُلْهمِها فيما تنال وتكسِب
وما الملك إلا الجيش شأْنا ومظهراً
ولا الجيشُ إِلا رَبُّهُ حين يُنسب
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قلَّدتُه المأْثورَ من أَمداحي؟
قلَّدتُه المأْثورَ من أَمداحي؟
رقم القصيدة : 9508
-----------------------------------
قلَّدتُه المأْثورَ من أَمداحي؟
لكَ في العالمين ذكر مخلدْ
يتجاوزون إلى الحياة ِ الجودا
هل من بُناتِك مجلسٌ أو نادي؟
ولدَ البدائعَ والروائعَ كلها
وحياة ما غادرت لك في الأحـ
ـياء قبلاً ولم تذر لك بعدا
صبغ السوادُ حَبيرَهُنَّ
إِنَّ القضاءَ إِذا رمى
باني صروح المجدِ ، أنتَ الذي
تبني بيوتَ العلم في كل ناد
أَو دَعْ لسانَك واللغاتِ، فربّما
دكَّ القواعد من ثَبير
اللاعبات على النسيم غدائراً
الراتعات مع النسيم قدودا
ودهى الرعية َ ما دهى فتساءلوا
بين الرفارف، والمشا
وفتوحُ أَنورَ فُصِّلت بِصفاحِ
لك في البحر في كل برج مشيد(91/72)
في كل مُظلِمة ٍ شُعاعٌ هادي
ذكروكَ والتفتُوا لعلك مُسعِدٌ
ذِكْرَ الصغير أباه في الأخطار
فلكٌ يدورُ سعودُه
أُوحِيَ مِنْ بعدُ إِليه فهاد
فأسى جراحَهمُ وبلذَ صداهمُ
ـإِسلام من حُفَر القبور
قل للأعاجيب الثلاث مقالة ً
فانهار بيِّنة ً، ودُكَّ شهيدا
لله أنت ، فما رأيتُ على الصفا
الناهلاتِ سوالفاً وخدودا
وجد السوادُ لها هَوَى المُرتاح
سمعاً لشكوايّ ، فإن لم تجد
منك قبولاً ؛ فالشكاوي تُعاد
لهفِي على مَهَجٍ غوالٍ غالها
والبحرِ في حجم الغديرِ
عدلاً على ما كان من فضلكم
في العالمينَ عزيزَة َ الميلاد
عند المُهيمن ما جرى
شركُ الردَى في ليلة ٍ ونهار
ذهبوا فليتَ ذهابهم لعظيمة ٍ
هارون في خالي العصور
العاثراتُ من الدلا
لولا جُلَى زيتونيَ النَّضْرِ؛ ما
ورُفعتِ من أخلاقهم بِعماد
المترَعاتُ من النعيـ
كالموتِ في ظِلّ القَنا الخطَّار
وتصون النوال عن حسن صنع
أَو خَلِّ عنك مَواقفَ النصاح
إن نحن أكرمنا النزيل حيالها
فالضيفُ عندك موضعُ الإرفاد
الحقُّ أَولى من وليِّك حرمة ً
عاد الأمانُ وعدتَ يا بنَ محمد
والبدْرُ يجملُ عند أَمن السَاري
ليس من يفتح البلاد لتشقى
في الحسن من أثر العقول وبادي
أَدُّوا إِلى الغازي النصيحة َ يَنتصحْ
ـوب والشام أن عهدك عسجدْ
إن شئتَ فانزلْ في القلوب كرامة ً
الآمراتُ على الولا
وأُرضعَ الحكمة عيسى الهدى
قم قبِّل الأحجارَ والأيدي التي
أخذتْ لها عهداً من الآباد
تقضي السياسة ُ غيرَ مالكة ٍ لما
حكمت به نقضاً ولا توكيدا
أيدتهم قرابة ٌ وقبيل
وأرى الله وحده لك أيد
ودُفنتِ عند تبلُّج الإِصباح
فاستقبلا صفوَ الليالي واسحبا
ـلِكَ في يدِ الملكِ الغفور
وأَقول مَن رد الحقوقَ إِباحي؟
خُلقوا لِفقه كتيبة وسلاح
ـأَرواح غالية ِ المهور
يَدنو بها القاصي من الأوطار
إنّ الحكومة َ من يمينك في يدٍ
مأمونة ِ الإيرادِ والإصدار
والروض في حجم الدنا
بين الشماتَة ِ والنكير
فانصرُ بهمتك العلومَ وأهلها(91/73)
بين المعاقل، والقَنا
خفضوا الرؤُوسَ ووتَّروا
الراوياتِ من السُّلاف محاجراً
أَأَقولُ مَن أَحيا الجماعة َ مُلحِدٌ
بدورَ حسن ، وشموسَ اتقاد
بالأَمس أَوهى المسلمين جراحة ً
بنِيَّ ـ يا سعدُ ـ كزُغبِ القَطا
ما ينتهين من الصلا
ة ِ ضراعة ً ومن النذور
ولاأرضُ من أنوارِ ذاتك أشرقت
لا تُخِلها أبداً من الأنوار
خ على الخَوَرْنَق والسَّدير
وترى الأمر بين قلبٍ ذكيّ
في يديه وبين جفن مسهَّد
ورُبَّ نَسلِ بالندى يُستفاد
مَوْشِيَّة ً بمواهب الفتاح
ب كما شبَّت الأهلّة مُردا
صفيرُهُ يَسلُبني راحتي
وكان من يققِ الحُبور
اطلعْ على يمنٍ بيُمنك في غدٍ
وتجلَّ بعد غدٍ على بغداد
من مبلغٌ دارَ السعادة أنها
ـن ـ على الممالكِ والبحور
بردُ الخلافة ِ والسياسة ُ جذوة وحمـ
أَين الرَّوِيَّة ُ، والأَنا
واليوم مدّ لهم يَدَ الجرّاح
عطفٍ ومن نصرٍ ومن إكبار
من كنتُ أَدفعُ دونَه وألاحي
وقفوا بمصرَ الموقفَ المحمودا
باقٍ، وليس بيانُه لنفاد
هل من ربيعة حاضرٌ أَو بادي
حتى تناول كلَّ غيرِ مباح
حين أخمدتها ولم تمك تخمد
لم يخترع شيطان حشان ، ولم
تخرج مضانعُه لسانَ زياد
ودَّ الرشيدُ لو انها لزَمانِهِ
العاثراتُ من الدلا
زعموا الشرق من فعالك قلقاً
سمة ً يتيه بها على الأعصار
شعراً ، وإن لم تخلُ من آحاد
لا أقنع الحساد ، أين مكانها
في الحقِّ من دَمِكَ الطَّهور
ضجَّتْ عليكِ مآذنٌ، ومنابرٌ
أن تجعلوه كوجهه معبودا
فانظر ، لعلك بالعشيرة بادي
اللاعباتِ على النسيم غدائراً
غنَّى الأصيلُ بمنطقِ الأجداد
يومٌ تُسميهِ الكِنانة ُ عيدا
جعلَ الجمالَ وسرَّه في الضاد
مدرسة ً في كلِّ حيٍّ تُشاد
واملأوا مسمعَ الزمانِ حديثاً
في كلِّ غُدوة ِ جُمعة ورواح
الجهلُ لا يلِدُ الحياة مواتُهُ
إلا كما تلدُ الرِّمامُ الدودا
يا كريم الجدود عش لبلادٍ
عيشها في ذَرَى جدودك أرغد
أَمَحَا من الأَرض الخلافة َ ماح؟
ـنَ وبالخليفة من أسير
بين فلكٍٍ يجري وآخر راسٍ(91/74)
ولواءٍ يحدو وآخرَ يُحدى
وبه يُبارك في المما
لكِ والملوكِ على الدهور
ولَّتْ سيوفُهما، وبان قناهُما
يُفتَى على ذهبِ المُعزِّ وسيفِه
عند المُهيمن ما جرى
في الحقِّ من دَمِكَ الطَّهور
وطريقَ البلاد نحو المعالي
وسياجاً لملك مصرٍ وحَدا
أنت أنشأته فلم تر مصرٌ
جحفلاً بعده ولم تر جُندا
القابضين على الصَّليـ
ـل كجدِّهم ، وعلى الصَّرير
والناسَ نقلَ كتائبٍ في الساح
أن يجاروا الزمان وصلاً وصدّا
مِ العادِلِ النزِهِ الجدير
شاكياً للبنين والأمر والصحـ
وقبيحٌ بالدار أن تعرفَ البغـ
ـضَ وبالمهدِ أن يباشرَ حقدا
ونُعيتِ بين معالم الأَفراحِ
مجلة الساخر حديث المطابع مركز الصور منتديات الساخر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> انتحار الطلبة
انتحار الطلبة
رقم القصيدة : 9509
-----------------------------------
انتحار الطلبة
ناشئٌ في الوردِ من أيامِهِ
أبا الهَولِ ، طالَ عليكَ العُصُرْ
والعلمُ بعضُ فوائدِ الأَسفار
ظلمَ الرجالُ نساءهم وتعسفوا
بين إِشفاق عليكم وحذر؟
فمصابُ المُلك في شُبَّانه
اين البيانُ وصائبُ الأفكار؟
فيه مجالٌ للكلام، ومذهب
ليَراعِ باحثة ٍ وسِتِّ الدار
سدَّد السهمَ الى صدرِ الصِّبا
ورماه في حواشيه الغُرَر
بيدٍ لا تعرفُ الشرَّ ، ولا
صَلحتْ إلا لتلهُوبالأُكر
بُسطتْ للسمّ والحبل ، وما
بُسطت للكأسْ يوماً والوترَ
لِ ، تزولان في الموعد المنتظر؟
مما رأيتُ وما علمتُ مسافراً
فَكَّكَ العلمَ، وأَودى بالأُسَر؟
فيه مجالٌ للكلام ، ومذهب
بيدٍ لا تعرفُ الشرَّ، ولا
المؤمنون بمصر يُهـ
ولياليه أصيلٌ وسَحر
أبا الهول، ماذا وراء البقا
ءِ - إذا ما تطاول - غيرُ الضجَر؟
إِن الحجابَ على فروقٍ جنة ٌ
على لُبد والنُّسور الأُخَر
ـنَ وبالخليفة ِ من أَسير
خِفَّة ً في الظلّ ، أو طيبَ قِصر
ة ِ لحَقتَ بصانِعكَ المقتدر
والمسكِ فيّاحِ العبير
بُرْدَيَّ أَشعرَ من جَرير
كل يوم خبر عن حَدثٍ
سئم العيشَ ، ومَنْ يسأم يَذَر(91/75)
فإن الحياة َ تفُلُّ الحديـ
ـدَ إذا لبستْهُ ، وتُبْلي الحجَر
الصابراتُ لضرَّة ومضرَّة
فكفى الشيبُ مجالاً للكدر
عاف بالدنيا بناءً بعد ما
خَطب الدُّنيا ، وأهدَى ، ومَهر
من كلِّ ذي سبعين ، يكتمُ شيبهُ
والشيبُ في فَوديه ضوءُ نهار
حلَّ يومَ العُرسِ منها نفسَه
رحِمَ اللهُ العَروس المخْتضَر
يأبى له في الشيب غيرَ سفاهة
غفرَ اللَّهُ له، ما ضرَّه
أَين البيانُ وصائبُ الأَفكار؟
ضاق بالعيشة ذرعاً ، فهوى
ذاهباً في مثلِ آجالِ الزّهرَ
ما حَلَّه عَطْفٌ ، ولا رِفْقٌ، ولا
برٌّ بأهل ، أو هوى ً لديار
وقليلٌ من تَغاضَى أَو عذَر
وصِبا الدنيا عزيزٌ مُخْتَصَر
هارباً من ساحة ِ العيش ، وما
لا أرى الأيام إلا معركاً
مهما غدا أو راح في جولاته
دفعته خاطبة ٌ الى سمسار
وصبيٍّ أَزْرَت الدُّنيا به
كالشمس ، إن خُطبتْ فللأقمار
أبا الهول وَيْحَكَ لا يُستقلـ
فتشتُ لم أَرَ في الزواج كفاءَة ً
ة ِ، الناهياتُ على الصدور
ولقد أبلاك عذراً حسناً
أسال البياضَ وسَلَّ السَّوادَ
وأوْغل مِنقارُه في الحفَر
المالُ حلَّل كلَّ غير محلَّلِ
سَحَر القلوبَ، فُربَّ أُمٍّ قلبُها
من سحره حجرٌ من الأحجار
قلبٌ صغيرُ الهمِّ والأَوطار
ويقول الطبُّ : بل من جنة ٍ
ورأيت العقلَ في الناسِ نَدَر
كأن الرّمالَ على جانِبَيْـ
بقلادة ، أَو شادِناً بسوار
ورَمَتْ بها في غُربة وإسار
يخفى ، فإِن رِيعَ الحمى
ضَنُّوا بِضائعِ حقِّهم
ـن حُسَامُه شيخُ الذكور
وتَعَلَّلَتْ بالشرع ، قلت: كذبتهِ
وبنى المُلك عليه وعمَر
ما زُوّجت تلك الفتاة ُ ، وإنما
بِيعَ الصِّبا والحسنُ بالدينار
لا أرى إلا نظاماً فاسداً
عيل والملكِ الكبير
قال ناسٌ: صَرْعَة ٌ من قدر
ها من ملائكة وحور؟
ـدِ، وعِصْمَة ُ المَلك الغرير
فتشتُ لم أرَ في الزواج كفاءة ً
ككفاءة الأزواجِ في الأعمار
نزل العيش ، فلم ينزل سوى
نُقِلت من البال الى الدَّوّار
أَمسَيْن في رِقِّ العبيـ
وليالٍ ليس فيهن سَمر(91/76)
والدرِّ مؤتلقِ السنا
وعلى الذوائب وهي مِسْكٌ خولطت
في بني العَلاّتِ من ضِغْنٍ وشر
لك في الكبير وفي الصغير
أبَويهم أو يُباركْ في الثَمر
والخيل، والجمِّ الغفير
نَشَأَ الخيرِ ، رويداً ، قتلُكم
القابضين على الصَّليـ
لو عصيْتم كاذبِ اليأْسِ، فما
في صِباها ينحرُ النفسَ الضَّجَر
شارَفَ الغَمرة َ منها والغُدُر
يا ربِّ تجمعُهُ يدُ المقدار
ـمِ، الراوياتُ من السرور
فيم تجنون على آبائكم
وكيف ابتلوا بقليل العديـ
ـدِ من الفاتحين كريم النفَر؟
وتعقّونَ بلاداً لم تَزَل
فمصابُ المُلك في شُبَّانه
بُشرى الإِمام محمد
ـأَيام في الزمنِ الأَخير
وربُّهن بلا نصير
شبَّ بين العزِّ فيها والخطر
ورفيع لمْ يُسوِّدْهُ أب
يتلو الزمانُ صحيفة ً
روِّحوا القلبَ بلذّات الصذِبا
ة ُ، وحكمة ُ الشيخِ الخبير؟
شيخُ الملوك وإِن تضعـ
وانشدوا ما ضلَّ منها في السِّير
وكان من يَققِ الحُبور
مهما غدا أَو راح في جولاته
وعمروا يسوقُ بمصَر الصِّحا
بَ ، ويزجي الكتابَ ، ويحدو السُّورَ
لا بالدّعِيِّ، ولا الفَخور
جعلَ الوِرْدَ بإذْنٍ والصَّدَر
إِنما يسمحُ بالروح الفَتَى
نورٌ تلأْلأَ فوق نور
ئرُ في المخادع والخدور
تجوس بعين خلال الديا
نبأٌ يثيرُ ضمائرَ الأَحرار
المحيياتُ الليل بالأَذكار
نُ تحرّك ما فيه ، حتى الحجر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> نجيَّ أبي الهول: آن الآوان
نجيَّ أبي الهول: آن الآوان
رقم القصيدة : 9510
-----------------------------------
نجيَّ أبي الهول: آن الآوا
نُ، ودان الزمانُ، ولانَ القدر
خبأْتُ لقومِك ما يستقو
نَ، ولا يَخبأُ العذبَ مثلُ الحجر
فعندي الملوكُ بأعيانها
وعندَ التوابيتِ منها الأثر
محا ظلمة َ اليأْس صُبحُ الرجا
أَبا الهول، ماذا وراءَ البقا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> اليوم نَسود بوادينا
اليوم نَسود بوادينا
رقم القصيدة : 9511
-----------------------------------
اليوم نَسود بوادينا(91/77)
ونُعيد محاسنَ ماضينا
ويشيدُ العزّ بأَيدينا
وطنٌ نَفديه ويَفدينا
وطنٌ بالحق نؤيِّدُه
وبعين الله نشيِّده
وطنٌ بالحق نؤيِّدُه
وبعين الله نشيِّده
والصناع عبء السيطرة
ونحسِّنُه، ونزيِّنُه
بمآثرنا ومساعينا
ونحسِّنُه، ونزيِّنُه
بمآثرنا ومساعينا
سرُّ التاريخ، وعُنصرُه
وسريرُ الدهرِ وِمنبرُه
تحكمهم راهبة ٌ
ذكَّارة ٌ مُغبِّرهْ
وجِنانُ الخلد، وكوثرُهُ
وكفى الآباءُ رياحينا
نتخذُ الشمسَ له تاجا
وُضُحاها عرشاً وهاجا
وسماء السُّودَدِ أبراجا
وكذلك كان أوالينا
وسماء السُّودَدِ أبراجا
وكذلك كان أوالينا
العصرُ يراكُمْ، والأمم
والكرنك يلحظُ، والهرمُ
أبني الأوطان ألا هِمَمُ
كبناءِ الأول يبنينا؟
سعياً أَبداً، سعياً سعياً
لأَثيل المجد وللعَلْيا
تكاد لإِغراقِها في الجمو
ولم تفتخر بأَساطيلها
لَ اليدين ؛ لم تره
المالُ في أتبعها
فلا تستبين سوى قرية ٍ
وفي الرجال كرم
ولا يشعرُ القومُ إِلاَّ به
تقلدتْ إبرتها
وادرعت بالحبره
تطالب بالحق في أُمة
دِ الخشن المنمرِّه
المالُ في أتبعها
فلا تستبين سوى قرية ٍ
لو عرفوا عرفوا
كأَنك فيها لواءُ الفضا
أو طاف بالماءِ على
جدرانه المجدّره
وتذهب النحل خفا
فاً ، وتجيءُ موقره
Webstats4U - Free web site statistics
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قف سائل النحلَ به
قف سائل النحلَ به
رقم القصيدة : 9512
-----------------------------------
قف سائل النحلَ به
إلامَ الخلفُ بينكم؟ إلاما ؟
وهذي الضجة ُّ الكبرى علاما ؟
لكلَّ زمانٍ مضى آية ٌ
وآية هذا الزمانِ الصُّحُف
ولم نَعْدُ الجزاءَ والانتقاما
فما رقادُكم يا أشرف الأُممِ؟
مُلْكٌ بَنَيْتِ على سيوفِ بَنِيكِ
يا أخت أندلسٍ ، عليك سلامُ
هوت الخلافة عنكِ ، والإسلام
دولة ٌ شاد ركنَها أَلفُ عام
عُمَرٌ أَنتَ، بَيْدَ أَنك ظلٌّ
وبارك اللهُ في عمات عباس
يا ربّ ، أمُرك في الممالك نافذٌ
والحكمُ حكمُك في الدمِ المسفوك(91/78)
في العالمين، وعصمة ٌ، وسلام
فَرْعَ عثمانَ ، دُمْ ، فداك الدوامُ
يراكب الريح، حيِّ النيلَ والهرَما
وعظِّمِ السفحَ من سيناء ، والحرما
غالِ في قيمة ِ ابن بُطْرُسَ غالي
علم اللهُ ليس في الحقّ غالي
ما هيَّأَ اللَّهُ من حظٍّ وإِقبال
كالتاج في هامِ الوجود جلالا
قم للمعلِّم وفِّه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
ما للقُرَى بين تكبيرٍ وإهلال
وللمدائن هزْت عطفَ مختال؟
مَن الموائسُ باناً بالرُّبى وقَناً
برغمي أن أنالك بالملام
لا في جوانب رسمِ المنزلِ البالي
إن شئت أهرِقُه، وإن شئت احمِهِ
هو لم يكن لسواك بالملوك
قد مسها في حماك الضرُّ ، فاقض لها
إِذا ما لم تكن للقول أَهلاً
يفتحْ على أُممِ الهلالِ وينصرِ
رُبَّ مدحٍ أَذاع في الناس فضلاً
وفيمَ يكيدُ بعضكمُ لبعض
وتبدون العداوة والخصاما ؟
وإِذا خطرتَ على الملا
يبني ، وبنشئ أنفساً وعقولا؟
البُعْدُ أَدناني إِليكَ، فهل تُرى
لبسوا السوادَ عليكِ فيه وقاموا
أنها الشمس ليس فيها كلام؟
البعدُ أدناني إليك ، فهل ترى
عُد للمحاماة الشريـ
بالفردِ، مخزوماً به، مغلولا
رَبُّوا على الإِنصافِ فتيانَ الحِمَى
واحكم بعدلك، إن عدلَكَ لم يكن
بالمُمترى فيه ، ولا المشكوك
قدرٌ يحطُّ البدر وهو تمام
أدبُ الأكثرين قولٌ ، وهذا
أدب في النفوس والأفعال
مرت عليه في اللحود أهلة ً
ومضى عليهم في القيود العام
وأَنت أَحييتَ أَجيالاً مِن الزّمم
يا مالكاً رِقَّ الرقاب ببأسه
هلا اتخذتَ إلى القلوب سبيلا ؟
أَرجُ الرياضِ نقلته
ـأَخلاق، أو مالُ العديم
ويُصَدَّر الأَعمى به تطفيلا
وادع الذي جَعَل الهلالَ شِعارَه
يفتحْ على أُممِ الهلالِ وينصر
ألا ليت البلاد لها قلوب
حتى ظنَنَّا الشافِعيّ، ومالكاً
كيف الخؤولة فيكِ والأَعمام؟
ألأجل آجال دنت وتهيّأت
قدّرتَ ضربَ الشاطئ المتروك؟
رُسَّفاً في القيود والأَغلال
تسمو وتُطرقُ من شوقٍ وإجلال
من كُتلة ٍ ما كان أَعيا مِلْنَرا(91/79)
إن قيس بحٌركُمُ الطامي بمقياس
شرفٌ باذخٌ، وملكٌ كبيرٌ
ونفضتهم مِئبره
واقعد بهم في ذلك المستمطر
واربأْ بحلْمكَ في النوا
البِرُّ مِنْ شُعبِ الإيمان أفضلها
واين ذهبتم بالحقّ لما
ركبتم في قضيته الضلاما ؟
أَنذرتَنا رِقّاً يدوم، وذِلَّة ً
لقد صارتْ لكم حكماً وغنماً
وسريتَ من شِعبِ الأَلَمْـ
يا مِهرجانَ البرِّ ، أنت تحية ٌ
ـمخالبِ المذكَّره
ما كان يحميه، ولا يُحمَى به
فُلكان أَنْعَمُ من بواخر كوك
وضاعَفَ القُرب ما قُلِّدْتَ من مِنَنٍ
نادي الملوكِ، وجَدُّه غنام
أنت فيه خليفة ٌ وإمام
وأَبي حنيفة في الورَع
نبا الرزق فيها بكم واختلف
هذا الزمان تناديكم حوادثه
يا دولة السيف ، كوني دولة القلم
فأَخذْتِه حُرّاً بغيرِ شريك
ما دام مغناكم فليس بسائلٍ
أحوى السيادة صبية ً وكهولا
عهدَ السَّمَوْألِ، عُرْوَة ً، وحِبالا
وإذا خطرتَ على الملا
يا لائمي في هواه - والهوى قدرٌ -
لم يطو ماْتمُها ، وهذا مأتمٌ
لبسوا السواد عليك فيه وقاموا
وتكادُ من نور الإِله حِيالَه
ورحنا ـ وهْي مدبرة ٌ ـ نَعاما
ملكنا مارِنَ الدنيا بوقتٍ
وثقتم واتهمتم في الليالي
فلا ثقة ً أدمنَ ، ولا اتهاما
هلا بدا لك أن تجامل بعد ما
صاحبته عشرين غيرَ ذميمة ٍ
هذي بجانبها الكسيرِ غريقة ٌ
تهوي، وتلك بركنها المدكوك
نَدّاً بأَفواهِ الركاب وَعَنبَرا
ما كان دنلوبٌ، ولا تعليمُه
بكل غاية ِ إقدامٍ له وَلَع
فإن السعادة َ غيرُ الظهو
رِ ، وغير الثراءِ ، وغيرُ الترف
سَحراً وبين فراشِه الأَحلام
يا ليت شعري: في البروج حمائمٌ
إذا هو باللؤم لم يُكتنف
وفجرتَ ينبوعَ البيان محمداً
ـتَ على النُّسورِ الجُهَّل
بيروتُ ، مات الأُسدُ حتفَ أُنوفهم
لم يُشهروا سيفاً، ولم يحموك
جبريلُ يَعرضُ والملائكُ باعة ً
لعرفتَ كيف تُنفَّذ الأحكام !
رأوا بالأمس أنفك في الثريا
فكيف اليوم أصبح في الرَّغام؟
وإِذا دعوتُ إِلى الوِئامِ فشاعرٌ
شببتم بينكم في القطر ناراً(91/80)
حلَّتْ مكاناً عندهم
لا يبخسون المحسنين فَتيلا
بين البُغاة وبين المصطفى رَحِم
على سوي الطائر الميمونِ ما قدِما
فيا تلك الليالي، لا تَعودي
ونعلُه ـ دونَ رُكن البيت ـ تُستلم
في ملعبٍ للمضحاكت مشدٍ
مثلتَ فيه المبكياتِ فصولا
غيرَ غاوٍ، أَو خائن، أَو حسود
ويبيت الزمانُ أَندلسيّاً
فعلى بَني عثمانَ فيه سلام!
هذا يحنُّ إلى البسفور محتضراً
وذاك يبكي الغَضا ، والشيحَ ، والبانا
علَّمتَ يوناناً ومصرَ ، فزالتا
عن كل شمسٍ ما تُريد أُفولا
يا طالباً لمعالي الملك مجتهداً
وأصبح العلمُ ركنَ الآخذين به
من لا يقيمْ ركنَه العرفان لم يَقُم
عودي إلى ما كنتِ في فجر الهدى
من رحمة ِ المولى ، ومن أفضاله
لغة ٌ من الإغريق قيِّمة ٌ،
من ذلك الصوت الرخيم
وأَتاهم بقُدوة ٍ ومِثال
أَو للخطابة ِ باقلاً؛ لتخيّرا
سبعون ليثاً أُحرقوا، أو أُغرقوا
يا ليتهم قُتِلوا على طبروك
أَدب في النفوس والأَفعال
شهد الحسينُ عليه لعنَ أصوله
ـيُمنَى ، وباليسرى نزع
أَوسعتَنا يومَ الوداعِ إِهانة ً
جددت عهد الراشدين بسيرة ٍ
نسجَ الرشادُ لها على منواله
كلٌّ يصيد الليثَ وهو مقيَّدٌ
ويعزُّ صيد الضَّيغَمِ المفكوك
لقد رضياكِ بينهما مشاعا
حكمة ٌ حال كلُّ هذا التجلِّي
دونها أن تنالها الأفهام
إن نامت الأحياء حالتْبينه
تُوِّجَ البائسون والأَيتام
مُرْتَجِّ لَحْظِ الأَحول
أدِّبه أدب ـ أمير المؤمنين ـ فما
ويدعو الرابضين إِلى القِيام
أَما العتابُ، فبالأَحبّة أَخلَقُ
إنما واصفٌ بناءٌ من الأخـ
والمرء إن يجبن يعشْ مرذولا
متوجِّع ، يتمثلُ اليومَ الذي
وأَنظرُ جَنَّة ً جمعتْ ذِئاباً
بين البّغاة وبين المصطفى رَحِم
أَدبٌ لعمرك لا يُصيبُ مثيلا
وحمى إلى البيت الرحام سبيلا
لا الفردُ مَسَّ جبينكِ العالي ، ولا
سرَى ، فصادف جُرحاً دامياً ، فأسا
ورُبَّ فضل على العشاق للحُلُم
من كان في هَدْي المسيـ
ـدِ الجاهلية والهزيم
يا مضرِبَ الخَيم المنيفة للقِرى(91/81)
ما أنصف العُجمُ الأُولى ضربوك
يمد الجهلُ بينهم النِزاعا ؟
يمضي ويُنسَى العالمون، وإِنما
مُقَل عانت الظلامَ طَويلاً
تَدْمَى جلودٌ حوله وعظام
اللاعبات بُروحي، السافحات دمِي؟
الصارخون إِذا أُسيءَ إِلى الحِمَى
إليكِ تخطرُ بين الورد والآس
أم مِن الناسِ ـ بعدُ ـ من قولُه وحْـ
ونجيبٌ ، وهذبٌ ، من نجيبٍ
هذَّبتْه تجاربُ الأحوال
حقٌّ أعزَّ بك المهيمنُ نصره
مني لعهدكِ يا فروقُ تحيَّة ٌ
هل دون أيام الشبية للفتى
صفوٌ يحيطُ به، وأُنسٌ يُحدِق؟
وحياً من الفصحى جَرَى وتحدّرا
في الفاطمين انتمى ينبوعُه
ما كنتِ يوماً للقنابل موضعاً
ولو أنها من عسجد مسبوك
ابنُ الرّسولِ فتى ً فيه شمائلُه
وفيه نخوتُه ، والعد، والشمَمُ
واهبُ المالِ والشبابِ لما ينـ
من كلّ من خطَّ البنا
كانوا البنينَ البرَره
آل النبي بأعلام الهدى خُتموا
طوراً تمدّك في نُعْمى وعافية ٍ
لا يذهب الدَّهرُ بين التُّرَّهاتِ بكم
وبين زَهْرٍ من الأحلام قتَّال
جزعاً من الملإِ الأسيف زحام
وأَتيتَ من محرابه
من السرطان لا تجد الضماما ؟
والأسدُ شارعة القنا تحميك
وتعلن الحبَّ جمّاً غير متَّهَم
بيروتُ ، يا راحَ النزيلِ ، وأُنسَهُ
يمضي الزمانُ عليّ لا أسلوك
لا تهجعنَّ إلى الزما
عيونِ الخرائد غيرُ الخزف
صدق الخلقُ ؛ أنت هذا ، وهذا
يا عظيماً ما جازه إعظام
عَصَرَ العُربُ في السنينَ الخوالي
الحسنُ لفظٌ في المدائنِ كلِّهَا
ووجدتُه لفظاً ومعنًى فيك
ما زالت الأيام حتى بدلت
وتغيرَ الساقي ، وحالَ اجام
وراءَ كلِّ سبيلٍ فيهما قَدَرٌ
ـمنَى ، وباليسرى نزع
القاتلات بأجفانٍ بها سَقَمٌ
يا بني مصرَ، لم أَقلْ أُمّة َ الـ
هاتوا الرجال وهاتوا المال، واحتشدوا
يُظهرُ المدحُ روْنَقَ الرجل الما
أحبتك البلادُ طويلَ دهرٍ
وذا ثمنُ الولاءِ والاحترام
أُمة التركِ، والعراقُ، وأَهلو
مدحاً، يُردَّد في الورى موصولا
فرعى له غُرراً وصان حجولا
أرى طيارهم أوفى علينا(91/82)
ولحقَّ فوق أرؤسنا وحاما
كم نائمٍ لا يَراها، وهي ساهرة ٌ
يغبِطْ وليَّك لا يُذمَمْ، ولا يُلم
العيدُ من رُسُلِ العناية ِ، فاغتبطْ
أَليس إِليهم صلاح البناءِ
ألفوا مصاحبة َ السيوفِ وعوِّدوا
ملأَ الحياة َ مآثراً وفعالا
فكِلاكما المفتكُّ من أَغلاله
وعلى حياة ِ الرأْي واستقلاله
وأنظر جيشهم من نصف قرنٍ
على أبصارنا ضرب الخياما
كيف الأَراملُ فيكِ بعد رجالِها؟
قمتم كهولا إلى الداعي وفتيانا ؟
نادمتُ يوماً في ظِلالِكِ فتية ً
وسَمُوا الملائكَ في جلالِ ملوك
هذا هو الحجرُ الدرِّيُّ بينكم
في عالمٍ صحبَ الحياة مقيداً
بافردِ ، مجزوماً به ، مغلولا
أخذتْ حكومتكِ الأمانَ لظبيه
محاسنُه غِراسك والمساوي
لك الثّمرانِ: من حمدٍ ، وذام
يُنسون حساناً عصابة جلَّقٍ
حتى يكاد بجلق يفديك
فلا أمناؤنا نقصوه رمحاً
ولا خواننا زادوا حساما
أَتت القيامة ُ في ولا ية ِ يوسفٍ
وما أَغناك عن هذا الترامي
نُعمى الزيادة ما لا تفعل النقمُ
في الفاطميين انتمى ينبوعهُ
عذبَ الأٌصول كجَدّهم متفجِّرا
زعموك همّاً للخلافة ِ ناصباً
أَيامَهم في ظِلكَ الأَحكام
هل تبخلونَ على مصر بآمال؟
وسرى الخِصبُ والماءُ ، ووافى الـ
ـبشرُ ، والظلُّ ، والجنَى ، والغَمام
عزّ السبيلُ إلى طه وتربته
فمن أراد سبيلا فالطريقُ دم
حَوالَيْ لُجَّة ٍ من لا زَوَرْدٍ
تعالى اللهُ خَلْقاً وابتداعا
بكرَ الأَذانُ مُحيِّياً ومهنّئاً
ودعا لك الناقوسُ فيما ينطق
ونسيب ، تحاذرُ الغيدُ منه
شَرَكَ الحسنِ أو شباكَ الدلال
تالله ما أحدثتِ شرّاً أو أذى ً
حتى تراعي، أو يراع بنوك
صوت الحقيقة بين رعـ
إذا قصر الدبارة فيه غاما
ويقول قومٌ : كنت أشأم موردٍ
إن هززتم تلاقى السيف منصلتاً
وعلى وجوهِ الثاكلات رغام
فقربوا بيننا فيها وبينكمُ
وأَين ذهبتمُ بالحقّ لما
عاقدة ٌ زُنَّارَها
محمدٌ رُوِّعت في القبر أعظمُه
وسعينا قدم فيه إلى قدمَ
هَوَت الخلافة ُ عنكِ، والإِسلام(91/83)
فيه حسنٌ ، وبالعُفاة ِ غرام
يَبُثُّ تجاربَ الأيامِ فيهم
ويدعو الرابضين الى القيام
ويراك داء الملك ناس جهالة ٍ
أَرسى على بابِ الإِمام كأَنه
فأبى ، وآثر أن تموت نبيلا
جدرانه المجدّره
أو أنت مثل أبي ترابٍ ، يتقي
ويهابه الأملاك في أسمالكه
أَنتِ التي يحمي ويمنع عِرضَها
سيف الشريف، وخِنجرُ الصُّعلوك
حتى تذوقي في حلبة الفرسان من حاميك
إذا سال خاطره بالطُّرَف
عهد النبيِّ هو السماحة والرضى
بمحمد أولى وسمحِ خلاله
مبالغٌ فيه، والحجّاجُ مُتَّهَم
إِن يجهلوكِ؛ فإِنَّ أُمّك سوريا
والأبلقَ الفردَ الأشمَّ أبوك
ركناً على هام النجوم يقام
يرعنَ للبصرِ السامي ، ومن عجبٍ
نزلوا على حكم القويِّ،
في العفو عن فاسق فضلٌ ولا كرم
لله من مَلأٍ كريمٍ خيِّر
باسم الحنيفة ِ بالمزيد مُبشرا
رعى الله ليلتَكم، إِنها
يزهو بلألاءِ العزيزِ ويُشرق
والسابقين إلى المفاخروالعُلا
بَلْهَ المكارمَ والندى أَهلوك
قالوا : جلبت لنا الرفاهة والغنى
جحدوا الإله ، وصنعه ، والنيلا
ـنا، وابن بَرقينَ الحكيم
ـنَ العلم والخُلق القويم
من عادة الإِسلام يرفعُ عاملاً
زال أهلوه ، وهو في إقبال
عُوّادُه يتسّمحون برُدْنه
كالوفد مَسَّحَ بالحطِيم الأطهر
سالت دماءٌ فيكِ حول مساجدٍ
وكنائسٍ، ومدارسٍ وبُنُوك
رجعت إِلى آياتِه الأَقوام
ملكِ العقول، وإِنها
ورحنا ـ وهْي مدبرة ٌ ـ نعاما
ومشى عليه الوحيُ والإِلهام
وبنو العصر ، والولاة ُ الفِخام
تُعلِّمُ حمتُه الحاضرين
أَنت النقيُّ من الطَّبَع
على جَناحٍ، ولا يُسْعَى على قَدم
كأنكَ بينهم داعي الحمام
هكذا الدَّهر : حالة ٌ ، ثم ضدٌّ
فإِذا غفلنَ فما عليهِ مَلام
أراعَكَ مقتلٌ من مصرَ باقٍ
فقمت تزيدُ سهماً في السهام؟
كنا نؤمِّل أَن يُمَدّ بقاؤها
حتى تَبِلَّ صدَى القنا المشبوك
والروحُ يكلأ، والملائكُ حُرَّس
شجاها النَّفاعُ وفيه التلف
واخلف هناك غِرايَ أَو كمبيلا
بطَّالَ اليدين؛ لم ترَه(91/84)
يُفنِي الزمانَ، ويُنفِد الأَجيالا
وسَما بأروِقَة ِ الهُدى ، فأحلَّها
فرعَ الثُّرَايّا ، وهي في أصل الثرى
الرافعين الملكَ اوجَ كماله
يا دولة َ السيف، كوني دولة َ القلم
مَنْ أنبتَ الغصن مِنْ صَمصامة ٍ ذكرٍ؟
وأخرج الريمَ مِن ضِرغامة قرِم؟
وهل تركت لك السبعون عقلاً
لعرفانِ الحلالِ من الحرام؟
لكِ في رُبَى النيلِ المبارَك جِيرة ٌ
لو يقدرون بدمعهم غسلوك
فتجارتِ اللغتان للـ
ولم نعد الجزاء والانتقاما
ولأنت الذي رعيَّتُه الأُسْـ
ـدُ ، ومَسى ظلالها الآجام
ومعاقلا لا تمحى آثارها
وجيوش إبراهيم والأسطولاْ
ومبشرٍ بالصلحِ قلت : لعله
خيرٌ ، عسى أن تصدق الأحلام
والناسُ أنك مُحيي رسمِها البالي
ـإِسلامِ يومَ الجنْدَل؟
توفيقُ مصر وانتِ ، أصلٌ في الندى
وفتاكما الفَرْعُ الكريمُ العُنصُر
فتذكره ودمعك في انسجام؟
ونبذل المال لم نُحمَل عليه ، كما
يقضي الكريمُ حقوقَ الأعل والذِّمما
أمة الترك ، والعراقُ ، وأهلو
ه ، ولبنانُ ، والربى ، والخيام
ما يحتذي الخلفاء حذو مثاله
والحاملينَ ـ إذا دُعوا ليعلَّموا -
أَسمعتَ بالحكَمَيْن في الـ
سل الحليمة الفيحاء عنه
وسل داراً على نور الظلام
إذا التصريح كان براح كفرٍ
فلم جُنَّ الرجالُ به غراما ؟
ينعي إِلينا الملكَ ناع لم يطأ
يا ليت شعري هل يحطم سيفه
للبغي سيفاً في الورى مسلولا
المعرضين ـ ولو بساحة يَلْدزٍ ـ
في مصر محلوجاً بها مغزولا
وكيف يكون في أيدٍ حلالاً
وأُخرى من تميم
شهدُ الحياة ِ مشوبهً
بالرق ؛ مثل الحنظل
يا نفسُ، دنياكِ تُخْفي كلَّ مُبكية ٍ
يُريكَ الحبَّ، أو باغي حُطام
إِن القُوَى عزٌّ لهم وقوام
هذبته السيوفُ في الدهر ، واليو
مَ أتمتْ تهذيبه الأقلام
ولو استطاعوا في المجامع أَنكروا
فلم أر بيننا إلا ذراعا
ومن المهابة ِ بين أَلفِ معسكر
تَتْرُكْ لصُنَّاعِ المآثر مَفْخَرا
زال الشباب عن الديارِ وخلفوا
للباكياتِ الثكل والترميلا
كانتْ لنا قدمٌ إليه حفيفة ٌ(91/85)
ورمَتْ بدنلوبٍ فكان الفيلا
في الملك أَقوامٌ عِدادُ رماله
فُضِّي بتقواكِ فاهاً كلما ضَحكتْ
يا شبابَ الديار، مصرُ إِليكم
أرى أثر البراقِ ركا وضاعا
دِ الخُشُن المنمِّره
وسراتُهم في مُقعد
لما طلعتَ عليها قال سيِّدها
على يدِ اللهِ في حلٍّ وترحال
أُضِيفَ إِلى مصائبنا العِظام
أن يعلم الشامتون اليومَ ما علموا
بالأمس أفريقا تولتْ ، وانقضى
ملكٌ على جيدِ الخضمِّ جسام
وشبابُها يتعلمو
تَشرُف الكأسُ عنده والمدام
إن قيس في جودٍ وفي سرفٍ إلى
في عدلِ فاتحهم وقانونيِّهم
تغني القوى المفكِّره
ضلوا عقولاً بعد عرفانِ الهدى
أقام على الشفاه بها غريباً
فوق المعلِّم والزعيم
سيجمعُني بكِ التاريخُ يوماً
لَى فيه غيرَ مُنْذَره
وادّرعتْ بالحبَرَه
تلك الكفورُ ـ وحَشوُها أميَّة ٌ ـ
كلّما همّ مجدهُ بزوالٍ
ما السُّفنُ في عدد الحصى بنوافع
في ذا المقامِ ولا حجدت جميلا
لا تذكرِ الكرباجَ في أيامِهِ
أُولئك مَرُّوا كدود الحرير
ولمن تُحالِفُه شِيَع
وهو العليم بأن قلبي موجعٌ
وجعاً كداء الثاكلات دخيلا
تجد الذين بنى المسلة جدُّهم
لأا يُحسنون لإبرة ٍ تشكيلا
فما على المرءِ في الأخلاق من حرج
إذا رعى صِلة ً في الله ، أو رَحما
إني رأيت على الرجالِ مظاهراً
فغطى الأرضَ ، وانتظم الأناما
مي في دُجى ليلٍ بهيم
ترى فيه الصيَانَ لحق مصر
فينا تلك الليالي ، لا تعودي
ويا زمنَ النفاق ، بلا سلام
وعلمتُ أنّ من النساء ذخيرة ً
في الثرى ملؤها حصى ً ورغام؟
وترى بإِذن الله حُسنَ مآله
منها المضاربَ والخيامَ بديلا
ولو وهبتُم لنا عُليَا سيادتكم
والجِدُّ روحٌ منه والإِقدام
طُوِيَتْ، وعمَّ العالمين ظلام
وكيف ينالُ عونَ الله قومٌ
عرابي اليوم في نظر الأَنام؟
ن، وأَدركوها في العلوم
طلعتَ حيالها قمراً تماما
الجهلُ لا تحيا عليه جماعة ٌ
رة ُ في الجوادِ المُجزل
صُفرَ الغَلائل والحلِي
دارت على فِطنِ الشباب شَمولا
ـح، وكان في رُشْدِ الكليم(91/86)
ولكم دعوتِ ننساءَ مصرَ لصالح
فنهضن فيه يلقنَ عائشة ُ أؤمري
خيرٌ، عسى أَن تصدقَ الأَحلام
القارئين على عليّ علمها
وعلى الغزاة المتقين رجاله
هذي كرائم أشياءِ الشعوب ، فإن
ماتت فكلُّ وجود يشبه العَدما
وسراتهم في مقعد
من مطلبِ الدنيا مقيم
رأْساً سوى النفرِ الأُلى رفعوك
كانوا له الاوتادَ في زلزالهِ
فكأنهنّ عقائلٌ من هاشمٍ
نَسْلاً، ولا بغدادُ من أَمثاله
تذرُ العلومَ ، وتأْخذ الفوتبولا ؟
إذا جئتَ المنابَر كنتَ قساً
إذا هو في عكاظ علا السَّناما
حبُّ السيادة في شمائِل دينكم
أنَّى مشى ، والبغي ، والإجرام
إِنّ الغرورَ إِذا تملَّك أُمة ً
وعلوِّهم يتخايلُ الإِسلام؟
وأنت ألذُّ للحق اهتزازاً
والطفُ حين تنطقه ابتساما
لنثرتُ دمعي اليوم في أطلاله
هامت على أثرِ اللَّذاتِ تطلبهُها
والنفس إن يدعُها داعي الصِّبا تَهم
وأنظر جنَّة ً جمعتْ ذِئاباً
فيصرُفُني الإباءُ عن الزحام
عرفت مواضع جدبهم ، فتتابعتْ
لا حكمة ٌ لم تُشعَل
جُعلتْ لحرٍّ يُبتَلى
وإلى اللهِ من مشى بصليبٍ
في يديهِ، ومن مشى بهلال
بأَضلَّ عقلاً ـ وهي في أَيْمانكم ـ
أَم هل يَعُدُّ لك الإِضاعة َ منة ً
أشدَّ على العدو من الحسام
ومسيطرون على الممالك ، سخرت
كانوا أَجلَّ من الملوكِ جلالة ً
وقدماً زين الحلمُ الشجاعا
وتحملُ من أديمِ الحقّ وجهاً
ومدارس لا تُنْهِضُ الـ
لهم كركن العنكبوت ضئيلا
فُوفِ الرياضِ، ووَشْيِها المحبوك
خاض الغمارَ دماً إلى آماله
ومن الحرير شكيمة ولجام
يا أُختَ أَندلسٍ، عليكِ سلامُ
هَق وهو في
عُمْر الفطيم
حرمتهم أن يبلغوا رتبَ العُلا
ورفعتَ قومك فوقهم تفضيلا
مِهارُ الحق بغضنا إليهم
شكيمَ القيصرية واللجاما
ربُّوا على الإنصافِ فتيانَ الحمَى
وتضاعُ الأمورُ بالإِهمال
فهو الذي يبني الطباعَ قويمة ً
لَيْه، وأَغلى الصَّندل
لواؤك كان يسقيهم بجامٍ
يسمو إليك بجده وبخاله
يَرمي، ويُرمَى في جها
ويقيمُ الرجالُ وزنَ الرجال(91/87)
مُفرِّج الكرب في الدارينِ والغمَم
كثرت عليه باسمك الآلام
وإذا المعلم ساء لحظّ بصيرة ٍ
جاءت على يده البصائرُ حُولا
رَحِماً ، وباسمك تقطع الأرحام
للعبرتين بوجنتيك مسيلا
ر، مهدَّدٌ بالمقتل
ومن الغرورِ ؛ فسمِّه التضليلا
إِني أَعيذُكِ أَن تُرَيْ جبارة ً
لك الخطبُ التي غصَّ الأعادي
بترفُّع الأَسدِ الشتيم
كم هاجه صيدُ الملوكِ وهاجهم
عزٌّ لكم، ووقاية ٌ، وسلام
أَو سالَ من عِقْيانه شاطيك
وحياة ٍ كبيرة ِ الأَشغال
إني لأعذُركم وأحسبُ عِبْئكم
من بين أعباءِ الرجال ثقيلا
واجعل مكانَ الدرِّ ـ إِن فصّلتَه
وعدوها لنا وعوداً كباراً
هل رأيت القُرى علاها الجهام؟
فمللنا ، ولم يك الدواءُ يحمي
أن تملَّ الأرواحُ والأجسام
بنيتَ قضيَّة َ الأوطانِ منها
مَشَّاءَ هذا العصرِ، قفْ
وجد المساعدَ غيركم ، وحُرمتمُ
في مصرَ عونَ الأُمهاتِ جليلا
يُزِري قَرِيضي زُهيراً حين أمدحُه
فهو أَصلٌ، وآدمُ الجدُّ تالي
وطوَى اللياليَ ركنُهُ والأَعْصُرا
وأمّن مسجديه والبقاعا ؟
في كلِّ عامٍ أَنتِ نزهة ُ روحِه
سبحتُ باسمك بكرة ً واصيلا
محمدٌ صفوة ُ الباري ، ورحمته
وبغية ُ الله من خلقٍ ومن نَسَم
يمنع القيدُ أن تقوم ، فهل تا
جُ ؟ فبالتاج للبلاد قيام
لما تلاحى الناس لم
تنزل إلى المرعى الوخيم
ليس اليتيمُ من انتهى أبواهُ من
مُ الليلَ حتى يَنجلي؟
فارفع الصوتَ : إنها هي مصرٌ
هانَ الضِّعافُ عليه والأَيتام
فيا رَعى الله وفداً بين أَعيننا
فلَك، ومقذوفاتُها أَجرام
كم مرضعٍ في حجر نعمته غدا
صَلَّوْا على حَدِّ السيوف، وصاموا
كا مان من عقباتها ، وصعابها
ذللتموه بعزمكم تذليلا
أَسفاً لفرقتكم، بُكاً، وعويلا
مي في دُجى ليلٍ بهيم
سبقتهم إلى الركن استلاما
وكأنما البوسفورُ حوضُ محمدٍ
لم يُهدَ للمتوَكِّل
أمّاً تخلَّتْ ، أو أباً مشغولا
وليوصوا بمن له الدهرُ عبدٌ
وله السعدُ تابعٌ وغلام
وتخفض رأسك العالي احتشاما
إن جئت مرمرة ً تحثُّ الفلكَ في(91/88)
بهج ، كآفاق النعيم ، ضحوك
مثَّلتَ فيه المُبكياتِ فصولا
لم يغف ضدُّك، أَو يَنم شانيكِ
فيه البشير ببشره وجماله
تبعي بعيدك في الممالك ، واسلمي
من يرد حقهُ فللحق أنصا
أبا الفاروقِ أدركها جراحاً
ـأَجيال تفصيل اليتيم
دار السعادة أنتِ ، ذلك بابُها
سلَّت يدٌ مدت إلى إقفاله
يبني الشرائعَ للعصو
حيُّوا من الشهداءِ كلَّ مغيَّبٍ
وضعوا على أحجاره إكليلا
إلى الإصلاح فامنحه الغماما
سيلُ الممالكِ جارفٌ من شدَّة ٍ
في الرُّزءِ لا شيعٌ ولا أحزام
إن في يلذر الهوى لخلالا
سرت النبوّة ُ في طَهور فضائِه
قد تجلت لخير بدرٍ أفلت
فلا أسُس التجارة فيه قرَّتْ
هي غُصَّة ُ الوطن الكظيم
حظٌّ رجونا الخيرَ من إقباله
ويُهابُ بين قيوده الضرغام
رجعى إلى الأقدار واستسلام
قبل البَنِيَّة ِ والحَطيم
ـلِ إِذا لاحَ وهو بالزهر حالي
قعائدُ الدَّيْرِ ، والرُّهبانُ في القِمم
فالزم التمَّ أيها البدرُ دوماً
إنّ الشمائلَ إن رَقَّتْ يكاد بها
لا يأخذن على العواقب بعضكم
ما توجبُ الأَعلاقُ والأَرحام
ونودي: اقرأ تعالى الله قائلها
لم تتصل قبل مَن قيلتْ له بفم
فخذ ما شئت في الإصلاح عنهم
تجدْ في كل مأثرة ٍ إماما
بترفُّع الأَسدِ الشتيم
هَق وهو في عُمْر الفطيم
كرمٌ وصفحٌ في الشباب ، وطالما
كرمَ الشبابُ شمائلاً وميولا
دَ، ولم تزلْ أَوْفَى خَديم
ن على الفراقد والنجوم
والدينُ ليس برافعٍ ملكاً إِذا
ما أبعد الغايات !! إلا أنني
أجد الثباتَ لكم بعنّ كفيلا
ودعوا التفاخر بالتُّراث وإن غلا
فالمجدُ كسبٌ ، والزمانُ عصام
إنّ الغرورَ إذا تملَّك أمة ً
نحتفي بالأَديب، والحق يقضي
ومناصب في غير موضعها كما
وتصدُّها الأَخلاقُ والأحلام
وتُضاعُ البلادُ بالنومِ عنها
بلِيتْ هاشِمٌ، وبادتْ نزارٌ
ساد البرية َ فيه وهو عِصام
قتلا فأقتل منما الإحجام
لكلّ طاغية ٍ في الخلق مُحتكِم
وإِذا عظَّمَ البلادَ بَنوها
ويذبحان كما ضحَّيتَ بالغَنَم(91/89)
جُبتَ السمواتِ أو ما فوقهم بهم
ـعر، وأَوعى جوائزَ الأَمثالِ
ركوبة لك من عزٍّ ومن شرفٍ
لا في الجيادِ ، ولا في الأيْنُق الرسُم
تهفو إليكَ - وإن أدميتَ حبَّتَها
ونظامٍ، كأَنه فَلَك الليـ
سِ، وحَثْوِ التراب، والإِعوال
تكفَّلَ السيفُ بالجهالِ والعَمَم
لو لاه لم نر للدولاتِ في زمن
ـدِ، ودعوى من العِراض الطوال
بعزمِهِ في رحالِ الدهرِ لم يَرِم
واهبُ المالِ والشبابِ لما يَنـ
واللسانُ المبين ليس ببالي
تكفَّلتْ بشباب الدهرِ والهَرَم
وعاّمتْ أُمة ً بالقفر نازلة ً
ساروا عليها هُداة َ الناس، فهي بهم
وجلالُ الأَخلاق والأَعمال
هوى كل أثَرِ النيران والأيُم
جِدِ، كالسيفِ يزدهي بالصِّقال
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قِفْ بروما ، وشاهد الأمرَ ، واشهد
قِفْ بروما ، وشاهد الأمرَ ، واشهد
رقم القصيدة : 9513
-----------------------------------
قِفْ بروما ، وشاهد الأمرَ ، واشهد
أَن للمُلك مالكاً سبحانَه
دولة ٌ في الثرى ، وأَنقاضُ مُلكٍ
هَدَمَ الدهرُ في العُلا بنيانه
يا عزيز السجن بالبابا، إِلى
وأَبوكَ الفضلُ خيرُ المُنجبين
قد امتلأَت منك أَيْمَانها
مَزقت تاجهَ الخطوبُ ، وألقت
في الترابِ الذي أرى صولجانه
لا يقولَنَّ امْرُؤ: أَصْلِي، فما
طللٌ ، عند دمنة ٍ ، عند رسمٍ
ككتابٍ محا البلى عنوانه
وفقدتمُ ما عزَّ في وجدانه
وضلَّ المقاتلَ عُدْوانها
وثماثيل كالحقائق ، تزدا
في ذمة ِ الله ـ أَوْفَى ذمة ٍ ـ نَفَرٌ
إِنَّ الحياة َ نهارٌ أَو سحابتُه
ربَّ خيرٍ في وجوهِ القادمين
من رآها يقولُ : هذِي ملوكُ
الدَّهر، هذا وقارُهم والرزانه
أَين المشاركُ مصرَ في فدانه؟
يدٌ للعناية ِ، لا ينقضي
وتبنين الحياة وتهدمينا
قسماً ما الخيرُ إلا وجهة ٌ
هي هذا الوجه للمستقبلين
هو كالصخرة ِ عند القبط، أَو
وبقايا هياكلٍ وقصورٍ
بين أَخذِ البِلى ودفع المتانه(91/90)
تربها القيمُ بالحرزِ الحصين
أمسك النيلُ ، فلما بشرتْ
بك مصرٌ عاد فياضَ اليمينْ
هيهات ينسَى بذلَهم أرواحَهم
عبثَ بالدهر بالحواريِّ فيها
وبيليوس لم يَهب أرجوانه
أترع الوادي كما أترعتِهِ
قد عَرَضْتَ الد
ليهْنكِ أنهم نزعو أمونا
وجرت هاهنا أُمورٌ كبارٌ
واصل الدهرُ بعدها جَريانه
وقفوا له دون الزمانِ وريبِه
ومشت حداثُتهم على حدَثانه
راح دينٌ، وجاءَ دينٌ، وولَّى
ملكُ قومٍ ، وحلَّ ملكٌ مكانه
وضلَّ المقاتلَ عُدْوانها
هرَ والجيشَ معاً
منعَ الأُمَّ ملاقاة البنين
والذي حصَّل المجدون إهرا
قُ دماءٍ خليقة ِ بالصيانه
فكانوا الشُّهبَ حين الأرض ليلٌ
حين الناس جِدُّ مضَلَّلينا
حَجب النعمة حتى وَجَدَت
شيّد الناسُ عليه، وبَنوْا
في الجو، وارتفعت على كيوانه
منايا أبى اللهُ إذ ساورتكَ
فلم يليق نابيْه ثُعبانها
قهر الأيتام في عيد الندى
مهرجان البر عرس البائسين
فلطالما أبدى الحنينَ لقسِّه
واهتزَّ أشواقاً إلى سَحبانه
ليت شعري . إلام يقتتل النا
سُ على ذي الدَّنِيَّة الفتانه؟
بلدٌ كان للنصارى قتاداً
صار ملكَ القُسوس ، عرش الديانه
نَسبُ البدرِ أَو الشمسِ ـ إِذا
والمرءُ ذو أثر على أخدانه
قد مشينا بين حديه إلى
ركبك المحروس بالله المعين
ولكنْ رؤُوسٌ لأَموالهم
وأَحالت عسلاً صابَ المَنون
حَوَتْ دَمكَ الأَرضُ في أَنفِها
منايا أَبى اللَّهُ إِذ ساورتكَ
نامَ عنها وهي في سدتِهِ
ديدبانٌ ساهرُ الجَفْنِ أمين
وشعوبُ يمحون آية عيسى
ثم يعلون في البريَّة ِ شانه
غاية ٌ قصَّر عنها الفاتحون
سائلَ الغُرَّة ِ ممسوحَ الجبين
وأنخناهُ لدى الخدر الكنين
تقيَّد في التراب بغير قَيْد
رُعاة ُ العهودِ وخُوّانها
ويُهينون صاحبَ الروح ميْتاً
ويُعِزّون بعدَه أَكفانه
عالمٌ قُلَّبٌ، وأَحلامُ خَلْقٍ
تتبارى غباوة ً وفطانه
ولو زُلتَ غُيَّبَ عَمْرُو الأُمورِ
إِنما الأُسوة ُ ـ والدنيا أُسى ً ـ
وإذا هالاته عزٌّ مكينْ
قل للشباب: زمانُكم مُتحرِّك(91/91)
هل تأْخذون القسطَ من دورانه؟
تعالى اللهُ ، كان السحرُ فيهم
وأَين من الرِّبح قسطُ الرجال
وإذا الدنيا عليه سْمحة ٌ
تُسفِرُ الآمالَ عنها وتَبينْ
رومة الزهوِ في الشرائعِ، والحكـ
ـمة ِ في الحُكم، والهوى ، والمجانه
والتناهي ، فما تعدّى عزيزاً
فيكِ عِزٌّ، ولا مَهِيناً مهانه
خُطَبٌ لا صوتَ إِلاّ دونَها
وترَ الناسَ ذئاباً وضِئين
ما لحيٍّ لم يُمْسِ منكِ قبيلٌ
أو بلادٌ يعدَّها أوطانه
وليس الخلدُ مرتبة َ تلقَّى
وتؤخذ من شفاه الجاهلينا
يصبحُ الناسُ فيك مولى وعبداً
ويرى عبدك الورى غلمانه
وسرُّ العبقرية حين يسري
ميولُ النفوسِ وأَضغانها
يا مُلَقَّى النصرِ في أَحلامِه
أين ملكٌ في الشرقِ والغربِ عالٍ
تحسدُ الشمسُ في الضحى سلطانه؟
ومن المكرِ تَغنِّيك بها
ويختلف الدهرُ حتى يَبينَ
إلى التاريخ خيرُ الحاكمينا
وتَرَ الأَمرَ يداً فوق يدٍ
وحملتِ التاجَ فيها أربعين
وقفوا له دون الزمانِ ورَيبِه
قادرٌ ، يمسخ الممالكَ أعما
لاً ، ويعطي وَسِيعَها أعوانه
أين مالٌ جَبَيْتِهِ ، ورعايا
كلّهم خازنٌ ، وانتِ الخزانه ؟
ومن الخيف ومن دارِ الأمين
وأخذُك من فمِ الدنيا ثناءً
زكيّاً، كأَنك عثمانها
مَنْ دَنا مِن رَكْبِك العالي به
من أَديم يَهْرَأُ الدبَّ، إِلى
أَين أَشرافُكِ الذين طَغَوْا في الد
هرِ حتى أَذاقهم طغيانه
فغالي في بنيك الصيدِ غالي
ويلعبُ بالنار ولدانها
أَين قاضيكِ؟ ما أَناخ عليه؟
أين ناديك ؟ ما دهى شيخانه ؟
سيفُهُ أَحْيينَه في الغابرين
فاضً الزمانُ من النبوغِ، فهل فتى
غمَرَ الزمانَ بعلمه وبيانه؟
لا ترومي غيرَ شِعري موكباً
واخدعِ الأَحياءَ ما شئتَ، فلن
فناجيهم بعرشٍ كان صِنْواً
لعرشك في شبيبته سَنينا
قد رأَينا عليكِ آثارَ حزنٍ
ومن الدُّور ما ترى أحزانه
أين التجارة ُ وهي مضمارُ الغنى ؟
وقَتْكَ العنايَة َ بالراحتَينِ
وتأْبى الأُمورُ وسلطانها
كلُّ حمدٍ لم أصًغْهُ زائِلٌ
هم جمالُ الأَرض حيناً بعد حين(91/92)
أين الجوادُ على العلوم بماله؟
أين المشاركُ مصرَ في فدانه؟
اقصِري، واسأَلي عن الدهر مصراً
هل قضْت مَرَّتَيْن منه اللُّبانه؟
إِنّ من فرَّق العبادَ شعوباً
جعل القسط بينها ميزانه
وتاجٍ من فرائده ابنُ سيتي
ومن خرزاته خوفو ومينا
ولكن على الجيش تقوى البلادُ
وبالعلم تشتدُّ أركانها
وريدُ الحياة ِ وشِريانها
ترفَّع في الحوادث أن يدينا
هْبكِ أفنيتِ بالحدادِ الليالي
لن تردي على الورى رومانه
خُبْثِ ما قد فعلت بالشاربين
ولستٌ بقائلٍ : ظلموا، وجاروا
على الأُجراءِ، أو جلدوا القطينا
فلطالما أَبدى الحنينَ لقسِّه
غذاقتل الشيبَ شبانها؟
حَرَقَ الدهرُ يديهِ، وانْجَلَت
مِحْنَة ُ التبرِ عن العِرْقِ المتين
وكم أكلَ الحديدُ بها صحينا
إذا كان في الخُلقِ خسرانها؟
أُمُّكَ النفسُ قديماً أَكْرَمتْ
يمَّحِي الميْتُ، ويبلَى رمسُه
عَلِّمي الجاراتِ مّما تعلمين
ذكرّيهنَّ فَرُوقاً وصِفي
طلعة َ الخيلِ عليها والسفين
ديْدَبانٌ ساهِرُ الجَفْنِ أَمين
تتعجبُ الأجيال من إتقانه
أخا اللوردات ، مثلكُ من تحلَّى
بحلية ِ آله لمتطوِّلينا
ويا سعدُ ، أنت أمين البلاد
قد امتلأت منك أيمانها
لك الأصل الذي نَبَتتْ عليه
ـ وإِن نَفد العمْرُ ـ شُكرانها
قمتم كُهولاً إِلى الداعي وفتيانا؟
وقديماً ملئتْ بالمرسلين
لم ينالوا حظَّهم في النابغين؟
كان كالصَّيادِ في دُولَتِهِ
لك بالأَمس هو اليومَ خَدين
كأَنه من جمال رائع وهُدًى
يا عصاميّاً حوى المجد سوَى
ابحثوا في الأَرض: هل عيسى دفين؟
فمصرُ الرياضُ ، وسودانُها
عيون الرياض وخلجانها
حَمَلَ الأَعْباءَ عنه عصبة ٌ
وقديماً مُلئتْ بالمرسَلين
إنما الأسوة - والدنيا أسى -
سببُ العمران ، نظمُ العالمين
ولا الحكمُ أَن تنقضي دولة ٌ
يا مبيدَ الأُسْد في آجامها
فاودَراهُم وجَرَى يَحمي العرين
مَحَقَ الفَرْدَ وأَلغَى حُكْمَه
إن حُكْمَ الفَرْدِ مرذول لَعين
رأيت تنكُّراً ، وسمعت عتباً
فعذراً للغضاب المحنقينا(91/93)
أُبوَّتُنا وأعْظُمهم تُراثٌ
نحاذرُ أن يؤول لآخرينا
يا عزيز السجن بالبابا ، إلى
كم تردَّى في الثرى ذلَّ السجين ؟
عيون الرياضِ، وخلجانها
ويذهبَ نهبة ً للناهبينا
يا مَنْ لشعبٍ رزؤه في مالِه
قيصرا الأنساب فيه نازَلاَ
قيصرَ النفسِ عصامَ المالكين
وإلى الموتِ عليه مُقْسِمِين
فأَين النبوغ؟ وأَين العلوم؟
خليليَّ اهبطا الوادي ، وميلا
الى غُرف الشموس الغاربينا
رَوعة َ الحكمة ِ في الشعر الرصين
على طرابُلُسٍ يقضون شجعانا
وخُصَّا بالعمار وبالتحايا
يموت من البردِ حيتانها!
يخال لروعة ِ التاريخ قُدّتْ
جنادله العلا من طورسينا
وكان نزيلُهُ بالملكِ يدعى
وأَين الفنون وإِتقانها؟
سَرَّني أنْ قَرَّبَ اللهُ النَّوَى
وشَجاني في غدٍ من تدفنين
فثَمَّ جَلالة ٌ قَرَّتْ ورامت
ولو زُلتَ غُيِّبَ عَمْرُو الأُمور
عظة ٌ قومي بها أَولى وإِن
شَفَّهُ الأيْكُ حنينً فقضى
وكِرامُ الطيرِ يُرْدِيها الحنين
ومن المكرِ تغنيك بها
هل يزكِّي الذِّبحَ غيرُ الذابحين ؟
ورفعنا في الضَّحايا ذكرَه
لقويٍّ، أَو غنيٍّ، أَو مُبين
وطويلِ الرُّمح، في كيدِ الوتين
وكأنّ الآلَ فيه هاشمٌ
ربَّ يومٍ لكَ جَلَّى وانثنى
وأُقسمُ كنتَ في لوزانَ شُغلاً
وكنت عجيبة َ المتفاوضينا
بلسانٍ كان ميزانَ الشئون ؟
جَلَّ في العناقِ حتى خِلْتُهُ
مِنَّة ً فيها لأُمِّ المُنْعِمين
ولو كنا نجر هناك سيفاً
نواحي السماءِ وأَعنانها
مُثارُ السريرة ِ غضبانها
وحاجاتُ الكنانة ِ ما قضينا
وفسادٌ فوق باعِ المصلحين
وماذا جبتَ من ظلمات ليلٍ
أَرى الكريمَ بوجدانٍ وعاطفة ٍ
ويلقاه الملا مترجلينا؟
سُلِلتَ من الحفائر قبل يومٍ
يَسُلُّ من التراب الهامدينا
بعد العهدُ فهل يعتبرون ؟
هذه الأهرام تاريخهم
فانٍ، ففيه من الجَرْحَى مُشاكلة ٌ
وكم مَنْ أَتاك بمجموعة
بضائره إذا صحبَ المنونا
قمْ تَرَ الدنيا كما غادرتها
والعرضُ لا عزَّ في الدنيا إِذا هانا
هيناً في العُزَّل المستضعفين(91/94)
فؤاد أجلُّ بالدستورِ دنيا
وأَين المدارسُ؟ ما شانها؟
ترى الأحزابَ ما لم يدخلوها
على جدَّ الحوادثِ لاعبينا
يُجيل السياسة َ غلمانها
وهات النورَ واهدِ الحائرينا
وليس بمُعييك تبيانها
Webstats4U - Free web site statistics
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> فثَمَّ جَلالة ٌ قَرَّتْ ورامت
فثَمَّ جَلالة ٌ قَرَّتْ ورامت
رقم القصيدة : 9514
-----------------------------------
فثَمَّ جَلالة ٌ قَرَّتْ ورامت
سريا صليب الرِّفقِ في ساح الوغى
وانتشر عليها رحمة ً وحنانا
ولو صَرَّحت لم تُثر الظنونا
وهل تصوّرُ أفراداً وأعيانا؟
نزلنَ أَولَ دارٍ في الثرى رَفعَت
للشمس مُلكاً ، وللأقمار سلطانا
ووقى من الفتنِ العبادَ، وصانا
تفننت قبل خلق الفن، وانفجرت
علماً على العُصُرِ الخالي وعِرفانا
والمسْ جراحاتِ البريَّة ِ شافياً
ما كنت إلا للمسيح بنانا
أُبَوَّة ٌ لو سكتا عن مفاخرهم
تواضعاً نطقت صخراً وصَوَّانا
وإذا الوطيسُ رمى الشباب بناره
واضرَع ، وسلْ في خلقِه الرّحمانا
هم قلَّبوا كرَة الدنيا فما وجدَتْ
جلالُ الملك أَيامٌ وتمضي
فيا لكِ هِرَّة ً أَكلت بنيها
للهِ له بيعاً ولا صلبانا
وصيّروا الدهرَ هزءاً يسخرون به
يَسُلُّ من التراب الهامدينا
لم يَسلك الأَرضَ قومٌ قبلهم سُبُلاً
ولا الزواخرَ أَثباجاً وشُطَّانا
ومن دُولاتهم ما تعلمينا
تقدم الناسَ منهم محسنون مضَوا
للموت تحت لواءِ العِلم شجعانا
إن الذي أمرُ الممالك كلذِها
بيديه ؛ أحدثَ في الكنانة شانا
جابوا العُبابَ على عودٍ وسارية ٍ
وأغلوا في الفَلا كاأُسْدِ وحْدانا
أَزمانَ لا البرُّ بالوابور منتهَباً
ولا "البخارُ" لبنت الماءِ رُبَّانا
وكان نزيلُهُ بالمَلْكِ يُدعَى
فينتظم الصنائعَ والفنونا
هل شيَّع النشءُ رَكْبَ العلم، واكتنفوا
لعبقرية ٍ أَحمالاً وأَظعانا؟
أوَما ترون الأرضَ خُرّب نصفُها
وديارُ مصرٍ لا تزال جنانا؟
عِزَّ الحضارة أعلاماً وركبانا؟(91/95)
يسيرُ تحت لواءِ العلم مؤتلفاً
ولن ترى كنودِ العلم إخوانها
كجنود عَمْروٍ ، أينما ركزوا القنا
العلمُ يجمعُ في جنسٍ ، وفي وطنٍ
شتى القبائل أجناساً ، وأوطانا
ولم يزِدْكَ كرسمِ الأَرض معرفة ً
وتارة ً بفضاءِ البَرِّ مُزدانا
علمٌ أَبان عن الغبراءِ، فانكشفتْ
زرعا، وضرعا، وإقليما، وسُكانا
أُممَ الحضارة ِ، أنتمُ آباؤنا
منكم أخذنا العلمَ والعرفانا
وقسم الأرض آكاماً، وأودية ً
نحاذرُ أَن يؤول لآخرينا
بنيانُ إسماعيل بعد محمدٍ
وتركُك في مسامعها طنينا
وبيَّن الناسَ عادات وأمزجة ً
سَيَفْنَى ، أَو سَيُفْنِي المالكينا
وما تلك القبابُ؟ وأَين كانت؟
وما لكَ حيلة ٌ في المرجفينا:
ومن المروءة ِ - وهي حائطُ ديننا -
أن نذكرَ الإصلاحَ والإحسانا
وفدَ الممالك ، هز النيل مَنكبَه
لما نزلتم على واديه ضيفانا
غدا على الثغرِ غادٍ من مواكبكم
مُمرَّدة البناءِ، تُخالُ برجاً
لم يعرفوا الأحقاد والأضغانا
جرت سفينتُكم فيه ، فقلَّبها
على الكرامة قيدوماً وسكانا
يلقاكمُ بسماءِ البحر معتدلٌ
نزلتُم بعَروسِ المُلكِ عُمرانا
ودالتْ دولة المتجبِّرينا
كأنه فلق من خِدره بانا
أناف خلف سماءِ الليل متقداً
يخال في شُرفات الجوِّ كيوانا
تطوي الجواري إليه اليمّ مقبلة ً
تجري بوارجَ أَو تنساب خُلجانا
نورُ الحضارة لا تبغي الركابُ له
لا بالنهار ولا بالليل برهانا
يا موكبَ العلم، قِفْ في أَرض منْفَ به
فكانوا الشُّهبَ حين الأَرض ليلٌ
بكى تمائمَهُ طفلاً بها، ويبكي
ملاعباً من دبى الوادي وأحضانا
أرض ترعرع لم يصحب بساحتها
إِلاَّ نبيين قد طابوا، وكهّانا
عيسى ابنُ مريم فيها جرّ بُردتَه
وجرّ فيها العصا موسى بن عِمرانا
لو لا الحياء لناجتْكم بحاجتها
لعل منكم على الأيام أعوانا
وهل تبقى النفوسُ إِذا أَقامت
ليَّنتُمُ كلَّ قلبٍ لم يكن لانا
فضاقت عن سفينهم البحار
فلرُبَّ إِخوانٍ غَزَوْا إِخوانا
أمورٌ تضحكُ الصبيانُ منها
وانشر عليها رحمة ً وحنانا(91/96)
وصيَّرنا الدخان لهم سماء
وأَراد أَمراً بالبلاد فكانا
هِزبر من ليوث الترك ضاري
علومَ الحربِ عنكم والفنونا
اقترح تعديلا على القصيدة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> الدستور العثماني
الدستور العثماني
رقم القصيدة : 9515
-----------------------------------
الدستور العثماني
رحَّالة َ البَدْو هاموا في فيافيها
ءِ ، وأنت برهانُ العِنايه
يا فرنسا، تلت أسبابَ السماءْ
وتملَّكتِ مقاليدَ الجِواءُ
أَو فمُ الحبيبِ، جلا
فهي فِضة ذَهَبُ
إِذا الآجالُ رجَّت منه لينا
علبَ النسرُ على دولته
وتنحى لك عن عرش الهواءُ
ليت هاجري
وهْيَ تارة ً خَبَبُ
العفافُ زينتُها
يُشتهَى ، ويُطَّلب
وكل خيرٍ يلقَّى في أَوامرها
مة ِ ، والصليبَ من الرعايه
وكيف تنامُ يا عبدَ الحميد
وأتتكِ الريحُ تمشي أمة
لكِ - يا بلقيسُ - من أوفى الإماء
حنُّوا إليها كما حَنّتْ لهم زمناً
رُوِّضتْ بعدَ جِماحٍ، وجرتْ
طوعَ سُلطانيْنِ: علمٍ، وذَكاءْ
علَّ بيننا
واشياً كذب
لكِ خَيْلٌ بجناحٍ أَشبهت
خَيْلَ جبريلَ لنصرِ الأَنبياء
أو مفنّداً
والرّعيَّة ُ النُّخَبُ
المحسنون همُ اللبا
مَن لِمدْنَفٍ
دمعه سحب؟
فإِن ذلك أَجرى من معاليها
ـغالي وحرمتِه كنايه
بالأَمس لادي لوثرٍ
بُرُدٍ في البرِّ والبَحْرِ بِطاءْ
يُبتغى ويُجتذَب
فهْيَ تارة ً مَهَلٌ
لم تأْلُ جِيرتَها عنايه
فوقَ عُنْق الرِّيحِ، أَو متْنِ العَمَاء
وما هاب الرُّماة َ مسدِّدينا
الأَحمران عن الدم الـ
ولا وراء مداها فيه علياءُ
رحلة ُ المشرِقِ والمغرِبِ ما
لبثتْ غيرَ صَبَاح وَمَسَاء
همُ الأَبطالُ في ماضٍ وآتي
عندهَ وَصَب
ذقتُ صدّه
غيرَ محتسِب
أَسْدَتْ إِلى أَهل الجنو
لِفريقٍ من بَنيكِ البُسلاء
وليس مُستعظَماً فضلٌ ، ولا كرمٌ
وحسبُ نفسك إِخلاصٌ يُزكِّيها
تارة ً ويُقْتَضَب
سيِّدي لها فلَكٌ
يعادِلُ جَمعُهم منا جنينا
ضاقت الأرض بهم ، فاتخذوا
في السَّماوات قبورَ الشهداء
بُ، وسائرُ الناسِ النفايه(91/97)
سمراءَ النجمِ في أوج العلاءُ
خلافة الله في أحضانِ دولتهم
شابَ الزمانُ ، وما شابت نواصيها
أخجل القُضُب
بيْن عَينه
جَنَّة ٌ، هي الأَرَب
دروعُها تحتمي في النائباتِ بهم
من رمح طاعنِها ، أَو سهمِ راميها
حُوَّماً فوقَ جبالٍ لم تكن
بَ الجهالة والعَمايه
أُبْسُطْ جَنَاحَيْكَ اللذيْـ
ولهم ألفُ بساط في الفضاء
الرأَيُ رأَيُ أميرِ المؤمنين إذا
والحربُ للشيطان رايه
رفعة ِ الذكر ، وعلياء الثناء
ساقي الطِّلا
شربها وجب
يا نسوراً هبطوا الوادي على
سالِف الحُبِّ، ومَأْثورِ الوَلاء
لم تكشف النفس لولاه ، ولا بلين
لها سرائر لا تحصى واهواءُ
هاتها مشت
فوقها الحقب
دارُكم مصرُ، وفيها قومُكم
مرحباً بالأقربين الكرماء
تنفثُ الحبب
طرتم فيها ، فطارت فرحاص
بأعزِّ الضيفِّ خيرِ النزلاء
والمعِيَّة ُ النجُبُ
ولا استخفَّكَ للذَّاتِ داعيها
هُذِّبَتْ ففي
والنُّهودُ هامِدة ٌ
هَل شجاكم في ثَرى أَهرامِها
ما أرقتمْ من دموع ودماء ؟
أين نسرٌ قد تلقَّى قبلكم
عِظة الأَجيالِ من أَعلى بِناء؟
إسقها فتى ً
خيرَ مَن شرِب
لو شهِدتم عصره! أضحى له
عالمُ الأَفلاكِ معقودَ اللواء
كلما طغى
راضها الحسب
تكادُ من صُحبة ِ الدنيا وخبرِتها
وجاءَته جنودُك مبطلينا
مة ِ، والصليبَ من الرعايه
علبدينُ أم
في هَوَادجٍ عَجَلاً
رأَيتَ الحلمَ لما زاد غَرَّا
فلبَّتْه الفيالقُ والأَرادي
ـغالي وحرمتِه كنايه
فمشى للقبر مجروحَ الإباء
أخذتْ تاجاً بتاجٍ تأرها
وجَزَتْ من صَلفٍ بالكبرياء
أَو دوائرٌ دُرَرٌ
وتمنَّت لو حَوَت أعظمَه
بين أَبْنَاءِ الشموسِ العُظماء
فكنّ الموتَ، أَو أَهدى عيونا
عند الرعية ِ من أَسنى أياديها
وخَشية ُ اللَّهِ أُسٌّ في مبانيها
بُ ، وسائرُ الناسِ النفايه
أَو كبَاقة ٍ زهْرَا
يرفع الحجُب
جلَّ شأْنُ الله هادي خَلْقِه
بهُدَى العِلم، ونورِ العلماء
طارت قناها سروراً عن مراكِزها
تفرّق جمعُهم إِلاَّ بقايا
أَشرقتْ نوافِذهُ
عند راحة ٍ تعَب(91/98)
ومررتِ بالأَسرى ، فكنـ
طلبة ً بها عهد الرجاء
وزِد الهلالَ من الكرا
كان إحدى مُعجزاتِ القدَماء
فهْيَ مَرَّة ً صُعُدٌ
تبَّعُ الغَلب
تغلي بساكنها ضِغناً ونائرة ً
نصفه طير ونصفه بشر !
يا لها إحدى أعاجيب القضاء !
ـمة َ، واستبقن البرَّ غايه
وسمها في عروقِ الظلم مشَّاءَ
السُّراة ُ من
واللُّجَينُ، والذهب
يسْعِفن رِيّاً، أَو قِرى ً
أَنْفُسَ الشجعانِ قبلَ الجبناء
وتلقَفُ نارَهم والمطلقينا
عُجْمُهُنّ، والعرَبُ
مُسرَجٌ في كلّ حين، مُلجَمٌ
كاما العدة ، مرموق الرُّواء
الظلامُ رَايتُها
وهْيَ بيننا سَلَبٌ
فسامَرَ الشرَّ في الأجبالِ رائحُها
وصبَّح السهلَ بالعدوانِ غاديها
كبِسَاطِ الريحِ في القدرة ، أَو
هُدْهُدِ السيرة ِ في صِدق البلاء
أو كحوتٍ يرتمي الموج به
سابح بين ظهور وخفاء
والنفسُ مؤذية ٌ من راحَ يؤذيها
راكب ما شاء من أطرافه
لا يُرَى من مركب ذي عُدَوَاء
بين كوكبٍ
ينجلي وينسكِب
وكم فتحوا الثغورَ بلا تواني
كالبوم يبكي رُبُوعاً عزّ باكيها
يا أيها اللادي التي
كالعُذْرِ في جنب الجنايه
عند شادنٍ
سائغٌ ولا سَغَب
وذَلُّوا في قتال المؤمنينا
وترى السُّحبَ به راعدة ً
من حديدٍ جُمعت ، لا من رواء
من كل مستسبل يرمي بمهجِته
في الهول إِن هي جاشت لا يراعيها
والهناءُ ما يَهب
أينما ذهب
حمل الفولاذَ ريشاً، وجرى
في عنانين له : نارٍ ، وماء
وجَنَاحٍ غيرِ ذي قادِمة ٍ
كجناح النحل مصقولٍ سواء
يلفتُ الملا
يقفان في جنب الدِّما
مسَّهُ صاعقة ٌ من كهرُباء
يتراءَى كوكباً ذا ذَنَب
فإذا جَدَّ فَسَهما ذا مضاء
ما كان مُختلفُ الأَديانِ داعية ً
فأَهلاً بالأَوزِّ العائمينا
فإذا جاز اثريا للثري
جرّ كالطاووس ذيل الخيلاء
الكتب، والرسل، والأَديان قاطبة ً
وكم باتوا على هَرْج ومَرْجِ
يملأُ الآفاقَ صوتاً وصدًى
كعزيف الجنّ في الأَرض العَرَاء
أرسلتْه الأرضُ عنها خبراً
طَنَّ في آذانِ سكَّانِ السماء
مائجٌ بها لَبَبُ(91/99)
يا شباب الغدِ ، وابناي الفِدى
لكُمُ، أَكْرِمْ وأَعزِز بالفِداء
آنساً الى
بابُه لِداخِلِهِ
وأين ماضية ٌ في الظلم ، قاضية ٌ ؟
واين نافذة ٌ في البغي ، نجلاءُ ؟
هل يمد اللهُ لي العيشَ ، عسى
أن أراكم في الفريق السُّعداء ؟
وما أُسطولُهم في البحر إِلا
وأرى تاجكُمُ فوق السُّها
وأرى عرشكُمُ فوق ذكاء ؟
مٌ وإن همُ طَربوا
والحنانُ، والحَدَب
من رآكم قال : مصرُ استرجعتْ
عزَّها في عهد خوفو و مناء
لئن غدوتُ إلى الإحسانِ أَصرفها
فإن ذلك أجرى من معاليها
يَجمعُ المَلا
يُحضِر الغَيَب
أُمَّة ٌ للخلد ما تبني، إذا
ما بنى الناسُ جميعاً للعَفاء
والمُدامُ أَكؤُسُها
قبله طرِب
يا شعبَ عثمانَ من تركِ ومن عربٍ
حيّاكَ مَنْ يبعث الموتى ويُحييها
تَعْصِمُ الأَجسامَ من عادي البلا
وتقي الآثار من عادي الفناء
إن أَسأْنا لكُمُ، أَو لم نُسِىء ْ
نحن هلكي ، فلكم طولُ البقاء
لقينا الفتحَ والنصرَ المبينا
تقدم نحو نارٍ أَي نارِ
إنما مصرُ إليكمْ وبكمْ
وحُقوقُ البرِّ أَوْلى بالقضاء
أنت حاتمٌ
ليلة ٌ لسيِّدِنا
عصركم حرٌّ ، ومستقبلكم
في يمين الله خير الأمناء
لم تقم على
المَلاَ لها قُطُب
لا تقولوا : حطَّنا الدّهرُ ، فما
هو إلاَّ من خيالِ الشعراء
لا تناله الرِّيَب
يا وما نضب
هل علمتمْ أُمة ً في جَهلها
ظهرتْ في المجد حسناءَ الرِّداء ؟
باطِنُ الأُمة ِ من ظاهِرِها
إنما السائلُ مِن لونِ الإناء
لم يقل جدب
فخذوا العلم على أعلامه
واطلبوا الحكمة َ عند الحكماء
واقرأوا تاريخكم ، واحتفظوا
بفصيح جاءكم من فصحاء
سٍ انظر النّشب
أنزلَ اللهُ على ألسنهم
وحيه في أعصر الوحيِ الوضاء
ما الخصيبُ؟ ما الـ
،سحرُ ذو العُبُب
واحكموا الدنيا بسلطانٍ ، فما
خلقتْ نضرتها للضعفاء
ذا هو الجنا
واطلبوا المجد على الأَرض، فإن
هي ضاقت فاطلبوه في السماء
خيرُ من دعا
خيرُ من أَدب
ربَّ مصر، عش
وابلغ الأرب
يكفلُ الأَميرُ لنا
وهْوَ مُشْفِقٌ حَدِب
ـاعر الأرب(91/100)
خيرِ منْ خَطب
فارسيَّة ً
واكتفى بها الغَيَب
يستفزُّها نَغَمٌ
عاطِلٌ ومختضِب
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> تَحْلِيَة ُ كِتَاب
تَحْلِيَة ُ كِتَاب
رقم القصيدة : 9516
-----------------------------------
تَحْلِيَة ُ كِتَاب
فارسِيَّة ً
في هيكل من سُندس فيّاح
هديَّة ُ السيِّدِ للسيِّد
لا السُّهد يدنيني إليه ، ولا الكرى
طَيْفٌ يزورُ بفضله مهما سرى
إنّ للفصحَى زِماماً ويَداً
حيّ الربيعَ حديقة َ الأرواحِ
لمنْ غُرة تنجلي من بعيد
بمرأى ً كما الحلم ضاح سعيد؟
يا ملكاً تعبَّدا
مُصلِّياً موحِّدا
يا غابَ بولون ، ولي
ذِمَمٌ عليك، ولي عُهودُ
مبارَكاً في يومه
والأَمسِ، ميموناً غدا
زمنٌ تقضَّى لِلهوَى
ولنا بِظلّكَ، هل يعود؟
كانت لعيسى َ حرماً ، فانتهت
قانٍ، وأَبيضَ في الرُّبى لمَّاح
فهل أَنت لي اليومَ ما لا أُريد؟
تَخِذَ الدُّجى ، وسماؤه ، ونجومه
سُبُلاً إلى جنيفك ، لم يرضَ الثرى
حُلُمٌ أُريدُ رجوعَه
يوم الزِّفاف بعسجَد وضَّاح
شيَّدَها الرُوم وأَقيالهُمُ
على مثالِ الهَرمِ المُخلَد
مُسحَّراً لأُمة ٍ
من حقها أَن تَسْعَدا
الغَيْمُ فيه كالنَّعام: بدِينة ٌ
ويُحصي علينا الزمانَ البعيد
صفوٌ أُتيحَ، فخذ انفسك قِسطَها
فالصفو ليس على المدَى بمتُاح
وأتاك موفور النعيم ، تخاله
ملكاً تنمُّ به السماءُ، مُطهَّرا
وهب الزمانَ أعادَها
هل للشبيبة ِ مَن يُعيد؟
غَرِدٌ على أَوتارِه، يُوحي إلى
قد جعلَتْه تاجَها
وعِزَّها، والسُّؤددا
يَحرُسُ الأَحمالَ، أَو يسقي مُصابا
لتجاوبِ الأَوتارِ والأَقداح
تُنبئُ عن عزٍّ ، وعن صَولة ٍ
وعن هوى ً للدين لم يخمُد
صُحبة ٌ لم أشك منها ريبة ً
للقِرَى انتدب
عِلم الظلامُ هبوطه، فمشت له
أهدابه يأخذنه متحدِّراً
يا غابَ بولونَ ، وبي
وجْدٌ مع الذكرى يزيدْ
بيْنَا تَخَطَّرُ في لُجَيْنٍ مائجٍ
حَذَراً وخوفاً أَن يُراع ويُذعَرا
وأعرضتْ بحيث مشى
وأطرقتْ حيث بدا
من زئبق، أَو مُلقَياتِ صِفاحِ(91/101)
تملؤهُ من نَدِّها المُوقَد
تجلُّه في حسنه
كما تُجِلُّ الفَرقدا
والبدر منكَ على العوالم يجتلي
بشر الوجوه وزحمة الأبصار
كان من همِّ نهاري راحتي
وندامَايَ ، ونقلى ، والشرابا
خَفَقَتْ لرؤيتكَ الضلو
عُ، وزُلْزِلَ القلبُ العَميد
ورقدْتَ تُزْلِف للخيال مكانَه
بين الجفون، وبين هُدبِك، والكرى
ومثل ما قد أودِعَتْ من حُلًى
لم تتَّخذْ داراً ولم تُحشدَ
أَنت شُعاعٌ من عَلٍ
أنزله الله هُدى
فهَنِئْتَهُ مثلَ السعادة ِ شائقاً
متصوراً ما شئتَ أَن يَتصورا
فما للغروب يَهِيجُ الأَسى
كم يا جمادُ قساوَة ً؟
تُ، فما تَميلُ، ولا تَميد
كانت بها العذراءُ من فضَّة ٍ
ومَرِحْنَ في كَنَف له وجناح
كم قد أَضاءَ منزلاً
وكم أَنار مسجدا
عيسى من الأُمِّ لدى هالة ٍ
والأُمُّ من عِيسى لدَى فَرْقد
تطوى له الرقباء منصور الهوى
وتدوس ألسنة الوشاة ِ طظفَّرا
كم ؟ هكذا أبداً جُحود؟
وكم كسا الأَسواقَ من
حُسنٍ، وزان البلدا
والماءُ في أَحشائها، مِلواح
مصوِّرُ الروم القديرُ اليد
لولا امتنانُ العين يا طيفَ الرضا
ما سامحت أيامها فيما جرى
هلا ذكرتَ زمانَ كنَّا
والزمانُ كما نريد؟
وأودعَ الجدرانَ من نقشه
بدائعاً من فنِّه المفرد
نطوِي إليك دُجَى الليا
لي، والدّجَى عنا يَذود
باتت مُشوَّقة ً، وبات سوادها
وحلاكُما، ما البدرُ إلا أَنتما
لولا التُّقى لقلتُ : لم
يحلُق سواك الولدا
تعطى المنى ، وتنيلهنَّ خليقة
ففداك كلُّ مُتوَّجٍ من ساري
إن شئت كان العير ، أو
إن شئت كان الأسدا
لُ، وليس غيرُك من يُعيد
فمن ملاكٍ في الدُّجَى رائحٍ
عند ملاكٍ في الضُّحى مغتدي
الماءُ والآفاق حولت فضَّة ٌ
وهذا المنير الذي لن يُرى
نُطْقِي هوًى وصبابة ٌ
وحديثهُا وترٌ وعُود
وإن تُرد غيّاً غوى
أَو تبغِ رُشْداً رَشَدا
شِعراً ليقرأَه، وأَنتَ القاري
حتى إذا ودّعت عانَقَت الثرى
ربَّ مَن سافر في أَسفارِه
مِثلِه القُبَب
نَسْرِي، ونَسرحُ في فضا
ئك، والرياحُ به هُجودْ(91/102)
الشاكياتُ وما عَرَفْنَ صبابة ً
وهو على الحائط غَصٌّ ندي
والبيتُ أنت الصوتُ فيـ
ـه، وهو للصوت صَدَى
إلsهيَّة ٌ، زُيِّنَتْ للعبيد
في ليلة ٍ قدِم الوجودَ هلالُها
فدنت كواكبُها تُعلِّمه السُّرى
والطيرُ أقعدَها الكرى
والناسُ نامت والوجود
فقلْ لمن شادَ ، فَهدّ القُوى
قوى الأجيرِ ، المُتْعَبِ ، المُجهَد
وتريه آثار البدورِ ليقتفي
ويرد له الميلادُ أن يتصدّرا
كالببَّغا في قفص
قيل له ، فقلَّدا
ناجيتُ مَن أَهوى ؛ وناجاني بها
بين الرياض ، وبين ماءِ سويسرا
كأنَه فرعون لما بنى
لربّه بيتاً، فلم يَقصِد
فنبيتُ في الإيناس يغـ
ـبطنا به النجمُ الوحيد
وكالقضِيبِ اللَّدنِ، قد
طاوع في الشكل اليدا
يأْخذ ما عوَّدتَه
والمرءُ ما تعوّدا
عملاً أحسنَ ، أو قولاً أَصابا
أَيُعبدُ الله بسوْمِ الوَرَى
ما لا يُسام العَيْرُ في المِقْود
حيث الجبالُ صغارُها وكبارُها
من كل أَبيضَ في الفضاءِ وأَخضرا
في كلّ رُكْن وقفة ٌ
وبكلِّ زاوية قُعود
كنيسة ٌ كالفَدَن المعتلي
ومسجِدٌ كالقصر من أَصْيدِ
مما انفردتَ في الورى
بفضله وانفردا
نَسقي، ونُسقى ، والهوى
ما بين أعيننا وليد
تَخِذَ الغمامُ بها بيوتاً، فانجلت
مشبوبة َ الأجرام ، شائبة َ الذُّرَى
فمِن القلوب تمائم
ومن الجُنوبِ له مُهود
وكلُّ ليث قد رَمى
به الإمامُ في العدا
واللهُ عن هذا وذا في غنى ً
لو يعقل الإنسان أو يهتدي
وحلاكُما ، ما البدر إلا أنتما
وسواكما قمرٌ من الأقمار
والصخرُ عالٍ، قام يشبه قاعداً
وأَناف مكشوفَ الجوانبِ مُنذِرا
أَنتَ الذي جنَّدتَه
وسُقْتَه إلى الردى
والغصنُ يسجُدُ في الفضا
ءِ ، وحبَّذا منه السجود
بين الكواكب والسحابِ، ترى له
أُذُناً من الحجر الأَصمِّ ومِشفَرا
قد جاءَها الفاتحُ في عُصْبة ٍ
من الأُسُود الرُّكَّع، السُجَّد
والسفحُ من أَيِّ الجهاتِ أَتيتَه
أَلفيته دَرَجاً يَموج مُدوّرا
والنجمُ يلحظنا بعيْـ
ـن ما تًحُولُ ولا تحيد
رمى بهم بنيانها ، مثلما(91/103)
يصطدِمُ الجلْمَد بالجلْمَد
وقلتَ: كنْ لله، والسـ
ـلطانِ، والتركِ، فِدى
لك في الفتح وفي أحدائِهِ
فَتحَ اللهُ حديثاً وخِطابا
نثرَ الفضاءُ عليه عِقدَ نجومِه
فبدا زَبَرْجَدُه بهنّ مجوهرا
حتى إذا دَعت النَّوى
فتبدَّد الشملُ النضيد
فكبَّروا فيها ، وصلَّى العِدا
واختلط المشهد بالمشهد
بتنا، ومما بيننا
بحر، ودون البحر بيد
وتنظَّمتْ بِيضُ البيوتِ، كأَنها
أَوكارُ طيرٍ، أَو خَمِيسٌ عسكرا
وما توانى الرومُ يَفْدُونَها
والسيف في المفْدِيِّ والمفتدِي
فخلتُها من قيصرٍ سعدُه
وأُيِّدتْ بالقيصرِ الأسعد
والنجمُ يبعث للمياه ضيائه
والكهرباءُ تضيءُ أثناءَ الثرى
ليلي بمصرَ ، وليلُها
بالغرب ، وهو بها سعيد
ليت هاجري
بفاتحٍ، غازٍ، عفيفِ القَنا
لا يحملُ الحقدَ، ولا يعتدي
هام الفراشُ بها ، وحام كتائباً
يحكي حوالَيْها الغمامَ مسيَّرا
حرقته، واحترقت به، فتولَّيا
برداً، ونار العاشقين تَسَعُّرا
مُطربٌ من الـ
تجنِب السهلَ، وتقادُ الصذِعابا
منهم، وأَصفى الأَمنَ للمرتدي
وناب عمّا كان من زُخرف
جلالة ُ المعبود في المعبَد
والماءُ من فوق الديار، وتحتَها
وخِلالها يجري، ومن حول القرى
فيا لثأْرٍ بيننا بعده
أقام ، لم يقرب، ولم يبعد
مُتصوِّباً، مُتصعِّداً، مُتمهِّلاً
مُتسرِّعاً، مُتسلسِلاً، مُتعثِّرا
والأَرضُ جِسْرٌ حيث دُرْت ومَعْبَرٌ
يصلان جسراً في المياه ومعبرا
باقٍ كثأر القدس من قبله
لا ننتهي منه، ولا يبتدي
فلا يغرّنْك سكونُ الملا
فالشرُّ حولَ الصَّارمِ المُغْمَد
والفُلكُ في ظلّ البيوت موَاخِراً
تطري الجداولَ نحوها والأَنهُرا
ينبيك مصرعُه ـ وكلٌّ زائلٌ ـ
أَو ينزلَ التركُ عن السُّؤدَد
حتى إذا هَدأَ المَلا في ليله
جاذبتُ لَيلِي ثوبَه متحيِّرا
وخرجت من بين الجسور، لعلَّني
أَستقبِل العَرْفَ الحبيبَ إذا سرَى
هذا لهم بيت على بيتهم
ما أَشبه المسجد بالمسجد
آوي الى الشجرات، وهي تهزُّني
لكن أُداري، والمحبُّ يُداري(91/104)
فإنْ يُعادوا في مفاتيحِه
فيا ليومٍ للورَى أسود
ويهزّ مني الماءُ في لمعانه
فأَميلُ أنظر فيه، أطمعُ أَن أرى
يشيب فيه الطفلُ في مهده
والجُلَّنارُ دمٌ على أَوراقِهِ
وهنالك ازدَهَت السماءُ، وكان أن
آنستُ نوراً ما أتمَّ وأبهرا!!
فكنْ لنا اللهمَّ في أَمسنا
فنقولُ عندكَ ما نقو
لولا ضلالٌ سابقٌ لم يقمْ
من أَجلكَ الخلقُ ولم يَقْعُد
فسريتُ في لألائِهِ ، وإذا به
بدرٌ تسايره الكواكبُ خُطَّرا
فكلُّ شرٍّ بينهم أَو أَذى
أَنت بَراءٌ منه طُهْرُ اليد
حُلُم أعارتني العناية ُ سمعها
فيه، فما استتممْتُ حتى فُسِّرا
فرأيتُ صفوي جَهرة ، وأخذتُ أنـ
ـسى يقظة ، ومُنايَ لَبَّتْ حُضَّرا
وأَشرت:هل لُقيا؟ فأُوحِيَ:أَنْ غداً
بالطّود أبيض من جبال سويسرا
غيرَ محتسِب
إن أَشرَقَت زهراءَ تسمو للضحى
وإذا هوت حمراءَ في تلك الذُّرى
فشروقُها منه أَتمّ معانياً
وغروبُها أَجلى وأَكملُ منظرا
حفظَ الدينَ مَلِيَّاً ، ومضى
يًنقِذُ الدنيا ، فلم يملك ضَهابا
تبدو هنالك للوجود وَلِيدة ً
تهْنا بها الدنيا، ويغتبط الثرى
وتضيءُ أَثناءَ الفضاءِ بغُرَّة ٍ
لاحَت برأْسِ الطَّودِ تاجا أزهرا
فسمعت فكانت نصف طار ، ما بدا
حتى أناف ، فلاح طاراً أكبرا
يعلو العوالم، مستقلاًّ ، نامياً
مُستعصياً بمكانه أَن يُنْقَرا
حتى إذا بلغ السُّمُوُّ كمالَه
وتغطت الأشباح ، لكن جوهرا
واهتزَّ، فالدنيا له مُهتزَّة ٌ
وأَنار، فانكشف الوجودُ منوّرا
فدنت لناظرها ، ودان عنانُها
وتبدّل المستعظم المستصغرا
ضقتُ فيه بالـ
واصفرَّ أَبيضُ كلِّ شيءٍ حولَها
واحمرَّ برْقُعُها وكان الأصفرا
تنفثُ الحبَب
وسما إليها الطَّودُ يأْخذُها، وقد
جعلتْ أعاليَهُ شريطاً أحمرا
مسَّته، فاشتعلت بها جَنَباته
وبدتْ ذُراه الشُّمُّ تحمل مِجْمرا
وإذا الحيُّ تولّى بالهوى
سيرة الحيذِ بَغَى فيها وحابى
فكأَنما مدَّتْ به نيرانَها
شَرَكاً لتصطاد النهارَ المدْبِرا
حرقته ، واحرقت به ، فتولَّيا(91/105)
وأتى طُلولَهما الظلامُ فعسكرا
فشروقُها الأَملُ الحبيبُ لمن رأَى
وغروبُها الأَجلُ البغيضُ لمن درى
خطبانِ قاما بالفناءِ على الصَّفا
ما كان بينهما الصفاءُ ليعمُرا
مَن لِمُدْنَفٍ
تتغير الأشياءُ مهما عادوا
والله عزّ وجلّ لن يتغيرا
أنهارنا تحت السليف وفوقه
ولدى جوانبه ، وما بين الذُّرى
هي من أشِّ سبيلٍ جئتها
غاية ٌ في المجدِ لا تدنو طِلابا
رَجْلاً، ورُكْباناً، وزَحْلَقَة ً على
عِجلٍ هنالك كهربائيِّ السرَى
في مركبٍ مُستأْنسٍ، سالت به
قُضُبُ الحديدِ، تعرُّجاً وتحدُّرا
ينسابُ ما بين الصخور تمهُّلاً
ويخفُّ بين الهُوَّتين تَخطُّرا
وإذا اعتلى بالكهرباء لذروة ٍ
عصماءَ؛ همّ معانقاً متسوِّرا
لما نزلنا عنه في أُمِّ الذُّرى
قمنا على فرع السليف لننظرا
أرضٌ تموجُ بها المناظرُ جَمَّة ٌ
وعوالمٌ نِعْمَ الكتابُ لمن قرا
وقرى ً ضربن على المدائن هالة ً
ومدائنٌ حَلَّيْنَ أَجيادَ القُرَى
ومزارعٌ للنارظين روائعٌ
لَبِسَ الفضاءُ بها طرازاً أَخضرا
والماءُ غُدْرٌ ما أَرقَّ وأغْزَرا !!
وجداولٌ هنّ اللُّجَيْنُ وقد جرى
فحشون أَفواهَ السهولِ سبائكاً
وملأْنَ أقبالَ الرواسخِ جوهرا
قد صغَّر البعدُ الوجودَ لنا، فيا
لله ما أحلى الوجودَ مصغَّرا!!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> تلك الطبيعة ُ، قِف بنا يا ساري
تلك الطبيعة ُ، قِف بنا يا ساري
رقم القصيدة : 9517
-----------------------------------
تلك الطبيعة ُ، قِف بنا يا ساري
حتى أُريكَ بديعَ صُنْعِ الباري
الأَرضُ حولك والسماءُ اهتزَّتا
لروائع الآياتِ والآثار
من كلّ ناطقة ِ الجلال، كأَنها
أُمُّ الكتاب على لسان القاري
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> دَلَّت على مَلِكِ الملوكِ ، فلم تَدَعْ
دَلَّت على مَلِكِ الملوكِ ، فلم تَدَعْ
رقم القصيدة : 9518
-----------------------------------
دَلَّت على مَلِكِ الملوكِ ، فلم تَدَعْ
لأَدلَّة الفقهاءِ والأَحبار(91/106)
مَنْ شَكَّ فيه فنظرة ٌ في صُنْعِه
تمحو أثيمَ الشكِّ والإنكار
كشف الغطاء عن الطرول وأَشرقت
منه الطبيعة ُ غيرَ ذاتِ سِتار
شَبَّهْتُها بلقيسَ فوق سريرها
في نَضْرَة ٍ، ومواكبٍ ، وجواري
أو بابن داوُدٍ وواسعِ مُلكه
ومعالمٍ للعزّ فيه كبار
هُوجُ الرِّياح خواشعٌ في بابه
والطيرُ فيه نواكسُ المِنقار
قامت على ضاحي الجنان كأَنها
رضوانُ يُزجي الخلْد للأَبرار
كم في الخمائل وهي بعض إمائها
من ذاتِ خلخالٍ ، وذاتِ سوار
وحَسِيرَة ٍ عنها الثيابُ، وبَضَّة ٍ
في الناعماتِ تجر فضلَ إزار
وضحوك سنٍّ تملأُ الدنيا سنى ً
وغريقة ٍ في دمعها المِدْرار
ووحيدة ٍ بالنجدِ تشكو وحشة ً
وكثيرة ِ الأَتراب بالأَغوار
ولقد تمرُّ على الغدير تخاله
والنَّبْت مرآة ً زهتْ بإطار
حلو التسلْسُل موجُهُ وجريره
كأَنامل مرَّت على أَوتار
مدّت سواعد مائه وتأَلقت
فيها الجواهر من حَصى ً وجمار
ينساب في مُخضلَّة ٍ مُبتلَّة ٍ
منسوجهٍ من سُندُسٍ ونُضار
زهراءَ عَوْنِ العاشقينعلى الهوى
مختارة ِ الشعراءِ في آذار
قام الجَليدُ بها وسالَ ، كأنه
دَمعُ الصبابة ِ بلَّ غضنَ عذار
وترى السماء ضحى ً وفي جنح الدجى
مُنشقَّة ً من أَنهرِ وبحار
في كلِّ ناحية ٍ سلكتَ ومذهبٍ
جبلانِ من صخر وماءٍ جاري
من كلِّ مُنهمرِ الجوانبِ والذُّرى
غَمْرِ الحضيضِ، مُجلَّل بوقار
عقد الضريبُ له عمامة َ فارعٍ
جَمِّ المهابة ِ من شيوخ نِزَار
ومكذِّبٍ بالجنّ ريع لصوتها
في الماءِ منحدراً وفي التيار
مَلأَ الفضاءَ على المسامع ضجَّة ً
فكنما ملأ الجهاتِ ضَواري
وكأَنما طوفانُ نوحٍ ما نرى
والفلكُ قد مُسِخَتْ حثيثَ قِطار
يجري على مثل الصِّراط ، وتارة
ما بين هاوية ٍ وجُرْفٍ هاري
جاب الممالكَ حَزْنَها وسهولَها
وطوى شَعابَ الصرب والبلغار
حتى رمى برحالنا ورجائنا
في ساحِ مَأْمولٍ عزيز الجار
مَلِكٌ بمفرقه إذا استقبله
تاجان : تاجٌ هدى ً ، وتاج فخار
سكن الثريّا مستقر جلالِه(91/107)
ومشت مكارمُه إلى الأَمصار
فالشرقُ يُسْقى ديمة ً بيمينه
والغرب تمطره غيوثُ يَسار
ومدائنُ البرَّيْنِ في إعظامه
وعوالمُ البحْرَينِ في الإكبار
الله أَيّده بآساد الشّرى
في صورة المُتَدجِّج الجرّار
الصاعدين إلى العدوِّ على الظُّبى
النازلين على القنا الخطَّار
المشترين الله بالأبناء ، والـ
ـأ زواج ، والأمول ، والأعمار
القائمين على لواء نبيِّه
المنزَلين منازلَ الأَنصار
يا عرش قسطنطين َ ، نلت مكانة ً
لم تُعطَها في سالف الأَعصار
شرِّفتَ بالصِّدّيقِ، والفاروقِ، بل
بالأقربِ الأدنى من المُختار
حامي الخلافة ِ مجدِها وكِيَانِها
بالرأي آونة ً وبالبتَّار
تاهَتْ فروقُ على العواصم،وازدَهت
بجلوسِ أَصْيَد باذِخِ المقدار
جَمِّ الجلالِ، كأَنما كرسيُّه
جُزءٌ من الكرسي ذي الأَنوار
أخذت على البوسفور زُخرفَها دُجى ً
وتلألأت كمنازلِ الأقمار
فالبدرُ ينظر من نوافذِ منزل
والشمس ثمَّ مُطِلُّة ٌ من دار
وكواكبُ الجوزاءِ تخطرُ في الرُّبى
والنَّسْر مطلعُه من الأَشجار
واسم الخليفة في الجهاتِ منوّر
تَبدو السبيلُ به ويُهْدَى السَّاري
كتبوه في شُرف القصور ، وطالما
كتبوه في الأسماع والأبصار
يا واحدَ الإسلام غيرَ مُدافَعٍ
أَنا في زمانك واحدُ الأَشعار
لي في ثنائك ـ وهو باقٍ خالدٌ ـ
شعرٌ على الشعرَى المنيعة ِ رازي
أَخلصتُ حبي في الإمام ديانة ً
وجعلته حتى المماتِ شِعاري
لم أَلتمس عَرَضَ الحياة ِ، وإنما
أَقرضْتُهُ في الله والمُخْتار
إن الصنيعة لا تكون كريمة ً
حتى تُقَلِّدَها كريمَ نِجار
والحبُّ ليس بصادق ما لم تمن
حسنَ التكرُّم فيه والإيثار
والشعر إنجيلٌ إذا استعملتَه
في نشرِ مكرُمَة ٍ وستر عَوار
وثنيتَ عن كدر الحياضَ عِنانَه
إنّ الأَديبَ مُسامحٌ ومُدارِي
عند العواهلِ من سياسة دهرهم
سِرٌّ، وعندك سائرُ الأَسرار
هذا مُقام أنت فيه محمدٌ
أَعداءُ ذاتك فِرقة ٌ في النار
إن الهلالَ ـ وأنتَ وحدّك كهفهُ ـ(91/108)
بين المعاقِل منك والأَسوار
لم يبقَ غيرك مَنْ يقول: أَصونُه
صُنه بحول الواحدِ القهَّار
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> عصفتْ كالصَّبا اللعوبِ ومرّت
عصفتْ كالصَّبا اللعوبِ ومرّت
رقم القصيدة : 9519
-----------------------------------
عصفتْ كالصَّبا اللعوبِ ومرّت
سِنة ً حُلوة ً، ولذَّة ُ خَلْس
وسلا مصرَ : هل سلا القلبُ عنها
أَو أَسا جُرحَه الزمان المؤسّي؟
كلما مرّت الليالي عليه
رقَّ ، والعهدُ في الليالي تقسِّي
مُستَطارٌ إذا البواخِرُ رنَّتْ
أَولَ الليلِ، أَو عَوَتْ بعد جَرْس
راهبٌ في الضلوع للسفنِ فَطْن
كلما ثُرْنَ شاعَهن بنَقسْ
يا ابنة َ اليمِّ ، ما أبوكِ بخيلٌ
ما له مولع بمنع وحبس
وطني لو شغلتُ بالخلدِ عنه
نازعتني إليه في الخلد نفسي
اذكرا لي الصِّبا، وأَيامَ أُنسي
لا ترى في ركابه غيرَ مثنٍ
بخميلٍ ، وشاكرٍ فضلَ عرس
يا وقى الله ما أُصبِّحُ منه
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قالوا فروقُ الملكِ دارُ مخاوفٍ
قالوا فروقُ الملكِ دارُ مخاوفٍ
رقم القصيدة : 9520
-----------------------------------
قالوا فروقُ الملكِ دارُ مخاوفٍ
لا ينقضي لنزيلها وسواسُ
وكلابُها في مأمنٍ ، فأعجب لها
أَمِنَ الكلابُ بها، وخاف الناسُ
يهم بها، ولا عينٌ تُحِس
كالثريا تريد أن تَنقضَّاً
مشرفات على الكواكب نهضا
كرهت فراقك وهيَ ذات تفجُّع
أَيها المنتحي بأَسوان داراً
ومنازلاً بفراقها لم تقنع
غَشِيتُك والأَصيلُ يَفيض تبراً
زهورٌ لا تُشمُّ، ولا تُمَسُّ
أَين ملكٌ حيالَها وفريد
شيَّدتْ بعضها الفراعينُ زلقى
اخلع النعلَ، واخفِض الطرفَ، واخشع
بل ما يضركِ لو سمحت بحلوة ؟
مُشرفاتٍ على الزوالِ، وكانت
وهو الصناع ، يصوغ كل دقيقة
نعُ منه اليَدَيْنِ بالأَمس نفضا
صنعة ٌ تدهش العقولَ ، وفنٌّ
وخيرُ الوقتِ ما لكَ فيه أُنس
كأَن الخُود مريمُ في سُفور
كان حتى على الفراعين غمضا
علموا ، فضاق بهم وشقَّ طريفهم(91/109)
يا: سماءَ الجلاِل ، لا صرتِ أرضاً
وأَمواهٌ على الأَردُنِّ قُدْس
هذا مقامٌ ، كلُّ عِزٍّ دونَه
شمسُ النهارِ بمثله لم تطمع
كأَن مآزِر العِينِ انتساباً
أين أيزيس تحتها النيل يجري
حكمت فيه شاطئين وعرضا ؟
وأرى النبوة َ في ذراكِ تكرمتْ
في يوسفٍ ، وتكلَّمت في المرضع
وكان النيلُ يعرِس كلَّ عامٍ
في قيود الهوانِ ، عنانينَ جرضى
أين هوروسُ بين سيف ونطعٍ ؟
إذا لم يَسترِ الأَدَبُ الغواني
نظر الرئيس إلى كمالكِ نظرة ً
لم تخلُ من بصر اللبيب الأروع
وشبابُ الفنونِ ما زال غضّا
لما نعيت إلى المنازل عودرتْ
شيمة ُ النيل أَن يفي، وعجيب
بان الأحبة ُ يومَ بينكِ كلُّهم
ومقاصيرُ أُبْدِلَت بفُتاتِ الـ
نسخة مهيئة للطباعة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> هذي المحاسنُ ما خلفتَ لِبُرقُع
هذي المحاسنُ ما خلفتَ لِبُرقُع
رقم القصيدة : 9521
-----------------------------------
هذي المحاسنُ ما خلفتَ لِبُرقُع
الضاحياتُ، الضاحكاتُ، ودونَها
ستر الجلالِ ، بعدُ شأو الملطع
الضاحياتُ، الضاحكاتُ، ودونَها
ستر الجلالِ ، بعدُ شأو الملطع
سلامٌ من صَبا بَردى أرقُّ
سلامٌ من صَبا بَردى أرقُّ
يا دُمْيَة ً لا يُستزاد جمالُها
زيديه حُسْنَ المُحْسِن المتبرِّع
يا دُمْيَة ً لا يُستزاد جمالُها
زيديه حُسْنَ المُحْسِن المتبرِّع
جلالُ الرُّزءِ عن وصفٍ يدقُّ
جلالُ الرُّزءِ عن وصفٍ يدقُّ
جلالُ الرُّزءِ عن وصفٍ يدقُّ
جلالُ الرُّزءِ عن وصفٍ يدقُّ
ماذا على سلطانِه من وقفة
للضَّارعين، وعَطْفة ٍ للخُشَّع؟
ماذا على سلطانِه من وقفة
للضَّارعين، وعَطْفة ٍ للخُشَّع؟
وذكرى عن خواطرها لقلبي
إليكِ تلفُّتٌ أبداً وخفْق
وذكرى عن خواطرها لقلبي
إليكِ تلفُّتٌ أبداً وخفْق
وذكرى عن خواطرها لقلبي
إليكِ تلفُّتٌ أبداً وخفْق
بل ما يضركِ لو سمحت بحلوة ؟
إنّ العروسَ كثيرة ُ المتطلَّع
بل ما يضركِ لو سمحت بحلوة ؟
إنّ العروسَ كثيرة ُ المتطلَّع(91/110)
بل ما يضركِ لو سمحت بحلوة ؟
إنّ العروسَ كثيرة ُ المتطلَّع
أَتدرِي أَيُّ ذنبٍ أَنتَ جَانٍ؟
في كلِّ عامٍ دُرَّة ٌ تُلْقَى بِلا
في كلِّ عامٍ دُرَّة ٌ تُلْقَى بِلا
في كلِّ عامٍ دُرَّة ٌ تُلْقَى بِلا
شَمَّاءَ راويَة ٍ من الأَخلاق
شَمَّاءَ راويَة ٍ من الأَخلاق
شَمَّاءَ راويَة ٍ من الأَخلاق
ليس الحجابُ لِمن يَعِز مَنالُه
إن الحجاب لهين لم يمنع
ليس الحجابُ لِمن يَعِز مَنالُه
إن الحجاب لهين لم يمنع
ليس الحجابُ لِمن يَعِز مَنالُه
إن الحجاب لهين لم يمنع
ضحكتْ إليَّ من السرور ، ولم تزل
وما كان الدُّروزُ قَبيلَ شرٍّ
ضحكتْ إليَّ من السرور ، ولم تزل
وما كان الدُّروزُ قَبيلَ شرٍّ
أَنتِ التي اتَّخذ الجمالَ لعزِّه
من مظهر ، ولسره من موضع
أَنتِ التي اتَّخذ الجمالَ لعزِّه
من مظهر ، ولسره من موضع
أَنتِ التي اتَّخذ الجمالَ لعزِّه
من مظهر ، ولسره من موضع
هاتِ اسقنيها غير ذاتِ عواقبٍ
حتى نُراعَ لصحية الصَّفَّاق
هاتِ اسقنيها غير ذاتِ عواقبٍ
حتى نُراعَ لصحية الصَّفَّاق
هاتِ اسقنيها غير ذاتِ عواقبٍ
حتى نُراعَ لصحية الصَّفَّاق
خلفَ سترٍ من الزمان رقيق
خلفَ سترٍ من الزمان رقيق
خلفَ سترٍ من الزمان رقيق
وهو الصناع ، يصوغ كل دقيقة
وأَدقّ منكِ بَنانُه لم تَصْنَع
وهو الصناع ، يصوغ كل دقيقة
وأَدقّ منكِ بَنانُه لم تَصْنَع
أَفْضَى إليه الأَنبياءُ ليَستقوا
أَفْضَى إليه الأَنبياءُ ليَستقوا
صِرافاً مَسلَّطة َ الشُّعاعِ ، كأنما
من وجنتيكَ تُدار والأحداق
صِرافاً مَسلَّطة َ الشُّعاعِ ، كأنما
من وجنتيكَ تُدار والأحداق
صِرافاً مَسلَّطة َ الشُّعاعِ ، كأنما
من وجنتيكَ تُدار والأحداق
لمستك راحته ، ومسك روحه
فأَتى البديعُ على مِثال المُبْدِعِ
لمستك راحته ، ومسك روحه
فأَتى البديعُ على مِثال المُبْدِعِ
الله في الأحبار : من متهالكٍ
نضوٍ ، ومهتوكِ المسوحِ مصرع
الله في الأحبار : من متهالكٍ
نضوٍ ، ومهتوكِ المسوحِ مصرع(91/111)
الله في الأحبار : من متهالكٍ
نضوٍ ، ومهتوكِ المسوحِ مصرع
رُواة ُ قصائدي ، فاعجب لشعر
فالروحُ في بابِ الضحيَّة أَلْيَق
رُواة ُ قصائدي ، فاعجب لشعر
فالروحُ في بابِ الضحيَّة أَلْيَق
وحذارِ من دَمِها الزكيِّ تُريقُهُ
يكفيك ـ يا قاسي ـ دَمُ العشاق
وحذارِ من دَمِها الزكيِّ تُريقُهُ
يكفيك ـ يا قاسي ـ دَمُ العشاق
وحذارِ من دَمِها الزكيِّ تُريقُهُ
يكفيك ـ يا قاسي ـ دَمُ العشاق
من كل غاوٍ في طوية ِ راشدٍ
عاصي الظواهرِ في سريرة ِ طَيِّع
من كل غاوٍ في طوية ِ راشدٍ
عاصي الظواهرِ في سريرة ِ طَيِّع
غَمزتُ إباءهم حتى تلظَّتْ
مَنْ ذا يُمَيِّزُ في الظلام ويَفْرُق؟
غَمزتُ إباءهم حتى تلظَّتْ
مَنْ ذا يُمَيِّزُ في الظلام ويَفْرُق؟
نحوَ ركبيكُما خفوفَ المشوق
نحوَ ركبيكُما خفوفَ المشوق
يَتَوَهَّجون ويَطفأَون، كأَنهم
سرجٌ بمعتركِ الرياحِ الأربع
يَتَوَهَّجون ويَطفأَون، كأَنهم
سرجٌ بمعتركِ الرياحِ الأربع
يَتَوَهَّجون ويَطفأَون، كأَنهم
سرجٌ بمعتركِ الرياحِ الأربع
حمراءُ في الأَحواض، إلاّ أَنها
أبيٍّ من أميَّة َ فيه عِتق
فلعلَّ سلطان المدامة ِ مُحرجي
وتعلم أَنه نورٌ وحَقّ
علموا ، فضاق بهم وشقَّ طريفهم
والجاهلون على الطريق المَهْيَع
علموا ، فضاق بهم وشقَّ طريفهم
والجاهلون على الطريق المَهْيَع
علموا ، فضاق بهم وشقَّ طريفهم
والجاهلون على الطريق المَهْيَع
وطني ، أسِفْتُ عليكَ في عيد الملا
وبكيتُ من وجدٍ ، ومن إشفاق
وطني ، أسِفْتُ عليكَ في عيد الملا
وبكيتُ من وجدٍ ، ومن إشفاق
وطني ، أسِفْتُ عليكَ في عيد الملا
وبكيتُ من وجدٍ ، ومن إشفاق
ذهب ابن سينا ، لم يفز بكِ ساعة ً
وتَوَلَّت الحكماءُ لم تَتَمَتّع
ذهب ابن سينا ، لم يفز بكِ ساعة ً
وتَوَلَّت الحكماءُ لم تَتَمَتّع
يُفصّلها إلى الدنيا بريدٌ
ويُجمِلُها إلى الآفاق بَرقُ
لا عيدَ لي حتى أراك بأمّة ٍ
شمَّاء راوية ٍ من الأخلاق
هذا مقامٌ ، كلُّ عِزٍّ دونَه(91/112)
شمسُ النهارِ بمثله لم تطمع
هذا مقامٌ ، كلُّ عِزٍّ دونَه
شمسُ النهارِ بمثله لم تطمع
تكادُ لروعة ِ الأحداث فيها
تخال من الخُرافة ِ وهي صِدق
تكادُ لروعة ِ الأحداث فيها
تخال من الخُرافة ِ وهي صِدق
ذهب الكرامُ الجامعون لأمرهمْ
وقيل: أَصابها تلفٌ وحَرق
ذهب الكرامُ الجامعون لأمرهمْ
وقيل: أَصابها تلفٌ وحَرق
فمحمدٌ لك والمسيح ترجلا
وترجلتْ شمسُ النهار ليوشع
فمحمدٌ لك والمسيح ترجلا
وترجلتْ شمسُ النهار ليوشع
إلا العفيفُ حسامُه، المترفِّق
ويقال: شعبٌ في الحضارة راقي
ما بالُ أَحمدَ عَيَّ عنكِ بيانُه؟
بل ما لعيسى لم يقلْ أو يدع
ما بالُ أَحمدَ عَيَّ عنكِ بيانُه؟
بل ما لعيسى لم يقلْ أو يدع
يأْبَى فَيَضْرِبُ، أَو يَمُنُّ فَيُعتِق
ولسان موسى أنحلَّ ، إلا عقدة ً
محجوبة ٌ عن كلِّ مُقْلَة ِ عارفٍ
ولسان موسى أنحلَّ ، إلا عقدة ً
محجوبة ٌ عن كلِّ مُقْلَة ِ عارفٍ
صلاحُ الدين؛ تاجك لم يُجمِّل
فيما يَنوب من الأُمور ويَطْرُق؟
صلاحُ الدين؛ تاجك لم يُجمِّل
فيما يَنوب من الأُمور ويَطْرُق؟
لما حلَلْتِ بآدمٍ حلَّ الحِبا
ومشى على الملإ السجودِ الرُكَّع
لما حلَلْتِ بآدمٍ حلَّ الحِبا
ومشى على الملإ السجودِ الرُكَّع
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> رزق الله أهلَ باريسَ خيراً
رزق الله أهلَ باريسَ خيراً
رقم القصيدة : 9523
-----------------------------------
رزق الله أهلَ باريسَ خيراً
وأَرى العقلَ خيرَ ما رُزِقوه
عندهم للثنار والزّهر ممّا
تُنجِب الأَرضُ مَعْرِضٌ نَسقوه
جنَّة ٌ تَخلِب العقولَ، وروضٌ
تجمع العينُ منه ما فرقوه
من رآه يقول: قد حُرموا الفر
دوسَ، لكنْ بسحرهم سرقوه
ما ترى الكَرْم قد تشاكلَ، حتى
لو رآه السُّقاة ُ ما حقَّقوه
يُسْكِرُ الناظرين كَرْماً، ولمَّا
تَعْتَصِرْهُ يَدٌ، ولا عتَّقوه
صوروه كما تشاءُون ، حتى
عَجبَ الناسُ : كيفَ لم يُنطِقُوه؟
يجدُ المتَّقي يد الله فيه
ويقول الجَحودُ : قد خَلَقوه(91/113)
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لنا صاحبٌ قد مُسَّ إلا بقيَّة
لنا صاحبٌ قد مُسَّ إلا بقيَّة
رقم القصيدة : 9524
-----------------------------------
لنا صاحبٌ قد مُسَّ إلا بقيَّة
فليس بمجنون، وليس بعاقل
له قَدَمٌ لا تستقرُّ بموضع
كما يتنزَّى في الحصى غيرُ ناعل
إذا ما بدا في مجلسٍ ظُنَّ حافلاً
من الصَّخب العالي ، وليس بحافل
ويُمطرنا من لفظِه كلَّ جامدٍ
ويُمطرنا من رَيْلِه شرَّ سائل
ويُلقي على السُّمار كفّاً دِعابُها
كعَضَّة ِ بَرْدٍ في نواحي المفاصل
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> محجوبُ ، إن جئتَ الحجا
محجوبُ ، إن جئتَ الحجا
رقم القصيدة : 9525
-----------------------------------
محجوبُ ، إن جئتَ الحجا
زَ ، وفي جوانحك الهوى له
شوقاً، وحباً بالرسو
ل، وآلهِ أَزكى سُلاله
فلَمحتَ نضرة َ بانِه
وشممتَ كالرَّيحان ضالَه
وعلى العتيق مشيتَ تنـ
ـظر فيه دمعَك وانهماله
ومضى السُّرى بك حيثُ كا
ن الروحُ يسري والرِّساله
وبلغتَ بيتاً بالحجا
ز، يُبارك الباري حِياله
ويؤدي كما وعَاهُ الكلاما
اللهُ فيه جلا الحرا
مَ لخلقه، وجلا حلاله
فهناك طِبُّ الروحِ، طِـ
ـبُّ العالمين من الجهاله
وهناكَ أطلالُ الفَصَا
حة ِ ، والبلاغة ِ ، والنَّباله
وهناك أزكى مسجدٍ
أَزكى البريَّة قد مشى له
وهناك عُذريُّ الهوى
وحديثُ قَيْسٍ والغزاله
وأَدارَ الردَى على القوم جامَه
مِثلما جاملوا الملوكَ العِظاما
وهناك مُجري الخيل ، ويجري
في أَعنتها خياله
وهناك مَنْ جمعَ السماحة
والرجاحة ، والبسالة
وهناك خيَّمت النُّهى
والعلمُ قد أَلقى رِحاله
وهناك سرحُ حضارة ٍ
اللهُ فيَّأنا ظِلالَه
إنّ الحسينَ بنَ الحسـ
ـينِ أَميرَ مَكَّة َ والإياله
قمرُ الحجيج إذا بدا
دارُ الحجيج عليه هاله
أنتَ العليلُ ، فلُذ به
مُستشفياً، واغْنم نَواله
لا طِبَّ إلا جَدُّه
شافي العقولِ من الضَّلاله
قبِّل ثراه ، وقُل له
شوقي إليك على النَّوى(91/114)
أَنا يا بنَ أَحمدَ بعدَ مَدْ
حي في أَبيك بخير حاله
أنا في حِمَى الهادي أبيـ
ـك ، أُحبُّهُ ، وأُجلُّ آله
شوقُ الضرير إلى الغزاله
يا بنَ الملوك الراشديـ
ـن، الصالحين، أُولِي العَداله
إن كان بالملك الجلا
لة ُ ، فالنبيُّ لكم جلاله
أَوَليس جدُّكمُ الذي
بلغَ الوجودُ به كماله؟
نسخة مهيئة للطباعة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> الطَّيّارُونَ الْفَرَنسِيُّون
الطَّيّارُونَ الْفَرَنسِيُّون
رقم القصيدة : 9526
-----------------------------------
الطَّيّارُونَ الْفَرَنسِيُّون
لم يُرَ إلاَّ ظلم
نُ عليه في خيرِ الجفون
صحبَ الزمانَ دِهانُها
هذه صورتها منْـ
ـبئة ٌ عنها مُبينه
تاجٌ تنَقَّلَ في الخيا
في منزلٍ كمُحَجَّب الـ
ـغَيْبِ اسْتَسَرَّ عن الظنون
ما فيه لإن قُلِّبَتْ يوماً جواهُرُه
وذخائرٌ من أَعْصُرٍ ولَّـ
أهرق عنقودها
تقدمة ً للصنم
حتى أتى العلمُ الجسو
جانِبُه مُهْتَضم
فهي وجودٌ عَدَمْ
ليلتَه لم يَنَم
بنو أُميَّة َ للأَنباءِ ما فتحوا
وللأحاديث ما سادوا وما دانوا
فَلَكِيٌّ هو، إلاّ أَنه
ناحية ً في الهَرَم
سادة ُ أَفريقيا
رة ِ ، والخُدورَ على الفنون
واندسَّ كالمِصباح في
بحرُ نوالٍ خِضَمّ
أَنتم أَساطينُ الحضا
ما عرف العمرَ هَمّ
قِلِ في الثّرى ، شُمُّ الحُصون
بي رشَأٌ ناعمٌ
ما عرف العمرَ هَمّ
بالأمس قمت على الزهراء أندبُهُم
واليومَ دمعى على الفيحاء هتَّانْ
وقبوراً في السَّموات العُلا
نزلوا ، أم حُفرات ورَغاما
لا تهتدي الريحُ الهَبو
وانبعثَتْ في الهَرَم
أخرجها الله كالـ
خيرُ السيوفِ مضى الزما
مطْمِئنِّين نفوساً ، كلَّما
عَبَست كارثة ٌ زادوا ابتساما
ناحِية ً في الهَرم
والقبْرُ كالدّنيا يَخون
مَعْنُ لو انتابها
يَمزجُها بالشِّيم
معادنُ العزِّ قد مال الرَّغام بهم
نَ وأَهلَه المستكبرين
قَدَّرَه مَنْ قَسَم
وأُهنِّي على النوى وأُعزِّي
هل رأَيت الطَير زَفَّ وحاما؟
نَسَبٌ عريقٌ في الضُّحى(91/115)
بَذَّ القبائل والبُطون
شال بالأذناب كلٌّ، وَرَمَى
بجناحيْهِ كما رُعْتَ النَّعاما
أرأيتَ كيف يَئُوب من
غَمْرِ القضاءِ المُغْرَقون؟
وتدولُ آثارُ القُرو
نِ ، على رَحَى الزَّمنِ الطَّحون؟
خُلُقاً به تتفرّدون
وتنازعوا الذهبَ الذي
تَقْدِمة ً للصنم
يَهتِك، إلاَّ الحُرَم
آمنت بالله ، واسثنيت جَنَّتَه
حُفَرٍ مِنَ الأَجْداثِ جُون
حيث تلاقى الْتأم
مُومِئَة ً بالعَنم
قال الرفاق وقد هبَّتْ خمائلها:
رِ صدَفتَ بالقلب الحزين
جَرَى وصفَّقَ يلقانها بها بَرَدَى
كما تلقَّاك دونَ الخُلدِ رضوان
لم تَتركوه في الجليـ
ـلِ ولا الحقيرِ من الشئون
آية ً للعلم آتاها الأَناما
طال عليها القِدَم
ـيومُ الأَخرُ متى يكون؟
والحورُ في دُمَّر ، أو حولَ هامَتها
حورٌ كواشفُ عن ساقٍ ، ولدان
أم مَقَرُّ الحولِ في بعض القدامى ؟
البعثُ غاية ُ زائلٍ
الساقُ كاسِيَة ٌ ، والنحرُ عُريان
السِّبْقُ مِن عاداتِكم
تَقْرَبُ، إلاَّ التُّهَم
ـلِ ولا الحقيرِ من الشؤون
أم بعينيه إذا ما جالتا
تكشفان الجوَّ غيثاً أم جهاما؟
أَم ظَبياتُ الخِيَم؟
رة والبُناة المحسِنون
نُرْمَ وفي نُتَّهَم
أنزلتً حفرة َ هالكٍ
أم حجرة َ الملكِ المَكينْ؟
والوحشُ تَنْفرُ في السُّهو
نَمَّ بها دَنُّها
تلك شموسُ الدّجَى
ثم انثت لم لنها البلال ، ولا
جفَّتْ من الماءِ أذيالٌ وأردان
يهتِك ، إلا الحُرَم
لو أَنصفتْ لم أُلَم
حتى انحدرت الى فيحاء وارفة ٍ
بِ يُناولونَ، ويَطْرَدون
آلَ إليها العِظَم
رة ِ لم يَحُزْهُ ، ولا ثَمين
يَمنعها حلمَه
هذَّبه في اليتم
أَهرَق عُنقودَها
خُلُقاً به تَتفرّدون
وذخائر من أعصُرٍ ولَّـ
مائدة ٌ مَدَّها
كنتمْ خيالَ المجدِ يُرْ
تسأَل أَترابَها
وهْيَ عليه أَنمّ
وبنيتُ في العشرينَ من
لو يفطُن الموتى لها
واستعيروها جَناحاً طالما
بين ليوثٍ بُهَم
فعُ للشبابِ الطامِحين
ليلتُكم قدْرُها
لم تَتركوه في الجليـ
ترَّقت فيه أجناسٌ وأديان(91/116)
قد لفَّها لفَّ الضِّما
خارجة ً مِن شَرى ً
مثل حَمَامِ الحَرَم
نصيحة ملؤها الإخلاص ، صادقة
والخيلُ جُنَّ لها جُنون
نَمَّ ولمَّا يَنِمّ
أو حكمة ً ؛ فهو تقطيع وأَوزان
لا برح الصفوُ في
رة ِ والبُناة ُ المحسِنون
وترى الدُّمى ، فتخالها انْـ
ـتَثَرَتْ على جَنباتِ زُون
ويمرُّ رائع صَمتِها
نزَلوا، أَم حُفَرات ورَغاما
مُضطهَدٌ خَصْرُها
حيناً عهيداً بعد حين
غَضٌّ على طوال البِلَى
حولَ خِوانٍ نُظِم
تجمع مِن ذَيلها
تتركه لم يلمّ
خَدَعَ العيونَ ولم يَزَلْ
حتى تضحَدَّى اللاَّمِسين
غِلمانُ قَصْرِك في الرِّكا
بِ يُناولونَ ، ويطرَدون
والبوقُ يعتف ، والسِّها
لا هية ً لم تَجم
لِ ، وتارة ً تَثِبُ الحُزُون
مُنْتَهَبٍ كلَّما
ظُنَّ به النقصُ تَمّ
ترفُل في مُخْمَلٍ
حِ ، وفي منَاقِرِها أَنين
وكأَنَّ آباءَ البريَّـ
ـة ِ في المدائن مُحضَرون
وكأن دُولة َ آل شمـ
ـسٍ عن شِمالك واليَمين
ملكَ الملوك ، تحيَّة ً
في المُهَجاتِ انتظم
بعد متابٍ أَلمّ
قد وقفوا للمَها
أَيَّ قَوِيٍّ حَكَم
أزنُ الجلالَ وأستبين
ناعِمة ً لم تُرَعْ
أحجارِها ششعري الرَّصين
قد وُئِدَتْ في الصِّبا
أقعدت جيلاً للهوى
وأقمت جيلاً آخرين
كنتمْ خيالَ المجدِ يُرْ
ـنَّ العربيّ العَلَم؟
ترجع كَرَّ النَّسَم
قام لديها المَلا
تاجٌ تنتَقِّلَ في الخيا
لِ ، فما استقر على جبين
خَرَزاتُه السيف الصقيـ
ـل يَشدُّه الرمح السَّنين
البَرُّ مغلوبُ القنا
لما نظرتَ إلى الديا
رِ صدَفتَ بالقلب الحزين
ظِلِّكمُ يُغْتَنَم
تاجُ الحضارة حين أَشر
قَ لم يجدْهم حافلين
واللهُ يعلم لم يَرَوْ
بين صنوف النِّعَم
قَسَماً بمن يحيي العظا
مَ ، ولا أزيدُكَ من يَمين
تُقبِلُ في موكبٍ
تبعث أَنَّى بَدَتْ
ـبِ الرُّوح ، أو نبض الوَتين
وطلعتَ من وادي الملو
لُجَّتِها والأَكَم
ن من القَنا ، والدَّارعين
قرْنَ ذُكاءٍ نَجَم
نصبوا ، ورَدُّوا الحاكمين
تُخْطِر مَنْ أَمَّها
وسبيلُه في الآخرين(91/117)
فإذا رأَيتَ مشايخاً
أو فِتية ً لك ساجدين
لاق الزمان َ ، تجدْهمو
عن ركْبِه مُخلِّفين
ما شربوها وما
وعقولُهم في الأولين!
أرسل القصيدة إلى صديق
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أنْدَلُسِيَّة ٌ
أنْدَلُسِيَّة ٌ
رقم القصيدة : 9527
-----------------------------------
أنْدَلُسِيَّة ٌ
أَنا مَنْ يترك للديَّـ
ملاعبٌ مَرحَتْ فيها مآربُنا
ـبئة ٌ عنها مُبينه
ب،َّا ، فلم نَخلُ من روح يراوحنا
أَسأَل الرحمنَ يُرْعِيـ
ممَّا نُرَدِّدُ فيه حين يُضوينا
إذِ الزمانُ بنا غيناءُ زاهية ٌ
وهْو في حُلْوَانَ زِينه
لو كان فيها وفاءٌ للمُصافينا
عهدُ الكرامِ ، وميثاقُ الوفيِّينا
ولا حوى السعدُ أطغى في أعنَّته
كنَّا جياداً ، ولا أرحى ميادينا
فيها إذا نَسيَ الوافي ، وباكينا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بالوَرْدِ كُتْباً، وبالرَيَّا عناوينا
بالوَرْدِ كُتْباً، وبالرَيَّا عناوينا
رقم القصيدة : 9528
-----------------------------------
بالوَرْدِ كُتْباً، وبالرَيَّا عناوينا
رأيت على لوحِ الخيال يتيمة ً
قضى يومَ لوسيتانيا أَبَواها
فيا لك من حاكٍ أمين مُصدَّقٍ
وإن هاج للنفس البُكا وشجاها
ولا أُمَّ يَبغي ظِلَّها وذَراها
وقُوِّضَ رُكْناها، وذَلَّ صِباها
زكم قد جاهد الحيوانُ فيه
وخلَّف في الهزيمة حافريه
وليت الذي قاست من الموت ساعة
كما راح يطوي الوالدين طواها
كفَرْخٍ رمى الرامي أَباهُ فغالهُ
فقامت إليه أمُّهُ فرماها
فلا أبَ يستذري بظلّ جناحِه
ودبَّابة ٍ تحتَ العُباب بمَكمَنٍ
أمينٍ ، ترى الساري وليس يَراها
هي الحوتُ، أَو في الحوت منها مَشابِهٌ
فيها إذا نَسِيَ الوافي، وباكِينا
أبثُُّ لأصحابِ السُّفين غوائلا
وأَربُعٌ أَنِسَتْ فيها أَمانينا
خؤونٌ إذا غاصتْ، غدورٌ، إذا طَفت
ملعَّنة ٌ في سحبها وسُراها
فآبَ مِنْ كُرَة ِ الأَيامِ لاعِبُنا
وتَجني على من لا يخوض رَحاها
فلو أَدركت تابوت موسى لسَلَّطتْ(91/118)
عليه زُباناها ، وحرَّ حُماها
وغاية ُ أمرهِ أنّا سمعنا
لسان الحال يُنشدنا لديه
ولو لم تُغَيَّبْ فُلْكُ نُوحٍ وتحْتَجِبْ
لما كان بحرٌ ضمَّها وحواها
أليس من العجاب أن مثلي
يَرَى ما قلَّ مُمتِنعاً عليه؟
وأفٍّ على العالم الذي تدَّعونه
إذا كان في علم النفوس رَدَاها
قصيدة ياقاتلتي بصوت الشاعر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> إلى حسين حاكمِ القنالِ
إلى حسين حاكمِ القنالِ
رقم القصيدة : 9529
-----------------------------------
إلى حسين حاكمِ القنالِ
مثالِ الخلُق في الرِّجال
أُهدِي سلاماً طيّباً كخُلْقِه
مع احترامٍ هو بعضُ حَقِّه
وأحفظ العهدَ له على النَّوَى
والصدقَ في الودّ له وفي الهوى
وبعدُ فالمعروفُ بين الصَّحبِ
أنّ التهادي من دواعي الحبِّ
وعندك الزّهرُ، وعندي الشِّعرُ
كلاهما فيما يقال نَدْرُ
وقد سَمعتُ عنك من ثِقاتِ
أَنك أَنتَ مَلِكُ النباتِ
زهرُك ليس للزهور رَوْنَقُه
تكاد في فرطِ اعتناءٍ تَخلُقه
ما نظرتْ مثلَكَ عينُ النرجسِ
بعد ملوك الظرف في الأَندلسِ
ولي من الحدائق الغنَّاءِ
رَوْضٌ على المطْرِيَّة ِ الفيْحاءِ
أتيتُ أستهدي لها وأسأَلُ
وأرتضي النَّزْر أثَقِّلُ
عشرَ شُجيراتٍ من الغولى
تَندُر إلاَّ في رياض الوالي
تزكو وتزهو في الشتا والصيف
وتجمع الألوان مثلَ الطْيف
تُرسلها مؤمّناً عليها
إن هَلَكْت لي الحقُّ في مِثْليْها
والحق في الخرطوم أَيضاً حقِّي
والدرسُ للخادم كيف يسقي
وبعد هذا لي عليك زروهء
لكي تدور حول روضِي دوْرهْ
فإن فعلت فالقوافي تفعلُ
ما هو من فعل الزهور أَجملُ
فما رأَيتُ في حياتي أَزْينا
للمرء بين الناس من حُسْنِ الثَّنَا
Free counter
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مَنْ لي بهنّ ليالياً نَهِل الصِّبا
مَنْ لي بهنّ ليالياً نَهِل الصِّبا
رقم القصيدة : 9530
-----------------------------------
مَنْ لي بهنّ ليالياً نَهِل الصِّبا
مما أَفَضْنَ وَعَلَّت الأَهواءُ(91/119)
ألفنَ أوطاري؛ فعيشيَ والمُنَى
في ظلِّهنّ الكأسُ والصَّهباءُ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> سُوَيْجعَ النيلِ، رفقاً ، بالسُّوَيْداءِ
سُوَيْجعَ النيلِ، رفقاً ، بالسُّوَيْداءِ
رقم القصيدة : 9531
-----------------------------------
سُوَيْجعَ النيلِ، رفقاً ، بالسُّوَيْداءِ
فما تُطيق أَنينَ المفردِ النائي
لله وادٍ كما يَهْوَى الهوى عَجَبٌ
تركتَ كلَّ خَليٍّ فيه ذا داء
وأَنتَ في الأَسْرِ تشكو ما تُكابده
لصخرة ٍ من بني الأَعجام صَمَّاء
الله في فَنَن تلهو الزمانَ به
فإنَّما هو مشدودٌ بأَحشائي
وفي جوانحك اللاَّتي سمحْت بها
فلو ترفَّقْت لم تسمح بأَعضائي
ماذا تريد بذي الأناتِ في سهري؟
هذي جفوني تسقِي عهدَ إغفائي
حَسْبُ المضاجعِ مني ما تعالج من
جَنْبي، ومن كبدٍ في الجنْب حَرّاء
أُمْسِي وأُصْبِحُ مِنْ نَجْواك في كَلَفٍ
حتى ليَعْشَقُ نُطقي فيك إصغائي
الليلُ يُنِهضني من حيث يُقعدني
والنجمُ يَملأُلي، والفكُر صَهبائي
آتي الكواكبَ لم أَنقل لها قَدَماً
لا ينقضي سهري فيها وإسرائي
وأَلحظُ الأَرضَ، أَطْوِي ما يكون إلى
ما كان مِنْ آدمٍ فيها وحَوّاء
مُؤيَّداً بك في حِلّي ومُرْتَحَلي
وما هُما غيرُ إصباحي وإمسائي
تُوحي إليّ الذي تُوحِي، وتسمع لي
وفي سماعك بعد الوحي إغرائي
عند الرغبة في نشر اي نصوص أو معلومات من صفحات الموقع.
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> منكَ يا هاجرُ دائي
منكَ يا هاجرُ دائي
رقم القصيدة : 9532
-----------------------------------
منكَ يا هاجرُ دائي
وبكفَّيْكَ دَوائي
يا مُنَى روحي، ودنيا
يَ، وسُؤْلي، ورجائي
أَنت إن شئتَ نعيمي
وإذا شئتَ شقائي
ليس مِنْ عُمرِيَ يومٌ
لا ترى فيه لِقائي
وحياتي في التَّداني
ومماتي في التَّنائي
نَمْ على نسيان سُهدي
فيك، واضحكْ من بُكائي
كلُّ ما ترضاه يا مَو
لايَ يرضاه وَلائي
وكما تعلم حُبِّي
وكما تدري وَفائي
فيك يا راحة روحي
طال بالوشي عَنائي(91/120)
وتواريتُ بدمعي
عن عيون الرُّقَباءِ
أَنا أَهواكَ، ولا أَرْ
ضَى الهوى مِن شُركائي
غِرْتُ، حتى لَترى أَر
ضِيَ غَيْرَي من سمائي
ليتني كنتُ رِداءً
لك، أو كنت ردائي
ليتني ماؤك في الغُـ
ـلَّة ِ، أَو ليتك مائي
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لقد لامني يا هندُ في الحب لائمٌ
لقد لامني يا هندُ في الحب لائمٌ
رقم القصيدة : 9533
-----------------------------------
لقد لامني يا هندُ في الحب لائمٌ
مُحِبٌّ إذا عُدَّ الصِّحابُ حبيبُ
فما هو بالواشي على مذهب الهوى
ولا هو في شَرع الوداد مُريب
وصفتُ له مَن أَنتِ، ثم جرى لنا
حديثٌ يَهُمُّ العاشقين عجيب
وقلت له: صبراً ؛ فكلُّ أَخي هَوى
على يَدِ مَنْ يهْوى غداً سيتوب
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> على قدرِ الهوى يأْتي العِتابُ
على قدرِ الهوى يأْتي العِتابُ
رقم القصيدة : 9534
-----------------------------------
على قدرِ الهوى يأْتي العِتابُ
ومَنْ عاتبتُ يَفْديِه الصِّحابُ
ألوم معذِّبي ، فألومُ نفسي
فأُغضِبها ويرضيها العذاب
ولو أنَي استطعتُ لتبتُ عنه
ولكنْ كيف عن روحي المتاب؟
ولي قلب بأَن يهْوَى يُجَازَى
ومالِكُه بأن يَجْنِي يُثاب
ولو وُجد العِقابُ فعلتُ، لكن
نفارُ الظَّبي ليس له عِقاب
يلوم اللائمون وما رأَوْه
وقِدْماً ضاع في الناس الصُّواب
صَحَوْتُ، فأَنكر السُّلْوان قلبي
عليّ، وراجع الطَّرَب الشباب
كأن يد الغرامَِ زمامُ قلبي
فليس عليه دون هَوى ً حِجاب
كأَنَّ رواية َ الأَشواقِ عَوْدٌ
على بدءٍ وما كمل الكتاب
كأني والهوى أَخَوا مُدامٍ
لنا عهدٌ بها، ولنا اصطحاب
إذا ما اغتَضْتُ عن عشقٍ يعشق
أُعيدَ العهدُ، وامتد الشَّراب
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَريدُ سُلوَّكم، والقلبُ يأْبَى
أَريدُ سُلوَّكم، والقلبُ يأْبَى
رقم القصيدة : 9535
-----------------------------------
أَريدُ سُلوَّكم، والقلبُ يأْبَى
وعتبكُم ، وملءُ النفس عُتْبى(91/121)
وأَهجركم، فيهجرني رُقادي
ويُضوِيني الظلامُ أَسًى وكرْبا
واذكركم برؤية ِ كلِّ حُسْنٍ
فيصبو ناظري، والقلب أصبى
وأَشكو من عذابي في هواكم
وأَجزيكم عن التعذيبِ حُبّا
وأَعلمُ أَن دَأْبكُمُ جَفَائي
فما بالي جعلتُ الحبَّ دأْبا؟
ورُبَّ مُعاتِبٍ كالعيش ، يشكى
وملءُ النفس منه هَوًى وعُتْبى
أتَجزيني عن الزُّلْفَى نِفاراً؟
عَتَبَتكَ بالهوى ، وكفاك عَتبا
فكلّ ملاحة ٍ في الناس ذنبٌ
إذا عُدّ النِّفارُ عليكَ ذنبا
أخذتُ هواك عن عيني وقلبي
فعيني قد دَعَتْ، والقلبُ لَبّى
وأَنتَ من المحاسن في مِثال
فديتكَ قالَباً فيه وقَلْبا
أُحِبُّكَ حين تثني الجيدَ تِيهاً
وأَخشى أَن يصيرَ التِّيهُ دَأْبا
وقالوا : في البديل رضاً ورووحٌ
لقد رُمتُ البديلَ، فرمتُ صَعبا
وراجعتُ الرشادَ عَساي أَسلو
فما بالي مع السُّلوانِ أَصْبى ؟
إذا ما الكأْسُ لم تُذْهِبْ همومي
فقد تَبَّتْ يدُ الساقي، وتَبّا
على أَني أَعَفُّ من احتساها
وأَكرمُ مِنْ عَذَارَى الدير شربا
ولي نفسٌ أُورَيها فتزمو
كزهر الورد نَدَّوْهُ فهبَّا
Free counter
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> رَوّعوه ؛ فتولَّى مغضِبا
رَوّعوه ؛ فتولَّى مغضِبا
رقم القصيدة : 9536
-----------------------------------
رَوّعوه ؛ فتولَّى مغضِبا
أَعلِمتم كيف ترتاعُ الظِّبا؟
خُلِقت لاهِية ً ناعمة
رُبَّما رَوَّعها مرُّ الصَّبا
لي حبيبٌ كلَّما قيل له
صَدَّقَ القولَ ، وزكذَى الرِّيبا
كذاب العُذَالُ فيما زعمو
أَملي في فاتِني ما كذبا
لو رَأَوْنا والهوى ثالثُنا
والدُّجى يُرخي علينا الحُجُبا
في جِوار الليل، في ذمَّتِه
نذكر الصبحَ بأنَّ لا يقربا
مِلءُ بُرْدَينا عفافٌ وهوى
حفظ الحسنَ ، وصنتُ الأدبا
يا غزالاً أَهِلَ القلبُ به
قلبي السَّفْحُ وأَحْنى ملْعبا
لك ما أَحببت مِنْ حَبَّتِه
منَهلاً عذباً ، ومرعى ً طَيِّبا
هو عندَ المالِكِ الأوْلى َ به
كيفَ أشكو أنه قد سُلِبا؟(91/122)
إن رأَى أَبْقَى على مملوكه
أَو رأى أتلفه واحتسبا
لكَ قدٌّ سجدَ البانُ له
وتمَّنت لو أقلَّتْه الرُّبى
ولِحاظٌ، من معاني سحره
جمع الجفنُ سهاماً وظُبى
كان عن هذا لقلبي غُنْيَة ٌ
ما لقلبي والهوى بعد الصِّبا؟
فِطرتي لا آخُذ القلبَ بها
خُلِقَ الشاعِرُ سَمحاً طَرِبا
لو جَلَوْا حُسْنَكَ أَو غَنَّوْا به
للبيدٍ في الثمانين صَبا
أيها النفسُ ، تجدّين سُدى ً
هل رأيتِ العيشَ إلا لَعِبا؟
جَرِّبي الدنيا تَهُنْ عندكِ، ما
أَهونَ الدنيا على من جرّبا!!
نلتِ فيما نِلْتِ من مَظهرها
ومُنِحْتِ الخلدَ ذكراً، ونَبَا
قصيدة ياقاتلتي بصوت الشاعر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> ما تلكَ أَهدابي تَنَظَّ
ما تلكَ أَهدابي تَنَظَّ
رقم القصيدة : 9537
-----------------------------------
ما تلكَ أَهدابي تَنَظَّ
ـمَ بينها الدمعُ السَّكوبْ
بل تلك سُبحة ُ لؤلؤٍ
تُحْصَى عليكَ بها الذنُوب
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لا والقوامِ الَّذي ، والأَعينِ اللاتي
لا والقوامِ الَّذي ، والأَعينِ اللاتي
رقم القصيدة : 9538
-----------------------------------
لا والقوامِ الَّذي ، والأَعينِ اللاتي
ما خُنْتُ رَبَّ القَنا والمُشْرَفيَّاتِ
ولا سلوتُ ، ولم أهممْ ، ولا خطرتْ
بالبالِ سَلْوَاكِ في ماضٍ ولا آت
وخاتَمُ الملكِ للحاجات مُطَّلَبٌ
وثَغْرُكِ المتمنَّى كلُّ حاجاتي
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لحظها لَحظها، رُوَيْداً رُوَيْدا لحظها لَحظها، رُوَيْداً رُوَيْدا
لحظها لَحظها، رُوَيْداً رُوَيْدا لحظها لَحظها، رُوَيْداً رُوَيْدا
رقم القصيدة : 9539
-----------------------------------
لحظها لَحظها، رُوَيْداً رُوَيْدا لحظها لَحظها، رُوَيْداً رُوَيْدا
كم إلى كم تكيد للروح كيْدا؟
كفَّ أو لا تكفَّ ؛ إن يجبني
لَسِهاماً أَرْسَلْتَها لن تُرَدّا
تصِلُ الضربَ ما أَرى لك حداً
فاتّقِ الله، والتزِمْ لك حدَّا
أو فضع لي من الحجارة قلبا(91/123)
ثم صُغ لي من الحدائدِ كِبْدا
واكفِ جَفْنَيَّ دافقاً ليس يرْقا
واكفِ جَنْبَيَّ خافقاً ليس يَهْدا
فمن الغَبْنِ أَن يصير وعيداً
ما قطعت الزمانَ أرجوه وعْدا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> الرُّشْدُ أَجملُ سِيرة يا أَحمدُ
الرُّشْدُ أَجملُ سِيرة يا أَحمدُ
رقم القصيدة : 9540
-----------------------------------
الرُّشْدُ أَجملُ سِيرة يا أَحمدُ
ودُّ الغواني مَنْ شبابكَ أبعدُ
قد كان فيك لودهنّ بقية ٌ
واليومَ أَوْشَكَتِ البقية ُ تَنْفَدُ
هاروت شعركَ بعد ماروتِ الصبا
أَعيا، وفارقه الخليلُ المُسعِد
لم سمعنكَ قلنَ : شعرٌ أمردٌ
يا ليت قائله الطَّيرُ الأمردُ
ما لِلَّوَاهي الناعماتِ وشاعرٍ
جعل النسيبَ حبالة ً يتصيد ؟
ولكم جمعت قلوبهن على الهوى
وخدعتَ منْ قطعتْ ومن تودد
وسَخِرْتَ من واشٍ، وكِدْتَ لعاذِلٍ
واليومَ تنشدُ من يشي ويفند
أَئذا وَجَدْت الغِيد أَلهاكَ الهوى
وإذا وجدت الشِّعْرَ عزَّ الأَغيد؟
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> إن الوُشاة َ ـ وإن لم أَحْصِهم عددا ـ
إن الوُشاة َ ـ وإن لم أَحْصِهم عددا ـ
رقم القصيدة : 9541
-----------------------------------
إن الوُشاة َ ـ وإن لم أَحْصِهم عددا ـ
تعلموا الكيدَ من عينيك والفندا
لا أَخْلفَ الله ظنِّي في نواظرِهم
ماذا رأَتْ بِيَ ممّا يبعثُ الحسدا؟
هم أَغضبوكَ فراح القدُّ مُنْثَنياً
والجفنُ منكسراً ، والخدُّ متقدا
وصادغوا أذُنا صعواءَ لينة ً
فأسمعوها الذي لم يسمعوا أحدا
لولا احتراسيَ من عينَيْك قلتُ: أَلا
فانظر بعينيك، هل أَبقَيْت لي جَلَدَا؟
الله في مهجة ٍ أيتمتَ واحدَها
ظلماً ، وما اتخذتْ غير الهوى ولدا
ورُوحِ صبٍّ أَطالَ الحبُّ غُرْبَتَها
يخافُ إن رجعتْ أن تكرَ الجسدَ
دع المواعيدَ ؛ إني مِتُّ مِنْ ظمإِ
وللمواعيد ماءٌ لا يَبُلُّ صَدى
تدعو ، ومَنْ لي أن أسعى بال كبدٍ ؟
فمن معيريَ من هذا الورى كبدا ؟(91/124)
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بثثْت شكواي، فذابَ الجليدُ
بثثْت شكواي، فذابَ الجليدُ
رقم القصيدة : 9542
-----------------------------------
بثثْت شكواي، فذابَ الجليدُ
وأَشفق الصخرُ، ولان الحديدْ
وقلبُك القاسي على حاله
هيهاتَ! بلْ قَسْوَتُه لي تَزيدْ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يمدُّ الدُّجى في لوعتي ويزيدُ
يمدُّ الدُّجى في لوعتي ويزيدُ
رقم القصيدة : 9543
-----------------------------------
يمدُّ الدُّجى في لوعتي ويزيدُ
ويُبدِىء ُ بَثِّي في الهوى ويُعيدُ
إذا طال واستعصى فما هي ليلة
ولكنْ ليالٍ ما لهنّ عَدِيدُ
أَرِقْتُ وعادتني لذكرى أَحِبَّتي
شجونٌ قيامٌ بالضلوع قعودُ
ومَنْ يَحْمِلِ الأَشواقَ يتعَب، ويَختلفْ
عليهِ قديمٌ في الهوى ، وجديد
لقيت الذي لم يلق قلبٌ من الهوى
لك الله يا قلبي ، أأنت حديد؟
لم أَخْلُ من وجْدٍ عليك، ورِقَّة ٍ
إذا حلَّ غِيدٌ، أَو ترحَّل غِيدُ
وروضٍ كما شاء المحبون ، ظلهُ
لهم ولأسرار الغرام مديدُ
تظللنا والطيرَ في جنباتِه
غصونٌ قيامٌ للنسيم سجود
تمِيل إلى مُضْنَى الغرامِ وتارة ً
يعارضها مُضْنَى الصَّبا فتَحيد
مَشَى في حوَاشيها الأَصيلُ، فذُهِّبَتْ
ومارتْ عليها الحلْيُ وهْيَ تَميد
ويَقْتُلنا لَحْظٌ، ويأْسِر جِيدُ
بأهلٍ ، ومفقودُ الأليفِ وَحيد
وباكٍ ولا دمعٌ، وشاكٍ ولا جوى ً
وجذلانُ يشدو في الرُّبَي ويشيد
وذي كبْرَة ٍ لم يُعْطَ بالدهر خِبْرَة ً
وعُرْيان كاسٍ تَزْدَهيه مُهود
غشيناه والأيامُ تندى شبيبة ً
ويَقْطُر منها العيشُ وهْوَ رَغيد
رأَتْ شفقاً يَنْعى النهارَ مُضَرَّجاً
فقلتُ لها: حتى النهارُ شَهيد
فقالت : وما بالطير ؟ قلت : سكينة ٌ
فما هي ممّا نبتغي ونَصيد
أُحِلَّ لنا الصيدان: يومَ الهوى مَهاً
ويومَ تُسَلُّ المُرْهَفاتُ أُسودُ
يحطِّم رمحٌ دوننا ومهندٌ
ويقلنا لحظٌ ، ويأسر جيدُ
ونحكم حتى يقبلَ الدهرُ حُكْمَنا
ونحن لسلطان الغرام عبيد(91/125)
أقول لأيام الصبا كلما نأتْ :
أما لكَ يا عهدَ الشباب مُعيد؟
وكيف نأَتْ والأَمسُ آخرُ عهدِها؟
لأمسُ كباقي الغابرات عهيد
جزعتُ ، فراعتني من الشيبِ بسمة ٌ
كأَني على دَرْبِ المشيبِ لَبيد
ومن عبث الدنيا وما عبثت سدى ً
شببنا وشبنا والزمانُ وليدُ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> هام الفؤادُ بشادنٍ
هام الفؤادُ بشادنٍ
رقم القصيدة : 9544
-----------------------------------
هام الفؤادُ بشادنٍ
أَلِفَ الدَّلالَ على المدَى
أَبْكي، فيضحكُ ثَغْرُه
والكمُّ يفتحه النَّدى
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> في مقلتيك مصارعُ الأَكبادِ
في مقلتيك مصارعُ الأَكبادِ
رقم القصيدة : 9545
-----------------------------------
في مقلتيك مصارعُ الأَكبادِ
الله في جنبٍ بغير عماد
كانت له كبدٌ ، فحاق بها الهوى
قُهِرتْ، وقد كانت من الأَطواد
وإذا النفوسُ تطوحتْ في لذة ٍ
كانت جنايتُها على الأَجساد
نَشْوى ، وما يُسقيْنَ إلاَّ راحتي
وَسْنَى ، وما يَطْعَمْن غير رُقادي
ضعفي ، وكم أبلين من ذي قوة
مرضى وكم أفنينَ من عواد
يا قاتل اللهُ العيونَ ؛ فإنها
في حَرِّ ما نَصْلَى الضعيفُ البادي
قاتلن في أجفانهن قلوبنا
فصَرَعْنَها، وسلِمْنَ بالأَغماد
وصبغن من دمها الخدود تتصلاً
ولقينَ أرباب الهوى بسواد
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قفْ باللواحظِ عندَ حدكْ
قفْ باللواحظِ عندَ حدكْ
رقم القصيدة : 9546
-----------------------------------
قفْ باللواحظِ عندَ حدكْ
يكفيكَ فتنة ُ نارِ خدكْ
واجْعل لِغِمْدِكَ هدْنَة ً
إن الحوادث مِلءُ غِمْدِك
وصُنِ المحاسن عن قلو
ب لا يَدَيْنِ لها بجُنْدِك
نظرتْ إليكَ عن الفُتو
رِ، وما اتَّقَتْ سَطَواتِ حدِّك
أَعلى رِواياتِ القَنَا
ما كان نِسْبتُه لقَدِّك
نال العواذلُ جهدَهم
وسمعتَ منهم فرق جهدك
نقلوا إليك مقالة ً
ما كان أَكثَرُها لعبدك
ما بي السهامُ الكثرُ من
جَفْنَيْكَ، لكنْ سهمُ بُعْدِك(91/126)
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مضناك جفاهُ مرقده
مضناك جفاهُ مرقده
رقم القصيدة : 9547
-----------------------------------
مضناك جفاهُ مرقده
وبكاه ورحمَ عودُهُ
حيرانُ القلبِ مُعَذَّبُهُ
مقروح الجفنِ مسهده
أودى حرفاً إلا رمقاً
يُبقيه عليك وتُنْفِدهُ
يستهوي الورق تاوهه
ويذيب الصخرَ تنهدهُ
ويناجي النجمَ ويتعبه
ويُقيم الليلَ ويُقْعِدهُ
ويعلم كلَّ مطوقة ٍ
شجناً في الدَّوحِ ترددهُ
كم مد لطفيكَ من شركٍ
وتادب لا يتصيدهُ
فعساك بغُمْضٍ مُسعِفهُ
ولعلّ خيالك مسعدهُ
الحسنُ حَلَفْتُ بيُوسُفِهِ
والسورة ِ إنك مفردهُ
قد وَدَّ جمالك أو قبساً
حوراءُ الخُلْدِ وأَمْرَدُه
وتمنَّت كلٌّ مقطعة ٍ
يدها لو تبعث تشهدهُ
جَحَدَتْ عَيْنَاك زَكِيَّ دَمِي
أكذلك خدَّك يحجده؟
قد عزَّ شُهودي إذ رمَتا
فأشرت لخدِّك أشهده
وهممتُ بجيدِك أشركه
فأبى ، واستكبر أصيده
وهزَزْتُ قَوَامَك أَعْطِفهُ
فَنَبا، وتمنَّع أَمْلَدُه
سببٌ لرضاك أمهده
ما بالُ الخصْرِ يُعَقِّدُه؟
بيني في الحبِّ وبينك ما
لا يَقْدِرُ واشٍ يُفْسِدُه
ما بالُ العاذِلِ يَفتح لي
بابَ السُّلْوانِ وأُوصِدُه؟
ويقول : تكاد تجنُّ به
فأَقول: وأُوشِكُ أَعْبُده
مَوْلايَ ورُوحِي في يَدِه
قد ضَيَّعها سَلِمتْ يَدُه
ناقوسُ القلبِ يدقُّ لهُ
وحنايا الأَضْلُعِ مَعْبَدُه
قسماً بثنايا لؤلُئِها
قسم الياقوت منضده
ورضابٍ يوعدُ كوثرهُ
مَقتولُ العِشقِ ومُشْهَدُه
وبخالٍ كاد يحجُّ له
لو كان يقبَّل أسوده
وقَوامٍ يَرْوي الغُصْنُ له
نَسَباً، والرُّمْحُ يُفَنِّدُه
وبخصرٍ أوهَنَ مِنْ جَلَدِي
وعَوَادِي الهجر تُبدِّدُه
ما خنت هواك ، ولا خطرتْ
سلوى بالقلب تبرده
بحث عن قصيدة بحث عن شاعر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بالله يا نَسَماتِ النيل في السَّحَرِ
بالله يا نَسَماتِ النيل في السَّحَرِ
رقم القصيدة : 9548
-----------------------------------
بالله يا نَسَماتِ النيل في السَّحَرِ(91/127)
هل عندَكُنَّ عن الأَحباب مِنْ خبَر؟
عرفتكنَّ بعرفٍ لا أكيفه
لا في الغوالي ، ولا في النَّورِ والزَّهَر
من بعض ما مسح الحسنُ الوجوهَ به
بينَ الجبينِ، وبينَ الفَرْقِ والشَّعَر
فهل عَلِقْتُنَّ أَثناءَ السُّرَى أَرَجاً
من الغدائر ، أو طيبا من الطُّرر؟
هجتنَّ لي لوعة ً في القلب كامنة ً
والجُرْحُ إنْ تَعْتَرِضْه نَسْمَة ٌ يَثُر
ذكرت مصر ، ومن أهوى ، ومجلسنا
على الجزيرة بين الجسر والنَّهَر
واليومُ أَشْيَبُ، والآفاقُ مُذْهَبة ٌ
والشمسث مصفرة ٌ تجري لمنحدر
والنخلُ مُتَّشِحٌ بالغيم، تحسبُهُ
هِيفَ العرائسِ في بيضٍ من الأُزُر
وما شجانيَ إلاّ صوتُ ساقية ٍ
تستقبل الليلَ بين النَّوْح والعَبَر
لم يترك الوجدُ منها غيرَ أَضْلُعِها
وغيرَ دَمعٍ كصَوْب الغَيْثِ مُنْهَمِر
بخيلة بمآقيها ، فلو سئلتْ
جَفْناً يُعين أَخا الأَشواقِ لم تُعِر
في ليلة من ليالي الدهر طَيِّبَة ٍ
محا بها كلَّ ذنبٍ غيرِ مُغْتَفَر
عفَّتْ ، وعفَّ الهوى فيها ، وفاز بها
عَفُّ الإشارة ِ، والأَلفاظِ، والنظر
بتنا ، وباتت حناناً حولنا ورضاً
ثلاثة ٌ بين سمْعِ الحبِّ والبصر
لا أكذب اللهَ ، كان النجمُ رابعنا
لو يُذْكرُ النجمُ بعد البدر في خبر
وأَنصفَتْنا، فظُلمٌ أَن نُجازِيَها
شكوى من الطول، أَو شكوى من القِصَر
دَعْ بعد رِيقَة ِ مَنْ تَهْوَى ومَنْطِقِه
ما قيل في الكأْس، أَو ما قيل في الوتر
ولا تبالِ بكنزٍ بعد مبسمِه
أَغلى اليواقيت ما أُعْطِيتَ والدُّرَر
ولم يَرُعْنِي إلاَّ قولُ عاذِلة ٍ
ما بالُ أَحمدَ لم يَحلُمْ ولم يَقِر؟
هلا ترفَّع عن لَهْوٍ وعن لَعِبٍ؟
إن الصغائر تغري النفسَ بالصغر
فقلتُ: للمجد أَشعاري مُسَيَّرة
وفي غواني العلا ـ لا في المها ـ وطري
مصرُ العزيزة ُ، مالي لا أُودِّعُها
وداعَ محتفظٍ بالعهد مذكر
خلَّفْتُ فيها القَطا ما بين ذي زَغَبٍ
وداعَ محتفظٍ بالعهد مدكر
وذي تمائمَ لم ينهض ولم يَطِرِ
أسلمتهم لعيون الله تحرسُهم(91/128)
وأَسلموني لظلِّ الله في البشر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> عَرَضوا الأَمانَ على الخواطرْ
عَرَضوا الأَمانَ على الخواطرْ
رقم القصيدة : 9549
-----------------------------------
عَرَضوا الأَمانَ على الخواطرْ
واستعرضوا السُّمْرَ الخواطر
فوقفتُ في حذر ، ويأْ
بى القلبُ إلا ان يخاطِر
يا قلب شأْنك والهوى
هذي الغصونُ وأَنت طائر
إن التي صادتْك تسـ
ـعى بالقلوب لها النواظر
ييا ثغرها ، أمستُ كالـ
ـغوَّاص، أَحْلُم بالجواهر
يا لحظَها، مَنْ أُمُّها؟
أو مَنْ أبوها في الجآذر ؟
يا شعرها ، لا تسعَ في
هتكي، فشأْنُ الليلِ ساتر
يا قَدَّها، حتَّام تغـ
ـدو عاذِلاً وتروح جائر؟
وبأيِّ ذنبٍ قد طعنـ
ـتَ حشايَ يا قدَّ الكبائر؟
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> في ذي الجفونِ صوارمُ الأَقدار
في ذي الجفونِ صوارمُ الأَقدار
رقم القصيدة : 9550
-----------------------------------
في ذي الجفونِ صوارمُ الأَقدار
راعي البريّة َ يا رَعاكِ الباري
وكفى الحياة ُ لنا حوادثَ ، فافتني
مَلأَ النجومِ وعَالَمَ الأَقمار
ما أَنتِ في هذي الحلى إنْسِيَّة
إن أنت إلا الشمسُ في الأنوار
زهراء بالأفق الذي من دونه
وثْبُ النُّهى ، وتطَاوُلُ الأَفكار
تهتك الألباب خلف حجابها
مهما طلعتِ ، فكيف بالأبصار ؟
يا زينة الإصباح والإمساء ، بل
يا رَوْنَقَ الآصال والأَسحار
ماذا تحاول من تنائينا النوى ؟
أَنتِ الدُّنى وأَنا الخيالُ الساري
ألقى الضحى ألقاك، ثم من الدجى
سبل إليك خفية الأغوار
وإذا أنستُ بوحدتي فلانها
سببي إليك، وسلمي، ومناري
إيهٍ زماني في الهوى وزمانها
ما كنتما إلا النَّميرَ الجاري
مُتسَلْسلاً بين الصبابة والصِّبا
ومترقرقاً بمسارح الأقدار
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لك أَن تلوم، ولي من الأَعذار
لك أَن تلوم، ولي من الأَعذار
رقم القصيدة : 9551
-----------------------------------
لك أَن تلوم، ولي من الأَعذار(91/129)
أن الهوى قدرٌ من الأقدار
ما كنت أسلمُ للعيون سلامتي
وأَبيحُ حادثة َ الغرام وَقاري
وطَرٌ تَعَلَّقَه الفؤادُ وينقضي
والنفسُ ماضية ٌ مع الأوطار
يا قلبُ، شأْنَك، لا أَمُدُّك في الهوى
لو أَنه بيَدِي فككْتُ إساري
جار الشبيبة ، وانتفع بجوارها
قبلَ المشيب، فما له من جار
مثل الحياة تحبّ في عهد الصِّبا
مثل الرياض تحبُّ في آذار
أبدأ فروقُ من البلاد هي المنى
ومنايَ منها ظبية ٌ بسِوار
ممنوعة ٌ إلا الجمالَ بأَسره
محجوبة ٌ إلا عن الأنظار
خطواتها التقوى ، فلا مزهوة ٌ
تمشي الدَّلال، ولا بذات نفار
مرّتْ بنا فوق الخليج، فأَسفرتْ
عن جَنّة ، وتلفتت عن نار
في نِسْوَة ٍ يُورِدْن مَن شِئْن الهوى
نظرا ، ولا ينظرن في الإصدار
عارضتهنّ ، وبين قلبي والهوى
أَمرٌ أُحاول كتْمَه وأُداري
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَتغلبني ذاتُ الدلالِ على صبري؟
أَتغلبني ذاتُ الدلالِ على صبري؟
رقم القصيدة : 9552
-----------------------------------
أَتغلبني ذاتُ الدلالِ على صبري؟
إذن أَنا أَولى بالقناع وبالخِدْر
تتيه ، ولي حلمٌ إذا مار كبته
رددتُ به أَمرَ الغرامِ إلى أَمري
وما دفعي اللوامَ فيها سآمة
ولكنّ نفسَ الحرّ أَزجرُ للحرّ
وليلٍ كانّ الحشرَ مطلعُ فجره
تراءَتْ دموعي فيه سابقة َ الفجر
سريت به طيفاً لى من أحبها
وهل بالسُّها في حُلَّة ِ السُّقمِ من نُكر
طرقْتُ حِماها بعدَ ما هبّ أَهلُها
أَخوضُ غِمارَ الظنِّ والنظرِ الشزْر
فما راعني إلاَّ نساءٌ لِقينَني
يبالِغن في زَجْري، ويُسرفن في نَهري
يقلْن لمن أَهوى وآنَسْنَ رِيبة ً:
نرى حالة ً بين الصَّبابة والسّحر
إليكنّ جاراتِ الحمى عن ملامتي
وذَرْنَ قضاءَ الله في خَلْقه يجري
وأَحْرَجني دمعي، فلما زجرتُه
رددتُ قلوبَ العاذِلاتِ إلى العُذْر
فساءَلْنها: ما اسمي؟ فسمَّتْ، فجئنني
يَقُلْنَ: أَماناً للعذارى من الشِّعر
فقلتُ: أَخافُ الله فِيكُنَّ، إنني(91/130)
وجدتُ مقالَ الهُجْر يُزْرَى بأَن يُزْرِي
أَخذتُ بحَظٍّ من هواها وبينها
ومن يهو يعدلْ في الوصال وفي الهجر
إذا لم يكن المرءِ عن عيشة ٍ غنى ً
فلا بدّ من يُسر، ولا بد من عُسر
ومن يَخبُرِ الدنيا ويشربْ بكأْسها
يجدْ مُرَّها في الحلو، والحلوَ في المرّ
ومن كان يغزو بالتَّعِلاَّت فقرَه
فإني وجدتُ الكدَّ أقتلَ للفقر
ومن يستعنْ في أمرهِ غير نفسه
يَخُنْه الرفيقُ العون في المسلك الوعْر
ومن لم يقم ستراً على عيبِ غيره
يعِش مستباحَ العِرْضِ، مُنهَتِك السّتر
ومن لم يجمِّل بالتواضع فضله
يَبِنْ فضلُه عنه، ويَعْطَلْ من الفخر
أرسل القصيدة إلى صديق
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قلبٌ يذوب ، ومدمعٌ يجري
قلبٌ يذوب ، ومدمعٌ يجري
رقم القصيدة : 9553
-----------------------------------
قلبٌ يذوب ، ومدمعٌ يجري
يا ليلُ ، هل خيرٌعن الفجر
حالت نجومك دون مطلعه
لا تبتغي حِوَلاً، ولا يسري
وتطاولَتْ جُنْحاً، فخُيِّل لي
أَن الصباحَ رهينة ُ الحشر
أَرسيتَها وملكتَ مذهبَها
بدجنة ٍ كسريرة الدهر
ظلمٌ تجيء بها وترجعها
والموجُ منقلبٌ إلى البحر
ليت الكرى وموسى فيوردها
فرعون هذا السهد والفكر
ولقد أَقول لهاتفٍ سحراً
يبكي لغير نوىص ولا أسر
والروضُ أخرسُ غير وسوية ٍ
خَفَقَ الغصونِ، وجرْية الغُدْر
والطيرُ مِلءُ الأَيْكِ، أَرؤُسُها
مثلُ الثمار بدت من السِّدْر
ألقى الجناحَ ، وناء بالصدر
ورنا بصفراوين كالتبر
لكهم السهادُ بيوتَ هدبها
وأَقام بين رُسومِها الحُمْر
تهدا جوانحه ، فتحسبه
من صَنْعة الأَيدي أَو السِّحْر
وتثور، فهْوَ على الغصون يَدٌ
علقتْ أناملها من الجمر
يا طيرُ، بُثَّ أَخاك ما يَجري
إنَّا كِلانا مَوْضِعُ السِّرّ
بي مثل ما بك من جوى ً ونوى ً
أنا في الأنام ، وأنت في القمر
عبث الغرام بنا وروعنا
أنا بالملام ، وأنت بالزجر
يا طيرُ، لا تجزَعْ لحادثة ٍ
كلُّ النفوسِ رهائنُ الضرّ
فيما دهاك لو اطَّلعتَ رضًى(91/131)
شرٌّ أخفُّ عليك من شرّ
يا طيرُ، كَدْرُ العيشِ لو تدري
في صفوه، والصفْوُ في الكَدْر
وإذا الأُمورُ استُصعِبَتْ صَعُبَتْ
ويهون ما هوّنتَ من أَمر
يا طيرُ، لو لُذْنا بمصْطَبَرٍ
فلعلّ رُوحَ الله في الصَّبْر
وعسى الأَمانيُّ العذابُ لنا
عونٌ على السلوان والهجر
احصاءات/ آخر القصائد | خدمات الموقع
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بدأ الطيفُ بالجميل وزارا
بدأ الطيفُ بالجميل وزارا
رقم القصيدة : 9554
-----------------------------------
بدأ الطيفُ بالجميل وزارا
يا رسولَ الرضى وقيت العثارا
خذ من الجفن والفؤاد سبيلا
وتيممْ من السويداء دارا
أَنت إن بتَّ في الجفون فأَهلٌ
عادة النور ينزل الأبصار
زار ، والحربُ بين جفني ونومي
قد أعدّ الدجى لها أوزارا
حسن يا خيالُ صنعك عندي
أَجملُ الصنعِ ما يُصيبُ افتقارا
ما لربِّ الجمالِ جارَ على القلـ
ـبِ، كأَن لم يكن له القلبُ جارا؟
وأرى القلبَ كلما ساءَ يجزيـ
ـه عن الذنب رقَّة ً واعتذارا
أجريحُ الغرامِ يطلب عطفاً
وجريحُ الأَنام يطلب ثارا؟
أَيها العاذلون، نِمتم، ورام السُّـ
ـهدُ من مقلتيَّ أَمراً، فصارا
آفة النُّصح أن يكونَ لجاجاً
وأذى النصحِ أن يكون جهارا
ساءَلَتْني عن النهار جفوني
رحمَ اللهُ يا جفوني النهارا
قلن: نَبكيه؟ قلت: هاتي دموعاً
قلْن: صبراً، فقلت: هاتي اصطبارا
يا لياليَّ، لم أَجِدْكِ طوالاً
بعد ليلي ، ولم أجدْك قصارا
إن مَنْ يحملُ الخطوبَ كباراً
لا يبالي بحلمهن صغارا
لم نفقْ منك يا زمان فنشكو
مُدْمنُ الخمر لا يُحس الخُمارا
فاصرف الكأس مشفقاً ، أو فواصلْ
خرج الرشدُ عن أَكُفِّ السُّكارى
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ
أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ
رقم القصيدة : 9555(91/132)
-----------------------------------
أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ
فإنك دونَ الطيرِ للسرِّ موضعُ
وأَنت مُعينُ العاشقين على الهوى
تئِنُّ فنُصْغي، أَو تحنُّ فنَسْمَع
أَراك يَمانِيّاً، ومصرُ خميلتي
كلانا غريبٌ، نازحُ الدارِ، مُوجَع
هما اثنان: دانٍ في التغرُّب آمنٌ
وناءٍ على قربِ الديار مروع
ومن عجب الأشياء أبكي واشتكي
وأَنت تُغَنِّي في الغصونِ وتَسْجَع
لعلك تُخفي الوجدَ، أَو تكتمُ الجَوى
فقد تمسك العينان والقلبُ يدمع
شجاكَ صِغارٌ كالجُمانِ ومَوْطِنٌ
نَدٍ مثلُ أَيامِ الحَدَاثَة ِ مُمْرعُ
إذا كان في الآجال طولٌ وفسحة ٌ
فما البينُ إلا حادثٌ متوقع
وما الأَهلُ والأَحبابُ إلاَّ لآلِىء ٌ
تفرقها الأيامُ ، والسمطُ يجمع
أَمُنْكِرَتي، قلبي دليل وشاهدي
فلا تُنكريه، فهْو عندَكِ مُودَع
أَسيرُكِ، لو يُفْدَى فَدَتْه بجمعها
جوانحُ في شوقٍ إليه وأَضْلُع
رماه إليك الدهرُ من حاق الهوى
يذال على سفح الهوان ويوضع
ومن عجبٍ، يأْسَى إذا قلت: مُتْعَبٌ
ويطرَبُ إن قلت: الأَسيرُ المُمنَّع
لقيتِ عليماً بالغواني، وإنما
هو القلبُ ، كالإنسان يغرى ويخدع
واعلم أن الغدرَ في الناس شائعٌ
وأن خليلَ الغانيات مضيَّع
وأَنَّ نِزاعَ الرُّشدِ والغَيِّ حالة ٌ
تجيءُ بأحلامِ الرَّجال وترجع
وأَن أَمانيَّ النفوسِ قواتلٌ
وكثرتُها من كثرة الزَّهرِ أَصْرَع
وأن داعة َ الخير والحقِّ حربهم
زمانٌ بهم عهد سُقْراطَ مُولَع
أرسل القصيدة إلى صديق
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> تاتي الدلالَ سجية ً وتصنعا
تاتي الدلالَ سجية ً وتصنعا
رقم القصيدة : 9556
-----------------------------------
تاتي الدلالَ سجية ً وتصنعا
وأَراك في حالَيْ دَلالِكَ مُبْدِعا
تهْ كيف شئت ؛ فما الجمالُ بحاكم
حتى يُطاع على الدلال ويُسْمَعا
لك أن يروعك الوشاة ُ من الهوى
وعليّ أَن أَهوى الغزالَ مُروَّعا(91/133)
قالوا: لقد سَمع الغزالُ لمن وشَى
وأقول : ما سمع الغزالُ ، ولا وعي
أنا من يحبك في نفارك مؤنساً
ويحبُّ تيهكَ في نفاركَ مطمعا
قدّمتُ بين يديَّ أَيامَ الهوى
وجعلتُها أَملاً عليكَ مُضيَّعا
وصدقتُ في حبِّي، فلست مُبالياً
أن أمنحَ الدنيا به أو أمنعا
يا من جرى من مقتيه إلى الهوى
صِرفاً، ودار بوَجنتيْه مُشَعْشَعا
الله في كبدٍ سقيتَ بأربع
لو صبَّحوا رضْوى بها لتصدّعا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> رُدَّت الروحُ على المُضْنَى معكْ
رُدَّت الروحُ على المُضْنَى معكْ
رقم القصيدة : 9557
-----------------------------------
رُدَّت الروحُ على المُضْنَى معكْ
أحسنت الأيام يوم أرجعك
مَرَّ من بُعدِك ما رَوَّعَني
أَتُرى يا حُلْوُ بُعدي روّعك؟
كم شكوتُ البيْن بالليل إلى
مطلع الفجر عسى أن يطلعك
وبعثتُ الشوقَ في ريح الصَّبا
فشكا الحرقة مما استودعك
يا نعيمي وعذابي في الهوى
بعذولي في الهوى ما جَمعَك؟
أَنت روحي ظَلَم الواشي الذي
زَعَم القلبَ سَلا، أَو ضيَّعك
مَوْقِعي عندَك لا أَعلمُه
آهِ لو تعلمُ عندي موقِعَك!!
أَرْجَفوا أَنك شاكٍ مُوجَعٌ
ليت لي فوق الضَّنا ما أوجعك
نامت الاعين ، إلا مقلة
تسكُب الدمعَ، وترعى مضجَعك
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> علموه كيفَ يجفو فجفا
علموه كيفَ يجفو فجفا
رقم القصيدة : 9558
-----------------------------------
علموه كيفَ يجفو فجفا
ظالمٌ لاقيْت منه ما كفى
مسرفٌ في هجرِه ما ينتهي
أَتُراهم علَّموه السَّرَفا؟
جعلوا ذنبي لديْه سَهَري
ليت بدري إذ درى الذنب عفا
عرف الناسُ حقوقي عنده
وغريمي ما درى ، ما عَرفا
صحّ لي في العمرِ منه موعِدٌ
ثم ما صدقتُ حتى أخلفا
ويرى لي الصبرَ قلبٌ ما درى
أَنّ ما كلفني ما كلفا
مُستهامٌ في هواه مُدْنَفٌ
يترضَّى مستهاماً مُدْنفا
يا خليليّ، صِفا لي حيلة
وارى الحيلة أن لا تصفا
أنا لو ناديته في ذلة ِ
هي ذي روحي فخذها ، ما احتفى(91/134)
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> جئتنا بالشعور والأحداق
جئتنا بالشعور والأحداق
رقم القصيدة : 9559
-----------------------------------
جئتنا بالشعور والأحداق
وقسمن الحظوظَ في العشاقِ
وهَزَزْنَ القَنا قُدوداً، فأَبلى
كل قلبٍ مستضعفٍ خفاقِ
حبذا القسم في المحبين قسمي
لو يلاقون في الهوى ما ألافي
حيلتي في الهوى وما أَتمنى
حيلة الأَذكياءِ في الأَرزاق
لو يُجازَى المحبُّ عن فَرْطِ شَوْقٍ
لَجُزيتُ الكثيرَ عن أَشواقي
وفتاة ٍ ما زادها في غريب الـ
ـحسن إلا غرائب الأخلاق
ذقت منها حلواً ومراً ، وكانت
لذة ُ العشق في اختلاف المذاق
ضرَبتْ موعداً، فلما التقينا
جانبتني تقول: فِيمَ التلاقي؟
قلت: ما هكذا المواثيقُ، قالت:
ليس للغانياتِ من ميثاق
عطفتها نحافتي ، وشجاها
شافعٌ بادرٌ من الآماق
فأرتني الهوى ، وقالت : خشينا
والهوى شُعبة ٌ من الإشفاق
يا فتاة َ العراقِ، أَكتمُ مَنْ أَنـ
ـتِ، وأَكنِي عن حبِّكم بالعراق
لي قوافٍ تَعِفُّ في الحبّ إلا
عنْكِ، سارت جوائِبَ الآفاق
لا تَمَنَّى الزمانُ منها مزيداً
إن تمنيت أن تفكي وثاقي
حمِّليني في الحبِّ ما شئتِ إلاَّ
حادث الصدّ ، أو بلاءَ الفراق
واسمحي بالعناق إن رضي الدّلُّ
وسامحت فانياً في العناق
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مضنى وليس به حراكْ
مضنى وليس به حراكْ
رقم القصيدة : 9560
-----------------------------------
مضنى وليس به حراكْ
لكنْ يخِفُّ إذا رآكْ
ويميل من طربٍ إذا
ما ملتَ يا غصنَ الأراك
إن الجمال كساك من
ورق المحاسن ما كساك
ونبتَّ بين جوانحي
والقلبُ من دَمِه سقاك
حُلوَ الوعودِ، متى وفاك؟
أَتُراكَ مُنْجزَها تُراك؟
من كلِّ لفظٍ لو أَذِنـ
ـتَ لجله قبلتُ فاك
أَخذَ الحلاوة َ عن ثَنا
ياك العِذاب، وعن لَمَاك
ظلماً أقول: جَنَى الهوى
لم يجْنِ إلا مُقْلتاك
غدَتا منِيَّة َ مَنْ رَأَيْـ(91/135)
ـتَ ، ورحتَ منية َ منْ رآك
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> فدتك الجوانحُ من نازلِ
فدتك الجوانحُ من نازلِ
رقم القصيدة : 9561
-----------------------------------
فدتك الجوانحُ من نازلِ
وأَهلاً بطيْفكَ من واصِل
بذلت له الجفنَ دون الكرى
ومَنْ بالكرى للشجِي الباذِل؟
وقلت: أراك برغم العذول
فنابَ السهادُ عن العاذل
فوَيْحَ المتيَّمِ!! حتى الخيالُ
إذا زارَ لم يَخْلُ من حائل
يَحِنُّ إليك ضلوعٌ عَفَتْ
من البيْن في جَسَدٍ ناحل
وقلبٌ جوٍ عندها خافقٌ
تعَلَّقَ بالسَّنَدِ المائل
ومن عبثِ العشقِ بالعاشقين
حنينُ القتيل إلى القاتل
غفلت عن الكاسِ حتى طغت
ولي أَدبٌ ليس بالغافل
وشَفَّتْ، وما شفَّ مني الضميرُ
وأَين الجماد من العاقل؟
يظلُّ نديمي يسقى بها
ويشربُ من خُلُقي الفاضل
أُبدّدُها كرماً كلما
بدتْ لي كالذهب السائل
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لاَم فيكم عذولُه وأَطالا
لاَم فيكم عذولُه وأَطالا
رقم القصيدة : 9562
-----------------------------------
لاَم فيكم عذولُه وأَطالا
كمْ إلى كمْ يُعالج العُذَّالا؟
كل يوم لهم أحاديث لومٍ
بدأَتْ راحة ً، وعادتَ مَلالا
بعثت ذكرَكم، فجاءَت خِفافاً
واقتضت هجرَكم، فراحت ثقالا
أيها المُنكِرُ الغرامَ علينا
حَسْبُكَ الله، قد جَحدت الجمالا
آية الحسن للقلوب تجلت
كيف لا تعشق العيون امتثالا؟
لكَ نُصحي، وما عليكَ جدالي
آفة ُ النصحِ أن يكون جدالا
وهب الرشدَ أنني أنا أسلو
ما من العقل أن تروم محالا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بات المعنى والدجى يبتلي
بات المعنى والدجى يبتلي
رقم القصيدة : 9563
-----------------------------------
بات المعنى والدجى يبتلي
والبرحُ لا وانٍ وما منجلي
والشُّهْبُ في كلِّ سبيلٍ له
بموقف اللوام والعذل
إذا رعاها ساهياً ساهراً
رعينهُ بالحدقش الغفل
يا ليل ، قد جرتَ ، ولم تعدل
ما انت يا أسودُ إلا خلي
تالله لو حُكِّمْت في الصبح أَن(91/136)
تفعل أَحجمْتَ فلم تفعل
أَوشِمتَ سيفاً في جيوش الضحى
ما كنتَ للأَعداءِ ما أَنت لي
أبيت أسقى ويدير الجوى
والكأْسُ لا تفْنى ولا تمتلي
الخَدُّ من دمعي ومن فَيْضه
يشرب من عين ومن جَدْول
والشوقُ نارٌ في رَماد الأَسَى
والفكرُ يُذكِي، والحشَا يَصطلي
والقلب قَوَّامٌ على أَضْلُعي
كأَنه الناقوسُ في الهيكل
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَنا إن بذلتُ الروحَ كيف أُلامُ
أَنا إن بذلتُ الروحَ كيف أُلامُ
رقم القصيدة : 9564
-----------------------------------
أَنا إن بذلتُ الروحَ كيف أُلامُ
لمّا رَمَتْ فأَصابَتِ الآرامُ؟
عمدتْ إلي قلبي بسهمٍ نافذٍ
فيه لمحتومِ القضاءِ سهام
يا قلبُ ، لا تجزع لحادثة الهوى
واصبر ، فما للحادثاتِ دوام
تجري العقول بأهلها ، فإذا جرى
كبَتِ العقولُ وزلَّتِ الأَحلام
ما كنت أعلمُ - والحوادثُ جمة ٌ -
أن الحوادث مقلة ٌ وقوام
جنيا على كبدي وما عرضتها
كبدي ، عليك من البريء سلام
ولقد أَقولُ لمن يَحُثّ كؤوسها
قعدتْ كئوسك والهمومُ قيام
لم تجرِ بين جوانحي إلاَّ كما
جرَتِ الدِنانُ بها وسال الجَام
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> هل تيم البانُ فؤاد الحمام
هل تيم البانُ فؤاد الحمام
رقم القصيدة : 9565
-----------------------------------
هل تيم البانُ فؤاد الحمام
فناح فاسْتبكى جفونَ الغمام؟
أَم شَفَّه ما شفَّني فانثنى
مُبَلْبَلَ البالِ شريدَ المنام؟
يهزه الأيكُ إلى إلفه
هَزَّ الفراش المدنفَ المستهام
وتُوقِدُ الذكرى بأَحشائه
جمراً من الشوق حثيث الشرام
كذلك العاشق عند الدجى
يا للهوى مما يثير الظلام !
له إذا هبَّ الجوى صرعة ٌ
من دونها السحرُ وفعلُ المدام
يا عادي البينِ ، كفى قسوة ً
روعتَ حتى مهجات الحَمام
تلك قلوب الطيرِ حَمَّلْتَها
ما ضعفتْ عنه قلوبُ الأَنام
لا ضرب المقدور أحبابنا
ولا أَعادينا بهذا الحُسام
يا زمن الوصل ، لأنت المنى
وللمُنى عِقْد، وأَنت النظام(91/137)
لله عيشٌ لي وعيشٌ لها
كنتَ به سمحاً رخِيَّ الزِّمام
وأنسُ أوقاتٍ ظفرنا بها
في غفلة الأَيام، لو دُمْتَ دام
لكنه الدهر قليلُ الجدى
مضيعُ العهد ، لئيم الذمام
لو سامحتنا في السلام النوى
لطال حتى الحشرِ ذاك السلام
ولانقضى العمران في وقفة
نسلو بها الغمض ونسلو الطعام
قالت وقد كاد يَميد الثرى
من هَدَّة ِ الصبر وهَوْلِ المقام
وغابت الأعينُ في دمعها
ونالت الألسن إلا الكلام :
يا بينُ، وَلَّى جَلدي فاتَّئِدْ
ويا زماني ، بعض هذا حرام
فقلت والصبرُ يجاري الأَسى
واللبُّ مأْخوذٌ، ودمعي انسجام
إن كان لي عندك هذا الهوى
بأيما قلت كتمت الغرام
مجلة الساخر حديث المطابع مركز الصور منتديات الساخر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> صريعُ جفنيك ينفي عنهما التُّهَما
صريعُ جفنيك ينفي عنهما التُّهَما
رقم القصيدة : 9566
-----------------------------------
صريعُ جفنيك ينفي عنهما التُّهَما
فما رميت ولكن القضاءَ رمى
الله في روح صبٍّ يغشيان بها
مَوَارِدَ الحتْفِ لم ينقل لها قدما
وكُفَّ عن قلبه المعمودِ نَبْلَهما
أليس عهدك فيه حبة ً ودما ؟
سلوا غزالاً غزا قلبي بحاجبه
أما كفى السيف حتى جرد القلما ؟
واستخبِروه: إلى كم نارُ جَفْوَتِه؟
أما كفى ما جنت نارُ الخدود أما ؟
واستوهبوه يداً في العمر واحدة ً
ومَهِّدا عُذْرَه عني إذا حرما
ولا تروا منه ظلماً أن يضيعني
من ضيَّع العرضَ الملوك ما ظلما
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> ذاد الكبرى عن مقلتيك حمامُ
ذاد الكبرى عن مقلتيك حمامُ
رقم القصيدة : 9567
-----------------------------------
ذاد الكبرى عن مقلتيك حمامُ
لباه شوقٌ ساهرٌ وغرام
حيرانُ، مشبوبُ المضاجعِ، ليلُه
حربٌ، وليلُ النائمين سلام
بين الدُّجى لكما وعادية ِ الدّجى
مهجٌ تُؤلِّفُ بينها الأَسقام
تتعاونان ، وللتعاون أمة ٌ
لا الدهرُ يخذلها ولا الأَيام
يا أيها الطيرُ الكثير سميره
هل ريشة ٌ لجناحه فيقام ؟(91/138)
عانقت أغصاناً ، وعانقت الجوى
وشكوتَ ، والشكوى عليَّ حرام
أمحرمَ الأجفانِ إدناء الكرى
يَهْنِيكَ ما حرَّمتْ حين تنام
حاولن منه إلى خيالك سلما
لو سامحتْ بخيالك الأحلام
فأْذَنْ لِطَيْفِك أَن يُلِمَّ مُجامِلاً
ومؤمَّلٌ من طيفك الإلمام
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> شغلته أشغالٌ عن الآرام
شغلته أشغالٌ عن الآرام
رقم القصيدة : 9568
-----------------------------------
شغلته أشغالٌ عن الآرام
وقضى اللبانة من هوى وغرامِ
ومَضَى يجرُّ على الهوى أَذيالَه
ويلومُ حاملَه مع اللُّوَّام
ويذمُّ عهدَ الغانياتِ كناقهٍ
بعد الشفاءِ يذُّم عهد سقام
لا تعجلَنَّ وفي الشباب بقيَّة ٌ
حربٌ، وليلُ النائمين سلام
كانت أنابتك المريبة سلوة
نسجتْ على جرحٍ بجنبك دامي
إن الذي جعل القلوب أعنة ً
قاد الشبيبة َ للهوى بزمام
يا قلبَ أَحمدَ ـ والسهامُ شديدة ٌ ـ
ماذا لقيتَ من الغزال الرامي؟
تدري ، وتسألني تجاهلَ عارفٍ :
أَرَنَا بعينٍ أَم رمَى بسهام؟
ما زلتَ تركَبُ كلَّ صعبٍ في الهوى
حتى ركِبْتَ إلى هواك حِمامي
وإذا القلوبُ استرسلت في غَيِّها
كانت بليتها على الأجسام
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> به سحرٌ يتيمهُ
به سحرٌ يتيمهُ
رقم القصيدة : 9569
-----------------------------------
به سحرٌ يتيمهُ
كلا جفينكَ يعلمهُ
هما كادا لمهجتهِ
ومنكَ الكيدُ مُعظمُه
تعذبه بسحرهما
وتوجده ، وتعدمه
فلا هَارُوتَ رَقَّ له
ولا مَارُوتَ يَرْحَمُه
وتَظلِمُه فلا يشكو
إلى ما ليس يظلمه
أَسرَّ، فماتَ كتماناً
وباح، فخانه فمُه
فويْحَ المُدنَفِ المعمـ
ـودِ ، حتى البثُّ يحرمه
طويل الليل ، ترحمه
هواتِفُه وأَنجُمه
إذا جدّ الغرام به
جرى في دمعه دمه
يكاد لطول صحبتِه
بعادي السقم يسقمه
ثَنَى الأَعنَاقَ عُوَّدُه
وأَلقى العذرَ لُوَّمُه
قضى عشقاً سوى رمقٍ
إليكَ غداً يقدِّمه
عسى إن قيل : مات هوى
تقول : اللهُ يرحمه
فتحيا في مَراقِدها
بلفظٍ منكَ أعظمه(91/139)
بروحي البانُ يومَ رَنا
عن المقدورِ أَعْصِمُه
ويوم طعنتُ من غصن
معلمه منعمه
قضاء اللهش نظرته
ولطفُ الله مَبْسِمُه
رمى ، فاستهدفتْ كبدي
بِيَ الرّامي وأَسْهمُه
له من أضلعي قاعٌ
ومن عَجَبٍ يسلِّمه
ومن قلبي وحبته
كناسٌ بات يهدمه
غزالٌ في يديه التيـ
ـه بينَ الغيدِ يقسمه
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مَنْ صَوَّرَ السِّحْرَ المُبينَ عيونا
مَنْ صَوَّرَ السِّحْرَ المُبينَ عيونا
رقم القصيدة : 9570
-----------------------------------
مَنْ صَوَّرَ السِّحْرَ المُبينَ عيونا
واحلَّه حدقاً لها وجفونا ؟
نظرتْ ، فحلتُ بجانبي ، فاستهدفتْ
كبدي ، وكان فوادي المغبونا
ورمت بسهم جال فيه جولة ً
حتى استقر ، فرنَّ فيه زنينا
فَلَمَسْتُ صدري مُوجساً ومُرَوَّعاً
ولمست جنبي مشفقاً وضنينا
يا قلبُ، إن من البَواتر أَعْيُناً
سوداً ، وإن من الجآذر عينا
لا تأْخذنّ من الأُمور بظاهرٍ
إن الظواهر تخدعُ الرائينا
فلكم رَجَعتُ من الأَسِنّة سالماً
وصدرت عن هيفِ القدود طعينا
وخميلة ٍ فوق الجزيرة مسها
ذهبُ الأصيل حواشياً ومتونا
كالتبر أفقاً ، والزبرجدِ ربوة
والمسكِ ترباً ، واللجين معينا
وقف الحيا من دونها مُسْتأْذِناً
ومشى النسيم بظلها ماذونا
وجرى عليها النيلُ يَقْذِفُ فضَّة
نثراً، ويَكسِر مَرْمَراً مَسْنونا
يُغري جواريَهُ بها، فَيجئنها
ويغيرهنَّ بها ، فيستعلينا
راع الظلام بها اوانس ترتمي
مثلَ الظباءِ من الرُّبى يَهوِينا
يخطرن في ساح القلوب عواليا
ويملن في مرأى العيون غصونا
عِفْنَ الذيولَ من الحرير وغيره
وسَحَبْنَ ثَمَّ الآسَ والنَّسْرينا
عارضتهن ولي فؤادٌ عرضة ٌ
لهوى الجآذرِ دانَ فيه ودِينا
فنظرن لا يدرين : أذهبُ يسرة ً
فيحدنَ عني ، أم أميل يمينا ؟
ونفرنَ من حولي وبين حبائلي
كالسِّرب صادفَ في الرَّواح كَمِينا
فجمعتهن إلى الحديث بدأته
فغصبن ، ثم أعدته فرضينا
وسمعت من أهوى تقول لتربها :(91/140)
أَحْرَى بأَحمدَ أَن يكون رزينا
قالت: أَراه عندَ غاية ِ وَجْدِه
فلعلَّ ليلى ترحمُ المجنونا
نسخة مهيئة للطباعة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أذعنَ للحسن عصيُّ العنانْ
أذعنَ للحسن عصيُّ العنانْ
رقم القصيدة : 9571
-----------------------------------
أذعنَ للحسن عصيُّ العنانْ
وحاولتْ عيناك أمراً فكان
يعيش جفناك لبَثِّ المُنى
أو الأسى في قلب راجٍ وعان
يا مسرفاً في التيه ما ينتهي
أخاف أن يفنى علينا الزمان
ويا كثيرَ الدَّلّ في عزه
لا تنس لي عزِّي قُبَيْلَ الهَوان
ويا شديد العجبِ ، مهلاً ، فما
مِنْ مُنكرٍ أَنك زينُ الحِسان
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يا حسنه بين الحسانْ
يا حسنه بين الحسانْ
رقم القصيدة : 9572
-----------------------------------
يا حسنه بين الحسانْ
في شكله إن قيل: بانْ
كالبدرِ تأْخذه العيو
نُ وما لهنّ به يَدان
مَلك الجوانحَ والفؤا
د ففي يديه الخافقان
ومنايَ منه نظرة ٌ
فعسى يُشير الحاجبان
فعَسى يُزَكِّي حُسْنَه
من لا له في الحسن ثان
فدعوه يعدلُ أو يجو
رُ، فإنه مَلكَ العِنان
حَقَّ الدلالُ لمن له
في كل جارحة مكان
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يا ناعماً رقدت جُفونُه
يا ناعماً رقدت جُفونُه
رقم القصيدة : 9573
-----------------------------------
يا ناعماً رقدت جُفونُه
مضناك لا تهدا شجونه
حملَ الهوى لك كلَّه
إن لم تعنه فمنْ يعينه؟
عُدْ مُنعِماً، أَو لا تَعُدْ
أَوْدَعْتَ سرَّكَ مَن يصُونُه
بيني وبيكَ في الهوى
سببٌ سيجمعنا متينه
رشأ يعابُ الساحرو
ن وسحرهم ، إلا جفونه
الروحُ مِلْكُ يمينه
يَفديه ما مَلَكَتْ يَمِينه
ما البانُ إلاَّ قدُّه
لو تيمتْ قلباً غصونه
ويزين كلَّ يتيمة
فمُه، وتحسبُهَا تَزينُه
ما العمرُ إلا ليلة ٌ
كان الصباح لها جبينه
بات الغرامُ بديننا
فيها كما بتنا ندينه
بين الرقيب وبيننا
وادٍ تباعدُه حزونُه
تغتابه ونقول : لا
بَقِي الرقيبُ ولا عيونُه(91/141)
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> صحا القلبُ، إلاَّ من خُمارِ أَماني
صحا القلبُ، إلاَّ من خُمارِ أَماني
رقم القصيدة : 9574
-----------------------------------
صحا القلبُ، إلاَّ من خُمارِ أَماني
يجاذبُني في الغِيدِ رَثَّ عِناني
حنانيك قلبي، هل أعيدُ لك الصِّبا؟
وهل للفتى بالمستحيل يَدان؟
نحنُّ إلى ذاك الزمانِ وطيبه
وهل أَنتَ إلا من دم وحَنان؟
إذا لم تصن عهداً ، ولم ترعَ ذمة ً
ولم تدكر إلفا ؛ فلست جناني
أَتذكر إذ نُعْطِي الصَّبابة َ حقَّها
ونشرب من صرف الهوى بدنان؟
وأَنتَ خَفوقٌ، والحبيبُ مباعدٌ
وأَنت خفوقٌ، والحبيبُ مدان؟
وأَيامَ لا آلو رِهاناً مع الهَوى
وأَنت فؤادي عند كل رِهان
لقد كنت أشكو بعد ما عللك الصِّبا
فكيف ترى الكاسين تختلفان ؟
ومازلتُ في رَيْعِ الشباب، وإنما
يشيبُ الفتى في مصرَ قبلَ أوان
ولا أكذبُ الباري ، بنى اللهُ هيكلي
صنيعة إحسانٍ، ورِقَّ حِسان
أدين إذا افتاد الجمالُ أزمتي
وأَعنو إذا اقتادَ الجميلُ عِناني
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> الله في الخلق من صَبٍّ ومن عاني
الله في الخلق من صَبٍّ ومن عاني
رقم القصيدة : 9575
-----------------------------------
الله في الخلق من صَبٍّ ومن عاني
تفنى القلوبُ ويبقى قلبكِ الجاني
صوني جمالكِ عنا إننا بشرٌ
من التراب ، وهذا الحسنُ روحاني
أو فابتغي فلكاً تأوينه ملكاً
لم يتخذ شركاً في العالم الفاني
يَنساب في النور مَشغوفاً بصورته
منعماً في بديعات الحلى هاني
إذا تبسم أبدى الكون زينته
وإن تنفس أهدى طيبَ ريحان
وأشرقي من سماءِ العزِّ مشرقة ً
بمنظرٍ ضاحكِ اللألاءِ فتان
عسى تَكُفُّ دموعٌ فيكِ هامِيَة ٌ
لا تطلعُ الشمسُ والأنداءُ في آن
يا من هجرت إلى الأوطان رؤيتها
فرُحْتُ أَشوقَ مُشتاقٍ لأَوطان
أَتذكرين حنيني في الزمان لها
وسَكْبِيَ الدّمعَ من تذْكارها قاني؟
وغبطي الطير ألقاه أصيح به :
ليت الكريم الذي أعطاك أعطاني ؟(91/142)
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قلبٌ بوادي الحمى خلفته رمقاً
قلبٌ بوادي الحمى خلفته رمقاً
رقم القصيدة : 9576
-----------------------------------
قلبٌ بوادي الحمى خلفته رمقاً
ماذا صنعْتِ به يا ظبية َ البان؟
أحنى عليكِ من الكثبان ، فاتخذي
عليه مرعاكِ من قاعٍ وكثبان
غَرَّبْتِه، فَوَهَى جَنْبي لفُرقته
وحَنَّ للنازح الماسورِ جثماني
لا ردّه الله من أَسْرٍ، ومن خَبَلٍ
إذا كان في رده صحوي وسلواني
دلَّهتِه بعزيزٍ في مَحاجِره
ماضٍ ، له من مبين السحر جفنان
رمى فجعتْ على قلبي جوانحه
وفلن : سهمٌ ، فقال القلب : سهمان
يا صورة َ الحُورِ في جِلباب فانِيَة ٍ
وكوكب الصبحِ في أعطاف نسان
مُري عَصِيَّ الكرى يَغشَى مُجامَلَة ً
وسامِحي في عناق الطيفِ أَجفاني
فحسبُ خديْ من عينيَّ ما شربا
فمثل ما قد جرى لم تلق عينان
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قالوا له: رُوحي فِداه
قالوا له: رُوحي فِداه
رقم القصيدة : 9577
-----------------------------------
قالوا له: رُوحي فِداه
هذا التجنِّي ما مَداه؟
أَنا لم أَقُم بصدودِه
حتى يحملني نواه
تجري الأمور لغاية ٍ
إلا عذابي في هواه
سمَّيتُه بدرَ الدُّجى
ومن العجائِب لا أَراه
ودعوتُه غصنَ الرّيا
ضِ فلم أَجِدْ رَوْضاً حواه
وأَقولُ عنه: أَخو الغزا
لِ، ولا أَرى إلاَّ أَخاه
قال العواذلُ: قد جفا
ما بالُ قلبك ما جفاه ؟
أنا لو أطلعت القلبَ فيـ
ـه لم أزدْه على جواه
والنُّصحُ مُتَّهَمٌ وإن
نثرتهُ كالدرّ الشفاه
أُذُنُ الفتى في قلبه
حيناً ، وحيناً في نهاه
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مقادير من جفينكِ حولنَ حاليا
مقادير من جفينكِ حولنَ حاليا
رقم القصيدة : 9578
-----------------------------------
مقادير من جفينكِ حولنَ حاليا
قذفت الهوى من بعد ما كنت خاليا
نفذْن عليَّ اللبَّ بالسهم مُرْسَلاً
وبالسِّحر مَقْضِيّاً، وبالسيف قاضيا
وأَلبَسْنَني ثوبَ الضَّنى فلبستُه(91/143)
فأحبب به ثوباً وإن ضمّ باليا
وما الحبُّ إلا طاعة ٌ وتجاوزٌ
وإن أكثروا أوصافه والمعانيا
وما هو إلا العين بالعين تلتقي
وإن نوّعوا أَسبابَه والدَّواعيا
وعندي الهوى ، موصوفُه لا صفاتُه
إذا سألوني : ما الهوى ؟ قلت : ما بيا
وبي رَشأٌ قد كان دنيايَ حاضِراً
فغادرني أشتاقُ دنياي نائيا
سمحتُ برُوحي في هواه رخيصة ً
ومن يهو لا يؤثر على الحبِّ غاليا
ولم تَجْرِ أَلفاظُ الوشاة بريبة ٍ
كهذي التي يجري بها الدّمعُ واشِيا
أَقول لمن وَدَّعْتُ والركبُ سائرٌ:
برغم فؤادي سائرٌ واشيا
برغم فؤادي سائرٌ بفواديا
أَماناً لقلبي من جفونِكِ في الهوى
كفى بالهوى كأْساً، وراحاً، وساقيا
ولا تجْعلِيه بين خدَّيْكِ والنوى
من الظلم أن يغدو لنارين ثاليا
ولم يَنْدملْ من طعنة القَدِّ جُرحُه
فرفقاً به من طعنة البيْن داميا
عند الرغبة في نشر اي نصوص أو معلومات من صفحات الموقع.
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَهلَ القُدودِ التي صالت عَوَاليها
أَهلَ القُدودِ التي صالت عَوَاليها
رقم القصيدة : 9579
-----------------------------------
أَهلَ القُدودِ التي صالت عَوَاليها
الله في مهجٍ طاحت غواليها
خُذْن الأَمانَ لها لو كان ينفعها
وارْدُدْنها كرَماً لو كان يُجديها
وانظرن ما فعلتْ أحداقكن بها
ما كان من عبثِ الأحدقِ بكيفها
تعرَّضت أَعينٌ مِنَّا، فعارَضَنا
على الجزيرة سرْبٌ من غَوَانيها
ما ثُرْن من كُنسٍ إلاَّ إلى كُنُسٍ
من الجوانح ضَمَّتْها حَوَانيها
عَنَّتْ لنا أُصُلاً، تُغْرِي بنا أَسَلاً
مهزوزة شكلاً ، مشروعة ً تيها
وارهفت أعيناً ضعفى حمائلها
نَشْوَى مَناصِلُها، كَحْلَى مَواضِيها
لنا الحبائلُ نُلْقِيها نَصِيدُ بها
ولم نَخَلْ ظَبَيَاتِ القاعِ تلْقيها
نصبنها لك من هدبٍ ومن حدقٍ
حتى انثنيت بنفسٍ عزَّ فاديها
من كلّ زهراءَ في إشراقها ضَحكَت
لَبّاتُها عن شبيه الدُّرِّ مِن فيها
شمي المحاسنِ يستبقى النهارُ بها(91/144)
كأَن يُوشَعَ مفتونٌ يُجاريها
مَشت على الجسر رِيماً في تلفُّتها
للناظرين، وباناً في تَثَنِّيها
كان كلَّ غوانيه ضرائرها
عجباً ، وكل نواحيه مرائيها
عارضتها وضميري من محارمها
يَزْوَرُّ عن لحظاتي في مَساريها
أعفُّ من حليها عما يجاوره
ومن خلائلها عما يدانيها
قالت : لعل أديب النيلِ يحرجنا
فقلت: هل يُحرجُ الأَقمارَ رائيها
بيني وبينك أشعار هتفتُ بها
ما كنت أعلم أن الرِّيم يرويها
والقولُ إن عفّ أو ساءت مواقعه
صدى السريرة ِ والآدابِ يَحكِيها
أرسل قصيدة | أخبر صديقك | راسلنا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أُداري العيونَ الفاتراتِ السَّواجيا
أُداري العيونَ الفاتراتِ السَّواجيا
رقم القصيدة : 9580
-----------------------------------
أُداري العيونَ الفاتراتِ السَّواجيا
وأَشكو إليها كَيْدَ إنسانِها لِيا
قتلنَ ومنين القتيلَ بألسُن
من السحر يبدلنَ المنايا أمانيا
صرحٌ على الوادي المباركِ ضاحي
متظاهرُ الأعلامِ والأوضاحِ
السحرُ من سُود العيونِ لقيُتهُ
والبابليُّ بلحظهنّ سُقِتُهُ
وكلَّمْنَ بالأَلحاظِ مَرْضَى كَليلة ً
فكانت صحاحاً في القلوب مواضيا
ضافي الجلالة كالعَتيق مُفَضّل
ساحات فضل في رِحابِ سَماحِ
عدا فاستبدّ بعقل الصبيّ
وكأن رفرفه رواقٌ من ضحى ً
وكأن حائطه عمودُ صباحِ
الناعساتِ الموقظاتي للهوى
حببتك ذاتَ الخالِ ، والحبُّ حالة ٌ
إذا عرضت للمرءِ لم يدر ما هيا
الحقُّ خَلفَ جناحٍ استذرى به
ومَرَاشِدُ السلطانِ خلفَ جَناح
وإنك دنيا القلب مهما غدرته
أَتى لكِ مملوءاً من الوجْد وافيا
القاتلاتِ بعابثٍ في جفنه
صدودك فيه ليس يألوه جارحاً
ولفظُكِ لا ينفَكُّ للجرح آسِيا
ياسلاح العصر بُشِّرنا به
كلُّ عصر بِكَمِيٍّ وسلاح
ة َ؟ لقد لعبوا وهْيَ لم تَلْعَب
تجرِّبُ فيهم وما يعلمو
هو هيكلُ الحريّة ِ القاني، له
ما للهياكلِ من فِدًى وأَضاح
وكأَن أَحلامَ الكعاب بيوتُه
تحتَ النبالِ وصَوْبِها السَّحّاح(91/145)
وبين الهوى والعذلِ للقلب موقفٌ
كخالك بينَ السيفِ وانار ثاويا
وأغنَّ أكحلَ من مَها بكفيّة
علقت محاجرُه دمي وعلقته
وبين المنى واليأس للصبر هزة ٌ
كخصركِ بين النهدِ والردفِ واهيا
يَنهارُ الاستبدادُ حولَ عراصِه
مثلَ انهيارِ الشِّركِ حولَ صَلاح
هو غرَّة ُ الأَيامِ فيه، وكلكم
مُتَحَطِّمَ الأَصنامِ والأَشباح
وعرّض بي قومي، يقولونَ: قد غوى
عدِمتُ عذولي فيكِ إن كنتُ غاويا
يَرومونَ سُلواناً لقلبي يُريحُهُ
ومن لِيَ بالسُّلْوانِ أَشريه غاليا؟
هو ما بَنَى الأعزال بالرَّاحات ، أو
هو ما بنى الشهداءُ بالأرواحُ
السلسبيلُ من الجداول وردُه
والآسُ من خضْرِ الخمائل قوتُه
أخذته مصر بكل يومٍ قاتمٍ
وَرْدِ الكواكب أَحمرِ الإصباح
وما العشق إلا لذة ٌ ثم شقوة ٌ
كما شقيَ المحمور بالسكر صاحيا
هبَّتْ سِماحاً بالحياة شبابها
والشيبُ بالأَرْمَاق غَيْرُ شحاح
ومشتْ إلى الخيل الدوَارع وانبرت
للظَّافر الشاكي بغير سلاحِ
فازور غضباناً وأعرض نافراً
حالٌ من الغيدِ الملاحِ عرفتُه
وَقَفاتُ حقٍّ لم تقفْها أُمّة ٌ
إلا انْثنتْ آمالُها بنجاح
هَزَّ الربيعِ مَنَاكِبَ الأَدواح
جعلوا المآتمَ حائطَ الأَفراحِ
وأَبهى من الورد تحت الندى
بشرى إلى الوادي تهزُّ نَباته
تسري ملمَّحة الحجول على الرُّبى
وتسيل غُرَّتُها بكل بِطاح
قالت ترى نجمَ البيان بل
وتعرضُهم مَوكِباً موكِباً
التامتِ الأحزابُ بعدَ تَصَدُّع
لَبَّى أَذانَ الصُّلحِ أَوّلَ قائمٍ
حفظاً ولا طلبُ الجديد يفوته
وَمَشَى على الضّغْن الودادُ الماحي
وَجَرَتْ أحاديثُ العتابِ كأنها
سَمَرٌ على الأوتارِ والأقداح
إِنَّ هذا الفَتحَ لا عهدَ به
لضِفاف النيلِ من عهد فتاح
جميلٌ عليهم قشيبُ الثيا
سِ تَلَقَّى الحياة َ فلم يُنجِب
ترمي بِطرفِك في الجامِع لا ترى
غيرَ التعانُقِ واشتباكِ الراح
شمسَ النهارِ ، تعلَّمي الميزانَ من
ميلي انظُريه في النَّدِيِّ كأنّه
عثمانُ عن أُمِّ الكتابِ يُلاحي(91/146)
كم تاجِ تضحية ٍ وتاج كرامة ٍ
للعين حولَ جبينه اللماح
حقائبُ فيها الغدُ المُختَبي
والشيب منبثقٌ كنور الحقِّ من
فوديه ، أو فجرِ الهدى المِنصاحِ
والصلحُ خُمس قواعِد لإصلاح
مَلكُ الهضابِ الشمِّ سلطانُ الرُّبى
هامُ السحاب عروشه وتُخوته
سبقَ الرجَالَ مُصافِحاً ومُعانِقاً
يمنى السّماح وهيكَلَ الإسجاح
عدلى الجليل ابن الجليل من الملا
والماجد ابن الماجد المِسماح
والأبلقُ الفردُ انتهت أوصافُه
في السُّؤدد العالي له ونُعوته
حلوُ السجيَّة في قناة ٍ مُرَّة ٍ
فمشى إليّ وليس أَوّل جؤذَرٍ
إذا رفَّ في فرعه الأَهْدب
أَهابت هِراوتُه بالرِّفا
نِ وما علِموا خَطَرَ المَرْكَب
شَتَّى فضائلَ في الرجال، كأَنها
شَتَّى سلاحٍ من قناً وصِفاح
فإذا هيَ اجتمعت لِمُلك جَبْهَة ً
كانت حصونَ مَناعة ٍ ونِطاح
الله أَلَّف للبلاد صدورَها
من كل داهية ٍ وكل صُراح
وكأن أيامَ الشباب ربوعُه
وكأن احلامَ الكعاب بيوتُه
وتكاد الطيرُ من خفَّته
تتعالى فيه من غير جَناح
وزراءُ مملكة ٍ، دَعائِمُ دولَة ٍ
أعلامُ مُؤتَمَرٍ ، أسودُ صَباحِ
يَبنون بالدستورِ حائطَ مُلْكِهم
لا بالصِّفاحِ ولا على الأَرْماحِ
وجَوَاهرُ التيجانِ ما لم تُتَّخَذْ
من مَعدِنِ الدستورِ غيرُ صِحاح
احتل حِصْنَ الحقّ غيرُ جنودِهِ
وتكالبت أَيْدٍ على المفتاحِ
هناك، وفي جُنْدِها الأَغلب
لبنانُ في ناديكمو عظمتُه
قد زاني إقبالكم وقبولُكم
شرفاً على الشرف الذي أوليته
القاتلاتِ بعابثٍ في جَفنه
واسْتوْحَشَتْ لِكُماتِها النُّزّاحِ
هُجرَت أرائكُهُ ، وعُطِّلَ عودُه
وخلا من الغادين والرُّوّاحِ
تاجُ النيابة في رفيع رءُوسكم
تؤلِّفهُم في ظِلال الرخا
لُبنانُ دارَتُه وفيه كِناسُه
كالغارِ من شرفٍ وسمتِ صلاح
قلْ للبنين مقالَ صدقٍ، واقْتَصِدْ
ذَرْعُ الشباب يضيق بالنَّصّاحِ
حنن أفلحنا على الأرض بكم
أنتم بنو اليوم العصيب، نشأتمو
في قَصْفِ أَنواءٍ، وعَصْف رياحِ(91/147)
وشهدتمُ صَدْعَ الصفوفِ وما جَنَى
من أَمْر مُفْتاتٍ ونَهْي وَقاحِ
صوتُ الشعوب من الزئير مُجمَّعاً
فإذا تفَرَّقَ كان بعضَ نُباحِ
أَظْمَتْكُمُ الأَيامُ، ثم سقتكمُ
رنقاً من الإحسانِ غيرَ قراحِ
وإذا مُنِحْتَ الخيرَ من مُتَكَلِّفٍ
ظَهَرَتْ عليه سجيَّة ُ المناحِ
تركتمو مثلَ المَهيضِ جناحُه
لا في الحبال ، ولا طليق سَراحِ
مَنْ صَيَّرَ الأَغلالَ زَهْرَ قَلائدٍ
وكسا القيودَ محاسنَ الأَوضاح؟
إن التي تبغون، دون منالِها
طولُ اجتهادٍ ، واضطرادُ كِفاحِ
سروا إليها بالأناة طويلة
إن الأَناة َ سبيلُ كلِّ فلاح
وخذوا بناءَ المُلكِ عن دستوركم
إن الشِّراعَ مُثَقِّفُ الملاَّح
يا دارَ محمودٍ، سَلِمتِ، وبورِكت
أَركانُكِ الهرميَّة ُ الصُّفَّاح
وازددت من حسنِ الثناءِ وطيبه
حجراً هو الدُّرِّيُّ في الأَمداح
الأُمة ُ انتقلتْ إليك ، كأنمَا
أنزلتِها من بيتها بنجاح
بركاتُ شيخٍ بالصعيد مُحمَّل
عِبْءَ السنينَ مُؤمَّلٍ نفّاح
بالأمس جادَ على القضية ِ بابنه
واليومَ آواها بأَكْرَم ساح
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> نَحْلَة ً عَنَّتْ وطَنَّتْ في الرياح
نَحْلَة ً عَنَّتْ وطَنَّتْ في الرياح
رقم القصيدة : 9581
-----------------------------------
نَحْلَة ً عَنَّتْ وطَنَّتْ في الرياح
واملأ رماحاً غورَها ونَجْدَها
وافتح أُصول النيل واستردَّها
غمرة ً أودت بخوَّاض الغُمر؟
أين نابليون؟ ما غاراته؟
سلطانَها، وعزَّها، ورَغْدَها
نم طويلاً ، قد تَوَسَّدْتَ الزَّهَر
راكبَ البحرِ ، مواجٌ ما ترى ؟
أم كتاب الدهرِ أم صُحفُ القدر؟
قَلَمِ القُدرة ِ فيها ما سطِر
ههُنا تمشي الجواري مَرَحاً
واصرفْ إلينا جَزْرَها ومَدَّها
انظر الفلكَ : أمنها أثرٌ ؟
هكذا الدنيا إذا الموتُ حَضَر
فأَرسلتْ دُهاتَها ولُدَّها
ضاق عنك السعدُ ، أو ضاق العُمُر
لا تقولوا شاعر الوادي غَوَى
مَنْ يًغالطْ نفسهَ لا يعتبر
بَيِّنٌ فيها سبيلُ المعتْذِر(91/148)
كجياد السَّبْقِ ، لن تُغنيها
أدواتُ السبقِ ما تغنى الفِطَر
ضربتها وهْي سرٌ في الدُّجى
ليس دونَ اللهِ تحت الليلِ سرّ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يجري بأمرٍ ، أو يدور بضدِّه
يجري بأمرٍ ، أو يدور بضدِّه
رقم القصيدة : 9582
-----------------------------------
يجري بأمرٍ ، أو يدور بضدِّه
لا النقضُ يُعجزه، ولا الإمرار
تسحَبُ الفولاذ في مُلْتَطِمٍ
سُدِلَ الستارُ ، وهل شَهِدْتَ رواية ً
لم يعترضها في الفصول ستار؟
وعدَتْ فما حَوَتْ المدى الأَوطار
هو ينبوعُ البيانِ المنفَجِر
سُورٌ، ومن عِلْم الزمان إطار
وحضارة ٌ من منطق الوادي لها
أصلٌ ، ومن أدب البلاد نِجار
أعمى هوى الوطن العزيز عصابة
وأَتى الأَهرامَ من أُمِّ الحُجَر
يا سوءَ سُنَّتِهم وقُبحَ غُلُوِّهم
لا تقولوا: شاعرُ الوادي غَوَى
انظر الفُلْكَ أَمِنْهَا أَثرٌ؟
غابة ٌ تجري بسلطان الشَّرَى
أَين وادي الطَّلْحِ واللاَّئي به
لَقِيَ الرجالُ الحادثاتِ بصبرهم
حتى انجلَتْ غُمَمٌ لها وغِمار
الحقُّ أبلجُ ، والكنانة ُ حُرَّة ٌ
والعزُّ للدستور والإكبارُ
بنيانُ آباءٍ مشوا بسلاحهم
وبَنينَ لم يجدوا السلاحَ فثارو
لُجَجُ الدَّأْماءِ أَوطانٌ لكم
ومن المشانق والسجون جدار
يجرون بالرفق الأُمورَ وفُلْكها
الأُمة ُ انتلَفَتْ، ورَصَّ بناءها
عنها ، ولا تتناعس الأظفار
آية ً جانِبُه المُرْخَى السُّتُر
رَضَع الأَخلاقَ من أَلبانها
نَشَأَ النيلِ، إليكم سِيرة
ومن القُدْوَة ِ ما تُوحِي الصُّوَر
Free counter
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قل لرجالِِ: طغى الأسير
قل لرجالِِ: طغى الأسير
رقم القصيدة : 9583
-----------------------------------
قل لرجالِِ: طغى الأسير
طيرُ الحِجالِ متى يَطيرْ؟
أوهى جناحيه الحديـ
ـدُ، وحَزَّ ساقَيْهِ الحرير
ذهب الحجاب بصبره
وأَطال حيْرتَه السُّفور
هل هُيِّئَتْ دَرَجُ السما
ء له، وهل نُصَّ الأثير؟
وهل استمرَّ به الجَنا(91/149)
حُ، وَهَمَّ بالنَّهْض الشكير؟
وسما لمنزله من الد
نيا، ومنزلُه خطير؟
ومتى تُساس به الريا
ضُ كما تُساس به الوكور؟
أوَكُلُّ ما عند الرجا
لِ له الخواطبُ والمهمور؟
والسجنُ في الأَكواخ، أَو
سجنٌ يقال له: القصور؟
تالله لو أَن الأَد
يمَ جميعَه روضٌ ونور
في كلّ ظلٍّ ربوة ٌ
وبكلّ وارفة ٍ غدير
وعليه من ذَهبٍ سيا
جٌ ، أو من الياقوت سور
ما تَمَّ من دون السما
ءِ له على الأرض الحُبور
انّ السماءَ جديرة ٌ
بالطير ، وهو بها جدير
هي سرجُهُ المشدودُ ، وهـ
ووضعْتَه، وعلمْتَ أَن
يتعايا بجناحٍ وَيَنوءْ
بجناح مُذْ وَهَى ما صلحا
حُرِّيَّة ٌ خُلِق الإنا
ث لها ، كلما خلق الذكور
هاجَتْ بناتِ الشعرِ عيـ
ـنٌ من بنات النيل حُور
لي بينهن ولائدٌ
هم من سواد العين نور
لا الشعرْ يأْتي في الجما
ن بمثلهن ، ولا الجور
من أَجلهن أَنا الشفيـ
ـقُ على الدُّمَى ، وأَنا الغيور
أَرجو وآمل أَن ستجـ
ـري بالذي شِئنَ الأُمور
يا قاسم، انظر: كيف سا
ر الفكرُ وانتقل الشعور؟
من كلِّ ناحية لها أَوكار
جابت قضيَّتُكَ البلا
دَ، كأَنها مَثَلٌ يسير
رحمة ُ اللهِ له! هل عَلمِا
ما الناسُ إلا أوَّلٌ
يمضي فيخلُفه الأَخير
الفكرُ بينهما على
بُعْدِ المَزارِ هو السفير
هذا البناءُ الفخمُ ليـ
ـس أساسهُ إلا الحَفير
حتى كأَنك للعناية جار
إن التي خلَّفْتَ أَمـ
ـسِ، وما سِواكَ لها نصير
نهض الخفيُّ بشْنها
وسعى لخدمتها الظهير
في ذمة الفُضْلَى هدى
جِيلٌ إلى هاد فقير
ناحَ إذ جَفناشَ في أَسرِ النجومْ
قَدَرٌ على يُمْنَى يَدَيْهِ سلامة ٌ
أقبلنَ يسأَلْنَ الحضا
رة َ ما يُفيد وما يَضير
ما السُّبْلُ بَيِّنَة ٌ، ولا
كلُّ الهُداة ِ بها بصير
ما في كتابِكَ طَفْرَة ٌ
تُنْعى عليكَ، ولا غرور
هَذَّبْتَه حتى استقامت
من خلائقك السطور
حسابَ واضعِه عسير
لك في مسائله الكلا
مُ العفُ والجدلُ الوَقور
ولك البيانُ الجذلُ في
أَثنائه العلمُ الغزير
في مطلبٍ خَشنٍ، كثـ(91/150)
ـيرٌ في مَزالقه العُثور
ما بالكتاب ولا الحديـ
ـث إذا ذكرْتَهُما نكير
حتى لَنسأَلُ: هل تَغارُ
رُ على العقائد ، أم تُغير؟
عشرون عاماً من زوا
لك ما هي الشيءُ الكثير
رُعْنَ النساءَ، وقد يَرُو
عُ المُشْفِقَ الجلَلُ اليسير
فَنَسِينَ أَنك كالبدو
ر، ودونَ رِفعتِكَ البُدور
تفنى السِّنون بها، وما
آجالها إلا شهور
لقد اختلفنا، والمُعا
شِرُ قد يخالفه العَشير
في الرأي، ثُمَّ أَهاب بي
وبك المُنادِمُ والسَّمير
ومحا الرَّ,َاخُ الى مغا
ني الودِّ ما اقترف البُكور
ثم خان التاجُ وُد المفْرِِ
ونبَتْ بالأَنْجُمِ الزُّهْرِ الديارْ
في الرأْي تَضْطَغِنُ العقو
لُ وليس تضطغن الصدور
قل لي بعيشِك: أَين أَنـ
ـت؟ وأَين صاحبُك الكبير؟
أين الإمام ؟ وأين إسـ
ـماعيلُ والملأُ المنير؟
لما نزلتم في الثرى
تاهت على الشهب القبور
عصر العباقرة ِ النجو
مِ بنوره تمشي العصور
خضبَ الجند به الأرضَ دما
وقلوبُ الجندِ كالصخرِ القسي
نزل الناجي على حكم النوى
وتوارى بالسرى من طالبيه
بانٍ، ولم يُدركهُمُ حَفَّار
للبأْس فيه، ولا الأَسِنَّة ُ دار
من أخي صيدٍ رفيقٍ مرس ؟
ناقلاتٍ في العبير القدما
واطئاتٍ في حبير السُّنْدُسِ
وسيلقى حينهُ نسرُ السما
يوم تطوى كالكتاب الدرس
أَم فتية ٌ ركبوا الجناح فطاروا؟
نسخة مهيئة للطباعة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> شيعتُ أحلامي بقلبٍ باكِ
شيعتُ أحلامي بقلبٍ باكِ
رقم القصيدة : 9584
-----------------------------------
شيعتُ أحلامي بقلبٍ باكِ
ولمحتُ من طرق الملاحِ شباكي
ورجعتُ أَدراجَ الشباب ووِرْدَه
أَمشي مكانَهما على الأَشواك
وبجانبي واهٍ ، كأن خفوقه
لما تلفتَ جهشة ُ المتباكي
شاكي السلاحِ إذا خلا بضلوعه
فإذا أهيبَ به فليس بشاك
قد راعه أني طويتُ حبائلي
من بعد طول تناولٍ وفكاك
ويح ابن جنبي ؟ كلُّ غاية ِ لذة ٍ
بعد الشباب عزيزة الإدراك
لم تبق منا - يا فؤادُ - بقية ٌ
لفتوة ٍ ، أو فضلة ٌ لعراك(91/151)
كنا إذا صففتَ نستبق الهوى
ونشدُّ شدَّ العصبة ِ الفتاك
واليوم تبعث فيَّ حين تهزني
ما يبعث الناقوسُ في النساك
يا جارة َ الوادي، طَرِبْتُ وعادني
ما يشبهُ الأَحلامَ من ذكراك
مثلتُ في الذكرى هواكِ وفي الكرى
والذكرياتُ صدى السنين الحاكي
ولقد مررتُ على الرياض برَبْوَة ٍ
غَّناءَ كنتُ حِيالها ألقاك
ضحكتْ إليّ وجوهها وعيونها
ووجدْتُ في أَنفاسها ريّاك
فذهبتُ في الأيام أذكر رفرفاً
بين الجداولِ والعيونِ حَواك
أذكرتِ هرولة َ الصبابة ِ والهوى
لما خَطرتِ يُقبلان خُطاكِ؟
لم أَدر ما طِيبُ العِناقِ على الهوى
حتى ترفَّق ساعدي فطواك
وتأوَّدت أعطاف بانِك في يدي
واحمرّ من خَفريهما خدّاك
ودخلتُ في ليلين : فرعِك والدُّجى
ولثمتُ كالصّبح المنوِّرِ فاكِ
ووجدْتُ في كُنْهِ الجوانحِ نَشْوَة ً
من طيب فيك، ومن سُلاف لَمَاك
وتعطَّلَتْ لغة ُ الكلامِ وخاطبَتْ
عَيْنَيَّ في لغة الهوى عيناك
ومَحوتُ كلَّ لُبانة ٍ من خاطري
ونسيتُ كلَّ تعاتُبٍ وتشاكي
لا أمسِ من عمرِ الزمان ولاغدٌ
جُمِع الزمانُ فكان يومَ رِضاك
لُبنانُ ، ردتني إليكَ من النوى
أقدارُ سيرٍ للحياة دَرَاك
جمعتْ نزيلي ظهرِها من فُرقة ٍ
كُرَة ٌ وراءَ صَوالجِ الأَفلاك
نمشي عليها فوقَ كلِّ فجاءة ٍ
كالطير فوقَ مَكامن الأشراك
ولو أنّ الشوق المزارُ وجدتني
مُلقى الرحالِ على ثراك الذاكي
بنت البقاع وأمَّ بردُوِنيِّها
طيبي كجلَّق ، واسكبي بَرداك
ودِمَشْقُ جَنَّاتُ النعيم، وإنما
ألفيتُ سُدَّة َ عدنِهنَّ رُباك
قسماً لو انتمت الجداولُ والرُّبا
لتهلَّل الفردوسُ، ثمَّ نَماك
مَرْآكِ مَرْآه وَعَيْنُكِ عَيْنُه
لِمْ يا زُحَيلة ُ لا يكون أباكِ؟
تلك الكُروم بقية ٌ من بابلٍ
هَيْهَاتَ! نَسَّى البابليَّ جَناك
تبدي كوشي الفُرس أفتّنَ صبغة ٍ
للناظرين إلى أَلَذِّ حِياكِ
خرزاتِ مِسكٍ أو عُقودَ الكهربا
أُودِعْنَ كافوراً من الأَسلاك
فكَّرْتُ في لَبَنِ الجِنانِ وخمرِها(91/152)
لمّا رأيتُ الماءَ مَسَّ طِلاك
لم أنس من هبة ِ الزمانِ عشيَّة ً
سَلَفَتْ بظلِّكِ وانقضَتْ بِذَراك
كًنتِ العروسَ على منصة ِ جنحها
لًبنانُ في الوشي الكريم جَلاكِ
يمشي إليكِ اللّحظُ في الديباج أَو
في العاج من أي الشِّعاب أتاك
ضَمَّتْ ذراعيْها الطبيعة ُ رِقَّة ً
صِنِّينَ والحَرَمُونَ فاحتضناك
والبدرُ في ثبج السماءِ مُنورٌ
سالت حُلاه على الثرى وحُلاكِ
والنيِّرات من السحاب مُطِلَّة ٌ
كالغيد من سترٍ ومن شُباك
وكأَنَّ كلَّ ذُؤابة ٍ من شاهِقٍ
ركنُ المجرة أو جدارُ سِماك
سكنتْ نواحي الليل ، إلا أنَّة ً
في الأَيْكِ، أَو وَتَراً شَجِيَّ حَراك
شرفاً ـ عروس الأرز ـ كلُّ خَريدة
تحتَ السماءِ من البلاد فِداك
رَكَز البيانُ على ذراك لواءَه
ومشى ملوكُ الشعر في مَغناك
أُدباؤك الزُّهر الشموسُ ، ولا أرى
أَرضاً تَمَخَّضُ بالشموس سِواك
من كلّ أَرْوَعَ علْمُه في شعره
ويراعه من خُلقه بملاك
جمع القصائدَ من رُباكِ، وربّما
سرق الشمائلَ من نسيم صَباك
موسى ببابك في المكارم والعلا
وعَصاهُ في سحر البيانِ عَصاكِ
أَحْلَلْتِ شعري منكِ في عُليا الذُّرا
وجمعته برواية الأملاك
إن تُكرمي يا زَحْلُ شعري إنني
أَنكرْتُ كلَّ قَصيدَة ٍ إلاَّك
أَنتِ الخيالُ: بديعُهُ، وغريبُه
الله صاغك، والزمانُ رَواك
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> حياة ٌ ما نريدُ لها زِيالا
حياة ٌ ما نريدُ لها زِيالا
رقم القصيدة : 9585
-----------------------------------
حياة ٌ ما نريدُ لها زِيالا
ودنيا لا نَوَدّ لها انتقالا
وعيشٌ في أُصول الموتِ سمٌّ
عُصارتُه، وإن بَسَط الظلالا
وأَيامٌ تطيرُ بنا سحاباً
وإن خِيلَتْ تَدِبّ بنا نِمالا
نريها في الضمير هوى ً وحبّاً
ونُسمِعها التبرُّمَ والملالا
قِصارٌ حين نجري اللهوَ فيها
طوالٌ حين نقطعها فعالا
ولم تضق الحياة ُ بنا ، ولكن
زحامُ السوءِ ضيَّقها مَجالا
ولم تقتل براحتها بَنيها
ولكن سابقوا الموتَ اقتتالا(91/153)
ولو زاد الحياة الناسُ سعياً
وإخلاصاً لزادتهم جمالا
كأنّ الله إذ قَسم المعالي
لأهل الواجب ادّخر الكمالا
سمِعْتَ لها أَزيزاً وابتهالا
ولوعاً بالصغائر واشتغالا
وليسوا أَرغَد الأَحياءِ عيشاً
ولكنْ أنعمَ الأحياءِ بالا
إذا فعلوا فخيرُ الناس فعلاً
وإن قالوا فأَكرمُهم مَقالا
وإن سألتهمُو الأوطانُ أعطوْا
دماً حرّاً ، وأبناءً ، ومالا
بَنِي البلدِ الشقيقِ، عزاءَ جارٍ
أَهاب بدمعه شَجَنٌ فسالا
قضى بالأمس للأبطال حقّاً
وأضحى اليومَ بالشهداء غالى
يُعظِّم كلَّ جُهدٍ عبقريٍّ
أكان السلمَ أم كان القتالا
وما زلنا إذا دَهَت الرزايا
كأرحم ما يكون البيتُ آلا
وقد أنسى الإساءة من حسودٍ
ولا أنسى الصنيعة والفعالا
ذكرتُ المِهْرَجانَ وقد تجلَّى
ووفدَ المشرقين وقد توالى
وقد جليتْ سماءً لا تعالى
تسلَّلَ في الزحام إليَّ نِضْوٌ
من الأَحرار تحسبه خيالا
رسول الصابرين ألم وهناً
وبلَّغني التحيَّة َ والسؤالا
دنا مني فناولني كتاباً
حستْ راحتاي له جلالا
وجدت دمَ الأسودِ عليه مسكاً
وكان الأَصلُ في المِسْكِ الغزالا
كأن أساميَ الأبطالِ فيه
حَوَاميمٌ على رَقٍّ تتالى
رواة قصائدي قد رتلوها
وغنوها الأسنة َ والنصالا
إذا ركزوا القنا انتقلوا إليها
فكانت في الخيام لهم نقالا
بَنِي سوريَّة َ، التئموا كيومٍ
خرجتم تطلبون به النِّزالا
سلو الحرية َ الزهراءَ عنَّا
وعنكم: هل أَذاقتنا الوِصالا؟
وهل نِلْنَا كلانا اليومَ إلا
عراقيبَ الموعدِ والمطالا؟
عرفتهم مهرها فمهرتموها
دماً صبغَ السباسبَ والدغالا
وقمتم دونها حتى خضبتمْ
هَوَادِجَها الشريفة َ والحِجالا
دعوا في الناس مفتوناً جباناً
يقول : الحربُ قد كانت وبالا
أَيطلب حقَّهم بالروح قومٌ
فتسمع قائلا : ركبوا الضلالا؟
وكونوا حائطاً لا صدع فيه
وصفّاً لا يُرَقَّع بالكسالى
وعيشوا في ظلال السلم كدا
فليس السلمُ عجزاً واتّكالا
ولكن أَبْعَدَ اليومين مَرْمًى
وخيرَهما لكم نصحاً وآلا(91/154)
وليس الحربُ مركب كلِّ يومٍ
ولا الدمُ كلَّ آوِنة ٍ حلالا
سأذكر ما حييت جدار قبرٍ
بظاهر جلق ركبَ الرمالا
مقيمٌ ما أقامت ميلسون
يذكر مصرَعَ الأَسدِ الشِّبالا
لقد أَوحَى إليَّ بما شجاني
كما توحي القبورُ إلى الثكالي
تغيب عظمة ُ العظماتِ فيه
وأولُ سيدٍ لقيَ النبالا
كأَن بُناتَهُ رفعوا مَناراً
من الإخلاص، أَو نصبوا مِثالا
سراج الحقِّ في ثبجِ الصحارى
تهاب العاصفات له ذبالا
ترى نورَ القعيدة ِ في ثراه
وتنشقُ من جوانبه الخلالا
مشى ومشتْ فيالق من فرنسا
تجر مطارفَ الظفرِ اختيالا
ملأْنَ الجوّ أَسلحة ً خِفافاً
ووجهَ الأرضِ أسلحة ً ثقالا
وأَرسَلْنَ الرياحَ عليه ناراً
فما حفل الجنوبَ ولا الشَّمالا
سلوه : هل ترجل في هبوبٍ
من النيران أرجلت الحبالا؟
أقام نهاره يلقي ويلقى
فلما زال قرصُ الشمس زالا
وصاح، ترى به قيدَ المنايا
ولستَ ترى الشَّكِيمَ ولا الشِّكالا
فكُفِّن بالصوارم والعوالي
وغيب حيثُ جال وحيثُ صالا
إذا مرَّتْ به الأَجيالُ تَتْرَى
سمعهتَ لها أزيزاً وابتهالا
تعلَّق في ضمائرهم صليباً
وحلَّق في سرائرهم هلالا
أرسل القصيدة إلى صديق
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> جعلتُ حُلاها وتمثالها
جعلتُ حُلاها وتمثالها
رقم القصيدة : 9586
-----------------------------------
جعلتُ حُلاها وتمثالها
عيونَ القووافي وأمثالها
وأَرسلتُها في سماءِ الخيال
تجرُّ على النجم أذيالها
وإني لغِرِّيدُ هذي البطاح
تَغَذَّى جَناها وسَلْسالها
ترى مصر كعبة َ أشعاره
وكلِّ معلقة ٍ قالها
وتلمَحُ بين بيوتِ القصيدِ
جحالَ العروسِ واحجالها
أَدار النسيبُ إلى حبِّها
وولَّى المدائحَ إجلالها
أَرَنَّ بغابرها العبقريّ
وغنى بمثل البكا حالها
ويروي الوقائع في شعره
يروض على البأس أطفالها
وما لَمَحوا بعدُ ماءَ السيوفِ
فما ضَرّ لو لَمَحوا آلها
ويوم ظليل الضحى من بشنس
أَفاءَ على مصرَ آمالها
رَوَى ظلُّه عن شباب الزمانِ
رفيفَ الحواشي وإخضالها(91/155)
مشَت مصرُ فيه تُعيد العصورَ
ويغمر ذكر الصبا بالها
وتَعْرض في المِهرجان العظيمِ
ضحاها الخوالي وآصالها
وأَقبل رمسيسُ جَمَّ الجَلالِ
سني المواكب ، مختالها
وما دان إلا بِشُورَى الأُمور
ولا اختال كِبْراً، ولا استالها
فحيَّا بأَبْلجَ مثلِ الصَّباحِ
وجوهَ البلادِ وأَرسالها
وأَوْما إلى ظلماتِ القرونِ
فشقّ عن الفنّ أسدالها
فمن يبلغ الكرنكَ الأقصريَّ
وينبيء طيبة أطلالها
ويسمع ثمَّ بوادي الملوكِ
ملوكَ الديار وأَقيالها
وكلَّ مخلدة ٍ في الدمى
هنالك نُحصِ أَحوالها
وما كعلي ولا جيلِه
ويفضُلْنَ في الخيرِ مِنوالها
تكاد - وإن هي لم تتصل
بروحٍ ـ تُحَرِّك أَوصالها
وما الفنُّ إلا الصريح الجميل
غذا خالط النفس أوحى لها
وما هو إلا جمالُ العقول
إذا هي أَوْلَتْه إجمالها
لقد بعث الله عهد الفنون
وأَخرجت الأَرضُ مَثَّالها
تعالوا نرى كيف سوى الصفاة َ
فتة ً تلملمُ سربالها
دنت من أبي الهول مشى الرؤوم
إلى مُقْعَدٍ هاج بَلْبالها
وقد جاب في سَكَرات الكَرَى
عروضَ الليالي واطوالها
وأَلْقى على الرمل أَرْواقَه
وأَرْسى على الأَرض أَثقالها
يخال لإطراقه في الرمال
سَطِيحَ العصورِ ورَمّالها
فقالت: تَحرَّكْ، فَهمّ الجمادُ
كأَن الجمادَ وعَى قالها
فهل سَكَبَتْ في تجاليده
شعاعَ الحياة وسالها ؟
أَتذكُر إذ غضِبَت كاللّباة ِ
ولمت من الغيل أشبالها ؟
والقت بهم في غمار الخطوبِ
فخاضوا الخطوبَ واهوالها
وثاروا ، فجن جنونُ الرياحِ
وزُلزِلتِ الأَرضُ زِلزالها
وبات تلمسهم شخهم
حديث الشعوب واشغالها
ومن ذا رأى غابة ً كافحتْ
فردت من الأسرِ رئبالها ؟
وأهيب ما كان بأس الشعوبِ
إذا سلَّح الحقُّ اعزالها
فوادث ، ارغع الستر عن نهضة
تقدم جدك أبطالها
وربّ امرىء ٍ لم تَلِده البلادُ
نماها ، ونبه أنسالها
وليس اللآلىء مِلْكَ البحورِ
ولكنها مِلْكُ من نالها
إذا عرضت مصر أجيالها
بنوا دولة من بنات الأسنـ
ـة ِ لم يشهد النيلُ أَمثالها(91/156)
لئن جلل البحرَ أسطولها
لقد لبِس البرُّ قَسطالها
فأما أبوكَ فدنيا الحضا
رة ِ لو سالم الدهرُ إقبالها
تخيّر إفريقيا تاجَه
وركب في التاج صومالها
ركابُك يا بن المُعِزِّ الغُيوثُ
إن سرن في الارض نسنها
ركابَ السماءِ وأَفضالها
فلم تبرح القصر إلا شفيتَ
جدوبَ العقول وإمحالها
لقد ركب اللهُ في ساعديك
يمين الجدود وشمآلها
تخط وتبني صروحَ العلومِ
وتفتح للشَّرق أَقفالها
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> خُذوا القمَّة َ علماً وبيانا
خُذوا القمَّة َ علماً وبيانا
رقم القصيدة : 9587
-----------------------------------
واطلُبوا بالعبقريات المدى
ليس كلُّ الخيلِ يشهدن الرِّهانا
ابعثو سابقاتٍ نُجُباً
تملأُ المضمارَ معنًى وعِيانا
وثِبوا للعزِّ من صَهْوَتِها
وخذوا المجدَ عِناناً فعنانا
لا تُثيبوها على ما قلَّدَتْ
من أَيادٍ، حسداً أَو شَنآنا
وضئيلٍ من أُساءة ِ الحيِّ لم
يُعْنَ باللحم وبالشحم اختزانا
ضامرٍ في سفعة ٍ تحسبه
نِضْوَ صحراءَ ارتدى الشمسَ دِهانا
تنكرُ الأَرضُ عليه جسمَه
واسمُه أعظمُ منها دَوَرانا
نال عرشَ الطبِّ من امحوتب
وتَلقَّى من يَديَه الصَّوْلَجانا
يا لأمحوتبَ من مُسْتأْلِهٍ
لم يلد إلا حوريّاً هَجانا
خاشعاً لله، لم يُزْهَ ، ولم
يُرْهِق النفسَ اغتراراً وافتتانا
يلمس القدرة لمساً كلّمَا
قلب الموت وجسَّ الحيوانا
لو يُرى اللهُ بمصباح لمَا
كان إلا العلمَ جلّ الله شانا
في خلالٍ لفتَتْ زهرَ الرُّبى
وسجايا أَنسَتْ الشَّرْبَ الدِّنانا
لو أَتاه موجعاً حاسدُه
سَلّ من جنب الحسودِ السرطانا
خيرُ مَنْ علَّم في القصر ومَن
شقّ عن مُستتِر الداءِ الكِنانا
كلُّ تعليمٍ نراه ناقصاً
سُلَّمٌ رَثٌّ إذا استعمل خانا
دَرَكٌ مُستحدَثٌ من دَرَجٍ
ومن الرِّفعة ما حطَّ الدخانا
لا عدمنا للسيوطيِّ يداً
خُلقَتْ للفتْقِ والرتْقِ بَنانا
تُصْرِف المِشْرَطَ للبُرْءِ كمَا(91/157)
صرف الرّمحُ إلى النصر السنانا
مَدّها كالأَجل المبسوطِ في
طلب البُرْءِ اجتهاداً وافتنانا
تجد الفولاذَ فيها محسناً
أَخذ الرفقَ عليها واللَّيانا
يدُ "إبراهيمَ لو جئتَ لها
يذبيح الطيرِ عاد الطيرانا
لم تَخِطْ للناس يوماً كفناً
إِنمَا خاطت بقاءً وكِيانا
ولقد يُؤْسَى ذوو الجرحى بها
من جراح الدهر، أَو يُشْفَى الحزانى
نَبغَ الجيلُ على مِشْرطها
في كفاح الموتِ ضرباً وطِعانا
لو أَتت قبل نضوج الطبِّ ما
وَجَدَ التنويمُ عوناً فاستعانا
يا طِرازاً يبعث اللهُ به
في نواحِي مُلْكهِ آناً فآنا
من رجالٍ خُلقوا ألوية ً
ونجوماً ، وغيوثاً، ورعانا
قادة الناسِ وإن لم يقربوا
طَبَعَاتِ الهندِ والسُّمْرَ اللِّدانا
وغذاء الجيلِ فالجيلِ وإن
نَسيَ الأجيال كالطفل اللِّبانا
وهمُ الأَبطالُ كانت حربُهم
منذ شنُّوها على الجهل عَوانا
يا أخي ـ والذخرُ في الدنيا أَخٌ ـ
حاضرُ الخيرِ على الخير أَعانا
لك عند ابْنِيَ ـ أَو عندي ـ يدٌ
لستُ آلوها ادكاراً وصِيانا
حَسُنَتْ منّي ومنه موقعاً
فجعلنا حِرْزها الشكرَ الحُسانا
هل ترى أنت؟ فإني لم أجدْ
كجميلِ الصُّنعِ بالشكر اقترانا
وإذا الدنيا خلَتْ من خيِّرٍ
وخَلَتْ من شاكر هانت هَوانا
دفع الله "حُسَيْناً" في يدٍ
كيد الأَلطافِ رِفْقاً واحتضانا
لو تناولتُ الذي قد لمستْ
منه ما زدْتُ حِذاراً وحَنانا
جرحُه كان بقلبي، يا أَباً
لا أُنَبَّيه بجُرُحِي كيف كانا؟
لطف اللهُ فعوفينا معاً
وارتهنّا لكَ بالشكر لسانا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مرحباً بالربيع في ريعانِهْ
مرحباً بالربيع في ريعانِهْ
رقم القصيدة : 9588
-----------------------------------
مرحباً بالربيع في ريعانِهْ
وبأَنوارِه وطِيبِ زَمانِهْ
رَفَّت الأَرضُ في مواكِب آذا
رَ، وشبَّ الزمانُ في مِهْرَجانِه
نزل السهلَ طاحكَ البِشْر يمشي
فيه مَشيَ الأمير في بُستانه
عاد حَلْياً بِرَاحَتيْهِ وَوَشْياً
طولُ أَنهارِهِ وعَرْضُ جنانه(91/158)
لف في طيْلَسانِه طُرَرَ الأر
ضِ، فطاب الأَديمُ من طيلسانه
ساحرٌ فتنة ُ العيونِ مُبينٌ
فضل الماء في الربا بجمانه
عبقريُّ الخيالِ ، زاد على الطيْـ
ـف، وأَرْبَى عليه في أَلوانه
في مأتمٍ لم تخلُ فيـ
يَهْنِيكَ ما حرَّمتْ حين تنام
تبكي الكريمَ على العشـ
صِبْغَة ُ الله! أَين منها رفَائيـ
ـلُ ومنقاشه وسحرُ بنانه
رنم الروضُ جدولاً ونسيماً
وتلا طير أكيهِ غصنُ بانه
وشدَت في الرُّبا الرياحينُ هَمساً
كتغني الطروبِ في وجدانه
كلُّ رَيْحانة ٍ بلحنٍ كعُرْسٍ
أُلِّفَتْ للغناءِ شَتَّى قِيانه
ـمة ِ فالتفَّتا على صَوْلجانه
وعلمتُ أنك من يودُّ ومنْ يفي
فقف الغداة َ لو استطعتَ وفاءَ
نَغَمٌ في السماءِ والأَرضِ شتَّى
من معاني الربيع أو ألحانه
أين نور الربيع من زهر الشعـ
ـر إذا ما استوى على أفنانه؟
سرمد الحسن والبشاشة مهما
تلتمسْهُ تجِدْهُ في إبّانه
حَسَنٌ في أَوانِه كلُّ شيءٍ
وجمالُ القريض بعد أوانه
ملك ظله على ربوة الخلـ
ـدِ، وكُرسيُّه على خُلجانه
أَمَرَ الله بالحقيقة ِ والحكـ
لم تثر أمة ٌ إلى الحقِّ إلا
بهُدَى الشعرِ أَو خُطا شَيْطانه
ليس عَزْفُ النحاسِ أَوقَعَ منه
في شجاعِ الفؤادِ أَو في جبانه
فقدتك في العمر الطريـ
ـرِ، وفي زها الدنيا الكعاب
ورعاني ، رعى الإله له الفارو
ق طفلاً ، ويوم مرجو شانه
ملك النيل من مصبيه بالشـ
ـطِّ ، إلى منبعيه من سودانه
شيخٌ تمالكَ سنة ُ لم ينفجرْ
كالطفل من خوفِ العقابِ بكاءَ
هو في المُلك بَدْرُهُ المُتجَلِّي
حُفَّ بالهَالَتَيْنِ من بَرلمانه
زادهُ الله بالنيابة ِ عِزّاً
فوقَ عِزِّ الجلالِ من سلطانه
منبرُ الحقِّ في أَمانة ِ سعدٍ
وقِوامُ الأُمورِ في ميزانه
لم ير الشرق داعياً مثل سعدٍ
رَجَّه من بِطاحه ورِعانه
ذكَّرتْه عقيدة ُ الناسِ فيهِ
كيف كان الدخولُ في أديانه
نهضة ٌ من فتى الشيوخش وروحٌ
سريا كالشبابِ في عنفوانه
حركا الشرق من سكونٍ إلى القيـ
ـدِ، وثارا بهِ على أَرسانه(91/159)
وإذا النفسُ أنهضتْ من مريض
دَرَجَ البُرءُ في قُوَى جُثمانه
يا عكاظاً تألفَ الشرقُ فيه
من فِلسطينِه إلى بَغْدانِه
افتقدنا الحجاز فيه ، فلم نعـ
حملت مصر دونه هيكل الدِّ
ينِ ، وروحَ البيانِ من فرقانه
وطدت فيكَ من دعائمها الفصْ
ـحى ، وشُدَّ البيانُ من أركانه
إنما أنتَ حلبة ٌ لم يسخر
مثلُها للكلامِ يومَ رِهانه
تتبارى أَصائلُ الشامِ فيها
والمذاكي العتاقُ من لبنانه
قلدتني الملوك من لؤلؤ البحريـ
ـنِ آلاءَها ومن مَرْجانه
نخْلة لا تزال في الشرق معنًى
من بداواته ومن عُمرانه
حنَّ للشامِ حقبة ً وإليها
فاتحُ الغرب من بني مَرْوانه
المرضعاتُ سكبن في وجدانه
وحبتْني بُمْبَايُ فيها يَراعاً
أفرغَ الودُّ فيه من عقيانه
ليس تلقى يراعها الهند إلا
في ذرا الخلقِ أو وراءَ ضمانه
أَنْتَضِيه انتضاءَ موسى عصاه
يفرقُ المستبدُّ من ثعبانه
يَلْتَقِي الوحيَ من عقيدة ِ حُرٍّ
كالحواريِّ في مدَى إيمانه
غير باغٍ إذا تطلبَ حقاً
أو لئيم اللجاجِ في عدوانه
موكبُ الشعرِ حركَ المتنبي
في ثراهُ، وهزَّ من حَسّانه
شرُفَتْ مصرُ بالشموسِ من الشر
ق نجوم البيان من أعيانه
قد عرفنا بنجمة ِ كلَّ أفقٍ
واستبنا الكتاب من عنوانه
لست أنسى يداً لأخوانِ صدقٍ
منحوني جزاءَ ما لمْ أعانه
رُبَّ سامي البيانِ نَبَّهَ شأْني
أَنا أَسمو إلى نَباهة شانه
كان بالسبقِ والميادينِ أَوْلَى
لو جرى الحظُّ في سَواءِ عنانه
إنما أظهروا يدَ اللهِ عندي
وأَذاعوا الجميلَ من إحسانه
ما الرحيق الذي يذوقون من كرْ
مِي، وإن عِشْتُ طائفاً بدِنانه
وهبوني الحمامَ لذَّة َ سجعٍ
أَينَ فضلُ الحَمَام في تَحنانه؟
وَتَرٌ في اللّهاة ، ما للمغنِّي
من يدٍ في صَفائه ولِيانه
رُبَّ جارٍ تَلَّفتتْ مصرُ تُوليـ
ـه سؤالَ الكريمِ عن جيرانه
بَعثتْني معزِّياً بمآقي
وطني ، أو مهنئاً بلسانه
كان شعري الغناءَ في فرح الشر
قِ ، وكان العزاءَ في أحزانه
قد قضى الله أن يؤلِّفنا الجر(91/160)
حُ، وأَن نلتقي على أَشجانه
كلما أَنّ بالعراقِ جريحٌ
لمس الشرقُ جنبه في عُمانه
وعلينا كما عليكم حديدٌ
تَتنزَّى اللُّيُوثُ في قُضبانه
نحن في الفقه بالديار سَواءٌ
كلُّنا مشفِقٌ على أَوطانه
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أرأيت زينَ العابدينَ مجهزاً
أرأيت زينَ العابدينَ مجهزاً
رقم القصيدة : 9589
-----------------------------------
أرأيت زينَ العابدينَ مجهزاً
نقلوه نقل الورد من محرابه
من دار توأمهِ وصنوِ حياته
والأولِ المألوفِ من أترابه
ساروا به من باطلِ الدنيا إلى
بُحْبوحَة ِ الحقِّ المبينِ وغابِه
ومضوا به لسبيل آدمَ قبله
ومصاير الأقوامِ من أعقابه
تحنو السماءُ على زكيِّ سريره
ويمسُّ جيدَ الأرضِ طيبُ ركابه
وتطيبُ هامُ الحاملين وراحهم
من طِيب مَحْمِلِه، وطِيبِ ثيابه
وكأنَّ مصرَ بجانبيهِ ربوة ٌ
آذارُ آذنها بوَشْكِ ذَهابه
ويكاد من طربٍ لعادته الندى
ينسلُّ للفقراءِ من أثوابه
الطيبُ ابنُ الطيبين، وربما
نضح الفتى فأَبان عن أَحسابه
والمؤمنُ المعصومُ في أَخلاقه
من كل شائنة ٍ، وفي آدابه
أَبداً يراه الله في غَلسِ الدُّجَى
من صحنِ مسجده، وحول كتابه
ويرى اليتامى لائذين بظله
ويرى الأراملَ يعتصمنَ ببابه
ويراه قد أدى الحقوقَ جميعها
لم يَنْسَ منها غيرَ حقِّ شبابه
أدّى من المعروف حصة َ أهلهِ
وقضى من الأحساب حقَّ صحابه
مهويشُ، أين أبوكَ؟ هل ذهبوا به
قد وكَّل الله الكريمَ وعَيْنَه
بكِ، فاحسبيه على كريم رحابه
ودَعي البُكا، يكفيه ما حَمَّلْتِه
من دمعكِ الشاكي، ومن تسكابه
ولقد شربتِ بحادث يا طالما
شربَتْ بناتُ العالمين بِصَابه
كلُّ امرىء ٍ غادٍ على عوّاده
وسؤالهم: ما حاله؟ ماذا به؟
والمرءُ في طلب الحياة ِ طويلة ً
وخطى المنية ِ من وراءِ طلابه؟
في برِّ عَمِّكِ ما يقوم مكانَه
في عطفه، وحنانه، ودعابه
إسكندرية ُ، كيف صبركِ عن فتى ً
الصبرُ لم يُخلق لمثل مُصابه
عطلتْ سماؤك من بريق سحابها(91/161)
وخَبا فَضاؤكِ من شُعاع شِهابه
زينُ الشبابِ قضى ، ولم تتزودي
منه، ولم تتمتَّعي بقَرابه
قد نابَ عنكِ، فكان أصدقَ نائبٍ
والشعْبُ يَهْوَى الصِّدق في نُوّابه
أَعلمتِه اتَّخذ الأَمانة َ مَرَّة ً
سبباً يبلغه إلى آرابه؟
لو عاش كان مؤملاً لمواقفٍ
يرجوا لها الوادي كرامَ شبابه
يجلوا على الألبابِ همّة َ فكره
ويناولُ الأسماعَ سحرَ خطابه
ويفي كديدنهِ بحقٍّ بلاده
ويفي بعهد المسلمين كدابه
تَقْواكَ إسماعيلُ؛ كلُّ عَلاقة ٍ
سيبتها الدهرُ العضوضُ بنابه
إنَّ الذي ذقتَ العشية َ فقده
بِتَّ الليالي مُوجَعاً لعذابه
فارقتَ صنوكَ مرتين، فلاقهِ
في عالم الذكرى وبين شعابه
من عادة الذكرى تردُّ من النوى
من لا يدينِ لنا بطيِّ غيابه
حُلمٌ كأَحلام الكَرَى وسِناتِه
مُسْتَعْذَبٌ في صدقه وكِذابه
اسكُبْ دُموعَكَ لا أَقول: اسْتَبْقِها
فأخو الهوى يبكي على أحبابه
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قام من علته الشاكي الوصبْ
قام من علته الشاكي الوصبْ
رقم القصيدة : 9590
-----------------------------------
قام من علته الشاكي الوصبْ
وتلقى راحة َ الدهرِ التعبْ
أيها النفسُ، اصبري واسترجعي
هتفَ الناعي بعبد المُطَّلِب
نزل التربَ على من قبله
كلُّ حيٍّ منتهاه في الترب
ذهب اللينُ في إرشادهِ
كالأبِ المشفقِ والحدِّ الحدب
القريبُ العَتْبِ مِنْ مَعْنَى الرِّضا
والقريبُ الجِدِّ من معنى اللَّعِب
والأخُ الصادقُ في الودّ إذا
ظَهَرَ الإخوانُ بالوُدّ الكَذِب
خاشعٌ في درسه، محتشمٌ
فكهُ في مجلس الصفوِ طرب
قلَّد الأوطانَ نشأً صالحاً
وشباباً أهلَ دين وحسب
ربّما صالتْ بهم في غدِها
صولة َ الدولة ِ بالجيش الَّلجبِ
جعلوا الأَقلامَ أَرماحَهُمُ
وأَقاموها مقاماتِ القُضُب
لا يميلون إلى البَغْيِ بها
كيف يَبغِي مَن إلى العلم انتسب؟
شاعِرَ البَدْوِ، ومنهم جاءَنا
كلُّ معنى ً رقَّ، أو لفظٍ عذب
قد جرت أَلسُنُهُم صافية ً
جريَانَ الماءِ في أَصل العُشُب(91/162)
سلمتْ من عنتِ الطبع، ومن
كُلْفَة ِ الأقلام، أَو حَشْوِ الكُتُب
قد نزلْتَ اليومَ في بادية ٍ
عمرت فيها امرأ القيس الحقب
ومشى المجنونُ فيها سالياً
نَفَضَ اللَّوْعة َ عنه والوَصَب
أَعِر النَّاسَ لساناً ينظموا
لك فيه الشعرَ أَو يُنْشُوا الخُطَب
قمْ صف الخلدَ لنا في ملكهِ
من جلال الخُلْقِ، والصُّنْعِ العَجَب
وثمارٍ في يواقيتِ الربى
وسلافٍ في أباريق الذهب
وانثر الشعرَ على الأَبرار في
قُدُس الساحِ وعُلوِيِّ الرحب
واستعِر رضوانَ عُودَيْ قَصَبٍ
وتَرنَّمْ بالقوافي في القَصَب
واسقِ بالمعنى إلهيَّا، كما
تتساقون الرحيق المنسكب
كُلّما سبَّحْتَ للعرشِ به
رفعَ الرحمنُ والرسلُ الحجب
قمْ تأملْ، هذه الدارُ وفى
لكَ من طُلاَّبها الجمعُ الأَرِب
وفتِ الدارُ لباني ركنها
وقضى الحقَّ بنو الدارِ النجب
طلبوا العلمَ على شَيخِهُمُ
زمناً، ثم إذا الشيخُ طلب
غابَ عن أَعينهم، لكنّه
ماثلٌ في كُلِّ قلبٍ، لم يَغِب
صورة ٌ محسنة ٌ ما تختفي
ومثالٌ طيبٌ ما يحتجب
رجلُ الواجبِ في الدنيا مضى
ينصفُ الأخرى ويقضي ما وجب
عاش عَيْشَ الناسِ في دنياهُمُ
وكما قد ذهب الناسُ ذهب
أَخذ الدرسَ الذي لُقِّنهُ
عجمُ الناسِ قديماً والعرب
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> خلقنا للحياة ِ وللمماتِ
خلقنا للحياة ِ وللمماتِ
رقم القصيدة : 9591
-----------------------------------
خلقنا للحياة ِ وللمماتِ
ومن هذين كلُّ الحادثاتِ
ومنْ يولدْ يعش ويمتْ كأن لمْ
يَمُرّ خيالُهُ بالكائنات
ومَهْدُ المرءِ في أَيدي الروَاقي
كنعش المرءِ بينَ النائحات
وما سَلِمَ الوليدُ من اشْتكاء
فهل يخلو المعمَّرُ من أَذاة ؟
هي الدنيا، قتالٌ نحن فيه
مقاصدُ للحُسام وللقَناة
وكلُّ الناس مدفوعٌ إليه
كما دفعَ الجبانُ إلى الثباتِ
نروَّعُ ما نروَّعُ، ثم نرمى
بسهمٍ من يدِ المقدورِ آتي
صلاة ُ الله يا تمزارُ تجزِي
ثَراكِ عن التِّلاوة ِ والصَّلاة
وعن تسعين عاماً كنتِ فيها(91/163)
مثالَ المحسناتِ الفصليات
بَررتِ المؤمناتِ، فقال كلٌّ:
لعلكِ أنتِ أمُّ المؤمنات
وكانت في الفضائل باقياتٌ
وأَنتِ اليومَ كلُّ الباقيات
تبنَّاكِ الملوكُ، وكنتِ منهم
بمنزلة البنين أو البنات
يظلُّون المناقبَ منكِ شتَّى
ويُؤوُونَ التُّقَى والصالحات
وما ملكوكِ في سوقٍ، ولكنْ
لدى ظلِّ القنا والمرهفات
عَنَنْتِ لهم بمُورَة َ بنتَ عشرٍ
وسيفُ الموتِ في هام الكُمَاة ِ
فكنتِ لهم وللرّحمن صيداً
وواسطة ً لِعقْدِ المسلمات
تبعتِ محمداً من بعد عيسى
لخيركِ في سنيكِ الأُولَيات
فكان الوالدان هدى وتقوى
وكان الولدُ هذي المعجزات
ولو لم تَظْهري في العُرْبِ إلاّ
بأحمدَ كنتِ خيرَ الوالدات
تجاوزتِ الولائدَ فاخراتٍ
إلى فخر القبائل واللغات
وأَحكم مَنْ تَحَكَّمَ في يَراعٍ
وأَصْوَنِ صائنٍ لأَخيه عِرْضاً
وأحفظِ حافظٍ عهدَ اللدات
وأَقتلِ قاتلٍ للدَّهرِ خُبْراً
وأَصْبَرِ صابرٍ للغاشيات
كأني والزمانُ على قتالٍ
مُساجلة ً بميدان الحياة
أخاف إذا تثاقلت الليالي
وأشفق من خفوف النائبات
وليس بنافعي حذري، ولكنْ
إباءً أَن أَراها باغِتات
أَمأْمونٌ من الفَلَكِ العوادي
وبرجلُهُ يَخُطُّ الدائرات؟
تأَمَّلْ: هل ترى إلا شِباكاً
من الأَيام حَوْلَكَ مُلْقَيات؟
ولو أن الجهاتِ خلقن سبعاً
لكان الموتُ سابعة َ الجهات
لعاً للنعش، لا حبُّاً، ولكنْ
لأَجْلِكِ يا سماءَ المَكْرُمات
ولا خانته أَيدي حامِليه
وإن ساروا بصبري والأناة
فلم أرَ قبله المريخَ ملقى
ولم أسمع بدفن النيرات
هناكَ وقفتُ أسألكِ إتئاداً
وأُمسِكُ بالصفات وبالصّفاة
وأنظرُ في ترابكِ، ثم أغضي
كما يُغضِي الأَبِيُّ على القَذاة
وأَذكر من حياتِك ما تقضَّى
فكان من الغداة إلى الغداة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مُفسِّرَ آي الله بالأَمس بيننا
مُفسِّرَ آي الله بالأَمس بيننا
رقم القصيدة : 9592
-----------------------------------
مُفسِّرَ آي الله بالأَمس بيننا(91/164)
قم اليومَ فسرْ للورى آية َ الموتِ
رحمتَ، مصيرُ العالمين كما ترى
وكلُّ هناءٍ أو عزاءٍ إلى فَوْت
هو الدهرُ: ميلادٌ، فشغلٌ، فمأْتمٌ
فذِكرٌ كما أَبقى الصَّدَى ذاهبَ الصَّوت
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مماتٌ في المواكب، أم حياة ُ
مماتٌ في المواكب، أم حياة ُ
رقم القصيدة : 9593
-----------------------------------
مماتٌ في المواكب، أم حياة ُ
ونعشٌ في المناكب، أم عظاتُ؟
ويومكَ في البرية ِ، أم قيامٌ
وموكبك الأدلة ُ والشيات؟
وخطْبُكَ يا رياضُ أَم الدواهي
على أَنواعها والنَّازلات؟
يجِلُّ الخطْبُ في رجلٍ جليلٍ
وتَكبرُ في الكبير النائبات
وليس الميتُ تبكيه بلادٌ
كمن تَبكي عليه النائحات
وهل تَلْقَى مناياها الرواسي
فتهوي، ثمَّ تضمرها فلاة ؟
وتُكْسَرُ في مراكزها العَوالي
وتدفنُ في التراب المرهفات؟
ويغشى الليثُ في الغابات ظهراً
وكانت لا تَقرُّ بها الحَصاة ؟
ويَرْمِي الدهرُ نادِيَ عينِ شمسٍ
ولا يحمي لواءهم الرماة ؟
أجل، حملتْ على النعش المعالي
ووسدتِ الترابَ المكرمات
وحمِّلتِ المدافعُ ركنَ سلمٍ
يُشيعه الفوارس والمشاة
وحلّ المجدُ حفرته، وأمس
يُطِيف به النوائحُ والبُكاة
هوى عن أوج رفعته رياضٌ
وحازته القرونُ الخالياتُ
كأَن لم يملأ الدنيا فَعالاً
ولا هَتَفَتْ بدولته الرُّواة
نعاه البرقُ مُضْطرِباً، فماجَتْ
نجومٌ في السماءِ مُحلِّقات
كأَن الشمسَ قد نُعِيَتْ عِشاءً
إليها فهْيَ حَسْرَى كاسفات
صحيفة ُ غابرٍ طُوِيَتْ، وولَّت
على آثارِ من درجوا وفاتوا
يقول الآخرون إذا تلوها:
كذلك فليلدن الأمهات
جزى الله الرضا أَبوَيْ رياضٍ
هما غرسا وللوطن النبات
بنو الدنيا على سفرٍ عقيمٍ
وأَسفارُ النوابِغِ مُرجعات
أرى الأمواتَ يجمعهم نشورٌ
وكم بعثَ النوابغُ يومَ ماتوا
صلاحُ الأرضِ أحياءٌ وموتى
وزينتُها وأَنجُمُها الهُداة
قرائحُهم وأَيديهم عليها
هدى ، ويسارة ٌ، ومحسنات
فلو طُلِبَتْ لهم دِيَة ٌ لقالت(91/165)
كنوزُ الأَرضِ: نحن هي الدَّيات
أبا الوطنِ الأسيفِ، بكتكَ مصرُ
كما بكت الأبَ الكهفَ البناتُ
قضيتَ لها الحقوقَ فتى وكهلاً
ويومَ كبرتَ وانحنتِ القناة
ويومَ النَّهْيُ للأُمراءِ فيها
ويومَ الآمرون بها العُصاة
فكنتَ على حكومتها سراجاً
إذا بسطتْ دجاها المشكلات
يزيد الشيبُ نفسَك من حياة ٍ
إذا نقصتْ مع الشيب الحياة
وتملؤك السِّنُونَ قوى ً وعزماً
إذا قيل: السنون مثبطات
كسيْف الهندِ أَبْلَى حين فُلَّتْ
ورَقَّتْ صَفحتاه والظُّبات
رفيعُ القدرِ بالأمصار يرني
كما نظرتْ إلى النجم السراة
كأنك في سماءِ الملكِ يحيى
وآلك في السماء النيرات
تسوسُ الأمرَ، لا يعطي نفاذاً
عليك الآمرون ولا النهاة
إذا الوزراءُ لم يُعطوا قِياداً
نبذتهمُ كأَنهمُ النَّواة
زَماعٌ في انقباضٍ في اختيالٍ
كذلك كان بسمركُ الثُّبات
صِفاتٌ بَلَّغتْك ذُرَى المعالي
كذلك ترفع الرجلَ الصفات
وجدتَ المجدَ في الدنيا لِواءً
تلقَّاه المقاديمُ الأباة
ويبقى الناسُ ما داموا رعايا
ويبقى المقدمون همُ الرعاة
رياضُ، طويتَ قرناً ما طوته
مع المأْمون دِجْلة ُ والفرات
تمنت منه أياماً تحلَّى
بها الدولُ الخوالي الباذخات
وودّ القيصران لو أنَّ روما
عليها من حَضارته سِمات
حَباكَ الله حاشِيَتَيْهِ عُمْراً
وأعمارُ الكرام مباركات
فقمتَ عليه تجربة ً وخبراً
ومدرسة ُ الرجال التجربات
تمرُّ عليك كالآيات تَتْرَى
أَحاديثُ المُنى والتُّرَّهات
فأَدركتَ البخارَ وكان طفلاً
فشبَّ، فبايعته الصافنات
تجاب على جناحيه الفيافي
وتحكم في الرياح المنشآت
ويصعد في السماء على بروجٍ
غداً هي في العوالم بارجات
وبَيْنا الكهرُباءُ تُعَدُّ خرقاً
إذا هي كلَّ يومٍ خارقات
ودان البحرُ حتى خِيضَ عُمقاً
وقيدتْ بالعنان السافيات
وبلغتَ الرسائلُ، لا جناحٌ
يَجوب بها البحارَ، ولا أَداة
كأن القطرَ حين يجيب قطراً
ضمائرُ بينها مُتناجِيات
هو الخبرُ اليقينُ، وما سواه(91/166)
سأَلْتُكَ: ما المنِيَّة ُ؟ أَيُّ كأْسٍ؟
وكيف مَذاقُها؟ ومَن السُّقاة ؟
وماذا يُوجِس الإنسانُ منها
إذا غَصَّت بعلْقَمها اللَّهاة ؟
وأيُّ المصرعين أشدُّ: موتٌ
على عِلْمٍ، أَم الموتُ الفَوات؟
وهل تقع النفوسُ على أَمانٍ
كما وقعتْ على الحرمِ القطاة ؟
وتخلد أم كزعم القول تبلى
كما تبلى العظامُ أو الرفات؟
تعالى الله قابضها إليه
وناعشها كما انتعش النبات
وجازيها النعيمَ حِمى ً أَميناً
وعيشاً لا تُكدِّره أَذاة
أمثلك ضائقٌ بالحقِّ ذرعاً
وفي برديك كان له حماة ؟
أَليس الحقُّ أَن العيشَ فانٍ
وأن الحيَّ غايته الممات؟
فنمْ ما شئت، لا توحشكَ دنيا
ولا يحزنكَ من عيشٍ فوات
تصرَّمت الشبيبة ُ والليالي
وغاب الأهلُ، واحتجب اللدات
خلتْ حلمية ٌ ممن بناها
فكيف البيتُ حولك والبنات؟
أفيه من المحلة قوتُ يوم
ومن نِعمٍ مَلأْنَ الطوْدَ شاة ؟
وهل لك من حريرهما وسادٌ
إذا خشنتْ لجنبيك الصفاة ؟
تولَّى الكلُّ، لم ينفعك منه
سوى ما كان يَلتقِط العُفاة
عِبادُ الله أَكرمُهمْ عليه
كِرامٌ في بَرِيَّته، أُساة
كمائدة ِ المسيحِ، يقوم بُؤْسٌ
حواليها، وتقعدُ بائسات
أخذتكَ في الحياة ِ على هناتٍ
وأيُّ الناس ليس له هنات؟
فصفحاً في الترابِ إذا التقينا
ولُوشِيَتِ العداوة ُ والتِّرات
خُلِقتُ كأَنَّنيَ عيسى ، حرامٌ
على قلبي الضَّغِينة ُ والشَّمات
يُساءُ إليَّ أَحياناً، فأَمضي
كريماً، لا أَقوت كما أُقات
وعندي للرجال - وإن تجافوا -
منازلُ في الحفاوة ِ لا تفات
طلعتَ على النديَّ بعين شمسٍ
فوافَتْها بشمسَيْنِ الغداة
على ما كان يندو القومُ فيها
توافى الجمعُ وائتمرَ السراة
تملَّكهم وقارُك في خشوعٍ
كما نظمتْ مقيميها الصلاة
رأَيتَ وُجوهَ قومِك كيف جَلَّتْ
وكيف تَرعرعَتْ مصرُ الفتاة
أُجِيلَ الرأيُ بين يديك حتى
تبينت الرزانة ُ والحصاة
وأنتَ على أعنَّتهم قديرٌ
وهم بك في الذي تقْضي حُفاة
إذا أَبدى الشبابُ هَوى ً وزَهْواً(91/167)
أشار إليه حلمكَ والأناة
فهلاَّ قُمْتَ في النادي خطيباً
لك الكَلِمُ الكبارُ الخالدات؟
تفجَّر حكمة َ التسعين فيه
فآذانُ الشبيبة ِ صاديات؟
تقول: متى أَرى الجيرانَ عادوا
وَضُمَّ على الإخاءِ لهم شَتات؟
وأَين أُولو النُّهَى مِنَّا ومنهم
عسى يَأْسُون ما جرح الغُلاة ؟
مَشَتْ بين العشيرة رُسْلُ شرٍّ
وفرَّقتْ الظنونَ السيئات
إذا الثقة ُ اضمحلتْ بين قومٍ
تمزقت الروابطُ والصلات
فثقْ، فعسى الذين ارتبت فيهم
على الأيام إخوانٌ ثِقات
وربَّ محببٍ لا صبرَ عنه
بدتْ لك في محبته بداة
ومكروهٍ على أَخَذاتِ ظنٍّ
تحبِّبُهُ إليك التجرِبات
بنى الأوطان، هبّوا، ثم هبّوا
فبغضُ الموتِ يجليه السبات
مشى للمجد خطفَ البرقِ قومٌ
ونحن إذا مشينا السلحفاة
يعدّون القوى براً وبحراً
وعدتنا الأماني الكاذبات
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> ضجَّتْ لمصرع غالبٍ
ضجَّتْ لمصرع غالبٍ
رقم القصيدة : 9594
-----------------------------------
ضجَّتْ لمصرع غالبٍ
في الأرضِ مملكة ُ النباتِ
أَمستْ بتيجانٍ عليـ
ـه من الحِداد مُنكّسات
قامت على ساقٍ لغيـ
بته ، وأقعدت الجهات
في مأتمٍ تلقى الطبيع
ة َ فيه بين النائحات
وترى نجومَ الأرضِ من
جَزَعٍ مَوَائِدَ كاسفات
والزهرُ في أكمامه
يبكي بدمع الغاديات
وشَقائقُ النُّعمانِ آ
بَتْ بالخدودِ مُخَمَّشات
أَما مُصابُ الطبِّ فيـ
ه فسلْ به ملأَ الأساة ِ
أَوْدَى الحِمامُ بشيخهم
ومآبهم في المعضلات
ملقيِ الدروس المسفرا
تِ عن الغُروس المُثمِرات
قد كان حربَ الظلمِ ، حر
ب الجهلِ ، حربَ الترهات
والمستضاءَ بنوره
في الغربِ مُغْتَربُ الرُّفات
قد كان فيه محلَّ إج
ـلالِ الجهابذة ِ الثقات
وممثلَ المصريِّ في
حظِّ الشعوبِ من الهبات
قل للمريب : إليكَ ، لا
تأْخذْ على الحرّ الهنات
إن النوابغَ أهلَ بدْ
رٍ ما لهم من سيئات
هم في عُلا الوطنِ الأَدا
ة ًُ فلا تحطَّ من الأداة
وهمُ الأُلَى جمعوا الضما
ئرَ والعزائم من شتات(91/168)
لهم التَّجلَّة ُ في الحيا
ة ِ، وفوق ذلك في الممات
عثمانُ ، قمْ تر آية ً
اللهُ أحيا الموميات
خرجَتْ بَنِينَ من الثرى
وتحركتْ منه بناتِ
واسمعْ بمصر الهاتف
ـين بمجدها والهاتفات
والطالبين لحقها
بينَ السكينة ِ والثبات
والجاعليها قِبْلة ً
عندَ الترنُّمِ والصَّلاة
لاقوا أُبوّتَهم على
غُرِّ المناقبِ والصفات
حتى الشبابُ تراهُمُ
غلبوا الشيوخَ على الأناة
وزنوا الرجالَ ، فكان ما
أعطوْا على قدر الزنات
قل للمغالطِ في الحقا
ئق حاضرٍ منها وآت
الفكرُ جاءَ رسوله
وأتى بإحدى المعجزات
عيسى الشعورِ إذا مشى
ردّ الشعوبَ إلى الحياة
اضف القصيدة إلى مفضلتك
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> طويَ البساطُ وجفت الأقداحُ
طويَ البساطُ وجفت الأقداحُ
رقم القصيدة : 9595
-----------------------------------
طويَ البساطُ وجفت الأقداحُ
وغدَتْ عواطلَ بعدكَ الأَفراحُ
وکنفضّ نادٍ بالشآم، وسامرٌ
في مصرَ أنت هزاره الصدَّاح
وتقوضتْ للفن أطولُ سرحة ٍ
يغدى إلى أفيائها ويراح
والله ما أَدري وأَنتَ وحيدُه
أعليه يبكي، أم عليك يناح؟
إسحاقُ مات، فلا صبوحَ، ومعبدٌ
أودى ، فليس مع الغبوقِ فلاح
ملكُ الغناء أزاله عن تختهِ
قدرٌ يزيل الراسياتِ متاح
في الترب فوقَ بني سويفَ يتيمة ٌ
ومن الجواهر زَيِّفٌ وصِحاح
ما زال تاجُ الفن تياهاً بها
حتى استبدّ بها الردى المجتاح
لو تستطيع كرامة ً لمكانها
مشتِ الرياضُ إليه والأدواح
رحماكَ عبدَ الحيِّ، أمكَ شيخة ٌ
قعدَتْ، وهِيضَ لها الغَداة َ جَناح
كُسِرَتْ عَصاها اليومَ، فهي بلا عصاً
وقضى فتاها الأجودُ المسماح
الله يعلم، إن يَكُنْ في قلبها
جُرحٌ ففي أَحشاءِ مصرَ جِراح
والناسُ مَبْكِيٌّ وباكٍ إثْرَهُ
وبكا الشعوبِ إذا النوابغُ طاحوا
كان الندامى إن شَدَوْتَ وعاقروا
سيّانِ صوتُك بينهم والراح
فيما تقول مُغنِّياً ومُحدِّثاً
تتنافس الأَسماعُ والأَرواح
فارقتَ دنيا أرهقتك خسارة ً
وغنمتَ قربَ اللهِ وهو رباح(91/169)
يا مُخلِفاً للوعد، وَعْدُك ما له
عندي ولا لك في الضمير بَراح
عبثتْ به وبكَ المنية ُ، وانقضى
سببٌ إليه بأنسنا نرتاح
لما بلغنا بالأحبة والمنى
بابَ السرورِ تغيَّب المفتاح
زعموا نعيكَ في المجامع مازحاً
هيهاتَ! في ريب المنونِ مزاح
الجِدُّ غاية ُ كلِّ لاهٍ لاعبٍ
عندَ المنية ِ يجزع المفراح
رمت المنايا إذ رمينك بلبلاً
أَرداه في شَرَكِ الحياة ِ جِماح
آهاتُه حُرَقُ الغرامِ: ولفظُه
سجعُ الحَمام لَوَ کنَّهُنَّ فِصاح
وذبحهنَ حنجرة ً على أوتارها
تُؤسَى الجِراحُ، وتُذْبَحُ الأَتراح
وفللنَ من ذاك اللسان حديدة ً
يَخشى لئيمٌ بأْسَها ووقاح
وأَبحْنَ راحتَك البِلَى ، ولطالما
أَمسى عليها المالُ وهو مُباح
روحٌ تناهتْ خفة ً فتخيرتْ
نزلاً تقاصرُ دونه الأشباح
قمْ غنِّ ولدانَ الجنانِ وحورها
وابعثْ صَداك فكلُّنا أَرواح
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> سِرْ أَبا صالحٍ إلى الله واترك
سِرْ أَبا صالحٍ إلى الله واترك
رقم القصيدة : 9596
-----------------------------------
سِرْ أَبا صالحٍ إلى الله واترك
مصرَ في مأْتمٍ وحزنٍ شديد
هذه غاية ُ النفوسِ، وهذا
منتهى العيشِ مرهِ والرغيد
هل ترى الناسَ في طريقك إلا
نَعْشَ كَهْلٍ تَلاه نعشُ الوَليد؟
إنّ أَوهَى الخيوطِ فيما بدا لي
خَيْطُ عيشٍ مُعلَّقٌ بالوريد
مضغة ٌ بين خفقة ٍ وسكونٍ
ودَمٌ بينَ جَرْيَة ٍ وجُمود
أنزلوا في الثرى الوزيرَ، وواروا
فيه تسعين حِجَّة ً في صُعود
كنتَ فيها على يَدٍ من حرير
لليالي، فأصبحتْ من حديد
قد بلوناكَ في الرياسة حيناً
فبلوْنا الوزيرَ عبدَ الحميد
آخذاً من لسانِ فارسَ قسطاً
وافرَ القسْمِ من لسان لَبِيد
في ظلال الملوكِ، تُدْنِي إليهم
كلَّ آوٍ لظلِّكَ الممدود
لستَ مَنْ مَرَّ بالمعالم مَرّاً
إنما أنت دولة ٌ في فقيد
قمْ فحدِّثْ عن السنين الخوالي
وفُتوحِ المُمَلَّكِين الصِّيد
والذي مَرَّ بينَ حالِ قديمٍ
أنتَ أدرى به وحالِ جديد(91/170)
وصِف العزَّ في زمان عليٍّ
واذكر اليمنَ في زمان سعيد
كيف أسطولهم على كل بحرٍ
وسراياهمُ على كلِّ بيدِ
قد تولوا وخلَّفوكَ وفيّاً
في زمانٍ على الوفيِّ شديد
فکلْحَقِ اليومَ بالكرام كريماً
والْقَهم بينَ جَنَّة ٍ وخُلود
وتقبَّلْ وداعَ باكٍ على فقـ
ـدك، وافٍ لعهدك المحمود
Webstats4U - Free web site statistics
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> كلُّ حيٍّ على المنية غادي
كلُّ حيٍّ على المنية غادي
رقم القصيدة : 9597
-----------------------------------
كلُّ حيٍّ على المنية غادي
تتوالى الركابُ والموتُ حادي
ذهب الأوّلونَ قرناً فقرناً
لم يدمْ حاضرٌ، ولم يبقَ بادي
هل ترى منهُمُ وتَسمعُ عنهم
غيرَ باقي مآثرٍ وأيادي؟
كُرَة ُ الأَرضِ كم رَمَتْ صَوْلجَانا
وطوَتْ من ملاعبٍ وجِياد
والغبارُ الذي على صفحتيها
دورانُ الرحى على الأجساد
كلُّ قبر من جانب القفرِ يبدو
علمَ الحقِّ، أو منارَ المعاد
وزِمامُ الرِّكابِ من كلِّ فَجٍّ
ومَحَطُّ الرِّحالِ من كل وادي
تطلع الشمسُ حيث تطلع نَضْخاً
وتنحَّى كمنجل الحصّاد
تلك حمراءُ في السماءِ، وهذا
أَعوجُ النَّصْلِ مِنْ مِراس الجِلاد
ليت شعري تعمَّداً وأصرّا
أَم أَعانا جناية الميلاد
أَجَلٌ لا يَنامُ بالمِرْصاد
قَدَرٌ رائحٌ بما شاءَ غادي
يا حماماً ترنمتْ مسعداتٍ
وبها فاقة ٌ إلى الإسعاد
ضاق عن ثكلها البكا، فتغنَّتْ
رُبَّ ثُكْلٍ سَمِعْتَه من شادي
الأناة َ الأناة َ، كلُّ أليفٍ
سابقُ الإلف، أو ملاقي انفراد
هل رجعتنَّ في الحياة لفهمٍ؟
إن فهمَ الأُمورِ نِصفُ السَّداد
سَقمٌ من سلامة ٍ، وعزاءٌ
من هناءٍ ، وفرقة ٌ من وداد
يجتنى َ شهدها على إبرِ النح
لِ ، ويُمشى َ لوردها في القتاد
وعلى نائمٍ وسَهْرانَ فيها
أجلٌ لا ينامُ بالمرصار
لبدٌ صاده الردى ، وأظنّ النسْ
ـرَ من سَهمِهِ على ميعاد
ساقة َ النعشِ بالرئيس ، رويداً
موكبُ الموتِ موضعُ الإتئاد
كلُّ أَعوادِ منبر وسريرٍ(91/171)
باطلٌ غيرَ هذه الأَعواد
تستريح المطِيُّ يوماً، وهذي
تنقلُ العالمين من عهد عادِ
لا وراءَ الجيادِ زيدتْ جلالاً
منذ كانت ولا على الأَجياد
أَسأَلتم حَقِيبة َ الموتِ: ماذا
تحتها من ذخيرة ٍ وعتاد
إنّ في طيِّها إمامَ صفوفٍ
وحواريَّ نية ٍ واعتقاد
لو تركتم لها الزِّمامَ لجاءَت
وحدَها بالشهيد دارَ الرشاد
انظروا ، هل ترونَ في الجمع مصراً
حاسراً قد تجلتْ بسواد
تاجُ أحرارها غلاماً وكهلاً
راعَها أَن تراه في الأَصفاد
وسدوه الترابَ نضوَ سفارٍ
في سبيلِ الحقوقِ نِضْوَ سُهاد
واركزوه إلى القيامة رمحاً
كان للحَشْدِ، والنَّدَى ، والطِّراد
وأَقرُّوه في الصفائح عَضْباً
لم يدنْ بالقرار في الأغماد
نازحَ الدارِ ، أقصرَ اليومَ بينٌ
وانتهتْ محنة ٌ ، وكفتْ عوادي
وكفى الموتُ ما تخاف وترجو
وشَفَى من أصادقٍ وأَعادي
من دنا أو نأى فإنّ المنايا
غاية ُ القربِ أو قصارى البعاد
سرْ معَ العمرِ حيثُ شئتَ تؤوبا
وافقد العمر لا تؤبْ من رقاد
ذلك الحقُّ لا الذي زعموه
في قديمٍ من الحديث مُعاد
وجرى لفظُه على ألسُنِ النا
سِ ، ومعناه في صدور الصِّعاد
يتحلَّى به القويُّ ولكنْ
كتحلِّي القتالِ باسم الجهاد
هل ترى كالترابِ أَحسنَ عدلاً
وقياماً على حقوق العباد
نزل الأقوياءُ فيه على الضَّعْ
فى ، وحلَّ الملوكُ بالزُّهَّاد
صفحاتٌ نقية ٌ كقلوب الرُّسْ
لِ ، مغسولة ٌ من الأحقاد
قُمْ إنِ اسْطَعْتَ من سريرك، وانظر
سِرَّ ذاك اللواءِ والأجناد
هل تراهم وأنتَ موفٍ عليهم
غيرَ بنيانِ ألفة ٍ واتّحاد
أُمة ٌ هُيِّئَتْ وقومٌ لخير الدّهْـ
ـرِ أَو شرِّه على استعداد
مصرُ تبكي عليك في كل خِدْرٍ
وتصوغُ الرثاءَ في كل نادي
لو تأمّلتها لراعك منها
عرَّة البرِّ في سوادِ الحداد
منتهى ما به البلادُ تعزَّى
رجُلٌ مات في سبيل البلاد
أمّهاتٌ لا تحمل الثكلَ إلا
للنجيب الجريءِ في الأَولاد
كفريدٍ، وأَين ثاني فريدٍ؟
أيُّ ثانٍ لواحدِ الآحاد؟(91/172)
الرئيسِ الجوادِ فيما علمنا
وبَلوْنا وابنِ الرئيسِ الجواد؟
أكلتْ مالهُ الحقوقُ ، وأبلى
جِسمَهُ عائدٌ من الهمِّ عادِي
لك في ذلك الضنى رقَّوُ الرو
ح، وخَفْقُ الفؤادِ في العُوَّاد
علَّة ٌ لم تصلْ فراشك حتى
وطئتْ في القلوب والأكباد
صادفَتْ قُرْحة ً يُلائمها الصبـ
ـرُ، وتأْبَى عليه غيرَ الفساد
وعَدَ الدهرُ أَن يكون ضِماداً
لك فيها، فكان شرَّ ضِماد
وإذا الرُّوح لم تنفِّسْ عن الجس
م فبقراطُ نافخٌ في رماد
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> الضلوعُ تَتَّقِدُ
الضلوعُ تَتَّقِدُ
رقم القصيدة : 9598
-----------------------------------
الضلوعُ تَتَّقِدُ
والدموعُ تَطَّرِدُ
أيَّها الشَّجيُّ ، أفقْ
من عناءِ ما تجد
قد جرَتْ لغايتها
عبرة ٌ لها أمد
كلُّ مسرفٍ جزعاً
أو بكى ؛ سيقتصد
والزمانُ سُنَّتُه
في السُّلُوِّ يجتهد
قل لثاكلينِ مشى َ
في قواهما الكمد
لم يعافَ قبلكما
والدٌ، ولا وَلَد
الذين ميلَ بهم
في سفارهم بعدوا
ما علمنا أَشَقُوا
بالرحيل أم سعدوا
إن منزلاً نزلوا
لا يردُّ من يرد
كلُّنا إليه غداً
ليس بالبعيد غدُ
البنونَ هم دمنا
والحياة ُ والورد
لا تَلَدُّ مثلَهم
مُهْجَة ٌ، ولا كَبد
يستوون واحِدُهم
في الحنان والعدد
زينة ٌ ، ومصلحة ٌ
واستراحة ٌ، ودد
فتنة ٌ إذا صلحوا
محنة ٌ إذا فسدوا
شاغلٌ إذا مرضوا
فاجعٌ إذا فُقِدوا
جُرحُهم إذا انتُزِعوا
لا تلمُّه الضُّمدُ
العزاءُ ليس له
آسياً ، ولا الجلد
قل لِهيكل كَلِماً
من ورائهَا رَشَد
لم يَشُبْ مهذّبَها
باطلٌ ولا فَنَد
قد عجبتُ من قلمٍ
ثاكلٍ وينجرد
أَنتَ ليثُ معركة ٍ
وهو صارمٌ فرد
والسيوفُ نَخْوَتُها
في الوَطِيس تَتَّقِد
أَنت ناقدٌ أَرِبٌ
والأريبُ ينتقد
ما تقول في قدرٍ
بعضُ سنِّه الأبد
وهو في الحياة على
كلِّ خطوة ٍ رصد
يَعثُر الأَنامُ به
إن سعوا ، وإن قعدوا
يَنْزِلُ الرجالُ على
حُكْمِه وإن جَحَدوا
القضاءُ مُعْضِلة ٌ
لم يحلَّها أحد
كاّما نقضت لها(91/173)
عُقْدَة ً بدتْ عُقد
أتعبتْ معالجها
واستراح مُعْتَقِد
اتِلافُه رَشَدٌ
بالبقاءِ مُنْفَرِد
مِن بِلَى كَوائِنه
كائناتُه الجدد
لا تقل به إددٌ
إنّ حسنه الإددُ
تلتقي نقائضُه
غاية ٌ وتتَّحد
الفناء فيه يدٌ
للبقاءِ أو عضد
واختلافُه سَدَد
جدَّ في عمارته
مُنْصَفٌ ومضْطَهَد
والغني لخِدمته
كالفقير محتشد
وهو في أعنَّته
ممعنٌ ومطَّرد
والحياة ُ حنظلة ٌ
في حروفها شُهُد
هَيكلُ الشقاءِ له
من مَدامِعٍ عَمَد
قامت النعوش على
جانبَيْهِ والوُسُد
عُرْسُه ومَأْتَمُهُ
غايتاهما نفدُ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يموت في الغابِ أو في غيرِه الأسدُ
يموت في الغابِ أو في غيرِه الأسدُ
رقم القصيدة : 9599
-----------------------------------
يموت في الغابِ أو في غيرِه الأسدُ
كلُّ البلادِ وسادٌ حين تتَّسدُ
قد غيَّبَ الغربُ شمساً لا سقامً بها
كانت على جَنَباتِ الشرقِ تَتَّقِد
حدا بها الأجلُ المحتومُ فاغتربتْ
إن النفوسَ إلى آجالها تفد
كلُّ اغترابٍ متاعٌ في الحياة ِ سوى
يومٍ يفارقُ فيه المهجة َ الجسد
نعى الغمامَ إلى الوادي وساكنهِ
برقٌ تمايلَ منه السهلُ والجَلد
برقُ الفجيعة ِ لما ثار ثائِرُه
كادتْ كأَمسٍ له الأَحزابُ تَتَّحِد
قام الرجالُ حيارى منصتين له
حتى إذا هدَّ من آمالهم قعدوا
علا الصعيدَ نهارٌ كلُّه شجنٌ
وجلَّل الريفَ ليلٌ كلُّه سُهُدُ
لم يُبْقِ للضاحكين الموتُ ما وجدوا
ولم يَرُدَّ على الباكين ما فقدوا
وراءَ ريبِ الليالي أو فجاءتها
دمعٌ لكلِّ شماتٍ ضاحكٍ رصد
باتت على الفكِ في التابوتِ جوهرة ٌ
تكادُ بالليل في ظلِّ البِلَى تقِدُ
يفاخرُ النيلُ أصداف الخليج بها
وما يدبُّ إلى البحرين أَو يَرِدُ
إنّ الجواهر أسناها وأكرمها
مايقذفُ المهدُ ، لا ما يقذفُ الزَّبدُ
حتى إذا بلغ الفلكُ المدى انحدرتْ
كأنها في الأكفِّ الصارمُ الفرد
تلك القيَّة ُ من سيف الحمى كسرٌ
على السرير ، ومن رمح الحمى قصد(91/174)
قد ضمّها فزكا نعشٌ يطاف به
مُقدَّمٌ كلِواءِ الحقِّ مُنفرِد
مشتْ على جانبيه مصرُ تَنْشُدُه
كما تدَلَّهَت الثَّكْلَى ، وتَفتقِد
وقد يموت كثيرٌ لا تحسُّهمُ
كأَنهم من هَوانِ الخطب ما وُجِدوا
ثكلُ البلاد له عقلٌ ، ونكبتها
هي النجابة ُ في الأولاد ، لا العدد
مكلِّل الهامِ بالتصريح ، ليس له
عودٌ من الهام يَحويه ولا نَضد
وصاحبُ الفضل في الأَعناقِ ليس له
من الصنائعِ أَو أَعناقهم سَنَد
خلا من المِدْفَع الجبَّارِ مَركَبُهُ
وحلّ فيه الهدى والرفقُ والرَّشَد
إن المدافِعَ لم يُخْلَقْ لصُحبتها
جندُ السلام، ولا قُوّادُه المُجُد
يا بانِيَ الصرح لم يَشغَله مُمتدِحٌ
عن البناءِ، ولم يصرفه مُنتقِد
أَصمَّ عن غضبٍ مِنْ حَوْلِه ورِضًى
في ثورة ٍ تَلِدُ الأَبطالَ أَو تَئِد
تصريحك الخطوة ُ الكبرى ومرحلة ٌ
يدنو على مثلها ، أو يبعد الأمد
الحقُّ والقوة ُ ارتدّا إلى حكمٍ
من القياصل ، ما في دينه أود
لولا سِفارتُك المهديّة ُ اختصما
وملَّ النِّضالِ الذئبُ والنَّقد
ما زِلْت تَطرقُ بابَ الصلح بينهما
تفتحت الأبوابُ والسُّدد
وجَدْتها فرصة ً تُلْقى الحِبالُ لها
إنَّ السياسة َ فيها الصَّيْدُ والطَّرَد
طلبْتَها عندَ هُوجِ الحادثاتِ كما
يمشي إلى الصيد تحتَ العاصفِ الأَسَد
لما وجدت مُعدّاتِ البناءِ بنَتْ
يداك للقوم ما ذمُّوا وما حمدوا
بنيت صرحك من جهد البلاد ، كما
تبنى من الصخرِ الآساسُ والعمد
فيه ضحايا من الأَبناءِ قَيِّمة ٌ
وفيه سَعْيٌ من الآباءِ مُطَّرِد
وفيه ألوية ٌ عزَّ الجهادُ بهم
لولا المنيَّة ُ ما مالوا، ولا رقدوا
رميْت في وَتَدِ الذلِّ القديمِ به
حتى تَزعزعَ من أسبابه الوتِد
طوى حِمايَتَهُ المحتَلُّ، وانبسطتْ
حماية ُ اللهِ ، فاستذرى بها البلد
نمْ غيرَ باكٍ على ما شدت من كرمٍ
ما شِيدَ للحقِّ فَهْوَ السَّرْمَدُ الأَبد
يا ثروة َ الوطنِ الغالي، كفَى عظة ً
للناس أنك كنزٌ في الثرى بدد(91/175)
لم يطغك الحكمُ في شتَّى مظاهره
ولا استخفَّك لينُ العيشِ والرَّغد
تغْدُو على الله والتاريخِ في ثِقة ٍ
ترجو فتُقْدِمُ، أَو تخْشَى فتَتَّئِد
نشأتَ في جبهة ِ النيا ، وفي فمها
يدورُ حيثُ تَدور المجدُ والحسَد
لكلِّ يومٍ غَدٌ يمضي برَوْعَتِهِ
وما ليومكَ يا خيرَ اللداتِ غدُ
رَمَتْكَ في قنواتِ القلبِ فانصدعَتْ
منِيَّة ً ما لها قلبٌ، ولا كَبِد
لمّا أناختْ على تامورك انفجرتْ
أَزكَى من الورْدِ، أَو من مائه الوُرُد
ما كلُّ قلبٍ غدا أو راح في دمه
فيه الصديقُ وفيه الأَهلُ والولد
ولم تطاولكَ خوفاً أن يناضلها
منك الدهاءُ ورأيٌ منقذٌ نجد
فهل رثى الموت للبرِّ الذَّبِيحِ وهل
شجاه ذاك الحنانُ الساكنُ الهَمِد؟
هَيْهَات! لو وُجِدَتْ للموت عاطفة ٌ
لم يبك من آدمٍ أحبابه أحد
مَشَتْ تَذُودُ المنايا عن وَديعتها
مدينة ُ النُّور ، فارتدَّتْ بها رمد
لو يُدفع الموتُ رَدَّتْ عنك عادِيَهُ؟
للعلم حولكَ عينٌ لم تنمْ ويد
أبا عزيز سلامُ اللهِ ، رسلٌ
إليك تحمل تسليمي ، ولا بردُ
ونفحة ٌ من قوافي الشعر كنت لها
في مجلس الراحِ والريحانِ تحتشدِ
أرسلتها وبعثتُ الدمعَ يكفنها
كما تحدَّر حولَ السَّوسن البرد
عطفتُ فيك إلى الماضي ، وراجعني
ولا تغّير في أبياتها الشُّهد
حتى لمحتُكَ مَرموقَ الهلالِ على
حداثة ٍ تععدُ الأوطانَ ما تعد
والشعرُ دمعٌ، ووجدانٌ، وعاطفة ٌ
ياليت شعريَ هل قلتُ الذي أجد
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أصابَ المجاهدُ عقبى الشهيد
أصابَ المجاهدُ عقبى الشهيد
رقم القصيدة : 9600
-----------------------------------
أصابَ المجاهدُ عقبى الشهيد
وألقى عَصاه المضافُ الشَّريد
وأمسى جماداً عدوُّ الجمود
وباتَ على القيد خَصمُ القيود
حداه السفارُ إلى منزلٍ
يلاقي الخفيفَ عليه الوئيد
فقرَّ إلى موعدٍ صادقٍ
معزُّ اليقينِ مذلُّ الجحود
وباتَ الحواريُّ من صاحبيهِ
شَهيدَيْن أَسْرَى إليهم شهيد
تسربَ في منكبيْ مصطفى(91/176)
كأمسِ ، وبينَ ذراعيْ فريد
فيا لَكَ قبراً أكَنّ الكنوزَ
وساجَ الحقوقَ، وحاط العهود
لقد غيَّبوا فيك أَمضى السيوفِ
فهل أنت يا قبرُ أوفى الغمود ؟
ثَلاثُ عقائدَ في حفرة ٍ
تَدُكُّ الجبالَ، وتُوهِي الحديد
فعدنَ فكنّ الأساس المتينَ
وقام عليها البناءُ المشيد
فلا تنسَى أمسِ وآلاءَه
ألا إن أمسِ أساسُ الوجود
ولولا البلى في زوايا القبورِ
لما ظهرَتْ جِدّة ٌ للمُهود
ومَنْ طلب الخُلْقَ من كنزه
فإن العقيدة َ كنزٌ عَتيد
تعلمَ بالصبرِ ، أو بالثباتِ
جليدُ الرجالِ ، وغيرُ الجليد
طريدَ السياسة ِ منذُ الشبابِ
لقد آن يستريح الطريد
لقيت الدواهيَ من كيدها
وما كالسياسة داهٍ يكيد
حَمَلْتَ على النفس ما لا يطا
قُ، وجاوزَتِ المستطاعَ الجهود
وقلبتَ في النار مثلَ النضا
رِ ، وعربتَ مثلَ الجمانِ الفريد
أَتذكر إذْ أَنتَ تحت اللواءِ
نبيهَ المكانة ِ ، جمَّ العديد؟
إذا ما تطلَّعْتَ في الشاطئين
ربا الريفُ ، وافتنّ فيك الصعيد
وهزّ النديُّ لك المنكبينِ
وراحَ الثرى من زحامٍ يَميد
رسائلُ تذري بسجع البديعِ
وتنسي رسائلَ عبدِ الحميد
يَعِيها شيوخُ الحِمى كالحديث
ويحفظها النشءُ حفظ النشيد
فما بالُها نَكِرَتْها الأُمورُ
وطول المدى ، وانتقال الجدود ؟
لقد نسيَ القومُ أمسِ القريبَ
فهل لأحاديثه من معيد ؟
يقولون : ما لأبي ناصرٍ
وللتُّرْكِ؟ ما شأْنُه والهنود؟
وفِيمَ تحمَّل هَمَّ القريبِ
من المسلمينَ وهمَّ البعيد ؟
فقلتُ: وما ضرّكم أَن يَقومَ
من المسلمين إمامٌ رشيد ؟
أَتستكثرون لهم واحداً
وَلِيَّ القديم نصيرَ الجديد؟
سعى ليؤلف بينَ القلوبِ
فلم يَعْدُ هَدْيَ الكتابِ المجيد
يَشُدُّ عُرَى الدينِ في داره
ويدعو إلى الله أهلَ الجحود
وللقومِ حتى وراءه القفارِ
دعاة ٌ تغني ، ورسلٌ تشيد
جزى الله مَلْكاً من المحسنين
رؤوفُ الفؤادِ ، رحيمُ الوريد
كأَنَّ البيانَ بأَيامه
أَو العِلْمَ تحتَ ظلالِ الرشيد
يداوي نداه جراحَ الكرامِ(91/177)
ويدركهم في زوايا اللحود
أَجارَ عِيالَك من دهرهم
وجاملهم في البلاءِ الشديد
تولى الوليدة في يتمها
وكفكفَ بالعطف دمعَ الوليد
سلامٌ أَبا ناصرٍ في التراب
يعيرُ الترابَ رفيفَ الورود
بعدتَ وعزَّ إليكَ البريدُ
وهل بينَ حيٍّ وميتٍ بريد؟
أجلْ ، بيننا رسلُ الذكرياتُ
وماضٍ يطيفُ ، ودمعٌ يجود
وفكرٌ وإن عقلَتْه الحياة ُ
يَظَلُّ بوادي المنايا يَرود
أجلْ ؛ بيننا الخشبُ الدائباتُ
وإن كان راكبها لا يعود
مضى الدهرُ وهْيَ وراءَ الدموعِ
قيامٌ بمُلْكِ الصَّحارى قُعود
وكم حملَتْ من صَديدٍ يَسيلُ
وكم وضعتْ من حناشٍ ودود
نَشَدْتُكَ بالموت إلا أَبنْتَ
أأنتَ شقيٌّ به أم سعيد؟
وكيف يُسَمَّى الغريبُ امرؤٌ
نَزِيلُ الأُبُوّة ِ، ضَيْفُ الجُدود؟
وكيف يقال لجار الأوائ
لِ جارِ الأواخرِ : ناءٍ وحيد؟
Free counter
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> كأْسٌ مِن الدنيا تُدارْ
كأْسٌ مِن الدنيا تُدارْ
رقم القصيدة : 9601
-----------------------------------
كأْسٌ مِن الدنيا تُدارْ
منْ ذاقها خلع العذارْ
الليلُ قوامٌ بها
فإذا وَنَى قام النهار
وحبا بها الأعمارَ ، لم
تدم الطوالُ ، ولا القصار
شَرِبَ الصبيُّ بها، ولم
يخل المعمرُّ من خمار
وحسا الكرامُ سلافها
وتناول الهَمَلُ العُقار
وأصاب منها ذو الهوى
ما قد أَصاب أَخو الوقار
ولقد تميلُ على الجما
د، وتصرع الفلَكَ المُدار
كأسُ المنية ِ في يدٍ
عَسْراءَ، ما منها فِرار
تجري اليمينَ، فَمَنْ تولَّى
تولَّى يسرة ً جرت اليسار
أَوْدَى الجريءُ إذا جرى
والمستميتُ إذا أَغار
ليثُ المعامعِ، والوقا
ئع ، والمواقعِ ، والحصار
وبقيّة ُ الزُّمَرِ التي
كانت تذود عن الذمار
جندُ الخلافة ِ، عَسكرُ السـ
ـلطانِ، حامية ُ الديار
ضاقت كريدُ جبالها
بك يا خلوصي والقفار
أيامكم فيها - وإن
طال المدى - ذاتُ اشتهار
علمَ العدوُّ بأنكم
أنتم لمعصمها سوار
أَحْدَقْتُمُ بمقرِّه
فتركتموه بلا قرار
حتى اهتدى منْ كان ضـ(91/178)
لَّ ، وثاب من قد كان ثار
واعتزَّ ركنٌ للولا
ية كان مُنْقضَّ الجِدار
عِشْ للعُلا والمجدِ ـ يا
خيرَ البنين ـ ولِلفخار
أَبكي لدمعك جارياً
ولدمع إخوتِكَ الصِّغار
وأودُّ أنكمُ رجا
لٌ مثل والدكم كبار
وأُريد بيتكُمُ عما
را ، لا يحاكيه عمار
لا تخرجُ النَّعماءُ منـ
ـه ، ولا يزايلُه اليسار
قصيدة ياقاتلتي بصوت الشاعر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> ما جلَّ فيهم عيدُك المأْثورُ
ما جلَّ فيهم عيدُك المأْثورُ
رقم القصيدة : 9602
-----------------------------------
ما جلَّ فيهم عيدُك المأْثورُ
إلا وأَنت أَجلُّ يا فكتورُ
ذكروكَ بالمئة السنينَ ، وإنها
عُمرٌ لمثلكَ في النجوم قصير
ستدوم ما دامَ البيان ، وما ارتقتْ
للعالمينَ مداركٌ وشعور
ولئن حجبتَ فأنت في نظر الورى
كالنجم لم ير منه الا النور
لولا التقى لفتحتُ قبركَ للملا
وسألتُ : أين السيدُ المقبور ؟
ولقلتُ: يا قومُ انظروا إنجيلكم
هل فيهِ من قلمِ الفقيدِ سطور ؟
مَنْ بَعدَه مَلَكَ البيانَ؟ فعندكم
تاجٌ فقدتم ربهُ وسرير
مات القريضُ بموتْ هوجو ، وانقضى
مُلْكُ البيانِ، فأَنتُمُ جُمهور
ماذا يزيد العيدُ في إجلاله
وجلاله بيراعه مسطور؟
فقدتْ وجوه الكائناتِ مصوراً
نزل الكلام عليه والتصوير
كُشِفَ الغطاءُ له، فكلُّ عبارة ٍ
في طَيِّها للقارئين ضَمير
لم يُعْيِهِ لفظٌ، ولا معنى ً، ولا
غرضٌ، ولا نظمٌ، ولا منثور
مسلي الحزينِ يفكُّهُ من حزنهِ
ويرده لله وهوَ قرير
ثأرَ الملوك، وظلَّ عندَ إبائه
يرجو ويأمن عفوه المثؤور
وأعارَ واترلو جلال يراعهِ
فجلالُ ذاك السيفِ عنه قصير
يا أيها البحرُ الذي غمر الثرى
ومِنَ الثرى حُفَرٌ له وقبور
أَنت الحقيقة ُ إن تَحَجَّب شخصُها
فلها على مرَّ الزمانِ ظهور
ارفعْ حدادَ العالمين وعدْ لهم
كيما يعيد بائسٌ وفقير
وانظرْ إلى البُؤساءِ نظرة َ راحمٍ
قد كان يسعد جمعهم ويجير
الحالُ باقية ٌ كما صورتها
من عهد آدَم ما بها تغيير(91/179)
البؤس والنُّعْمى على حاليهما
والحظُّ يعدل تارة ً ويجور
ومن القويِّ على الضعيف مسيطر
ومن الغنيِّ على الفقير أمير
والنفسُ عاكفة ٌ على شهواتها
تأوي إلى أحقادها وتثور
والعيشُ آمالٌ تَجِدُّ وتنقضي
والموتُ أصدقُ ، والحياة ُ غرور
موقع أدب (adab.com)
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> ساجعُ الشؤقِ طارَ عن أوكاره
ساجعُ الشؤقِ طارَ عن أوكاره
رقم القصيدة : 9603
-----------------------------------
ساجعُ الشؤقِ طارَ عن أوكاره
وتَوَلَّى فنٌّ على آثاره
غاله نافذُ الجناحين ماضٍ
لا تفِرُّ النسورُ من أَظفاره
يطْرُق الفرخَ في الغصون ويَغشَى
لبداً في الطويل من أعماره
كان مزمارهُ ، فأصبحَ داو
دُ كئيباً يبكي على مِزماره
عبدُهُ بَيْدَ أَن كلَّ مُغَنٍّ
عَبْدُه في افتنانِه وابتكاره
مَعْبَدُ الدَّوْلَتَيْنِ في مصرَ، وإسحا
قُ السَّمِيَّيْنِ رَبِّ مصرٍ وجاره
في بساط الرشيدِ يوماً، ويوماً
في حمى جعفرٍ وضافي ستاره
صفوُ ملكيهما به في ازديادٍ
ومن الصَّفو أَن يلوذَ بداره
يخرج المالكين به جشمة ِ المل
ـكِ، ويُنْسِي الوقورَ ذِكْرَ وَقاره
ربَّ ليلٍ أغار فيه القمارى
وأَثارَ الحِسانَ من أَقماره
بصَباً يُذْكِرُ الرِّياض صَباهُ
وحجازٍ أرقّ من أسحاره
وغناءٍ يدارُ لحناً فلحناً
كحديثِ النديمِ أَو كعُقاره
وأنينٍ لو أنه من مشوقٍ
عرف السامعون مَوْضِعَ ناره
يتمنَّى أخو الهوى منه آهاً
حينَ يلحى تكون من أعذاره
زَفَراتٌ كأَنها بَثُّ قيسٍ
في معاني الهوى وفي أخباره
لا يُجاريه في تفنُّنِه العو
دُ، ولا يَشْتكِي إذا لم يُجارِه
يسمع الليل منه في الفجر: يا لي
لُ، فيصغي مستمهلاً في فراره
فجع الناسُ يوم مات الحمولي
بدواءِ الهمومِ في عطَّاره
بأبي الفنِّ، وابنه، وأخيه
القويِّ المكينِ في أَسراره
والأبيِّ العفيفِ في حالتيهِ
والجوادِ الكريمِ في إيثاره
يحبسُ اللحنَ عن غنيٍّ مدلِّ
ويذيق الفقيرَمن مختاره
يا مُغيثاً بصوته في الرزايا(91/180)
ومُعيناً بماله في المَكاره
ومُحِلَّ الفقيرِ بين ذَويه
ومعزَّ اليتيمِ بين صغاره
وعِمادَ الصديقِ إن مال دهر
وشِفاءَ المحزونِ من أَكداره
لستَ بالراحلِ القليلِ فتنسى
واحدُ الفنِّ أمة ٌ في دياره
غاية ُ الدهرِ إن أتى أو تولَّى
ما لقيتَ الغداة َ من إدباره
نزل الجد في الثرى ، وتساوى
ما مضى من قيامه وعثاره
وانقضى الداءُ باليقين من الحا
لَيْن، فالموتُ مُنتهَى إقصاره
لَهْفَ قومي على مخايلِ عزٍّ
زال عنّا بروضِهِ وهَزاره
وعلى ذاهبٍ من العيش ، ولَّيـ
تَ فولَّى الأخيرُ من أوطاره
وزمانٍ أَنت الرِّضَى من بقايا
هُ، وأَنت العَزاءُ من آثاره
كان للناس ليلُه حينَ تشدو
لحقَ اليومَ ليله بنهاره
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يا أيها الدمعُ الوفيُّ ، بدارِ
يا أيها الدمعُ الوفيُّ ، بدارِ
رقم القصيدة : 9604
-----------------------------------
يا أيها الدمعُ الوفيُّ ، بدارِ
نقضي حقوقَ الرفقة ِ الأَخيار
أَنا إن أَهنتُك في ثراهم فالهوى
والعهدُ أن يبكوا بدمعٍ جاري
هانوا وكانوا الأكرمين ، وعودروا
بالقَفْر بعدَ منازلٍ وديار
لهفي عليهم؛ أُسْكِنوا دورَ الثرى
من بعد سكنى السمع والأبصار
أين البشاشة ُ في وسم وجهوهم
والبشرُ للندماءِ والسُّمّار؟
كنا من الدنيا بهم في رَوْضة ٍ
مروا بها كنسائم الأسحار
عطفاً عليهم بالبكاءِ وبالأَسى
فتعهدُ الموتى من الإيثار
يا غائبينَ وفي الجوانح طيفهم
أَبكيكُمُ من غُيَّبٍ حُضَّار
بيني وبينكمُ وإن طال المدى
سفرٌ سأزمعُه من الأسفار
إني أَكادُ أَرى محلِّيَ بينكم
هذا قَرارُكُمُ، وذاك قَراري
أوَ كلَّما سمح الزمان وبشِّرتْ
مصرٌ بفردٍ في الرجال مَنار
فُجعَتْ به، فكأَنه وكأَنها
نجمُ الهداية لم يدمْ للساري ؟
إنّ المصيبة َ في الأَمين عظيمة ٌ
محمولة ٌ لمشيئة ِ الأقدار
في أَرْيَحيٍّ ماجدٍ مُسْتَعْظَمٌ
رُزْءُ الممالكِ فيه والأَمصار
أوفى الرجالِ لعهدهِ ولرأيهِ
وأبرّهم بصديقهِ والجار(91/181)
وأَشَدُّهم صَبراً لمعتقَداتِه
وتأَدُّباً لمجادلٍ ومماري
يَسقي القرائحَ هادئاً مُتواضعاً
كالجَدول المُترقْرِقِ المتواري
قلْ للسَّماءِ تَغُضُّ من أَقمارها
تحت الترابِ أحاسنُ الأقمار
من كل وضَّاءِ المآثر فائتٍ
زُهرَ النجومِ بزهْره السيّار
تمضي الليالي لا تنال كماله
بمعيب نقصٍ أو مَشِينِ سرار
آثاره بعدَ المواتِ حياته
إنّ الخلودَ الحقَّ بالآثار
يا منْ تفرَّد بالقضاءِ وعلمهِ
إلا قضاءَ الواحد القهّار
ما زِلتَ ترجوه، وتخشى سهْمَه
حتَّى رمَى فأَحطْتَ بالأَسرار
هلا بُعثتَ فكنت أَفصحَ مخْبَراً
عمّا وراءَ الموتِ من لازار؟
انفضْ غبارَ الموتِ عنكَ وناجني
فعَسَايَ أَعلمُ ما يكون غُباري
هذا القضاءُ الجِدُّ، فارْوِ، وهات عن
حكمِ المنية ِ أصدقَ الأخبار
كلُّ وإن شغفتهُ دنياه هوى ً
يوماً مطلقها طلاقَ نوار
لله جامعة ٌ نَهضْتَ بأَمرها
هي في المشارقِ مَصدرُ الأَنوار
أمنية ُ العقلاءِ قد ظفروا بها
بعد اختلافِ حوادثٍ وطواري
والعقلُ غاية ُ جَرْيه لأَعنَّة ٍ
والجهلُ غاية ُ جريه لعثار
لو يعلمون عظيمَ ما ترجى له
خرجَ الشحيحُ لها من الدينار
تشْرِي الممالكُ بالدَّم استقلالَهَا
قوموا اشتروه بفضَّة ٍ ونُضار
بالعلم يُبنى الملكُ حقَّ بِنائه
وبه تُنال جلائلُ الأَخطار
ولقد يُشاد عليه من شُمِّ العُلا
ما لا يُشادُ على القنا الخطَّار
إن كان سَرَّك أَن أَقمتَ جِدارها
قد ساءَها أَن مالَ خيرُ جِدار
أضحت من الله الكريم بذمّة ٍ
مَرْموقة ِ الأَعوانِ والأَنصار
كُلِئَتْ بأَنظار العزيزِ، وحُصِّنَتْ
بفؤادَ: فهي مَنيعة الأَسوار
وإذا العزيزُ أَعارَ أَمراً نظرة ً
فاليمنُ أَعجلُ، والسُّعودُ جَواري
ماذا رأَيتَ من الحجاب وعُسرِه
فدعوتنا لترفُّقِ ويسارِ ؟
رأيٌ بَدا لك لم تجدْه مُخالفاً
ما في الكتاب وسنَّة ِ المختار
والباسِلان: شجاعُ قلبٍ في الوَغى
وشجاعُ رأيٍ في وغى الأفكار
أوددتُ لو صارتْ نساءُ النيلِ ما(91/182)
كانت نساءُ قُضاعة ٍ ونِزار؟
يَجمعن في سلم الحياة ِ وحربِها
بأْسَ الرِّجالِ وخَشية َ الأَبكار
إن الحجابَ سماحة ٌ ويسارة ٌ
لولا وحوشٌ في الرجال ضواري
جَهِلوا حقيقتَه وحِكْمة حُكمه
فتجاوزوه إلى أَذى ً وضِرار
يا قبّة الغوري تحتكِ مأتمُ
تَبقى شعائرُه على الأَدهار
يُحييه قومٌ في القلوب على المدى
إن فاتهم إحياؤه في دار
هيهات! تُنسَى أُمة ٌ مدفونة ٌ
في أَربعين من الزمان قِصار
إن شئتَ يوماً أَو أَردت فحقبة ً
كلٌّ يمرُّ كليلة ٍ ونهار
هاتوا ابنَ ساعدة ً يؤبِّنُ قاسماً
وخذوا المراثِيَ فيه من بَشَّار
من كلِّ لائقة ٍ لباذخ قدرِه
عصماءَ بينَ قلائد الأشعار
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قِفوا بالقبور نُسائِلْ عُمَرْ
قِفوا بالقبور نُسائِلْ عُمَرْ
رقم القصيدة : 9605
-----------------------------------
قِفوا بالقبور نُسائِلْ عُمَرْ
متى كانت الأَرضُ مَثْوَى القمرْ؟
سلوا الأَرضَ: هل زُيِّنَتْ للعليـ
ـم؟ وهل أرجتْ كالجنان الحفر؟
وهل قام رضوانُ من خلفها
يلاقي الرضيَّ النقيَّ الأبرّ؟
فلو علِمَ الجمعُ مِمَّنْ مَضَى
تنَحَّى له الجمعُ حتى عَبر
إلى جَنَّة ٍ خُلِقَتْ للكريم
ومَن عَرَفَ الله، أَو مَنْ قَدَر
برغمِ القلوبِ وحبَّاتها
ورَغْمِ السماعِ، ورَغْمِ البصر
نزولكَ في التربِ زينَ الشبابِ
سناءَ النَّدِيِّ سَنَى المؤتمر
مُقيلَ الصديقِ إذا ما هَفا
مُقيلَ الكريمِ إذا ما عثر
حَيِيتَ فكنتَ فخارَ الحياة ِ
ومتَّ فكنتَ فخارَ السير
عجيبٌ رَداكَ، وأَعجبُ منه
حياتُك في طولها والقِصَر
فما قبلها سمعَ العالمون
ولا علموا مصحفاً يختضر
وقد يَقتلُ المرءَ همُّ الحياة ِ
وشغلُ الفؤادِ، وكدُّ الفِكر
دفنَّا التجاربَ في حفرة ٍ
إليها انتهى بك طولُ السَّفر
فكم ذلك كالنَّجم من رحلة ٍ
رأَى البدوُ آثارَهَا والحَضَر
نِقاباتُك الغُرُّ تَبكي عليك
ويبكي عليك النديُّ الأغر
ويبكي فريقٌ تحيرته
شَريفَ المَرامِ، شَريفَ الوَطَر(91/183)
ويبكي الألى أنتَ علمتهمْ
وأَنت غرسْتَ، فكانوا الثمر
حَياتُك كانَتْ عِظاتٍ لهم
وموتُك بالأَمسِ إحدى العِبَر
سَهِرنا قُبَيْلَ الرَّدى ليلة ً
وما دارَ ذكرُ الرَّدى في السمر
فقمتَ إلى حفرة هُيِّئَتْ
وقمتُ إلى مثلِها تُحْتَفَر
مددتُ إليك يداً للوداع
ومدَّ يداً للقاءِ القدر
ولو أَنّ لي علمَ ما في غدٍ
خَبَأْتُك في مُقْلتِي مِن حذَر
وقالوا: شكوتَ، فما راعني
وما أولُ النارِ إلا شرر
رثيتُك لا مالكاً خاطري
من الحزن، إلا يسيراً خطر
ففيك عرفتُ ارتجالَ الدموعِ
ومنك علمتُ ارتجالَ الدُّرر
ومثلُك يُرثَى بآيِ الكتابِ
ومثلُك يُفدَى بنصف البشر
فيا قبرُ، كنْ روضة ً من رضى
عليه، وكنْ باقة ً من زهر
سقتك الدموعُ، فإن لم يدمنَ
كعادتهنّ سقاك المطر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> اليومَ أَصْعَدُ دونَ قبرِكَ مِنْبَرا
اليومَ أَصْعَدُ دونَ قبرِكَ مِنْبَرا
رقم القصيدة : 9606
-----------------------------------
اليومَ أَصْعَدُ دونَ قبرِكَ مِنْبَرا
وأُقلِّدُ الدنيا رِثاءَك جَوْهَرَا
وأَقصُّ مِن شِعري كتابَ محاسنٍ
تتقدم العماء فيه مسطَّرا
ذكراً لفضلك عندَ مصرَ وأَهلِها
والفضلُ من حُرُماتِه أَن يُذْكَرا
العلمُ لا يعلي المراتبَ وحده
كم قدم العملُ الرجالَ وأخَّرا
والعلمُ أَشبهُ بالسماءِ رجالُه
خُلِطَتْ جَهاماً في السحابِ ومُمْطِرا
طفنا بقبركَ، واستلمنا جندلاً
كالركنِ أَزْكَى ، والحَطيمِ مُطهَّرا
بين التشرُّفِ والخشوع، كأَنما
نستقبل الحرمَ الشريفَ منورا
لو أنصفوكَ جنادلاً وصفائحاً
جعلوكَ بالذكر الحكيم مُسَوَّرا
يا منْ أراني الدهرُ صحة َ ودِّه
والودُّ في الدنيا حديثٌ مفترى
وسمعتُ بالخُلُقِ العظيمِ رواية ً
فأراني الخلقَ العظيمَ مصَّورا
ماذا لقيتَ من الرُّقاد وطوله؟
أَنا فيك أَلقى لوعة ً وتحسُّرا
نمْ ما بدا لك آمناً في منزلٍ
الدهرُ أَقصرُ فيه من سِنَة ِ الكرَى
ما زلتَ في حمد الفراشِ وذمِّه(91/184)
حتى لقيتَ به الفِراشَ الأَوْثرا
لا تَشكُوَنّ الضُّرَّ من حشراته
حشراتُ هذا الناسِ أَقبحُ مَنظرا
يا سيّدَ النادي وحاملَ همِّه
خلَّفته تحت الرزية موقرا
شهدَ الأعادي كم سهرتْ لمجده
وغدَوْتَ في طلب المزيد مُشمِّرا
وكم اتَّقيْتَ الكَيْدَ واستدفعْته
ورميتَ عدوانَ الظنونِ فأقصرا
ولَبِثْتَ عن حَوْضِ الشَّبيبة ذائداً
حتى جزاكَ الله عنه الكَوْثرا
شبانُ مصرَ حيالَ قبركَ خشعٌ
لا يملكون سوى مدامعهم قِرى
جمعَ الأسى لك جمعهم في واحدٍ
كان الشبابَ الواجدَ المستعبرا
لولاك ما عرفوا التعاون بينهم
فيما يسُرُّ، ولا على ما كدَّرا
حيث التفتَّ رأيتَ حولكَ منهمُ
آثارَ إحسانٍ وغرساً مثمراً
كم منطقٍ لك في البلاد وحكمة ٍ
والعقلُ بينهما يُباع ويُشْترَى
تمشي إلى الأَكواخ تُرشِد أَهلَها
مشيَ الحواريينَ يهدون القرى
متواضعاً لله بينَ عباده
واللهُ يبغض عبده المتكبرا
لم تدرِ نفسك: ما الغرور؟ وطالما
دخل الغُرورُ على الكبار فصغّرا
في كلِّ ناحية ٍ تَخُطُّ نِقابة ً
فيها حياة ُ أَخي الزراعة ِ لو دَرَى
هي كيمياؤكَ، لا خرافة ُ جابرٍ
تذرُ المقلَّ من الجماعة مكثرا
والماُ لا تجني ثمارَ رؤوسه
حتى يصيبَ من الرؤوس مُدَبِّرا
والملكُ بالأموالِ أمنعُ جانباً
وأَعزُّ سلطاناً، وأَصدقُ مَظهرا
إنا لفي زمنٍ سِفاهُ شعوبِه
في ملكهم كالمرءِ في بيت الكرا
أسواكَ من أهل المبادىء ِ منْ دعا
للجدِّ، أو جمعَ القلوب النُّفَّرا؟
الموتُ قبلك في البرية لم يهبْ
طsه الأَمين، ولا يسوع الخيِّرا
لما دعيتُ أتيتُ انثرُ مدمعي
ولو استطعت نثرتُ جفني في الثرى
أبكي يمينك في التراب غمامة
والصدرَ بحراً، والفوادَ غضنفرا
لم أُعْطَ عنك تَصَبُّراً، وأَنا الذي
عزَّيتُ فيك عن الأمير المعشرا
أزنُ الرجالَ، ولي يراعٌ طالما
خلع الثناءَ على الكرامِ محبَّرا
بالأمسِ أرسلتُ الرثاءَ ممسكاً
واليومَ أَهتِفُ بالثناءِ مُعَنْبَرا
غيَّرْتَني حزناً، وغيَّرك البِلَى(91/185)
وهواك يأْبَى في الفؤاد تغيُّرا
فعليّ حفظُ العهد حتى نلتقي
وعليك أَن ترعاه حتى نُحشَرا
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> حلفتُ بالمستَّرهْ
حلفتُ بالمستَّرهْ
رقم القصيدة : 9607
-----------------------------------
حلفتُ بالمستَّرهْ
والروضة ِ المعطَّرهْ
ومجلسِ الزَّهراءِ في الـ
ـحظائر المنورة
مراقدِ السُّلالة ِ الطَّيِّبـ
ـة ِ المطهَّره
ما أنزلوا إلى الثرى
بالأمس إلا نيَّره
سيروا بها تقيَّة ً
نقية ً مبرره
نجلُّ سترَ نعشها
كالكسوة ِ المسيَّره
وننشقُ الجنة َ من
أَعوادِه المُنضَّره
في موكبٍ تَمَثَّلَ الـ
ـحقُّ فكان مظهره
دع الجنودَ والبنو
دَ والوفودَ المُحْضَره
وكلَّ دمعٍ كَذِبٍ
ولَوْعَة ٍ مُزَوَّره
لا ينفع الميْتَ سوى
صالحة ٍ مدَّخره
قد تُرْفَعُ السُّوقة ُ عنـ
ـدَ اللهِ فوقَ القيصره
يا جزعَ العلمِ على
سُكَيْنَة المُوَقَّره!
أَمسى برَبْعٍ مُوحِشٍ
منها ودارٍ مُقْفِره
من ذا يُؤسِّي هذه الـ
ـجامعة َ المُستَعْبِره
لو عشتِ شدتِ مثلها
للمرأَة ِ المحرَّره
بنيتِ رُكنَيْها، كما
يبني أَبوكِ المَأْثُرَه
قرنتِ كلَّ حجرِ
في أُسِّها بجوهَره
مفخرة ٌ لبيتكم
كم قبلها من مَفخره!
يا بنتَ إسماعيلَ، في الـ
ـميْتِ لحيٍّ تَبْصِره
أَكان عندَ بيتِكم
لهذه الدنيا تره؟
هلاَّ وصَفْتِها لنا
مقبلة ً ومدبره؟
كالحلم، أو كالوهم، أَو
كالظلِّ، أو كالزهره؟
فاطمُ، من يولدْ يمتْ
المهدُ جسرُ المقبره
وكلُّ نفسٍ في غدٍ
مَيِّتة ٌ فمُنْشَرَه
وإنه مَنْ يَعملِ الـ
ـخيرَ أو الشرَّ يره
يلفظها حنظلة ً
كانت بفيهِ سكَّره
ولن تزالَ من يدٍ
إلى يدٍ هذي الكره
أَين أَبوكِ؟ مالُه
وجاهه، والمقدره؟
وادي النَّدَى ، وغَيْثُه
وعَيْنُه المُفجَّره
أين الأمورُ، والقصو
رُ، والبدورُ المُخْدَره؟
أين الليالي البيضُ، والـ
ـأصائلُ المزعفره؟
وأين في ركن البلا
دِ يده المعمِّره
وأين تلك الهمة ُ الـ(91/186)
ـماضية ُ المشمَّره؟
تبغي لمصر الشرق أَو
أكثرهُ مستعمره
جرى الزمانُ دونَها
فردّه وأعثره
فإن همَمْتَ فاذكر الـ
ـمقادرَ المقدَّره
من لا يصبْ فالناسُ لا
يَلتمسون المعذِرَه
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لم يَمُتْ مَنْ له أَثَرْ
لم يَمُتْ مَنْ له أَثَرْ
رقم القصيدة : 9608
-----------------------------------
لم يَمُتْ مَنْ له أَثَرْ
وحياة ٌ منَ السيرْ
أدعه غائباً، وإن
بعدتْ غاية ُ السفر
آيبُ الفضلِ كلما
آبتِ الشمسُ والقمر
ربَّ نورٍ متممٍ
قد أتانا من الحفر
إنما الميتُ منْ مشى
ميتَ الخيرِ والخبَر
منْ إذا عاشَ لم يفدْ
وإذا مات لم يَضِر
ليس في الجاهِ والغِنَى
منه ظِلٌّ ولا ثمر
قبُح العِزُّ في القُصو
رِ إذا ذلَّتِ القصر
أعوز الحقَّ رائدٌ
وإلى مصطفى افْتَقَر
وتمنَّت حياضُه
هَبَّة َ الصارِمِ الذَّكَر
الذي ينفذُ المدى
والذي يَركبُ الخطر
أَيُّها القومُ، عظِّموا
واضعالأسِّ والحجر
أذكروا الخطبة َ التي
هي من آية َِ الكبر
لم يرَ الناسُ قبلهَا
منيراً تحتَ مختضَر
لستُ أنسى لواءَه
وهو يَمشي إلى الظَّفَر
حَشَرَ الناسَ تحتَه
زمراً إثرها زمر
وترى الحقَّ حوله
لا ترى البيضَ والسُّمر
كلَّما راح أَو غَدا
نَفَخَ الرُّوحَ في الصُّوَر
يا أخا النَّفسِ في الصِّبا
لذَّة ُ الروحِ في الصِّعر
وخليلاٍ ذخرته
لم يُقَوَّمْ بمُدَّخَر
حالَ بيني وبينه
في فُجاءَاتِه القَدَر
كيف أجزي مودَّة ً
لم يَشُبْ صَفْوَها كدَر؟
غيرَ دَمْعٍ أقولهُ
قلَّ في الشأنِ أو كثر ؟
وفُؤادٍ مُعَلَّلٍ
بالخيالات والذُّكر ؟
لم ينمْ عنك ساعة ً
في الأحاديث والسَّمر ؟
قمْ ترَ القومَ كتلة ً
مثلَ مَلمومة ِ الصَّخر
جدَّدوا ألفة َ الهوى
والإخاءَ الذي شطر
ليس للخلف بينهم
أَو لأَسبابه أَثر
ألَّفتهم روائحٌ
غادياتٌ من الغِيَر
وصحوا من منوَّمٍ
وأفاقوا من الخدر
أقبلوا نحوَ حقِّهم
ما لهم غيْرَه وَطَر
جعلوه خَلِيَّة ً
شرعوا دونَها الإبَر
وتواصوا بخطَّة ٍ(91/187)
وتداعَوْا لمؤتمر
وقُصَارَى أولى النُّهَى
يَتلاقوْنَ في الفِكَر
آذنونا بموقفٍ
من جلالٍ ومن خَطَر
نسمع الليثَ عنده
دون آجامه زأر
قُلْ لهم في نَدِيِّهم
: مصرُ بالباب تنتظِر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> اخترتَ يومَ الهولِ يومَ وداعِ
اخترتَ يومَ الهولِ يومَ وداعِ
رقم القصيدة : 9609
-----------------------------------
اخترتَ يومَ الهولِ يومَ وداعِ
ونعاكَ في عَصْفِ الرياحِ الناعي
هتف النُّعاة ُ ضُحى ً، فأَوْصَدَ دونهم
جُرحُ الرئيسِ منافذَ الأَسماعِ
منْ ماتَ في فزعِ القيامة ِ لم يجدْ
قدماً تشيِّع أو حفاوة ساعي
ما ضرَّ لو صبَرتْ ركابُك ساعة ً
كيف الوقوفُ إذا أهاب الداعي ؟
خلِّ الجنئزَ عنك ، لا تحفل بها
ليس الغرورُ لميِّتٍ بمتاع
سِرْ في لواءِ العبقريّة ِ، وانتظِمْ
شتَّى المواكب فيهِ والأَتباع
واصعد سماءَ الذكر من أَسبابها
واظهر بفضلٍ كالنهار مُذاع
فجعَ البيانُ وأهلهُ بمنصوِّر
لَبِقٍ بوشْيِ الممتِعاتِ صَناع
مَرموقِ أَسبابِ الشبابِ وإن بَدَتْ
للشيب في الفَودِ الأَحَمِّ رَواعي
تتخيلُ المنظومَ في منثوره
فتراهُ تحت روائِع الأَسجاع
لم يَجْحَدِ الفُصحَى ، ولم يَهجُم على
أسلوبها ، أو يزرِ بالأوضاع
لكنْ جرى والعصرَ في مضارها
شوطاً ، فأحرز غاية َ الإبداع
حرُّ البيانِ ، قديمُه وجديدُه
كالشمسِ جدّة َ رُقعة ٍ وشُعاعِ
يونانُ لو بيعت بهوميرٍ لما
خسرتْ - لعمركَ - صفقة المبتاع
يامرسلَ النظراتِ في الدنيا وما
فيها على ضجرٍ وضيقٍ ذراع
ومُرَقْرِقَ العبراتِ تجري رِقَّة ً
للعالم الباكي من الأوجاع
مَنْ ضَاقَ بالدنيا فليس حكيمَها
إتّ الحكيمَ بها رحيبُ الباع
هيَ والزمانُ بأرضهِ وسمائهِ
في لجَّة ِ الأقدارِ نضو شراع
مَنْ شَذَّ ناداه إليه فردَّهُ
قَدَرٌ كراعٍ سائقٍ بقطاع
ما خلفهُ إلا مقودٌ طائعٌ
متلفِّت عن كبرياءِ مطاع
جبارُ ذهنٍ ، أو شديدُ شكيمة ٍ
يمضي مضيَّ العاجزِ المنصاع
من شوة َ الدنيا إليك فلم تجدْ(91/188)
في الملكِ غيرَ معذبين جياع ؟
أَبكل عينٍ فيه أَو وَجْهٍ ترى
لمحاتِ دمعٍ أَو رسومَ دِماع؟
ما هكذا الدنيا، ولكنْ نُقْلة ٌ
دمعُ القَريرِ وعَبْرَة ُ المُلتاع
لا الفقرُ بالعبراتِ خصَّ ولا الغنى
غِيَرُ الحياة ِ لهنّ حُكْمُ مشاع
مازالَ في الكوخِ الوضيعِ بواعثٌ
منها، وفي القصرِ الرفيعِ دَواعِي
في القفرِ حيَّاتٌ يسيِّبها به
حاوي القضاءِ ، وفي الرياضِ أفاعي
ولَرُبَّ بُؤْسٍ في الحياة ِ مُقنَّعٍ
أربى على بؤسٍ بغير قناع
يا مصتطفى البلغاءِ ، أيّ يراعة ٍ
فقدوا ؟ وأيّ معلمٍ بيراع ؟
اليومَ أَبصرتَ الحياة َ؛ فقلْ لنا
: ماذا وراءَ سرابها اللماع ؟
وصِفِ المنونَ؛ فكم قعدْتَ ترى لها
شبحاً بكلِّ قراوة ويفع
سكن الأحبّة ُ والعدى ، وفرغتَ منْ
حِقْدِ الخُصوم، ومِنْ هوى الأَشياع
كم غارة ٍ شَنُّوا عليكَ دفعْتَها
تصِلُ الجهودَ فكُنَّ خيرَ دِفاع
والجهدُ موتٍ في الحياة ِ ثماره
والجهدُ بعدَ الموتِ غيرُ مضاع
فإذا مضى الجيلُ المرضُ صدوره
وأتى السليمُ جوانبَ الأضلاع
فافزع إلى الزمن الحكيم؛ فعنده
نقدٌ تنَّزهَ عن هوى ونزاع
فإذا قضى لك أبتَ من شمِّ العلا
بثَنِيَّة ٍ بَعدَت على الطَّلاع
وأجلُّ ما فوقَ الترابِ وتحته
قلمٌ عليه جلالة ُ الإجماع
تلك الأناملُ نام عنهنّ البلى
عطِّلنَ من قلم أشمَّ شجاع
والجبنُ في قلم البليغِ نظيرهُ
في السيف مَنْقَصَة ٌ وسوءُ سماع
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> خفضتُ لعزة ِ الموتِ اليراعا
خفضتُ لعزة ِ الموتِ اليراعا
رقم القصيدة : 9610
-----------------------------------
خفضتُ لعزة ِ الموتِ اليراعا
وجَدَّ جلالُ مَنْطِقِهِ، فراعا
كفَى بالموتِ للنُّذُرِ ارتجالاً
وللعَبَراتِ والعِبَرِ اختراعا
حكيمٌ صامتٌ فضَح الليالي
ومَزَّق عن خَنا الدنيا القِناعا
إذا حضر النفوسَ فلا نعيماً
ترى حولَ الحياة ِ ولا مَتاعا
كشفتُ به الحياة َ فلم أَجِدْها
ولمحة َ مائها إلا خداعا
وما الجرّاحُ بالآسي المرجَّى(91/189)
إذا لم يقتل الجثثَ اطِّلاعا
فإن تَقُل الرِّثاءَ فقُلْ دموعاً
يُصاغ بهنّ، أَو حِكَماً تُراعَى
ولا نكُ مثلَ نادبة ِ المسجَّى
بَكت كَسْباً، ولم تَبْكِ الْتِياعا
خلتْ دولُ الزمانِ وزلنَ ركناً
وركنُ الأرض باق ، ما تداعى
كأنّ الأرضَ لم تشهدْ لقاءً
تكاد له تميدُ ، ولا وداعا
ولو آبتْ ثواكلُ كلِّ قَرْنٍ
وجَدْنَ الشمسَ لم تَثْكَل شُعاعا
ولكن تضرب الأمثالُ رشداً
ومنهاجاً لمن شاءَ اتِّباعا
ورُبّ حديثِ خيرٍ هاجَ خيراً
وذكرِ شجاعة ٍ بعث الشُّجاعا
معارفُ مصرَ كان لهنَّ ركنٌ
فذُقْنَ اليومَ للركنِ انصِداعا
مضى أَعْلى الرجالِ لها يميناً
وأرحبهم بحلَّتها ذراعا
وأكثرهم لها وقفاتِ صدقٍ
إباءً في الحوادث أَو زَماعا
أتتهُ فنالها نفلاً وفيئاً
تنقل يافعاً فيها وكهلاً
ومن أسبابها بلغَ اليفاعا
فتى عجمتْه أحداثُ الليالي
فلا ذلاً رأين ، ولا اختضاعا
سَجَنَّ مُهنَّداً، ونَفَيْن تِبْراً
وزِدْنَ المسك من ضغْطٍ فضاعا
شديدٌ صُلَّبٌ في الحق حتى
يقولَ الحقُّ : ليناً وائِّداعا
ومدرسة ٍ سمتْ بالعلم ركناً
وأنهضتِ القضاءَ والاشتراعا
بناها محساً بالعلم برًّا
يشيد له المعالمَ والرباعا
وحاربَ دونها صرْعَى قديمٍ
كأَنّ بهم عن الزمنِ انقطاعا
إذا لمحَ الجديدُ لهم تَوَلَّوْا
كذي رَمَدٍ على الضوءِ امتناعا
أخا سيشيلَ ، لا تذكرْ يحاراً
بَعدنَ على المزار ولا بقاعا
وربِّك ما وراءَ نَواكَ بُعدٌ
وأنتَ بظاهر الفسطاطِ قاعا
نزلتَ بعالمٍ خرق القضايا
وأصبح فيه نظمُ الدهرِ ضاعا
فخلِّ الأربعين لحافليها
وقُمْ تَجِد القرونَ مرَرْنَ ساعا
مرضتَ فما ألحّ الداءُ إلاَّ
على نفسٍ تعِّودت الصِّراعا
ولم يكُ غيرَ حادثة ٍ أصابت
مُفلِّلَ كلّ حادثة ٍ قِراعا
ومَنْ يتجرَّع الآلامَ حياً
تَسُغْ عند المماتِ له اجتراعا
أرقتَ ، وكيف يعطى الغمض جفنٌ
تَسُلُّ وراءَه القلبَ الرُّواعا
ولم يَهدَأْ وسادُك في الليالي
لعلمك أنْ ستفنيها اضطجاعا(91/190)
عَجِبْتُ لشارحٍ سببَ المنايا
يسمِّى الداءَ والعللَ الوجاعا
ولم تكن الحتوفُ محلَّ شكٍّ
ولا الآجالُ تحتملُ النزاعا
ولكنْ صيَّدٌ ولها بزاة ٌ
ترى السّرطان منها والصُّداعا
أَرَى التعليم لمّا زلت عنه
ضعيف الركنِ ، مخذولاً ، مضاعا
غريقٌ حاولت يَدُه شِراعاً
فلمّا أوشكتْ فقد الشراعا
سَراة ُ القومِ مُنصرفون عنه
لقد نسَّاه يومك ناصباتٍ
من السّنوات قاساها تباعا
قُم ابنِ الأُمَّهاتِ على أَساسٍ
ولا تبيِ الحصونَ ولا القلاعا
فهنَّ يلدن للقصبِ المذاكي
وهنَّ يلدن للغابِ السِّباعا
وَجدْتُ مَعانيَ الأَخلاق شتَّى
جمعهن فكنَّ في اللفظ الرّضاعا
عَزاءَ الصابرين أَبا بهِيٍّ
ومثلُك مَنْ أَناب ومَنْ أَطاعا
صبرتَ على الحوادث حين جلَّتْ
وحينَ الصبرُ لم يكُ مستطاعا
وإن النفسَ تهدأُ بعدَ حينٍ
إذا لم تلقَ بالجزع انتفاعا
إذا اختلف الزمانُ على حزينٍ
مضى بالدمع ، ثم محا الدِّماعا
قُصارَى الفَرْقَدَيْنِ إلى قضاءٍ
إذا عثرا به کنفصَما اجتماعا
ولم تَحْوِ الكِنانة آلَ سعدٍ
أشدَّ على العدا منكم نباعا
ولم تحمِل كشيخكمُ المُفدَّى
نهوضاَ بالأمانة ِ واضطلاعا
غداً فَصْلُ الخِطابِ، فمَنْ بَشيرِي
بأنّ الحقَّ قد غلب الطّماعا ؟
سَلُوا أَهلَ الكِنانة ِ: هل تداعَوْا؟
فإن الخصمَ بعدَ غدٍ تداعى
وما سعدٌ بمتَّجرٍ إذا ما
تعرَّضت الحقوقُ شَرَى وباعا
ولكنْ تحتمِي الآمالُ فيه
وتدَّرِعُ الحقوقُ به ادِّراعا
إذا نظرَتْ قلوبُكُمُ إليه
علا للحادثات وطال باعا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> كاتبٌ محسنُ البيانِ صناعهُ
كاتبٌ محسنُ البيانِ صناعهُ
رقم القصيدة : 9611
-----------------------------------
كاتبٌ محسنُ البيانِ صناعهُ
استخَفَّ العقولَ حيناً يَراعُه
إبنُ مصرٍ، وإنما كلُّ أَرضٍ
تنطقُ الضادَ مهدهُ ورباعُه
إنما الشرقُ منزلٌ لم يُفرِّق
أهله إن تفرَّقتْ أصقاعه
وطنٌ واحدٌ على الشمس والفص
حى ، وفي الدمع والجراحِ اجتماعه(91/191)
علمٌ في البيان ، وابنُ لواءٍ
أَخذَ الشرقَ حِقبة ً إبداعه
حَسْبُه السحرُ من تُراثِ أَبيه
إن تولَّتْ ، قصوره وضياعه
إنما السحرُ والبلاغة ُ والحكـ
ـمة ُ بَيْتٌ، كلاهما مِصراعه
في يدِ النَّشءِ من بيان المويلحي
مثلٌ ينفع الشبابَ اتِّباعه
صورٌ من حقيقة وخيالٍ
هي إحسانُ فكرهِ وابتداعه
رُبَّ سجعٍ كمُرْقِص الشعرِ لمّا
يختلفْ لحنهُ ولا إيقاعه
أو كسجع الحمامِ لو فصَّلتهُ
وتأنَّتْ به ، ودقَّ اختراعه
هو فيه بديعُ كلِّ زمانٍ
ما بديعُ الزمانِ؟ ما أسجاعه؟
عجبَ الناسُ من طباعِ المويلحيِّ
، وفي الأسدِ خلقه وطباعه
فيه كِبْرُ اللُّيوثِ حتى على الجو
ع، وفيها إباؤُه وامتِناعه
قعب الموتُ في صبورٍ على النز
عِ، قليلٍ إلى الحياة ِ نِزاعه
صارع العيشَ حقبة ً ، ليت شعري
ساعة َ الموتِ كيف كان صِراعه؟
قهرَ الموتَ والحياة َ ، وقد تح
كمُ في رائض السِّباع سباعه
مُهجة ٌ حرّة ٌ، وخُلْقٌ أَبِيٌّ
عيّ عنه الزمانُ وارتدَّ باعه
في الثّمانين - يا محمدُ - علمٌ
لِعليمٍ، وإن تَناهى اطِّلاعه
لمْ تقاعدتَ دونها وتوانى
سائقُ الفُلْكِ، واضمحلّ شِراعه؟
ليس فيه جماحُه واندفاعه
سيِّدُ المنشئين حَثَّ المطايا
ومضى في غباره أتباعه
حطَّهم بالإمام للموت ركبٌ
يَتلاقى بِطاؤه وسِراعه
قنَّعوا بالتراب وجهاً كريماً
كان من رقعة ِ الحياءِ قناعه
كسنا الفجرِ في ظلال الغوادي
كرمٌ صفحتاه، هَدْيٌ شُعاعه
يا وحيداً كأَمسِ في كِسْر بيتٍ
ضيقٍ بالنَّزيلِ ، رحبٍ ذراعه
كلُّ بيتٍ تَحلُّه يستوي عندك
في الزُّهدِ ضِيقُهُ واتِّساعه
نمْ مليًّا ، فلستِ أولَ ليثٍ
بفَلاة ِ الإمام طال اضطجاعه
حولَك الصالحون، طابوا وطابَتْ
أَكَماتُ الإمامِ منهم وقاعه
قلَّدوا الشرقَ من جمالٍ وخيرٍ
ما يئودُ المفنِّدين انتزاعه
أُسِّسَتْ نهضة ُ البناءِ بقومٍ
وبقومٍ سما وطالَ ارتفاعه
كلُّ حيٍّ - وإن تراختْ منايا
هُ - قضاءُ عن الحياة انقطاعه
والذي تحرص النفوسُ عليه(91/192)
عالمٌ باطلٌ قليلٌ مَتاعه
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَجَلٌ وإن طال الزمانُ مُوافي
أَجَلٌ وإن طال الزمانُ مُوافي
رقم القصيدة : 9612
-----------------------------------
أَجَلٌ وإن طال الزمانُ مُوافي
أَخْلى يدَيْكَ من الخليلِ الوافِي
داعٍ إلى حقٍّ أهابَ بخاشعٍ
لبس النذيرَ على هُدًى وعفاف
ذهب الشبابُ ، فلم يكن رزئي به
دونَ المصابِ بصَفوة الأُلاَّف
جَللٌ من الأَرزاءِ في أَمثاله
هممُ العزاءِ قليلة ُ الإسعاف
خفَّتْ له العبراتُ ، وهي أبيَّة ٌ
في حادثاتِ الدهر، غيرُ خِفاف
ولكلّ ما أَتلفْتَ من مُستكرَمٍ
إلا مودّاتِ الرجالِ تَلاف
ما أنتِ يا دنيا ؟ أرؤيا نائمٍ
أم ليلُ عرسٍ ، أم بساط سلاف ؟
نعماؤكِ الرَّيحانُ ، إلا أنه
مسَّتْ حواشيه نقيعَ زعافي
مازلتُ أصحبُ فيكِ خلقاً ثابتاً
حتى ظفرتُ بخلقكِ المتنافي
ذهب الذبيحُ السمحُ مثل سميِّه
طهرَ المكفَّنِ ، طيِّب الألفاف
كم بات يذبحُ صدرَه لشكاته
أَتُراه يحسبها من الأَضياف؟
نَزَلتْ على سَحْرِ السَّماح ونَحْرِه
وتقاَّبتْ في أكرمِ الأكناف
لَجَّتْ على الصَّدر الرحيبِ وبرِّحَتْ
بالكاظم الغيظِ ، الصَّفوح ، العافي
ما كان أقسى َ قلبها من علَّة
علقتْ بأرحم حيَّة وشغاف
قلبٌ لو انتظم القلوبَ حَنانهُ
لم يبْق قاسٍ في الجوانح جافي
حتى رماه بالمنيَّة فانجلتْ
منْ يبتلي بقضائه ويعافى
أخنتْ على الفلكِ المدارِ فلم يدرْ
وعلى العباب فقرَّ في الرجّاف
ومَضَتْ بنارِ العبقريّة ِ، لم تَدَعْ
غيرَ الرَّمادِ، ودارساتِ أَثافي
حَملوا على الأَكتاف نورَ جلالة ٍ
يذرَ العيونَ حواسدَ الأكتاف
وتقلَّلدوا النعشَ الكريمَ يتيمة ً
ولكَمْ نعوشٍ في الرقاب زياف
متمايلَ الأعوادِ ممّا مسَّ من
كرمٍ ، وممّا ضمَّ من أعطاف
وسَلامُ أَهلٍ وُلَّعٍ وصَحابة ٍ
وإذا جلالُ العبقريّة ِ ضافي
ويحَ الشبابِ وقد تخطَّرَ بينهم
هل متِّعوا بتمسُّحٍ وطواف ؟
لوعاش قدوتهم وربُّ لوائهم(91/193)
نكسَ اللواءَ لثابتٍ وقَّاف
فلكَمْ سقاه الودَّ حينَ وِدادُه
حربٌ لأَهل الحكمِ والإشراف
لا يومَ للأقوامِ حتى ينهضوا
بقوادمٍ من أمسهم وخوافي
لا يُعْجِبنَّكَ ما ترى من قُبَّة ٍ
ضربوا على موتاهُم، وطِراف
هجموا على الحقِّ المبينِ بباطلٍ
وعلى سبيل القصدِ بالإسراف
يبنون دارَ الله كيف بدا لهم
غُرُفاتِ مُثْرٍ، أَو سقيفة َ عافي
ويُزوِّرون قبورَهم كقصورهم
والأرضُ والرُّفاتُ السافي
فُجعَتْ رُبى الوادي بواحد أَيكِها
وتجرَّعَت ثُكْلَ الغدير الصافي
فقدتْ بناناً كالربيع، مُجيدة ً
وشْيَ الرياضِ وصنعَة َ الأَفواف
إن فاته نسَبُ الرَّضِيِّ فرُبَّما
جريا لغاية سؤددٍ وطراف
أَو كان دون أَبي الرضيِّ أُبوَّة ً
فلقد أعادَ بيانَ عبد منافِ
شرفُ العصاميِّين صنعُ نفوسهم
مَن ذا يقيس بهم بني الأَشراف؟
قل للمشير إلى أبيهِ وجدهِ
أَعَلِمْتَ للقمرَيْنِ من أَسلاف؟
لو أَن عمراناً نِجارُك لم تَسُدْ
حتى يُشارَ إليك في الأَعراف
قاضي القضاة جَرَتْ عليه قضيّة ٌ
للموتِ ، ليس لهامن استئناف
ومصرِّفُ الأحكام موكولٌ إلى
حكم المنيَّة ، ما له من كافي
ومنادمُ الأملاكِ تحت قبابهم
أَمسى تُنادِمُه ذِئابُ فَيَافي
في منزلٍ دارت على الصِّيد العلا
فيه الرَّحى ومشتْ على الأرداف
وأزيلَ من حسن الوجوهِ وعزِّها
ما كان يعبد من وراءِ سِجاف
من كلِّ لمَّاحِ النعيم تَقلَّبتْ
ديباجتاهُ على بلى وجغاف
وترى الجماجمَ في الترابِ تماثلتْ
بعدَ العقولِ تماثلِ الأصداف
وترى العيونَ القاتِلاتِ بنظرة ٍ
مَنهوبَة َ الأَجفانِ والأَسياف
وتُراعُ من ضَحِكِ الثُّغورِ، وطالما
فتنتْ بحلو تبسُّمٍ وهتاف
غزت القرونَ الذاهبين غزالة ٌ
دمُهم بذِمّة قرْنِها الرَّعّاف
يجري القضاءُ بها ، ويجري الدهرُ عن
يدها ، فيا لثلاثة ٍ أحلاف !
ترمي البريَّة َ بالحبولِ ، وتارة ً
بحبائلٍ من خَيْطها وكفاف
نسجتْ ثلاثَ عمائمٍ ، واستحدثتْ
أكفانَ موتى من ثيابِ زفاف(91/194)
أأبا الحسين ، تحية ً لثراكَ من
روحٍ وريحانٍ وعذبِ نطاف
وسلامُ أهلٍ ولَّهٍ وصحابة ٍ
حَسرَى على تلك الخِلالِ لِهاف
هل في يديَّ سوى قريضٍ خالدٍ
أزجيهِ بين يديكَ للإتحاف ؟
ماكان أكرمه عليك ! فهل ترى
أني بعثتُ بأكرمِ الألطاف ؟
هذا هو الرَّيحانُ ، إلا أنه
نَفحاتُ تلك الروْضة ِ المِئْناف
والدُّرُّ ، إلا أن مهدَ يتيمه
بالأمسِ لجَّة ُ بحرك القذَّاف
أَيامَ أَمرَحُ في غُبارِكَ ناشئاً
نَهْجَ المهار على غُبار خِصاف
أَتعلَّمُ الغاياتِ كيف تُرامُ في
مضمارِ فضلٍ أو مجالِ قوافي
يا راكبَ الحدباءِ، خلِّ زِمامَها
ليس السبيلُ على الدليل بِخافي
دانَ المطيَّ الناسُ، غيرَ مطيَّة ٍ
للحقِّ ، لا عجلَى ، ولا ميجاف
لا في الجيادِ ، ولا النِّياقِ ، وإنما
خُلِقَتْ بغير حوافرٍ وخِفاف
تنتاب بالركبانِ منزلة َ الهدى
وتؤمُّ دار الحقِّ والإنصاف
قد بلغتْ ربَّ المدائنِ ، وانتهتْ
حيثُ انتهيْتَ بصاحبِ الأَحقاف
نمْ ملءَ جفنك ، فالغدوُّ غوافلٌ
عمّا يَروعك، والعَشِيُّ غوافي
في مضجع يكفيك من حسناتهِ
أَن ليس جَنْبُك عنه بالمتجافي
واضحك من الأقدارِ غير معجَّزِ
فاليوم لست لها من الأهداف
والموتُ كنتَ تخافه بك ظافراً
حتى ظفرت به ، فدعه كفاف
قُلْ لي بسابقة ِ الوِدادِ: أَقاتِلٌ
هو حين يَنزِلُ بالفَتى ، أَم شافي؟
في الأَرضِ من أَبوَيْكَ كنزا رحمة ٍ
وهوًى ، وذلك من جِوارٍ كافي
وبها شبابك واللِّداتُ ، بكيته
وبكيتهم بالمدمع الذَّرَّاف
فاذهب كمصباحِ السماءِ ، كلاكما
مال النهار به ، وليس بطافي
الشمسُ تخلفُ بالنجومِ وأنت بال
آثار ، والأخبار والأوصاف
غلب الحياة َ فتًى يسدُّ مكانَها
بالذكرِ، فهو لها بَدِيلٌ وافي
بحث عن قصيدة بحث عن شاعر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> جرحٌ على جرحٍ! حَنانَكِ جِلَّقُ
جرحٌ على جرحٍ! حَنانَكِ جِلَّقُ
رقم القصيدة : 9613
-----------------------------------
جرحٌ على جرحٍ! حَنانَكِ جِلَّقُ(91/195)
حمِّلتِ ما يوهي الجبالَ ويزهقُ
صبراً لباة الشرقِ ؛ كلُّ مصيبة ٍ
تبْلَى على الصبر الجميلِ وتخلق
أنسيتِ نارَ الباطشينَ ، وهزّة ً
عرتِ الزمانَ ، كأن روما تحرقُ
رعناءَ أرسلها ودسّ شواظها
في حجرة ِ التاريخِ أرعنُ أحمقُ
فمشتْ تحطِّمُ باليمينِ ذخيرة ً
وتَلُصُّ أُخرى بالشمال وتَسْرِق؟
جُنَّتْ، فضعضعها، وراضَ جِمَاحَها
من نشئكَ الحمسُ الجنونُ المطبقُ
لقيَ الحديدُ حميَّة ً أمويَّة ً
لا تكتسي صدأً ، ولا هي تطرقُ
يا واضعَ الدّستورِ أَمسِ كخُلْقِه
ما فيه من عِوَجٍ، ولا هُو ضيِّق
نظمٌ من الشورى ، وحكمٌ راشدٌ
أدبُ الحضارة ِ فيهما والمنطقُ
لا تَخْشَ ممّا ألحقوا بكتابه
يَبقَى الكتابُ وليس يبقَى المُلْحق
مَيْتَ الجلالِ، من القوافي زَفْرة ٌ
تجري، ومنها عبْرَة ٌ تترقرق
ولقد بعثتهما إليكَ قصيدة ً
أَفأَنتَ مُنتَظِرٌ كعهْدكَ شَيِّق؟
أَبكي ليالِينَا القِصار وصحبة ً
أخذتْ مخيلتها تجيشُ وتبرقُ
لا أَذكرُ الدنيا إليك؛ فربّما
كره الحديثَ عن الأجاجِ المغرقُ
طبعتْ من السمّ الحياة ، طعامها
وشرابُها، وهواؤها المتنشَّق
والناسُ بين بطيئها وذعافها
لا يعلمون بأيِّ سمِّيها سقوا
أما الوليُّ فقد شقاكَ بسمِّه
ما ليس يَسقيك العدوُّ الأَزرق
طلبوك والأَجلُ الوَشِيكُ يَحُثُّهم
ولكلِّ نفسٍ مُدَّة ٌ لا تُسبَق
لمّا أعان الموتُ كيدَ حبالهم
علقتْ ، وأسبابُ المنية ِ تعلقُ
طَرَقَتْ مِهادَك حَية ٌ بَشَرية ٌ
كفرتْ بما تنتابُ منه وتطرُق
يا فوز ، تلك دمشقُ خلفَ سوادها
ترمي مكانكَ بالعيون وترمقُ
ذكرتْ لياليَ بدرها ، فتلفَّتتْ
فعساك تَطلُع، أو لعلَّك تُشْرِق
برَدَى وراءَ ضِفافِه مُستعبِرٌ
والحورُ محلولُ الضفائر مطرقُ
والطيرُ في جَنَباتِ دُمَّرَ نُوَّحٌ
يجدُ الهومَ خليُّهن ويأرقُ
ويقول كلُّ محدِّثً لسميره
أبذاتِ طوقٍ بعدَ ذلك يوثق ؟
عشقتْ تهاويلَ الجمالِ ، ولم تجدْ
في العبقرية ما يحبُّ ويعشقُ
فمشتْ كأنَّ بنانها يدُ مدمنٍ(91/196)
وكأَن ظلَّ السمِّ فيها زِئْبَق
ولو أنّ مقدوراً يردُّ لردِّها
بحياته الوطنُ المَرُوعُ المُشْفِق
أَشقى القضاءُ الأَرض، بعدَك أُسرة
لولا القضاء من السماءِ لما شَقوا
قَسَتِ القلوبُ عليهمُ وتحجَّرَتْ
فانظر فؤادَك، هل يلينُ ويَرفُق؟
إن الذين نزلْتَ في أَكنافهم
صَفحوا، فما منهم مَغِيظٌ مُحْنَق
سَخِروا من الدنيا كما سَخِرَتْ بهم
وانبَتَّ من أَسبابها المُتَعَلَّق
يا مأتماً من عبدِ شمسً مثله
للشمس يصنعُ في الممات وينشق
إن ضاق ظهرُ الأرضِ عنك فبطنها
عمّا وراءَكَ من رُفاتٍ أَضْيق
لما جَمَعْتَ الشامَ من أَطرافِه
وافى يعزِّي الشامَ فيك المشرقُ
يبكي لواءً من شبابِ أميّة ٍ
يَحمي حِمَى الحق المبينِ ويخفق
لمستْ نواصيها الحصونُ ترومه
ركنُ الزعامة ِ حين تطلب رأيه
فَيَرَى ، وتسْأَلُه الخطابَ فينْطِق
ويكاد من سحرِ البلاغة ِ تحتَه
عودُ المنابرِ يستخف فيورق
فيحاءُ، أَين على جِنانِك وردة ٌ
كانت بها الدنيا ترفُّ وتعبقُ ؟
علويّة تجد المسامع طيها
وتُحِسُّ ريَّاها العقولُ وتَنشَق
وأرائكُ الزّهر الغصون ، وعرشها
يدُ أمة ٍ وجبينها والمفرق
منْ مبلغٌ عني شبولة جلَّق
قولاً يَبرُّ على الزمان ويصْدُق؟
بالله جلَّ جلالُه، بمحمدٍ
بيسوعَ ، بالغزِّيِّ لا تتفرقوا
قد تُفْسِدُ المرْعَى على أخواتها
شاة ٌ تندُّ من القطيعِ وتمرقُ
احصاءات/ آخر القصائد | خدمات الموقع
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَحيثُ تَلوحُ المُنى تأْفلُ؟
أَحيثُ تَلوحُ المُنى تأْفلُ؟
رقم القصيدة : 9614
-----------------------------------
أَحيثُ تَلوحُ المُنى تأْفلُ؟
كفى عظة ً أيها المنزلُ؟
حكيْتَ الحياة وحالاتِها
فهلاَّ تخطَّيْتَ ما تنقل؟
أَمِن جنْحِ ليلٍ إلى فجرِه
حمّى يزدهي، وحمى يعطل؟
وذلك يوحش من ربة ٍ
وذلك من ربة ٍ يأهل؟
أجاب النعيُّ لديكَ البشيرَ
وذاقَ بكأسيهما المحفل
وأطرق بينهما والدٌ
أَخو ترْحَة ٍ، ليلُه أَلْيَل
يفىء ُ إلى العقل في أمره(91/197)
ولكِنَّهُ القلبُ، لا يعقِل
تهاوت عن الوردِ أَغصانُه
وطارَ عن البيضة البلبل
وراحت حياة ٌ، وجاءت حياة ٌ
وأَظهرَ قدرتَه المُبْدِل
وما غيرُ منْ قد أتى مدبرٌ
ولا غيرُ منْ قد مضى مقبل
كأني بسامي هلوعُ الفؤادِ
إذا أَسمعَتْ همْسة ٌ يَعجَل
يرى قدراً يأملُ اللطفَ فيه
وعادي الردى دون ما يأمل
يُضيءُ لضِيفانه بِشْرُه
وبين الضلوعِ الغَضَى المُشْعَل
ويَقْرِيهُمُ الأُنَس في منزلٍ
ويجمعهُ والأسى منزل
إلى غادة ٍ داؤها معضل
وذي في نفاستِهَا تَنطوي
وذي في نفائسها تَرفُل
تَقسَّمَ بينهما قلبُه
وخانته عيناه والأرجل
فيا نكدَ الحرِّ، هل تنقضي؟
ويا فرح الحرِّ، هل تَكْمُل؟
ويا صبر سامي، بلغتَ المدى
ويا قلبه السهلَ، كم تحمل؟
لقد زدتَ من رقة ٍ كالصراط
ودون صَلابتِكَ الجَنْدَل
يَمرّ عليك خليطُ الخُطوب
ويجتازك الخفُّ والمثقل
ويا رجل الحِلْمِ، خُذ بالرضى
فذلك من متقٍ أجمل
أتحسب شهدا إناءً الزمانِ
وطينتُه الصابُ والحَنْظَل؟
وما كان مِن مُرِّهِ يَعتلي
وما كان مِن حُلوهِ يسْفل
وأَنت الذي شربَ المترَعاتِ
فأَيُّ البواقي به تَحفِل؟
أَفي ذا الجلالِ، وفي ذا الوقارِ
تُخِيفُك ضَراءُ أَو تُذهِل؟
أَلم تكن الملْكَ في عزِّه
وباعُك من باعه أَطْوَل؟
وقولك من فوق قولِ الرجالِ
وفعلك من فعلهم أنبل؟
ستعرفُ دنياك من ساومتْ
وأن وقارك لا يبذل
كأنك شمشون لهذي الحياة ِ
وكلُّ حوادثها هيكل
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أنظر إلى الأقمار كيف تزولُ
أنظر إلى الأقمار كيف تزولُ
رقم القصيدة : 9615
-----------------------------------
أنظر إلى الأقمار كيف تزولُ
وإلى وُجوهِ السَّعْدِ كيف تَحول
وإلى الجبالِ الشمِّ كيف يميلها
عادي الرّدى بإشارة ٍ فتميل
وإلى الرياح تخرُّ دون قرارها
صرعى عليهن الترابُ مهيل
وإلى النُّسور تقاصرت أعمارها
والعهدُ في عمر النسورِ يطول
في كلِّ منزلة ٍ وكل سمِيَّة
قمرٌ من الغُرِّ السُّماة ِ قتيل(91/198)
يهوي القضاء بها، فما من عاصمٍ
هيهات! ليس من القضاءِ مُقيل
فتحُ السماءِ ونورُها سكنا الثرى
فالأَرضُ وَلْهى ، والسماءُ ثَكول
سِرْ في الهواءِ، ولُذ بناصية ِ السُّها
الموتُ يرفرفُ فيه عزرائيل
ولكلّ نفسٍ ساعة ٌ، مَنْ لم يَمُتْ
فيها عزيزاً مات وهو ذليل
أَإلى الحياة ِ سَكنْتَ وهْي مَصارعٌ
وإلى الأماني يسكنُ المسلولَ؟
لا تحفلنّ ببؤسها ونعيمها
نعمى الحياة ِ وبؤسها تضليل
ما بين نَضرَتِها وبين ذُبولِها
عمرُ الورودِ، وإنه لقليل
يجري من العبَراتِ حولَ حديثِه
ما كان من فرحٍ عليه يسيل
ولرُبَّ أَعراسٍ خَبَأْن مآتماً
كالرُّقْط في ظلِّ الرياضِ تقيل
يا أيها الشهداءُ، لن ينسى لكم
فتحٌ أَغرُّ على السماءِ جميل
والمجدُ في الدنيا لأَوّلِ مُبْتنٍ
ولمن يشيد بعده فيطيل
لولا نفوسٌ زُلْنَ في سُبُل العُلا
لم يهدِ فيها السالكين دليل
والناسُ باذلُ روحه، أو مالهِ
أَو علمِه، والآخرون فُضول
والنَّصْرُ غرَّتُه الطلائعُ في الوغَى
والتابعون من الخميس حُجول
كم ألف ميلٍ نحو مصرَ قطعتمُ
فِيم الوقوفُ ودون مصر مِيل؟
طوروسُ تحتكم ضئيلٌ، طرْفُه
لمّا طلَعتم في السحاب كَلِيل
ترخون للريح العنان، وإنها
لكمُ على طغيانها لذلول
إثنين إثر اثنين، لم يخطر لكم
أنّ المنيّة ثالثٌ وزميل
ومن العجائب في زمانِك أَن يَفِي
لك في الحياة ِ وفي الممات خليل
لو كان يفدّى هالكٌ لفداكمُ
في الجوّ نسرٌ بالحياة بَخيل
أيُّ الغُزاة ِ أُولِي الشهادة ِ قبلكم
عرضُ السماءِ ضريحهم والطول؟
يغدو عليكم بالتحية ِ أهلها
ويرفرفُ التسبيح والتهليل
إدريسُ فوقَ يمينهِ ريحانة ٌ
ويَسوعُ فوق يمينِه إكليل
في عالم سكانه أنفاسهم
طيب، وهمسُ حديثهم إنجيل
إني أخاف على السماء من الأذى
في يومِ يفسد في السماءِ الجيل
كانت مطهَّرة الأَديمِ، نَقِيَّة ً
لا آدمٌ فيها، ولا قابيل
يَتوجَّه العاني إلى رحماتِها
ويرى بها برقَ الرجاءِ عليل
ويُشيرُ بالرأْس المُكَلَّلِ نحوَها(91/199)
شيخٌ، وباللحظ البريءِ بتول
واليومَ للشهواتِ فيها والهوى
سَيْلٌ، وللدَّمِ والدموعِ مسيل
أضحتْ ومن سفن الجواءِ طوائفٌ
فيها، ومن خيل الهواءِ رَعيل
وأزيل هيكلها المصونُ وسرُّه
والدهرُ للسر المصون مذيل
هلِعَت دِمشْقُ؛ وأَقبلَتْ في أَهلها
ملهوفة ً، لم تدر كيف تقول
مشت الشجونُ بها، وعمَّ غياطها
بينَ الجداولِ والعيونِ ذُبول
في كلِّ سهلٍ أَنة ٌ وَمناحة ٌ
وبكلِّ حَزْنٍ رنَّة ٌ وعويل
وكأَنما نُعِيَتْ أُميَّة ُ كلُّها
للمسجد الأُمَوِيِّ، فهْوَ طُلول
خضَعَتْ لكم فيه الصفوفُ، وأُزْلِفَتْ
لكمُ الصلاة ُ، وقربَ الترتيل
من كل نَعْشٍ كالثُّريّا، مَجْدُه
في الأَرضِ عالٍ، والسماء أَصيل
فيه شهيدٌ بالكتاب مكفنٌ
بمدامع الروحِ الأَمين غَسيل
أَعواده بين الرجالِ، وأَصلُه
بين السُّهى والمشتري محمول
يَمشي الجنودُ به، ولولا أَنهم
أولى بذاكَ مشى به جبريل
حتى نزلتم بُقعة ً فيها الهوى
من قبلُ ثاوٍ، والسماحُ نَزيل
عَظُمَتْ، وجلَّ ضَريحُ يوسفَ فوقَها
حتى كأَنّ الميْت فيه رسول
شعري، إذا جبتَ البحار ثلاثة ً
وحواكَ ظلُّ في فروقَ ظليل
وتداولَتْكَ عصابة ٌ عربيّة ٌ
بينَ المآذنِ والقِلاعِ نُزول
وبَلغْتَ من بابِ الخِلافة ِ سُدَّة ً
لستورها التَّمسيحُ والتقبيل
قلْ للإمام محمدٍ، ولآله
صبرُ العظامِ على العظيم جميل
تلك الخطوبُ ـ وقد حملتم شطرَها ـ
ناءَ الفراتُ بشطرها والنيل
إن تَفقِدوا الآسادَ أَو أَشبالَها
فالغابُ من أمثالها مأهول
صبراً، فأجرُ المسلمينن وأجركم
عند الإله، وإنه لجزيل
يا من خلافته الرَّضيَّة ُ عصمة ٌ
للحقِّ، أنت بأن يحقّ كفيل
والله يعلم أنّ في خلفائه
عدلاً يقيم الملكَ حين يميل
والعدلُ يَرفع للممالك حائطاً
لا الجيشُ يرفعه ولا الأُسطول
هذا مقامٌ أنت فيه محمدٌ
والرفقُ عند محمدٍ مأمول
بالله، بالإسلام، بالجرح الذي
ما انفكَّ في جنب الهلال يسيل
إلا حللتَ عن السجين وَثَاقَه
إنَّ الوثاق على الأسود ثقيل(91/200)
أيقول واشٍ، أو يردِّدُ شامتٌ
صنديدُ برقة موثقٌ مكبول؟
هو من سيوفِك أَغمدُوه لريبة ٍ
ما كان يُغمَدُ سيفُك المسلول
فاذكر أميرَ المؤمنين بلاءه
واستبقه، إن السيوفَ قليل
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> ما بينَ دمعي المسبلِ
ما بينَ دمعي المسبلِ
رقم القصيدة : 9616
-----------------------------------
ما بينَ دمعي المسبلِ
عهدٌ وبينَ ثَرَى عَلي
عهدُ البقيعِ وساكني
ـه على الحَيا المتهلِّل
والدَّمعُ مروحَة ُ الحزيـ
ـنِ وراحَة ُ المُتَمَلْمِل
نمضي، ويلحق من سلا
في الغابرينَ بمَنْ سُلي
كم مِنْ تُرابٍ بالدمو
عِ على الزمان مبلَّل
كالقبر ما لم يبلَ في
من العِظام، وما بلي
ريَّان من مجد يع
ـزُّ على القصور مؤثَّل
أمستْ جوانبه قر
را للنُّجوم الأفَّل
وحديثم مسكُ النَّد
يِّ، وعَنْبَرٌ في المحفلِ
قلْ للنّعيِّ: هتكت دم
ـعَ الصابر المتَجَمِّل
المُلتقِي الأَحداثَ إنْ
نزلَتْ كأَن لَّم تَنزِل
حمل الأسى بأبي الفتو
ح علَيَّ ما لمْ أَحمِل
حتى ذهلتُ، ومن يذق
فقدَ الأحبة ِ يذهل
فعتبْتُ في رُكن القضا
ءِ على القضاءِ المُنْزَل
لهفي على ذاك الشبا
بِ وذلك المستقبل
وعلى المعارف إذ خَلتْ
من ركنها والموئل
وعلى شمائلَ كالرُّبى
بينَ الصبا والجدول
وحياءِ وجهٍ كان يُؤ
ثَر عن يَسوعَ المرسَل
يا راوياً تحتَ الصفيـ
ـحِ من الكرى والجندل
ومُسرْبلاً حُلَلَ الوزا
رة ِ بات غيرَ مسربل
ومُوَسداً حُفَرَ الثرى
بعدَ البناءِ الأَطول
إني التفتُّ إلى الشبا
ب الغابرِ المتمثَّل
ووقفتُ ما بين المحقَّـ
ـقِ فيه، والمتخيَّل
فرأَيت أَياماً عَجِلْـ
ـنَ، وليْتَها لَمْ تَعْجَل
كانت مُوَطَّأَة َ المِها
دِ لنا، عِذاب المنهَل
ذَهَبتْ كحُلمٍ، بيْدَ أنّ
أنّ الحلمَ لم يتأوَّل
إذ نحن في ظلِّ الشبا
بِ الوارفِ المتهدِّل
جاران في دار النوَى
مُتقابلانِ بمنزل
ن على خمائل مونبلي
والدرسُ يجمعني بأفـ
ضلِ طالبٍ ومحصِّل
ـلِ العلم ما لم يُبذَل(91/201)
غَضَّ الشباب، فكيف كنـ
ـت عن الشبابِ بمعْزِل؟
وإذا دعاكَ إلى الهوى
داعي الصَّبا ما لم تحفل
ولو اطَّلعْتَ على الحيا
ة ِ فعلتَ ما لم يفعل
لم يَدْرِ إلاَّ الله ما
خَبأَتْ لكَ الدنيا، ولي
تَجري بنا لمُفتَّح
بينَ الغُيوب ومُقفَل
حتى تبدَّلْنا، وذا
ك العهدُ لم يَتبدَّل
هاتيك أيامُ الشبا
بِ المحسنِ المتفضِّل
منْ فاته ظلُّ الشبيـ
ـبة ِ عاش غير مُظلَّل
يا راحلاً أَخلَى الديا
رَ وفضله لم يرحل
تتحملُ الآمالُ إثْـ
ر شبابِه المتحمِّل
مشتِ الشبيبة ُ جحفلاً
تبكي لواء الجحفل
انظر سريرَك، هل جرى
فوق الدموعِ الهطَّل
الله في وطنٍ ضعيـ
ـفِ الركنِ، واهي المعقل
وأَبٍ وراءَك حُزنُه
لنواك حزنُ المثكل
يَهَبُ الضِّياعَ العامرا
تِ لمَنْ يردُّ له علي
ونجيبة ٍ بين العقا
ئل همُّها لا ينسلي
دخلتْ منازلها المنو
نُ على الجريءِ المشبل
كسرَتْ جناحَ مُنعَّمٍ
ورمَتْ فؤادَ مُدلَّل
آلُ الحسينِ بكربلا
في كُربة ٍ لا تنجلي
خلعَ الشبابَ على القنا
وبذلْتَه لِلمُعْضِل
من عِلَّة ٍ في مَقتل
فاذهب كما ذهبَ الحسيـ
ـنُ إلى الجوارِ الأَفضَل
فكلاكما زينُ الشبا
بِ بجنة ِ الله العلي
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> ممالكُ الشرقِ، أم أدراسُ أطلالِ
ممالكُ الشرقِ، أم أدراسُ أطلالِ
رقم القصيدة : 9617
-----------------------------------
ممالكُ الشرقِ، أم أدراسُ أطلالِ
وتلك دولاته، أم رسمها البالي؟
أَصَابَها الدهرُ إلاَّ في مآثرِها
والدهرُ بالناس من حالٍ إلى حال
وصار ما نتغنَّى من محاسنها
حديث ذي محنة ٍ عن صفوه الخالي
إذا حفا الحقُّ أرضاً هانَ جانبُها
كأنها غابة ٌ من غيرِ رئبال
وإن تحكَّم فيها الجهلُ أسلمها
لفاتكٍ من عوادي الذل قتَّال
نوابغَ الشرقِ، هزُّوهُ لعلّ به
من الليالي جمودَ اليائس السَّالي
إن تنفخوا فيه من روح البيانِ، ومن
حقيقة ِ العلمِ ينهضْ بعدَ إعضال
لا تجعلوا الدينَ باب الشرِّ بينكمُ
ولا محلَّ مباهاة ٍ وإدلال(91/202)
ما الدينُ إلا تراثُ الناس قبلكمُ
كلُّ امرىء ٍ لأبيه تابعٌ تالي
ليس الغلوُّ أَميناً في مَشُورته
مناهجُ الرشدِ قد تخفى على الغالي
لا تطلبوا حقّكم بغياً، ولا صلفاً
ما أبعدَ مصلحة ٍ ضاعت بإهمال
كم همَّة ٍ دفعتْ جيلاً ذرا شرفٍ
ونومة هدمتْ بنيانَ أجيال
والعلمُ في فضله، أَو في مفاخِره
ركنُ الممالكِ، صدرُ الدولة ِ الحالي
إذا مشتْ أمّة ٌ في العالمين به
أبى لها اللهُ أن تمشي بأغلال
يقِلُّ للعلم عندَ العارفين به
ما تقدر النفسُ من حبٍّ وإجلال
فقفْ على أهله، واطلبْ جواهره
كناقدٍ ممعنٍ في كفّ لآل
فالعلم يفعل في الأَرواح فاسدُه
ما ليس يفعل فيها طِبُّ دجَّال
ورب صاحبِ درسٍ لو وقفتَ به
رأيت شبه علم بينَ جهّال
وتسبق الشمسَ في الأَمصار حكمتُه
إلى كهولٍ، وشُبّانٍ، وأَطفال
زيدانُ، إني مع الدنيا كعهدِك لِي
رِضَى الصديقِ، مقِيلُ الحاسدِ القالي
لي دَوْلة ُ الشعر دونَ العصر وائِلَة ٌ
مَفاخِري حِكَمي فيها وأَمثالي
إن تمشِ للخير أو للشر بي قدمٌ
أشمِّرُ الذيلَ، أو أعثرُ بأذيالي
وإنْ لَقِيتُ ابنَ أُنثى لي عليه يد
جحدتْ في جنبِ فضلِ الله أفضالي
وأشكر الصنع في سري وفي علني
إن الصنائع تزكو عند أمثالي
وأَتركُ الغيبَ لله العليمِ به
إن الغيوب صناديقٌ بأقفال
كأرعنِ الدَّيرِ إكثاري وموقعه
وكالأَذانِ على الأَسماع إقلالي
رثَيْتُ قبلك أَحباباً فُجِعْتُ بِهم
ورحتُ مع فرقة ِ الأحبابِ يرثى لي
وما علمتُ رفيقاً غير مؤتمنٍ
كالموت للمرءِ في حلٍّ وترحال
أرحتَ بالك من دنيا بلا خُلقٍ
أليس في الموت أقصى راحة البالَ؟
طالت عليك عوادي الدهر في خشنٍ
من التراب مع الأيام منهال
لم نأْتِه بأَخٍ في العيش بعدَ أَخٍ
إلاَّ تركنا رُفاتاً عندَ غِربال
لا ينفعُ النفس فيه وَهْيَ حائرة ٌ
إلا زكاة ُ النهى ، والجاهِ، والمال
ما تصنع اليومَ من خيرٍ تجده غداً
الخيرُ والشرُّ مثقالٌ بمثقال
قد أَكمل الله ذيّاك الهلالَ لنا(91/203)
فلا رأى الدهرَ نقصاً بعدَ إكمال
ولا يزلْ في نفوس القارئين، له
كرامة ُ الصحفِ الأولى على التالي
فيه الروائع من علمٍ، ومن أَدبٍ
ومن وقائعِ أيامٍ وأحوال
وفيه همة ُ نفسٍ زانها خلقٌ
هما لباغي المعالي خيرُ منوال
أنّ الحياة بآمالٍ وأعمال
ما كان من دُوَلِ الإسلام مُنصرِماً
صورته، كلُّ أيامٍ بتمثال
نرى به القوم في عزٍّ وفي ضعة ٍ
والملكَ ما بينَ إدبارٍ وإقبال
وما عَرَضْتَ على الأَلبابِ فاكهة ً
كالعلمِ تُبرِزُه في أَحسنِ القال
وَضعْتَ خيرَ رواياتِ الحياة ِ، فضَعْ
رواية َ الموتِ في أُسلوبِها العالي
وصفْ لنا كيف تجفو الروحُ هيكلها
ويستبدُّ البلى بالهيكل الخالي
وهل تحنُّ إليه بعد فرقته
كما يحنُّ إلى أوطانه الجالي
هضابُ لبنانَ من منعاتكَ اضطربتْ
كأن لبنانَ مرميٌّ بزلزال
كذلك الأرضُ تبكي فقدْ عالمها
كالأُم تبكي ذهابَ النافعِ الغالي
بحث عن قصيدة بحث عن شاعر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> ألا في سبيلِ الله ذاكَ الدمُ الغالي
ألا في سبيلِ الله ذاكَ الدمُ الغالي
رقم القصيدة : 9618
-----------------------------------
ألا في سبيلِ الله ذاكَ الدمُ الغالي
وللمجدِ ما أبقى من المثل العالي
وبعضُ المنايا هِمّة ٌ من ورائِها
حياة ٌ لأَقوامٍ، ودُنيا لأَجيال
أعينيَّ، جودا بالدموع على دمٍ
كريمِ المُصَفَّى من شبابٍ وآمال
تناهَتْ به الأَحداثُ من غُربة ِ النَّوَى
إلى حادثٍ من غُربة ِ الدهرِ قتّال
جرى أُرجُوانيّاً، كُمَيْتاً، مُشَعْشَعاً
بأَبيضَ من غِسْل الملائِكِ سَلْسَال
ولاذ بقُضبانِ الحديدِ شَهيدُه
فعادتْ رفيفاً من عيونٍ وأطلال
سلامٌ عليه في الحياة ِ، وهامداً
وفي العُصُرِ الخالي، وفي العالَمِ التالي
خَليلَيَّ، قُوما في رُبَى الغربِ، واسقيا
رياحينَ هامٍ في التراب، وأوصال
من الناعماتِ الراوياتِ من الصِّبا
ذوت بينَ حِلٍّ في البلاد وتَرحال
نعاها لنا الناعي، فمال على أَبٍ
هَلوعٍ، وأُمٍّ بالكنانة ِ مِثكال(91/204)
طَوَى الغربَ نحوَ الشرقِ يعْدُو سُلَيْكُهُ
بمضطربٍ في البرِّ والبحر، مرقال
يُسِرُّ إلى النفس الأَسَى غيرَ هامسٍ
ويلقي على القلبِ الشَّجى غيرَ قَّوال
سماءُ الحمى بالشاطئينِ وأرضه
منانحة ُ أقمارٍ، ومأتمُ أشبال
تُرَى الريحُ تدرِي: ما الذي قد أعادهَا
بساطاً، ولكن من حديدٍ وأَثقال؟
يُقِلُّ من الفِتْيَانِ أَشبالَ غابة ٍ
غُداة ً على الأَخطار رُكَّابَ أَهوال
ثَنَتْهُ العوادي دونَ أُودِينَ، فانثنَى
بآخَرَ من دُهْمِ المقاديرِ ذَيّال
قد اعتنقا تحتَ الدّخانِ كما التقى
كَمِيّان في داجٍ من النقْعِ مُنجال
فسبحانَ منْ يرمي الحديدَ وبأسه
على ناعم غضٍّ من الزهر منهال
ومنْ يأخذُ السارين بالفجرِ طالعاً
طلوع المنايا من ثنَّيات آجال
ومَن يَجعلُ الأَسفارَ للناس هِمّة ً
إلى سفرٍ ينوونه غير قفَّال
فيا ناقليهم، لو تركتم رفاتهم
أقام يتيماً في حِراسة ِ لآلِ
وبينَ غَريبالْدي وكافورَ مَضْجَعٌ
لنُزَّاعِ أَمصارٍ على الحقِّ نُزَّال
فهل عَطَفتْكم رَنّة ُ الأَهْلِ والحِمَى
وضَجَّة ُ أَترابٍ عليهم وأَمثال؟
لئن فاتَ مصراً أن يموتوا بأرضها
لقد ظَفِرُوا بالبَعْث من تُرْبِهَا الغالي
وما شغلتهم عن هواها قيامة ٌ
إذا اعتلَّ رهنُ المحسينِ بأشغال
حملتم من الغرب الشموسَ لمشرقٍ
تَلَقَّى سناها مُظلماً كاسِفَ البال
عواثرَ لم تبلغْ صباها، ولم تنلْ
مداها، ولم توصلْ ضحاها بآصال
يطافُ في الأعناقِ تترى زكية ً
كتابوتِ موسى في مَناكب إسْرال
ملفَّفة في حلَّة ٍ شفقية ٍ
هِلالية ٍ من راية النيلِ تمثال
أَظَلّ جلالُ العلم والموتِ وَفدَها
فلم تلقَ إلا في خشوعٍ وإجلال
تُفارِقُ داراً من غُرورٍ وباطِلٍ
إلى منزل من جيرة ِ الحقِّ محلال
فيا حلبة ً رفَّتْ على البحر حلية ً
وهزّتْ بها حُلوانُ أعطافَ مُختال
جرتْ بين إيماضِ العواصمِ بالضُّحى
وبينَ ابتسامِ الثَّغرِ بالموكِبِ الحالي
كثيرة َ باغي السبقِ لم يُرَ مِثلُها(91/205)
على عهدِ إسماعيلَ ذي الطَّوْلِ والنال
لكِ الله، هذا الخطبُ في الوهم لم يقع
وتلك المنايا لم يكنَّ على بال
بَلَى ، كلُّ ذي نَفسٍ أَخو الموتِ وابنُه
وإن جَرّ أَذيالَ الحداثة ِ والخال
وليس عجيباً أن يموتَ أخو الصِّبا
ولكن عجيبٌ عيشهُ عيشة َ السالي
وكلُّ شبابٍ أو مشيبٍ رهينة ٌ
بمُعترِضٍ من حادثِ الدهرِ مُغتال
وما الشيبُ من خَيْلِ العُلا؛ فارْكَبِ الصِّبا
إلى المجدِ ترْكَبْ مَتْنَ أَقدرِ جَوّال
يَسُنُّ الشبابُ البأْس والجودَ للفتى
إذا الشيبُ سنَّ البخلَ بالنفس والمال
ويا نشأ النيلِ الكريمِ، عزاءَكم
ولا تذكروا الأَقدارَ إلا بإجمال
فهذا هو الحقُّ الذي لا يرُدُّه
تأفُّفُ قالٍ، أو تلطُّفُ محتال
عليكم لواءَ العلم، فالفوزُ تحتهُ
وليس إذا الأَعلام خانت بخذَّال
إذا مالَ صفٌّ فاخلفوه بآخَرٍ
وَصولِ مَساعٍ، لا ملولٍ، ولا آل
ولا يصلُحُ الفِتيانُ لا علمَ عندَهم
ولا يجمعون الأمرَ أنصاف جهَّال
وليس لهم زادٌ إذا ما تزودوا
بياناً جُزَاف الكيل كالحَشَفِ البالي
إذا جزعَ الفتيانُ في وقعِ حادثٍ
فمَنْ لجليلِ الأَمرِ أَو مُعْضِلِ الحال؟
ولولا معانٍ في الفدى لم تعانهِ
نفوسُ الحواريِّين أو مهجُ الآل
فَغَنُّوا بهاتيك المصارعِ بينَكم
ترنُّمَ أبطالٍ بأيام أبطال
أَلستم بَني القومِ الذين تكبَّروا
على الضربات السّبعِ في الأَبدِ الخالي؟
رُدِدْتُم إلى فِرْعَوْنَ جَدّاً، ورُبما
رجعتم لعمٍّ في القبائل أو خال
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> آل زغلولَ، حَسْبُكم من عزاءٍ
آل زغلولَ، حَسْبُكم من عزاءٍ
رقم القصيدة : 9619
-----------------------------------
آل زغلولَ، حَسْبُكم من عزاءٍ
سُنَّة ُ الموتِ في النَّبِيِّ وآلِه
في خلالِ الخطوبِ ما راع إلا
أنها دون صبركم وجماله
حمل الرزءَ عنكمُ في سعيدٍ
قد دهاه من فقده ما دهاكم
وبكى ما يكيتم من خلاله
فكما كان ذخركم ومناكم
كان من ذخره ومن آماله
ليت من فكَّ أسركم لم يكله(91/206)
للمنايا تمدُّه في اعتقاله
حجبتْ من ربيعه ما رجوتم
وطوَتْ رحلة العُلا من هلاله
آنستْ صحة ً فمرت عليها
وتخطَّتْ شبابه لم تباله
إنما مِنْ كِتابِه يُتَوَفَّى المر
ءُ، لا من شبابه واكتهاله
لست تدري الحِمامُ بالغاب هل حا
مَ على اللَّيْثِ، أَم على أَشباله
يا سعيدُ اتَّئِدْ، ورِفْقاً بشيخٍ
والهٍ من لواعج الثكل واله
ما كفاه نوائب الحقِّ حتى
زِدْتَ في هَمِّه وفي إشغاله
فَجأَ الدهرُ، فاقتضبْتُ القوافي
من فجاءاته وخطفِ ارتجاله
قمْ فشاهدْ لو استطعتَ قياماً
حَسرَة الشعرِ، والْتِياعَ خياله
كان لي منك في المجامع راوٍ
عجَزَ ابنُ الحسين عن أَمثاله
فطنٌ للصَّحاح من لؤلؤ القو
لِ، وأدرى بهنّ منْ لآله
لم يَكُنْ في غُلُوِّهِ ضيق الصَّد
رِ، ولا كان عاجزاً في اعتداله
لا يُعادي، ويُتَّقى أَن يُعادَى
ويُخلِّي سبيلَ منْ لم يُواله
فامْضِ في ذمة ِ الشبابِ نقيّاً
طاهراً ما ثَنيت من أَذياله
إنّ للعصر والحياة ِ لَلُؤماً
لستَ مِنْ أَهلِه ولا مِنْ مَجاله
صانكَ اللهُ من فسادِ زمانٍ
دَنَّسَ اللؤمُ مِن ثيابِ رِجاله
سيقولون: ما رثاه على الفضـ
ـل، ولكنْ رَثاه زُلفَى لخاله
أيهم منْ أتى برأس كليبٍ
أَو شَفَى القُطْرَ من عَياءِ احتلاله؟
ليس بيني وبين خالِكَ إلا
أنني ما حييتُ في إجلاله
أَتمنَّى لمصرَ أَن يَجرِيَ الخيـ
ـرُ لها مِنْ يَمينِه وشِماله
لسْتُ أَرجوه كالرجال لصَيْدٍ
من حرامِ انتخابهم أو حلاله
كيف أرجو يا أبا سعيدٍ لشيءٍ
كان يُقْضَى بكُفره وضلاله؟!
هو أَهلٌ لأَنْ يرُدَّ لقومي
أَمْرَهم في حقيقة استقلاله
وأنا المرءُ لم أرَ الحقَّ إلا
كنتُ من حزبه ومن عمَّاله
ربَّ حرٍّ صنعتُ فيه ثناءً
عجزَ الناحتون عن تمثاله
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مال أَحبابُه خليلاً خليلا
مال أَحبابُه خليلاً خليلا
رقم القصيدة : 9620
-----------------------------------
مال أَحبابُه خليلاً خليلا
وتولَّى اللِّداتُ إلا قليلا(91/207)
نصلوا أمسِ من غبار الليالي
ومضى وحدَه يحثُّ الرحيلا
سكنتْ منهم الركابُ، كأن لم
تضطربْ ساعة ً ولم تمضِ ميلا
جُرِّدوا من منازلِ الأرضِ إلا
حَجَراً دارِساً ورَملاً مَهيلا
وتَعَرَّوْا إلى البِلَى ، فكساهم
خشنة اللحدِ والدجى المسدولا
في يبابٍ من الثرى رَدَّه المو
تُ نقياً من الحقودِ غسيلا
طَرَحوا عندَه الهمومَ، وقالوا
إن عِبْءَ الحياة ِ كان ثقيلا
إنما العالمُ الذي منه جئنا
ملعٌ لا ينوع التمثيلا
بطلُ الموتِ في الرواية ركنٌ
بُنِيَتْ منه هيكلاً وفصولا
كلما راح أَو غدا الموتُ فيها
سَقط السِّترُ بالدموع بَليلا
ذكرياتٌ من الأحبة تمحى
بيدٍ للزمان تمحو الطلولا
كلُّ رسمٍ من منزلٍ أو حبيبٍ
سوف يمشي البِلَى عليه مُحيلا
رُبَّ ثُكْلٍ أَساكَ مِن قُرْحة ِ الثُّكْـ
ـلِ، ورزْءٌ نسَّاك رُزْءاً جليلا
يا بَناتِ القَرِيضِ، قُمْنَ مَناحا
تٍ، وأرسلنَ لوعة ً وعويلا
من بَناتِ الهَدِيلِ أنْتُنَّ أَحْنَى
نغمة في الأسى ، وأشجى هديلا
إن دمعاً تَذْرِفْنَ إثرَ رِفاقي
سوف يَبْكِي به الخليلُ الخليلا
ربَّ يومٍ يناحُ فيه علينا
لو نحسُّ النَّواح والترتيلا
بمراثٍ كتبنَ بالدمع عنّا
أَسطُراً من جوًى ، وأُخرى غليلا
يجدُ القائلون فيها المعاني
يومَ لا يأْذن البِلى أَن نَقولا
أَخذ الموتُ من يدِ الحقِّ سَيفاً
خالديَّ الغرار، عضباً، صقيلا
من سيوف الجهادِ فولاذهُ الحـ
ـقُّ، فهل كان قَيْنُه جِبريلا؟
لمسته يدُ السماءِ، فكان الـ
ـبَرْقَ والرعدَ خَفْقَة ً وصَليلا
وإباءُ الرجالِ أمضى من السيـ
ـفِ على كفِّ فارسٍ مسلولا
ربَّ قلبٍ أصاره الخلقُ ضرغا
ماً، وصدرٍ أصاره الحقُّ غيلا
قيلَ: حللهُ، قلتُ: عرقٌ من التـ
ـبرِ أراحَ البيانَ والتحليلا
لم يزدْ في الحديد والنارِ إلا
لَمحة ً حُرَّة ، وصبراً جميلا
لم يَخَفْ في حياته شَبَح الفقـ
ـرِ إذا طاف بالرجال مهولا
جاعَ حيناً، فكان كالليثِ آبى
ما تُلاقيه يومَ جُوعٍ هَزيلا(91/208)
تأكل الهرَّة ُ الصغارَ إذا جا
عَتْ، ولا تأْكل اللَّباة ُ الشُّبولا
قيلَ: غالٍ في الرأي، قلتُ: هبوهُ
قد يكون الغُلُوُّ رأْياً أَصيلا
وقديماً بَنَى الغُلُوُّ نُفوساً
وقديماً بنى الغلوُّ عقولا
وكم استنهضَ الشيوخَ، وأَذكى
في الشباب الطِّماحَ والتأْميلا
ومنَ الرأيِ ما يكونُ نفاقاً
أَو يكونُ اتجاهُه التضليلا
ومن النقدِ والجِدالِ كلامٌ
يشبه البغيَ، والحنا، والفضولا
وأَرى الصدقَ ديْدَناً لسَلِيل الـ
ـرافعيِّينَ والعَفافَ سَبيلا
عاش لم يَغْتَبِ الرجالَ، ولم يَجْـ
ـعَلْ شؤون النفوسِ قالاً وقِيلا
قد فقدنا به بقيَّة َ رَهْطٍ
أيقظوا النيلَ وادياً ونزيلا
حَرَّكوهُ، وكان بالأَمس كالكهـ
ـفِ حُزوناً، وكالرَّقِيم سُهولا
يا أمينَ الحقوقِ، أديتَ حتى
لم تخنْ مصرَ في الحقوق فتيلا
ولو استطعتَ زدتَ مصرَ من
الحقِّ على نيلها المباركِ نيلا
لستُ أنساكَ قابعاً بين درجيـ
ـكَ مكبَّا عليهما مشغولا
قد تواريتَ في الخشوع، فخالو
كَ ضئيلاً، وما خُلِقْتَ ضئيلا
سائل الشعبَ عنك، والعَلَمَ
الخفَّاقَ، أَو سائل اللواءَ الظليلا
كم إمامٍ قربْتَ في الصفِّ منه
ومغنٍّ قعدتْ منه رسيلا؟
تُنْشِدُ الناسَ في القَضِيَّة ِ لَحْناً
كالحواريِّ رَتَّل الإنجيلا
ماضياً في الجهاد لم تتأخَّر
تزنُ الصفَّ، أو تقيم الرعيلا
ما تبالي مضيتَ وحدكَ تحمي
حوزة َ الحق، أم مضيتَ قبيلا
إن يفتْ فيكَ منبرَ الأمسِ شعري
إن لي المنبرَ الذي لن يزولا
جلّ عن منشدٍ سوى الدهرِ يلقيـ
ـهِ على الغابرين جيلاً فجيلا
اضف القصيدة إلى مفضلتك
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يا ثَرَى النيلِ، في نَواحيكَ طيرٌ
يا ثَرَى النيلِ، في نَواحيكَ طيرٌ
رقم القصيدة : 9621
-----------------------------------
يا ثَرَى النيلِ، في نَواحيكَ طيرٌ
كان دنيا، وكان فرحة َ جيلِ
لم يزلْ ينزلُ الخمائلَ حتى
حلّ في رَبْوَة ٍ على سَلسبيل
أقعد الرَّوضَ في الحياة مليَّاً(91/209)
وأَقامَ الرُّبَى بسِحْر الهَديل
يا لِواءَ الغناءِ في دَوْلة ِ الفـ
ـن، إليكَ اتجهتُ بالإكليل
عبقريا كأنه زنبقُ الحلـ
ـدِ على فَرْعِه السَّرِيِّ الأَسيل
اينَ منْ مسمع الزمانِ أغانـ
ـيُّ عليهنَّ رزعة ُ التمثيل؟
أَين صَوتٌ كأَنه رَنّة ُ البلبـ
ـلِ في الناعم الوريفِ الظليل؟
فيه من نَغْمة ِ المزاميرِ مَعنًى
وعليه قداسة ُ الترتيل
كلما رَنَّ في المسارح "إن كنـ
ـتُ انثنى بالهتاف والتهليل
كعتاب الحبيب في أذنِ الصَّـ
ـب، وهمسِ النديمِ حولَ الشمول
كيف إخواننا هناك على الكوْ
ثَر بينَ الصَّبا وبينَ القبول؟
كيف في الخلد ضربُ أحمدَ بالعو
دِ، ونفخُ الأَمين في الأَرغول؟
فرَحٌ كُلُّهُ النعيمُ، وعُرْسٌ
كيف عثمانُ فيه كيف الحمولي؟
فهنيئاً لكم ونعمة ُ بالٍ
إستَرحتم من ظِل كلِّ ثَقيل
إنما مَنزلٌ رُفاتُك فيه
لَبقايا من كل فَنٍّ جميل
ذبلتْ في ثراهُ ريحانة ُ الفـ
ـنِّ، وجفَّتْ ريحانة ُ التمثيل
قام يجزي سلامة ً في ثراه
وطنٌ بالجزاءِ غيرُ بخيل
قد يوفي البناءَ والغرسَ أجراً
ويُكافِي على الصَّنيعِ الجليل
مُحسنٌ بالبنينَ في حاضرِ العَيْـ
ـش، وفي سالفِ الزمانِ الطويل
ويعدُّ الضَّريحَ من مرمرِ الخلـ
ـدِ الكريمِ المهذَّبِ المصقول
بدفنُ الصالحين في ورقِ المصْ
ـحَفِ، أَو في صحائف الإنجيل
مصرُ في غَيبة ِ المُشايعِ، والحا
سدِ، والحاقد اللَّئيمِ الذَّليل
قامت اليومَ حولَ ذكراك تجري
وطنيا من الطِّراز القليل
من رجالٍ بنوا لمصر حديياً
وأَذاعوا مَحَاسِناً للنيل
هم سُقاة ُ القلوبِ بالوُدِّ والصَّفـ
ـوِ، وهم تارة ً سقاة ُ العقول
ليس منهم إلا فتى عبقريٌّ
ليس في المجد بالدَّعِي الدخيل
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مُصابُ بَنِي الدنيا عظيمٌ بأَدهمِ
مُصابُ بَنِي الدنيا عظيمٌ بأَدهمِ
رقم القصيدة : 9622
-----------------------------------
مُصابُ بَنِي الدنيا عظيمٌ بأَدهمِ
وأعظمُ منه حيرة ُ الشعرِ في فمي(91/210)
أأنطقُ والأنباءُ تترى بطيبٍ
وأسكتُ والأنباءُ تترى بمؤلم؟
أتيتُ بغالٍ في الثناءِ منضَّدٍ
فمَنْ لي بِغالٍ في الرِّثاءِ مُنظَّم؟
عسى الشعرُ أن يجزي جريئاً، لفقده
بَكى التركُ واليونانُ بالدمع والدّم
وكم من شجاعٍ في العداة ِ مكرَّمٍ
وكم من جبانٍ في اللداتِ مذمَّم
وهل نافعٌ جَرْيُ القَوافي لغاية ٍ
وقد فتكتْ دهمُ المنايا بأدهم
رمَتْ فأَصابت خيرَ رامٍ بها العِدَى
وما السَّهمُ إلا للقضاءِ المحتَّم
فتًى كان سيفَ الهندِ في صورة ِ امرىء ٍ
وكان فتى القتيانِ في مسكِ ضيغم
لحاهُ على الإقدام حسَّادُ مجدهِ
وما خُلِقَ الإقبالُ إلا لمُقْدِم
مزعزعُ أجيالٍ، وغاشي معاقلٍ
وقائدُ جَرّارٍ، ومُزْجِي عَرَمْرَم
سلوا عنه مليونا وما في شعابه
وفي ذرويته من نسورٍ وأعظم
وقال أناسٌ: آخرُ العهدِ بالملا
وهمتْ ظنونٌ بالتراثِ المقسَّم
فأَطْلَعَ للإسلام والمُلْكِ كوكباً
من النصر في داجٍ من الشك مُظلِم
ورحنا نباهي الشرق والغربَ عزَّة ً
وكُنَّا حديثَ الشامتِ المترحِّم
مَفاخرُ للتاريخ تُحْصَى لأَدهم
ومَنْ يُقْرِضِ التاريخَ يَرْبَحْ ويَغْنَم
أَلا أَيُّها الساعونَ، هل لَيس الصَّفا
سواداً، وقد غصَّ الورودُ بزمزم؟
وهل أقبلَ الركبانُ ينعونَ خالداً
إلى كلِّ رامٍ بالجمارِ ومحرم؟
وهل مَسجدٌ تَتْلُونَ فيه رِثاءَه؟
فكم قد تَلَوْتُم مَدْحَهُ بالترنُّم!
وكان إذا خاضَ الأسنة َ والظَّبى
تَنَحَّتْ إلى أَن يَعْبَر الفارسُ الْكَمِي
ومَنْ يُعْطَ في هذي الدَّنِيَّة ِ فُسْحَة ً
يُعَمَّرْ وإن لاقَى الحروبَ ويَسْلم
عليٌّ أَبو الزَّهراءِ داهية ُ الوغَى
دهاهُ ببابِ الدّارِ سيفُ ابن مُلْجَم
فروق، اضحكي وابكي فخاراً ولوعة ً
وقُومي إلى نعش الفقيدِ المعظَّم
كأمِّ شهيدٍ قد أتاها نعيُّة ُ
فخفَّتْ له بينَ البكا والتبسُّم
وخطِّي له بينَ السلاطينِ مضجعاً
وقبراً بجنبِ الفاتح المتقدِّم
بَخِلْتِ عليه في الحياة ِ بموكبٍ
فُتوبي إليه في الممات بمأْتم(91/211)
ويا داءُ، ما أَنصَفْتَ إذْ رُعْتَ صدرَهُ
وقد كان فيه الملكُ إن رِيعَ يَحتمِي
ويا أيها الماشونَ حولَ سَريرِه
أَحَطْتُم بتاريخٍ فَصيحِ التكلُّم
ويا مصرُ، مَنْ شَيَّعْتِ أَعْلى همامة ً
وأَثْبَتُ قلباً مِنْ رَواسِي المقطَّم
ويا قومُ، هذا منْ يقام لمثله
مثالٌ لباغي قدوة ٍ متعلِّم
ويا بحرُ، تدري قدرَ مَنْ أَنت حاملٌ؟
ويا أَرضُ، صونيه، ويا رَبِّي، ارْحَمِ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> هالة ٌ للهلالِ فيها اعتصامُ
هالة ٌ للهلالِ فيها اعتصامُ
رقم القصيدة : 9623
-----------------------------------
هالة ٌ للهلالِ فيها اعتصامُ
كيف حامَتْ حِيالَها الأَيّامُ؟
دخلتها عليكَ عثمانُ في السل
ـم، وقد كنتَ في الوَغَى لا تُرام
وإذا الداءُ كان الداءَ المنايا
صعَّبتهُ لأهلها الأحلام
فبرغم المشير أن يتولَّى
والخطوبُ المُرَوِّعاتُ جِسام
ويدُ الملكِ تستجيرُ يديهِ
والسرايا تدعوه، والأَعلام
وبنوه يرجونه وهُمُ الجُنـ
دُ، وهم قادة ُ الجنودِ العظام
مثَّلتهم صفاتهُ للبرايا
ربَّ فردٍ سادت به أقوام
بطلَ الشرقِ، قد بَكتْك المعالي
ورثاك الوَلِيُّ والأَخصام
خذل الملكَ زنده يوم أودي
ـتَ، وأَهوَى من راحتَيْهِ الحُسام
ودهى الدينَ والخلافة َ أمرٌ
فادحٌ رائعٌ، جليلٌ، جُسام
علمُ العصر والممالكِ ولَّى
وقليلٌ أمثاله الأعلام
وإذا كانت العقولُ كِباراً
ولو أنّ المحاصرين الأنام
خَيَّم الروسُ حولَ حِصْنِكَ، لكن
أين منْ هامة ِ السِّماكِ الخيام؟
وأَحاطت بعزمك الجندُ، لكن
عزمك الشُّهبُ، والجنودُ الظلام
كلما جرّدَ المحاصرُ سيفاً
قطع السيفَ رأْيُكَ الصّمصام
وإذا كانت القعولُ كباراً
سلمت في المضايق الأجسام
وعجيبٌ لا يأْخذُ السيفُ منكم
وينال الطَّوى ، ويعطى الأوام
فخرجتم إلى العِدا لم تُبالوا
ما لأُسْدٍ على سُغوب مُقام
تَخرقون الجيوشَ جيشاً فجيشاً
مِثلَما يَخرقُ الخَواءَ الغَمام
والمنايا مُحيطة ٌ، وحصونُ الرُّ(91/212)
وسِ تحمي الطريقَ والألغام
ولنارِ العدوِّ فيكم قعودٌ
ولِسيفِ العدوِّ فيكم قِيام
جُرِحَ الليثُ يومَ ذاكَ، فخان الـ
ـجيشَ قلبٌ، وزُلزِلَتْ أَقدام
ما دفَعْتَ الحُسامَ عجزاً، ولكن
عَجَّزتَ ضَيْغَمَ الحروبِ الكِلام
فأعادوه خيرَ شيءٍ أعادوا
وكذا يعرفُ الكرامَ الكرام
فتقلَّدته وكنتَ خليقاً
سَلَبَتْنا كِلَيْكُما الأَيام
ما لها عودة ٌ، ولا لك ردُّ
نِمتَ عنها، ومَنْ تَرَكْتَ نِيام
إنما الملكُ صارمٌ ويراعٌ
فإذا فارقاه ساد الطَّغام
ونظامُ الأُمورِ عقلٌ وعدلٌ
فإذا ولَّيَا تَوَلَّى النظام
وعجيبٌ خُلِقْتَ للحرب ليْثاً
وسجاياك كلُّهن سلام
فهيَ في رأيكَ القويمِ حلالٌ
وهيَ في قلبك الرحيمِ حرام
لكَ سيفٌ إلى اليتامَى بغيضٌ
وحَنانٌ يُحبّه الأَيتام
مُستبدٌّ على قويٍّ، حليمٌ
عن ضعيفٍ، وهكذا الإسلام
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قبرَ الوزيرِ، تحيَّة ً وسَلاما
قبرَ الوزيرِ، تحيَّة ً وسَلاما
رقم القصيدة : 9624
-----------------------------------
قبرَ الوزيرِ، تحيَّة ً وسَلاما
الحلمُ والمعروفُ فيكَ أقاما
ومحاسنُ الأخلاقِ فيك تغيَّبتْ
عاماً، وسوف تغيّب الأَعواما
قد كنت صومعة ً فصرت كنيسة
في ظلِّها صلَّى المطيفُ وصاما
والقومُ حَوْلَكَ يا بن غالي خُشَّعٌ
يقضونَ حقّاً واجباً وذماما
يَسعَوْنَ بالأَبصار نحوَ سَرِيرِه
كالأرض تنشدُ في السماءِ غماما
يبكون موئلهم، وكهفَ رجائهم
والأريحيَّ المفضلَ المقداما
مُتسابقين إلى ثَراك، كأَنهم
ناديكَ في عزٍّ الحياة ِ زحاما
ودُّوا غداة َ نقلتَ بينَ عيونهم
لو كان ذلك مَحشراً وقِياما
ماذا لقيتَ من الرياساتِ العلا
وأخذتَ من نعمِ الحياة ِ جساما؟
اليوم يُغنِي عنك لَوْعَة ُ بائسٍ
وعَزاءُ أَرمَلَة ٍ، وحُزنُ يَتامى
والرأيُ للتاريخ فيك، ففي غدٍ
يزنُ الرجالَ، وينطقُ الأحكاما
يقضي عليهم في البرية ، أو لهم
ويُديمُ حَمداً، أَو يُؤيِّدُ ذاما
أَنت الحكيمُ، فلا تَرُعْكَ منيَّة ٌ(91/213)
أَعلِمْت حيّاً غيرَ رِفْدِكَ داما
إنّ الذي خلقَ الحياة َ وضدَّها
جعلَ البقاءَ لوجههِ إكراما
قد عِشْت تُحدِثُ للنصارى أُلْفة ً
وتُجِدُّ بين المسلمين وئاما
واليومَ فوقَ مشيدِ قبرك ميتاً
وجدَ الموفقُ للمقال مقاما
الحقُّ أبلجُ كالصَّباح لناظرٍ
لو أَنّ قوماً حَكَّموا الأَحلاما
أَعَهِدْتَنَا والقِبْطَ إلاَّ أُمّة ً
للأَرض واحدة تَروم مَراما؟
نعلي تعاليمَ المسيحِ لأجلهم
ويوقِّرون لأجلينا الإسلاما
الدِّينُ للدَّيّانِ جلَّ جلالُه
لو شاءَ ربُّكَ وَحَّدَ الأَقواما
يا قومُ، بانَ الرُّشدُ فاقْصُوا ما جرى
وخُذوا الحقيقة َ، وانبذوا الأَوهاما
هذي ربوعكمُ، وتلك ربوعنا
مُتقابلين نعالج الأَياما
هذي قبوركمُ، وتلك قبورنا
مُتجاورينَ جَماجماً وعِظاما
فبحُرمة ِ المَوْتَى ، وواجبِ حقِّهم
عيشوا كما يقضي الجوارُ كراما
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> إلى الله أَشكو مِن عَوادِي النَّوَى سهما
إلى الله أَشكو مِن عَوادِي النَّوَى سهما
رقم القصيدة : 9625
-----------------------------------
إلى الله أَشكو مِن عَوادِي النَّوَى سهما
أصابَ سويداءَ الفؤادِ وما أصمَى
من الهاتكاتِ القلبَ أوَّلَ وهلة ٍ
ومَا دَخَلَتْ لحماً، ولا لامستْ عظما
تَوَارَدَ والنَّاعِي، فأَوْجَسْتُ رَنَّة ً
كلاماً على سمعي ، وفي كبدي كلما
فما هتفا حتى نزا الجنبُ وانزوَى
فيا وَيْحَ جَنْبِي! كم يَسيلُ؟ وكم يَدمَى ؟
طَوَى الشرقَ نحوَ الغربِ، والماءَ للثَّرَى
إليَّ ، ولم يركبْ بساطاً ولا يمَّا
أبانَ ولم ينبسْ ، وأدَّى ولم يفهْ
وأدمى وما داوى ، وأوهى وما رمَّا
إذا طويتْ بالشهبِ والدُّهمِ شقة ٌ
طَوَى الشُّهْبَ، أَو جاب الغُدافِيَّة َ الدُّهْما
ولم أَرَ كالأَحداثِ سهماً إذا جرَتْ
ولا كالليالي رامياً يُبعِدُ المَرْمَى
ولم أَرَ حُكماً كالمقاديرِ نافذاً
ولا كلقاءِ الموتِ من بينهما حتما
إلى حيثُ آباءُ الفتى يذهبُ الفتى(91/214)
سَبيلٌ يَدينُ العالَمون بها قِدْما
وما العيشُ إلا الجسمُ في ظلِّ روحهِ
ولا الموتُ إلا الرُّوحُ فارقَتِ الجِسما
ولا خلْدَ حتى تملأَ الدهرَ حِكْمة ً
على نزلاءِ الدهرِ بعدكَ أو علما
زجرتُ تصاؤيفَ الزمانِ ، فما يقعْ
ليَ اليومَ منها كان بالأمس لي وهما
وقدَّرتُ للنعمانِ يوماً وضدَّهُ
فما اغترَّتِ البوسى ، ولا غرَّتِ النَّعمى
شربتُ الأَسى مصروفة ً لو تعرضتْ
بأَنفاسِها بالفمِّ لم يستفِقْ غَمَّا
فأَتْرِعْ وناوِلْ يا زمانُ؛ فإنما
نديمكَ سقراطُ الذي ابتدعَ السمَّا
قَتلتُكَ، حتى ما أُبالِي: أَدَرْتَ لي
شهيدة ِ حربٍ لم تُقارِفْ لها إثما
مُدَلَّهة ٍ أَزكى مِنَ النارِ زَفْرَة ً
وأنزهِ منْ دمعِ الحيا عبرة سحما
سقاها بَشيرِي وهْيَ تَبكِي صَبابة ً
فلم يَقْوَ مَغناها على صَوْبِهِ رَسْما
أَسَتْ جُرحَها الأَنباءُ غيرَ رَفيقة ٍ
وكم نازعٍ سهماً فكان هو السَّهما!
تغارُ على الحمَّى الفضائلُ والعلا
لما قبَّلتْ منها ، وما ضمَّتْ الحمَّى !
أكانت تمنَّاها وتهوى لقاءها
إذا هي سَمَّاها بذي الأَرض مَنْ سَمّى ؟
أَلَمَّتْ عليها، واتَّقتْ ثمراتِها
فلمَّا وقوا الأسواءَ لم ترها ذمَّا
فيا حسرتا أَلاَّ تراهم أَهِلَّة ً
إذا أَقْصَرَ البدرُ التمامُ مَضوْا قُدْما!
رياحينُ في أنف الوليِّ ، وما لها
عدوٌّ تراهم في معاطسهِ رغما
وألاَّ يطوفوا خشَّاً حولَ نعشها
ولا يُشبِعوا الركنَ استلاماً ولا لَثْما
حلَفْتُ بما أَسلَفْتِ في المهد مِنْ يَدٍ
واوليتِ جثماني من المنَّة ِ العظمى
وقبرٍ مَنُوطٍ بالجلال مُقَلَّدٍ
تليدَ الخلالِ الكثرَ ، والطارفَ الجمَّا
وبالغادياتِ الساقياتِ نزيلهُ
ولا رُمْتُ هذا الثكلَ للناس واليتما
ولم يكُ الطيرِ بالرقّ لي رضاً
فكيف رضائي أَن يَرَى البَشَرُ الظُّلما؟
ولم آلُ شُبّانَ البريّة ِ رِقَّة ً
كأن ثمارَ القلب منْ ولدي ثمَّا
وكنتُ على نهجٍ من الرأي واضحٍ
أرى الناس صنفينِ : الذئابَ أو البهما(91/215)
وما الحكمُ إلا أولي البأسِ دولة ً
ولا العدلُ إلا حائطٌ يعصمُ الحكما
نزلْتُ رُبَى الدنيا، وجَنّاتِ عَدْنِها
فما وَجَدَتْ نفسي لأَنهارها طعما
أُرِيحُ أَرِيجَ المِسْكِ في عَرَصاتِها
وإن لم أُرِحْ مَرْوانَ فيها ولا لَخْما
إذا ضحكتْ زهواً إليَّ سماوها
بكيتُ النَّدى في الأرض والبأسِ والحزما
أطيفُ برسمٍ ، أو ألمُّ بدمنة ٍ
أَخال القصور الزُّهر والغُرَفَ الشُّما
فما برحَتْ من خاطري مصرُ ساعة ً
ولا أَنتِ في ذي الدارِ زايَلْتِ لي هَمّا
إذا جَنَّنِي الليلُ کهْتَزَزْتُ إليكما
فجنحا إلى سعدى ، وجنحا إلى سلمى
فلما بدا للناس صُبْحٌ من المُنَى
وأَبصرَ فيه ذو البصيرة ِ والأَعمى
وقرَّتْ سيوفُ الهندِ، وارتكز القَنا
وأَقْلَعَتِ البَلْوَى ، وأَقْشَعَتِ الغُمَّى
وحَنَّتْ نواقيسٌ، ورَنّتْ مآذنٌ
ورَقَّتْ وجوهُ الأَرضِ تَستقبلُ السلمى
أتى الدهرُ من دونِ الهناءِ، ولم يزلْ
ولوعاً ببنيانِ الرجاءِ إذا تمّا!
إذا جال في الأعيادِ حلَّ نظامها
أَو العُرسِ أَبْلى في معالمه هَدْما
لئن فاتَ ما أمَّلته من مواكبٍ
فَدُونَكِ هذا الحشدَ والموكبَ الضَّخما!
رثيْتُ به ذَات التُّقى ونظمتُه
لعنصره الأَزكى وجوهرِهِ الأَسمى
نمتكِ مَناجيبُ العُلا ونمَيْتِها
فلم تلحقي بنتاً ولم تسبقي أُمّا
وكنتِ إذا هذي السماءُ تخايلتْ
تواضعتِ، لكنْ بعد ما فُتِّها نجما
أتيتُ به لم ينظم الشِّعر مثله
وجِئْتِ لأَخلاق الكرامِ به نَظما
ولو نهضَتْ عنه السماءُ، ومَخَّضَتْ
به الأرضُ كان المزنَ والتبرَ والكرما!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لك في الأرض والسماءِ مآتمْ
لك في الأرض والسماءِ مآتمْ
رقم القصيدة : 9626
-----------------------------------
لك في الأرض والسماءِ مآتمْ
قام فيها أَبو الملائِكِ هاشمْ
قعد الآلُ للعزاءِ، وقامتْ
باكياتٍ على الحُسين الفَواطم
يا أَبا العِلْيَة ِ البَهاليلِ، سَلْ آ
باءك الزُّهرَ: هل من الموتِ عاصم؟(91/216)
المنايا نَوازلُ الشّعَرِ الأَبـ
ـيضِ، جاراتُ كلِّ أسودَ فاحم
ما الليالي إلا قِصارٌ، ولا الدُّنـ
ـيا سوى ما رأيتَ أحلام نائم
انحسارُ الشفاهِ عن سنِّ جذلا
نَ وراءَ الكرى إلى سنِّ نادِم
سنة ٌ أَفرحَتْ، وأُخرى أَساءَتْ
لم يدم في النعيم والكربِ حالم
المَناحاتُ في مَمالِكِ أَبنا
ئكَ بدرية ُ العزاءِ قوائم
تلك بغدادُ في الدموعِ، وعمّا
نُ وراءَ السَّوادِ، والشامُ واجم
والحِجَازُ النبيلُ رَبْعٌ مُصَلٍّ
من رُبوعِ الهُدى ، وآخرُ صائم
واشتركنا، فمصرُ عبرى ، ولبنا
نُ سَكُوبُ العيونِ باكي الحمائم
قمْ تأملْ بينك في الشرق زينُ التـ
ـاجِ، مِلْءُ السَّرِيرِ، نورُالعواصم
الزكيّون عُنْصُراً مثل إبرا
هيمَ، والطيبون مثل القاسم
وعليهم إذا العيونُ رمتهم
عُوَذٌ من محمدٍ وتَمائم
قد بنى الله بينهم فهو باقٍ
ما بنى الله ما له من هادِم
دبَّروا الملكَ في العراقِ وفي الشا
مِ، فسَنّوا الهدى ، ورَدّوا المظالم
أمنَ الناسُ في ذراهم، وطابت
عربُ الأرضِ تحتهم والأعاجم
وبنوا دولة ً وراءَ فلسطـ
ـينَ، كعابَ الهدى ، فتاة َ العزائم
سَاسَها بالأَناة ِ أَرْوَعُ كالدا
خل، ماضي الجنانِ يقظانُ، حازم
قبرصٌ كانت الحديدَ، وقد تنـ
ـزل قضبانهُ الليوثُ الضراغم
كره الدهرُ أن يقومَ لواءٌ
تُحْشَر البيدُ تحتَه والعماعِم
قم تحدثْ أبا عليٍّ إلينا
كيف غامرتَ في جوار الأراقمُ؟
لم تبال النُّيوبَ في الهامِ خشناً
وتعلقتَ بالحواشي النواعمِ
هاتِ حدثْ عن العوانِ وصفها
لا تُرَعْ في التراب، ما أَنا لائم!
كلُّنا واردُ السَّرابِ، وكلٌّ
حمَلٌ في وَلِيمَة ِ الذئبِ طاعم
قد رجوْنا من المغانم حَظّاً
ووَرَدْنا الوَغَى ، فكُنَّا الغنائم
قد بَعثْتَ القضية َ اليومَ مَيْتاً
رُبّ عظمٍ أَتى الأُمورَ العظائم
أَنتَ كالحقِّ أَلَّف الناسَ يَقظا
نَ، وزادَ ائتلافهم وهو نائم
إنما الهمّة ُ البعيدة ُ غرسٌ
متأتي الجنى ، بطيءُ الكمائم
ربّما غابَ عن يدٍ غَرَستْهُ(91/217)
وحوته على المدى يدُ قادم
حبَّذا موْقِفٌ غُلِبْتَ عليه
لم يقفهُ للعربِ قبلك خادم
ذائداً عن ممالكٍ وشعوبٍ
نُقِلتْ في الأَكفِّ نقلَ الدراهم
كلُّ ماءٍ لهم، وكلُّ سماءٍ
مَوْطِىء ُ الخيلِ، أَو مَطارُ القَشاعم
لِمَ لَمْ تَدْعُهم إلى الهمّة ِ الشَّـ
ـماءِ والعلمِ والطِّماحِ المُزاحم؟
وركوبِ اللجاجِ وهي طواغٍ
والسمواتِ وهيَ هوجُ الشكائم؟
وإلى القطب والجليدُ عليه
والصّحارى وما بها من سمائم؟
اغسلوه بطيِّبٍ من وَضوءِ الرُّسلِ،
كالوَرْدِ في رُباه البواسم
وخذوا من وِسادِهم في المُصَلَّى
رُقْعة ً كَفِّنوا بها فرعَ هاشم
واستعيروا لِنعشِه من ذرى المنـ
ـبرِ عوداً، ومن شريفِ القوائم
واحملوه على البراق إن اسطعـ
ـتم، فقد جلّ عن ظهور الرواسم
وأديروا إلى العتيق حسيناً
يبتهلْ ركنه، وتدعو الدعائم
واذكروا للأَمير مكَّة ، والقصـ
ـرَ، وعهدَ الصفا، وطيبَ المواسم
ظمىء الحرُّ للديار، وإن كا
ن على منهلٍ من الخلد دائم
نقِّلوا النعشَ ساعة ً في ربا الفتـ
ـح، وطوفوا بربِّهِ في المعالم
وقفوا ساعة ً به في ثرى الأقـ
ـار من قومِه وتُرْب الغمائم
وادفِنوه في القُدس بين سُليما
ن وداودَ والملوكِ الأَكارم
إنما القدسُ منزلُ الوحي، مغنى
كلِّ حَبْرٍ من الأَوائل عالم
كنفتْ بالغيوب، فالأرضُ أسرا
رٌ مدى الدهرِ، والسماءُ طلاسم
وتَحلَّتْ من البُراقِ بطُغرا
ءَ، ومِن حافر البُراقِ بخاتم
اقترح تعديلا على القصيدة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> سأَلوني: لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي؟
سأَلوني: لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي؟
رقم القصيدة : 9627
-----------------------------------
سأَلوني: لِمَ لَمْ أَرْثِ أَبي؟
ورِثاءُ الأَبِ دَيْنٌ أَيُّ دَيْنْ
أَيُّها اللُّوّامُ، ما أَظلمَكم!
أينَ لي العقلُ الذي يسعد أينْ؟
يا أبي، ما أنتَ في ذا أولٌ
كلُّ نفس للمنايا فرضُ عَيْنْ
هلكَتْ قبلك ناسٌ وقرَى
ونَعى الناعون خيرَ الثقلين
غاية ُ المرءِ وإن طالَ المدى(91/218)
آخذٌ يأخذه بالأصغرين
وطبيبٌ يتولى عاجزاً
نافضاً من طبَّه خفيْ حنين
إنَّ للموتِ يداً إن ضَرَبَتْ
أَوشكَتْ تصْدعُ شملَ الفَرْقَدَيْنْ
تنفذ الجوَّ على عقبانه
وتلاقي الليثَ بين الجبلين
وتحطُّ الفرخَ من أَيْكَته
وتنال الببَّغا في المئتين
أنا منْ مات، ومنْ مات أنا
لقي الموتَ كلانا مرتين
نحن كنا مهجة ً في بدنٍ
ثم صِرْنا مُهجة ً في بَدَنَيْن
ثم عدنا مهجة في بدنٍ
ثم نُلقى جُثَّة ً في كَفَنَيْن
ثم نَحيا في عليٍّ بعدَنا
وبه نُبْعَثُ أُولى البَعْثتين
انظر الكونَ وقلْ في وصفه
قل: هما الرحمة ُ في مَرْحَمتين
فقدا الجنة َ في إيجادنا
ونَعمْنا منهما في جَنّتين
وهما العذرُ إذا ما أُغضِبَا
وهما الصّفحُ لنا مُسْتَرْضَيَيْن
ليتَ شعري أيُّ حيٍّ لم يدن
بالذي دَانا به مُبتدِئَيْن؟
ما أَبِي إلاَّ أَخٌ فارَقْتُه
وأَماتَ الرُّسْلَ إلاَّ الوالدين
طالما قمنا إلى مائدة ٍ
كانت الكسرة ُ فيها كسرتين
وشربنا من إناءٍ واحدٍ
وغسلنا بعدَ ذا فيه اليدين
وتمشَّيْنا يَدي في يدِه
من رآنا قال عنّا: أخوين
نظرَ الدهرُ إلينا نظرة ً
سَوَّت الشرَّ فكانت نظرتين
يا أبي والموتُ كأسٌ مرة ٌ
لا تذوقُ النفسُ منها مرتين
كيف كانت ساعة ٌ قضيتها
كلُّ شيءٍ قبلَها أَو بعدُ هَيْن؟
أَشرِبْتَ الموت فيها جُرعة ً
أَم شرِبْتَ الموتَ فيها جُرعتين؟
لا تَخَفْ بعدَكَ حُزناً أَو بُكاً
جمدتْ منِّي ومنكَ اليومَ عين
أنت قد علمتني تركَ الأسى
كلُّ زَيْنٍ مُنتهاه الموتُ شَيْن
ليت شعري: هل لنا أن نتلقي
مَرّة ً، أَم ذا افتراقُ المَلَوَين؟
وإذا متُّ وأُودعتُ الثرى
أَنلقَى حُفرة ً أَم حُفْرتين؟
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> المشرقانِ عليكَ ينتحبان
المشرقانِ عليكَ ينتحبان
رقم القصيدة : 9628
-----------------------------------
المشرقانِ عليكَ ينتحبان
قاصيهُما في مأْتَمٍ والداني
يا خادمَ الإسلامِ، أجرُ مجاهدٍ
في الله من خُلْدٍ ومِنْ رِضْوان(91/219)
لمّا نعيتَ إلى الحجاز مشى الأسى
في الزائرينَ وروِّع الحرمان
السكة ُ الكبرى حيالَ رباهما
مَنكوسة ُ الأَعلامِ والقُضْبان
لم تَأْلُها عندَ الشدائدِ خِدمة ً
في الله والمختار والسلطان
يا ليتَ مكة َ والمدينة َ فازتا
في المحفِلَيْن بصوتِكَ الرَّنَّان
ليرى الأَواخرُ يومَ ذاكَ ويسمعوا
ما غابَ من قسٍّ ومن سحبان
جارَ التراب وأنتَ أكرمُ راحل
ماذا لقيتَ من الوجود الفاني؟
أَبكِي صِباكَ؛ ولا أُعاتبُ من جَنى
هذا عليه كرامة ً للجاني
يتساءلون: أبـ السلالِ قضيت، أم
بالقلبِ، أَم هل مُتَّ بالسَّرَطان؟
الله يَشهد أَنّ موتَك بالحِجا
والجدِّ والإقدامِ والعِرفان
إن كان للأخلاق ركنٌ قائمٌ
في هذه الدنيا، فأنت الباني
بالله فَتِّشْ عن فؤادِك في الثّرى
هل فيه آمالٌ وفيه أماني؟
وجدانك الحيُّ المقيمُ على المدى
ولرُبَّ حَيٍّ مَيِّتُ الوجْدان
الناسُ جارٍ في الحياة ِ لغاية ٍ
ومضللٌ يجري بغير عنان
والخُلْدُ في الدنيا ـ وليس بهيِّنٍ ـ
عُليا المرَاتبِ لم تُتَحْ لجبان
فلو أن رسلَ اللهِ قد جبنوا لما
ماتوا على دينٍ من الأَديان
المجدُ والشَّرفُ الرفيعُ صحيفة ٌ
جعلتْ لها الأخلاقُ كالعنوان
وأحبُّ من طولِ الحياة ِ بذلة ٍ
قصرٌ يريكَ تقاصرَ الأقران
دَقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلة ٌ له:
إنَّ الحياة َ دقائقٌ وثواني
فارفع لنفسك بعدَ موتكَ ذكرها
فالذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني
للمرءِ في الدنيا وجَمِّ شؤونها
ما شاءَ منْ ريحٍ ومنْ خسران
فَهي الفضاءُ لراغبٍ مُتطلِّعٍ
وهي المَضِيقُ لِمُؤثِرِ السُّلْوان
الناسُ غادٍ في الشقاءِ ورائحٌ
يَشْقى له الرُّحَماءُ وهْوَ الهاني
ومنعَّمٌ لم يلقَ إلا لذة ً
في طيِّها شجَنٌ من الأَشجان
فاصبر على نُعْمى الحياة ِ وبُؤسِها
نعمى الحياة ِ وبؤسها سيَّان
يا طاهرَ الغدواتِ، والروحاتِ، والـ
ـخطراتِ، والإسْرارِ، والإعْلان
هل قامَ قبلكَ في المدائن فاتحٌ
غازٍ بغيرٍ مُهنّدٍ وسِنان؟
يدعو إلى العلم الشريفِ، وعنده(91/220)
أَن العلومَ دعائمُ العُمران؟
لفُّوكَ في علم البلادِ منكَّساً
جزع الهلال على فتى الفتيان
ما احمرَّ من خجلٍ، ولا من ريبة ٍ
لكنَّما يبكي بدمع قاني
يُزْجُون نَعشك في السَّناءِ وفي السَّنا
فكأَنما في نِعشكَ القمران
وكأَنه نعشُ الحُسينِ بكرْبَلا
يختالُ بين بُكاً، وبينَ حَنان
في ذِمَّة ِ الله الكريمِ وبِرِّهِ
ما ضمَّ من عرفٍ ومن إحسان
ومشى جلالُ الموتِ وهو حقيقة ٌ
وجلالك المصدوقُ يلتقيان
شَقَّتْ لِمَنظرِك الجيوبَ عقائلٌ
وبكتكَ بالدمعِ الهتونِ غواني
والخلقُ حولَكَ خاشعون كعهدِهم
إذ يُنصِتُون لخطبة ٍ وبَيان
يتساءلون: بأيٍّ قلبٍ ترتقى
بَعْدُ المنابرُ، أَم بأَيِّ لسان؟
لو أَنّ أَوطاناً تُصوَّرُ هَيْكلاً
دفنوكَ بين جوانحِ الأوطان
أو كان يحمل في الجوارح ميتٌ
حملوك في الأَسماع والأَجفان
أو صيغَ من غرِّ الفضائلِ والعلا
كفنٌ لَبِستَ أَحاسنَ الأَكفان
أَو كان للذكر الحكيم بقية ٌ
لم تَأْتِ بعدُ؛ رُثِيتَ في القرآن
ولقد نظرتك والردى بك محدقٌ
والداءُ ملءُ معالمِ الجثمان
يَبْغِي ويطْغَى ، والطبيب مُضلَّلٌ
قنطٌ، وساعاتُ الرحيل دواني
ونواظرُ العُوّادِ عنكَ أَمالَها
دمعٌ تُعالِج كتْمَهُ وتُعاني
تُمْلِي وتَكتُبُ والمشاغِل جَمَّة ٌ
ويداك في القرطاسِ ترتجفان
فهششتَ لي، حتى كأنك عائدي
وأَنا الذي هَدَّ السَّقامُ كِياني
ورأيتُ كيف تموتُ آسادُ الشَّرى
وعرفتُ كيف مصارعُ الشجعان
ووَجَدْتُ في ذاك الخيالِ عزائماً
ما للمنونِ بدكهنَّ يدان
وجعلتَ تسألني الرثاءَ، فهاكه
من أدمعي وسرائري وجناني
لولا مُغالبة ُ الشُّجونِ لخاطري
لنظمتُ فيكَ يَتيمة َ الأَزمان
وأَنا الذي أَرثِي الشموسَ إذا هَوَتْ
فتعودُ سيرتها إلى الدوران
قد كنتَ تهتفُ في الورى بقصائدي
وتجلُّ فوق النيراتِ مكاني
مَاذَا دَهانِي يومَ بِنْتَ فَعَقَّني
فيكَ القريضُ، وخانني إمكاني؟
هوِّنْ عليكَ، فلا شماتَ بميِّتٍ
إنّ المنيَّة غاية ُ الإنسان(91/221)
مَنْ للحسودِ بميْتة ٍ بُلِّغْتَها
عزتْ على كسرى أنوشروان؟
عُوفِيتَ من حَرَبِ الحياة ِ وحَرْبِها
فهل استرحْت أَم استراح الشاني؟
يا صَبَّ مِصْرَ، ويا شهيدَ غرامِها
هذا ثرى مصرٍ، فنمْ بأمان
اخلَعْ على مصرٍ شبابَك عالياً
وکلبِسْ شَبابَ الحُورِ والوِلْدان
فلعلَّ مصراً من شبابِكَ تَرتدِي
مجداً تتيهُ به على البلدان
فلوَ أنّ بالهرمينِ من عزماته
بعضَ المَضَاءِ تحرّك الهَرمان
علَّمْتَ شُبانَ المدائنِ والقُرى
كيف الحياة ُ تكونُ في الشبان
مصرُ الأَسيفة ُ ريفُها وصعيدُها
قبرٌ أَبرُّ على عظامِك حاني
أقسمتُ أنك في الترابِ طهارة ٌ
ملكٌ يهابُ سؤاله الملكان
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> تسائلني كرمتي بالنهار
تسائلني كرمتي بالنهار
رقم القصيدة : 9629
-----------------------------------
تسائلني كرمتي بالنهار
وبالليل: أَين سَمِيرِي حَسَنْ؟
وأين النديمُ الشهيُّ الحديثِ؟
وأَين الطَّروبُ اللطيفُ الأُذن؟
نجيُّ البلابل في عشِّها
ومُلْهِمُها صِبْيَة ً في الفَنَن؟
فقلتُ لها: ماتَ، واستشعرَت
ليالي السرورِ عليه الحَزَن
لَئِنْ ناءَ من سِمَنٍ جسمُه
فما عرفت روحه ما السمن
وما هو مَيْتٌ، ولكنه
بشاشة ُ دهرٍ محاها الزمن
ومَعْنى ً خلا القولُ من لفظِه
وحُلمٌ تَطَايَر عنه الوَسَن
ولا يَذكُر المعهدُ الشرقيُّ
لأنورَ إلا جليلَ المنن
وما كان من صَبره في الصِّعابِ
وما كان من عَوْنِه في المِحَن
وخدمة فنٍّ يداوي القلوبَ
ويشفي النفوسَ، ويذكي الفطن
وما كان فيه الدَّعِيَّ الدخيلَ
ولكنْ من الفنِّ كان الركن
ولو أَنصف الصحبُ يومَ الوَداعِ
دفنتَ كإسحاقَ لمّا دفن
فغُيِّبْتَ في المِسْكِ، لا في التراب
وأدرجتَ في الوردِ، لا في الكفن
وخُطَّ لك القبرُ في رَوْضَة ٍ
يميلُ على الغصنِ فيها الغصن
ويَنتحِبُ الطيرُ في ظلِّها
ويَخلَعُ فيها النسيمُ الرَّسَن
وقامت على العود أَوتارُه
تُعيد الحنينَ، وتُبدي الشَّجَن(91/222)
وطارحَكَ النايُ شَجْوَ النُّوَاحِ
وكنتَ تَئِنُّ إذا النايُ أَنْ
ومال فناحَ عليكَ الكَمانُ
وأَظهر من بَثِّه ما كَمَن
سلامٌ عليكَ سلامُ الرُّبا
إذا نفحتْ، والغوادي الهتن
سلامٌ على جِيرة ٍ بالإمام
ورَهْطٍ بصحرائه مُرْتَهَن
سلامٌ على حُفَرٍ كالقباب
وأُخرى ، كمُندرِساتِ الدِّمَن
وجمعٍ تآلفَ بعدَ الخلافِ
وصافى وصوفيَ بعد الضَّغن
سلامٌ على كلِّ طَوْدٍ هُناك
له حَجَرٌ في بناءِ الوطن
نسخة مهيئة للطباعة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أخذتْ نعشكِ مصرُ باليمينْ
أخذتْ نعشكِ مصرُ باليمينْ
رقم القصيدة : 9630
-----------------------------------
أخذتْ نعشكِ مصرُ باليمينْ
وحوته من يد الرُّوح الأمينْ
لَقِيَتْ طُهْرَ بَقاياكِ كما
لَقِيَتْ يَثْرِبُ أُمَّ المؤمنين
في سواديها، وفي أحشائها
ووراءِ النَّحر من حبلِ الوتين
خرَجَتْ من قصرِكِ الباكي، إلى
رملة ِ الثغر، إلى القصرِ الحزين
أخذتْ بينَ اليتامى مذهباً
ومَشتْ في عَبَراتِ البائسين
ورَمتْ طَرْفاً إلى البحرِ ترى
من وراء الدمعِ أسرابَ السفين
فبدتْ جارية ٌ في حضنها
فننُ الوردِ وفرغُ الياسمين
وعلى جُؤْجُئِها نورُ الهدى
وعلى سكَّانها نورُ اليقين
حملتْ من شاطئي مرمرة ٍ
جوهرَ السُّؤددِ والكنزَ الثمين
وطَوَتْ بحراً ببحرٍ، وجَرَت
في الأحاج الملحِ بالعذب المعين
واستقلتْ درة ً كانت سنى
وسناءً في جباه المالكين
ذهَبَتْ عن عِلْيَة ٍ صِيدٍ، وعن
خرَّدٍ من خفزات البيتِ عين
والتقياتُ بناتُ المتقي
والآميناتُ بنيَّاتُ الأمين
لبستْ في مطلعِ العزِّ الضُّحى
ونضته كالشموس الآفلين
يدها بانية ٌ غارسة ٌ
كَيدِ الشمسِ وإن غاب الجبين
رَبّة العَرشَيْنِ في دولتها
قد رَكِبْتِ اليومَ عرشَ العالَمين
أُضْجِعَتْ قبلَكِ فيه مريمٌ
وتوارى بنساء المرسلين
إنه رحلُ الأواني شدَّهُ
لهمُ آدمُ رسلِ الآخرين
إخْلَعي الأَلقابَ إلا لقباً
عبقرياً، هو أمُّ المحسنين(91/223)
ودَعِي المالَ يَسِرْ سُنَّتَه
يمضِ عن قومٍ لأيدي آخرين
واقْذِفي بالهمّ في وَجه الثَّرى
واطرحي من حالقٍ عبءَ السنين
واسخري من شانِىء ٍ أَو شامتٍ
ليس بالمخطيءِ يومُ الشامتين
وتعزّي عن عوادي دولة ٍ
لم تَدُمْ في وَلَدٍ أَو في قَرين
وازهدِي في موكبٍ لو شِئتِه
لتغطّى وَجهُها بالدارعين
ما الذي ردَّ على أصحابه؟
ليس يُحيي مَوكبُ الدّفنِ الدفين
رُبَّ محمولٍ على المِدفع ما
مَنَعَ الحَوْضَ، ولا حاط العَرين
باطلٌ من أُممٍ مَخدوعة ٍ
يَتحدَّوْنَ به الحقَّ المبين
في فروقٍ وربها مأتمٌ
ذرفتْ آماقها فيه العيون
قام فيها، من عَقِيلات الحِمى
مَلأٌ بُدِّلْنَ مِنْ عِزٍّ بهُون
أُسَرٌ مالت بها الدنيا، فلم
تَلْقَ إلا عندكِ الركنَ الركين
قد جلا بيبكُ من حاتمه
ومن الكاسين فيه الطاعمين
طارت النعمة ُ عن أيكته
وانقضى ما كان من خَفضٍ ولِين
اليتامى نوحٌ ناحية ً
والمساكينُ يمدُّونَ الرنين
دولة ٌ مالت، وسُلطانٌ خلا
دوولتْ نعماهُ بينَ الأقربين
مُنهضُ الشرقِ عَليٌّ لم يزل
من بينه سيِّدٌ في عابدين
يصلحُ اللهُ به ما أفسدتْ
فَتَرَاتُ الدهر من دنيا ودين
أمَّ عباسٍ، ومالي لم أقلْ:
أمَّ مصرٍ من بناتٍ وبنين؟
كنتِ كالورد لهم، واستقبلوا
دولة َ الرَّيْحانِ حيناً بعدَ حِين
فيقال: الأُمُّ في موكبها
ويقالُ: الحرمُ العالي المصون
العفيفيُّ عفافٌ وهُدى ً
كالبقيعِ الطُّهرِ ضمّ الطاهرين
ادخلي الجنّة من رَوْضتِه
إنّ فيها غرفة ً للصابرين
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَوْحَتْ لطَرْفِكَ فاستهلَّ شؤونا
أَوْحَتْ لطَرْفِكَ فاستهلَّ شؤونا
رقم القصيدة : 9631
-----------------------------------
أَوْحَتْ لطَرْفِكَ فاستهلَّ شؤونا
دارٌ مَرَرْتَ بها على قَيْسونا
غاضَت بشاشتُها، وفَضَّتْ شملَها
دنيا تعزُّ السادر المفتونا
نزَلَتْ عَوادِي الدهرِ في ساحاتها
وأَقلَّ رَفْرَفها الخطوبَ العُونا
فتكادُ منْ أسفٍ على آسي الحمى(91/224)
من كلِّ ناحية ٍ تَثور شجونا
تلك العيادة ُ لم تكن عبثاً، ولا
شركاً لصيدِ مآربٍ وكمينا
دارُ ابنِ سِينَا نُزِّهَتْ حُجُراتُها
عن أَن تَضُمّ ضَلالة ً ومُجونا
خَبَتِ المطالعُ مِنْ أَغرَّ مُؤَمَّلٍ
كالفجر ثغراً، والصبّاحِ جبينا
ومِنَ الوُفودِ، كأَنهم مِنْ حَوْلِه
مرضى بعيسى الروحِ يستشفونا
مثلٌ تصوَّر من حياة ٍ حرة ٍ
للنشْءِ يَنطِق في السكوت مُبينا
لم تُحْصَ من عهدِ الصِّبا حَرَكاتُه
وتَخالُهنَّ من الخُشوع سُكونا
جمحتْ جراحُ المعوزين، وأعضلتْ
أدواؤهم، وتغيَّبَ الشافونا
ماتَ الجوادُ بطبِّه وبأجره
ولربّما بذلَ الدواءَ معينا
وتَجُسُّ راحتُه العليلَ، وتارة ً
تكسو الفقيرَ، وتطعم المسكينا
أدّى أمانة َ علمه، ولطالما
حمل الصداقة َ وافياً وأمينا
وقضى حقوقَ الأهلِ، يحسن تارة
بأَبيه، أَو يَصِل القرابة حينا
خُلقٌ ودينٌ في زمانٍ لا ترى
خلقاً عليه ولا تصادف دينا
أمداويَ الأرواحِ قبل جسومها
قمْ داوٍ فيك فؤاديَ المحزونا
روحْ بلفظك كلَّ روحِ معذَّبٍ
حَيرانَ طار بلُبِّه الناعونا
قد كال للقدَر العِتابَ، ورُبَّما
ظنَّ المدلَّة ُ بالقضاءِ ظنونا
داويتَ كلَّ محطَّمٍ فشفيتهُ
ونسيتَ داءً في الضلوع دفينا
كبدٌ على دمها اتكأت ولحمها
فحَمَلْتَ همَّ المسلمين سِنينا
ظلتْ وراءَ الحربِ تشقى بالنَّوى
وتَذوب للوطن الكريمِ حنينا
ناصرتَ في فجر القضيَّة ِ مصطفى
فنصرتَ خلقاً في الشَّباب متينا
أقدمتَ في العشرين تحتَ لوائه
وروائعُ الإقدامِ في العشرينا
لم تبغِ دنيا طالما أغضى لها
حُمْسُ الدّعاة ِ وطَأْطَأوا العِرنينا
رحماكَ يوسفُ قفْ ركابكَ ساعة ً
واعطِف على يعقوبَ فيه حزينا
لم يَدْرِ خلفَ النعشِ من حَرِّ الجَوى
أيشقُّ جيباً، أم يشقُّ وتينا؟
ساروا بمهجته، فحمِّلَ ثكلها
وقضوا بعائله، فمالَ غبينا
أَتعودُ في رَكْبِ الربيعِ إذا کنثنى
بهجاً يزفُّ الوردَ والنَّسرينا؟
هيهات من سَفرِ المنيَّة أَوْبة ٌ(91/225)
حتى يُهيبَ الصُّبحُ بالسارينا
ويقالُ للأرض الفضاء، تمخَّضي
فتردّ شيخاً أو تمجّ جنينا
اللهُ أبقى ! أين منْ جسدي يدٌ
لم أنسَ رفقَ بنانها واللينا؟
حتى تمثَّلتِ العناية ُ صورة ً
فجررْتُ جُثماني، وهانت كُربة ٌ
لولا اعتناؤكَ لم تكن لِتهونا
إنّ الشفاءَ من الحياة ِ وعونِها
ما كان آس بالشفاءِ ضَمينا
واليومَ أَرْتجلُ الرِّثاءَ، وأَنزَوِي
في مأتمٍ أبكي مع الباكينا
سبحانَ من يرِثُ الطبيبَ وَطِبَّه
ويرى المريض مصارعَ الآسينا!!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مضى الدهر بابن إمام اليَمَنْ
مضى الدهر بابن إمام اليَمَنْ
رقم القصيدة : 9632
-----------------------------------
مضى الدهر بابن إمام اليَمَنْ
وأودى بزين شبابِ الزمنْ
وباتت بصنعاءَ تبكي السيوفُ
عليه، وتبكي القنا في عدن
وأَعْوَلَ نجدٌ، وضجَّ الحجازُ
ومالَ الحسينُ، فعزَّ الحسن
وغصَّتْ مناحاه في الخيام
وغصَّتْ مآتمه في المدن
ولو أنّ ميتاً مشى للعزاء
مشى في مآتمه ذو يَزن
فتًى كاسمِه كان سيفَ الإله
وسيفَ الرسولِ، وسيفَ الوطن
ولقِّبَ بالبدرِ من حسن
وما البدرُ؟ ما قدرُه؟ وابنُ مَنْ؟
عزاءً جميلاً إمامَ الحِمَى
وهونْ جليلَ الرزايا يهن
وأَنتَ المُعانُ بإيمانه
وظنُّك في الله ظنُّ حسن
ولكن متى رقَّ قلبُ القضاء؟
ومن أَيْن لِلموتِ عقلٌ يَزِن؟
يجامِلُك العربُ النازحون
وما العربيَّة ُ إلا وطن
ويجمَعُ قومك بالمسلمين
عظيمُ الفروضِ وسمحُ السن
وأَنَّ نبيَّهمُ واحدٌ
نبيُّ الصوابِ، نبيُّ اللَّسَن
ومصرُ التي تجمع المسلمين
كما اجتمعوا في ظلال الرُّكُن
تعزِّي اليمانينَ في سيفهم
وتأْخذ حِصَّتَها في الحَزَن
وتَقعُد في مأْتم ابنِ الإمامِ
وتبكيه بالعَبرات الهُتُن
وتنشر ريحانتي زنبقٍ
من الشِّعرِ في رَبَواتِ اليمن
تَرِفَّانِ فوقَ رُفاتِ الفقيدِ
رفيفَ الجنى في أَعالي الغُصُن
قَضَى واجباً، فقضَى دونَه
فتى ً خالص السر، صافي العلن
تطوَّحَ في لُجَجٍ كالجبال(91/226)
عِراضِ الأَواسِي طِوَالِ القُنَن
مشى مشية َ الليثِ، لا في السلاح
ولا في الدُّروع، ولا في الجُنَن
متى صرتَ يا بحرُ غمدَ السيوفِ
وكنا عَهدناك غِمدَ السُّفن؟
وكنتَ صوانَ الجمانِ الكريمِ
فكيف أزيلَ؟ ولمْ لمْ يصن؟
ظفرتَ بجوهرة ٍ فذَّة ٍ
من الشرف العبقريِّ اليُمُن
فتًى بذَلَ الروحَ دونَ الرِّفاق
إليكَ، وأَعطى الترابَ البَدن
وهانتْ عليه ملاهي الشبابِ
ولولا حقوقُ العلا لم تهن
وخاضَك يُنقِذُ أَترابَه
وكان القضاءُ له قد كَمَن
غدرتَ فتى ً ليس في الغادرين
وخنتَ امرأ وافياً لم يخن
وما في الشجاعة ِ حَتْفُ الشجاعِ
ولا مدَّ عمر الجبان الجبن
ولكن إذا حانَ حينُ الفتى
قَضَى ، ويَعيش إذا لم يَحِن
ألا أيهذا الشريفُ الرضيُّ
أبو السمراء الرماحِ اللدن
شهيدُ المُروءَة ِ كان البَقِيعُ
أحقَّ به من تراب اليمن
فهل غَسَّلوه بدمعِ العُفاة ِ
وفي كلِّ قلبٍ حزينٍ سكن؟
لقد أَغرقَ ابنكَ صرْفُ الزمانِ
واغرقْتَ أَبناءَه بالمِنن
أَتذكر إذ هو يَطوِي الشهورَ
وإذ هو كالخشفِ حلوُّ أغنّ؟
وإذ هو حولك حسنُ القصورِ
وطِيبُ الرياضِ، وصَفْوُ الزمَن؟
بشاشتُه لذَّة ٌ في العيون
ونَغْمتُه لذَّة ٌ في الأذن؟
يلاعب طرَّتهُ في يديكَ
كما لاعبَ المهرُ فضل الرسن؟
وإذ هو كالشبل يحكي الأسودَ
أدلّ بمخلبه وافتتن؟
فشبَّ، فقامَ وراءَ العرينِ
يَشُبّ الحروبَ، ويُطفِي الفِتَن؟
فما بالُه صار في الهامدين
وأمسى عفاءً كأنْ لم يكنْ؟
نظَمْتُ الدموعَ رِثاءً له
وفصَّلْتُها بالأَسَى والشَّجَن
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يا قلبُ، ويحكَ والمودة ُ ذمّة ٌ
يا قلبُ، ويحكَ والمودة ُ ذمّة ٌ
رقم القصيدة : 9633
-----------------------------------
يا قلبُ، ويحكَ والمودة ُ ذمّة ٌ
ماذا صنَعْت بعهدِ عبدِ الله؟
جاذبتني جنبي عشية َ نعيهِ
وخفقتَ خفقة َ موجعٍ أوّاه
ولَوَ أنْ قلباً ذابَ إثرَ حَبيبِه
لهوَى بك الركنُ الضعيفُ الواهي
فعليكَ من حُسن المروءَة ِ آمرٌ(91/227)
وعليك من حسن التجلَّدِ ناه
نزل الطويرُ في الترابِ منازلاً
تهوي المكارمُ نحوها بشفاه
عَرَصاتُها مَمطورَة ٌ بمدامعٍ
مَوْطوءَة ٌ بمفارِقٍ وجِباه
لولا يمينُ الموتِ فوقَ يمينه
فيها؛ لفاضَت من جَنًى ومياه
يا كابراً من كابرين، وطاهراً
من آلِ طهرٍ عارفٍ بالله
ومُحكِّماً عَلمَ القضاءِ مكانَه
في المقسطينَ الجلَّة ٍ الأنزاه
وحكيماً کسْتعصَتْ أَعِنَّتُه على
كذبِ النعيمِ، وتُرَّهاتِ الجاه
وأخاً سَقى الإخوانَ مِنْ راووقِه
بودادِ لا صَلِفٍ، ولا تَيّاه
قد كان شعري شغلَ نفسكَ، فاقترح
من كلِّ جائلة ٍ على الأفواه
أنزلتَ منه حينَ فاتكَ جمعه
في منزلٍ بهجٍ بنوركَ زاه
فاقرأ على حَسّانَ منه، لعله
بفتاه في مدحِ الرسولِ مُباه
وأنزل بنور الخلدِ جدّكَ، واتصلْ
بملائكٍ من آلهِ أَشباه
ناعيكَ ناعي حاتمٍ أو جعفرٍ
فالناسُ بين نوازِلٍ ودواهِ
Free counter
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> شيَّعوا الشمس ومالوا بضحاها
شيَّعوا الشمس ومالوا بضحاها
رقم القصيدة : 9634
-----------------------------------
شيَّعوا الشمس ومالوا بضحاها
وانحنى الشرقُ عليها فبكاها
ليتني في الركبِ لما أفلتْ
يوشعٌ، همَّتْ، فنادَى ، فثناها
جَلَّل الصبحَ سواداً يومُها
فكأنّ الأرض لم تخلع دجاها
انظروا تلقوا عليها شفقاً
من جراحاتِ الضحايا ودِماها
وتروا بينَ يديها عبرة ً
من شهيدٍ يقطرُ الورد شذاها
آذنَ الحقُّ ضَحاياها بها
وَيْحَهُ!! حتى إلى الموتى نَعاها
كفّنوها حُرَّة ً عُلْوِيّة ً
كستِ الموتَ جلالاً، وكساها
مِصْرُ في أَكفانها إلا الهدى
لحمة ُ الأكفانِ حقٌّ وسداها
خطر النعشُ على الأَرض بها
يَحْسِرُ الأَبصارَ في النعش سَناها
جاءها الحقُّ، ومنْ عادتها
تؤثر الحقَّ سبيلاً واتَّجاها
ما دَرتْ مصرٌ: بدفن صُبِّحَتْ
أَم على البعثِ أَفاقَتْ مِنْ كَراها؟
صرختْ تحسبها بنتَ الشرى
طَلَبَتْ مِنْ مِخْلَب الموتِ أَباها
وكأَن الناسَ لما نَسَلوا(91/228)
شُعَبُ السيل طَغتْ في مُلتقاها
وضعوا الرّاحَ على النعشِ كما
يلمسون الرُّكنَ، فارتدَّتْ نزاها
خَفضوا في يوم سعد هامَهم
وبسعدٍ رَفعوا أَمسِ الجِباها
سائلوا زحلة َ عن أعراسها
هل مشى الناعي عليها فمحاها؟
عطَّلَ المصطافَ من سمَّارِه
وجلا عن ضفة الوادي دماها
فتحَ الأَبوابَ ليلاً دَيْرُها
وإلى الناقوسِ قامتْ بيعتاها
صدَع البرقُ الدُّجَى ، تنشرُه
أرضُ سوريا، وتطويه سماها
يحملُ الأنباء تسري موهناً
كعوادي الثكل في حرِّ سراها
عرضَ الشكُّ لها فاضطربتْ
تَطأُ الآذانَ هَمْساً والشِّفاها
قلتُ: يا قوم اجمعوا أحلامكم
كلُّ نفسٍ في وَرِيدَيْها رَداها
يا عدوَّ القيدِ لم يلمحْ له
شبحاً في خطة ٍ إلا أباها
لا يضقْ ذرعكَ بالقيد الذي
حزَّ في سوق الأوالي وبراها
وقعَ الرسلُ عليه، والتوتْ
أَرجلُ الأَحرارِ فيه فعَفاها
يا رُفاتاً مِثلَ رَيْحَانِ الضُّحى
كلَّلَتْ عَدْنٌ بها هامَ رُباها
وبقايا هيكل من كرمٍ
وحياة أَتْرَعَ الأَرض حَياها
ودَّعَ العدلُ بها أعلامه
وبكتْ أنظمة ُ الشورى صواها
حَضنتْ نعشك، والتفَّتْ به
راية ٌ كنتَ من الذلّ فداها
ضمَّت الصدرَ الذي قد ضمَّها
وتلقَّى الهمَّ عنها فوقاها
عجبي مِنها ومن قائدها!!
كيف يَحمِي الأَعزلُ الشيخُ حِماها؟
مِنْبَرُ الوادي ذَوَت أَعوادُه
مِن أَواسِيها وجَفَّتْ من ذُراها
من رمى الفارسَ عن صهوتها
ودَعا الفُصحى بما أَلجمَ فاها؟
قدرٌ بالمدن ألوى والقرى
ودَها الأَجبالَ منه ما دَهاها
غال بَسْطورا وأَردَى عُصبة ً
لمستْ جرثومة َ الموتِ يداها
طافت الكأْسُ بساقي أُمّة ٍ
من رحيقِ الوطنياتِ سقاها
عطلتْ آذانها من وترٍ
ساحرٍ رَنَّ مَلِيّاً فشجاها
أَرغُنٌ هامَ به وِجْدَانُها
وأَذانٌ عَشِقتْه أُذُناها
كلَّ يومٍ خطبة ٌ روحية ٌ
كالمزامير وأنغامِ لغاها
دَلَّهَتْ مصراً ولو أَنَّ بها
فلواتٍ دلَّهتْ وحش فلاها
ذائدُ الحقِّ وحامي حوضه
أَنفَذَتْ فيه المقاديرُ مُناها(91/229)
أخذتْ سعداً من البيت يدٌ
تأْخذُ الآسادَ من أَصل شراها
لو أصابت غيرَ ذي روحٍ لما
سلمتْ منها الثريا وسهاها
تتحدّى الطبَّ في قفّازها
علَّة ُ الدهر التي أعيا دواها
من وراءِ الإذنِ نالتْ ضيغماً
لم ينلْ أقرانه إلا وجاها
لم تصارحْ أصرحَ الناسِ يداً
ولساناً، ورُقاداً، وانتباها
هذه الأعوادُ من آدمَ لمْ
يهدَ خفَّاها، ولم يعرَ مطاها
نقَلَتْ خُوفو ومالتْ بمِنا
لم يفتْ حيَّاً نصيبٌ من خطاها
تَخْلِطُ العُمْرينِ: شيْباً، وصِباً
والحياتين: شقاءً، ورفاها
زورقٌ في الدمعِ يطفو أبداً
عرَفَ الضَّفَّة َ إلا ما تلاها
تهلع الثَّكلى على آثاره
فإذا خفَّ بها يوماً شفاها
تسكبُ الدمعَ على سعدٍ دماً
أُمة ٌ من صخرة ِ الحقِّ بناها
من ليانٍ هو في ينبوعها
وإباءٍ هو في صمِّ صفاها
لُقِّنَ الحقَّ عليه كَهلُها
واستقى الإيمانَ بالحقِّ فتاها
بذلتْ مالاً، وأمناً، ودماً
وعلى قائدها ألقتْ رجاها
حمَّلته ذمَّة ً أوفى بها
وابتلَتْه بحقوقٍ فقضاها
ابنُ سبعينَ تلقَّى دونها
غُربة َ الأَسرِ، ووَعْثاءَ نَواها
سفرٌ من عدن الأرضِ، إلى
منزلٍ أَقرَبُ منه قُطُباها
قاهرٌ ألقى به في صخرة ٍ
دفعَ النسرَ إليها فأَواها
كرهتْ منزلها في تاجه
دُرّة ٌ في البحر والبرِّ نفاها
اسأَلوها، واسأَلوا شانِئَها
لِمَ لمْ يَنفِ من الدُّرِّ سِواها؟
ولَدَ الثَّورَة َ سعدٌ حُرّة ً
بحياتيْ ماجد حُرٍّ نَماها
ما تَمنَّى غيرَها نسلاً، ومَنْ
يلِدِ الزَّهراءَ يَزْهَدْ في سواها
سالت الغابة ُ من أَشبالها
بينَ عينيهِ وماجتْ بلباها
بارك اللهُ لها في فرعها
وقضى الخيرَ لمصرٍ في جناها
أولم يكتبْ لها دستورها
بالدمِ الحرِّ، ويَرْفَعْ مُنتداها؟
قد كتبتاها، فكانت صورة ً
صَدْرُها حقٌّ وحقٌّ مُنتهاها
رَقَدَ الثائرُ إلا ثورة ً
في سبيل الحقِّ لم تَخمد جُذاها
قد تولاَّها صبيَّاً فكوتْ
راحَتَيْهِ، وفَتِيّاً فرعاها
جالَ فيها قلماً مستنهضاً
ولِساناً كلَّما أَعْيَتْ حَداها(91/230)
ورمى بالنفس في بركانها
فتلقَّى أولَ الناسِ لظاها
أَعلِمتم بعد موسى مِنْ يَدٍ
قذفتْ في وجه فرعونَ عصاها؟
وطئتْ نادبة ً صارخة ً
شاهَ وجهُ الرّقِّ ـ يا قوم ـ وشاها
ظفرتْ بالكبر من مستكبرٍ
وسيوفُ الهندِ لم تصحُ ظباها
أين منْ عينيَّ نفسٌ حرَّة ٌ
كنتُ بالأَمسِ بعينيَّ أَراها؟
كلما أَقبلت هَزَّتْ نفسها
وتواصى بشرها بي ونداها
وجرى الماضي، فماذا ادَّكرتْ
وادِّكارُ النفسِ شيءٌ من وَفاها؟
أَلمحُ الأَيَامَ فيها، وأَرى
من وراءِ السنِّ تمثالَ صباها
لستُ أَدري حينَ تَندَى نَضرة ً
عَلَتِ الشَّيْبَ، أَم الشَّيْبُ عَلاها؟
حَلَّت السبعون في هيكلها
فتداعى وهيَ موفورٌ بناها
روعة ُ النادي إذا جدَّتْ، فإن
مزحتْ لم يذهب المزحُ بهاها
يَظفَرُ العُذْرُ بأَقصى سُخطِها
وينالُ الودُّ غاياتِ رضاها
ولها صبرٌ على حسِّادها
يشبه الصفحَ، وحلمٌ عن عداها
لستُ أنسى صفحة ً ضاحكة ً
تأْخذ النفسَ وتَجرِي في هواها
وحديثاً كرِوايات الهوى
جدَّ للصبِّ حنينٌ فرواها
وقناة ً صعدة ً لو وهبتْ
للسَّماكِ الأعزلِ اختالَ وتاها
أين منِّي قلمٌ كنتُ إذا
سمتُه أَن يَرثِيَ الشمسَ رَثاها؟
خانني في يوم سعدٍ، وجَرى
في المراثي فكَبا دونَ مَداها
في نعيم الله نفسٌ أوتيتْ
أنعمَ الدنيا فلم تنسَ تقاها
لا الحِجَى لمّا تَنَاهَى غَرّها
بالمقاديرِ، ولا العِلمُ زَهاها
ذَهَبَتْ أَوّابة ً مُؤمِنَة ً
خالصاً من حيرة ِ الشكِّ هداها
آنستْ خلقاً ضعيفاً ورأتْ
من وراءِ العالَمِ الفانِي إلsها
ما دعاها الحقُّ إلا سارَعَتْ
ليتَه يومَ "وَصِيفٍ" ما دعاها
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> فتى العقلِ والنَّغْمة ِ العالِيَهْ
فتى العقلِ والنَّغْمة ِ العالِيَهْ
رقم القصيدة : 9635
-----------------------------------
فتى العقلِ والنَّغْمة ِ العالِيَهْ
مضى ومَحاسِنُه باقِيَهْ
فلا سوقة ٌ لم تكن أنسهُ
ولا ملكٌ لم تزن ناديه
ولم تَخْلُ مِن طِيبها بَلدة ٌ(91/231)
ولم تَخلُ من ذِكرها ناحيه
يكادُ إذا هو غنَّى الورى
بقافية ٍ يُنْطِق القافيه
يَتِيهُ على الماس بعضُ النُّحاسِ
إذا ضَمَّ أَلحانَه الغاليه
وتَحكم في النفس أَوتارُه
على العودِ ناطقة ً حاكيه
وتبلغ موضعَ أَوطارِها
وتُفشِي سَريرتَهَا الخافيه
وكم آية ٍ في الأغانِي له
هي الشمسُ ليس لها ثانيه!
إذا ما تنادى بها العارفون
قل: البرقُ والرعدُ مِنْ غاديه
فإن هَمَسُوا بعدَ جَهْرٍ بها
فخفقُ الحليِّ على الغانيه
لقد شاب فردي وجاز المَشِيبَ
و عَيْدا شَبِيبتُها زاهيه
تمثِّلُ مصرَ لهذا الزمانِ
كما هي في الأَعْصُرِ الخاليه
ونذكر تلكَ الليالِي بها
وننشد تلك الرؤى الساريه
ونبكي على عزِّنا المنقضي
ونندبُ أيامنا الماضيه
فيا آلَ فردي، نُعزِّيكُمُ
ونبكي مع الأسرة ِ الباكيه
فَقَدنا بمفقودِكم شاعِراً
يقلُّ الزمانُ له راويه
عند الرغبة في نشر اي نصوص أو معلومات من صفحات الموقع.
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> سقى اللهُ بالكفر الأباظيِّ مضجعاً
سقى اللهُ بالكفر الأباظيِّ مضجعاً
رقم القصيدة : 9636
-----------------------------------
سقى اللهُ بالكفر الأباظيِّ مضجعاً
تضَّوع كافوراً من الخلد ساريا
يطيب ثرى بردينَ من نفح طيبه
كأن ثرى بردينَ مسّ الغواليا
فيا لَكَ غِمداً من صَفيحٍ وجَنْدَلٍ
حوَى السيفَ مَصقولَ الغِرارِ يَمانيا
وكنا استلَلْنا في النوائب غَرْبَهُ
فلم يلفَ هيّاباً، ولم يلف نابيا
إذا اهتزَّ دونَ الحقِّ يَحمي حِياضَه
تأَخَّر عنها باطلُ القومِ ظاميا
طوتهُ يدٌ للموت، لا الجاهُ عاصماً
إذا بطشتْ يوماً، ولا المالُ فاديا
تنالُ صبا الأعمار عند رفيقه
وعندَ جفوفِ العودِ في السنِّ ذاويا
وبعضُ المنايا تُنْزلُ الشَّهْدَ في الثرى
ويحططنَ في الترب الجبالَ الرواسيا
يقولو: يرثي الراحلين، فويحهم!
أأملتُ عندَ الراحلين الجوازيا؟
أبوا حسداً أن أجعل الحيَّ أسوة ً
لهم، ومثالاً قد يصادفُ حاذيا(91/232)
فلمّا رثيتُ الميتَ أقضي حقوقه
وجدتُ حسوداً للرُّفاتِ وشانيا
إذا أَنت لم ترْعَ العهودَ لهالكٍ
فلستَ لحيٍّ حافظَ العهد راعيا
فلا يطوين الموتُ عهدك من أخٍ
وهبهُ بوادٍ غيرِ واديك نائيا
أَقام بأَرضٍ أَنت لاقِيه عندَها
وإن بتما تستبعدان التلاقيا
رَثيْتُ حياة ً بالثناءِ خليقة ً
وخليتُ عهداً بالمفاخر حاليا
وعزَّيْتُ بيتاً قد تبارَتْ سماؤُه
مشايخَ أقماراًن ومرداً دراريا
إلى الله إسماعيلُ وانزِلْ بساحة ٍ
أظلَّ الندى أقطارها والنواحيا
تَرَى الرحمة َ الكبرى وراءَ سمائها
تَلُفُّ التُّقى في سَيْبِها والمَعاصيا
لدى ملكٍ لا يمنع الظلَّ لائذاً
ولا الصفحَ تواباً، ولا العفوَ راجيا
وأقسمُ كنتَ المرءَ لم ينسَ دينه
ولم تلههِ دنياؤه وهيَ ماهيا
وكنتَ إذا الحاجاتُ عزَّ قضاؤها
لحاجِ اليتامى والأَراملِ قاضيا
وكنتَ تُصلِّي بالملوكِ جماعة ً
وكنت تقوم الليلَ بالنفس خاليا
ومَن يُعْطَ من جاهِ الملوك وَسِيلة ً
فلا يصنع الخيراتِ، لم يعطَ غاليا
وكنتَ الجريءَ النَّدْبَ في كلِّ موقفٍ
تلفَّتَ فيه الحقُّ لم يَلْقَ حاميا
بصرتُ بأخلاقِ الرجالِ فلم أجدْ
ـ وإن جَلَت الأَخلاقُ ـ للعزم ثانيا
من العزمِ ما يُحيي فُحولاً كثيرة ً
وقدَّمَ كافورَ الخَصِيّ الطَّواشِيا
وما حطَّ مِنْ رَبِّ القصائد مادحاً
وأنزله عن رتبة ِ الشعر هاجيا
فليس البيانُ الهجوَ إن كنت ساخطاً
ولا هو زُورُ المدحِ إن كنتَ راضيا
ولكنْ هدى الله الكريمِ ووحيه
حَملتَ به المصباحَ في الناسِ هادِيا
تُفيض على الأَحياءِ نوراً، وتارة ً
تضيءُ على الموتى الرَّجامَ الدَّواجيا
هياكلُ تفنى ، والبيانُ مخلدٌ
أَلا إنّ عِتْقَ الخمرِ يُنْسِي الأَوانيا
ذهبْت أَبا عبدِ الحميدِ مُبَرَّءاً
من الذَّام، محمودَ الجوانبِ، زاكيا
قليلَ المساوي في زمانٍ يرى العلا
ذُنوباً، وناسٍ يَخْلُقون المساويا
طوَيناك كالماضي تَلقَّاه غِمدُه
فلم تسترح حتى نشرناك ماضيا(91/233)
فكنتَ على الأَفواه سيرة َ مُجمِلٍ
وكنت حديثاً في المسامع عاليا
وفيتَ لمن أدناكَ في الملك حقبة ً
فكانَ عجيباً أَن يَرى الناسُ وافيا
أَثاروا على آثار مَوْتِكَ ضَجّة ً
وهاجُوا لنا الذكرى ، وَردُّوا اللياليا
ومن سابقَ التاريخَ لم يأمن الهوى
مُلِجّاً، ولم يَسلَم منَ الحِقْدِ نازيا
إذا وضعَ الأحياءُ تاريخَ جيلهم
عَرفتَ المُلاحي مِنهمُ، والمُحابيا
إذا سلم الدستور هان الذي مضى
وهان من الأحداثِ ما كان آتيا
أَلا كلُّ ذَنْب لِليالي لأَجله
سدلنا عليه صفحنا والتناسيا
أرسل قصيدة | أخبر صديقك | راسلنا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أحقُّ أنهم دفنوا عليَّا
أحقُّ أنهم دفنوا عليَّا
رقم القصيدة : 9637
-----------------------------------
أحقُّ أنهم دفنوا عليَّا
وحطُّوا في الثرى المرءَ الزكيّا؟
فما تركوا من الأَخلاق سَمْحاً
على وجه التراب، ولا رضيَّا؟
مضوا بالضاحك الماضي وألقوا
إلى الحُفَر الخَفيفَ السَّمْهَرِيَّا
فَمَنْ عَوْنُ اللغاتِ على مُلِمٍّ
أصاب فصيحها والأعجميَّا؟
لقد فقدتْ مصرفها حنيناً
وبات مكانُه منها خَلِيَّا
ومن ينظرْ يرَ الفسطاطَ تبكي
بفائضة ٍ من العَبَرَاتِ رِيَّا
أَلم يَمْشِ الثرى قِحَة ً عليها
وكان رِكابُها نحوَ الثُّرَيّا؟
فنَقَّبَ عن مواضعها عَلِيٌّ
فجَدَّدَ دارساً، وجَلا خَفِيّا
ولولا جُهْدُهُ احتجَبَتْ رُسوماً
فلا دمناً تريكَ لا نؤيَّا
تلفَّتَتِ الفنونُ وقد تَوَلَّى
فلم تجد النصيرَ ولا الوليّا
سَلوا الآثارَ: مَنْ يَغدو يُغالي
بها، ويروحُ مُحتفِظاً حَفِيَّا؟
ويُنْزِلُها الرُّفوفَ كجوهريٍّ
يصففُ في خزائنها الحليَّا؟
وما جهلَ العتيقَ الحرَّ منها
ولا غَبِيَ المُقَلّدَ والدَّعِيَّا
فتى ً عاف المشاربَ من دنايا
وصان عن القَذَى ماءَ المُحَيَّا
أبيُّ النفسِ في زمنٍ إذا ما
عَجَمْتَ بنيهِ لم تجِدِ الأَبِيَّا
تعوّدَ أن يراه الناس رأساً
وليس يرونه الذنبَ الدنيَّا(91/234)
وَجَدْتُ العلمَ لا يبني نُفُوساً
ولا يغني عن الأخلاقِ شيَّا
ولم أَر في السلاح أَضلَّ حَدّاً
مِنَ الأَخلاق إنْ صَحِبَتْ غَوِيَّا
همَا كالسيف، لا تنصفهُ يفسدْ
عليكَ، وخُذْهُ مُكتمِلاً سَوِيَّا
غديرٌ أَترعَ الأَوطانَ خيراً
وإن لم تمتلىء منه دويَّا
وقد تأتي الجداولُ في خشوعٍ
بما قد يعجزُ السَّيلَ الأتيَّا
حياة ُ مُعَلِّمٍ طفِئَتْ، وكانتْ
سراجاً يعجبُ الساري وضيَّا
سبقتُ القابسين إلى سَناها
ورحتُ بنورها أحبو صبيَّا
أخذتُ على أريبٍ ألمعيٍّ
ومَنْ لكَ بالمعلِّم أَلْمَعِيَّا؟
ورب معلِّمٍ تلقاه فظَّا
غليظ القلبِ أَو فَدْماً غَبيّا
إذا انتدب البنون لها سيوفاً
من الميلاد ردَّهُمُ عِصيَّا
إذا رشد المعلمُ خلوا وفاقوا
إلى الحرية کنساقُوا هديَّا
أناروا ظلمة َ الدنيا، وكانوا
وإن هو ضَلَّ كان السامِريَّا
أرقتُ وما نسيتُ بناتِ يومٍ
على "المطريّة " کندَفعَتْ بُكيّا
بكَتْ وتأَوَّهَتْ، فَوَهِمْتُ شَرّاً
وقبلي داخل الوهمُ الذَّكيا
قلبتُ لها الحذيَّ، وكان مني
ضلالاً أَن قلبتُ لها الحذيَّا
زعمتُ الغيبَ خلفَ لسانِ طيرٍ
جَهِلْتُ لسانَه فزعَمْتُ غيّا
أصاب الغيبَ عند الطير قومٌ
وصار البومُ بينهم نَبيّا
إذا غَنّاهمُ وجدوا سَطِيحاً
على فمه، وأفعى الجرهميَّا
رمى الغربانُ شيخَ تَنُوخَ قبلي
وراش من الطويل لها دَوِيَّا
نجا من ناجذيْهِ كلُّ لحمٍ
وغُودِرَ لحمهُنَّ به شَقِيَّا
نَعَسْتُ فما وجدتُ الغَمْضَ حتى
نَفَضْتُ على المَنَاحَة ِ مُقْلَتَيّا
فقلتُ: نذيرة ٌ وبلاغُ صدق
وحقٌّ لم يفاجىء مسمعيَّا
ولكنَّ الذي بكتِ البواكي
خليلٌ عزَّ مصرعه عليَّا
ومَن يُفجَعْ بِحُرٍّ عبقريٍّ
يجدْ ظلمَ المنيّة ِ عبقريَّا
ومن تَتراخَ مُدَّتُه فيُكثِرْ
من الأَحبابِ لا يُحْصِي النَّعِيَّا
أخي، أقبلْ عليَّ من المنايا
وهاتِ حديثك العذبَ الشهيَّا
فلم أَعدِم إذا ما الدُّورُ نامت
سميراً بالمقابر أَو نَجِيّا(91/235)
يُذكِّرني الدُّجَى لِدَة ً حَمِيماً
هنالكَ باتَ، أو خلاًّ وفيَّا
نَشَدْتُكَ بالمنيّة وهْيَ حقٌّ
أَلم يَكُ زُخْرُفُ الدنيا فَرِيَّا
عَرفْتَ الموتَ معنى ً بعد لفظٍ
تكَّلمْ، وأكشفِ المعنى الخبيَّا
أتاك من الحياة الموتُ فانظرْ
أَكنتَ تموت لو لم تُلْفَ حَيَّا؟
وللأشياءِ أضدادٌ إليها
تصير إذا صَبَرْتَ لها مَليَّا
ومنقلبُ النجومِ إلى سكونِ
من الدَّوَرانِ يَطويهنّ طيَّا
فخبِّرني عن الماضين؛ إني
شددتُ الرحلَ أنتظرُ المضيَّا
وصفْ لي منزلاً حملوا إليه
وما لمحوا الطريقَ ولا المُطِيّا
وكيف أَتى الغنيُّ له فقيراً
وكيف ثوى الفقير به غنيَّا؟
لقد لَبِسوا له الأَزياءَ شتَّى
فلم يقبل سوى التَّجريدِ زِيَّا
سواءٌ فيه مَنْ وافى نهاراً
ومنْ قذف اليهودُ به عشيَّا
ومنْ قطع الحياة صداً وجوعاً
ومنْ مرتْ به شبعاً وريَّا
ومَيْتٌ ضَجَّتِ الدنيا عليه
وآخرُ ما تحسنُّ له نعيَّا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> تاجَ البلادِ، تحية ٌ وسلامُ
تاجَ البلادِ، تحية ٌ وسلامُ
رقم القصيدة : 9638
-----------------------------------
تاجَ البلادِ، تحية ٌ وسلامُ
رَدّتك مصرُ، وصحَّت الأَحلامُ
العلمُ والملك الرفيعُ، كلاهما
لك - يافؤادُ - جلالة ٌ ومقام
فكأَنك المأْمونُ في سُلطانه:
في ظلِّك الأَعلامُ، والأَقلامُ
أَهدَى إليك الغربُ من أَلقابه
في العلمِ ما تسمو له الأَعلام
من كلِّ مملكة ٍ، وكلِّ جماعة ٍ
يسعى لك التقديرُ والإعظام
ما هذه الغرفُ الزواهرُ كالضحى
الشامخاتُ كأَنها الأَعلامُ؟
من كلِّ مرفوعِ العمودِ منَوِّرٍ
كالصبحِ مُنْصَدِعٌ به الإظلام
تتحطَّم الأُمِّيَّة ُ الكبرى على
عَرَصاتِه، وتمزَّقُ الأَوهام
هذا البناءُ الفاطِميُّ مَنارة ٌ
وقواعدٌ لحضارة ٍ ودعام
مهدٌ تهيَّأَ للوليدِ، وأيكة ٌ
سيرنُّ فيها بلبلٌ وحمام
شرفاته نورُ السبيلِ، وركنه
للعبقرية ِ منزلٌّ ومقام
وملاعبٌ تجري الحظوظ مع الصِّبا
في ظلهنَّ، وتوهبُ الأقسام(91/236)
يمشي بها الفتيانُ، هذا ما له
نفس تسوِّدهُ، وذاك عصامُ
ألقى أواسيهُ، وطال بركنهِ
نَفْسٌ من الصِّيدِ الملوكِ كُرام
من آلِ إسماعيلَ، ولا العمَّاتُ قد
قصَّرن عن كرم، ولا الأعمام
لم يُعْطَ هِمَّتَهم، ولا إحسانَهم
بان على وادي الملوك هُمام
وبنى فؤادٌ حائطَيْه، يُعِينُه
شعبٌ عن الغاياتِ ليس يَنام
أنظر أبا الفاروقِ غرسكَ، هل دنتْ
ثمراتهُ، وبدت له أعلامُ؟
وهلى انثنى الوادي وفي فمه الجَنَى
وأتى العراقُ مشاطراً والشام؟
في كلِّ عاصمة ٍ وكلِّ مدينة ٍ
شبانُ مصرَ على المناهل حاموا
كم نستعيرُ الآخرِين وَنَجْتَدِي
هيهات! ما للعارِيات دَوام
اليومَ يَرْعَى في خمائلِ أَرضِهم
نشأٌ إلى داعي الرحيلِ قيام
حبٌّ غرستَ براحتيكَ، ولم يزلْ
يَسقيه من كِلتا يديك غَمام
حتى أنافَ على قوائمِ سوقهِ
ثمراً تنوءُ وراءه الأكمام
فقريبه للحاضرين وليمة ٌ
وبعيده للغابرين طعام
عِظة ٌ لفاروقٍ وصالحِ جِيلهِ
فيما ينيلُ الصبرُ والإقدام
ونموذجٌ تحذو عليه، ولم يزلْ
بسراتهمْ يتشبَّهُ الأقوام
شيَّدت صرحاً للذخائرِ عالياً
يأوي الجمالُ إليه والإلهام
رَفٌّ عُيونُ الكُتْبِ فيه طوائفٌ
وجلائلُ الأسفارِ فيه ركام
إسكندرية ٌ، عاد كنزكِ سالماً
حتى كأنْ لم يلتهمه ضرامُ
لمَّتهُ من لهبِ الحريق أنامٌ
بَرْدٌ على ما لامَسَتْ، وسَلام
وأَسَتْ جِراحَتَك القديمة راحة ٌ
جُرْحُ الزمانِ بعُرْفِها يَلتام
تَهَبُ الطريفَ من الفَخارِ، وربّما
بَعَثَتْ تَليدَ المجدِ وهْوَ رِمام
أرأيتَ ركنَ العلم كيف يقامُ؟
أرأيتَ الاستقلالَ كيف يرام؟
العلمُ في سبلِ الحضارة ِ والعلا
حادٍ لكلِّ جماعة ٍ، وزمام
باني الممالكِ حينَ تنشدُ بانياً
ومثابة ُ الأوطانِ حينَ تضام
قامت رُبوعُ العلم في الوادي، فهل
للعبقرية ِ والنبوغِ قيام؟
فهما الحياة ُ، وكلُّ دورِ ثقافة ٍ
أَو دُورِ تعليمٍ هي الأَجسام
ما العلمُ ما لم يَصْنعاه حقيقة ٌ
للطالبين، ولا البيانُ كلام(91/237)
يا مهرجانَ العلمِ، حولك فرحة ٌ
وعليك من آمالِ مصرَ زحام
ما أَشبهتْكَ مواسمُ الوادي، ولا
أعياده في الدهر، وهي عظام
إلا نهاراً في بشاشة صُبحِه
قعد البناة ، وقامت الأهرام
وأَطال خوفو من مواكبِ عِزِّه
فاهتزَّت الرَّبَواتُ، والآكام
يومي بتاجٍ في الحضارة معرقٍ
تعْنُو الجِباهُ لعِزِّه، والهام
تاجٌ تنقَّلَ في العصورِ معظَّماً
وتأَلفتْ دُوَلٌ عليه جِسام
لما اضطلعتَ به مَشَى فيه الهدى
ومراشدُ الدستورِ، والإسلام
سبقتْ مواكبك الربيعَ وحسنه
فالنيلُ زهوٌ، والضفافُ وسام
الجيزة ُ الفيحاءُ هزَّت منكباً
سبغ النوالُ عليه والإنعام
لبست زخارفها، ومسَّتْ طيبها
وتردّدتْ في أَيْكها الأَنغامُ
قد زدتها هرماً يحجُّ فناؤه
ويُشدُّ للدنيا إليه حِزام
تقفُ القرونُ غداً على درجاتِه
تُمْلِي الثناءَ، وتكتبُ الأَيام
أَعوامُ جهدٍ في الشبابِ، وراءَها
من جهد خيرِ كهولة ٍ أعوام
بلغَ البناءُ على يديك تمامهُ
ولكل ما تبني يداك تمام
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> نُراوَحُ بالحوادثِ، أَو نُغادَى
نُراوَحُ بالحوادثِ، أَو نُغادَى
رقم القصيدة : 9639
-----------------------------------
نُراوَحُ بالحوادثِ، أَو نُغادَى
ونُنكرُها، ونُعطيها القِيادا
ونحمَدُها وما رعتِ الضَّحايا
ولا جزتِ المواقفَ والجهادا
لحاها اللهُ، باعتنا خيالاً
من الأَحلامِ، واشترتِ اتّحادا
مشيْنا أَمسِ نلقاها جميعاً
ونحنُ اليومَ نلقاها فرادى
أضلتنا عن الإصلاح، حتى
عَجَزْنا أَن نُناقشَها الفسادا
تُلاقِينا، فلا نَجِدُ الصَّياصِي
ونَلقاها، فلا نجدُ العَتادا
ومَنْ لَقِيَ السِّباعَ بغيرِ ظفرٍ
ولا نابٍ تمزَّقَ أَو تفادَى
خَفضنا من عُلُوِّ الحقِّ حتى
تَوهَّمنا السيادة َ أَن نُسادا
ولمَّا لم نَنلْ للسيفِ ردّاً
تنازعْنا الحمائلَ والنِّجادا
وأقبلنا على أقوالِ زورٍ
تجيءُ الغيَّ تقلبه رشادا
ولو عُدنا إليها بعدَ قرْنٍ
رحمنا الطرسَ منها والمدادا(91/238)
وكم سحرٍ سمعنا منذُ حينٍ
تضاءَلَ بين أَعيُننا ونادى
هنيئاً للعدوِّ بكلِّ أرضٍ
إذا هو حلَّ في بلدٍ تعادى
وبُعداً للسيادة ِ والمعالي
إذا قطعَ القرابة َ والودادا
وربَّ حقيقة ٍ لا بدَّ منها
خدعْنا النَّشْءَ عنها والسَّوادا
تعدُّ لحادثِ الأيام صبراً
وآونة ً تعدُّ له عنادا
وتخلف بالنهى البيضَ المواضي
وبالخُلق المثقَّفة الصِّعادا
لمحنا الحَظَّ ناحية ً، فلما
بلغناها أحسَّ بنا، فحادا
وليس الحظُّ إلا عبقريَّا
يحبُّ الأريحية َ، والسدادا
ونحن بنو زمانٍ حواليٍّ
تنقلَ تاجراً، ومشى ، ورادا
إذا قعد العبادُ له بسوقٍ
شرى في السوق، أَو باع العِبادا
وتعجبه العواطفُ في كتابٍ
وفي دمع المُشَخِّصِ ما أَجادا
يُؤمِّننا على الدستورِ أَنَّا
نرى من خلفِ حوزته فؤادا
أبو الفاروق نرجوه لفضلٍ
ولا نخشى لِما وَهبَ ارتدادا
ملأنا باسمه الأفواهَ فخراً
ولقبناه بالأمسِ المكاد
نُناجيه، فنسترعِي حكيماً
ونسأَله فنستجدي جَوَادا
ولم يزلِ المحبَّبَ، والمفدَّى
ومرهمَ كلِّ جرحٍ، والضِّمادا
تَدفَّق مَصْرفُ الوادي، فرَوَّى
وصابَ غمامُهُ، فسقى ، وجادا
دعا فتنافستْ فيه نفوسٌ
بمصرَ لكلِّ صالحة ٍ تنادى
تقدمُ عونها ثقة ً ومالاً
وأحياناً تقدمهُ اجتهادا
وأقبلَ من شبابِ القومِ جمعٌ
كما بنتِ الكهولُ بنى ، وشادا
كأن جوانبَ الدارِ الخلايا
وهم كالنحل في الدار احتشادا
فيا داراً من الهممِ العوالي
سُقيتِ التِّبرَ، لا أَرْضَى العِهادا
تأَنَّى حينَ أَسَّسَكِ ابنُ حربٍ
وحينَ بنى دعائمكِ الشدادا
ولا ترجى المتانة ُ في بناءٍ
إذا البنَّاءُ لم يُعْطَ اتِّئادا
بنى الدارَ التي كنّا نراها
أمانيَّ المخيَّل، أو رقادا
ولم يَبْعُدْ على نفسٍ مَرَامٌ
إذا ركبتْ له الهممَ البعادا
ولم أَرَ بعدَ قدرتِه تعالى
كمَقدِرَة ِ ابنِ آدمَ إن أَرادا
جرى والناسَ في ريب وشكٍّ
يَرومُ السَّبْقَ، فاخترقَ الجيادا
وعوديَ ودونها حتى بناها
ومن شأْنِ المجدِّدِ أَن يُعادى(91/239)
يَهونُ الكيدُ مِنْ أَعدَى عدُوٍّ
عليكَ إذا الوليُّ سعَى وكادا
فجاءت كالنهارِ إذا تجلَّى
عُلُوّاً في المشارقِ وانطيادا
نصونُ كزائمَ الأموالِ فيها
وننزلها الخزائنَ والنضادا
ونُخرجُها، فتكسِبُ، ثُمَّ تأْوِي
رجوعَ النحل قد حملنَ زادا
ولم أرَ مثلها أرضاً أغلَّتْ
وما سقيتْ، ولا طعمتْ سمادا
ولا مُستوْدعاً مالاً لقومٍ
إذا رجعوا له أَدَّى وزادا
ومن عجبٍ نُثبِّتُها أُصولاً
وتِلك فروعُها تَغشَى البلادا
كأنّ القطرَ من شوقٍ إليها
سَما قبلَ الأَساسِ بها عِمادا
ولو ملكتْ كنوزَ الأرضِ كفِّي
جعلتُ أساسها ماساً ورادا
ولو أن النجومَ عنتْ لحكمي
فرشتُ النيِّراتِ لها مِهادا
بحث عن قصيدة بحث عن شاعر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> نَبذَ الهوى ، وصَحَا من الأَحلامِ
نَبذَ الهوى ، وصَحَا من الأَحلامِ
رقم القصيدة : 9640
-----------------------------------
نَبذَ الهوى ، وصَحَا من الأَحلامِ
شرقٌ تنبهَ بعدَ طولِ منام
ثابتْ سلامته، وأقبل صحوهُ
إلا بقايا فترة ٍ وسقام
صاحتْ به الآجامُ: هنتَ! فلم ينمْ،
أَعَلى الهوانِ يُنامُ في الآجامِ؟
أُمَمٌ وراءَ الكهفِ جُهْدُ حَياتِهم
حركاتُ عيشٍ في سُكونِ حِمام
نفضوا العيونَ من الكرَى ، واستأنفوا
سفرَ الحياة ، ورحلة َ الأيام
مَنْ ليس في رَكْبِ الزمانِ مُغَبِّراً
فکعْدُدْهُ بين غوابرِ الأَقوام
في كلِّ حاضرة ٍ وكلِّ قبيلة ٍ
هممٌ ذهبنَ يرمن كلَّ مرام
من كلِّ ممتنعٍ على أرسانهِ
أو جامحٍ يعدو بنصفِ لجام
يا مصرُ، أنتِ كنانة ُ اللهِ التي
لا تُستباحُ، وللكِنانة ِ حامِ
استقبلي الآمالَ في غاياتها
وتأمَّلي الدنيا بطرفٍ سام
وخُذِي طَريفَ المجدِ بعدَ تَليدِه
من راحَتيْ مَلِكٍ أَغرَّ هُمام
يُعْنَى بِسُؤدد قومِه، وحُقوقِهم
ويذودُ دونَ حياضهم، ويحامي
ما تاجِ العالي، ولا نوَّابه
بالحانِثين إليكِ في الإقسام
جَرَّبْتِ نُعْمَى الحادثاتِ وبُؤسَها
أَعَلِمْتِ حالاً آذَنَتْ بدوامِ؟(91/240)
عبستْ إلينا الحادثاتُ، وطالما
نَزَلَتْ فلم نُغْلَبْ على الأَحلام
من أَين جئتَ له بدارِ مُقام؟!
ويُرَقِّدون نَوازِيَ الآلام
الحقُّ كلُّ سلاحهم وكفاحهم
والحقُّ نِعْمَ مُثَبِّتُ الأَقدام
يَبنون حائطَ مُلْكِهم في هُدنَة ٍ
وعلى عواقبِ شحنة ٍ وخصام
قلْ للحوادث: أقدِمي، أَو أَحجمي
إنَّا بنو الإقدامِ والإحجام
نحن النيامُ إذا الليالي سالمتْ
فإذا وَثَبْنَ فنحنُ غيرُ نيام
فينا من الصبرِ الجميلِ بقية ٌ
لحوادثٍ خَلْفَ العُيوبِ جِسام
أين الوفودُ الملتقونَ على القرى
المُنزَلون مَنازلَ الإكرامِ
الوارثون القُدْسَ عن أَحبارِه
والخالِفونَ أُميَّة ً في الشَّام؟
الحاملو الفصحى ونورِ بيانها
يَبنون فيه حضارة َ الإسلام؟
ويؤلِّفون الشرقَ في برهانها
لمَّ الضياءِ حَواشِيَ الإظلام؟
تاقوا إلى أَوطانِهم، فتحَمَّلوا
وهَوَى الديارِ وراءَ كلِّ غرام
ما ضرَّ لو حبسوا الركائبَ ساعة ً
وثنَوْا إلى الفُسطاطِ فضلَ زِمام؟
ليُضيف شاهدُهمْ إلى أَيامِه
يوماً أغرَّ ملمَّحَ الأعلام
ويرى ويسمع كيف عادَ حقيقة ً
ما كان ممتنعاً على الأوهام
مِنْ هِمّة ِ المحكومِ وهو مُكبَّلٌ
بالقيد، لا من همَّة ِ الحكامِ
مِصرُ التقتْ في مِهرجانِ مُحمدٍ
وتجمعتْ لتحية ٍ وسلامِ
هَزَّتْ مَناكبَها له، فكأَنه
ظِلٌّ، وسُنْبُلة ٌ، وقَطرُ غَمام
وكأنه في الفتح عموريَّة ٌ
أَسِمُ العصورَ بحسنِهِ، وأنا الذي
يروي، فينتظمُ العصورَ كلامي
شرفاً محمدُ، هكذا تبنى العلا:
بالصبرِ آوِنة ً وبالإقدام
هممُ الرجالِ إذا مضتْ لم يثنها
خدعُ الثناءِ ولا عوادي الذَّام
وتمامُ فضلكَ أن يعيبكَ حسدٌ
يجدون نقصاً عندَ كلِّ تمَام
المالُ في الدنيا منازلُ نقلة ٍ
فرفعتَ إيواناً كرُكنِ النَّجمِ، لم
يُضرَبْ على كِسرى ، ولا بَهرام
صَيَّرْتَ طينتَه الخلودَ، وجئتَ مِنْ
وادي الملوكِ بجَنْدَلٍ ورَغام
هذا البناءُ العبقريُّ أَتى به
بيتٌ له فضل وحقُّ ذمام
كانت به الأرقام تدركُ حسبة ً(91/241)
واليومَ جاوز حسبة َ الأرقام
يا طالما شغف الظنونَ، وطالما
كثر الرجاءُ عليه في الإلمام
ما زلتَ أَنتَ وصاحباك بِركنه
حتى استقام على أغرِّ دعام
أَسَّسْتُم بالحاسدين جِدارَه
وبينتمو بمعاول الهدَّام
شركاتك الدنيا العريضة ُ لم تنل
إلا بطول رعاية ٍ وقيام
الله سخَّر للكنانة ِ خازناً
أَخذ الأَمانَ لها من الأَعوام
وكأَن مالَ المودِعين وزرعَهم
في راحتيْك ودائعُ الأَيتام
ما زلتَ تَبني رُكنَ كلِّ عظيمة ٍ
حتى أتيتَ برابع الأهرام
اضف القصيدة إلى مفضلتك
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> اتخذتِ السماءَ يا دارُ ركنا
اتخذتِ السماءَ يا دارُ ركنا
رقم القصيدة : 9641
-----------------------------------
اتخذتِ السماءَ يا دارُ ركنا
وأَوَيْتِ الكواكب الزُّهْرَ سَكْنا
وجمعتِ السعادتين، فباتت
فيك دُنيا الصلاحِ للدين خِدنا
نادَمَا الدهر في ذراكِ وفَضَّا
من سُلاف الودادِ دَنّاً فدَنّا
وإذا الخلقُ كان عقدَ ودادٍ
لم ينل منه منْ وشى وتجنَّى
وارى العلمَ كالعبادة في أبـ
ـعدِ غاياته: إلى الله أدنى
واسعَ الساحِ، يرسل الفكرَ فيها
كلُّ مَن شكَّ ساعة ً أَو تَظنَّى
هل سألنا أبا العلاءِ وإن قلَّـ
ـب عيناً في عالم الكونِ وَسْنَى
كيف يهزا بخالق الطيرِ منْ لم
يعلم الطيرَ، هل بكى أو تغنَّى ؟
أَنتِ كالشمس رفرفاً، والسماكيْـ
ـنِ روافاً، وكالمجرَّة صحنا
لو تَستَّرْتِ كنتِ كالكعبة الغرّ
اءِ ذيلاً من الجلال وردنا
إن تكن للثواب والبِرِّ داراً
أَنت للحق والمراشدِ مَغْنَى
قد بلغتِ الكمال في نصف قرنٍ
كيف إن تمت الملاوة قرنا؟!
وهْوَ باقٍ على المدى ليس يفنى
يا عكاظاً حوى الشبابَ فصاحاً
قرشيينَ في المجامع، لسنا
بَثَّهُمْ في كنانة الله نوراً
مِن ظلام على البصائر أَخْنَى
علموا بالبيانِ، لا غرباءَ
فيه يوماً، ولا أعاجمَ لكنا
فتية ٌ محسنون، لم يُخْلِفوا
ـلمَ رجاءً، ولا المعلِّمَ ظنّا
صدعوا ظلمة ً على الريف حلتْ(91/242)
وأَضاءوا الصعيدَ سهلاً، وحَزْنا
منْ قضى منهمُ تفرَّق فكراً
في نُهَى النَّشْءِ، أَو تَقَسَّم ذِهنا
نادِ دارَ العلوم ان شئتَ: يا عا
ئش، أو شئتَ نادها: يا سكينا
قل لها: يا ابنة المبارك إيهٍ
قد جَرَتْ كاسمه أُمورُكِ يُمْنا
هو في المهرجان حَيٌّ شهيدٌ
يجتلي غرسَ فضله كيف أجنى
وهو في العرسٍ - إن تحجَّبَ، أو لم
يَحْتَجِب ـ والدُ العروسِ المُهنّا
ما جرى ذكرهُ بناديكِ حتى
وقف الدمعُ في الشؤونِ فأَثنى
ربَّ خيرٍ ملئتَ منه سروراً
ذكر الخيرين فاهتجتَ حزنا
أَدَرَى إذا بناك أَنْ كان يبني
فوق أنف العدو للضاد حصنا؟
حائطُ الملكِ بالمدارس إن شِئْـ
ـتَ، وإن شِئْت بالمعاقل يُبنى
انظر الناس، هل ترى لحياة ٍ
عطّلتْ من نباهة ِ الذكرِ معنى ؟
لا الغنى في الرجال ناب عن الفضـ
ـلِ وسلطانهِ، ولا الجاهُ أغنى
رُبَّ عاثٍ في الأَرض لم تجعل الأَر
ضُ له إن أَقام أَو سار وَزنا
عاش لم ترْمِهِ بعينٍ، وأَودى
هملاً لم تهب لناعيه أذنا
نظمَ الله مُلكَه بعبادٍ
عبقريين أورثوا الملكَ حسنا
شغلتهم عن الحسود المعالي
إنما يحسدُ العظيمُ ويشنا
من ذكيِّ الفؤادِ يورثُ علماً
أو بديعِ الخيالِ يخلقُ فنَّا
كم قديمٍ كرقعة ِ الفنِّ حرٍّ
لم يقلل له الجديدان شأنا
وجديدٍ عليه يختلف الدهـ
ـرُ، ويفنى الزمانُ قرناً فقرنا
فاحتفظ بالذخيرتين جميعاً
عادة ُ الفطنِ بالذخائر يعنى
يا شباباً سقوني الودَّ محضاً
وسقوا شانئي على الغلّ أجنا
كلما صار للكهولة شعري
أنشدوه، فعاد أمردَ لدنا
أُسرة ُ الشاعرِ الرُّواة ُ، وما عَنَّـ
ـوهُ، والمرءُ بالقريب معنى
هم يضنُّون في الحياة بما قا
ل، ويلفونَ في الممات أضنَّا
وإذا ما انقضى وأَهْلُوهُ لم يَعـ
ـدَم شقيقاً من الرُّواة أَو کبْنا
النبوغَ النبوغَ حتى تنصُّوا
راية َ العلم كالهلال وأَسنَى
نحن في صورة الممالكِ ما لم
يُصْبِحِ العلمُ والمعلِّمُ مِنّا
لا تنادوا الحصونَ والسُّفنَ، وادْعُوا العـ(91/243)
ـلم يُنشىء ْ لكم حصوناً وسُفْنا
إنْ ركبَ الحضارة ِ اخترق الأرْ
ضَ، وشقّ السماءَ ريحاً ومُزْنا
وصَحِبْناه كالغبارِ، فلا رجْـ
ـلاً شدَدْنا، ولا رِكاباً زَمَمْنا
دان آباؤنا الزمانَ مَلِيّاً
ومليَّاً لحادثِ الدهر دنَّا!
كم نُباهِي بلحْدِ مَيْتٍ؟ وكم نحـ
ـملُ من هادمٍ ولم يبنِ منّا؟!
قد أتى أن نقول: نحن، ولا نسـ
ـمع أبناءنا يقولون: كنَّا!
اقترح تعديلا على القصيدة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَمسِ انقضى ، واليومُ مِرْقاة ُ الغدِ
أَمسِ انقضى ، واليومُ مِرْقاة ُ الغدِ
رقم القصيدة : 9642
-----------------------------------
أَمسِ انقضى ، واليومُ مِرْقاة ُ الغدِ
إسكندرية ُ، آن أن تتجددي
يا غرَّة َ الوادي وسدَّة َ بابه
رُدّي مكانَكِ في البرِية ِ يُرْدَدِ
فيضي كامسِ على العلوم من النُّهى
وعلى الفنونِ من الجمالِ السَّرْمَدِي
وسمي النبالة َ بالملاحمِ تتسمْ
وسمي الصبابة َ بالعواطف تخلدِ
وضعي رواياتِ الخلاعة ِ والهوى
لممثِّلين من العصورِ، وشُهَّدِ
لا تجعلي حبَّ القديمِ وذكره
حسراتِ مِضياعٍ، ودفعَ مُبَدّدِ
إنّ القديمَ ذخيرة ٌ من صالحٍ
تبني المقصِّرَ، أوتحثُّ المقتدي
لا تفْتَتِنْكِ حضارة ٌ مَجلوبة ٌ
لم يبنَ حائطها بمالكِ واليدِ
لو مالَ عنكِ شِراعُها وبُخارُها
لم يبقَ غيرُ الصَّيْدِ والمتصيّد
وُجدَتْ وكان لغيرِ أَهلِكِ أَرضُها
وسماؤها، وكأنها لم توجد
جاري النزيلَ، وسابقيه إلى الغنَى
وإلى الحجا، وإلى العلا والسؤدد
وابني كما يبني المعاهدَ، واشرعي
لشبابك العرفانَ عذبَ المؤرد
أَخِزانة َ الوادي، عليكِ تحيَّة ٌ
رَبَضتْ كجُنْحِ الغيهَب المتلبِّدِ
ما أَنتِ إلا من خزائنِ يوسفٍ
بالقصدِ، موحِيَة ٌ لمن لم يقصِدِ
قلدتِ من مال البلادِ أمانة ً
يا طالما افتقرتْ إلى المتقلِّد
وبلغْت من إيمانِها ورجائِها
ما يبلغُ المحرابُ من متعبِّد
فلوَ أنَّ أَستارَ الجلالِ سَعَتْ إلى
غيرِ العتيقِ لبستِ ممّا يرتدي(91/244)
إنَّا نُعَظِّمُ فيكِ أَلوِيَة ً على
جنباتها حشدٌ يروح ويغتدي
وإذا طمعتَ من الخليَّة ِ شهدها
فاشهَدْ لقائدها وللمُتجَنّد
لا تمنحِ المحبوبَ شُكرَك كلَّه
واقرنْ به شكرَ الأجيرِ المجهد
إسكندرية ُ شرفتْ بعصابة ٍ
بيضِ الأسرة ِ، والصحيفة ِ، واليد
خدموا حِمى الوطنِ العزيزِ، فبورِكوا
خدَماً، وبورك في الحمى مِن سَيّد
ما بالُ ذاك الكوخِ صَرَّحَ وانجلَى
عن حائطيْ صرحٍ أشمَّ ممردٍ؟
مِن كسْرِ بيتٍ، أَو جِدارِ سَقِيفة ٍ
رَفع الثباتُ بِناية ً كالفرْقَد
فإذا طلعتَ على جلالة ِ ركنها
قلْ: تِلك إحدى مُعجزات محمدِ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لا يقيمنَّ على الضَّيمِ الأسدْ
لا يقيمنَّ على الضَّيمِ الأسدْ
رقم القصيدة : 9643
-----------------------------------
لا يقيمنَّ على الضَّيمِ الأسدْ
نزعَ الشِّبلُ من الغابِ الوتدْ
كبرَ الشِّبلُ ، وشبَّتْ نابه
وتغطَّى منكباه باللِّبد
اتركوه يمشِ في آجامه
ودَعوه عن حِمَى الغابِ يَذُد
واعرضوا الدنيا على أَظفارِه
وابعثوه في صحاراها يَصِد
فِتيَة َ الوادي، عَرَفْنا صَوْتكم
مرحباً بالطائرِ الشادي الغرد
هو صوتُ ، الحقِّ ، لم يبغِ ، ولم
يحمل الحقدَ ، ولم يحفِ الحسدَ
وخلا من شهوة ٍ ما خالطت
صالحاً من عملٍ إلا فسد
حَرَّك البلبلُ عِطفيْ رَبْوَة ٍ
كان فيها البومُ بالأيْكِ آنفرد
زَنْبَقُ المُدْن، ورَيحانُ القُرَى
قام في كلِّ طريقٍ وقَعد
باكراً كالنّحل في أسرابها
كلُّ سِربٍ قد تلاقى واحتشد
قد جنى ما قلَّ من زهْ الرُّبا
ثم أعطى بل الزهر الشهد
بسط الكفَّ لمن صادفه
ومَضى يَقْصُرُ خطْواً ويَمُدّ
يجعلُ الأَوطانَ أُغنِيَّتَه
وينادي الناسَ: منْ جادَ وجد
كلَّما مرَّ ببابٍ دَقَّه
أو رأى داراً على الدرب قصدْ
غادياً في المدْنِ، أَو نحوَ القرى
رائحاً يسأَل قِرشاً للبلد
أيها الناسُ، اسمعوا، أصغوا له
أخرجوا المال إلى البرِّ يعدْ
لا ترُدُّوا يَدَهم فارغة ً(91/245)
طالبُ العونِ لمصرٍ لا يردّ
سيرى الناسُ عجيباً في غدٍ
يغرسُ القرشُ، ويَبني، ويَلِدْ
ينهض اللهُ الصناعات به
من عثارٍ لبثتْ فيه الأبد
أو يزيد البرَّ داراً قعدتْ
لكفاح السلِّ، أو حربِ الرَّمد
وهوَ في الأيدي، وفي قدرتها
لم يضقْ عنه ولم يعجزْ أحد
تلك مصرُ الغدِ تبني مُلكها
نادت الباني وجاءَت بالعُدَدْ
وعلى المالِ بَنتْ سلطانَها
ثابتَ الآساسِ مرفوعَ العَمَد
وأصارتْ بنكَ مصرٍ كهفها
حبَّذا الركنُ وأعظمْ بالسند
مَثلٌ مِن هِمَّة ٍ قد بَعُدَتْ
ومداها في المعالي قد بَعُد
ردَّها العصرُ إلى أسلوبه
كلُّ عصرٍ بأساليبَ جدد
البنونَ استنهضوا آباءهم
ودعا الشبلُ من الوادي الأسد
أصبحت مصرُ، وأضحى مجدها
هِمَّة الوالدِ، أَو شُغلَ الولد
هذه الهمَّة ُ بالأمس جرتْ
فحَوَتْ في طلبِ الحقّ الأَمد
أَيُّها الجيلُ الذي نرجو لِغدْ
غدك العزُّ، ودنياك الرغد
أنت في مدرجة السيلِ، وقد
ضلَّ مَنْ في مَدْرجِ السيلِ رَقد
قدْت في الحقِّ، فقدْ في مثلهِ
من نواحي القصدِ أَو سُبْل الرشد
رُبَّ عامٍ أَنت فيه واجدٌ
فادَّخرْ فيه لعامٍ لا تجِدْ
علمِ الآباءَ، واهتف قائلاً:
أيها الشعبُ، تعاونْ واقتصد
اجمعِ القرشَ إلى القرشِ يكنْ
لك من جمعهما مالٌ لُبَدْ
اطلبِ القطنَ، وزاوِلْ غيرَه
واتخذْ سوقاً إذا سوقٌ كسدْ
نحن قبل القطن كنّا أُمّة ً
تهبِط الوادي، وتَرْعَى ، وتَرِدْ
قد أخذنا في الصناعات المدى
وبنينا في الأوالي ما خلد
وغزلنا قبلَ إدريسَ الكسا
ونسجْنا قبلَ داوُدَ الزَّرَد
إن تكُ اليوم لواءً قائداً
كم لواءٍ لك بالأمسِ انعقد!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> خَطَوْنا في الجِهادِ خُطاً فِساحا
خَطَوْنا في الجِهادِ خُطاً فِساحا
رقم القصيدة : 9644
-----------------------------------
خَطَوْنا في الجِهادِ خُطاً فِساحا
وهادَنَّا، ولم نُلقِ السِّلاحَا
رضينا في هوى الوطنِ المفدَّى
دمَ الشهداءِ والماَ المطاحا(91/246)
ولمّا سلّّت البيضُ المواضي
تقلدنا لها الحقَّ الصراحا
فحطَّمْنا الشَّكيمَ سِوَى بقايا
إذا عَضَّتْ أَرَيْناها الجِماحا
وقمنا في شِراعِ الحق نَلْقَى
وندفع عن جوانيه الرياحا
نعالج شدة ً، ونروض أخرى
ونسعى السعيَ مشروعاً مباحا
ونستولي على العقبات إلا
كمينَ الغيبِ والقدرَ المتاحا
ومنْ يصبرْ يجدْ طولَ التمنِّي
على الأَيام قد صار اقتراحا
وأَيامٍ كأَجواف الليالي
فقدنَ النجمَ والقمرَ اللياحا
قضيناها حيالَ الحربِ نخشى
بقاءَ الرِّق، أو نرجو السراجا
تَرَكْنَ الناسَ بالوادي قعودا
من الإعياءِ كالإبل الرَّزاحى
جنود السلم لا ظفرٌ جزاهم
بما صبروا، ولا موتٌ أَراحا
ولا تلْقى سوى حيٍّ كَميْتٍ
ومنزوفٍ وإن لم يسقَ راحا
ترى أسرى وما شهدوا قتالاً
ولا اعتقلوا الأسنَّة والصفاحا
وجَرْحَى السَّوْطِ لا جَرْحَى المواضي
بما عمل الجواسيسُ اجتراحا
صباحُك كان إقبالاً وسعداً
فيا يومَ الرِّسالة ِ، عِمْ صَباحا
وما تألوا نهاركَ ذكرياتٍ
ولا برهانَ عزتك التماحا
تكاد حِلاك في صفحات مصرٍ
بها التاريخُ يفتتح افتتاحا
جلالك عن سنا الأضحى تجلَّى
ونورك عن هلالِ الفطر لاحا
هما حقٌّ، وأنت ملئتَ حقَّا
ومثَّلتْ الضحيَّة َ والسماحا
بعثنا فيك هاروناً وموسى
إلى فرعونَ فکبتَدَآ الكفاحا
وكان أعزَّ من روما سيوفاً
وأطغى من قياصرها رماحا
يكاد من الفتوح وما سَقَتْهُ
يخالُ وراءَ هيكلهِ فتاحا
وردَّ المسلمون فقيل: خابوا
فيا لَكِ خيبة ً عادت نجاحا!
أَثارت وادياً من غايَتَيْه
ولامت فرقة ً وأستْ جراحا
وشَدَّتْ مِن قُوَى قَومٍ مِراضٍ
عزائمهم فردَّتْها صِحاحا
كأن بلالَ نوديَ: قم فأذَّنْ
فرجَّ شعابَ مكة َ والبطاحا
كأَن الناس في دينٍ جديدٍ
على جنباته استبَقوا الصلاحا
وقد هانت حياتهمُ عليهم
وكانوا بالحياة ِ هُمُ الشّحاحا
فتسمع في مآتمهم غناءً
وتسمع في ولائمهم نُواحا
حواريينَ أوفدنا ثقاتٍ
إذا تركَ البلاغُ لهم، فصاحا
فكانوا الحقَّ منقبضاً حيياً(91/247)
تحدَّى السيفَ مُنصلِتاً وَقاحا
لهم منَّا براءة ُ أهلِ بدرٍ
فلا إثماً نَعُدُّ ولا جُناحا
ترى الشَّحناءَ بينهم عِتاباً
وتحسب جدَّهم فيها مزاحا
جعلنا الخلدَ منزلَهم، وزدنا
على الخلدِ الثناءَ والامتداحا
يميناً بالتي يسعى إليها
غُدُوّاً بالندامة ، أَو رَوَاحا
وتَعبَقُ في أنوف الحجِّ رُكناً
وتحتَ جِباهِهم رَحْباً، وساحا
وبالدستور، وهْوَ لنا حياة ٌ
نرى فيه السلامة َ والفلاحا
أَخذناه على المُهَجِ الغوالي
ولم نأخذه نَيلاً مُستماحا
بنينا فيه من دمعٍ رواقاً
ومن دمِ كلِّ نابتة ٍ جناحا...
... لما ملأ الشبابَ كروح سعدٍ
ولا جعل الحياة َ لهم طماحا
سلواعنه القضية َ، هل حماها
وكان حمى القضية ِ مستباحا؟
وهل نظم الكهولَ الصِّيدَ صَفّاً
وألف من تجاربهم رداحا؟
هو الشيخُ الفتيُّ، لو استراحت
من الدأبِ الكواكبُ ما استراحا
وليس بذائقِ النومِ اغتباقاً
إذا دار الرقادُ، ولا اصطِباحا
فيالَكَ ضَيْغَماً سهِر الليالي
وناضل دونَ غايتِه، ولاحَى
ولا حَطَمَتْ لك الأَيامُ ناباً
ولا غضَّت لك الدنيا صياحا
قصيدة ياقاتلتي بصوت الشاعر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> معالي العهدِ قمتَ بها فطيما
معالي العهدِ قمتَ بها فطيما
رقم القصيدة : 9645
-----------------------------------
معالي العهدِ قمتَ بها فطيما
وكانَ إليكَ مرجعها قديما
تنقَّلْ من يدٍ ليدٍ كريما
كروحِ الله إذ خلفَ الكليما
تَنَحَّى لابنِ مريمَ حينَ جاءَ
وخلَّى النَّجْمُ لِلقَمَرِ الفَضاءَ
ضِياءٌ لِلعيون تَلا ضِياءَ
يَفيضُ مَيامِناً، وهدى ً عَميما
كذا أنتم بني البيتِ الكريمِ
وهل مُتَجَزِّىء ٌ ضوْءُ النُّجوم؟
وأَين الشُّهْبُ من شرفٍ صَميمِ
تألقَ عقدهُ بكمو نظيما؟
أرى مستقبلاً يبدو عجابا
وعنواناً يكنُّ لنا كتابا
وكان محمدٌ أملاً شهابا
وكان اليأسُ شيطاناً رجيما
وأَشرقتِ الهياكِلُ والمباني
كما كانت وأزينَ في الزمانِ
وأصبحَ ما تكنُّ من المعاني(91/248)
على الآفاق مسطوراً رقيما
سألتُ، فقيل له: وضعتهُ طفلا
وهذا عِيدُهُ في مِصْرَ يُجْلَى
في انتفاضٍ كانتفاضِ البلبل
فقلت: كذلِكم آنَسْتُ قَبْلا
فأَما أَنتَ يا نجلَ المعالي
يمنتزهِ الإمارة ِ هلَّ فجرا
هلالاً في منازله أغرَّا
فباتت مِصرُ حوْلَ المهدِ ثغرا
وباتَ الثغر للدنيا نديما
لجيلكَ في عدٍ جيلِ المعالي
وشعبِ المجدِ والهممِ العوالي
... أَزُفُّ نوابغَ الكَلِمِ الغَوالي
وأُهدِي حكمتي الشَّعْبَ الحكيما
إذا أَقبلتَ يا زمن البنينا
وشَبُّوا فيك واجتازوا السنينا
فدُرْ مِنْ بَعدِنا لهُم يَمينا
وكن لوُرودِك الماءَ الحميما
ويا جيلَ الأميرِ، إذا نشأتا
وشاءً الجدُّ أن تعطى ، وشئتا
فخذ سُبُلاً إلى العلياء شَتَّى
وخلِّ دليلكَ الدينَ القويما
وضِنَّ به، فإن الخير فيه
وخُذْهُ من الكتابِ وما يَليهِ
ولا تأخُذْهُ من شَفَتَيْ فقيهِ
ولا تهجرْ مع الدين العلوما
وثقْ بالنفسِ في كلِّ الشئونِ
وكن مما اعتقدتَ على يَقين
كأنك من ضميرك عند دين
فمن شرفِ المبادىء أن تقيما
وإن ترمِ المظاهرَ في الحياة
فرُمْها باجتهادِك والثباتِ
وخذها بالمساعي باهراتِ
تنافسُ في جلالتها النجوما
وإن تخرجْ لحربٍ أو سلامِ
فأقدمْ قبلَ إقدامِ الأنام
وكن كالليث: يَأْتي من أَمامِ
فيَمْلأ كلَّ ناطِقة ٍ وُجُوما
وكنْ شَعْبَ الخصائصِ والمزايا
فأقدمْ قبلَ إقدامِ الأنام
وكن كالنحلِ والدُنيا الخلايا
يمرُّ بها، ولا يَمضِي عَقيما
ولا تطمحْ إلى طَلَبِ المُحالِ
ولا تقنعْ إلى هجرِ المعالي
فإن أَبطأنَ فاصبرْ غيرَ سالِ
كصبرِ الأنبياءِ لها قديما
ولا تقبَلْ لغير الله حُكما
ولا تحمل لغير الدهرِ ظلما
ولا ترضَ القليلَ الدُّونَ قسما
إذا لم تقدرِ الأمرَ المروما
ولا تيأَسْ، ولا تكُ بالضَّجُور
ولا تثِقَنَّ من مَجرَى الأُمورِ
فليسَ مع الحوادثِ من قديرِ
ولا أَحدٌ بما تأْتِي عليما
وفي الجُهّالِ لا تَضَع الرجاءَ
كوَضع الشمْسِ في الوَحَلِ الضِّياءَ(91/249)
يَضيعُ شُعاعُها فيه هَباءَ
وكان الجهلُ ممقوتاً ذَميما
وبالغ في التدبر والتحري
ولا تَعجَلْ، وثِق من كلِّ أَمر
وكن كالأُسْدِ: عند الماءِ تجرِي
وليست وُرَّداً حتى تَحوما
وما الدنيا بمثوى للعبادِ
فكن ضَيْفَ الرِّعاية ِ والوِدادِ
ولا تَستَكثِرَنّ من الأَعادي
فشَرُّ الناسِ أَكثرُهم خُصوما
ولا تجعلْ تودُّدَكَ ابتِذَالا
ولا تسمحْ بحلمك أن يذالا
وكن ما بين ذاك وذاك حالا
فلن تُرضِي العدُوَّ ولا الحميما
وصلِّ صلاة َ من يرجو ويخشى
وقبلَ الصَّوْمِ صُمْ عن كلِّ فَحْشا
ولا تحسب بأن الله يرشى
وأَنَّ مُزَكِّياً أَمِنَ الجحيما
لكلِّ جنى زكاة ٌ في الحياة ِ
ومعنى البِرِّ في لفظِ الزكاة
وما لله فينا من جُباة ِ
ولا هو لاِمْرِىء ٍ زكَّى غَرِيما
فإن تكُ عالماً فاعملْ، وفَطِّنْ
وإن تك حاكماً فاعدِلْ، وأَحسِنْ
وإن تك صانعاً شيئاً فأَتقِنْ
وكن للفرْضِ بعدئذٍ مُقيما
وصُنْ لغة ً يَحِقُّ لها الصِّيانُ
فخيرُ مظاهِرِ الأُممِ البَيَانُ
وكان الشعبُ ليس له لِسانُ
غريباً في مواطنه مضيما
ألم ترها تنالُ بكل ضيرِ
وكان الخيرُ إذ كانت بخير؟
أَيَنطِقُ في المَشَارقِ كلُّ طيرِ
ويبقى أهلها رخماً وبوما؟
فعلِّمْها صغيرَك قبلَ كلِّ
ودعْ دعوى تمدُّنهم وخلِّ
فما بالعيِّ في الدنيا التحلِّي
ولا خَرَسُ الفتى فضلاً عظيما
وخذ لغة َ المعاصرِ، فهيَ دنيا
ولا تجعل لِسانَ الأَصلِ نسْيَا
كما نقلَ الغرابُ فضلَّ مشيا
وما بلغَ الجديدَ، ولا القديما
لجيلك يومَ نشأته مقالي
فأما أنتَ يا نجلَ العالي
فتنظرُ من أَبيكَ إلى مِثال
يُحيِّرُ في الكمالات الفهُوما
نصائحُ ما أَردتُ بها لأَهدِي
ولا أبغي بها جدواكَ بعدي
ولكنِّي أحبُّ النَّفعَ جهدي
وكان النفع في الدنيا لزوما
فإن أقرئتَ - يا مولاي - شعري
فإن أَباك يَعرِفُه ويَدْرِي
وجدُّكَ كان شأوي حينَ أجري
فأَصرَعُ في سوابِقِها تَميما
بنونا أنتَ صبحهمو الأجلُّ
وعهدكَ عصمة ٌ لهمو وظلُّ(91/250)
فلمْ لا نَرْتَجيكَ لهم وكلُّ
يعيشُ بأَنْ تعيش وأَن تَدوما؟
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> دامت معاليك فينا يا بن فاطمة ٍ
دامت معاليك فينا يا بن فاطمة ٍ
رقم القصيدة : 9646
-----------------------------------
دامت معاليك فينا يا بن فاطمة ٍ
ودام منكم لأُفْق البيتِ نِبراسُ
قل للخديوِ إذا وافيتَ سُدَّتَه
تمشي إليه ويمشي خلفَكَ الناس
حجُّ الأمير له الدنيا قد إبتهجتْ
والعودُ والعيدُ أفراحٌ وأعراس
فلتحيَ ملَّنا! فلتحيَ أُمَّتنا!
فليحي سلطاننا! فليحي عباس!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَبكيكَ إسماعيلَ مِصرَ، وفي البُكا
أَبكيكَ إسماعيلَ مِصرَ، وفي البُكا
رقم القصيدة : 9647
-----------------------------------
أَبكيكَ إسماعيلَ مِصرَ، وفي البُكا
بعدَ التَّذَكُّرِ راحة ُ المسْتَعبِر
ومن القيام ببعض حقِّك أنني
أَرْقى لِعِزِّكَ والنعيم المدبِرِ
هذي بيوتُ الرُّومِ، كيف سكنتها
بعد القصورِ المزريااتِ بقيصر؟
ومن العجائبِ أَن نفسَك أَقصَرَتْ
والدهرُ في إحراجها لم يقصر
ما زالَ يُخلي منكَ كلَّ مَحِلَّة ٍ
حتى دُفِعْتَ إلى المكانِ الأَقفَرِ
نظرَ الزمان إلى دياركَ كلِّها
نظرَ الرشيدِ إلى منازلِ جعفر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> الله يحكمُ في المداينِ والقُرى
الله يحكمُ في المداينِ والقُرى
رقم القصيدة : 9648
-----------------------------------
الله يحكمُ في المداينِ والقُرى
يا مِيتَ غَمْرَ خُذِي القضاءَ كما جرى
ما جَلَّ خَطْبٌ ثم قِيسَ بغيْرِه
إلا وهوَّنه القياسُ وصغَّرا
فسَلي عمورَة َ أَو سدُون تأَسِّياً
أَو مرْتنيقَ غداة وورِيَتِ الثرى
مُدنٌ لقِينَ من القضاءِ ونارِه
شَرراً بجَنب نَصيبِها مُستَصْغَرا
هذي طلولكِ أنفساً وحجارة ً
هل كنتِ رُكناً من جَهَنَّمَ مُسْعَرا؟!
قد جئتُ أبكيها وآخذُ عبرة ً
فوقفتُ معتبراً بها مستعبرا
أجدُ الحياة َ حياة َ دهرٍ ساعة ً
وأرى النعيمَ نعيمَ عمرٍ مقصرا(91/251)
وأَعُدُّ من حَزْمِ الأُمورِ وعزمها
للنفس أَن ترضَى ، وأَلاَّ تَضْجَرا
ما زلتُ أسمعُ بالشَّقاءِ رواية ً
حتى رأيتُ بكِ الشَّقاءَ مصوَّرا
فعل الزمانُ بشمْلِ أَهلِك فِعْلَهُ
ببني أميَّة َ ، أو قرابة ِ جعفرا
بالأمسِ قد سكنوا الديارَ ، فأصبحوا
لا يُنظَرون، ولا مساكنُهم تُرَى
فإذا لقِيت لقيت حيّاً بائساً
وإذا رأيت رأيت مَيْتاً مُنْكرا
والأُمهاتُ بغير صبرٍ: هذه
تبكي الصغيرَ ، وتلك تبكي الأصغرا
من كلِّ مُودِعَة ِ الطُّلولِ دموعَها
من أَجْلِ طفلٍ في الطلولِ استأْخرا
كانت تؤمِّل أن تطولَ حياته
واليومَ تسألُ أن يعودَ فيقبرا
طلعتْ عليكِ النارُ شؤمها
فمحتكِ آساساً ، وغيرتِ الذرا
مَلَكَتْ جهاتِكَ ليلة ً ونهارَها
حمراءَ يبدو الموتُ منها أحمرا
لا ترهبُ الوفانَ في طغيانها
لو قابَلَتْه، ولا تهابُ الأَبْحُرا
لو أن نيرون الجمادَ فؤاده
يُدْعَى ليَنْظُرَها لعاف المنظرا
أوأنه ابتلى َ الخليلُ بمثلها
ـ أَستغفِرُ الرحمنَ ـ ولَّى مُدْبِرا
أو أن سيلاً عاصمٌ من شرها
عصمَ الديارَ من المامع مال جرى
أَمْسَى بها كلُّ البيوتِ مُبَوَّباً
ومطنَّباً ، ومسيَّجاً ، ومسوَّرا
أسرتهمو ، وتملَّكتْ طرقاتهم
مَنْ فرَّ لم يجدِ الطريقَ مُيَسَّرا
خفَّتْ عليهم يومَ ذلك مورداً
وأَضلَّهُمْ قدَرٌ، فضَلُّوا المَصْدَرا
حيثُ التفتَّ ترى الطريقَ كأنها
ساحاتُ حاتمِ غبَّ نيرانِ القرى
وترى الدعائمَ في السوادِ كهيكلٍ
خمدَتْ به نارُ المجوسِ، وأَقْفَرا
وتَشَمُّ رائحة َ الرُّفاتِ كريهة ً
وتشمُّ منها الثاكلاتُ العَنْبَرا
كثرتْ عليها الطيرُ في حوماتها
يا طيرُ، "كلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرا"
هل تأمنين طوارقَ الأحداثِ أن
تغشى عليكِ الوكرَ في سنة ِ الكرى
والناسُ مِنْ داني القُرى وبعيدِها
تأْتي لتمشِيَ في الطُّلولِ وتَخْبُرا
يتساءلون عن الحريقِ وهوله
وأرى الفرائسَ بالتساؤلِ أجدرا
يا رَبِّ، قد خَمَدَتْ، وليس سواكَ مَنْ(91/252)
يُطفِي القلوبَ المُشْعَلاتِ تَحسُّرا
فتحوا اكتتاباً للإغانة فاكتتبْ
بالصبر فهوَ بمالِهم لا يُشترى
إن لم تكن للبائسين فمن لهم؟
أَو لم تكن للاجئين فمَنْ ترى ؟!
فتولَّ جَمْعاً في اليَبَاب مُشتَّتاً
وارحم رميما في التراب مبعثرا
فعلتَ بمصرَ النارُ ما لم تأتهِ
آياتكَ السبعُ القديمة ُ في الورى
أوَ ما تراها في البلاد كقاهرٍ
في كلِّ ناحية يُسيِّر عَسْكرا؟!
فادفعْ قضاءَك، أَو فصيِّرْ نارَه
برداً، وخذْ باللأُّطفِ فيما قدِّرا
مُدُّوا الأَكفَّ سَخِيَّة ً، واستغفِري
يا أُمَّة ً قد آن أَن تَستغفرا
أولى بعهطفِ الموسرين وبرِّهم
مَنْ كان مِثلَهُمُ فأَصبَح مُعْسِرا
يا أيُّها السُّجناءُ في أموالهم
أأمنتموا الأيامَ أن تتغيَّرا؟
لا يملكُ الإنسانُ من أحواله
ما تملك الأَقدارُ، مهما قَدَّرا
لا يُبْطِرنَّكَ من حرير مَوْطِىء ٌ
فلرُبَّ ماشٍ في الحريرِ تَعثَّرَا
وإذا الزمانُ تنكرتْ أحداثه
لأخيكَ، فاذكره عسى أن تذكرا
بحث عن قصيدة بحث عن شاعر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يا ربِّ، ما حكمكَ؟ ماذا ترى
يا ربِّ، ما حكمكَ؟ ماذا ترى
رقم القصيدة : 9649
-----------------------------------
يا ربِّ، ما حكمكَ؟ ماذا ترى
في ذلك الحلمِ العريضِ الطويلْ؟
قد قام غليومٌ خطيباً، فما
أعطاكَ من ملككَ إلا القليل!
شيَّد في جنبكَ ملكاً له
ملككَ إن قيسَ إليهِ الضَّئيل
قد وَرَّثَ العالَم حيّاً، فما
غادرَ من فجٍّ، ولا من سبيل
فالنصفُ للجرمانِ في زعمه
والنصفُ للرومان فيما يقول
يا رَبِّ، قلْ: سيْفُكَ أَم سَيْفُه؟
أيُّهما - ياربِّ - ماضِ ثقيل؟!
إن صدقتْ - يا ربِّ - أحلامه
فإنَّ خطْبَ المسلمين الجليل
لا نحنُ جرمانُ لنا حصَّة ٌ
ولا برومانَ فتعطى فتيل
يا رَبِّ، لا تنسَ رعاياك في
يومٍ رعاياك الفريقُ الذليل
جناية ُ الجهلِ على أهله
قديمة ٌ، والجهلُ بئسَ الدليل
يا ليتَ لم نمددْ بشرٍّ يداً
وليتَ ظلَّ السلمِ باقٍ ظليل!(91/253)
جنى علينا عصبة ٌ جازفوا
فحسبنا الله، ونعمَ الوكيل!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> خَطَّتْ يداكَ الرَّوْضَة َ الغَنَّاءَ
خَطَّتْ يداكَ الرَّوْضَة َ الغَنَّاءَ
رقم القصيدة : 9650
-----------------------------------
خَطَّتْ يداكَ الرَّوْضَة َ الغَنَّاءَ
وفرغتَ من صرحِ الفنونِ بناءَ
ما زلتَ تَذهبُ في السُّمُوّ بِركنِهِ
حتى تجاوزَ ركنهُ الجوزاءَ
دارٌ من الفنّ الجميلِ تقسَّمَتْ
للساهرين رواية ً وراواءَ
كالروْضِ تحتَ الطيرِ أَعجبَ أَيْكُه
لَحْظَ العيونِ، وأَعجَبَ الإصغاءَ
ولقد نزلتَ بها ، فلم نرَ قبلها
فلكاً جلا شمسَ النهارِ عشاءَ
وتوهَّجَتْ حتى تقلَّب في السَّنا
وادي الملوكِ حجارة ً وفضاءَ
فتلفَّتُوا يتهامسون: لعلَّهُ
فجرُ الحضارة ِ في البلاد أَضاءَ
تلك المعازفُ في طلولِ بنائهم
أكثرنَ نحوَ بنائكَ الإيماء
وتمايلتْ عيدانهنَّ تحية ً
وترنَّمَتْ أَوتارُهُنَّ ثناء
يا بانيَ الإيوانِ، قد نسَّقتَهُ
وحذوتَ في هندامها الحمراء
أينَ الغريضُ يحلُّهُ أو معبدٌ
يتبّوأَ الحجراتِ والأبهاءِ ؟
العبقرِيّة ُ من ضَنائنه التي
يحبو بها - سبحانه - من شاءَ
لما بنيتَ الأَيْكَ واستَوْهَبْتَهُ
بَعثَ الهَزارَ، وأَرسَلَ الوَرْقاءَ
فسمعتَ من متفرِّدِ الأنعامِ ما
فاتَ الرشيدَ، وأَخطأ النُّدَمَاءَ
والفنُّ ريحانُ الملوكِ ، وربّما
خَلَدُوا على جَنباتِه أَسماء
لولا أَياديه على أَبنائنا
لم نلفَ أمجدَ أمَّة آباءَ
كانت أوائلُ كلِّ قومٍ في العلا
أرضاً ، وكنَّا في الفخارِ سماء
لولا ابتسامُ الفنِّ فيما حَوْلَهُ
ظَلَّ الوجودُ جَهامة ً وجَفاءَ
جِّدْ من الفنِّ الحياة ِ وما حوتْ
تجدِ الحياة َ من الجمالِ خلاءَ
بالفنِّ عالجتِ الحياة َ طبيعة ٌ
قد عالجتْ بالواحة ِ الصحراء
تأوي إليها الروحُ من رمضائها
فتُصيب ظِلاًّ، أَو تُصادِفُ ماءَ
نبضُ الحضارة ِ في الممالكِ كلِّها
يجري السلامة َ أو يدقَ الداءَ
إن صحَّ فهيَ على الزمان صحيحة ٌ(91/254)
أو زافَ كانت ظاهراً وطلاءَ
انظرْ ـ أَبا الفاروقِ ـ غَرْسَك، هل ترى
بالغرسِ إلا نعمة ً ونماء ؟
مِنْ حَبّة ٍ ذُخِرَتْ، وأَيدٍ ثابَرَتْ
جاءَ الزمانُ بجَنَّة ٍ فَيْحاءَ
وأكنَّتِ الفنّ الجميلَ خميلة ٌ
رمتِ الظِّلالَ ، ومدَّتِ الأفياءَ
بذَلَ الجهودَ الصالحاتِ عصابة ٌ
لا يَسأَلون عن الجهود جَزاءَ
صحبوا رسولَ الفنِّ لا يألونه
حبَّاً ، وصدقَ مودّة ٍ ، ووفاءَ
دفعوا العوائقَ بالثبات ، وجاوزوا
ما سرَّ من قَدر الأُمور وساءَ
إن التعاوُنَ قوّة ٌ عُلْوِيَّة ٌ
تبني الرجالَ ، وتبدع الأشياءَ
فليهبهمْ ، حاز التفاتك سعيهم
وكسا ندِيَّهُمُ سَناً وسَناءَ
لم تبدُ للأبصار إلا غارساً
لخالفِ الأجيالِ أو بنَّاءَ
تغدو على الفتراتِ تَرتَجِلُ النَّدَى
وتروحُ تصطنعُ اليدَ البيضاءَ
في مَوكِبٍ كالغيْثِ سار ركابُهُ
بشراً ، وحلَّ سعادة ً ورخاءَ
أَنت اللِّواءُ التفَّ قومُك حَوْله
والتاجُ يجعله الشعوبُ لِواءَ
مِنْ كلِّ مِئْذَنة ٍ سَمِعْتَ مَحَبَّة ً
وبكلِّ ناقوسٍ لقيتَ دُعاءَ
يتألفان على الهتافِ ، كما انبرى
وترٌ يساير في البنان غناءَ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> حبَّذا الساحة ُ والظلُ الظليلْ
حبَّذا الساحة ُ والظلُ الظليلْ
رقم القصيدة : 9651
-----------------------------------
حبَّذا الساحة ُ والظلُ الظليلْ
وثناءٌ في فَمِ الدارِ جميلْ
لم تزلْ تجري به تحت الثَّرى
لُجَّة المعروفِ والنَّيْلِ الجزيل
صنعُ إسماعيلَ جلَّتْ يدهُ
كلُّ بُنيانٍ على الباني دليل
أَتُراها سُدَّة ً من بابه
فتحتْ للخير جيلاً بعدَ جيل ؟
ملعبُ الأيلمِ ، إلاَّ أنَّه
ليس حظُّ الجدِّ منه بالقليل
شهدُ الناسُ بها "عائدة ً"
وشجى الأجيالَ من "فردي" الهديل
وائتنفنا في ذراها دولة ً
ركنها السؤددُ والمجدُ الأثيل
أَينعتْ عصراً طويلاً، وأَتَى
دونَ أن تستأنفَ العصرُ الطويل
كم ضفرنا الغارَ في محرابها
وعقدناه لسبّاقٍ أَصيل
كم بدورٍ ودِّعتْ يومَ النَّوى(91/255)
وشموسٍ شيِّعتْ يومَ الرحيل
رُبَّ عُرسٍ مَرَّ للبِرِّ بها
ماج بالخيرِ والسمحِ المنيل
ضحكَ الأيتامُ في ليلته
ومشى يستروحُ البرءَ العليل
والتقى البائسُ والنُّعمى به
وسعى المأوى لأبناءِ السبيل
ومن الأَرض جَدِيبٌ ونَدٍ
ومن الدُّور جوادٌ وبخيل
يا شباباً حنفاءً ضمهمْ
منزلٌ ليس بمذمومِ النزيلْ
يصرِفُ الشبان عن وِرْدِ القَذَى
ويُنحِّيهِمْ عن المَرْعَى الوَبيل
اذهبوا فيه وجِيئوا إخوة ً
بعضكم خدنٌ لبعضٍ وخليل
لا يضرنَّكمو قلَّته
كلُّ مولودٍ وإن جلَّ ضئيل
أَرجفتْ في أَمركم طائفة ٌ
تبَّعُ الظنِّ عن الإنصاف ميل
اجعلوا الصبرَ لهم حِيلَتكم
قلَّتِ الحيلة ُ في قالَ وقيل
أيريدون بكم أن تجمعوا
رقَّة َ الدين إلى الخلقِ الهزيلِ ؟ !
خَلَتِ الأَرضُ من الهَدْي، ومن
مرشدٍ للنَّشءِ بالهديِ كفيل
فترى الأسرة َ فوضى ، وترى
نشأً عن سنَّة ِ البرِّ يميل
لا تكونوا السَّيْلَ جَهْماً خَشِناً
كلَّما عبَّ ، وكونوا السلسبيل
ربَّ عينٍ سمحة ٍ خاشعة ٍ
رَوَّت العُشْبَ، ولم تنسَ النخيل
لا تماروا الناسَ فيما اعتقدوا
كلُّ نفسٍ بكتابٍ وسبيل
وإذا جئتم إلى ناديكمُ
فاطرحوا خلفكمو العِبْءَ الثقيل
هذه ليْلَتُكم في الأُوبِرا
ليلة ُ القدرِ من الشهر النبيل
مهرجانٌ طوَّف الهادي به
ومشى بين يديه جبرئيل
وتجلتْ أوجهٌ زيَّنها
غررٌ من لمحة ِ الخير تسيل
فكأن الليلَ بالفجرِ انجلى
وكأن الدارَ في ظلِّ الأصيل
أَيها الأَجوادُ لا نجزيكمُ
لذَّة ُ الخيرِ منَ الخيرِ بديل
رجلُ الأُمّة ِ يُرجَى عندَه
لجليل العملِ العونُ الجليل
إم داراً حُطتمُوها بالنَّدى
أخذتْ عهدَ النَّدى ألاَّ تميل
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بني القبطِ إخوانُ الدُّهورِ ، رويدكم
بني القبطِ إخوانُ الدُّهورِ ، رويدكم
رقم القصيدة : 9652
-----------------------------------
بني القبطِ إخوانُ الدُّهورِ ، رويدكم
هبوه يسوعاً في البريّة ِ ثانيا(91/256)
حملتمِ لحكمِ اللهِ صلبَ ابنِ مريمٍ
وهذا قضاءُ الله قد غالَ غاليا
سديدُ المرامِي قد رماه مُسَدِّدٌ
وداهية ُ السُوَّاسِ لاقى الدَّوَاهيا
وواللهِ ، لو لم يطلقِ النارَ مطلقٌ
عليه، لأَوْدَى فجأَة ً، أَو تَداوِيا
قضاءٌ، ومِقدارٌ، وآجالُ أَنفُسٍ
إذا هي حانت لم تُؤخَّرْ ثوانيا
نبيدُ كما بادت قبائلُ قبلنا
ويبقى الأنامُ اثنينِ : ميتاً ، وناعياً !
تعالوا عسى نطوي الجفاءَ وعهده
وننبذُ أسبابَ الشِّقاقِ نواحيا
أَلم تكُ مصرٌ مهدَنا ثم لَحْدَنا
وبينهما كانت لكلِّ مغانيا ؟
ألم نكُ من قبل المسيحِ ابن مريمٍ
و موسى وطه نعبُدُ النيلَ جاريا؟
فَهلاَّ تساقيْنا على حبِّه الهَوَى
وهلاَّ فديْناه ضِفافاً ووادِيا؟
وما زال منكم أَهلُ وُدٍّ ورحمة ٍ
وفي المسلمين الخيرُ ما زالَ باقيا
فلا يثنِكم عن ذمَّة قتلُ بُطرُسٍ
فقِدْماً عرفنا القتلَ في الناس فاشيا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> عظيمُ الناسِ من يبكي العظاما
عظيمُ الناسِ من يبكي العظاما
رقم القصيدة : 9653
-----------------------------------
عظيمُ الناسِ من يبكي العظاما
ويَندُبُهُم ولو كانوا عِظاما
وأَكرَمُ من غمامٍ عندَ مَحْلٍ
فتى ً يُحيي بمدحتِهِ الكراما
وما عُذرُ المقصِّر عن جزاءٍ
وما يَجزِيهُمُ إلا كلاما؟!
فهل من مُبلِغٍ غليومَ عنِّي
مقالاً مُرْضِياً ذاك المقاما؟
رعاكَ الله من ملكٍ هُمامٍ
تعهَّدَ في الثَّرَى مَلِكاً هُماما
أَرى النِّسيانَ أَظمأَه، فلمَّا
وقفتَ بقبرهِ كنتَ الغماما
تقرِّبُ عهدهُ للناسِ حتى
تركتَ الجليلَ في التاريخِ عاما
أتدري أيَّ سلطانٍ تحيِّي
وأَيَّ مُملَّكٍ تُهدي السَّلاما؟!
دَعَوْتَ أَجَلَّ أَهلِ الأَرضِ حَرْباً
وأَشرفَهم إذا سَكنوا سَلاما
وقفتَ به تذكّرهُ ملوكاً
تعوَّدَ أن يلاقوهُ قياما !
وكم جَمَعَتْهُمُ حربٌ، فكانوا
حدائدها ، وكان هو الحسما
كلامٌ للبريّة دامياتٌ
وأَنتَ اليومَ مَنْ ضَمَدَ الكِلاما
فلما قلتَ ما قد قلتَ عنه(91/257)
وأَسمعتَ الممالكَ والأناما
تساءلتِ البريّة ُ وهيَ كلمى
أَحُبّاً كان ذاكَ أَمِ انتقاما؟
وأَنتَ أَجلُّ أَن تُزرِي بِميْتٍ
وأَنْتَ أَبرُّ أَن تُؤذِي عظاما
فلو كان الدوامُ نصيبَ ملكٍ
لنالَ بحدِّ صارمهِ الدواما
Free counter
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> سما يناغي الشهبا
سما يناغي الشهبا
رقم القصيدة : 9654
-----------------------------------
سما يناغي الشهبا
هل مسَّها فالتهبا ؟
كالدَّيدبانِ ألزمو
هُ في البحار مرقبا
شيع منه مركبا
وقام يلقي مركبا
بشر بالدار وبال
ـأَهلِ السُّراة الغُيَّبا
وخَطَّ بالنُّور على
لوْحِ الظلام: مَرْحَبَا
كالبارق المُلِحِّ لم
يولِّ إلا عقَّبا
يا رُبَّ ليلٍ لم تَذُقْ
فيه الرقاد طربا
بتنا نراعيه كما
يرعى السُّراة الكوكبا
سعادة ٌ يعرفها
في الناس من كان أَبَا
مَشَى على الماءِ، وجا
ب كالمسيح العببا
وقام في موضعه
مُستشرِفاً مُنَقِّبا
يرمي إلى الظلام طر
فاٌ حائراٌ مذبذبا
كمبصرٍ أدار عي
ناٌ في الدجى ، وقلِّبا
كبصر الأَعشى أَصا
ب في الظلام ، ونبا
وكالسراج في يَدِ الـ
ـريح، أضاءَ، وخَبا
كلمحة ٍ من خاطرٍ
ما جاء حتى ذهبا
مجتنبُ العالم في
عُزلته مُجْتَنَبا
إلا شراعاً ضلَّ ، أو
فُلْكاً يُقاسي العَطَبا
وكان حارس الفنا
رِ رجُلاً مُهذَّبا
يهوى الحياة ، ويحبَّ
العيش سهلاً طيِّبا
أتت عليه سنوا
تٌ مُبْعَداً مُغْتَرِبا
لم يَرَ فيها زَوْجَهُ
ولا ابنَه المحبَّبا
وكان قد رعى الخ
طيبَ ، ووعى ما خطَبا
فقال : يا حارسُ ،
خلٍّ السُّخط والتعتُّبا
من يُسعِفُ الناسَ إذا
نُودِي كلٌّ فأَبى ؟
ما الناس إخوتي ولا
آدمُ كان لي أبا
أنظر إليَّ ، كيف أق
ضي لهم ما وجَبا ؟
قد عشتُ في خِدمتهم
ولا تراني تعبا
كم من غريقٍ قمت
عند رأسه مطبَّبا
وكان جسماَ هامداً
حرّكتهُ فاضطربا
وكنت وطَّأت له
مَناكبي، فرَكبا
حتى أتى الشطَّ ، فب
شَّ من به ورحَّبا
وطاردوني ، فانقلب
تُ خاسراَ مخيٍّبا
ما نلت منهم فضة َ(91/258)
ولا منحت ذهبا
وما الجزاء ؟ لا تسل
كان الجزاءُ عجبا!
ألقوا عليّ شبكا
وقطَّعوني إربا
واتخذ الصٌّنَّاع من
شَحميَ زَيْتا طيِّباً
ولم يَزَلْ إسعافُهم
ليَ الحياة َ مذهبا
ولم يزل سَجِيَّتي
وعملي المُحبَّبا
إذا سمعتُ صرخة ً
طرتُ إليها طربا
لا أَجِدُ المُسْعِفَ
إلا ملكاً مقرَّبا
والمسعفون في غدٍ
يؤلفون مَوْكبا
يقول رِضوانُ لهم
هيَّا أدخلوها مرحبا
مُذنِبُكم قد غَفَر
اللهُ لهُ ما أذنبا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> فديناهُ منزائرٍ مرتقبْ
فديناهُ منزائرٍ مرتقبْ
رقم القصيدة : 9655
-----------------------------------
فديناهُ منزائرٍ مرتقبْ
بدا للوجودِ بمرأى عجبْ
تَهُزُّ الجبالَ تَباشيرُهُ
كما هَزَّ عِطفَ الطَّروبِ الطَّرَب
ويُحْلِي البحارَ بلألائهِ
فمِنَّا الكؤوسُ، ومنه الحبَب
منارٌ الحزونِ إذا ما إعتلى
منارُ السهولِ إذا ما إنقلب
أتانا من البحرِ في زورقٍ
لجيناً مجاذيفهُ من ذهب
فقلنا: سُليمانُ لو لم يَمُتْ
وفرعونٌ لو حملتهُ الشُّهب
وكِسرَى وما خَمَدتْ نارُه
ويوسُفُ لو أنه لم يشِبْ
وهيهاتَ! ما توجوا بالسَّنا
ولا عرشهم كان فوقَ السُّحب
أنافَ على الماءِ ما بينها
وبينَ الجبالِ وشُمِّ الهضب
فلا هو خافٍ، ولا ظاهرٌ
ولا سافرٌ، لا، ولا مُنتقِب
وليس بِثَاوٍ، ولا راحلٍ
ولا بالبعيدِ، ولا المقترب
تَوارَى بِنصفٍ خلالَ السُّحُبْ
ونصفٌ على جبلٍ لم يغب
يجدِّدها آية ٍ قد خلت
ويذكرُ ميلادَ خيرِ العرب
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> إن تسألي عن مصرَ حواءِ القرى
إن تسألي عن مصرَ حواءِ القرى
رقم القصيدة : 9656
-----------------------------------
إن تسألي عن مصرَ حواءِ القرى
وقرارة ِ التاريخِ والآثارِ
فالصُّبحُ في منفٍ وثيبة واضحٌ
مَنْ ذا يُلاقي الصُّبحَ بالإنكار؟
بالهَيْلِ مِن مَنْفٍ ومن أَرباضِها
مَجْدُوعُ أَنفٍ في الرّمالِ كُفارِي
خَلَتِ الدُّهُورُ وما التَقَتْ أَجفانُه
وأتتْ عليه كليلة ٍ ونهار(91/259)
ما فَلَّ ساعِدَه الزمانُ، ولم يَنَلْ
منه اختلافُ جَوارِفٍ وذَوار
كالدَّهرِ لو ملكَ القيامَ لفتكة ٍ
أَو كان غيرَ مُقَلَّمِ الأَظفار
وثلاثة ٍ شبَّ الزمانُ حيالها
شُمٍّ على مَرّ الزَّمانِ، كِبار
قامت على النيلِ العَهِيدِ عَهِيدة ً
تكسوه ثوبَ الفخرِ وهيَ عوار
من كلِّ مركوزٍ كرَضْوَى في الثَّرَى
متطاولٍ في الجوَّ كالإعصار
الجنُّ في جنباتها مطروة ٌ
ببدائع البنَّاءِ والحفَّار
والأَرضُ أضْيَعُ حِيلة ً في نَزْعِها
من حيلة ِ المصلوبِ في المسمار
تلكَ القبورُ أضنَّ من غيب بما
أَخفَتْ منَ الأَعلاق والأَذخار
نام الملوك بها الدُّهورَ طويلة ً
يجِدون أَروحَ ضَجْعَة ٍ وقرار
كلُّ كأهلِ الكهف فوقَ سريره
والدهرُ دونَ سَريرِه بهِجَار
أملاكُ مصرَ القاهرون على الورى
المنزَلون منازلَ الأَقمار
هَتَكَ الزمان حِجابَهم، وأَزالهم
بعدَ الصِّيانِ إزالة َ الأسرار
هيهاتَ! لم يلمسْ جلالهمو البلى
إلا بأَيدٍ في الرَّغام قِصار
كانوا وطرفُ الدهر لا يسمو لهم
ما بالهمْ عرضول على النُّظَّار؟
لو أُمهلوا حتى النُّشُورِ بِدُورِهم
قاموا لخالقهم بعير غبار!
بحث متقدم | عرض لجميع الشعراء | للمساعدة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> نُجدِّدُ ذِكرَى عهدِكم ونُعيدُ
نُجدِّدُ ذِكرَى عهدِكم ونُعيدُ
رقم القصيدة : 9657
-----------------------------------
نُجدِّدُ ذِكرَى عهدِكم ونُعيدُ
وندني خيالَ الأمسِ وهوَ بعيدُ
وللناسِ في الماضي بصائرُ يَهتدِي
عليهِنَّ غاوٍ، أَو يسيرُ رشيد
إذا الميْتُ لم يَكرُمْ بأَرضٍ ثناؤُهُ
تحيَّرَ فيها الحيُّ كيف يسود
ونحنُ قضاة ُ الحقِّ، نرعى قديمهُ
وإن لم يفتنا في الحقوقِ جديد
ونعلمُ أنَّا في البناءِ دعائمٌ
وأنتم أساسٌ في البناءِ وطيد
فريدُ ضحايانا كثيرٌ، وإنما
مَجالُ الضحايا أَنتَ فيه فريد
فما خلفَ ما كابدتَ في الحقِّ غاية ٌ
ولا فوقَ ما قاسيْتَ فيه مَزيد
تغرَّبْتَ عشراً أَنتَ فيهنَّ بائسٌ(91/260)
وأنت بآفاقِ البلادِ شريد
تجوعُ ببلدانٍ، وتعرى بغيرها
وتَرْزَحُ تحتَ الداءِ، وهُوَ عَتيد
ألا في سبيلِ اللهِ والحقِّ طارفٌ
من المالِ لم تبخلْ به، وتليد
وَجودُكَ بعدَ المالِ بالنفسِ صابراً
إذا جزعَ المحضورُ وهوَ يجود
فلا زِلْتَ تمثالاً من الحقِّ خالصاً
على سرهِ نبني العلا، ونشيد
يعلم نشءَ الحي كيف هوى الحمى
وكيف يحامي دونهُ، ويذود
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أرى شجراً في السماء احتجبْ
أرى شجراً في السماء احتجبْ
رقم القصيدة : 9658
-----------------------------------
أرى شجراً في السماء احتجبْ
وشقّ العَنانَ بمَرْأَى عَجبْ
مآذنُ قامت هنا أو هناكَ
ظواهرها درجٌ من شذب
وليس يؤذِّنُ فيها الرجالُ
ولكن تصبح عليها الغرب
وباسقة ٍ من بناتِ الرمالِ
نَمتْ ورَبتْ في ظلالِ الكُثُب
كسارية ِ الفُلْكِ، أَو كالمِسـ
ـلَّة ِ، أَو كالفَنارِ وراءَ العَبَب
تطولُ وتقصرُ خلفَ الكثيبِ
إذا الريحُ جاءَ به أَو ذهب
تُخالُ إذا اتَّقدَتْ في الضُّحَى
وجرَّ الأصيلُ عليها اللهب
وطافَ عليها شعاع النهارِ
من الصحوِ، أو منْ حواشي السحب
وصيفة َ فرعونَ في ساحة ٍ
من القصر واقفة ً ترتقب
قد اعتصبتْ بفصوص العقيقِ
مُفصَّلة ً بِشُذورِ الذهب
وناطتْ قلائدَ مَرْجانِها
على الصدر، واتَّشَحَتْ بالقَصَب
وشَدَّتْ على ساقِها مِئْزَراً
تعقَّدَ من رأسها للذنب
أهذا هو النخلُ ملكُ الرياضِ
أَميرُ الحقولِ، عروسُ العزب؟
طعامُ الفقيرِ، وحَلوَى الغَنيِّ
وزادُ المسافِر والمُغْتَرِب؟
فيا نخلة َ الرملِ، لم تبخلي
ولا قصَّرتْ نخلاتُ الترب
وأعجبُ: كيف طوى ذكركنَّ
ولم يحتفلْ شعراءُ العرب؟!
أليس حراماً خلوُّ القصا
ئدِ من وصفكنّ، وعطلُ الكتب؟
وأنتنّ في الهاجراتِ الظِّلالُ
كأَنّ أَعالِيَكُنَّ العَبَب
وأنتنّ في البيد شاة ُ المعيلِ
جناها بجانبِ أخرى حلبَ
وأنتنّ في عرصاتِ القصورِ
حسانُ الدُّمى الزائناتُ الرّحب
جناكنّ كالكرمِ شتى المذاقِ(91/261)
وكالشَّهدِ في كل لون يُحَبّ
احصاءات/ آخر القصائد | خدمات الموقع
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَمِنَ البحرِ صائغٌ عَبْقَرِيٌّ
أَمِنَ البحرِ صائغٌ عَبْقَرِيٌّ
رقم القصيدة : 9659
-----------------------------------
أَمِنَ البحرِ صائغٌ عَبْقَرِيٌّ
بالرمالِ النواعمِ البيضِ مغرى ؟
طاف تحتَ الضُّحَى عليهنَّ، والجوْ
هَرُ في سُوقِه يُباعُ ويُشْرَى
جئنهُ في معاصمٍ ونحوٍ
فكسا معصماً، وآخرَ عرى
وأبى أن يقلدَ الدرَّ واليا
قوتَ نحراً، وقلَّدَ الماسَ نحْرا
وترى خاتماً وراءَ بَنانٍ
وبَناناً من الخواتمِ صِفْرا
وسواراً يزينُ زندَ كعابٍ
وسواراً من زندِ حسناءَ فرّا
وترى الغِيدَ لُؤلؤاً ثَمَّ رَطْباً
وجماناً حوالي الماءِ نثرا
وكأَنَّ السماءَ والماءَ شِقَّا
صدفٍ، حمَّلا رفيفاً ودرَّا
وكأَنّ السماءَ والماءَ عُرْسٌ
مترعُ المهرجان لمحاً وعطرا
أَو رَبيعٌ من ريشة ِ الفنِّ أَبهَى
مِن ربيع الرُّبى ، وأَفتنُ زَهْرا
أو تهاويل شاعرٍ عبقريٍّ
طارحَ البحرَ والطبيعة َ شعرا
يا سواريْ فيروزجٍ ولجينٍ
بها حليتْ معاصمُ مصرا
في شُعاعِ الضُّحَى يعودان ماساً
وعلى لمحة ِ الأصائلِ تبرا
ومَشَتْ فيهما النّجومُ فكانت
في حواشيهما يواقيتَ زهرا
لكَ في الأرضِ موكبٌ ليس يألوالـ
ـريحَ والطيرَ والشياطينَ حشرا
سرتَ فيه على كنوز سليما
نَ تعدُّ الخُطى اختيالاً وكِبْرا
وتَرنَّمْتَ في الركابِ، فقلنا
راهبٌ طاف في الأَناجيل يَقرا
هو لحنٌ مضيَّعٌ، لا جواباً
قد عرفنا له، ولا مستقرا
لك في طيِّهِ حديثُ غرامٍ
ظلَّ في خاطر الملحنِ سرَّا
قد بعثنا تحيَّة ً وثناءً
لكَ يا أرفعَ الزواخر ذكرا
وغشيناكَ ساعة ً تنبشُ الما
ضي نبشاً، وتقتلُ الأمسَ فكرا
وفتحنا القديمَ فيك كتاباً
وقرأنا الكتابَ سطراً فسطرا
ونشرنا من طيهنَّ الليالي
فلَمَحنا من الحضارة ِ فَجْرا
ورأَينا مصراً تُعلِّمُ يونا
نَ، ويونانَ تقبِسُ العلمَ مصرا(91/262)
تِلكَ تأْتيكَ بالبيانِ نبيّاً
عبقرياً، وتلك بالفنّ سحرا
ورأَينا المنارَ في مطلع النَّجْـ
ـمِ على برقِهِ المُلَمَّحِ يُسرى
شاطىء ٌ مثلُ رُقعة ِ الخُلدِ حُسناً
وأديمِ الشبابِ طيباً وبشرا
جرَّ فيروزجاً على فضة ِ الما
ءِ، وجرَّ الأصيلُ والصبح تبرا
كلما جئتهُ تهلل بشراً
من جميع الجهاتِ، وافترَّ ثغرا
انثنى موجة ً، وأقبلَ يرخي
كِلَّة ً تارة ً ويَرفعُ سِترا
شبَّ وانحطَّ مثلَ أَسرابِ طيرٍ
ماضياتٍ تلفُّ بالسهلِ وعرا
رُبما جاءَ وَهْدَة ً فتردَّى
في المهاوي، وقامَ يطفرُ صخرا
وترى الرملَ والقصورَ كأيكٍ
ركب الوكرُ في نواحيهِ وكرا
وتَرى جَوْسَقاً يُزَيِّنُ رَوْضاً
وترى رَبوة ً تزيِّنُ مصرا
سَيِّدَ الماءِ، كم لنا من صلاحٍ
و عليٍّ وراءَ مائكَ ذِكرى !
كم مَلأْناكَ بالسَّفينِ مَواقِيـ
ـرَ كشُمِّ الجبالِ جُنداً ووَفرا!
شاكياتِ السلاحِ يخرجنَ من مصـ
ـرٍ بملومة ٍ، ويدخلن مصرا
شارعاتِ الجناحِ في ثَبَجِ الما
ءِ كنسرٍ يشدُّ في السحب نسرا
وكأَنّ اللُّجاجَ حينَ تنَزَّى
وتسدُّ الفجاجَ كرَّا وفرَّا
أجمٌ بعضُهُ لبعضٍ عدوٌّ
زَحَفَتْ غابة ٌ لتمزيق أُخرَى !
قذفتْ ههنا زئيراً وناباً
ورَمَت ههنا عُواء وظُفرا
أنتَ تغلي إلى القيامة ِ كالقدْ
رِ، فلا حطَّ يومها لكَ قدرا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قفْ حيِّ شبانَ الحمى
قفْ حيِّ شبانَ الحمى
رقم القصيدة : 9660
-----------------------------------
قفْ حيِّ شبانَ الحمى
قبلَ الرحيلِ بقافِيَهْ
عودتهمْ أمثالها
في الصالحاتِ الباقيه
من كلِّ ذاتِ إشارة ٍ
ليستْ عليهم خافيه
قلْ: يا شبابُن نصيحة
مما يُزَوَّدُ غاليه
هل راعكم أن المدا
رسَ في الكنانة ِ خاوِيَه؟
هجرتْ فكلٌّ خليَّة
من كلِّ شُهْدٍ خاليه
وتعطَّلتْ هالاتُها
منكم، وكانت حاليه
غَدَتِ السياسة ُ وَهْيَ آ
مرة عليها ناهيه
فهجرتمو الوطنَ العز
يزَ إلى البلادِ القاصيه
أنتمْ غداً في عالمٍ
هو والحضارة ُ ناحِيهْ(91/263)
واريتُ فيه شبيبتي
وقضيتُ فيه ثمانِيه
ما كنتُ ذا القلبِ الغليـ
ـظِ، ولا الطباعِ الجافيه
سيروا به تتعلموا
سرَّ الحياة ِ العاليه
وتأملوا البنيانَ، وادَّ
كروا الجهودَ البانيه
ذوقوا الثمارَ جنيَّة ً
وردوا المناهلَ صافيه
واقضوا الشبابَ، فإنّ سا
واللهِ لا حرجٌ عليـ
ـكم في حديثِ الغانيه
أَو في اشتِهاءِ السِّحْرِ من
لَحْظِ العيونِ الساجيه
أَو في المسارحِ فَهْيَ بالنّـ
ـفسِ اللطيقة ِ راقيه
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بأَرضِ الجيزة ِ اجتازَ الغَمامُ
بأَرضِ الجيزة ِ اجتازَ الغَمامُ
رقم القصيدة : 9661
-----------------------------------
بأَرضِ الجيزة ِ اجتازَ الغَمامُ
وحلَّ سماءَها البدرُ التمام
وزار رياضَ إسماعيلَ غيثٌ
كوالدِه له المِنَنُ الجِسام
ثَنَى عِطْفَيْهِمَا الهرمانِ تِيهاً
وقال الثالثُ الأَدنى : سلام
هَلُمِّي مَنْفُ؛ هذا تاجُ خوفو
كقرصِ الشمسِ يعرفه الأنام
نَمتْهُ من بني فِرعَوْنَ هامٌ
ومن خلفاء إسماعيلَ هام
تألقَ في سمائكِ عبقرياً
عليه جلالة ٌ، وله وسام
ترعرعَتِ الحضارة ُ في حلاهُ
وشبَّ على جواهرِه النظام
ونال الفنُّ في أولى الليالي
وأخراهنَّ عزَّا لا يرام
مشَى في جيزة الفُسطاط ظِلٌّ
كظلِّ النيلِ بلَّ به الأوام
إذا ما مَسّ تُرْباً عاد مِسْكاً
ونافسَ تحته الذهبَ الرَّغام
وإنْ هو حَلَّ أرضاً قام فيها
جِدارٌ للحضارة ِ أَو دِعام
فمدرسة ٌ لحرب الجهل تبنى
ومستشفى يذادُ به السقام
ودارٌ يُستَغاثُ بها فَيَمضي
إلى الإسعافِ أنجادٌ كرامُ
أُساة ُ جِراحة ٍ حِيناً وحِيناً
مَيازيبٌ إذا انفجر الضِّرام
وأحواضٌ يراضُ النيلُ فيها
وكلُّ نجيبة ٍ ولها لجام
أبا الفاروقِ، أقبلنا صفوفاً
وأَنتَ من الصفوفِ هو الإمام
طلعتَ على الصعيدِ فهشَّ حتى
علا شَفَتَيْ أَبي الهول ابتسام
ركابٌ سارتِ الآمالُ فيه
وطافَ به التلفُّتُ والزحام
فماذا في طريقك من كفور
أجلُّ من البيوتِ بها الرجام؟(91/264)
كأن الراقدين بكل قاعٍ
همُ الأيقاظُ، واليقظى النِّيام
لقد أَزَمَ الزمانُ الناسَ، فانظُرْ
فعندكَ تفرجُ الإزمُ العظام
وبعدَ غدٍ يفارقُ عامُ بؤسٍ
ويَخلُفه من النَّعماءِ عام
يَدورُ بمصرَ حالاً بعدَ حالٍ
زمانٌ ما لحاليهِ دوام
ومصرُ بناءُ جدَّكَ لم يتممْ
أليس على يديكَ له تمام؟
فلسنا أمة ً قعدتْ بشمسٍ
ولا بلداً بضاعتُه الكلام
ولكنْ هِمَّة ٌ في كلِّ حينٍ
يَشُدُّ بِناءَها المَلِكُ الهُمام
نرومُ الغاية َ القصوى ، فنمضي
وأنت على الطريقِ هو الزمام
ونقصر خطوة ً، ونمدُّ أخرى
وتلجئنا المسافة والمرام
ونَصبرُ للشدائدِ في مقامٍ
ويغلبنا على صبر مقام
فقوِّ حضارة َ الماضي بأخرى
لها زَهْوٌ بِعصرِكَ واتّسامُ
ترفُّ صحائفُ البرديِّ فيها
وينطقُ في هياكلها الرُّخام
رَعَتك ووادياً ترعاه عنَّا
من الرحمنِ عينٌ لا تنام
فإن يك تاجُ مصرَ لها قواماً
فمصرُ لتاجها العالي قوام
لِتهنأ مصرُ، ولْيَهْنأ بَنوها
فبينَ الرأْسِ والجِسمِ التئام
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> فتْحِيَّة ٌ دنيا تدومُ، وصِحة ٌ
فتْحِيَّة ٌ دنيا تدومُ، وصِحة ٌ
رقم القصيدة : 9662
-----------------------------------
فتْحِيَّة ٌ دنيا تدومُ، وصِحة ٌ
تَبقى ، وبهجَة ُ أُمَّة ٍ، وحياة
مولايّ إنّ الشمسَ في عليائها
أنثى ، وكلُّ الطيباتِ بناتُ !
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يَدُ الملكِ العلَويّ الكريم
يَدُ الملكِ العلَويّ الكريم
رقم القصيدة : 9663
-----------------------------------
يَدُ الملكِ العلَويّ الكريم
على العلم هزَّت أخاه الأدبْ
لسانُ الكنانة ِ في شكرها
وما هو إلا لسانُ العرب
قضَتْ مِصرُ حاجتَها يا عَليُّ
ونال بنوها الأرب
وهنَّأتُ بالرُّتبِ العبقريَّ
وهنَّأتُ بالعبقري الرُّتب
عليُّ ، لقد لقَّبتكَ البلادُ
بآسِي الجِراحِ، ونِعْمَ اللَّقَب
سِلاحُك من أَدواتِ الحياة ِ
وكلُّ سلاحٍ أَداة ُ العَطَب
ولفظُكَ بِنْجٌ، ولكنَّهُ(91/265)
لطيفُ الصَّبا في جفون العصب
أَنامِلُ مِثلُ بَنانِ المسيح
أواسي الجراحِ ، مواحي النُّدب
تعالجُ كفَّاكَ بؤسَ الحياة ِ
فكفٌّ تداوي ، وكفٌّ تهب
ويستمسك الدَّمُ في راحَتَيْكَ
وفوقهما لا يقرُّ الذَّهب
كأَنك للموتِ مَوْتٌ أتيح
فلم ير وجهكَ إلا هرب !
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> شرفاً نصيرُ ، ارفعْ جبينكَ عالياً
شرفاً نصيرُ ، ارفعْ جبينكَ عالياً
رقم القصيدة : 9664
-----------------------------------
شرفاً نصيرُ ، ارفعْ جبينكَ عالياً
وتَلقَّ من أوطانك الإكليلا
يَهنِيكَ ما أُعطِيتَ من إكرامِها
ومُنِحْتَ مِن عطف ابنِ إسماعيلا
اليومَ يَومُ السَّابِقين، فكنْ فتًى
لم يبغِ من قصبِ الرِّهانِ بديلا
وإذا جَرَيْتَ مع السوابق فاقتحِمْ
غرراً تسيل إلى المدى وحجولا
حتى يراكَ الجمعُ أوَّلَ طالعٍ
ويَرَوْا على أَعرافِك المِنْديلا
هذا زمانٌ لا توسُّط عنده
يَبْغِي المُغامِرُ عالياً وجليلا
كنْ سابقاً فيه، أَو کبْقَ بِمَعْزِلٍ
ليس التوسُّطُ للنُبوغِ سبيلا
ياقاهرَ الغربِ العتيدِ ، ملأته
بثناءِ مِصْرَ على الشفاهِ جَميلا
قلَّبتَ فيه يداً تكاد لشدَّة ٍ
في البأْسِ ترفع في الفَضاءِ الفِيلا!
إن الذي خلق الحديدَ وبأسه
جعل الحديد لساعديكَ ذليلا
زَحْزَحْتَه، فتخاذلتْ أَجلادُه
وطَرحْتَه أَرضاً، فصَلَّ صَليلا
لِمَ لا يَلِينُ لك الحديدُ ولم تزَلْ
تتلو عليه وتقرأُ التَّنزِيلا؟
الأَزْمَة اشْتَدَّتْ ورانَ بلاؤُها
فاصدمْ بركنك ركنها ليميلا
شمشونُ أَنت، وقد رَستْ أَركانُها
فتَمشَّ في أَركانِها لِتَزولا
قلْ لي نصيرُ وأنت برٌّ صادقٌ
أحملتَ إنساناً عليك ثقيلا ؟
أحملتَ ديناً في حياتك مرَّة ً ؟
أحملتَ يوماً في الضُّلوعِ غليلا ؟
أحملتَ ظلماً من قريبٍ غادرٍ
أو كاشحٍ بالأَمسِ كان خَليلا؟
أحملتَ منًّا من قريبٍ مكرَّراً
والليلِ، مِنْ مُسْدٍ إليك جَميلا؟
أحملتَ طغيانَ اللثيمِ إذا اغتنى
أَو نال مِنْ جاهِ الأُمورِ قليلا؟(91/266)
أحملتَ في النادي الغبيَّ إذا التقى
من سامعيه الحمدَ والتّبجيلا ؟
تلك الحياة ُ، وهذه أَثقالُها
وزن الحديدُ بها فعاد ضئيلا !
اقترح تعديلا على القصيدة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> ياابنَ زيدونَ ، مرحبا
ياابنَ زيدونَ ، مرحبا
رقم القصيدة : 9665
-----------------------------------
ياابنَ زيدونَ ، مرحبا
قد أطلتَ التغيُّبا
إن ديوانَكَ الذي
ظلَّ سرًّ محجبَّا ،
يشتكي اليتيم درُّه
ويقاسي التَّغرُّبا. . .
. . . صار في كل بلدة ٍ
للأَلِبَّاءِ مَطْلبا
جاءنا كاملٌ به
عربيًّا مهذَّبا
تجدُ النَّصَّ معجبا
وترى الشَّرح أعجبا
أنتَ في القول كلِّه
أَجْملُ الناسِ مَذهبا
بأبي أنتَ هيكلاً
مِن فنونٍ مُركَّبا
شاعِراً أَم مُصَوِّراً
كنتَ ، أم كنتَ مطربا ؟
ترسل اللحنَ كلَّه
مبدعاً فيه ، مربا
أحسنَ الناس هاتفاً
بالغواني مشبِّبا
ونزيلَ المتوَّج
ـينَ، النديمَ المُقرَّبا
كم سقاهم بشعره
مِدْحَة ً أَو تَعَتُّبا
ومن المدحِ ما جزى
وأَذاعَ المناقِبا
وإذا الهجرُ هاجهُ
لمُعَاناته أبى
ورآه رذيلهً
لا تماشي التأدُّبا
ما رأَى الناسُ شاعِراً
فاضل الخُلْقِ طيِّبا
دَسَّ للناشقين في
زَنبَقِ الشعرِ عَقربا
جُلتَ في الخُلد جوْلة ً
هل عن الخلد مِنْ نَبا؟
صف لنا ما وراءه
من عيونٍ، ومن رُبَى
ونعيمٍ ونَضرة ٍ
وظلالٍ من الصِّبا
وصِفِ الحور موجزاً
قم ترى الأرضَ مثلما
كنتمو أمسِ ملعبا
وترى العيشَ لم يزلْ
لبني الموتِ مأربا
وترى ذَاكَ بالذي
عند هذا مُعَذَّبا
إنَّ مروانَ عصبة ٌ
يَصنعونَ العجائبَا
طوَّفوا الأَرض مَشرِقاً
بالأيادي ومغربا
هالة ٌ أَطلعتْكَ في
ذِروة المجدِ كوكبا
أَنت للفتحِ تنتمي
وكفى الفتحُ منصبا
لستُ أَرْضَى بغيره
لك جدًّا ولا أبا
أرسل قصيدة | أخبر صديقك | راسلنا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> وعصابة ٍ بالخيرِ ألِّف شملهم
وعصابة ٍ بالخيرِ ألِّف شملهم
رقم القصيدة : 9666
-----------------------------------(91/267)
وعصابة ٍ بالخيرِ ألِّف شملهم
والخيرُ أفضلُ عصبة ً ورفاقا
جعلوا التَّعاونَ والبناية َ هَمَّهم
واستنهضوا الآدابَ والأَخلاقا
ولقد يُداوُون الجِراح بِبرِّهم
ويقاتلون البؤسَ والإملاقا
يسمونَ بالأدب الجديدِ ، وتارة ً
يَبْنُون للأَدبِ القديمِ رِواقا
عَرَضَ القُعودُ فكان دون نُبوغِهِ
قَيداً، ودونَ خُطَى الشباب وِثاقا
البلبلُ الغردُ الذي هزَّ الرُّبى
وشجى الغصونَ ، وحرَّكَ الأوراقا
خَلَفَ البَهاءَ على القريض وكأْسِهِ
فسَقَى بعَذبِ نسيبِه العُشَّاقا
في القيد مُمتنِعُ الخُطى ، وخياله
يَطوِي البلادَ ويَنشُر الآفاقا
سبَّاقُ غاياتِ البيانِ جَرى بلا
ساقٍ ، فكيف إذا استرادَّ الساقا ؟ !
لو يطعمُ الطِّبُّ الصناعُ بيانه
أو لو يسسغُ لما يقولُ مذاقا . . .
. . . غالي بقيمته ، فلم يصنعُ له
إلا الجَناحَ مُحلِّقاً خفَّاقا!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لبنانُ ، مجدكَ في المشارق أوَّلُ
لبنانُ ، مجدكَ في المشارق أوَّلُ
رقم القصيدة : 9667
-----------------------------------
لبنانُ ، مجدكَ في المشارق أوَّلُ
والأَرضُ رابية ٌ وأَنتَ سَنامُ
وبنوك أَلطفُ مِن نسيمِكَ ظلُّهُمْ
وأَشمُّ مِن هَضَبَاتِك الأَحلام
أَخرجتَهم للعالمين جَحاجِحاً
عرباً ، وأبناءُ الكريم كرامُ
بين الرياض وبين أفقٍ زاهرٍ
طلع المسيحُ عليه والإسلام
هذا أديبك يحتفى بوسامهِ
وبيانُه للمَشْرقَيْنِ وِسامُ
ويُجَلُّ قدْرُ قِلادة ٍ في صدره
وله القلائدُ سمطها الإلهام
صدرٌ حَوالَيْه الجلالُ، ومِلؤهُ
كرمٌ ، وخشية ُ مومنٍ ، وذمام
حلاَّهُ لإحسانُ الخديو ، وطالما
حلاَّه فضلُ اللهِ والإنعام
لِعُلاك يا مُطرانُ، أَم لنهاك، أَم
لخلالك التّشرفُ والإكرام ؟ !
أَم للمواقف لم يَقِفْها ضَيْغَمٌ
لولاك لا ضطربت له الأهرام ؟ !
هذا مقامُ القولِ فيك ، ولم يزلْ
لك في الضمائر محفلٌ ومقام
غالي بقيمتك الأمير محمد
وسعى إليك يحفه الإعظام
في مجمعٍ هزّ البيانُ لواءه(91/268)
بك فيه، واعتزَّتْ بك الأَقلامُ
ابنُ الملوكِ تلا الثناءَ مخلَّداً
هيهات يذهبُ للملوكِ كلام
فمنِ البشِير لبعْلَبَكَّ وبينَها
نسبٌ تضيءُ بنوره الأيام ؟
يبْلَى المكينُ الفخْمُ من آثارها
يوماً ، وآثارُ الخليل قيام !
Free counter
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بني مصرَ ، ارفعوا الغار
بني مصرَ ، ارفعوا الغار
رقم القصيدة : 9668
-----------------------------------
بني مصرَ ، ارفعوا الغار
وحيُّوا بطلَ الهندِ
وأدُّوا واجباً ، واقضوا
حقوقَ العلمِ الفرد
أخوكم في المقاساة ِ
وعركِ الموقفِ النكدِ
وفي التَّضْحِية ِ الكبرى
وفي المَطلبِ، والجُهد
وفي الجرح، وفي الدمع
وفي النَّفْي من المهدِ
وفي الرحلة للحقِّ
وفي مرحَلة ِ الوفد
قِفوا حيُّوه من قرْبٍ
على الفلْكِ، ومن بُعد
وغَطُّوا البَرَّ بالآس
وغَطُّوا البحرَ بالورد
على إفريزِ راجيوتا
نَ تمثالٌ من المجد
نبيٌّ مثلُ كونفشيو
س ، أو من ذلك العهد
قريبُ القوْلِ والفعلِ
من المنتظَرِ المهدي
شبيه الرسْل في الذَّوْدِ
عن الحقِّ ، وفي الزهد
لقد عَلَّم بالحقِّ
وبالصبر ، وبالقصد
ونادي المشرقَ الأقصى
فلبَّاه من اللحد
وجاءَ الأَنفسَ المرْضَى
فداوَاها من الحِقد
دعا الهندوسَ والإسلا
م للألفة ِ والوردِّ
سحرٍ من قوى الروحِ
حَوَى السَّيْفَيْنِ في غِمد
وسلطانٍ من النفسِ
يُقوِّي رائِض الأُسْدِ
وتوفيقٍ منَ الله
وتيسيرٍ من السَّعد
وحظٍّ ليس يُعطاهُ
سِوَى المخلوقِ للخلدِ
ولا يُؤخَذ بالحَوْل
ولا الصَّولِ ، ولا الجند
ولا بالنسل والمالِ
ولا بالكدحِ والكدِّ
ولكن هِبة ُ المولى
- تعالى الله - للعبد
سلامُ النيل يا غنْدِي
وهذا الزهرُ من عندي
وإجلالٌ من الأهرا
مِ، والكرْنكِ، والبَرْدِي
ومن مشيخة ِ الوادي
ومن أشبالهِ المردِ
سلامٌ حالِبَ الشَّاة ِ
سلامٌ غازلَ البردِ
ومن صدَّ عن الملح
ولم يقبل على الشُّهد
ومَنْ يَرْكبُ ساقيْه
من الهندِ إلى السِّندِ
سلامٌ كلَّما صلَّي(91/269)
تَ عرياناً ، وفي اللِّبد
وفي زاوية ِ السجن
وفي سلسلة ِ القيدِ
من المائدة ِ الخضرا
ءِ خُذْ حِذْرَكَ يا غنْدِي
ولاحظْ وَرَقَ السِّيرِ
وما في ورق اللوردِ
وكنْ أَبرَعَ مَن يَلعَـ
ـبُ بالشَّطْرَنْجِ والنّرْد
ولاقي العبقريِّينَ
لِقاءَ النّدِّ للنِّدّ
وقل : هاتوا أفاعيكم
أتى الحاوي من الهند !
وعُدْ لم تحفِل الذَّامَ
ولم تغترَّ بالحمد
فهذا النجمُ لا ترقى
إليه هِمَّة ُ النقدِ
وردَّ الهندَ للأم
ـة ِ من حدٍّ إلى حَدِّ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَبولُّو، مَرحَباً بك يا أَبولُّو
أَبولُّو، مَرحَباً بك يا أَبولُّو
رقم القصيدة : 9669
-----------------------------------
أَبولُّو، مَرحَباً بك يا أَبولُّو
فإنك من عكاظِ الشعرِ ظل
عكاظُ وأنتِ للبلغاءِ سوقٌ
على جَنَباتِها رحَلوا وحلُّوا
وبنبوعٌ من الإنشادِ صافِ
صدى المتأَدِّبين به يُقَلُّ
ومضمارٌ يسوقُ إلى القوافي
سوابقها إذا الشعراءُ قلُّوا
يقول الشِّعرَ قائلُهم رصيناً
ويُحسِنُ حين يُكثِرُ أَو يُقِلُّ
ولولا المحسنونَ بكلِّ أرضِ
لما ساد الشُّعُوبُ ولا استقلُّوا
عسى تأتيننا بمعلَّقاتً
نروحُ على القديمِ بها ندلُّ
لعلَّ مواهباً خفيتْ وضاعت
تذاعُ على يديكِ وتستغلُّ
صحائِفُكِ المدبَّجَة ُ الحواشي
ربى الوردِ المفتَّح أو أجلُّ
رياحينُ الرِّياضِ يملُّ منها
وريحانُ القرائحِ لا يملُّ
يمهِّدُ عبقريُّ الشِّعر فيها
لكلِّ ذخيرة ٍ فيها محلُّ
وليس الحقُّ بالمنقوصِ فيها
ولا الأعراضُ فيها تستحلُّ
وليستْ بالمجالِ لنقدِ باغٍ
وراءَ يَراعِهِ حَسَدٌ وغِلُّ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بي مثلُ ما بكِ ياقمريَّة َ الوادي
بي مثلُ ما بكِ ياقمريَّة َ الوادي
رقم القصيدة : 9670
-----------------------------------
بي مثلُ ما بكِ ياقمريَّة َ الوادي
ناديتُ ليلى ، فقومي في الدُّجى نادي
وأرسلي الشَّجوَ أسجاعاً مفصَّلة ً
أَو رَدّدِي من وراءِ الأَيْكِ إنشادي(91/270)
لاتكتمي الوجدَ ، فالجرحانِ من شجنٍ
ولا الصببابة َ ، فالدمعان من وادِ
تذكري : هل تلاقينا على ظمإٍ ؟
وكيف بلَّ الصَّدى ذو الغلَّة ِ الصادي
وأَنتِ في مجلِسِ الرَّيحان لاهية ٌ
ما سِرْتِ من سامرٍ إلا إلى نادي
تذكري قبلة ً في الشَّعرِ حائرة ً
أضلَّها فمشتْ في فرقكِ الهادي
وقُبلة ً فوقَ خدٍّ ناعمٍ عَطِرٍ
أَبهى من الوردِ في ظلِّ النّدَى الغادي
تذكري منظرَ الوادي ، ومجلسنا
على الغديرِ، كعُصفورَيْنِ في الوادي
والغُصنُ يحنو علينا رِقَّة ً وجَوى ً
والماءُ في قدمينا رائحٌ غادِ
تذكري نعماتٍ ههنا وهنا
من لحنِ شادية ٍ في الدَّوحِ أَو شادي
تذكري موعداً جادَ الزمان به
هل طِرتُ شوقاً؟ وهل سابقتُ مِيعادي؟
فنلتُ ما نلتُ من سؤلٍ ، ومن أملٍ
ورحتُ لم أحصِ أفراحي وأعيادي ؟
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يا شراعاً وراءَ دجلة َ يجري
يا شراعاً وراءَ دجلة َ يجري
رقم القصيدة : 9671
-----------------------------------
يا شراعاً وراءَ دجلة َ يجري
في دموعي تجنبَتكَ العَوادي
سِر على الماءِ كالمسيحِ رُويداً
واجر في اليمِّ كالشعاع الهادي
وأْتِ قاعاً كرفرَفِ الخلدِ طِيباً
أو كفردوسهِ بشاشة َ وادي
قفْ ، تمهَّل ، وخذ أمانا لقلبي
من عيونِ المهَا وراءَ السَّوادِ
والنُّواسِيُّ والنَّدامَى ؛ أَمِنْهُمُ
سامرلٌ يملأُ الدُّجى أو نادِ ؟
خطرتْ فوقه المهارة ُ تعدو
في غُبارِ الآباءِ والأَجداد
أمَّة ٌ تنشىء الحياة َ ، وتبني
كبِناءِ الأُبوَّة ِ الأَمجاد
تحتَ تاجٍ من القرابة والمُلـ
ـكِ على فَرْقِ أَرْيحيٍّ جواد
ملك الشطِّ، والفراتيْنِ، والبطـ
ـحاءِ، أَعظِمْ بِفَيْصَلٍ والبلاد
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> عفيغُ الجهرِ والهمسِ
عفيغُ الجهرِ والهمسِ
رقم القصيدة : 9672
-----------------------------------
عفيغُ الجهرِ والهمسِ
قَضَى الواجِبَ بالأَمْسِ
ولم يَعْرِضْ لِذِي حقٍّ
بِنُقصانٍ ولا بَخْس
وعندَ الناس مجهولٌ(91/271)
وفي أَلْسُنِهِمْ مَنْسِي
وفيه رقَّة ُ القلْبِ
لآلامِ بَني الجنْسِ
فلا يغبطُ ذا نعمى
ويَرْثِي لأَخي البُؤسِ
وللمحرومِ والعافي
حواليْ زادهِ كرسي
وما نَمَّ، ولا هَمَّ
بِبَعْضِ الكَيْدِ والدَّسِّ
ينامُ الليلَ مَسْروراً
قليلَ الهمِّ والهجس
ويُصْبحُ لا غُبارَ على
سَرِيرَتِهِ كما يُمْسِي
فيا أَسعدَ من يَمشي
على الأرضِ من الإنس
ومَنْ طَهَّرَهُ الله
من الرِّيبَة ِ والرِّجْسِ
أَنِلْ قَدْرِيَ تشْريفاً
وهبْ لي قربكَ القدسي
عسى نَفسُكَ أَن تُدمـ
ـج في أَحلامِها نَفسي
فالقى بعض ما تلقى
من الغبطة ِ والأنسِ !
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> وجَدْتُ الحياة َ طريقَ الزُّمَرْ
وجَدْتُ الحياة َ طريقَ الزُّمَرْ
رقم القصيدة : 9673
-----------------------------------
وجَدْتُ الحياة َ طريقَ الزُّمَرْ
إلى بعثة ٍ وشءون أخر
وما باطِلاً يَنزِلُ النازلون
ولا عبثاً يزمعون السَّفرْ
فلا تَحتَقِرْ عالَماً أَنتَ فيه
ولا تجْحَدِ الآخَرَ المُنْتَظَر
وخذْ لكَ زادينِ : من سيرة
ومن عملٍ صالحٍ يدخرَ
وكن في الطريقِ عفيفَ الخُطا
شريفَ السَّماعِ، كريمَ النظر
ولا تخْلُ من عملٍ فوقَه
تَعشْ غيرَ عَبْدٍ، ولا مُحتَقَر
وكن رجلاً إن أتوا بعده
يقولون : مرَّ وهذا الأثرْ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قدَّمْتُ بين يَدَيَّ نَفْساً أَذنبَتْ
قدَّمْتُ بين يَدَيَّ نَفْساً أَذنبَتْ
رقم القصيدة : 9674
-----------------------------------
قدَّمْتُ بين يَدَيَّ نَفْساً أَذنبَتْ
وأتيتُ بين الخوفِ والإقرار
وجعلتُ أستُر عن سواك ذنوبها
حتى عييتُ ، فمنَّ لي بستار !
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> صار شوقي أبا علي
صار شوقي أبا علي
رقم القصيدة : 9675
-----------------------------------
صار شوقي أبا علي
في الزمان الترللي
وجناها جناية
ليس فيها بأول
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> عليُّ ، لواستشرتَ أباكَ قبلاً(91/272)
عليُّ ، لواستشرتَ أباكَ قبلاً
رقم القصيدة : 9676
-----------------------------------
عليُّ ، لواستشرتَ أباكَ قبلاً
فإن الخير حظُّ المستشير
إذاً لعَلِمْتَ أَنَّا في غَناءٍ
وإن نكُ من لقائِكَ في سرور
وما ضقنا بمقدمكَ المفدَّى
ولكن جئتَ في الزمن الأخير !
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> رزقتُ صاحبَ عهده
رزقتُ صاحبَ عهده
رقم القصيدة : 9677
-----------------------------------
رزقتُ صاحبَ عهده
وتمَّ لي النسلُ بعدي
هم يحسدوني عليه
ويغبِطوني بِسَعدي
ولا أراني ونجلي
سنلتقي عند مجد
وسوْف يَعلَمُ بَيتي
أَني أَنا النَّسْلُ وحْدي
فيا علِي، ولا تلُمْني
فما احتِقارُكَ قَصْدي
وأنتَ مني كروحي
وأَنت مَنْ أَنت عندي!
فإن أَساءَكَ قوْلي
كذَب أباكَ بوعدِ !
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يا ليلة ً سمَّيتها ليلتي
يا ليلة ً سمَّيتها ليلتي
رقم القصيدة : 9678
-----------------------------------
يا ليلة ً سمَّيتها ليلتي
لأَنها بالناس ما مَرَّتِ
أذكرُها ، والموتُ في ذكرها
على سبيلِ البَثِّ والعِبْرَة ِ
ليعلمَ الغافلُ ما أمسُه ؟
ما يومُهُ؟ ما مُنْتَهى العِيشة ِ؟
نَبَّهَني المقدورُ في جُنْحِها
وكنتُ بين النَّوْم واليَقْظة ِ
الموتُ عجلانٌ إلى والدي
والوضعُ مستعصٍ على زوجتِي
هذا فتى ً يُبْكَى على مِثلِه
وهذه في أوّلِ النَّشأة ِ
وتلك في مِصْرَ على حالِها
وذاكَ رَهْنُ الموْتِ والغُرْبَة ِ
والقلبُ ما بَينَهما حائرٌ
من بَلْدَة أَسْرى إلى بَلدة ِ
حتى بدا الصبحُ ، فولَّى أبي
وأقبلتْ بعدَ العناءِ ابنتي
فقلتُ أَحكامُكَ حِرنا لها
يا مُخرجَ الحيِّ منَ الميِّتِ!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أمنيتي في عامها
أمنيتي في عامها
رقم القصيدة : 9679
-----------------------------------
أمنيتي في عامها
الأوّلِ مثلُ الملكِ
صالحة ٌ للحبِّ منْ
كلٍّ، وللتَّبَرُّك
كم خفقَ القلبُ لها
عِندَ البُكا والضَّحِك(91/273)
وكم رَعَتْها العَيْنُ في
في السكونِ والتَّحرُّكِ
فعندها من شدّة ِ الإشفاقِ
أن تأخذ الصغيرَ بالخناقِ
فإن مَشَتْ فخاطِري
يسبقها كالممسكِ
أَلحَظُها كأَنها
من بَصَرِي في شَرَك
فيا جَبينَ السَّعْدِ لي
ويا عُيُونَ الفَلَك
ويا بياضَ العيشِ في
الأيامِ ذاتِ الحلكِ
إنَّ الليالي وهيَ لا
تَنْفَكُّ حَرْبَ أَهلِكِ
لو أنصفتكِ طفلة ً
لكنت بنت الملك
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> كانَ لِلغربانِ في العصرِ مَلِيكْ
كانَ لِلغربانِ في العصرِ مَلِيكْ
رقم القصيدة : 9680
-----------------------------------
كانَ لِلغربانِ في العصرِ مَلِيكْ
وله في النخلة ِ الكبرى أريكْ
فيه كرسيٌّ، وخِدْرٌ، ومُهودْ
لصغارِ الملك أصحابِ العهود
جاءهُ يوماً ندورُ الخادمُ
وهوَ في البابِ الأمينُ الحازمُ
قال: يا فرعَ الملوكِ الصالحينْ
أنت ما زلتَ تحبُّ الناصحينْ
سوسة ٌ كانت على القصرِ تدورْ
جازتْ القصرَ، ودبتْ في الجدور
فابعث الغربانَ في إهلاكها
قبلَ أن نهلكَ في أشراكها
ضحكَ السلطانُ من هذا المقال
ثم أدنى خادمَ الخير، وقال:
أنا ربُّ الشوكة ِ الضافي الجناح
أنا ذو المنقارِ، غلاَّبُ الرياح
أنا لا أنظرُ في هذي الأمور
قام بينَ الريحِ والنخلِ خصامْ
وإذا النخلة ُ أقوى جذعها
فبدا للريحِ سهلاً قلعها
فهوتْ للأرضِ كالتلِّ الكبير
وَهَوَى الديوانُ، وانقضَّ السَّرير
فدها السلطان ذا الخطبُ المهول
ودعا خادمه الغالي يقول:
يا ندورَ الخير، أسعفْ بالصياح
ما تَرى ما فعلَتْ فينا الرياح؟
قال: يا مولايَ، لا تسأل ندور
أنا لا أنظر في هذي الأمور!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> ظبيٌ رأى صورتهْ في الماء
ظبيٌ رأى صورتهْ في الماء
رقم القصيدة : 9681
-----------------------------------
ظبيٌ رأى صورتهْ في الماء
فرفع الرأْسَ إلى السماءِ
وقال يا خالِقَ هذا الجيدِ
زنهُ بعقدِ اللؤلؤ النَّضيدِ
فسمعَ الماءَ يقولُ مفصحا
طلبْتَ يا ذا الظَّبْيُ ما لن تُمنَحا(91/274)
إنّ الذي أعطاكَ هذا الجيدا
لم يُبق في الحسنِ له مَزيدا
لو أن حسنهُ على النحورِ
لم يخرج الدُّر من البحورِ
فافتتَن الظبيُ بِذِي المقالِ
وزادهُ شوقاً إلى اللآلي
ولم يَنلهُ فمُهُ السقيمُ
فعاش دهراً في الفَلا يَهيم
حتى تَقضَّى العمرُ في الهُيامِ
وهجْرِ طِيبِ النَّومِ والطعام
فسارَ نحو الماءِ ذاتَ مرهْ
يَشكو إليه نفعَهُ وضرَّه
وبينما الجارانِ في الكلام
أقبلَ راعي الدَّيرِ في الظلام
يتبعه حيثُ مشى خنزيرُ
في جِيدِهِ قِلادة ٌ تُنير
فاندفع الظبيُ لذاكَ يبكي
وقال من بعدِ انجلاءِ الشكِ
ما آفة ُ السعيِ سوى الضلالِ
ما آفهُ العمرِ سوى الآمال
لولا قضاءُ الملكِ القدير
لما سعى العقدُ إلى الخنزير
فالتفتَ الماءُ إلى الغزال
وقال: حالُ الشيخِ شرُّ حال
لا عَجَبٌ، إن السنينَ مُوقِظهْ
حفظتَ عمراً لو حفظتَ موعظهْ
عند الرغبة في نشر اي نصوص أو معلومات من صفحات الموقع.
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لمَّا دعا داعي أبي الأشباِ
لمَّا دعا داعي أبي الأشباِ
رقم القصيدة : 9682
-----------------------------------
لمَّا دعا داعي أبي الأشباِ
مبشِّراً بأولِ الأنجالِ
سعَتْ سباعُ الأَرضِ والسماءِ
وانعقد المجلسُ للهناءِ
وصدرَ المرسومُ بالأمانِ
في الأَرضِ للقاصي بها والدَّاني
فضاقَ بالذيولِ صحنُ الدار
من كلِّ ذي صوفٍ وذي منقار
حتى إذا استكملَتِ الجمعيَّهْ
نادى منادي اللَّيْث في المَعيَّهْ
هل من خطيبٍ محسنٍ خبيرِ
يدعو بطول العمر للأمير؟
فنهض الفيلُ المشيرُ السامي
وقال ما يليقُ بالمقام
ثم تلاه الثعلبُ السفيرُ
ينشدُ، حتى قيلَ: ذا جرير
واندفعَ القردَ مديرُ الكاسِ
فقيلَ: أحسنتَ أبا نواسِ!
وأَوْمأَ الحِمارُ بالعقيرَه
يريدُ أَن يُشرِّفَ العشيره
فقال: باسمِ خالِقِ الشعيرِ
وباعثِ العصا إلى الحمير!...
فأزعج الصوتُ وليَّ العهدِ
فماتَ من رعديهِ في المهدِ
فحملَ القومُ على الحمارِ
بجملة ِ الأنيابِ والأظفار(91/275)
وانتُدبَ الثَّعلبُ لِلتأبينِ
فقال في التعريضِ بالمسكينِ:
لا جعَلَ الله له قرارا
عاشَ حِماراً ومضى حمارا!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ
نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ
رقم القصيدة : 9683
-----------------------------------
نظرَ الليثُ إلى عجلٍ سمينْ
كان بالقربِ على غيْطٍ أَمينْ
فاشتهتْ من لحمه نفسُ الرئيس
وكذا الأنفسُ يصبيها النفيس
قال للثعلبِ: يا ذا الاحتيال
رأسكَ المحبوبُ، أو ذاك الغزال!
فدعا بالسعدِ والعمرِ الطويل
ومضى في الحالِ للأمرِ الجليل
وأتى الغيظَ وقد جنَّ الظلام
فأرى العجلَ فأهداهُ السلام
قائلاً: يا أيها الموْلى الوزيرْ
أنت أهلُ العفوِ والبرِّ الغزير
حملَ الذئبَ على قتلي الحسد
فوشَى بي عندَ مولانا الأَسد
فترامَيْتُ على الجاهِ الرفيع
وهْوَ فينا لم يزَل نِعمَ الشَّفيع!
فبكى المغرورُ من حالِ الخبيث
ودنا يسأَلُ عن شرح الحديث
قال: هل تَجهلُ يا حُلْوَ الصِّفات
أَنّ مولانا أَبا الأَفيالِ مات؟
فرأَى السُّلطانُ في الرأْس الكبير
ولأَمْرِ المُلكِ ركناً يُذخر
ولقد عدُّوا لكم بين الجُدود
مثل آبيسَ ومعبودِ اليهود
فأَقاموا لمعاليكم سرِير
عن يمين الملكِ السامي الخطير
واستَعدّ الطير والوحشُ لذاك
في انتظار السيدِ العالي هناك
فإذا قمتمْ بأَعباءِ الأُمورْ
وانتَهى الأُنسُ إليكم والسرورْ
برِّئُوني عندَ سُلطانِ الزمان
واطلبوا لي العَفْوَ منه والأمان
وكفاكم أنني العبدُ المطيع
أخدمُ المنعمَ جهدَ المستطيع
فأحدَّ العجلُ قرنيه، وقال:
أَنت مُنذُ اليومِ جاري، لا تُنال!
فامْضِ واكشِفْ لي إلى الليثِ الطريق
أنا لا يشقى لديه بي رفيق
فمَضى الخِلاَّنِ تَوّاً للفَلاه
ذا إلى الموتِ، وهذا للحياه
وهناك ابتلعَ الليثُ الوزير
وحبا الثعلبَ منه باليسير
فانثنى يضحكُ من طيشِ العُجولْ
وجَرى في حَلْبَة ِ الفَخْر يقولْ:
سلمَ الثعلبُ بالرأسِ الصغير
فقداه كلُّ ذي رأسٍ كبير!(91/276)
موقع أدب (adab.com)
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قردٌ رأى الفيلَ على الطريقِ
قردٌ رأى الفيلَ على الطريقِ
رقم القصيدة : 9684
-----------------------------------
قردٌ رأى الفيلَ على الطريقِ
مهرولاً خوفاً من التعويقِ
وكان ذاك القِردُ نصفَ أَعمى
يُريد يُحْصِي كلَّ شيءٍ عِلما
فقال: أهلا بأبي الأهوالِ
ومرْحباً بِمُخْجِلِ الجِبالِ
نقدي الرؤوسُ رأسكَ العظيما
فقف أشاهدْ حسنك الوسيما
للهِ ما أظرفَ هذا القدَّا
وألطف العظمَ وأبهى الجلدا!
وأَملَح الأذْنَ في الاستِرسالِ
كأَنها دائرة ُ الغِربالِ!
وأَحسَنَ الخُرطومَ حين تاهَا
كأَنه النخلة ُ في صِباها!
وظَهرُك العالي هو البِساطُ
للنفْسِ في رُكوبِه کنبِساطُ
فعدَّها الفيلُ من السعودِ
وأمرَ الشاعرَ بالصُّعود
فجالَ في الظهر بلا توانِ
حتى إذا لم يَبقَ من مكان
أَوفى على الشيءِ الذي لا يُذكرُ
وأدخلَ الاصبعَ فيه يخبرُ
فاتهم الفيلُ البعوضَ، واضطربْ
وضيَّقَ الثقب، وصالَ بالذنبْ
فوقَعَ الضربُ على السليمه
فلحِقَتْ بأُختِها الكريمه
ونزل البصيرُ ذا اكتئابِ
يشكو إلى الفيلِ من المُصابِ
فقال: لا مُوجِب للندامه
الحمد لله على السلامه
من كان في عينيْه هذا الداءُ
ففي العَمى لنفسِه وقاءُ
عند الرغبة في نشر اي نصوص أو معلومات من صفحات الموقع.
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مرَّ الغرابُ بشاة ٍ
مرَّ الغرابُ بشاة ٍ
رقم القصيدة : 9685
-----------------------------------
مرَّ الغرابُ بشاة ٍ
قد غابَ عنها الفطيمُ
تقولُ والدمعُ جار
والقلبُ منها كلِيم:
يا ليْت شِعْريَ يا کبنِي
وواحِدِي، هل تَدوم؟
وهل تكونُ بجَنْبي
عداً على ما أروم؟
فقال: يا أمَّ سعدٍ
هذا عذابُ أليم
فكَّرتِ في الغَدِ، والفِكـ
ـرُ مقعدٌ ومقيم
لكلِّ يومٍ خُطُوبٌ
تكفي، وشُغلٌ عظيم
وبينما هُوَ يهذِي
أتى النَّعيُّ الذَّميم
يقول: خَلَّفْتُ سعْداً
والعظمُ منه هشيم
رأَى منَ الذِّئْبِ ما قد(91/277)
رأَى أَبوه الكريم
فقال ذو البَيْنِ للأُ
م حين ولَّتْ تَهيم:
إن الحكيمَ نبيُّ
لسانه معصوم
ألم أقلْ لكِ توا
لكل يومٍ هُموم؟
قالت: صدقتَ، ولكِنْ
هذا الكلامُ قديم
فإن قَوْميَ قالوا:
وجْهُ الغُراب مَشوم
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يَحكون أَن أُمَّة َ الأَرانِبِ
يَحكون أَن أُمَّة َ الأَرانِبِ
رقم القصيدة : 9686
-----------------------------------
يَحكون أَن أُمَّة َ الأَرانِبِ
قد أخذت من الثرى بجانبِ
وابتَهجَتْ بالوطنِ الكريمِ
ومثلِ العيالِ والحريمِ
فاختاره الفيلُ له طريقا
ممزِّقاً أصحابنا تمزيقا
وكان فيهم أرنبٌ لبيبُ
أذهبَ جلَّ صوفهِ التَّجريب
نادى بهم: يا مَعشرَ الأَرانبِ
من عالِمٍ، وشاعرٍ، وكاتب
اتَّحِدوا ضِدَّ العَدُوِّ الجافي
فالاتحادُ قوّة ُ الضِّعاف
فأقبلوا مستصوبين رايهْ
وعقدوا للاجتماعِ رايه
وانتخبوا من بينِهم ثلاثه
لا هَرَماً راعَوْا، ولا حَداثه
بل نظروا إلى كمالِ العقلِ
واعتَبروا في ذاك سِنَّ الفضْل
فنهض الأولُ للخطِاب
فقال : إنّ الرأيَ ذا الصواب
أن تُتركَ الأرضُ لذي الخرطومِ
كي نستريحَ من أَذى الغَشوم
فصاحت الأرانبُ الغوالي :
هذا أضرُّ من أبي الأهوال
ووثبَ الثاني فقال: إني
أَعهَدُ في الثعلبِ شيخَ الفنِّ
فلندْعُه يُمِدّنا بحِكمتِهْ
ويأخذ اثنيْنِ جزاءَ خدمتِه
فقيلَ : لا يا صاحبَ السموِّ
لا يدفعُ العدوُّ بالعدوِّ
وانتَدَبَ الثالثُ للكلامِ
فقال : يا معاشرَ الأقوامِ
اجتمِعوا؛ فالاجتِماع قوّه
ثم احفِروا على الطريق هُوَّه
يهوى إليها الفيلُ في مروره
فنستَريحُ الدهرَ من شرورِه
ثم يقولُ الجيلُ بعدَ الجيلِ
قد أَكلَ الأَرنبُ عقلَ الفيل
فاستصوبوا مقالهُ ، واستحسنوا
وعملوا من فورهم ، فأحسنوا
وهلكَ الفيلُ الرفيعُ الشَّانِ
فأَمستِ الأُمَّة ُ في أَمان
وأقبلتْ لصاحبِ التدبير
ساعية ً بالتاجِ والسرير
فقال : مهلا يا بني الأوطانِ
إنّ محلِّي للمحلُّ الثاني(91/278)
فصاحبُ الصَّوتِ القويِّ الغالبِ
منْ قد دعا : يا معشرَ الأرانب
اضف القصيدة إلى مفضلتك
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مرَّتْ على الخُفاشِ
مرَّتْ على الخُفاشِ
رقم القصيدة : 9687
-----------------------------------
مرَّتْ على الخُفاشِ
مليكة ُ الفراشِ
تطيرُ بالجموعِ
سعياً إلى الشموعِ
فعطفتْ ومالت
واستضحكت فقالتْ :
أَزْرَيْتَ بالغرامِ
يا عاشقَ الظلامِ
صفْ لي الصديقَ الأسودا
الخاملَ المُجَرَّدا
قال: سأَلتِ فيه
أصدقَ واصفيهِ
هو الصديقُ الوافي
الكاملُ الأَوصافِ
جِوارُهُ أَمانُ
وسرُّه كتمانُ
وطرفُه كليلُ
إذا هفا الخليلُ
يحنو على العشَّاقِ
يسمعُ للمشتاق
وجملة ُ المقالِ
هو الحبيبُ الغالي
فقالتِ الحمقاءُ
وقولها استهزاءُ
أَين أَبو المِسْكِ الخَصِي
ذو الثَّمَنِ المُسْتَرْخَصِ
منْ صاحبي الأميرِ
الظاهرِ المنيرِ ؟
إن عُدَّ فيمن أَعرِفُ
أَسمُو بِه وأَشرُفُ
وإن سئلتُ عنهُ
وعن مكاني منهُ
أُفاخِرُ الأَترابا
وأَنثني إعجابَا
فقال : يا مليكهْ
ورَبَّة َ الأَريكهْ
إنّ منَ الغُرُورِ
ملامة َ المغرورِ
فأَعطِني قفاك
وامضي إلى الهلاك
فتركتهْ ساخرهْ
وذهَبتْ مُفاخِرهْ
وبعد ساعة ٍ مضَتْ
من الزمانِ فانقضَتْ
مَرَّتْ على الخُفَّاشِ
مليكة ُ الفراشِ
ناقصة َ الأعضاءِ
تشكو من الفناءِ
فجاءَها مُنهَمِكا
يُضحِكه منها البُكا
قال : ألم أقل لكِ
هَلكْتِ أَو لم تَهلِكي
رُبَّ صديقٍ عبدِ
أبيضُ وجهِ الودّ
يَفديك كالرَّئِيسِ
بالنَّفْسِ والنفيسِ
وصاحبٍ كالنورِ
في الحسنِ والظهورِ
معتكرِ الفؤادِ
مضيِّع الودادِ
حِبالُه أَشراكُ
وقُرْبُه هلاكُ؟
مجلة الساخر حديث المطابع مركز الصور منتديات الساخر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> اللَّيثُ مَلْكُ القِفارِ
اللَّيثُ مَلْكُ القِفارِ
رقم القصيدة : 9688
-----------------------------------
اللَّيثُ مَلْكُ القِفارِ
وما تضمُّ الصًّحاري
سَعت إليه الرعايا
يوماً بكلِّ انكسار(91/279)
قالت : تعيشُ وتبقى
يا داميَ الأَظفار
ماتَ الوزيرُ فمنْ ذا
يَسوسُ أَمرَ الضَّواري؟
قال : الحمارُوزيري
قضى بهذا اختياري
فاستضحكت ، ثم قال :
"ماذا رأَى في الحِمارِ؟"
وخلَّفتهُ ، وطارت
بمضحكِ الأخبار
حتى إذا الشَّهْرُ ولَّى
كليْلة ٍ أَو نَهار
لم يَشعُرِ اللَّيثُ إلا
ومُلكُهُ في دَمار
القردُ عندَ اليمين
والكلبُ عند اليسار
والقِطُّ بين يديه
يلهو بعظمة ِ فار !
فقال : من في جدودي
مثلي عديمُ الوقار ؟ !
أينَ اقتداري وبطشي
وهَيْبتي واعتباري؟!
فجاءَهُ القردُ سرّاً
وقال بعدَ اعتذار:
يا عاليَ الجاه فينا
كن عاليَ الأنظار
رأَيُ الرعِيَّة ِ فيكم
من رأيكم في الحمار!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> كانت النَّملة تمشي
كانت النَّملة تمشي
رقم القصيدة : 9689
-----------------------------------
كانت النَّملة تمشي
مرة ً تحتَ المُقطَّمْ
فارتخى مَفصِلُها من
هَيبة ِ الطَّوْدِ المعظَّمْ
وانثنتْ تنظرُ حتى
أوجد الخوف وأعدم
قالت : اليوم هلاكي
حلَّ يومي وتحتم !
ليت شعري : كيف أنجو
ـ إنْ هوى هذا ـ وأَسلم؟
فسعت تجري ، وعينا
ها ترى الطَّود فتندم
سقطتْ في شبرِ ماءٍ
هو عند النّمل كاليمّ
فبكت يأساً ، وصاحت
قبل جري الماء في الفمّ
ثم قالت وهي أدرى
بالذي قالت وأَعلَم:
ليتني لم أتأخَّر
ليتني لم أتقدَّم
ليتني سلَّمت ، فالعا
قل من خاف فسلَّم !
صاح لا تخش عظيما
فالذي في الغيْب أَعظم
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> كان فيما مضى من الدهر بيتُ
كان فيما مضى من الدهر بيتُ
رقم القصيدة : 9690
-----------------------------------
كان فيما مضى من الدهر بيتُ
من بيوت الكرام فيه غزال
يَطعَم اللَّوْزَ والفطيرَ ويُسقى
عسلاَ لم يشبه إلا الزَّلال
فأَتى الكلبَ ذاتَ يومٍ يُناجيـ
ـهِ وفي النفسِ تَرحَة ٌ وملال
قال : يا صاحب الأمانة ، قل لي
كيف حالُ الوَرَى ؟ وكيف الرجال؟
فأجاب الأمين وهو القئول الصَّ
ـادِقُ الكامل النُّهَى المِفضال(91/280)
سائلي عن حقيقة الناس ، عذراً
ليس فيهم حقيقة ُ فتقال
إنما هم حقدٌ ، وغشٌّ ، وبغضُ
وأَذاة ٌ، وغيبة ٌ، وانتحال
ليت شعري هل يستريحُ فؤادي ؟
كم أداريهم ! وكم أحتال !
فرِضا البعض فيه للبعضِ سُخْطٌ
ورضا الكلِّ مطلبٌ لا يُنال
ورضا اللهِ نرتجيهِ ، ولكن
لا يؤدِّي إليه إلا الكمال
لا يغرَّنكَ يا أخا البيدِ من موْ
لاكَ ذاك القبولُ والإقبال
أنتَ في الأسرِ ما سلمتَ ، فإن تمـ
ـرض تقطَّعْ من جسمك الأوصال
فاطلبِ البِيدَ، وارض بالعُشبِ قوتاً
فهناك العيشُ الهنِيُّ الحلال
أنا لولا العظامُ وهيَ حياتي
لم تَطِبْ لي مع ابنِ آدمَ حال
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> برز الثعلبُ يوماً
برز الثعلبُ يوماً
رقم القصيدة : 9691
-----------------------------------
برز الثعلبُ يوماً
في شعار الواعِظينا
فمشى في الأرضِ يهذي
ويسبُّ الماكرينا
ويقولُ : الحمدُ للـ
ـهِ إلsهِ العالمينا
يا عِباد الله، تُوبُوا
فهموَ كهفُ التائبينا
وازهَدُوا في الطَّير، إنّ الـ
ـعيشَ عيشُ الزاهدينا
واطلبوا الدِّيك يؤذنْ
لصلاة ِ الصُّبحِ فينا
فأَتى الديكَ رسولٌ
من إمام الناسكينا
عَرَضَ الأَمْرَ عليه
وهْوَ يرجو أَن يَلينا
فأجاب الديك : عذراً
يا لأضلَّ المهتدينا !
بلِّغ الثعلبَ عني
عن جدودي الصالحينا
عن ذوي التِّيجان ممن
دَخل البَطْنَ اللعِينا
أَنهم قالوا وخيرُ الـ
ـقولِ قولُ العارفينا:
" مخطيٌّ من ظنّ يوماً
أَنّ للثعلبِ دِينا"
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> اسمَعْ نفائس ما يأْتيكَ مِنْ حِكَمي
اسمَعْ نفائس ما يأْتيكَ مِنْ حِكَمي
رقم القصيدة : 9692
-----------------------------------
اسمَعْ نفائس ما يأْتيكَ مِنْ حِكَمي
وافهمهُ فهمَ لبيبٍ ناقدٍ واعي
كانت على زَعمهِمْ فيما مَضى غَنَمٌ
بأَرضِ بغدادَ يَرعَى جَمْعَها راعي
قد نام عنها، فنامَتْ غيْرَ واحدة ٍ
لم يدعها في الدَّياجي للكرى داعي
أمُّ الفطيمِ ، وسعدٍ ، والفتى علفٍ(91/281)
وابنِ کمِّهِ، وأَخيه مُنْية ِ الرَّاعي
فبينَما هي تحتَ الليْل ساهرة ٌ
تحييهِ ما بين أوجالٍ وأوجاعِ
بدا لها الذِّئبُ يسعى في الظلامِ على
بُعْدٍ، فصاحت: أَلا قوموا إلى الساعي!
فقامَ راعي الحمى المرعيِّ منذعراً
يقولُ : أين كلابي أين مقلاعي ؟
وضاقَ بالذِّئْبِ وجهُ الأَرض من فَرَق
فانسابَ فيه انسيابَ الظَّبي في القاع
فقالتِ الأُمُّ: يا للفخرِ! كان أبي
حُرّاً، وكان وفِيّاً طائلَ الباعِ
إذا الرُّعاة على أَغنامها سَهِرَتْ
سَهرْتُ من حُبِّ أَطفالي على الرّاعي!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> فأْرٌ رأَى القِطَّ على الجِدارِ
فأْرٌ رأَى القِطَّ على الجِدارِ
رقم القصيدة : 9693
-----------------------------------
فأْرٌ رأَى القِطَّ على الجِدارِ
مُعَذَّباً في أَضيَقِ الحِصار
والكلبُ في حالتهِ المعهوده
مستجمعاً للوثبة ِ الموعوده
فحاولَ الفأرُ اغتنامَ الفرصه
وقال أكفي القطَّ هذي الغصَّه
لعلّه يكتبُ بالأمانِ
لي ولأَصحابي من الجيران
فسارَ للكلبِ على يديهِ
ومَكَّنَ الترابَ من عينَيه
فاشتغل الرّاعي عن الجدار
ونزلَ القطُّ على بدار
مبتهجاً يفكر في وليمه
وفي فريسة ٍ لها كريمه
يجعلها لِخَطْبِه علامه
يذكرُها فيذكرُ السَّلامه
فجاءَ ذاكَ الفأرُ في الأثناءِ
وقال: عاشَ القِطُّ في هَناءِ
رأَيتَ في الشِّدّة ِ من إخلاصِي
ما كان منها سببَ الخلاص
وقد أتيتُ أطلبُ الأمانا
فامنُنْ به لِمعشَري إحسانا
فقال: حقّاً هذه كرامَه
غنيمة ٌ وقبلَها سَلامه
يكفيكَ فخراً يا كريمَُ الشِّمه
أَنك فأرُ الخطْبِ والوليمه
وانقَضَّ في الحالِ على الضَّعيفِ
يأكلُه بالمِلحِ والرغيف
فقلت في المقام قوْلاً شاعا
"مَنْ حفِظَ الأَعداءَ يوماً ضاعا"
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> وقفَ الهُدْهُدُ في با
وقفَ الهُدْهُدُ في با
رقم القصيدة : 9694
-----------------------------------
وقفَ الهُدْهُدُ في با
بِ سليمانَ بذلِّهْ(91/282)
قال: يا مولايَ، كن لي
عشتي صارت مملَّه
متُّ من حَبَّة ِ بُرٍّ
أحدثتْ في الصدر علَّه
لا مياهُ النيلِ ترويـ
ـها، ولا أَمواهُ دِجْله
وإذا دامت قليلا
قتلتْني شرَّ قِتْلَه
فأشار السيد العا
لي غلى من كان حوله:
قد جنى الهدهدُ ذنباً
وأتى في اللؤوم فعله
تِلك نارُ الإثمِ في الصَّدْ
رِ، وذي الشكوى تَعِلَّه
ما أرى الحبة إلا
سُرِقت من بيتِ نمله
إن للظالم صَدْراً
يشتكي من غير عله
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> سمعتُ بأَنَّ طاوُوساً
سمعتُ بأَنَّ طاوُوساً
رقم القصيدة : 9695
-----------------------------------
سمعتُ بأَنَّ طاوُوساً
أَتى يوماً سليمانا
يُجَرِّرُ دون وفْدِ الطَّيْـ
ـرِ أذيالاً وأردانا
ويُظْهِرُ ريشَهُ طوْراً
ويُخفي الرِّيشَ أَحيانا
فقال: لدَيَّ مسأَلة ٌ
أَظنُّ أَوانَها آنا
وها قد جئتُ أَعرضُها
على أَعتابِ مولانا:
ألستُ الروضَ بالأزها
رِ والأَنوارِ مُزْدانا؟
ألم أستوفِ آيَ الظرْ
ف أشكالاً وألوانا؟
ألم أصبح ببابكمُ
لجمعِ الطيرِ سلطانا؟
فكيف يَليقُ أَن أَبقَى
وقوْمِي الغُرُّ أَوثانا؟!
فحسنُ الصوتِ قد أمسى
نصيبي منه حرمانا
فما تيَّمتُ أفئدة ً
ولا أَسكَرْتُ آذانا
وهذي الطيرُ أحقرها
يزيدُ الصَّبَّ أَشجانا
وتهتزُّ الملوكُ له
إذا ما هزَّ عيدانا؟
فقال له سليمانُ
لقد كان الذي كانا
تعالت حكمة ُ الباري
وجلَّ صنيعُهُ شانا
لقد صغرتَ يا مغرو
رُ نعمى الله كفرانا
وملك الطير لم تحفل
به، كبرا وطغيانا
فلو أَصبَحت ذا صوْت
لمَا كلَّمْتَ إنسانا!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> كان برَوْضٍ غُصُنٌ ناعمٌ
كان برَوْضٍ غُصُنٌ ناعمٌ
رقم القصيدة : 9696
-----------------------------------
كان برَوْضٍ غُصُنٌ ناعمٌ
يقولُ: جلَّ الواحدُ المنفردْ
فقامتي في ظرفها قامتي
ومثلُ حسني في الورى ما عهدْ
فأَقبلت خُنفُسَة ٌ تنثَني
ونجلها يمشي بجنبِ الكبدْ
تقول: يا زَيْنَ رياضِ البَها
إنّ الذي تطلبهُ قد وجد(91/283)
فانظر لقدِّ ابني، ولا تفتخر
ما دام في العالم أمٌّ تلد!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> رأيتُ في بعضِ الرياضِ قُبَّرَهْ
رأيتُ في بعضِ الرياضِ قُبَّرَهْ
رقم القصيدة : 9697
-----------------------------------
رأيتُ في بعضِ الرياضِ قُبَّرَهْ
تُطَيِّرُ ابنَها بأَعلى الشَّجَره
وهْيَ تقولُ: يا جمالَ العُشِّ
لا تعتَمِدْ على الجَناح الهَشِّ
وقِفْ على عودٍ بجنبِ عودِ
وافعل كما أَفعلُ في الصُّعودِ
فانتقلَت من فَننٍ إلى فَنَنْ
وجعلتْ لكلِّ نقلة ٍ زمنْ
كيْ يَسْتريحَ الفرْخُ في الأَثناءِ
فلا يَمَلُّ ثِقَلَ الهواءِ
لكنَّه قد خالف الإشاره
لمَّا أَراد يُظهرُ الشَّطارهْ
وطار في الفضاءِ حتى ارتفعا
فخانه جَناحُه فوقعا
فانكَسَرَتْ في الحالِ رُكبتاهُ
ولم يَنَلْ منَ العُلا مُناهُ
ولو تأنى نالَ ما تمنَّى
وعاشَ طولَ عُمرِهِ مُهَنَّا
لكلِّ شيءٍ في الحياة وقتهُ
وغاية ُ المستعجلين فوته!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> كان لبعضِ الناسِ نعجتان
كان لبعضِ الناسِ نعجتان
رقم القصيدة : 9698
-----------------------------------
كان لبعضِ الناسِ نعجتان
وكانتا في الغيْطِ ترعيانِ
إحداهما سمينة ٌ، والثانِيهْ
عِظامها منَ الهُزالِ باديَه
فكانتِ الأولى تباهي بالسمنْ
وقولهم بأنها ذات الثمنْ
وتَدَّعي أَن لها مقدارا
وأنها تستوقفُ الأبصارا
فتصبرُ الأختُ على الإذلالِ
حاملة ً مَرارة َ الإدلال
حتى أتى الجزَّارُ ذاتَ يوم
وقلبَ النعجة َ دون القومِ
فقال لِلمالِكِ: أَشْترِيها
ونقدَ الكيسَ النفيسَ فيها
فانطلقتْ من فورِها لأُختِها
وهْيَ تَشكُّ في صلاح بختِها
تقولُ: يا أُختاهُ خبِّرِيني
هل تعرِفينَ حاملَ السِّكين؟
قالت: دعيني وهزالي والزمنَ
وكلِّمِي الجزّارَ يا ذاتَ الثَّمَنْ!
لكلِّ حال حلوها ومرُّها
ما أَدَبُ النعجة ِ إلا صبرُها
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لمَّا أَتمَّ نوحٌ السَّفِينهْ(91/284)
لمَّا أَتمَّ نوحٌ السَّفِينهْ
رقم القصيدة : 9699
-----------------------------------
لمَّا أَتمَّ نوحٌ السَّفِينهْ
وحَرَّكَتْها القُدْرَة المُعِينهْ
جَرى بها ما لا جَرَى بِبالِ
فما تعالى الموْجُ كالجِبالِ
حتى مشى الليثُ مع الحمار
وأَخَذ القِطُّ بأَيدِي الفارِ
واستمعَ الفيلَ إلى الخنزيرِ
مُؤتَنِساً بصوتِه النَّكيرِ
وجلس الهِرُّ بجنب الكلبِ
وقبَّل الخروفُ نابَ الذِّئبِ
وعطفَ البازُ على الغزالِ
واجتمع النملُ على الأكَّال
وفلت الفرخة ُ صوفَ الثعلب
وتيَّمَ ابنَ عرسَ حبُّ الأرنبِ
فذهبتْ سوابقُ الأحقادِ
وظَهر الأَحبابُ في الأَعادي
حتى إذا حطُّوا بسفحِ الجودي
وأيقنوا بعودة ِ الوجودِ
عادوا إلى ما تَقتَضيهِ الشِّيمهْ
وَرَجَعُوا للحالة القديمه
فقسْ على ذلك أحوالَ البشرْ
إذْ كلهم على الزمان العادي
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لم يَتَّفِقْ مما جَرَى في المركبِ
لم يَتَّفِقْ مما جَرَى في المركبِ
رقم القصيدة : 9700
-----------------------------------
لم يَتَّفِقْ مما جَرَى في المركبِ
ككذبِ القردِ على نوحِ النبي
فإنه كان بأقصى السطحِ
فاشتاقَ من خفته للمزحِ
وصاحَ: يا للطير والأسماكِ
لِموْجَة ٍ تجِدُّ في هَلاكي!
فَبعثَ النبي له النسورا
فوجَدَتْه لاهياً مسرورا
ثم أتى ثانية ً يصيحُ
قد ثقبتْ مركبنا يا نوحُ!
فأَرسَل النبيُّ كلَّ مَن حَضرْ
فلم يروا كما رأى القرد خطر
وبينما السَّفيهُ يوماً يَلعبُ
جادَتْ به على المِياهِ المركبُ
فسمعوه في الدُّجى ينوحُ
يقولُ: إني هالكٌ يا نوحُ
سَقطْتُ من حماقتي في الماءِ
وصِرْتُ بين الأَرضِ والسماءِ
فلم يصدقْ أحدٌ صياحهْ
وقيلَ حقاً هذه وقاحَهْ
قد قال في هذا المقامِ مَن سَبَقْ
أكذبُ ما يلفي الكذوبُ إن صدق
من كان ممنواً بداءِ الكذبِ
لا يَترُكُ الله، ولا يُعفِي نبي!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قد وَدّ نوحٌ أَن يُباسِطَ قوْمَهُ(91/285)
قد وَدّ نوحٌ أَن يُباسِطَ قوْمَهُ
رقم القصيدة : 9701
-----------------------------------
قد وَدّ نوحٌ أَن يُباسِطَ قوْمَهُ
فدعا إليهِ معاشرَ الحيوانِ
وأشار أنْ يليَ السفينة َ قائدٌ
منهم يكونُ من النهى بمكان
فتقدّمَ الليثُ الرفيع جلاله
وتعرّضَ الفيلُ الفخيمُ الشان
وتلاهما باقي السباعِ، وكلهمْ
خَرُّوا لهيبتِهِ إلى الأَذقان
حتى إذا حيُّوا المؤيَّدَ بالهدى
ودَعَوْا بطولِ العزِّ والإمكان
سبقتهم لخطابِ نوحٍ نملة ٌ
كانت هناكَ بجانِبِ الأَرْدان
قالت: نبيَّ اللهِ، أرضى فارسٌ
وأَنا يَقيناً فارسُ الميْدانِ
سأديرُ دفتها، وأحمي أهلها
وأقودها في عصمة ٍ وأمان
ضحكَ النبيُّ وقال: إنّ سفينتيَ
لهِيَ الحياة ، وأَنتِ كالإنسان
كل الفضائِل والعظائمِ عنده
هو أَوّلٌ، والغيْرُ فيها الثاني
ويودُّ لو ساسَ الزَّمانَ، وما لَهُ
بأَقلِّ أَشغالِ الزمان يَدان
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> الدبُّ معروفٌ بسوءِ الظنِّ
الدبُّ معروفٌ بسوءِ الظنِّ
رقم القصيدة : 9702
-----------------------------------
الدبُّ معروفٌ بسوءِ الظنِّ
فاسمعْ حديثَهُ العجيبَ عنِّي
لمَّا استطال المُكْثَ في السَّفينهْ
ملَّ دوامَ العيشة ِ الظنينه
وقال: إن الموْتَ في انتظاري
والماءُ لا شكَّ به قراري
ثم رأى موجاً على بعدٍ علا
فظنَّ أن في الفضاء جبلا
فقال: لا بُدَّ من النزولِ
وصَلْتُ، أَو لم أَحْظَ بالوُصولِ
قد قال مَن أَدَّبَهُ اختبارُه
السعيُ للموتِ ولا انتظاره!
فأَسلمَ النفسَ إلى الأمواجِ
وهْيَ مع الرياحِ في هياجِ
فشرِبَ التعيسُ منها، فانتفَخْ
ثم رَسا على القرارِ، ورسَخ
وبعدَ ساعتَينِ غِيضَ الماءُ
وأَقلَعَتْ بأَمْرِهِ السماءُ
وكان في صاحبنا بعض الرمق
إذ جاءَهُ الموتُ بطيئاً في الغرَقْ
وكان في صاحبنا فوقَ الجودي
والرَّكبُ في خيْرٍ وفي سُعودِ
فقال: يا لجدِّي التعيسِ
أسأت ظني بالنبي الرئيسِ!
ما كان ضَرّني لو امتثَلتُ(91/286)
ومِثلَما قد فعلوا فعلتُ؟!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أبو الحصينِ جالَ في السفينهْ
أبو الحصينِ جالَ في السفينهْ
رقم القصيدة : 9703
-----------------------------------
أبو الحصينِ جالَ في السفينهْ
فعرفَ السمينَ والسمينه
يقولُ: إنّ حاله استحالا
وإنّ ما كان قديماً زالا
لكونِ ما حلَّ من المصائبِ
من غضبِ اللهِ على الثعالبِ
ويغلظُ الأيمانَ للديوكِ
لِما عَسَى يَبقى من الشكوك
بأَنهمْ إن نَزَلوا في الأَرضِ
يَرَوْنَ منه كلَّ شيءٍ يُرْضِي
قيل: فلمّا تركوا السفينه
مشى مع السمينِ والسمينه
حتى إذا نصفوا الطريقا
لم يبقِ منهمْ حولهُ رفيقا
وقال: إذْ قالوا عَديمُ الدِّينِ
لا عَجَبٌ إن حَنَثَتْ يَميني
فإنما نحن بَني الدَّهاءِ
نَعْمَلُ في الشِّدّة ِ للرَّخاءِ
ومَنْ تخاف أَن يَبيعَ دينَهْ
تَكفيكَ منه صُحْبَة ُ السفينه!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يقال إنّ الليثَ في ذي الشدّهْ
يقال إنّ الليثَ في ذي الشدّهْ
رقم القصيدة : 9704
-----------------------------------
يقال إنّ الليثَ في ذي الشدّهْ
رأَى من الذِّئبِ صَفا الموَدَّه
فقال: يا منْ صانَ لي محلِّي
في حالتي ولا يتي وعزلي
إنْ عُدْتُ للأَرض بإذنِ الله
وعاد لي فيها قديمُ الجاهِ
أُعطيكَ عِجْليْنِ وأَلفَ شاة
ثم تكونُ واليَ الولاة ِ
وصاحِبَ اللِّواءِ في الذِّئابِ
وقاهرَ الرعاة ِ والكلابِ
حتى إذا ما تَمَّتِ الكرامَهْ
ووَطِىء الأَرضَ على السلاَمه
سعى إليه الذئبُ بعدَ شهرِ
وهوَ مطاعُ النهيِ ماضي الأمرِ
فقال: يا منْ لا تداسُ أرضه
ومنْ له طولُ الفلا وعرضه
قد نِلتَ ما نِلتَ منَ التكريمِ
وذا أَوان الموْعِدِ الكريمِ
قال: تجرَّأتَ وساءَ زعمكا
فمن تكونُ يا فتى ؟ وما اسمكا؟
أجابه: إن كان ظنِّي صادقا
فإنَّني والي الوُلاة ِ سابِقَا!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَتى نبيَّ الله يوماً ثعلبُ
أَتى نبيَّ الله يوماً ثعلبُ
رقم القصيدة : 9705(91/287)
-----------------------------------
أَتى نبيَّ الله يوماً ثعلبُ
فقال: يا مولايَ، إني مذنبْ
قد سوَّدتْ صحيفتي الذنوبُ
وإن وجدْتُ شافعاً أَتوب
فاسألْ إلهي عفوهُ الجليلا
لتائبٍ قد جاءهُ ذليلا
وإنني وإن أسأتُ السيرا
عملتُ شرَّا، وعملتُ خيرا
فقد أتاني ذاتَ يومٍ أرنبُ
يرتَعُ تحتَ منزلي ويَلعَبُ
ولم يكن مراقِبٌ هُنالكا
لكنَّني تَركتُهُ معْ ذلكا
إذ عفتُ في افتراسهِ الدناءهْ
فلم يصلهُ من يدي مساءهْ
وكان في المجلس ذاكَ الأرنبُ
يسمعُ ما يبدي هناكَ الثعلبُ
فقال لمَّا انقطعَ الحديثُ:
قد كان ذاكَ الزهدُ يا خبيث
وأنت بينَ الموتِ والحياة ِ
من تُخمة ٍ أَلقتْك في الفلاة ِ!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قد حَمَلَتْ إحدى نِسا الأَرانِبِ
قد حَمَلَتْ إحدى نِسا الأَرانِبِ
رقم القصيدة : 9706
-----------------------------------
قد حَمَلَتْ إحدى نِسا الأَرانِبِ
وحلَّ يومُ وضعها في المركبِ
فقلقَ الرُّكابُ من بكائها
وبينما الفتاة ُ في عَنائها
جاءت عجوزٌ من بناتِ عرسٍ
تقولُ: أَفدِي جارَتي بنفسي
أنا التي أرجى لهذي الغايهْ
لأَنني كنتُ قديماً دَأيَهْ
فقالتِ الأَرنبُ: لا يا جارَه
فإن بعدَ الألفة ِ الزياره
ما لي وثوقٌ ببناتِ عرسِ
إني أريدُ داية ً من جنسي!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> سَقط الحِمارُ منَ السَّفينة ِ في الدُّجَى
سَقط الحِمارُ منَ السَّفينة ِ في الدُّجَى
رقم القصيدة : 9707
-----------------------------------
سَقط الحِمارُ منَ السَّفينة ِ في الدُّجَى
فبكى الرِّفاقُ لِفَقدِهِ، وتَرَحَّمُوا
حتى إذا طلعَ النهارُ أتت به
نحوَ السفينة ِ موجة ٌ تتقدمُ
قالتْ: خذوهُ كما أتاني سالماً
لم أبتلعهُ، لأنه لا يهضمُ!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> إنفعْ بِما أُعطِيتَ من قدرَة ٍ
إنفعْ بِما أُعطِيتَ من قدرَة ٍ
رقم القصيدة : 9708
-----------------------------------
إنفعْ بِما أُعطِيتَ من قدرَة ٍ(91/288)
واشفع لذي الذنبِ لَدَى المجمعِ
إذ كيفَ تسمو للعلا يا فتى
إن أنتَ لم تنفع ولم تشفعِ؟
عندي لهذا نبأ صادقٌ
يُعجِبُ أَهلَ الفضل فاسمع، وعِ
قالوا: استَوى الليثُ على عرشِهِ
فجِيءَ في المجلِسِ بالضِّفدَعِ
وقيل للسُّلطانِ: هذِي التي
بالأمس آذتْ عاليَ المسمعِ
تنقنقُ الدهرَ بلا علة ٍ
وتَدّعى في الماءِ ما تَدّعِي
فانظر ـ إليك الأَمرُ ـ في ذنبِها
ومرْ نعلقها من الأربعِ
فنهضَ الفيلُ وزيرُ العلا
وقال: يا ذا الشَّرَفِ الأَرفعِ
لا خيْرَ في الملكِ وفي عِزِّهِ
إنْ ضاقَ جاهُ الليثِ بالضفدعِ
فكتبَ الليثُ أماناً لها
وزاد أَنْ جاد بمُستنْقَعِ!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> سعْيُ الفَتى في عَيْشِهِ عِبادَهْ
سعْيُ الفَتى في عَيْشِهِ عِبادَهْ
رقم القصيدة : 9709
-----------------------------------
سعْيُ الفَتى في عَيْشِهِ عِبادَهْ
وقائِدٌ يَهديهِ للسعادهْ
لأَنّ بالسَّعي يقومُ الكوْنُ
والله للسَّاعِينَ نِعْمَ العَونُ
فإن تشأ فهذه حكايهْ
تعدُّ في هذا المقامِ غايهْ
كانت بأرضِ نملة ٌ تنبالهْ
لم تسلُ يوماً لذة َ البطالهْ
واشتهرتْ في النمل بالتقشُّف
واتَّصفَتْ بالزُّهْدِ والتَّصَوُّفِ
لكن يقومُ الليْلَ مَن يَقتاتُ
فالبطْنُ لا تَملؤُه الصلاة ُ
والنملُ لا يَسعَى إليهِ الحبُّ
ونملتي شقَّ عليها الدأبُ
فخرجَتْ إلى التِماسِ القوتِ
وجعلتْ تطوفُ بالبيوتِ
تقولُ: هل من نَملة ٍ تَقِيَّهْ
تنعمُ بالقوتِ لذي الوليهْ؟
لقد عَيِيتُ بالطِّوى المُبَرِّحِ
ومُنذ ليْلتيْن لم أُسَبِّحِ
فصاحتِ الجاراتُ: يا للعارِ
لم تتركِ النملة ُ للصرصارِ!
متى رضينا مثلَ هذي الحالِ؟
متى مددنا الكفَّ للسؤالِ؟!
ونحن في عين الوجودِ أمَّهْ
ذاتُ اشتِهارٍ بعُلوِّ الهمّهْ
نحملُ ما لا يصبرُ الجمالُ
عن بعضِه لو أَنها نِمالُ
أَلم يقلْ من قولُه الصوابُ:
ما عِندنا لسائلٍ جَوابُ؟!
فامضي، فإنَّا يا عجوزَ الشُّومِ
نرى كمالَ الزهدِ أن تصومي!(91/289)
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> يمامة ٌ كانت بأَعلى الشَّجرهْ
يمامة ٌ كانت بأَعلى الشَّجرهْ
رقم القصيدة : 9710
-----------------------------------
يمامة ٌ كانت بأَعلى الشَّجرهْ
آمنة ً في عشِّها مستتره
فأَقبلَ الصَّيّادُ ذات يَومِ
وحامَ حولَ الروضِ أيَّ حومِ
فلم يجِدْ للطَّيْر فيه ظِلاَّ
وهمَّ بالرحيلِ حينَ مَلاَّ
فبرزتْ من عشِّها الحمقاءُ
والحمقُ داءٌ ما له دواءُ
تقولُ جهلا بالذي سيحدثُ:
يا أيُّها الإنسانُ، عَمَّ تبحثُ؟
فکلتَفَتَ الصيادُ صوبَ الصوتِ
ونَحوهَ سدَّدَ سهْمَ الموتِ
فسَقَطَت من عرشِها المَكينِ
ووقعت في قبضة ِ السكينِ
تقول قولَ عارف محقق:
"مَلكْتُ نفْسِي لو مَلكْتُ مَنْطِقي!"
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> حِكاية الكلبِ معَ الحمامَه
حِكاية الكلبِ معَ الحمامَه
رقم القصيدة : 9711
-----------------------------------
حِكاية الكلبِ معَ الحمامَه
تشهدُ للجِنسَيْنِ بالكرامَهْ
يقالُ: كان الكلبُ ذاتَ يومِ
بينَ الرياضِ غارقاً في النَّوم
فجاءَ من ورائه الثعبانُ
مُنتفِخاً كأَنه الشيطانُ
وهمَّ أن يغدرَ بالأمينِ
فرقَّتِ الورْقاءُ لِلمِسكينِ
ونزلتْ توَّا تغيثُ الكلبا
ونقرتهُ نقرة ً، فهبَّا
فحمدَ اللهَ على السلامهْ
وحَفِظ الجميلَ للحمامَهْ
إذ مَرَّ ما مرّ من الزمانِ
ثم أتى المالكُ للبستانِ
فسَبَقَ الكلب لتلك الشجرَهْ
ليُنْذر الطيرَ كما قد أَنذرَهْ
واتخذ النبحَ له علامهْ
ففهمتْ حديثهُ الحمامهْ
وأَقلعتْ في الحالِ للخلاصِ
فسَلِمتْ من طائِرِ الرَّصاصِ
هذا هو المعروفُ بأهل الفطنْ
الناسُ بالناسِ، ومَن يُعِن يُعَنْ!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> كان لبعض الناسِ ببغاءُ
كان لبعض الناسِ ببغاءُ
رقم القصيدة : 9712
-----------------------------------
كان لبعض الناسِ ببغاءُ
ما ملَّ يوماً نطقها الإصغاءُ
رفيعة القدْرِ لَدَى مولاها(91/290)
وكلُّ مَنْ في بيتِه يهواها
وكان في المنزل كلبٌ عالي
أرخصتهُ وجودُ هذا الغالي
كذا القليلُ بالكثيرِ ينقصُ
والفضلُ بعضُه لبعضٍ مُرْخِصُ
فجاءَها يوماً على غِرارِ
وقلبُهُ من بُغضِها في نارِ
وقال: يا مليكة َ الطُّيورِ
ويا حياة َ الأنسِ والسرورِ
بحسنِ نطقكِ الذي قد أصبى
إلا أَرَيْتنِي اللِّسانَ العذْبا
لأَنني قد حِرْتُ في التفكُّر
لمَّا سمعتُ أنه من سكُّر!
فأَخْرَجتْ من طيشِها لسانها
فعضَّهُ بنابه، فشانها
ثم مضى من فوره يصيحُ:
قطعتُه لأنه فصِيحُ!
وما لها عنديَ من ثأْرٍ يُعدّ
غيرَ الذي سمَّوْهُ قِدْماً بالحسدْ!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> كان لبعضهمْ حمارٌ وجملْ
كان لبعضهمْ حمارٌ وجملْ
رقم القصيدة : 9713
-----------------------------------
كان لبعضهمْ حمارٌ وجملْ
نالهما يوماً من الرقّ مللْ
فانتظرَا بَشائِرَ الظَّلماءِ
وانطَلقا معاً إلى البَيْداءِ
يجتليان طلعة َ الحريَّهْ
وينشقانِ ريحها الزكيَّهْ
فاتفقا أن يقضيا العمرَ بها
وارتضَيا بمائِها وعُشبِها
وبعدَ ليلة ٍ من المسيرِ
التفت الحِمارُ لِلبعيرِ
وقال: كربٌ يا أَخي عظيمُ
فقفْ، فمشي كلَّهُ عقيمُ!
فقال: سَلْ فِداكَ أُمِّي وأَبي
عسى تَنالُ بي جليلَ المطلبِ
قال: انطلقْ معي لإدراكِ المُنى
أَو انتظِر صاحبَكَ الحرَّ هنا
لابدّ لي من عودة للبلد
لأَنني تركتُ فيه مِقوَدِي!
فقال سر والزَمْ أَخاك الوتِدا
فإنما خُلِقْتَ كي تُقيَّدا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لدودة ِ القزِّ عندي
لدودة ِ القزِّ عندي
رقم القصيدة : 9714
-----------------------------------
لدودة ِ القزِّ عندي
ودودة ِ الأضواءِ
حكاية ٌ تشتَهيها
مسامعُ الأَذكياءِ
لمَّا رأَت تِلكَ هذِي
تنيرُ في الظلماءِ
سَعَتْ إليها، وقالت:
تعيشُ ذاتُ الضِّياءِ!
أَنا المؤمَّلُ نفعي
أَنا الشهيرُ وفائي
حلا ليَ النفعُ حتى
رضيتُ فيه فنائي
وقد أتيتُ لأحظى
بوجهكِ الوضَّاءِ
فهل لنورِ الثرى في(91/291)
مَوَدّتي وإخائي؟
قالت: عَرَضتِ علينا
وجهاً بغيرِ حياءِ!
من أنتِ حتى تداني
ذاتَ السَّنا والسَّناءِ؟!
أنا البديعُ جمالي
أَنا الرفيعُ عَلائي
أين الكواكبُ مني ؟!
بل أين بدرُ السماءِ ؟!
فامضي؛ فلا وُدّ عندي
إذ لستِ من أكفائي !
وعند ذلك مرَّتْ
حسناءُ معْ حسناءِ
تقولُ: لله ثوبي
في حُسنِه والبَهاءِ!
كم عندنا من أَيادٍ
للدودة ِ الغراءِ!
ثم انثنتْ فأتتْ ذي
تقولُ للحمقاءِ :
هل عندكِ الآنَ شَكٌّ
في رُتبتي القَعساءِ؟!
إن كان فيك ضياءٌ
إن الثناءَ ضيائي
وإنه لضياءٌ
مؤيَّدٌ بالبقاءِ!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> كان على بعضِ الدُّروبِ جَملُ
كان على بعضِ الدُّروبِ جَملُ
رقم القصيدة : 9715
-----------------------------------
كان على بعضِ الدُّروبِ جَملُ
حَمَّلهُ المالكُ ما لا يُحملُ
فقال : يا للنَّحسِ والشقاءِ !
إن طال هذا لم يطلْ بقائي
لم تحمِلِ الجبالُ مثلَ حِملي
أظنُّ مولاي يريدُ قتلي !
فجاءَهُ الثعلبُ من أَمامِهْ
وكان نالَ القصدُ من كلامهْ
فقال : مهلاً يا أخا الأحمالِ
ويا طويلَ الباعِ في الجِمالِ
فأَنتَ خيرٌ من أَخيكَ حالا
لأَنني أَتعَبُ منك بالا
كأَن قُدّامِيَ أَلفَ ديكِ
تسألني عن دمها المسفوكِ
كأَنّ خَلفي أَلفَ أَلفِ أَرنبِ
إذا نهضتُ جاذبتني ذنبي
وربَّ أمٍّ جئتُ في مناخها
فجعتُها بالفتكِ في أَفراخِها
يبعثني منْ مرقدي بكاها
وأَفتحُ العيْن على شكواها
وقد عرفتَ خافيَ الأحمالِ
فاصبِرْ. وقلْ لأُمَّة ِ الجِمال:
ليسَ بحملٍ ما يملُّ الظهرُ
ما الحملُ إلا ما يعافي الصَّدرُ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> غزالة ٌ مرَّتْ على أتانِ
غزالة ٌ مرَّتْ على أتانِ
رقم القصيدة : 9716
-----------------------------------
غزالة ٌ مرَّتْ على أتانِ
تُقبِّلُ الفَطِيمَ في الأَسنانِ
وكان خلف الظَّبْية ِ ابنُها الرَّشا
بودِّها لو حملهُ في الحشا
ففعلتْ بسيِّد الصِّغارِ
فِعْلَ الأَتَانِ بکبنِها الحمارِ(91/292)
فأَسرع الحمارُ نحوَ أُمِّهِ
وجاءها والصحكُ ملءُ فمهِ
يصيحُ: يا أُمّاه، ماذا قد دَها
حتى الغزالة ُ استَخفَّت ابنَها؟!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قد سمعَ الثعلبُ أهلَ القرى
قد سمعَ الثعلبُ أهلَ القرى
رقم القصيدة : 9717
-----------------------------------
قد سمعَ الثعلبُ أهلَ القرى
يدعونَ محتالا بيا ثعلبُ !
فقال حقّاً هذه غاية ٌ
في الفخرِ لا تؤتى ولا تطلب
من في النُّهى مثلي حتى الورى
أَصبَحْتُ فيهم مَثلاً يُضْرب
ما ضَرَّ لو وافيْتُهم زائراً
أُرِيهِمُ فوقَ الذي استغرَبوا
لعلهم يحيون لي زينة ً
يحضرها الدِّيكُ أو الأرنب
وقصَدَ القوْمَ وحياهُم
وقام فيما بينهم يخطب
فأُخِذَ الزائِرُ من أُذنِه
وأعطيَ الكلبَ به يلعب!
فلا تَثِق يوماً بِذي حِيلة ٍ
إذْ رُبَّما يَنخَدِعُ الثعلب!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أَتى ثعالَة َ يوماً
أَتى ثعالَة َ يوماً
رقم القصيدة : 9718
-----------------------------------
أَتى ثعالَة َ يوماً
من الضَّواحي حِمارُ
وقال إن كنتَ جاري
حقاً ونعمَ الجار
قل لي فإني كئيبٌ
مُفكرٌ مُحتار
في موْكِبِ الأَمسِ لمَّا
سرنا وسارَ الكبار ...
... طرَحْتُ مولاي أَرضاً
فهل بذلك عار
وهل أتيتُ عظيماً !
فقال: لا يا حِمار!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بغلٌ أَتى الجوادَ ذات مَرَّهْ
بغلٌ أَتى الجوادَ ذات مَرَّهْ
رقم القصيدة : 9719
-----------------------------------
بغلٌ أَتى الجوادَ ذات مَرَّهْ
وقلبُهُ مُمتلِىء ٌ مَسَرَّهْ
فقال: فضلي قد بدا ياخِلِّي
وآنَ أَن تعْرِفَ لي مَحلِّي
إذ كنتَ أَمْسِ ماشياً بجانبي
تعجَبُ من رقصِي تَحت صاحبي
أختالُ ، حتى قالتِ العبادُ :
لمنْمن الملوكِ ذا الجوادُ ؟
فضَحِكَ الحِصانُ من مقالِهِ
وقال بالمعهودِ من دلالِهِ:
لم أرَ أرقصَ البغلِ تحتَ الغازي
لكن سمعتُ نقرة المهمازِ!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> سَمِعْتُ أَنَّ فأْرَة ً أَتاها(91/293)
سَمِعْتُ أَنَّ فأْرَة ً أَتاها
رقم القصيدة : 9720
-----------------------------------
سَمِعْتُ أَنَّ فأْرَة ً أَتاها
شقيقُها يَنعَى لها فَتاها
يصيحُ : يا لي من نحوسِ بختي
مَنْ سَلَّط القِطَّ على ابنِ أُختي؟!
فوَلوَلتْ وعضَّتِ التُّرابَا
وجمعتْ للمأتمِ الأترابا
وقالتِ : اليومَ انقضت لذَّاتي
لا خيرَ لي بعدكَ في الحياة ِ
من لي بهرٍ مثلِ ذاك الهرِّ
يُرِيحُني من ذا العذابِ المرِّ؟!
وكان بالقربِ الذي تريد
يسمعُ ما تبدي وما تعيدُ
فجاءَها يقولُ: يا بُشْراكِ
إن الذي دعوتِ قد لبَّاك !
ففَزِعت لما رأَته الفارَهْ
واعتصمتْ منه ببيتِ الجاره
وأَشرفتْ تقولُ للسَّفيهِ:
إن متُّ بعَ ابني فمنْ يبكيه ؟!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> تَنازَعَ الغزالُ والخروفُ
تَنازَعَ الغزالُ والخروفُ
رقم القصيدة : 9721
-----------------------------------
تَنازَعَ الغزالُ والخروفُ
وقال كلٌّ: إنه الظَّريف
فرأَيا التَّيْسَ؛ فظَنَّا أَنّه
أعطاهُ عقلاً منْ أطالَ ذقنه !
فكلَّفاه أَن يُفَتِّشَ الفَلا
عن حكمٍ له اعتبارٌ في الملا
ينظُرُ في دَعواهُما بالدِّقه
عساهُ يُعطِي الحقَّ مُسْتحِقَّه
فسارَ للبحثِ بلا تواني
مفتخرا بثقة ِ الإخوانِ
يقول: عِندي نظرة ٌ كبيرهْ
ترفعُ شأنَ التيسِ في العشيره
وذاكَ أن أجدرَ الثناءِ
بالصِّدْقِ ما جاءَ من الأَعداءِ
وإنني إذا دعوْتُ الذِّيبَا
لا يستطيعانِ له تكذيبا
لكونه لا يعرفُ الغزالا
وليس يُلقِي للخروفِ بالا
ثم أتى الذِّيبً ، فقال : طلبتي
أنتَ ، فسرْ معي ، وخذْ بلحيتي !
وقادَه للموضِع المعروفِ
فقامَ بين الظَّبيينِ بالأظافرِ
وقال للتيس : انطلقْ لشأنكا
ما قتَل الخَصْمَيْن غيْرُ ذَقنكا!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> من أَعجَبِ الأَخبارِ أنّ الأَرنبا
من أَعجَبِ الأَخبارِ أنّ الأَرنبا
رقم القصيدة : 9722
-----------------------------------
من أَعجَبِ الأَخبارِ أنّ الأَرنبا(91/294)
لمَّا رأَى الدِّيكَ يَسُبُّ الثعْلبا
وهوَ على الجدارِ في أمانِ
يغلبُ بالمكانِ ، لا الإمكانِ
داخَلهُ الظنُّ بأَنّ الماكرا
أمسى من الضّعفِ يطيقُ الساخرا
فجاءَهُ يَلْعَنُ مثل الأَوَّلِ
عدادَ ما في الأرضِ من مغفَّلِ
فعصفَ الثعلبُ بالضعيفِ
عصفَ أخيهِ الذِّيبِ بالخروف
وقال : لي في دمكَ المسفوكِ
تسلية ٌ عن خيْبتي في الديكِ!
فالتفتَ الديكُ إلى الذبيح
وقال قولَ عارِفٍ فصيح
ما كلَّنا يَنفعُهُ لسانُهْ
في الناسِ مَن يُنطقُه مَكانُهْ!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> كان ذئبٌ يتغدى
كان ذئبٌ يتغدى
رقم القصيدة : 9723
-----------------------------------
كان ذئبٌ يتغدى
فجرتْ في الزّوْر عَظمه
ألزمتهُ الصومَ حتى
فَجعَتْ في الروح جسْمَهْ
فأَتى الثعلَبُ يبكي
ويُعزِّي فيه أُمَّه
قال : يا أمَّ صديقي
بيَ مما بكِ عمَّهْ
فاصبري صبراً جميلاً
إنْ صبرَ الأمِّ رحمهْ !
فأجابتْ : يا ابنَ أختي
كلُّ ما قد قلتَ حكمهْ
ما بيَ الغالي ، ولكن
قولُهُم: ماتَ بِعظْمَه!
ليْته مثلَ أَخيه
ماتَ محسوداً بتُخْمَه!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> هِرَّتي جِدُّ أَليفَهْ
هِرَّتي جِدُّ أَليفَهْ
رقم القصيدة : 9724
-----------------------------------
هِرَّتي جِدُّ أَليفَهْ
وهْي للبيتِ حليفهْ
هي ما لم تتحركْ
دمية البيتِ الظريفه
فإذا جاءتْ وراحتْ
زِيدَ في البيتِ وصِيفه
شغلها الفارُ: تنقِّي الرَّ
فَّ منه والسَّقيفَهْ
وتقومُ الظهرَ والعصـ
ـرَ بأورادٍ شريفه
ومن الأَثوابِ لم تملِـ
ـكْ سوى فروٍ قطيفه
كلما استوسخَ، أو آ
وى البراغيثَ المطيفه
غسَلَتْه، وكوَتْه
بأَساليبَ لطيفه
وحَّدَتْ ما هو كالحمَّا
م والماءِ وظيفه
صيَّرَتْ ريقتَها الصَّا
بونَ، والشاربَ ليفه
لا تمرَّنَّ على العين
ولا بالأنفِ جيفه
وتعوَّدْ أن تلاقى
حسنَ الثوبِ نظيفه
إنما الثوْبُ على الإنـ
ـانِ عنوانُ الصحيفه
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لي جدَّة ٌ ترأفُ بي(91/295)
لي جدَّة ٌ ترأفُ بي
رقم القصيدة : 9725
-----------------------------------
لي جدَّة ٌ ترأفُ بي
أحنى عليَّ من أبي
وكلُّ شيءٍ سرَّني
تذهب فيه مَذهبي
إن غضبَ الأهلُ عليَّ
كلُّهم لم تغضبِ
بمشى أَبي يوماً إليَّ
مشية َ المؤدِّبِ
غضبانَ قد هدَّدَ بالضرْ
وإن لم يَضرِبِ
فلم أَجِد لي منهُ
غيرَ جَدَّتي من مَهرَبِ
فجعَلتني خلفَها
أنجو بها، وأختبي
وهْيَ تقولُ لأَبي
بِلهجة المؤنِّبِ:
ويحٌ لهُ! ويحٌ لِهـ
ـذا الولدِ المعذَّبِ!
أَلم تكن تصنعُ ما
يَصنعُ إذ أَنت صبي؟
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> الحيوانُ خَلْقُ
الحيوانُ خَلْقُ
رقم القصيدة : 9726
-----------------------------------
الحيوانُ خَلْقُ
له عليْكَ حَقُّ
سَخَّرَه الله لكا
وللعِبادِ قبلَكا
حَمُولة ُ الأَثقالِ
ومُرْضِعُ الأَطفالِ
ومُطْعمُ الجماعهْ
وخادِمُ الزِّراعه
مِنْ حقِّهِ أَن يُرْفَقا
به وألا يرهقا
إن كلَّ دعه يسترحْ
وداوِه إذا جُرِحْ
ولا يجعْ في داركا
أَو يَظْمَ في جِوارِكا
بهيمة ٌ مسكينُ
يشكو فلا يُبينُ
لسانه مقطوع
وما له دُموع!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لولا التقى لقلتُ: لم
لولا التقى لقلتُ: لم
رقم القصيدة : 9727
-----------------------------------
لولا التقى لقلتُ: لم
يَخلُقْ سِواكِ الوَلدا!
إن شئتِ كان العيرَ، أو
إن شئتِ كان الأسدا
وإن تردْ غيَّا غوى
أَو تَبْغِ رُشْداً رَشدا
والبيتُ أنتِ الصوتُ فيـ
ـه، وهْوَ للصَّوتِ صَ
دى كالبَبَّغا في قفصٍ:
قيلَ له، فقلدا
وكالقضيبِ اللَّدْنِ: قدْ
طاوَع في الشَّكلِ اليَدا
يأْخُذُ ما عَوَّدْتِه
والمرءُ ما تعوَّدا!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> ومُمهّد في الوكرِ من
ومُمهّد في الوكرِ من
رقم القصيدة : 9728
-----------------------------------
ومُمهّد في الوكرِ من
ولدِ الغرابِ مُزقَّق
كرُوَيهِبٍ مُتَقلِّسٍ
متأزِّرٍ ، متنطِّق
لبسَ الرَّمادَ على سوا
دِ جناحه والمفرق(91/296)
كالفحمِ غادرَ في الرَّما
دِ بقِيَّة ً لم تُحرَق
ثُلثاهُ مِنقارٌ ورأ
سٌ ، والأظافرُ ما بقي
ضخمُ الدِّماغِ على الخُلُوِّ
منَ الحجى والمنطق
منْ أمِّهِ لقي الصغ
ـيرُ منَ البَليّة ِ ما لقِي
جَلبَتْ عليهِ ما تَذو
دُ الأمّهاتُ وتتَّقي
قتنت به ، فتوهمتْ
فيه قُوى ً لم تخلق
قالت: كبِرْتَ، فثِب كما
وثب الكِبارُ، وحَلِّق
ورمتْ به في الجوِّ ، لم
تَحرِصْ، ولم تَسْتَوثِق
فهوى ، فمزِّق في فنا
ءِ الدارِ شرَّ ممزَّق
وسمعتُ قاقاتٍ تردَّ
دُ في الفضاءِ وترتقي
ورأيتُ غربانا تفرَّ
قُ في السماءِ وتلتقي
وعرفتُ رنّة أمِّهِ
في الصارِخاتِ النُّعَّقِ
فأشرتُ ، فالتفتتْ ، فقل
تُ لها مقالة َ مشفق :
ـتِ جَناحَه لم تُطلقي
تِ جناحه لم تُّطقي
وكما تَرَفَّقَ والِدَا
كِ عليكِ لم تَتَرفَّقي!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> النِّيلُ العَذْبُ هو الكوْثرْ
النِّيلُ العَذْبُ هو الكوْثرْ
رقم القصيدة : 9729
-----------------------------------
النِّيلُ العَذْبُ هو الكوْثرْ
والجنة ُ شاطئه الأخضرْ
ريَّانُ الصَّفحة ِ والمنظرْ
ما أبهى الخلدَ وما أنضرْ !
البحرُ الفَيَّاضُ، القُدسُ
الساقي الناسَ وما غرسوا
وهو المِنْوالُ لما لبِسوا
والمُنْعِمُ بالقطنِ الأَنوَر
جعلَ الإحسانَ له شرعا
لم يُخلِ الواديَ من مَرْعى
فتَرَى زرعا يَتلو زرعاً
وهُنا يُجنى ، وهُنا يُبْذَر
جارٍ ويُرَى ليس بجارِ
لأناة ٍ فيه ووقار
ينصبُّ كتلٍّ منهارِ
ويضجُّ فتحسبه يزأر
حبشيُّ اللَّونِ كجيرته
من منبعه وبحيرته
صَبَغَ الشَّطَّيْنِ بسُمْرَته
لوناً كالمسكِ وكالعنبرِ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أنا امدرسة ُ اجعلني
أنا امدرسة ُ اجعلني
رقم القصيدة : 9730
-----------------------------------
أنا امدرسة ُ اجعلني
كأمِّ ، لا تملْ عنِّي
ولا تفْزَعْ كمأخوذٍ
من البيتِ إلى السِّجن
كأني وجهُ صيَّادٍ
وأَنت الطيرُ في الغصن
ولا بُدَّ لك اليوْمَ
ـ وإلا فغداً ـ مِنِّي(91/297)
أو استغنِ عن العقلِ
إذنْ عنِّيَ تستغني
أنا المصباحُ للفكرِ
أنا المفتاحُ للذَّهنِ
أنا البابُ إلى المجدِ
تعالَ ادخلْ على اليمن
غداً تَرْتَعُ في حَوْشِي
ولا تشبعُ من صحني
وأَلقاكَ بإخوانٍ
يُدانونَكَ في السِّنِّ
تناديهمْ بيا فكري
ويا شوقي ، ويا حسني
وآباءٍ أحبُّوكَ
وما أَنت لهم بکبن
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بني مصرٍ مكانكموُ تهيَّا
بني مصرٍ مكانكموُ تهيَّا
رقم القصيدة : 9731
-----------------------------------
بني مصرٍ مكانكموُ تهيَّا
فَهَيَّا مَهدُوا للمُلكِ هيَّا
خذوا شمسَ له حليَّا
أَلم تَكُ تاجَ أَوّلِكم مَلِيَّا؟!
على الأخلاقِ الملكَ وابنوا
فليسَ وراءَها للعِزِّ رُكن
أليس لكم بوادي النِّيل عدنُ
وكوثرها الذي يجري شهيّا ؟ !
لنا وطنٌ بأَنفسِنا نَقيه
وبالدُّنيا العريضة ِ نَفتديه
إذا ما سيلتِ الأرواحُ فيه
بذلناها كأنْ لم نعطِ شيَّا
لنا الهرَمُ الذي صحِبَ الزمانا
ومن حَدَثانِه أَخذ الأَمانا
ونحنُ بنو السَّنا العلي ، نمانا
أَوائلُ عَلَّموا الأُمَمَ الرُّقِيا
تطاولَ عهدهمْ عزا وفخرا
فلما آل للتاريخِ ذُخْرا
نشأنا نشأة ً في الجدِ أخرى
جَعَلنا الحقَّ مَظْهرَها العَلِيّا
جعلنا مِصْرَ مِلَّة َ ذي الجَلالِ
وألفنا الصليبَ على الهلالِ
وأقبلنا كصفٍّ من عوالِ
يشدُّ السَّمْهَرِيُّ السَّمْهَرِيّا
نرومُ لمصرَ عزًّا لا يرامُ
يرفُّ على جوانبه السَّلامُ
وينعَمُ فيه جيِرانٌ كِرامُ
فلن تجدَ النَّزيلَ بنا شقيَّا
نقومُ على البناية ِ محسنينا
ونعهَدُ بالتَّمامِ إلى بنينا
إليْكِ نَموتُ ـ مِصْرُ ـ كما حَيينا
ويبقى وجهكِ المفديُّ حيَّا
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> نحنُ الكشافة ُ في الوادي
نحنُ الكشافة ُ في الوادي
رقم القصيدة : 9732
-----------------------------------
نحنُ الكشافة ُ في الوادي
جَبريلُ الروحُ لنا حادِي(91/298)
يا ربِّ، بعيسى ، والهادي
وبموسى خُذْ بيَدِ الوطنِ
كشَّافة ُ مِصرَ، وصبيَتُها
ومناة ُ الدارِ، ومنيتها
وجمالُ الأرضِ، وحليتها
وطلائعُ أَفراحِ المدُنِ
نَبتدِرُ الخيرَ، ونَستبِقُ
ما يَرضَى الخالقُ والخُلُقُ
بالنفسِ وخالِقِها نثِقُ
ونزيد وثوقاً في المحن
في السَّهلِ نَرِفُّ رَياحِينا
ونجوبُ الصخر شياطينا
نبني الأبدانَ وتبنينا
والهمَّة ُ في الجسم المرنِ
ونخلِّي الخلقَ وما اعتقدوا
ولوجه الخالقِ نجتهدُ
نأسو الجرْحى أَنَّى وُجِدُوا
ونداوي من جرح الزمن
في الصدقِ نشأنا والكومِ
والعفَّة ِ عن مسِّ الحرم
ورعاية ِ طفلٍ أو هرمِ
والذودِ عن الغيدِ الحصن
ونُوافي الصَّارخَ في اللُّجَجِ
والنارِ الساطعة ِ الوَهَجِ
لا نسأَلُهُ ثمنَ المُهَجِ
وكفى بالواجبِ من ثمنِ
يا ربِّ، فكثِّرنا عدَدا
وابذُل لأُبوَّتِنا المَدَدا
هيىء ْ لهمُ ولنا رشدا
يا ربِّ، وخذ بيد الوطن
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قصرَ الأعزة ِ، ما أعزَّ حماكا!
قصرَ الأعزة ِ، ما أعزَّ حماكا!
رقم القصيدة : 9733
-----------------------------------
قصرَ الأعزة ِ، ما أعزَّ حماكا!
وأجلَّ في العلياءِ بدرَ سماكا!
تتساءلُ العربُ المقدسُ بيتها:
أَأُعِيدَ بانِي رُكنِه فبَناكا؟!
وتقولُ إذ تأتيكَ تلتمسُ الهدى :
سِيَّانِ هذا في الجلال وذاكا
يا مُلتَقى القمَرَيْنِ، ما أَبهاكَ! بل
يا مَجْمَعَ البَحْرَين، ما أَصفاكا!
إنّ الأَمَانَة َ، والجلالة َ، والعُلا
في هالة ٍ دارتْ على مغناكا
ما العِزُّ إلا في ثرَى القدَمِ التي
حَسَدَتْ عليها النيِّراتُ ثراكا
يا سادسَ الأمراءِ من آبائه
ما للإمارة ِ مَنْ يُعَدُّ سِواكا
التركُ تقرأُ باسمِ جدَّك في الوغى
والعُرْبُ تَذكرُ في الكتاب أَباكا
نسبٌ لو انتمت النجومُ لعقدهِ
لتَرَفَّعَتْ أَن تَسكنَ الأَفلاكا
شرفاً - عزيزَ العصرِ - فتَّ ملوكهُ
فضلاً، وفاتَ بينهمُ نجلاكا
لك جنَّة ُ الدنيا، وكوثرها الذي(91/299)
يجري به في الملكِ شرطُ غناكا
ملكٌ رعيتَ اللهَ فيه، مؤيداً
باسم النبي، موفقاً مسعاكا
فأَقمتَ أمراً ـ يا أَبا العباسِ ـمأْ
مونَ السبيلِ على رشيد نهاكا
إن يَعرضوهُ على الجبال تَهنْ له
وهيَ الجبالُ، فما أشدَّ قواكا
بسياسة تقفُ العقولُ كليلة ً
لا تستطيع لكُنْهِها إدراكا
وبحكمة ٍ في الحكمِ توفيقيَّة ٍ
لك يَقتَفي فيها الرجالُ خُطاكا
مَولايَ، عيدُ الفطرِ صُبحُ سُعودِه
في مصرَ أسفر عن سنا بشراكا
فاستقبلِ الآمالَ فيه بشائراً
وأشائراً تجالى على علياكا
وتلقَّ أَعيادَ الزمان مُنيرة ً
فهناؤُه ما كان فيه هَناكا
أيامكَ الغرُّ السعيدة ُ كلها
عيدٌ، فعيدُ العالمين بَقاكا
فليبقَ بيتكَ، وليدمْ ديوانه
وليحيَ جندكَ، ولتعشْ شوراكا
وليهنني بك كلّ يومٍ أنني
في ألفِ عيدٍ من سعودِ رضاكا
يا أيها الملك الأَريبُ، إليكها
عذراءَ هامتْ في صفاتِ عُلاكا
فطوتْ إليكَ البحرَ أَبيضَ نِسبة ً
لِنظيرهِ المورودِ من يُمناكا
قدِمَتْ على عيدٍ لبابك بعدما
قدِمَتْ عليَّ جديدة ً نُعماكا
أو كلما جادتْ نداكَ رويتي
سَبَقتْ ثَنايَ بالارتجالِ يداكا؟
أنتَ الغنيُّ عن الثناِ، فإن تردْ
ما يُطربُ الملكَ الأَديبَ فهاكا
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> مُنتَزَهُ العبَاسِ للمجتلي
مُنتَزَهُ العبَاسِ للمجتلي
رقم القصيدة : 9734
-----------------------------------
مُنتَزَهُ العبَاسِ للمجتلي
آمنتُ باللهِ وجنَّاته!
العيشُ فيه ليس في غيرهِ
يا طالبَ العيشِ ولذاته
قصورُ عزٍّ باذخاتُ الذرى
يودها كسرى مشيداته
من كل راسي الأصل تحت الثرى
مُحير النجمِ بِذِرواته
دارتْ على البحرِ سلاليمهُ
فبتن أَطواقاً لِلَبَّاتِه
مُنتظِماتٌ مائجاتٌ به
مُنمقاتٌ مثلَ لُجَّاتِه
من الرخامِ الندرِ، لكنها
تُنازعُ الجوهَرَ قيماته
من عملِ الإنسِ، سوى أنها
تُنسي سليمانَ وجِنَّاته
والريحُ في أَبوابِه، والجوا
ري مائلاتٌ دون ساحاته
وغابه منْ سارَ في ظلها(91/300)
يأتي على البسفورِ غاباته
بالطولِ والعرضِ تباهي، فذا
وافٍ، وهذا عند غاياته
والرملُ حالٍ بالضحى مذهبٌ
يُصدِّىء ُ الظلُّ سَبيكاتِه
وتُرْعة ٌ لو لم تكن حُلوَة ً
أَنْسَتْ لَمَرْتِينَ بُحَيْراتِه
أَوْ لم تكنْ ثمَّ حياة َ الثرَى
لم تبقِ في الوصفِ لحيَّاته
وفي فمِ البحرِ لمنْ جاءهُ
لسانُ أرضٍ فاقَ فرضاته
تَنْحَشِدُ الطَّيْرُ بأَكنافِه
ويَجمعُ الوحشُ جماعاتِه
من معزٍ وحشية ٍ، إن جرتْ
أَرَتْ من الجرْي نِهاياتِه
أو وثبتْ فالنجمُ من تحتها
والسورُ في أسرِ أسيراته
وأرنبٌ كالنملِ إن أحصيتْ
تنبتُ في الرملِ وأبياته
يعلو بها الصيدُ ويعلو إذا
ما قيْصَرُ أَلقَى حِبالاته
ومن ظِباءٍ في كِناساتِها
تهيجُ للعاشقِ لوعاته
والخَيْلُ في الحيِّ عراقِيَّة ٌ
تَحمِي وتُحمَى في بُيوتاته
غيرٌّ كأيامِ عزيزِ الورى
محجَّلاتٌ مثل أوقاته
بحث متقدم | عرض لجميع الشعراء | للمساعدة
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> ما باتَ يُثني على علياكَ إنسانُ
ما باتَ يُثني على علياكَ إنسانُ
رقم القصيدة : 9735
-----------------------------------
ما باتَ يُثني على علياكَ إنسانُ
إلا وأَنت لعيْنِ الدَّهْرِ إنسانُ
وما تَهلَّلتَ إذْ وافاكَ ذو أَمَلٍ
إلا وأَدهَشَه حُسْنٌ وإحسان
لله ساحتكَ المسعودُ قاصدها
فإنما ظِلُّها أَمْنٌ وإيمان!
لئنْ تباهى بك الدِّينُ الحنيفُ لكمْ
تقوَّمَتْ بك للإسلامِ أَركان
تُراقِبُ الله في مُلكٍ تدَبِّرُه
فأَنت في العدْلِ والتَّقوى سُليمان
أَنجَى لك الله أَنجالاً لا يُهيِّئُهم
لرفعة ِ الملكِ إقبالٌ وعرفان
أعزَّة ٌ أينما حلتْ ركائبهم
لهم مكانٌ كماَ شاؤوا وإمكان
لم تثنِهمْ عن طِلابِ العِلمِ في صِغَرٍ
في عزِّ مُلكِك أَوطارٌ وأَوطان
تأتي السعادة ُ إلا أَن تُسايِرَهم
لأنهم لموكِ الأرضِ ضيفان
نجلانِ قد بلغا في المجدِ ما بلغا
مُعَظَّمٌ لهما بين الورى شان
يكفيهما في سبيلِ الفخرِ أن شهدتْ
بفضلِ سبقهما روسٌ وألمان(91/301)
هُما هُما، تعرِفُ العَلياءُ قدرَهُما
كِلاهُما كَلِفٌ بالمجدِ يَقظان
ما الفَرْقَدانِ إذا يوماً هُما طلعا
في مَوكِبٍ بهما يَزهو ويزدان؟
يا كافِيَ الناس بعد الله أَمْرَهُمُ
النَّصرُ إلا على أَيديكَ خِذْلان
ويا منيل المعالي والنَّدى كرماً
الربح من غير هذا البابِ خسران
مولايَ، هل لِفتى بالبابِ مَعذرَة ٌ
فعقلهُ في جلالِ الملكِ حيرانُ؟!
سعى على قدمِ الإخلاصِ ملتمساً
رضاك ، فهوَ على اإقبالِ عنوان
أَرى جَنابَكَ رَوضاً للندى نَضِراً
لأنّ غصنَ رجائي فيه ريَّان
لا زالَ مُلككَ بالأَنجالِ مُبتَهِجاً
ما باتَ يُثني على عَلياكَ إنسان
بحث عن قصيدة بحث عن شاعر
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> أعطى البرية َ إذ أعطاكَ باريها
أعطى البرية َ إذ أعطاكَ باريها
رقم القصيدة : 9736
-----------------------------------
أعطى البرية َ إذ أعطاكَ باريها
فهل يهنِّيك شعري أم يهنِّيها ؟
أنت البرية ، فاهنأ، وهْيَ أَنت، فمَنْ
دعاكَ يوماً لِتهنا فهْو داعيها
عيدُ السماءِ وعيدُ الأَرضِ بَينهما
عيدُ الخلائِقِ قاصيها ودانيها
فباركَ اللهُ فيها يومَ مولدها
ويوم يرجو بها الآمالَ راجيها
ويوم تُشرِقُ حوْل العرشِ صبيتُها
كهالة ٍ زانتِ الدنيا دَراريها
إنّ العناية َ لمَّا جامَلَتْ وعَدَتْ
ألا تكفَّ وأن تترى أياديها
بكلِّ عالٍ من الأنجالِ تحسبه
من الفراقِدِ لو هَشَّتْ لرائيها
يقومُ بالعهدِ عن أوفى الجدودِ به
عن والدٍ أَبلجِ الذِّمَّاتِ عاليها
ويأْخذُ المجدَ عن مصرٍ وصاحبها
عنِ السَّراة ِ الأَعالي من مواليها
الناهضين على كرسيِّ سؤددها
والقابضين على تاجيْ معاليها
والساهرين على النيلِ الحفيِّ بها
وكأسها وحميَّاها وساقيها
مولايَ، للنفسِ أن تُبدي بشائِرَها
بما رزقتَ، وأَن تهدي تهانيها
الشمسُ قدرهاً ، بلِ الجوزاءُ منزلة ً
بل الثُّريَّا ، بل الدنيا وما فيها
أُمُّ البنينَ إذا الأَوطانُ أَعْوَزَها
مدبِّرٌ حازمٌ أو قلَّ حاميها(91/302)
منَ الإناثِ سوى أنّ الزمان لها
عبدٌ، وأَنَّ الملا خُدّامُ ناديها
وأنها سرُّ عباسٍ وبضعتهُ
فهْيَ الفضيلة ُ، ما لي لا أُسمِّيها؟!
أغزُّ يستقبلُ العصرُ السلامَ به
وتشرقُ الأرضُ ما شاءتْ لياليها
عالي الأَريكة ِ بين الجالسين، له
منَ المفاخر عاليها وغاليها
عباسُ، عِشْ لنفوسٍ أَنت طِلْبَتُها
وأَنت كلُّ مُرادٍ من تناجيها
تبدي الرجاءَ وتدعوهُ ليصدقها
والله أَصدق وعداً، وهْوَ كافيها
أرسل القصيدة إلى صديق
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بيني وبين أبي العلاءِ قضيَّة ٌ
بيني وبين أبي العلاءِ قضيَّة ٌ
رقم القصيدة : 9737
-----------------------------------
بيني وبين أبي العلاءِ قضيَّة ٌ
في البرِّ أسترعي لها الحكماءَ
هُوَ قدْ رأَى نُعْمى أبيه جِناية ً
وأَرَى الجِناية َ من أَبي نعْماءَ
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> داو المتيَّم ، داوهِ
داو المتيَّم ، داوهِ
رقم القصيدة : 9738
-----------------------------------
داو المتيَّم ، داوهِ
من قَبْلِ أَنْ يَجِدَ الدَّوا
إنَّ الَّواصح كلَّهمْ
قالوا بتبديلِ "الهوا"
فتحتمو باباً على صبِّكم
لِلصّدِّ، والهَجْرِ، وطُولِ النَّوى
فلا تَلومُوهُ إذا ما سَلا
قد فُتِحَ البابُ ومرَّ "الهوا"
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> سَعَتْ لكَ صُورَتِي، وأَتاكَ شَخْصِي
سَعَتْ لكَ صُورَتِي، وأَتاكَ شَخْصِي
رقم القصيدة : 9739
-----------------------------------
سَعَتْ لكَ صُورَتِي، وأَتاكَ شَخْصِي
وسارَ الظِّلُّ نحوكَ والجهاتُ
لأَنّ الرُّوحَ عِنْدَكَ وهْيَ أَصلٌ
وحيثُ الأَصلُ تَسْعَى المُلْحَقات
وهبها صورة ً من غيرِ روح
أليس من القبولِ لها حياة ُ ؟
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> لكم في الخطِّ سيَّارَهْ
لكم في الخطِّ سيَّارَهْ
رقم القصيدة : 9740
-----------------------------------
لكم في الخطِّ سيَّارَهْ
حديثُ الجارِ والجارهْ
أوفرلاندُ ينبيكَ(91/303)
بها القُنْصُلُ طَمَّارَه
كسيَّارة ِ شارلوتْ
على السَّواقِ جبَّارَهْ
إذا حركها مالتْ
على الجنْبَيْنِ مُنْهَارَهْ!
وقد تَحْرُنُ أَحياناً
وتمشِي وحدَها تارَهْ
ولا تشبعها عينٌ
مِنَ البِنزين فوَّارَهْ
ولا تروى من الزيتِ
وإن عامتْ به الفاره
ترى الشارعَ في ذُعْرٍ
إذا لاحَتْ من الحاره
وصِبْياناً يَضِجُّونَ
كما يَلقَوْن طَيَّاره
فقد تمشي متى شاءتْ
وقد ترجِعُ مُختاره
قضى اللهُ على السوَّا
ق أن يجعلها داره!
يقضي يومهُ فيها
ويلقى الليلَ ما زاره!
أَدُنيا الخيلِ يامَكسِي
كدُنيا الناسِ غدّاره؟!
لق بدَّلك الدهرُ
من الإقبالِ إدباره
أَحَقٌّ أَنّ مَحجوباً
سَلا عنك بفَخَّاره؟
وباعَ الأَبْلَقَ الحُرَّ
بأوفرلاند نعَّاره؟
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> تفدِّيك ـ يا مَكسُ ـ الجيادُ الصَّلادِمُ
تفدِّيك ـ يا مَكسُ ـ الجيادُ الصَّلادِمُ
رقم القصيدة : 9741
-----------------------------------
تفدِّيك ـ يا مَكسُ ـ الجيادُ الصَّلادِمُ
وتفدي الأُساة ُ النُّطْسُ مَن أَنت خادم
كأَنكَ ـ إن حاربتَ ـ فوْقكَ عنترٌ
وتحتَ ابن سينا أَنت حين تسالِمُ
ستجزى التماثيلَ التي ليس مثلها
إذا جاءَ يومٌ فيه تُجزَى البهائِم
فإنك شمسٌ، والجيادُ كواكبٌ
وإنك دينارٌ، وهنَّ الدراهم
مثالٌ بساحِ البرلمانِ منصبٌ
وآخرُ في بارِ اللوا لك قائم
ولا تظفرُ الأَهرامُ إلا بثالثٍ
مزاميرُ داودٍ عليه نواغمُ
وكم تدَّعي السودانَ يا مكس هازلاً
وما أَنت مُسْوَدٌّ، ولا أَنت قاتم
وما بكَ مما تُبصرُ العينُ شُهبة ٌ
ولكن مشيبٌ عجلته العظائم
كأنك خيلُ التركِ شابت متونها
وشابت نواصيها، وشاب القوائم
فيا ربَّ أيامٍ شهدتَ عصيبة ٍ
وقائعُها مشهورة ٌ والملاحِم!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> قل لابن سِينا: لا طَبيـ
قل لابن سِينا: لا طَبيـ
رقم القصيدة : 9742
-----------------------------------
قل لابن سِينا: لا طَبيـ
بَ اليومَ إلا الدرهمُ(91/304)
هو قبلَ بقراطٍ وقبْـ
ـلَكَ للجِراحة ِ مَرْهم
والناسُ مُذ كانوا عليـ
ه دائرون وحوَّم
وبِسحْرِه تعلو الأَسا
فِلُ في العيونِ وتعظمُ
يا هل ترى الألفانِ وق
فٌ لا يُمسُّ ومَحرَم؟!
بنكُ السَّعيدِ عليهما
حتى القيامة ِ قيِّم
لا شيكَ يظهرُ في البنو
ك ولا حوالة َ تخصم !
وأعفُّ منْ لاقيتَ يلق
ـاهُ فلا يتكرّم!
شعراء مصر والسودان >> أحمد شوقي >> بَرَاغِيثُ مَحجوب لم أَنسَها
بَرَاغِيثُ مَحجوب لم أَنسَها
رقم القصيدة : 9743
-----------------------------------
بَرَاغِيثُ مَحجوب لم أَنسَها
ولم أنسَ ما طعمتْ من دمي
تشقُّ خَراطيمُها جَوْرَبي
وتنفُذُ في اللحم والأَعظُمِ!
وكنتُ إذا الصَّيفُ راح احتجم
تُ فجاءَ الخريفُ فلم أحتجم
ترحِّبُ بالضَّيف فوقَ الط
ـقِ، فبابِ العيادة ِ فالسُّلَّم
قد انتشرت جوقة ً جوقة ً
كما رُشَّتِ الأَرضُ بالسِّمسِم!
وترقصُ رقصَ المواسي الحدادِ
على الجِلدِ، والعَلَقِ الأَسحم
بواكيرُ تطلعُ قبل الشِّتاءِ
وترفعُ ألوية َ الموسمِ
إذا ما ابن سينا رمى بلغماً
رأيتَ البراغيثَ في البلغم
وتُبصِرُها حول بيبا الرئيس
وفي شاربيهِ وحولَ الفم !
وبينَ حفائرِ أسنانهِ
مع السُّوسِ في طلبِ المَطْعَم!
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> هذَا الْعَقِيقُ وَتَلْكَ شُمُّ رِعَانِهِ
هذَا الْعَقِيقُ وَتَلْكَ شُمُّ رِعَانِهِ
رقم القصيدة : 9744
-----------------------------------
هذَا الْعَقِيقُ وَتَلْكَ شُمُّ رِعَانِهِ
فَامْزُج لُجْيَن الدَّمْعِ مِنْ عِقْيَانِهِ
وانزل فثمَّ معرّسٌ أبداً ترى
فِيهِ قُلُوبَ العِشْقِ مِنْ رُكْبَانِهِ
واشمم عبيرَ ترابهِ والثم حصى ً
في سفحهِ انتثرت عقودُ جمانهِ
وَاعْدِلْ بِنَا نَحْوَ الْمُحَصَّبِ مِنْ مِنى ً
وَاحْذَرْ رُمَاة َ الْغُنْجِ مِنْ غِزْلاَنِهِ
وَتَوَقَّ فِيهِ الطَّعْنَ إِمَّا مِنْ قَنَا
فُرْسَانِهِ أَوْ مِنْ قُدُودِ حِسَانِهِ
أَكْرِمْ بِهِ مِنْ مَرْبَعٍ مِنْ وَرْدِهِ(91/305)
الوجناتُ والقاماتُ من أغصانهِ
مَغْنى ً إِذَا غَنَّى حَمَامُ أَرَاكِهِ
رَقَصَتْ بِهِ طَرَباً مَعَاطِفُ بَانِهِ
فَلَكٌ تَنَزَّلَ فَهْوَ يُحْسَبُ بُقْعَة ً
أو ما ترى الأقمار من سكانه
خضب النجيع غزاله وهزبره
هذا بوجنتيه وذا ببنانه
فَلَئِنْ جَهِلْتَ الْحَتْفَ أَيْنَ مُقَرُّهُ
سَلْنِي فَإِنِّي عَارِفٌ بِمَكانِهِ
هُوَ في الْجُفُونِ السُّودِ مِنْ فَتَيَاتِهِ
أَوْ فِي الْجُفُونِ الْبِيضِ مِنْ فِتْيَانِهِ
من لي برؤية أوجه في أوجه
حجب البعاد شموسها بعنانه
بِيضٌ إِذَا لَعِبَتْ صباً بِذُيولِهَا
حَمَلَ النَّسِيمُ الْمِسْكَ فِي أَرْدَانِهِ
عمدت إلى قبس الضحى فتبرقعت
فِيهِ وَقَنَّعَهَا الدُّجَى بِدُخَانِهِ
مِنْ كُلِّ نَيِّرَة ٍ بِتَاجِ شِقَيقِهَا
قَمَرٌ تَحُفُّ بِهِ نُجُومُ لِدَانِهِ
وَهبتْ لَهُ الْجَوْزَاءُ شُهْبَ نِطَاقِهَا
حَلْياً وَسَوَّرَهَا الْهِلاَلُ بِحَانِهِ
هذي بأنصل جفنها تسطو على
مُهَجِ الأُسُودِ وَذَاكَ مِنْ مُرَّانِهِ
يفتر ثغر البرق تحت لثامها
وَيَسِيرُ مِنْهَا الْغَيْثُ في قُمْصَانِهِ
كَمَنَ النُّحُولُ بِخَصْرِهَا وَبسَيْفِهِ
والموت من وسنانها وسنانه
في الخدر منها العيس تحمل جوذراً
ويقل منه الليث سرج حصانه
قسماً بسلع وهي حلفة وامقٍ
أَقْصَاهُ صَرْفُ الْبَيْنِ عَنْ جِيرَانِهِ
مَا اشْتَاقَ سَمْعِي ذِكْرَ مَنْزِلِ طَيْبَة ٍ
إلا وهمت بساكني وديانه
بَلَدٌ إِذَا شَاهَدْتَهُ أَيْقَنْتَ أَنَّ
اللهَ ثَمَّنَ فِيهِ سَبْعَ جِنَانِهِ
ثغر حمته صاح أجفان المهى
وَتَكَلَّفَتْهُ رِمَاحُ أُسْدِ طِعَانِهِ
تمسي فراش قلوب أرباب الهوى
تلقي بأنفسها على نيرانه
لَوْلاَ رِوَايَاتُ الْهَوَى عَنْ أَهْلِهِ
لَمْ يَرْوِ طَرْفِي الدَّمْعَ عَنْ إِنْسَانِهِ
لا تنكروا بحديثهم ثملي إذا
فض المحدث عن سلافة حانه
هُمْ أَقْرَضُوا سَمْعِي الجُمانَ وطالَبُوا
فيه مسيل الدمع من مرجانه(91/306)
فَإِلاَمَ يَفْجَعُنِي الزَّمَانُ بِفَقْدِهِم
وَلَقَدْ رَأَى جَلَدِي عَلَى حِدْثَانِهِ
عَتْبِي عَلَى هذّا الزَّمَانِ مُطَوَّلٌ
يُفْضِي إِلَى الإِطْنَابِ شَرْحُ بَيَانِهِ
هَيْهَاتِ أَنْ أَلْقَاهُ وَهْوَ مُسَالِمي
إِنَّ الأَدِيبَ الْحُرَّ حَرْبُ زَمَانِهِ
ياقلب لاتشك الصبابة بعدما
أوقعت نفسك في الهوى وهوانه
تَهْوَى وَتَطْمَعُ أَنْ تَفِرَّمِنَ الْهَوَى
كيف الفرار وأنت رهن ضمانه
يا للرّفاقِ ومن لمهجة ِ مدنفٍ
نِيرَانُهَا نَزَعَتْ شَوَى سُلْوَانِهِ
لم ألقَ قبلَ العشقِ ناراً أحرقت
بشراً وحبُّ المصطفى بجنانهِ
خَيْرِ النَّبِيِّينَ الَّذِي نَطَقَتْ بِهِ الْـ
ـتوراة ُ والإنجيلُ قبلَ أوانهِ
كَهْفُ الْوَرَى غَيْثُ الصَّرِيخِ مَعَاذُهُ
وَكَفِيلُ نَجْدَتِهِ وَحِصْنُ أَمَانِهِ
الْمُنْطِقُ الصَّخْرَ الأَصَمَّ بِكَفِّهِ
والمخرسُ البلغاءَ في تبيانهِ
لطفُ الإلهِ وسرُّ حكمتهِ الذي
قد ضاقَ صدرُ الغيثِ عن كتمانهِ
قِرْنٌ بِهِ التَّوْحِيدُ أَصْبَحَ ضَاحِكاً
وَالشِّرْكُ مُنْتَحِباً عَلَى أَوْثَانِهِ
نَسَخَتْ شَرَائِعُ دِينِهِ الصُّحُفَ الأُلَى
فِي مُحْكَمِ الآيَاتِ مِنْ فُرْقَانِهِ
تمسي الصّوارمُ في النّجيعِ إذا سطا
وخدودها مخضوبة ٌ بدهانهِ
مَا زَالَ يَرْقُبُ شَخْصُهُ الآفَاقَ فِي
طرفٍ تحامى النومُ عن أجفانه
وجِلاً يظنُّ النومَ لمعَ سيوفهِ
ويرى نجومَ الليلِ من خرصانهِ
قلبُ الكميِّ إذا رآهُ وقد نضا
سَيْفاً كَقُرْطِ الْخَوْدِ في حُلْقَانِهِ
وَلَرُبَّ مُعْتَرَكٍ زَهَا رَوْضُ الظُّبَى
فِيهِ وَسُمْرُ الْقُضْبِ من قُضْبَانِهِ
خضبَ النَّجيعُ قتيرَ سردِ حديدهِ
فشقيقهُ يزهو على غدرانهِ
تبكي الجراحُ النجلُ فيهِ والرّدى
مُتَبَسِّمٌ وَالْبيضُ مِنْ أَسْنَانِهِ
فَتَكَتْ عَوَامِلُهُ وَهُنَّ ثَعَالِبٌ
بَجَوَارِحِ الآسَادِ مِنْ فُرْسَانِهِ
جِبْرِيلُ مِنْ أَعْوَانِهِ مِيَكالُ منْ
أخدانهِ عزريلُ من أعوانهِ(91/307)
نُورٌ بَدَا فَأَبَانَ عَنْ فَلَقِ الْهُدَى
وجلا الضَّلالة َ في سنى برهانهِ
شَهِدَتْ حَوَامِيمُ الْكِتَابِ بِفَضْلِهِ
وكفى بهِ فخراً على أقرانهِ
سَلْ عَنْهُ يَاسِينَا وَطهَ وَالضُّحَى
إِنْ كُنْتَ لَمْ تَعْلَمْ حَقِيقَة َ شَانِهِ
وسلِ المشاعرَ والحطيمَ وزمزماً
عن فخرِ هاشمهِ وعن عِمرانهِ
يسمو الذّراعُ بأخمصيهِ ويهبطُ
الإكليلُ يستجدي على تيجانهِ
وَلو تَسْتَجِيرُ الشَّمْسُ فِيه مِنْ الدُّجَى
لغدا الدُّجى والفجرُ من أكفانهِ
أَوْشَاءَ مَنْعَ الْبَدْرِ فِي أَفْلاَكِهِ
عَنْ سَيْرِهِ لَمْ يَسْرِ في حُسْبَانِهِ
أو رامَ من أفقِ المجرة ِ مسلكاً
لَجَرَتْ بِحَلْبِتِه خُيُولُ رِهَانِهِ
لاَ تَنْفُذُ الأَقْدَارُ فِي الأَقْطَارِ في
شيءٍ بغيرِ الإذنِ من سلطانهِ
أَللهُ سَخَّرَهَا لَهُ فَجَمُوحُها
سلسُ القيادِ لديهِ طوعُ عنانهِ
فهو الَّذي لولاهُ نوحٌ ما نجا
في فلكهِ المشحونِ من طوفانهِ
كلّا ولا موسى الكليمُ سقى الرَّدى
فرعونهُ وسمى على هامانهِ
إن قيلَ عرشٌ هو حاملُ ساقهِ
أو قيلَ لوحٌ فهوَ في عنوانهِ
روحُ النعيمِ وروحُ طوباهُ الّذي
تجنى ثمارُ الجودِ من أفنانهِ
يَا سَيِّدَ الْكَوْنَيْنِ بَلْ يَا أَرْجَحَ الثَّقَلـ
ـيْنِ عِنْدَ اللهِ فِي أَوْزَانِهِ
والمخجلَ القمرَ المنيرَ بتمهِ
فِي حُسْنِهِ وَالْغَيْثَ مِنْ إِحْسَانِهِ
والفارسُ الشهمُ الّذي غبراتهُ
من ندّهِ والسمرُ من ريحانهِ
عُذْراً فَإِنَّ الْمَدْحَ فِيكَ مُقَصِّرٌ
وَالْعَبْدَ مُعْتَرِفٌ بِعَجْزِ لِسَانِهِ
ما قدرهُ ما شعرهُ بمديحِ من
يثني عليهِ اللهُ في قرآنهِ
لولاكَ ما قطعت بيَ العيسُ الفلا
وطويتُ فدفدهُ إلى غيطانهِ
أَمَّلْتُ فِيكَ وَزُرْتُ قَبْرَكَ مَادِحاً
لأَفُوزَ عِنْدَ اللهِ فِي رِضْوَانِهِ
عبدٌ أتاكَ يقودهُ حسنُ الرجا
حاشا نداكَ يعودُ في حرمانهِ
فاقبل إنابتهُ إليكَ فإنهُ
بِكَ يَسْتَقِيلُ اللهَ فِي عِصْيَانِهِ(91/308)
فَاشْفَعْ لَهُ وَلآلِهِ يَوْمَ الجْزَا
صَلَّى الالهُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَى الوَرَى
ما حنَّ مغتربٌ إلى أوطانهِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> لا برَّ في الحبِّ يا أهلَ الهوى قسمي
لا برَّ في الحبِّ يا أهلَ الهوى قسمي
رقم القصيدة : 9745
-----------------------------------
لا برَّ في الحبِّ يا أهلَ الهوى قسمي
وَلاَ وَفَتْ لِلْعُلَى إِنْ خُنْتُكُمْ ذِمَمِي
وإن صبوتُ إلى الأغيارِ بعدكمُ
فَلاَ تَرَقَّتْ إِلى هَامَاتِهَا هِمَمِي
وَإِنْ خَبَتْ نَارُ وَجْدِي بِالسُّلُوِّ فَلاَ
وَرَّتْ زِنادِي وَلاَ أَجْرَى النُّهَى حِكَمِي
ولا تعصفرَ لوني بالهوى كمداً
إِنْ لَمْ يُوَرِّدْهُ دَمْعِي بَعْدَكُمْ بِدَمِي
وَلاَ رَشَفْتُ الْحُمَيَّا مِنْ مَرَاشِفِهَا
إِنْ كَانَ يَصْفُو فُؤَادِي بَعْدَ بُعْدِكُمِ
وَلاَ تَلَذَّذْتُ فِي مُرِّ الْعَذَابِ بِكُمْ
إِنْ كَانَ بَعْذُبُ إِلاَّ ذِكْرُكُمْ بِفَمِي
خلعتُ في حبكم عذري فألبسني
تجرّدي في هواكم خلعة َ السقمِ
ما صرتُ بالحبِ بينَ الناسِ معرفة ً
حتى تنكّرَ فيكم بالضّنى علمي
لَقَدْ قَضَيْتُمْ بِظُلْمِ الْمُسْتَجِيرِ بِكُمْ
وَيْلاَهُ مِنْ جَوْرِكُمْ يَا جِيرَة َ الْعَلَمِ
أَمَا وَسُودِ لَيَالٍ في غَدَائِرِكُمْ
طالت عليَّ فلم أصبح ولم أنمِ
لولا قدودُ غوانيكم وأنملها
ما هزَّ عطفي ذكرُ البانِ والعلمِ
كلا ولولا الثنايا من مباسمكم
ما شاقني بالثنايا بارقُ الظلمِ
يَا جِيرَة َ الْبَانِ لابِنْتُمْ وَلاَ بَرِحَتْ
تبكي عليكم سوراً أعينُ الدّيمِ
ولا انجلى عنكمُ ليلُ الشبابِ ولا
أفلتمُ يا بدورَ الحيِّ من إضمِ
مَا أَحْرَمَ النَّوْمَ أَجْفَانِي وَحرَّمَهُ
إلا تغيّبكم يا حاضري الحرمِ
غِبْتُمْ فَغَيَّبْتُمُ صُبْحِي فَلَسْتُ أَرَى
إلا بقايا ألمّت فيه من لممي
صَبْراً عَلَى كُلِّ مُرٍّ في مَحَبَّتِكُمْ
يا أملحَ الناسِ ما أحلى بكم ألمي
رِفْقاً بِصَبٍّ غَدَتْ فِيكُمْ شَمَائِلُهُ(91/309)
مشمولة ً منذُ أخذِ العهدِ بالقدمِ
حليفِ وجدٍ إذا هاجت بلابلهُ
ناجى الحمامَ فداوى الغمَّ بالنَّغمِ
يَشْكُو الظَّمَا فَإِذَا مَا مَرَّ ذِكْرُكُمُ
أَنْسَاهُ ذِكْرَ وُرُودِ الْبَان وَالْعَلَمِ
حَيُّ الْهَوَى مَيِّتُ السُّلْوَانِ ذُو كَبِدٍ
مَوْجُودَة ٍ أَصْبَحتْ فِي حَيِّزِ الْعَدَمِ
خَافَ الرَّدَى مُنْذُ جَرَّتْ سُودُ أَعْيُنِكُمْ
بيضُ الظبى فاستجارت روحه بكمِ
الله فيها فقد حلّت جواركمُ
والبرُّ بالجارِ من مستحسنِ الشيمِ
لمَّا إليكم ضلالُ الحبِّ أرشدها
ظلَّت لديكم بظلِّ الضَّالِ والسّلمِ
يا حبذا لكَ من عيشِ الشبيبة ِ والـ
ـدَّهْرُ الْعَبُوسُ يُرِينَا وَجْهَ مُبْتَسِمِ
فَيَا رَعَى اللهُ سُكَّانَ الْحِمَى وَحَمَى
حيَّ الحجونِ وحيَّاهُ بمنسجمِ
وَحَبَّذَا بِيضُ لَيْلاَتٍ بِسَفْحِ مِنى ً
كانت قصاراً فطالت منذُ بينهمِ
أَكْرِمْ بِهِمْ مِنْ سَرَاة ٍ في شَمَائِلِهِمْ
قد صيَّروا كلَّ حرٍّ تحتَ رقِّهمِ
رُمَاة ُ غُنْجٍ لأسْبَابِ الرَّدَى وُسِمُوا
باسمِ السّهام وسمّوها بكحلهمِ
صبحُ الوجوهِ مصابيحٌ تظنّهمُ
زَرُّوا الْجُيُوبَ عَلَى أَقْمَارِ لَيْلِهِمِ
إِذا اكْتَسَى اللَّيْلُ مِنْ لأْلاَئِهِمْ ذَهَباً
أجرى السرابَ لجيناً فوقَ أرضهمِ
كَأَنَّ أُمَّ نُجُومِ الأُفْقِ مَا وَلَدَتْ
أنثى ولاذكراً إلا بحيّهمِ
أو أنَّ نسرَ الدّجى بيضاتهُ سقطت
لِلأْرْضِ فَاسْتَحْضَنَتْهَا في خُدُورِهِمِ
لانت كلين القنا قاماتهم وحكت
أَجْفَانُ بِيضِهمِ أَجْفَانَ بِيضِهِمِ
تَقَسَّمَ الْبَأْسُ فِيهِمْ والْجَمَالُ مَعاً
فَشَابَهَ الْقِرْنُ مِنْهُمْ قَرْنَ شَمْسِهِمِ
تناطُ حمرُ المنايا في حمائلهم
وسُورُهَا كائِنات في جفونِهِمِ
مُفَلَّجَاتٌ ثَنَايَاهُمْ حَوَاجِبُهُمْ
مقرونة ٌ بالمنايا في لحاظهمِ
كُلُّ الْمَلاَحَة ِ جُزْءٌ مِنْ مَلاَحَتِهِمْ
أصلُ كلِّ ظلامٍ من فرعهمِ
وَأطُولَ ليلي وَوَيْلِي في ذَوَائِبِهِمِ(91/310)
وَرِقَّتِي وَنُحُو لي في خُصُورِهِمِ
إنَّ النّفوسَ التي تقضي هوى ً وجوى ً
فِيهِمْ لأَوْضَحُ عُذْراً مِنْ وجوهِهِمِ
غُرٌّ عَنِ الدُّرِّ لَمْ تَفْضُلْ مَبَاسِمَهُمْ
إلا سجايا رسولِ اللهِ ذي الكرمِ
مُحَمَّدٍ أَحْمَدَ الْهَادِي الْبَشِيرِ وَمَنْ
لَوْلاَهُ في الْغَيِّ ضَلَّتْ سَائِرُ الأُمَمِ
مُبَارَكُ الإِسْمِ مَيْمُونٌ مَآثِرُهُ
عَمَّتْ فآثارُهَا بِالْغَوْرِ وَالأَكَمِ
طَوْقُ الرِّسَالَة ِ تَاجُ الرُّسْلِ خَاتِمُهُمْ
بَلْ زِينَة ٌ لِعِبَادِ اللهِ كُلِّهِمِ
نورٌ بدا فاجلى همُّ القلوبِ بهِ
وزالَ ما في وجوهِ الدّهرِ من غممِ
لَوْ قَابَلَتْ مُقْلَة َ الْحِرْبَاءِ طَلْعَتُهُ
ليلاً لردَّ إليها الطّرفَ وهوَ عمي
تَشْفِي مِنَ الدَّاءِ والْبَلْوَاءِ نِعْمَتُهُ
وَتَنْفُخُ الرُّوحَ في الْبَالِي مِنَ الرِّمَمِ
كم أكمهٍ برئت عيناهُ إذ مسحت
من كفّهِ ولكم بالسّيفِ قدُّ كمي
وكم لهُ بسنينِ الشّهبِ عارفة ٌ
قَدْ أَشْرَقَتْ في جِبَاهِ الأَلْيُلِ الدُّهُمِ
لطفٌ من اللهِ لو خُصَّ النّسيمُ بما
فِيهِ مِنَ اللُّطْفِ أَحْيَا مَيِّتَ النَّسَمِ
على السّمواتِ فيهِ الأرضُ قد فخرت
وَالْعُرْبُ قَدْ شَرُفَتْ فيهِ عَلَى الْعَجَمِ
سرّت بمولدهِ أمُّ القرى فنشا
في حجرها وهو طفلٌ بالغُ الحلمِ
سيفٌ بهِ نسخُ التوراة ُ قد نُسخَت
وآية ُ السَّيفِ تمحو آية َ القلمِ
يَغْشَى الْعِدَا وَهْوَ بَسَّامٌ إِذَا عَبَسُوا
والموتُ في ضحكات الصارمِ الخذمِ
يفترُّ للضّربِ عن إيماضِ صاعقة ٍ
وَلِلنَّدَى عَنْ وَمِيضِ الْعَارِضِ الرَّذِمِ
إِذَا الْعَوَالِي عَلَيْهِ بِالْقَنَا اشْتَبَكَتْ
ظَنَنْتَ فِي سَرْجِهِ ضِرْغَامَة َ الأُجُمِ
قد جلَّ عن سائرِ التشبيهِ مرتبة ً
إذ فوقهُ ليسَ إلا الله في العظمِ
شَرِّفْ بِتُرْبَتِهِ الْعِرْنِينَ مُنْتَشِعاً
فَشَمُّ تُرْبَتِهِ أَوْفَى مِنَ الشَّمَمِ
هُوَ الْحَبِيبُ الَّذي جُنِّنْتُ فِيهِ هَوى ً(91/311)
يا لائمي في هواهُ كيفَ شئتَ لمِ
أرى مماتي حياتي في محبّتهِ
ومحنتي وشقائي أهنأ النّعمِ
أَسْكَنْتُهُ بِجَنَانِي وَهْوَ جَنَّتُهُ
فأثلجت فيه أحشائي على ضرمِ
عَيْناً تُهَوِّمُ إِلاَّ بَعْدَ زَوْرَتِهِ
عَدِمْتُهَا وَفُؤَاداً فِيهِ لَمْ يَهِمِ
واهاً على جرعة ٍ من ماءِ طيبة َ لي
يُبَلُّ في بَرْدِهَا قَلْبٌ إِليهِ ظَمِي
للهِ روضة ُ قدسٍ عندَ منبرهِ
تعدُّها الرُّسلُ من جنّاتِ عدنهمِ
حَدِيقَة ٌ آسُهَا التَّسْبيحُ نَرْجِسُهَا
وَسْنَى عُيُونِ السَّهَارَى في قِيَامِهِمِ
تَبْدُو حَمَائِمُهَا لَيْلاً فَيُؤْنِسُهَا
رَجْعُ الْمُصَلِّينَ في أَوْرَادِ ذِكْرِهِمِ
قَدْ وَرَّدَتْ أَعْيُنُ الْبَاكِينَ سَاحَتَهَا
ونوَّرت جوّها نيرانُ وجدهمِ
كفى لأهلِ الهوى شبَّاكه شبكاً
فكم بهِ طائراتٌ من قلوبهمِ
نبيُّ صدقٍ بهِ غرُّ الملائكِ لا
تَنْفَكُّ طَائِفَة ً مِنْ أَمْرِ رَبِّهِمِ
وَالرُّسْلُ لَمْ تَأْتِهِ إِلاَّ لِتَكْسِبَ مِنْ
سَنَاهُ أَقْمَارُهُمْ نُوراً لِتِمِّهمِ
فِيهِ بَنُو هَاشِمٍ زَادُوا سَناً وَعُلاً
فكانَ نوراً على نورٍ لشبهممِ
أُصُولُ مَجْدٍ لَهُ في النَّصْرِ قَدْ ضَمِنُوا
وُصُولَهُمْ للأعادِي فِي نُصُولِهِمِ
زهرٌ إلى ماءِ علياءٍ بهِ انتسبوا
أَمْسَوْا إِلَى الْبَدْرِ وافَى الشُّهْبَ بِالرُّجُم
مَنْ مِثْلُهُمْ وَرَسُولُ اللهِ وَاسِطَة ٌ
لِعِقْدِهِمْ وَسِرَاجٌ في بُيُوتِهِمِ
ما زالَ فيهم شهابُ الطورِ متّقداً
حتى تولّد شمساً من ظهورهمِ
قد كان سراً فؤادٌ الغيبِ يضمرهُ
فضاقَ عنهُ فأضحى غير مكتتمِ
هواهُ ديني وإيماني ومعتقدي
وحبُّ عترتهِ عوني ومعتصمي
ذُرّيَّة ٌ مِثلُ مَاءِ الْمُزْنِ قَدْ طَهُرُوا
وطهّروا فصفت أوصاف ذاتهمِ
أَئِمَّة ٌ أَخَذَ اللهُ الْعُهُودَ لَهَمْ
عَلَى جَمِيعِ الوَرَى مِنْ قَبْلِ خَلْقِهِمِ
قَدْ حَقَّقَتْ سُورَة ُ الأحْزَابِ ما جَحَدَتْ
أَعْدَاؤُهُمْ وَأَبَانَتْ وَجْهَ فَضْلِهِمِ(91/312)
كفاهمُ ما بعمى والضّحى شرفاً
والنُّورِ والنَّجْمِ مِنْ آي أتَتْ بِهِمِ
سلِ الحواميم هل في غيرها نزلت
وهل أتى هل أتى إلّا بمدحهمِ
أكارمٌ كرمت أخلاقهم فبدت
مِثْلَ النُّجُومِ بِماءٍ في صَفَائِهِمِ
أطايبٌ يجدُ المشتاقُ تربتهم
ريحٌ تدلُّ على ذاتيِّ طيبهمِ
كَأَنَّ مِنْ نَفَسِ الرَّحْمنِ أَنْفُسَهُمْ
مخلوقة ٌ فهو مطويٌّ بنشرهمِ
يَدْرِي الْخَبِيرُ إذَا مَا خَاضَ عِلْمَهُمُ
أيُّ البحورِ الجواري في صدورهمِ
تَنَسَّكُوا وَهُمُ أُسْدٌ مُظَفَّرَة ٌ
فاعجب لنسكٍ وفتكٍ في طباعهمِ
عَلَى الْمَحَارِيبِ رُهْبَانٌ وإِنْ شَهِدُوا
حَرْباً أَبَادُوا الأَعادِي في حِرَابِهِمِ
أينَ البدورَ وإن تمَّت سنى ً وسمت
مِنْ أَوْجُهٍ وَسَمُوهَا في سُجُودِهِمِ
وأين ترتيلُ عقدِ الدّارِ من سورٍ
قَدْ رَتَّلُوهَا قِيَاماً في خُشُوعِهِمِ
إِذَا هَوَى عَيْنٍ تَسْنِيمٍ يَهُبُّ بِهِمْ
تَدَفَّقَ الدَّمْعُ شَوْقاً مِنْ عُيُونِهِمِ
قاموا الدّجى فتجافت عن مضاجعها
جنوبهم وأطالوا هجرَ نومهمِ
ذَاقُوا مِنَ الْحُبِّ رَاحاً بالنُّهَى مُزِجَتْ
فأَدْرَكُوا الصَّحْوَ في حَالاَتِ سُكْرِهِمِ
تبصّروا فقضوا نخباً وما قبضوا
لذا يُعدُّون أحياءً لموتهمِ
سيوفُ حقٍّ لدين الله قد نصروا
لا يَطْهُرُ الرِّجْسُ إِلاَّ في حُدُودِهِمِ
تالله ما الزهرُ غِبَّ القطرِ أحسنَ من
زهرِ الخلائقِ منهم حينَ جودهمِ
همُ وإياهُ ساداتي ومستندي الـ
ـأَقْوَى وَكَعْبَة ُ إِسْلاَمِي وَمُسْتَلَمِي
شُكْراً لآلاَءِ رَبِّي حَيْثُ أَلْهَمَنِي
وَلاَهُمُ وَسَقَانِي كَأْسَ حُبِّهِمِ
لقد تشرّفتُ فيهم محتِداً وكفى
فخراً بأنّي فرعاً من أصولهمِ
أَصبحْتُ أُعْزَى إِلَيْهِمْ بِالنِّجَارِ عَلَى
أَنَّ اعْتِقَادِيَ أَنِّي مِنْ عَبِيدِهِمِ
يَا سَيِّدِي يَا رَسُولَ اللهِ خُذْ بِيَدِي
فَقَدْ تَحَمَّلْتُ عِبْئاً فِيهِ لَمْ أَقُمِ
أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِمَّا قَدْ جَنَيْتُ عَلَى(91/313)
ويا خجلي منهُ ويا ندمي
إن لم تكن لي شفيعاً في المعادِ
فمن يجيرني من عذابِ الله والنّقمِ
مولايَ دعوة ُ محتاجٍ لنصرتكم
مِمَّا يَسُوءُ وَمَا يُفْضِي إِلَى التُّهَمِ
تَبْلَى عِظَامِي وَفِيهَا مِن مَوَدَّتِكُمْ
هوً مقيمٌ وشوقٌ غيرُ منصرمِ
مَا مَرَّ ذِكْرُكمُ إِلاَّ وَالْزَمَنِي
نَثْرَ الدُّمُوعِ وَنَظْمَ الْمَدْحِ في كَلِمِي
عليكم صلواتُ اللهِ ما سكرت
أرواحُ أهلِ التُّقى في راح ذكرهمِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> غَرَبَتْ مِنكمُ شُمُوسُ التَّلاَقِي
غَرَبَتْ مِنكمُ شُمُوسُ التَّلاَقِي
رقم القصيدة : 9746
-----------------------------------
غَرَبَتْ مِنكمُ شُمُوسُ التَّلاَقِي
فبدتْ بعدها نجومُ المآقيْ
جَنَّ لَيْلُ النَّوَى عَلَيَّ فَأَمْسَتْ
في جفوني منيرة َ الإشراقِ
أخبرتنا حلاوة ُ القربِ منكمْ
أَنَّ هذَا الْبِعَادَ مُرُّ الْمَذَاقِ
دَكَّ طُورَ الْعَزَاءِ نُورُ التَّجَلِّي
منكمْ للوداعِ يومَ الفراقِ
آنستْ مقلتايَ نارَ التنائيْ
فاصطلى القلبُ جذوة َ الاشتياقِ
أَيُّهَا الْمُفْري الْقِفَارَ بِضَرْبٍ
أَحْسَنَتْهُ صَوَارِمُ الأَعْنَاقِ
والمحلّي قراهُ في عنبرِ اليـ
-ـلِ وبالزَّعفرانِ محذي المناقِ
إِنْ أَتَيْتَ الْعَقِيقَ عَمَّرَكَ اللهُ
وَوُقِّيتُ فِتْنَة َ الأَحْدَاقِ
وَتَرَاءَى لكَ الْحِجَازُ ولاَحَتْ
بَيْنَ حُمْرِ الْقِبَابِ شُهْبُ الْعِرَاقِ
حَيْثُ تَلْقَى مَرَابِضَ الْعِينِ تُبْنَى
بَيْنَ سُمْرِ الْقَنَا وَبِيضٍ رِقَاقِ
وبحوراً حملنَ غدرَ حديدٍ
وَأُسُوداً صَحِبْنَ رُبْدَ الْعِتَاقِ
فِتيَة ٌ لَوْ تَشَاءُ بِالْبِيْضِ حَالَتْ
بينَ قلبش المشوقش والأشواقِ
مَنْزلٌ كُلَّمَا بِهِ سَنَحَ السِّرْ
بُ تَذُوبُ الأُسُودُ بِالإشْفَاقِ
ثغرُ حسنٍ حمتهُ سمرُ قدودٍ
وظبى أجفنٍ ونبلُ حداقِ
وتجلَّت لكَ الشوسُ ظلاماً
حَامِلاَتِ النُّجُومِ فَوْقَ التَّرَاقِي
ورأيتَ البدورَ تشرقُ فيْ الأر(91/314)
ضِ بِهَالاَتِ عَسْجَدِ الأَطْوَاقِ
فَتَلَطَّفْ وَحَيِّ عَنِّي خُدُوراً
هيَ حقاً مصارعُ العشَّاقِ
وَغُصُوناً خُضْرَ الْمَلاَبِسِ سُودَ الشَّـ
ـعْرِ حُمْرَ الْحُليِّ والأوْرَاقِ
واتَّقِ الضَّرْبَ مِنْ جُفُونٍ مِرَاضٍ
واحذرِ الطَّعنَ منْ قدودِ رشاقِ
واخبرش الساكنينَ أنِّي على ما
علموهُ لهمْ على العهدِ باقِ
أحجَّتْ نارَ زفرتي الفرقُ فيهمْ
فنشا الدَّجنُ منْ دخانِ احتراقي
يَارَعَى اللهُ لَيْلَة ً أَلْبَسَتْنَا
بَعْدَ فَرْطِ الْعِتَابِ عِقْدَ الْعِنَاقِ
راقَ عتبُ الحبيبِ فيها فرقَّتْ
مِثْلَ شَكْوَى الْمُتَيَّمِ الْمُشْتَاقِ
تَوَّجَتْ هَامَة َ السُّرُورِ وَحَلَّتْ
خَصْرَ مَاضِي زَمَانِنَا بِالنِّطَاقِ
فاقتِ الدَّهرَ مثلَ ما قدْ
فازَ قدرُ الوصيِّ بالآفاقِ
سيُّدُ الأوصياءِ مولى البرايا
عُرْوَة ُ الدِّين صَفْوَة ُ الْخَلاَّقِ
مَهْبَطُ الْوَحْي مَعْدِنُ الْعِلْمِ والإِفْـ
ـضالِ لا بل مقدِّرُ الأرزاقِ
بدرُ أقِ الكمالِ شمسُ المعالي
غَيْثُ سُحْبِ النَّوَالِ لَيْثُ التَّلاَقِ
ضَارِبُ الشُّوْسِ بِالظُّبَى ضَرْبَهُ الْبُخْـ
ـلَ بَمَاضِي مَكَارِمِ الأَخْلاَقِ
قَلْبُ أَجْرَى الأُسُودِ إِذْ يَلْتَقِيهِ
كَوِشَاحِ الْخَرِيدَة ِ الْمِقْلاَقِ
حُكْمُهُ الْعَدْلُ في الْقَضَايَا وَلكِنْ
جَائِرٌ في نُفُوسِ أَهْلِ الشِّقَاقِ
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة ِ لاَيْعْـ
ـزبُ عنهُ حسابُ ذرٍّ دقاقِ
حَاضِرٌ عَنْدَ عِلْمِهِ كُلُّ شَيْءٍ
فَطِوَالُ الدُّهُورِ مِثْلُ فَوَاقِ
مَلَكٌ كُلَّمَا رَقِي لِلْمَعَالِي
فله النَّيّراتُ أدنى المراقي
سلَّ لله أنصلاً في سناها
مَاحِيَاتٍ ظَلاَمَ أَهْلِ النِّفَاقِ
يا لها أنجماً فكم بدرِ قومٍ
كَوَّرَتْ نُورَهُ بِكَسْفٍ مُحَاقِ
إِنْ تَكُنْ كالْثُغُورِ في الرَوْعِ تَبْدُو
فَلَهُنَّ الْجُسُومُ كَالأَشْدَاقِ
وا تراءت جماعة الشّركِ إلا
خَطَبَتْ في مَنَابِرِ الأَعْنَاقِ(91/315)
مَنْ سَقَى مَرْحَبَ الْمَنُونَ وَعَمْراً
وأَذَاقَ الْقُرُونَ طَعْمَ الزُّعَاقِ
مَنْ أَبَاحَ الْحُصُونَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ
ومحا بالحسامِ زبرَ الغساقِ
مَنْ أَتَى بِالْوَلِيدِ بِالرَّوْعِ قَسْراً
بَعْدَ عِزِّ الْعُلاَ بِذُلِّ الْوَثَاقِ
من رقيَ غاربَ النبيِّ وأمسى
معهُ قائماً بسبعٍ طباقِ
مَنْ بِفَجْرِ النِّصَالِ أَوْضَحَ دِيناً
طالما كانَ قاتمَ الأعماقِ
وَاصَلَ اللهُ نُرْبَة ً أَضْمَرَتْهُ
بِصَلاَة ٍ كَقَطْرَة ِ الْمُهْرَاقِ
وارثُ البحرِ والهزبرِ وصلتُ الـ
ـبَدْرِ كُلاًّ وَعَارِضُ الإِنْفَاقِ
يَا إِمَامَ الْهُدَى وَمَنْ فَاقَ فَضْلاً
وَمَلاَ الْخَافِقَيْنِ بِالإِيْتِلاَقِ
قد سلكتُ الطريقَ نحوكَ شوقاً
ورجائي مطيتي ورفاقي
أسرتني الذّنوبُ آية َ أسرٍ
وَالْخَطَايَا فَمُنَّ في إِطْلاقِي
أَوَّلُ الْعُمْرِ بِالضَّلاَلِ تَوَلَّى
سَيِّدِي فَاصْلِحِ السِّنِينَ الْبَوَاقِي
أنا رقٌّ بكَ استجرتُ فكن لي
مِنْ أَلِيْمِ الْعَذَابِ بِالْبَعْثِ وَاقِ
زَفَّ فِكْرِي إِلَيْكَ بِكْرَ قَرِيضٍ
بَرَزَتْ فِي غَلاَئِلِ الأَوْرَاقِ
صانها عن سوى علاكَ شهابٌ
يَا شِهَاباً أَضَاءَ بِالإِشْرَاقِ
فَالْتَفِتْ نَحْوَهَا بِعَينِ قَبُولٍ
فَلَهَا بِالْقَبُولِ أَسْنَى صِدَاقِ
وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ مَا رَقَصَ الْغُصْر
ـنُ وغنّت سواجعُ الأوراقِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> بزَغَتْ بِالظَّلاَمِ شَمْسُ الدُّيُورِ
بزَغَتْ بِالظَّلاَمِ شَمْسُ الدُّيُورِ
رقم القصيدة : 9747
-----------------------------------
بزَغَتْ بِالظَّلاَمِ شَمْسُ الدُّيُورِ
فأرت بالشتاء وقتَ الهجيرِ
وَشَهِدْنَا الْهَبَاءَ كالنَّقْعِ لَيْلاً
حَوْلَهَا إِذْ بَدَتْ مِنَ الْبَلُّورِ
وأرتنا السّماءَ ذاتَ احمرارٍ
ومحا نورها السّوادُ الأثيري
فحسبنا النجومَ فيها فصوصاً
مِنْ عَقِيقٍ وَجِرْمَهَا مِنْ حَرِيرِ
وغشت في شعاعها الأرضَ طرّاً(91/316)
فجرى ذوبُ لعلها في البحورِ
نارُ رَاحٍ ذَكِيَّة ٌ قَدْ أَصَارَتْ
كُرَة َ الزَّمْهَرِيرِ حَرَّ السَّعِيرِ
خفيت من لطافة ِ الجرمِ حتّى
لا ترى في وعائها غيرَ نورِ
بَايَنَ الْمَاءُ لَونَهَا فَالأَوَانِي
كالمساوي لها على المشهورِ
تَمْلأُ الْمُحْتَسِي ضِيَاءً إِلَى أَنْ
تنظرُ العينُ سرّهُ بالضميرِ
لَوْ حَسَاهَا بَنُو زُغَاوَة َ يَوْماً
مِنْ سَنَاهَا لَلُقِّبُوا بالْبُدُورِ
ذاتُ نورٍ إذا جلتها سحيراً
في زُجَاجِ الْكُؤُوسِ كَفُّ الْمُدِيرِ
خلتَهُ بالفضيخِ مرَّ جميعاً
ثُمَّ بِالنَّارِ خَاضَ بَعْدَ الْمُرُورِ
صاحَ قد راحَ وقتنا فاغتنمهُ
وانتهب فرصة َ الزمانِ الغيورِ
أتخيَّلتَ أنَّ وقتك ليلٌ
سَفَهاً إِنَّ ذَا دُخَانُ الْبَخُورِ
فَلَقَدْ شَجَّ في عَمُودِ سَنَاهُ
فَلَقُ الصُّبْحِ هَامَة َ الدَّيْجُورِ
وبحورُ الظّلامِ غرنَ وعامت
حُوتُهَا مِنْ ضِيَائِهِ فِي غَدِيرِ
وغدت تقطفُ الأقدحَ يداهُ
من رياضِ الملابِ والكافورِ
وَغَدَا الْكَفُّ والذِّرَاعُ خَضِيباً
وبدا بالدّجى نصولُ القتيرِ
وانْثَنَى الْقَلْبُ خَافِقاً إِذْ تَجَلَّى
مصلتاً صارمُ الهلالِ المنيرِ
وشدا الديكُ هاتفاً وتغنّى
الورقُ بالأيكِ خاطباً للطيورِ
وبد الطّلعُ ضاحكاً ثمَّ أهدى الـ
ـطلُّ منظومهُ إلى المنثورِ
فاصطحبها على خدودِ العذارى
واسقنيها على أقاحِ الثغورِ
لَمْ نَزَلْ مِنْ نَوالِهِ في سَحَابٍ
بَيْنَ خُضْرِ الرِّيَاضِ بِيْضَ النُحُورِ
كلما فاكهوا الجليسَ بلفظٍ
نَظَمَتْهُ الْحَبَابُ فَوْقَ الْخُمُورِ
طَلَبُوا الْمَجْدَ بِالرِّمَاحِ وَنَالُوا
بالظّبى هامة المحلِّ الأثيرِ
صبية ٌ زفّها الصباءُ ارتياحاً
لِلْمَلاَهِي عَلَى بِسَاطِ السُّرُورِ
وبدورٌ من السقاة ِ تعاطي
في كؤوس النّضارِ شمسَ العصيرِ
ما سَعَتْ بِالْمُدَامِ إِلاَّ أَرَتْنَا
قُضُبَ الْبَانِ فِي هِضَابِ ثَبِيرِ
كلُّ ظبيٍ عزيزِ شكلٍ غريرِ
يفضح البدرَ بالجمالِ الغزيرِ(91/317)
بل أصمٌّ وشاحهُ منطقيٌّ
صَحَّ في جَفْنِهِ حِسَابُ الْكُسُورِ
سكريٌّ رضابهُ كوثريٌّ
جَنَّة ٌ عَذَّبَ الأَنَامَ بِجُورِ
كُلَّمَا هَبَّ بِالْمُدَامِ نَشَاطاً
كسّلَ النّومُ جفنهُ بالفتورِ
فرعهُ والوشاحُ سارا فهذا
كَ اغتدى متهماً وذا بالغويرِ
كَمْ غَزَا الصَّبرَ بِاللِّحَاظِ كَمَا قَدْ
غزت الشّوسُ أنصلُ المنصورِ
يَوْمَ غَازَتْ جِيَادُهُ آلَ فَضْلٍ
كُلَّمَا سَارَ بالظُّبَى وَالْعَوَالِي
جحفلٌ يقتلُ الجنينَ إذا ما
سارَ في الأرضِ وقعهُ في النّحورِ
لَجِبٌ مِنْ دَوِيِّهِ الْخَلْقُ كَادُوا
يخرجوا للحسابِ قبلَ النّشورِ
مَارَفِيْهِ السَّمَاءُ والأَرْضِ مَادَتْ
وَتَنَادَتْ جِبَالُهَا لِلْمَسِيرِ
سَارَ وَهناً عَلَيْهِمِ وَأَقَامَتْ
خَيْلُهُ بِالنَّهَارِ حَتَّى الْعَصِيرِ
وأتى منهلَ الدويرقِ ليلاً
وسرى من معينهِ من سحيرِ
وأتى الطّيبَ والدّجيلَ نهاراً
تَقْتَفِيهِ الأُسُودُ فَوْقَ النُّسُورِ
وغدا يطّوي القفارَ إلى أن
نشرت خيلهُ ثراءَ الثّغورِ
وانْثَنَتْ تَقْلِبُ الْفَلاَة َ عَلَيْهِمِ
بِمَدَارِي قَوَائِمٍ كالدَّبُورِ
وَغَدَتْ عُوَّماً بِدَجْلَة َ حَتَّى
صارَ لجّيُّ مائها كالأسيرِ
وأتت بالضّحى الجزيرة َ تردي
بأسودٍ تروعها بالزئيرِ
فرماها بها هناكَ فأضحوا
مَالَهُمْ غَيْرَ عَفْوِهِ مِنْ نَصِيرِ
أسلموا المالَ والعيالَ وولّوا
هَرَباً بِالنُّفُوسِ في كُلِّ غوْرِ
وهو لو شاء قتلهم ما أصابوا
مهرباً من حسامهِ المشهورِ
أين منجى الظباءِ بالغورِ ممّن
يَقْنِصُ الْعُصْمَ مِنْ قِنَانِ ثَبِيرِ
ذعرت منهم القلوبُ فأمست
بَيْنَ أَحْشَائِهِمْ كَمَوْتَى الْقُبُورِ
سَفَهاً مِنْهُمُ عَصَوْهُ وَتِيهاً
وضلالاً رماهمُ بالغرورِ
زعموا في بلادهم لن ينالوا
من بوادي العقيقِ أهلَ السّديرِ
فَنَفَى زَعْمَهُمْ وَسَارَ إِليْهِمِ
ورماهم بجيشهِ المنصورِ
مَلِكٌ كُلَّمَا سَرَى لِطِلاَبٍ
يَحْسَبُ الأَرْضَ كُلَّهَا كَالْنَقِيرِ(91/318)
هَوَّنَ الْبَأْسُ عِنْدَهُ كُلَّ شَيءٍ
والعظيمُ العظيمُ مثلُ الحقيرِ
لم تزل من نوالهِ في سحابٍ
يُنْبِتُ الدُّرَّ في رِيَاضِ الْفَقِيرِ
يا أبا هاشمَ المظفّرَ لازلـ
ـتَ تغيرُ العدوَّ طولَ الدّهورِ
فلقد جزتَ بالفخارِ مقاماً
شيّدتهُ الرماحُ فوقَ العبورِ
ذَلَّتِ الْكَائِنَاتُ مِنْكَ إِلَى اَنْ
صَارَ مِنْهَا الْعَزِيزُ كَالْمُسْتَجِيرِ
وعممتِ العبادُ منكَ بفيضٍ
صَيَّرَ الزَّاخِرَاتِ مِثْلَ السُّتُورِ
دمتَ بالدهرِ ما بدا البدرُ كنزاً
لفقيرٍ وجابراً لكسيرِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> ما حرِّكت سكناتُ الأعينِ النّجلِ
ما حرِّكت سكناتُ الأعينِ النّجلِ
رقم القصيدة : 9748
-----------------------------------
ما حرِّكت سكناتُ الأعينِ النّجلِ
إِلاَّ وَقَدْ رَشَقَتْهَا أَسْهُمُ الأَجَلِ
رنت إلينا عيونُ العينِ من مضرٍ
فَاسْتَهْدَفَتْنَا رُمَاة ُ النَّبْلِ مِنْ ثُعَلِ
بِمُهْجَتِي رَبْرَبَ السِّرْبِ الْمُخَيِّمَ فِي
قاماتهنَّ فخفنا دولة الأسلِ
قَلْبِي هِلاَلَ نُجُومِ الْحَيِّ مِنْ ذُهُلِ
تَاللهِ لَمْ أَنْسَ بِالزَّوْرَاءِ زَوْرَتَهُ
والليل خامرَ عينَ الشّمسِ بالكحلِ
أَمَا وَزَنْجِ لَيَالِيْنَا الَّتِي سَلَفَتْ
والسّادة ِ الغرِّ من أيّامنا الأولِ
لولا هوى ثغرهِ الدّريِّ ما انتشرتْ
تلكَ اليواقيتُ من عيني على طللِ
وَلاَ شَجَانِيَ بَرْقٌ في تَبَسُّمِهِ
ولا جنيتُ بسمعي شهدة َ الغزلِ
إِنَّا لَقَوْمٌ تَقُدُّ الْبِيضَ أَنْصُلُنَا
وَمَالَنَا في لِقَاءِ الْبِيضِ مِنْ قِبَلِ
نَغْشَي النِّصَالِ مِنَ الأَجْفَانِ إِنْ بَرَزَتْ
وَنَخْتَشِيهَا إِذَا انْسَلَّتْ مِنَ الْمُقَلِ
وَيَصْدُرُ النَّبْلُ عَنَّا لَيْسَ يَنْفُذُنَا
إِلاَّ إِذَا كَانَ مَطْبُوعاً مِنَ الكَحَلِ
وَشَمْسِ خِدْرٍ بِأَوْجِ الْحُسْنِ مَطْلِعُهَا
في دَارَة ِ الأَسَدِ الضِرْغَامِ لاَ الْحَمَلِ
شَمْسٍ مِنَ الذَّهَبِ الرُّومِيِّ قَدْ حُرِسَتْ(91/319)
بِأَنْجُمٍ مِنْ حَدِيدِ الْهِنْدِ لَمْ تَحُلِ
مخمورة َ الجفنِ لاتنفكُّ مقلتها
يردّدُ الغنجُ فيها حيرة َ الّثمل
تحولُ من دونها لجُّ النّصالِ فلو
رامَ الوصولَ إليها الطّرفَ لم يصلِ
خرقت سجفَ الضّيا عنها وجزتُ إلى
كناسها فوقَ هاماتِ القنا الذُّبلِ
قَامَتْ فَعَانَقَنِي ظَبيٌ فَقَبَّلَنِي
بَرْقٌ وَمَالَ عَلَيَّ الغُصْنُ فِي الْحُلَلِ
واسْتَقْبَلَتْنِي بِبِشْرٍ وَهْيَ قَائِلَة ٌ
والذّعر يصبغ منها وردة َ الخجلِ
أما خشيتَ المنايا مكن مناصلها
فَقُلْتُ وَالْقَلْبُ لاَ يُطْوَى عَلَى وَجلِ
لو أتّقي الرّجم من شهبِ النِّضالِ لما
فِي اللَّيْلِ نِلْتُ عِنَاقَ الشَّمْسِ فِي الكُلَلِ
لاَ يُدْرِكُ الأَمَلَ الأَسْنَى سِوَى رَجُلٍ
يشقُّ بحرَ الرّدى عن جوهرِ الأملِ
وَلاَ يَنَالُ الْمَعَالِي الْغُرَّ غَيْرُ فَتى ً
يَدُوسُ شَوْكَ الَعَوَالِي غَيْرَ مُنْتَعِلِ
يولي النّضار إذا ضنَّ الحيا كرماً
وَيَعْصَمُ الرَّأْيَ أَنْ يُفْضِي إِلَى الزَّلَلِ
متوجُ السّمرِ عالي البيضِ مجتمعٌ
مُفَرَّقُ الطَّعْمِ بَيْنَ الصَّابِ وَالْعَسَلِ
قِرْنٌ إِذا ما اكفَهرَّ اْلخَطْبُ سلَّ لهُ
رأْياً كَمُنْصُلِ منْصُورِ اللِّوا البَطَيل
قاني الصّوارمَ مسودُّ الملاحمِ مبـ
ـيضُّ المكارمِ مخضرُّ الّندى الخضلِ
قُطْبُ الْفَخَارِ شِهَابُ الرَّجْمِ يَوْمَ وَغى ً
بَدْرُ الْممالِكِ شَمْسُ الأَرْضِ وَالْحِلَلِ
الْخَائِضُ الْغَمَرَاتِ السُّودِ حَيْثُ بِهِ
فَوْقَ النَّوَاصِي الْمَوَاضِي البِيضُ كَالظُّلَلِ
عقدٌ تقلّدَ جيدُ الدّهرِ جوهرهُ
فَأَصْبَحَ الدَّهْرُ فِيْهِ حَالِيَ الْعَطَلِ
قرّت به مقلُ لاأيامِ وابتسمت
بِهِ الثُّغُورُ وَزَانَتْ أَوْجُهَ الدُّوَلِ
هُوَ الْجَوَابُ الَّذِي رَدَّ السُّؤَالَ بِهِ
لِسَائِلٍ مَنْ كَعَبْدِ اللهِ أَوْ كَعَلِي
مُعرَّفُ الْبَأْسِ لاَيَنْفَكُّ تَبْرُزُ فِي
ضَمِيرِ جَفْنٍ بِقَلْبِ الْقِرْنِ مُتَّصَلِ(91/320)
يَامَنْ يُشَبَّه بِالأَمْطَارِ نَائِلُهُ
أَقْصِرْ فَمَا لُجَجُ الأبْحَارِ كَالْوَشَلِ
أنظر إليهِ ترى ليثاً وشمسَ علاً
وَبَحْرَ جُودٍ بَرَاهَا اللهُ فِي رَجُلِ
هيهاتَ يلقى العلى قرناً يماثلهُ
إلاَّ إِذَا غَضَّ عِيْنَيِه عَلَى حَوَلِ
إذا أعدَّ قسيُّ الجودِ يمَ ندى ً
رمى بسهمِ العطايا مهجة َ البخلِ
مِنَ الأُولَى الْمُكْرِمِي الْجَارِ الْمُلِمِّ بِهِمْ
وَالْمُنْزلِيهِ هِضَابَ الْعِزِّ والْجذَلِ
أَمَا وَبَارِقِ هِنْدِيٍّ وَطَلْعَتِهِ
بعارضٍ من نجيع القومِ منهملِ
لولاكَ حلّتْ بأرضِ الحوزِ زلزلة ٌ
ترمي دعائمَ دينِِ اللهِ بالخذلِ
أتيتها بعد أن كادت تميدُ بنا
وَكَادَ يُقْرَعُ سِنُّ الأَمْرِ بِالْخَبَلِ
قَرَّتْ بِحُكْمِكَ حَتَّى قَالَ قَائِلُهَا
قُدِّسْتَ يَا عَرَفَاتِ الْمَجْدِ مِنْ جَبَلِ
ثَقَّفْتَ مَيْلَ قَناة ِ الْمُلْكِ فَاعْتَدَلَتْ
قَسْراً وَقَوَّمْتَ مَا بِالْحَقِّ مِنْ مَيلِ
كمْ قَدْ رَمَى إذْ نَفَى الأَعْرَابُ مَجْدَكَ في
قَوْسِ الْخِلاَفِ سِهَامَ الْغَيِّ والْجَدَلِ
فَلَمْ تُصِبْكَ وَمَا أَشْوَتْ سِهَامُهُمُ
بَلْ أَثْخُنَتْهُمْ جِرَاحُ الْخِزْيِ وَالْفَشَلِ
سلّوا من البغي سيفاً فانتضيتَ لهم
حِلْماً أَعَادَ حُسَامَ الْبَغْيِ في الْخِلَلِ
أَلْقَيْتَ فِيهِمْ عَصَا الرَّأْيَ الْمُسَدَّدِ إِذ
ألقوا إليكَ حبالَ المكرِ والحيلِ
تا للهِ لو لم يُردّوا عن ضلالتهمْ
لأصبح الجيشُ فيهم أوّلَ السّفلِ
فاصلح بتدبيركَ السّامي فسادهمُ
واسدد برأيكَ ما تلقى من الخللِ
أنت الرّجاء لرفع النّازلاتِ بنا
إِذْ يَكْشِرُ الدَّهْرُ عَنْ اَنْيَابِهِ الْعُضَلِ
قَدْ خَصَّنَا اللهُ مِنْ تَقْدِيسِ ذَاتِكَ في
سمحٍ يجلُّ عن الأندادِ والمثلِ
مَوْلاَيَ لاَبَرِحَتْ يُمْنَاكَ هَامِيَة ً
على الموالينَ في غيث النّدى الهطِلِ
أمطرتنا خلعاً حتى ظننتُ بها
قد أمطرتنا عيون الوبلِ بالبدلِ
شكراً لصنعكَ من غيثٍ همى فبدا(91/321)
رَوْضُ الْحَرِيرِ عَلَى الأَجْسَامِ وَالْمُقَلِ
لقد كفى العيد فخراً أن يقالَ بهِ
هنّيت يا سيّدَ الأيامِ والأزلِ
العيد في العامِ يومٌ عمرُ عودتهِ
وَاَنْتَ عِيدٌ مَدَى الأَيَّامِ لَمْ تَزَلِ
إِنْ كَانَ يُدْعَى بِعِيدِ الْفِطْرِ تَسْمَيَة ً
فَأَنْتَ تُدْعَى بِعِيدِ الْجُودِ والْخَوَلِ
فَلْتَهْنَ غُرَّتُهُ منْ بِشْرِ وَجْهِكَ في
هلالِ تمٍّ بنورِ الفضلِ مكتملِ
واستجلها حرة َ الألفاظِ واحدة ً
بِالْحُسْنِ تَسْمُو جَمَالَ السَّبْعة ِ الأُوَلِ
فَلاَ بَرِحْتَ بِأَوْجِ الْعِزِّ مُرْتَفِعاً
تجرُّ ذيلَ المعالي من على زحلِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> خفرت بسيف الغنج ذمّة َ مِغفَري
خفرت بسيف الغنج ذمّة َ مِغفَري
رقم القصيدة : 9749
-----------------------------------
خفرت بسيف الغنج ذمّة َ مِغفَري
وَفَرَتْ بِرُمْحِ الْقَدِّ دِرْعَ تَصَبُّرِي
وجلت لنامن تحتِ مسكة ِ خالها
كافور فجرٍ شقَّ ليلَ العنبرِ
وغدت تذبُّ عن الرِّ ضابِ لحاظها
فحمت علينا الحورُ وردَ الكوثرِ
وَدَنَتْ إِلَى فَمِهَا أَرَاقِمُ فَرْعِهَا
فَتَكَفَّلَتْ بِحِفَاظِ كَنْزِ الْجَوْهَرِي
يَاحامِلَ السَّيْفِ الصَّحيحِ إِذَا رَنَتْ
إياك ضربة َ جفنها المتكسّرِ
وَتَوَقَّ يَا رَبَّ الْقَنَاة ِ الطَّعْنِ إِنْ
حَمَلَتْ عَلَيْكَ مِنَ الْقَوَامِ بِأَسْمَر
بَرَزَتْ فَشِمْنَا الْبَرْقَ لاَحَ مُلَثَّماً
وَالْبَدْرَ بَيْنَ تَقَرْطُقٍ وَتَخَمُّرٍ
وَسَعَتْ فَمَرَّ بَنَا الْغَزَالُ مُطَوَّقاً
وَالْغُصْنُ بَيْنَ مُوَشَّحٍ وَمُؤَزَّرِ
بِأَبِي مَرَاشِفَهَا الَّتِي قَدْ لُثِّمَتْ
فوق الأقاحي بالشقيقِ الأحمرِ
وَبِمُهْجَتِي الرَّوْضُ الْمُقِيمُ بِمُقْلَة ٍ
ذهب النعاس با ذهابَ تحيّري
تاللهِ ما ذكرَ العقيقُ وأهلهُ
إِلاَّ وَأَجْرَاهُ الْغَرَامُ بِمَحْجِري
لولاهُ ما ذابت فرائدُ عبرتي
بَعْدَ الْجُمُودِ بِحَرِّ نَارِ تَذَكُّرِي(91/322)
كم قد صحبتُ به من أبناءِ الظّبا
سِرْباً وَمِنْ اُسُدِ الشَّرَى مِنْ مَعْشَرِ
وضللتَ من غسق الشّهورِ بغيهبٍ
وَهُدِيتُ مِنْ تِلْكَ الْوُجُوهِ بِنَيِّرِ
ياللعشيرة ِ من لمهجة ِ ضيغمٍ
كَمَنَتْ مَنِيَّتُهُ بِمُقْلَة ِ جُؤْذَرِ
روحي الفداء لظبية ِ الخدرِ التي
بنيَ الكناسُ لها بغابِ القسورِ
لم أنس زورتها ووجناتِ الدّجى
تنباعُ ذفراها بمسكٍ أذفرِ
أَمَّتْ وَقَدْ هَزَّ السِّمَاكُ قَنَاتَهُ
وسطا الضياءُ على الظّلامِ بخنجرِ
والقوسُ معترضٌ أراشت سهمه
بقوادم النّسرينِ أيدي المشتري
وغدت تشنّف مسمعيَّ بلؤلؤٍ
سكنت فرائدهُ غديرَ السُّكرِ
و تنهدت جزعاً فأثّر كفّها
في صدرها فنظرتُ ما لم أنظرِ
أقلامَ مرجانٍ كتبنَ بعنبرٍ
بصحيفة ِ البلّورِ خمسة أسطرِ
وَمَضَتْ وَحُمْرَة ُ خَدِّهَا مِنْ أَدْمِهَا
لبست رمادَ المسكِ بعدَ تسترِ
للهِ دَرُّ جَمَالِها مِنْ زَائِرٍ
رَسَمَ الْخَيَالُ مِثَالَهَا بِتَصَوُّرِي
لَمْ أَلقَ أَطْيَبَ بَهْجة ً مِنْ نَشْرِهَا
إلاَّ الْبِشَارَة َ في إِيَابِ الْحَيْدَرِي
إبن الهمامِ أخو الغمامِ أبو النّدى
بركاتُ شمسِ نهارنا المولى السّري
أَلخَاطِبُ الْمَعْرُوفِ قَبْلَ فِطَامِهِ
وَالطَّالِبُ الْعَلَيَاءِ غَيْرَ مُقَدِّرِ
مصباح أهلِ الجودِ والصّبح الذي
ما انجاب ليلُ البخلِ لو لم يسفرِ
قِرْنٌ إِذَا سَلَّ الْحُسَامَ حَسِبْتَهُ
نَهْراً جَرَى مِنْ لُجِّ خَمْسَة ِ أَبْحُرِ
قَرَنَ الْبَرَاعَة َ بِالشَّجَاعَة ِ وَالنَّدَى
والرأيَ في عفوٍ وحسنِ تدبّرِ
آبآؤُهُ الْغُرُّ الْكِرَامُ وَجَدُّهُ
خَيْرُ الأَنَامِ أَبُو شُبَيْرَ وَشَيْبَرِ
لو أنَّ موسى قد أتى فرعونهُ
في آي ذاتِ فقارهِ لم يكفرِ
أو لو دعا إبليسَ آدمُ باسمهِ
عندَ السّجودِ لديهِ لم يستكبرِ
أَوْ كَانَ بِالْبَدْرِ الْمُنِيرِ كَمَالُهُ
ما غارَ أو بالشمسِ لم تتكورِ
أَوْ في السَّمَاءِ تَكُونُ قُوَّة ُ بَأْسِه
في الرّوعِ يومَ البعثِ لم تتفطّرِ(91/323)
سَمْحٌ أَذَلَّ الدُّرَّ حَتَّى أنَّهُ
خشيت ثغورُ البيضِ فيها يزدري
ومحا سوادَ الجورِ أبيضُ عدلهِ
حتى تخوّفَ كلُّ طرفٍ أحورِ
يجدُ الظباء البيضَ كالبيضِ الظّبا
وصليلها بالكعمِ نغمة مزمرِ
لاَ يَسْتَلِذُّ الْغُمْضَ مَنْ لَمْ يَسْهَرِ
قُلْ للَّذِي في الْجُودِ يَطْلُبُ شَأْوَهُ
أربيتَ في الغلواءِ ويحكَ فاقصرِ
عن غيرِ مصدرِ ذاتهِ لم تصدرِ
فَالنَّاسُ مِنْ مَاءٍ مَهِيْنٍ وَهْوَ مِنْ
مَاءٍ مَعِينٍ طَاهِرٍ وَمُطَهِّرِ
يَامَنْ بِكُنْيِتِهِ تُرِيدُ تَيَمُّناً
وبه يزال تشاؤمُ المتطيِّرِ
إِنْ عُدَّ قَبْلَكَ فِي الْمَكَارِمِ مَاجِدٌ
قد كانَ دونكَ في قديم الأعصرِ
فَكَذَلِكَ الإِبْهَامُ فَهْوَ مُقَدَّمٌ
عندَ الحسابِ يعدُّ بعدَ الخصبرِ
بالفخرِ سادَ أبوكَ ساداتِ الورى
وأبوك لولاكَ ابنهُ لم يفخرِ
كَالْعَيْنِ بِالْبَصَرِ الْمُنِيرِ تَفَضَّلَتْ
مالعينُ لولا نجلها لم تبصرِ
قَسَماً بِبَارِقِ مُرْهِفٍ قُلِّدْتَهُ
وَبِعَارِضٍ مِنْ مُزْنِ جُودِكَ مُمْطِرِ
لَوْلاَ إِيَابُكَ لِلْجَزِيرَة ِ مَا صَفَتْ
مِنْهَا مَشَارِعُ أَمْنِهَا الْمُتَكَدِّرِ
أَسْكَنْتَ أَهْلِيْهَا النَّعِيْمَ وَطَالَمَا
شهدوا الحجيم بها وهولَ المحشرِ
وكسوتها حللَ الأمانِ وإنها
لولاكَ أضحت عورة ً لم تسترِ
بوركتَ كمن شهمٍ قدمتَ مشمّراً
نحو العلى إذ يحجمُ اللّيثُ الشّري
وَقَطَعْتَ أَنْوَارَ الْفَخَارِ بِأَنْمُلَ الْـ
ـفِتْيَانِ مِنْ رَوْضِ الْجَدِيدِ الأَخْضَرِ
فَلْيَهْنِكَ الْمَجْدُ التَّلِيدُ وَعَادَكَ الْـ
ـعِيدُ الْجَدِيدُ بِنَيْلِ سَعْدٍ أَكْبَرِ
وَالْبَسْ قَمِيصَ الْمُلْكِ يَا طَالُوتَهُ
وَاسْحَبْ ذُيُولَ الْفَضْلِ فَخْراً وَأْجْرُرِ
وَاسْتَحلِ بِكْرَ ثَنَا فَصَاحَة ِ لَفْظِهَا
عبثتْ بحكمتها بسحرِ البحتري
لو يعلم الكوفي بها لم يزدري
وَطِرَازَ مَكْرُمَة ٍ وَزِينَة َ مِنْبَرِ
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة(91/324)
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> نَبَتَتْ رَيَاحِينُ الْعِذَارِ بِوَرْدِهِ
نَبَتَتْ رَيَاحِينُ الْعِذَارِ بِوَرْدِهِ
رقم القصيدة : 9750
-----------------------------------
نَبَتَتْ رَيَاحِينُ الْعِذَارِ بِوَرْدِهِ
فكسا زمرّدها عقيقة ُ خدّهِ
وبدا فلاحَ لنا الهلالُ بتاجهِ
وسعى فمرَّ بنا القضيبُ ببردهِ
واستلَّ مرهفَ جفنهِ أو ما ترى
بصفاءِ وجنتيهِ خيالَ فرندهِ
وسرت أساورُ طرّنيهِ فغوّرت
في الخصرِ منهُ وأنجدت في نهدهِ
وَافْتَرَّ مَبْسِمُهُ فَشَوَّقَنَا سَنَا
بَرْقِ الْعَقِيقِ إِلَى الْعُذَيْبِ وَوِرْدِهِ
روحي فدا الرّشا الّذي بكناسهِ
أَبَداً تُظَلِّلُهُ أَسِنَّة ُ أُسْدِهِ
ظبيٌ تكسّبتِ النصالُ بطرفهِ
شرفاً إذا انتسبت لفتكة ِ جدّهِ
حَازَتْ نَضَارَة ُ خَدّهِ رَوْضَ الرُّبَا
فثنت شقائقها أعنّة ٌ رندهِ
وَسَطَتْ عَلَى حَرْبِ الرِّمَاحِ مَعَاشِرُ الْـ
أغصانِ فانتصرت بدولة ِ قدّهِ
قِرْنٌ أَشَدُّ لَدَى الوَغَى مِنْ لَحْظِهِ
نبلاً وأفتكَ صارمٍ من صدّهِ
فَالشُّهْبُ تَغْرُبُ فِي كِنَانة ِ نَبْلِهِ
والفجرُ يشرقُ في دجنّة ِ غمدهِ
تَهْوَى مُهَنَّدَهُ النُّفُوسُ كَأَنَّهُ
بَرْقٌ تَأَلَّقَ مِنْ مَبَاسِمِ رَعْدِهِ
وتودُّ أسهمهُ القلوبُ كأنما
صيغت نصالُ نبالهِ من وِردهِ
يَسْطُو فَيُشْهِدُنَا السِّمَاكَ بِسَرْجِهِ
والبدرُ مكتملاً بنثرة ِ سردهِ
فإلى مَ يطمع في جنانِ وصالهِ
خَلَدٌ تَخَلَّدَ فِي جَهَنَّمِ بُعْدِهِ
ومتى يؤمنُ راحة ً من حبّهِ
دَنِفٌ يُكِلِّفُهُ مَشَقَّة َ وَجْدِهِ
وَمُقَرْطَقٍ كَافُورُ فَجْرِ جَبِينِه
ينشقُّ عنهُ عنبرَ جعدهِ
مُتَمَنِّعٍ لِلْفَتْكِ جَرَّدَ نَاظِراً
حرست قلائدهُ بصارمِ هندهِ
بادرته والغربُ قد ألقى على
وَرْدِ الأَصِيلِ رَمَادَ مِجْمَرِ نَدِّهِ
والليلُ قد سحبت فصولَ خمارها
ليلاهُ وانسدلت ذوائبُ هندهِ
لَمَّا وَلَجْتُ إِلَيهِ خِدْراً ضَمَّ في
جنباتهِ صنماً فتنتُ بوردهِ(91/325)
زنظرتُ وجهاً راقَ منظرُ وردهِ
وشهدتُ ثغراً طابَ موردُ شهدهِ
نهض الغزالُ منهُ إليَّ مسلّماً
فزعاً وطوّفني الهلالُ بزندهِ
وغدا يزفُّ إلي كأسَ مدامة ٍ
لَوْلاَهُ مَا عُرِفَ النَّوالُ وَلاَ اهْتَدَى
نَارٌ يَزِيدُ الماءُ حَرَّ لَهِيبِهَا
لَمَّا يُخَالِطُهَا الْمِزَاجُ بِبَرْدِهِ
شَمْطَاءُ قَدْ رَأَتِ الْخَلِيلَ وَخَاطَبَتْ
موسى وكلّمتِ المسيحَ بمهدهِ
روحٌ فلو ولجت بأحشاء الدّجى
لتلقّبت بالفجرِ طلعة َ عبدهِ
فَظَلَلْتُ طَوْراً مِنْ خَلاَعَة ِ هَزْلِه
أجني العقودَ وتارة ً من جدّهِ
حَتَّى جَلَتْ شَفَقَ الدُّجَى وَتَوَقَدَّتْ
في أبنسيِّ الليلِ شعلة ُ زندهِ
يا حبّذا عيشٌ تقلَّص ظلّهُ
هَيْهَاتَ أَنْ سَمَحَ الزَّمَانُ بِرَدِّهِ
للهِ مغنى ً باليمامة ِ عاطلٌ
خلعَ الغمامُ عليهِ حلية عقدهِ
وسقى الحياحيَّ العقيقِ وباعدت
بعروضها الأعراضُ جوهرَ قدّهِ
وَغدَا الْمُحَصَّبُ حَاصِبَ الْبَلْوَى وَلاَ
خفرت عهاد العزِّ ذمة عهدهِ
رَعْياً لِمَأْلفِهَا الْقَدِيمِ وَجَادَهَا
كفُّ ابنِ منصورَ الكريمِ برفدهِ
بركاتُ لابرح العلا بوجودهِ
فرحاً ولا فجعَ الزمانُ بفقدهِ
بَحْرٌ تَدَفَّقَ بِالنُّضارِ فَأَغْرَقَ الْسَـ
ـبعَ البحارَ بلجِّ زاخرِ مدِّهِ
أسدٌ تشيّعه النسورُ إذا غزا
حَتَّى وَثِقْنَا أَنَّهَا مِنْ جُنْدِهِ
لَوْ رَامَ ذُو الْقَرْنَيْنِ بَعْضَ سَدَادِهِ
لَمْ يَمْضِ يَاجُوجٌ غَداً مِنْ سَدِّهِ
أَوْ حَازَ قُوَّتَهُ الْكَلِيمُ لَمَا دَعَا
هارونه يماً لشدّة ِ عضدْهِ
ملكٌ يريكَ ندى مباركِ عمّهِ
وعفافَ والدهِ وغيرة َ جدّهِ
لولاه ما عرفَ النَّوالُ وما اهتدى
أَهْلُ السُّؤَالِ إِلَى مَعَالِمِ نَجْدِهِ
قد خصّنا الرحمنُ منّه بماجدٍ
ودَّ الهلالُ حلولَ هامة ِ مجدهِ
أفنى وأغنى بالشّجاعة ِ والنّدى
فمماتنا وحياتنا من عندهِ
الرِّزْقُ يُرْجَى مِنْ مَخَايِل سُحْبِهِ
والموت يخشى من صواعقِ رعدهِ(91/326)
يَجْزي الَّذِي يُهْدِي الْمَدِيحَ بِبِرِّهِ
كرواً فيعطي وسقه من مدّهِ
بَغْيُ الْعَدُوِّ عَلَيْهِ مَصْلَحَة ٌ لَهُ
والمسكُ تصلحهُ مفاسدُ ضدّهِ
هَجَمَتْ عَلَى الأُمَمِ الْخُطُوبُ وَمَانَشَا
ذَهَبَتْ كَمَا ذَهَبَ الأَسِيْرُ بِقَيْدِهِ
فالحتفُ يهجمُ فوقَ قائمِ سيفهِ
وَالنَّصْرُ يَخْدِمُ تَحْتَ صَعْدَة ِ بِنْدِهِ
قنصت ثعالبهُ البزاة َ وصادتْ الـ
أسدَ الكماة َ قشاعمٌ من جردهِ
مَازَال يُعْطِي الدُّرَّ حَتَّى خَافَتِ الْـ
ـشهبُ الدّراري من مسائلِ وفدهِ
وَيَسِيرُ نَحْوَ الْمَجْدِ حَتَّى ظَنَّهُ
نَهْرُ الْمَجَرَّة ِ طَامِعاً فِي عَدِّهِ
هل من فريسة ِ مفخرٍ إلا وقد
نَشِبَتْ حُشَاشَتُهَا بِمَخْلبِ وَرْدِهِ
فَضَحَ الْعُقُودَ نِظَامُ نَاظِمِ فَضْلِهِ
وسما النّضارُ نثارُ ناترِ نقدِهِ
في الفتكِ أسمرهُ وأبيضُ جدّهِ
قَمَرٌ بِهِ صُغْتُ الْقَرِيضَ فَزُيّنَتْ
آفاقُ نظمي في أهلّة ِ حمدهِ
حَسُنَتْ بِهِ حَالِي فَوَاصَلَ نَاظِرِي
طيبُ الكرى وجفتهُ زورة ُ سهدهِ
فهو الذي بنداهُ أكبتَ حاسدي
وَأَذَابَ مُهْجَتَهُ بِجِذَوْة ِ حِقْدِهِ
يَا أَيُّهَا الرُّكْنُ الَّذِي قَدْ شُرِّفَتْ
كلُّ البرية ِ من تيمنِ قصدهِ
والماجدُ البطلُ الذي طلبَ العلا
فسرى إليهِ فوقَ صهوة ِ جدهِ
أَلْمُلْكُ جِيدٌ أَنْتَ حِلْيَة ُ نَحْرِهِ
وَالْمَجْدُ جِسْمٌ أَنْتَ جَنَّة ُ خُلْدِهِ
هُنِّئْتَ في عِيدِ الصِّيَامِ وَفِطْرِهِ
أبداً وقابلكَ الهلالُ بسعدهِ
العيدُ يومٌ في الزَّمانِ وأنتَ للـ
إسلامِ عيدٌ لم تزل من بعدهِ
لو تنصفُ الدنيا وقتك بنفسها
وفداكَ آدمُ في بقية ِ ولدهِ
لا زالتِ الأقدارُ نافذة ً بما
تنوي ومتّعكَ الزّمانُ بخلدهِ
بحث عن قصيدة بحث عن شاعر
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> ما الرّاحُ إلا روحُ كلِّ حزينِ
ما الرّاحُ إلا روحُ كلِّ حزينِ
رقم القصيدة : 9751
-----------------------------------
ما الرّاحُ إلا روحُ كلِّ حزينِ(91/327)
فأزل بخمرتها خمارَ البينِ
واستجلها مثلَ العروسِ توقّدت
بِعُقُودِهَا وَتحلْخَلَتْ بِبُرِينِ
واقطف بثغركَ وردَ وجنتها على
خدِّ الشّقيقِ ومبسمِ النّسرينِ
والثم عقيقة َ مرشفيها راشفاً
مِنْهَا ثَنَايَا اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ
رُوحٌ إِذَا فِي فِيكَ غَابَتْ شَمْسُهَا
بَزَغَتْ مِنَ الْخَدَّيْنِ والْعَيْنَيْنِ
قبسٌ يغالطنا الدّجى رأد الضّحى
فِيهَا وَيَصْدِقُ كَاذِبُ الْفَجْرَيْنِ
ما زفَّها السَّقي بطائر فضَّة ٍ
إلا وحلَّق واقعَ النَّسرين
حَاكَتْ زُجاجَة ُ كَأْسِهَا الْقِنْدِيلَ إِذْ
مشكاتُها اتَّقدت بلا زيتونِ
تَبْدُو فَيَبْدُو الأُفْقُ خَدَّ عَشِيقَة ٍ
وَاللَّيْلُ لِمَّة َ عَاشِقٍ مَفْتُون
مَبْنِيَّة ٌ بِفَمِ النَّزِيفِ مَذَاقُهَا
كرضابِليلى في فمِ المجنونِ
بكرٌ إذا ما الماء أذهب بردها
صَاغَ الْحُبَابُ لَهَا سِوَارَ لُجَيْنِ
لو كان في حوض الغمام محلُّها
لَجَرَى العَقِيقُ مِنَ السَّحَابِ الْجُونِ
أو لو أريقت فوق يذبل جرعة
منها لأصبح معدن الرَّاهون
وَمُضَارِعٍ لِلْبَدْرِ مَاضٍ لَحْظُهُ
مُتَسَتِّرٌ فِيهِ ضَمِيرُ فُنُون
رشأ غدت حركات كسر جفونه
تبني على فتح السُّهاد جفوني
روحي له وقف والف يمينه الـ
ـمَمْدُودُ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ حَنِينِي
مهموز صدغ كم صحيح جوى غدا
بلفيفه يشكو اعتلال العين
مُتَفِقّهٌ بِوصَالِهِ مُتَوَقِّفٌ
ويرى القطيعة من أصول الدين
رؤياه مفتاح الجمال وخصره
تلخيص شرح مطوَّل التحسين
حَيَّا بِزَوْرَتِهِ خُلاَصة َ صُحْبَة ٍ
وبدا فأبرز مشرق الشمسين
وَافْتَرَّ مُحْتَسِياً لَهَا فَأَبَانَ عَنْ
برقين مبتسمين عن سمطين
وشدا وطاف بها فأحيا ميت الـ
ـعُشَّاقِ فِي رَاحَيْنِ بَلْ رُوحَيْنِ
من لي بوصل مهاة خدرٍ فارقت
عيني وظبي أفلتته يميني
لله أيام الوصال وحبذا
سَاعَاتُ لَهْوٍ فِي رُبَى يَبْرِينِ
مَغْنى ً بِحُبِّ السَّاكِنِينَ يَسُوغُ لِي
نَظْمُ النَّسِيبِ وَنَثرُ دُرّ شُؤُونِي(91/328)
لاَ زَالَ يَبْتَسِمُ الأَقَاحُ بِهِ وَلاَ
بَرِحَ الشَّقِيقُ مُضَرَّجَ الْخَدَّيْنِ
أحوى كأن مياهه ريق الدمى
وَهَوَاهُ أَنْفَاسُ الْحِسَانِ الْعِينِ
ضَاهَى عُيُونَ الْغَانِيَاتِ بِنَرْجِسٍ
وسما على قاماتها بغصون
فَلَكَمْ رَشَفْتُ عَلَى زُمُرُّدِ رَوْضِهِ
زَمَنَ الشَّبَابِ عَقِيقَة الزَّرَجُونِ
وَأَمِنْت بَأْسَ النَّائِبَاتِ كَأَنَّمَا
بركات أمسى كافلي وضميني
سامي الحقيقة لا يحس نزيله
بِحَوَادِثِ التَّقْدِيرِ وَالتَّكْوِينِ
بشَرٌ يُرِيكَ الْبَحْرَ تَحْتَ رِدَائِهِ
والبدر فوق سريره الموضون
غَيْثٌ بِنُوَّارِ الشَّقِيقِ إِذَا سَمَا
تزهو رياض المقتر الديون
قَاضٍ بِأَحْكَامِ الشَّرِيعَة ِ عَالِمٌ
بقواعد الإرشاد والتبيين
عدل تحكَّم في البلاد فقام في
مَفْرُوضِ دِينِ اللهِ وَالْمَسْنُونِ
بَلَغَ الْكَمَالَ وَمَا تَجَاوزَ عُمْرُهُ
عشرا وحاز الملك بالعشرين
خطب المعالي بالرماح فزوجت
بكر العلا منه بليث عرين
تَلْقَى الْعِدَا وَالْوَفْدُ مِنْهُ إِذَا بَدَا
تِيْهَ الْعَزِيزِ وَذِلَّة َ الْمِسْكِينِ
سمح لمن طلب الإفادة باسط
بِبَنَانِهِ وَبَيَانِهِ كَنْزَيْن
مَا مَدَّ رَاحَتَهُ وَجَادَ بِعِلْمِهِ
إِلاَّ الْتَقَطْنَا لُؤْلُؤَ الْبَحْرَيْنِ
لو بالبلاغلة للنوبة يدعي
لغدا وما قرآنه بغضين
مِنْ مَعْشَرٍ لَهُمُ عَلَى كُلِّ الْوَرَى
شرف النجوم على حصى الأرضين
سامٍ لمنصله وشسعي نعله
فَخْرُ الْهِلاَلِ وَرِفْعَة ُ الشَّرَطَيْنِ
هَمَسَتْ بِأَصْوَاتِ الطُّغَاة ِ فَكَادَ أَنْ
لاَ يَسْتَهِلَّ بِهِمْ لِسَانُ جَنِينِ
وتيقَّنت بالتُّكل بيضهم فلو
قَدَرَتْ لَمَا سَمَحَتْ لَهُمْ بِبَنِينِ
غصَّت جلالته العيون وربما
نَظَرَتْ إِلَيْهِ فَحِرْنَ فِي أَمْرَيْنِ
قبس جرى بيديه جدول صارم
وغمامة حملت شهاب رديني
عَفُّ الْمَآزِرِكَمْ ذُكُورُ نِصَالِهِ
فِيهِ اسْتَبَاحَتْ مِنْ فُرُوجِ حُصُونِ(91/329)
قَيْلٌ يُصَانُ لَدَيْهِ جَوْهَرُ عِرْضِهِ
لكبا بسابقة عثار حرون
يمسي الفقير إذا أتاه كانما
غصب الغنى من راحتي قارون
مَوْلى ً يَلُوذُ الْمُذْنِبُونَ بِعَفْوهِ
وَيَفُكُّ قَيْدَ الْمُجْرِمِ الْمَسْجُونِ
يَا حَادِيَ الْعَشَرِ الْعُقُولِ وَثَانِيَ الدَّ
هْرِ الْمَهُولِ وَثَالِثَ الْقَمَرَيْنِ
والثابت المغوار والقرن الذي
لاَ تَسْتَقِرُّ سُيُوفُهُ بِجُفُونِ
فلقد أنار الله فيك نهارنا
وجلا الظلام بوجهك الميمون
وَكَسَا بِكَ الدُّنْيَا الْجَمَالَ وَزَيَّنَ ا
لأَيَّامَ مِنْ عَلْيَاكَ فِي عِقْدَيْنِ
وأبان رشد عباده بك فاهتدوا
بعد الضلال بأوضح النَّجدين
فتهنَّ بالعيد المبارك واغتنم
أجر الصيام وبهجة الفطرين
وألبس جلابيب العلا وتدرَّع الـ
ـنَّصْرَ الْعَزِيزَ وَحُلَّة َ التَّمِكْينِ
واستجل من فكري عروساً مالها
كفؤ سواك بسائر الثقلين
وَأَبِيكَ يَا مَنْ حُكِّمَتْ بِيَمِينِهِ
بيض العطايا في رقاب العين
لَوْلاَ حَيَا كَفَّيْكَ مَا حَيَّا الْحَيَا
روضي ولا ساحت بطاح معيني
كلا ولا نلت النَّعيم ولا نجت
روحي العزيزة من عذاب الهون
بَلَغَتْ مَدَى الأَقْصَى لَدَيْكَ مَطَالِبِي
وَأَصَابَتِ الْغَرَضَ الْبِعِيدَ ظُنُونِي
لِي فِي مَعَانِيكَ اعْتِقَادُ وِلاً فَلَوْ
كُشِفَ الْغِطَامَا ازْدَادَ فيكَ يَقِيِني
أرسل قصيدة | أخبر صديقك | راسلنا
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> رنا فسلَّ على العشاق أحوره
رنا فسلَّ على العشاق أحوره
رقم القصيدة : 9752
-----------------------------------
رنا فسلَّ على العشاق أحوره
سَيْفاً عَلَيْهِمْ ذِمَامُ الْبِيضِ يَخْفِرُهُ
وماس تيهاً فثنى في غلالته
قَدّاً بِحُمْرِ الْمَنَايَا سَالَ أَسْمَرُهُ
وَافْتَرَّ عَنْ لُؤْلُؤٍ مَا لاَحَ أَبْيَضُهُ
إلا وياقوت دمعي سال أحمره
يَا غَيْرَة َ الْبَانِ إِذْ يُثْنَى مُوَشَّحُهُ
وَخَجْلَة َ الْبَرْقِ إِذْ يَبْدُو مُؤَشَّرُهُ(91/330)
بِمُهْجَتِي دَعَجاً يَجْرِي بِمُقْلَتِهِ
لاَ أَعْرِفُ الْمَوْتَ إِلاَّ حِينَ أَنْظُرُهُ
وبالجفون جمالاً تحت برقعه
لاَ يُسْفِرُ الصُّبْحُ إِلاَّ حِينَ يُسْفِرُهُ
فِي بِيعَة ِ الْحُسْنِ مِنْهُ يَنْجَلِي صَنَمٌ
دِينُ الْمَسيحِ بِهِ يَقْوَى تَنَصُّرُهُ
له محيَّا لحاظي إن تعندمه
ثوب الدجنة من لوني يعصفره
قَاسَمْتُهُ الْوَرَدَ لَوْنَيْهِ فَأَحْمَرُهُ
في وجنتيه وفي خدَّيَّ أصفره
مُهَفْهَفُ الْقَدِّ لَغْوِيُّ النِطَاقِ حَوَى
معنى كمحذوف نحوي يقدِّره
مُجَرَّدُ الْخَدِّ مِنْ شَعْرٍ يَدبُّ بِهِ
وَالْجَوُّ كَالْغَسَقِ الْمُسْوَدِّ أَبْيَضُهُ
لِلْحِتْفِ فِي جَفْنِهِ السَّاجِي مُضَارَعَة ٌ
لِذلِكَ اشْتُقَّ مِنْ مَاضِيهِ مَصْدَرُهُ
متوَّج بنهار الشيب عممني
لمَّا تقنَّع بالديجور نّيره
ما كرَّ في جيشه مهراج طرته
على سنا البدر إلا فرَّ قيصره
وَلاَ اسْتَثَارَ دُخانَ النَّدِّ عَارِضُهُ
إلا وشيب قذالي شيب مجمره
تَشَبَّهَ الطِّيْبُ فِي خَدَّيْهِ إِذْ نَبَتَا
فَابْيَضَّ كَافُورُهُ وَاسْوَدَّ عَنْبَرُهُ
فَسِحْرُ عَيْنَيهِ عَنْ هَارُوتَ يَسْنُدُهُ
وَخَطُّ خَدَّيْهِ عَنْ كَافُورَ يَسْطُرُهُ
تَسْتَوْدِعُ الدُّرَّ مِنْ أَلْفَاظِهِ أُذُنِي
نظماً فتسرقه عيني فتنثره
أَمَا وَقُضْبَانِ مَرْجَانٍ بِجَنَّتِهَا
مِنْ فَوقِ أُنْبُوبِ بَلُّورٍ يُسَوِّرُهُ
وَشِينِ شَهْدَة ِ مَعْسُول بِمَلْثِمهِ
وقاف قامة عسَّال يزنره
لولا حرير غذاريه لما نسج الـ
ـديباج شعري ولافكري يصوره
إلىم يا قلب تصفي الود ذا ملل
لا يستقر ولا يصفو مكدره
إن الملول وإن صافاك ذو عجب
إِنْ حَالَ مُسْكِرُهُ أَوْ مُجَّ سُكَّرُهُ
يا خيبة السعي قد ولَّى الشباب ولا
أَدْرَكْتُ سُؤْلِي وَعُمْرِي فَاتَ أَكْثَرُهُ
فَمَا وَفَى لِي حَبِيْبٌ كُنْتُ أَعْشَقُهُ
وَلاَ صَفَا لِي خَلِيلٌ كُنْتُ أَوْثِرُهُ
وَلاَ اخْتَبَرْتُ صَدِيقاً كُنْتُ أَمنْحُهُ(91/331)
صفو السريرة إلا صرت أحذره
يا دهر ويحك إن الموت أهون من
مُذَمَّمٍ بِكَ يُؤْذِينِي وَأَشْكُرُهُ
ما لي ومالك لا تنفك تقعدني
إِنْ قُمْتُ لِلْمَجْدِ أَوْ حَظِّي تُعَثِّرُهُ
لَقَدْ غَدَا الْبُخْلُ شَخْصاً نَصْبَ أَعْيُنِنَا
فَأَصْبَحَ الْجُودُ عَهْداً لَيْسَ نَذْكُرُهُ
وعاد يطوي لواء الحمد رافعه
لولا يدا بركات المجد تنشره
رَبُّ النَّوَالِ الَّذِي لَوْلاَ مَوَاهِبُهُ
سمط القوافي لدينا بار جوهره
الْمُتْبِعُ الْهِبَة ِ الأُؤلَى بِثَانِيَة ٍ
وأكرم المزن ما يوليك ممطره
سر الإله الذي المخلق أبرزه
لطفاً وكاد فؤاد الغيب يضمره
مملك يركب الأمر المخوف ومن
فوق الأفاعي به يمشي غضنفره
كأنما الموت ملزوم بطاعته
في كل ما هو ينهاه ويأمره
يضم منه غدير الدرع بحر ندى
وَيَحْتَوِي مِنْهُ بَدْرَ التِّمِّ مِغْفَرُهُ
سمح تحرَّج نهر السائلين ولا الـ
ـدُّرُّ اليتيم عن الرَّاجين يقهره
يعطي الجزيل فلا عذراً يقدمه
لِلطَّالِبِينَ وَلاَ وَعْداً يُؤخِّرُهُ
تَمَلَّكَ الْحَوْزَ فَلْتَهْرُبْ ثَعَالِبُهُ
فقد تكفَّل جيش الملك قسوره
مهذَّب فطن كادت فراسته
عمَّا بقلبك قبل القول تخبره
لا يلحق الذُّلُّ جاراً يستعز به
ولا يرى الأمن مرعوب يذعره
بِعَدْلِهِ الظَّالِمُ الْمَرْهُوبُ يُخْذُلُهُ
وَجَانِبُ الْبَائِسِ الْمَظْلُومِ يَنْصُرُهُ
إن زاره سائل عاف يعظمه
وَإِنْ تَآتَاهُ جَبَّارٌ يُحَقِّرُهُ
لفت على الهامة العليا عمامته
وَشُدَّ فَوْقَ عَفافِ الْفَرْجِ مِئْزَرُهُ
لاَ نَعْرِفُ الْجَدْبَ إِلاَّ عِنْدَ غَيْبَتِهِ
وَلاَ نَرَى الْغَيْثَ إِلاَّ حِينَ نُبْصِرُهُ
قد حالف السيف منه أيَّ داهية
كبرى وصافح يمنى الموت خنجره
كَمْ قَدْ أَغَارَ وَشُهْبُ اللَّيْلِ غَائِرَة ٌ
والفجر ينبتُّ بالكافور عنبره
فآب والأسد في الأغلال خاضعة
وعاد بالنُّجح والأنفال عسكره
وَالدُّهْمُ كُمْنٌ وَسُمْرُ الْخَطِّ تَحْمَدُهُ
والبيض صفر مصونات تكبره(91/332)
والجو الغسق المسود أبيضه
وَالسَّيفُ كَالشَّفَقِ الْمُحمَرِّ أَخْضَرُهُ
هُوَ الْهُمَامُ الَّذِي صَحَّتْ سِيَادَتُهُ
واشتق من أنبياء الله عنصره
هَمَّ الْعِدَا بِذَهَابِ النُّورِ مِنْهُ وَمَا
يَطْفُونَ نُوراً يُرِيدُ اللهُ يُظْهِرُهُ
يبغون محو اسمه من صحف منصبه
والله في لوحه المحفوظ يزبره
بَغَوْا عَلَيْهِ وَمَنْ يَجْعلْ تِجَارَتَهُ
بضاعة البغي يوماً خاب متجره
وحاولوا الغدر فيه وهو أمنهم
وَصَاحِبُ الْغَدْرِ يَكْفِي فِيْهِ مُنْكَرُهُ
وَدَبَّرُوا الأَمْرَ سِرّاً وَهْوَ مُتِّكِلٌ
وربه فوق أيديهم يدبره
فَأَدْرَكُوا الْوَيلَ وَالْحُزْنَ الْطَوِيلَ وَمَا
رَأَوْا مِنْ الأَمْرِ شيْئاً سَرَّ مَنْظَرُهُ
فكم عزيز له ولَّت ضراغمه
وَكَمْ كِنَاسِ خِباً قَدْ فَرَّ جُؤْذَرُهُ
مَوْلاَيَ فَلْتَهْنِكَ الدُّنْيَا وَعَوْدَتُهَا
إِلَيْكَ وَالْعِيْدُ قَدْ وَافَى مُبَشِّرُهُ
وليهننا حج بيت منك دار على
شعائر البر والمعروف مشعره
وارم العدا بجمار النبل واسع إلى
منى وغنى يرهب الضرغام منحره
وَبَشِّرِ الْخَصْمَ أَنَّ الْبَغْيَ يَصْرَعُهُ
وَمَاردَ الْجَوْرِ أَنَّ الظُّلمَ يَدْحَرُهُ
واستجل درَّ قريض كاد في حكم
نظم البديع بيان المرء يسحره
ودم مدى الدَّهر في عزٍّ وفي شرف
يسمو على الفلك الدوَّار مفخره
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> تلثَّم بالعقيق على اللآلي
تلثَّم بالعقيق على اللآلي
رقم القصيدة : 9753
-----------------------------------
تلثَّم بالعقيق على اللآلي
فغشَّى الفجر من شفق الجمال
وقنَّع بالدجى شمس المحيَّا
فَبَرْقَعَ بِالضُّحَى لَيْلَ الْقَذَالِ
وَهَزَّ قَوَامَهُ فَثَنَى قَضِيباً
إليهتنقَّلت دول العوالي
وَدَبَّ عِذَارُهُ فَسَعَتْ إِلَيْنَا
أفاعي الموت في صور النمال
بدا فتقطعت مهج الغواني
وحاصت فيه أحداق الرجال
وَخُتِّمَ بِالْعَقِيقِ فَزَانَ عِنْدِي
بِمْعصَمِ وَعْدِهِ حَلْيَ الْمِطَالِ(91/333)
لَقَدْ جَرَحَتْ نَوَاظِرُهُ فُؤَادِي
فَمَا لَكِ يَا صَوَارِمَها وَمَالِي
عَمِلْتِ الْجَزْمَ بِي وَخَفَضْتِ مِنِّي
محل النصب ثم رفعت حالي
بِرُوحِي مِنْهُ شَخْصاً جُؤْذَ رِيّاً
يصيد الأسد في فعل الغزال
تَزَاوَرْ عَنْ خِبَاهُ فَثَمَّ شَمْسٌ
نبلج حولها فجر النصال
وخذ عن وجنتيه فثم ورد
حماه الهدب من شوك النبال
إِلاَمَ أُلاَمُ فِيهِ وَلاَ أُحَاشِي
وَيَرْقُبُنِي الْحِمَامُ وَلاَ أُبَالي
أوري عن هواهبحب ليلى
وَفِيهِ تَغَزُّلي وَبِهِ اشْتِغَالي
وليل كالبنفسج بات فيه
ينشقني رياحين الوصال
دخلت عليه والظلمات ترخي
ذوائبها على صلت الهلال
فَقَدَّمَ لِي الْعَقِيقَ قِرى ً لِعَيْني
وقرَّط سمعي الدرر الغوالي
وَبَاتَ ضَجِيعهُ الضِّرْغامُ مِنِّي
يُعَرِّفُني الْحَرَامَ مِنَ الْحَلاَلِ
إذا امتدت إليه يمين نفسي
ثَنَيْتُ عِنَانَهَا بِيَدِي الشِّمَالِ
وَإِنِّي فَتى ً أَمِيلُ بِلَحْظِ طَرْفِي
لِمَنْ أَهْوَى وَيُغْضِي عَنْهُ بالِي
وَإِنْ قَامَتْ إِلَى الْفَحْشَاءِ يَوْماً
بِيَ الشَّهَوَاتُ تُقْعِدُنِي خِصَالِي
أحب الكذب في التشبيه هزلاً
وأهوى الصدق في جد المقال
فَلِي وَعْظٌ أَشَدُّ مِنَ الرَّوَاسِي
وَلِي غَزْلٌ أَرَقُّ مِنَ الشَّمَالِ
أنا الهادي إذا الشعراء هاموا
بِوَادِي الشِّعْرِ فِي لَيْلِ الضَّلاَلِ
مجلي السابقين إلى المعاني
وفارس بحثها يوم الجدال
تَدُلُّ لَدَى النَّشِيدِ بَنَاتُ فِكْرِي
عَلَى أُذُنِي وَتُنْسِينِي فَعَالِي
ويشهد لي بدعوى الفضل قربي
لَدَى بَرَكَاتِ نَقَّادِ الْمَعالي
تَمَلَّكَنِي هَوَاهُ فَزِدْتُ فَضْلاً
وَفَضْلُ الْعَبْدِ مِنْ شَرَفِ الْمَوَالِي
جَمَالُ الْفَضْلِ مَرْكَزُ نَيِرَيْهِ
كمال بدور أبناء الكمال
رَفِيعُ عُلاً إِلَى هَامِ الثُّرَيَّا
رقي بسلالم الهمم العوالي
موقى العرض في سنن السجايا
مُبِيدُ الْمَالِ في سَبقِ النَّوَالِ
شُجَاعٌ فِيهِ تَتَّسِعُ الْمَنَايا(91/334)
إِذَا مَا كَرَّ في ضِيقِ الْمَجَالِ
إذا بدجى القتام بدا بدرع
أرانا الشمس في ثوب الهلال
هُوَ الْعَدْلُ الَّذِي بِالْوَصْفِ يَعْنُو
لَهُ الْعَلَمُ الْمُعَرَّفُ بِالْجَلاَلِ
فكم لعداه فيه من الصياصي
بُرُوجٌ مِنْ كَوَاكِبِهَا خَوَالِ
غوامض فكره تحكي الدراري
وَطِيبُ ثَنَاهُ يَرْخُصُ بِالْغَوَالِي
يرى الدنيا وإن عظمت وجلَّت
لديه أقلَّ من شسع النعال
به انطلق السماح وكان رهناً
وأضحى البخل مشدود العقال
تزين به عواجطلها القوافي
كما تتزين البيض الحوالي
فَلَوْ مَسَّ الصُّخُورَ الصُّمَّ يَوْماً
لفجرهن بالعذب الزلال
كمي لا تقاتله الأعادي
بِأَمْضَى مِنْ سُيُوفِ الإِبْتِهَالِ
إِذَا رَوِيَتْ صَوَارِمُهُ نَجِيعاً
وَرَتْ بِحُدُودِهَا نَارَ الْوَبَالِ
كأنّ دمَ القرونِ لها وسيطٌ
وَحُمْرَ شِفَارِهَا شُعَلُ الذُّبَالِ
مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ سَمَوْا وَسَادُوا
على العربِ الأواخرِ والأوالي
مُلُوكٌ كَالْمَلاَئِكِ فِي التَّلاَقِي
عَفَارِيتٌ جِيَادُهُمُ السَّعَالِ
أثيلُ المجدِ منصورٌ عليهمْ
وَصَارَ الْعِزُّ مَمْدُودَ الظِّلاَلِ
تبيَّنَ فيها الحجى والجودُ فيهِ
ونورُ المجدِ من قبلِ الفصالِ
غَنِيتُ عَنِ الْكِرَامِ بِهِ جَمِيعاً
وَصُنْتُ الْوَجْهَ عَنْ بَذْلِ السُّؤَالِ
أأستسقي السّحائب نازحاتٍ
وهذا البحرُ معترضاً حيالي
وَأَلْقَيْتُ السِّلاَحَ وَما احْتِيَاجِي
وَفِيهِ تَدَرُّعي وَبِهِ اعْتِقَالِي
أَلاَ يَا أَيُّهَا الْبَطَلُ الْمُرَجَّى
لِدَفْعِ كَتَائِبِ النُّوَبِ الْعُضَالِ
ويا سيفَ المنونِ وساعديها
وباري قوسها يوم النّضالِ
ويا قمرَ الزّمانِ ولاأكني
وَشَمْسَ ضُحَى الْمُلُوكِ ولاَ أُغَالِي
لَقَدْ غُبِطَ الْعُلاَ بِختَانِ شِبْلٍ
أَبُوهُ أَنْتَ يَا لَيْثَ النِّزَالِ
شقيقُ الرّشدِ تسمية ً وفألاً
سَلِيلُ الْمَجْدِ خَيْرُ أَبٍ وَآلِ
نشا فنشا لنا منهُ سرورٌ
يكادُ يهزُّ أعطافَ الجبالِ(91/335)
وَحَمْحَمَتِ الْجِيَادُ مُهَلِّلاتٍ
وَصَالَ مُكَبِّراً يَوْمَ الْقِتَالِ
وَقَرَّتْ أَعْيُنُ الْبِيضِ الْمَوَاضِي
ومسنَ معاطفُ السّمرِ الطوالِ
هُوَ الْوَلَدُ الَّذِي بِأَبِيهِ نَالَتْ
خلودَ الأمنِ أفئدة ُ الرّجالِ
فَدَامَ وَدُمْتَ مَا اكْتَسَبَتْ ضِيَاءً
نُجُومُ اللَّيْلِ مِنْ شَمْسِ النَّوَالِ
وَلاَ زَالَتْ لَكَ الأَيَّامُ تَدْعُو
ولا برحت تهنِّيكَ الّليالي
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> نِصَالٌ مِنْ جُفُونِكِ أَمْ سِهَامُ
نِصَالٌ مِنْ جُفُونِكِ أَمْ سِهَامُ
رقم القصيدة : 9754
-----------------------------------
نِصَالٌ مِنْ جُفُونِكِ أَمْ سِهَامُ
وَرُمحٌ في الْغِلاَلَة ِ أَمْ قَوَامُ
وَبَلُّوْرٌ بِخَدِّكِ أَمْ عَقِيقٌ
وَشَهْدٌ في رُضَابِكِ أَمْ مُدَامُ
وَشَمْسٌ في قِنَاعِكِ أَمْ هِلاَلٌ
تَزَيَّا فِيكِ أَوْ بَدْرٌ تَمَامُ
وجيدٌ في القلادة ِ أم صباحٌ
وفرعٌ في الفقيرة ِ أم ظلامُ
أَمَا وَصَفَاءِ مَاءِ غَدِيرِ مَاءٍ
تلهّبَ في جوانبهِ الضِّرامُ
وبيضِ صفاحِ سودٍ ناعساتٍ
لَنَا بِجُفُونِهَا كَمَنَ الْحِمَامُ
لقد كسرَ الغرامُ لهامَ صبريْ
فَهِمْتُ وَحَبَّذَا فِيكِ الْهُيَامُ
وَأَسْقَمَنِي اجْتِنَابُكِ لِي فَجِسْمِي
كطرفكِ لا يفارقهُ السّقامُ
بِرُوحي الْبَارِقُ الْوَارِي إِذَا مَا
تَزَحْزَحَ عَنْ ثَنَايَاكِ اللِّثَامُ
وَبِالدُّرَ الشَّنِيبِ عُقُودُ لَفْظٍ
يُنَظِّمُها بِمَنْطِقِكِ الْكَلاَمُ
سقى غيثُ السّرورِ حزونَ نجدٍ
وَجَادَ عَلَى مَرَابِعِهَا الْغَمَامُ
دِيَارٌ تَكْفُلُ الآرَامَ فِيهَا
عتاقُ الخيلِ والأسدُ الكرامُ
بُرُوجٌ تُشْرِقُ الأَقْمَارُ فِيهَا
بِأَطْوَاقٍ وَتحْجُبُهَا خِيَامُ
إِذَا نَشَرَتْ غَوَانِيهَا الْغَوالِي
تَعَطَّرَ في مَغَانِيهَا الرَّغَامُ
ألا رعياً لأيّامٍ تقضَّتْ
بها والبينُ منصلهُ كهامُ
وَأَحْزَابُ السُّرُورِ لَهَا قُدُومٌ
إلينا والهمومُ لنا انهزامُ(91/336)
وَمَمْشُوقِ الْقَوَامِ إِذَا تَثَنَّى
يكادُ عليهِ أنْ يقعَ الحمامُ
إذا ما قيسَ بالأغصانِ تاهتْ
غُصُونُ الْبَانِ وافْتَخَرَ الْبَشَامُ
مُشَرَّعَة َ النَّوَاظِرِ لاَ تَنَامُ
هَجَمْتُ عَلَيْهِ والآفَاقُ لُعْسٌ
مَرَاشِفُهَا وَلِلشُّهْبِ ابْتِسَامُ
وَهِنْدُ اللَّيْلِ في قُرْطِ الثُّرَيَّا
تَقَرَّطَ وَالْهِلاَلُ لَهُ خِزَامُ
فلمْ أرَقبلهُ بدراً بخدرٍ
ولا شمساً يستِّرها لثامُ
ولا منْ فوقِ أطرافش العواليء
سعى قبليء محبٌّ مستهامُ
فهلْ ذاكض الوصالث لهُ اتصالٌ
وهلء هذا البعادث لهث انصرامُ
عجبتُ منَ الزَّمانِ وقد رمانا
ببينٍ ما لشعبيهش التئامُ
فَكَيْفَ تُصِيبُنَا مِنْهُ سِهَامٌ
وجنَّتنا ابنُ منصورَ الهمامُ
وَكَيْفَ يُشِتُّ أُلْفَتَنَا وَإِنَّا
لنا في سلكِ خدمتهِ انتظامُ
عَزِيزٌ لاَ يَذِلُّ لَهُ نَزِيلٌ
وَلاَ يُخْشَى لَدَيْهِ الْمُسْتَضَامُ
وَحِيدٌ في الْفَخَارِ بِلاَ شَرِيكٍ
وَفِي جَدْوَاهُ تَشْتَرِكُ الأَنَامُ
هُمَامٌ قَدْ بَكَى الأَعْنَاقُ مِنْهُ
إِذَا بِأَكُفِّهِ ضَحِكَ الْحُسَامُ
لئنْ في الخلقِ حاكتهُ جسومُ
فسُحْبُ الْوَدْقِ تُشْبِهُهَا الْجَهَامُ
سعى نحو العلا فأشاد بيتاً
سَمَا فِيهِ إِلَى الْعَرْشِ الدِّعَامُ
جوادٌ كلُّ عضوٍ منهُ غيثُ
يجودُ وكلُّ جارحة ٍ لهامُ
رعى الَّحمن عصراً حلّض فينا
بِهِ بَرَكَاتُ سيِّدُنَا الْهُمَامُ
أخو المعروفِ نجلُ المجدِ حرٌ
نَمَتْهُ السَّادَة ُ الْغُرُّ الْعِظَامُ
تولَّى دولة َ المهدي فأحيا
مَنَاقِبَهُ وَقَدْ عَفَتِ الْعِظَامُ
يَتِيهُ صَرِيخُ مَطْلَبِهِ الْمُرَجِيِّ
بسيرتهِ ويفتخرُ الزِّحامُ
يفوقُ المزنَ إنْ هيَ ساجلتهُ
وَيُفْنِي الْيَمَّ مَوْرِدُهُ الْجُمَامُ
كريمٌ في أناملِ راحتيهِ
حَيَاة ُ الْخَلْقِ وَالْمَوْتُ الزُّؤَامُ
وَمُعْتَرَكٌ بِهِ وَدْقُ الْمَنَاياَ
عَلَى الأَقْرَانِ وَالسُّحْبُ الْقَتَامُ
تسيلُ منَ النفوسِ لهُ بحارٌ(91/337)
وَنِيرَانُ الْوَطِيسِ لَهَا اضْطِرَامُ
ثغورِ البضِ فيهش باسماتٌ
وَقَامَاتُ الرِّمَاحِ بِهَا قِيَامُ
تَجَسَّمَ ضَنْكُهُ فَرْداً فَوَلَّى
جَمُوحُ الأُسْدِ وَانْفَرَجَ الزِّحَامُ
هوَ البطلُ الَّذي لو رامَ يوماً
بُلُوغَ الشَّمْسِ مَا بَعُدَ الْمَرَامُ
عَنِ الإِسْلاَمِ وَالْمَوْلَى الإِمَامُ
وَيَا ابْنَ الْقَادِمِينَ عَلَى الْمَنَايَا
إذالاما الصيدُ أحجمها الصدامُ
ومنْ زانتْ وجوهُ النثرِ فيهِ
وفيْ تقريضهِ حسنُ النِّظامُ
لقدْ أمنتَ بمولدكَ اللياليْ
وَخَافَتْ بَأْسَكَ النُّوَبُ الْجِسَامُ
وَتَاهَ الْعِيدُ فِيكَ هَوى ً وَبَاهَى
بكَ الأقطارُ وافتخرَ الصِّيامُ
فما ذا العيدُ إلامستهامٌ
دَعَاهُ إِلَى زِيَارِتكَ الْغَرَامُ
فلا عدمَ ازدياركَ كلَّ عامٍ
يمرُّ ولا عداكَ لهُ سلامُ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> ويا وميضَ بروقِ المزنِ إنْ سفرتْ
ويا وميضَ بروقِ المزنِ إنْ سفرتْ
رقم القصيدة : 9755
-----------------------------------
ويا وميضَ بروقِ المزنِ إنْ سفرتْ
عنِ الثنايا فغضَّ الطَّرفِ واا ستتر
ويا وجيزَ عباراتِ البيانِ لقدْ
أَطْنَبْتَ فِي وَصْفِ ذَاكَ الْخَصْرِ فَاخْتَصِرِ
هذَا الأُبَيْرقُ في فِيْهَا فَيَا ظَمَاءِي
إلى عذيبِ عقيقِ المبسمِ العطرِ
وَذَا الْغُوَيْرُ تَرَاءَى فِي الْوِشَاح فَوَا
شَوْقِي إِلَيْهِ وَهذَا الْجِزْعُ في الأزُرِ
بِمُهْجَتِي نَارُ حُسْنٍ فَوْقَ مِرْشَفِهَا
تُشَبُّ مِنْ حَوْلِ ذَاكَ الْمَنْظَرِ الْخَضِرِ
مَرَّتْ بِنَا وَهْيَ تُبْدِي نُونَ حَاجِبِهَا
والصُّدعُ يلثمُ منها وردة َ الخفرِ
ففوَّقَ القوسُ نبلَ العينِ واحزني
وَقَارَبَ الْعَقْرَبُ الْمِرِّيخَ وَاحَذَرِي
وَحَدَّثَتْنَا فَخِلْنَا أَنَّهَا ابْتَسَمَتْ
زُهْرُ الْنُجُومِ حَدِيثاً في فَمِ الْقَمَرِ
أَمَا وَبَلُّورَتَيْ فَجْرٍ تَلَثَّمَ فِي
يَا قُوَتَتَيْ شَفَقٍ يَفْتَرُّ عَنْ دُرَرِ(91/338)
مَا خِلْتُ قَبْلَكَ أَنَّ الْحَتْفَ يَبْرُزُ في
زِيِّ الْعُيُونِ مِنْ الآرَامِ وَالْعُفُوِر
للولا ابتسامكِ لم تجرِ العيونُ دماً
والمزنُ لم تبكِ لولا البرقِ بالمطرِ
لو بيعَ وصلكِ للعانيْ بمهجتهِ
هانتْ عليهِ ومنْ للعميِ بالبصرِ
أفنيتُ ماء عيوني بالصُّدودِ بكاً
وجذوة ُ الصيفِ تفني لجَّة َ الغدرِ
خلوَّ قلبكَ منْ نارِ الهوى عجبٌ
وَمُكْمَنُ النَّارِ لاَ يَنْفَكُّ فِي الْحَجَرِ
لا تمقتي أثراًبي في الخطوبِ بدا
فَزِينَة ُ الصَّارِمِ الْهِنْدِيِّ بِالأَثَرِ
ولا تذمِّي بياضَ الشَّيْبِ إِنْ شُعِلَتْ
شموعهُ في سوادِ الَّيلِمنْ شعريْ
فالمرءُ كالجمرِ في حالِ الخمودِ يرى
فِيهِ السَّوَادُ وَيَبْدُو النُّورُ فِي السَّعَرِ
للَّهِ درُّ ليالٍ بالحمى سلفتْ
بِيْضٌ تُرَى في جِبَاهِ الدَّهْرِ كالْغُرَرِ
وَكَمْ عَشَوْنَا بِجَنَّاتِ النَّعِيمِ إِلَى
سَنَاءِ نَارَينِ مِنْ جَمْرٍ وَمِنْ قُطُرِ
وَبَدْرِ خِدْرِ بِشِبْهِ اللَّيْلِ مُنْتَطِقٍ
مبرقعٍ بسناءِ الفجرِمعتجرِ
لاَ أًصْبَحَ اللَّيْلُ مِنْ فَوْدَيهِ مَا بَزَغَتْ
شمسُ المجامة ِ باآصالِ والبكرِ
وَلاَ عَدَا اللَّثْمُ ذَاكَ الْبَدْرَ مَا قَذَفَتْ
أيديْ ابنَ ممنصورَ للعافينَبالبدرِ
سوادُ عينِ المعاليْ نقشُ معصمها
بَيَاضُ صَلْتِ الْعَطَايَا مَبْسِمُ السَّتَرِ
سهمُ المنيَّة ِ درعُ الملكِ جنَّتهُ
سِنَانُ رُمْحِ اللَّيَالِي صَارِمُ الْقَدَرِ
مملَّكٌ َساسَ أحوالِ الرَّعيَّة ِفي
عدلٍ يؤلِّفُ بينَ الأسدِ والبقرِ
لو ذاقتِ النَّحلُ مرعى سوطِ نقمتهِ
لمجَّ منهُ مسيلُ الشَّهدِ بالصَّبرِ
لو جادَ صيَّبهُ العينَ المها نبتتْ
جُلُودُهَا بِالْحَرِيرِ الْمَحْضِ لاَ الْوَبَرِ
لَهُ جِبَالُ حُلُومٍ لَوْ شَوَامِخُها
رَسَتْ عَلى السَّبْعَة ِ الأَفْلاَكِ لَمْ تَدُرِ
قرنٌ تقنَّصَ با لبيضِ الجوارحِ منْ
أَعْلَى غُصُونِ الْعَوَالِي طَائِرَ الظَّفَرِ(91/339)
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> يا عصبة َ الحاجِ هذا لجَّ راحتهِ
يا عصبة َ الحاجِ هذا لجَّ راحتهِ
رقم القصيدة : 9756
-----------------------------------
يا عصبة َ الحاجِ هذا لجَّ راحتهِ
فيممي اليَّمَ تستغني عنِ الحجرِ
ويا شموسَ الكماة ِ الشوسِ إنْ طلعتْْ
نجومهُ في ظلامِ النَّفعِ فانكدري
بدا لنا فبدا في ضمنِ جوهرهِ الـ
ـفردِ الكرامُ بجمعٍ غيرِ منحصرِ
فَكَانَ فِي الْحِلْمِ كالْمِرْآة ِ حِينَ يُرَى
يعدُّ فرداً وما فيها من الصورِ
وِتْرُ الْبَرِيَّة ِ شَفْعُ الدَّهْرِ جَمْلَتُهُ
جَمْعُ الْفَخَارِ مُثَنَّى النَّفْعِ وَالضَّرَرِ
فالحربُ تثني عليهِ لسنُ أنصالها
وَالْحَتْفُ يُثْنِي عَلَيْهِ عِطْفَ مُؤْتَمِرِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> لَوْ فَاضَ طُوفَانُ نُوحٍ مِنْ نَدَى يَدِهِ
لَوْ فَاضَ طُوفَانُ نُوحٍ مِنْ نَدَى يَدِهِ
رقم القصيدة : 9757
-----------------------------------
لَوْ فَاضَ طُوفَانُ نُوحٍ مِنْ نَدَى يَدِهِ
لما نجا منهُ بالألواحِ والدّسرِ
أَوْ شَاهَدَ الْمَلْكُ شَدَّادٌ جَلاَلَتَهُ
لَعَفَّرَ الذُّعْرُ مِنْهُ خَدَّ مُحْتَقَرِ
دَعِ الرِّوَايَاتِ فِي الْمَاضِي فرُؤْيَتُهُ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> فأشرقَ النّقع منها وانجلى شفقٌ
فأشرقَ النّقع منها وانجلى شفقٌ
رقم القصيدة : 9758
-----------------------------------
فأشرقَ النّقع منها وانجلى شفقٌ
من الدّماءِ على الهاماتِ والطررِ
يَا نَاظِمَ الْمَجْدِ يا سِمْطَ الْفَضَائِلِ بَلْ
يا حلية َ المدحِ بل يا زينة َ البشرِ
ثَمَنْتَ في سَيْفِكَ السَّـ
ـسّبعَ الكواكبَ لا بلْ سبعة َ الكبرِ
وَزِدْتَ في الْمُلْكِ إِجْلاَلاً وَمَقْدِرَة ً
حَتَّى جَلَلْتَ عَنِ التَّحْدِيدِ وَالْقَدَرِ
موْلاَيَ يَاوَاحِدَ الدُّنْيَا وسَيِّدَهَا
والماجدَ المحسنَ المزري بكلِّ سري
سمعاً لدعوة ِ عبدٍ تحتَ رقّكمُ
يرجو لديكَ ينالُ الفوزَ بالوطرِ(91/340)
قَدْ فَرَّ مِنْ عَبْدِكَ الدَّهْرُ الْمُسِيءُ إِلَى
حسنى صنيعكَ يا ذا العزِّ والخطرِ
فأنتَ إن خانتِ الأيامَ معتمدي
وأنتَ إن قلَّ وفري خيرُ مدّخرِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> وردت عن تراقيها العقودُ عنِ النّحرِ
وردت عن تراقيها العقودُ عنِ النّحرِ
رقم القصيدة : 9759
-----------------------------------
وردت عن تراقيها العقودُ عنِ النّحرِ
مَحَاسِنَ تَرْوِيهَا النُّجُومُ عَنِ الْفَجْرِ
وَحَدَّثَنَا عَنْ خَالِهَا مِسْكُ صُدْغِهَا
حديثاً رواهُ اللّيلُ عن كلفة ِ البدرِ
وركّبَ منها الثّغرُ أفرادَ جملة ٍ
حَكَاهَا فَمُ الإِبْرِيقِ عَنْ حَبَبِ الْخَمْرِ
بِصِحَّة ِ جِسْمِي سُقْمُ أَلْفَاظِهَا الَّتِي رَوَى
الْمِسْكُ عَنْ إِسْنَادِهَا خَبَرَ النَّشْرِ
وَبِالخُدِّ وَرْدٌ نَارُ مُوسَى بِصَحْنِهِ
وَمِيمُ فَمٍ مِنْ عَيْنِهِ جُرْعَة ُ الْخُضْرِ
عَذِيرِيَ مِنْ عَذْرَاءَ قَبْلَ تَمَائِمِي
خلعتُ عنِ العذّلِ في حبّها عذري
وَلِي مُدْمَعٌ في حُبِّهَا لَوْ بَكَى الْحَيا
بهِ نبتَ الياقوتُ في صدفِ الدّرِّ
بِرُوحِيَ مِنهَا جُؤْذُراً فِي غَلاَئِلٍ
وجيدَ مهاة ٍ قد تلفّحَ بالجمرِ
لَفِي القَلْبِ مِنّي لَوْعَة ٌ لَوْ تُجِنُّهَا
مِنَ الدَّهرِ لَوْلاَ طُولُهُا قُلْتُ مِنْ عُمْرِي
أَمَا وَسُيُوفٍ لْلْحُتُوفِ بِجَفْنِهَا
تُجَرَّدُ عَنْ غِمْدٍ وَتُغْمَدُ في سَحْرِ
وَهُدْبٍ تَسَقَّى نَبْلُهُ سُمَّ كُحْلِهَا
فذبَّ بشوكِ النّحلِ عن شهدة ِ الثّغرِ
وصمتهُ قلبٍ غصَّ منها بمعصمٍ
ووسواسهُ الخنّاسُ ينفثُ في صدري
لفيْ القلبِ لوعة ٌ لو تجنّها
حشا المزنِ أمسى قطرها شررَ الجمرِ
مُمَنَّعَة ٌ غَيْرُ الْكَرَى لاَ يَزُورُها
وتحجبُ عن طيفِ الخيالِ إذا يسري
وَطَوْقِ نُضَارٍ يَسْتَسِرُّ هِلاَلُهُ
مَعَ الْفَجْرِ تَحْتَ الشَّمْسِ في غَسَقِ الشَّعْرِ
إذا مرَّ في الأوهام معنى وصالها
رأيتُ جيادَ الموتِ تعثرُ بالفكرِ(91/341)
رَفِيعَة ُ بَيْتٍ هَالَة ُ الْبَدْرِ نُورُهُ
وَقَوْسُ مُحِيطِ الشَّمْسِ دَائِرَة ُ السِّتْرِ
يرى في الدّجى نهر المجرّة ِ تحتهُ
عَلَى دُرِّ حَصْبَاءِ النُّجُومِ بِهِ تَجْرِي
فَأَطْنَابُهُ لِلْفَرْقَدَيْنِ حَمَائِلٌ
وَأَسْتَارُهُ في الجنْحِ أَجْنِحَة ُ النَّسْرِ
وليلٍ نجومُ القذفِ فيهِ كأنها
تصولُ علينا بالمهنّدة ِ البترِ
ركبتُ به موجَ المطايا وخضتُ في
بحارِ المنايا المنايا طالباً درّة َ الخدرِ
فعانقتُ منها جؤذرَ القفرِ آمناً
وصافحت منها بالخبا دمية َ القصرِ
فَلَمَّا دَنَا مِنَّا الْوَدَاعُ وَضَمَّنا
قَمِيصُ عِنَاقٍ بَزَّنَا مَلْبَسَ الصَّبْرِ
بكيتُ فضة ً من نرجسٍ متناعسٍ
وَأَجْرَيْتُ تِبْراً مِنْ عَقِيقٍ أَخِي سَهْرِ
فَأَمْسَتْ عُيُونُ الْبَدْرِ في شَفَقِ الضُّحَى
تسيلُ وعينُ الشمسِ بالأنجمِ الزّهرِ
وَقُمْتُ وَزَنْدُ اللَّيْثِ مِنِّي مُطَوِّقٌ
لَهَا وَيَمِينُ الظَّبْيِ قَدْ وَشَّحَتْ خَصْرِي
فَكَادَتْ لِمَا بِي أَنْ تُذِيبَ سِوَارَهَا
ضُلُوعِي وَإِنْ كَانَتْ حَشَاهُ مِنَ الصَّخْرِ
وكانَ فريدُ العقدِ منها لما بها
يذوبُ ويجري كالدّموعِ ولاتدري
سقى اللهُ أكنافَ العقيقِ بوارقاً
تُقَطِّعُ زَنْدَ اللَّيْلِ في قُضُبِ التِّبْرِ
ولا زالَ محمرُّ الشّقائق موقداً
به شعلُ الياقوتِ في قضبِ الشّذرِ
حمى ً تتحامى الأسدُ آرامَ سربهِ
وتصرعهم من عينهم أعينُ العفرِ
تحيطُ الظّبا أقماره في أهلة ٍ
وتحمي نجومُ البيضِ في أنجمِ السّمرِ
ألا حبّذا عصراً مضى وليالياً
عَرَائِسُ أُنْسٍ يَبْتَسِمْنَ عَنِ الْبِشْرِ
وأَيَّامُنَا غُرٌّ كَأَنَّ حُجُولَهَا
أَيَادِي عَلِيٍّ في رِقَابِ بَنِي الدَّهْرِ
أيادٍِ عنِ التّشبيهِ جلّتْ وإنّما
عبثنَ بعقلي ساحراتٍ رقى السّحرِ
بَوَادٍ يُزَانُ الْمَجْدُ مِنَهَا بِأَنْجُمٍ
هُوَادٍ لَمَنْ يَسْرِي إِلَى مَوْضَعِ الْيُسْرِ
مواضٍ لمرّانِ المعالي أسنّة ٌ(91/342)
وقضبٌ بها العافونَ تسطو على القفرِ
نَبَتْنَ بِكَفَّيْهِ نَبَاتَ بَنَانِهِ
فَدَلَّتْ قُطُوفَ الْجُودِ في ثَمَرِ الشُّكْرِ
هُوَ الْعَدَدُ الْفَرْدُ الَّذِي يَجْمَعُ الثَّنَا
وتصدرُ عنهُ قسمة ُ الجبرِ والكسرِ
صَنَائِعُهُ عِقْدٌ عَلَى عَاتِقِ الْعُلاَ
ومعروفهُ تاجٌ على هامة ِ الفخرِ
رَبيعٌ إِذَا مَا زُرْتَهُ زُرْتَ رَوْضة ً
يفتِّحُ فيها رشدهُ حدقَ الزَّهرِ
نهِيمُ بِهِ عِشْقاً لِخُلْقٍ كَأَنَّهُ
يهبُّ علينا في نسيمِ الهوى العذري
أَيَا وَارِدِي لُجَّ الْبِحَار اكْتَفُوا بِهِ
فَسَبْعَتُهَا في طَيِّ أُنْمُلِهِ الْعَشْرِ
إِذَا يَدُهُ الْبَيْضَاءُ أَخْرَجَهَا النَّدَى
فَيَا وَيْلَ أُمِّ الْبِيضِ وَالْوَرَقِ الصُّفْرِ
أخو هممٍ يستغرقُ الدّرعُ جسمهُ
ومن عجبٍ أن يغرقَ البحرُ بالكرِّ
تَكَادُ الرِّمَاحُ السُّمْرُ وَهْيَ ذَوَابِلٌ
بِرَاحَتِهِ تَهْتَزُّ بالْوَرَقِ الْخُضْرِ
فكم من بيوتٍ قد رماها بخطبهِ
فأضحت ومنها النّظمُ كالخطبِ النّثرِ
فَلِلِّهِ يَوْمُ الْكَرْخِ مَوْقِفُهُ ضُحى ً
وقد سالتِ الأعرابُ بالجحفلِ المجرِ
أتوهُ يمدّونَ الرّقابَ تطاولاً
فأضحوا ومنهم ذلكَ المدُّ للجزرِ
رَمَوْهُ بِحَرْبٍ كُلَّمَا قَامَ سَاقُهَا
رَكَضْنَ الْمَنَايَا في الْقُلُوبِ مِنَ الذُّعْرِ
يَبيعُ الرَّدَى في سُوقِهَا صَفْقَة َ الْمُنَى
بِنَقْدِ النُّفُوسِ الْغَالِيَاتِ لِمَنْ يَشْرِي
سطوا وسطا كالّليثِ يقدمُ فنية ً
يَرَوْنَ عَوَانَ الْحَرْبِ فِي صُورَة ِ الْبِكْرِ
وَفُرْسَانَ مَوْتٍ يُقْدِمُونَ إِلَى الْوَغَى
إِذَا جَمَحَتْ أُسْدُ النِّزَالِ عَنِ الْكَرِّ
وَخَيْلاً لَهَا سُوقُ النَّعَامِ كَأَنَّها
تَطِيرُ إِذَا هَبَّتْ بِأَجْنِحَة ِ الْكُدَرِي
فَزَوَّجَ ذُكْرَانَ الْظُّبَى فِي نُفُوسِهِمْ
وَأَنْقَدَهُمْ ضَرْبَ الْحَدِيدِ عَنِ الْمَهْرِ
وأضحت وحوشَ البرِّ ممّا أراقهُ
منَ الدّمِ كالحيتانِ في لجّة ِ البحرِ(91/343)
بنى بيعاً من هامهم وصوامعاً
تبوّأمنها مسجداً راهبُ النّسرِ
لقوهُ كأمثالِ البزاة ِ جوارحاً
وَوَلَّوْا كَمَا تَمْضِي الْبُزَاة ُ عَنِ الصَّقْرِ
فَمِنْ وَاقِعٍ فِي الأَرْضِ فِي شَبَكِ الرَّدَى
وَمِنْ طَائِرٍ عَنْهُ بِأَجْنِحَة ِ الْغُرِّ
وَأَنَّى لَهُمْ جُنْدٌ تُلاَقِي جُنُودَهُ
وأينَ رماحُ الخطِّ من خشبِ السّدرِ
بغَوْا فَبَغَوْهُ بِالَّذِي لَوْ تَعَمَّدَتْ
لَهُ الشُّهْبُ لاَقَتْ دُونَهُ حَادِثُ الْكَسْرِ
وبانتْ عنِ الكفِّالخضيبِ بنانهُ
وضلقَ بهِ ذرعُ الذّراعِ عنِ الشِّبرِ
فراعنهُ همّت بهِ فتلقّفت
عَصَا عَزْمِهِ مَا يَأْفَكُونَ مِنَ الْمَكْرِ
بِهِمْ مَرَضٌ مِنْ بُغْضِهِ فِي قُلُوبِهِمْ
وَسَيْفِ عَلِيٍّ ذِي الْفِقَارِ الَّذِي يَبْرِي
فيا ابنَ رسولِ اللهِ والسّيّدِ الّذي
حَوَى سُؤْدُداً يَسْمُو بِهِ شَرفُ الْعَصْرِ
أَرَادَتْ بِكَ الأَسْبَاطُ كَيْداً فَكِدْتَهُمْ
وَأَكْرَمَ مَثْوَاكَ الْعَزِيزُ مِنَ النَّصْرِ
تَرَجَّوْا لَدَيْهِمْ لَوْ ثَبُورُ بِضَاعَة ٌ
فقادهم راعي البوارِ إلى الخسرِ
ليهنكَ نصرٌ عزّهُ يخذلُ العدا
وفتحٌ يحلُّ المغلقاتِ من الأمرِ
وَحَسْبُكَ فَخْراً كَفُّكَ الْمَوْتَ عَنْهُمُ
وحسبهم ذاكَ الخضوع من الأسرِ
ألاّ فَاعْفُ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ لَعَبِيدُكُمْ
وإنَّ سجايا العفوِ من شيمِ الحرِّ
عند الرغبة في نشر اي نصوص أو معلومات من صفحات الموقع.
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> أَمَا وَمَوَاضِي مُقْلَتَيْها الْفَوَاصِلِ
أَمَا وَمَوَاضِي مُقْلَتَيْها الْفَوَاصِلِ
رقم القصيدة : 9760
-----------------------------------
أَمَا وَمَوَاضِي مُقْلَتَيْها الْفَوَاصِلِ
لتشبيهها بالبدرِ تحصيلُ حاصِلِ
وياقوتِ فيها إنَّ جوهرَ جسمها
لكالماءِ إلا أنّهُ غيرث سائلِ
وَوَرْدِ مُحَيَّاهَا الْنَّضيرِ لَقَدُّهَا
هو الرّمحُ إلا أنّهُ غيرُ ذابلِ
منَ العينِ إلا أنها في كناسها(91/344)
تظللها أسدُ الشّرى بالمناصلِ
كعابٌ تمدُّ الحتف في أيِّ ناظرٍ
مِنَ الْغُنْجِ إِذْ تَرْنُو لِمُقْلَة ِ خَاذِلِ
ذكاءٌ حمتها الشّمسُ وهي أسنّة ٌ
وَقَامَتْ لَدَيْهَا نَيِّرَاتُ الْمَشَاعِلِ
تَظُنُّ رُغَاءَ الرَّعْدِ زَفْرَة َ مُدْنَفٍ
فترشقهُ حرّاسها بالمعاسلِ
وتحرسُ عن مرِّ النَّسيمِ توهّماً
بأنَّ الصّبا تهدي إليهِ رسائلي
برُوحِيَ مِنْهَا حَاجِباً غُنْجُ قَوْسِهِ
تَسَلَّمَهُ مِنْ طَرْفِهَا أَيُّ نَابِلِ
وقضبانُ بلّورٍ بدت في خواتم
وأعمدة ً من فضة ٍ في خلاخلِ
وزندينِ لولم يمسكا في دمالجٍ
لَسَالاَ مِنَ الأَكْمَامِ سَيْلَ الْجَدَاوِلِ
فَمَا اخْتَالَ ظَبْيٌ قَبْلَهَا فِي مَدَارِعٍ
وَلا مَالَ غُصْنٌ يَانِعٌ فِي غَلائِلِ
أَحِنُّ لِمَرْأَى خَدِّهَا وَهْوَ مَصْرِعِي
وَأَعْشَقُ مِنْهَا الْطَّرْفَ والْطَّرْفُ قَاتِلي
فَوَا عَجَبَا أَشْقَى بِهَا وَهْيَ جَنَّتِي
وَلَمْ أَقْتِنصْهَا وَالْظُّبى مِنْ حَبَائِلي
وليلٍ غرابيِّ الخضابِ كفرعها
طَوِيل كَحَظِّي لَوْنُهُ غَيْرُ نَاصِلِ
كأنَّ الدياجي منه سودٌ عوابسٌ
وَأَنْجُمُهُ بِيضُ الْحِسَانِ الثَّوَاكِلِ
قضى فجرهُ نحباً فأحيتهُ فكرتي
وَتَرْمِي الْحَصَى بِالْيَعْمَلاَتِ الذَّوَابِلِ
وبتُّ وصحبي كالقسيِّ من السُّرى
تجافى الكرى ميلُ الطّلى والكواهلِ
وظلنا نساقي في زجاجاتِ ذكرها
حميّا هواها في نديِّ الرّواحلِ
فمن مدنفٍ صاحٍ بنا مثلِ شاربٍ
وَمِنْ مَعْشَرٍ مِنَّا لَهُ زِيُّ ذَاهِلِ
فلولا هواها ماصبوتُ إلى الصّبا
ولا رحمت دمعي رعاة ُ المنازلِ
ولا قنصت أختُ الغزالِ جوارحي
ولا هيجتْ ورقُ الحمامِ بلابلي
ولولا رقى السّحرِ المبينِ بلفظها
لما التَذَّ سَمْعي في أحَادِيثِ بَابِلِ
أَيَلْحُقِني فِي حُبِّهَا نَقْصُ سَلْوَة ٍ
إِذا فَارَقَتْنِي نسْبَتي لِلْفَضَائِلِ
ولا صافحَ الخطيُّ منّي يدَ النّدى
ولا عانقتْ جيدَ المعالي حمائلي
ولا نصبَ البيضُ الجوازمُ رتبتي(91/345)
وَلاَ رَفَعَتْهَا هِمَّتِي بِالْعَوَامِلِ
وَإِنّي لَظَمآنٌ إِلَى عَذْبِ مَنْهَلٍ
حمتْ شهدهُ نجلُ الرِّماحِ النّواهلِ
بحيثُ تحوطُ الأسدُ مربض باغمٍ
وَتُوقِظُ طَرْفَ الْمَوْتِ دَعْوَة ُ صَاهِلِ
وَمَا مَوْرِدِي عَذْبٌ إِذَا لَمْ أَرَ الْظُّبَى
تَشُوبُ نُضَاراً فِي لُجَيْنِ الْمَنَاهِلِ
سقى اللهُ قوماً خيّموا أيمُنَ الحمى
وَحَيَّا بِشَرْقِيِّ الْغَضَا كُلَّ وَابِلِ
وللهِ أيّمُ السرورِ وحبّذا
مواسمُ لذّاتِ الليالي الأوائلِ
أَمَا آنَ أَنْ تَدْنوالدِّيَارُ فَيَنْجَلِي
ظَلاَمُ التَّنائِي فِي صَبَاحِ التَّوَاصُلِ
فحتّامَ تستجدي النّوى يمَّ مقلتي
فيرفدها درُّ الدّموعِ الهواملِ
أَكَانَتْ جُفُونِي كُلَّمَا اعْتَرَضَ النَّوَى
بَنَانَ عَلِيٍّ وَالنَّوَى كَفَّ سَائِل
جوادٌ إذا ضنَّ الغمامُ على الورى
توالتْ يداهُ بالغيوثِ الهواطلِ
شَرِيفٌ مُحَلَّى التَّاجِ فِي حَلْيِ فَضْلِهِ
تزانُ صدورُ المكرماتِ العواطلِ
لهُ راحة ٌ لو ترضعُ المزنُ درّها
سَمَتْ بِالّلآلِي مُعْصِرَاتُ الْحَوَامِلِ
أحاطت بأوساطِ الدّهورِ ووشّحت
حظوظَ الورى منها خطوطُ الأناملِ
تلذذهُ بالبأسِ والعفوِ والتّقى
وَبَذْلِ الْعَطَايَا لاَ بِطِيبِ الْمَآكِلِ
يَهُزُّ افْعُوَانَ الْرُمْحِ فِي كَفِ ضَيْغَمٍ
ويمسكُ هزَّ السيفِ في بحرِ نائلِ
يقلّبُ فيهِ الدّهرُ أجفانَ حائرٍ
وَيَرْنُو إِلَيْهِ الْغَيْثُ فِي طَرْفِ آمِلِ
هُمَامٌ يَصِيدُ الأُسْدَ ثَعْلَبُ رُمْحِهِ
إِذَا الرُّبْدُ زُفَّتْ فِي بِرَازِ الْجحافِلِ
فما صارَ شيءٌ من عداهُ بأرضهِ
سِوَى مَا سَرَى مِنْ لَحْمِهِمْ في الْحَوَاصِلِ
لِطَاعتِهِ قَامَتْ عَلَى سَاقِهَا الْوَغَى
وَنَكَّسَ ذُلاًّ رَأْسَهُ كُلُّ بَاسِلِ
وَشُدَّتْ عَلَى الأَوْسَاطِ مِنْ خَدَمِ الْقَنَا
لديهِ زنانيرُ الكعوبِ العواملِ
وَلَيْسَ اضْطِرَابُ الرِّيحِ خُلْقاً وَإِنَّمَا
رَمَتَهْا دَوَاعِي ذُعْرِهِ بِالأَفَاكِلِ(91/346)
يرى زورة َ العافي ألذَّ منَ الصّبا
وأحسن من وصلِ الحبيبِ المماطلِ
هو المصقعُ اللّسنُ الّذي لبيانهِ
بِنَظْمِ الْقَوَافِي مُعْجِزَاتُ الْفَوَاصِلِ
وموضوعُ علمِ الفضلِ والعلمُ الّذي
عليهِ وجوباً صحَّ حملُ الفواصلِ
يُعدِّي فِعَالَ الْمَكْرُماتِ بِنَفْسِهَا
إِلَى آمِليهِ لاَ بِجَّرِ الْوَسَائِلِ
مضى فعلهُ المشتقُّ من مصدرِ العلا
فصحَّ لهُ منهُ اشتقاقُ اسمُ فاعلِ
تَكَادُ الْقَنَا قَسْراً بِغَيْرِ تَثَقُّفٍ
يُقَوِّمُ مِنْهَا عَدْلُهُ كلَّ مَائِلِ
وإن تنحني حنيُ الأساورِ قضبهُ
لِمَا أَثْقَلَتْهَا مِنْ دُخُولِ الْقَبَائِلِ
فلا تطلبوا ياحاسديهِ اغتيالهُ
فتخطفكم غولُ الخطوبِ الغوائلُ
ولا تنزلوا أرضاً بها حلَّ سخطهُ
فَتَنْزِلَ فِيْكُم صَاعِقَاتُ النَّوَازِلِ
تولّى بلادَ الحوزِ فليخلُ بالها
وَتَفْرَغَ مِنْ بَعْدِ الْهُمُومِ الشَّوَاغِلِ
لقد قرَّ طورُ المجدِ فيها مكانهُ
وَقَدْ كَانَ دَكّاً قَبْلَهُ بِالْمَنَازِلِ
وَفَكَّ عَنِ الْمُلْكِ الْوِثَاقَ فَأَصْبَحَتْ
شَيَاطِينُهُ مِنْ قَهْرِهِ فِي سَلاَسِلِ
وزالَ ظلامُ لبغيِّ عن نيِّرِ الهدى
وَحُكِمَ سَيْفُ الْحَقِّ فِي كُلِّ بَاطِلِ
فحسبكَ يا بكرَ العلا مفخراً فقدْ
تزوّجتَ منهُ بالكرامِ الحلائلِ
فيا ابنَ حسامِ المجدِ والعاملِ الّذي
بهِ انصرفت قسراً جميع القبائلِ
لقدْ فقتَ آباء الكرامِ بوالدٍ
بِهِ خُتِمَتْ غُرُّ الْكِرَامِ الأَفَاضِلِ
محلُّ سماكِ الفضلِ مركز شمسهِ
مَقَرُّ دَرَارِي غَامِضَاتِ الْمَسَائِلِ
صفوحٌ صدوقٌ حاكمٌ متشرِّعٌ
عفيفٌ شريفٌ ما لهُ من مماثلِ
فقيهٌ حكيمٌ عالمٌ متكلّمٌ
ينصُّ على أحكامهِ بالدلائلِ
مناقبُ فخرٍ حزتها يا ابنهُ وحسـ
ـبكَ فخراً ما بهِ من شمائلِ
فَلاَ زِلْتَ قُطْباً ثَابِتاً فِي الْعُلاَ وَلاَ
بَرِحْتَ هِلاَلاً كَامِلاً غَيْرَ آفِلِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> يَلُوحُ فَتَسْتَدْعِي الْفِرَاشَ وَتَبْسُمُ(91/347)
يَلُوحُ فَتَسْتَدْعِي الْفِرَاشَ وَتَبْسُمُ
رقم القصيدة : 9761
-----------------------------------
يَلُوحُ فَتَسْتَدْعِي الْفِرَاشَ وَتَبْسُمُ
فَيَفْتَرُّ ثَغْرُ الصُّبْحِ وَاللَّيْلُ مُظْلِمُ
وتبدي ثناياها لنا كنزَ جوهرٍ
فترصدها في فروعها وهو أرقمُ
وَتَقْضِي فَيَمْشِي السِّحْرُ فِي غِمْدِ فِتْنَة ٍ
وترنو فيضحي مصلتاً وهوَ محرمُ
وتسعى فتخشى الطّعنَ من عطفِ قدّها
وَرُبَّ قَوَامٍ وَهْوَ رُمْحٌ مُقَوَّمُ
إما وحبابٍ وهوَ ثغرُ مفلّجٌ
وَجَامِدِ خَمْرٍ وَهْوَ خَدٌّ مُعَنْدَمُ
لصنوانِ مسمومُ السّهامِ ولحظها
وَمَبْسِمُهَا وَالْجَوْهَرُ الْفَرْدُ تَوْأَمُ
وَقَامَتُهَا وَالسَّمْهَرِيُّ وَإِنَّهَا
لأعدلُ منهُ وهوَ في الفتكِ أظلمُ
هي البدرُ في الإشراقِ لولا ححالها
وَشَمْسُ الضُّحَى لَوْلاَ السجَافُ الْمُخَيِّمُ
وبيضُ الدّمى لولا البراقعُ والحيا
وظبيُ الحمى لولا الثوى والتّكلّمِ
مهاة ٌ لديها السمرُ في حرمِ الهوى
تُحِلُّ دِمَاءَ الصَّيْدِ وَالبِيضُ تَحْرُمُ
تَحُفُّ الظِّبَاءُ الْعِيْنُ فِيْهَا إِذَا شَدَتْ
وتزأرُ آسادُ الشّراحينَ تبغمُ
فَكَمْ حَوْلَهَا لَيْثٌ بِحُلَّة ِ أَرْقَمٍ
يَطُوفُ وَكْمْ خِشْفٍ بِعَيْنَيْهِ ضَيْغَمُ
تَحَامَى حِماهَا واحْذَرِ الْمَوْتَ دُونَهَا
فَلَيْسَ الْحِمَى إِلاَّ الْحِمَامُ اْلمُرَخَّمُ
وما الحبُ إلا أن يكونَ مزارهُ
عزيزاً إليهِ لا يجوزُ التّوهمُ
بحيثُ الدّمُ المحظورُ فيهِ محلّلٌ
عَلَى السَّيْفِ وَالْمَاءُ الْمُبَاحُ مُحَرَّمُ
وإنّا لقومٌ قد نشا في قلوبنا
بِحُبِّ الدِّمَا وَالْمَكْرُمَاتِ الْتَسَنُّمُ
فَفِي الدُّرّ رُخْصٌ عِنْدَنَا وَهْوَ جَوْهَرٌ
ويغلو لدينا قيمة ً وهوَ مبسِمُ
نَفِرُّ إِذَا يَرْنُو غَزَالٌ مُقَنَّعٌ
وَنَسْطُو إِذَا يَرْنُو هِزَبْرٌ مُعَمَّمُ
نُضَاحِكُ ضَوْءَ الْبَرْقِ وَهْوَ مُهَنَّدٌ
ونبكي نجيعاً وهوَ ثغرٌ ملثَّمُ(91/348)
ونحذرُ من نبل الرّدى وهوَ أعينٌ
وَنَلْقَاهُ فِي لَبَّاتِنَا وَهْوَ أَسْهُمُ
وَمَحْجُوبَة ٍ لَوْ يَنْظُرُ الْبَدْرُ وَجْهَهَا
لخرَّ صريعاً وانثنى وهوَ مغرمُ
إذا حدّثتْ في بقعة ٍ أو تنفّستْ
فَفِي بَابِلٍ أَوْ باسْمِ دَارِينَ تُوسَمُ
سقى دارها ماء الطُّلى بارقُ الظّبا
ففي التربِ منها لا يسوغُ التيمّمُ
مُمَنَّعَة ٌ لا يُمْكِنُ الطِّيْفَ نَحْوَها
صعودٌ ولو أنَّ المجرّة َ سلّمُ
تأتّيتها والنّسرُ في الأفقِ واقعٌ
وبيضُ حمامِ الأنجمِ الزّهرِ حوَّمُ
فَوَافَيْتُ مِنْهَا الشَّمْسُ فِي اللَّيْلِ مَارِداً
وَمِنْ دُوْنِهَا شُهْبٌ مِنَ الْنَبْلِ تُرْجَمُ
وبتنا كلانا في العفافة ِ والتّقى
أَنَا يُوسُفٌ وَهِيَ الْكَرِيمَة ُ مَرْيَمُ
وما أنا ممّنْ يتّقي الحتفَ إن بغى
مراماً ولا يثنيهِ في الحبِّ لوَّمُ
ورَكْبٍ تَعَاطَوْا فِي الدُّجَى دَلَجَ السُّرَى
يميلونَ من سكرِ الكرى لمْ يهوّموا
سِهَاماً عَلَى مِثْلِ الْقِسِيِّ ارْتَمَتْ بِهِمْ
يؤمونَ نجداً والهوى حيثُ يمّموا
تراءى لهم قلبي أماماً فغرّهمْ
وَأَوْهَمَهُمْ نَارَ الْغَضَا فَتَوَهَّمُوا
أَرُوحُ وَلِي رَوْحٌ إِلَى نَحْوِ رَامَة ٍ
وَآرَامُهَا شَوْقاً تِحِنُّ وَتَرْأَمُ
إذا مرَّ ذكرُ الخيفِ لو لم يكن بهِ
ولاءُ عليٍّ يكادُ بالنّارِ يضرمُ
جوادٌ هوى المعروفَ قبلَ رضاعهِ
ومالَ إلى حبِّ العلا قبلَ يفطمِ
همامٌ إذا قامت وغى ً فهوَ ساقها
وإن شمَّرتْ عن زندها فهو معصمُ
فتى ً حبّهث للمجدِ أفقدهُ الغنى
كما فقدَ السّلوانَ صبٌّ متيّمُ
يَلَذُّ دُعَاءُ السَّامِعِينَ بِسَمِعِه
كَمَا لَذَّ فِي سَمْعِ الطَّرُوبِ التَّرَنُّمُ
كَسَا الْعِرْضَ مِنْ حُسْنِ الثَّنَا خَيْرَ حُلَّة ٍ
لَهَا الْفَخْرُ يُسْدِي وَالْمَكَارِمُ تُلْحِمُ
لَهُ الطَّعَنَاتُ الْنُّجْلُ تَبْكِي كَأَنَّهَا
عُيُونٌ رَأَتْ يَوْمَ النَّوَى فَهْيَ تَسْجُمُ
ولاَ عَجَباً يَجْرِي حَياً وَهْوَ شُعْلَة ٌ(91/349)
وَيَضْرَمُ نَاراً فِي الْوَغَى وَهْوَ خِضْرِمُ
يَصُولُ بَفَجْرٍ كَاذِبٍ وَهْوَ صَارِمٌ
وَيَسْطُو بَنَجْمٍ ثَاقِبٍ وَهْوَ لَهْذَمُ
دنانيرهُ صفرُ الوجوهِ لعلمها
بأنَّ النّوى في شملهنَّ محكمُ
إِذَا زَارَهُ الْعَافُونَ يَوْماً تَشَتَّتَتْ
كأدمعِ صبٍّ قد دعتهنَّ أرسمُ
فلو جلسَ الأقمارُ من حولهِ دجى ً
دروا أنّهُ المولى وإن كانَ منمهمُ
وَلَوْ أَنْفَقَتْهَا فِي الْهِبَاتِ يَمِينُهُ
لَقَلَّ لَدَيْهَا بَدْرُهَا وَهْوَ دِرْهَمُ
ولو كلفتْ أهلَ الهوى درعُ أمنهِ
مُزَانُونَ فِي حَلْيِ الْعُلاَ مُنْذُ خَلْعِهِمْ
حطمنَ عواليهِ قنا كلِّ فتنة ٍ
فَكِدْنَ لِقَامَاتِ الدُّمَى الْبِيْضِ تُحْطَمُ
وردّتْ سيوفُ الجورِ وهي كليلة ٌ
فأوشكنَ حتّى أنصلُ الغنجِ تكهمُ
لهُ بيتُ مجدٍ شامخٌ في صعيدهِ
تعفّرُ آنافُ الملوكِ وترغمُ
تُطَنِّبُهُ شَمْسُ الضُّحَى فِي حِبَالِهَا
يودُّ حصادهُ الدّهرُ لو أنّهُ غدا
عَلَى جِيدِهِ عِقْداً يُنَاطُ وَيُنْظَمُ
وحسبُ الدّجى فخراً بحصباءِ أرضهِ
لَوِ انْتَثَرَتْ مِنْ فَوْقِهِ وَهْيَ أَنْجُمُ
تُقَبِّلُهَا الأَفْوَاهُ حَتَّى كَأَنَّهَا
ثغورُ الغواني فهيَ تهوى وتلثمُ
نجيبٌ نمتهُ الغرُّ من آلِ حيدرٍ
مُلُوكٌ عَلَى كُلِّ الْمُلُوكِ تَقَدَّمُوا
جنانُ نعيمٍ غيرَ أنَّ سيوفهمْ
لِتَعْذِيبِ أَرْوَاحِ الطُّغَاة ِ جَهَنَّمُ
مزانزنَ في حلي العلا منذُ خلعهمْ
تمائمهم بالمكرماتِ تختّموا
مصالتُ يومِ الكرِّ من شئتَ منهمُ
بهِ يصدمُ الجيشُ اللهامُ ويهزمُ
مَضَوْا وَأَتَى مِنْ بَعْدِهِمْ فَأَعَادَهُمْ
إلى أن رأى كلُّ الورى إنّهمْ همُ
تَحَدَّرَ فِي الأَصْلاَبِ حَتَّى أَتَتْ بِهِ
فكانَ هوَ السّرُّ الخفيُّ المكتّمُ
أَبُوهُ ذُكَاءٌ أَعْقَبَتْ خَيْرَ أَنْجُمٍ
وَلكِنَّهُ نَجْمٌ هُوَ الْبَدْرُ فِيْهِمُ
كريمٌ لديهِ زدتُ قدراً ورفعة ً
وَتَكْرِمَة ً وَالْحُرُّ لِلْحُرِّ يُكْرِمُ
فلي كلّ حينٍ منهُ لطفٌ مجدّدٌ(91/350)
ولي كلَّ يومٍ من أياديهِ أنعمُ
أمولايَ يا مولايَ دعوة َ مخلصٍ
حليفُ ولاً في ودّهِ لا يجمجمُ
لَقَدْ أَوْجَبَتْ نُعْمَاكَ حَجّاً وَعُمْرَة ً
عَلَى ذِمَّتِي وَالْحَجُّ فَرْضٌ مُحَتَّم
فهل إذنُ لي أقضي حقوقَ مناسكٍ
تشاركني فيها الثّوابُ وتغنمُ
ليهنكَ صومُ الشهرِ وّفِّيتَ أجرهُ
وبالعزِّ عقباهُ لكَ اللهُ يختمُ
وعودة ُ عيدٍ قد تزيّنَ جيدهُ
بطوقِ هلالٍ نونهُ ليسَ تعجمُ
هلالٌ إذا قابلتهُ زالَ نقصهُ
فَيَشْرُقُ لَيْلاً وَهْوَ بَدْرٌ مُتَمَّمُ
يَصُوغُ لِوِرْدِ اللَّيْلِ مِخْلَبَ فِضَّة ٍ
وَلَوْلاَكَ أَمْسَى وَهْوَ ظُفْرٌ مُقَلَّمُ
فَلاَزِلْتَ تَكْسُو وَجْهَهُ مَنْ سَنَا الْعُلاَ
وَلاَ زالَ بِالإِقْبَالِ نَحْوَكَ يَخْدُمُ
لِعَيْنَيْكَ يَبْدُو وَهْوَ قَلْبُ حَبِيبِهِ
ويلقى الأعادي وهوَ سيفٌ مصمّمُ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> هذَا الْحِمى فَانْزِلْ عَلَى جَرْعائِهِ
هذَا الْحِمى فَانْزِلْ عَلَى جَرْعائِهِ
رقم القصيدة : 9762
-----------------------------------
هذَا الْحِمى فَانْزِلْ عَلَى جَرْعائِهِ
واحْذَرْ ظُبَا لَفَتَاتِ عِينِ ظِبَائِهِ
وانشد بهِ قلباً أضاعتهُ النّوى
مِنْ أَضْلُعِي فَعَسَاهُ فِي وَعْسَائِهِ
وسلِ الأراكَ الغضَّ عن روحٍ شكتْ
حرَّ الجوى فلجتْ إلى أفيائهِ
واقصد لباناتِ الهوى فلعلّنا
نَقْضِي لُبَانَاتِ الْفُؤَادِ التَّائِهِ
واضممْ إليكَ خدودُ أغصانِ النّقا
وَالْثِمْ ثُغُورَ الدُّرِّ مِنْ حَصْبَائِهِ
واسفح بذاكَ السّفحِ قبلَ غديرهِ
دَمْعاً يُعَسْجِدُ ذَوْبَ فِضَّة ِ مَائِهِ
سَقْياً لَهُ مِنْ مَلْعَبٍ بِعُقُولِنَا
وقلوبنا لعبت يدا أهوائهِ
مَغْنى ً بِهِ تَهْوَى الْقُلُوبُ كَأَنَّمَا
بِالطَّبْعِ يَجْذُبُهَا حَصَى مَغْنَائِهِ
أَرَجٌ حَكَى نَفَسَ الْحَبِيبِ نَسِيمُهُ
يُذْكِي الْهَوَى فِي الصَّبِ بَرْدُ هَوَائِهِ
نَفَحَاتُهُ تُبْرِي الضَّرِيرَ كَأَنَّمَا(91/351)
رِيحُ الْقَمِيصِ تَهُبُّ مِنْ تِلْقَائِهِ
فلتحذرِ الجرحى بهِ أن يسلكوا
يوماً فيشتاقوا ثرى أرجائهِ
عهدي بهِ ونجومُ أطرافِ القنا
والبيضُ مشرقة ٌ على أحيائهِ
والأُسْدُ تزأرُ في سروجِ جيادهِ
وَالْعِينُ تَبْغَمُ فِي حِجَالِ نِسَائِهِ
وَالطَّيْفُ يَطْرُقُهُ فَيَعْثُرُ بِالرَّدَى
تحتَ الدّجى فيصدُّ عن إسرائهِ
وَالظِّلُّ تَقْصُرُهُ الصَّبَا وَتَمُدُّهُ
وَالطَّيْرُ يُعْرِبُ فِيْهِ لَحْنَ غِنَائِهِ
لاَزَالَ يَسْقِي الْغَيْثُ غُرَّ مَعَاشِرٍ
تسقي صوارمهمْ ثرى بطحائهِ
لا تنكرنْ يا قلبُ أجركَ فيهمِ
هُمْ أَهْلُ بَدْرٍ أَنْتَ مِنْ شُهَدَائِهِ
أولا جمودُ الدّرِّ بينَ شفاههم
ما ذابَ في طرفيْ عقيقُ بكائهِ
للهِ نَفْسُ أَسى ً يُصَعِّدُهَا الأَسَى
ويردّها في العينِ كفُّ قذائهِ
حسبت بمقلتيهِ فلا من عينهِ
تَجْرِي وَلَمْ تَرْجِعْ إِلَى أَحْشَائِهِ
من لي بخشفِ كناسِ خدرٍ دونهُ
ما يحجمُ الضّرغامُ دونَ لقائهِ
أحوى حوى إلفَ الجاذرِ في الفلا
وَالشَّيءُ مُنْجَذِبٌ إِلَى نُظَرَائِهِ
حسنٌ إذا في ظلمة ِ اللّيلِ انجلى
تَعْشُو الْفَرَاشُ إِلَى ضِيَاءِ بَهَائِهِ
يلقي شعاعُ الخدِّ منهُ على الدّجى
شفقاً يعصفرُ طيلسانَ سمائهِ
فالبرقُ منهُ يلوحُ تحتَ لثامهِ
وَالْغُصْنُ مِنْهُ يَمِيلُ تَحْتَ رِدَائِهِ
لاَ غَرْوَ إِنْ زَارَ الْهِلاَلُ مَحَلَّهُ
فشقيقهُ الأسنى برحبِ سنائهِ
أَوْ نَحْوَهُ نَسْرُ النُّجُومِ هَوَى فَلاَ
عَجَباً فَبَيْضَتُهُ بِخِدْرِ خِبَائِهِ
أنيابُ ليثُ الغابِ من حجّابهِ
ولواحظُ الحرباءِ من رقبائهِ
كَمْ قَدْ خَلَوْتُ بِهِ وَصِدْقُ عَفَافِنَا
يجلو دجى الفحشاءِ فجرُ ضيائهِ
مالي وما للدّهرِ ليسَ ذنوبهُ
تفنى ولاعتبى على آنائهِ
يَجْنِي عَلَى فَضْلِي الْجَسِيمِ بِفَضْلِهِ
وكذا الجهولُ الفضلُ من أعدائهِ
فَكَأَنَّمَا هُوَ طَالِبي بِقِصاصِ مَا
صنعتهُ آباءيْ إلى أرزائهِ
شيمُ الزّمانِ الغدرُ وهوَ أبو الورى(91/352)
فمتى الوفاءُ يرامُ من أبنائهِ
لحقوه في كلِّ الصّفاتِ لأنّهمْ
ظُرِفُوا بِهِ وَالْمَاءُ لَوْنُ إِنَائِهِ
فعلامَ قلبي اليومَ يجرحهُ النّوى
ولقد عهدتُ الصّبرَ من حلفائهِ
وَإِلَى مَ نَدْبِي لِلدِّيَارِ كَأَنَّهُ
فَرْضٌ عَلَيَّ أَخَافُ فَوْتَ أَدَائِهِ
ويا حبّذا عيشٌ على السّفحِ انقضى
وَالدَّهْرُ يَلْحَظُنَا بِعَيْنِ وَفَائِهِ
وَالشَّمْلُ مُنْتَظِمٌ كَمَا انْتَظَمَ الْعُلاَ
بندى عليٍّ أو عقودِ ثنائهِ
وليالياً بيضاً كأنَّ وجوهها
من فوقها سحَّت أكفُّ عطائهِ
بحرٌ إذا ما مدَّ فابنُ سحابنا
يَدْرِي بَأَنَّ أَباهُ لُجُّ سَخَائِهِ
ذو فتكة ٍ إن كانَ باللّيثِ الفتى
يُدْعَى مَجَازاً فَهْوَ مِنْ أَسْمَائِهِ
وأناملٍ إن كانَ يعرفُ بالحيا
فَيْضُ النَّوَالِ فَهُنَّ مِنْ أَنْوَائِهِ
ملكٌ يعوذُ الدِّينُ فيهِ من العدى
فَيَصُونُ بَيْضَتَهُ جَنَاحُ لِوَائِهِ
كَالزَّنْدِ يُلْهِبُهُ الْحَدِيدُ بَقَرْعِهِ
فَيَكَادُ يُورِي الْبَأْسُ مِنْ أَعْضَائِهِ
يَسْطُو بِعَزْمَتِهِ الْجَبَانُ عَلَى الْعِدَى
كالسّهمِ يحملهُ جناحُ سوائهِ
بالفضلِ قلّدَ فيهِ جيدَ متوَّجٍ
تمسي الثريّا وهي قرطُ علائهِ
من للهلالِ بأن يصوغَ سوارهُ
نَعْلاً فَيَمْشِي وَهْوَ تَحْتَ حِذَائِهِ
بل من تكونَ لنعشٍ أنْ تكونَ بناتهُ
تضحى لديهِ وهوَ بعضُ إمائهِ
فطنٌ تكادُ العميُ تبصرُ في الدّجى
لو أنّها اكتحلتْ بنورِ ذكائهِ
يرمي العيوبَ بذهنِ قلبٍ قلّبٍ
فَتَلُوحُ أَوْجُهُهَا لَهُ بِصَفَائِهِ
لَوْ أَنَّ عَيْنَ الشَّمْسِ عَنْ إِنْسَانِهَا
سئلتْ لأهدتنا إلى سودائهِ
أو قيلَ للمفدارِ أينَ سهامهُ
كانتْ إشارتهُ إلى آرائهِ
يا طالبَ الدّرِّ الثّمينِ لحليهِ
لا تشتريهِ من سوى شعرائهِ
أينَ اللّآلي من لآليءِ مدحهِ
ظفرتْ بهِ الأفكارُ من دامائهِ
إن كنتَ تجهلُ يا سؤلُ صفاتهِ
فَعَلَيكَ نَحْنُ نَقُصُّ مِنْ أَنْبَائِهِ
ألعدلُ والرأيُ المسدّدُ والتقى(91/353)
والبأسُ والمعروفُ من قرنائهِ
ذاتٌ مجرّدة ٌ على كلِّ الورى
صَدَقَتْ كَصِدْقِ الْكُلِّ فِي أَجْزَائِهِ
أُنظر مغاضتهُ ترى عجباً فقدْ
شملَ الغديرَ البحرُ في أثنائهِ
فهوَ ابنُ من سادَ الأنامَ بفضلهِ
خَلَفُ الْكِرَامِ الْغُرِّ مِنْ أَبْنَائِهِ
صلَّى ووالدهُ المجلّى قبلهُ
فَأَتَى الْمَدَى فَخْراً عَلَى أَكْفَائِهِ
سِيَّانِ في الشَّرَفِ الرَفِيعِ فَنَفْسُهُ
من نفسهِ وعلاهُ من عليائهِ
من آلَ حيدرة َ الأولى ورثوا العلا
ومن هاشمٍ والضّربَ في هيجائهِ
آلُ الرّسولِ ورهطهُ أسباطهُ
أرحامهُ الأدنونَ أهلُ عبائهِ
نَسَبٌ إِذَا مَا خُطَّ خِلْتَ مِدَادَهُ
ماءَ الحياة ِ يفيضُ في ظلمائهِ
نسبٌ يضوعُ إذا فضضتَ ختامهُ
فيعطِّرُ الأكوانَ نشرُ كبائهِ
أينَ الكرامُ الطّالبونَ لحاقهُ
منهُ وأينَ ثنايَ من نعمائهِ
يَا أَيُّهَا الْمَوْلَى الَّذِي بِيَمِينِهِ
فِي الْمَالِ قَدْ فَتَكَتْ ظُبَى آلاَئِهِ
سمعاً فديتكَ من حليفِ مودّة ٍ
مَدْحاً يَلُوحُ عَلَيْهِ صِدْقُ وَلاَئِهِ
مَدْحاً تَمِيلُ لَهُ الطِّبَاعُ كَأَنَّنِي
أتلو عليهِ السّحرَ في إنشائهِ
بصفاتكَ اللّاتي يهرنَ مزجتهُ
فعبقنَ كالأفواهِ في صهبائهِ
فَاسْتَجْلِهِ نَظْماً كَأَنَّ عَرُوضَهُ
زهرُ الرّبا ورويّهُ كروائهِ
واسررْ هلال العيدِ منكَ بنظرة ٍ
تكْفِيهِ نَقْصَ الْتِمِّ مِنْ لأْلاَئِهِ
فجبينكَ الميمونُ يمنحهُ السّنا
وعلاكَ يرفعهُ لؤوجِ سنائهِ
طلبَ الكمالَ وليسَ أولَ طالبٍ
وأتى إلى جدواكَ باستجدائهِ
وَاظْهَرْ لَهُ حَتَّى يَرَاكَ فَإِنَّهُ
صبٌّ كساهُ الشّوقُ ثوبَ خفائهِ
وليهنكَ الضّومُ المباركُ فطرهُ
واللهُ يختمهُ بحسنِ جزائهِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> ميلوا بنا نحوَ الحجونِ ونكّبوا
ميلوا بنا نحوَ الحجونِ ونكّبوا
رقم القصيدة : 9763
-----------------------------------
ميلوا بنا نحوَ الحجونِ ونكّبوا
حَيْثُ الْهَوَى مِنْهُ فَثَمَّ الْمَطْلَبُ(91/354)
أُمُّوا بِنَا أُمَّ الْقُرَى فَلَعَلَّنَا
نَدْنُو إِلَى لَيْلَى الْغَدَاة َ وَنقْرُبُ
وصفو السّكانِ الصّفا كدري عسى
أَنْ يُنْصِفُوا يَوْماً فَيَصْفُوا الْمَشْرَبُ
ذروا القلوبَ الواجباتِ بربعهِ
تقضي الحقوقَ الواجباتِ وتندبُ
وقفوا على الجمراتِ نسألُ من بها
عمّنْ لها بصدورنا قد ألهبوا
وَارْعُوا الْجَوَارِحَ أَنْ تَصَيَّدَهَا الْمَهَا
فَمِنَ الْعُيُونِ لَهَا شِرَاكٌ تُنْصَبُ
وَتَجَسَّسُوا قَلْبِي فَإِنْ لَمْ تَظْفَرُوا
فِيهِ بِهَا وَأَنَا الْضَّمِينُ فَحَصِّبُوا
وَانْحُوا يَمِينَ مِنى ً فَثَمَّ مِنَ الْمُنَى
سِرٌّ بَأَحْشَاءِ الْمَنُونِ مُحَجَّبُ
وَاهْوُوْا سُجُوداً في ثَرَاهُ وَصَدِّقُوا الـ
ـرؤيا بنحركمُ القلوبَ وقرّبوا
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> كتمَ الهوى فوشى النّحولُ بسرّهِ
كتمَ الهوى فوشى النّحولُ بسرّهِ
رقم القصيدة : 9764
-----------------------------------
كتمَ الهوى فوشى النّحولُ بسرّهِ
وَصَحَا فَحَيَّاهُ النَّسِيمُ بِخَمْرِهِ
وَصَغَى إِلَى رَجْعِ الْحَمَامِ بِسَجْعِهِ
فَأَهَاجَتِ الْبَلْوَى بَلاَبِلُ صَدْرِهِ
وسقتهُ ممرضة ُ الجفونِ فقلبهُ
صَاحٍ يُرَقِّصُهُ الْخُفُوقُ لِسُكْرِهِ
وَنَسَجْنَ دِيْبَاجَ السَّقَامِ لِجسْمِهِ
بيضُ الخصورِ فسربلتهُ بصفرهِ
ووشتْ لهُ سودُ العيونِ بهدبها
وَشْيَ الْحَمَامِ فَقَمَّصَتْهُ بِحُمْرِهِ
وحلالهُ في الحبِّ خلعُ عذارهِ
فَجَلاَ ظَلاَمَ الْعَدْلِ نَيِّرُ عُذْرِهِ
وَدَنَا الْفِرَاقُ وَكَانَ يَبْخُلُ قَبْلَهُ
بلجينِ مدمعهِ فجادَ بتبرهِ
وَبَدَا لَهُ بَرْقُ الْعَقِيقِ فَظَنَّهُ
بيضَ الثّنايا وهي لمعة ُ تبرهِ
وَرَأَى بِهَاشِبْهَ الْنُّجُومِ فَخَالَهَا
قبساتِ نارٍ وهيَ أوجهُ غرّهِ
للهِ أيّامُ العقيقِ وحبّذا
أَوْقَاتُ لَذَّاتٍ مَضَتْ فِي عَصْرِهِ
ثغرٌ يجابُ صهيلهُ بصهيلهِ
ويجيبُ باغمهُ الهِزبرُ بزأرهِ(91/355)
تَحْمِي أُسُودُ الْغَابِ خِشْفَ كِنَاسِهِ
وَيَضُّمُ رِيشُ النَّبْلِ بَيْضَة َ خِدْرِهِ
لا فرقَ بينَ وصولِ قناتهِ
لِلطَّالِبِينَ وَبَيْنَ هَالَة ِ بَدْرِهِ
أقمارهُ حملتْ أهلَّة َ بيضهِ
وشموسهُ حرِستْ بأنجمِ سمرهِ
حرمٌ منيعُ الحيِّ قدْ كمنَ الرّدى
بِجُفُونِ شَادِنِهِ وَنَابِ هِزَبْرِهِ
هو ملعبُ البيضِ الحوالي فالتقطْ
مِنْهُ الْلآلِي وَانْتَشِقْ مِنْ عِطْرِهِ
إياكَ تقربُ وردَ منهلِ حيّهِ
فَالْمَوْتُ مَمْزُوجٌ بِجَرْعَة ِ خُصْرِهِ
تَهَبُ الظُّمَاة ُ بِهِ لَطَالُوتَ الْرَّدَى
بحرَ النّجيعِ بغرفة ٍ من نهرهِ
سل يا حماكَ اللهُ عن خبرِ الحمى
نفسَ الشّمالِ فقدْ طواهُ بنشرهِ
وَاسْتَخْبِرِ الْبَرْقَ الضَّحُوكَ إِذَا انْبَرَى
شطرَ اللوى عمّن حكاهُ بثغرهِ
يا حبّذا المتحمّلونَ وإنهمْ
سَلَبُوا فُؤَادَ الصَّبِ مَلْبَسَ صَبْرِهِ
لَوْلاَ انْتِظَامُ الدُّرِّ بَيْنَ شِفَاهِهِمْ
ما جادَ ناظمُ عبرتي في نثرهِ
وَبِمُهْجَتِي الرَّكْبُ الْمُعَرَّضُ لِلْحِمَى
وبدورُ تمٍّ في أكلّة ِ سفرهِ
جَعَلُوا عَلَيَّ بَقَاءَ رُوحِي مِنَّة ً
أو ما رآها ركبهم في إثرهِ
كَيْفَ الْبَقَاءُ وَفِي غَفَائِرِ بِيضِهِمْ
ساروا عنْ المضنى بأليلِ عمرهِ
لاَ تَطْلُبَنَّ الْقَلْبَ بَعْدَ رَحِيلِهِمْ
منّي فقد ذهبَ الأسيرُ بأسرهِ
قَالُوا الْفِرَاقُ غَداً فَلاَحَ لِنَاظِرِي
صُوَرُ الْمَنَايَا فِي سُحَيِّرِ فَجْرِهِ
يَا لَيتَ يَوْمَ الْبَيْنِ مِنْ قَبْلِ الْنَّوَى
لم تسمحِ الدنيا بمولدِ شهرهِ
يوماً علينا بالكآبة ِ والأسى
شَهِدَتْ جَوَارِحُنَا بِمَوْقِفِ حَشْرِهِ
كيفَ السلوُّ وليسَ صبرُ أخي الهوى
إلا كحظِ أخي النّهى في دهرهِ
فإلى مَ أرى الدّهرَ ينجزُ بالوفا
وعدي فتعرضُ لي مكايدُ الغدرِ
لا شيء أوهى من مواعدهِ سوى
دعوى شريكِ أبي الحسينِ بفجرهِ
مَلِكٌ إِذَا حَدَثُ الزَّمَانِ لَنَا قَضَى
أمضى مضارعهُ بصيغة ِ أمرهِ(91/356)
فرعٌ إلى نحوِ العلا يسموبهِ
أصلٌ رسا بينَ النبيِّ وصهرهِ
نُورٌ إِذَا مَا بِالْوَصِيِّ قَرَنْتَهُ
أيقنتَ أنَّ ظهورهُ من ظهرهِ
حُرٌّ لَوْ انْتَظَمَتْ مَفَاخِرُ هَاشِمٍ
بِقِلاَدَة ٍ لَرَأَيْتَهَا فِي نَحْرِهِ
لاَيُدْرِكَنَّ مَدِيحَهُ لَسِنٌ وَلَوْ
نَظَمَ الْكَوَاكِبَ في قَلاَئِدِ شِعْرِهِ
للهِ بينَ بيانهِ وبنانهِ
كَنْزٌ أَفَادَ السَّائِلِينَ بِدُرِّهِ
لو كان للبحرِ الخضمِّ سماحهُ
لم يحزنِ الدّرُّ اليتيمُ بقعرهِ
سمحٌ لو أنَّ النيرانَ جواهرٌ
قذفت بها للوفدِ لجة ُ بحرهِ
يعطي ويحتقرُ النّوالَ وإن سما
فَيَرَى الثُّرَيَّا فِي أَصَاغِرِ صَرِّهِ
خطبَ العلا فتطلّقَتْ أموالهُ
مِنْهُ وَزَوَّجَهُ النَّوَالُ بِبِكْرِهِ
تا للهِ ما سيفُ الرّدى بيدِ القضا
يَوْماً بِأَفْتَكَ مِنْ نَدَاهُ بِوَفْرِهِ
لو تلمسُ الصّخرَ الأصمَّ يمينه
لَتَفَجَّرَتْ بِالْعَذْبِ أَعْيُنُ صَخْرِهِ
فَتَلَتْ مَهَابَتُهُ الْعَدُوَّ مخَافَة ً
فكفت صوارمهُ أسنّة ُ ذعرهِ
بَطَلٌ إِذَا فِي الضَّرْبِ أَلْهَبَ مَارِقاً
خِلْتَ الْكَوَاكِبَ مِنْ تَطَايُرِ جَمْرِهِ
فسلاح ليلِ الحتفِ مخلبُ سيفهِ
وَجَنَاحٌ طَيْرِ الْنُّحجِ رَايَة ُ نَصْرِهِ
بَحْرٌ إِذَا خَاضَتْهُ أَفْكَارُ الْوَرَى
غرقَتْ بهِ قبلَ البلوغِ لعبرهِ
فَطِنٌ يَكَادُ اللَّيْلُ يُشْرِقُ كَالْضُّحَى
لَوْ أَنَّ فِكْرَتَهُ تَمُرُّ بِفِكْرِهِ
آيُ الفصاحة ِ إن يخطَّ يراعهُ
لم تبدُ أنجمها بظلمة ِ حبرهِ
تركَ المواكبَ كالكواكبِ فاهتدى
فِيْهِنَّ مَنْ يَسْرِي لِمَشْرِقِ يُسْرِهِ
غَيْثٌ يَكَادُ الْتِّبْرُ يَنْبُتُ بِالْرُّبَى
كَالنَّوْرِ لَوْ وُسِمَتْ بِلُؤْلُوءِ قَطْرِهِ
لَوْ أَنَّ لِلأَعْنَاقِ مِنْهَا أَلْسُناً
نَطَقَتْ بِأَفْوَاهِ الْجُيُوْبِ بِشُكْرِهِ
لَمْ يَغْشَ وَجْهَ الأُفْقِ حَتَّى يَنْطَوِي
كَلَفُ الدُّجَى لَوْ حَازَ رَوْنَقَ بِشْرِهِ
سامٍ يمدُّ إلى العلا باعاً طوتْ(91/357)
مَجْرَى الدَّرَارِي الْسَبْعِ خُطْوَة ُ بِشْرِهِ
من آلِ حيدرة َ الألى ازدانَ العلا
فِيْهِمْ كَمَا ازْدَانَ الرَّبِيْعُ بِزَهْرِهِ
غرٌّ إذا منهمْ تولَّدَ كوكبٌ
حَسَدَتْ شُمُوْسُ الأُفْقِ مَفْخَرَ ظِئْرِهِ
نفرٌ لو أنّهمْ جلوا أحسابهمْ
فِي اللَّيْلِ لاشْتَبَهَتْ بِأَضْوإِ زَهْرِهِ
منْ كلِّ أبلجَ في ذيولِ قماطهِ
عَلِقَ الْعُلاَ وَنَشَا الْسَّمَاحُ بِحِجْرِهِ
لم يبطكِ وهوَ على حشيّة ِ مهدهِ
إِلاَّ لُحِبِّ رُكُوْبِ صَهْوَة ِ مُهْرِهِ
للهِ دركَ يا عليُّ ففصلهمْ
بكَ فصِّلتْ 'آياتُ محكمِ ذكرهِ
أَللهُ حَسْبُكَ كَيْفَ سِرْتَ إِلَى الْعُلاَ
ما بينَ أنيابِ الحمامِ وظفرهِ
لولاكَ قدسُ المجدِ أصبحَ طورهُ
دَكّاً يَمُوْجُ وَخَرَّ مُوْسَى قَدْرِهِ
قامت بنجدتهِ سيوفكَ فاغتدتْ
بالنّصرِ تبسمُ كالثّغورِ بثغرهِ
جرّدتها فرجمتَ شيطانَ العدا
بنجومها ودحرتَ ماردَ شرّهِ
قُضُبٌ إِذَا رَأَتِ الأُسُوْدُ فِرِنْدَهَا
شَهِدَتْ مَنَايَاهَا بِأَيْدِيْ ذَرِّهِ
مَوْلاَيَ سَمْعاً مِنْ رَقِيْقِكَ مِدْحَة ً
هِيَ بِنْتُ فِكْرَتِهِ وَدُمْيَة ُ قَصْرِهِ
بِكْرٌ يُحجِّبُهَا الْجَمَالُ وَإِنْ بَدَتْ
ويصونها بدرُ الدلالِ بسترهِ
لَوْ كَانَ تَخْطِبُهَا الْنُّجُوْمُ لِبَدْرِهَا
حاشاكَ لمْ تعطِ القبولَ لمهرهِ
فَاسْتَجْلِهَا عَذْرَاءَ هَذَّبَ لَفْظَهَا
طبعٌ أرقُّ منَ النسيمِ بمرّهِ
وليهنكَ الشّهرُ المباركُ صومهُ
وَجَزَاكَ رَبُّكَ عَنْهُ أَفْضَلَ أَجْرِهِ
شهرُ لو أنَّ منَ الورى أوقاتهُ
عُدَّتْ لَرُحْتَ وَأَنْتَ لَيْلَة ُ قَدْرِهِ
واسعدْ بعيدٍ أنتَ لنا مثلهُ
وَافْطُرْ قُلُوْبَ المُعْتَدِيْنَ بِفِطْرِهِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> ضربوا القبابَ وطنّبوها بالقنا
ضربوا القبابَ وطنّبوها بالقنا
رقم القصيدة : 9765
-----------------------------------
ضربوا القبابَ وطنّبوها بالقنا
فمحوا بأنجمها مصابيحَ المنا(91/358)
وبنوا الحجالَ على الشّموسِ فوكّلوا
شهبَ السهاءِ برجمِ زوارِ البنا
وَجَلَوْا بِتِيجَانِ الْتَّرَائبِ أَوْجُهاً
لَوْ قَابَلَتْ جَيْشَ الدُّجُنَّة ِ لانْثنَا
وجروا إلى الغاياتِ فوقَ سوابقٍ
لو خاضَ عثيرها النّهارُ لأوهنا
لِلهِ قَوْمٌ فِي حَبَائِلِ حُسْنِهِمْ
قنصوا الكرى لجفونهمْ من عندنا
غرٌّ رباربهمْ وأسدُ عرينهمْ
سَلُّوْا الْمَنُونَ وَأَغْمَدُوهَا الأَجْفُنَا
إِنْ زَارَهُمْ خَصْمٌ عَلَيْهِ نَضُوْا الْظُّبَا
أَوْ مُدْنِفٌ سَلُّوْا عَلَيْهِ الأَعْيُنَا
لمْ تَلْقَهُمْ إِلاَّ وَفَاجَاكَ الرَّدَى
مِنْ جَفْنِ غُصْنٍ هُزَّ أَوْ رِيمٍ رَنَا
تُثْنَى الْظُّبَا تَحْتَ السَّوَابِغِ مِنْهُمُ
سمرَ الرّماحِ وفي الغلائلِ أغصناً
مِنْ كُلِّ مُحْتَجِبٍ تَبَرَّجَ فِي الْعُلاَ
أو كلِّ سافرة ٍ يحجّبها السّنا
نُهْدَى بِلَمْعِ نُصُولِهِمِ لِوُصُولِهِم
ونرى ضياءَ وجوههم فتصدّنا
قسماً بقضبِ قدورهمْ لخدودهمْ
كالوردِ إلا أنّها لا تجتنى
كم ماتَ خارجَ حيّهمْ من مدنفٍ
والرّوح منهُ لها وجودٌ في الفنا
أَسْكَنْتُهُمْ بِأَضَالِعِي فَبُيُوْتُهُمْ
بطويلعٍ وشموسهمْ بالمنحنا
يَا صَاحِ إِنْ جِئْتَ الحِجَازَ فَمِلْ بِنَا
نحوَ الصفا فهوايَ أجمعهُ هنا
فتّشْ عبيرَ ثراهُ إن شئتَ الثّرى
فالدرُّ حيثُ بهِ نثرنا عتبنا
وانشدْ بهِ قلبي فإنَّ مقامهُ
حَيْثُ الْمَقَامُ بِهِ الْحَجُونُ إِلَى مِنَى
وسلِ المضاجع إن ششكتَ فإنها
منّا لتعلمُ عفّة ً وتديّنا
يا أهلَ مكة َ ليتَ من فلقَ النّوى
قسمَ المحبّة َ بالسّويّة ِ بيننا
اطْلَقْتُمُ الأَجْسَامَ مَنَّا لِلشَّقَا
ولديكمُ الأرواحُ في أسرِ العنا
أَجْفَانُكُمْ غَصَبَتْ سَوَادَ قُلُوْبِنَا
وخصوركمْ عنهُ تعوّضنا الضّنى
عن ريِّ غلّتنا منعتمْ زمزماً
ورميتمُ جمراتِ وجدكمُ بنا
ظبيانكمْ أظمأننا وأسودكمْ
بجداولِ الفولاذِ تمنعُ وردنا
ما بالُ فجرِ وصالكمْ لا ينجلي
وقرونكم سلبتْ لياليَ بعدنا(91/359)
أَبِزَعْمِكُمْ أَنَّا يُغَيِّرُنَا النَّوَى
فوحقّكمْ ما زالَ عنكمْ عهدنا
أَنْخُوْنُكُمْ بِالْعَهْدِ وَهْوَ أَمَانَة ٌ
قبضتْ خواطرنا عليهِ أرهنا
أخفي مودّتكم فيظهرُ سرّها
والرّاح لا تخفى إذا لطفَ الإنا
بكمُ اتّحدتُ هوى ً ولو حيّيتكمْ
قلتُ السّلامُ عليَّ إذ أنتمْ أنا
للهِ أيّامٌ على الخفيفِ انقضتْ
يا حبّذا لو أنها رجعتْ لنا
أَيَّامُ لَهْوٍ طَالَمَا بَوُجُوهِهَا
وضحتْ لنا غررُ المحبّة ِ والهنا
وسقى الحيا غدواتِ لذّاتٍ غدتْ
فيها غصونُ الأمسِ طيّبة َ الجنا
وظلالَ آصالٍ كأنَّ نسيمها
لأبي الحسينِ يهبُّ في أرجِ الثّنا
ملكٌ جلالتهُ كفتهُ وشأنهُ
عن زينة ِ الألقابِ أو حليِ الكنى
سَمْحٌ إِذَا أَثْنَى النَّبَاتُ عَلَى الْحَيا
قصدَ المجازَ بلفظهِ ولهُ عنى
قرنٌ لديهِ قرى الجيوشِ إذا بهِ
نزلوا فرادى الظّعنِ أو حزبٍ ثنا
لِلْفَخْرِ جَرْحَاهُ تَلَذُّ بَضَرْبَهِ
والبرءُ يرضيْ الجربَ في ألمِ الهنا
تمسيْ بأفواهِ الجراحُ حرابهُ
تُثْنِي عَلَيْهِ تَظُنُّهُنَّ الأَلْسُنَا
سَجَدَتْ لِعَزْمَتِهِ النِّصَالُ أَمَا تَرَى
فيهنَّ من أثرِ السّجودِ الإنحنا
وَهَوَتْ عَوَالِيْهِ الطِّعَانَ فَأَوْشَكَتْ
قَبْلَ الصُّدُورِ زِجَاجُهَا أَنْ تَطْعَنَا
بيتُ القصيدِ من الملوكِ وإنّما
يأبى علاهُ بوزنهمْ أنْ يوزنا
يصبو إلى نخبِ الوفودِ بسمعهِ
طَرَباً كَمَا يَصْبُو التَّرِيْفُ إِلَى الْغِنَا
مُتَسَرِّعٌ نَحْوَ الصَّرِيخِ إِذَا دَعَا
مترفّقٌ فيهِ عنِ الجاني ونا
فَالوُرْقُ تُشْفِقُ مِنْهُ يُغْرِقُهَا النَّدَى
فلذاكَ تلجأُ في الغصونِ لتأمنا
والنّارُ من فزعِ الخمودِ بصوبهِ
فزعتْ إلى جوفِ الصّخورِ لتكمنا
والمزنُ من حسدٍ لجودِ يمينهِ
تبكي أسى ً وتظنّها لن تهتنا
بَطَلٌ تَكَادُ الصَّاعِقَاتُ بِأَرْضِهِ
حَذَرِاً الصَوْتِ الرَّعْدِ أَنْ لاَ تُعْلِنَا
لَوْ أَكْرَمَ البَحْرُ السَّحَابَ كَوَفْدِهِ
للدرِ عنا كاد أنْ لا يحزنا(91/360)
أَوْ يَقْتَفِيْهِ البَدْرُ فِي سَعْيِ الْعُلاَ
لَمْ يَرْضَ في شَرَفِ الْثُرَيَّا مَسْكِنَا
أو بعنَ أنفسها الأهلة ُ صفة ً
منهُ بنعلِ حذائهِ لنْ تغبنا
حرستْ علاهُ بالظبا ففروجها
تحكي البروجَ تحصناً وتزيناَ
لا ينكرنَّ الأفقُ غبطتهُ لهاَ
أَوَ لَيْسَ قَدْ لَبِسَ السَّوَادَ تَحزُّنَا
تَقِفُ الْمَنِيَّة ُ فِي الزِّحَامِ لَدَيْهِ لاَ
تَسْعَى إِلَى الْمَهْجَاتِ حَتَّى يَأذَنَا
نَفَذَتْ إِرَادَتُهُ وَأَلْقَمتْ نَحْوَهُ الـ
ـدُّنْيَا مَقَالِيْدَ الْعُلاَ فَتَمَكَّنَا
فإذاَ اقتضى َ إحداثَ أمرٍ رأيهُ
لَوْ كَانَ مُمْتَنِعَ الْوُجُودِ لأَمْكَنَا
يَا مَنْ بِطَلْعَتِهِ يَلُوحُ لَنَا الْهُدَى
وَبِيُمْنِ رُؤْيتِهِ نَزِيْدُ تَيَمُّنَا
مالروحُ منذُ رحلتَإلا مهجة ُ
بِكَ تُيِّمَتْ فَخُفُوقُهَا لَنْ يَسْكُنَا
أَضْنَاهُ طُولُ نَوَاكَ حَتَّى أَنَّهُ
دل النحول على هواهُ وبرهنَا
أخفى َ الهدى لما ارتحلتَ منارهُ
فحللتَ فيهِ فلاحَ نوراً بيناَ
قد كُنتَ فيهِ وكانَ صُبحاً مُشرقاً
حتى ارتحلتَ فعاد ليلاً أدكنَا
سلبَ البلادَ مذْ غبتَ ملبسَ أرضهِ
فكستهُ أوبتكَ الحريرَ ملونا
فارقتهُ فأباحَ بعدكَ للعِدى
مِنهُ الفروجَ وجئتهُ فتحصَّناَ
أمسى لبعدكَ للصبابة ِ محزناً
والآن أصبحَ للمسرة ِ معدنَا
لا أوحشَ الرحمنُ منكَ ربوعهُ
أبداً ولا برحتْ لمجدكَ موطناَ
مولايَ لا برحَ العِدى لك خُضعاً
رهباً ودانَ لكَ الزمانُ فأذعنَا
هَبْ أنهم سألوك فأحسن فيهم
لرضا الإلهِ فإنهُ بكَ أحسنا
لا تعجبنَّ إذا امتحِنتَ بكبدِهِمْ
فالحرُّ ممتحنٌ بأولادِ الزّنا
فاغضض بحلمكَ ناظر متيقظا
وأجمعْ لرأيكَ خَاطراً مُتَفطنّا
واغفرْ خطيئة َ من إذا عذراً بغى
وهوَ الفصيحُ غدا جباناً ألكنا
إنّيْ لأعلمُ إنَّ عنكَ تخلُّفيْ
ذَنْبٌ وَلكِنِّي أَقولُ مُضَمِّنَا
اضحَى فِرَاقُكَ لِي عَلَيْهِ عُقُوبَة ً
لَيْسَ الَّذِي قَاسَيْتُ مِنْهُ هَيَّنا(91/361)
لا زالَ فيكَ المجدُ مبتهجاً ولا
فجعتْ بفرقتكَ العلا نوَبُ الدّنا
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> عَرِّجْ عَلَى الْبَانِ وانْشُدْ فِي مَجَانِيْهِ
عَرِّجْ عَلَى الْبَانِ وانْشُدْ فِي مَجَانِيْهِ
رقم القصيدة : 9766
-----------------------------------
عَرِّجْ عَلَى الْبَانِ وانْشُدْ فِي مَجَانِيْهِ
قَلْباً فَقَدْ ضَاعَ مِنّي فِي مَغَانِيْهِ
وَسَلْ ظِلاَلَ الْغَضا عَنْهُ فَثَمَّ لَهُ
مثوى ً بها فهجيرُ الهجرِ يلجيهِ
أولا فسل منزلَ النّجوى بكاظمة ٍ
عن مهجتي وضماني إنها فيهِ
واقرَ السّلامَ عريبَ الجزعِ جمهمُ
واخضعْ لهمْ وتلطّفْ في تأديهِ
وَحَيِّ أقْمَارَ ذَاكَ الْحَيِّ عَنْ دَنِفٍ
يُمِيْتُهُ اللَّيْلُ فِكْراً وَهْوَ يُحيِيْهِ
وَانْحُ الْحِمَى يَا حَمَاكَ اللهُ مُلْتَمِساً
فَكَّ الْقُلُوبِ الأَسَارَى عِنْدَ أَهْلِيْهِ
لِلهِ حَيٌّ إِذَا أَقْمَارُهُ غَرَبَتْ
أَغْنَتْكَ عَنْهَا وُجُوهٌ مِنْ غَوَانِيْهِ
مَغْنى ً إِذَا ارْتَادَ طَرْفِي فِي مَلاعِبِهِ
حسبهنَّ عقوداً في تراقيهِ
جَمَالُ كُلِّ أَسِيْلِ الْخَدِّ يَجْمَعُهُ
وَقَلْبٌ كُلِّ أَسِيْرِ الْوَجْهِ يَحْوِيْهِ
تَمْشِي كُنَوزُ الثَّنَايَا مِنْ عَقَائِلِهِ
مرصودة ً بالأفاعيْ من عواليهِ
لَوْلاَ النَّوَى وَجَلِيُّ الْبَيْنِ لالتَبَسَتْ
عَوَاطِلُ السِّرْبِ حُسْناً فِي حَوَالِيْهِ
إِذَا بِمَجْرَى الظِّبَا تَجْرِي ضَرَاغِمُهُ
أَثَارَتِ الخَيْلُ نَقْعاً مِنْ عَوَالِيْهِ
قَدْ يَكْتَفِي الْمُجْرِمُوْنَ النَّاكِسُونَ إذَا
هَبَّ النَّسِيْمُ عَلَيْهِمْ مِنْ نَوَاحِيْهِ
مُذْ حَرَّمَتْ قُضْبُهُ مَسَّ الصَّعَيْدِ عَلَى
بَاغِي الطُّهورِ وَدَمْعِي مَاءُ وَادِيْهِ
سقى الحيا عزَّ أقوامٍ صوارمهمْ
عنْ منّة ِ الغيثِ عامَ الجدبِ تغنيهِ
يَا نَارِحِينَ وَأَوْهَامِي تُقَرِّبُهُمْ
حوشيتمُ من لظى قلبيْ وحوشيهِ
عَسَى نَسِيْمُ الصَّبَا فِي نَشْرِ تُرْبَتِكُمْ(91/362)
يَعُودُ مَرْضَاكُمُ يَوْماً فَيَشْفِيْهِ
من لي بهِ من ثراكمْ أنْ يحدّثني
بام عليهِ ذيولُ العينِ ترويهِ
وحقّكمْ إنْ رضيتم في ضنى جسدي
بِحُبِّكُمْ لِوُجُودِي فِي تَفَانِيْهِ
أفري الجيوبَ إذا غبتمْ فكيفَ إذا
بِنْتُمْ فَمِنْ أَيْنَ لِي قَلْبٌ فأَفْرِيْهِ
بِالنَفْسِ دُرّاً بِسَمْعِي كُنْتُ أَلْفِظُهُ
منكم وورداً بعيني كنتُ أجنيهِ
اللهَ يا ساكني سلعٍ بنفسِ شجٍ
على الطّلولِ أسالتها مآقيهِ
عانٍ خصورُ الغواني البيضُ تنحلهُ
وبيضِ مرضى الجفونِ السّودِ تبريهِ
يرعى السّها بعيونٍ كلّما التفتتْ
نحوَ العقيقِ غدتْ في الخدِّ تجريهِ
يهزّهُ البانُ شوقاً حينَ تفهمهُ
مَعْنَى الإِشَارَة ِ عَنْكُمْ فِي تَثَنِّيْهِ
تَبْدُو بُدُورُ غَوَانِيْكُمْ فَتُوهِمُهُ
بَأَنَّهُنَّ ثَنَايَاكُمْ فَتُصْبِيْهِ
هوى فأضحى بميدانِ الهوى هدفاً
فَعَيْنُكُمْ بِسهِامِ الْغُنْجِ تَرْمِيْهِ
يُورِي النَّوَى أَيَّ نَارٍ فِي جَوَانِحِهِ
أَمَا تَرَوْنَ سَنَاهَا فِي نَوَاصِيْهِ
رَعْياً لمَنْزِلِ أُنْسٍ بِالْعَقِيْقِ لَنَا
لا زالَ صوبُ الحلا بالدّرِّ يوليهِ
وَحَبَّذَا عَصْرُ لَذَّاتٍ عَرَجْتُ بِهِ
نحو البدورِ البيضِ منْ لياليهِ
أكرمْ بها منْ لويلاتٍ لو انتسقتْ
لَكُنَّ فِي الْسِلْكِ أَبْهَى مِنْ لآلِيْهِ
غرٌ كأنَّ عليَّ المجدِ خولها
فَزُيِّنَتْ بِبُدُورٍ مِنْ أَيَادِيْهِ
شمسٌ بها زانَ وجهُ الدّهرِ وانكشفتْ
عن أهلهِ ظلماتٌ من مساويهِ
حليفُ حزمٍ لهُ في كلِّ مظلمة ٍ
نورٌ من الرأيِ نحوَ الفتحِ يهديهِ
سَيْفاً لَو الْحِلْمُ لَمْ يُغمِدْهُ كَادَبِهِ
أَنْ تَهْلِكَ النَّاسُ حِيْنَ الْعَزْمُ يُنْضِيْهِ
غَيْثٌ هَمَ وَسَمَا فِي الْمَجْدِ فَاشتَرَكَتْ
فِي جُودِهِ الْخَلْقُ وَاختَصَّتْ مَعَالِيْهِ
يُمنُ العلا والأماني البيضِ في يدهِ
يُمنَي وَحُمْرُ الْمَنَايَا فِي أَمَانِيْهِ
فَلَوْ أَرَاعَ غُرَابَ الْبَيْنِ صَارِمُهُ(91/363)
لشابَ فؤادهُ وابيضّتْ خوافيهِ
وَلَوْ أَتَتْهُ النُّجُومُ الشُّهْبُ يَوْمَ نَدى ً
لَمْ يَرْضَ بِالشَّمْسِ دِينَاراً فَيْعْطِيْهِ
وَهْوَ السَّمِيْعُ إِذَا التَّقْوَى تُنَادِيْهِ
ولو بها اشتعلت يوماً مذاكيهِ
وَافَرْحَة َ اللَّيْثِ فِيْهِ لَوْ يُسَالِمُهُ
وغبطة َ الغيثِ فيهِ إنْ يؤاخيهِ
مِقْدَارُهُ عَنْ ذَوِي الأَقْدَارِ يَرْفَعُهُ
وجودهُ لذوي الحاجاتِ يدنيهِ
هوالأصمُّ إذا تدعوهُ فاحشة ٌ
وهو السّميعُ إذا التّقوى يناديهِ
إِنْ يَحمِلِ الحَمْدُ وَرْداً فَهْوَ قَاطِفُهُ
أو يجتني منهُ شهدٌ فهوَ جانيهِ
هامَ الزّمانث بهِ حباً فأووشكَ أنْ
يَعُودَ شَوْقاً إِلَى رُؤيَاهُ مَاضِيْهَ
إِذَا الْحُظُوظُ مَحَاهَا الْبَأْسُ أَثْبَتَهَا
رجاؤهُ بحظوظِ ملءِ أيديهِ
دَوْحُ الْفَخَارِ الَّذِي مُزْنُ الإِمَامَة ِ لاَ
تَنْفَكُّ فِي رَشَحَاتِ الْبِرِّ تَسْقِيْهِ
نُورُ النُّبُوَّة ِ مِنْهُ حِيْنَ يُغْرِيْهِ
من حولهِ نسبٌ يغشى بصائرنا
مِنَ المُلُوكِ الأُلى لولا حلومُهُمُ
تزلزلَ المجدُ واندكّتْ رواسيهِ
منْ كلِّ أبلجَ مأمونٍ مناقبهُ
بجنَّة ِ الحمدِ يلقَ طعنَ شانيهِ
نشا ونفسُ النّدى منهُ شنتْ فغدا
كُلٌّ لِصَاحِبِهِ الأَدْنَى يُرَبِّيْهِ
أَلْحَيْدَرِيُّ الَّذِي دَانَ الزَّمَانُ لَهُ
حتّى استكانَ وخافتْ دواهيهِ
قِرْنٌ إِذَا مَا غَدِيْرُ الدُّرِّ أَغْرَقَهُ
خاضَ الرّدى فيكادث البأسُ يوريهِ
بدرُ الحسامِ إذا في الرّوعِ أضحكهُ
فإنّهُ بالدّمِ الجاري سيبكيهِ
والهامث تدريْ وإنْ عزّتْ سيلزمها
دلُّ السّجودِ إذا صلّتْ مواضيهِ
سَاسَ الأُمُورَ فَأَجْرَى فِي أَوَامِرِهِ
حكمَ المنى والمنايا في مناهيهِ
تَعَشَّقَ الْمَجْدَ طِفْلاً وَاسْتَهَامَ بِهِ
فَهَانَ فِيْهِ عَلَيْهِ مَا يُقَاسِيْهِ
سلِ الحيا حينَ يهمي عن أناملهِ
أَهُنَّ أَنْدَى بَنَاناً أَمْ غَوَادِيْهِ
لَهُ خِصَالٌ بِخَيْطِ الْفَجْرِ لَوْ نُظِمَتْ(91/364)
لَمْ يَنْتَظِمْ سَبَحُ الدَّاجِي بِثَانِيْهِ
شمائلٌ لو حواها اللّيلُ وافتقدتْ
بودّهِ لفداها في دراريهِ
قِلاَدَة ُ الْمَجْدِ وَالْعُلْيا صَنَائِعُهُ
وَزِيْنَة ُ الدَّيْنِ وَالدُّنْيَا مَسَاعِيْهِ
مولى ً كأنكَ تتلو في مجالسنا
آيُ السّجودِ علينا إذ تسمّيهِ
يا ساعدَ الجودِ بل يا نفسَ حاتمهِ
يَا نَقْشَ خَاتَمِهِ يَا طَوْقَ هَادِيْهِ
لا زلتَ يا غوثُ لي غوثاً ومنتجعاً
ولا برحتُ إليكَ المدحَ أهديهِ
لولا تملككمْ رقّي بأنعمكمْ
ما راقَ شعريْ ولا رقّتْ مبانيهِ
واستجلِ من آيِ نظميْ أيّ معجزة ٍ
تُخَلِّدُ الْذِكْرَ فِي الدُّنْيَا وَتُبْقِيْهِ
مَدْحٌ تَسِيْرُ إِذَا مَا فِيْكَ فُهْتُ بِهِ
سيرَ الكواكبِ في الدّنيا قوافيهِ
بيوتُ شعرٍ بناها الفكرُ من ذهبٍ
سكّانها حورُ عينٍ منْ معانيهِ
واغنمْ بصومٍ عسى بالخيرِ يختمهُ
لكَ الإله وبالرّضوانِ يجزيهِ
هلالُ سعدٍ تراءى فيهِ منكَ علاً
فَعَادَ صَبّاً يَكَادُ الشَّوْقُ يُخْفِيْهِ
وليهنكَ العيدُ في تجديدِ عودتهِ
بل فيكَ يا بهجة الدّنيا نهنّيهِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> حتّامَ أسألها الذّنوَّ فتنزَحُ
حتّامَ أسألها الذّنوَّ فتنزَحُ
رقم القصيدة : 9767
-----------------------------------
حتّامَ أسألها الذّنوَّ فتنزَحُ
وأروضُ قلبيْ بالسلوِّ فيجمحُ
وإِلاَمَ لاَ أَنْفَكُّ أُصْرَعُ لِلْهَوَى
وتتيهُ في عزِّ الجمالِ وتمرحُ
وَعَلاَمَ تَمطُلُنِي فَيَحسُنُ مَطْلُهَا
وَتَسُومُنِي الصَّبْرَ الْجَمِيلَ فَيَقْبُحُ
تجفو وما حنيتْ عليهِ أضالعيْ
يحنو عليها والجوانحُ تجنحُ
قَلْبِي يَضَنُّ بِهَا عَلَيَّ وَمَنْطِقِي
عَنْها يُكَنِّي وَالْجُفُونُ تُصَرِّحُ
يا لائمي فيها وعذريُّ الهوى
من وجهها الوضاحُ عذري أوضحُ
خنتُ التّقى وقطعتُ أرحامَ العلا
إِنْ لَمْ أَعُقْ فِي حُبِّهَا مَنْ يَنْصَحُ
لا تعذلوا الدّنفَ المشوقَ فقلبهُ
كالْزَّنْدِ يَقْرَعُهُ الْمَلاَمُ فَيْقْدَحُ(91/365)
مَا بَالُ تَضْعُفُ عَنْ مَلاَمِكَ طَاقَتِي
وَأَنَا الْحَمُولُ لِكُلِّ خَطْبٍ يَفْدَحُ
لاَ يَسْنَحُ الأَجَلُ الْمُتَاحُ بِفِكْرَتِي
إِلاَّ إِذَا إِجْلُ الْجَآذِرِ يَسْنَحُ
يَا سَاكِنِي الْجَرْعَاءِ لاَ أَقْوَى الْغَضَا
منكمْ ولا فقدتْ مهاكمْ توضحُ
هل في الزّارة ِ للنسيمِ أذنتمُ
فلقدْ أشمُّ المسكَ منهُ ينفحُ
لَمْ تحسن الأقمارُ بعدَ وجوهكُمْ
عندي ولا نظري إليها يطمحُ
لا تنكروا قتلَ الرّقادِ ببينكمْ
أَوَ لَيْسَ ذَا دَمُهُ بِخَدِّي يَسْفَحُ
عُذْراً فَكَمْ قَلْبِي بِلَيْلَى حَيِّكُمْ
قدْ ماتَ عذريٌّ وجنَّ ملوّحُ
لِلهِ كَمْ فِي سِرْبِكُمْ مِنْ مُقْلَة ٍ
تمضي وبيضُ صفاحها لا تجرحُ
ولكمْ بزندكمُ سوارٌ أخرسٌ
أوحى الكلامَ إلى وشاحٍ يفصحُ
أَبْصَارُنَا مَخْطُوفَة ٌ وَعُقُولُنَا
بِثغورِكُمْ وَبُرُوقَهَا لاَ تُلْمَحُ
يردى بحيّكمُ الهزبرُ مسربلاً
ويمرُّ فيهِ الظبيُ وهوَ موشّحُ
لَمْ يَخْشَ لَوْلاَ مُهْلِكَاتُ صُدُودِكُمْ
بيضاً تسلُّ وعادياتٍ تضبحُ
رفقاً بمنتزحٍ إليكم روحهُ
تغدو بها ريح الضّبا وتروّحُ
يصبو إلى برقِ الحجونِ فتلتظيْ
ويصوّبُ الدّمعُ الهتونَ فتسبحُ
رَعْياً لأَيَّامِ الْحِمَى وَرَعَى الْحِمَى
وسقتْ معاهدهُ العهادُ الرّوحُ
وَعَدَا الْبِلاَدَ الرَّوْحَ مِنْ مَغْنى ً فَلاَ الْـ
ـأرواحُ فيها والقلوبُ تروّحُ
كُلُّ الْمَوَارِدِ بَعْدَ زَمْزَمَ حُلْوُهَا
بِفَمِي يُمَجُّ وَكُلُّ عَذْبٍ يَمْلَحُ
يَا جِيرَة ً غَلِطَ الزَّمَانُ بِوَصْلِهِمْ
فمحوهُ إذ وطنوا إليهِ وصحّحوا
لا تطلبوا عندي الفؤادُ فدارهُ
إِمَّا رُبُوعُ مِنى ً وَإِمَّا الأَبْطَحُ
يَا لَيْتَنَا بِمِنى ً حَوَانَا مَوْسِمٌ
ولكم بهِ نهدي القلوبَ ونذبحُ
خَلَّفْتُمُ الْوَجْدَ الْمُبِّرِحَ بَعْدَكُمْ
عندي فروحي عندكمْ لا تبرحُ
مالي وما للدّهرِ ليسَ بمنجزٍ
وعدي ولا أملي لديكمْ ينجحُ
أَشْكُو الزَّمَانَ إِلَى بَنِيهِ وَإِنَّمَا(91/366)
فَسَدَ الزَّمَانُ وَلَيْسَ فِيْهِمْ مُصْلِحُ
سَاءَتْ خَلاَئقُهُمْ فَسَاءَ فَلاَ أَرَى
شيئاً بهِ إلا علياً يمدحُ
الماجدُ العذبُ الّذي في نفسهِ
وبمالهِ يشري الثّناء ويسمحُ
حُرُّ يُرِيْكَ الْبِشْرُ مِنْهُ لَدَى النَّدَى
شيماً كأزهارِ الرّياضِ تفتّحُ
شِيَمٌ تُصَرِّحُ آيَة ُ التَّطْهِيرِ عَنْ
أَنْسَابِهَا وَبَفَضْلِهِنَّ تُلَوِّحُ
قَرْنٌ إِذَا أَجْرَى جَدَاوِلَ قُطْبِهِ
أذكتْ على الهاماتِ ناراً تلفحُ
طَلْقُ الْمُحَيَّا وَالْجِيَادُ سَوَاهِمٌ
والبيضُ تبسمُ في الوجوهِ فتكلحُ
فطنٌ له علمٌ يفيض ومنسبٌ
مِنْ ضَرْعِهِ دَرُّ النُّبُوَّة ِ يَرْشَحُ
فرعٌ ذكا منْ دوحة ِ الشّرفِ الّتي
من فوقها ورْقُ الإمامة ِ تصدحُ
علمٌ على جعلِ البريّة ِ واحداً
للاحدينَ هو الدّليلُ الأرجحُ
هوَ فوقَ علمكمُ بهِ فتأمّلوا
فِيْهِ فَلِلأَنْظَارِ فِيْهِ مَطْرَحُ
هذا مخلّصُ نسخة ِ السّاداتِ منْ
آلِ النّبيِّ ففضلهُ لا يُشرحُ
صَغُرَ الْمَدِيحُ وَجَلَّ عَنْهُ فَكُلُّ مَنْ
يثنى عليهِ كأنّما هوَ يقدحُ
إنْ شئتَ إدراكَ الفلاحِ فوالهِ
وَلَكُلُّ مَنْ وَالَى عَلِيّاً يُفْلِحُ
تهوي الجبالُ الرّاسياتُ وحلمهُ
فِي الصَّدْرِ لاَيَهْوِي وَلاَ يَتَزَحْزَحُ
لا مبدئاً جزعاً لأعظمِ فائتٍ
مِنْهُ وَلاَ بِحُصُولِ ذلِكَ يَفْرَحُ
كم بينَ شدّة ِ خوفهِ ورجائهِ
عينٌ تسيلُ دماً وصدرٌ يرشحُ
أَسَدٌ لَدَيْهِ دَمُ الأُسُودِ مِنَ الطِّلاَ
أحلى منْ ريقِ الغوانيْ أملحُ
تهويْ مذاكيهِ الصّباحَ كأنهُ
لبنٌ بخالصهِ تعلُّ وتصبحُ
سبقَ الأنامَ وما تجوزَ عمرهُ
حولاً ولم تبلغْ نداهُ القرّحُ
حَتَّى حَمِيْمٌ الْفَجْرِ مِنهَا يَنْضَحُ
يَسْتَصْحِبُ النَّصْرَ الْعَزِيزَ بِسَيْفِهِ
وَبِرأْيِهِ فَدُجَى الْوَغَى يَسْتَصبْحُ
لو تنكحُ الرّيحُ العقيمُ برفقهِ
يَوْماً لَبِالْبَرَكَاتِ كَادَتْ تُلْقَحُ
وافى وقدْ نضبَ النّوالُ وأصبحتْ
غدرُ المطالبِ وهي ملأى تطفحُ(91/367)
وسقى العلا عزّاً فأصبحَ روضهُ
خِصباً وَلَوْلاَهُ لَكَادَ يُصَوِّحُ
يخفي النّدى فينمُّ عرفُ ثنائهِ
فيهِ وريحُ المسكِ ممّا يفصحُ
أندى الملوكِ يداً وأشرفهمْ أباً
وأبرّهمْ للمذنبينَ وأصفحُ
قُلْ لِلْذِي حَسَداً يَعِيبُ صِفَاتِهِ
أَعَلِمْتَ أَيَّ ضِيَاءِ بَدْرٍ يَقْبُحُ
أنظرْ جميع خصالهِ وفعالهِ
فجميعها عبرٌ لمنْ يتصفّحُ
عَجَباً لِقَوْمٍ يَكْفُرُونَ بِهَا وَلَوْ
عَقَلُوا وَمَا غَفَلُوا الصَوَابَ لسَبَّحُوا
يَا ابنَ الأُولى لَوْلاَ جِبَالُ حُلُومِهِمْ
لَمْ يَرْسُ ظَهْرُ الأَرْضِ وَهْوَ مُسَطَّحُ
والْكَاسِبَ الْمِدَحَ الَّتِي لا تَنْتَهِي
وَالْوَاهِبَ الْمِنَحَ الَّتِي لاَ تُمْنَحُ
والثابتَ الرأيِ المسدّدَ حيثُ لا
أَسَدٌ يَقِرُّ وَلاَ جَوَادٌ يُكْبَجُ
فُزْ بِالْعُلاَ وَانْعَمْ فَإِنَّكَ أَهْلُهَا
ولها سواكَ من الورى لا يصلحُ
واستجلِ من نظمي بائعَ فكرة ٍ
بِسِوَاكَ بِكْرُ ثَنَائِهَا لاَ تُنْكَحُ
واسعدْ بعيدٍ مثلِ وجهكَ بهجة ً
عِيْدٌ تَكَمَّلَ بِالسُّعُودِ هِلاَلُهُ
فبدا وأنتَ أتمُّ منهُ وألوحُ
لا زالَ شهرُ الصّومِ يختمُ بالهنا
لكَ والثّوابُ وفيهما يستفتحُ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> هلمَّ بنا إلى أرضِ الحجونِ
هلمَّ بنا إلى أرضِ الحجونِ
رقم القصيدة : 9768
-----------------------------------
هلمَّ بنا إلى أرضِ الحجونِ
عَسَى نَقْضِي الْغَدَاة َ بِهَا دُيُونِي
وَسَائِلْ جِيرَة َ الْمَسْعَى لِمَاذَا
وفيتهمُ وقدْ قبضوا رهوني
وَعرِجْ فِي الْمُقَامِ بِرَبْعِ لَيْلَى
لتنثرَ فوقهُ دررَ الشّؤونِ
وَفَتِّشْ ثَمَّ عِنْ كَبِدِي فَعَهْدِي
هنالكَ قدْ أراقتها عيوني
وحيِّ على الصّفا حيّاً قليلاً
لهُ وضعُ الجبينِ على الوجينِ
وملعبَ حورِ جنّاتٍ سقتنا
بهِ الولدانُ كأساً من معينِ
محلّاً فيهِ أسرارُ الأماني
محجّبة ٌ بأحشاءِ المنونِ
تَسُومُ بِهَا الْقُلُوبَ فَتَشْتَرِيهَا(91/368)
ثَنَايَا الْبِيْضِ بِالدُّرِّ الثَّمِينِ
بِهِ تُبْدِي الشُّمُوسُ دُجى ً وَتَحْمِي
بدورَ قيانهِ شبهُ القيونِ
يَزُرُّ بِهِ الْحَدِيْدُ عَلَى الْعَوَالِي
وَيَنْسَدِلُ الْحَرِيرُ عَلَى الْغُصُونِ
بسمعي من غوانيهِ كنوزٌ
فقفْ فيها لتنظرها جفوني
وَلِي فِي الْخَيْفِ أَحْبَابٌ كِرَامٌ
لديَّ وإنْ همُ لم يكرموني
خَضَعْتُ لِحُبِّهِمْ ذُلاًّ فَعَزُّوا
وَدِنْتُ لِحُكْمِهِمْ فَاسْتَعْبَدُونِي
همِ اجتمعوا على قتلي بجمعٍ
ففيمَ على المنازلِ فرّقوني
عُيُونِي فِي هَوَاهُمْ أَدْخَلَتْنِي
وَفِي الْعَبَراتِ مِنْهَا أَخْرَجُونِي
تقاسمتُ الهوى معهمْ ولكنْ
تَسَلَّوْا عَنْ هَوَايَ وَهَيَّمُونِي
وإذ كنتُ القسيمَ بغيرِ عدلٍ
نَجَوْا مَنْهُ وَحَازُوا الصَّبْرَ دُونِي
تَمُرُّ ظِبَاهُمُ مُتَبَرْقِعَاتٍ
محافظة ً على الحسنِ المصونِ
فَلَيْتَ مِلاَحَهُمْ عَدَلَتْ فَأَعْطَتْ
حمائمَ حليها خرسَ البرينِ
تغانوا بالقدودِ على العوالي
وَبِالأَجْفَانِ عَنْ مَا بِالْجُفُونِ
فَبَيْنَ لِحَاظِهِمْ كَمْ مِنْ طَرِيْحٍ
وَبَيْنَ قُدُودِهِمْ كَمْ مِنْ طَعِينِ
أنا الخلُّ الوفيُّ وإنْ تجافوا
وَسَايِلْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَرْفِدُونِي
أودُّ رضاهُمُ لو كانَ حتْفي
وأْوثِرُ قربَهُمْ لو قَرَّبُوني
أَلاَ يَا أَهْلَ مَكَّة َ إِنَّ قَلْبي
بكمْ علقتهُ أشراكُ الفنونِ
جميعي صفقة ً منّي أشتريتمْ
فديتكمُ ولو بغّضتموني
نقلتمْ نحوَ مكّتكمْ فؤادي
وبينَ الكرختينِ تركتموني
غَرَامِي فِي هَوَاكُمْ عَامِرِيٌّ
فَهَلْ لَيْلاَكُمُ عَلِمَتْ جُنُونِي
أمنتكمُ عللى قلبي فخنتمْ
وَأَنْتُمْ سَادَة ُ الْبَلَدَ الأَمِينِ
لئنْ أنستكمُ الأيّامُ عهدي
فَذِكْرُكُمُ نَجِيِيِّ كُلَّ حِينِ
وإن وهنتْ قوايَ فإنَّ دمعي
عَلَى كَلِفي بِكُمْ أَبَداً مُعِينِي
وَإِنْ صَفِرَتْ يَدِي مِنْكُمْ فَجَدْوَى
عَلِيَّ الْمَجْدِ قَدْ مَلأَتْ يَمِينِي
حليفُ ندى ً مكارمهُ وفتْ لي(91/369)
بَمَا ضَمِنَتْ مِنَ الدُّنْيَا ظُنُونِي
جَسِيمُ الْفَضْلِ مُنْتَحِلُ الْمَوَاضي
رفيعُ القدرِ ذي الشّرفِ المكينِ
كريمُ النّفسِ في سننِ السّجايا
موقّى العرضِ عن طعنِ المشينِ
على الكبراءِ بيديْ كبرَ كسرى
وَلِلْفُقَرَاءِ ذُلَّ الْمُسْتكِينِ
إذا عدّت فنونُ الفخرِ يوماً
فَمَفْخَرُهُ مُقَدَّمَة ُ الفُنُونِ
نسيبٌ جاءَ منْ ماءٍ طهورٍ
وكلُّ الخلقِ من ماءٍ مهينِ
وهل يحكي عناصرهُ نسيبٌ
وما اختلطتْ عواليها بطينِ
يفوحُ شذا العبا منهُ ويحكي
جَوَانِبَهَا مُزَاحَمَة ُ الأَمِينِ
بِفَلْقِ الْبَدْرِ مَوْسُومُ الْمُحَيَّا
لِرَدِّ الشَّمْسِ مَنْسُوبُ الْجَبِينِ
هُمَامٌ لَوْ أَرَاعَ فُؤَادَ رَضْوَى
لَزَلْزَلَ رُكْنَهَا بَعْدَ السُّكُونِ
ولو أعدى الصّخورَ عليهِ سالتْ
جَوَامِدُهَا بِجَارِيَة ِ الْعُيُونِ
حباءُ اللّيثِ إذ يغشى الأعادي
له وتبسّمُ السّيفِ السّنينِ
يَشَمُّ ذَوَابِلَ الْمُرَّانِ حُبّاً
وَيُعْرِضُ عَنْ غَضِيْضِ الْيَاسَمِينِ
ويرغبُ في قتلِ الأُسدِ حتّى
كأنَّ سيوفها لفتاتُ عينِ
ترى في السّلمِ منهُ حيا الغوانيْ
وفي هيجانهِ أسدض العرينِ
إذا سلّت صوارمهُ أطالتْ
سجودَ الذلِّ هاماتُ القرونِ
تَظُنُّ غُمُودَهُنَّ إَذَا انْتَضَاهَا
غصبنَ الصّاعقاتِ منَ الدّجونِ
يُبيحُ ذُكُورَهَا الْعَزَمَاتُ مِنْهُ
فَروُجَ الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْحُصُونِ
كتبنَ على حواشيها المنايا
حواشيها على شرحِ المتونِ
تَساوَى الْخَلْقُ فِي جَدْوَاهُ حَتَّى
فِرَاخُ الْقَبْحِ وَهْيَ عَلَى الْوُكُونِ
وَسَلَّمَتِ الْوَرَى دَعْوَى الْمعَالِي
لَهُ حَتَّى الأجِنَّة ُ فِي الْبُطُونِ
يُضِرُّ ثَنَاهُ بَالْجَرْعَى وَيُحْيي
مَسيحُ نَدَاهُ مَوْتَى الْمُعْتَفِينِ
بِرُؤَية ِ وَجهِهِ نَيْلُ الأَمَانِي
وفي راحاتهِ روخحُ الحزينِ
كثيرُ الصّمتِ إن أبدى مقالاً
ففي الأحكامِ والفضلِ المبينِ
وَإِنْ خَفَقَتْ لَهُ يَوْماً بُنُودٌ(91/370)
فأجنحة ٌ لدنيا أو لدينِ
أراضَ جونحَ الحدثانِ حتّى
بهِ ثبتتْ صغة ُ الصّفونِ
يرى أموالهُ في عينِ زهدٍ
فَيَعْتَقِدُ الْلُّجَيْنَ مِنَ الْلَّجِيْنِ
ويلقى الدّارعينَ بآيِ موسى
فيفلقُ عنهمُ لججَ الضعونِ
تشَرَّفتِ العلا بأبي حسينٍ
فَبُورِكَ بَالْمَكَانِ وَبَالْمَكِينِ
فياابنَ الطّاهرينَ ومن ازينتْ
بفضلِ حديثهمْ سيرُ القرونِ
وَيَا ابْنَ الْمُحْسِنينَ إِذَا الْلَّيالِي
أَسَاءَتْ كُلَّ ذِي خَطَرٍ بِهُونِ
لقدْ حسنتْ بكَ الدّنيا وجادتْ
بنيلِ النّحجِ في الزّمنِ الضّنينِ
وَفَكَّ الْجُودُ أَغْلاَلَ الْعَطَايَا
وَأَمْسَى الْبُخْلُ فِي قَيْدِ الْرَّهِينِ
فسمعاً من ثنايَ عليكَ لفظاً
يهزُّ مناكبِ الصّعبِ الحزونِ
أنا ابنُ جلا القريضِ متى شككتمْ
خذِ الألواحَ منْ زبرِ القوافي
فنسختهنَّ ترجمة ُ اليقينِ
بكَ الرّحمنُ علّمني المعانيْ
وَأَوْحَاهَا إِلَى قَلَمِي وَنُوني
فَكَمْ قَوْمٍ لَدَيْكَ تَرَى مَحَلّيْ
فَتَغْبِطُنِي وَقَوْمٍ يَحْسُدُوني
ليهنكَ سيّدي عيدٌ شريفٌ
حَكَاكَ فَجَلَّ عَنْ شِبْهِ الْقِرِينِ
فَضَحِّ نُفُوسَ أَهْلِ الْغَدْرِ فِيهِ
وَقَرِّبْ مُهْجَة َ الْدَّهْرِ الْخَؤُونِ
ولا برحتْ عليكَ مخيّماتٍ
سرادقُ رفعة َ الشّرفِ المكينِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> شرّفِ الوجهَ في رابِ زرودِ
شرّفِ الوجهَ في رابِ زرودِ
رقم القصيدة : 9769
-----------------------------------
شرّفِ الوجهَ في رابِ زرودِ
حيثُ ليلى فثمَّ مهوى السّجودِ
واخلعِ النّعلَ في ثراهُ احتراماً
لاتَضَعْهُ عَلَى نُقُوشِ الْخُدُودِ
واتبعْ سنّة َ المحبّينَ فيهِ
واقضِ ندباً لواجباتِ الكبودِ
وَاحْذَرِ الْصَّعْقَ يا كَلِيمُ فَكَمْ قَدْ
صارَ دكّاً هناكَ قلبُ عميدِ
وانشدِ الرّبعَ منْ منازلِ ليلى
عن فؤادٍ من أضلعي مفقودِ
قدْ أضلَّ النّهى فضلَّ لديها
فَاهْتَدَى فِي الْضَّلاَلِ لِلْمَقْصُودِ
كَمْ أَتَاهَا مِنْ قَابِسِ نُورَ وَصْلٍ(91/371)
فاصطلى دونَ ذاكَ نارَ الصّدودِ
أَيُّهَا الْسَّائِرُونَ نَحْوَ حِمَاهَا
حَسْبُكُمْ ضَوءُ نَارِهَا مِنْ بَعِيدِ
لكَ نارٌ تعشو العيونَ إليها
فَتَمَسُّ الْقُلُوبَ قَبْلَ الْجُلُودِ
إِنْ وَرَتْ لِلْقِرَى فِبِالْنَّدّ تُورَى
أَوْ لِحَرْبٍ فَبالْوَشِيعِ الْقَصِيدِ
لا تُؤَدّي سَلاَمَكُمْ نَحْوَهَا الْرِّ
يحُ ولا طيفها مطايا الهجودِ
لَمْ تَصِلْهَا حَبَائِلُ الْفِكْرِ وَالْوَهْـ
ـمِ ولو وصّلتْ بحبلِ الوريدِ
شَمْسُ خِذْرِ مِنْ دُونِهَا كُلُّ بَدْرٍ
حَامِلٌ فِي الْنَجِادِ فَجْرَ حَدِيدِ
لم يزلْ باسطاً ذراعَ هزبرٍ
بَارِزَ الْنَّابِ دُونَهَا بِالْوَصِيدِ
مَا رَأَيْنَا الْهِلالَ فِي مِعْصَمِ الْشَّمـ
ـسِ ولا الشّهبَ قبلها في العقودِ
صَاحِ وَافَاقَتِي إِلَى كَنْزِ دُرٍّ
بَافَاعِي أَثِيثِهَا مَرْصُودِ
سفرتْ في براقعِ الحسنِ فاعجبْ
لجمالِ محجّبٍ مشهودِ
كَمْ تَرَى حَوْلَ حَيِّهَا فِي هَوَاهَا
مِنْ كِرَامٍ تَصَرَّعَتْ بالْصَّعِيدِ
مِنْهُمُ مَنْ قَضَى وَمِنْهُمْ شَقِيٌّ
سالمٌ للبلاءِ لا للخلودِ
وصلها يمنحُ المحبَّ شباباً
وَجَفَاهَا يُشِيبُ رَأسَ الْوَلِيدِ
لا تلمني إذا تفانيتُ فيها
ففناءيْ في الحبِّ عينُ وجودي
يا سقى اللهُ بالحمى أهلَ بدرٍ
كم بهِ بينَ حيّهمُ من شهيدِ
هَلْ نَسِيمُ الْصَّبَا عَلَى نَارِهِمْ مَرَّ
فَفِيهِ أَشُمُّ أَنْفَاسَ عُودِ
أ عليهِ ترى الملاعبَ أم لا
مَا عَلَيْهِ أَمْلَتْ ذُبُولُ الْبُرُودِ
أُسْرَة ٌ صَيَّرُوا الأْسَاوِرَ فِيهِمْ
لاَ سَارَى الْقُلُوبِ أَيَّ قُيُودِ
كَمْ أَبَادُوا بالْبِيضِ آجَالَ صِيْدٍ
وَبِسُمْرِ الْقَنَاءِ آجَالَ صِيْدِ
شَرْبُهُمْ يَوْمَ حَرْبِهِمْ مِنْ دَمِ الأُ
مِّ سدِ وفي سلمهمْ دمُ العنقودِ
حَبَّذَا عَيْشُنَا بَاكْنَافِ حُزْوَى
لا رمى اللهُ ربعها بالهمودِ
مَنْزِلٌ تَنْزِلُ الأَسَاورُ مِنْهُ
فِي قُرُونِ الْمَهَا وَأَيْدِي الأُسُودِ(91/372)
وَمَحَلٌّ تَحُلُّ مِنْهُ الْمَنَايَا
بَيْنَ أَجْفَانِ عَيْنِهِ وَالْغُمُودِ
قَدْ حَمَتْهُ أَيِمَّهُ الْطَّعْنِ إِمَّا
بصدورِ الرّماحِ أو بالقدورِ
لا أرى لي الزّمانَ يرعى ذماماً
لا وَلا نِسْبَة ً لِخْيرِ جُدُودِ
أصْرِفُ الْعُمْرَ صَرْفَهُ بَيْنَ كِذْبِ الْـ
ـوَعْدِ مِنْهُ وَصِدْقِ يَوْمِ الْوَعِيدِ
والدٌ ليتهُ يكون عقيماً
لمْ يلدْ غيرَ فاجرٍ ومكيدِ
أَبْغَضُ الْنَّاسِ مِنْ بَنَيِهِ لَدَيْهِ
ماجدٌ عقّهُ بخلقٍ جديدِ
لَمْ نُؤَمِلْ لَوْلاَ وُجُودُ عَلِيٍّ
مِنْهُ جُوداً لاَ وَلا وَفاً بِعُهُودِ
سَيِّدٌ فِي الأَنَامِ أَصْبَحْتُ حُرّاً
مُنْذُ فِي جُودِهِ تَمَلَّكَ جِيدِي
علويٌ لهُ نجادٌ إذا ما
ذكروهُ يجرُّ كلَّ عميدِ
نسبٌ في القريضِ يعبقُ منهُ
طِيْبُ آلِ الْنَّبِيِّ عِنْدَ النَّشِيدِ
نَبَوِيٌّ مِنْهُ بِكُلِّ نَدِيٍّ
ينثرُ النّاسبونَ سمطَ فريدِ
حَازِمٌ قَوْسُهُ إِلَى كُلِّ قَصْدٍ
فَوَّقَتْ سَهْمَهاً يَدُ الْتَسْدِيدِ
خَدَمَتْهُ الّدُّنَا فَأَوْقَاتُهُ الْبِـ
ـيضُ لديهِ وسودها كالعبيدِ
سيفُ حتفٍ إلى نفوسِ الأعاديْ
حملتهُ حمائلُ التأييدِ
أَلِفَتْ جَيْشَهُ الْنُّسُورُ فَكادَتْ
قَبْحُهَا أَنْ تَبِيضَ فَوْقَ الْبُنُودِ
حَيْدَرِيٌّ إِذَا الأَكارِمُ عُدُّوا
كانَ منها مكانَ بيتِ القصيدِ
ذُو خِصَالٍ حِسَانُهَا بَاسِمَاتٌ
عَنْ ثَنَايَا تَرَمَّلَتْ كَالْبُرُودِ
شِيَمٌ كَالْفِرِنْدِ أَصْبَحْنَ مِنْهُ
قَائِمَاتٍ بَذَاتِ نَصْلٍ جَديدِ
أنجمٌ في القضاءِ تحكي الدّراري
كَمْ شَقِيٍّ مَنْهَا وَكَمْ مِنْ سَعِيد
ويمينٌ بنانها زاخراتٌ
بالمنايا وبالعطاءِ المزيدِ
لُجَّة ٌ فِي الْكِفَاحِ تُنْتَجُ نَاراً
لَمْ تَلِدْهَا حَوَامِلُ الْجُلْمُودِ
أَوْشَكَتْ شُعْلَة ُ الْمُهنَّدِ فِيهَا
أنْ تذيبَ الدّروعَ ذوبَ الجليدِ
حبكٌ فوقها تسمّى خطوطاً
وَهْيَ بَحْرٌ وَتِلْكَ أَمْوَاجُ جُودِي(91/373)
صَدَّقَتْ رَأْيَ قَائِفٍ حِينَ صَارَتْ
قَالَ فِيهَا سِيَاسَة ٌ لِلْجُنُودِ
مغرمٌ في عناقِ سمرِ العواليْ
أَوْ ظَنَّ الْرِّمَاحَ أَعْطَافَ غِيدِ
عَوَّذَ الْمُلْكَ بَأْسُهُ بِالْمَوَاضِي
فحماهُ من نزعِ كلِّ مريدِ
آمرٌ في أوامرِ اللهِ ناهٍ
عن مناهيهِ حاكمٌ بالحدودِ
يَعْرُجُ الْمَدْحُ لِلْسَّمَاءِ فَيَأوِي
ثمَّ منهُ إلى جانبٍ مجيدِ
عنْ عليٍّ يورّثُ العلمَ ولاحـ
ـكْمَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ عَنْ دَاوُدِ
تَسْتَفِيدُ الْنُّجُومُ مِنْ وَجْهِهِ الْنُّو
رَ وَمِنْ حَظِّهِ قَرَانَ الْسُّعُودِ
أينها منهُ رفعة ً ومحلاً
ليسَ قدرُ المفيدِ كالمستفيدِ
يمُّ جودٍ تثني عليهِ الغوادي
وَكَفَاهُ فَخْراً ثَنَاءُ الْحَسُودِ
حَسَدَتْ جُودَهُ فَلِلَبْرقِ مِنْهَا
نَارُ حُزْنٍ وَأَنَّهُ لِلْرُّعُودِ
هُوَ فِي وَجْنَة ٍ الْزَّمَانِ إِذَا مَا
نسبوهُ إليهِ كالتّوريدِ
ألمعيٌّ يبريْ النّفوسَ المعاني
بحسودٍ من لؤلؤٍ منضودِ
سَيِّدي لاَ بَرَحْتَ في الدَّهْرِ رُكْناً
لِلْمَعَالِي وَكَعْبَة ً لِلْوُفُودِ
لَكَ مِنْ مُطْلَقِ الْفَخَارِ خِصَالٌ
غيرُ محتاجة ٍ إلى التّقييدِ
كلَّ يومٍ تأتي بصنعٍ عجيبٍ
خارجٍ عنْ ضوابطِ التّحديدِ
فصّلتْ فيكَ جملة ُ الفضلِ والـ
ـفصلِ وعلمُ الأحكامِ والتّجويدِ
عمركَ اللهُ يا عليُّ ولازلـ
ـتَ مسرورَ الأنامِ في كلِّ عيدِ
إِنَّ شَهْرَ الصِيَّامِ عَنْكَ لَيَمْضِي
وَهْوَ يَثْنِي عَلَيْكَ عِطْفَ وَدُودِ
قَدْ تَفَرَّغَتْ فِيهِ عَنْ كُلِّ شيءٍ
شاغلٍ للدعاءِ والتّحميدِ
وهجرتَ الرّقادَ هجراً جميلاً
ووصلتَ الجفونَ بالتّسهيدِ
وَعَصَيْتَ الْهَوَى وَأَعْرَضْتَ عَنْهُ
امتثالاً لطاعة ِ المعبودِ
قُوتُكَ الْذِكُرُ فِيهِ وَالْورْدُ وِرْدٌ
إِنْ دَعَاكَ الأَنَامُ نَحْوَ الْوُرُودِ
فَاسْمُ وَاسْلَمْ وَفُز بِأَجْرِ صِيَامٍ
فطرهُ فاطرٌ لقلبِ الحسودِ
وابقَ في نعمة ٍ وحظٍّ سنيٍّ
وَعلاً لمْ يزلْ وعيشٍ رغيدِ(91/374)
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> عُجْ بِالْعَقِيق وَنَادِ أُسْدَ سَرَاتِه
عُجْ بِالْعَقِيق وَنَادِ أُسْدَ سَرَاتِه
رقم القصيدة : 9770
-----------------------------------
عُجْ بِالْعَقِيق وَنَادِ أُسْدَ سَرَاتِه
أَسْرَى قُلُوبٍ في يَدَي ظَبَيَاتِهِ
وَابْذُلْ بِهِ نَقْدَ الْدُّمُوعِ عَسَاهُمُ
أن يطلقوها رشوة ً لضاتهِ
وَأَسْأَلْهُمُ عَمَّا بِهِمْ صَنَعَ الْهَوَى
لشقائهنَّ بهِ وجورِ ولاتهِ
هامتْ بواديهِ القلوبُ فأصبحتْ
مِنّا الْنُّفُوسُ تَسيحُ في سَاحَاتِهِ
إن لم تذقنا الموتَ أعينَ عينهِ
كمداً فأصحانا لفي سكراتهِ
نَقْضِي وَيْنشُرُنَا هَوَاهُ كَأَنَّمَا
نفس المسيحِ يهبُّ في نفحاتهِ
وادٍ إذا دارينُ سافر طيبها
عَنْهَا غَدَا مُتَوَطِنّاً بَجهَاتِهِ
إن لم تكن بالحظِّ تعرفُ أرضهُ
فَلَقَدْ زَهَتْ أَكْنَافُهَا بَنَبَاتِهِ
كَمُنَتْ بأكْنافِ الرَّبَاب أُسْدُهَا
فبهِ الكناسُ تعدُّ من غاباتهِ
لِلهِ حَيٌّ أَشْبَهتْ بِصَفَاحِهَا
فِتْيَانُهُ اللَّفَتَاتِ مِن فتَيَاتِهِ
وَمَحَلِّ طَعْنٍ شَاكَكَتْ بِرِمَاحِهَا
خفراؤهُ القاماتِ منْ خفرتهِ
فَلَكٌ مَشَارِقُهُ الْجُيُوبُ أَمَا تَرَى الْـ
ـأَطْوَاقَ فِي الأعْنَاقِ مِنْ هَالاَتِهِ
تهوي بدورُ التّيمِ حتّى قبابهِ
وَتَلُوحُ أَنْجُمُهُ عَلَى قَنَوَاتِهِ
أَسَدُ الْنُّجُومِ وَإِنْ تَعَذَّرَ نَيْلُهُ
أَدْنَى وُصُولٍ مِنْ وُصُولِ مَهَاتِهِ
دونَ الأماني البيضِ خلفَ ستورهِ
حمرُ المنايا في عمودِ حماتهِ
حَرَمٌ بِأَجْنَحِة ِ الْنُّسُورِ صِيَانَة ً
عضّتْ كواسرهُ على بيضاتهِ
وَحِمى بِهِ نَصَبَ الْهَوَى طَاغُوتَهُ
فَاحْذَرْ بِهِ إِنْ جُزْتَ فِتْنَة َ لاَتِهِ
لَمْ نَدْرِ أَيُّهُمَا أَشَدُّ إِصَابَة ً
مقلُ الغواني أمْ سهامُ رماتهِ
تُغْنِيكَ وَجْنَاتُ الْدُّمَى عَنْ وَرْدِهِ
ومراشفُ الغزلانِ عنْ حاناتهِ
سَلْ عَنْ أَوَانِسِ بَيْضِهِ قَمَرَ الدُّجَى(91/375)
فَعَسَاهُ يُرْشِدُنَا إِلَى أَخَوَاتِهِ
وانشدْ بهِ إنْ جئتَ يانعَ بانهِ
قلبي فطائرهُ على عذباتهِ
ما بالهُ منْ بعدِ عزِّ جوانبي
يَخْتَارُ ذُلَّ الأَسْرِ فِي جَنَبَاتِهِ
ياحبّذا المتحمّلونَ وإنْ همُ
حَكَمُوا عَلَى جَمْعِ الْكَرَى بِشَتَاتِهِ
أَمُّوا الْعَقِيقَ وَخَلَّفُوا خَلْفَ الْغَضَا
جِسْمِي الْفَنَا وَتَعَوَّضُوا بِحيَاتِهِ
غَابُوا عَنِ الْدَّنِفِ الْمُفَدَّى طَيْفُهُمْ
إنْ صدّقَ الرؤيا بذبحِ سناتهِ
نَسَخُوا زَبُورَ عَزَاهُ مُنْذُ بِهَجْرِهُمْ
نَسَجُوا سُطُورَ الْدَّمْعِ فِي وَجَنَاتِهِ
لَوْلاَ غَوَالي الْدُّرِّ بَيْنَ شِفَاهِهِمْ
لَمْ يَرْخُصِ الْيَاقُوتُ مِنْ عَبَرَاتِهِ
أحيا الدّجا كمداً فخرَّ صباحهُ
مَيْتاً فَأَوْقَعَهُ الْقَضَا بِشَوَاتِهِ
وَلَجَ الْهَوَى فِيهِ فَأَخْرَجَ كِبْدَهُ
فلذا بذيُّ الدّمعِ منْ حدقاتهِ
يخفي صبابتهُ ومصدورُ الهوى
نطقَ الدّموعَ الحمرَ منْ نفثاتهِ
سَيَّانِ فَيْضُ دُمُوعِهِ يَوْمَ الْنَّوَى
وَنَدَى عَلِيِّ الْمَجْدِ يَوْمَ هِبَاتِهِ
فَخْرُ الْسِيَّادَة ِ وَالْعُلَى الْمَلِكُ الْذَّي
سَجَدَتْ وُجُوهُ الْدَّهْرِ فِي عَتَبَاتِهِ
صِمْصَامَة ُ الْحَقِّ الْمُبِينِ وَعَامِلُ الدِّ
ينِ الْقَوِيمِ سِنَانُ مَسْنُونَاتِهِ
أَلْكَوْكَبُ الْدُّرِّيُ نُورُ زُجَاجَة ِ الْـ
ـمُخْتَارِ بَلْ مِصْبَاحُ ذُرِّيَاتِهِ
حُرٌّ يَدُلُّ عَلَى كَرِيمِ نِجَادِهِ
طيبُ النّبوّة ِ منْ جيوبِ صفاتهِ
سمحٌ يدُ التّصويرِ خطّتْ للورى
سبلاً إلى الأرزاقِ في راحاتهِ
فطنٌ لهُ ذهنٌ إذا حقّقتهُ
أبصرتَ نورُ اللهِ في مشكاتهِ
يقْفو ظهرَ الكائناتِ بحدسهِ
فَيَرَى وُجُوهَ الْغَيْبِ فِي مِرْآتِهِ
عيسى الزّمانِ طيبُ أمراضِ العلا
مُحْيي رُفَاتِ الْجُودِ بَعْدَ مَمَاتِهِ
للهِ كَمْ فِي عِلْمِهِ مِنْ دُرَّة ٍ
مَخْزُونَة ٍ كَمَنَتْ بِلُخِّ فُرَاتِهِ
إِنْ يَعْبُقِ الْنَّادِي بحُسْنِ حَدِيثِهِ(91/376)
فلطيبِ ما ترويهِ لسنُ رواتهِ
متوَرّعٌ عَفُّ الْمَآزِرِ طَائِعٌ
يَعْصِي الْهَوَى لِلهِ فِي خَلَوَاتِهِ
ما أة شغلتهُ طاعة ٌ عن طاعة ٍ
فصلاتهُ مشفوعة ٌ بصلاتهِ
فسلِ المضاجعَ عن تجافيهِ الكرى
وَاسْتَخْبِرِ الْمْحِرَابَ عَنْ نَغَمَاتِهِ
يَتَقَّرَبُ الْجَانِي إِليْهِ لِعَفْوِهِ الْـ
ـمأمولِ عندَ السّخطِفي زلّاتهِ
كُلُّ الْمَطَالِبِ دُونَهُ فَلَوَ أنَّهُ
طلبَ السماكَ لحطَّ من درجاتهِ
لَسِنٌ يُوَارِي بِالْلِسَانِ مُهَنَّداً
تُشْفَى صُدُورُ الْحَقِّ فِي ضَرَبَاتِهِ
مَا قَالَ لاَ يَوْماً وَلاَ عَثَرَ الْهَوَى
كلّا ولا التأثيمُ في لهواتهِ
لَوْ أَنَّ أَصْدَافَ الْلآلِي أُوْتَيِتْ
سمعاً عليها آثرتْ كلماتهِ
أَوْ لِلنُّجُومِ يُبَاعُ حُسْنُ بَيَانِهِ
أعطتْ دراريها بدورُ بناتهِ
يوحي الكلامَ إلى جمادِ يراعهِ
سرّاً فيفصحُ عنْ بديعِ لغاتهِ
فالدرُّ يعلمُ أنَّ أكرمَ رهطهِ الـ
ـمنثورُ والمظلومَ منْ لفظاتهِ
وَالْسِّحْرُ يَعْلَمُ أَنَّمَا هَارُوتُهُ
قلمٌ تنكّرَ في قليبِ دواتهِ
قرنٌ قضى منْ تيمِ أبناءِ العدى
وَأَذَاقَ قَلْبَ الْدَّهْرِ ثُكْلَ بَنَاتِهِ
شمسٌ إذا ركبَ الدجنّة َ غازياً
طَلَعَتْ نُجُومُ الْقَذْفِ مِنْ هَفَوَاتِهِ
أو ما ترى وجهَ الصّباحِ قدِ اكتسى
أثرَ اصفرارِ الخوفِ منْ غاراتهِ
كُلُّ الْنُّجُومِ تَغُورُ خِيفَة َ بَأْسِهِ الْـ
ـمَشْهُورِ حِينَ يَمُرُّ نَهْرُ سُرَاتِهِ
طَالَ اغْتِرَابُ سُيُوفِهِ فَتَوَطَّنَتْ
بدلَ الغمدِ جسومَ أسدِ عداتهِ
يبكي اللّهامُ دوماً ويضحكُ عضبهُ
بِيَمِينِهِ هُزُؤاً عَلَى هَامَاتِهِ
وتميلُ منْ طربٍ قناهُ لعلمها
ستبلُّ غلّتهنَّ عنْ مهجاتهِ
كالليثِ في وثباتهِ يومَ الوغَى
والطّودُ في تمكينهِ وثباتهِ
أيّامهُ في العصرِ كالتوريدِ في
خدّيهِ أو كالبحرِ في لحظاتهِ
قدْ ألبسَ الدُّنيا ثِيابَ مفاخرٍ
سترَ الزّمانُ بها عوراتهِ
هذي ثمارُ نوالهِ فليقتطفْ(91/377)
ما يبتغي المحتاجُ منْ حاجاتهِ
قسِمَ الحيا فبكفّهِ المقصورُ والـ
ـممدود مقصورٌ على قسماتهِ
حسنٌ لهُ وجهٌ يريكَ إذا انجلى
ماءُ السّماحِ يجولُ في صفحاتهِ
وشمائلٌ لَوْ في السماء تجسَّمتْ
كانتْ بدورَ التّمِّ في ظلماتهِ
يا ابن الذينَ بيومِ بدر أزهقُوا
بحدودِ أأنصلهمْ نفوسَ طغاتهِ
وابنَ الميامينِ الذينَ توارَثُوا
علمَ الكتابِ وبيّنوا آياتهِ
مَولايَ لا بَرحَ الزَّمانُ مجيدهِ
أو يؤنسُ المحرابَ في دعواتهِ
سلفٌ دعتكَ إلى العلا فنهضتَ في
أعبائِهِ وحَللتَ في شُرفاتِهِ
سمعاً فديتكَ مدحة ً ما شانها
ملقُ الرّياءِ بغشِّ تمويهاتهِ
لولاكَ ما صغتُ القريضَ لغاية ٍ
ولصُنتُ مني النفسَ عن شبهاته
لكنني النحلُ الذَّي أرعيته الـ
ـنعمى لديكَ فمجَّ شهدة َ ذاتهِ
ويراعُ شكريكَ الّذي أسقيتهُ
ماءً النَّدى َ فَسقاكَ ماءَ نباتهِ
علّمتني بنداكَ نسجَ حريرهِ
فكسوتَ عرضكَ خيرَ ديباجاتهِ
واستجلِ بكراً رصّعتْ أيدي الحجا
منها الحلى بفصوصِ مبتكراتهِ
عَذراءُ حجَّبها الجمالُ وصانَها
عمّنْ سواكَ الفكرُ في حجراتهِ
خطبَ الزّمانُ وصالها لملوكهِ
فأبتْ قبولَ سواكَ منْ ساداتهِ
حَلتْ محلَّ العقدِ منكَ فأشبهتْ
كلماتها المنظومَ منْ حبّاتهِ
نقشتْ خواتمها بكمْ فلأجلِ ذا
خَتَمَ الزَّمانُ بِهاَ عَلَى جَبهاتِهِ
مغلولة ٌ عنكمْ يدا نكباتهِ
وبقيتَ تلقى العبدَ في نهجِ العلا
أبداً وعادَ عليكَ في بركاتهِ
وليهنكَ الشّهرُ الشّريفُ وصومهُ
وثوابُ واجبهِ ومندوباتهِ
فَرَّغْتَ فيهِ القلْبَ عَنْ شُغلِ الهَوى
وعَصيتَ ما يلهيكَ عَنْ طَاعاتهِ
وعليك رضوانُ المهيمنِ دائماً
وصلاتهُ وأجلُّ تسليماتهِ
بحث عن قصيدة بحث عن شاعر
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> بقيتَ بقاءَ الدّهرِ يا بهجة َ الدّهرِ
بقيتَ بقاءَ الدّهرِ يا بهجة َ الدّهرِ
رقم القصيدة : 9771
-----------------------------------
بقيتَ بقاءَ الدّهرِ يا بهجة َ الدّهرِ(91/378)
وهنئَ فيكَ العصرُ يا زينة َ العصرِ
وفدتْ مُحياكَ النجومُ بِشمسها
ولا زلتَ مِنهَا تجتني هَالة َ البدرِ
ولا برحتْ ريحُ الوغى لكَ في اللّقا
تفتّحُ أزهارَ الفتوحِ معّ البشرِ
ولا برحَ الجيشُ الّذي أنتَ قلبهُ
يضمُّ جناحيهِ على بيضة ِ النّصرِ
لقدْ سُرَّتِ الدُّنْيا بنصركَ والعُلا
وأصجَ دَسْتُ الملكِ منشرحَ الصدَّرِ
نشأتَ ونفسُ الجودِ في قبضة ِ الرّدى
فأنقذتها في بسطِ أنملكَ العشرِ
وأحدثتَ في وجهِ الزّمانِ طلاقة ً
ووردتَ خد المجدِ في بيضكَ الحمرِ
وَرَنَّحْتَ أَعْطَافَ الرِّمَاحِ كَأَنَّما
مزجتَ دماً سقيتها منهُ بالخمرِ
قدودُ المعالي ما حملتَ منَ القنا
وأحداقها ما قدْ هززتَ من البترِ
عضدتَ بحسنِ الرّأيِ عضباً مهنّداً
فأعربَ عندَ الضّربِ عنْ معجمِ السرِّ
شَفَعْتَ بَمَاضِي الْعَزْمِ يَا ذَا غِرَارَهُ
فَأَدْرَكْتَ وِتْرَ الْمَجْدِ بالْضَّرْبَة ِ الْوِتْرِ
وفلّقتَ هاماتٍ بهِ طالَ ما غدتْ
متوّجة ً في عزّة ِ الغيِّ والكبرِ
تراها العلا في خدّها وهيَ في الثّرى
عَلَى دَمِهَا خَالاً عَلَى وَجْنَتَيْ بِكْرِ
كأنَّ دماً منها سقى تربة ً قد سقى
رِقَابَ الْعُلاَ بَعْدَ الْبِلَى جَرْعَة َ الْخَضْرِ
وَأَهْزَمْتَ أَحْزَابَ الْضَّلاَلَ وَلَوْ وَنَوْا
لأَلْحَقْتَهُمْ فِي إِثْرِ سَيِّدِهِمْ عَمْرِو
وأخرجتهمْ في زعمهمْ عنْ ديارهمْ
وَمَا اعْتَقَدُوا هَذَا إِلَى أَوَّلِ الْحَشْرِ
وَأَلَقْوا حِبَالِ الْمُنْكَرَاتِ وَخَيَّلُوا
فَعَارَضْتَهُمْ فِي آيَة ِ السَّيْفِ لاَ الْسِحْرِ
كَفَى اللهُ فِيكَ الْمُؤْمِنِينَ لَدَى الْوَغَى
قتالَ العدا حتى سلمتَ من الأزرِ
ولو لم يكفَّ البأسَ عفوكَ عنهمُ
لَعُدْتَ وَقَدْ عَادَ الْحَدِيدُ مِنَ الْتِبْرِ
وما لبثوا إلا قليلاً فكمْ ترى
بِهِمْ مِنْ ظَلِيمٍ فَرَّ عَنْ بَيْضَة ِ الْخِدْرِ
تولّوا معَ الخفّاشِ في غسقِ الدّجى
وَخَافُوا طِلاَبَ الشَّمسِ فِي عَقِبِ الْفَجْرِ(91/379)
إِذَا مَا لَهُمْ عِقْبَانُ رَايَاتِكَ انْجَلَتْ
أعيروا منَ الغربانِ أجنحة َ الغرِّ
رَميْتَهُمُ فِي فَيْلَقٍ قَدْ تَفَرَّدَتْ
بهِ طائراتُ النحجِ في عذبِ السّمرِ
بهِ كلُّ شهمٍ منْ سلالة ِ هاشمٍ
مِنَ الْحَيْدَرِييّنَ الْغَطَارِفَة ِ الْغُرِّ
إِذَا وَلَجُوا فِي مَعْرَكٍ كَادَ نَقْعُهُ
لطيبهمِ يربيْ على طيِّبِ العطرِ
سحائبُ جودٍ كلما سئلوا همتْ
بنانهمُ للوفدِ بالبيضِ والصّفرِ
أسودُكفاحٍ بأسهمْ في رماحهمْ
كسمِّ الأفاعي في أنابيبها يجري
وكم قبلهمْ صبّحتَ قوماً بغارة ٍ
فَلَمْ يَحْتَمُوا مِنْهَا بِبَرٍّ وَلاَ بَحْرِ
رجعتَ ضحى ً عنْ أسدهمْ نجسَ الظّبا
وَعَنْ عَيْبِهِمْ عَفَّ الرّدَا طَاهِرَ الأُزْرِ
أبا السّبعة ِ الأطهارِ لا زلتَ ناظماً
بهمْ عقدَ جيدِ المجدِ بالأنجمِ الزُّهرِ
مُلُوكٌ إِذَا شَنُّوا الإِغَارَة َ لَمْ تَكُنْ
لهمْ همّة ٌ إلا إلى مغنمِ الفخرِ
فمنْ شئتَ منهمْ فهوَ مصباحكَ الّذيْ
يفيدُ العلا نوراً وكوكبكَ الدّريْ
وإنّهمُ أيامُ أسبوعكَ الّتي
على الخلقِ تقضي بالمنافعِ والضرِّ
وَأَبْحُرُكَ اللُّجُّ الَّتي قَدْ جَعَلْتَها
بَيْومِ النَّدَى وَالضَّرْبِ لِلْمَدِّ وَالْجَزْرِ
إِذَا نُسِبُوا لِلأَكْرَمِينَ فَإِنَّهُمْ
بمنزلة ِ السّبعِ المثاني منَ الذّكرِ
حَوَامِيمُ رُشْدٍ فُصِّلَتْ لِلْوَرَى هُدى ً
وآياتُ فتحٍ أنزلتْ ليلة َ القدرِ
بِهِمْ نَفَّذَ الرَّحْمَنُ حُكْمَكَ فِي الوَرَى
فعشتَ وعاشوا في السّعيدِ منَ العمرِ
أرسل القصيدة إلى صديق
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> وا بالُ وترِ صلاتكمْ لا تشفعُ
وا بالُ وترِ صلاتكمْ لا تشفعُ
رقم القصيدة : 9772
-----------------------------------
وا بالُ وترِ صلاتكمْ لا تشفعُ
مَ فِيكُمُ مُفْرَدِي لاَ يُجْمَعُ
وَإِلاَمَ أَرْجُو قُرْبَكُمْ وَشُمُوسُكُمْ
عنْ ردّهنَّ إليَّ يعجزُ يوشعُ
غِبْتُمْ وَصَيَّرْتُ الْحَمَائِمَ بَعْدَكُمْ
إلفاً ولكنّي أنوحُ وتسجعُ(91/380)
وشققتُ بعدكمُ الجيوبَ ففصّلتْ
منهنَّ لي حمرَ الثّنايا الأدمعُ
حتّامَ أطلبُ سلسبيلَ وصالكمْ
وأردَّ عَنهُ وعلَّتي لا تَقْنَعُ
إنّي لأعجبُ منْ حفاظِ عهودكمْ
عِندِي وجِسمِي في الرُّسوم مُضيعُ
هجرَ الضّنى جسدي لوصلكمُ النّوى
إذ للضّنى لمْ يبقَ فيهِ موضعُ
وتشاركتْ في قَتلِ نومي خمسة ٌ
سَهرُ الليالي والدموعُ الاربعُ
للهِ منْ رشقاتِ نبلِ جفونكمْ
تُوري وماءُ الحسنِ مِنها ينبعُ
بالله يالعسَ الشفاهِ لصبكمْ
أدّوا زكاة َ زكاة َ كنوزها لا تمنعوا
منطقتُمُ خصري بخاتمِ خنصري
حيثُ استوى جسمي بكمْ والإصبعُ
وا فاقة َ المضنى بكمْ ونطاقهُ
جحدتْ جفونكمُ دمي وخدودكمْ
فيهنَّ منهُ شبهٌ لا تدفعُ
وعذلتُمُونِي إذ خَلعْتُ بِحبكمْ
عذري فعذري عندكمْ لا يسمعُ
لو تعزمونَ بواسعاتِ عيونكمْ
لعلمتموني أنَّ عذري أوسعُ
كم ياسراة َ الحيّ فوق صدورِكُمْ
منْ حيَّة ٍ تسعى لقبي تلسعُ
ولكمْ بكمْ قمرٌ تبرقعَ بالسّنا
لله كَمْ بعيونِ عين كناسكُمْ
منْ ضيغمٍ يسطو وآخرَ يصرعُ
غصبتَ غصونَ قدودكمْ دولَ القنا
فَغَدتْ لعزتِهاتلبنُ وتَضْرعُ
واستخدَمَتْ أجْفانُكُمْ بِيضَ الظبَا
فعصيّهنَّ لها مجيبٌ طيّعُ
كُلُّ العوارِضِ دُونَكمْ يَومَ الَّنوى
عندَ الوداعِ تزولُ إلا البرقعُ
يَالَيتهُ أضحَى لِنبلِ لحاظهِمْ
مَنَعَ النسيمُ بِهَا عِناقَ غُصُونِها
فَيدُ الصَّبَا لوْ صافحْتَهَا تُقطعُ
يَاجِبرة ً جَارُوا عَليَّ فزلزَلُوا
منّي الفؤادَ وركنَ صبري زعزعوا
ما حِيلَتي بعدَ المشيبِ لوصْلكُمْ
وَصبَايَ عِنْدَ حِسانِكُم لا ينفعُ
أشْكُو إلى زَمَني جفاكمْ وهوَ مِنْ
إحْدى نوائِبِه ومِنْها أفظعُ
يا قلبُ لا تلقي ولا تكُ واثقاً
بالبِشرِ منهُ فإنَّهُ مُتصنّعُ
وببرهِ لا تَسْتعِزَّ فإنَّهُ
فَخٌ بحبَّنهِ يكَيدُ ويخدَعُ
كمْ في بنيهِ ظالمٍ متظلّمِ
كالذئبِ يقتنصُ الغزالَ ويطلعُ
لم يبقَ فيهِ كريم كفؤٍ يُرتَجى
إلاَّ عليٌّ والسَّحابُ الهُمَّعُ(91/381)
نجلُ الكرامِ أخو الغمامِ وصاحبُ الـ
ـفضلِ التمامِ أخو الحسينِ الأروعُ
سمحٌ تفرّدَ بالنوالِ وإنْ غدا
وكفُ السحابِ لكفهِ يتَتبعُ
يهمي وتهمى المعصراتُ وإنَّمَا
هذا لهُ طبعٌ وتلكَ تطبّعُ
لللهِ شعلة ُ بارقٍ لا تنطفي
في راحَتْيهِ وديمة ٌ لا تُقلعُ
وَيَعودُ يومَ الحربِ ناراً تَسفْعُ
لو تَسجُ الأقمارُ في فَلكِ بِهِ
لم تستطعْ في العامِ يوماً تطلعُ
ولو أن حوتَ الافقِ يسكن لجة ً
كادتْ لعنبرهِ الدُّجُنَّة ُ تُقلعُ
أنشأَ منَ العدمِ المكارمَ فاعتدى
منها يصوّرُ ما يشاءُ ويبدعُ
فطنٌ تنوّرَ قلبهُ منْ ذهنهِ
فظباؤهُ بضميرهِ تتشعشعُ
فَكأَنَّ عَيْنَ الشَّمْسِ كَانَتْ ضَرَّة ً
تسقيهِ منْ لبنِ الصباحِ وترضعُ
راجي نداهُ لديهِ يعذبُ بأسهُ
فيكادُ في ذرِّ الكواكبِ يطمعُ
وَجِيَادُهُ فِي الْغَزْوِ يُعْطِشُهَا السُّرَى
فتكادُ في نهرِ المجرّة ِ تكرعُ
فضلَ الملوكَ وطينهُ منْ طينهمْ
وَمِنَ الْحِجَارَة ِ جَوْهَرٌ وَالْيَرْمَعُ
يَرْنُو إِلَى دَرَقِ الْحَدِيدِ هَوى ً كَمَا
يَرْنُو إِلَى وَرَقِ اللُّجَيْنِ الْمُدْقِعُ
ويميلُ صبّاً للرماحِ كأنّهُ
صبٌّ بقاماتِ الملاحِ مولّعُ
كالقلبِ في صدرِ الخميسِ تظنّهُ
فِي جَانِبَيْهِ مِنَ الصَّوَارِمِ أَضْلُعُ
يَسْطُو وَأَفْوَاهُ الْجِرَاحِ فَوَاغِرٌ
تشكو وألسنة ُ الأسنّة ِ تلذعُ
لَمْ يَرْوَ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ حُسَامُهُ
كَالنَّارِ مِنْ إِضْرَامِهَا لاَ تَشْبَعُ
لوْ أريحيّتهُ تهّزُّ لدى الندى
جذعاً لأوشكَ باللآلئِ يطلعُ
بِثَنَاهُ يَلْهُجُ كُلُّ ذِي رُوحٍ فَلَوْ
نطقَ الجمادُ لكانَ فيهِ يصدعُ
تهوي لعزّتهِ الرؤسُ مهابة ً
ولوجههِ تعنو الوجوهُ وتخضعُ
يبدو فكمْ منْ دعوة ٍ مشفوعة ٍ
فِي حَاجَة ٍ تُهْدَى إِلَيْهِ وَتُرْفَعُ
لِمَعَادِنِ الأَرْزَاقِ مِنْ أَكْمَامِهِ
طُرُقٌ وَلِلْبَحْرَيْنِ فِيْهَا مَجْمَعُ
عجباً لهُ يسعُ القميصَ وإنّهُ
لوْ كانَ شمساً لمْ تسعهُ بلقعُ(91/382)
لاَ يَبْلُغَنَّ إِلَيْهِ سَهْمُ مُعَانِدٍ
لو كانَ في قوسِ الكواكبِ ينزعُ
دَانَتْ لَهُ الأَيَّامُ حَتَّى لَوْ يَشَا
عوداً لماضيها لكانتْ ترجعُ
نظرَ العفاة ُ نوالهُ فاستبشروا
وَرَأَى العُدَاة ُ نَزَالَهُ فَاسْتَرْجَعُوا
يَا ابْنَ الْمَيَامِينِ الَّذِينَ عَلَى الْوَرَى
بالفضلِ قد أخذوا العهودَ وبويعوا
حَازُوا الْعُلاَ إِرْثاً وَمِنْ آبَائِهِمْ
عَرَفُوا أُصُولَ الْمَكْرُمَاتِ وَفَرَّعُوا
ما الحوزُ بعدَ نداكَ إلامقلة ٌ
مَطْرُوفَة ٌ فَدُمُوعُهَا لاَ تَهْجَعُ
لبستْ مشارِقها الظلامَ فشمسهَا
لاَ تَنْجَلِي حَتَّى جَبِينُكَ يَطْلُعُ
أَحْيَيْتَهَا بَالْعَوْدِ بَعْدَ مَمَاتِهَا
وكذا بعودِ الغيثِ تحيا الأربعُ
فَارَقْتَهَا فَكَأُمّ مُوسَى قَلْبُهَا
يُبْدِي الصَّبَابَة َ فَارِغاً يَتَوَجَّعُ
وَرَجَعْتَ مَسْرُوراً فَقَرَّتْ بَاللِّقَا
عيناً وقرَّ فؤادها المتفزّعُ
ناداكَ منْ نورٍ عليها دوحة ٌ
صفوٌ بهِ أزكى الأصولِ وأينعُ
فَوَطَأْتَ أَشْرَفَ بُقْعَة ٍ قَدْ قُدِّسَتْ
وَلَبِسْتَ خِلْعَة َ إِنَّ نَعْلَكَ يُخْلَعُ
وخُصصتَ بالرّؤيا هناكَ وفزتَ في
شرفِ الخطابِ ولذَّ منكَ المسمعُ
فَلْيَهْنِكَ الشَّرَفُ الْمُمَجَّدُ وَلْيَفُزْ
في عودكَ المجدُ التليدُ الأرفعُ
مَوْلاَيَ لَمْ أُهْدِ الْقَرِيضِ إِلَيْكَ مِنْ
طَمَعٍ وَلاَ بِي عَنْ عَطَاكَ تَرَفُّعُ
لَكِنَّنِي قَدْ خِفْتُ يَسْرِقُ دُرَّهُ الْـ
ـمُتَشَاعِرُونَ وَفي سِوَاكَ يُضَيَّعُ
وَهَوَاكَ أَلْجَانِي لِذَلِكَ وَالْهَوَى
سحرٌ بهِ ينشأ القريضُ ويُصنعُ
فَاسْتَجْلِهَا بِكْراً يُقَلِّدُهَا الثَّنَا
بَالْدُّرِّ مِنْهُ وَبَالْحَرِيرِ يُلَفَّعُ
عَذْرَاءَ قَدْ زُفَّتْ إِلَيْكَ وَإِنَّمَا
منها الوصالُ على سواكَ ممنّعُ
قَدْ طَرَّزَتْ بِسَنيّ مَدْحِكَ بُرْدَهَا
فَكَأَنَّمَا هُوَ بَالْحَرِيرِ مُجَزَّعُ
وتَمَسكتْ بذيولِكمْ فَتَمسكتْ
أرْدانُها مِنْ طِيبكمْ والاذرعُ(91/383)
محبوبة ٌ سَفرتْ إليكَ ووجهُهَا
منّي بحسنِ الإعتذارِ مبرقعُ
خَشيتْ مُشارَكَتي بذنبِ تَخَلُّفي
عنكمْ فكانَ لها لديكَ تسرّعُ
سبقتْ لتشفعَ لي إليكَ وإنما الـ
ـوجه الجميلُ لدَى الكِرامِ يُشفَّعُ
زهراءُ مطلعها بأفقِ ثنائكمْ
وَخِتامُها مِسكُ بِكُمْ يتضوَّعُ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> سطعتْ شموسُ قبابهمْ بزرودِ
سطعتْ شموسُ قبابهمْ بزرودِ
رقم القصيدة : 9773
-----------------------------------
سطعتْ شموسُ قبابهمْ بزرودِ
فهوتْ نجومُ مدامعي بخدودي
وتلاعبتْ فرحاً بهمْ فتياتهمْ
فطفقتُ أرسفُ في الهوى بقيودي
وعلى الحمى ضربوا الخيامَ فليتهمْ
جَعَلُوا مِنَ الأطنابِ حَبلَ وريدِي
عَهدِي بِهمْ تحيا الرسومُ وإن عَفَتْ
فعلامَ أحشاءي ذَواتُ هُمودِ
وحياتهمْ لولاهمُ ما لذَّ لي
شهدُ الهوى المسمومُ بالتفنيدِ
كلّا ولا استعذبتُ سائلَ عبرة ٍ
لَولاَ ملوحتها لا ورقَ عُودي
تُفدي القنا ما في مناطقهمْ وإنْ
هيَ أشبهتْ شدّاتها بعقودِ
نفرٌ تكادُ لطيبهمْ بأكفّهمْ
تحكي ذوابلهمْ رطيبَ العودِ
لازالَ في وجناتهمْ ماءُ الصبا
يَسْقي رياضَ شقائقِ التورِيدِ
وسقتهمُ مقلُ الغمامِ منَ الحيا
دَمعاً يُخددُ وجنة َ الجلمودِ
لله فِيهم أسرة ٌ لا تُفتدى
أسرى الهوى من سِجنهمْ بنقودِ
كمْ منْ قلوبٍ بينهمْ فوقَ الثرى
وَجنتْ وأبدٍ ألصقتْ بكبودِ
تَلقى المنية َ بينَ بيضِ خُدودهِمْ
بسطتْ ذراعيها بكلِّ وصيدِ
منهم بدورُ أسرّة ٍ وسعودِ
لَيْسَ الْحُسَامُ إِذَا تَجَرَّدَ مَتْنُهُ
في الضربِ مثلَ الصارمِ المغمودِ
حَتَّامَ تَجْرَعُ يَا فُؤَادُ مِنَ الْمَهَى
ومنَ الزمانِ مرارة َ التنكيدِ
وتميلُ للبيضِ الحسانِ تطرّباً
ميلَ العليِّ إلى خصالِ الجودِ
خَيْرُ الْمُلُوكِ سَلِيلُ أَكْرَمِ وَالِدٍ
خَلَفُ الْغَطَارِفَة ِ الْكِرَامِ الصِّيدِ
حُرٌّ أَتَى بَعْدَ الْنَبيِّ وَآلِهِ الْـ
ـأَطْهَارِ لِلْتَّأسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ(91/384)
سَمْحٌ إِذَا انْتَجَعَ الْعُفَاة ُ بَنَانَهُ
هَطَلَتْ سَحَائِبُهَا بِغَيْرِ رُعُودِ
غَضبٌ إِذَا ما الْعَزْمُ جَرَّدَ حَدَّهُ
ضَرَبَتْ بِشَعْرَتِهِ يَدُ التَّأْيِيدِ
رامٍ إذا اشتدَّ النصالُ تنصّلتْ
مِنْهُ سِهَامُ الرَّأيِ بَالْتَسْدِيدِ
قَاضٍ إِذَا اخْتَلَفَ الْخُصُومُ كَأَنَّمَا
فصلُ الخطابِ رواهُ عنْ داودِ
بَطَلٌ أَسَاوِدُ لُدْنِهِ يَوْمَ الْوَغَى
تذرُ الأسودَ فرائساً للسّيدِ
وَعَزَائِمٍ يَوْمَ الْكِفَاحِ لَدَى اللِّقَا
قَامَتْ مَقَامَ الْجَحْفَلِ الْمَحْشُودِ
تَتَنَفَّسُ الصُّعَدَاءَ خَوْفَ صِعَادِهِ
مُهَجُ الْعِدَا فَتَذُوبُ بالتَّصعِيدِ
عدمُ الشريكِ لهُ بكلِ فضيلة ٍ
يقضي لهُ بمزيّة ِ التوحيدِ
طلبَ العُلا بسيوفهِ فاستخرجتْ
بالفتكِ جوهرَ كنزها المرصودِ
حظُّ العدوِّ لديهِ بيضُ حديدهِ
والوفدِ حُمرُ نضارهِ المفقودِ
وافى العلا منْ بعدِ طولِ تأوّدٍ
فَاقَامَ مَا فِيْهَا مِنَ التَّأْوِيدِ
وَتَعَطَّلَتْ بِئْرُ الْنَوَالِ وَإِنْ نَشَا
ظفرَ العفاة ِ بعذبها المورودِ
مَلكٌ كأنّي إنْ نطقتُ بمدحهِ
شتّتُّ في الأسماعِ سمطَ فريدِ
فكأنّني للناشقينَ أفضُّ عنْ
مَخْتُومِ مِسْكٍ فِيهِ عِنْدَ نَشيدِي
لَوْ تَشْعُرُ الدُّنْيَا لَقَالَتْ إِنَّ ذَا
مضمونُ أشعاري وبيتُ قصيدي
لو تُنصفُ الأيامُ لاعترفتْ لهُ
بِفَضِيلَة ِ الْمَوْلَى وَذُلِّ عَبِيدِ
لو لمْ تنافسهُ النجومُ على العلا
خَدَمَتْ رَفِيعَ جَنَابِه الْمَحْسُودِ
تَلْقَى بِرُؤْيَتِهِ الْمُنَى أَوَ مَا تَرَى
غُنْوَانَهُ بِجَبِينِهِ الْمَسْعُودِ
تَجْرِي بَأَجْمَعِهِ الْمَحَّبَة ُ لِلنَّدَى
جريَ الصبابة ِ في عروقِ عميدِ
وَأَشَدُّ فَتْكاً فِي الْكُمَاة ِ بِنَصْلِهِ
منَ لحظِ مودودٍ بقلبِ ودودِ
قبسٌ يكادُ إذا تسعّرَ بأسهُ
عنهُ تسيلُ الدرعُ بعدَ جمودِ
لَوْ تَرْتَمِي فِي الْيَمِّ مِنْهُ شَرَارَة ٌ
لغدتْ بهِ الأمواجُ ذاتَ وقودِ
تأوي أسنّتهُ الصدورَ كأنّما(91/385)
خَلَطَ الْقُيُونُ حَدِيدَهَا بِحُقُودِ
والبيضُ حيثُ بدورها اعترفتْ لهُ
بالفضلِ أكرمها بكلِّ جحودِ
مَا فَاتَهُ فَخْرٌ وَلاَ ذَمُّ الْوَرَى
يَرْقَى لِكُنْهِ مَقَامِهِ الْمَحْمُودِ
بنداهُ يخضرُّ الحصى فكأنّما
أثرُ الصعيدِ لهُ بكلِّ صعيدِ
فالمجدُ مقصورٌ عليهِ أثيلهُ
والعزُّ تحتَ ظلالهِ الممدودِ
مولى ً شواردُ فضلهِ ونوالهِ
فينا تفوتُ ضوابطَ التحديدِ
فِيْهِ عَلى الإطلاقِ والتقييدِ
ياابنَ المصاليتِ الذينَ بسعيهمْ حازُوا
العُلاَ منْ طارفٍ وتليدِ
ورَوَوا أسانيدَ المَفاخرِ والتقى
في عِزِّ آباء لهُمْ وجُدودِ
رَهطٌ بِهمْ شَرفُ الأنامِ وَعَنهمُ
وضعوا لكَ المجدَ الأثيلَ وأسّسوا
فرفعتهُ بِقواعِدِ التمهيدِ
زخرفتهُ ونَقشتَ فيهِ لمنْ يَرَى
صُوراً مِنَ التعظيمِ والتمجيدِ
لولا ورودكَ للجزيرة ِ ما زهتْ
وَجناتُ جَناتٍ لها بِورُودِ
كلّا ولا سحبتْ على ساحاتها
أغصانُ قاماتٍ ذيولَ برودِ
فارَقْتَها فَخشيتُ بَعْدكَ أنَّها
تُضحي كما أضحتْ ديارُ ثمودِ
كانتْ بطوفانِ المهالكِ فاغتدتْ
لمَّا رَجعتَ عَلى نَجاة ِ الجودِي
أنقذتَ أهليها ولو لمْ تأتهمْ
الله حَسبكَ كمْ غَفرتَ لمذنبٍ
منهم وكمْ أطلقتَ منْ مصفودِ
فليهنِهَا الرحمنُ مِنكَ برجعة ٍ
فِيها رجوعُ سرورِها المفقودِ
والبس ثيابَ الأجرِ صافية َ فقد
بَعثَ الصيامُ بِهَا رَسولَ العيدِ
لازلتَ للإسلامِ أشرفَ كعبة ٍ
لمْ تخلُ يوماً منْ طوافِ وفودِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> يَامِنَّة َ لَذَّ بِهَا السكرُ
يَامِنَّة َ لَذَّ بِهَا السكرُ
رقم القصيدة : 9774
-----------------------------------
يَامِنَّة َ لَذَّ بِهَا السكرُ
لا ينقضي منّي لها الشكرُ
فَلقَ الدُّجَى بِعمودهِ الفخرُ
وبَكى الندى وتَبَسَّمَ الزَهْرُ
وتنفسَ النسرينُ عنْ عبقٍ
منهُ بأذيالِ الصبا عطرُ
والوقتُ قدْ لطفتْ شمائلهُ
فصفا ورقَّ وراقتِ الخمرُ
فانهضْ على قدمِ السرورِ إلى
شمسٍ يَطوفُ بكاسِهَا بدرُ(91/386)
بكرٌ إذا ما الماءُ خالطها
مِنهَا تولدَ لؤلؤٌ نَثرُ
عذراءُ ما لَبني الخْلاعة ِ عَنْ
خلعِ العذارِ بحبّها عذرُ
نفسٌ مِنَ الياقوتِ سائلة ٌ
روحٌ ولكنْ جسمها تبرُ
تَبْدُو بَرَافِعُهَا فَتحْسبُهَا
برداً تلظّى تحتهُ جمرُ
نورٌ يكادُ فؤادُ شاربها
للعينِ مِنهاينجلي السرُّ
لطفتْ فخلنا ذاتَ جوهرها
فَنِيَثْ وقامَ بِنَفْسِهَا السِرُّ
تذرُ الزجاجَ بلونها ذهباً
وكأنَّ سرَّ المومياءِ لها
فِيها لكسرِ قلوبنا جبرُ
وكأنما راووقُهادَنفٌ
أجرى عقيقَ دموعهِ الهجرُ
ومُهفهفٍ كالشمسِ طلعتُهُ
بالجيدِ مِنهُ كَواكبٌ زُهْرُ
شُغفتْ بقامتِهِ القَنَا فَلِذَا
ألوانها لشحوبها سمرُ
وَرأى البهارَ شقيقَ وَجنتِهَا
بوشاحهِ معنى عبارتهِ
رَقَّتْ وَدَقَّقْ شَرْحَهَا الْخَضْرُ
وبلحظهِ وفؤادِ وإمقهِ
سُكْرٌ لَهُ بِكِلَيْهِمَا كَسْرُ
باتتْ تضاحكني براحتهِ
رَاحٌ كَأَنَّ حَبَابَهَا ثَغْرُ
فَأَرَضْتُهُ بَعْدَ الْجِمَاحِ بِهَا
حتى تسهّلَ خُلقهُ الوعر
نَظَمَ الْهَوَى عَقْدَ الْعِنَاقِ لَنَا
وَمِنَ الْعَفَافِ تَضُمُّنَا أُزْرُ
رفعَ الشبابُ حجابَ أوجهنا
ومنَ الفتوّة ِ بيننا سترُ
ولكمْ عرجتُ إلى محلِّ عُلاً
فوقَ السماكِ وتحتهُ الغفرُ
بمطهّمٍ مثلِ الظليمِ إذا
مَا شَدَّ قُلْتُ بَأَنَّهُ صَقْرُ
تدري المها أنْ لا نجاة َ لها
منهُ ويعلمُ ذلكَ العفرُ
فَإِذَا لَهُ آجَالُهَا عَرَضَتْ
عرضتْ لها آجالها الحمرُ
مثلُ الرياحِ رواحُ أربعة ٍ
شهرٌ وسيرُ غدوّها شهرُ
كَمُلَتْ صِفَاتُ الصَّافِنَاتِ بِهِ
فبذاتهِ لجميعها حصرُ
يَجْرِي وَيَجْرِي الْفِكْرُ يَتْبَعُهُ
فيفوتُ ثمَّ ويحسرُ الفكرُ
وَيَكَادُ أَنْ يرِدَ السَّمَاءَ إِذَا
ظنَّ المجرّة َ أنها نهرُ
أطلعتُ منهُ سهمَ حادثة ٍ
يرمي بهِ عنْ قوسهِ الدهرُ
حَتَّى بَلَغْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ بِهِ
فَبَلَغْتُ حَيْثُ يُرَفْرِفُ الْنَسْرُ
حيثُ العلا ضربتْ سرداقهُ
فيهِ وحلَّ المجدُ والفخرُ(91/387)
حيثُ التقى والفضلُ أجمعهُ
تأوي إليهِ ويأمنُ البرُّ
فَوَثِقْتُ مُنْذُ حَلَلْتُ سَاحَتَهُ
أنْ لا يحلَّ بساحتي فقرُ
ما زالَ يقذفُ لي جواهرهُ
حتى علمتُ بأنّهُ بحرُ
يُجْدِي نَدى ً وَيُفيدُ مَسْئَلَة ً
فَنَوَالُهُ وَكَلاَمُهَ دُرُّ
فوقَ الخصيبِ محلُّ رفعتهِ
وبهِ الخويزة ُ دونها مصرُ
كَمْ مِنْ أَيَادِيهِ لَدَيَّ يَدٌ
ما ينقضي منّي لها الشكرُ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> رَوَى عَنِ الرِّيقِ مِنْهَا الثَّغْرُ وَالشَّنَبُ
رَوَى عَنِ الرِّيقِ مِنْهَا الثَّغْرُ وَالشَّنَبُ
رقم القصيدة : 9775
-----------------------------------
رَوَى عَنِ الرِّيقِ مِنْهَا الثَّغْرُ وَالشَّنَبُ
مَعْنى ً عَنِ الْرَاحِ تَرْوِي نَظْمَهُ الْحَبَبُ
وَحَدَّثَتْ عَنْ نُفُوسِ الصَّيْدِ وَجْنَتُهَا
أخبارَ صدقٍ يقوّيها دمٌ كذبُ
وَأَرْسَلَتْ لِلْدُّجَى مِنْ فَرْعِهَا مَثَلاً
تمثّلتهُ فروعُ البانِ والعذبُ
وَجَالَ مَاءُ مُحيَّاهَا فَأَوْهَمَنَا
أَنَّ الصَّبَاحَ غَدِيرٌ مَوْجُهُ ذَهَبُ
بَيْضَاءُ عَنْ وَجْهِهَا فِي الْجِنحِ مَا سَفَرَتْ
إِلاَّ وَقَامَتْ لَهَا الْحِرْبَاءُ تَرْتَقِبُ
لمْ يلقها الليلُ إلا دُهمهُ صدرتْ
بيضَ الثيابِ وغارتْ فوقها الشهبُ
رِيِمٌ بأَحْدَاقِهَا لَيْثٌ يَصُولُ وَفِي
أَطْوَاقِهَا ذَنَبُ السِّرْحَانِ مُنْتَصِبُ
إذا أصابَ غبارُ الكحلِ مقلتها
تَكَادُ تَرْقُصُ مِنْ أَهْدَابِهَا الْعُضُبُ
منْ لحظها لا يصونُ القرنُ مهجتهُ
ولا تُضمُّ عليهِ البيضُ والسلبُ
يحنو إليها حمامُ البانِ حينَ يرى
منها القوامَ فيشدو وهوَ مكتئبُ
قدْ أيّدتْ دولة َ المرّانِ قامتها
وَحَكَّمَتْهَا عَلَى سُلْطَانِهَا الْقُضُبُ
مهاة ُ خدرٍ سباعُ الطيرِ تألفها
لعلمها بحنوبٍ حولها تجبُ
تَخَالُ سَمْعاً لَدَيْهَا وَهْيَ أَفْئِدَة ٌ
تهوي إليها وفيها الشوقُ يلتهبُ
تمُسي العيونُ إذا منْ خدرها وردتْ
ماءَ الشبابِ بماءِ الوردِ ينسكبُ(91/388)
لِلْحُسْنِ سِرٌّ طَوَاهُ فِي مَرَاشِفِهَا
أَوْحَاهُ مِنْهُ إِلَيْهَا النَّحْلُ وَالْعِنَبُ
يظنُّ أصداغها الرائي إذا انسدلتْ
تَتْلُو عَقَارِبُهُا سِحْراً فَتَنْقَلِبُ
كَأَنَّ مِنْهَا سِوَارَ الْبِكْرِ شَمْسُ ضُحى ً
شَقَّ الصَّبَاحُ حَشَاهَا فَهْيَ تَصْطَخِبُ
وَالْخَالُ لِصٌّ أَمِيرُ الْحُسْنِ أَفْرَشَهُ
نطعَ الدماءِ وهزّتْ فوقهُ القضبُ
تهوي على جيدها الأقراطُ ساكنة ً
فتسحبُ الفرعُ ثعباناً فتضطربُ
كأنّما في عمودِ الصبحِ سحرتُها
تحتَ الدجى في حبالِ الشمسِ قدْ صلبوا
أَيُّ الْقَبَائِل مِنْ دُرِّ الْبِحَارِ إِلَى
عَيْنِ الْحَيَاة ِ سِوَى إِنْسَانِهَا هَرَبُوا
وَأَيُّ شُهْبٍ سِوَى مَا فِي قَلاَئِدَهَا
أمستْ صفوفاً حوالَ الشمسِ تصطحبُ
منْ خدّها في قلوبِ المدنفينِ لظى ً
وفي المحبينَ منْ أكفانها نصبُ
لَمْ يَسْمُكِ الْحُسْنُ بَيْتاً لِلْهَوَى بِحَشاً
إلاَّ وَكَانَ لَهُ مِنْ فَرْعِهَا طُنُبُ
وَلاَ بَنُو الْمَجْدِ بَيْتاً لِلنَّسِيبِ بَنَوْا
إِلاَّ لَهَا وَعَلَيْهَا سَجْفَهُ ضَرَبُوا
للهِ أُسْدُ عِرِينٍ مِنْ عَشِيْرَتِها
تَرْضَى الصَّوَارِمُ عَنْهُمْ كُلَّمَا غَصِبُوا
غرٌّ إذا انكشفتْ عنهمْ ترائكهمْ
تحتَ الدجنّة ِ منْ أقمارها حسبوا
تَطَلَّبَ الدُّرُّ معْنى مِنْ مباسِمِهمْ
فأدركَ النظمَ لمّا فاتهُ الشنبُ
سيوفهمْ في مضاها مثلُ أعينهمْ
سودُ الجفونِ ولكنْ فاتها الهدبُ
قاموا لديها وباتوا حولها حرساً
إذا أحسّوا بطيفٍ طارقٍ وثبوا
عَزَّتْ لَدَيْهِمْ فَحَازَتْ كُلَّمَا مَلَكُوا
حَتَّى لَهَا النَّوْمَ مِنْ أَجْفَانِهِمْ وَهَبوا
قدْ صيّروا بالدّمِ المخطوبِ سنّتهمْ
خدَّ المهاة ِ وكفَّ الليثِ يختضبُ
لِحَاظُهُمْ هِنْدَوِيَّاتٌ ذَوَائِبُهُمْ
زَنْجِيَّة ُ الْلَوْنِ إِلاَّ أَنَّهُمْ عَرَبُ
لمْ يحسنوا الخطَّ إنْ رموا مكاتبة ً
فوقَ الصدورِ بأطرافِ القنا كتبوا(91/389)
سَلُّوا الْبُرُوقَ مِنَ الأَجْفَانِ وَابْتَسَمُوا
عَنْهَا وَحَادُوا فَقُلْنَا إِنَّهُمْ سُحُبُ
إِذَا الْمَنِيَّة ُ عَنْ أَنْيَابِهَا كَشَرَتْ
عضّوا عليها بذيلِ النقعِ وانتقبوا
شَنُّوا الإِغَارَ عَلَى نَهْبِ الْجِمَالِ وَإِذْ
فيهمْ أتتْ وهبوها كلّما نهبوا
يعزى إلى حيّهم شحُّ النساءِ كما
إلى عليٍّ خصالُ الجودِ تنتسبُ
ربُّ الخصالَ التي في مصابحها
يزهو القريضُ وفيها تشرقُ الخطبُ
حسبُ الكواكبِ لوْ منْ بعضها حُسبتْ
يوماً فينظمها في سلكها الحببُ
خَلِيفَة ٌ وَرِثَ الْمَعْرُوفَ عَنْ خَلَفٍ
فحبّذا خلفٌ حازَ العلا وأبُ
حُرٌّ إِذَا افْتَخَرُوا قَوْمٌ بِمَرْتَبَة ٍ
ففي أبيهِ وفيهِ تفخرُ الرتبُ
نجمٌ رحى الحربِ والركبانُ تعرفهُ
ودائراتُ الليالي أنّهُ القطبُ
زينُ الفعالِ إذا مُدّاحهُ امتدحوا
حُسّانها خلفهمْ في شعرهمْ نُسبوا
لو أنّها مثّلتْ في خلقهِ صوراً
لنافستهنَّ فيهِ الخرّجُ العربُ
فاقَ السحابَ وأبكاها أسى ً فلذا
تذري الدموعَ وفيها الرعدُ ينتحبُ
لولا تعجّبها منهُ لما اجتمعتْ
لا يحدثُ الضحكُ حتى يحدثَ العجبُ
إِنْ كَانَ يَشْمُلُهُ لَفْظُ الْمُلُوكِ فَقَدْ
يَعُمُّ بالْجِنْسِ نَوْعَ الصَّنْدَلِ الْخَشَبُ
جسمٌ تركّبَ تركيبَ الطباعِ بهِ
الحلمُ والبأسُ والمعروفُ والأدبُ
يَغْشَى الرِّمَاحَ الْعَوَالِي غَيْرَ مُكْتَرِثٍ
بها فيحسبُ منها أنّهُ لعبُ
رأى العلا سكّراً يحلو لطالبهِ
فظنَّ أنَّ أنابيبَ القنا قصبُ
لَوْلاَهُ جِسْمُ الْعُلاَ أَوْصَالُهُ افْتَرَقَتْ
كأنَّ آراءهُ في ربطهِ عقبُ
يَحْمِي الْوَلِيَّ وَيَقْضِي ذُو الْنِفَاقِ بِهِ
كالماءِ يهلكُ فيهِ منْ بهِ الكلبُ
في كلِّ أنملة ٍ منهُ وجارحة ٍ
يمدُّ بحراً ويسطو فيلقٌ لجبُ
قدْ أضحكَ التيهُ في أيديهِ صارمهُ
وَهَزَّ فِي رَاحَتَيْهِ رُمْحَهُ الطَّرَبُ
يَسْقِي الْنَجِيعَ مَوَاضِيْهِ فَيُضْرِمُهَا
فاعجبْ لنارٍ لها ماءُ الطلا حطبُ(91/390)
ذُؤَابَة ُ الْمَوْتِ سَمْرَاءٌ بِلَهْذَمِهِ
كأنّهُ فوقها نجمٌ لهُ ذنبُ
لَوْ هَزَّ جِذْعاً هَشِيْماً فِي أَنَامِلِهِ
يوماً لأوشكَ منهُ يسقطُ الرطبُ
يفوحُ نشرُ الكبا منْ طيِّ بردتهِ
وَفِي الْنُبُوَّة ِ مِنْهُ يَعْبَقُ النَّسَبُ
فَأَيْنَ طِيْنُ الْوَرَى مِنْ طِيْبِ عُنْصُرِهِ
وَهَلْ يُسَاوِي رَطِيبَ الْمُنْدُلِ الضَّرَبُ
قَدْ نَزَّهَتْ آيَة ُ الْتَّطْهِيرِ مَلْبَسَهُ
مِنْ كُلِّ نَجْسٍ وَلَكْنِ سَيْفُهُ جُنُبُ
منْ معشرٍ شرّفَ اللهُ الوجودَ بهمْ
وأُنزلتْ فيهم الآياتُ والكتبُ
همُ الملائكُ إلا أنّهمْ بشرٌ
عَلَى الْوَرَى حُلَفَاءُ لِلْهُدَى نُصِبُوا
أبناءُ مجدٍ كرامٌ قبلَ ما فطموا
عَنِ الرَّضاع لأخْلاَفِ النَّدى حَلَبُوا
قومٌ إذا ذكرَ الرحمنُ منْ وجلٍ
لاَنُوا وَإِنْ شَهِدُوا يَوْمَ الْوَغَى صَعُبُوا
غُرُّ الوجوهِ مصاليتٌ إذا نزلوا
عَنِ السُّرُوجِ مَحارِيْبَ التُّقَى رَكِبُوا
لاَيَسْكُنُ الْحَقُّ إِلاَّ حَيْثُ مَا سَكَنَوا
وليسَ يذهبُ إلا حيثُ ما ذهبوا
بُحُورُ جُودٍ إِذَا هَبَّتْ رِيَاحُ وَغى ً
مَاجُوا وَمَجُّوا وَإِنْ هُمْ سَالَمُوا عَذُبُوا
إذا تنشّقتَ ريّاهمْ عرفتهمُ
بِأَنَّهُمْ مِنْ جَنَابِ الْقُدْسِ قَدْ قَرُبُوا
سَكْرَى إِذَا أَصْبَحُوا تَدْرِي الصُّحَاة ُ بِهمْ
مِنْ أَيِّ كَاسٍ طَهُورٍ بِالْدُّجَى شَرِبُوا
كَأَنَّهُمْ يَا عَلَيَّ الْمَجْدِ إِذ نَظَرُوا
تَخَيَّرُوكَ مِنَ الأَوْلاَدِ وَانْتَخَبُوا
قدْ خلّفوكَ إماماً بعدهمْ ومضوا
وأبرزوكَ إلى الإسلامِ واحتجبوا
تخوي العروشُ إذا ما غبتَ عنْ بلدٍ
حتى تعودَ فيحيي منهُ الخربُ
لَوْ لَمْ تَعُدْ لَمْ تَعُدْ لِلْحَوْزِ بَهْجَتُهُ
وَلاَ تَوَرَّدَ يَوْماً خَدُّهُ الْتَرِبُ
لولا وجودكَ فيهِ أهلهُ هلكوا
كذاكَ يهلكُ بعدَ الوابلِ العشبُ
لَوْ كُنْتَ مَوْلى ً تُجَازِيهِمْ بِمَا اقْتَرَفُوا
منَ الذنوبِ إذاً بادوا بما كسبوا(91/391)
لَمْ يُرْجِ بَالْعَفْوِ مِنْهُمْ فِعْلُ مَكْرُمَة ٍ
مِنْ عِنْدِهِمْ بَلْ عَلَى الرَّحْمنِ مُحْتَسِبُ
كَسَرْتَ جِبْتَهُمْ بالْسَّيْفِ فَاجْتَمَعُوا
عَلَيْكَ أَحْزَابُ ذَاكَ الْجِبْتِ وَاعْتَصَبُوا
همّوا بإطفاءِ نورِ المجدِ منكَ فلا
فَتَمَّ فِيْكَ وَيَأْبَى اللهُ مَا طَلَبُوا
فَكُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً بِهَا احْتَرَقُوا
وأحدثوا الحربَ فيهمْ يحدثُ الحربُ
أخزاهمُ اللهُ أنّى يؤفكونَ ولوْ
حَازُوا الْهُدَى لِطَرِيقِ الإِفْكِ مَا ارْتَكَبُوا
فَدُمْ عَلَى رُغْمِهمْ بَعْلاً لِبِكْرِ عُلاً
صداقها منكَ ضربُ الهامِ والنشبُ
وَالْبَسْ قَمِيْصاً مِنَ الإِجْلاَلِ فِي دَمِهِمْ
قدْ دبّجتهُ المواضي والقنا السلبُ
واسعدْ بعيدٍ بنحسِ المعتدينَ أتى
مبشّراً أرسالتهُ نحوكَ الحقبُ
يومٌ وليّكَ مسروراً بعودتهِ
وفي عدوّكَ منهُ الهمُّ والنصبُ
فلا عصتك الليالي يا ابن سيدّها
وَحَالَفَتْكَ عَلَى أَعْدَائِكَ النُّوَبُ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> أمُّوا بِنَا نَحْوَ الْعَقِيقِ وَأَدْلِجُوا
أمُّوا بِنَا نَحْوَ الْعَقِيقِ وَأَدْلِجُوا
رقم القصيدة : 9776
-----------------------------------
أمُّوا بِنَا نَحْوَ الْعَقِيقِ وَأَدْلِجُوا
وقفوا على تلكَ الربوعِ وعرّجوا
وَاثْنُوا الأَعِنَّة َ نَحْوَ سُكَّانِ اللِّوَى
وَالْوُوا بِأَعْنَاقِ الْمَطِيِّ وَعَوِّجُوا
فَإِذَا لَكُمْ بَدَتِ الرُّسُومُ فَأَمْسِكُوا
أَكْبَادَكُمْ حَتَّى يَدَيْكُمْ تَنْضَجُ
فَهُنَاكَ حَيٌّ لِلْعُيُونِ تَنَزُّهُ
فِيْهِ وَلِلْقَلْبِ الْشَجِيِّ تَبَهُّجُ
حَيٌّ عَلَى الَوَادِي كَأَنَّ قَبَابَهُ
كُشُفٌ يَنَوَّعُهَا الْحَيَا وَيُزَبْرِجُ
حرمٌ ترى منْ دونِ بيضة ِ خدرهِ
كمْ فيهِ بيضة ُ خادرٍ تتدحرجُ
عذبُ المناهلِ غيرَ إنَّ ورودها
نَارُ الْمَنَايَا دُونَهُ تَتَأَجَّجُ
يمسي بأربعهِ لنيرانِ القرى
وَفْدٌ وَلِلْبِيضِ الرِّقَاقِ تَمَوُّجُ(91/392)
لكواكبِ الفتيانِ فيهِ تحجّبٌ
وَلأَنْجُمِ الْفَتَيَاتِ فِيْهِ تَبَرُّجُ
أوراقهُ تُشجي ورجعُ قيانهِ
أشجى وأوقعُ في النفوسِ وأوهجُ
كمْ فيهِ ظبيٌّ بالحريرِ مسربلٌ
وهزبرُ حربٍ بالحديدِ مدجّجُ
ورفيعُ مجدٍ بالنجيعِ مخضّبٌ
وصريعُ وجدٍ بالدموعِ مضرّجُ
ولكمْ بهِ شمسٌ تقلّدَ جيدها
شهباً وبدرٌ بالهلالِ مدملجُ
بصعيدهِ تشفى العيونُ وتنجلي
فَكَأَنَّ كُلَّ حَصى ً عَلَيْهِ دَهْنَجُ
للهِ أيامٌ لنا سلفتْ بهِ
وليالُ وصلٍ صفوها لا يمزجُ
أَوْقَاتُ أُنْسٍ كَالْعَرَائِسِ بَهْجَة ً
يَا لَيْتَهَا بِالْبَيْنِ لاَ تَتَزَوَّجُ
كَالْعِقْدِ كَانَ نِظَامُهَا فَتَفَرَّقَتْ
فَحَكَتْ ثَنَايَا الغُرِّ وَهْوَ مُفَلَّجُ
حيّا الحيا العربَ الأولى لضيوفهمْ
نَسَجُوا بِهِ بُسْطَ الْحَرِيرِ وَدَبَّجُوا
وَبِمُهْجَتي مِنْهُمْ عَلَيَّ أَعِزَّة ٌ
دخلوا الفؤادَ ومنهُ صبري أخرجوا
صُبحُ الوجوه ترى على جبهاتهمْ
تزهو مصابيحُ الجمالِ وتسرجُ
أَخَذُوا جيَادَهُمُ أَهِلَّة َ عَسْجَدٍ
وَبَأَنْجُمِ الْبِيضِ الْحَدِيدِ تَتَوَّجُوا
لمْ أنسَ موقفهمْ وقدْ أرقَ النوى
وَالرِّيْحُ تُحْدَي لِلْرَّحِيلِ وَتُحْدَجُ
ساروا فكمْ قمرٍ على فرسٍ بدا
فِيْهِمْ وَكَمْ شَمْسٍ زَوَاهَا هَوْدَجُ
ولربَّ سافرة ٍ غداة َ رحيلهمْ
ذهلتْ وأفزعها الفراقُ المزعجُ
تبكي وتذرى كحلها بدموعها
فيعودُ وردُ الخدِّ وهوَ بنفسجُ
لمء أدرِ قبلَ أرى الدموعَ بجفنها
أَنَّ اللآءَلِي الْبِيضَ قَدْ تَتَنَسَّجُ
حتّامَ أطلبُ للنجومِ فأرتقي
وأهمُّ في وصلِ النجومِ فأعرجُ
وَأَضَلَّ فِي لَيْلِ الْغَوَاية ِ وَالْهَوَى
وبياضُ شيبي فجرهُ يتبلّجِ
ما كنتُ أوّلَ مدنفٍ بفؤادهِ
لعبَ الهوى وسباهُ طرفٌ أدعجُ
وإِلاَمَ تُطْمِعُني الْحِسَانُ بِوَصْلِهَا
وَعُهُودُهُنَّ قَضِيَّة ٌ لاَ تُنْتَجُ
وأقولُ إنَّ الدهرَ يسمحُ باللقا
وَنَوَى الأَحِبَّة ِ كُرْبَة ٌ لاَ تُفْرَجُ
تعسَ الزمانُ وليسَ فيهِ منظرٌ(91/393)
حسنٌ إذا جرّبتهُ لا يسمحُ
هلْ فيهِ للظنِّ الجميلِ معرّسٌ
أَوْ لِلْقَوَافِي السَّائِرَاتِ مُعَرَّجُ
همدتْ مرابعهُ فليسَ بهِ سوى
مَغْنَى عَلَيٍّ رَوْضَة ٌ تَتَأَرَّجُ
غَيْثٌ إِذَا مَا النَّبْتُ صَوَّحَ وَالْكَلاَ
أَوْلَى وَوَجْهُ الأَرْضِ لاَ يَتَدَجَّجُ
أَنَّي أَتَيْتَ رُبُوعَهُمْ فَرِيَاضُهَا
خُضْرٌ وَوُرْقُ الْمَكْرُمَاتِ تَثَجَّجُ
قَاسَ الأَنَامُ بِهِ الْغَمَامَ وَمَا يَرَوْا
أَنَّ الْغَمامَ بِجُودِهِ يَتَسَرَّجُ
لَوْ فِي سِبَاخِ الأَرْضِ يَمْطُرُ كَفُّهُ
بالتبرِ فيها نوّرَ الفيروزجُ
خُلِقَ النَّدَى خُلُقاً لَهَ فَإِنِ ادَّعَى
فيهِ سواهُ فأحولٌ يتغنّجُ
أَفْدِيهِ بَالْمُتَصَنّعِينَ فَإِنَّهُمْ
مَاءٌ عَلَيْهِ طُحْلُبٌ يَتَفَلْذَجُ
يا منْ أظلَّ الرزقُ ملكَ بنانهِ
فيها إليهِ بكلِّ حظٍّ منهجُ
جُمِعَتْ بِهِ مِيْمُ الْكِرَامِ فَأَصَبَحتْ
حُجباً بِعَشْرِ بَنَانِهِ يَتَخَلَّجُ
سَمْحٌ إِذَا مَا الدَّهْرُ أَصْبَحَ كَالِحاً
منهُ تبلّجَ فيهِ وجهٌ أبلجُ
هوَ للعلا زندٌ وللدنيا إذا
مَا اسْوَدَّتِ الأَيَّامُ خَدٌّ أَنْعَجُ
دعْ عنكَ أخبارَ الكرامِ فإنّهُ
هوَ زبدة ٌ يكفيكها ونموذجُ
عذبتْ مواردهُ وطابَ فمنّهُ
بالمنِّ عندَ الوردِ لا يتأرجّجُ
بصفاتهِ كمْ ضلَّ عقلٌ واهتدى
بِضِيَائِهِ فِي اللَّيْلِ سَارٍ مُدْلِجُ
قبسٌ يهزُّ خليجَ فولاذٍ بهِ
غرقى النفوسِ الخائناتِ تلجّجُ
يجتازُ ريحُ السخطِ فيهِ فيلتظي
ويمرُّ بردُ العفوِ فيهِ فيثلجُ
رضعَ الردى حتى ترشّحَ جسمهُ
لبناً فأصحَ فوقهُ يترجرجُ
تمسي الأسودُ على الثرى صرعى إذا
شَهِدَتْ نِمَالَ الْمَوْتِ فِيْهِ تَدْرُجُ
بَطَلٌ أَسِنَّتُهُ تَنَضْنَضُ بَالْسَّنَا
منهنَّ السنة ُ الردى وتلجلجُ
فِيْهِ تَثَقَّفَتِ الرِّمَاحُ فَأَوْشَكَتْ
تنسابُ منْ يدهِ القناة ُ فتخلجُ
وتشّحذتْ بيضُ السيوفِ بعزمهِ
فمضتْ وكادَ كمامها يتسرّجُ(91/394)
تَلْقَى عَوَامِلُهَا الْجُمُوعَ إِذَا سَطَا
فكأنّها ألفاتُ وصلٍ تدرجُ
آبَاؤُهُ حُجَجُ الإلهِ وَحَجُّهُ
فَرْضٌ عَلَى ذِي حَاجَة ٍ يَتَحَوَّجُ
منْ عترة ٍ في جودهمْ ووجودهمْ
أمنَ الورى نوبَ الزمانِ وأبلجوا
رَهْطٌ بِهِمْ طَابَتْ وَزَادَتْ يَثْرِبٌ
شَرَفاً وَعَزَّتْ أَوْسُهَا وَالْخَزْرَجُ
لوْ يقسمُ الداعي بهمْ يوماً على
صُمّ الجبالِ لأقبلتْ تتخزلجُ
رَكِبُوا الْخُطُوبَ وَأَلْجَمُوهَا بالظُّبَا
قرنوا السماحة َ بالشجاعة ِ مثلَ ما
بَالْعَفْوِ قَدْ خَلَطُوا الْعَفَافَ وَأَدْمَجُوا
وَتَفَرَّدُوا بالْحَمْدِ إِلاَّ أَنَّهُمْ
شعفوا فرادى المكرماتِ وزوّجوا
يا منْ إذا حدّثتُ عنهُ بأنّهُ
بَحْرٌ فَلاَ أَخْشَى وَلاَ أَتَحَرَّجُ
إنْ قيلَ مشكاة ٌ فرأيكَ نيّرٌ
أو قيلَ مرآة ٌف أسرجُ
أنّى تجارى في الكمالِ وإنّما
لُقْمَانُ فِي الْمِضْمَارِ خَلْفَكَ أَعْرَجُ
فرّجتَ ضيقَ المشكلاتِ بفكرة ٍ
فِي السُّمِّ يُمْكِنُهاً لِرَضْوَى تُولِجُ
لاَزِلْتَ خَيْرَ أَبٍ لأَبْنَاءِ الرَّجَا
وطريقَ رزقٍ بابهُ لا يرتجُ
فانعمْ بأجرِ الصومِ وابقَ بنعمة ٍ
تغلي صدورَ الحاسدينَ وتوهجُ
وابهجْ بعيدٍ أنتَ أسنى غرّة ً
منهُ وأبهى في القوبِ وأبهجُ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> سفرتْ فبرقعها حجابُ جمالِ
سفرتْ فبرقعها حجابُ جمالِ
رقم القصيدة : 9777
-----------------------------------
سفرتْ فبرقعها حجابُ جمالِ
وَصَحَتْ فَرَنَحَّهَا سُلاَفُ دَلاَلِ
وجلتْ بظلمة ِ فرعها شمسَ الضّحى
فمحى نهارُ الشّيبِ ليلَ قذالِ
وتبسّمتْ خلفَ الّثامِ فخلتها
ورنتْ فشدَّ على القلوبِ بأسرها
أسدُ المنية ِ منْ جفونِ غزالِ
وا كنتُ أدري قبلَ سودِ جفونها
أنَّ الجفونَ مكامنُ الآجالِ
بِكْرٌ تَقَوَّمَ تَحْتَ حُمْرِ ثِيَابِهَا
فِيْهِ عَلَى الإِجْمَالِ كُلُّ فَضِيلَة ٍ
ريّانة ٌ وهبَ الشّبابَ أديمها
لطفَ النّسيمِ ورقّة َ الجريالِ
عذبت مراشفها فأصبحَ ثغرها(91/395)
كَالأْقْحُوَانِ عَلَى غَدِيرِ زُلاَلِ
وَسَخَا الشَّقِيقُ لَهَا بِحَبَّة ِ قَلْبِهِ
فاستعملتها في مكانِ الخالِ
حَتَّامَ يَطْمَعُ فِي نَمِيرِ وِصَالِهَا
قلبيْ فتوردهُ سرابَ مطالِ
عُلَّتْ بِخَمْرِ رُضَابِهَا فَمِزَاجُهَا
لَمْ تَصْحُ يَوْماً مِنْ خُمَارِمَلال
هيَ منيتيْ وبها حصول منيّتي
وضياء عيني وهيَ عينُ ضلالي
أَدْنُو إِلْيْهَا وَالْمَنِيَّة ُ دُونَهَا
فأرى مماتي والحياة ُ حيالي
تخفى فيخفيني النّحولُ وينجلي
فيقومُ في اللّيلِ التّمامِ ظلالي
علقتْ بها روحي فجرّدها الضّنى
مِنْ جِسْمِهَا وَتَمَلَّقَتْ بِمِثَالِ
فلو أنني منْ غيرِ نومٍ زرتها
وَتَتَبَّعُوا الآثَارَ مِنْهُ فَحَاوَلُوا
لم يبقِ منّي حبها شيئاً سوى
نَفَرٌ إِذَا سُئِلُوا فَأَبْحَارٌ وَإِنْ
مَنْ لَمْ يَصِلْ فِي الْحُبِّ مَرْتَبَة َ الْفَنَا
فوجودهُ عدمٌ وفرضُ محالِ
فكري يصوّرها ولمْ ترَ غيرها
عيني ورسمُ جمالها بخيالي
فوقي وقدّامي وعكسهما أرى
منها المثالَ ويمنتي وشمالي
بَانَتْ فَلاَ سَجَعَتْ بَلاَبِلُ بَانَة ٍ
إلا أبانتْ بعدها بلبالي
أَنَا فِي غَدِيرِ الْكَرْخَتَيْنِ وَمُهْجَتِي
معها بنجدٍ في ظلالِ الضّالِ
حيّا الحيا حيّا بأكنافِ الحمى
فَأَتَى بِكُلِّ مُطَهَّرٍ مِفْضَالِ
حيّا حوى الأضدادِ فيهِ فنقعهُ
ليلٌ يقابلهُ نهارُ نصالِ
تَلْقَى بِكُلٍّ مِنْ خُدُودِ سَرَاتِهِ
شمساً قدِ اعتنقتْ ببدرِ كمالِ
جَمَعَ الضَّرَاغِمَ وَالْمَهَى فَخِيَامُهُ
كُنُسُ الْغَزَالِ وَغَابَهُ الرِّئبَالِ
وسقى زماناً مرَّ في ظهرِ النّقا
وليالياً سلفتْ بعينِ أثالِ
ليلاتِ لذّاتٍ كأنَّ ظلامها
خالٌ على وجهِ الزّمانِ الخالي
نُظِمَتْ عَلَى نَسَقِ الْعُقُودِ فَأَشْبَهَتْ
بيضَ اللآليْ وهي بيضُ ليالي
قَلْبي وَكُلُّ جَوَارِحِي وَمَفَاصلِي
كمْ بينَ منْ جلّى وبينَ التّالي
للهِ كَمْ لَكَ يَا زَمَانِي فِيَّ مِنْ
جُرْحٍ بَجَارِحَة ٍ وَسَهْمٍ وَبالِ(91/396)
صَيْرَتَني هَدَفاً فَلَوْ يَسْقِي الْحَيَا
جَدَثِي لأَرْبَتْ تُرْبَتِي بِنِبَالِ
سَمْحٌ بِهِ انْفَرَجَتْ عُيُونُ قَرِيحَتِي
مَسَحَتْ عَلَيْهِ رَاحَة ُ الإِقْبَالِ
بنداهُ علّمني القريضَ فصغتهُ
فَأَتَيْتُ فِيْهِ مُرَصَّعَ الأَقْوَالِ
وَلَهِجْتُ فِيْهِ وَكَانَ دَهْراً عَاطِلاً
فأزنتهُ منهُ بحليِ خصالِ
وَلَفَظْتُ بَعْضاً مِنْ فَرَائِدِ لَفْظِهِ
فَجَعَلْتُهُ وَسَطاً لِعِقْدِ مَقَالِي
أتلو مدائحهُ فيعبقُ طيبها
وكذا القوافي العالياتُ غوالي
يا زينة َ الدّنيا ولستُ مبالغاً
وأجلَّ أهليها ولستُ أغالي
هُنِّيتَ بِالأَفْرَاحِ يَا أَسَدَ الشَّرَى
بختانِ سبطٍ أكرمَ الأشبالِ
سبطٍ تشرّفَ في أبيهِ وجدّهِ
وَنَجَابَة ِ الأَعْمَامِ وَالأَخْوَالِ
مَا فِي أَبِيهِ السِّيدِ الْلاوِي بِهِ
منْ فتكة ٍ وسماحة ٍ ومعالي
منذُ استهلَّ بهِ تبيّنَ ذا ولمْ
تلدِ الأفاعي الرّقمُ غيرَ صلالِ
بالمهدِ قدْ أوتي الكمالَ وإنّما
غَلَبَتْ عَلَيْهِ عَادَة ُ الأَطْفَالِ
نُورٌ أَتَى مِنْ نَيِّرَينِ كِلاَهُمَا
منكَ استفادا أيِّ نورِ جلالِ
سَعْدَاهُمَا اقْتَرَنَا مَعاً فَتَثَلَّثَا
بجبينِ أيِّ فتى ً سعيدِ الفالِ
يجري الصّبا في عودهِ فتظنّهُ
نصلاً ترقرقَ فيهِ ماءُ صقالِ
وَيَلُوحُ نُورُ الْمَجْدِ وَهْوَ بِمَهْدِهِ
فِيْهِ فَتَحْسَبُهُ شُعَاعَ ذَبَالِ
فَعَسَاكَ تَخْتُنُ بَعْدَهُ أَوْلاَدَهُ
فِي أَحْسَنِ الأَوْقَاتِ وَالأَعْمَالِ
وَعَسَى لكَ الرَّحْمنُ يَقْبَلُ دَعْوَتِي
ويجيبُ فيكَ وفي بنيكَ سؤالي
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> أَمِنَ الْبُرُوجِ تُعَدُّ أَكْنَافُ الْحِمَى
أَمِنَ الْبُرُوجِ تُعَدُّ أَكْنَافُ الْحِمَى
رقم القصيدة : 9778
-----------------------------------
أَمِنَ الْبُرُوجِ تُعَدُّ أَكْنَافُ الْحِمَى
فلقدْ حوتْ منهُ الملاعبُ أنجما
مَغْنى ً تَوَهَّمَتِ الْحِسَانُ بِأَرْضِهِ
أنَّ الهبوطَ بهِ العروجُ إلى السّما(91/397)
أكرمْ بها منْ أوجهٍ في أوجهِ
طلعتْ على جيشِ الدّجا فتصرّما
فَلَكٌ تَدَلَّى أَطْلَساً وَإِذَا اسْتَوى
هبطتْ بهِ مصرٌ فصارَ منجّما
فِي كُلِّ سِرْبٍ مِنْ فَرَائِدِ سِرْبِهِ
وَضَعَ الْجَمَالُ مِنَ الْفَرَاقِدِ تَوْأَمَا
حَسَدَ الْهِلاَلُ بِهِ السِّوَارَ فَوَدَّ أَنْ
لَوْ حَالَ مِنْ بدَلِ الذِّرَاعِ الْمِعْصَمَا
حَتَّى إِذَا سَطَعَتْ مَجَامِرُ نَدِّهِ
لَبِسَ النَّهَارُ عَلَيْهِ لَيْلاً مُظْلِمَا
إنْ كانَ ما بينَ الدّيارِ قرابة ٌ
فَلَهُ إِلَى دَارِيْنَ أَطْيَبُ مُنْتَمَى
حرمٌ يمسي بهُ المهنّدُ محرماً
وَتَرَى بِهِ الْمَاءَ الْمُبَاحَ مُحَرَّمَا
أروتهُ ضاحكة ُ السّيوفِ بدمعها
حَتَّى نَهَتْ عَنْ تُرْبِهِ الْمُتَيَمِّمَا
سَقْياً لَهُ مِنْ مَنْزِلٍ نَزَلَ الْهَوَى
بربوعهِ وبنى الخيامَ وخيّما
وَبِمُهْجَتِي الْعَرَبُ الأُولَى لَوْلاَهُمُ
لَمْ تُعْرِبِ الأَجْفَانُ سِرّاً مُعْجَمَا
عربٌ إذا ما البرقُ ضاحكَ بينهم
خجلاً بأذيالِ السّحابِ تلثّما
يَا قَلْبُ أَيْنَكَ مِنْ بُلُوغِ بُدُورِهِمْ
ولو اتّخذتَ منْ حبالِ شمسكَ سلّما
غُرٌّ تَغَانَوْا بِالْقُدُودِ عَن الْقَنَا
وَكَفَاهُمُ حُورُ الْعُيُونِ الأَسْهُمَا
لَبِسَتْ أُسُودُهُمُ الْحَدِيدِ مُسَرَّداً
وظباؤهمْ وشيَ الحريرِ مسهّما
تَبْدُو بِحَيِّهِمِ الْغَزَالَة ُ فِي الدُّجَى
والبدرُ يطلعُ بالنّهارِ مغمّما
منْ كلِّ ضرغامٍ بظهرِ نعامة ٍ
لِلْطَّعْنِ يُمْسِكُ فِي الأَنَامِلِ أَرْقُمَا
مَحَتِ السَّوَادَ خُدُودُهُمُ فَتَوَرَدَّتْ
وَجِفَانَهُمْ مِمَّا سَفَكْنَ مِنْ الدِّمَا
تَجْرِي لَطَافَتُهُ بِشِدَّة ِ بَأْسِهِ
فيلينُ خطياً ويبسمُ مخذما
عَشِقُوا الرَّدَى فَتَطَّلَبُوا أَسْبَابَهُ
فلذاكَ هاموا في العيونِ تيمّما
وَتَرَشَّفُوا شَهْدَ الشِّفَاهِ لأَنَّهَا
تحكي اسمرارَ اللّدنِ في لونِ اللّمى
ولحبّهمْ سفكَ الدّماءِ وشربها
شربوا لخمرتها المدامَ توهّما(91/398)
سَجَنُوا العَذَارَى فِي الْخِيَامِ فَأَشْبَهَتْ
خفراتها بقبابهمْ صورَ الدّمى
سدّوا الكرى منْ دونهنَّ على الصّبا
كيلا يمرُّ بها النّسيمُ مسلّما
بِوُجُوهِ فِتْيَتِهِمْ مَلاَحَة ُ يُوسُفٍ
ومآزرُ الفتياتِ عفّة ُ مريما
ظَهَرَ الْجَمَالُ وَكَانَ مَعْنى ً نَاقِصاً
حتّى ألمَّ بحيّهمْ فتتمّما
والدّرُّ في الدّنيا تفرّقَ شملهُ
حَتَّى حَوَتْهُ شِفَاهُهُمْ فَتَنَظَّمَا
عذلوا السلوَّ عنِ القلوبِ وحكّموا
فِيهِنَّ سُلْطَانَ الْهَوَى فَتَحَكَّمَا
للهِ كَمْ فِي حَيِّهمْ مِنْ جُؤْذُرٍ
يَسْطُو بِمُهْجَتِهِ فَيَصْرَعُ ضَيْغمَا
ولكمْ بهمْ خدٌّ تورّدَ لونهُ
جدلاً وخدٌّ بالدّموعِ تعندما
نظراتهمْ تردي القلوبَ كما غدتْ
يدُ محسنٍ تروي العطاشَ الهوّما
غَيْثٌ لَدَيْهِ رِيَاضُ طُلاَّبِ النَّدَى
تزهو بروّادِ النّضارِ إذا همى
سَمْحٌ أَيَادِيهِ لَنَا كَمْ أَوْضَحَتْ
منْ غرّة ٍ بجبينِ خطبٍ أدهما
حسنٌ أزيدَ بهِ الزّمانُ ملاحة ً
فحلتْ ملاحتهُ وكانتْ علقما
تلقاهُ في الأيامِ إمّا ضارباً
أو طاعناً أو معطياً أو مطعما
طوراً تراهُ لجّة ً مورودة ً
عذبتْ وآونة ً شهاباً مضرما
لَبِسَ الْعُلاَ قَبْلَ الْقِمَاطِ وَقَبْلَ مَا
خلعَ التّمائمَ بالسّلاحِ تختّما
في وجههِ نورُ الهدى وبغمدهِ
نارُ الرّدى وبكفّهِ بحرٌ طمى
لو أنَّ بعضاً منْ سماحة ِ كفّهِ
بِيَمِينِ قَارُونٍ لأَصْبَحَ مُعْدِمَا
علمٌ على ظهرِ الجوادِ تظنّهُ
علماً تعرّضَ للكتائبِ معلما
يهتزُّ منْ طربٍ مهنّدهُ فلو
غنّى الجمادُ لكادَ أنْ يترنّما
وَيَكَادُ يَنْطِقُ فِي الْبَنَانِ يَرَاعُهُ
لو أنَّ مقطوعَ اللّسانِ تكلّما
وافى وطرفُ المجدِ غضَّ على القذى
دَهْراً فَأَبْصَرَ فِيْهِ مِنْ بَعْدِ الْعمَى
وأتى الزّمانَ وقدْ تقطّبَ وجههُ
غَضَباً عَلَى أَبْنَائِهِ فَتَبَسَّمَا
قَمَرٌ تَلُوحُ بِوَجْهِهِ سِمَة ُ الْعُلاَ
فترسّما آثارها وتوسّما
وتأملاهُ فتمَّ نورُ سعادة ٍ(91/399)
وسيادة ٍ يأبى العلا أنْ يكتما
تهمي براحتهِ السّيوفُ على العدا
نقماً تعودُ على المحبّة ِ أنعما
نارُ الحديدِ لديهِ في حرِّ الوغى
أَشْهَى مِنَ الْمَاءِ الزُّلاَلِ عَلَى الظَّمَا
لَيْسَ الْحَيَا طَبْعاً خَلِيقَتُهُ الْسَّخَا
بلْ علّمتهُ أكفّهُ فتعلّما
لَوْلاَ فَصَاحَتُهُ وَنِسْبَة ُ حَيْدَرٍ
لَظَنَنْتُهُ يَوْمَ الْكَرِيهَة ِ رُسْتَمَا
وَلَدٌ لأَكْرَمِ وَالِدٍ مِنْ مَعْشَرٍ
ورثوا المكارمَ أكراماً عنْ أكرما
عنْ جدّهِ يروي أبوهُ مآثراً
لأَبِيهِ وَهْوَ الْيَوْمَ يَرْوِي عَنْهُمَا
وَكَذَاكَ إِخْوَتُهُ الْكِرَامُ جَمِيعُهُمْ
نقلوا رواياتِ المحامدِ منهما
منْ شئتَ منهم ْتلقهُ في حربهِ
والسّلمُ ليثَ وغى ً وبحراً منعما
غُرٌّ بِأَخْلاَقِ الْكِرَامِ تَشَابَهُوا
حتى رأينا الفرقَ أمراً مبهما
فهمُ البدورُ السَّاطعات وإنَّما
بالعدلِ بينهمُ الكمالُ تقشَّما
مولايَ أنتمْ سادتي وسيادتي
منكم وقدري في مدائحكمْ سما
قَرَّبْتُمُونِي مِنْ رَفِيعَ جَنَابِكُمْ
فغدوتَ مرفوعَ الجنابِ معظَّما
لَو لَمْ يكَلِّفْنِي الْسُّجُودَ لِشُكْرِهَا
نعماؤكمْ عندي بلغت المرزما
للهِ دُّرك من لبيب رأيهُ
لم يحظِ أغراضَ الزَّمانِ إذا رمى
هنّيتَ بالولدِ السَّعيد وخنته
ورعاه خالقهُ الحفيظُ وسلَّما
وَلَدٌ تَصَوَّرَ يَوْمَ مَوْلِدِهِ النَّدَى
وَالْمَجْدُ عَادَ إِلَى الشَّبِيبَة ِ بَعْدَمَا
حملتْهُ من قمر الدُّجى شمسُ الضُّحى
نَالَتْ بِهِ نَجْلاً تَخَيَّلُهُ هُمَا
طهَّرته بالختنِ وهوَ مطهرٌ
قَبْلِ الْخِتَانِ تَشَرُّعاً وَتَكَرُّمَا
أَنَّى يُطَهَّرُ بِالْخِتَانِ صَبِيُّكُمْ
أو تنجسونَ وأنتم ماءُ السَّما
شَهِدَتْ لَكْمْ آيُ الْكِتَابِ بِأَنَّكُمْ
منذُ الولادة طاهرونَ وقبل ما
أنتمْ بنو المختارِ أشرفُ عترة ٍ
فعليكمُ صلَّى الإلهُ وسلَّما
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> كَشَفْتُ حِجَابَ الْسَّجْفِ عَنْ بَيْضَة ِ الْخِدْرِ(91/400)
كَشَفْتُ حِجَابَ الْسَّجْفِ عَنْ بَيْضَة ِ الْخِدْرِ
رقم القصيدة : 9779
-----------------------------------
كَشَفْتُ حِجَابَ الْسَّجْفِ عَنْ بَيْضَة ِ الْخِدْرِ
فَزَحْزَحْتُ جِنْحَ اللَّيلِ عَنْ طَلْعَة ِ الْبَدْرِ
وهتكتُ عن سينِ الثَّنايا لثامَها
فأبصرتُ عينَ الخضرِ في ظلمة ِ الشَّعرِ
وجاذبتُها سودَ الذوائبِ فانثنى
عَلِيَّ قَضِيبُ الْبَانِ فِي الْحُلَلِ الْخُضْرِ
وَقَبَّلْتُ مِنْهَا وَجْنَة ً دُونَ وَرْدِهَا
وتقبيلِها شوكُ المثقَّفة ِ السمرِ
تَأَتَّيْتُهَا فِي اللَّيْلِ كَالْصَّقْرِ كَاسِراً
وَقَدْ خَفَقَتْ فِي الْجِنْحِ أَجْنِحَة ُ الْنُّسْرِ
وَخُضْتُ إِلَيْهَا الْحَتْفَ حَتَّى كَأَنَّنِي
أفتشُ أحشاءَ المنيَّة ِ عن سرّي
وَشَافَهْتُ أَحْرَاساً إِلَى ضَوءِ وَجْهِهَا
يَرَوْنَ سَوَادَ الطَّيْفِ إِذْ نَحْوَهَا يَسْرِي
فَنَبَّهْتُ مِنْهَا نَرْجِساً زَرَّهُ الْكَرَى
كَأَنِّي أَفُضُّ الْخَتْمَ عَنْ قَدَحَيْ خَمْرِ
وبتنا وقلبُ الَّليل يكتُمنا معاً
وغرّّتها عندَ الوشاة ِ بنا تغري
وَإِذَا الصُّبْحُ فِي الظَّلْمَاءِ غَارَ غَدِيرٌ
فَمَنْ ضَوْئِهَا لُجُّ السَّرَابِ بِنَا يَسْرِي
فلوْ لمْ تردُّ الَّليلَ صبغة ُ فرعها
عليها لكانَ الحيُّ في سرِّنا يدري
وباتتْ تحلِّي السَّمع منا بلؤلؤٍ
عَلَى عِقْدِهَا الْمَنْظُومِ مَنْثُورُهُ يُزْرِي
كِلاَنَا لَهُ مِنَّا نَصِيبٌ فَجَامِدٌ
على نحرهَايزهُو وجارٍ على نحري
تباركَ منْ قدْ علمَ الظَّبي منطلقاً
وَسُبْحَانَ مُجْرِي الرُّوحِ في دُمْيَة ِ الْقَصْرِ
بِرُوحِيَ مِنْهَا طَلْعَة ٌ كُلَّمَا انْجَلَتْ
تشمَّت في موتِ الدُّجى هاتفُ القُمْري
ونقطة ُ خالٍ من عبيرٍ بخدِّها
كحبَّة ِ قلبٍ أحَّجبته يدُ الذكرِ
خلتْ منْ سواها مهجتي فتوطَّنت
بها والمهى لمْ ترضَ داراً سوى القصر
كأنَّ فمي منْ ذكرها فيها وطيبهِ
قارة ُ بيتِ النَّحل أو دارة ُ العطرِ(91/401)
إِذَا زَيَّنَ الأَمْلاَكَ حِلْيَة ُ مَفْخَرٍ
إذا خدُّها في القلب صوَّرهُ فكري
أَرَدْتُ بِهَا التَّشْبِيبَ فِي وَزْرِ شَعْرِهَا
فغزَّلت في البحر الطَّويلِ من الشعرِ
وَصُغْتُ الرُّقَى إِذْ عَلَّمَتْنِي جُفُونُهَا
بِنَاءَ الْقَوَافِي السَّاحِرَاتِ عَلَى الْكَسْرِ
أُجَانِسُ بِاللَّفْظِ الرَّقِيقِ خُدُودَهَا
وَأَلْحَظُ بِالْمَعْنَى الدَّقِيقِ إِلَى الْخَصْرِ
أَمَا وَالْهَوَى الْعُذْرِيِّ لَوْلاَ جَبِينُهَا
لَمَا رُحْتُ فِي حُبِّي لَهَا وَاضِحَ الْعُذْرِ
ولولا الَّلآلي البيضِ بين شفاهها
لَمَا جَادَ دَمْعِي مِنْ يَوَاقِيتِهِ الْحُمْرِ
شُغِفْتُ بِهَا حُبّاً فَرَقَّتْ رَقَائِقِي
وَمَلَّكْتُ رِقِّي حَيْدَرَاً فَسَمَا قَدْرِي
خُلاَصَة ُ أَبْنَاءِ الْكِرَامِ مُطَّهَراً
سلالة ُ آباءٍ مطهَّرة ٍ غوِّ
حليفُ النَّدى واليأسِ والحلمِ والنُّهى
أخو العدلِ والإحسانِ والعفوِ والبِّرِ
جَمَالُ جَبِينِ الْبَدْرِ وَالنَّيِرُ الَّذِي
بِطَلْعَتِهِ قَدْ أَشْرَقَتْ غُرَّة ُ الدَّهْرِ
فتى جاءَ والأيَّامُ سودٌ وجوهها
فَأَصْبَحَ كالتَّوْرِيدِ فِي وَجْنَة ِ الْعَصْرِ
وأضحتْ وجوهُ المكرماتِ قريرة ً
بمولدهِ والصَّدر منشرحُ الصَّدرِ
وأينعَ منْ بعدِ الذُّبول بهِ النَّدى
فغرَّدَ في أفنائهِ طائرُ الشُّكرِ
ووافى المعاليَ بعدَ تشتيت شملها
فأحسنَ منها النَّظمَ بالنَّائلِ النثري
أَرَقُّ مِنَ الرَّاحِ الشَّمُولِ شَمَائِلاً
وألطف خلقاً من نسيمِ الهوى العذري
إذا زيَّنَ الأملاكَ حلبة ُ مفخرٍ
فَفِيهِ وَفِي آبَائِهِ زِيْنَة ُ الْفَخْرِ
تكلِّمه في الصدقِ آياتُ سورة ٍ
ولكنَّه في السَّمعِ في صورة ِ السِّحرِ
تسمِّيهِ باسمِ الجد عندي كناية ٌ
كَمَا يَتَسَّمَى صَاحِبُ الْجُودِ بِالْبَحْرِ
إِذَا بِأَبِيهِ قِسْتَ مِصْبَاحُ نُورِهِ
تيقَّنتهُ من ذلكَ الكوكبِ الدُّري
يَرِّقُ وَيَصْبُو رَحْمَة ً وَصَلاَبَة ً(91/402)
فيجري كما تجري العيونُ من الصَّخرِ
سما للعلاقِ والشُّهبُ تطلبُ شأوه
فعبَّرَعند السَّبق عن جهة ِ الغفرِ
فلو كانَ حوضُ المزنِ مثلَ يمينه
لما هطلتْ إلاَّ بمستحسنِ الدُّرِ
ولو منبتُ الزَّقُّومِ يسقى بجودهِ
لما كانَ إلاَّ منبتَ الوردِ والزَّهرِ
يهزُّ سيوفَ الهندِ وهي جداولٌ
فتقذفُ في أمواجها شعلَ الجمرِ
وَيَحْمِلُ أَغْصَانَ الْقَنَا وَهْيَ ذُبَّلٌ
فَتَحْمِلُ فِي رَاحَاتِهِ ثَمَرَ النَّصْرِ
ويسفرُ عنْ ديباجتيهِ لثامهُ
فيلبس عظفَ الَّليلِ ديباجة َ الفخرِ
ويسلبُ نحرَ الأفقِ حلية َ شهبهِ
فيغنيهِ عنها في خلائقهِ الزُّهرِ
سحابٌ إذا ما جاءَ يوماً تنوَّرت
رياضُ الأماني البيض بالورق الصُّفرِ
بوارقهُ بيضُ الحديدِ لدى الوغى
ووابلهُ في سلمهِ خالصُ التِّبرِ
لَهُ فِطْنَة ٌ يَوْمَ الْقَضَا عِنْدَ لَبْسِهِ
تفرِّقُ ما بينَ السُّلافة والسُّكرِ
وعزمٌ يذيبُ الرَّاسياتِ إذا سطا
فَتَجْرِي كَمَا يَجْرِي السَّحَابُ مِنَ الذُّعْرِ
وَعَدْلٌ بِلاَ نَارٍ وَضَرْبٍ يَكَادُ أَنْ
يُقَوَّمَ فِيْهِ الإِعْوِجَاجَ مِنَ الْبُتْرِ
وَسُخْطٌ لَوَ أَنَّ النَّحْلَ تَرْعَى قَتَادَهُ
لمجَّتهُ من أفواهها سائلَ الصَّبرِ
وَلُطْفٌ لَوَ انَّ الرُّقْشَ فِيْهِ تَرَشَّفَتْ
لبُدِّلَ منها السُّمُ بالسُّكَّرِ المصري
يعيدُ رفاتَ المعتفينَ كأنَّما
تفجَّرَ في راحاته موردُ الخضرِ
إذا مرَّ ذكرُ الفاخرينَ فذكرهُ
كَفَاتِحَة ِ الْقُرْآنِ فِي أَوَّلِ الذِّكْرِ
فيا ابنَ عليٍّ وهي دعوة ُ مخلصٍ
لدولتكمْ بالسرِّ منهُ وبالجهرِ
لقد زادت الأيَّام فيكَ مسرَّرة
وفاقَ على وجهِ العلا رونقُ البشرِ
وَعَزَّتْ بِكَ الأَيَّامُ حَتَّى كَأَنَّمَا
لَيَالِيكَ فِيْهَا كُلُّهَا لَيْلَة ُ الْقَدْرِ
فَفِي يَدِكَ الْيُمْنَى الْمَنِيَّة ُ وَالْمُنَى
ويمنٌ لمن يبغي الأمانَ من الفقرِ
فَلاَ بَرِحَتْ فِيْكَ الْعُلاَ ذَاتَ بَهْجَة ٍ
ولازالَ فيكَ المجدُ مبتسمَ الثَّغرِ(91/403)
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> للهِ قَوْمٌ بِأَكْنَافِ الْحِمَى نَزَلُوا
للهِ قَوْمٌ بِأَكْنَافِ الْحِمَى نَزَلُوا
رقم القصيدة : 9780
-----------------------------------
للهِ قَوْمٌ بِأَكْنَافِ الْحِمَى نَزَلُوا
همُ الأحبّة ُ إن صدّوا وإنْ وصلوا
وَدَرَّ دَرُّهُمُ مِنْ جِيرَة ٍ مَعَهُمْ
لم يبرحِ القلبُ إنْ ساروا وإنْ نزلوا
جعلتهمْ لي ولاة ً وارتضيتُ بما
يقضونَ في الحبِّ إنْجاروا وإنْ عدلوا
هُمُ هُمُ سَادَتِي رَقُّوا قَسَوْا عَطَفُوا
جَفَوْا وَفَوْا خَلَّفُونِي أَنْجُزُوا مَطَلُوا
ودُّوا فلو هجروا زاروا صفوزا كدروا
قَدْ حَسَّنَ الْحُبُّ عِنْدِي كُلَّمَا فَعَلُوا
رَعْياً لِمَاضِي زَمَانٍ فُزْتُ فِيْهِ بِهِمْ
وَحَبَّذَا بِالْحِمَى أَيَّامُنَا الأَوَلُ
عصرٌ كأنَّ الليالي فيه بيض دمى ً
لعسُ الشِّفاه وأوقاتَ الّلقا قُبلُ
إِذَا الرُّوَاة ُ رَوَوْا عَنْهُ لَنَا خَبَراً
كَأَنَّهُمْ نَقَلُونَا بِالَّذِي نَقَلُوا
كمْ في القبابِ لديهمْ من محجَّبة ٍ
في الحسنِ والعزِّ يضربُ المثلُ
بِكْرٌ هِيَ الشَّمْسُ فِي إِشْرَاقِ بَهْجَتِهَا
لو لمْ يجنَّ سناها فرعُها الجثلُ
وَدُمْيَة ُ الْقَصْرِ لَوْلاَ سِمْطُ مَنْطِقِهَا
وظبية ُ القفرِ لولا الحليُ والعطلُ
سِيَّانِ بِيْضُ ثَنَايَاهَا إِذَا ضَحِكَتْ
ومبسمُ البرقِ لولا النَّظمُ والرَّتلُ
يبدو الصَّباحُ فيستحي إذا سفرتْ
عَنِ الْمُحَيَّا فَيَعْلُو وَجْهَهُ الخَجَلُ
تَخْتَالُ فِي السَّعْي سُكْراً وَهْيَ صاحِيَة ٌ
فَتَنْقُضُ الصَّبْرُ مِنْهَا وَهْيَ تَنْتَقِلُ
تَغْزُو الْقُلُوبَ بِلَحْظَيْهَا وَمُقْلَتُهَا
لَوْلاَ النُّعَاسُ لَقُلْنَا جَفْنُهَا خَلَلُ
أَفْدِيهِمِ مِنْ سَرَاة ٍ في جَوَاشِنهِمْ
وفي البراقعِ منهم تلتظي شعلُ
فُرْسَانُ طَعْنٍ وَضَرْبٍ غَيْرَ أَنَّهُمُ
أمضى سلاحهمِ القاماتُ والمقلُ
شوسٌ على الشُّوسِ بالبيضِ الِّقاق سط(91/404)
ـوبالجفونِ على أهل الهوى حملوا
في غمدِ كلِّ هزبرٍ من ضراغمهمْ
وَعَيْنِ كُلِّ مَهَاة ٍ كَامِنٌ أَجَلُ
لَمْ ادْرِ مِنْ قَبْلِ أَلْقَى سُودَ أَعْيُنِهِمْ
أنَّ المنية َ من أسمائها الكحلُ
كلاَّ ولا خلتُ لولا حليُ خرَّدهم
أنَّ الدنانيرَ ممَّا يثمر الأسلُ
بِالْبِيضِ قَدْ كَلَّلُوا أَقْمَارَهُمْ وَعَلَى
شموسِهِمْ بالدّياجيْ تضربُ الكللُ
صَبَاحُهُمْ مِنْ وَجُوهِ الْبِيضِ مُنْفَلِقٌ
وليلهمْ منْ قرونِ العينِ منسدلُ
صانوا منَ الدّرِّ ما حازت مباسمهمْ
وَمَاحَوَوْا مِنْهُ فِي رَاحَاتِهِمْ بَذَلُوا
سودُ الذّوائبِ والأحداقِ تحسبهمْ
تَعَمَّمُوا بِسَوَادِ اللَّيْلِ وَاكْتَحَلُوا
يروقُ في أسدهم نظمُ القريضِ وفي
غزلا نهمْ يحسنُ التّشبيبُ والغزلُ
تمسي القلوبُ ضيوفاً في منازلهمْ
وَلاَ لَهُنَّ سِوَى نِيْرَانِهِمْ نُزُلُ
همُ الأكارمُ إلا أنّهمْ عربٌ
عِنْدَ الْكِرَائِمِ مِنْهُمْ يَحْسُنُ الْبُخُلُ
أَمَا وَلُدْنٍ تَثَنَّتْ فِي مَنَاطِقِهِمْ
تحتَ الحديدِ وقُضبٍ فوقها حللُ
وبيضِ حبّاتِ درٍّ بعضها لفظوا
وَبَعْضَهُنَّ لأعْنَاقِ الدُّمَى جَعَلُوا
لَوْلاَ عُيُونٌ وَقَامَاتٌ بِنَا فَتَكَتْ
لَمْ نَخْشَ مِنْ وَقْعِ مَا سَلُّوا وَمَا قَتَلُوا
لاَ أَطْلَعَ اللهُ فَجْراً فِي مَفَارِقِهِمْ
ولا انجلى ليلها عنهمْ ولا أفلوا
وَا صَحَتْ مِنْ سُلاَفِ الدَّلِّ أَعْيُنُهُمْ
ولا سرى في سواها منهمُ الكسلُ
لو لا هواهمْ ما أبلى الضّنى جسديْ
وَلاَ شَجَتْنِي رُسُومُ الدَارِ وَالطَّلَلُ
وَلاَ تَفَرَّقَ قَلْبِي بِالرُّسُومِ كَمَا
تفرّقتْ منْ عليٍّ في الورى الخولُ
الموسويُّ الّذي مشكاة ُ نسبتهِ
أرحامها بشهابِ الطّورِ تتصلُ
كريمُ نفسٍ تزانُ المكرماتُ بهِ
وَمِنُهُ تَنْشَأُ بِالدُّنْيَا وَتَنْتَقِلُ
طودٌ لو أنَّ سرنديباً تبدّلهُ
لِسَاكِنِي الْحَوْزِ بِالرَّاهُونِ مَا قَبِلُوا
ولو إلى أرضهِ يهوي الهلالُ دجى ً(91/405)
لَمْ تَرْضَهُ أَنَّهُ مِنْ نَعْلِهَا بَدَلُ
قرنٌ يميلُ إلى نحوِ الظّبا شغفاً
كأنّهنَّ لديهِ أعينٌ نجلُ
يَغْشَى العِدَا مِثْلَ مَاضِيهِ وَعَامِلُهُ
يهتزُّ بشراً ويثني عطفهُ الجذلُ
في طرفِ هنديهِ منْ ضربهِ رمدٌ
وفي عواليهِ منْ خمرِ الطّلا ثملُ
لَهُ سُيُوفٌ إِذَا مَا النَّصْرُ أَضْحَكَهَا
تبكي الرقابُ وتنعي نفسها الظّللُ
جِرَاحُهَا وَعُيُونُ الصَّبِّ وَاحِدَة ٌ
لا تلكَ ترقى ولا هاتيكَ تندملُ
بيضُ الجوانبِ كالأنهارِ منْ لبنٍ
تَظُنُّهَا بِالْوَفَا يَجْرِي بِهَا الْعَسَلُ
حليفُ بأسٍ إذا اشتدّتْ حميّتهُ
لَوْلاَ نَدَى رَاحَتَيْهِ كَادَ يَشْتَعِلُ
يَغْزُو الْعَدُوَّ عَلَى بُعْدٍ فَيُدْرِكُهُ
كَالنَّجْمِ يَسْرِي إِلَيْهِ وَالدُّجَى جَمَلُ
يَكادُ كُلُّ مَكَانٍ حَلَّ سَاحَتَهُ
يقفوهُ شوقاً إليهِ حينَ يرتحلُ
تَلْقَى مَرَاقِدَ نُورٍ فِي مَوَاطِئِهِ
كأنهُ بأديمِ الشمسِ منتعلُ
لاَ يُطْمعُ الْخَصْمَ فِيْهِ لِيْنُ جَانِبِهِ
فقدْ تلينُ الأفاعي والقنا الذبلُ
ولا يغرُّ العدا ما فيهِ منْ كرمٍ
فمحدثُ الصاعقاتِ العارضُ الهطلُ
يَمَدُّ نَحْوَ الْعُلاَ وَالْمَكْرُمَاتِ يَداً
خُطُوطُهَا لِلْمَنَايَا وَالْمُنَى سُبُلُ
يدٌ إلى كلِّ مصرٍ منْ أناملها
تَسْرِي الأَيَادِي وَفِيها يَنْزِلُ الأَمَلُ
كَأَنَّ خَاتَمَهُ يَوْمَ النَّوَالِ بِهَا
قَوْسُ السَّحَابِ الْغَوَادِي حِينَ حَا
زَ الْكَمَالَ صَبِيّاً مُنْذُ مَوْلِدِهِ
وَقَامَ بِالْفَضْلِ طِفْلاً قَبْلَ يَنْفَصِلُ
نَفْسٌ مِنَ الْقُدْسِ في ذَاتٍ مُجَرَّدَة ٍ
بالعزفِ جازَ عليها يصدقُ الرجلُ
ما لاحَ فوقَ سريرٍ مثلهُ قمرٌ
وَلاَ تَمَطَّى جَواداً قَبْلَهُ جَبَلُ
ولا تنسّكَ زهداً غيرهُ أسدٌ
وَلاَ تَدَيَّنَ فِي دِينِ الظِّبَا بَطَلُ
هَلْ عَانَقَ الشَّمْسَ إِلاَّ سَيْفَهُ فَلَقٌ
وَاسْتَغْرَقَ الْبَحْرَ إِلاَّ دِرْعَهُ وَشَلُ
باهتْ مناقبهُ الدنيا بهِ فعلا(91/406)
قدراً على سائرِ الأيامِ واستفلوا
حَكَوهُ خَلْقاً وَمَا حَازُوا خَلاَئِقَهُ
وَالنَّاسُ كَالْوَحْشِ مِنْهَا اللَّيْث
ُ أَنَّى يُحَاوِلُ فِيْهِ مُدَّعٍ صِفَة ً
وهلْ يحصّلُ طيبَ النرجسِ البصلُ
ما كلُّ ذي كرمٍ تحوي مكارمهُ
والدرُّ في كلِّ بحرٍ ليسَ يحتمل
لديهِ أغلى لباسِ المرءِ أخشنهُ
وَأَحْسَنُ الْخَزِّ وَالدِّيبَاجِ مُبْتَذَلُ
لو باللباسِ بدونِ البأسِ مفتخرٌ
فاقَ البزاة َ بحسنِ الملبسِ الحجلُ
يَا ابْنَ الأُسُودِ الأُولَى يَوْماً إِذَا حَمَلَتْ
بِالأُفْقِ يُشْفِقُ مِنْهَا الثَّوْرُ والْجَمَلُ
زَانَتْ بِأَبْنَائِكَ الدُّنْيا وَفِيكَ وَلَوْ
لمْ يولدُوا لمْ تجدْ كفؤاً لها الدولُ
أنتمْ شموسُ ضحاها بلْ وأنجمها
ليلاً وأوقاتها الأسحارُ والأصلُ
عنكمْ ومنكمْ رواة ُ المجدِ قدْ أخذوا
علمَ المعاليْ ولولاكمْ بهِ جهلوا
يَدْرُونَ أَنَّكُمُ حَقّاً أَئِمَّتُهُمْ
ويعلمونَ يقيناً أنّكمْ قبلُ
إِذَا الْعَيَاءُ كَسَاكُمْ فَضْلَ مَلْبَسِهِ
فأيُّ فخرٍ عليكمْ ليسَ يشتملُ
أدواكمُ لسقيمِ المجدِ عافية ٌ
لَكِنَّهُنَّ لأَبْحَارِ الثَّنَا عِلَلُ
كَأَنَّمَا خُلِطَتْ بِالطِّينِ طِينَتُكُمْ
فَنَبْتُهَا لَيْسَ إِلاَّ الْوَرْدُ وَالنَّفَلُ
مَوْلاَيَ ذَا الصَّوْمُ أَبْقَى أَجْرَهُ وَمَضَى
لَدَيْكَ وَالْفَطْرُ وَالإِقْبَالُ مُقْتَبَلُ
واسعدْ بعودة ِ عيدٍ عادَ فيهِ لنا
فِيكَ السُّرُورُ وَزَالَ الْهَمُّ وَالْوَجَلُ
عِيدٌ تَشَرَّفَ يَا ابْنَ الطَّاهِرِينَ بِكُمْ
لِذَا بِهِ مِلَّة ُ الإِسْلاَمِ تَحْتَفِلُ
فاقَ الزّمانَ كما فقتَ الملوكَ فما
كلاكما سيّدٌ في قومهِ جللُ
واستجلِ طلعة َ فطرٍ فوقَ غرّتهِ
هلالُ سعدٍ سناهُ منكَ منتحلُ
شَيْخاً تَأَتَّاكَ كالْعُرْجُونِ مُنْحِنياً
وَأَنْتَ كَالرُّمْحِ رَطِبُ الْعُودِ مُعْتَدِلُ
رَآكَ بَعْدَ النَّوَى لَيْلاً فَعَادَلَهُ
عمرُ الشّبيبة ِ غضّاً وهوَ مكتحلُ(91/407)
ولا برحتَ مطاعَ الأمرِ مقتدراً
يجري القضاءُ بما تقضي ويمتثلُ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> ضحكتْ فبانَ لنا عقودُ جمانِ
ضحكتْ فبانَ لنا عقودُ جمانِ
رقم القصيدة : 9781
-----------------------------------
ضحكتْ فبانَ لنا عقودُ جمانِ
فَجَلَتْ لَنَا فَلَقَ الصَّبَاحِ الثَّانِي
وتزحزحتْ ظلمُ البراقعِ عن سنى
وَجَنَاتِهَا فَتَثَلَّثَ الْقَمَرَانِ
وتحدَّثتْ فسمعتُ لفظاً نظقهُ
سحرٌ ومعناه سلافة ُ حانِ
ورنتْ فجرَّحتِ القلوبَ بمقلة ٍ
طَرْفُ السِّنَانِ وَطَرْفَهُا سِيَّانِ
وَتَرَنَّمَتْ فَشَدَتْ حَمَائِمُ حَلْيِهَا
وَكَذَاكَ دَأْبُ حَمَائِمِ الأَغْصَانِ
لَمْ تَلْقَ غُصْناً قَبْلَهَا مِنْ فِضَّة ٍ
يهتزُّ في ورقٍ من العقبانِ
عربيَّة ٌ سعدُ العشيرة ِ أصلها
وَالْفَرْعُ مِنْهَا مِنْ بَنِي السُّودَانِ
خودٌ تصوَّبَ عند رؤية ِ خدِّها
آرَاءُ مَنْ عَكَفُوا عَلَى النِّيرَانِ
يَبْدُو مُحَيَّاهَا فَلَوْلاَ نُطْقُهَا
لحسبتها وثناً منَ الأوثانِ
لَمْ تَصْلِبِ الْقُرْطَ الْبَرِيَّ لِغَايَة ٍ
إِلاَّ لِتَنْصُرَ دَوْلَة َ الصُّلْبَانِ
وَكَذَاكَ لَمْ تَضْعُفْ جُفُونُ عُيُونِهَا
إِلاَّ لِتَقْوَى فِتْنَة ُ الشَيْطَانِ
خَلْخَالُهُا يُخْفِي الأَنِينَ وَقُرْطُهَا
قَلِقٌ كَقَلْبِ الصَّبِّ فِي الخْفَقَانِ
تَهْوَى الأَهِلَّة ُ أَنْ تُصَاغَ أَسَاوِراً
لِتَحِلَّ مِنْهَا فِي مَحَلِّ الْجَانِي
بخمارها غسقٌ وتحتَ لثامها
شفقٌ وفي أكمامها الفجرانِ
سُبْحَانَ مَنْ بِالْخَدِّ صَوَّرَ خَالَهَا
فأزان عينَ الشَّمس بالإنسانِ
أَمَرَ الْهَوَى قَلْبِي يَهِيمُ بِحُبِّهَا
فأطاعهُ ونهيتهُ فعصاني
هِيَ فِي غَدِيرِ الشَّهْدِ تَخْزِنُ لُؤْلُؤاً
وأجاجُ دمعي مخرجُ المرجانِ
كثرتْ عليَّ العاذلون بها فلوْ
عَدَّدْتُهُمْ سَاوَوْا ذُنُوبَ زَمَانِي
يَا قَلْبُ دَعْ قَوْلَ الْوُشَاة ِ فَإِنَّهُمْ
لو أنصفوكَ لكنتَ أعذرَ جانِ(91/408)
أصحابُ موسى بعدهُ في عجلهمْ
فَوْقَ التَّرَاقِي أَوْ عَلَى التِّيجَانِ
عذبَ العذابُ بها لديَّ فصحَّتي
سُقْمِي وَعِزِّي فِي الْهَوَى بِهَوَاني
للهِ نُعْمَانُ الأَرَاكِ فَطَالَمَا
نعمتْ به روحي على نعمانِ
وسقى الحيا بمنى ً كرامَ عشيرة ٍ
كفلوا صيانتها بكلِّ أمانِ
أَهْلُ الْحَمِيَّة ِ لاَ تَزَالُ بُدُورُهُمْ
تَحْمِي الشُّمُوسَ بِأَنْجُمِ الْخِرْصَانِ
أسدٌ تخوضُ السَّابغاتُ رماحهمْ
خوضَ الأفاعي راكدَ الغدرانِ
ترَوْى بِهِمْ رُبْدُ كَأَنَّ سِهَامَهُمْ
وَهَبَتْ لَهُنَّ قَوَادِمَ الْعِقْبَانِ
كمْ من مطوَّفة ٍ بهمْ تشدو على
رطبِ الغصونِ ويابس العيدانِ
لانتْ معاطفهمْ وطابَ أريجهم
فكأنَّهم قضبٌ من الرَّيحانِ
مِنْ كُلِّ وَاضِحَة ٍ كَأَنَّ جَبِينَهَا
قبسٌ تقنَّعَ في خمارِ دخانِ
وَيْلاَهُ كَمْ أَشْقَى بِهِمْ وَإِلَى مَتَى
فِيْهِمْ يُخَلَّدُ بِالْجَحِيمِ جَنَانِي
وَلَقَدْ تَصَفَّحْتُ الزَّمَانَ وَأَهْلَهُ
ونقدتُ أهلَ الحسنِ والإحسانِ
فَقَصَرْتُ تَشْبِيبي عَلَى ظَبَيَاتِهِمْ
وحصرتُ مدحي في عليِّ الشَّانِ
فَهُمُ دَعَوْنِي لِلنَّسِيبِ فَصُغْتُهُ
وَأَبُو الْحُسَيْنِ إِلَى الْمَدِيحِ دَعَانِي
ملكٌ عليَّ إذا هممتُ بمدحهِ
تُمْلِي شَمَائِلُهُ بَدِيعَ مَعَانِي
جَارِيْتُ أَهْلَ النَّظْمِ تَحْتَ ثَنَائِهِ
فَتَلَوْا وَحَلْبَتُهُمْ خُيُولُ رِهَانِ
مضمونُ ما نثرتْ عليَّ بنانهُ
ولسانهُ أبرزتهُ ببيانِ
أُذُنُ الْكَلِيمِ وَحُلَّ عَقْدُ لِسَانِي
سَمْحٌ إِذَا مَا شِئْتَ وَصْفَ نَوَالِهِ
حَدِّث وَلاَ حَرَجٌ عَنِ الطُّوفَانِ
بِالْبَحْرِ كَنِّ وَبِالْغَمَامِ عَنِ اسْمِهِ
والبدر والضرغامِ لا بفلانِ
صرعتْ ثعالبهُ الأسود فأصبحتْ
مَحْشُوَّة ً بِحَوَاصِلِ الْغِرْبَانِ
بَطَلٌ يُرِيكَ إِذَا تَحَلَّلَ دِرْعُهُ
أسدَ العربينِ بحلَّة ِ الثعبانِ
رَشْفُ النَّجِيعِ مِنَ الأَسِنَّة ِ عِنْدَهُ(91/409)
رَشَفَاتٌ حُمْرِ بِوَارِقِ الأَسْنَانِ
يَرْتَاحُ مِنْ وَقْعِ السُّيُوفِ عَلَى الطُّلاَ
حتَّى كأنَّ صليلهنَّ أغاني
ويرى كعوبَ السُمرِ سمرَ كواعب
وَذُكُور بِيْضِ الْهِنْدِ بِيْضَ غَوَانِي
لمْ يستطعْ وتراً يلذُّ له سوى
أَوْتَارِ كُلِّ حَنِيَّة ٍ مِرْنَانِ
قرنُ يقارنُ حظَّه بحسامهِ
فيعود سعداً ذابحَ الأقرانِ
صاحٍ تدبُّ الأريحيَّة ُ للنَّدى
فيه دبيبَ السُّكر بالنَّشوانِ
ذو رواحة ٍ هي للعدى جرَّاحة ٌ
نَقْعٌ وَلَمْعٌ مُهَنَّدٍ وَسِنَانِ
أَطْوَاقُ فَضْلٍ كَالْخَوَاتِمِ أَصْبَحْتْ
بيديه وهي طوارقُ الحدثانِ
بالنَّحسِ تقضي والسَّعادة فالورى
منهنَّ بينَ تخوفٍ وأمانِ
في سلمها تهبُ البدورَ في الوغى
بالشُّهبِ تقدفُ ماردَ الفرسانِ
قد أضحكَ الدُّنيا سروراً مثل ما
أَبْكَى السُّيُوفَ وَأَعْيُنَ الْغِزْلاَنِ
حُرٌّ تَوَلَّدَ مِنْ سُلاَلَة ِ مَطْلَبٍ
خَلَفِ الأَيَّمِة ِ مِنْ بَنِي عَدْنَانِ
مِنْ هَاشِمٍ أَهْلِ الْمَفَاخِرِ وَالتٌّقَى
وَالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالإِيمَانِ
بيتِ النبوة ِ والرِّسالة ِ والهدى
وَالْوَحْي وَالتَّنْزِيلِ وَالْفُرْقَانِ
قَوْمٌ تَقَوَّمَ فِيْهِمُ أَوَدُ الْعُلاَ
والدِّين أصبحَ آبدَ الأركانِ
قد حالفوا سهرَ العيونَ وخالفوا
أَمْرَ الْهَوَى فِي طَاعَة ِ الرَّحْمانِ
مِنْ كُلِّ مَنْ كالْبَدْرِ كَلَّفَ وَجْهَهُ
أثرَ السُّجود فزاد في اللَّمعان
أَشْبَاحُ نُورٍ فِي الزَّمَانِ وُجُودُهُمْ
روحٌ لهذا العالمِ الجسماني
أَقْرَانُ حَرْبٍ كُلَّمَا اقْتَرَنُوا لَدَى الْـ
هيْجَاءِ تَحْسَبُهُمْ لُيُوثَ قِرانِ
لبسوا سوابغهمْ لأجلِ سلامة ِ الـ
ـأَعْرَاضِ لاَ لِسَلاَمَة ِ الأَبْدَانِ
وتحمَّلوا طعنَ الرِّماحِ لأنَّهمْ
لاَ يَحْمِلُونَ مَطَاعِنَ الشَّنَآنِ
بوركتَ من ولدٍ جريتَ بإثرهمْ
فَبَلَغْتَ غَايَتَهُمْ بِكُلِّ مَكَانِ
جَدَّدْتَ آثَارَ الْمَآثِرِ مَنْهُمُ(91/410)
وَوَرِثْتَ مَا حَفِظُوا مِنْ الْقُرْآنِ
مَوْلاَيَ لاَ بَرِحَتْ تُهَنِّيكَ الْعُلاَ
بختانِ غرٍّ أكرمِ الفتيانِ
نطفٌ مطهَّرة ُ الذَّواتِ أزدتهمْ
نُوراً عَلَى نُورٍ بِطُهْرِ خِتَانِ
خُلَفَاءُ مَجْدٍ مِنْ بَنِيْكَ كَأَنَّهُمْ
لِلأَرْضِ قَدْ هَبَطُوا مِنَ الرُّضْوَانِ
أقمارُ تمٍّ لا يوقَّى نقصها
إلاَّ بليلِ عجاجة ِ الميدانِ
وَفِرَاخُ فَتْحِ قَبْلَ يَنْبُتُ رِيشُهَا
هَمَّتْ بِصَيْدِ جَوَارِحِ الشُّجْعَانِ
بلغوا وما بلغوا الكلامَ فأدركوا
رُشْدَ الْكُهُولِ بِغِرَّة ِ الصِّبْيَانِ
ما جاوزوا قدرَ السِّهامِ بطولهم
فَتَطَوَّلُوا وَسَمَوْا عَلَى المُرَّانِ
شَرَرٌ تَوَارَتْ فِي زَنَادِكَ إِذْ وَرَتْ
أمستْ شموسَ مسرَّة ٍ وتهانِ
قبساتُ أنوارٍ تعودُ إلى اللقا
شعلاً تذيبُ مواضعَ الأضغانِ
سَتَرُدُّ عَنْكَ الْمَشْرَفِيَّة َ وَالْقَنَا
ولديكَ تشهدُ كلَّ يومِ طعانِ
وستضحكُ البيضُ الظُّبا بأكفهمْ
ضحكَ البروقِ بعارضٍ هتَّان
وتميلُ من خمرِ النَّجيعِ رماحهمْ
مِثْلَ الْسُّكَارَى فِي سُلاَفِ دِنَانِ
فَاسْلَمْ وَدُمْ مَعْهَمْ بِأَسْبغِ نِعْمَة ٍ
والذِّ عيشٍ في أتمِّ تدانِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> أَمَا وَالْهَوَى لَوْلاَ الْجُفُونُ السَّوَاحِرُ
أَمَا وَالْهَوَى لَوْلاَ الْجُفُونُ السَّوَاحِرُ
رقم القصيدة : 9782
-----------------------------------
أَمَا وَالْهَوَى لَوْلاَ الْجُفُونُ السَّوَاحِرُ
لَمَا عَلِقَتْ فِي الْحُبِّ مِنَّا الْخَوَاطِرُ
ولولا العيونُ النَّاعسات لما رعتْ
نُجُومَ الدُّجَى مِنَّا الْعُيُونُ السَّوَاهِرُ
وَلَوْلا ثُغُورٌ كَالْعُقُودِ تَنَظَّمَتْ
لما انتثرتْ منَّا الدموعُ البوادر
وَلَمْ نَدْرِ كَيْفَ الْحَتْفُ يَعْرِضُ لِلْفَتَى
وما وجههُ إلاَّ الوجهٌ النَّواضرُ
وَإِنَّا أُنَاسٌ دِينُ ذِي الْعِشْقِ عِنْدَنَا
إِذَا لَمْ يَمُتْ فِيْهِ قَضَى وَهْوَ كَافِرُ(91/411)
خوَلَمْ يُرْضينَا في الحُبِّ شقُّ جُيوُبِنَا
إذا نحنُ لمْ تنشقَّ منَّا المرائرُ
لَقِينَا الْمَنَايَا قَبْلَ نَلْقَى سُيُوفَهَا
تُسَلُّ مِنَ الأَجْفَانِ وَهْيَ نَوَاظِرُ
نروعُ المواضي وهي بيضٌ فواتكٌ
وَنُشْفِقُ مِنْهَا وَهْيَ سُودٌ فَوَاتِرُ
وَنَخْشَى رِمَاحَ الْمَوْتِ وَهْيَ مَعَاطِفٌ
وَنَسْطُو عَلَيْهَا وَهْيَ سُمْرٌ شَوَاجِرُ
نَعُدُّ الْعَذَارَى مِنْ دَوَاهِي زَمَانِنَا
وَأَقْتَلُهَا أَحدَاقُهَا وَالْمَحَاجِرُ
وَنَشْكُو إِلَيْهَا دَائِرَاتِ صُرُوفِهِ
وأعظمها أطواقها والأساورُ
لنا قدرٌ في دفعِ كلِّ ملمَّة ٍ
تُلِمُّ بِنَا إِلاَّ الْنَوَى وَالتَّهَاجُرُ
وَلَيْسَ لَنَا لَذْعُ الأَفَاعِي بِضَائِرٍ
إذا لمْ تظافرنا عليهِ الظّفائرُ
أَلَمْ يَكْفِ هَذَا الدَّهْرُ مَا صَنَعَتْ بِنَا
لياليهِ حتّى ساعدتها الغدائرُ
رعى اللهُ حيّاً بالحمى لم تزلْ بهِ
تُعَانِق آرَامَ الْخُدُودِ الْخَوَادِرُ
تَمِيلُ بِقُمْصَانِ الْحَدِيدِ أُسُودُهُ
وتمرحُ في وشيِ الحريرِ الجآذرُ
حمتهُ بطعناتِ الخواطرِ دونهُ
قددُ الغوانيْ والرّماحُ الخواطرُ
محلٌّ بهِ الأغصانُ تحملُ عسجداً
وَتَنبتُ مَا بَيْنَ الشِّفَاهِ الْجَوَاهِرُ
وتلتفُّ منْ فوقِ الغصونِ وتلتوي
على مثلِ أحقاءِ اللّجينِ المآزرُ
تَظُنُّ عَلَيْهِ أَلَّفَتْ أَنْجُمَ الدُّجَى
يَدَا نَاظِمٍ أَوْ فَرَّقَ الدُّرَّ نَاثِرُ
ملاعبهُ هالاتهُ وبيوتهُ
بُرُوجُ الدَّرارِي وَالْنَوَادِي الدَّوَائِرُ
وَحَيَّا الْحَيَا فِيْهِ وُجُوهاً إِذَا انْجَلَتْ
تُعِيدُ ضِيَاءَ الصُّبْحِ وَاللَّيْلُ عَاكِرُ
وجوهاً ترى منها بدوراً تعممتْ
ومنها شموساً قنّعتها الدّياجرُ
تَرَدَّدَ مَاءُ الْحُسْنِ بَيْنَ خُدُودِهَا
فأصبحَ منها جارياً وهوَ حائرُ
فديتهمْ منْ أسرة ٍقد تشاكلتْ
مهاجرهمْ في فتكها والخناجرُ
إِذَا مِنْ مَوَاضِيهِمْ نَجَا قَلْبُ زَائِرٍ
فمنْ بيضهمْ ترديهِ سودٌ بواترُ(91/412)
أقاموا على الأبوابِ حجّابَ هيبة ٍ
فَلَمْ يَغْشَهُمْ لَيْلاً سِوَى النَّوْمِ زَائِرُ
فلولاهمُ لم يصبِ صوتٌ لمنشدٍ
وَلاَ هَزَّ أَعْطَافَ الْمُحِبِّينَ سَامِرُ
وَلَوْلاَ غَوَالِي لُؤْلُوءِ فِي نُحُورِهِمْ
وَأَفْوَاهِهِمْ لَمْ يُحْسِنِ النَّظْمَ شَاعِرُ
فما الحسنُ إلا روضة ٌ ذاتُ بهجة ٍ
وما همُ إلا وردها والأزاهرُ
لَقَدْ جَمَعَ اللهُ الْمَحَاسِنَ فِيهِمِ
كَمَا اجْتَمَعَتْ بِابْنِ الْوَصِيِّ الْمَفَاخِرُ
سَلِيلُ عَلِيَّ الْمُرْتَضَى وَسَمِيَّهُ
كَرِيمٌ أَتَتْ فِيْهِ الْكِرَامُ الأَكَابِرُ
عَزيزٌ لَدَى الْمِسْكِينِ يُبْدِي تَذَلُّلاً
وتسجدُ ذلاً إذ تراهُ الجبابرُ
منيرٌ تجلّى في سماواتِ رفعة ٍ
كَوَاكِبُهَا أَخْلاَقُهُ وَالْمَآثِرُ
مليكٌ أقامَ اللهُ في حملِ عرشهِ
مُلُوكاً هُمُ أَبْنَاؤُهُ وَالْعَشَائِرُ
عظيمٌ يضيقُ الدّهرُ عنْ كتمِ فضلهِ
فلو كانَ سرّاً لمْ تسعهُ الضّمائرُ
فَمَا الْمَجْدُ إِلاَّ حُلَّة ٌ وَهْوَ ناسِجٌ
وما الحمدُ إلا خمرة ٌ وهوَ عاصرُ
يُسِرُّ الْعَطَايَا وَهْوَ ذُو شَغَفٍ بِهَا
وَهَيْهَاتِ تَخْفَى مِنْ مُحِبٍّ سَرَائِرُ
يُحَدّثُ عَنْهُ فَضْلُهُ وَهْوَ صَامِتٌ
وَيَخْفَى نَدَاهُ وَهُوَ فِي الْخَلْقِ ظَاهِرُ
يغصُ العدا في ذكرهِ وهوَ طيّبٌ
وكمْ طيذبٍ فيهِ تغصُّ الخناجرُ
إِذَا اشْتَدَّ ضِيقُ الأَمْرِ بَانَ ارْتِخَاؤُهُ
وهلْ تحدثُ الصّهباءُ لولا المعاصرُ
غَمَامٌ إِذَا ضَنَّ الْغَمَامُ بِجَوْدِهِ
توالتْ علينا منْ يديهِ المواطرُ
فَأَيْنَ الْجِبَالُ الشُّمُّ مِنْ وَزْنِ حِمْلِهِ
وَمِنْ فَتْكِهِ أَينَ الأُسُودُ الْقَسَاوِرُ
وَأَيْنَ ذَوُوا الرَّايَاتِ مِنْهُ إِذَا سَطَا
وما كلُّ خفّاقِ الجناحينِ كاسرُ
همامٌ أعادَ المجدَ بعدَ مماتهِ
وَجَدَّدَ رَسْمَ أَلْجُودِ والْجُودُ دَاثِرُ
وَوَرَّدَ وَجْنَاتِ الظُّبَى وَتَسَوَّدَتْ
ببيضِ عطايا راحتيهِ الدّفاترُ
لهُ شيمٌ تصحو فتفني حطامهُ(91/413)
هِبَاتٌ كَمَا تُفْنِي الْعُقُولَ الْمَسَاكِرُ
فَكَمْ هَمَّ فِي عَثْرِ الْمَنَايَا إِلَى الْمُنَى
فجازَ عليها والسّيوفُ القناطرُ
وكمْ وقفة ٍ معروفة ٍ في العدا لهُ
لَهَا مَثَلٌ فِي سَائِرِ النَّاسِ سَائِرُ
وكمْ مَوقفٍ أثنتْ صُدورَ القَنايه
عليهِ وذمّتهُ الكلى والخواصرُ
ولمْ أنسَ في الميناتِ يومَ تجمّعتْ
قبائلُ أحزابِ العدا والعشائرُ
عَصَائِبُ بَدْوٍ أَخْطَأُوا بَادِىء الْهَوَى
فراموهُ بالخذلانِ واللهُ ناصرُ
تمنّوا محالاً لا يرامُ وخادعوا
وَقَدْ مَكَرُوا وَاللهُ بِالْقَوْمِ مَاكِرُ
أَصَرُّوا علَى الْعِصْيَانِ سِرّاً وَأَظْهَرُوا
لهُ طاعة ً والكلُّ بالعهدِ غادرُ
وقدْ جحدوا نعمى عليٍّ وأنكروا
كَمَا جَحَدُوا نَصَّ الْقَدِيرِ وَكَابَرُوا
توالوا على عزلِ الوصيِّ ضلالة ً
وَقَدْ حَسَّنُوا الْشُوْرَى وَفِيْهَا تَشَاوَرُوا
شَيَاطِينُ إِنْسٍ جُمِّعُوا حَوْلَ كَاهِنٍ
وأمّة ُ غيٍّ بينها قامَ ساحرُ
فقامَ إليهمْ إذْ بغوا أدعياؤهُ
رُعَاة ٌ بِهَا تَجْرِي الْعِتَاقُ الصَّوَارِمُ
وَكُلُّ فَتى ً مِثْلُ الشِّهَابِ إِذَا ارْتَمْى
غدا لشياطينِ العدا وهوَ داحرُ
وَفُرْسَانُ حَرْبٍ مِنْ بَنيهِ إِلَى الْعِدَا
مَوَارِدُهُمْ مَعْرُوفَة ٌ وَالْمَصَادِرُ
أسودٌ إذا ما كشّرَ الحربُ نابهُ
سطوا والظّبا أنيابهمْ والأظافرُ
يهزّونَ في نارِ الوغى كلَّ جدولٍ
يَمْوجُ بِهِ بَحْرٌ مِنَ الْمَوْتِ زَاخِرُ
هُمُ عَشْرَة ٌ فِي الفَضْلِ كَامِلَة ٌ لَهُمْ
مَآثِرُ فَخْرٍ لِلنُّجُومِ تُكَاثِرُ
بهمْ شغفتْ منهُ الحواسُ معَ القوى
فصحّتْ لهُ أعضاؤهمْ والعناصرُ
همُ جمراتُ الحربِ يومَ حروبهِ
وَفِي السِّلْمِ أَسْنَى سَمْعِهِ والْمَحَاجِرُ
إذا شرفوا فوقَ السّروجِ حسبتهمْ
بدورَ تمامٍ للمعالي تبادرُ
فمنْ شئتَ منهمْ فهوَ في السّبقِ أوّلٌ
وَمَنْ شِئْتَ منهْمُ فَهْوَ في الِعزِّ آخِرُ
فَلَّمَا الْتَقَى الجَمْعَانِ وَانْكَشَفَ العِطَا(91/414)
وقدْ غابَ ذهنُ المرءِ والموتُ حاضرُ
وَقَدْ حَارَتِ الأَبْصَارُ فالْكُلُّ شَاخِصٌ
على وجناتِ الموتِ والرّيقُ غائرُ
وأضحتْ نفوسُ الشّوسِ وهيَ بضائعٌ
بِسُوقِ الرَّدَى وَالْمَكْرُمَاتُ الْمَتَاجِرُ
سطا وسطوا في إثرهِ يلحقونهُ
يُريدُونَ أَخْذَ الثَّارِ وَالنَّقْعُ ثائِرُ
وَصَالَ وَصَالُوا كالأُسُودِ عَلَى الْعِدَا
فَفَرُّوا كَمَا فَرَّتْ ظِبَاءٌ نَوَافِرُ
فَكَمْ تَرَكُوا مِنْهُمْ هُمَاماً عَلَى الثَّرَى
طريحاً ومنهُ الرّأسُ بالجوِّ طائرُ
فَلَمْ يَخْلُ مِنْهُمْ هَارِبٌ مِنْ جِرَاحَة ٍ
فَإِنْ قِيْلَ فِيهِمْ سَالِمٌ وَهْوَ نَادِرُ
تولّوا وخلّوا غانياتِ خدورهمْ
مبرقعة ً بالذّلِّ وهي سوافرُ
تنادي ولا فيهمْ سميعٌ يجيبها
فَتَلْطِمُ حُزُنْاً وَالْرُّؤُّوسُ حَوَاسرُ
فصاحتْ بأعلى الصّوتِ يا حامي الحمى
الْحِمَى لعَفْوُكَ مَأْمُونٌ مِمَّا تُحاذِرُ
فردَّ عليها سترها بعدَ هتكهِ
وبشّرها بالأمنِ ممّا تحاذرُ
وَأَمْسَتْ لَدَيْهِ في أَتَمِّ صِيَانَة ٍ
وَإِنْ عَظُمَتْ مِنْ فَوْقِهِنَّ الْجَرائِرُ
فتباً لهمْ منْ معشرٍ ضلَّ سعيهمْ
وقدْ عميتْ أبصارهمْ والبصائرُ
لَقَدْ ضَيَّعُزا مَا اللهُ بِاللَّوْحِ حَافِظٌ
وَقَدْ كَشَفُوا ما الله بالْغَيْبِ سَايرُ
أَلاَ فَاسْمَعُوا يَا حَاضِرُونَ نَصِيحَة ً
تصدّقها أعرابكمْ والحواضرُ
عظيمُ ملوكِ الفرسِ ترفُ قدرهُ
وَتَغْبِطُهُمْ فيْهِ وَفيْكَ الْقَيَاصِرُ
لقدْ شنّفَ الأسماعَ درَّ حديثهِ
وشَمَّتْ فَتِيقَ الْمِسْكِ مِنْهُ المَنَاخِرُ
فشكراً لربّي حيثُ حفّكَ لطفهُ
بِنَصْرٍ وَحَسْبِي أَنَّكَ الْيَوْمَ ظَافِرُ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> خطبتَ المجدَ بالأسلِ العوالي
خطبتَ المجدَ بالأسلِ العوالي
رقم القصيدة : 9783
-----------------------------------
خطبتَ المجدَ بالأسلِ العوالي
فَفُزْتُ بِوَصْل ابْكَارِ المَعَالِي
وحاولتَ العلا فلذذتَ منها
بشهدٍ دونهُ لسعُ النّبالِ(91/415)
وجُزْتَ إِلَى الثَّنَا لُجَجِ المَنَايا
فخضتَ اليمَّ في طلبِ اللّآلي
وَقَارَعْتَ الخُطُوبَ السُودَ حَتَّى
أرضتْ جوانحَ النّوبِ العضالِ
وَاَرْعَشْتَ الْقَنَا حَتَّى ظَنَنَّا
نَفَخْتَ بِهِنَّ اَرْوَاحَ الصِلاَلِ
وصافحتَ الصّفاحَ فلاحَ فيها
وُجُوهُ الْمَوْتِ في صُوَرِ النِّمَالِ
حويتَ المجدَ أجمعهُ صبيّاً
تحنُّ هوى ً إلى الحربِ السّجالِ
تكنّي بالقريضِ عنِ المواضي
بِذِكْرِ قِصَارِ أَيَّامِ الوِصَالِ
وَعَنْ عَذْبِ القَنَا بِقُرُونِ لَيْلى
فَتَنْسِبُ فِي لَيَالِيهَا الطِوَالِ
فكمْ أقرحتَ أكبادَ الأعادي
وكمْ أرمدتَ أجفانَ النّصالِ
وكمْ صبّحتَ بالغارِ حيّاً
فأصبحَ ميتَ الأطلالِ بالي
و أمسى والدّيارُ معطّلاتٌ
مِنَ الْفِتْيانِ والْبِيضِ الحوَالي
وكم لكَ بالحويزة ِ يومَ حربٍ
تَشِيبُ لِهَوْلِهِ لِمَمُ اللَّيَالِي
وَيْومٍ مِثْلِ يَوْمِ الحْشَرِ فِيهِ
تميدُ الرّاسياتُ منَ الجبالِ
بهِ الأعلامُ كالآرامِ تسري
فتشتبهُ الرّعانُ معَ الرّعالِ
مهولٌ فيهِ نارُ الحقدِ تغلي
مراجلها بأفئدة ِ الرّجالِ
بهِ اجتمعتْ بنولامٍ جميعاً
تُسَتِّرُ جَانِبَ الطَّرفِ الْشِّمَالي
ولاذوا بالحصونِ فما استفادوا
نجاة ً بالجدارِ ولا الجدالِ
غُوَاة ٌ قَامَ بَيْنَهُمُ غَوِيٌ
يمنّيهمْ بأنواعِ المحالِ
جَزَى نُعْمَاكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً
فحلّتْ فيهِ قارعة ُ النّكالِ
تَخيَّلَ سِحْرَ بَاطِلِهِ لَدَيْهِمْ
وَأوْهَمَهُمْ بِحَيَّاتِ الْحِبَالِ
فَجِئْتَ بِبَيَّناتِ الْحَقِّ حَتَّى
تهدّمَ ما بنوهُ على الجبالِ
تَرُومُ رُمَاتُهُمْ غَيّاً وَغَدْراً
تصيبُ علاكَ في سهمِ اغتيالِ
أما علموا بأنّكَ يا عليٌّ
لَبَارِي قَوْسِهَا يَوْمَ النِّزالِ
تناءوا بالدّيارِ فكنتُ أسري
إِلَيْهِمْ بِالْخُيُولِ مِنَ الْخَيَالِ
مَلأْتَ الْرُّحْبَ حَوْلَهمُ جُيُوشاً
تكاثرُ عدَّ حبّاتِ الرّمالِ
إلى عقباتها العقبانُ تأوي
وتمدحُ في ضراغمها السّعالي(91/416)
كتائبُ للحديدِ بها وميضٌ
تَمُرُّ عَلَيْكَ كَالسُّحُبِ الثِّقَالِ
وَلَّما لَمْ تَجِدْ للصُّلْح وَجْهاً
ولا للعفوِ عنهمْ والنّوالِ
قذفتهمُ بشهبٍ منْ حديدٍ
وأقمارٍ سواءٍ في الكمالِ
بُدُورٌ مِنْ بَنِيكَ تَحُفُّ فِيهَا
نجومٌ منْ بني عمٍّ وخالِ
سلالاتٌ إلى المختارِ تعزى
وأرحامٌ بهِ ذاتُ اتّصالِ
رَوَوْا سَنَدَ الْمَفاخِر عَنْ أَبِيهِمْ
وعنْ أجدادهمْ شرفَ الخصالِ
فعالهمْ وأوجههمْ سواءٌ
تَمَامٌ بِالجَمِيلِ وَبِالْجَمَالِ
جعلتهمُ أمامكَ في التّلاقي
مُقَدِّمَة َ الجُيُوشِ وَأَنْتَ تَالِ
فكنتض كفيلَ أظهرهمْ وكانوا
لَكَ الْكُفَلاَءَ مِنْ قُبُلِ النِّزالِ
إذا جفلَ الخميسُ ثبتَّ حتّى
يَعُودَ الْهَارِبُونَ اِلى القِتَالِ
كأنّكَ يا عليَّ المجدِ فينا
سَميُّكٌ يَوْمَ اَحْزَابِ الْضَّلالِ
حَمَلْتَ عَلى العِدَا وَبنُوكَ صَالُوا
فضاقَ بجيشهمْ رحبُ المجالِ
وَكَانُوا كالْجَوَارِحِ كَاسِرَاتٍ
فَوَلَّوْا مِثْلَ نَافِرَة ِ الرِّئَالِ
وَعَنْ نَارِ الظُّبَا لِلشَّطّ فَرُّوا
فكانَ الماءُ منْ نارِ الوبالِ
رأوا أنَّ الرّدى بالسّيفِ مرٌّ
فَذَاقُوا المَوْتَ بَالعَذْبِ الزُّلاَلِ
فكمْ صرعتْ سيوفكَ منْ هزبرٍ
بحِيَهِّم وَعَفَّتْ عَنْ غَزَالِ
لئنْ أغضبتَ بيضَ الشّوسِ منهمْ
فقدْ أرضيتَ بيضاتِ الحجالِ
ترَكْتَ سُرَاتَهُمْ صَرْعَى غَدَاة ً
وحزتَ الحمدَ في سترِ العيالِ
أَلاَ يَامَعْشرَ الاَعْرَابِ كُفُّوا
وتوبوا عنْ خبيثاتِ الفعالِ
فَإِنْ تُبْتُمْ فَبُشْرَاكُمْ بِعَفْو
وَمَغْفِرة ٍ وَحُسْن مَآلِ حَالِ
وإنْ عدتمْ يعدْ يوماً بأخرى
تصبحكمْ أشدَّ منَ الأوالي
ليهنكَ سيدي فتحٌ قريبٌ
بَعِيدُ الصِّيتِ مُرْتَفعُ المَنالِ
وَنَصْرٌ لاَ يَزَالُ الْدَهْرُ مِنْهُ
عليكَ يزفُّ ألوية َ الجلالِ
فَلاَ بَرِحَتْ دِيَارُكَ مُؤْنِقَاتٍ
ورَوْحُ عُلاَكَ مَمْدُودَ الظِّلاَل
وَلاَ زَالَتْ شُمُوسُكَ مُشْرِقاتٍ(91/417)
بِدَائِرَة ِ الزَّوَالِ بِلاَ زَوَالِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> تصاحى وهوَ مخمورُ الجنانِ
تصاحى وهوَ مخمورُ الجنانِ
رقم القصيدة : 9784
-----------------------------------
تصاحى وهوَ مخمورُ الجنانِ
وَهَلْ يَصْحُو فَتى ً يَهْوَى الْغَوانِي
وَأَوْرَى وَجْدهُ فَشكا وَورَّى
عَنِ الأَحْدَاقِ فِي نُوَبِ الزَّمانِ
وَهَلْ فِي النَّائِبَاتِ الْسُّودِشَيءٌ
أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدَقِ الْحِسَانِ
وَهَلْ كَذَوَائبِ الفِتْيَانِ مِنْهَا
عليهِ تطاولتْ ظلمُ امتحانِ
تَدَيَّنَ فِي الْهَوَى العُذْرِيِّ حَتَّى
رأى عزَّ المحبّة ِ بالهوانِ
أشَدُّ مِنَ الاُسُودِ إِذَا لَقِيهَا
وَفِيهِ عَنِ الْمَهَى فَرَقُ الْجَنَانِ
فليسَ يفرُّ إلا عنْ قتالٍ
بهِ القاماتُ منْ عددِ الطّعانِ
إِلاَمَ يَرُومُ سَتْرَ الْحُبِّ فِيهِ
فَتَكْشُفُ عَنْهُ عَثْرَاتُ الْلِّسَانِ
يُشَبّبُ بالْحُوَيْزَة ِ وَهْوَ صَبٌّ
تَغَزُّلُهُ بِغِزْلاَنِ اللِّقَانِ
ويَسْفَحُ دَمْعَهُ بالسَّفْحِ شَوْقاً
ويَلْمَعُ مُضْحِكُ الْبَرْقِ اليَمَانَ
ويطوي السّرَّ منهُ وكيفَ يخفى
وفي عينيهِ عنوانُ العلانِ
لقدْ شغفتْ حشاشتهُ بنجدٍ
فَهَامَ بِهَا وَحَنَّ إِلَى الْمَجَاني
رأى حفظَ العهودِ لساكنيها
وضيّعَ قلبهُ بينَ المغاني
رَهِينُ قُوى ً عَلَى خَدَّيْهِ تَجْرِي
سوابقُ دمعهِ جريَ الرّهانِ
يَمُرُّ عَلَى حَصَى الْوَادِي فَيبكِي
فَيَنْتَثِرُ العَقِيقُ عَلَى الْجُمَانِ
وَتَنْفَحُهُ الصَّبَا فَيمِيلُ سُكْراً
كأنَّ بريحها راحَ الدّنانِ
فَهَلْ مِنْ مُسْعِدٍ لِفَتى ً تَفَانَى
فَادْرَكَهُ الوُجُودُ مِنَ التَّفَانِي
اذَا قَبَضَ الإِياسُ الرُّوحَ مِنْهُ
بهِ نفخَ الرّجا روحَ التداني
تُشَبُّ بِقَلْبهِ النِّيرَانُ لَكِنْ
يُشَمُّ مِنَ الحِمَى نَفَسُ الِجْنَانِ
سقى اللهُ الحمى غيثاً كدمعي
تَسِيلُ بِهِ الْبِطَاحُ بِأُرْجُوَانِ
ولا برحتْ تجيبُ بهِ ارتياحاً(91/418)
قَمَارِي الدَّوْحِ اَقْمَارَ القِيَانِ
حمى ً فيهِ البنودُ تمدُّ منها
على البيضاءِ أجنحة ُ الأماني
ومرتبعاً بهِ الضّرغامُ يبني
كناسَ الظّبيِ في غابِ اللّدانِ
تلوحُ عليهِ نارٌ منْ حديدٍ
وَأُخْرَى لِلضُّيُوفِ عَلَى الرِّعَانِ
فَكَمْ تَزْهُو بِهِ جَنَّاتُ حُسْنٍ
وكمْ تجري عليهِ عيونُ عانِ
بأجفنِ بيضهِ حمرُ المنايا
وَتَحْتَ قِبَابِهِ بِيَضُ الاَمَانِي
محلّاً في الملاعبِ منهُ تبدو
كواعبُ كالكواكبِ في قرانِ
حسانٌ كالشّموعِ ترى عليها
ذوائبها كأعمدة ِ الدّخانِ
تماثيلٌ تضلّكَ لو تراها
عَذَرْتَ العَاكفِينَ عَلَى المدانِي
بِرُوحِي غَادَة ٌ مِنْهُنَّ تَبْدُو
إلى قلبي وتنأى عنْ مكاني
يمثّلها الخيلُ خيالَ طرفي
فَأَبْصِرُها وَتُحْجَبُ عَنْ عِيَانِي
نقدُّ البيضَ فيجفنٍ نحيفٍ
وَتَفْرِي السَّابِغَاتِ بِغُصْنِ بَانِ
إِذَا نَبَذَتْ إِلَى سَمْعي كَلاَمَاً
حَسِبْتُ لِسَانهَا نَبَّاذَ حَانِ
ثَنَايَاهَا كَدُرِّ ثَنَا عَلِيٍ
مرتّلة ً مرتبة َ المعاني
ومقلتها وعزمتهُ سواءٌ
كِلاَ السَّيْفَيْنِ نَصْلٌ هُنْدُوَاني
هواهُ إلى المديحِ كما دعتني
كذا التّشبيبُ فيها قدْ دعاني
حليفُ المكرماتِ أبو حسينٍ
عزيزُ الجارِ ذو المالِ المهنِ
أخو هممٍ إذا انبعثت فأدنى
مواضيها على هامِ الزّمانِ
وَأَخْبَارٍ سَرَتْ فَبِكُلِّ أَرْضٍ
لها عبقٌ يضرُّ بكلِّ شانِ
وأمثالٍ تلذُّ بكلِّ سمعِ
كأنَّ بضربها ضربَ المثاني
وأخلاقٍ كروضِ المزنِ تحكي
فَوَقَّرَهَا بِرَاسِيَة ِ الجَنَانِ
خِصَالٌ كَالَّلآلِي نَافَسَتْهَا
عَلَيْهِ قلاَئِدُ البِيضِ الحَصَانِ
شِهَابُ وَغى ً يَهُزُّ سَرِيَّ نَصْلٍ
وليثُ سرى ً يصولُ بأفعوانِ
يَرَى وَضَحَ النُّصُولِ فُصُولَ شَيْبٍ
فيخضبها بأحمرَ كالدّهانِ
تَبَنَّاهُ السَّحَابُ فَكَانَ أَحْرَى
لأَجْلِ عَذَابِهِ فِيما يُعَاني
وَوَاخاهُ الحُسَامُ فَكَانَ مِنْهُ
بمرتبة ِ القناة ِ منَ السّنانِ
وحلّتْ منهُ منزلة َ المعالي(91/419)
فأضحتْ كالخواتمِ في البنانِ
وحلّى المجدَ في دررِ السّجايا
فَامْسَى وَهْوَ كَالأُفُقِ الْمُزَانِ
كَسَا تُرْكَ النُّجُومِ مُسُوحَ نَقْعٍ
ورُوِمِيَّ النَّهَارِ بَطَيْلَسَانِ
وَأَنْبَتَ فِي فُؤَادِ الصُّبْحِ رَوْعاً
فها كافورهُ كالزّعفرانِ
كَأَنَّ بُنُودَهُ حُجَّابُ كِسْرَى
عَلَى كُلٍّ قَمِيصٌ خُسْرَوانِي
وَحُمْرُ ظُبَاهُ لِلْمِرّيخِ رَهْطٌ
فَكُلٌّ عَنْدَميُّ اللَّوْنِ قَانِ
تَوَهَّمَ أَنْ تَمِيدَ الأَرْضُ فِيْهِ
وأيقنَ أنَّ بذلَ المالِ يبقي
لهُ بقيا فخلّدهُ بفانِ
لَقَدْ غَلِطَ الزَّمانُ فَجَادَ فيْهِ
وَأَعْقَمَ بَعْدَهُ فَرْجُ الأَوْانِ
فلو حملتْمنَ القمرِ الثّريّا
لما كادتْ تجيءُ لهُ بثانِ
تورّثَ كلَّ فخرٍ منْ أبيهِ
وَكُلَّ تُقى ً وَفَضْلٍ وَامْتَنِان
كَأنَّهُمَا صَلاَة ُ الفَجْرِ هذَا
لِذَا شَفْعٌ أَو السّبْعُ المَثَانِي
علا مقدارهُ فحكا عليّاُّ
فشاركهُ بتسمية ٍ وشانِ
هُمَا نَجْمَانِ بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكٌ
لَوِ اقْتَرَنَا لَقُلْنَا الْفَرْقَدَانِ
فَكَمْ مِنْ نَهْرِ سَابُورٍ تَأَتَّى
لَهُ نَصْرٌ كَيْومِ النَّهرْوَان
وكم في التّابعينَ لآلِ حربٍ
لهُ منء فتكة ٍ بكرٍ عوانِ
وَأَشْرَفُ مَالَهُ فِي الدَّهْرِ يَوْمٌ
قَضَى يَوْمَ الصُّفُوفِ بِشَهْرِ كَانِ
أَلاَ يَا ابْنَ الأَيِمَّة ِ مِنْ قُرَيشٍ
هداة ِ الخلقِ منْ أنسٍ وجانِ
لَقَدْ أَشْبَهْتُهُمْ حَلْقاً وَخُلْقاً
وحُكْماً بِالْقَضَايَا وَالْبَيَانِ
ووافيتَ الزّمانَ وكانَ شيخاً
فَعادَ سَوَادُ مَفْرِقِهِ الهِجانِ
عَرَجْتَ إِلَى المَعَالِي فَوْقَ طِرْفٍ
فَجَارَيْتَ البُرَاقَ عَلَى حِصَانِ
كَأَنَّكَ فِي الْيَدِ الْبَيْضَاءِ مُوسَى
وَرُمْحُكَ كَالْعَصَا فِي زِيِّ جَانِ
سِنَانُكَ عَنْ لِسَانِ المَوْتِ أَضْحَى
لَدَى الهَيْجَاءِ أَفْصَحَ تَرْجُمَانِ
وَسَيْفُكَ لَمْ يَزَلْ إِمَّا سِوَاراً
لِمَلْحَمة ٍ وَإِمَّا طَوْقَ جَانِ(91/420)
فَدُمْ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْكَ أَمْسٌ
وعشْ حتّى يؤوبَ القارظانِ
ومتّعكَ الإلهُ بعيدِ فطرٍ
وخصّكَ بالتّحيّة ِ والتّهاني
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> نظرَ البدرُ وجههُ فتلاها
نظرَ البدرُ وجههُ فتلاها
رقم القصيدة : 9785
-----------------------------------
نظرَ البدرُ وجههُ فتلاها
فَسَلُوْهُ عَنْ أُخْتِهَا هَلْ حَكَاهَا
وَتَراءَتْ لِلْبَدْرِ يَوْماً فَأَبْقَتْ
خجلاً فوقَ وجههِ وجنتاها
وتجلّتْ على النّجومِ فولّتْ
واستقلّتْ بصدرها فرقداها
وَأَضَافَتْ قُرُونَها لِلَّيالي
فأطالتْ على المشوقِ دجاها
فتنتْ في جمالها الشّهبُ حتّى
شَارَكَتْنَا وَنَازَعَتْ فِي هَواهَا
علقتْ شمسنا بها فلهذا
عَيْنُهَا فِي الرَّوَاحِ تُجْرِي دِمَاهَا
لَمْ تَحُلْ مِنْ فِرَاقهَا كُلَّ يَوْمٍ
فهيَ صفراءُ خشية َ منْ نواها
قَدْ بَرَى حُبُّهَا الأَهِلَّة َ وَجدْاً
فأطالتْ على الضّلوعِ انحناها
ذَاتُ حُسْنٍ لَوْ تُحْسِنُ النُّطْقَ يَوْماً
سبعة ُ الشّهبِ أقسمتْ بضحاها
ومحيّا لو أنّهُ قابلتهُ
آية ُ اللّيلِ بالنّهارِ محاها
كَمْ لَهَا بِالْجَمَالِ آيَاتِ سِحْرٍ
قدْ أضلّتْ عقولنا عنْ هداها
اَثْبَتَتْ فِي الخَيَالِ حَيَّاتِ تِبْرٍ
تنفثُ النّارَ منْ خيالِ سناها
غُرَّة ٌ ذَاتُ عِزَّة ٍ ضَاعَ عُمْري
بالمنى بينَ صبحها ومساها
خالها في الخدودِ في الحالِ مثلي
حَائِرٌ بَيْنَ ثَلْجِهَا وَلَظَاهَا
هي لولا ملابسُ الوشيِ غصنٌ
وغزالُ الصّريمِ لولا شواها
وجهها جنّة ٌ وعذبُ لماها
سلسبيلٌ وحورها مقلتاها
يتمنّى الرّحيقُ لو كانَ يحكي
رِيقَهَا وَالْكُؤُسُ تَغْبِطُ فَاهَا
وإلى إلفها تحنُّ القماري
فَهْيَ تَشْكُو إِلَى الغُصُونِ جَفَاهَا
دَوْحَة ٌ حُلْوَة ٌ الجَنَاءِ وَلَكِنْ
مُرُّ خَرْطِ القَتَادِ حَوْلَ خِبَاهَا
جمعتْ في صفاتها كلَّ حسنٍ
فهيَ كنزٌ مرصودة ٌ في حماها
ضربتْ دونها سرادقُ عزٍّ
طَنَّبَتْهَا حُمَاتُها فِي قَنَاهَا(91/421)
كَمْ تَرَى حَوْلَهَا بُدُورَ كَمَالٍ
بَرَزتْ فِي أَهِلَّة ٍ مِنْ ظُباهَا
وَأُسُوداً تَهُبُّ مِثْلَ الْنُّعَامَى
في ظهورِ النّعامِ يومَ وغاها
وبدوراً تدرّعتْ بسرابٍ
نَلْتَظِي نَارُهَا وَيَجْرِي نَدَاهَا
سُقْمُ جِسْمِي وَصحَّتِي وَفَنَاءِي
وَوُجُودِي فِي سُخْطِهَا وَرِضَاهَا
حَبَّذَا رَامَة ٌ وَلَيْلاَتُ وَصْلٍ
بيضهنَّ انقضتْ بخضرِ رباها
وَعُهُودٌ بِهَا لَنَا مُحْكَماتٌ
حَكَمَ الدَّهْرُ بِانْفِصَامِ عُرَاهَا
يَارَعَى اللهُ رَامَة ً وَسَقَاهَا
ضاحكاتُ البروقِ دمعَ حياها
وَتَحَامَى الخُسُوفُ أَقْمَارَتِمٍّ
تَتَثَنَّى عَلَى غُصُونِ نَقَاهَا
دَارُ أَنْسِ بِهَا شُموسُ العَذَارَى
تَتَمَشَّى عَلَى نُجُومِ حَصَاهَا
قرّبتْ أرضها الكواعبُ فيما
بَيْنَ أَرْحَامِ أَرْضِهَا وَسَمَاهَا
خضبتْ في دمِ القلوبِ أكفّنا
وخدوداً رجالها ونساها
بٌقْعَة ٌ زُيِنَّتْ بِكُلِّ عَجِيبٍ
جَلَّ مَنْ عَلَّمَ الكَلاَمَ مَهَاهَا
وَعَلَى مُنْشِىء اليَوَاقِيتِ فِيْهَا
وَالْلآلِي مَبَاسِماً وَشِفَاهَا
جَنَّة ٌ أَشْبَهَتْ يَمِينَ عَلِيٍّ
حَيْثُ فِيْهَا لِكُلِّ نَفْسٍ مُنَاهَا
فاطميٌّ سليلُ فخرٍ أبوهُ
خَلَفُ الطَّاهِرينَ مِنْ آلِ طَهَ
مَاءٌ عَيْنِ الْحَياة ِ نَارُ المَنَايَا
صرصرُ الحادثاتِ حرُّ بلاها
مخلبُ الحربِ نابها حينَ يسطو
ساقها إذْ تقومُ قطبُ رحاها
سمحٌ للنّدى يمدُّ يميناً
تَعْلَمُ الْمُزْنُ أَنَّهُ أَنْوَاهَا
ذو إيادٍ ترى لهنَّ التباساً
بالغوادي وبالبحورِ اشتباها
سَائِرَاتٍ لاَ تَسْتَقِرُّ بِمِصْرٍ
دونَ مصرٍ ولا يحلُّ نواها
وَأَكُفٍّ تَدْرِي الْبَرِيَّة ُ حَقّاً
أنَّ فيها نعيمها وشقاها
طَلْسَمَ الْبَأْسُ فَوْقَهُنَّ خُطُوطاً
لَيْسَ لِلْمُسْلِمينَ حِرْزٌ سِوَاهَا
وَنِصَالٍ تَدُبُّ فيْهَا نِمَالٌ
وَهْيَ بِالنَّارِ بالنَّجِيَ سَقاها
قُضُبُ حُمْرُهَا تُظَنُّ سرِيحاً
كَجَراحِ الهَوَى لَهُنَّ جِرَاحٌ(91/422)
لَيْسَ تُرْقَى وَلاَ يُصَابُ دَوَاهَا
كَتَبَ المَوْتُ بِالْغُبَارِ عَلَيْهَا
إِنَّ لِلضَرْبِ لاَغَيْرَهُ اِلاَهَا
وخصالٍ تودّهنَّ الغواني
بدلاً منْ عقودها وحلاها
غررٌ كالجمانِ مستحسناتٌ
جَلَّ بَارِي النُّجُومِ حَيْثُ بَرَاهَا
كلُّ معشوقة ٍ إلى النّفسِ أشهى
منْ ثنايا الحسانِ دونَ ثناها
لو خوتْ بعضها سجايا اللّيالي
بدّلتْ بدّلتْ بحسنِ وفاها
شِيَمٌ عَطَّرتْ جُيُوبَ المَعَالي
وَانْطوَى بِالنَّسيمِ نَشْرُ شَذاهَا
منعمٌ فازَ بالثّناءِ فأضحى
شكرهُ بالسّجودِ يدعو الجباها
صَقَلَتْ ذِهْنَهُ التَّجاربُ حَتَّى
صُوَرُ الكَائِنَاتِ فِيهِ رَآهَا
ذَاتُ قُدْسٍ تَكوَّنَتْ فِيهِ نَفْسٌ
قدْ نهاها منْ كلِّ رجسٍ نهاها
مثلُ ماءِ السّماءِ يوشكُ يبدو
كالدّراري صفاتهُ في صفاها
تمَّ إيجادها وللهِ فيها
حكمة ٌ بانَ فيهِ وجهُ خفاها
عَظُمَتْ هَيْبَة ً وَعَمَّتْ نَوَالاً
فَالْوَرَى بَيْنَ خَوْفِهَا وَرَجَاهَا
كمْ لهُ في القريضِ منْ بنتِ فكرٍ
يبتغي البدرُ أنْ يكونَ أخاها
قَدْ تَرَقَّتْ حُسْناً وَرَقَّتْ كَمَالاً
فاستفزّت قلوبنا في رقاها
صَاغَهَا عَسْجَداً وَرصَّعَ دُرّاً
فِي حَشَاهَا وَبِالْحَرِيرِ كَسَاهَا
أَصْبَحَتْ بَيْنَنَا اليَتِيمَة َ تُدْعَى
متّعَ اللهُ بالحياة ِ أباها
جُمْلَة ٌ مِنْ كَوَاكِبٍ كَالْثُّرَيَّا
وقعتْ في كلامهِ فحكاها
موسويٌّ أزكى الملوكِ نجاراً
خيرها قدرة ً وقدراً وجاها
زينة ُ الأكرمينَ في كلِّ مصرٍ
تاجها عقدها سوارُ علاها
لَيْثُهَا فِي النِّزَال غَيْثُ نَدَاهَا
زندُ نيرانِ حربها وقراها
رُبَّما وَقْعَة ٌ تُشيبُ الْنَّوَاصِي
قدْ ألمّتْ بهِ فكانَ فتاها
وقعة ٌ وقعها يهدُّ الرّواسي
ويذيبُ الحديدَ حرُّ صلاها
جورها أسودُ الجبينِ ولكنْ
بيضها ورّدتْ خدودَ ثراها
خضّبَ النّقعُ فودها فرمتهُ
بِنُصُولٍ نُصُولُهُ إِذْ نَضَاهَا
وَشَوَتْ نَارُهَا الْلُّحُومَ فَأَمْسَى(91/423)
يُكْرِمُ اللُّدْنَ فِي ضَعِيفِ شَوَاهَا
بَطَلٌ تَضَحْكُ الظُّبَا بِيَدْيِهِ
فَتُطِبلُ الرِّقَابَ حُزْناً بُكَاهَا
مرضتْ قبلهُ صدورَ العوالي
فَسقَاهَا دَمَ الطُّلاَ فَشفَاهَا
كُلَّمَا خَاضَ فِي دُجُنَّة ِ نَقْعٍ
فَلَقَ الفَجْرَ سَيْفُهُ فَجَلاَهَا
عشقتْ نفسهُ السّماحَ فعدّتْ
ما عدا قوتَ يومها منْ عداها
يا بني الوحيِ والنّبوّة ِ أنتمْ
رَهْطُهَا والخَوَاصُ منْ أَقْرِبَاهَا
وَلَدَتْكُمْ كَرَائِمٌ مِنْ كِرَامٍ
عِتْرَة ٌ مَفْخَرُ العَبَاءِ حَوَاهَا
كَمْ لَكُمْ فِي الكِتَابِ آيَاتِ مَدْحٍ
بَيَّنَ اللهُ فَضْلَهَا وَتَلاَهَا
تَعْلَمُ الأَرْضُ إِنَّكُمْ لَعَلَيْهَا
شمُّ أوتادها وخطُّ استواها
قَدْ نَشَرْتُمْ مَوْتَى البِقَاعِ فَكُنْتُمْ
روحَ سكّانها وعصرَ صباها
وَحَكَمْتُمْ عَلَى اللَّيَالي فَخِلْنَا
مَلَّكَتْكُمْ يَدُ الزَّمَانِ إمَاهَا
وصرفتمْ صروفها للإعادي
أسرتمْ نفوسها في عناها
وَهَزَزْتُمْ عَلَى الخُطُوبِ رِمَاحاً
فشككتمْ صدورها في شباها
سَيِّدِي لَيْسَتِ الْمَكَارِمُ إِلاَّ
لَفْظة ً أَنْتَ وَاضِع مَعْنَاها
أنتمُ للنفوسِ داءٌ وطبٌّ
قدْ قضيتمْ بموتها وبقاها
يَا نَصِيري علَى الْعِدَاءِ وَعَوْنِي
ومعاذي إذا خشيتُ أذاها
أَقْبَلَ الْعيدُ فَلْنُهَنِّيهِ فيْكُمْ
اذْ بِكُمْ زَادَ قَدْرُهُ وَتَبَاهَى
لكمُ العيدُ في الحقيقة ِ عبدٌ
صُحِّفَتْ بَاؤُهُ بِيَاءٍ سَفَاهَا
حُزْتَ أَجْرَ الصِيَّامِ مَوْلاَي فَاغْنَمْ
لذّة الفطرِوابتهجْ في هناها
وابقَ في نعمة ٍ وعزّة ِ ملكٍ
يحملُ النّصرُ والفتوحُ لواها
واسمُ واسلمْ واستجلِ بكرَ قريضٍ
خَتَمَتْ مَدْحَكُمْ بَخَيرِ دُعَاهَا
أرسل قصيدة | أخبر صديقك | راسلنا
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> آ في طيِّ الصّبا نشرُ التّصابي
آ في طيِّ الصّبا نشرُ التّصابي
رقم القصيدة : 9786
-----------------------------------
آ في طيِّ الصّبا نشرُ التّصابي(91/424)
فقدْ نفختْ بنا روحُ الشّبابِ
وهلْ طرقتْ مجرَّ ذيولِ ليلى
فقدْ جاءتْ معطّرة َ الثّيابِ
وهلْ رشفتْ ثناياها فأمستْ
تحدّثُ عنْ رحيقٍ مستطابِ
تَمُرُّ بِنَا فَتَثْنِينَا سُكَارَي
كَأنَّا لاَ نُفِيقُ مِنَ الشَّرَابِ
كأنَّ نسيمها شكوى مشوقٍ
أخي أَدَبٍ تَلَطَّفَ بالْعِتَابِ
سلوها هلْ لها وجدٌ بنجدٍ
فرقّتْ رقّة َ الصّبِّ المصابِ
سقى نجداًوأهليهِ ملثٌّ
يحاري رعدهُ طولَ انتحابي
ولا برحَ الزّمانُ بهِ ربيعاً
يُطَرّزُ زَهْرُهُ حُلَلَ الرَّوابِي
زكيٌّ لا تملُّ لهُ انتشاقاً
كأنَّ هناهُ أنفاسُ الكعابِ
بموردهِ لصادي القلبِ ريٌّ
كأنَّ بمائهِ بردَ الرّضابِ
إذا بربوعهِ حزناً مزجنا
لجينض الدّمعِ بالذّهبِ المذابِ
تَسِيرُ جُسُومُنَا فَوْقَ الْمَطَايَا
وَأَنْفُسُنَا تَسِيلُ عَلَى التُّرَابِ
فَكَمْ مِنْ فَاقدٍ فِيهِ فُؤَاداً
وَوَاجِدِ مُهْجَة ٍ ذَاتِ الْتِهَابِ
إِلَى نَخْلِ النَّخِيلِ تحِنُّ شَوْقاً
وَتَرْزُمُ تَحْتَنَا خُوصُ الرِّكَابِ
وَنْلثِمُ مِنْ ثَنَايَا الجِذْعِ بَرْقاً
فنحسبهُ ثغورَ بني حسابِ
بنفسي أسرة ٌ أسروا رقادي
وحلّوا بينَ قلبي والذّهابِ
ثَنَايَاهَمْ عَلَى نَسَقِ الْحَبَابِ
بريشِ النّبلِ بيضاتِ العقابِ
تَهُزُّ أَكُفُّهُمْ حَيَّاتِ لُدنٍ
وتمرحُ خيلهمْ بأسودِ غابِ
إذا لبسوا الدّروعَ حسبتَ فيها
نُجُومَ اللَّيْلِ غَرْقَى فِي الْسَّرابِ
فَكَمْ فِيْهِمْ تَرَى قَمَرَاً تَجَلَّى
وَشَمْسَ ضُحى ً تَوَارَتْ فِي حِجَابِ
وصبحَ طلاً تستّرَ في خمار
وآخرَ قدْ تنفّسَ في نقابِ
وَرَاحَاتٍ بِدَمْع أَوْ نجِيع
مضرّجة ً وأخرى في خضابِ
وَكَمْ بِخُدُودِ نِسْوَتِهِمْ وَأَيْدِي
فوارسهمْ توقّدَ منْ شهابِ
حَوَتْ أَفْوَاهُهُمْ خَمْراً فَصِيغَتْ
فَاحْدَثَ فِي الوَرَى نِعَماً وَبُؤْساً
كَأنَّ بِهِ إِلى رُؤْيَاكَ مَا بِي
إِذَا مِنْهَا تَرَشَّفَ بِاللُعَابِ
كَأَنَّهُمُ إِذَا سَطَعَتْ عَلْيهِمْ(91/425)
مَجَامِرُهُمْ شُمُوسٌ فِي ضَبَابِ
تحنّث السّاجعاتُ إذا تثنّوا
فَتُؤْثِرُهُمْ عَلَى القُضُبِ الْرِّطَابِ
همُ راحي وريحاني وروحي
وجَنَّاتِي وَإِنْ كَانُوا عَذَابِي
وَعَافِيَّتِي وَأَمْرَاضِي وَبُرْئي
وَأَفْرَاحِي وَحُزْنِي وَاكْتِئَابِي
تولّوا والصّبا معهمْ تولّى
فهلْ لهمْ إلينا منْ إيابِ
إلامَ أطالبُ الأيّامَ فيهمْ
فَلَمْ تَسْمَعْ وَلَمْ تَرْدُدْ جَوَابِي
أعوذُ منَ الزّمانِ ومنْ نواهمْ
بربِّ المجدِ والمولى المهابِ
أخي الشّرفِ الرّفيعِ أبي حسينٍ
عَلَيَّ المَجْدِ ذِي الشِيَمِ الْعُجَابِ
مُبِيدُ المَالِ فِي بيدِ الَعَطَايَا
مجلّي السّبقِ في يومِ الطّلابِ
زكيُّ النّفسِ محمدُ السّجايا
مصانُ العرضِ ممدوحُ الجنابِ
قديرٌ ذو قدررٍ راسباتٍ
تُقَابِلُهَا جِفَانٌ كَالْجَوَابِي
فَصِيحٌ مَا لِمنْطقِه شَبِيهٌ
لو حملتْ بهِ أمَّ الكتابِ
شِهَابٌ فِي الثُّغُورِ عَلَيْهِ تَثْني
بِيَوْمِ الحَرْبِ أَلْسِنَة ُ الْحِرَابِ
تَسِيرُ جُيُوشُهُ فَتَكَادُ رُعْباً
تميدُ الرّاسياتُ منَ الهضابِ
تُقَابِلُهُ البَوَارِقُ مُغْمَدَاتٍ
وتصحبهُ السّحائبُ في القبابِ
بهِ يدري الخميسُ إذا رآهُ
سيخشرهُ بأحشاءِ الذّئابِ
وَيَعَتْقِدُ الْهِزَبْرُ إِذَا الْتَقَاهُ
بِأَنَّ رِجَامَهُ جَوْفُ الغُرابِ
إِذَا هَزَّ المُثَقَّفَ خِلْتَ فِيهِ
جرى منْ بأسهِ سمُّ الحبابِ
كريمٌ صاغَ من بيضِ الأيادي
خَوَاتِمَهُ وَأَطْوَاقَ الرِّقَابِ
وَحَسَّنَ بِالنَّدَى وَجْهَ الْمَعَالي
وَوَرَّد خَدَّهَا بِدَمِ الضِّرَابِ
ومنْ مسكِ الغبارِ أثارَ سحباً
مُخَضبَّة َ المَبَارِقِ بِالْمَلاَبِ
مَكَارِمُهُ تَسِيرُ بِكُلِّ أَرْضٍ
كأنَّ يمينهُ حوضُ السّحابِ
وأنعمهُ تعلّمنا القوافي
فهذا الدّرُّ منْ ذاكَ العبابِ
حلتْ منهُ الطّباعُ فعزَّ بأساً
فأصبحَ وهوَ منْ شهدٍ وصابِ
فأحدثَ في الورى نعماص وبؤساً
كذلكَ شيمة ُ الغيمِ الرّبابِ(91/426)
يَسُوقُ إِلَى الوَلِيّ وَلِيَّ فَضْلٍ
وَنحْوَ عِدَاهُ صَاعِقَة َ العِقَابِ
يرى عقبانَ راياتِ الأعادي
إِذَا خَفَقَتْ كَأَجْنِحَة ِ الذَبابِ
يفوقُ أبا السّحابِ أباً وجوداً
إذا ماقيلَ ذَ ابنُ أبي ترابِ
تزفُّ جيادهُ العزماتُ منهُ
زفافَ النّملِ أجنحة َ العقابِ
لهُ عضبٌ بليلِ الخطبِ فجرٌ
وَنَابٌ فِي النَّوَائِبِ غَيْرُ نَابِ
تَصِيدُ نِمَالُهُ الأُسْدَ الضَّوَارِي
ويقتنصُ الجوارحَ بالذّبابِ
وآرَاءٌ كَأَسْهُمِهِ نَفَاذاً
مفوّقة ٌ لإدراكِ الصّوابِ
وَآثَارٌ عَلَى دُهْمِ اللَّيَالي
حَكَتْ غُرَرَ المُسَوَّمَة ِ العِرَابِ
اَلاَ يَا ابْنَ الأُولَى شَرُفوَا وَسادُوا
عَلَى الدُّنْيَا بِفَضْلٍ وَانْتِسَابِ
لقدْ فلّقتَ هاماتِ الرّزايا
وقدتَ أبيّة َ النّوبِ الصّعابِ
وَأَثْكَلْتَ الْخَزَائِنَ فَهْيَ تَنْعَى
على الولدِ المقرّطِ بالجرابِ
خلتْ دارُ النّدى فظهرتُ فيهِ
ظهورَ الكنزِ في البلدِ الخرابِ
ليهنكَ سيّدي عيدٌ شريفٌ
يبشّرُ عنْ صيامكَ بالثّوابِ
فَقَابِلْ بِالْمَسَرَّة ِ وَجْهِ فِطْرِ
تَبَسَّمَ عَنْ ثَنَايَاهُ الْعِذَابِ
تَعَطَّفَ زَائِراً بَعْدَ اجْتِنَابِ
وَجَلَّى رَوْنَقُ الْبُشْرَى هِلاَلاً
تصدّى كالحسامِ بلا قرابِ
هلالاً شقَّ جيبَ الهمِّ عنّا
بِمِخْلَبِهِ وَضَرَّسَهُ بِنَابِ
أَخَا كَلَفٍ إِذَا رَامَ انْصِرَافاً
ثناهُ الشّوقُ وهوَ إليكَ صابي
أتاكَ على النّوى نضواً طليحاً
كأتَّ بهِ إلى رؤياكَ مابي
فَدُمْ بِالْمَجْدِ مَا حَنَّتْ قُلُوبٌ
إلى الأوطانِ في دارِ اغترابِ
ولا برحتْ أكفُّ نداكَ تجري
بِنَثْرِ الَدُّرِّ مَنْظُوْمَ الْخِطَابِ
وَلاَ زَالَتْ لَكَ الأَقْدَارُ تَقْضِي
بما تهوى إلى يومِ الحسابِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> قَدْ بَرَاهَا لِلسُّرَى جَذْبُ بُرَاهَا
قَدْ بَرَاهَا لِلسُّرَى جَذْبُ بُرَاهَا
رقم القصيدة : 9787
-----------------------------------(91/427)
قَدْ بَرَاهَا لِلسُّرَى جَذْبُ بُرَاهَا
فذراها يأكلُ السّيرُ ذراها
وَدَعَاهَا لِلْحِمَى دَاعِي الْهَوَى
فَدَعَاهَا فَالْهَوَى حَيثُ دَعَاهَا
وَاسْقِيَاهَا مِنْ صَفَا ذِكْرِ الصَّفَا
وَصِفَا الْخَيْفَ لَها كَيْ تُسْكِرَاهَا
يا لها منْ أحرفٍ مسطورة ٍ
تسبقُ الوحيَ إذا الحادي تلاها
تَرْتَمِي شَوْقاً فَلَوْلاَ ثِقْلُ مَا
في صدورِ الرّكبِ طارتْ في سراها
سُحْبُ صَيْفٍ قَدْحُ أَيْدِيهَا الْحَصَى
بَرْقُهَا وَالرَّعْدُ أَصْوَاتُ رُغَاهَا
كُلَّمَا حَنَّتْ لأَرْضِ الْمُنْحَنَى
وَكَلاَهَا أَقْرَحَ السَّوْقُ كُلاَهَا
كَمْ تَرَى مِنْ خَلْفِها مِنْ مَرْوَة ٍ
وردتْ أخفافها بيضَ حصاها
سُفُنٌ تَجْرِي بِأَشْبَاحٍ غَدَتْ
معها غرقى بطوفانِ بكاها
ذَاتُ أَنْفَاسٍ حِرَارٍ صَيَّرَتْ
فحمة َ الظَّلماء جمراً في لظاها
كلُّ ذي قلبٍ مشوقٍ لمْ يزلْ
لِلْمَطَايَا زَجْرُهُ أَوْهاً وَآهَا
أسهمٌ فوقَ سهامٍ مثلها
لا يصيبُ النُّجحُ إلاَّ في خطاها
تبتغي نجماً بأطرافِ الحمى
وَهُمُ هَمُّهُمُ بَدْرُ سَمَاهَا
أَوْشَكَتْ تَعْرُجُ فِيْهَا لِلسَّمَا
إِذْ دَرَتْ قَصْدَهُمُ شَمْسُ ضُحَاهَا
حيِّ أكنافَ الحمى من أربعٍ
مَا سَقَتْ أَحْيَاءَهَا المُزْنُ حَيَاهَا
وَبِقَاعٌ قُدِّسَتْ لَكِنَّهَا
نَجَّسَتْهَا الأُسْدُ فِي طَمْثِ ظُبَاهَا
أفصحُ الأعرابِ ما ضمَّ بناها
كمْ ثنايا في ثناياها دجى ً
مبعثُ الفجرِ إلينا منْ كواها
جَنَّة ٌ فِيْهَا الَّلآلِي فُصِّلَتْ
وَالْيَوَاقِيتُ ثُغُورٌ أَوْ شِفَاهَا
مَاؤُهَا شَهْدٌ هَوَاهَا قَرْقَفٌ
طيِنُهَا الْعَنْبَرُ وَالْمِسْكُ ثَرَاهَا
كمْ بهِ بيتٍ غدا مضمونهُ
دُرَّة ً بَيْضَاءَ مِنْ بِيْضِ ثَنَاهَا
وقطوفٍ منْ جمانٍ ذلِّلتْ
عَزَّ كُلُّ الْعِزِّ مُسْتَحْلِي جَنَاهَا
يا بني فهرٍ سلوا بلقيسكمْ
كَيْفَ تَسْبِي مُهْجَتِي وَهْيَ سَبَاهَا
وَاسْأَلُوا أَجْفَانَكُمْ عَنْ صِحَّتِي
فهي عنَّا عوَّضت جسمي ضناها(91/428)
وُرْقُ نَجْدٍ بَعْدَكُمْ لِي رَحْمَة ً
ندبتْ شجواً ورقَّتْ في ضناها
وبكتْ لي وحشها حتَّى محتْ
كُحْلَهَا بِالدَّمْعِ أَحْدَاقُ مَهَاهَا
تَلِفَتْ نَفْسِي بِكُمْ إِلاَّ شَفاً
وَالْشِفَاهُ اللُّعْسُ لَمْ يُمْنَحْ شِفَاهَا
هِيَ تَدْرِي مَا بِهَا مِنْ نَبْلِكُمْ
والعيونُ السُّودُ تدري منْ رماها
وَيحْهَا كَمْ تَتَّقِي بَأْسَ الْهَوَى
وعليٌّ كلَّ مخدورٍ كفاها
كَفُّهَا كَافِلُهَا عِصْمَتُهَا
منْ أذى الذدَّهرِ إذا الدَّهرُ دهاها
كَنْزُهَا جَوْهَرُهَا يَاقُوتُهَا
قُوتُهَا قُوَّتُهَا خَمْسُ قُوَاهَا
زينة ُ الدُّنيا وأهليها معاً
طوقها دملجها تاجُ علاها
سَاعِدُ الْهَيْجَاءِ مُوْرِي زَنْدِهَا
سيفها عاملها قطبُ رحاها
موسويٌ عندهُ إذ لمْ تجدْ
نَارَ مُوسَى فِيهِ إِذْ لاَحَ هُدَاهَا
قَدْ حَكَاهَا فِي الْيَدِ الْبَيْضَا وَفِي
رمحهِ عنْ عزمهِ سرُّ عصاها
حَيْدَرِيٌّ أَوْشَكَتْ رَاحَاتُهُ
تَلْتَظِي نِيرَانُهَا لَوْلاَ نَدَاهَا
غَيْثُ جُودٍ لَوْ أَصَابَتْ قَطْرَة ٌ
مِنْهُ رَضْوَى كَانَ يَخْضَرُّ صَفَاهَا
لَيْثُ حَرْبٍ أَشْفقَتْ أُسْدُ الشَّرَى
مِنْهُ حَتَّى بَايَعَتْهُ فِي شِرَاهَا
خَائِضُ الْحَرْبِ الَّتِي نِيْرَانُهَا
في التَّلاقي تنزعُ الأسدَ شواها
فَالِقُ الْهَامَاتِ بِالْقُضْبِ الَّتِي
حِيْنَ تُنْضَى يَفْلِقُ اللَّيْلَ سَنَاهَا
يَحْسَبُ الْبِيْضَ ثَنَايَا خُرَّدٍ
وعليها الدَّمَ معسولَ لماها
حَازَتِ النَّصْرَ لَها أَلْوِيَة ٌ
جعلتْ معكوسة ُ حظَّ عداها
كُلَّمَا كَبَّرَ فِي حَشْرِ وَغى ً
سبَّحَ الصَّفُّ لآياتٍ يراها
سورة ُ الرَّحمنِ في صورتهِ
كُتِبَتْ بِالنُّورِ فِي لَوْحِ صَفَاهَا
ملكٌ قدْ شرفَ الملكُ بهِ
لَوْ صَبَا نَجْدٍ تَلَتْ فِي مَدْحِهِ
طيّبٌ لو لمْ تصلْ أخبارهُ
شجرَ الكافورِ ما طابَ شذاها
بيتَ شعرٍ لحكى العودَ غضاها
أو تغنَّتْ ورقها في شعرهِ
هزَّتْ الأعطافَ بالرَّقصِ رباها(91/429)
لَسِنٌ كُلُّ لآلٍ يَدُهُ
فرَّقتها هوَ في النُّطقِ حواها
بَحْرُ عِلْمٍ لُجُّهُ مِنْ جَعْفَرٍ
قبسٌ شعلتهُ منْ نورِ طها
كمْ بروضاتِ القراطيسِ لهُ
كلماتٌ تشبهُ الزَّهرَ رواها
علمهُ نورٌ مبينٌ للهدى
ظُلُمَاتُ النُّصْبِ بِالنَّصِّ جَلاَهَا
جادَ في خيرِ مقالٍ صدقهُ
شُبَهَ الْبَاطِلِ بِالْحَقِّ مَحَاهَا
طَاهِرٌ لَوْ سَبَقَ الدَّهْرُ بِهِ
جاذبَ العترة َ في فضلِ كساها
سمحٌ يبسطُ للوفدِ يداً
تمَّ معنى الجودِ فيها وتناهى
راحة ٌ مبسوطة ٌ لو مدَّها
للسَّما أمكنها قبضُ سهاها
نَارُهَا مَشْبُوبَة ٌ فِي لُجِّهَا
تقذفُ العسجدَ أمواجُ لهاها
ظُلِّلتْ عَلْيَاؤُهُ فِي رَايَة ٍ
تَنْسِفُ الأَعَلاَمَ فِي خَفْقِ لِوَاهَا
راية ٌ منصوبة ٌ في رفعها
تَنْصَبُ الأَعْدَاءُ فِي كَيِّ جَوَاهَا
حَائِزٌ غُرَّ خِصَالٍ زَيَّنَتْ
عطلَ الأيَّامِ في حسنِ حلاها
غَبَطَتْهَا أَنْجُمُ الأُفْقِ فَهَا
هِيَ فِي الإِشْرَاقِ فِيْهَا لاَ تُضَاهَى
لو بأفكارِ الَّليالي خطرتْ
بَيَّضَتْ أَنْوَارُهَا سُودَ إِمَاهَا
يا عليَّ المجدِ لا زالتْ بكمْ
تشرقُ الدُّنيا ولا زلتمْ ضياها
وَلَدَتْكُمْ وَالْنَّوَاصِي شُعْلَة ٌ
فجرى في عودها ماءُ صباها
كانتِ الأيَّامُ مرضى قبلكمْ
فاستفادتْ من معانيكمْ دواها
حَسُنَتْ أَوْقَاتُهَا فِيْكُمْ فَلاَ
زلتمُ يا رونقَ الدَّهرِ بهاها
كُلُّ أَخْبَارِ الْمَعَالِي وَالنَّدَى
عنكمُ صحَّتْ ومنكمْ مبتداها
عِتْرَة ٌ قَدْ صَحَّ عِنْدِي أَنَّهَا
ليس للأَّيام أرواحٌ سواها
سَيِّدِي هُنِّيتَ بِالصَّوْمِ وَفِي
بهجة ِ الإفطارِ وأنعمْ في هناها
وَتَلَقَّ الْعِيْدَ بِالْبِشْرِ فَقَدْ
جاءَ منكمْ يجتدي قدراً وجاها
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> أَتُنْكِرُ بَأْسَ أَحْدَاقِ الْعَذَارَى
أَتُنْكِرُ بَأْسَ أَحْدَاقِ الْعَذَارَى
رقم القصيدة : 9788
-----------------------------------
أَتُنْكِرُ بَأْسَ أَحْدَاقِ الْعَذَارَى(91/430)
أما تدري بعربدة ِ السُّكارى
وَتَفْتِنُكَ الْعُيُونُ وَمَا عَهِدْنَا
جَرِيحاً قَلْبُهُ يَهْوَى الشِّفَارَا
زتغرمُ في القدودِ فهل طعينٌ
هَوَى مِنْ قَبْلِكَ الأَسَلَ الْحِرَارَا
وَتُمْسِي فِي الذَّوَائِبِ مُسْتَهَاماً
متى عشقتْ سلاسلها الأسارى
لقدْ فتكتْ بنا الأجفانُ حتَّى
شَكَتْ ضَعْفاً لِذلِكَ وَانْكِسَارَا
إلامَ بها نلامُ ولا نبالي
فتوسعنا جراحاً واعتذارا
رَأَيْنَا أَنَّ حَبْلَ الْحُبِّ فِينَا
شُعُورٌ فَاتَّخَذْنَاهَا شِعَارَا
وهمنا بالحسانِ وما فهمنا
بناتِ صدورها تلدُ البوارا
وهبنا العذرَ لعذَّالِ لمَّا
خلعنا في عذارها العذارا
علامَ عيوننا بالدَّمعِ غرقى
ومنْ وجناتهنَّ تخوضُ نارا
وَنَسْأَلُ مِنْ مَرَاشِفِهِنَّ رِيّاً
وَبَرْدُ بَرُودِهَا يُورِي الأُوَارَا
تؤرقنا ذوائبها ولسنا
نرى لدجى لياليها قصارى
فهلْ تدري بغايتها المداري
فقدْ ضاقتْ على المرضى السُّهارى
لعمركَ ليسَ منْ حمرِ المنايا
سوى الوجناتِ تسلبنا القرارا
إذا لشقائنا الآجالُ طالتْ
تُخَلِّصُهَا الْخُصُورُ لَنَا اخْتِصَارَا
وإنْ كهمَ الرَّدى يوماً فمنهُ
يَسُنُّ لِقَتْلِ أَنْفُسِنَا الْغِرَارَا
تُحَاذِرُنَا الْمَنَايَا السُّوْدُ جَهْراً
وَتَأْتِينَا الْعُيُونُ بِهَا سَرَارَا
بِرُوحِي جِيرَة ٌ جَارُوا وَقَلْبِي
لديهمْ لمْ يزلْ بالحيِّ جارا
مَصَابِيحٌ إِذَا سَفَرُوا بِلَيْلٍ
حَسِبْتَ ظَلاَمَهُ لَبِسَ النَّهَارَا
بدورٌ بالخيامِ ذووا شموساً
بِشِبِهْ الْبِيضِ تَحْمِلُهَا الْغُبَارَا
مُرَنَّحَة ٌ مَعَاطِفُهُمْ صُحَاة ٌ
تكادُ عيونهمْ تجري عقارا
لهمْ صورٌ كأنَّ الحسنَ صبٌ
تأمَّلَ طرفهُ فيهمْ فحارا
وألفاظٌ إذا المخمورُ فيها
تَدَاوَى طَبْعُهُ فَقَدَ الْخُمَارَا
وَأَسْنَانٌ تُفَدِّيهَا الَّلآلِي
بأكبرها وإنْ كانتْ صغارا
بأعينهمْ تجولُ السِّحرُ حتَّى
نثيرُ الكحلِ تحسبهُ غبارا
لِشَوْقِ سَنَا الصَّبَاحِ إِلَى لِقَاهُمْ(91/431)
تَنَفَّسَ حَسْرَة ً وَرَمَى جَمارَا
إِذَا بِقِبَابِهِمْ سَفَرَتْ ظُبَاهُمْ
حسبتَ بيوتهمْ بيعَ النَّصارى
سقتهمْ أعينُ الأنواءِ دمعاَ
يُخُطُّ بخَدِّ وَادِيهِمْ عِذَارَا
ولا درستْ نوادي الحسنِ منهمْ
ولا فصمَ البلى منها سوارا
هُمُ بِالْقَلْبِ لاَ بِالْخَيْفِ حَلُّوا
وَفِي جَمَرَاتِهِ اتَّخَذُوا دِيَارَا
أقاموا فيهِ بعدَ رحيلِ صبري
فأضحتْ مهجتي أهلاً قفارا
إذا خطروا ببالي فرَّ شوقاً
فلوْ حملتهُ قادمة ٌ لطارا
أَرُوحُ وَلِي بِهِمْ رُوحٌ تَلَظَّتْ
إذا استضرمتها قدحتْ شرارا
وأجفانٌ كسحبِ ندى عليٍّ
إِذَا اسْتَمْطَرْتَهَا مَطَرَتْ نُضَارَا
حليفِ المكرماتِ أبي عليٍّ
أجلِّ النَّاسِ قدراً واقتدارا
أعزُّ بني الملوكِ الغرِّ نفساً
وَأَشْجَعُهُمْ وَأَمْنَعُهُمْ ذِمارَا
وَأنْجَدُهُمْ وَأَطْوَلَهُمْ نِجَاداً
وَأَفْخَرُهُمْ وَأَطْهَرُهُمْ إِزَارَا
أَخُو شَرَفٍ تَوَلَّدَ مِنْ عَليٍّ
وبضعة ِ أحمدٍ فزكا فخارا
تَلاَقَى مَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ فِيهِ
وَشَارَكَ هَاشِمٌ فِيهِ نِزَارَا
هُوَ النُّورُ الَّذِي لَوْلاَهُ لاَقَتْ
بدورُ المجدِ في التمِّ السِّرارا
مَحَا إِيْضَاؤُهُ صِبْغَ اللَّيَالِي
فَعَسْجَدَ لَوْنَهُنَّ وَكَانَ قَارَا
أتى الأيَّامَ والأيَّامُ غضبى
فأحدثَ في مباسمها افترارا
ووافى والنَّدى ثمدٌ ففاضتْ
مَوَارِدُهُ وَلَوْلاَهُ لَغَارا
رَسا حِلْماً فَقَرَّ الْحَوْزُ فِيهِ
ولولا حلمهُ فينا لمارا
بِصَهْوَة ِ مَهْدِهِ طَلَبَ الْمَعَالِي
وقبلَ قماطه لبسَ الوقارا
وحازَ تقى ً ومعروفاً وفضلاً
وَأَقْدَاراً وَبَأْساً وَاصْطِبَارَا
وأصبحَ للعلا بعلاً كريماً
فَأَوْلَدَهَا الْمَحَامِدَ وَالْفَخَارَا
غَمَامٌ صَافَحَ الْبِيضَ الْمَوَاضِي
فأحدثَ في جوانبها اخضرارا
بِأَحْيُنِهَا إِذَا كَتَبَ احْوِرَارَا
حيا كفَّيه لا شيحاً وغارا
وَيُوشِكُ أَنْ يَعُودَ النُّورُ تِبْراً
لَوَ انَّ الْغَيْثَ نَائِلُهُ اسْتَعَارَا(91/432)
وروضٌ من حمائلهِ التقطنا
دنانيرَ العطايالا العرارا
حَكَى فَصْلَ الرَّبِيعِ الطَّلْقَ خُلْقاً
وفاقَ بجودِ راحتهِ القطارا
كَسَا قَتْلَى أَعَادِيهِ شَقِيقاً
وبرقعَ وجهَ حبِّهمِ بهارا
وَهَزَّ عَلَى الْكُماة ِ قُطُوفَ لُدْنٍ
فَدَلَّتْ مِنْ جَمَاجِمْهِمْ ثِمَارَا
وأحدثَ عهدهُ فينا سروراً
فَأَنْبَتَ فِي الْخُدُودِ الْجُلَّنَارَا
مطاعٌ لو دها الصَّفواءَ يوماً
سَمِعْتَ لَهَا وَإِن صُمَّتْ خُوَارَا
جوادٌ في ميادينِ العطايا
ومضمارِ الفصاحة ِ لا يجارى
فَصِيحٌ نُطْقُهُ نَظْماً وَنَثْرَاً
يَرَصِّعُ لَفْظُهُ الدُّرَرَ الْكِبَارَا
تودُّ مدادهُ الأيَّام تمسي
بأعينها إذا كتبَ احورارا
فَكَمْ فِي خَطِّهِ مِنْ بِنْتِ فِكْرٍ
لها نسجتْ محابرهُ خمارا
ذكاءٌ منْ سناها كادَ يحكي
ظَلاَمُ مِدَادِهِ الشَّفَقَ احْمِرَارَا
لهُ القلمُ الَّذي في كلِّ سطرٍ
ترى في خطِّهِ فلكاً مدارا
يمجُّ على صباح السَّطرِ ليلاً
تكوكبَ في المعالي واستنارا
وأشرقَ منهُ في أندى يمين
فَلَجَّجَ في أَنَامِلِهَا وَسَارَا
ومنْ يسعى إلى طلبِ المعالي
فَلاَ عجَبٌ إِذَا رَكِبَ الْبِحَارَا
يَرَاعَ رَوَّعَ الْقُضُبَ الْمَوَاضِي
فأثبتَ في تقوُّمها ازورارا
تَرَى ثعباانَهُ الأَفْلاَكُ تَسْعَى
فيخفقُ قلبُ عقربها حذارا
يردُّ حسامَ جوزاها كهاماً
ويطعنُ في عطاردها احتقارا
مؤيدُ ملَّة ِ الإسلامِ هادٍ
إِذَا ضَلَّ الهُدَاة ُ وَلامنَازا
لَهُ كُتُبٌ يَعِزُّ النَّصْبُ عَنْهَا
إذا شنَّتْ كتائبها مغارا
حَكَتْ زَهْر الرِّيَاضِ الْغَضَّ حُسْناً
ونشرَ المسكِ طيباً وانتشارا
ووقتْعينَ نسيمٍ صفاءً
وعينَ الشَّمسِ نوراً واشتهارا
فَوَاصِلُهَا سُيُوفٌ فَاصِلاَتٌ
وَهَدْيٌ بِالضَّلاَلَة ِ لاَ يُمَارَى
مِنَ الدِّبَاجِ أَلْبَسَهَا ثِيَاباً
وصاغَ من النُّضلرِ لها فقارا
إذا في إثرها الأفكارُ سارتْ
لِتُدْرِكَ ثَأرَهَا وَقَفَتْ حَيَارَى(91/433)
فنُورُ مُبِينِهَا جَمْعُ الدَّرَارِي
وخيرُ مقالها الدررُ النثارا
وفي نكتِ البيانِ أبانَ فضلاً
بِمُخْتَصَرٍ حَوَى حِكَماً غِزَارَا
كتابٌ كلُّ سفرٍ منهُ سفرٌ
منَ الإقهارِ في الأقطارِ دارا
فَلَوْ أَمُّ الْكِتَابِ أَتَتْ بِنَجْلٍ
لَقُلْنَا فِيهِ قدْ حَمَلَتْ قِصَارَا
إذا ورد العدا منهُ كتابٌ
تَوَعَّدَهُمْ بِهِ طَلَبُوا الْفِرَارَا
كأنَّ كتابهُ جيشٌ علتهُ
وإنْ صدرتْ ظباهُ عنِ الهوادي
حسبتَ حديدها ذهباً ممارا
وَهُوبٌ يوسِع الْفُقَرَاءَ تِبْراً
وَلَمْ يهَبِ الْعِدَا إِلاَّ تَبَارَا
أَلاَ يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ الْمُرَجَّى
إذا غدرَ الزَّمانُ بنا وجارا
وَيَا غَيْثاً إِذَا الأَنْوَاءُ ضَنَّتْ
وَطَالَ جَفَا الْحَيَا حَيَّا وَزَارَا
لعمركَ إنَّ قدرك لا يجارى
وَقَطْرَكَ بِالسَّمَاحَة ِ لاَ يُبَارَى
بطولكَ تمَّ نقصانُ المعالي
فَطَالَتْ بَعْدَمَا كَانَتْ قِصَارَا
فقدْ أبكيتهنَّ دماً جبارا
ليهنكَ بعدَ صومكَ عيدُ فطرٍ
يريكَ بقلبِ حاسدكَ انفطارا
أتاكَ وفوقَ غرَّتهِ هلالٌ
إذا قابلتهُ خجلاً توارى
يشيرُ وعادَ نحوكَ كلَّ عامٍ
يحدِّدُ فيكَ عهداَ وازديارا
ولا برحتْ لكَ العلياءُ داراً
ومتَّعكَ الزَّمانُ بملكِ دارا
قصيدة ياقاتلتي بصوت الشاعر
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> للهِ منزلها على الرَّوحاءِ
للهِ منزلها على الرَّوحاءِ
رقم القصيدة : 9789
-----------------------------------
للهِ منزلها على الرَّوحاءِ
دَرَّتْ عَلَيْهِ مَرَاضِعُ الأَنْوَاءُ
وَسَقَتْ ثَرَاهُ عُيُونُ أَرْبَابِ الهَوَى
دَمْعاً يُوَرِّدُ وَجْنَة َ البَطْحَاءِ
وَاسْتَخْرَجَتْ أَيْدِي الرَّبِيعِ كُنُوزَهُ
فَحَبَاهُ بِالْبَيْضَاءِ وَالصَّفْرَاءِ
أكْرِمْ بِهِ مِنْ مَنْزِلٍ أَكْنَافُهُ
جَمَعَتْ أُسُودَ شَرَى ً وَعَيْنَ ظِبَاءِ
مَغْنَى ً إِذَا سَفَرَتْ وُجُوهُ حِسَانِهِ
ليلاً يطولُ تلفُّتُ الحرباءِ
بهجٌ يكلِّفكَ السُّجودَ صعيدهُ(91/434)
شَوْقاً لِلَثْمِ مَبَاسِمِ الْحَصْبَاءِ
حتَّى توهَّمنا ملاعبَ بيضه
فَتَظُنُّهَا لَيْلاً بُرُوجَ سَمَاءِ
دارتْ كهالاتِ البدورِ حصونهُ
فهما سواءٌ في سنى ً وسناءِ
تَهْوَى الْكَوَاكِبُ أَنْ تَصُوغَ سِوَارَهَا
طَوْقاً لِجِيْدِ مَهَاتِهِ الْجَوْزَاءِ
وَيَوَدُّ ضَوْءُ الْفَجْرِ يُصْبِحُ خَيْطُهُ
سِلْكاً لِعِقْدِ فَتَاتِهِ الْعَذْرَاءِ
رفعتْ على عمدِ الصَّباحِ بيوتهُ
فَحِبَالُهُنَّ ذَوَائِبُ الظَّلْمَاءِ
قِطَعٌ منَ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ إِلى الثَّرَى
هبطتْ وفيها أنجمُ الجوزاءِ
ليلاُ قدرٍ كلَّ حسنٍ أنزلتْ
آياتهُ فيها وكلَّ بهاءِ
كمْ فيهِ من حقفٍ يموزُ بمئزرٍ
وقضيبِ بان يثني بقباءِ
سَقْياً لَهَا مِنْ رَوْضَة ٍ لَمْ تَخْلُ مِنْ
وردينِ وردِ حياً ووردِ حياءِ
لا صحَّتِ النَّسماتُ فيهِ ولا صحتْ
سَكْرَى عُيُونِ رِجَالِهِ وَنِسَاءِ
يَا صَاحِ إِنْ شَارَفْتَ مَكَّة َ سَالِماً
فَاعْدِلْ يَمِينَ مِنى ً فَثَمَّ مُنَاءِي
وَاسْأَلْ بِجَانِبِ طُورِهِ الْغَرْبِيِّ عَنْ
قَلْبٍ غَرِيبٍ ضَاعَ مِنْ أَحْشَائِي
أطلبهُ ثمَّ تجدهُ في جمراتهِ
أَبَداً تُعَذِّبُهُ مَدَى بُرَحَائِي
لاَ تَعْدِلَنَّ إِلَى سِوَاهُ فَمَنْزِلُ النَّـ
وى بهِ ومعرَّسُ الأهواء
حرمٌ لهُ حقٌ لديَّ وحرمة ٌ
وَضَعَتْ لَهُ خَدِّي مَكَانَ حِذَائِي
ما حلَّهُ دنفٌ فاصبحَ محرماً
إلاَّ أحلَّ مقمَّصاً بضناءِ
قرِّبْ بهِ قلبي فإنْ لمْ تلقهُ
فَانْحَرْ بِهِ نَوْمِي وَضَحِّ عَزَائِي
وَامْزُجْ لُجَيْنَ الدَّمْعِ فِي عَرَصَاتِهِ
بِنُضَارِ جَارِي الْعَبْرَة ِ الْحَمْرَاءِ
هو مربعٌ للعاشقينَ ومصرعٌ
فَلْيَسْقِ دَمْعُكَ رَوْضَة َ الشُّهْدَاءِ
كمْ فيهِ من بيتٍ تقفَّى بالظُّبا
مضمونهُ كالدُّرة ِ البيضاءِ
تتوهَّمُ الأطنابُ منهُ لما ترى
من ضوءِ دمينهِ حبالَ ذكاءِ
أَفْدِي بُدُورَ دُجى ً بِهِ قَدْ زَرَّرُوا
ظلمَ السُّتورِ على شموسِ ضحاءِ(91/435)
ورماة ُ أحداقٍ سهامُ فتورها
صَاغَ السَّقَامُ لَهَا نُصُولَ بَلاَءِ
وسراة َ حيٍّ لمْ تزلْ تشتاقهمْ
شَوْقَ الْعِطَاشِ إِلَى زُلاَلِ الْمَاءِ
بِسَوَادِ قَلْبِي مِنْ طَرِيقَة ِ مُقْلَتِي
دخلوا ومنها أخرجوا حوبائي
غرٌّ حووا كلَّ الجالِ كما حوتْ
راحاتُ عبدِ اللهِ كلَّسخاءِ
بَشَرٌ يُرِيكَ لَدَى السَّماحِ جَبِينَهُ
بشراَ يحاكي الزَّهرَ عبَّ سماءِ
وَلَدٌ لأَكْرَمِ وَالِدٍ وَرِثَ النَّدَى
والبأسَ عنْ آبائهِ الكرماءِ
أَعْنِي عَلِيّاً صَاحِبَ الْفَضْلِ الَّذِي
هوَ زينة ُ الأيَّامِ والآناءِ
السَّيِّدَ الْوَرِعَ الْتَّقِيَّ أَخَا النَّدَى
علمَ الهدى علاَّمة َ العلماءِ
مولى َ سعى مسعى أبيهِ إلى العلا
فاعتادَ بسطَ يدٍ وقبضَ ثناءِ
هو صدرُ أسمرهِ وقبضة ُ قوسهِ
ويمينُ دولتهِ وآية ُ ملكهِ
ودليلُ نصرتهِ على الخصماءِ
غَيْثُ النَّدَى غَوْثُ الصَّرِيخِ إِذَادَعَا
قُوت النُّفُوسِ وَقُوَّة ُ الضُّعَفَاءِ
يتعاقبانِ على الدَّوامِ تعاقبَ الـ
ملوينِ بالسَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ
تلقاهُ إمَّا واهياً أو ضارباً
فزمانهُ يوماً ندى ً ووغاءِ
تدري ذكورُ البيضِ حين تسلُّها
يَدُهُ سَيُنْكِحُهَا طُلاَ الأَعْدَاءِ
وَالتِّبْرُ يَعْلَمُ إِذْ يَحُلُّ وِثَاقَهُ
أنْ لا يزالَ يسيرُ في الأحياءِ
تَهْوَى الْبُدُورُ بَأَنَ تَكُونَ بِمُلْكِهِ
بِدَراً يُفَرِّقَهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ
وكذا الّلَيالي البيضُ تهوى أنَّها
تمسي لديهِ وهي سودُ إماءِ
حَسَدَتْ مَدَائِحَهُ النُّجُومُ فَأَوْشَكَتْ
تهوي لتسكنَ ألسنَ الشعراءِ
يجدُ ازديارَ الوافدينَ ألذَّ منْ
وصلِ الأحبَّة ِ بعدَ طولِ جفاءِ
ويرى بأنَّ البيضَ من بيضِ الدُّمى
وصليلها بالبيضِ رجعُ غناءِ
لو أنَّ هذا الدَّهرَ أدركَ شيمة َ
منهُ لبدَّلَ غدرهُ بوفاءِ
ذُو رَاحَة ٍ نَفَخَ النَّدَى مِنْ رُوحِهَا
فِي مَيّتِ الآمَالِ رُوحَ رَجَاءِ
مشكاة ُ نادي المجدِ كوكبُ أفقهِ(91/436)
مصباحُ ليلِ الكربة ِ الدَّهماءِ
سِرٌّ بِذَاتِ أَبِيهِ كَانَ مُحَجَّباً
فبدا بهِ للهِ في الإفشاءِ
وَلَرُبَّ مَلْحَمَة ٍ بِنَارِ جَحِيمِهَا
تغلي القلوبُ مراجلُ الشَّحناءِ
نَارٌ مَقَامِعُهَا الْحَدِيدُ وَإِنَّمَا
يجري الصَّديدُ بهاعلى الرُّخصاءِ
يشفي الحمامُ بها الحميمَ فظلُّها
يَحْمُومُ لَيْلِ مَجَاجَة ٍ دَكْنَاءِ
نَزَّاعَة ٌ لِشَوَى الضَّرَاغِمِ تَرْتَمِي
شراراً حكتْ قدراً هضابَ أجاءِ
نَضِجَتْ بِمضارِجِهَا النُّجُومُ فَأَكْرَمُ الْـ
بيضِ السَّواغبِ في صفيف شواءِ
وَجَرَتْ عَلَيْهِ مِنْ ظُبَاهُ جَدَاوِلٌ
فَخَبَتْ وَفَاضَتْ فِي دَمِ الأَشْلاَءِ
عَلَمٌ تَفَرَّدَ وَهْوَ أَوْسَطُ إِخْوَة ٍ
شركوهُ في شرفٍ وصدقِ إخاءِ
من كلِّ أبلجَ تستضيءُ بوجهه
وَبِرَأْيهِ فِي اللَّيْلَة ِ الظَّلْمَاءِ
منْ شئتَ منهمْ فهوَ رامٍ معرضٌ
بالجزمِ نصلاً أسهمَ الآراءِ
جمراتُ هيجاءٍ إذا ما سالموا
كانوا جناناً طيِّباتِ جناءِ
كهناءُ غيبٍ يعلمونَ فراسة ً
قَبْلَ الوُقُوعِ حَقَائِقَ الأَشْيَاءِ
وجبالُ حلمٍ إنْ إليه نسبتهمْ
فهمُ هضابُ القدسِ حولَ حراءِ
فَإِذَا بَدَا وَبَدَوْا عَلِمْتَ بِأَنَّهُمْ
قبساتُ ساطعِ ذلك الَّلألاءِ
لِلهِ فِي تَقْسِيمِ جَوْهَرِ فَرْدِهِ
حكمٌ بدتْ في هذهِ الأجزاءِ
ووفوا فكانوا في محلِّ بنانهِ
مِنْ رَاحَتَيْهِ وَأَكْمَلِ الأَعْضَاءِ
فهمُ مواعدهُ وزينة ُ مجدهِ
وجمالُ وجهِ الدَّولة ِ الغرَّاءِ
نطفٌ مطهَّرة ٌ أتتْ من طاهر
فصفتْ منَ الأرجاسِ والأكداءِ
مَوْلاَيَ سَمْعاً إِنَّ غُرَّ مَدَائِحِي
فِيْكُمْ لَتَشْهَدُ لِي بِصْدِقِ وَلاَءِي
وَلِئَنْ شَكَكَتَ بِمَا ادَّعَيْتَ مِنَ الْوِلاَ
أَوَ لَيْسَ هذَا الْمَدْحُ نُصْحَ وِلاَءِ
أو ما تروني كلَّما بصدودكمْ
أَحْرَقْتُمُ عَودِي يَطِيبُ شَذَاءِي
جَارَتْنِيَ الْفُصَحَاءُ نَحْوَ مَدِيِحكُمْ
فَتَلَوْا وَكُنْتُ مُلَجَّأَ الْبُلَغَاءِ(91/437)
أَنَا فَرْسُ وَالِدِكَ الَّذِي ثَمَرَ الثَّنَا
مِنْهُ جَنَتَهُ لَكُمْ يَدُ النَّعْمَاءِ
أرضعتكمْ درَّ الفصاحة ِ طيِّباً
إِذْ كَانَ طَيِّبُ رَوْضِهِ مَرْعَاءِي
يا منْ أصولُ على الزَّمانِ ببأسهِ
ويجيبُ عندَ الحادثاتِ نداءي
بختانِ نصرِ اللهِ قرَّتْ أعينُ الدُّ
نيا وَسُرَّتْ مُهْجَة ُ الْعَلْيَاءِ
والوقتُ راقَ ورقَّ حتَّى صفَّقت
ورقُ الغصونِ على غنا الورقاءِ
فتهنَّ بالولدِ السّعيدِ وختنهِ
وَارْشُفْ هَنِيئاً شَهْدَة َ السَّرَّاءِ
وليهِ مافيكَ منْ شرفٍ ومنْ
فخرٍ ومنْ بأسٍ ومنْ إعطاءِ
في بيتكَ المعمورِ منذُ ولادهِ
نشأ السّرورُ بهِ وكلُّ هناءِ
نجمٌ أتى منْ نيّرينِ كلاهما
وهباهُ أيَّ سعادة ٍ وضياءِ
خلعَ القماطَ ففازَ في خلعِ العلى
وسعى فأدركَ غاية َ العقلاءِ
لِلهِ طِينَتُهُ أَكَانَتْ نُقْطَة ً
نَقَطَتْ بِبِسْمِ اللهِ تَحْتَ الْباءِ
لِلهِ خَاتَمُكَ الَّذِي فِي نَقْشِهِ
كَتَبَ الْمُصَوِّرُ أَعْظَمَ الأَسْمَاءِ
ريحانة ُ النّادي وشمعة ُ أنسهِ
سلوانة ُ الجلساءِ والنّدماءِ
اللهُ يَحْرُسُهُ وَيَحْرُسُكُمْ مَعاً
منْ سائرِ الأسواءِ والأرزاءِ
وَعَسَى يُمِدُّكُمُ الإِلَهُ جَمِيعَكُمْ
بزيادة ِ الأعمارِ والأبناءِ
ويمدُّ والدكمْ ودولة َ مجدكمْ
بدوامِ إقبالٍ وطولِ بقاءِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> هلمَّ بنا يا برقُ في أبرقِ الحمى
هلمَّ بنا يا برقُ في أبرقِ الحمى
رقم القصيدة : 9790
-----------------------------------
هلمَّ بنا يا برقُ في أبرقِ الحمى
نُسَاقِطُ دُرَّ الدَّمْعِ فَرْداً وَتَوْأَمَا
هلمَّ بنا نقضي منَ النَّدبِ واجباً
لعصرٍ مضى فيهِ وعهدٍ تقدَّما
فإنْ كنتَ لي يا برقُ عوناَ فقمْ بنا
نروِّي قلوباً صادياتٍ وأرسما
تشَبَّهْتَ بِي دَعْوَى وَلَوْ كُنْتَ مُشْبِهِي
بوجدٍ إذاً أصبحتَ تبكي معي دما
فَكَمْ بَينَ بَاكٍ مُسْتَهَامٍ وَبَيْنَ مَنْ
تَبَاكَى خَلِيّاً وَهْوَ يُبْدِي الْتَبسُّمَا(91/438)
تَقَمَّصْتُ ثَوباً مِنْ دُخَانٍ وَمُهْجَتِي
عليها قميصٌ من لظاكَ تجسَّما
فَوَاعجَبَاً تَسْقِي الرُّبُوعَ مَدَامِعِي
وقلبي إلى سكَّانها يشتكي الظَّما
أَرُوحُ وَلي قَلْبٌ إِذَا مَا نَصَحْتُهُ
بِمَاءِ عُيُوني كَي يَبُوخَ تَضرَّمَا
وأمسي ولي دمعٌ يجودُ بمقلتي
وثوبٌ إذا ما أحجمَ جيشهُ كر معلما
فَمَنْ لِي بَعَصْرٍ كُلَّمَا مَرَّ ذِكْرُهُ
بسمعي حلا عندي ووصلٍ تصرَّما
وليلاتِ أنسٍ نادمتني بدورها
وفي الأرضِ زارتني بها أنجمُ السَّما
شِهَابٌ تَظُنُّ الشُّهْبَ فِيهَا لِحُسْنِهَا
ثغورَ الغوابي البيضِ في حوَّة ِ الِّلما
سقى الله مغنى ً بالحمى صوبَ مزنهِ
يحوكُ لهُ وشيَ الرَّبيع المسهَّما
ولا برحتْ فيهِ الأقاحي ضواحكاً
وَلاَ صَرَفَتْ مِنْهَا يَدُ الدَّهْرِ دِرْهَمَا
محلٌ بهِ حلَّ الشَّبابُ تمائمي
فَلاَ نقْصَ إِذْ أَصْبَحْتُ فِيهِ مُتَمِّمَا
ومصرعُ أسرى موثقينَ قلوبهمْ
بِحَوْمَتِهِ أَضْحَتْ مَعَ الطَّيْرِ حُوَّمَا
حمى حرمة ً مسَّ الصَّعيدِ صعادهُ
وأصبحَ فيهِ السَّيفُ بالحلِّ محرما
وَثَغْرٌ غَدَتْ مِنْهُ الثَّنَايَا مَنِيعَة ً
فأضحى بنقعِ الصَّافناتِ مثلَّما
قَدِ اشْتَبَهَتْ آفَاقُهُ في عِرَاصِهِ
فكلٌّ حوى منها بدوراً وأنجما
فَكَمْ ثَمَّ مِنْ شَمْسِ بِلَيْلٍ تَقَنَّعَتْ
وَبَدْرِ ظَلاَمٍ بِالنَّهَارِ تَعَمَّمَا
وليثٍ عرينٍ بالحديدِ مسربلٍ
وخشفٍ كناسِ بالنُّضلرِ تخرَّما
تَمِيلُ بِأَثْوَابِ الْحَرِيرِ غُصُونُهُ
وتنطقُ بالسِّحرِ الحلالِ أنْ يتختَّما
مكانٌ بهِ كنزٌ من الحسنِ لمْ يزلْ
بِآيَاتِ أرْصَادِ الْحَدِيدِ مُطَلْسَمَا
حمتهُ سراة ٌ لا تزالُ رماتهمْ
مفوقة ً للحتفِ هدباً وأسهما
قَدِ اتَّخَذُوا لِلْفَتْكِ وَالطَّعْنِ آلة ً
قدودَ العذارى والوشجِ المقوَّما
يَرَوْنَ هَوَانَ الْحُبِّ عِزّاً وَسُؤْدُداً
وَأَحْسَنَ آجَالِ النُّفُوسِ التَّيَتُّمَا
تَكَادُ الأَقَاحِي خَجْلَة ً مِنْ ثُغُورِهِمْ(91/439)
تعودُ ثناياها شقيقاً معندما
إِذَا نَظَرَتْ أَقْمَارُهُمْ عَيْنَ مُبْغِضٍ
يطالبهمْ في مغرمٍ عادَ مغرما
بِرُوحِيَ مِنْهُمْ جِيْرَة ٌ جَاوَرُوا الْحِمَى
فَجَارُوا عَلَى قَلْبٍ بِهِمْ قَدْ تَذَمَّمَا
هُمُ أَلْهَبُوا صَدْرِي وَفِيهِ تَوَطَّنُوا
فَلِلّهِ جَنَّاتُ ثَوَتْ فِي جَهَنَّمَا
حلالي بهمْ مرُّ العذابِ كم احلا
لِنَفْسِ عَلِيٍّ خَوْضُهَا الْحَتْفَ مَطْعَمَا
هُمَامٌ لَدَى الْهيْجَاءِ لَوْ أَنَّ بَأْسَهُ
بِبَحْرٍ طَمَا فِي مَدِّهِ لَتَحَجَّمَا
وذو عزماتٍ تصاغُ صوارماً
لأَوْشَكْنَ فِي صُمِّ الصَّفَا أَنْ تُصَمِّمَا
سلالة ُخيرِالمرسلين مطهَّرٌ
أَتَى طَاهِراً مِنْ كُلِّ أَبْلَجَ أَكْرَمَا
أجلُّ ملوكِ الأرضِ قدراً وقدرة ً
وَأَشْرَفُهَمْ نَفْساً وَأَطْيَبُ مُنْتَمَى
جوادٌأتى والجوُّ جونٌ فأصبحتْ
أَيَادِيهِ فِيهِ كَالْشِيَاهِ بِأَدْهَمَا
ووافى المعالي بعدنما خَّر سقفها
فَشَيَّدَ مِنْ أَرْكَانِهَا مَا تَهَدَّمَا
إِذَا الدَّهْرُ أَجْرَى جَحْفَلاً كَانَ قَبْلَهُ
وإنْ هزَّ سيفاً كانَ كفَّاً ومعصما
كريمٌ عيونُ الجودِ لولا وجودهُ
لفاضتْ جواريها وأغضتْ على عمى
وطلفٌ براهُ اللهُ لنَّاسِ مجملاً
فَنَوَّعَهُ بِالْمَكْرُمَاتِ وَقَسَّمَا
هُوَ الْعَدْلُ إِلاَّ أَنَّهُ إِذْ يَرُومُهُ
عدوٌ بظلمٍ كانَ أدهى وأظلما
هلالُ حمامٍ فوقهُ من دلاصهِ
هلالُ حياة ٍ يتركُ الحتفَ أقضما
وبدرُ كمالٍ بالسُّروجِ بروجهُ
وليثُ نزالٍ بالعوالي تأجَّما
يرى عاملَ الخطِّيِّ قدّاَ مهفهفاً
وَيَحْسَبُ إِيَماضَ الْيمَانِيِّ تَبَسُّمَا
إذا ما تولَّى للوثوب على العدا
يكادُ عليهِالدِّرعُ أن يتفصَّما
غَنِيٌ لَدَيْهِ لاَ يَزَالُ مِنَ الثَّنَا
كُنُوزٌ وِإِنْ أَضْحَى مِنَ الْمَالِ مُعْدِمَا
لَهُ نِقَمٌ مَحْذُورَة ٌ عِنْدَ سُخْطِهِ
وَلاَ غَرْوَ أَنْ عَادَتْ مِنَ الْعَفْوِ أَنْعُمَا
ضَحُوكٌ إِذَا اسْتَمْطَرَتْهُ فَهْوَ بَارَقٌ(91/440)
يجودُ وإنْ جرَّبتهُ كانَ مخذما
وصعبٌ إذا استعطفتهُ لانَ جانباً
وعذبٌ إذا عاديتهُ صارَ علقما
حَوَى الْبَأْسَ وَالْمَعْرُوفَ وَالنُّسْكَ وَالنُّهَى
النُّهى وحازَ المعالي والتُّقى والتَّكرُّما
أَعَارَ وَمِيْضَ الصَّاعِقَاتِ حُسَامَهُ
وصاغَ لسانَ الموتِ للرُّمحِ لهذما
وبرقعَ في فجرِ الصَّباحِ جيادهُ
وَجَللَهَا لَيْلاً مِنَ النَّقْعِ مُعْلَمَا
فَتى ً أَصْلَحَ الأَيَّامَ بَعْدَ فَسَادِهَا
وَكَمَّلَ أَعْوَانَ الْكِرَامِ وَتَمَّمَا
وَبَيَّنَ مَا بَيْنَ الضَّلاَلَة ِ وَالْهُدَى
فأوضحَ نهجاً طالما كانَ قيِّما
وَقَوَّمَ زَيْغَ الدِّينَ بَعْدَ اعْوِجَاجِهِ
فَأَصْبَحَ فِيهِ بَعْدَ مَا كَانَ قَيِّمَا
وَأَلْزَمَ أَهْلَ النُّصْبِ بِالنَّصِّ فَاغْتَدَى
فَصِيحُهُمُ لاَ يُحْسِنُ النُّطْقَ أَبْكَمَا
فلولاهُ لمْ يصفُ الغديرُ من القذى
وأصبحَ غوراً ماؤهُ وتأجَّما
أَفَاضَ عَلَيْهِ مِنْ أَدِلَّة ِ فَهْمِهِ
سيولاً فأضحى طيِّبَ الوردِ مفعما
ذكيٌ إذا قصَّتْ دواوين مدحهِ
تَنَفَّسَ صُبْحُ الطِّرْسِ مِسْكاً مُخَتَّمَا
لَهُ قَلَمٌ يَجْرِي الزَّمَانُ بِمَا جَرَى
وَيَسْعَى الْقَضَا فِي إِثْرِ مَسْعَاهُ حَيْثُما
يمجُّ رضابَ النَّحلِ طوراً لسانهُ
وَيَنْفُثُ طَوْراً نَابُهُ سُمَّ أَرْقَمَا
يراعٌ يريعُ البيضَ إمضاءُ حكمهِ
فتحسبُ أمضاهنَّ ظفراً مقلَّما
يُتَرْجِمُ مَا يُوحِي إِلَيْهِ جَنَانُهُ
فَيَنْثُرُ دُرّاً فِي السُّطُورِ مُنَظَّمَا
فَصِيحٌ عَنِ الأَسْمَاءِ جَمْجَمَ لَفْظُهُ
وَأَسْمَعَ مَعْنَاهُ الْقُلُوبَ وَأَفْهَمَا
بِرُوحِيَ مِنْهُ رَاحَة ٌ نَفَحَتْ بِهَا
أَنَامِلُهُ مِنْ دَوْحِهِ فَتَكَلَّمَا
تَتَبَّعَ خُضْرَ الْخَطِّ حَتَّى اسْتَوَى بِهَا
فحلَّ على عينِ الحياة ِ وخيَّما
وَشَارَفَ مِنْهَا رَوْضَة الْقُدْسِ فَادَّعَى
إِخَاءَ عَصَا مُوسَى وَأَقْلاَمِ مَريَمَا
تَقَدَّسْتَ مِنْ طَوْدٍ بِأَيْمَنِ طُوْرِهِ(91/441)
كريمٌ روى فصلَ الخطابِ وترجما
أمولايَ إنَّ الدَّهرَ يعلمُ فضلكمْ
وَيَعْرِفُكُمْ أَنْدَى بَنِيهِ وَأَكْرَمَا
تَمَلَّكْتُمُ رِقَّ الزَّمَانِ وَأَهْلَهُ
فَلَيْسَ اللَّيَالِي فِيْهِ إِلا لَكُمْ إِمَا
لَقَدْ كَانَ وَجْهُ الأَرْضِ أَطْلَسَ مَغْبَراً
فَأَمْسَى لَكُمْ كَالأُفْقِ يَزْهُو مُنَجِّمَا
تواضعكمْ أدنى مواضعكمْ لنا
وَقَدْرُكُمْ فَوْقَ السَّمَواتِ قَدْ سَمَا
لعمركَ ما جودُ السَّحابِ غزيرة ً
ولكنَّهُ علَّمتهُ فتعلَّما
جَرَيْتَ مَعَ الأَقْدَارِ فِي كُلِّ غَايَة ٍ
فَلَمْ نَدْرِ مَنْ كَانَ الْمُؤَثِّرُ مِنْكُمَا
بفتوى أخيكَ السَّيفِ زوِّجتِ العلى
فَعَزَّ حِمَاهَا حَيْثُ صِرْتَ لَهَا حِمَى
وينبتُ نوَّارَ النُّضارِ إذا همى
ولا برحَ الدَّهرُ الحروبُ إذا سطا
يَزُورُكَ بِالأَفْرَاحِ سِلْماً مُسَلِّمَا
ووافاكَ عيدُ الفطرِ بالعزِّ دائماً
وَوَفَّاكَ صَوْمُ الدَّهْرِ أَجْراً مُعَظَّمَا
بحث عن قصيدة بحث عن شاعر
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> خَلَطَ الْغَرَامُ الشَّجْوَ فِي أَمْشَاجِهِ
خَلَطَ الْغَرَامُ الشَّجْوَ فِي أَمْشَاجِهِ
رقم القصيدة : 9791
-----------------------------------
خَلَطَ الْغَرَامُ الشَّجْوَ فِي أَمْشَاجِهِ
فَبَكَى فَخِلْتُ بُكَاهُ مِنْ أَوْدَاجِهِ
وَدَعَتْهُ غَزْلاَنُ الْعَقِيقِ إِلَى السُّرَى
فَغَدَا يُسَارِي النَّجْمَ فِي إِدْلاَجِهِ
ودعتهُ ناحلة ُ الخصورِ إلى الضَّنى
فكستهُ صفرَ الوشيِ منْ ديباجهِ
تُمْلِي عُيُونُ الْغَانِيَاتِ عَلَيْهِ مَا
يُمْلِي الْنَدِيمُ بِهِ كُؤُوسَ زُجَاجِهِ
يا منْ لقلبٍ يستضيئُ بقلبهِ
فَكَأَنَّ جَنَّتَهُ ذُبَالُ سِرَاجِهِ
دَنِفٌ أَعَارَتْهُ الْخُصُورُ سَقَامَهَا
أينَ الأطبَّا منْ عزيزِ علاجهِ
قدْ ظنَّ سكبَ الدًَّمعِ يخمدُ نارهُ
سَفَهاً بِهِ فَتَأَجَّجَتْ بِأُجَاجِهِ
وبياضِ ساعدهِ المساعدِ لوعتي
للهِ ما صنعبْ يدا إعواجهِ(91/442)
قَرُبَتْ مَحَاسِنُهُ وَعَزَّ وُصُولُهُ
فبدا بدوَّ البدرِ في أبراجهِ
كمْ من ظلامٍ فيهِ قد نادمتهُ
حَتَّى بَدَتْ نَارُ الصَّبَاحِ بِسَاجِهِ
ولربَّ زائرِ أيكة ٍ لوْ أنَّهُ
يدعو الجمادَ لزاد في إبهاجهِ
ولقدْ تأمَّلتُ الزَّمانَ وأهلهُ
وأجلتُ عينَ النَّقدِ في أفواجهِ
فَرَأَيْتُ عَرْبَدَة َ الزَّمَانِ عَزِيزَة ً
في حالِ سكرتهِ وصحوِ مزاجهِ
ولربَّما ظنَّ السَّفينة َ بأنَّهُ
يصحو بلى لكنَّ لاستدراجهِ
وَيُسِرُّ قَلْبُ الدَّهْرِ كُلَّ عَجِيْبَة ٍ
لمْ يفشها إلاَّ بنو أزواجهِ
ورأيتُ أغلى ما عليهِ منَ الحلى
أَرْبَابَهُ وَعَليَّ دُرَّة َ تَاجِهِ
قيلٌ تواخى بالمكارمِ والتُّقى
وَالْجُودِ وَالْمَعْرُوفِ مُنْذُ نِتَاجِهِ
سَمْحٌ إِذَا فَقَدَ الثَّرَى صَوْبَ الْحَيَا
وشكا الظَّما يسقيهِ منْ ثجَّاجهِ
بَطَلٌ إِذَا هَزَّ الْقَنَا بَأَكُفِهِ
تضحي القلوبُ مراجزاً لزجاجهِ
أسدٌ إذا لقيَ الخميسَ فعندهُ
كَبْشُ الْكَثِيبَة ِ مِنْ أَذَلِّ نِعَاجِهِ
جمعُ الأسودِ إذا لقيهِ لدى الوغى
حَذَراً يُبَدِّلُ زَأْرَهُ بِثُؤَاجِهِ
لجبُ الجيوشِ إذا يمرُّ بسمعهِ
لجبُ الذِّئابِ يظنُّ في أهزاجهِ
يَقْرِي بِلَحْمِ الشُّوسِ شَاغِبَة َ الظُّبَا
وَيَزِيدُ حَرُّ الضَّرْبِ فِي إِنْضاجِهِ
ترجى منافعهُ ويحذرُ ضرّهُ
في يومِ نائلهِ ويومِ هياجهِ
كَسَدَ الْمَدِيحُ وَأَكْدَحُوا نُظَامُهُ
حَتَّى أَتَى فَأَقَامَ سُوقَ زَوَاجِهِ
با ابنَ الّذي سادَ الأنامَ ونجلَ منْ
فاقَ الملائكَ في علا أدراجهِ
إِنَّ الْمَدِيحَ إِذَا أَرَدْتُ ثَنَاءَكُمْ
تهوي النّجومُ إليَّ منْ أبراجهِ
وَإِذَا قَصَدْتُ سِوَاكُمُ فِيْهِ فَلَمْ
تَظْفَرْ يَدِي إِلاَّ بِبَيْضِ دَجَاجِهِ
أيّدتَ دينَ الحقِّ بعدَ تأوّدٍ
وَسَدَدْتَ بِالإِحْكَامِ كُلَّ فِجَاجِهِ
وَشَفَيْتَ عِلَّتَهُ بِكُتْبٍ قَدْ غَدَتْ
مِثْلَ الطَّبَائِعِ لاعْتِدَالِ مِزَاجِهِ
أسفارُ صدقٍ كلُّ خصمٍ مبطلٍ(91/443)
مِنْهَا سَيَعْلَمُ كَاذِبَاتِ حِجَاجِهِ
نورٌ مبينٌ قدْ أنارَ دجى الهوى
ظلمَ الضلالة ِ في ضياءِ سراجهِ
وَغَدِيرُ خَتْمٍ بَعْدَ مَا لَعِبَتْ بِهِ
رِيحُ الشُّكُوكِ وَآضَ مِنْ لَجَّاجِهِ
أمطرتهُ بسحابة ٍ سمّيتها
خَيْرَ الْمَقَالِ وَضَاقَ فِي أَمْوَاجِهِ
وَأَبَنْتَ فِي نُكَتِ الْبيَانِ عَنِ الهُدَى
فأريتنا المطموسَ منْ منهاجهِ
وَكَذَاكَ مُنْتَخَبٌ مِنَ الْتَفْسِيرِ لَمْ
تَنْسِجْ يَدَا أَحَدٍ عَلَى مِنْسَاجِهِ
لِلأَعْرَجَيْنِ وَإِنْ بَدَتْ شُرُفَاتُهُ
لَنْ يَبْلُغَا الْمِعْشَارَ مِنْ مِعْرَاجِهِ
مَوْلاَيَ قَدْ ذَهَبَ الصِّيامُ مُوَدِّعاً
وأتاكَ شهرُ الفطرِ باستبهاجهِ
شهرٌ نوى قتلَ الصّيامِ هزبرهُ
فاغتالَمهجتهُ بمخلبِ عاجهِ
نسخة مهيئة للطباعة
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> سلْ ضاحكَ البرقِ يوماً عنْ ثناياها
سلْ ضاحكَ البرقِ يوماً عنْ ثناياها
رقم القصيدة : 9792
-----------------------------------
سلْ ضاحكَ البرقِ يوماً عنْ ثناياها
فَقَدْ حَكَاهَا فَهَلْ يَرْوِي حَكَايَاهَا
وَهَلْ دَرَى كَيْفَ رَبُّ الْحُسْنِ رَتَّلَهَا
وَالْجَوْهَرُ الْفَرْدُ مِنْهُ كَيْفَ جَزَّاهَا
وهل سقاهُ الطِّلا تدري إذا ابتسمتْ
أيُّ الحيا بانَ عندَ الشَّربِ أشهاها
وسلْ أراكَ الحمى عن طعمِ ريقتها
فليسَ يدري سواهُ في محيَّاها
وهلْ رياضُ الرُّبا تدري شقائقها
في خدِّها أيُّ خالٍ في سويداها
وإنْ رأيتَ بدورَ الحيِّ وهيَ بهمْ
فَحِيِّ بِالسِّرِّ عَنِّي وَجْهَ أَحْيَاهَا
واقصدْ لباناتِ نعمانٍ وجيرتها
واذكرْ لباناتِ قلبي عندَ لبناها
عَرِّجْ عَلَيْهَا عَنِ الأَلْبَابِ نَنْشُدُهَا
فإنَّنا منذُ أيَّامٍ فقدناها
طَعْنٌ يُصَوِّرُ بِالأجْسَامِ أَقْوَاهَا
عَنْ أَنْفُسٍ وَقُلُوبٍ ثَمَّ مَثْوَاهَا
مَعَاهِدٌ كُلَّمَا أَمْسَيْتُ عَامِرَهَا
ليلاً وأصبحتُ مجنوناً بليلاها
وَرُبَّ لَيْلٍ بِهِ خُضْتُ الظَّلاَمَ كَمَا(91/444)
يَخُوضُ فِي مَفْرق الْعَذْرَاءِ مِدْرَاهَا
جَوْن كَحَظٍّ بِهِ الآفَاقُ قَدْ خَضَبَتْ
بَيَاضَهَا وَجَرَى بِالْقَارِ جِرْيَاهَا
تَبْدُو النُّجُومُ فَلَمْ تَصْبِرْ لِظُلْمَتِهِ
مِثْلَ الشَّرَارِ بِجَوْفِ الزَّنْدِ أَخْفَاهَا
هوتْ بنا فيهِ عيسٌ كالجبالِ سمتْ
نحو السَّماءِ ولوْ شئنا مسسناها
رَكَائِبٌ كَحُرُوفٍ رُكِّبَتْ جُمَلاً
أكرمْ بها من حروفٍ قدْ سطرناها
أنعامُ هجنٍ حكتْ روحَ النَّعامِ إذا
مَرَّتْ بِهَا الرِّيْحُ ظَنَّتْهَا نُعَامَاهَا
حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى الدَّارِ الَّتِي شَرُفَتْ
بمنْ بها ولثمنا درَّ حصاها
فعاوضتنا بدورٌ منْ فوراسها
تَحْمي خُدُورَ شُمُوسٍ مِنْ عَذَارَاهَا
ضيفانهمْ غيرَ أنَّا لا نريدُ قرى
إلاَّ قلوباًإليهمْ قدْ أضفناها
مَا كَانَ يُجْدِي وَلاَ يُغْنِي السُّرَى دَنِفاً
لكنَّ حاجة َ نفسٍ قدْ أضفناها
مَنْ لِي بِوَصْلِ فَتَاة ٍ دُونَ مَطْلَبِهَا
طعنٌ يصوِّرُ بالأجسامِ أمواها
عَزِيزة ٌ هِيَ شفْعُ الْكِيمِيَاءِ لَهَا
ندي وجوداَ ولكنْ ما وجدناها
فيها من الحسنِ كنزٌ لا يرى وكذا
تخفي الكنوزُ المنايا في زواياها
تَكَادُ تَرْشَحُ نُوراً كُلَّمَا خَطَرَتْ
بِالْمَشْيِ لاَ عَرَقاً مِنْ كُلِّ أَمضَاهَا
كأنَّما الفجرُ ربَاها فأرضعها
حَلِيْبَهُ وَبِقُرْصِ الشَّمْسِ غَذَّاهَا
قَدْ صَاغَهَا اللهُ مِنْ نَورٍ فَأَبْرَزَهَا
محجوبة ٌ لا ينالُ الوهمُ رؤيتها
ولا تصيدُ شراكَ النَّومِ رؤياها
قدْ منَّعتها أسودٌ مثلُ أعينها
سيوفهمُ لا تنالُ البرءَ جرحاها
لَوْ تُمْسِكُ الرِّيقَ كَادُوا حِيْنَ تَقْطُرُهَا
أنْ يلعقوها فلمْ ترحلْ بريَّاها
وَرَحْمَة ً لِجَمِيعِ النَّاس سوَّاهَا
لفَّتْ على زفراتِ الرَّعدِ أحشاها
وإنْ تنفَّسَ صبحٌ عن لظى شفقٍ
قاموا غضاباً وظنُّوا الصُّبحَ يهواها
حرصاً عليهمْ نواحُ الورقِ يسخطهمْ
تَوَهُّماً أَنَّ دَاءَ الْحُبِّ أَشْجَاهَا(91/445)
تَهْوَى الْفَرَاشُ إِلَيْهَا كُلَّمَا سَفَرَتْ
فَيَسْتُرُونَ غَيَارَاهَا مُحَيَّاهَا
بَيْنَ الْقُلُوبِ وَعَيْنَيْهَا مَضَى قَسَمٌ
أنْ لا تصحَّ ولا تصحو سكاراها
وبالجمالِ على أهلِ الهوى حلفتْ
أنْ لا تموتَ ولا تحيا أساراها
للهِ أيَّامُ لهوٍ بالعقيقِ وإنْ
كانتْ قصاراً وساءتني قصاراها
أَوْقَاتُ أُنْسٍ كَأَنَّ الدَّهْرَ أَغْفَلَهَا
أو منْ صروفِ الَّليالي ما عرفناها
لَمْ نَشْكُ مِنْ مِحَنِ الدُّنْيَا إِلَى أَحَدٍ
مِنَ الْبَرِيَّة ِ إِلاَّ كَانَ إِحْدَاهَا
أُعِيْذُ نَفْسِي مِنَ الشَّكْوَى إِلَى بَشَرَ
بِاللهِ وَالْقَائِمِ الْمَهْدِيِّ مَوْلاَهَا
إبنِ النبيِّ أبي الفضلِ الأبيِّ أخي الـ
ـمعروفِ خيرِ بني الدُّنيا وأزكاها
نُورُ الزُّجَاجَة ِ مِصْبَاحٌ تَوَقَّدَ مِنْ
نَارِ الْكَلِيْمِ الَّتِي فِي الطُّوْرِ نَاجَاهَا
جُزْءٌ مِنَ الْعَالَمِ الْقُدْسِيِّ هِمَّتُهُ
ينوءُ بالعالمِ الكليِّ أدناها
تاجُ الوزارة ِ طوقُ المجدِ خاتمهُ
إِنْسَانُ عَيْنِ الْمَعَالِي زَنْدُ يُمْنَاهَا
حليفُ فضلٍ بهِ تدري الوزارة ُ إذْ
فِيْهَا تَجَلَّى بِأَيِّ الْفَضْلِ حَلاَّهَا
طيبُ النبوَّة ِ فيهِ عنهُ يخبرنا
بأنَّهُ ثمرٌ منْ دوحِ طوباها
كَرِيمُ نَفْسٍ مِنَ الإِحْسَانِ قَدْ جُبِلَتْ
مِنْهُ الطِّبَاعُ فَعَمَّ النَّاسَ جَدْوَاهَا
عظيمة ٌ يتَّقي الجبَّارُ سطوتها
زكيَّة ٌ تعرفُ العبَّادُ تقواها
تقضي بسعدٍ ونحسٍ في الورى فلها
حكمُ النُّجومِ الدَّراري في قضاياها
لِلطَّالِبِينَ كُنُوزٌ فِي أنَامِلِهَا
وَلِلزَّمَانِ عُقُودٌ مِنْ سَجَايَاهَا
في أَصْفَهَانَ دِيَارِ الْعِزِّ مَنْزِلُهُ
وَنَفْسُهُ فَوْقَ هَامِ النَّجْمِ مَسْعَاهَا
يرمي الغيوبَ بآراءٍ مسدَّدة ٍ
مِثْلِ السِّهَامِ فَلاَ تُخْطِي رَمَايَاهَا
عزَّتْ بهِ الدَّولة ُ العلياءُ واعتدلتْ
حتَّى ملا الأرضَ قسطاً عدلُ كسراها
عمادها العلمُ والمعروفُ نائبها(91/446)
إكسيرها مومياها برءُ أدواها
لَمْ يَتْرُكَنْ ظَالِماً غَيْرَ الْعُيُونِ بِهَا
إذ لا تجازى بما تجنيهِ مرضاها
أَفْدِيْهِ مِنْ عَالِمٍ تَشْفِي بَرَاعتُهُ
مرضى قلوبِ الورى في نفثِ أفعاها
لِلْفَاضِلِيْنَ سَجُودٌ حِيْنَ يُمْسِكُهَا
كَأَنَّ سِرَّ الْعَصَا فِيْهَا فَأَلْقَاهَا
كَأَنَّمَا لَيْلُنَا تُطْوَى غَيَاهِبُهُ
إِذَا صَحَائِفُهُ فِيْهَا نَشَرْنَاهَا
سطورها عنْ صفوفِ الجيشِ مغنية ٌ
وأيُّ جيشِ وغى ً بالرَّدِّ يلقاها
كأنَّما ألفاتٌ فوقها رقمتْ
عَلَى الأَعَادِي رِمَاحاً قَدْ هَزَزْنَاهَا
نَسْطُو بِهِنَّ عَلَى الْخَصْمِ الْمُلِمِّ بِنَا
كأنَّ راءاتها قضبٌ سللناها
إذا رأينا الحروفَ المهملاتِ بها
فودُّنا بالأناسي لوْ لقطناها
قَوْمٌ تَنَالُ الأَمَانِي وَالأَمَانَ بِهَا
وَآَخَرُونَ بِهَا تَلْقَى مَنَايَاهَا
لمْ يظفرِ الفهمُ يوماً في تصوُّرها
ولا يزورُ خيالُ الوهمِ مغناها
وبنتِ فكرٍ سحابُ الشكِّ حجَّبها
عنْ العقولِ وليلُ الغيِّ غشَّاها
جرتْ فأجرتْ لها منْ عين حكمتهِ
مَا لَوْ يَفِيْضُ عَلَى الأَمْوَاتِ أَحْيَاهَا
فرال عنها نقابُ الرَّيبِ وانكشفتْ
أَسْرَارُهَا وَتَجَلَّى وَجْهُ مَعْنَاهَا
قُلْ لِلَّذِينَ ادَّعَوْا فِي الْفَضْلِ فَلْسَفَة ً
قد أبطلَ الحجَّة ُ المهديُّ دعواها
من طورِ سيناءَ هذا نورُ فطنته
فمن أرسطو ومن طورُ ابنِ سيناها
فَلْيَفْخَرِ الْفُرْسُ وَلْيَزْهُوا بِسُؤْدُدِهِمْ
عَلَى جَمِيْعِ الْوَرَى وَلْيَحْمَدُوا اللهَ
بِمَنْ يُقَاسُونَ فِي الدُّنْيَا وَدَوْلَتُهُمْ
وَزِيْرُهَا مِنْ بَنِي طَهَ وَمَوْلاَهَا
منْ مالكٍ أصبحَ المهديُّ آصفها
وقامَ فيها سليمانُ الورى شاها
إنَّ الرِّعاية َ لا تعزى إلى شرفٍ
إِلاَّ إِذَا كَانَتِ الأَشْرَافُ تَرْعَاهَا
يَا ابْنَ الْنُبُوَّة ِ حَقّاً أَنْتَ عِتْرَتُهَا
فَقَدْ حَوَيْتَ كَثِيْراً مِنْ مَزَاياهَا(91/447)
حَافَظْتَ فِيْهَا عَلَى التَّقَوَى وَدُمْتَ عَلَى
عهدِ الموَّدة ِ والحسنى بقرباها
كمْ في ثناياكَ منَّا نفحة ً عبقتْ
إِلَيْكَ فِيْهَا اهْتَدَيْنَا إِذْ شَمِمْنَاهَا
منْ كلِّ منبقة ٍ بالفضلِ معجزة ٍ
آياتها منْ سواكمْ ما عرفناها
مَفَاخِرٌ قَبْلَ تَشْرِيفِي بِرُؤْيَتِكُمْ
آمنتُ بالغيبِ فيها إذ سمعناها
عَنْهَا ثِقَاتُ بَنِي الْمَهْدِيِّ قَدْ نَقَلُوا
لَنَا رِوَايَاتِ صِدْقٍ فَاعْتَقَدْنَاهَا
كانتْ كنثرِ الَّلآلي في مسامعنا
واليومَ فيكَ عقودٌ قدْ نظمناها
شكراً لصنعكَ منْ حرٍّ لسادتنا
بَعْدَ الإِيَاسِ وَهَبْتَ الْمُلْكَ وَالْجَاهَا
تزلزلتْ في بني المهديِّ دولتهمْ
لكِنَّ فِيْكَ إِلهَ الْعَرْشِ أَرْسَاهَا
تَطَلَّبَ الْفُرْسُ وَالأَعْرَابُ خُطْبَتَهَا
فَمَا سَمَحْتَ بِهَا إِلاَّ لأُوْلاَهَا
زوَّجتها بكريمِ النَّفسِ أطهرها
فرجاً وأوفرها علماً وأتقاها
لولا وجودكَ يا ابنَ المصطفى غصبتْ
مِنَّا حُقُوقُ مَعَالٍ قَدْ وَرِثْنَاهَا
عنَّا رفعتَ زمانَ السُّوءِ فانقمعت
بالكرهِ شوكتهُ حتَّى وطئناها
مَوْلاَيَ دَعْوَة َ مُشْتَاقٍ حُشَاشَتُهُ
لولا الرَّجاءُ أوارُ المجدِ أوراها
إِلَيْكَ قَدْ بَعَثَتْهُ رَغْبَة ٌ غَلَبَتْ
لمْ يهجرِ الأهلَ والأوطانَ لولاها
لعلَّ عزمة َ نشطٍ فيكَ قدْ رحلتْ
يَرْقَى الْجِبَالِ لِيَلْقَى طُورَ سِيْنَاهَا
فحلَّ بقعة َ قدرسٍ حينَ شارفها
مَا شَكَّ أَنَّكَ نَارٌ أَنْتَ مُوْسَاهَا
تَوَهَّمَ الَنَّوْرَ نَاراً إِذْ رَآكَ وَكَمْ
نَفْسٍ تُغَالِطُهَا فِي الصِدْقِ عَيْنَاهَا
دنا ليقبسَ ناراً أو يصيب هدى ً
إلى مداركِ غاياتٍ تمنَّاها
حاشا عن الرُّؤية العظمى تجابُ بلنْ
فَكُلُّ قَصْدِ كَلِيْمِ الشَّوْقِ إِيَّاهَا
إِنْ لَمْ يَعُدْ بِالْيَدِ الْبَيْضَاءِ مِنْكَ إِلَى
دِيَارِ مِصْرٍ أَتَى مِنْهَا فَقَدْ تَاهَا
عسى بكمْ ينجح الرَّحمنُ مطلبهُ
فقدْ توسَّلَ فيكمْ يا بني طهَ(91/448)
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> يَنِمُّ عَلَيْهِ الدَّمْعُ وَهْوَ جَحُودُ
يَنِمُّ عَلَيْهِ الدَّمْعُ وَهْوَ جَحُودُ
رقم القصيدة : 9793
-----------------------------------
يَنِمُّ عَلَيْهِ الدَّمْعُ وَهْوَ جَحُودُ
وَيَنْتَحِلُ الْسُّلوَانَ وَهْوَ وَدُودُ
ويذكرُ ذهلاً والهوى حيثُ عامرٌ
ومنزلَ حزوى والمرادُ زرودُ
وَيُظْهِرُ فِي لُبْنَى الْغَرَامَ مُوَرِّياً
ومنهُ إلى ليلى الضَّميرُ يعودُ
وَيَشْتَاقُ آرَامَ الْعَقِيقِ وَإِنَّهُ
لعمركَ في أشباهها لعميدُ
وَيَصْحُو فَتَأْتِيْهِ الصِّبَا بِرِوَايَة ٍ
عَنِ الْبَانِ تَسْقِيهِ الْطُّلَى فَيَمِيدُ
تحدِّثهُ عنْ أهلهِ فتميتهُ
وَتَنْفَحُهُ فِي نَشْرِهِمْ فَيَعُودُ
أَرُوحُ وَلِي رُوحٌ تَسِيْرُ مَعَ الصَّبَا
لها صدرٌ نحوَ السَّما وورودُ
وَقَلْبٌ عَلَى كُلِّ الْخُطُوبِ إِذَا دَهَتْ
سِوَى الدَّلِّ وَالْبَيْنِ الْمُشِتِّ جَلِيدُ
وَعَيْنٌ لوَ انَّ الْمُزْنَ تَحْمِلُ مَاءَهَا
لأمسى اشتعالُ البرقِ وهوَ خمودُ
إذا شمتُ إيماضاً حدتْ مزنَ عبرتي
نمَ الزَّفراتِ الصَّاعداتِ رعودُ
علامَ الجفونُ السودُ منكروٌ دمي
وَفي الْوَجَنَاتِ الْبِيْضَ مِنْهُ شُهُودُ
وَمَا بَالُ هَاتِيكَ الْخُصُورِ نَحِيفَة ً
أَهُنَّ لأَبْنَاءِ الْكَمَالِ جُدُودُ
وَمَا بَالُنَا أَحْدَاقُنَا فِي نُفُوسِنَا
بِحُبِّ الظِّبَاءِ الْبَاخِلاَتِ تَجُودُ
نسمِّي السُّيولَ الحمرَ منها تجاهلاً
دُمُوعاً وَنَدْرِي أَنَّهُنَّ كُبُودُ
وإنِّي منَ القومِ الَّذينَ بنانهم
وألسنهمْ للسَّائلينَ تفيدُ
نسودُ الأسودَ الضَّارياتِ وإنْ غدا
لَنَا الظَّبَيَاتُ الْكَانِسَاتُ تَسُودُ
وَتَضْرَعُنَا بِيضُ الظُّبَا وَهِيَ أَعْينٌ
وَنَحْطِمُهَا بِالْهَامِ وَهْيَ حَدِيدُ
أَمَا وَبُدُورٍ أَشْرَقَتْ وَهِيَ أَوْجُهُ
وَسُودِ لَيَالٍ طُلْنَ وَهْيَ جُعُودُ
وَأَغْصَانِ بَانٍ تَنْثَنِي فِي غَلاَئِلٍ(91/449)
وَسُمْرِ رِمَاحٍ فَوْقَهُنَّ بُرُودُ
وبيضِ نحوٍ تحتمي في أساورٍ
وأجفانِ آرامٍ بهنَّ أسود
وأطواقِ تبرٍ هنَّ للعينِ حلية ٌ
وللصَّبِّ في أسرارِ الغرامِ قيودُ
لفي القلبش وجدٌ لو حوى اليمُّ بعضهُ
لأَضْحَتْ الْحِيْتَانُ وَهْيَ وَقُودُ
وفي الخدِّ دقٌ لو سقى الرَّوضَ أصبحتْ
أقاحيهِ بالأكمامِ وهي ورودُ
فَكَمْ فِي الْبُكَا يَنْثُرْنَ يَاقُوتَ أَدْمُعِي
ثغورٌ تحاكي الدرَّ وهوَ نضيدُ
ثغورٌ تذيبُ القلبَ وهيَ جوامدٌ
وَتُضْرِمُ فِيَّ النَّارَ وَهْيَ بَرُودُ
فحتَّامَ لا نارُ الصَّبابة ِ تنطفي
ولا للدُّموعِ الجارياتِ جمودُ
لعمركَ قبلَ الشَّيبِ لمْ أعرفِ الدُّمى
تسوقُ إليَّ الحتفَ وهوَ صدودُ
ولمْ أدرِ قبلَ الحبِّ أنْ يبعثَ القضا
إليَّ المنايا الحمرَ وهيَ خدودُ
وما خلتُ أنَّ الُّلدنَ والصَّبرُ لا متى
تمكَّنَ فيَّ الطَّعنَ وهيَ قدود
ولم أحسبِ الرمّانَ منْ ثمرِ القنا
إلى أنْ رأتهُ العينُ وهوَ نهودُ
بِرُوْحِي ظِبَاءً نَافِرَاتٍ عُيُونُهَا
شِرَاكٌ بِهَا صِيْدَ الأُسُودِ تَصِيْدُ
لها لفتاتٌ مهلكاتٌ كأنّها
لسرحِ الرّدى روضَ القلوبِ ترودُ
كأنَّ على أعناقها ونحورها
تنظّمَ منْ مدحِ الحسينِ عقودُ
قَرِيْبٌ إِلَى الْمَعْرُوفِ تَدْعُوهُ شِيْمَة ٌ
بِهَا عُرِفَتْ آبَاؤُهُ وَجُدُودُ
سحابٌ بهِ تحمى النّفوسُ إذا همى
وينبتُ في روضِ الحديدِ جلودُ
همامٌ إذا لاقى العدا وهوَ وحدهُ
يصيدُ أسودَ الجيشِ وهوَ عديدُ
مِنَ الطَّعْنِ يَحْمِي الْعِرْضَ عَنْ جَنَّة ِ النَّدَى
وللمالِ في سيفِ النّوالِ يبيدُ
أخو كرمٍ أمّا نوالُ بنانهِ
فَدَانٍ وَأَمَّا مَجْدُهُ فَبَعِيْدُ
كَأَنَّ بُيُوتَ الْمَالِ مِنْهُ لِجُودِهِ
عُيُونُ مُحِبٍّ وَالْحُطَامُ هُجُودُ
لَهُ شُثْنُ أَظْفَارِ الْمَنَايَا صَوَارِمٌ
وَأَجْنِحَة ُ النَّصْرِ الْعَزِيْزِ بُنُودُ
إذا الجدولُ الهنديِّ يجري بكفّهِ
فَفِي الْوِرْدِ مِنْهُ كَمْ يَغَصُّ وَرِيدُ(91/450)
مَقَرُّ عَوَالِيهِ الْقُلُوبُ كَأَنَّهَا
إِذَا هَزَّهَا نَحْوَ الصُّدُورِ حُقُودُ
تكهّلَ في علمِ العلا وهوَ يافعٌ
وَجَازَ بُلُوغَ الْحُلْمِ وَهْوَ وَلِيدُ
وَأَفْصَحَ عَنْ فَصْلِ الْخِطَابِ بِمَنْطِقٍ
لديهِ لبيدٌ ضارعٌ وبليدُ
لهُ بصرٌ يرنو بهِ عنْ بصيرة ٍ
يجوزُ حدودَ الغيبِ وهوَ حديدُ
وليلٌ إذا استجلاهُ في ليلِ مارقٍ
غدا لصباحِ النّحجِ وهوَ عمودُ
وعزمٌ لو أنَّ البيضَ تحكيهِ ما نبتْ
لَهَا عَنْ صُدُورِ الدَّارِعِينَ حُدُودُ
وقضبٌ كأمثالِ النّجومِ تقدّرتْ
بهنَّ نحوسٌ للورى وسعودُ
كَأَنَّ ضِيَاهَا لِلْعِبَادِ طَوَالِعٌ
فَفِيْهَا شَقِيٌّ مِنْهُمُ وَسَعِيدُ
تشكي الظّما منها الشّفارُ وفي الدّما
لَهَا وَهْيَ نَارِ الْقُيُونِ وَرُودُ
وَتَهْوَى الطُّلاَ حَتَّى كَأَنَّ أَدِيمَهَا
لها قدماً فيهِ اكتسبنَ غمودُ
سلِ الغيثَ عنهُ إنْ جهلتَ فإنّهُ
يُقِرُّ لَهُ بِالْفَضْلِ وَهْوَ حَسُودُ
وَمَا الرَّعْدُ إِلاَّ صَوْتُ زَجْرٍ لَهُ عَلَى
تَشَبُّهِهِ في جُودِهِ وَوَعِيْدُ
وليسَ انحناءُ البيضِ إلا لعلمها
بِهِ أَنَّهُ الأَمْضَى فَهُنَّ سُجُودُ
إِذَا الدَّهْرُ أَفْنَى نَجْلُهُ أَنْفُسَ الْغِنَى
أُفِيضَ عَلَيْهَا مِنْ نَدَاهُ وُجُودُ
دنا فتدلّى للعطاءِ ونعلهُ
لهُ فوقَ إكليلِ النّجومِ صعودُ
يسيرُ فتغدو الرّبدُ وهيَ سوابقٌ
لديهِ وتضحي الفتخَ وهي جنودُ
قَوَادِمُهَا لِلشُّوسِ تُرْسِلُ نَيْلَهُ
وأحشاؤها للخائنينَ لحودُ
فيا ابنَ عليٍّ وهيَ دعوة ُ مخلصٍ
لَهُ عَهْدُ صِدْقٍ فِي وِلاَكَ أَكِيدُ
لقدْ نفّذَ الرّحمنُ حكمكَ في الورى
فَلِنْتَ لَهُمْ لَفْظاً وَأَنْتَ شَدِيدُ
وَكَافأْتِ بِالإحْسَانِ مَنْ سَاءَ فِعْلُهُ
إِلَيْكَ فَحُزْتَ الْفَضْلَ وَهْوَ حَمِيدُ
وعطّلتَ بئرَ الظّلمِ حتّى تهدّمتْ
فَأَصْبَحَ قَصْرُ الْعَدْلِ وَهْوَ مَشِيدُ
أرضتَ خطوبَ الدّهرِ وهيَ جوامحٌ
وطاوعكَ المقدارُ وهوَ عنيدُ(91/451)
ليهنكَ عيدُ الفطرِ يا بهجة َ الورى
وَمُلْكٌ قَدِيمٌ عَادَ وَهْوَ جَدِيدُ
فما البصرة ُ الفيحاءُ إلا قلادة ٌ
وأنتَ بها نحرٌ يليقُ وجيدُ
بطيبكَ طابتْ أرضها مذْ حللتها
فسافرَ منها المسكُ وهوَ صعيدُ
فلا زلتَ محروسَ الجنابِ مملّكاً
حَلِيْفَاكَ فِيْهَا دَوْلَة ٌ وَخُلُودُ
تَزُورُكَ أَمْلاَكُ الْوَرَى وَهْيَ خُضَّعٌ
وَتَقْصِدُكَ الأيَّامُ وَهْيَ وُفُودُ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> هذَا الْحِمَى يَا فَتَى فَانْزِلْ بِحَوْمَتِهِ
هذَا الْحِمَى يَا فَتَى فَانْزِلْ بِحَوْمَتِهِ
رقم القصيدة : 9794
-----------------------------------
هذَا الْحِمَى يَا فَتَى فَانْزِلْ بِحَوْمَتِهِ
واخضع هنالكَ تعظيماً لحرمتهِ
وَإِنْ وَصَلْتَ إِلَى حَيٍّ بِأَيْمَنِهِ
بَعْدَ الْبُلُوغِ فَبَالِغْ فِي تَحِيَّتِهِ
وحلَّ بالحلِّ واكحل بالثّرى بصراً
وَقَبِّلِ الأَرْضَ وَاسْجُدْ نَحْوَ قِبْلَتِهِ
وَاطْمَعْ بِمَا فَوْقَ إِكْلِيلَ النُّجُومِ وَلاَ
تَرْجُوْ الْوُصُولَ إِلَى مَا فِي أَكِلَّتِهِ
واحذرْ أسودَ الشّرى إنْ كنتَ مقتنصاً
فَإِنَّ حُمْرَ ظُبَاهَا دُونَ ظَبْيَتِهِ
لِلهِ حَيٌّ إِذَا أَوْتَادُهُ ضُرِبَتْ
يودُّها الصّبُّلو كانتْ بمهجتهِ
بِجِزْعِهِ كَمْ قَضَتْ مِنْ مُهْجَة ٍ جَزَعاً
وكمْ هوتْ كبدٌ حرّى بحرّتهِ
لَمْ يُمْكِنِ الْمَرْءَ حِفْظاً لِلْفُؤَادِ بِهِ
يَوْماً وَلَوْ كَانَ مَقْبُوضاً بِعَشْرَتِهِ
ما شئتَ فيهِ اقتراحْ إلا الأمانَ على
قرحى القلوبِ وإلا وصلَ نسوتهِ
ربَّ الحسامِ وذاتِ الجفنِ فيهِ سوى ً
كُلٌّ غَدَا الْحَتْفُ مقْرُوناً بِضَرْبَتِهِ
لنْ تخفيَ الحجبُ أنوارَ الجمالِ بهِ
فربّة ُ السّجفِ فيهِ كابنِ مزنتهِ
قدْ أنشأ الغنجَ شيطانُ الغرامِ بهِ
فَقَامَ يَدْعُوْ إِلَى شَيْطَانِ فِتْنَتِهِ
والحسنُ فيهِ لسلطانُ الهوى أخذتْ
يداهُ في كلِّ قلبٍ عقدَ بيعتهِ
أقمارهُ لحديدِ الهندِ حاملة ٌ(91/452)
تَحْمِي شُمُوسَ الْعَذَارَى فِي أَهِلَّتِهِ
اللهَ في نفسِ مصدورٍ بكمْ خرجتْ
فَكَانَ مُوسَى وَيَحْيَى مِثْلَ حَيَّتِهِ
فحبّكمْ لتحبّوهُ فهامَ وما
يَدْرِي مَحَبَّتَهُ تَصْحيفَ محْنَتِهِ
صنتمْ صغارَ اللاءلي منْ مباسمكمْ
عَنْهُ وَغِرْتُمْ عَلَى يَاقُوتِ عَبْرَتِهِ
فكمْ أسيرِ رقادٍ عنهُ رقّكمُ
فَادَى جُفُونَكُمُ الْمَرْضَى بِصَّحِتِهِ
يا حَاكِمِي الْجَوْرِ فِيْنَا مِنْ مَعَاطِفكُمْ
تعلّموا العدلَ وانحوا نحوَ سنَّتهِ
قلبي لدى بعضكمْ رهنٌ وبعضكمُ
هذا دمي صارَ مطلولاً بوجنتهِ
وَذَا ابْنُ عَيْنَيَّ خَالٌ فِي مُوَرَّدِهِ
وذاكَ نوميَ مسروقٌ بمقلتهِ
أَفْدِي بِكُمْ كُلَّ مَخْصُورٍ ذُؤابَتُهُ
تَتْلُو لَنَا ذِكْرَ فِرْعَوْنٍ وَفِرْقَتِهِ
كأنّما الخضرَ فيما نالَ شاركهُ
فَفِي الْمَرَاشِفِ مِنْهُ طَعْمُ جُرْعَتِه
أُعِيْذُ نَفْسِي بِكُمْ مِنْ سِحْرِ أَعْيُنِكُمْ
فإنَّ أصلَ بلائي منْ بليّتهِ
فِي كُلِّ نَوْعٍ مُرَادٍ مِنْ مَحَاسِنِكُمْ
نوعٌ منَ الموتِ يأتينا بصورتهِ
تَكَادُ قَلْبي إِذَا مَرَّ الَّنسِيْمُ بِكُمْ
عَلَيْهِ فِي الْنَّارِ يَحْمَى مِنْ حَميِتِهِ
يا حبّذا غرُّ أيّامٍ بنا سلفتْ
عَلَى مِنى ً وَلَيَالِينَا بِحَمْرَتِهِ
أَوْقَاتُ أُنْسٍ كَسَتْ وَجْهَ الزَّمَانِ سَنى ً
فَأَهْلَكُوا بِرُجُومٍ مِنْ أَسِنَّتِهِ
كَمْ نَشَّقَتْنَا رَيَاحِيْنَ الْوِصَالِ بِهِ
يَدُ الرِّضَا وَسَقَتْنَا كَأْسَ بَهْجَتِهِ
كأنَّ لطفَ صباها في أصائلها
لطفُ الوزيرِ حسينٍ في رعيَّتهِ
فزنا بها وأمنّا كلَّ حادثة ٍ
كَأَنَّمَا نَحْنُ فِي أَيَّامِ دَوْلَتِهِ
مَضَتْ وَلِلآنَ عِنْدِي لَيْسَ يَفْضُلُهَا
شيءٌ منَ الدَّهرِ إلاّ يومِ نصرتهِ
يَوْمٌ بِهِ أَعْيُنُ الأَعْدَاءِ بَاكِية ٌ
وَالْسَّيْفُ يَبْسِمُ مَخْضُوْباً بِعِزِّتِهِ
وَالْحَتْفُ يَتْرَعُ كَاسَاتٍ النَّجِيْعِ بِهِ
والرُّمحُ يهتزَّ نشواناٌ بخمرتهِ(91/453)
والذّنبُ أصبحَ مسروراٌ ومبتهجاٌ
والليثُ يندبُ مفجوعاٌ بإخوتهِ
لقد رماها بموالرٍ ذوابلهُ
مِثْلِ الصِّلاَلِ تَسَقَّتْ سُمَّ عَزْمَتِهِ
جيشٌ إذا سارَ يكسو الجَوعثيرهُ
فتعثرُ الشَّمسُ في أذيال هبوتهِ
دروعهُ الحزمُ منْ تسديدِ سيِّدهِ
وبيضُ راياتهِ آراءُ حكمتهِ
إذا الجّبالُ لهُ في غارة ٍ عرضتْ
إلى الرَّحيلِ تنادتْ عوفَ وطأتهِ
تَرَى بِهِ كُلَّ مِقْدَامٍ بِكُلِّ وَغى ً
يَرَى حُصُولَ الأَمَانِي فِي مَنِيَّتِهِ
شهمٌ إذا ما غديرُ الدّرعِ جلّلهُ
مِنْهُ تَوَهَّمْتَ ثُعْبَاناً بِحِلْيَتِه
وَإِنْ تَأَبَّطْتَ سيفاً خِلْتَهُ قَدَراً
يَجْرِي وَتَجْرِي الْمَنَايَا تَحْتَ قُدْرَتِهِ
فَأَصْبَحَ الْحَيُّ مِنْهَا حِيْنَ صَبَّحَهَا
يَذْرِي الدُّمُوعَ عَلَى الصَّرْعَى بِعَرْصَتِهِ
قدْ توّجَ الضّربَ بالهاماتِ معقلهُ
وَوَرَّدَ الطَّعْنُ مِنْهُ خَدَّ تُرْبَتِهُ
لمْ يدرِ يفرحُ في فتحِ الحسينِ لهُ
إذْ حازهُ أمْ يعزّى في أعزّتهِ
فَتْحٌ أَتَاهُ وَكَانَ الصَّوْمُ مَلْبِسَهُ
فَهَزَّ عِطْفَيْهِ في دِيبَاجِ خِلْعَتِهِ
أشابَ فوديهِ باأهوالِ أولَّلهُ
وعادَ أولُّ يومٍ منْ شبيبتهِ
فتحٌ تراهُ المعاليْ نورَ أعينها
وَيَكْتَسِي الْمَجْدَ فِيهِ يَوْمُ زِينَتِهِ
إِذَا الرُّوَاة ُ أَتَوْا فِي ذِكْرِهِ سَطَعَتْ
مَجَامِرُ النَّدِّ مِنْ أَلْفَاظِ قِصَّتِهِ
سلش الهفوفَ عنِ الأعرابِ كم تركوا
منَ الكنوزِ وجنّاتٍ بنقعتهِ
وَسَائِلِ الْجَيْشَ عَنْهُمْ كَمْ بِهِمْ نَسَفَتْ
عَوَاصِفُ النَّصْرِ طَوْقاً عِنْدَ سَطْوَتِهِ
مَا هُمْ بِأَوَّلِ قَوْمٍ حَيَّهُمْ فَرَدُوا
يَضِيقُ رُحْبُ الْفَضَا فِي عَيْنِ هَارِبِهِمْ
خَوْفاً وَأَضْيَقُ مِنْهَا دِرْعُ حِيلَتِهِ
يا خالديّونَ خنتم عهدَ سيِّدكمْ
هَلاَّ وَفَيْتُمْ وَخِفْتُمْ بَأْسَ صَوْلَتِهِ
يحيا دعاكم ْ لمولاكمْ لتقتبسوا
مِنْ نُورِهِ فَاصْطَلَيْتُمْ نَارَ جَذْوَتِهِ(91/454)
منْ جيشهِ أحرقتكمْ نارَ صاعقة ٍ
فكيفَ لو تنجليْ أنوارُ طلعتهِ
عارضتموهُ بسحرٍ منْ تخيُّلكمْ
فكانَ موسى ويحيى مثلَ حتتهِ
أضَّلكمْ عنْ هداكم سامريكمْ
حَتَّى اتَّخذْتُم إِلَهاً عِجْلَ ضِلَّتِهِ
كنتمْ بفوزِ وجنَّاتٍ فأخرجكمْ
إبليسُ منها وحزتمْ خزيَ لعنتهِ
برّاكَ ربّكَ ما برّاكَ منهُ ولا
خُصِصْتَ فِي بَرَكَاتٍ منْ عَطِيَّتِهِ
كَفَرْتَ فِي رَبِّكَ الثَّانِي وَخُنْتَ بِهِ
يكفيكَ ما فيكَ منْ حرمانِ نعمتهِ
يا زينة َ الملكِ بلْ يا تاجَ سوددهِ
وحلية َ الفخرِ بلْ يا طرزَ حلّتهِ
إنْ كانَ منْ فتحِ عمّورية ٍ بقيتْ
ذُرِّيَّة ٌ مِنْ بَنِيْهِ أَوْ عَشِيرَتِهِ
فإنَّ فتحكَ هذا فذُّ توأمهِ
وَإِنَّ نَصْرَكَ هذَا صِنْوُ نَخْلَتِهِ
لو كانَ يدري لهُ بالقبرِ معتصمٌ
لقامَ حيا وعادتْ روحُ غيرتهِ
فَلْيَهِنْكَ اللهُ في النَّصْرِ الْعَزِيزِ وَفِي الْـ
فَتْحِ الْمُبِينِ وَفِي إِدْرَاكِ رِفْعَتِهِ
وَلَيْتَ وَالِدَكَ الْمَرْحُومَ يَشْهَدُ مَا
منكَ الحضورُ رواهُ حالَ غيبتهِ
منْ مبلغٌ عنكَ هذا الفتحَ مسمعهُ
لكي تكونُ سواءً في مسرّتهِ
سمعاً فديتكَ مدحاً منْ حليفِ ولا
عَلَيْهِ صِدْقُ وِلاَءَ مِنْ عَقِيدَتِهِ
مَدْحاً عَلَى وَجْنَتَيْهِ وَرْدَتَا خَجَلي
منكمْ وأوضحَ عذري فوقَ غرّتهِ
بِوَجْهِهِ مِنْ ظُنُوني فِي مَكَارِمِكُمْ
آثارُ حسنٍ وبشرٍ فوقَ بشرتهِ
أَحْرَقْتَ بِالصَّدِّ عُودِي فَاسْتَطَابَ شَذاً
أما تشمُّ مديحي طيبَ نفحتهِ
هذا الّذي كانَ في ظرفي نصحتُ بهِ
فارشفْ طلا كأسهِ والذذ بشهدتهِ
واغفرْ فدى ً لكَ نفسي ذنبَ معترفٍ
بِفَضْلِكُمْ مُسْتَقِيلٍ مِنْ خَطِيئَتِهِ
كن كيفَ شئتَ فمالي عنكَ مصطبرٌ
وارفقْ بمنْ أنتَ ملزومٌبذمّتهِ
لا زلتَ يا انَ عليِّ ركنَ بيتِ علاً
تهوي الوجوه سداً نحوَ كعبتهِ
Free counter
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> طلبتَ عظيمَ المجدِ بالهمّة ِ الكبرى
طلبتَ عظيمَ المجدِ بالهمّة ِ الكبرى(91/455)
رقم القصيدة : 9795
-----------------------------------
طلبتَ عظيمَ المجدِ بالهمّة ِ الكبرى
فَأَدْرَكْتَ فِي ضَرْبِ الطُّلاَّ الدَّوْلة َ الْغَرَّا
وَسِرْتَ عَلَى شَوْكِ الْعَوَالِي إِلَى الْعُلاَ
وَمَنْ رَامَ إِدْرَاكَ الْعُلاَ يَرْكَبِ الْوَعْرَا
لِكَسْبِ الثَّنَا خُضْتَ الْحُتُوفَ وَإِنَّمَا
يَخُوضُ عُبَابَ الْبَحْرِ مَنْ يَطْلُبُ الدُّرَّا
إذا عرضتْ دونَ المنى لكَ لجّة ٌ
مِنَ الْحَتْفِ صَيَّرْتَ الْحَدِيدَ لَهَا جِسْرَا
وإنْ غشيتْ نورَ البصائرِ ظلمة ٌ
جليتَ منَ الرّأي السّديدِ بها فجرا
درى الملكُ يا يحيى بأنّكَ قلبهُ
فَضَمَّكَ حَتَّى مِنْهُ أَسْكَنَكَ الصَّدْرَا
جلستَ على كرسيّهِ فأزنتهُ
فأصبحتَ كالتّوريدِ في وجنة ِ العذرا
خلتْ منهُ إحدى راحتيكَ فخرتهُ
بِسَعْيِكَ بَعْدَ الْفَوْتِ بِالرَّاحَة ِ الأُخْرَى
فخاتمهُ لمْ ينتزعْ منْ يمينهِ
سِوى ً كَانَ بِالْكَفِّ الْيَمِينِ أَوِ الْيُّسْرَى
فما البصرة ُ الفيحاء إلا قلادة ٌ
وَنَحْرُكَ مِنْ دُونِ النُّحُورِ بِهَا أَحْرَى
وَمَا هِيَ إِلاَّ ذَاتُ حُسْنٍ تَعجَّبَتْ
قَدِ اتَّخَذَتْ جَيْشَ الأُسُودِ لَهاخِدْرَا
حَصَانٌ بِهَالاَتِ الْحُصُونِ تَسَوَّرَتْ
مُخَدِّمَة ً تَسْتَخْدِمُ البِيضَ وَالسُّمْرَا
تمادى زماناً وعدها فتمنّعتْ
وَجَادَتْ بِوَصْلٍ بَعْدَمَا مَطَلَتْ دَهْرَا
وَلَجْتَ قُلُوبَ الْبِيضِ كَالسِّرِّ نَحْوَهَا
وَخُضْتَ بِلِمَّاتِ الْمُلِّمَاتِ كَالْمِدْرَا
تزوّجتها منْ بعدِ ما فاتها الصّبا
فَأَمْسَتْ لَدَيْكَ الآنَ ثَيِّبُهَا بِكْرَا
نسجتَ لها حمرَ الملابسِ بالوغى
وألبستها في سلمكَ الحللَ الخضرا
جَعَلْتَ رُؤُوسَ الْمُعْتَدِينِ نِثَارَهَا
وَأنْقَذْتَ مِنْ بِيضِ الْحَدِيدِ لَها الْمَهْرَا
دَخَلْتَ عَلَيْهَا بَعْدَمَا انْكَشَفَ الْغِطَا
فكنتض لعوراتِ الزَّمانِ لهل سترا
رَجَعْتَ إِلَيْهَا بِالْوِلاَيَة ِ بَعْدَ مَا(91/456)
عَرَجْتَ عُرُوجَ الرُّوحِ فِي لَيْلَة ِ الإِسْرَا
ترَّحلتَ عنها كالهلالِ ولمْ تزلْ
تنقّلُ حتى عدتَ فيْ أفقهابدرا
وَفَارَقَهَا مَحْرُوقَة َ الْقَلْبِ ثَاكِلاً
وَأُبْتَ فَأَبْدَتْ مِنْ مَسَرَّتِهَا الْبِشْرَا
فَكَمْ مَرَّ عَامٌ وَهْيَ تُخْفِي حَنِينَهَا
لَقَدْ كَانَ هذَا الأَمْرُ فِي نَفْسِهَا سِرَّا
فكمْ مرَّ عامٌ وهيض تخفي حنينها
إِلَيْكَ وَتُحْيِي لَيْلَهَا كُلَّهُ سَهْرَا
لأمرٍ عدا كانت تصدُّ إذا رأتْ
لِوَصْلِكَ وَقْتاً لَمْ تَجِدْ دُونَهُ عُذْرَا
بسمرِ القنا ورّدتَ بالطّعنِ خدها
وبالبيضِ قدْ رتّلتَ منْ ثغرها الثّغرا
لقدْ أبصرتْ بعدَ العمى فيكَ عينها
وأحدثَ في أجفانها فتحكَ السّحرا
وَقَلَّدْتَ فِي عِقْدِ الْمَكَارِمِ جِيدَهَا
ووشّحتَ منها في صنائعكَ الخصرا
وأضحكتها بعدَ البكا في صوارمٍ
متى ابتسمتْ في الرّوعِ تستضحكُ النّصرا
وَرَشَّقْتَهَا حَتَّى حَكَى التِّبْرَ تُرْبَهَا
وَلَوْلَمْ تَكُنْ في أرْضِهَا اصْبحتْ قفْرا
فَكُنْتَ لَهَا لَمَّا اسْتَوَيْتَ بِعَرْشِهَا
كَيُوسُفَ إِذْ وَلاَّهُ سَيِّدُهُ مِصْرَا
فلمْ تجزِ أهلَ الكيدِ يوماً بكيدهمْ
ولمْ تصطنعْ غدراً بمنْ صنعَ الغدرا
وَهَبْتَ جَمِيعَ الُمُذْنِبِينَ نُفُوسَهُمْ
فأوسعتهمْ عذراً وأثقلتهمْ شكرا
وُجُودُكَ فِيْهَا لِلْعِبَادِ مَسَرَّة ٌ
لأنّكَ بدرٌ وهيَ بالشّرفِ الزّهرا
حويتَ الثّنا والبأسَ والنّهى
وحزتَ النّدى والعفوَ والحلمَ والصّبرا
عمرتَ بيوتَ المجدِ بعدَ خرابها
فَجَدَّدْتَ يَا يَحْيَ لأَمْوَاتِهَا عُمْرَا
بِخُفَّيْكَ يَمْشِي الْنَعْلُ وَهْوَ حَدِيدَة ٌ
يفوقُ على تاجِ النّضارِ على كسرى
وَفِيْكَ ثَرَى الْفَيْحَاءِ لَمَّا حَلَلْتَهَا
تشرّفَ حتّى شارفَ الأنجمَ الزّهرا
تَهَنَّ بِهَا مُسْتَمْتِعاً وَالْقَ وَجْهَهَا
ببشرٍ يسرّي الهمَّ عنْ مهجة ِ الغرّا
فَلاَ بَرَحَتْ أَيْدِي الْمَلاَحَة ِ وَالصِّبَا(91/457)
على وجنتيها تجمعُ الماءَ والجمرا
وزفَّ الطّلا واشربْ على وردِ خدّها
فَشُرْبُ الطِّلاَ يَحْلُو عَلَى الْوَجْنَة ِ الْحَمْرَا
وَلاَ صَحَّ مُعْتَلُّ النًّسِيمِ وَلاَ صَحَتْ
بِعَصْرِكَ فِيْهَا أَعْيُنُ الْخُرَّدِ السَّكْرَى
وَلاَ زِلْتَ غَيْثاً هَامِيا وَهْيَ رَوْضَة
مدى الدّهرِ تجني منْ خمائلها الزّهرا
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> سَلاَمٌ حَكَى في حُسْنِهِ لُؤلُؤَ الْعِقْدِ
سَلاَمٌ حَكَى في حُسْنِهِ لُؤلُؤَ الْعِقْدِ
رقم القصيدة : 9796
-----------------------------------
سَلاَمٌ حَكَى في حُسْنِهِ لُؤلُؤَ الْعِقْدِ
وضمّخَ منهُ الحبيبُ بالعنبرِ الوردِ
وَأَرْوَى تَحِيَّاتٍ تَغَنَّى بِرَوْضِهَا
حَمَامُ الثَّنَا شُكْراً عَلَى فَنَنِ الوُدِّ
وخيرَ دعاءٍ قدْ أصابَ إجابة ً
بِسَهْمِ خُشُوعٍ فَوَّقَتْهُ يَدُ الْمَجْدِ
مِنَ الْمُخْلِصِ الْمَمْلُوكِ يُهْدِي كَرَامَة ً
إلى السّيّدِ المعروفِ بالفضلِ والفوفدِ
إِلَى ابْنِ الْكِرَامِ الْفَاخِرينَ ذَوِي الْعُلاَ حَلِـ
حليفِ النّدى المولى الحسينِ أخي الرّشدِ
سحابٌ إذا استسقى العفاة ُ نوالهُ
يَجُودُ بِلاَ وَعْدٍ وَيَهْمِي بِلاَ رَعْدِ
كَرِيمٌ إِذَا هَبَّ السُّؤَالُ بِسَمْعِهِ
يُنَبِّهُ عَنْ أَخْلاَقِهِ حَدَقَ الْوَرْدِ
بمولدهِ طابَ الزّمانُ وأهلهُ
وَشَبَّ وَقَرَّتْ مُقْلَة ُ الْعَدْلِ وَالْمَجْدِ
يَرِقُّ إِذَا رَقَّ النَّسِيْمُ لَدَى النَّدَى
وَيَقْسُو لَدَى الهَيْجَاءِ كَالْحَجَرِ الصَّلْدِ
تَكَوَّنَ مِنْ بَأْسٍ وَجُودٍ وَبَأْسُهُ
بأعضائهِ يوريْ وراحاتهُ تندي
إِذَا جَادَ يَوْماً مِنْ بَنِي الْمُزْنِ خِلْتَهُ
وإنْ هزَّ سيفاً خلتهُ منْ بني الأسدِ
تكمّلَ في وجهِ السّعادة ِ وجههُ
فأشرقَ في إكليلهِ قمرُ السّعدِ
أَلاَ فَاحْمِلي يَا رِيحُ مِنِّي أَمَانَة ً
تحدّثُ عنْ حفظِ العهودِ لهُ عندي
رِسَالَة َ مُشْتَاقٍ إِلَيْهِ كَأَنَّمَا(91/458)
تَنَفَّسَ مِنْهَا الصُّبْحُ عَنْ عَبَقِ النَّدِّ
وعنّي قبّلْ يا رسولُ يمينهُ
وبثَّ إليهِ ما أجنُّ منَ الوجدِ
وَبَلِّغْهُ تَسْلِيمي عَلَيْهِ فَعَلَّهُ
يُجِيِبُكَ فِي رَدِّ السَّلاَمِ عَلَى الْبُعْدِ
فذلكَ منٌّ منهُ كالمنِّ طعمهُ
يَلَذُّ بِهِ سَمْعِي وَيَشْفَى بِهِ كِبْدِي
وَإِنِّي لَمَمْنُونٌ لَدَيْكَ بِقَصْدِهِ
وَلَوْ كُنْتَ مَجْرَى كَالدُّمُوعِ عَلَى خَدِّي
وَيَا لَيْتَهَا نَعْلٌ بِرِجْلَيْكَ شُرِّفَا
بتربة ِ واديهِ المقدّسِ منْ جلدي
عَلَيْهِ سَلاَمُ اللهِ مَا حَنَّ شَيِّقٌ
وأورتْ صباباتُ الغرامِ صبا نجدِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> مَا اشْتُقَّ بَياضُ مِسْكِهَا الْكَافُورِ
مَا اشْتُقَّ بَياضُ مِسْكِهَا الْكَافُورِ
رقم القصيدة : 9797
-----------------------------------
مَا اشْتُقَّ بَياضُ مِسْكِهَا الْكَافُورِ
مِسْكَ الشَّعَرِ
إلا كسرَ الضّحى بتركِ النّورِ
زَنْجَ السَّحَرِ
خودٌ كحلتْ جفونها بالغسقِ
وافترَّ شنيبها لنا عنْ فلقِ
قدْ ضمَّ لثامها شعاعَ الشّفقِ
وَاسْتُوْدِعَ فَجْرُ نَحْرِهَا الْبَلُّورِي
شهبَ الدّررِ
وَانْبَثَّ ظَلاَمُ فَرْعِهَا الدَّيجُورِي
فَوْقَ الْقَمَرِ
ألْخَمْرُ مُلَقَّبٌ بِفْيِهَا بِرُضَابْ
والطّلعُ بدا بثغرها وهوَ حبابْ
والدّرُّ بنطقها مسمّى بخطابْ
بكرٌ بزغتْ ببيتها المعمورِ
شمسُ الخفرِ
وَانْقَضَّ حَوْلَ سَحْفِهَا الْمَزْرُور
شهبُ السّمرِ
مَا الرُّمْحُ بِبَالِغٍ مَدَى قَامَتِهَا
والصّارمُ معتزٍّ إلى مقلتها
والسّهمُ روى النّفوذَ عنْ لفتتها
وَالدَّهْرُ مُقَيَّدٌ لَدَيْهِ بِقُيُودْ
وَالْبَحْرُ إِلَى خِضَمِّهِ الْمَسْجُورِ
عِيْنَ الْبَقَرِ
أَنْ تَصْرَعْ فِي خِبَا الْعُيُون الْحُورِ
أسدَ البشرِ
منْ مبسمها العذبِ إنْ بانَ بريقٌ
يَا شَامَتَهَا احْرُمَي فَوَادِيَكِ عَقِيق
منْ رشفِ رضابها ومنْ لثمِ عتيقْ
والقدُّ قضيبهُ بدا بالطّورِ
مَرْخَى الْحِبَرِ(91/459)
وَالْخَصْرُ نِطَاقُهُ ثَوَى بِالْغَوْرِ
تحتَ الأزرِ
فاقتْ بجمالها على الظّبيِ كما
بِالْبَأْسِ مَلِيكُنَا عَلَى اللَّيْثِ سَمَا
بَحْرٌ بِنَوَالِهِ عَلَى الْبَحْرِ طَمَا
نجلُ الملكِ المظفرِ المنصورِ
حسنُ السّيرِ
سيفٌ ضربتْ بهِ رقابُ الجورِ
سهمُ الغيرِ
شهمٌ نظمَ الثّنا لهُ الشهبُ عقودْ
والبدرُ لهُ إلى محيّاهُ سجودْ
وَالْحَتْفُ أَمَامَ جَيْشِهِ الْمَنْصُورِ
كَالْمُؤْتَمر
كالمفتقر
سامي رتبٍ تقدّستْ أسماهُ
هامي نعمٍ تظاهرتْ آلاهُ
الْحَمْدُ لَهُ فَلاَ جَوَادَ إِلاَّ هُو
رَوْضٌ حَسُنَتْ فِعَالَهُ كَالنُّورِ
غبَّ المطرِ
يَحْكِي بِفُصُولِ سَجْعِهِ الْمَنْثُورِ
إِحْدَى الْكُبَرِ
مولى ً لكلامهِ عنى قولُ لبيدْ
سَحْبَانُ لَدَيْهِ إِنْ جَرَى الْبَحْثُ يَلِيدْ
قَارٍ لَسِنٍ مُهَذَّبِ اللَّفْظِ مُجِيدْ
بالرّمحِ يخطُّ بالدّمِ المخصورِ
فوقَ الطّررِ
نَظْمَ السُّوَرِ
يَا مَنْ بِيَدَيْهِ مَجْمَعُ الأرْزَاقِ
والمسرفُ في نوالهِ المهراقِ
إقصدْ فلقدْ دملتَ في الأنفاقِ
واكفف فيسيرُ جودكَ الميسورِ
فَوْقَ الْوَطَرِ
وَارْبَعْ فَبَطِيُّ سَعْيِكَ الْمَشْكُورِ
جريُ القدرِ
نوروزُ أتاكَ زائراً يا بركه
بالخيرِ إليكَ عائدٌ والبركهْ
فاشرفْ بسمائهِ وزيّنْ فلكهْ
وَاشْرَبْ طَرَباً بِغَفْلَة ِ الْمَقْدُورِ
كأسَ الظّفرِ
واسرر أبداً ودمْ لنفخِ الصّورِ
عَالِي السُّرُرِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> أَيُّهَا الْمِصْقَعُ الْمُهَذَّبُ طَبْعاً
أَيُّهَا الْمِصْقَعُ الْمُهَذَّبُ طَبْعاً
رقم القصيدة : 9798
-----------------------------------
أَيُّهَا الْمِصْقَعُ الْمُهَذَّبُ طَبْعاً
وَفَتى ً يَسْحَرُ الْعُقُولَ بَيَانُهْ
وَالْفَصِيحُ الَّذِي إِذَا قَالَ شِعْراً
خلته ينظمُ النجومَ لسانهْ
لَكَ مِنْ جَوْهَرِ الْكَلاَمِ نَظَامٌ
زَانَ مَا بَيْنَ دُرّهِ مَرْجَانُهْ
وَمَعَان مِثْلُ الْيَوَاقِيتِ أَضْحَى اللَّـ
فيها مرصعاً عقيانهْ(91/460)
عقده في نحورِ حورِ القوافي
وَعَلَى مِعْصَمِ الْبَلاَغَة ِ حَانُهْ
هو للشاربينَ روحٌ وراحٌ
بلْ وروضٌ زها بهِ ريحانهْ
لَوْ رَأَى مَا نَبَيْتَ عَنْهُ ابْنُ عَادٍ
جلَّ في عينيهِ وهانتْ جنانهْ
أَوْ لِيَعْقُوبَ مِنْهُ جَاؤُا بِشَيءٍ
ذَهَبَتْ عَنْ فُؤَادِهِ أَحْزَانُهْ
يا بديعاً فاقَ الورى وأديباً
رَقَّ طَبْعاً وَرَاقَ فِيْهِ زَمَانُهْ
أنتَ أتحفتني بأبلغِ مدحٍ
جلَّ قدراً وفي فؤادي مكانهْ
درُّ ألفاظهِ على الدرّ يزري
بَلْ وَتُزْرِي عَلَى الشُّمُوسِ حِسَانُهْ
مِنَّة ٌ مِنْهُ كَاْلأَمَانَة ِ عِنْدِيَ الْقِـ
دْرُ مِنَهَا ثَقِيلَة ُ أَوْزَانُهْ
عند الرغبة في نشر اي نصوص أو معلومات من صفحات الموقع.
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> هَلَّ الْمُحَرَّمُ فَاسْتَهِلَّ مُكَبِّرَا
هَلَّ الْمُحَرَّمُ فَاسْتَهِلَّ مُكَبِّرَا
رقم القصيدة : 9799
-----------------------------------
هَلَّ الْمُحَرَّمُ فَاسْتَهِلَّ مُكَبِّرَا
وَانْثُرْ بِهِ دُرَرَ الدُّمُوعِ عَلَى الثَّرَى
وانظر بغرتهِ الهلال إذا انجلى
مسترجعاً متفجعاً متفكراً
واقطفْ ثمارَ الحزنِ من عرجونهِ
وَاْنْحَرْ بِخَنْجِرِهِ بِمُقْلَتِكَ الْكَرَى
وانس العقيقَ وأنسَ جيرانِ النقا
واذكر لنا خبر الصفوفِ وما جرى
واخلعْ شعارَ الصبرِ منكَ وزرمنْ
خلعِ السقامِ عليكَ ثوباً أصفرا
فَثِيَابُ ذِي الأَشْجَانِ أَلْيَقُهَا بِهِ
ما كان منْ حمرِ الثيابِ مزررا
شهر بحكمِ الدهرِ فيهِ تحكمتْ
شراً الكلاب السود في أسدِ الشرى
لله أيُّ مصيبة ٍ نزلتْ بهِ
بَكَتِ السَّمَاءِ لَهَا نَجِيعاً أَحْمَرَا
خَطْبُ وَهى الإسْلاَمُ عِنْد وُقُوعِه
لبستْ عليهِ حدادها أمُّ القرى
أو ما ترى الحرمَ الشّريفَ تكادُ منْ
زَفَرَاتِهِ الْجَمَرَاتُ أَنْ تَتَسَعَّرَا
وأبا قبيسِ في حشاهُ تصاعدت ْ
قبساتُ وجدٍ حرها يصلي حرا
علمَ الحطيمُ به فحطمهُ الاسى
وَدَرَى الصَّفَا بِمُصَابِهِ فَتَكَدَّرَا(91/461)
واستشعرتْ منهُ المشاعرُ بالبلا
وعفا محسرها جوى وتحسرا
قتل الحسينُ فيالها من نكبة ٍ
أضحى لها الإسلامُ منهدمَ الذرا
قتلٌ يدلكَ إنما سرُّ الفدا
في ذلكَ الذبحِ العظيمِ تأخرا
رؤيا خليل الله فيهْ تعبرتْ
حَقّاً وَتَأْوِيلُ الْكِتَابِ تَفَسَّرَا
رُزْءٌ تَدَارَكَ مِنْهُ نَفْسٌ مُحَمَّدٍ
كَدَراً وَأَبْكَى قَبْرَهُ وَالْمِنْبَرَا
أَهْدَى السُّرُورَ لِقَلْبٍ هِنْدٍ وَابْنِهَا
وَأَسَاءَ فَاطِمَة ً وَأَشْجَى حَيْدَرَا
ويلٌ لقاتلهِ أيدري أنهُ
عَادَى الْنَبِيَّ وَصِنْوَهُ أَمْ مَا دَرَى
شلتْ يداه لقد تقمصَ خزية ً
يَأْتِي بِهَا يَوْمَ الْحِسَابِ مُؤَزَّرَا
حزني عليه دائمٌ لا ينقضي
وَتَصَبُّرِي مِنِّي عَلَيَّ تَعَذَّرَا
وارحمتاهُ لصارخاتٍ حولهُ
تبكي لهُ الأجلُ المتاحُ تقدرا
لهفي على ذاكَ الذبحِ من القفا
ظلماً وظلَّ ثلاثة ً لنْ يقبرا
ملقى على وجهِ التراب تظنهُ
داود في المحرابِ حينَ تسورا
لهفي على العاري السليبِ ثيابهُ
فَكَأَنَّهُ ذُو الْنُونِ يُنْبَذُ بِالْعَرَا
لهفي على الهاوي الصريع كأنهُ
قَمَرٌ هَوَى مِنْ أَوْجِهِ فَتَكَوَّرَا
لهفي على تلك البنانِ تقطعتْ
لو أنها اتصلتْ لكانتْ أبحرا
لهفي على العباسِ وهو مجندلٌ
عرضتْ منيتهُ لهُ فتعثرا
لحقِ الغبارُ جبينهُ ولطالما
في شأوه لحق الكرامَ وغبرا
سَلَبَتْهُ أَبْنَاءُ اللِّئَامِ قَمِيصَهُ
وَكَسَتْهُ ثَوْباً بِالنَّجِيعِ مُعَصْفَرَا
فكأنما أثر الدماءِ بوجههِ
شفقٌ على وجهِ الصباح ِ قد انبرى
حُرٌّ بِنَصْرِ أَخِيهِ قَامَ مُجَاهِداً
فهوى المماتَ على الحياة وأثرا
حَفِظَ الإِخَاءَ وَعَهْدَهُ فَوَفَى لَهُ
حَتَّى قَضَى تَحْتَ السُّيُوفِ مُعَفَّرَا
من لي بأن أفدي الحسينَ بمهجتي
وأرى بأرض الطيفَ ذاكَ المحضرا
فَلَوِ اسْتَطَعْتُ قَذَفْتُ حَبَّة َ مُقْلَتِي
وَجَعَلْتُ مَدْفِنَهُ الشَّرِيفَ المَحْجِرَا
روحي فدى الراسِ المفارقِ جسمه
ينشى التلاوة ليلة ُ مستغفرا(91/462)
ريحانهُ ذهبتْ نضارة ُ عودها
فكأنها بالتربِ مسكاً أذفرا
عضبٌ يدُ الحدثانِ فلتْ غربهُ
وَلَطَالَمَا فَلَقَ الْرُّؤُوسَ وَكَسَّرَا
ومثقفٍ حطمَ الحمامُ كعوبه ُ
فَبَكَى عَلَيْهِ كُلُّ لَدْنٍ أَسْمَرَا
عجباً لهُ يشكو الظماء وإنهُ
لَوْ لاَمَسَ الصَّخْرَ الأَصَمَّ تَفَجَّرَا
بَلِحُ الْغَبَارَ بِهِ جَوَادٌ سَابح
فَيَخُوضُ نَقْعَ الصَّافِنَاتِ الأَكْدَرَا
طلبَ الوصولَ إلى الورود فعاقهُ
ضَرْبٌ يَشُبُّ عَلَى النَّوَاصِي مِجْمَرَا
ويلُ لمنْ قتلوه ظمآناً أما
علموا بأنَّ أباه يسقي الكوثرا
لم يقتلوهُ على اليقينِ وإنما
عرضتْ لهم شبهُ اليهودِ تصورا
لعنَ الإلهُ بني أمية َ مثلما
داود قد لعنَ اليهودَ وكفرا
وَسَقَاهُمُ جُرَعَ الْحَمِيمِ كَمَا سَقَوْا
جرع الحمامِ ابن النبي الأطهرا
ياليتَ قومي يولدونَ بعصرهِ
أو يسمعون دعاءهُ مستنصرا
وَلَوَ انَّهُمْ سَمِعُوا إِذاً لأَجَابَهُ
منهم أسود شرى مؤيده القرى
مِنْ كُلِّ أَنْمُلَة ٍ تجُودُ بِعَارِضٍ
وَبِكُلِّ جَارِحَة ٍ يُرِيْكَ غَضَنْفَرَا
قَوْمٌ يَرَوْنَ دَمَ الْقُرُونِ مُدَامَة ً
وَرِيَاضَ شُرْبِهِمِ الْحَدِيدَ الأَخْضَرَا
يا سادتي يا آل طه إنَّ لي
دَمْعاً إِذَا يَجْرِي حَدِيثُكُمُ جَرَى
بِي مِنْكُمُ كَاسْمِي شِهَابٌ كُلَّمَا
أطفيتهُ بالدمعِ في قلبي ورى
شَرَّفْتُمُوْنِي فِي زَكِيِّ نِحَارِكُمْ
فدعيتُ فيكمْ سيداً بينَ الورى
أهوى مدائحكمْ فأننظم بعضها
فأرى أجل المدحِ فيكمْ أصغرا
ينحطُّ مدحي عنْ حقيقة ِ مدحكمْ
ولو أنني فيكمْ نظمتُ الجوهرا
هيهاتَ يستوفي القريضُ ثناءكمْ
لو كان في عددِ النجومِ وأكثرا
يَا صَفْوَة َ الرَّحْمنِ أَبْرَأُ مِنْ فَتى ً
فِي حَقِّكُمْ جَحَدَ النُّصُوصَ وَأَنْكَرَا
وَأَعُوذُ فِيْكُمْ مِنْ ذُنُوبٍ أَثْقَلَتْ
ظهري عسى بولائكمْ أنْ تغفرا
فَبِكُمْ نَجَاتِي فِي الْحَيَاة ِ مِنَ الأَذَى
وَمِنَ الْحَجِيْمِ إِذَا وَرَدْتُ الْمَحْشَرَا(91/463)
فَعَلَيْكُمُ صَلَّى الْمُهَيْمِنُ كُلَّمَا
كرَّ الصباحُ على الدجى وتكورا
Free counter
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> مضى خلفُ الأبرارِ والسيدُ الطهرُ
مضى خلفُ الأبرارِ والسيدُ الطهرُ
رقم القصيدة : 9800
-----------------------------------
مضى خلفُ الأبرارِ والسيدُ الطهرُ
فصدرُ العلى منْ قلبهِ بعدهُ صفرُ
وغيبَ منهُ في الثرى نيرُ الهدى
فغادرتْ ذكاءُ الدين وانكسفَ البدرُ
وماتَ الندى فلترثهِ ألسنُ الثنا
وليثُ الوغى فلتبكهِ البيضُ والسّمرُ
فَحَقُّ الْمَعَالِي أَنْ تَشُقَّ جُيُوْبَهَا
عليهِ وتنعاهُ المكارمُ والفخرُ
هُوَ الْمَاجِدُ الْوَهَّابُ مَا فِي يَمِينِهِ
هُوَ الْعَابِدُ الأَوَّابُ وَالشَّفْعُ وَالْوِتْرُ
هُوَ الْحُرُّ يَوْمَ الْحَرْبِ تُثْنِي حِرَابُهُ
عليهِ وفي المحرابِ يعرفهُ الذّكرُ
فَلاَ تَحْسَبَنَّ الدَّهْرَ أَهْلَكَ شَخْصَهُ
ولكنّهُ في موتهِ هلكَ الدّهرُ
فلو دفنوهُ قومهُ عندَ قدرهِ
لجلَّ ولو أنَّ السّماكَ لهُ قبرُ
وما دفنهُ في الأرضِ إلا لعلمنا
بِهِ أَنَّهُ كَنْزٌ لَهَا وَلَنَا ذُخْرُ
وما غسلهُ بالماءِ إلا تطوعاً
وَإِلاَّ فَقُوْلاَ لِي مَتَى نَجُسَ الْبَحْرُ
فَتى ً يُوْرِدُ الْهِنْدِيَّ وَهْوَ حَدِيْدَة ٌ
ويصدّقُ فيهِ وهوَ منْ علقٍ تبرُ
فَهَلْ لِفُرُوْضِ الدِّينِ وَالنَّفْلِ حُرْمَة ٌ
وصاحبهُ المعروفُ والجودُ والبرُّ
تعطّلتِ الأحكامُ بعدَ وفاتهِ
وضاعتْ حدودُ اللهِ والنهيُ والأمرُ
يعزُّ على المختارِ والصّنوِ رزؤهُ
لعلمها في أنّهُ الولدُ البرُّ
فَغَيْرُ مَلُومٍ جَازِعٌ لِمُصَابِهِ
ففي مثلِ هذاالخطبِ يسيتقبحُ الصّبرُ
أجلُّ بني المهديِّ لو أنّهُ ادّعى
وقالَ أنّهُ المهديُّ وازرهُ الخضرُ
كريمٌ كأنَّ اللهَ أخّرَ موتهُ
لِيَكْسِبَ فِيْهِ الأَجْرَ مَنْ فَاتَهُ بَدْرُ
فَكَيْفَ رِيَاضُ الْحُزْنِ يَبْسِمُ نَوْرُهَا
وَتَرْجُو حَيَاة ً بَعْدَ مَا هَلَكَ الْقَطْرُ(91/464)
وَكَيْفَ نُرَجِّي أَنَّ لِلَيْلِ آخِراً
وَفِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ قَدْ دُفِنَ الْفَجْرُ
فأيُّ عظامٍ في ثراهُ عظيمة ٍ
تَجِلُّ وَعَنْ إِرْثَائِهَا يَصْغُرُ الْشِّعْرُ
نصلّيْ عليها وهيَ عنا غنيّة ٌ
ولكنّنا فيها لنا يعظمُ الأجرُ
وَنُثْنِي عَلَيْهَا رَغْبَة ً فِي ثَنَائِهَا
لِيَعْبَقَ فِي الأَفْوَاهِ مِنْ طِيْبِهَا عِطْرُ
ترفّعنَ عنْ قدرِ المراثي جلالة ً
وعنْ أدمعِ الباكيْ ولو أنّها درُّ
فَمَنْ لِلْيَتَامَى وَالأَرَامِلِ بَعْدَهُ
وَمِمَّنْ نَرَجِّي النَّفْعَ إِنْ مَسَّنَا الضُّرُّ
كَأَنَّ الْوَرَى مِنْ حَوْلِهِ قَبْلَ بَعْثِهِمْ
دَعَاهُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ فِي يَوْمِهِ الْحَشْرُ
لئنْ غدرتْ فيها اللّيالي فإنّها
بكلِّ وفيِّ العهدِ شيمتها الغدرُ
وَمَا ضَرَّهَا لَوْ أَنَّهَا فِي عَبِيْدِهِ
مِن الْخَلْقِ يُفْدَى ذلِكَ السَّيِّدُ الْحُرُّ
سرتْ نسمة ُ الرّضوانِ نحوَضريحهِ
ولا زالَ فيها منْ شذا طيبهِ نشرُ
وفي ذمّة ِ الرّحمنِ خيرُ مودّعٍ
أقامَ لدينا بعدهُ الوجدُ والفكرُ
تناءى فللدّنيا عليهِ وأهلها
بُكَاءٌ وَحُزْنٌ وَالْجِنَانُ لَهَا بِشْرُ
دعتهُ لوصلِ الحورِطوبى فزارها
ولمْ يدرِ فيمنْ بعدهُ قتلَ الهجرُ
فلا يشمتِ الحسّدُ فيهِ فإنّهُ
سَتَرْغَمُهُمْ بِالْمَوْتِ أَبْنَاؤُهُ الْغُرُّ
لَئِنْ سَلِمَتْ أَبْنَاؤُهُ وَبَنُوهُمُ
فَوَيْلُ الْعِدَا وَلْيَفْرَحَ الذِّئْبُ وَالنَّسْرُ
فُرٌوعٌ تَسَامَتْ لِلْعُلاَ وَهْوَ أَهْلُهَا
فطابتْ وفي أفنانها أثّرَ الشكرُ
مُلُوكٌ زَكَتْ أَخْلاَقُهُمْ فَكَأَنَّهُمْ
حدائقُ جناتٍ وأخلاقهمْ زهرُ
كأنَّ عليّاً بينهمْ بدرُ أربعٍ
عشرٍ أضاءتْ حولهُ أنجمٌ زهرُ
إِذَا مَا عَلِيٌّ كَانَ فِي الْمَجْدِ وَالْعُلاَ
سَلِيْماً فَلاَ زَيْدٌ يَقُولُ وَلاَ عَمْرُو
يَهُونُ عَلَيْنَا وَقْعُ كُلِّ مُلِمَّة ٍ
إذا كانَ موجوداً وإنْ فدحَ الأمرُ
أمولايَ هذا عادة ُ الدهرِ في الورى(91/465)
وليسَ بهِ خيرٌ يدومُ ولا شرُّ
فعذراً لما يجنيهِ فيكمْ فكمْ وكمْ
لَهُ عِنْدَكُمْ مِنْ قَبْلُ فَادِحة ٌ وتْرُ
عسى اللهُ يجزيكَ الثوابَ مضاعفاً
ويعقبُ عسرَ الأمرِ منْ بعدهِ يسرُ
وَيُلْهِمُكَ الصَّبْرَ الْجَمِيْلَ بِفَضْلِهِ
ويمتدُّ في الحظِّ السعيد لكَ العمرُ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> إِلَى اللهِ نَشْكُو فَادِحَاتِ النَّوَائِبِ
إِلَى اللهِ نَشْكُو فَادِحَاتِ النَّوَائِبِ
رقم القصيدة : 9801
-----------------------------------
إِلَى اللهِ نَشْكُو فَادِحَاتِ النَّوَائِبِ
فَقَدْ فَجَعَتْنَا فِي أَجَلِّ الْمَطَالِبِ
رَمَتْنَا بِرُزْءٍ لَوْ رَمَتْ فِيْهِ يَذْبُلاً
لَزُلْزِلَ مِنْهُ رَاسِخَاتُ الْجَوَانِبِ
فتبّاً لدهر لا تزالُ خطوبهُ
تُطَالِبُ فِي أَوْتَارِهَا كُلَّ طَالِبِ
كأنَّ الليالي فيهِ في بعضها لهمْ
قَدِ اتَّصَلَتْ أَرْحَامُهَا بِالنَّوَاصِبِ
فإنّا وإنْ ساءتْ إلينا صروفها
فَقَدْ حَسَّنَتْ أَخْلاَقُنَا بِالتَّجَارِبِ
لَقَدْ شَفَعَتْ يَوْمَ الصُّفُوفِ بِمِثْلِهِ
وَثَنَّتْ بِلَيْثٍ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ
فيا ليتها فدّتْ حسيناً بما تشا
مِنَ الْوَفْدِ مِنْ مَاشٍ إِلَيْهِ وَرَاكِبِ
هزبرٌ ترى بيضَ العطايا بكفّهِ
وَحُمْرَ الْمَوَاضِي بَيْنَ حُمْرِ الْمَخَالِبِ
صوارمهُ في أوجهِ الموتِ أعينٌ
وَأَقْوُسُهُ مِنْهَا مَكَانَ الْحَوَاجِبِ
فَتى ً كَانَ كَالتَّوْرِيْدِ فِي وَجْنَة ِ الْعُلَى
وَكَالْعِقْدِ حُسْناً فِي نُحُورِ الْمَرَاتِبِ
فلا انطبقتْ عينُ العلا بعدَ فقدهِ
وَلاَ ابْتَسَمَ الْهِنْدِيُّ فِي كَفِّ ضَارِبِ
عَزِيزٌ ثَوَى تَحْتَ التُرَابِ بِحُفْرَة ٍ
فيا ليتها محفورة ٌ في الترائبِ
فَلاَ تَحْسَبُوهُ مِنْ دُجَى الْقَبْرِ رَاهِباً
أَلَيْسَ الْمُحَيَّا مِنْهُ مِصْبَاحَ رَاهِبِ
سقى اللهُ مثواهُ بعفوٍ ورحمة ٍ
وأولاهُ ستراً يومَ كشفِ المعايبِ(91/466)
وَمَا فَقْرُ مَثْوَاهُ الرَّوِيِّ إِلَى الْحَيَا
وَفِيهِ انْطَوَى بَحْرٌ لَذِيذُ الْمَشَارِب
وَمَا فِي بَنَاتِ الْنَعْشِ حَاجَة ُ نَعْشِهِ
كفى ما حوتهُ منْ حسانِ المناقبِ
نَعتْهُ السَّمَا وَالأَرْضُ حَتَّى بَكَتْ لَهُ
جُفُونُ الْغَوَادِي بِالدُّمُوعِ السَّوَاكِبِ
ورقَّ القنا حزناً عليهِ صدورهُ
وَحَنَّتْ إِلَيْهِ صَاهِلاَتُ السَّلاَهِبِ
وَشَقَّتْ عَلَيْهِ الأَبْعَدُونَ جُيُوبَهَا
منَ الوجدِ فصلاً عنْ قلوبِ الأرقاربِ
قَضَى فَقَضَى الْمَعْرُوفُ وَالْبَأْسُ وَالرَّجَا
وَضَاقَتْ عَلَيْنَا وَاسِعَاتُ الْمَذَاهِبِ
فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَلْبُ مِنْ أُسْدِ قَوْمِهِ
بأجزعَ منْ خمصِ الذئابِ السواغبِ
فقلْ لبني الحاجاتِ كفّوا عنِ السرى
فَوَاخَيْبَة َ الْمَسْعَى وَفَوْتَ الْمَآرِبِ
أرى الأرضَ حالتْ دونهُ فتكسّفتْ
لِمَرْآهُ أَقْمَارُ الدُّجَى وَالْمَلاعِبِ
سَنَبْكِيهِ مَا عِشْنَا وَإِنْ قَلَّ دَمْعُنَا
أزدناهُ منّا بالقلوبِ الذوائبِ
فلا سلمتْ نفسٌ منَ الوجدِ لمْ تذبْ
عليهِ ولا قلبٌ غدا غيرَ واجبِ
سلِ الأرضَ عنهُ هل تصدّى فرندهُ
فَعَهْدِي بِهِ نَصْلٌ صَقِيلُ الْمَضَارِبِ
وهلْ أقشعتْ مزنُ الندى منْ بنانهِ
فَعِلْمِيَ فِيْهَا وَهْيَ عَشْرُ سَحَائِبِ
فَلَوْ لَمْ يُتِمِّ اللهُ نُورَ الْهُدَى لَنَا
فَمَرْكَزُهَا الأَصْلِيُّ بَيْنَ الْكَوَاكِبِ
فما للثنا منْ بعدهِ بهجة ٌ ولو
سَرَقْنَا الْمَعَانِي مِنْ ثَنَايَا الْكَوَاعِبِ
متى بعدهُ الأيامُ تطفي أوامنا
وَقَدْ غَوَّرَتْ بِالأَرْضِ بَحْرَ الْمَوَاهِبِ
وأنّى لنا منها نحاولُ راحة ً
وقدْ أوقعتنا في أشقّش المتاعبِ
كريمٌ غدتْ راحاتهُ بعدَ موتهِ
لِعَادَاتِهَا مَبْسُوطَة ً لِلرَّغَائِبِ
تمكّنَ منهُ الموتُ في قبضِ روحهِ
ولمْ يتمكّنْ عندَ قبضِ الرواجبِ
أدامَ علينا فقدهُ الليلَ سرمداً
فَلَمْ نَلْقَ فَجْراً بَعْدَهُ غَيْرَ كَاذِبِ(91/467)
كَأَنَّ قُرُونَ الْحَالِقَاتِ لِرُزْئِهِ
لنا بوالدهِ عشنا بسودِ الغياهبِ
أبي الجودِ والتقوى عليّض أخي الندى
ذكاءِ المعالي بدرِ شهبُ الكتائبِ
جوادٌ بأرضِ الكرحتينِ مقامهُ
ومعروفهُ يسري إلى كلِّ طالبِ
عسى اللهُ يبقي عمرهُ ويمدّهُ
ويكفيهِ في الدارينِ سوءَ العواقبِ
ولا شهدتْ عيناهُ بينَ أحبّة ٍ
ولا سمعتْ أذناهُ صوتَ النوادبِ
ولا برحتْ أبناؤهُ وبنوهمُ
تَحِفُّ بِهِ لِلنَّصْرِ مِنْ كُلِّ جَانِبِ
أسودٌ إذا شدّتْ ثعالبُ لدنهمْ
تصيدُ أسودَ الصيدِ صيدُ الثعالبِ
رياضٌ سقتها الفاطميّاتُ درّها
وأزكى فروعٍ منْ أصولٍ أطايبِ
سلالاتُ أرحامٍ منَ الرجسِ طهّرتْ
مَيَامِينُ أَنْجَابٌ أَتَوْ مِنْ نَجَائِبِ
وفاهُ وإياهمْ منِ السوءِ ربّهمْ
وَبَلَّغَهُمْ أَسْنَى الْمُنَى وَالْمَطَالِبِ
العصر الأندلسي >> ابن معتوق >> هوى الكوكبُ الدريُّ منْ أفقِ المجدِ
هوى الكوكبُ الدريُّ منْ أفقِ المجدِ
رقم القصيدة : 9802
-----------------------------------
هوى الكوكبُ الدريُّ منْ أفقِ المجدِ
فتبّاً لقلبٍ لا يذوبُ منَ الوجدِ
وَتَعْساً لِعَيْنٍ لاَ تَفِيضُ دُمُوعُهَا
فَقَدْ غَاضَ بَحْرٌ مِنْ مُلُوكَ بَنِي الْمَهْدِي
تداركهُ كسفُ الردى بعدَ تمّهِ
فَحَالَ وَحَالَتْ دُونَهُ ظُلْمَة ُ اللَّحْدِ
مضى فالنّهى منْ بعدهِ واجدُ الحشا
وصدرُ العلى منْ بعدهِ فاقدُ الخلدِ
بَرَتْهُ الْمَنَايَا وَهْوَ عُضْوٌ مِنَ النَّدَى
فَأَصْبَحَ كَفُّ الْمَكْرُمَاتِ بِلاَ زَنْدِ
أَلاَ فَانْدُبُوا يَا وَافِدُونَ ابْنَ مُحْسِنٍ
فقدْ هدّ ركنُ الجودِ من كعبة ِ الوفدِ
وَعَزُّوا بَنِي السَّادَاتِ فِيهِ فَإِنَّمَا
بهِ رفعتْ منْ ذكرهمْ سورة ُ الحمدِ
تَوَارَى فَأَوْرَى فِي الْقُلُوبِ صَبَابَة ً
فَحَيَّا وَمَيْتاً لَمْ يَزَلْ وَاريَ الزَّنْدِ
هَوَ ابْنُ رَسُولِ الله وَالْجَوْهَرُ الَّذِي
تَكَوَّنَ مِنْ نُورِ النُّبُوَّة ِ وَالرُّشْدِ(91/468)
لَقَدْ وَهَبَ الدَّنْيَا لأَكْرَمِ وَالِدٍ
وَآثَرَ فِي طُوبَى الْقُدُومَ عَلَى الْجَدِ
تَنَازَعُ فِيهِ الْحُورُ حُبّاً وَغَيْرَة ً
وَتَغْبِطُهُ الوُلْدَانُ فِي جَنَّة ِ الْخُلْدِ
لَوَ انَّ بَنَاتِ النَّعْشِ فِي سَمْكِ نَعْشِهِ
لَصَارَتْ لِبَدْر التِّمِّ مِنْ أَكْرَمِ الْوُلْدِ
فَحَقّاً لِمَلْكِ الْحَوْزِ يَشْكُو فِرَاقَهُ
فعنْ غابهِ قدْ غابَ خيرُ بني الأسد
وَحَقَّا لِعَيْنِ الْحَرْبِ تَبْكِي لَهُ دَماً
فَقَدْ فَقَدَتْ فِي فَقْدِهِ سَيْفَهَا الْهِنِدِي
وَحَقُّ الْعُلَى أَنْ تَنْبُشَ الأَرْضَ بَعْدَهُ
فقدْ ضيّعتْ في التربِ واسطة َ العقدِ
سَرَى طِيْبُهُ فِي الأَرْضِ حَتَّى كَأَنَّمَا
تَبَدَّلَ مِنْهَا الطِّيْبُ بِالْعَنْبَرِ الْوَرْدِي
فحسبكَ يا أكفانهُ فيهِ مفخراً
فإنّكَ منْ نصلِ العلا موضعُ الغمدِ
ويا نعشهُ باللهِ كيفَ حملتهُ
ويا لحدهُ كيفَ انطويتَ على أحدِ
جوادٌ على آثارِ آبائهِ جرى
وأجدادهِ الغرِّ الغطارفة ِ اللّدِّ
وَلَوْ لَمْ تَعُقْهُ الْحَادِثَاتُ عَنِ الْمَدَى
لأدركَ منْ غاياتهمْ غاية َ القصدِ
وَلَوْ أَنَّ شَقَّ الْحَبِيبِ قَدْ رَدَّ فَائِتاً
لَقَلَّ وَإِنِّي قَدْ شَقَقْتُ لَهُمْ كِبْدِي
ولو قبلَ الموتُ الفداءَ فديتهُ
ولكنّهُ لنْ يعطي الحرَّ بالعبدِ
بَنُو الْمَجْدِ لاَ أَصْمَتْكُمُ أَسْهُمُ الرَّدَى
ولا شلّتِ الأيامَ منكمْ يدَ الرّفدِ
وَلاَ امْتَحَنَتْ بِالْبَيْنِ يَوْماً عُيُونَكُمْ
وَلاَ أَحْرَقَتْ أَحْشَاءَكُمْ لَوْعَة ُ الْبُعْدِ
ولا برحتْ آراءكمْ وأكفّكمْ
مَصَابِيْحُهَا تَهْدِي وَرَاحَاتُهَا تُجْدِي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> جَزاءُ أمِيرِ المُؤمِنِينَ ثَنَائي
جَزاءُ أمِيرِ المُؤمِنِينَ ثَنَائي
رقم القصيدة : 9803
-----------------------------------
جَزاءُ أمِيرِ المُؤمِنِينَ ثَنَائي
على نعم ما تنقضي وعطاء
اقام الليالي عن بقايا فريستي(91/469)
وَلَمْ يَبقَ مِنها اليَوْمَ غَيرُ ذَماءِ
وأدْنَى أقاصِي جَاهِهِ لوَسَائِلي
وشد اواخي جوده برجائي
وعلمني كيف الطلوع الى العلى
وَكَيفَ نَعيمُ المَرْءِ بَعدَ شَقاءِ
وكيف ارد الدهر عن حدثانه
وألقى صُدُورَ الخَيلِ أيَّ لِقَاءِ
فَما ليَ أُغْضِي عَنْ مَطالِبَ جمّة
واعلم اني عرضة لفناء
وَأترُكُ سُمرَ الخَطّ ظَمأى خَلِيّة ً
وشرُّ قناً ما كُنّ غَيرَ رِوَاءِ
إذا ما جَرَرْتُ الرّمحَ لم يُثنِني أبٌ
يليح ولا ام تصيح ورائي
وشيعني قلب اذا ما امرته
أطَاعَ بعَزْمٍ لا يَرُوغُ وَرَائي
ارى الناس يهوون الخلاص من الردى
وتكملة المخلوق طول عناء
ويستقبحون القتل والقتل راحة
وأتعَبُ مَيتٍ مَنْ يَمُوتُ بداءِ
فلست ابن ام الخيل ان لم اعد بها
عوابس تأبى الضيم مثل ابائي
وارجعها مفجوعة بحجولها
إذا انتَعَلَتْ من مأزِقٍ بدِمَاءِ
إلى حَيّ مَنْ كَانَ الإمَامُ عَدَّوهُ
وصبحة من امره بقضاء
هو الليث لا مستنهض عن فريسة
ولا راجع عن فرصة لحياء
ولا عزمه في فعله بمذلل
وَلا مَشيُهُ في فَتكِهِ بِضَرَاءِ
هُوَ النّابِهُ النّيرانِ في كلّ ظُلمَة ٍ
ومُجري دِماءِ الكُومِ كلَّ مَساءِ
ومُعلي حَنينِ القَوْسِ في كلّ غارَة ٍ
بسَهمِ نِضَالٍ أوْ بِسَهْمِ غَلاءِ
فخارٌ لو ان النجم اعطي مثله
ترفع ان يأوى اديم سماء
وَوَجهٌ لَوَ أنّ البَدرَ يَحمِلُ شبهَهُ
أضَاءَ اللّيالي مِنْ سَنًى وَسَنَاء
مَغارِسُ طالَتْ في رُبَى المجدِ والتقتْ
على انبياء الله والخلفاء
وكم صارخ ناداك لما تلببت
بهِ السُّمْرُ في يَوْمٍ بغَيرِ ذُكَاءِ
رَددتَ عليه النفسَ والشمسَ فانثنى
بأنعمِ رُوحٍ في أعمّ ضِيَاءِ
وكم صدر موتور تطلع غيظه
وَقَلّبَ قَوْلاً عَنْ لِسَانِ مِراءِ
يغطي على اضغانه بنفاقه
كذي العَقْرِ غطّى ظهرَهُ بكفاءِ
كررت عليه الحلم حتى قتلته
بغير طعان في الوغى ورماء
اذا حمل الناس اللواء علامة
كَفاكَ مثارُ النّقعِ كلَّ لِواءِ
وجيش مضر بالفلاة كانه(91/470)
رِقَابُ سُيُولٍ أوْ مُتُونَ نِهَاءِ
كان الربى زرَّت عليه جيوبها
وَرَدّتْهُ مِنْ بَوْغائِها برِداءِ
وَخَيل تغالى في السرُوجِ كَأنّها
صدور عوال أو قداح سراء
لها السبقُ في الضّمّاتِ وَالسبقُ وَخدُها
إذا غُطّيَتْ مِنْ نَقعِها بغِطاءِ
وَليسَ فتًى من يدّعي البأسَ وَحدَه
اذا لم يعوذ بأسه بسخاء
وما انت بالمنجوس حظاً من العلى
وَلا قانِعاً مِنْ عَيشِهِ بكِفَاءِ
نصيبك من ذا العيد مثلك وافر
وسعدك فيه مؤذن ببقاء
ولو كان كل آخذا قدر نفسه
لكانَتْ لَكَ الدّنيَا بغَيرِ مِرَاءِ
وما هذه الاعياد الا كواكب
تغور وتولينا قليل ثواء
فخذ من سرور ما استطعت وفز به
فللنّاسِ قِسما شدّة ٍ ورَخَاءِ
وبادِرْ إلى اللّذّاتِ، فالدهرُ مولَعٌ
بتنغيص عيش واصطلام علاء
أبُثُّكَ مِنْ وُدّي بغَيرِ تَكَلّفٍ
وأُرْضِيكَ مِنْ نُصْحي بغيرِ رِياءِ
واذكر ما اوليتني من صنيعة
فاصفيك رهني طاعة ووفاء
أعِنّي على دَهْرٍ رَماني بصَرْفِهِ
وَرَدّ عِناني، وَهوَ في الغُلَواء
وَحَلأّني عَمّنْ أعُدّ بعادَهُ
سقامي ومن قربي اليه شفائي
فقدت وفي فقد الاحبة غربة
وهجران من احببت اعظم داء
فَلا تَطمَعَنْ، يا دَهرُ، فيّ، فإنّهُ
ملاذي مما راعني ووقائي
أرُدّ بهِ أيْدي الأعادي، وَأتّقي
نَوافِذَ شَتّى مِنْ أذًى وَبَلاءِ
ألَذُّ بقَلبي مِنْ مُنايَ تَقَنُّعي
وَأحسنُ عندي من غنايَ غَنَائي
وَمَنْ كانَ ذا نَفسٍ تُطيعُ قَنوعة ً
رَضِي بِقَليلٍ مِنْ كَثيرِ ثَرَاءِ
حدوا بالمطايا يوم جالت غروضها
ويوم اتقت ركبانها برغاء
تَؤمّك لا تَلوِي عَلى كلّ رَوْضَة ٍ
يَصيحُ بهَا حَوْذانُها، وأضَاءِ
ولا تشرب الامواه الا تعلة
إذا عَثَرَتْ أخفافُهُنّ بِمَاءِ
لهَا سائِقٌ يَطغَى عَلَيها بسَوْطِهِ
وَيَشْدُوا عَلى آثَارِهَا بحداءِ
غلام كاشلاء اللجام تجيزه
صدور القنا والبيض كل فضاء
إذا بَلَغَتْ ناديكَ نَالَ رِفَاقُها
عَريضَ عَطاءٍ مِنْ طَوِيلِ ثَنَاءِ(91/471)
وَمِثلُكَ مَنْ يُعشى إلى ضَوْءِ نارِه
ويلفى قراه عند كل خباء
وَما كلُّ فُعّالِ النّدَى بشبائِهِ
ولا كل طلاب العلى بسواء
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> بَهَاءُ المُلْكِ مِنْ هذا البَهَاءِ
بَهَاءُ المُلْكِ مِنْ هذا البَهَاءِ
رقم القصيدة : 9804
-----------------------------------
بَهَاءُ المُلْكِ مِنْ هذا البَهَاءِ
وَضَوْءُ المَجدِ مِنْ هذا الضّيَاءِ
وما يعلو على قلل المعالي
احق من المعرّق في العلاء
ولا تعنو الرعاة لذي حسام
إذا مَا لمْ يكُنْ راعي رُعَاءِ
وما انتظم الممالك مثل ماض
يتم له القضاء على القضاء
اذا ابتدر الرهان مبادروه
تمطر دونهم يوم الجزاء
وَإنْ طَلَبَ النّدى خرَجَتْ يَداه
خُرُوجَ الوَدقِ من خلَلِ الغَماءِ
حَذارِ، إذا تَلَفّعَ ثوبَ نَقْعٍ
حَذارِ، إذا تَعَمّمَ باللّوَاءِ
حذار من ابن غيطلة مدل
يَسُدّ مَطالِعَ البِيدِ القَوَاءِ
إذا ألقَى عَلى لَهَوَاتِ ثَغْرٍ
يدي غضبان مرهوب الرواء
تَمُرّ قَعاقِعُ الرِّزّيْنِ مِنْهُ
كمَعمَعَة ِ اللّهيبِ مِنَ الأبَاءِ
وَمِطرَاقٍ عَلى اللّحَظاتِ صِلٍّ
مَريضِ النّاظِرَينِ مِنَ الحَيَاءِ
تنكس كالاميم فان تسامى
مضى كالسهم شذ عن الرماء
وَما يُنجي اللّديغَ بهِ تَداوٍ
وَقَدْ أمسَى بداءٍ أيِّ داءِ
ولا قضب الرجال الصيد فضلاً
عَنِ الأصواتِ في حَليِ النّساءِ
وَيَوْمُ وَغًى عَلى الأعداءِ هَوْلٌ
تماز به السراع من البطاء
رَمَيتُ فُرُوجَهُ حتى تَفَرّى
بايدي الجرد والاسل الظماء
فَمِنْ غُلْبٍ كَأنّهُمُ أُسُودٌ
على قب ضوامر كالظباء
ومن بيض كأن مجرديها
يمرون الاكف على الاضاء
نواحل لم يدع ضرب الهوادي
بها ابدا مكانا للجلاء
ومن هاو ترنح في العوالي
وعار قد اقام على العراء
وآخر مال كالنشوان مالت
بِهَامَتِهِ شَآبِيبُ الطِّلاءِ
وعدت وقد خبأت الحرب عنه
إلى سِلْمِ الرّغائِبِ وَالعَطَاءِ
فَيَوْمٌ للمَكَارِمِ وَالعَطَايَا
ويوم للحمية والاباء(91/472)
تَقُودُ الخَيلَ أرْشَقَ مِنْ قَناها
شوازب كالقداح من السراء
بغارات كولغ الذئب تترى
على الاعداء بينة العداء
عَزائِمُ كالرّياحِ مَرَرْنَ رَهواً
على الاقطار من دان وناءِ
وَقَلبٌ كالشّجاعِ يَسُورُ عَزْماً
ويجذب بالعلى جذب الرشاءِ
وكَفٌّ كالغَمامِ يَفيضُ حتى
يعمّ الارض من كلإ وماءِ
وَوَجْهٌ مَاجَ ماءُ الحُسنِ فيهِ
وَلاحَ عَلَيْهِ عُنوانُ الوَضَاءِ
يُشارِكُ في السّنى قَمَرَ الدّياجي
وَيَفضُلُهُ بزَائِدَة ِ السّنَاءِ
وَمُعتَلجِ الجَلالِ نَزَعتَ عَنْهُ
على عجل رداء الكبرياء
فأصْبَحَ خارِجاً مِنْ كُلّ عِزٍّ
خُرُوجَ العُودِ بُزّ مِنَ اللّحَاءِ
وحزت جمام نعمته وكانت
غِماراً لا تُكَدَّرُ بالدّلاءِ
برأي ثقف الاقبال منه
فأقدَمَ كالسّنَانِ إلى اللّقَاءِ
اذا الشر القريب عليك فاقطع
بحد السيف قربى الاقرباء
وكن ان عقك القرباء ممن
يميل الى الاخوة للاخاء
فرب اخ خليق بالتقالي
وَمغتَرِبٍ جَدِيرٍ بالصّفَاءِ
وَلا تُدْنِ الحَسُودَ، فذاكَ عُرٌّ
مَضِيضٌ لا يُعالَجُ بِالهِنَاءِ
كَفاكَ نَوائِبَ الأيّامِ كَافٍ
طرير العزم مشحوذ المضاء
امين الغيب لا يوكي حشاه
لآمنه على الداء العياء
اقام ينازل الابطال حتى
تَفَلّلَ كُلُّ مَشهُورِ المَضَاءِ
إزَاءَ الحَرْبِ يَعتَنِقُ العَوَالي
وَيَغتَبِقُ النّجيعَ مِنَ الدّمَاءِ
إذا مَا قيلَ: ملّ، رَأيتَ منْهُ
نوازع تشرئب الى اللقاءِ
فَجَرّبْني تَجِدْني سَيْفَ عَزْمٍ
يصمم غربه وزناد راءِ
وَأسمَرَ شارِعاً في كُلّ نَحْرٍ
شرُوعَ الصِّلّ في يَنبُوعِ مَاءِ
إذا عَلِقَتْ يَداكَ بهِ حِفَاظاً
ملأت يديك من كنز الغناءِ
يُعاطيكَ الصّوابَ بلا نِفاقٍ
ويمحضك السداد بلا رياءِ
جَرِيٌّ يَوْمَ تَبعَثُهُ لحَرْبٍ
وَقُورٌ يَوْمَ تَبحَثُهُ لرَاءِ
اذا كان الكفاة لذا عبيدا
فَذا كَافي الكُفاة ِ، بِلا مِرَاءِ
بهَاءَ الدّوْلَة ِ المَنصُورَ إنّي
دَعَوْتُكَ بَعْدَ لأيٍ مِنْ دعائي(91/473)
وكنتُ أظُنّ أنّ غِنَاكَ يَسْرِي
اليَّ بما تبين من غناءِ
فلم انا كالغريب وراء قوم
لو اختبروا لقد كانوا ورائي
بعيد عن حماك ولي حقوق
قواض ان يطول به ثوائي
أأَبْلَى ثُمّ يَبْدُوا باصطِناعي
كفاني ما تقدم من بلائي
وذبى عن حمى بغداد قدما
بفضل العزم والنفس العصاء
غَداة َ أظَلّتِ الأقْطارُ مِنهَا
مضرجة تبزل بالدماء
دُخانٌ تَلهَبُ الهَبَواتُ مِنهُ
مدى بين البسيطة والسماءِ
صبرت النفس ثم على المنايا
الى اقصى الثميلة والذماء
رَجَاءً أنْ تَفُوزَ قِداحُ ظَنّي
وَتَلْوِي بالنّجاحِ قُوَى رَجَائي
ولي حق عليك فذاك جدي
قَدِيمٌ في رِضَاكَ وَذا ثَنَائي
ومن شيم الملوك على الليالي
مجازات الولي على الولاءِ
سيبلو منك هذا الصوم خرقاً
رَحيبَ الباعِ فَضْفاضَ الرّداءِ
تصوم فلا تصوم عن العطايا
وَعَنْ بَذْلِ الرّغائِبِ وَالحِبَاءِ
الا فاسعد به وبكل يوم
يفوقه الصباح الى المساءِ
وَدُمْ أبَدَ الزّمَانِ، فأنْتَ أوْلى
بنى الدنيا بعارية البقاءِ
عَلِيَّ الجَدّ، مُقَترِبَ الأمَاني
عزيز الجار مطروق الفناءِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أيَا لِلَّهِ! أيُّ هَوًى أضَاءَ
أيَا لِلَّهِ! أيُّ هَوًى أضَاءَ
رقم القصيدة : 9805
-----------------------------------
أيَا لِلَّهِ! أيُّ هَوًى أضَاءَ
بريق بالطويلع اذ ترائى
ألَمّ بِنَا كَنَبضِ العِرْقِ وَهناً
فَلَمّا جَازَنَا مَلأَ السّمَاءَ
كأن وميضه ايدي قيون
تُعِيدُ عَلى قَواضِبِهَا جلاءَ
طربت إليه حتى قال صحبي
لأمرٍ هَاجَ مِنكَ البَرْقُ داءَ
وَلمْ يَكُ قَبلَها يَقتَادُ طَرْفي
وَلا يَمضِي بلُبّي حَيْثُ شَاءَ
خليلي اطلقا رسني فاني
اشدكما على عزم مضاء
أبَتْ لي صَبْوَتي إلاّ التِفَاتاً
إلى الدّمَنِ البَوَائِدِ وانثِنَاءَ
فان تريا إذا ما سرت شخصي
امامكما فلي قلب وراء
وَرُبّتَ سَاعَة ٍ حَبّسْتُ فيهَا
مطايا القوم امنعها النجاء
على طلل كتوشيع اليماني
امح فخاً لط البيد القواء(91/474)
قفاز لا تهاج الطير فيها
وَلا غَادٍ يَرُوعُ بِهَا الظّبَاءَ
فَيا لي مِنْهُ يُصْبيني أنِيقاً
بسَاكِنِهِ، وَيُبكِيني خَلاءَ
انادي الركب دونكم ثراه
لعل به لذي داء دواء
تَسَاقَيْنَا التذَكّرَ، فَانثَنَينَا
كَأنّا قَدْ تَساقَيْنَا الطّلاءَ
وَعُجنَا العِيسَ تُوسِعُنا حَنِيناً
تُغَنّينَا، وَنُوسِعُها بُكَاءَ
الى كم ذا التردد في التصابي
وفجر الشيب عندي قد اضاءَ
فَيا مُبدي العُيُوبِ سَقَى سَواداً
يكون على مقابحها غطاءَ
شبابي ان تكن احسنت يوما
فقد ظلم المشيب وقد اساءَ
وَيا مُعطي النّعيمِ بِلا حِسابٍ
أتَاني مَنْ يُقَتّرُ لي العَطَاءَ
متاعٌ اسلفتناه الليالي
وَأعجَلَنا، فأسْرَعْنا الأدَاءَ
تسخطنا القضاءَ ولو عقلنا
فَما يُغني تَسَخُّطُنا القَضاءَ
سامضي للتي لا عيب فيها
وان لم استفد الا عناءَ
واطلب غاية ان طوحت بي
اصابت بي الحمام أو العلاءَ
انا ابن السابقين الى المعالي
اذا الامد البعيد ثنى البطاءَ
اذا ركبوا تضايقت الفيافي
وعطل بعض جمعهم الفضاءَ
نماني من أبات الضيم نام
افاض علي تلك الكبرياءَ
شَأوْنَا النّاسَ أخلاقاً لِداناً
وايمانا رطابا واعتلاءَ
ونحن النازلون بكل ثغر
نريق على جوانبه الدماءَ
ونحن الخائضون بكل هول
اذا دب الجبان به الضراءَ
ونحن اللابسون لكل مجد
اذا شئنا ادراعا وارتداءَ
أقَمنَا بالتّجارِبِ كُلَّ أمْرٍ
أبَى إلاّ اعوِجَاجاً والتِواءَ
نَجُرّ إلى العُداة ِ سُلافَ جَيشٍ
كعَرْضِ اللّيلِ يَتّبِعُ اللّوَاءَ
نُطيلُ بهِ صَدى الجُرْدِ المَذاكي
إلى أنْ نُورِدَ الأسَلَ الظِّمَاءَ
إذا عَجْمُ العِدا أدْمَى وأصْمَى
وَطَيّرَ عَن قَضيبِهِمُ اللّحَاءَ
عجاج ترجع الارواح عنه
فَلا هُوجاً يُجِيزُ وَلا رُخَاءَ
شواهق من جبال النقع ترمي
بها ابدا غدوا أو مساءَ
وغرٍ آكل بالغيب لحمي
وان لاكله داءً عياءَ
يسيء القول اما غبت عنه
ويحسن لي التجمل واللقاءَ
عَبَأتُ لَهُ وَسَوْفَ يَعُبّ فيها(91/475)
مِنَ الضّرّاءِ آنِيَة ً مِلاءَ
وَمنّا كلُّ أغلَبَ مُستَحِينٌ
إنَ أنتَ لَدَدْتَهُ بالذّلّ قَاءَ
إذا مَا ضِيمَ نَمّرَ صَفْحَتَيْهِ
وقام على براثنه اباءَ
وَإنْ نُودي بهِ، وَالحِلمُ يَهفُو
صَغَا كرماً إلى الدّاعي، وفَاءَ
وَنَأبَى أنْ يَنالَ النّصْفَ مِنّا
وَأنْ نُعطي مُقارِعَنَا السّوَاءَ
وَلَوْ كانَ العِداءُ يَسُوغُ فِينَا
لما سمنا الورى الا العداءَ
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أيُّ العُيُونِ تُجَانِبُ الأقْذاءَ
أيُّ العُيُونِ تُجَانِبُ الأقْذاءَ
رقم القصيدة : 9806
-----------------------------------
أيُّ العُيُونِ تُجَانِبُ الأقْذاءَ
ام اي قلب يقطع البرجاءَ
وَالمَوْتُ يَقنِصُ جَمْعَ كُلّ قَبيلَة ٍ
قنص المريع جأ ذراً وظباءَ
يتناول الضب الخبيث من الكدى
ويحط من عليائها الشغواءَ
تبكي على الدنيا رجال لم تجد
للعُمْرِ مِنْ داءِ المَنُونِ شِفَاءَ
والدهر مخترم تشن صروفه
في كُلّ يَوْمٍ، غَارَة ً شَعوَاءَ
انا بنو الدنيا تسير ركابنا
وَتُغالِطُ الإدْلاجَ وَالإسْرَاءَ
وكأننا في العيش نطلب غاية
وَجَميعُنا يَدَعُ السّنِينَ وَرَاءَ
اين المقاول والغطارفة الاولى
هَجَرُوا الدّيارَ، وَعَطّلُوا الأفنَاءَ
فاخلِطْ بصَوْتِكَ كلَّ صَوْتٍ وَاستَمعْ
هل في المنازل من يجيب دعاءَ
واشمم تراب الارض تعلم انها
جَرْبَاءُ تُحدِثُ كُلّ يَوْمٍ داءَ
كَمْ رَاحِلٍ وَلّيْتُ عَنهُ، وَمَيّتٍ
رجعت يدي من تربة غبراءَ
وكذا مضى قبلي القرون يكبهم
صَرْفُ الزّمَانِ تَسَرُّعاً وَنَجَاءَ
هَذا أمِيرُ المُؤمِنِينَ، وَظِلُّهُ
يَسَعُ الوَرَى ، وَيُجَلّلُ الأحْيَاءَ
نَظَرَتْ إلَيْهِ مِنَ الزّمَانِ مُلِمّة ٌ
كَاللّيثِ لا يُغضِي الجُفُونَ حَيَاءَ
واصابه صرف الردى برزية
كالرّمْحِ أنْهَرَ طَعْنَة ً نَجْلاءَ
ماذا نؤمل في اليراع اذا نشت
ريح تدق الصعدة الصماءَ
غصف الردى بمحمد ومذمم(91/476)
فكانما وجد الرجال سواءَ
ومصاب ابلج من ذؤابة هاشم
وَلَجَ القُبُورَ وَأزْعَجَ الخُلَفَاءَ
وَتَرَ الرّدَى مَنْ لَوْ تَناوَلَ سَيفَهُ
يَوْماً، لَنَالَ مِنَ الرّدَى مَا شَاءَ
غصن طموح عطفته منية
للخابطين وطاوع النكباءَ
يا رَاحِلاً وَرَدَ الثّرَى في لَيْلَة ٍ
كاد الظلام بها يكون ضياءَ
لما نعاك الناعيان مشى الجوى
بَينَ القُلُوبِ وَضَعضَعَ الأحْشَاءَ
واسود شطر اليوم ترجف شمسه
قَلَقاً، وَجَرّ ضِيَاؤهُ الظّلْمَاءَ
وَارْتَجّ بَعدَكَ كُلُّ حيٍّ بَاكِياً
فكانما قلب الصهيل رغاءَ
قبرٌ تشبث بالنسيم ترابه
دُونَ القُبُورِ، وَعَقّلَ الأنْوَاءَ
تلقاه ابكار السحاب وعونها
تَلقَى الحَيَا، وَتُبَدّدُ الأنْداءَ
متهلل الجنبات تضحك ارضه
فَكَأنّ بَينَ فُرُوجِهِ الجَوْزَاءَ
أوْلى الرّجَالِ بِرَيّ قَبْرٍ مَاجِدٍ
غَمَرَ الرّجَالَ تَبَرّعاً وَعَطَاءَ
وَلَوَ أنّ دُفّاعَ الغَمَامِ يُطِيعُني
لجَرَى عَلى قَبْرِ اللّئِيمِ غُثَاءَ
لا زال تنطف فوقه قطع الحيا
بمجلجل يدع الصخور رواءَ
وَتَظُنّ كُلَّ غَمَامَة ٍ وَقَفَتْ بِهِ
تبكي عليه تودداً وولاءَ
وَإذا الرّياحُ تَعَرّضَتْ بتُرَابِهِ
قلنا السماء تنفس الصعداءَ
ايها تمطر نحوك الداءُ الذي
قرض الرجال وفرَّق القرباءَ
إنّ الرّمَاحَ رُزِئْنَ مِنكَ مُشَيَّعاً
غَمْرَ الرّداءِ مُهَذَّباً مِعطَاءَ
وطويل عظم الساعدين كانما
رفعت بعمته الجياد لواءَ
ولقين بعدك كل صبح ضاحك
يَوْماً أغَمّ وَلَيْلَة ً لَيْلاءَ
انعاك للخيل المغيرة شزباً
وَاليَوْمَ يَضْرِبُ بالعَجاجِ خِبَاءَ
ولخوض سيفك والفوارس تدعى
حَرْباً يَجُرّ نِداؤها الأسْمَاءَ
وَغَيَابَة ٍ فَرّجْتَها، وَمَقَامَة ٍ
سددت فيها حجة غراءَ
وخلطت اقوال الرجال بمقول
ذرب كما خلط الضراب دماءَ
ومطية انضيتها وكلاكما
تَتَنَازَعَانِ السّيْرَ وَالإنْضَاءَ
ان البكاء عليك فرض واجب
وَالعَيشُ لا يُبكَى عَلَيْهِ رِيَاءَ(91/477)
بأبيكَ، يَطمَحُ نَحوَ كُلّ عَظيمَة ٍ
طرف تعلم بعدك الاغضاءَ
فاسلم امير المؤمنين ولا تزل
تجري الجياد وتحرز الغلواءَ
فَإذا سَلِمْتَ مِنَ النّوَائِبِ أصْبَحتْ
تَرْضَى ، وَنَرْضَى أنْ يكُونَ فِداءَ
وَلَئِنْ تَسَلّطَتِ المَنُونُ لَقد أتَتْ
ما رد لوم اللائمين ثناءَ
وَهَبَتْ لَنَا هَذا الحُسَامَ المُنْتَضَى
فِينَا، وَهَذي العِزّة َ القَعسَاءَ
نهنهت بادرة الدموع تجملاً
والعين تؤنس عبرة وبكاءَ
فاستَبقِ دَمعَكَ في المَصائبِ وَاعلَمن
أنّ الرّدَى لا يُشْمِتُ الأعْداءَ
وتسل عن سيف طبعت غراره
وَأعَرْتَ شَفْرَتَهُ سَناً وَمَضَاءَ
أوْلَى ، وَلَكِنْ نَنْدُبُ الآبَاءَ
فَلَقَدْ رَجَعْت عنِ المُطيعِ بسَلوَة ٍ
مِنْ بَعد مَا جَرَتِ الدّموعُ دِمَاء
والابن للاب ان تعرض حادث
أوْلَى الأنَامِ بأنْ يَكُونَ وِقَاء
وَإذا ارْتَقَى الآبَاءُ أمنَعَ نَجوَة ٍ
فدع الردى يستنزل الابناءَ
وَرَدَ الزّمَانُ بِهِ وَأوْرَدَهُ الرّدَى
بَغياً، فأحسَنَ مَرّة ً، وَأسَاءَ
ورمى سنيه الى الحمام كانما
ألقَى بِهَا عَنْ مَنكِبَيهِ رِداءَ
فلتعلم الايام انك لم تزل
تفري الخطوب وتكشف الغماءَ
خَضَعَتْ لكَ الأعداءُ يَوْمَ لَقِيتَها
جلداً تجرد للمصاب عزاءَ
وَتَمَطّتِ الزّفَرَاتُ، حتى قَوَّمَتْ
ضلعاً على اضغانها عوجاءَ
وَمُضَاغِنٍ مَلآنَ يَكْتُمُ غَيْظَهُ
جزعاً كما كتم المزاد الماءَ
مُتَحَرِّقٌ، فَإذا رَأتْكَ لِحَاظُهُ
نَسِيتْ مَجامِعُ قَلبِهِ الشّحْناءَ
وأما وجودك انه قسم لقد
غمر القلوب وانطق الشعراءَ
وانا الذي واليت فيك مدائحاً
وَعَبَأتُ للباغي عَلَيْكَ هِجَاءَ
وَنَفَضْتُ إلاّ مِنْ هَوَاكَ خَوَاطرِي
نَفْضَ المُشَمِّرِ بالعَرَاءِ وِعَاءَ
فَاسْلَمْ، وَلا زَالَ الزّمَانُ يُعِيرُني
Free counter
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ابكيك لو نقع الغليل بكاءي
ابكيك لو نقع الغليل بكاءي
رقم القصيدة : 9807
-----------------------------------(91/478)
ابكيك لو نقع الغليل بكاءي
وَأقُولُ لَوْ ذَهَبَ المَقالُ بِدائي
وَأعُوذُ بالصّبْرِ الجَميلِ تَعَزّياً
لَوْ كَانَ بالصّبْرِ الجَميلِ عَزائي
طوراً تكاثرني الدموع وتارة
آوي الى اكرومتي وحيائي
كم عبرة موهتها باناملي
وسترتها متجملاً بردائي
ابدي التجلد للعدو ولو درى
بتَمَلْمُلي لَقَدِ اشتَفَى أعدائي
ما كنت اذخر في فداك رغيبة
لو كان يرجع ميت بفداءِ
لو كان يدفع ذا الحمام بقوة
لنكدست عصب وراءَ لوائي
بِمُدَرَّبِينَ عَلى القِرَاعِ تَفَيَّأُوا
ظِلَّ الرّمَاحِ لكُلّ يَوْمِ لِقَاءِ
قَوْمٌ إذا مَرِهُوا بِأغبابِ السُّرَى
كَحَلُوا العُيُونَ بإثمِدِ الظّلْمَاءِ
يَمشُونَ في حَلَقِ الدّرُوعِ كأنّهُمْ
صم الجلامد في غدير الماءِ
ببروق ادراع ورعد صوارم
وغمام قسطلة ووبل دماءِ
فَارَقْتُ فِيكِ تَماسُكي وَتَجَمّلي
ونسيت فيك تعززي وابائي
وَصَنَعْتُ مَا ثَلَمَ الوَقَارَ صَنيعُهُ
مما عراني من جوى البرحاءِ
كم زفرة ضعفت فصارت انة
تَمّمْتُهَا بِتَنَفّسِ الصُّعَداءِ
لَهفَانَ أنْزُو في حَبَائِلِ كُرْبَة ٍ
مَلَكَتْ عَليّ جَلادَتي وَغَنَائي
وجرى الزمان على عوائد كيده
في قلب آمالي وعكس رجائي
قَدْ كُنتُ آمُلُ أنْ أكونَ لكِ الفِدا
مِمّا ألَمّ، فكُنتِ أنْتِ فِدائي
وَتَفَرُّقُ البُعَداءِ بَعْدَ مَوَدَّة ٍ
صعب فكيف تفرق القرباءِ
وَخَلائِقُ الدّنْيَا خَلائِقُ مُومِسٍ
للمنع آونة وللاعطاءِ
طوراً تباذلك الصفاء وتارة
تَلْقَاكَ تُنكِرُهَا مِنَ البَغضَاءِ
وَتَداوُلُ الأيّامِ يُبْلِينَا كَمَا
يُبلي الرّشَاءَ تَطاوُحُ الأرْجَاءِ
وَكَأنّ طُولَ العُمْرِ روحَة ُ رَاكِبٍ
قضى اللغوب وجد في الاسراءِ
أنْضَيتِ عَيشَكِ عِفّة ً وَزَهَادَة ً
وَطُرِحْتِ مُثْقَلَة ً مِنَ الأعْبَاءِ
بصِيَامِ يَوْمِ القَيظِ تَلْهَبُ شَمْسُهُ
وقيام طول الليلة الليلاءِ
ما كان يوما بالغبين من اشترى
رغد الجنان بعيشة خشناءِ
لَوْ كَانَ مِثلَكِ كُلُّ أُمٍّ بَرّة ٍ(91/479)
غنى البنون بها عن الآباءِ
كيف السلو وكل موقع لحظة
اثر لفضلك خالد بازائي
فَعَلاتُ مَعرُوفٍ تُقِرّ نَوَاظِرِي
فَتَكُونُ أجْلَبَ جالِبٍ لبُكائي
مَا مَاتَ مَنْ نَزَعَ البَقَاءَ، وَذِكْرُهُ
بالصّالحاتِ يُعَدّ في الأحْيَاءِ
فبأي كف استجن واتقي
صَرْفَ النّوَائِبِ أمْ بِأيّ دُعَاءِ
ومن الممول لي اذا ضاقت يدي
ومن المعلل لي من الادواءِ
ومن الذي ان ساورتني نكبة
كَانَ المُوَقّي لي مِنَ الأسْوَاءِ
أمْ مَنْ يَلِطّ عَليّ سِتْرَ دُعَائِهِ
حَرَماً مِنَ البَأسَاءِ وَالضّرّاءِ
رُزْآنِ يَزْدادانِ طُولَ تَجَدّدٍ
أبَدَ الزّمَانِ: فَناؤها وَبَقائي
شهد الخلائق انها لنجيبة
بدَليلِ مَنْ وَلَدَتْ مِنَ النُّجَبَاءِ
في كل مظلم ازمة أو ضيقة
يَبْدُو لهَا أثَرُ اليَدِ البَيْضَاءِ
ذَخَرَتْ لَنا الذّكرَ الجَميلَ إذا انقضَى
ما يذخر الآباء للابناءِ
قَدْ كُنْتُ آمُلُ أنْ يَكُونَ أمامَها
يومي وتشفق ان تكون ورائي
آوي الى برد الظلال كأنني
لِتَحَرّقي آوِي إلى الرّمضَاءِ
واهب من طيب المنام تفزعاً
فزع اللديغ نبا عن الاعفاءٍِ
آبَاؤكِ الغُرّ الّذِينَ تَفَجّرَتْ
بِهِمُ يَنَابيعٌ مِنَ النّعْمَاءِ
مِنْ نَاصِرٍ للحَقّ أوْ داعٍ إلى
سبل الهدى أو كاشف الغماءِ
نزلوا بعرعرة السنام من العلى
وَعَلَوا عَلى الأثْبَاجِ وَالأمْطَاءِ
من كل مستبق اليدين الى الندى
وَمُسَدِّدِ الأقْوَالِ وَالآرَاءِ
يُرْجَى عَلى النّظَرِ الحَدِيدِ تَكَرّماً
ويخاف في الاطراق والاغضاءِ
دَرَجُوا عَلى أثَرِ القُرُونِ وَخَلّفُوا
طُرُقاً مُعَبَّدَة ً مِنَ العَلْيَاءِ
يا قبر امنحه الهوى واود لو
نزفت عليه دموع كل سماءِ
لا زَالَ مُرْتَجِزُ الرّعُودِ مُجَلْجِلٌ
هَزِجُ البَوَارِقِ مُجلِبُ الضّوْضَاءِ
يرغو رغاء العود جعجعه السرى
وَيَنُوءُ نَوْءَ المُقرِبِ العُشَرَاءِ
يقتاد مثقلة تالغمام كانما
ينهضن بالعقدات والانقاءِ
يهفو بها جنح الدجى ويسوقها(91/480)
سوقَ البِطَاءِ بِعاصِفٍ هَوْجَاءِ
يرميك بارقها بافلاذ الحيا
وَيَفُضّ فِيكَ لَطائِمَ الأنْداءِ
متحلياً عذراء كل سحابة
تَغْذُو الجَمِيمَ برَوْضَة ٍ عَذْرَاءِ
للومت ان لم اسقها بمدامعي
وَوَكَّلْتُ سُقْيَاهَا إلى الأنْوَاءِ
لهفي على القوم الاولى غادرتهم
وعليهم طبق من البيداءِ
مُتَوَسّدِينَ عَلى الخُدُودِ كَأنّمَا
كرعوا على ظمأ من الصهباءِ
صور ضننت على العيون بلحظها
أمْسَيْتُ أُوقِرُها مِنَ البَوْغَاءِ
وَنَوَاظِرٌ كَحَلَ التُّرَابُ جُفُونَها
قد كنت احرسها من الاقذاءِ
قربت ضرائحهم على زوارها
ونأوا عن الطلاب اي تنائي
وابئس ما تلقى بعقر ديارهم
أُذْنُ المُصِيخِ بِهَا وَعَينُ الرّائي
معروفك السامي انيسك كلما
وَرَدَ الظّلامُ بوَحشَة ِ الغَبْرَاءِ
وضياءُ ما قدمته من صالح
لك في الدجى بدل من الاضواءِ
إنّ الذي أرْضَاهُ فِعلُكِ لا يَزَلْ
تُرْضِيكِ رَحْمَتُهُ صَبَاحَ مَسَاءِ
صَلّى عَلَيكِ، وَما فَقَدْتِ صَلاتَهُ
قَبلَ الرّدَى ، وَجَزاكِ أيّ جَزَاءِ
لَوْ كَانَ يُبلِغُكِ الصّفيحُ رَسَائِلي
او كان يسمعك التراب ندائي
لَسَمِعتِ طُولَ تَأوّهي وَتَفَجّعي
وعلمت حسن رعايتي ووفائي
كَانَ ارْتِكاضِي في حَشاكِ مُسَبِّباً
رَكضَ الغَليلِ عَلَيكِ في أحشائي
قصيدة ياقاتلتي بصوت الشاعر
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> اترى السحاب اذا سرت عشراؤه
اترى السحاب اذا سرت عشراؤه
رقم القصيدة : 9808
-----------------------------------
اترى السحاب اذا سرت عشراؤه
يمرى على قبر ببابل ماؤه
يا حَادِيَيْهِ قِفَا بِبُزْلِ مَطِيّهِ
فإلى ثَرَى ذا القَبْرِ كانَ حُداؤهُ
يسقى هوى للقلب فيه ومعهدا
رَقّتْ مَنَابِتُهُ وَرَقّ هَوَاؤهُ
قد كان عاقدني الصفاءَ فلم ازل
عَنْهُ، وَمَا بَقّى عَليّ صَفَاؤهُ
ولقد حفظت له فاين حفاظه
وَلَقَدْ وَفَيْتُ لَهُ، فأينَ وَفَاؤهُ
اوعى الدعاء فلم يجبه قطيعة
أمْ ضَلّ عَنْهُ مِنَ البعَادِ دعَاؤهُ(91/481)
هَيهَاتَ أصْبَحَ سَمْعُهُ وَعِيَانُهُ
في الترب قد حجبتهما اقذاؤه
يُمْسِي، وَلِينُ مِهَادِهِ حَصْبَاؤهُ
فِيهِ، وَمُؤنِسُ لَيلِهِ ظَلْماؤهُ
قد قلبت اعيانه وتنكرت
أعْلامُهُ، وَتَكَسّفَتْ أضْوَاؤهُ
مغف وليس للذة اغفاؤه
مغض وليس لفكرة اغضاؤه
وجه كلمح البرق غاض وميضه
قَلْبٌ كصَدْرِ العَضْبِ فُلَّ مَضَاؤهُ
حَكَمَ البِلَى فيهِ، فَلَوْ يَلقَى بهِ
اعداؤه لرثى له أعداؤه
إنّ الّذِي كَانَ النّعِيمُ ظِلالَهُ
أمسى يطنب بالعراء خباؤه
قد خف عن ذاك الرواق حضوره
أبداً وعن ذاك الحمى ضوضاؤه
كانَتْ سَوَابِقُهُ طِرازَ فِنَائِهِ
يجلو جمال روائهن رواؤه
و رماحه سفراؤه وسيوفه
خفراؤه وجياده ندماؤه
مَا زَالَ يَغدُو، وَالرّكَابُ حُداؤهُ
بين الصوارم والعجاج رداؤه
انْظُرْ إلى هَذا الأنَامِ بِعِبْرَة ٍ
لا يُعْجِبَنّكَ خَلْقُهُ وَبَهَاؤهُ
بيناه كالورق النضير تقصفت
أغْصَانُهُ وَتَسَلّبَتْ شَجْرَاؤهُ
أني تحاماه المنون وإنما
خلقت مراعي للردى خضراؤه
أمْ كَيْفَ تَأمُلُ فَلتَة ً أجْسَادُهُ
من ذا الزمان وحشوها ادواؤه
لا تَعجَبَنّ، فَمَا العَجيبُ فَنَاؤهُ
بيَدِ المَنُونِ، بَلِ العَجيبُ بَقَاؤهُ
أنَّا لنعجب كيف حم حمامه
عَنْ صِحّة ٍ، وَيَغيبُ عَنّا داؤهُ
من طاح في سبل الردى آباؤه
فليسلكن طريقه ابناؤه
وَمُؤمَّرٍ نَزَلُوا بِهِ في سُوقَة ٍ
لا شَكْلُهُ فيهِمْ وَلا قُرَنَاؤهُ
قد كان يفرق ظله اقرانه
و يغض دون جلاله اكفاؤه
وَمُحَجَّبٍ ضُرِبَتْ عَلَيهِ مَهابَة ٌ
يُغْشِي العُيُونَ بَهَاؤهُ وَضِيَاؤهُ
نَادَتْهُ مِنْ خَلْفِ الحِجابِ مَنِيّة ٌ
أمم فكان جوابها حوباؤه
شُقّتْ إلَيْهِ سُيُوفُهُ وَرِمَاحُهُ
و اميط عنه عبيده وإماؤه
لم يغنه من كان ودّ لو انه
قَبْلَ المَنُونِ مِن المَنُونِ فِداؤهُ
حرم عليه الذل إلا انه
أبَداً ليَشْهَدُ بالجَلالِ بِنَاؤهُ
متخشع بعد الانيس جنابه
متضائل بعد القطين فناؤه
عريان تطرد كل ريح تربه(91/482)
و تطيع أول امرها حصباؤه
وَلَقَدْ مَرَرْتُ بِبَرْزَخٍ، فسألتُهُ:
اين الأولى ضمتهم ارجاؤه
مِثْلِ المَطِيّ بَوَارِكاً أجْداثُهُ
تسفى على جنباتها بوغاؤه
ناديته فخفى علي جوابه
بالقَوْلِ إلاّ مَا زَقَتْ أصْداؤهُ
مِنْ نَاظِرٍ مَطْرُوفَة ٍ ألحَاظُهُ
أو خاطر مطلولة سوداؤه
أوْ وَاجِدٍ مَكْظُومَة ٍ زَفَرَاتُهُ
أوْ حَاقِدٍ مَنْسِيّة ٍ شَحْنَاؤهُ
و مسندين على الجنوب كانهم
شَرْبٌ تَخَاذَلَ بالطِّلا أعْضَاؤهُ
تحت الصعيد لغير اشفاق إلى
يَوْمِ المَعَادِ تَضُمّهُمْ أحْشَاؤهُ
أكلتهم الارض التي ولدتهم
أكل الضروس حلت له أكلاؤه
حياك معتلج النسيم ولا يزل
سحراً تفاوح نوره اصباؤه
يمري عليك من النعامى خلفه
من عارض متبرل اندؤاه
فَسَقاكَ مَا حَمَلَ الزّلالَ سِجَالُهُ
ونحاك ما حر الزحوف لواؤه
لَوْلا اتّقَاءُ الجَاهِلِيّة ِ سُقْتُهُ
ذَوْداً تَمُورُ عَلى ثَرَاكَ دِمَاؤهُ
و اطرت تحت السيف كل عشية
عُرْقُوبَ مُغْتَبِطٍ يَطُولُ رَغاؤهُ
لكن سيخلف عقرها ودماؤها
أبَدَ اللّيَالي، مَدْمَعي وَبُكاؤهُ
أقْني الحَيَاءَ تَجَمُّلاً لَوْ أنّهُ
يَبْقَى مَعَ الدّمْعِ اللّجُوجِ حَياؤهُ
وَإذا أعَادَ الحَوْلُ يَوْمَكَ عَادَني
مِثْلَ السّلِيمِ يَعُودُهُ آنَاؤهُ
داءٌ بقلبي لا يعود طبيبه
يَأساً إليّ، وَلا يُصَابُ دَوَاؤهُ
فاذهب فلا بقي الزمان وقد هوى
بكَ صَرْفُهُ وَقضَى عَلَيكَ قَضَاؤهُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> مالي اودع كل يوم ظاعناً
مالي اودع كل يوم ظاعناً
رقم القصيدة : 9809
-----------------------------------
مالي اودع كل يوم ظاعناً
لَوْ كُنْتُ آمُلُ للوَداعِ لِقَاءَ
و اروح اذكر ما اكون لعهده
فكأنني استودعته الاحشاء
فَرَغَتْ يدي منهُ، وَقدْ رَجَعَتْ بهِ
ايدي النوائب والخطوب ملاء
تشكو القذى عيني فيكثر شكوها
حتى يعود قذى بها اقذاء
شرق من الحدثان لو يرمي به
ذا الماء من الم أغص الماء(91/483)
أحبَابيَ الأدْنَينَ كَمْ ألْقَى بكُمْ
داءً يَمُضُّ، فَلا أُداوي الدّاءَ
أحيا أخاءكم الممات وغيركم
جَرّبْتُهُمْ، فَثكِلْتُهُمْ أحيَاءَ
إلاّ يكُنْ جَسَدي أُصِيبَ، فإنّني
فرقته فدفعته اعضاء
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> حيِّ، بَينَ النَّقَا وَبَينَ المُصَلّى
حيِّ، بَينَ النَّقَا وَبَينَ المُصَلّى
رقم القصيدة : 9810
-----------------------------------
حيِّ، بَينَ النَّقَا وَبَينَ المُصَلّى
وَقَفَاتِ الرّكَائِبِ الأنْضَاءِ
وَرَوَاحَ الحَجيجِ لَيْلَة َ جَمْعٍ
وبجمع مجامع الأهواء
و تذكر عني مناخ مطيي
بأعَالي مِنًى وَمَرْسَى خِبَائي
و تعمد ذكري اذا كنت بالخـ
ـفِ، لظبيٍ من بعضِ تلكَ الظّبَاءِ
قُلْ لهُ: هل تُراكَ تَذكرُ ما كا
ن بباب القبيبة الحمراء
قال لي صاحبي غداة التقنيا
نَتَشاكَى حَرَّ القُلُوبِ الظّمَاءِ:
كُنتَ خَبّرْتَني بأنّكَ في الوَجْـ
جد عقيدتي وان داءك دائي
مَا تَرَى النّفْرَ وَالتّحَمّلَ للبَيْـ
ــن فماذا انتظارنا للبكاء
لم يقلها حتى انثنيت لما بي
اتلقى دمعي بفضل ردائي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> خُطُوبٌ لا يُقَاوِمُهَا البَقَاءُ
خُطُوبٌ لا يُقَاوِمُهَا البَقَاءُ
رقم القصيدة : 9811
-----------------------------------
خُطُوبٌ لا يُقَاوِمُهَا البَقَاءُ
و احوال يدب لها الضراء
و دهر لا يصح به سقيم
وَكَيْفَ يَصُحّ، وَالأيّامُ داءُ
و املاك يرون القتل غنما
و في الاموال لو قنعوا فداء
هم استولوا على النخباء منا
كما استولى على العود اللحاء
مقام لا يجاذبه رحيل
و ليل لا يجاوره ضياء
سَيَقطَعُكَ المُثَقَّفُ مَا تَمَنّى
و يطيعك المهند ما تشاء
بلونا ما تجيء به الليالي
فَلا صُبْحٌ يَدُومُ وَلا مَسَاءُ
وَأنْضَيْنَا المَدَى طَرَباً وَهَمّاً
فَمَا بَقِيَ النّعِيمُ وَلا الشّقَاءُ
إذا كَانَ الأسَى داءً مُقِيماً
فَفي حُسْنِ العَزَاءِ لَنَا شِفَاءُ
وَمَا يُنجي مِنَ الأيّامِ فَوْتٌ(91/484)
ولا كد يطول ولا عناءُ
تنال جميع ما تسعى إليه
فَسِيّانِ السّوَابِقُ وَالبِطَاءُ
وَمَا يُنْجي مِنَ الغَمَرَاتِ إلاّ
ضراب أو طعان أو رماء
وَرُمْحٌ تَستَطيلُ بِهِ المَنَايَا
وَصَمْصَامٌ تُشَافِهُهُ الدّمَاءُ
و أني لا أميل إلى خليل
سفيه الرأي شيمته الرياء
يسومني الخصام وليس طبعي
وَمَا مِنْ عَادَة ِ الخَيْلِ الرُّغَاءُ
أقُولُ لِفِتْيَة ٍ زَجَرُوا المَطَايَا
وخف بهم على الابل النجاء
على غوراء تشتجر الاداوى
بعرضتها وتزدحم الدلاء
رِدُوا وَاستَفضِلُوا نُطَفاً، فحَسبي
من الغدران ما وسع الإناء
و بعدكم أناخ إلى محل
يطلق عنده الدلو الرشاء
تقلص عن سوائمه المراعي
وتحرز درة الضرع الرعاءُ
إذا ما الحر اجدب في زمان
فعفته له زادٌ وماءُ
ارى خلقاً سواسية ولكن
لغَيرِ العَقْلِ مَا تَلِدُ النّسَاءُ
يشبه بالفصيل الطفل منهم
فَسِيّانِ العَقِيقَة ُ وَالعَفَاءُ
تصونهم الوهاد واي بيت
حمى اليربوع لولا النافقاءُ
هُمُ يَوْمَ النّدَى غَيْمٌ جَهَامٌ
وفي اللاواء ريح جربياءُ
قِرًى لا يَستَجيرُ بهِ خَمِيصٌ
وَنَارٌ لا يُحَسّ بِهَا الصِّلاءُ
وَضَيْفٌ لا يُخَاطِبُهُ أديبٌ
وجار لا يلذ له الثواءُ
هوى بدر التمام وكل بدر
ستقذفه الى الارض السماءُ
وَعِلْمي أنّهُ يَزْدادُ نُوراً
ويجذبه عن الظلم الضياءُ
أمرّ بداره فاطيل شوقاً
وَيَمْنَعُني مِنَ النّظَرِ البُكَاءُ
تَعَرّضُ لي فَتُنْكِرُها لِحَاظي
مُعَطَّلَة ً كَما نُقِضَ الخِبَاءُ
كَأنّي قَائِفٌ طَلَبَ المَطَايَا
على جدد ابعثره الظباءُ
فَإنّ السّيْفَ يَحْبِسُهُ نِجَادٌ
ونبت الارض تنوم وآاءُ
وقد كان الزمان يروق فيها
وَيَشرَبُ حُسنَها الحَدَقُ الظّمَاءُ
وَدارٌ لا يَلَذُّ بِهَا مُقِيمٌ
ولا يغشى لساكنها فناءُ
تخيب في جوانبها المساعي
وَيُنقَصُ في مَواطِنِها الإبَاءُ
وَما حَبَسَتكَ مَنقَصَة ٌ، وَلكِنْ
كَرِيمُ الزّادِ يُحرِزُهُ الوِعَاءُ
فَلا تَحزَنْ عَلى الأيّامِ فِينَا(91/485)
إذا غَدَرَتْ، وَشِيمَتُنا الوَفَاءُ
فان السيف يحسبه نجاد
ويطلقه على القمم المضاءُ
لئن قطع اللقاء غرام دهر
لما انقطع التودد والاخاءُ
و مابعث الزمان عليك إلا
وُفُورُ العِرْضِ وَالنّفسُ العِصَاءُ
وَلَوْ جَاهَرْتَهُ بِالبَأسِ يَوْماً
لابرأ ذلك الجرب الهناءُ
و كنت إذا وعدت على الليالي
تمطر في مواعدك الرجاءُ
وَأعْجَلَكَ الصّرِيخُ إلى المَعَالي
كما يستعجل الابل الحداءُ
وَأيّ فَتًى أصَابَ الدّهْرُ مِنّا
تُصَابُ بِهِ المُرُوءَة ُ وَالوَفَاءُ
صَقيلُ الطّبْعِ رَقْرَاقُ الحَوَاشِي
كما اصطفقت على الروض الاضاءُ
ينال المجد وضاح المحيا
طويل الباع عمته لواءُ
كلام تستجيب له المعالي
وَوَجْهٌ يَستَبِدّ بِهِ الحَيَاءُ
فَلا زَالَتْ هُمُومُكَ آمِرَاتٍ
على الايام يخدمها القضاءُ
تجول على ذوابلك المنايا
وَيَخطِرُ في مُنَازِلِكَ العَلاءُ
اضف القصيدة إلى مفضلتك
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> تُعَبّرُني فَتَاة ُ الحَيّ أنّي
تُعَبّرُني فَتَاة ُ الحَيّ أنّي
رقم القصيدة : 9812
-----------------------------------
تُعَبّرُني فَتَاة ُ الحَيّ أنّي
حظيت من المروءة والفتاء
وَأنّي لا أمِيلُ إلى جَوَادٍ
يعبد حر وجهي للعطاء
لعمرك ما لغدرك فيَّ ذنب
وليس الذنب الا من وفائي
وما جود الزفير عليك جوداً
وَلَكِنْ ذاكَ مِنْ لُؤمِ العَزَاءِ
معاداة الرجال على الليالي
اطيق ولا مداراة النساءِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> رضينا الظبي من عناق الظبا
رضينا الظبي من عناق الظبا
رقم القصيدة : 9813
-----------------------------------
رضينا الظبي من عناق الظبا
وضرب الطلا من وصال الطلا
وَلمْ نَرْضَ بالبَأسِ دونَ السّماحِ
ولا بالمحامد دون الجدا
وَقُمْنَا نَجُرّ ذُيُولَ الرّجَا
وَتَرْعَى العُيُونُ بُرُوقَ المُنَى
إلى أنْ ظَفِرْنَا بكَأسِ النّجيـ
ـعِ، فالرّمحُ يشرَبُ حتى انتَشَى
وَمِلْنَا عَلى القُورِ مِنْ نَقْعِنَا(91/486)
باوسع منها واعلى بنا
وللخيل في ارضنا جولة
تَحَلّلَ عَنْهَا نِطَاقُ الثّرَى
اثرنا عليها صدور الرما
ح يمرح في ظلهن الردى
فجاءت تدفق في جريها
كما افرغت في الحياض الدلا
وليل مررنا بظلمائه
نُضَاوِي كَوَاكِبَهُ بِالظُّبَى
إذا مُدّتِ النّارُ بَاعَ الشُّعاعِ
مددنا اليها ذراع القرى
وَيَوْمٍ تَعَطَّفُ فِيهِ الجِيَا
د تشرق الوانها بالدما
فَمَا بَرِحَتْ حَلْبَة ُ السّابِقَا
ت توردنا عفوات المدى
بركض يصدع صدر الوها
دِ، حَتّى تَئِنّ قُلُوبَ الصّفَا
يَلُوذُ بِأبْيَاتِنَا الخَائِفُو
نَ، حَتّى طَرَائِدُ وَحْشِ الفَلاَ
وتصغى لنا فاريات الخطو
ب قواضب ما آجنت بالصدا
يبشرها بعد هماتنا
بان الحمام قريب الخطا
وَجَوٍّ تَقَلَّبُ فيهِ الرّيَا
ح بين الجنوب وبين الصبا
سللنا النواظر في عرضه
فَطَوّلَ مِنْ شأوِها المُنْتَضَى
تصافح منه لحاظ العيون
مَرِيضَ النّسِيمِ أرِيضَ الرُّبَى
وَإنّي عَلى شَغَفِي بالوَقَارِ
احن الى خطرات الصبا
ومما يزهدني في الزمان
ويجذبني عن جميع الورى
اخ ثقف المجد اخلاقه
وَأشْعَرَ أيّامَهُ بالعُلَى
وانكحه بهديّ السنا
وطلقه من قبيح النشا
وَقُورٌ، إذا زَعْزَعَتْهُ الخُصُو
مُ، وَانفَرَجَتْ حَلَقاتُ الحُبَى
اذا هزهز الرمح روّى السنا
نَ، وَاستَمطَرَ السّيفُ هامَ العِدَى
وَمَا هُوَ إلاّ شِهَابُ الظّلا
م صافح لحظي بحسن الرُّوا
يقص ومن غير سهم اصاب
وَيَرْمي، وَمِنْ غَيرِ قَوْسٍ رَمَى
فَغَيْثٌ يُعانِقُني في السّحَابِ
وبدر ينادمني في السما
سَقَاني عَلى القُرْبِ كاسَ الإخَا
ءِ مطلولة بنسيم الصفا
فلله كاس صرعت الهمو
م بسورتها وعقرت الاسا
وسرب تنفره بالرماح
وَوَعْدٍ تَعَفّرُهُ بِالعَطَا
وَمَاءٍ تُصَارِعُهُ بِالرّكَابِ
وجيش تقارعه بالقنا
وَيَوْمٍ تُسَوّدُهُ بِالعَجَاجِ
وَنَادٍ تُبَيّضُهُ بِالنّدَى
سَنَاءٌ تَبَلّدُ عَنْهُ السّمَاءُ
ومجد سها عن مداه السها
بَني خَلَفٍ أنْتُمُ في الزّمَانِ(91/487)
غيوث العطاء ليوث الوغى
بدور اذا ازدحمت في الظلا
م شمر برديه عنها الدجى
حَرِيّونَ إنْ نُسِبُوا بالسّمَا
حِ، جَرِيّونَ في كُلّ أمرٍ عَرَا
لهم كل يوم الى الغادرين
جمع تقلقل عنه الفضا
حَلَفْتُ بِسابحَة ٍ في الفِجَاجِ
تمزج اخفافها بالذرى
وتنهض في صهوات الهجير
بين النعام وبين المها
بخطوٍ يمزق برد الصعيد
وركض يلطم وجه الملا
هَبَبْنَ، وَلَمْ تُغْرِهِنّ الحُداة ُ
فقام الهباب مقام الحدا
تَحُطّ رَحَائِلَهَا بالمَقَامِ
وتلقي ازمتها بالصفا
لقد حل ودك من مهجتي
بحَيْثُ يُقِيلُ الأسَى وَالإسَا
وحاشاك ان تستسر الوداد
وَتُرْمِدَ بالهَجْرِ طَرْفَ الهَوَى
لبذل الندى ان ثويت الثوى
وفل العدى ان سريت السرى
رايت عليا يرد الرسيل
حسير القوائم دامي القرى
اذا الركب حط بابوابه
تَنَفّضَ عَنْهُ غُبَارُ النّوَى
وان سلك البر هز الرعا
نَ، حتى يُنَفّرَ ذَوْدَ القَطَا
بِكُلّ مُعَوَّذَة ٍ بِالحَدِيـ
ـدِ، إنْ رَوّعَتْهَا نِبَالُ العِدَى
سَأشدُوا بذِكْرِكَ ما استَعبَرَتْ
مَطِيٌّ يُثَلِّمُ فيها الوَجَى
وَأُصْفيكَ وُدّي، وَبَعضُ الرّجا
ل يمزج بالود ماء القلا
يَخبطُ الضّلُوعَ عَلى إحْنَة ٍ
ويرعى الاخاء بعين العما
ولما ذكرتك حن الفؤا
د واعتل في مقلتي الكرى
فَلا زِلْتَ في رَقَداتِ النّعِيـ
ـمِ تَهْفُو بِلا مُوقِظٍ مِنْ أذَى
رياض تشق عليك النسيم
وَلَيْلٌ، يَمُجّ عَلَيْكَ الضّحَى
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> كرْبَلا، لا زِلْتِ كَرْباً وَبَلا
كرْبَلا، لا زِلْتِ كَرْباً وَبَلا
رقم القصيدة : 9814
-----------------------------------
كرْبَلا، لا زِلْتِ كَرْباً وَبَلا
ما لقي عندك آل المصطفى
كَمْ عَلى تُرْبِكِ لمّا صُرّعُوا
من دم سال ومن دمع جرى
كَمْ حَصَانِ الذّيلِ يَرْوِي دَمعُها
خَدَّهَا عِندَ قَتيلٍ بالظّمَا
تمسح الترب على اعجالها
عَنْ طُلَى نَحْرٍ رَمِيلٍ بالدّمَا
وضيوف لفلاة قفرة
نزلوا فيها على غير قرى(91/488)
لم يذوقوا المآء حتى اجتمعوا
بحدى السيف على ورد الردى
تكسف الشمس شموساً منهم
لا تداينها ضياءًوعلا
وتنوش الوحش من اجسادهم
أرْجُلَ السّبْقِ وَأيْمَانَ النّدَى
وَوُجُوهاً كَالمَصابيحِ، فَمِنْ
قَمَرٍ غابَ، وَنَجْمٍ قَدْ هَوَى
غَيّرَتْهُنّ اللّيَالي، وَغَدَا
جاير الحكم عليهن البلا
يا رسول الله لو عاينتهم
وهم ما بين قتلى وسبا
من رميض يمنع الظل ومن
عاطش يسقى انابيب القنا
ومسوق عاثر يسعى به
خلف محمول على غير وطا
متعب يشكو اذى السير على
نَقبِ المَنسِمِ، مَجزُولِ المَطَا
لَرَأتْ عَيْنَاكَ مِنهُمْ مَنْظَراً
للحَشَى شَجْواً، وَللعَينِ قَذَى
ليس هذا لرسول الله يا
امة الطغيان والبغي جزا
غارِسٌ لمْ يَألُ في الغَرْسِ لهُمْ
فَأذاقُوا أهْلَهُ مُرّ الجَنَى
جزروا جزر الاضاحي نسله
ثُمّ سَاقُوا أهلَهُ سَوْقَ الإمَا
معجلات لا يوارين ضحى
سنن الوجه أو بيض الطلى
هاتفات برسول الله في
بُهَرِ السّعْيِ، وَعَثرَاتِ الخُطَى
يَوْمَ لا كِسْرَ حِجَابٍ مَانِعٌ
بذلة العين ولا ظل خبا
أدْرَكَ الكُفْرُ بِهِمْ ثَارَاتِهِ
وَأُزِيلَ الغَيّ مِنْهُمْ فاشتَفَى
يا قَتيلاً قَوّضَ الدّهْرُ بِهِ
عُمُدَ الدّينِ وَأعْلامَ الهُدَى
قتلوه بعد علم منهم
انه خامس اصحاب الكسا
وصريعا عالج الموت بلا
شد لحيين ولا مد ردى
غَسَلُوهُ بِدَمِ الطّعْنِ، وَمَا
كَفّنُوهُ غَيرَ بَوْغَاءِ الثّرَى
مرهقا يدعو ولا غوث له
بِأبٍ بَرٍّ وَجَدٍّ مُصْطَفَى
وَبِأُمٍّ رَفَعَ اللَّهُ لهَا
علما ما بين نسوان الورى
أيُّ جَدٍّ وَأبٍ يَدْعُوهُمَا
جَدّ، يا جَدّ، أغِثْني يا أبا
يا رسول الله يا فاطمة
يا أمِيرَ المُؤمِنِينَ المُرْتَضَى
كيف لم يستعجل الله لهم
بانقلاب الارض أو رجم السما
لو بسبطي قيصر أو هرقل
فَعَلُوا فِعْلَ يَزِيدٍ، مَا عَدَا
كم رقاب من بني فاطمة
عُرِقتْ ما بينَهمْ، عَرْقَ المِدَى
وَاختَلاها السّيفُ حَتّى خِلْتَها
سلم الابرق أو طلح العرا(91/489)
حَمَلُوا رَأساً يُصَلّونَ عَلى
جده الاكرم طوعا وابا
يتهادى بينهم لم ينقضوا
عمم الهام ولا حلو الحبى
مَيّتٌ تَبْكي لَهُ فَاطِمَة ٌ
وابوها وعلى ذو العلى
لَوْ رَسُولُ اللَّهِ يَحْيَا بَعْدَهُ
قعد اليوم عليه للعزا
معشر منهم رسول الله والـ
كاشف الكرب اذا الكرب عرا
صِهْرُهُ البَاذِلُ عَنْهُ نَفْسَهُ
وحسام الله في يوم الوغى
أوّلُ النّاسِ إلى الدّاعي الّذِي
لم يقدم غيره لما دعا
ثُمّ سِبْطَاهُ الشّهِيدانِ، فَذا
بحسا السم وهذا بالظبى
وَعَليّ، وَابنُهُ البَاقِرُ، وَالصّـ
ـادِقُ القَوْلِ، وَموسَى ، وَالرّضَا
وَعَليّ، وَأبُوهُ وَابْنُهُ
وَالذِي يَنْتَظِرُ القَوْمُ غَدَا
يا جبال المجد عزا وعلى
وبدور الارض نورا وسنا
جعل الله الذي نابكم
سبب الوجد طويلا والبكا
لا أرَى حُزْنَكُمُ يُنسَى ، وَلا
رُزْءَكم يُسلى ، وَإنْ طالَ المَدَى
قد مضى الدهر وعفى بعدكم
لا الجَوَى باخَ، وَلا الدّمعُ رَقَا
انتم الشافون من دآ العمى
وَغداً ساقُونَ مِنْ حوْضِ الرّوَا
نزل الدين عليكم بيتكم
وتخطى الناس طرا وطوى
اين عنكم للذي يبغى بكم
ظل عدن دونها حر لظى
اين عنكم لمضل طالب
وضح السبل واقمار الدجى
اين عنكم للذي يرجو بكم
مَعْ رَسُولِ اللَّهِ فَوْزاً وَنَجَا
يوم يغدو وجهه عن معشر
مُعرِضاً مُمْتَنِعاً عِندَ اللّقَا
شاكيا منهم الى الله وهل
يُفلِحُ الجِيلُ الّذي مِنْهُ شَكَا
رَبّ! ما حامَوْا، وَلا آوَوْا، وَلا
نَصَرُوا أهْلي، وَلا أغْنَوْا غَنَا
بَدّلُوا دِيني، ونَالُوا أُسرَتي
بالعَظيماتِ، وَلمْ يَرْعَوْا أَلَى
قَائِمُ الشّرْكِ لأبْقَى وَرَعَى
نَقَضُوا عَهدي، وَقَدْ أبرَمْتُهُ
وَعُرَى الدّينِ، فَما أبقَوْا عُرَى
حرمي مستردفات وبنو
بِنْتِيَ الأدْنَوْنَ ذِبْحٌ للعِدَى
اترى لست لديهم كامرئٍ
خلفوه بجميل اذ مضى
رَبّ! إنّي اليَوْمَ خَصْمٌ لَهُمُ
جئت مظلوما وذا يوم القضا(91/490)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> اشكو الى الله قلبا لا قرار له
اشكو الى الله قلبا لا قرار له
رقم القصيدة : 9815
-----------------------------------
اشكو الى الله قلبا لا قرار له
قامَتْ قِيامَتُهُ، وَالنّاسُ أحْيَاءُ
ان نال منكم وصالاً زاده سقماً
كَأنّ كُلّ دَوَاءٍ عِندَهُ داءُ
كَأنّ قَلْبيَ يَوْمَ البَيْنِ طارَ بهِ
من الرفاع نجيب الساق عداءُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> كريم له يومان قد كفلا له
كريم له يومان قد كفلا له
رقم القصيدة : 9816
-----------------------------------
كريم له يومان قد كفلا له
بنيل العلى من بأسه وسخائه
فَيَوْمُ نِزَالٍ مُشمِسٌ من سيُوفه
وَيَوْمُ نَوَالٍ ماطِرٌ مِنْ عَطائِهِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لو كان قرنك من تعز بمنعه
لو كان قرنك من تعز بمنعه
رقم القصيدة : 9817
-----------------------------------
لو كان قرنك من تعز بمنعه
أوْ مَنْ يُهَابُ تَخَمّطاً وَإبَاءَ
سَالَتْ مَحارِمُها عَلَيْكَ بأوْجُهٍ
مثلِ السّيُوفِ مَهابَة ً وَضِيَاءَ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> رجعت بهن دوام الصفا
رجعت بهن دوام الصفا
رقم القصيدة : 9818
-----------------------------------
رجعت بهن دوام الصفا
حِ، يُنزَعُ منهنّ شَوْكُ القَنَا
وضمخت اعناقها بالدما
وَأوْقَرْتَ أكْفَالَهَا بالدُّمَى
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وَهَلْ أُنْجِدَنّ بعَبْدِيّة ٍ
وَهَلْ أُنْجِدَنّ بعَبْدِيّة ٍ
رقم القصيدة : 9819
-----------------------------------
وَهَلْ أُنْجِدَنّ بعَبْدِيّة ٍ
تمد علابيبها للحدا
واسمع ليلة اورادها
تداعي الرغاء وزجر الرعا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> غداً يَهدِمُ المَجدُ المُؤثَّلُ مَا بَنَى
غداً يَهدِمُ المَجدُ المُؤثَّلُ مَا بَنَى
رقم القصيدة : 9820
-----------------------------------
غداً يَهدِمُ المَجدُ المُؤثَّلُ مَا بَنَى(91/491)
وَتكسِدُ أسوَاقُ الصَّوَارِمِ وَالقَنَا
مضَى المُصْدِرُ الآرَاءِ وَالمُورِدُ النُّهَى
فمن يعدل الميلاء أو يرأب الثنا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لَوْ عَلى قَدرِ ما يُحاوِلُ قَلْبي
لَوْ عَلى قَدرِ ما يُحاوِلُ قَلْبي
رقم القصيدة : 9821
-----------------------------------
لَوْ عَلى قَدرِ ما يُحاوِلُ قَلْبي
طَلَبي لمْ يَقَرّ في الغِمدِ عَضْبي
هِمّة ٌ كالسّمَاءِ بُعْداً، وكالرّيـ
لريح هبوباً في كل شرق وغرب
ونزاع الى العلى يفطم العيـ
س عن الورد بين ماءٍ وعشب
ربّ بُؤسٍ غَدا عَليّ بِنَعْمَا
ء وبعد افضى اليَّ بقرب
اتقري هذا الانام فيغدو
عَجَبي مِنْهُمُ طَرِيقاً لعُجْبي
واذا قلب الزمان لبيب
ابصر الجد حرب عقل ولب
أمُقَاماً ألَذُّ في غَيْرِ عَلْيَا
ء وزادي من عيشتي زاد ضب
دون أن اترك السيوف كقتلا
ها رزايا من حر قرع وضرب
وَمِنَ العَجزِ إنْ دَعَا بكَ عَزْمٌ
فرَآكَ الحُسَامُ غَيرَ مُلَبّي
و اذا ما الامام هذب دنيا
يَ كَفاني وَصَالَحَ الغِمدَ غَرْبي
يا جميلاً جماله ملء عيني
و عظيماً اعظامه ملء قلبي
بك ابصرت كيف يصفو غديري
من صروف القذى ويأمن سربي
انت افسدتني على كل مأمو
لٍ واعديتني على كل خطب
فإذا مَا أرَادَ قُرْبي مَلِيكٌ
قلتُ: قُرْبي مِنَ الخَليفة ِ حَسبي
عَزّ شِعرِي إلاّ عَلَيْكَ، وَما زَا
ل عزيزاً يأبى على كل خطب
اي ندب ما بين برديك والد
ـرُ أجَدُّ اليَدَينِ مِنْ كلّ نَدْبِ
بين كف تقي المطامع والآ
مال أو ذابل يغير ويسبي
ما تبالي بأي يوميك تغدو
يوم جود بالمال أو يوم حرب
كَمْ غَداة ٍ صَبَاحُها في حِدادٍ
نسجته ايدي نزائع قب
تَتَرَاءَى السّيُوفُ فيها، وَتَخفَى
وَيُنِيرُ الطّعَانُ فيهَا، وَيُخبي
فرجتها يداك والنقع قد سـ
ـدَ عَلى العاصِفَاتِ كُلَّ مَهَبّ
ومربي العلى اذا بلغ الغا
يَة َ، رَبّاهُ في العُلَى مَا يُرَبّي
يا أمِينَ الإلَهِ، وَالنّبَأُ الأعْـ(91/492)
ـظَمُ، وَالعَقْبُ مِنْ مَقاوِلَ غُلْبِ
عادة المهرجان عندي ان
اروي بذكراك فيه قلبي ولبي
هو عيد ولا يمر على وجهك
يوم الا يروق ويصبي
رَاحلٌ عنكَ، وَهوَ يَرْقُبُ لُقْيَا
ك الى الحول عن علاقة صب
كيف انسى وقد محضتك اهوا
ي وحصيت عن عدوك حبي
انت البستني العلى فأطلها
احسن اللبس ما يجلل عقبي
انني عائذ بنعماك ان اكثـ
ر قولي وان اطول عتبي
بيَ داءٌ شِفَاؤهُ أنْتَ، لَوْ تَدْ
نو واين الطبيب للمستطب
كَيفَ أرْضَى ظَماً بقَلبي وَطَرْفي
يَتَجَلّى بَرْقُ الرَّبَابِ المُرِبّ
نَظرَة ٌ مِنكَ تُرْسِلُ الماءَ في عُو
دي، وَتُمطي ظِلّي وَتُنبِتُ تُرْبي
مَا تَرَجّيتُ غَيرَ جُودِكَ جُوداً
ايرجي القطار من غير سحب
لا تدعني بين المطامع واليأ
س ووردي ما بين مرّ وعذب
وارم بي عن يديك احدى الطريقـ
ين فما الشعر جل مالي وكسبي
واذا حاجة نأت عن سؤالي
منكَ لم تَنأ عن غِلابي وَعَضْبي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يَدٌ في قَائِمِ العَضْبِ
يَدٌ في قَائِمِ العَضْبِ
رقم القصيدة : 9822
-----------------------------------
يَدٌ في قَائِمِ العَضْبِ
فما الانظار بالضرب
وَقَدْ أمْكَنَتِ الهَامُ
ظبي المطرورة القضب
وَلِلأرْمَاحِ بِالقَوْمِ
حِكَاكُ الإبِلِ الجُرْبِ
ينازعن نزاع الذو
د يرمين عن الشرب
قِوَامُ الدّينِ وَالدّنْيَا
غياث الازل واللزب
لَزِدْتَ المُلْكَ أوْضَاحاً
إلى أوْضَاحِهِ الشُّهْبِ
وَقَرّرْتَ مَبَانِيهِ
عَلى الذّابِلِ وَالعَضْبِ
وَأوْضَحْتَ إلى المَجْدِ
منار اللقم اللجب
رَأيْنَا المُلْكَ مِنْ بَأسِـ
ك قد دار على القطب
فَقُلْ للخَائِنِ المَغْرُو
رِ: مَنْ أغراكَ بالشّغْبِ
وَمَنْ طَوّحَكَ اليَوْمَ
بِدارِ الأُسُدِ الغُلْبِ
فاقبلت بمحفار
ك كي تصدع بالهضب
وهيهات لقد طالعك
ـكَ الحَينُ مِنَ النَّقْبِ
ضَلالاً لكَ مِنْ غَاوٍ
سليب الراي واللب
أبى العز لبيت الصـ
ان يطرق بالضب
وماذا آنس الكرد
بمن زلزل بالعرب(91/493)
شِمِ السّيْفَ، فَقَدْ قُوتِـ
ـلَ أعْداؤكَ بِالرُّعْبِ
وَمُذْ أسْخَطَكَ المَغْرُو
رُ مَا قَرّ عَلى الجَنْبِ
وقدما طله الخوف
مطال المخض للوطب
بَغَى السّلْمَ، وَقَدْ أشْفَى
عَلى مَزْلَقَة ِ الخَطْبِ
وَكَمْ سِلْمٍ، وَإنْ غَرّ الـ
عدى ادمى من الحرب
نَقَلْتَ الطّعْنَ في الجِلْدِ
الى طعنك في القلب
تَقُوا مِنْ رَبْضَة ِ اللّيْثِ
فَقدْ يَرْبِضُ للوَثْبِ
وَخَافُوا نَوْمَة َ الأسيَا
ف في الأغماد والقرب
سَتُرْمَوْنَ بِهَا يَقْظَى
إذا قَالَ لهَا: هُبّي
قضى اللة لراياتك
بالإظهار والغلب
وَأصْفَاكَ، بِمُلْكِ الأرْ
ضِ مِنْ شَرْقٍ إلى غَرْبِ
وَأغْنَى بِكَ مِنْ عُدْمٍ
واسقى بك من جدب
وولى بأعاديك
مع الزعازع النكب
على آثارهم حدو القنا
ـقَنَا بِالضُّمّرِ القُبّ
رفعت اليوم من قدري
وأوطئت العدى عفبي
وَوَطّأْتَ ليَ الرّحْلَ
عَلى عَرْعَرَة ِ الصّعْبِ
وحليت لي العاطل
بالطوق وبالقلب
ووسعت لي الضيق
إلى المضطرب الرحب
وَزَاوَجْتَ ليَ الطَّوْلَ
زَوَاجَ المَاءِ للعُشْبِ
فَكَمْ مِنْ نِعْمَة ٍ مِنْكَ
كَعَرْفِ المَنْدَلِ الرّطْبِ
أتَتْني سَمْحَة َ القَوْدِ
ذلولاً سهلة الركب
مهناة كما ساغ
زلال البارد العذب
وَلَمْ أظْفَرْ بِهَا مِنْكَ
جذاب العلق بالعضب
وما أنعامك الغمر
بزوار على الغب
سَقَاني كَرَعَ الجَمّ
بِلا وَاسِطَة ِ القَعْبِ
وأرضاني على الأيا
م بعد اللوم والعتب
وأعلى المدح ما يثني
به العبد على الرب .
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> حَيّيَا، دُونَ الكَثِيبِ
حَيّيَا، دُونَ الكَثِيبِ
رقم القصيدة : 9823
-----------------------------------
حَيّيَا، دُونَ الكَثِيبِ
مَرْتَعَ الظّبْيِ الرّبِيبِ
وَاسألاني عَنْ قَرِيبٍ
في الهوى غير قريب
وَارِدٍ مَاءَ عَيُونٍ
مُصْطَلٍ نَارَ قُلوبِ
وقفه بالربع أقوى
بَينَ أعْقَادِ الكَثِيبِ
وعفا اليوم على كر
يْ قطار وجنوب
بِسَوَافي التُّرُبِ البَا
رح والترب الغريب(91/494)
وَالّذِي بِالرَّبْعِ مِنْ بُعْـ
ـدِهِمُ بَعْضُ الّذِي بي
واحبسا الركب على حا
جة ذي القلب الطروب
مُسْتَهَامٌ دَلّهُ الشّوْ
قُ عَلى دارِ الحَبِيبِ
موقف ميز للركب
برياً من مريب
يا غزال الرمل قلبي
بَاقِياً مَا اختَلَفَ النّوْ
هل سبيل لي الى را
حة قلب من وجيب
نَظْرَة ً يَمْلِكُهَا الطّرْ
ف على عين الرقيب
ما لقائي من عدوي
كلقائي من مشيب
مُوقِدٍ نَاراً أضَاءَتْ
فوق فوديَّ عيوبي
وبياض هو عند
ـبِيضِ مِنْ شَرّ ذُنُوبي
يَا قِوَامَ الدّينِ وَالقَا
ئم من دون الخطوب
وَالّذِي يَدْعُو النّدَى مِنْـ
منه بداع مستجيب
وَمُغَطّي الذّنْبِ بِالعَفْـ
ـوِ وَكَشّافَ الكُرُوبِ
بيديه ركدة السلـ
ـمِ، وَزَلْزَالُ الحُرُوبِ
قُرِعَتْ مِنْ عُودِهِ الأعْـ
داء بالنبع الصليب
بمهيب البشر في المحـ
ـفِلِ مَرْجُوِّ القُطُوبِ
قَائِدِ الخَيْلِ تَسَاقَى
بِدَمِ الطّعْنِ الصّبِيبِ
كل احوى عاقص بالـ
دم اطراف السبيب
من رجال اسفروا با
لطول ايام الشحوب
كثروا مجداً وطابوا
مِنْ نَجِيبٍ، فَنَجيبِ
وترى الحي سواهم
مُكْثِراً غَيرَ مَطِيبِ
رب غاو طرق المـ
جد طروق المستريب
سَاوَرَ الأمْرَ، وَلَمْ
م يعلم باسرار الغيوب
ظُلّة ٌ يَسْلُكُ مِنْهَا
لَقَماً غَيْرَ رَكُوبِ
أبَداً يَدْحُو بِهِ الغَيّ
ـغي الى الامر المريب
سار والامات يعدد
ن له شق الجيوب
يُسْلِفُ الدّمْعَ، يَقِيناً
بِرَدَى اليَوْمِ العَصِيبِ
شامها وانصاع محـ
لَ عُرَى القَلْبِ النّخيبِ
مرهق الوقفة لا
يغمز ساقا من لغوب
طارحاً منخرق الـ
ـلِ إلى جُولِ القَلِيبِ
مزق الجلد يرى الـ
ـبُ مِنَ الجُرْحِ الرّغِيبِ
ناجياً منقلب الا بغـ
ـغَثِ مِنْ بَازٍ طَلُوبِ
يَوْمَ لا يَثْبُتُ وَجْهٌ
من كلوم وندوب
نَغَرَتْ قِدْرُ المَنَايَا
من اوار ولهيب
تقذف الموت اذا
حُشّ لَظَاهَا بالكُعُوبِ
اخْسَئي يَا نُوَبَ الأيّا
يام ما عشت وخيبي
وارجعي ناصلة الا
ظفار بيضاء النيوب
عَجَباً كَيْفَ تَطَاوَلْـ(91/495)
لت الى الليث المهيب
وَإلى طَوْدٍ مِنَ العِزّ
ة ِ مِزْلاقِ الجُنُوبِ
ظهر صعب يقص الرا
كِبَ مِنْ قَبْلِ الرّكُوبِ
كَمْ لَبِسْتُ الطَّوْلَ منكمْ
بدل البرد القشيب
نِعَمٌ كَالمُزْنِ نَقّطْـ
ثرى الروض الغريب
نافحات بنسيم
سافيات بذنوب
كل يوم انا منها
بَيْنَ داعٍ وَمُجِيبِ
انج من روعات ايا
مٍ وَغارَاتِ خُطُوبِ
باقياً منا اختلف النو
ر على الغصن الرطيب
هزة الريح سليما
مِنْ وُصُومٍ وَعُيُوبِ
لا لَقَاكَ الخَطْبُ إلاّ
رَامِياً غَيْرَ مُصِيبِ
كُلّمَا أفْنَيْتَ عَقْباً
جَاءَ دَهْرٌ بِعَقِيبِ
مهرجان عاد ألما
مَ مُحِبٍّ بِحَبِيبِ
وَافِداً جَاءَ مِنَ الإقْـ
في زور غريب
إن ريب الدهر أمسي
لَكَ مَأمُونَ المَغِيبِ
هَلْ لِداءٍ بَينَ جِسْمٍ
وَفُؤادٍ مِنْ طَبِيبِ
هُوَ في الأجْسَامِ مِنكُمْ
وهو منا في القلوب
يَا طُلُوعَ البَدْرِ! لا
نَالَكَ مَحذُورُ الغُرُوبِ
Webstats4U - Free web site statistics
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ما يَصْنَعُ السّيرُ بالجُرْدِ السّرَاحِيبِ
ما يَصْنَعُ السّيرُ بالجُرْدِ السّرَاحِيبِ
رقم القصيدة : 9824
-----------------------------------
ما يَصْنَعُ السّيرُ بالجُرْدِ السّرَاحِيبِ
إنْ كانَ وَعدُ الأماني غيرَ مَكذوبِ
لله أمر من الأيام اطلبه
هيهات أطلب أمراً غير مطلوب
لا تَصْحَبِ الدّهرَ إلاّ غيرَ مُنتَظِرٍ
فالهم يطرده قرع الظنابيب
وَاقذِفْ بنَفسِكَ في شَعوَاءَ خابِطَة ٍ
كالسيل يعصف بالصوان واللوب
إن حنت النيب شوقاً وهي واقفة
فان عزمي مشتاق إلى النيب
أوْ صَارَتِ البِيضُ في الأغمادِ آجِنَة ً
فإنما الضرب ماء غير مشروب
مَتَى أرَاني وَدِرْعي غَيرُ مُحقَبَة ٍ
أجر رمحي وسيفي غير مقروب
أيد تجانب دنيا لا بقاء لها
خِبَاؤهَا بَينَ تَقْوِيضٍ وَتَطنِيبِ
قد كنت غراً وكان الدهر يسمح لي
إن الرقيب على دنياي تجريبي
وعدت يا دهر شيئاً بت أرقبه
وما أرى منك إلا وعد عرقوب(91/496)
وَحَاجَة ٍ أتَقَاضَاهَا وَتَمْطُلُني
كَأنّهَا حَاجَة ٌ في نَفْسِ يَعقُوبِ
لأُتْعِبَنّ عَلى البَيْداءِ رَاحِلَة ً
والليل بالريح خفاق الجلابيب
ما كنتُ أرْغَبُ عن هوْجاءَ تَقذِفُ بي
هام المرورى وأعناق الشناخيب
في فِتية ٍ هَجرُوا الأوْطانَ وَاصْطَنَعوا
إيدِي المَطَايَا بإدْلاجٍ وَتَأوِيبِ
مِنْ كلّ أشعَثَ مُلتاثِ اللّثَامِ، لَهُ
لَحْظٌ تَكَرّرُهُ أجفَانُ مَدْؤوبِ
يُوَسِّدُ الرّحْلَ خَدّاً مَا تَوَسّدَهُ
قَبلَ المَطالبِ غيرُ الحُسنِ وَالطّيبِ
إلَيكَ طارَتْ بِنا نُجْبٌ مُدَفَّعَة ٌ
تحت السياط رميضات العراقيب
وردن منك سحاباً غير منتقل
عَنِ البِلادِ، وَبَدْراً غَيرَ مَحجوبِ
مَا زِلْتَ تَرْغَبُ في مَجْدٍ تُشَيّدُهُ
عَفْواً وَغَيرُكَ في كَدٍّ وَتَعذِيبِ
حتى بَلَغْتَ مِنَ العَلْيَاءِ مَنْزِلَة ً
تفدي الأعاجم فيها بالأعاريب
إني رأيتك ممن لا يخادعه
حَثُّ الزّجَاجَة ِ بالغِيدِ الرّعَابيبِ
ولا تحل يد الإقداح حبونه
اذا احتبى بين مطعون ومضروب
يُهَابُ سَيفُكَ مَصْقولاً وَمُختَضِباً
وأهيب الشعر شيب غير مخضوب
يأوي حسامك إن صاح الضراب به
الى لواءٍ من العلياء منصوب
وَيَرْتَمي بكَ، وَالأرْمَاحُ وَالِغَة ٌ
طماح كل اسيل الخد يعبوب
بلم يسل همك من مال تفرقه
إلاّ تَعَشّقَ أطْرَافَ الأنَابِيبِ
إذا مَنَحْتَ العَوَالي كَفَّ مُسْتَلِبٍ
أقطَعتَ بَذْلَ العَطايا كَفَّ مَسلوبِ
لا يَرْكَبُ النّدبُ إلاّ كلَّ مُعضِلَة ٍ
كَأنّ ظَهْرَ الهُوَيْنَا غَيرُ مَرْكوبِ
ولا يرى الغدر اهلاً ان يلم به
وانما الغدر مأخوذ عن الذيب
مَا نَالَ مَدْحي أبُو نَصْرٍ بِنَائِلَة ٍ
ولا بسلطان ترغيب وترهيب
إلاّ بِشيمَة ِ بَسّامٍ وَتَكْرِمَة ٍ
غَرّاءَ تَعدِلُ عندي كلَّ مَوْهُوبِ
انت المعين على امر تصاوله
وَحَاجَة ٍ شَافَهَتْنَا بِالأعَاجيبِ
وَمِثلُ سَمعِكَ يَدعُوهُ إلى كَرَمٍ
قَوْلٌ تُشَيّعُهُ أنْفَاسُ مَكْرُوبِ(91/497)
سَبَى فنَاؤكَ آمَالاً لطِينَتِها
سَبْيَ الأزِمّة ِ أعنَاقَ المَصَاعيبِ
يا خيرمن قال بلغ خير مستمع
عَنّي وَحَسبُكَ مِنْ وَصْفٍ وَتَلقيبِ
لَوْلاكَ يا مَلِكَ الأمْلاكِ سَالَ بِنَا
مِنَ النّوَائِبِ عَرّاصُ الشّآبِيبِ
زجرت عنا الليالي وهي رابضة
تَقْرُو بِأنْيَابِهَا عَقْرَ المَخاليبِ
ارعيتنا الكلأ الممطور ننشطه
نشط الخمائل بعد المربع الموبي
فكُنتَ كالغَيثِ مَسّ المَحلَ رَيّقُهُ
فَهَذّبَ الأرْضَ منهُ أيَّ تَهذِيبِ
هذا أتَى قائِلاً، وَالصّدْقُ يَنصُرُهُ
اقال عنقي وكان السيف يغري بي
صَدَقتَ ظَنَّ العُلَى فيه، وَحاسِدُهُ
يعطي الحقائق اطراف الاكاذيب
تركته زاهداً في العيش منقطعاً
عن القراين منا والاصاحيب
وكان بالحرب يلقى من ينافره
فَصَارَ يَلقَى الأعَادي بِالمَحارِيبِ
ماقلت ما كان صرف الدهر ادبه
بَلى قَديماً، وَهذا فَضْلُ تأدِيبِ
الحمد لله لا أشكو الى أحد
قَلّ الوَفَاءُ منَ الشبّانِ والشّيبِ
هَيَّأتَ مَجدَكَ يَستَوْفي الزّمَانَ بهِ
عَزْماً حُسَاماً، وَرأياً غيرَ مَغلوبِ
ولا صبرت على ذل ومنقصة
وَلا حَذِرْتَ عَلى عَذْلٍ وَتَأنِيبِ
خَطَبتَ شِعرِي إلى قَلْبٍ يَضِنّ بهِ
الا عليك فباشر خير مخطوب
شببت بالعز اذ كان المديح له
فما اصول بمدحي دون تشبيب
لا علقَ الموت نفساً انت صاحبها
ان الحمام محب غير محبوب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أشَوْقاً، وَمَا زَالَتْ لَهُنّ قِبَابُ
أشَوْقاً، وَمَا زَالَتْ لَهُنّ قِبَابُ
رقم القصيدة : 9825
-----------------------------------
أشَوْقاً، وَمَا زَالَتْ لَهُنّ قِبَابُ
وذكر تصاب والمشيب نقاب
وغير التصابي للكبير تعلة
وغير الغواني للبياض صحاب
وما كل ايام المشيب مريرة
ولا كل ايام الشباب عذاب
أُؤّملُ مَا لا يَبلُغُ العُمْرُ بَعضَهُ
كأن الذي بعد المشيب شباب
وطعم لبازي الشيب لا بد مهجتي
اسف على راسي وطار غراب
لِدَاتُكَ إمّا شِبْتَ واتّبَعُوا الرّدَى(91/498)
جميعاً واما ان رديت وشابوا
بُكَاءٌ على الدّنْيا وَلَيسَ غَضارَة ً
وماض من الدنيا وليس مآب
اذا شئت قلبت الرمان وصافحت
لِحاظي أُمُوراً، كُلّهُنّ عُجابُ
ضَلالاً لقَلْبي ما يُجنّ مِنَ الهَوَى
ومن عجب الايام كيف يصاب
يُعَذَّلُ أحيَاناً، وَيُعذَرُ مِثْلَها
ويستحسن البادي به ويعاب
وان افظ المالكين خريدة
وان اضن الباذلين كعاب
ولما ابى الاظعان الا فراقنا
وَللبَيْنِ وَعْدٌ لَيْسَ فيهِ كِذابُ
رجعت ودمعي جازع من تجلدي
يَرُومُ نُزُولاً للجَوَى فَيَهَابُ
وَأثقَلُ مَحمُولٍ عَلى العَينِ دَمعُها
إذا بَانَ أحْبَابٌ وَعَزّ إيَابُ
فمن كان هذا الوجد يعمر قلبه
فقلبي من داء الغرام خراب
وَمَنْ لَعِبَتْ بِيضُ الثّغُورِ بعَقْلِهِ
فعندي احر الباردين رضاب
يَعِفّ عَنِ الفَحشاءِ ذَيْلي، كأنّما
عَلَيْهِ نِطَاقٌ دُونَها وَحِجَابُ
اذا لم انل من بلدة ما اريده
فَمَا سَرّني أنّ البِلادَ رِحَابُ
وَهَلْ نافعي أنْ يَكثُرَ الماءُ في الدُّنَا
ولما يجرني ان ظمئت شراب
وَلي سَاعَة ٌ في كُلّ أرْضٍ، كأنّمَا
عَلى الجَوّ مِنها وَالعُيُونِ ضَبَابُ
بَعيدَة ُ أُولَى النّفْعِ مِنْ أُخْرَيَاتِهِ
وللطعن فيها جيئة وذهاب
وما بين خيلي والمطالب حاجز
وَلا دُونَ عَزْمي للظّلامِ حِجَابُ
جياد الى غزو القبائل تمتطي
وَأرْضٌ إلى نَيْلِ العَلاءِ تُجَابُ
وابلج وطاء على خد ليله
كما فارق للنصل المضي قراب
يَعَافُ طَعاماً مَا جَنَاهُ حُسَامُهُ
وخير من الطعم الذليل تراب
وَخُذْ ما صَفا في كُلّ دَهرٍ، فإنّما
ظَلامُ اللّيَالي، وَالرّمَاحَ جَنَابُ
وَمَا يَبْلُغُ الأعْداءُ مِنّي بِفَتْكَة ٍ
ودوني فناء للأمير وباب
تَسَاقَطُ أطْرَافُ الأسِنّة ِ دُونَهُ
وَتَنْبُو، وَلَوْ أنّ النّجُومَ حِرَابُ
لَبِستُ بهِ ثَوْباً مِنَ العِزّ، يُتّقَى
طِعَانٌ مِنَ البَلْوَى بهِ، وَضِرَابُ
دَعَوْتُ، فَلَبّاني، وَلوْ كنتُ داعِياً
سِوَاهُ مَضَى قَوْلٌ وَعَيَّ جَوَابُ(91/499)
وان الطعايا من يمين محمد
لأمْطَرُ مِنْ قَطْرٍ مَرَاهُ سَحَابُ
لحَاظٌ كَمَا شَقّ العَجاجَ مُهَنّدٌ
ووجه كما جلى الظلام شهاب
بلا شافع يعطي الذي انت طالب
وَبَعْضُ مَوَاعِيدِ الرّجَالِ سَرَابُ
فَتًى تَقْلَقُ الأعداءُ مِنْهُ، كَأنّهُ
لَظَى نَاجِرٍ، وَالخالِعُونَ ضَبَابُ
اذا شاء ناب القول عن فعلاته
وقام مقام العضب منه كتاب
يُعَظَّمُ أحيَاناً، وَلَيسَ تَجَبُّرٌ
وينظر غضبانا وليس سباب
بَغيضٌ إلى قَلبي سِوَاهُ، وَإن غَدَتْ
لَهُ نِعَمٌ تَتْرَى إليّ رِغَابُ
وَعِبْءٌ عَلى عَيْنيّ رُؤيَة ُ غَيْرِهِ
ولو كان لي فيه منى وطلاب
فَلا جودَ إلاّ أنْ تَمَلّ مَطَامِعٌ
ولا عفو الا ان يطول عقاب
فداؤك قوم انت عال عليهم
شِدادٌ عَلى بَذْلِ النّوَالِ صِعَابُ
إذا بَادَرُوا مَجداً بَرَزْتَ، وَبَلّدُوا
وَإنْ طالَعُوا عِزّاً شَهِدْتَ وَغابُوا
وَقاؤكَ مِنْ ذَمّ العِدى خُلفُ نائلٍ
يَدُرّ، وَلَمْ تُرْبَطْ عَلَيهِ عِصَابُ
وَما كلّ مَن يَعلُو كقَدرِكَ قَدْرُهُ
ولا كل سام في السماء عقاب
وَمَا المَلِكُ المَنْصُورُ إلاّ ضُبَارِمٌ
لَهُ منكَ ظُفرٌ في الزّمانِ وَنَابُ
بعزمك يمضي عزمه في عدوه
مضَاءَ طَرِيرٍ أيّدَتْهُ كِعَابُ
تلافيت اسراب الرعية بعد ما
توقد اضغان لها وضباب
ولما طغى باد واضرم ناره
عَلى الغَدْرِ، إنّ الغَادِرِينَ ذِئَابُ
بَعَثْتَ لَهُ حَتْفاً بغَيرِ طَليعَة ٍ
تخب به قب البطون عراب
نزائع يعجمن الشكيم وقد جرى
عَلى كُلّ فَيفَاءٍ دَمٌ وَلُعَابُ
خَواطِرُ بالأيدي لَوَاعِبُ بالخُطَى
وللطعن في لباتهن لعاب
وَلا أرْضَ إلاّ وَهْيَ تَحثُو تُرَابَهَا
عليه وترميه رباً وعقاب
فَوَلّى وَوَلّيْتَ الجِيَادَ طِلابَهُ
وسالت مروج بالقنا وشعاب
تغامس في بحر الحديد وخلفه
لماء المنايا زخرة وعباب
وقد كان ابدى توبة لو قبلتها
وَلَوْ نَفَعَ الجَاني عَلَيْكَ مَتَابُ
كاني بركب حابس هو منهم
اقاموا بارض والجذوع ركاب(91/500)
عَوَارِيَ إلاّ مِنْ دَمٍ فَتَأتْ بهِ
مَعاصِمُ مِنْ أسرِ الرّدَى وَرِقَابُ
ولله عار في بنانك متنه
يشب ومن لون المداد خضاب
امين على سر وليس حفيظة
وماض على قرن وليس ذباب
وما مسه مجد بلى ان راحة
لها نسب في الماجدين قراب
وَإنّي لأرْجُو مِنْكَ حَالاً عَظِيمَة ً
وَأمْراً أُرَجّي عِنْدَهُ وَأهَابُ
لعل زماني ينثني لي بعطفة
وَتَرْضَى مُلِمّاتٌ عَليّ غِضَابُ
وما انا ممن يجعل الشعر سلماً
الى الامر ان اغنى غناه خطاب
وليس مديح ما قدرت فان يكن
مديح على رغمي فليس ثواب
أبَى لي عَليٌّ وَالنّبيُّ وَفَاطِمٌ
جُدوديَ أنْ يُلوِي بعِرْضِيَ عَابُ
فلا تغض عن يوم العدو وليله
وَثَمّ طُلُوعٌ بِالأذَى وَغِيَابُ
فَقَد يَحمِلُ الباغي عَلى المَوْتِ نفسَه
اذا صفرت مما اراد وطاب
وخذ ما صفا من كل دهر فانما
غَضَارَتُهُ غُنْمٌ لَنَا وَنِهَابُ
وعش طالعاً في العز كل ثنية
عَلَيْكَ خِيَامٌ للعُلَى وَقِبَابُ
احصاءات/ آخر القصائد | خدمات الموقع
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> اماني نفس ما تناخ ركابها
اماني نفس ما تناخ ركابها
رقم القصيدة : 9826
-----------------------------------
اماني نفس ما تناخ ركابها
وَغَيْبَة ُ حَظٍّ لا يُرَجّى إيَابُهَا
ووفد هموم ما اقمت ببلدة
وهن معي الا وضاقت رحابها
وَآمَالُ دَهْرٍ إنْ حَسِبتُ نَجاحَها
تراجع منقوضاً على حسابها
أهُمّ، وَتَثْني بالمَقادِيرِ هِمّتي
ولا ينتهي داب الليالي ودابها
فيا مهجة يفني غليلاً ذماؤها
ويا لمة يمضي ضياعاً شبابها
وَعِندي إلى العَليَاءِ طُرْقٌ كَثيرَة ٌ
لوِ انجابَ مِنْ هذي الخطوبِ ضَبابُهَا
عناد من الايام عكس مطالبي
اذا كان يوطيني النجاح اقترابها
وَحَظّيَ مِنْها صَابُهَا دونَ شَهدِها
فلو كان عندي شهدها ثم صابها
تَمِيلُ بأطْمَاعِ الرّجَالِ بُرُوقَهَا
وَتُوكى عَلى غِشّ الأنَامِ عِيَابُهَا
ولكنها الدنيا التي لا مجيئها
عَلى المَرْءِ مأمُونٌ فيُخشَى ذَهابُهَا(92/1)
تفوه الينا بالخطوب فجاجها
وَتَجرِي إلَيْنَا بالرّزَايَا شِعَابُهَا
الا ابلغا عني الموفق قولة ً
وَظَنّيَ أنّ الطَّوْلَ مِنْهُ جَوَابُهَا
اترضى بان ارمي اليك بهمتي
فَأُحجَبَ عَنْ لُقيَا عُلًى أنتَ بابُهَا
وَأظْمَا إلى دَرّ الأمَاني، فَتَنْثَني
باخلافها عني ومنك مصابها
وَلَيسَ من الإنصَافِ أنْ حلّقتْ بكُم
قَوَادِمُ عَزٍّ طَاحَ في الجَوّ قَابُهَا
واصبحت محصوص الجناح مهضماً
عَليّ غَوَاشِي ذِلّة ٍ وَثِيَابُهَا
تَعُدّ الأعَادي لي مَرَامي قِذافِهَا
وَتَنْبحُني أنّى مَرَرْتُ كِلابُهَا
مقامي في اسر الخطوب تهزلي
قواضيها مطرورة وحرابها
لقد كنت ارجو ان تكونوا ذرائعي
الى غيركم حيث العلى واكتسابها
فَهَذي المَعالي الآنَ طَوْعى لأمرِكُمْ
وَفي يَدِكُمْ أرْسَانُهَا وَرِقَابُهَا
اذا لم ارد في عزكم طلب العلى
ففي عز من يجدي عليَّ طلابها
وَلَوْلاكُمُ مَا كُنتُ إلاّ بِبَاحَة ٍ
مِنَ العِزّ مَضْرُوباً عَليَّ قِبَابُهَا
أجُوبُ بِلادَ اللَّهِ، أوْ أبْلُغَ الّتي
يَسُوءُ الأعَادي أنْ يَعُبّ عُبَابُهَا
وكان مقامي ان اقمت ببلدة
مُقامَ الضّوَارِي الغُلْبِ يُحذَرُ غابُهَا
واني لتراك المطالب ان نأى
بها قدر أو لط دوني حجابها
وَأعزِلُ مِنْ دُونِ التي لا أنَالُهَا
نوازع نفسي أو تذل صعابها
واقرب ما بيني وبينك حرمة
تداني نفوس ودها وحبابها
شَوَاجِرُ أرْحَامٍ، إذا ما وَصَلْتَها
فعند امير المؤمنين ثوابها
وما بعد ذا من آصرات اذا انتهت
يكون الى آل النبي انتسابها
وهل تطلب العلياء الالان يرى
ولي يرجيها وضد يهابها
فجَرّدْ لأمرِي عَزْمَة ً مِنكَ صَدْقَة ً
كمطرورة الغربين يمضي ذبابها
وَلا تَتْرُكَنّي قاعِداً أرْقُبُ المُنَى
وَأرعَى بُرُوقاً لا يَجُودُ سَحَابُهَا
وَغَيْرُكَ يَقْرِي النّازِلِينَ بِبَابِهِ
عداتٍ كأرْضِ القاعِ يَجرِي سَرَابُهَا
يكفيك عقد المكرمات وحلها
وعندك اشراق العلى وغيابها
وعندي لك الغر التي لا نظامها(92/2)
يهي ابداً أو لا يبوخ شهابها
وعندي للاعداء فيك اوابدٌ
لُعَابُ الأفَاعي القَاتِلاتِ لُعَابُهَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ترى نوب الايام ترجى صعابها
ترى نوب الايام ترجى صعابها
رقم القصيدة : 9827
-----------------------------------
ترى نوب الايام ترجى صعابها
وَتَسْألُ عَنْ ذي لِمّة ٍ مَا أشابَهَا
وهل سبب للشيب من بعد هذه
فدأبك يا لون الشباب ودابها
شربنا من الايام كأساً مريرة
تُدارُ بِأيْدٍ لا نَرُدّ شَرَابَهَا
نعاتبها والذنب منها سجية
ومن عاتب الخرقاء مل عتابها
وَقالُوا: سِهامُ الدّهرِ خاطٍ وَصَائِبٌ
فكيف لقينا يا لقوم صيابها
أبَتْ لِقحَة ُ الدّنيا دُرُوراً لعاصِبٍ
وَيَحْلُبُها مَنْ لا يُعَاني عِصَابَهَا
وَقَدْ يُلقِحُ النّعمَاءَ قَوْمٌ أعِزّة ٌ
وَيَخسَرُ قَوْمٌ عَاجِزُونَ سِقَابَهَا
وكنت اذا ضاقت مناديح خطة
دَعَوْتُ ابنَ حَمدٍ دَعوَة ً فأجابَهَا
أخٌ ليَ إنْ أعْيَتْ عَليّ مَطالِبي
رَمَى ليَ أغراضَ المُنَى ، فأصَابَهَا
اذا استبهمت علياء لا يهتدي لها
قَرَعْتُ بِهِ دُونَ الأخِلاّءِ، بَابَهَا
بهِ خَفّ عَنّي ثِقْلُ فادِحَة ِ النّوَى
وَحَبّبَ عِنْدِي نَأيَهَا وَاغْتِرَابَهَا
ثَمَانُونَ مِنْ لَيلِ التّمامِ نَجُوبُها
رَفيقَينِ تَكْسُونَا الدّيَاجي ثِيَابَهَا
نؤم بكعب العامريّ نجومها
إذا ما نَظَرْنَاها انتَظَرْنَا غِيَابَهَا
نُقَوِّمُ أيْدِي اليَعْمَلاتِ وَرَاءَهُ
ونعدل منها اين أومى رقابها
كأنا أنابيب القناة يؤمها
سِنانٌ مضَى قُدْماً، فأمضَى كِعابَهَا
كَذِئْبِ الغَضَا أبصَرْتَهُ عندَ مَطمعٍ
اذا هبط البيداء شم ترابها
بعَينِ ابنِ لَيلى لا تُداوَى منَ القَذَى
يُرِيبُ أقاصِي رَكْبِهِ مَا أرَابَهَا
تَرَاهُ قَبُوعاً بَينَ شَرْخَيْ رِحَالِهِ
كمَذرُوبَة ٍ ضَمّوا عَلَيها نِصَابَهَا
فَمِنْ حِلّة ٍ نَجْتَابُهَا وَقِبِيلَة ٍ
نَمُرّ بِهَا مُسْتَنبحِينَ كِلابَهَا(92/3)
وَمِنْ بَارِقٍ نَهْفُو إلَيْهِ، وَنَفْحَة ٍ
تذكرنا ايامها وشبابها
ولهفي على عهد الشباب ولمة
أطَرّتْ غَداة َ الخَيْفِ عَنّي غُرَابَهَا
وَمِنْ دارِ أحْبَابٍ نَبُلّ طُلُولَهَا
بِمَاءِ الأمَاقي أوْ نُحَيّي جَنَابَهَا
وَمِنْ رِفْقَة ٍ نَجْدِيّة ٍ بَدَوِيّة ٍ
تُفَاوِضُنَا أشْجَانَهَا وَاكْتِئَابَهَا
وَنُذْكِرُها الأشْوَاقَ حتى تُحِنَّهَا
وتعدي باطراف الحنين ركابها
إذا مَا تَحَدّى الشّوْقُ يَوْماً قُلُوبَنا
عَرَضْنَا لَهُ أنْفَاسَنَا وَالتِهَابَهَا
وَمِلْنَا عَلى الأكْوَارِ طَرْبَى ، كأنّما
رَأيْنَا العِرَاقَ، أوْ نَزَلْنَا قِبَابَهَا
نشاق الى اوطاننا وتعوقنا
زِياداتُ سَيْرٍ مَا حَسِبْنَا حِسَابَهَا
وَكَمْ لَيْلَة ٍ بِتْنَا نُكَابِدُ هَوْلَهَا
ونمزق حصباها اذا الغمر هابها
وَقَد نَصَلَتْ أنضَاؤنَا مِنْ ظَلامِهَا
نصول بنان الخود تنضو خضابها
وَهَاجِرَة ٍ تُلقي شِرَارَ وَقُودِهَا
على الركب انعلنا المطي ظرابها
إذا مَا طَلَتْنَا بَعْدَ ظَمْءٍ بِمَائِهَا
وعج الظوامي اوردتنا سرابها
تَمَنّى الرّفاقُ الوِرْدَ وَالرّيقُ ناضِبٌ
فَلا رِيقَ إلاّ الشّمسُ تُلقي لُعابَهَا
إلى أنْ وَقَفْنَا المَوْقِفَينِ وَشَافَهَتْ
بِنَا مَكّة ٌ أعْلامَهَا وَهِضَابَهَا
وبتنا بجمع والمطي موقف
نؤمل ان نلقى منى وحصابها
وَطُفْنَا بِعَاديّ البِنَاءِ مُحَجَّبٍ
نرى عنده اعمالنا وثوابها
وزرنا رسول الله ثم بعيده
قُبُورَ رِجَالٍ مَا سَلَوْنَا مُصَابَهَا
وَجُزْنَا بسِيفِ البَحْرِ وَالبَحْرُ زَاخرٌ
بلجته حتى وطئنا عبابها
خُطوبٌ يُعِنَّ الشّيبَ في كلّ لِمّة ٍ
وينسين ايام الصبا ولعابها
عسى الله ان يأوي لشعث تناهبوا
هِبَاتَ المَطَايَا نَصَّها وَانجِذابَهَا
وَجَاسُوا بأيدِيهَا عَلى عِلَلِ السُّرَى
حرارَ اماعيز الطريق ولابها
فيرمي بها بغداد كل مكبر
إذا مَا رَأى جُدْرَانَهَا وَقِبَابَهَا
فكم دعوة ارسلتها عند كربة(92/4)
إلَيهِ فكانَ الطَّولُ مِنهُ جَوَابَهَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> طلوع هداه الينا المغيب
طلوع هداه الينا المغيب
رقم القصيدة : 9828
-----------------------------------
طلوع هداه الينا المغيب
وَيَوْمٌ تَمَزّقُ عَنْهُ الخُطُوبُ
لَقِيتُكَ في صَدْرِهِ شَاحِباً
ومن حلية العربي الشحوب
إلَيْهِ تَمُجُّ النّفُوسَ الصّدُورُ
وَفيهِ تُهَنّى العُيُونَ القُلُوبُ
تعزيت مستأنساً البعاد
والليث في كل ارض غريب
وَأحْرَزْتَ صَبْرَكَ للنّائِبَاتِ
وللداء يوماً يراد الطبيب
لحَا اللَّهُ دَهْراً أرَانَا الدّيَا
رَ يَنْدُبُ فِيهَا البَعيدَ القَرِيبُ
وَمَا كَانَ مَوْتاً، وَلَكِنّهُ
فراق تشق عليه الجيوب
لَئِنْ كنتَ لمْ تَستَرِبْ بالزّمَانِ
فقد كان من فعله ما يريب
رمى بك والامر ذاوي النبات
فآلَ، وَغُصْنُ المَعَالي رَطِيبُ
ولما جذبت زمام الزمان
أطَاعَ، وَلَكِنْ عَصَاكَ الحَبيبُ
ولما استطال عليك البعاد
وذلل فيك المطي اللغوب
رَجَوْتَ البُعَادَ عَلى أنّهُ
كَفيلُ طُلُوعِ البُدُورِ الغُرُوبُ
رَحَلْتَ، وَفي كُلّ جَفْنٍ دَمٌ
عَلَيكَ، وَفي كلّ قَلبٍ وَجيبُ
ولا نطق الا ومن دونه
عَزَاءٌ يَغُورُ وَدَمْعٌ رَبِيبُ
وَأنْتَ تُعَلّلُنَا بِالإيَا
بِ، وَالصّبرُ مُرْتَحِلٌ لا يُؤوبُ
وسر العدى فيك نقص العقول
واعلم ان لا يسر اللبيب
اما علم الحاسد المستغرّ
أنَّ الزّمَانَ عَلَيْه رَقِيبُ
قَدِمْتَ قُدُومَ رِقَاقِ السّحَا
بِ تَخُطُّ وَالرَّبعُ رَبعٌ جَدِيبُ
فما ضحك الدهر الا اليك
ـكَ مُذْبانَ في حاجبَيهِ القُطُوبُ
حَلَفْتُ بِمَا ضُمّنَتْهُ الحُجُونُ
وما ضم ذاك المقام الرحيب
لَقَدْ سرّكَ الدّهرُ في الغادِرينَ
بِعُذْرٍ تَضَاءَلُ فيهِ الذّنُوبُ
وَأجْلَى رُجُوعَكَ عَنْ حَاسِديـ
ـكَ هَذا قَتِيلٌ وَهَذا سَلِيبُ
تَحَرّقُ مِنكَ قُلُوبُ العُدا
ة غيظاً وانت ضحوك قطوب
وَأجهَلُ ذا النّاسِ مُسْتَنْهِضٌ(92/5)
دُعَاءً إلى سَمْعِ مَنْ لا يُجِيبُ
زَعَانِفُ يَستَصْرِخُونَ العُلَى
وما استلب العز الا نجيب
وطال مقامك في منزل
تَطَلّعُ مِنْ جَانِبَيْهِ الحُرُوبُ
بضرب كما اشترطته السيوف
وطعن كما اقترحته الكعوب
ونجل تغلغل فيها الطعان
نُ، وَانشَقّ عَنها النّجيعُ الصّبيبُ
وَصُحْبَة ِ كُلّ غُلامٍ عَلَيْـ
ـهِ مِنْ سِمَة ِ العِزّ حُسْنٌ وَطيبُ
اذا خضب الرمح ادمى به
كَأنّ السّنَانَ بَنَانٌ خَضِيبُ
وَقَطعِكَ كُلَّ بَعِيدِ النّيَاطِ
كَأنّ الجَوَادَ بِهِ مُسْتَرِيبُ
وَأرْضاً، إذا مَا اجتَلاهَا الهَجيـ
هجير طلقها من يديه الضريب
وَمَا زَالَ مِنْكَ عَلى النّائِبَاتِ
مقام عظيم ويوم عصيب
فَيَوْمٌ حُسَامُكَ فيهِ الخَطيبُ
ويوم لسانك فيه الخطيب
طلبت لنفسك فاطلب لنا
مِنَ العِزّ، إنّ المُحَامي طَلُوبُ
وان كنت تانف من حبه
فان العلاء الينا حبيب
وما نحن انت وكل الى
دُعَاءِ العُلَى طَرِبٌ مُسْتَجيبُ
ونحن قسام الينا الشباب
وانت قسام اليك المشيب
على انه انت عين الزمان
وَعَيْشٌ بلا نَاظِرٍ لا يَطِيبُ
وَلَوْلاكَ مَا لَذّ طَعْمُ الفَخارِ
ولا راق برد العلاء القشيب
اترضى لمجدك ان لا يكون
لَنَا مِنْ عَطايَا المَعالي نَصِيبُ
فَلا يُقْعِدَنّكَ كَيْدُ الحَسُو
ود وانهض فكل مرام قريب
وحث الطلاب فانا نجد
وامض الامور فانا نتوب
وَلِمْ لا يَضِيفُ العُلَى مَنْ لَهُ
غَدِيرٌ مَعِينٌ وَمَرْعًى خَصِيبُ
لحَيّاكَ مِنّيَ، عِنْدَ اللّقَا
ءِ، خَلْقٌ عَجيبٌ وَخُلْقٌ أديبُ
وخلفتني غرس مستثمر
فَطالَ وَأوْرَقَ ذاكَ القَضِيبُ
ذَخَرْتُ لكَ الغُرَرَ السّائِرَاتِ
يعبر عنها الفؤاد الكئيب
تصون مناقبك الشاردات
ان تتخطى اليها العيوب
إذا نَثَرَتْهَا شِفَاءُ الرّوَا
ة راقك منها النظام العجيب
وَإنّي لأرْجُوكَ في النّائِبَاتِ
إذا جَاءَني الأمَلُ المُستَثيبُ
اقترح تعديلا على القصيدة
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لغام المطايا من رضابك اعذب(92/6)
لغام المطايا من رضابك اعذب
رقم القصيدة : 9829
-----------------------------------
لغام المطايا من رضابك اعذب
ونبت الفيافي منك اشهى واطيب
وَمَا ليَ عِندَ البِيضِ يا قَلْبِ حَاجَة ٌ
وعند القنا والخيل والليل مطلب
أحَبُّ خَليليّ الصّفِيّيْنِ صَارِمٌ
وَأطْيَبُ دارَيّ الخِبَاءُ المُطَنَّبُ
ذليل لريب الدهر من كان حاضراً
وحرب لدى الايام من يتغرب
وَلي مِنْ ظُهورِ الشَّدْقَميّاتِ مَقعدٌ
وَفَوْقَ مُتُونِ اللاّحقيّاتِ مَرْكَبُ
لِثامي غُبَارُ الخَيلِ في كُلّ غَارَة ٍ
وثوبي العوالي والحديد المذرب
أُساكِتُ بَعضَ النّاسِ وَالقوْلُ نافعٌ
واغمد عن اشياء والضرب
انجب واطمعني في العز اني مغامر
جَرِيٌّ عَلى الأعداءِ وَالقلبُ قُلَّبُ
وعندي مما خوَّل الله سابح
وَأسْمَرُ عَسّالٌ وَأبيَضُ مِقضَبُ
وليس الغنى في الخلق الا غنيمة
تُحَامي عَلَيهَا، وَالمَعَالي تَغَلّبُ
إذا قَلّ مَالي قَلّ صَحْبي، وَإنْ نمَا
فلي من جميع الناس اهل ومرحب
غنى المرء عز والفقير كانه
لَدَى النّاسِ مهنوءُ المِلاطَينِ أجرَبُ
تُطالِبُني نَفْسِي بِكُلّ عَظِيمَة ٍ
ارى دونها جاري دم يتصبب
ويأمرني الذلان ان لا اطيعها
وَأعلَمُ من طُرْقِ العُلى أينَ أذهَبُ
اذا كان حب المرء للشي ضيعة
فأضْيَعُ شيءٍ مَا يَقُولُ المُؤنِّبُ
انا السيف الا انني في معاشر
أرَى كُلّ سَيْفٍ فيهِمُ لا يُجَرَّبُ
ولا علم لي بالغيب الا طليعة
من الحزم لا يخفى عليها المغيب
أُجَرّبُ مَنْ أهوَاهُ قَبلَ فِرَافِهِ
فيصدق منه الغدر والود يكذب
تغير لي اخلاق من كنت اصطفي
وَتَغدُرُني أيّامُ مَنْ كنتُ أصْحَبُ
فلو لوّحت لي بالبروق سحابة
لأغضَيتُ عِلماً أنّ ما بانَ خُلّبُ
اذا شئت فارقت الحبيب وبيننا
من الشوق ما يملي عليَّ واكتب
وَلَيسَ نَسيبي أنّ في القَلْبِ لَوْعَة ً
وَلَكِنّني أبْكي زَمَاني وَأنْدُبُ
وَمَا نَافِعي عِنْدَ البَعيدِ تَقَرُّبي
وَلا ضَائرِي عِندَ القَرِيبِ التّجَنّبُ(92/7)
قَرِيبُ الفَتَى دونَ الأنَامِ صَديقُهُ
وَلَيسَ قَريباً مِنهُ مَنْ لا يُقَرَّبُ
وَمَا في نِجَادِ السّيْفِ زَيْنٌ لحامِلٍ
وَلا الزّينُ إلاّ للفَتَى يَوْمَ يَضرِبُ
أخُو الحرْبِ مَنْ للسّيفِ فيه عَلامة ٌ
وللطعن في جنبيه طرق وملعب
وَحَسْبُ غُلامٍ شَاهِداً بِشَجَاعَة ٍ
تَغيظُ العِدى ، أنّ القَنا منه تُخضَبُ
الى غاية تجري الانام لنحوها
فماش بطيء مشيه ومقرب
يغر الفتى ما طال من حبل عمره
وَتُرْخي المَنَايَا بُرْهَة ً، ثمّ تَجذِبُ
يَقُولُونَ عَنْقَا مُغرِبٍ مُستَحيلَة ٌ
الاكل حي مات عنقاء مغرب
يَطولُ عَناءُ العِيسِ ما دُمتُ فوْقَها
وَمَا دامَ لي عَزْمٌ وَرَأيٌ وَمَذْهَبُ
وهون عندي ما بقلبي من الصدى
ظماءٌ تجافى مورد الماء لغب
فما انا بالواني اذا كنت صادياً
وَلا المَاءُ يُعطيني قُوًى يوْمَ أشرَبُ
وما الورد بعد الورد بلاَّ لغلتي
وَإنْ بَلّ ظَمأَ الداعرِيّاتِ مَشْرَبُ
وما لي الى غير الحسين وسيلة
وَفي جُودِهِ دُونَ الرّغائِبِ أرْغَبُ
جَرِيءٌ عَلى الأمْرِ الّذي لا يَرُومُهُ
مِنَ القَوْمِ إلاّ حازِمُ الرّأيِ أغْلَبُ
ألا إنّ فَحْلاً سَاعَدَتْهُ نَجِيبَة ٌ
فَجَاءَ بنَجْلٍ كَالحُسَينِ، لمُنجِبُ
وَإنّ مَحَلاًّ حَلّ فيهِ لَوَاسِعٌ
و إن زماناً عاش فيه لطيب
لك الله من مغض على جرم جارم
وَلوْ شاءَ ما استَوْلى على الذّنبِ مذنبُ
و في كل يوم انت طالب غارة
تجرر اذيال العوالي وتسحب
تَنَامُ عَلى أمْرٍ، وَهَمُّكَ سَاهِرٌ
و تنزل عن أمر وعزمك يركب
تَحَقّقَتِ الأحْيَاءُ أنّكَ فَخْرُهَا
وَأغضَتْ عَلى عِلْمٍ نِزَارٌ وَيَعرُبُ
إذا شِئْتَ أحْيَاناً شَفَاكَ مِنَ العِدى
سنان بصير بالطعان ومضرب
وَخَيْلٌ لهَا في كلّ شَرْقٍ وَمَغرِبٍ
عَقِيرٌ مُدَمّى أوْ طَعِينٌ مُخَضَّبُ
إذا طلعت نجداً أضاءت وجوهها
وَقُدّامَها مِنْ سائِقِ النّقْعِ غَيهَبُ
يَصِيحُ القَنَا في كُلّ حَيٍّ تَرُومُهُ
و يردي بك الأعداء يوم عصبصب(92/8)
ألا رُبّ حَالٍ سَاعَدَتكَ وَفَتْكَة ٍ
رَدَدتَ بهَا قَرْنَ الرّدى وَهوَ أعضَبُ
رَمَيْتَ بهَا قَلْبَ العَدُوّ بخِيفَة ٍ
وَأعرَضْتَ، وَالمَغرُورُ يَلهُو وَيَلعَبُ
كما خرق الرامي بسهم رميه
وَأعْرَضَ عِلْماً أنّهُ سَوْفَ يَعطَبُ
عدوَّان أما واحد فمكاشف
جَرِيٌّ، وَأمّا آخَرٌ فَمُؤلِّبُ
يمسح خلف الشر ذاك بخيفة
وَهذا طَويلُ البَاعِ يَمرِي فيَحلُبُ
يَرُومونَ غَيّاً، وَالعَوَائِقُ دونَهُمْ
وَيَرْمُونَ بَغْياً، وَالمَقاديرُ تَحجُبُ
سَما بِكَ طَلاّعاً إلى العُمْرِ مَشرِقٌ
وادبر بالباغي إلى الموت مغرب
فذاك كما شاء الفسوق مبغض
وَأنْتَ كَمَا شَاءَ العَفافُ مُحَبَّبُ
أُهَنّيكَ بِالعِيدِ الجَدِيدِ تَعِلّة ً
وَغَيرُكَ بالأعْيَادِ وَاللّهوِ يُعجَبُ
فَلا زَالَ مَمْدُوداً عَلَيْكَ ظِلالُهُ
وَلا زِلْتَ في نَعمَائِهِ تَتَقَلّبُ
و لا ظفر الباغي عليك بفرصة
ولا طلب الأعداء ما كنت تطلب
غَمَامُكَ فَيّاضٌ، وَرِيحُكَ غَضّة ٌ
وحوضك ملآن وروضك معشب
إذا قُلْتُ فيكَ الشّعرَ جَوّدَ مادِحٌ
و أكثر وصاف واعرق مطنب
وَغَيرُكَ لا أُطْرِيهِ إلاّ تَكَلّفاً
وَغَيرُ حَنيني عِندَ غَيرِكَ مُصْحِبُ
بَغِيضٌ إلى الأيّامِ أنّكَ لي حِمًى
و غيظ بني الايام أنك لي أب
ابعد النبي والوصي تروقني
مَناسِبُ مَنْ يُعزَى لمَجدٍ وَيُنسَبُ
يقر بفضلي كل باد وحاضر
وَيَحسُدُني هَذا العَظِيمُ المُحَجَّبُ
وَمَنْ لي بأنْ يَشتَاقَ مَا أنَا قَائِلٌ
و يسمع مني مايروق ويعجب
وَلَوْلا جَزَاءُ الشّعْرِ مِمّنْ يُرِيدُهُ
وجدت كثيراً من أغنى ويطرب
ألا إنّ رَاعي الذّوْدِ يُعنى بذَوْدِهِ
حِفاظاً وَرَاعي الناسِ حَيرَانُ مُغرِبُ
أُحِبّكُمُ مَا دُمْتُ أُعْزَى إلَيكُمُ
وَمَا دامَ لي فيكُمْ مُرَادٌ وَمَطلَبُ
وَإنّي عَنِ الرَّبْعِ الذي لا يَضُمّكُمْ
عَلى كُلّ حالٍ نَازِحُ الوِدّ أجنَبُ
فلا تتركني عاطلاً من مروة
وَلا قَانِعاً بالدّونِ أرْضَى وَأغضَبُ(92/9)
فما انا بالواني إذا ما دعوتني
وَلا مَوْقِفي عَمّا شَهِدْتَ مُغَيَّبُ
امالي قرار في نعيم ولذة
فإنّيَ في الضّرّاءِ أطْفُو وَأرْسُبُ
أُرِيدُ مِنَ اللَّهِ القَضَاءَ بحَالَة ٍ
تقر بها عين وقلب معذب
و أسأل أن يعطيك في العمر فسحة
لعلمي أن العمر يعطي ويوهب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> مثواي أما صهوة أو غارب
مثواي أما صهوة أو غارب
رقم القصيدة : 9830
-----------------------------------
مثواي أما صهوة أو غارب
وَمُنَايَ إمّا زَاغِفٌ أوْ قاضِبُ
في كُلّ يَوْمٍ تَنْتَضِيني عَزْمَة ٌ
و تمد أعناق الرجاء مآرب
قلب يصادقني الطلاب جراءة
و من القلوب مصادق وموارب
مَا مَذْهَبي إلاّ التّقَحُّمُ بالقَنَا
بين الضلوع وللرجال مذاهب
وَعَليّ في هَذا المَقَالِ عَضَاضَة ٌ
إنْ لمْ يُساعِدْني القَضَاءُ الغَالِبُ
مَا لي أُخَوَّفُ بالرّدَى ، فَأخَافُهُ
هَيهاتَ لي في الخَلْقِ بَعدُ عَجائِبُ
و العزم يطرحني بكل مفازة
مُتَشابِهٍ فيهَا زُبًى وَغَوَارِبُ
أُعْطي الهَجِيرَ مُرَادَهُ مِنْ صَفْحتي
وَتَكُدّ سَمْعي بالصّرِيرِ جَنادِبُ
اما اقيم صدور مجدي بالقنا
وَيَقَرُّ عَضْبي، أوْ تَقُومُ مَنادِبُ
متأنقاً وذرى الرمال كأنها
دونَ النّواظرِ، عارِضٌ مُتراكِبُ
أصبابة من بعد ما ذهب الهوى
طَلْقاً، وَأعوَزَ مَا يُرَامُ الذّاهِبُ
وَعَليّ تَضْمِيرُ الجِيَادِ لِغَارَة ٍ
فِيها خَضِيبٌ بالدّمَاءِ وَخَاضِبُ
أرِضاً، وَذُؤبَانُ الخُطوبِ تَنوشُني
والعزم ماض والرماح سوالب
انا اكلة المغتاب ان لم اجنها
شعواء يحضرها العقاب الغائب
وكانما فيها الرماح اراقم
وكانما فيها القسي عقارب
قَدْ عَزّ مَنْ ضَنّتْ يَداهُ بِوَجْهِهِ
إنّ الذّليلَ مِنَ الرّجَالِ الطّالِبُ
إنْ كَانَ فَقْرٌ فالقَرِيبُ مُباعِدٌ
او كان مال فالبعيد مقارب
وارى الغنيَّ مطاعنا بثرائه
اعدائه والمال قرن غالب
يَشْكُو تَبَذّ ليَ الصّحَابُ، وَعَاذِرٌ(92/10)
أنْ يَنْبُذَ المَاءَ المُرَنَّقَ شَارِبُ
مِنْ أجْلِ هذا النّاسِ أبعدتُ الهَوَى
ورضيت ان ابقى ومالي صاحب
وأي الليالي ان غدرن فانه
مَا سَنّ أحْبَابٌ لَنَا وَحَبَائِبُ
الذنب اني جزعت وعنونت
عَنّي دُمُوعُ العَينِ، وَهيَ سَوَاكِبُ
دنيا تضر ولا تسر وذا الورى
كُلُّ يُجَاذِبُهَا، وَكُلٌّ عَاتِبُ
تُلقي لَنَا طَرَفاً، فَإنْ هيَ أعرَضَتْ
نزعت ولو ان الجبال جواذب
هيهات يا دنيا وبرقك صادق
أرْجو، فكَيفَ إذاً وَبَرْقُكِ كاذِبُ
والناس اما قانع أو طالب
لا يَنتَهي، أوْ رَاغِبٌ أوْ رَاهِبُ
واذا نعمت فكل شيء ممكن
واذا شقيت فكل شيء عازب
قد قلت للباغي عليَّ ودونه
مِنْ فَضْلِ أحلامي ذُرًى وَذَوَائِبُ
احذر مباغضة الرجال فانها
تدمى وتقدر ان يقول العائب
البيد يا ايدي المطي فانني
للضّيْمِ، إنْ أسْرَى إليّ، مُجَانِبُ
ومجاهل الفلوات اطيب منزل
عندي، وَأوْفَى الوَاعدينَ نَجَائِبُ
وَإذا بَلَغْنَ بيَ الحُسَيْنَ، فإنّهُ
حق لهن على المطايا واجب
في بلدة فيها العيون حوافل
والروض غض والرياح لواعب
عجب من الايام رؤية مثله
نجم العلى اذ كل نجم غارب
اوردنه اطراف كل فضيلة
شِيَمٌ تُسَانِدُهَا عُلًى وَمَنَاقِبُ
وله اذا خبثت اصول عداته
في تُرْبَة ِ العَلْيَاءِ عِرْقٌ ضَارِبُ
مُتَفَيّءُ الآرَاءِ في ظِلَلِ القَنَا
تَجرِي إلَيْهِ مِنَ العَلاءِ مَذانِبُ
انت المنوه في المحافل باسمه
واذ حضرت فكل لؤم غائب
لكَ من حِياضِ المَجدِ زُرْقُ جَمامها
فلما ينازعك الورود غرائب
ويروم شأوك من غبارك دونه
يَوْمَ الجَزَاءِ، غَياطِلٌ وَغَياهِبُ
نَفَحاتُ كَفّكَ للوَليّ غَمَائِمٌ
تَهْمي، وَهُنّ عَلى العَدُوّ نَوَائِبُ
فَشَمائِلُ فيها النّدَى ، وَضَرَائِبٌ
وكتائب فيها الردى ومقانب
وَلَقَدْ وَقَفْتَ عَلى الأعادي وَقْفَة ً
فيهَا لِمَنْ أبْقَى المَنُونُ تَجارِبُ
تحت العجاج وللدروع قعاقع
ضَرْباً، وَغِرْبانُ الرّماحِ نَوَاعِبُ(92/11)
وَمُطَاعِنٌ وَلّى بِهَا، وَكَأنّهُ
مما يجر من العوامل حاطب
مِنْ كُلّ نَافِذَة ِ المَغَارِ كَأنّهَا
في قلب حاملها فم متثاوب
وَمُزَمْجِرٌ قَطَعَ العَجَاجَ أمَامَهُ
للهام منه عمائم وذوائب
يرمي الوحوش على الوحوش زهاؤه
والاكم فيه مع الجياد لواعب
تَهْدِي أوَائِلُهُ الأوَاخِرَ كُلّمَا
طلع الجنيب طغى عليه الجانب
شد كمعمعة الحريق وكبة
كَاللَّيلِ، أنْجُمُهَا قَناً وَقَوَاضِبُ
وَالنّقْعُ قَدْ كَتَمَ الرّبَى ، فَكَأنّهُ
سَيْلٌ تَحَدّرَ، وَالجِيَادُ قَوَارِبُ
ولرب ليل قد طويت ردائه
وَعَلى الإكَامِ مِنَ الظّلامِ جَلابِبُ
لَيْلٍ تَرَامَى بِالعَبِيرِ نَسِيمُهُ
وَالتّرْبُ تَحْفِزُهُ صَباً وَجَنَائِبُ
وَرَكِبْتَ أعْجَازَ النّجُومِ وَفِتْيَة
مِثْل النّجُومِ طَوَالِعٌ وَغَوَارِبُ
خضنا الظلام وكلنا بجنانه
ماضٍ على عَجَلِ، وَليس كَوَاكِبُ
عُلْبٌ كَأنّهُمُ الصّقُورُ جَوَانِحاً
وكأن اكناف الجياد مراقب
واذا قلوب لم تكن كعيوننا
لم يغننا ان النجوم ثواقب
وَأذَلَّ مِنْ قَبْرِ الخُمُولِ نَشَرْتَهُ
فَغَدا يُنَاهِبُكَ العُلَى وَيُجَاذِبُ
اوسعته كرماً فاوغرصدره
ان الاقارب بعدها لعقارب
جود ضعيف ان تلم ملمة
لمؤمل واذى ً الد مشاغب
ولقد ملئت على عدوك جلده
حتى طمى جزع وضاق مذاهب
بِالعَقْلِ يُبْلَغُ مَا تَعَذّرَ بِالقَنَا
وظبى القواضب والعقولُ مواهب
أمنيل طالب نائل من جوده
كمَنَالِ صَدْرِ العَضْبِ يَوْمَ يُضَارِبُ
اليَوْمُ مِنْ فَتَياتِ دَهرِكَ، فارْعَه
وَجَميعُ أيّامِ الزّمَانِ أشَائِبُ
والعيد داعية السرور وليته
أبَداً عَلى بَعضِ الرّجَالِ مَصَائِبُ
فتهن طماح العلاء ولا تزل
في غمر جودك للرجال رغائب
خير من المال الذي يعطيكه
وأحدُّ من غرب الحسام الضارب
قصيدة ياقاتلتي بصوت الشاعر
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ألا حَيِّهَا، ربَّ العُلى ، من غَوَارِبِ
ألا حَيِّهَا، ربَّ العُلى ، من غَوَارِبِ
رقم القصيدة : 9831(92/12)
-----------------------------------
ألا حَيِّهَا، ربَّ العُلى ، من غَوَارِبِ
تَعَرَّقُني بَينَ العُلَى وَالمَطَالِبِ
ومالي وللامال من دونها القنا
تهز وسورات النوى والنوائب
سَئِمْتُ زَمَاناً، تَنتَحيني صُرُوفُهُ
وثوبَ الافاعي أو دبيب العقارب
مَقَامُ الفَتَى عَجزٌ على ما يَضِيمُهُ
وَذُلُّ الجرِيءِ القلبِ إحدى العجائبِ
ساركبها بزلاء اما لمادح
يعدد افعالي واما لنادب
إذا قَلّ عَزْمُ المَرْءِ قَلّ انْتِصَارُهُ
وَأقْلَعَ عَنهُ الضّيمُ دامي المَخالِبِ
وَضَاقَتْ إلى ما يَشتَهي طُرْقُ نَفسه
ونال قليلاً مع كثير المعائب
وَمَا بَلَغَ المَرْمَى البَعيدَ سوَى امرِىء ٍ
يروح ويغدو عرضة للجواذب
وما جر ذلاً مثل نفس جزوعة
ولا عاق عزماً مثل خوف العواقب
الا ليت شعري هل تسالمني النوى
وَتَخبُو هُمومي من قِرَاعِ المَصَائبِ
الى كم اذود العين ان يستفزها
وَميضُ الأماني وَالظّنُونِ الكَوَاذِبِ
حُسِدْتُ عَلى أنّي قَنِعتُ فكَيفَ بي
إذا مَا رَمَى عَزْمي مَجالَ الكَوَاكبِ
وَما زَالَ للإنْسَانِ حاسِدُ نِعمَة ٍ
عَلى ظَاهِرٍ مِنْهَا قَليلٍ وَغَائِبِ
وَأبْقَتْ ليَ الأيّامُ حَزْماً وَفِطْنَة ً
ووقرن جاشي بالامور الغرائب
تَوَزّعَ لَحمي في عَوَاجِمَ جَمّة ٍ
وبان على جنبي وسم التجارب
وأرض بها بعتُ الصبابة والصِّبَا
وناهض قلبي الهَمَّ من كلِّ جانِب
وَزَوْرٍ مِنَ الأضْغَانِ نحوِي، كأنّما
يلاقيهم شخصي لقاء المحارب
أُنَاسِيهِمُ بغضَاءَهُمْ غَيرَ غَافِلٍ
وَأسْألُهُمْ مَعرُوفَهُمْ غَيرَ رَاغِبِ
وَإنّي لأطْوِيِهم عَلى عُظْمِ دائِهِمْ
واقعد منهم بين رام وجالب
ألا رُبّ مَجْدٍ قَدْ ضَرَحتُ قَذاتَهُ
وكان على الايام جم الشوائب
وَسِرٍّ كَتَمْتُ النّاسَ حتى كتَمتُهُ
ضُلُوعي، وَلمْ أُطْلِعْ عَليهِ مآرِبي
واغيد محسود على نور وجهه
هجرت سوى لحظ البعيد المجانب
وغيداء قيدت للعناق ملكتها
فَنَزّهْتُ عَنها بَعدَ وَجْدٍ تَرَائِبي(92/13)
وما عفة الانسان الا غباوة
اذا لم يكافح داء وجد مغالب
وعزم كاطراف الاسنة في الحشا
طَعَنتُ بهِ كَيدَ العَدُوّ المُوَارِبِ
وضيم كما مض الجراح نجوته
إلى المَنظَرِ الأعلى نَجَاءَ الرّكائِبِ
وَخُطّة ِ خَسْفٍ فِتُّها غَيرَ لاحِقٍ
بيَ العارُ إلاّ مَا نَفَضْتُ ذَوَائِبي
عَلى هِمّة ٍ، أيْدي المَنُونِ سِياطُها
تَسُوقُ بِهَا الآمَالَ سوقَ النّجائبِ
الى قائم بالمجد يحمي فروجه
ويطعن عنه بالقنا والرغائب
مقيم بطيب الذكر في كل بلدة
وقد عود الاكوار جب الغوارب
فتى صحب البأس الندى في بنانه
بفيض العطايا والدماء السوارب
لأمجد فرع في عرانين هاشم
وَأنجَبِ عُودٍ مِنْ لُؤيّ بنِ غالِبِ
لهم سرة المجد التليد وسره
وَمَحضُ المَعالي فيهِمُ وَالمَناقِبِ
يَبيتُونَ، أغمَادُ السّيُوفِ نحُورُهُم
وَيَغدُونَ جُرّارَ الرّمَاحِ السّوَالِبِ
تَرَقّوْا عَلَيْهَا كُلّ مَجْدٍ وَنكّسُوا
بأطرافِها عَنْ عاقِداتِ السّباسِبِ
وَخَطْبٍ عَلى الزّوْرَاءِ ألقَى جِرَانَهُ
مديد النواحي مدلهم الجوانب
واضرمها حمراء ينزو شرارها
إلى جَنَباتِ الجَوّ نَزْوَ الجَنادِبِ
سللت عليه الحزم حتى جلوته
كما انجَابَ غَيمُ العارِضِ المتراكِبِ
وَقَدْ عَلِمَ الأعْداءُ أنّكَ تَحتَهُ
غَلَبْتَ، وَمَا كانَ القَضَاءُ بغالِبِ
واقشعت عن بغداد يوماً دويه
الى الان باق في الصبا والجنائب
وَلَوْلاكَ عُلّي بالجَماجِمِ سُورُهَا
وخندق فيها بالدماء الذوائب
وكم لك من يوم تركت به الظبى
مَضَارِبَهَا مَشغُولَة ً بالضّرَائِبِ
سوابقه ما بين كابٍ وناهض
واقرانه ما بين هاو وواثب
وَقُدْتَ إلَيْهِ الحَيلَ يُسببنَ بالقَنَا
ويسببن بوغاء الملا والسباسب
ثقالاً باعباء العوالي كانما
يطأن الربى وطيء الإماء الحواطب
مُعاوِدَة ً عَضَّ الشّكِيمِ يَمُصّها
رَشَاشَ الجَوَاني بالنّبالِ الصّوَائِبِ
وقد شمر التحجيل عن جنباتها
وحجلها خوضاً نجيع المقانب
فَقَصّرْتَ فيهِ كُلَّ سَمرَاءَ لَدْنَة ٍ(92/14)
وَأنحَلْتَ فيهِ كُلَّ أبيَضَ قاضِبِ
واصدرت عنه الجيش من بعد هبوة
تُوَصِّلُ أعناقَ القَنَا وَالقَوَاضِبِ
وَأرْعَنَ دَمّاغِ الرّبَى في مَجَرّهِ
يطبق عرض البيد ذات المناكب
سريت به حتى تقلص نقعه
عن الفجر طلاعا جبال الغياهب
وفي كل يوم انت بالعزم راكب
قَرَاديدَ أمْرٍ لا تَذلّ لرَاكِبِ
وليس عجيبا ان تمخط بازل
سرت فيه اعراق القروم المصاعب
تَدارَكْتَ أطنابَ الخِلافَة ِ بَعْدَمَا
دنا الضيم حتى مسها بالرواجب
وما زلت ترمي كل قلب مجاذب
تجاذبها حتى قلوب الاقارب
هنيئاً لك العيد الجديد فانه
يَسُلّ لك الإقبالَ عَضْبَ المَضَارِبِ
وعزك باق لا يزلزل طوده
وكل المعالي بين ماض وآيب
وما راقت الاعياد الا بغرة
تَبَلّجُ عَنْ نُورٍ مِنَ المَجْدِ ثَاقِبِ
وَكَيفَ يَسُرّ الفِطرُ من عاشَ دهرَهُ
بعنوان معروف الجناجن شاحب
فَما الشّيبُ إلاّ سُبّة ٌ لِلأشَائِبِ
انا القائل المرموق من كل ناظر
اذا صلصلت للسامعين غرائبي
وَما صُنتُ شِعرِي عنكَ زُهداً، وَإنّما
هُوَ الدّرّ لا يَمرِي بغَيرِ الحَوَالِبِ
وَلي مِنْ قَرِيضِي مُنْبِهٌ لضَمِيرِهِ
وَلَكِنّني آبَى دَنِيَّ المَكَاسِبِ
وَمَا كُلّ شُغْلي بالمَقَالِ أرُوضُهُ
Webstats4U - Free web site statistics
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أرَابَكِ مِنْ مَشِيبي مَا أرَابَا
أرَابَكِ مِنْ مَشِيبي مَا أرَابَا
رقم القصيدة : 9832
-----------------------------------
أرَابَكِ مِنْ مَشِيبي مَا أرَابَا
وما هذا الباض عليَّ عابا
لئن ابغضت مني شيب راسي
فإنّي مُبْغِضٌ مِنْكِ الشّبَابَا
يذم البيض من جزع مشيبي
ودل البيض اول ما اشابا
وَكَانَتْ سَكرَة ٌ، فصَحوْتُ منها
وَأنْجَبَ مَنْ أبَى ذاكَ الشّرَابَا
يميل بي الهوى طربا وانأى
ويجذبني الصبا غزلا فآبا
وَيَمْنَعُني العَفَافُ كَأنّ بَيْني
وَبَينَ مَآرِبي مِنْهُ هِضَابَا
نصلت عن الصبا ومصاحبيه
وَأبْدَلَني الزّمَانُ بهِمْ صِحَابَا(92/15)
ولما جد جد البين فينا
وَهَبْتُ لَهُ الظّعَائِنَ وَالقِبَابَا
وماروعت من جزع جنانا
وَلا رَوّيْتُ مِنْ دَمْعٍ جَنَابَا
دَعِيني أطْلُبِ الدّنْيَا، فإنّي
ارى المسعود من رزقَ الطلابا
ومن ابقى لآجله حديثاً
ومن عانى لعاجله اكتسابا
وَمَا المَغْبُونُ إلاّ مَنْ دَهَتْهُ
ولا مجداً ولا جدة اصابا
فلا والله اتركها خليا
ولما اجنب الاسد الغضابا
واركبها محصنة شبوباً
تُمَانِعُ غَيرَ فارِسِها الرّكَابَا
اذا نهنهتها ارنت جماحا
إلى أمَلي، تُجاذِبُني جِذابَا
فَإمّا أمْلأُ الدّنْيَا عَلاءً
وَإمّا أمْلأُ الدّنْيَا مُصَابَا
سجية من رعى الايام حتى
أشَابَ جَمَاجِماً مِنها، وَشَابَا
وهل تشوي حقايق المعيّ
إذا مَا ظَنّ أغرَضَ أوْ أصَابَا
وَلَمْ أرَ كالمَآرِبِ رَامِيَاتٍ
بِنَا الدّنْيَا بِعَاداً وَاقْتِرَابا
تخوضنا البحار مزمجرات
وَتُسْلِكُنَا المَضَايِقَ وَالعُقَابَا
واعظم من عباب البحر حرص
على الارزاق اركبنا العبابا
وَغُلْبٌ كالقَوَاضِبِ مِنْ قُرَيشٍ
يرُوّونَ القَوَاضِبَ وَالكِعَابَا
فَمَا وَلَدَ الأجَارِبُ مِنْ تَمِيمٍ
نظيرهم ولا الشعر الرقابا
وَإنّ المَجْدَ قَدْ عَلِمَتْ مَعَدٌّ
وَدارَ العِزّ وَالنّسَبَ القُرَابَا
لأطوَلِهِمْ، إذا رَكِبُوا، رِمَاحاً
واعلاهم اذا نزلوا قبابا
وَأغزَرِهِمْ، إذا سُئِلوا، عَطاءً
وَأوْحاهُمْ، إذا غَضِبُوا، ضِرَابا
بنو عم النبي واقربوه
والصقهم به عرقاً لبابا
عُلٍى بِيَدِ الحُسَينِ ذُؤابَتَاهَا
وفرعاها اللذا كثرا وطابا
وَكَانَتْ لا تُجَارُ مِنَ الأعَادي
فساند غربة ذاك النصابا
وحصنها فليس ينال منها
ذَنُوباً، مَنْ يَهُمّ، وَلا ذِنَابا
هُمَامٌ مَا يَزَالُ بِكُلّ أرْضٍ
يُبَرْقِعُ تُرْبُهَا الخَيلَ العِرَابَا
نزائع كالسهام كسين نحضاً
خفيفاً لا اللؤام ولا اللغابا
مُحَبَّسَة ً عَلى الأهْوَالِ تَلْقَى
بها العقبان رافعة الذنابا
يُوَقّرُهَا، فَتَحسَبُها أُسُوداً
ويطلقها فتحسبها ذئابا(92/16)
وَأعْطَتْهُ الرّؤوسَ مُسَوَّمَاتٌ
تَدُقّ بِهَا الجَنادِلَ وَالظّرَابَا
إذا قَطَعَتْ بهِ شَأوأ بَلاهَا
بِأبْعَدَ غَايَة ً وَأمَدَّ قَابَا
تجاوزه المقاول وهو باق
يَبُذّ رِقَابَ غُلْبِهِمِ غِلابَا
كَنَصْلِ السّيْفِ تَسْلَمُ شَفرَتاهُ
وَيُخْلِقُ كُلّ أيّامٍ قِرَابَا
اذا اشتجر القنا فصل الهوادي
وَإنْ قَرّ الوَغَى فَصَلَ الخَطَابَا
بَلَى وَبَلَتْ يَداهُ مِنَ الأعَادي
أرَاقِمَ نُزَّعاً وَقَناً صِلابَا
فَقَوّمَ بالأذى مِنها صِعَاداً
وذلل بالرقي منها صعابا
وَغادَرَ كُلَّ أرْقَمَ ذي طُلُوعٍ
على الاعداء يدرع الترابا
حذار بني الضغائن من جري
اذا ما الريب بادهه ارابا
يَعَضُّ عَلى لَوَاحِظَ أُفعُوانٍ
فان سيم الاذى طلب الوثابا
وَإنّ وَرَاءَ ذاكَ الحِلْمِ صَوْلاً
وان لتلكم البقيا عقابا
وَلَوْ أنّ الضّرَاغِمَ نَابَذَتْهُ
تَوَلّجَ خَلْفَهَا أجَما وَغَابَا
رماكم بالضوامر مقربات
يُزَاوِلْنَ المَحَانيَ وَالشّعَابَا
ويعجلن الصريخ وهن زور
الى الأعداء يرسلن اللعابا
فارعى من جماجمكم جميعاً
وامطر من دماءكم سحابا
لك الهمم التاي عرف الاعادي
تَشُبّ بِكُلّ مُظْلِمَة ٍ شِهَابَا
اذا خفقت رياح العزم فيها
تَبَلّجَ عَارِضٌ منهَا، فَصَابَا
وَمُشرَعَة ِ الأسِنّة ِ ذاتِ جَرْسٍ
يقود عقاب رايتها العقابا
تخوض الليل يلمع جانباها
كَأنّ الصّبحَ قَدْ حَدَرَ النّقَابَا
لها في فرجة الفجر اختلاط
يَرُدّ الصّبْحَ من رَهَجٍ غِيَابَا
وَتَغْدُو كالكَوَاكِبِ لامِعَاتٍ
تمزق من عجاجتها الحجابا
يُصَافِحُها شُعَاعُ الشّمسِ حتى
كَأنّ على الظُّبَى ذَهَباً مُذابَا
صَدَمتَ بهَا العَدُوّ، وَأنتَ تَدعو
نَزَالِ، فَأيُّ داعِيَة ٍ أجَابَا
وَقَوّضْتَ الخِيَامَ تَذُبّ عَنها
أُسُودُ وَغًى ، وَأصْفَرْتَ الوِطَابَا
رَأيْنَا الطّايِعَ المَيْمُونَ بَدْءاً
يَسُلُّكَ في النّوَائِبِ، وَاعتِقَابَا
ولما جرت البيض المواضي
رآك من الظبي امضى ذبابا(92/17)
فالحمك العدى حتى تهاووا
وَلا دِمَناً تَحِسّ وَلا ضِبَابَا
هناك قدوم اعياد طراق
تصوب العز ما وجدت مصابا
وايام تجوز عليك بيض
وَقَدْ قَرَعَتْ مِنَ الإقْبَالِ بَابَا
فكم يوم كيومك قدت فيه
عَلى الغُرَرِ، المَقانِبَ وَالرّكَابَا
الى البلد الامين مقومات
يُمَاطِلُهَا التّعَجّلَ وَالإيَابَا
بحيث تفرغ الكوم المطايا
حقائبها وتحتقب الثوابا
مَعالِمُ إنْ أجَالَ الطّرْفَ فِيهَا
مُصِرُّ القَوْمِ أقْلَعَ، أوْ أنَابَا
فَفُزْتَ بِهَا ثَمَانيَ مُعْلَمَاتٍ
نَصَرْتَ بِهَا النّبُوّة َ وَالكِتَابَا
بَعَثْتُ لكَ الثّنَاءَ عَلى صَنيعٍ
إذا مَا هِبْتَ دَعوَتَهُ أهَابَا
رغائب قد قطعن حنين عيسٍ
فلا نأيا اريغ ولا اغترابا
وَقَبْلَ اليَوْمِ مَا أغمَدْنَ عَنّي
من الايام نائبة ونابا
أرسل قصيدة | أخبر صديقك | راسلنا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لكُلّ مُجتَهِدٍ حَظٌّ مِنَ الطّلَبِ
لكُلّ مُجتَهِدٍ حَظٌّ مِنَ الطّلَبِ
رقم القصيدة : 9833
-----------------------------------
لكُلّ مُجتَهِدٍ حَظٌّ مِنَ الطّلَبِ
فاسبق بعزمك سير الانجم الشهب
وارق المعالي التي اوفى ابوك بها
فَكَمْ تَنَاوَلَهَا قَوْمٌ بغَيرِ أبِ
وَلا تَجُزْ بصُرُوفِ الدّهرِ في عُصَبٍ
من القرائن غير السمر والقضب
نَدْعُوكَ في سَنَة ٍ شَابَتْ ذَوَائِبُهَا
حتّى تُفَرّجَها مُسْوَدّة ُ القُصُبِ
وَلمْ تَزَلْ خَدَعَاتُ الدّهْرِ تَطْرُقُها
حتى تعانق عود النبع والغرب
اتيت تحتلب الايام اشطرها
فكل حادثة منزوحة الحلب
لولا وقارك في نصل سطوت به
فَاضَتْ مَضَارِبُهُ مِنْ خِفّة ِ الطّرَبِ
وَحُسنُ رَأيِكَ في الأرْمَاحِ يُنهِضُها
إلى الطّعَانِ، وَلَوْلا ذاكَ لمْ تَثِبِ
كن كيف شئت فان المجد محتمل
عَنْكَ المَغافِرَ في بَدْءٍ وَفي عَقِبِ
ما زَالَ بِشرُكَ في الأزْمانِ يُؤنِسُها
حتّى أضَاءَتْ سُرُوراً أوْجُهُ الحِقَبِ
يَفديكَ كُلُّ بَخيلٍ ماتَ خاطِرُهُ(92/18)
فان خطرت عددناه من الغيب
إذا المَطامِعُ حامَتْ حَوْلَ مَوْعِدِهِ
انت اليه انين المدنف الوصب
وعصبة جاذبوك العز فانقبضت
اكفهم عنم دراك المجد بالطلب
شابهتهم منظراً اوفتهم خبراً
إنّ الرّدَينيّ مَعدُودٌ مِنَ القَصَبِ
هابوا ابتسامك في دهياء مظلمة
وليس يوصف ثغر الليث بالشنب
سجية لك فاتت كل منزلة
وَضعضَعَتْ جَنَباتِ الحادثِ الأشِبِ
نسيمها من طباع الروض مسترق
وَطِيبُ لذّتِها مِنْ شيمَة ِ الضَّرَبِ
تَلقَى الخَميسَ إذا اسْوَدّتْ جَوانبُه
بالمُستَنيرَينِ مِنَ رَأيٍ وَذي شُطَبِ
وَنَثْرَة ٌ فَوْقَهَا صَبْرٌ تُظاهِرُهُ
أرَدُّ مِنها لأذْرَابِ القَنَا السّلَبِ
لو لم يعوضك هجر العيش صالحة
ما كُنتَ تَخرُجُ من أثوابِهِ القُشُبِ
يا ابنَ الذِينَ، إذا عَدّوا فَضَائِلَهمْ
عد الندى ضربهم في هامة النشب
بألسنٍ راضة لقول لو نضيت
نابت عن السمر في الابدان والحجب
لا يستثيرون الاكل منصلت
حامي الحَقيقَة ِ طلاّعٍ عَلى النُّقَبِ
ذي عَزْمَة ٍ إنْ دَعَاها الرّوْعُ مُنتصراً
تَلَفّتتْ عن غِرَارِ الصّارِمِ الخَشِبِ
يَقْرُونَ حَتّى لَوَ انّ الضّيفَ فاتَهمُ
حثوا اليه صدور الاينق النجب
أوْ أعْوَزَ الخَطْبُ في لَيلٍ بُيُوتَهُمُ
مَدّوا يَدَ النّارِ في الأعمادِ وَالطُّنُبِ
لَوْ أنّ بأسَهُمُ جَارَى الزّمَانَ إذاً
لارْتَدّ عَنْ شأوِهِ مُسترْخيَ اللَّبَبِ
إنْ أُورِدوا المَاءَ لمْ تَنهَلْ جِيادُهُمُ
حتى تعل برقراق الدم السرب
قادوا السوابق محفاة مقودة
كَأنّها بحَثَتْ عَنْ مُضْمَرِ التُّرَبِ
اعطافها بالقنا الخطى مثقلة
تكادُ تَعصِفُ بالسّاحاتِ وَالرُّحَبِ
ما انفك يطعن في اعقاب حافلة
بذابل من دم الاقران مختضب
إذا امتَرَى عَلَقَ الأوْداجِ عَامِلُهُ
اعشى العوالي فلم تنظر الى سلب
ولا يزال يجلي نقع قسطله
بمحرج الغرب ملآن من الغضب
إذا انْتَضَاهُ لِيَوْمِ الرّوْعِ تَحْسِبُهُ
يسل من غمده خيطاً من الذهب(92/19)
أوْ إنْ أشَاحَ بِهِ سَالَ الحِمَامُ لَهُ
في مضربيه فلم يرقأ ولم يصب
جذلان يركع ان مال الضراب به
مُطَرِّباً في قِبَابِ البِيضِ وَاليَلَبِ
يا أيّهَا النّدْبُ إنّ السّعْدَ مُتّضِحٌ
بطَلْقَة ِ الوَجْهِ جَلّتْ سُدفة َ الرّيَبِ
مَوْلُودَة ٍ سَقَطَتْ عَنْ حِجرِ وَالدة ٍ
جاءت بها ملءَ حجر المجد والحسب
لمّا ظَمِئْتَ إلَيها قَبلَ رُؤيَتِهَا
أُعْطِيتَ لذّة َ مَاءِ الوِرْدِ بالقَرَبِ
بَاشِرْ بطَلْعَتِها العَلْيَاءَ مُقْتَبِلاً
فانها درة في حلية النسب
واسعد بها واشكر الاقدار ان حملت
اليك قرة عين العجم والعرب
وحث خيل كؤوس العز جامحة
إلى السّرُورِ بخَيْلِ اللّهْوِ وَاللّعِبِ
وَانثُرْ على الشَّرْبِ سِمطاً من فَوَاقعِها
وَابنَ الغَمَامِ مُسَمًّى بابنَة ِ العِنَبِ
واصدم بكاسك صدر الدهر معتقلا
بصَارِمِ اللّهوِ يَجلُو قَسطَلَ الكُرَبِ
كاس اذا خضبت بالماء لمتها
شابت وان زل عنها الماء لم تشب
نفسي تقيك فكم وقيتني بيد
وَقَدْ ألَظّ بيَ الرّامُونَ عَن كَثَبِ
اذا اتقيت بك الاعداء رامية
فَوَاجِبٌ أنْ أُوَقّيَكَ النّوَائِبَ بي
أبَا الحُسَينِ أعِرْ شِعرِي إصَاخَة َ مَن
يروى مسامعه عن مسمع عجب
إذا مَدَحتُكَ لمْ أمْتُنْ عَلَيكَ بهِ
فالمدح باسمك والمعنى به نسبي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> الان جوانبي غمز الخطوب
الان جوانبي غمز الخطوب
رقم القصيدة : 9834
-----------------------------------
الان جوانبي غمز الخطوب
وَأعجَلَني الزّمَانُ إلى المَشِيبِ
وَكَمْ يَبقَى عَلى عَجْمِ اللّيَالي
وقرع الدهر جايرة الكعوب
نبا ظهر الزمان وكنت منه
عَلى جَنْبَيْ مُوَقِّعَة ٍ رَكُوبِ
وَقالوا: الشّيبُ زَارَ، فقُلتُ: أهْلاً
بِنَوْرِ ذوَائِبِ الغُصْنِ الرّطيبِ
وَلمْ آكُ قَبلَ وَسمِكَ لي مُحِبّاً
فيبعد بي بياضك من حبيب
ولا ستر الشباب عليَّ عيبا
فَأجْزَعَ أنْ يَنِمّ عَلى عُيُوبي
ولم اذمم طلوعك بي لشيءٍ(92/20)
سُوَى قُرْبِ الطّلُوعِ إلى شَعُوبِ
واعظم ما الاقي ان دهري
يعد محاسني لي من ذنوبي
أقُولُ إذا امتَلأتُ أسًى لنَفْسِي:
أيَا نَفْسٍ اصْبرِي أبداً وَطِيبي
دعى خوض الظلام بكل ارض
وَإعْمَالَ النّجيبَة ِ وَالنّجيبِ
وجر ضوامر الاحشاء تجري
كما تهوى الدلاء الى القليب
مترفة الى الغايات حتى
ترنح في الشكيم من اللغوب
فَلَيْسَ الحَظُّ للبَطَلِ المُحَامي
ولا الاقبال للرجل المهيب
وَنَيْلُ الرّزْقِ يُؤخَذُ من بَعيدٍ
كَنَيلِ الرّزْقِ يُؤخَذُ من قَرِيبِ
وغاية راكبي خطط المعالي
كغاية من اقام عن الركوب
اليس الدهر يجمعنا جميعاً
عَلى مَرْعًى مِنَ الحَدَثانِ مُوبي
كِلانَا تَضْرِبُ الأيّامُ فِيهِ
بجرح من نوائبها رغيب
ارى برد العفاف اغض حسناً
على رجل من البرد القشيب
عليَّ سداد نبلي يوم ارمي
وَرَبُّ النَّبْلِ أعْلَمُ بالمُصِيبِ
ولي حث الركاب وشد رحلي
وَمَا لي عِلْمُ غامِضَة ِ الغُيُوبِ
وما يغني مضيك في صعود
إذا مَا كانَ جَدُّكَ في صُبُوبِ
تَطَأطَأتِ الذّوَائِبُ للذُّنَابى
وَأُسْجِدَتِ المَوَارِنُ للعُجوبِ
وَخَرْقٍ كالسّمَاءِ خَرَجْتُ مِنْهُ
بجَرْيِ أقَبَّ يَرْكَعُ في السُّهُوبِ
يجر عنانه في كل يوم
الى الاعداء معقود السبيب
وَخُوصٍ قد سَرَيتُ بهِنّ، حتّى
تَقَوَضَتِ النّجُومُ إلى الغُيُوبِ
وَجُرْدٍ قَد دَفَعتُ بهِنّ، حتّى
وَطِئْنَ عَلى الجَماجِمِ وَالتّرِيبِ
وَيَوْمٍ تُرْعَدُ الرَّبَلاتُ مِنْهُ
كمَا قَطَعَ الرُّبَى عَسَلانُ ذِيبِ
هَتَكْتُ فُرُوجَهُ بِالرّمْحِ لمّا
دَعَوْا باسمي، وَيا لكَ من مُجيبِ
وعند تعانق الاقران يبلى
قِرَاعُ النّبْعِ بالنّبْعِ الصّلِيبِ
اخاؤك يا علي اساغ ريقي
وودك يا علي جلى كروبي
فَيَا عَوْني، إذا عَدَتِ اللّيَالي
عَليّ، وَيا مِجَنّي في الحُرُوبِ
عجبت من الانام وانت منهم
وَمِثْلُكَ في الأنَامِ مِنَ العَجيبِ
عَلَوْتَ عَلَيهِمُ في كُلّ أمْرٍ
بطول الباع والصدر الرحيب(92/21)
وَفُتَّهُمُ مِرَاحاً في سُفُورٍ
بِلا نَزَقٍ وَجَدّاً في قُطُوبِ
خطاب مثل ماء المزن تبرى
مَوَاقِعُهُ العَلِيلَ مِنَ القُلُوبِ
وعزم ان مضيت به جريا
هوى مطر القنا بدم صبيب
وَحِلْمٌ إنْ عَطَفْتَ بهِ مُعِيداً
أطَارَ قَوَادِمَ اليَوْمِ العَصِيبِ
والفاظ كما لعبت شمال
ملاعبها على الروض الخصيب
بطرف لا يخفض من خضوع
وَقَلْبٍ لا يُتَعتعُ من وَجيبِ
تَهَنّ بمِهرَجانِكَ، وَاعْلُ فيهِ
إلى العَلْيَاءِ أعْنَاقَ الخُطُوبِ
وعش صافي الغدير من الرزايا
بهِ خالي الأديمِ مِنَ النُّدُوبِ
لَعَلّي أنْ أهزّكَ في مَرَامٍ
فَأبْلُوَ مِنكَ مُندَلِقَ الغُرُوبِ
وَحَاجٍ في الضّمِيرِ مُعَضَّلاتٍ
سَأُسْلِمُهَا إلى عَزْمٍ طَلُوبِ
لأقضِيَهُنّ، أوْ أقْضِي بهَمّي
غَرِيبَ الوَجْهِ في البَلَدِ الغَرِيبِ
منازعة الى العلياء حتى
أزُرّ عَلى ذَوَائِبِهَا جُيُوبي
فَإمّا نَيْلُ جَانِبِهَا، وَإمّا
لِقَاءُ مُسَنَّدِينَ عَلى الجُنُوبِ
بحث متقدم | عرض لجميع الشعراء | للمساعدة
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وَفَى ذا السّرُورُ بتلْكَ الكُرَبْ
وَفَى ذا السّرُورُ بتلْكَ الكُرَبْ
رقم القصيدة : 9835
-----------------------------------
وَفَى ذا السّرُورُ بتلْكَ الكُرَبْ
وهذا المقام بذاك التعب
قَدِمتَ، فأطرَقَ صَرْفُ الزّمَانِ
عناءً واغضت عيون النوب
وَمِثْلُكَ مَنْ قَذَفَتْهُ الخُطُو
ب في صدر كل خميس لجب
قَرِيبُ المُرَادِ، بَعِيدُ المرَامِ
عظيم العلاء جليل الحسب
ومن قلقل البين اطنابه
ونال اقاصي المنى بالطلب
غَدَتْ تَشتَكيكَ كؤوسُ المُدامِ
ويثنى عليك القنا والقضب
وكنا نصانع فيك الهموم
فصرنا نصانع فيك الطرب
اذا ما الفتى وصل الزائريـ
ن اثنوا عليه نأي أو قرب
وَكَيْفَ يُهَنّيكَ لَفْظُ امرِىء ٍ
يُهَنّي بِقُرْبِكَ أعْلَى الرُّتَبْ
وَكُنّا بذِكرِكَ نَشفي الغَلِيلَ
وما بيننا امد منشعب
إلى أنْ تَهَلّل وَجْهُ الزّمَانِ(92/22)
وَمَنْ بَانَ مِثلُكَ عَنهُ شَحَبْ
رَأيْنَا بِوَجْهِكَ نُورَ اليَقِيـ
ـنِ، حَتّى خَلَعنا ظَلامَ الرّيَبْ
ومازلت تمسح خد الصباح
وَتَرْحَمُ قَلْبَ الظّلامِ الأشِبْ
بمطرورة الصدر خفاقة
تَطِيرُ مَجاذِيفُهَا كَالعَذَبْ
تُعَانِقُكَ الرّيحُ في صَدْرِهَا
وَيَشتَاقُكَ المَاءُ حَتّى يَثِبْ
تَمُرّ بشَخْصِكَ مَرّ الجِيَادِ
وتسري برحلك سير النجب
اذا اطردت بك خلت القصو
ر ترعد بالبعد أو تحتجب
يُسَرّ بِهَا عَاشِقٌ لا يُلَذَّ
ذ بالناي أو نازح يقترب
وقد بلغتك الذي رمته
وَحَقُّ المُبَلِّغِ أنْ يُصْطَحَبْ
أبَا قَاسِمٍ كَانَ هَذا البِعَادُ
الى طرق القرب اقوى سبب
فَمَا كُنْتُ أوّلَ بَدْرٍ أتَى
وَلا كُنْتَ أوّلَ نَجْمٍ غَرَبْ
ألا إنّني حَسْرَة ُ الحَاسِدِينَ
وَمَا حَسْرَة ُ العُجْمِ إلاّ العَرَبْ
فلا لبسوا غير هذا الشعار
ولا رزقوا غير هذا اللقب
منحتك من منطقي تحفة
رأيت بها فرصة تستلب
تُصَفّقُها بالنّشيدِ الرّوَاة ُ
كمَا صَفّقَ المَاءُ بِنْتَ العِنَبْ
وَأنْتَ تُسَاهِمُني في العَلا
ءِ فَخراً، وَتَشرَكُني في النّسَبْ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لأشْكُرَنّكَ مَا نَاحَتْ مُطَوَّقَة ٌ
لأشْكُرَنّكَ مَا نَاحَتْ مُطَوَّقَة ٌ
رقم القصيدة : 9836
-----------------------------------
لأشْكُرَنّكَ مَا نَاحَتْ مُطَوَّقَة ٌ
وان عجزت عن الحق الذي وجبا
فما التفت الى نعماء سابغة
إلاّ رَأيتُكَ فيها الأصْلَ وَالسّبَبَا
اخدمتني نوب الايام طائعة
وَكانَ كلّ الرّضَى أنْ آمَنَ النُّوَبَا
ولا لقيت يداً للدهر جارحة
إذا بَقِيتَ، وَلا ألقَى لهَا السّبَبَا
وَقَدْ أقَمْتَ عِمَادَ البَيْتِ رَاسِخَة ً
على القواعد فامدد بعدها الطنبا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لِغَيْرِ العُلَى مِنّي القِلَى وَالتّجَنّبُ
لِغَيْرِ العُلَى مِنّي القِلَى وَالتّجَنّبُ
رقم القصيدة : 9837
-----------------------------------(92/23)
لِغَيْرِ العُلَى مِنّي القِلَى وَالتّجَنّبُ
ولولا العلى ما كنت في الحب ارغب
إذا اللَّهُ لمْ يَعذُرْكَ فِيمَا تَرُومُهُ
فما الناس الا عاذل أو مؤنب
ملكت بحلمي فرصة ما استرقتها
مِنَ الدّهْرِ مَفتُولُ الذّرَاعَينِ أغلبُ
فإنْ تَكُ سِنّي ما تَطاوَلَ بَاعُهَا
فلي من وراء المجد قلب مدرب
فحسبي اني في الاعادي مبغض
وَأنّي إلى غُرّ المَعَالي مُحَبَّبُ
وللحلم اوقات وللجهل مثلها
وَلَكِنّ أوْقَاتي إلى الحِلْمِ أقْرَبُ
يَصُولُ عَليّ الجَاهِلُونَ، وَأعتَلي
ويعجم فيَّ القائلون واعرب
يَرَوْنَ احتِمَالي غُصّة ً، وَيَزِيدُهمْ
لواعج ضغن انني لست اغضب
وَأُعرِضُ عَنْ كأسِ النّديمِ، كأنّها
وَميضُ غَمامٍ، عائرُ المُزْنِ خُلّبُ
وَقُورٌ، فَلا الألحَانُ تَأسِرُ عَزْمَتي
وَلا تَمكُرُ الصّهبَاءُ بي، حينَ أشرَبُ
ولا اعرف الفحشاء الا بوصفها
ولا انطق العوراء والقلب مغضب
تَحَلّمُ عَنْ كَرّ القَوَارِضِ شِيمتي
كان معيد المدح بالذم مطنب
لساني حصاة يقرع الجهل بالحجى
إذا نَالَ مِنّي العَاضِهُ المُتَوَثّبُ
ولست براض ان تمس عزائمي
فضالات ما يعطى الزمان ويسلب
غَرَائِبُ آدابٍ حَبَاني بِحِفْظِهَا
زماني وصرف الدهر نعم المودب
تُرَيّشُنَا الأيّامُ ثُمّ تَهِيضُنَا
الانعم ذا البادي وبئس المعقب
نَهَيْتُكَ عَنْ طَبعِ اللّئَامِ، فإنّني
ارى البخل يأتي والمكارم تطلب
تعلم فان الجود في الناس فطنة
تناقلها الاحرار والطبع اغلب
تَضَافِرُني فيكَ الصّوَارِمُ وَالقَنَا
وَيَصْحَبُني مِنكَ العُذَيقُ المُرَجَّبُ
نصَحتُ وَبعضُ النّصْحِ في الناس هُجنة ٌ
وَبَعضُ التّناجي بالعِتَابِ تَعَتُّبُ
فان انت لم تعط النصيحة حقها
فرب جموح كلّ عنه المؤنب
سقى الله ارضاً جاور القطر روضها
اذ المزن تسقي والاباطح تشرب
ذكَرْتُ بهَا عَصرَ الشّبابِ، فحسرَة ً
أفَدْتُ وَقد فاتَ الذي كنتُ أطلُبُ
سكنتك والايام بيض كانها
من الطيب في اثوابنا تتقلب(92/24)
ويعجبني منك النسيم اذا هفا
الا كل ما سرَّى عن القلب معجب
وَفي الوَطَنِ المَألُوفِ للنّفْسِ لَذّة ٌ
وان لم ينلنا العز الا التقلب
وبرق رقيق الطرتين لحظته
اذا الجو خوار المصابيح اكهب
فَمَرّ كَمَا مَرّتْ ذوَائِبُ عُشْوَة ٍ
تُقَادُ بِأطْرَافِ الرّمَاحِ وَتُجنَبُ
نظرت والحاظ النجوم كليلة
وهيهات دون البرق شأ ومغرب
فَمَا اللّيْلُ إلاّ فَحْمَة ٌ مُستَشَفّة ٌ
وَمَا البَرْقُ إلاّ جَمْرَة ٌ تَتَلَهّبُ
أمِنْ بَعْدِ أنْ أجلَلْتَها وَرَقَ الدّجى
سراعاً واغصان الازمة تجذب
وَعُدْنَا بِهَا مَمْغُوطَة ً بِنُسُوعِها
كما صافح الارض السراء المعبب
كَأنّ تَرَاجيعَ الحُداة ِ وَرَاءَهَا
صَفِيرٌ تَعاطَاهُ اليَرَاعُ المُثَقَّبُ
وردن بها ماء الظلام سواغباً
وَللّيْلِ جَوٌّ بالدّرَارِيّ مُعْشِبُ
تنفر ذود الطير عن وكراتها
فَكُلٌّ، إذا لاقَيْتَهُ، مُتَغَرِّبُ
وتلتذ رشف الماء رنقاً كأنه
مَعَ العِزّ ثَغْرٌ بَارِدُ الظَّلْمِ أشْنَبُ
اذعنا له سر الكرى من عيوننا
وسر العلى بين الجوانح يحجب
حرام على المجد ابتسامي لقربه
وما هزني فيه العناء المقطب
تَهُرّ ظُنُوني في المَآرِبِ إرْبَة ٌ
ويجنب عزمي في المطالب مطلب
ودهماء من ليل التمام قطعتها
أُغَنّي حِداءً، وَالمَرَاسِيلُ تَطرَبُ
وَلَوْ شِئْتُ غَنّتْني الحَمامُ عَشِيّة ً
ولكنني من ماء عيني اشرب
أقولُ إذا خاضَ السّميرانِ في الدّجى
أحَاديثَ تَبدُو طَالِعَاتٍ وَتَغْرُبُ
الا غنياني بالحديث فانني
رأيت الذ القول ما كان يطرب
غناء اذا خاض المسامع لم يكن
اميناًعلى جلبابه المتجلبب
وَنَشوَانَ مِنْ خمرِ النعاسِ ذَعَرْتُه
وَطَيفُ الكَرَى في العينِ يطفو وَيرْسُبُ
له مقلة يستنزل النوم جفنها
إلَيْهِ كمَا استَرْخى على النّجمِ هيدبُ
سَلكتُ فِجاجَ الأرْضِ غُفلاً وَمَعلماً
تجد بها ايدي المطايا وتلعب
وما شهوتي لوم الرفيق وانما
كما يَلتقي في السّيرِ ظِلفٌ وَمِخلَبُ(92/25)
عَجِبْتُ لغَيرِي كَيفَ سَايَرَ نجمَها
وَسَيرِيَ فيها، يا ابنَة َ القَوْمِ، أعجَبُ
أسِيرُ وَسَرْجي بالنّجَادِ مُقَلَّدٌ
وَأثْوِي وَبَيْتي بالعَوَالي مُطَنَّبُ
وَمَصْقُولَة ِ الأعطافِ في جَنَباتِهَا
مراح لاطراف العوالي وملعب
تجر على متن الطريق عجاجة
يطارحها قرن من الشمس اعضب
نهار بلألاء السيوف مفضض
وَجَوٌّ بحَمْرَاءِ الأنَابِيبِ مُذْهَبُ
ترى اليوم محمر الخوافي كانما
عَلى الجَوّ غَرْبٌ مِنْ دَمٍ يَتَصَبّبُ
صدمنا بها الاعداء والليل ضارب
بارواقه جون الملاطين اخطب
أخَذْنَا عَلَيْهِمْ بالصّوَارِمِ وَالقَنَا
وَرَاعي نُجُومِ اللّيلِ حَيرَانُ مُغرِبُ
فلو كان امراً ثابتاً عقلوا له
وَلَكِنّهُ الأمْرُ الذي لا يُجَرَّبُ
يُرَاعُونَ إسْفَارَ الصّبَاحِ، وَإنّمَا
وراء لثام الليل يوم عصبصب
وكل ثقيل الصدر من جلب القنا
خفيف الشوى والموت عجلان مقرب
يجم اذا ما استرعف الكر جهده
كمَا جَمّتِ الغُدرَانُ وَالمَاءُ يَنضُبُ
وما الخيل الا كالقداح نجيلها
لغُنمٍ، فَإمّا فَائِزٌ أوْ مُخَيَّبُ
دعوا شرف الاحساب يا آل ظالم
فلا الماء مورود ولا الترب طيب
لَئِنْ كُنْتُمُ في آلِ فِهْرٍ كَوَاكِباً
إذا غاضَ منها كوْكَبٌ فاضَ كوكبُ
فنعتي كنعت البدر ينسب بينكم
جَهاراً، وَمَا كلّ الكَوَاكِبِ تُنسَبُ
صحبتم خضاب الزاعبيات ناصلاً
ومن علق الاقران ما لا يخضب
أُهَذِّبُ في مَدْحِ اللّئَامِ خوَاطِرِي
فاصدق في حسن المعاني واكذب
وَمَا المَدْحُ إلاّ في النّبيّ وَآلِهِ
يرام وبعض القول ما يتجنب
وَأوْلى بِمَدْحي مَنْ أعِزُّ بفَخْرِهِ
وَلا يَشْكُرُ النّعمَاءَ إلاّ المُهَذَّبُ
ارى الشعر فيهم باقياً وكانما
تُحَلِّقُ بالأشْعارِ عَنقَاءُ مُغرِبُ
وقالوا عجيب عجب مثلي بنفسه
واين على الايام مثل ابي اب
لعمرك ما اعجبت الا بمدحهم
وَيُحْسَبُ أنّي بالقَصَائِدِ مُعجَبُ
اعد لفخري في المقام محمدا
وَأدْعُو عَلِيّاً للعُلَى حينَ أرْكَبُ(92/26)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> المَجدُ يَعلَمُ أنّ المَجدَ مِنْ أرَبي
المَجدُ يَعلَمُ أنّ المَجدَ مِنْ أرَبي
رقم القصيدة : 9838
-----------------------------------
المَجدُ يَعلَمُ أنّ المَجدَ مِنْ أرَبي
وَلَوْ تَمادَيتُ في غَيٍّ وَفي لَعِبِ
إنّي لَمِنْ مُعشَرٍ إنْ جُمّعُوا لعُلًى
تفرقوا عن نبي أو وصي نبي
اذا هممت ففتش عن شبا هممي
تَجِدْهُ في مُهَجاتِ الأنْجُمِ الشُّهُبِ
وان عزمت فعزمي يستحيل قذى
تدمى مسالكه في اعين النوب
ومعرك صافحت ايدي الحمام به
طلى الرجال على الخرصان من كثب
حَلّتْ حُبَاهَا المَنَايَا في كَتَائِبِهِ
بالضّرْبِ فاجتَثّتِ الأجسادَ بالقُضُبِ
تلاقت البيض في الاحشاء فاعتنقت
والسمهري من الماذيّ واليلب
بكَتْ على الأرْضِ دَمعاً مِنْ دِمائِهمُ
فاستعربت من ثغور النور والعشب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> الا لله بادرة الطلاب
الا لله بادرة الطلاب
رقم القصيدة : 9839
-----------------------------------
الا لله بادرة الطلاب
وعزم لا يروع بالعتاب
وكل مشمر البردين يهوي
هُوِيَّ المُصْلَتَاتِ إلى الرّقَابِ
اعاتبه على بعد التنائي
ويعذلني على قرب الاياب
رَأيْتُ العَجْزَ يَخْضَعُ للّيَالي
ويرضى عن نوائبها الغضاب
ولولا صولة الايام دوني
هَجَمتُ على العُلى من كلّ بابِ
ومن شيم الفتى العربي فينا
وصال البيض والخيل العراب
لَهُ كِذْبُ الوَعيدِ مِنَ الأعادي
ومن عاداته صدق الضراب
سأدرع الصوارم والعوالي
وما عريت من خلع الشباب
واشتمل الدجى والركب يمضي
مضاء السيف شذ عن القراب
وَكَمْ لَيلٍ عَبَأتُ لَهُ المَطَايَا
ونار الحي حائرة الشهاب
لقيت الارض شاحبة المحيا
تلاعب بالضراغم والذئاب
فزعت الى الشحوب وكنت طلقا
كما فزع المشيب الى الخضاب
ولم نرَ مثل مبيض النواحي
تعذبه بمسود الاهاب
أبِيتُ مُضَاجِعاً أمَلي، وَإنّي
ارى الامال اشقى للركاب
اذا ما اليأس خيبنا رجونا(92/27)
فَشَجّعَنَا الرّجَاءُ عَلى الطِّلابِ
أقُولُ إذا استَطَارَ مِنَ السّوَارِي
زَفُونُ القَطْرِ رَقّاصُ الحَبَابِ
كَأنّ الجَوّ غَصّ بهِ، فَأوْمَى
لِيَقذِفَهُ عَلى قِمَمِ الشّعَابِ
جَدِيرٌ أنْ تُصَافِحَهُ الفَيَافي
وَيَسحَب فَوْقَها عَذَبَ الرَّبَابِ
إذا هَتَمَ التّلاعَ رَأيْتَ مِنْهُ
رضاباً في ثنيات الهضاب
سقى الله المدينة من محل
لُبَابَ المَاءِ وَالنُّطَفِ العِذابِ
وَجَادَ عَلى البَقيعِ وَسَاكِنيهِ
رَخِيُّ الذّيْلِ مَلآنُ الوِطَابِ
واعلام الغري وما استباحت
معالمها من الحسب اللباب
وَقَبْراً بالطُّفُوفِ يَضُمّ شِلْواً
قضى ظمأ الى برد الشراب
وَسَامَراً، وَبَغداداً، وَطُوساً
هَطُولَ الوَدْقِ مُنخَرِقَ العُبابِ
قُبُورٌ تَنطُفُ العَبَرَاتُ فِيها
كما نطف الصبير على الروابي
فَلَوْ بَخِلَ السّحَابُ عَلى ثَرَاهَا
لَذابَتْ فَوْقَها قِطَعُ السّرَابِ
سقاك فكم ظمئت اليك شوقاً
على عدواء داري واقترابي
تجافي يا جنوب الريح عني
وَصُوني فَضْلَ بُرْدِكِ عن جَنابي
وَلا تَسري إليّ مَعَ اللّيَالي
وما استحقبت من ذاك التراب
قَليلٌ أنْ تُقَادَ لَهُ الغَوَادي
وتنحر فيه اعناق السحاب
اما شرق التراب بساكنيه
فيلفظهم الى النعم الرغاب
فكَمْ غدتِ الضّغائنُ وَهيَ سكرَى
تُديرُ عَلَيهِمُ كَأسَ المُصَابِ
صَلاة ُ اللَّهِ تَخفُقُ كُلّ يَوْمٍ
عَلى تِلْكَ المَعالِمِ وَالقِبَابِ
وَإنّي لا أزَالُ أكُرّ عَزْمي
وَإنْ قَلّتْ مُسَاعَدَة ُ الصّحَابِ
وَأخْتَرِقُ الرّيَاحَ إلى نَسِيمٍ
تَطَلّعَ مِنْ تُرَابِ أبي تُرَابِ
بودي ان تطاوعني الليالي
وينشب في المنى ظفري ونابي
فأرْمي العِيسَ نَحوَكُمُ سِهَاماً
تَغَلْغَلُ بَينَ أحْشَاءِ الرّوَابي
ترامي باللغام على طلاها
كمَا انْحَدَرَ الغُثَاءُ عَنِ العُقابِ
وَأجنُبُ بَينَها خُرْقَ المَذاكي
فأملي باللُّغَامِ عَلى اللُّغَابِ
لَعَلّي أنْ أبُلّ بِكُمْ غَليلاً
تغلغل بين قلبي والحجاب(92/28)
فما لقياكم الا دليل
على كنز الغنيمة والثواب
وَلي قَبْرَانِ بالزّوْرَاءِ أشْفي
بقربهما نزاعي واكتئابي
أقُودُ إلَيهِمَا نَفْسِي وَأُهْدِي
سَلاماً لا يَحِيدُ عَنِ الجَوَابِ
لِقَاؤهُمَا يُطَهّرُ مِنْ جَناني
ويدرأ عن ردائي كل عاب
قَسِيمُ النّارِ جَدّي يَوْمَ يُلْقَى
بهِ بَابُ النّجَاة ِ مِنَ العَذابِ
وساقي الخلق والمهجات حرى
وَفاتِحَة ُ الصّرَاطِ إلى الحِسَابِ
وَمَنْ سَمَحَتْ بخَاتَمِهِ يَمِينٌ
تَضَنُّ بكُلّ عَالِيَة ِ الكِعَابِ
اما في باب خيبر معجزات
تُصَدَّقُ، أوْ مُنَاجَاة ُ الحِبَابِ
أرَادَتْ كَيْدَهُ، وَاللَّهُ يَأبَى
فَجَاءَ النّصْرُ مِنْ قِبَلِ الغُرَابِ
أهَذا البَدْرُ يُكْسَفُ بالدياجي
وهذي الشمس تطمس بالضباب
وكان اذا استطال عليه جان
يَرَى تَرْكَ العِقَابِ منَ العِقَابِ
ارى شعبان يذكرني اشتياقي
فَمَنْ لي أنْ يُذَكّرَكُمْ ثَوَابي
بكم في الشعر فخري لا بشعري
وَعَنكُمْ طَالَ بَاعي في الخِطابِ
أُجَلّ عَنِ القَبَائِحِ غَيرَ أنّي
لَكُمْ أرْمي وَأُرْمَى بالسِّبَابِ
فاجهر بالولاء ولا اوري
وَأنْطِقُ بالبَرَاءِ، وَلا أُحابي
ومَنْ أوْلَى بِكُمْ مِنّي وَلِيّاً
وفي ايديكم طرف انتسابي
مُحِبُّكُمُ وَلَوْ بُغِضَتْ حياتي
وزائركم ولو عقرت ركابي
تباعد بيننا غيرُ الليالي
وَمَرْجِعُنَا إلى النّسَبِ القَرَابِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> إنّا نَعِيبُ، وَلا نُعَابُ
إنّا نَعِيبُ، وَلا نُعَابُ
رقم القصيدة : 9840
-----------------------------------
إنّا نَعِيبُ، وَلا نُعَابُ
ونصيب منك ولا نصاب
آل النبي ومن تقلب
في حجورهم الكتاب
خلقت لهم سمر القنا
والبيض والخيل العراب
فَاقْني حَيَاءَك، إنَّـ
ـمَا الأيّامُ غُنْمٌ، أوْ نِهَابُ
مَنْ لَذّ وِرْدَ المَوْتِ لا
يصفو له ابداً شراب
وتطر في حيث السما
ح الغمر والحسب اللباب
في حَيْثُ للرّاجي الثّوَا
ب ندى وللجاني العقاب
قَوْمٌ، إذا غَمَزَ الزّمَا(92/29)
ن قنيهم كرموا وطابوا
واذا دعوا والخيل في الاجـ
ـفَالِ، ثَابُوا، أوْ أجَابُوا
أبَني عَدِيٍّ! إنّمَا
سَالَتْ بخَيْلِكُمُ الشّعَابُ
وَشَرُفْتُمُ بالطّعْنِ، وَالدّنْـ
ضرام أو ضراب
مَا كُنْتُمُ إلاّ البُحُو
رَ تَوَالَغَتْ فِيهَا الذّئَابُ
و قرعتم بالبيض حتـ
ـتَّى ضَاعَ في اللِّمَمِ الشّبَابُ
و اليوم تستل السيو
فُ بِهِ وَتَنْسَلّ الرّقَابُ
كتمت دمائكم الظبا
كالشَّيبِ يَكْتُمُهُ الخِضَابُ
فتنازعوا شمط الظ
م فخلفه الاسد الغضاب
و تعلموا أن الصبا
حَ ضُبَارِمٌ، وَاللّيلَ غَابُ
لا صلح حتى تطمئن
إلى مناسمها الركاب
وَيَعُودَ وَجْهُ الشّمْسِ لا
نَقْعٌ عَلَيْهِ، وَلا ضَبَابُ
حتى تشبت بالظبا الا
ـمَادُ، وَالجُرْدُ الرّحَابُ
و تمد أطناب البيو
تِ، وَتُضْمِرَ القَوْمَ القِبَابُ
وَتَرَدَّفُ الأدْرَاعُ مُشْـ
ـرَجَة ً، عَلَيْهِنّ العِيَابُ
و ترى الربا والروض ينشـ
ـشَرُ مِنْ مَطارِفِهَا السّحَابُ
مَا كَانَ فَضّضَهُ فَضِيـ
الطل اذهبه الذهاب
كَانَتْ نُجُومُ اللّيْلِ يَكْـ
مها من النقع الغياب
فالان اصحر في السما
ء البدر وانكشف النقاب
وَعَلَتْ إلى أوْكَارِهَا العِقْـ
ان وانحط العقاب
عُودُوا إلى ذاكَ الغَدِيـ
ير وقلّ ما غدر الرباب
وتغنموا تلك المنا
زل وهي آمنة رغاب
وَتَدارَكُوا ذَوْدَ المَسَا
رح وهي بينكم سقاب
وَكَأنّ أيّامَ الهَوَى
فيكُمْ نَشَاوَى أوْ طِرَابُ
مُتَمَنْطِقَاتٌ بِالحُليّ
وَفي قَلائِدِهَا المَلابُ
إنّي عَلى لِينِ النّقِيـ
ـبَة ِ لا أُعَابُ وَلا أُحَابُ
مَا شُدّ لي يَوْماً عَلى
ذل ولا طمع حقاب
من لي بغرة صاحب
لا يستطيل عليه عاب
مَا حَارَبَ الأيّامَ إ
لاّ كَانَ لي وَلَهُ الغِلابُ
وَلِكُلّ قَوْلٍ سَامِعٌ
وَلِكُلّ داعِيَة ٍ جَوَابُ
هَيْهَاتَ أطْلُبُ مَا يَطُو
ل به بعاد واقتراب
قَلّ الصّحَابُ، فَإنْ ظَفِرْ
ت بنعمة كثر الصحاب
من لي به سمحا اذا
صَفِرَتْ مِنَ القَوْمِ الوِطَابُ(92/30)
غيران دون الجار لا
يَطْوِي عَزَايِمَهُ الحِجَابُ
يستعذب المومات منز
لة وان بعد الاياب
رقت حواشي بيته
مِمّا يُلاطِمُهَا السّرَابُ
لا يستقل برحله
إلاّ الذّوَائِبُ وَالهِضَابُ
تهفو بكفيه الصوا
رم أو تسيل بها الكعاب
جذلان يلتقط النسيم
ـمَ، إذا تَسَاقَطَتِ الثّيَابُ
يُمَى إلَيْهِ الشِّيحُ، وَالْـ
حَوْذانُ وَالإبِلُ الجِرَابُ
وكان غرته وراء لـ
ثام ليلته شهاب
من لي به يا دهر والا
يّامُ كَالِحَة ٌ غِضَابُ
إنّ الصّدِيقَ مُشَيَّعٌ
ان جل خطب أو خطاب
ويجود عنك بنفسه
وَالحَرْبُ تَقْرَعُهَا الحِرَابُ
وَأخٍ حُرِمْتُ الوِدّ مِنْـ
ـهُ، وَبَيْنَنَا نَسَبُ قَرَابُ
نازعته ثدي الرضاع
وَمَا يَلَذّ لَنَا الشّرَابُ
يَا سَعْدُ! أعْظَمُ مِحْنَة ً
من لا يروعه العتاب
يَجْني عَلى جِيرَانِهِ
حَتّى يُعَاقِبَهُ السِّبَابُ
حسبي من الايام ان
ابقى ويسعدني الطلاب
مجلة الساخر حديث المطابع مركز الصور منتديات الساخر
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> دَوَامُ الهَوَى في ضَمانِ الشّبَابِ
دَوَامُ الهَوَى في ضَمانِ الشّبَابِ
رقم القصيدة : 9841
-----------------------------------
دَوَامُ الهَوَى في ضَمانِ الشّبَابِ
وما الحب الا زمان التصابي
احين فشا الشيب في شعره
وَكَتّمَ أوْضَاحَهُ بالخِضَابِ
تروعين اوقاته بالصدود
وَتَرْمِينَ أيّامَهُ بِالسِّبَابِ
تخطى المشيب الى راسه
وقد كان اعلى قباب الشباب
كَذاكَ الرّيَاحُ إذا استَلأمَتْ
تَقَصّفَ أعْلى الغُصُونِ الرّطَابِ
مشيب كما استل صدر الحسا
مِ، لمْ يَرُوَ مِنْ لبثِهِ في القِرَابِ
نضى فاستباح حمى الملهيات
وَرَاعَ الغَوَاني بِظِفْرٍ وَنَابِ
وَألوَى بِجِدّة ِ أيّامِهِ
فَأصْبَحَ مَقْذًى لعَينِ الكَعَابِ
تُسَتِّرُ مِنْهُ مَجَالَ السّوَارِ
إذا مَا بَدَا وَمَنَاطَ النّقَابِ
وَكَانَ، إذا شَرَدَتْ نِيّة ٌ
يرد رقاب الخطوب الغضاب
وَكُنْتُ أُرَقْرِقُ مَاءَ الوِصَالِ(92/31)
وَبَحْرُ الشّبيبَة ِ طاغي العُبَابِ
وَكَأسِي مُعَوِّدَة ٌ بِالسّمَاعِ
تركض بين القلوب الطراب
اذا نصفت فهي في مئزر
وتبرز ان اترعت في نقاب
سمائي مذهبة بالبروق
وَأرْضِي مُفَضَّضَة ٌ بالحَبَابِ
وروضي مطارفه غضة
تطرز اطرافها بالذهاب
وَلَيْلٌ تَرَى الفَجْرَ في عِطْفِهِ
كما شاب بعض جناح الغراب
يَغارُ الظّلامُ عَلى شَمْسِهِ
إلى أنْ يُوَارِيَهَا بالحِجَابِ
وتصقل انجمه العاصفات
اذا صديت من غمود السحاب
وبرق ينفض اطرافه
كَمَا رَمحَتْ بُلْقُ خَيلٍ عِرَابِ
وماء يضارع خيط السقاء
وَيُرْمَى بهِ في وُجوهِ الشّعابِ
تُزَعْزِعُ رِيحُ الصَّبَا مَتْنَهُ
كَمَا لَطَمَ المَزْجُ خَدَّ الشّرَابِ
وذود يغادر وجه الصعيد مـ
ـنْ حِلّة ِ العُشْبِ عارِي الإهَابِ
فَما تَطْلُبُ البِيدُ مِنْ ساهمٍ
يُثِيرُ عَلَيْهَا رِقَابَ الرّكَابِ
يساعدها في احتمال الصدى
ويشركها في ورود السراب
يُذَكّرُهُ أخْذَ أوْتَارِهِ
صَهِيلُ السّوَابِقِ حَوْلَ القِبابِ
دفعن بخضخضة للمزاد
نجاء وخشخشة للعياب
لَبلّ أنَابيبَهُ بِالطّعَانِ
وَأنْحَلَ أسْيَافَهُ بالضّرَابِ
يبيت وثوب الدجى شاحب
طَمُوحَ المَعالِمِ سامي الشّهَابِ
وَمَ كُنتُ أجرِي إلى غَايَة ٍ
فاسألها أين وجه الاياب
اذا استنهضت هممي عزمة
عصفت بايدي المطي العراب
تحريت اعجازها بالسياط
فخاضت صدور الامور الصعاب
فَكَمْ قائِفٍ قَدْ هَدَتْ لحظَهُ
بُدُورٌ مَناسِمُهَا في التّرَابِ
إذا مَاتَ في وَخْدِهِنّ المَدَى
لطمن خدود الربى والرحاب
فداؤك نفسي يا من له
من القلب ربع منيع الجناب
فلولاك ما عاق قلبي الهوى
وَعَزّ عَلى كُلّ شَوْقٍ طِلابي
إذا مَا صَدَدْتَ دَعَاني الهَوَى
فملت الى خدعات العتاب
فَيا جُنّتي إنْ رَمَاني الزّمَانُ
ويا صاحبي ان جفاني صحابي
دَفَعْتُ بِكَفّي زِمَامي إلَيْكَ
وقد كنت ابطى على من حدابي
فَلا تَحْسَبَنّي ذَلِيلَ القِيَادِ
فَإنّي أبيّ عَلى كُلّ آبي(92/32)
وَسَاعٍ إلى الوُدّ شَبّهْتُهُ
وَيَرْتَعُ مَعْ أهْلِهِ في جَنَابِ
يُؤمِّنُ سَطْوَة َ لَيْثِ العَرِينِ
وَمَضْجَعُهُ بَينَ غِيلٍ وَغَابِ
حمته مذلته سطوتي
وكيف ينال ذباباً ذبابي
وملتثم قال لي لثمه
عَذابُ الهَوَى في الثّنَايا العِذابِ
نعاقر بالضم كاس العناق
وَنَسْفِكُ بِاللّثْمِ خَمْرَ الرُّضَابِ
عِنَاقٌ كَمَا ارْتَجّ مَاءُ الغَديرِ
وَلَثْمٌ كَمَا اسْتَنّ وَلْغُ الذّئَابِ
غَدَوْنَا عَلى صَهَوَاتِ الخُطُوبِ
جوادي رهان وسيفي قراب
صَقِيلَيْنِ تَسْتَلُّنَا النّائِبَاتُ
فَتُثْلَمُ فيهنّ، وَالدّهرُ نَابِ
وغصنين يلعب فينا النسيم
وتنطف عنا نطاف الرباب
ونجمين يقصر عن نيلنا
مِنَ الطّالعاتِ الذُّرَى وَالرّوَابي
وَكُنّا، إذا مَسّنَا حَادِثٌ
نقلم بالصبر ظفر المصاب
اليك تخطت فروج القلوب
بِكْرٌ من الآنِسَاتِ العِرَابِ
أُشَبّبُ فيها بِذِكْرِ المَشِيبِ
وما استيأست لمتي من شبابي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أغَدْراً يا زَمَانُ وَيا شَبَابُ
أغَدْراً يا زَمَانُ وَيا شَبَابُ
رقم القصيدة : 9842
-----------------------------------
أغَدْراً يا زَمَانُ وَيا شَبَابُ
اصاب بذا لقد عظم المصاب
وما جزعي لان غرب التصابي
وَحَلّقَ عَنْ مَفَارِقيَ الغُرَابُ
فَقَبْلَ الشّيْبِ أسْلَفْتُ الغَوَاني
قلى ً وامالني عنها اجتناب
عفَفتُ عنِ الحِسانِ، فلَم يرُعني
المشيب ولم ينزقني الشباب
تجاذبني يد الايام نفسي
ويوشك ان يكون لها الغلاب
وَتَغدُرُ بي الأقارِبُ وَالأداني
فلا عجب اذا غدر الصحاب
نهضت وقد قعدن بي الليالي
فلا خيل أعنَّ ولا ركاب
وما ذنبي اذا اتفقت خطوب
مُغَالِبَة ٌ، وَأيّامٌ غِضَابُ
وَآمُلُ أنْ تَقي الأيّامُ نَفْسِي
وَفي جَنْبي لهَا ظِفْرٌ وَنَابُ
فما لي والمقام على رجال
دَعَتْ بهمُ المَطامعُ، فاستَجابُوا
وَلمْ أرَ كالرّجَاءِ اليَوْمَ شَيْئاً
تذل له الجماجم والرقاب
وَكَانَ الغَبْنُ لَوْ ذَلّوا وَنَالُوا(92/33)
فكَيْفَ إذاً وَقَدْ ذَلّوا وَخَابُوا
يُرِيدُونَ الغِنَى ، وَالفَقْرُ خَيْرٌ
اذا ما الذل اعقبه الطلاب
وَبَعْضُ العُدْمِ مَأثَرَة ٌ وَفَخْرٌ
وَبَعضُ المَالِ مَنقَصَة ٌ وَعَابُ
بناني والعنان اذا نبت بي
رُبَى أرْضٍ وَرَحْلي وَالرّكَابُ
وَسَابِغَة ٌ كَأنّ السّرْدَ فيهَا
زلال الماء لمعه الحباب
من اللآئي يماط العيب عنها
إذا نُثِلَتْ لَدَى الرّوْعِ العِيابُ
اذا ادرعت تجنبت المواضي
معاجمها وقهقهت الكعاب
وَمُشْرِفَة ُ القَذالِ تَمُرّ رَهْواً
كمَا عَسَلَتْ على القاعِ الذّئَابُ
مجلية تشق بها يداها
كمَا جَلّى لِغَايَتِهِ العُقَابُ
وَمَرْقَبَة ٍ رَبَأتُ عَلى ذُرَاهَا
وَللّيْلِ انْجِفَالٌ وَانْجِيَابُ
بقرب النجم عالية الهوادي
يبيت على مناكبها السحاب
إلى أن لوح الصبح انفتاقا
كمَا جُلّي عَنِ العَضْبِ القِرَابُ
و قد عرفت توقلي المعالي
كمَا عَرَفَتْ تَوَقُّليَ العِقَابُ
وَنَقْبِ ثَنِيّة ٍ سَدّدْتُ فيهَا
أصَمَّ كَأنّ لَهْذَمَهُ شِهَابُ
لأِمْنَعَ جَانِباً وَأُفيدَ عِزّاً
وَعِزُّ المَرْءِ مَا عَزَّ الجَنَابُ
إذا هول دعاك فلا تهبه
فلم يبق الذين ابوا وهابوا
كُلَيْبٌ عاقَصَتْهُ يَدٌ، وَأوْدَى
عُتَيْبَة ُ يَوْمَ أقْعَصَهُ ذُؤابُ
سواء من اقل الترب منا
و من وارى معالمه التراب
وَإنّ مُزَايِلَ العَيْشِ اختِصَاراً
مُسَاوٍ للّذينَ بَقُوا، فَشابُوا
فاولنا العناء اذا طلعنا
إلى الدّنْيَا، وَآخرُنَا الذَّهَابُ
إلى كَمْ ذا التّرَدّدُ في الأمَاني
وَكَمْ يُلْوِي بنَاظِرِيَ السّرَابُ
و لا نقع يثار ولا قتام
و لا طعن يشب ولا ضراب
و لا خيل معقدة النواصي
يَمُوجُ عَلى شَكَائِمِهَا اللُّعَابُ
عليها كل ملتهب الحواشي
يُصِيبُ مِن العَدُوّ وَلا يُصَابُ
أمَامَ مُجَلْجِلٍ كاللّيْلِ تَهوِي
أوَاخِرَهُ، الجَمَايلُ وَالقِبَابُ
وَأينَ يَحِيدُ عَنْ مُضَرٍ عَدُوّ
اذا زخرت وعب لها العباب
وَقدْ زَأدَتْ ضَرَاغِمُها الضّوَارِي(92/34)
و قد هدرت مصاعبها الصعاب
هنالك لا قريب يرد عنا
و لا نسب نيط بنا قراب
سأخطبها بحد السيف فعلاً
إذا لمْ يُغْنِ قَوْلٌ، أوْ خِطَابُ
وآخُذُهَا، وَإنْ رُغِمَتْ أُنُوفٌ
مُغالَبَة ً، وَإنْ ذَلّتْ رِقَابُ
و إن مقام مثلي في الأعادي
مُقَامُ البَدْرِ تَنْبَحُهُ الكِلابُ
رَمَوْني بِالعُيُوبِ مُلَفَّقَاتٍ
و قد علموا بأني لا أعاب
و أني لا تدنسني المخازي
و أني لا يروعني السباب
وَلَمّا لَمْ يُلاقُوا فيّ عَيْباً
كسوني من عيوبهم وعابوا
أرسل قصيدة | أخبر صديقك | راسلنا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> اثرها على ما بها من لغب
اثرها على ما بها من لغب
رقم القصيدة : 9843
-----------------------------------
اثرها على ما بها من لغب
يُقَلْقِلُ أغرَاضَهَا وَالحَقَبْ
ولا ترقب اليوم ميط الاذى
عن اخفافها واندماء الجلب
إلى أنْ تُعَجْعِجَهَا كَالحَنيّ
تَجْتَرّ بِالدّمِ لا بالعُشُبْ
عَلَيها أخامِصُ مِثلُ الصّقُورِ
طوال الرجاء جسام الارب
وَكُلُّ فَتًى حَظُّ أجْفَانِهِ
مِنَ الضّيْمِ مَضْمَضَة ٌ تُستَلَبْ
فَبَيْنَا يُقَالُ كَرَى جَفْنُهُ
بقِطْعٍ مِنَ اللّيلِ إذْ قيلَ: هَبّ
اذا وقعوا بعد طول الكلال
لمْ يَغمزُوا قَدَماً مِنْ تَعَبْ
ولما يعافوا على عزهم
تَوَسُّدَ أعضَادهَا وَالرّكَبْ
وَعَرّجْ عَلى الغُرّ مِنْ هَاشِمٍ
فأهْدِ السّلامَ لَهُمْ مِنْ كَثَبْ
وقل لبني عمنا الواجدين
بني عَمّنا، بعضَ هذا الغضَبْ
اما آن للراقد المستمر
في ظُلَمِ الغَيّ أنْ يَسْتَهِبّ
سَرَحتُمْ سَفاهَتَكُمْ في العُقوق
وَلمْ تَحْفِلُوا الحِلْمَ لمّا غَرَبْ
ولما ارنتم اران الجموح
وماج بكم حبلكم واضطرب
أقَمْنَا أنَابيبَكُمْ بالثِّقَافِ
وَداوَى الهِنَاءُ مِطَالَ الجَرَبْ
وَيَا رُبّمَا عَادَ سُوءُ العِقَابِ
عَلى المُذْنِبِينَ بِحُسْنِ الأدَبْ
مضيض من الداء ان يستطب
أطَالَ وَأعْرَضَ مَا بَيْنَنَا
مُبِيرَ الحَيَاءِ مُثِيرَ الرّيَبْ(92/35)
افي كل يوم لرق الهوان
صبيبة انفسكم تنسكب
إذا قَادَكُمْ مثلَ قَوْدِ الذّلُولِ
نفرنا نفور البعير الازب
وفي كل يوم الى داركم
مَزَاحِفُ مِنْ فَيْلَقٍ ذي لجَبْ
بوهوهة الخيل تحت الرماح
مكرهة ورغاء النجب
سِيَاطُ الجِيَادِ بِهِ إنْ وَنَينَ
وَزَجْرُ الرّحَالِ بِهَالٍ وَهَبْ
وَتَلْقَوْنَهَا كَقِداحِ السَّرَا
ءِ، قُوداً تَجُرّ العَوَالي وَقُبّ
كان حوافزها والصخور
إذا مَا ذَرَعْنَ الدّجَى في صَخَبْ
تسد على البيد خرق الشمال
بِما نَسَجَتْ من سَحيلِ التُّرَبْ
وطئن النجيع بارساغهن
مِمّا انْتَعَلْنَ الرُّبَى وَالذَّأبْ
وَكَمْ قَرَعَ الدّوَّ مِنْ حَافِرٍ
يخال على الارض قعبا يكب
تُهَزّ السّيُوفُ لأِعْنَاقِكُمْ
فَتَأبَى مَضَارِبَ تِلْكَ القُضُبْ
وتسفر احسابنا بيننا
فنلقي طوائلنا أو نهب
يناشدنا الله في حربكم
عُرَيْقٌ لَكُمْ في أبِينَا ضَرَبْ
وَمَا أحْدَثَ الدّهْرُ مِنْ نَبْوَة ٍ
وَقَطّعَ مَا بَيْنَنَا مِنْ سَبَبْ
فَإنّ النّفُوسَ إلَيْكُمْ تُشَاقُ
وَإنّ القُلُوبَ عَلَيكُمْ تَجِبْ
وَإنّا نَرَى لجِوَارِ الدّيَارِ
حقوقاً فكيف جوار النسب
تماسس ارحامنا والذمام
مُ مِنْ دونِ ذاكَ عَلَينا يَجِبْ
فان نرع شركة احسابنا
جَميعاً، فَذلِكَ دِينُ العَرَبْ
اذا لبست بقواها قوى
وَإنْ طُنُبٌ مَسّ مِنها طُنُبْ
أرَاحَ بَني عَامِرٍ ذُلُّهُمْ
وعرضنا عزنا للتعب
وفرنا عليهم طريق البقاء
وَخَلّوْا لَنَا عَنْ طَرِيقِ العَطَبْ
فقد اصبحوا في ذمام الخمول
لا تدريهم مرامي النوب
أبَى النّاسُ إلاّ ذَمِيم النّفَاقِ
إذا جَرّبُوا، أوْ قَبيحَ الكَذِبْ
كلاب تبصبص خوف الهوان
وَتَنْبَحُ بَينَ يَدَيْ مَنْ غَلَبْ
اذم لوجهي على ما به
ولا يعدل الذل عندي النشب
ومن وجد الرزق عند السيوف
فَلَمْ يَتَحَمّلْ لذلّ الطّلَبْ
وان منازل هذا الزمان
لانبائه نوب أو عقب
لِذَلِكَ يَرْكَبُ مَنْ قَدْ سَعَى
طويلا ويرحل من قد ركب
انا ابن الاناجب من هاشم(92/36)
اذا لم يكن نجب من نجب
تُلاثُ بُرُودُهُمُ بِالرّمَاحِ
وَتُلْوَى عَمائِمُهُمْ بالشُّهُبْ
عتاق الوجوه وعتق الجياد
في الضمر تعرفه والقبب
يَشِفّ الوَضَاءُ خِلالَ الشّحُو
بِ مِنها، وَخَلْفَ الدّخَانِ اللّهَبْ
وَقَارٌ يُهَابُ، وَنَادٍ يُنَابُ
وحلم يراح وراي يغب
اذا استبق القوم طرق النجاء
وذم الجبان قعود الهرب
رَأيتَهُمُ في ظِلالِ القَنَا
وقد ضاق للكرب عقد اللبب
قد امتنعوا بحصون الدروع
عِ، وَاستَعصَمُوا بِقِبَابِ اليَلَبْ
أُولَئِكَ قَوْمي لَمْ يُغْمَزُوا
بهجنة امٍ ولا لؤم اب
وَمَنْ قالَ: إنّ جَميعَ الفَخَارِ
لِغَيْرِ ذَوَائِبِ قَوْمي كَذَبْ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> هل الطرف يعطي نظرة من حبيبه
هل الطرف يعطي نظرة من حبيبه
رقم القصيدة : 9844
-----------------------------------
هل الطرف يعطي نظرة من حبيبه
ام القلب يلقى راحة من وجيبه
وهل لليالي عطفة بعد نفرة
تعود فتلهى ناظراًعن غروبه
ولله ايام عفون كما عفى
ذوائب مياس العرار رطيبه
احن الى نور الربى في بطاحه
وَأظْمَا إلى رَيّا اللّوَى في هُبُوبِهِ
وَذاكَ الحِمَى يَغدُو عَليلاً نَسِيمُهُ
ويمسي صحيحاً ماؤه في قليبه
حببت لقلبي ظله في هجيره
إذا ما دجا أوْ شَمسَهُ في ضرِيبِهِ
وَعَهْدي بذاكَ الظّبيِ إبّانَ زُرْتُهُ
رَعَاني، وَلمْ يَحْفِلْ بعَينَيْ رَقيبِهِ
وَحَكّمَ ثَغْرِي في إنَاءِ رُضَابِهِ
وَأدْنَى جَوَادي مِنْ إنَاءِ حَلِيبِهِ
هو الشوق مدلولاً على مقتل الفتى
اذا لم يعد قلباً بلقيا حبيبه
تُعَيِّرُني تَلْوِيحَ وَجْهي، وَإنّمَا
غَضَارَتُهُ مَدْفُونَة ٌ في شُحُوبِهِ
فَرُبّ شَقَاءٍ قَدْ نَعِمْنَا بِمُرّهِ
ورب نعيم قد شقينا بطيبه
وَلَوْلا بَوَاقي نَائِبَاتٍ مِنَ الرّدَى
غفرت لهذا الدهر ماضي ذنوبه
واني لعرفان الزمان وغدره
أبِيتُ وَمَا لي فِكْرَة ٌ في خُطُوبِهِ
واصبح لا مستعظماً لعظيمه
بقلبي ولا مستعجباً لعجيبه
يغم الفتى ذكر المشيب وربما(92/37)
يَلْقَى انْقِضَاءَ العُمْرِ قَبلَ مَشيبِهِ
وينسيه بدء العيش ما في عقيبه
وَجِيئَتُهُ تُبْدي لَنَا عَنْ ذُهُوبِهِ
الى كم اشق الليل عن كل مهمه
وَأرْعَى طُلُوعَ النّجمِ حتى مَغيبِهِ
أخُطّ بِأطْرَافِ القَنَا كُلّ بَلْدَة ٍ
واملي جلابيب الملا من ندوبه
وكنت اذا خوى نجيب تركته
أسِيرَ عِقالٍ مُؤلِمٍ مِنْ لَغُوبِهِ
رَجَاءً لِعِزٍّ أقْتَنِيهِ وَحَالَة ٍ
تَزِيدُ عَدُوّي مِنْ غَوَاشِي كُرُوبِهِ
وَبَزْلاءَ مِنْ جُنْدِ اللّيَالي لَقيتُهَا
بقَلْبٍ بَعيدِ العَزْمِ فيها قَرِيبِهِ
نصبت لها وجهي وليس كعاجز
يوقيه حر الطعن من يتقى به
وَخَيّلٍ كأمْثَالِ القَنَا تَحمِلُ القَنَا
عَلى كُلّ عُنقٍ عاقِدٍ من سَبيبِهِ
حَمَلْتُ عَلَيها كُلّ طَعّانِ سُرْبَة ٍ
كما نهز الساقي بجنبي قليبه
قَضَى وَطَرَ العَلياءِ مَنْ رَكِبَ القَنا
وَأوْلَغَ بِيضاً مِنْ دَمٍ في صَبِيبِهِ
وَكَمْ قَعْدَة ٍ مِنّي أقَمْتُ بِبَأسِها
إلى الطّعْنِ مَيّادَ القَنَا في كُعُوبِهِ
وَلمّا رَكِبْتُ الهَوْلَ لمْ أرْضَ دونَهُ
وَمَنْ رَكِبَ اللّيثَ اعتَلى عن نجيبِهِ
تريح علينا ثلة المجد شزب
تغالى وايد من قنا في صليبه
وَأبْيَضَ مِنْ عَلْيَا مَعَدٍّ، بَنانُهُ
مقاوم ريان الغرار خصيبه
أخَفُّ إلى يَوْمِ الوَغَى مِنْ سِنَانِهِ
و أمضى على هام العدى من قضيبه
هل السيف الا منتصى من لحاظه
أو البدر الا طالع من جيوبه
إذا سُئل انهال الندى من بنانه
كما انهالَ أذيالُ النّقا مِنْ كَثِيبِهِ
جواد اذا ما مزق الذود عضبه
أذاعَ النّدى مِنْ جُرْدِهِ بَعدَ نيبِهِ
يسير امام النجم عند طلوعه
وَيَهْوِي أمَامَ النّجْمِ عندَ غرُوبِهِ
رَضِيتُ بهِ في صَدْرِ يَوْمِ عَجاجِهِ
عَلى شَمْسِهِ عارِيّة ً مِنْ سُهُوبِهِ
مضَى يحرُسُ الأقرانَ بالطّعنِ في الطُّلى
وَقَدْ لَجّ نَعّابُ القَنَا في نَعِيبِهِ
أنا ابن نبي الله وابن وصيه
فخار علا عن نده وضريبه(92/38)
تَأدّبَ منّي رائِعُ الخَطْبِ بَعدَما
تَجَلّى سَفيهُ الجَدّ لي عَنْ أدِيبِهِ
فو الله لا ألقى الزمان بذلة
و لوحط في فوديَّ أمضى غروبه
قنعت فعندي كل ملك نزوله
عن العز والعلياء مثل ركوبه
و ما اسفي الا على ما جلوته
على سمع منزور النوالب نضوبه
إذا ما رآني قطع اللحظ طرفه
و عنون لي اطراقه عن قطوبه
ومن لم يكن حمدي نصيباً لبشره
جَعَلتُ ضُرُوبَ الذّمّ أدنَى نصيبِهِ
وَلَوْ أنّ عَضْبي مُمكِنٌ ما ذَمَمتُهُ
وَكانَ مَكَانَ الذّمّ رَدْعُ جُيُوبِهِ
وَإنّ عَنَاءَ النّاظِرين كِلَيْهِمَا
إذا طمعا من بارق في خلوبه
أُعَابُ بشِعري، وَالّذِي أنَا قَائِلٌ
يُقَلقِلُ جَنْبي عائبٌ مِنْ مَعيبِهِ
وَكُلُّ فَتًى يَرْنُو إلى عَيبِ غَيرِه
سَرِيعاً وَتَعمَى عَينُهُ عَنْ عُيُوبِهِ
وَمَا قَوْليَ الأشْعَارَ إلاّ ذَرِيعَة ً
إلى أمل قد آن قود جنبيه
و إني إذا ما بلغ الله منيتي
ضَمِنتُ لهُ هَجرَ القَرِيضِ وَحُوبِهِ
فَهَلْ عائِبي قَوْلٌ عَقَدْتُ بفَضْلِهِ
فخارى وحصنت العلى بضروبه
سأترُكُ هذا الدّهرَ يَرْغُو رُغَاؤهُ
و تصرف من غيظي بوادي نيوبه
وَأجعَلُ عَضْبي دُونَ وَجْهي وِقايَة ً
لياً من عندي ماؤه من نضوبه
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> كان قضاء الاله مكتوباً
كان قضاء الاله مكتوباً
رقم القصيدة : 9845
-----------------------------------
كان قضاء الاله مكتوباً
لولاك كان العزاء مغلوباً
مَا بَقِيَتْ كَفُّكَ الصَّنَاعُ لَنَا
فَكُلُّ كَسْرٍ يَكُونُ مَرْؤوبَا
ما احتسبت المرء قد يهون وما
أوْجَعَ مَا لا يَكُونُ مَحْسُوبَا
نَهْضاً بِهَا صَابِراً، فأنْتَ لهَا
و الثقل لا يعجز المصاعيبا
فقد ارتك الاسى وان قدمت
عن يوسف كيف صبر يعقوبا
طَمِعتَ، يا دَهْرُ، أنْ تُرَوّعَهُ
ظناً على الرغم منك مكذوبا
ما يؤمن المرء بعد مسمعه
قرع الليالي له الظنابيبا
تنذر إحداثها ويأمنها
ما آن ان يستريب من ريبا
شل بنان الزمان كيف رمى(92/39)
مُسَوَّماً للسّبَاقِ مَجْنُوبَا
طرف رهان رماه ذو غرر
نَالَ طَلُوباً، وَفَاتَ مَطْلُوبَا
كَانَ هِلالُ الكَمَالِ مُنْتَظَراً
وَكَان نَوْءُ العَلاءِ مَرْقُوبَا
وَأعْجَميُّ الأُصُولِ تَنْصُرُهُ
بَداهَة ٌ تَفْضَحُ الأعَارِيبَا
مَدّتْ إلَيْهِ الظِّبَا قوَائِمَها
تُعْجِلُهُ ضَارِباً وَمَضْرُوبَا
مرشحاً للجياد يطلعها
على العدى ضمراً سراحيبا
و للمباتير في وغى وقرى
يولغها الهام والعراقيبا
ذَوَى كمَا يَذبُلُ القَضيبُ، وكمْ
مأمول قوم يصير مندوبا
صبراً فراعي البهام إن كثرت
لابد من أن يحاذر الذبيا
وإن دنيا الفتى وإن نظرت
خميلة تنبت الاعاجيبا
نَسيغُ أحْداثَها عَلى مَضَضٍ
ما جدح الدهر كان مشروبا
إذا السنان الطرير دام لنا
فدعه يستبدل الانابيبا
و هل يخون الطعان يوم وغى
إن نقص السمهري انبوبا
مَا هَيبَة ُ السّيفِ بالغُمودِ، وَلا
أهيب من أن تراه مسلوبا
و البدر ما ضره تفرده
وَلا خَبَا نُورُهُ وَلا عِيبَا
وَمَا افتِراقُ الشُّبُولِ عَنْ أسَدٍ
بِمانِعٍ أنْ يَكُونَ مَرْهُوبا
و الفحل إن وافقت طروقته
ابدل مكن منجب مناجيبا
و العنبر الورد إن عبثت به
مثلما زاد عرفه طيبا
يطيح مستصغر الشرار عن الز
ـدِ، وَيَبْقَى الضِّرامُ مَشْبُوبَا
مَحّصَتِ النّارُ كُلَّ شَائِبَة ٍ
وَزادَ لَوْنُ النُّضَارِ تَهْذِيبَا
إنْ زَالَ ظِفْرٌ، فأنْتَ تُخْلِفُهُ
و الليث لا يخلف المخاليبا
بقدر عز الفتى رزيته
من وتر الدهر بات مرعوبا
وَاللّؤلُؤ الرّطْبُ في قَلائِدِهِ
ما كان لولا الجلال مثقوبا
إن كنت مستسقياً لمنجعة
مجلجلاً بالقطار اسكوبا
فَاسْتَسْقِ مُستَغنِياً بهِ أبَداً
مِنْ قَطرِ جَدوَى أبيهِ شُؤبُوبَا
و انتفاع النبات صوحه
هَيفُ الرّدى أن يكونَ مَهضُوبَا
فَاسْلَمْ مَليكَ المُلُوكِ ما بقيَ الـ
هر مبقى لنا وموهوبا
لا خَافَ أبنَاؤكَ الّذِينَ بَقُوا
حدا من النائبات مذروبا
وَلا تَرَى السّوءَ فِيهِمُ أبَداً(92/40)
حَتّى يَكُونُوا الدّوَالِفَ الشِّيبَا
لا روعت سرحك المنون ولا
أصْبَحَ سِرْبٌ حَمَيْتَ مَنْهُوبَا
لا يجد الدهر مسلكاً أبداً
ولا طريقاً إليك ملحوبا
ولا راينا الخطوب داخلة
رواق مجد عليك مضروبا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> كذا يهجم القدر الغالب
كذا يهجم القدر الغالب
رقم القصيدة : 9846
-----------------------------------
كذا يهجم القدر الغالب
و لا يمنع الباب والحاجب
تغلغل يصدع شمل العلى
كما ذعذع الابل الخارب
وَقَدْ كَانَ سَدّ ثَنَايَا العَدُوّ
فمن اين اوضع ذا الراكب
و هابت جوانبه النائبات
زَمَاناً، وَقَدْ يُقدِمُ الهَائِبُ
طواك إلى غيرك المعتفي
و جاوز ابوابك الراغب
وَهَلْ نَحْنُ إلاّ مَرَامي السّهامِ
يحفزها نابل دائب
نُسَرّ إذا جَازَنَا طَائِشٌ
وَنَجْزَعُ إنْ مَسّنَا صَائِبُ
فَفي يَوْمِنَا قَدَرٌ لابِدٌ
وعند غد قدر واثب
طَرائِدُ تَطْلُبُهَا النّائِبَاتُ
وَلا بُدّ أنْ يُدْركَ الطّالِبُ
ارى المرء يفعل فعل الحد
ـدِ، وَهوَ غَداً حَمَأٌ لازِبُ
عوارِيُّ مِنْ سَلَبِ الهَالِكِينَ
يَمُدّ يَداً نَحْوَهَا السّالِبُ
لَنَا بالرّدَى مَوْعِدٌ صَادِقٌ
وَنَيْلِ المُنى وَاعِدٌ كاذِبُ
نصبح بالكاس مجدوحة
ولا علم لي اينا الشارب
حبائل لدهر مبثوثة
يُرَدّ إلى جَذْبِهَا الهَارِبُ
وكيف يجاوز غاياتنا
وقد بلغ المورد القارب
لَقَدْ كانَ رَأيُكَ حَلَّ العِقالِ
إذا طَلَعَ المُعْضِلُ الكَارِبُ
وقط كان عندك فرج المضيق
إذا عَضّ بالقَتَبِ الغَارِبُ
يفيء اليك من القاصيات
مراح المناقب والعازب
فَيَوْمُ النُّهَى مُشرِقٌ شامِسٌ
وَيَوْمُ النّدَى ماطِرٌ ساكِبُ
فاين الفيالق مجرورة
وقد عضل اللقم اللاحب
واين القنا كبنان الهلوك
بِمَاءِ الطُّلَى أبَداً خَاضِبُ
كَأنّ السّوَابِقَ مِنْ تَحتِها
دَبًى طَائِرٌ، أوْ قَطاً سَارِبُ
لها قسطل كنسيج السدوس
بِهَامِ الرُّبَى أبَداً عَاصِبُ
وملبونة في بيوت الغزي(92/41)
يُقَدِّمُ إغْبَاقَهَا الحَالِبُ
نزائع لاشوطها في المغار
قريب ولا غزوها حائب
فسرج وغى ً ما له واضع
وجيش عليً ما له غالب
وَكُنْتَ العَمِيدَ لهَا وَالعِمَادَ
فضاع الحمى ووهى الجانب
فَمَاذا يُشِيدُ هُتَافُ النّعيّ
فِيكَ، وَمَا يَنْدُبُ النّادِبُ
امدت عليك القلوب العيون
فليس يرى مدمع ناضب
ارى الناس بعدك في حيرة
فذو لبهم حاضر غائب
كمَا اختَبَطَ الرّكْبُ جِنحَ الظّلامِ
وَقَدْ غَوّرَ القَمَرُ الغارِبُ
ولما سبقت عيوب الرجال
تَعَلّلَ مِنْ بَعْدِكَ العَائِبُ
وَلَمْ أرَ يَوْماً كَيَوْمٍ بِهِ
خَبَا مَثْقَبٌ، وَهَوَى ثَاقِبُ
تَلُومُ الضّوَاحِكَ فيكَ البُكاة ُ
ويعجب للباسم القاطب
سقاك وان كنت في شاغل
عَنِ الرّيّ، داني النّدَى صَائِبُ
مربّ اذا مخضته الجنوب
أبْسَتْ بِهِ شَمْألٌ لاغِبُ
يَجُرّ ثَقَائِلَ أرْدافِهِ
كَمَا بَادَرَ القِرّة َ الحَاطِبُ
كسوق البطيء بسوط السريع
ينوء ويعجله الضارب
يُصِيبُكَ بالقَطْرِ شَفّانُهُ
كَمَا قَرَعَ الجَمْرَة َ الحَاصِبُ
وَلَوْلا قِوَامُ الوَرَى أصْبَحَتْ
يُرِنّ عَلى صَدْعِهَا الشّاعِبُ
وباتت وقد ضل عنها الرعاء
مُحَفَّلَة ً مَا لهَا حَالِبُ
وَسَاقَ العَدُوُّ أضَامِيمَهَا
وما آب من طردها آيب
وَمَا بَقيَ الجَبَلُ المُشْمَخِرّ
فَمَا ضَرّنَا الجَبَلُ الوَاجِبُ
وَمَا يُنْقِصُ الثَّلْمُ في المَضْرِبَينِ
إذا اهتَزّ في القَائِمِ القاضِبُ
بِمِثْلِ بَقَائِكَ غَيْثَ الأنَا
مِ يَرْضَى عَنِ الزّمَنِ العَاتِبُ
لهان علينا ذهاب الرديف
مَا بَقيَ الظَّهْرُ وَالرّاكِبُ
Free counter
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> من اي الثنايا طالعتنا النوائب
من اي الثنايا طالعتنا النوائب
رقم القصيدة : 9847
-----------------------------------
من اي الثنايا طالعتنا النوائب
واي حمى منا رعته المصائب
خَطَوْنَ إلَينا الخَيلُ وَالبِيضُ وَالقَنا
فَمَا مَنَعَتْ عَنّا القَنا وَالقَوَاضِبُ(92/42)
وضل بنا قصد الطريق كانما
تؤم المنايا لا النجاء الركائب
نروغ كما راغ الطرائد دونها
وتجلبنا عوداً اليها الجوالب
طِوَالُ رِمَاحٍ لا تَقي، وَعَقائِلٌ
من الجرد لا ينجو عليهن هارب
فاين النفوس الآبيات مليحة
من الضّيمِ وَالأيدي الطّوالُ الغَوالِبُ
واين الطعان الشزر يثنى بمثله
رِقَابُ الأعادي دُونَنَا وَالكَتائِبُ
اذا لم يعنك الله يوماً بنصرة
فاكبر اعوان عليك الاقارب
وَإنْ هُوَ لَمْ يَعصِمْكَ منهُ بجِنّة ٍ
فقد اكتبت للضاربين المضارب
تَناهَى بِنا الآجَالُ عَنْ كلّ مُدّة ٍ
وما تنتهي بالطالبين المطالب
نُغَرّ بإيعَادِ الرّدَى ، وَهْوَ صَادِقٌ
وَنَطمَعُ في وَعدِ المُنَى ، وَهوَ كاذِبُ
أفي كُلّ يَوْمٍ لي صَديقٌ مُصَادِقٌ
يُجيبُ المَنَايَا، أوْ قَريبٌ مُقارِبُ
لَعَمْرِي، لَقَدْ أبْقَى عَليّ بيَوْمِهِ
لواعج تمليها عليَّ العواقب
رماه الردى عن قوسه فاصابه
ولم يغننا ان درعتنا التجارب
هُوَ الوَالِجُ العَادي الّذِي لا يَرُوعُه
من الباب بواب عليه وحاجب
وَلا نَاصِرٌ، سِيّانِ مَنْ هُوَ حاضِرٌ
إذا مَا دَعَا مِنّا، وَمَنْ هُوَ غائِبُ
نَسِيرُ وَلِلآجَالِ فَوْقَ رُؤوسِنَا
وَمِنهُ وَرَاءَ التُّرْبِ أبيَضُ قاضِبُ
وما يعلم الانسان في اي جانب
من الارض يأوي منه في الترب جانب
مُصَابٌ رَمَى مِنْ هاشِمٍ في صَميمِها
فَأمسَتْ ذُرَاها خُشّعاً وَالغوارِبُ
وَأطلَقَ من وَجدٍ حُباها، وَلمْ تكُنْ
لهاشم لولاه العقول العوازب
وزالت له الاقدام عن مستقرها
كمَا مالَ للبَرْكِ المَطيُّ اللّوَاغِبُ
أطالَ بهِ الشّبّانُ لَطْمَ خُدودِهمْ
وصك له غر الوجوه الاشايب
يَعَضُّونَ مِنْهُ بِالأكُفّ، وَإنّما
تُعَضّ بِأطْرَافِ البَنَانِ العَجائِبُ
مضى املس الاثواب لم يخز مادح
بِإطْنَابِهِ فِيهِ، وَلمْ يُزْرَ عائِبُ
وَخَلَّى فِجَاجاً لا تُسَدّ بِمِثْلِهِ
وَتِلْكَ صُدُوعٌ أعوَزَتْها الشّوَاعِبُ
لَقَدْ هَزّ أحْشَاءَ البَعِيدِ مُصَابُهُ(92/43)
فكيف المداني والقريب المصاقب
وَلمْ أنْسَهُ غَادٍ، وَقدْ أحْدَقَتْ بهِ
أدانٍ تُرَوّي نَعْشَهُ وَأقَارِبُ
يَحِسّونَ مِنْ أعوَادِهِ ثِقْلَ وَطئهِ
وَمَا أثْقَلَ الأعناقَ إلاّ المَنَاقِبُ
كأنا عرضنا زاعبيا مثقفا
على نعشه قد جربته المقانب
تَعَاقَدَ حَاثُو تُرْبِهِ أيّ نَجْدَة ٍ
وَهَلْ ذاكَ مُغنٍ، وَالمَنايا الجَواذِبُ
وَقارَعَني دَهْرِي علَيْهِ، فَحازَه
ألا إنّ أقْرَانَ اللّيَالي غَوالِبُ
وَكُنتُ بِهِ ألقَى الحُرُوبَ، وَأتّقي
فجاء من الاقدار ما لا احارب
تعاقد حاثوا تربة اي نجدة
تلاقت عليها بالتراب الرواجب
كَأنّهُمُ أدْلَوْا إلى القَبْرِ ضَيغَماً
ينوء وتثنيه الاكف الحواصب
واي حسام اغمدوا في ضريحه
كهمك لا يعصى به اليوم ضارب
فَآثَارُهُ مُحْمَرّة ٌ في عَدُوّهِ
ومنه الترب ابيض قاضب
وما كان الا برهة ثم اسفرت
نزوعاً عن الوجد الوجوه الشواحب
وَجَفّتْ عُيُونُ البَاكِياتِ وَأُنسِيَتْ
من الغد ما كانت تقول النوادب
تَسَلَّوا، وَلَوْلا اليَأسُ ما كنتُ سالِياً
وَقَدْ يَصْبِرُ العَطشانُ وَالوِرْدُ ناضِبُ
ألَسنَا بَني الأعمامِ دُنيا، تَمازَجَتْ
باخلاقهم اخلاقنا والضرائب
جَميعاً نَمَانَا في رُبَى المَجْدِ هَاشِمٌ
وَأنْجَبَ عِرْقَيْنَا لُؤيٌّ وَغَالِبُ
إذا عُمّمُوا بِالمَجدِ لاثَتْ بِهَامِنَا
عمائمهم اعراقنا والمناسب
نرى الشم من انافنا في وجوههم
وَأعْنَاقُنَا طَالَتْ بِهِنّ المَنَاصِبُ
وكم داخل ما بيننا بنميمة
تقطر لما زاحمته المصاعب
سوى هبوات شابت الود بيننا
واي وداد لم تشبه الشوائب
لَنَا الدّوْحَة ُ العُلْيَا التي نَزَعَتْ لهَا
إلى المَجْدِ أغصَانُ الجُدُودِ الأطايبُ
اذا كان في جو السماء عروقها
فاين اعاليها واين الذوائب
علونا الى اثباجها ولغيرنا
عَنِ المَنكِبِ العالي، إذا رَامَ ناكِبُ
فَمَا حَمَلَ الآبَاءُ مِنّا، وَساقَطَتْ
الى الارض منا المنجبات النجائب
سيوف على الاعداء تمضي نفوسها(92/44)
ولم تتبدَّ لهن ايدٍ ضوارب
فان تر فينا صولة عجرفية
فقد عرفت فينا الجدود الاعارب
فصبراً جميلاً انما هي نومة
وتلحقنا بالاولين النوائب
وَلَيْسَ لِمَنْ لَمْ يَمنَعِ اللَّهُ مانعٌ
ولا لقضاء الله في الارض غالب
ولو رد ميتاً وجد ذي الوجد بعده
لردك وجدي والدموع السوارب
سَيُعطي رِجَالٌ مَا مَنَعتَ وَيَشتَفي
من الاقرباء الابعدون الاجانب
لنا فيك عند الدهر ثار هزيعه
واني لثارات المقادير طالب
أدَرّتْ عَلَيْكَ السّارِياتُ وَرَقرَقَتْ
عَلى ذلِكَ القَبرِ الرّياحُ الغَرَائِبُ
ولا زال عن ذاك الضريح منور
مِنَ الرّوْضِ تَفليهِ الصَّبَا وَالجَنائِبُ
وَلا، بَلْ سَقَينَاكَ الدّمُوعَ، وَإنّنَا
لنأنف ان قلنا سقتك السحائب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لنا كل يوم رنة خلف ذاهب
لنا كل يوم رنة خلف ذاهب
رقم القصيدة : 9848
-----------------------------------
لنا كل يوم رنة خلف ذاهب
ومستهلك بين النوى والنوادب
وقلعة اخوان كانا وراهم
نُرامِقُ أعجَازَ النّجومِ الغَوارِبِ
نوادع احداث الليالي على شقى ً
من الحرب لو سالمن من لم يحارب
وَنأمُلُ مِنْ وَعدِ المُنى غيرَ صَادِقٍ
ونأمن من وعد الردى غير كاذب
وَما النّاسُ إلاّ دارِعٌ مِثْلُ حاسِرٍ
يُصابُ، وَإلاّ داجنٌ مثلُ سَارِبِ
الى كم نمنى بالغرور وننثني
بِأعْنَاقِنَا للمُطْمِعَاتِ الكَوَاذِبِ
وهل ينفع المغرور قرب للنوى
تَلَوُّمُ مَغْرُورٍ بِأرْجَاءِ جَاذِبِ
لُزِزْنا مِنَ الدّهرِ الخَؤونِ بمِصْدَمٍ
يحطم اشلاء القرين المجاذب
هوَ القدَرُ المَجلوبُ من حيثُ لا يُرَى
وَأعْيَا عَلَيْنَا رَدُّ تِلْكَ الجَوَالِبِ
نُراعُ إذا ما شيكَ أخمَصُ بَعضِنا
وَأقدامُنَا مَا بَينَ شَوْكِ العَقارِبِ
ونمسي بامال الدنيا سمام لطاعم
وَخَوْفٌ لمَطْلُوبٍ، وَهُمٌّ لِطَالِبِ
تصدى لنا قرب الموامق ذي الهوى
ويختلنا كيد العدو المجانب
وَإنّا لَنَهْواهَا عَلى الغَدْرِ وَالقِلى
ونمدحها مع علمنا بالمعائب(92/45)
وحسبي من ضراء دهري انني
أُقِيمُ الأعادي لي مَقَامَ الحَبَائِبِ
ألم يأن يا للناس هبة نائم
رأى سيرة الايام اوجد لاعب
حدت بعصاها لآل ساسان والتوت
يَداهَا بِآلِ المُنْذِرَيْنِ الأشَاهِبِ
وحلت على اطلال عاد وحمير
سنابكها حل الجياد اللواغب
نزلن قباب المنذر بن محرق
واندية الشم الطوال بمارب
نبا ببني العنقاء ناب وقعقعت
عماد بني الريان احدى الشواعب
فقادتهم قود الايانق في البرى
وَزَمّتْهُمُ زَمَّ القُرُومِ المَصاعِبِ
أهَبّتْ عَلَيهِمْ قاصِفاً مِنْ رِيَاحِها
فطاروا كما ولى جفاء المذانب
مَسِيرٌ مَعَ الأقْدارِ مَا فيهِ وَنْيَة ٌ
وَلا وَقْعَة ٌ بَعْدَ اللُّغُوبِ لِرَاكِبِ
وَمَنْ كَانَتِ الأيّامُ ظَهْراً لرَحْلِهِ
فيا قرب ما بين المدى والركائب
ومن اصبح المقدار حادي مطيه
أجَدّ بِلا رُزْءٍ، وَلا سَوْطِ ضَارِبِ
على مثلها يدمي الحليم بنانه
عِضاضاً على أيدي المَنايا السّوَالِبِ
عَلى أيّ خَلقٍ آمَنُ الدّهرَ بَعدَما
تَبَاعَدَ مَا بَيْني وَبَينَ الأقَارِبِ
سِنانُ عُلًى ، عُزّي، قَناتي، وَمَضْرَبٌ
مِنَ المَجدِ مُستَثنًى بهِ من مَضَارِبي
ولما طوى طي البرود واقبلوا
يُهَادُونَهُ بَينَ الطُّلَى وَالمَناكِبِ
صبرت عليه اطلب النصر برهة
من الدّهرِ ثمّ انقدتُ طوْعَ الجَواذِبِ
تَقَطّعَتِ الأسبابُ بَيْني وَبَيْنَهُ
فلم تبق الا علقة للمناسب
لَئِنْ لمْ نُطِلْ لَدْمَ التّرَائِبِ لوْعة ً
فان لنا لدما وراء الترائب
يتم تمام الرمح زادت كعوبه
وتهتز للحمد اهتزتاز القواضب
بمَطْرُورَة ِ الأنْيَابِ عُوجِ المَخالِبِ
وَلا الرّيقُ في كَرّ الرّزايَا بناضِبِ
يداهي ضباب القاع وهو كانه
من اللين غمر غير جم المذاهب
إذا طَبَعَ الآرَاءَ مَاطَلَ غَرْبَهَا
فلم يمضها الا باذن العواقب
منَ القَوْمِ حَلّوا في المَكارِمِ وَالعُلى
بمُلتَفّ أعياصِ الفُرُوعِ الأطايِبِ
اقاموا بمستن البطاح ومجدهم
مكان النواصي من لؤي بن غالب(92/46)
بهاليل ازوال تعاج اليهم
صدور القوافي أو صدور النجائب
عِظَامُ المَقارِي يُمطِرُونَ نَوَالَهُمْ
بايدي مساميح سباط الرواجب
إذا طَلَبُوا الأعداءَ كانُوا نَغيضَة ً
ليَوْمِ الوَغَى من قَبلِ جَرّ الكتائِبِ
وَباتُوا مَبيتَ الأُسدِ تَلتمسُ القِرَى
بمطورة الانياب عوج المخالب
و اضحوا على الاعواد تسمو لحاظهم
كلمح القطاميات فوق لمراقب
فماشئت من داع إلى الله مسمع
وَمِنْ ناصِرٍ للحقّ ماضِي الضّرَائِبِ
هم استخدموا الاملاك عزاً وارهفوا
بَصائِرَهُمْ بَعدَ الرّدَى وَالمَعاطِبِ
وَهمْ أنزَلوهُمْ بَعدَما امتَدّ غَيُّهمْ
جَماماً على حُكمٍ من الدّينِ وَاجبِ
تَسَامَوْا إلى العِزّ المُمَنَّعِ، وَارْتَقَوْا
من المَجدِ أنشازَ الذُّرَى وَالغَوَارِبِ
على ارث مجد الاولين تعلقوا
ذوائب اعناق العلى والمناصب
بحَيثُ ابتَنَتْ أُمُّ النّجُومِ مَنَارَهَا
وَأوْفَتْ رَبَايَا الطّالِعاتِ الثّوَاقِبِ
لهم ورق من عهد عاد وتبع
حَديدُ الظُّبَى إلاّ انثِلامَ المَضَارِبِ
فضالات ما ابقى الكلاب وطخفة
وما أسأر الابطال يوم الذنائب
بهن فلول من وريدي عتيبة
ونضخ نجيع من ذؤاب بن قارب
تُقَلقَلُ في الأغمادِ هَزْلاً، وَخَطبها
جَسِيمٌ إذا جُرّبنَ بَعضَ التجارِبِ
غدوا الى هدم الكواهل والطلى
وَعَوْدٌ إلى حَذْفِ الذُّرَى وَالعَرَاقِبِ
لتبك قبور افرغ الموت تحتها
سِجَالَ العَطَايَا بَعدَهُمْ وَالرّغائبِ
وَطابَ ثَرَاها، وَالثّرَى غَيرُ طَيّبٍ
وَذابَ نَداها، وَالنّدى غَيرُ ذائِبِ
كَأنّ اليَمَاني ذا العِيَابِ بِأرْضِها
يقلب من دارين ما في الحقائب
اذا اجتاز ركب كان اجود عندها
بعقر المطايا من سحيم وغالب
افي كل يوم يعرق الدهر اعظمي
وَيَنهَسُ لحمي جَانِباً بَعدَ جانِبِ
فَيَوْماً رَزَايَا في صَديقٍ مُصَادِقٍ
و يوماً رزايا في قريب مقارب
فَكَمْ فَلّ منّي ساعِداً بَعد ساعِدٍ
وَكَمْ جَبّ منّي غارِباً بَعدَ غارِبِ
و فادحة يستهزم الصبر باسمها(92/47)
وَتُظمَى إلى مَاءِ الدموعِ السّوَاكِبِ
صَبَرْنَا لهَا صَبرَ المَناكِبِ حِسبَة ً
إذا اضطرت الناس اضطراب الذوائب
تُعَاصِي أنَابِيبُ الحُلُومِ جَلادَة ً
و تعهفوا يراعات العقول العوازب
كظوماً على مثل الجوائف اتعبت
نطاسيها من قارف بعد جالب
تحل الرزايا بالرجال وتنجلي
ورب مصاب ينجلي عن مصائب
مِنَ اليَوْمِ يَستَدعي مَنازِلَكَ البكا
إذا مَا طَوَى الأبوابَ مَرُّ المَواكِبِ
وَتَضْحَكُ عنكَ الأرْضُ أُنساً وَغبطة
وَتَبكيكَ أخْدانُ العُلَى وَالمَنَاقِبِ
سقاك الحيا إن كان يرضي لك الحيا
بغر الاعالي مظلمات الجوانب
تمد بارداف ثقال وترتمي
على عجرفيات الصبا والجنايب
كَأنّ لِوَاءً يَزْدَ حِمْنَ وَرَاءَهُ
إذا اختَلَجَ البرْقُ ازْدحامَ المَقَانِبِ
بودق كاخلاق العشار استفاضها
تداعي رغاء من مبس وحالب
يقر بعيني ان تطيل مواقفاً
عليك مجر المدجنات الهواضب
و إن ترقم الأنواء تربك بعدها
بكُلّ جَديدِ النَّورِ رقمَ الكَوَاكِبِ
ذَكَرْتُكُمُ، وَالعَينُ غَيرُ مُحيلَة ٍ
فانبطت غدران الدموع السواكب
وَمَا جَالَتِ الألحَاظُ إلاّ بِقَاطِرٍ
وَلا امتَدّتِ الأنفاسُ إلاّ بحَاصِبِ
وَهَلْ نافعي ذِكْرُ الأخِلاّءِ بَعْدَهُ
جَرَى بَينَنا مَوْرُ النَّقَا وَالسّبَاسِبِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> اي دموع عليك لم تصب
اي دموع عليك لم تصب
رقم القصيدة : 9849
-----------------------------------
اي دموع عليك لم تصب
واي قلب عليك لم يجب
خَبّتْ إلَيكَ الخُطوبُ مُعجِلَة ً
ضروب شد الجياد والخبب
واعجبي للزمان كيف نبا
واعجب ان اقول واعجبي
مالي وما وبللخطوب تسلبني
في كُلّ يَوْمٍ غَرَائبَ السَّلَبِ
اما فتى ناضر الصبا كاخي
عندي أو زائد المدى كابي
وَإنّني للشّقَاءِ أحْسَبُني
ألعَبُ بالدّهْرِ، وَهوَ يَلعَبُ بي
ما نمت عنه الا وايقظني
من الرزايا بفيلق لجب
وَلمْ أزَعْهُ، إلاّ وَأعْقَبَني
سطوا كوقع الظبي على اليلب(92/48)
في كُلّ دارٍ تَعْدُوا المَنونُ وَمِنْ
كلّ الثّنَايَا مَطَالِعُ النُّوَبِ
بفوز بالراحة الفقيد وللفـ
ـفَاقِدِ طُولُ العَنَاءِ وَالتّعَبِ
يطيب نفساً عنا وواحدنا
إنْ طَيّبَ القَلبَ عَنهُ لمْ يَطِبِ
احمدكمْ لي عليك من كمد
باق ومن جود ادمع سرب
ولوعة تحطم الضلوع اذا
ذكرت قرباللقاء عن كثب
إنْ قَطَعَ المَوْتُ بَيْنَنَا، فَلَقَدْ
عِشْنَا وَمَا حَبْلُنَا بِمُنْقَضِبِ
كم مجلس صبحته السننا
تفض فيه لطائم الادب
مِنْ أثَرٍ يُونِقُ الفَتَى حَسَنٍ
او خبر يبسط المنى عجب
او غرض اصبحت خواطرنا
تُساقطُ الدّرَّ مِنهُ في الكُتُبِ
كالبَارِدِ العَذْبِ رَوّقَتْهُ صَبَا الـ
الظلم زين بالشنب
غَاضَ غَدِيرُ الكَلامِ مَا بَقيَ الـ
ـدّهْرُ وَقَرّتْ شَقَاشِقُ الخُطَبِ
يا علم المجد لمْ هويت وقد
كُنْتَ أمِينَ العِمَادِ وَالطُّنُبِ
يا مِقْوَلَ الدّهْرِ لِمَ صَمتّ وَقدْ
كُنتَ زَمَاناً أمضَى مِنَ القُضُبِ
يا ناظِرَ الفَضْلِ لِمْ غَضَضْتَ وَما
كنت قديما تغضي على الريب
كنت قريني ولست من لدتي
كنتَ نَسيبي وَلَستَ من نَسَبي
مِمّا يُقَوّي العَزَاءَ عَنكَ، وَإن
شَرّدَ قَلْبي العَزَاءُ بالكُرَبِ
أنّكَ أحْرَزْتَهَا، وَإنْ رُغِمَ الـ
ـدّهْرُ، ثَمَانِينَ طَلْقَة َ الحِقَبِ
فان دموعي جرين نهنها
علمي بان قد ظفرت بالارب
فَلَيْتَ عِشْرِينَ بِتّ أحْسُبُهَا
باعدْنَ بَينَ الوُرُودِ وَالقَرَبِ
اني اظمى الى المشيب ومن
ينج قليلاً من الردى يشب
وَإنْ يَزُرْ طَالِعُ البَيَاضِ أقُلْ
يا ليت ليل الشباب لم يغب
مر على ذلك التراب من المـ
زن خفوق الاعلام والعذب
كَالعِيرِ ذاتِ الأوْساقِ صَاحَ بهَا
معتسف بالايانق النجب
اذا خبا برقه استعان على
ايقاده بالمجلجل اللجب
لِتَرْتَوِي ثَمّ أعْظُمٌ نَزَلَتْ
داجي الدّماميمِ مُوحِشَ الحَدَبِ
بحيث تزوى عن النسيم
ـتَدْرجُ عَنّا مَطالعَ الشّهُبِ
فثم بشر اصفى من الغدق الـ
ـعَذْبِ وَجُودٌ أنْدَى من السُّحبِ(92/49)
واجبل كان يستذم به
من الليالي فساخ في الترب
لا تَحْسَبَنّ الخُلُودَ بَعدَكَ لي
إنّ المَنَايَا أعْدَى مِنَ الجَرَبِ
إنَ انْجُ مِنها وَقد شَرِبتَ بِهَا
فان خيل المنون في طلبي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لا لوم للدهر ولا عنابا
لا لوم للدهر ولا عنابا
رقم القصيدة : 9850
-----------------------------------
لا لوم للدهر ولا عنابا
تغاب ان الجلد من تغابا
صَبْراً عَلى الضّرّاءِ وَاحْتِسَابَا
اصبرنا اعظمنا ثوابا
ما الدمع مما يزع المصابا
ولا يرد القدر الغلابا
أمْضَى الزّمَانُ حُكْمَهُ غَلاّبَا
اصابنا وطال ما اصابا
يولغ ظفرا للردى ونابا
لا يَبْكِيَنْ حاضِرُنَا مِنْ غَابَا
ما غاب منا غائب فأبا
ورب حي دعموا القبابا
وَاستَفْسَحُوا الأعطانَ وَالرّحَابَا
وطبقوا السهول والعقابا
لا يَرْهَبُونَ للعِدَى ذُبَابَا
أمْسَوْا لَقَاحاً، وَغَدَوْا نِهَابَا
جر على دارهم ذنابا
واتبع القوادم الذنابا
بِمُعْجِلٍ يَنْتَزِعُ الأطْنَابَا
يُوطي الحِمَى وَيَهْتِكُ الحِجَابَا
كالبَاتِرَاتِ تَبْذُرُ الرّقَابَا
نَسعَى ، وَيَطوِينَا الرّدى وِثَابَا
كنم قطع الاقران والاسبابا
وفرق الجيران والاحبابا
وَاسْتَدْرَجَ العَبيدَ وَالأرْبَابَا
سَيلُ رَدًى قَدْ مَلأ الشّعَابَا
وجن موجا وطغى عبابا
قَارَعَنَا وَانْتَزَعَ اللُّبَابَا
اعجب واخلق ان ترى عجابا
يبلد الافهام والالبابا
إنّ الرّدَى وَإنْ رَمَى فَصَابَا
وجاذبتنا يده جذابا
يَعْجِمُ مِنْ عِيدانِنَا صِلابَا
صعباً يلاقي انفساً صعابا
لا تنكر الموت لها شرابا
وَلا تَعَافُ الصَّبِرَ المُذَابَا
سوالب ومرة اسلابا
إذا أنَا انْقَدْتُ وَلمّا آبَى
مُنْجَفِلاً مَعَ الرّدَى مُنْجَابَا
فَلِمْ سَنَنْتُ الصّارِمَ القِرْضَابَا
ولم ربطت الشرب العرابا
يمرين بالشكائم اللعابا
خَمَايِصاً تُحَاضِرُ الذّيَابَا
يحملن اسداً في الوغى غضابا
قد سلبوا السوابغ العيابا
ركباً وطوراً للقنا ركابا(92/50)
يَحْمي الحِمَى وَيَمْنَعُ الجَنَابَا
حتّى إذا داعي الرّدَى أهَابَا
اسقط من ايماننا الكعابا
وَبَزّنَا أرْوَاحَنَا إغْصَابَا
لا طعن تسطيع ولا ضرابا
مُقتَحِمٌ عَلى الأُسُودِ الغَابَا
وَرُبّ إخوانٍ مَضَوْا شَبَابَا
تلاحقوا الى الردى صحابا
لا نترجى منهم ايابا
ولا نعد لهم الا حقابا
لا يحفل الحجاب والابوابا
اذا دعوا لم يرجعوا جوابا
وَلَبِسُوا الجَنْدَلَ وَالظِّرَابَا
لقدرٍ ما عمروا الخرابا
يا غصناً طال وفرعاً طابا
لما ذوى اودغته الترابا
أرَابَ مِنْ يَوْمِكَ مَا أرَابَا
لا زِلْتُ أستَسقي لكَ السّحَابَا
كل اغر يدق الذهابا
مُجَرِّراً عَلى الرُّبَى أهْدَابَا
يُبْقي بأجوازِ الثّرَى أنْدابَا
وَيَنْثَني مُجَوِّلاً جَوّابَا
وَإنْ لَبِسْتَ للبِلَى جِلْبَابَا
ارى البكاء سفها وعابا
لا تجعلنه ديدنا ودابا
وافقَ منا اجل كتابا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لأظْمَا مُعِلّينَا وَأرْوَى المَصَائِبَا
لأظْمَا مُعِلّينَا وَأرْوَى المَصَائِبَا
رقم القصيدة : 9851
-----------------------------------
لأظْمَا مُعِلّينَا وَأرْوَى المَصَائِبَا
وَأسْخَطَ آمَالاً وَأرْضَى نَوَائِبَا
مُصَابٌ نُجُومُ المَجدِ فيهِ نَوَاجِمٌ
تَرَكْنَ نجُومَ الصّبرِ عَنهُ غَوَارِبَا
اصابت سهام الحادثات قلوبها
فكم اعقبت روعاً يروع العواقبا
لَقَدْ وَعَدَتْنَا، إذْ رَغِبْنَا رَغايباً
فَلَمّا أصَبنَ الظّنّ أعطَتْ مَصايبَا
وَأرْضَعْنَ أفْوَاهَ المَطامِعِ فَجعَة ً
فَطَمْنَ بِهَا عِنْدَ النّجاحِ المَطالِبَا
بِمَفْقُودَة ٍ يَنْهَلّ مَاءُ مُصابِها
دُمُوعاً عَلى خَدّ الزّمَانِ سَوَاكِبَا
إذا قَعَدَتْ أحْزَانُهَا في قُلُوبِنَا
أقَمْنَا عَلى الصّبرِ الشّفَاهَ نَوَادِبَا
صَبَرْنَا فَغَصّصْنا الزّمانَ بِرِيقِهِ
على ان للايام فينا مضاربا
ولم نطرح الاسلاب يوما لنكبة
وَإنْ جَذَبَ المِقدارُ مِنّا المَجاذِبَا
ألا إنّ هَذا الثّاكِلَ الحَسَبِ الّذي(92/51)
به ثكل المجد التليد المناقبا
رَمَى في يَمِينِ الدّهْرِ دُرّة َ سُؤدُدٍ
فأحجِ بِها يَحنُو عَلَيها الرّوَاجِبَا
وقد شن فيها حادث الموت غارة
ثَنَتْنَا وَلَمْ تَطْلُعْ إلَيْنَا كَتَائِبَا
فَلا تَحْسَبَنْ رُزْءَ الصّغائِرِ هَيّناً
فإنّ وَجَى الأخفافِ يُنضِي الغَوَارِبَا
سقى الله حصباء الثرى كل ليلة
سحائب ينزعن الرياح الحواصبا
جنادل من قبر كأن صدورها
حباه الحيادون القبور محاربا
اقامت به حتى لودت عيوننا
ولم تبق دمعا ان يكون سحائبا
تراب يرى ان النجوم ترابه
وَيَحسبُ أحجَارَ الصّفيحِ الكَوَاكِبَا
وَسَيْفٌ نُضِي مِنْ جَفنِهِ، غيرَ أنّهُ
رَضِي لحدَه من غِمدِهِ الدّهرَ صَاحبَا
يغطي الثرى عنا وجوها مضيئة
كما كفر الغيم النجوم الثواقبا
وَرُزْءٌ رَمَى صَدْرَ الأمَاني بيَأسِهَا
وكنَّ الى ورد المعالي قواربا
ألا رُبّ لَيْلٍ قَلْقَلَتْهُ عَزائِمي
إلى أنْ نَضَا عَنْ مَنكِبَيهِ الغَياهِبَا
جذبت بضبع العزم من بين اضلعي
وَزَاحَمْتُ بالهَمّ الدُّجَى وَالسّبَاسِبَا
وَجُرْداً ضَرَبْنَ الدّهْرَ في أُمّ رَأسِهِ
وَجُزْنَ بِنَا أعْجَازَهُ وَالمَنَاكِبَا
ومرت حواميها على لمة الدجى
تجاذب بالادلاج منها الذوائبا
واني لمن قوم اذا ركبوا الندى
الى الحمد باتوا يعسفون الركائبا
إذا فَاضَ رَقراقُ المَحَامِدِ صَيّرُوا
لَهُ جُودَهمْ دونَ اللّئامِ نَصَائِبَا
وَإنْ ضَاقَ صَدرُ الخَطبِ وَسّعَ بأسُهم
لسُمرِ القَنَا بَينَ الضّلوعِ مَذاهِبَا
بطعن كدفاع الغمام تحته
ذوابل يمطرن الدماء صوائبا
لَهُ شَرَرٌ يَرْمي الرّمَاحَ بِلَفْحِهِ
يَكَادُ يُرَى مَاءُ الأسِنّة ِ ذائِبَا
إذا أنْكَرُوا في النّقعِ ألوَانَ خَيلِهمْ
أضَاءَ لَهُمْ حتّى يَشِيمُوا السّبَائِبَا
أبَا قاسِمٍ جَاءَتْ إلَيْكَ قَلائِدٌ
تقلد اعناق الكرام مناقبا
قَلائِدُ مِنْ نَظمي يَوَدّ لحُسنِها
قُلُوبُ الأعادي أنْ تكونَ تَرَائِبَا
اذا هدها راوي القريض حسبته(92/52)
يَقُومُ بِهَا في نَدْوَة ِ الحَيّ خاطِبَا
فَلَوْ كُنّ غُدْرَاناً لَكُنّ مَشارِبا
ولو كن احداثا لكن تجاربا
عند الرغبة في نشر اي نصوص أو معلومات من صفحات الموقع.
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يا دين قلبك من با
يا دين قلبك من با
رقم القصيدة : 9852
-----------------------------------
يا دين قلبك من با
رِقٍ يُنِيرُ وَيَحْبُو
عَلى شَرِيقيّ نَجْدٍ
مرعى لعينك جدب
كما تليح ذراع
فيها من النضر قلب
كَأنّهُ نَارُ عَلْيَا
اء للضيوف تشب
أوْ سَاطِعَاتٌ أرَاهَا
والليلداج ازب
مراوح بيديه على
عَلى الزّنَادِ مُكِبّ
او ام مثوى يلنجوجـ
هاعلى النار رطب
الغَوْرُ مِنْهُ مَعَانٌ
وَعَاقِلٌ وَالهَضْبُ
لَهُ حَفِيفُ رُعَادٍ
يُرَاعُ مِنْهُ السِّرْبُ
وبارقات كما
ـتِ العَجَاجَ القُضْبُ
اما ترى البرق يبدو
إلاّ لِعَيْنِكَ غَرْبُ
وَللزّفِيرِ هَبَابٌ
بين الضلوع وهب
يضيء بالطف قبراً
فيه الاعز الاحب
يَهْمي السّنَانُ، وَيُسْـ
لا بَلْ مِنَ القَلْبِ خِلْبُ
ما كنت احسب يوما
وَالدّهْرُ ضَرْبٌ وَضَرْبُ
أنّي أبِيتُ وَبَيْني
وَبَينَ لُقْيَاكِ سَهْبُ
وان تطارد مابيننـ
ـنَنَا زَعَازِعُ نُكْبُ
بِحَيْثُ يَرْتَعُ أُدْمٌ
مِنَ الجَوَازِي، وَحُقْبُ
وكيف يكرع مستورد
رِدُ القَطَا وَيَعُبّ
يا دارَ قَوْميَ أيْنَ الأُ
بربعك لبوا
مصاعب حطمتهم
ايدي المنون فخبوا
يَسُوقُهُمْ لِلْمَقَاديـ
ـرِ سَائِقٌ مُتْلَئِبُّ
مُقَحِّمٌ للجَرَاثِيمِ إنْ
وَنَوْا، أوْ أغَبّوا
كَانُوا السّيُوفَ إذا عَا
يَنُوا المُقَاتِلَ هَبّوا
وَالزّاغبِيّاتِ إنْ أُشْـ
ـرِعُوا عَنِ الدّارِ ذَبّوا
منازل كان فيها
للقوم امن ورعب
تُكَدّ فِيهَا الأنَابِيـ
والرباجط القب
رَأيٌ يَغُبّ لِحَزْمٍ
ونائل لا يغب
ينقاد فيكل يوم
منا الابي الصعب
يُجَذّ أصْلُ وَرِيقِ الـ
ويدرج عقب
لا مبغض القوم يبقى
وَلا المُجِلّ المُحِبّ
سَوَاءٌ المُلْسُ في غَا
رَة ِ الرّدَى وَالجُرْبُ(92/53)
يجري القضاء ويمضي
الطبيب والمستطيب
كم ذا الامان
وَبالزِّيَالِ لِغِرْبَا
نِهَا شَحِيجٌ وَنَعْبُ
يَغُرّ سِلْمُ اللّيَالي
والسلم منهن حرب
لَنَا مِنَ الدّهْرِ رَبْضٌ
على وعيد ووثب
يوماً غرور ويوماً
عدو علينا وشغب
يَنْحُو المَضِيقَ، وَقَدْ أعْـ
الطريق اللحب
أَ أخر اللعب جد
ام اخر الجد لعب
شقيقتي ان خطبا
عدا عليك لخطب
وان رزأً رماني
بِالبُعْدِ عَنْكِ لَصَعْبُ
سهم اضصابك منه
للقَدْرِ فُوقٌ وَغَرْبُ
لا النصل منه بباب
يوما ولا الريش لغب
يبيت بعدك في
ـجَعي الجَوَى وَالكَرْبُ
كَمَا يَبِيتُ رَمِيضٌ
بعد السنام الاجب
اني على قضض
ـمّ يَطْمَئِنّ الجَنْبُ
لَوْ رَدّ عَنْكِ المَنَايَا الـ
ال طعن وضرب
لخاض فيها سنان
ماض وطبق عضب
وقام دون الردى
غلظ السواعد غلب
وناقلت بالعوالي ذؤبـ
ذُؤبَانُ لَيْلٍ تَخُبّ
قضيت نحبا قضى بعـ
ده من المجد نحب
وَلَمْ يَكُنْ لكِ إلاّ
من المقادير خطب
ودُونَ كُلّ حِجَابٍ
مِنَ العَفَافَة ِ حُجْبُ
وَقَبْرُكِ الصّوْنُ مِنْ قَبْـ
ان يضمك ترب
كانني كل يوم
قلبي اليك اصب
كَمْ ذا الأمَانُ وَللنّا
ـقَرْحُ عَادَ قَلْبيَ نَدْبُ
يَكِلّ وَاقِعُ طَرْفي
عمن سواك وينبو
أُجِلُّ قَبرَكِ عَنْ أنْ
أقُولَ حَيّاهُ رَكْبُ
او ان اقول سقاه
صوب الغمام المرب
الا لحاجة نفس
تهفو اليك وتصبو
او ان يبل غليل
ان بل قبرك شرب
وكيف يظمأ قبر
فيهِ الزّلالُ العَذْبُ
أمْ كَيْفَ تُظْلِمُ أرْضٌ
أُجِنّ فيهَا الشّهْبُ
نوارها المجد لا
ـوَة ُ الرُّبَى وَالعِرْبُ
جَاوَرْتِ جَاراً تَلَقّا
ك منه برور حب
شِعْبٌ غَدا، وَهْوَ للّـ
ـه والملائك شعب
يا نَوْمَة ً ثُمّ مِنْهَا
الى الجنان المهب
إنْ كَانَ للشّخْصِ بُعدٌ
فَلِلْعَلائِقِ قُرْبُ
أغُبّهُ، وَبِرُغْمي
إنّ الزّيَارَة َ غِبّ
لَئِنْ خَلا مِنْكِ طَرْفٌ
لَقَدْ مُلي مِنْكِ قَلْبُ
وان غربت فلطا
لِعَاتِ شَرْقٌ وَغَرْبُ
خلاك ذم وذم
للدهر فيك وقصب
وَلَمْ يَزَلْ بَعْدَ يَوْمي(92/54)
مني على الدهر عتب
فكم ابيت وعندي
لذي المقادير ذنب
اقترح تعديلا على القصيدة
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> اودع في كل يوم حبيبا
اودع في كل يوم حبيبا
رقم القصيدة : 9853
-----------------------------------
اودع في كل يوم حبيبا
وَأُهدي إلى الأرْضِ شَخصاً غَرِيبَا
وارجع عنه جميل العزاء
أمْسَحُ عَنْ نَاظِرَيّ الغُرُوبَا
كَأنّيَ لَمْ أدْرِ أنّ السّبيـ
ـلَ سَبيلي، وَأنّي مُلاقٍ شَعُوبَا
وَأنّ وَرَائيَ سَوْقاً عَنِيفاً
وَأنّ أمَاميَ يَوْماً عَصِيبَا
ولا انني بعد طول البقاء
اصاب كما ان غيري اصيبا
اماني اوضع في غيها
لريح الغرور بها مستطيبا
تَذَكّرْ عَوَاقِبَ مُوبي النّبَاتِ
ولا تتبع العين مرعى خصيبا
قعدت بمدرجة النائبات
يُمِرّ الزّمَانُ عَليّ الخُطُوبَا
عَلى الهَمّ أُنْفِقُ شَرْخَ الشّبابِ
وَأُعْطي المَنَايَا حَبيباً حَبيبَا
تصاممت عن هتفات المنون
بغَيرِي وَلا بُدّ مِنْ أنْ أُجِيبَا
واعلم اني ملاقي التي
شَعَبْنَ قَبَائِلَنَا وَالشّعُوبَا
ألا إنّ قَوْمي لِوِرْدِ الحِمَامِ
مضوا امما واجابوا المهيبا
بِمَنْ أتَسَلّى وَأيْدي المَنُونِ
تُخَالِسُ فَرْعي قَضِيباً قَضِيبَا
نزعن قوادم ريش الجناح
وَأثْبتْنَ في كُلّ عُضْوٍ نُدُوبَا
نجُومٌ، إذا شَهِدُوا الأنْدِيَاتِ
رجوم اذا ما اقاموا الحروبا
إذا عَقَدُوا للعَطَاءِ الحُبَى
وان زعزعوا للطعان الكعوبا
عَرَاعِرُ لا يَنْطِقُونَ الخَنَا
ولا يحفظون الكلام المعيبا
يُرِمّ الفَتَى مِنْهُمُ جُهْدَهُ
فَإنْ قَالَ قالَ بَليغاً خَطِيبَا
جلابيب لا تضمر الفاحشات
وَأرْدِيَة ٌ لا تَضُمّ العُيُوبَا
وبشر يهاب على حسنه
فتحسبه غضبا أو قطوبا
لَقَدْ أرْزَمَتْ إبِلي بَعْدَكُمْ
وَأبْدى لها كُلُّ مَرْعًى جُدُوبَا
نَزَعْتُ أزِمّتَهَا للمقَامِ
واعفيت منها الذرى والجنوبا
لمن اطلب المال من بعدكم
واحفى الحصان وانضى الجنيبا
حَوامي جِبَالٍ رَعَاها الحِمَامُ(92/55)
فَسَوّى بِهِنّ الثّرَى وَالجُنُوبَا
وكم واضح منكم كالهلال
لِ هَالَتْ يَدايَ عَلَيْهِ الكَثِيبَا
وَنَازَعَني المَوْتُ مِنْ شَخْصِهِ
سنانا طريراً وعضباً مهيبا
وَحِلْماً رَزِيناً وَأنْفاً حَمِيّاً
وعزما جريا ورايا مصيبا
صوارم اغمدتها في الصعيد
وفللت منها الظبا والغروبا
أقُولُ لرَكْبٍ خِفَافِ المَزَادِ
وقد بدلوا بالوضاء الشحوبا
الموا باجواز تلك القبور
فَعرّوا الجِيَادَ وَجُزّوا السّبيبَا
قِفُوا فامْطِرُوا كلّ عَينٍ دَماً
بها واملؤا كل قلب وجيبا
ولا تعقروا غير حب القلوب
بِ، إذا عَقَرَ النّاسُ بُزْلاً وَنيبَا
وَإنّي عَلى أنْ رَمَاني الزّمَانُ
واعقب بالقلب جرحا رغيبا
لَتَعجُمُ منّي ضُرُوسُ الخُطُو
بِ قَلْباً جَليداً وَعُوداً صَلِيبا
وابقى العواجم من صعدتي
عَشَوْزَنَة ً تَسْتَقِلّ النّيُوبَا
أخِلاّءِ! لا زَالَ جَمُّ البُرُوقِ
أجشُّ الرّعُودِ يُطيعُ الجَنُوبَا
إذا مَا مَطايَاهُ جُبْنَ الفَلا
انمنا عليها الوجا واللغوبا
يشق الزاد على تربكم
ويمري على كل قبر ذنوبا
وَأسْألُ أيْنَ مَصَابُ الغَمَامِ
شُرُوقاً، إذا مَا غدا، أوْ غُرُوبَا
أضِنّ عَلى القَطْرِ أنْ يَسْتَهِلّ
على غير اجداثكم أو يصوبا
غُلِبْتُ عَلَيْكُمْ فَيَا صَفْقَة ً
غُبِنْتُ بِهَا العَيشَ غُصْناً رَطِيبَا
فَلَوْلا الحَيَاءُ لَعَطّ القُلُوبَ
عليكم عصائب عطوا الجيوبا
وَلَمْ يَكُ قَدْرُ الرّزَايَا بِكُمْ
جنانا مروعا ودمعا سكوبا
وَإنّ ضَرايحكُمْ في الصّعِيدِ
لتكسو الخبيث من الارض طيبا
وهبنا لفيض الدموع الخدود
عَلَيكُمْ، وَحَرَّ الغرامِ القُلُوبَا
لقد شغلتني المراثي لكم
بوجدي عن ان اقول النسيبا
وَكُنْتُ أعُدّ ذُنُوبَ الزّمَانِ
فَبَعْدَكُمُ لا أعُدّ الذُّنُوبَا
أرَابَ الرّدَى فيكُمُ جَاهِداً
وَزَادَ، فَجازَ مَدَى أنْ يُرِيبَا
أَ أنشد من قد اضل الحمام
عناء لعمرك اعيا الطبيبا
اقترح تعديلا على القصيدة(92/56)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لو كان يعتبني الحمام
لو كان يعتبني الحمام
رقم القصيدة : 9854
-----------------------------------
لو كان يعتبني الحمام
مُ لَطَالَ بَعْدَ اليَوْمِ عَتْبي
إنّي وَمَا عَاتَبْتُهُ
إلاّ وَأعْتَبَني بِذَنْبي
صَبْراً أُخَيَّ، فَإنّهَا
تمضى ولو وقعت بهضب
هَوّنْ عَلَيْكَ، فَقَدْ يَكُو
نُ الصّعبُ عِندَكَ غَيرَ صَعْبِ
وَانهَضْ فَما حُمِلَتْ عَلى
قصف الفقار ولا اجب
كنت الطبيب لمثلها
لَوْ يُتّقَى قَدَرٌ بِطِبّ
وَلَئِنْ رَمَى رَامي الرّدَى
غَرَضاً، فَزَعزَعَ غَيرَ سِرْبي
فلقد اصاب بسهمه
الغَرَضَينِ مِنْ عَيْني وَقَلْبي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> اذْهَبْ وَلا تَبْعَدَنَّ مِنْ رَجُلٍ!
اذْهَبْ وَلا تَبْعَدَنَّ مِنْ رَجُلٍ!
رقم القصيدة : 9855
-----------------------------------
اذْهَبْ وَلا تَبْعَدَنَّ مِنْ رَجُلٍ!
إنّ كِرَامَ الرّجَالِ قَدْ ذَهَبُوا
أدرَكْتَ فَوْقَ الذي طَلَبتَ نَدًى
غمراً وفات اللئام ما طلبوا
لا يُخْلِفُ الدّهْرُ مَا تَجُودُ بهِ
ولا يعير الرجال ما تهب
عِرْضٌ نَقِيٌّ مِنَ الوُصُومِ، إذا
احك عرض المذمم الجرب
مَضَى التّلِيدُ الأعْلَى لِطَيّبِهِ
واستأخر المنسمان والذنب
تَرْعِيَة ٌ طَاعَتِ الصّعَابُ لَهُ
وَاسْتَوْسَقَتْ في زِمَامِهِ العَرَبُ
يَا دَهْرُ رَشْقاً بِكُلّ نَائِبَة ٍ
قد انتهى العتب وانقضى العجب
رُدّ يَدِي مَا استَطَعْتَ عَنْ أرَبي
لَمْ يَبْقَ لي بَعْدَ مَوْتِهِمْ أرَبُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> على اي غرس امنُ الدهر بعد ما
على اي غرس امنُ الدهر بعد ما
رقم القصيدة : 9856
-----------------------------------
على اي غرس امنُ الدهر بعد ما
رمى فادح الايام في الغصن الرطب
ذوَى قَبلَ أنْ تَذوِي الغصُونُ، وَعهدُه
قَرِيبٌ بِأيّامِ الرَّبيلَة ِ وَالخِصْبِ
كَفَى أسَفاً للقَلْبِ ما عِشتُ أنّني
بكفي على غيني حثوت من الترب(92/57)
جرت خطرة مكنها وفي القلب عطشة
رفعت لها راسي عن البارد العذب
وَقُلْتُ لجَفني رُدّ دَمعاً عَلى دَمٍ
وللقلب عالج قرح ندب على ندب
ومما يطيب النفس بعدك انني
على قرب من ماء وردك أو قرب
الا لا جوى مس الفؤاد كذا الجوى
وَلا ذَنْبَ عندي للزّمانِ كذا الذّنْبِ
خَلا منكَ طَرْفي وَامتَلا منك خاطري
كانك من عيني نقلت الى قلبي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> مَا للهُمُومِ كَأنّهَا
مَا للهُمُومِ كَأنّهَا
رقم القصيدة : 9857
-----------------------------------
مَا للهُمُومِ كَأنّهَا
نَارٌ عَلى قَلْبي تُشَبُّ
وَالدّمْعُ لا يَرْقَا لَهُ
غَرْبٌ كأنّ العَينَ غَرْبُ
لوداع اخوان الشباب
بِ مضَتْ مَطاياهم تخُبّ
فارَقْتُهُمْ، وَالعَينُ عَيْـ
ـنٌ بعدَهم، وَالقلبُ قلبُ
ما كنت احسب انني
جلد على الارزاء صعب
او انني ابقى وظهـ
ـرِي بَعْدَ أقرَاني أجَبّ
لا الوجد منقطع الوقود
دِ وَلا مَزارُ الدمعِ غِبّ
ما اخطأتك النائبا
ت اذا اصابت من تحب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أقُولُ، وَقَدْ أرْسَلتُ أوّلَ نَظرَة ٍ
أقُولُ، وَقَدْ أرْسَلتُ أوّلَ نَظرَة ٍ
رقم القصيدة : 9858
-----------------------------------
أقُولُ، وَقَدْ أرْسَلتُ أوّلَ نَظرَة ٍ
وَلمْ أرَ مَن أهوَى قَريباً إلى جَنْبي
لَئِنْ كنتُ أخليتُ المكانَ الذي أرَى
فهَيهاتَ أنْ يَخلُو مكانُكَ من قَلبي
وكنتُ أظنّ الشّوْقَ للبُعْدِ وَحْدَهُ
ولم ادر ان الشوق للبعد والقرب
خَلا منكَ قَلبي وَامتَلا منكَ خاطري
كانك من عيني نمقلت الى قلبي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أيَا شاكِياً مِنّي لذَنْبٍ جَنَيْتُهُ
أيَا شاكِياً مِنّي لذَنْبٍ جَنَيْتُهُ
رقم القصيدة : 9859
-----------------------------------
أيَا شاكِياً مِنّي لذَنْبٍ جَنَيْتُهُ
فديتك من شاك الى حبيب
لَئنْ رابَ منّي ما يُرِيبُ فإنّني
على عدواء الدهر غير مريب
وَإنّي لأرْعَى منكَ وَالغَيبُ بَينَنا(92/58)
هوى قلما يرعى بظهر مغيب
فَهَبْ ليَ ذَنْباً واحداً، كان قُلتُه
فَمَا زَلَلٌ مِنْ حازِمٍ بعجيبِ
فيا حُسنَ حالِ الوُدّ ما دمتُ مُذنباً
اتوب وما دامت تعد ذنوبي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لا والذي قصد الحجيج لبيته
لا والذي قصد الحجيج لبيته
رقم القصيدة : 9860
-----------------------------------
لا والذي قصد الحجيج لبيته
مَا بَينَ نَاءٍ نَازِحٍ وَقَرِيبِ
وَالحِجرِ وَالحَجَرِ المُقَبَّلِ تَلتَقي
فيهِ الشّفَاهُ، وَركنِهِ المَحْجُوبِ
لا كان موضعك الذي ملكته
بين الاصالع بعد ذا لحبيب
إنّي وَجَدْتُ لَذاذَة ً لكَ في الحشا
ليست لماكول ولا مشروب
لي انة الشاكي اذا بعد المدى
مَا بَيْنَنَا وَتَنَفُّسُ المَكْرُوبِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> إنّ طَيْفَ الحَبيبِ زَارَ طُرُوقاً
إنّ طَيْفَ الحَبيبِ زَارَ طُرُوقاً
رقم القصيدة : 9861
-----------------------------------
إنّ طَيْفَ الحَبيبِ زَارَ طُرُوقاً
وَالمَطايَا بَينَ القِنَانِ وَشِعْبِ
فوق اكوارهن انضاء شوق
طَرَقُوا بالغَرَامِ دُونَ الرّكْبِ
كلما انت المطي من الاعياء
انوا من الجوى والكرب
زارني واصلاً على غير وعد
وَانْثَنَى هَاجِراً عَلى غَيرِ ذَنْبِ
كان قلبي اليه رائد عيني
فعلى العين منة للقلب
بِتُّ ألْهُو بِنَاعِمِ الجِيدِ غَضٍّ
وفم بارد المجاجة عذب
بلّ وجدي ومن راى اليوم قبلي
ناقعاً للغليل من غير شرب
سامحا لي على البعاد بنيل
كَانَ يَلْوِيهِ في زَمَانِ القُرْبِ
كَانَ عِندي أنّ الغُرُورَ لِطَرْفي
فَإذا ذَلِكَ الغُرُورُ لقَلْبي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> حلفت باعلام المحصب من منى
حلفت باعلام المحصب من منى
رقم القصيدة : 9862
-----------------------------------
حلفت باعلام المحصب من منى
وما ضم ذاك القاع والمنزل الرحب
وَكُلِّ بُجَاوِيٍّ يَجُرّ زِمَامَهُ
إذا مَا تَراخَتْ في أزِمّتِها النُّجْبُ(92/59)
وَتَرْجيعِ أصْوَاتِ الحَجيجِ وَقَد بَدا
وَقُورُ النّواحي تَستَبِدّ بهِ الحُجْبُ
وروعة يوم النحر والهدى حائر
وكل دم اودى بجمته الركب
لَقدْ جَلّ ما بَيني وَبَيْنَكَ عن قِلًى
سَوَاءٌ تَدانَى البُعدُ أوْ بَعُدَ القُرْبُ
وَلي دَمْعُ عَينٍ لا يُرَنِّقُ سَاعَة ً
ونار غرام بين جنبي لا تخبو
وقلب يمور الطرف ان قرفى الحشا
وَطَرْفٌ، إذا سَكَنْتَهُ نَفَرَ القلبُ
وجسم اذا جردته من قميصه
على الناس قالوا هكذا يفعل الحب
فَما لي عَلى ما بي أُعَنَّفُ في الهَوَى
وَيُرْمِضُني العَذْلُ المُؤرِّقُ وَالعَتبُ
عَلى حِينَ أُعطيكَ الوَفَاءَ مُصَرَّحاً
وَأُصْفيكَ محْضَ الوُدّ ما عظمَ الخطبُ
وكنت اذا فارقت دارك ساعة
صَمَتُّ، فَلا جِدٌّ لَدَيّ وَلا لِعبُ
الا ليت شعري هل ابيتن ليلة
بميثاء يلطى في اباطحها الثرب
تطرقها ماء الغمام ودرجت
بها الريح مخضراً كما نشر العصب
وَهَلْ أذْعَرَنْ قَلْبَ الظّلامِ بفِتْيَة ٍ
تَهاوَى بهِمْ قُودُ السّوَالِفِ أوْ قُبّ
وَهَلْ أرِدَنْ مَاءً وَرَدْنا بِمِثْلِهِ
جميعاً وفي غصن الهوى ورق رطب
وهل لي بدار انت فيها اقامة
فانشرلا ما تطوى الرسائل والكتب
سلوت المعالي ان سلوتك ساعة
وما انا الا مغرم بالعلى صب
احصاءات/ آخر القصائد | خدمات الموقع
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يقر بعيني ان ارى لك منزلاً
يقر بعيني ان ارى لك منزلاً
رقم القصيدة : 9863
-----------------------------------
يقر بعيني ان ارى لك منزلاً
بنعمان يزكو تربه ويطيب
وَأرْضاً بِنُوّارِ الأقَاحي صَقيلَة ً
تَرَدَّدُ فيهَا شَمْألٌ وَجَنُوبُ
واي حبيب غيب الناءي شخصه
وَحَالَ زَمَانٌ دُونَهُ وَخُطُوبُ
تطاولت الاعلام بيني وبينه
واصبح نائي الدار وهو قريب
لك الله من مطلولة القلب بالهوى
قَتيلَة ِ شَوْقٍ، وَالحَبيبُ غَريبُ
أُقِلُّ سَلامي إنْ رَأيْتُكِ خِيفَة ً
وَأُعْرِضُ كَيما لا يُقَالَ مُرِيبُ
واطرق والعينان يومض لحظها(92/60)
إلَيكِ، وَمَا بَينَ الضّلوعِ وَجيبُ
يقولون مشغوف الفؤاد مروع
وَمَشغُوفَة ٌ تَدْعُو بِهِ فَيُجيبُ
وما علموا انا الى غير ريبة
بقاء الليالي نغتدي ونؤب
عَفَافيَ مِنْ دُونِ التّقِيّة ِ زَاجِرٌ
وَصَوْنُكِ من دونِ الرّقيبِ رَقيبُ
عشقت ومالي يعلم الله حاجة
سوى نظري والعاشقون ضروب
وما لي يالمياء بالشعر طائل
سوى ان اشعاري عليك نسيب
أُحِبّكِ حُبّاً لَوْ جَزَيْتِ بِبَعضِهِ
أطاعَكِ مِنّي قَائِدٌ وَجَنِيبُ
وفي القلب داء في يديك دواؤه
إلاَ رُبّ داءٍ لا يَرَاهُ طَبِيبُ
سرى لك من اوطانه كل عارض
تَضاحَكَ فيهِ البَرْقُ وَهوَ قَطُوبُ
ولا زال خفاق النسيم مرقرقاً
عَلَيْكِ، وَأنْوَاءُ الغَمَامِ تَصُوبُ
Webstats4U - Free web site statistics
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أغيبُ فأنسَى كلّ شيءٍ سِوَى الهَوَى
أغيبُ فأنسَى كلّ شيءٍ سِوَى الهَوَى
رقم القصيدة : 9864
-----------------------------------
أغيبُ فأنسَى كلّ شيءٍ سِوَى الهَوَى
وان فجعتني بالحبيب النوائب
وَلا زَادَ يَوْمُ البَيْنِ إلاّ صَبَابَة ً
فلا الشوق منسي ولا الدمع ناضب
احن اذا حنت ركابي وفي الحشا
بلابل لا تعيا بهن النجائب
فعندي اشتياق ما يحن اخو الهوى
وعندي لغوب ما تحن الركائب
وَإنّي لأرْعَى مِنْ وَدادِ أحِبّتي
علي بعدٍ ما لا تراعي الاقارب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> هَلْ نَاشِدٌ لي بِعَقيقِ الحِمَى
هَلْ نَاشِدٌ لي بِعَقيقِ الحِمَى
رقم القصيدة : 9865
-----------------------------------
هَلْ نَاشِدٌ لي بِعَقيقِ الحِمَى
غُزَيِّلاً مَرّ عَلى الرّكْبِ
افلت من قانصه غرة
وعاد بالقلب الى السرب
وَأظْمَأ القَلْبَ إلى مَالِكٍ
لا يحسن العدل على القلب
يَعْجَبُ مِنْ عَجْبي بهِ في الهَوَى
وَاعَجَبي مِنْهُ وَمِنْ عُجْبي
أقْرُبُ بالوُدّ، وَيَنأى بهِ
وَيْلي عَلى بُعْدِكَ مَنْ قُرْبِ
منعم يعطف منه الصبا
لعب الصبا بالغصن الرطب(92/61)
بَلادَة ُ النّعْمَة ِ في طَبْعِهِ
وربما ناقش في الحب
اما اتقى الله على ضعفه
مُعَذّبُ القَلْبِ بِلا ذَنْبِ
يا ماطلاًلي بديون الهوى
من دل عينيك على قلبي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> رماني كالعدو يريد قتلي
رماني كالعدو يريد قتلي
رقم القصيدة : 9866
-----------------------------------
رماني كالعدو يريد قتلي
فغالطني وقال انا الحبيب
وانكرني فعرفني اليه
لَظَى الأنْفَاسِ وَالنّظَرُ المُرِيبُ
وقالوا لم اطعت وكيف اعصي
أمِيراً مِنْ رَعِيّتِهِ القُلُوبُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وشممت في طفل العشية نفحة
وشممت في طفل العشية نفحة
رقم القصيدة : 9867
-----------------------------------
وشممت في طفل العشية نفحة
حَبَسَتْ بِرَامَة َ صُحْبَتي وَرِكَابي
مُتَمَلْمِلِينَ عَلى الرّحَالِ كَأنّما
مروا ببعض منازل الاحباب
ذكرت لي الارب القديم من الهوى
عهد الصبا وليالي الاطراب
فَبَعَثْتُ دَمعي ثمّ قُلْتُ لصَاحبي:
ايهٍدموعك يا ابا الغلاب
في ساعة لما التفت الى الصبا
بعدت مسافته على الطلاب
وَتَأرّجَتْ مِنهَا زَلازِلُ رَيْطَتي
حتى تعهارف طيبها اصحابي
فكانما استعقبت فارة تاجر
وَبَعَثْتُ فَضْلَتَها إلى أثْوَابي
اشكو اليك ومن هواك شكايتي
وَيَهُونُ عِندَكَ أنْ أبيتَ كَمَا بي
يا ماطلي بالدين وهو محبب
من لي بدائم وعدك الكذاب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> اي عيد من الهوى عاد قلبي
اي عيد من الهوى عاد قلبي
رقم القصيدة : 9868
-----------------------------------
اي عيد من الهوى عاد قلبي
بعد ما جعجع الدجا بالركب
لو دعاني من غير ارضك داع
لغرام لكنت غير ملبي
اين ظبي بذي النقا يوقد النا
ر عشاءبالمندليّالرطب
كلما اخمدت زهاها بضوء الحسن
من جيده وضوء القلب
سكن الهضب من قبا فوجدنا
اثراً للهوى بذاك الهضب
لَيْتَ أحبَابَنا، وَقَدْ أشرَقُونَا
سَوّغُونَا بَرْدَ الزّلالِ العَذْبِ(92/62)
يَا لهَا نظرَة ً عَلى الشِّعبِ دَلّتْـ
غروراً على غزال الشعب
قَسَمُوا السّوءَ بينَ عَيْني وَقَلبي
لم جنى ناظري فعذب قلبي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ألا أيّها الرّكبُ اليَمانُونَ عَهدُكم
ألا أيّها الرّكبُ اليَمانُونَ عَهدُكم
رقم القصيدة : 9869
-----------------------------------
ألا أيّها الرّكبُ اليَمانُونَ عَهدُكم
عَلى مَا أرَى ، بالأبْرَقَينِ قَرِيبُ
وان غزالا جزتم بكناسه
على النأي عندي والمطتال حبيب
ولما التقينا دل قلبي على الجوى
دَليلانِ: حُسنٌ في العُيُونِ وَطيبُ
وَلي نَظْرَة ٌ لا تَمْلِكُ العَينُ أُختَها
مخافة يثنوها علي رقيب
وهل بنفعني اليوم دعوى برائة
لقلبي ولحظي يا اميم مريب
وَأنْهَلَني في القَعْبِ فَضْلُ غَبُوقهِ
خَليطانِ: رِيقٌ بَارِدٌ وَضَرِيبُ
وَلَوْ نَفَضَتْ تِلْكَ الثّنِيّاتُ بَرْدَها
عَلى الصّبِرِ المَمْرُورِ كادَ يَطيبُ
فيا برد ماء ذاب ما ذيق برده
بلى ان لي قلباً عليه يذوب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يا رِيمَ ذا الأجْرَعِ يَرْعَى بِهِ
يا رِيمَ ذا الأجْرَعِ يَرْعَى بِهِ
رقم القصيدة : 9870
-----------------------------------
يا رِيمَ ذا الأجْرَعِ يَرْعَى بِهِ
ثمار قلبي بدل الرطب
هَنَاكَ شُرْبُ الدّمْعِ مِنْ نَاظرِي
يا مشرقي بالبارد العذب
انتا على البعد همومي اذا
غِبْتَ، وَأشجَاني عَلى القُرْبِ
لا أتْبَعُ القَلْبَ إلى غَيرِكُمْ
عيني لكم عين على قلبي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لا يُبْعِدَنّ اللَّهُ بُرْدَ شَبيبَة ٍ
لا يُبْعِدَنّ اللَّهُ بُرْدَ شَبيبَة ٍ
رقم القصيدة : 9871
-----------------------------------
لا يُبْعِدَنّ اللَّهُ بُرْدَ شَبيبَة ٍ
ألقَيْتُهُ بِمِنًى ، وَرُحْتُ سَلِيبَا
شعر صحبت به الشباب غرانقا
وَالعَيشَ مُخضَرَّ الجَنابِ رَطِيبَا
بَعْدَ الثّلاثِينَ انْقِرَاض شَبيبَة ٍ
عجبا اميم لقد رأيت عجيبا(92/63)
قَدْ كانَ لي قَطَطاً يُزَيّنُ لِمّتي
شَرْوَى السّنَانِ يُزَيّنُ الأُنْبُوبَا
فاليوم اطلب الهوى متكلفاً
حصراًوالقي الغانيات مريبا
اما بكيت على الشباب فانه
قد كان عهدي بالشباب قريبا
لو كان يرجع ميت بتفجع
وَجَوًى شَققتُ على الشّبابِ جيوبَا
وائن حننت الى منى من بعدها
فَلَقَدْ دَفَنتُ بِها الغَداة َ حَبيبَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وَلَقَدْ مَرَرْتُ عَلى دِيَارِهِمُ
وَلَقَدْ مَرَرْتُ عَلى دِيَارِهِمُ
رقم القصيدة : 9872
-----------------------------------
وَلَقَدْ مَرَرْتُ عَلى دِيَارِهِمُ
وطلولها بيد البلى نهب
فوقفت حتى ضج من لغب
نضوي ولج بعذلي الركب
وَتَلَفّتَتْ عَيني، فَمُذْ خَفِيَتْ
عنها الطلول تلفت القلب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ولق اكون من الغواني مرة
ولق اكون من الغواني مرة
رقم القصيدة : 9873
-----------------------------------
ولق اكون من الغواني مرة
بِأعَزّ مَنْزِلَة ِ الحَبيبِ الأقْرَبِ
اقتادهن بفاحم متخايل
فيُرِيبُني وَيَرِينُ لي وَيَزِينُ بي
واذا دعوت اجبن غير شوامس
زَفَفَ النّيَاقِ إلى رُغَاءِ المُصْعَبِ
فاليوم يلوين الوجوه صوادفاً
صد الصحاح عن الطليّ الاجرب
واذا لطفت لهن قال عواذلي
ذئب الغضاة يريغ ود الربرب
فَلَئِنْ فُجِعْتُ بِلِمّة ٍ فَيْنَانَة ٍ
مات الشباب بها ولما يعقب
فَلَقَدْ فُجِعْتُ بِكُلّ فَرْعٍ باذخٍ
من عِيصِ مُدرِكَة َ الأعزّ الأطيَبِ
قَوْمي تَقارَعَتِ السِّنُونُ عَلَيْهِمُ
فثلمن كل فتى كحد المقضب
شُعَباً مُفَرَّقَة ً يَطِيرُ فُضَاضُهَا
كالقعب منصدعاًولما يرأب
هَتَفَ الرّدَى بِجَميعِهِمْ فتَتَابَعُوا
طَلْقَ العُطَاسِ بَني أبٍ وَبني أبِ
وردوا واني بعدهم كظمية
تسل القوارب عن بلوغ المشرب
طرق الزمان بكل خطب بعدهم
فَإذا رَأيْتُ عَجيبَة ً لَمْ أعْجَبِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> غدا في الجيرة الغادين لبي
غدا في الجيرة الغادين لبي(92/64)
رقم القصيدة : 9874
-----------------------------------
غدا في الجيرة الغادين لبي
جَميعاً، ثُمّ رَاجَعَني وَثَابَا
لئن فارقتهم وبقيت حيا
لقد فارقت بعدهم الشبابا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> تَمَلَّ مِنَ التّصَابي حِينَ تُمْسِي
تَمَلَّ مِنَ التّصَابي حِينَ تُمْسِي
رقم القصيدة : 9875
-----------------------------------
تَمَلَّ مِنَ التّصَابي حِينَ تُمْسِي
وَلا أمَمٌ صِبَاكَ، وَلا قَرِيبُ
سواد الراس سلم للتصابي
وَبَينَ البِيضِ وَالبِيضِ الحُرُوبُ
وَوَلاّكَ الشّبَابُ عَلى الغَوَاني
فبادر قبل يعزلك المشيب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> الدمع مذ بعد الخليط قريب
الدمع مذ بعد الخليط قريب
رقم القصيدة : 9876
-----------------------------------
الدمع مذ بعد الخليط قريب
وَالشّوْقُ يَدْعُو، وَالزّفيرُ يُجيبُ
ما كنت اعلم ان يوم فراقكم
تبقي عليَّ نواظر وقلوب
إنّ لمْ تَكُنْ كَبِدي غَداة َ وَداعكم
ذابت فاعلم انها ستذوب
داء طلبت له الاساة فلم يكن
إلاّ التّعَلّلُ بالدّمُوعِ طَبيبُ
اما اقمت فان دمعي غالب
لِعَوَاذِلي، وَتَجَلّدِي مَغْلُوبُ
ابقوا عليلاً بعدهم لا برؤه
يجى ولا الامال فيه تخيب
كطريد يوم الورد طال هيامه
فَغَدا يَحُومُ عَلى الرّدَى وَيَلُوبُ
بفُؤادِهِ وَبصَفحَتَيْهِ مِنَ الصّدَى
ومن الرماء عن الحياض ندوب
أسوان يفتق صبره افتاقة
أمَماً، وَبَغْمِزُ بالجَوَى ، فيَغيبُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وابيض كالنصل من همه
وابيض كالنصل من همه
رقم القصيدة : 9877
-----------------------------------
وابيض كالنصل من همه
قِرَاعُ المُطالِبِ للطّالِبِ
انيس اليدين ببذل النوال
اذا احتشمت راحة الواهب
فَتًى كَمّلَ المَجْدُ أخْلاقَهُ
فَسَدّ الفِجَاجَ عَلى العَائِبِ
دعا فاطعت وكان الدعاء
إلى الفَخْرِ وَالشّرَفِ الرّاتِبِ
وَكُنْتَ إلى مِثْلِهَا في النّهُو
اثقل من كاهل الحاطب(92/65)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ابرا الى المجد من حرصي على الطلب
ابرا الى المجد من حرصي على الطلب
رقم القصيدة : 9878
-----------------------------------
ابرا الى المجد من حرصي على الطلب
ومن قراعي على الارزاق والرتب
لَوْ أنصَفَ الدّهرُ دَلّتْني غَياهِبُهُ
على العلى بضياء العقل والحسب
ما ينفع المرء احساب بلا جدة
اليس ذا منتهى حظي وذاك ابي
الآن اطلب ثاراتي بمقربة
خَدَعتُها عن غَميرِ النَّورِ وَالعُشُبِ
يجول صدر الضحى في افق قسطلها
واليوم بين العوالي ضيق اللبب
أنْضَيتُ سِتّاً وَعَشْراً ما قَضَيتُ بها
سوى المنى وطراً الا من الادب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لَعَلّ الدّهْرَ أمْضَى مِنْكَ غَرْبَا
لَعَلّ الدّهْرَ أمْضَى مِنْكَ غَرْبَا
رقم القصيدة : 9879
-----------------------------------
لَعَلّ الدّهْرَ أمْضَى مِنْكَ غَرْبَا
وَأقْوَى في الأُمُورِ يَداً وَقَلْبَا
ومقلته اذا لحظت حسامي
تغض مهابة وتفيض رعبا
فكيف وانت اعمى عن مقالي
ولو عاينته لرأيت شهبا
عذرتك انت اردى الناس اصلا
واخبث منصبا واذل جنبا
وَأنْتَ أقَلُّ في عَيْنَيّ مِنْ أنْ
اروعك أو اشن عليك حربا
أأعْجَبُ مِنْ خِصَامِكَ لي وَجَدّي
رسول الله يوسع منك سبا
وَمَنْ رَجَمَ السّمَاءَ، فَلا عَجيبٌ
يقال حثا بوجه البدر تربا
فإنّكَ إنْ هَجَوْتَ هَجَوْتَ لَيثاً
وَإنّي إنْ هَجَوْتُ هَجَوْتُ كَلْبَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> خَليلَيّ مَا بَيْني وَبَينَ مُحَرِّقٍ
خَليلَيّ مَا بَيْني وَبَينَ مُحَرِّقٍ
رقم القصيدة : 9880
-----------------------------------
خَليلَيّ مَا بَيْني وَبَينَ مُحَرِّقٍ
سوى وقع اطراف القنا والقواضب
أتَاني بِهَا بَزْلاءَ تُلْقي جِرَانَهَا
على خير بيت في لؤي بن غالب
وَفَازَ بِكُومٍ ذي رِقَابٍ مُنيفَة ٍ
واسنمة ملوية بالغوارب
ارى ابلي مطروحة عن مراحها
يَصِيحُ بِهَا الأعْداءُ مِنْ كلّ جانِبِ(92/66)
اذا هن طالعن المياه عشية
نَشَجنَ وَرَاءَ الذّوْدِ نَشجَ الغرَائِبِ
وَكُنّا، إذا مَا أبْعَدَ المَجْدُ غَايَة ً
دفعنا اليها من صدور النجائب
تَسِيرُ أمَامَ العَاصِفَاتِ كَأنّهَا
طَلائِعُ أعْنَاقِ الصَّبَا وَالجَنَائِبِ
خَوَارِجُ مِنْ لَيْلٍ كَأنّ نجُومَهُ
بَياضُ الحصَى بالأمعَزِ المُتَرَاكِبِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> إيّاكَ أنْ تَسْخُو بِوَعْـ
إيّاكَ أنْ تَسْخُو بِوَعْـ
رقم القصيدة : 9881
-----------------------------------
إيّاكَ أنْ تَسْخُو بِوَعْـ
س عزمك ان تفي به
فالصدق يحسن بالفتى
والكذب يحسب من عيوبه
واذا قدرت على الوفا
ءِ، فَعَدِّ عَنْ غَدْرٍ وَذِيبِهْ
اشكوك ام اشكو الزمان
نَ، لأنّ مَطلَكَ مِنْ ذُنُوبِهْ
بل اشتكيه فكم دفعتُ
ـتُ إلى الغَرَائِبِ مِنْ خُطُوبِهْ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> سَما كَبطونِ الأُتنِ رَيعانُ عارِضٍ
سَما كَبطونِ الأُتنِ رَيعانُ عارِضٍ
رقم القصيدة : 9882
-----------------------------------
سَما كَبطونِ الأُتنِ رَيعانُ عارِضٍ
تُزَجّيهِ لَوْثَاءُ النّسِيمِ جَنُوبُ
رغا بين دوح الواديين برعده
رغاء مطايا مسهن لغوب
بصير برمي القطر حتى كانه
على الرمل قارئُ السهام نجيب
تدافع اما برقة فصوارم
جَلاءً، وَأمّا عَرْضُهُ فكَثِيبُ
اذا ما اراق الماء اسفر وجهه
وَيَغدُو بِعِبْءِ المَاءِ، وَهْوَ قَطوبُ
سَهِرْتُ لَهُ نَابي الوِسَادَة ِ، بَرْقُهُ
يحوم على اعناقه ويلوب
فؤادي بنجد والفتى حيث قلبه
أسِيرٌ، وَمَا نَجْدٌ إليّ حَبِيبُ
وَمَا لي فِيهِ صَبْوَة ٌ غَيْرَ أنّني
خلعت شبابي فيه وهو رطيب
بلى ان قلباً ربما التاح لوحة
فَهَلْ مَاؤهُ للوَارِدِينَ قَرِيبُ
ألاَ هَلْ تَرُدّ الرّيحُ، يا جَوّ ضَارجٍ
نَسيمَكَ يَحْلَوْلي لَنَا وَيَطِيبُ
وَهَلْ تَنْظُرُ العَيْنُ الطّلِيحَة ُ نظرَة ً
إلَيك، وَمَا في المَاقِيَيْنِ غُرُوبُ
وما وجد ادمأ الاهاب مروعة(92/67)
لاحشائها تحت الظلام وجيب
ترود طلا اودت به غفلاتها
وفي كل حي للمنون نصيب
بغومٍ عَلى آثَارِهِ، وَقَدِ اكْتَسَى
ظَلامَ الدّيَاجي غَائِطٌ وَسُهُوبُ
فَلَمّا أضَاءَ الصّبْحُ لاحَ لعَيْنِهَا
دم بين ايدي الضاريات صبيب
كوَجدي وَقَدْ عَرّى الشّبابُ جَوادَه
وَغَيّرَ لَوْنَ العَارِضَيْنِ مَشِيبُ
ولكنها الايام اما قليبها
فمكدٍ واما برقها فخلوب
إذا مَا بَدَأنَ الأمرَ أفسَدْنَ عَقبَهُ
وَعَفّى عَلى إحسَانِهِنّ ذُنُوبُ
فَلِلّهِ دَرّي يَوْمَ أنْعَتُ قَوْلَة ً
لها في رؤوس السامعين دبيب
ولله دري يوم اركب همة
الى كل ارض اغتدي وأؤوب
وكمْ مَهمَة ٍ جاذَبتُ بالسّيرِ عَرْضَهُ
وَغالَبتُهُ بالعَزْمِ، وَهوَ غَلُوبُ
وَلَيْلٍ رَأيتُ الصّبحَ في أُخْرَيَاتِهِ
كمَا انسَلّ من سِرّ النّجادِ قَضِيبُ
سريت به اوفي على كل ربوة
وَلَيسَ سِوَى نَجْمٍ عَليّ رَقيبُ
وَأزْرَقِ مَاءٍ قَدْ سَلَبْتُ جُمامَه
يعوم الشوى في غمره ويغيب
وَهَاجِرَة ٍ فَلَّلْتُ بالسّيرِ حدّها
ولا ظل الا ذابل ونجيب
وَألأمِ مَصْحُوبٍ قَذَفْتُ إخَاءَهُ
عَنِ الرّوْعِ وَالإصْباحُ فيه مُرِيبُ
حَبَسْتُ بِهِ قَلْباً جَرِيّاً على الرّدى
وقد رجفت تحت الصدور قلوب
وطعنة رمح قد خرطت نجيعها
كمَا مَاجَ فَرْغٌ في الإنَاءِ ذَنُوبُ
وضربة سيف قد تركت مبينة
وحاملها عمر الزمان معيب
والام مصحوب قذفت اخائه
كمَا قَذَفَ المَاءَ المَرِيضَ شَرُوبُ
وَمَنْ كَانَ مَا فَوْقَ النّجومِ طِلابُه
أمَلّ عَنَاءٌ قَلْبَهُ وَدُؤوبُ
نَظَرْتُ إلى الدّنْيَا بِعَينٍ مَرِيضَة ٍ
وَمَا ليَ مِنْ داءِ الرّجَاءِ طَبِيبُ
وَمَنْ كانَ في شُغلِ المُنَى فَفراغُهُ
منال الاماني اوردى وشعوب
فَما لي طُولَ الدّهرِ أمشِي كَأنّني
لفَضْليَ في هَذا الزّمَانِ غَرِيبُ
إذا قُلتُ قَدْ عَلّقتُ كَفّي بصَاحبٍ
تعود عواد بيننا وخطوب
وَمَا فيهِ شَيْءٌ خَالِدٌ لمُكَادِحٍ
وكل لغايات الامور طلوب(92/68)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يا سَعْدَ كُلِّ فُؤادٍ في بُيُوتِكُمُ
يا سَعْدَ كُلِّ فُؤادٍ في بُيُوتِكُمُ
رقم القصيدة : 9883
-----------------------------------
يا سَعْدَ كُلِّ فُؤادٍ في بُيُوتِكُمُ
مثلي تحكم فيه الظلم والشنب
إنّي لأكْرِمُ نَفْسِي أنْ يُقَالَ جَنَى
عَلى الفَتَى العَرَبيّ الخُرّدُ العُرُبُ
إنّي عَلى شَغَفي بالحُبّ مُعتَذِرٌ
من ان يقال شجاع فلهُ الوصب
إنّا مَعَاشِرُ لا تَبْلى مَطارِفُنَا
إلاّ وَهُنّ لطُلاّبِ النّدَى سَلَبُ
مُوَقَّرُونَ وَأيْدِي الحِلْمِ طائِشَة ٌ
وَالجِدُّ يُنقِصُ مِنْ أطرَافهِ اللّعِبُ
فالان تغصبنا الدنيا غضارتها
ظلماً وتاخذ من ايامنا النوب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> الى كم لاتلين على العتاب
الى كم لاتلين على العتاب
رقم القصيدة : 9884
-----------------------------------
الى كم لاتلين على العتاب
وَأنْتَ أصَمُّ عَنْ رَدّ الجَوَابِ
حذارك ان تغالبني غلابا
فَإنّي لا أدُرّ عَلى الغِضَابِ
وَإنّكَ إنْ أقَمْتَ عَلى أذَاتي
فتحت الى انتصاري كل باب
واحلم ثم يدركني ابائي
وَكَمْ يَبقَى القَرِينُ عَلى الجِذابِ
اذا وليتني ظفراً ونابا
فدونك فاخش من ظفري ونابي
فان حمية القرناء تطغى
فَتَثْلِمُ جانِبَ النّسَبِ القُرَابِ
نفرالى الشراب اذا غصصنا
فكَيْفَ إذا غَصَصْنا بالشّرَابِ
فلا تنظر اليَّ بعين عجز
فَرُبّ مُهَنّدٍ لَكَ في ثِيَابي
وَمَن لكَ بي يَرُدّ عَلَيكَ شَخصِي
اذا اثبت رجلي في الركاب
وما صبري وقد جاشت همومي
إلى أمْرٍ وَعَبّ لَهُ عُبَابي
سيرمي عنك بي مرمى بعيد
وَتَغْدُو غَيْرَ مُنْتَظِرٍ إيَابي
اذا الاشفاق هزك عدت منه
بِعَضّ أنَامِلٍ أوْ قَرْعِ نَابِ
وَتَسمَعُ بي وَقَدْ أعلَنتُ أمْرِي
فتعلم ان دأبك غير دابي
ورب ركائب من نحو ارضي
تخب اليك بالعجب العجاب
وَتُظْهِرُ أُسرَة ً مِنْ سِرّ قَوْمي
تمد الى انتظاري بالرقاب
وَتُصْبِحُ لا تَني عَجَباً وَقَوْلاً:(92/69)
أهَذا الحَدّ أطْلَقَ مِنْ ذُبَابي
فكَيْفَ إذا رَأيْتَ الخَيْلَ شُعْثاً
طَلَعْنَ مِنَ المَخارِمِ وَالعِقَابِ
تعاظل كالجراد زفته ريح
فمر يطيعها يوم الضباب
أمَضّتْهَا الشّكائِمُ فَهيَ خُرْسٌ
تسيل لها دماً بدل اللعاب
تُذَكّرُكُمْ بِذي قَارٍ طِعَاناً
وما جر القنا يوم الكلاب
عليها كل ابلج من قريش
لَبِيقٍ بِالطّعَانِ وَبِالضّرَابِ
يَسِيرُ، وَأرْضُهُ جُرْدُ المَذاكي
وجو سمائه ظل العقاب
وعندي للعدى لا بد يوم
يُذِيقُهُمُ المَسَمَّمَ مِنْ عِقابي
فانصب فوق هامهم قدوري
وَأمْزُجُ مِنْ دِمَائِهِمُ شَرَابي
واركز في قلوبهم رماحي
واضرب في ديارهم قبابي
فان اهلك فعن قدر جري
وَإنْ أمْلِكْ فَقَدْ أغنَى طِلابي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لمْ يَبْقَ عِنْدِي مِنَ الإباءِ سِوَى الـ
لمْ يَبْقَ عِنْدِي مِنَ الإباءِ سِوَى الـ
رقم القصيدة : 9885
-----------------------------------
لمْ يَبْقَ عِنْدِي مِنَ الإباءِ سِوَى الـ
ـنّظْرَة ِ مُحَمّرَة ٍ مِنَ الغَضَبِ
وَعَضِّ كَفّي عَلى الزّمَانِ مِنَ الغَيْـ
ـظِ، وَشَكْوَى وَقَائِعِ النُّوَبِ
او زفرة تحسب الضلوع لها
أُطْرَ قِسِيٍّ يَرْمِينَ بِاللّهَبِ
مَضَى الرّجَالُ الأولى مُذِ افتَرَقُوا
عَنّيَ صَارَ الزّمَانُ يَلْعَبُ بي
أقُولُ لَمّا عَدِمْتُ نَصْرَهُمُ
والهف امي عليكم وابي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أبَا حَسَنٍ! أتَحسَبُ أنّ شَوْقي
أبَا حَسَنٍ! أتَحسَبُ أنّ شَوْقي
رقم القصيدة : 9886
-----------------------------------
أبَا حَسَنٍ! أتَحسَبُ أنّ شَوْقي
يَقِلّ عَلى مُعارَضَة ِ الخُطُوبِ
وانك في اللقاء تهيج وجدي
وامنحك السلو على المغيب
وَكَيْفَ، وَأنْتَ مُجتَمَعُ الأماني
ومجني العيش ذي الورق الرطيب
يهش لكم على العرفان قلبي
هشاشته الى الزور الغريب
وَألفُظُ غَيرَكُمْ، وَيَسوغُ عندي
ودادكم مع الماء الشروب
ويسلس في اكفكم زمامي(92/70)
وَيَعْسُو عِندَ غَيرِكُمُ قَضِيبي
وَبي شَوْقٌ إلَيْكَ أعَلَّ قَلْبي
وَمَا لي غَيرَ قُرْبِكَ مِنْ طَبيبِ
أغَارُ علَيكَ من خَلَوَاتِ غَيرِي
كما غار المحب على الحبيب
وَما أحظَى ، إذا مَا غِبتَ عَنّي
بحسن للزمان ولا بطيب
أُشَاقُ، إذا ذَكَرْتُكَ من بَعيدٍ
واطرب ان رأيتك من قريب
كانك قدمة الامل المرجى
عَلَيّ، وَطَلْعَة ُ الفَرَجِ القَرِيبِ
إذا بُشّرْتُ عَنْكَ بِقُرْبِ دارٍ
نَزَا قَلْبي إلَيْكَ مِنَ الوَجيبِ
مراح الركب بشر بعد خمس
بِبَارِقَة ٍ تَصُوبُ عَلى قَلِيبِ
أُسَالِمُ حِينَ أُبْصِرُكَ اللّيَالي
وَأصْفَحُ للزّمَانِ عَنِ الذُّنُوبِ
وانسى كلما جئت الرزايا
عَليّ مِنَ الفَوَادِحِ وَالنُّدُوبِ
تَميلُ بي الشّكُوكُ إلَيكَ حَتّى
اميل الى المقارب والنسيب
وَتَقْرَبُ في قَبيلِ الفَضْلِ مِنّي
على بعد القبائل والشعوب
أكَادُ أُرِيبُ فيكَ، إذا التَقَيْنَا
من الانفاس والنظر المريب
واين وجدت من قبلي شبابا
يحن من الغرام على مشيب
إذا قَرُبَ المَزَارُ، فَأنْتَ مِنّي
مكان الروح من عقد الكروب
وَإنْ بعُدَ اللّقَاءُ عَلى اشتِيَاقي
تَرَامَقْنَا بِألحَاظِ القُلُوبِ
أرسل القصيدة إلى صديق
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> جاءت به من مضر مهذبا
جاءت به من مضر مهذبا
رقم القصيدة : 9887
-----------------------------------
جاءت به من مضر مهذبا
مِثْلَ السّنَانِ ذَلِقاً مُذَرَّبَا
يضم برداه الجراز المقضبا
تخير الاحساب اما وابا
ابلج لا يشتم الا كذبا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لا تنكري حسن صبري
لا تنكري حسن صبري
رقم القصيدة : 9888
-----------------------------------
لا تنكري حسن صبري
إنْ أوْجَعَ الدّهْرُ ضَرْبَا
فَالعَبْدُ أصْبَرُ جِسْماً
وَالحرُّ أصْبَرُ قَلْبَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> نزوت نزاء الجندب الجون ضلة
نزوت نزاء الجندب الجون ضلة
رقم القصيدة : 9889
-----------------------------------(92/71)
نزوت نزاء الجندب الجون ضلة
إلى بَاسِلٍ عَبْلِ الذّرَاعَينِ أغْلَبِ
وَمَا كنتُ في الأحيَاءِ إلاّ ضَميمَة ً
تناط بهم نوط الاباء المذبذب
تُجَاوِرُ زَلاًّ، أوْ تُعاقِدُ قِلّة ً
من الهون لا تدلي بام ولا اب
فَحَوْلَ مَعَدٍّ مُنَجِبُونَ، وَأنْتُمُ
نِزَالَة ُ فَحْلٍ مِنهُمُ غَيرِ مُنجِبِ
تَقَنّصَهُ صَرْفُ المَقادِيرِ غِرّة ً
وكَم فاتَ مِن نابٍ عَلوقٍ وَمِخلَبِ
وَلَوْ هِيجَ للهَيْجَاءِ طَارَ بِسَرْجِهِ
جواد كذئب الردهة المتاؤب
وَكُلُّ سِنَانٍ طالِعٍ فَوْقَ ضَامِرٍ
كمَا حامَ زُنْبُورٌ على ظَهرِ عَقرَبِ
وَفِتْيَانِ غَارَاتٍ كَأنّ رِمَاحَهُمْ
بجانب ذي القرم عيدان اثأب
بِأيْمانِهِمْ بِيضٌ يُضِيءُ وُجوهَهُم
قواضب قد جربن كل مجرب
غَرَانِقُ أزْوَالٌ رَعَوْا عازِبَ الحِمَى
بِصُمّ العَوَالي، وَالصّفيحِ المُقَلَّبِ
فَلا تَحْسَبُوهَا قَطْرَة ً مِنْ دِمَائِنا
تضيع ولو في طافح النجم مطلب
اذا اعشب الشق اليماني فابشروا
بِيَوْمٍ عُقَامٍ يَنضَحُ الشرَّ أجرَبِ
فان ترحمونا اليوم نرحمكم غداً
بعود من الجزم النزاري مصعب
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لَكُم لِقْحَة ُ الأرْضِ تَحمونَها
لَكُم لِقْحَة ُ الأرْضِ تَحمونَها
رقم القصيدة : 9890
-----------------------------------
لَكُم لِقْحَة ُ الأرْضِ تَحمونَها
وَفي يَدِكُمْ صَرُّهَا وَالحَلَبْ
فمن اين نبلغ ما نشتهي
وَمِنْ أيْنَ نَطْمَعُ فيمَا نُحِبّ
إذا المَالُ أصْبَحَ في البَاخِلِينَ
فان مرجي الغنى في تعب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> انظر ابا قرّان ما تعيب
انظر ابا قرّان ما تعيب
رقم القصيدة : 9891
-----------------------------------
انظر ابا قرّان ما تعيب
ماس الذرى قومها لبيب
تُصْغي لهَا الأسمَاعُ وَالقُلُوبُ
مِثْلَ السّهَامِ كُلُّهَا مُصِيبُ
لَطِيمَة ٌ نَمّ عَلَيْها الطّيبُ
تودعها الاردان والجيوب(92/72)
ويغنم الهلباجة المعيب
يتعب ذو البراعة الاديب
يخرج عني العاسل المذروب
قَدْ قُوّمَ الأُنْبُوبُ وَالأُنْبُوبُ
فلا يزال العض والتنييب
حتى يعود الذابل الصليب
وَهْوَ بِأيْدِي مَعْشَرٍ كُعُوبُ
إنّ رَزَايَاتِ الفَتَى ضُرُوبُ
في كُلّ يَوْمٍ هَجْمَة ٌ تَلُوبُ
هَاجَ عَلَيْهَا الكَلأُ الرّطِيبُ
يطلبن ارضي والهوى طلوب
لا أمم مني ولا قريب
عِنْدَ الأعَادِي وَسْمُهَا غَرِيبُ
يَرْصُدُهنّ الحَارِبُ المُرِيبُ
لَهُ عَلى مَطْلَعِهَا رَقِيبُ
إذا طَلَعْنَ اعْتَرَضَ القَلِيبُ
تَهْوِي بِهِ الأظْفَارُ وَالنُّيُوبُ
كمَا هَوَتْ خَائِبَة ٌ طَلُوبُ
يَألَمُ قَلْبي، وَبِهَا النُّدُوبُ
يَشكُو المَطَى ما ألِمَ العُرْقُوبُ
أطْبَعُهَا، وَهْوَ بِهَا الكَسُوبُ
لي اللألي وله الثقوب
دَاءٌ عَلى إعْضَالِهِ عَجِيبُ
يَضْحَكُ مِنْ أوْصَافِهِ الطّبيبُ
هل تأمن اليوم وانت ذيب
بِهِمْ بِأكْنَافِ الحِمَى غَرِيبُ
إنْ لَمْ يَدُمّ اللَّهُ وَالخُطُوبُ
Free counter
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> كَيْفَ صَبّحْتَ أبَا الغَمْرِ بِهَا
كَيْفَ صَبّحْتَ أبَا الغَمْرِ بِهَا
رقم القصيدة : 9892
-----------------------------------
كَيْفَ صَبّحْتَ أبَا الغَمْرِ بِهَا
صعبة تنزوا نزاءَ الجندب
مرح الشقراء في مضمارها
تَتّقي الصّوْتَ بِمَرٍّ عَجَبِ
يَرْكَبُ الرّاكِبُ إنْ جَشّمَهَا
دلج الليل وتسبي المستبى
بِنتُ كَرْمٍ ظِئرُها الشّمسُ، وَما
دَرَجَتْ في حِجْرِ أُمٍّ وَأبِ
غصبت ما اثرت في جسمها
قدم العلج براس العربي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يُعَاقِبُني، وَهُوَ المُذْنِبُ
يُعَاقِبُني، وَهُوَ المُذْنِبُ
رقم القصيدة : 9893
-----------------------------------
يُعَاقِبُني، وَهُوَ المُذْنِبُ
لَقَدْ ذَلّ جَارُكَ يا جُنْدُبُ
ويعجب من غضبي جهلة
ومن ذا يضام فلا يغضب
نُزَادُ مِنَ اللّوْمِ عَنْ وِرْدِكُمْ
فَعَمّ نُزَادُ وَلا مَشْرَبُ(92/73)
نعم اعوز الطول راجيكم
فَلِمْ أعْوَزَ الأهْلُ وَالمَرْحَبُ
اذا ابلي مطلت رعيها
فهل ينفع البلد المعشب
وَهَلْ نَافِعِي ظَاهِرٌ بَاسِمٌ
وَمِنْ خَلْفِهِ بَاطِنٌ يَقْطِبُ
لَقَدْ وَقَفَ الرّكْبُ مِنْ بابِكُمْ
على مطلب ماؤه مطلب
وَمَا كُنْتُ في النّفَرِ الشّائِمِيـ
ـنَ، بِأوّلِ مَنْ غَرّهُ الخُلَّبُ
ذُنَابَى مَصَعْنَ بِأبْعَارِهِنّ
وقد يمصع الذنب الاهلب
لقد ساءني ان يموت السماح
بموت الكرام ولا يعقب
ألاَ تَعْجَبُونَ لِذِي سَوْءَة ٍ
تحكك في عرضه الاجرب
وجعجع لي ظهر عاري الصفاح
حِ عَقِيرٍ، وَقال: ألا تَرْكَبُ
وَسَوْفَ أُغَنّي بِأعْرَاضِكُمْ
غِنَاءً مِنَ الشّرّ لا يُطْرِبُ
قواف مطلن لحز الجنوب
مطل المدى جرعها موعب
وَحَسْبُكَ مِنْ سَفَهٍ أنّني
أجُدّ، وَتَحْسَبُني ألْعَبُ
وَقالُوا: احتَلِبْ دَرّهمْ بالسؤا
لِ، إنّ الغَوَارِزَ لا تُحْلَبُ
وكيف ولم يرغبوا في الثناء
إلى المَادِحِينَ وَلمْ يَرْغبُوا
لَقَدْ وَسّعَ اللَّهُ مَا ضَيّقُوا
وقد عوض الله ما خيبوا
قصيدة ياقاتلتي بصوت الشاعر
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> نزل المسيل وبات يشكو سيله
نزل المسيل وبات يشكو سيله
رقم القصيدة : 9894
-----------------------------------
نزل المسيل وبات يشكو سيله
الا علوت فبت غير مراقب
جَمَعَ المَثالبَ، ثمّ جاءَ تَعَرُّضاً
بالمخزيات يدق باب الثالب
وَإذا اجتَمَعتَ على مَعايبَ جَمّة ٍ
فتَنَحّ جهدك عَن طَرِيقِ العَايِبِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وَرَكْبٍ تَفَرّى بينهم قِطَعُ الدّجَى
وَرَكْبٍ تَفَرّى بينهم قِطَعُ الدّجَى
رقم القصيدة : 9895
-----------------------------------
وَرَكْبٍ تَفَرّى بينهم قِطَعُ الدّجَى
يسير على البيداء ينتهب التربا
يَصُدّونَ عَنْ وِرْدِ الكَرَى وَعيونُهم
خَوامسُ حتّى تَشرَبُ المَنظرَ العذبَا
اذا زعزتهم نبأة غادرتهم
وَقد أيقَظوا مِنْ بَينِ أجفانها القُضْبَا(92/74)
سروا وخيول الليل دهم وعرسوا
وَقد غادَرُوها في طِرَادِ الضّحى شُهبَا
يضوع هجير السير بين رحالهم
إذا مَا نَسِيمُ اللّيلِ في ثَوْبهِ هَبّا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أسِنّة ُ هذا المَجْدِ آلُ المُهَلَّبِ
أسِنّة ُ هذا المَجْدِ آلُ المُهَلَّبِ
رقم القصيدة : 9896
-----------------------------------
أسِنّة ُ هذا المَجْدِ آلُ المُهَلَّبِ
وَفُرّاطُهُ في كُلّ شَرْقٍ وَمَغْرِبِ
سلوني عن مجد المفعل واسئلوا
أبي عَن أبيهِ ذي الجَلالِ المُهَذَّبِ
يقل ان ذاك الليث في كل معرك
وهذا الحسام العضب في كل مضرب
وهذا الربيع الطلق رقت فروعه
نَتِيجَة َ ذاكَ العَارِضِ المُتَصَبِّبِ
أخِلاّيَ مِنْ بَينِ المُلُوكِ وَإخْوَتي
واحلى بقلبي من بعيدي واقربي
هم قومي الادنون من بين اسرتي
وان كان شعب القوم من غير مشعبي
فهذا ثناي لا اريد به الغنى
أبَى المَجدُ لي أن أجعل المدحَ مكسبي
وَلَكِنْ رَجَاءً أنْ تَكُونَ لِهِمّتي
طريقاً تؤديني الى كل مطلبي
فازحم منك الحادثات بمنكب
واقطع منك النائبات بمقضب
وارمي الى امر اظنك بابه
ألاَ إنّ بَعْضَ الظّنّ غَيرُ مُكَذَّبِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> قلْ للخطوبِ: ضَعي سلاحكِ قد حمى
قلْ للخطوبِ: ضَعي سلاحكِ قد حمى
رقم القصيدة : 9897
-----------------------------------
قلْ للخطوبِ: ضَعي سلاحكِ قد حمى
سِرْبي وَآمَنَني أبُو الخَطّابِ
ولقد حططت بك الرجاء ولم يكن
إلاّ إلَيْكَ تَسَبّبي وَطِلابي
يَا مُلْبِسي النّعَمَ القَدِيمَ لِبَاسُها
جدد عليَّ نضارة الاثواب
دار المعالي انت باب دخولها
فأذن فاني واقف بالباب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> دعوا لي اطباء العراق لينظروا
دعوا لي اطباء العراق لينظروا
رقم القصيدة : 9898
-----------------------------------
دعوا لي اطباء العراق لينظروا
سقامي وما يغني الاطباء في الحب
أشارُوا برِيحِ المَندَلِ اللّدنِ وَالشّذا(92/75)
وَرَدِّ ذَماءِ النّفسِ بالبارِدِ العَذْبِ
يُطِيلُونَ جَسّ النّابِضَينِ ضَلالَة ً
وَلوْ عَلموا جَسّوا النوابضَ من قلبي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> صاحب كالغر ليس ارى
صاحب كالغر ليس ارى
رقم القصيدة : 9899
-----------------------------------
صاحب كالغر ليس ارى
جده مني ولا لعبه
يَتّقِيني بِالخِلابِ، وَإنْ
جَدَحُوا عِرْضِي لَهُ شَرِبَهْ
داعياً لي بالخلود ولو
طَلَبُوا مِنْهُ دَمي وَهَبَهْ
قَسَماً بِالبَيْتِ طُفْتُ بِهِ
و برمي جمرة العقبة
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> بين عزمي وبينهن حروب
بين عزمي وبينهن حروب
رقم القصيدة : 9900
-----------------------------------
بين عزمي وبينهن حروب
إنّ أقْوَاهُمَا هُوَ المَغْلُوبُ
عرضت رحلة فعرض بالد
مع فهان المأمول والمطلوب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> إسَاءَتُهُ شَهْوَة ٌ ثَرّة ٌ
إسَاءَتُهُ شَهْوَة ٌ ثَرّة ٌ
رقم القصيدة : 9901
-----------------------------------
إسَاءَتُهُ شَهْوَة ٌ ثَرّة ٌ
و إحسانه درة الارنب
فقد زيد شرا إلى شره
كما استنفر الضب بالعقرب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> اخافك إن الخوف منك محبة
اخافك إن الخوف منك محبة
رقم القصيدة : 9902
-----------------------------------
اخافك إن الخوف منك محبة
وَمَا كُلُّ مَخشِيّ العِقابِ مُحَبَّبَا
لئن كان خوفي من سطاك مبعدا
فَيَا رُبّمَا كانَ الرّجَاءُ مُقَرَّبَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ضَمّوا قَوَاصِيَ كُلّ سَرْحٍ سَارِبِ
ضَمّوا قَوَاصِيَ كُلّ سَرْحٍ سَارِبِ
رقم القصيدة : 9903
-----------------------------------
ضَمّوا قَوَاصِيَ كُلّ سَرْحٍ سَارِبِ
وقفوا السوائم بالندى المتقارب
فلقد مضى حامي السروح من العدى
ومبيح اسواقها غرار القاضب
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> آهِ مِنْ دائَينِ عُدْمٍ وَمَشِيبْ
آهِ مِنْ دائَينِ عُدْمٍ وَمَشِيبْ
رقم القصيدة : 9904(92/76)
-----------------------------------
آهِ مِنْ دائَينِ عُدْمٍ وَمَشِيبْ
رُبّ سُقْمٍ لا يُداوَى بِطَبيبْ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> كان نزارا والخمول رداؤه
كان نزارا والخمول رداؤه
رقم القصيدة : 9905
-----------------------------------
كان نزارا والخمول رداؤه
غَداة َ بَغَى جَهْلاً عَليّ وَأجْلَبَا
مشبجة من خذل العين واقعت
على الماء مفتول الذراعين اغلبا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ترفق أيها المصيب
ترفق أيها المصيب
رقم القصيدة : 9906
-----------------------------------
ترفق أيها المصيب
تَرَفّقْ أيّهَا الرّامي المُصِيبُ
تسوء قطيعة وتشوق حبا
فَمَا أدْرِي عَدُوٌّ أمْ حَبِيبُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> عَذيرِي من العشرِينَ يَغمِزْنَ صُعدتي
عَذيرِي من العشرِينَ يَغمِزْنَ صُعدتي
رقم القصيدة : 9907
-----------------------------------
عَذيرِي من العشرِينَ يَغمِزْنَ صُعدتي
و من نوب الايام يقرعن مروتي
وَمِنْ هِمَمٍ أوْجَدْنَني في عَشِيرَتي
وَأكْثَرْنَ مَا بَينَ الأقارِبِ غُرْبَتي
وَمِنْ عَزَماتٍ كلَّ يَوْمٍ يَقِفنَ بي
على كل باب للمقادير مصمت
وَمِنْ مُهْجَة ٍ لا تَرْأمُ الضّيمَ مَرّة ً
يُعَجِّلُ عَنْ دارِ المَذَلّة ِ نَهْضَتي
وَمِنْ لوْعة ٍ للحُبّ مَشحوذَة ِ الظُّبَى
إذا ضربت في جانب القوم ثنت
و من زفرة تحت الشغاف مقيمة
إذا قُلْتُ قدْ وَلّى بِهَا الدّهرُ كَرّتِ
تذكر أياماً مضين ولو فدت
بنان يدي تلك الليالي لفلت
يخالسنا الأحباب حتى تقطعت
قَرَائِينُنَا، رَيْبَ الزّمَانِ المُشَتِّتِ
وَلَمْ يَبْقَ لي إلاّ عُلَيْقُ مَضَنّة ٍ
أُدارِي اللّيَالي عَنْهُ إمّا ألَمّتِ
فياليتها قد انسأته وليتها
عليه وإن لم ينجح يوماً اذمت
سقى الله من أمسى على النأي علتي
و قد كان مع قرب المزار تعلتي
أقِلْني، أقِلْني نَظرَة ً ما احتَسَبتُها
فقد انهلت قلبي غليلاً وعلت(92/77)
فَشَوْقاً إلى وَجْهِ الحَبيبِ تَلَهُّفي
وَمَيْلاً إلى دارِ الحَبيبِ تَلَفُّتي
جرت خطرة منه على القلب كلما
زجرت لها العين الدموع ارشت
و مرت على لبي فقلت لعلها
تُجَاوِزُني مَكْظُومَة ً، فاستَمَرَّتِ
أُدارِي شَجاها كَيْ يُخَلّى مَكانُهُ
وَهَيهاتَ، ألقَتْ رَحلَها وَاطمَأنّتِ
وَأعْلَمُ ما خاضَتْ يَدُ الدّهرِ للفَتَى
أمَرَّ مَذاقاً مِنْ فرَاقِ الأحِبّة ِ
فكم زعزعتني النائبات فلم أزل
لها قدمي عن وطأة المتثبت
وكم صاحب الأيام خلفي بروعة
فَصِرْتُ بِعَينِ الجازِعِ المُتَلَفّتِ
تسل علي الحادثات سيوفها
فمن مغمد قد نال منى ومصلت
زِمَامي بِكَفّ الدّهْرِ أتبَعُ خَطْوَهُ
و ما الدهر إلا مالك للأزمة
وَقَدْ كُنْتُ آبَى أنْ أُقَادَ، وَإنّمَا
الان قيادي من الآن عريكتي
فلا تشتموا أن يثلم الدهر جانبي
فاكثر مما مر مني بقيتي
تحيف شوساً من عيون فاغمضت
و ذلل غلباً من رقاب فذلت
فَآهٍ عَلى الدّنْيَا إذِ الجَدُّ صَاعدٌ
و اوه من الدنيا إذا النعل زلت
الأهل اخيض الطرف يوماً بغمرة
إذا الخَيْلُ بالغُرّ الوُجُوهِ تَمَطّتِ
و لم تلق فيها غير طعن مضجج
وَضَرْبٍ سَرِيعٍ بالمَنَايَا مُسَكِّتِ
ترنُّ له هام الرجال وإن رمت
بِأعْيُنِهَا فِيهِ النّسَاءُ أرَنّتِ
فسوف تراني طايرا في غبارها
عَلى سَابِحٍ تَهْفُو غَدائِرُ لِمّتي
بِيَوْمٍ كَثِيرٍ بِالغُبَارِ عُطَاسُهُ
إذا ثوب الداعي قليل المشمت
مَعارِكُ يُخدِجنَ المِهارَ، وَبعدَها
مناعي رجال ملقيات الأجنة
وَرُمحي إلى الأعداءِ كَيدي، وَصَارِمي
جَنَانيَ يَوْمَ الرّوْعِ، وَالصّبرُ جُنّتي
وَكلُّ غُلامٍ ذي جِلادٍ وَنَجدَة ٍ
و كل جواد ذي هبتات وميعة
إذا ما الجياد الجرد اجرى لبانها
و شمصها وقع الظبا والأسنة
فان عناني في يمين معود
عَلى عُقَبِ الأيّامِ قَوْدَ الأعِنّة ِ
إذا اعترض المأمول من دونه الردى
شققت إليه الدارعين بمهجتي
و غامست فيه لا أبالي لو أنني
تلقيت منه منيتي أو منيتي(92/78)
إذا سمحت بالموت نفسي فإنه
يقل احتفالي بالذي جر ميتتي
وما ان أبالي ما جنى الدهر بعدما
يَبُلّ يَمِيني قَائِمٌ مِنْ صَفيحَتي
فَمَا حَدَثَانُ الدّهرِ عندي بفاتِكٍ
ولاجنة القار عندي بجنة
ألا لا أعُدّ العَيْشَ عَيشاً معَ الأذَى
لأنّ قَعيدَ الذّلّ حَيٌّ كَمَيّتِ
يُخيفونَني بالمَوتِ، وَالمَوْتُ رَاحَة ٌ
لمن بين غربي قلبه مثل همتي
فلا تبرزوا لي بالانوف فانني
معودة جدع الموارن شفرتي
بنينا رواق المجد تعلو سموكه
لقد عظمت تلك المباني وجلت
أقِلّوا عَلَيْنَا لا أباً لأِبيكُمُ
ولا ترشقونا باللتيا وباللتي
تُرِيدُونَ أنْ نُوطى ، وَأنتُمْ أعِزّة ٌ
بأي كتاب أم باية سنة
فإن كنتم منا فقد طال مليكم
قَدِيماً عَلى عِيدانِ تِلْكَ الأرُومَة ِ
فَلا صُلْحَ حتّى تَسمَعوا مِنْ أزِيزِها
صواعق أما صكت الأذن صكت
وَلا صُلْحَ حتّى يَنظُرُوا مِنْ زُهائِها
شواهق لا يبلغن صوت المصوت
تَفَلَّتُ مِنْ أرْسَانِهَا وَالأجِلّة ِ
ثفلت من ارسانها والا جلت
فَإنّي زَعِيمٌ للأعَادي بِمِثْلِهَا
وَذَلِكَ رَهْنٌ في ذِمامي وَذِمّتي
فَيا مُنْبِتي هلْ أنْتَ بالعِزّ مُورِقي
حَنانَيكَ كمْ أبقَى ، وَقد طالَ منبتي
أما كملت عند الخطوب تجارتي
أما خلصت عند الأمور رويتي
أما انا موزون بكل خليفة
أرَى أنَفاً مِنْ أنْ يكونَ خَليفَتي
ألَسْتُ مِنَ القَوْمِ الأولى قَد تَسَلّفوا
ديونَ العُلى قَبلَ الوَرَى في الأظِلّة ِ
وَمَا خُلِقَتْ أقْدامُهُمْ وَأكُفُّهُمْ
لِغَيْرِ العَوَالي وَالظُّبَى وَالأسِرّة ِ
ذَوو الجَبَهاتِ البِيضِ تَلمَعُ بَينَها
وُسُومُ المَعَالي وَالوُجُوهِ المُضِيئَة ِ
أبَوْا أنْ يُلِمّ الذّلّ مِنْهُمْ بجانِبٍ
و ما العز لا للنفوس الابية
وكم بين ذي انف حمي وحاملي
مَوَازِنَ قد عُوّدنَ جَذبَ الأخِشّة ِ
بلى أنني من تعلمان وإنما
أرَى الدّهرَ يَعمَى عن بَيانِ فَضِيلتي
فَخَرْتُ بنَفْسِي لا بِأهْلي مُوَفِّراً
على ناقصي قومي مناقب اسرتي(92/79)
وَلا بُدّ يَوْماً أنْ يَجيءَ فُجَاءَة ً
فلا تنظراني عند وقت موقت
و والله لا كديت دون منالها
وَظَنّي بِربّي أنْ يُبِرّ ألِيّتي
Webstats4U - Free web site statistics
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أبُيِّنْتَهَا أمْ نَاكَرَتْكَ شِيَاتُهَا
أبُيِّنْتَهَا أمْ نَاكَرَتْكَ شِيَاتُهَا
رقم القصيدة : 9908
-----------------------------------
أبُيِّنْتَهَا أمْ نَاكَرَتْكَ شِيَاتُهَا
نَزَائِعَ يَنْقُلْنَ الرّدَى صَهَوَاتُهَا
طَلَعْنَ سَوَاءً، وَالرّمَاحُ عَوَابِسٌ
تُعَاسِلُهَا أعْنَاقُهَا وَطلاتُهَا
رَأوا نَقْعَها يَدْنُو فَظَنّوا غَمَامَة ً
فما شعروا حتى بدت جبهاتها
وَفَوْقَ قَطَاهَا غِلْمَة ٌ غالبيّة ٌ
تَمِيسُ عَلى أكْتَافِهَا وَفَرَاتُهَا
مَغَاوِيرُ لا مِيلٌ تُثَنّي رِقَابَهَا
أفِتْيَانُهَا البَاكُونَ أمْ فَتَيَاتُهَا
تلثم فوق اللثم بالنقع والدجى
فلولا ظباها لم تبن صفحاتها
مَتَى تَرَهَا في حَيّهَا تَرَ فِتْيَة ً
لِيَوْمِ الوَغَى مَأخُوذَة ً أُهْبَاتُهَا
مُفَرَّغَة ً مِمّا تُنِيلُ عُبَابَهَا
من المال أو مملوؤة جفناتها
تَخَطّى بِهَا أعْنَاقَ كُلّ قَبيلَة ٍ
صوارمها تهتز أو قنواتها
ترى عندها الشهر الحرام محللا
إذا خفَرَتْهَا للوَغَى عَزَمَاتُهَا
و احلم خلق الله حتى إذا دنا
إلَيْها الأذَى طارَتْ بِهَا جَهَلاتُهَا
إذا وسمت بالنار خيل فعندها
كَرَائِمُ آثَارُ الطّعَانِ سِمَاتُهَا
متى سمعت صوت الصريخ تنصتت
قِيَاماً إلى داعي الوَغَى سَمَعَاتُهَا
رَحَلْنَا بِأكْبَادٍ غِلاظٍ عَلى الهَوَى
قليل إلى ما خلفها لفتاتها
إذا ازمعت ازماعة الجد لم تبل
افتياتها الباكون أم فتياتها
سوابقها أولى بها لانساؤها
و ادراعها والبيض لا امهاتها
وحي من الأعداء باتوا بليلة
منعمة لو لم تذم غداتها
وَخَيْلٍ خَشَشْنَا جَوّهمْ برِمَاحِنا
كما خش آناف القروم براتها
فما استيقظوا حتى تداعى صهيلها(92/80)
وَقَدْ سَبَقَتْ ألحَاظَهُمْ عَبَرَاتُهَا
و لم ينجح إلا من تخاطت سيوفنا
و ذاق الردى من عممت شفراتها
قواضب لا يودي بشيء قتيلها
إذا امست القتلى تساق دياتها
أنِسْنَا بِأطْرَافِ الرّمَاحِ، وَإنّنا
لنحن محلوها ونحن سقاتها
نبَتنَ لأيْدِينَا خُصُوصاً، وَإنّمَا
لَنَا يَتَوَاصَى بالطّعَانِ نَبَاتُهَا
بِأبْوَابِنَا مَرْكُوزَة ٌ، وَإلى الوَغَى
تَزَعْزَعُ في أَيمانِنَا قَصَبَاتُهَا
أبِيتُ، وَكَانَ العِزُّ مِنّي خَليقَة ً
و هل سبة إلا وقومي اباتها
فلا تفزعني بالوعيد سفاهة
فلي همة لا تقشعر شواتها
تَغاوَتْ عَلى عِرْضِي عَصَائبُ جَمّة ٌ
وَلَوْ شِئْتُ مَا التَفّتْ عَليّ غُوَاتُهَا
أُوَلّيهِمُ صَمّاءَ أذْنٍ سَمِيعَة ٍ
إذا مَا وَعَتْ ألْوَتْ بِهَا غَفَلاتُهَا
يَطُولُ إذاً هَمّي، إذا كانَ كُلّمَا
سَمِعتُ نَبيحاً من كِلابٍ خَساتُهَا
لِذِلّتِهَا هَانَتْ عَليّ ذُنُوبُهَا
فلَمْ أدرِ مِنْ نَبذي لهَا مَنْ جُناتُهَا
قَوَارِصُ لمْ تَعْلَقْ بجِلْدِي نِصَالُها
وَلَوْ كانَ غَيرِي أنفَذتهُ شَذاتُهَا
هم استلدغوا رقش الافاعي ونبهوا
عقارب ليل نائمات حماتها
وهمْ نَقَلُوا عَنّي الذي لمْ أفُهْ بهِ
و ما آفة الاخبار الا رواتها
رَمَوْني بِما لَوْ أنّ عَيْني رَمَتْ بِهِ
جناني على عزي لها لفقاتها
أُرِيدُ لَئِنْ أحنُو عَلى الضّغْنِ بَينَنا
وَتَأبَى قُلُوبٌ أنْغَلَتْهَا هَنَاتُهَا
دعوها ندوباً بيننا باندمالها
ولا تبلغوا مني والا نكاتها
فَإنّي مَطُولٌ للأعَادي مُمَاحِكٌ
اذا نصَّفوا اوساق ضغن ملاتها
لقَد غَرّبَتني حُظوَة ُ الفَضْلِ عنكُمُ
وَإنْ جَمَعَتْ أعرَاقَنَا نبَعَاتُهَا
و ما النفس في الاهلين الا غربية
إذا فقدت اشكالها ولداتها
بني مضر خلوا نفوساً عزيزة
تَنَامُ فَأوْلَى أنْ يَطُولَ سِنَاتُهَا
دعوها فخير للاعادي هجورها
وَشَرٌّ لِمَنْ يَغرَى بِها يَقَظَاتُهَا
ثِقُوا عَنْ قليلٍ أنْ يَهُبّ شَرَارُها(92/81)
وَإنْ قُلتُمُ قَدْ أُخمِدَتْ جَمَرَاتُهَا
ولا تأنسوا ان الجياد بشكلها
فَيَا رُبّمَا أرْدَتكُمُ نَزَوَاتُهَا
و لا تأمنوا صول النفوس وان غدت
مَضَارِبُهَا مَفْلُولَة ً وَظُبَاتُهَا
بنو هاشم عين ونحن سوادها
على رغم اقوام وانتم قذاتها
وَمَا زِلْتُمُ داءً يُفَرّي إهَابَهَا
و ان كنتم منها ونحن اساتها
و اعجب ما يأتي به الدهر انكم
طَلَبْتُمْ عُلًى مَا فيكُمُ أدَوَاتُهَا
و املتم أن تدركوها طوالعاً
دعوها ستسعى للمعالي سعاتها
وَإمّا حَرَنْتُمْ عَنْ مَداهَا، فإنّنَا
سراع إذا مدت لنا حلباتها
أبي دُونَكُمْ ذاكَ الذي ما تَعَلّقَتْ
باثوابه الدنيا ولا تبعاتها
تجنبها هوجاء لا مستقيمة
خطاها ولا مأمونة عثراتها
غَدَا رَاضِياً بالنّزْرِ مِنْهَا قَنَاعَة ً
وَلَوْ شاءَ قَدْ كانَتْ لهُ جَفَناتُهَا
تلافظها من بعد ما زاق طعمها
فكانت زعاقاً عنده طيباتها
تلافى قريشاً حين رق اديمها
و خفت على ايدي الرجال حصاتها
وَرَجّبَها مِنْ بَعدِ ما مالَ فَرْعُهَا
و حين ابت الا اعوجاجاً قناتها
و كم عاد في احدى عواليه هامة
لجبار قوم قطرته شباتها
فَمَنْ غَيْرُهُ لليَعْمَلاتِ يُقِيمُهَا
إذا وَقَعَتْ مَثْنِيّة ً رُكُبَاتُهَا
وَمَنْ لعَجاجِ الحرْبِ يَجلو ظَلامَهُ
إذا خَفَقَتْ في نَقْعِها عَذَبَاتُهَا
وَمَنْ للمَعَالي القُودِ يَقْرَعُ هَامَها
إذا نفت الأقدام عنها صفاتها
و من لاضاميم الجياد غدوها
لِطَعْنِ حَماليقِ العِدَى وَبَيَاتُهَا
لَنَا وَعَلَيْنا إنْ لَبِثْنَا هُنَيهَة ً
قطاف رؤس اينعت ثمراتها
فيا لهفي كم من نفوس كريمة
تموت وفي اثنائها حسراتها
يعز علينا ان تفوت وانها
قضَتْ نحبَها أوْ ما انقضَتْ زَفَرَاتُهَا
و كان بدار اهون ملقى جنوبها
سَوَاءٌ عَلَيْها مَوْتُها وَحَيَاتُهَا
أسَارَى تُعَنّيها الكُبُولُ، مَذُودَة ٌ
بواطشها مقصورة خطواتها
و ما برحت تبكي قتيلاً عيونها
فلا دمعها يرقى ولا عبراتها
عسى الله ان يرتاح يوماً بفرحة(92/82)
فتَنطِقَ أنْضَاءٌ أُطِيلَ صُماتُهَا
و يؤخذ ثار مات هما ولاته
وَلَمّا تَمُتْ أضْغَانُهَا وَتِرَاتُهَا(92/83)
فكَمْ فُرّجَتْ من بَعدِ ما أغلِقَتْ لَنا
مَغالِقُها، وَاستَبهَمَتْ حَلَقاتُهَا
غَرَسْتُ غُرُوساً كنتُ أرْجو لَحاقَها
وَآمُلُ يَوْماً أنْ تَطِيبَ جَناتُهَا
فان اثمرت لي غيرما كنت آملاً
فلا ذنب لي ان حنطلت نخلاتها
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يا ابن عبد العزيز لو بكت العيـ
يا ابن عبد العزيز لو بكت العيـ
رقم القصيدة : 9909
-----------------------------------
يا ابن عبد العزيز لو بكت العيـ
ــن فتى من اميه لبكيتك
غير اني اقول انك قد طبـ
ـتَ، وَإنْ لمْ يَطِبْ وَلمْ يَزْكُ بَيتُكْ
انت نزهتنا عن السب والقذ
ف فلو امكن الجزاء جزيتك
و لو أني رأيت قبرك لا ستحـ
ــييت من ان ارى وماحييتك
و قليل ان لو بذلت دماء الـ
ـبدن حزنا على الذرى وسقيتك
دير سمعان لا اغبك غاد
خير ميت من آل مروان ميتك
انت بالذكر بين عيني وقلبي
ان تدانيت منك أو قد نأيتك
و إذا حرك الحشا خاطر منـ
ـكَ تَوَهّمْتُ أنّني قَدْ رَأيْتُكْ
وَعَجِيبٌ أنّي قَلَيْتُ بَني مَرْ
وَانَ طُرّاً، وَأنّني مَا قَلَيْتُكْ
قرب العدل منك لما نأى الجو
ر بهم فاجتويتهم واجتبيتك
فَلَوَ أنّي مَلَكْتُ دَفْعاً لِمَا نَا
بك من طارق الردى لفديتك
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> من يكن زائري يجدني مقيماً
من يكن زائري يجدني مقيماً
رقم القصيدة : 9910
-----------------------------------
من يكن زائري يجدني مقيماً
أُتْبِعُ الغَانِيَاتِ بِالزّفَرَاتِ
في نَدامَى عَلى الهُمُومِ قُعُودٌ
يدعمون الاذقان بالراحات
كلما انزفوا من الدمع مدتـ
ـهم دواعي الهموم بالعبرات
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> إذا مضى يوم على هدنة
إذا مضى يوم على هدنة
رقم القصيدة : 9911
-----------------------------------
إذا مضى يوم على هدنة
و انت في سلم من النائبات
فعاجل الفرصة قبل الردى
وَبَادِرِ اللّذّاتِ قَبْلَ البَيَاتْ
و اسبق وفي حبلك انشوطة
ضَغْطَ اللّيَالي بيَدِ الحَادِثَاتْ(93/1)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> قَدْ آنَ أنْ يُسْمِعَكَ الصّوْتُ
قَدْ آنَ أنْ يُسْمِعَكَ الصّوْتُ
رقم القصيدة : 9912
-----------------------------------
قَدْ آنَ أنْ يُسْمِعَكَ الصّوْتُ
انائم قلبك ام ميت
يَا بَانيَ البَيْتِ عَلى غِرّة ٍ!
امامك المنزل والبيت
أيَجْزَعُ المَرْءُ لِمَا فَاتَهُ
و كل ما يدركه فوت
و انما الدنيا على طولها
ثَنِيّة ٌ مَطْلَعُهَا المَوْتُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> مَنْ مُعِيدٌ ليَ أيّا
مَنْ مُعِيدٌ ليَ أيّا
رقم القصيدة : 9913
-----------------------------------
مَنْ مُعِيدٌ ليَ أيّا
مي بِجزْعِ السَّمُرَاتِ
و ليالي بجمع
و منى والجمرات
و ظباء حاليات
كظباء عاطلات
رَائِحَاتٍ في جَلابِيـ
ـبِ الدّجَى مُختَمِرَاتِ
رَامِيَاتٍ بِالعُيُونِ الـ
ـنجل قبل الحصيات
ألِعَقْرِ القَلْبِ رَاحُوا
أمْ لِعَقْرِ البَدَنَاتِ
كيف اودعت فوادي
أعيناً غَيرَ ثِقَاتِ
أيّهَا القَانِصُ مَا أحْـ
ـسَنْتَ صَيْدَ الظَّبَياتِ
فاتَكَ السّرْبُ، وَما زُوّ
دت غير الحسرات
يا وقوفا ما وقفن
في ظِلالِ السّلَمَاتِ
موقفا يجمع فتيا
ن الهوى والفتيات
نَتَشَاكَى مَا عَنَانَا
بِكَلامِ العَبَرَاتِ
نظر يشغل منا
كل عين بقذاة
كَمْ نَأى ، بالنّفْرِ عَنّا
من غزال ومهاة
آهِ مِنْ جِيدٍ إلى الدّا
رِ كَثِيرِ اللّفَتَاتِ
و غرام غير ماض
بلقاء غير آت
فَسَقَى بَطْنَ مِنًى وَالـ
ـخَيْفَ صَوْبَ الغادِياتِ
وَزَمَاناً نَائِمَ العُذّ
ال مامون الوشاة
في لَيَالٍ كَاللآلي
بالغواني مقمرات
غَرَسَتْ عِنديَ غَرْسَ الـ
ـشّوْقِ مَمْرُورَ الجَنَاة ِ
أيْنَ رَاقٍ لغَرَامي
و طبيب لشكاتي
عند الرغبة في نشر اي نصوص أو معلومات من صفحات الموقع.
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> احن إلى لقائك كل يوم
احن إلى لقائك كل يوم
رقم القصيدة : 9914
-----------------------------------
احن إلى لقائك كل يوم
وَأسْألُ عَنْ إيَابِك كُلّ وَقتِ(93/2)
و اذكر ما مضى فيغيض صبري
وَتَنْفُرُ عَبْرَتي وَيَبُوحُ صَمْتي
وَلي قَلْبٌ، إذا ذَكَرَ التّلاقي
تظلم من يد البين المشت
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> قال لي عند ملتقى الركب عمرو
قال لي عند ملتقى الركب عمرو
رقم القصيدة : 9915
-----------------------------------
قال لي عند ملتقى الركب عمرو
قُوِّمَ العُودُ بَعْدَنَا، فَانصَاتَا
أين ذاك الصبا واين التصابي
سبقا الطالب المجد وفاتا
من قضى عقبة الثلاثين يغدو
رَاجِعاً يَطْلُبُ الصِّبَا، هَيهَاتَا
لم تزل والمشيب غير قريب
ناعياً للشباب حتى ماتا
كنتَ تَبكي الأحياءَ فاستَكثِرِ اليَوْ
مِ مِنَ الدّمْعِ، وَانْدُبِ الأمْوَاتَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> قد قلت للنفس الشعاع اضمها
قد قلت للنفس الشعاع اضمها
رقم القصيدة : 9916
-----------------------------------
قد قلت للنفس الشعاع اضمها
كم ذا القراع لكل باب مصمت
قَدْ آنَ أنْ أعصِي المَطامِعَ طَائِعاً
لليأس جامع شملي المتشتت
يقضي الحريص وليس يقضي اربه
متعللاً ابداًُ بغير تعلة
قُلْ للّذينَ بَلَوْتُهُمْ، فَوَجَدْتُهُم
آلا وغير الال ينقع غلتي
اعددتكم لدفاع كل ملمة
عَنّي، فكُنْتُمْ عَوْنَ كلّ مُلِمّة ِ
وَتَخِذْتُكُمْ لي جُنّة ً فكَأنّمَا
نظر العدو مقاتلي من جنتي
سمعٌ يبل بها الحسود غليلة
ومتى نبثنَ على عدو يشمت
تابي ثمار ان تكون كريمة
وفروع دوحتها لئام المنبت
لَمّا رَمَيْتُ إلَيْكُمُ بِمَطامِعي
كَثُرَ الخِلاجُ مُقَلِّباً لرَوِيّتي
وَوَقَفْتُ دُونَكُمُ وُقُوفَ مُقَسَّمٍ
حَذَرَ المَنِيّة ِ رَاجيَ الأُمِنيّة ِ
قد تؤمكم واخرى تنثني
عنكم وحزم الرأي للمتثبت
لولا الحوادث ما افدت تجاربا
يَعسُو الرّطيبُ وَيَقرَحُ الجذَعُ الفَتي
يَأسٌ ثَنَى سُنَنَ المَطالِبِ عَنكُمُ
ولوى الى الوطان عنق مطتي
لا عذر لي الا ذهابي عنكم
فإذا ذَهَبْتُ فيأسُكُمْ من رَجعَتي
فلأرحلن رحيل لا متلهف(93/3)
لِفِرَاقِكُمْ، أبَداً، وَلا مُتَلَفِّتِ
ولا نفضن يدي يأساً منكم
نَفْضَ الأنَامِلِ مِنْ تُرَابِ المَيّتِ
وَلألْمَعَنّ بِكُلّ بَيْتٍ شَارِدٍ
لَمْعَ المُهَنّدِ في يَمِينِ المُصْلِتِ
من كل قافية تخب اليكم
بشواظها خبب الجواد المفلت
وَأقولُ للقلْبِ المُنَازِعِ نَحْوَكُمْ:
أقْصِرْ هَوَاكَ لَكَ اللّتَيّا وَالّتي
أأهُزّ مَنْ لا يَنْثَني وَأُدِيرُ مَنْ
لا يرعوي والوم من لا يختتي
يا ضيعة الامل الذي وجهته
طَمَعاً إلى الأقْوَامِ بَلْ يا ضَيعَتي
وسرى السفائن ينثني بصدورها
مَوْجٌ كأسنِمَة ِ الجِمَالِ الجلّة ِ
قَوْمٌ، إذا حَضَرُوا النّديّ مهانَة ً
عَطَسَتْ مَوَارِنُهُمْ بِغَيْرِ مُشَمِّتِ
يا دَهرُ! حَسبُكَ قد أصَبتَ مَقاتلي
ما زِلْتَ تَطْلُبُ بالمَقادِرِ غِرّتي
ما لي احيل على سواك بما جنى
قَدَرٌ عَلى قَدَرٍ، وَأنْتَ بَلِيّتي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وَقَفْنَا لَهُمْ مِنْ وَرَاءِ الخُطُو
وَقَفْنَا لَهُمْ مِنْ وَرَاءِ الخُطُو
رقم القصيدة : 9917
-----------------------------------
وَقَفْنَا لَهُمْ مِنْ وَرَاءِ الخُطُو
بِ، نُطالِعُهُمْ مِن خَصَاصَاتِهَا
وَنَرْقُبُ يَوْماً كَأيّامِهَا
وَلَيْلَة َ نَحْسٍ كَلَيْلاتِهَا
فَإنّ عَصَا الدّهْرِ لَمّا تَدَعْ
سِيَاقَ الأُمُورِ لغَايَاتِهَا
و ان الحبائفل منصوبة
فَلا تُسْتَغَرّوا بِإفْلاتِهَا
تسنمتموها طوال الذرى
فصبراً على بعد مهواتها
وَمَنْ أمْطَرَتْهُ سَمَاءُ الغِنَى
هوى في سيول قراراتها
فَيَا لَكِ دُنْيَا تَرِيشُ الرّجَا
ل وتنحي عليهم بمبراتها
و ان منائحها للفتى
لرهن له بنكاياتها
فبيننا تقول له هاكها
إلى أنْ تَقُولَ لَهُ: هَاتِهَا
ألم تعلموا ان ايامكم
تُعَدّ إلى حِين مِيقَاتِهَا
فكيف وثقتم باعوامها
وَنَحْنُ نَضِنّ بِسَاعَاتِهَا
فلا تطلبن لهم عثرة
ستأتيهم هي من ذاتها
تَمُرّ اللّيَالي عَلى نَهْجِهَا
وَتَجْرِي الخُطُوبُ لعَاداتِهَا(93/4)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يعبن موتاهم باحياثهم
يعبن موتاهم باحياثهم
رقم القصيدة : 9918
-----------------------------------
يعبن موتاهم باحياثهم
كما يعاب الحي بالميت
قَوْلُكُمْ زُورٌ، وَقَوْلي لكُمْ
يبقَى بَقَاءَ الجَبَلِ المُصْمَتِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> رجونا أبا الهيجاء إذ مات حارث
رجونا أبا الهيجاء إذ مات حارث
رقم القصيدة : 9919
-----------------------------------
رجونا أبا الهيجاء إذ مات حارث
فمُذْ مَضَيَا لمْ يَبقَ للمَجدِ وَارِثُ
ألا إنّ قَرْمَيْ وَائِلٍ، لَيلَة َ السُّرَى
اقاما وقد سار المطي الدلائث
هُمَا البَازِلانِ المُقْرَمَانِ تَنَاوَبَا
عرى المجد لما عج بالعبء لاهث
رَفِيقَانِ مَا بَاغَاهُمَا العزَّ صَاحِبٌ
نديمان ما ساقاهما المجد ثالث
حُسَامَانِ إنْ فَتّشتَ كلَّ ضَرِيبَة ٍ
فأثرهما فيها قديم وحادث
بَقِيّة ُ أسْيَافٍ طُبِعْنَ معَ الرّدَى
فجاءَ وَجَاءَتْ عاثِيَاتٌ وَعَائِثُ
احقاً بان المجد هيضت جبوره
وزال عن الحي الطوال الملاوث
وايد على بسط السماح رقائق
وَهُنّ عَلى قَبضِ الرّمَاحِ شَرَائِثُ
و سرب بنو حمدان كانوا حماته
رَعَتْ فيهِ ذُؤبَانُ اللّيَالي العَوَائِثُ
فاين كفاة القطر في كل أزمة
وَأيْنَ المَلاجي منهُمُ، وَالمَغاوِثُ
وَأينَ الجِيَادُ المُعجلاتُ إلى الوَغَى
إذا غام بالنقع الملا المتواعث
وَأينَ الثّنَايَا المُطلِعاتُ عَنِ الأذَى
إذا نَابَ ضَغّاطٌ مِنَ الأمرِ كارِثُ
إذا مَا دَعَا الدّاعونَ للبَأسِ وَالنّدى
فَلا الجُودُ مَنزُورٌ وَلا الغَوْثُ رَائِثُ
يرف على ناديهم الحلم والحجا
إذا مَا لَغَا لاغٍ مِنَ القَوْمِ رَافِثُ
من المطمعين المجد بالبيض والقنا
مِلاءَ المَقارِي، وَالعرِيبُ غَوَارِثُ
إذا طَرَحُوا عِمّاتِهِمْ وَضَحَتْ لهمْ
مَفارِقُ لمْ يَعصِبْ بِها العَارَ لائِثُ
بكَتهُمْ صُدُورُ المُرْهَفاتِ وَبُشّرَتْ
هجان المتالي والمطى الرواغث(93/5)
قروم على ما روحوا من وسوقها
و لا منهم الواني ولا المتماكث
يُخَلّى لهُمْ مِنْ كلّ وِرْدٍ جِمامُهُ
إذا وردوا والمعشبات الاثائث
مشَوْا في سُهُولِ المَجدِ حيناً وَوَقّفُوا
بحَيْثُ ابتَدَتْ أوْعَارُهُ وَالأوَاعِثُ
إذا ركبوا سال اللديدان بالقنا
وَحَنّتْ مَطايَاها المَنَايَا الرّوَائِثُ
كأنّ الصّقُورَ اللاّمِحَاتِ تَلَمّظَتْ
إلى الطُّعمِ وَانصَاعَتْ لهنّ الأباغِثُ
مَضَوا لا الأيادي مُخدَجاتٌ نَوَاقِصٌ
وَلا مِرَرُ العَلْيَاءِ مِنْهُمْ رَثَائِثُ
و لا طول النعماء فيهم مقلص
إذا عَلِقَتْهُ المُعصِمَاتُ الشّوَابِثُ
خلجتم لجساس بن مرة طعنة
رَأى الجِدَّ فيها هِجرِسٌ وَهوَ عابِثُ
و غادرتم اشلاء بكر مقيمة
على العار لا تحثا عليها النبائث
وَقَدْ كانَ دَينٌ في كُلَيبٍ وَفَى بِهِ
غريم مطول بالديون مماغث
وَقائِعُ أيّامٍ كَأنّ إكَامَهَا
بجاري دَمِ الطّعنِ، الإماءُ الطّوَامِثُ
تعودون عنها في قناكم مباشم
و عند قنا بكر اليكم مغارث
عقدتم بها حبلي أسارٍ ومنة
و خانهم نقص القوى والنكائث
تحَلّلتُمُ مِنْ نَذْرِ طَعنٍ، وَغَيرُكم
كثير الألا ياغب ما قال حانث
حروب من الأقدار طاح عراكها
بجرب ولم يسلم عليهن حارث
وَكَانَ سِنَاناً أوْجَرَ الخَطْبَ حَدَّهُ
وَكَانَ يَداً أُرْدي بِها مَنْ أُلاوِثُ
باخلاق اباء يعود بها الأذى
و عوراً على الأعداء وهي دمائث
أقُولُ لِنَاعِيهِ إلى المَجْدِ وَالعُلَى :
رمى فاك مسموم الغرارين فارث
كان سواد القلب طار بلبه
إلى الطّودِ أقنى يَنفُضُ الطّلَّ ضابثُ
وَرُزْءٌ رَمَى بَينَ القُلُوبِ شُوَاظَهُ
أجيجُ المَصَالي أسْعَرَتْهَا المَحارِثُ
برغمي تمسي نازلاً دار هجرة
وَأنْتَ المُصَافي وَالقَرِيبُ المُنافِثُ
و ان لا اجافي الترب عنك براحة
وَلَوْ نازَعَتْنيها الرّقَاقُ الفَوَارِثُ
وان تشتمل ارض عليك فانما
عَلى مَاءِ عَينيّ النّقَا وَالكَثَاكِثُ
سَقَى النَّضَدَ النّجديَّ مَلقَى ضَرَائحٍ(93/6)
بها منكُمُ المُستَصرَخُونَ الغَوَايِثُ
فَسِيّانِ فيها، مِنْ وَقَارٍ وَمن عُلًى
عِظامُكُمُ وَالرّاسِيَاتُ اللّوَابِثُ
ولا برحت بندى عقود صعيدها
نفاثة ما جاد الغمام النوافث
لهَا خَدَشَاتٌ بالمَوَامي، كَأنّهَا
عَلى لَقَمِ البَيْداءِ أيْدٍ عَوَابِثُ
صُبَابَة ُ عِزٍّ عَبّ في مَائِها الرّدَى
و عاد إليها وهو ظمأن غارث
و افنان دوحات من المجد اشرعت
مشاظي الردى ما بينها والمشاعث
وَما كنتُ أخشَى الدّهرَ إلاّ عَلَيهِمُ
فَهَانَ الرّزَايَا بَعدَهُمْ وَالحَوَادِثُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> يَا آمِنَ الأقْدارِ بَادِرْ صَرْفَهَا
يَا آمِنَ الأقْدارِ بَادِرْ صَرْفَهَا
رقم القصيدة : 9920
-----------------------------------
يَا آمِنَ الأقْدارِ بَادِرْ صَرْفَهَا
و اعلم بان الطالبين حثاث
خُذْ مِنْ تُرَاثِكَ ما استَطَعتَ فإنّما
شركاؤك الأيام والوراث
لم يقض حق المال الا معشر
وَجَدُوا الزّمَانَ يَعيثُ فيهِ، فَعاثُوا
تحثوا على عيب الغني يد الغنى
وَالفَقْرُ عَنْ عَيْبِ الفَتى بَحّاثُ
المال مال المرء ما بلغت به الشـ
ـشّهَوَاتُ، أوْ دَفَعَتْ بِهِ الأحداثُ
ما كان منه فاضلاً عن قوته
فَلْيَعْلَمَنّ بِأنّهُ مِيرَاثُ
مالي إلى الدنيا الغرورة حاجة
فليخز ساحر كيدها النفاث
طَلّقْتُهَا ألفاً لأِحْسِمَ دَاءَهَا
وَطَلاقُ مَنْ عَزَمَ الطّلاقَ ثَلاثُ
سكناتها محذورة وعهودها
مَنْقُوضَة ٌ، وَحِبَالُهَا أنْكَاثُ
أم المصائب لا يزال يروعنا
مِنهَا ذُكُورُ نَوَائِبٍ وَإنَاثُ
إنّي لأعْجَبُ مِنْ رِجَالٍ أمسَكُوا
بحَبَائِلِ الدّنْيَا، وَهُنّ رِثَاثُ
كَنَزُوا الكُنوزَ، وَأغفَلوا شَهَوَاتهم
فالارض تشبع والبطون غراث
اتراهم لم يعلموا ان التقى
أزْوَادُنَا، وَدِيَارُنَا الأجْداثُ
عند الرغبة في نشر اي نصوص أو معلومات من صفحات الموقع.
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> خذوا نفثات من جوى القلب نافث
خذوا نفثات من جوى القلب نافث(93/7)
رقم القصيدة : 9921
-----------------------------------
خذوا نفثات من جوى القلب نافث
دفاينَ ضَغْنٍ قَدْ رُمِينَ بِنَابِثِ
لَقَدْ كُنَّ مِنْ قَبلِ البَوَاحثِ نُزَّعاً
فكيف بهن اليوم بعد البواحث
عَذيرِيَ مِنْ سَيْفٍ رَجَوْتُ قِرَاعَهُ
اعاديّ طرا من قديم وحادث
فَخَانَ يَدي ثُمّ انْثَنَى بِغِرَارِهِ
فَكَانَ لعُنقي اليَوْمَ أوّلَ فَارِثِ
ومن جبل اعددت شم هضابه
مَرَدّاً لأيْدِي النّائِبَاتِ الكَوَارِثِ
فَطَوّحَ لي مِنْ حَالِقٍ، وَأزَلّني
زَلِيلَ المَطَايَا عَنْ مُتُونِ الأوَاعِثِ
ومن مشرب انبطت ينبوع مائه
بِأعْلى الرّوَابي وَالرّيَاضِ الأثَائِثِ
يضن عليّ اليوم منه بنهلة
وتبذل دوني للنقا والكثاكث
هو الرزق مقسوماً وليس تناله
ببرد التباطي أو بحر الحثاحث
أعَنْتُمْ عَلى حَرْبي المَقَادِيرَ عَنوَة ً
وَرِشتُمْ إلى قَلْبي سِهَامَ الحَوَادِثِ
ولم تدعوني والزمان فانه
لاكرم فعلاً منكم في الهنابث
كذاك من استدرى الى غير هضبة
وَشَدّ يَداً بالمُطْمِعَاتِ الرّثَائِثِ
دعائي ذئاب القاع خير مغبة
إذاً، من دُعائي بَعضَكُمْ للمَغاوِثِ
فَلَوْ أنّني أدْعُو لُؤيّ بنَ غَالِبٍ
لَقَدْ أنْجَدُوني بالطِّوَالِ المَلاوِثِ
بجيش بهم وادي الظلام كانهم
صدور العوالي بالملا المتواعث
هم اطلعوني بالنجاد وارزموا
لنَصْرِيَ إرْزَامَ المَطِيّ الرّوَاعِثِ
وارخو خناقي بعد ما كان فتله
يُغارُ عَلى عُنقي بِأيْدٍ عَوَابِثِ
تَرَى حِلمَهمْ تحتَ الظُّبَى غَيرَ طائش
وخطوهم بين القنا غير رائث
فَلا الحِلْمُ بالنّائي، إذا ما دَعَوْتَه
ولا العزم بالواني ولا المتماكث
وَكُلُّ فَتًى إنْ آدَ ثِقْلُ مُلِمّة ٍ
تَوَرّكَ حِنوَيْ عِبثِها غَيرَ لاهِثِ
ضنين بودي لا يزال بوجهه
كلام العدى عني ونفث النوافث
شعاري من دون الشعار وتارة
قريبي من دون القريب المنافث
تَعَمّمْتُمُوها سَوْأة ً جَاهِليّة ً
لقد فاز من امسى بها غير لائث(93/8)
فجروا ذيول العار ثم تضائلوا
تَضَاؤلَ أطْهَارِ الإمَاءِ الطّوَامِثِ
تَقَطّعَتِ الأطْماع فيكُمْ، وَلمْ يَدَعْ
لكم املاً لؤم الطباع الخوابث
واصبحتم اطلال دار بقفرة
تَرَى الرّكبَ مُجتازاً بها غَيرَ لابِثِ
وكيف ارجيكم لدفع مغارم
وقد خاب راجيكم لدفع معارث
قَعُوا وِقعة َ السّارِي، فقد طالَ حثُّكم
إلى العَارِ، أعْنَاقَ المَطيّ الدّلائِثِ
فحتى متى اخفي الترات وانتم
تُثيرُونَ عَنْ مَدفُونِها بالمَباحِثِ
وَكمْ أدْمُلُ الأضْغَانَ بَيني وَبَينكم
واغضي على نقض القوى والنكائث
اذا رمت من سوأتكم سد هوة
تشاغلتم عن غيرها بالنبائث
رأيت الصقور الغلب خمصى من الطوى
وما مطعم الدنيا لغير الاباغث
فَلا حَظّ في استِنزَالِ رِزْقٍ مُحَلِّقٍ
ولا نفع في حث الحظوظ الروائث
تَرَكْتُ صُدُوعاً بَيْنَنا لانْشِعَابِهَا
وَلَمْ أتَجَشّمْ لَمَّ تِلْكَ المَشاغِثِ
فَزِيدُوا، فإنّي بَعدَها غَيرُ نَاقِصٍ
وَجِدّوا فإنّي بَعدَها غَيرُ عَابِثِ
دُيونٌ مِنَ الأضْغانِ إنْ أبقَ أُجزِكم
يبهن وان اعطب يرثهن وارثي
وَإنْ أنسَ يوْماً ذَمَّكم يُمسِ فعلُكمْ
عَلى الذّمّ عِندي مِنْ أشَدّ البَوَاعثِ
وان ابط يسرع بي الى ما يسؤكم
لواعج اضغان اليكم حثائث
نَحَلْتُ إذاً مَا فيكُمُ مِنْ مَعائِبٍ
وَنازَعتُكُمْ طُعماتِ تلكَ الخَبائِثِ
لئن انا لم اعلق باعراض قومكم
بَرَاثِنَ أظفَارِ القَرِيضِ الضَّوَابِثِ
فوالله لا اقلعن الا دواميا
ألِيّة َ بَرٍّ لا ألِيّة َ حَانِثِ
لكي تعلموا غب العداوة بيننا
وَيَعرُكَكمْ كَيدُ المَطولِ المُماغِثِ
سَلامٌ عَلى الآمالِ فيكُمْ، وَلا سقَى
مَعاهِدَها جَوْدُ القُطارِ الدّثَائِثِ
لعلمتموني اليأس من كل مطمع
وعودتموني الصبر في كل حادث
وعرفتموني كيف التمس الجدا
الى غير ايدي الألأمين الشرابث
تذللكم لقياي باليأس منكم
وَلمْ أتَذَلّلْ للمِطَالِ المُلابِثِ
فشكراً لمن لم يجعل الرزق عندكم
فَلا رَيَّ ظَمآنٍ وَلا شِبعَ غَارِثِ(93/9)
لَئِنْ ساءَكُمْ منّي حَزُونُ خَلائِقي
فقد طال ما لم انتفع بالدمائث
خذوها كاطواق الحمام فانها
ستبقى بقاء الراسيات اللوابث
قوافي يقطرن النجيع كانما
طبعن على طبع الرقاق الفوارث
إذا مَا مَطَلْنَاهُنّ بُقْيا عَلَيْكُمُ
خَرَجْنَ خُرُوجَ الخالِعِينَ النّوَاكِثِ
فَآلَيْتُ لا أُعْطي اللّئَامَ مَقَادَة ً
ولو تحت ضغاط من الامر كارث
ذُنُوبي أنِ استَمطَرْتُ من غَيرِ ماطرٍ
وَأنّي طَلَبتُ الغَيثَ من غَيرِ غائِثِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وان لنا النار القديمة للقرى
وان لنا النار القديمة للقرى
رقم القصيدة : 9922
-----------------------------------
وان لنا النار القديمة للقرى
تورث من اولى الزمان وتورث
لَنَا القَدَمُ الأُولى إلى كُلّ غَايَة ٍ
وسعيان شيء فارط وملبث
وَفي النّاسِ أخْيَافٌ جَهَامٌ وَمَاطِرٌ
وَنَابٌ، وَمَضّاءٌ، وَبَازٌ، وَأبغَثُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لي الحرب معطوفاً علي هياجها
لي الحرب معطوفاً علي هياجها
رقم القصيدة : 9923
-----------------------------------
لي الحرب معطوفاً علي هياجها
وَظِلُّ جَوَادي قَيظُهَا وَعَجاجُهَا
ويأنف عزمي ان يرد رماحها
اذا اشتبهت خرصانها وزجاجها
فما بال بغداد اذا اشتقت رحلة
تَشَبّثَ بي غِيطَانُهَا وَفِجَاجُهَا
كَأنّ لَهَا دَيْناً عَلَيّ، وَإنّني
سيَطْلُبُها سَيقي وَدَيْني خَرَاجُهَا
ابغداد مالي فيك نهلة شارب
من العيش الا والخطوب مزاجها
وَلَوْ أنّني أرْضَى بِأدْنَى مَعِيشَة ٍ
لأرْضَتْ مُنَائي عندَ أهليكِ حاجُهَا
وَلَكِنّني جَارٍ عَلى حُكْمِ هِمّة ٍ
كَثيرٍ عَنِ الطّبعِ الذّليلِ انعِرَاجُهَا
يخيل لي ان الاماني غياهب
ولا تنجلي الا وعزمي سراجها
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أُدارِي المُقلَتَينِ عَنِ ابنِ لَيلَى
أُدارِي المُقلَتَينِ عَنِ ابنِ لَيلَى
رقم القصيدة : 9924
-----------------------------------(93/10)
أُدارِي المُقلَتَينِ عَنِ ابنِ لَيلَى
وَيَأبَى دَمْعُهَا إلاّ لَجَاجَا
لها ثبط على الايام باق
تجيش بها معيناً أو اجاجا
كَأنّ بِهَا رَكِيّة َ مُستَمِيتٍ
يُخَضْخِضُها بُكُوراً وَادّلاجاً
أذُودُ النّفسَ عَنهُ، وَذاكَ مِنها
عنان ما ملكت له معاجا
كان العين بعد اليوم جرح
إذا طَبّوا لَهُ غَلَبَ العِلاجَا
تجم على القذى وتفيض دمعاً
مطل الداء وادع ثم هاجا
واين كفارس الفرسان عمرو
اذا رزءٌ من الحدثان فاجا
بِحَقٍّ كَانَ أوّلَهُمْ وُلُوجاً
عَلى هَوْلٍ وَآخرَهُمْ خَرَاجَا
اذا رسبت حصاة القلب منه
طَفَا قَلْبُ الجَبَانِ بهِ انْزِعَاجَا
بَكَيْتُكَ للسّوَابِقِ مُوضِعَاتٍ
قِماصُ السِّرْبِ أعجَزَ أنْ يُعاجَا
يقرطها الاعنة مبدلات
مكان جلالها العلق المجاجا
يدعن على الاجالد موضحات
كَأنّ عَلى مَفارِقِها شِجَاجَا
وارقاص المطي على وجاها
يَجُبْنَ إلى العُلَى طُرُقاً نِهَاجَا
مرنقة العيون كأن فيها
دهانَ مَوَاقِدٍ يَصِفُ الزِّجَاجَا
ورثت عن الابين قناً وبأساً
فَأنفَقتَ اللّهاذِمَ وَالزِّجَاجَا
ومنخرق اخوت السيف فيه
وحبل الليل يندمج اندماجا
أرَابَكَ، فاكْتَلأتَ بِغَيرِ رمْحٍ
كَأنّ عَلى عَوَامِلِهِ سِرَاجَا
توقر جاشك الاهوال فيه
اذا اعتلج الجبان به اعتلاجا
وَقد جابَ الذَّميلُ عَلَيكَ وَهْناً
من الظلماء مدرعة وساجا
وَمَزْلَقَة ٍ تُرَشّ بِهَا المَنَايَا
وَتَسْمَعُ للقُلُوبِ بِهَا رَجَاجَا
وَفُقْتَ بشَوْكِ أخمَصِكَ العَوَالي
ويلقى المرء للغم انفراجا
ومظلمة من الغمرات عطشى
جعلت لها من القضب انبلاجا
وَمَائِلَة ٍ أقَمْتَ لهَا كُعُوباً
وقد شغرت على القوم اعوجاجا
وَداهِيَة ٍ تُشَوِّلُ بالذُّنَابى
غَدَوْتَ لبَابِ مَطلَعِها رِتَاجَا
ومعضلة كفيت وذات وهي
شددت لها العراقي والعناجا
وَفاصِلَة ٍ كَسَيْلِ الطّوْدِ عَجلَى
قطعت بها التشادق والضجاجا
وَآنِيَة ِ اللّحُومِ مِنَ القَضَايَا
اعدت لهن كيا أو نضاجا(93/11)
وَشَارِدَة ٍ رَبَطْتَ لهَا الحَوَايَا
وَقَدْ مَرِحَ البِطَانُ بهَا وَمَاجَا
وراي يفرق الجُلى ويهدي
وراء مضيقها سبلاً فجاجا
قطعت بمطربيه على تمارٍ
خِلاجَ الشكّ، إنّ لَهُ خِلاجَا
كانك صبت منه بذات فرع
على البوغاء لبدت العجاجا
كمزلقة الذباب اذا امرت
عَلى ذي الدّاءِ بالغتِ الوِداجَا
لَئِنْ نَبَحَتْهُ آوِنَة ً كِلابٌ
لَقَدْ لَبِسَتْ بِهِ الأسَدَ المُهَاجَا
فمن يزع العريب اذا تناغت
وَيَضرِبُ بَينَ غارِبِها سِيَاجَا
ويذكرها الحلوم على تناس
وقد بلغت حفائظها الهياجا
يُحَاجِجُها عَنِ الأرْحامِ، حتّى
يقر القوم ان له الحجاجا
وَمَنْ رَدّ النّقائِذَ بَعْدَ يَأسٍ
وَقَدْ جَاوَزْنَ ضُوراً وَالوِلاجَا
تغلغل في النفاق قني سعد
رواغ الذئب قد ولج الحراجا
تمادحت الرباب به وكانت
تنابز بالمعائب أو تهاجا
برغمي ان يكن قنا تميم
قضين على الذنائب منك حاجا
حَمَيتَ مَنابِتَ الرَّمرَامِ مِنهُمْ
واخليت الاناعم والنباجا
منعتهم اللقاح وملقحات
يكاد الخوف يمنعها التناجا
فما لقحت لهم الا اختلاساً
وَلا وَلَدَتْ لَهُمْ إلاّ خِدَاجَا
أبَى البَاغُونَ مِثْلَ مَداكَ إلاّ
ضَلالاً عَنْ طَرِيقِكَ وَانعِرَاجَا
سابعثها عليك مسقفات
طِباقَ الأرْضِ، أُطلِعُها الفِجاجَا
مسالات الاغرة ملجمات
وِحَاداً أوْ مُقَرَّنَة ً زِوَاجَا
وَأجْعَلُهَا سُلُوّاً بَعْدَ يَأسٍ
ومن الم الصدا ورد الاجاجا
اقاضٍ حق قبرك ذوا غرام
اعادج الركب عن طرب وعاجا
يُرِيقُ عَلَيكَ مَاءَ القَلْبِ صِرْفاً
وَمَاءُ العَينِ يَجْعَلُهُ مِزَاجَا
ولو بلغ المنى انسان عيني
خَلا مِنها وَأسكَنَكَ الحُجَاجَا
موقع أدب (adab.com)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> لا تَيْأسَنّ، فَرُبّمَا
لا تَيْأسَنّ، فَرُبّمَا
رقم القصيدة : 9925
-----------------------------------
لا تَيْأسَنّ، فَرُبّمَا
عَظُمَ البَلاءُ وَفُرّجَا
قد ينسخ الخوف الامان
ويغلب اليأس الرجا(93/12)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> اني اذا حلب البخيل لبانها
اني اذا حلب البخيل لبانها
رقم القصيدة : 9926
-----------------------------------
اني اذا حلب البخيل لبانها
أمْسَيْتُ أحلُبُها دَمَ الأوْداجِ
خَطَبَتنيَ الدّنيا فقُلتُ لها ارْجِعي
اني اراك كثيرة الازواج
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> والعيس قد نشف منها السرى
والعيس قد نشف منها السرى
رقم القصيدة : 9927
-----------------------------------
والعيس قد نشف منها السرى
صفوَ العريكات ونقى الأجاج
لم يبق الا مضغ لاكها
طول الطوى واسترطتها الفجاج
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أغَارُ عَلى ثَرَاكَ مِنَ الرّيَاحِ
أغَارُ عَلى ثَرَاكَ مِنَ الرّيَاحِ
رقم القصيدة : 9928
-----------------------------------
أغَارُ عَلى ثَرَاكَ مِنَ الرّيَاحِ
وَأسْألُ عَنْ غَدِيرِكَ وَالمَرَاحِ
وَأجْهَرُ بالسّلامِ وَدُونَ صَوْتي
منيع لا يجاوز بالصياح
وَأهْوَى أنْ يُخَالِطَكَ الخُزَامَى
وَيَلمَعَ في أبَاطِحِكَ الأقَاحي
وَكَمْ لي نَحوَ أرْضِكَ من مَسيرٍ
دَفَعْتُ بِهِ الغُدُوّ إلى الرّوَاحِ
وهذا الدهر خفض من عرامي
وَرَنّقَ مِنْ غَبُوقي وَاصْطباحي
وقد كان الملام يطيف مني
بمنجذب العنان الى الجماح
تَؤولُ النّائِبَاتُ إلى مُرَادي
وَيُعطيني الزّمَانُ عَلى اقْتِرَاحي
وعالية السوالف والهوادي
تدافع في الاسنة والصفاح
اذا استقصين غامضة الدياجي
فَقَأتُ بهِنّ عاشِيَة َ الصّبَاحِ
ومدرع سموت له مغذا
وَقَدْ غَرِضَ المُقَارِعُ بالرّمَاحِ
بِنَافِذَة ٍ تَمَطّقُ عَنْ نَجيعٍ
تمطق شارب المقر الصراح
وَأُخْرَى في الضّلُوعِ لهَا هَديرٌ
هدير الفحل قرّب للقاح
فَمَا لي تَطْلُبُ الأعْداءُ حَرْبي
وَيُصْبِحُ جانِبي غَرَضَ اللَّوَاحِ
أبَا هَرِمٍ، وَأنْتَ تُرِيدُ ضَيمي
بأي يد تطامن من طماحي
لحقت ابي نزاعاً في المعالي
وعرقاً في الشجاعة والسماح
وانت فما لحقت اباك الا(93/13)
كَمَا لَحِقَ الذُّنَابَى بالجَنَاحِ
نُميتَ مِنَ العُقوقِ إلى المَخازِي
كَمَا يُنمَى الهَرِيرُ إلى النّبَاحِ
فَنَحنُ نَرَى مكانَكَ مِنْ نِزَارٍ
مكَانَ الدّاءِ في الأدَمِ الصّحَاحِ
بني مطر دعوا العلياء يطلع
إلَيْهَا كُلُّ مُنْذَلِقٍ وَقَاحِ
وَوَلّوا عَنْ مُقَارَعَة ِ المَنَايَا:
ولقيان الملمة الرداح
ايخفى لؤم اصلكم وهذي
قروفكم تنم على الجراح
تُعَيّرُنَا القَبَائِلُ أنْ قَطَعْنَا
قَرَائِنَ عَامِرٍ وَبَني رِيَاحِ
وَعَلّقْنَا مَطَامِعَنَا بِحَبْلٍ
تُعَلَّقُهُ القُلُوبُ بِغَيرِ رَاحِ
وَكُلُّهُمُ يَجُرّونَ العَوَالي
محافظة على عشب البطاح
فَبَلّغْ سَادَة َ الأحْيَاءِ أنّا
سلونا بالغنا ضرب القداح
وَعِفْنَا القَاعَ نَسْكُنُهُ وَمِلْنَا
عَنِ السَّمُرَاتِ وَالنَّعَمِ المِرَاحِ
وطبقت العراق لنا قباب
نظللها باطراف الرماح
نُعَلَّلُ بالزُّلالِ مِنَ الغَوَادي
وَنُتْحَفُ بالنّسِيمِ مِنَ الرّيَاحِ
وجاورنا الخليفة حيث تسمو
عرانين الرجال الى الطماح
نوجه بالثناء له مصوناً
وَنَرْتَعُ مِنْهُ في مَالٍ مُبَاحِ
وسيال اليدين من العطايا
مهيب الجد مأمون المزاح
اذا ابتدر الملام ندى يديه
مضى طلقاً على سنن المراح
أمِيرُ المُؤمِنِينَ أذالَ سَيرِي
ذُرَى هَذِي المُعَبَّدَة ِ الرِّزَاحِ
فَكَمْ خاضَ المَطيُّ إلَيكَ بَحراً
يَمُوجُ عَلى الأمَاعِزِ وَالضّوَاحي
سَرَابٌ كَالغَدِيرِ تَعُومُ فِيهِ
ربا كغوارب الابل القماح
وكم لك من غرام بالمعالي
وهم في الاماني وارتياح
وايام تشن بها المنايا
عوابس يطلعن من النواحي
اذا ريع الشجاع بهن قلنا
لأِمْرٍ غَضّ بِالمَاءِ القَرَاحِ
فَلانَقَلَ المُهَيْمِنُ عَنكَ ظِلاًّ
مِنَ النَّعْمَاءِ لَيْسَ بِمُسْتَبَاحِ
وَوَاجَهَكَ الثّنَاءُ بِكُلّ أرْضٍ
مُعاوِنَة ٍ لِشُكْرِي وَامْتِداحي
عند الرغبة في نشر اي نصوص أو معلومات من صفحات الموقع.
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> تخطينا الصفوف الى رواق(93/14)
تخطينا الصفوف الى رواق
رقم القصيدة : 9929
-----------------------------------
تخطينا الصفوف الى رواق
تحجب بالصوارم والرماح
وحيينا عظيماً من قريش
كان جبينه فلق الصباح
عَلَيْهِ سِيمِيَاءُ المُلْكِ يَبْدُو
وعنوان الشجاعة والسماح
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> مثال عينيك في الظبى الذي سخا
مثال عينيك في الظبى الذي سخا
رقم القصيدة : 9930
-----------------------------------
مثال عينيك في الظبى الذي سخا
وَلّى ، وَما دَمَلَ القَلبَ الذي جَرَحَا
فرُحتُ أقبَضُ أثنَاءَ الحَشَا كمَداً
وراح يبسط اثناء الخطى مرحا
صفحت عن دم قلب طله هدرا
بُقْياً عَلَيْهِ، فَما أبقَى وَلا صَفَحَا
حمى له كل مرعى سهم مقتله
وَمَوْرِدَ المَاءِ مَغْبُوقاً وَمُصْطَبحَا
اما تح انت غرب الدمع من كمد
على الظعائن اذ جاوزن مطلحا
أتْبَعْتُهُمْ نَظَراً تَدْمَى أوَاخِرُهُ
وَقد رَمَلنَ عَلى رَملِ العَقيقِ ضُحَى
فيهنّ أحوَى غَضِيضُ الطَّرْفِ رِعيَتُهُ
حَبُّ القُلُوبِ إذا مَا رَادَ أوْ سَرَحَا
عندي مِنَ الدّمعِ ما لَوْ كانَ وَارِدَهُ
مَطيُّ قَوْمِكَ يَوْمَ الجِزْعِ ما نَزَحَا
غادرن اسوان ممطوراً بعبرته
يَنحُو مَعَ البارِقِ العُلوِيّ أينَ نحَا
يروعه الركب مجتازاً ويزعجه
زجر الحداة تشل الاينق الطلحا
هَلْ يُبلِغَنّهُمُ النّفسَ التي ذَهَبَتْ
فيهم شعاعاً أو القلب الذي قرحا
ان هان سفح دمي بالبين عندهم
فَوَاجِبٌ أن يَهونَ الدّمعُ إنْ سُفِحَا
قل للعواذل مهلاً فالمشيب غداً
يغدو عقالً لذي القلب الذي طمحا
هَيهاتَ أُحوَجُ مَعْ شَيبي إلى عَذَلٍ
فالشيب اعذل ممن لامني ولحا
قِفْ طالعاً أيّها السّاعي ليُدْرِكَني
فَبَعدَكَ الجَزَعُ المَغرُورُ قَدْ قَرَحَا
لا عز اخبثنا عرقاً واهجننا
اماً واصلدنا زنداً اذا قدحا
ظن راسك قد اعياك محمله
وَرُبّ ثِقْلٍ تَمَنّاهُ الذي طُرِحَا
كَمِ المُقَامُ عَلى جيلٍ سَوَاسِيَة ٍ(93/15)
نَرْجو النّدى من إنَاءٍ قَلّ ما رَشَحَا
تشاغل الناس باستدفاع شرهم
عن ان يسومهم الاعطاء والمنحا
في كُلّ يَوْمٍ يُنَادِيني لِبَيْعَتِهِ
مشمر في عنان الغي قد جمحا
ان تمنينَّ لمنديل اذاً لكم
مَتَى يَشَا مَاسحٌ مِنكُمْ بهَا مَسَحَا
الام اصفيكم ودي على مضض
وَكَمْ أُنِيرُ وَأُسْدِي فيكُمُ المِدَحَا
يَرُومُ نُصْحيَ أقوَامٌ وَرَوْا كَبِدي
وَالعَجزُ أنْ يُجعَلَ الموْتورُ مُنتصَحَا
ارى جناني قد جاشت حلائبه
ما يمنع القلب من فيض وقد طفحا
شَمّرْ ذُوَيلَكَ، وَارْكَبها مذكَّرَة ً
واطلب عن الوطن المذموم منتدحا
وَحَمّلِ الهَمّ، إنْ عَنّاكَ نَازِلُهُ
غَوَارِبَ اللّيلِ وَالعَيرَانَة َ السُّرُحَا
وَانفُضْ رِجالاً سقَوْكَ الغَيظَ أذنبَة ً
وَأوْرَثوكَ مَضِيضَ الدّاءِ وَالكَشَحَا
ان عاينوا نعمة ماتوا بها كمداً
وان رأوا غمة طاروا بها فرحا
أوْهَتْ أكفُّهُمُ بَيْني وَبَيْنَهُمُ
فَتْقاً بغَيرِ العَوَالي قَلّ ما نُصِحَا
نالوا المعالي ولم تعرق جباههم
فيها لُغُوباً، وَما نالَ الذي كَدَحَا
سائل عن الطود لم خفت قواعده
وكان ان مال مقدار به رجحا
قَدْ جَرّبوهُ، فَما لانَتْ شَكيمَتُهُ
وحملوه فما اعيا ولا رزحا
رَمَوْا بِهِ الغَرَضَ الأقصَى ، فشافَههُ
مر القطامى جلى بعد ما لمحا
من العراق الى اجبال خرمة ٍ
يا بعده منبذاً عنا ومطرحا
ليس الملوم الذي شد اليدين به
بَلِ المَلُومُ المُرَزّا مَنْ بِهِ سَمَحَا
هُوَ الحُسَامُ، فَمَنْ تَعلَقْ يداهُ به
يضمم على الصفقة العظمى وقد ربحا
ان اغمدوه فلم تغمد فضائله
وَلا نَأى ذِكْرُهُ الدّاني، وَقد نزَحَا
أهدَى السّلامَ إلَيكَ اللَّهُ ما حَمَلَتْ
غَوَارِبُ الإبِلِ الغَادِينَ وَالرَّوَحَا
ولا اغب بلاداً انت ساكنها
مَسرَى نَسيمٍ يُميطُ الداءَ إنْ نَفَحَا
أغْدُو عَلى سُبُلِ الأنْوَاءِ مُشْتَرِطاً
سقياك في البلد النآي ومقترحا
افردت للهمّ صدراً منك متسعاً(93/16)
عَلى الهُمومِ، وَقلباً منكَ مُنشَرِحَا
كساهم البهمة الدهماء عجزهم
والعزم البسك التحجيل والفرحا
عَلّ اللّيَاليَ أنْ تُثْنى بِعَاطِفَة ٍ
فيَستَقيلَ زَمَانٌ بَعدَما اجتَرَحَا
كمَا رَمَى الدّاءُ عُضْواً بَعدَ صِحّتهِ
كذا اذا التاث عضور بما اصطلحا
وَكَمْ تَلاحَمَ كَرْبٌ عِندَ مُعْضِلَة ٍ
فانجَابَ عَنْ قَدَرٍ لِلَّهِ، وَانفَسَحَا
ارى رجالاً كبهم القاع عندهم
سِيّانِ مَنْ مَزّقَ الآرَاءَ أوْ صَرَحَا
يعلو على قلل الاعناق بينهم
من غش رئاً ويوطا عنق من نصحا
تَظاهَرُوا بِنِفَاقِ الغَيّ عِنْدَهُمُ
حتّى ادّعاهُ على مكرُوهِهِ الفُصَحَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> برُؤمِ السّيُوفِ وَغَرْبِ الرّمَاحِ
برُؤمِ السّيُوفِ وَغَرْبِ الرّمَاحِ
رقم القصيدة : 9931
-----------------------------------
برُؤمِ السّيُوفِ وَغَرْبِ الرّمَاحِ
عقدنا لواء العلى والسماح
وَكُلِّ غُلامٍ حَيِيِّ اللّحَاظِ
يَلْقَى الطّعَانَ بِرُمْحٍ وَقَاحِ
إذا مُطِلَ الثّارُ جَرَّ القَنَا
نشاوى تقاضى صدور الصفاح
فأغمَدَها في احْمِرَارِ الشّقِيـ
وجردها في بياض الاقاح
بكل فلاة تقود الجياد
تَعْثرُ فِيهَا بِبَيْضِ الأداحي
فليلجم اعناقها بالجبال
وينعل ارساغها بالبطاح
وَأشْقَرَ يَسْرِقُ صِبْغَ المُدا
انهبت جلدته للسلاح
اذا يابس الماء بل الحزام
طارت به غلواء المراح
تجول القرون باعطافه
مَجالَ الفَوَاقِعِ في كَاسِ رَاحِ
يشق الظلام بسيف الضحى
وَيَرْمي الغُدُوَّ بسَهمِ الرّوَاحِ
فيا راكب العجز مرخي العنان
للذّلّ يَخبِطُ، وَالعِزُّ ضَاحِ
تقاض المطالب واستنبط الـ
ـرّجَاءَ وَنَبّهْ عُيُونَ النّجَاحِ
فَلَوْلا المَطامِعُ تَحدُو الطّلابَ
لمَا خَفَقَتْ قادِمَاتُ الجَنَاحِ
وما العيش عندي الا الاباء
وبعدي عن المنزل المستباح
أُحِبُّ الخِيَامَ وَسُكّانَهَا
وَأحْسُدُ كُلّ بَعِيدِ المَرَاحِ
وَأغْبِطُ كُلّ فَتًى لا يَزَالُ(93/17)
عِبْئاً عَلى الزّاعِبَاتِ القِمَاحِ
يُخَاطِرُ فِيهَا بِعَقْزِ السَّوَامِ
وَيَشْرَبُ مِنْهَا لِبَانَ اللَّقَاحِ
طروب المسامع اين استقل
صَهِيلُ الجِيَادِ وَجَرْسُ النّبَاحِ
وَمَنْ لي بِأنْ أتَلافَى الخُطُوبَ
ان نافرتني صدور الرماح
وَمَنْ لي بِتَقْبِيلِ كَفّ الزّمَا
ن من قبل توقيعها باطراحي
كَبَا الدّهْرُ بَيْني وَبَينَ المُنَى
وَطَالَ بزَنْدِ الرّجَاءِ اقتِداحي
ارى الحلم يطوي سباب الرجال
والجهل ينشره في التلاحي
فيُحسَبُ عَيّاً سُكوتُ الحَليمِ
وَيُعطَى السّفيهُ حُظُوظَ الفِصَاحِ
أُكَاشِرُ أبْنَاءَ هَذا الزّمَانِ
وَأهْزَأُ مِنْ نُبْلِهِمْ بامْتِداحي
فَبَينَ البَوَاطِنِ حَلُّ الطّلاقِ
وَبَينَ الظّوَاهِرِ عَقْدُ النّكَاحِ
وَإنّي لأحْفَظُ غَيْبَ الخَليلِ
إنْ ضَاعَ وَاسْتَلَبَتْهُ اللّوَاحي
واني لاقصف بطش الفتى
وَلَوْ رَدّ بَاعَ القَضَاءِ المُتَاحِ
تَكَدّرُ دُوني نِطَافُ الكَلامِ
وَأصْقُلُهَا بِالبَيَانِ الصُّرَاحِ
أُدافِعُ بالجِدّ عَنْ غَايَة ٍ
وَلَوْ شِئْتُ بُلّغْتُهَا بِالمُزَاحِ
أُرَاني سَيُخْلِقُ عُمرِي الزّمَانَ
وكل ظلام جديد الصباح
زجرت السرور فما يجتنى
بغير العلى طلبي وارتياحي
فَبِاللَّهِ يَا نَشَوَاتِ الشَّمُولِ
عُودي إلى نَفَحَاتِ الرّيَاحِ
وَصُوني عَنِ السّكْرِ مَن لا يزَالُ
يُنَدّي المُدامَ بِمَاءِ القَرَاحِ
اعاف ابنة الكرم لا ابن الغمام
بين غبوقي وبين اصطباحي
يَمُرّ الغِنَاءُ فَيَعْتَاقُني
وعشق الحروب ثني من جماحي
وَلَوْ لمْ أُغَنّ بِذِكْرِ السّيُوفِ
لَقَلّ عَلى النّغَماتِ ارْتِيَاحي
وَسَمْرَاءَ تَرْشُفُ ظَلْمَ القُلُو
قذافة ٍ بالنجيع المباح
تُطَارِدُ في كُلّ مَلْمُومَة ٍ
منطقة ٍ بالعوالي رداح
تُرِيقُ عَلَيْها كُؤوسَ الدّمَا
بالطعن والموت نشوان صاح
فنَخضِبُ فيها جِبَاهَ الظُّبَى
وَنُرْمِدُ فِيهَا عُيُونَ الجِرَاحِ
كأنّا نَرَى الضّرْبَ نَحرَ السّوَامِ(93/18)
ونحتسب الطعن ضرب الصفاح
فمَنْ ذا أُسَامي، وَجَدّي النبيُّ
أمْ مَنْ أُطاوِلُ أمْ مَنْ أُلاحي
انا ابن الائمة والنازلين
كُلَّ مَنيعِ الرُّبَى وَالبَرَاحِ
وايد تصافح ايدي الكرام
وَإنْ نَفَرَتْ مِنْ أكَفْ الشِّحاحِ
اذا استصرخوا عصفوا بالصباح
بين الظبي والوجوه الصباح
وسالوا الى الطعن سيل القنا
ومالوا على الضرب ميل الصفاح
نشرنا على عذبات الرياح
حِ كُلَّ لِوَاءٍ صَقيلِ النَّوَاحي
وَأحْسَابُنَا سَامِيَاتُ الأُنُوفِ
بَينَ المَقَامِ وَبَينَ الضُّرَاحِ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> بَعضَ المَلامِ فقدْ غَضَضْتُ طَماحي
بَعضَ المَلامِ فقدْ غَضَضْتُ طَماحي
رقم القصيدة : 9932
-----------------------------------
بَعضَ المَلامِ فقدْ غَضَضْتُ طَماحي
وَكَفَيتُ من نَفسِي العَذولَ اللاّحي
مِنْ بَعْدِ مَا خَطَرَ الصِّبَا بمَقادَتي
وجرى الى الامد البعيد جماحي
عشرون اوجف في البطالة خلفها
عَامَانِ غَلاّ مِنْ يَدَيّ مِرَاحي
زَمَنٌ يَخِفّ بِهِ الجَناحُ إلى الصِّبَا
لمّا ظَفِرْتُ بهِ خَفَضْتُ جَنَاحي
أُغضِي عَنِ المَرْأى الأنِيقِ زَهَادَة ً
فيه وادفع لذتي بالراح
أمَعاهِدَ الأحْبَابِ! هَلْ عَوْدٌ إلى
مغدى ً نبل به الجوى ومراح
يكفيك من انفاسنا ودموعنا
ان تمطري من بعدنا وتراحي
فَلَرُبّ عَيشٍ فيك رَقّ نَسِيمُهُ
كَالمَاءِ رَقّ عَلى جُنُوبِ بِطَاحِ
وَتَغَزّلٍ كَصَبَا الأصَائِلِ أيْقَظَتْ
ريا خزامى باللوى واقاح
كم فيك من صاح الشمائل منتش
بالذّلّ، أوْ مَرْضَى العيونِ صِحاحِ
فَسَقَى اللّوَى صَوْبُ الغَمَامِ وَدَرُّهُ
وسقى النوازل فيه صوب الراح
وَغَدا فَرَوّحَ ذاكَ عَن تِلكَ الرُّبَى
وسرى فروح ذاعن الارواح
فلطالما اقصدنني ظبياته
وارقت فيه لبارق لماح
وَالتَحتُ مِنْ كمَدٍ إلَيهِ، وَوِرْدُهُ
نَاءٍ يُعَذِّبُ غُلّة َ المُلْتَاحِ
أيّامَ في صِبغِ الشّبَابِ ذَوَائِبي
وَإلى التّصَابي غُدْوَتي وَرَوَاحي(93/19)
قَوْمي أُنُوفُ بَني مَعَدٍّ وَالذُّرَى
من واضح فيهم ومن وضاح
السابقون الى علاً ومفاخر
والغالبون على ندى وسماح
ذَهَبُوا بِشَأوِ المَجْدِ ثُمّ تَلَفّتُوا
هزواً الى الطلاع والطلاح
شوس الحواجب مغضبين وفي الرضى
ما شئت من بيض الوجوه صباح
ورثوا المعالي بالجدود وبعدها
بضراب مرهفة وطعن رماح
وقياد مخطفة الخصور كانها
العِقبانُ تَحتَ مُجَلجِلٍ دَلاّحِ
يغبقن ليلاً بالغبيق وتارة
يصبحن بالغارات كل صباح
ضَرَبَتْ بِعِرْقي دَوْحَة ٌ نَبَوِيّة ٌ
في منصب واري الزناد صراح
يُنمى إلى أعياصِ خَيْرِ أرُومَة ٍ
لَيْسَتْ بعَشّاتِ الفُرُوعِ ضَوَاحِ
وابي الذي حصد الرقاب بسيفه
في كُلّ يَوْمِ تَصَادُمٍ وَنِطَاحِ
رُدّتْ إليهِ الشّمسُ يُحدِثُ ضَوْءُها
صبحاً على بعدٍ من الاصباح
سائل به يوم الزبير مشمراً
يَختَالُ بَينَ ذَوَابِلٍ وَصِفَاحِ
وَاسْألْ بِهِ صِفّينَ إنّ زَئِيرَهُ
اودي بكبش امية النطاح
وَاسْألْ شَرَاة َ النّهْرَوَانِ، فإنّهُمْ
ضُرِبُوا بِمُنذَلِقِ اليَدَينِ وَقَاحِ
كم من طعين يوم ذاك مرمل
وَحَرِيمِ عِزٍّ بِالطّعَانِ مُبَاحِ
ومناقب بيض الوجوه مضئة
أبَداً، تُكَاثِرُ ألْسُنَ المُدّاحِ
من قاس ذا شرف به فكأنما
وزن الجبال القود بالاشباح
قد قلت للعادي عليَّ ببغيه
مهلاً فما يلحو القتادة لاحي
فحَذارِ إنْ مطَرَتْ علَيكَ صَوَاعقي
وحذار ان هبت عليك رياحي
او في الصباح فشق كل دجنة
وعلا الزئير فغض كل نباح
أنا مَن علمتَ، على المُكاشحِ مُرْهَفٌ
نابي وشاك في الخصام سلاحي
وابيت ان اعطي الاعادي مقودي
او ان تدر على الهوان لقاحي
مِنْ بَعدِ ما أوْضَعتُ في طُرُقِ العُلى
وأضرَّ بالاعداء طول كفاحي
وَسَحَبتُ من خُلَعِ الخلائفِ طارِفاً
لحَظَاتِ كُلّ مُعَانِدٍ طَمّاحِ
ووليا في السن القريبة اسرتي
فوكلت فاسدهم الى اصلاحي
بِمَهَابَة ٍ عَمّتْ بِغَيرِ تَكَبّرٍ
وَصَرَامَة ٍ أدْمَتْ بِغَيْرِ جِرَاحِ(93/20)
حِلْمٌ كَحاشِيَة ِ الرّداءِ، وَدُونَهُ
بأس يدق عوامل الارماح
فَلَئِنْ عَلَوْتُهُمُ، فَلَيسَ بمُنكَرٍ
اما علت غرر على اوضاح
فالان امدح غير مولى نعمة
لَوْ كُنتُ أُنصَفُ كانَ من مُدّاحي
بُعْداً لِدَهْرٍ خَاضَ بي أهْوَالَهُ
واجازني غمراً الى ضحضاح
لادر دري ان رضيت بذلة
تَلْوِي يَدي وَتَرُدّ غَرْبَ طَماحي
مِنْ دُونِ قَوْدِ الجُرْدِ تَمرِي جَرْيها
ربلات كل مغامر جحجاح
عنقاً على عنق الطلاب تحثها
همم ضمن عوائد الانجاح
فظعُ البلاد وراء قاضية العلى
مُتَغَرّباً عَنْ مَوْطِني وَمَرَاحي
اشهى اليَّ من النعيم يدوم لي
والذُّ من نعم علي مراح
انى الى العذب النمير اصابني
بِيَدِ الهَوَانِ شَرِبْتُ بِالأمْلاحِ
دعني اخاطر بالحيوة وانما
طلب الرجال العز ضرب قداح
اما لقاء الملك قسرا أو كما
لقى ابن حجر من يدي الطماح
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> نَبّهتُهُمْ مِثْلَ عَوَالي الرّمَاحْ
نَبّهتُهُمْ مِثْلَ عَوَالي الرّمَاحْ
رقم القصيدة : 9933
-----------------------------------
نَبّهتُهُمْ مِثْلَ عَوَالي الرّمَاحْ
إلى الوَغَى قَبلَ نُمُومِ الصّبَاحْ
فوارس نالوا المنى بالقنا
وصافحوا اعراضهم بالصفاح
لغارة سامع انبائها
يغص منها بالزلال القراح
لَيسَ عَلى مُضْرِمِهَا سُبّة ٌ
ولا على المجلب منها جناح
دُونَكُمُ، فابتَدِرُوا غُنمَهَا
دُمًى مُباحاتٍ، وَمَالٌ مُبَاحْ
فاننا في ارض اعدائنا
لا نَطَأُ العَذْرَاءَ إلاّ سَفَاحْ
يا نَفْسُ مِنْ هُمٍّ إلى هِمّة ٍ
فلَيسَ من عِبْءِ الأذى مُسترَاحْ
قَدْ آنَ للقَلْبِ الّذِي كَدَّهُ
طُولُ مُناجاة ِ المُنى أنْ يُرَاحْ
لا بُدّ أنْ أرْكَبَهَا صَعْبَة ً
وَقَاحَة ً تَحْتَ غُلامٍ وَقَاحْ
يُجْهِدُهَا، أوْ يَنْثَني بِالرّدَى
دون الذي قدر أو بالنجاح
الراح والراحة ذل الفتى
والعز في شرب ضريب اللقاح
في حَيثُ لا حُكْمٌ لغَيرِ القَنَا
وَلا مُطاعٌ غَيرَ داعي الكِفَاحْ(93/21)
مَا أطْيَبَ الأمْرَ، وَلَوْ أنّهُ
على رزايا نعم في مراح
وَأشْعَثِ المَفْرِقِ ذي هِمّة ٍ
طوحه الهم بعيداً فطاح
لمّا رَأى الصّبْرَ مُضِرّاً بِهِ
رَاحَ، وَمَن لمْ يُطِقِ الذّلّ رَاحْ
دَفعاً بصَدْرِ السّيْفِ لَمّا رَأى
ألاّ يَرُدّ الضّيْمَ دَفعاً بِرَاحْ
متى ارى الزوراء مرتجة
تمطر بالبيض الظبي أو تراح
يَصِيحُ فِيهَا المَوْتُ عَنْ ألسُنٍ
من العوالي والمواضي فصاح
بكل روعاء عظينية
يَحتَثّهَا أرْوَعُ شَاكي السّلاحْ
كانما ينظر من ظلها
نعامة زيافة بالجناح
متى ارى الارض وقد زلزلت
بعارض اغبر دامي النواح
متى ارى الناس وقد صبحوا
أوَائِلَ اليَوْمِ بِطَعْنٍ صُرَاحْ
يَلتَفِتُ الهَارِبُ في عِطْفِهِ
مروعاً يرقب وقع الجراح
متى ارى البيض وقد امطرت
سَيلَ دَمٍ يَغلِبُ سَيلَ البِطاحْ
متى ارى البيضة مصدوعة
عن كل نشوان طويل المراح
مضمخ الجيد نؤوم الضحى
كَأنّهُ العَذْرَاءُ ذاتُ الوِشَاحْ
اذا رداح الروع عنت له
فرالى ضم الكعاب الرداح
قوم رضوا بالعجز واستبدلوا
بالسيف يدمى غربه كاس راح
تَوَارَثُوا المُلكَ، وَلَوْ أنْجَبُوا
لَوَرّثُوهُ عَنْ طِعَانِ الرّمَاحْ
غَطّى رِداءُ العِزّ عَوْرَاتِهِمْ
فافتُضِحُوا بالذّلّ أيَّ افتِضَاحْ
إنّيَ وَالشّاتِمَ عِرْضِي كمَنْ
روع اساد الشرى بالنباح
يطلب شأوى وهو مستيقن
ان عناني في يمين الجماح
فَارْمِ بِعَيْنَيْكَ مَلِيّاً تَرَى
وقع غباري في عيون الطلاح
وارق على ظلعك هيهات ان
يزعزع الطود بمر الرياح
لا هم قلبي بركوب العلى
يوما ولا بل يدي السماح
إنْ لمْ أنَلْهَا باشتِرَاطٍ، كَمَا
شِئْتُ عَلى بِيضِ الظُّبَى وَاقترَاحْ
افوز منها باللباب الذي
يُغني الأمَاني نَيْلُهُ وَالصُّرَاحْ
فَمَا الذِي يُقْعِدُني عَنْ مَدًى
لا هو بالنسل ولا باللقاح
طليحة مدّ باضباعه
وَغَرّ قَبْلي النّاسَ حَتَى سجَاحْ
يطمح من لا مجد يسمو به
اني اذاً اعذر عند الطماح
وَخِطّة ٍ يَضْحَكُ مِنْهَا الرّدَى(93/22)
عشراء تبري القوم بري القداح
صَبرْتُ نَفْسي عِنْدَ أهوَالِهَا
وَقُلتُ: مِنْ هَبوَتِهَا لا بَرَاحْ
اما فتى نال العلى فاشتفى
او بطل ذاق الردى فاستراح
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> في كُلّ يَوْمٍ لِلأحِبّة ِ مَطْرَحُ
في كُلّ يَوْمٍ لِلأحِبّة ِ مَطْرَحُ
رقم القصيدة : 9934
-----------------------------------
في كُلّ يَوْمٍ لِلأحِبّة ِ مَطْرَحُ
وَعَلى المَنَازِلِ للمَدامِعِ مَسفَحُ
شَوْقٌ عَلى نَأيِ الدّيَارِ مُغَالِبٌ
وَجَوًى عَلى طُولِ المَطالِ مُبَرِّحُ
نفرت بنات الصبر منك وطالما
قُصِرَتْ نَوَازعُ عن ضَميرِكَ تَطمَحُ
يا هل يمانع بعد طول قياده
قلب يطاوع في القياد ويسمح
وَعَلى المَطِيّ ظِبَاءُ وَجْرَة َ كُلّمَا
غفل المراقب تشرئب وتسنح
خالسننا النظر المريب كما رنت
بقر الجواء الى وميض يلمح
يبسمن عن برد الغمام وبرده
ريان يغبق بالمدام ويصبح
كَلّفْتَ عَيْنَكَ نَظْرَة ً مَزْؤودَة ً
منعتك لذتها مدامع تسفح
أمْسَوْا كَأنّ لَطَائِماً دارِيّة ً
باتت تضوع من القباب وتنفخ
مَلَكُوا وَلَمّا يُحسِنُوا وَوَلُوا وَلَـ
يعدلوا وغنوا ولما يسمحوا
قل لليالي قد ملكت فاسجحي
وَلِغَيرِكِ الخُلُقُ الكَرِيمُ الأسجَحُ
من اي خطب من خطوبك اشتكي
وَعَنَ أيّ ذَنْبٍ من ذُنوبِكِ أصْفحُ
ان اشك فعلك من فراق احبتي
فلسوء فعلك في عذاري اقبح
ضوء تشعشع في سواد ذؤابي
لا أسْتَضِيءُ بِهِ وَلا أستَصْبِحُ
بعتُ الشباب به على مقة له
بيع العليم بانه لا يربح
لا تنكرن من الزمان غريبة
ان الخطوب قليبها لا ينزح
للذّلّ بَينَ الأقْرَبِينَ مَضَاضَة ٌ
والذل ما بين الاباعد اروح
واذا رمتك من الرجال قوارص
فسهام ذي القربى القريبة اجرح
اليس نسيج الذل ان البسته
مُتَمَلْمِلاً، وَإنَاءُ قَلْبِكَ يَطفَحُ
مَا دُمْتَ تَنتَظِرُ العَوَاقِبَ لابِداً
لا تغتدي لعلى ولا تتروح(93/23)
وَضَجيعُكَ العَضْبُ الذي لا يُنتضَى
وخليطك الزور الذي لا يبرح
وَاعْلَمْ بِأنّ البَيْتَ، إنْ أُوطِنْتَهُ
سجن وطول الهم غل يجرح
أأُخَيّ لا تَكُ مُضْغَة ً مَزْرُودَة ً
تنساغ لينة القياد وتسرح
الاَّ ابيت وانت من جمراتها
وَمِنَ العَجَائِبِ جَمْرَة ٌ لا تَلْفَحُ
كُنْ شَوْكَة ً يُعيي انتقاشُ شَباتِها
او حمضة يشجي بها المتملح
وَانفُضْ يَديكَ من الثّرَاءِ فكم مضَى
مِنْ دونِ ثَرْوَتِهِ البَخيلُ المُصْلِحُ
يَبْقَى لِوَارِثِهِ كَرَائِمُ مَالِهِ
وَلَقَدْ يُرَقِّعُ عَيْشَهُ وَيُرَقِّحُ
قد ينتج المروء العشار بجده
وسواه يعتام الفحول ويلقح
لا عذر الا ان ارى سرباتها
سوم الجراد يثور منها الابطح
والهام تعتصب العجاج كانه
في الجَوّ شُؤبُوبُ الغَمَامِ الأمْلَحُ
قَوْمي الأولى ضَمِنَتْ لهُمْ أحسابُهُمْ
تان الزمان بمثلهم لا يسمح
عَرَكُوا أدِيمَ الأرْضِ قَبْلَ نَباتِها
وَاستَفْسَحُوا أعْطَانَهَا وَتَفَيّحُوا
فتقوا بشزر الطعن اكمام العلى
وهم جذاع قبائل لم يقرحوا
ان اخرجوا لم يجهلوا واذا قضوا
لم يقسطوا اذا علوا لم يبجحوا
ذَنْبي إلى البُهْمِ الكَوَاذِبِ أنّني الـ
الطرف المطهم والاغر الاقرح
يولونني خزر العيون لانني
غلست في طلب العلى وتصبحوا
وجذبت بالطول الذي لم يجذبوا
ومتحت بالغرب الذي لم يمتحوا
من كل حامل احنة لا تنجلي
غَطْشَى دُجُنّتُهَا وَلا تَتَوَضّحُ
ضَبٌّ يُداهِنُني، وَيُشْكِلُ غَيْبُهُ
مما يرغى قوله ويصرح
يغدوا ومرجل ضغنه متهزم
أبَداً عَليّ، وَجُرْحُهُ مُتَقَرّحُ
مسحت جباه الوانيات ولطمت
مِنْ دُونِ غايَتها العِتاقُ القُرّحُ
لو لم يكن لي في القلوب مهابة
لم يطعن الاعداء فيَّ ويقدح
من خيف خوف الليث خطله الربى
وَعَوَتْ لِتُشْهِرَهُ الكِلابُ النُّبّحُ
نظروا بعين عداوة لو انها
عينُ الرّضَى لاستَحسَنوا ما استَقبحُوا
ما كان من شعث فاني منهم
لَهُمُ أوَدّ عَلى البعَادِ وَأسمَحُ
بحث عن قصيدة بحث عن شاعر(93/24)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> سلَيمانُ لَوْ وَفّيْتَ مَدْحيَ حَقَّهُ
سلَيمانُ لَوْ وَفّيْتَ مَدْحيَ حَقَّهُ
رقم القصيدة : 9935
-----------------------------------
سلَيمانُ لَوْ وَفّيْتَ مَدْحيَ حَقَّهُ
أريتك أسباب المنى كيف تنجح
بسطت يدي حتى ظننتك فابضاً
يَدَ الدّهرِ عَنّي، وَهوَ أزْوَرُ أكلَحُ
فأقصَدْتَني باليَأسِ حتّى ترَكتَني
وَظَنّيَ عَنْ نَيْلِ الغِنَى يَتَزَحزَحُ
وأصعبت لي من بعد ما كنت مسهلاً
مَغالِقَ بِرٍّ شَارَفَتْ تَتَفَتّحُ
فمن ماله في ذمة كيف يجتدي
ومن أصله في ظلمه كيف يمدح
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أُعِيذُكَ مِنْ هِجَاءٍ بَعْدَ مَدْحِ
أُعِيذُكَ مِنْ هِجَاءٍ بَعْدَ مَدْحِ
رقم القصيدة : 9936
-----------------------------------
أُعِيذُكَ مِنْ هِجَاءٍ بَعْدَ مَدْحِ
فعذني من قتال بعد صلح
منحتك جل أشعاري فلما
ظفرت بهن لم أظفر بمنح
كبَا زَنْدِي بحَيْثُ رَجَوْتُ مِنْهُ
مساعدة الضياء فخاب قدح
وكنت مضافري فثلمت سيفي
وكنت معاضدي فقصفت رمحي
وكنت ممنعاً فاذل داري
دخولك ذل ثغر بع فتح
فيا ليثاً دعوت به ليحمي
حماي من العدى فاجتاح سرحي
وَيَا طِبّاً رَجَوْتُ صَلاحَ جِسْمي
بكَفّيْهِ، فَزَادَ بَلاءَ جُرْحي
ويا قمراً رجوت السير فيه
فَلَثّمَهُ الدُّجَى عَنّي بِجِنْحِ
سأرمي العزم في ثغر الدياجي
واحدو العيس في سلم وطلح
لبِشرِ مُصَفَّقِ الأخْلاقِ عَذْبٍ
وجود مهذب النشوات سمح
وَقُورٍ مَا استَخَفّتُهُ اللّيَالي
وَلا خَدَعَتْهُ عَنْ جِدٍّ بِمَزْحِ
اذا ليل النوائب مد باعاً
ثَنَاهُ عَنْ عَزِيمَتِهِ بِصُبْحِ
وان ركض السؤال الى نداه
تَتَبّعَ إثْرَ وَطْأتِهِ بِنُجْحِ
وَأصْرِفُ هِمّتي عَنْ كُلّ نِكْسٍ
أمَلَّ عَلى الضّمَائِرِ كُلَّ بَرْحِ
يهددني بقبح بعد حسن
وَلَمْ أرَ غَيْرَ قُبْحٍ بَعْدَ قُبْحِ
جميع الحقوق محفوظة لموقع "أدب" ، ويجب مراسلة الإدارة(93/25)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أبُثّكَ أنّي رَاغِبٌ عَنْ مَعَاشرٍ
أبُثّكَ أنّي رَاغِبٌ عَنْ مَعَاشرٍ
رقم القصيدة : 9937
-----------------------------------
أبُثّكَ أنّي رَاغِبٌ عَنْ مَعَاشرٍ
يضنون بالود القليل واسمح
إذا ما جنوا ذنباً علي احتقرته
فأعفُو عَنِ الذّنبِ العَظيمِ وَأصْفَحُ
وَيُظْهِرُ لي قَوْمٌ بعَاداً وَجَفوة ً
وما علموا أني بذلك أفرح
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> صَبْراً عَلى نُوَبِ الزّمَا
صَبْراً عَلى نُوَبِ الزّمَا
رقم القصيدة : 9938
-----------------------------------
صَبْراً عَلى نُوَبِ الزّمَا
نِ وَإنْ أبَى القَلْبُ القَرِيحُ
فَلَرُبّ مُبْتَسِمٍ، وَقَدْ
أخذت مآخذها الجروح
يَسْعَى الفَتَى مُتَمَادِياً
ويد المنون له تليح
كَمْ آمِلٍ يَغْدُو عَلى الأ
مل البعيد فلا يروح
بينا يشاد له البنا
حتى يخط له الضريح
لا تَيْأسَنْ مِنْ أنْ تَعُو
تعود عوائد وتهب ريح
قد يسقط العود الجليد
ـدَ، وَيَنهَضُ النِّضْوُ الطّليحُ
وَيُفَرِّجُ الغَمّاءَ يَحْـ
ـرَجُ عِنْدَها العَطَنُ الفَسِيحُ
وَلِكُلّ شيْءٍ آخِرٌ
إمّا جَمِيلٌ أوْ قَبِيحُ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> وَلَوْ كنتَ فيها يوْمَ ذا الأثلِ لم تَؤبْ
وَلَوْ كنتَ فيها يوْمَ ذا الأثلِ لم تَؤبْ
رقم القصيدة : 9939
-----------------------------------
وَلَوْ كنتَ فيها يوْمَ ذا الأثلِ لم تَؤبْ
وَزَادُكَ إلاّ ذاتُ وَدْقَينِ تَنْضَحُ
غداة ذبال السمهرية يلتظى
بأيمانِنا، وَالبِيضُ بالبِيضِ تُقْدَحُ
مَوَاقِفُ تُنسِي المَرْءَ مَا كَانَ قَبلَها
تَرَى الجَذَعَ العاميّ فيهِنّ يَقرَحُ
كَأنّ سِقَاطَ البِيضِ ثُمّ ارْتِفَاعَها
مصاريع أبواب تجاف وتفتح
فَإنْ تَكُ قَدْ سُقّيتَ مِثْلي بكاسِها
فَما لَكَ يا ذا الضّبّ لا تَتَرَنّحُ
جُعِلْتَ صَحيحاً مثلَ ضَامنِ نُقْبَة ٍ
له كل يوم جالب يتقرح(93/26)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ألا مَنْ عَذِيرِي في رِجالٍ تَوَاعَدُوا
ألا مَنْ عَذِيرِي في رِجالٍ تَوَاعَدُوا
رقم القصيدة : 9940
-----------------------------------
ألا مَنْ عَذِيرِي في رِجالٍ تَوَاعَدُوا
لحربي من رامي عقوق ورامح
وَغَرّهُمُ منّي اصْطِبارٌ عَلى الأذَى
وَقد يكظِمُ المَرْءُ الأذى غَيرَ صَافحِ
فما الجارم الجاني عقوقي بسالم
وَلا المَاطِلُ اللاّوِي دُيُوني برَابِحِ
أغارُوا عَلى ذَوْدٍ مِنَ الشِّعْرِ آمِنٍ
تَقَادَمَ عِندي مِنْ نِتَاجِ القَرَايحِ
فيا ليتهم ادوه في الحي خالصاً
وَلَمْ يَخْلِطُوهُ بِالرّزَايَا الطّلايحِ
وانك لو موهت كل هجينة
على ناظر ما عددت في الصرايح
أرَى كُلَّ يَوْمٍ، وَالأعاجيبُ جَمّة ٌ
عَلى وَبَرِ الجَرْبَى وُسُومَ الصّحَايحِ
إذا طَرَدُوهَا خَالَفَتْ بِرِقَابِهَا
رجوعاً الى اوطانها والمسارح
وَإنْ أوْرَدُوها غَيرَ مائيَ حَايَدَتْ
حياد عيوف ينكر الماء قامح
إذا انْجَفَلَتْ في غارَة ٍ بِتُّ نَاظِراً
أُرَاقِبُ مِنْها رَوْحَة ً في الرّوَائحِ
كَأنّ بَني غَبْرَاءَ، إذْ يَنْهَبُونَها
أحَالُوا عَلى مالٍ بذي الدّوْحِ سارحِ
يرجون منها والاماني ضلة
رَجَاءَ نِتَاجِ الحَملِ من غَيرِ لاقحِ
أَباغثُ أضرَتها السّفاهَة ُ، فاغتَدَتْ
تخطف هذا القول خطف الجوارح
هبوها اليكم من يدي منيحة
فقدان ياللقوم رد المنايح
دَعُوا وِرْدَ مَاءٍ لَستُمُ مِنْ حَلالِهِ
وحلوا الروابي قبل سيل الاباطح
وَلا تَستَهِبّوا العاصِفاتِ، وَأصْلُكُم
نجيل رمت فيه الليالي بقادح
فما انتم من مالئي ذلك الحبا
وَلا فيكُمُ أكْفَاءُ تِلْكَ المَناكِحِ
وَلم تُحْسِنوا رَعْيَ السّوَامِخِ قَبْلَها
فكَيْفَ تَعاطَيْتُمْ رُكوبَ الجَوَامحِ
وَلا تَطْلُبُوهَا سِمْعَة ً في مَعَرّة ٍ
تُحَدِّثُ عَنْكُمْ كُلَّ غادٍ وَرَايحِ
خمول الفتى خير من الذكر بالخنا
جر ذيول المندبات الفواضح
وعندي قواف ان تلقين بالاذى(93/27)
نزعن بمر القول نزع المواتح
تُعَدِّدُ نَبْرَاتِ الأُسُودِ نَبَاهَة ً
وتنسى انابيح الكلاب النوابح
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> قَيّدْتُ أزْمَة َ كُلّ مُزْنٍ رَائِحِ
قَيّدْتُ أزْمَة َ كُلّ مُزْنٍ رَائِحِ
رقم القصيدة : 9941
-----------------------------------
قَيّدْتُ أزْمَة َ كُلّ مُزْنٍ رَائِحِ
متحمل عبء المواطر دالح
حَتّى يَشُقّ عَلى العَقيقِ مَزَادَهُ
من غابق لرياضه أو صابح
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> ذكرت على فترة من مراح
ذكرت على فترة من مراح
رقم القصيدة : 9942
-----------------------------------
ذكرت على فترة من مراح
منازل بين قنا فالصفاح
وأرضا تبدل قطانها
بمجر القنا بمجر المساحي
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> فلو كنت شاهدها في الدجى
فلو كنت شاهدها في الدجى
رقم القصيدة : 9943
-----------------------------------
فلو كنت شاهدها في الدجى
وقد ضمها البلد الأفيح
إذا ذَكَرَتْكَ عَلى وِنْيَة ٍ
رأيت ذفاريها تنضح
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أبلغا عني الحسين ألوكاً
أبلغا عني الحسين ألوكاً
رقم القصيدة : 9944
-----------------------------------
أبلغا عني الحسين ألوكاً
إنّ ذا الطّوْدَ بَعدَ عَهدِكَ سَاخَا
وَالشّهَابَ الّذِي اصْطَلَيْتَ لظَاهُ
عكست ضوءه الخطوب فياخا
والفنيق الذي تدرع طول الأ
رض خوى به الرد فأناخا
ان ترد مورد القذى وهو راض
فَبِمَا يَكْرَعُ الزّلال النُّقَاخَا
والعقاب الشغواء اهبطها النيق
ـقُ، وَقَدْ أرْعَتِ النّجُومَ سِمَاخَا
اعجلتها المنون عنا ولكن
خَلّفَتْ في دِيَارِنَا أفْرَاخَا
وعلى ذلك الزمان بهم عاد
غلاماً من بعد ما كان شاخا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أقُولُ لهَا حَيثُ انتَهَى مَسقطُ النّقا:
أقُولُ لهَا حَيثُ انتَهَى مَسقطُ النّقا:
رقم القصيدة : 9945
-----------------------------------
أقُولُ لهَا حَيثُ انتَهَى مَسقطُ النّقا:(93/28)
نصلت وأيم الله من رمل مربخ
نجَوْتِ عَلى ما فيكِ من وِنيَة ِ السُّرَى
وطي الموامي سربخاً بعد سربخ
بحيث الفتى لما يجب دعوة الفتى
ولا يعطف الأخ الكريم على أخ
وَلمْ يَبْقَ إلاّ بَرْزَخٌ، فاقذِفي بِهِ
وراءك أن الدار من بعد برزخ
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> إلى كَمِ الطَّرْفُ بالبَيْداءِ مَعقُودُ
إلى كَمِ الطَّرْفُ بالبَيْداءِ مَعقُودُ
رقم القصيدة : 9946
-----------------------------------
إلى كَمِ الطَّرْفُ بالبَيْداءِ مَعقُودُ
وكم تشكى سراي الضمر القود
تَعِلّة ٌ ليَ، بَعْدَ القُرْبِ، تَوْلِيَة ٌ
عَنِ المَقَامِ، وَبَعْدَ النّوْمِ تَسهيدُ
يا دار ذل لمن فارقت قعدته
والعز أولى بمن علقت يابيد
أرْمي بِأيْدي المَطَايَا كُلَّ مُشْتَبِهٍ
تنبو باخفاقها عنه الجلاميد
وكل ليل تظل النجم ظلمته
قلب الدليل به حيران مزؤود
وغلمة في ظهور العيس ارقهم
هَمٌّ شَعَاعٌ، وَآمَالٌ عَبَادِيدُ
مُلَثَّمِينَ بِمَا رَاخَتْ عَمَائِمهُمْ
وكلهم طرب للبين غريد
لا آخُذُ الطّعْنَ إلاّ عَنْ رِمَاحِهِمُ
إذا تَطاعَنَتِ الشُّمُّ المَنَاجِيدُ
وَرُبّ أمْرٍ بَعِيدِ الغَايِ قَرّبَني
منه السوابق والبذل المقاحيد
أُذَمّ مِنْ أجْلِ أشْعَارِي فَوَا عَجَبا!
نَجَايَ مِنْ ضِيقِها سَمرَاءُ قَيدُودُ
مالي بغير العلى في الارض مضطرب
وَلا لجَنْبي بِغَيرِ العِزّ تَمْهِيدُ
وَلا خَطَوْتُ إلى بَأسٍ وَلا كَرَمٍ
إلاّ وَمَوْضِعُ رِجْلي مِنْهُ مَوْجُودُ
ضَاعَ الشّبابُ، فقلْ لي أينَ أطلُبُهُ
وَازْوَرّ عَنْ نَظرِي البيضُ الرّعاديدُ
وَجَرّدَ الشَّيبُ في فَوْدَيّ أبيَضَهُ
يا لَيْتَهُ في سَوَادِ الشَّعْرِ مَغمُودُ
بيض وسود براسي لا يسلطها
عَلى الذّوَائِبِ إلاّ البِيضُ وَالسّودُ
يُؤمِّلُ النّاسُ أنْ يَبقَوا وَما عَلِمُوا
أنّ الفَتَى ليَدِ الأقْدارِ مَوْلُودُ
شُغِلْتُ بالهَمّ حَتّى مَا يُفَرّحُني
لولا الخليفة نور وز ولا عيد(93/29)
وَإنْ طَغَى بَيْنَنَا نَأيٌ وَتَبْعِيدُ
مُحَسَّدُ المَجدِ مَغبُوطٌ مَناقِبُهُ
متيم القلب بالعلياء معمود
كريم ما ضم برداه وعمته
عفيف ما ضمنت منه المراقيد
مطهر القلب لا انهلت مدامعه
وجدا وما حقر الانفاس تصعيد
ما راق عينيه الا ما اقرهما
من المكارم لا عين ولا جيد
المورد الرمح ما نالت عوامله
وَالمُطْعِمُ العَضْبَ ما عَزّاهُ تَجرِيدُ
والقائد الخيل يمطو في اعنتها
مطو النعام اضلتها القراديد
في كُلّ يَوْمٍ لَهُ نُعْمَى يُجَدّدُها
تَملا يَدي، وَلقَوْلي فيهِ تجديدُ
وما اسر بمال لا اعز به
وَلا ألَذّ بِرَأيٍ فيهِ تَفْنِيدُ
لَيسَ السّرَاءُ بغَيرِ المَجدِ فائِدَة ً
وَمَا البَقَاءُ بِغَيرِ العِزّ مَحْمُودُ
جُرْحُ الحِمامِ وَلا جُرْحُ الأذى أبَداً
والموت عند طروق الضيم مورود
صارت اليك امير المؤمنين على
غراء احرزها اباؤك الصيد
مِنْ هاشِمٍ أنْتَ في صَمّاءَ شَاهِقَة ٍ
لهَا رِوَاقٌ بِبَاعِ المَجْدِ مَعمُودُ
نهاية العز ان تبقى له ابدا
وغاية الجود ان تبقى لك الجود
لاي حال يداري القلب غلثه
رَجَاءَ وِرْدٍ وَوِرْدي منكَ تَصرِيدُ
قد كنت عن عدد الايام في شغل
فاليوم عامي لوعد منك معدود
الام فيك واذني غير سامعة
فاللؤم مطرح والعذل مردود
يَرُومُ مُلكَكَ مَن لا رأيَ يُنجِدُهُ
ولا فخار ولا بأس ولا جود
وكيف يطلب شأواً منك ذو ظلع
باقي غبارك في عينيه موجود
ما كل بارقة تحدو السحاب ولا
يستفزه الخيل والاقدار تحصره
ويستطيل العوالي وهو رعديد
لا تحفلن بوعيد زل عن فمه
فَما يَضُرّ مِنَ المَغرُورِ تَوْعِيدُ
وَلا يُؤمَّلُ أنْ يَلْقَاكَ في عَدَدٍ
ان اصحر الليث اخفى شخصه السيد
ولو بسطت يمينا بالعراق اذا
نَالَتْهُ، وَهْوَ بَعِيدُ الدّارِ مَطْرُودُ
أُعِيذُ مَجدَكَ أنْ أبقَى عَلى طَمَعٍ
وان تكون عطاياي المواعيد
وان اعيش بعيدا من لقائكم
ما لي احب حبيباً لا اشاهده
ولا رجاي الى لقياه ممدود(93/30)
وَأُتْعِبُ القلْبَ فيمَنْ لا وِصَالَ لَهُ
ياللرجال اقل الخرد الغيد
اكثرت شعري ولم اظفر بحاجته
فَسَقّني قَبْلَ أنْ تَفنَى الأغاريدُ
قد جاء عيد وعيد المرء لذته
وانت فيهم عظيم القدر محمود
عيش الفتى كله وقت يسر به
من الدنا وجميع العيش مفقود
فَاسْعَدْ بِهِ، وَبأيّامٍ طُرِفْنَ بهِ
إنّ العَزِيزَ عَلى العِلاّتِ مَسعُودُ
قَلِيلُ مَدْحِكَ في شِعْرِي يُزَيّنُهُ
حتى كأنّ مقالي فيك تغريد
كم خوض الناس في قولي وقائله
وَكَمْ غَلا بيَ إغْرَاقٌ وَتَجوِيدُ
اذم من اجل اشعاري فوا عجنا
تُذَمّ إنْ جَنَتِ الخَمرَ العَناقِيدُ
وما شكوت لان العز يقعدني
وانت سيفي ويوم الروع مشهود
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> من رأى البرق بغوري السند
من رأى البرق بغوري السند
رقم القصيدة : 9947
-----------------------------------
من رأى البرق بغوري السند
في أدِيمِ اللّيلِ يَفرِي وَيَقِدّ
حَيْرَة المِصْبَاحِ تَزْهُوهُ الصَّبَا
خَلَلَ الظّلْمَاءِ يَخْبُو وَيَقِدْ
كُلّمَا أنْجَدَ عُلْوِيّ السّنَا
قام بالقلب اشتياق وقعد
تَقْصُرُ الآجَالُ مِنْ أعْدائِكُمْ
ذاب دمع العين فيه وجمد
وَمَغَانٍ أنْبَتَ الحُسْنُ بِهَا
هَيَفاً تَرْعَاهُ عَيْني، وَغَيَدْ
كلما عاود قلبي ذكرها
لعب الدمع بجفني وجد
إنْ رِيمَ السّرْبِ أدْنَى لي الجَوَى
ونأى بالصبر عني والجلد
بندى غضين غصن ونقا
وَجَنَى عَذْبَينِ شَهْدٍ وَبَرَدْ
قل لزور الشيب اهلاً انه
أخَذَ الغَيّ وَأعْطَاني الرَّشَدْ
طارق قوم عودي بالنهى
بعد ما استغمز من طول الاود
وَقَرَ اليَوْمَ جُمُوحاً رَأسَهُ
جَارَ مَا جَارَ طَوِيلاً وَقَصَدْ
ظَلّ لَمّاعٌ جَلاهُ بَارِحٌ
بعدما ابرق حيناً ورعد
لا تَعُدَّ العَيْشَ شَيْئاً، إنّهُ
نفس يقضي وأيام تعد
إنّمَا الأيّامُ يَوْمٌ وَاحِدٌ
وَغُرُورٌ اسمُهُ اليَوْمَ وَغَدْ
يا قِوَامَ الدّينِ مُلّيتَ بِهَا
دَوْلَة ً تَجْرِي إلى غَيْرِ أمَدْ(93/31)
كَسِقَاطِ النّارِ أوْرَى قَدْحُهُ
كلما فرعن النار وقد
أصْلُهَا يَطْلُبُ أعْمَاقَ الثّرَى
وَذُرَاهَا يَطْلُبُ النّجْمَ صُعُدْ
كُلّمَا زَادَ عُلُوّاً فَرْعُهَا
زَادَ مَسْرَاهَا قرَاراً وَوَطَدْ
كلما توهي طنبا من بيتها
نوب الايام والجد وتد
انت اسيها إذا لج بها
من اعاديها رداع وضمد
قَائِدُ الحَيْلِ تَسَاقَى بِالرّدَى
تحت اسادٍ لها النقع لبد
تحسب الشوس على اكتادها
فِلَقَ الجَنْدَلِ في مَاءِ الزّرَدْ
وَعَلى أرْبَقَ قَدْ أرْسَلَهَا
كالقطا الجون يبادرن الثمد
وَبِيَمٍّ وَدَجُوهَا بِالقَنَا
رُبّمَا داوَيْتَ مِنْ غَيرِ عَمَدْ
يوم أمسى من قناها ماطراً
سال واديه من الطعن ومد
فص جمع الغي عن شدتها
زأر الضيغم فانصاع النقد
وَنَجَا المَغْرُورُ مِنْ جَامِحِهَا
مُفلِتَ الشّحمَة ِ حَلْقَ المُزْدَرِدْ
غاوياً يحلم بالملك وهل
يغلب العير على بيت الاسد
اذكرونا يوم ذي قار وقد
اقبلوه عارض الطعن برد
رُحِضَ الأغْلَفُ في تَيّارِهِ
وَرَد العِلْجُ، وَمَا كَادَ يَرِدْ
يَصْطَلي نَارَ طِعَانٍ مَضّة ً
اوقدت فيها نزار بن معد
سل صفيح الهند عن موقفه
و بعين الشمس للنقع رمد
جر في دار الاعادي فيلقا
كرغاء البحر يرمي بالزبد
فعلى الجو سقوف من قنا
وَعَلى الأرْضِ قُطوعُ مِنْ جَسَدْ
أصْعَقَ الأعْداءَ حَتّى خِلْتُهُ
زَفَيَانَ الرّيحِ يَرْمي بِالعَضَدْ
رَكْدَة ٌ عَنْ جَوْلَة ٍ تَحْسَبُهَا
مرجل القين غلا ثم برد
مَا أضَلّ الرّمْحُ فِيها مِنهُمُ
عثر السيف به فيما وجد
مِنْ بَني سَاسَانَ أقنًى ضُرِبَتْ
حُجَرُ المُلْكِ عَلَيْهِ وَالسُّدَدْ
طلعت في كل افق شمسه
هَلْ ترَى يختَصّ بالشّمسِ بلَدْ
مَا رَأيْنَا كَأبيهِ نَاجِلاً
وَلَدَ النّاسَ جَميعاً بِوَلَدْ
إنْ يَكُنْ تَاجاً وَعَضْداً فابنُهُ
دُرّهُ التّاجِ وَدُمْلُوجُ العَضُدْ
لاضحا ظلكم يوماً ولا
مطل الاقبال فيكم ماوعد
و تفارطتم على رفه السرى
مَوْرِدَ النّعمَاءِ وَالعَيشِ الرّغَدْ(93/32)
وَغَدَا الجَدُّ جَمُوحاً بِكُمُ
ماله عن غاية الايام رد
تقصر الاجال من اعداءكم
وَيُطَالُ العَيْشُ فيكُمْ وَيُمَدّ
تنفد الغدران احياناً وما
لعباب اليم ذي اللج نفد
جَعْجَعَ المَجْدُ بِكُمْ مَبرَكَهُ
راضياً بالدار فيكم والبلد
و قباب الملك في اعطانها
رُفِعَتْ مِنكُمْ بعادِي العَمَدْ
معشر فات المساعي سعيهم
ضَلّ مَنْ كَاثَرَ رَمْلاً بِعَدَدْ
افسدوا الدهر على اولاده
لا يُرَى مِثْلُهُم فيمَنْ وَلَدْ
يا مُعيدَ المَاءِ في عُودي، وَيَا
مثبتي بعد اضطراب واود
ثَمَرِي اليَوْمَ لِمَنْ أوْرَقَني
و اذا ما اورق الفرع عقد
كل يوم لك نعمي غضة
تعقد الفخر باطواق جدد
رب منٍ بعد من منكم
جَاءَ عَفْواً، وَيَداً مِنْ بَعدِ يَدْ
فاعتقدها ناظمات للعلى
جامِعاتِ المَجدِ، وَالمَجدُ بَدَدْ
من مطايا الذكر لا يحسرها
أبَداً وَعْثُ بِلادٍ وَجَدَدْ
عقد للمجد باق عينها
أبَدَ الدّهْرِ، وَللمَجْدِ عُقَدْ
خارجيات بيادون المدى
ولها فيك بواق وقعد
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أبى الله إلا أن يسوء بك العدى
أبى الله إلا أن يسوء بك العدى
رقم القصيدة : 9948
-----------------------------------
أبى الله إلا أن يسوء بك العدى
وَيُصْبِحَ مُستَثْنَى البَقاءِ على الرّدَى
وَمَا كَانَ هَذا الدّهرُ يَوْماً بِنَازِعٍ
نِجَادَ حُسَامٍ مِثْلَهُ مَا تَقَلّدَا
لعا ولعا لا عثر من بعد هذه
تَلَقّى العُلَى وَاستَأنَفَ العِزَّ أغيَدَا
خَفِيتَ خَفَاءَ البَدرِ يُرْجَى ظهورُهُ
وَمَا غابَ بَدْرُ اللّيْلِ إلاّ ليُشهَدَا
غروب الدراري ضامن لطلوعها
فَيا فَرْقَداً باقٍ عَلى اللّيلِ فَرْقَدَا
معاذا لهذا البحر مما يغيضه
معاذ الشمل المجد ان يتبددا
سلمت لنا والله ارأف بالعلى
من ان ينطوي عنا وارحم للندى
فَقُلْ للعِدَى شُمّوا الهَوَانَ بأجدَعٍ
وَعَضّوا عَلى الأيدي القِصَارِ بأدرَدَا
افيقوا لها من سكرة الغي وابتغوا
زِمَاماً إلى مَا تَكْرَهُونَ وَمِقْوَدَا(93/33)
حَسِبْتُمْ بأنّ المُلْكَ هِيضَتْ جُبورُه
و ان سوام المجد اصبحن شردا
لهَا اليَوْمَ رَاعٍ لا يُرَاعُ سَوَامُهُ
اذل لها نهج الطريق وعبدا
إذا طَمِعَ الأعْداءُ فِيهَا أجَارَهَا
و ارتعها بين العوالي واوردا
وَإنّ قِوَامَ الدّينِ قَدْ عَبّ بَحْرُهُ
وَعِيداً أقَامَ الخَالِعِينَ وَأقْعَدَا
تقوه فبينا تنظر البحر ساكنا
إلى ان تراه شائل اللج مزبدا
أأطْمَعَكُمْ أنّ الحُسامَ قضَى المُنى
وَلمْ يبق عندَ الدّهرِ ثأراً، فأغمَدَا
و إني ضمين ان تجرد مازق
لغاو من الايام ان يتجردا
اما يرهب القطاع الا مجردا
اما يتقى العسال الا مسددا
ليهن لليالي والمعالي انها
اثابة برءٍ عدها المجد مولدا
عَلى حِينَ طَارَتْ بالقُلُوبِ مَخافَة ً
اطير فريص الملك منها وارعدا
و اصبحت الامال غرثى ظمية
يُوَاعدنَ من نُعماكَ مَرْعًى وَمَوْرِدَا
فَلَوْ يَستَطيعُ الدّهرُ مِنْ بَعدِ هذِه
لألبَسَكَ اليَوْمَ التّمِيمَ المُعَقَّدَا
بِأيّ مَنَالٍ أمْ بِأيّة ِ أذْرُعٍ
تعاطيتم اليوم البناء العطودا
بِنَاءٌ أقَامَ المَجْدَ فيهِ عِمَادَهُ
وَقَرّرَهُ تَحْتَ العَوَالي، وَوَطّدَا
كد أبكم منه غداة حداكم
تُشَاغِلُهُ الآذانُ عَنْ طَرَبِ الحُدَا
و كبكم كب الحجيج هدية
تحثحثها نخس النصال الى المدى
كَأيّامِ حَنْوَيْ دارَزِينَ وَأرْبقٍ
مَوَاقِفُ أخبَى الطّعنُ فيها وَأوْقَدَا
اطيل اختراط البيض فيها فلو خفى
بها لمعان البرق ظن المهندا
وتخفى بها الامطار من طول ماجرى
علَيها نَجيعُ الطّعنِ وَالضّرْبِ سرْمدَا
شللتم بها شل الطرائد بالقنا
تبرأ من ولى وضل الذي هدى
و ما زادكم منهن غير جوايف
هَوَادِرَ يَرْدُدْنَ المَسابرَ وَاليَدَا
دعوا لقم العلياء للمهتدي به
وَخَلّوا طَرِيقاً غَارَ فيهِ وَأنْجَدَا
لأطولِكمْ طَولاً، إذا المُزْنُ أصْبحتْ
غَوَارِزَ لا يُعْدَمْنَ خَلفاً مُجَدَّدَا
نَهَيتُكُمُ عَن ذي هماهمَ مُشبلٍ
حمى بجنوب السيء ضالا وعرقدا(93/34)
فضافض غيل في الدماء عييه
كأن على ليتيه سبا موردا
يفرق بين الجحفلين زثيره
كما اط نجدي الغمام وارعدا
يَجُرّ سَآبيَّ الدّمَاءِ وَرَاءَهُ
مَجَرَّ الخَليعِ الشّرْعبيَّ المُعَضَّدَا
و حذرتكم مغلولبا ذا غطامط
اذا كب بوصي السفين وازبدا
لَهُ زَجَلٌ كالفَحْلِ يَقْرَعُ شَوْلَهُ
الظ بقرقار الهدير ورددا
الا اخرس الغاوي ولا فاه قائل
بامثالها ما بلل القطر جلمدا
ولاوجد الراجون افقك مظلما
وزند الندى يوما بكفك مصلدا
ولاسمع الاعداء الا باصلم
ولا نظر الحساد الا بارمدا
فلَيسَ المُنى ما عشتَ قالصَة َ الجَنى
علينا ولا النعمى بناقصة الجدا
بقيت بقاء القول فيك فانه
إذا بَلَغَ الباقي المَدى جاوَزَ المَدَى
ولابعد المأمول من ان تناله
فان فات في ذا اليوم ادركته غدا
و مليت حتى تسأم العيش ملة
فلو خلد الاقوام كنت المخلدا
موقع أدب (adab.com)
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> إبَاءٌ أقَامَ الدّهْرَ عَنّي وَأقْعَدَا
إبَاءٌ أقَامَ الدّهْرَ عَنّي وَأقْعَدَا
رقم القصيدة : 9949
-----------------------------------
إبَاءٌ أقَامَ الدّهْرَ عَنّي وَأقْعَدَا
وصبر على الأيام أنأى وأبعدا
وقلب تقاضاه الجوانح انة
إذا رَاحَ مَلآناً مِنَ الهَمّ، أوْ غَدَا
أخُوذٌ عَلى أيدي المَطامِعِ بالنّوَى
نِزَاعاً، وَمَا يَزْدادُ إلاّ تَبَعُّدَا
إذا ركبت اماله ظهر نية
رَأيْتَ غُلاماً غَائِرَ الشّوْقِ مُتجِدَا
غذي زماع لا يمل كأنما
يَرَى اللّيلَ كُوراً وَالمَجَرّة َ مِقوَدَا
يُلَثِّمُ عِرْنِينَ الحُسَامِ بِهِمّة ٍ
تُكَلّفُهُ خَوْضَ اللّيَالي مُجَرَّدَا
أيَا خَاطِباً ودّي عَلى النّأيِ، إنّني
صَديقُكَ إنْ كنتَ الحُسامَ المُهَنّدَا
فَإنّي رَأيْتُ السّيْفَ أنصَرَ للفَتَى
إذا قَالَ قَوْلاً مَاضِياً أوْ تَوَعّدَا
أرَى بَينَ نَيْلِ العِزّ وَالذّلّ سَاعَة ً
مِنَ الطّعنِ تَقتادُ الوَشيجَ المُقَصَّدَا
فَمَنْ أخّرَتْهُ نَفْسُهُ ماتَ عاجِزاً(93/35)
و من قدمته نفسه مات سيدا
إذا كَانَ إقدامُ الفَتَى ضَائِراً لَهُ
فَما المَجدُ مَطلُوباً، وَلا العزُّ مُفتدَى
فِدًى لابنِ عبّادِ ضَنِينٌ بِنَفْسِهِ
إذا نقض الروع الطراف الممددا
وَدَبّرَ أطْرَافَ الرّمَاحِ، وَإنّمَا
يدبر قبل الطعن رأيا مسددا
به طال من خطوي وكنت كانني
مشيت الى نيل المعالي مقيدا
وَمَنْ ماتَ في حَبسِ المَذَلّة ِ قَلْبُهُ
رَأى العزَّ في دارِ المَذَلّة ِ مَوْلِدَا
يَسُرّ الفَتَى حَملُ النّجَادِ، وَرُبّما
رأى حتفه في صفحتي ما تقلدا
لنال المعالي من يدل بنفسه
وَلا يَذْخَرُ الآبَاءَ مَجْداً مُوَطَّدَا
و ما يستفاد العز من شيمة الفتى
اذا كان في دين المعالي مقلدا
أبَا قَاسِمٍ هذا الذي كُنتُ رَاجِياً
لا رغم اعداءً واكبت حسدا
لَئِنْ كنتُ في مَدحِ العُلى فَاغراً فماً
وان ظمئت امالنا كنت موردا
فَيا لَيتَ رُعيَانَ القَضِيمَة ِ خَيّرُوا
لَبِستُ إلَيكَ الشّرْعَبيّ المُعَضَّدَا
و لو كان لا يجني على المرء بأسه
لَدَرّعَني العَزْمُ الدِّلاصَ المُسَرَّدَا
وَلَيْلٍ دَفَعْنَاهُ إلَيْكَ، كَأنّما
دفعنا به لجا من اليم مزبدا
وَشَمسٍ خَلَعناها عَلَيكَ مَرِيضَة ً
وكنا لبسناها رداء موردا
وَمَلكٍ أنِفْنَا أنْ نُقِيمَ بِبَابِهِ
فَزَوّدَنَا زَادَ امرِىء ٍ مَا تَزَوّدَا
وَأمْرَدَ حَيٍّ مُلْتَحِ بِلِثَامِهِ
يَطولُ جَوَاداً قادحَ السّنّ أجرَدَا
رَأى أرْجلَ الخُوصِ الخِماصِ كأنّما
تُسَالِبُ أيْدِيهَا النَّجَاءَ العَمَرّدَا
تركنا لا يد العيس ما خلف ظهرها
وَمَنْ ذَلّ في دارٍ رَأى البُعدَ أحمَدَا
وَسِرْنا عَلى رُغْمِ الظّلامِ كَأنّنَا
بدور تلاقي من جنابك اسعدا
تركت اليك الناس طراً كانني
أرَى كلّ مَحجوبٍ بَعِيراً مُعَبَّدَا
باني رعيت العز غضاً مجددا
فلله نور في محياك انه
يمزق جلبابا من الليل اربدا
وَلِلَّهِ مَا ضَمّتْ ثَنَايَاكَ، إنّهَا
ثَنَايَا جِبَالٍ تُطلِعُ البأسَ وَالنّدَى(93/36)
أغِرْ ضَوْءَها، يا قِبلَة َ المجْد، إنّني
ارى غرر الامال نحوك سجدا
وَأنتَ الذي ما احتَلّ في الأرْضِ مقعداً
من الجد الا شتق في الجومصعدا
إذا ظَمِئَتْ عِيسٌ إلَيكَ، فإنّمَا
حقائبها تروي لجينا وعسجدا
تُكَتِّمُكَ الأسْرَارُ حَزْماً وَفِطنَة ً
وَتَفْضَحُكَ الآرَاءُ عِزّاً وَسُؤدُدَا
وَما كنتَ إلاّ السّيفَ يُعرَفُ مُنتَضًى
وَيُنكَرُ في بَعضِ المَوَاطنِ مُغمَدَا
وَحَيٍّ جُلالٍ قَدْ صَبَحتَ بِغَارَة ٍ
من الخيل يستاق النعام المشردا
وَيَوْمٍ مِنَ الأيّامِ شَوّهْتَ وَجْهَهُ
بأغبَرَ كَدَّ الطّيرَ حَتّى تَبَلّدَا
رَمَتْ بكَ أقصَى المَجدِ نفسٌ شرِيفة ٌ
وقلب جريء لا يخاف من الردى
و همة مقدام على كل فتكة
يفارق فيها طبعه ما تعودا
مقيم بصحراء الضغائن مصحرا
اذا اخمدت من نارها اوقدا
لَكَ القَلَمُ المَاضِي الذي لَوْ قَرَنْتَهُ
بجَرْيِ العَوَالي كَانَ أجرَى وَأجوَدَا
إذا انْسَلّ مِنْ عَقْدِ البَنَانِ حَسبتهُ
يحوك على القرطاس برداً معمدا
يُغازِلُ مِنْهُ الخَطُّ عَيْناً كَحِيلَة ً
إذا عَادَ يَوْماً ناظِرُ الرّمحِ أرْمَدَا
و ان مج نصل من دم الصرب احمرا
أرَاقَ دَماً من مَقتَلِ الخَطبِ أسوَدَا
اذا استرعفته همة منك غادرت
قَوَادِمَهُ تَجرِي وَعيداً وَمَوْعِدَا
ساثني باشعاري عليك فانني
رأيت مسود القوم يطري المسودا
فما عرفتني الارض غيرك مطلبا
وَلا بَلّغَتْني العِيسُ إلاّكَ مَقصَدَا
ألا إنّ تَرْكَ الحَمدِ تَبخيلُ مُحسِنٍ
وما بذل المعطاء الا ليحمدا
فَإنّي إلى غَيرِ النّدَى باسِطٌ يَدَا
خطبت اليك الود لاشيء غيره
وَودُّ الفَتَى كالبِرّ يُعطَى وَيُجتَدَى
دعاني اليك العز حتى اجبته
وَمَنْ طَلَبَتْهُ جُمَّة ُ المَاء أوْرَدَا
وَإنّي لأرْجُو مِنْ جِوَارِكَ فَعْلَة ً
أغيظُ بِهَا الحُسّادَ مَثنًى وَمَوْحَدَا
و مدحك هذا بكر مدحٍ مدحته
وَكنتُ أرُوضُ القَوْلَ حتّى تَسَدّدَا
وَلَوْ عَلِقَتْ مِنّي بغَيرِكَ مَدْحَة ٌ(93/37)
لَكُنتُ كمَنْ يَعتاضُ بالمَاءِ جَلمَدَا
و لست براض هذه لك تحفة
أُضَمّنُهَا فِيكَ الثّنَاءُ المُخَلَّدَا
فَإنْ كان شِعرِي فاتَكَ اليَوْمَ آبِياً
عَليّ، فإنّي سَوْفَ أعطيكَهُ عَدَا
وَلَوْلاكَ ما أوْمَى إلى المَدحِ شَاعِرٌ
يعد عليا للعلى ومحمدا
أبُوهُ أبُوهُ المُسْتَطيلُ بِنَفْسِهِ
على العز مصروفاً به ومقلدا
فتى سنه عن خمسه عشرة حجة
تربى له فضلاً ومجدا ومحتدا
فَتيُّ الصِّبَا كَهلُ الفَضَائِلِ ما مشَى
إلى العُمرِ إلاّ احتَلّ في الفضْلِ مقعدَا
حديثاً ولا يدعو من الناس منجدا
وَلا طالِباً مِنْ دَهْرِهِ فَوْقَ قُوتِهِ
كفاني من الغدران ما نقع الصدا
سَأحمَدُ عَيشاً صَانَ وَجهي بمائِهِ
وان كان ما اعطى قليلاً مصردا
و قالوا لقاء الناس انس وراحة
ولو كنت ارضى الناس ماكنت مفردا
طربت إلى الفضل الذي فيك وانتشى
لذِكرِكَ شِعْرِي رَاقِداً وَمُسَهَّدَا
وَما كنتُ إلاّ عاشِقاً ضَاعَ شَجْوُهُ
فَأصْبَحَ يَسْتَملي الحَمَامَ المُغَرِّدَا
و ليس عجيباً ان طغى فيك مقول
رَآكَ حَقيقاً في المَعالي، فَجَوّدَا
بعدت عن الاتشاد من غير رغبة
وَلكِنّني استَخلَفتُ نُعماكَ مُنشِدَا
فمرني بأمر قبل موتي فانني
ارى المرء لا يبقى وان بعد المدى
وَمَا المَيتُ إلاّ رَاحِلٌ كَرِهَ النّوَى
وَأعْجَلَهُ المِقْدارُ أنْ يَتَزَوّدَا
العصر العباسي >> الشريف الرضي >> أثر الهوادج في عراص البيد
أثر الهوادج في عراص البيد
رقم القصيدة : 9950
-----------------------------------
أثر الهوادج في عراص البيد
مِثْلُ الجِبَالِ عَلى الجِمَالِ القُودِ
يطلعبن من رمل الشقيق لواغباً
زَحفَ الجنُوبِ بعارِضٍ مَمدُودِ
كم بان في المتحملين عشية
من ذي لمى ً خضر الرضاب برود
وقضيب اسحله لو انعطف الصبا
يَوْماً لَنَا بِقَوَامِهِ الأُمْلُودِ
مروا على رملي زرود فهل ترى
الصاقة لحشى ً برمل ذرود
متلفتين من القباب كانما
انتقبوا باعين ربرب وخدود(93/38)
غَرَسُوا الغُصُونَ عَلى النّقَا وَتَرَنّحوا
مِنْ كُلّ مَائِلَة ِ الغَدائِرِ رُودِ
إنّ اللآلي بَينَ أصْدافِ اللَّمَى
غَلَبَتْ مَرَاشِفُهَا عَلى مَجْلُودِي
وَلَوَوْا بوَعْدِي يوْمَ خَفّ قَطِينُهمْ
وَمِنَ الصُّدُودِ اللّيُّ بالمَوْعُودِ
لَمْ تُرْضِني تِلْكَ اللّيَالي عَنهُمُ
بِنَوَالهِمْ، فأقُولَ يَوْماً: عُودِي
سِيّانِ قُرْبُهُمُ عَليّ، وَبُعدُهُمْ
لولا الجوى وعلاقة المعمود
رَبَعَتْ عَلى آثَارِكُمْ نَجدِيّة ٌ
غَرّاءُ ذاتُ بَوَارِقٍ وَرُعُودِ
تسقي معالم منكم لولا النوى
لَمْ أرْمِهَا بِقِلًى ، وَلا بِصُدُودِ
و لعجت فيها طارحاً عن ناظري
ثِقْلَ الدّمُوعِ، وَثانياً مِنْ جِيدِي
هل تبردون حرارة من حائم
حران عن ذاك الغدير مذود
فلقد تمعك في مواطئ عيسكم
يَوْمَ الوَداعِ، تَمَعُّكَ المَوْؤودِ
وَأمَا وَذَيّاكَ الغُزَيِّلُ إنّهُ
عرض الزلال وحال دون ورودي
أغْدُو إلى طَرْدِ الظّبَاءِ، وَأنْثَني
وانا الطريدة للظباء الغيد
حتامَ تَعْتَلِقُ البَطالَة ُ مِقْوَدي
وَيَعُودُني لِهَوَى الظّعائِنِ عِيدِي
عشرون اردفها الزمان باربع
ارهفنني ومنعن من تجريدي
أعْلَقْتُ في سِرْبِ الخُطُوبِ حَبائلي
وَقَدَحتُ في ظُلْمِ الأمورِ زُنُودِي
وكرعت في حلو الزملان ومره
ما شئت واعتقب العواجم عودي
و فرعت رابية العلى متمهلاً
كَفّاهُ أخمِطَة َ العُلَى ، وَالجُودِ
وَخَبَطْتُ في المُتَعَرّضِينَ بِقَوْلَة ٍ
جداء من بدع الزمان شرود
فضَرَبْتُ أوْجُهَهُمْ بِغَيرِ مَناصِلٍ
وَهَزَمْتُ جَمعَهُمُ بِغَيرِ جُنُودِ
مَا ضَرّني، لمّا فَلَلْتُ غُرُوبَهُمْ
أنّي كَثُرْتُ لهُمْ وَقَلّ عَدِيدِي
و أبي الذي حسد الرجال قديمه
إنّ المَنَاقِبَ آيَة ُ المَحْسُودِ
ذو السّنّ والشّرَفِ الذي جَمَعتْ بهِ
كفاه اخمطه العلى والجود
احدى اخامصه رقاب عداته
من سيد بلغ العلى ومسود
فالان اذ نبذ المشيب شبيبتي
نَبْذَ القَذَى ، وَأقام مِنْ تَأوِيدِي(93/39)
وَفَرَرْتُ مِنْ سنّ القَرُوحِ تَجارِباً
وَعَسَا عَلى قَعَسِ السّنينَ عَمُودِي
وَلَبِستُ في الصّغَرِ العُلَى مُسْتَبْدِلاً
اطواقها بتمائم المولود
و صفقت فيث ايدي الخلائف راهنا
لهم يدي بوثائق وعقود
وَحَلَلْتُ عِندَهُمُ مَحَلَّ المُجتَبَى
ونزلت منهم منزل المودود
فغر العدو يريد ذم فضائلي
هَيهَاتَ أُلْجِمَ فُوكَ بالجُلمُودِ
هَمساً، فكَمْ أسكَتُّ قَبلَك كاشحاً
بِمَنَاقِبي، وَعَليّ فَضْلُ مَزِيدِ
مالي اريغ النصف من متحامل
أوْ أطلُبُ الإجْمَالَ عِندَ حَسُودِ
أمْ كَيفَ يَرْأمُني، وَلَيسَ بمُنجِبي
اترى الرؤوم تكون غير ولود
فَلأنْهَضَنّ إلى المَعَالي نَهْضَة ً
ملء الزمان تفي بطول قعودي
إجمَحْ أمَامَكَ إنْ هَمَمْتَ بفَعلَة ٍ
وَتَغابَ عَنْ عذْلٍ وَعَنْ تَفِنيدِ
وَإذا التَفَتَّ إلى العَوَاقِبِ بَدّلَتْ
قَلْبَ الجَرِيّ بِمُهْجَة ِ الرِّعْدِيدِ
قد قلت للابل الطلاح حدوتها
غلس الظلام بسائق غريد
من كل مضطرب الزمام كانه
في اللّيْلِ زُمَّ بِأرْقَمٍ مَطْرُودِ
فَتَلَ الطّوَى أجْوَافَهَا بِظُهُورِها
واحل اكل لحومها للبيد
إنْ لمْ تَرَيْ كَافي الكُفَاة ِ، فلَم يزَل
مِنكُنّ مَسْقِطُ ظالِعٍ أوْ مُودِ
بِهُداهُ يَسْتَضْوِي الوَرَى وَبهَدْيِهِ
قرب الطريق لهم الى المعبود
اسد إذا جر القبائل خلفه
حل الطلى بلوائه المعقود
وَمُقَصِّرٍ في الطُّولِ غَيرِ مُقَصِّرٍ
في الضرب يقطع كل حبل وريد
وَمُزَعزَعٍ مثلِ الجَرِيرِ، إذا انْحَنَى
للطّعْنِ شُيّعَ بالطّوَالِ المِيدِ
مَا مَرّ يَسْحَبُ مِنهُ إلاّ رَدّهُ
ريان يقطر من دماء الصيد
وَالجَيشُ يَرْفَعُ عِمّة ً مِنْ قَسطَلٍ
فَوْقَ القَنَا وَيَجُرّ ذَيلَ حَدِيدِ
سَلَفٌ لِكُلّ كَتيبَة ٍ يَطَأُ العِدَى
فيها مفاجأة بغير وعيد
في غلمة حملوا القنا وتحملوا
اعباء يوم المأزق المشهود
قَوْمٌ، إذا رَكِبُوا الجِيَادَ تَجَلبَبُوا
بِقَسَاطِلٍ وَتَعَمّمُوا بِبُنُودِ(93/40)
و اذا سروا كمنوا كمون اراقم
واذا لقوا برزوا بروز اسود
و اذا هتفت بهم ليوم كريهة
تدمى غوارب نحرها المورود
كثروا الحصى بجموعهم وتلاحقوا
بِكَ مِنْ قِيَامِ في السّرُوجِ قُعُودِ
كم من عدو قد ابات كانما
يَطْوِي الضّلُوعَ عَلى قَناً مَقْصُودِ
لِوَعِيدِ مُحتَضِرِ العِدَى بحُسَامِهِ
قبل احتمال ضغائن وحقود
و موللات كالرماح تلمظت
فيها المنون تلمظ المزؤود
سود المخاطم ينتظمن محاسنا
بِيضاً، يُضِئْنَ عَلى اللّيَالي السّودِ
كتفتح النوار فتقه الحيا
او كالصباح فرى الدجى بعمود
ما زال قدر من عقيرة سيفه
عَلَماً أمَامَ رِوَاقِهِ المَمْدُودِ
وَجِفَانِ جُودٍ كَالرّكَايَا تُستَقَى
أبَداً بِأيْدِي نُزَّلٍ وَوُفُودَ
كَمْ حَجّة ٍ لكَ في النّوَافلِ نَوّهَتْ
بدعاء دين العدل والتوحيد
و مجادل ادمى جدالك قلبه
وَأعَضَّهُ بِجَوَانِبِ الصَّيْخُودِ
وَشَفَيتَ مُمتَرِضَ الهُدَى من مَعشرٍ
سَدّوا مِنَ الآرَاءِ غَيرَ سَدِيدِ
قَارَعْتَهُمْ بالقَوْلِ حَتّى أذْعَنُوا
وَأطَلْتَ نَوْمَ الصّارِمِ المَغْمُودِ
جمر بمسهكة الرياح نسفته
كان الضلال يمده بوقود
في كُلّ مُعضِلَة ٍ أضَبَّ رِتَاجُهَا
يُلْقي إلَيكَ الدِّينُ بالإقْلِيدِ
فَاللَّهُ يَشْكُرُ وَالنّبيُّ مُحَمّدٌ
وَقَفَاتِ مُبْدٍ في النّضَالِ مُعِيدِ
رَأيٌ يُغَبّ، إذا الرّجالُ تَلَهْوَجُوا
الآرَاءَ، أوْ عَجِلُوا عَنِ التّسْدِيدِ
لو كان يمكنني التقلب لم يكن
إلاّ إلَيْكَ تَهَائمي وَنُجُودِي
و طويت ما بعدت مسافة بيننا
ان البعيد اليك غير بعيد
وَأنَختُ عِيسِي في جَنابِكَ طَارِحاً
بفناء دارك انسعى وقتودي
و تركت اسوقها نكوس عقيرة
متبدلات صوارم بقيود
بيني وبينك حرمتان تلاقتا
نثري الذي بك يقتدي وقصيدي
ووصايل الادب الذي تصل الفتى
لا باتصال قبائل وجدود
قد كنت اعقل عن سواك عقائلي
وَأصُونُ دُرّ قَلائِدي وَعُقُودِي
و احوك افواف القريض فلا ارى
ان ادنس باللئام برودي(93/41)