العصر العباسي >> ابن الرومي >> وفقت بمطراب العشياتِ والضحى
وفقت بمطراب العشياتِ والضحى
رقم القصيدة : 62058
-----------------------------------
وفقت بمطراب العشياتِ والضحى
فظِلْتُ أسحُّ الدمعَ وهْيَ ترنِّمُ
حليفة شجْو هاج مابي ومابها
تباريحُ شوقٍ يشتكيه المُتيمُ
فباح به فُوها وأخفتْه عينُها
وباحت به عيني وكاتمه الفم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تفكَّرتُ في حيف الزمانِ عليكُمُ
تفكَّرتُ في حيف الزمانِ عليكُمُ
رقم القصيدة : 62059
-----------------------------------
تفكَّرتُ في حيف الزمانِ عليكُمُ
فلم أره عند التأمُّلِ ظالما
أجرتُمْ عليه من أخاف ومن يُجِرْ
عليه ويحفظْه يهجْ منه عارما
ومن لم يزل يبْتَزُّ ليثاً فريسة ً
يكن قمنا أنْ لا يُرى منه سالما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إن ابن عمار عُزيرُ العالمْ
إن ابن عمار عُزيرُ العالمْ
رقم القصيدة : 62060
-----------------------------------
إن ابن عمار عُزيرُ العالمْ
قد أخرجتْهُ من تراث آدم
عُصبة ُ سوْء فهو كالمُراغم
ليس بِمَمنوحٍ ولامقاسِم
ولا بِمَتروكٍ ولا مُسالم
ولا بِمُستحياً ولامُكارِم
وهْو نسيمُ الروح للمُناسِم
ريحانة ٌ للصاحب المنادمْ
ليس بمدفوعٍ ولامخاصَمِ
في ذاك تالله ولا مُحاكم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيَّها السيدُ الذي فاق في الجو
أيَّها السيدُ الذي فاق في الجو
رقم القصيدة : 62061
-----------------------------------
أيَّها السيدُ الذي فاق في الجو
د وتمَّ الحِجَا له والوَسَامُ
وأطاعتْ له الرواية ُ والصَّنْ
عة ُ وانقاد كيف شاء الكلام
لاتَخَلْ أوجَبَ الحقوق على المر
ء حقوقاً قضى بها الحُكَّام
إنما أوجبُ الحقوقِ على المر
ء حقوق قضى بهنّ الذِّمام
وذِمامي كما علمتَ وقدْ قدْ
دَمْتُ وعدا في عقده استحكام
وإذا ما الذِّمام أكَّده ال
وعدُ فحُقّ الحِباء والإكرام
كنتَ أنعمت لي بأشياءَ إن تمْ
مَتْ ففيها لحاسدي إرغام(75/118)
وأراها تأخَّرتْ بالتناسي
واستمرَّتْ من دونها الأيام
وتقاضيتُ بالسكوتِ إلى أنْ
لامني في لُزومه اللُّوام
فتوَّق الإنعامَ إلاَّ مع الأن
عام أوْلا فإنه استذمام
وحقيقٌ تركُ السكوت إذا طا
ل فلم ينتبه به النُّوام
حان أن تضلّ العِدات عن النج
حَ وأن تُطلِع الجنا الأكمام
فاذكُرِ الوعدَ فهْو كالعهد والإخ
لافُ كالنَّكْثِ وهو بسْلٌ حرامٌ
ودعِ المطل راشداً فهْو مَيْدا
نٌ يروضُ النفوسَ فيه اللئام
نعَمُ الحُرِّ خلفها نِعَمٌ من
ه فُرادَى وأخرياتٌ تؤام
ماتمامُ الإنعام قولاً سوى الإن
عامِ فِعلاً ولِلأمور تمام
قد بذلتُ التذكير فابذلْ التن
كيرَ إنّ الزمان فيه عُرام
واغرمِ المال واغنَمِ الحمد واعلم
أنَّ المجد غارمٌ غنَّام
ومتى لم تكن سجيتُك الغُر
مَ إذا خيف من زمانٍ غَرام
زاحت العِلَّتان عنك فلا بخ
لٌ يعوق الندى ولا إعدام
ولأنت الحقيق أنْ لا يُرى من
ك إذا ما وأيْتَ وأْياً ندام
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كبرتَ فغيرُك الغِر الغلام صم وغير قناعك الجَعْدُ السُّخامُ
كبرتَ فغيرُك الغِر الغلام صم وغير قناعك الجَعْدُ السُّخامُ
رقم القصيدة : 62062
-----------------------------------
كبرتَ فغيرُك الغِر الغلام صم وغير قناعك الجَعْدُ السُّخامُ
وأمسى ماء وجهك غاض عنه
فماء شؤونك الفيض السُّجام
وأصبحتِ الظباء مُجانباتٍ
جنابَك مالها فيه بُغامُ
وقد يأْلفْنَنِي ومعي سهامي
فما هذا النِّفار ولاسِهام
أأُوحشها وقد نصلتْ نِبالي
وأُونسها وفي نبلي الحِمام
لياليَ لاتزال لديَّ صرعى
لرشْقي في مقاتلها احتكام
ألا جاد الحيا تلكم ظِباءً
تزيِّنها المقاصرُ لا الخيام
عتُقن فهن من قربٍ مِلاحٌ
ورُقْن فهن من بُعْدِ فِخام
إلى الله الشَّكاة من اللواتي
مساكنُها الرُّصافة لا الرجام
بحيث تجبح الهدي قذما
وهاشم الأكارم لا هشام
مريضاتُ الجفونِ لغير داءٍ
لمن لابسْنَه الداءُ العُقام
سقامُ عيونهن سقامُ قلبي
وقد يهدي السقام لك السقام(75/119)
أعاذلتي وحَبْلي قد تداعى
وللحبل اتصالٌ وانجِذامُ
كأن مناعمِي حُلمٌ تقضَّى
وأسراري مع الخلل احتلام
كُسيتُ البيضَ أخلاقاً رِماما
فوصْلُ البيضِ أخلاقاً رِمام
فلا يتشتتنَّ عليك رأيٌ
فما للبيض والبيضِ التئام
بليتُ سوى المشيب غدا جديدا
عليَّ الفدُّ منه والتُّؤامُ
وكنتُ كروضة ٍ للعين أضحَتْ
وما من نورها إلا النَّغام
وعبَّستِ الحِسانُ إلى مَشيبي
فما لثُغورها برقٌ يُشام
وما يُرجَى من البيض ابتسامٌ
لمن أمسى لمفرقه ابتسام
كأن محاسني لم تَضْحَ يوما
وفي لحظاتهنَّ لها اقتسام
كأني لمأر اللمحاتِ نحوي
وفي اللمحاتِ لثْمٌ والتزام
لئن ودعتُ جهلي غير قولي
ألا سُقِيتْ معاهدنا القِدامُ
لقد يهتزلي غصنٌ رطيبٌ
وقد يرتجُّ لي دِعْصٌ ركام
ويسقيني شفاءَ النَّفسِ ثغرٌ
ويسقيني شِفاء الوجْدِ جام
ويُسمعني رقاة الهمِّ شدْوا
تغادر كل يومٍ وهو رامُ
سماعٌ إن أردتَ إدامَ عيش
فذاك من السماع له إدام
عجيبٌ كالحبيب له هناتٌ
بها يُشفَى الجوى وبها يُهام
بأخضر جادَهُ طلٌّ ووبْلٌ
وما جرمته بينهما الرِّهام
غوادٍ لاتفرطُ أو سوارٍ
روائمُ لا يزالُ لها رِزام
فوردتُه وشُقْرتُه احمرارٌ
وحُمْرتُه وخَضرتُه ادْهِمَامُ
تقسَّمَ أمره شجرٌ وروضٌ
عليه من زواهره فِدامُ
كساه الغيثُ كِسوتَه فأضحى
له منها ائتزارٌ واعتمام
يظلُّ وللرِّياح به اصطخاب
وللعُجْمِ الفصاحِ به اختصام
وللقُضبِ اللِّدان به اعتناقٌ
وللأنوارِ فيهنَّ التئام
تراهُ إذا تجاوب طائراهُ
تُجاوِبُ عَثْعِثا فيه زُنامُ
حَمامٌ الأيكِ يُسعِدُه هَزارٌ
فدى المُكَّاء ذَيْنَكَ والسَّمام
وأخلاطٌ من الغَرداتِ شتَّى
حواسرُ أو عليهنَّ الكِمام
ألا لا عَيْشَ لي إلا زهيدا
ودونَ لِثام من أهوى لِثام
وكم نادمتُ راحَ الروحِ فاهُ
ولكن خانني ذاك الندام
كأني لم أبِتْ أُسقى رُضاباً
يموتُ به ويحيا المُستهام
تُعلِّلنيه واضحة ُ الثنايا
كأن لقاءها حولا لِمام
تنفّس كالشَّمولِ ضُحى شمالٍ(75/120)
إذا ما فُضَّ عن فمها الخِتام
وتسقيكَ الذي يشفي ويُدوي
ففي الأحشاء بردٌ واضطرامُ
وقالوا لو أدارَ الراحَ كانت
له عِوَضا وفارقهُ الهُيامُ
فقلتُ مُدامُ أفواهِ الغواني
مُدامٌ لا يعادله مُدامُ
عزاؤك عن شباب نالَ منه
رمانٌ فيه لينٌ واعتزام
فقَبْلكَ قام أقوامٌ قُعودٌ
لريب الدهر أوقعد القيام
وما يَنفَكُّ يَلْقَى الكُرْهَ فيهِ
فِئامٌ قد تَقَدَّمَهُ فِئام
إذا أدار على بني حامٍ وسامٍ
كؤوسا مُرَّة ً حامٌ وسام
نهارٌ شكْلُهُ في اللون سامٌ
وليلٌ شكلُهُ في اللون حام
وهذا الدهرُ أطوارٌ تراها
وفيها الشَّهْدُ يُجنى والسِّمام
فأعوام كأن العام يومٌ
وأيامٌ كأن اليومَ عام
كدأبِ النَّحلِ أرْيٌ أو حُماتٌ
ودأبِ النخلِ شَوْك أو جُرام
ولاتَجزَعْ فصرفُ الدَّهْرِ كلْمٌ
وتَعفية ٌ وإن دَمِيَتْ كِلام
سيُسليك الشبيبة َ أرْيَحِيٌّ
بجودِ يديْه أورقتِ السِّلام
يحُلُّ من المكارم والمعالي
بحيثُ الرأسُ منها والسَّنام
له ذِكرٌ إليها مُستراحٌ
وناحية ٌ إليها مُستنام
مُدبِّرُ دولة ٍ وقِوامُ مُلْكِ
كهِمَّتك المدبر والقِوام
يروقك أو يروعك لابظلم
كما يتلوَّن السيفُ الحُسام
يضاحك تارة ويكون أخرى
بحيث تَهُزُّه قصر وهام
فآونة ً لصفحته انبلاجٌ
وآونة ً لشفرته اصطلام
أخو قلم صروفُ الدهر منه
ففيه العيشُ والموتُ الزُّؤام
كتابتُه مناقفة ُ العوالي
وليستْ ما يُرَقِّشه القِلام
ضئيلٌ شأنهُ شأنٌ نبيلٌ
يَطُوعُ لأمره الجيشُ اللُّهامُ
به تَبْدو الصوارمُ حين تَخفى
وتَخفى حين تبدو والخِدام
إذا سكناتُ صاحبه أمَّلتْ
على حركاته سكنَ الأنام
أخو ثقة ٍ إذا الأقلام أضحتْ
بني حِمَّان عَمَّهُمُ الزكام
أمينٌ في معابيه أمونٌ
سليمُ الأنفِ ليسَ به زُكام
تمج الفيء والمعروفَ مجا
وللأقلام حَطْم وانتقام
بكفِّ فتًى له نَفْعٌ وضرٌّ
وإنعامٌ يُؤمَّلُ وانتقامُ
يُقلِّبهُ برأي لاتجزَّا
ولايخبو لقدحته ضرام
وزيرٌ للوزير يرى فيُغني
إذا طرقت مجلِّحة ٌ جُلام(75/121)
له عزمٌ إذا نفذ ارتياءٌ
وإمضاءٌ إذا وقع اعتزام
فما لعزيمة ٍ منه انفلالٌ
ولا لضريمة ٍ منه اقتحام
ولا في عُقدة ٍ منه انحلالٌ
ولا في عُروة ٍ منه انفصام
متى ما انشامَ في غيبٍ صوابٌ
ن نعاه ابن الحسين فلا انشيام
يبيت أبو الحسين يرى أموراً
كبرتَ فغيرُك الغِرُّ الغُلامُ
وغير قناعك الجَعْدُ السُّخامُ
وأمسى ماء وجهك غاض عنه
فماء شؤونك الفيض السُّجام
وأصبحتِ الظباء مُجانباتٍ
جنابَك مالها فيه بُغامُ
وقد يأْلفْنَنِي ومعي سهامي
فما هذا النِّفار ولاسِهام
أأُوحشها وقد نصلتْ نِبالي
وأُونسها وفي نبلي الحِمام
لياليَ لاتزال لديَّ صرعى
لرشْقي في مقاتلها احتكام
ألا جاد الحيا تلكم ظِباءً
تزيِّنها المقاصرُ لا الخيام
عتُقن فهن من قربٍ مِلاحٌ
ورُقْن فهن من بُعْدِ فِخام
إلى الله الشَّكاة من اللواتي
مساكنُها الرُّصافة لا الرجام
بحيث تجبح الهدي قذما
وهاشم الأكارم لا هشام
مريضاتُ الجفونِ لغير داءٍ
لمن لابسْنَه الداءُ العُقام
سقامُ عيونهن سقامُ قلبي
وقد يهدي السقام لك السقام
أعاذلتي وحَبْلي قد تداعى
وللحبل اتصالٌ وانجِذامُ
كأن مناعمِي حُلمٌ تقضَّى
وأسراري مع الخلل احتلام
كُسيتُ البيضَ أخلاقاً رِماما
فوصْلُ البيضِ أخلاقٌ رِمام
فلا يتشتتنَّ عليك رأيٌ
فما للبيض والبيضِ التئام
بليتُ سوى المشيب غدا جديدا
عليَّ الفدُّ منه والتُّؤامُ
وكنتُ كروضة ٍ للعين أضحَتْ
وما من نورها إلا النَّغام
وعبَّستِ الحِسانُ إلى مَشيبي
فما لثُغورها برقٌ يُشام
وما يُرجَى من البيض ابتسامٌ
لمن أمسى لمفرقه ابتسام
كأن محاسني لم تَضْحَ يوما
وفي لحظاتهنَّ لها اقتسام
كأني لمأر اللمحاتِ نحوي
وفي اللمحاتِ لثْمٌ والتزام
لئن ودعتُ جهلي غير قولي
ألا سُقِيتْ معاهدنا القِدامُ
لقد يهتزلي غصنٌ رطيبٌ
وقد يرتجُّ لي دِعْصٌ ركام
ويسقيني شفاءَ النَّفسِ ثغرٌ
ويسقيني شِفاء الوجْدِ جام
ويُسمعني رقاة الهمِّ شدْوا
تغادر كل يومٍ وهو رامُ(75/122)
سماعٌ إن أردتَ إدامَ عيش
فذاك من السماع له إدام
عجيبٌ كالحبيب له هناتٌ
بها يُشفَى الجوى وبها يُهام
بأخضر جادَهُ طلٌّ ووبْلٌ
وما جرمته بينهما الرِّهام
غوادٍ لاتفرطُ أو سوارٍ
روائمُ لا يزالُ لها رِزام
فوردتُه وشُقْرتُه احمرارٌ
وحُمْرتُه وخَضرتُه ادْهِمَامُ
تقسَّمَ أمره شجرٌ وروضٌ
عليه من زواهره فِدامُ
كساه الغيثُ كِسوتَه فأضحى
له منها ائتزارٌ واعتمام
يظلُّ وللرِّياح به اصطخاب
وللعُجْمِ الفصاحِ به اختصام
وللقُضبِ اللِّدان به اعتناقٌ
وللأنوارِ فيهنَّ التئام
تراهُ إذا تجاوب طائراهُ
تُجاوِبُ عَثْعِثا فيه زُنامُ
حَمامٌ الأيكِ يُسعِدُه هَزارٌ
فدى المُكَّاء ذَيْنَكَ والسَّمام
وأخلاطٌ من الغَرداتِ شتَّى
حواسرُ أو عليهنَّ الكِمام
ألا لا عَيْشَ لي إلا زهيدا
ودونَ لِثام من أهوى لِثام
وكم نادمتُ راحَ الروحِ فاهُ
ولكن خانني ذاك الندام
كأني لم أبِتْ أُسقى رُضاباً
يموتُ به ويحيا المُستهام
تُعلِّلنيه واضحة ُ الثنايا
كأن لقاءها حولا لِمام
تنفّس كالشَّمولِ ضُحى شمالٍ
إذا ما فُضَّ عن فمها الخِتام
وتسقيكَ الذي يشفي ويُدوي
ففي الأحشاء بردٌ واضطرامُ
وقالوا لو أدارَ الراحَ كانت
له عِوَضا وفارقهُ الهُيامُ
فقلتُ مُدامُ أفواهِ الغواني
مُدامٌ لا يعادله مُدامُ
عزاؤك عن شباب نالَ منه
رمانٌ فيه لينٌ واعتزام
فقَبْلكَ قام أقوامٌ قُعودٌ
لريب الدهر أوقعد القيام
وما يَنفَكُّ يَلْقَى الكُرْهَ فيهِ
فِئامٌ قد تَقَدَّمَهُ فِئام
إذا أدار على بني حامٍ وسامٍ
كؤوسا مُرَّة ً حامٌ وسام
نهارٌ شكْلُهُ في اللون سامٌ
وليلٌ شكلُهُ في اللون حام
وهذا الدهرُ أطوارٌ تراها
وفيها الشَّهْدُ يُجنى والسِّمام
فأعوام كأن العام يومٌ
وأيامٌ كأن اليومَ عام
كدأبِ النَّحلِ أرْيٌ أو حُماتٌ
ودأبِ النخلِ شَوْك أو جُرام
ولاتَجزَعْ فصرفُ الدَّهْرِ كلْمٌ
وتَعفية ٌ وإن دَمِيَتْ كِلام
سيُسليك الشبيبة َ أرْيَحِيٌّ
بجودِ يديْه أورقتِ السِّلام(75/123)
يحُلُّ من المكارم والمعالي
بحيثُ الرأسُ منها والسَّنام
له ذِكرٌ إليها مُستراحٌ
وناحية ٌ إليها مُستنام
مُدبِّرُ دولة ٍ وقِوامُ مُلْكِ
كهِمَّتك المدبر والقِوام
يروقك أو يروعك لابظلم
كما يتلوَّن السيفُ الحُسام
يضاحك تارة ويكون أخرى
بحيث تَهُزُّه قصر وهام
فآونة ً لصفحته انبلاجٌ
وآونة ً لشفرته اصطلام
أخو قلم صروفُ الدهر منه
ففيه العيشُ والموتُ الزُّؤام
كتابتُه مناقفة ُ العوالي
وليستْ ما يُرَقِّشه القِلام
ضئيلٌ شأنهُ شأنٌ نبيلٌ
يَطُوعُ لأمره الجيشُ اللُّهامُ
به تَبْدو الصوارمُ حين تَخفى
وتَخفى حين تبدو والخِدام
إذا سكناتُ صاحبه أمَّلتْ
على حركاته سكنَ الأنام
أخو ثقة ٍ إذا الأقلام أضحتْ
بني حِمَّان عَمَّهُمُ الزكام
أمينٌ في معابيه أمونٌ
سليمُ الأنفِ ليسَ به زُكام
تمج الفيء والمعروفَ مجا
وللأقلام حَطْم وانتقام
بكفِّ فتًى له نَفْعٌ وضرٌّ
وإنعامٌ يُؤمَّلُ وانتقامُ
يُقلِّبهُ برأي لاتجزَّا
ولايخبو لقدحته ضرام
وزيرٌ للوزير يرى فيُغني
إذا طرقت مجلِّحة ٌ جُلام
له عزمٌ إذا نفذ ارتياءٌ
وإمضاءٌ إذا وقع اعتزام
فما لعزيمة ٍ منه انفلالٌ
ولا لضريمة ٍ منه اقتحام
ولا في عُقدة ٍ منه انحلالٌ
ولا في عُروة ٍ منه انفصام
متى ما انشامَ في غيبٍ صوابٌ
نعاه ابن الحسين فلا انشيام
يبيت أبو الحسين يرى أموراً
لها في سُدفة ِ الغيب اكتمام
يراه أبو الحسين وإن تَوارى
كبرتَ فغيرُك الغِرُّ الغُلامُ
ص وغير قناعك الجَعْدُ السُّخامُ
وأمسى ماء وجهك غاض عنه
فماء شؤونك الفيض السُّجام
وأصبحتِ الظباء مُجانباتٍ
جنابَك مالها فيه بُغامُ
وقد يأْلفْنَنِي ومعي سهامي
فما هذا النِّفار ولاسِهام
أأُوحشها وقد نصلتْ نِبالي
وأُونسها وفي نبلي الحِمام
لياليَ لاتزال لديَّ صرعى
لرشْقي في مقاتلها احتكام
ألا جاد الحيا تلكم ظِباءً
تزيِّنها المقاصرُ لا الخيام
عتُقن فهن من قربٍ مِلاحٌ
ورُقْن فهن من بُعْدِ فِخام
إلى الله الشَّكاة من اللواتي(75/124)
مساكنُها الرُّصافة لا الرجام
بحيث تجبح الهدي قذما
وهاشم الأكارم لا هشام
مريضاتُ الجفونِ لغير داءٍ
لمن لابسْنَه الداءُ العُقام
سقامُ عيونهن سقامُ قلبي
وقد يهدي السقام لك السقام
أعاذلتي وحَبْلي قد تداعى
وللحبل اتصالٌ وانجِذامُ
كأن مناعمِي حُلمٌ تقضَّى
وأسراري مع الخلل احتلام
كُسيتُ البيضَ أخلاقاً رِماما
فوصْلُ البيضِ أخلاقٌ رِمام
فلا يتشتتنَّ عليك رأيٌ
فما للبيض والبيضِ التئام
بليتُ سوى المشيب غدا جديدا
عليَّ الفدُّ منه والتُّؤامُ
وكنتُ كروضة ٍ للعين أضحَتْ
وما من نورها إلا النَّغام
وعبَّستِ الحِسانُ إلى مَشيبي
فما لثُغورها برقٌ يُشام
وما يُرجَى من البيض ابتسامٌ
لمن أمسى لمفرقه ابتسام
كأن محاسني لم تَضْحَ يوما
وفي لحظاتهنَّ لها اقتسام
كأني لمأر اللمحاتِ نحوي
وفي اللمحاتِ لثْمٌ والتزام
لئن ودعتُ جهلي غير قولي
ألا سُقِيتْ معاهدنا القِدامُ
لقد يهتزلي غصنٌ رطيبٌ
وقد يرتجُّ لي دِعْصٌ ركام
ويسقيني شفاءَ النَّفسِ ثغرٌ
ويسقيني شِفاء الوجْدِ جام
ويُسمعني رقاة الهمِّ شدْوا
تغادر كل يومٍ وهو رامُ
سماعٌ إن أردتَ إدامَ عيش
فذاك من السماع له إدام
عجيبٌ كالحبيب له هناتٌ
بها يُشفَى الجوى وبها يُهام
بأخضر جادَهُ طلٌّ ووبْلٌ
وما جرمته بينهما الرِّهام
غوادٍ لاتفرطُ أو سوارٍ
روائمُ لا يزالُ لها رِزام
فوردتُه وشُقْرتُه احمرارٌ
وحُمْرتُه وخَضرتُه ادْهِمَامُ
تقسَّمَ أمره شجرٌ وروضٌ
عليه من زواهره فِدامُ
كساه الغيثُ كِسوتَه فأضحى
له منها ائتزارٌ واعتمام
يظلُّ وللرِّياح به اصطخاب
وللعُجْمِ الفصاحِ به اختصام
وللقُضبِ اللِّدان به اعتناقٌ
وللأنوارِ فيهنَّ التئام
تراهُ إذا تجاوب طائراهُ
تُجاوِبُ عَثْعِثا فيه زُنامُ
حَمامٌ الأيكِ يُسعِدُه هَزارٌ
فدى المُكَّاء ذَيْنَكَ والسَّمام
وأخلاطٌ من الغَرداتِ شتَّى
حواسرُ أو عليهنَّ الكِمام
ألا لا عَيْشَ لي إلا زهيدا
ودونَ لِثام من أهوى لِثام(75/125)
وكم نادمتُ راحَ الروحِ فاهُ
ولكن خانني ذاك الندام
كأني لم أبِتْ أُسقى رُضاباً
يموتُ به ويحيا المُستهام
تُعلِّلنيه واضحة ُ الثنايا
كأن لقاءها حولا لِمام
تنفّس كالشَّمولِ ضُحى شمالٍ
إذا ما فُضَّ عن فمها الخِتام
وتسقيكَ الذي يشفي ويُدوي
ففي الأحشاء بردٌ واضطرامُ
وقالوا لو أدارَ الراحَ كانت
له عِوَضا وفارقهُ الهُيامُ
فقلتُ مُدامُ أفواهِ الغواني
مُدامٌ لا يعادله مُدامُ
عزاؤك عن شباب نالَ منه
رمانٌ فيه لينٌ واعتزام
فقَبْلكَ قام أقوامٌ قُعودٌ
لريب الدهر أوقعد القيام
وما يَنفَكُّ يَلْقَى الكُرْهَ فيهِ
فِئامٌ قد تَقَدَّمَهُ فِئام
إذا أدار على بني حامٍ وسامٍ
كؤوسا مُرَّة ً حامٌ وسام
نهارٌ شكْلُهُ في اللون سامٌ
وليلٌ شكلُهُ في اللون حام
وهذا الدهرُ أطوارٌ تراها
وفيها الشَّهْدُ يُجنى والسِّمام
فأعوام كأن العام يومٌ
وأيامٌ كأن اليومَ عام
كدأبِ النَّحلِ أرْيٌ أو حُماتٌ
ودأبِ النخلِ شَوْك أو جُرام
ولاتَجزَعْ فصرفُ الدَّهْرِ كلْمٌ
وتَعفية ٌ وإن دَمِيَتْ كِلام
سيُسليك الشبيبة َ أرْيَحِيٌّ
بجودِ يديْه أورقتِ السِّلام
يحُلُّ من المكارم والمعالي
بحيثُ الرأسُ منها والسَّنام
له ذِكرٌ إليها مُستراحٌ
وناحية ٌ إليها مُستنام
مُدبِّرُ دولة ٍ وقِوامُ مُلْكِ
كهِمَّتك المدبر والقِوام
يروقك أو يروعك لابظلم
كما يتلوَّن السيفُ الحُسام
يضاحك تارة ويكون أخرى
بحيث تَهُزُّه قصر وهام
فآونة ً لصفحته انبلاجٌ
وآونة ً لشفرته اصطلام
أخو قلم صروفُ الدهر منه
ففيه العيشُ والموتُ الزُّؤام
كتابتُه مناقفة ُ العوالي
وليستْ ما يُرَقِّشه القِلام
ضئيلٌ شأنهُ شأنٌ نبيلٌ
يَطُوعُ لأمره الجيشُ اللُّهامُ
به تَبْدو الصوارمُ حين تَخفى
وتَخفى حين تبدو والخِدام
إذا سكناتُ صاحبه أمَّلتْ
على حركاته سكنَ الأنام
أخو ثقة ٍ إذا الأقلام أضحتْ
بني حِمَّان عَمَّهُمُ الزكام
أمينٌ في معابيه أمونٌ
سليمُ الأنفِ ليسَ به زُكام(75/126)
تمج الفيء والمعروفَ مجا
وللأقلام حَطْم وانتقام
بكفِّ فتًى له نَفْعٌ وضرٌّ
وإنعامٌ يُؤمَّلُ وانتقامُ
يُقلِّبهُ برأي لاتجزَّا
ولايخبو لقدحته ضرام
وزيرٌ للوزير يرى فيُغني
إذا طرقت مجلِّحة ٌ جُلام
له عزمٌ إذا نفذ ارتياءٌ
وإمضاءٌ إذا وقع اعتزام
فما لعزيمة ٍ منه انفلالٌ
ولا لضريمة ٍ منه اقتحام
ولا في عُقدة ٍ منه انحلالٌ
ولا في عُروة ٍ منه انفصام
متى ما انشامَ في غيبٍ صوابٌ
نعاه ابن الحسين فلا انشيام
يبيت أبو الحسين يرى أموراً
لها في سُدفة ِ الغيب اكتمام
يراه أبو الحسين وإن تَوارى
بعين لا تَكِلُّ ولاتنام
ولولا حَمْلهُ الأثقالَأضحت
ظُهورُ معاشرٍ ولها انحطام
ولكنْ قدْ تَحمَّلها ضليعٌ
له في الخَطْبِ حَزمٌ واحتزام
محمدٌ بنُ أحمد بن يحيى
لأنفِ عدو نعمتِه الرُّغام
وغرس الأصبغي كفاكَ غرسا
إذا غُرِسَ الهشيمُ أو الحُطام
تخيَّره الوزيرُ وزيرَ صدقٍ
وللوزراء خبطٌ واعتيام
فرأفتُه بنا فوق التمنِّي
إذا كثُر التغطرسُ والعُرام
ونائلهُ لنا فلنا اقتراعٌ
على نفحاتِه ولنا استهام
ولاعاتٍ يصولُ على ضعيفٍ
صِيالَ الفيل هاج به اغتلام
نُساسُ ولانُجاس وكم عداءٍ
غدا لمآثم منه النَّدام
وقد نُحدَى كما تُحدَى المطايا
وقد نُرعَى كما تُرعى البِهام
فتى ضامتْ يداهُ الدهرَ حتى
تعزَّ به المضيمُ فما يُضام
يزيدُك كلَّما أغليتَ حمدا
به رِبحا وفيه لك انهضامُ
كذا أخلاقُ مُبتاعي المعالي
ترفَّعُ كلما رُفِعَ استيام
يجودُ فجودُهُ كرمٌ ودِينٌ
بعضُ الجودِ بذخٌ أو وئام
تناهبَ مالهُ شرقٌ وغربٌ
ولمَّا يُعفِه يمنٌ وشام
فأصبحَ والثناءُ عليه فرضٌ
على هذا الورى حتْمٌ لِزام
جديرا أن يحوزَ الحمدَ عفواً
إذا ماعزَّ من حَمْدٍ مَرام
بمالٍ لا يُشدُّ عليه عقْدٌ
وجاهٍ لا يُحَلُّ له حِزام
أقامهما لملتمسٍ جَداهُ
كريمٌ للكرامِ به ائتمام
تقاسَمَ وجهُهُ ويداه منه
محاسنَ لا يُعفِّيها القتام
فأقسامُ المكارمِ في يديْهِ
وللوجهِ الوضاءة ُ والقسامُ(75/127)
فليستْ تُشرقُ الآفاقُ إلا
إذا طلعتْ محاسنه الوِسام
رأى الضّلِّيلُ قَصدَ هُداهُ فيه
وأسهبَ في ممادحه العبام
مكارمُهُ إذا ذُكرتْ جِبالٌ
وكم قومٍ مكارمُهم رِضام
تعوَّدتِ المحامدَ والعطايا
أناملُ منه نائلها انسجام
فليس لها عن الحمدِ انفراجٌ
وليس لها على المالِ انضمام
لبدْأتِهِ حيا ومتى عَرَضْنا
لعودته فليس لها جهام
يُبادِرُ أن يَصِلَّ المالُ حتى
كأنَّ المالَ يملكه لحام
وليس يصِلُّ صفْوُ التبرِ لكن
له في ماله حدٌّ هُذام
وليس أمام نائله عُبوسٌ
وليس وراءه منه نَدام
يُساقِطُهُ النَّدى حتى تراهُ
وليس لجانبٍ منه ادِّعام
ويُمسكهُ الحجا حتى تراه
ومافي جانبٍ منه انثلام
لذلك لاتزالُ له عطايا
لهُنَّ على مؤمِّله ازدحام
كما ليستْ تزال له دواة ً
لداهٍ في مَهالكها ارتطام
وبادي الجهل جَاوَدَهُ فقلنا
متى استعلى على النخلِ البشام
وساهِي العقلِ ناجَدَهُ فقلنا
متى أربى على النبعِ الثُّمام
أما وأبي الحُسينِ فداهُ قومٌ
لهُمْ نِعَمٌ وأكثرهُمْ نعام
لموَّلني إلى أن قال أهلي
أأحلامٌ يُخيِّلُها منام
وقومني إلى أن قام عُودي
فما في متنهِ أودٌ يُقام
برأْيٍ لستُ أبرحُ منه أضحى
وجودٍ لا أزالُ له أُغام
نفتْ جَهلي نُهاه وشيَّبتني
لُهاه فها أنا الكَهْلُ الغُلام
فدته النفسُ من بان كريم
مبانيه المكارمُ لا الرُّخام
بني لي همتِي حتى تعالتْ
وكانت مرَّة ً وهي اهتمام
أسائلتي حججت البيت إني
حججتُ فتى المُروءة ِ يا أدام
حججت أبا الحسين وكان حجي
إليه لا يُذم ولا يُذام
أُقبّلُ كفُّهُ وأعلُّ منها
نَدًى يُشْفى به مني الأُوام
فلي من بطن راحته ارتِواء
ولي في ظهر راحته استلام
ظللتُ بمأمنٍ منه حريزٍ
يخيل أنه البيت الحرام
وزمزمُ والحطيم لديَّ منه
هنالك والمشاعرُ والمقام
مقامٌ تُنْشدُ الأمداحُ تَتْرى
ويُرْعى الحقُّ فيه والذِّمام
وكم نِضْوٍ أناخ بها إليه
تضيَّفُها المجادب والسآم
أتَتْهُ تَجوبُ عرضَ الأرضِ جَوْباً(75/128)
إليه لها خبيبٌ وارتئام
إذا قطعتْ من المَوماة ِ مَرْتاً
من الأمرات ليس به عِلام
وللْيَعْفورِ في الكَزِّ انغماسٌ
وللحِرباء في الضِّحِّ اصْطخام
تطايرَ عن مناسِمِها حصاهُ
وسافرَ عن مشافرها اللُّغام
على ثقة ٍ بأنْ سترى وترعى
ربيعاً للطَّليح به مَسام
وأن ستفيء تامكة الأعالي
كأن سنامها الرعِنُ الخُشام
فوافتْ لا ربيعَ الحولِ لكن
ربيعَ الدهرِ ليس له انصرام
مرادُ معيشة ٍ ومعانُ علم
يدُلُّ على فضيلتِه الزِّحام
معانٌ في مواردِهِ شِفاءٌ
لمن أضحى لعلته احتدام
له العفواتُ من شِعري بعُرْفٍ
إلى العفواتِ منه والجِمام
أخٌ كم باتَ ضيْفي في قِراه
قريرَ العينِ ليس به اعتِمام
وقد أجْممتُهُ زمناً وأنَّى
وليس يُفارقُ البحرَ الجمام
وحُقَّ عليّ إهداءُ اعتذارٍ
وإنْ لم يُهدَ لي منه اتِّهام
إليك أبا الحسين أقودُ قولاً
له من حبلك الألوى خطام
شهدتُ لقد منحتُكَ صفو ودي
ولا لومٌ عليَّ ولا أثامُ
وما قصَّرتُ في التأميلِ كلا
ولا أمسيتَ عن حقي تنامُ
جعلتُكَ قبلة الآمال مني
فهنَّ مُصلياتٌ لاصيام
وكيف تصومُ آمالٌ غِراثٌ
ونائلُك الهنيء لها طعام
طعامٌ لا وخامة َ فيه تُخشى
وفي المعروف أطعمة ٌ وِخام
وكنتُ إذا أنختُ إليك عيسى
وآمالي غراثُ أو عِيام
أنختُ بحيث تبيضُّ الأيادي
وتسودُّ المطابخُ والبِرام
خلا أني أهابُكَ لا لسوء
كما تتهَّيبُ البحرَ الهيام
ويملكني حيائي حين تُربي
على شكري دسائِعُك الضِّخام
ألم تر أننا لما التقينا
فغنَّتني صنائعُك الجسام
رأيتُ الشكر قد ضعفت قواه
فشمر للفرار ولا يُلام
وكنتَ الغالب المنصور جندا
إذا لاقى تذمُّمك الذمام
وما تنفك تغلبُ كل شكرٍ
بعُرفٍ ما لعُروته انفصام
وذاك بأن أبيح فليس يُحمى
وليس بأن أعزَّ فما يُرام
وكنتُ إذا نوى المحسانُ ظعنا
عن الحسنى فنيتك المُقام
فإن راثَ اللفاءُ فلا تلمني
فإن تخلُّفي عنك انهزامُ
ووكدُك طرد زَوْرك بالعطايا
كذلك يطردُ الزَوْر الكرامُ
وكم تبعَ المولِّي منك سيبٌ(75/129)
فلم يُقدرَ له منه انعصامُ
غمامٌ جدَّ في آثارِ سارٍ
أغدَّ سُرى فأدركه الغمام
وهل ينجو من الركبان ناجٍ
وطالبُهُ الغمامُ أو الظلام
شكوتُ نداك لا أن قلَّ لكن
لأن كثرتْ أياديه العظام
وأني قد بعلتُ به فأضحى
كأن مغانمي منه غرام
كما يشكو امرؤ طغيانَ سيلٍ
تساوى الوهدُ فيه والأكام
وما أشكوه منك إلى رحيم
وشكري في ذَراهُ مستضام
وما لمْ تهتضم شكري بطولٍ
فليس ينالني منك اهتضام
ولستَ بمُعتبي من بدء عرفٍ
بغير العود ماسجَعَ الحمام
فعاودْ كيف شئت فلست أشكو
وهل يشكو الندى إلا اللئام
ومامعروفك الممدود عني
بمنقطع إذا انقطع الكلام
خدعتُك وانخداعك لي خليقٌ
على الله الزيادة ُ والتمام
وقلتُ كأنني يوم بسيلٍ
لأعلاه وأسفله التطام
ولم أبْرمْ بعرفك غير أني
برمتُ بحملِ شكرك والسلام
وكم أنطقتني بلُهى توالت
وما صمتي وللقول انتظامُ
وكم أسكتَّني بلهى تغالت
وما نُطقي وللبحر التطامُ
وما ينفكُّ يلحمنا ويجري
ندًى لك لا ينهنهه لجامُ
يُبر فنستكينُ وغيرُ نكرٍ
إذا شُبَّ الجلادُ خبا اللِّطام
وما أعطيتَ إلا ارتاشَ حر
وأطرق والحياءُ له كِعام
تسدُّ فُقورنا وتغضُّ منا
فنستعفي هناك ونُستذام
ونلقى منك محتقر الهاهُ
وحول أخسِّها قدرا يُحام
بنًى لاحاتمٌ كان ابتناها
ولا أوسٌ وحارثة ولام
ولكن كسرويٌّ ذو فعالٍ
له بدءٌ وليس له اختتام
فيا عجبي أأستحيي لعجزي
وفيك لأن تسامحني اغتنام
تحب الشكر لا ما كدَّ حرا
بل المجرى يُعاقبه المصام
متى ناقشتَ ذا شكرٍ حسابا
فيدْخلُني من العجز احتشام
ألستَ المرءَ يكرمُ في حياء
كأن صنيعك الحسنَ اجترام
ويكتمُ عُرفهُ فيفوحُ منه
وليس لساطع المسكِ اكتتام
ونبخس شكره فله اغتفارٌ
ونظلمُ ماله فله اظطلام
بلى فسقاكَ ربكَ حيثُ تُسقى
جحاجحة ُ المروءِة ِ لا الطَّغامُ
فقد يُسقى الرجالُ وهم رسومٌ
وقد يُرعى الرجالُ وهم سوامُ
غدا الساعون خلفك في المعالي
كمثلِ الصفّ يقدمهُ الإمام
وسامني الزمانُ رجالَ مجدٍ(75/130)
فكنتَ نصيّتي فما أُسام
أهلَّة ُ أسعُدٍ ونجومُ يمُن
ولكن بذَّها قمرٌ تمام
ومن يخترك لا يُحمد وأنَّى
وقد هَدى توسُّمه الوسام
وليس وإن عداهُ الحمدُ ممنه كبرتَ فغيرُك الغِرُّ الغُلامُ
وغير قناعك الجَعْدُ السُّخامُ
وأمسى ماء وجهك غاض عنه
فماء شؤونك الفيض السُّجام
وأصبحتِ الظباء مُجانباتٍ
جنابَك مالها فيه بُغامُ
وقد يأْلفْنَنِي ومعي سهامي
فما هذا النِّفار ولاسِهام
أأُوحشها وقد نصلتْ نِبالي
وأُونسها وفي نبلي الحِمام
لياليَ لاتزال لديَّ صرعى
لرشْقي في مقاتلها احتكام
ألا جاد الحيا تلكم ظِباءً
تزيِّنها المقاصرُ لا الخيام
عتُقن فهن من قربٍ مِلاحٌ
ورُقْن فهن من بُعْدِ فِخام
إلى الله الشَّكاة من اللواتي
مساكنُها الرُّصافة لا الرجام
بحيث تجبح الهدي قذما
وهاشم الأكارم لا هشام
مريضاتُ الجفونِ لغير داءٍ
لمن لابسْنَه الداءُ العُقام
سقامُ عيونهن سقامُ قلبي
وقد يهدي السقام لك السقام
أعاذلتي وحَبْلي قد تداعى
وللحبل اتصالٌ وانجِذامُ
كأن مناعمِي حُلمٌ تقضَّى
وأسراري مع الخلل احتلام
كُسيتُ البيضَ أخلاقاً رِماما
فوصْلُ البيضِ أخلاقٌ رِمام
فلا يتشتتنَّ عليك رأيٌ
فما للبيض والبيضِ التئام
بليتُ سوى المشيب غدا جديدا
عليَّ الفدُّ منه والتُّؤامُ
وكنتُ كروضة ٍ للعين أضحَتْ
وما من نورها إلا النَّغام
وعبَّستِ الحِسانُ إلى مَشيبي
فما لثُغورها برقٌ يُشام
وما يُرجَى من البيض ابتسامٌ
لمن أمسى لمفرقه ابتسام
كأن محاسني لم تَضْحَ يوما
وفي لحظاتهنَّ لها اقتسام
كأني لمأر اللمحاتِ نحوي
وفي اللمحاتِ لثْمٌ والتزام
لئن ودعتُ جهلي غير قولي
ألا سُقِيتْ معاهدنا القِدامُ
لقد يهتزلي غصنٌ رطيبٌ
وقد يرتجُّ لي دِعْصٌ ركام
ويسقيني شفاءَ النَّفسِ ثغرٌ
ويسقيني شِفاء الوجْدِ جام
ويُسمعني رقاة الهمِّ شدْوا
تغادر كل يومٍ وهو رامُ
سماعٌ إن أردتَ إدامَ عيش
فذاك من السماع له إدام
عجيبٌ كالحبيب له هناتٌ
بها يُشفَى الجوى وبها يُهام(75/131)
بأخضر جادَهُ طلٌّ ووبْلٌ
وما جرمته بينهما الرِّهام
غوادٍ لاتفرطُ أو سوارٍ
روائمُ لا يزالُ لها رِزام
فوردتُه وشُقْرتُه احمرارٌ
وحُمْرتُه وخَضرتُه ادْهِمَامُ
تقسَّمَ أمره شجرٌ وروضٌ
عليه من زواهره فِدامُ
كساه الغيثُ كِسوتَه فأضحى
له منها ائتزارٌ واعتمام
يظلُّ وللرِّياح به اصطخاب
وللعُجْمِ الفصاحِ به اختصام
وللقُضبِ اللِّدان به اعتناقٌ
وللأنوارِ فيهنَّ التئام
تراهُ إذا تجاوب طائراهُ
تُجاوِبُ عَثْعِثا فيه زُنامُ
حَمامٌ الأيكِ يُسعِدُه هَزارٌ
فدى المُكَّاء ذَيْنَكَ والسَّمام
وأخلاطٌ من الغَرداتِ شتَّى
حواسرُ أو عليهنَّ الكِمام
ألا لا عَيْشَ لي إلا زهيدا
ودونَ لِثام من أهوى لِثام
وكم نادمتُ راحَ الروحِ فاهُ
ولكن خانني ذاك الندام
كأني لم أبِتْ أُسقى رُضاباً
يموتُ به ويحيا المُستهام
تُعلِّلنيه واضحة ُ الثنايا
كأن لقاءها حولا لِمام
تنفّس كالشَّمولِ ضُحى شمالٍ
إذا ما فُضَّ عن فمها الخِتام
وتسقيكَ الذي يشفي ويُدوي
ففي الأحشاء بردٌ واضطرامُ
وقالوا لو أدارَ الراحَ كانت
له عِوَضا وفارقهُ الهُيامُ
فقلتُ مُدامُ أفواهِ الغواني
مُدامٌ لا يعادله مُدامُ
عزاؤك عن شباب نالَ منه
رمانٌ فيه لينٌ واعتزام
فقَبْلكَ قام أقوامٌ قُعودٌ
لريب الدهر أوقعد القيام
وما يَنفَكُّ يَلْقَى الكُرْهَ فيهِ
فِئامٌ قد تَقَدَّمَهُ فِئام
إذا أدار على بني حامٍ وسامٍ
كؤوسا مُرَّة ً حامٌ وسام
نهارٌ شكْلُهُ في اللون سامٌ
وليلٌ شكلُهُ في اللون حام
وهذا الدهرُ أطوارٌ تراها
وفيها الشَّهْدُ يُجنى والسِّمام
فأعوام كأن العام يومٌ
وأيامٌ كأن اليومَ عام
كدأبِ النَّحلِ أرْيٌ أو حُماتٌ
ودأبِ النخلِ شَوْك أو جُرام
ولاتَجزَعْ فصرفُ الدَّهْرِ كلْمٌ
وتَعفية ٌ وإن دَمِيَتْ كِلام
سيُسليك الشبيبة َ أرْيَحِيٌّ
بجودِ يديْه أورقتِ السِّلام
يحُلُّ من المكارم والمعالي
بحيثُ الرأسُ منها والسَّنام
له ذِكرٌ إليها مُستراحٌ
وناحية ٌ إليها مُستنام(75/132)
مُدبِّرُ دولة ٍ وقِوامُ مُلْكِ
كهِمَّتك المدبر والقِوام
يروقك أو يروعك لابظلم
كما يتلوَّن السيفُ الحُسام
يضاحك تارة ويكون أخرى
بحيث تَهُزُّه قصر وهام
فآونة ً لصفحته انبلاجٌ
وآونة ً لشفرته اصطلام
أخو قلم صروفُ الدهر منه
ففيه العيشُ والموتُ الزُّؤام
كتابتُه مناقفة ُ العوالي
وليستْ ما يُرَقِّشه القِلام
ضئيلٌ شأنهُ شأنٌ نبيلٌ
يَطُوعُ لأمره الجيشُ اللُّهامُ
به تَبْدو الصوارمُ حين تَخفى
وتَخفى حين تبدو والخِدام
إذا سكناتُ صاحبه أمَّلتْ
على حركاته سكنَ الأنام
أخو ثقة ٍ إذا الأقلام أضحتْ
بني حِمَّان عَمَّهُمُ الزكام
أمينٌ في معابيه أمونٌ
سليمُ الأنفِ ليسَ به زُكام
تمج الفيء والمعروفَ مجا
وللأقلام حَطْم وانتقام
بكفِّ فتًى له نَفْعٌ وضرٌّ
وإنعامٌ يُؤمَّلُ وانتقامُ
يُقلِّبهُ برأي لاتجزَّا
ولايخبو لقدحته ضرام
وزيرٌ للوزير يرى فيُغني
إذا طرقت مجلِّحة ٌ جُلام
له عزمٌ إذا نفذ ارتياءٌ
وإمضاءٌ إذا وقع اعتزام
فما لعزيمة ٍ منه انفلالٌ
ولا لضريمة ٍ منه اقتحام
ولا في عُقدة ٍ منه انحلالٌ
ولا في عُروة ٍ منه انفصام
متى ما انشامَ في غيبٍ صوابٌ
نعاه ابن الحسين فلا انشيام
يبيت أبو الحسين يرى أموراً
لها في سُدفة ِ الغيب اكتمام
يراه أبو الحسين وإن تَوارى
بعين لا تَكِلُّ ولاتنام
ولولا حَمْلهُ الأثقالَأضحت
ظُهورُ معاشرٍ ولها انحطام
ولكنْ قدْ تَحمَّلها ضليعٌ
له في الخَطْبِ حَزمٌ واحتزام
محمدٌ بنُ أحمد بن يحيى
لأنفِ عدو نعمتِه الرُّغام
وغرس الأصبغي كفاكَ غرسا
إذا غُرِسَ الهشيمُ أو الحُطام
تخيَّره الوزيرُ وزيرَ صدقٍ
وللوزراء خبطٌ واعتيام
فرأفتُه بنا فوق التمنِّي
إذا كثُر التغطرسُ والعُرام
ونائلهُ لنا فلنا اقتراعٌ
على نفحاتِه ولنا استهام
ولاعاتٍ يصولُ على ضعيفٍ
صِيالَ الفيل هاج به اغتلام
نُساسُ ولانُجاس وكم عداءٍ
غدا لمآثم منه النَّدام
وقد نُحدَى كما تُحدَى المطايا
وقد نُرعَى كما تُرعى البِهام(75/133)
فتى ضامتْ يداهُ الدهرَ حتى
تعزَّ به المضيمُ فما يُضام
يزيدُك كلَّما أغليتَ حمدا
به رِبحا وفيه لك انهضامُ
كذا أخلاقُ مُبتاعي المعالي
ترفَّعُ كلما رُفِعَ استيام
يجودُ فجودُهُ كرمٌ ودِينٌ
بعضُ الجودِ بذخٌ أو وئام
تناهبَ مالهُ شرقٌ وغربٌ
ولمَّا يُعفِه يمنٌ وشام
فأصبحَ والثناءُ عليه فرضٌ
على هذا الورى حتْمٌ لِزام
جديرا أن يحوزَ الحمدَ عفواً
إذا ماعزَّ من حَمْدٍ مَرام
بمالٍ لا يُشدُّ عليه عقْدٌ
وجاهٍ لا يُحَلُّ له حِزام
أقامهما لملتمسٍ جَداهُ
كريمٌ للكرامِ به ائتمام
تقاسَمَ وجهُهُ ويداه منه
محاسنَ لا يُعفِّيها القتام
فأقسامُ المكارمِ في يديْهِ
وللوجهِ الوضاءة ُ والقسامُ
فليستْ تُشرقُ الآفاقُ إلا
إذا طلعتْ محاسنه الوِسام
رأى الضّلِّيلُ قَصدَ هُداهُ فيه
وأسهبَ في ممادحه العبام
مكارمُهُ إذا ذُكرتْ جِبالٌ
وكم قومٍ مكارمُهم رِضام
تعوَّدتِ المحامدَ والعطايا
أناملُ منه نائلها انسجام
فليس لها عن الحمدِ انفراجٌ
وليس لها على المالِ انضمام
لبدْأتِهِ حيا ومتى عَرَضْنا
لعودته فليس لها جهام
يُبادِرُ أن يَصِلَّ المالُ حتى
كأنَّ المالَ يملكله لحام
وليس يصِلُّ صفْوُ التبرِ لكن
له في ماله حدٌّ هُذام
وليس أمام نائله عُبوسٌ
وليس وراءه منه نَدام
يُساقِطُهُ النَّدى حتى تراهُ
وليس لجانبٍ منه ادِّعام
ويُمسكهُ الحجا حتى تراه
ومافي جانبٍ منه انثلام
لذلك لاتزالُ له عطايا
لهُنَّ على مؤمِّله ازدحام
كما ليستْ تزال له دواة ً
لداهٍ في مَهالكها ارتطام
وبادي الجهل جَاوَدَهُ فقلنا
متى استعلى على النخلِ البشام
وساهِي العقلِ ناجَدَهُ فقلنا
متى أربى على النبعِ الثُّمام
أما وأبي الحُسينِ فداهُ قومٌ
لهُمْ نِعَمٌ وأكثرهُمْ نعام
لموَّلني إلى أن قال أهلي
أأحلامٌ يُخيِّلُها منام
وقومني إلى أن قام عُودي
فما في متنهِ أودٌ يُقام
برأْيٍ لستُ أبرحُ منه أضحى
وجودٍ لا أزالُ له أُغام
نفتْ جَهلي نُهاه وشيَّبتني(75/134)
لُهاه فها أنا الكَهْلُ الغُلام
فدته النفسُ من بان كريم
مبانيه المكارمُ لا الرُّخام
بني لي همتِي حتى تعالتْ
وكانت مرَّة ً وهي اهتمام
أسائلتي حججت البيت إني
حججتُ فتى المُروءة ِ يا أدام
حججت أبا الحسين وكان حجي
إليه لا يُذم ولا يُذام
أُقبّلُ كفُّهُ وأعلُّ منها
نَدًى يُشْفى به مني الأُوام
فلي من بطن راحته ارتِواء
ولي في ظهر راحته استلام
ظللتُ بمأمنٍ منه حريزٍ
يخيل أنه البيت الحرام
وزمزمُ والحطيم لديَّ منه
هنالك والمشاعرُ والمقام
مقامٌ تُنْشدُ الأمداحُ تَتْرى
ويُرْعى الحقُّ فيه والذِّمام
وكم نِضْوٍ أناخ بها إليه
تضيَّفُها المجادب والسآم
أتَتْهُ تَجوبُ عرضَ الأرضِ جَوْباً
إليه لها خبيبٌ وارتئام
إذا قطعتْ من المَوماة ِ مَرْتاً
من الأمرات ليس به عِلام
وللْيَعْفورِ في الكَزِّ انغماسٌ
وللحِرباء في الضِّحِّ اصْطخام
تطايرَ عن مناسِمِها حصاهُ
وسافرَ عن مشافرها اللُّغام
على ثقة ٍ بأنْ سترى وترعى
ربيعاً للطَّليح به مَسام
وأن ستفيء تامكة الأعالي
كأن سنامها الرعِنُ الخُشام
فوافتْ لا ربيعَ الحولِ لكن
ربيعَ الدهرِ ليس له انصرام
مرادُ معيشة ٍ ومعانُ علم
يدُلُّ على فضيلتِه الزِّحام
معانٌ في مواردِهِ شِفاءٌ
لمن أضحى لعلته احتدام
له العفواتُ من شِعري بعُرْفٍ
إلى العفواتِ منه والجِمام
أخٌ كم باتَ ضيْفي في قِراه
قريرَ العينِ ليس به اعتِمام
وقد أجْممتُهُ زمناً وأنَّى
وليس يُفارقُ البحرَ الجمام
وحُقَّ عليّ إهداءُ اعتذارٍ
وإنْ لم يُهدَ لي منه اتِّهام
إليك أبا الحسين أقودُ قولاً
له من حبلك الألوى خطام
شهدتُ لقد منحتُكَ صفو ودي
ولا لومٌ عليَّ ولا أثامُ
وما قصَّرتُ في التأميلِ كلا
ولا أمسيتَ عن حقي تنامُ
جعلتُكَ قبلة الآمال مني
فهنَّ مُصلياتٌ لاصيام
وكيف تصومُ آمالٌ غِراثٌ
ونائلُك الهنيء لها طعام
طعامٌ لا وخامة َ فيه تُخشى
وفي المعروف أطعمة ٌ وِخام
وكنتُ إذا أنختُ إليك عيسى
وآمالي غراثُ أو عِيام(75/135)
أنختُ بحيث تبيضُّ الأيادي
وتسودُّ المطابخُ والبِرام
خلا أني أهابُكَ لا لسوء
كما تتهَّيبُ البحرَ الهيام
ويملكني حيائي حين تُربي
على شكري دسائِعُك الضِّخام
ألم تر أننا لما التقينا
فغنَّتني صنائعُك الجسام
رأيتُ الشكر قد ضعفت قواه
فشمر للفرار ولا يُلام
وكنتَ الغالب المنصور جندا
إذا لاقى تذمُّمك الذمام
وما تنفك تغلبُ كل شكرٍ
بعُرفٍ ما لعُروته انفصام
وذاك بأن أبيح فليس يُحمى
وليس بأن أعزَّ فما يُرام
وكنتُ إذا نوى المحسانُ ظعنا
عن الحسنى فنيتك المُقام
فإن راثَ اللفاءُ فلا تلمني
فإن تخلُّفي عنك انهزامُ
ووكدُك طرد زَوْرك بالعطايا
كذلك يطردُ الزَوْر الكرامُ
وكم تبعَ المولِّي منك سيبٌ
فلم يُقدرَ له منه انعصامُ
غمامٌ جدَّ في آثارِ سارٍ
أغدَّ سُرى فأدركه الغمام
وهل ينجو من الركبان ناجٍ
وطالبُهُ الغمامُ أو الظلام
شكوتُ نداك لا أن قلَّ لكن
لأن كثرتْ أياديه العظام
وأني قد بعلتُ به فأضحى
كأن مغانمي منه غرام
كما يشكو امرؤ طغيانَ سيلٍ
تساوى الوهدُ فيه والأكام
وما أشكوه منك إلى رحيم
وشكري في ذَراهُ مستضام
وما لمْ تهتضم شكري بطولٍ
فليس ينالني منك اهتضام
ولستَ بمُعتبي من بدء عرفٍ
بغير العود ماسجَعَ الحمام
فعاودْ كيف شئت فلست أشكو
وهل يشكو الندى إلا اللئام
ومامعروفك الممدود عني
بمنقطع إذا انقطع الكلام
خدعتُك وانخداعك لي خليقٌ
على الله الزيادة ُ والتمام
وقلتُ كأنني يوم بسيلٍ
لأعلاه وأسفله التطام
ولم أبْرمْ بعرفك غير أني
برمتُ بحملِ شكرك والسلام
وكم أنطقتني بلُهى توالت
وما صمتي وللقول انتظامُ
وكم أسكتَّني بلهى تغالت
وما نُطقي وللبحر التطامُ
وما ينفكُّ يلحمنا ويجري
ندًى لك لا ينهنهه لجامُ
يُبر فنستكينُ وغيرُ نكرٍ
إذا شُبَّ الجلادُ خبا اللِّطام
وما أعطيتَ إلا ارتاشَ حر
وأطرق والحياءُ له كِعام
تسدُّ فُقورنا وتغضُّ منا
فنستعفي هناك ونُستذام
ونلقى منك محتقر الهاهُ
وحول أخسِّها قدرا يُحام(75/136)
بنًى لاحاتمٌ كان ابتناها
ولا أوسٌ وحارثة ولام
ولكن كسرويٌّ ذو فعالٍ
له بدءٌ وليس له اختتام
فيا عجبي أأستحيي لعجزي
وفيك لأن تسامحني اغتنام
تحب الشكر لا ما كدَّ حرا
بل المجرى يُعاقبه المصام
متى ناقشتَ ذا شكرٍ حسابا
فيدْخلُني من العجز احتشام
ألستَ المرءَ يكرمُ في حياء
كأن صنيعك الحسنَ اجترام
ويكتمُ عُرفهُ فيفوحُ منه
وليس لساطع المسكِ اكتتام
ونبخس شكره فله اغتفارٌ
ونظلمُ ماله فله اظطلام
بلى فسقاكَ ربكَ حيثُ تُسقى
جحاجحة ُ المروءِة ِ لا الطَّغامُ
فقد يُسقى الرجالُ وهم رسومٌ
وقد يُرعى الرجالُ وهم سوامُ
غدا الساعون خلفك في المعالي
كمثلِ الصفّ يقدمهُ الإمام
وسامني الزمانُ رجالَ مجدٍ
فكنتَ نصيّتي فما أُسام
أهلَّة ُ أسعُدٍ ونجومُ يمُن
ولكن بذَّها قمرٌ تمام
ومن يخترك لا يُحمد وأنَّى
وقد هَدى توسُّمه الوسام
وليس وإن عداهُ الحمدُ ممن
يقال لرأيه رأيٌ كهام
وكم متخيرٍ أمرا حميدا
تحلى الحمدُ منه والملام
ولم أك كالتي اختارت فأضحى
من الأسماءِ خيرتُها جُذام
بل اخترتُ الذي الآراءُ طرا
عليه فلا هوًى سرفَ وحام
وحسادٌ سناءَك خاصمونا
وهل في الصبح منبلجا خصام
وقالوا مافضائله فقلنا
هي الحسناتُ مافيهن ذام
وقالوا مافواضله فقلنا
رضاعٌ لا يعاقبه فِطام
صنائعُ في الصنائع سيداتٌ
صنائع من سواه لهن آم
وأفعالٌ يبيت لحاسديه
بها سمرٌ إذ هجعَ النيام
ومعروفٌ له ديوان أصلٍ
وليس عليه من عذلٍ زِمام
فموتوا أيها الحسادُ موتوا
بداءٍ لا يموتُ ولا ينام
ولاتبنوا مقالَ الإفكِ فيه
فليس لما بنى اللَّهُ انهدامُ
منحتُك من حُلى الشعرِ عقدا
غدا لك دُرُّة ُ ولي النظام
وقد قصَّرتُ لا عمدا ولكن
بُهرتُ وعزَّني ملك همام
وما قصَّرتُ قبلكَ في جزاءٍ
ولكنَّ المسامي ليشمام
وكل مطاولٍ لك فهو خافٍ
خفاء الحرف لابسه ادّغام
وبعدُ فليس في ملكي عناقٌ
وكيف بها وما عندي شبام
وما يُخشى على جملي قُلافٌ
ولا يخشى على فرسي صِدام(75/137)
هما نعلانِ جلهما انخراقٌ
إلى خُفين جُلهما انخرام
وقد هجم الشتاء وكم لئيمٍ
عليه الخز والوبر اللوام
وما لاقى امرؤ لاقاك قوما
فقالوا ما وراءك يا عصام
كفاه مسائليه بيانُ نعمى
تكلم كلما عُدمَ الكلام
وكم أغريت بالمرحوم منا
أخا حسد لمرجلهِ اهتزام
فعش للمكرماتِ فليس يُخشى
عليها ما بقيت لها احتزام
أضحى وزيراً أبو يَعْلى وحُقَّ له
بعد المشارطِ والمقراضِ والجلم
قد قال قومٌ وغاظتهم كتابتُه
لو شئت ياربِّ ما علَّمتَ بالقلمِ
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أسايَ أسى يومِ التفرقِ وحدهُ
أسايَ أسى يومِ التفرقِ وحدهُ
رقم القصيدة : 62063
-----------------------------------
أسايَ أسى يومِ التفرقِ وحدهُ
ولكنَّ شوقي شوقُ فُرقة ِ أعوام
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إن يخدم القلمَ السيفُ الذي خضعتْ
إن يخدم القلمَ السيفُ الذي خضعتْ
رقم القصيدة : 62064
-----------------------------------
إن يخدم القلمَ السيفُ الذي خضعتْ
له الرقابُ ودانت خوفه الأممُ
فالموتُ والموتُ لاشيءٌ يغالبُهُ
مازال يتبع مايجري به القلمُ
كذا قضى الله للأقلامِ مذ بُريتْ
أن السيوفَ لها مذ أُرهفتْ خدمُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبا العباسِ عُمِّرتَ
أبا العباسِ عُمِّرتَ
رقم القصيدة : 62065
-----------------------------------
أبا العباسِ عُمِّرتَ
صحيحَ الرأي والجسمِ
ولازلتَ من الخيرا
تِ طُرا وافرَ القسمِ
توعَّدتُ بك الدهر
فأعطى بيد السلم
وأعفى بالتي أهوى
وباعَ الجهل بالحلم
فيا بابي إلى المال
ويا بابي إلى العلم
أدِمْ عزمك في أمري
على ماكان في القِدم
فما في عودتي يوما
إلى فضلكَ من إثم
وما الحكرة ُ بالحِل
ولا المِسكة ُ بالحِرم
كفافُ العيش كالعرس
وفضلُ العيشِ كالحلم
وما للكهل والفضل
إذا عضَّ على جِذم
وزادت قوة ُ الرأي
وبادتْ قوة ُ الجُرم
كفى مثلي كفى مثلي
من الهجمة ِ بالصّرم
بلى أبكي لأن أصبح
تُ من قدريَ في هِدم
ولي ظرفٌ ولي رأيٌ(75/138)
وثيقٌ كعُرا العِكم
أترضى أن ترى الدهر
وما نوَّه لي باسم
وفي لطفك طلَسمٌ
بحالي أيُّ طِلسم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> الحمدُ لله الذي
الحمدُ لله الذي
رقم القصيدة : 62066
-----------------------------------
الحمدُ لله الذي
أدى ركابكَ سالما
لازلت في قبحٍ إلى
دعة ٍ وأمن قادما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ودرعٍ إذا أنا أسملتُها
ودرعٍ إذا أنا أسملتُها
رقم القصيدة : 62067
-----------------------------------
ودرعٍ إذا أنا أسملتُها
وقتْني وإن أحمها أُكلمِ
هو المالُ إن أُعطه أهلهُ
يفِرْني وإن أُعفه أُذمم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يقولُ علني مرة ً وأنالني
يقولُ علني مرة ً وأنالني
رقم القصيدة : 62068
-----------------------------------
يقولُ علني مرة ً وأنالني
وكان عليا في معانيه كاسمِهِ
أرى فضلَ مالِ المرءِ داء لعرضه
كما أن فضل الزادِ داءٌ لجسمه
فليس لفضل المال شيءٌ كبذله
وليس لداءِ العرضِ شيءٌ كحسمه
فرحتُ برفديه ومازلتُ رائحا
برفدين شتى من نداهُ وعلمه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ياليت شعري حين فارقتكم
ياليت شعري حين فارقتكم
رقم القصيدة : 62069
-----------------------------------
ياليت شعري حين فارقتكم
هل أخذ البصري في حَطْمي
أم هلْ حماهُ غيبتي سيدٌ
يحْمي إذا ماقلَّ من يَحْمي
قُولا له إن كان لا ينتهي
عن أكل لحمي طالبا عظمي
مائدة ُ السيد مشحونة ٌ
تُغنيك باللُّحمان عن لحمي
فإن أبيتَ السلم فاعزم بنا
فإن حربي في قفا سِلمي
أضربُ من يضربُني سادراً
وتارة أرمي الذي يرمي
فلْيخْشَ مني من دنا مُنْصُلي
وليخش مني من نأي سهمي
ولستُ بالظالم إخوانَه
لكنني أمنع من ظُلمي
سيفي لساني والهدى قائدي
والحقُّ محتجٌّ على خَصمي
أعذر من أنذر فليحتنِكْ
غِرٌّ وعزمي بعدها عزمي
فلا يشِم عِرضي على غرَّة
من لا ينافي وشْمُهُ وشمي
وسَوْسي الحلمَ ويا ربما
أصبح يحكي كَلْمُهُ كلمي
قد جعل الله الذي سبَّني(75/139)
شيخا يتيما وأبى يتمي
فامسح بكفِّ الرُّحم يافوخه
وادعُ بأن يُدركه رُحْمِي
فرُب ذي حَيْنٍ غدا حينُهُ
مستملحا في جلده رقمي
أشْعرتُه من قَذعي مُرْمضاً
صار به الحائنُ طِلْسَمِي
أضحى لمن أبصرهُ آية ً
تبصر الآية أو تُعمي
وناثرٍ أعجبه نثْرهُ
أذهلهُ عن نثره نَظْمِي
وسار محمولاً على مَنْطِقِي
يجري عليه صاغراً حُكمي
نقيصة ٌ في الشعر من ذكره
أقبحُ في شِعْري من خرم
يارويحَ حسَّادي وياويلُهم
من ذا أراهم قسْمَهُمْ قَسْمي
ثعالبٌ أطمعها حَتْفُها
في قَسْورٍ لَحْظَتُه تُصْمي
أحلف بالله وآلائه
مافهم الزاري على فهمي
أعَيْنُ أعدائي على غيبهم
طلائعي تُوحي إلى وهمي
فكيف لا أعرف أضغانهم
مع الأقاويل التي تَنْمِي
فريسة ُ الليثِ له وحدَهُ
فلْيَبْأسِ الجاهلُ من غَشْمِي
ورُبَّما كَفْكَفَ من غايتي
بطش لساني ويدَيْ علمي
إنّي بنانِي من بنى يَذْبُلاً
فليس تستطيع يدٌ هَدْمِي
وإنني مازلتُ مُسْتَحْسِناً
مَغْفِرتي مُسْتقبِحاً نَقْمي
والحزمُ في نَقْمي ولكنني
أُوثرُ إحساني على حزمي
فلْيقُلِ البصْريٌّ ما يَشْتهي
سوّغْتُه المعسولَ من طَعمي
سوّغْتُه القولَ ولو أنه
يُعرِّقُ الجبهة َ أو يُدْمي
ولايَخَلْها جاهلٌ نُهْزَة ً
فلا يُمْهِلُ داءه حَسمي
قد يَفْرقُ المجنون من كَيَّتي
ويصعقُ العِفريت من رجمي
ولو نجا أقْسمَ لا يأتلي
إنْ ما رأى أثقبَ من نَجْمي
لولا قضاءُ الله في مَعْشرٍ
ماطمع الطامِعُ في هَضْمي
طُفْتُ بأكنافك لاهاجماً
وداءُ عمروٍ أمّنهُ هَجْمي
وليس شأْني الجهلَ لكنني
قد يَقْدَحُ الإحراجُ في حِلْمي
واعلم إذا استخفَفْت بي أنه
قد تَحْقِر الشيءَ وقد ينمي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أفيضا دماً إنَّ الرزايا لها قِيَمْ
أفيضا دماً إنَّ الرزايا لها قِيَمْ
رقم القصيدة : 62070
-----------------------------------
أفيضا دماً إنَّ الرزايا لها قِيَمْ
فليس كثيراً أن تَجُودَا لها بِدمْ
ولاتستريحا من بُكاء إلى كرًى(75/140)
فلا حمد مالم تُسعداني على السأم
ويا لذة العيشِ التي كنتُ أرتضي
تقطَّعَ مابيني وبينكِ فانصرمُ
رُميتُ بخطٍ لا يقومُ لمثلهِ
شرَوْرَى ولارَضْوَى ولا الهَضْبُ من خيم
بأنكر ذي نُكرْ وأقطعَ ذي شباً
وأمقر ذي طعم وأوخم ذي وَخَمْ
رزيئة ِ أمٍّ كنتُ أحيا بِرُوحِها
وأستدفعُ البلوى وأستكشفُ الغُمم
وما الأمُّ إلاَّ إمَّة ٌ في حياتها
وأمٌّ إذا فادتْ وما الأمُّ بالأمَم
بنفسي غداة َ الأمسِ من بانَ مِنْ غدٍ
وبتَّ مع الأمسِ القرينة فانجذم
ولما قضى الحاثونَ حَثْوَ ترابِهم
عليها وحالتْ دونها مِرَّة الوذم
أظلَّتْ غواشي رحمة ِ الله قبرَها
فأضحى جناباهُ من النارِ في حرم
أقولُ وقد قالوا أتبكي كفاقدٍ
رضاعاً وأين الكهلُ من راضع الحلم
هي الأُمُّ يا للنَّاسِ جُرِّعتُ ثُكْلَها
ومن يبك أُمًّا لم تُذَم قَطُّ لا يذَم
فقدتُ رضاعاً من سُرورٍ عهدتُها
تُعللِّنيه فانقضى غيرَ مستتم
رضاعُ بناتِ القلبِ بان بِبَيْنِها
حَمِيداً وما كُلُّ الرَّضاعِ رضاعُ فم
إلى الله أشكو جهد بلواي إنه
بمستمعِ الشكوى ومُستَوهب العصمْ
وإني لم إيتم صغيرا وإنني
يتمتُ كبيراً أسوأ اليُتْم واليَتم
على حين لم ألق المصيبة جاهلاً
ولا آهلاً والدَّهرُ دهرٌ قد اعترمْ
أُقاسي وصِنْوي منه كلَّ شديدة ٍ
تُبرحُ بالجَلْدِ الصَّبورِ وبالبرم
خَلِيلَّي هذا قبرُ أمي فورِّعا
من العَذْل عني واجعلا جابتي نَعم
فما ذَرفْت عيني على رسمِ منزلٍ
ولاعكفَتْ نفسي هناك على صنم
خليليَّ رِقّا لي أعِينا أخاكما
نَشَدْتُكما مَنْ تَرْعيانِ مِنَ الحُرم
أمِنْ كَرَى الشكوى تَمَلاَّني جُزْتُما
سبيل اغتنامِ الحمد والحمدُ يُغْتنَم
فكيف اصطباري للمُصابِ وأنتما
تَمَلاَّنِ شكواهُ وفي جانبي ثَلم
عجبتُ لذي سمع يملُّ شِكاية ً
ويعجبُ من صَدْرٍ يضيقُ بما كظم
ألا رُبَّ أيام سَحَبْتُ ذُيولَها
سليماً من الأرزاء أملسَ كالزُّلم
أُرشِّحُ آمالاً طِوالاً وأجتني
جنى العيشِ في ظل ظليلٍ من النِّعم(75/141)
ولو كنتُ أدْرِي أنَّ ماكانَ كائنٌ
لقُمْتُ لِرَوْعاتِ الخُطوب على قدم
غدا الدهرُ لي خصماً وفى مُحَكَّماً
فكيف بخصم ضالع وهْو الحَكَم
يجُورُ فأشكو جَورْهُ وهْو دائباً
يرى جَوْرهُ عدلاً إذا الجورُ منه عم
عذيريَ من دهرٍ غشوم لأهله
يرى أنَّه إذْ عمَّ بالغَشْمِ ماغَشَم
غدا يَقْسمُ الأسواءَ قَسْمَ سويَّة ٍ
وماعَدْلُ من سوَّى وسوّاءُ ماقسم
تعُمُّ ببلواهُ يد منه سُلْطة
يصول بها فظٌ إذا اقْتَدَرَ اهْتَضَم
وليستْ من الأيدي الحميد بلاؤها
يدٌ قسمتْ سُوءاً وإن سوّتِ القَسَمْ
أمالَ عُروشي ثم ثنَّى بَهدْمِها
وكم من عُروشٍ قد أمال وقد هَدَم
وأصبح يُهدي لي الأسى متَنَصِّلاً
فمِنْ سُوقة ٍ أرْدَى ومِن مَلِكٍ قصم
وإنِّي وإنْ أهْدى أُساه لساخطٌ
عليه ولكن هل من الدهر منتقم
هو الدهرُ إمَّا غابطٌ ذا شبيبة
بإحدى المنايا أو مُمِيتٌ أخا هرم
كأنَّ الفتى نصبَ الليالي بنية ٌم أفيضا دماً إنَّ الرزايا لها قِيَمْ
فليس كثيراً أن تَجُودَا لها بِدمْ
ولاتستريحا من بُكاء إلى كرًى
فلا حمد مالم تُسعداني على السأم
ويا لذة العيشِ التي كنتُ أرتضي
تقطَّعَ مابيني وبينكِ فانصرمُ
رُميتُ بخطٍ لا يقومُ لمثلهِ
شرَوْرَى ولارَضْوَى ولا الهَضْبُ من خيم
بأنكر ذي نُكرْ وأقطعَ ذي شباً
وأمقر ذي طعم وأوخم ذي وَخَمْ
رزيئة ِ أمٍّ كنتُ أحيا بِرُوحِها
وأستدفعُ البلوى وأستكشفُ الغُمم
وما الأمُّ إلاَّ إمَّة ٌ في حياتها
وأمٌّ إذا فادتْ وما الأمُّ بالأمَم
بنفسي غداة َ الأمسِ من بانَ مِنْ غدٍ
وبتَّ مع الأمسِ القرينة فانجذم
ولما قضى الحاثونَ حَثْوَ ترابِهم
عليها وحالتْ دونها مِرَّة الوذم
أظلَّتْ غواشي رحمة ِ الله قبرَها
فأضحى جناباهُ من النارِ في حرم
أقولُ وقد قالوا أتبكي كفاقدٍ
رضاعاً وأين الكهلُ من راضع الحلم
هي الأُمُّ يا للنَّاسِ جُرِّعتُ ثُكْلَها
ومن يبك أُمًّا لم تُذَم قَطُّ لا يذَم
فقدتُ رضاعاً من سُرورٍ عهدتُها(75/142)
تُعللِّنيه فانقضى غيرَ مستتم
رضاعُ بناتِ القلبِ بان بِبَيْنِها
حَمِيداً وما كُلُّ الرَّضاعِ رضاعُ فم
إلى الله أشكو جَهْد بلواي إنه
بمستمعِ الشكوى ومُستَوهب العصمْ
إني لم إيتم صغيرا وإنني
يتمتُ كبيراً أسوأ اليُتْم واليَتم
على حين لم ألق المصيبة جاهلاً
ولا آهلاً والدَّهرُ دهرٌ قد اعترمْ
أُقاسي وصِنْوي منه كلَّ شديدة ٍ
تُبرحُ بالجَلْدِ الصَّبورِ وبالبرم
خَلِيلَّي هذا قبرُ أمي فورِّعا
من العَذْل عني واجعلا جابتي نَعم
فما ذَرفْت عيني على رسمِ منزلٍ
ولاعكفَتْ نفسي هناك على صنم
خليليَّ رِقّا لي أعِينا أخاكما
نَشَدْتُكما مَنْ تَرْعيانِ مِنَ الحُرم
أمِنْ كَرَى الشكوى تَمَلاَّني جُزْتُما
سبيل اغتنامِ الحمد والحمدُ يُغْتنَم
فكيف اصطباري للمُصابِ وأنتما
تَمَلاَّنِ شكواهُ وفي جانبي ثَلم
عجبتُ لذي سمع يملُّ شِكاية ً
ويعجبُ من صَدْرٍ يضيقُ بما كظم
ألا رُبَّ أيام سَحَبْتُ ذُيولَها
سليماً من الأرزاء أملسَ كالزُّلم
أُرشِّحُ آمالاً طِوالاً وأجتني
جنى العيشِ في ظل ظليلٍ من النِّعم
ولو كنتُ أدْرِي أنَّ ماكانَ كائنٌ
لقُمْتُ لِرَوْعاتِ الخُطوب على قدم
غدا الدهرُ لي خصماً وفى مُحَكَّماً
فكيف بخصم ضالع وهْو الحَكَم
يجُورُ فأشكو جَورْهُ وهْو دائباً
يرى جَوْرهُ عدلاً إذا الجورُ منه عم
عذيريَ من دهرٍ غشوم لأهله
يرى أنَّه إذْ عمَّ بالغَشْمِ ماغَشَم
غدا يَقْسمُ الأسواءَ قَسْمَ سويَّة ٍ
وماعَدْلُ من سوَّى وسوّاءُ ماقسم
تعُمُّ ببلواهُ يد منه سُلْطة
يصول بها فظٌ إذا اقْتَدَرَ اهْتَضَم
وليستْ من الأيدي الحميد بلاؤها
يدٌ قسمتْ سُوءاً وإن سوّتِ القَسَمْ
أمالَ عُروشي ثم ثنَّى بَهدْمِها
وكم من عُروشٍ قد أمال وقد هَدَم
وأصبح يُهدي لي الأسى متَنَصِّلاً
فمِنْ سُوقة ٍ أرْدَى ومِن مَلِكٍ قصم
وإنِّي وإنْ أهْدى أُساه لساخطٌ
عليه ولكن هل من الدهر منتقم
هو الدهرُ إمَّا غابطٌ ذا شبيبة
بإحدى المنايا أو مُمِيتٌ أخا هرم(75/143)
كأنَّ الفتى نصبَ الليالي بنية ٌه
بمُصْطَفِق من موج بحْر ومُلْتَطم
تقاذفُ عنها موجة ٌ بعد موجة
إلى موجة ٍ تأتي ذُراها من الدِّعم
كذاك الفتى نَصْب الليالي يمُرها
إلى ليلة ٍ ترمي به سالفَ الأُمم
فيا آملاً أن يَخْلُدُ الدَّهرَ كُلَّهُ
سلِ الدهرَ عن عادٍ وعن أختها إرم
يُخَبِّرك أنَّ الموتَ رَسْمٌ مؤبد
ولن تعدو الرسمَ القديم الذي رسَمَ
رأيتُ طويلَ العُمْرِ مثلَ قصيرهِ
إذا كان مُفْضاه إلى غاية ٍ تُؤم
وما طولُ عمر لا أبا لك ينقضي
وماخيرُ عيشٍ قصُر وجدانه العدم
ألا كلُّ حيٍّ ماخلا الله مَيِّتٌ
وإن زعمَ التأميلَ ذو الإفك مازعم
يروحُ ويغدو الشيء يُبنَى فربمّا
جنى وهْيَهُ الباني وإن أُغْفِلَ انهدم
إذا أخطأتْهُ ثُلمة ٌ لا يجرُّها
له غيرهُ جاءتْه من ذاته الثُّلمَ
تُضَعْضِعُهُ الأوقاتُ وهْي بقاؤهُ
وتغتاله الأقواتُ وهْي له طُعمَ
فيا مَنْ يُداوي مايَجُرُّ بقاؤهُ
فناءَ وما يُفذي به فيه قديسُمّ
جَشِمْتَ عناءً لاعناءَ وراءهُ
فدعْ عنكَ ما أعيا ولاتَجْشَم الجُشَم
سقى قبلكَ الساقي وأسْعَطَ بل كوى
ليحسمَ أدواءَ القُرونِ فما حَسَمْ
إذا ما رأيتَ الشيء يُبليهِ عُمْرُهُ
ويُفنيه أن يَبْقى ففي دائه عقم
يروحُ ويغدو وهْو من موتِ عبْطة ٍ
وموتِ فناءٍ بين فكَّين من جلم
ألا إن بالأبصار عن عِبرة ٍ عمًى
ألا إن بالأسماعِ عن عِظة ٍ صمم
تُحِدُّ لنا أيدي الزمانِ شِفاره
ونرتع في أكْلائِه رَتْعَة َ النّعَم
نُراعُ إذا ما الدهرُ صاح فنَرْعوِي
وإن لم يَصِحْ يوماً براتعنا خضم
سيُكشفُ عن قلبِ الغبيِّ غطاؤه
إذا حتفُه يوماً على صدره جثم
ألا كم أذلَّ الدهرُ من متعزز
وكم زمَّ من أنف حَميٍّ وكم خطم
وكم ساور العقبانَ في اللؤم صرْفُه
وكم غاوصَ الحيتانَ في زاخر الحُوَم
وكم ظلم الظِّلمانَ حق صحاحِها
ومثُل خصيم الدهرِ أذعنَ واظَّلم
وكم غلبتْ غلبَ القُيول هناتُه
ولم تُقْتَبَسْ من قبلِ ذاك ولم تُرمَ
وكم نَهش الحيّاتِ في هضباتِها(75/144)
وكم فرس الأُسدَ الخوادِرَ في الأجم
وكم أدرك الوحش التي لجَّ نَفْرُها
يغُورُ لها طَوْراً ويطَّلعُ الأكم
وكم قعصَ الأبطالَ إمّا شجاعة ً
وإمَّا بمقدارٍ إذا اضطرَّهُ اقتحم
وكم صالَ بالأملاكِ وسْطَ جنودِها
وأخنى على أهلِ النُّبوّاتِ والحِكم
وكم نعمة ٍ أذوى وكم غبطة ٍ طوى
وكم سند أهوى وكم عُرْوة ٍ فصمْ
وكم هدَّ من طَوْد مُنيف عانهُ
وكم قضَّ من قَصْرٍ مُنيفٍ وكم وكم
أرى الدهرَ لا يبقى على حدثانه
شعيبُ الأعالي جَهْوَرِيٌّ إذا بغم
جريءٌ على العُرمِ العوارمِ لا يني
كأن ذُعافَ السُّم يشْفيهِ من قرم
إذا احترش الأفعى بمرجوع نفخة
دهاها بأضراسٍ حِداد أو التهم
مُعِدٌّ عتاديْ هاربٍ ومُقاتلٍ
متى كرّ يوما كرة ً أو متى انهزم
قُرونٌ كأرماح الهياج شوائك
وآونة ً شدٌّ يجمُّ إذا انهزم
رعى مارعى حتى رمى الحيْنُ نفسهُ
بحتف فما أنبا هناك ولاشرم
أدلَّ بقَرْنَيْهِ فلاقاه ناطحٌ
مِنَ الدَّهرِ غلاَّبٌ فسوَّاهُ بالأجم
ولانِقنِقٌ خاظي البضيع صمحمح
من الآكلات النار تأتجُّ في الفَحمْ
يصومُ فلا يحوي ويملأ بطنَهُ
بماشاء من زاد ولا يرهَبُ البشمْ
ويبلغ أفلاذَ الحديدِ جوامداً
فيسْبكها في قعرِ كيرٍ قد احتدم
ويشترط المرو الركودَ كأنما
يراه طعاما قد أُعِدَّ له لُقَم
ويتخذ التَّنَوُّم والشرْيَ مرتعاً
فيخذم مِنْ هذا وهذاك ماخَذَم
ترامتْ به الأحوالُ حتى بَنَيْنَهُ
نهاراً وليلاً بِنية َ الفحل ذي القطم
من العادياتِ الطائراتِ إذا نجا
بَصُرْتَ به بين النجاءيْن مُقْتَسم
إذا شبَّ منها جاد ماهو قادحٍ
بِزَنْدَيْهِ من شدٍّ تَلَهَّبَ فاطَّرم
جناحانِ خفَّاقانِ مُحَثْحثاً
ورِجلان لاتَسْتَحْسِران إذا اعتَزَمْ
نجا ما نجا حتى ابتغى الدهرُ كَيْدَه
فدس إليه العَنْقفير ابنة الرَّقم
ولاقسورٌ إن لم يجد مايكُفُّهُ
من الصَّيدِ أضحى والسباعُ له لحم
عليه الدماءُ الجاسداتُ كأنَّما
مواقعُها منه المُدمَّى من الرَّخم
إذا ما اغتدى قبل العطاسِ لصيده(75/145)
فللمغتدِي تلقاءه عطسة ُ اللَّجم
أتاحت له الأحداثُ منهنَّ قِرنَهُ
كفاحاً فلم يكدح بِظُفْرٍ ولاضغم
وقد كان خطاف الخطاطيف ضيغما
إذا ساهم الأقرانَ عن نفسهِ سَهَم
ولا أعصلُ النابَيْنِ حامل مَخْطِم
به حَجَنٌ طوراً وطوراً به فقم
يُقلِّبُ جُثماناً عظيماً مُوَثَّقا
يهدُّ برُكنَيْهِ الجبالَ إذا مازحم
ويسطو بخُرطوم يثنِّيه طوعَهُ
ومتشبهاتٍ ما أصابَ بها غنم
ولست ترى بأساً يقومُ لبأسهِ
إذا أعملَ النَّابيْنِ في البأسِ أو صدم
بقى مابقى حتى انتحى الدَّهرُ شخصهُ
فلم ينتصر إلا بأنْ أنَّ أو نأم
هوى هائلَ المَهْوَى يجُودُ بنفسه
تخالُ به قيداً تقوَّضَ مِنْ إضم
مضيماً هضيماً بعدَ عِزّ ومَنْعة
ومن ضامَهُ مالا يطاق ولم يُضَم
ولاصِلُّ أصْلالٍ يبيت مُراقباً
بنْهشَتِهِ مقدارَ نفس متى يُحَمْ
يشول بأنيابٍ شواها مقاتِلٌ
يُقَطِّرُ من أصرافها السّمَّ كالدَّسم
زَحوف لدى المُمسي كأنّ سحيفهُ
إذا انساب في جنْح الظلام نَشيشُ حم
يميزُ المنايا القاضياتِ سِمامهُ
من الرقْش ألواناً أو السُّودِ كالحُمَم
أتاه وقد ظن الحِمام شقيقه
حَمامٌ ولاقى لا شقيقاً ولا ابن عم
سقاه بكأس كان يَسْقي بمثلها
إذا ما سقى السَّاقي بأمثالها فطم
كمينُ ردى ً في جسمه أوْ مُبارِزَ
نجيدٌ من الأقران غادره جِذمْ
ولا لِقوة شعواء تُلحم فرخها
خداريَّة ٌ شمَّاء في شاهق أشم
بكورٌ على الأقناص غيرُ مُخلَّة
كأنَّ بها في كل شارقة ٍ وجَم
تبيتُ إذا ما أحجر القُر غيرَها
تُرَقْرِقُ رفْضَ الطَّلِّ في رِيشها الأحم
تعالت عن الأيدي العواطي وأُعطيتْ
على الطيرِ تفضيلاً فأعطينْها الرُّمَم
سما نحوها خَطْبٌ من الدهرِ فاتِكٌ
فطاحت جُبارا مثل صاحبها درم
ولا غَرِق ناجٍ من الكرب عَيْشُهُ
بحيث يكون الموت في الأخضر القطم
سبوحٌ مروجٌ رعيهُ حيثُ وِرْده
رغيبُ المِعا مهما استُطِفَّ له التقم
مُجَوْشَنُ أعلى الجِلدِ غيرُ محمَّل
سلاحاً سوى فيه ومِزْودِهِ اللَّهم(75/146)
نفتْ جِلَّة َ الحيتان عنه شذاتُه
وخُلِّي في مَرْعًى من الوحشٍ والقزمْ
إذا أوْجس النُّوتيُّ يوماً حَسِيسهُ
وقد عارض البوصيُّ شمَّرَ واحتزم
أتيحَ له قِرنٌ من الدهر لم يكن
لِيَنْكُلَ عن أهوال يمٍّ ولا ابن يم
فألقاهُ في مَنْجى السَّفينِ وإنما
بحيثُ يشمُّ الرُّوحَ ركبانُها يُغم
لقى طافياً مثلَ الجزيرة ِ فوقهُ
أبابيل شتى من نسورٍ ومن رخم
ولاملكَ لامجدَ إلا وقد بنى
ولا رأسَ سامي الطَّرفِ إلا وقد وقم
تياسرهُ الأشياءُ منقادة ً له
فإن عاسرتْهُ مرة ً خَشَّ أو خَزَم
إذا سارَ غُضَّتْ كُلُّ عينٍ مهابة ً
وأُسكتَتِ الأفواهُ مِنْ غيرِ مابكم
سوى صَهلاتِ الخيلِ في عُرض جحفل
له لجبٌ يسترجفُ الأرض ذي هزم
كأنَّ مُثارَ النقع فوقَ سوادِهِ
سحابٌ على ليلٍ تَطَخْطَخَ فادْلهمّ
وإن حلَّ أرضاً حلها وهو قادرٌ
على البؤس والنُّعمى فأهلك أوعصم
ترى خرزاتِ المُلْكِ فوق جبينِهِ
تلوح عليه من فُرادَى ومن تُؤم
طواه الردى من بعدما أثخن العدا
وقوَّمَ من أمرَيْهِ ذا الزيغِ والضَّجم
قد أمِنَ الأيام أن تَخْتَرِمْنَهُ
وبُرِّئتِ الدنيا لديه من التُّهَم
رمى حاكمُ الحكامِ مُهجة َ نفسه
بحكم له ماضٍ فدانتْ لمَا حَكم
ولا مُرْسَلٌ بالوَحْي مليكه
سِراجاً منيراً نورُهُ الساطعُ الأتم
له دعوة ٌ يشْفي بها من شكى الضَّنى
ويرزُقُ من أكدى ويُنْعِشُ من رزمْ
هو الرزْءُ لا يسْطيعُ نَهضاً بثِقلهِ
سوى ابنِ يقينٍ عاذ بالله واعتصم
تَمَثَّلْتُ أمثالي مُعيداً ومُبدئاً
فما اندمَلَ الجُرحُ الذي بي ولا التأم
وكم قارعٍ سمعي بوعظٍ يُجيدُه
ولكنَّهُ في الماء يرْقُمَ ما رقم
إذا عاد ألفى القلبَ لم يَقْنِ وَعْظَهُ
وقد ظنَّهُ كالوحي في الحجرِ الأصم
وكيف بأن يقْنى الفؤادُ عظاة
وقد ذابَ حتى لو تَرَقْرَقَ لانسجم
وهل راقم في صفحة ِ الماء عائد
ليقرأ ماقد خطَّ إلا وقد طسم
أحاملتي أصبحتِ حِملاً لحُفْرة
إذا حَمَلَتْ يوماً فليس لها قَتَم(75/147)
أحاملتي أسْتَحْمِلُ الله رَوْحة ً
إلى تلكمُ الروح الزكية والنَّسم
أَمُرْضِعَتي أسترضِعَ الغيثُ دِرَّة ً
لرَمْسِكِ بل أستغزِرُ الدمعَ ماسجم
وإنِّي لأستحييكِ أن أطلبَ الأَسى
لأسلى ولو داويتُ جُرْحيَ لم أُلم
حِفاظاً وهل لي أُسْوة ٌ لوْ طلبتُها
ألا لا وهل من قِيمة لك في القِيم
وإني لأستحييك أن أنقع الصَّدى
وأن أتحبَّى بالنسيم إذا نسم
أأستنشق الأرواح بعدك طائعاً
وأشربُ عذبُ عذبَ الماء إني لذونهم
وإني لأستحييك يا أم أن يرى
قريني إلا من بكى لك أو وجم
وأن أتلهَّى بالحديث عن الأسى
وألقى جليسي بابتسامٍ إذا ابتسم
أأمْرحُ فوق الأرض يا أمُّ والثرى
عليكِ مهيلٌ قد تطابقَ وارتكم
أبى ذاك من نفسي خَصِيمٌ مُنازعٌ
ألدُّ إذا جاثى خصيماً له خَصَمْ
حفاظي خَصيمي عنكِ يا أمُّ إنه
أبى لي إلا الهمَّ بعدك والسَّدَم
عزيزٌ علينا أن تَموتِي وأننا
نعيش ولكن حُكِّم الموتُ فاحتكم
ولو قَبِلَ الموتُ الفداء بذلتُهُ
ولكنما يَعْتامُ رائدُهُ العِيم
أيا موتُ ما أسلمتُها لك طائعا
هواك فمالي زَفرتِي زفرة ُ الندم
سأبكي بِنَثْرِ الدمع طوراً وتارة ً
بنظم المراثي دائمَ الحُزْنِ والوَكم
وتُسعِدُني نفسٌ على ذاك سَمْحة ٌ
بما نثر الشجوُ الدخيلُ ومانظم
لأنْفيَ نَوْمي لا لأشفي غُلَّتي
على أنَّ عيني مُذْ فقدتُكِ لم تنم
ولو نظرْت عيْناكِ يا أمُّ نَظْرة ً
إلى ماتوارى عنك مِنِّيَ واكتتم
فقِسْتِ بما ألقاهُ ماقد لقيته
شهدتِ بحق أنَّ داهيتي أطم
وكم بين مكروه يُحَسُّ وقوعهُ
وآخرَ معدوم الإطاقة واللَّمم
يُحسُّ البلى مَيْتُ الحياة ولم يكن
يُحِس البلى مَيْتُ الممات إذا أرم
ألا من أراه صاحباً غيرَ خائنٍ
ألا من أراهُ مُؤنِساً غيرَ مُحْتَشَمص ألا من تليني منه في كُلِّ حالة ٍ
أبرُّ يدٍ برَّتْ بذي شعثٍ يُلمع فيُفْرجُ عنِّي كُلَّ غمٍّ وكُلَّ همص نبا ناظِري يا يُّم عن كُلِّ مَنظرٍ
ألا من إليه أشتكي ما ينوبني
وسَمْعِي عن الأصوات بعدك والنغم(75/148)
وأصبحتِ الآمالُ مُذْ بِنْتِ والمنى
غوادر عندي غير وافية ِ الدِّممْ
وصارمتُ خِلاَّني وهُمْ يَصلونَني
وقد كنتُ وصَّالَ الخليل وإن صرم
وآنسني فقدُ الجليسِ وأوْحَشتْ
مشاهِدُه نفسي ولم أدر ما اجترم
سوى أنه يدعو إلى الصبرِ واعِظاً
فإن لجَّ مابي لجَّ في العَدْلِ أو عذم
ولو أنَّني جمَّعْتُ وعِظي ووعظهُ
ليَشْعَبَ صَدْعاً في فؤادي لما التأم
وإني وقد زوَّدتني منكِ لوْعة
لها وقْدة في القلبِ كالنارِ في الضرم
يريد المُعزّي بُرء كَلْمِي بوَعْظهِ
ولم يكُ غيرُ الله يُبرىء ماكَلَم
هو الواهِبُ السلوانَ والصبرَ وحْدَهُ
لذي الرُّزْءِ المُهْدِي الشِّفاء لذي السقم
ولست أُراني مُذْهلي عنكِ مُذْهِلٌ
يد الدهر إلا أخذة ُ الموتِ بالكظم
هُناك ذُهولي أو إذا قيل قد قضى
وإلاَّ فلا ماطاف ساعٍ أو استلم
وسوَّيْتِ عندي عُرفَ دَهرِي بِنُكره
فأضحى وأمسى كلما أحسن استذم
أرى الخيرة َ المهداة ِ لي منه عبْرة ً
ونِعمتُه المسداة ُ من واقع النِّقم
أتبهجُنِي نعماءُ دهرٍ حماكها
وأشكر ما أعطى وأنت الذي حرم
أبى ذاك أن الخير بعدك حسرة
لديّ ومعدود من المِحَنِ العظم
فقدناكِ فاسْوَدَّتْ عليكِ قلوبُنا
وحُقَّتْ بأن تسودَّ وابيضَّتْ اللِّمَم
وأظلمتِ الدنيا وباخ ضياؤها
نهاراً وشمسُ الصَّحوِ حَيْرى على القمَم
وأجدبتِ الأرضُ التي كنتِ روضة ً
عليها وأبدتْ مَكْلحاً بعد مُبْتَسم
ومادتْ لك الأجبال حتى كأنما
شواهقها كان بِمحياك تُدَّعمْ
وأصبحَ يبْكيكِ السحابُ مُجاوِداً
فأرزم إرزامَ العجولِ ومارذم
وناحتْ عليكِ الريحُ عبري وأصبحتْ
لدُنْ عَدِمَتْ ريَّاكِ تجري فلا تُشَمْ
وقامتْ عليكِ الجنُّ والإنس مأتماً
تُبكِّي صلاة َ الليلِ والخمص والهضم
وأضحتْ عليكِ الوحشُ والطيرُ وُلَّها
تبكِّي الرواء النضر والمخبر العمَمِ
وأبدى اكتئاباً كلُّ شيءٍ علمتُه
وأضعافٌ ما أبداه من ذاك ماكتَم
كذاك أرى الأشياءَ إما حقيقة ً
بدتْ لي وإما حُلْمَ مُسْتَيْقظٍ حَلم(75/149)
ولن يَحْلُم اليقظانُ إلاَّ وقد أتتْ
على لُبِّهِ دهياءُ هائلة ُ الفقم
وأما السمواتُ العلى فتباشرتْ
برُوحِك لمَّا ضمَّها ذلك المضم
وماكنتِ إلا كوكباً كان بيننا
فبان وأمسى بين أشكاله نجم
رأى المسْكَنَ العُلويّ أوْلى بِمِثْلِهِ
فودَّعَنَا جادتْ معاهِدَهُ الرِّهَم
تأمَّلْ خَليلي في الكواكب كَوْكباً
ترفَّع كالمصباح في ذِروة ِ العلم
سما عن سفال الأرض نحو سمائه
فكشَّفَ عن أفاقها عاصب القتم
ولم يرهُ الراؤون من قبل موتها
بحيث بدا لا المُعْرِبون ولا العَجَم
وإني وقد زودتني منك لوعة
مُحالفة ً للقلب ما أورق السَّلَم
لتُسلينَني الأيام لا أن لوعتي
ولاحَزَني كالشيء يبْلى على القِدَم
سأنْثو ثناكِ الخيرَ لامُتزيِّداً
على ماجرى بين الصَّحيفة والقلمْ
ومابي قرُباكِ القريبة ُ إنه
بعيدٌ من الأحياءِ مَنْ سَكَنَ الرَّجم
طوى الموتُ أسبابَ المحاباة ِ بيننا
فلستُ وإن أطنبتُ فيك بِمُتَّهم
لعَمْرِي وعَمرِي بعدك الآن هَيّنٌ
عليَّ ولكنْ عادة ٌ عادها القسم
لقد فجعتْ منكِ الليالي نُفوسها
بمحيية الأسحار حافظة ِ العتم
ولم تُخطيء الأيام فيك فجيعة ٌ
بِصوَّامة ٍ فيهنَّ طيَّبة ِ الطِّعم
وفاتَ بك الأيتامَ حِصنُ كِنافة ٍ
دفيءٌ عليهم لية َ القُرِّ والشَّبم
رجعْنا وأفردْناكِ غير فريدة ٍ
من البِرِّ والمعروفِ والخيرِ والكرم
فلا تَعدمي أُنْسَ المحلِّ فطالما
عكفتِ وآنستِ المحاريبَ في الظُّلم
كستْ قبركَ الغُرُّ المباكيرُ حُلَّة ً
مُفوَّفة ً من صَنْعة ِ الوبل والدِّيم
لها أرجٌ بعد الرُّقادِ كأنما
يُحدِّثُ عما فيكِ من طَيِّبِ الشِّيم
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كم جارعٍ جُرعَ المكاره عالماً
كم جارعٍ جُرعَ المكاره عالماً
رقم القصيدة : 62071
-----------------------------------
كم جارعٍ جُرعَ المكاره عالماً
أنَّ المكارهَ يكتسين مَكارما
ياصاحباً رضي النذالة َ صاحباً
وغدا يُعِدُّ مؤاكيله أراقما(75/150)
قد كان للجودِ المُبيَّن حاتمٌ
وأراك للبخل المُبين حاتما
أبغضتَ من طَعْمِ الطَّعامِ فريقُه
سم لديك فما تُجامِلُ طاعماً
أئنِ اصطبغتُ ولُقمتي معضُوضَة ٌ
أنشأتَ تَهْجوني بذلك ظالما
عيْبٌ لعمرك غير أنْ لم آتِه
عمداً فهبني هافياً لاجارما
ولأنت إذا راعيتَ كفَّ مُؤاكِلٍبعضُ النِّفارِ من البُصاق فربَّماًغُذِيَتْ به استُك باركاً أو قائماً ما زلتَ تُنْكَحُ في شبابك غانماًوالآن تُنْكَحُ في مشيبك غارماً
أوْلى بأن تُهْجَى وأكثرُ لائما
بعضُ النِّفارِ من البُصاق فربَّماً
غُذِيَتْ به استُك باركاً أو قائماً
ما زلتَ تُنْكَحُ في شبابك غانماً
والآن تُنْكَحُ في مشيبك غارماً
وكذا المُؤاجِرُ في الشبيبة ِ لا يني
أبداً له دبر يردُّ مظالما
رشفُوا المنّي من الفياشِ وحرَّموا
ريقَ الصديقِ مُؤكِلاً ومنادما
قبحَ الإله معاشراً لم يسلموارشفُوا المنّي من الفياشِ وحرَّمواريقَ الصديقِ مُؤكِلاً ومنادما بذيء
مما يعيبُهُم فعابوا السَّالما
اعلمْ ويأبى فرطُ جَهْلِكَ أنْ تُرَى
ما عِشْتَ إلا جاهلاً لاعالما
أن قد نزعتُ عن انبساطي نادماً
ولتنزعنَّ عن اعتدائك نادما
لوكان ريقي مثلَ ريقك قاتلاً
ألفيتني متنبهاً لانائماً
وخَشيتُ ربي أن أسُمَّ مُوَحّدِاً
ظُلْماً فأكْتَسِبَ العذاب الدائما
لكنّهُ ريقٌ وِثقتُ بِطُهْرِهِ
ثقة ً سهوتَ لها فثُرتَ مخاصماً
هلا لفيتُكَ عند أوَّلِ زلَّة ٍ
مِنِّي كريمَ العفْو أو مُتكارما
لكنْ أبى كرمَ اللِّئامِ مُدَبِّرٌ
منع الخوافي أن تكونَ قوادما
فاسفُلْ سفالك ماحييتَ فلم تَكُنْ
لتكونَ أعقابُ الرجالِ جماجما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أمُرتَجِعٌ في كل يوم صنيعة ً
أمُرتَجِعٌ في كل يوم صنيعة ً
رقم القصيدة : 62072
-----------------------------------
أمُرتَجِعٌ في كل يوم صنيعة ً
تجنَّى على مولاك فيها الجرائما
حنانيْكَ علِّقها عليك قلادة ً
وعلِّقْ عليها إنْ أثرْتَ التمائما
فلستُ بباك عهدها عند ذاكُمُ(75/151)
لشيء وإن أبكى الربيعُ الحمائما
لعمري لقد سُفِّهتُ بالأمسِ راتعا
وضُلِّلتُ مُرتاداً وخُطِّئتُ سائما
لعمري لقد ذكَّرتَ مني ناسياً
وحركتَ ذا سهوٍ وأيقظتَ نائما
أنلتَ فكان المدحُ مني مثوبة ً
فنوّلتَ مقطوعاً ونَولْتُ دائما
أما لقد استثقلتَ يابن محمدٍ
مغارمَ كانت لو فَقِهْتَ غنائما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> نحن ميامينُ على أنّنا
نحن ميامينُ على أنّنا
رقم القصيدة : 62073
-----------------------------------
نحن ميامينُ على أنّنا
على أعاديكَ مشائيمُ
لمّا دخلنا دخلتْ نِعمة ٌ
كان لها حولكَ تَحْويم
ولم يُفَخِّمْكَ الذي نِلْتَهُ
بل للعطايا بك تَفخيم
قلّ لك المُلْكُ ولو أنهُ
مَجْموعة ٌ فيه الأقاليمُ
نِعْمَ المفاتيحُ وقد قُدِّرتْ
مِثلَ المفاتيحِ الخواتيمُ
واللَّهُ يُبقيك لنا سالماً
بُرْداكَ تبجيلٌ وتعظيم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وسيِّدٍ قد غمرتنْي أنعمُهْ
وسيِّدٍ قد غمرتنْي أنعمُهْ
رقم القصيدة : 62074
-----------------------------------
وسيِّدٍ قد غمرتنْي أنعمُهْ
يحلُم عني وتحُوم حُوَّمُهْ
حَوْلي وقد لظَّاهُ نَقْمٌ ينْقَمُهْ
لكنَّه ينهاه عني كرمُه
وإنني ممن حماه حَرَمُهْ
وُهِّمَ جُرماً ليس مِثلي يَجْرمُه
وُهِّم عني قد عزمتُ أشتِمُه
وذاك عزمٌ ليس مثلي يعزِمُه
بلْ إنما يشتمه مُوَهِّمُه
أقسمتُ إن أقدمتُ أني أظلمُه
يعفو كُلومِي دائبا فأكَلمُه
أني لأخنى قائلٍ وألأمُه
إن كان ذاك الثَّلْمُ مما أثلمهْ
صبَّحني الله لِغُرْمٍ أغرمُه
إن كان ذاك الغيبُ غيباً يعلمه
وهْو الذي لا يَنْطوي ما أكْتُمه
عنْه ولا يغفُل عني قلمُه
ولاتزالُ ثِقتي تَسْتعصمه
فلا شفاني من سقام ألمه
أو أجرعُ الموتَ مَذُوقاً علْقَمه
بحسرتي على شفاءٍ أعدمُه
بل أنا والله الذي أسترحمه
مما يُسدِّي كاشحي ويلحمُه
مُبرَّأُ المغمر لا مُتَّهَمُه
عند هُمام ذَبَنَتْهُ هِمَمُه
في أفقٍ تَقْصُر عنه أنْجُمُهُ(75/152)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> بُغْضِي لصادٍ أنني رجلٌ
بُغْضِي لصادٍ أنني رجلٌ
رقم القصيدة : 62075
-----------------------------------
بُغْضِي لصادٍ أنني رجلٌ
أصفِي المودة َ مني للحواميم
وليس بغضِي لقرآنٍ ولامقَتِي
إياه تالله بل للصادِ والميمِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كفى البدءُ منك العودَ في كُلِّ مَوْطِنٍ
كفى البدءُ منك العودَ في كُلِّ مَوْطِنٍ
رقم القصيدة : 62076
-----------------------------------
كفى البدءُ منك العودَ في كُلِّ مَوْطِنٍ
وجُرِّدْتَ للجُلَّى وكنتَ حُساما
فما لك تنبو في يدي عن ضريبتي
ولم اوتَ من وَهْنٍ ولستُ كَهاما
نوالك إني لم أشِم بك خُلَّبا
كذوباً ولااستسقيتُ منك جهاما
ودعْ ذكر حرماني فما أنتَ بالذي
ترى قَتْلَ حرمانِ العُفاة ِ حراما
ينام الذي استسعاك في الأمرِ إنه
إذا أيقظ الملهوفُ مثلكَ ناما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا أبا الفضل ريعُ شامِطْياقي
يا أبا الفضل ريعُ شامِطْياقي
رقم القصيدة : 62077
-----------------------------------
يا أبا الفضل ريعُ شامِطْياقي
بادىء عائدٌ لكمْ كُلَّ عامِ
ولعوداتُ ريع جودِك للآ
مل أولى من غيرها بالدوام
ليس يُنْجيكَ من ملامة ِ قربٍ
غيرُ آلائك الحسانِ الجسام
فتعوَّذْ بحنطة ِ الكشكِ منها
عائداً بالجميل عودَ الكرام
قسماً يابنَ صالح بنِ عليٍّ
وابنِ عيسى بنِ جعفر القمقام
إنَّ عَهْدي إذا تنكَّر عهدٌ
لجديدٌ وإنَّ حُبِّي لنامي
مِقة ٌ خالطت فؤادي ودبَّتْ
في عروقي ومخَّخَتْ في العظام
فعلى قَدْر ذاك أسألُ حاجا
تي وأمتاحُها بغير احتشام
سائلاً جِلَّها لغيْرِ اشتطاطٍ
سائلاً دِقَّها لغير اغتنام
غيرَ مُستصغرٍ قليلَ عطايا
ك ولامُكْبرٍ كبيرَ اللئام
وقديماً ما أظلموا كالليالي
وأضأتُمْ للناسِ كالأيام
وعلوتُمْ على الخليقة كالها
م وكان الرجالُ كالأقدام
وجَرَيْتُمْ في كل مَيْتٍ من المع
روفِ جَرْي الأرواحِ في الأجسام(75/153)
وهْي قُرْبٌ وإنما أنا في الشَّيْ
ءِ وكيلٌ وأنت قاضي ذِمام
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبا الفضل مامثلي يخالُكَ راضياً
أبا الفضل مامثلي يخالُكَ راضياً
رقم القصيدة : 62078
-----------------------------------
أبا الفضل مامثلي يخالُكَ راضياً
بأن يُرْزَقَ الأوغادُ حظّا وأُحْرما
أبى ذاك أن الله ولاّك عِصْمة ً
ركِبْتَ بها نهجاً من العدل معلما
إذا مانبا عني الوزيرُ وأنتُمُ
عتادي فلٍم رجّاكُمُ مَنْ تَحَرَّما
هززتُكَ للحرمانِ فاقطع وتِينَهُ
فما زلتَ صمْصاماً إذا هُزَّ صمَّما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قصدتُ إليك لاأُدْلي بشيءٍ
قصدتُ إليك لاأُدْلي بشيءٍ
رقم القصيدة : 62079
-----------------------------------
قصدتُ إليك لاأُدْلي بشيءٍ
أرى حَقِّي عليك به عظيما
سِوى الكرم الذي أعرقْتَ فيه
وحسبي أن تكون فتى كريما
ولم أمدحكَ إتحافاً بمدحٍ
كفى مدحٌ غُذيتَ به فطيما
ولكنِّي دعوتُك في سُؤالي
بأسماءٍ دُعيتَ بها قديما
ولم أر كُفْءَ سَمْعكَ من كلامي
سوى المُوْزونِ وزناً مُستقيما
ولستُ أرى ثوابَ الشعر دَيْناً
عليك ولا أرى نفْسي غريما
ولكنِّي أراك تراه حقّاً
لمجدك والوسيمُ يرى الوسيما
فإنْ تَكُ عند تأميلي وظَنِّي
فكم صدَّقْتَ بارقكَ المشيما
وإن عاقَ القضاءُ نداك عني
فلستُ أراك في منعي مُليماً
وما غَيْثٌ إذا ما اجتازَ أرضاً
إلى أُخْرى بمُعْتَدٍّ لئيما
بإذن الله يُعْرِي متن أرضٍ
ويكسو أُختَها الزهرَ العميما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ضحكَ الربيعُ إلى بكا الدِّيمِ
ضحكَ الربيعُ إلى بكا الدِّيمِ
رقم القصيدة : 62080
-----------------------------------
ضحكَ الربيعُ إلى بكا الدِّيمِ
وغدا يُسَوِّي النبت بالقمَمِ
من بين أخضرَ لابس كُمَماً
خُضْراً وأزهرَ غير ذي كُمَم
مُتلاحِق الأطرافِ مُتسقٍ
فكأنَّه قد طُمَّ بالجَلم
مُتَبلِّجِ الضَّحواتِ مُشرِقها
متأرِّجِ الأسحار والعَتَمِ(75/154)
تَجِدُ الوحوشُ به كفايتَها
والطيرُ فيه عتيدة ُ الطِّعَم
فظباؤُهُ تُضْحي بمُنْتَطَح
وحمامُه تَضْحِي بمختصم
أحذى الأميرُ ربيعنا خُلُقاً
يهمي إذا ما البرقُ لم يُشَم
فالقطْرُ ضربة ُ لازم قسما
والصحوُ فيه تحِلَّة ُ القسم
والروضُ في قِطَعِ الزَّبَرْجَدِ والْ
ياقوتُ تحت لآلىء ٍ تُؤم
طل يُرقرقهُ على ورق
فكأنه در على لِمَم
حشد الربيعُ مع الربيع لهُ
فغدا يهُزُّ أثائثَ الجُمم
والدولة ُ الزهراءُ والزمن ال
مِزهار حسبك شافي قزم
إن الربيعَ لكالشَّباب وإنْ
نَ الصيفَ يكسعه لكالهرَم
أشقائقَ النُّعمانِ بين رُبَى
نُعمانَ أنتِ محاسنُ النِّعم
غدتِ الشقائقُ وهْي واصفة
آلاءَ ذي الجبروتِ والعِظَم
تُرَفّ لأبصارٍ يَجُلْنَ بها
لِيرَيْنَ كيف عجائبُ الحِكم
عِبرة لأفكارٍ بعثن لها
لِيرَيْنَ كيف عجائبُ الحكم
شُعلٌ تزيدك في النهار سنًى
وتُضيءُ في مُحْلَوْلك الظُّلمِ
أعجِبْ بها شُعلاً على فَحَمٍ
لم تَشْتَعِلْ في ذلك الفحَم
تلك التي تُهوي لتلثَمَها
وتَشمَّها بالأنفِ ذي الشَّمم
وكأنما لُمَعُ السوادِ إلى
مااحْمَرَّ منها في ضُحَى الرِّهم
حَدَقُ العواشق وسِّطَتْ مُقَلاً
نَهَلَتْ وَعَلَّتْ من دُموعِ دَمِ
هاتيك أو خيلانُ غالية ٍ
أضحتْ بها الوجنات في ذِمم
حذِرَتْ سِهَامَ العينِ حُمْرتُها
فغدتْ من التَّسويدِ في عِصَم
هاتيك أو حُلكٌ مُزَرْفنة
عُقْرِبْنَ في الصفحاتِ كالحُمَم
باحتْ بأطرافٍ لها نُقُبٌ
فبدتْ وسائرُها بمُكْتَتَم
هاتيك أو غَنَمٌ على قُضُبٍ
بيضٍ يتيهُ بها على العُنَم
لجأتْ إلى وجنات شاكية ٍ
ضيفيْن مِنْ ندم ومِنْ سدَم
لا بَلْ مُقَرَّعة ٍ بِمُنْكَرة
صحَّتْ وقد كانتْ من التُّهَم
فحكتْ لجانيها وقاحتَهُ
بالنَّكْتِ في الوَجَناتِ لا النَّغم
أو إثمدٌ وسَمَ البُكاءَ به
حمرا مُضَرَّمة ً بلا ضرم
أجراهُ صدٌّ ثم حيَّرهُ
عَطْفٌ نهاه بعدَ مُنسَجَم
فأقام بين محاجرٍ سرقَتْ
حَدَقَ الظِّباء وبين مُلْتَثَم(75/155)
مِنْ كُلِّ مُكْمَلة مُجَلَّلة ٍ
بالحُسنِ من قَرْن إلى قَدَمْ
شجى الإزارُ لها برابية ٍ
وجرى الوِشاح لها على هَضَم
مُنَيِتْ بخَصْمٍ مثلِها حَكَمٍ
في كل قلبٍ أيَّما حكم
سيّان قيمتُها وقيمتُهُ
في الحسن عند تفاوتِ القيم
ذي مُردة توفيك سُنَّتُهُ
نورَ الهلالِ وصورة َ الصَّنم
لو مرَّ بالأجداث آونة ً
لجرتْ به الأرواحُ في الرِّمم
أو عُرِّضَتْ بُهَمُ الحروب له
لرحِمْتَ ثمَّ مصارعَ البُهَمِ
أعجِبْ به يُهدي إلى رجمٍ
حيَّا ويبعثُ صاحبَ الرَّجمِ
شُعِفَتْ به فأذاقها طرفاً
مما تُذيقُ مُحالفَ الكتَم
فبكتْ بدمعٍ لا يُجادُ به
إلا لذي قَدْرٍ من الألم
من مقْلة ٍ سقمَتْ فغايتُها
إعداءُ مافيها من السَّقم
مظلومة ٌ ظلاَّمة ٌ أبداً
مُنيَتْ بِمُتَّهم بِمُتَّهم
يا للشقائق إنها قِسَمٌ
تُزْهَى بها الأبصارُ في القِسَم
ما كان يُهدي مثلها تُحَفاً
إلاَّ تَطَوُّلُ باريء النَّسَم
وهو الذي أهدى لنا حَسَنَاً
ذا الحسنِ والإحسان في القُحم
ملكٌ تريكَ من السَّدَى يدُهُ
ما لا يُصًوَّر منه في الوهَم
أعطى فأنطقَ كل ذي خَرَسٍ
ودعا فأسمَعَ كُل ذي صمم
وأرى البليغَ قُصورَ مُبْلغِه
فطوى شقا شِقهُ على وَكَم
أعطى كما أعطاهُ خالِقُهُ
غَرضَ المُنَى ونهاية الهمم
فكأنما ضمنَتْ فضائلهُ
خَرَسَ البليغِ ونُطْقَ ذي البكَم
يا أسفا إنْ بذَّهُ حَسَنٌ
سبقَ القضاءُ ومِرَّة ُ الوذَم
لأبي مُحَمَّدٍ الحميدِ يدٌ
خُلِقتْ لِسَحِّ الوَبْلِ والدِّيم
لله تلكَ يداً لقد جُعِلَتْ
وفقاً لما فيه من الشِّيَم
ولقد تفاوتَ والمُفاخرُهُ
كتفاوُتِ الوِجدان والعدم
ما زال سائله وسائلهُ
مُتُيمِّمَي نارٍ على علم
من نورِ حكمتِهِ بمُضْطَرمٍ
وبحورِ نائله بملتَطَمِ
قُصِرتْ عليه كتابة ٌ بيدٍ
وبهاجسٍ وكتابة ٌ بفم
أخَذَ المُعَلَّى فاستبدَّ به
دونَ القِداحِ وليسَ بالزُّلَم
لكنهُ قلمٌ يسوسُ به
جِيلْين من عُربٍ ومن عَجَمِ
يَمْرِيه خاطُرُه فيُمْطِرهُ(75/156)
ما شاء من نِعَمٍ ومن نِقَم
نَمْ يا أخا الحاجاتِ إنَّ له
كرماً إذا ما نِمْتَ لم يَنَم
تتبسَّمُ الأشعارُ ضاحكة ً
عنه فما تَفْتَرٌّ عن هَتَم
لولا افتنانُ النُّطْقِ في طُرُقٍ
ما قال مِقْولُهُ سِوى نَعَم
حلَّتْ خلائقُهُ بُمُتَّسع
فعُفاة ُ نائله بمُزْدَحم
يغدو جدا كفَّيْهِ مقتسماً
ليصون عِرضاً غيرَ مقتسم
أغنى فلولا أنه نفسي
لم أُغْشَ عَقوتَهُ سوى لمَم
لكنَّه الزادُ الذي اغتفرتْ
فيه العقولُ فواحشَ النَّهم
للَّهِ كفُّكَ أيُّ مُلْتَمَسٍ
للسائلين وأيُّ مُسْتَلم
ما إن تزالُ الدهرَ فوق يدٍ
تَمْتاح نائلها وتحتَ فم
قل للخليفة ِ فُزْ بخدمته
فلْتَغْنَينَّ به عن الخدم
ولينهضنَّ بفتْحِ ذي سُدَدٍ
ممَّا عناكَ وسدِّ ذي ثُلَم
يُمْناً وحَزْماً غير ذي خلل
وصريحَ نُصْحٍ غير مُتَّهمِ
وكفاكَ يمُن مُرَسَّحٍ فرجَتْ
بركاتُهُ في غُمَّة ِ الغُمَم
من طرّقتْ ديمُ السماءِ له
نُبذتْ إليه مقالدُ السّلم
قحطتْ فلما آن مَنْهَضُهُ
جادتْ بِغَوْثِ الناس والنَّعِم
وكأنما إطلاقُ عُقْدتِه
أرضى الزمانَ وكان ذا أضم
فغدتْ به الدنيا وما ظلمتْ
مُفْتَرَّة ً عن كلِّ مُبْتَسم
لله ذاك اليُمْنُ إنَّ له
في المُلْكِ حرفاً غيرَ مُدَّغِم
فاسعدْ بذاك اليُمْنِ واحظَ به
واضمُمْ عليه الكفَّ من أمم
مِفتاح أبوابِ السماء يفي
لك بافتتاح الأرضِ والأُمَم
واعضُدْ بذاك الرأي مَملكة ً
تحتاجُ ظُلَّتُها إلى دِعَم
فلْتُنْصَرَنَّ على الطُّغاة ِ به
ولْتُكْفَيَنَّ السيفَ بالقلم
ومُظفر وعظ العدا بِعِداً
حانوا فأهداهمْ إلى أزم
نظرتْ إليه عيونُهُم فغدتْ
تلك العيونُ مراتعَ الرَّخم
هل من وليٍّ غيرُ مُنْتَعِش
هل من عدو غيرُ مُصْطِلم
هل من مُوَلٍ غيرُ مُقْتَبلٍ
هل من شتيت غيرُ منتظم
لبس الزمانُ به شبيبته
من بعد ما أشفى على الهرم
أيرود رائدُك الكُفاة َ وفي
أدْنى ديارِك عَيْمة ُ العِيمَ
في ابن الوزير كلالُ بادرة ٍ
تُرِضِي النُّهَى ومضاءُ مُعْتَزَم(75/157)
أسدٌ إذا أسرى لمُقْتنِصٍ
أسرى من الخطِّيِّ في أجم
فلِمَنْ يُسالِمُهُ سلامَتَهُ
ولمن يُحاربُ عطْسَة ُ اللَّجَمِ
فوليُّهُ وعْلٌ على جبلٍ
وعدوهُ جَزَرٌ على وضم
مُتَغَنَّم الضَّحكاتِ مُثْمِنُها
وله لقاءٌ غيرٌ مُغْتَنَم
زجرتْ بني وهبٍ عقولهُم
أنْ يعْرِضوا لمغصَّة اللُّقمِ
ودَعَتْهُمُ عوْداً نزاهتُهُمْ
أن يَعْرِضوا لمصارعِ التُّخَم
شَدَّتْ بهم عُقَدُ الخلافة ِ فاش
تدت وحُلَّت عُقْدة ُ الكظم
ولتُذْعنننَّ لك الأمورُ بهسوارُ شكراً لأيْري فضلَ نِعمتِهِشُكْراً فإنك في الكُفران مأثومُ بذيء كم خاضَ أُمَّكَ أيري وهْي وادعة ٌوإنه لشديدُ الوعك مَحْمومُ بذيء ما بات يدخلُ من بابٍ لها وحَدٍحاشاه من كُلِّ جَوْرٍ إنه لُوم
حتى تُقادَ إليك بالرمم
سوارُ شكراً لأيْري فضلَ نِعمتِهِ
شُكْراً فإنك في الكُفران مأثومُ
كم خاضَ أُمَّكَ أيري وهْي وادعة ٌ
وإنه لشديدُ الوعك مَحْمومُ
ما بات يدخلُ من بابٍ لها وحَدٍ
حاشاه من كُلِّ جَوْرٍ إنه لُوم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> بلْ من ثلاثة ِ أبوابٍ مُفتَّحة ٍسقط أبيات وشطر
بلْ من ثلاثة ِ أبوابٍ مُفتَّحة ٍسقط أبيات وشطر
رقم القصيدة : 62081
-----------------------------------
بلْ من ثلاثة ِ أبوابٍ مُفتَّحة ٍسقط أبيات وشطر
ص يادهركم تسبُكُ المُصَفَّى
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ع لِكُلِّ بابٍ نصيب منه مقسوممن ثغرها وجِعَّباها ومن فمها
ع لِكُلِّ بابٍ نصيب منه مقسوممن ثغرها وجِعَّباها ومن فمها
رقم القصيدة : 62082
-----------------------------------
ع لِكُلِّ بابٍ نصيب منه مقسوممن ثغرها وجِعَّباها ومن فمها
قَسْمَ السوية ِ ما فيهن مَظْلوم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> فإن ألظّ ببابٍ واحدٍ هتفتْ
فإن ألظّ ببابٍ واحدٍ هتفتْ
رقم القصيدة : 62083
-----------------------------------
فإن ألظّ ببابٍ واحدٍ هتفتْ
عدلاًهديتَفإن الظُّلْمَ مذموم(75/158)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يُهدي إلى قلبها رَوْحا بفيشلة
يُهدي إلى قلبها رَوْحا بفيشلة
رقم القصيدة : 62084
-----------------------------------
يُهدي إلى قلبها رَوْحا بفيشلة
كأنها حَجَرٌ في الكَفِّ ملموم
من أنفسِ الناس والجُسومِ
عليك بالأكدرين ماء
فصفِّهم غيرَ ما ملوم
أوْلا فأنت الظلومُ فيما
تأتي ولا خيرَ في الظَّلوم
أنِبْ إلى قاسمٍ وإلا
فالله عَوْنٌ على الغشومِ
حَرِّمْ على النائباتِ لحْماً
منه زكيًّا من اللحومِ
أنت متى نلتَ منه أهلٌ
لكل لومٍ وكُلِّ لُوم
فاقصدْ سواهُ ودعْ حِماهُ
فهو حِمَى الجودِ والعُلوم
واصدِفْ عن الشُّمِّ آل وهْبٍ
أهل الندى الغَمْرِ والحُلومِ
ولا تَدَعْ مَنْ بغى عليهم
إلا لقى دائمَ الكلوم
ذوي العلاء الخُصوص تُبنى
بَناه بالنائل العُموم
مُصحَّونَ مُسْتَمْطرون سحَّا
فهْمْ غيوثٌ بلا غيوم
جادوا وآفاقهم نِقاءٌ
ليس عليهن من قُتوم
ما شئتَ من أنجمٍ وضاءٍ
ومُمطِراتٍ ومِنْ رُجوم
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أعْنيكَ يامن سِواه تلحَقُ التهمُ
أعْنيكَ يامن سِواه تلحَقُ التهمُ
رقم القصيدة : 62085
-----------------------------------
أعْنيكَ يامن سِواه تلحَقُ التهمُ
يا واحد الفهم إذْ للواهم الوهَمُ
ومن له من يدٍ كفٌ وساعدُها
إذ ليس لي عنده ساقٌ ولا قدم
لِغفلة ِ المرءِ وصْفٌ غير مُتَّفِق
والذَّمُّ مُجتَنبٌ والحمد مُغْتَنَمُ
فغفْلة ُ المرءِ عن حق لصاحبه
لؤم وغفلتُهُ عن حقه كرم
ناشدتُكَ الله في أشياءَ مُسْلفة
لايَمْحُها من كتابي عندكَ القِدم
أضحتْ عُهوداً وقد كانت مُشاهدة ً
والمجد حيث يُصانُ العهدُ والذمم
قد يربع المرء في دارٍ محافظة
وليس إلا الأثافي السفعُ والحُمَم
ولا يُنَهْنِهُ منه أن يُخاطِبها
حلمٌ ولا خَرَسٌ فيها ولا صمم
يانورَ علم تعالى في ذُرى شَرَفٍ
أنى تجور وأنت النار والعلم
إن الكرائم ليستْ وحدها حُرَما
دون المكارم لكن كُلُّها حُرَم(75/159)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لعمري لقد غاب الرضا فتطاولتْ
لعمري لقد غاب الرضا فتطاولتْ
رقم القصيدة : 62086
-----------------------------------
لعمري لقد غاب الرضا فتطاولتْ
بغيبتِه البَلْوى فهَلْ هو قادمُ
تعرفتُ في أهلي وصحبي وخادمي
هواني عليهم مُذْ جفانيَ قاسم
جَفَوْني وعَقُّوني وملُّوا ثِوايتي
فكلٌ مُلِيمٌ ظالمٌ وهو لائم
فلو أبصرتني بينهم عينُ حاسدي
لأضحى وأمسى حاسدي وهو راحمُ
أقاسمُ قد جاوزت بي كلَّ غاية ٍ
وليس وراء الحَيْفِ إلا المآثمُ
كأنكَ قد أُنسيتَ أنك سيدٌ
له الفضل أو أُنسيتَ أني خادم
أقصرتُ في فرضٍ فمثلي قصَّرتْ
به حالهُ عن كل ماهو لازمُ
هل العسرُ كلُّ العسرِ مُبْقٍ عزيمة ً
ألا إنما حيث اليسارُ العزائم
حلفتُ بمن أرجو لعطفكَ لُطْفَهُ
إذا أنت هزَّتكَ السجايا الكرائم
لئن كنتُ في الإخلال بالفرض ظالماً
لهنَّكَ في رفضِ الإقالة ِ ظالم
ولمْ لا وقد صُوِّرتَ من خير طينة ٍ
وأنت بفضلِ الحلم والجودِ عالم
حنانيك لا تظلم بي المجدَ إنَّهُ
صديقٌ جليلٌ تتقيه المظالمُ
وهبني عبداً مُذْنباً أو مُعطلاً
سليباً من الآلاتِ أين المكارم
ألا فاضِلٌ يأوي لنُقْصانِ ناقصٍ
فَيُلْبِسَهُ من عفَوْه وهو ناقم
ألا غارمٌ صفحا ليغنم سُؤدداً
وحمداً وأجرا إنَّ ذا الغُنمِ غارم
إلا غانمٌ أحدوثَة الصدقِ في الورى
بغُرم الأيادي إن ذا الغُرمِ غانم
ترفَّعْ إلى الطَّولِ العَليِّ مكانُهُ
فما تُشْبِهُ النُّعْمَى عليك السخائم
ولا يُشْبهُ البدءَ الذي قد بدأتُهُ
من العُرْفِ أن تشكى عليه النقائم
وهبني جفاني الإذنُ منك عُقوبة ً
على غيرِ جُرمٍ لمْ جَفَتْنِي الدَّراهم
أتبلغُ أقدارُ الدراهم أنْ تُرى
تُباريكَ في هجرِ الذين تُراغم
أبى ذاك أنَّ الله أعلاك فوقها
وأنك من آفاتِ ذي البخل سالمُ
ومثلك لا يحتجُّ والخصْمُ ساغِبٌ
ولكنّهُ يحتجُّ والخصم طاعم
فأشبِعْ وأوجِعْ بالبِعادِ مؤدّباً
فقد يُعْدم التقريبُ والبِرُّ دائم(75/160)
وكَمْ سفُهَ الهجرانُ والحلمُ صامتٌ
وكم خَرُقَ الإقصار والجودُ كاظم
فقوِّمْ بما دون المجاعة ِ إنَّها
سِهامٌ حِدادٌ بلْ سيوفٌ صوارم
وعاقِبْ بمحمودِ العقاب فإنَّهُ
سيكفيكَ مذمومَ العقابِ الألائم
وأحسن من حُسْنِ العِقابِ اطّراحُه
إذا قلّبَ الرأيَ الرجالُ الأكارم
وعزَّ على مولاكَ صَرْفُ اهتمامِه
إلى القُوتِ لكنْ أمرهُ مُتفاقم
له شاغلٌ عن أنْ يسامِيَ همُّهُ
رضاكَ وقد أعْيَتْهُ فيه المراوِم
على أنه لابد لي من طِلابهِ
وإنْ قيل مغرورٌ وإنْ قيل حالم
ألا فاستمعْ مني بأُذْن سميعة ٍ
فذاك سميعٌ لؤْمُهُ مُتصامم
أمستأثرٌ بالحلم قيسُ بنُ عاصمٍ
عليك ولم يعشرك قيسٌ وعاصم
ومُنْفَردٌ بالجُود دونك حاتمٌ
وكعبٌ ولم يعشركَ كعبٌ وحاتم
معاذَ الذي أعطاكَ ما أنتَ أهلهُ
من الدين والدنيا وضدك راغمُ
تناومتَ عني بعد طول عناية
وقد نهستْ مني الخُطوبُ الأوازم
فيا ليتَ شعري لا عدمتَ سلامة ً
ونُعمى لها ظلٌّ من العَيْشِ ناعمُ
متى تنظر الدنيا إليَّ بنظرة ٍ
بعينك نحوي أيُّها المُتناوم
هنالك أغدو والسرور محالِفٌ
بُنَيَّات قلبي والزمانُ مُسالم
ويوميَ من إشراقِ وجهك شامسٌ
مضيءٌ ومن إغداق كفَّيْكَ غائم
ألا إنَّ ثلما في السماحِ عقوبتي
كأني نظيرٌ أو كَفيٌّ مُقاوم
أقِلْنِي عِثارَ الظنِّ منكَ فلم تزل
تُقيلُ التي فيها تُحزُّ الحلاقم
وما قِبَلي حقٌّ وهَبْه فهبْهُ لي
فإنّك للوهَّاب لا المُتعاظِم
وأنت الفتى كُلّ الفتى في فعَالِهِ
إذا ما وهبتَ الحقَّ والحقُّ قائم
وأكرمْ بخصْم باع بالطَّوْلِ حقَّه
وآثر حقَّ المجْدِ وهوْ مُخاصم
ولاسيَّما والخصمُ قاضٍ مُحَكَّمٌ
إليه القضايا والهباتُ الجسائم
متى يهبُ الخصمُ المُطالبُ حقَّهُ
إذا لم يَهَبْهُ الخَصْمُ والخصمُ حاكم
وأنَّى يكونُ المنكرُ الجُرْمَ عادلاً
إذا ما استوت أحكامُهُ والجرائمُ
أنا العبدُ ساقتْهُ إليك نوائبٌ
شِدادٌ وقادتهُ إليك الخزائم
يراه الورى ضيفاً ببابك صائماً(75/161)
وهَلْ حسنٌ ضيفٌ ببابك صائم
أمنْ بعدما ابيضَّتْ أياديك عندهُ
تُريه التي تبيضُّ منها المقادم
بحقِّ الوزيرِ بنِ الوزيرِ وعَيْشِهِ
تأمَّلْ مليّاً هل على العَفْوِ نادم
وهَبْ لي على ماكان مني مكانتي
وحَظِّي فإني سيىء ُ الحال واجمُ
ولا تَنْس أنَّ الله سمَّاك قاسماً
لأنك في النعمى شريكٌ مُقاسِم
تُقَسِّمُ في المعروفِ ما أنت مالكٌ
وتجْشَمُ فيه كُلَّ ما أنت جاشم
وحاشاك من تمويه ظنٍّ وشُبْهة ٍ
يقولان إن المانعَ العفوَ حازم
فإنْ قلتَ لي دَعْ وَصْلَ من أنت واصلٌ
صدَدْتُ بطَرْفِ العينِ والقلبُ دائم
ولاحظتُهُ والخوفُ بيني وبينَهُ
كما تلحظُ الماءَ الظباءُ الحوائم
كذلك لا أشري ولاءك طائعا
بما ملكته عبد شمس وسيم
ولو سامني ذاك الوزيرُ أبيتُهُ
وأنكرتُهُ النُّكَرَ الذي هو صارم
أأنزع إحدى مُقْلتيّ لأختِها
كذا طائعاً إنِّي هناك لآثمُ
أحبكما حُباً مع القلبِ أصله
وأطرافُهُ حيثُ النجومُ النواجم
هو الخوفُ والتأميلُ والرأيُ والهوى
فيا ليت شعر النفسِ كيف تصارم
ولِمْ لا وقد أوضحتما لي طريقتي
فأضحى هُداها مُفصِحاً لا يكاتم
وقفتُ بنورِ الفرقدَيِنْ على الهُدى
فقلبي على هذا وهذاك هائم
ومن يُنكِرُ الحِرمانَ منكَ لواحدٍ
وربُّ الغِنى والفَقْرِ مُعطٍ وحارم
سيحميك أن تلقى لساني صارماً
تذكُّرُ قلبي أنَّ سيفك صارم
وإنِّي لأعفو عن رجالٍ وأتقي
رجالاً وأدري أيَّ قِرنٍ أصادمُ
فإنْ سدَّ بابَ العذر فيما نَقِمته
هواكَ فلي بالرأي فيه مخارم
أنا المرءُ لا يشقى الوفاءُ بغدرهِ
ولا شامَ مني ذلك البرقَ شائم
ولنْ أتعدَّى الحقَّ في كُلِّ حالة ٍ
وإنْ سنَحَتْ فيه ومنْهُ الأشائم
تمسكتُ بالأمر الجميلِ مبرّءاً
من الغِشِّ إلا ما توهَّم واهم
وأُقسِمُ أني لم أُمِتْ لك نِعمة ً
عليَّ ولا أحيَيْتُ ما أنتَ كاتم
ولا حارَبتْ نفسي عليك ولا اصطفتْ
عِداكَ ولا لاءمَتْ من لا تُلائم
وسائلْ بما أُخفيهِ عيْنِي فإنَّها
تُتَرجمُ عني والعيونُ تراجم(75/162)
ألم تَرَها تسمو إليك كأنَّها
تُعانق في ألحاظها وتُلاثم
ستعلمُ ما قدْري إذا رقد الهوى
فإنَّ الهوى يقظانُ والرأيُ نائم
وللرأيِ هبات من النومِ يجتلي
أخو الرأي فيها ما تَغُمُّ الغمائم
ومازالت الأشباهُ وهي كثيرة ُ
مجاهل فيها للبصير معالم
وما قُلتَ لي في ذاك قولاً مُصَرِّحاً
ولكنه قد يَرْجمُ الغيبَ راجم
وإني لسِكِّيتٌ وعندي معارفٌ
إذا ما استطال الجاهلُ المُتعالم
وليسَ بشريرٍ ضليعٌ بحُجَّة ٍ
رمى باطلاً بالحقِّ حين يخاصم
ولا واسمٌ عِرْضَ امرىء كان نالهُ
بسوء وإنْ لامتْهُ فيه اللوائمُ
وما بي زُهدٌ في التفضُّلِ إنّه
لفضلٌ ولكن للرجال شكائم
ولكنما الشريرُ مَنْ عمَّ شرُّهُ
وسُولم بدءا فأتلى لا يسالم
وعاذ بإذعان له وتودُّدٍ
أخوه فلم تنفعه تلك التمائم
وكافأ إحساناً بسوءٍ ولم يَزَلْ
يُراجِمُ بالمكروه من لا يراجم
ولستُ بشتَّام الملوك وإن حموا
جداهم وهل لي في الملوكِ مشاتم
وكيف بِهَدْمي ما بنتْهُ سعادة ٌ
وليس لما تبني السعادة ُ هادم
عداني عن تلك العرامة ِ أنَّني
عليمٌ بأنَّ السيفَ مثليَ عارم
وأنِّي شكورٌ للأيادي التي غدتْ
لها في رقابِ العالمين خواتم
أأشتمُ من لولاه لم يك للهُدى
صِراطٌ ولا للشَّمْلِ بالعدلِ ناظم
ومَنْ بعطاياه تَعيشُ نفوسُنا
وتقويمه الدنيا تموتُ الملاحم
وإن امرأً يُمسِي ويُصبِحُ سالماً
من الناسِ في دار البلاءِ لسالم
ومَنْ رام ثَلْمِي وانتقاصي فإنَّني
لمُنْتَقِصٌ ما اسطعتُ منه وثالم
أيوجِبُ أنِّي ذو سلاحٍ مَذَلَّتي
لأعْزِلَ تُثْنَى عنه فيَّ العظائم
علامَ إذاً يستوجبُ الشعرُ حمدَهُ
علامَ حبانيه وحَظِّي الهضائم
أراني سَتَرْمي بي أقاصيَ هِمّتي
قلوصي ورحلي والفجاجُ القواتم
ولله في حاوي يديه وأرضِهِ
مناديح تَرْضاها القِلاص الرواسم
وما جلجل الوجناءَ بين قتودِها
كغضبة ِ حُرٍّ شيَّعتْها عزائم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تَظلَّمَ شِعري إلى القاسم
تَظلَّمَ شِعري إلى القاسم(75/163)
رقم القصيدة : 62087
-----------------------------------
تَظلَّمَ شِعري إلى القاسم
فأعْدَى على الزمنِ الغاشمِ
تطوَّلَ حتى توهمتُهُ
يُطاولُ بدْرَ بني هاشم
ونوَّلَ حتى لقد خِلُتهُ
يُساجلُ فيَّ أبا القاسم
فتًى نال عافُوهُ مَرْضاتَهُمْ
فجلَّ على مَرْغمِ الراغم
نُطيفُ ببَحْرٍ لهُ زاخرٍ
ونأوِي إلى جبلٍ عاصم
بناهُ الإله لنا مَعْقِلاً
بناءَ المُخلِّدِ لا الهادم
هو الدهر مُصْغٍ إلى سائلٍ
وليسَ بِمُصْغٍ إلى لائم
تظلُّ يداه يديْ غارمٍ
وبَهْجَتُهُ بهجة َ الغانم
وما غارمٌ حَصَّلَتْ كفُّهُ
له الحمدَ والأجرَ بالغارم
وما تستفيقُ يدا قاسمٍ
كأنَّ يديْهِ يدا عائم
يحاذر إنْ وَنَتَا طَرْفة ً
حذارَ امرىء ٍ حازمٍ عازمِ
ويرهب أحدوثة َ الباخلي
نَ في أزمة ِ الزَمنِ الآزم
ومَنْ كفَّ مِنْ زَمنٍ عارمٍ
تسلَّمَ مِنْ زَمنٍ عارمِ
وليستْ بسيِّدِنا خُلَّة ٌ
تُخَوِّفُهُ العَذْمَ من عاذم
لقد نَصَّهُ اللَّهُ في مَنْصبٍ
سليمٍ من الذامِ والذائم
فلا عيبَ فيه سوى نائلٍ
يراهُ المُنَوِّلُ كالحام
يظلُّ يرى حقَّهُ باطلاً
أطافَ خيالاً على نائم
فلا انْفَكَّ تالِفَ أموالهِ
وقاءً على عِرْضِهِ السالم
ولا زال غيثاً على سائلٍ
مُحِقٍّ وغيظاً على ناقم
فما تاجرٌ باعهُ حَمْدَهُ
بِمُحتقبٍ حَسْرَة َ النادم
وإني وقدْ آب لا خائباً
ولا حاملاً ثقَلَ الآثم
فلا يتوهَّمْ أخو شُبْهة ٍ
فلمْ يَبْقَ وهْمٌ على واهم
عجبتُ لمَنْ حَزْمُهُ حزمُهُ
تكونُ يداه يدَيْ حاتم
عجبْتُ لمن جودُهُ جودُهُ
تكونُ له عُقدة ُ الحارمِ
عجبتُ لِمَنْ حِلمُهُ حلمُهُ
تكونُ له صَوْلة ُ الصّارم
عجبت لمن حَدُّهُ حَدُّه
تكون له رأفة ُ الراحم
أرى كلَّ ضِدٍّ إلى ضِدِّهِ
من الخير في طبعه السالم
إليكمْ جُفاة َ العلى إنَّني
دُفعْتُ إلى مُفضلٍ عالم
يُضيء بيوم لهُ شامسٍ
ويسقي بيومٍ له غائمٍ
يقولُ فيروِي صدَى جاهلٍ
ويُعطي فيروي صدى حائم
قراني قِرَى غيرَ ما عاتم(75/164)
وليس قِرَى السَّمحِ بالعاتم
قراني لُهًى وقراني نُهى ً
فلستُ لرِفدَيْنِ بالعادم
فما لمديحي من خاتمٍ
وما لعطاياه من خاتم
فتًى لا يُذَمُّ بجودِ المُضِي
عِ كلاَّ ولا بخلِ النادم
ألا أجرِ مدحكَ في قاسم
فما لحروفِكَ من جازم
أمُسْتَكْتِمِي قاسمٌ عُرْفَهُ
أبيْتُ على المُحْسِنِ الظالم
كريمٌ أسرَّ إليَّ الغِنى
وما أنا للْعُرْفِ بالكاتم
وهَبْني كتْمتُ أتخفى له
بروقُ نداه على الشائم
ووسْمُ اليسارِ على موسرٍ
وسِيما النعيمِ على ناعم
أقاسِمُ ياقاسمَ المُنْفسا
تِ لا زلتَ في جَذلٍ دائم
مدحتك مدحة لا باخسٍ
ثناءَكَ حقّاً ولا زاعم
فساجلتُ شيْخَ بني تَغلبٍ
وساجلتُ شيخَ بني دارم
أُجَهِّزُ فيك جميلَ الثنا
إلى حافظٍ وإلى آقم
وحسبي معانيكَ من جَوْهرٍ
وحسبُكَ عبْدُكَ مِنْ ناظمِ
ولم أر مثلكَ مِنْ سيِّدٍ
وكم لك مِثْليَ من خادمِ
فلا زلتَ غيثاً على سائلٍ
ولا زلتَ غيظاً على راغم
وإن كنتَ أعقبتني جفوة ً
وما أنا والله بالجارم
وراعيتَ غيري وأغفلتني
خلافاً لميزانِكَ القائم
وليستْ بحاليَ من مُسْكة ٍ
وإن جَمْجَمَتْ سكتة ُ الكاظم
أبى ذاك أنكُمُ مُعْشَرٌ
مناعيشُللرازحِ الرازم
وأنْ ليس للداءِ داءِ الفقي
رِ غيرُكُمُ الدهرَ من حاسمِ
ومن تُسْلِموهُ لأيّامِهِ
ففي شظفِ لازبٍ لازم
أمِنْ بَعْدِ منزلة المُطْعِمي
نَ أعْدِمْتُ منزلة َ الطاعم
أمْنْ بَعْدِ منعي حريمَ المَضِي
مِ أسلمتموني إلى الضائم
فلانتْ قناتي للغامزي
نَ وارْفَتَّ عُوديَ للعاجم
أَلَمْ أك في أُفقٍ مُسْفِرٍ
فماليَ في أُفقٍ قاتم
ألمْ أكُ جذلان في ظلكم
فماليَ في مَقْعَد الواجم
إلى عدلكَ المُشْتَكَى كُلُّهُ
فحَسْبي بعدْلِكَ من حاكم
وإني لأظلمُ إذْ أشتكي
وعدلُكَ كالكوكبِ الناجم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا سيِّداً يهَبُ الأقدارَ مُقْتَدراً
يا سيِّداً يهَبُ الأقدارَ مُقْتَدراً
رقم القصيدة : 62088
-----------------------------------(75/165)
يا سيِّداً يهَبُ الأقدارَ مُقْتَدراً
كما غدا يهَبُ الأموالُ والنِّعما
هَبْ لي مِنَ القدْرِ ما ألقى العَدُوَّ بهِ
مُكَذِّباً كُلَّ ما سدَّى وما زعما
أرْغِمْهُ فيَّ فقد أضحى يُراغِمُني
وزِدْهُ رغماً على رغم إذا رغَما
ولستُ مستوجباً حظا أُنَفَّلُهُ
من الكرامة ِ لكنْ هَبْهُ لي كرما
يا مَنْ رأى قدْرَهُ يعلو مواهَبهُ
فليس مُسْتَعْظِماً شيئاً وإنْ عَظُما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيقتُلُني من ليس لي منه ناصرٌ
أيقتُلُني من ليس لي منه ناصرٌ
رقم القصيدة : 62089
-----------------------------------
أيقتُلُني من ليس لي منه ناصرٌ
عليه وأعواني عليه مكارِمُهْ
أبى ذاك أنَّ الحلَم بيني وبينه
وأن عُلُوَّ القدْر فيَّ يخاصمه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> حبستْنا السماءُ حبساً كريماً
حبستْنا السماءُ حبساً كريماً
رقم القصيدة : 62090
-----------------------------------
حبستْنا السماءُ حبساً كريماً
من كريمٍ وعِندَ حُرٍّ كريم
فظللنا بما ادَّعيناه من حل
مٍ وعلم ونائلٍ ونعيم
في أمانٍ ومَأمَنٍ بين غَيْثٍ
وغياثٍ لحادث وقديم
قاسمٍ قاسمِ العطايا الذي حا
ز العُلى وحْدَهُ بغيرِ قسيم
فرأينا العُلا أحَظّ مِنْ
هُ بها في قضاءِ كُلِّ حكيم
كَسْرَوِيٌ شرابهُ من رحيقٍ
ومِزاجُ الرحيقِ من تَسْنيم
وغناءٌ كأَنَّهُ أرْيَحياتُ الصْ
صِبى تستخِفُّ حِلْمَ الحليم
قَيِّمٌ كلّهُ وإنْ صِيغَ مِنْ أعْ
وجَ ذي عطفة ٍ ومن مُستقيم
في رِباعٍ مثلِ الرياضِ يُحَيِّي
كَ بأنفاسها رَقيقُ النسيم
مَنْ سقَى ما سقَى وأسمعَ ما أسْ
مع لم يُبِق غاية ً للنديم
جعل الله ريح دولتِهِ الده
رَ نَسيماً يَفوقُ كلَّ نَسيم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لأبو الجهم مُلْصَقٌ
لأبو الجهم مُلْصَقٌ
رقم القصيدة : 62091
-----------------------------------
لأبو الجهم مُلْصَقٌ
مُعْتَدٍ في تَجَهُّمهِ
غيرَ أنِّي عذرتُهُ
في الخَنَا عِنْدَ لُوَّمِهِ(75/166)
إِنَّ مَنْ يُحفزُ الرجي
عُ بِعُنفٍ إلى فَمهِ
لَحقيقٌ بأنْ يُرَى
جَعرُهُ في تَكَلُّمِهِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أرى بَقَر الإنس منِّي تُرا
أرى بَقَر الإنس منِّي تُرا
رقم القصيدة : 62092
-----------------------------------
أرى بَقَر الإنس منِّي تُرا
عُ أطْيَشَ ما كنتُ عنها سهاما
وأنَّى تَفَرَّعَ رأْسِي المشيِ
بُ ولم أتفرَّغْ ثلاثين عاما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أدركتَ آخرَ ما أدركتَ أوَّلهُ
أدركتَ آخرَ ما أدركتَ أوَّلهُ
رقم القصيدة : 62093
-----------------------------------
أدركتَ آخرَ ما أدركتَ أوَّلهُ
يابنَ الخصيبِ ورَبَّتْ عِندَكَ النِّعَمُ
قد قُلتُ حين أهَبَّ اللَّهُ ريحَكُمُ
الآن يَعْدِلُ فينا السَّيْفُ والقلم
ما ضرَّ أعداءكم ألا يكونَ لهُمْ
إلٌّ تراعونه فيهم ولا ذِمَم
وقد أساءوا وقد ساءتْ ظُنونُهُمُ
فما ألمَّ بهمْ من باسِكُمْ لَمم
وهَبْتُمُ لِعُبيْدِ اللهِ موهبة ً
لا مثلها ولو اسودَّتْ له النِّعِم
والنفسُ عِلْقٌ نفيسٌ لا كفاءَ لَهُ
إذا تكافأتِ الأعْلاقُ والقِيَم
ولا قَعَدْتُمْ على ضَيْمٍ ولا ضَمَدٍ
لكنْ عفوتُمْ وفي أيديكُمُ النِّقَم
وتلك أوَّلُ بشرى إنَّ دولتَكُمْ
غيثُ يَريع عليه الحبُّ والنَّسم
تبارك اللَّهُ إكباراً لمنتكُمْ
ماذا يُعْفِّي عليه الطَّوْلُ والكرم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عطفاً بني وهبٍ عليْ
عطفاً بني وهبٍ عليْ
رقم القصيدة : 62094
-----------------------------------
عطفاً بني وهبٍ عليْ
يَ فأنتُمُ في الفضل أنْتُمُ
قد جُدْتُمُ لي بالرضا
واللَّهُ يشكُرُ ما فعلتُمُ
ووجدتُ أفعال الرجا
ل عن التَّذَمُّم والتَّكَرُّم
ورأيتُ ما يبني التَّذَمْ
مُمُ غيرَ مأمونِ التهدُّم
إنَّ التجرُّمَ مُسْرعٌ
في نَقْضِ ما يبني التذَمُّم
فَصُنِ الصنيعة َ أنْ يُدَنْ
نِسَها التذّمُّمُ والتجَرُّم
إني أُعِيذُك أنْ يرا
كَ المجدُ تكْرُمُ ثم تَلْؤُم(75/167)
أو أنْ يراكَ يَحِلَّ فض
لُكَ لي فُواقاً ثم يحرم
فكُنِ امرءاً يعفو فيَكْ
رُمُ ثم يَكْرُمُ ثم يَكْرُمُ
ودعِ التغَنُّم للسِّقاطِ
فللسِّقاطِ ذَوُو تَغَنُّمِ
إنَّ التلوُّنَ فِعْلُ ذي
خُلقَيْنِ يَصْغُرُ حين يَعْظُم
وتَراهُ يُخْطِىء ُ بعدَ قَرْ
طسة ٍ وينكِثُ حين يحذم
فمتى جرى جعلَ التخْل
لُفَ وَكْدَهُ بعد التَّقدُّم
ولَمَا أَنُمُّ سوى جَمي
لِكَ إنني آبى التنَمُّم
لكنْ لسانُ الحالِ بعد ال
حابِ يَنْطِقُ حين أَكْتُم
ما حَمْدُ مثلِكَ إن سَلمْ
تُ عليكَ في ظلِّ التسلُّم
لا حمدَ أو تُولِي السلا
مة َ ذا التسلُّمِ والتَقَحُّم
حكَمَ الإلهُ بأنْ تَسُو
دَ وأن تَرَى زلَلاً فَتَحْلُم
واعذرْ فإنَّ الشِّعْرَ يَخْ
نَعُ في معانيهِ ويَعْرم
ويُجيزُ جَوْرَ قَضائه
أَهلُ المكارم حين يَحْكُم
وِلفضلكم وقع القضا
ءُ بأن تَسودونَ ونَخْدم
وانظر أبعدَ الجهل أم
بعدَ النُّهَى يقعُ التنَدُّم
يا حُسنَ قوليَ عند ظُلْ
مِي وآنتصافِك بالتبسُّم
أنتَ الذي صدقَ الترسْ
سُمُ فيه إذْ كَذَبَ التوسُّم
وحكى َ التُّيقنُ أنَّهُ
رجلُ المكارم لا التوهُّم
ولذاك مادحُهُ يقول
مُصَدِّقاً وسواه يَزْعُم
طالَ التَّجَهُّمِ والتنقْ
قُم والتجرم والتبرُّم
إن أنتَ لم تَسْتَحي مِنْ
وَجْهي ومن طُولِ التظلُّم
فاستحْي من وجهٍ حُبيت
به وصُنْه عن التجهم
لا تُشْقني بِعبوس وج
هك والسعادة ُ منه تَنجُم
عطفاً عليَّ أبا الحس
ين فإنَّ شافِعيَ التحرُّم
ودَعِ التصرُّمَ إنه
لا يشبه الكرمَ التصرُّم
إن لَم تكن لك كالتتوْ
وُجِ صُحْبَتيك فما التَخَتُّم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيْنَ من قال بأنْ لي
أيْنَ من قال بأنْ لي
رقم القصيدة : 62095
-----------------------------------
أيْنَ من قال بأنْ لي
س إلى الكُرْسِيِّ سُلَّمْ(75/168)
لو رأى قَرْنَ الحريْثيْلم يزل خالدٌ لَدُن كانَ طِفلاًمُرْضَعاً والأيورُ أكبرُ هَمِّهْ كان قِدْماً يَمُصُّ أيْرَ أبيهويُطيل الصدودَ عن ثدي أُمه بذيء
يِ استحى أن يَتَكَلَّم
لم يزل خالدٌ لَدُن كانَ طِفلاً
مُرْضَعاً والأيورُ أكبرُ هَمِّهْ
كان قِدْماً يَمُصُّ أيْرَ أبيه
ويُطيل الصدودَ عن ثدي أُمه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألم ترني استصبحتُ دون صَحابتي
ألم ترني استصبحتُ دون صَحابتي
رقم القصيدة : 62096
-----------------------------------
ألم ترني استصبحتُ دون صَحابتي
إذا مالقيتُ المأزِق المتلاحما
حساماً جُرازَ الشفرتَيْنِ كأنما
يقطّ بأوساطِ الكُماة ِ معاصما
تُوامِضُ فيه الشائمين بوارقٌ
لها لمحاتٌ يُخْتَطِفْنَ الجماجما
به ما أُسَمَّى في الكريهة بُهْمة ً
وبي ما يُسمّى يومَ ذلك صارما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لا تَلْحَ مَنْ يبكي شبيبته
لا تَلْحَ مَنْ يبكي شبيبته
رقم القصيدة : 62097
-----------------------------------
لا تَلْحَ مَنْ يبكي شبيبته
إلا إذا لم يَبْكِها بِدَمِ
عيْبُ الشبية غَولُ سَكْرتِها
مقدارَ ما فيها من النِّعم
لسنا نراها حقَّ رُؤيتها
إلاَّ زمانَ الشيبِ والهرمِ
كالشمسِ لاتبدو فَضِيلتُها
حتى تَغَشَّى الأرضُ بالظُّلم
ولرُبَّ شيءٍ لا يُبَيِّنُه
وجدانُهُ إلاَّ معَ العدم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وكم جاهلٍ قد أبدأ الجهلَ مرة ً
وكم جاهلٍ قد أبدأ الجهلَ مرة ً
رقم القصيدة : 62098
-----------------------------------
وكم جاهلٍ قد أبدأ الجهلَ مرة ً
فقلت أعدْهُ إنني عائدُ الحلم
ألم تر أنَّ الظلم يُخْسِرُ ظالماً
ويُخْسِرُ مظلوماً لدى كل ذي علم
إذا ما تلاقى الحلم والجهل مرة ً
فيالك من أجرٍ ويالك من إثم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لوْ هداكَ القَصْدَ فهْمُ
لوْ هداكَ القَصْدَ فهْمُ
رقم القصيدة : 62099
-----------------------------------
لوْ هداكَ القَصْدَ فهْمُ(75/169)
أو أراك الرأي حَزْمُ
لاسْتوى عندك بيْتٌ
يتحدَّاكَ وسَهْمُ
كان غثّاً أو سميناً
هو مهما كان شَتْمُ
بل أبى جَهْلَكَ بل حَيْ
نَك بل عِرضَك هدْم
لا يُبالي الشتمَ عِرضٌ
كلُّهُ شَتْمٌ وكَلْم
أيها المسترحجوه
إنَّ بعضَ الظنِّ إثمُ
ليس بالراجِحِ مَنْ رُجْ
حانه لحْمٌ وشحم
لا وذاك البطنِ لا جا
ور ذاك الترب عِلم
من رأيتُم بعد طالو
تَ له عِلمٌ وجسم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> آراؤكُمْ ووجوهكُمْ وسيوفكم
آراؤكُمْ ووجوهكُمْ وسيوفكم
رقم القصيدة : 62100
-----------------------------------
آراؤكُمْ ووجوهكُمْ وسيوفكم
في الحادثات إذا دجونَ نجومُ
منها معالمُ للهُدَى ومصابحٌ
تجلو الدجى والأخريات رُجوم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قل لابن بوران ولا تأثَّمِ
قل لابن بوران ولا تأثَّمِ
رقم القصيدة : 62101
-----------------------------------
قل لابن بوران ولا تأثَّمِ
يا عربيَّا أعجميّاً وافْهم
يفعلُ في مُؤْخرها والمُقدمِ
كَوَصْفِنا في أُمِّك المُقَدَّمِ
كما وصفْنا قبله لم يَخْرِم
في نفقيْ عرسِكَ شرَّ مخرم
يتركها لو ولدت قبله لم تَعْلَمِ
وإيْرُ عَير بعد ذاك مُكْدمِ
ينقُض منها كلَّ شيءٍ مبُبْرم
ينحل منها ضيقَ كل مَأْرِم
يتركها مُشاعة ً لم تُقْسمِ
مراثُها وبَوْلها من مَخْرم
يدعَسُها عدس السنانِ اللَّهذَم
في دُبْرها وثَفْرها المُفَرَّم
في بطنِ بورانَ وأنْ لم ترغم
ينْظِمُها من دُبُرٍ إلى فم
وأيْرِ بغْلِ بعد ذاك أدلم
ذي عُنقٍ ريَّا ورأسٍ فيْلم
ويابنَ أمٍّ وابن كلِّ مُسْلمِكدمتَ مِننْ أمِك شرَّ مكدّمزيادة البظْرِ الذي أنت إليه تنتمي مخضَّاً بالحيض مثل العَنْدميُفيضُ من شرِّ فم شرَّ دمعلى سبالٍ منك لم يُكرميجيشُ من فتْقِ مَبالٍ سَرْطَميهْدِرُ في وجهك هَدْرَ المُقرمَمِنْ تحت إست مثل رأس المُحرم وأ
حاشا الذي أنت إليه تنتمي
كدمتَ مِننْ أمِك شرَّ مكدّم
زيادة البظْرِ الذي أنت إليه تنتمي(75/170)
مخضَّاً بالحيض مثل العَنْدم
يُفيضُ من شرِّ فم شرَّ دم
على سبالٍ منك لم يُكرم
يجيشُ من فتْقِ مَبالٍ سَرْطَم
يهْدِرُ في وجهك هَدْرَ المُقرمَ
مِنْ تحت إست مثل رأس المُحرم
أُقسمُ بالله الأجلِّ الأعظم
لأرمينَّ بالهجاء الأعرم
دعيَّ آباءٍ عديدِ الأنجُم
لو يسروه بينهم بالأسْهُم
ما صار للواحد وزنُ دِرْهَم
ما بين ذي الحجَّة والمُحَرم
يوماً مضى غُفْلاً بغير مِيْسَم
من فَجْرة ٍ لأمِّة ِ أو مأثمِ
يابن البغايا قولة ً لم تُزْعَم
عجبتُ منكَ عجباً لم يظلم
وكيف لم تُرْقَط ولم تُوشم
وأنت خِلطٌ من شُعوبِ مَوْسم
لأنت أولى بغشاء الأرْقَم
بل كيف أضويتَ ولم تُتَمَّم
كخَلْقِ عادٍ أو كخلقِ جُرْهم
وفيك ماءُ ريِّ رَمْل أهيم
كم فيك من تَوْأمة ٍ وتوأم
كم منْ شقيقِ لك فيك مُدغم
لو زُيّلُوا من حسمك المُجسَّمِ
غدوتَ في جيشٍ بهم عرمرم
تُكْثر كلَّ معربٍ ومعجم
أمنع من جاد الهضاب الأعصم
يابن الزنا منقطعَ التكلم
وابن الزنا منحسرَ التوهم
ما نظمَ الشعرُ وما لم ينظِم
فلْيكْتُب الكاتبُ أو فلْيسأمِ
أنت ابنُ بوران كفاك واختم
يعْهدُها في اليوم ألفا قيِّم
وتشتكي الخلَّة َ شكوى الأيِّم
ليست لها أختٌ سوى جَهنَّم
متى تزدها حَصَباً تَضَرَّمَ
لم يخلُ في الأرضِ طباقَ مَنْسِم
من مبركٍ خَوَتْ به أو مجْثم
أخُلِّقتْ نقيضة ً لمريم
أم خُلِّقتْ وقفاً لكل مُعدِم
يا قاصداً بوران شاوِرْ تَسْلَم
واستثْبِتِ الرأيَ ولا تَقَحَّم لا تأتها شائلة َ المُخَدَّمبل دان بين الفَخِذَيْن واضمُم واجعل مِلاط الأيرِ جلد شهيمواقبض على اعضادها واستعصم فإنَّما تركب بحرَ القُلزُمحذارِ من أنفاسها تَلثمِ
قبل النَّدامِ لاتَ حينَ مَنْدَمِ
لا تأتها شائلة َ المُخَدَّم
بل دان بين الفَخِذَيْن واضمُم
واجعل مِلاط الأيرِ جلد شهيم
واقبض على اعضادها واستعصم
فإنَّما تركب بحرَ القُلزُم
حذارِ من أنفاسها تَلثمِ
فإنها إن لم تُمتْكَ تُسْقم
عَنْ نفسٍ مثلِ الدُّخانِ أقْتَم(75/171)
ويلٌ لأنفٍ منه لم يُكَمَّم
منْ نَكْهة ٍ تخرقُ أنفَ الأخشم
لو عبقت بالريح لم تنسم
فرطَ حياءٍ من أنوفِ الشُّمَّم
حذارِ من تقبيلها تقدَّم
عن ريقة ٍ خضراءَ مثل العَلْقمِ
ومَلْثمٍ يُظلمُ باسمِ مَلْثَم
ومَلْطمٍ حُقَّ له اسم مَلْطَم
نِعْمَ العتادُ لحضور المأْتم
دونَكَها كالجندلِ المُسَوَّم
طهِّرْ بها بوران إذ لم تُرْجَم
هذا لها وابسط يديكَ واغنم
من الهجاء مغماً كمغرم
فضيحة ً فصيحة ً للأعْجَمِ
أشهرَ من غُرَّة ِ وجهِ الأدهم
أشيَنَ من مفترِّ ثغر الأهتم
عجبتُ من مجلسك الميمَّم
ومن رجالٍ شيخُهمْ لم يُفْطَم
يقتادهم تلقاءَك الرأيُ العَمِي
أتباع ظنٍّ لهم مُرَجَّم
شاهتْ وجوهنا واطّلتْ بعِظلمِ
كأنهم ماسمعوا بالهيثم
ولا الفحول في الزمان الأقدم
يا ربَّ يوم لهُمُ مُذّمَّم
شفيتُ منهمْ غُلَّتي وقرمي
وظِلْتَ بالنيك لم تَنَغَّمِ
تهذي هُذاءَ الرجل المبلسم
يرمى المساكين بكُلِّ صيْلَم
شدوكَ في شعرك غيرِ المحكم
يالكَ من مسدًى به ومُلحَمِ
لم ترضَ إلا بالعذاب المُحْكَم
أوهنت أمر النارِ عند المُجرِم
وزعتَ بالجنة ِ كلَّ مُغْرم
مُسْتَهْترٍ بحُورها متيم
نحستَ مزكوماً وإن لم تُزْكم
مِنْ سُدَّة ٍ في أنفك المُوَرَّم
مُحشرج الصدرِ برِطلَيْ بلغم
إنْ لا تنخَّع مرة ً تنخَّم
نخامة ً كالضَّفدع المُوشَّم
دكناءَ رقْطاءَ بقيحٍ أو دم
ممتخطا بالكوعِ أو بالمعصم
تَضْرِطُ من أنفٍ وتَفْسُو من فم
ذا نكهة ٍ من لم تُمِتْهُ يُصْدَم
حتى دعاك الملأُ ارحم تُرْحَم
فقطَّعوا اليومَ بغير منعم
وانصرفُوا عنكَ بغير مَغنم
إلا ثوابَ الصابرين الكُظَّم
وما يفي ذاك بذاك المغْرِمِ
لا خيرَ في الأسماعِ إنْ لم تُصمم
ألْجَمَكَ اللَّهُ لجامَ الأبْكم
يا شرَّ مخلوعٍ وشرَّ مُلْجَم
هاكَ قِرى مِثلكَ لم يُعَتَّم
من شاعرٍ صَدْقِ اللقاءِ مِرْجَم
ليس بمغمورٍ ولا بِمُفْحَم
يرمي المُرامين بلا تَجشُّم
بكل سيارٍ أحدَّ أدلم
يكدحُ في وجه الصفاة ِ الصِّلدم(75/172)
دونكها مثل عصا المكلَّم
تلقف الإفك بشدقٍ شدفم
تَهوي هُوى َّ الجندل المسوَّم
وقعتَ مني في النآدالسَّلقم
أو تتَّقي الشرَّ بكوعَيْ أجذم
تُوَقِّيَ المسترحم المُسْتَسلِم
حينئذٍ آوي إلى تَكَرُّمي
لستُ بظَّلامٍ ولا مظلَّم
وكنتُ حُلوالطعمِ صُلبَ المعجم
ذا مَلْمَسَيْن مُبْشَرٍ ومُؤْدَم
فإنْ تُرِدْ عَفْويَ بعدَ مَنْقَم
أهَبْك للَّهِ وللتَّذَمُّم
وإنْ أبى حَيْنُكَ ذاك فاعْزِم
وابقَ لعودا القوافي واسْلم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إن عبْدَ القَوِيِّ ذاك المُكَنَّى
إن عبْدَ القَوِيِّ ذاك المُكَنَّى
رقم القصيدة : 62102
-----------------------------------
إن عبْدَ القَوِيِّ ذاك المُكَنَّى
بسُوَيْدٍ أراه يمتارُ سَمي
عبدُ سوءٍ مُجاهرٌ بالمعاصي
لا يعمِّي الفحشاءَ فيمنْ يُعمِّي
ثم لو كان فاعلاً لتسلَّيْ
تُ ولكن لعكسه الفعلَ غمِّي
لو يُسمَّى بنصفِ كنيتِهِ الأعْ
لى ونِصفِ اسمهِ أصابَ المُسمِّى
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أتَتْني أبا العباسِ أخبارُ وَقْعة ٍ
أتَتْني أبا العباسِ أخبارُ وَقْعة ٍ
رقم القصيدة : 62103
-----------------------------------
أتَتْني أبا العباسِ أخبارُ وَقْعة ٍ
مُنيتَ بها من صاحب لك لم يُلَمْ
ولو كنتَ أشركتَ الأوِدَّاءَ لم تُصَبْ
بسوءٍ ولكن لم تدعْ أكلة َ النَّهَم
فبُعداً وسُحقاً بالذي أنت أهلهُ
أكلتَ خبيثَ الزاد وحدكَ فاتخمِ
كذاك انتقامُ الله من كُلِّ ظالمٍ
ظلمتَ صديقاً فابتُليتَ بمنتقم
شهدتُ بها يوم استثابتْكَ بالعصا
بحُرية ٍ تأبى الهوانَ فتَنْتَقِم
عفا الله عن ذَنْبَيْكَ عندي وعندها
فإنهما ذنبا بذيءٍ ومُغتلمِ
ومن ساءني من بعدُ أو ساء حُرة ً
مقالاً وفعلاً نِكْتُهُ غيرَ مُحتشمِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يأْبى ليَ الضَّيْم فرْعيَ السامي
يأْبى ليَ الضَّيْم فرْعيَ السامي
رقم القصيدة : 62104
-----------------------------------
يأْبى ليَ الضَّيْم فرْعيَ السامي(75/173)
إلى المعالي وأصْليَ النامي
إني إذا ما الصديقُ أكرمني
ثُمَّ غدا يستردُّ إكرامي
جعلتُ من لذَّتي مُراغمتي
إيَّاه حتى يملَّ إرغامي
وليس إلاَّ بهجره أبداً
والضِّنِّ عن بابه بإلمامي
ورفع نفسي عن استماحته
ببذلِ وجهي له وإعظامي
ومنعِهِ لذَّة التَّعتُّبِ بالع
دلِ عليه في كل أحكامي
ولا يراني هناك أندُبهُ
بقرْعِ سنِّي وعضِّ إبْهامي
وكنتُ لا أصنع الصنيع أرى
في عقبه ذِلَّتي للوَّامي
أخرجُ من خاطري معاهدَهُ
بعد اشتغالي به وإغرامي
حتى أراه لدى التذكر والتَّذ
كيرِ حلماً مِنْ بعضِ أحلامي
وما من الحلمِ أن أُقِرَّ على الظْ
ظُلْم وأسبابه لظلاَّمي
أوصلني الحلمُ بالتشحط للْ
قسْمِ إذا كان شرّ أقسامي
وكَيْفَ أُغضي على الدَّنِيَّة ِ والْ
فُرسُ خؤولي والرومُ أعمامي
وقد تَتَوَّجْتُ من ولاء أبي ال
عباس تاجا يسْمُو به السَّامي
يا قاتل الله عصبة جَعَلتْ
إجرامَ دهري إليَّ إجرامي
من ضنَّ عنِّي ببذلِ نائلهِ
ضنَنتُ عنه ببذلِ أيامي
تالله لا تلتقي الثلاثة وَصْ
ليه وإثراؤه وإعدامي
قد كنتُ بالله مُشركا وثناً
فزال شركي وصحَّ إسلامي
أستغفرُ الله من عبادتِهم
فإنها منْ عظيم آثامي
طالتْ صلاتي لهم ورافدَها
صَوْمي من مالهم وإحرامي
أستغفِرُ الله كم وكم رجُل
أعْظَمْته وهو دونإعظامي
ثم تبيَّنْتُ أنه غرضٌ
ليسَ من اللائي يقْصِدُ الرامي
من جامد الكف حين تسأله
وخائن الحبلِ عندَ إعصامي
وضاحكٍ بي وليس يُضْحِكهُ
شيء سوى أنَّ ظِلْفِيَ الدَّامي
يضْحَكُ من كل ما بكيتُ لهُ
كأن لذَّاته بآلامي
لو احتَجَجْنا في مَحْفلٍ لدرَى
أنْ ليسَ إلزامهُ كإلزامي
والله لاصحَّ باطني لأخ
يُصحُّهُ الله عند إسقامي
وما خليلي الخليلُ يُعجِبُهُ
تَرْكيَ أموالهُ وإجمامي
وما أُراني يفوزُ مُطرحي
وما أُراني يخيبُ مُعتامي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> خلِّياني عند اصطكاك الخصوم
خلِّياني عند اصطكاك الخصوم
رقم القصيدة : 62105
-----------------------------------(75/174)
خلِّياني عند اصطكاك الخصوم
وازحما بي عند اعتراك القُرومِ
وكلاني إلى بلائي وصِدْقي
تأمنا نبوة َ الكَهَام اللئيم
يا بن بوران ما نجوتَ لوأ
دِ الخير لكن لوأد شرٍّ عظيم
لو تبعتَ الأُلى مضوْا من شهيد
ووئيدٍ إلى جنان النعيم
كان خيراً من البقاء لحربي
بل أبى شؤمُ جَدِّك المشؤوم
وإذا لم تَحِنْ محائنُ قومٍ
فلماذا تجري نحوسُ النجوم
أنا من أذْعَنَتْ له الإنسُ والجنْ
نُ جميعا بالقَسْرِ والترغيم
واسعُ العفوِ للمُنيبِ وعندي
نقماتٌ تدومُ للمستديم
سوف تدري غداً إذا ما التقينا
للتهَاجي في حَفْلِ أهل العلوم
حين أفْتَرُّ عن قوافيَّ غُراً
وتُوَرِّي عن مَضْحك مَهْتوم
يا بن بوران كيف أخطأك الجس
م فلمْ تعلُ جِسْمَ كُلِّ جسيم
فلعمْرِي لما أُتيتَ من الما
ءِ ولكن من السِّقاءِ الهزيم
شملَ الناسَ عدلُ أُمك حتى
سارَ فيهم كَسيْر جورِ سدُومِ
لو رآك الرجالُ شيئاً نفيساً
كثُرتْ فيك هثهثات الخصوم
كيف ندعوهم لآبائهم ربي
ومنهم أمثال هذا الزنيم
كُلُّ فحْلٍ أبوك عدْلاً من ال
له وعيسى بلا أبٍ كاليتيم
تطمِث الأرضُ من مواطىء بو كلّث عضو من جِسمها فيه فرجٌيقتضيها الزنا اقتضاءَ الغريم
ران ولو بينَ زمزم والحطيم
كلّث عضو من جِسمها فيه فرجٌ
يقتضيها الزنا اقتضاءَ الغريم
أفحُش القذف والهجاء لبو
رانَ طهورٌ كالرجمِ للمرجوم
كيف لا تسقطُ السماء على الأر
ضِ ونُرمَى من أجلها بالرجومِ
كثُرتْ موبقات بوران حتَّى
ضاقَ عنها عفوُ الغفورِ الرحيم
غلبتهُ خلاعة ً ومُجوناً
يا لقوم للشيخة المِغْليم
ذللت أنفهُ فكيفَ أرادَتْ
صرَّفتْهُ كالكودن المخْطوم
فإذا ليم في تغاضيه عنها
قال مِنْ شأْنِيَ اطراحُ الهموم
رضي الشيخُ بالذي قدرَ ال
لهُ فألقى مقالدَ التسليم
غيرَ أنْ لم تَغْبنْهُ طرفة ُ عيْن
بفُجورٍ ولا زناً مَكْتومِ
بل بسحناءِ وجهِ سهلٍ طليقٍ
وبطيب من نفسِ سمْحٍ كريم
لو أطاعتْ كما عصتْ لاستحقَّتْ
خُلَّة الله دون إبراهيم(75/175)
ليس لي من هجاءِ بورانَ إلا
نَقْل منثُورهِ إلى المنظومِ
ومعانِيَّ كلهنَّ اتباعٌ
لا ابتداعٌ والعلمُ بالتعليم
هي تفري لي الفريَّ فأحذو
حذوها كالإمام والمأموم
ما أراني أُسيِّرُ الشعرَ فيها
سيرها في سُهولها والحُزوم
هي أهدى من القوافي وأسرى
في دُجَى الليلِ والفلا الدَّيْموم
حملاها النهارُ والليلُ دأْبا
يُعملان الرسيمَ بعدَ الرَّسيم
ليس يُخلي منها مكاناً مكانٌ
هي شيءٌ خُصُوصًهُ كالعُموم
تتأنَّى محيضها ثم تَزْني
في المحاريب طاعة ً للرجيم
هي طيفُ الخيالِ يطرقُ أه
لَ الأرض من بين ظاعنٍ ومقيم
هي بالليل كلُّ شخصٍ تراه
ماثلاً في الظلام كالجرثوم
لا تَمَلُّ البروكَ أو تقعُ الطي
رَ على متنها كبعضِ الأروم
ناقضتْ مريم العفافَ فلمَّا
قاومتها بالغيِّ والتأثيم
صَمدَتْ في الزِّنا تُناسلُ حَوَّا
ء فحوَّاءُ عِندها كالعقيمِ
أيُّها المُؤذني بصرْم حبالي
رُبَّ رُزْءِ كالمَغْنَم المَغْنومِ
في الذي بين ترْمَتَيْكَ وبيني
خلفٌ منْ وصالك المصروم
لا تخلني قرعتُ سِنّاً بظُفْرٍ
من ندام عليك أو تنديم
في سبيلِ الشيطان منك نصيبي
وعليكَ العفاء لؤمَ ابن لوم
وهنيئاً لحرمتيكَ هنيئاً
حازتا فحلتي بغَيْرِ قسيمِ
فهو يجري فيها ويسلك منها
حيث تَجري أرواحها في الجسومِ
نزعَ الله غيرة الفحل منه
فهو ما شئت من فؤادٍ سليم
تقليس النَّخلُ في مرارته الأر
يَ مُصَفَّى من القذى والموم
غير أن الفتى يغايرُ عِرْسَيْ
هِ على كل ناشيء صهميم
جِذلُ نَيْكٍ يمشي الهوينا فينما
زُ وزيمٌ منْ لحمهِ عن وزيم
إنَّ مَنْ كوَّنَ السفاحَ سِفاحاً
ساطهُ من دِمائها واللحومِ
جامعاتِ بذاك أمرين في أم
رٍ فعالَ المُسْتَمْتعِ المستديم
كانتا منكَ في ضِرارٍ فأمسى
لهما شِربُ يومك المَعْلوم
ثمدتني بناتُ بورانَ حتَّى
أعْقمَتْني وكنتُ غير عقيم
لقى الناسُ من زناهنَّ شرًّا
فهُمُ بين جافر وسقيم
قد أكلن الأيورَ الضَّواري
وشربن المنيَّ شرْبَ الهِيم(75/176)
رافعاتِ الأْقدام بالليل يدعو
ن على المحصِنين بالتأثيم
قلتَ لما قرأت في مجلس الأق
وامِ طوبى الأمِّ والمزكوم
غيرَ لام أدغمتها أنت في مي
مك ثم احتجَجْتَ يا بنَ الخطيم
يا اخا النحو والمُقَدَّمَ فيه
لم تر اللام أُدغمت في الميم
فهو يَجْتَرُّ جرة ً بعد أخرى
تترقى من فرثه المزحومِ
كُلَّما هبَّ هبَّة ً بنشاطٍ
حفزتْ جعسه إلى البُلْعوم
يتقصاه مُغْرقُ النَّزْع فيه
كتقصّى الطبيب سبْرَ الأميم
باتَ قِمْعٌ يدعُّهُ في الصَّمارى
مثلَ دعّ الرَّبيبِ وبينَ الكُروم
سائل القمعَ ليلة القَفْص عنهُباتَ قِمْعٌ يدعُّهُ في الصَّمارى مثلَ دعّ الرَّبيبِ وبينَ الكُروم يتقصاه مُغْرقُ النَّزْع فيهكتقصّى الطبيب سبْرَ الأميم كُلَّما هبَّ هبَّة ً بنشاطٍحفزتْ جعسه إلى البُلْعوم فهو يَجْتَرُّ جرة ً بعد أخرى تترقى من فرثه المزحومِ يا
بين حاناتها وبينَ الكُروم
أيُّ نَتْن وأيُّ مَسْموعِ سوْءٍ
عدِماهُ حاشا الكتابِ الحكيم
كيفَ لا يحرق الجِنان ابن بورا
ن بذاك الفم الخبيثِ النَّسيم
قسماً لو يكون الاسمُ المُسَمَّى
أصبحتْ كُلُّ جَنَّة ٍ كالصَّريم
غرَّكَ الرائدان ويلكَ مني
وأسامك في الوبيل الوخيم
إذْ تَنَقَّصْتَني بصعلكة الرأ
س سفاها فاذَّمَمت غير ذميم
ما تعدَّيتَ أن وصفت خِشاشا
لوْذَعِيّاً كالحَّية المشهوم
لوذعياً كأن مابين عطفي
ه مصابيحُ كل ليل بهيم
بتضني الفؤاد يسرب في الخُر
ت وينغلُّ في مجاري السموم
وقديماً ما جَرَّبَ الناسُ قَبْلي
ثِقلَ الهامِ في الخِفاف الحُلوم
واعتبِرْ أنَّ أفسل الطير في الطَّيْ
رِ وفينا كروسات البُوم
ثم حاولت بالمصيقل تصغي
ري فما زدْتني سوى تعْظيم
كالذي يعكسُ الشِهابَ ليْخْفَى
وهْو أدنى لهُ إلى التَّضريم
وإذا سُمِّيتْ دُوَيْهِيَّة ً أح
دى الدواهي فالأمر غير مروم
ما تُبالي وبينَ كشحيك هذا الشْ
شِعْرُ سُكْنَى لظى ً وشُرْبَ الحميم
كلماتٌ ليست بمكروهة المس
موع لكن مكروهة المشمومِ(75/177)
لم تَسربْ في خَرْقِ أُذْني وطارت
كمطير الفُساء في خيشوم
يابن بورانَ قد أظَلَّكَ زَجْرٌ
كالدُّخانِ المذكور في حاميم
يابن بوران لامفر من ال
له ولا من قضائه المحتوم
كنتَ فيما أرى حسبتَ هجائي
ك هجاءً أبقى مَصَحَّ أديم
فتغاضيتَ خوف أعْرم منه
راضياً خُطَّة َ الذليلِ المضيم
فإذا الأمرُ فوق ماكنتَ قدْ
دَرْتَ وليسَ اليقينُ كالترجيم
صدمت مِسمعيك شُنْعُ القوافي
صدمة ً غادرتك كالمأموم
فتلومْتَ واقفاً موقِفَ الأش
قرِ بين التأخير والتقديم
تَقسِمُ الأمر رهنَ نحرٍ وعَقْرٍ
قد تَحيرت حيرة َ المدهوم
ساعة ً ثم قلتَ قد هلك الهُلْ
كُ فأشْفي غيظي وأُمضي هُمومي
ولعَمري لقد عميتَ من الرُّشْ
د وقصدِ المحجَّة المستقيم
ما مضيضُ الكُلوم مغتبطاتٍ
كمضيضِ الكُلومِ فوقَ الكلوم
إنَّ شتْما ألمته يابنَ بورا
نَ لأدهى من العذاب الأليم
ليس هذا عهدي بصبرك للهو
ن على سالفِ الزمان القديم
ما عهدناك قطُّ إلاَّ عَزوفاً
للْمَذَلاَّتِ مستباحَ الحريم
لاتبالي من ناك أمَّك جهراً
مِنْ عدُوٍّ ومن وليٍّ حَميم
أفْتَرضى بنيكها وتُبالي
شتْمها يا ضلال حِلمْ الحليم
اعتبرْ أين مَنْ يجاهر بالسوء
في أمِّه من المَشْتوم
غيرَ أنِّي أنضجْتُ جِلدكَ كيًّا
فتململْ فأنتَ غيرُ ملوم
لكَ عُذرٌ أن لاتنام لعمري
أنا أدهى من أن ينام سليمي
يابن بوران دعوة لو تَجَرَّأ
تَ بها ما قرنتَ ميماً بميم
هاكها حلة سيودي بك الده
ر وفيها طرائق التسهيم
قد أردتُ التَّشْبيبَ فيها ولكنْ
لم تكنْ لي مندوحة ٌ في الميم
لايراني الإلهُ أهجوكَ عُمري
أنت عندي في حالة المرحوم
لِلْقوافي في وصفِ أمِّكَ شُغْلٌ
يابن بوران عن صفاتِ الرسوم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> له مالٌ يجمُّ على العطايا
له مالٌ يجمُّ على العطايا
رقم القصيدة : 62106
-----------------------------------
له مالٌ يجمُّ على العطايا
ونعمة ُ كُلِّ ذي كرمٍ تدومُ
كماء العدِّ مهما نالَ منه(75/178)
سقاهُ الماءِ أخلفهُ الجُموم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مراحَ شَيْبي عليَّ مثل الثغامص وغدا عاذلي ألدَّ الخصامِ
مراحَ شَيْبي عليَّ مثل الثغامص وغدا عاذلي ألدَّ الخصامِ
رقم القصيدة : 62107
-----------------------------------
مراحَ شَيْبي عليَّ مثل الثغامص وغدا عاذلي ألدَّ الخصامِ
عزني في خطابه أنْ رآني
صارَ بعضي ظهيره في ملامي
ويحسب المُفَنِّدي بمشيبٍ
ردَّ غَرْبَ الجماح ردَّ اللِّجام
قنَّعَ الرأسَ ثم لثَّم وجهي
وكفى بالقِناع دونَ اللثام
حلَّ رأسي فراعني أن في الشي
ب نَعِيَّ الصِّبا نذيرَ الحمام
راعني شخصُهُ وراع بشَخْصي
مقر الإنس ساكناتِ الخيام
فتناهَيْنَ قالياتٍ وِصالي
وتناهيتُ خائفاً ما أمامي
بل تناهيتُ مُكرهاً بتناهي ال
بيضِ عنِّي وما انتهتْ أعرامي
كالذي ذَاده السُّقاة عن الماء
ء ولم يشفِ ما به مِنْ أُوامِ
حَسْرتي للشبَّاب لابلْ من الشيْ
بِ لقد طال مُذْ بدا تَحوامي
ذادني عن مواردٍ ليَ كانتْ
شافياتٍ من الغليلِ الهُيام
حَرُمَتْ بالمشيب أشياء حَلَّتْ
لي زماناً بإذنِ جَعْدٍ سُخام
لم تَحَلَّلْ لمَنْ أتاها ولكِنْ
لم يكنْ دونَها من الشيْبِ حامي
فأتى الآنَ دونَها فهيَ اليوْ
مَ حرامٌ عليَّ كلَّ الحرام
سوأتي أنْ أطعتُ شيْبي فيماراحَ شَيْبي عليَّ مثلَ الثَّغامِ
وغدا عاذلي ألدَّ الخصامِ
عزني في خطابه أنْ رآني
صارَ بعضي ظهيره في ملامي
ويحسب المُفَنِّدي بمشيبٍ
ردَّ غَرْبَ الجماح ردَّ اللِّجام
قنَّعَ الرأسَ ثم لثَّم وجهي
وكفى بالقِناع دونَ اللثام
حلَّ رأسي فراعني أن في الشي
ب نَعِيَّ الصِّبا نذيرَ الحمام
راعني شخصُهُ وراع بشَخْصي
مقر الإنس ساكناتِ الخيام
فتناهَيْنَ قالياتٍ وِصالي
وتناهيتُ خائفاً ما أمامي
بل تناهيتُ مُكرهاً بتناهي ال
بيضِ عنِّي وما انتهتْ أعرامي
كالذي ذَاده السُّقاة عن الماء
ء ولم يشفِ ما به مِنْ أُوامِ
حَسْرتي للشبَّاب لابلْ من الشيْ
بِ لقد طال مُذْ بدا تَحوامي(75/179)
ذادني عن مواردٍ ليَ كانتْ
شافياتٍ من الغليلِ الهُيام
حَرُمَتْ بالمشيب أشياء حَلَّتْ
لي زماناً بإذنِ جَعْدٍ سُخام
لم تَحَلَّلْ لمَنْ أتاها ولكِنْ
لم يكنْ دونَها من الشيْبِ حامي
فأتى الآنَ دونَها فهيَ اليوْ
مَ حرامٌ عليَّ كلَّ الحرام
سوأتي أنْ أطعتُ شيْبي فيما
لم أُطِعْ فيه حاكم الحكَّامِ
وعظَ اللَّهُ والكتابُ فصمْ
ممتُ وأقدمت أيما إقدام
ونهى الشيبُ بعد ذاك فسلَّمْ
ت وأحجمتُ أيما إحجام
صُمْتُ عن كُلِّ لذّة ٍ لمشيبي
أفلا كان للإله صيامي
وإحيائي أن لا يكون من ال
له حيائي من غيره واحتشامي
إذْ تعديتُ لا حياءٌ من اللَّ
له نهاني ولا اتِّقاءُ انتقام
وتناهيْتُ مُعْظِماً لمَشيبي
ومَشيبي أحقُّ بالإعظام
أَفَلا هبِتُ ذا المهابة من قب
لُ وأكرمتُ وجهَ ذي الإكرام
كاد هذا المتابُ يُعْتدُّ إجرا
ماً وبعض المتاب كالإجرام
توبة ٌ مثلُ حَوْبة ٍ وقديماً
أتبعَ الجهلُ زلة ً بارتطام
دحضتْ حُجَّة ُ المنيبِ إلى الشيْ
بِ وأنَّى لطالبٍ بقوام
أيُّ عذرٍ لتائبٍ لا إلى الل
ه ولكن إلى شبِيه الثغام
إن عُذراً من الذهاب إلى الل
ه لعُذْرٌ يغْلو على المُستام
أإلى أرذلي جعلتُ متابي
ضلَّة ً مثلَ ضلة ِ الأنعامِ
بل إلى الله تبتُ لمَّا ثناني
بِعِناني وزاعني بِزِمامي
راعني بالمشيبِ عمَّا نهى عن
ه بآي الكتابِ ذي الإحكام
كم بدا في الكتاب لي من ضياءٍ
كان مِنْ قبلُ دونه كالقَتام
هَتَك الشيبُ ذلك السِّتْرَ لي عن
ه فزال العمى وراح التعامي
وكلا الشيبِ والكتابِ جميعاً
واعِظٌ زاجرٌ عَنِ الآثام
غيرَ أنَّ الكتابَ يُكْتَبُ بالأقْ
لام والشيبُ ليس بالأقلامِ
بلْ بِرَدْعِ الحوادث المُصْمَئِلاَّ
ت ومرِّ الشهور والأعوام
لن ترى مثلهُ كتاباً مُبينا
لا بشكْلٍ لهُ ولا إعجام
خُطَّ غُفْلَ الحُروفِ يقرؤه الأُمْ
مِيُّ كالصبح غير ذي استعجام
فيه للقارئين أيُّ نذيرٍ
بِبلَى جِدّة ووشك اخترام
عاذلي قد نزعتُ فانزع عن العَذْ
لِ وإن كنتَ في صواب حَذَام(75/180)
قد رأيت الذي هويتَ فأرْضَيْ
تَ وأرغمتَ فارْضَ لي إرغامي
حَلأَّتْني الخطوبُ عن شِرَع الله
و فأصبحتُ حائماً في الحيامن راحَ شَيْبي عليَّ مثلَ الثَّغامِ
وغدا عاذلي ألدَّ الخصامِ
عزني في خطابه أنْ رآني
صارَ بعضي ظهيره في ملامي
ويحسب المُفَنِّدي بمشيبٍ
ردَّ غَرْبَ الجماح ردَّ اللِّجام
قنَّعَ الرأسَ ثم لثَّم وجهي
وكفى بالقِناع دونَ اللثام
حلَّ رأسي فراعني أن في الشي
ب نَعِيَّ الصِّبا نذيرَ الحمام
راعني شخصُهُ وراع بشَخْصي
مقر الإنس ساكناتِ الخيام
فتناهَيْنَ قالياتٍ وِصالي
وتناهيتُ خائفاً ما أمامي
بل تناهيتُ مُكرهاً بتناهي ال
بيضِ عنِّي وما انتهتْ أعرامي
كالذي ذَاده السُّقاة عن الماء
ء ولم يشفِ ما به مِنْ أُوامِ
حَسْرتي للشبَّاب لابلْ من الشيْ
بِ لقد طال مُذْ بدا تَحوامي
ذادني عن مواردٍ ليَ كانتْ
شافياتٍ من الغليلِ الهُيام
حَرُمَتْ بالمشيب أشياء حَلَّتْ
لي زماناً بإذنِ جَعْدٍ سُخام
لم تَحَلَّلْ لمَنْ أتاها ولكِنْ
لم يكنْ دونَها من الشيْبِ حامي
فأتى الآنَ دونَها فهيَ اليوْ
مَ حرامٌ عليَّ كلَّ الحرام
سوأتي أنْ أطعتُ شيْبي فيما
لم أُطِعْ فيه حاكم الحكَّامِ
وعظَ اللَّهُ والكتابُ فصمْ
ممتُ وأقدمت أيما إقدام
ونهى الشيبُ بعد ذاك فسلَّمْ
ت وأحجمتُ أيما إحجام
صُمْتُ عن كُلِّ لذّة ٍ لمشيبي
أفلا كان للإله صيامي
وإحيائي أن لا يكون من ال
له حيائي من غيره واحتشامي
إذْ تعديتُ لا حياءٌ من اللَّ
له نهاني ولا اتِّقاءُ انتقام
وتناهيْتُ مُعْظِماً لمَشيبي
ومَشيبي أحقُّ بالإعظام
أَفَلا هبِتُ ذا المهابة من قب
لُ وأكرمتُ وجهَ ذي الإكرام
كاد هذا المتابُ يُعْتدُّ إجرا
ماً وبعض المتاب كالإجرام
توبة ٌ مثلُ حَوْبة ٍ وقديماً
أتبعَ الجهلُ زلة ً بارتطام
دحضتْ حُجَّة ُ المنيبِ إلى الشيْ
بِ وأنَّى لطالبٍ بقوام
أيُّ عذرٍ لتائبٍ لا إلى الل
ه ولكن إلى شبِيه الثغام
إن عُذراً من الذهاب إلى الل(75/181)
ه لعُذْرٌ يغْلو على المُستام
أإلى أرذلي جعلتُ متابي
ضلَّة ً مثلَ ضلة ِ الأنعامِ
بل إلى الله تبتُ لمَّا ثناني
بِعِناني وزاعني بِزِمامي
راعني بالمشيبِ عمَّا نهى عن
ه بآي الكتابِ ذي الإحكام
كم بدا في الكتاب لي من ضياءٍ
كان مِنْ قبلُ دونه كالقَتام
هَتَك الشيبُ ذلك السِّتْرَ لي عن
ه فزال العمى وراح التعامي
وكلا الشيبِ والكتابِ جميعاً
واعِظٌ زاجرٌ عَنِ الآثام
غيرَ أنَّ الكتابَ يُكْتَبُ بالأقْ
لام والشيبُ ليس بالأقلامِ
بلْ بِرَدْعِ الحوادث المُصْمَئِلاَّ
ت ومرِّ الشهور والأعوام
لن ترى مثلهُ كتاباً مُبينا
لا بشكْلٍ لهُ ولا إعجام
خُطَّ غُفْلَ الحُروفِ يقرؤه الأُمْ
مِيُّ كالصبح غير ذي استعجام
فيه للقارئين أيُّ نذيرٍ
بِبلَى جِدّة ووشك اخترام
عاذلي قد نزعتُ فانزع عن العَذْ
لِ وإن كنتَ في صواب حَذَام
قد رأيت الذي هويتَ فأرْضَيْ
تَ وأرغمتَ فارْضَ لي إرغامي
حَلأَّتْني الخطوبُ عن شِرَع الله
و فأصبحتُ حائماً في الحيام
وأبيها لقد حمتْ سائغاتٍ
بارداتِ النِّطافِ زُرْقَ الجِمام
لن تراني العيون أشرعُ فيها
فدعِ اللَّومَ ولْيُدَعْ اتِّهامي
متُّ إلا حُشاشة ً وادّكارا
مثلَ أحلامِ حالمِ النوَّام
ومتى ما انقضتْ أجاريُّ طِرْفٍ
ماتَ إلاَّ صيامَه في المصام
غيرَ أنِّي مع انْتِزاعي وإفلا
عي ودفعي إلى نصيحي خِطامي
قائلٌ قول ذاكرٍ خيرَ عصريْ
ه طويلِ الحنين والتهيام
لهفَ نفسي على الشبابِ الذي أضْ
حى خَلْفي وذِكْرُه قدامي
لهف نفسي عليه أن صار حظي
منه لهفاً يُعِضُّني إبهامي
لهفَ نفسي على الظِّباء اللّواتي
عاقني عن قَنِيصها إحرامي
لهف نفسي على احتكامي على البِي
ضِ وإذْعانِهِنَّ عند احتكامي
واقتحامي وللهوى عزماتٌ
يقتحمْن العِقابَ أيَّ اقتحام
ودفاعي خلالَ ذلك نفسي
عن خلاط الحرام بالإلمام
لهف نفسي على الشراب السّرامِيْ
ي وإعماله بطاسٍ وجام
وعزيفٍ عليه من مُسْمْعاتٍ
وحديثٍ عليه من أخلام(75/182)
وفُكاهاتِ فتية ٍ هُمْ إذا شِئْ
تُ إدامٌ للْعيشِ خيرُ إدام
أخفقتْ رَوْحَتي من الربرب العِي
ن وطاشتْ من الرمايا سِهامي
ولعهدي بهنَّ قبلَ مشيبي
ينتظمن القلوبَ أيَّ انتظام
وقضيتُ الرضاعَ من دِرة الكر
م لتجريم أربعين تمام
ولتجريم أربعين قديماً
يتناهى الرضاعُ بابن المُدام
يا زمانَ الرضاع أرضعكَ المُزْ
نُ وأكدى على زمانِ الفِطام
دعوة ً إنْ تُجَبْ بِسُقْيا وإلاَّ
فسأسقيك بالدموعِ السِّجام
جارتي إنْ أكُنْ كبرتُ وأودى
بعُرامي اتِّقاءُ غِب الأثام
ودعتني النساءُ عمًّا وقد كنْ
تُ لديهِنَّ من بني الأعمام
فلقد أغتدى يُفَيِّىء غُصْني
خُيلاءُ الشباب حَيَّ العُرام
تتراءاني الحِسانُ العطابي
ل جلاء القذى شفاء السَّقامِ
ناظرات بأعيُنِ العينِ نَحْوي
عاطفاتٍ سوالفَ الآرام
ولقد أهبِطُ الرياض بصَحبِي
تتراءى عيونها بابتسام
بُكرة ً أو عشية ً يضحك الروْ
ض ويَبْكي الحمامُ شَجْوَ الحمام
تتعاطى بها الكؤوسُ رَواءً
واصِلي طِيبِها بِطيبِ نِدام
درَّ دَرُّ الصِّبا ودَرُّ مغاني الْ
لهو لو أنَّها دِيار مُقام
عَدَّى عن ذكر ما مضى واستمرَّتْ
دون مأتاهُ مِرَّة ُ الأوذام
وفلاة ٍ قطعتُها بفَلاة ٍ
كاللِّياحِ الملمَّع الأعلام
باتَ في لُجَّة ِ الظلامِ فريداً
تحتَ أهوالِ رائحٍ مِرْزامِ
مُطِرقاً يبحثُ الرّوي عن الظَّمْ
آنِ عن عانكٍ رُكام هياه
عَطَفَ اللَّيْلُ هَيْدَبَيْهِ عليه
وتداعتْ سماؤُهُ بانهدام
يقق اللَّونِ كالمُلاءة ِ إلاَّ
لُمعاً فيشَواهُ مثلُ الوِشام
ينْتَمي كُلُّهُ إلى آلِ سامٍ
غير هاتيكَ فهْي من آلِ حام
تلكَ أو سُفْعَة ٌ بخدَّيْهِ تُهْدي
جُدَّة ً في سراته كالعِصام
هَنَة ٌ قُوِّمتْ وعُوجَ منها
فتراها كأنَّها خَطُّ لام
حِطّها في القرا وفي الذَّنَبِ الزَّا
ئلِ قِسْمَيْنِ أعدلُ القُسَّام
ذو إهاب يضاحك البرقَ مالاراحَ شَيْبي عليَّ مثلَ الثَّغامِ
وغدا عاذلي ألدَّ الخصامِ
عزني في خطابه أنْ رآني(75/183)
صارَ بعضي ظهيره في ملامي
ويحسب المُفَنِّدي بمشيبٍ
ردَّ غَرْبَ الجماح ردَّ اللِّجام
قنَّعَ الرأسَ ثم لثَّم وجهي
وكفى بالقِناع دونَ اللثام
حلَّ رأسي فراعني أن في الشي
ب نَعِيَّ الصِّبا نذيرَ الحمام
راعني شخصُهُ وراع بشَخْصي
مقر الإنس ساكناتِ الخيام
فتناهَيْنَ قالياتٍ وِصالي
وتناهيتُ خائفاً ما أمامي
بل تناهيتُ مُكرهاً بتناهي ال
بيضِ عنِّي وما انتهتْ أعرامي
كالذي ذَاده السُّقاة عن الماء
ء ولم يشفِ ما به مِنْ أُوامِ
حَسْرتي للشبَّاب لابلْ من الشيْ
بِ لقد طال مُذْ بدا تَحوامي
ذادني عن مواردٍ ليَ كانتْ
شافياتٍ من الغليلِ الهُيام
حَرُمَتْ بالمشيب أشياء حَلَّتْ
لي زماناً بإذنِ جَعْدٍ سُخام
لم تَحَلَّلْ لمَنْ أتاها ولكِنْ
لم يكنْ دونَها من الشيْبِ حامي
فأتى الآنَ دونَها فهيَ اليوْ
مَ حرامٌ عليَّ كلَّ الحرام
سوأتي أنْ أطعتُ شيْبي فيما
لم أُطِعْ فيه حاكم الحكَّامِ
وعظَ اللَّهُ والكتابُ فصمْ
ممتُ وأقدمت أيما إقدام
ونهى الشيبُ بعد ذاك فسلَّمْ
ت وأحجمتُ أيما إحجام
صُمْتُ عن كُلِّ لذّة ٍ لمشيبي
أفلا كان للإله صيامي
وإحيائي أن لا يكون من ال
له حيائي من غيره واحتشامي
إذْ تعديتُ لا حياءٌ من اللَّ
له نهاني ولا اتِّقاءُ انتقام
وتناهيْتُ مُعْظِماً لمَشيبي
ومَشيبي أحقُّ بالإعظام
أَفَلا هبِتُ ذا المهابة من قب
لُ وأكرمتُ وجهَ ذي الإكرام
كاد هذا المتابُ يُعْتدُّ إجرا
ماً وبعض المتاب كالإجرام
توبة ٌ مثلُ حَوْبة ٍ وقديماً
أتبعَ الجهلُ زلة ً بارتطام
دحضتْ حُجَّة ُ المنيبِ إلى الشيْ
بِ وأنَّى لطالبٍ بقوام
أيُّ عذرٍ لتائبٍ لا إلى الل
ه ولكن إلى شبِيه الثغام
إن عُذراً من الذهاب إلى الل
ه لعُذْرٌ يغْلو على المُستام
أإلى أرذلي جعلتُ متابي
ضلَّة ً مثلَ ضلة ِ الأنعامِ
بل إلى الله تبتُ لمَّا ثناني
بِعِناني وزاعني بِزِمامي
راعني بالمشيبِ عمَّا نهى عن
ه بآي الكتابِ ذي الإحكام
كم بدا في الكتاب لي من ضياءٍ(75/184)
كان مِنْ قبلُ دونه كالقَتام
هَتَك الشيبُ ذلك السِّتْرَ لي عن
ه فزال العمى وراح التعامي
وكلا الشيبِ والكتابِ جميعاً
واعِظٌ زاجرٌ عَنِ الآثام
غيرَ أنَّ الكتابَ يُكْتَبُ بالأقْ
لام والشيبُ ليس بالأقلامِ
بلْ بِرَدْعِ الحوادث المُصْمَئِلاَّ
ت ومرِّ الشهور والأعوام
لن ترى مثلهُ كتاباً مُبينا
لا بشكْلٍ لهُ ولا إعجام
خُطَّ غُفْلَ الحُروفِ يقرؤه الأُمْ
مِيُّ كالصبح غير ذي استعجام
فيه للقارئين أيُّ نذيرٍ
بِبلَى جِدّة ووشك اخترام
عاذلي قد نزعتُ فانزع عن العَذْ
لِ وإن كنتَ في صواب حَذَام
قد رأيت الذي هويتَ فأرْضَيْ
تَ وأرغمتَ فارْضَ لي إرغامي
حَلأَّتْني الخطوبُ عن شِرَع الله
و فأصبحتُ حائماً في الحيام
وأبيها لقد حمتْ سائغاتٍ
بارداتِ النِّطافِ زُرْقَ الجِمام
لن تراني العيون أشرعُ فيها
فدعِ اللَّومَ ولْيُدَعْ اتِّهامي
متُّ إلا حُشاشة ً وادّكارا
مثلَ أحلامِ حالمِ النوَّام
ومتى ما انقضتْ أجاريُّ طِرْفٍ
ماتَ إلاَّ صيامَه في المصام
غيرَ أنِّي مع انْتِزاعي وإفلا
عي ودفعي إلى نصيحي خِطامي
قائلٌ قول ذاكرٍ خيرَ عصريْ
ه طويلِ الحنين والتهيام
لهفَ نفسي على الشبابِ الذي أضْ
حى خَلْفي وذِكْرُه قدامي
لهف نفسي عليه أن صار حظي
منه لهفاً يُعِضُّني إبهامي
لهفَ نفسي على الظِّباء اللّواتي
عاقني عن قَنِيصها إحرامي
لهف نفسي على احتكامي على البِي
ضِ وإذْعانِهِنَّ عند احتكامي
واقتحامي وللهوى عزماتٌ
يقتحمْن العِقابَ أيَّ اقتحام
ودفاعي خلالَ ذلك نفسي
عن خلاط الحرام بالإلمام
لهف نفسي على الشراب السّرامِيْ
ي وإعماله بطاسٍ وجام
وعزيفٍ عليه من مُسْمْعاتٍ
وحديثٍ عليه من أخلام
وفُكاهاتِ فتية ٍ هُمْ إذا شِئْ
تُ إدامٌ للْعيشِ خيرُ إدام
أخفقتْ رَوْحَتي من الربرب العِي
ن وطاشتْ من الرمايا سِهامي
ولعهدي بهنَّ قبلَ مشيبي
ينتظمن القلوبَ أيَّ انتظام
وقضيتُ الرضاعَ من دِرة الكر
م لتجريم أربعين تمام
ولتجريم أربعين قديماً(75/185)
يتناهى الرضاعُ بابن المُدام
يا زمانَ الرضاع أرضعكَ المُزْ
نُ وأكدى على زمانِ الفِطام
دعوة ً إنْ تُجَبْ بِسُقْيا وإلاَّ
فسأسقيك بالدموعِ السِّجام
جارتي إنْ أكُنْ كبرتُ وأودى
بعُرامي اتِّقاءُ غِب الأثام
ودعتني النساءُ عمًّا وقد كنْ
تُ لديهِنَّ من بني الأعمام
فلقد أغتدى يُفَيِّىء غُصْني
خُيلاءُ الشباب حَيَّ العُرام
تتراءاني الحِسانُ العطابي
ل جلاء القذى شفاء السَّقامِ
ناظرات بأعيُنِ العينِ نَحْوي
عاطفاتٍ سوالفَ الآرام
ولقد أهبِطُ الرياض بصَحبِي
تتراءى عيونها بابتسام
بُكرة ً أو عشية ً يضحك الروْ
ض ويَبْكي الحمامُ شَجْوَ الحمام
تتعاطى بها الكؤوسُ رَواءً
واصِلي طِيبِها بِطيبِ نِدام
درَّ دَرُّ الصِّبا ودَرُّ مغاني الْ
لهو لو أنَّها دِيار مُقام
عَدَّى عن ذكر ما مضى واستمرَّتْ
دون مأتاهُ مِرَّة ُ الأوذام
وفلاة ٍ قطعتُها بفَلاة ٍ
كاللِّياحِ الملمَّع الأعلام
باتَ في لُجَّة ِ الظلامِ فريداً
تحتَ أهوالِ رائحٍ مِرْزامِ
مُطِرقاً يبحثُ الرّوي عن الظَّمْ
آنِ عن عانكٍ رُكام هيام
عَطَفَ اللَّيْلُ هَيْدَبَيْهِ عليه
وتداعتْ سماؤُهُ بانهدام
يقق اللَّونِ كالمُلاءة ِ إلاَّ
لُمعاً فيشَواهُ مثلُ الوِشام
ينْتَمي كُلُّهُ إلى آلِ سامٍ
غير هاتيكَ فهْي من آلِ حام
تلكَ أو سُفْعَة ٌ بخدَّيْهِ تُهْدي
جُدَّة ً في سراته كالعِصام
هَنَة ٌ قُوِّمتْ وعُوجَ منها
فتراها كأنَّها خَطُّ لام
حِطّها في القرا وفي الذَّنَبِ الزَّا
ئلِ قِسْمَيْنِ أعدلُ القُسَّام
ذو إهاب يضاحك البرقَ مالا
حَ وطوراً يضيءُ في الإظلام
ضُوعِفَ اللّيْلُ في الكثافة ٍ والطُّو
لِ عليه بِمُرْحجنٍّ رُكام
وخريقٍ تَلُفُّهُ في كِناس
عُدْمُليٍّ بجانبيه حوامي
دمَّنَتْهُ الأرواحُ قِدْما فريَّا
هُ كريَّا حرائرِ الأهضام
رقْرقتْهُ الشَّمال والرعد والبَرْ
قُ وفيْقاتُ وابل سجّام
حرجفٌ لو عاداه منها أذى القَرْ
رِ كفاه دُؤوبُها في المَوامي(75/186)
وسوارٍ عليه لو كفتِ القَطْ
رِ أطارت كراه بالإرزام
دأْبُهُ ذاك فحمة َ الليل حتَّى
طلعَ الفجرُ ساطعاً كالضِّرام
أنقذ الصُّبْح شِلْوهُ من شفا الْ
موْتِ فأضحى يعلو رؤوس الأكام
فرحاً بالنَّجاة ترمي به المَيْ
عة ُ رمْيَ الوليدِ بالمِهزام
بينما الشَّاة ُ ناصلاً مِنْ هَنَاتٍ
بات يَشْقى بِهنَّ ليلَ التمام
قدْ صحتْ شمسُه وأقفرَ إلاَّ
من نِعاج خَواذلٍ ونعام
يصْطلي جَمْرة َ النَّهار ويلهو
بالرخامى وخَلْفَهُ العُلاَّم
إذ أُتيحتْ له ضوارٍ وطِمْل
مالهُ غيرَ صيْدِها من طعام
ينتهبن المدى إليْه ويضْرمْ
نَ له الشَّدَّ أيَّما إضْرام
ولديه لهُنَّ إنْ فَرَّ أو كَرْ
رَ عتاد المفَرِّ والمقدام
فترامتْ به الأجاريُّ شأواً
ثم ثابت حفيظة من محامي
كر فيها بمذوديه مُشيحاً
فسقاها كؤوسَ مَوْتٍ زُؤام
فارعَوَتْ مِنْ مُرَنَّح وصريع
ومُوَلٍّ مُهتَّكٍ النحر دامي
ومضى يَعْسِفُ النجاء كما زلْ
ل من المنجنيقِ مِرْدي رِجام هص راحَ شَيْبي عليَّ مثلَ الثَّغامِ
وغدا عاذلي ألدَّ الخصامِ
عزني في خطابه أنْ رآني
صارَ بعضي ظهيره في ملامي
ويحسب المُفَنِّدي بمشيبٍ
ردَّ غَرْبَ الجماح ردَّ اللِّجام
قنَّعَ الرأسَ ثم لثَّم وجهي
وكفى بالقِناع دونَ اللثام
حلَّ رأسي فراعني أن في الشي
ب نَعِيَّ الصِّبا نذيرَ الحمام
راعني شخصُهُ وراع بشَخْصي
مقر الإنس ساكناتِ الخيام
فتناهَيْنَ قالياتٍ وِصالي
وتناهيتُ خائفاً ما أمامي
بل تناهيتُ مُكرهاً بتناهي ال
بيضِ عنِّي وما انتهتْ أعرامي
كالذي ذَاده السُّقاة عن الماء
ء ولم يشفِ ما به مِنْ أُوامِ
حَسْرتي للشبَّاب لابلْ من الشيْ
بِ لقد طال مُذْ بدا تَحوامي
ذادني عن مواردٍ ليَ كانتْ
شافياتٍ من الغليلِ الهُيام
حَرُمَتْ بالمشيب أشياء حَلَّتْ
لي زماناً بإذنِ جَعْدٍ سُخام
لم تَحَلَّلْ لمَنْ أتاها ولكِنْ
لم يكنْ دونَها من الشيْبِ حامي
فأتى الآنَ دونَها فهيَ اليوْ
مَ حرامٌ عليَّ كلَّ الحرام(75/187)
سوأتي أنْ أطعتُ شيْبي فيما
لم أُطِعْ فيه حاكم الحكَّامِ
وعظَ اللَّهُ والكتابُ فصمْ
ممتُ وأقدمت أيما إقدام
ونهى الشيبُ بعد ذاك فسلَّمْ
ت وأحجمتُ أيما إحجام
صُمْتُ عن كُلِّ لذّة ٍ لمشيبي
أفلا كان للإله صيامي
وإحيائي أن لا يكون من ال
له حيائي من غيره واحتشامي
إذْ تعديتُ لا حياءٌ من اللَّ
له نهاني ولا اتِّقاءُ انتقام
وتناهيْتُ مُعْظِماً لمَشيبي
ومَشيبي أحقُّ بالإعظام
أَفَلا هبِتُ ذا المهابة من قب
لُ وأكرمتُ وجهَ ذي الإكرام
كاد هذا المتابُ يُعْتدُّ إجرا
ماً وبعض المتاب كالإجرام
توبة ٌ مثلُ حَوْبة ٍ وقديماً
أتبعَ الجهلُ زلة ً بارتطام
دحضتْ حُجَّة ُ المنيبِ إلى الشيْ
بِ وأنَّى لطالبٍ بقوام
أيُّ عذرٍ لتائبٍ لا إلى الل
ه ولكن إلى شبِيه الثغام
إن عُذراً من الذهاب إلى الل
ه لعُذْرٌ يغْلو على المُستام
أإلى أرذلي جعلتُ متابي
ضلَّة ً مثلَ ضلة ِ الأنعامِ
بل إلى الله تبتُ لمَّا ثناني
بِعِناني وزاعني بِزِمامي
راعني بالمشيبِ عمَّا نهى عن
ه بآي الكتابِ ذي الإحكام
كم بدا في الكتاب لي من ضياءٍ
كان مِنْ قبلُ دونه كالقَتام
هَتَك الشيبُ ذلك السِّتْرَ لي عن
ه فزال العمى وراح التعامي
وكلا الشيبِ والكتابِ جميعاً
واعِظٌ زاجرٌ عَنِ الآثام
غيرَ أنَّ الكتابَ يُكْتَبُ بالأقْ
لام والشيبُ ليس بالأقلامِ
بلْ بِرَدْعِ الحوادث المُصْمَئِلاَّ
ت ومرِّ الشهور والأعوام
لن ترى مثلهُ كتاباً مُبينا
لا بشكْلٍ لهُ ولا إعجام
خُطَّ غُفْلَ الحُروفِ يقرؤه الأُمْ
مِيُّ كالصبح غير ذي استعجام
فيه للقارئين أيُّ نذيرٍ
بِبلَى جِدّة ووشك اخترام
عاذلي قد نزعتُ فانزع عن العَذْ
لِ وإن كنتَ في صواب حَذَام
قد رأيت الذي هويتَ فأرْضَيْ
تَ وأرغمتَ فارْضَ لي إرغامي
حَلأَّتْني الخطوبُ عن شِرَع الله
و فأصبحتُ حائماً في الحيام
وأبيها لقد حمتْ سائغاتٍ
بارداتِ النِّطافِ زُرْقَ الجِمام
لن تراني العيون أشرعُ فيها
فدعِ اللَّومَ ولْيُدَعْ اتِّهامي(75/188)
متُّ إلا حُشاشة ً وادّكارا
مثلَ أحلامِ حالمِ النوَّام
ومتى ما انقضتْ أجاريُّ طِرْفٍ
ماتَ إلاَّ صيامَه في المصام
غيرَ أنِّي مع انْتِزاعي وإفلا
عي ودفعي إلة نصيحي خِطامي
قائلٌ قول ذاكرٍ خيرَ عصريْ
ه طويلِ الحنين والتهيام
لهفَ نفسي على الشبابِ الذي أضْ
حى خَلْفي وذِكْرُه قدامي
لهف نفسي عليه أن صار حظي
منه لهفاً يُعِضُّني إبهامي
لهفَ نفسي على الظِّباء اللّواتي
عاقني عن قَنِيصها إحرامي
لهف نفسي على احتكامي على البِي
ضِ وإذْعانِهِنَّ عند احتكامي
واقتحامي وللهوى عزماتٌ
يقتحمْن العِقابَ أيَّ اقتحام
ودفاعي خلالَ ذلك نفسي
عن خلاط الحرام بالإلمام
لهف نفسي على الشراب السّرامِيْ
ي وإعماله بطاسٍ وجام
وعزيفٍ عليه من مُسْمْعاتٍ
وحديثٍ عليه من أخلام
وفُكاهاتِ فتية ٍ هُمْ إذا شِئْ
تُ إدامٌ للْعيشِ خيرُ إدام
أخفقتْ رَوْحَتي من الربرب العِي
ن وطاشتْ من الرمايا سِهامي
ولعهدي بهنَّ قبلَ مشيبي
ينتظمن القلوبَ أيَّ انتظام
وقضيتُ الرضاعَ من دِرة الكر
م لتجريم أربعين تمام
ولتجريم أربعين قديماً
يتناهى الرضاعُ بابن المُدام
يا زمانَ الرضاع أرضعكَ المُزْ
نُ وأكدى على زمانِ الفِطام
دعوة ً إنْ تُجَبْ بِسُقْيا وإلاَّ
فسأسقيك بالدموعِ السِّجام
جارتي إنْ أكُنْ كبرتُ وأودى
بعُرامي اتِّقاءُ غِب الأثام
ودعتني النساءُ عمًّا وقد كنْ
تُ لديهِنَّ من بني الأعمام
فلقد أغتدى يُفَيِّىء غُصْني
خُيلاءُ الشباب حَيَّ العُرام
تتراءاني الحِسانُ العطابي
ل جلاء القذى شفاء السَّقامِ
ناظرات بأعيُنِ العينِ نَحْوي
عاطفاتٍ سوالفَ الآرام
ولقد أهبِطُ الرياض بصَحبِي
تتراءى عيونها بابتسام
بُكرة ً أو عشية ً يضحك الروْ
ض ويَبْكي الحمامُ شَجْوَ الحمام
تتعاطى بها الكؤوسُ رَواءً
واصِلي طِيبِها بِطيبِ نِدام
درَّ دَرُّ الصِّبا ودَرُّ مغاني الْ
لهو لو أنَّها دِيار مُقام
عَدَّى عن ذكر ما مضى واستمرَّتْ
دون مأتاهُ مِرَّة ُ الأوذام(75/189)
وفلاة ٍ قطعتُها بفَلاة ٍ
كاللِّياحِ الملمَّع الأعلام
باتَ في لُجَّة ِ الظلامِ فريداً
تحتَ أهوالِ رائحٍ مِرْزامِ
مُطِرقاً يبحثُ الرّوي عن الظَّمْ
آنِ عن عانكٍ رُكام هياه
عَطَفَ اللَّيْلُ هَيْدَبَيْهِ عليه
وتداعتْ سماؤُهُ بانهدام
يقق اللَّونِ كالمُلاءة ِ إلاَّ
لُمعاً فيشَواهُ مثلُ الوِشام
ينْتَمي كُلُّهُ إلى آلِ سامٍ
غير هاتيكَ فهْي من آلِ حام
تلكَ أو سُفْعَة ٌ بخدَّيْهِ تُهْدي
جُدَّة ً في سراته كالعِصام
هَنَة ٌ قُوِّمتْ وعُوجَ منها
فتراها كأنَّها خَطُّ لام
حِطّها في القرا وفي الذَّنَبِ الزَّا
ئلِ قِسْمَيْنِ أعدلُ القُسَّام
ذو إهاب يضاحك البرقَ مالا
حَ وطوراً يضيءُ في الإظلام
ضُوعِفَ اللّيْلُ في الكثافة ٍ والطُّو
لِ عليه بِمُرْحجنٍّ رُكام
وخريقٍ تَلُفُّهُ في كِناس
عُدْمُليٍّ بجانبيه حوامي
دمَّنَتْهُ الأرواحُ قِدْما فريَّا
هُ كريَّا حرائرِ الأهضام
رقْرقتْهُ الشَّمال والرعد والبَرْ
قُ وفيْقاتُ وابل سجّام
حرجفٌ لو عاداه منها أذى القَرْ
رِ كفاه دُؤوبُها في المَوامي
وسوارٍ عليه لو كفتِ القَطْ
رِ أطارت كراه بالإرزام
دأْبُهُ ذاك فحمة َ الليل حتَّى
طلعَ الفجرُ ساطعاً كالضِّرام
أنقذ الصُّبْح شِلْوهُ من شفا الْ
موْتِ فأضحى يعلو رؤوس الأكام
فرحاً بالنَّجاة ترمي به المَيْ
عة ُ رمْيَ الوليدِ بالمِهزام
بينما الشَّاة ُ ناصلاً مِنْ هَنَاتٍ
بات يَشْقى بِهنَّ ليلَ التمام
قدْ صحتْ شمسُه وأقفرَ إلاَّ
من نِعاج خَواذلٍ ونعام
يصْطلي جَمْرة َ النَّهار ويلهو
بالرخامى وخَلْفَهُ العُلاَّم
إذ أُتيحتْ له ضوارٍ وطِمْل
مالهُ غيرَ صيْدِها من طعام
ينتهبن المدى إليْه ويضْرمْ
نَ له الشَّدَّ أيَّما إضْرام
ولديه لهُنَّ إنْ فَرَّ أو كَرْ
رَ عتاد المفَرِّ والمقدام
فترامتْ به الأجاريُّ شأواً
ثم ثابت حفيظة من محامي
كر فيها بمذوديه مُشيحاً
فسقاها كؤوسَ مَوْتٍ زُؤام
فارعَوَتْ مِنْ مُرَنَّح وصريع(75/190)
ومُوَلٍّ مُهتَّكٍ النحر دامي
ومضى يَعْسِفُ النجاء كما زلْ
ل من المنجنيقِ مِرْدي رِجام
أو كما انقضَ كوكبٌ أو كما طا
رت من البرق شقَّة ٌ في غمامِ
ذاك شبَّهْتُ ناقتي حينَ راحت
صخِباً رحلُها كَتُومَ البُغام
ميلعَ الوخدِ تقذفُ المروَ بالمرْ
وِ وتَرمي اللُّغامَ بعد اللُّغام
كم أجازت إلى الأميرِ عُبَيْدَ الْ
لهِ حامِي الحمى وراعي الذِّمام
عبْدَليٌّ مُهَذبٌ طاهِريٌّ
مُصْعَبيُّ يبدُّ كلَّ مُسامي
فيه جِدُّ الفتى وحِلْم المذكِّي
وحجا الكهل وارتياحُ الغلام
مَلِكٌ حلَّ من سماءِ المعالي
فوق شمسِ الضَّحى وبدرِ الظلام
حلَّ منها محلَّ أنجمها الزُّهْ
رَ سواقي الغيوثِ والأعلام
فهْوَ فيها مغوثة وهدى للنْ
ناس عين الجواد والعلاَّم
وهْو من بعد ذاك زينتُها الحُسْ
نى بذاك السَّنا وذاك الوسام
وهْو إنْ مارسَ الخطوبَ فناهي
كَ به أيُّ واصلٍ صرَّامِ
ذو هناتٍ بهنّ يلتئمُ الصَّدْ
عُ إذا قلتَ لاتَ حينَ التئام
ثاقبُ الفِكرِ ما تمهُّلَ في الرأْ
يِ شديدُ الإسداء والإلحام
فإذا بادَه الحوادثَ بالرأ
ي أصاب الصَّوابَ بالإلهام
ألْمَعِيُّ مُوَفَّقُ بهدي اللَّ
ه لد الخُطَّة ِ الغَياء العَقام
وإذا الشكّ خالجَ الرأيَ أمضى
رأيَهُ عزْمُ عازمٍ مِجْذام
لا كإمْضاءِ جاهلٍ عجرفيٍّ
يركبُ الرأيَ قبل شَدِّ الحزام
صاحبُ السيفِ والمكائدِ والنق
صِ لتلك الأمور والإجرامِ
لا تراه يخِفُّ للمستخفا
ت ولا يستكينَ للآلام
جبلُ الأرضِ ذو الشماريخِ والأط
وادِ والناسُ حوله كالرُّضام
صاحبُ الدعوة ِ التي ردت الحقْ
قَ على أهله برغم الرغام
والذي أسرعَ الإجابة َ واستعْ
جل قبل الإسراج والإلجام
صاحبُ النصرة ِ التي شفعتْ نُصْ
رة َ أهل الفسيل والآطام
صاحبُ الشرطة ِ الذي انهزم الطَّا
غوتُ إذْ كافحتهُ أيَّ انهزام
صاحبُ الراية المظفَّرة السَّوْ
داء تهفو على الخميسِ اللُّهام
صاحبُ الحرية ِ التي تنفث المو
تَ كنفْثِ الأفعى زُعافَ السِّمام(75/191)
لم يزل شاملَ المنافع للأمْ
مَة طُرّاً مَأْمُومِها والإمام
حامِلُ القلبِ واللسانِ إذا ما
كَهَمَتْ شَفْرَة ُ الجبانِ الكَهام
يغتدي من بني عُطاردَ في السِّلْ
مِ وفي الحربِ من بني بهرام
ذو البيانِ المُبينِ عن حجة اللَّ
ه وليس المبينُ كالنمنام
ذو اليد الثرَّة المُقبَّلة ِ الظَّهْ
رِ وأفواهُ حاسديه دَوامي
باطنا راحتيه زمزم تُمتا
حُ وظهراهما فركنا استلام
مَلِكُ تُمْطِرُ المواهبَ كفّا
ه كما انهلّ صيِّبُ الودْقِ هامي
لم يزل كل عاجل من عطا
ياه بشيرا بآجلٍ مستدامِ
وكأنّ المؤمِّلين يمتو
ن إليه بأقرب الأرحام
أمَلُ الآملينَ إيَّاه زُلْفَى
لهم عنده وحَبْلُ اعتصامٍ
في يَدَيْ كُلِّ ذي رجاء وخوفٍ
عروة ٌ منه غير ذاتِ انفصام
وهو كالكَعْبَة ِ المُصلِّي إليها الن
ناسُ من بني مُنْجِدٍ وتَهامي
قِبْلة ُ الآملينَ مُنْتَجَعُ الرَّا
جين مأوى الضِّعاف والأيتام
معقلُ الخائفينَ عند اللُّتيَّا
والتي بعدها وأزم أزام
يتَّقي جودُهُ صُلولَ القناطي
رِ كما يُتَّقَى صُلولُ اللِّحام
والقناطيرُ لا تَصِلُّ ولكنْ
منعها الحقَّ أيُّما اسْتذمام
وصلولُ اللِّحام يُسْقِمُ لكن
سقمُ البخلِ أبرح الأسقام
وكذا الماءُ طيِّبٌ ما استقوْهُ
آجن آسِنٌ على الإجمام
يعذُبُ الموردُ الذي يُستقى من
هُ ولا تعذبُ المِياهُ الطَّوامي
يجتبي المال من مجابيه بالعَدْ
لِ ويُعطيه غيرَ ما ظلاَّم
أرخصتْ كفُّهُ العطيا وأغْلَتْ
حَمْدَ سُوَّامِها على السُّوَّام
ليس ينفكُّ من عطايا تُبارِي
سائراتٍ خواطرَ الأفهام
حاصلاتٍ وهُنَّ مِنْ عظم القَدْ
رِ كَبَعْضِ المُنَى أوِ الأحلامِ
وعطايا كوامن في المواعي
د كُمونَ الثِّمارِ في الأكمام
فعطاياهُ دانياتٌ يدَ الده
ر تواليَ كأنَّها في نظام
ساعياتٌ إلى رجالٍ قُعودٍ
سارياتٌ إلى أناسٍ نيامِ
مُعفياتٌ من السؤالِ مصفَّا
ة ٌ ألا هكذا عطاء الكرام
مُعفياتٌ من الهوان وجوهاً
عبَّدتها مُطالباتُ اللِّئام(75/192)
أمسكَ السائلونَ عنه وكانوا
قبلهُ للملوكِ كالغُرَّام
نَهْنهتهُم لهًى له ليس تنفكْ
كُ على المُقْترينَ ذات ازدحام
ووفودُ السلامِ والشكرِ يغدو
ن قياماً إليه بعدَ قيام
فوفودُ السوال عنه قعودٌ
مَقْعَدَ الحامينِ لا اللُّوام
ساهرٌ لا ينامُ عن حاجة ِ السّا
هر حتى يذوق طعمَ المنام
ويصونُ الوليّ بالجاه والما
لِ كصونِ الكَميِّ نصلَ الحسام
ما هُمَا للْوَليِّ إلا كغِمْدَيْ
ن لديه كصارم صمصام
وحقيقٌ بذاكَ مَنْ أوَّلوهُ
كالنواصي والناسُ كالأقدام
ضربتْ تحتَهُ عُروقٌ نوام
فتعالتْ به فروعٌ سوامي
نعمة ُ اللَّهِ عند من وصل اللَّ
ه به أختَ نعمة ِ الإسلام
ذاك فيه الأمانُ من كبة النَّا
رِ وهذا جارٌ من الأيام
في ذَراهُ يُستبدَلُ العِزُّ والثَّرْ
وة من ذلة ٍ ومن إعدام
مُسْتَحِقٌ نُعمَى الإله عليه
حقَّ فضلِ المِنعام للْمنعامِ
إنَّ مَنْ يرتجي سواهُ لكالذا
هبِ عن ربِّه إلى الأصنام
يظلمُ الحاسدونَ إذْ حسدوهُ
وهْو في ماله شريكُ الأنامِ
غيرَ حُسّاده على الشِّيمَ الغُرْ
رِ اللواتي سلمْنَ من كُلِّ ذام
فهُمْ منصفونَ في ذاكَ لاشكْ
كَ لدى المُنْصفينَ في الأحكام
هل يُعرَّى امرؤٌ من الحسدِ المَحْ
ضِ على نيلِ أفضلِ الأقسام
أنا من حاسديه لكنني لس
تُ بباغ نُعماه غيرَ الدَّوام
حسدي أنَّني أريدُ لنفسي
بعض أخلاقه بغير اكتتام
وإذا حاسدٌ سفا من غليل
فهْوَ في وزْن عاشق مُسْتهامِ
لستَ تَدْرِي نثاه أحلى مذاقا
أم سماعاً من ألسُنِ الأقوام
رُبَّ نُعمَى له عليَّ ونُعمَى
وأيادٍ له لديَّ جِسام
حطَّ ثِقلَ الخرجِ عنِّي وقد كا
ن كأركانِ يَذْبُلٍ وشمام
وأراني الضِّياعَ مالا وقد كن
تُ أرى ملكَها كبعضِ الغرام
كفَّ من سورة ابن بسطامَ عنِّي
وهْي مشبوبة ٌ كحرِّ الضّرام
وأراهُ بنورهِ حَقَّ مِثْلي
وهْو مُذْ كان موقِظُ الأفهام
فقضى حاجتي وكان كسَيْفٍ
هُزَّ فاهتَزَّ وهْوَ غيْرُ كَهام
هزَّهُ ماجدٌ يناصح في الهزْ
زِ هُمَامٌ مُتَوَّجٌ لهُمام(75/193)
ومُحالٌ ألاَّ يقومَ بما قلْ
لَدَهُ الأولياءُ كُلَّ القِيامِ
وهْو ممَّنْ تقدَّمَ الناسَ كالرَّأ
سِ وممن علاهُمُ كالسنام
فجزاهُ الإلهُ عنِّي خُلوداً
ونعيماً في ظِلِّ دار السلام
بعدما يعم البقاء به الدنْ
يا صحيحا ممتَّعاً ألفَ عامِ
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ذادَ عن مُقْلِتي لذيذَ المنامِ
ذادَ عن مُقْلِتي لذيذَ المنامِ
رقم القصيدة : 62108
-----------------------------------
ذادَ عن مُقْلِتي لذيذَ المنامِ
شُغلها عنهُ بالدموعِ السجامِ
أيُّ نومِ من بعد ما حل بالبصْ
رَة ِ من تلكمُ الهناتِ العظام
أيُّ نومِ من بعد ما انتهك الزَّنْ
جُ جهارا محارم الإسلام
إنَّ هذا من الأمورِ لأمْرٌ
كاد أن لا يقومَ في الأوهام
لرأينا مُسْتَيْقظين أموراً
حسبُنا أن تكونَ رُؤيا منام
أقدم الخائنُ اللعينُ عليها
وعلى الله أيَّما إقدام
وتسمى بغير حقٍّ إماماً
لا هدى اللَّهُ سعيه من إمام
لهفَ نفسي عليكِ أيَّتُها البص
رة ُ لهفاً كمثل لهْبِ الضِّرام
لهف نفسي عليك يا معدن الخي
رات لهْفاً يُعضُّني إبهامي
لهف نفسي يا قُبَّة َ الإس
لام لهفاً يطولُ منه غرامي
لهف نفسي عليكِ يا فُرضة َ البل
دانِ لهفاً يبْقى على الأعوام
لهف نفسي لجمعكِ المتفاني
لهف نفسي لِعِزكِ المُستضام
بينما أهلُها بأحسنِ حالٍ
إذ رماهمْ عبيدُهمْ باصطلامِ
دخلوها كأنهم قِطع اللْي
لِ إذا راحَ مُدْلَهِمَّ الظلام
طلعُوا بالمُهَنَّداتِ جِهْراً فألقتْ
حملها الحاملات قبل التمَّام
وحقيقٌ بأن يُراع أناسٌ
غومضوا من عدوهم باقتحام
أيَّ هَوْل رأوا بهمْ أيّ هَوْلٍ
حُقَّ منه تشيبُ رأسُ الغلام
إذ رموْهُمْ بنارهم من يمينٍ
وشِمال وخلفِهمْ وأمام
كم أغصُّوا من شاربٍ بشراب
كم أغصُّوا من طاعمِ بطعام
كم ضنينِ بنفسهِ رامَ مَنْجًى
فتلقّوا جبينه بالحسام
كم أخٍ قد رأى أخاهُ صريعاً
تِربَ الخَدِّ بينَ صَرْعى كرامِ
كم أبٍ قد رأى عزيزَ بنيه
وهْوَ يُعلَى بصارمِ صمصام(75/194)
كم مُفدًّى في أهلهِ أسْلمُوه
حين لم يحْمِه هنالك حامي
كم رضيع هناكَ قد فطموه
بشبا السيف قبل حينِ الفطام
كم فتاة بخاتم الله بكر
فضحوها جهر أبغير اكتتام
كم فتاة ٍ مصونة قد سبوْها
بارزاً وجهها بغير لثام
صبحوهُمْ فكابدَ القومُ منهم
طولَ يومٍ كأنه ألفُ عامِ
ألفُ ألفٍ في ساعة ٍ قتلُوْهم
ثم ساقوا السِّباءَ كالأغنام
من رآهُنَّ في المساقِ سبايا
دامياتِ الوجوهِ للأقدام
من رآهنَّ في المقاسم وسْطَ الزْ
نج يُقَسَّمْنَ بينهمُ بالسِّهام
من رآهُنَّ يتَخذن إماءً
بعد ملْكِ الإماء والخُدَّام
ما تذكرتُ ما أتى الزنج إلاَّ
أُضرم القلب أيّما إضرام
ماتذكرتُ ما أتى الزنج إلاَّ
أوجعْتَني مرارة ُ الإرغام
رُبَّ بيعٍ هناك قد أرخصُوهُ
طال ما قدْ غلا على السُّوَّام
رُبَّ بيتٍ هناك قد أخرجُوهُ
كان مأوى الضِّعافِ والأيتام
رُبَّ قصْرٍ هناك قدْ دخلوه
كان من قبلِ ذاك صَعْبَ المرام
رُبَّ ذي نعمة ٍ هناك ومالٍ
تركوهُ مُحالفَ الإعدام
رب قوم باتوا بأجمعِ شَمْلٍ
تركوا شملَهُمْ بغير نظام
عرِّجا صاحبيَّ بالبصرة ِ الزَّهْ
راء تعريج مُدنف ذي سقام
فاسْألاها ولا جوابَ لديها
لسؤال ومن لها بالكلام
أين ضوضاءُ ذلك الخلقِ فيها
أين أسواقُها ذواتُ الرِّخام
أين فُلْكٌ فيها وفُلْكٌ إليها
مُنشآتٌ في البحر كالأعلام
أين تلك القصورُ والدورُ فيها
أين ذاكَ البنيانُ ذو الإحكام
بدِّلتْ تِلكُمُ القصورِ تِلالا
من رمادٍ ومن تُراب رُكامِ
سُلِّطَ البَثْقُ والحريقُ عليهم
فتداعت أركانُها بانهدامِ
وخلتْ من حُلولها فهْي قَفْرٌ
لاترى العين بين تلك الأكام
غيرَ أيْدٍ وأرْجُلِ بائناتٍ
نُبذَتْ بينهنَّ أفلاقُ هام
ووجوهٍ قد رمَّلْتها دماءٌ
بأبي تلكمُ الوجوه الدوامي
وَطِئتْ بالهوانِ والذُّلِّ قسراً
بعد طولِ التبجيلِ والإعظام
فتراها تَسْفي الرياحُ عليها
جارياتٍ بهبوة وقتام
خاشعاتٍ كأنها باكيات
باديات الثغور لا لابتسام
بل ألِمَّا بساحة ِ المسجدِ الجا(75/195)
مع إنْ كُنْتُما ذَوِي إلمام
فاسألاهُ ولا جوابَ لدْيهِ
أين عُبَّادهُ الطوالُ القيام
أينَ عُمَّاره الأُلى عمَّروهُ
دَهْرهُمْ في تلاوة وصيام
أين فِتيانه الحِسانُ وجُوهاً
أين أشياخُهُ أولو الأحلام
أيُّ خَطْبٍّ وأيُّ رُزْء جليلٍ
نالنا في أولئكَ الأعمام
كم خذلنا من ناسكٍ ذي اجتهادٍ
وفقيهٍ في دينهِ علاَّم
واندامي على التَّخلُّفِ عنهمْ
وقليل عنهُم غناء نِدامي
واحيائي منهُمْ إذا ما التقينا
وهُمُ عند حاكم الحُكّام
أيُّ عُذْرٍ لنا وأيُّ جوابٍ
حين نُدْعَى على رؤوسِ الأنامِ
يا عبادي أما غَضِبْتُم لوجهي
ذي الجلال العظيم والإكرام
أخذلتُمْ إخوانكَمُ وقعدْتُمْ
عنهُمُ ويحْكم قُعودَ اللئام
كيف لم تعطفوا على أخواتٍ
في حِبال العبيدِ من آل حام
لم تغاروا لغيرتي فتركتُم
حرماني لمن أحلَّ حرامي
إنَّ من لم يَغَرْ على حُرُماتي
غيرُ كُفْءٍ لقاصراتِ الخيام
كيف ترضى الحَوراء بالمرءِ بَعْلاً
وهو من دونِ حُرمة لا يُحامي
واحيائي من النَّبيِّ إذا ما
لامني فيهم أشدَّ الملام
وانقطاعي إذا هُمُ خاصموني
وتولَّي النبيُّ عنهُمْ خصامي
مثِّلُوا قولهُ لكُمْ أيُّها النَّا
سُ إذا لامكُمْ مع اللُّوام
أُمَّتي أينَ كُنْتُمُ إذْ دَعتْني
حُرَّة ٌ من كرائمِ الأقوام
صرختْيامُحمّداهُفهلاَّ
قام فيها رعاة ُ حقي مقامي
لم أجبْها إذ كنتُ مَيْتاً فلولا
كان حيٌّ أجابها عن عِظامي
بأبي تلكُمُ العِظامُ عظاما
وسقَتْها السماءُ صوْبَ الغمام
وعليها من المليك صلاة ٌ
وسلامٌ مؤكَّدٌ بسلام
انفروا أيها الكرام خفافاً
وثقالاٍ إلى العبيد الطغام
أبْرمَوُا أمرهُمْ وأنتُمْ نِيامٌ
سوءة ً سوءة ً لنوْمِ النيام
صدِّقوا ظنَّ إخوة أمَّلوكم
ورجوْكُمْ لنبوة ِ الأيامِ
أدْرِكوا ثأْرَهُمْ فذاك لديْهِم
مثلُ ردِّ الأرواحِ في الأجسامِ
لم تُقِرُّوا العيونَ منهم بِنَصْرٍ
فأقِرُّوا عيونهمْ بانتقام
أنقِذُوا سَبْيُهُمْ وقلَّ لهُمْ ذا
ك حفاظاً ورعْيَة ً للذِّمام(75/196)
عارُهُمْ لازمٌ لكُمْ أيُّها النَّا
سُ لأنَّ الأديانَ كالأرحام
إن قعدتُمْ عن اللعينِ فأنْتُمْ
شركاءُ اللَّعينِ في الآثامِ
بادروهُ قبلَ الروَّية ِ بالعَزْ
م وقبل الإسراج بالإلجام
من غدا سرجُهُ على ظهرِ طِرف
فحرامٌ عليه شدُّ الحزام
لا تطيلوا المقام عن جنَّة الخل
دِ فأنتمْ في غير دار مُقام
فاشتروا الباقيات بالعرض الأد
نى وبِيعوا انقطاعه بالدَّوام
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مديحُكَ مَنْ تطالبهُ برفْدٍ
مديحُكَ مَنْ تطالبهُ برفْدٍ
رقم القصيدة : 62109
-----------------------------------
مديحُكَ مَنْ تطالبهُ برفْدٍ
هجاءٌ منكَ فيه بلا كلامِ
لأنَّك لم تثقْ منه بَمَجْدٍ مجزوء الرمل أيُّها القائلُ بالجسْمِ لأنَّ الأير جِسمُ بذيء اتقِ الله ففي قوْلِكَ ان عُدوانٌ وإثم أهويتَ الأير حتَّى قلت إنَّ الله جِرمُ ضلَّ حِلْمٌ لك أضحى يعبُدُ الأير وعلم بذيء
فتقنَعَ باللِّقاءِ وبالسلام
أيُّها القائلُ بالجسْ
مِ لأنَّ الأير جِسمُ
اتقِ الله ففي قوْ
لِكَ ان عُدوانٌ وإثم
أهويتَ الأير حتَّى
قلت إنَّ الله جِرمُ
ضلَّ حِلْمٌ لك أضحى
يعبُدُ الأير وعلم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> صِلُوا نِصْف كنيته باسمه
صِلُوا نِصْف كنيته باسمه
رقم القصيدة : 62110
-----------------------------------
صِلُوا نِصْف كنيته باسمه
إذا اجتمعا وانظروا ماهما
هما عبدُ سوء إذ أُلِّفا
يوافِقُ معناه معناهُما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يابن كسرى كسرى الملوك ذوي العزْ
يابن كسرى كسرى الملوك ذوي العزْ
رقم القصيدة : 62111
-----------------------------------
يابن كسرى كسرى الملوك ذوي العزْ
زِ أين لي في هذه الأُكرومه
قد أضاءتْ وأشرقتْ فاهْتَدى السا
ري بها في مهالكِ الديمومه
راقتِ النَّاس منظراً ومَشمّاً
فهْيَ ريحانة ٌ لهمْ مشمومه
قسماً إن خُلّة ً علِقَتْ مِنْ
كَ بحبل لخلّة ٌ مرحومه
ظُلِمَتْ بالرجاء فيك وإن كنْ
تَ كنفس فأصبحت مظلومه(75/197)
ياسمي الفتى الذي كان باباً
لجُحودِ المكارمِ المَعْدُومه
كيف حالتْ بك الخلائقُ حتَّى
أصبحتْ بعد حمدِها مَذْمومه
كيف زالت تلك المعالي فأضحتْ
بعدما قد بنَيْتَها مهدومَهْ
كيف مرَّتْ تلك المذاقة ُ حتَّى
أصبحت بعد طِيبها مسمومه
قد لعمري طمستَ مِنِّي وجْهاً
كنتَ فيما مضى تُقيمُ رُسومه
صرتَ قِطعاً من الظَّلامِ لأفْقٍ
بعدما كنت بدْرَه ونُجومه
قلَّدَتْني يداك سِمْطاً من العا
ر خلافَ اللآليء المنظومة
ولأنت الشريكُ في ذاك فاعْلمْ
غيرَ مظْنونة ٍ ولا مَوْهومه
لم تَضَعْنِي إلاَّ بِوَضْعك من نف
سِك فافهم جلية ً مفهومه
بكَ حلَّ الملامُ لا بي بلِ النَّفْ
سُ التي أمَّلتكَ عين الملومه
كلماتٌ تَذُمُّ فعلك لا أص
لك كلا ولا تذمُّ الأرومه
سَوْأتي سوأتي على أيِّ شيءٍ
منك أضحتْ أناملي مضمومه
لهفَ نَفْسِي على الدماثة ِ والحك
مة ِ كلتاهما مذْمومه
كيف لم يردعاكَ عن فعلِ شَنْعا
ءَ قبيح رَواؤها مشؤومه
أبقدْري وزنتَ خَمسينَ رطلا
من حطام يا ظالماً في الحكومه
وهو جزءٌ مما وعدتَ ضئيلٌ
غَرِقٌ في صِلاتك المقسومه
دُم على ما أراه منك فمالي
حاجة ٌ في هدية ٍ بخصومه
واطُرَحِ الهم عنك وافرح بنصحي
فرَّجَ الله نفسك المهمومه
للئامِ الرجال لا لي وجوهٌ
عانياتُ وآنُفٌ مخزومه
أو لمْ تدْر أن نفسي عن الما
ء إذا شابهُ القذى معصومه
لا يسودُ امرؤٌ يَعُدُّ الرزايا
في المعالي مغانماً مغنومهْ
فُطِمتْ رغبتي إليك أبا يحْي
ى ويا رُبَّ رغْبة ٍ مفْطومه
ويمينا مَبْرورة ً إنَّ نفسا
حَرَمَتْني الطفيفَ للمَحْرومه
ومتى ما غدتْ وقد شتَمتْنِي
باحتقارٍ فإنها المشتومه
ما استخفَّ امرؤٌ بقدريَ حتَّى
بوَّأ النفسَ موقفَ المرحومه
وأراك المليءَ إنْ قُلْت قولاً
لمجازاة ِ حتمة ٍ محتومه
غير أني أرى جنودَك إن طا
لت بنا حربُنا هي المهزومه
من أساء الفِعال والقولَ ولى َّ
عن أخيه ذا حُجَّة ٍ مخصومه
أنا مَنْ قد عرفتَهُ يا أبا يحي
ى إذا استهدر الهجاءُ قُرومه(75/198)
سطوتي سطوة ُ المجاهر لاذي
بغْية ٍ من مُناوىء ٍ مكتومه
هاكها حرة ً لحرٍ تبدت
لانتصار فجعجعتْ مزمومه
زمَّها عنك ما فعلتَ وما أس
دَيْتَ أيامَ مجدكَ الموسومه
بلغت بي رضايَ منك وإن كا
نتْ بعيني مفتوحة ً مختومه
خُطبة ٌ لو كظمتُها كانَ أوْلى
بي ولكنْ مرة ٌ مكظومه
وعليك السلام من ذي فراقٍ
ووداعٍ لخُلَّة ٍ مَصْرومه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وفي أبي سعد لؤمٌ
وفي أبي سعد لؤمٌ
رقم القصيدة : 62112
-----------------------------------
وفي أبي سعد لؤمٌ
وإن قرى وتبسمْ
يقْري الضيوفَ ولكنْ
يقْري الضيوفَ ويندم
وليس يندمُ سِرّاً
لكنَّهُ يتكَلَّمْ
فمن أرادَ قِراه
والشتمَ فليتقدَّمْ
وليس يرضيه عِرْضٌ
ولا أديمٌ مُكلَّم
بل اللُّحُومُ تُفَرَّى
بل العظامُ تُحَطَّمْ
وكيف ينجو مغيرٌ
على فريسة ِ ضَيْغم
إياك إياكَ إنْ زُرْ
تَهُ تُلِمُّ بمطْعم
إن الحلالَ لديه
على الضيوف مُحَرَّم
فمن أباحَ حماهُ
كان القصاص من الدَّم
يا رُبَّ شُهْدٍ أكلْنا
هُ عنده كان علقم
أضافنا فأكلنا
فنحن نُهْجَى ونُشتم
ولم يكنْ مِنْ كريم
لكنَّه يتكرم
سائلْ بذاك ابنَهُ الحرْ
رَ فهْو أدرى وأعلم
وإنما الغصنُ يُسقى
مِنْ عِرْقه فتفهَّم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قُلْ خالدٌ وخلاك ذمُّ
قُلْ خالدٌ وخلاك ذمُّ
رقم القصيدة : 62113
-----------------------------------
قُلْ خالدٌ وخلاك ذمُّ
والصبح أجلح لا أغَمُّ
العارُ قدما والشنا
ر لخالدٍ خالٌ وعمُّ
شيخ يناك عِيالُهُ
وكأنّهُ تَيْسٌ أحَمُّ
نيك أذانُ صلاتِهِ
ضمٌّ وتقبيلٌ وشم
وكأنه إذ ذاك زَمْ
مَمَ أنفهُ خَطْمٌ وزَمُّ
سيرَى المُدَلِّسُ أيَّنا
يَحزَى إذا احتشكَ المضم
لا ينْثَني عنه الرُّقا
ة ُ فإنه حَنَشٌ أصم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> شغَلَ المُحبَّ عن الرسو
شغَلَ المُحبَّ عن الرسو
رقم القصيدة : 62114
-----------------------------------
شغَلَ المُحبَّ عن الرسو
مِ وإن غدتْ مثلَ الوُشومِ(75/199)
شكوى الظُّلامة منظلو
مفي حكومتها غَشومِ
ظلمتْ لتحقيق اسمها
فغدتْ تُبرُّ على سَدومِ
هلْ حاكم عدلُ الحكو
مة ِ مُنْصِفٌ لي من ظلوم
باتتْ لظاهرها وسا
وسُ من حُليٍّ كالنجوم
والباطني منها وسا
وسُ من هُموم كالخصوم
شتانَ بينَ الحالَتَيْ
نِ من المُواصل والصَّرومِ
كمْ بين وَسواسِ الحُليْ
يَ وبين وَسْواسِ الهموم
سقْيا لها إذ طالعتْ
كَ ضُحى من الخِدرِ الكَتُوم
وكأنَّ غُرَّة َ وجْهِها
شمسٌ تُطالِع من غُيومِ
وقفتْ لقلبِكَ مَوْقفاً
يُهدي الصِّبا لذوي الحلوم
واستعْجَمتْ لكنَّها
كَتَبتْ إليك بلا رُسوم
أهدتْ لروحك روْحها
وحياً يدِق عن الجسوم
وعَلِمْتَهُ رجماً وكم
لك من عُلوم في رُجوم
إن لا تَلُمْ مَنْ راحَ في
كَ مُحَمَّلاً عبءَ الملوم
أشكو إليكَ ظَماءة ً
مِنْ مُثلة ريَّا سَجوم
ووِشاية َ العِطْرِ النَّمو
مِ عليَّ والحَلْيِ النَّموم
لولاهما لأطعتُ فيكَ
نزاعَ صادية ٍ حؤوم
قلتُ اصدفي ودعيهما
ليسا بحتم في الحُتوم
ما الحَلْيُ والعِطرُ الفصي
حُ بضربة من ذي لُزوم
إنْ كانَ قلبُكِ من هوا
هُ كقلبيَ الدامي الكلوم
فتبرَّئي من واشيَيْ
كِ فليس تركُهما بلوم
أو ما رأيتِ ذوِي الخصا
ئصِ في الهوى وذوِي العمومِ
يتبرأون من الجُلو
د لمنْ هَوَوْا ومن اللحومِ
فتبسمت علماً بصد
قك وانقطعْتَ إلى الوُجوم
دع ذا لِبدْرٍ قد أضا
ءَ فما عليه مِنْ قُتوم
وافى سناهُ ودونهُ
حجبُ السرورِ مع الجُروم
فتحكَّمَتْ خُففُ المطا
مِعِ والأمانيِّ الجُثوم
ثم استقلَّ فكانَ نو
راً للسُّهولِ وللحُزوم
فتجوَّبتْ بهمُ الدُّجَى
وتكثفتْ غُمَمُ الغُموم
قدِمَ الأميرُ فمرحباً
بالقادمينَ وبالقُدوم
مَلِكٌ غدا فوقَ البريْ
ية ِ والأخشَّة ُ في الخطوم
كالوالد البرِّ الرؤو
فِ بنا وكالأُمِّ الرؤوم
والخسْفُ دونَ قبوله
طرفاً من الخَسْفِ المشوم
ليثُ اللُّيوثِ إذا الحرو
بُ تسعَّرتْ قرْمُ القُروم
غيثُ الأنام إذا الغُيو
ثُ بخلن في السَّنة الأزوم
ما في قِراه لطارقٍ(75/200)
ولمستميح من عُتوم
خَفَّتْ خُطاهُ إلى الوَغَى
والحلمُ أرجحُ مِنْ يسوم
وجد السلامة َ في الكرا
هة والفخامَة َ في السهوم
فتراهُ يُبْرزُ وجههُ
تحت السُّيوفِ وللسَّمومِ
لم تُلْهِه خَمرُ المرا
شفِ لا ولا خَمْرُ الكروم
وأخو الرفاهة ِ بين مُس
معة ٍ وإبريقٍ رذوم
ممَّن يُغادِي المِزْهَر الحنْ
نانَ للقوْس الزَّجوم
تكفيهِ أوتارُ القَس
يّ من المثالث والبُموم
ظفرت تزال في اللقا
ء بسهم فلاجٍ سَهُوم
ما إنْ تزال عِداتُه
بينَ الهَزائم والهُزوم
يغزو العدا في ليل زَنْ
ج حالك ونهارِ روم
فاللَّيلُ عَوْنٌ والنها
رُ له على الأمر المَروم
وابنا الزمان هما هما
غلبا المعاقلَ بالهُجوم
يرمي العِدا بجوائح
تأتي الفروعَ من الأروم
كالريح أهلكتِ الهوا
لكَ في لياليها الحسُوم
يا دهرُ جارى من عِدا
تك ساحلا بحرٍ طمومِ
بحرٌ يجِمّ على العطا
ء ويستغيضُ على الجُموم
من هاشم في أنفها
فارجعْ بأنفٍ ذي هُشوم
خيرُ الفُروع بالباسقا
تِ سما به خيرُ الجذوم
تُضْحي يداهُ لمالهِ
ما شئتَ من جارٍ هضوم
لم يَحْسبِ المجد الشرا
ء ولم يَبعْ كرماً بلوم
نفحاتُهُ فوقَ المُنى
وظنونُهُ فوقَ العُلومِ
سمُّ البريّة ِ سُخْطُهُ
ورضاهُ دِرياقُ السُّموم
رجعتْ حقائبُ وَفْدِهِ
كُوماً على أمطاءِ كوم
يشكونَ أثقالَ الغِنَى
طَوْراً وأثقالَ السجوم
ما مثلهُ عن بَخْس مث
لِكَ حَقَّ مثْلي بالنَّؤومِ
عافِيه من بَذْلِ اللُّهَى
والمُرْتجِيه على التُّخوم
لا تستحيلُ عهودُه
والمِسكُ معدومُ الحُموم
يأسُو ويَكْلِمُ غيرَ مَذْ
مومِ الإساءة ِ والكُلوم
ساسَ الورى بيد وهُو
بٍ للُّهَى ويدٍ ضموم
فيدٌ كصفحة ِ سَيْفِه
ويدٌ كشفرتِهِ الحذوم
فذَوُو السعادة ِ ذاهبو
ن عن القصومِ إلى العصوم
وذوو الشقاوة ذاهبو
ن عن العصوم إلى القصوم
يا صاحبَ الفضلِ الخصو
صِ وصاحبَ البذلِ العُموم
يا ناصرَ الدينِ الذي
ذاد السباعَ عن اللُّحوم
وأجدَّ أعلامَ الهُدَى
بعدِ الخُلوقة ِ والطُّسوم(75/201)
كم مِنْ مَقامٍ قُمْتَهُ
ماكان قبلكَ بالمَقُومِ
خذها كأوْشية الرِّيا
ضِ وفوق أوِشية ِ الرُّقومَ
مطبوعة ً مصنوعة ً
تختال في الحقل الضَّموم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> للناس فيما يكْلَفُونَ مغارمٌ
للناس فيما يكْلَفُونَ مغارمٌ
رقم القصيدة : 62115
-----------------------------------
للناس فيما يكْلَفُونَ مغارمٌ
عند الكرامِ لها قضاءُ ذِمامِ
ومغارمُ الشعراءِ في أشعارهم
إنفاقُ أغمارٍ وهجرُ منام
وجفاءُ لذَّاتٍ ورفضُ مكاسبٍ
لو خُولفتْ حُرِستْ من الإعدام
وتشاغلٌ عن ذكر ربٍّ لم يزل
حسنَ الصنائعِ سابغَ الإنعام
مَنْ لو بخدمته تشاغَلَ مَعْشرٌ
خدموكُمُ أجدى على الخُدّام
أفما لذلك حُرمة مَرْعية
إنَّ الكرامَ إذاً لغيرُ كرام
لم أحتسِبْ فيكَ الثوابَ بِمدْحَتِي
إيّاك يابن أكارمِ الأقوام
لو كان مَدْحي حِسبة ً لم أكسه
أحداً أحقَّ به مِن الأيتام
فاقبلْ مديحاً والقهُ بثوابِه
أوْ لا فدعْهُ لغارمِ غنام
لا تَقْبلنَّ المدحَ ثم تَعُقُّهُ
وتنامُ والشعراءُ غير نيام
واحذَرْ معرَّتَهُمْ إذا دانيتهمْ
فلهُمْ أشدُّ معرة ِ العُرَّام
واعلم بأنهمُ إذا لم يُنصفوا
حكموا لأنفسهِم على الحكامِ
وظُلامة ُ العادي عليهمْ تنقضي
وعِقابُهمْ يبقى على الأيام
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تمادى الصِّبا بي في غيِّه
تمادى الصِّبا بي في غيِّه
رقم القصيدة : 62116
-----------------------------------
تمادى الصِّبا بي في غيِّه
وأسلمني للْهوى لُوّمي
وراجعتُ لهْوِي ولذَّاته
ونزَّهتُ نفسي عن المَحْرَم
وقال العواتقُ أهلاً بمَنْ
تناهَى إلى الخُلق الأكرم
فكم ليَ فيهنَّ من قاضياتٍ
نذوراً لذاكَ ولمْ أعلم
وقائلة ٍ بين أترابها
أما يتقي الله ذا في دمي
ألا ليتَهُ زارَ مُسْتخْفِياً
إذا رقدتْ أعينُ النُّوَّم
فأنقعَ مِنْ قُربهِ غُلَّة ً
بقلبيَ من حُبِّهِ الأقدم
أتتْنِي الرسالة ُ عنها بذاك
على منطقٍ ليس بالأعجمي
فأنْبأْتُها أنَّني حافظ(75/202)
لأشياخِها ذمَّة َ المُسلم
وأوْدعْتُها حسرة ً بالعفافِ
ووفرتُ دِيني فلم أثلمِ
ألا فاسقِني من بناتِ الكُروم
وروِّ بكاساتِها أعْظُمي
على لحن صوتٍ تخيَّرتُهُ
وإلا فلا تُدْنِها مِنْ فَمِي
غشيتُ المنازلَ بالأنْعُم
كَمُنْعرِجِ الوشي في المِعْصم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا ربِّ ما أطولَ البلاءَ وما
يا ربِّ ما أطولَ البلاءَ وما
رقم القصيدة : 62117
-----------------------------------
يا ربِّ ما أطولَ البلاءَ وما
أكثرَ في أن بُليتُ لُوَّامي
يلومني الناسُ أنْ حُرِمْتُ وما
ألزمني اللَّهُ غيرَ إحرامي
كم بكَّتوني وعيَّروا أدبي
لمّا جفاني مَحلُّ إعظامي
قالوا ألا شُغْلَ يجتبيك له
وقد رأوْا غُلَّتي وتَحْوامي
فقلتُ لا تَعْجَبوا لأُفْهِمَكُمْ
وقد يمَسُّ القلوبَ إفهامي
أجلَّني قاسمٌ وأكْرمني
أكْرمَهُ من أراهُ إكرامي
همَّ بشغلي بمَعْملٍ فرأى
أنَّ أطْرافي تُجِمُّ آثامي
وأنَّ دأْبِي يَجُرُّ لي تَعباً
يُكثِرُ بعدَ الصحاح أسقامي
فصانَ عُمرِي عَنْ أن يُقَسِّمَهُ
بين ذنوبي وبينَ آلامي
صافي العطايا يظلُّ يمنع إخ
ساري من أن ينوبَ إغنامي
يدرِ رزْقِي عليَّ في دَعَة ٍ
مُنَفِّلي مالهُ وأيَّامي
فالنفس في عيشة ٍ مُغفَّلة ٍ
تَمُرُّ لي كالشهور أعوامي
أنفِقُ من مالهِ ومن عُمري
فيما ترى شَهْوتي وإغرامي
سامية ٌ في مآربي هِمَمي
نافذة ٌ في هَوايَ أحكامي
في غيرِ عيبٍ يعيبُ مَنزِلتي
وغير ريب يُريبُ إسلامي
يا آل وهب حماة َ حَوزَتِنا
نكَّبَ عنكَمُ بسهمِهِ الرَّامي
كم أجلِبُ العذرَ من مذاقتِه
لكم وتستشعرون إتْهامي
أضحى اجتهادي لِنَفْيِ عيبِكُمُ
مثل اجتهادي لنفي إعدامي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> على الطائر الأيمن المرتجى
على الطائر الأيمن المرتجى
رقم القصيدة : 62118
-----------------------------------
على الطائر الأيمن المرتجى
وسعدٍ من الطالعِ النَّاجِم
أتاك أبو غالب كالهلال
بداليلة الفطرِ للصائم(75/203)
يُبَشِّر بالخَيْرِ بعد السرورِ
وبالرُّخْصِ بعد الغلا الدَّائم
وبالخِصْبِ بعد السنينَ الَّتي
توالتْ جُدوباً على العالم
فآذنَ بالفرجِ المُرْتَجَى
وصدَّق رُؤْيايَ في الخاتم
وسرَّ الصديق وساءَ العِدا
وراغَمَ ذا المَعْطِسِ الرَّاغم
سليلُ تُقى ً نَقيُّ الجيو
بِ من دنسَ العابِ والمأثم
كريمٌ لأكرمِ مَنْ يُرتَجى
وأجودُ في الجُودِ من حاتم
وبدْرٌ لبدرٍ بدا مُشْبهاً
لوالدهِ غيرَ ما ظالم
فهنئته يا أبا الصقر من
بشير بثانٍ له قادم
وعمَّرهُ اللَّهُ حتَّى تَرى
بنيه رُعاة َ بني آدم
وبلَّغهُ مبْلَغَ الصالحين
وأرقدَ عَيْنَيْهِ من نائم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> غدوْتُ إليكَ ولي واعدا
غدوْتُ إليكَ ولي واعدا
رقم القصيدة : 62119
-----------------------------------
غدوْتُ إليكَ ولي واعدا
نِ ربٌّ رحيمٌ ورجْسٌ رجيمُ
فللرجْسِ وعْدٌ بنكرائه
ليحرمني وهو خَبٌّ لئيم
ولله وعْد بمعروفه
ألا فلْيُصدِّقْ كريماً كريمُ
وأنت بتحقيق ما أرتجيه
وإبطال أسوأ ظنٍّ زعيمُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قلبي من الطرفِ السَّقيم سقيمُ
قلبي من الطرفِ السَّقيم سقيمُ
رقم القصيدة : 62120
-----------------------------------
قلبي من الطرفِ السَّقيم سقيمُ
لو أنَّ من أشكو إليه رحيمُ
أضحى يُنَغِّصُنِي النسيمَ نسيمُه
أفلا يُهنيني النسيمَ نسيم
مِنْ وجهها أبداً نهارٌ واضحٌ
من فرعها ليلٌ عليه بهيم
إنْ أقبلتْ فالبدرُ لاح وإن مَشَتْ
فالغصنُ راح وإنْ رنَتْ فالرِّيم
نعمتْ بها عَينِي فطالَ عذابُها
ولكَمْ عذابٌ قد جناه نعيم
نظرتْ فأقصدتِ الفؤادَ بسهمِها
ثم انثنَتْ نَحْوِي فكِدتُ أهيم
ويْلاهُ إنْ نَظَرتْ وإن هِيَ أعْرضتْ
وقْعُ السِّهام ونَزْعُهُنَّ أليم
وممّا دَهَتْنِي دون عيني عينُها
لكنَّ غِبَّ النظرتيْن وخيم
ولما البليَّة ُ من خصيمٍ واحدٍ
مالم يكن للمرء منه خصيم
يا مستحلَّ دمي مُحَرِّم رَحْمتي
ما أنصفَ التحليل والتحريم(75/204)
إن الذي وهبتْ يداه مثلكم
يا آل وهبٍ للْعُلا لكريم
ولئن تَهيِّأ للزمانِ وِلادكم
إن الزمان بمثلكم لعقيمُ
لتَروْن سائلكُمْ أحقَّ بمالِكم
من بعضِكْمْ حتَّى يُقالَ غريم
ويحُلُّ في عَلْيا مَراتِب ودِّكُمْ
وخصوصِكُمْ حتى يُقالَ حميمُ
كم من مهيب منكُمُ تعنو له
غُلْبُ الأُسودِ وإنَّه لحليم
ومُخَدَّعٍ عند السؤالِ كأنه
غِرٌّ هناك وإنّه لحكيم
ومغفَّلٍ عن كل عثرة ِ عاثرٍ
دأبَ الغبيِّ وإنَّه لعليم
مِمَّنْ أقامَ له الطباعُ قناته
لا مَنْ أقام قناتَه التقويم
لله أمرُكُمُ الذي لو أنَّهُ
رجلٌ لقال له الرجال وسيم
لا كان فيه مع النَّماءِ نقيصة ٌ
وصفا له التَّخلْيدُ والتَتْميم
كم تسكُتونَ عن الذي تولونَهُ
لتصغِّروه وإنَّه لجسيم
والله يُعْظِمُ قدر معروف لكم
لم تُعظِمُوه وإنَّه لعظيم
واللَّهُ يبعثُني عليكُمْ إنَّني
بإذاعة ِ العُرف السَّتِير زعيم
ولحَسبُكُم بنميم ما تُخفونَه
منا وللمسْكِ الذكيِّ نَمِيم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> آليتُ أهجو كريماً عند نبوته
آليتُ أهجو كريماً عند نبوته
رقم القصيدة : 62121
-----------------------------------
آليتُ أهجو كريماً عند نبوته
ولا لئيماً وإنْ أكدى وإنْ شتما
أنِفْتُ من أنْ يقولَ الناسُ لي كلبٌ
وبصَّرْتني صروفُ الدَّهرِ بعد عمىص وقوَّمَتْني يد من سيِّدٍ حَدِبٍ
بل شيمة ٌ منه أعْدَتْ شيمتي كرما
فلن أرى ما تولاني به تِرة ً
بل نعمة ً تستحق الشكرَ بل نِعَما
للَّهِ دَرُّ ثِقافٍ مِنْهُ قوَّمني
لئن لَؤُمْتُ لقد أبقى وما لؤُما
ما زال يرفُقُ في تَقوِيمِه أودي
حتى تقوَّم لي عُودي وما تحطما
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لا تحسب النَّبطُ الأوغادُ أنَّهُمُ
لا تحسب النَّبطُ الأوغادُ أنَّهُمُ
رقم القصيدة : 62122
-----------------------------------
لا تحسب النَّبطُ الأوغادُ أنَّهُمُ
أولى من العرب الأمْجادِ بالقلمِ
وإن غَدوا دون أهلِ الأرضِ إخوته(75/205)
أبوهُمُ وأبيهِمْ منبتُ الأجم
كم من أخٍ لو أخوه كان هاديه
إذاً لضلَّ ضلالا ليس بالأمم
هداه أقصى غريب قصد وِجْهتِهِ
من بعد ما حار في داجٍ من الظُّلم
هذا أبو الصقر فردٌ في كتابتِه
وهو ابن شيبانَ بيْن الطلح والسَّلم
ما جاورتْ نبطي الزل نبعته
بل جاورت .. النبع والبشم
هو الذي حملَ الأقلامَ ضاحية ً
عن الطريق وقد جارتْ عن اللُّقم
أمسى وأصبحَ بين الناسِ أرْفَعَهُمْ
ذكراً وأشهرَهُمْ بالمجد والكرم
كأنَّه الشمسُ في الأوج المُنيفِ بها
على البريَّة ِ لا نارٌ على علمِ
فزاده الله تشريفاً وأصْحبه
رُشْداً يُثَبِّتُ منه وطْأة َ القدم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا أبا الصقر إنَّ شُكْري لمعْروُ
يا أبا الصقر إنَّ شُكْري لمعْروُ
رقم القصيدة : 62123
-----------------------------------
يا أبا الصقر إنَّ شُكْري لمعْروُ
فِكَ شكرٌ باقٍ على الأيامِ
فاستدمْهُ فإنما تصحب النعْ
مة ُ من كانَ دائمَ الإنعام
لك صفو المديح والشكر مني
في نظام وصلته بنظامِ
وعيونٍ ما مثلها من عيونٍ
آخذاتٍ مختارَ كُلِّ كلام
لا اذُمُّ الزمانَ ما كنتَ ترعى
يا أبا الصَّقرِ حُرمَتي وذِمامي
لم أزل منك في نعيم مقيم
لم يزل عند رِحلتي ومُقامي
ضلَّ من قد دعوتُ دونَكَ عني
ووجدت الكرامَ غيرَ كرام
وضمانٌ على مديحي وشُكري
لك حُسْنُ الثَّناءِ في الأقوام
وبِحَسْبي بأنَّ شكري لمعرو
فِكَ مما أُريتُهُ في المنام
نابَ عَنْ صِدْقِهِ وصِدْق وفائي
لك بالشكر صادقُ الأحلام
صُمْتُ عمَّنْ سواكَ من سائر النَّا
س ففطْري بذاكَ عند صيامي
لستُ ممن ينام عن واجب الحْق
قِ عليه وأنت غَيْثُ الأنام
قد يُحَثُّ الجوادُ غيرَ بطيءٍ
ويُهَزُّ الحسامُ غيرَ كهام
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيها المُنْصِفُ إلاَّ رجُلاً
أيها المُنْصِفُ إلاَّ رجُلاً
رقم القصيدة : 62124
-----------------------------------
أيها المُنْصِفُ إلاَّ رجُلاً
واحداً أصبحتَ ممن ظلمَهْ(75/206)
كيف تَرْضَى العُسْرَ خِدناً لامرىء
وهْو لا يرضى لك الدُّنيا أمَه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبا العباس ما هذا التَّواني
أبا العباس ما هذا التَّواني
رقم القصيدة : 62125
-----------------------------------
أبا العباس ما هذا التَّواني
وقد أُوسِعْتَ مَنْ كَرمٍ وفَهْمِ
أتقْلِبُ ذا مُحافظة ٍ عَدُوّاً
لعمرُو أبيك ما هذا بحزْم
عزمْتَ ندًى فما أمضيْتَ عزماً
وكنتَ مُشهَّراً بمضاءِ عزمِ
قصدْتُكَ راجياً واليأْسُ رَجْمٌ
فلم تَتْركْ رجاءً غيرَ رَجْم
وواتَرْتُ السؤالَ فلم تُجِبْني
كأنِّي سائلٌ آياتِ رسم
أما والله ما هذا بحقِّي
عليك إذا شجيتَ بِظُلْم خَصْم
زأرْتُ على عَدُوِّكَ غيرَ وانٍ
وأتبعتُ الزئيرَ له بكَلْم
فما أخْلَيْتُهُ من نَهْشٍ لحم
ولا أخليتُه من حَطْمٍ عظْم
وخِفْتُ عليكَ عادية َ اللَّيالي
فبتُّ الليلَ أرقبُ كُلَّ نجم
حراسة ليثِ صدقٍ لا يُبالي
بسيفٍ في الحفاظِ ولا بسهم
فما كافأْتني إلاَّ بجوع
كأني كنتُ عندك كلبَ طَسْم
إليكَ إليكَ من وسَم القوافي
إليك فإنهُ من شرِّ وَسْم
ولم أخش الهجاء عليكَ لكنْ
خشيتُ المدحَ من نَثْرٍ ونظم
ومن تَحْرِمْهُ رِفدكَ بعد مَدْح
فحسبُكَ مدْحُه من كلِّ شتم
أليسَ يقالُ قيلَ له فأكْدَى
فتُصبِحُ والذي تُهجَى بِرَقْم
أتَرْضَى ان تروحَ وفضلُ مِثْلي
عليكَ وليسَ فضلُكَ غيرَ وهْم
لئن خيَّبْتني ورفَدْتَ غيري
لقد صدَّقْتَ قولَ جَهْم
ألا لا فِعْلُ حيٍّ باختيار
متى خيَّبْتني لكنْ بحتم
أتَلْقى وجْهَ مسْبوقٍ بمَسْح
وتلقى وجهَ سبَّاقٍ بلَطْمِ
لقد أضحتْ عقولُ النَّاسِ باختْ
بما فيهنَّ من عَيْبٍ ووَصْم
وكم مِنْ قائلٍ لي في مُسِيءٍ
لقد فخَّمْتَ منهُ غيرَ فَخْمِ
فقلت بنَيْتُ مأثُرة ً بِشعْرِي
فلا تعرِض لمأثُرَتي بهدم
ودعْ ذمَّ المُسيء فما مُسِيءٌ
رأى غبَّ الإساءة ِ غيرَ وخْم
عفوتُ فلا أقابِلُهُ بِلَوْم
وإنْ أوسِعْتُ من لوم وعدْم
وما عَفْوي لشيْء غيرَ أنِّي(75/207)
أرى لحمَ اللئيمَ أغثَّ لحم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> خليلٌ من الخِلاَّنِ أُصفيهِ خُلَّتي
خليلٌ من الخِلاَّنِ أُصفيهِ خُلَّتي
رقم القصيدة : 62126
-----------------------------------
خليلٌ من الخِلاَّنِ أُصفيهِ خُلَّتي
فأبدَى ليَ السرَّ الذي أنا كاتِمُهْ
ويحزُنُني طورا وطوراً يسُرُّني
مغانمُهُ طوراً وطوراً مغارمه
بُليتُ ببلوى والبلايا كثيرة ٌ
وكانتْ مُرجَّاة ً لدينا مَقاوِمه
فلم أتخيَّرْ من ثقاتي غيرهُ
ولم أرَ أنِّي عند ذلك ظالمه
وقال ليَ التأميلُ فيه ألا ادْعُهُ
لخطْبِكَ لا تَعظُمْ عليك عظائمُه
فلم أتخيَّرْ بين يأْسٍ ومَطْمع
ولا قلتُ جبسٌ باردُ القلبِ نائمه
فبكيته حيّاً كَمَيْتٍ فقدتُه
وما الميْتُ إلاَّ من تموتُ مكارمه
فلا تَلْحَهُ يابنَ الكرامِ وأعْفِهِ
فما لوْمُ من لم تَبْقَ إلا رمائمُه
نعائي أبا يحيى إليك فإنَّهُ
تداعتْ معانيهِ وبادتْ معالمه
فخُذْ في مراثي من تبدَّلَ بالعُلا
سَفالاً فما تُجدى عليكَ مَلاوِمه
غدا خادماً للشُّحِّ والشُّحُّ ربُّه
وعهدي به الأمسِ والجودُ خادمه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إنِّي أراك بعِين لا يراك بها
إنِّي أراك بعِين لا يراك بها
رقم القصيدة : 62127
-----------------------------------
إنِّي أراك بعِين لا يراك بها
إلا امرؤٌ جُدِّدَتْ من طَرْفِهِ الحكُمْ
ومن رآكَ بعينٍ غير كاذبة
رأى الذي كُلُّ شيء بعده أمم
في النَّاسِ قومٌ يُريهِمْ إفكُ ظَنِّهِمُ
شمسَ النهارِ تُباري قطرها الرَّكم
ولستُ منهمْ معاذَ اللَّهِ إنهُمُ
سِيَّانِ فيما روَوْا من ذاكَ والنَّعم
بل هندسِيٌّ تُريني الشمسَ هَنْدستي
على الحقيقة ِ في شخصٍ له عِظَم
ومَنْ تَحلَّى بعين أبصرها
من حيث لا يتوارى شخصها العممُ
ملأْتَ صدري جلالاً يا أبا حسنٍ
هُدَّتْ له مِنِّيَ الأركان والدِّعَم
فكلما رمتُ أن ألقاكَ أقعدني
ما لا يقوم له ساقٌ ولا قدم
وليس ذاك ببدعٍ لا ولا عجب(75/208)
كذاك قِدما تهاب السادة َ الخدم
متى أقبِّلْ كفاً منك فتئت
ركنا يُقبَّل للجدوى ويُستلم
للناس في كل سر من أسِرتها
وادٍ ترفُّ على أرجائه النِّعم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وطئتَ أبا إسحقَ أثبتَ وطْأة ٍ
وطئتَ أبا إسحقَ أثبتَ وطْأة ٍ
رقم القصيدة : 62128
-----------------------------------
وطئتَ أبا إسحقَ أثبتَ وطْأة ٍ
وأثقلها ثِقْلاً على رَغْمِ راغم
وهُنِّئتَ ما أُعطيتَهُ من كرامة ٍ
وهُنِّئكَ المِعطاك بأني المكارمِ
سبقْتَ به الكُتَّابَ عفْوا كسبقهِ
بل السادة َ الأملاكَ من آل هاشم
وأصبحتما مُسْتبشِرَيْن كلاكما
بصاحبه قد فازَ فوزة َ غانمِ
وإنَّك للْحظُّ النفيسُ لسيدٍ
كما أنَّه الحظُّ النفيسُ لخادم
فمن شاءَ فليبكِ الدماءَ نفاسة ً
ومن شاء فليضحَكْ إلى فهْرِ هائم
أما والهدايا الدامياتِ نحورُها
ضحى ً والمطايا الداميات المناسم
لقد أيَّدتْ منكَ الخلافة ُ طودها
بِرُكْنٍ وثيقٍ غيرِ واهي الدعائم
كأنِّي بمصرٍ قد تجلَّيْتَ طالعاً
عليها بوجهٍ مُسفرٍ غيرِ قاتم
فظلت بيوم من ضيائكَ شامسٍ
رهيناً بيومٍ من سماحك غائم
رحلْتَ إليها العيس أيْمَنَ راحلٍ
ويقدمها من بعدُ أسعدُ قادم
فتُنْجِزُ لي وَعْدَ الرجاءِ بميرة ٍ
من العُرفِ فوق السَّاحجاتِ الرواسم
تُعجِّلُها موفورة ً وتُديمها
ولا خيرَ في المعروفِ ليس بدائم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> دامت لك الصالحاتُ والنِّعَمُ
دامت لك الصالحاتُ والنِّعَمُ
رقم القصيدة : 62129
-----------------------------------
دامت لك الصالحاتُ والنِّعَمُ
ولا أغبَّتْكَ منهما الدِّيمُ
يابن الذين اشْمَخَرَّ مجْدُهُمُ
بهمْ إلى حيثُ تَنْتَهي الهمم
أحينَ أمَّلتُ أن أُجير على الدْ
دهرِ بعزِّ الأمير أُهتَضم
تُهدَمُ داري وفي يديَّ معا
منك العُرا المُحْصَداتُ والذِّمم
من بعد ما اطوَّفَ الطريدُ بها
وقال قومٌ فِناؤها حَرَم
إن يكُن الهدمُ نال ذِروتَها
فقد أُراها مَهيبة ً بكم(75/209)
إذا أظلَّ السحابُ خِطَّتَها
هَمْهَمَ بالرَّعدِ وهو مكتتمُ
يا لهفتي أن يكون مَسَّني الظ
ظُلْمُ وما مسَّ ظالمي نَدم
كيف أُحير الجواب مُنْتَصِفاً
من ذي خطابٍ وكيف أبتسِمُ
وابنُ أبي كامل تظلَّمني
ألأمُ عبدٍ مشتْ به قدم
وجاء ما شفَّني وأرمضني
منه فنارُ الغليلِ تَضْطرم
إخْفارهُ ذِمَّة َ الأمير ولم
يمرِ وريديه صارمٌ خَذِم
وملء دارِي وحقُّ سيدي ال
أكبر ذي المجد والعلا حُرم
يهتفْنَ باسمِ الأمير آونة ً
وتارة ً عندهنَّ ملتزمُ
لو كنَّ أسمعنَ من هتفْنَ بهِ
لهزَّهُ للحفيظة ِ الكَرَم
ها أنا عبدُ الأمير قد وضحَت
ظُلامتي فهْيَ عندُه علم
فليأتِ في العبدِ ما تقرُّ به ال
عينُ ويُشفَى الغليلُ والسَّقم
وبعدُ فالعبدُ طوعُ سيِّده
فاحكُمْ بما شئتَ وانقضى الكَلِم
ظنِّي بعدلِ الأميرِ بل ثِقتي
بحرمتي أنه سينتقم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كثُرَتْ فتوحُ أميرنَا وتتابعتْ
كثُرَتْ فتوحُ أميرنَا وتتابعتْ
رقم القصيدة : 62130
-----------------------------------
كثُرَتْ فتوحُ أميرنَا وتتابعتْ
فجزاهُ ربُّ الناسِ دارَ كرامتِهْ
ما إن يزال مُعزِّياً خلفاءنا
عن كُورة ٍ ومهنئاً بسلامَتهِ
لا فتح إلا هكذا ولمثله
فتح الفتوح ببأسه وصرامتهِ
ضرْطٌ كتشقيق الحرير وسلحة ٌ
في عارضيه وفي مفارق هامته
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ما بحريثٍ نال ابنُه الكرما
ما بحريثٍ نال ابنُه الكرما
رقم القصيدة : 62131
-----------------------------------
ما بحريثٍ نال ابنُه الكرما
لكن بما قد أباحنا الحُرما
جادَ بأشياءَ لا يجادُ بها
لشيمة ٍ فيه بذَّتِ الشيما
كلُّ جوادٍ في مِلْكه حَرَمٌ
وليس شيءٌ في مِلكهِ حَرُما
أصبحَ قُدَّامَ من تقدَّمه
جودا وإن همْ تقدموا قِدَما
يا أيها العائبون شِيمتَهُ
ضعوا المقاييسَ بيننا حَكما
أسمحُ من تعلمونَ حاتِمُكُم
وإنما كان يمنح النَّعما
فمَنْ سختْ نفسُهُ بحرمته
فهْو الذي ليس بعدهُ كرما(75/210)
ثلاثة ٌ يُعرفُ السَّخاءُ بها
فقوِّموها ورتِّبوا القِيما
المالُ والنفسُ وهي تفضُلُهُ
والحُرُماتُ التي تفي بهما
وذاك أن النفوس تخطر عن
هنَّ وتستمطرُ السيوفَ دما
واللَّهِ أنْ لو رآه حاتمُكُمْ
وكعبُكُم ألقيا له السَّلما
أُثني عليه ببعضِ نِعمَتِه
فأرغم الله أنف من رَغِمَا
والحمد لله لا شريك له
من لَم يَقُلها فنفسه ظلما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وليس حراماً شتْمُ من كان مُفْحما
وليس حراماً شتْمُ من كان مُفْحما
رقم القصيدة : 62132
-----------------------------------
وليس حراماً شتْمُ من كان مُفْحما
على شاعرِ قد سامهُ الضَّيمَ سائمُ
وما ضعْفُ قِرني إنْ تصدَّى لِقُوَّتِي
بمُنجِيهِ منّي أو ترنَّ مآتمُ
وفي الله كافٍ إن أحيلت حوائلٌ
ودسَّتْ مقالات ونمتْ نمائمُ
وراصدُ صِدقٍ لا يزالُ بظالم
عقوباتُه أو يَرَعَوي وهْو نادم
ولمْ خُلِقَتْ للناسِ أيدٍ وألسنٌ
إذا هي لم تُمنَعْ بهنَّ المحارم
إذا أُعطيتْ غُلْبُ الأسودِ سلاحَها
وقل قُوى ً إنْ رام ضيْمَك رائمُ
وأدركها ضَيْمٌ فلم تَنْتَصِرْ له
فلم يشكر الله الليوث الضراغم
لضعْفٌ وإعزار أقَلُّ مضرة ً
من الأيْدِ أُوتاه ولي منه ضائم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وكنتُ إذا ما هجاني امرؤٌ
وكنتُ إذا ما هجاني امرؤٌ
رقم القصيدة : 62133
-----------------------------------
وكنتُ إذا ما هجاني امرؤٌ
لئيمٌ عرفت دواءَ اللئيم
أعدُّ هجائي له نائلاً
وأبذُلُه بذلَ سَمْح كريم
فأبلغُ من شتمه حاجتي
ولم أهدِ في ذاك هَدْي المليم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> واترٌ ظالمٌ وناقض وتْرٍ
واترٌ ظالمٌ وناقض وتْرٍ
رقم القصيدة : 62134
-----------------------------------
واترٌ ظالمٌ وناقض وتْرٍ
أيُّ هذيْن يستحق الندامهْ
أحليمٌ أصابَ منه سفيهٌ
فاستردَّ الحليمُ منه الظُّلاَمهْ
أم سفيهٌ أصابَ عِرضَ حليم
فأصابَ السفيه طفْر عُرامهْ
خالدَ اللُّؤْمِ أنتَ هيَّجْتَ حَرْبي(75/211)
ولقد كنتَ وادعا في سلامه
فاشتريتَ السهاد بالنومِ جَهلا
ورئمتَ الهوان بعدَ الكرامه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تعرَّضَ لي دونه مَعْشرٌ
تعرَّضَ لي دونه مَعْشرٌ
رقم القصيدة : 62135
-----------------------------------
تعرَّضَ لي دونه مَعْشرٌ
كرامٌ وما ذاك أنْ أكرموهُ
ولكنّهْمْ أعظموا مَنطقي
وكان جديراً بأنْ يُعْظِمُوه
فصانوا هجائي عنْ عرضه
بأعراضه شدّ ما استْلأموه
لئن رَحِموا الشعرَ من لؤمه
لحقَّ وحقوا بأنْ يرْحموه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا نبيَّ الله في الشع
يا نبيَّ الله في الشع
رقم القصيدة : 62136
-----------------------------------
يا نبيَّ الله في الشع
رِ ويا عيسى بن مريمْ
أنتَ من أشعرِ خلق ال
له ما لم تَتَكَلَّم
إنَّ من يزعم أنْ لي
سَ إلى العَيُّوق سُلم
لو رأى قرْنَ الحُرَيْثيْ
يَ استحى أن يترمم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كأنّ أباه حين واقع أمَّه
كأنّ أباه حين واقع أمَّه
رقم القصيدة : 62137
-----------------------------------
كأنّ أباه حين واقع أمَّه
أتاها وفي إحليله كُوزُ بلْغَمِ
فجاءت به قرداً قبيحاً مقبَّحاً
على ما به من قلَّة وتَبظْرُم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> و فتى ً يمنعُ الطعا
و فتى ً يمنعُ الطعا
رقم القصيدة : 62138
-----------------------------------
و فتى ً يمنعُ الطعا
م ولا يمنع الحُرم
فجميع النساء في الْ
حَلِّ والمطبخُ الحرم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رأتْ عينيلمُنْكَرة ٍقواما
رأتْ عينيلمُنْكَرة ٍقواما
رقم القصيدة : 62139
-----------------------------------
رأتْ عينيلمُنْكَرة ٍقواما
ووجهاً يشبه البدرَ التماما
فلم أبرحْ صريع هوى ً كأنِّي
شربتُ به معتَّقة مُداما
شكا قلبي جناية َ طرْفِ عيني
وقال رأى فأغْرى بي غراما
فقلتُ وقد جَنَى شراً عليه
ألستَ تراه قد هجر المناما
فقال الجسمأشكو ذا وهذا
فإنهما أعاراني سقاما
فقلتُ ثلاثة ٌ كلٌّ جَناهُ(75/212)
أقام بِكمْ بلاؤكُمُ وداما
فطرْفي ساهرٌ والجسم مُضْنى ً
وقلبي ليس يبرحُ مُستهاما
ومُنكرة ٌ تظنُّ الحبَّ لِعْباً
وقد قعدَ الهوى فيها وقاما
أظنُّ اليومَ قد غابتْه شهراً
وشهراً لا أراها فيه عاما
تحل بقرية النعمانِ عَمْداً
تُطيلُ بها على رغمي المُقاما
رمى الرحمنُ مولاها بموْتٍ
وعجَّل لي من الوعد انتقاما
لئن نَعُمَتْ لما رثَّتْ حبالٌ
لها عندي ولا أمست رِماما
ولكني أجدِّدُ كلَّ يومِ
بها وجداً وشوقاً واهتماما
بقلبي جمرة ٌ للشوقِ تُذكى
تزيدُ على تباعُدِها اضطراما
تُرَى الأيامُ تُدْنِي بعدَ بُعْدٍ
وتُعطينا اجتماعاً والتئاما
وتَشفِي من جَوَى الأبراحِ صبّاً
يكاد يموتُ سٌقماً واغتماما
فكُفّا بالذي أبلى وعافى
عن المشغولِ بالحُبِّ المَلاما
تُراني أبدَع العشاقِ عِشْقاً
وأولَ هائمٍ في الحب هاما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أقامَ مشيبي عليَّ القيامَهْ
أقامَ مشيبي عليَّ القيامَهْ
رقم القصيدة : 62140
-----------------------------------
أقامَ مشيبي عليَّ القيامَهْ
وعمَّمَني منه أخْزَى عِمامَهْ
فأفسدَ بيني وبينَ الملاح
وأوحشَ مني كؤوسَ المُدامه
ظُلِمتُ ولا حاكم عادل
على الشيبِ يسمعُ مِنِّي الظُّلامه
ولما رأيت سِهام المشيب
جعلتُ الخضاب مجنا ولامه
وما زلتُ ألطفُ في حيلة ٍ
تعيد الشبيبة لي والوسامه
تبينْتُ منذ خضبتُ المشي
ب بعد اعوجاج أموري استقامه
وعادتْ إليَّ خِلالُ الشباب
جميعاً سوى فتكه والعرامه
سوادك فيه دليلٌ على
شباب وفيه عليه علامه
ستندم إن أنت لم تختضب
فسوِّدْ خضابك قبل الندامة
ولا تلحني في طلاب الشباب
فنفسي به لم تَزَلْ مُسْتهامه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سلِّني قد مللْتُ طولَ الغرامِ
سلِّني قد مللْتُ طولَ الغرامِ
رقم القصيدة : 62141
-----------------------------------
سلِّني قد مللْتُ طولَ الغرامِ
واحتمالِ الأحزانِ والأسقامِ
اسقنِي سلوة ً فإن أنت لم تق
دِر عليها فداوني بالمُدام(75/213)
ربما كان في المُدام شِفاءٌ
للُمحبِّينَ من جَوى ً وغرام
يعجزُ العقلُ من ذوي العقل عما
يتأتَّى لغيرهمْ بالكلام
ليسَ لي في جوارِ صاحبة ِ الصُّدْ
غ مع الهجر والجفا من مقام
قد سقتني من عينها كأس وجدٍ
فعلتْ فيَّ فعلَ كأسِ المُدام
أسكرتني سكر الشَّمولِ من الخم
رِ ودبَّت دبيبها في عِظامي
إنَّ ما لا يكونُ نقصانُ وجْدي
كيف أرجو نقصانَ ما هو نامي
كلَّ يومٍ يزيدُ وجدي وشوقي
وغرامي وصَبْوتي وهُيامي
ليس من حيلة تُنْهنهُ عنَّي الْ
وَجدَ إلا غروبُ دمعٍ سجام
فاستعنْ بالدموعِ وافزع إليها
فهْيَ عونٌ للعاشقِ المُسْتهام
إن يكنْ داني الهوى فتيقَّنْ
أنهُ منذ كان داءُ الكرام
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أفسدتْ توبتي عليَّغلامُ
أفسدتْ توبتي عليَّغلامُ
رقم القصيدة : 62142
-----------------------------------
أفسدتْ توبتي عليَّغلامُ
غُصُنٌ ناعمُ وبدرٌ تمام
يفضحُ البدرَ وجهُها مستَتِّمّاً
والقضيبَ الرطيبَ منها القوامُ
كعبة ِ النَّيك للزناة ِ بها في
كُلِّ يوم وليلة استلامُ
وهْيَ أنْثَى وما تثنَّت تمشَّى
قطُّ إلا بدا لعيني غُلام
عجباً من سقامِ عينيْكِ تُضْني
ويُداوى بها الضَّنى والسَّقام
امزجِ الراحَ لي بريق غلام
فألذُّ الهوى المعاصي التؤام
تُسِكرُ الخمرُ شاربِيها وخمرُ الرْ
ريق يصحو بشربها المستهام
فوق خدي لجة ٌ من دموعٍ
يغرقُ الصبرُ وسطَها والملامُ
لن يطيبَ الهوى إذا لم يُنره
وتسدي أثوابه الآثام
لستُ مُستعذباً وصالَ حبيبٍ
أو تُرى فيه لي ذنوبٌ عظام
ما ملكتُ الهوى وما ذقتُ فيه
فتساوَى حلالهُ والحرام
حِلُّه باردٌ فما كان لي مُنْ
ذُ كنتُ فيه بما يحل غرام
فحلالُ الهوى نبذٌ مُدارٌ
وحرامُ الهوى شمولٌ مُدام
من أطالَ ارتضاعَ أخلافِ لَهْوٍ
شقَّ فيما أرى عليه الفطام
فُتْ بلذاتك العواذل والعَذْ
لَ وإلاَّ فاتَتْ بها الأيامُ
سيُمَحِّي الذنوبَ منكَ صلاة ٌ
وخضوعٌ وخيفة ٌ وصيام
منْ قسَّ الجحيمُ ظَنِّي جلداً(75/214)
قد كساهُ أثوابهُ الإسلام
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أفي هوى يوسفٍ أُلامُ
أفي هوى يوسفٍ أُلامُ
رقم القصيدة : 62143
-----------------------------------
أفي هوى يوسفٍ أُلامُ
بدرٌ تجلَّى له الظَّلامُ
للغُصْنِ منه إذا تثَنَّى
في مشيه اللِّينُ والقوام
يُديرُ من طرفهِ كؤوسا
تفعل ما تفعلُ المُدامُ
بعارضيْهِ رياضُ حُسْنٍ
للنَّور مِن زَهرِها ابتسام
من زغبات منظمات
في خدّه زانها النظام
والشعر نقصٌ لكلِّ خد
والشعرُ في خدهِ تمام
لها وما إنْ لهوتُ عنهُ
ونامَ عنِّي وما أنام
يدنُو فإن رمتَ منه نَيْلاً
أعياكَ في نيله المرام
تملكُ مِنِّي القيادَ سلْمَى
ولا كما يملك الغُلام
يا ليتَهُ ليلة ً ضجيعي
وللعدى آنفٌ رُغام
أضُمُّهُ بعد لثْم فيهِ
إلى حشا حشوهُ الغرام
يُقنِعُني منه حين ينْأى
في عيشتي زَوْرة ٌ لمام
ليس على عاشقٍ تَمَنَّى
زَوْرَة َ معشوقهِ آثام
إنَّ الذي شفَّني هواهُ
يحِل في مثلهِ الحرام
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كان هزلاً فعاد جِدّاً غرامي
كان هزلاً فعاد جِدّاً غرامي
رقم القصيدة : 62144
-----------------------------------
كان هزلاً فعاد جِدّاً غرامي
وعذابُ الهوى غُلامُ غلامِ
أمرتْ قدَّها يقودُ إليها الْ
قلْبَ مني فقاده بزمام
لو سألتَ القضيبَ قال ولم
يكذبك منها استعرتُ حسنَ القوام
جمعتْ طرة ً وقداً ووجهاً
ونُهوداً ونغمة ً في نظام
فهْيَ أوْلَى في الوضفِ إن صدقَ الوصْ
فُ من البدرِ بالبها والتَّمامِ
اسقني من مُدام ريقتها العذْ
بة إذ قد حُرِمْتُ شربَ المُدام
فمُدام الكُرومِ غيرُ حلال
وهْيَ تَسقي المُدامَ غيرَ حرام
وترشَّفْ منها لمى فهْو كأْسٌ
ليسَ في شربِ خمرها من آثام
ما أرى لي في رَبْعِ حُبٍّ إذا لم
أحظَ فيه بنائل من مُقام
وعدتْني وعداً فهاجتْ حروبا
بين عَيْني فيه وبين المنام
بتُّ شر المبيت ما ذُقْتُ غُمْضاً
طولَ ليل والليلُ ليلُ تمام
صيرتْ لي اللقاء في كُلِّ شهْرٍ(75/215)
وأراه يصيرُ في كُلِّ عام
ليس في العالمين أسوأ حالاً
مِنْ مُحبٍّ بِقَيْنَة ٍ مُسْتهام
شاربٌ طولَ دهره كأسَ غَيْظٍ
وعتابٍ ما يَنْقَضي واهتمامِ
سأُسَلِّي نفسي وأسبِقُ يأْساً
لِسلُوِّي ملامَة اللُّوَّام
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قولا لقُرَّة ِ عَيْني
قولا لقُرَّة ِ عَيْني
رقم القصيدة : 62145
-----------------------------------
قولا لقُرَّة ِ عَيْني
سميتُ أو لم أُسمِّي
كم قلتُ عند بكائي
أصبتُ عيْني بكمي
حتى يقول جليسي
عليَّ أيضاً تُعمِّي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> خُذي وصالي فإنني رجلٌ
خُذي وصالي فإنني رجلٌ
رقم القصيدة : 62146
-----------------------------------
خُذي وصالي فإنني رجلٌ
أودُّ ودَّ العفاف والكرمِ
أنسى نصيبي من الفتاة ِ سوى
نصيب عيني وناظري وفمي
ليس يحبُّ الكرامُ من شبق
ولا يصيدُ الملوك من قَرَم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إن امرأ رفض المكاسب واغتدى
إن امرأ رفض المكاسب واغتدى
رقم القصيدة : 62147
-----------------------------------
إن امرأ رفض المكاسب واغتدى
يتعلمُ الآدابُ حتَّى أحكما
فكسا وحلَّى كلَّ اروع ماجدٍ
من خيرِ ما حاك الضميرُ ونظّما
متشاغلاً عما يُمارِسُ غيرهُ
حتى لقد أثرى اللِّئامُ وأعدما
ثقة ً برعْي الأكرمين حقوقه
لأحقُّ ملتمسٍ بأن لا يُحرما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ولقد يظنُّ بي الغُيورُ ظنونه
ولقد يظنُّ بي الغُيورُ ظنونه
رقم القصيدة : 62148
-----------------------------------
ولقد يظنُّ بي الغُيورُ ظنونه
فيحُوز جُلَّ ظنونه آثاما
أبدي ظواهرَ تحتَها إنْ فُتِّشتْ
مني بطائنُ تكذُبُ الإيهاما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> للنَّرْجس الفضلُ برغْم من رغَمْ
للنَّرْجس الفضلُ برغْم من رغَمْ
رقم القصيدة : 62149
-----------------------------------
للنَّرْجس الفضلُ برغْم من رغَمْ
على صُنوف الوَرْد والفضْلُ قِسَم
العين قبْل السِّنِّ وهْي المُبْتَسَم(75/216)
فما لها والخدُّ وهْي الملتدمَ
ما هُوَ إلاَّ نعْمة ٌ من النِّعم
ما أحسن الشكل وما أذكى النَّسم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عاد عُودي إلى ثَراهُ القديمِ
عاد عُودي إلى ثَراهُ القديمِ
رقم القصيدة : 62150
-----------------------------------
عاد عُودي إلى ثَراهُ القديمِ
وصفَتْ لذَّتي وطابَ نعيمي
وتنسَّمتُ من مشارق بغدا
دَ نسيما يشفي ردَاع السقيم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أُعمِلُ فيهم ذكراً حُساما
أُعمِلُ فيهم ذكراً حُساما
رقم القصيدة : 62151
-----------------------------------
أُعمِلُ فيهم ذكراً حُساما
عضْب الغِراريْن يقُدُّ الهاما
كأن في صفحته غماما
وبي يُسمَّى ذَكَراً حساما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ثلاثة ُ أشياءٍ في اثنين منهما
ثلاثة ُ أشياءٍ في اثنين منهما
رقم القصيدة : 62152
-----------------------------------
ثلاثة ُ أشياءٍ في اثنين منهما
رِضائي وسُخطي في المُثَلَّث منهما
هُما برّد يأسٍ أو حلاوة ُ نائل
وما أقبح الميعادَ عندي والأما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ليس تُغني الشَّعر الأسود شيئاً
ليس تُغني الشَّعر الأسود شيئاً
رقم القصيدة : 62153
-----------------------------------
ليس تُغني الشَّعر الأسود شيئاً
إذا اسْتشنَّ الأديمُ
أفَيرْجو مُسوَّدٌ أنْ يُزَكَّى
شاهدُ الخِطرِ أين ضلَّ الحليمُ
لا لعمري ما للخضاب لذي الأبْ
صارِ إلا التكذيبُ والتأثيمُ
يُدَّعى للْكبيرِ شرخُ شبابٍ
قد تولَّى به الزمانُ البهيم
والسوادُ المخضوبُ أوجبُ تكذي
باً كُذِّبَ السوادُ الصَّميم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> شربتُ الراحَ مُرتاحاً إليها
شربتُ الراحَ مُرتاحاً إليها
رقم القصيدة : 62154
-----------------------------------
شربتُ الراحَ مُرتاحاً إليها
ولم أجنحْ إلى حثِّ النَّديمِ
مشعشة ً حياة ُ الروح فيها
وعنها صِحَّة ُ البدنِ السقيم
إذا ما الهم أضرمَ فيك ناراً(75/217)
فصُبَّ عليه من ماءِ الكُروم
فلا أشْفى لدائكَ مِنْ شمولٍ
ولا أطفى لنيران الهموم
العصر العباسي >> ابن الرومي >> فلو أنِّي وليتُ الحكمَ يوماً
فلو أنِّي وليتُ الحكمَ يوماً
رقم القصيدة : 62155
-----------------------------------
فلو أنِّي وليتُ الحكمَ يوماً
ووُلِّيتُ العقوبة َ والخِصاما
لقرَّتْ عينُ من يهوى الجواري
وعاقبتُ الذي يهوى الغُلاما
مص
أجنَّتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ
سألتُكَ أيَّما أشجى حديثا
وأطيبُ حين يُعتَنق التزاما
فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمّاَنُ
وفوق ذينكَ أعنابٌ مُهَدَّلة ٌ
سودٌ لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك أعنابٌ تلوحُ به
أجارية ٌ مغَنَّجة ٌ رداحٌ
تزيدُك للغرامِ بها غراما
أم آمردُ قد أجافَ الإبطُ منه
له أير كأيرك حين قاما
أطرافهُنَّ قلوبُ القومِ قِنوانُ
غصونُ بان عليها الدهرَ فاكهة ٌ
يُريدُكَ للدَّارِهمِ لا لشيْءٍ
وتلك تذوبُ عِشْقاً واهتماما
وما الفواكه مما يحملُ البانُ
ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ
وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
أْلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيّبٍ حسنٍ
فهُنَّ فاكهة ٌ شتَّى وريْحان
ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها
لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
بل حلوة مرة طوراً يقال لها
شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليتَ شعري وليت غيرَ مُجدية ٍ
إلا استراحة َ قلبٍ وهو أسوان
لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعت
تلك الفنونُ فضمتُهنَّ أفنان
تجاورت في غصونِ لسنَ من شجرٍ
لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها
نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ
ذو الطاعة ِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث
ولا لجهلٍ بما يطويه إبطانُ
لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتهُ
ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
ومن عجائبِ ما يُمنَى الرِّجالُ به
مُسَتْضعفات له منهن أقران
مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له
كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان(75/218)
مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ به
قصيرُ عمروٍ ولا عَمْروٌ ووردان
من كل قاتلة ٍ قتْلى وآسرة ٍ
أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخانُ
يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونة ً
يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
ولا يدمْنَ على عهدٍ لمعتقد
أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه
ويكتسى ثم يُلفى وهْو عُرْيان
حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبة ً
نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه
للغاوياتِ وللغافين شيطان
تغدو الفتاة ُ لها حلٌّ فإن غدرتْ
راحتْ ينافسُ فيها الحِلَّ خلان
ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا
إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن
حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة
إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهية ً
أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به
ولا مُنْحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ
جودٌ وبأْسٌ وأحلامٌ وأذهان
وأنَّ فيهم وفاءَ لا نقومُ به
ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفة ٍ
منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به
تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجانن أجنَّتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ
فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمّاَنُ
وفوق ذينكَ أعنابٌ مُهَدَّلة ٌ
سودٌ لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك أعنابٌ تلوحُ به
أطرافهُنَّ قلوبُ القومِ قِنوانُ
غصونُ بان عليها الدهرَ فاكهة ٌ
وما الفواكه مما يحملُ البانُ
ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ
وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
أْلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيّبٍ حسنٍ
فهُنَّ فاكهة ٌ شتَّى وريْحان
ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها
لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
بل حلوة مرة طوراً يقال لها
شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليتَ شعري وليت غيرَ مُجدية ٍ(75/219)
إلا استراحة َ قلبٍ وهو أسوان
لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعت
تلك الفنونُ فضمتُهنَّ أفنان
تجاورت في غصونِ لسنَ من شجرٍ
لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها
نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ
ذو الطاعة ِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث
ولا لجهلٍ بما يطويه إبطانُ
لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتهُ
ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
ومن عجائبِ ما يُمنَى الرِّجالُ به
مُسَتْضعفات له منهن أقران
مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له
كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان
مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ له
قصيرُ عمروٍ ولا عَمْروٌ ووردان
من كل قاتلة ٍ قتْلى وآسرة ٍ
أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخانُ
يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونة ً
يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
ولا يدمْنَ على عهدٍ لمعتقد
أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه
ويكتسى ثم يُلفى وهْو عُرْيان
حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبة ً
نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه
للغاوياتِ وللغافين شيطان
تغدو الفتاة ُ لها حلٌّ فإن غدرتْ
راحتْ ينافسُ فيها الحِلَّ خلان
ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا
إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن
حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة
إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهية ً
أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به
ولا مُنْحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ
جودٌ وبأْسٌ وأحلامٌ وأذهان
وأنَّ فيهم وفاءَ لا نقومُ به
ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفة ٍ
منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به
تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجان(75/220)
ألقى على كلِّ رأسٍ من رؤوسِهمُ
تاجاً مَضاحِكُهُ دُرٌّ ومَرجانُ
وقد سُئلنَ أفيه ما يُعابُ له
فقلن هيهاتَ تلك العينُ عقيان
لا عيبَ فيه لَدَيْنا غيرُ مَنْعَتِه
مِنَّا وأنَّى تَصيدُ الصقرَ غزلان
أضحى أبو الصَّقْرِ صَقْراً لا تَقُنَّصُهُ
وَحشِيَّة ٌ من بناتِ الإنسِ مِفتان
هو الذي بَتَّ أسبابَ الهوى آَنَفَا
من أنْ تُصيبَ أسودَ الغابة ِ الضان
رأى الشهاوَى وطوقُ الرِّقَّ وزمَهُمُ
وليس يعدَمُ طوقَ الرقِّ شَهوان
ففكّهُ فكَّ حُرٍّ عن مُقَلَّده
صلتُ الجبينَ أشَمُّ الأنفِ عَليان
ولم يكن رجلُ الدنيا ليأسِرَهُ
رَخْصُ البنانِ ضعيفُ الأسرِ وَهْنان
صَدَقْنَ ما شئنَ لكنَّا تَقَنَّصَنا
منهنَّ عينٌ تُلاقينا وأُدمان
أنكَى وأذكى حريقاً في جوانِحنا
خَلْقٌ من الماء والألوانُ نيران
إذا ترقْرقْنَ والإشراقُ مضطرمٌ
فيهنَّ لم يَمْلِك الأسرارَ كِتمان
ماءٌ ونارٌ فقدْ غادرْنَ كلَّ فتى ً
لابَسْنَ وهو غزير الدمع حران
تَخْصَلُّ منهنَّ عينٌ فهي باكية ٌ
ويستحِرُّ فؤاد وهو هيمان
يارُبَّ حُسَّانة ٍ منهنَّ قد فعلتْ
سوءاً وقد يَفْعَلُ الأسواءَ حُسَّان
تُشكِي المحبَّ وتُلقَى الدَّهر شاكية ً
كالقَوْسِ تُضْمِي الرَّمايَا وهي مِرنان
واصلت منها فتاة في خلائقها
غدر وفي خلقها روض وغدران
هيفاءُ تكسى فتبدو وهي مُرهفة
خَوْدٌ تَعرَّى فتبدو وهي مِبْدانُ
ترْتَجُّ أردافُها والمَتْنُ مُنْدمِج
والكَشْحُ مُضْطمِرٌ والبطنُ طيَّان
ألوفُ عطرٍ تُذكَّى وهي ذاكية ٌ
إذا أساءتْ جوار العِطْرِ أبدانُ
ثمَّامة ُ المِسْكِ تُلقى وهي نائية
فنأيُها بنميم المسكِ لقيان
يغيمُ كلُّ نهار من مجامرها
ويُشمسُ الليلُ منها فهو ضحيان
كأنَّها وعثانُ النّد يشمُلها
شمسٌ عليها ضباباتٌ وأدجان
شمسٌ أظلَّتْ بليلٍ لا نجومَ لهُ
إلا نجومٌ لها في النَّحرِ أثمان
تنفَّلُ الطِّيبَ فضلاً حينَ تَفْرِضُه
فقراً إليه قتولُ الدَّلِّ مِدْران
وتَلْبَسُ الحليَ مجعولا لها عُوَذاً(75/221)
لا زينة ً بل بها عن ذاك غُنيان
لله يومٌ أرانِيها وقد لبِستْ
فيه شباباً عليها منهُ رَيْعان
وقد تردَّتْ على سربالِ بَهْجَتِها
فرعاً غذَتْه الغوادي فهو فَينان
جاءت تَثَنَّى وقد راح المِراحُ بها
سكْرَى تغنَّى لها حُسْنٌ وإحسانُ
كأنَّها غُصُنٌ لدْنٌ بمرْوحة ٍ
فيه حمائمُ هاجَتْهُنَّ أشجانُ
إذا تمايلُ في ريح تُلاعِبُهُ
ظلَّتْ طِراباً لها سَجْعٌ وإرنانُ
يا عاذلي أفيقا إنها أبدا
عندي جديدٌ وإن الخلقَ خُلقان
لا تَلْحياني وإياها على ضرعي
وزهوها فكلا الأمريْنِ دَيْدانُ
إني مُلكتُ فلي بالرهق مَسْكَنة ٌ
ومُلِّكَتْ فلها بالمُلْك طُغيان
ما كان أصفى نعيم العيش إذ غنيت
نعُمٌ تجاورنا والدارُ نعمان
إذ لا المنازلُ أطلالٌ نُسائلُها
ولا القواطنُ آجالٌ وصِيران
ظِلْنا نقولُ وأشباهُ الحسانِ بها
سقْياً لعهدكِ والأشباهُ أعيان
بانوا فبانَ جميلُ الصبرِ بعدهُمُ
فللِدّموعِ من العينين عَيْنان
لهم على العِيسِ إمعانٌ تَشُطُّ بهم
وللدموعِ على خَدَّيَّ إمعان
لي مُذْ نأوْا وجنة ٌ ريَّا بِمشْربِها
من عَبْرتي وفمٌ ما عِشْتُ ظَمان
كأنما كلُّ شيءٍ بعد ظعنهمُ
فيما يرى قلْبيَ المتبولُ أظعانُ
أصبحتَ ملَّكَ من أوطأته مللٌ
وخانك الوُدَّ من مغْناه ودَّان
فاجمعْ همومَكَ في همٍّ تؤيِّدهُ
بالعزمِ إنَّ هُمومَ الفسلِ شذَّانُ
واقصدْ بوُدِّكَ خِلاًّ ليس من ضلع
عوْجاء فيها بِوَشْكِ الزَّيْغِ إيذان
حان انتجاعُكَ خِرقاً لا يكونُ له
في البَدْلِ والمَنْعِ أحيانٌ وأحيانُ
وآن قصْدُكَ مُمْتاحاً ومُمْتدَحاً
من كلِّ آنٍ لجدوى كفِّهِ آن
إنَّ الرحيلَ إلى من أنتَ آمِلُهُ
أمْرٌ لمُزْمِعهِ بالنُّجْحِ إيقان
فادعُ القوافي ونُصَّ اليعْمُلات له
تُجبكَ كلُّ شرودٍ وهي مِذعان
إن لم أزُرْ مَلِكاً أُشجى الخطوب به
فلم يُلِدْني أبو الأملاك يونان
بل إن تعدَّتْ فلم أُحْسِنْ سياستها
فلم يلدني أبو السُّواس ساسان
أضحى أبو الصَّقْرِ فرداً لا نظيرَ له(75/222)
بعدَ النَّبيِّ ومن والتْ خُراسان
هو الذي حكمتْ قِدْماً بِسُؤْدُدِهِ
عدنانُ ثم أجازتْ ذاكَ قحطانُ
قالوا أبو الصقرِ من شيبانَ قلتُ لهمْ
كلاَّ لعمري ولكنْ منه شيبان
وكم أب قد علا بابن ذُرا شرف
كما علا برسول اللَّهِ عدنان
تَسْمُو الرِّجالُ بآباءٍ وآونة ً
تسمو الرجالُ بأبناء وتزدان
ولم أُقَصِّرْ بشيبانَ التي بلغتْ
بها المبالغَ أعراقٌ وأغصان
للَّهِ شيبانُ قوماً لا يشيبهمُ
روع إذا الروعُ شابتْ منه وِلْدان
لا يرهبون إذا الأبطال أرهبهم
يومٌ عصيب وهم في السِّلم رهبان
قومٌ سماحَتُهُمْ غيثٌ ونجدتُهُمْ
غَوْثٌ وآراؤهُمْ في الخَطْبِ شُهْبانُ
إذا رأيتَهُمُ أيقنتَ أنَّهُمُ
للدِّينِ والمُلْكِ أعلامٌ وأركان
لا ينطِقُ الإفكَ والبهتان قائلهم
بل قَوْلُ عائبهم إفكٌ وبُهتان
ولا يرى الظلمَ والعدوانَ فاعلهُمْ
إلاَّ إذا رابهُ ظُلْمٌ وعُدوان
حلُّوا الفضاءَ ولم يَبْنُوا فليسَ لهُمْ
إلا القنا وإطارُ الأفْقِ حِيطان
ولا حصونَ إذا ما آنسوا فزعاً
إلا نصالٌ مُعرّاة ٌ وخِرصان
وهلْ لذي العِزّ غيرَ العِزِّ مُدَّخَلُ
أم هلْ لذي المجدِ غيرَ المجدِ بُنْيان
بدَّاهُمُ أن رأؤْا سيفَ بن ذي يزنٍ
لم يُغن عنهُ صروفَ الدهرِ غُمدان
تلقاهُم ورماحُ الخطِّ حولهُمُ
كالأُسْدِ ألْبَسها الآجامَ خفّان
لا كالبيوتِ بيوتٌ حين تدخُلُها
إذْ لا كَسُكَّانِها في الأرضِ سُكَّان
سودُ السَّرابيلِ من طُولِ ادّراعِهِمُ
بيضُ المجاسدِ والأعراضُ غُران
يكفي من الرَّجْلِ والفُرسانِ واحدهُمْ
بأساً فواحدُهُمْ رجْلٌ وفُرسان
لِلْحِلمِ والرَّأْيِ فيهم حين تَخْبرهمْ
شيخانُ صِدْقٍ وللْهيجاء فِتيان
وللسَّماحِ كهولٌ لا كِفاءَ لهمْ
يغشاهُم الدهرَ سُؤّال وضِيفانُ
لا ينفسُونَ بِمَنْفوس التلادِ ولا
يفدى لديهم شحوم الكُوم ألبان
قومٌ يُحِبُّونَ مِبطانَ الضُّيوفِ وما
فيهم على حُبِّهمْ إيّاهُ مِبطان(75/223)
بلْ كُلُّهُمْ لابسٌ حِلما ومُنتزعٌأجنَّتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ
فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمّاَنُ
وفوق ذينكَ أعنابٌ مُهَدَّلة ٌ
سودٌ لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك أعنابٌ تلوحُ به
أطرافهُنَّ قلوبُ القومِ قِنوانُ
غصونُ بان عليها الدهرَ فاكهة ٌ
وما الفواكه مما يحملُ البانُ
ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ
وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
أْلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيّبٍ حسنٍ
فهُنَّ فاكهة ٌ شتَّى وريْحان
ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها
لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
بل حلوة مرة طوراً يقال لها
شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليتَ شعري وليت غيرَ مُجدية ٍ
إلا استراحة َ قلبٍ وهو أسوان
لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعت
تلك الفنونُ فضمتُهنَّ أفنان
تجاورت في غصونِ لسنَ من شجرٍ
لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها
نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ
ذو الطاعة ِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث
ولا لجهلٍ بما يطويه إبطانُ
لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتهُ
ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
ومن عجائبِ ما يُمنَى الرِّجالُ به
مُسَتْضعفات له منهن أقران
مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له
كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان
مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ به
قصيرُ عمروٍ ولا عَمْروٌ ووردان
من كل قاتلة ٍ قتْلى وآسرة ٍ
أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخانُ
يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونة ً
يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
ولا يدمْنَ على عهدٍ لمعتقد
أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه
ويكتسى ثم يُلفى وهْو عُرْيان
حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبة ً
نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه
للغاوياتِ وللغافين شيطان
تغدو الفتاة ُ لها حلٌّ فإن غدرتْ
راحتْ ينافسُ فيها الحِلَّ خلان
ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا(75/224)
إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن
حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة
إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهية ً
أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به
ولا مُنْحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ
جودٌ وبأْسٌ وأحلامٌ وأذهان
وأنَّ فيهم وفاءَ لا نقومُ به
ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفة ٍ
منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به
تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجان
ألقى على كلِّ رأسٍ من رؤوسِهمُ
تاجاً مَضاحِكُهُ دُرٌّ ومَرجانُ
وقد سُئلنَ أفيه ما يُعابُ له
فقلن هيهاتَ تلك العينُ عقيان
لا عيبَ فيه لَدَيْنا غيرُ مَنْعَتِه
مِنَّا وأنَّى تَصيدُ الصقرَ غزلان
أضحى أبو الصَّقْرِ صَقْراً لا تَقُنَّصُهُ
وَحشِيَّة ٌ من بناتِ الإنسِ مِفتان
هو الذي بَتَّ أسبابَ الهوى آَنَفَا
من أنْ تُصيبَ أسودَ الغابة ِ الضان
رأى الشهاوَى وطوقُ الرِّقَّ وزمَهُمُ
وليس يعدَمُ طوقَ الرقِّ شَهوان
ففكّهُ فكَّ حُرٍّ عن مُقَلَّده
صلتُ الجبينَ أشَمُّ الأنفِ عَليان
ولم يكن رجلُ الدنيا ليأسِرَهُ
رَخْصُ البنانِ ضعيفُ الأسرِ وَهْنان
صَدَقْنَ ما شئنَ لكنَّا تَقَنَّصَنا
منهنَّ عينٌ تُلاقينا وأُدمان
أنكَى وأذكى حريقاً في جوانِحنا
خَلْقٌ من الماء والألوانُ نيران
إذا ترقْرقْنَ والإشراقُ مضطرمٌ
فيهنَّ لم يَمْلِك الأسرارَ كِتمان
ماءٌ ونارٌ فقدْ غادرْنَ كلَّ فتى ً
لابَسْنَ وهو غزير الدمع حران
تَخْصَلُّ منهنَّ عينٌ فهي باكية ٌ
ويستحِرُّ فؤاد وهو هيمان
يارُبَّ حُسَّانة ٍ منهنَّ قد فعلتْ
سوءاً وقد يَفْعَلُ الأسواءَ حُسَّان
تُشكِي المحبَّ وتُلقَى الدَّهر شاكية ً
كالقَوْسِ تُضْمِي الرَّمايَا وهي مِرنان
واصلت منها فتاة في خلائقها(75/225)
غدر وفي خلقها روض وغدران
هيفاءُ تكسى فتبدو وهي مُرهفة
خَوْدٌ تَعرَّى فتبدو وهي مِبْدانُ
ترْتَجُّ أردافُها والمَتْنُ مُنْدمِج
والكَشْحُ مُضْطمِرٌ والبطنُ طيَّان
ألوفُ عطرٍ تُذكَّى وهي ذاكية ٌ
إذا أساءتْ جوار العِطْرِ أبدانُ
ثمَّامة ُ المِسْكِ تُلقى وهي نائية
فنأيُها بنميم المسكِ لقيان
يغيمُ كلُّ نهار من مجامرها
ويُشمسُ الليلُ منها فهو ضحيان
كأنَّها وعثانُ النّد يشمُلها
شمسٌ عليها ضباباتٌ وأدجان
شمسٌ أظلَّتْ بليلٍ لا نجومَ لهُ
إلا نجومٌ لها في النَّحرِ أثمان
تنفَّلُ الطِّيبَ فضلاً حينَ تَفْرِضُه
فقراً إليه قتولُ الدَّلِّ مِدْران
وتَلْبَسُ الحليَ مجعولا لها عُوَذاً
لا زينة ً بل بها عن ذاك غُنيان
لله يومٌ أرانِيها وقد لبِستْ
فيه شباباً عليها منهُ رَيْعان
وقد تردَّتْ على سربالِ بَهْجَتِها
فرعاً غذَتْه الغوادي فهو فَينان
جاءت تَثَنَّى وقد راح المِراحُ بها
سكْرَى تغنَّى لها حُسْنٌ وإحسانُ
كأنَّها غُصُنٌ لدْنٌ بمرْوحة ٍ
فيه حمائمُ هاجَتْهُنَّ أشجانُ
إذا تمايلُ في ريح تُلاعِبُهُ
ظلَّتْ طِراباً لها سَجْعٌ وإرنانُ
يا عاذلي أفيقا إنها أبدا
عندي جديدٌ وإن الخلقَ خُلقان
لا تَلْحياني وإياها على ضرعي
وزهوها فكلا الأمريْنِ دَيْدانُ
إني مُلكتُ فلي بالرهق مَسْكَنة ٌ
ومُلِّكَتْ فلها بالمُلْك طُغيان
ما كان أصفى نعيم العيش إذ غنيت
نعُمٌ تجاورنا والدارُ نعمان
إذ لا المنازلُ أطلالٌ نُسائلُها
ولا القواطنُ آجالٌ وصِيران
ظِلْنا نقولُ وأشباهُ الحسانِ بها
سقْياً لعهدكِ والأشباهُ أعيان
بانوا فبانَ جميلُ الصبرِ بعدهُمُ
فللِدّموعِ من العينين عَيْنان
لهم على العِيسِ إمعانٌ تَشُطُّ بهم
وللدموعِ على خَدَّيَّ إمعان
لي مُذْ نأوْا وجنة ٌ ريَّا بِمشْربِها
من عَبْرتي وفمٌ ما عِشْتُ ظَمان
كأنما كلُّ شيءٍ بعد ظعنهمُ
فيما يرى قلْبيَ المتبولُ أظعانُ
أصبحتَ ملَّكَ من أوطأته مللٌ
وخانك الوُدَّ من مغْناه ودَّان(75/226)
فاجمعْ همومَكَ في همٍّ تؤيِّدهُ
بالعزمِ إنَّ هُمومَ الفسلِ شذَّانُ
واقصدْ بوُدِّكَ خِلاًّ ليس من ضلع
عوْجاء فيها بِوَشْكِ الزَّيْغِ إيذان
حان انتجاعُكَ خِرقاً لا يكونُ له
في البَدْلِ والمَنْعِ أحيانٌ وأحيانُ
وآن قصْدُكَ مُمْتاحاً ومُمْتدَحاً
من كلِّ آنٍ لجدوى كفِّهِ آن
إنَّ الرحيلَ إلى من أنتَ آمِلُهُ
أمْرٌ لمُزْمِعهِ بالنُّجْحِ إيقان
فادعُ القوافي ونُصَّ اليعْمُلات له
تُجبكَ كلُّ شرودٍ وهي مِذعان
إن لم أزُرْ مَلِكاً أُشجى الخطوب به
فلم يُلِدْني أبو الأملاك يونان
بل إن تعدَّتْ فلم أُحْسِنْ سياستها
فلم يلدني أبو السُّواس ساسان
أضحى أبو الصَّقْرِ فرداً لا نظيرَ له
بعدَ النَّبيِّ ومن والتْ خُراسان
هو الذي حكمتْ قِدْماً بِسُؤْدُدِهِ
عدنانُ ثم أجازتْ ذاكَ قحطانُ
قالوا أبو الصقرِ من شيبانَ قلتُ لهمْ
كلاَّ لعمري ولكنْ منه شيبان
وكم أب قد علا بابن ذُرا شرف
كما علا برسول اللَّهِ عدنان
تَسْمُو الرِّجالُ بآباءٍ وآونة ً
تسمو الرجالُ بأبناء وتزدان
ولم أُقَصِّرْ بشيبانَ التي بلغتْ
بها المبالغَ أعراقٌ وأغصان
للَّهِ شيبانُ قوماً لا يشيبهمُ
روع إذا الروعُ شابتْ منه وِلْدان
لا يرهبون إذا الأبطال أرهبهم
يومٌ عصيب وهم في السِّلم رهبان
قومٌ سماحَتُهُمْ غيثٌ ونجدتُهُمْ
غَوْثٌ وآراؤهُمْ في الخَطْبِ شُهْبانُ
إذا رأيتَهُمُ أيقنتَ أنَّهُمُ
للدِّينِ والمُلْكِ أعلامٌ وأركان
لا ينطِقُ الإفكَ والبهتان قائلهم
بل قَوْلُ عائبهم إفكٌ وبُهتان
ولا يرى الظلمَ والعدوانَ فاعلهُمْ
إلاَّ إذا رابهُ ظُلْمٌ وعُدوان
حلُّوا الفضاءَ ولم يَبْنُوا فليسَ لهُمْ
إلا القنا وإطارُ الأفْقِ حِيطان
ولا حصونَ إذا ما آنسوا فزعاً
إلا نصالٌ مُعرّاة ٌ وخِرصان
وهلْ لذي العِزّ غيرَ العِزِّ مُدَّخَلُ
أم هلْ لذي المجدِ غيرَ المجدِ بُنْيان
بدَّاهُمُ أن رأؤْا سيفَ بن ذي يزنٍ
لم يُغن عنهُ صروفَ الدهرِ غُمدان
تلقاهُم ورماحُ الخطِّ حولهُمُ(75/227)
كالأُسْدِ ألْبَسها الآجامَ خفّان
لا كالبيوتِ بيوتٌ حين تدخُلُها
إذْ لا كَسُكَّانِها في الأرضِ سُكَّان
سودُ السَّرابيلِ من طُولِ ادّراعِهِمُ
بيضُ المجاسدِ والأعراضُ غُران
يكفي من الرَّجْلِ والفُرسانِ واحدهُمْ
بأساً فواحدُهُمْ رجْلٌ وفُرسان
لِلْحِلمِ والرَّأْيِ فيهم حين تَخْبرهمْ
شيخانُ صِدْقٍ وللْهيجاء فِتيان
وللسَّماحِ كهولٌ لا كِفاءَ لهمْ
يغشاهُم الدهرَ سُؤّال وضِيفانُ
لا ينفسُونَ بِمَنْفوس التلادِ ولا
يفدى لديهم شحوم الكُوم ألبان
قومٌ يُحِبُّونَ مِبطانَ الضُّيوفِ وما
فيهم على حُبِّهمْ إيّاهُ مِبطان
بلْ كُلُّهُمْ لابسٌ حِلما ومُنتزعٌ
رأياً ومِطعامُ أضْياف ومِطعانُ
وأرْيَحِيٌّ إذا جادتْ أناملُهُ
في المَحلِ لم يُسْتَبَنْ للغيْثِ فِقدان
يشْتُو ولا ريحُهُ للنازلينَ بهِ
صِرٌّ ولا قَطْرُهُ للقَوْمِ شفان
وكيف يبْخَلُ من نِيطَتْ به شِيَمٌ
تقْضي بأن ليس غيرَ البذل قُنيان
وإنَّ حاصلَ ما جادتْ يدا رجل
ما حُمِّلتْ ألسنٌ منه وآذان
جودُ البحارِ وأحلامُ الجبل لهم
وهُمْ لدى الرَّوعِ آسادٌ وجِنّان
وليس يعدم فيهمْ من يُشاوِرُهُمْ
مَنْ يُقتَدَى رأيهُ والنجمُ حَيْران
قوْمٌ أياديهمُ مَثْنَى بِصَفْحِهُمُ
عن ذكرِها وأيادي الناسِ أُحْدان
طالوا ونِيلت مجانيهمْ بلا تعبٍ
فهُمْ أشاءٌ وهم إن شئتَ عيدان
لمْ يمُس قطُّ ولم يُصْبَحْ مَحَلُّهُمُ
إلا التقى فيه إيتاءٌ وإتيان
إيتاءُ عاف وإتيان ابن مكرمة
منه نوالٌ ومن عافيه غشيان
يا رُبَّ قاطع بُلدانٍ أناخَ بِهِمْ
علماً بأن صُدورَ القوم بُلدان
وسائلٍ عنهم ماذا يقدُمُهُمْ
فقلتُ فضل به من غيرهم بانوا
صانُوا النفوسَ عن الفحشاء وابتذلوا
منهنّ في سُبُلِ العلياءِ ما صانوا
لا توحش الأرض من شيبان إنهمُ
قومٌ يكونون حيثُ المجدُ مذ كانوا
المُنعمين وما منُّوا على أحدٍ
يوماً بنعمى ولو منوا لما مانوا
قومٌ يَعِزُّونَ ما كانت مُغالبة ٌ
حتى إذا قدرتْ أيديهمُ هانوا(75/228)
كم عرَّضُوا للْمنايا الحمرِ أنفسَهُمْ
فحان قومٌ تَوَقَّوْها وما حانوا
وقاهُمُ الجِدُّ ثم الجَدُّ بل حُرِسوا
بأنهم ما أتوْا غدرا وما خانوا
كساهُم العِزُّ أنْ عَرّوا مناصلهم
فما لها غير هامِ الصيدِ أجفان
وألهجَ الحمد بالإيطانِ بينهمُ
أن ليس بينهُم للمالِ إيطال
أقْنَوْا عداهُمْ وأقنوا من يؤملهم
ففي الصدور لهمْ شكرٌ وأضغان
لكنْ أبو الصقرِ بَدْء عند ذكرهمُ
وسادة الناس أبداءٌ وثُنْيان
فرْدٌ جميعٌ يراه كلٌّ ذي بصره أجنَّتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكُثبانُ
فيهنَّ نوعانِ تُفَّاحٌ وَرُمّاَنُ
وفوق ذينكَ أعنابٌ مُهَدَّلة ٌ
سودٌ لهن من الظلماء ألوان
وتحت هاتيك أعنابٌ تلوحُ به
أطرافهُنَّ قلوبُ القومِ قِنوانُ
غصونُ بان عليها الدهرَ فاكهة ٌ
وما الفواكه مما يحملُ البانُ
ونرجسٌ باتَ ساري الطلِّ يضربُهُ
وأقحوان منيرُ النورِ ريَّان
أْلِّفنَ من كلِّ شيءٍ طيّبٍ حسنٍ
فهُنَّ فاكهة ٌ شتَّى وريْحان
ثمارُ صدقٍ إذا عاينْتَ ظاهرها
لكنها حين تبلو الطعمَ خُطبان
بل حلوة مرة طوراً يقال لها
شهدٌ وطوراً يقول الناس ذيفان
يا ليتَ شعري وليت غيرَ مُجدية ٍ
إلا استراحة َ قلبٍ وهو أسوان
لأي أمرٍ مرادٍ بالفتى جُمِعت
تلك الفنونُ فضمتُهنَّ أفنان
تجاورت في غصونِ لسنَ من شجرٍ
لكن غصونٌ لها وصلٌ وهِجران
تلك الغصونُ اللواتي في أكِمَّتِها
نُعْمٌ وبُؤْسٌ وأفراحٌ وأحزان
يبلو بها اللَّهُ قوماً كيْ يبينَ لهُ
ذو الطاعة ِ البر ممَّنْ فيهِ عِصيان
وما ابتلاهُمْ لإعناتٍ ولا عبث
ولا لجهلٍ بما يطويه إبطانُ
لكنْ ليُثْبِتَ في الأعناقِ حُجَّتهُ
ويُحْسِن العفْو والرحمنُ رحمن
ومن عجائبِ ما يُمنَى الرِّجالُ به
مُسَتْضعفات له منهن أقران
مناضلاتٌ بنبلٍ لا تقومُ له
كتائبُ التُّركِ يُزْجيهنَّ خاقان
مُسْتَظْهراتٌ برأي لا يقومُ به
قصيرُ عمروٍ ولا عَمْروٌ ووردان
من كل قاتلة ٍ قتْلى وآسرة ٍ
أسْرى وليس لها في الأرضِ إثخانُ
يُولينَ ما فيه إغرامٌ وآونة ً(75/229)
يولينَ ما فيه للمشعوفِ سُلوان
ولا يدمْنَ على عهدٍ لمعتقد
أنَّى وهُنَّ كما شُبِّهن بُستان
يميلُ طوراً بحملٍ ثم يُعدَمه
ويكتسى ثم يُلفى وهْو عُرْيان
حالاً فحالاً كذا النسوانُ قاطبة ً
نواكثٌ دينُهنَّ الدهرَ أديان
يَغْدِرْنَ والغدرُ مقبوحٌ يُزَيِّنُه
للغاوياتِ وللغافين شيطان
تغدو الفتاة ُ لها حلٌّ فإن غدرتْ
راحتْ ينافسُ فيها الحِلَّ خلان
ما للحسانِ مسيئات بنا ولنا
إلى المسيئاتِ طولَ الدَّهرِ تَحنان
يُصْبحْنَ والغدرُ بالخُلْصانِ في قَرَن
حتى كأنْ ليس غير الغدْرِ خُلصان
فإن تُبِعْنَ بعهد قُلْنَ معذرة
إنا نسينا وفي النِّسوان نسيان
يكْفِي مُطالبنا للذِّكر ناهية ً
أنَّ اسمنا الغالبَ المشهورَ نِسوان
لا نُلْزمُ الذكرَ إنّا لم نُسَمَّ به
ولا مُنْحْناهُ بل للذِّكر ذُكران
فضلُ الرجالِ علينا أنَّ شيمتَهُمْ
جودٌ وبأْسٌ وأحلامٌ وأذهان
وأنَّ فيهم وفاءَ لا نقومُ به
ولن يكونَ مع النُّقصانِ رُجحان
لا ندَّعي الفضلَ بل فينا لطائفة ٍ
منهمْ أبو الصَّقر تسليمٌ وإذعان
هو الذي توَّج اللَّهُ الرجال به
تِيجانَ فخرٍ وللتَّفْضيل تِيجان
ألقى على كلِّ رأسٍ من رؤوسِهمُ
تاجاً مَضاحِكُهُ دُرٌّ ومَرجانُ
وقد سُئلنَ أفيه ما يُعابُ له
فقلن هيهاتَ تلك العينُ عقيان
لا عيبَ فيه لَدَيْنا غيرُ مَنْعَتِه
مِنَّا وأنَّى تَصيدُ الصقرَ غزلان
أضحى أبو الصَّقْرِ صَقْراً لا تَقُنَّصُهُ
وَحشِيَّة ٌ من بناتِ الإنسِ مِفتان
هو الذي بَتَّ أسبابَ الهوى آَنَفَا
من أنْ تُصيبَ أسودَ الغابة ِ الضان
رأى الشهاوَى وطوقُ الرِّقَّ وزمَهُمُ
وليس يعدَمُ طوقَ الرقِّ شَهوان
ففكّهُ فكَّ حُرٍّ عن مُقَلَّده
صلتُ الجبينَ أشَمُّ الأنفِ عَليان
ولم يكن رجلُ الدنيا ليأسِرَهُ
رَخْصُ البنانِ ضعيفُ الأسرِ وَهْنان
صَدَقْنَ ما شئنَ لكنَّا تَقَنَّصَنا
منهنَّ عينٌ تُلاقينا وأُدمان
أنكَى وأذكى حريقاً في جوانِحنا
خَلْقٌ من الماء والألوانُ نيران(75/230)
إذا ترقْرقْنَ والإشراقُ مضطرمٌ
فيهنَّ لم يَمْلِك الأسرارَ كِتمان
ماءٌ ونارٌ فقدْ غادرْنَ كلَّ فتى ً
لابَسْنَ وهو غزير الدمع حران
تَخْصَلُّ منهنَّ عينٌ فهي باكية ٌ
ويستحِرُّ فؤاد وهو هيمان
يارُبَّ حُسَّانة ٍ منهنَّ قد فعلتْ
سوءاً وقد يَفْعَلُ الأسواءَ حُسَّان
تُشكِي المحبَّ وتُلقَى الدَّهر شاكية ً
كالقَوْسِ تُضْمِي الرَّمايَا وهي مِرنان
واصلت منها فتاة في خلائقها
غدر وفي خلقها روض وغدران
هيفاءُ تكسى فتبدو وهي مُرهفة
خَوْدٌ تَعرَّى فتبدو وهي مِبْدانُ
ترْتَجُّ أردافُها والمَتْنُ مُنْدمِج
والكَشْحُ مُضْطمِرٌ والبطنُ طيَّان
ألوفُ عطرٍ تُذكَّى وهي ذاكية ٌ
إذا أساءتْ جوار العِطْرِ أبدانُ
ثمَّامة ُ المِسْكِ تُلقى وهي نائية
فنأيُها بنميم المسكِ لقيان
يغيمُ كلُّ نهار من مجامرها
ويُشمسُ الليلُ منها فهو ضحيان
كأنَّها وعثانُ النّد يشمُلها
شمسٌ عليها ضباباتٌ وأدجان
شمسٌ أظلَّتْ بليلٍ لا نجومَ لهُ
إلا نجومٌ لها في النَّحرِ أثمان
تنفَّلُ الطِّيبَ فضلاً حينَ تَفْرِضُه
فقراً إليه قتولُ الدَّلِّ مِدْران
وتَلْبَسُ الحليَ مجعولا لها عُوَذاً
لا زينة ً بل بها عن ذاك غُنيان
لله يومٌ أرانِيها وقد لبِستْ
فيه شباباً عليها منهُ رَيْعان
وقد تردَّتْ على سربالِ بَهْجَتِها
فرعاً غذَتْه الغوادي فهو فَينان
جاءت تَثَنَّى وقد راح المِراحُ بها
سكْرَى تغنَّى لها حُسْنٌ وإحسانُ
كأنَّها غُصُنٌ لدْنٌ بمرْوحة ٍ
فيه حمائمُ هاجَتْهُنَّ أشجانُ
إذا تمايلُ في ريح تُلاعِبُهُ
ظلَّتْ طِراباً لها سَجْعٌ وإرنانُ
يا عاذلي أفيقا إنها أبدا
عندي جديدٌ وإن الخلقَ خُلقان
لا تَلْحياني وإياها على ضرعي
وزهوها فكلا الأمريْنِ دَيْدانُ
إني مُلكتُ فلي بالرهق مَسْكَنة ٌ
ومُلِّكَتْ فلها بالمُلْك طُغيان
ما كان أصفى نعيم العيش إذ غنيت
نعُمٌ تجاورنا والدارُ نعمان
إذ لا المنازلُ أطلالٌ نُسائلُها
ولا القواطنُ آجالٌ وصِيران(75/231)
ظِلْنا نقولُ وأشباهُ الحسانِ بها
سقْياً لعهدكِ والأشباهُ أعيان
بانوا فبانَ جميلُ الصبرِ بعدهُمُ
فللِدّموعِ من العينين عَيْنان
لهم على العِيسِ إمعانٌ تَشُطُّ بهم
وللدموعِ على خَدَّيَّ إمعان
لي مُذْ نأوْا وجنة ٌ ريَّا بِمشْربِها
من عَبْرتي وفمٌ ما عِشْتُ ظَمان
كأنما كلُّ شيءٍ بعد ظعنهمُ
فيما يرى قلْبيَ المتبولُ أظعانُ
أصبحتَ ملَّكَ من أوطأته مللٌ
وخانك الوُدَّ من مغْناه ودَّان
فاجمعْ همومَكَ في همٍّ تؤيِّدهُ
بالعزمِ إنَّ هُمومَ الفسلِ شذَّانُ
واقصدْ بوُدِّكَ خِلاًّ ليس من ضلع
عوْجاء فيها بِوَشْكِ الزَّيْغِ إيذان
حان انتجاعُكَ خِرقاً لا يكونُ له
في البَدْلِ والمَنْعِ أحيانٌ وأحيانُ
وآن قصْدُكَ مُمْتاحاً ومُمْتدَحاً
من كلِّ آنٍ لجدوى كفِّهِ آن
إنَّ الرحيلَ إلى من أنتَ آمِلُهُ
أمْرٌ لمُزْمِعهِ بالنُّجْحِ إيقان
فادعُ القوافي ونُصَّ اليعْمُلات له
تُجبكَ كلُّ شرودٍ وهي مِذعان
إن لم أزُرْ مَلِكاً أُشجى الخطوب به
فلم يُلِدْني أبو الأملاك يونان
بل إن تعدَّتْ فلم أُحْسِنْ سياستها
فلم يلدني أبو السُّواس ساسان
أضحى أبو الصَّقْرِ فرداً لا نظيرَ له
بعدَ النَّبيِّ ومن والتْ خُراسان
هو الذي حكمتْ قِدْماً بِسُؤْدُدِهِ
عدنانُ ثم أجازتْ ذاكَ قحطانُ
قالوا أبو الصقرِ من شيبانَ قلتُ لهمْ
كلاَّ لعمري ولكنْ منه شيبان
وكم أب قد علا بابن ذُرا شرف
كما علا برسول اللَّهِ عدنان
تَسْمُو الرِّجالُ بآباءٍ وآونة ً
تسمو الرجالُ بأبناء وتزدان
ولم أُقَصِّرْ بشيبانَ التي بلغتْ
بها المبالغَ أعراقٌ وأغصان
للَّهِ شيبانُ قوماً لا يشيبهمُ
روع إذا الروعُ شابتْ منه وِلْدان
لا يرهبون إذا الأبطال أرهبهم
يومٌ عصيب وهم في السِّلم رهبان
قومٌ سماحَتُهُمْ غيثٌ ونجدتُهُمْ
غَوْثٌ وآراؤهُمْ في الخَطْبِ شُهْبانُ
إذا رأيتَهُمُ أيقنتَ أنَّهُمُ
للدِّينِ والمُلْكِ أعلامٌ وأركان
لا ينطِقُ الإفكَ والبهتان قائلهم(75/232)
بل قَوْلُ عائبهم إفكٌ وبُهتان
ولا يرى الظلمَ والعدوانَ فاعلهُمْ
إلاَّ إذا رابهُ ظُلْمٌ وعُدوان
حلُّوا الفضاءَ ولم يَبْنُوا فليسَ لهُمْ
إلا القنا وإطارُ الأفْقِ حِيطان
ولا حصونَ إذا ما آنسوا فزعاً
إلا نصالٌ مُعرّاة ٌ وخِرصان
وهلْ لذي العِزّ غيرَ العِزِّ مُدَّخَلُ
أم هلْ لذي المجدِ غيرَ المجدِ بُنْيان
بدَّاهُمُ أن رأؤْا سيفَ بن ذي يزنٍ
لم يُغن عنهُ صروفَ الدهرِ غُمدان
تلقاهُم ورماحُ الخطِّ حولهُمُ
كالأُسْدِ ألْبَسها الآجامَ خفّان
لا كالبيوتِ بيوتٌ حين تدخُلُها
إذْ لا كَسُكَّانِها في الأرضِ سُكَّان
سودُ السَّرابيلِ من طُولِ ادّراعِهِمُ
بيضُ المجاسدِ والأعراضُ غُران
يكفي من الرَّجْلِ والفُرسانِ واحدهُمْ
بأساً فواحدُهُمْ رجْلٌ وفُرسان
لِلْحِلمِ والرَّأْيِ فيهم حين تَخْبرهمْ
شيخانُ صِدْقٍ وللْهيجاء فِتيان
وللسَّماحِ كهولٌ لا كِفاءَ لهمْ
يغشاهُم الدهرَ سُؤّال وضِيفانُ
لا ينفسُونَ بِمَنْفوس التلادِ ولا
يفدى لديهم شحوم الكُوم ألبان
قومٌ يُحِبُّونَ مِبطانَ الضُّيوفِ وما
فيهم على حُبِّهمْ إيّاهُ مِبطان
بلْ كُلُّهُمْ لابسٌ حِلما ومُنتزعٌ
رأياً ومِطعامُ أضْياف ومِطعانُ
وأرْيَحِيٌّ إذا جادتْ أناملُهُ
في المَحلِ لم يُسْتَبَنْ للغيْثِ فِقدان
يشْتُو ولا ريحُهُ للنازلينَ بهِ
صِرٌّ ولا قَطْرُهُ للقَوْمِ شفان
وكيف يبْخَلُ من نِيطَتْ به شِيَمٌ
تقْضي بأن ليس غيرَ البذل قُنيان
وإنَّ حاصلَ ما جادتْ يدا رجل
ما حُمِّلتْ ألسنٌ منه وآذان
جودُ البحارِ وأحلامُ الجبل لهم
وهُمْ لدى الرَّوعِ آسادٌ وجِنّان
وليس يعدم فيهمْ من يُشاوِرُهُمْ
مَنْ يُقتَدَى رأيهُ والنجمُ حَيْران
قوْمٌ أياديهمُ مَثْنَى بِصَفْحِهُمُ
عن ذكرِها وأيادي الناسِ أُحْدان
طالوا ونِيلت مجانيهمْ بلا تعبٍ
فهُمْ أشاءٌ وهم إن شئتَ عيدان
لمْ يمُس قطُّ ولم يُصْبَحْ مَحَلُّهُمُ
إلا التقى فيه إيتاءٌ وإتيان
إيتاءُ عاف وإتيان ابن مكرمة(75/233)
منه نوالٌ ومن عافيه غشيان
يا رُبَّ قاطع بُلدانٍ أناخَ بِهِمْ
علماً بأن صُدورَ القوم بُلدان
وسائلٍ عنهم ماذا يقدُمُهُمْ
فقلتُ فضل به من غيرهم بانوا
صانُوا النفوسَ عن الفحشاء وابتذلوا
منهنّ في سُبُلِ العلياءِ ما صانوا
لا توحش الأرض من شيبان إنهمُ
قومٌ يكونون حيثُ المجدُ مذ كانوا
المُنعمين وما منُّوا على أحدٍ
يوماً بنعمى ولو منوا لما مانوا
قومٌ يَعِزُّونَ ما كانت مُغالبة ٌ
حتى إذا قدرتْ أيديهمُ هانوا
كم عرَّضُوا للْمنايا الحمرِ أنفسَهُمْ
فحان قومٌ تَوَقَّوْها وما حانوا
وقاهُمُ الجِدُّ ثم الجَدُّ بل حُرِسوا
بأنهم ما أتوْا غدرا وما خانوا
كساهُم العِزُّ أنْ عَرّوا مناصلهم
فما لها غير هامِ الصيدِ أجفان
وألهجَ الحمد بالإيطانِ بينهمُ
أن ليس بينهُم للمالِ إيطال
أقْنَوْا عداهُمْ وأقنوا من يؤملهم
ففي الصدور لهمْ شكرٌ وأضغان
لكنْ أبو الصقرِ بَدْء عند ذكرهمُ
وسادة الناس أبداءٌ وثُنْيان
فرْدٌ جميعٌ يراه كلٌّ ذي بصر
كأنَّهُ النَّاسُ طُرّاً وهْو إنسان
أغرُّ أبلجُ ما زالت لمادحِه
دعوى عليها لفضلٍ فيه برهان
له مُحَيّاً جميلٌ تَستدلُّ به
على جميل وللبُطْنانِ ظُهرانُ
وقلَّ من ضَمِنَتْ خَيْراً طَوِيَّتُهُ
إلا وفي وجههِ للخيرِ عنوان
يلقاكَ وهْو مع الإحسان معتذرٌ
وقد يُسيىء ُ مُسِيءٌ وهو مَنان
زمانُه بنداه مُمْرعٌ خَصب
كأنه من شهور الحول نيسان
أضحى وما شاب يدعوه الأنامُ أباً
بحقِّه وهُمُ شِيبٌ وشبان
تقدَّمَ النَّاسَ طُرّاً في مذاهبهِ
وإن تقدَّم تلك السنَّ أسنان
وذي وسائلَ يُزْجيهنَّ قلت له
انبذْ رشاءك إنَّ الماء طوفان
ياذا الوسائلِ إن المستقى رَفِقٌ
ليستْ له غيرَ أيدي الناسِ أشطان
يمَّمْتَ يمَّا أساحَ اللَّهُ لُجَّتَهُ
في أرضهِ فخرابُ الأرض عُمرانُ
ما من جديب ولا صَدْيانَ نَعْلَمُه
وكيف يُلفى مع الطوفان صديان
لاقى رجالاً ذوي مجدٍ قد اغتبقوا
آساره ولقوهُ وهو صبحان
يُضْحِي وليس على أخلاقِهِ طبعٌ(75/234)
ولا على الغُرِّ من آرائه ران
اعفى البرية ِ عن جُرم وأجملُها
صفْحاً وإن سيمَ وترا فهو ثعبان
ما إن يزالُ إزاء الوِتْرِ يوتره
نقض ومنه إزاء الذنب غفران
يستحسنُ العفو إلا عن مُنابذة ٍ
في العَفْوِ عنها لرُكْنِ العز إيهان
وهَّابُ ما يأمنُ العِقبانُ واهبهُ
طلاَّبُ ما للتَّغاضي عنه عقبان
إذا بدا وجهُ ذَنْب فهو ذو سنة ٍ
وإن بدا وجْه خَطْب فهْو يقظانُ
يقظانُ من روع وسْنانُ من وَرَع
يا حبَّذا سيِّدٌ يقظانُ وسنان
مُفكِّرٌ قبل صُبْحِ الرأي متئد
مُشمِّرٌ بعد صبحِ الرأي شيحان
تلقاهُ لا هُوَ مِنْ سرَّاءَ خادعة ٍ
غِرُّ ولا هو من ضرَّاء قُرحان
يجِلُّ عن أن تُحَلَّ الدهرَ حَبْوتُهُ
يوما إذا طاش مِفراحٌ ومحزان
ما خفَّ قطُّ لتصريفٍ يُصرِّفهُ
وهل يخِفُّ لنفخ الريح ثهلان
يا من يبيتُ على مجرى مكائدِهِ
نكِّبْ لك الويلُ عنها فهْي حُسبانُ
ذو حكمة ٍ وبيانٍ جلَّ قدرهُما
ففيه لقمانُ مجموعٌ وسحبان
وما لسحبانَ جُزءٌ من سماحتِهِ
ولا للقمانَ لو جاراه لقمان
ساواهما في الحجى واحتاز دونهما
فضلَ الندى فلهُ في الفضل سُهمان
معانُ عُرفٍ وعرفانٍ وقلَّ فتى ً
في عصرهِ عندهُ عُرفٌ وعِرفان
مُساءلُ القلبِ مسؤولُ اليديْنِ معاً
كلا وعاءيْهِ للمُمتاحِ ملان
صاحي الطباعِ إذا ساءلتْ هاجِسهُ
وإن سألتَ يديْهِ فهْو نشوان
يُصَحِّيهِ ذِهنٌ ويأبى صحوه كرمٌ
مستحكم فهو صاحٍ وهو سكرانُ
لا يعْدَمُ الدهرَ صحواً يستبينُ به
حقّاً عليه من الإلباس أكنان
وينطقُ المنطقَ المفتونَ سامعُهُ
والمنطق الحسنُ المسوعُ فتَّان
وليس ينفكُّ من شكرٍ يظلُّ له
من راحتَيْهِ على العافين تَهتان
شُكرٌ ولكنّهُ من شيمة ٍ كرُمَتْ
لا من كؤوسٍ تعاطاهُنَّ ندمان
يجودُ حتى يقولَ المُفرطون له
قد كاد أن يخلفَ الطوفانَ طوفان
تعتادهُ هزة ٌ للجودِ بينة ٌ
فيه إذا اعتاده للعُرف لهفان
ريحٌ تَهُبُّ له من أرْيَحيته
يهتز للبذل عنها وهو جذلان
يهتزُّ حتى تراهُ هزَّهُ طربٌ(75/235)
هاجتْهُ كأس رنَوْناة ٌ وألحانُ
كم ضنَّ بالفرضِ أقوامٌ وعندهُمُ
وفْرٌ وأعطى العطايا وهْو يدَّان
ثنى إليه طُلى الأحرار أنَّ لهُ
عَهْداً وفيا وأنَّ الدهرَ خوَّان
وساقَ كلَّ عفيفٍ نحو نائله
مقالهُ أنا والعافونُ إخوان
أضحى غريباً ولم يحلُلْ بقاصية ٍ
من البلادِ ولا مَجَّتْهُ أوطان
بل غرَّبتْهُ خِلالٌ لم يَدَعْنَ لهُ
شِبْهاً وللنَّاسِ أشباهٌ وأخدان
يفْديه مَنْ فيه عن مقدار فديته
عند المفاداة تقصيرٌ ونُقصان
قومٌ كأنَّهُمُ موتى إذا مُدحوا
وماكُسوا من حبير الشعر أكفان
ثوابهُمُ أن يُمَنُّوا مسْتَثيبهمُ
وهل يُثيبُ على الأعمالِ أوثان
لله مُختارهُ ما كانَ أعلمهُ
بكلِ ما فيه للرحمن رضوان
ما اختار إلاَّ امرءاً أضحتْ فضائلُه
يُثنى عليه بها راضٍ وغضبان
رأى أبا الصقر صقرا في شهامتِهِ
فاختارَ مَنْ فيه للمُختارِ قُنعان
من لا يزالُ لديهِ من مذاهبهِ
بين الرشادِ وبينَ الغيَ فُرقان
طِرفٌ من الخيلِ يمتدُّ الجراء به
في غيرِ كْبوٍ إذا ما امتدَّ ميدان
وللموفَّقِ تبصيرٌ يُبصّرهُ
بالخطِّ والناسُ طُرٍّا عنهُ عميان
أهدى إليه وزيراً ذا مُناصحة ٍ
لم يختلفْ منهُ إسرارٌ وإعلان
أضحى به بَيْنَ توقيرٍ وعافية ٍ
من المآثم لا يلحاه دَّيانُ
وكم أميرٍ رأيناهُ تكنَّفهُ
في الدِّينِ والمالِ آتياعٌ وخسران
يجبي له الإثم والأموالَ عاملهُ
فالإثمُ يحصلُ والأموال تُختان
حاشى الموفقَ إن الله صائنه
عن ذاك والله للأخيار صوان
تلكم أمورٌ وليُّ العهْدِ ينْظِمُها
نظْمَ القلادة ِ إحكامٌ وإتقانَ
في كفِّ كافٍ أمين غيرِ مُتَّهم
غنَّى بذلك مُشَّاءٌ ورُكبان
فالمُجتبى مُجتبى ً في كلِّ ناحية ٍ
كانتْ مناهبَ والديوان ديوان
يامن إذا الناسُ ظنُّوا أنَّ نائلهُ
قد سال سائلهُ فالناس كُهَّان
إنِّي رأيتُ سؤالَ الباخلينَ زِناً
وفي سؤالك للأحرارِ إحصان
إذا تَيمَّمكَ العافي فكوكبُهُ
سعْدٌ ومرعاهُ في واديكَ سعدان
إليك جاءتْ بوَحْشِ الشعر تحملها(75/236)
حُوش المطيِّ الذي يعتام حِيدان
جاءتْ بكل شَرودٍ كلَّ ناحية ٍ
كعاصفِ الريح يَحْدُوها سليمان
ألحاظُ برقٍ إذا لاحتْ مُهَجَّرة ً
واستوقدتْ من أوار الشمس حران
همَّتْ بأنْ تَظْلِمَ الظِّلمانَ سُرعَتُها
وكاد يظلُمها من قال ظِلمان
تطْوي الفلا وكأن الآلَ أرْدِية ٌ
وتارة ٌ وكأنَّ الليلَ سيجانُ
كأنها في ضحاضيحِ الضَّحى سُفُنٌ
وفي الغمارِ من الظَّلماءِ حيتان
تَرْجوكَ يا مَنْ غدا للناسِ وهْو أبٌ
ولم تشبِ وهُمْ شِيبٌ وشُبَّان
بل أيُّها السيِّدُ الممنوح ثروتَه
ملكاً صحيحاً إذا المُثْرُون خُزان
تِبيانُ ذلك أن أطلِقْتَ تَبذُلها
بدْءاً وعَوْداً وللأشياء تبيان
وما غُللتَ بِغُلِّ البُخْلِ عنْ كرم
وقد يُغَلُّ بغُلِّ البُخل أيمان
أحيى بك الله هذا الخَلْقَ كُلَّهُم
فأنتَ روحٌ وهذا الخلقُ جُثمان
وقد ظننتُ وحولُ الله يعصمني
من ذاك أن نصيبي منك حرمان
أساءَ بي منك مِحسانٌ وما شَجِيتْ
نفسْ بمثلِ مسيءٍ وهو مُحسان
ضاقت بلواي أعطاني بما رَحُبَتْ
ولن تضيق بغوثي منك أعطانُ
يشكوكَ شعري ويستعديك يا حكمي
ويا خَصِيمي ويا مَنْ شأْنُه الشَّان
وما لمثلك يستعدِي مُؤمِّلهُ
أنَّى وعدلُك بينَ النَّاسِ ميزان
أنت الذي عدلتْ في الأرضِ سيرتُهُ
حتى تواردَ يعْفورٌ وسِرحان
وأنصف الناس منه أنه رجلٌ
يُخيفهُ اللَّهُ إسلامٌ وإيمآن
وأسعدُ الناسِ سلطانٌ له وَرَعٌ
عليه منهُ لأهلِ الحقِّ سلطان
ما بالُ شِعْرِيَ لم تُوزَنْ مثوبتُه
وقد مضتْ منه أوزانٌ وأوزانُ
أمِثْلُ شِعْريَ يُلوى حقُّه وله
عليك من خِيمك المحمودِ أعوان
أمْ وَعْدُ مثلك لا يُجبى لآملهِ
وقد تهادَتْهُ أزمانٌ وأزمان
مالي لديكَ كأنِّي قد زَرَعْتُ حَصى ً
في عام جدب وظهرُ الأرض صفوان
أما لزرعي إبَّانُ فأنظرهُ
حتى يريعَ كما للزرعِ إبان
أعائذ بك يسْتسقي بمَعطشة ٍ
وفي يمينك سَيْحانَ وجيحان
في راحَتَيْكَ من اليمَّيْن لجُّهما
وفي بنانك أنهارٌ وخُلجان
وقد يُسوَّفُ بالإسقاء ذو ظمأ(75/237)
ولن يسوَّفَ بالإسقاء غصّان
وبي صدى وبحلقي غُصَّة ً برج
فاعْجَلْ بغوثِكَ إن الرِّيثَ خِذلان
وليس مثلك بالمخذول أمِلُه
إذا أطاع جميلَ الفعلِ إمكان
إن لا يُكْنُ وجدَ حُرٍّ ملءَ همته
فقد يمُدُّ وعاءٌ وهو نصفان
ما حمدُ مَنْ جادَ إن كظَّتْه ثروتُه
ما الحمد إلاَّ لمُعطٍ وهْو خُمصان
نوِّلْ فإنك مَجْزِيٌّ وإنَّ معي
شُكراً إذا شئتَ لم يخلطْهُ كُفران
وإن أبيتَ فحسبي منك عارفة ً
أن امتداحكَ عند الله قُربان
والحرُّ يسغَبُ دهرا وهو ذو سعة
والعَفُّ يَطوِي زَمانا وهو سَغبانُ
وللبلاءِ انفراجٌ بعد أمنة ٍ
ورعية ُ الدَّهرِ إعجافٌ وإسمان
وللإله سجالٌ مِنْ فواضلهِ
كلُّ امرىء ناهلٌ منها وعَلاَّن
إن لا يُعنِّي على دَهرِي أخو ثِقة ٍ
من العباد فإنَّ اللَّهَ مِعوان
أو يبطُلُ الحقُّ بينَ الناسِ كُلِّهُمُ
فليسَ للحقِّ عند الله بُطلان
خُذها أبا الصقْرِ بكْرا ذاتِ أوشية ٍ
كالروْض ناصَى عراراً فيه حوذان
واسلم لراجيك مَسعوداً وإن تربَتْ
ممَّن يُعاديكَ آنافٌ وأذقان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أطلعَ اللَّهُ وجهَ شهرِكَ هذا
أطلعَ اللَّهُ وجهَ شهرِكَ هذا
رقم القصيدة : 62156
-----------------------------------
أطلعَ اللَّهُ وجهَ شهرِكَ هذا
يابن يحيى كوجِهكَ الميمونِ
ثم جلاَّهُ عَنْ عواقبِ صدْقٍ
غَيُبها مثلُ غيبِك المأمون
فلَعمري لما أظلَّكَ إلا
مُخبِتُ الجهرِ مخلصُ المكنون
كالذي لم تزلْ عليه قديماً
مِن صيامٍ ومن تَجافي جُفون
ما تعدَّيتَ فيهِ ما في سواهُ
من سجايا معروفة لك عون
صمتَ فيه وقمتَ بعدَ صيامٍ
وقيامٍ من قَبْلهِ غيرَ دون
لَمْ يصُمْ فُوك دون عينيك فيهِ
كصيامِ الأفواهِ دونَ العيون
بل تغاضيتَ فيه عن حُرم اللَّ
ه فلم ترمِها بطرف شَفون
وكعَمْتَ اللسانَ عن كلِّ هُجْرٍ
وحميْتَ الضمير رجمَ الظُّنون
والحكيمُ العليمُ بالله معصو
م وليس المعصوم كالمفتون
ما شكا منك حاشَ لله ما تش
كوه من ذي تمرُّدٍ ومجُون(75/238)
لا ولا كثرة التأفُّفِ منه
مثل ما يفعلُ الرَّغابُ البطون
فانضُهُ سالِماً عليه موقَّى
بنحورِ العدا سهامَ المنون
خفّفَ اللَّهُ ثِقله عنك ثقلاً
مع أجرٍ عليه لاممنون
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألا يا نِد هندُ لكِ في قمد
ألا يا نِد هندُ لكِ في قمد
رقم القصيدة : 62157
-----------------------------------
ألا يا نِد هندُ لكِ في قمد
غليظٍ تفرحينَ به متين
يَشُكُّ به حَشاكِ غلامُ نيك
من الفتيانِ منقطعُ القَرِين
تُذَكَّرُ بالقُمُدِّ العَرْدِ حتى
تأنَّتْ بغتة ً قبلَ اليقين
فمن يره يَبُولُ يخلْهُ أنثى
بدا من فرجها ثلثا جنين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا بانِي الحصنِ أرْساهُ وشيده
يا بانِي الحصنِ أرْساهُ وشيده
رقم القصيدة : 62158
-----------------------------------
يا بانِي الحصنِ أرْساهُ وشيده
حِرزاً لشلو من الآفاتِ مشحونِ
انظر إلى الدهر هل فاتَتْهُ بُغْيتُه
في مطمح النِّسر أو في مَسْبح النون
ومن تحصن منخوباً على وَجَلٍ
فإنما حَصنهُ سجنٌ لمسجونِ
أشكو إلى الله جهلاً قد أضرَّ بنا
بل ليس جهلا ولكن علمُ مفتون
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إني لأُغْضي عن الزلاَّتِ أثبتُها
إني لأُغْضي عن الزلاَّتِ أثبتُها
رقم القصيدة : 62159
-----------------------------------
إني لأُغْضي عن الزلاَّتِ أثبتُها
ذكراً إذا كانَ بعضُ القول نسيانا
أمضَّ ما كنتُ من أقذاءِ مَعْتَبة ٍ
أغضَّ ما كنتُ للإخوان أجفانا
أُغضي الجفونَ عن السُّوءَى مراقبة ً
لما يكونُ من الحُسنى وما كانا
أجزي الأخلاَّء صفحاً عن إساءتهم
إذا أساءوا وبالإحسان إحسانا
أذكِّرُ النَّفس مَثْنى من محاسنهم
إذا ذكرت ذنوب القوم أَحدانا
وليس ذاك لآبائي ومجدِهُم
لكن لأنِّي اتخذتُ العدلَ مِيزانا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا شاعراً أمسَى يَحُوكُ مديحَهُ
يا شاعراً أمسَى يَحُوكُ مديحَهُ
رقم القصيدة : 62160
-----------------------------------(75/239)
يا شاعراً أمسَى يَحُوكُ مديحَهُ
في شَرِّ جيل شرِّ أهل زمانِ
ما تستحق ثوابَ من كابرْتَه
ورميتَه بالإفكِ والعدوان
قومٌ تذكِّرهم فضائلَ غَيرهم
فيرون مافيهم من النُّقصان
فإذا مدحتَهم فتحتَ عليهمُ
باباً من الحسرات والأحزان
ظلَمَ امرؤٌ أهدَى المديح إليهُم
ثم استتاب مثوبة َ الإحسان
أيُمينُهُمْ أسفاً ويطلب رِفْدَهُمْ
لقد اغتدى في الظُّلْم والعُدُوان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيا بنَ رجاءٍ وابنَهُ الخيرَ لا يزلْ
أيا بنَ رجاءٍ وابنَهُ الخيرَ لا يزلْ
رقم القصيدة : 62161
-----------------------------------
أيا بنَ رجاءٍ وابنَهُ الخيرَ لا يزلْ
رجاءٌ نحيفٌ يَغْتَدي بكَ بادنا
مَنَحْتُكَ من وُدِّي مُقيماً مكانَهُ
يُبارِي ثَناءً لم يزلْ فيكَ ظاعنا
أَعُدُّكَ في الزُّهْر التي هي سبعة ٌ
بدئياً ويأبَى الحقُّ عَدِّيكَ ثامنا
وإنْ كان فيها المشتري وهو سعدُها
وشمسُ الضُّحى والبدرُ غُرَّا أيامنا
ولا بدَّ مِن صِدْقيكَ والصِّدقُ واجبٌ
لكل صديقٍ يَسْتَصحُّ البطائنا
بشعرِكَ عَيْبٌ فاحشٌ غيرَ أَنَّهُ
إذا عدَّ زَيْن لم يزل لك زائنا
أُبوَّة آباء إذا قِيسَ مجدُهُمْ
بشعرِكَ عفى منه تلك المحاسنا
وإن كان شعراً للضمير ملائماً
حلالاً ولطفاً للنظيرِ مُبائنا
أُدِقَّتْ معانيهِ وفُخِّمَ لفظُه
فغادر أشتاتَ القلوبِ قرائنا
غدا غيرَ ملحون غُدوَّ مُلَحَّن
وراح بأسرارِ البلاغة لاحنا
فألهى امْرأً تسكينهُ متحركاً
وأبكى أمرأً تحريكهُ منه ساكنا
فَمُلِّئْتَهُ لا باذلاً حُرَّ وَجههِ
ومُلِّئتُما فَضلاً من الله صائنا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ذهبَ الذين تَهزُّهُمْ مُدَّاحُهُمْ
ذهبَ الذين تَهزُّهُمْ مُدَّاحُهُمْ
رقم القصيدة : 62162
-----------------------------------
ذهبَ الذين تَهزُّهُمْ مُدَّاحُهُمْ
هَزَّ الكُماة ِ عواليَ المُرّان
كانوا إذا امتُدِحوا رأوْا ما فيهمُ
فالأرْيحَيَّة ُ منهمُ بمكان(75/240)
والمدح يَقْرعُ قلبَ من هُو أهلُه
قرْعَ المَواعظِ قلب ذي إيمان
فدعِ اللِّئام فما ثوابُ مديحهِمْ
إلاَّ ثوابٌ عبادة ِ الأوثان
كم قائل لي منهمُ ومدحْتُه
بمدائح مثل الرِّياضِ حِسان
أحسنتَ ويحك ليس فيَّ وإنما
أستحسن الحسناتِ في ميزاني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أرى المُفَنَّدَ يَنْهانِي ويأْمُرُني
أرى المُفَنَّدَ يَنْهانِي ويأْمُرُني
رقم القصيدة : 62163
-----------------------------------
أرى المُفَنَّدَ يَنْهانِي ويأْمُرُني
بقوله أستحي إنَّ الشيبَ قد حانا
الآن حين أجَدَّ الشيبُ يَطلُبني
أبادرُ الشَّيبَ باللذاتِ عجلانا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إنْ قال لا قالها للآمريهِ بها
إنْ قال لا قالها للآمريهِ بها
رقم القصيدة : 62164
-----------------------------------
إنْ قال لا قالها للآمريهِ بها
ردَّا لآمرِهِ الغاوِي وعِصيانا
ولم يُقلْها لمن يَعفُو فواضلَهُ
كاللافظين بها منعاً وحِرمانا
متى يطاولْ شريفاً يعلُه شرفاً
وإن يوازنْه يسفُل عنه رُجحانا
إذا اشترى الحمدَ أفناءُ الملوك رأى
بين التجارة ِ والأفضالِ فُرقانا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا مَن عكفْنا عليهِ لائذينَ بهِ
يا مَن عكفْنا عليهِ لائذينَ بهِ
رقم القصيدة : 62165
-----------------------------------
يا مَن عكفْنا عليهِ لائذينَ بهِ
فما عكفنا على بُدٍّ ولا وَثن
ومَن سألناهُ قِدماً كلَّ منفسة ٍ
فما سألنا بقايا الآي والدِّمن
إن لاتكنْ واسعَ الأملاكِ فاشِيهَا
فما عَهِدناكَ إلاَّ واسع العطن
ولا شَقِينا بوعدٍ منك يتبعُهُ
مَطلٌ ولا كنتَ إلاَّ صافي المِننِ
أعاذَكَ الله من حالٍ تُماطِلُني
لضيقها بكساءٍ تافِهِ الثَّمنَ
ومن بصيرة ِ رأْي غيرِ مُبْصرة ٍ
إنَّ اطراحَكَ حَمْدي أغبنُ الغَبن
انظر إلى الدنيا وزينتِها
ترَى الكارمَ فيها زينة َ الزِّينَ
فالبسْ وألبِسْ فإنَّ الثوبَ تلبِسُهُ
زَيْنٌ على النفسِ لا ثِقلٌ على البدن(75/241)
وفي ادراعِكَ ثوباً منظرٌ حسن
ولم يُحَسِّنْكَ مثلُ المَسْمَع الحَسَن
إن تكسُني يكسُك المعروفُ من كثَب
ثوباً جميلاً تراه أعينُ الفَطِن
فاكسُ ابنَ شكرِك ما يَبْلي على ثِقة ٍ
أنْ سوفَ يكسوكَ ما يقي على الزمن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> حاربَ أجفانه الرقادُ فما
حاربَ أجفانه الرقادُ فما
رقم القصيدة : 62166
-----------------------------------
حاربَ أجفانه الرقادُ فما
يسكنُ من ليلهِ إلى سكَنِ
لا تَنفُسا عبرة أجودُ بها
فلستُ أبكي بها على الدِّمن
لم يُخْلق الدمعُ لامريءٍ عبثا
اللَّهُ أدرَى بلوعة ِ الحزن
أساء بي ما أتيتَ من حَسَنٍ
إليَّ فيما مضَى من الزَّمَن
منعْتني بعدكَ العزاء به
يا ليتَ ما كان منك لم يَكْنِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مَرادُ عينيك منه بينَ شمسِ ضُحى
مَرادُ عينيك منه بينَ شمسِ ضُحى
رقم القصيدة : 62167
-----------------------------------
مَرادُ عينيك منه بينَ شمسِ ضُحى
وناعمٍ من غصون البانِ ريَّانِ
خَفَّتْ أعاليه والتفت أسافِلُهُ
كأَنَّما صاغَ نِصْفَيْهِ لُبانانِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا واحدَ الناس في الآلاءِ والمننِ
يا واحدَ الناس في الآلاءِ والمننِ
رقم القصيدة : 62168
-----------------------------------
يا واحدَ الناس في الآلاءِ والمننِ
والمستجارُ به من نَوْبة ِ الزمنِ
وابنَ الذين بَنَوْا أساس دولتهم
على النبوة ِ والقرآنِ والسُّنن
أشدُّ ما بيَ مِنْ شَكْوٍ ومن ألم
فَقْدي جَنَى مقلتِي من وجهِكَ الحَسَن
وفوتُ ما كنتَ تُلقيه إلى أُذني
من فَضْلِ علم يُجَلَّى عنه باللَّسن
ومن بدائع ظَرفٍ ذاتِ أَوْشية ٍ
تَدُقُّ عن أن تراها أعينُ الفطن
كتبتَ طولاً بأبياتٍ وجَدْتُ بها
خِفَّا وقد كنتُ في ثِقْلٍ مِنَ المِحَن
وكيف أشكُر لُطْفاً ساقَ عافية ً
هيهاتَ ليس لذاك اللُّطْفِ من ثمن
وقبل ذلك بِرٌّ منكَ آنسني
حتى سلوْتُ عن الخُلان والوطن
أعجِبْ بِبرِّ تعلمتُ العقوقَ به(75/242)
فما أحِنُّ إلى إلفٍ ولا سكنِ
يا زينَة الدين والدنيا إذا احتفلا
وأظهرا ما أعدَّاهُ مَنَ الزِّينَ
يا مَنْ يرى حاسدوُه أنَّ تَرْكَهُمُ
حسنَ الثناءِ عليه أعظم الغبن
نُعْماك عندى َ في مثواه مُعتَقَدٌ
والشكرُ عندك في مثواه مُرتهن
أجريتَ حُبِّيك بالذي اصطنَعَتْ
يداك عندي مجرى الرُّوح في البدن
أطال عمرَك في النعماءِ واهبُها
مقرونة ً لك والعلياءُ في قَرن
مُسَلِّمَ النفسِ والأحبابِ من مِحنٍ
تكدِّرُ العيشَ أحياناً ومن فِتن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رقعة ٌ من مُعاتبٍ لك ظَلَّتْ
رقعة ٌ من مُعاتبٍ لك ظَلَّتْ
رقم القصيدة : 62169
-----------------------------------
رقعة ٌ من مُعاتبٍ لك ظَلَّتْ
ولها في ذَراك مثوى ً مُهانُ
جالتِ الريحُ في الزوايا بها يو
ماً كما جال في الرباط الحصان
غيرَ مستورة ٍ عن الناس لكن
مجتلاة ٌ وإنِّها لحَصَان
ورأيتُ الأكُفَّ قد لعبتْ في
ها فأمست وظهرُها مَيْدانُ
سطَّر العابثون فيها أساطي
رَ عَفَت مَتْنَها فما يُستبان
خطَّ ولدانُكم أفانينَ فيها
أو رجالٌ كأنَّهُمْ وِلدان
حين لم يحلِفوا بحرمة ما في
ها وفي بطنها معانٍ حِسانُ
كحليفِ العمى تَغَوطَّ في الإي
وان جهلاً بأنه الإيوان
وكثيراً يُمْنَى بأمثالها البس
تان مالم يُحصَّنِ البستانُ
يَخرأُ الخارئون فيه وفيه
طيِّباتُ الثمارِ والريحان
وقبيحٌ يجوزُ كلَّ قبيح
رُقعة ٌ من مُعاتبٍ لا تُصان
شَدَّ ما هان عندك الخطُب فيها
لا يكنْ للَّتي أهنْتَ الهَوان
تَوْبة ً بعد حَوْبة ٍ من عتابي
ك فهل أنتَ قابلٌ يا فلان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عيدان أضحى ومهرجانُ
عيدان أضحى ومهرجانُ
رقم القصيدة : 62170
-----------------------------------
عيدان أضحى ومهرجانُ
ما ضم مثلَيْهِما أوانُ
اعيدُ نُسْكٍ وعيدُ لهوٍ
تجاورا أبدَعَ الزمان
ألَّف شكلَيْهما إمامٌ
أفعالُهُ فيهما حِسان
فاللَّهُ يُبْقي الإمامَ حتى
يرى لمثلَيْهما اقتران(75/243)
مُعْتَمِدٌ لم يزلْ عميداً
ينطقُ عن فضله البيان
في كل أرضٍ وكلِّ قوم
يُثْنِي بآلائه لسانُ
أشرقَ للناسِ منه بَدْرٌ
لم يَخْلُ مِنْ نوره مكان
ما زانه الملك إذ حواه
بل كُل شيء به يُزان
جَرَى ففات المُلوكَ سبقا
فليس قُدَّامه عنان
ولم يزل للإمام سَعْيٌ
بمثله تُحْرَز الرهان
نالت يداهُ ذُرَى مَعالٍ
يعجز عن نيلها العيان
مُكَرَّمٌ عِرْضُه مُعَزٌّ
والمال من دونه مُهان
ليس لأموالهِ لديه
حَقٌّ ولا حُرْمة ٌ تُصان
لِكُلِّ عَيْنٍ رأتْهُ يوما
من رَيْبِ أزمانها الأمان
بذاك في وجهه ضَمِينٌ
يُقْبَلُ من مِثْله الضمان
حياته ما أقام فينا
فضْلٌ من اللَّهِ وامتنان
نهارنا الدهر منه طَلْقٌ
وليلنا منه إِضْحِيان
فلا يزل في نَعِيمٍ عيْشٍ
مِزاجُه الخفضُ واللّيان
حتى يرى فيه كلَّ سؤلٍ
ومُنْية ً عنده بنان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إمَّا تَرَيْني قالباً مجنّي
إمَّا تَرَيْني قالباً مجنّي
رقم القصيدة : 62171
-----------------------------------
إمَّا تَرَيْني قالباً مجنّي
مُرَدِّداً سيفي على مِسَنِّي
لصاحب السوء بُعيدَ ضني
به ومَنِّي صافياً مِنْ مَنِّي
كم مَدْخلٍ كذَّبت عنه ظني
وقلتُ إِنِّي ظالِمٌ وإِنِّي
آخذُ لوْمِيه عن التجني
بلوتُهُ فصدَّقَ التَّظَنِّي
في أمره وكذَّب التَّمني
فما قرعْتُ من ندامِ سني
ولا وجدتُ الظلمَ كان مني
ولن يغيب غائبٌ عن جني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> جَرَى الأضحى رَسِيل المِهرجانِ
جَرَى الأضحى رَسِيل المِهرجانِ
رقم القصيدة : 62172
-----------------------------------
جَرَى الأضحى رَسِيل المِهرجانِ
كأنهما مَعاً فرسا رِهانِ
فجاءا ليس بينهما انتظارٌ
جوادَا حلبة ٍ متتابعان
ولم يتتابعِ العيدانِ إلاَّ
تنافُسَ رؤية ِ الملكِ الهِجان
عُبَيْدِ الله قَرْمِ بني زُرَيْقٍ
وما أدراك ما يتنافسان
سلوا الكُبراءَ عن عيدَيْن شتَّى
متى كانا كذا يتجاوران
أعيدُ النُسكِ جاور عيدَ لَهْوٍ(75/244)
لأمرٍ أُلِّفَ المتنافرانِ
بِبِر أميرِنا في كل عيدٍ
تواصَلَ منهما المتقاطعان
فلا عِدماه حتى يَسْتَدير
فيقترنا كهذا الاقتران
غدا معروفُهُ نسباً قريباً
يُؤَلِّفُ بينَ أشتاتِ الزَّمان
فقولا للأميرِ وقتهُ نَفْسِي
صروفَ الحادثاتِ وإن جفاني
تفيَّأْنا السعادة َ إذْ نظرْنا
إلى الأضحى أمام المهرجان
تقدَّمَ في المُقَدَّمِ منك نُسْكٌ
وبرٌّ بالأباعِدِ والأداني
وأعقبَ في أخيرِهما نعيمٌ
ولَهوٌ منك بالنِّعم الحسان
فدلاَّنا على عملٍ ذكي
بعقباهُ نعيمك في الجنان
وذاك إذا قطعتَ مدى اللَّيالِي
ونلتَ وحُزتَ غاياتِ الأماني
حليفَ سلامة ٍ وصحاح جِسْم
وشرخٍ من شبابٍ غيرِ فاني
تُبَشِّرُني الظنون بصوْب غيثٍ
مُغيثٍ منك في هذا الأوان
وقد حان الوليُّ فلا تَجُزْني
كوسْمِيٍّ عداني ما عداني
أتحرمُني وقد أُعطيتَ كُلاَّ
عطا مُفْضِلٍ خَضِلِ البنان
عطايا لا يجمجمها كفور
ولا للشاكرين بها يدان
عطايا بين بِشْرٍ واعتذارٍ
وليست بين عبس وامتنان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيها السيِّدُ الذي وهَنَتْ
أيها السيِّدُ الذي وهَنَتْ
رقم القصيدة : 62173
-----------------------------------
أيها السيِّدُ الذي وهَنَتْ
أنصارُ موالِهِ ولم يَهِن
فأصبحتْ في يدِ الضعيفِ وذي ال
قُوَّة ِ والباقلِّي واللِسن
غَيْرِي على أنني مُؤمِّلُكَ الأ
قدُم سائلْ بذاك وامتحن
مادحُ عشرين حجة ً كَمَلاً
محرومُها منك غيرَ مضطغِن
فضلُك أو عدلك الذي ائتمن ال
له علينا أجلَّ مؤتَمن
إن كنتَ في الشعر ناقداً فَطِيناً
فليعطني الحقُّ حصة َ الفِطن
وإن أكن فيه ساقطاً زمِناً
فليعطني الحقُّ حصة َ الزمِن
سِمْ بي ديوانك الذي عدت
جدواه بين الصحيح والضَّمِن
كَثِّرْ بشخصي مَنِ اصطَنَعْتَ
من الناس وإن لم أَزِنْكَ لم أشِن
ما حقُّ مَنْ لان صدرُهُ لك بال
ودّ لقاءٌ لجانبٍ خَشِن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أرى الشعراء حَظُوا عندكُمْ
أرى الشعراء حَظُوا عندكُمْ(75/245)
رقم القصيدة : 62174
-----------------------------------
أرى الشعراء حَظُوا عندكُمْ
جميعاً عَيَّيهُمُ واللسِنْ
سِوايَ فإني أراني امرأً
هُزِلتُ وكُّلُهُمُ قد سَمِن
فإن كُنْتُ منهمْ أخا فطنة ٍ
فلا تبخسونيَ حقَّ الفَطِن
وإن كنتُ من بعض زَمناهُمُ
فلا تبخسونيَ حقَّ الزَّمِنْ
سِموا بي ديوان زَمناكُم
وإن كنتُ في مدحِكُمْ لم أَهُن
إلى اللَّهِ شكوايَ من غَبْنِكُمْ
ولستُ بأولِ حُرٍّ غُبِن
إذا جئتكم زَمِناً قلتُمُ
مبين الزمانة ِ والممتحَن
وإن جئتكم زمناً قلتم
أتاكُمْ أبو الليثِ صولر تكِنْ
يناقضُ حكمكم نفسَهُ
ويقرِنُ ما ليس بالمُقْترِن
فلا أنا رزقَ أصحّائكُمْ
ولا رِزْقَ زَمناكُمُ أتَّزن
سأرفعُ عُدْوَى إلى خالِقي
فلا يأمنُ اللَّهَ من قد أمِن
أحاطت بكُمْ حُجَّتِي دُرَّراً
ومن ذا يُبِينُ إذا لم أُبِن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> متى استحسنتُ مطلكَ يا بن يحيى
متى استحسنتُ مطلكَ يا بن يحيى
رقم القصيدة : 62175
-----------------------------------
متى استحسنتُ مطلكَ يا بن يحيى
فأنت لديَّ في حَدِّ الغواني
لما أحسنتُ في قولي وعقلي
متى استحسنتُ منك سِوَى الحسان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> حصلنا من فتوحك يا سليْمى
حصلنا من فتوحك يا سليْمى
رقم القصيدة : 62176
-----------------------------------
حصلنا من فتوحك يا سليْمى
على أن تَسْلَمي وتُهنِّئينا
إذا حَمِيَ الوطيسُ نَجَوْتِ رَكضاً
وغادرتِ الكماة مُجَدَّلينا
فلا وألتْ هنالكَ نَفْس سُوءٍ
عليها يا سُلَيْمُ تُحاذرينا
هي النَّفْسُ التي إما أُصيبت
فأهونُ ما تصيب المسلمينا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إنَّ إسماعيل قِرْدٌ مجرمٌ
إنَّ إسماعيل قِرْدٌ مجرمٌ
رقم القصيدة : 62177
-----------------------------------
إنَّ إسماعيل قِرْدٌ مجرمٌ
إن سقاني دَمَهُ اللَّهُ شفاني
لو رأى آدمُ جهلي لَمْحة ً
يوم شاورتُ اليهوديَّ نفاني
سَلَّطَ اللَّهُ عليهِ طِبَّهُ(75/246)
وكفاه طِبَّهُ لا بَلْ كفاني
لو يُداوِي نفسَهُ من عِلَّة ٍ
لَتَدَاعى بالتَّلاشي والتفاني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أقولُ إذْ هَتَفَ الدَّاعي بمصْرعهِ
أقولُ إذْ هَتَفَ الدَّاعي بمصْرعهِ
رقم القصيدة : 62178
-----------------------------------
أقولُ إذْ هَتَفَ الدَّاعي بمصْرعهِ
لبَّيْكَ لَبَّيْكَ من داع بتَبْيِينِ
نعيْتَ من جَمَدتْ غُزْرُ العيونِ له
فلم تَفِضْ عَبْرة ٌ من عَيْنِ مَحْزون
ومَنْ يَقِلُّ لَهُ الدَّاعِي بمغفرة ٍ
ويُنشدُ النَّاسُ فيه بيتَ يَقْطين
فإن تُصبْكَ من الأَيَّام جائحة ٌ
لم يُبْكَ منكَ على دُنْيا ولا دين
يا مُنكرا ونكيراً أوجِعاهُ فَقَدْ
خَلَوْتْمُا بقليلِ الخير ملْعون
بُعْداً وسُحْقاً له من هالك نَطِفٍ
مُشوَّه الخلقِ من نسل الشياطين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا باطلاً وهَمْتنيهِ مخائله
يا باطلاً وهَمْتنيهِ مخائله
رقم القصيدة : 62179
-----------------------------------
يا باطلاً وهَمْتنيهِ مخائله
بلا دليلٍ ولا تثبيتِ برهان
قُلْ لابن بورانَ إن كان ابنَ بورانٍ
وما إخال ابن بورانٍ بإنسان
ما أنتَ إلا خيالٌ طاف طائفُهُ
ولا هِجائيكَ إلا هُجْرُ وسَنان
قد كنتُ أحسبُهُ شيئاً فأهْجوَهُ
حتى أزالَ ظنوني فيه حُسبْاني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ظهورُ الأمور خلافٌ البطونِ
ظهورُ الأمور خلافٌ البطونِ
رقم القصيدة : 62180
-----------------------------------
ظهورُ الأمور خلافٌ البطونِ
وغيبُ الصدور خفِيُّ الكُمُونِ
وكم صاحبٍ غرَّني حبله
فأعصمتُ منه بغيرِ الأَمُون
تناسيت عهدِي أبا جعفرٍ
كأَنِّيَ مِنْ سالفاتِ القرون
لئن كانَ غيبُكَ لي هكذا
فلا زلتَ مني بدارِ شَطون
أَظُنُّ القراطيسَ في مِصْركُمْ
تخوَّنها ريبُ دَهْرٍ خئون
فلو أنَّها صفحات الخُدود
يُكتَّبُ فيها بماءِ العيون
لما أعوزتْك ولكن جَفَوْتَ
فألغيتَ شأني خلالَ الشؤون
تراه إذا أنت فكرت في
ه كالعِبْء تحمله بالجفون(75/247)
تَهابُ دواتك حتى كأنْ
نَ حَوْضَ دواتِكَ حوضُ المَنون
وظَلَّ كتابيَ ملقى ً لديك
بدار اطراحٍ ومثواة ِ هُونِ
إذا ما دخلْتَ فلاحظتَهُ
نظرتَ إليه بطرفٍ شَفون
أبا جعفرٍ عَدِّ عنيِّ وعنْ
كَ وُدّاً تُزَيِّنُهُ بالعُهون
ولا تَخْدعَنِّي ولا يَخْدَعنْ
ك لفظٌ تَزَيِّنْه بالرقون
فإني امرؤٌ قلَّ من لا أرى
له شجناً فيُرى من شجوني
ولستُ أكُدُّ أخي بالعتا
ب عند تماديه كدَّ الحَرون
ولا أشْتَرِي وُدَ شكسٍ به
ولا يَشْترِي النَّاسُ وُدِّي بدُون
وما كان مثلُك في شأَنهِ
ليُحْجَب عن سِرِّ نفسِي المَصون
فلا تغضبنَّ أبا جَعْفرٍ
فإني صَدقْتُك عينَ اليقين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيها المُتْحفِي بِحُولٍ وعُورٍ
أيها المُتْحفِي بِحُولٍ وعُورٍ
رقم القصيدة : 62181
-----------------------------------
أيها المُتْحفِي بِحُولٍ وعُورٍ
أين كانت عنك الوجوهُ الحسانُ
قد لَعَمْرِي ركبتَ أمراً مهيناً
ساءنا فيك أيها الخُلْصان
فتحك المِهرجانَ بالحُولِ والعُو
ر أرانا ما أعقبَ المِهرجان
كان من ذاك فقدُك ابنتَك الحُرْ
رَة َ مصبوغة ً بها الأكفان
وتجافي مؤمَّلٍ لي خليلٍ
لجَّ منه الجفاء والهجران
وعزيزٌ عليَّ تَقْريعُ خِلٍّ
لا يُدانيه عنديَ الخلان
غيرَ أنِّي رأيت إذ كارَهُ الحزْ
م وإشعارهُ شعاراً يصان
لا تهاوَن بِطيرة ٍ أيُّها النَّظْ
ظارُ واعلم بأنَّها عنوان
قِفْ إذا طِيرة ٌ تلقَّتْكَ وانُظرْ
واستمعْ ثَمَّ ما يقولُ الزمان
فَلِما غابَ من أُمورِكَ عنْوا
نٌ مُبينٌ وللزّمانِ لسان
لا يَقُدْكَ الهوى إلى نصرة الأخ
بار حتَّى تُهين مالا يهان
إنَّ عُقْبَى الهوى هُوِيٌّ وعُقْبَى
طُولِ تلك التهاوناتِ هوان
لا تُصَدِّقْ عن النَّبِيِّينَ إلاَّ
بحديثٍ يلوحُ فيه البيانُ
قد أتى عن نبّينا حبُّه الفأ
ل مضيئاً بذلك البرهانص ومحبُّ الحبيبِ لا شك فيه
كاره للكريه يا إنسان
فدعِ الهزلَ والتضاحك بالطِّ
رة ِ فالنُّصْحُ مُثْمِنٌ مَجَّان(75/248)
أترى من يرى البشيرُ بشيراً
يَمْتري في النذير يا وَسْنان
خبَّر اللَّهُ أنَّ مَشْأمة ً كا
نَتْ لقومٍ وخبَّر القرآن
أفَزورُ الحديثِ تقبلُ أم ما
قاله ذو الجلال والفرقان
لا تَكَرَّهْ مَواعظي لكريه الْ
حَقِّ فيها فإنها بستان
فيه دفْلَى وفيهِ شَوْكٌ وفيه
من ثمارٍ كرائم ألوان
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ليس مستحسِناً لك المطلَ والخُلْ
ليس مستحسِناً لك المطلَ والخُلْ
رقم القصيدة : 62182
-----------------------------------
ليس مستحسِناً لك المطلَ والخُلْ
فَ سِوَى من يراكَ مثلَ الغَواني
يَقْبحُ الصِّدْقُ بالغَواني لأمْر
هُنَّ فيه إذا صدقْن زواني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألا أيُّها المَوْسُوم باسم وكنية ٍ
ألا أيُّها المَوْسُوم باسم وكنية ٍ
رقم القصيدة : 62183
-----------------------------------
ألا أيُّها المَوْسُوم باسم وكنية ٍ
وجدناهما اشتُقَّا من الحمد والحُسنِ
أَتَبْخلُ بالقرطاسِ والخطِّ عن أخٍ
وكفَّاك أنْدَى بالعطايا من المُزن
لعمري لقد قوَّى جفاؤك ظِنتي
وأوهن تَأْميلي وما كان ذا وهْنِ
ولِمْ لا وقد ألغيتَ شأْني مُخسِّساً
بذلك قَدْرِي مُسْتَخِفاً به وزني
أبا حسنٍ يا إلفَ نفسي وأُنْسَها
ويا سندي في النائبات ويا رُكني
أمثلك بعد الحِلم والعِلم والنُّهَى
يَبَرُّ وَيَجْفُو للإقامة ِ والظَّعْن
ويأْتَمُّ بالإيامِ وهْي ذميمة ٌ
فينْسَى الذي تُقْصي ويَرْعَى الذي تُدْني
إذا كنتَ خُلْصاني من الناس كُلَّهِمْ
وأعْرضْتَ عن ذكراي إعراض مُسْتغني
فياليتَ شِعْري ما تركتَ لمُبْغِضٍ
يُصَرِّحُ بالبَغْضاءِ لي ثم لا يَكْني
ألا أيُّها الحكامُ أعْدُو مُظَلَّماً
على بطلٍ في ظلمة ٍ غيرِ ذي قِرن
أيعرضُ عني باخلاً بكتابهِ
أخٌ ليَ قلبي عندَهُ غَلِق الرَّهن
لك الخيرُ كم من لوعة ٍ قد جنيْتَها
عليَّ وما تَدْري هناك ما تجنى
جفوتَ فجافيتَ الجفون عن الكرى
وعَرَّضْتَ رأيي للزِّراية ِ والطَّعْن(75/249)
ومن يتَخَيَّرْ صاحباً غير عاطفٍ
عليه فمنسوبٌ إلى الجهل والأفْنِ
وكم قائلٍ قد قال لي متمثلاً
ليوهِنَ مني أو يشدَّ قوى متني
ألا إنَّ من يدعو مَودَّة َ مُعْرضٍ
ويَعْنِي بِصِدْقِ الوجد من غير ما يَعْني
لكالمرتجي أنْ يقطعَ البحر فارساً
أو المُبْتَغِي أن يقطعَ البرَّ في سفن
أو المبتِني بنيانَه فوق هائلٍ
من الرَّمْلِ لا ينفك يهوِي بما يَبْني
وقلَّبْتُ أمري كي أرى لي إساءة ً
فلم أرها في الظهر منه ولا البطنِ
سألتُك بالبيت الممسَّحِ ركنهُ
وبالمشهدِ المشهود مِن مَنْحرِ البُدْن
أرقَّى إليكَ الكاشحونَ نميمة
طويتَ لها كَشْحَيْكَ مني علي ضِغن
فيا عجباً إن كان ذاك وقد طوت
عجائب هذا الدهر قَرناً إلى قرن
عهدتُك لا تَعْتَدُّ بالعين شاهداً
عليَّ فلمْ أصبحتَ تَعْتَدُّ بالأذن
أم استفسدتْ ذاك الوفاء ملالَة ٌ
فأصبحتَ لا يثني عليكَ به المُثْني
حبَسْتَ أخاً في سجن هَمٍّ وما جَنَى
فأطْلِقْهُ بالإعتاب من ذلك السجن
ولا تَكُنِ المبذولَ لِلَّوْم سَمْعُه
وقرْطاسهُ بين الصِّيانة ِ والحزن
أجِرنِيَ مِنْ حُزْنِي لرفْضِكَ حُرْمتي
فَحُزْنِي لِشَحْطِ الدَّار ناهيك من حزن
كأني وقد فارقتُ داراً وبَلْدَة ً
تحلُّهُمَا أُخْرِجْتُ من جَنَّتَيْ عَدن
وما العيشُ إلاَّ تارتانِ فتارة ٌ
مناخٌ على سهلٍ وأخُرى على حَزْن
أتذكُرُ أيَّاماً بها وليالياً
محاسنُها كالروضِ في صُبْحَة ِ الدَّجن
عهودٌ خَلَتْ محمودة ً وكأنَّها
مُعانَقَة ُ اللَّذاتِ في حُلَة الأمن
عطفناك فاعطف إنَّ كل ابنِ حُرَّة ٍ
أخو مَكْسَرٍ صُلْب وذو معطف لَدْن
وإنْ سَقَطا بي في كتابي تَتَابَعَتْ
فلا تَلْحنِي فيما جنيتُ على ذهني
ظَلمْتَ فإنْ ألْحَنْ فظلمُك خُلَّتي
جَنَى زلَّتِي والظُّلْمُ شَرٌّ من اللحن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رجلٌ من آل يحيى
رجلٌ من آل يحيى
رقم القصيدة : 62185
-----------------------------------
رجلٌ من آل يحيى(75/250)
أبَواهُ أبَوانِص منهما شيخٌ جليل
من رسولِ اللَّهِ داني
وغلامٌ من بني الأص
فر فَحْلٌ كالحِصان
فهْوَ حقاً لا مجازاً
أبواهُ رَجُلان
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قُدومُ سعادة ٍ وقُفولُ يُمْنٍ
قُدومُ سعادة ٍ وقُفولُ يُمْنٍ
رقم القصيدة : 62186
-----------------------------------
قُدومُ سعادة ٍ وقُفولُ يُمْنٍ
هي السَّرَّاءُ تَنْسَخُ كُلَّ جُزْن
بدا قمر البهاءِ يُزَفُّ زَفا
ورُكْنُ المُلْكِ معضوداً بِرُكُن
وهبَّ نسيمه وذَكا نثاه
فيالِلَّهِ من طِيبٍ وحُسْنِ
أظَلَّتْهُ السلامة ُ ما تَغَنَّتْ
مطوَّقة ٌ تَرنَّم فوق غصن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيُّها الحاسدِي على صُحْبتي العُس
أيُّها الحاسدِي على صُحْبتي العُس
رقم القصيدة : 62187
-----------------------------------
أيُّها الحاسدِي على صُحْبتي العُس
ر وذَمِّي الزمانَ والإخوانا
حسداً هاجَهُ على ثلب شعري
ولقائي معبَّساً غضبانا
وانتقاضي مع العدو وقد كا
ن يرى لي نقائِصي رُجْحانا
ليت شعري ماذا حسدتَ عليه
أيُّها الظالِمي إخائي عيانا
أعلى أنَّني ظَمِئْتُ وأضحَى
كُلُّ من كان صادياً ريَّانا
أمْ على أنَّني أمشي حسيراً
وأرى النَّاسَ كلَّهُمْ رُكْبانا
أمْ على أنني ثكلتُ شقيقي
وعدِمْتُ الثَّراءَ والأوطانا
عُدْ كريماً إلى كريم كما كن
تَ وإلا لقيتَ منِّي هوانا
لا عقاباً بما تقولُ ولكنْ
بجفاء أردفْتَه هِجرانا
وتيقَّنْ أني مُقيمٌ على العه
دِ حَياتي وخُذْ بذاكَ ضمانا
لا أعُدُّ الذنوبَ منك ذُنوباً
بل هدايا مقبولة ً وحنانا
وكذا ذَنْبُ كُلِّ دَهرٍ يليه
آلُ وَهْب أعُدُّهُ إحسانا
وأرى يومَهمْ ضَمِيناً وفيّاً
بِغَدٍ يجعلُ العِدا خُلانا
قسماً لَوْ جَهدْتَ جُهدك ما اع
تَدَّتْكَ نفسيَ إلاَّ أخاً خُلْصَانا
فارقب الإلَّ أن تكونَ على
خِلِّكَ قِدْمَا مَعَ الزَّمانِ زمانا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وصَفْعانٍ يجودُ بمصْفَعَيْه
وصَفْعانٍ يجودُ بمصْفَعَيْه(75/251)
رقم القصيدة : 62188
-----------------------------------
وصَفْعانٍ يجودُ بمصْفَعَيْه
ويصفع نفسَهُ في الصَّافعينا
كهَدْمِ المُشْركينَ بيوتَ سُوءٍ
بأيديهمْ وأيدي المؤمنينا
أبا حفصٍ جزاك الله خَيْراً
فأنت السيد المِفْضالُ فينا
قفاك لمن أرادَ الصَّفْعَ وقفٌ
وعِرْسك مِنْحة ٌ للنائكينا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> زعم الناس أن للسَّعْدِ نَجْما
زعم الناس أن للسَّعْدِ نَجْما
رقم القصيدة : 62189
-----------------------------------
زعم الناس أن للسَّعْدِ نَجْما
واحدا لا يزيدُ أَوْ نَجْميْنِ
قلتُ مهلاً ستلتقي الشمس والبد
رُ فكَمْ يُطْلِعانِ من سَعْديْن
سَتُلاقِي الإمامَ عمَّا قليلٍ
بنتُ مولاه سيِّدِ المَغْرَبينِ
وسُيعطَى الإمَامُ منها سعوداً
كلها للإمام قُرَّة ُ عَيْنِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> حَيَّتْكَ عنَّا شمالٌ طاف طائفُها
حَيَّتْكَ عنَّا شمالٌ طاف طائفُها
رقم القصيدة : 62190
-----------------------------------
حَيَّتْكَ عنَّا شمالٌ طاف طائفُها
بجنه فَجَّرَتْ رَوحاً ورَيْحانا
هَبَّتْ سُحَيْراً فناجى الغُصنُ صاحبَه
مُوَسوساً وتنادَى الطيرُ إعلانا
وُرْقٌ تَغَنَّى على خُضْرٍ مُهَدَّلة ٍ
تَسْمو بها وتشمُّ الأرضَ أحيانا
تخالُ طائرَها نشوانَ من طرب
والغُصنَ مِن هَزّة ِ عِطْفَيْهِ نَشوانا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> صبراً أميرَ المؤمنينا
صبراً أميرَ المؤمنينا
رقم القصيدة : 62191
-----------------------------------
صبراً أميرَ المؤمنينا
فاللَّهُ يجزي الصَّابرينا
كنَّا نُهَنِّي بالخلا
فة قبلكَ المُتَنَعِّمينا
حتى إذا صارت إلي
ك هَدَيْتَ هَدْيَ الراشدينا
فمنعْتَ نفسَكَ دَرَّها
ومَرَيْتها للحالبينا
ولمَا غُبِنْتَ متاعَها
بل بعتها بيعاً ثمينا
فاصبرْ لها زالَ عَوْ
نك مَنْ رَضِيتَ به مُعينا
هِيَ مِحْنَة ٌ للمتَّقِي
ن وفِتنة ٌ لِلْمُتْرفينا(75/252)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قَائل ماله أدناه مجنى ً
قَائل ماله أدناه مجنى ً
رقم القصيدة : 62192
-----------------------------------
قَائل ماله أدناه مجنى ً
من الأيدي جميعاً والأماني
كذاك فوارضُ الثمرات تَحْنو
هواديها فتُمْكِنُ كلَّ جاني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> نفائسُ ماله أدناه مجنى ً
نفائسُ ماله أدناه مجنى ً
رقم القصيدة : 62193
-----------------------------------
نفائسُ ماله أدناه مجنى ً
من الأيدي جميعاً والأماني
كذاك قواعدُ الثمراتِ تدنو
مجانيها فتُمْكِنُ كل جاني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا مجيرَ الورى من الحَدثانِ
يا مجيرَ الورى من الحَدثانِ
رقم القصيدة : 62194
-----------------------------------
يا مجيرَ الورى من الحَدثانِ
وربيعَ العُفاة ِ كُلَّ أَوانِ
ما الذي ينشرُ المدائحَ مِمَّنْ
قد طوى جودُهُ صنوفَ الزمان
كلَّلَتْ كفُّهُ سماءَ المعالي
بنجومِ المعروف والإحسان
فبها يَسْتضيءُ كلُّ رجاءٍ
وبها تَهتَدِي إليه الأماني
يا شقيقَ النَّدَى وتِرْبَ المعالِي
وسراجَ الهُدَى بكل مكان
كثُرتْ من العُلا معانيك حتى
أعْوَرَتْنا أسماءُ تلك المعاني
أنتَ عِيد للناسِ في كلِّ عيدٍ
بل لَعَمْرِي في سائر الأزمان
شَرَّقَ الناسُ بالذبائح في الأض
حى وأعطَوْا طوابق اللُّحمان
ورأينا الأميرَ شَرَّقَ فيهِ
ببدورِ اللُّجَيْنِ والعِقيان
جعلَ اللَّهُ يومَ أضحاكَ يوماً
ضامناً للسُّعودِ أوْفَى ضمان
قصَّرَ القولُ في الأمير وفيهِ
طولُ ما طال منه في المِهرجان
شفقاً من أذى الأميرِ المُرَجَّى
وحذاراً من مَجَّة الآذان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> م مكْرُ الزَّمانِ علينا غير مأمونِ
م مكْرُ الزَّمانِ علينا غير مأمونِ
رقم القصيدة : 62195
-----------------------------------
م مكْرُ الزَّمانِ علينا غير مأمونِ
فلا تظنّنّ ظنّاً غيرَ مَظنونِ
بل المخوفُ علينا مَكْرُ أنفُسِنا(75/253)
ذاتِ المُنَى دون مَكْرِ البيضِ والجُون
إنَّ اللَّياليَ والأيامَ قد كَشفَتْ
من كَيْدها كلَّ مسترٍ ومكنونِ
وخَبَّرتنا بأنَّا مِنْ فرائسها
نواطقاً بفصيح غيرِ مَلْحون
واستَشْهَدَتْ من مَضَى منَّا فأنبأنا
عن ذاك كلّ لقى ً منا ومدفون
من هالك وقتيل بين معتبط
وبينَ فانٍ بِتَرْكِ الدَّهْرِ مَطْحون
فكيفَ تمكُرُ وهْيَ الدهرَ تُنْذِرُنَا
من الحوادثِ بالإبْكارِ والعُون
ووالدينِ حقيقٌ أنْ يَعقَّهُما
راعي الأمور بطرفٍ غير مَكْمون
أبٌ وأمٌّ لهذا الخلق كلهمُ
كلاهما شرٌّ مقرون بمقرون
دهرٌ ودُنيا تلاقِي كُلَّ مْنْ ولَدا
لديْهما بِمَحَلّه الخَسْفِ والهُون
للذَّبْح من غَذَوا مِنَّا ومن حَضنا
لا بلْ ومن تركاهُ غيرَ مَحضون
إنْ رَبَّيا قَتَلا أو أسْمنا أكَلاَ
فما دَمٌ طَمِعا فيه بمحقون
أبٌ إذا بَرَّ أبلانا وأهْرمَنا
قُبْحاً له من أبٍ بالذَّمِ ملسون
نُضْحِي له كقِداحٍ في يَدَيْ صَنَع
فكُلُّنَا بينَ مَبْرِيٍّ ومسفون
يغادر الجَلْدَ منا بعدَ مِرَّتهِ
عَظْماً دقيقاً وجِلداً غير مودون
نِضْواً تراهُ إذا ماقام مُعْتَصِماً
بالأرضِ يَعْجِنُ منها شَرَّ معجون
حتى إذا مارُزِئْنا صاح صائحُهُ
ليس الخلود لذِي نَفْسٍ بمِضمُون
هذا وإنْ عفَّفالأدواء مُعرِضَة ٌ
مِن بينِ حُمَّى وبِلسامٍ وطاعونِ
والحربُ تضرمها فينا حوادثُهُ
حتى نُرَى بين مضروبٍ ومطعون
وأمُّ سوءٍ إذا مارام مُرتَضِعٌ
إخلافَها صُدَّ عنها صدَّ مَزْبون
تَجْفُوا وإنْ عانقَتْ يوماً لها والدا
كانتْ كمطرورة ٍ في نَحْرِ موتون
ونحن في ذاك نُصفيها مودتَنا
تبّاً لكل سفيهِ الرأي مَغبون
نشكو إلى الله جَهلاً قد أضرَّ بنا
بل ليس جهلاً ولكن علم مفتون
أغوى الهوى كلَّ ذي عقل فلست ترى
إلا صحيحاً له أفعالُ مجنون
نعصِي الإله ونَعصِي الناصحين لنا
ونستجيبُ لمقبوح ومَلعون
هوى ً غَوِيٌّ وشيطان له خُدعٌ
مُضَلّلاتٌ وكيدٌ غيرُ مأمون
أعْجِبْ به مِنْ عَدو ذي مُنابذة ٍ(75/254)
مُصغى ً إليه طوالَ الدهْرِ مزكون
وفي أبِينا وفيه أيُّ مُعتبَرٍ
لو اعتبرنا برأيٍ غيرِ مأفون
حتى متى نشتري دنيا بآخرة ٍ
سفاهة ً ونبيعُ الفوْق بالدون
مُعَلَّلين بآمال تُخادعنا
وزخرف من غُرورِ العيش موصون
نَجْرِي مع الدَّهرِ والآجالُ تَخْلِجُنا
والدهرُ يَجرِي خليعاً غير معنون
إنَّا نَجارِي خَليعاً غيرَ مُتَّزعٍ
ونحنُ من بين مَعنونٍ ومَرْسون
يبقى ونَفْنَى ونرجو أن نُماطله
أشواط مضطلع بالجَرْي أُفنون
تأتِي على القمرِ السَّاري حوادثه
حتى يُرى ناحلاً في شخص عُرجَونِ
نبني المعاقل والأعداء كامنة ٌ
فينا بكل طرير الخدّ مسنون
ونَجمعُ المالَ نرجو أن يُخَلِّدنا
وقد أبى َ قبلنا تخليد قارون
نظل نَسْتَنْفِقُ الأعمارَ طيبة ً
عنها النفوسُ ولا نسخو بماعون
مع اليقين بأنَّا محرِزون بهِ
قِسْطاً من الأجر موزوناً بموزون
يا بانِيَ الحصنِ أرساهُ وشيده
حرزاً لِشلْوٍ من الأعداءِ مَشْحون
انظرْ إلى الدهرِ هل فاتتْهُ بغُيتهُ
في مَطْمح النَّسر أو في مَسْبح النون
بنيتَ حصْناً وأمُّ السُّوء قد خَبَنَتْ
لك المنية َ فانظُرْ أيَّ مَخْبون
ومن تَحصَّنَ محبوساً على أجلٍ
فإنما حِصنه سجنٌ لمسجونمكْرُ الزَّمانِ علينا غيرُ مأمونِ
فلا تظنّنّ ظنّاً غيرَ مَظنونِ
بل المخوفُ علينا مَكْرُ أنفُسِنا
ذاتِ المُنَى دون مَكْرِ البيضِ والجُون
إنَّ اللَّياليَ والأيامَ قد كَشفَتْ
من كَيْدها كلَّ مسترٍ ومكنونِ
وخَبَّرتنا بأنَّا مِنْ فرائسها
نواطقاً بفصيح غيرِ مَلْحون
واستَشْهَدَتْ من مَضَى منَّا فأنبأنا
عن ذاك كلّ لقى ً منا ومدفون
من هالك وقتيل بين معتبط
وبينَ فانٍ بِتَرْكِ الدَّهْرِ مَطْحون
فكيفَ تمكُرُ وهْيَ الدهرَ تُنْذِرُنَا
من الحوادثِ بالإبْكارِ والعُون
ووالدينِ حقيقٌ أنْ يَعقَّهُما
راعي الأمور بطرفٍ غير مَكْمون
أبٌ وأمٌّ لهذا الخلق كلهمُ
كلاهما شرٌّ مقرون بمقرون
دهرٌ ودُنيا تلاقِي كُلَّ مْنْ ولَدا(75/255)
لديْهما بِمَحَلّه الخَسْفِ والهُون
للذَّبْح من غَذَوا مِنَّا ومن حَضنا
لا بلْ ومن تركاهُ غيرَ مَحضون
إنْ رَبَّيا قَتَلا أو أسْمنا أكَلاَ
فما دَمٌ طَمِعا فيه بمحقون
أبٌ إذا بَرَّ أبلانا وأهْرمَنا
قُبْحاً له من أبٍ بالذَّمِ ملسون
نُضْحِي له كقِداحٍ في يَدَيْ صَنَع
فكُلُّنَا بينَ مَبْرِيٍّ ومسفون
يغادر الجَلْدَ منا بعدَ مِرَّتهِ
عَظْماً دقيقاً وجِلداً غير مودون
نِضْواً تراهُ إذا ماقام مُعْتَصِماً
بالأرضِ يَعْجِنُ منها شَرَّ معجون
حتى إذا مارُزِئْنا صاح صائحُهُ
ليس الخلود لذِي نَفْسٍ بمِضمُون
هذا وإنْ عفَّفالأدواء مُعرِضَة ٌ
مِن بينِ حُمَّى وبِلسامٍ وطاعونِ
والحربُ تضرمها فينا حوادثُهُ
حتى نُرَى بين مضروبٍ ومطعون
وأمُّ سوءٍ إذا مارام مُرتَضِعٌ
إخلافَها صُدَّ عنها صدَّ مَزْبون
تَجْفُوا وإنْ عانقَتْ يوماً لها والدا
كانتْ كمطرورة ٍ في نَحْرِ موتون
ونحن في ذاك نُصفيها مودتَنا
تبّاً لكل سفيهِ الرأي مَغبون
نشكو إلى الله جَهلاً قد أضرَّ بنا
بل ليس جهلاً ولكن علم مفتون
أغوى الهوى كلَّ ذي عقل فلست ترى
إلا صحيحاً له أفعالُ مجنون
نعصِي الإله ونَعصِي الناصحين لنا
ونستجيبُ لمقبوح ومَلعون
هوى ً غَوِيٌّ وشيطان له خُدعٌ
مُضَلّلاتٌ وكيدٌ غيرُ مأمون
أعْجِبْ به مِنْ عَدو ذي مُنابذة ٍ
مُصغى ً إليه طوالَ الدهْرِ مزكون
وفي أبِينا وفيه أيُّ مُعتبَرٍ
لو اعتبرنا برأيٍ غيرِ مأفون
حتى متى نشتري دنيا بآخرة ٍ
سفاهة ً ونبيعُ الفوْق بالدون
مُعَلَّلين بآمال تُخادعنا
وزخرف من غُرورِ العيش موصون
نَجْرِي مع الدَّهرِ والآجالُ تَخْلِجُنا
والدهرُ يَجرِي خليعاً غير معنون
إنَّا نَجارِي خَليعاً غيرَ مُتَّزعٍ
ونحنُ من بين مَعنونٍ ومَرْسون
يبقى ونَفْنَى ونرجو أن نُماطله
أشواط مضطلع بالجَرْي أُفنون
تأتِي على القمرِ السَّاري حوادثه
حتى يُرى ناحلاً في شخص عُرجَونِ
نبني المعاقل والأعداء كامنة ٌ
فينا بكل طرير الخدّ مسنون(75/256)
ونَجمعُ المالَ نرجو أن يُخَلِّدنا
وقد أبى َ قبلنا تخليد قارون
نظل نَسْتَنْفِقُ الأعمارَ طيبة ً
عنها النفوسُ ولا نسخو بماعون
مع اليقين بأنَّا محرِزون بهِ
قِسْطاً من الأجر موزوناً بموزون
يا بانِيَ الحصنِ أرساهُ وشيده
حرزاً لِشلْوٍ من الأعداءِ مَشْحون
انظرْ إلى الدهرِ هل فاتتْهُ بغُيتهُ
في مَطْمح النَّسر أو في مَسْبح النون
بنيتَ حصْناً وأمُّ السُّوء قد خَبَنَتْ
لك المنية َ فانظُرْ أيَّ مَخْبون
ومن تَحصَّنَ محبوساً على أجلٍ
فإنما حِصنه سجنٌ لمسجون
أما رأيتَ ابن إسحاقٍ ومصرعَهُ
ودونه ركن عز غيرُ موهون
بأسُ الأميرِ وأبطال مُدَجَّجَة ٌ
وكلُّ أجردَ مَلْحُوف ومَلْبون
خاضتْ إليه غمار العِزّ مِيتَتُهُ
فَرَبْعُه منه قَفْرٌ غيرُ مسكونه مكْرُ الزَّمانِ علينا غيرُ مأمونِ
فلا تظنّنّ ظنّاً غيرَ مَظنونِ
بل المخوفُ علينا مَكْرُ أنفُسِنا
ذاتِ المُنَى دون مَكْرِ البيضِ والجُون
إنَّ اللَّياليَ والأيامَ قد كَشفَتْ
من كَيْدها كلَّ مسترٍ ومكنونِ
وخَبَّرتنا بأنَّا مِنْ فرائسها
نواطقاً بفصيح غيرِ مَلْحون
واستَشْهَدَتْ من مَضَى منَّا فأنبأنا
عن ذاك كلّ لقى ً منا ومدفون
من هالك وقتيل بين معتبط
وبينَ فانٍ بِتَرْكِ الدَّهْرِ مَطْحون
فكيفَ تمكُرُ وهْيَ الدهرَ تُنْذِرُنَا
من الحوادثِ بالإبْكارِ والعُون
ووالدينِ حقيقٌ أنْ يَعقَّهُما
راعي الأمور بطرفٍ غير مَكْمون
أبٌ وأمٌّ لهذا الخلق كلهمُ
كلاهما شرٌّ مقرون بمقرون
دهرٌ ودُنيا تلاقِي كُلَّ مْنْ ولَدا
لديْهما بِمَحَلّه الخَسْفِ والهُون
للذَّبْح من غَذَوا مِنَّا ومن حَضنا
لا بلْ ومن تركاهُ غيرَ مَحضون
إنْ رَبَّيا قَتَلا أو أسْمنا أكَلاَ
فما دَمٌ طَمِعا فيه بمحقون
أبٌ إذا بَرَّ أبلانا وأهْرمَنا
قُبْحاً له من أبٍ بالذَّمِ ملسون
نُضْحِي له كقِداحٍ في يَدَيْ صَنَع
فكُلُّنَا بينَ مَبْرِيٍّ ومسفون
يغادر الجَلْدَ منا بعدَ مِرَّتهِ
عَظْماً دقيقاً وجِلداً غير مودون(75/257)
نِضْواً تراهُ إذا ماقام مُعْتَصِماً
بالأرضِ يَعْجِنُ منها شَرَّ معجون
حتى إذا مارُزِئْنا صاح صائحُهُ
ليس الخلود لذِي نَفْسٍ بمِضمُون
هذا وإنْ عفَّفالأدواء مُعرِضَة ٌ
مِن بينِ حُمَّى وبِلسامٍ وطاعونِ
والحربُ تضرمها فينا حوادثُهُ
حتى نُرَى بين مضروبٍ ومطعون
وأمُّ سوءٍ إذا مارام مُرتَضِعٌ
إخلافَها صُدَّ عنها صدَّ مَزْبون
تَجْفُوا وإنْ عانقَتْ يوماً لها والدا
كانتْ كمطرورة ٍ في نَحْرِ موتون
ونحن في ذاك نُصفيها مودتَنا
تبّاً لكل سفيهِ الرأي مَغبون
نشكو إلى الله جَهلاً قد أضرَّ بنا
بل ليس جهلاً ولكن علم مفتون
أغوى الهوى كلَّ ذي عقل فلست ترى
إلا صحيحاً له أفعالُ مجنون
نعصِي الإله ونَعصِي الناصحين لنا
ونستجيبُ لمقبوح ومَلعون
هوى ً غَوِيٌّ وشيطان له خُدعٌ
مُضَلّلاتٌ وكيدٌ غيرُ مأمون
أعْجِبْ به مِنْ عَدو ذي مُنابذة ٍ
مُصغى ً إليه طوالَ الدهْرِ مزكون
وفي أبِينا وفيه أيُّ مُعتبَرٍ
لو اعتبرنا برأيٍ غيرِ مأفون
حتى متى نشتري دنيا بآخرة ٍ
سفاهة ً ونبيعُ الفوْق بالدون
مُعَلَّلين بآمال تُخادعنا
وزخرف من غُرورِ العيش موصون
نَجْرِي مع الدَّهرِ والآجالُ تَخْلِجُنا
والدهرُ يَجرِي خليعاً غير معنون
إنَّا نَجارِي خَليعاً غيرَ مُتَّزعٍ
ونحنُ من بين مَعنونٍ ومَرْسون
يبقى ونَفْنَى ونرجو أن نُماطله
أشواط مضطلع بالجَرْي أُفنون
تأتِي على القمرِ السَّاري حوادثه
حتى يُرى ناحلاً في شخص عُرجَونِ
نبني المعاقل والأعداء كامنة ٌ
فينا بكل طرير الخدّ مسنون
ونَجمعُ المالَ نرجو أن يُخَلِّدنا
وقد أبى َ قبلنا تخليد قارون
نظل نَسْتَنْفِقُ الأعمارَ طيبة ً
عنها النفوسُ ولا نسخو بماعون
مع اليقين بأنَّا محرِزون بهِ
قِسْطاً من الأجر موزوناً بموزون
يا بانِيَ الحصنِ أرساهُ وشيده
حرزاً لِشلْوٍ من الأعداءِ مَشْحون
انظرْ إلى الدهرِ هل فاتتْهُ بغُيتهُ
في مَطْمح النَّسر أو في مَسْبح النون
بنيتَ حصْناً وأمُّ السُّوء قد خَبَنَتْ(75/258)
لك المنية َ فانظُرْ أيَّ مَخْبون
ومن تَحصَّنَ محبوساً على أجلٍ
فإنما حِصنه سجنٌ لمسجون
أما رأيتَ ابن إسحاقٍ ومصرعَهُ
ودونه ركن عز غيرُ موهون
بأسُ الأميرِ وأبطال مُدَجَّجَة ٌ
وكلُّ أجردَ مَلْحُوف ومَلْبون
خاضتْ إليه غمار العِزّ مِيتَتُهُ
فَرَبْعُه منه قَفْرٌ غيرُ مسكون
تبكي لهُ كلُّ مَعْلاة ومكرمة ٍ
بمُستَهلٍّ حَثيثِ السَّحِّ مشنون
مادافعتْ عنه أبوابٌ مُحجبة ٌ
كلا ولا حُجرٌ مغشَّية ُ الخون
مملوءَة ٌ ذهباً عيْناً تَجِيشُ به
جنَّاتُ نخلٍ وأعنابٍ وزيتون
قلْ للأميرِ وإنْ ضافَتْهُ نازلة ٌ
يُمسِي لها الجلدُ في سربالِ مَحْزون
صبراً جميلاً وهل صبرٌ تُفاتُ به
وإن فجِعْتَ بمنفوسٍ ومضنونِ
خانتك إلفكَ عبد الله خائنة ٌ
هي التي فَجَعَتْ موسى بهارون
يستثقل المرءً رزء الخِل يُرْزَؤُهُ
وإنما حُطَّ عنه ثِقلٌ مديون
للموتِ دينٌ من الخلاَّنِ كُلِّهمِ
يُقْضاهُ من كل مذخورٍ ومَخزون
عَذَرْتُ باكيَ شجوٍ لو رأيتُ أخاً
بما أصابَ أخاه غير مرهون
وما تأخَّرَ حَيٌّ بعَد مِيتته
إلاَّ تأخُّر نقدٍ بعد عُربون
وللأميرِ بقاءٌ لا انقطاعَ له
أخرى الليالي وأجْرٌ غير ممنون
في نعمة ٍ كرياضِ الحَزنِ ضاحكة ٍ
في ظل بالٍ من الأيَّام مَدْجون
تدور منه أمورُ الملكِ قاطبة ً
على وزيرٍ أمين الغيبِ مَيْمون
يُرْجَى ويُخْشَى وتُغْشَى داره أبداً
غِشْيانَ بيتٍ لآل الله مسدون
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أستغفرُ اللَّهَ من ذَنبِي ومن خطئي
أستغفرُ اللَّهَ من ذَنبِي ومن خطئي
رقم القصيدة : 62196
-----------------------------------
أستغفرُ اللَّهَ من ذَنبِي ومن خطئي
إلاَّ هجائي دعيَّ القَحْطبينا
فإن ذلك ذنبٌ لستُ أحفِله
لا يغفرُ اللَّهُ ذاكَ الذنبَ آمينا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كان للأرض مرة ً ثقلانِ
كان للأرض مرة ً ثقلانِ
رقم القصيدة : 62197
-----------------------------------
كان للأرض مرة ً ثقلانِ
فلها اليومَ ثالثٌ بفُلانِ(75/259)
أتَّقِي غصة َ اسمِه علمَ اللَّ
هُ فأكنِي عن ذكره بالمعاني
يا ثقيلَ الثِّقالِ أقذيتَ عَيْني
ليتَ أنِّي كما أراك تراني
من يكن عانياً بحُبِّ حبيب
ففؤادي ببغضك الدهر عاني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أغضَى أبو بكر على الهونِ
أغضَى أبو بكر على الهونِ
رقم القصيدة : 62198
-----------------------------------
أغضَى أبو بكر على الهونِ
كأَنَّهُ ليسَ يبالينِي
يا بن حُرَيْثٍ هذهِ حِيلة ٌ
يحتالها بعضُ المجانينِ
إذا رأى الصبيانَ يَرْمونه
دارَاهُمُ بالرِّفْقِ واللِّين
كأَنَّه ليس يُبَاليهمُ
وعنده ما ليس بالدُّون
أَمِّي إذا أمُّك إن لم تكن
مني على مثلِ الطَّياجين
فلا تخادِعْني فلستَ الذي
يخدعُ إخوانَ الشياطين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تعالتْ قرونُ أبي يوسفٍ
تعالتْ قرونُ أبي يوسفٍ
رقم القصيدة : 62199
-----------------------------------
تعالتْ قرونُ أبي يوسفٍ
عُلُوّاً كبيراً وسبحانَها
أبا يوسفٍ كم رَبوخٍ لدي
ك أوطأْت طِرْفي مَيْدانَها
إذا قادها لي شيطانُها
أطرتُ بأيري شيطانها
جَسَسْتُ بفيشلتي قلبِها
وزلزلْتُ بالرَّهْزِ أركانها
أخلطُ موضعَ إخلاصها
فألقى هنا لك كفرانها
كأنِّي في جَسِّ مكنونِها
بُعِثْتُ لأسبَر إيمانها
لمثل قرونك يا كِسْرَوي
شَيَّدَتِ الفُرْسُ إيوانها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> حَبَّبَتْ دُرَّة ُ القِيانَ إلينا
حَبَّبَتْ دُرَّة ُ القِيانَ إلينا
رقم القصيدة : 62200
-----------------------------------
حَبَّبَتْ دُرَّة ُ القِيانَ إلينا
مثل ما بَغَّضَتْ إلينا القيانا
حَبَّبتْهنَّ أن غدتْ وهي منهنْ
نَ وإنْ كُنَّ دونَها أوزانا
ولقدُ فزن إذْ يُناغِينَ فاها
ويديْها وعُودها الألحانا
وتحرَّمْنَ إذْ غدوْنَ إماءً
مذعناتٍ بحقها إذعانا
تلبَسُ التَّاجَ فالقِيانُ لديْها
واضعاتٍ لتاجها الأذقانا
تاجُ حُسْنٍ يَثْنيهِ تاجٌ من الإحس
سان تاجانِ طالما مَلكانا
غير أني رأيتُها بغَّضَتْهُنْ(75/260)
نَ بأن لم تدعْ لهنَّ مكانا
نزلتْ في الدور مَنزل من
بَرَّزَ حُسْناً ومن علا إحسانا
فنفتْهنَّ عن قلوبٍ وقدْ
كُنَّ تبوأْنَ حبها أوطانا
فغدا البائساتُ منهنَّ يَطْلبْ
ن على دفعِ ظُلمها أعوانا
ظلمتْ من صَبا وغَنّى
فكلُّ يشتكِي من دريرة َ العدوانا
أنصفَ اللَّهُ صاحبَ العذْلِ منها
عاشقا والمحسنات الحسانا
ما نَبالي إذا دُرَيْرة أبدتْ
نَزْهَتَيْها ألا نرى بستانا
نزهة الطرفِ شَفْعها نز
هة السمع إذا ناغمتْ لك العيدانا
ذات وجهٍ كأنَّما قيلَ كُنْ
فرداً بديعاً بلا نظيرٍ فكانا
فيهِ عينان ترميانِ بلحْظٍ
نافذِ النَّبْلِ يصرع الأقرانا
فوق غُصن مُهَفْهفٍ تلثم التفْ
فاح فيه وتلمس الرمانا
تجتلي خلقها فتلقَى قواماً
خيزرانا وصِبْغة ً أرجوانا
لونُها الدهر واحدٌ كجَني الور
د وإن كان وُدُّها ألوانا
بينما وصلُها لذي الوُدّ وصلٌ
إذ أحالته بالقِلى هجرانا
كَمَلتْ كلها فلستَ ترى في
ها سوى سوء عهدها نُقصانا
فمتى ما أجلتَ طرفكَ فيها
فهْي كالشمسِ صُوِّرتْ إنسانا
ومتى ما سمعتَ منها فَشَدْوٌ
يطرد الهمَّ عنك والأحزانا
قادرٌ أن يُميتَ أشجانَ قوم
قادرٌ أن يُهيِّجَ الأشجانا
ومتى ما لثمتَ فاها فشيْءٌ
تجد الراحَ فيه والريحانا
ريقة ٌ كالشَّمولِ طِيباً ونشرٌ
كنسيم خاضَ الجنانا
صَغَّروها مخافة َ العيْنِ عَمْداً
وهي أَعلى القيانِ قَدْراً وشانا
فَدَعَوْها دُرَيرة ً وهي الدَّرْ
رَة ُ تَغْلُو فتأخذ الأثمانا
لو رآها في الجاهليِّة قومٌ
عَبَدُوها وجانَبُوا الأوثانا
هِيَ حُلْمِي إذا رَقَدْتُ وهَميِّ
وسُرورِي ومُنْيتي يقظانا
مع أنَّ الرُّقادَ قد خانَ عَهْدي
مذ تكلَفتُ حبلها الخَوانا
لاتزالُ القلوبُ تَصْبُو إليها
أو تراها تُقلِّبُ الأجفانا
فإذا تابعت سهام الهوى المح
ض طلبنا هناك منها الأماناص غيرُ حنَّانة ٍ على عاشقيها
حين تحتَثُّ عودها الحنَّانا
غيرَ أَنَّا نُحبُّها كيفَ كانتْ
ما أحبَّتْ أرواحُنا الأبدانا(75/261)
إن تُسلَّطْ على القلوبِ بلا جُر
م فأحلى مُسَلَّطٍ سلطانا
قل لمن عابها أحَلْتَ وأبطلْ
تَ وناقضتَ بل بهتَّ العِيانا
ليت شِعري أوجهها عِبْتَ كلا
أم تنقَّصْتَ جيدَها الحُسَّانا
أم شواها إذا أغضَّ بُراها
أم حَشاها أم فرعَها الفينانا
أم ندى صَوْتِها إذا رجَّعَتْهُ
في المثاني أم دلَّها الفتانا
ليس فيها شيءٌ يُعابُ لدينا
غيرَ بُخْلٍ بنَيلها قد شجانا
عندها البخل بالنوال ولو بالطْ
طَيْفِ منها يزورنا أحيانا
نعمة ً كالغرام أوسعَنا اللَّ
هُ امتنانا بوصلها وامتحانا
طال ما طوَّلتْ على حُبّها اليو
مَ وما قصَّرَتْ عليه الزمانا
تتغنَّى فالدهرُ يومٌ قصيرٌ
وإذا ما جفتْ عَدِمْنا كَرانا
أيُّها السائِلي بها كيفَ حَمْدِي
لجَداها لقيتِ عندي بيانا
قد أَرَتْنا وأسمعْتنا ولكنْ
تركتْ كلَّ عاشقٍ ظمآنا
أفلا قائلٌ لها ذو احتسابٍ
حين تحمي رُضابها العطشانا
مَتِّعي هذه المراشف من ري
قِك يا من يَمَتِّع الآذانا
واقسِمي العدْلَ في جوارِحِ قوم
ترك الظُلم بعضَها هَيمانا
لا تُنيلي جوارحاً ما تَمَنَّتْ
وتُنيلي جوارحاً حِرْمانا
أَرْشِفينا كما أريْتِ وأسمعْ
تِ ولا تتركي الهوى صديانا
أنا واللَّهِ يا دريرة ُ أهوا
كِ وإن ذقتُ في هواك الهوانا
ياكثيباً عليهِ غصنٌ من البا
نِ وفرعٌ يمَجُّ مِسْكاً وبانا
أشْتَهِي أن أعَضَّ منكِ بناناً
طال عَضِّي عليه مني البنانا
حين تستمطرين أوتارك الدُّرْ
رَ على السامعين والمَرْجانا
لم أنلْ منكِ مذ هَوَيتُك حظا
من نوالٍ سرا ولا إعلانا
غيرَ أني أبيتُ ليلي حَيْرا
نَ أُراعي من نَجْمِهِ حيرانا
قد وصفْنا فمن غدا يتمارى
فليزُرْنا نُقِمْ له البرهانا
عندنا مَنْظَرٌ لها وسماعٌ
كَفيانا لطالبٍ تبيانا
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إليكَ طابقَ ممنون المَطيِّ بنا
إليكَ طابقَ ممنون المَطيِّ بنا
رقم القصيدة : 62201
-----------------------------------
إليكَ طابقَ ممنون المَطيِّ بنا(75/262)
نرجو لديكَ عطاءً غيرَ ممنون
طوراً إذا ما استظلَّتْ كلُّ ضاحية ٍ
وتارة ً حين يَضْحَى كلُّ مكنون
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أتيتُ أبا جنادة َ مستنيلاً
أتيتُ أبا جنادة َ مستنيلاً
رقم القصيدة : 62202
-----------------------------------
أتيتُ أبا جنادة َ مستنيلاً
ويُخْلِفُ بعضَ ماتعدُ الظنونُ
فسامَ النفسَ تَنْويلي فسافتْ
بذلكَ مشرباً فيه أُجون
فألقى عِذرة كذباً ومَيْنا
من العِذَرات يأْباها الحقين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا ليتَ أهلَ العقلِ إذ حُرِمُوا
يا ليتَ أهلَ العقلِ إذ حُرِمُوا
رقم القصيدة : 62203
-----------------------------------
يا ليتَ أهلَ العقلِ إذ حُرِمُوا
عُصِمُوا من الشهواتِ والفتنِ
لكنهُمْ حَرِموا وما عُصِمُوا
فقلوبُهُمْ مرضَى من الحَزَن
وكأنّ أهلَ العقل إذْ خُلِقُوا
وُقِفَتْ قلوبهمُ على المحنِ
وهمُ أحسُّوا على بَلِيَّتِهمْ
من غيرِهم بمضاضة ِ الغبن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا أَيُّها الرجلُ المُسَوِّدُ شيبهُ
يا أَيُّها الرجلُ المُسَوِّدُ شيبهُ
رقم القصيدة : 62204
-----------------------------------
يا أَيُّها الرجلُ المُسَوِّدُ شيبهُ
كيما يُعَدُّ به من الشُّبانِ
أقصِرْ فلوْ سوَّدْتَ كل حمامة ٍ
بيضاءَ ما عُدَّتْ من الغِرْبان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> نُعيدُ أقاويلَ مَمْلولة ً
نُعيدُ أقاويلَ مَمْلولة ً
رقم القصيدة : 62205
-----------------------------------
نُعيدُ أقاويلَ مَمْلولة ً
إذا ما أُعيدت على السَّامعينا
فطوراً دعاءً بما قد قَضَى
بذلك قاضي القضايا جَنينا
وطوراً ثناءً بما قد جَرى
قديماً على ألسُن العالمينا
وأنتَ تعيدُ لنا نائلاً
إعادتُه مُنْيَة ُ الراغبينا
فشتانَ شتانَ ما بيننا
لقد فُتَّ بالفضلِ مبينا
أقول لطلابِ ما نِلتَة
قُصاركُمُ نَيْله واصفينا
صِفُوه ووفُّوهُ حقاً له
من الوصف نَعْدُدكُمُ فاضلينا
وَوَفْدِ ثناءٍ أناخوا به(75/263)
عفاة ً لمعروفه آملينا
فآبوا وقدْ صُدِّقُوا آملي
نَ وفقاً لما صُدِّقُوا مادحينا
كذلك راجوهُ والمادحوه
لا يكذبون ولا يُكذَبونا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إن يُفلتِ السيفُ من كَفَّيْكَ مُنْصَلِتاً
إن يُفلتِ السيفُ من كَفَّيْكَ مُنْصَلِتاً
رقم القصيدة : 62206
-----------------------------------
إن يُفلتِ السيفُ من كَفَّيْكَ مُنْصَلِتاً
فليس منك وقِدْماً كان خَوَّانا
بل لو يكون مكان السيف من رَجُلٍ
كمِخْلَبِ اللَّيْثِ منهُ حان من حانا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألذُّ من مُعَتَّقِ الرساطونِ
ألذُّ من مُعَتَّقِ الرساطونِ
رقم القصيدة : 62207
-----------------------------------
ألذُّ من مُعَتَّقِ الرساطونِ
وَقَهْوَتِيْ قُطْرُبُّلٍ وكِرْكين
رِجْرجة ٌ من ماءِ لَيْلِ تِشرين
كروْنَقِ السَّفِ اليمان المسنون
باتَ على طودٍ نيافِ العرنين
تَنفَحُها الرِّيح برشٍّ مَمْنونِ
في شطرِ كوز صُنْعِ طَبٍّ أُفنون
أخضرَ في حُضْرة ِ جِرْو اليقطين
أَلسْتَ يا محُرومَها بمغبون
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أعانقها والنفسُ بعدُ مشوقة ٌ
أعانقها والنفسُ بعدُ مشوقة ٌ
رقم القصيدة : 62208
-----------------------------------
أعانقها والنفسُ بعدُ مشوقة ٌ
إليها وهل بعد العناق تداني
فألثمُ فاهاً كي تموتَ حزازتي
فيشتد ما ألقي من الهيمان
وما كان مقدار الذي بي من الجوى
ليَشْفِيهِ ما ترشفُ الشَّفَتانِ
كأنَّ فؤادي ليس يَشْفي غليلَه
سوى أنْ يرى الروحَيْن يمتزجان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أأبكتْكَ المعاهدُ والمغاني
أأبكتْكَ المعاهدُ والمغاني
رقم القصيدة : 62209
-----------------------------------
أأبكتْكَ المعاهدُ والمغاني
كدأبك قبلُهنَّ من الغواني
وقفتُ بهن فاستمطرتُ بيني
غياثاُ والتذكُّرُ قد شجاني
فجاد سحابُها تَمْريه ريحٌ
من الزفرات تلحَى من لحاني
أجلتُ بها جُماناً من دموعي
لذكري غير جائلة الجمان(75/264)
وما إن زلتُ أنعي الصبرَ مِنِّي
إلى ذي خُلَّتي حتى نُعاني
ولم تر مثلَ دمع مستغاث
ولا كزفير صدرٍ مستعانِ
مُعيناً مُغرمٍ إذْ لا معينٌ
نصيرا مُسْلمٍ متظاهران
أعاناني على البُرَحاء لمَّا
أعان عليَّ ثَم العاذلان
عدِمتهما لقد خذلا وضنَّا
هناك برعيتي عمَّن رعاني
ألا أسقي دموعي دارَ ظَبْي
لو اسْتَسْقَيْتُ رِيقتَه سقاني
بِلَى لاسيّما وبيَ اشتفاء
بسحِّي عَبْرَتِي مِمَّا عراني
قَضى حقَّيْنِ في حَقٌ عميدٌ
بكى شجوَ الأحبَّة والمغاني
وداوى قلبَهُ من داء وشَوْق
عراه ففيم لامَ اللائمان
ولكن لا ارتجاعَ لما تقضَّى
فما استشعارُ باقٍ ذِكرَ فاني
وفي هذا الأوان وفي نُهاهُ
شواغلُ عن صِبَى ذاك الأوان
برئتُ من الصبابة ِ والتَّصابي
إلى الغزلان والنفرِ الرواني
وزارية ٍ عليَّ بأن رأتني
من الهزلى حقيراً في السِّمان
صَبرَتُ لها وقلتُ مقال حُرٍّ
إليكِ فإنَّني باللَّه غاني
وليستْ خِسَّة ُ الأجفانِ مِمَّا
يُخَسِّ قيمة َ النَّصْلِ اليماني
وليْسَتْ إنْ نظرتِ بزائداتٍ
حُلى الأغماد في السَّيْفِ الددانِ
فمن يكُ سائلاً ما وجهُ فَخْرِي
فإني فاخِرٌ أدبي زَهاني
ونحنُ معاشرَ الشُّعَراءِ نَنْمي
إلى نسب من الكُتاب داني
وإن كانوا أحقَّ بكلِّ فَضْلٍ
وأبلغَ باللسان وبالبنان
أبُونا عندَ نِسْبتنَا أبوهم
عطاردٌ السماويُّ المكان
أديبٌ لم يلِدْ إلاّ أديباً
ذكيّ القلبِ مشحوذَ اللسان
مليئاً إن توسّم بالمعاني
وفيَّا إنْ تَكَلَّمَ بالبيان
أإخوتَنا من الكتابِ رِقُّوا
عليْنَا من مُغالطة ِ الزَّمان
فإنْ لم تفعلوا وجفوْتمونا
على إثرائِكم فيمن جفاني
فإنَّ أبا الحسين أخا المعالي
طَبيبٌ إنْ تَفَرَّد بي شفاني
طبيبٌ كم شفاني من سَقامٍ
وما جدحَ الدواءَ ولا رقاني
فهلْ يُرْضيهِ شكرٌ أعجزتْهُ
يداه فما له بهما يدان
نعَمْ إنَّ الفتَى سمحٌ تمامٌ
وفي السَّمَحاءِ منقوصُ المعاني
يجودُ أبو الحسين ولا يعاني
منافَسة َ الجِراء كما نُعاني(75/265)
غدا عن كلِّ مَحْمدة ٍ سَخِيّاً
وليس بها عليه من هوان
ولكنْ همَّة ٌ رَفَعَتْهُ حتى
سمتْ قدماه فوق الفرقدان
وتخفيفٌ عن الإخوان منه
وإنْ هم ثقَّلوا في كل آنِ
ولم تر طالباً للحمد أحْظَى
به من طالبٍ فيه تواني
إذا نامَ الجوادُ عن التقاضي
أتاه الحمدُ يركض غيرَ واني
أعدِّدُ لابن أحمد بن يحيى
مكارمَ غير خاشعة المباني
فتى ً ضَمنَ الصيانة وهي سُؤْلي
فكان ضمانه أملَى ضمان
وآمَننِي تلونَ حالتيْهِ
فكان أمانه أوفى أمان
بل انتقدَ الحياة َ من المنايا
بجودٍ كالجلادِ وكالطعان
قسطْتُ على الزَّمانِ به فأضحى
وقد أعفَى بحقِّي واتَّقاني
فتَى الكتاب نُبْلاً واضطلاعاً
وصدقَ أمانة ٍ وعلوَّ شان
شكرتُ له نداه وإن أراني
نداه تخلُّفي فيما أراني
أنالَ وقلتُ يُعطيني وأثنَى
فما جاريتُهُ حتى شآني
أبرَّ عليَّ إبرارَ المُعادي
وليُّ منه بَرَّ فما اتَّلاني
فلولا أنَّه رجلٌ كريمٌ
لقلتُهناك ممدوحي هجاني
ولولا أنني رجلٌ سليمٌ
لقابلتُ الصنيعة َ باضْطغان
ولو سَخِطَ امرؤ يُولي جميلاً
سَخِطَت وحُقَّ لي ممَّا اعتلاني
وما سَخَطِي على من جاءَ يَجرِي
إليَّ وغبطتي فَرَسيْ رِهان
وما حسدي امرءاً ما زال يُغْرِي
بي الحُسَّادَ وهْوَ علَيَّ حاني
حلفتُ لقد غدا في النَّاسِ فرداً
فليتَ اللَّهَ يُؤْنسُه بثاني
وليتَ اللَّه يغفِرُ لي اشتطاطي
فقد جاز اشتطاط ذوي الأماني
محمد يابنَ أحمدَ يابن يحيى
أخا الآلاءِ والنَّعمِ الحسان
أما لقد ارتَهنْتَ الدهرَ شكري
بعرفكَ غيرَ معتمدِ ارتهان
كما اسْتعبدْتَني وملكت رِقِّي
بلطفك غيرَ معتمد امتهان
وما الرجُل الطليقُ الحُرُّ إلاَّ
أسيرٌ في يدَيْ نعماك عاني
ولا الرجلُ الأسيرُ العَبْدُ إلاَّ
طليقٌ من يدٍ لك وامتنان
بقيتَ بقاءَ ما تبني فإني
أراهُ بقاءَ يذبِلُ أو أَبان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ولاحٍ في القيانِ فقلتُ مَهْلاً
ولاحٍ في القيانِ فقلتُ مَهْلاً
رقم القصيدة : 62210(75/266)
-----------------------------------
ولاحٍ في القيانِ فقلتُ مَهْلاً
رُميتَ بنبلِ أوتارِ القيان
أتحقِرُ مَنْ غَدا منهنَّ قِرني
من لك مثلَ ذاك القِرن ماني
من السُّمْرِ اللدانِ إذا اسبكرت
وصِرْفُ الموتِ في السُّمْرِ اللِّدان
شبيهاتِ الرماحِ قنا مُتونٍ
وكَلْماً في القلوب بلا سِنان
وهل من حربة ٍ أو من سنانٍ
كعين أو كثغرٍ أو بنَان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> غابن الحمد حقَّهُ مغبُونهْ
غابن الحمد حقَّهُ مغبُونهْ
رقم القصيدة : 62211
-----------------------------------
غابن الحمد حقَّهُ مغبُونهْ
وهوانُ العلا على المرءِ هونهْ
والمَحلُّ الخلاءُ من كُلِّ ضَيْفٍ
ومَضيفٍ مُعَطَّلٌ مسكونُهْ
والوعاءُ الذي وَعَى الوفْرَ والذَّمْ
مَ خليطين فارغٌ مشحونُهْ
وأرى المالَ ما يَخال أناسٌ
أن ذا المالِ فيهُمُ مغبونه
خيرُ مالٍ موزونهُ لذوي الحمْ
دِ كما خيرُ حَمْدِهم موزونه
وأصحُّ الآراءِ ما ظنَّ ذُو الأَفْ
نِ بِذي الرأي أنَّهُ مأفونه
والفَتى الحازِمُ الحصين حصوناً
مَنْ تُلاقيهِ والأيادي حصونه
وأخسُّ الرجالِ مَنْ راحَ فيهم
مُسْلَمَ العِرض سالماً ماعونه
أنْفِق المالَ قبل إنفاقكَ العم
رَ ففي الدهرِ ريبهُ ومَنونه
قلَّ ما ينفع الثراءُ بخيلاً
عَلِقَتْ في الثَّرَى المهلِ رُهونه
لا تظنَّنَّ أن مالك شيء
كدم الجوف خيره محقونه
لو نجا من حِمامهِ جاعلُ الما
ل مَعاذاً له نجا قارونهْ
ازرع الحُبَّ تَسْتدمْهُ فَمِمَّا
رُدَّ مزروعُهُ أتَى مَطْحونه
كلْ وأطعمْ فربما راعَ ريْعاً
زاكياً ممن تعولُه وتَمونه
لا تَفرَّدْ بأكل مالٍ ولا تَمْ
نُنْ بعُرْفٍ فَشَرُّهُ مَمْنونه
آكلوا المالِ شاغلوه عن المَجْ
دِ ولا ينفع امرءاً مَخزُونه
خازنوا المالِ ساجنوه وما كا
ن ليسعَى لساجنٍ مَسْجونه
إنَّ ربَّ العبادِ يرزقُ من يَخْ
لُق فليُحْسنَنَّ ظنَّاً ظَنونهْ
أحسِنِ الظنَّ بالإلهِ ولا تأمنْ
هُ أمنَ امريءٍ شديدٍ مجونه(75/267)
واسترِبْ بالمُرِيبِ من كلِّ شيءٍ
واتَّهمْهُ لا تَحْتجنْك حُجونه
وإذا ما ظننتَ شرّاً فَخَفْهُ
رُبَّ شَرٍّ يقينُه مَظْنونه
لا تَبِيتَنَّ آمناً من ظَنينٍ
واحترسْ منه أوْ تليك أُمونهْ
كم رُكونٍ جنى عليكَ حِذاراً
مَنْ أطالَ الركونَ قلَّ رُكونه
إن تَطُلْ مِحْنَتي فلا أنا مَفْ
تونٌ زماني ولا أخي مفتونه
بل فتى ً ذو خَليقة ٍ تَصْرحُ اللَّعْ
نَ إذا اللعنُ جرَّهُ مَلْعونه
غيرَ أَنِّي إذا غدا صاحبُ الما
لِ مديناً فإنني مديونه
أحملُ الدين في الحقوقِ وإن أُثق
لْتُ والحقُّ قائمٌ قانونه
راض منِّي جنونُ دهرٍ سخيفٍ
ربما ثَقَّفَ العقولَ جنونه
راضني ثم هاجني فاعتلاهُ
بي شديدُ المحال لا موهونه
وثَّب الدهرَ وَثْبَة ً جشَّمَتْنِي
سَلَّ سَيْفٍ عَمِرتُ دهراً أصونه
طالَ عَهْدي به ولم يَتَغَيَّرْ
لي مصقولُه ولا مسنونه
وعزيزٌ عليَّ سلِّيه لكنْ
كُلُّ سَيْفٍ فللظهور كُمونه
جَرَّدته يدي وفي القلبِ وَجْدٌ
كادَ يَفْرِي تَجَمُّلِي مكنونه
فضربتُ الزمانَ حتى استكانتْ
بِيضُهُ بعدما استطالتْ وجُونه
بحسام يأبَى الخيانة في الرَّوْ
عِ إذا خان آمناً مأمونه
ليس من جوهرِ الحديدِ مَصُوغاً
بل من المجدِ نصلُهُ وجُفونه
لو أُعير الزمانُ ما في ابنِ موسَى
من وفاءٍ لما تفانت قرونه
لو أعيرَ الحُسامُ مافي ابن موسى
من صفاءٍ لما جلته قيونُه
ماجدٌ ساخ عرقُهُ في ثرى المجْ
دِ وأوفت على الغصون غُصونه
من فَتى ً للذِّكاءٍ كلُّ حراكٍ
حلَّ فيه وللوقاء سكونُهْ
لم يَزَلْ ذا تَفَقُّد للخفايا
مُذْكياتٍ على الصَّديقِ عُيونه
يا فَتى آل بَرمكٍ لي مُرْجى ً
ما أرى ماجداً سواك يكونه
أحمدَ الحمدِ يا أبا حسن الحسْ
نَى إذا الظهرُ أثقلتهُ ديونه
أحمدَ الحمدِ يا أبا حسن الحُسْ
نَى إذا القلبُ حَالفتْه شُجونه
بيننا حُرمة ٌ وقد عضَّني الده
رُ ولاقَتْ ظهورَ أمرِي بطونه
شهد السيفُ أنَّكَ السيفُ حقاً
لا كَهامٌ يخونُ من لا يخونه
فامضِ في حاجتي فإنك في الحا(75/268)
جة ِ مسعودُ طائرٍ مَيمونه
لك حظّ أراه يُعْنِقُ في السَّيْ
رِ فساير أخاك تُعْنِقْ حَرونه
إنَّ موسى نَجِيُّ من لا يناجَى
شُدَّ منهُ بِعَوْنِهِ هارونه
فأعنِّي فَرُبَّ صاحبِ كنز
مستثارٌ بغيره مدفونه
لا تدعْ محضراً تُحقِّقُ فيه
حُسْنَ ظَنِّي فالقولُ جَمٌّ فنونه
واكسُ شعري من النشيدِ نشيداً
كالغناء المُشذَّراتِ لُحُونه
فلكم مُعْوِرٍ سترتَ فما أعْ
ور مكسورُه ولا ملحونه
وإذا ما نشرت بزَّ صديق
فكديباج غيرهِ بِزَيونه
إنَّ للدهرِ منجنوناً فعالجْ
ه عسى أن يدور لي منجنونه
جُدْ بتسهيل حاجتي عند سهلٍ
للمعال سهوله وحُزونه
وَعْدُ أمنيِّة ِ المؤمل عنه
وعْدَ فيه ووعدُه مضمونه
أطلقَ المالَ جودُهُ يجتني ال
حَمد وأيدي المؤملين سجونه
بين ثوبَيْهِ شمسُ رأي وغَيْثٍ
مستهَلُّ الحيا علينا هُتونه
فالهُدى حيث تطلعُ الشمسُ مِنْهُ
والندى حين تستهِلُّ دجونه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا بياضَ المشيبِ سودْتَ وجهي
يا بياضَ المشيبِ سودْتَ وجهي
رقم القصيدة : 62212
-----------------------------------
يا بياضَ المشيبِ سودْتَ وجهي
عند بيض الوجوه سُودِ القرونِ
فلَعَمْرِي لأخفينَّك جهدي
عن عياني وعن عيان العيون
ولعمري لأمنعنَّك أن تَضْ
حَكَ في رأسِ آسفٍ محزون
بخضابٍ فيه ابيضاض لوجهي
واسودادٌ لوجهك المعلون
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تلقى المحاسنَ إلاَّ في بني مطرٍ
تلقى المحاسنَ إلاَّ في بني مطرٍ
رقم القصيدة : 62213
-----------------------------------
تلقى المحاسنَ إلاَّ في بني مطرٍ
وما محاسنُ شيءٍ كله حسنُ
ترى الخلالَ التي فيهم محاسنها
لا بعضُها دون بعضٍ حين تمتحن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قد حال لموعد المأمولِ حولانِ
قد حال لموعد المأمولِ حولانِ
رقم القصيدة : 62214
-----------------------------------
قد حال لموعد المأمولِ حولانِ
وقد تلاذَينك الحولَّيْن شهرانِ
ولو زرعتُ حصى المعزاء أثمر لي(75/269)
مذ ذاك شيئاً ولو في متن صفوانِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألا إنَّ مدحاً غدا حلية ً
ألا إنَّ مدحاً غدا حلية ً
رقم القصيدة : 62215
-----------------------------------
ألا إنَّ مدحاً غدا حلية ً
على سُرَّ من رأى وسكانِها
لأضيعُ من ذهبٍ ضبَّبتْ
عجوزٌ به قُلْحَ أسنانِها
بلادُ أناسٍ ترى كلبها
يعافُ خلائقَ إنسانها
ولولا أبو الصقر لم تَسقهم
سواقي السحاب بَتَهْتانها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مالي إذا زدتُ حُبا زدتِ مقلية ً
مالي إذا زدتُ حُبا زدتِ مقلية ً
رقم القصيدة : 62216
-----------------------------------
مالي إذا زدتُ حُبا زدتِ مقلية ً
يا من أجيْبُ إليها داعي الحيْن
قالتْ لأن هنات الحب آخذة ٌ
من المحب نصيب القلب والعين
قالت لأن بلايا الحب صارفة
عن المحب عنان القلب والعين
بلية ُ الحب تُبْليه وتَشْحبُه
وكل ذلك شينٌ غيرُ مازين
وإنما تُتْبعُ الأهواءُ قَادتَها
إلى المناظر ذات الزينِ لا الشين
نحن الحسانُ اللواتي ليس يعجبنا
إلا الحسان فلا نخدعك بالمين
من كل رقراقِ ماءِ الوجه تحسبُه
سيفاً صقيلاً حديث العهد بالقين
لا تخلط الحبَّ بالتقوى فتعطفَنا
على المُقاسي عذابَ الهجر والبينِ
ولم نَبع قطُّ دُنيانا بآخرة ٍ
ومثلنا لا يبيع النقدَ بالدين
نحب كلَّ غلام فيه مَيعتُه
ينزو إذا ما استنكناه بأيرين
مُصَّحح الجسم لم يُلممُ به سَقَمُ
ولا استكان لهجر ولا بين
ذاك الذي نُخْلصُ الود الصحيح له
ونشتري نيكة منه بألفين
له لدينا حلاواتٌ لذاذتُها
تشفي القلوب وتجلوها من الرّيْن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قل لخليِّ أبى علي فتى البَصْ
قل لخليِّ أبى علي فتى البَصْ
رقم القصيدة : 62217
-----------------------------------
قل لخليِّ أبى علي فتى البَصْ
رة حقاً لا بل فتى العسكرينِ
وابن ذي السترِ والثراءِ أبى قُرْ
رة َ ذاك البعيد من كل شَيْنِ
أنت عندي وشيْخُكَ السيد الما
جِد لا شك صادقُ الكُنيتين(75/270)
ليس في منطق الفصيح ولكن
حين يكنيكما أخو لثغتينِ
مُبدلٌ لام كل لفظٍ بياء
مبدلٌ قاف كل لفظٍ بعين
ويصير أبا عَليّ بن أبي عُرَّة
..........
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لي طيلسانٌ إنْ يُبده زَمانُهُ
لي طيلسانٌ إنْ يُبده زَمانُهُ
رقم القصيدة : 62218
-----------------------------------
لي طيلسانٌ إنْ يُبده زَمانُهُ
فبحقه وبما أبادَ زمانَهُ
مثلُ السراب سخافة ً لكنَّهُ
تجري الرياح وما يَريمُ مكانه
بالٍ يُخلِّي للرياح سبيلها
عفواً فيسبِقُ وهيه طيرانَهُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> جُعلتُ فداك لم سألْ
جُعلتُ فداك لم سألْ
رقم القصيدة : 62219
-----------------------------------
جُعلتُ فداك لم سألْ
ك ذاك الثوب للكفن
سألتكُم لألبِسَه
وروحي بعدُ في البدنِ
وقد طال المِطالُ به
وخفتُ حوادثَ الزمن
فرأيك في الحِباء به
وليُّك يا أخا المِننِ
ولا تجعله غزلاً فَرْ
رَ حائكُه إلى عَدَنِ
ألا واجعله ممتثِلاً
محاسنَ وجهك الحَسَن
دقيقا مثل فطنتك الْ
لتي دَقَّتْ عن الفطَنِ
صفيقاً مثل رأيك إنْ
نَهُ والحزمُ في قَرَن
نقياً مثل عرضك إنْ
نَ عِرْضك غيرُ ذي دَرَنِ
ولا تحْسِبك تَغْبنُه
كفى بالحمدِ من ثمن
وحسبُك إن بخلتَ به
بفوْتِ الحمد من غَبَنِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ما أشبه العرفَ والإحسان بالحَسَنِ
ما أشبه العرفَ والإحسان بالحَسَنِ
رقم القصيدة : 62220
-----------------------------------
ما أشبه العرفَ والإحسان بالحَسَنِ
أبي محمدٍ المحمود ذي المِنن
ذاك الذي لا يقي مالاً بصفحتِه
بل يَلبسُ المالَ دون الذم كالجُنن
خِرْقٌ تعرضتِ الدنيا له فصَبا
إلى المكارم منها لا إلى الفتَنِ
وخصَّنا بجَناها لا بشوكتها
فنحن في نعم منها بلا محنِ
أذال في العُرف وجهاً غير مبتذَلٍ
وأخدم المجدَ جسماً غير مُمْتَهِن
له حريمٌ إذا ما الجارُ حلَّ به
أضحى الزمانُ عليه جدَّ مؤتمنِ
كأنه جنة ُ الفردوس قد أَمِنَتْ(75/271)
فيها النفوس من الروعات والحَزن
كم قد وقفنا على أيام دولتهِ
فما وقفنا بأطلالٍ ولا دِمَنِ
وكم عكفنا على الظن الجميل به
فما عكفنا بطاغوتٍ ولا وثن
فتى ً أبى الله إلا أن يكمِّله
قولاً وفعلاً فلم يَبخس ولم يخُن
إذا جرى في فَعالٍ لم يقف سأماً
دون القواصي ولم ينكبْ عن السَّنَن
وإن تكلم لم يَخْبِط مسالكه
بل قال عن لقنٍ يُمْلي على لَسنِ
أضحى وحظ يديه من ثرائهما
كحظ عينيهِ من وجهٍ له حسن
كما يرى الناس في يومٍ محاسنَهُ
أضعاف ما هو رائيهن في زمنِ
تنال سُؤالهُ من مالهِ أبداً
أضعافَ ما يقتني للروح والبدنِ
لقد أوى الجودُ من بعد ابنِ مامته
وبعد حاتمه منه إلى سكن
رِدْهُ بلا شَطن إن كنتَ واردَهُ
أغنَى الفراتُ يد الساقي عن الشَّطَّنِ
هذا لذاك وإن لم نوف سيدنا
حقَّ الثناء وكان الحقُّ ذا ثمَن
واسمع أبا جعفر إن كنت متسمعاً
فلم تزل ماجد الإصغاء والأذن
يا من حكى حاتماً في كل مكرُمة
ومن يُعِنْ ذا فعالٍ صالح يُعَن
خلفتَ وابنُ وزير الصدق حاتمكم
جودا فأَصبح منشوراً من الكفن
ونحن في هذه الدنيا عيالكمُ
والناسجون برود الحمد بالفِطن
ولم تزل لك في أمثالنا سُننٌ
يرْضى بها الله في سرٍ وفي علن
ونحن نرجو رجاءً جُلُّه ثقة ٌ
ألا يخالف فينا صالح السُّنن
آمالُنا فيك أموالٌ محَصَّلة ٌ
وظننا فيك مرفوع عن الظِّنن
وقد تضمنتَ أرزاقاً نعيش بها
وكان وعدك والإنجازُ في قَرَن
فعجِّل الغوثَ إنا منك نأمله
يا سيدَ الغوث يا سيد اليمن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أمسى دمشقيُّ الأمير ودهرُه
أمسى دمشقيُّ الأمير ودهرُه
رقم القصيدة : 62221
-----------------------------------
أمسى دمشقيُّ الأمير ودهرُه
ملقٍ عليه بركَهُ وجِرانَهُ
والى عليه مصيبتين أفاضتا
عبراتِه واستذكَتا أحزانه
بأخٍ شقيقٍ بعد أُم بَرة ٍ
بالأمس قطَّع منهما أقرانه
وأجلُّ رُزءيه أخوه فإنه
قد كان مُنصَلَهُ وكان سنانَهُ
فليُحيِه الملك الهُمام فلم يَفت(75/272)
مَحياهُ قدرتَهُ ولا سلطانه
وحياتُه لي أن أقوم مقَامَه
وأسُدُّ من دار الأمير مكانَهُ
كيلا أرى أحداً يُقاتُ برزقه
غيري ويُوطَنُ بَعْده أوطانه
ومتى خلفتُ أخي هناك فإنما
أنا روحُه إن لم أكن جثمانه
فهل الأمير بذاك مُسعِفُ عبدِهِ
متطولا ومُكمِّلا إحسانه
أم لا فعبدُك باسطٌ لك عذرَه
إمَّا أبيتَ ولائمٌ حرمانَهُ
أنَّى يلومُك طائعا من لا يرى
ما دمتَ حيا أن يلومَ زمانَهُ
وأظن أنك لا محالَة مُسعِفي
ظنا سيتْبَعُ شكُّه استيقانه
لِترُبَّ ما قد كنت توليه أخي
عندي وتعمرَ جانبي عمرانَهُ
لستَ الذي يُولي الوليَّ صنيعة ً
حتى إذا حَينُ الوليَّ أحانَهُ
كنتَ الذي يرثُ الصنيعة َ بعدَهُ
لكنْ يورّثُها ولو جيرانه
كيما تتُم لك الصنيعة ُ عنده
حَيا ومَيْتاً لابساً أكفانه
ولكي تبايَن كلَّ مُنعم نعمة ٍ
سلب الزمانُ وليَّهُ فأعانَهُ
وكم امريء سلبتْ يداهُ وليَّهُ
مع دهره الخوَّانِ لمَّا خانه
وأخي كبعض الغَرس كنتَ تَرُبّه
حتى تخوَّن يُبسه عيدانَه
وأحقُّ مصروفٍ إليه شِرْبَهُ
مَنْ واشَجَتْ أغصانُهُ أغصانَهُ
فإِليَّ فاثنِ عِنانَ سَيْبك بعدَهُ
فأحَقُّ من تَثْني إليه عِنانَهُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لنا صديقٌ كلا صديقٍ
لنا صديقٌ كلا صديقٍ
رقم القصيدة : 62222
-----------------------------------
لنا صديقٌ كلا صديقٍ
غثٌّ على أنه سَمِينُ
من أقبح الناس لا أُحاشِي
من كان منهم ومن يكونُ
إذا بدا وجهُه لقوم
لاذت بأجفانها العيونُ
كأنه عندهم غريمٌ
حلَّتْ عليه لهم ديون
وهو على ما وصفتُ منه
مُتَّهمٌ وُدُّهُ ظنينُ
خانت به أمُّه أباهُ
فعينُه عينُها الخَؤونُ
مُعتزليٌّ مُسِرُّ كُفرٍ
يُبدي ظُهوراً لها بطونُ
أأرِفض الاعتزَال رأيأً
كلاَّ لهنِّي به ضنين
لو صَحَّ عندي له اعتقادٌ
ما دِنتُ ربي بما يدين
يا بن حريث أفيك بقيا
فأكتم الناس ما أبين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لعليّ أبي الحسين سَميّ
لعليّ أبي الحسين سَميّ(75/273)
رقم القصيدة : 62223
-----------------------------------
لعليّ أبي الحسين سَميّ
خُلقٌ لا يُذَمُّ في خُلانِهِ
رجلٌ يتْبَعُ المولِّي بالسي
فِ إلى أن يكُرَّ نحو خِوانه
آمنٌ معتَفيه منه ولكن
ما لمعفيه مطمعٌ في أمانه
ويلٌ من لا يُريغُ سيْبَ يديه
من يديه وويلُه من لسانه
ماجدٌ يبذل الجزيلَ بلا مَنْ
نٍ ويُعدي على صروف زمانه
عالمُ اللهِ داره والأماني
من قِراهُ والناس من ضِيفانه
وله هِمة ٌ حَمولٌ عليه
تستقلُّ الكثيرَ من إحسانه
مُعُشِباتٌ أجنابُه من نداهُ
مُورقات أقلامُه من بنَانه
أيّ حين أتاهُ طالبُ جدوا
هُ أتاه في حينه وأوانِهِ
مشترٍ للثناء مُغلٍ يرى أنْ
نَ حياة َ النفوس من أثمانه
زادَهُ اللهُ نعمة ً وعلاءً
إنّه نعمة ٌ على إخوانه
ووقاهُ من أن يسوءَ ولياً
ثَبَّطتْه الخُطوبُ عن غِشيانه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قد جرى الغيثُ على عاداته
قد جرى الغيثُ على عاداته
رقم القصيدة : 62224
-----------------------------------
قد جرى الغيثُ على عاداته
في الموافاة إذا وافيتَنا
طال ماعافيتنا من فقده
وبإذن الله ما عافيتنا
قلتُ للغيث لقد صافيتنا
بأبي الصقر وما جافيتنا
وبما أعداكَهُ من فضله
وتوالي بِرّهِ صافيتنا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يمَّنَ اللهُ طلعة المهرجان صم كلَّ يمنٍ على الأميرِ الهِجانِ
يمَّنَ اللهُ طلعة المهرجان صم كلَّ يمنٍ على الأميرِ الهِجانِ
رقم القصيدة : 62225
-----------------------------------
يمَّنَ اللهُ طلعة المهرجان صم كلَّ يمنٍ على الأميرِ الهِجانِ
وأراه السرورَ فيه خصوصاً
وعموماً في سائر الأزمان
مارأت مثل مهرجانك عينا
أردشيرٍ ولا أنوشروانِ
مهرجانٌ كأنما صوَّرتهْ
كيف شاءت مُخيراتُ الأماني
عانياً دَهْرهُ بحبِّ حبيب
وفؤادي ببُغْضِك الدهر عاني
لو تراءى لجنَّة ِ الخلد صَبَّتْ
واشرأبت بجيدها الحُسَّانِ
خُلِقتْ للأمير فيه سماءٌ
لم يكن بدْءُ خلقِها من دخانِ(75/274)
ونجومٌ مسعودة ٌ لم يُصبْها
نحسُ بَهرام لا ولا كيوان
وأدُيل السرورُ واللهو فيه
من جميع الهموم والأحزان
لبِستْ فيه حَلْي حَفْلتِها الدُّنْ
يا وزافت في منظرٍ فتان
وأذالت من وشْيها كُلَّ بُردٍ
كان قِدماً تصونُه في الصِّوان
وتبدَّتْ مثل الهَدِيِّ تهادَى
رادع الجيْب عاطرَ الأبدان
فهْي في زينة ِ البَغيِّ ولكن
هي في عفة ِ الحَصَان الرزَّان
كادت الأرضُ يوم ذلك تُفشي
سِرّ بُطنانها إلى الظُهران
فتُحلّي ظهورَها مايواري
بطنُها من معادن العقيان
وتُري فاخِر الزبرجد واليا
قوتَ حَصْباءها بكل مكان
وتبوحُ البحارُ بالدُّرَ بَوْحاً
وبما أضمرتْ من المَرْجان
ويرُدُّ الشبابُ في كل شيخٍ
ويدِبُّ النشورُ في كل فاني
ويجوز الخريفُ وهو ربيعٌ
وتَسورُ المياهُ في العيدان
وتُحيّي متونَها بثمارٍ
يانعاتٍ قطوفهُنَّ دواني
وتَغنَّى الحمامُ بعدَ وجوم
بفنون اللحون في الأغصانِ
وتعود الرياضُ مقتبلاتٍ
ناعماتِ الشَّكير والأفنان
حِفلة ً بالأمير من كل شيءٍ
واحتشاداً له من المهرجان
عجباً كيف لم يكن ذاك فيه
وائتلافُ المياه والنيران
عجباً كيف لم يكن ذاك فيه
واصطلاحُ الأنيس والجِنَّان
أيهذا الأميرُ أسعدك اللَّ
هُ وأبقاكَ ماجرى العصران
ليرى المهرجانُ فيك سُلوّاً
فله فيك أعظم السلوان
إن عداه الربيعُ واستأثر النيْ
روزُ من دونه بذاك الأوان
فلذكر الأمير أطيبُ نشراً
من خُزامى الربيع والأقحوان
ولَكفُّ الأمير أحمدُ منه
أثراً في النبات والحيوان
ولَوجهُ الأمير أحسُن مما
يكتسيه من وشيه الألوان
إن عيدا يكون حَلْياً عليه
يكُ عن كل ماسواك لَغان
مااستبنا فقدَ الربيع عليه
لا ولا فقدَ صوبه الهتان
ماخلا من محاسن الزهرِ الغضْ
ضِ ولا من مَطايب الريحان
ليس فقدُ الربيع مادمتَ حياً
ياربيعَ الأنام بالمستبان
خلَفَتْ كفك الربيعَ فجادت
بنداها حتى التقى الثريَّان
شَبَّب المهرجانَ لهوك فيه
فغدا من غَطارف الشبان
وكذا النيروزُ رُدَّ عليه(75/275)
بك شرخُ الشباب ذي الريعان
ولذكَّرْتَ ذا وذاك جميعاً
سنَنَ الملك في بني ساسان
عُمِرا برهة ً على دين كسرى
وهما الآن بعده مُسلمان
لم يكونا ليرضَيا غيرَ دينٍ
يرتضيه الأميرُ في الأديانِ
وبعزِّ الأمير في الناس عزاً
فيهم إذْ هما له موليانِ
فعلا منظريهما هيبة ُ العِزْ
زِ ونور الإسلام والإيمانِ
وأَحَبَّاك حُبَّ مولى شكورٍ
فهما وامقان بل عاشقان
كل يومٍ وليلة ٍ فَرْطُ شوق
ونزاع إليك يطلعان
فبهذا وذاك حتى لحينا
غُلة فَوق غُلة الظَّمآنِ
لو أصابا إلى الغِلاط سبيلا
غالطا الحاسبين في الحُسْبان
أو يُخلي عنان ذاك وهذا
سبَقا موقتيهما في الزمان
ولوّد إذا هما بك حَلاَّ
لو يقيمان ثم لا يرحلان
وعزيزٌ عليهما أن يكونا
عنك لولا الإزعاج يرتحلان
لو أطافا هناك للدهر قسراً
حارَنا سابقَيْه أَيَّ حِرانِ
ولكادا من التنافس في وج
هكَ خير الوجوه يجتمعان
ولَهمَّ الوردُ المُظاهَرُ والنَرْ
جِسُ شُحاً عليك يلتقيان
وإخالُ الإيوانَ لو كان يسعى
جاء سعياً إليك قبل الأذان
ولوافاك كي تُمهْرِجَ فيه
غير أنْ ليس ذاك في الإمكان
وحقيقٌ في الحكم أن يوجَب ال
إيوانُ حقَّ ابن صاحب الإيوان
فصلُ مجدِ الأمير في المجد يحكي
فضلَ ذاك البنيان في البنيان
لاتخادع فإنما يومُ نُعم
يومُ نُعْم الأمير لا النعمان
لو رآه النعمان أو مِلك النعْ
مان مااستنكفا من الإذعانِ
زُخرفتْ يوم نُعمه حُجراتٌ
جِدُّ موطوءة ٍ من الضيفان
طال غشيانهم حراها إلى أنْيمَّنَ اللهُ طلعة المِهرجانِ
كلَّ يمنٍ على الأميرِ الهِجانِ
وأراه السرورَ فيه خصوصاً
وعموماً في سائر الأزمان
مارأت مثل مهرجانك عينا
أردشيرٍ ولا أنوشروانِ
مهرجانٌ كأنما صوَّرتهْ
كيف شاءت مُخيراتُ الأماني
عانياً دَهْرهُ بحبِّ حبيب
وفؤادي ببُغْضِك الدهر عاني
لو تراءى لجنَّة ِ الخلد صَبَّتْ
واشرأبت بجيدها الحُسَّانِ
خُلِقتْ للأمير فيه سماءٌ
لم يكن بدْءُ خلقِها من دخانِ
ونجومٌ مسعودة ٌ لم يُصبْها(75/276)
نحسُ بَهرام لا ولا كيوان
وأدُيل السرورُ واللهو فيه
من جميع الهموم والأحزان
لبِستْ فيه حَلْي حَفْلتِها الدُّنْ
يا وزافت في منظرٍ فتان
وأذالت من وشْيها كُلَّ بُردٍ
كان قِدماً تصونُه في الصِّوان
وتبدَّتْ مثل الهَدِيِّ تهادَى
رادع الجيْب عاطرَ الأبدان
فهْي في زينة ِ البَغيِّ ولكن
هي في عفة ِ الحَصَان الرزَّان
كادت الأرضُ يوم ذلك تُفشي
سِرّ بُطنانها إلى الظُهران
فتُحلّي ظهورَها مايواري
بطنُها من معادن العقيان
وتُري فاخِر الزبرجد واليا
قوتَ حَصْباءها بكل مكان
وتبوحُ البحارُ بالدُّرَ بَوْحاً
وبما أضمرتْ من المَرْجان
ويرُدُّ الشبابُ في كل شيخٍ
ويدِبُّ النشورُ في كل فاني
ويجوز الخريفُ وهو ربيعٌ
وتَسورُ المياهُ في العيدان
وتُحيّي متونَها بثمارٍ
يانعاتٍ قطوفهُنَّ دواني
وتَغنَّى الحمامُ بعدَ وجوم
بفنون اللحون في الأغصانِ
وتعود الرياضُ مقتبلاتٍ
ناعماتِ الشَّكير والأفنان
حِفلة ً بالأمير من كل شيءٍ
واحتشاداً له من المهرجان
عجباً كيف لم يكن ذاك فيه
وائتلافُ المياه والنيران
عجباً كيف لم يكن ذاك فيه
واصطلاحُ الأنيس والجِنَّان
أيهذا الأميرُ أسعدك اللَّ
هُ وأبقاكَ ماجرى العصران
ليرى المهرجانُ فيك سُلوّاً
فله فيك أعظم السلوان
إن عداه الربيعُ واستأثر النيْ
روزُ من دونه بذاك الأوان
فلذكر الأمير أطيبُ نشراً
من خُزامى الربيع والأقحوان
ولَكفُّ الأمير أحمدُ منه
أثراً في النبات والحيوان
ولَوجهُ الأمير أحسُن مما
يكتسيه من وشيه الألوان
إن عيدا يكون حَلْياً عليه
يكُ عن كل ماسواك لَغان
مااستبنا فقدَ الربيع عليه
لا ولا فقدَ صوبه الهتان
ماخلا من محاسن الزهرِ الغضْ
ضِ ولا من مَطايب الريحان
ليس فقدُ الربيع مادمتَ حياً
ياربيعَ الأنام بالمستبان
خلَفَتْ كفك الربيعَ فجادت
بنداها حتى التقى الثريَّان
شَبَّب المهرجانَ لهوك فيه
فغدا من غَطارف الشبان
وكذا النيروزُ رُدَّ عليه
بك شرخُ الشباب ذي الريعان(75/277)
ولذكَّرْتَ ذا وذاك جميعاً
سنَنَ الملك في بني ساسان
عُمِرا برهة ً على دين كسرى
وهما الآن بعده مُسلمان
لم يكونا ليرضَيا غيرَ دينٍ
يرتضيه الأميرُ في الأديانِ
وبعزِّ الأمير في الناس عزاً
فيهم إذْ هما له موليانِ
فعلا منظريهما هيبة ُ العِزْ
زِ ونور الإسلام والإيمانِ
وأَحَبَّاك حُبَّ مولى شكورٍ
فهما وامقان بل عاشقان
كل يومٍ وليلة ٍ فَرْطُ شوق
ونزاع إليك يطلعان
فبهذا وذاك حتى لحينا
غُلة فَوق غُلة الظَّمآنِ
لو أصابا إلى الغِلاط سبيلا
غالطا الحاسبين في الحُسْبان
أو يُخلي عنان ذاك وهذا
سبَقا موقتيهما في الزمان
ولوّد إذا هما بك حَلاَّ
لو يقيمان ثم لا يرحلان
وعزيزٌ عليهما أن يكونا
عنك لولا الإزعاج يرتحلان
لو أطافا هناك للدهر قسراً
حارَنا سابقَيْه أَيَّ حِرانِ
ولكادا من التنافس في وج
هكَ خير الوجوه يجتمعان
ولَهمَّ الوردُ المُظاهَرُ والنَرْ
جِسُ شُحاً عليك يلتقيان
وإخالُ الإيوانَ لو كان يسعى
جاء سعياً إليك قبل الأذان
ولوافاك كي تُمهْرِجَ فيه
غير أنْ ليس ذاك في الإمكان
وحقيقٌ في الحكم أن يوجَب ال
إيوانُ حقَّ ابن صاحب الإيوان
فصلُ مجدِ الأمير في المجد يحكي
فضلَ ذاك البنيان في البنيان
لاتخادع فإنما يومُ نُعم
يومُ نُعْم الأمير لا النعمان
لو رآه النعمان أو مِلك النعْ
مان مااستنكفا من الإذعانِ
زُخرفتْ يوم نُعمه حُجراتٌ
جِدُّ موطوءة ٍ من الضيفان
طال غشيانهم حراها إلى أنْ
أشكلوا من حُلولها القُطان
حُجراتٌ متَيَّمَاتٌ بناها
من فضول المعروف أكرمُ باني
لم يكن يبتني المساكن حتى
يتقن المجدَ أيَّما إتقانِ
فأُذيلت فيها تهاويلُ رَقْمٍ
قائماتٌ بزينة ِ المُزْدان
ثم قام الكماة ُ صفَّين من كُلُ
لِ عظيمٍ في قومه مَرْزُبان
كلهم مُطرقٌ إلى الأرض مُغضٍ
وعلى سيفه هنالك حاني
هيبة ً للأمير مامنْ عرتْهُ
بِمِلوم ملامة الهَيَّبانِ
بسطَ العُذرَ أنَّ ذاك مقامٌ
مثلُه استَوْهل الجريء الجَنانِ
وتجلَّى على السرير جبينٌ(75/278)
ذو شعاع يجول دون العيان
يُمْكِنُ العينَ لمحة ً ثم يَنْهى
طرفَها عن إدامة اللحظانِ
فله منه حاجبٌ قد حماه
كلَّ عينٍ ترومه بامتهانِ
عُقِدَ التاجُ منه فوق هلالٍ
ليس مثلَ الهلال في النُّقصان
بل هو البدرُ كلّلته سعودٌ
طالعاتٌ في ليلة ٍ إضحيانِ
فاستوى فوق عَرْشِه بوقارٍ
وبحلم من الحُلوم الرِّزان
وأصاخت له السماواتُ والأرْ
ضُ ومن فيهما من السكانِ
ثم قام المُمجَّدون مثولاً
ضاربين الصدورَ بالأذقانِ
ليس من كبرياءَ فيه ولكن
كلُّ وجه لذلك الوجه عاني
فَثَنَوا سؤدد الأمير وعَدُّوا
فيه آلاءه بكل لسانِ
حين لم يجشموا التريُّد لا بل
ماتعدَّوْا ماحصَّل الكاتبانِ
جَلَّ مايحْمِلُ السرير هُناكم
منه واسمٌ نُقله الشفتان
فقضوْا من مقالهم ماقضوْه
ثم آبوا بالرِّفدِ والحُمْلانِ
بعدما أرتعُوا الأنامل فيما
لاتعدَّاهُ شهوة ُ الشهوان
من خِوان كأنه قِطع الرَوْ
ض وإن كان في مثال خوانِ
فوقه الطيرُ في الصِّحافِ وحاشا
ذلك الذي من جفاء الجِفانِ
مارأى مثله ابنُ جُدعانَ لابل
مارأى مثله بنوالديَّانِ
ثم سام الأميرُ سوم الملاهي
وخلا بالمُدامِ والنُّدمان
لاالمدامُ الحرامُ لكن حلالٌ
سُورُ نارٍ يحُثّها طابخانِ
شارك الخمرَ في اسمها ليس إلا
أن أداموه مثلها في الدنان
وحكاها في اللون والريح والطع
مِ ولطفِ الدبيب في الجُسمان
فهو لاخمرَ في الحقيقة لكن
هو خمرٌ في الظن والحسبان
لم تُلْحه النارُ التي طبختْه
بل أفادته صِبغة َ الأُرجوان
وقيانٍ كأنها أمهاتٌ
عاطفاتٌ على بنيها حواني
مُطفِلاتٌ وما حملن جنيناً
مرضعاتٌ ولسن ذات لَبانِ
مُلقماتٌ أطفالهَنُّ ثُدِياً
ناهداتٍ كأحسنِ الرمان
مفعَماتٍ كأنها حافلاتٌ
وهي صفرٌ من دِرَّة ِ الألبان
كلُّ طفلٍ يُدعى بأسماءَ شتى
بين عودٍ ومِزْهَرِ وكِرانِ
أمُّهُ دهرَها تُتَرجمُ عنه
وهو بادي الغنى عن الترجمان
غير أن ليس ينطِقُ الدهرَ إلاَّ
بالتزامٍ من أمهِ واحتضان
أوتيَ الحكمَ والبيانَ صبيا(75/279)
مثل عيسى ابن مريمَ ذي الحَنانِ
فتراه يفري الفَري بلفظٍ
قائم الوزن عادلِ الميزانِ
لوتُسلَّى به حديثة ُ رُزءٍ
لشفي داءَ صدرها الحَرَّانِ
عجباً منه كيف يُسلي ويُلهي
مع تهييجه على الأشجان
يُذْكر الشجوَ مُسليا عنه والسلْ
وانُ ممَّا يكون في النسيان
فترى في الذي يُصيخُ إليه
أمِراتِ المحزون والجَذلانِ
لو رقا المُخبتين أصغوا إليه
ولجرُّوا له ذيول افتتانِ
يعتري السامعين منه حنين النِّي
ب فرَّقتهنَّ بعد اقترانِ
أو حنِينُ العُوذِ الروائم بالدهْ
ناء أفردتهنّ من جيرانِ
فكأنَّ القلوبَ إذ ذاك يَذْكرْ
نَ عهودا لهنَّ في أوطانِ
فنفثن السماعَ في أذْنِ خِرق
أريحيّ عليه ثَرِّ البنان
وتَغنَّته بالمدائح فيه
كلُّ غيداء غادة مِفتانِ
ذاتِ صوتٍ تَهزُّه كيف شاءتْ
مثلَ ماهزَّتْ الصبا غصنَ بان
يتثنى فينفُضُ الطلَّ عنه
في تثنِّيه مثلَ حبِّ الجمان
ذلك الصوتُ في المسامِع يحكي
ذلك الغصنَ في العيون الرواني
جَهْوريٌّ بلا جفاءٍ على السَّمْ
ع مشوبٌ بُغنَّة ِ الغِزلان
فيه بَمٌّ وفيه زِير من النَعَ
مِ وفيه مَثالثَ وَمَثاني
فتراهُ يَجل في السمع حينا
وتَراه يَدقُّ في الأحيان
رخَّمتْهُ ورقرقته وضاهَى
فعلَها الأحمران والأسمرانِ
فهو يحكي ترقرق النِّهي في الري
ح لعينيْ ذي غُلَّة صديان
يلِجُ السمعَ مستمرا إلى القله يمَّنَ اللهُ طلعة المِهرجانِ
كلَّ يمنٍ على الأميرِ الهِجانِ
وأراه السرورَ فيه خصوصاً
وعموماً في سائر الأزمان
مارأت مثل مهرجانك عينا
أردشيرٍ ولا أنوشروانِ
مهرجانٌ كأنما صوَّرتهْ
كيف شاءت مُخيراتُ الأماني
عانياً دَهْرهُ بحبِّ حبيب
وفؤادي ببُغْضِك الدهر عاني
لو تراءى لجنَّة ِ الخلد صَبَّتْ
واشرأبت بجيدها الحُسَّانِ
خُلِقتْ للأمير فيه سماءٌ
لم يكن بدْءُ خلقِها من دخانِ
ونجومٌ مسعودة ٌ لم يُصبْها
نحسُ بَهرام لا ولا كيوان
وأدُيل السرورُ واللهو فيه
من جميع الهموم والأحزان
لبِستْ فيه حَلْي حَفْلتِها الدُّنْ(75/280)
يا وزافت في منظرٍ فتان
وأذالت من وشْيها كُلَّ بُردٍ
كان قِدماً تصونُه في الصِّوان
وتبدَّتْ مثل الهَدِيِّ تهادَى
رادع الجيْب عاطرَ الأبدان
فهْي في زينة ِ البَغيِّ ولكن
هي في عفة ِ الحَصَان الرزَّان
كادت الأرضُ يوم ذلك تُفشي
سِرّ بُطنانها إلى الظُهران
فتُحلّي ظهورَها مايواري
بطنُها من معادن العقيان
وتُري فاخِر الزبرجد واليا
قوتَ حَصْباءها بكل مكان
وتبوحُ البحارُ بالدُّرَ بَوْحاً
وبما أضمرتْ من المَرْجان
ويرُدُّ الشبابُ في كل شيخٍ
ويدِبُّ النشورُ في كل فاني
ويجوز الخريفُ وهو ربيعٌ
وتَسورُ المياهُ في العيدان
وتُحيّي متونَها بثمارٍ
يانعاتٍ قطوفهُنَّ دواني
وتَغنَّى الحمامُ بعدَ وجوم
بفنون اللحون في الأغصانِ
وتعود الرياضُ مقتبلاتٍ
ناعماتِ الشَّكير والأفنان
حِفلة ً بالأمير من كل شيءٍ
واحتشاداً له من المهرجان
عجباً كيف لم يكن ذاك فيه
وائتلافُ المياه والنيران
عجباً كيف لم يكن ذاك فيه
واصطلاحُ الأنيس والجِنَّان
أيهذا الأميرُ أسعدك اللَّ
هُ وأبقاكَ ماجرى العصران
ليرى المهرجانُ فيك سُلوّاً
فله فيك أعظم السلوان
إن عداه الربيعُ واستأثر النيْ
روزُ من دونه بذاك الأوان
فلذكر الأمير أطيبُ نشراً
من خُزامى الربيع والأقحوان
ولَكفُّ الأمير أحمدُ منه
أثراً في النبات والحيوان
ولَوجهُ الأمير أحسُن مما
يكتسيه من وشيه الألوان
إن عيدا يكون حَلْياً عليه
يكُ عن كل ماسواك لَغان
مااستبنا فقدَ الربيع عليه
لا ولا فقدَ صوبه الهتان
ماخلا من محاسن الزهرِ الغضْ
ضِ ولا من مَطايب الريحان
ليس فقدُ الربيع مادمتَ حياً
ياربيعَ الأنام بالمستبان
خلَفَتْ كفك الربيعَ فجادت
بنداها حتى التقى الثريَّان
شَبَّب المهرجانَ لهوك فيه
فغدا من غَطارف الشبان
وكذا النيروزُ رُدَّ عليه
بك شرخُ الشباب ذي الريعان
ولذكَّرْتَ ذا وذاك جميعاً
سنَنَ الملك في بني ساسان
عُمِرا برهة ً على دين كسرى
وهما الآن بعده مُسلمان(75/281)
لم يكونا ليرضَيا غيرَ دينٍ
يرتضيه الأميرُ في الأديانِ
وبعزِّ الأمير في الناس عزاً
فيهم إذْ هما له موليانِ
فعلا منظريهما هيبة ُ العِزْ
زِ ونور الإسلام والإيمانِ
وأَحَبَّاك حُبَّ مولى شكورٍ
فهما وامقان بل عاشقان
كل يومٍ وليلة ٍ فَرْطُ شوق
ونزاع إليك يطلعان
فبهذا وذاك حتى لحينا
غُلة فَوق غُلة الظَّمآنِ
لو أصابا إلى الغِلاط سبيلا
غالطا الحاسبين في الحُسْبان
أو يُخلي عنان ذاك وهذا
سبَقا موقتيهما في الزمان
ولوّد إذا هما بك حَلاَّ
لو يقيمان ثم لا يرحلان
وعزيزٌ عليهما أن يكونا
عنك لولا الإزعاج يرتحلان
لو أطافا هناك للدهر قسراً
حارَنا سابقَيْه أَيَّ حِرانِ
ولكادا من التنافس في وج
هكَ خير الوجوه يجتمعان
ولَهمَّ الوردُ المُظاهَرُ والنَرْ
جِسُ شُحاً عليك يلتقيان
وإخالُ الإيوانَ لو كان يسعى
جاء سعياً إليك قبل الأذان
ولوافاك كي تُمهْرِجَ فيه
غير أنْ ليس ذاك في الإمكان
وحقيقٌ في الحكم أن يوجَب ال
إيوانُ حقَّ ابن صاحب الإيوان
فصلُ مجدِ الأمير في المجد يحكي
فضلَ ذاك البنيان في البنيان
لاتخادع فإنما يومُ نُعم
يومُ نُعْم الأمير لا النعمان
لو رآه النعمان أو مِلك النعْ
مان مااستنكفا من الإذعانِ
زُخرفتْ يوم نُعمه حُجراتٌ
جِدُّ موطوءة ٍ من الضيفان
طال غشيانهم حراها إلى أنْ
أشكلوا من حُلولها القُطان
حُجراتٌ متَيَّمَاتٌ بناها
من فضول المعروف أكرمُ باني
لم يكن يبتني المساكن حتى
يتقن المجدَ أيَّما إتقانِ
فأُذيلت فيها تهاويلُ رَقْمٍ
قائماتٌ بزينة ِ المُزْدان
ثم قام الكماة ُ صفَّين من كُلُ
لِ عظيمٍ في قومه مَرْزُبان
كلهم مُطرقٌ إلى الأرض مُغضٍ
وعلى سيفه هنالك حاني
هيبة ً للأمير مامنْ عرتْهُ
بِمِلوم ملامة الهَيَّبانِ
بسطَ العُذرَ أنَّ ذاك مقامٌ
مثلُه استَوْهل الجريء الجَنانِ
وتجلَّى على السرير جبينٌ
ذو شعاع يجول دون العيان
يُمْكِنُ العينَ لمحة ً ثم يَنْهى
طرفَها عن إدامة اللحظانِ
فله منه حاجبٌ قد حماه(75/282)
كلَّ عينٍ ترومه بامتهانِ
عُقِدَ التاجُ منه فوق هلالٍ
ليس مثلَ الهلال في النُّقصان
بل هو البدرُ كلّلته سعودٌ
طالعاتٌ في ليلة ٍ إضحيانِ
فاستوى فوق عَرْشِه بوقارٍ
وبحلم من الحُلوم الرِّزان
وأصاخت له السماواتُ والأرْ
ضُ ومن فيهما من السكانِ
ثم قام المُمجَّدون مثولاً
ضاربين الصدورَ بالأذقانِ
ليس من كبرياءَ فيه ولكن
كلُّ وجه لذلك الوجه عاني
فَثَنَوا سؤدد الأمير وعَدُّوا
فيه آلاءه بكل لسانِ
حين لم يجشموا التريُّد لا بل
ماتعدَّوْا ماحصَّل الكاتبانِ
جَلَّ مايحْمِلُ السرير هُناكم
منه واسمٌ نُقله الشفتان
فقضوْا من مقالهم ماقضوْه
ثم آبوا بالرِّفدِ والحُمْلانِ
بعدما أرتعُوا الأنامل فيما
لاتعدَّاهُ شهوة ُ الشهوان
من خِوان كأنه قِطع الرَوْ
ض وإن كان في مثال خوانِ
فوقه الطيرُ في الصِّحافِ وحاشا
ذلك الذي من جفاء الجِفانِ
مارأى مثله ابنُ جُدعانَ لابل
مارأى مثله بنوالديَّانِ
ثم سام الأميرُ سوم الملاهي
وخلا بالمُدامِ والنُّدمان
لاالمدامُ الحرامُ لكن حلالٌ
سُورُ نارٍ يحُثّها طابخانِ
شارك الخمرَ في اسمها ليس إلا
أن أداموه مثلها في الدنان
وحكاها في اللون والريح والطع
مِ ولطفِ الدبيب في الجُسمان
فهو لاخمرَ في الحقيقة لكن
هو خمرٌ في الظن والحسبان
لم تُلْحه النارُ التي طبختْه
بل أفادته صِبغة َ الأُرجوان
وقيانٍ كأنها أمهاتٌ
عاطفاتٌ على بنيها حواني
مُطفِلاتٌ وما حملن جنيناً
مرضعاتٌ ولسن ذات لَبانِ
مُلقماتٌ أطفالهَنُّ ثُدِياً
ناهداتٍ كأحسنِ الرمان
مفعَماتٍ كأنها حافلاتٌ
وهي صفرٌ من دِرَّة ِ الألبان
كلُّ طفلٍ يُدعى بأسماءَ شتى
بين عودٍ ومِزْهَرِ وكِرانِ
أمُّهُ دهرَها تُتَرجمُ عنه
وهو بادي الغنى عن الترجمان
غير أن ليس ينطِقُ الدهرَ إلاَّ
بالتزامٍ من أمهِ واحتضان
أوتيَ الحكمَ والبيانَ صبيا
مثل عيسى ابن مريمَ ذي الحَنانِ
فتراه يفري الفَري بلفظٍ
قائم الوزن عادلِ الميزانِ
لوتُسلَّى به حديثة ُ رُزءٍ(75/283)
لشفي داءَ صدرها الحَرَّانِ
عجباً منه كيف يُسلي ويُلهي
مع تهييجه على الأشجان
يُذْكر الشجوَ مُسليا عنه والسلْ
وانُ ممَّا يكون في النسيان
فترى في الذي يُصيخُ إليه
أمِراتِ المحزون والجَذلانِ
لو رقا المُخبتين أصغوا إليه
ولجرُّوا له ذيول افتتانِ
يعتري السامعين منه حنين النِّي
ب فرَّقتهنَّ بعد اقترانِ
أو حنِينُ العُوذِ الروائم بالدهْ
ناء أفردتهنّ من جيرانِ
فكأنَّ القلوبَ إذ ذاك يَذْكرْ
نَ عهودا لهنَّ في أوطانِ
فنفثن السماعَ في أذْنِ خِرق
أريحيّ عليه ثَرِّ البنان
وتَغنَّته بالمدائح فيه
كلُّ غيداء غادة مِفتانِ
ذاتِ صوتٍ تَهزُّه كيف شاءتْ
مثلَ ماهزَّتْ الصبا غصنَ بان
يتثنى فينفُضُ الطلَّ عنه
في تثنِّيه مثلَ حبِّ الجمان
ذلك الصوتُ في المسامِع يحكي
ذلك الغصنَ في العيون الرواني
جَهْوريٌّ بلا جفاءٍ على السَّمْ
ع مشوبٌ بُغنَّة ِ الغِزلان
فيه بَمٌّ وفيه زِير من النَعَ
مِ وفيه مَثالثَ وَمَثاني
فتراهُ يَجل في السمع حينا
وتَراه يَدقُّ في الأحيان
رخَّمتْهُ ورقرقته وضاهَى
فعلَها الأحمران والأسمرانِ
فهو يحكي ترقرق النِّهي في الري
ح لعينيْ ذي غُلَّة صديان
يلِجُ السمعَ مستمرا إلى القل
بِ بلا آذِنٍ ولااستئذان
غير مبهورة ِ المراجيع كلاَّ
إنَّما البُهرُ آفة ٌ في السِّمان
ليس تخفي أنفاسُها أنَّهَا أن
فاسُ مهضومة الحشا خُمصان
بين خلقِ الضئيلة الشَّختة ِ الجسْ
مِ وخلق الثقيلة المِبْدان
فهي كالسابق المُضمرّ يجري
لاحق الأَيْطلين غَوْجَ اللَّبان
صِيغَ من طَبْع صوتها كلُّ لحن
معها من لحون تلك الأغاني
مثل ماصيغ لحنُ ساق وحُرٍ
من طباع الحمامة المِرنان
فأقام الأميرُ في ظل يومٍ
فيه من كلِّ نعمة ٍ زوجَان
أعجميٌّ آيينُه عربيٌّ
مجدُه ينتمي إلى عدنان
بمَحلٍّ ترودُ عيناهُ منه
بين مرعى الظباء والحيتان
وأفاد الجُلاَّس من سيْب كَفَّيْ
هِ وألفاظِه الصِّيابُ الرصان
وكذا من ذكَتْ أياديه كانت
للمفيدين منه فائدتان(75/284)
يابنَ سيف الملوك طاب لك العَيْ
شُ برغم العدو ذي الشَّنآن
قد لعمري أنَّى لمثلك أن ينْ
عَم تحت الظلال والأكنان
إن تُصِبْ يومَ لذَّة ٍ فبيومٍ
بعد يوم شهدته أرْونان
فالْهُ في المهرجان لهو مُريح
مُستَجِمٍ لذلك الدَّيْدانِ
حان أن يستريحَ عَودُ المعالي
ويُرى وهو ضاربٌ بالجِران
أصلح الآلة َ التي لستَ تنفكْ
كُ تقاسي بها العلا وتُعاني
فبحقٍّ أقول إنَّ من الإحْ
سان إصلاح آلة ِ الأحسان
لا عدمناك ساقيا ترك السَقْ
يَ لشَدِّ الدلاءِ بالأشطان
ريثَ مااستحكمتْ له ثم أدلى
دلوه فاستقى بها غيرَ واني
إن تُثب جسمَك النعيم فبالإتْ
عابِ في حالِ راحة الأبدان
وبحمل الثِّقلِ الثقيل عليه
يومَ غُرم ويومَ حربٍ عَوان
أو تُثْبت عينَك الإجابة في نُزْ
هة ِ وجهٍ يروق أو بستان
فبإغضائها عن السوءِ والفح
شاءِ والذنبِ حين يجنيه جاني
ومراعاتها حِمى الدين والمُلْ
كِ إذا طاب مرقَدُ الوسنان
وبما لاتزال تُقْذى إلى أن
تتجلَّى خَصاصة ُ الإخوان
شهدَ المجدُ أنَّ هاتيك عينٌ
حَقُّ عينِ المحافظ اليقظان
وقَليلٌ لمثلها أن تُلهى
بالبساتين والوجوهِ الحسان
أوتيتُ أذْنُك السماعَ فأدنى
حق إصغائها إلى اللهفان
وبما لا يزالُ يقْرعها في ال
حرب وقعَ السيوف والمُرَّان
أُذنٌ منك قَلَّ ماتدع العَلْ
ياءُ فيها فضلا لشدوِ القيان
يالها مِنْ جَوارحٍ مُعملاتٍ
مُتْعَباتٍ في طاعة الرحمن
حقُّها لو يُسلَّفُ المحْسنُ الجَنْ
نَة َ تَسليفهَا نعيمَ الجِنانِ
كُلَّ يوم لنا طلائعُ منها
ترقبُ الدهرَ غارة الحدثان
نحن ماحاطنا بها الله نَرْعى
في طمأنينة ٍ وظل أمان
مُلِّيتْكَ الملوكُ سَيْفَ جلادٍ
وعصا رِعية ٍ ورمحَ طِعان
أنت راعي الرُّعيان طورا وطورا
أنت راعي رَعيّة الرُّعيان
قد كَفيتَ الرِّعاءَ والشاءَ طوريْ
عَدواتِ الأسودِ والذُّؤبان
ولَعمر المغَنّياتِك في مَدْ
حكَ ماقلن فيك من بهتان
ماتَغنّينَ في مديحك إلا
ماتغنَّت عصائبُ الرُّكبان(75/285)
لم يكن يَرتَضيه سمعُك للصنْ
عة ِ حتى يسير في البلدان
ولشعرٌ فيه مديحُك أحلى
من رقيق النسيب في الألحان
ولعمري وما أقولُ بظن
فيك لكن بغاية الإيقان
مااحتبيْتَ السماعَ والشعرَ وجداً
بالغواني ولابوصف المغاني
بل لأن السماع والشعر قِدماً
بالندى آمران مؤتمران
وعلى كل سُؤدد مِن حِفاظٍ
ووفاءٍ ونجدة ٍ حاديان
يُعجبان الكريمَ جدا وليسا
من شؤون الهلباجة المِبْطان
هل تُرِي ماأرى سَراة ُ مَعَدٍّ
وصناديدُ أختها قحطان
إن تلافيتَ مجدَهم بعدما شَذْ
دَ فأضحى مُدوَّنَ الديوان
ولقد كان أهلهُ ضيعوه
وأحلُّوه منزلَ الهِجرانِ
لبثَ الشعرُ حقبة ً وهو مُقصَّى
عندهم نازلٌ بدارِ هوان
فَبذلتَ الطريفَ فيه التا
لد واخترته على القُنيان
وتتَّبعته وقد عاد فَلا
فى أَقاصي البلاد بعد الأداني
ورعيتَ العلا على كل حي
رعْيَ لامُغفلٍ ولامتواني
لالقُربَى ولادة ٍ جمعتكم
أينَ لاأينَ يَلتقي النّسبان
بل تأولتُ أن كل شريفَيْ
نِ بعيدي قَرابة ٍ أخوان
إن يكونوا أَباعداً فالمعالي
نَسبٌ بينهم وبينك داني
لافقدناك ياحفيظ حفيظِ ال
مجْد مالاح في الدجى الفَرقدان
أصبح الشعر شاكراً لك دون الن
ناس نعماءَ مُنعمٍ محسان
أنت ترعاه وهو يرعى بك المج
دَ فيا بِئس مارَعى الرَّاعيان
كل مدحٍ قد قيل في الناس قِدْماً
لك فيه بحَقِّك الثُّلثان
وبهذا قضى لك الشعرُ شكراً
لك ياخير قَيِّمٍ ومُعاني
فمديحُ الملوكِ في آل نصرٍ
ومديحُ الملوك من غسان
ومديح الملوك من آل حرب
ثم من بعدِهِم بني مروانِ
ومديح الممدَّحين من النا
سِ جميعاً في كل حينٍ وآن
لك فيه دون الألى ورِثوهم
من سهامٍ ثلاثة ٍ سَهمان
فيك قالت أئمَّة ُ الشعر ماقا
لت بلا رؤية ولالُقيان
كامرىء القيس قَرْمِهِم وزُهيرٍ
وزِيادٍ أخي بني ذبيانِ
وكأوسٍ فصيحِهم ولبيدٍ
وعبيدٍ أخي بني دُودان
كلُّهم بالمديح إياك يَعْني
كانياً عنك كان أو غير كاني
فكأنْ قد شهدت كُلَّ قديم
وبكم قد تفاوتَ الحَرسَان(75/286)
كم قريضٍ في مدحِ غيرك أضحى
لك معناه واسمُه لفلان
أنت أولى به بحكم القوافي
من نؤومٍ عن المعالي هَدان
أين معطي رواة ِ مدحِ سواهُ
من مُثيب المُدَّاح بالحرمان
بُوعِدَ البينُ بين هذين جِداً
كل بُعدٍ وخولف النَّجْران
إنّ من هزَّه مديحُ سواهُ
للسَّدى والندى لغَير دَدان
لست أدري ثناك أحلى على الأف
واهِ أم سمعُه على الآذان
فيك أشياءُ لو وُجدن قديماً
نظمتْها الملوكُ في التيجانِ
ليس للمادحين فيك مديحٌ
فيه دعوى لهم بلا بُرهان
أي فخر أم أي فخر أم أيُّ مجد رفيع
لم تكن من سمائِه بعَنان
لو يُجاري سُكَيْتُ شأوِك أعيا
كلَّ طرف وفات كل عِنانِ
لك في البأس والندى عَزماتٌ
جثماتٌ أمضى من الخِرصان
كلُّ مرعى سوى جنابِك يُرعَى
فهْو مرعى وليس كالسَّعدان
لاسؤالٌ من بعد رِفدك إلا
كالزنا بعد نعمة ِ الإحصان
لك مما يُعدي على كل دهر
إمرة ٌ غيرُ إمرة ِ السلطان
ليس يجْني أميرُها المال لكن
يجتبي حمدَ من حوى الخافقان
فبعدواك يَرْهبُ الدهرُ عنا
بعد تصميمه على العُدوانِ
أنت ذو الإمرتين لاشكَّ فيه
فهنيئا دامت لك الإمرتان
منك ماكان طاهرٌ ذا يمينَيْ
نِ يفوقان سائر الأيمان
وجديرون أن تكون لكم من
كل مجدٍ وسؤددٍ كِفْلان
أنت كهل الكهول يوم ترى الرأ
يَ ويومَ الوغى من الفتيان
لك رأيٌ كأنه رأي شِقٍّ
أو سطيحٍ قَريعَي الكُهان
تَستشفُّ الغيوبَ عما يواري
نَ بعينٍ جَليّة الإنسان
لك جهلٌ في غير ما خفية الجَهْ
لِ وحلمٌ في غير ماإدهان
وسكونُ الشجاع حين يداهي
ك مُداهٍ وسورة ُ الأفْعُوان
قلت للسائلي بمجدك أنَّى
خفيتْ عنك آية ُ التِّبْيان
أنت لولا سفالُ كعبِك بادٍ
لك شُمروخُ ذي الهِضاب أَبان
فإذا شئت أن تراه فأنجد
في أعالي نظيرهِ ثَهْلان
ليس منه الخمولُ بك منك والأط
وادُ تخفَى عن خاشعاتِ القَنان
حَسْبُ جُهّالِه عليه دليلا
أنه الفردُ ليس يَثْنيه ثاني
ليس ممن يضلُّ في الدَّهْم حتى
يُبتَغَى بالسؤال والنِّشدان(75/287)
هو شمس الضحى إذا مااستقلَّتْ
لاتمارِي في ضوئها عينان
وله إخوة شاءهم إلى المَجْ
د وإن هم شاؤوه بالأسنان
هو من بينهم شبيهُ أبيه
في الندى والحجى وفضلِ البيان
وهو من بينهم سميُّ أبيه
غيرَ حرفٍ يُزاد للفُرقان
مااسم عبد الإله واسم عُبيْد ال
له لولا التصغير مختلفانِ
ولئن خالفَ اسمُه اسمَ أبيه
بيسير ماخُولف المعنيان
ملكٌ صغَّر اسمَهُ أبواه
لالنقص ولالتصغير شان
بل أحبا أن يكسواه خشوعاً
سُقِيَ الغيث ذانكَ الأبوان
واصِفاهُ بذاك لم يضعاه
بل أحلاّه في رؤوس الرِّعان
فهو لله خاشعٌ مستكين
غير ذي نخوة ٍ ولاخُنزوان
ذلَّ في عزه لملبسه العِزْ
زة َ شكرا لمِنة المنان
فأطاع الإلهَ غيرَ مَهين
واتقاه تُقاة َ غير جبان
جاور الله باسمه فاتقاه
ورعى منه أكرمَ الجيران
لم يكن مثله يرى الله مقرو
نا به في اسمه مع الطغيان
قل لمن رام شأوَه في المعالي
لست من خيل ذلك الميدان
أين شأوُ البِطان لاأين منه
فات شأوُ الخِماص شأو البطان
مُخطَفٌ مرهَف تبين فيه
أنه من مُضمَّرات الرِّهان
هيأ الله شخصَه للمعالي
هيئة َ السيف أو أخيه السنان
ليس بالخاشع الضئيل ولكن
قده الله قدَّ سيفٍ يمان
صفحتاهُ عقيقتان من البَرْ
ق وفي مَضربيه صاعقتان
لم يعوَّض بُدن النساء كقوم
حُرِموا حظهم من الأذهان
جُعل العَصبُ في الرجال قديما
وكذا الجَدْلُ في الحبال المِتان
قد قضى قبلنا بذلك بيتٌ
حملته الرواة عن حسان
في قريضٍ له على الرأي جزلٍ
قاله في هجاء عبدِ المدان
وإذا زاول الأمورَ فثَبْت
رابطُ الجأش أيِّد الأركان
ويُلزُّ القرينَ منه بأَلوَى
مَرِس الحبل مُحْصَد الأقران
لينٌ للمُلاينين أبيْ
يٌ إن رأى منهم غموط اللِّيان
يتثنى للعاطفيه ويُعي
كاسِريه كهيئة الخيزران
وجوادٌ يطيع في ماله الجو
دَ ويُشجي العُذَّال بالعصيان
يتقي ألسنَ السؤال بعِرضٍ
وافرٍ مُكرَمٍ ومالٍ مُهان
هكذا عهدُنا بآل زُريقٍ
يشترون الثناء بالأثمان
ويصونون باللُّهى حُرمَ الأع(75/288)
راض صونَ السيوف بالأجفان
يابني طاهرٍ طَهُرتم وطبتم
وذكوتم في السرِّ والإعلان
وحللتم من المعالي محلا
يبلغ النجمَ رفعة ً أو يداني
مجدكم كالجبال من بنية ِ اللَّ
ه ومجدُ الأنام مثل المباني
كل مدح في غيركم فمُثاب
ماأُثيبت عبادة الأوثان
هاكَها لاأقول ذاك مُدِلا
قولَ ذي نخوة بها وامتنان
بين أثنائها مديحٌ نفيس
من لَبوس الملوك والفرسان
ذو قوافٍ كأنها خِلق الأصْ
داغ في البيض من خدود الغواني
راق معنى ً ورقّ لفظا فيحكي
رائقَ الخمر في رقيق الصِّحان
إن تكن سهلة َ القوافي فليستْ
في المعاني بسهلة الوُجدان
فابتذلْها في يوم لهوِك واعلم
أنها بعدُ من ثياب الصِّيان
وابسُطِ العذَر في ارتخاص القوافي
واتِّباعي سهولة َ الأوزان
أنتَ ألجأتني إلى ماتراهُ
بالذي فيك من فنون المعاني
أيُّ وزن وأي حرف رويّ
لهما بالمديح فيك يدان
ضاق عن مأثُراتك الشعرُ إلا
فاعلاتن مستفعلن فاعلانِ
ليس مدحٌ يفي بمدحك إلا
صلوات المليك في القرآن
لا ولاحمدَ كفءُ نعماك إلا
حمدُ سبعٍ من الكتاب مثاني
أنت أعلى من أنْ توازَى بشيء
لستَ ممن يرمي به الرَّجوان
فابقَ واسلم هذه دعوة يَحْ
ظَى بمرجوع نفعها الثقلان
لم أحاول بها سواك ولكن
شمِلتْ من يَضمُّه الأفقان
كيف يعدو مهما أصابك قوما
أنت منهم كالروح في الجثمان
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يفديك من كل محذورٍ أبو حسنِ
يفديك من كل محذورٍ أبو حسنِ
رقم القصيدة : 62226
-----------------------------------
يفديك من كل محذورٍ أبو حسنِ
يامن جرى منه مجرى الروح في البدن
باللهِ أحلفُ لامَيْنا ولا كذِبا
ماغبتُ إلا بعذرٍ واضح السَّنن
إيناسُ ضيفٍ دعاني فاستجبتُ له
وظَلْتُ والحقُّ مقرونين في قَرنِ
لم أقرِه بعدَ مفروض القِرى نُزلا
إلا أحاديثَ ماتُسدى من المِنن
أصغَى وظل لما حدثتُ متهما
لولا شواهدِه من وجهك الحسن
ومن يحدّثْ بنعمى لانظير لها
فقد تعرَّض للتكذيب والظِّنن
وأنت علمتني رَعْيَ الحقوق إذا(75/289)
نابت وأدَّبتني بالصبر للمحن
وكيف أجفوك لاأصبو إلى أنَس
ينوبُ عنك ولا آوى ألى سَكن
ومالقربك عندي ساعة ً ثمنٌ
أنَّى وهل لنعيم الدهر من ثمن
وهل يبيع امرؤٌ صَحَّت قريحته
قُربَ الأحبة بالتعريج في الدِّمن
لم يظلم الدهرُ في أن حاف مجتهداً
عليكم آل عيسى حَيْفَ مُضطغِنِ
كنتم شَجاهُ فلم يصمد لغيركُم
ولم يَمْلِ سهمهُ عنكم إلى سَننِ
كم من فعالٍ لكم ضدٌّ لسيرته
عنه انطوى لكُم طرا على الإحن
كم من كسير له أنهضتموه وقد
أرداه فهو لَقى ذو أعظُمٍ وهُنِ
وكم فللتم شَبا الأظفار منه بما
ظاهرتُم دون كفيه من الجُنن
لهفي لأَعظمهم حلما وأكرمهم
خِيما وأعصمهم من حادث الزمن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تَبحَّثتُ عن أخباره فكأنما
تَبحَّثتُ عن أخباره فكأنما
رقم القصيدة : 62227
-----------------------------------
تَبحَّثتُ عن أخباره فكأنما
نَبَشْتُ سداه بعد ثالثة الدَّفْنِ
تَضَوَّعتِ الأنباءُ عنه بنفخة ٍ
زويتُ لها وجهي من الخُبث والنتن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قل لفتى ً لم يزل بصورته
قل لفتى ً لم يزل بصورته
رقم القصيدة : 62228
-----------------------------------
قل لفتى ً لم يزل بصورته
دونَ الفَعال الجميل مفتونا
محاسنُ الوجه غيرُ زائنة ٍ
مادمتَ بالسيئاتِ مقرونا
وأَسوءُ السيئات سلُّكَ بال
جهل حُساما عليك مسنونا
وذاك أن تستخفَّ وزنَ فتى ً
مازال بالراجحين موزونا
إن كنتَ لم تدرِ ماأتيتَ به
فاسأل أُناساً سواك يدرونا
كدُّك حُرا بغَير منفعة
رأيٌ يراه الرجال مأفونا
أقلُّ مايوجب الكريمُ لمن
يحرِمُ ألا يذيقه الهونا
ورب هونٍ لقيتُ منك ومن
حاجِبك الدُّون لم يكن دونا
أقسمتُ تنفك من مطالبتي
مادام منك اللسانُ مرهونا
فافككْ لسانا رهنتَه بجَداً
او باعتذارٍ فلستَ قارونا
أزمعتَ منعي وأنت تُطعمني
وليس ذمي عليك مأمونا
فاصدُق فإني أراك إن بَخِلت
نفسُك بالصدق رُحت مغبونا
ولاتخف أن أَضيعَ إن عدلت
عنك رِكابي فلستُ مجنونا(75/290)
أما رأيتَ الفجاجَ واسعة
والله حيّا والرزق مضمونا
أظهِرْ من المنعِ ماتجمجِمْه
فشرُّه مايكون مكنونا
وانفث من الصدر مايُضِرُّ به
لاتترِك الداء فيه مدفونا
قل اعفُ عني عثرت في عدتي
يأتك عفوي وليس ممنونا
ولاتَقل لي نعم وعزمُك لا
فيلعنَ الشعرُ منك ملعونا
إني امرؤٌ إن أراد ميمنتي
كريمُ قومٍ غدوتُ ميمونا
وإن أراد اللئيمُ مشأَمتي
كنتُ له طعنة وطاعونا
من دَنّس العِرضَ بالمواعد والخُلْ
فِ جعلتُ الهجاء صابونا
ولستُ أرمي بنَبْلِ قافية ٍ
ذوي معاذيرَ لا يجودونا
لكنني أنتخي بها أبداً
ذوي مواعيد لا يُنيلونا
نُفيدُهم سُمعة ً ومأدبة
ويُطعمونا ولا يفيدونا
قد أتعبونا بحوكِ مدحِهمِ
وبالتقاضي ومايريحونا
أولئك الشاهدون أنهمُ
همُ المسيئون والمُليمونا
كم شامخٍ باذخ بنعمته
أضَلَّهُ قبليَ المضلونا
تركتُه بالهجاء فُلفلة ٍ
إذ تركتني مُناهُ كمّونا
نُبئتُ جحظة ُ يستعير جحوظَه
من فيل شطرنجٍ ومن سَرطان
ماضرَّ من عيناه تانك ويحَهُ
ألا يكون لوجهه عينان
ناهيك بالشيطان من فزَّاعة
وابن استها فزَّاعة ِ الشيطان
يارحمتا لمُنادميه تجشموا
ألمَ العيون للذة ِ الآذان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لاتلحَ من تفتنه قَينهْ
لاتلحَ من تفتنه قَينهْ
رقم القصيدة : 62229
-----------------------------------
لاتلحَ من تفتنه قَينهْ
فإن تصحيفَ اسمها فتْنه
أكَّدتِ الحسنَ بإحسانها
في مهنة ٍ مامثلُها مهنه
فليجتهدْ من شاء في عيبها
فما يساوي قوله تَبنَهْ
ياناقماً سوءَ مُجازاتها
أصبحتَ عندي نائم الفِطنهْ
لو قصدَ العاشقُ في عشقه
قصدَ جزاء مابكى دِمنهْ
أو كان لا يعشق إلا التي
تهواه ماكان الهوى محنه
ماساءني إعراضُه
عني ولكنْ سرني
سالفتاه عِوضٌ
من كل شيء حَسنِ
عوَّضني من حسنه
حسنا فماذا ضرني
ماقال أنْ قد عقنيإن إسماعيل فاعلمكاتبٌ ذو قلمين قلم من خِلقة الله جليل الطرفين فيه للأهل سرورٌحين تَهْدا كل عينِ غير أن القلم الآخر من بَري اليدين(75/291)
بالصدِّ إلا بَرَّني
إن إسماعيل فاعلم
كاتبٌ ذو قلمين
قلم من خِلقة ال
له جليل الطرفين
فيه للأهل سرورٌ
حين تَهْدا كل عينِ
غير أن القلم الآ
خر من بَري اليدين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> الحمد لله يا أبا حسنِ
الحمد لله يا أبا حسنِ
رقم القصيدة : 62230
-----------------------------------
الحمد لله يا أبا حسنِ
ذي النِّعَم السابغات والمِننِ
أقطعتني مرتع الهُزال وأق
طعتَ أناساً مراتع السِّمن
عرَّضْتَ حمديك أن يقالَ له
ضل ضلالُ البكاء في الدمن
ناشدتُكَ الله يا أبا حسن
في حرمة لم تُذَل ولم تُهن
لاينصرفْ عنك من يَمُتُّ بها
وحظُّه حظ عابدِ الوثن
يشكوك لامُظهِراً شكايته
إياك لكن شكاية َ الزمن
ومن شكا دهرَه شكاك وهل
تكنى عن الروح خارج البدن
أنت الذي صُرِّف الزمان به
فأنت إن ذُمَّ وهو في قَرن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ياهل يخلد منظرٌ حَسنُ
ياهل يخلد منظرٌ حَسنُ
رقم القصيدة : 62231
-----------------------------------
ياهل يخلد منظرٌ حَسنُ
لممتَّع أو مَخْبرٌ حَسنُ
أم هل يطيبُ لمقلة ٍ وَسنُ
فيقرُّ فيها ذلك الوسن
أم هل يُبَتُّ لذاهبٍ قَرنٌ
يوماً فيُوصَل ذلك القَرنُ
كم مِنَّة ٍ للدهر كدَّرها
لم تصفُ منه ولا له المِنن
مازال يكسونا ويسلبنا
حتى نظلَّ وشُكرنا إحَن
فحتى أراك بصرفِهِ زِيَناً
فهْي الزخارفُ منه لاالزِّين
يكفيك أن لاوجدَ مُدَّخِرٌ
أبداً وألا دمع يُختزَن
أبُنَيّ إنك والعزاءَ معا
بالأمس لُفَّ عليكما كفن
فإذا تناولتُ العزاء أبى
نَيْلِيه أن قد ضمَّه الجُنن
أبُنيّ إن أحزنْ عليك فلي
في أن فقدتُك ساعة ً حزن
وإن افتقدت الحُزن مفتقِدا
لُبِّي لفقدِك للحَرِي القَمن
بل لاإخال شجاك تَعْدَمُه
روحٌ ألمَّ بها ولا بَدن
تالله لاتنفك لي شجنا
يمضي الزمان وأنت لي شجن
والآن حين ظعنت عن وطني
سمج المقام وطاب لي الظَّعن
ماأصبحت دنيايَ لي وطنا
بل حيث دارُك عنديَ الوطن
ما في النهار وقد فقدتك مِنْ(75/292)
أنْس ولا في الليل لي سَكن
ياحسرتا فارقتني فَنناً
غضاً ولم يُثمر ليَ الفنن
ولقد تُسلّي القلبَ ذُكرتُه
أنِّي بأن ألقاك مرتَهنُ
أولادنا أنتم لنا فِتن
وتفارقون فأنتمُ مِحن
لهفي على سبق المنية بي
لو بيع لم يوجد له ثمن
ياعاذلي في مثل نائبتي
تُلْفَى دموعُ العين تُمْتَهن
فدعِ الملام فإنني رجل
عَدلٌ على العبرات مؤتمن
أنفقتُ دمعي في مَواضعه
لاالوَكسُ يلحقُني ولاالغَبن
أبكاني ابني إذ فُجعت به
لم تُبكِني الأطلال والدِّمن
وعكَفْتُ بالقبر المحيط به
فاعذِرْ فلا صنمٌ ولا وثن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لازلتَ يخطئك الثناءُ لصاحبٍ
لازلتَ يخطئك الثناءُ لصاحبٍ
رقم القصيدة : 62232
-----------------------------------
لازلتَ يخطئك الثناءُ لصاحبٍ
أبدا ويخطئه لك الإحسانُ
لترى غداة َ الغِب من حرمانِه
خطأ ومن حرمانه حرمان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لايُبْعِدُ الله أسلافاً لنا سَبقوا
لايُبْعِدُ الله أسلافاً لنا سَبقوا
رقم القصيدة : 62233
-----------------------------------
لايُبْعِدُ الله أسلافاً لنا سَبقوا
ولو بقُوْا للَقوا مالا يحبونا
كيف العزاءُ وما في العيش مغتبط
ولااغتباطَ لأقوامٍ يموتونا
متى تَعِشْ قبليَ الأحياءُ يدركنا
وإن تمتْ قبليَ الأمواتُ يعفونا
لابد من ميتة للمرء أو هَرَم
يظل منه جليدُ القوم موهونا
والبيضُ والجون لانهوى فراقَهما
ولانزال نذم البيضَ والجونا
وكل لهوٍ لَهاه الناسُ مَشغلة ٌ
عن ذكر ماهم من الأحداث لاقونا
فإنْ لهوا فدفاعُ الهمِّ حقَّهُم
وإن بكوا فذوو الأشجان باكونا
ولايقينَ لأقوامٍ وإن زعموا
وما يقينُ أناسٍ لا يُعدونا
لو أيقن الناس جَدُّوا في أمورهُم
وكيف يوقن قومٌ لا يَجِدُّونا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قد كنتُ أستسقيك ظمآنا
قد كنتُ أستسقيك ظمآنا
رقم القصيدة : 62234
-----------------------------------
قد كنتُ أستسقيك ظمآنا
فاليومَ استسقيك غصَّانا(75/293)
فبادرِ الغصان تَسْتحيه
إنك إن أغفلتَه حانا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قل للوزير أدام الله غبطَته
قل للوزير أدام الله غبطَته
رقم القصيدة : 62235
-----------------------------------
قل للوزير أدام الله غبطَته
انظر إلى ابن فراتٍ وابن عبدونِ
بل قد نظرتَ فلا تغبن أشَفَّهما
فليس ذو الرأي في حظٍّ بمغبون
أما ترى ابنَ فراتٍ فيه بينة ٌ
من صارمٍ ثقة ٍ بالغيب مأمونِ
هو القويُ الأمين الكفّ نعلمه
والرأي في كل معلوم ومظنون
فيه لِيان وحدُّ يوجبان له
ألا يخون ولا يُغضي على هُون
كأنه السيف صلتاً حين تُعْمله
ماشئتَ من أملسِ المتنين مسنون
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سُمتَني خُطة ً من الكُره نقدا
سُمتَني خُطة ً من الكُره نقدا
رقم القصيدة : 62236
-----------------------------------
سُمتَني خُطة ً من الكُره نقدا
بجزاءٍ يكونُ أو لا يكونُ
سمتني أن أغيبَ عن كل شيء
أنا ضبٌّ بقربه مفتون
ووعدتَ التي وعدت من البرْ
ر وعندي بالخلف منك رُهون
فأتيتَ التي يُرى الشرُّ فيها
رأي عينٍ وخيرُها مظنونُ
وتوقَّيتُ أن يقال غبينٌ
ومن النكر حازمٌ مغبون
لاأحب التي لذيذُ جَناها
مُتمنَّى وشوكُها مضمون
كاد الرشاءُ الذي أُدلي إليك به
من قبلِ بلِّكَه بالماء يُرويني
أفدي أبا حسن بالنفس من رجلٍ
إذا سألتُ سواه ظل يُعطيني
أُدلي به فإذا لم يَسقني أحد
ممن أُميحُ نداه حالَ يسقيني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يامَنْ هواه من القلوب مَكينُ
يامَنْ هواه من القلوب مَكينُ
رقم القصيدة : 62237
-----------------------------------
يامَنْ هواه من القلوب مَكينُ
والماءُ في الوَجَنات منه مَعينُ
ومن اغتدى وكأنه من حسنه
في كل عضو منه حُورٌ عِين
وإذا تنفَّس نائماً أو لاثماً
فكأنما يتنفس النِّسرين
أعليك في رمي القلوب وكَلْمها
نَذرٌ وفي منع الشفاء يمينُ
ظبيٌ كأن كناسه مما ترى
فيه دماءَ العاشقين عَرينُ
إني أعوذ بعَدْلك ابنَ محمدٍ(75/294)
منه وأنت على الظَّلوم مُعين
يامن غدا والمشتري جَدٌ له
والشمس رأيٌ والهلال جَبين
والحلمُ سمتٌ والعفاف طويَّة ٌ
والبِر خِدنٌ والوفاء قرين
ومن استفاض بعدله وبفضله
حتى استوى الجبار والمسكين
ومن استجنَّ من الحوادث جارُه
فكأنه بعد الوِلاد جنين
مَشْتاه في كنفيك يابن محمد
مشتى ً دفيء والمصيفُ كَنين
طاب الزمان له ورقَّ غليظُه
فكأن كلَّ شهوره تشرين
أقسمتُ ما وعد الرجاء بحاصل
إلا وجودُك بالوفاء ضمين
تبدو ووجهك ضاحكٌ مستبشرٌ
عند السؤال وللبخيل أنين
عنوانُ معروفٍ يكون وراءه
بَدءٌ وعَوْد من جداك ثخينُ
فالبشرُ بالبدء الهنِّي مبشِّرٌ
والبدء بالعَود السنِّي رهين
لازلتَ أفضلَ من يطيع إلهَه
ويطيعُه التعميرُ والتمكين
أشكو إليك معاشراً ولعوا بنا
لهمُ كمينٌ في الصدور دفينُ
جَدّوا بنا كالمازحين عَداوة ً
والجدُّ في بعض المِزاح مُبين
فإذا ادّخرت لنا نصيبَ كرامة ٍ
خَانوا وهانَ عليهُم التخوين
غلبتْ على ألبابهم شهواتُهم
فأرتهمُ مالا يزَينُ يزين
من كل أَفوه قد أُمِدَّ بمعدة ٍ
حَرَّى يذوبُ لحرها الهِرْصين
والنابُ منه على الأمانة خنجر
والظّفر من أظفاره سكين
بطلُ الوقاحة لا الحياءِ كأنْ به
عن أن يخونَ أمانة ً تهوين
يأبى مسالمة َ الأمانة مثله
أنى يسالمُ بطَّة شاهين
إنا نُكاد ولانَكيد عدوَّنا
ثقة ً بكيد الله وهو متين
إني أعيذك أن يراك مليكنا
ترضَى خيانتَهم وأنت أمين
فكِّر وقل لهُم مقالة َ صادقٍ
يحتجُّ عند مقاله ويُبينُ
يامن يهَوّن أن يخون أمانة ً
أقسمتُ أن سَيُهينك التهوين
لايصغرنَّ لديك قدرُ خطيئة
إن المحاسبَ سجنُه السّجين
ولعل ذا جهل يقول بجهله
إن المُعاتبَ في الطفيف مَهين
وجوابُه نقدٌ لدينا حاضرٌ
وافٍ إذا نقص الجوابَ وَزين
قولا له إن كان يعقِلُ إننا
قومٌ بحُبّ المُنعمين ندين
من لا يَشحُّ على قليل نصيبِه
من برِّ سيده فذاك ظنين
إن المحبَّ بمن أحب وبالذي
يُسدَى إليه وإن أقلَّ ضنين(75/295)
وأرى الكرامة حلية ً ماأُخليت
مِن غَيْرة ٍ فيها لها تحصين
تَلقى الفتى الغيران ينفِث دونها
قِطَع الحريق كأنه التنين
والغيرة ُ الشيءُ الذي لم يُلْغه
إلا خَصِيُّ السوء والعِنين
أو قلتُ قولاً لست أجهل أنه
فيه لصدرِ مُرجِّم تخشين
ولما أصبتُ به سوى مُتَعَرِّضٍ
وأخو العداء بما يَدينُ مَدين
فليرضَ بالتهجين أو فلينصرف
عما يكون جزاءَه التهجين
لايحسن الظنَّ اللئيمُ بنفسه
فالغثُّ غثٌّ والسمين سمين
يا من عَطاياه لديه رخيصة
وثناءُ مادِحه لديه ثمين
وإذا اعتصمتُ بجوده فكأنما
غدتِ العواصم لي وقنَّسرينُ
فإذا التقى داعٍ له ومؤملٌ
سُمع الدعاءُ وشُفِّعَ التأمينُ
ستَبرُّني وتسرُّني وتثيبني
وأقول فيك ويُحفَظ التدوين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إنما يبكي شجيُّ شَجَنَهْ
إنما يبكي شجيُّ شَجَنَهْ
رقم القصيدة : 62238
-----------------------------------
إنما يبكي شجيُّ شَجَنَهْ
لاكما يبكي خليّ دِمنَهْ
أيها المأمون من نسيانه
أكذا أنسى ولو غبت سنه
لاتكون مولى هواه في الأذى
لم يزل بالعبد حتى فتنه
ثم خلاَّه وأهدى قلبه
للتباريح وأنْضى بدنه
هل يُعافي العبدَ من محذورِهِ
أَنَّ أخلاقك أضحت جُنَنَه
لم أكن قطُّ أرى أني أَرى
سَكناً مثلك ينسى سكنه
أيها المُهدي لقلبي ظِننا
لاتدعْ قلبي يناجي ظننه
مع أن الغدر شيءٌ لم أَخلْ
ن أخلاقك مَسَّتْ دَرَنه
بل أرى العبدَ الذي استَعبدته
ثم سلَّطتَ عليه حَزَنَهْ
هو عبدٌ تشتهي تَضميرهُ
بالمجافاة ِ وتَقلي سَمَنَهْ
شعفاً بالقدِّ يامن قدُّه
أضحت الأغصانُ تحكي غُصنه
أبقِ منه لاتدعه خائفاً
كلما هَزَّ نسيمٌ فَنَنَه
بل أرى أنك لي مُمتحنٌ
فارحمِ العبد وخفّف مِحنه
لن يُطيق الهجرَ عبدٌ نفسه
بهوَى سيدِه مُمتَحَنَهْ
هَب لأسبوعٍ رسولاً واحداً
إن في ذاك لقلبي أَمَنَه
وَيْحَ هذا القلب ماأَغفله
أيها المولى وأحلى وَسَنه
لو يُراعي الرُّسْلَ منكم عاشق
نفسُه عندكُم مُرتهنه
وهوى ً منه هواه كونُه(75/296)
وطنياً لم يفارقْ وطنه
لايلمْهُ لائمٌ في فعله
فله عُذرانِ عند الفَطَنه
هَمّه المسكين في عِرفانه
رأيُ مولى ً لم يُبدِّل سُننه
أوفِ مغبونَك ياغابنَه
لايكن عذلك فيمن غبنه
كيفَ لاتُنزِلُه منزلة ً
من خصوص الأنس تُشْجي زَمنه
هل توجَّدتَ على أخلاقه
أم غدا رأيك فيمن لعنه
هل تعتَّبتَ على أفهامِهِ
أم هل استقصرتَ يوماً لَقَنه
هل ترى الغفلة َ شابت حلمَه
أم ترى النكراء شابتْ فِطنه
هل ترى العِيَّ يؤاخي صَمْته
أم ترى الغَيَّ يؤاخي لَسَنِه
هل ترى الشك عليه غالباً
عند حق أم تراه يَقَنَهْ
هل رأى منك قبيحاً بثه
أم رأى منك جميلاً دفنه
هل لديه لك سر ذائع
أم أمانات غدت مُحتجنه
هل لديه تُحفة ٌ مذخورة
عنك أم منفوسة ٌ مٌختزنة
لا يَجُر مولًى جليلٌ سننا
في عُبيد لم يفارق سكنَهْ
إنه أخلَقُ منه للهدى
في معانيه لدى من وزنه
أنت من تسمو ذُراه أن تُرى
في ذَراه خِلَّة ممتهنة
بيتُك البيتُ الذي من زاره
فابنُ عباسِك فيمن قَطَنه
من يكن أصبح من حُجاجه
فلقد أصبحتُ ممتن سَدَنَهْ
أعذِر الطرف الذي أجررتَه
في المعاني والقوافي رَسَنه
لاتلُمه في عتاب مسرف
أنت قَوِّيت عليه مُننه
أنت من يذكر ما قدَّمه
من مواعيدٍ وينسى إحنَه
أنت من نَزَّه نجوى نفسِه
عن جِوار الهفوة ِ المُضطغنه
هل يُداجين زُلالٌ قد صفا
وأبى طيبُ ثناه أسنه
سيدٌ فات المداجاة َ به
سُؤددٌ ينفي تُقاه هُجنه
عرف الله إلى أن خافه
ثم خاف الله حتى أمِنه
فحكى غائبه شاهدَه
وحكى المكنونُ منه عَلَنه
ما رأى الله خناً أطلقه
لا ولا غِل ضميرٍ سجنه
يقبلُ الحمد ولا يوجبُه
وإن امتنَّ فأسنَى مننه
لاكمن يغلط في أحكامه
يَهَبُ العُرف ويبغى ثمنه
هكذا كلُّ كريم ماجد
جعل العرف صُراحا دَدَنَه
ومتى راغ بشكرٍ رائغٌ
ذات يوم لم تجده شَجَنَهْ
عجبي من مادح يمنُه
وهو المُعتقُ قِدما يَمَنه
نبأ فاسأل به ذا يزنٍ
أو فسائل سيفَهُ أو يَزنه
يابني وهبٍ حلَى دهِرِهمُ
كلما عدَّد دهرٌ زِينَهْ(75/297)
يستميحُ العطفَ منك عاشقٌ
لم تُنيلوه وكنتم فِتنه
هل رآه الله أجرى ذمكم
ببيانٍ أو بلحن لحنه
هل رآه الفَحْصُ قِرنا لكُم
ببِرازٍ أو كمُونٍ كَمنه
هل تعييون بناءً شاده
طوله أو عرضه أو ثِخَنَهْ
ليس بالمنكرِ إن لم تُجعَلوا
مُستقاه أن تكونوا شَطَنه
قد سألتُ الناس ماأسألكم
فأبت مسؤولَهم تلك الهَنَهْ
وإذا قد سلّموا المجد لكم
فحمى الحالبُ دوني لبنه
وغدا يمنع مني تافها
لايرى شُكر بنيٍّ ثمنه
والعُلا وَفقٌ لأخلاقكُم
لا لأخلاقهُم المؤتَفنه
هل يُعير الجود وغداً زينة ً
ويعيرُ البُخْل حُراً أُبنَهْ
كلُّ ثفر فله شُحنته
هكذا كان قَضى من شَحنه
هل يعير البرُّ بحراً عِيسَه
أو يعير البحرُ برَّاً سُفنه
قد بعثتمْ حربَ عَتْبٍ مُقلق
من وليّ فاستعدوا هُدنه
والوزيرُ الحق إن لم تنصفوا
لتُصكن شكاتي أذنه
فلكم من ماء وجهٍ ضانه
ودمٍ قد كان يجري حَقنَه
أنتُم قومٌ إذا استخدمكم
مستعين الجاه كنتم مِهنه
وإذا رجَّم قومٌ فيكُم
بالندى والصفح كانوا كَهنه
فاخلُفوا الغيثَ إذا أخلَفنا
ومتى صاب فباروا مُزنه
أنتُم آفاتُ أموالكُم
بالعطايا إذ سواكم خزنه
سادة ٌ في الحق قدما قادة ٌ
وعلى اللَّوْماء فيه مَرَنه
ونثا قومٍ دُخانات الندى
ولقد أضحى نثاكم دُخنه
جلَّ كاسي طينُكم صِبْغتَهُ
كيف صاغ الطينَ لمّا عَجنه
أوسعَ الأمرين فضلاً فأتت
صور الخلق تضاهي طِينَهْ
لايُمنَّن عليكم مادحٌ
بمديح فيه وعشيٌ وَضَنه
فله من فعلكم أمثلة ٌ
ينسِج الشعرُ عليها يُمنه
ليَ مُدْنٍ منكُم مجتهدٌ
وصَل الله بخير قَرنه
ومسوءٌ بدُنوي منكُم
ألزمَ الله يديه ذَقنَه
يتظنَّى دُهنَه في شَعَثِي
شَعَّثَ الله ما دهنه
قد أضاقت عَطَني نَكراؤُه
ضيَّق الله عليه عَطَنَهْ
كم يُعَرِّيني من أفضالكم
ألبس الله عدوي كفنَهْ
كم وكم بعدي من ظلكم
ظلل الله عليه جننه
أنا من ينساكمُ خدمتَه
حين لاأجرتُه مُتَّزِنه
أنا من أسلف فيكم بعدما
نسي الطابِنُ فيكم طَبَنَهْ
عكف الرأيُ عليكم وحدكم(75/298)
والهوى يَعبُد جهلا وثَنَه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يعطي الرغائبَ جودا من طبيعته
يعطي الرغائبَ جودا من طبيعته
رقم القصيدة : 62239
-----------------------------------
يعطي الرغائبَ جودا من طبيعته
لاكالمُتاجر بالمعروف أحيانا
لايستثيبُ ببذل العُرف مِحمدة ً
ولاتراه بما أسداهُ مَنّانا
إذا اشترى الحمدَ أفناءُ الملوك رأى
بين التجارة ِ والإفضال فُرقانا
سألْتُه الحاجَ حتى كدت أسألُه
ردَّ الشباب جديداً كالذي كانا
فما تجهَّم حاجاتي لكثرتها
ولاتلوَّن منه الوجهُ ألوانا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لم يزل للسَّكَنْجَبينِ قرينَ
لم يزل للسَّكَنْجَبينِ قرينَ
رقم القصيدة : 62240
-----------------------------------
لم يزل للسَّكَنْجَبينِ قرينَ
إن نأى عنه فهو صَبٌّ خرينُ
ولدينا سَكنجبينٌ وحيدٌ
أنت عندي بالأجرِ فيه قمين
فاقرِنَنْ بالسكنجبين أخاهُ
إنه لافتقادِه مستكين
والذي تستميح غال ثمينٌ
وثناءُ الأحرار غالٍ ثمين
ورجاءُ السماح في الناس ظنٌّ
ورجاءُ السماح فيك يقينُ
والذي يُستقى من النار غَوْرٌ
والذي نستقيه منك مَعينُ
فاعذِرَّنا على انتجاعك في الحا
جاتِ فالعُذر عند ذاك مُبين
بدؤكَ الحرَّ حَرَّضَ العَوْدَ منا
وسماحِ الفتى عليه مُعينُ
وكفانا تَهيُّب العَوْد في الحا
جاتِ أَنَّ السماح منك مكين
أنت من لا يُخاف منه اعتذارٌ
عند عَوْدٍ ولا يخاف يمين
ولكم كَمَّن الجوادُ من البخْ
ل كميناً حاشاك ذاك الكمين
فإذا مااستُثير منه دفينُ ال
بُخْلِ بالعَوْد ثار ذاك الدفين
ذاك جودٌ له أوان وحينٌ
ثم يمضي فينقضي فيَبين
وابتلى السائلون جودك فالدْه
رُ كله أوانٌ وحين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عدِّ عن دارٍ وعن جارٍ ظَعَن
عدِّ عن دارٍ وعن جارٍ ظَعَن
رقم القصيدة : 62241
-----------------------------------
عدِّ عن دارٍ وعن جارٍ ظَعَن
وادعُ للجُلَّى كريمَ المُمْتَحَنْ
ياأبا عبدِ الإله المرتجَى(75/299)
للمعالي ياحسينَ بن الحَسَنْ
وارثَ النجدة ِ عن ذي نجدة ٍ
عُبدَ اللهُ بها دون الوثن
عن أمير المؤمنين المرتضى
لكتاب الله حقاً والسُّنن
مُرتضى ً أوصى إليه مصطفى ً
وأمين لم يخالف مؤتَمن
لك من ميراثِه نجدتُه
وتقاهُ وهُداه في المحنْ
نجدة ٌ يوجدُ فيما دونها
مَنعة ُ الجار وإدراك الإحن
ليس لي دونك وُدٌّ يقتَنى
لا ولا ودونك شكرٌ يُحتَجن
أنت من أصبحتُ في ذِمَّتِهِ
لاأبالي بمعاداة الزمن
أنت لي في الجانب الجدب حَياً
أنت لي في الجانب القفر سكن
كلَّ يوم لك عندي نائلٌ
لي به عندك شكرٌ مرتَهن
وقليلٌ كلُّ شكر حسن
في الذي تُسديه من فعل حسن
لاتُكاتم بالذي أوليتني
إنَّ ماأسررت منه قد علن
لو وزَّنا بالذي أوليتنا
شُكر أهل الأرض طُراً مااتزن
لك عرفٌ لم يُحِط شكري به
جَلَّ ركناً حَضَنٌ أن يُحتَضن
كيف لا يُسدي الذي أسديتَه
حاملٌ في المجد أثقالَ المُؤن
من أبوه لأخي الوحي أخٌ
وابنُ عم ووصيٌ وخَتَنْ
يابني عمِّ النبي المصطفى
حبكم ينفي عن المرء الظِّنن
سلم المَوْلِدُ والدين معاً
لمُواليكم ولو خاض الفتن
إن لله علينا مِنناً
حُبكم شكر لهاتيك المِنن
أنتمُ من لم يرد مُعطى الهدى
غيرَ وَدِّ الناس إياكم ثمن
وحقيقون بذاكم أنتمُ
ياهُداة الناس قِدما للسّننْ
ياغُيوثَ الناس في المَحل إذا
كلكلُ الأزمة ِ أَرْسى وطحن
إن سألناكم وسألنا بكم
لم تكونوا مثل أطلال الدِّمن
بل جلا الله بكم عنا العمى
ونفى الله بكم عنا الحزن
يوجد العلم لديكم والهدى
أبدَ الدهر جميعاً في قَرَنْ
عندكم في كل همٍّ فرجٌ
مُعقِبٌ من كل تسهيد وَسَن
جمح الحمدُ إليكم إذ جرى
ثم وافاكم فأضحى قد حَرَنْ
رُبَّ فردٍ منكم في دهرِه
قد كساه الله أنواع الزِّين
شكِسٍ بالعِرض سمح باللُّهى
ضيِّقٍ في دينه رحب العَطَن
ذي وقارٍ في ذكاءٍ وحَجى
في بهاءٍ وحياء في لَسَن
ثاقب الجمرة إن حرَّكته
وترى الحلم عليه إن سكن
كالحسين المتناهي فضلُه
وإن اغتاظ حسودٌ واضطغن(75/300)
إن يُوالِ الدهرُ أعداءً لكم
فهُم فيه كمينٌ قد كُمِن
خلعوا فيكم عِذار المُعْتدي
وغَدوْا بين اعتراضٍ وأَرَنْ
فاصبروا يُهلكهم الله لكم
مثل ماأهلك أذواء اليمن
ذا رُعين ثم أردى بعده
ذا نواسٍ ثم أردى ذا يَزَنْ
كم أرى الله بقوم عِبرة
عند إجرارهم فضلَ الرّسنْ
قَرُبَ النصرُ فلا تستبطئوا
قَرُبَ النصر يقيناً غير ظن
ومن التقصير صَوْني مُهجتي
فِعلَ من أضحى إلى الدنيا رَكَنْ
لا دمي يُسفك في نُصرتكم
لا ولا عِرضي فيكم يُمتهِن
غير أني باذلٌ نفسي وإن
حقن الله دمي فيما حقن
ليت أني غَرَضٌ من دونكم
ذاك أو درعٌ يقيكم أو مِجن
أتلقى بجبيني من رَمَى
وبنحري وبصدري من طَعن
إن مُبتاع الرضا من ربهِ
فيكُم بالنفس لا يخشى الغَبنَ
قلت للناهي عن حبكم
إن حبي لهمُ أوفى الجُنن
فانصرف عني حسيرأ خاسئاً
شجني فيهم وللناس شجن
والْهُ عن عذلك سمعاً قد مَرَنْ
ودع العدلَ فسمعي قد مرن
شهد الله ومَيْلٌ خالص
صدَّق الظاهرُ منه مابطن
بموالاة ٍ لكم صادقة ٍ
سلكت مسلك روح في بدن
فهي لي مادمتُ حياً مَلْبَسٌ
ومتى ما مِتُّ كانت لي كفن
وأرى فقري وحُبِّيكم غِنى ً
وهُزالي مع وُدّيكم سَمِنْ
فَطِنٌ تُبصِرُ أسرارَ العلا
حين لاتنفُذُ أبصارُ الفِطَنْ
برَّني معروفُكُم قبل أبي
وغذاني بِرُّكم قبل اللبن
ومتى اختلَّ ابن روميِّكم
فأياديكم حَرى منه قَمَنْ
وإذا أنتم وأنتم أنتُم
لم تولُّوني ونولُوني فمنْ
أنا عبدُ الحق لاعبدُ الهوى
لعن اللهُ الهوى فيما لعن
أنا من أبناء أتباع الهُدَى
لستُ من أبناء أتباع البِطَنْ
دينيَ الحجَّة لاعاداتُهمْ
واختيارُ الدار لاإلفُ الوطن
والذي قد أوجبَ اللهُ لكم
فوق ماأوجبتُ مااخضرَّ فَنَنْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ياواحد الناس في الآلاء والمننِ
ياواحد الناس في الآلاء والمننِ
رقم القصيدة : 62242
-----------------------------------
ياواحد الناس في الآلاء والمننِ
والمستجارَ به من حادثِ الزمن(75/301)
وابنَ الذين بنوا أساس دولتهم
على النبوة والقرآن والسُّنن
أشدُّ مابي من شكوٍ ومن ألمٍ كاملأقرضتُه أيراً فردَّ لساناًوكذاك يفعل من غدا قرنَانا نكتُ العجوزَ فظل يشتم سادراًوقرُنه يصرعنَه ألوانا لله درُّ النَّغل من مُتوهِّم أن اللسان قاوم الجُرذانا دع ذا فإنّ قرونه لو أصبحتلك معقلاً لم ترهب الحَدثانا يا خائفَ الطوف
فقدي جَنَى مقلتي من وجهك الحسن
أقرضتُه أيراً فردَّ لساناً
وكذاك يفعل من غدا قرنَانا
نكتُ العجوزَ فظل يشتم سادراً
وقرُنه يصرعنَه ألوانا
دع ذا فإنّ قرونه لو أصبحت
لك معقلاً لم ترهب الحَدثانا
يا خائفَ الطوفان إنَّ لنا أخاً
يعلو قَصيرُ قرونه الطوفانا
فمتى هجاك فدارشه لقرونه
ليكونَ مما قد خشيتَ أمانا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قرأتُ في وجهك عنواناً
قرأتُ في وجهك عنواناً
رقم القصيدة : 62243
-----------------------------------
قرأتُ في وجهك عنواناً
آذَنني بالغَدْرِ إيذانا
تالله أنْسَى ماذكرتُ الصِّبى
بل ماذكرتُ الله لهفانا
يوم التقينا فتجهَّمَتني
تجهُّم المديونِ دَيَّانا
وكيف أنسى ذاك مستيقظاً
ولست أنسى ذاك وسنانا
طلعتُ من بُعد فأوهمتني
أنك قد عاينت شيطانا
لاقيتَني ساعة َ لاقيتني
أثقلَ خلق الله أجفانا
كأنما كنتَ تضمَّنت لي
رد شبابي كالذي كانا
أو طمَّ بحر الصين في طرفة ٍ
أو كَسْحَ أُرونْدٍ وثهلانا
أو كل مالم يستطع فعله
عيسى ولاموسى بن عمرانا
ياحَسَنَ الوجه لقد شِنْتَهُ
فاضمم إلى حُسْنِك إحسانا
أنت مَلُول حائلٌ عَهْدُه
تصبغُك الساعات ألوانا
تَصْرمُ ذا الوصل وتُضْحِي إلى
من يجتوي وصلَك ظمآنا
حتى إذا واصلَ صارمْتَه
أو سُمْته صدا وهجرانا
وتستلينُ الدَّهْر ذا خُشنة ٍ
فظاً وتستخشن من لانا
وتعقِدُ الوعدَ فإنجازُه
خُلفٌ إذا إنجازهُ آنا
حتى إذا أنجزتَهُ مرة
مَنَنْتَهُ سرا وإعلانا
وماأحبُّ الواعدي مُخلفاً
كلاّ ولا الممتنَّ مَنّانا
حذَّرتني الناسَ فقد أصبحتْ
نفسي لاتألف إنسانا(75/302)
أهنتني جداً فأعززتني
رُبَّ امرىء عَزَّ بأن هانا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ياهل تعود سوالفُ الأزمانِ
ياهل تعود سوالفُ الأزمانِ
رقم القصيدة : 62244
-----------------------------------
ياهل تعود سوالفُ الأزمانِ
أم لافمنصرفٌ إلى السلوان
ولئن عدلتُ عن الغِواية همتي
وغدوت معترفاً لمن يلحاني
لبما أروح وللشبيبة حَبْرة ٌ
أرني العيون بفاحم فتَّان
وبمُشْرِق صافي الأديم كأنما
فيه ائتلاقٌ من صفيح يمان
وبما أَمُدُّ يدي إلى ثمر الصبي
فأنوشُ منها فَوْتَ كف الجاني
بعضَ الأسى إن الأسى لك جمّة ٌ
كلُّ سيدرك جريَه العصران
أضحى محمدٌ المحمَّدُ كاسمه
في الصالحات مُشَارَ كُلِّ بِنانِ
في أيِّها جَارَى تقدَّم شأوُه
فحوى الرهانَ أمام كُلِّ عِنان
عَلُم السراة حَيا العُفاة ِ نَدى الثرى
وتُقى العُرا في نائبِ الحدَثَان
تعشو الرجال إلى نواجم رأيه
والخطب أعجمُ داثرُ البرهان
وتؤمُّ مقحمة ُ السنين فناءه
فتُنيخ منه بواسعِ الأعطانِ
يغلو بأغلاق المحامد سومُها
ويرى الرغائبَ أوكَسَ الأيمان
لم يخل يوماً من نجِيّ تقيّة ٍ
تدعو إلى المعروف والإحسان
لاتُفْرطُ الجدوى أنامل كفّهِ
حتى يهشَّ إلى فَعَال ثاني
يبْغي بذلك قربة ً أو صيتَة ً
وأَثيرُ همَّتِه رضا الرحمن
وإذا بدا ملأ العيون جلالة ً
فتَظلُّ وهي كليلة ُ اللحظان
وإذا هفا أهل الحلوم رسا به
حلمٌ يشولُ بَيَذْبُل وأبان
عَذُبَت مَمَادحُه بأفواهِ الورى
فثناؤه يُثْني بكُلِّ مكان
ولَهُ من العباس مَجْدُ ولا ية
عن كُلِّ أَزْهَرَ من بنيه هَجانِ
ياوارث الصَّباح ربوة َ مجدِه
أصبحت نعم مؤثِّل البنيان
كم فَعلة لك في الأنام سَنيَّة ٍ
ولدى الإله ثقيلة ُ الميزان
إني لشاكرك الذي أوليتَني
ساع لذلك غيرَ سعي الواني
عجزت يداي عن الجزاء فألقتا
عبء الشكور على ثناء لساني
ولأسْمُكنّ خلال كُلِّ قبيلة
نشراً لذكرك طيّب النَّسَمانِ
كجليب رَيَّا الروضِ بات يُشيعه
نفح الصِّبا في ليلة مِدْجان(75/303)
بمنَخَّلاتٍ من عقائل منطقي
سَلسِ مساربهُنَّ في الآذانِ
لازال جَدّك يامحمد صاعداً
وهوتْ جدودُ عِداك للأذقان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ليس الكريم الذي يعطي عطيتَهُ
ليس الكريم الذي يعطي عطيتَهُ
رقم القصيدة : 62245
-----------------------------------
ليس الكريم الذي يعطي عطيتَهُ
على الثناء وإن أغلى به الثمنا
بل الكريم الذي يعطي عطيته
لغير شيء سوى استحسانه الحسنا
لايستثيب ببذلِ العُرْفِ محْمدة ً
ولايَمُنُّ إذا ماقَلَّد المِننا
حتى لتحسب أن الله أجبَرَهُ
على السماحِ ولم يَخْلُقْهُ مُمْتَحَنا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رأيتُ كُلَّ شراب لامَساغَ له
رأيتُ كُلَّ شراب لامَساغَ له
رقم القصيدة : 62246
-----------------------------------
رأيتُ كُلَّ شراب لامَساغَ له
غير المدامة ِ إلاَّ عِند ظمآن
كأسٌ يسوغها الريانُ لذتَها
إذا تأبَّى سواها كُلُّ رَيَّانِ
يَملُّ كل شرابٍ من يُعاقِرُهُ
وشاربُ الراح مشعوفٌ بها عاني
كريقة ِ المرء لاتنفك من فمه
ومايَمَلُّ لها طعماً لإبَّان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> فَضَّلَ الراح أنها لذَّة المَش
فَضَّلَ الراح أنها لذَّة المَش
رقم القصيدة : 62247
-----------------------------------
فَضَّلَ الراح أنها لذَّة المَش
رب عند الظمآن والريَّانِ
وجميعُ الشراب مما سِواها
غيرُ لذٍّ إلا لدى الظمآنِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كسته القنا حُلَّة من دم
كسته القنا حُلَّة من دم
رقم القصيدة : 62248
-----------------------------------
كسته القنا حُلَّة من دم
فأضحت لدى اللهِ من أُرجوانِ
حَذَتْهُ معانقة ُ الذراعي
ن معانقة َ القَاصرات الحسان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> جَرّبت شعري أبلو كيف طاعتهُ
جَرّبت شعري أبلو كيف طاعتهُ
رقم القصيدة : 62249
-----------------------------------
جَرّبت شعري أبلو كيف طاعتهُ
وقلت هل يتأتى في سليمانِ
فجاءني فيه طوعا لا ينازعني(75/304)
وَلَم أَخَلْهُ يواتي فيه بيتان
فقلت أمّا وهذا ابن طاعته
فسوف أَجزيه إحساناً بإحسان
وماأُراني سَجيسَ الدهر جازيَهُ
بمثل مَدْحي به يَحيَى بن خاقان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لاترى نرجساً يشبِّه بالور
لاترى نرجساً يشبِّه بالور
رقم القصيدة : 62250
-----------------------------------
لاترى نرجساً يشبِّه بالور
دِ إذا ماأردت فكراً وعينا
ومن الورد مايُشَبَّهُ بالنَرْ
جِسِ علماً بأن في ذاك رينا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> طلب البيهقي قَرناً فلم يُحْ
طلب البيهقي قَرناً فلم يُحْ
رقم القصيدة : 62251
-----------------------------------
طلب البيهقي قَرناً فلم يُحْ
رمْهُ لكنه أصيب بأذْنِهْ
لاكمن لم يَنَلْه واصطُلِمت أذ
ناه لمّا ابتغاهُ ياطُولَ حُزنه
ويك يابيْنُ أيُّ قَرن عليه
ليتَ للبيهقي عَقْلاً بوزنِهِ
قرنه مثل بظر أمك في الطو
ل ولكنه غليظ كذهنه
لو مكانَ الهجاء سَدَّدَهْ نَحْ
وي توليتُ هارباً خَوْف طعْنه
لكنِ الوغدُ جاهلٌ لَيْسَ يدري
أَيْن منه تكونُ شدَّة ُ رُكْنهِ
لكن القَلْطبان أحمقُ فَدمٌ
جاهلٌ أين منه شِدَّة ُ رُكْنه
لَيْس يدري من الغباوة أين ال
بأسُ منه وأين مَوْضِعُ وَهْنه
بل أراهُ أراد إترارَ روحي
بأهاجيه لي ضلالاً لأفْنه
أَتَرى الثور مادرى أَنَّ قلبي
بين جنبيَّ نيرانُ ذهنه
بل أبى علمُه بذاك عماهُ
ماله سَدَّ ثُقْبَتي جدَّة ِ ابنهْ
لست أخشى إذا بدا حُرُّ شِعْري
مُلْبسي دون بُرْده دِرْع أَمْنه
لعنة ُ الله كُلّ يوم عليه
فهو أَولى من المجوس بلعنه
لعنة ٌ منه في الإقامة تَغشا
هُ وأخرى تزورهُ يوم ظَعْنه
رجلٌ يدَّعي الصرامة والفت
ك وحَولاؤهُ تناك بإذنِهْ
مثل مايدعي من العِلْم بالنحْ
و على جهله وكَثْرة لحنِهْ
ساقط يخبنُ الغلاصِمَ والأع
ينُ في رُدنه لمنبت قَرْنه
أنا آكلته فما بَصُرت عي
ني بشيء كأكله وكخبنِه
قلت من أنت أيها الشرهُ النذ
لُ شهودي عليه آثار رُدنه(75/305)
قال عبد الأمير. قلتُ هواناً
لك كلُّ الهوان بل عبدُ بطنه
إنما البيهقي مَيْتٌ مجيفٌ
وهل الميتُ مالكٌ قطعَ نتنه
وبِعينِ الأمير أشياءُ كانت
مِنْهُ بالأمس مُوجباتٌ لشجْنِه
فليُعده إلى المطابقِ مذمو
ماً فما للمُجيف شيء كَدفنه
أنا كالبيهقي إن لم أكن مِنْ
هُ مكانَ القذاة ِ من بطن جَفْنِهْ
قَدْ طَحَنَّاه واعتصرناه يابي
ن فكُلْ كسبَه وأسرِجْ بدهنه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أرض عمران تُزرَعُ العُصْيَانَا
أرض عمران تُزرَعُ العُصْيَانَا
رقم القصيدة : 62252
-----------------------------------
أرض عمران تُزرَعُ العُصْيَانَا
كلَّ حولٍ فتُخرِج الحُملانا
ومؤوناتٌ بَذرها لا على القَرْ
نان لكن تَحْملُ الإخوانا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أنظروني بني ثوابة حتى
أنظروني بني ثوابة حتى
رقم القصيدة : 62253
-----------------------------------
أنظروني بني ثوابة حتى
أضَع الذَّمَّ والأمانة عنّي
ثم أنجو بثقْلكم بعد ذاكُمْ
واتقوا الله وارحموا ذاك مني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> هذا كتابٌ من أخ شاكرٍ
هذا كتابٌ من أخ شاكرٍ
رقم القصيدة : 62254
-----------------------------------
هذا كتابٌ من أخ شاكرٍ
نُعماك يرجوك لريبِ الزمانْ
أصفاكَ شكرَ القلب عن نية ٍ
وبعدَ شكرِ القلب شكر اللسان
ولست أشكوك ولكنما
يشكوك مني موضع الطيلسان
فأنجِز الوعد بثوب له
من الجياد المرتضاة الحسان
وفي القوافي ثمنٌ مريح
فلا تُقصِّر ذَرْعه عن ثمان
ولا تكدِّره بتأخره
حاشاك من مَطل الجواد الجبان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> بني وهب الله جارٌ لكم
بني وهب الله جارٌ لكم
رقم القصيدة : 62255
-----------------------------------
بني وهب الله جارٌ لكم
من النائبات وأزمانها
يغيظُ العدا أنكم عُصبة ٌ
تَبيَّن رُجحان ميزانها
جُعلتم وأبناؤكم دَوْحة ً
مَقيلُ الورى تحت أفنانها
فكان القوامُ بأعرافها
وكان التمامُ بأغصانها
ولن يذهب الدهرُ حتى تُرى(75/306)
سليمانُها كسليمانِها
أقول لمستخْبرٍ عنكُم
ودعوايَ رهنٌ ببُرهانِها
أولئك عُدَّة ُ أملاكنا
قديما وزينة مُزدانها
فهم في العناء كأسيافها
وهم في البهاء كتيجانها
ولم أُوفِهم حقَّ تمثيلهم
ضلالا لنفسي ونسيانها
وليسوا كعينٍ وإنسانها
وماقدرُ عين وإنسانها
سأُعلي مراتب أمثالها
بما رفع اللهُ من شانها
هم للملوك كأرواحها
إذا الناسُ كانوا كأبدانها
فتلك الخلافة تعتدُّهم
يد الدهر أركان بنيانها
وما عند أربعة ٍ منهمُ
أبى الله عدة أركانها
ولكن لها منهمُ عدَّة ٌ
كقَطْر السماء وسكانها
وأقلامُهم عند أملاكنا
أسنة ُ أرماح فرسانها
وحنَّت إليكم وزاراتُهُمْ
فحنَّت إلى خير أوطانها
لئن ضُمِّنُوا صوْن ساداتناخفيفدخلتنا الشكوكُ يا بن أبي شيْخ بأيِّ الأديان أنت تدينُ وإلى أيها تميلُ ابا جَعْفرٍ كم ذا الهوي وذا التلوينُ إن في واسطِ العراق رجالاكلهم شاهدٌ عليك أمينُ
لما صان عينا كأجفانها
دخلتنا الشكوكُ يا بن أبي شيْ
خ بأيِّ الأديان أنت تدينُ
وإلى أيها تميلُ ابا جَعْ
فرٍ كم ذا الهوي وذا التلوينُ
إن في واسطِ العراق رجالا
كلهم شاهدٌ عليك أمينُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا بن حسانَ لاتشكنَّ في دي
يا بن حسانَ لاتشكنَّ في دي
رقم القصيدة : 62256
-----------------------------------
يا بن حسانَ لاتشكنَّ في دي
نِي ولا تقتسمْك فيَّ الظنون
فهو توحيدُ ذي الجلال وتَصْ
ديقُ الذي بلَّغ الرسول الأمينُ
مِلَّة ٌ رِشْدة ٌ أَراني هُداها
بصرٌ ثاقب وعقلٌ متين
فلها مَعْقَدٌ بجيدي وثيق
وقرارٌ من ذات نفسي مكين
لست بالمستعيض منها ولا الرا
غب عنها إني بها لَضَنين
إنما يُستمالُ عن سمت رُشدٍ
من تَولاه رأيُك المأفون
فاغدُ عني وانظر لنفسك دوني
ليس يُجزَى سواي عما أَدين
وَليزعَك المشيبُ عن بعض ما تفْ
عل أو وجهك المشوه المَشينُ
كم يكونُ العتو في الأرض يا شقْر
راقُ لا ترعوي ولا تستكين
في نكاح مثل السِّفاح خلا أَنْ(75/307)
نَ ذاك شُبهة ٌ وذاك مُبين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أُنهنِهُ غَرْبي عن الجاهلي
أُنهنِهُ غَرْبي عن الجاهلي
رقم القصيدة : 62257
-----------------------------------
أُنهنِهُ غَرْبي عن الجاهلي
نَ حلما وإني لعضب اللسانِ
فإن غمطوا الحلم أتبعتُه
مَغبَّة َ إطراقة ِ الأُفعوان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> خساسة ُ البيهقي والبين
خساسة ُ البيهقي والبين
رقم القصيدة : 62258
-----------------------------------
خساسة ُ البيهقي والبين
لم تُر في واحدٍ ولا اثنيْنِ
في لؤم كلبيْن إن كشفتهما
كشف امتحانٍ وقبحِ قردين
وجهلِ عَيْرين إن سألتهما
عن بابِ علم وحُمق تيسين
إن وعدا أخلفاك ما وعدا
أو حدّثا حدثاك بالمَيْن
أو حُمِّلا من أمانة ٍ طَرَفا
كانا الظِّنينين لا الأمينيْن
هذا يبيع القريضَ من شرهٍ
ووالديه معا بفلسين
باع كلام الأمير مُرتغبا
عنه بقُوَّارَتَي رغيفين
وفَضلة ٍ من عصيدة ٍ خمختْ
وبائعُ الزينِ مُشتري الشين
يا لك من بائع بلا ورق
ينشُده ناقدٌ ولا عين
والبينُ في المخزيات يشرُكه
لاباركَ اللهُ في الشريكين
أسد إلى البينِ كل عارفة ٍ
يَجْزِك من شيْ بضعفين
فيه وفي الباهلي مُعتبَرٌ
إياه أَسدي إليه عُرفين
وسَّطه مجلسُ الأمير وأح
ياهُ وقد مات مِيتة الدَّين
فكان ما كان من مثوبته
أَوْرَده الله مَوْردَ الحين
ثم الدمشقيُّ بعد صاحبه
فليعتبر ناظرٌ بعينين
إنَّ قريضاً يكون حاملُهُ
في الناس كالبيهقيِ والبين
لم يُحسنا قطُّ صُنْعَهُ وإذا
ما أنشداه حُلويْن
عندي كالسيف في يديْ رجلٍ
لا بطلٍ مُحرَّب ولا قين
فليس بالمحسن القتالَ ولا
صانعَ صدقٍ صناعَ كفَّين
من شرِّ أصلين إن نسبتهما
لاشك فيه وشرِّ فرعين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يابن التي لم تزل تُجاري
يابن التي لم تزل تُجاري
رقم القصيدة : 62259
-----------------------------------
يابن التي لم تزل تُجاري
في الغيِّ شيطانَها اللعينا
تزْني وتُزني ولا تُبالي(75/308)
ولا تدينُ الإله دينا
حتى إذا يومُها أتاها
أوْصَت بنيها خَزُوا بنينا
بأنْ إذا مِتُّ فاجعلوني
ذَريرة ً للمخنثينا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ما راح مغبونا بصفقة خاسر
ما راح مغبونا بصفقة خاسر
رقم القصيدة : 62260
-----------------------------------
ما راح مغبونا بصفقة خاسر
ممن باع متعة َ فائتٍ بأمانِ
أمنَ امرءٌ من رُزءِ شيْ فاته
والمُدركوه مراقبو الحدثان
وكفى عزاءً لأمرىء عن فائتٍ
أن لا يخافَ عليه صرفُ زمان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أعرف ورَّاقاً بآيينهِ
أعرف ورَّاقاً بآيينهِ
رقم القصيدة : 62261
-----------------------------------
أعرف ورَّاقاً بآيينهِ
من قَرْنه نُصب سكاكينِهِ
يُكنى أبا حفصٍ له زوجة ٌ
جارُ استها أيسرُ ما عونه
لايمنع المسكين من نيكها
ياليتني بعضُ مساكينه
جودٌ دِيانيٌ له فضلة ٌ
يأمن خُسران موازينه
انظرْ إذا شئت إلى قرنه
وانظر إلى قائم سكينه
تجدْهما من جوهر واحدٍ
كجودِهِ المشتق من دينه
وقائل لستَ بذي فهَّة ٍ
ولا ضعيفِ الرأي مأفونه
فلِمْ أَذلتَ الشعر في مثله
فقلتُ والعذرُ بتبيينه
قد جُنَّ جُلُّ الناسِ في دهرنا
فعُدَّني بعضَ مجانينه
إن أكُ قد أكسبْتُه سمعة ً
وزانه شعري بتزيينه
لطالما ملَّكني رأسه
تسبحُ كفي في ميادينه
شيخ لنا في مستوى رأسِهِ
بستانُ صدقٍ من بساتينه
إذا البساتين انقضى حمْلُها
أطعمَ في كلِّ أحايينِهِ
فخرا أبا حفص بما نلته
من زين شعري تحاسينه
قد يعظُم الشيء بتعظيمه
وربما هان بتهوينه
أصبح شعري بعد ضنّي به
يَرْفلُ في ألوانِ موضونه
عمن يُصانُ الشعر من بعدما
صار لك اسمٌ في دواوينه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لاتعذلوا عرسَ أبي غانم
لاتعذلوا عرسَ أبي غانم
رقم القصيدة : 62262
-----------------------------------
لاتعذلوا عرسَ أبي غانم
في دَسِّها القِثاء في التِّينَهْ
فيشهد اللهُ لقد أصبحتْ
إلى أيور الخلقِ مسكينه
لأن جرذانَ أبي غانم(75/309)
في اللوحِ مشكولٌ بتسكينه
أعيا عليها بعدما حاولت
تحريكه بالعطر والزينه
إن كان عنينا به آفة ٌ
فإنها ليست بعنينه
بل شهوة الجرذان من سُوسها
مُركَّبٌ ذلك في الطينه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لما رأى أمهُ نهبي مقسمة ً
لما رأى أمهُ نهبي مقسمة ً
رقم القصيدة : 62263
-----------------------------------
لما رأى أمهُ نهبي مقسمة ً
يجري الهجاءُ بها في كل ميدان
أحرجْتُهُ فهجاني غيرَ منتصرٍ
لاسابقٌ من مجاراتي ولاثان
أظهرتُ في شعره من ضعف مُنته
خِزيا أعضُّ له من هتكِ بوران
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لما رأى أمهُ نُهْبَى مقسمة ً
لما رأى أمهُ نُهْبَى مقسمة ً
رقم القصيدة : 62264
-----------------------------------
لما رأى أمهُ نُهْبَى مقسمة ً
يرمي بها الشعرُ بلدانا فبلدانا
أغضبتُهُ فهجاني غيرَ منصرٍ
كعاركٍ أنفه بالأرض غضبانا
أظهرت في شعره من ضعف مُنَّتهِكاملما إن يزال لهنَّ ردفٌ شائلٌأو ركبتان يقارعان جبينا لو جئتهنَّ إذا خَلَوْنَ ليَّة ٍلسمعتَ أجراسا هناك فنونا قرعَ الأيور فروجهنَّ تشَوبِهأنفاسُهنَّ زوافراً وأنينا زفراتُ أكيارٍ ووقعُ مطارقٍفكأن بيتك كورُ حدادينا مُجنٌ ينبهن
خِزياً أعضَّ له من خِزي بورانا
ما إن يزال لهنَّ ردفٌ شائلٌ
أو ركبتان يقارعان جبينا
لو جئتهنَّ إذا خَلَوْنَ ليَّة ٍ
لسمعتَ أجراسا هناك فنونا
قرعَ الأيور فروجهنَّ تشَوبِه
أنفاسُهنَّ زوافراً وأنينا
زفراتُ أكيارٍ ووقعُ مطارقٍ
فكأن بيتك كورُ حدادينا
مُجنٌ ينبهن الغواة َ على الزنا
ويصحن ليلاً يا نيام التينا
لله نسوة ُ خالدٍ لقد اعتلتْ
كلَّ القِِحاب خلاعة ً ومجونا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قد كنتُ أبكي لأصحاب الهوى زمنا
قد كنتُ أبكي لأصحاب الهوى زمنا
رقم القصيدة : 62265
-----------------------------------
قد كنتُ أبكي لأصحاب الهوى زمنا
فهل لي الآن من باكٍ فيبْكيني
أهكذا يجدُ العشاقُ كلهمُ
يارحمتي للمحبين المساكينِ(75/310)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبو سليمان لاتُرضَى طريقتُهُ
أبو سليمان لاتُرضَى طريقتُهُ
رقم القصيدة : 62266
-----------------------------------
أبو سليمان لاتُرضَى طريقتُهُ
لافي غناء ولاتعليم صبيانِ
شيخٌ إذا عَلَّمَ الصِّبيان أفزعهم
كأنه أمُّ صبيانٍ وغيلان
وإن تغنَّى فسلحٌجاء منبثقا
في لونِ خلقتِه من سَلحِ سكران
له إذا جاوَب الطنبورَ محتفلا
صوتٌ بمصر وضربٌ في خراسانِ
عواء كلب على أوتارِ مندفة ٍ
في قُبحِ قردٍ وفي استكبار هامانِ
وتحسبُ العينُ فكّيه إذا اختلفا
عند التنغم فكَّي بغلِ طحان
لاحظْ لهازِمَهُ واضحكْ مُسارقة ً
فإنه عبرة ٌ ما إن لها ثاني
وأقذرُ الناس أسنانا وأطفَسُهم
وأشبه الناسِ أخلاقا بإنسان
عربيدة ٌ صلفٌ بالنّقل منصرفٌ
في كُمِّهِ أبداً آثار رُمان
واللوزُ لافارقته لوزتا ورمٍ
فشرطه منه عند الشَّرْب ريعان
نُقلٌ ونفلٌ إلى نبتٍ لهُ وضِر
كأنه منه في حانوت سمَّان
وإن سألنا ابنه ماذا أتاك به
أبوك قال لنا إكرارُ حرمان
هيهاتَ هيهاتَ مامن طامع أبدا
في زادِ زُهْمانَ إلا بطنُ زُهمانِ
وأضربُ الناس في قومٍ بجائحة
شُؤماً وأكثر من عمرو بن دهمان
وإن رأى حية ً تهتزُّ في رَكبٍ
هوى لها بعصا موسى بن عمران
لا بل بكوة ِ وثَّاب بكُوَّته
بلاَّعة ٍ كل تنين وثعبان
أبصرتُه ساجداً ... مبتهلاً
فقلتُ أعظمتَ كفرا بعد إيمانِ
فقال قد سجدتْ قبلي ملائكة ٌ
لمن سوى اللهِ دعوى ذاتَ برهانِ
فقلت ذاك أجلُّ الخلقِ كلهمُ
أبوك آدم هل هذان سيان
فقال آدمُ إنسانٌ وإن عظُمت
زُلفاهُ والأير أيضاً بعضُ إنسان
نهى الكتابُ عن الأوثان نعبدها
وما الأيور إذا قامتْ بأوثان
ماجاء في الأير نهيٌ عن عبادتهِ
لافي زَبورٍ ولاتنزيل فُرقان
فامنح مَلامَك مَنْ صَلَّى إلى وثنٍ
وامنع ملامك من صَلَّى لجرذان
يالهفَ نفسي ولهف الناس كُلِّهمُ
على سليمانَ مُخزي كلِّ شيطان
لو كان حياً لهاب الجنُّ سطوتَه
وماتعاتوا عليه بعد إذعان(75/311)
أبو سليمان شيطانٌ وكنيته
أبو سليمان أَمْناً من سليمان
خبَّرتُه أن رأس الأير فيشلة ٌ
فقال كلا ولكن رأسُ خاقان
إن يُشْقني الله بعد المحسنينَ به
فكم شقيتُ بحسن بعد بُستان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> من يكن يكرم اللئام فقد أض
من يكن يكرم اللئام فقد أض
رقم القصيدة : 62267
-----------------------------------
من يكن يكرم اللئام فقد أض
حوا وأمْسَوْا عندي بدار هَوان
هي دنيا طَفوْا عليها وإن قا
لواعلونا بالظن والحسبانِ
ماعلا من طفا كما طفت الجي
فة ُ في لُجَّة ٍ من الطوفان
أو كما شال ناقصُ الوزنِ في المي
زانِ وانحطَّ عنه ذو رجحان
فالهُ عنها تَهُن عليك يقينا
بأبي أنتَ يافتى الفتيان
وَدَعنْ مَنْ تقودُهُ بمُناها
كاسفَ البالِ دائمَ الأحزان
لو صفا عيشها فاسعد حيّا
لكمالٍ وحكمة ٍ وبيان
كنتَ من بؤسها ستحيا سليما
عاليَ القدر أيِّد الأركان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رأيتُك تكره وقعَ الظُّبا
رأيتُك تكره وقعَ الظُّبا
رقم القصيدة : 62268
-----------------------------------
رأيتُك تكره وقعَ الظُّبا
وتَصبُوا إلى كلِّ شيءٍ حَسَنْ
فإن لم يُكنْ لك صبُرٌ عليْ
يَ فلا تُغلبنَّ على الصبر عنْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تعالى جَدُّ دينارَي بُنان
تعالى جَدُّ دينارَي بُنان
رقم القصيدة : 62269
-----------------------------------
تعالى جَدُّ دينارَي بُنان
فحلاَّ حيث حلَّ الفرقدانِ
فلو أنَّ النفوسَ بحيثُ حلاَّ
غَدَوْنَ من الحوادثِ في أمان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ربِّ أطلق يدي في كلِّ شيخ
ربِّ أطلق يدي في كلِّ شيخ
رقم القصيدة : 62270
-----------------------------------
ربِّ أطلق يدي في كلِّ شيخ
ذي رياء بسمتِهِ فسكونِهْ
تاجرٍ فاجرٍ جموحٍ منوعٍذي عيالٍ زبونُهنَّ من الناكة بعدَ الهُدوّ مثلُ زبونه
يرهُق الناسَ في اقتضاءِ ديونه
ذي عيالٍ زبونُهنَّ من النا
كة بعدَ الهُدوّ مثلُ زبونه(75/312)
جمع المال بالعدالة في الظْ
ظاهرِ والموبقاتِ من مكنونه
في قَلَنْساتِهِ من القُطن ما يم
لأ عِدلا يُخال من عُثنونه
ذاتُ جنبين وافرين عظي
مين وسَمكٍ أطالهُ لقرونه
يخزنُ الإرثَ دائباً لمجيدٍ
فَضّ أبكاره وإفضاءَ عُونه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألا يا بن المرازبة ِ الهجانِلقد اشبهتهمْ وورثتَ عنهمْجميلَ الصبر للسُّمر اللدانِرماحٌ في اللقاءِ مضَ
ألا يا بن المرازبة ِ الهجانِلقد اشبهتهمْ وورثتَ عنهمْجميلَ الصبر للسُّمر اللدانِرماحٌ في اللقاءِ مضَ
رقم القصيدة : 62271
-----------------------------------
ألا يا بن المرازبة ِ الهجانِلقد اشبهتهمْ وورثتَ عنهمْجميلَ الصبر للسُّمر اللدانِرماحٌ في اللقاءِ مضَمناتٌبلا زُوجٍّ هناك ولا سِنانِ كما اشبهتَ خيلَهُمُ لتلْقى شبيه القومِ في كلِّ المعاني فما تنفك تُركَب كلَّ يومذَلولَ الظهرِ خَوَّار العِنان صبورٌ للرماح إ
ويابن الصابرين لدى الطعانِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لقد اشبهتهمْ وورثتَ عنهمْ
لقد اشبهتهمْ وورثتَ عنهمْ
رقم القصيدة : 62272
-----------------------------------
لقد اشبهتهمْ وورثتَ عنهمْ
جميلَ الصبر للسُّمر اللدانِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رماحٌ في اللقاءِ مضَمناتٌ
رماحٌ في اللقاءِ مضَمناتٌ
رقم القصيدة : 62273
-----------------------------------
رماحٌ في اللقاءِ مضَمناتٌ
بلا زُوجٍّ هناك ولا سِنانِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كما اشبهتَ خيلَهُمُ لتلْقى
كما اشبهتَ خيلَهُمُ لتلْقى
رقم القصيدة : 62274
-----------------------------------
كما اشبهتَ خيلَهُمُ لتلْقى
شبيه القومِ في كلِّ المعاني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> فما تنفك تُركَب كلَّ يوم
فما تنفك تُركَب كلَّ يوم
رقم القصيدة : 62275
-----------------------------------
فما تنفك تُركَب كلَّ يوم
ذَلولَ الظهرِ خَوَّار العِنان(75/313)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> صبورٌ للرماح إذا أتتهُ
صبورٌ للرماح إذا أتتهُ
رقم القصيدة : 62276
-----------------------------------
صبورٌ للرماح إذا أتتهُ
لتطعن منه في جوفِ العجان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألا يا قوم ويحكُمُ أصيخوا
ألا يا قوم ويحكُمُ أصيخوا
رقم القصيدة : 62277
-----------------------------------
ألا يا قوم ويحكُمُ أصيخوا
لوصفِ سلامة ِ الفردِ المَثاني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يقول ليونس لما علاَهُ
يقول ليونس لما علاَهُ
رقم القصيدة : 62278
-----------------------------------
يقول ليونس لما علاَهُ
وخاضَ بعَردِهِ قَعر العَجان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عَلام أُلاُم في حُبيك يا مَن
عَلام أُلاُم في حُبيك يا مَن
رقم القصيدة : 62279
-----------------------------------
عَلام أُلاُم في حُبيك يا مَن
شُفيتُ بمائِهِ لما سقاني
وغنَّى إذا لحاهُ الناسُ لما
رأوه مُطلقاً في ذُلِّ عاني
صبرتُ لما ألاقي في حبيبي
على مَضَضِ المذلَّة ِ والهَوان
نشدتُكَ ياسلامة ُ لِمْ وأنَّى
زَمَرْتَ وكنتَ تعرفُ بالأغاني
زَمرتَ فأنت أحذقُ من زُنام
وقد نلقاكَ أحذقَ من بُنان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قُلْ لابن بورانَ إن كان ابنَ بوران
قُلْ لابن بورانَ إن كان ابنَ بوران
رقم القصيدة : 62280
-----------------------------------
قُلْ لابن بورانَ إن كان ابنَ بوران
فإنَّ شكّي فيه جُلُّ إيماني
ياباطلاً أوهمْتنيه مَخايلُه
بلا دليل ولاتثبيتِ بُرهانِ
ماأنتَ إلا خيالٌ طاف طائفة
وما هجائيك إلا هجْرُ وسْنان
قد كنتُ أحسبه شيئاً فأهجوه
حتى أزاح يقيني فيه حسباني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كلُّ من خالفَ النعيمَ فمغبو
كلُّ من خالفَ النعيمَ فمغبو
رقم القصيدة : 62281
-----------------------------------
كلُّ من خالفَ النعيمَ فمغبو
طٌ ومَنْ ذا لا يَغْبطُ الناعمينا
غيرَ قومٍ لهم نعيمٌ مَهين(75/314)
مُعقبٌ أهله عذابا مُهينا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> للمادحونَ اليومَ أهلَ زماننا
للمادحونَ اليومَ أهلَ زماننا
رقم القصيدة : 62282
-----------------------------------
للمادحونَ اليومَ أهلَ زماننا
أوْلى من الهاجين بالحرمانِ
كم قائل لي منهمُ ومدحتُهُ
بمدائح مثل الرياض حِسانِ
أحسنتَ ويحكَ ليس فيَّ وإنما
أستحسنُ الحسنات في ميزاني
ياشاعراً أمسى يحوك مديحَه
في شرِّ جيل شرِّ أهلِ زمانِ
ماتستحق ثوابَ من كابرتَهُ
ورميته بالإفك والبُهتان
قومٌ تذكِّرهم فضائلَ غيرهم
فيروْن مافيهم من النقصان
فإذا مدحتَهُم فتحت عليهمُ
بابا من الحسراتِ والأحزان
ظلمَ امرؤٌ أهدى المديح لمثلِهم
ثم استثابَ مثوبة َ الإحسانِ
أيفيدهم أسفا ويطلب رِفدَهُم
لقد اعتدى وألظَّ في العدوان
قد أحسنوا وتجشموا كُلّ الأذى
إذْ أهْدفوه مسامعَ الآذان
ذهب الذين يهزُّهُم مُدَّاحُهُم
هَزَّ الكُماة عواليَ المُرَّان
كانوا إذا مُدحوا رأوا ما فيهمُ
فالأريحيَّة ُ منهمُ بمكان
والمدحُ يقرعُ قلب من هُو أهلُهُ
قرعَ المَواعِظ قلبَ ذي إيمان
فدع اللئامَ فما ثوابُ مديحهم
إلا ثوابُ عبادة ِ الأوثان
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا بني السِّمري لاتَجشموني
يا بني السِّمري لاتَجشموني
رقم القصيدة : 62283
-----------------------------------
يا بني السِّمري لاتَجشموني
أن يُثير القصيدُ كُلّ دفينِ
قد تجاوزتُ ماتجاوزت عنكم
وتغاضت على قذاكمْ جُفوني
فبعثتم عقارب الشرِّ عَوْدا
وأمنتم بذاك غيرَ أمين
لايغرِّنكم بجهلي حلمي
وارعوائي إلى حيائي وديني
إن لين المهزِّ في السيف أمضى
لغراريه في صميم الشؤون
لستُ بالمَعزِل القصي عن الشَّرْ
رِ ولا في سبيله بعَنون
أتقي الشرَّ جاهدا فإذا ما
حُمَّ حَمِّي تركتُهُ يتقيني
يابني السِّمَّري لو لم تهيجوا
طيرَ جهلي لخيَّمتْ في الوُكون
يابني السمري هيهات هيها
ت رجوتم مني سِقاط أمون
يابني مُعمل القوادمِ دأبا(75/315)
في صماليخ سمعه المأْفون
كان مما يُغل في أذنه الري
شة َ حتى تغيب في اللُّغنون
فإذا فارقَتْهُ صَبّ إليها
واعتراه لفقدها كالجنون
ماسمعنا فيما سمعنا بأذنٍ
بُليت قبلها بداء اللكون
لئن استحلَقتْ لذلك مما
سمعت منكُم خقيقَ البطون
يابني السمريّ أفسدتُم النسْ
ل وأفنيتُم منَّي المُتون
منْ عذير النساء والنسلِ منكم
أخذَ الله منكُم باليمين
يابني السمرِيِّ قد لزمتكم
حُرمة ُ الروم ويحكم فاحفظوني
أنا منهم وهم أَظباءُ داء
بَيْن أحشائكم بطيء السكون
جُلُّ ماكان من بلاغ أبيكم
وصفُه كلَّ عاقل بثَخينَ
يابني السمري ماهَنواتٌ
بين فكَّي أخيكمُ حُسْنون
بعضُ أضراسه يكادمُ بعضاً
فهي مسنونة ٌ بغير سَنون
لادُؤوبٌ إلا دُؤوبُ رَحاها
أو دُؤوبُ الرحى التي للمنون
لاتُعطِّل رحالك يابن سُلي
مان فليس الثوابُ فيها بدون
قسماً لو وقفتَها للمساكي
ن لما مَسَّهم غلاءُ الطحين
فاهتبلْ أَجْر وقفها واتخذها
لك فخرا في دولة المُستعين
فلهذا الأوانِ لاشك فيه
كنتَ علمي تروضها منذ حينِ
ماظننتُ الإنسان يجترُّ حتى
كنتَ ذاك الإنسان عينَ اليقين
يابني السمري عَيَّرتُمونا
بالصياصي تطاوُلا بالقرون
قد تناولتُكم بما كفَّ غربي
مُعرضا عن نسائكم فاحذروني
ولقد كنت رُمتكم بهناتٍ
هُن ماهُنَّ قاطعاتُ الوتين
فثنت عنكُم النُّهى مِنْ عناني
وأمامي مَمَدُّ شأوٍ بطين
فانتهى المنتهون قبل عُرامي
وركوبي الفنونَ بعد الفنون
إن للشعرفي قُطاطة َ سبحاً
إن تعرضتُم وأحرجتمُوني
دونكم مُشكل الهجاء نذيراً
بفصيحٍ من الهجاء مبين
وإن استحوذ الشقاءُ عليكم
فلساني بما وأيتُ رَهيني
أيها الجائرون في السير قصداً
إن في الجَوْر وادي التنين
فيمينا لئن ضللتم هُداكم
لأحلَّنَّكم بمنزلِ هون
ثم يأبى الهجاءُ أو يَتلافى
وَكْسَ مابين غثِّكم وسميني
فأوفيكمُوهُ بالصاع صا
عينِ وفاءً يسوء وَجْه المَدينِ
لوجهلتُمْ مادون أن تجهلوا ال
حلمَ لعارضتكم بحلمٍ رزين
لكن الجهلُ والسفاهة ُ فيكم(75/316)
بمكانٍ من القلوب مكين
فقليلٌ من جهلكم أن تظنوا
بحليم ظنونكم بمَهينِ
وثقيلٌ عليَّ ردُّ القوافي
لابِوتري ولابشكرٍ ثمين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وثقيلٍ كأنه ثِقْلُ دين
وثقيلٍ كأنه ثِقْلُ دين
رقم القصيدة : 62284
-----------------------------------
وثقيلٍ كأنه ثِقْلُ دين
تتقذاه طالعاً كلُّ عين
فيطعنُ في دُبرهِ
أفانينَ من طَعْنه
له سائسٌ أيِّرٌ
يجولُ على مَتنه
فيا من رأى والداً
بنوه بنو بَطْنهِ
وكائنٌ من ابن له
وإن كان لم يُمنهِ
فجاء به مثله
يضاهيه في أفنه
تَجَلّلُه عبدُه
فأحبله بابنهِ
إذا ابن خِيار بدا
فحيِّ على لَعْنِهِ
حمَّل الله أَرْضَهُ ثقيلهامتقارب إذا ابن خِيار بدافحيِّ على لَعْنِهِ تَجَلّلُه عبدُهفأحبله بابنهِ فجاء به مثلهيضاهيه في أفنه وكائنٌ من ابن لهوإن كان لم يُمنهِفيا من رأى والداًبنوه بنو بَطْنهِ له سائسٌ أيِّرٌيجولُ على مَتنه بذيء فيطعنُ في دُبرهِأفانينَ من
وبراهُ علاوة الثِّقلين
باطولَ من قرنهِ
واغلط من ذهنه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مابالُ فرخٍ أبوه بلبلٌ قَملٌ
مابالُ فرخٍ أبوه بلبلٌ قَملٌ
رقم القصيدة : 62285
-----------------------------------
مابالُ فرخٍ أبوه بلبلٌ قَملٌ
يُكنَى أبا الصقرِ يا أهلَ الدواوينِ
عَرُّوه من كنية ٍ ليست تليقُ به
يكنى أبا الصقرِ من كان ابنَ شاهينِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عجبَ الناسُ من أبي الصقر إذ وُلْ
عجبَ الناسُ من أبي الصقر إذ وُلْ
رقم القصيدة : 62286
-----------------------------------
عجبَ الناسُ من أبي الصقر إذ وُلْ
لِيَ بعد الإجارة الديوانا
ولعمري ما ذاك أعجبُ من أَنْ
كان عِلجاً فصار من شيبانا
إن للجدَّ كيمياءً إذا ما
مَسَّ كلباً أحالهُ إنسانا(75/317)
يفعل الله مايشاء كما شاكأن صوت الأعجرِ المتينفي طيز ذات الكَفل الرزين صوتُ يد العجّان في العجينأو رجلِ طيّان مشىي الطين ايرٌ غليظ في حرٍ سمينفي غادة ٍ وافرة المنين بذيء تواضعت لا للتُّقى والدينتحت فتى من قلبها مكين توضع البطة ِ للشاهين
ء متى كائنا ما كان
كأن صوت الأعجرِ المتين
في طيز ذات الكَفل الرزين
صوتُ يد العجّان في العجين
أو رجلِ طيّان مشىي الطين
ايرٌ غليظ في حرٍ سمين
في غادة ٍ وافرة المنين
تواضعت لا للتُّقى والدين
تحت فتى من قلبها مكين
توضع البطة ِ للشاهين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يامن قسا لمّا شكو
يامن قسا لمّا شكو
رقم القصيدة : 62287
-----------------------------------
يامن قسا لمّا شكو
تُ إلى تطوّله زماني
واعتدَّني لما رخص
تُ عليه من سَقَطِ المعاني
سأصون مالك عن يدي
وأصون عرضَك عن لساني
آليتُ لا أهجو طِوا
لَ الدهر إلا من هجاني
لا بل سأطَّرحُ الهجا
ءَ وإن رماني من رماني
أمنَ الخلائقُ كلهم
فليأخذوا منّي أماني
حِلمي أعزُّ عليِّ مِنْ
غَضَبي إذا غضبي عَراني
أَوْلَى لجهلي بعدَما
مَكَّنتُ حِلمي مِنْ عناني
ضَمن التنزُّه كفَّ غر
بي والوفاء أخو ضماني
فلأَصبرنَّ وأكظِمَنْ
نَ وإن لظى غيظي كواني
لكنني سأحبُّ نَفْ
سي إذ قلاني من قلاني
وأريدها كُلَّ الإرا
دة إذ أباني مَنْ أباني
وأرى مَكاني إذ تعا
مَه من تعامه عن مكاني
حتى يراني الله كَيْ
ف صيانتي قَدْري وشاني
ويعولُني فعِيالتي
حَقُّ عليه كما براني
ولتغْذُوَنّي بالكرا
مة ِ إنه قدْماً غَذاني
وإن انتهى خَبري إلى
من كنتُ أَخدُمُه كفاني
ما كان غارسُ دوحتي
يرضى ضَياعي لو رآني
وعليك ألفُ تحية ٍ
منّي نهاني مَنْ نهاني
وسأستعينُ على الفرا
قِ الصبر إِنْ شوقٌ دعاني
وسأستريحُ إلى اللقا
ء النَّزْر إن قلبي حَداني(75/318)
حتى تبين أننيبسيط نحب كلَّ غلام مَيْعتُهينزو إّا استَنكناه بأيريَيْنِ بذيء مُصحّح الجسم لم يُلمِم به سقمٌولا استكان لهجرانٍ ولا بَيْنِ ذاك الذي يُخلصُ الود الصحيح لهونشتري نيكة ً منه بألفين بذيء له بنا خلواتٌ يا للذتهاتشفي القلوبوتجلوها من الرَّين
حُرٌ وإن حرٌّ جفاني
نحب كلَّ غلام مَيْعتُه
ينزو إّا استَنكناه بأيريَيْنِ
مُصحّح الجسم لم يُلمِم به سقمٌ
ولا استكان لهجرانٍ ولا بَيْنِ
ذاك الذي يُخلصُ الود الصحيح له
ونشتري نيكة ً منه بألفين
له بنا خلواتٌ يا للذتها
تشفي القلوبوتجلوها من الرَّين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لي صديقٌ إذا تُنوول عِرضي
لي صديقٌ إذا تُنوول عِرضي
رقم القصيدة : 62288
-----------------------------------
لي صديقٌ إذا تُنوول عِرضي
أو رأى يوم نَوْبتي ذَبّ عني
فإذا ما رأى مُشِيداً بذكري
أو رأى يوم غبطتي حطَّ مني
نفعه في شَذا يدي لا رجائي
فهو لي كالطبيب لا كالمغني
ليس يُجدي عليَّ في يوم سِلْمي
وهو في الحرب مُنْصلي ومِجَنِّي
لست أنفك بين ضدَّين منه
واعتدادي به شديدٌ وضني
عِلْم نفسي بأنَّ كل خليلٍ
لم يُصَوّر كصورة المتمني
سُؤلُ نفسي المعنى بي لا المعنَّى
ويعز المعنَّى بي لا المعنيِّ
ذهب الواضعون ثِقل التجني
عنك والجاملون ثِقْل التجني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أقول لما رأيتُ عِرْسي
أقول لما رأيتُ عِرْسي
رقم القصيدة : 62289
-----------------------------------
أقول لما رأيتُ عِرْسي
تسترزقُ اللهَ باليدينِ
سيجعلُ الله بعد عُسْرٍ
يُسراً بجدوَى أبي الحُسَيْنِ
للفال بُشرى بذاك عندي
ليست بزُورٍ ولا بميْن
ما اتصلت آية بشعري
تكفل باليسر مرتين
إِلاَّ لأمر يكونُ فيه
قُرة ُ عين ونُعْمُ عينِ
من حُسنِ حالٍ ورِفْه بالٍ
ورفع قدرٍ وحَط دَيْن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وضرطة ُ وهبٍ من الحادثات
وضرطة ُ وهبٍ من الحادثات
رقم القصيدة : 62290(75/319)
-----------------------------------
وضرطة ُ وهبٍ من الحادثات
إذا ذُكرتْ حادثاتُ الزَّمنْ
أهذا الغلاء وهذا البلاءإليك المعوَّلُ والمشتكى فَمُنَّ بعفوك يا ذا المِنَنْ أيا آل وهبٍ لقد رعتُمُعظامَ النواسيِّ أعني الحسن فأقسم لو كان حيا بكى بما صنعتْ ريحكم بالدمن
وهذا الضُّراط وهذي الفتن
إليك المعوَّلُ والمشتكى
فَمُنَّ بعفوك يا ذا المِنَنْ
أيا آل وهبٍ لقد رعتُمُ
عظامَ النواسيِّ أعني الحسن
فأقسم لو كان حيا بكى
بما صنعتْ ريحكم بالدمن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ماالشُكر منّي لمَا أوْليتَني ثمنا
ماالشُكر منّي لمَا أوْليتَني ثمنا
رقم القصيدة : 62291
-----------------------------------
ماالشُكر منّي لمَا أوْليتَني ثمنا
وإنْ أطَلْتُ به بين الورى لَسَنا
هيهاتَ لاتَعْسُرُ الأوصافُ من فَطنٍ
رَحْب المقالة منك الطَّوْلَ والمِنَنَا
لم تُخلني ساعة ً من بذْلِ عارفة ٍ
وأن أُرَى مُخْليا من نشرها أُذُنَا
قد كَنت قِدما أخا عَتْبٍ على زمن
بادي الفساد أصلحتَ لي الزمنا
حسبُ العلى شرفاً والمكرماتِ بأنْ
طلتْ لكم مابنى شيبانُها سنَنَا
جُدتم فلا جودَ إلا دون جودكم
ونلتُم من عظيم الجود ماشَطَنا
وإن طوى وطنٌ حبا لنُجْعتِه
كنتم لآمالِ أهلِ النُّجعة ِ الوطنا
فمن يُناضلكم أو منْ يُطاولكم
أو من يوازنُكم حِلما وإن وزنا
أنتم غيوثُ ندى ً تُرجَى وَأُسْد وغى ً
تُخشى وأقمارُ ليلٍ تكشف الدُّجُنا
وأنتَ سيدُ هذا الخلق كلهمُ
طولاً وفضلاً وإنعاماً وسيِّدنَا
كم يا أبا الصقر من نُعمى تركتَ بها
شُكري على غابرِ الأيامُ مُرتَهنا
وكم صرفتَ حميدَ الفعل عن ظُلَمي
صرفَ الزمان ذميم الفعلِ مُدَّهنا
وكم مددت بإحسان إلى عُسُري
يوما من اليُسر مأمونَ الردى حَسنا
أبقاك ذو العرش أعواماً مُضاعفة ً
فلن تزال بخير ما بقيت لنا
وصانك الله من كل المكاره والْ
أسواءِ مادمت حيا بل وقاك بنا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> باكرْ صباحَ المهرجا(75/320)
باكرْ صباحَ المهرجا
رقم القصيدة : 62292
-----------------------------------
باكرْ صباحَ المهرجا
نِ بِقبضِ أرواح الدنانِ
واسْتَنْطِقِ العُودَ الفصي
حَ عن المثالِثِ والمَثَاني
ببيان بِدْعة إنَّها
في الحذق من بِدَع الزَّمانِ
تحكي بحُسْنِ غنائها
تصديقَ جودِكَ للأماني
وجمالَ وجهِكَ إنَّه
مِنْ كُلِّ مَحْذورٍ أماني
يا واحدَ الكرمِ الذي
ما إنْ له في الحُسْنِ ثاني
ما لي جُفِيتُ وما شَغلْ
تُ بِغيْرِ شكركُم لساني
وجُعِلْتُ مِنْ سَقَطِ الحَمي
رِ وكنْتُ من خَيْلِ الرِّهانِ
مع أنّني مَكَّنْتُ كفْ
فَكَ خاضِعاً لك من عناني
أعزِزْ عليَّ بأنْ أُرى
خِلْواً لديك مِنَ المعَاني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيها السيدُ الذي جَلَّ عَنْ
أيها السيدُ الذي جَلَّ عَنْ
رقم القصيدة : 62293
-----------------------------------
أيها السيدُ الذي جَلَّ عَنْ
شُكرِي مَعْروفُه وجاز التَّمنِّي
وأبى أن يَشُوبَ غُرّ أيادي
ه لدى مُعْتَفِيه جوداً بِمَنّ
ما لِرزْقي كأن على البِي
يضِ تَخَطِّيهِ مِن تباطيه عَنِّي
أيُّ دَيْن يُقْضَى بتَقْسيطِ دينا
رٍ وحالٍ تُشَدُّ من بعد وَهْن
وجِمالٍ تُقادُ مِنْ بَعْدِ إخلا
قٍ ومُهْرٍ يَطْوي على كفِّ تِبنِ
وانتفاع يُنالُ من بَعْدِ ضُر
وسُرورٍ يَحِلُّ من بَعْدِ حُزْنِ
وهو يخْتلُّ عن قَفيزٍ دقيقٍ
وسُلافٍ مِنَ المُدامِة لَدْنِ
ثم لا يَرْتضيه شرطاً له يَوْ
م كَسادٍ منْهُ ابنُ قَيْلٍ المُغَنِّي
أنا غَرْسٌ لراحتيك وأنْتَ الْ
غَيْثُ يَحْيَا بِصَوْبه كلُّ غُصْنِ
وبه تكْتَسِي الرِّياضُ بقاعاً
مُونِقاتٍ مِنْ كُلِّ سَهْلٍ وحَزْن
فاسقِني شَرْبة ً يعودُ بها عُو
دي غضَّا عن ريِّه ذا تَثَنِّي
وأَعنِّي على قضاء ديونٍ
فَرَّقَتْ بين طَعْم نَوْمي وجَفْني
إنَّني شاكِرٌ إذا عَنَّ بالشكْ
ر شَكورٌ وجدَّ مُطْرٍ ومُثْنِي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ناشدتُك الله أن تستفسِدَ المننا(75/321)
ناشدتُك الله أن تستفسِدَ المننا
رقم القصيدة : 62294
-----------------------------------
ناشدتُك الله أن تستفسِدَ المننا
يا ابنَ الوزيرين أو تستشهد الظِّننا
والقربُ منك لقد غششت مُنتصحاً
مِنْ محضَري ولقد خَوَّنتَ مؤتَمنا
إني امرؤ مستعيذٌ أَتُهَجِّنني
أو أن أُرى بحجابٍ منك مُمتَهِنا
لايُكتَبن على وجهي حجابكمُ
من اغتدى مُستزيداً راح ممتحَنا
إن كان عُتبك ضَناً فهو عارفة ٌ
لايعرفُ الناسُ في الدنيا لها ثمنا
وإن يكن ذاك إعناتاً لمَقْلية ٍ
فقد غدوتُ بسوء الحال مُرتَهنا
روحي رضاكَ وتأميلك ما بقيا
فإن سخِطتَ فماذا يُمسك البدنا
لا أبتغي غيرَ أخلاقٍ خُصِصتَ بها
دونَ السهام التي فوَّقْتَها جُننا
وقد فتحتَ لواشٍ بابَ حيلته
فاستعملِ العينَ بعد اليوم لا الأذنا
يا من سطا بهزيل لا حراك به
أَسْمِنه ثم انتقم منه إذا سمنا
لم يأذنِ الرأيُ في الشكوى فأشكُوَكُمْ
وقد شكاكم لنا ما تفعلون بنا
أشكو إليك ولا أشكوكَ يا وَزَرِي
وكيف يشكوكَ من أعفَى له الزمنا
تالله أشكو زماناً أنت صاحبُه
ولو تملأْتُ من أفعالِه إحَنَا
وقد نظرتُ بعينٍ غيرِ كاذبة ٍ
فلم أجِدك على الأيام مُضطغنا
أليس قد قرَّبتْني منك في دَعَة ٍ
وأسعدَتْك كَفَتْها هذه مِننا
يا أسمحَ الناس نفساً باللُّهى ويداً
وأفسحَ الناس في مكروهة ٍ عَطَنا
قد بان غَيُّ أُناسٍ في تَخرُّصِهم
لك العيوبَ فلا تجعل لهم لَسَنا
هَبني خلعتُ بجهل فارطٍ زِيني
أخالعٌ أنت يا ذا الحكمة ِ الزِّينا
لايُسخِطَنَّك ذنبٌ غيرُ معتمِد
على الوفاء الذي استخلصته سَكَنا
أنجِز مواعيدَ قد شُدَّت معاقدها
شَدَّ المواثقِ إنَّ الخُلفَ قد لعُنا
واعلمْ بأن شهودَ الشعر قد شهدت
قِدماً وأن ضَميرَ المجد قد ضَمِنا
يا من إذا حُكتُ فيه المدح أوسَعني
مجداً فلم أجتلبْه من هُنا وهنا
ومَنْ إذا ما أقامت لي مَواهبُه
فما أُبالي أقامَ الغيث أم ظعنا
لا تهجُرنَّ أليفا إلا لفاحشة ٍ
إن الكريم يرى ألاَّفَهُ وطنا(75/322)
سلِّط عليَّ حيائي منك حَسْبُكَهُ
ولا تُسلط علي الهمَّ والحَزنا
ها قدْ سألتك غُفراناً ونافلة ً
فلا أكن كالمُعنَّى يسألُ الدِّمنا
ولا يقولنَّ حُسادي دعا وثناً
وإنما كنت أدعو الله لا الوثنا
أعجِبْ بحاجة ملهوفٍ تُؤَخّرها
عناية ً مع إمكانٍ قد اعتونا
ولو عقِلتُ ما حاولتُ نافلة ً
ولا بكيتُ وقد أقصيتني شجنا
أمثلُ سُخطك يدهوني فيَكرُبني
شيء سواه وإن مثقالَهُ وَزَنا
في سوء رأيك لي عن غيره شُغُلٌ
ينفي الكرى عن جفون العينِ والوسنا
لو يئستُ من العُتبَى وفِتنتها
لما حَفِلتُ أطارَ الحظُّ أم وكَنا
لكن نفسي تُمنيني مراجعة ً
وربما قَرُب الأمر الذي شطنا
ولم أكن عن رجاءٍ فيك مُنصرفاً
ولو عدلتَ بذنب واحد حَضَنا
وفي الرجاء على الإجرام تعفية ٌ
عند الأشداء في آرائهم مُننا
ولو فَطنتُ لكان الذنبُ حينئذٍ
ذنْبين لا شك إلا عند من أفِنا
فاعذِرْ على طلبي جَدْواك في هَنة ٍ
دهياءَ تنسي السُّقاة َ الغربَ والشَّطَنا
جاذَبتَني الحبلَ حتى كدت تصرِمُه
عن غير جُرم فصادفتَ امرأً طبِنا
إن احتجبتَ فلم تُنْصِفك غاشية ٌ
واستَنْكَفَتْ قال بدرٌ ربما دجنا
وإن مطلتَ فلام الناسُ قال لهم
غيثٌ يجود إذا ما ربُّه أذنا
وإن تَعتَّبْتَ أو أعرضتَ آونة ً
ناجَى النُّهى واستلانَ الجانبَ الخشنا
وإن تلومتَ في أمرٍ يقوم به
قال اتقَى العَثْرَ محمودا وما وهنا
فلست تعدَمُ منه عاذراً أبداً
مُسدَّداً يجمعُ الأفهامَ واللَّقنا
أتبعتُ جَدبَك طَوْعي لا كذي خطَل
ممن تقاعسَ إذ جاذبتَه القَرنا
مافوق ظاهِر وُدِّي ظاهرٌ حسن
وإنَّ أحسنَ منه للذي بطَنا
أما لنا فيك آراءٌ مُسدَّدة ٌ
فلا تُعدَّن أهواءً ولافِتنا
وقد جعلتَ لدعوى طاعنٍ سبباً
فلا تُبرهنْ على الدعوى إذا طعنا
لاتَغبننَّ مُوالاتي ولا مِدَحي
فقد عهِدتك ممن يكره الغَبنَا
ولا تُفتك العلى يا بن الأُلى شَرعوا
فيها الشرائع واستنُّوا لها السُّننا
قومٌ تخطتْ إلى الأعقابِ أنعمُهم(75/323)
حتى غذتهم غذاءً سابق اللَّبنا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عزمتُ على تطليقِ عرسي لعُسرتي
عزمتُ على تطليقِ عرسي لعُسرتي
رقم القصيدة : 62295
-----------------------------------
عزمتُ على تطليقِ عرسي لعُسرتي
فعاذت بِحقْوَيْ قاسمٍ وأرنت
ونادت نِداء المُستجيرة باسمهِ
فقلتُ أجَرنا جارة ً فاطمأنتِ
أمانُكِ عندي ما حييت مُؤكَّدٌ
وإن لم تَعُدي حُرمة ً قد أسنَت
أقاسمُ أنت الحِرزُ مما تخافُه
إذا ما الليالي أذنبت وأجَنَّتِ
أجرتُ لأني في جوارك واثقٌ
بعروتك الوثقي إذا النفسُ ظنت
وأعفيتُ من عزمي على الصرم حرة ً
إذا هي خافت فاجعَ البينِ أصنت
وما بيَ صنَّتْ إذ عزمتُ فراقها
ولكن بحظي من ولائكَ ضَنَّتِ
ولا لَؤُمَتْ نفسي ولا ساء عهدُها
ولكنها جُنَّ الزمانُ فجُنَّت
وكنت إذا ما نفسُ حُر تطلعت
إليك مُناها أُعطيت ما تمَنَّت
ولو يَممتْ من مَقْطع التُّرب عُصبة ٌ
ذَراك على علاتها ما تَعنَّت
أقولُ لعُذالٍ نداك شجاهُم
دعوا مُزنة َ السّقيا إذا هي شَنّتِ
دعُوا راحة ً لم يخطُر سَيْبها
ولا أنعمتْ يوما فمنَّت ومنت
وما سُنة ُ الشيطانِ سَنَّت بِبَذْلها
فواصِلَها بل سُنهُ الله سنَّتِ
أقاسمُ لا تَعْدَم سجايا رضيَّة ً
إذا نُقِرَتْ نَقْرَ الدنانير طَنَّت
سجايا إذا هَمَّتْ بِخْيرٍ تَسَرَّعَتْ
إليه وإن هَمَّتْ بسوءٍ تأنَّتِ
بكتْ شجوَها الدنيا فلما تَبَيَّنتْ
مكانَكَ منها استبشرتْ وتَغَنَّتِ
وكانَتْ ضَئيلاً شخصُها فتطاولتْ
وكانت تُسَمَّى ذِلة ً فتكَنَّتِ
لِتَسْتَمتِع الدنيا بوجهك دَهْرَها
فقد طال ما اشتاقتْ إليه وحَنَّتِ
وكان بها عِشقٌ قديمٌ تُجنّهُ
فلما أُذيلتْ أظهرتْ ما أجنَّت
وما شان نُعْمَى الله وَجْه حَمَلْتَه
تزوّجت النُّعمى به أمْ تَبَنَّتِ
ثوتْ في نعيمٍ نِعْمة ُ الله إذ غدتْ
وراحتْ وظَلَّتْ في ذراك استكنَّتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> دَعِ الوقوفَ على الأطلال والدمَنِ
دَعِ الوقوفَ على الأطلال والدمَنِ(75/324)
رقم القصيدة : 62296
-----------------------------------
دَعِ الوقوفَ على الأطلال والدمَنِ
وذِكر جيرتكَ الغادين للظَّعن
وامدح فتى حظُّه من وفر ثَروته
كحظ ناظِرِه من وجهِهِ الحسنِ
كما يَرى الناسُ في يومٍ محاسِنَهُ
ما لا يَراهُنَّ بالمرآة ِ في الزمن
كذاك حظُّهمُ من ماله ولهُ
أدنَاهُ إذ لا يرى في ذاك من غَبنِ
لا يشتري الحمدَ بل يُعطي اللُّهى هِبة ً
لا حمدَ للمشتري في الجُود بالثمنِ
ممن يَرَى أنه لم يُعْطِ سائله
إلا إذا هو أَعفاه من المؤن
ولا يَرَى مَنَّهُ مَنَّا على أحدٍ
حتى تحمَّل عنه مَحْمل المِنَن
من ذاك أضحى جميل الذكر متصلا
به الثنا اتصالَ الروح بالبدنِ
يا بنَ المُسيَّب خُذها مِدْحة ً قصُرتْ
وطال فيها عناءٌ الدهرِ والفطنِ
لها مَحاسنُ في الأسماعٍ مُونقة ٌ
تدعو الحسُودَ إلى الإصغاء والأَذنِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لو دَرَى كيف مَوقعُ العذلِ مني
لو دَرَى كيف مَوقعُ العذلِ مني
رقم القصيدة : 62297
-----------------------------------
لو دَرَى كيف مَوقعُ العذلِ مني
كفَّ من غَربهِ وأقصر عني
لجَّ يلحى على المُدَام خليعا
سَلبتْ عقله عقيلَة ُ دَنِّ
قَسَم الدهرَ بين طاسٍ وكأس
ثم خِلٍّ مساعد ومُغن
لا تَلُمني إذا عَصَيْتُكَ في ال
كأس فأما إذ أطعتُ فلمني
وشَمولٍ أرقَّ من دَمع مُشتا
قٍ إذا انغلَّ بين جَفنِ وجَفنِ
عُتقتْ في الدنانِ حتى استفادت
بعد حين نسيمَ جَنة ِ عدنِ
وكَساها المُقامُ لوناً تحلَّت
فيه من كأْسها كرقَّة ِ ذهن
عانسٌ تقهَرُ الشبابَ عجوزٌ
بنت قَرنٍ من الزمانِ وقَرْن
سالمتها حوادثُ الدَّهرِ دهراً
فأتت وهْي غاية ُ المُتمنِّي
فهْي مثلُ اليقين صِرفاً وتبدو
لك إن شُعْشِعَتْ كوَهْم وظن
قهوة ٌ عن طرائف الطِّيب تُقْهِي
شاربيها إذا أُديرت وتُغني
وإذا ما أدارها دائرُ الأصْ
داغ حُلو الكلام بِدْعُ التثني
خِلْتَ شَمْسا تدورُ في كَفِّ بدرٍ
بين هذا وتيك أهيفُ غصن(75/325)
وقِفارٍ لا إنْسَ فيها خَلاءٍ
تُحسر العينَ مثل ظهر المجن
فَدْفَدٍ مُقْشَعِرَّة ِ النبت قاعٍ
غيرِ معهودة ٍ بواكف مُزن
صبحتني إلى أبي الفضل فيها
عَزْمة ٌ تُبعد الغرام وتُدني
وظُنونٌ نفتْ أذى السَّيْرِ عني
وحمتْني من كلِّ سَهْلٍ وحَزْن
وأيادٍ ألفتُها منه بيضٌ
هي أَجدى من ثَرَّة الفيض دُكْن
سيِّدٌ لي إنْ هاضَ دهرٌ جناحي
جَبَرتْ راحتاه كَسْري وَوَهْني
إن عرتْني مُلَّمة ٌ كان رُكْني
أودهتْني عضيهة كان حِصني
يهدمُ المالَ في ابتناءِ المعالي
بيدٍ ثَرَّة ٍ تَشيدُ وتَبْني
بَدْر تمٍّ في بهجة وعلو
فات بالجود كلَّ مُطْرٍ ومُثني
وأخو السيِّد الذي ليس يفنَى
عَدُّ آلائه بل العَدُّ يُفني
الهُمام الذي أذلَّ صعاب النْ
ناس قَسُرا بالعدل لا بالتظني
القريبُ البعيدُ والضاحك القا
طبُ والمستثير كالمستكن
المُهَنيِّ بكلِّ نصرٍ وفَتْح
وظُهورٍ على العِدا لا المُهَنِّي
جمعَ اللهُ كلَّ فضل وحُسْنٍ
في الحسين الموفَّى على كل حسن
وأبي الفضل ذي الندى والأيادي
والمعالي محمد الحُرِّ أعني
مُنعِشي لا عدمتُهُ ومُرِيشي
ومُعيني على الزمان ورُكني
والذي لو جحدتُ نُعماه حاشا
ي لقامتْ آلاؤه الغُرُّ تُثْني
أنا رهنٌ بشكره عن أيادي
ه ولكنني علِقْتُ برهني
أيها النَّجد خانني فيك مدحٌ
كان أذكى الأشياء لو لم يخُنِّي
كيف يَسْطيعُ أن يُجازِيَ عَنْ
جودِك بعضي يا مالكَ الكُلِّ مِني
لك نعتٌ يجوزُ وصْفي ونعتي
ببلاغي عن المقال وظني
ويدٌ تستهل من غير ما ضَنْ
نٍ ومن يَمُنُّ من غير مَنِّ
وحجى ً يغلبُ الحجي ودهاءٌ
جلَّ فيه عن كل إنس وجن
وطباع أرقُّ من حال راجي
ك وخُلْق مُسْتَحْسنٌ غيرُ شَثن
واهتشاشٌ إلى العُفاة ِ بوجْهٍ
طَلْق للعفاة ِ ضاحِك سِنِّ
وعطاءٌ بلا عناء ويا رُبْ
بَ عطاءٍ جَمِّ المِطال مُعَنِّي
يا بديعَ الجمالِ في كُلِّ حلٍ
وغريبَ الكمالِ في كل فَنِّ
أنت أخْرسْتَني عن الدهر بالجو
د ولولا الحسين كنت أُزَنِّي(75/326)
أنت أطلقتني من السجن والإع
دام سجنٌ يضيق عن كل سجن
فسأُسني لك المديحَ فما زل
ت فدتك النفوسُ تُعطي فتُسني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا ليت شعري عنك يا حرماني
يا ليت شعري عنك يا حرماني
رقم القصيدة : 62298
-----------------------------------
يا ليت شعري عنك يا حرماني
من ذا تكيد إذا التقى السَّيْلان
سيان عندي يومَ ذاك أكِدْتني
أم بُلْتَ حيثُ تناطحَ البحرانِ
وأظنُّ ظنَّا كاليقين وثاقة ً
أني وأنك ثَمَّ مُصطحبان
نَبْغي جميعاً نجوة ً نَنْجُو بها
مما يُطيفُ بنا من الطوفان
وأقولُ حين تموتُ كلُّ حَزازة
نَسِيَ الغريق شَكِيَّة َ العطشانِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أحقُّ بِرِفْدك من آملي
أحقُّ بِرِفْدك من آملي
رقم القصيدة : 62299
-----------------------------------
أحقُّ بِرِفْدك من آملي
ه من لم يؤمْله في الآملينا
ومن كان وُدُّك لا للجَدَا
ولكن لنفسك حقا يقينا
وإني لَمَنْ أخلصتْ نفسُهُ
لك الودَّ قِدْماً مَعَ المُخْلِصينا
ولكنني اضطرني حادثٌ
إليك فكن لي عليه معينا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لو أَنَّني مُلِّكْتُ طردَ محبَّتي
لو أَنَّني مُلِّكْتُ طردَ محبَّتي
رقم القصيدة : 62300
-----------------------------------
لو أَنَّني مُلِّكْتُ طردَ محبَّتي
إياك عن رُوحي وعن جثماني
لَطردْتُها جهْدِي فكنتُ بأن أرى
لك زائراً والهجرُ في إمكاني
ولئن تركتُ فأنت موضعُ رَغْبتي
ولئن هجرتُ فأنت من أشجاني
لكن أَسأْتَ بيَ الإساءة كلَّها
فجعلتُ هجرانيك من إحساني
قبَّحَ الإله إخاءَ ظُلْمٍ بيننا
أرعاك فيه وأنت لا ترعاني
هيهاتَ قد حلفَتْ عليَّ حزامتي
إلا أبيعَ كرامتي بهوان
ولئن فعلتُ لَبعدَ كونك للردى
عوْناً عليَّ وأنت من أعواني
فاذهبْ إليكَ فإنني لا أبتغي
مَدَداً عليَّ لنائبات زماني
ولأعقِلنَّ عن الغوائل حيلتي
ولأعقلنَّ عن الهجاء لساني
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أصِبْتَ مصائبَ كنتُ الشري(75/327)
أصِبْتَ مصائبَ كنتُ الشري
رقم القصيدة : 62301
-----------------------------------
أصِبْتَ مصائبَ كنتُ الشري
ك فيها الكثير السخا والشجونِ
فما لي لديك كأني الذي
رماك بها دونَ رَيْبِ المَنونِ
سقَى الله موتى بَكيناهُمُ
أسى لأَساكَ بدمعٍ هتُون
على أنّهم قطعوا بيننا
وبينك حبلَ وصالٍ أَمون
عتبتَ عليّ لأن الزما
ن ينحى عليهم ببَرْكٍ طَحون
ولو نستطيع وقَيْناهُمُ
وصُنَّاهُمُ لك بين الجفون
ولو مِنْ سواكَ أتَتْ هذه
لأصبح نصْبا لرجْم الظنون
وقيل وإن كان ذا حكمة ٍ
أصابته طائفة ٌ من جُنون
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سَمْعا أبا إسحق إنك ماجدٌ
سَمْعا أبا إسحق إنك ماجدٌ
رقم القصيدة : 62302
-----------------------------------
سَمْعا أبا إسحق إنك ماجدٌ
وعلى حقوقِ المجدِ جِدُّ أمينِ
ماذا تقول إذا سُئِلْتَ مُحاسباً
والظالمونُ على شفا سجِيِّن
لِمْ نام جودُكَ عن ثوابِ مدائحٍ
جاءتكَ من رجلٍ مجيءَ يقين
وطفقتَ تُوعدُهُ بكلِ عظمة ٍ
لنميمة ٍ جاءتْ مجيءَ ظَنين
إن التثبّتَ والأناة َ على امرىء
عدلِ القضاءِ من السداد مكين
أيظلُّ مدحي في مقام مبارزٍ
وترى هجائي في مُغار كَمين
لايُلْفِينَّك ذو الجلال مُحاولا
تَبْيينَ مَطْموسٍ وطَمْسَ مُبين
باللهِ أحلفُ أن ما حُدِّثْتَه
كذبٌ أرى حَبَلاً بغير جنين
أيهيجُ مثلي بأسَ مثلكَ بالخنا
كمُقارعِ الصَّمصام بالسكين
وهبِ الحقيقة َ كلَّ ما حُدِّثْته
أينَ السماحُ وقد أُعنْتَ بدين
أقِلِ العثارَ كما أقلتَ نظيرَهُ
والمسْ خُشونَة َ ما ملكتَ بلين
يا صاحبَ التَّمكين أدِّ زكاته
فالصفحُ خيرُ زكاة ِ ذي التمكين
ومتى شجاك مُهجَّنٌ فاغفِرْ له
حتى روحَ مكذَّبَ التهجين
فتكيده كيدَ المعاتِب مُحرِزاً
أجرَ المُقيلِ وأنتَ غيرُ غبين
أهدَى لك التهجينَ فانتدَبَتْ له
حِيل الكريم فصار كالتزيين
أعملتَ حلمَكَ في السفيه وجَهلِهِ
رحْبَ الجوانح صادق التوطينِ
وأبان ذلك إفكَ خصمِك فانثنى(75/328)
وهو المَشينُ وأنت غير مشين
ولو انتقمتَ لكنتَ من أشهاده
ورفدتَ غَثَّ مقاله بسمين
إني لأعلمُ أن عندك نفثة
تَشفي السقيم ونفثة َ التنين
فعلامَ أعرِضُ للتي فيها الرَّدى
وأروغُ عن تلك التي تَشفيني
أَأوّاثِبُ الوزراءَ في ملكُوتِهِمْ
إنِّي إذاً لأوزَّة ُ الشاهين
ما مَنْ يُساق إلى انتجاعِكَ للندى
ممن يُساق كذا إلى التَّحْيين
أغرِبْ على الكُرماءِ في أكرومة ٍ
تلقى الرواة ُ بها ملوكَ الصين
ومن الغرائب في المكارم والعلى
صَبْرُ العزيز لسطوة ِ المسكين
والعفُو عن جانٍ ملكتَ عقابَهُ
طرفٌ من الإنشاءِ والتَّكْوِينِ
أَوَ ما يسرُّك أن تُشبَّهَ بالذي
يُحيي العظامَ وأنت غيرُ لعين
بل أنت في هذا التشبُّه فائزٌ
وبأن تُثاب عليه جدُّ قَمين
فاعفُ التي عرف الإله براءتي
منها وتلك شهادة ٌ تكفيني
وحلفت لا أرضى بعفوك وحده
حتى يُلذَّ من اللُّهى بقَرين
وحلفتُ لا أرضى قريناً واحداً
وليثنينَّ وأنت غير ضنين
وحلفتُ لا أرضى بذلك كلِّه
حتى يدومَ فلا زوال لحين
ولئن حلفتُ لمَا حلفتُ مغَرَّراً
ضَمَنْتَ يمينُك برَّ كلِّ يمينِ
ولئن وثِقْتُ لما وثقتُ مُخاطراً
ما استمسكت كَفِّي بغير متين
وضَمينُ نفسي طيبُ خيمك وحده
حَسبي به من دون كل ضمين
سيكون لي متنفَّساً لا كربة
ولذاكَ كنتَ بموضع العِرنين
لا لا أخافُكَ إن عدلَكَ مَأْمني
مما أخاف وصامنٌ تحصيني
قد كان بشْرٌ نال أوْساً بالأذَى
فعفا له وصغا إلى التهوين
وحباه خير حِبائِهِ فغدتْ به
وَجْناء تَغْشَى حدَّ كلِّ وجين
من بعدِ ما احتدَمَتْ عليه عصبة ٌ
حَرَّى تفورُ على ذَوِي التسكين
فذكتْ له نارانِ نارُ مطمطِمٍ
قَذَفٍ ونارُ مجمجم سجِّين
ولأنت أولى بالتجاوُزِ والندى
يا بنَ الملوكِ وساسة الآيين
لا يستفزُّكَ بالمكارمِ سُوقة ً
وأبوك أكرمُ دائنٍ ومَدين
دعْ ما أُريكَ من المحاسنِ واستشِرْ
عينيكَ في التقبيحِ والتحسين
أقِم العقوبة َ والمثوبة َ جانباً
وتخيَّر الحسناءَ في التدوين(75/329)
لايَسبقن إليَّ يا من لا يرى
شأوا له في المجد غير بطين
ومتى غدوتَ لديكَ شَرُّ صنيعة ٍ
فاعلم بأن الطَّول خير خَدين
بوّأْتني من حوت يونَس منزلاً
فمتى أنوءُ بمنْبت اليقطين
دنيايَ ضيقٌ مذ سَخِطْتَ وَظُلْمَة ٌ
والموتُ يتبَعُ ذاك أو تُحبيني
ولديك للمكروب أوسعُ همّة ٍ
عَطْفاً وأنورُ غُرَّة ٍ وجبين
فأفِىء ْ عليَّ ظلالَ عطفِكَ
إنني في مظلم الأرجاء غير كنين
لا تَغْلُظَنَّ على امرىء ٍ لم يَجْتَرمْ
جُرماً وأنت أرقُّ مِن تشرين
لا يُفْسدَنّ ثناكَ زورُ مُزَوِّرٍ
وثناكَ نَشْرُ الوردِ والنَّسرين
لا تجعلنَّك عصبة ٌ عن ظِنَّة ٍ
حُزْني وأنت سرُورُ كل حزين
خذل الإلهُ لديك خاذل حجّتي
وأعان كلَّ معاضدٍ ومُعين
يا ليتَ شعْري كيف يصْنعُ كائدي
غَلِّي عليْهِ يَدَيْهِ بالتَّوهينِ
أيثيرُ من شعري دفين عيوبه
ولكل شعر مستثار دفين
أم يرتجي ألا يثيب خسيستي
عند النشيد بضعف ما يغنيني
فذرِ المُقَدَّر أن يخونك نظرة ٌ
فترى رصين القول غير رصين
أوَ ما درَى أن السماحة في الفتى
إغلاؤه ثمناً لغيرِ ثمين
خاب المؤمِّل فيك ظلمَ مؤملٍ
وإن استماح بهَيِّنٍ ومُهينِ
أغْنته ترجية ُ المُحال ولم يكن
بمسيِّر في البرِّ ركْبَ سفين
من رام سَكْر البحرِ عن طُرقاتِهِ
أرهنته بالعجز ألفَ رهين
ما لِلَّذِي قطعَ الشهادة َ كاذبا
مُنعَ الشهادة َ ساعة َ التلقين
ولكَ التفَطّن قبلَ كُل مُفَطَّنِ
ولك التبَيّن دونَ ذي التبيين
لا تزبرنَّ على الضعيفِ فربما
ظلم الزَّبيرُ فعاد رَجْعَ أنين
ولقد ترى الشعراء في عثراتهم
فتليهُمُ بإقالة ٍ تُرْضيني
وترى أُجاجَتَهُمْ مَعيناً سائغاً
لِطباع صِدْقٍ ساخَ فيه معيني
حُورُ المكارِم يَتَّمتْك وعِينُها
لا الشعرُ محفوفاً بحورٍ عين
لو كنتُ من مُتَحَنِّنيكَ وددتني
وقرنْتَ ذكر مَعاهدي بحنيني
لكن أَراني إذ حفتْك مسائلي
خشَّنْتَ صدركَ أيَّما تخشين
وكأنني بك شاكرٌ لك قائلٌ
إنَّ الكريمَ يلين للتليين(75/330)
لاقيتُ إبراهيمَ يرجحُ في الندى
والحلم والتقوى بكل وَزين
خفَّت مَناهضهُ فخفَّ إلى العلا
ورسا بحلم كالجبالِ رزين
أعفى بحاجاتي وقد حمَّلْتُهُ
ما لا تُحمَّلُ خِلْقَة ٌ من طين
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا كريماً لم يزل محتمِلا
يا كريماً لم يزل محتمِلا
رقم القصيدة : 62303
-----------------------------------
يا كريماً لم يزل محتمِلا
محناً في عبده بعدَ مِحَنْ
يتلقَّى فيَّ ما يأذَى به
وأُكافيه بأنواع الظِّنَنْ
وهْو لا ينفك من عَوداته
فيه بالآلاء تَتَرى والمِنَنْ
بالذي لو فاخر الخلقَ اعتلى
والذي لو وازنَ الخلقَ وَزن
اعفُ عنِّي وأقِلْني عَثْرتي
يا عياذي لمُلمَّاتِ الزمن
لاتعاقِبْني فقد عاقَبَني
ندمٌ أقلق روحي في البدن
بنظير الشمس والبدر الذي
زانه اللهُ بمنفوس الزِّين
والذي لولاكَ أضحى لا يُرى
رَأيَ حَق إن في الدين سكن
يا آمنا عنده مؤتمنا
كُنْ على المجد أمينا مؤتَمن
واجعلِ العفو لحمدي ثمناً
فلكم أغليت بالحمدِ الثمن
إنَّ ما أمسيتَ تعتدُّ بهِ
لم يكنْ سِرّ نفاقٍ فَعَلَنْ
إنَّما كان هفوءاً ساقه
سهوُ قلب بين هم وحزن
لا تُطّيِّرْ وسناً عن مُقْلة ٍ
أنت أهديتَ لها حُلْو الوَسَن
لم يصرحْ لك بالسوء ولا
أضمر السوء اعتماداً إذْ لحن
لك سلطانٌ عزيزٌ فإذا
أنت لم تعفُ عن الجاني وَهَنْ
أيُّ سلطانٍ وقد أصبحْتُما
كمسيءٍ ومسيءٍ في قَرن
ومتى لم تعفُ عن ذي هفوة ٍ
مَرَد القلبُ عليها ومَرَنْ
كن عزيزاً بالتغاضي إنه
يترك الجاني مسلوبَ اللَّسَنْ
ومتى لاحظْتَهُ في مجلسٍ
ضربَ الزَّوْرُ ذليلاً بالذَّقن
خاشعَ الطرفِ عليه ربقة ٌ
يخضعُ الجيدُ من العفوِ الحسن
هو عزٌّ غامضٌ فافطِنْ له
يا ذكي القلبِ والعينِ فطنْ
وازجُرِ النفسَ إذا ما حَزُنَتْ
أن يفوتَ القوم سبقاً من حزن
لا تُضِق عفوك عني واجْزني
يا فسيخَ العفوِ يا رحبَ العَطَنْ
رُبَّ نفسٍ حرَّة ٍ قد ألِفَتْ
وطنَ السُّوء فهَبْ أنَّي وطن
كيف تستسهلُ إبعادَ امرىء ٍ(75/331)
قد بنى إلفك فيه وقطن
إنني من حَمْأة مسنونة
وأرى أنك من خير الطِّين
إن أطعت النفس في رفض العلى
واطراح الحمد ذَمِّتْكَ المنن
ورأت أنك لم تحفل به
حين دلِّتك على قصد السنن
إن أطعتَ النفسَ في رَفْضِ
بها حين دلَّتْك على قصدِ السَّنن
قد دعتْكَ النفسُ من غُمْرتها
فتداركْها فلم تدعُ وثن
وانخدِعْ لي أو تَخَادَعْ إنها
خُدعة ٌ فيها رَباحٌ لا غبن
إن تناومْتَ فَمَنْ ذا أرتجي
أو تصاممت فلم تسمع فمن
واعذِر اللَّهفانَ في أفعاله
إنه يُغشَى ويَعمى ويُجن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قد يفِي للصديق غير أمينِهْ
قد يفِي للصديق غير أمينِهْ
رقم القصيدة : 62184
-----------------------------------
قد يفِي للصديق غير أمينِهْ
ويخونُ الصديقَ غيرُ ظنينهْ
ويرى غائبَ الصواب غَبيٌّ
ويغيبُ الصوابُ عن مُسْتَبِينه
نَذَرَتْ عصبة ٌ بأنّيَ أستو
في رغيفاً وجانباً مِنْ قرينه
فتداعتْ تداعِيَ القَوْمِ في الثَّل
لَة لليث طالعاً من عرينه
ثم صاحوا السلاَح فانصاتَ كهلٌ
فيلسوفٌ وبندُهم في يمينِه
قلتُ لابأْس إنَّ في ابن أبي القا
سم شُغْلاً عن غَثِّكُمْ بسمينه
لا تخافُوا وأيقنوا أيها القو
م بِبَيْعِي خَسيسَكُمْ بِثَمينه
بأبي من غنّيْتُ عن كُلِّ غُزْر
غيرِ عذْبٍ بعَذْبه ومعينه
بأبي من غَنيتُ عن كل زُور
وغُرورٍ بحقه ويقينه
سوءة ً سوءة ً لحاقرِ حُرٍّ
وهواناً معجَّلاً لمُهينه
سوءة ً سوءة ً لشاهدِ وُدٍّ
غرني من مُكَمِّنِ وكمينه
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> من موصلٌ بالسؤال والقسمِ
من موصلٌ بالسؤال والقسمِ
رقم القصيدة : 60304
-----------------------------------
من موصلٌ بالسؤال والقسمِ
إليّ علما عن دارة العلمِ
أحدوثة تنسخ الغليلَ فيل
تام من القلب غيرُ ملتئمِ
هيهات نجدٌ والمخبرون به
قلَّ عناءُ السؤال من أممِ
ليس سوى نفحة ِ الصَّبا لك أو
لمحة ِ برقٍبالغور مبتسمِ
وخادعاتٍ وهناً يصانعك ال
ليلُ بها من كواذب الحلمِ(75/332)
تطرقُ لقطَ القطاة ِ خائفة ً
مكايدَ الراصدين في الطُّعمِ
نمتُ لها نومة َ المريب وأص
حابي هجودٌ من جانبي إضمِ
والليلُ تسرى نجومهُ الشهبُ في
جحافلٍ من خيوله الدّهمِ
فزارنا قرِّبتْ زيارته
من آنسٍ بالظلام محتشمِ
يعرف رحلى من الركابِ برج
عات التشكِّي وأنَّة ِ السَّقم
ثم دنا جاذبا عطافي وال
خوفُ يلوى منه فقال قمِ
قم لي فلولاك لم أجبْ خطرا
قلت ولولا سراكَ لم أنمِ
أكرومة ٌ للدجى وهبت ذنو
ب الصبح فيها لشافع الظُّلمِ
وعارض تصبح البلادُ به
في نعمة ٍ من مواهب الديمِ
عدّلَ حتى تلاحق الحَزنُ بال
سهل وسوّى الجفارَ بالأطمِ
راخى له المرزمانِ وانشالت ال
عقربُ عن كلِّ هاجم عرمِ
يوغلُ في الأرض ماؤه مولداً
منها بطونَ الحوائلِ العقمِ
ترى القراراتِ منه رافلة ً
في أزُرٍ من عمائمِ الأكمِ
تقولُ عنه الرياضُ مفصحة ً
أحسنَ ما قال شاكرُ النِّعمِ
كأنما الله قبله قطّ ما
قلّد أرضا صنيعة ً لسمي
تعبث آثارهُ بمشعرة ِ ال
أعضادِ قرعَ الجنوبِ واللِّممِ
قد أكلَ الجدبُ أطيبيها فلم
يبقَ سوى رسمها لمرتسمِ
بعيدة العهدِ بالعشيب من ال
أرض ورقراقِ مائها الشَّبمِ
تنهضُ أشباحها النواحلُ في
حاجاتنا بالجسائم العظمِ
تطلب من ذي الرياستين قرا الر
كبِ ونارَ القِرى على العلمِ
وعزة َ الجارِ في ربيعة َوالد
ارِ وأمنَ الحمام في الحرمِ
والقائلِ الفاعلِ الذي سيط جو
دُ العربِ منه بطيبة العجمِ
تزجرها باسمه الحداة فتن
قاد بغير الخشاشِ والخطمِ
فخلِّ عنها لسّاً ومضمضة ً
ثم استقمْ في السُّرى بها ورُمِ
فاليومَ ترعى وادي الغضا وغداً
ترعى بنعماه واديَ الكرمِ
يبلغنَ لا ضيِّقَ الخناق من ال
عي ولا مسندا من السأمِ
ولا قصير الإزار إن جذبَ ال
جدبُ بأذيال خائض القُحمِ
أملس لا تعلقُ العيوبُ به
معطَّر العرض أبيض الشِّيمِ
غضبان مما غار الأبيُّ له
وفي الرضا شهدة ٌ لملتقمِ
إما ترى ما لديه قسرا فخذ
عنه وإما سألت فاحتكمِ
عسفا ولطفا ويجمع الماءَ وال(75/333)
نارَ غرارُ المهندِ الخذمِ
جاد فقال اللوّام حسبك فاز
داد فقالوا يا ليت لم نلمِ
وذوّقوه العقبى فقال لها
عدّة ُ صبري وجامعُ الرِّممِ
أعجبُ من عاملِ الرزق عدوٌّ
قاسمُ الرزق غيرُ متّهمِ
لله والمجدِ والحفيظة وال
عزائم العالياتِ والهمم
ما ضُمِّنتْ منأبي المعاليحبى ال
دستِ وأدَّتْ جوامعُ الكلم
وربّ عوصاء تعصب الفمَ بالرِّ
يق وتهفو بالناطقِ الخصمِ
نافرة ِ الجانبين مبهمة ِ ال
وجهِ على جامع ومنتظمِ
عزَّت على القائلين وهي له
تذلُّ بين اللسان والقلمِ
تفعل خرساءَ في صحائفها
فعلَ زئير الآسادِ في الأجمِ
كأنه من ردى النفوس بها
يكتبها في طروسها بدمِ
فضائل إرثها ومكسبها
له بحق الحدثان والقدمِ
يابن المحامين عن حقائقهم
في الصبح والمطعمين في العتمِ
والضاربين العدا بحدّهمُ
والبالغين المدى بجدهمِ
مشى على الدهر ملككم يفعا
وعانسا مشرفا على الهرمِ
ورضتمُ أظهرَ الليالي المقا
ديمِ وطلتم سوالفَ الأممِ
قد أصلح الناسَ سعيكم لهمُ
وأفسد الناسَ لطفكم بهمِ
وقلَّبتكم أيدي الملوك فلم
يغمزْ قناكم عارٌ ولم يصمِ
واستصرخوكم مستضعفين على
حربٍ فكنتم أنصارَ ملكهمِ
واستقدحوا رأيكم فأرشدهم
والنصحُ حيرانُ والصوابُ عمي
فلا تزعزعكم الخطوب ولا
تدخلْ عليكم صوارفُ النِّعمِ
ولا تزلْ منكم الأساورُ والت
يجانُ فوق الأكفِّ والقممِ
شريتكم بالورى فما قرع ال
غبنُ بظفري سنِّى من الندمِ
وصرتُ منكم بحكمِ كلِّ فتى ً
منكم لحقّ الوفاء ملتزمِ
دستُ رءوسَ العدا بمجدكمُ
وهان هاماتهم على قدمي
لففتموني بعيصكم فسرت
عروقُ عبد الرحيم في رحمي
لكن هناتٌ تعرو فتلفتُ عن
حقّي وتقصى القريبَ من ذممي
وشاغلاتٌ حوادثٌ صرفتْ
وجوهكم عن حقوقيَ القدمِ
ألقاكمُ آنسا فيرجعُ بي
إعراضكم في ثيابِ محتشمِ
ملالة ٌ والمزار غبٌّ وإق
صاءٌ بلا زلَّة ٍ ولا جرُمِ
وجفوة ٌ لو شربتها في إنا
ء الماءِ صديانَ ما شفى قرمي
لم ترقها خدعتي بقولي ولا
فعلي والسحرُ في يدي وفمي(75/334)
تشمتُ آمالى الصحائح في
إشفاءِ حالي فيكم على السَّقمِ
ويعجب المجدُ من وجودكمُ
على الغنى قدرة ً ومن عدمي
وما أقول البحارُ غاضت بأي
ديكم وحالت طبائعُ الدِّيمَ
لكن عتابي على الحظوظ وشك
واي إليكم تحيُّفُ القسمِ
وأنني في زمان عزّكمُ
وهو زماني بحالِ مهتضمِ
كنت أظنّ الأيامَ إن خدمتْ
إقبالكم أن يكونَ من خدمي
وأنّ نيرانكم إذا ارتفعتْ
أوّل ما يعتلقن في فحمي
وأن تزولَ الدنيا وأنت على
عهدك لي لم تزل ولم ترِمِ
فلا يخب ذلك الرجاء ولا
تهتكْ مصوناتُ تلكم الحرمِ
ولي ديونٌ أجِّلن عندك قد
أكلن لحمي وقد شربن دمي
فاقض فقد أمكنتْ وخفَّف بها
ظهرك إن الديون في الذّممِ
واقصدِ بها غاية َ الجمال على ال
عادة فيها لا غاية َ القيمِ
والبس من المهرجان ضافية ً
في العزّ أذيالها على القدَمِ
ينسجها السعدُ ما أطال وما
أعرض في الأسدياتِ واللُّحمِ
معقودة ً بالخلود طرّتها
فما تقول الدنيا لها انفصمي
وقابلِ الصومَ أبلجَ الوجه جذ
لانَ وعيِّدْ مؤيَّدا وصمِ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> لمن دارٌ على إضم
لمن دارٌ على إضم
رقم القصيدة : 60305
-----------------------------------
لمن دارٌ على إضم
كوحي الخطِّ بالقلمِ
عفتْ إلاّ بما تملي
من الزفراتِ والألمِ
وقفنا محدثين بها
جوى أيّامنا القدُمِ
نشاكيها ونفضلها
بفيضِ دموعنا السُّجمِ
وكلٌّ بالنحولِ على ال
شّكاية ِ غيرُ متهمِ
فنحنُ ردائدُ البلوى
نعمْ وطلائحُ السَّقمِ
سقاكِ على ادكارِ العه
دِ غيثُ مواقرِ الديمِ
وزارك خيرُ ما نسجتْ
على أرضٍ أكفُّ سمي
فكم من عيشة ٍ صلحتْ
لنا بك ثمّ لم تدمِ
وليلٍ تسلب الأسحا
رُ فيه مواهبَ العتمِ
شكرنا فيه شكر الح
قّ منه كاذبَ الحلمِ
يغطّينا الدجى ويبو
ح ومضُ البارق الضَّرمِ
وهل تتموَّه الأقما
رُ إن غطِّينَ بالظُّلمِ
ويشرقُ في الصِّفاح اللث
مُ إشفاقا من التُّهمِ
فنقضي في يدٍ ويدٍ
مآربَ من فم وفمِ
فيا علم الحمى ذكرتْ
عهودك ظبية ُ العلم(75/335)
وعادكَ من زمان ذما
كَ ناشرُ تربك الرّممِ
ويا ريح الصَّبا اقترحي
على الأحشاء واحتكمي
متى راوحتها خبرا
على البيضاتِ في الخيمِ
أراكِ نسمتِ تختبري
ن ما عهدي وما ذممي
فهذي في يدي كبدي
وذا في وجنتيَّ دمي
سلامٌ كلّما ذكرتْ
ليالينا بذي سلمِ
وحيّا الله مختبطاً
ونارُ الليل في الفحمِ
تجشّمَ يركبُ الأسلا
تِ من كعبٍ ومن جشمَ
سرى أنسا وفي الرقبا
ء كلُّ ألدَّ محتشم
خفيَّاً أن يُرى بالعي
ن أو يقتصَّ بالقدمِ
وأعجب كيف نمتُ له
وليلى قبلُ لم أنمِ
إلى أن صاح بي وبه
صديعُ الفجر قمْ وقمِ
ومرّ فليتَ مختلسي
زيارته ومجترمي
يعالجُ ودَّ منتقلٍ
ويأملُ عفوَ منتقمِ
وطرفا قد أصاب علا
أبي الحسن العميد عمي
أخى ودّاً وعرق الو
دِّ فوق وشائج الرّحمِ
ومولى حاجتي يوم ان
قطاع علائقِ الحرم
ومنهض همّتي ما قم
ت أطلب عاليَ الهممِ
وكان طفى الزمان به
أوامي أو شفى قرمي
وأوجده عل عدمٍ
وأولده على عقمِ
أكيدُ به النوائبَ أو
تكونَ بأمره خدمي
وألبسُ منه ضافية ً
ذلاذلها على قدمي
فسلَّ عليَّ جفوته
مسلَّ الصارم الخذمِ
ولوّنه عليّ مل
وّن الشعراتِ في اللِّمم
تناسى والمدى كثبٌ
وعهدُ الوصل من أممِ
مؤاخذة ٌ بلا سببٍ
وإعراضٌ بلا جرمِ
سوى أني كثرتُ فم
لَّ والمملولُ للصُّرمِ
وعزَّ بنفسه ذلّي
له بنوافذِ الكلمِ
وخفضي في مدائحهِ
خزامة َ أنفي العرمِ
ولولا شيمة ٌ رفعت
ه ما خودعتُ عن شيمي
وغيرك صارما أعطي
ه حبلَ أحذَّ منفصمِ
أكايله بصاعِ يدي
ه من عوجٍ ومن قيمِ
وأترك سنَّه وعداً
لأكلِ يديه بالندمِ
ولكن قطعى العضو ال
أليمَ يزيد في ألمي
فؤادي فيك مبتذلي
وطرفُ العين مهتضمي
فما لي في قراعك غي
ر أن ألقى يدَ السلمِ
وأنظر رجعة الإنصا
ف منك وعطفة َ الكرمِ
وإني في رءوس عدا
ك ولاَّجٌ على القحمِ
وعلمك أنّ مثلي السي
فُ لم يغمد ولم يشمِ
ودونك في الخصام ألدَّ
آخذِ موضعِ الكظمِ
فخفْ عقبى الغبينة فيَّ
يومَ تفاوتِ القيمِ
فمن لك بي إذا ما قا(75/336)
ل بأني السؤدد انهدمِ
ومن لك يومَ يحمى العر
ضُ مثلُ يدي ومثلُ فمي
ومن ذا إن شردتُ يردّ
ما أرسلتُ من خطمي
أرى أملي يشتَّتُ أو
أراك تعود منتظمي
فيا مبدي الوفاءِ أعد
ويا معطي المنى أدمِ
ويا من قدّم الحسنى
هب الحدثانَ للقدمِ
وثقِّف ما حطمتَ فلا
طعانَ لصدرِ منحطمِ
وكن لي مثل ما قد كن
ت منتقذي ومعتصمي
ووفِّر فضلَ مالك لي
وجاهك مسنيا قسمي
فلو عاد الزمان فتى
وشبّ لكم على الهرمِ
لما أخلفتمُ مثلي
ولا في سالف الأممِ
عتبتُ وتحت حرِّ العت
ب قلبٌ غيرُ محتدمِ
وأضلاعٌ تضمُّ علي
ك شوقا موضعَ الحزمِ
ومثل الغيث عوتب أن
أخلَّ بصوبه الرّهمِ
ولم يأسف على العليا
ء مثل معود النِّعمِ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> عذيرك من حلمك المهتضمْ
عذيرك من حلمك المهتضمْ
رقم القصيدة : 60306
-----------------------------------
عذيرك من حلمك المهتضمْ
وقد رفعَ الحيُّ من ذي جشمْ
أناخوا المطيَّ وماءُ العيو
ن دمعٌ وصاحوا بها وهو دمْ
نصلن مروقا مروقَ السها
م أغراضهن النوى والصُّرمْ
حواملَ مثلِ كنوز النّعا
مِ تمشي بهنّ كنوزُ النَّعمْ
نواضعَ كنَّ شموسَ النها
رِ تطلعُ منها بدورُ العتمْ
فمختمرٌ ما عدا ليلتين
ومسفر عشرٍ خطاها فتمْ
عقائل ماخفنَ عيبا يلاقُ
بهنّ ولا ذقنَ عيشا يُذمْ
حملن جسوما وصفن النع
يمَ تحت وجوهٍ شكرن النِّعمْ
وفي الركب من يك منها الجنونُ
وأخرى هي البرءُ وهي السقمْ
إلى أين يا سائق البكرتين
عن الطَّلح من أجأٍ والسَّلمْ
أأغنى ثرى ً منه شقَّتْ عصاك
وأسبغَ نبتا وأندى ديمْ
أسرُّك غيرك من يستراد
جميمَ المراتع للمهتضمْ
وقد حلفتْ واليمينُ البلا
ءُ ظبية ُ لا برَّ منها القسمْ
لئن نسبَ الشعر بين الحمو
لِ باسمي ليحتبلنَّ المسمْ
ألا هلوظلُّ المنى باردٌ
وقد يرزق المرءُ مما حرم
تعودُ ليالٍ بذات النقا
قدمنَ ولم ينسنيها القدمْ
وعيشٌ بها نامَ عنه الزمانُ
وهبَّ وعادَ يرى في الحلمْ
لعلّك يا دهر أن تستقي(75/337)
ل فرطَ لجاجك أو تحتشمْ
فيُجمعَ هذا الفؤاد الشَّعاع
ويبردَ هذا الجوى المضطرمْ
وإلا بقرب عميد الكفا
ة َ عذرُك في كلّ ذنبٍ عظمْ
متى تدنُ دارٌ به لا ألم
ك في حادثٍ بعدها أو ملمْ
رعى الله لي في سرار النوى
هلالا بأكنافِ غميَّ أغتمْ
نفضتُ طريقَ النوى بعده
فلم أحظَ إلا بخبط الظُّلمْ
وداويت جهدي داءَ الحنين
فما يستطبُّ ولا ينحسمْ
وكيف استراحة جسمِ المقيم
بدارٍ بها قلبه لم يقمْ
وما الأرضُ نصرى غيرُ العزي
ز فيها ورزقي غيرُ الأمم
وما خلتُ أنَّ بيوتَ النبي
طِ يحذرُ فيها ليوثُ الأجمْ
ولا أن تكون قرى ً بالدُّجيلِ
مراحَ العلا ومغيضَ الكرمْ
تغيَّر بعدك خلقُ النسيم
وغصَّ السُّقاة َ الزّلالُ الشَّبِمْ
فلا مشهدٌ للمعالي يزار
ولا كعبة ٌ للندى تستلمْ
كأنك سرتَ بفضل الرجال
جميعا وبنتَ بمجدِ الأممْ
لئن نفَّرتك قرافُ الأذى
وأوحش سمعك لذعُ الكلِمْ
ورابك من كالح قلبه
إليك فمٌ ملقٌ مبتسمْ
فما كنتَ إلا الحسامَ الجرا
زَ لو لم يخفْ حدُّه لم يُشمْ
وما دُعدعَ الليثُ في غيلهِ
سوى أن متى صافحوه لطمْ
ودون الذي خفتَ رأيٌ ألدُّ
وقلبٌ أصمُّ وأنف أشمْ
وعرضُ البلادِ وطولُ النجادِ
ونصرُ الحسام وسحرُ القلمْ
وأمرٌ من الله في الذبِّ عن
ك لا يستطاع إذا ما حتمْ
وعقبى يُسرُّ بها من يُسرُّ
ويُرغم من أسفٍ من رغمْ
وكم قد هفا الدهرُ من قبلها
وعاد وأقلعَ عما اجترمْ
وجاءك يحملهُ الاعتذارُ
منيبا ويشفع فيه الندمْ
وضاقت ففرَّجها الصبرُ عنك
وكانت أغمَّ وكانت أطمْ
وعيّفتُ طيري فبشَّرتكم
بما أسلفته الأحاظي لكمْ
ستذكرزجرى فيها غداً
كذكرك بالأمس لي ما قدُمْ
وتعلم أنِّي من لا يقو
لُ في الشعر إلاّ بما قد علمْ
وتطلعُ لي من ثنايا اللقا
ء لوثَ الغزالة رأسَ العلمْ
وخلفك سائقُ طولِ البقاءِ
وبين يديك ثبوتُ القدمْ
وقد فلّلتْ عنك حدّ العدوّ
عرى الصبر أو عالياتُ الهممْ
ألستَ ابن أعلقهم بالحفاظ
وأعبقهم بشروط النِّعمْ
وأنداهمُ صارما أو يدا(75/338)
تقحَّمَ أو بلَّ تربَ القحمْ
وفى ما وفى بالمعالي أبوك
وزدتَ فقمتَ بما لم يقمْ
بك التأم الشعبُ من بعده
وأبرمَ سلكهمُ وانتظمْ
فلا عدموك حياً في الجدوب
رخاً في الكروب غنى ً في العدمْ
وحيَّتعلى البعد ذاك الجنا
بَ وتلك السجايا العذابَ الفغُمْ
صواعدُ عنّى تهبّ الجنو
بُ منها بأضوعِ ما يشتممْ
مطاربُ في كلِّ سمع جرتْ
عليه أطايبُ في كلِّ فمْ
تدرّ عليك مرابيعها
فواقا فواقا درورَ الحلمْ
وأسمنها رعيُ وادي الوفا
ء فيكم ووِردُ حياضِ الدِّيمْ
فلو أن داركمُ بالصعيد
ودونكمُ ججباتُ الحرمْ
لخاضت إليكم بطونَ البطاح
وداست رءوس الرُّبى والأكمْ
يطالعكم كلُّ عيدٍ أغرَّ
وأعيادُ قوم سواكم بهمْ
إذا ما خلوتم أنستم بها
وإن ضامها الدهر عاذت بكمْ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> لنا من ليلنا بلوى الصريم
لنا من ليلنا بلوى الصريم
رقم القصيدة : 60307
-----------------------------------
لنا من ليلنا بلوى الصريم
قراعُ الهمّ أو عدُّ النجومِ
حبسنا العيشُ منه على بخيلٍ
نؤمِّلُ عنده جدوى الكريمِ
فلم نقفِ السؤالَ على مجيبٍ
ولم نشكُ الغرامَ إلى رحيمِ
سوى ذكرى نزتْ بجوى ً دفينٍ
كما كرَّ العدادُ على السليمِ
عطارٌ في الثرى وطروسُ وحيٍ
تحادثنا عن العهد القديمِ
سقاكَ وإن صممتَ فلم تفدنا
سوى سفه المنازل بالحلومِ
رقيقُ القطرِ حنَّانُ العشايا
نتاجَ المنجباتِ من الغيومِ
تعودُ مع الصَّباح له بدانا
جسومُ الناحلاتِ من الرسومِ
عصيتْ لوائحي وأطعتُ وجدي
برملة َ والخيارُ إلى الملومِ
فما العدوى على ولهي ودمعي
وقد حكَّمت في قلبي خصومي
وأرسلتُ اللحاظَ على يقينٍ
بما تجنى العيونُ على الجسومِ
فإن تك صاحبا وعزمتَ رشدا
غداً وحملتَ شطرا من همومي
فمل ميلَ الغميم وحيِّ عنّى
مواسمَ للبطالة ِ بالغميمِ
وقل لملاعبِ العلمينسيري
مع الحيِّ المقوّض أو أقيمي
إذا عريَاللِّوى من شجو قلبي
ومن طرفٍ أصيبَ به سقيمِ
فلا ناحت بحاجرَ بنتُ غصن(75/339)
ولا نظرتْ برامة أمُّ ريمِ
سقى الله العراقَ بما سقاني
حلوبة َ لا السحابِ ولا الكرومِ
وأنصفَ بين أيّامي وبيني
إذا المظلوم دينَ من الظَّلومِ
أعاتبها وعنّى صمَّ سمعٌ
لتنزعَ وهي توغلُ في صميمي
فيوما في شبابي أو حميمي
ويوما في صديقي أو نديمي
طوارقُ للبعاد فرت أديمي
بحدّ شفارها فريَ الأديمِ
أعالجها بصبري وهو داءٌ
كما تقعُ الكلومُ على الكلومِ
تكنَّفني الزمان يطيلُ ضغطي
فما أنفكُّ من جنبٍ أليمِ
ويُضعفُ منَّتي ويميتُ فضلي
تطلّبي الثراءَ من العديمِ
وكان يضئُ لي أملي فأسري
فقد أضللتُ في الأملِ البهيمِ
كأنّي لم أنطْ بالمجد همّي
ولم أركبْ إلى العلياء عزيمي
ولم أهتك دجُنّة َ كلِّ خطبٍ
بفجرٍ من بني عبد الرحيمِ
يضيءُ ليَ المنى ويدُلُّ عيني
على نهج العلاءِ المستقيمِ
فقام البعدُ بينهمُ وبيني
بروعة ِ مقعد منهم مقيمِ
وولَّوها الأعنّة َ مطلقاتٍ
وبقَّوني أعضُّ على الشكيمِ
فهل بُلِّغتمُ أخبارَ قلبي
على التصحيح في النقلِ السليمِ
وهل يدرون ما سهري ووجدي
إذا سكنوا إلى الليل المنيمِ
وطوفي بالبلايا والرذايا ال
معرَّة بعد بزلهم القرومِ
بلى عند الوزير بذاك علمٌ
وأنباءٌ تشقُّ على الكريمِ
سيجمعها وإن طفتُ انتشارا
عظيمٌ لا يروَّعُ بالعظيمِ
وفيُّ العهدِ في قربٍ وبعدٍ
غنيُّ النفس من كرمٍ وخيمِ
من البيت الذي بذؤا بتيه
سما والمنبت الزاكي الأرومِ
وقوم تذهبُ الأحساب عرضا
ومنصبهم على السَّننِ القديمِ
يسود الناسُ شيبا أو كهولا
وفيهم سؤدد الطفلِ الفطيمِ
دعوا بزل الرجال وهمْ جذاعٌ
وتمُّوا في المراسلِ والتميمِ
وساسوا الدهرَ والسلطانَ عسفا
وليناً بالحميَّة ِ والحلومِ
فما أشروا مع القدرِ الموالي
ولا بطروا على الملك العقيمِ
مضوا سلفَ العلا وأذى الأعادي
وأندية َ النّدى وشجا الخصومِ
وأطلعتِ السعودُ لهم هلالا
جديدَ النور بانَ من النجومِ
وفى لهمُ أبوسعدٍبسعيٍ
مزيدِ الحضرِ طمَّ على الرسيمِ
وصاغ بذكره تيجانَ فخرٍ(75/340)
على جبهاتهم بدلَ الوسومِ
يموتُ الدهرُ من هرمٍ وتفنى
بنوهُ وهي باقية ُ الرسومِ
عدوّك بعدَ بُعدك مثلُ ملكٍ
سحيلِ الحبل منقوض الجريمِ
تهافتَ شمله وهوى سقيطا
تداعي الملكِ في العقدِ النظيمِ
عصى بك والدا حدبا فآل ال
عقوقُ به إلى ذلِّ اليتيمِ
تعاورهُ الولاة ُ فشذَّبوه
بعسف الغمز أو عسف الغشومِ
فدولته الشَّعاعُ بلا عميدٍ
وأمته الضياعُ بلا زعيمِ
أحلَّ حرامها فقد استبيحت
وكانت من جوارك في حريمِ
توالغُ في جوانبها ذئابٌ
منعتَ أنوفها قصَّ الشميمِ
فها هي لا تظنّ بها شفاءً
إذا الإبلالُ قدِّرَ في السقيمِ
بلى أرجو لها بك أو لأخرى
علاجَ الداءِ أو سدَّ الثُّلومِ
إذا اضطّروا وأجدب وادياهم
إلى استمطار وابلك العميمِ
ديونٌ لي على الأيّام فيكم
وغائبة ٌ تبشِّر بالقدومِ
أطالبها وأعلمُ أن ستقضى
وإن طالت مماطلة ُ الغريمِ
بغاك لها وقد قرنت وأنَّتْ
وجرَّ نهوضها طولُ الجثومِ
فإنَّ الأمر يبطئُ ثم يأتي
أحبَّ من التسرُّع والهجومِ
وبعدُ على النوى وعلى التداني
فقد أشقيتني بعد النعيمِ
قود خلَّفتني من كفِّ دهري
بطول الصدِّ في أسرٍ لئيمِ
أروضُ الحمدَ في أيدٍ جعادٍ
وأرعى جانبَ العيش الذميمِ
تصوَّحَ مرتعي وذوتْ عروقي
بهجرِ سحابك الصخبِ الهزيمِ
ولم تك قطّ في سعة ٍ وضيقٍ
لتغفلني وتشغلَ عن رسومي
فما بالي جفيتُ أما حديثي
يذكّرك الحقوقَ أما قديمي
ألستَ بصحبتي ووفاي أهلا
بمنزلة المساهمِ والقسمِ
نظقتُ ولو أطقتُ لطال صمتي
على ما اعتدتُ من خلقي وخيمي
ولكنّي أطقتُ جنونَ دهرٍ
ينقّل شيمة َ الرجلِ الحليمِ
بقيتُ لمدحكم فابقوا لرفدي
على رعى المصوِّح والهشيمِ
فإني ما وجدتكمُ قليلٌ
من العدم ارتياعي أو وجومي
لكم في كلّ غاسقة ٍ وفجر
حبائر من فمي رقشُ الوشومِ
تكون عليكمُ دُرّاً نثيرا
وحصنا من عدوّكم الرجيمِ
بنيتُ لكم بها مجدا مضافا
إلى مجدِ الخؤلة العمومِ
يزوركمُ بها النّيروز يسري
بطول اللّبثِ فيها واللزومِ
بواقي فيكمُ متداولاتٍ(75/341)
بقاءَ الفخرِ في سلفى تميمِ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> أيوما مثلَ يوم الجز
أيوما مثلَ يوم الجز
رقم القصيدة : 60308
-----------------------------------
أيوما مثلَ يوم الجز
عِ تنساه وإن قدما
وتكفرهُ وقدماً كن
ت ممّن يشكر الحلما
ملاعبُ صبوة ٍ وهوى ً
ودارُ سلامة ٍ وحمى
رزقنا منه صيدَ العي
نِ والقنّاصُ قد حرما
جآذر من ظباء الإن
س كنَّ دمى ً ولسنَ دمى
قنصناهن دون منى ً
ولم نتحرَّج الحرما
وفيهنَّ المنى صفرا
ءُ يفتلُ كشحها هضما
تريك بحسن صبغتها
سلامة َ لونها سقما
تلفَّتُ عن وميض البر
قِ عارضة ً ومبتسما
أصابَ بها بصيرته
غويٌّ يعبدُ الصنما
رمتني يوم ذي الجمرا
ت عن طرف رنا فرمى
وكان لسهمها ما شا
ء من قلبي وما احتكما
نعمتُ بها على إضم
ويشقى بعدُ من نعما
يدٌ للحج شلَّ النف
رُ بسطتها وما علما
شكرناها وإن بعث ال
شّفاءُ بها لنا سقما
سل الورّاد يمتاحو
ن زمزمَ ماءها الشبما
من الماء الذي يردو
ن يشفي أو يبلُّ ظما
ولم يرشفْ لنازله
وراءَ المأزمين لمى
سقى الله المحصبَ ما
سقتْ أرضا نجومُ سما
فحيث جرت دماءُ البُد
نِ قلّبتَ الدموعَ دما
بعينك هنّ خيماتٌ
وما بك أن ترى الخيما
فيا زمنا بذاك العي
ش مرَّ أما تعودُ أما
حلفتُ بها محبَّسة ً
تمجُّ أنوفها الخزما
بدائدَ أو تخالَ بها
على أكم اللّوى أكما
ترى ألهوبها في السي
ر شبَّ على الغضا ضرَما
سواهمَ كنّ حمرا قب
لَ تحمل ضمَّرا سهُما
لأضحت في بني عبد ال
رّحيم مودتي رحما
صحبتهمُ على خوفٍ
فكانوا الأشهرَ الحرما
وناطوني بأنفسهم
فرحتُ بهنّ ملتحما
وضمُّوني وكنتُ مدع
دع الجنباتِ مقتسما
شريتهمُ بأهل الأر
ض مع تحقيقي القيما
فلم أغبن ولم أقرعْ
بشوكة ناجذي ندما
رجمتُ بنصلِ أيديهم
صليدَ الدهر فانحطما
وقمتُ بهم من الأيا
م منتصرا ومنتقما
ملوكا يحسبون الجو
دَ مقدورا لهم حتما
رضوا بوجودِ مجدهمُ
فلم يتسخَّطوا العدما
كأنَّهمُ إذا افتقروا
أبرُّوا بيتهم قسما(75/342)
همُ سنّوا الحجا فالطو
دُ لولاهم لما حلُما
وجادوا فاستمدّ الغي
ثُ من أيديهم الكرما
رمتْ فوق السماء بهم
مسماعٍ كلُّهن سما
فكانوا مزنها شيما
وكانوا شهبها قسما
بهم تمّ الكمالُ فتى ً
وشبَّ وبعدُ ما احتلما
تضاهوا فيه واشتبهوا
نهى ً وتماثلوا همما
تمامُ الرمح بالأنبو
ب والأنبوب منتظما
وأصبحَ من أبي حسنٍ
طريقُ علائهم لقما
هم الأعلامُ لكن شبَّ
نارا تشرفُ العلما
وفى عينُ الكفاة ِ لهم
بما أغنى وما عظما
وقام بشرع سؤددهم
فأضحى دينها قيما
فتى ً شهدَ التفرّسُ في
نجابته بما علما
وقدَّمه الوقارُ على ال
كهول وبعدُ ما فطما
أنال فكان مقمورا
وغار فكان محتشما
قضى قاضي السحاب على الس
حاب له إذا حكما
فقال له معاني الجو
دِ والأسماءُ بينكما
قضية ُ صادع بالح
قّ ما حابى وما ظلما
وذلَّل رأيهُ ما أع
جز الرُّوّاضَ والُّلجما
فما عنَّاه من أمر
رياضته وقد هرِما
محاسنُ عاد يعترف ال
حسودُ بها وإن رُغما
وبارقة من الإقبا
ل تلفح عارضا سجما
بدتْ شررا وسوفَ تدبُّ
حتى تملأ الفحما
وإن قعد الزمانُ بها
وفتَّر بعد ما احتدما
وقصّر سعيه شيئا
وكان مصمِّما قدُما
سيبعدُ خطوه فيها
غداص ويوسِّع القدما
ويرجعُ نادما يبني
من العلياء ما انهدما
ضمانٌ لي على الأيّا
م فيك عقدته ذمما
ووعدُ الدهر عندي في
علاكم قلَّما انجذما
فلا يقنك من وصل السّ
عادة ِ عاتبٌ صرَما
وخذ للعزّ أهبة َ من
توثَّب بعد ما جثما
وثوبَ الليثِ أخدرَ
ثمَّ هبَّ مفارقا أجما
وجدّد لبسة النيرو
ز ثوبا ينصفُ القدما
شبابَ الدهر أو تلقا
ه أشمطَ رأسه هرما
ووفِّ الحمد كيلة قا
سمٍ لك خيرَ ما قسما
يزورك من مكامنه
بما أخفى وما كتما
بدائدَ تنظم الأسما
عَ مما تنثر الحكما
تكون بذكرها سحرا
وإن هي سمِّيت كلما
تسودُ الشعرَ أو تضحي
لها ساداته خدما
تؤمُّك لا تغبُّك نا
ئيا ألفتك أو أمما
لتعلم أنها ترعى ال
أواصرَ منك والحرما
وأنّ الخارصَ الواشي
إليك بغدرها أثما
تحرّش ئم جرَّبكم(75/343)
لينقلَ غيرَ ما فهما
فلمّا أن رآكم طل
عة ً لقذافهِ رجما
ولا وأبي العلى إن كا
نَ ما سدَّى كما زعما
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> أجاذبها لو أمكنتْ من زمامها
أجاذبها لو أمكنتْ من زمامها
رقم القصيدة : 60309
-----------------------------------
أجاذبها لو أمكنتْ من زمامها
أريدُ وراءً والهوى من أمامها
وإن كان قلبي في الصبابة قلبها
فشتان ما شكَّيتني من عرامها
كلانا أخوه الوجد لكن غرامها
طليقٌ ونفسي في إسارِ غرامها
فما الحربُ إلا بين حلمي وخرقها
وبين زفيري خائفا وبغامها
يعزّ عليها نومها تحت كورها
بما فات من أيّامها في مسامها
وأن تعلف الرطبَ الخليط ببابل
مكانَ أراك حاجرٍ وبشامها
بلادٌ تسيم الضيمَ فوق ترابها
ضياعا وتسقي الذلَّ تحت غمامها
فليت بلاداً شرُّها في قصورها
فداً لبيوتٍ خيرُها في خيامها
نعم هذه الزوراءُ أنضرُ شارة ً
بما ضمِّنتْ من روقها وزمامها
ولكن ذناباها تطولُ رقابها
وأرجلها مرفوعة ٌ فوق هامها
إذا سرَّ نفسا يومُها ساءَ شهرها
فإنعامها مستطرحٌ في انتقامها
تمنّيتُ رغما غيرها وهيَ التي
فطيرة ُ جلدي حشوها من رغامها
وماذا على نفسٍ جنى عامُ خصبها
عليها الأذى أن تشتهي جذبَ عامها
سلامٌ عليها لا على جلِّ أهلها
لأخرى ترابُ العزِّ بين سلامها
ركبتُ لها عزمي وللنفس قعدة ٌ
تبلّغها من همّها واعتزامها
ورفَّعتُ من خفض الكرى بابن حرّة ٍ
تجودُ لصوني عينه بمنامها
يصمُّ سواه عن دعاءِ زميله
إذا ما الثريّا علّقتْ في مصامها
وقال اقضِ ما تقضي وفي الليل مهلة ٌ
فأسرارُ هذي العيسِ تحت ظلامها
تياسرْ بنا واترك لقومٍ يمينهم
وبعهم عراقَ الأرض غبنا بشامها
فكم راحة ٍ بيضاء ثمَّ وسحنة ٍ
ترى الرزقَ في صفاحها وابتسامها
وأندية ٍ حبُّ العلا من عقودها
وأيدٍ كنوزُ المال تحت كمامها
وقومٍ على تعظيم ملكك لوحمتْ
لدنْ خلقت لحومها بعظامها
أثرها ورُحْ فالنُّجحُ عند مسيرها
مغرِّبة ً والعجزُ عند مقامها(75/344)
ولكن ببغدادٍ فما أنت صانعٌ
وحظُّك منها شعبة ٌ من كرامها
جبالُ بني عبد الرحيم وسحبها
كعهدك في إرسائها وانسجامها
قبيلٌ بهم شدَّت عراكَ فلم تكن
لتملك كفُّ الدهر حلَّ عصامها
هم انتقذوكَ والليالي ضواربٌ
بكلكلها في ضغطها وزحامها
وهم وجدوك جمرة ً فتضعَّفوا
لها الريحَ حتى طبَّقتْ بضرامها
بأوصافهم سمِّيتَ واحدَ دهرهِ
وما نلته من ضبطها ونظامها
وكم كثَّروا من حاسديك وأشرجوا
صدورا على شحنائها وسقامها
وعدُّوك نفسا منهمُ ما لهم بها
مساهمة ٌ في حلِّها وحرامها
وما أنت إن حمَّتْ نواك بتركهم
سوى مهجة ٍ مأذونة ٍ بجمامها
وهل عنزعيم الملك في الناس عائضٌ
إذا كشفتْ مخبوءة ٌ عن خدامها
سلالة ُ مجدٍ زاد فيها قرانها
كما الكرمُ معنى ً فضلهُ في مدامها
ترقَّت به همّاته قبلَ سنّه
إلى ذروة ٍ خلَّوا له عن سنامها
تظلُّ العيونُ دونها مستريبة ً
بألحاظها إن رفَّعت في اقتحامها
إذا قطَّرت بالراكبين فردفهُ
على سرجها وكفُّه في لجامها
جرى لاحقاً مجدَ العشيرة قادرا
على سبقها لولا مكانُ احتشامها
غلامٌ ترى أشياخها وكهولها
به فرقا مجموعة ً في غلامها
إذا قال أرضاها وإن قام دونها
إلى الخطب أغنى سوقها عن قيامها
وإن نقصتْ من جانب المجد شعبة ٌ
فشدَّ عليها كان مولى تمامها
وإن ضاقَ بين القرن والقرن مأزق
ضرابُ الكماة ِ فيه مثلُ لطامها
فلم تك إلا هامة طاح بدرُها
وكفّ هوت جوزاؤها في قيامها
نضتْ منه وسطى عقدها وتعزّزت
بثالثها في سلكها ونظامها
فتى لا يربِّي المالَ إلا لفقده
ولا يُكرم النعمى لغير اهتضامها
ولا يحسبُ الأرزاقَ إلا ليومه
إذا حسبتْ نفسُ اللئيم لعامها
ولم أرَ منه قطّ أولدَ راحة ً
وأجدى على إقلاتها وعقامها
يجود وفي أوشاله جلُّ مالهِ
وتلحزُ أيدٍ مالُها في جمامِها
أبا حسنٍ لبّيك داعي مودة ٍ
سواك يناديها بصمِّي صمامِها
وخاطب أبكارٍ وعونٍ حميتها
وخلّيت عنها سارحا في سوامها
وذبَّبتُ عنها الناس ضنّاً بعذرها(75/345)
لمجدك حتى كنتَ فضَّ ختامها
لها مددٌ تزداد منه بنقصها
وتنمي على توزيعها وانقسامها
بقيتُ غريبا مثلَ عنقاءِ جوّها
لها ووحيدا مثلَ بدر تمامها
يرجِّم فيّ الظنُّ هل أنا ربُّها
أم انتشرت فحولها من رجامها
وقد آمنَ الأعداءُ أنّى نبيُّها
وكم رسلٍ آياتها في كلامها
لعرضك منها نثرة ٌ سابغيَّة ٌ
وأعراضُ قومٍ عرضة ٌ لسهامها
جزاءً بما راعيته من حقوقها
وأوجبته من إلِّها وذمامها
كما استصرختْ كفَّيك والدهرُ فاغرٌ
ليمضغها لا قانعا بعذامها
ونادتك نفسٌ والخناقُ مصمِّمٌ
على جولِ طوقيها ومجرى حزامها
فكنتَ مكانَ السيف نصرا وكالحيا
أعاد رضاعَ الأرض بعد فطامها
عوايدُ من نعماك يرجع وصلها
جديدا إذا ما خفتُ وشكَ انصرامها
إذا سألتْ حكَّمتها ونزلتَ بالسَّ
ماح على سلطانها واحتكامها
فإن أمسكتْ بقيا عليك وحشمة ً
تبرّعتَ سعيا في زوال احتشامها
فلا عدمتك فارجا لمضيقها
وبابا إلى ما استصعبتْ من مرامها
وجاءتك أيّام التهاني بوفدها
تخبِّر عن تخليدها ودوامها
لأجيادها من حليها ما تعلَّقتْ
به حلقاً أطواقها من حمامها
فيأخذُ يومُ المهرجان اصطفاءه
بحصَّته من فذِّها وتؤامها
فللعيد من مرباعها وفضولها
سهامُ الملوك حكِّمتْ في سهامها
له قدمُ الإسلامِ والفوزُ في غدٍ
بجنَّة ِ عدنٍ بردها وسلامها
ففزْ بهما واشدد على العزّ فيهما
عرى ً لا يرى خطبٌ مكان انفصامها
أشمَّ العلا ما لامس الأرضَ حافرٌ
وما ثقلتْ بأحدها وشمامها
وما أحرزتْ نفسٌ تقاها شعارها
لذخرٍ غدٍ من فطرها وصيامها
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> ردّوا لها أيّامها بالغميمْ
ردّوا لها أيّامها بالغميمْ
رقم القصيدة : 60310
-----------------------------------
ردّوا لها أيّامها بالغميمْ
إن كان من بعد شقاءٍ نعيمْ
وأفرجوا عن طرقاتِ الحمى
لها عن المعوجِّ والمستقيمْ
تنفضها ثم قضى ما قضى ال
وخدُ على أثباجها والرسيمْ
فثمّ أدراجُ مطافيلها
ومنزلُ الأينقِ تحت القرومْ(75/346)
وحيثُ جمَّ الماءُ واستسمنت
غواربٌ جمٌّ برعي الجميمْ
ردُّوا عن الأعناقِ أرسانها
وكرّموها عن عضاض الخطيمْ
ولا تدلُّوها فقدّامها
أدلّة الشوق وهادى الشميمْ
وفوقها كلّ أخى صبوة
إذا الصَّبا هبّت غذاه النسيمْ
يرى بنجدٍ وبسكانه
ثروة َ ذي العدم وبرءَ السقيمْ
قلوبهم رقٌّ لأهل الحمى
حيث النواصي حرة ٌ والجسوم
وكم بنجدٍ لك من قاتلٍ
لم يتحرَّجْ من مقام الأثيمْ
وجارحٍ تكلم ألحاظهُ
وهي إذا شاء دواءُ الكلومْ
وموقفٍ بالنّعفِ تهفو به
سفاهة ُ الحبّ بلبّ الحليمْ
وأمِّ خشفٍ لو أحسَّتْ هوى ً
عن ريمها لم تتعطَّفْ لريمْ
وكاتمٍ يغرى بأسراره
في هدب الأجفانِ دمعٌ نمومْ
قضيّة ٌ يكذب أشهادها
ويقبلُ الحاكم دعوى الغريمْ
تجتمع الأضدادُ حينا ولا
يجتمع الشاكي بها والرحيمْ
حلفتُ بالأدمِ براها السُّرى
بريَ المَدى إلا الذَّما والأديمْ
طلائحٍ يأخذُ مجهودها
رعيُ الموامي واحتساءُ السمومْ
كلُّ سنامٍ حالقٍ حتّه الس
يرُ وجنبٍ بالحوايا جليمْ
تحطمها بغية ُ إنجازها
ميعادَ شعثٍ وعدوها الحطيم
لولا ابنُ أيّوبَوآباؤه
ما نهضتْ محصنة ٌ عن كريمْ
قومٌ إذا ما احتجزوا بالحُبى
قالوا فكانوا شرقا للخصومْ
أو عدَّ مجدُ الناس أطرافهُ
وجنبهُ عدّوهمُ في الصميمْ
أو ركبوا الخيلَ إلى مأزقٍ
تبدَّلوا الهامَ بفوسِ الشكيمْ
بيضُ المجاني نورُ أوضاحهم
يشدخُ في وجه الزمانِ البهيمْ
إن كوثروا سدُّوا مسدَّ الحصا
أو فوخروا أغنوا غناء النجومْ
أو قطرتْ في المحلِ أيديهمُ
بانت بها آثارُ بخل الغيومْ
عندك منهم بأبي طالبٍ
ما وصفَ الحادثُ فضلَ القديمْ
قامت بآثارهم عينهُ
وزاد والخمرة ُ بنتُ الكرومْ
والمجدُ لا يُحرزُ إلا إذا
رافدَ عزَّ النفس طيبُ الأرومْ
إلى عميد الرؤساء انبرت
تحتَ بني الحاجِ بناتُ العزيمْ
يطلبن حرَّ الوجه حلوَ القرى
عشيرة َ الواحد مالَ العديمْ
أروعَ لا ترهقه خُطَّة ٌ
يعثرُ بالمقعدِ فيها المقيمْ
ولا ترى همّته في العلا
تحطُّ فيها نازلاتُ الهمومْ(75/347)
تنتظمُ الحزمَ سياساته
نظمُ كعوب الرمح إلا الوُصومْ
ذبَّ عن الدين بآرائه
فالدينُ من تدبيره في حريمْ
وجاهدتْ عن خلفاء الهدى
خالصة ً منه بقلبٍ سليمْ
هم نصبوهُ دون أيامهم
فانحلَّ عنها كلُّ خطبٍ جسيمْ
ذخيرة منه تواصوا بها
خلَّفها ظاعنهم للمقيمْ
وزارة موروثها تالدٌ
والبدر للشمس وزيرٌ قديمْ
مجلسه منها لآبائه
سيفا فسيفا ينتضي أو يشيمْ
أعشبَ قومٌ بولاياتهم
والنصح يرضيه برعى الهشيمْ
يخصّه الكاملُ من فضله
وماله مشتركٌ للعمومْ
ما عابه عصيان لوّامه
والعيبُ في الجودِ على من يلومْ
يا من قصرتُ العمرَ في ظله
ورفدهِ أرتعُ أو أستنيمْ
ورضتُ صرفَ الدهر أو لان لي
فلم أبلْ يجمحُ بي أو يقومْ
بحرُ أمانيَّ على مائه
يفهقُ ريّاً والأماني تحومْ
وعروة ٌ في الودّ ممسودة ٌ
تحت يدي والودُّ حبلٌ رميمْ
تلوَّن الناسُ بألوانهم
على ّ والتاثَ الصديقُ الحميمْ
وكُدِّرتْ تلك الرَّكايا على
دلوى فما أشربُ غيرَ الوخيمْ
وأنتَ والسلطانُ ما نلته
موطَّأُ الظّهر سليسُ الحزيمْ
وإن يكن صدٌّ يسوء الهوى
أو جفوة ٌ تهتك ستر الكتومْ
أو يقذَ وقتٌ ثم يجلى القذى
فالجوّ لا يمطرُ حتى يغيمْ
فابقَ أزركَ الباقياتِ التي
تدرَّج الأرضُ وليست تريمْ
ما وسمتْ عرضا على أنه
حلٍ وإلا جمَّلته الوسومْ
رسومها خالدة ٌ عندكم
ليس كما ينهج بالى الرُّسومْ
تحملُ منها كلَّ ريحانة
صبيحة َ النيروز يومَ القدومْ
كأنها تحفة ُ طيفِ الكرى
بالحبّ أو نخبة ُ كأس النديمْ
واجتلها والودُّ إن أمهرتْ
أنفسُ ما تمنحُ أو ما ترومْ
ودم وما أعطيتَ من نعمة ٍ
لا أسأل الله سوى أن تدومْ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> عمى صباحا بعدنا واسلمي
عمى صباحا بعدنا واسلمي
رقم القصيدة : 60311
-----------------------------------
عمى صباحا بعدنا واسلمي
يا دار صفراءَ على الأنعمِ
واحتلبي المزنَ أفاويقها
بينِ سماكيها إلى المرزمِ
مرضعة ً تفطمُ أولادها
من الثرى الجمّ ولم تُفطمِ(75/348)
حتى ترى واسم روض الحمى
عليكِ خصبا أثرَ الميسمِ
وتخطري من خلل الزَّهر في ال
مفوَّف الموشيِّ والمعلمِ
وملِّيتْ أرضكِ ما تحمل ال
ريحُ إليها من هدايا السُّمي
دعاء من أقنعه البين بع
د العينِ بالآثارِ والمعلمِ
بكى النوى أمسِ فلم يدَّخرْ
دمعا يفيض اليومَ في الأرسمِ
خان بكاءُ العين أجفانه
فناح والنوحُ بكاءُ الفمِ
تكلَّمي إن كنتِ قوّالة ً
هيهات أو فاستمعي وافهمي
ومن بليات الهوى أنني
أستفصح الأخبارَ من معجمِ
أهلُكِ لا أهلكِ إلا الشجا
في الصدر لم يُلفظ ولمْ يُكظمِ
بأيّ عيشٍ حادثٍ بدّلوا
من عيشنا في ظلِّك الأقدمِ
وأيّ أرضٍ حملتْ أرضهم
فلم تمدْ خسفا ولم تظلمِ
كم خفروا ذمة َ مستسلمٍ
واحتقروا قتلَ امرئٍ مسلمِ
وأجرمتْ عينٌ فساقوا الضنا
إلى فؤادٍ ليس بالمجرمِ
وليلة ٍ بتُّ سهادي بها
لديكِ أحلى من كرى النوّمِ
معتصما من حرّ وجدي ببر
د الحليِ في جيدٍ وفي معصمِ
ندمان غضبان يريني الرضا
ومانع في صورة المنعمِ
تلين تحت الدلِّ أعطافه
وهو إذا استعطف لم يرحمِ
أمزج كأسي معه بالبكا
منه ولا أشربُ إلا دمي
فكيف يشفيني جنى ريقه
ووعده الإبدالَ بي مسقمي
الله لي من زمنٍ مائلٍ
عليّ جورا كيفَ قلتُ احكمِ
وصاحبٍ لو نقل الأرضَ ما
رأى عقالا ليَ في المغنمِ
يقسم بالوافي وبالبخس في ال
ناس وعندي خيبة ُ المقسمِ
ولو رعى الحقَّ وإنصافه
ما فاز بالقدح سوى أسهمي
للدهر عندي ولأبنائه
بعد اجتماعي وثبة ُ الأرقمِ
ووقفة ٌ لا يبلغ الجرح ما
يبلغ مفضى قولها المؤلمِ
تغادر الغدرَ قتيلا على
غربِ حسام الكلمِ المخذمِ
وتصبح الأعراضُ من بعدها
مفضوحة في موسمٍ موسمِ
لكنّ بيتا من بيوت العلا
بعدُ مشيدُ المجدِ لم يهدمِ
تضمُّني حوطة ُ أبنائه
ضمَّ وفاض النَّبل للأسهمِ
كأنّ أيديهم على خلَّتي
عصائبُ الجبرِ على الأعظمِ
بيتٌ بنى أيوبُ أركانه ال
عليا بناءَ الموثقِ المحكمِ
وتمَّ من أبنائه بعده
بالمسندِ الضابطِ والمدعمِ
رحِّلْ إليهم كلَّ خرَّاجة ٍ(75/349)
من مخرمٍ غفلٍ إلى مخرمِ
تدوس باليمنى شمالا كما
قارن زندُ القادحِ الأجذمِ
لا يخلقُ الليل لألحاظها
وحشة َ عين العاكر المعتمِ
إذا احتذت أرجلها بالحصا
خدَّمها الإسآدُ بالعندمِ
إلى عميد الرؤساء انبرتْ
تلاحكُ الغاربَ بالمنسمِ
إلى فتى ً يسفرِ عن بشره ال
أبيض وجهُ الزمنِ الأقتمِ
أبلج يستعدى بإقباله
على هجوم القدرِ الأشأمِ
وتفتح الصفقة ُ في كفِّه
رتاجَ باب الأمل المبهمِ
يفقره الجودُ وفيه الغنى
والجودُ قدما ثروة ُ المعدمِ
وينزل العسرُ بمستصغرٍ
لديه والشكرُ بمستعظمِ
يمدُّ كفّاً في الندى سبطة
بعضّة النادم لم تُكلمِ
لو قرنتْ بالبحر لم تحتشمْ
أو مسحتْ بالنجم لم يُظلمِ
للرّشفِ واللثم مكانٌ بها
ينبو عن الدينار والدرهمِ
أرضى الإمامين وفاءٌ له
وذمّة ٌ بالغدر لم تذممِ
وذبَّ عن ملكهما صارمٌ
من رأيه بالعجز لم يُثلمِ
آزرهُ أو عزَّ مستبصرا
في الحق لم يرتب ولم يوهمِ
تعصمه العفّة والعزُّ أن
تأخذه لائمة ُ اللوَّمِ
لا حرَّم الحلَّ ولا استعذبت
شهوته يوما جنى محرمِ
ولا اقتفى إثر رجالٍ مضوا
عيابهم ملأى من المأثمِ
لم يصدفوا عن خلفاء الهدى
ولم يكافوا نعمة َ المنعمِ
حتى إذا نيطت به لوطفت
جروحها بالعاصب الملحمِ
قالوا له لما رأوه لها
خذ دستها العالي فقل واحكمِ
فأنتَ في الميراثِ في قعددٍ
منها بحقٍّ عنه لم تزحمِ
حملتها ثقلا وأكرمتَ في الص
بر فلم تعي ولم تسأمِ
مقامُ عزٍّ لك من رامه
تحرُّشا فرَّ من الضيغمِ
وساوسٌ حدَّثَ جنِّيُّها
قوما ولم يرق ولم يعزمِ
وربّ صعبٍ جاهلٍ حلمهُ
لم يعرف الصدر ولم يحلمِ
وطامعٍ شمَّ رياحَ المنى
في جوّها بالأجدع الأرغمِ
يجاذب الأقدارَ من دونها
بمسحلِ التدبيرِ لم يبرمِ
وعمر أيامك فيها وإن
أدواه عمرُ الجذعِ الأزلمِ
وأرقبُ الناس لما لا يرى
في الليل باغي عثرة ِ الأنجمِ
يا حافظَ المجد بحفظي ويا
معظمه في أنّه معظمي
ومعلقاً كفِّيَ ملمومة ً
في العهد لم تنكثْ ولم تفصمِ
غرستَ من ودِّك حلو الجنى(75/350)
وربَّ غرسٍ ليس بالمطعمِ
وخاس قومٌ بجديد الهوى
وأنت راعٍ للهوى الأقدمِ
وإنما بقَّاك لي دونهم
تمسُّكي بالأكرمِ الأكرمِ
فاسمعْ أكايلك جزاءً بها
غنيمة ً جاءتك من مغرمِ
سيّارة ً في الأرض لم تغترضْ
عنساً إلى سير ولم تحزمِ
نافقة ً في موسمٍ مكسدٍ
ناطقة ً من زمنٍ مفحمِ
تنسى الليالي وهي مذكورة ٌ
ويهرمُ الدهر ولم تهرمِ
عزَّة ُ ذاتِ البعلِ فيها وإن
أعطتك ليناً ذلَّة الأيِّمِ
نسيبة إمّا إلى هاشم ال
قريضِ أو مخزومة ِ تنتمي
ما ضرَّها والعربْ أبياتها
آباؤها منّى الأب الأعجمي
فاشرح لها صدرا ومهرجْ مع ال
أنعمِ من عيشك فالأنعمِ
ملتقطا سمعك من جوهرِ ال
كلام ما أنثره من فمي
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> ليلُ السُّرى مثلُ نهارِ المقامْ
ليلُ السُّرى مثلُ نهارِ المقامْ
رقم القصيدة : 60312
-----------------------------------
ليلُ السُّرى مثلُ نهارِ المقامْ
ما خفتَ أن تُظلمَ أو أن تضامْ
ودون صدر البيت مرخى ً به
عليك سترُ الذلِّ صدرُ الحسامْ
وجانبُ الخفض على لينه
مع الأذى أوطأ منه السِّلامْ
خاطرْ فإمّا عيشة ٌ حرَّة ٌ
يرغدها العزُّ وإمّا الحمامْ
كم تترك الجُمَّة َ مسترويا
بنطفة ٍ ليست تبلّ الأوامْ
وترهبُ الإصحار مستبردا
مع الضحى ظلَّ كسورِ الخيامْ
نمتَ ونام الحظّ فافتح له
جفنك وانهض فإذا قمت قامْ
تحتشم التغريرَ والرزقُ في ال
إقدامِ والحرمانُ في الاحتشامْ
زاحمْ على باب العلا ضاغطا
لا بدّ أن تدخلَ بين الزحامْ
رامِ بها الليلَ فما يسفر ال
نَّجاحُ إلا عن نقابِ الظَّلامْ
موارقاً عن عقل أشطانها
مروقَ فوقِ السهم عن قوسِ رامْ
لعلَّ حظّاً عقمت هذه ال
أرضُ به يولدُ بعد العقامْ
ميِّز من الناس على ظهرها
نفسك لا ميزة َ تحت احتشامْ
من طلب الغاية َ خطواً على
ظهر الهوينا رامَ صعبَ المرامْ
لله مفطورٌ على عزِّه
أرضعه المجدُ لغيرِ الفطامْ
لا يملكُ الغرِّيد إطرابه
شجوا ولا نشوته للمدامْ
ولا توازي صدره فرجة ٌ(75/351)
تساكن الحبّ وتقري الغرامْ
لولا السُّرى مستضوئاً لم يكن
يرفع طرفاً لبدور التمامْ
ينسيه حرَّ الغيظ بردُ اللَّمى
وجائرَ الحظ اعتدالُ القوامْ
حتى ترى بعدَ بطونِ الرُّبى
أبياته فوقَ ظهورِ الإكامْ
تحسبُ من صبوته بالعلا
وسعيهِ خلف الأمورِ الجسامْ
أنّ زعيم الدينِ أغراه بال
عزة أو علَّمهُ الاعتزامْ
حدَّثَ بالشاهد من غيبه
مصدَّقُ الدعوى مزكَّى الكلامْ
يريك بالجذوة من فضله
ما خلفها من لهب واضطرامْ
أسرارُ وجهٍ شفَّ عن خلقهِ
تطلُّعَ الخمرِ وراءَ الفدامْ
وجهٌ ترى البدرَ به مسفرا
وهو هلالٌ لك تحت اللثامْ
ماء الحياء الرطب والحسنُ في
وجنته ماءٌ وراحٌ وجامْ
قد كان لو أفرج عن طرقهِ
منسجما أو همَّ بالإنسجامْ
لو عكفَ الحسنُ على قبلة ٍ
تعبُّدا صلَّى إليه وصامْ
وهمّة ٌ أيسرُ ما ترتقي
إليه تهوينُ الأمورِ العظامْ
داست به الجوَّ وحسّاده
مداوسَ الذِّلّة فوق الرَّغامْ
شفا بها الملكَ وقد شفَّه
من سفراء العجزِ طولُ السَّقامْ
كفته منه قبلَ أيامهِ
آراءُ نصرٍ هنُّ بيضٌ ولامْ
وردَّ عنه وادعا قاعدا
دهمَ الخطوبِ الثائرات القيامْ
وعدَّ من بعد أخيه ومن
بعدِ أخيهِ ثالثا للتّمامْ
واسطة ٌ من بين هذا وذا
تكاملَ السلكُ بها والنّظامْ
فهم ثلاثُ الخيفِ في كلِّها
لمنسكِ الحج فروضٌ تقامْ
سل بعليٍّ خصمه إننا
نقنعَ فيه بشهود الخصامْ
يخبرك من يحسده أنه
ضرورة ً واحدُ هذا الأنامْ
تمنطق السوددَ طفلا وما
فضَّ من العوذة ِ منه ختامْ
وهبَّ للعلياء في عشره
ولدة ُ الخمسينَ عنها ينامْ
فمرَّ في غلوتهِ سابقا
والناس مأمومون وهو الإمامْ
والريحُ تدعووهي تقتصُّه
ردُّوه إن كان لفيه لجام
يا أعينَ الناس انظري واعجبي
بذَّ كهولَ المجد هذا الغلامْ
مدّ إلى سؤَّاله والعدا
يدين للإنعام والإنتقامْ
والكسرُ والجبرة ُ في موقفٍ
ما بين بسطٍ منهما وانضمامْ
وجاد حتى لم يدعْ فضلة ً
عليه للبحر ولا للغمامْ
يرى لما يحفظ من وفره
إضاعة َ العهدِ ونقضَ الذمامْ(75/352)
كأنَّ ما قد حلَّ من ماله
وطاب محظورُ عليه حرامْ
أغراه بالتبذير لوَّامه
فودّ من يسأله أن يلامْ
يفديك من عادى معاليك أن
كان فداءَ الكرماءِ اللئامْ
توقصه خلفك عثراته
كبوا وما شقَّ رداءَ القيامْ
يذارع الجوّ بمشلولة ٍ
محلولة ٍ لم يرتبطها عصامْ
يغمدها من حيثُ سُلَّت ومن
سلَّ ولم يقدر على الضرب شامْ
يصعدَ يبغيك وقد أوشكتْ
رجلاك أن تنزل بابني شمامْ
طاب بكم تربي وطالتْ يدي
وأنبتتْ لحما أثيثاً عظامْ
وعاودتني حين أغنيتمُ
بعد مشيبي شرّتي والعُرامْ
فستقبلوها غررا طلقة ً
مع التهاني ووجوهاً وسامْ
بارزة َ الحسن لكم كلَّما
نادتْ رجالا من وراء الفدامْ
كرائما صاهرني منكمُ
على عذاراها رجالٌ كرامْ
إذا المهيرات شكونَ الشَّقا
طاب لها فيكم نعيمٌ ودامْ
سائرة لم يعتقل رُسغها
شكل ولم يحبس طلاها زمامْ
لم تترك الغورَ لنجدٍ مع ال
إلف ولم تهجر عراقاً لشامْ
مع النُّعامى طائرات بكم
وجافلات معَ طردِ النَّعامْ
أعراضكم في طيّ ما حمّلتْ
لطائمٌ وهي لقوم لطامْ
بواقيا حلية َ أحسابكم
ما دامت الأطواقُ حلى َ الحمامْ
ما خدم النيروزُ إقبالكم
فهي لها أسورة أو خدامْ
يومٌ من العام ولكنَّه
يكرُّ في دولتكم ألفَ عامْ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> كثَّرَ فيكِ اللوَّمُ
كثَّرَ فيكِ اللوَّمُ
رقم القصيدة : 60313
-----------------------------------
كثَّرَ فيكِ اللوَّمُ
وأين سمعي وهمُ
قلبيَ واللومُ علي
كِ منجدٌ ومتهمُ
سعوا بغش لاسعوا
وينصحون زعموا
وأتعب المكلّفي
ن ناصحٌ متَّهمُ
قالوا سهرتَ وال
عيونُ المسهراتُ نوَّمُ
وليس في جسمك إلاّ
جلدة ٌ وأعظمُ
وما عليهم أرقى
ولا رقادي لهمُ
وهل سماتُ الحب إ
لا سهرٌ وسقمُ
خذ أنت في شأنك يا
دمعيَ خذْ ودعهمُ
هذا الكثيب الفردمن
نجدٍ وهذاالعلمُ
وحيثُ يشقى ناظرٌ
من حيثُ كان ينعمُ
ناشدْ بسعد دارها
فالدار عنك تفهمُ
وهل يجيب طللٌ
والربع لا يكلِّمُ
أين دماكَوالهوى
سؤالناأين همُ
وأين غفلاتٌ لنا(75/353)
تنصع منها الظُّلمُ
فالجيرة ُ الجيرة ُ وال
أنعم منهم أنعمُ
وفي التشاكي قبلٌ
مخلوسة تغتنمُ
وخلوات حلوة
تنمُّ وهي تكتمُ
تفضلُ في شرعتها
للغدواتِ العتمُ
ثراكِ يستافُ مع ال
صبحِ لهاويلثمُ
وغاربين لا تنو
ب الطالعاتُ عنهمُ
كلّ فتاة ٍ لحظها
على القناة لهذمُ
لو لم تكن تدمي به
ما مازج الدمعَ دمُ
عادت بقلبي مشركا
وهو حنيفٌ مسلمُ
لأنه يعبدها
بالحبِّ وهي صنمُ
وغادرت نارَ الجوى
تذكى لها وتضرمُ
فإن يكن ضلّ بها
فحسبه جهنمُ
أقسمتُ والصادقُ لا
يَحرجُ حين يُقسمُ
بالمهديات لمنى ً
تبدنُ أو تسنَّمُ
كالأكم اغتصَّت بها
تشرق منها الأكمُ
مقلداتٍ للردى
ترقَشُ أو ترقَّمُ
حتى ترى واجبة ً
جنوبها تقتسمُ
وزمزمٍ وما شفتْ
من كلّ داء زمزمُ
وما اجتبي للماسحي
نَ الأسودُ المستلمُ
أن بني أيّوبَ من
غشمْ الخطوبِ عصمُ
وأنَّ أيّامهمُ
فينا الشهورُ الحرُمُ
قومٌ ثقالٌ أدركوا
جميع إلٍّ غرموا
نيرانهم أراؤهم
والسابقاتُ الهممُ
إن حاربوا يوما فأس
يافهمُ تكلَّمُ
ويبطئُ الرمح الأص
مُّ فيخفُّ القلمُ
ولهم المجد فق
فَّوا إثره ولقموا
فقرَّبَ السبق لهم
وخوض قومٍ فيهمُ
وحسبهم أنّ عمي
د الرؤساء منهمُ
أفقُ علاً لا تخلفُ ال
أنوارَ منه الظُّلمُ
تولد من شموسه
أهلّة ٌ وأنجمُ
تقدّم الناسَ بهم
عصرهم المقدَّمُ
وجاء يبني فوق ما
قد أسّسوا ودعَّموا
فجاز حدَّ المبتدي
ن المنتهي المتمّمُ
فليهنهم ما فتحوا
به العلا أو ختموا
وأنهم إذا ادعوا ال
معجزَ دلّ ابنهمُ
أبلجُ بسّامٌ وفى
نادى العلا مقدَّمُ
وفائضٌ ربيعه
يومَ تفيض الدِّيمُ
مباركٌ تستقبل ال
يومَ به فتغنمُ
بلجة ُ فجرِ وجههِ
يقمرُ منهاالمعتمُ
محصَّنٌ بالشكر أن
تنفر منه النِّعمُ
يا فارسَ الكرَّة وخ
زُ الطعن فيها الكلمُ
جروحُها بالسبر وال
عِصابِ لا تُلتَحمُ
حلبتُها القرطاسُ وال
أسطرُ خيلٌ دهمُ
والأنمل السُّبطُ لها
أعنّة ٌ ولجمُ
فارسها المعلم لا
يهفو عليه العلمُ
مقتعدا أنماطه
حيث تجولُ الهممُ(75/354)
حُطْتَ بها خلائفاً
بهم تحاطُ الأممُ
ناطوا بك الأمرَ فما
ليموا ولا تألّموا
فسلّموا الأمرَ إلى
نصحك حتى سلموا
المنبرُ الصائح عن
أسمائهم والدرهمُ
وغزوُنا مجمَّعا
وحجُّنا والموسمُ
كلٌّ يقومُ بالذي
تقضي به وتحكمُ
سعى رجالٌ للذي
توعدهم وتنعمُ
ولم ينالوا نعما
تلذّ فيما تصمُ
وأنت تسعى للتي
تعلو بها وتعظُمُ
فمن تزَنُّ عنده
بريبة ٍ أو ترجمُ
فالله والخليفتا
ن بالرجال أعلمُ
فلا يزل عقدُ الكلا
م بعلاك ينظمُ
ولا تزل يقظى الخطو
بِ وهي عنك نوّمُ
وإن طغت غريبة ٌ
تهمُّ أو تقسِّمُ
كانت كأضغاث الكرى
ما راع منها حلمُ
ثم انجلت كما جلا الص
بحُ الظلامَ عنكمُ
وناوبتك بالتها
ني مفصحاتٌ عجمُ
سطورها الخرسُ تبي
ن عنكم وتفهمُ
يقرأُ قبلَ فضِّه
كتابها المترجمُ
أعراضكم في طيّها
روضُ الحمى المكمَّمُ
لطائمٌ أرواحها
لغيركم لا تنسِمُ
عاشقة ٌ واصلة ٌ
وهي أوانا تصرمُ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> بكرَ العارضُ تحدوه النُّعامى
بكرَ العارضُ تحدوه النُّعامى
رقم القصيدة : 60314
-----------------------------------
بكرَ العارضُ تحدوه النُّعامى
فسقاكِ الرِّيَّ يا دارَ أماما
وتمشَّتْ فيكِ أرواحُ الصَّبا
يتأرَّجنَ بأنفاس الخزامى
وإذا مغنى ً خلا من زائرٍ
بعدما فارق أو زير لماما
فقضى حفظُ الهوى أن تصبحى
للمحبّين مناخا ومقاما
أجتدى المزنَ وما ذا أربى
أن تجودَ المزنُ أطلالاً رماما
وقليلا فيكِ أن أدعو لها
ما رآني الله أستجدي الغماما
أين سكانك لا أين همُ
أحجازا أقبلوها أم شاما
صدعوا بعد التئامٍ فغدت
بهم أيدي الموامي تترامى
وتبقَّوا كلّ حيرانَ بليدٍ
يسأل الجندل عنهم والرَّغاما
يا لواة َ الدَّين عن ميسرة ٍ
والضنيناتِ وما كنَّ لئاما
قد وقفنا قبلكم في ربعكم
فنقضناه استلاما والتزاما
سعدَ الراكبُ تحتثُّ به
جسرة ٌ تخلط وهدا وإكاما
تطأ العسفَ فتدمي خفَّها
جبهاتُ الأرض شجّاً ولطاما
تتنزَّى أنفاً في خلقها(75/355)
أن تُطيع السوطَ أو ترضي الزِّماما
تطعمُ البيد إذا ما هجَّرتْ
شبعَ البيداء نقيا وسُلامى
ماؤها بسلٌ على أظمائها
أو ترى بالنَّعف هاتيك الخياما
وبجرعاء الحمى قلبي فعجْ
بالحمى فاقرأ على قلبي السلاما
وترجَّلْ فتحدَّثْ عجبا
أن قلبا سار عن جسمٍ أقاما
قلْ لجيران الغضا آهِ على
طيب عيش بالغضا لو كان داما
نصل العامَ وما ننساكمُ
وقصارى الوجد أن نسلخَ عاما
حمِّلوا ريحَ الصَّبا نشركمُ
قبلَ أن تحمل شيحا وثماما
وابعثوا أشباحكم لي في الكرى
إن أذنتم لجفوني أن تناما
وقفَ الظامي على أبوابكم
أفيقضى وهو لم يشفِ أواما
ما يبالي من سقيتنَّ اللَّمى
منعكنَّ الماءَ عذباً والمداما
واعجبوا من أن يرى الظَّلمَ حلالا
شارب وهو يرى الخمرَ حراما
أشتكيكم وإلى من أشتكي
أنت الداء فمن يشفى السَّقاما
أنتمُ والدهرُ سيفٌ وفمٌ
ما تملاّنِ ضرابا وخصاما
كلّما عاتبتُ في حظّيَ دهري
زاده العتبُلجاجا وعُراما
وإذا استرهفتُ خلاًّ فكأني
منه جرَّدتُ على عنقي حساما
لمتُ أيّامي على الغدرِ فقد
زادت الإجرامَ حتى لا ملاما
ولزمتُ الصمتَ لا أشكو وصمتي
بعدَ أن أفنيتُ في القول الكلاما
قعد الناسُ بنصري في حقوقٍ
قعدَ المجدُ يبكِّيها وقاما
دفعَ اللهُ وحامى عن رجالٍ
قد رعوني لم يضيعوا لي سواما
كفَّني جودهمُ أن أجتدي
وأبى عزّهمُ لي أن أضاما
طلعوا في جنح خلاَّتي نجوما
وانتحوا نحو مراميَّ سهاما
وأضاءت لي أمانيُّ بهم
عشيتْ في الناس تيها وظلاما
عرفوا بالجود حتى أصبحوا
من وضوحٍ في سواد الدهر شاما
لم أذمِّم حرمة ً سالفة ً
في معاليهم ولا عهدا قدامى
ما استفادوا كرما في ولكن
خلقوا من طينة ِ المجد كراما
من رجال لبسوا الملكَ جديدا
وافتلواناصية َ الدهر غلاما
روَّضوا العلياءَ حتى اقتعدوا
ظهرها الذّروة َمنه والسَّناما
وإذا الأيامُ غمَّت أقبلوها
غررا تقدح في الخطب وساما
ببني عبد الرحيم استحلبتْ
مزنُ الجود وقد كنَّ جهاما
أولدواأمَّ الندى فالتقحتْ(75/356)
ببنيها بعدَ أن حالت عقاما
ورثوا أصلَ العلا فافترعوا
بنفوس ضمنتْ فيها التّماما
تركوا الناس قعودا للحبى
يشتكون العجز أفواجا قياما
فتحوا باب الندى واستشهدوا
بزعيم الدين إذ كان ختاما
جاء مأموما وقامت آية
فيه دلت أنه جاء إماما
سبق الناسَ قروما قروما قرّحا
جذعٌ ريضَ وما عضَّ اللجاما
وحوى السؤددَ من أطرافه
فكلا جنبيه أيمانا وساما
وانتهى في الفضل من حيث ابتدا
ما تثنَّى غصنه حتى استقاما
ورعى الدولة َ من تدبيره
يقظ العين إذا الذائدُ ناما
لو رأى الذئبُ قريبا سرحهُ
لعمي من فرقٍ أو لتعامى
حاطها سيفا ورأيا ولسانا
إن تداهى وتلاحى وترامى
وشفى أدواءها من معشرٍ
قبلُ طبوُّها فزادوها سقاما
فهو فيها وأخوه وأخوه
يذبلٌ ساندَرضوى وشماما
عزماتُ كالمقادير مضاءً
وقضايا كالأنابيب انتظاما
ويدٌ يرتعد السيفُ بها
وسماحٌ لقَّنَ الجودَ الغماما
وسجايا تشرب الصهباءَ منها
كلّما أرعشَ رأسا وعظاما
ومعالٍ كملتْ ما تبتغى
لك فيها زائدا إلا الدواما
شرفٌ كان عصاميّاً فلم
يرضَ عن كسبك أو صرتَ عصاما
أنتَ من جاثيتُ أيّامي به
وهي خصمٌ فتحامتني احتشاما
وتروَّحتُ من الثقل وقد
حفيتْ جنبايَ ضغطا وزحاما
كم يدٍ أرضعتني درَّتها
بعدَ أن قد كنتُ عوجلتُ الفطاما
أدركتْ حالي فكانت بالندى
في ضرام الفقر بردا وسلاما
كنتَ لي أمتنهم حبلَ ودادٍ
في الملمّاتِ وأوفاهم ذماما
فعلام ارتجعَ الإعراضُ منى
ذلك الإقبالَ والعطفَ علاما
وكمالنسيانُ والشافعُ لي
يخفرُ الذّكرة َ بي والإهتماما
وإذا سحبُك عني عبستْ
فمتى آملُ من أرضي ابتساما
والملالُ المرُّ لمْ فاجأني
من فتى ً كان بحبي مستهاما
ونعمْ أعذركم فالتمسوا
عذرة المجد إذا ما المجدُ لاما
وانظروا أيَّ جوابٍ للعلا
إن أتت تغضب لي أو تتحامى
فتمنَّوا فضلتي واغتنموا
ما وجدتم من بقاياي اغتناما
واستمدّوها نطافا حلوة ً
تنهلُ الإعراضَ غزرا وجهاما
تنفض الأرضَ بأوصافكمُ
طبقَ الأرض مسيرا ومقاما(75/357)
لو أقيمت معجزاتي فيكمُ
قبلة ً صلَّى لها الشعرُ وصاما
أو زقا الأمواتُ يستحيونها
نشرت بالحسنِ رمَّاتٍ وهاما
فاسمعوها عوَّدا وابقوا لها
وزراً ما صرفَ الصبحُ الظلاما
واستماحت روضة ٌ ربعيّة ٌ
صبحة َ النيروز وطفا ورُكاما
وسعى الوفدُ يحلُّون الحبى
نحو جمع ويزفّون جماما
كلَّ يوم للتهاني عندكم
سوقُ ربح في سواكم لن تقاما
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> دارتْ عليك بكأسها
دارتْ عليك بكأسها
رقم القصيدة : 60315
-----------------------------------
دارتْ عليك بكأسها
فلتشكرنَّك والندامى
وجلتْ جواريها علي
ك رواقصا غرّاً وساما
تلقى نواحلها الخما
صَ سمينة َ المعنى جساما
يقدمن واضحة َ الجبي
ن تشقُّ غرَّتها الظلاما
تحيي وتقتلُ من رأت
أبدا وصالا وانصراما
تطوى وتنشرُ في البلا
دِ فلا رحيلَ ولا مقاما
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> وما ابن أرضٍ غرضٌ لابن سما
وما ابن أرضٍ غرضٌ لابن سما
رقم القصيدة : 60316
-----------------------------------
وما ابن أرضٍ غرضٌ لابن سما
نارانِ لم يخمدهما سلطانُ ما
يحتربانِ أبدا على مدى ً
ثمّ يكونُ الأخبثُ المنهزما
ما التقيا قطّ فعادَ خائبا
بالخسر إلاّ من تبدَّى منهما
راميهما لم يخطِ من صاحبه
إصابة ً تدمى ولا تجري دما
برٌّ يطيع ربَّه وفاجرٌ
لكن يخوضانِ معاً جهنما
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> بيضاءُ في لجّة ٍ خضراءَ سابحة ٌ
بيضاءُ في لجّة ٍ خضراءَ سابحة ٌ
رقم القصيدة : 60317
-----------------------------------
بيضاءُ في لجّة ٍ خضراءَ سابحة ٌ
عدوُّها النورُ بل أضدادها الظُّلَمُ
لها من النور وجهٌ كلُّه نقطٌ
وغرَّة ٌ كلُّها للناظرين فمُ
من حولها مفرداتٌ عن تجمِّعها
كأنهنَّ بناتٌ وهي أمُّهمُ
إذا أحطنَ بها من كلِّ ناحية ٍ
حنَّت لهنَّ بثديٍ كلُّه حلَمُ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> وذي جسدين ألقى الصبحُ منهُ
وذي جسدين ألقى الصبحُ منهُ
رقم القصيدة : 60318(75/358)
-----------------------------------
وذي جسدين ألقى الصبحُ منهُ
ملاءته على الليل البهيمِ
ضحوكِ الوجهِ مكمدة ٍ حشاه
له أبوانِ من كرمٍ ولومِ
أسيرٍ في يديك رهينِ حبسٍ
ويسري حكمهُ باسمٍ وسيمِ
له صفة ُ المباسمِ والتراقي
وشبهٌ في الأهلَّة ِ والنجومِ
إذا ولَّيته كتمانَ سرٍّ
أمنتَ إذاعة َ الرجُل النمومِ
وتهلكُ عينه طورا ويبقى
له أثرٌ كآثارِ الرسومِ
له لونٌ يخبِّرُ عن وجوه ال
جنانِ وقد توغّلَ في الجحيمِ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> أتعلمين يابنة الأعاجمِ
أتعلمين يابنة الأعاجمِ
رقم القصيدة : 60319
-----------------------------------
أتعلمين يابنة الأعاجمِ
كم لأخيكِ في الهوى من لائمِ
يهبُّ يلحاه بوجهٍ طلقٍ
ينطقُ عن قلبِ حسودٍ راغمِ
وهو مع المجد على سبيله
ماض مضاءَ المشرفيّ الصارم
ممتثلا ما سنَّه آباؤهُ
إن الشبولَ شبهُ الضراغمِ
من أيكة ٍ مذ غرستها فارسٌ
ما لان غمزا فرعها لعاجمِ
لمن على الأرض وكانت غيضة ً
أبنية ٌ لا تبتغى لهادمِ
من فرسَ الباطلَ بالحقِّ ومنْ
أرغم للمظلومِ أنفَ الظالم
إلاّ بنو ساسانَ أو جدودهم
طرْ بخوافيهم وبالقوادمِ
أيُّهمُ أبكى دما فكلُّهم
يجلُّ عن دموعي السواجمِ
كم جذبتْ ذكراهمُمن جلدي
جذب الفريق من فؤاد الهائمِ
لا غروَ والدنيا بهم طابت إذا
لم تحلُ يوما بعدهم لطاعمِ
ما اختصمتني فيهمُ قبيلة ٌ
إلا وكنتُ غصّة َ المخاصمِ
ولا نشرتُ في يدي فضلهمُ
إلا نثرتُ ملءَ عقدِ الناظمِ
إن يجحد الناسُ علاهم فبما
أنكرَ روضٌ نعمَ الغمائمِ
أو قُلِّدَ الصارمُ غيرَ ربّه
فليس غيرُ كفّه للقائمِ
أحقُّ بالأرض إذا أنصفتمُ
عامرها بشرفِ العزائمِ
يا ناحلي مجدهمُ أنفسهم
هبُّوا فللأضغاثِ عينُ الحالمُ
شتان رأسٌ يفخرُ التاجُ به
وأرؤسٌ تفخرُ بالعمائمِ
كم قصّرت سيوفهم عن جارهم
خطى الزمانِ قائما بقائمِ
ودفعتْ حماتهم عن نوبٍ
عظائمٍ تكشفُ بالعظائمِ
وخوَّلوا من نعمة ٍ واغتنموا
جلَّ السماح عن يمين غارمِ(75/359)
مناقبٌ تفتقُ ما رقَّعتمُ
من بأس عمرو وسماححاتمِ
ما برحتْ مظلمة ً ديناكمُ
حتى أضاء كوكبٌ في هاشمِ
بنتم به وكنتمُ من قبله
سرّاً يموت في ضلوع كاتمِ
حللتمُ بهديه ويمنهِ
بعدَ الوهاد في ذرى العواصمِ
وعاد هل من مالكٍ مسامحٍ
تدعون هل من مالكٍ مقاومِ
تخفقُ راياتكمُ منصورة ً
إذا ادرعتمْ باسمهِ في جاحمِ
عمِّرَ منكم في أذى تفضحكم بين قتيلٍ منكُمُ محاربٍ يكفُرُ أو منافقٍ مسالِم
أخباره في سيرَ الملاحمِسقط بيت ص
ثم قضى ٍ مسلَّما من ريبة ٍ
فلم يكن من غدركم بسالمِ
نقضتمُ عهوده في أهله
وحلمُ عن سننِ المراسمِ
وقد شهدتم مقتلَ ابن عمِّه
خير مصلٍّ بعده وصائمِ
وما استحلَّ باغيا إمامكمُ
يزيدُ بالطَّفِّ من ابن فاطمِ
وها إلى اليوم الظبا خاضبة ٌ
من دمه مناسرَ القشاعمِ
والفرسُ لما علقوا بدينه
لم تنل العروة َ كفُّ فاصمِ
فمن إذاً أجدرُ أن يملكها
موقوفة ً على النعيم الدائمِ
لا بدّ يوما أن تقالَ عثرة ٌ
من سابقٍ أو هفوة ٌ من حازمِ
لو هبّت الريحُ نسيما أبدا
لم يُتعوَّذ من أذى السمائمِ
أو أمِنتْ حسناء طول عمرها
عيناً لما احتاجتْ إلى التمائمِ
خذ يا حسودي بين جنبيك جوى ً
يرمي إلى قلبك بالضرائمِ
واقنع فقد فتُّك غيرَ خاملٍ
بالصَّغرِ أن تقرع سنَّ نادمِ
لا زلت منحوسَ الجزاء قلقاً
بوادعٍ وسهراً لنائمِ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> ذلَّ الفراقُ لقد رمتْ يده
ذلَّ الفراقُ لقد رمتْ يده
رقم القصيدة : 60320
-----------------------------------
ذلَّ الفراقُ لقد رمتْ يده
منى أعزَّ فتى ً على قومي
وسقى اللقاءُ العينَ لو ظمئت
من دمعها رويت من النومِ
في الرائحين هوى ً شعفتُ بهِ
شعف العواذلِ فيه باللومِ
يا يومَ فاجأنى بفرقته
لم أجزهِ إذ لم يكن يومي
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> نعمْ منجميلة َ إحدى النِّعمْ
نعمْ منجميلة َ إحدى النِّعمْ
رقم القصيدة : 60321
-----------------------------------
نعمْ منجميلة َ إحدى النِّعمْ(75/360)
وإن ضنَّ قلبٌ فقد جاد فمْ
نعالج في الحبّ مرّ الكلا
م ونقنع منه بحلوِ الكلمْ
وتبرد أكبادنا خلسة ٌ
من اللحظ أو زورة ٌ في الحلمْ
فداءُ جميلة َ تحت الظلام
ونومتها ساهرٌ لم ينمْ
صحا من مقبَّلها بالمدام
وأبرئَ من طرفها بالسَّقمْ
تغرَّب حبُّ ابنة ِ العامريِّ
فساق إلى العربْ ودَّ العجمْ
أما وتمايلها والنسيمُ
يجورُ على قدِّها إن حكمْ
وجاعلِ مفتاحِ رزقِ العباد
يمينَ أبي قاسم ما قسمْ
عرفتُ لنفسي سوى حبها
خصيما صبرت له إن ظلمْ
وكيف يصاحبُ ذلاًّ فتى ً
بسعد تعلّق أوفى العصمْ
فتى ضبّة ٍ يومَ أخذِ التِّراتِ
وشيخهمُ يومَ رعى الذّممْ
وبدر تفرّع من شمسهم
فما تركا دولة ً للظُّلمْ
تلفّت يسألُ أشياخهم
ليلحقَ في المجدِ سعيا بهمْ
فأخبره الخالُ عن خير جدٍّ
وحدّثه الأبُ عن خيرِ عمّْ
وجمّع شتّى سجاياهمُ
فكنَّ الندى وكريمَ الشيمْ
فإن كان يومُ جداً قال خذْ
وإن تك نائبة ٌ قيلَ قمْ
وإن طُرقوا بابن ليلٍ أذمَّ
له جودهُ وابن صبحٍ ألمّْ
لقوه بسعدهم المستنيرِ
فكان الهزبرَ وكان الخضمّْ
فمن مبلغُ النصح عنّى أباه
وما أنا في النصح بالمنهمْ
إذا ما سألتَ أبا قاسم
فإن شئت أسرِ وإن شتَ نمْ
شبيهك خلقا وخلقا نراه
كما القدمُ الوفقُ أختُ القدمْ
أبا القاسم دعوة ً من فتى ً
وصالُ الندى فيه وصلُ الرّجمْ
أتى عاثرا حظهُّ بالزمان
فإن أنتَ قلتَسلامٌ سلمْ
سرى الشوقُ بي أودعتْ حاجة ٌ
سمعتُ لها بعد طولِ الصّممْ
فحمَّلتُ رحلي محفوفة ً
بإدراك ما تتمنّى الهممْ
مطاوي للاأرض إما انتشرنَ
مصابيحَ إما شققن الظّلمْ
علمنَ مرادي أو خلتهنَّ
تبطَّنَّ بالحزْم تحت الحزُم
فلما طلعنَ بنا النَّهروان
تعاقدنَ طاعة َ حكمِ الحكمْ
وجلنَ برملجلولا فسمنَ
سنابكهنَّ إباءَ السأمْ
وخنِّقن بالماء في خانقي
نَ حبّاً لما بعدها أو قرمْ
وما شمنَ حلوانَحتى حلا
بأفواهها طعمُ فوس اللُّجمْ
وبشَرهابالجبالالحصا
وكانت جبالا وكنا العصمْ
تزاحمها أشرات بها(75/361)
كأنّ أكمَّتها في الأكمْ
ولما قضى سيرها ما قضى
لنا الله من نيل أسنى القسمْ
وألقتْنهاوندَ مطروحة ً
وراءَ شممنا نسيمَ الكرمْ
فجئتك أخبرُ من ذا أزو
رُ من ملكٍ وبمن ذا ألمّْ
بداءينشوقٍ برا إذ رآك
وأخرَ لم يبرَ بعدَ العدمْ
وقد جرَّ شهرا عليَّ المقام
وأني وجداً كأن لم أقِمْ
ولكن عنيّون بي إذ حضرتُ
عنيّون بالأمر بعدي الملمّْ
أضاميم عند العطا مذ نأيتُ
أبى شملُ عزِّهمُ أن يضمّْ
ضربتُ لهم أجلاً في اللقاء
قصيرا وإن طال حزنا وغمّْ
يعدّون للشوق أيّامه
يخالونه قبلَ تمَّ استتمّْ
إذا عرضت منهمُ ذكرة ٌ
مسحتُ لها كبدي من ألمْ
فإذناسلمتَ لهذا الوداع
وإن قلتها عن فؤاد وجمء
غداً أنبذ العزَّ نبذَ الحصاة
وأهجرُ للخوف دارَ الحرمْ
وأتركُ دارك لاقاليا
ورائي وبين يديّ الندمْ
وبعدُ فحين ترانيالعراقُ
فقد نشر العلمُ منّى علمْ
وسوفَ يناشدني السائلون
بمجدك وهو أبرُّ القسم
بماذا رجعت وماذا احتقبت
وماذا ركبت وأينَ الحشمْ
وكلُّ المخبَّرِ عنّي يقول
من البحرِ جاء فماذا غيمْ
فحدّثتهم عنك بي كيف شئتُ
فبالروض يظهر فضلُ الدِّيمْ
متى يبعثُ الدهرُ مثلي لكم
ألا إنها فرصة تغتنمْ
فللمرءِ ذكرانِ في رفدهِ
فذكرٌ يزينُ وذكرٌ يصمْ
سلمتَ وزارك منى السلا
مُ ما أورقتْ شجرات السَّلمْ
وحيّاك محيى العلا في ذرا
ك ما ناوب الغُدواتِ العتمْ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> أعلل فيك ببرد النسيمِ
أعلل فيك ببرد النسيمِ
رقم القصيدة : 60322
-----------------------------------
أعلل فيك ببرد النسيمِ
فؤادا عليلاً بحرِّ الهمومِ
وأعتاضُ بالبدر لو ناب عن
كِ قامة َ غصنٍ وألحاظَ ريمِ
وهذا اشتباهكما في الوجوه
فأين اشتباهكما في الجسومِ
أقامَ وبنتِ وأحظى لدى ً
أن يفتدى ظاعنٌ بالمقيمِ
سقاكِ الغمامُ ودارا تض
مُّ أهلكِ أعرفها بالغميمِ
أحبُّ ولم يك لي موطنا
لحبِّك نازحَ تلك الرسومِ
وقال الوشاة ُ ولاموا علي
كِ لو يظفرون بسمع الملومِ(75/362)
رعى اللهُ قلبك من حافظٍ
صحيح على كلّ عهدٍ سقيمِ
أفي كلِّ يومٍ حبيبٌ يخون
فيُحملَ حادثهُ للقديمِ
إلى كم تطيلُ وقوفَ النجو
مِ بعدَ هواك ارتقابَ النجومِ
وتبغي الرقادَ ابتغاءَ الخليِّ
ودون سلامة َ ليلُ السليم
خذوا عذلكم ودعوا للغرام
حشاً يقتضيه اقتضاءَ الغريمِ
وقم يا نديمي وكم نخبة ٍ
عصيتُ عليها اقتراح النديمِ
فغنّ بذكرهمُ واسقني
بماء جفوني ماءَ الكرومِ
وغالط بشكرك شكرَ الزمان
بخفض الكريم ورفع اللئيمِ
ودافعْ بأيّامه ما استطعتَ
فيومٌ سفيهٌ بيومٍ حليمِ
ووارحمتا لك مستنصرا
عليه بغير ابنعبد الرحيمِ
ولكن إذا ما ذكرتَ الحسينَ
ذكرتَ الثراءَ لكفٍّ عديمِ
وجرَّدتَ سيفا تفلُّ الخطوبَ
مضاربهُ نافذاتِ العزيمِ
من البيض ما طبعَ الفرسُ من
ه للهندِ زبرة َ مجدِ تميمِ
هم القوم تُعقَدُ تيجانهم
عمائمَ فوق الوقارِ العميمِ
ويشهدُ أبناؤهم مثلهُ
لآبائهم بصفاءِ الأرومِ
رأى شعبة ً ليَ من بينهم
مشعَّبة َ المجدِ في بيتِ رومِ
فقام بنصرتها والكري
مُ صبّ الفؤادِ بنصر الكريمِ
أبا قاسمٍ زعمَ المجدُ لا
أخيبُ وأنتَ بأمري زعيمي
نجمُّ رجالا لإمرارهم
وتحلوا فنرعاك رعى الجميمِ
وممّا أبثُّك إلاّ سواك
بشرّ مخوفٍ وخيرٍ مرومِ
غدا الناسُ أعداءَ ما يُحرمو
ن يهزأ جاهلهم بالعليمِ
وصار الغنى قربة ً للعدوّ
والفقرُ مبعدة ً للحميمِ
فكلٌّ وحاشاك خلُّ اليسار
يرى معه وصديقُ النعيمِ
تعوّج ما اعوجَّ دهرٌ عليك
كما يستقيمُ مع المستقيمِ
ومن شئتَ فالقَ بلا حاجة ٍ
بوجهٍ طليقٍ وودٍّ سليمِ
فإن عرضتْ صرتَ أيَّ الذليلِ
لديه وقد كنتَ أيَّ الكريمِ
وكم صاحبٍ كنتُ بالقرب منه
أجلَّ محلِّ النبيهِ العظيمِ
فلمّا رأى حاجتي عنده
رآني الوصيَّ بعين اليتيمِ
وبُدِّلتُ من بشره والسلامِ
بقولٍ مريضٍ ووجهٍ شتيمِ
ينزِّلني درجا في اللقاء
بحسبِ طروقي له أو لزومي
أعنِّي متمِّمَ ما قد بدأتَ
فإن المفاتحَ رهنُ الختومِ
غدوتَ ونصري وجوبا عليك(75/363)
ذمامَ يدي من زماني الذميمِ
بما بيننا من ولاءٍ طريفٍ
وودٍّ وبيتٍ وأصلٍ قديمِ
ولو لم يكن غيرُ حلِّي لديك
رحالَ المنى وعقالَ الهمومِ
وبالعصبيّة ِ بانَ الأبيُّ ال
حميُّ من العاجزِ المستنيمِ
فأردي كليبٌ لحفظ الجوارِ
ورعى الذمارِ وصونِ الحريمِ
وللخوفِ في قومه أن يضا
مَ مات ابنُ حُجرٍ قتيلُ الكلومِ
وخاطرَحاجبُ في قوسهِ
فخلَّفها شرفاً في تميمِ
وما حطَّك الدهرُ في سؤددٍ
تساموا له ووفاءٍ وخيمِ
ولا زال ذا الخلقُ السهلُ منك
طريقاً إلى كلِّ حظٍّ جسيمِ
وودَّع دارك شهرُ الصيام
وداعَ مشوقٍ كثيرِ القدومِ
يعودُك والعيد من بعدهِ
متى فارقا فلسعدٍ مقيمِ
على عمل بالتقى ضيِّقٍ
خفيّ وملكٍ وسيع وسيمِ
وسعيٍ يوفِّرُ أجر المثابِ
عليك ويحبطُ وزرَ الأثيمِ
مدى الدهرِ ما خضِّرتْ أيكة ٌ
وطوِّفَ بين منى ً والحطيمِ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> أجيراننابالغور والركبُ متهمُ
أجيراننابالغور والركبُ متهمُ
رقم القصيدة : 60323
-----------------------------------
أجيراننابالغور والركبُ متهمُ
أيعلمُ خالٍ كيف بات المتيَّمُ
رحلتم وعمرُ الليل فينا وفيكمُ
سواءٌ وفيكم ساهرون نوَّمُ
بنا أنتمُ من ظاعنين وخلَّفوا
قلوبا أبت أن تعرف الصبر عنهمُ
يقون الوجوه الشمسَ والشمسُ فيهمُ
ويسترشدون النجمَ والنجمُ منهمُ
أناشدُ نعمانَ الأخابيرَ عنهمُ
كفى خبرة ً مستفصحٌ وهو أعجمُ
وأحلمُ إشفاقا وللبين أنّة ٌ
يبينُ عليها الطائشُ المتحلِّمُ
ولمّا جلا التوديع عما عهدته
ولم يبقَ إلا نظرة ٌ تتغنَّمُ
بكيتُ على الوادي فحرَّمتُ ماءه
وكيف يحلّ الماءُ أكثره دمُ
ونفَّرت بالأنفاس عنّى حدوجهم
كأنّ مطاياهم بهنّ توسَّمُ
أعاذلَ إن كان السلوّ لغدرة ٍ
فأصدقُ ما حدَّثتَ أنى مغرمُ
وددتُ الهوى يومين وصلا وهجرة ً
به اليومَ يشقى من به أمسِ ينعمِ
وأن ملوكا في بروجرد كرِّمتْ
بهم بذلوا الإنصافَ فيما تكرَّموا
فمُيِّز من أعدائهم أولياؤهم(75/364)
إذا انتقموا يوم الجزاءِ وأنعموا
ولكنّهم والجور من دين غيرهم
طريقا بسهم الجور في الناس قسَّموا
فلا ماءَ إلا في الحسود مرقرقٌ
ولا نارَ إلا في المحبِّ تضرَّمُ
ألا راكبٌ بين الجبال سبيله
يظنُّ نشاطا مسهلا وهو محزمُ
يبلغُ من بعدِ السلام رسالة ً
عساه على أخطارها بي يسلمُ
يحطُّ بضبِّيِّينَ جمرة ُ فخرهم
بحيثُ انتموا وملكهم حيثُ خيَّموا
فيطرقُ أسماعا تصمُّ عن الخنا
وتصغي إلى داعي الندى فتصمِّمُ
إلام وكان البرُّ منكم سجيَّة
تواصلنا يخفى وكم نتظلَّمُ
وما بالُ غصنِ فيكمُ طاب أصلهُ
فرعتم له الهجرانَ فيما فرعتمُ
فطبَّقتم الآفاق وقفا بصيته
فلمّا نمى سوئلتمُ فمسكتمُ
أواشٍ دهاني عندكم أم خيانة ٌ
جنتها يدٌ حاشايَ من ذاك أو فمُ
أراجعُ نفسي أيُّ ذنب رمى بها
إلى السخط منكم والظنونُ ترجِّمُ
فلا جرما ما ناصفتْ في حسابها
سوى أن مللتم والملالُ تجرُّمُ
وأن حسودا ربّما كان غاظه
على حظّه بالعجزِ حظِّي منكمُ
تخلَّتْ لما أسداه بعدي وجوهكمُ
فظلَّ وللخالي الشجاعة ِ يلحمُ
وبي ما به من غيظه بمحاسني
لأن كنتُ فيكم واقفا حيثُ يرغمُ
وما أنا ممّن يستغرُّ بخدعة ٍ
يعود على أعقابها يتندَّمُ
أسادتنا والجودُ صيَّرنا لكم
عبيدا وعن قومٍ نعزُّ ونكرمُ
بأيّ المساعي تكتبون عدوَّكم
إذا أنتمُ أغريتمُ فقبلتمُ
وفي أيّما حكمٍ تظنّون زلَّة ً
فيظهرُ من تأديبكم إن حرمتمُ
ومغريكمُ بي أن تكفُّوا نوالكم
بمجدكمُ أغراكمُ لو علمتمُ
أعيذكم من مذنبٍ في عقوبة ٍ
بقيتم له عذرا ويقدحُ فيكمُ
ولو أنكم لمّا وجدتم عتبتمُ
وأعطيتمُ أصلحتمُ وشكرتمُ
نقصتم بحذفِ اسمي صحيفة َ رفدكم
فما زاد في أموالكم ما نقصتمُ
وما الفقرُ إذ أغفلتمُ ما منعتمُ
وليس الغنى لو جدتمُ ما بذلتمُ
ولا كان قدرُ المال قدر انتقامكم
ألا بئس فتكاتُ الملوك فتكتمُ
ووالله ما لله فيما حفظتم
ولا للعلا حقٌّ وحقِّي أضعتمُ
ولا بيَ ميزانُ العطاءِ وإنه
ليصغرُ عندي وهو في الدهر يعظمُ(75/365)
ولا ذلَّة عاما فعاما تجدُّ لي
على صعدة ٍ من عطفكم ليس تعجمُ
وإني لأرضى من كثير طريقة ِ اب
تذالي قليلا بالعفاف يتمِّمُ
وحسبي فيما أدّعيه بعلمكم
متى قلتمُ في عفّتي ما عرفتمُ
ولكن مودَّاتٌ عذارى نكحتها
وإني من تطليقها أتذمَّمُ
ونفسٌ قضتْ فيكم زمانَ شبابها
رجتْ أنَّها فيكم تشيبُ وتهرمُ
ويخجلني أن ينشرَ الناسُ أنكم
طويتم من التنويه ما بي نشرتمُ
إذا صور الإشفاقُ لي كيفَ أنتمُ
وكيف إذا ما عنّ ذكريَ صرتمُ
تنفستُ عن عتبٍ فؤاديَ مفصحٌ
به ولساني للحفاظ مجمجمُ
وفى فيَّ ماءُ من بقايا ودادكم
كثيرا به من ماء وجهي أرقتمُ
أضمّ فمي صمتا عليه وبينه
وبين انكسابٍ ريثما أتكلّمُ
لمن يذخر المالَ الفتى وهو قادرٌ
به أن يحوزَ الحمدَ وهو مذمَّمُ
ألمِّظُ نفسي عتبكم وهو حنظلٌ
وأوردُ ما استطيبتمُ وهو علقمُ
فلا مات عرض المرء وهو ابن حرّة ٍ
وفي الأرض دينارٌ يعيش ودرهمُ
أأربابُ نعماي التي مذ عدمتها
علمتُ وقد أثريتُ أنّي معدمُ
وخُطَّابَ أفكاري التي ولدتْ لهم
ذكورا كراما والقرائحُ تعقمُ
متى اعتضتمُ منّى خطيبا بفضلكم
وهل مثلُ شعري عن علاكم مترجمُ
وما غيرُ مدحي طبَّق الأرض فيكمُ
وإن كان ملءَ الأرض ما قد مدحتمُ
سواءٌ إذا لم تسر قبلُ أوانسي
وشاعرُ ما لم يروه الناسُ مفحمُ
فما بالُ عامي هجركم لي جفاهما
جديبين عامُ الهجرة ِ المتقدِّمُ
أثقَّلتُ أم كنتُ المعيديّ عندكم
سمعتم به غيرَ الذي قد نظرتمُ
فلا شكروا فضلَ العتاب فإنه
فضالاتُ داء الصدر والداءُ يكظمُ
وما فاضَ حتى ضاق عنه إناؤه
وقد يملأ القطرُ الإناءَ فيفعمُ
صبرت لكم حولين تلوينْ راجيا
أخيبُ ووقعُ الجرح في الجرح مؤلمُ
وأشهد إن لم تغنني العامَ هذه
فلا ريع ممنوعٌ ولا جاد منعمِ
إذا شئتمُ أن تنظروا كيف يبتني ال
علاءَ الثناءُ فانظروا كيف أنتمُ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> قد قنعنا أن نرقبَ الأحلاما
قد قنعنا أن نرقبَ الأحلاما
رقم القصيدة : 60324(75/366)
-----------------------------------
قد قنعنا أن نرقبَ الأحلاما
لو أذنتم لمقلة ٍ أن تناما
يالواة َالديون إن غريمٌ
لكمُ لو قضبتموه الغراما
ما لكم لا يُذمُّ منكم بغاة ُ ال
عيبِ إلا إلاًّ لكم أو ذماما
بقلوبٍ لا تحسن الصفحَ غلظٍ
ووجوهٍ لا تحسن الإجراما
لا أحلّ الفراقَ من رشإٍ في
كم أحلَّت نواه نفسا حراما
صار حظي من بعده عشق ذكرا
ه إلى أن عشقتُ فيه الملاما
لا ادعت بعده الغصونُ قواما
عند عيني ولا البدور تماما
يا صريعَ العيون إن فتَّر الغن
ج لحاظا بها فترتَ عظاما
حبَّذا بابل على ذكرك السح
رَ وعيشٌ ببابل لو داما
وطريقٌ إلى المراخِ نفضنا
ه على بعده ضناً وغراما
وربيعٌ من عصر لهوٍ عصرنا
ه أنِ الله لم يهبهُ أثاما
ومتى قلتَ عد ليوم مضى منّ
ى فإني لا أعرف الأياما
قل لقوم عدُّوا الغنى كلَّه البخ
لَ وعدُّوا السماحة َ الإعداما
حسبوا من قنوطهم أنهم لا
يجمعون النعيم والإنعاما
حسبُ عبد الرحيمأنَّ بنيه
وصلوا باتباعه الأرحاما
صدقوا عنه فاستقاموا مصلّي
ن على إثره ومرَّ أماما
فاقهم وهو منهم ابن عليّ
والخوافي مكفورة بالقدامى
ساد بالمجد ثمّ ما شئت من ج
دٍّ إذا اعوجَّت الخطوبُ استقاما
تأكل العينُ منه ما تشربُ النف
س اتفاقا في حبّه والتئاما
قمرٌ زيِّنتْ سماءُ علاه
بنجوم من رهطه تتسامى
لا يعدُّ الغلامُ منهم أخاه
ساد حتى يشآى الكهولَ غلاما
يالَ عبد الرحيم أحصدتمُ لي
سببا كان في سواكم رماما
قعدَ الدهرُ بي لئيما فقمتم
تحملون الخطوبَ عنّى كراما
أنهِضوني بوصفكم إنني ما اع
تدتُ أن أقهر الجبال زحاما
للتهاني وصفٌ يخصُّ وإن كا
نت سعاداتكم تعمّ العاما
وفَّر اللهُ يا أبا القاسم اليو
مَ من الخير عندك الأقساما
وأراني فيك التي خيرُ حسَّا
دك حالاً من شمَّ فيها الرَّغاما
بالغا فوق ما تروم من الع
زِّ إذا فات طالبا ما راما
في نحور العدا شجا ما غدا النا
سُ إلى النحر سائقين السَّواما(75/367)
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> يا مستضيم الملك أينَ الحامي
يا مستضيم الملك أينَ الحامي
رقم القصيدة : 60325
-----------------------------------
يا مستضيم الملك أينَ الحامي
يا جدبُ ما فعلَ السحابُ الهامي
حرمُ الإمارة ِ كيف حلَّ سلوكه
من غير تلبية ٍ ولا إحرامِ
ما للعراق عقيبَ صحّته اشتكى
سقما يجاذبُ من ذيول الشام
من غصَّ في دار السلام وإنما
هي حين تعمرُ بيضة ُ الإسلامِ
أأصيبَ بالشمس الضُّحى أم خولست
فيها الليالي البيضُ بدرَ تمامِ
أم هل هوى بأبي عليٍّ نجمها
رامٍ تعود بالنجوم يرامي
قدرٌ أصاب الصاحب ابنَ صلاحها
بيدٍ فكانت أمَّ كلِّ سقامِ
بغريبة ِ الإلمام ما خطرتْ على
بالٍ ولا سبقت إلى الأوهامِ
عهدي التجنُّبُ بالردى عن مثله
يا موتُ ما سببٌ لذا الإقدامِ
أفمستجيرا حيث عزَّ رواقه
لمخافة ٍ دهمتك أو إعدامِ
فلقد وصلت إلى المنيع المرتقى
ولقد حططت ذرى المنيفِ السامي
وغصبتنا من لم يفدنا مثله
جوبُ الملا وتعاقبُ الأعوامِ
وحياً مطرناه على يأس الثرى
من جوّه وقطوبِ كلِّ غمامِ
عقل الزمانُ به ووقَّر نفسه
فالآنَ عاد لشرَّة ٍ وعرامِ
بشراك يا ساعي الفساد وغبطة ً
ذهب المقوِّمُ يا بني الإجرامِ
عاد القويّ على الضعيف مسلَّطا
ونمى السَّفاهُ فدبّ في الأحلامِ
سوِّمْ خيولك للثغور مريدها
واطمع وسمْ بالملك رخصَ مسامِ
واخلط بنومك مطمئناً حيثُ لم
يكُ موردٌ لترومَ حطَّ لجامِ
خلّى لك الحسنُ السبيلَ وأخليت
منه عزائمُ رحلة ومقامِ
لا سُدّدَ الخطّيّ في طلبٍ ولا
شحذتْ لمثلك شفرتا صمصامِ
من للجيوش وقد أصيب عميدها
ما البيتُ بعدَ عماده لقيامِ
من للدُّسوت وللسُّروج محافظٌ
ظهريه من حزمٍ بها وحزامِ
من للفتوّة بعد موتك إنها
رحمٌ تضمُّ وأنت تحتَ رجامِ
من لابن وحدته تقوّض قومه
ومضى أبوه يا أبا الأيتامِ
من للبلاد تضمُّها ورعيّة ٍ
أرضعتها الإنصافَ بعد فطامِ
ولدارك الفيحاءِ إلا بابها
شرقا بضيقِ مواكبٍ وزحامِ(75/368)
مُلكتْ على حرَّاسها وتسلَّبت
أبوابها من دافع ومحامي
مثلوا قعودا وسطها وقصارهم
بالأمس خطوة ُ واصلين قيامِ
يدعوك بالإصغار في اسمك ناقصٌ
من قبل أن ندعوك بالإعظامِ
خطروا بها الخيلاء بعد مراتبٍ
معدودة ِ الخطواتِ بالأقدامِ
واسترسلوا بيد التحيّة واحتبوا
فصحاءَ بعد تطاول الإعجامِ
من كلِّ مقصوص اللسان شكمته
قبل الردى من هيبة ٍ بلجامِ
ذربٍ يقولُ ولو سمعتَ تلجلجتْ
شفتاه غدرَ التاءِ بالتَّمتامِ
زلَّ الزمانُ غداة َ يومك زلّة ً
لا تتَّقى خجلاتها بلثامِ
عار جنى عارا على الأعوامِ
أبدا ويومك منه عار العامِ
لا سدَّ ثغرتنا سواك مفوّقا
إلا امرؤ عن قوس رأيك رامي
يجرى على سننٍ رآك نهجته
كالفتر معتمدا على الإبهامِ
أتراك تسمعُ لي وأبرحُ نازلٍ
بك ضعفُ فهمك مع قوى إفهامي
ألممتُ أستعدي بلحدك من جوى
قلبي فزاد صبابتي إلمامي
قبرٌ خلطتُ مدامعي بترابه
ونداك فهو الآن بحرٌ طامي
وأُجلّه عن شقِّ جيبٍ إنه
فدَّى الجيوبَ عليه بالأعلامِ
ووقفتُ أجزيك الثناءَ مؤبّنا
يا لوعتي أن كان ذاك مقامي
هذا جزايَ وليس ذلك نعمة
فيما مننتُ فكيفَ كان غرامي
لو رِشتَ قادمتي فطار قصيصها
أو لو كسوتَ من الهزال عظامي
إن لم يكن لي منك يومٌ خصَّني
فلقد علمتك صالحَ الأيامِ
ولقد أعدُّ إذا بكيتك صادقا
في الحافظين وواصلي الأرحامِ
أصلي وأصلك في مقرٍّ واحدٍ
وتفاوتُ الفرعين بالأقسامِ
وإذا تشجَّرت المناسبُ والتقى ال
فخران كان أبوك من أعمامي
شرفٌ وصلنا حبله في فارسٍ
بالمحكمين مرائرَ الإبرامِ
برمونَ بالإعراض بعد غبورهم
وسماءُ يُمتدحون بالأجسامِ
ولقد جمعتُ إلى مديحك حادياً
ناحاك فاستذممتُ خيرَ ذمامِ
فتحوا ضريحك في مساكن تربة ٍ
جاورتها فختمتَ طيبَ ختامِ
ونزلتَ فيمضر وقومك غيرهم
بعد الممات بأشرف الأقوامِ
أنَّى التفتَّ فأنتَ في حرزين من
حرميْ شهيدٍ سيِّدٍ وإمامِ
أصبحتَ منهم بالنزول عليهمُ
يا رحب ما بوِّثتَ من إكرامِ
فإذا تزخرفت الجنانُ غداً لهم(75/369)
صاحبتهم فدخلتمُ بسلامِ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> أنبِّه طرفي وهو يخدع بالحلمِ
أنبِّه طرفي وهو يخدع بالحلمِ
رقم القصيدة : 60326
-----------------------------------
أنبِّه طرفي وهو يخدع بالحلمِ
وأصدُقُ نفسي وهي تقنع بالرَّجمِ
أسرُّ بأن أبقى وهلكي من البقا
وأكرهُ أن أذوى ومن صحتي سقمي
تمسّكت من دهري بمستلب القوى
ضعيف الذمامِ واحدِ الحمدِ والذمِّ
أصابُ بخطبٍ منه إما مفوّقا
إليّ وإما خاطئا عاثَر السهمِ
وما أنا في الأمرين إلاّ رديئة ٌ
إذا كان رامٍ لا محالة َ أن يصمي
حلمتُ على الأيام حتّى ظننتني
على فرط ما يظلمنَ أسفهُ بالحلمِ
وأعلمُ لو صاعبتهنَّ بأنني
أحاربُ شيئا ثم أجنح للسلمِ
تنقِّصُ منّى كلَّ يومٍ وليلة ٍ
وتعجبني إن زاد شربي أو طعمي
وما أنا إلا شارب الماءِ من دمي
مغالطة ً أو آكلُ الزادِ من لحمي
ولم أر كالدنيا بغيضا محبَّبا
ولا عدلَ مثل الموتِ أشبهُ بالظلمِ
ألا جاءني والقولُ حقٌّ وباطلٌ
نعيٌّ تغشَّى ثمَّ أقشعَ عن رغمي
أغمِّض عيني منه عن كاشف العمى
وأسترُ أذني فيه عن مسمع الصُّمِّ
أصبنا بأمٍّ تعجب الحالُ أنه
بأمثالها في الفخر يوفى على العمِّ
خليليَّ من كسرى بن سابورَإنما
عظيمكما المدعوُّ في النوبِ العظمِ
قفا فانظرا حزني بعادي مصابها
إذا انضمَّ في الأحزان سقمٌ إلى سقمِ
أسلَّى بفرعي بعد أصلي فإنما
إلى العظم تفضي مشية ُ الداءِ في اللحمِ
وفي الأمر أن تنسى ولا مثل هذه
تنافى المعاني قي تشاركها في اسمِ
فإن لم يكن لي عندها بولادة ٍ
مكانُ البنين من حضانٍ ومن ضمِّ
فقد ولدتْ نفسا كنفسى كرامة ً
عليّ وإن حدَّتْ بجسمٍ سوى جسمي
وفي الإخوة الجافين أبناءُ علَّة ٍ
وفي الأجنباءِ الأصفياء بنو أمِّ
ألا لا تعرِّفها بغير ابنها أبا
وقد ينسبُ الإنسان يوما بمن ينمي
أيشفيك أن تبكي فهذي مدامعي
ببيضٍ وحمرٍ بين سكبٍ إلى سجمِ
وإن تحمل الأحزانَ دونك أضلعي
فوا الله لا جلدي يخورُ ولا عظمي(75/370)
وهل ردّ ميتا مسرفٌ في غرامهِ
فأنفقَ نفسي عنك هيِّنة َ الغرمِ
ويسليك أن الفضل تربك والتُّقى
بما سلبا منها شريكاك في اليتمِ
فإن أخَّرتك باقياً وتقدَّمتْ
بلا جزع لاقته فيك ولا إثمِ
ففي العيش ما يشتاق منه إلا الردى
وفي الوصل ما يحتاج فيه إلى الصُّرمِ
سقاها ولولا قولهم أنتَ مسرفٌ
لقلت سقت من لحدها باكرَ الوسمي
غمامٌ إذا ما احتلَّ ربعاً تظاهرتْ
عليه الأيادي البيضُ من سحبهِ السُّحمِ
وإلا فجفني نائبٌ عن جهامهِ
ووجهُ بكائي الطلقُ عن وجههِ الجهمِ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> عجبتُ لمرّ النفسِ كيف يضامُ
عجبتُ لمرّ النفسِ كيف يضامُ
رقم القصيدة : 60327
-----------------------------------
عجبتُ لمرّ النفسِ كيف يضامُ
وحرٍّ يخاف العتب وهو ينامُ
وراضٍ بأوساطِ الأمور فقاعدٌ
وفيه إلى غاياتهنَّ قيامُ
سقى الله حرّاً عارفا بزمانه
تجاربهُ قد شبنَ وهو غلامُ
يخاطر من علياه خبراً بنفسه
وإن شلَّ أقدامٌ وطؤطئَ هامُ
يسمّون عيشا في الخمول سلامة ً
وصحّة ُ أيام الخمول سقامُ
ويستعذبون الرزقَ طالت يدٌ بهِ
إذا أسمنَ الأجسام وهو سمامُ
دع الناسَ فيما أجمعوا وامض واحدا
فنقصك ممن لا يعدُّ تمامُ
وغظهم لعلّ الغيظ أن يتنبَّهوا
عليك به فالغافلون نيامُ
تقدّمْ إذا ما أخّروك عليهمُ
ولا تك مأموما وأنت إمامُ
تغرَّب وراء العارفين فربما
أفاد رحيلٌ ما أفاد مقامُ
عسى هذه الأرضُ الولودُ بماجدِ
تطرِّقُ واذكر كيف ساد عصامُ
فإن التي جاءت بمثل محمّدٍ
ليخرجُ منها طيبون كرامُ
رويدك بي يا رائدي إن مرتعا
إذا صدق الوُرَّاد فيه أقاموا
جميمٌ على قدر المشافرِ نابتٌ
وماءٌ على حكم السُّقاة جمامُ
نشدتك قرَّبْ لي معوّدة َ الطَّوى
عليها سوى الماء العليقُ حرامُ
إذا ظهرُ طرف لم يطقْ غيرَ فارسٍ
ففرسانها المستبطنون زحامُ
تسرَّبُ شقَّ الأيمْ في التُّربِ طرقهُ
لها زبدٌ من شدّها ولغامُ
كأن صفاءَ الماء ينفرج القذى
بها عنهُ وجٌ عطّ عنه لئامُ(75/371)
من الحبشيات اللواتي إذا انتمت
أسرَّ لها سامٌ وأظهرَ حامُ
إذا رحلتْ بالشُّرع مرَّت كأنّها
جوافلُ من طرد الشَّمال نعامُ
فإمّا ركبناها فبلَّ غليله
فؤادٌ به إلى الكرام أوامُ
وإما عدانا للمقادير عائقٌ
فما تمنع الأقدارُ كيف ترامُ
وإن تتقدَّمني فصلْ وهديَّتي
صلاة ٌ إلى سمع العلا وسلامُ
فبلِّغ وقل لا طامعا في رجوعه
إلامَ على فرط السماح تلامُ
وكم يطمع الأعداءُ فيك بهزِّهم
وقد جلَّ عن شمِّ التراب شمامُ
ألم يكفهم يومٌ رجوه فخيَّبوا
ويومٌ وعامٌ جرّبوه وعامُ
وما أعلمَ الحسَّادَ للشمس أنهم
فناءٌ على الأيّام وهي دوامُ
أبى اللهُ والفضل الذي فيك والتُّقى
وكفٌّ إذا جفَّ السحابُ سجامُ
وسيفانِ هذا حاسم الغيِّ ما جرى
وقطَّ وهذا كيف قطَّ حسامُ
وعارضة ٌ من عارض الغيث أرضعتْ
خواطرها فما لهنّ فطامُ
إذا ترجمتْ عن بحر علمك أعجمت
لها ألسنُ عربٌ وناب كلامُ
وكتبٌ تفضُّ الروضَ نشرا ومنظرا
إذا فضَّ من مطويِّهنَّ ختامُ
أبا حسنٍ أمطرتَ منّى دوحة ً
تطولُ وتنمي والغمامُ جهامُ
مباركة تجنى لأوّلِ حولها
ويذوي أراكٌ حولها وبشامُ
وضعتُ سنانا دون عرضك والغا
دماً ولسانا إن أجدَّ خصامُ
وأسمنتَ أيّامي فعدن بدائنا
وهن جلودٌ من ضناً وعظامُ
وكم مدّ بين المجدِ لمّا دعوتهم
وإيّاك في الجلَّى شقتَ وعاموا
فلا يعدمنك الحمدُ منى شواردا
لهنّ على بعد المسير مقامُ
من الكلمِ المختصِّ يعلم ما أتى
وفيه كما في قائليه طغامُ
مولّدة ما بين كسرى ويعربٍ
وفي السيف ماء كامن وضرامُ
أصولٌ لهاقصر المدائن خطَّة ٌ
وفرعٌ لها بالأبطحين خيامُ
فملِّيتها كفئاً عروفا بحقِّها
لها منك كفلٌ ناهضٌ وقوامُ
وعشتَ وعاش الحاسدوك بدائهم
فإن حياة الحاسدينِ حمامُ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> متى وصلت تحية ُ مستهامِ
متى وصلت تحية ُ مستهامِ
رقم القصيدة : 60328
-----------------------------------
متى وصلت تحية ُ مستهامِ
فخصَّكِ غيرَ محجوبٍ سلامي(75/372)
وساعدَ جدبَ داركِ خصبُ جفنى
إذا قلَّت مساعدة ُ الغمامِ
لترضى يابنة السّعدي عنّى
وترضى ما وفاي وما ذمامي
سلى بصبابتي طيفا بخيلا
بهجرك إن سمحتِ بأن تنامي
يزور من العراق وأنتِ شامٌ
لقد أرعاك ظاعنة ً مقامي
إذا وعدته رؤيتكِ الليالي
سرى مستصحبا بك في الظلامِ
يلوح الركبُ نشرُك فيه مسكٌ
فأعرفُ منجدٌ هو أو تهامي
وأسأل عن سواك وكنتِ همِّي
تجنُّبَ أن ألامَ وأن تلامي
على شرفٍظباءٌ مطمعاتٌ
وما قيِّضنَ قطُّ لسهمِ رامي
فيا ظبياتُ إن خفتنَّ عقبى
فخفن الله في قتلى الغرامِ
فلولا بغي بدرِ بني تميم
لما بعثَ المحاقُ على التمامِ
ولو سلم ابنُ أيّوب ولمّا
يحلْ سلمِ البقاءُ من الحمامِ
ولكن خانني منه أمينٌ
وأسلمني إلى الأخطار حامي
رعيتُ به الو بيئة َ من جميمي
وجرِّعتُ القذيَّة َ من جمامي
وقلتُ السيف في نصري فلما
شققتُ بسلِّه ثوبَ القتامِ
ضربتُ به فخان وأيّ ذنب
لكفّي والخيانة ُ من حسامي
إذا بلَّغتَ عن قلبٍ مصابٍ
بكهلِ الودّ والعيشِ الغلامِ
فقل لمحمّدٍ ولعلَّ عوداً
ذوى بالعذلِ يرجع وهو نامي
أبعدَ تطاولي بك واقتصارِ ال
وداد عليك من دون الأنام
وشغلكِ بي وإن عرضتْ أمورٌ
تحيلُ الجفنَ عن عهدِ المنامِ
أذكِّرك التي ما كنتَ تنسى
وأشحذُ ماضيا شحذَ الكهامِ
وأنحتُ بالتقاضي منك صخرا
وداءُ المطلِ ينحتُ من عظامي
وترضيني بعذرٍ بعد عذرٍ
وكرُّ الحكِّ أقرفُ للكلامِ
ولو أنصفتَ فضلكَ وانبساطي
إليك وكنتُ بعدُ على احتشامِ
ضننتَ بقطرة ٍ من ماء وجهٍ
إذا القطراتُ دامت فهو دامي
أردتك للّتي قربت وقلَّتْ
عليك ولم أرم صعبَ المرامِ
أراك اليومَ بعد البين تأبى
على رسني وتصعبُ عن حزامي
كآخر إن شكوتُ إليك منه
شكوتُ من السَّقام إلى السَّقامِ
فقل يأسا يمتْ أملي فإني
أحلُّك من دم الأمل الحرامِ
يريني المجدُ أن أرمي سديدا
وما هو في عيابك من سهامي
وأحتمل السكوتَ وفيه معنى ً
من التعنيف أوجعُ من كلامي
فيسقم فيك إعلاني وجهري(75/373)
ويسلم باطني لك واكتتامي
ومن لك بالأخ الموتور تبدو
ضغينة ُ قلبه لك في الخصامِ
يشقُّ إهابه غضبا فيرضى
بحلو العتب من مرِّ الكلامِ
وغيرك لو أساء فخاف عتبي
أمنتُ من البعوضِ على القطامي
وفي الجانين محتملٌ لئلا
يشاد بذكره في الانتقامِ
فلا تتجرَّمنَّ على القوافي
مطاوعة َ التسرُّعِ والعرامِ
فإن سفورها لك فرط نصحٍ
وكم داجت بما تحت اللئامِ
فإن النثر لما ضج ممّا
تجنِّبهُ شكاكَ إلى النظامِ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> ظلُّ المنى واسعٌ والشملُ ملتئمُ
ظلُّ المنى واسعٌ والشملُ ملتئمُ
رقم القصيدة : 60329
-----------------------------------
ظلُّ المنى واسعٌ والشملُ ملتئمُ
يا دارُ لا غدرت يوما بكِ النِّعمُ
ويا رُبى ً سعدت من بعد ما شقيتْ
دامت عليك فأرضتْ روضكِ الديمُ
إن يلتفت عنكِ وجهُ الدهر منقبضا
بالأمس فهو إليك اليومَ مبتسمُ
أو يستحلَّ حماك الجدبُ يقتله
عاماً فعاماً فهذي الأشهرُ الحرُمُ
دارُ الهوى أنتِ يادارَ السلامإذا
أحبابنا فيكِ من صرف الردى سلموا
كم طالعٍ فيكِ لولا أنه قمرٌ
لم يبدُ ليلا وتحتَ الصبح يكتتمُ
ومائل القدّ لم تعتدْ شمائله
ضلالة َ الحبِّ لولا أنه صنمُ
وسائرين إذا ساروا وما رفعتْ
لهم قبابٌ وما حطَّتْ لهم خيمُ
بيني وبينهمُ إن جدَّ بينهمُ
مرمى ً على مقتفيآثارهم أممُ
مسافة ُ العين ما امتدّت فإن فضلتْ
عن مطرح العين لم ينصبْ لهاعلمُ
سكانُ دجلة َ غربيُّون لو حلفوا
لا تبصر الشمسُ مغناهم لما أثموا
لله منهنَّ مقبولٌ تحكُّمها
لها على الصمت وجهٌ ناطقٌ خصمُ
لما رأتْ شعرا في الرأس تنكره
وكيفَ ينكر زيدٌ واسمه علمُ
قالت تزكِّيه عندي وهي تسبغه
ما أوقرَ الشيبَ لولا أنه هرمُ
مدَّت إلى الملك ترعاه وتنصره
يدٌ مقبَّلة ٌ والركنُ مستلمُ
يدٌمع الله في حالى تصرُّفها
بالحقّ تنعم أو بالحق تنتقمُ
قل للوزير وكم قادت مهابتهُ
من صعبة ٍ لم تكن بالقود تنخطمُ
نلني بها أنل الشعرى فقد شُرفتْ(75/374)
بك الأماني وعاشت عندك الهممُ
ورشتَ محصوصة َ الأدابِ فانفسحتْ
محلّقاتٍ لهنّ القورُ والقممُ
من بعد ما كان فضلُ المرء منقصة ً
في الناس ما قام يبغى الفضل عندهمُ
كنا نحيلُ على الدنيا تجرُّمهم
مغالطين وندرى فيمن الجرمُ
ونشتكي دهرنا والذنبُ ليس له
والدهرُ مذ كان مظلومٌ ومتَّهمُ
يجني امرؤ ولياليه تعابُ به
وتفسدُ الناسُ والأيام تختصمُ
والدهرُ يجفو لئيما إن بنوه جفوا
فيه ويصفو كريما إن همُ كرموا
واليومُ كالأمس لا فرقانَ بينهما
ملوكنا دهرنا والفرقُ بينهمُ
ذا الماءُ ذاك وهذي الشمسُ تلك وما
حالا وقد حالت الألوانُ والطُّعمُ
ما ذاك إلا لأن نافيتهم فنفتْ
يداك عن منهلِ التدبير شوبهمُ
وأنّ مصلحة الدنيا وسيرتها
دقيقة ٌ في العلا أبهرتها وعموا
عادى بك الناسُ ناسا والزمانُ فتى ً
وقام ظهرٌ حناه الشيبُ والهرمُ
لكلّ وقت نصيبٌ منك تلحظه
فيه العناية ُ حتى تستوي القسمُ
يومٌ بعدلك مات الظلمُ فيه إلى
ليلٍ بنورك ماتت تحته الظُّلَمُ
لم يرضَ جودك أن تخضرَّ مخصبة ً
به الظواهرُ حتى ابيضّت العتمُ
وليلة من ضياءٍ وهي مظلمة ٌ
بليلة ٍ من جمادى وهي تضطرمُ
وجهُ الزمان بها حرّانُ ملتهبٌ
وقلبه باردٌ من حسنها شبمُ
تاهت على العام إذ صيَّرتها علما
فيه وبالنار ليلا يعرفُ العلمُ
افتح عليّ وعلِّمني الذكاء أصفْ
هذا مقامٌ على الأفكار ينعجمُ
أدارك الأفقُ العالي أم اعتصمت
بها السماء يقينا إنها حرمُ
أم الكواكبُ من شوف إليك هوت
ترجو نداك فمجموعٌ ومنفصمُ
أم أنتَ يوسفُموعودا وقد سجدتْ
لك النجومُ وهذا كلُّه حلمُ
ومرهفات على حدّ الظلام لها
حدّ به ترهفُ الهنديّة الخذُمُ
إذا وقفن صفوفا للدجى ثبتتْ
أقدامهنَّ له والهامُ تنهزمُ
تزداد نورا إذا أبصارها انتقصتْ
قصّاً وتنبتُ إمَّا جزَّت اللِّممُ
من كل خافقة ِ الأحشاء ساكنة ٍ
تضاحك الليلَ والأجفانُ تنسجمُ
فلستُ أدري أخوفٌ منك خامرها
حتى بكت أم رجاءٌ فهي تبتسمُ
هيفاءُ دقّتها فيها وصفرتها(75/375)
من صحّة ٍ وهما في غيرها سقمُ
قامت على فرد ساقٍ ما لها قدم
تشكو الجوى بلسانٍ ما حواه فمُ
إما قناة ً وقد خاض السنانُ دماً
أو إصبعا تتلظّى مسَّها عنمُ
وذي قوائمَ لا يمشى بأربعة ٍ
حتى يُساق فيدنى وهو يهتضمُ
تحوطهُ نثرة ٌ ينفى بلبستها
عنَّا إذا جدَّ لا عن جسمه الألمُ
لها اسمُ درعٍ ومعناها وليس لها
ما تفعل الدرعُ والهيجاءُ تقتحمُ
إنْ أضرمتْ فهي تاجٌ أو خبتَ ظهرتْ
أقراطها الحمرُ أو أصداغها الفحمُ
رسمٌ من النحل كان الملكُ عطَّله
أنشرتَ فيه بني كسرى وما رسموا
نعمى على العجم خصَّتهم كرامتها
لا بل تساهمَ فيها العربُ والعجمُ
قومٌ يرون القِرى بالنار يكسبهم
فخرا وقوم يرون النارَ ربَّهمُ
لا تنكرنْ كثرة َ السؤَّالِ ما اقترحوا
والمادحين فقد قالوا بما علموا
من أوقد النارَ مطروقا ومن رفعَ ال
حجابَ عن طالبي معروفه ازدحموا
تعطى السماءُ قليلا وهي باكية ٌ
شحّاً ويعطى كثيرا وهو يبتسمُ
عوَّدت سمعك أن يحلو الثناءُ له
كأنّ كلَّ قريضٍ شقَّه نغمُ
وأوفد الناسَ أفواجا إليك فمٌ
جوابُ كلّ سؤال عنده نعمُ
لا كالغريبة ِ أيديهم وألسنهم
لم يركبوا الخيلَ إلا بعد ما هرموا
كنّا نخبَّر عن قومٍ وقد درسوا
أخبارَ جودٍ مع الإكثار تتَّهمُ
ونحسبُ الناسَ زادوا في حديثهم
ونمَّقوا بحكوماتِ الهوى لهمُ
فجاء جودك برهانا لما نقلتْ
منه الرواة ُ وتصديقا لما زعموا
كانوا كراما وأيمُ الله لو بعثوا
حتى يروك لقالوا هكذا الكرمُ
ختمتهم وبراك الله خيرهمُ
جوداكما بكلامي تختم الكلمُ
أنا المقدَّمُ والدنيا توخِّرني
عن ذا المقام ألا من بيننا الحكمُ
كم أخواتٍ لها زُفَّتْ وما خُطبتْ
كوني أباها ولم يسمعْ لها يتمُ
وواصلين فموصولين لو فهموا
شعري بحملهم منه الذي فهموا
أصبحتُ أحرمُ من نعماك ما رزقوا
وكنتُ أعهدُ مرزوقا إذا حرموا
تعلَّمنَّ إذا سوّيتني بهمُ
فيمن زكت وعلى من تحسنُ النِّعمُ
فاسمع وقوِّمْ فما ضاعت ولا غبنتْ
وأنت تاجرها الأقدارُ والقيمُ(75/376)
وما أسفتُ لمالٍ فاتَ فازَ به ولا تزال لوقتٍ مانتحر مني وإنما فلتاتُ الجود تُغتنمُ
غيري بلى فاتني الأخلاقُ والشيمُسقط بيت ص
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> مالي ولم أسبق إلى الغنمِ
مالي ولم أسبق إلى الغنمِ
رقم القصيدة : 60330
-----------------------------------
مالي ولم أسبق إلى الغنمِ
قسمَ الرجالُ وأغفلوا سهمي
الحقّ لي والحظّ عندهمُ
أظما ويروى معشرٌ باسمي
ما هذه أولى مغابنة ٍ
وقضيّة ٍ للدهر في ظلمي
ليت الهوى عدلتْ حكومته
إذ جارت الأيّام في الحكمِ
بل كلُّ مصطحبينْ قد رضيا
بالغدر واصطلحا على الغشمِ
فرأيتُ طرْفي جالبا سهَري
ووجدتُ قلبي مسقما جسمي
وجنت عليَّ الحبَّ مترفة ٌ
تصمي المقاتلَ قبل أن ترمي
برزتْ هلالا واختفت قمرا
ربّيتُ فيها الحبَّ لليُتمِ
لا تخدعنَّكَ قولة ٌ عذبتْ
فالماءُ بين حجارة ٍ صمِّ
وخن الأمانة َ وانجُ مغتبطا
إن الوفاءَ مطيَّة ُ الهمِّ
يا رُبَّ مبتسم بكيتُ له
ما كلُّ ثغرٍ فضَّ للّثمِ
وأخٍ وصلتُ وعدتُ أصرمه
لو كنتُ أسلمُ منه بالصُّرمِ
ينهى البعوضَ أذا رآني عن
جلدي ويأكلُ غائبا لحمي
لولا ابن أيّوبلما وصلتْ
بداوى حيلته إلى سُقمي
يعلو وحظُّك من خلائقه
لينُ العصا وسهولة ُ العجمِ
مثل السلافة ِ كلّما عتقتْ
كفتِ اقتراحَ الذوق والشمِّ
لم ينسَ قدرته العفافُ ولا
نشزت حداثته على الحزمِ
وتحثُّهُ فتزيده جلدا
والجبرُ زيَّدَ في قوى العظمِ
بلغتْ محمداً الإرادة ُ بي
غرضا وفاز بوده سهمي
وقنعتُ من قسمِ الزمان به
مذ صار من أبنائه قسمي
فالآنَ ألقاه بلا أربٍ
يبغى ويلقاني بلا جُرمِ
وسعَ المنى ووفى أخو كرم
عصرتْ خلائقه من الكرمِ
وبني وشاد على أبيه وقد
تلدُ الرجالُ بنينَ للهدمِ
وأغاثني والحبلُ منتشرٌ
والسلك منظوم على خرمِ
خلِّصهُ لي يا دهرُ وامضِ بمن
يقتادُ واخلصْ أنتَ من ذمِّي
وأعن ضميري فيه يا لسني
بغرائبٍ يفصحنَ بالعجمِ
وبما ألنتَ وكنتَ ممتنعا
وولدتَ بين خواطرٍ عقمِ(75/377)
ينكرنَ بالحدثان في زمني
لولا تعرُّفهنَّ بالوسمِ
يُلحقنَ بالأنساب مثلثة ً
ما بين بنت الخالِ والعمِّ
تأتيه بالأعياد راكبة ً
منها ظهورَ الشُّهب والدّهمِ
في كل بيتٍ حكمُ تهنئة ٍ
من فضِّ أوَّلها إلى الختمِ
العصر العباسي >> مهيار الديلمي >> من جبَّ غاربَ هاشم وسنامها
من جبَّ غاربَ هاشم وسنامها
رقم القصيدة : 60331
-----------------------------------
من جبَّ غاربَ هاشم وسنامها
ولوى لؤيّاً فاستزلَّ مقامها
وغزا قريشا بالبطاح فلفَّها
بيدٍ وقوَّضَ عزَّها وخيامها
وأناخ في مضرٍبكلكلِ خسفهِ
يستامُ واحتملتْ له ما سامها
من حلَّ مكّة فاستباح حريمها
والبيتُ يشهد واستحلَّ حرامها
ومضى بيثرب مزعجا ما شاء من
تلك القبور الطاهراتِ عظامها
يبكي النبيُّ ويستنيحُ لفاطم
بالطَّفِّ في أبنائها أيامها
الدين ممنوعُ الحمى من راعه
والدار عالية ُ البنا من رامها
أتناكرتْ أيدي الرجال سيوفها
فاستسلمتْ أمْ أنكرتْ إسلامها
أم غال ذا الحسبين حامى ذودها
قدرٌ أراح على الغدوِّ سوامها
فتقامصتْ ملسوعة ً بشتاتها
تسمُ المذلَّة ُ بُزلها ووسامها
أخلقْ بها مطرودة ً من بعده
تشكو على قرب الحياض أوامها
لمن الجيادُ مع الصباحِ مغارة ً
تنضى الظلامَ وما نضى أجسامها
صبغَ السوادُ ولم تكن مسبوقة ً
أعرافها ظلما وعمَّ لمامها
من كلّ ماشية ِ الهوينا أنكرتْ
شقّاتها واستغربت إحجامها
جرداءَ تسأل ظهرها عن سرجها
وتجرُّ حبلا لا يكون لجامها
بكر النعيُّ من الرضيِّ بمالكٍ
غاياتها متعوّدٍ إقدامها
كلح الصباحُ بموته من ليلة ٍ
نفضت على وجه الصباح ظلامها
صدع الحمام صفاة آلِ محمّدٍ
صدعَ الرداءِ به وحلَّ نظامها
بالفارسالعلويِّ شقَّ غبارها
والناطق العربيِّ شقَّ كلامها
سلب العشيرة َ يومه مصباحها
ورمى الردى عمَّالها علاَّمها
برهانُ حجّتها الذي بهرت به
أعداءها وتقدّمت أعمامها
دبَّرتها كهلا وسدتَ كهولها
ترضي النفوسَ وكنتَ بعدُ غلامها
النصُّ مرويٌّ وكنتَ دلالة ً(75/378)
مشهورة ً لما نصبتَ إمامها
قدَّمتَ فضلتها وجئتَ فبرَّزتْ
سبقا خطى ً لك أحرزتْ إقدامها
كم رضتَ بالإرفاق نخوة َ عزَّها
والعسفِ حتى جمَّعتْ أحلامها
ولقد تكون مع الفظاظة ِ رحمة ً
وعلى جفائك واصلا أرحامها
قوّدتها للحقّ إذ هي ناشطٌ
لا تستطيع يدُ الزمان خطامها
حتى تصالحت القلوبُ هوى ً على
إعظامها وتصافحتْ إجرامها
فلئن مضى بعلاك دهرٌ صانها
فلقد أتى برداك يومٌ ضامها
يومٌ إذا الأيامُ كنَّ سوانحا
بالصالحات وعدَّ فيها شامها
من حطَّ هضبتك المنيفة َ بعدما
عيى الزمانُ فما استطاعَ زحامها
ورقى إباءك فاستجاب بسحره
صمّاءَ لم تعطِ الرُّقى أفهامها
فضَّ الحمامُ إليك حلقة َ هيبة ٍ
ما خلتُ حادثة ً تفضُّ ختامها
واستعجلتك يدُ المنون بحثّها
قبلَ السنينَ وما اطلعتَ تمامها
أفلا تطاعنُ دون مبلغك الردى
خيلٌ أطلت لحاجة إلجامها
وتقومُ حولك سمحة ً بنفوسها
عصبٌ على العوجاء كنتَ قوامها
وبلى وقتك لو انّ قرنك يتَّقي
ما خلفها طعنا وما قدّامها
ولعرَّضت في الذبِّ دونك أوجها
للضرب أكثرت السيوف لطامها
تلقى الحديدَ بمثله من صبرها
فتخالُ من أدراعها أجسامها
ما ضرّها لما ضفتْ أعراضها
جنناً لها أن لم تسربلْ لامها
تحميك منها كلُّ نفسٍ مُرَّة ٍ
يحلو فداءكَ أن تذوق حماما
لكن أصابك عائرٌ من مخلسٍ
لا تضبط الحدقُ الحسانُ سهامها
وصلت بلا إذنٍ وأنت محجَّبٌ
وقضت عليك فلم تفتْ أحكامها
سفرت بك الأخبارُ حين سألتها
درداً فليتني استطلتُ لثامها
ورأيت ساعتك التي فجئت فخل
تُ الساعة َ اقتربت بها وقيامها
حلَّ الملوكُ لك الحبى وتسلَّبتْ
قممٌ عمائمها استنبنَ كمامها
تستافُ تربك تشتفي بشميمه
من داءِ فقدك وهو جرَّ سقامها
ومشت على رمض الهجيرِ أخامصٌ
ربت النعيم فما شكت أقدامها
أبكيك للدنيا التي طلَّقتها
وقد اصطفتك شبابها وعرامها
ورميتَ غاربها بفضلة معرضٍ
زهدا وقد ألقت إليك زمامها
والأرض كنتَ على قفارة ِ ظهرها
علما إذا كتمَ الدجى أعلامها(75/379)
ولدتك ثم تحوّلتْ لك في أخ
وعلى بنيها الكثرِ كنتَ عقامها
ولقولة ٍ عوصاء أرتج بابها
ففتحته لمّا ولجتَ خصامها
وقلائدٍ قذفت بحارك درَّها
وقضى لسانك رصفها ونظامها
هي آية العربِ التي انفردتْ بها
راعيتَ فيها عهدها وذمامها
كم معجزٍ منها ظهرت بفضلهِ
سيرَ الرجال فلم تجدْ أفهامها
وغريبة ٍ مسحتْ يداك مؤانسا
منها النفورَ ومفصحا إعجامها
حمَّستَ حتّى قيل صبَّ دماءها
وعزلتَ حتّى قيل صبَّ مدامها
ماتت بموتك غيرَ ما خلّدته
في الصحف إذ أمددته أقلامها
قد كنتَ ترضاني إذا سوَّمتها
تبعا وأرضى أن تسير أمامها
وإذا سمعتَ حمدتَ صفوى وحده
وذممتَ غشَّ القائلين وذامها
فتركتني تركَ اليمين شمالها
فردا أعالج فاتلا إبرامها
حيرانَ أسألُ أين منك رفادتي
دهش البنانِ تفقدَّت إبهامها
لا سامعٌ يصغي ولا ذو قولة ٍ
أصغي له يا وحدتي ودوامها
فبرغم أنفي أن أبثَّك لوعتي
والأرضُ قد بثَّت عليك رغامها
وأبى الوفاء إذا الرجال تحرَّجتْ
حنثَ اليمين فحلّلت أقسامها
لأساهرنَّ الليلَ بعدك حسرة ً
إن ليلة ٌ عابت حزينا نامها
ولأشرجنَّ عن العذول على الأسى
أذناً محرَّمة ً على من لامها
ولأبدلنَّ الصبرَ عنك بقرحة ٍ
في الصدر لا يجد الدواءُ لحامها
أبكى لأطفئها وأعلمُ أنني
بالدمع محتطبٌ أشبُّ ضرامها
عصرَ الغمامُ ثراك ثم سقى به
أرضا تظلمُ مذ فقدتَ غمامها
بك أو بجدِّك أو أبيكَ نغاث في ال
سّقيا إذا الشهباءُ خفنا عاما
فسواك لو كان المقيمُ بحفرة ٍ
يبسٍ لقلت سقى السحابُ رمامها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لولا فواكهُ أَيلولٍ إِذا اجتمعتْ
لولا فواكهُ أَيلولٍ إِذا اجتمعتْ
رقم القصيدة : 60332
-----------------------------------
لولا فواكهُ أَيلولٍ إِذا اجتمعتْ
من كل نوعٍورَقَّ الجوُّ والماءُ
إذاً لَمَا حَفَلتْ نفسي متى اشتملت
عليَّ هائلة ُ الجالَيْن غبراءُ
يا حَبَّذا ليلُ أيلولٍ إذا بردتْ
فيه مضاجعناوالريح سجواء
وجَمَّش القُرُّ فيه الجلدَ فائْتلفتْ(75/380)
من الضجيعين أحشاء فأحشاء
وأسفر القمر الساري فصفحتُه
ريَّا لها من صفاء الجوّ لألاء
ياحبذا نفحة ٌ من ريحهِ سَحَراً
تأتيك فيها من الريحان أنباء
قل فيه ما شئت من شهرٍ تعهَّدُهُ
في كل يومٍ يدٌ للَّهِ بيضاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أحبُّ المهرجانَ لأنَّ فيهِ
أحبُّ المهرجانَ لأنَّ فيهِ
رقم القصيدة : 60333
-----------------------------------
أحبُّ المهرجانَ لأنَّ فيهِ
سروراً للملوكِ ذوي السناءِ
وباباً للمصير إلى أوانٍ
تُفَّتح فيه أبوابُ السماءِ
أشبِّهه إذا أفضَى حَميداً
بإفضاء المَصيف إلى الشتاءِ
رجاءَ مؤمِّليك إذا تناهَى
بهم بعد البلاءِ إلى الرخاء
فَمَهرِجْ فيه تحت ظلالِ عيشٍ
ممدَّدة ٍ على عيشٍ فضاء
أخا نِعَمٍ تتمُّ بلا فناءٍ
إذا كانالتمامُ أخا الفناء
يزيد الله فيها كلَّ يومٍ
فلا تنفكُّ دائمة النَّماء
ويصُحبك الإلهُ على الأعادي
مساعدة المقادر والقضاء
شهدتلقد لهوتوأنت عفٌّ
مصون الدينمبذول العطاء
تغنتك القيان فما تغنت
سوى محمول مدحك من غناء
وأحسَنُ ماتغناك المغنِّي
غناءٌ صاغَهُ لك من ثناء
كملت فلست أسألُ فيك شيئاً
يزيدُكه المليكُ سوى البقاء
وبعدُفإنَّ عذري في قصوري
عن الباب المحجب ذي البهاء
حدوث حوادث منها حريق
تحَّيف ماجمعتُ من الثراء
فلم أسأل له خلفاً ولكن
دعوت اللَّهَ مجتهد الدعاء
ليجعله فداءك إن رآه
فداءكأيها الغالي الفداء
وأما قبل ذاك فلم يكن لي
قرار في الصباح ولا المساء
أعاني ضيعة مازلت منها
بحمد اللَّه قدْما في عَناء
فرأيَك مُنعماً بالصفح عني
فما لي غير صفحك من عَزاء
ولا تعتِبْ عليّ فداك أهلي
فتُضعِف ما لقيت من البلاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألم ترَ لابنِ بلبلَ إذ حماني
ألم ترَ لابنِ بلبلَ إذ حماني
رقم القصيدة : 60334
-----------------------------------
ألم ترَ لابنِ بلبلَ إذ حماني
مواردَهُوأورادي ظِماءُ
سألت الأرض تنكيراً عليه
فلم تفعلفنكَّرتِ السماءُ(75/381)
وصاعدٌ ما تصعَّد بل تهاوَى
ولكن جادَ ماصعِد الدعاء
رعى هذا الأنام فكان ذئباً
أحصَّوما وما الذئاب وما الدعاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لم يلْهُ في المهرجان أَوْلى
لم يلْهُ في المهرجان أَوْلى
رقم القصيدة : 60335
-----------------------------------
لم يلْهُ في المهرجان أَوْلى
باللهوفيه من ابن يحيى
لأنه شابَهُ بجودٍ
أحيابه الناسَ كلَّ مَحْيا
جدَّدَ عهد النبي بَرٌّ
من ابن يحيى وفَضْلُ تقوى
وعهد كسرى نعيمُ عيشِ
من ابن كسرى وحسنُ ملهى صفظَّل في المهرجان عيدٌ
يجمعدينا له ودنيا
وليس بدعاً ولا عجيباً
أن ينظم المعنيين معنى
فاللَّهُ يبقيه ألف عامٍ
وما رأى في البقاء بُقْيا
يَسْمو به جده فيحْظى
وتارة ً مجده فَيعلَى
ولم تزل أعيُن الأعادي
بنعمة اللَّه فيه تقذَى
يوقَى بهم أسهم المنايا
إذا ألمَّتْ بهويفدى
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وجاهلٍ أعرضتُ عنِ جهله
وجاهلٍ أعرضتُ عنِ جهله
رقم القصيدة : 60336
-----------------------------------
وجاهلٍ أعرضتُ عنِ جهله
حتى شكا كِّفي عن الشكوى
قد هام وجداً باكتراثي له
وقد أبتْ نفسي ما يهوى
إنَّ منَ السلوى لخيلولة ً
تُوهمني البلوى به بلوى
أحضرتُ نجوى النفس تمثالهُ
مستحيياًمن شاهد النجوى
وقلت للشعرألاأعدنِي
على طويل الغي مُستهوَى
فقالمن خاصمتَ مستهلكٌ
ليست على أمثاله عدْوى
لو كان لي في مثله موضع
غادرته أُحدوثة ً تُروى
بكل بيتٍ سائرِ عائرٍ
يُسمعوالوجه له يزوَى
لكنَّ من تُهدي له شتمه
تُهدي إليه المنَّ والسلوى
قوَّمته بالشتمِ يُهدى لهُ
فلم أجدْ قيمتهُ تسوى
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يُهنأُ بالإفطار قومٌ لأنهم
يُهنأُ بالإفطار قومٌ لأنهم
رقم القصيدة : 60337
-----------------------------------
يُهنأُ بالإفطار قومٌ لأنهم
تأتَّى لهم قبلَ العشاءِ غداءَ
وأما عليُّ ذو العلا فلأنهُ
أطاعَ له الإطعامُ كيف يشاءُ
وما فاته في الصوم فطر لأنهُ(75/382)
مُدارسُ عِلموالدَّارس غذاءُ
ولا فاتهُ في الفطر صومٌ لأنه
مواصلُ صومٍ عقبتاهُ سواء
هنيئاً له إفطارهُ وصيامه
هنيئاًومن بعد الهناءِ مراءُ
بحقِّك أمطرت الورى وبحقهمْ
لأنهمُ أرضوأنتَ سماءُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> المالُ يكسبُ ربَّهُ ما لم يَفضْ
المالُ يكسبُ ربَّهُ ما لم يَفضْ
رقم القصيدة : 60338
-----------------------------------
المالُ يكسبُ ربَّهُ ما لم يَفضْ
في الراغبينَ إليهسوءَ ثناءِ
كالماء تأْسنُ بئرهُ إلا إذا
خبطَ السُّقاة ُ جِمامهُ بدلاءِ
والنائلُ المعطَى بغير وسيلة ٍ
كالماءِ مغترفاً بغيرِ رِشاءِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ليس حمد الجفون في مريها النو
ليس حمد الجفون في مريها النو
رقم القصيدة : 60339
-----------------------------------
ليس حمد الجفون في مريها النو
مولانفيها أذى الأقذاء
إنما حمدُها إذا هي حالت
بين طرف العيون والبُغضاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أحمد الله نية وثناء
أحمد الله نية وثناء
رقم القصيدة : 60340
-----------------------------------
أحمد الله نية وثناء
غدوة بل عشية بل مساء
بل جميعاوبين ذلكحمدا
أبديا يطبِّق الآناء
حمد مستعظم جلالا عظيما
من مليكوشاكر آلاء
ملكٌ يقدح الحياة من المو
تى ويكفي بفضله الأحياء
صاغنا ثم قاتنا ووقانا
بالتي نتقي بها الأسواء
من بناء يكنُّناولبوسٍ
ودواء يحارب الأدواء
ثم أهدى لنا الفواكه شتى
والتحياتجل ذاك عطاء
عظمت تلكم الأيادي وجلت
فاذكر الموزواترك الأشياء
إنما الموز حين تمكن منهُ
كاسمه مبدلا من الميم فاء
وكذا فقده العزيز علينا
كاسمه مبدلا من الزاي تاء
فهو الفوز مثلما فقده المو
تلقد بان فضله لاخفاء
ولهذا التأويل سماه موزاً
من أفاد المعاني الأسماء
رب فاجعله لي صبوحا وقيلا
وغبوقا وما أسأت الغذاء
وأُرى بل أبتُّ أن جوابي
لاتُغالط فقد سألت البقاء
يشهد الله إنه لطعامٌ
خُرَّميًّ يغازل الأحشاء
نكهة عذبة وطعم لذيذُ(75/383)
ساعدا نعمة إلى نعماء
وتخال انسرابه في مجار
يه افتراع الأبكاروالإغفاء
لو تكون القلوب مأوى طعامٍ
نازعته قلوبنا الأحشاء
إنني للحقيق بالشبع السا
ئغ من أكله وإن كان ماء
من عطايا أبي محمد المح
مود ظرفا وحكمة وسخاء
وجمالا منمَّقاوجلالا
ووفاء محققاوصفاء
ذلك السيد الذي قتل اليأ
س بأفضاله وأحيا الرجاء
سرنيبرنيرعانيكفاني
جازه السوءإنه ما أساء
وتخطته كل بأساء لكنْ
صادمت من ورائه الأعداء
وتعالت به سماء المعالي
أو ترى مجده السماء سماء
ملكا يلبس الطويل من العم
ر ويحظى ويجبر الأولياء
وأما والذي حباني بزلفا
ي لديهألية غراء
لأكدَّن للمدائح فيه
فكري أو أردها أنضاء
ومعاذ الإله لامدح يأتي
فيه كرها بل مُعفيا إعفاء
وترانا في مدحه كيف كنا
كالمعنى في أن يضيء الضياء
أي مصباح قادح زاد في الإص
باح نورا إن لم نكن جُهلاء
غير أنا نريغ بالمدح فيه
رفعة باسمه لنا وسناء
رُتَباً لم تَشد لنا مثلهاالآ
باءُ نرجو توريثها الأبناءَ
لا عدمناه ماجداً بلّغ الأ
بناء مجداً قد أعجز الآباء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا ما المدح سار بلا ثواب
إذا ما المدح سار بلا ثواب
رقم القصيدة : 60341
-----------------------------------
إذا ما المدح سار بلا ثواب
من الممدوح فهو لهُ هجاءُ
لأن الناس لا يخفى عليهم
أمنعٌ كان منهُ أم عطاءُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ما بالها قد حُسِّنتْ ورقيبها
ما بالها قد حُسِّنتْ ورقيبها
رقم القصيدة : 60342
-----------------------------------
ما بالها قد حُسِّنتْ ورقيبها
أبداً قبيحٌقُبِّحَ الرقباءُ
ما ذاك إلا أنها شمس الضحى
أبداً تكون رقيبها الحرباءُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ياأخيأين رَيْعُ ذاك الِّلقاءِ
ياأخيأين رَيْعُ ذاك الِّلقاءِ
رقم القصيدة : 60343
-----------------------------------
ياأخيأين رَيْعُ ذاك الِّلقاءِ
أين ما كان بيننا من صفاءِ
أين مصداقُ شاهدٍ كان يحكي(75/384)
أنك المخلص الصحيح الإخاء
شاهدٌما رأيت فعلك إلا
غيرما شاهدٍ له بالذكاء
كشفت منك حاجتي هنواتٍ
غُطِّيت برهة ً بحسن اللقاءِ
تركتني ولم أكن سَيّءَ الظن
ن أسيءُ الظنون بالأصدقاء
قلت لما بدت لعينيَ شُنْعاً
رُبَّ شوهاءَ في حشا حسناء
ليتني ماهتكت عنكن ستراً
فثويتُنَّ تحت ذاك الغطاء
قلنلولا انكشافُنا ما تجلَّت
عنك ظلماء شبهة قتماءِ
قلت أعجب بِكُنَّ من كاسفاتٍ
كاشفاتٍ غواشي الظلماء
قد أفدتنَّني مع الخُبْر بالصا
حب أن رُبَّ كاسفٍ مُستضاءِ
قلن أعجب بمهتدٍ يتمنَّى
أنه لم يزل على عمياء
كنت في شُبهَة ٍفزالت بنا عن
كفأوسعتنا من الإزراء
وتمنيت أن تكون على الحي
رة تحت العماية الطَّخياءِ
قلت تالله ليس مثلي مَنْ ودْ
دَ ضلالاًوحيرة ً باهتداءِ
غير أني وددت ستر صديقي
بدلاً باستفادة الأنباءِ
قلنهذا هوى ًفعرج على الحق
ق وخلِّ الهوى لقلبٍ هواء
ليس في الحقِّ أن تودّ لخلٍّ
أنَّهُ الدهر كامن الأدواءِ
بل من الحقِّ أن تنقر عنهن
نَّ وإلاَّ فأنت كالبُعَداء
إن بحث الطبيب عن داء ذي الدَّا
ء لأسُّ الشِّفاءِ قبل الشفاءِ
دُونك الكشفَ والعتابَ فقوِّمٍ
بهما كل خلَّة ٍ عوجاءِ
وإذا ما بدا لك العُرُّ يوماً
فتتبَّع نِقابهُ بالهناءِ
قلتُفي ذاك موتكُنوما المو
تُ بمستعذب لدى الأحياء
قلنما الموت بالكريه إذا كا
ن بحقٍّ فلا تزد في المراءِ
ياأخي هبك لم تهب لي من سع
يك حظاً كسائر البخلاءِ
أفلا كان منك ردٌّ جميلٌ
فيه للنّفس راحة ٌ من عناءِ
أجزاءُ الصَّديق إيطاءهُ العش
وة حتّى يظلّ كالعشواءِ
تاركاً سعيه اتكالاً على سع
يك دون الصِّحاب والشُّفعاءِ
كالَّذي غرَّه السَّرابُ بما خي
يل حتَّى هراق مافي السِّقاءِ
يا أبا القاسمالذي كنت أرجو
ه لدهريقطعتَ متن الرَّجاءِ
بِكرُ حاجاتِ من يعدُّك للشِّ
دّة طوراً وتارة ً للرَّخاءِ
نَمتَ عنها وما لمثلك عذرٌ
عند ذي نُهية ٍ على الإغفاءِ
قسماًلو سألتُ أخرى عواناً
لتنمَّرتَ لي مع الأعداءِ(75/385)
لاأجازيك من غروركَ إيا
يَ غروراًوُقيت سُوء الجزاءِ
بل أرى صِدْقك الحديثَوماذا
ك لبخلٍ عليك بالإغضاءِ
أنت عينيوليس من حق عَيني
غَضُّ أجفانها على الأقذاءِ
ما بأمثالِ ما أتيت من الأم
ر يَحُلُّ الفتى ذُرا العلياءِ
لا ولا يكسب المحامد في النا
سولا يشتري جميلَ الثناءِ
ليس من حل بالمحل الذي أن
ت به من سماحة أو وفاءِ
بَذَلَ الوعدَ للأخلاَّءِ سَمحاً
وأبى بعد ذاك بذلَ الغَناءِ
فغدا كالخلافِ يورِقُ للعي
ن ويأبى الإثمار كل الإباءِ
ليس يرضى الصديقُ منك ببشرٍ
تحت مخبوره دَفينُ جَفاءِ
ياأخي يا أخا الدَّماثة والرقْ
قَة والظَّرف والحجا والدهاءِ
أتُرى الضَّربة التي هي غيبٌ
خُلْفَ خمسين ضربة ً في وحاءِ
ثاقب الرأينافذ الفكر فيها
غير ذي فترة ولا إبطاءِ
وتلاقيك شيعة ٌ فيظلو
ن على ظهر آلة حدباءِ
تهزمُ الجمع أوحدياًوتلوي
بالصَّناديد أيما إلواءِ
وتحط الرِّخاخ بعد الفرازي
ن فتزداد شدة استعلاءِ
ربَّما هالني وحيّر عقلي
أخذك اللاَّعبين بالبأساءِ
ورضاهم هناك بالنِّصف والرُّبْ
عِوأدنى رضاكَ في الإرباءِ
واحتراسُ الدهاة منكوإعصا
فُكَ بالأقوياءِ والضعفاءِ
عن تدابيرك الِّلطاف الَّلواتي
هُنَّ أخفى من مُستسرِّ الهباءِ
بل من السِّر في ضمير مُحبٍ
أدَّبته عقوبة الإفشاءِ
فإخالُ الذي تديرُ على القو
م حُروباً دوائرَ الأرحاءِ
وأظُنُّ افتراسك القرن فالقر
ن منايا وشيكة الإرادءِ
وأرى أن رقعة الأدم الأح
مرأرض عللتها بدماءِ
غلط الناس لست تلعب بالشط
رنج لكن بأنفس اللعباءِ
أنت جديهاوغيرك من يل
عبإن الرجال غير النساءِ
لك مكر يدب في القومأخفى
من دبيب الغذاء في الأعضاءِ
أودبيب الملال في مستهامي
ن إلى غاية من البغضاءِ
أو مَسيرِ القضاء في ظلم الغي
بِ إلى من يريده بالتَّواءِ
أو سُرى الشيب تحت ليل شبابٍ
مُسْتحيرٍفي لِمَّة سحماءِ
دبَّ فيها لهاومنها إليها
فاكتَسَتْ لون رثَّة شَمْطاءِ
تقتُلُ الشَّاه حيث شئت من الرُّق(75/386)
عة طَبَّا بالقِتْلة النّكراءِ
غير ما ناظرٍ بعينك في الدَّس
تِولا مُقبل على الرُّسلاءِ
بل تراهاوأنتَ مستدبرُ الظَّه
ر بقلبٍ مُصوَّر من ذكاءِ
ما رأينا سواك قِرناً يُولِّي
وهو يُرْدي فوارس الْهيجاءِ
رُبَّ قَوْم رأَوْكَ رِيعُوا فقالوا
هل تكونُ العيونُ في الأقفاءِ
والفُؤادُ الذكيُّ للمطرق المُعْ
رض عينٌ يرَى بهامن وراء
تقرأ الدَّستَ ظاهراً فتُؤدي
ه جميعاً كأحْفظ القُرّاء
وتُلَقَّى الصوابَ فيما سوى ذا
ك إذا جاء جائرُ الآراء
فترى أن بُلغة ً معها الرَّا
حة ُ خيرٌ من ثَروة ٍ وشقاء
رؤية ٌ لاخلاج فيهاولولا
ذاك لم تأبَ صحبة َ ابنِ بُغاء
وهو موسى وصاحبُ السيف والجي
ش ورُكْنُ الخِلافة الغلباء
بعتَه واشتريتَ عيشاً هنيئاً
رابح البيعكيِّساً في الشِّراء
وقديماً رغبْتَ عن كل مَصْحو
بٍ من المُتْرفينَ والأمراء
ورَفَضْتَ التِّجارة َ الجمة الرِّب
حِوما في مِراسها من جَداء
وهَذَى العاذلونَ من جهة الِّرب
ح فخلَّيتهم وطولَ الهَذاء
أعرضت عنهم عزائمك الصم
مبأذن سميعة صماء
حين لم تكترث لقول أخي غش
شيرى أنه من النصحاء
وإذا صح رأي ذي الرَّأي لم تن
ظر بعيني مشورة عوراء
لم تبع طيب عيشة بفضول
دونها خبث عيشة كدراء
تعب النفس والمهانة والذلْ
لَة ُ والخوف واطِّراحُ الحياء
بل أطعت النهى ففزت بحظ
قصرت عنه فطنة الأغبياء
راحة النفس والصيانة والعف
فة والأمن في حياء رواء
عالما بالذي أخذت وأعطي
ت حكيما في الأخذ والإعطاء
جهبذ العقل لا يفوتك شيء
مثله فات أعين البصراء
غير مستنزل عن الوضح الأط
لس بالزائف الصبيح الرواء
قائلا للمشير بالكدحمهلا
ما اجتهاد اللبيب بعد اكتفاء
قرب الحرص مركبا لشقي
إنما الحرص مركب الأشقياء
مرحبا بالكفاف يأتي هنيئاً
وعلى المتعبات ذيل العفاء
ضلة لامرىء يشمر في الجم
ع لعيش مشمر للفناء
دائبا يكنز القناطير للوا
رثوالعمر دائبا في انقضاء
حبذا كثرة القناطير لوكا
نت لرب الكنوز كنز بقاء(75/387)
يغتدي يرحم الأسير أسيرا
جاهلا أنه من الأسراء
لا إلى الله يذهب الحائر البا
ئر جهلا ولا إلى السراء
يحسب الحظ كله في يديه
وهو منه على مدى الجوزاء
ليس في آجل النعيم له حظ
ظوما ذاق عاجل النعماء
ذلك الخائب الشقي وإن كا
ن يرى من السُّعداء
حسب ذي إربة ورأي جلي
نظرت عينه بلا غلواء
صحة الدين والجوارح والعر
ضوإحراز مسكة الحوباء
تلك خير لعارف الخير مما
يجمع الناس من فضول الثراء
ولها من ذوي الأصالة عشا
ق وليسوا بتابعي الأهواء
ليس للمكثر المنغص عيش
إنما عيش عائش بالهناء
يا أبا القاسم الذي ليس يخفى
عنه مكنون خطة عوصاء
أترى كل ما ذكرت جليا
وسواه من غامض الأنحاء
ثم يخفى عليك أني صديق
ربما عز مثله بالغلاء
لالعمر الإله لكن تعاشي
ت بصيرا في ليلة قمراء
بل تعاميت غير أعمى عن الحق
ق نهارا في ضحوة غراء
ظالما لي مع الزمان الذي ابتز
ز حقوق الكرام للؤماء
ثقلت حاجتي عليك فأضحت
وهي عبْء من فادح الأعباء
ولها محمل خفيف ولكن
كان حظي لديك دون اللفاء
كانَ مقدارُ حُرمَتِي بك في نَفْ
سك شيئا من تَافَهِ الأشياء
فتوانيتوالتواني وطيء الظ
ظهر لكنه ذميم الوطاء
كنت ممن يرى التشيع لكن
ملت في حاجتي إلى الإرجاء
ولعمريلقد سعيت ولكنْ
نك عذرت بعد طول التواء
فتنزه عن الرياءفتعذي
رك في السعي شعبة من رياء
ليس يجدي عليك في طلب الحا
جات إلا ذو نية ومضاء
ظلمت حاجتي فلاذت بحقوي
ك فأسلمتها بكف القضاء
وقضاء الإله أحوط للنا
س من الأمهات والآباء
غير أن اليقين أضحى مريضا
مرضا باطنا شديد الخفاء
ما وجدت امرأ يرى أنه يو
قن إلا وفيه شوب امتراء
لو يصح اليقين ما رغب الرا
غب إلا إلى مليك السماء
وعسير بلوغ هاتيك جدا
تلك عليا مراتب الأنبياء
كنت مستوحشا فأظهرت بخسا
زادني وحشة من الخلطاء
وعزيز علي عضيك باللو
م ولكن أصبت صدري بداء
أنت أدويت صدر خلِّك فاعذر
ه على النفث إنه كالدواء
لاتلومن لأئماً وضع اللو
ماء في كنه موضع اللوماء(75/388)
إن تكن نفحة أصابتك من عذ
لي فعما قدحت في الأحشاء
يا أبا بكر المشار إليه
بانقطاع القرين في الأدباء
قد جعلناك حاكماً فاقض بالحق
قِ وما زلتَ حاكم الظرفاءِ
تأخذ الحقَّ للمُحقِّوتنهى
عن ركوب العَداء أهلَ العداءِ
ليس يؤتى الخصمانِ من جَنَفٍ في
ك ولا من جهالة ٍ وغباءِ
هل ترى ما أتى أخوكَ أبو القا
سم في حاجتي بعينِ ارتضاءِ
لي حقوقٌ عليه أصبح يلْوي
ها فَطالبهُ ليبوشك الأداءِ
لست أعتدُّ لي عليه يداً بي
ضاءَ غيرَ المودة البيضاءِ
تلك أو أنني أخٌ لو دعاه
لمُهمٍ أجاب أُولى الدعاءِ
يتقاضى صديقهُ مثل ما يب
ذلُ من ذات نفسه بالسواءِ
وأناديك عائذاًياأبا القا
سم أفديك ياعزيزَ الفداء
قد قضينا لبانة ً من عتاب
وجميلٌ تعاتُبُ الأكفاء
ومعَ العَتْب والعتابِ فإني
حاضرُ الصفحواسعُ الإعفاء
ولك الوُدُّ كالذي كان من خِل
لكوالصدرُ غيرُ ذي الشّحناء
ولك العذر مثل قافيتي في
ك اتساعاً فإنها كالفضاء
وتأمّلْ فإنها ألِفُ المدْ
دِ لها مَدة ٌ بغيرِ انتهاء
والذي أطلق اللسان فعاتب
تُك عدِّيكَ أوَّلَ الفهماء
لم أخفْ منك غلطة ً حين عاتب
تُك تدعو العتابَ باسم الهجاء
وأنا المرءُ لا أسومُ عتابي
صاحباً غيرَ صَفوة ِ الأصفياءِ
ذا الحجا منهُمُوذا الحِلمِ والعل
مِوجهلٌ ملامة ُ الجُهَلاءِ
إن من لام جاهلاً لطبيبٌ
يتعاطى علاج داءٍ عياء
لستُ ممّن يظلُّ يربع باللوْ
مِ على منزلٍ خلاءٍ قواءِ
بحث عن قصيدة بحث عن شاعر
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا أنت لم تَحفل بمدحٍ من امرىء ٍ
إذا أنت لم تَحفل بمدحٍ من امرىء ٍ
رقم القصيدة : 60344
-----------------------------------
إذا أنت لم تَحفل بمدحٍ من امرىء ٍ
فأنصفْولا تَحفل له بهجاءِ
وإلا فقد أقررتَ أن مديحهُ
رَضِيٌّولكن لا تفي بجزاءِ
بلى بجزاءِ الشرِّ بالشر ماهرٌ
ولستَ تُجازي مُحسناً ببلاء
يدٌ خُلقت للنُّكر لا العُرفسَلْطة ٌ
صَؤولٌ على سُؤّالها الضعفاء(75/389)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قدم الإمامُ يسير تحت لوائه
قدم الإمامُ يسير تحت لوائه
رقم القصيدة : 60345
-----------------------------------
قدم الإمامُ يسير تحت لوائه
سَيْرَ السكينة ِ سيدُ الأمراءِ
شمسٌ وبدر يشفيان ذوي العمى
وهما سراجا أعينِ البُصراءِ
لا عيبَ عند ذوي التُّعنتِ فيهما
إلا انفرادُهما من النظراء
كم قد تخلَّف عنهما من سابقٍ
غيرِ الوزير مُبَرِّرِ الوزراءِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ياأيها الرجل المدلَّسُ نفسَه
ياأيها الرجل المدلَّسُ نفسَه
رقم القصيدة : 60346
-----------------------------------
ياأيها الرجل المدلَّسُ نفسَه
في جملة ِ الكرَماء والأدباءِ
بالبيتِ يُنْشِدُ رُبعَه أو نصفَه
والخبزُ يُرزَأُ عندهوالماء
تدليسه عند الكواعب لمَّة
مخضوبة ً بالخطر والحناء
لا تكذبنَّ فإن لُؤمك ناصلٌ
كنصولِ تلكاللمة ِ الشمطاءِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وعاتقة ٍ زُفَّت لنا من قُرى كُوثَى
وعاتقة ٍ زُفَّت لنا من قُرى كُوثَى
رقم القصيدة : 60347
-----------------------------------
وعاتقة ٍ زُفَّت لنا من قُرى كُوثَى
تُلَقَّبُ أُمَّ الدهر أو بنته الكبرى
رأت نار إبراهيم أيامَ أوقدتْ
وحازت من الأوصافِ أوصافها الحسنى
حكت نورها في بَردها وسلامها
وباتت بطيبٍ لا يُوازَى ولا يُحكى
عَمَرنا بها الأيام في ظل ماجدٍ
له الرتبة العلياءُوالمثلُ الأعلى
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سأثني بنعماك التي لو كَفَرْتُها
سأثني بنعماك التي لو كَفَرْتُها
رقم القصيدة : 60348
-----------------------------------
سأثني بنعماك التي لو كَفَرْتُها
لأثنت بها منها شواهدُ لا تُخفى
هب الروض لا يثني على الغيث نشره
أمنظره يخفي مآثره الحُسنى
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يقولون ما لا يفعلون مسبة ً
يقولون ما لا يفعلون مسبة ً
رقم القصيدة : 60349
-----------------------------------
يقولون ما لا يفعلون مسبة ً(75/390)
من الله مسبوب بها الشعراءُ
وما ذاك فيهم وحده بل زيادة ٌ
يقولون مالا يفعل الأمراءُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قد بلينا في دهرنا بملوك
قد بلينا في دهرنا بملوك
رقم القصيدة : 60350
-----------------------------------
قد بلينا في دهرنا بملوك
أُدباءعلمْتهمشعراء
إن أجدنا في مدحهم حسدونا
فحرمنا منهم ثواب الثناء
أو أسأنا في مدحهم أنبونا
وهجوا شعرنا أشدَّهجاء
قد أقاموا نفوسهم لذوي المد
ح مقام الأنداد والنظراء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لاأسأل الله في جهمان مسألة
لاأسأل الله في جهمان مسألة
رقم القصيدة : 60351
-----------------------------------
لاأسأل الله في جهمان مسألة
على الذي بي من مقتٍ له وقلى
إلا إعارته عقلا يريه به
من بغضه مايراه غيرهوكفى
فو الذي لا يريني وجهه أبدا
إلا بشرٍّفما لي غير ذاك هوى
لو أبصرت عينه من بغضه طرفا
لذاب حتى تراه كالخيال ضنى
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يوم الثلاثاءما يوم الثلاثاء
يوم الثلاثاءما يوم الثلاثاء
رقم القصيدة : 60352
-----------------------------------
يوم الثلاثاءما يوم الثلاثاء
في ذروة من ذُرا الأيام علياءِ
كأنما هو في الأسبوع واسطة ٌ
في سمط در محل جيد حسناءِ
ما طابق الله نيروز الأمير به
إلا لتلقاه فيه كل سراءِ
لاسيما في ربيع ممرع غدق
ماانفك يتبع أنواء بأنواء
حتى لشبهت سقياه وزهرته
جدوى أبي أحمد أو وشي صنعاء
لم يبق للأرض من سر تُكاتمه
إلا وقد أظهرته بعد إخفاء
أبدت طرائف شتى من زواهرها
حمرا وصفراوكل نبت غبراء
فاسعد بنيروزك المسعود طالعُه
يا ابن الأكارم في خفض ونعماء
واعط نفسك فيه قسط راحتها
إن العلا ذات أثقال وأعباء
قد كان عيدا مجوسيا فشرَّفه
ملهاك فيهوما تلهو بفحشاء
لكن بأشياء يهتز الكريم لها
جودا فيُسنى العطايا أي إسناء
جادت يمينك في النيروز فائضة ً
بالمال إذ جاد فيه الناس بالماء
لازلت تنسخ نيروزا معولهُ
على الذي فيك من صفح وإغضاء(75/391)
لم نهد شيئا لأن الناس مذ أربوا
عابوا الهدية إلا بين أكفاء
إن العبيد إذا أهدت لسادتها
فقد تعدَّت وأربت كل إرباء
إلاَّ الثناء فإني لست أنكرهُ
أو الدعاء لذي نعمى وآلاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عاقنا أن نعود أنك أوليْ
عاقنا أن نعود أنك أوليْ
رقم القصيدة : 60353
-----------------------------------
عاقنا أن نعود أنك أوليْ
ت أمورا يضيق عنها الجزاء
غمرتنا منك الأيادي اللواتي
ما لمعشارها لدينا كفاء
فنهانا عنك الحياء طويلا
ثم قد ردنا إليك الحياء
ولما حق أن قُربت التنائي
ولما حق إن بررت الجفاء
غير أنا أنضاء شكر أُريحت
وقديما أريحت الأنضاء
وظمئنا إلى الشرابوأنت ال
بحر يروى في جانبيه الظماء
فاسقنا من شرابك الرائق العذ
ب ولاتحمناسقتك السماء
من عتيق كأنه دمعة المه
جور يبكي وعينه مرهاء
يقدح الصبح في الظلامويأبى
أن يرى في فنائه الإمساء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سبغت نعمة ودام صفاء
سبغت نعمة ودام صفاء
رقم القصيدة : 60354
-----------------------------------
سبغت نعمة ودام صفاء
ووقاك الحوادث الأكفاء
يابن من جل أمرهوأجلَّت
ه ولاة العهود والخلفاء
لم يصفِّ الدواء جسمك إلا
عن صفاء كما يكون الصفاء
فلأعدائك البشاعة ُ منه
ولك النفع دونهم والشفاء
أسقط المدح فيك أن لم يبن من
ك خفياوهل بصبح خفاء
فالبس العفو والمعافاة ثوباً
وعلى الكارهين ذاك العفاء
ووقاك الإله ما تتوقَّى
في بقاء للنفس فيه اكتفاء
فُوك مجنى حجاووجهك شمس
ويميناك مزنة وطْفاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا طالباً عند الإمام هوادة
يا طالباً عند الإمام هوادة
رقم القصيدة : 60355
-----------------------------------
يا طالباً عند الإمام هوادة
مهلاوحسبك منذرا ششداءُ
حكم الإمام عليه حكماً فيصلا
مر السِّراطفليس فيه عداء
حكم الإمام عليه بالحكم الذي
قسم السواء فليس فيه خطاءُ
حكم أحد أحص أبلج واضح
لا أولياء له ولا أعداء(75/392)
يأبى محاباة الأحبة عدلُه
فأخوه فيه والغريب سواء
دامت سلامته وطال بقاؤه
ومع البقاء العز والنعماء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عينيَّ شُحا ولا تسحَّا
عينيَّ شُحا ولا تسحَّا
رقم القصيدة : 60356
-----------------------------------
عينيَّ شُحا ولا تسحَّا
جل مصابي عن البكاء
ترككما الداء مستكنا
أصدق عن صحة الوفاء
إن الأسى والبكاء قدما
أمران كالداء والدواء
وما ابتغاء الدواء إلا
بغيا سبيل إلى البقاء
ومبتغي العيش بعد خلٍّ
كاذبه خلَّة الصفاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيها القاسمُ القسيم رواء صوالذي ضم وده الأهواء
أيها القاسمُ القسيم رواء صوالذي ضم وده الأهواء
رقم القصيدة : 60357
-----------------------------------
أيها القاسمُ القسيم رواء صوالذي ضم وده الأهواء
والذي ساد غير مستنكر السُّؤ
دد في الناسواعتلى كيف شاء
قمر نجتليه ملء عيونٍ
وصدور براعة وضياء
لم يزل يجعل المساء صباحاً
كلما بدِّل الصباح مساء
قتل اليأس وهو مستحكم الأم
روأحيا المطامع الأنضاء
وارتضاه الأمير حين رآه
وارتأى فيه رؤية وارتياء
قال رأس الرؤوس لما رآه
وصف البدر نفسه لاخفاء
بشر البرق بالحياوسنا الصب
ح بأن يقلب الدُّجى أضواء
كل شيء أراه منك بشير
صدَّق الله هذه البشراء
وإذا مخابر الناس غابت
عنك فاستشهد الوجوه الوضاء
قال بالحق فيه ثم اجتباه
واصطفاهوما أساء اصطفاء
فغدا يوسع الرعية عدلا
غير أني لقيت منه اعتداء
أجميل بك اطراحيوقد قدْ
دمت في رأيك الجميل رجاء
ولي الطائر السعيد الذي كا
ن بريدا بدولة زهراء
ما تعرفت مذ تعيَّفت طيري
غير نعماء ظاهرت نعماء
ثم أدنيتني فزادك يُمني
من أمير مؤيد إدناء
وتناولتني ببر فبَّرت
ك يد الله ثرة بيضاء
وكذا كلما نويت لمولا
ك مزيدا أوتيتهوالهناء
أنا مولاكأنت أعتقت رقي
بعدما خفت حالة نكراء
فعلام انصراف وجهك عني
وتناسيكحاجتي إلغاء
كان يأتيني الرسول فيهدي
لي سروراويكبت الأعداء(75/393)
فقطعت الرسول عني ضنا
باتخاذيه مفخرا وبهاء
إن أكن غير محسن كل ما تط
لب إني لمحسن أجزاء
فمتى ما أردت صاحب فحص
كنت ممن يشارك الحكماء
ومتى ما أردت قارض شعر
كنت ممن يساجل الشعراء
ومتى ما خطبت منى خطيباً
جلَّ خطبي ففاق بي الخطباء
ومتى حاول الرسائل رُسلي
بلغتني بلاغتي البُلغاء
غير أني جعلت أمري إلى صف
حك عن كل عورة إلجاء
أنت ذاك الذي إذا لاح عيب
جعل الستر دونه الإغضاء
أنا عار من كل شيء سوى فض
لكلا زلت كسوة وغِطاء
ولقائي إياك ماء الحياتي
نِ فلا تقطعن عني اللقاء
سُمني الخسْف كله أقبل الخس
ف بشكرولا تسمني الجفاء
ليس بالناظرين صبر عن الوج
ه الذي يجمع السنا والسناء
منظر يملأ القلوب مع الأب
صار نوراويضرح الأقذاء
ليت شعري عن الفراسي والزجْ
جاج هل يرعيان مني الإخاء
فيقولانإن موضع مولا
ك عميرا أشف منه خلاء
يالقوم أأثقل الأرض شخصي
أم شكت من جفاء خلقي امتلاء
أنا من خف واستدق فما يثْ
قِل أرضا ولا يسد فضاء
إن أكن عاطلا لديك من الآ
لات حاشاك أن تجور غباء
فلأكن عُوذة لمجلسك المو
نق أردد عين الردى عمياء
أنا مولاك بالمحبة والميْ
ل فحمِّل عواتقي الأعباء
وأنا المرء لا يحمل إلا
شكر آلائكم لكم آلاء
أَدْنِ شخصي إذا شَدَت لك بستا
نُوغنت غناءها غَنَّاءَ
فاستثارت من اللحودِ المُغَنْ
نِين فأضحى أمواتُهم أحياءَ
يالإحضارها مع إبن سرَيْجٍ
مَعْبَداً والغريضَ والميلاءَ
وتلتها عجائبُ فتغنتْ
مُشبهاتِ اسمها صُيابا ولاءَ
فحكتْ هذه وتلك يَمينيْ
كَ إذا ما تبارتا إعطاءَ
وأبى َ الله عند ذلك أشبا
هَ غناء مُعلِّل إغناءَ
ما مُغَنٍّ غَنَّاكِ نِدًّا لمُغْنٍ
رِفْدُهُ يجمع الغنى والغناءَ
ذاولا تَنْسَني إذا نشر البُس
تانُ أصنافَ وَشْيهِ وتراءى
وحَكَتك الرياضُ في الحسنِ والطَّي
بِ وإن كانَ ذاك منها اعتداءَ
وتغنَّى القُمْريُّ فيها أخاه
وأجابت مُكَّاءة ٌ مُكَّاء
وَأَبدتْكَلحظَها قُضُبُ النر
جس ميلاً إليك تحكي النساءَ(75/394)
بُقعة ٌ لا تني تُفاخرُ عطَّا
راًوتُشْجيبوَشْيها وَشَّاء
لم تزل تستعيرُ منك جَمالاً
تكتسيهوتستميرُ ثناء
فجمالٌ لمنظرٍوثناءٌ
لمَشمٍّ يحكي نَثاكَ ذكاء
واهْوَ قُربي إذا شَرعتَ على دِجْ
لة َ في ظل ليلة ٍ قَمْراء
وحكت دجلة ُ انْهِلالَكَ بالنا
ئلِ والعلمواكتستْ لألاء
وأعارتْ هواءَ دارِكَ ثوباً
من نَداهافكان ماءً هواء
فحكى منك نعمة الخُلُق النا
عم في كُل حالة ٍ إثناء
وأجاب الملاّحُ في بطنها الملْ
لاَح يَحْتَثُ بالسَّفين الحُداء
وادَّكِرني إذا استثرتَ سحاباً
ذات يومٍ عشية ٍ أو ضحاء
فتعالت فوارة تحسد الخض
موالذي ضم وده الأهواء
والذي ساد غير مستنكر السُّؤ
دد في الناسواعتلى كيف شاء
قمر نجتليه ملء عيونٍ
وصدور براعة وضياء
لم يزل يجعل المساء صباحاً
كلما بدِّل الصباح مساء
قتل اليأس وهو مستحكم الأم
روأحيا المطامع الأنضاء
وارتضاه الأمير حين رآه
وارتأى فيه رؤية وارتياء
قال رأس الرؤوس لما رآه
وصف البدر نفسه لاخفاء
بشر البرق بالحياوسنا الصب
ح بأن يقلب الدُّجى أضواء
كل شيء أراه منك بشير
صدَّق الله هذه البشراء
وإذا مخابر الناس غابت
عنك فاستشهد الوجوه الوضاء
قال بالحق فيه ثم اجتباه
واصطفاهوما أساء اصطفاء
فغدا يوسع الرعية عدلا
غير أني لقيت منه اعتداء
أجميل بك اطراحيوقد قدْ
دمت في رأيك الجميل رجاء
ولي الطائر السعيد الذي كا
ن بريدا بدولة زهراء
ما تعرفت مذ تعيَّفت طيري
غير نعماء ظاهرت نعماء
ثم أدنيتني فزادك يُمني
من أمير مؤيد إدناء
وتناولتني ببر فبَّرت
ك يد الله ثرة بيضاء
وكذا كلما نويت لمولا
ك مزيدا أوتيتهوالهناء
أنا مولاكأنت أعتقت رقي
بعدما خفت حالة نكراء
فعلام انصراف وجهك عني
وتناسيكحاجتي إلغاء
كان يأتيني الرسول فيهدي
لي سروراويكبت الأعداء
فقطعت الرسول عني ضنا
باتخاذيه مفخرا وبهاء
إن أكن غير محسن كل ما تط
لب إني لمحسن أجزاء
فمتى ما أردت صاحب فحص
كنت ممن يشارك الحكماء
ومتى ما أردت قارض شعر(75/395)
كنت ممن يساجل الشعراء
ومتى ما خطبت منى خطيباً
جلَّ خطبي ففاق بي الخطباء
ومتى حاول الرسائل رُسلي
بلغتني بلاغتي البُلغاء
غير أني جعلت أمري إلى صف
حك عن كل عورة إلجاء
أنت ذاك الذي إذا لاح عيب
جعل الستر دونه الإغضاء
أنا عار من كل شيء سوى فض
لكلا زلت كسوة وغِطاء
ولقائي إياك ماء الحياتي
نِ فلا تقطعن عني اللقاء
سُمني الخسْف كله أقبل الخس
ف بشكرولا تسمني الجفاء
ليس بالناظرين صبر عن الوج
ه الذي يجمع السنا والسناء
منظر يملأ القلوب مع الأب
صار نوراويضرح الأقذاء
ليت شعري عن الفراسي والزجْ
جاج هل يرعيان مني الإخاء
فيقولونإن موضع مولا
ك عميرا أشف منه خلاء
يالقوم أأثقل الأرض شخصي
أم شكت من جفاء خلقي امتلاء
أنا من خف واستدق فما يثْ
قِل أرضا ولا يسد فضاء
إن أكن عاطلا لديك من الآ
لات حاشاك أن تجور غباء
فلأكن عُوذة لمجلسك المو
نق أردد عين الردى عمياء
أنا مولاكك بالمحبة والميْ
ل فحمِّل عواتقي الأعباء
وأنا المرء لا يحمل إلا
شكر آلائكم لكم آلاء
أَدْنِ شخصي إذا شَدَت لك بستا
نُوغنت غناءها غَنَّاءَ
فاستثارت من اللحودِ المُغَنْ
نِين فأضحى أمواتُهم أحياءَ
يالإحضارها مع إبن سرَيْجٍ
مَعْبَداً والغريضَ والميلاءَ
وتلتها عجائبُ فتغنتْ
مُشبهاتِ اسمها صُيابا ولاءَ
فحكتْ هذه وتلك يَمينيْ
كَ إذا ما تبارتا إعطاءَ
وأبى َ الله عند ذلك أشبا
هَ غناء مُعلِّل إغناءَ
ما مُغَنٍّ غَنَّاكِ نِدًّا لمُغْنٍ
رِفْدُهُ يجمع الغنى والغناءَ
ذاولا تَنْسَني إذا نشر البُس
تانُ أوصنافَ وَشْيهِ وتراءى
وحَكَتك الرياضُ في الحسنِ والطَّي
بِ وإن كانَ ذاك منها اعتداءَ
وتغنَّى القُمْريُّ فيها أخاه
وأجابت مُكَّاءة ٌ مُكَّاء
وَأَبدتْكَلحظَها قُضُبُ النر
جس ميلاً إليك تحكي النساءَ
بُقعة ٌ لا تني تُفاخرُ عطَّا
راًوتُشْجيبوَشْيها وَشَّاء
لم تزل تستعيرُ منك جَمالاً
تكتسيهوتستميرُ ثناء
فجمالٌ لمنظرٍوثناءٌ
لمَشمٍّ يحكي نَثاكَ ذكاء(75/396)
واهْوَ قُربي إذا شَرعتَ على دِجْ
لة َ في ظل ليلة ٍ قَمْراء
وحكت دجلة ُ انْهِلالَكَ بالنا
ئلِ والعلمواكتستْ لألاء
وأعارتْ هواءَ دارِكَ ثوباً
من نَداهافكان ماءً هواء
فحكى منك نعمة الخُلُق النا
عم في كُل حالة ٍ إثناء
وأجاب الملاّحُ في بطنها الملْ
لاَح يَحْتَثُ بالسَّفين الحُداء
وادَّكِرني إذا استثرتَ سحاباً
ذات يومٍ عشية ٍ أو ضحاء
فتعالت فوارة تحسد الخضه
راء إغداق مائها الغبراء
كلما أخلفت سماءٌ زماناً
خلفت فيه ديمة هطلاء
سحسحت ماءها على أرضٍ
بعدما صافحت به الجوزاء
فحكت كفك التي تخلف المز
ن علينا فترغم الأنواء
وتأمل إذا لحظت بعيني
ك صحونا لاتعرف الانتهاء
وحكتك الصَّمَّان في سعة الصد
ر وإن كان صدرك الدهناء
جعل الله كل ذاك فداء
لكإن كان للفداء كفاء
لو بذلنا فداءك الشمس والبد
رلقال الزمانزيدوا فداء
لا تجاهل هناكيا من أبي الل
ه عليه أن يشبه الجهلاء
حسن علمي إذ ذاك بالحسن المو
قع مما يروي القلوب الظماء
وارتفاعي عن الجفاة المسوِّي
ن بشدو المجيدة الضوضاء
موجب أن أكون أدنى جليس
لكأعلو بحقي الجلساء
أركيكا رأيت عبدكصفرا
لاجنى فيه أم جنى شنعاء
لاتدع مغرس الكريم من الغر
س خلاء من الكريم قواء
أين مثلي مفاتش لك أم أي
ن نديم تعده ندماء
شهد الله والموازين والقس
ط جميعا شهادة إمضاء
أن رأيي لذو الرجاحة وزنا
دع يمينيوزنه والآراء
أنت شهم محصل فاترك الأس
ماء للبلهواكشف الأنباء
ما تقصيت ما لديَّ ولا استق
صيتفاجعل إقصاءك استقصاء
وانتبه لي من رقدة الملك تعلم
أن لله معشرا علماء
وتذكر معاهدي إنك المر
ء الذي ما عهدته نساء
وارع لي حرمة المودة والخد
مة والمدح تعجب الكرماء
وجديرون بالرعاية قوم
جعلتهم رعاة ملك رعاء
قد تجرعت من جَفائك لما
سُمتني ذاك شربة كدراء
ولقد يقلب الكريم من السا
دات نعماء عبده بأساء
ظالما أو مقوما ثم يرعا
ه ويقنى حرية وحياء
فإذا زالت المسرة عادت
وإذا ما تحسر الظل فاء(75/397)
فلماذا رمى هناك صفاتي
أصفيائي عدمتهم أصفياء
إنما كان حق مثلي أن ير
حملاقوا أعداءهم رحماء
بل رأوا رحمة الأعاديولا قو
هم ملاء بعسفهم أوفياء
وجزاهم رب الحزاء على ذا
لك ما يشبه اللئيم جزاء
معشر كنت خلتهم قبل بلوا
ي أوداء صفوة أصدقاء
صادفوا نكبتي فكانت لديهم
للقلوب المراض منهم شفاء
وأظنوك أن ذاك وفاء
من موال يصححون الولاء
فبدا منهم بلاء ذميم
أشبعوه خيانة ورياء
ماأتى منهم نذير بعتب
فيلقى هناك داء دواء
لا ولا جاء بعد ذاك بشير
برضا ثابت يقيم الذماء
لا ولا جاء بين ذاك وهذا
مترت يعلل الحوباء
لم يواسوا ولم يؤسوا خليلا
سوءة سوءة لهم سواء
منعوا خيرهمولا تأمن الضر
ر من المانعين منك الجداء
فأتى شرهم على كل بقيا
لا لقوا من ملمة إبقاء
خلفوني خلافة الذئب في الش
شاءوكانوا في جهل حقي شاء
وإذا ما حماك عود جناه
فاخش من حد شوكه أنكاء
وكأني غدا أراهم وكل
ينشر العذر طاويا شحناء
سعر الله في الجوانح منهم
سعرة النارتلكم البغضاء
لاعَدَتهُم هناك هاتيك نارا
وأصابت من شخصي الإخطاء
حرقتهم وأرقتهم ولا زا
لت وبالا عليهم ووباء
رتعوا في وخيمة الغيب مني
لا تلقي من ارتعاها مراء
أظهروا للوزير جهلا وغدرا
موالذي ضم وده الأهواء
والذي ساد غير مستنكر السُّؤ
دد في الناسواعتلى كيف شاء
قمر نجتليه ملء عيونٍ
وصدور براعة وضياء
لم يزل يجعل المساء صباحاً
كلما بدِّل الصباح مساء
قتل اليأس وهو مستحكم الأم
روأحيا المطامع الأنضاء
وارتضاه الأمير حين رآه
وارتأى فيه رؤية وارتياء
قال رأس الرؤوس لما رآه
وصف البدر نفسه لاخفاء
بشر البرق بالحياوسنا الصب
ح بأن يقلب الدُّجى أضواء
كل شيء أراه منك بشير
صدَّق الله هذه البشراء
وإذا مخابر الناس غابت
عنك فاستشهد الوجوه الوضاء
قال بالحق فيه ثم اجتباه
واصطفاهوما أساء اصطفاء
فغدا يوسع الرعية عدلا
غير أني لقيت منه اعتداء
أجميل بك اطراحيوقد قدْ
دمت في رأيك الجميل رجاء
ولي الطائر السعيد الذي كا(75/398)
ن بريدا بدولة زهراء
ما تعرفت مذ تعيَّفت طيري
غير نعماء ظاهرت نعماء
ثم أدنيتني فزادك يُمني
من أمير مؤيد إدناء
وتناولتني ببر فبَّرت
ك يد الله ثرة بيضاء
وكذا كلما نويت لمولا
ك مزيدا أوتيتهوالهناء
أنا مولاكأنت أعتقت رقي
بعدما خفت حالة نكراء
فعلام انصراف وجهك عني
وتناسيكحاجتي إلغاء
كان يأتيني الرسول فيهدي
لي سروراويكبت الأعداء
فقطعت الرسول عني ضنا
باتخاذيه مفخرا وبهاء
إن أكن غير محسن كل ما تط
لب إني لمحسن أجزاء
فمتى ما أردت صاحب فحص
كنت ممن يشارك الحكماء
ومتى ما أردت قارض شعر
كنت ممن يساجل الشعراء
ومتى ما خطبت منى خطيباً
جلَّ خطبي ففاق بي الخطباء
ومتى حاول الرسائل رُسلي
بلغتني بلاغتي البُلغاء
غير أني جعلت أمري إلى صف
حك عن كل عورة إلجاء
أنت ذاك الذي إذا لاح عيب
جعل الستر دونه الإغضاء
أنا عار من كل شيء سوى فض
لكلا زلت كسوة وغِطاء
ولقائي إياك ماء الحياتي
نِ فلا تقطعن عني اللقاء
سُمني الخسْف كله أقبل الخس
ف بشكرولا تسمني الجفاء
ليس بالناظرين صبر عن الوج
ه الذي يجمع السنا والسناء
منظر يملأ القلوب مع الأب
صار نوراويضرح الأقذاء
ليت شعري عن الفراسي والزجْ
جاج هل يرعيان مني الإخاء
فيقولونإن موضع مولا
ك عميرا أشف منه خلاء
يالقوم أأثقل الأرض شخصي
أم شكت من جفاء خلقي امتلاء
أنا من خف واستدق فما يثْ
قِل أرضا ولا يسد فضاء
إن أكن عاطلا لديك من الآ
لات حاشاك أن تجور غباء
فلأكن عُوذة لمجلسك المو
نق أردد عين الردى عمياء
أنا مولاكك بالمحبة والميْ
ل فحمِّل عواتقي الأعباء
وأنا المرء لا يحمل إلا
شكر آلائكم لكم آلاء
أَدْنِ شخصي إذا شَدَت لك بستا
نُوغنت غناءها غَنَّاءَ
فاستثارت من اللحودِ المُغَنْ
نِين فأضحى أمواتُهم أحياءَ
يالإحضارها مع إبن سرَيْجٍ
مَعْبَداً والغريضَ والميلاءَ
وتلتها عجائبُ فتغنتْ
مُشبهاتِ اسمها صُيابا ولاءَ
فحكتْ هذه وتلك يَمينيْ
كَ إذا ما تبارتا إعطاءَ
وأبى َ الله عند ذلك أشبا(75/399)
هَ غناء مُعلِّل إغناءَ
ما مُغَنٍّ غَنَّاكِ نِدًّا لمُغْنٍ
رِفْدُهُ يجمع الغنى والغناءَ
ذاولا تَنْسَني إذا نشر البُس
تانُ أوصنافَ وَشْيهِ وتراءى
وحَكَتك الرياضُ في الحسنِ والطَّي
بِ وإن كانَ ذاك منها اعتداءَ
وتغنَّى القُمْريُّ فيها أخاه
وأجابت مُكَّاءة ٌ مُكَّاء
وَأَبدتْكَلحظَها قُضُبُ النر
جس ميلاً إليك تحكي النساءَ
بُقعة ٌ لا تني تُفاخرُ عطَّا
راًوتُشْجيبوَشْيها وَشَّاء
لم تزل تستعيرُ منك جَمالاً
تكتسيهوتستميرُ ثناء
فجمالٌ لمنظرٍوثناءٌ
لمَشمٍّ يحكي نَثاكَ ذكاء
واهْوَ قُربي إذا شَرعتَ على دِجْ
لة َ في ظل ليلة ٍ قَمْراء
وحكت دجلة ُ انْهِلالَكَ بالنا
ئلِ والعلمواكتستْ لألاء
وأعارتْ هواءَ دارِكَ ثوباً
من نَداهافكان ماءً هواء
فحكى منك نعمة الخُلُق النا
عم في كُل حالة ٍ إثناء
وأجاب الملاّحُ في بطنها الملْ
لاَح يَحْتَثُ بالسَّفين الحُداء
وادَّكِرني إذا استثرتَ سحاباً
ذات يومٍ عشية ٍ أو ضحاء
فتعالت فوارة تحسد الخض
راء إغداق مائها الغبراء
كلما أخلفت سماءٌ زماناً
خلفت فيه ديمة هطلاء
سحسحت ماءها على أرضٍ
بعدما صافحت به الجوزاء
فحكت كفك التي تخلف المز
ن علينا فترغم الأنواء
وتأمل إذا لحظت بعيني
ك صحونا لاتعرف الانتهاء
وحكتك الصَّمَّان في سعة الصد
ر وإن كان صدرك الدهناء
جعل الله كل ذاك فداء
لكإن كان للفداء كفاء
لو بذلنا فداءك الشمس والبد
رلقال الزمانزيدوا فداء
لا تجاهل هناكيا من أبي الل
ه عليه أن يشبه الجهلاء
حسن علمي إذ ذاك بالحسن المو
قع مما يروي القلوب الظماء
وارتفاعي عن الجفاة المسوِّي
ن بشدو المجيدة الضوضاء
موجب أن أكون أدنى جليس
لكأعلو بحقي الجلساء
أركيكا رأيت عبدكصفرا
لاجنى فيه أم جنى شنعاء
لاتدع مغرس الكريم من الغر
س خلاء من الكريم قواء
أين مثلي مفاتش لك أم أي
ن نديم تعده ندماء
شهد الله والموازين والقس
ط جميعا شهادة إمضاء
أن رأيي لذو الرجاحة وزنا
دع يمينيوزنه والآراء(75/400)
أنت شهم محصل فاترك الأس
ماء للبلهواكشف الأنباء
ما تقصيت ما لديَّ ولا استق
صيتفاجعل إقصاءك استقصاء
وانتبه لي من رقدة الملك تعلم
أن لله معشرا علماء
وتذكر معاهدي إنك المر
ء الذي ما عهدته نساء
وارع لي حرمة المودة والخد
مة والمدح تعجب الكرماء
وجديرون بالرعاية قوم
جعلتهم رعاة ملك رعاء
قد تجرعت من جَفائك لما
سُمتني ذاك شربة كدراء
ولقد يقلب الكريم من السا
دات نعماء عبده بأساء
ظالما أو مقوما ثم يرعا
ه ويقنى حرية وحياء
فإذا زالت المسرة عادت
وإذا ما تحسر الظل فاء
فلماذا رمى هناك صفاتي
أصفيائي عدمتهم أصفياء
إنما كان حق مثلي أن ير
حملاقوا أعداءهم رحماء
بل رأوا رحمة الأعاديولا قو
هم ملاء بعسفهم أوفياء
وجزاهم رب الحزاء على ذا
لك ما يشبه اللئيم جزاء
معشر كنت خلتهم قبل بلوا
ي أوداء صفوة أصدقاء
صادفو نكبتي فكانت لديهم
للقلوب المراض منهم شفاء
وأظنوك أن ذاك وفاء
من موال يصححون الولاء
فبدا منهم بلاء ذميم
أشبعوه خيانة ورياء
ماأتى منهم نذير بعتب
فيلقى هناك داء دواء
لا ولا جاء بعد ذاك بشير
برضا ثابت يقيم الذماء
لا ولا جاء بين ذاك وهذا
مترت يعلل الحوباء
لم يواسوا ولم يؤسوا خليلا
سوءة سوءة لهم سواء
منعوا خيرهمولا تأمن الضر
ر من المانعين منك الجداء
فأتى شرهم على كل بقيا
لا لقوا من ملمة إبقاء
خلفوني خلافة الذئب في الش
شاءوكانوا في جهل حقي شاء
وإذا ما حماك عود جناه
فاخش من حد شوكه أنكاء
وكأني غدا أراهم وكل
ينشر العذر طاويا شحناء
سعر الله في الجوانح منهم
سعرة النارتلكم البغضاء
لاعَدَتهُم هناك هاتيك نارا
وأصابت من شخصي الإخطاء
حرقتهم وأرقتهم ولا زا
لت وبالا عليهم ووباء
رتعوا في وخيمة الغيب مني
لا تلقي من ارتعاها مراء
أظهروا للوزير جهلا وغدرا
هوعما هم يراهم أدباء
فجلوا عورة لطرف جلٍّي
حسبوا شمسه تغشت عماء
جعلوا العبد كفء مولاهُفانظر
هل تراهم لعاقل أكفاء
ما تعدوا بذاك أن وزنوني
بكضلت عقولهم عقلاء(75/401)
غفلة فوق غفلة ثم سهوا
فوق سهوعدمتهم أذكياء
فلهم لائمون فيما أتوه
ورأوهلا يعدموا اللوماء
خذلوني وطأطئوا البدر جهلا
وتظنوه يخبط الظلماء
لاعفا الله عنهم بل عفاهم
وزوى العفو عنهم لا العفاء
ما ائتلاك الإخوانكلا بل الخو
وان قاسوا أمثالهم خلطاء
آفتي فيك أن رأيت محبا
لايرى عنك بالغنى استغناء
لاتطاول بحسن وجهك والدو
لة واذكر من شانئيك الفناء
واحتشم أن يراك معطيك ما أع
طاك تجزي نعماءه خيلاء
وارتفع أن يراك تكسو الفتى الحر
ر إذا ما ملكته الإزراء
إن من أضعف الضعاف لدى اللَّ
ه قويا يستضعف الضعفاء
ولأهل العقول فيه رجاء
وعزاء يقاوم العزاء
وتعلم متى حميت على عب
دك تلك المياه والأكلاء
أن لله غير مرعاك مرعى
يرتعيهوغير مائك ماء
وتيقن متى جنيت على عبد
ك ضيما وضيعة وعناء
أن لله بالبرية لطفا
سبق الأمهات والآباء
قد أطلت العتاب جداوأكثر
ت فضولي لكن لي شركاء
من دعاني إلى الذي كان مني
فهو مثلي جلية لاامتراء
أنا ذو القصد غير أني متى آ
نست جورا رأيت لي غلواء
والحليم العليم من يحسن الإي
قاد بدءاويحسن الإطفاء
والطبيب اللبيب من يتبع الدا
ء دواء يشفيه لا الداء داء
وعسى قائل يقول بجهل
إنما يطلب الغنى والغناء
ولهذين مطلب عند قوم
لست ألفى لرحلهم غشاء
والغنى واسع بكفي جواد
يرزق الأغنياء والفقراء
لي خمسون صاحبا لو سألت ال
قوت فيهم ألفيتهم سمحاء
أترى كل صاحب لي منهم
يمنع الشهر بلغتي إجراء
لي في درهمين في كل شهر
من فئام ما يطرد الحوجاء
والغناء الشديد شدوا وضرباً
سحنة قد ملأت منها الإناء
ولحسبي عرفان آل بنان
وبُنان شربا معينا رواء
ظلت عشرا كواملا في مغاني
ه أغني وأسمع الأنجاء
فليقم كاشحي بنقض الذي قل
ت وإلا فليطرق استحياء
أو فرغما له هناك ودَغما
ألحم الله أنفه البوغاء
لاتقدر بحسن وجهك صيدي
بعد نفري كما تصيد الظِّباء
صد بذاك المها تصدهاوهيها
ت تصيد المصمم الأباء
أنا ليث الليوث نفساوإن كن
ت بجسمي ضئيلة رقشاء(75/402)
إنني إن نفرت أمعنت في النف
رومثلي عمن تناءى تناءى
لست باللقطة الخسيسة فاعرف
لي قدريواسأل به الفهماء
وانتفع بالعلا بذهنكواذمم
كل ذهن لا ينفع الذهناء
قد بغى قبلك الدعيُّ فلم أح
فل بأن كان باغيا بغاء
بل تصبرت وانتظرت من الل
ه نآدا تصيبه دهياء
فاعتبر بابن بلبل إن فيه
عبرة لامرىء أعد وعاء
والعلاء بن صاعد قبل هذا
قد حمى دون رائدي الأحماء
فارم بالطرف شخصه هل تراه
وادعه الدهر هل يجيب دعاء
ليس إلا لأنني كنت شمساً
قابلت منه مُقلة ً عَشواء
فأرانيه ناصري وأباه
وله الحمد مُثْلة ً شَوهاء
أنا عبد الإنصافقرنُ التعدِّي
فاسلك القصد بيوعدِّ العداء
أنا ذو صفحتينملساءَ حس
ناءَوأخرى تمسها خشناء
خاشعٌ تارة وجبار أخرى
فتراني أرضاًوطوراً سماء
لا بحولٍ ولا بقوة ركن
غير لبسي تجلُّداً وحياء
أنا جلدٌعلى عناد الأحاظي
وأبيٌ أن أرأم النكراء
فمتى شئت فامتحنِّيوأولى
بك عفوٌ يقابل استعفاء
أنا ذاك الذي سقته يد السُّقْ
م كؤوساً من المرار رواء
ورأيت الحمام في الصور الشُّنْ
عِوكانت لولا القضاء قضاء
ورماه الزمان في شقة النفْ
سِ فأصمى فؤاده إصماء
وابتلاهُ بالعُسْر في ذاك والوَحْ
شة ِ حتى أملّ منه البلاء
وِثكِلْتُ الشبابَ بعد رضاعٍ
كان قبلَ الغِذاء قِدْماً غذاءَ
كلُّ هذا لقيتُه فأبتْ نف
سيَ إلاَّ تَعزُّزاً لااخْتِتاء
وأرى ذِلتي تُريك هَواني
ودُنوِّي يَزيدُني إقصاء
ومتى ما فزعتُ منك إلى الصَّبْ
رِ فناديتهُ أجاب النداء
ومتى ما دعوتُ ربي على الدَّه
رِ الخُطُوب لبَّى الدعاء
وإباءُ الهوانِ عَدْوَى أتتْني
منكوالعبدُ يَقْبل الإعداء
أنت علمتني إباءَ الدَّنايا
يا مليكيفما أسأتُ الأَداء
وعزيزٌ عليّ أن قلتُ ما قل
موالذي ضم وده الأهواء
والذي ساد غير مستنكر السُّؤ
دد في الناسواعتلى كيف شاء
قمر نجتليه ملء عيونٍ
وصدور براعة وضياء
لم يزل يجعل المساء صباحاً
كلما بدِّل الصباح مساء
قتل اليأس وهو مستحكم الأم
روأحيا المطامع الأنضاء(75/403)
وارتضاه الأمير حين رآه
وارتأى فيه رؤية وارتياء
قال رأس الرؤوس لما رآه
وصف البدر نفسه لاخفاء
بشر البرق بالحياوسنا الصب
ح بأن يقلب الدُّجى أضواء
كل شيء أراه منك بشير
صدَّق الله هذه البشراء
وإذا مخابر الناس غابت
عنك فاستشهد الوجوه الوضاء
قال بالحق فيه ثم اجتباه
واصطفاهوما أساء اصطفاء
فغدا يوسع الرعية عدلا
غير أني لقيت منه اعتداء
أجميل بك اطراحيوقد قدْ
دمت في رأيك الجميل رجاء
ولي الطائر السعيد الذي كا
ن بريدا بدولة زهراء
ما تعرفت مذ تعيَّفت طيري
غير نعماء ظاهرت نعماء
ثم أدنيتني فزادك يُمني
من أمير مؤيد إدناء
وتناولتني ببر فبَّرت
ك يد الله ثرة بيضاء
وكذا كلما نويت لمولا
ك مزيدا أوتيتهوالهناء
أنا مولاكأنت أعتقت رقي
بعدما خفت حالة نكراء
فعلام انصراف وجهك عني
وتناسيكحاجتي إلغاء
كان يأتيني الرسول فيهدي
لي سروراويكبت الأعداء
فقطعت الرسول عني ضنا
باتخاذيه مفخرا وبهاء
إن أكن غير محسن كل ما تط
لب إني لمحسن أجزاء
فمتى ما أردت صاحب فحص
كنت ممن يشارك الحكماء
ومتى ما أردت قارض شعر
كنت ممن يساجل الشعراء
ومتى ما خطبت منى خطيباً
جلَّ خطبي ففاق بي الخطباء
ومتى حاول الرسائل رُسلي
بلغتني بلاغتي البُلغاء
غير أني جعلت أمري إلى صف
حك عن كل عورة إلجاء
أنت ذاك الذي إذا لاح عيب
جعل الستر دونه الإغضاء
أنا عار من كل شيء سوى فض
لكلا زلت كسوة وغِطاء
ولقائي إياك ماء الحياتي
نِ فلا تقطعن عني اللقاء
سُمني الخسْف كله أقبل الخس
ف بشكرولا تسمني الجفاء
ليس بالناظرين صبر عن الوج
ه الذي يجمع السنا والسناء
منظر يملأ القلوب مع الأب
صار نوراويضرح الأقذاء
ليت شعري عن الفراسي والزجْ
جاج هل يرعيان مني الإخاء
فيقولونإن موضع مولا
ك عميرا أشف منه خلاء
يالقوم أأثقل الأرض شخصي
أم شكت من جفاء خلقي امتلاء
أنا من خف واستدق فما يثْ
قِل أرضا ولا يسد فضاء
إن أكن عاطلا لديك من الآ
لات حاشاك أن تجور غباء
فلأكن عُوذة لمجلسك المو(75/404)
نق أردد عين الردى عمياء
أنا مولاكك بالمحبة والميْ
ل فحمِّل عواتقي الأعباء
وأنا المرء لا يحمل إلا
شكر آلائكم لكم آلاء
أَدْنِ شخصي إذا شَدَت لك بستا
نُوغنت غناءها غَنَّاءَ
فاستثارت من اللحودِ المُغَنْ
نِين فأضحى أمواتُهم أحياءَ
يالإحضارها مع إبن سرَيْجٍ
مَعْبَداً والغريضَ والميلاءَ
وتلتها عجائبُ فتغنتْ
مُشبهاتِ اسمها صُيابا ولاءَ
فحكتْ هذه وتلك يَمينيْ
كَ إذا ما تبارتا إعطاءَ
وأبى َ الله عند ذلك أشبا
هَ غناء مُعلِّل إغناءَ
ما مُغَنٍّ غَنَّاكِ نِدًّا لمُغْنٍ
رِفْدُهُ يجمع الغنى والغناءَ
ذاولا تَنْسَني إذا نشر البُس
تانُ أوصنافَ وَشْيهِ وتراءى
وحَكَتك الرياضُ في الحسنِ والطَّي
بِ وإن كانَ ذاك منها اعتداءَ
وتغنَّى القُمْريُّ فيها أخاه
وأجابت مُكَّاءة ٌ مُكَّاء
وَأَبدتْكَلحظَها قُضُبُ النر
جس ميلاً إليك تحكي النساءَ
بُقعة ٌ لا تني تُفاخرُ عطَّا
راًوتُشْجيبوَشْيها وَشَّاء
لم تزل تستعيرُ منك جَمالاً
تكتسيهوتستميرُ ثناء
فجمالٌ لمنظرٍوثناءٌ
لمَشمٍّ يحكي نَثاكَ ذكاء
واهْوَ قُربي إذا شَرعتَ على دِجْ
لة َ في ظل ليلة ٍ قَمْراء
وحكت دجلة ُ انْهِلالَكَ بالنا
ئلِ والعلمواكتستْ لألاء
وأعارتْ هواءَ دارِكَ ثوباً
من نَداهافكان ماءً هواء
فحكى منك نعمة الخُلُق النا
عم في كُل حالة ٍ إثناء
وأجاب الملاّحُ في بطنها الملْ
لاَح يَحْتَثُ بالسَّفين الحُداء
وادَّكِرني إذا استثرتَ سحاباً
ذات يومٍ عشية ٍ أو ضحاء
فتعالت فوارة تحسد الخض
راء إغداق مائها الغبراء
كلما أخلفت سماءٌ زماناً
خلفت فيه ديمة هطلاء
سحسحت ماءها على أرضٍ
بعدما صافحت به الجوزاء
فحكت كفك التي تخلف المز
ن علينا فترغم الأنواء
وتأمل إذا لحظت بعيني
ك صحونا لاتعرف الانتهاء
وحكتك الصَّمَّان في سعة الصد
ر وإن كان صدرك الدهناء
جعل الله كل ذاك فداء
لكإن كان للفداء كفاء
لو بذلنا فداءك الشمس والبد
رلقال الزمانزيدوا فداء
لا تجاهل هناكيا من أبي الل(75/405)
ه عليه أن يشبه الجهلاء
حسن علمي إذ ذاك بالحسن المو
قع مما يروي القلوب الظماء
وارتفاعي عن الجفاة المسوِّي
ن بشدو المجيدة الضوضاء
موجب أن أكون أدنى جليس
لكأعلو بحقي الجلساء
أركيكا رأيت عبدكصفرا
لاجنى فيه أم جنى شنعاء
لاتدع مغرس الكريم من الغر
س خلاء من الكريم قواء
أين مثلي مفاتش لك أم أي
ن نديم تعده ندماء
شهد الله والموازين والقس
ط جميعا شهادة إمضاء
أن رأيي لذو الرجاحة وزنا
دع يمينيوزنه والآراء
أنت شهم محصل فاترك الأس
ماء للبلهواكشف الأنباء
ما تقصيت ما لديَّ ولا استق
صيتفاجعل إقصاءك استقصاء
وانتبه لي من رقدة الملك تعلم
أن لله معشرا علماء
وتذكر معاهدي إنك المر
ء الذي ما عهدته نساء
وارع لي حرمة المودة والخد
مة والمدح تعجب الكرماء
وجديرون بالرعاية قوم
جعلتهم رعاة ملك رعاء
قد تجرعت من جَفائك لما
سُمتني ذاك شربة كدراء
ولقد يقلب الكريم من السا
دات نعماء عبده بأساء
ظالما أو مقوما ثم يرعا
ه ويقنى حرية وحياء
فإذا زالت المسرة عادت
وإذا ما تحسر الظل فاء
فلماذا رمى هناك صفاتي
أصفيائي عدمتهم أصفياء
إنما كان حق مثلي أن ير
حملاقوا أعداءهم رحماء
بل رأوا رحمة الأعاديولا قو
هم ملاء بعسفهم أوفياء
وجزاهم رب الحزاء على ذا
لك ما يشبه اللئيم جزاء
معشر كنت خلتهم قبل بلوا
ي أوداء صفوة أصدقاء
صادفو نكبتي فكانت لديهم
للقلوب المراض منهم شفاء
وأظنوك أن ذاك وفاء
من موال يصححون الولاء
فبدا منهم بلاء ذميم
أشبعوه خيانة ورياء
ماأتى منهم نذير بعتب
فيلقى هناك داء دواء
لا ولا جاء بعد ذاك بشير
برضا ثابت يقيم الذماء
لا ولا جاء بين ذاك وهذا
مترت يعلل الحوباء
لم يواسوا ولم يؤسوا خليلا
سوءة سوءة لهم سواء
منعوا خيرهمولا تأمن الضر
ر من المانعين منك الجداء
فأتى شرهم على كل بقيا
لا لقوا من ملمة إبقاء
خلفوني خلافة الذئب في الش
شاءوكانوا في جهل حقي شاء
وإذا ما حماك عود جناه
فاخش من حد شوكه أنكاء
وكأني غدا أراهم وكل(75/406)
ينشر العذر طاويا شحناء
سعر الله في الجوانح منهم
سعرة النارتلكم البغضاء
لاعَدَتهُم هناك هاتيك نارا
وأصابت من شخصي الإخطاء
حرقتهم وأرقتهم ولا زا
لت وبالا عليهم ووباء
رتعوا في وخيمة الغيب مني
لا تلقي من ارتعاها مراء
أظهروا للوزير جهلا وغدرا
وعما هم يراهم أدباء
فجلوا عورة لطرف جلٍّي
حسبوا شمسه تغشت عماء
جعلوا العبد كفء مولاهُفانظر
هل تراهم لعاقل أكفاء
ما تعدوا بذاك أن وزنوني
بكضلت عقولهم عقلاء
غفلة فوق غفلة ثم سهوا
فوق سهوعدمتهم أذكياء
فلهم لائمون فيما أتوه
ورأوهلا يعدموا اللوماء
خذلوني وطأطئوا البدر جهلا
وتظنوه يخبط الظلماء
لاعفا الله عنهم بل عفاهم
وزوى العفو عنهم لا العفاء
ما ائتلاك الإخوانكلا بل الخو
وان قاسوا أمثلهم خلطاء
آفتي فيك أن رأيت محبا
لايرى عنك بالغنى استغناء
لاتطاول بحسن وجهك والدو
لة واذكر من شانئيك الفناء
واحتشم أن يراك معطيك ما أع
طاك تجزي نعماءه خيلاء
وارتفع أن يراك تكسو الفتى الحر
ر إذا ما ملكته الإزراء
إن من أضعف الضعاف لدى اللَّ
ه قويا يستضعف الضعفاء
ولأهل العقول فيه رجاء
وعزاء يقاوم العزاء
وتعلم متى حميت على عب
دك تلك المياه والأكلاء
أن الله غير مرعاك مرعى
يرتعيهوغير مائك ماء
وتيقن متى جنيت على عبد
ك ضيما وضيعة وعناء
أن لله بالبرية لطفا
سبق الأمهات والآباء
قد أطلت العتاب جداوأكثر
ت فضولي لكن لي شركاء
من دعاني إلى الذي كان مني
فهو مثلي جلية لاامتراء
أنا ذو القصد غير أني متى آ
نست جورا رأيت لي غلواء
والحليم العليم من يحسن الإي
قاد بدءاويحسن الإطفاء
والطبيب اللبيب من يتبع الدا
ء دواء يشفيه لا الداء داء
وعسى قائل يقول بجهل
إنما يطلب الغنى والغناء
ولهذين مطلب عند قوم
لست ألفي لرحلهم غشاء
والغنى واسع بكفي جواد
يرزق الأغنياء والفقراء
لي خمسون صاحبا لو سألت ال
قوت فيهم ألفيتهم سمحاء
أترى كل صاحب لي منهم
يمنع الشهر بلغتي إجراء
لي في درهمين في كل شهر(75/407)
من فئام ما يطرد الحوجاء
والغناء الشديد شدوا وضرباً
سحنة قد ملأت منها الإناء
ولحسبي عرفان آل بنان
وبُنان شربا معينا رواء
ظلت عشرا كواملا في مغاني
ه أغني وأسمع الأنجاء
فليقم كاشحي بنقض الذي قل
ت وإلا فليطرق استحياء
أو فرغما له هناك ودَغما
ألحم الله أنفه البوغاء
لاتقدر بحسن وجهك صيدي
بعد نفري كما تصيد الظِّباء
صد بذاك المها تصدهاوهيها
ت تصيد المصمم الأباء
أنا ليث الليوث نفساوإن كن
ت بجسمي ضئيلة رقشاء
إنني إن نفرت أمعنت في النف
رومثلي عمن تناءى تناءى
لست باللقطة الخسيسة فاعرف
لي قدريواسأل به الفهماء
وانتفع بالعلا بذهنكواذمم
كل ذهن لا ينفع الذهناء
قد بغى قبلك الدعيُّ فلم أح
فل بأن كان باغيا بغاء
بل تبصرت وانتظرت من الل
ه نآدا تصيبه دهياء
فاعتبر بابن بلبل إن فيه
عبرة لامرىء أعد وعاء
والعلاء بن صاعد قبل هذا
قد حمى دون رائدي الأحماء
فارم بالطرف شخصه هل تراه
وادعه الدهر هل يجيب دعاء
ليس إلا لأنني كنت شمساً
قابلت منه مُقلة ً عَشواء
فأرانيه ناصري وأباه
وله الحمد مُثْلة ً شَوهاء
أنا عبد الإنصافقرنُ التعدِّي
فاسلك القصد بيوعدِّ العداء
أنا ذو صفحتينملساءَ حس
ناءَوأخرى تمسها خشناء
خاشعٌ تارة وجبار أخرى
فتراني أرضاًوطوراً سماء
لا بحولٍ ولا بقوة ركن
غير لبسي تجلُّداً وحياء
أنا جلدٌعلى عناد الأحاظي
وأبيٌ أن أرأم النكراء
فمتى شئت فامتحنِّيوأولى
بك عفوٌ يقابل استعفاء
أنا ذاك الذي سقته يد السُّقْ
م كؤوساً من المرار رواء
ورأيت الحمام في الصور الشُّنْ
عِوكانت لولا القضاء قضاء
ورماه الزمان في شقة النفْ
سِ فأصمى فؤاده إصماء
وابتلاهُ بالعُسْر في ذاك والوَحْ
شة ِ حتى أملّ منه البلاء
وِثكِلْتُ الشبابَ بعد رضاعٍ
كان قبلَ الغِذاء قِدْماً غذاءَ
كلُّ هذا لقيتُه فأبتْ نف
سيَ إلاَّ تَعزُّزاً لااخْتِتاء
وأرى ذِلتي تُريك هَواني
ودُنوِّي يَزيدُني إقصاء
ومتى ما فزعتُ منك إلى الصَّبْ
رِ فناديتهُ أجاب النداء(75/408)
ومتى ما دعوتُ ربي على الدَّه
رِ الخُطُوب لبَّى الدعاء
وإباءُ الهوانِ عَدْوَى أتتْني
منكوالعبدُ يَقْبل الإعداء
أنت علمتني إباءَ الدَّنايا
يا مليكيفما أسأتُ الأَداء
وعزيزٌ عليّ أن قلتُ ما قل
هتُولكنْ حَرَّقْتَني إحْماء
أنت شجعتَني على الصدق في القو
لوأرْكبتَ جنبيَ العوصاء
قد نَفَثتُ الأدواءَ نفث وليٍّ
والعدوُّ المُكمِّنُ الأَدواء
أنت أعلى من أن تُقَوِّلَ أعدا
ءَك قولاً يُضرِّب الأولياء
إنَّ وزنيَ في الرأي وزنٌ ثقيل
فاسألِ الرأيَ عنه لا الأهواء
يا جَواداً هجا مَديحيه بالحر
مان ما اسطاع لاتكن هجّاء
إنَّ بخس الثواب إن دام ظلماً
قَلَب المدحَ ذاتَ يومٍ هجاء
ليس من قائِل المديح ولكنْ
من أناسٍ تدعوهم الغوغاءَ
أو من المنكرين وعْظَ المحقِّي
ن وإن لم يُلقَّبوا شعراء
وبرغمي هناك تسمع أُذنا
ي ولكنْ من يَضبطُ الدهماء
والتكاليف لاتُحَدّ اتساعاً
وكثيرٌ من ينصر البُعَداء
كم رأيتُ المُكلِّفين جنوداً
ينصرون الأباعد الغُرباء
ولَحَى اللَّهُ مُسمِعا ليَ فيكم
يَتوخَّى بمُسخِطٍ إرضاء
ولَمَا سرَّ جائعاً رِفْدُ كفٍّ
أَطعمتْه من شِلْوهِ أعضاء
لو سوايَ استمالَ مال إليه
ولأَلْقَى لناره حَلْفاء
لكن اللَّهُ شاهدٌ أنَّ نفسي
تمنح السيفَ عند ذاك انْتِضاء
ليَ عينٌ هواي فيكم يُريها
من جَلاهَا بلومكم إقذاء
وجميلُ المقالِ فيكم وحظي
من جَداكم مما أراه سواء
وأَرى حرَّ أن تُلاموا حريقاً
وأرى حرَّ ظُلمِكم رَمْضاء
فاظلموا جُهدَكم فلن تستطيعوا
أبداً أن تُوغِّروا الأحْشاء
رَسَخَ الحبُّ في عظاميوجارَى
في عروقي قبلِ ذاك الغذاء
ومن الجَوْر أن تُجازَى يدٌ بي
ضاءُ من مخلصٍ يداً سوداء
موالذي ضم وده الأهواء
والذي ساد غير مستنكر السُّؤ
دد في الناسواعتلى كيف شاء
قمر نجتليه ملء عيونٍ
وصدور براعة وضياء
لم يزل يجعل المساء صباحاً
كلما بدِّل الصباح مساء
قتل اليأس وهو مستحكم الأم
روأحيا المطامع الأنضاء
وارتضاه الأمير حين رآه(75/409)
وارتأى فيه رؤية وارتياء
قال رأس الرؤوس لما رآه
وصف البدر نفسه لاخفاء
بشر البرق بالحياوسنا الصب
ح بأن يقلب الدُّجى أضواء
كل شيء أراه منك بشير
صدَّق الله هذه البشراء
وإذا مخابر الناس غابت
عنك فاستشهد الوجوه الوضاء
قال بالحق فيه ثم اجتباه
واصطفاهوما أساء اصطفاء
فغدا يوسع الرعية عدلا
غير أني لقيت منه اعتداء
أجميل بك اطراحيوقد قدْ
دمت في رأيك الجميل رجاء
ولي الطائر السعيد الذي كا
ن بريدا بدولة زهراء
ما تعرفت مذ تعيَّفت طيري
غير نعماء ظاهرت نعماء
ثم أدنيتني فزادك يُمني
من أمير مؤيد إدناء
وتناولتني ببر فبَّرت
ك يد الله ثرة بيضاء
وكذا كلما نويت لمولا
ك مزيدا أوتيتهوالهناء
أنا مولاكأنت أعتقت رقي
بعدما خفت حالة نكراء
فعلام انصراف وجهك عني
وتناسيكحاجتي إلغاء
كان يأتيني الرسول فيهدي
لي سروراويكبت الأعداء
فقطعت الرسول عني ضنا
باتخاذيه مفخرا وبهاء
إن أكن غير محسن كل ما تط
لب إني لمحسن أجزاء
فمتى ما أردت صاحب فحص
كنت ممن يشارك الحكماء
ومتى ما أردت قارض شعر
كنت ممن يساجل الشعراء
ومتى ما خطبت منى خطيباً
جلَّ خطبي ففاق بي الخطباء
ومتى حاول الرسائل رُسلي
بلغتني بلاغتي البُلغاء
غير أني جعلت أمري إلى صف
حك عن كل عورة إلجاء
أنت ذاك الذي إذا لاح عيب
جعل الستر دونه الإغضاء
أنا عار من كل شيء سوى فض
لكلا زلت كسوة وغِطاء
ولقائي إياك ماء الحياتي
نِ فلا تقطعن عني اللقاء
سُمني الخسْف كله أقبل الخس
ف بشكرولا تسمني الجفاء
ليس بالناظرين صبر عن الوج
ه الذي يجمع السنا والسناء
منظر يملأ القلوب مع الأب
صار نوراويضرح الأقذاء
ليت شعري عن الفراسي والزجْ
جاج هل يرعيان مني الإخاء
فيقولونإن موضع مولا
ك عميرا أشف منه خلاء
يالقوم أأثقل الأرض شخصي
أم شكت من جفاء خلقي امتلاء
أنا من خف واستدق فما يثْ
قِل أرضا ولا يسد فضاء
إن أكن عاطلا لديك من الآ
لات حاشاك أن تجور غباء
فلأكن عُوذة لمجلسك المو
نق أردد عين الردى عمياء(75/410)
أنا مولاكك بالمحبة والميْ
ل فحمِّل عواتقي الأعباء
وأنا المرء لا يحمل إلا
شكر آلائكم لكم آلاء
أَدْنِ شخصي إذا شَدَت لك بستا
نُوغنت غناءها غَنَّاءَ
فاستثارت من اللحودِ المُغَنْ
نِين فأضحى أمواتُهم أحياءَ
يالإحضارها مع إبن سرَيْجٍ
مَعْبَداً والغريضَ والميلاءَ
وتلتها عجائبُ فتغنتْ
مُشبهاتِ اسمها صُيابا ولاءَ
فحكتْ هذه وتلك يَمينيْ
كَ إذا ما تبارتا إعطاءَ
وأبى َ الله عند ذلك أشبا
هَ غناء مُعلِّل إغناءَ
ما مُغَنٍّ غَنَّاكِ نِدًّا لمُغْنٍ
رِفْدُهُ يجمع الغنى والغناءَ
ذاولا تَنْسَني إذا نشر البُس
تانُ أوصنافَ وَشْيهِ وتراءى
وحَكَتك الرياضُ في الحسنِ والطَّي
بِ وإن كانَ ذاك منها اعتداءَ
وتغنَّى القُمْريُّ فيها أخاه
وأجابت مُكَّاءة ٌ مُكَّاء
وَأَبدتْكَلحظَها قُضُبُ النر
جس ميلاً إليك تحكي النساءَ
بُقعة ٌ لا تني تُفاخرُ عطَّا
راًوتُشْجيبوَشْيها وَشَّاء
لم تزل تستعيرُ منك جَمالاً
تكتسيهوتستميرُ ثناء
فجمالٌ لمنظرٍوثناءٌ
لمَشمٍّ يحكي نَثاكَ ذكاء
واهْوَ قُربي إذا شَرعتَ على دِجْ
لة َ في ظل ليلة ٍ قَمْراء
وحكت دجلة ُ انْهِلالَكَ بالنا
ئلِ والعلمواكتستْ لألاء
وأعارتْ هواءَ دارِكَ ثوباً
من نَداهافكان ماءً هواء
فحكى منك نعمة الخُلُق النا
عم في كُل حالة ٍ إثناء
وأجاب الملاّحُ في بطنها الملْ
لاَح يَحْتَثُ بالسَّفين الحُداء
وادَّكِرني إذا استثرتَ سحاباً
ذات يومٍ عشية ٍ أو ضحاء
فتعالت فوارة تحسد الخض
راء إغداق مائها الغبراء
كلما أخلفت سماءٌ زماناً
خلفت فيه ديمة هطلاء
سحسحت ماءها على أرضٍ
بعدما صافحت به الجوزاء
فحكت كفك التي تخلف المز
ن علينا فترغم الأنواء
وتأمل إذا لحظت بعيني
ك صحونا لاتعرف الانتهاء
وحكتك الصَّمَّان في سعة الصد
ر وإن كان صدرك الدهناء
جعل الله كل ذاك فداء
لكإن كان للفداء كفاء
لو بذلنا فداءك الشمس والبد
رلقال الزمانزيدوا فداء
لا تجاهل هناكيا من أبي الل
ه عليه أن يشبه الجهلاء(75/411)
حسن علمي إذ ذاك بالحسن المو
قع مما يروي القلوب الظماء
وارتفاعي عن الجفاة المسوِّي
ن بشدو المجيدة الضوضاء
موجب أن أكون أدنى جليس
لكأعلو بحقي الجلساء
أركيكا رأيت عبدكصفرا
لاجنى فيه أم جنى شنعاء
لاتدع مغرس الكريم من الغر
س خلاء من الكريم قواء
أين مثلي مفاتش لك أم أي
ن نديم تعده ندماء
شهد الله والموازين والقس
ط جميعا شهادة إمضاء
أن رأيي لذو الرجاحة وزنا
دع يمينيوزنه والآراء
أنت شهم محصل فاترك الأس
ماء للبلهواكشف الأنباء
ما تقصيت ما لديَّ ولا استق
صيتفاجعل إقصاءك استقصاء
وانتبه لي من رقدة الملك تعلم
أن لله معشرا علماء
وتذكر معاهدي إنك المر
ء الذي ما عهدته نساء
وارع لي حرمة المودة والخد
مة والمدح تعجب الكرماء
وجديرون بالرعاية قوم
جعلتهم رعاة ملك رعاء
قد تجرعت من جَفائك لما
سُمتني ذاك شربة كدراء
ولقد يقلب الكريم من السا
دات نعماء عبده بأساء
ظالما أو مقوما ثم يرعا
ه ويقنى حرية وحياء
فإذا زالت المسرة عادت
وإذا ما تحسر الظل فاء
فلماذا رمى هناك صفاتي
أصفيائي عدمتهم أصفياء
إنما كان حق مثلي أن ير
حملاقوا أعداءهم رحماء
بل رأوا رحمة الأعاديولا قو
هم ملاء بعسفهم أوفياء
وجزاهم رب الحزاء على ذا
لك ما يشبه اللئيم جزاء
معشر كنت خلتهم قبل بلوا
ي أوداء صفوة أصدقاء
صادفو نكبتي فكانت لديهم
للقلوب المراض منهم شفاء
وأظنوك أن ذاك وفاء
من موال يصححون الولاء
فبدا منهم بلاء ذميم
أشبعوه خيانة ورياء
ماأتى منهم نذير بعتب
فيلقى هناك داء دواء
لا ولا جاء بعد ذاك بشير
برضا ثابت يقيم الذماء
لا ولا جاء بين ذاك وهذا
مترت يعلل الحوباء
لم يواسوا ولم يؤسوا خليلا
سوءة سوءة لهم سواء
منعوا خيرهمولا تأمن الضر
ر من المانعين منك الجداء
فأتى شرهم على كل بقيا
لا لقوا من ملمة إبقاء
خلفوني خلافة الذئب في الش
شاءوكانوا في جهل حقي شاء
وإذا ما حماك عود جناه
فاخش من حد شوكه أنكاء
وكأني غدا أراهم وكل
ينشر العذر طاويا شحناء(75/412)
سعر الله في الجوانح منهم
سعرة النارتلكم البغضاء
لاعَدَتهُم هناك هاتيك نارا
وأصابت من شخصي الإخطاء
حرقتهم وأرقتهم ولا زا
لت وبالا عليهم ووباء
رتعوا في وخيمة الغيب مني
لا تلقي من ارتعاها مراء
أظهروا للوزير جهلا وغدرا
وعما هم يراهم أدباء
فجلوا عورة لطرف جلٍّي
حسبوا شمسه تغشت عماء
جعلوا العبد كفء مولاهُفانظر
هل تراهم لعاقل أكفاء
ما تعدوا بذاك أن وزنوني
بكضلت عقولهم عقلاء
غفلة فوق غفلة ثم سهوا
فوق سهوعدمتهم أذكياء
فلهم لائمون فيما أتوه
ورأوهلا يعدموا اللوماء
خذلوني وطأطئوا البدر جهلا
وتظنوه يخبط الظلماء
لاعفا الله عنهم بل عفاهم
وزوى العفو عنهم لا العفاء
ما ائتلاك الإخوانكلا بل الخو
وان قاسوا أمثلهم خلطاء
آفتي فيك أن رأيت محبا
لايرى عنك بالغنى استغناء
لاتطاول بحسن وجهك والدو
لة واذكر من شانئيك الفناء
واحتشم أن يراك معطيك ما أع
طاك تجزي نعماءه خيلاء
وارتفع أن يراك تكسو الفتى الحر
ر إذا ما ملكته الإزراء
إن من أضعف الضعاف لدى اللَّ
ه قويا يستضعف الضعفاء
ولأهل العقول فيه رجاء
وعزاء يقاوم العزاء
وتعلم متى حميت على عب
دك تلك المياه والأكلاء
أن الله غير مرعاك مرعى
يرتعيهوغير مائك ماء
وتيقن متى جنيت على عبد
ك ضيما وضيعة وعناء
أن لله بالبرية لطفا
سبق الأمهات والآباء
قد أطلت العتاب جداوأكثر
ت فضولي لكن لي شركاء
من دعاني إلى الذي كان مني
فهو مثلي جلية لاامتراء
أنا ذو القصد غير أني متى آ
نست جورا رأيت لي غلواء
والحليم العليم من يحسن الإي
قاد بدءاويحسن الإطفاء
والطبيب اللبيب من يتبع الدا
ء دواء يشفيه لا الداء داء
وعسى قائل يقول بجهل
إنما يطلب الغنى والغناء
ولهذين مطلب عند قوم
لست ألفي لرحلهم غشاء
والغنى واسع بكفي جواد
يرزق الأغنياء والفقراء
لي خمسون صاحبا لو سألت ال
قوت فيهم ألفيتهم سمحاء
أترى كل صاحب لي منهم
يمنع الشهر بلغتي إجراء
لي في درهمين في كل شهر
من فئام ما يطرد الحوجاء(75/413)
والغناء الشديد شدوا وضرباً
سحنة قد ملأت منها الإناء
ولحسبي عرفان آل بنان
وبُنان شربا معينا رواء
ظلت عشرا كواملا في مغاني
ه أغني وأسمع الأنجاء
فليقم كاشحي بنقض الذي قل
ت وإلا فليطرق استحياء
أو فرغما له هناك ودَغما
ألحم الله أنفه البوغاء
لاتقدر بحسن وجهك صيدي
بعد نفري كما تصيد الظِّباء
صد بذاك المها تصدهاوهيها
ت تصيد المصمم الأباء
أنا ليث الليوث نفساوإن كن
ت بجسمي ضئيلة رقشاء
إنني إن نفرت أمعنت في النف
رومثلي عمن تناءى تناءى
لست باللقطة الخسيسة فاعرف
لي قدريواسأل به الفهماء
وانتفع بالعلا بذهنكواذمم
كل ذهن لا ينفع الذهناء
قد بغى قبلك الدعيُّ فلم أح
فل بأن كان باغيا بغاء
بل تبصرت وانتظرت من الل
ه نآدا تصيبه دهياء
فاعتبر بابن بلبل إن فيه
عبرة لامرىء أعد وعاء
والعلاء بن صاعد قبل هذا
قد حمى دون رائدي الأحماء
فارم بالطرف شخصه هل تراه
وادعه الدهر هل يجيب دعاء
ليس إلا لأنني كنت شمساً
قابلت منه مُقلة ً عَشواء
فأرانيه ناصري وأباه
وله الحمد مُثْلة ً شَوهاء
أنا عبد الإنصافقرنُ التعدِّي
فاسلك القصد بيوعدِّ العداء
أنا ذو صفحتينملساءَ حس
ناءَوأخرى تمسها خشناء
خاشعٌ تارة وجبار أخرى
فتراني أرضاًوطوراً سماء
لا بحولٍ ولا بقوة ركن
غير لبسي تجلُّداً وحياء
أنا جلدٌعلى عناد الأحاظي
وأبيٌ أن أرأم النكراء
فمتى شئت فامتحنِّيوأولى
بك عفوٌ يقابل استعفاء
أنا ذاك الذي سقته يد السُّقْ
م كؤوساً من المرار رواء
ورأيت الحمام في الصور الشُّنْ
عِوكانت لولا القضاء قضاء
ورماه الزمان في شقة النفْ
سِ فأصمى فؤاده إصماء
وابتلاهُ بالعُسْر في ذاك والوَحْ
شة ِ حتى أملّ منه البلاء
وِثكِلْتُ الشبابَ بعد رضاعٍ
كان قبلَ الغِذاء قِدْماً غذاءَ
كلُّ هذا لقيتُه فأبتْ نف
سيَ إلاَّ تَعزُّزاً لااخْتِتاء
وأرى ذِلتي تُريك هَواني
ودُنوِّي يَزيدُني إقصاء
ومتى ما فزعتُ منك إلى الصَّبْ
رِ فناديتهُ أجاب النداء(75/414)
ومتى ما دعوتُ ربي على الدَّه
رِ الخُطُوب لبَّى الدعاء
وإباءُ الهوانِ عَدْوَى أتتْني
منكوالعبدُ يَقْبل الإعداء
أنت علمتني إباءَ الدَّنايا
يا مليكيفما أسأتُ الأَداء
وعزيزٌ عليّ أن قلتُ ما قل
تُولكنْ حَرَّقْتَني إحْماء
أنت شجعتَني على الصدق في القو
لوأرْكبتَ جنبيَ العوصاء
قد نَفَثتُ الأدواءَ نفث وليٍّ
والعدوُّ المُكمِّنُ الأَدواء
أنت أعلى من أن تُقَوِّلَ أعدا
ءَك قولاً يُضرِّب الأولياء
إنَّ وزنيَ في الرأي وزنٌ ثقيل
فاسألِ الرأيَ عنه لا الأهواء
يا جَواداً هجا مَديحيه بالحر
مان ما اسطاع لاتكن هجّاء
إنَّ بخس الثواب إن دام ظلماً
قَلَب المدحَ ذاتَ يومٍ هجاء
ليس من قائِل المديح ولكنْ
من أناسٍ تدعوهم الغوغاءَ
أو من المنكرين وعْظَ المحقِّي
ن وإن لم يُلقَّبوا شعراء
وبرغمي هناك تسمع أُذنا
ي ولكنْ من يَضبطُ الدهماء
والتكاليف لاتُحَدّ اتساعاً
وكثيرٌ من ينصر البُعَداء
كم رأيتُ المُكلِّفين جنوداً
ينصرون الأباعد الغُرباء
ولَحَى اللَّهُ مُسمِعا ليَ فيكم
يَتوخَّى بمُسخِطٍ إرضاء
ولَمَا سرَّ جائعاً رِفْدُ كفٍّ
أَطعمتْه من شِلْوهِ أعضاء
لو سوايَ استمالَ مال إليه
ولأَلْقَى لناره حَلْفاء
لكن اللَّهُ شاهدٌ أنَّ نفسي
تمنح السيفَ عند ذاك انْتِضاء
ليَ عينٌ هواي فيكم يُريها
من جَلاهَا بلومكم إقذاء
وجميلُ المقالِ فيكم وحظي
من جَداكم مما أراه سواء
وأَرى حرَّ أن تُلاموا حريقاً
وأرى حرَّ ظُلمِكم رَمْضاء
فاظلموا جُهدَكم فلن تستطيعوا
أبداً أن تُوغِّروا الأحْشاء
رَسَخَ الحبُّ في عظاميوجارَى
في عروقي قبلِ ذاك الغذاء
ومن الجَوْر أن تُجازَى يدٌ بي
ضاءُ من مخلصٍ يداً سوداء
هنكم أُعنَّى فلا أُسيء عتاباً
كم أُمنَّى فلا أَسيء اقتِضاء
فاستِوائي إذا رأيتُ استواءً
والتِوائِي إذا رأيتُ التِواء
أين عني سعادة ٌ من سعيدٍ
جدِّكم لا برحتمُ سُعَداء
أين عني سلامة ٌ من سليما
نَ تقيني بدرعِها أنْ أساءَ(75/415)
أين عنّي قَسمُ الوزير أبي القا
سم أحرارَ ماله أنصباء
أين عني إحسانُ صِنوَينِ قدّا ال
حسنَ قداً تسمِّياً واكتناء
ما توهمتُ أنَّ حقّي عليكم
آلَ وهب يجشِّم استبطاء
ياابن من لم يزل يخوض الوزارا
ت ومن قبل يخلُف الوزراء
قد مضى أكثر الشتاءوجاء الصي
ف يعدو فلا تَزدْه التِظاء
يا عليماً بما أكابِد فيه
لاتُعاونْه إنَّ فيه اكتفاء
أنا راجٍ جميل ردعِك إيا
ه فلا تجعلنَّه إغراء
لا تُعِنْ نارهُ على الشيِّ والطب
خ كفى طابخاً بها شوّاء
الأمانَ الأمانَ منك ومنه
جَنِّباني لظاكما الكوّاء
بل إذا ما عدا فأعد عليه
لا تكوننَّ مثله عدّاء
لا تُعاقْب بما التَّواءُ أخوه
أعقاباً تريد بي أم تواء
إن تأرَّى عليّ عتبك والصي
فُ وحاشايَ كان ذاك الجلاء
لا تدعني سُدى ً فترقيَ مني
حية ً لا تطاوع الرَّقّاء
لا عَدِمْتُم بحلمكم آل وهبٍ
من وليٍّ تسحُّباً واجتراء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا ذائقَ الموتى لتعلم هل بقوا
يا ذائقَ الموتى لتعلم هل بقوا
رقم القصيدة : 60358
-----------------------------------
يا ذائقَ الموتى لتعلم هل بقوا
بعد التَّقادم منهمُ بدواءِ
بيَّنتَ عن رعة ٍ وصدقِ أمانة ٍ
لولا اتهامُك خالقَ الأشياءِ
أحسبتَ أن الله ليس بقادر
أن يجعل الأمواتَ كالأحياء
وظننتَ ما شاهدتَ من آياته
بلطيفة ٍ من حيلة الحكماء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ما أستزيدُ لقاسمٍ
ما أستزيدُ لقاسمٍ
رقم القصيدة : 60359
-----------------------------------
ما أستزيدُ لقاسمٍ
من ربِّهِ غير البقاء
وكذاك لستُ أريد من
هُ سوى البقاء مع اللقاءِ
حسبي بذاك سعادة ً
فيها الأمانُ من الشقاء
كفلت بكبت للعدا
ومسرة ٍ للأصدقاء
واللَّه بعدُ يزيده
أعلى منالة ذي ارتقاء
ويزيدني من غيثه
وغياثه الهزِم السِّقاء
ملك كأن خلاله
خُلقتْ له بعد انتقاء
عافيهِ عِلقُ صيانة ٍ
وثراؤُه ترس اتقاء
يَلْقاك نَشْرُ ثنائِه
ونسيمُه قبلَ اللقاء
كم قد وردتُ سماحَه(75/416)
فسُقيتُ منه بلا استقاء
كم زارني معروفُه
من قبلِ وعدٍ بالتقاء
هل من وفاءٍ كُفؤُه
فَيَفِي حَقيقاً بالوفاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ليت شعري من ناكه بهجائي
ليت شعري من ناكه بهجائي
رقم القصيدة : 60360
-----------------------------------
ليت شعري من ناكه بهجائي
من هجاني له من الشعراء
من عذيري يا قوم من أشبه الأمْ
مَة بابن الكرَّاعة القطعاء
يشتري باسته هجائي لقد قا
مت عليه عداوتي بالغلاء
مهره كفء عقره بل كثير
ذلك المهر لاسته البخراء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> فتى لا يرى تأخير غوث وليه
فتى لا يرى تأخير غوث وليه
رقم القصيدة : 60361
-----------------------------------
فتى لا يرى تأخير غوث وليه
ولايقتضيه الشكربالعرض الأدنى
ولكنه يعطي البلاغ إلى الغنى
إلى أن يعين الوجد همته الكبرى
هنالك يدعو الشاكرين لشكره
بغير لسان بل بألسنة الجدوى
ولا عيب فيه غير أني صحبتُه
وليَّا فأعشى ناظري خشعة المولى
تعبدني بالعرف حتى استذلني
على أن في نفسي على غيره طَغوى
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألاليت شعري هل تؤخر حاجتي
ألاليت شعري هل تؤخر حاجتي
رقم القصيدة : 60362
-----------------------------------
ألاليت شعري هل تؤخر حاجتي
لأولى بشكر منك أو بثناء
غرست يدا حتى إذا آن حملها
شكت منك إغفالا وطولُ جفاء
ثنائي لاتسبق إليه فإنه
خلود لما تبنيوطول بقاء
وتمّم يدا أسديتها ينم شكرها
غداة غدٍ في الناس أي نماء
لعمري لقد أعطاك محمود حمده
أمير غدا من سادة الأمراء
وياحسن ذاك الحمد إن أنت زِنتهُ
بحمد امرىء من سادة الشعراء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ياخالد بن الخالدات مخازياً
ياخالد بن الخالدات مخازياً
رقم القصيدة : 60363
-----------------------------------
ياخالد بن الخالدات مخازياً
مادام فوق الأرض ظلُّ سماء
لله درك أي صاحب حيلة ٍ
أصبحت فيها واحد الحكماء
لما غدا العار الذي سربِلته
أحدوثة الركبان والأملاء(75/417)
عرضت للشعراء عرضك عامدا
كيما يقالتكذب الشعراء
لايُعجبنَّك ماصنعت فإنَّما
داويت داءكيا شقيُّبداء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أخالد يابن الخالدات مخازيا
أخالد يابن الخالدات مخازيا
رقم القصيدة : 60364
-----------------------------------
أخالد يابن الخالدات مخازيا
ماذا دعاك إلى اكتساب هجائي
لله در أبيك أية حيلة
لو أنها جازت على الفهماء
لما بدالك أن خزيك قد غدا
أحدوثة الركبان والأملاء
عرضت للشعراء عرضك عامدا
كيما يقالتكذب الشعراء
بل كنت فيما حدت عنه ولم تِئْل
كالمستجير لظى ً من الرَّمضاء
يا شاعرا يهجو نُسية خالدٍ
عنك الهجاءكفاك بالأسماء
أسماؤهن هجاؤهنومن يقل
أفعى يبن لاشك عن صمَّاء
لاتحسبنَّك في هجائك تفْتري
مالم يجئن به من الفحشاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يظلم الناس في القيادة أَفْرى
يظلم الناس في القيادة أَفْرى
رقم القصيدة : 60365
-----------------------------------
يظلم الناس في القيادة أَفْرى
أنت منه باللوم أولى وأحرى
كان للكركدن قرن فأضحى
قرنه اليوم عند قرنك مِدْرى
من يكن قرنه كقرنك هذا
فليكن بابه كإيوان كسرى
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا ابن بُورانجعلت فدائي
يا ابن بُورانجعلت فدائي
رقم القصيدة : 60366
-----------------------------------
يا ابن بُورانجعلت فدائي
عشت في غبطة وفي نعماء
بَخْبخٍبخبخ لأمك ما أسْ
ور همَّاتها إلى العلياء
ناقضت مريم العفاف فلما
قاومتها سمت إلى حواء
فانتحت في الزنا تكاثر حوا
ء عديد البنات والأبناء
كيف أهجو امرأ كريما لئيما
واحد الأم خِلفة الآباء
كيف أهجو مذبذبا بين شتى
لاإلى هؤلاء ولا هؤلاء
كيف أهجو من فيه مجتمع الأن
ساب طراوملتقى الأحياء
إنما أستطيب كدك في شع
رك يا ابن الخبازة البظراء
فكأني أراك في عكر الفك
ر توالي تنفس الصُّعداء
مُجْلبا مغبرا كأنك في شي
ء ألا ضيعة لذاك العناء
وكأني أراك تهتفإيه
تزجر الشعر حضرة الغوغاء(75/418)
مستميلا أسماعهم لهجائي
بنباح ملحن بعواء
قد أصاخوا وأنت تيعر كالتَّي
س وهم ضامرون مثل الشاء
فاهجُنيإنما هجاؤك عندي
ضحكات تزيد في السراء
أنا في غبطة بها وسرور
ملء صدريوأنت في بُرحاء
ومحال أن يسعد السعداء ال
دهر إلا بشقوة الأشقياء
أنا هاجيك ماسكتَّومُعفي
ك إذا ما هجوتني من هجائي
ليس ينجيك من يدي سوى ذا
ك ولو كنت في بروج السماء
ويمينا لألعبن بأشلا
ئك بين الإشواء والإصماء
هاجيامادحاومتخذا إيا
ك ملهى وعرضة استهزاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> هاجرني ظلما أبو حَفصلٍ
هاجرني ظلما أبو حَفصلٍ
رقم القصيدة : 60367
-----------------------------------
هاجرني ظلما أبو حَفصلٍ
فأصبحت أعداؤنا جذلى
مازحته في بعض أيامه
فصار في النفخة كالحبلى
مالي لم أغضب على عرسه
إذ سلحت في لحيتي السفلى
طعنتها أسفل وجعائها
فانبجست من ثقبها الأعلى
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألاأيهاالمطري العلاء بن صاعدٍ
ألاأيهاالمطري العلاء بن صاعدٍ
رقم القصيدة : 60368
-----------------------------------
ألاأيهاالمطري العلاء بن صاعدٍ
وشاكره في نية وثناء
شكرت امرأ ينمي على الشكر عرفهُ
ويأبى على الكفران غير نماء
فتى نال غايات الكهول وجازها
على جدة من سنهوفتاء
كما بهر البدر النجوم لأربع
وعشر فأمست غير ذات ضياء
وحسب أبي عيسى العلاء بأنه
يعد بديئا سيد الحكماء
وأن أباه الخير طال بقاؤه
يعد بديئا سيد الوزراء
وأن الأمير المستنيم إليهما
يعد بديئا سيد الأمراء
وأن الخطيب الصادق القول فيهما
يعد بديئا سيد الخطباء
خطيبعصاه الرمح والسيف لم يزل
وآباؤُه يبلون خير بلاء
كنوز غنى للمقترينوإن دعوا
لنائرة كانوا كنوز غناء
وهذي أمور وفقت لابن صاعد
أمارات جد صاعدوبقاء
ومازال ممدوحا بحق معظما
على ألسن الأشراف والعظماء
وما يضع المرء الشريف امتداحهُ
علاءولايحذيه غير علاءً
وهل يضع الطود المنيف اعترافُه
لناصبه بالعدل تحت سماء(75/419)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ليس كالسكر دواء
ليس كالسكر دواء
رقم القصيدة : 60369
-----------------------------------
ليس كالسكر دواء
لغناء كالدواء
فاسقني عشرون رطلاً
لا تشبهن بماء
فلعل السكر يكفي
ني أذى هذا العواء
من رأى منتحيا غي
ري على سوء الغناء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قل لعبدالقوي أنت قوي
قل لعبدالقوي أنت قوي
رقم القصيدة : 60370
-----------------------------------
قل لعبدالقوي أنت قوي
فاتق اللهويكفي الضعفاءٍ
نحن جموأنت أقرن واللَّ
هُ حسيب القرناء للجماء
لو علمت الخفي من كل علم
جامعا بينه وبين البغاء
أعجب الناس ماوعيت وقالوا
عسل طيب خبيث الوِعاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مخففة مثقلة تراها
مخففة مثقلة تراها
رقم القصيدة : 60371
-----------------------------------
مخففة مثقلة تراها
كأنْ لم يغذُ نصفيها غذاءُ
إذا الإغباب جدد حسن شيء
من الأشياء جددها اللقاء
لها ريق تشف له الثنايا
وتروي عنه لامنه الظّماءُ
وأنفاس كأنفاس الخُزامى
قبيل الصبح بلتها السماء
تنفس نشرها سحرا فجاءتْ
به سحرية المسرى رخاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مالقينا من ظَرف ضرطة وهبٍ
مالقينا من ظَرف ضرطة وهبٍ
رقم القصيدة : 60372
-----------------------------------
مالقينا من ظَرف ضرطة وهبٍ
صيرت أهل دهرنا شعراء
هي عندي كجود فضل بن يحيى
غير أن ليس تنعش الفقراء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ليت شعري عن خالد كيف أمسى
ليت شعري عن خالد كيف أمسى
رقم القصيدة : 60373
-----------------------------------
ليت شعري عن خالد كيف أمسى
من حكاك اسْتهوحر هجائي
جمعت شقوة الشقي عليه
كل خزيوكل داء عياء
لوعلمت الذي يقاسي من الأمْ
رين عزيته صباح مساء
أيهذا المسائلي عن سعيدٍ
وشقيولات حين خفاء
أنا في الأرض محنة فاتخذني
محنة الأشقياء والسعداء
من تحامى عداوتي فسعيد
ومعادي أول الأشقياء(75/420)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سوءة ًسوءة لك ابن البراء
سوءة ًسوءة لك ابن البراء
رقم القصيدة : 60374
-----------------------------------
سوءة ًسوءة لك ابن البراء
يا بديل الخِراء عند الخِراء
شغلتك الذنوب عنا فأعرض
ت عن الصالحات للفحشاء
تركب الشُّقر غير ساع لمجد
بل لعار وسبة شَنعاءِ
ذاك ظنيولست أدري يقينا
تعتلي أو تنوء بالأعباء
ليت شعريأمركب أنت في الهي
جاء أم من فوارس الهيجاء
أم كلا المعنين فيك جميعاً
حين تحلو بالقصة العوْراء
إن يكن كل ذاك فيك فهذا
مذهب من مذاهب الفقهاء
لايرون الجروح إلا قصاصا
ورعا منهموعدل قضاء
بل يقصون قبل أن يوقعوا الجر
ح ركوبا للسنة البيضاء
يسلفون القصاص من جرَّحوه
قبل أن يجرحوه وزن السواء
ليت شعريأذاك حكم أبي مو
سى بغاءٍ أم ذاك حكم البغاء
لاتلمنا وإن أسأنا ثناء
أنت مستأهل لسوء الثناء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> فقدتك يابن أبي طاهر
فقدتك يابن أبي طاهر
رقم القصيدة : 60375
-----------------------------------
فقدتك يابن أبي طاهر
وأطعمت ثُكلك قبل العشاء
فلا برد شعرك برد الشراب
ولاحر شعرك حر الصِّلاء
تذبذب فنك بين الفنون
فلا للطبيخ ولا للشواء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قال لعبد القوي تبا لعلمٍ
قال لعبد القوي تبا لعلمٍ
رقم القصيدة : 60376
-----------------------------------
قال لعبد القوي تبا لعلمٍ
لم يجد غير عالم بغاء
سوءة ًسوءة لعالمِ علمٍ
جامع بينه وبين البِغاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يقول القائلونضويت جداًّ
يقول القائلونضويت جداًّ
رقم القصيدة : 60377
-----------------------------------
يقول القائلونضويت جداًّ
ولم تنضجك أرحام النساء
ومن إنضاجها إياي أعرت
عظامي من لحومهم الوطاء
إذا ماكنت ذا عود صليب
فيكفيني القليل من اللحاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> زعم الناس خالد بغاء
زعم الناس خالد بغاء
رقم القصيدة : 60378(75/421)
-----------------------------------
زعم الناس خالد بغاء
كذبوا القولوافتروه افتراء
إنما صادفوه يلمس غُرمو
لا فواراه في استه استحياء
فلحوه فيه فصار لجاجاً
وهو شيخ يراغم الأعداء
فليكفوا عن الجدال وإلا
فليكونوا له إذا نُظراء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لم يصف الدواء جسمك إلا
لم يصف الدواء جسمك إلا
رقم القصيدة : 60379
-----------------------------------
لم يصف الدواء جسمك إلا
عن صفاء كما يكون الصفاء
فلأعدائك البشاعة منه
ولك النفع دونهم والشفاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لوتلفَّفت في كساء الكسائي
لوتلفَّفت في كساء الكسائي
رقم القصيدة : 60380
-----------------------------------
لوتلفَّفت في كساء الكسائي
وتلبست فروة الفرَّاء
وتخلَّلت بالخليلوأضحى
سيبويه لديك رهن سباء
وتكونت من سواد أبي الأس
ود شخصا يُكنى أبا السوداء
لأبى الله أن يعدك أهل ال
علم إلا من جملة الأغبياء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رأيتك لاتلذ لطعم شيء
رأيتك لاتلذ لطعم شيء
رقم القصيدة : 60381
-----------------------------------
رأيتك لاتلذ لطعم شيء
تطعمه سوى طعم العطاء
وما أهدى إليك من امتياحي
أحب إليك من حسن الثناء
فما لي عند تحكيكي مديحي
أجشِّم خاطري ثقل العناء
ولكني ألقي العرف عرفا
وإن كنت الغني عن الجزاء
أتيتك لم أشفع إليك بشافع
ولو شئت كان الناس لي شفعاء
ولكنني وفرت حمدي بأسره
عليكولم أشرك بك الشركاء
نداك معين كالذي قد علمته
ولو كان غَوْراً لا لتمستُ رشاءَ
وهذا شتاء قد أظل رواقه
وجارك جار لا يخاف شتاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيا رب لو سويت بيني وبينه
أيا رب لو سويت بيني وبينه
رقم القصيدة : 60382
-----------------------------------
أيا رب لو سويت بيني وبينه
لما كان عدلا أن نكون سواء
فكيف وقد أعليته وخفضتني
فكنت له أرضاوكان سماء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وإذاماتحليت الأرض بالنر(75/422)
وإذاماتحليت الأرض بالنر
رقم القصيدة : 60383
-----------------------------------
وإذاماتحليت الأرض بالنر
جس باهت به نجوم السماءِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيا فضلا غدا فضلا
أيا فضلا غدا فضلا
رقم القصيدة : 60384
-----------------------------------
أيا فضلا غدا فضلا
عن الخلقوفي الزمنى
أما والعرج المحض ال
ذي أنت به تكنى
لئن صغر ما تدعى
به ما كبر المعنى
بلونا منك كوفياً
لئيم الأصل والمجنى
وأهل الكوفة الرذل
ة أدنى الأرذل الأدنى
أناس كلهم فرد
وسوآتهم مثنى
فلا دانيهم يجنى
ولا نائيهم يدنى
فأضلاع بني الدنيا
على بغضهم تحنى
مجاهيلمعازيل
إلى اليسرى عن اليمنى
مخاذيلمماييل
إلى السوأى عن الحسنى
على غير تقى الله
غدت أبياتهم تبنى
ويقري ضيفهم فيها
ملاطا بعده مزنى
فَسَمناهم كعجافهم
وأنى لهم الَّسمنى
محل الشيمة الهجنى
وأهل اللغة اللكنى
إذا قلنا لهم نحن
فمن قولهم نحنى
وكم من مورق فيهم
لآل اللَّه ما أجنى
وكم من ناصر فيهم
لآل اللَّه ما أغنى
وكم من خاذل فيهم
لآل اللَّه قد أخنى
تأملناهم قدما
بعين لم تكن وسنى
فلم يقصر لهم قرن
ولا طال لهم مبنى
إذا عدت مخازيهم
فما تحصى ولاتفنى
فلا عافاهم اللَّه
ولا أغنى ولا أقْنى
يد اللَّه على المسكَ
نِ والساكن والسكنى
وكل فله همُّ
من السوء به يعنى
وهم الأعرج الوغد
مني في استه يمنى
صحيح علوه جلد
عليل سفله مضنى
إذا ما فيشة لاحت
صبا قيس إلى لبنى
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أياغرة العلياوياعينها اليمنى
أياغرة العلياوياعينها اليمنى
رقم القصيدة : 60385
-----------------------------------
أياغرة العلياوياعينها اليمنى
وياصفوة الدنياوياحاصل المعنى
أأحييتني بالأمس ثم تميتني
برفضي وإقصائي وحقي أن أُدنى
ولو أنني أحييت ميتا عشقته
لحسن الذي أثرت فيه من الحسنى
ألايعشق المِفضال ميتا أعاشه
وأجناه من معروفه الحلو ما أجنى
أقول لقوم أوعدوا منك نبوة ً
وما خلتني أبلى بذاك ولاأُمنى(75/423)
أأبقى على عهدي وينكث قاسم
وتفنى أياديهوشكري لا يفنى
كذبتمومعطيه العلاإن عزمه
على العدل والإحسان للعزم لا يثنى
أقاسملو نوفيك ماأنت أهله
لأصبحت لاتسمى لدينا ولاتكنى
ولم تدع إلاماجدا وابن ماجد
وحق لك الأسنى من الوصف فالأسنى
وإن كنت مأمولا تناسى حفاظُه
نصيبي وقد أغنى سواي وقد أقنى
وأبعدني إبعاد جاني عظيمة ٍ
وقد كنت أستدعى زمانا وأستدنى
أيحجب عني عشرة قد ومقْتها
فشوقي إليها شوق قيس إلى لبنى
نعم أنا ممنوع الذي لست كفؤه
أتمنعني قوتي من العرض الأدنى
نشدتكم أن تظلموني وتسكنوا
جوى الحقد أضلاعا على حبكم تحنى
أذو آلة فاستخدموني لآلتي
بقوتيأولا فارزقوني مع الزمنى
وإني لأرجو الفوزتينولم تزل
أياديكم تترى على المجتدى مثنى
فلا برحت سبَّابة تستغيثكم
ولا خنصر من شاكر بكم تثنى
ولازلتم يأوي إلى حجراتكم
أخو حادث أنحى وذو زمن أخنى
ألا يا عباد الله ما بال حالة
أعالجها تدوى بأدوية المضنى
أأشقى بمن لو قلتياخير من مشى
على الأرضمااستثنى ضميري مستثنى
أعيذكم من جور من جار حكمُه
فطائفة أشكى وطائفة أغنى
هبوني امرأ لاحظ فيه لمجتنٍ
أما في اصطناع العرف مكرمة تبنى
عفاءٌ على الدنيا إذا ساء رأيكم
فما هي بالدار الدميثة للسكنى
العصر العباسي >> ابن الرومي >> فما قلوص تبيت الليل معملة ً
فما قلوص تبيت الليل معملة ً
رقم القصيدة : 60386
-----------------------------------
فما قلوص تبيت الليل معملة ً
تضحى وراكبها لم يعد ممساها
مما إذا راكب أنضى مطيته
أضحت جموما وقد أنضاه مسراها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كل امرىء مدح امرأ لنواله
كل امرىء مدح امرأ لنواله
رقم القصيدة : 60387
-----------------------------------
كل امرىء مدح امرأ لنواله
فأطال فيه فقد أراد هجاءَهُ
لو لم يقدر فيه بعد المُستقى
عند الورود لما أطال رشاءَهُ
غيري فإني لاأطيل مدائحي
إلا لأوفي من مدحت ثناءَهُ
وأعد ظلما أن أقل مديحه
عمداوأسخطُ أن أقل عطاءَهُ(75/424)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لاتحسب المعروف لامعنى له
لاتحسب المعروف لامعنى له
رقم القصيدة : 60388
-----------------------------------
لاتحسب المعروف لامعنى له
إلا نوافل حمده وثناه
فلقد ترى المعروف يحسن عند من
لم يصطنعهوحمده لسواه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مزجتُ خمرة عينيها بريقتها
مزجتُ خمرة عينيها بريقتها
رقم القصيدة : 60389
-----------------------------------
مزجتُ خمرة عينيها بريقتها
كيما تُكفكف عني من حمياها
فاشتد إسكارها إياي إذ مزجتْ
ومزجك الكأس ينفي عنك طغياها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبو الحسين معجب برائِهِ
أبو الحسين معجب برائِهِ
رقم القصيدة : 60390
-----------------------------------
أبو الحسين معجب برائِهِ
لايقبل الشورى من أصدقائه
فلعنة الله على إخائه
وأدخل الأجرد في وجْعائه
وأبى المخْضُ أنْ يُكَشِّفَ إلا
عن صريحٍ مهذَّبٍ أو غُثَاءِ
ليس للمُضْمَرِ الدخيل من الصَّا
حب غير التَّكشيف والجتلاءِ
وخَبيءُ الفؤاد يعلمه العا
قلُ قبلَ السماع بالإيماءِ
ولهذا اكتفى البليغُ من الإس
هاب فيما يريد بالإيحاء
وظنونُ الذكي أَنْفذ في الحقْ
قِ سهاماً من رؤية الأغبياء
وإذا كنت لا تُؤَثِّل إلا
درهماً جائزاً على البُصراء
وكذا لستَ تعرفُ الشيء إلا
بعد فحصٍ من أمره وابتلاء
وهما يُمْتعان وقتاً من الده
ر ويُفنيهما وشيكُ المَضاء
فالصديق المأمون للزمن الفا
دح والمرتجى لدى البُرَحاء
والذي أنت وهْو في جوهر النفْ
س جميعاً من تربة وهواء
وكماءٍ مزجتَه بمُدام
فاستقرا تَجَنُّساً في وعاء
لم يكن فيهما من الفضل إلا
فاصلاتُ الألقاب والأسماء
ثم شيءٌ عرفْتَهُ بالتَّجَاري
ب وأخلصتَه بكشف الغطاء
صرَّحتْ عن طَويّة الأصدقاءِ
واضحاتُ التجريب والابتلاءِ
يَفْجأ من لامسه حَتْفُهُ
بل حتفُه أَوْحَى من الفجءِ
السريع سِكِّينُنَا هذا له حِدَّة ٌ
تصلح للتقطيع والوجءِ
يسبح في الجهلوفي طخْيائه(75/425)
وهو لدى الإخوان من جفائه
ومِنْ تَعَدِّيه ومن إلوائه
بالحق إذ جَارَ على أعدائه
قُمْرَتُه الفرخَ على ضُغائه
بما يفي وكِعْتُ عن دوائه
إنَّ البخيل ميت بدائه
وأمرُهُ كلُّ إلى ورائه
لكنني أفرِط في اقتضائه
وأستخير الله في أقصائه
زَلِقَتْ رجلُ شنطفٍ في خِرَاها
فاستغاثتْ بصفعة ٍ في قَفاها
ثَلَطَتْ في نديَّنَا فاستحقت
أن يُكَافَى بصفعة ٍ أَخدَعاها
قَحْبَة ٌ كلبة ٌ نَخُورٌ صبورٌ
حين تَلقى طعنَ الأُيور كُلاَهَا
سِقْطَة ٌ مِلْطَة ٌ شَرُوخٌ رَبُوخٌ
شُنْطُفٌ صُدِّقَ الذي سماها
عَذَرْنَا النَّخْلَ في إبداء شوكٍ
يذودُ به الأناملَ عن جناهُ
فما للعَوْسج الملعون أبدى
لنا شوكاً بلا ثمرٍ نراهُ
تُراه ظنَّ فيه جَنى ً كريماً
فأظهر عُدَّة ً تحمي حماه
فلا يتسلَّحن لدفع كفٍّ
كَفاه لُؤْمُ مَجناه كفاه
بوأخلصته بكشف الغطاء
إنما تبرز الجواهر مافي
ها إذا ما أمعتها بالصِّلاء
لايغرنَّك المماذق بالظا
هر في حال مدة الالتقاء
من كلام يوشى بمدح جميلٍ
وحديث كالقهوة الصهباء
ويمينٍ كعطك البرد لاتن
ظر في سقمها وفي الإبراء
عبد عين فإن تغيبت عنه
أكل اللحموارتعى في الدماء
وإذا ما أردته لقتيل
لحق الود منه بالعنقاء
ولقد قال سيد من أولي الفض
ل ومن سر صفوة الأصفياء
ليس أهل العراق لي بصاحب
إن هم جانبوا طريق الوفاء
إنما صاحبي المشارك في القلْ
ل وذو البذل والندى والحياء
إنما الصاحب الذي يحفظ الصا
حب في كل شدة ورخاء
لايلهيه عنه خفضولا ين
ساه عند المربدة الشوهاء
ماله كنزه إذا خفت الغي
ثوضاقت خلائق السمحاء
وانتفى الشيخ من بنيهولم تع
طف على بكرها أعف النساء
حكمة ما ورثتها عن حكيمٍ
فيلسوف من عترة الأنبياء
ليس شيء يفيده المرء في الده
ر على حين فقره والثراء
هو خير من صاحب ورفيق
مسعد في الجلية البهماء
ليس بين الصديق والنفس فرق
عندتحصيل قسمة الأشياء
يا سمي الوصيياشق نفسي
وأخي في الململة النكراء
ياأخا حل في المكارم والسؤ(75/426)
دد على محل أهل السَّناء
لم يقصر به اعتيادولم يق
عد به مولد عن استعلاء
وله بعد من مآثره الزه
ر خلال تربى على الحصباء
عجم الدهر خلفتين وسوَّى
بين حالي رخائه والبلاء
كرم الخيم والنجاروتيكمْ
شيمة شارف من النبلاء
وبيان كأنه خرز النا
ظم في جيد طفلة غيداء
وطباع أرق من ظُبة السي
فوأمضى من ريقة الرقشاء
تتراءى له العيون فتلقا
ه نقابا بدائها والدواء
فيصل للأموريأتي المعالي
بارتقاء فيهاوحسن اهتداء
وغريم أمضى من الأجل الحت
معصيم بأربة بزلاء
وهو إلف الحجاوترب المساعي
وعقيد الندى وحلف البهاء
وهو بعل للمكرماتفما ين
فك بين العوان والعذراء
حافظ للصديق إن زلت النع
ل به أو هوى عن العلياء
وجواد عليه بالمال والنف
س وبذل العقيلة الوفراء
لايؤاتي على اقتسارولا ين
هض إلا بالعزة القعساء
غير أن الزمان أقصدني في
ه بسهمي تفرق وانتئاء
لاأراه إلا على شحط الدا
روإما عن مدة شقاء
فإذا ما رأيته فكأني
بين أثناء روضة مرجاء
يتجلى عن ناظري عشا الجه
ل بألفاظه العذاب الطراء
وأحاديث لو دعوت بها الأع
صم لبى من حسن ذاك الدعاء
طِبت خلاًّ فاسلم على نكد الده
روعش آمنا من الأسواء
لا رزئناك عاتبا طلب العت
بى بإعفا معاتب الأدباء
بكلام لو أن للدهر سمعا
مال من حسنة إلى الإصغاء
ولو أن البحار يقذف فيها
منه حرف ماأج طعم الماء
وهو أمضى من السيوف إذا هز
زتوأوحى من مبرمات القضاء
وهو يشفي الصدور من جنف الحق
دويغضي من مقلة زرقاء
يكتسي منشدوه منه رداء
ذا الجمالأكرم به من رداء
لاتعايى به الرواة ولم يس
لمه مسموعه إلى استثناء
ليس بالمعمل الهجين ولا الوح
شي ذي العنجهية العثواء
بل هو البارد الزلال إذا وا
فق من صائم حلول عشاء
تَخْلُقُ الأرضُ وهو غضٌّ جديد
فَلكيٌّ من عنصر الجوزاء
عَتْبُ إلفٍ أرقُّ من كَلِم ال
أُمِّ وإن كان من ذري خَلْقاء
إن يَكُنْ عنَّ من أخيك فَعَالٌ
جارَ فيه عن مذهب الأوفياء
جلَّ في مثله العتابُ وعَالَى(75/427)
أن يُوَازَى بزَلَّة ِ العلماء
فبحق أقولعَمَّرَكَ اللَّ
ه طويلاً في رفعة ٍ وعلاء
ولكَ القولُ لالناولك التَّسْ
ليمُ منَّا لمذهب الحكماء
إن خيراً من التَّقصي على الخِلْ
لِ سَماحٌ في الأخذ والإعطاء
واغتِفارٌ لهفوة ٍ إن ألمَّت
واطَّرَاحُ التفسير والانتفاء
ليس في كل زلَّة ٍ يسع العذْ
رُ وفي ضيقهِ انتكَاسُ الإخاء
مارأيتُ المِراء يوجِبُ إلا
فُرقة ً ما اعتمدتَ طول المراء
وعَرُوسٍ قد جُهِّزتْ بطلاقٍ
عاتبتْ في وَليدَة ٍ شَنْئَاءِ
إن طول العتاب يَزْدرِعُ البغ
ضاءَ في قلب كَاره البَغْضاءِ
لم أقل ذا لأنْ عَتبْتُ ولكن
شجرُ العَتْبِ مُثْمٌر للجفاء
ليس كلُّ الإخوان يجمع مايُرْ
ضيكَ من كل خلَّة ٍ حسناء
فيه ما في الرجال من خلَّة تُحْ
مدُ يوماًوخَلَّة ٍ سَوآء
أي خلٍّ تراه كالذهب الأح
مر أو كالوذِيلة الزهراء
أين من يحفظ الصديقَ بظَهْر ال
غيب من سوء قِرفة الأعداء
فات هذا فلن تراه يد الدَه
رِ فَأَنْعِمْ في إثْره بالبكاءِ
مثلاً ماضَرْبتُه لك فاسمع
وتَثَبَّتْجُزيتَ خيرَ الجزاء
كلُّ شيء بالحس يُعرَف أو بالسْ
سَمع أو بالأَدلَّة الفُصحاء
فله موضعوفيه طَباخٌ
لبلاغٍ ذي مدة وانقضاء
ولكل من الأخلاء حالٌ
هوَ فيها كفء من الأكفاءِ
أي شيء أجلُّ قدراً من السي
فِ ليوم الكريهة العزَّاء
فأبِنْ لي هل يصلح السيفُ في العزْ
زَاءِ إلا للضربة ِ الرَّعلاء
والوَشيجُ الخَطِّيُّ وهو رِشاءُ ال
موتِ يومَ الزلزال والبأساء
هل تراه يُراد في حومة المأ
قِطِ إلاَّ للطعنة النجلاء
فكذاك الصديقُ يصلح للسا
عة دون الإصباح والإمساء
فتمسَّكْ بهولا تَدَعنه
فتراه خَصماً من الخُصماء
وهما يُذْخران للحال لا الإحْ
وال بين الفؤاد والأحشاء
وصغار الأمور رِدْفٌ لذي الرُّت
بة منها والفخرِوالكبرياء
وملوكُ الأنام قد أحوج اللَّ
هُ عُرا ملكها إلى الدَّهماء
ولو أن الملوكَ أفرادها اللَّ
هُ من التابعين والوُزَعاء
لَبدتْ خَلَّة ٌوثُلَّتْ عُروش(75/428)
واستوت بالأخِسَّة الوُضعاءِ
ولَمَا كان بين أكمل خلق ال
لَّه فرقٌ وبين أهل الغباء
حَلق الدرعِ ليس يمسك منها
سَردها غيرُ شكة الحِرباءِ
ولهذا الإنسانِ قد سخَّر الرح
منُ ما بين أرضه والسماءِ
وبحَسب النعماء يُطلبُ الشك
رُ كِفاءً لواهب النعماء
ثم لم يُخْله من النقص والحا
جة والعجز قِسمة ً بالسَّواء
ليكونَ الإنسانُ في غاية التعْ
ديلِ بين السراء والضراء
فاصْطبرْ للصديق إن زلَّ أوجا
رَ برجلٍ عن الهُدى نَكباء
فهو كالماءهل رأيت معين ال
ماء يعفَى من نُطفة ٍ كَدْراءِ
وتَمتَّع بهففيه متاعٌ
وادِّخارٌ لساعة ٍ سَوْعاء
أيُّ جسم يَبقى على غير الده
ر خَلِيّاً من قاتل الأدواء
أيّما روضة ٍ رأيتَ يدَ الأي
ام في عبقرية ٍ خضراء
أو ما أبصرتْ لك الخير عينا
ك رُباها مصفرة َ الأرجاء
إنما هذه الحياة ُ غرورٌ
وشقاءٌ للمعشر الأشقياء
نحن فيها ركبٌ نؤمُّ بلاداً
فكأن قد ألنا إلى الانتهاء
ماعسى نَرتجي ونحن مع الأمْ
وات يُحْدَى بنا أَحَثَّ الحُداءِ
فإذا أعرض الصديقُ وولَّى
لِقِفار لاتُهْتَدى فَيْفَاءِ
ورمى بالإخاء من رأس علْيا
ءَ إلى مُدْلَهِمَّة ظلماء
لم يُراقب إلاَّولم يَرجُ أن يأ
تيَ يوماً يمشي على استحياء
فاتركَنْهُ لا يهتدي لمبيتٍ
بنُباحٍ ولا بطولِ عُواء
إنما تُرْتجى البقيّة ُ ممن
فيه بُقيا وموضعٌ للبقاء
واشدُدَنْ راحتيكَ بالصاحب المُس
عِدِ يومَ البَليسة الغماءِ
بالذي إن دُعي أجاب وإن كا
ن قِراعَ الفوارِس الشجعاء
كأبي القاسم الذي كلُّ مايمْ
لُكُ للمعتقينَ والخُلطاء
والذي إذا أردتَه لمَقامٍ
جاء سَبْقاً كاللِّقوة ِ الشَّغواء
وإذا ما أردتهُ لجِدالٍ
جاء كالمُصْمَئلَّة الدَّهياء
فإذا دَلَّ جاء بالحُجْ
جَة ِ الغرَّاء ذاتِ المعالم الغراء
مُنْجحُ القيل ما علمتُ وحاشا
لخليلي من تَرْحة ِ الإكداء
أرْيَحيٌّبمثلهِ يُبْتنى المج
دُ وتسمو به فروعُ البناء
باسطُ الوجهِضاحكُ السنبسَّا
مٌ على حين كُرْهِهِ والرِّضاء(75/429)
وثبيتُ المقام في الموقف الدَّح
ض إذا ما أضاق رحبُ الفضاء
وله فكرة ٌ يعيد بها الأم
واتَ في مثل صورة الأحياء
فتراها تَفْرى الفَرِيَّوكانت
قَبله لاتُحيرُ رجعَ النداء
ليس يرضى لها التحرُّك أو يُب
رِزُها في زلازلِ الهيجاء
فترى بينها مُقارعة َ الأب
طالِ راحت من غارة ٍ شعواء
بتدابيرَ تَفلِقُ الحجرَ الصَّلْ
دوتَشفي من كل داء عياء
يَهزم الجيش ذكرُه فتراهم
جَزَرَ الهام عُرْضة َ الأصداء
يتلقاهُمُ بسيفٍ من الفك
رِورمح من صَنعة الآراء
وسيوفُ العقول أمضى من الصَّم
صام في كفِّ فارِس الغبراء
فترى القوم في قليبٍ من المو
تِ أسارى لدَلوه والرِّشاءِ
وله حَرْشَفٌ يُديرُ قُداما
هُ زحافاً كالفَيلَق الشهباءِ
والمغاويرُ بالياتٌ كما عا
يَنْتَ مَوْرَ الكتيبة الجأواء
وهي خُرْسُ البيان من جهة النُّط
قفصاحُ الآثار والأنباء
أيُّ شيءٍ يكونُ أحسنَ منه
فارساً ماشياً على العَفْراءِ
في حروب لاتُصطَلى لتراتٍ
وقتال بغير ما شَحْناءِ
وقتيلٍ بغير جُرمٍ جناه
وجريحٍ مُسَلَّم الأعضاء
وصريعٍ تحت السنابك ينجو
برِماقٍولات حين نجاء
وهو في ذاك ناعمُ البال لا ي
فصل بين القتيل والأُسَراء
وتراهُ يحثُّ كأسَ طِلاءٍ
باقتراحٍ لقُبْلة ٍ أو غناء
لايُدانيه في الشجاعة بِسطا
مُ بن قيسوفارسُ الضحياء
حلَّ من خُلَّتي محلَّ زُلالِ ال
ماء من ذاتِ غُلَّة ٍ صَدْياء
بودادٍ كأنه النرجسُ الغضْ
ضُ عليلاً بمِسكة ٍ ذَفْراء
راسياً ثابتاً وإن خَلَت الدا
رُ جنابا وامتد عهدُ اللقاء
لستُ أخشى منه الغيابَ ولا تخ
شاه في حال قربنا والعَداء
حبذا أنتُما خليلا صفاءٍ
لا يُدانيكما خليلا صفاءِ
لكما طوعُ خُلَّتي وقِيادي
ما تغنت خَطباءُ في شَجْراءِ
ذاك جُهدي إذا وَدِدتُ وإن أق
در أكافِئْكُما بخيرِ كِفاء
وحباءُ الوداد بالمنطق الغضْ
ضِ يُجازَى به أَجلُّ حِباء
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألا ابْلغْ لديكَ بني طاهرٍ
ألا ابْلغْ لديكَ بني طاهرٍ(75/430)
رقم القصيدة : 60391
-----------------------------------
ألا ابْلغْ لديكَ بني طاهرٍ
أُساة َ الخلافة ِ من دائها
عَلوتم عُلوَّ نجومِ السماء
فَنوؤوا علينا كأنَوائها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لا عَدِمْتَ السرورَ يا بن أبي بَكْ
لا عَدِمْتَ السرورَ يا بن أبي بَكْ
رقم القصيدة : 60392
-----------------------------------
لا عَدِمْتَ السرورَ يا بن أبي بَكْ
رٍ وأُعْقبْتَ صحة ً من دوائِكْ
وأطال الإلهُ عمرك في عزْ
زٍ يسوءُ الجميعَ من أعدائك
عاليَ القدر نافذَ الأمر والنَّه
ي تَسُرُّ الجميعَ من أوليائك
رُمتُ إذ قيل لي أخذتَ دواءً
لَطَفاً عالياً بقدرِ اعتلائك
فإذا ما ملكتُهُ مُسْتَقَلٌ
لك لا بل لخادمٍ بفنائك
وإذا الشكرُ والثناء هُمَا أف
ضلُ شيءٍ يُهْدَى إلى نُظرائك
فبعث الدعاء والشكر فاعرفْ
فضلَ عِلْقَيْن أخبرا عن علائك
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا باذلَ العُرفِ لأَعدائِه
يا باذلَ العُرفِ لأَعدائِه
رقم القصيدة : 60393
-----------------------------------
يا باذلَ العُرفِ لأَعدائِه
مُذ كان فضلاً عن أوِدّائِهِ
ويا أخا الجودِ وخُلْصانَهُ
لكُلِّ ما يشفيه من دائهِ
جاء البنفسُ الرَّطبُ فامْنُنْ به
ما دام مَطلولاً بأندائِهِ
قد جادتِ الأرضُ بإنباتِهِ
فجُدْ لنا أنت بإهدائهِ
ولا تكن أَبخلَ من طينة ٍ
تُبديه في إبّانِ إبدائه
ما الأرضُ أولى من فتى ماجد
بفعلِ معروفٍ وإسدائه
والحُرُّ لا يقطعُ في حالة
عاداتِ جدواهُ وإجدائه
ولا أياديهِ بمقْفُوَّة ٍ
بَيْضاؤُهُ منه بسودائه
ولا عطاياهُ بمتْلُوَّة ٍ
منها الهنيئاتُ بنَكْدائه
ما حَقُّ من أسلف تأميلَهُ
مثلك أن يُجزى بإكْدائه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> طويتَ بسيطَ آمالي برفدٍ
طويتَ بسيطَ آمالي برفدٍ
رقم القصيدة : 60394
-----------------------------------
طويتَ بسيطَ آمالي برفدٍ
كفاني أنْ أُؤمِّلَ ما سواهُ
أقولُ وقد طويتُ به رجائي(75/431)
ليطوِ كذا رجائي مَنْ طواهُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سُقِيتُنَّ يا مَنْزِلاتِ الهوى
سُقِيتُنَّ يا مَنْزِلاتِ الهوى
رقم القصيدة : 60395
-----------------------------------
سُقِيتُنَّ يا مَنْزِلاتِ الهوى
بوادي الشريجة ِ صوب الحيا
ولا زال مسرحُ غِزْلانُكنَّ
مَريعَ المَحلَّة ِ والمُنْتأَى
وجاوَرتِ الروض حيثُ الحسا
نُ تغضُّ النهى من عيون المها
مواقف حورِ بناتِ الخُدورِ
يُبكِّينَ أعينَ من قد هوى
بُكاءَ الحمائم في أيكة ٍ
تَجاوبْنَ وقت ابتسامِ الضُّحا
إذا ما غدونَ لِطافَ الخصورِ
خفافَ الصدورِ ثِقالَ الخُطا
رِقاقَ الثنايا عِذَابَ الغُروبِ
صِغارَ القلوب ضِعافَ القُوى
زوائرَ في كلِّ ما جُمعة ٍ
قُبوراً أقمنَ بدار البِلى
ورُحن يُجاذبنَ أردافهنَّ
لَواعبَ في نسوة ٍ كالدمى
كأنّ تَثنِّيَ أعطافهِنَّ
تثني الغصونِ بريح الصَّبا
فكم ليَ في ظلّ أفنانكنَّ
على النأيِ من معهدٍ للصِّبا
وبعدَ التَّهاجُر من وُصْلَة ٍ
وبَعدَ التفرقِ من مُلتقى
ومن يومِ همٍّ نعمنا به
بأَحبابنا صَالحٍ مُرتضَى
فبُدِّلتُ منكن في وَاسطٍ
مساكنَ أنباطِ أهل القُرَى
ومن سُرَّ من را وروضاتها
حُشوشاً تقابلُ وسط الملا
ومن حُسن أوجهِ سكانها
قُروداً تَزَحَّرُ تحت الغَضى
رجالاً بكَسكَر ما إن ترى
لهم شَبهاً من جميع الورى
نحافَ الجسُومِ خفافَ الحُلو
مِ صغارَ الرؤوسِ عظامَ اللَّحى
فلا قُدستْ واسط بلدة ً
ولا جادها من سحابٍ رَوا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> نَشَّرَ آذارُ في الثرى حُللاً
نَشَّرَ آذارُ في الثرى حُللاً
رقم القصيدة : 60396
-----------------------------------
نَشَّرَ آذارُ في الثرى حُللاً
قد كان كانونُ قبلُ طواها
كسا عراءَ الرُّبَا طَيالسة ً
خُضراً وبالعَبْقَرِيِّ رَدَّاها
وصاغَ للأرض كُلَّ تاجٍ بها
أحسنَ في صُنعهِ فجلاَّها
أعجبَ ذاك السماء فانبعثتْ
تَنثُر دُرّاً على مُحيَّاها
ولو ترانا وقد تَكنَّفنا(75/432)
من دُكُن الخزِّ لابسٌ جاها
وتظهرُ الشمسُ في النَّشاص لنا
من خَلَلِ الغيم إذ تَغَشَّاها
مثلَ عرُوس تَسَتَّرت خَجلاً
من بعلها بعدَ أن تَجلاّها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سَلَوْتُ شَبابي والرّضاعَ كليهما
سَلَوْتُ شَبابي والرّضاعَ كليهما
رقم القصيدة : 60397
-----------------------------------
سَلَوْتُ شَبابي والرّضاعَ كليهما
فكيف تُراني سالياً ما سِواهُما
وما أحدثَ العَصْران شيئاً نكرْتُه
هما الواهبان السالبان هما هُما
رأيتُ احتسابَ الأمرِ قبل وقوعه
حَمَى مُقْلَتيَّ أنْ يطولَ بُكَاهُما
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا أبا الفضل لم تكن عَوْجة ٌ من
يا أبا الفضل لم تكن عَوْجة ٌ من
رقم القصيدة : 60398
-----------------------------------
يا أبا الفضل لم تكن عَوْجة ٌ من
ك علينا تَحُطُّ من عَليائِكْ
لا ولا في قَضاءِ حقِّ أبي شَيْ
بة ما يوجبُ انتكاثَ إخائكْ
قد بَغَيْنا كما بغيتَ وقد كا
ن حقيقاً وفاؤنا بوَفائكْ
إن تكن قد علوتَ عن ساكني الأر
ضِ فخاطِبْهمُ إذاً من سَمائكْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أسَلُ الغِنى عنك الذي
أسَلُ الغِنى عنك الذي
رقم القصيدة : 60400
-----------------------------------
أسَلُ الغِنى عنك الذي
أغناكَ عنّي بالثراءِ
كَيْما تَراني في الذي
أبصرتُ فيكَ من القضاءِ
ولقد أرَقْتُ بلا انتفا
عٍ ماءَ وجهي بالرَّجاءِ
فمنَعتني منكَ الجَدا
وسرقتني طِيب الثناءِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قولا لسُمَّانَة كَهْفِ الزنا
قولا لسُمَّانَة كَهْفِ الزنا
رقم القصيدة : 60401
-----------------------------------
قولا لسُمَّانَة كَهْفِ الزنا
سبحانَ من وسَّع أحْشاكِ
يغيبُ ماءُ الناس عن أسْرهم
فيكِ ولا تُبْسطُ أَثناكِ
يا أرضُ هل حُمِّلْتِ في وُسْعها
بالله مذ حُمِّلْتِ أَعباك
كأنما يُوحَى إلى رِحْمها
وقيل يا أرضُ ابلعي ماكِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لو أن رِجْليَ عِرسِه يداها(75/433)
لو أن رِجْليَ عِرسِه يداها
رقم القصيدة : 60402
-----------------------------------
لو أن رِجْليَ عِرسِه يداها
ما أخطأتْهُ رحمة ٌ تغشاها
مذ خُلقت مرفوعة ً رجلاها
كأنما تستغفرانِ اللاَّها
يلومُهُ الناسُ أنِ اصطفاها
مع الذي يُخبَرُ مِنْ زِناها
وخالدٌ يدري لمَ اجتباها
من كان يشفي داءَهُ لولاها
يمنعها الشيخُ من اشْتهاها
أو يحبسُ الأصلعَ في دَباها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قالوا سقى الماءُ بطنَ وهبٍ
قالوا سقى الماءُ بطنَ وهبٍ
رقم القصيدة : 60403
-----------------------------------
قالوا سقى الماءُ بطنَ وهبٍ
فقلت أنَّى وكيف ذاكا
أين هواضيمُهُ اللواتي
كان يُداوي بها براكا
لم نرَ يا وهبُ ذا بغاءٍ
مُستسقياً بطنُهُ سِواكا
إن يكُ لم يُغنِ عنك شيئاً
وَقْعُ الهواضيم في حشاكا
لقد سُقي الماءَ بطنُ سوءٍ
شفاه ربي ولا شفاك
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ومُغنٍّ بِبَرْده ونَداهُ
ومُغنٍّ بِبَرْده ونَداهُ
رقم القصيدة : 60404
-----------------------------------
ومُغنٍّ بِبَرْده ونَداهُ
تَخمدُ النارُ حين يَفتح فاهُ
يتغنى بغير رُزءٍ ولا يس
كتُ إلا بحُكْمِه ورضاهُ
يتمنى السميعُ حين يُغني
أنه قبلَ ذاك صُمَّ صداهُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألا رُبَّ أشياءَ مذكورة ٍ
ألا رُبَّ أشياءَ مذكورة ٍ
رقم القصيدة : 60405
-----------------------------------
ألا رُبَّ أشياءَ مذكورة ٍ
يُحدَّثُ عنها وليستْ تُرَى
بِعرْسٍ وآوَى وما أشْبها
وكابنِ الرُّخاميِّ طيفِ الكَرى
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وذي وُد تَغيَّظ إذ جفاني
وذي وُد تَغيَّظ إذ جفاني
رقم القصيدة : 60406
-----------------------------------
وذي وُد تَغيَّظ إذ جفاني
أبو حفصٍ فقلت له فداهُ
ألم ترني وقفتُ عليه عِرضي
وأمكَنني بذلك من قَفاهُ
فلستُ الدهرَ هاجِيَهُ حياتي
ولكنِّي سأهجو مَنْ هجاهُ
إذا كافأتُهُ سُوءاً بسوءٍ
فمن لِيدي ونُزهتِها سِواهُ(75/434)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبيتُم أن تُقيدوا شكرَ مثلي
أبيتُم أن تُقيدوا شكرَ مثلي
رقم القصيدة : 60407
-----------------------------------
أبيتُم أن تُقيدوا شكرَ مثلي
بل الله الذي خلق الإباءَ
رآني اللَّهُ أرفعَ من جَداكم
وأنَّى تُمْطِر الأرضُ السماءَ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لَعَمْرُكَ ما أدري إذا ما تنفَّستْ
لَعَمْرُكَ ما أدري إذا ما تنفَّستْ
رقم القصيدة : 60408
-----------------------------------
لَعَمْرُكَ ما أدري إذا ما تنفَّستْ
كُنَزَة ُ ما أنفاسُها من فُسائها
بها غُلْمَة ٌ قد أحرقَتْها بحرِّها
تُبرِّدُها عن نفسها بِغنائها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رأيتُ أذاكُمُ وإن اعتزلتُم
رأيتُ أذاكُمُ وإن اعتزلتُم
رقم القصيدة : 60409
-----------------------------------
رأيتُ أذاكُمُ وإن اعتزلتُم
جَنوباً تستديرُ على ذُراها
فأما لؤْمكُمْ عن كل خيرٍ
فعينُ الفَهْد لا تَقضِي كَراها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لَعَمْرُك ما الدنيا بدارِ إقامة ٍ
لَعَمْرُك ما الدنيا بدارِ إقامة ٍ
رقم القصيدة : 60410
-----------------------------------
لَعَمْرُك ما الدنيا بدارِ إقامة ٍ
إذا زالَ عن عين البصيرِ غطاؤها
وكيف بقاءُ الناس فيها وإنما
يُنالُ بأسباب الفناء بقاؤها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وما الفقرُ عيباً ما تَجمَّلَ أهلُهُ
وما الفقرُ عيباً ما تَجمَّلَ أهلُهُ
رقم القصيدة : 60411
-----------------------------------
وما الفقرُ عيباً ما تَجمَّلَ أهلُهُ
ولم يسألوا إلا مُداواة َ دائِهِ
ولا عيب إلا عيبُ من يملك الغِنى
ويمنعُ أهلَ الفقرِ فضلَ ثرائهِ
عجِبتُ لعيب العائبينَ فقيرهَم
بأمرٍ قَضاهُ ربُّه من سمائه
وتركِهِمُ عيبَ الغنيِّ ببخله
ولؤمِ مساعيه وسُوءِ بلائه
وأعجَبُ منه المادحونَ أخا الغنى
وليس غِناهُ فيهمُ بغنَائِهِ
ولو أنه أغنَى ووَكَّل نفسه
بجمع فضول المالِ بعد اقتنائه(75/435)
لَمَا كان أهلُ الحمد من قُربائه
إذا أْتَمروا رُشداً ولا بُعدائه
ولا حَمِدَ اللهُ الأولى يَحْمَدونه
ولا اعتدَّهم في الناس من أوليائه
أولئك أتباعُ المطامع والمنى
جزاهم مليكُ الناس شرَّ جزائه
يعيبهم أهل العفافِ ومدْحِهِمْ
حريصاً يكُدُّ النفسَ بعد اكتفائه
يؤثّل لا للحمدِ ما هو كاسبٌ
ولا الأجرِ في إصباحه ومسائه
ولكنْ لكنزٍ من لُجينٍ وعَسْجَدٍ
يودُّ فناءَ العُمر قبل فسائه
يقيه ويحميه بصفحه وجهه
ويجعل أيضاً عِرضَه من فدائه
ولو حُظَّ أضحى مالُه من أمامه
وِقاءً وأضحى عِرضُه من ورائه
ولكنْ أبى إلا الخَسَارَ لغَيِّهِ
وما فوق عَيْنَيْ قلبهِ من غطائه
ولو وَزنَ استمتاعَهُ بغَنائِهِ
إذاً ما وفَى استمتاعُهُ بعَنائه
سأمنحُهُ ذمِّي وأختصُّ حِزبَهُ
بأوفَى نصيب من قبيحِ ثنائه
رضيتُ لمن يشقى عقاباً شقاءه
وإن لم أكن أرضى له بشفائه
إذا حُرم الفاني من الخير حَظَّهُ
فَلِمْ يفرح الباقي بطول بقائه
ضَلالاً لمن يسعى إلى غير غاية ٍ
ولايرتجى ناهيهِ عند انتهائه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا وَيْحَ هذا الطِبيبِ وَيْحاهُ
يا وَيْحَ هذا الطِبيبِ وَيْحاهُ
رقم القصيدة : 60412
-----------------------------------
يا وَيْحَ هذا الطِبيبِ وَيْحاهُ
لقد تعدَّى بما تَجنَّاهُ
يُألمُ بالفصْد كفَّ ذي غُنجٍ
تَفْصِدُ منا القلوبَ عيناهُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قد تَستُر المرآة ُ عَنْ
قد تَستُر المرآة ُ عَنْ
رقم القصيدة : 60413
-----------------------------------
قد تَستُر المرآة ُ عَنْ
كَ خدوشَ وجهك معْ صَداها
وكذاكَ نفسُكَ لا تُري
كَ عيوبَ نفسِك مَعْ هَواها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وحيَّة ٍ في رأسها دُرَّة ٌ
وحيَّة ٍ في رأسها دُرَّة ٌ
رقم القصيدة : 60414
-----------------------------------
وحيَّة ٍ في رأسها دُرَّة ٌ
تسبَحُ في بحرٍ قصيرِ المَدَى
فإن تَولَّتْ فالعَمَى حاضرٌ
وإن بدتْ بان طريقُ الهدى(75/436)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ما لِلْمَلولِ وفاءٌ في مَودَّتِهِ
ما لِلْمَلولِ وفاءٌ في مَودَّتِهِ
رقم القصيدة : 60415
-----------------------------------
ما لِلْمَلولِ وفاءٌ في مَودَّتِهِ
قَلْبُ الملولِ إلى هجرٍ وإقصاءِ
كأنني كلما أصبحتُ أَعتِبُهُ
أخُطُّ حرفاً على صفحٍ من الماءِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> به تنطوي الآمالُ عند انبساطها
به تنطوي الآمالُ عند انبساطها
رقم القصيدة : 60416
-----------------------------------
به تنطوي الآمالُ عند انبساطها
وتنسطُ الأعمارُ بعد انطوائِها
وما تنطوي الآمالُ عنه بخيبة ٍ
ولكنْ إلى جدواهُ أقصى انتهائها
إذا غَلتِ الآمالُ فارْضَ بجودِهِ
فما بعدَه مَعْدى لِسَهْمِ غَلائها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وقهوة ٍ رقَّتْ عن الهواءِ
وقهوة ٍ رقَّتْ عن الهواءِ
رقم القصيدة : 60417
-----------------------------------
وقهوة ٍ رقَّتْ عن الهواءِ
أدفَعَ للداء من الدواء
عذراءَ لاحت في يدَيْ عذراءِ
أحسنُ من تَظاهُرِ النَّعْماء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قال لهاجيكَ مُطنباً في الهجاء
قال لهاجيكَ مُطنباً في الهجاء
رقم القصيدة : 60418
-----------------------------------
قال لهاجيكَ مُطنباً في الهجاء
لا تَبِعْ راحة ً بطولِ عناءِ
سَمِّني لا تزد فأنت إذا ما
قلتَ أفعى أنبأتَ عن رَقْشاء
قَسَماً إنَّ في الهجاء لَسِتْرا
وغطاءً للسوءة السَّوآء
لو هجا الأنبياء كلباً لقال النْ
ناسُ هذا تكذُّب الشعراء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> للهِ خالد الطائيُّ من رجلٍ
للهِ خالد الطائيُّ من رجلٍ
رقم القصيدة : 60419
-----------------------------------
للهِ خالد الطائيُّ من رجلٍ
كم شُبهة ٍ من عَويص الفقهِ جلاّها
أبصرتُ زوجتَهُ يوماً بحضرَته
وقد علتْ دون سقفِ البيت رِجْلاها
فقلتُ هلاَّ توارت عنك محسنة ً
فقال تخشى عقابَ اللهِ مولاها
لو أنها كاتَمَتْني بالزنا أَثمتْ(75/437)
إذ تتَّقيني بما لا تتقي اللاَّها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وشاعرٍ أَوْقَد الطبعُ الذكاءَ به
وشاعرٍ أَوْقَد الطبعُ الذكاءَ به
رقم القصيدة : 60420
-----------------------------------
وشاعرٍ أَوْقَد الطبعُ الذكاءَ به
فكاد يَحْرِقُه من فرط إذكاءِ
أقام يُجهِدُ أياماً قريحَتَهُ
وفسَّر الماءَ بعد الجَهْدِ بالماءِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وكلامٌ لَو انَّ للدهرِ سمعاً
وكلامٌ لَو انَّ للدهرِ سمعاً
رقم القصيدة : 60421
-----------------------------------
وكلامٌ لَو انَّ للدهرِ سمعاً
مال من حُسنِه إلى الإصغاءِ
ولَو انَّ البِحار يُقذَفُ فيها
منه حَرْفٌ ما أجَّ طعمُ الماءِ
تخلُق الأرضُ وهو غضٌّ جديدٌ
فَلَكيٌّ من عنصرِ الجوزاءِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رُبَّ عِرْضٍ مُنزَّهٍ عن قبيحٍ
رُبَّ عِرْضٍ مُنزَّهٍ عن قبيحٍ
رقم القصيدة : 60422
-----------------------------------
رُبَّ عِرْضٍ مُنزَّهٍ عن قبيحٍ
دنّستهُ مُعَرِّضاتُ الهجاءِ
لو أراد الأديبُ أن يهجُو البد
رَ رماهُ بالخُطَّة ِ الشَّنعاءِ
قال يا بدرُ أنت تغدِرُ بالسا
ري وتُزري بزَوْرة الحسناء
كَلَفٌ في شُحوب وجهك يَحْكي
نُكَتاً فوق وَجْنَة ٍ بَرْصاء
يَعتريكَ المَحَاقُ ثم يخلِّي
كَ شبيهَ القُلامة الحَجْناء
ويَليكَ النُّقصانُ في آخرِ الشه
ر فيمحوك من أديم السماء
فإذا البدرُ نيلَ بالهجو هل يأ
مَنُ ذو الفضلِ ألسُنَ الشعراء
لا لأجلِ المديح بل خيفة الهج
و أخَذْنا جوائزَ الخلفاء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> روحُ النفوسِ تنفُّسُ الصهباء
روحُ النفوسِ تنفُّسُ الصهباء
رقم القصيدة : 60423
-----------------------------------
روحُ النفوسِ تنفُّسُ الصهباء
منْ دُونها كالصبح باللألاَءِ
فكأنها مِنْ فوق عرش زُجاجها
بلقيسُ تُجْلَى في حُلَى حسناء
وكأنها في الكأس شمسٌ قارنتْ
بُرْجَ الهلال فهلَّ بالأضواءِ
نظم الحبَابَ على شقائقِ أرضها(75/438)
نثرُ اللآلىء من ندى الأنواء
لَمْ أدْرِ هل أبدتْ حَباباً زاهراً
أو عكسَ نورِ كواكب الجوزاء
تسرِي كسَرْي الروح في أعضائها
أو كالصَّبا في الروضة ِ الغنّاء
وتُعيدُ نشأتها المشيبَ إلى الصِّبا
فكأن عيسى جاء بالإحياء
تَرْوِي عن العصر القديم حديثها
بتسلسلٍ والدَّوْرُ في الندماء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لَنِعْمَ اليومُ يومُ السبت حقاً
لَنِعْمَ اليومُ يومُ السبت حقاً
رقم القصيدة : 60424
-----------------------------------
لَنِعْمَ اليومُ يومُ السبت حقاً
لصيدٍ إن أردتَ بلا امتراءِ
وفي الأحدِ البناءُ فإن فيه
بدا الرحمنُ في خلق السماء
وفي الاثنين إن سافرت فيه
تَنَبَّأْ بالنجاحِ وبالنجاء
وإن رُمْت الحجامة فالثلاثا
فذاك اليومُ مُهراقُ الدماء
وإن رام امرؤٌ يوماً دواءً
فنعم اليوم يوم الأربعاء
وفي يومِ الخميسِ قضاءُ خيرٍ
ففيه الله يأذن بالقضاء
ويومُ الجعة التنعيمُ فيه
وتزويجُ الرجالِ مع النساء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> طلابُكَ للحظوظِ من العناءِ
طلابُكَ للحظوظِ من العناءِ
رقم القصيدة : 60425
-----------------------------------
طلابُكَ للحظوظِ من العناءِ
فدعْها للسفاهة ِ والجِباءِ
وكِدْ دُنْياكَ ما بُقيِّت فيها
بصافية ٍ أرقَّ من الهواء
ولا تُتْبِع حُمَّيا الكأس نُقْلاً
سوى أعراضِ أولادِ الزناء
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا ثوبَهُ الأزرقَ الذي قد
يا ثوبَهُ الأزرقَ الذي قد
رقم القصيدة : 60426
-----------------------------------
يا ثوبَهُ الأزرقَ الذي قد
فاقَ العِراقيَّ في السناءِ
كأنهُ فيه بدرُ تِمٍّ
يَشُق زرقة َ السماءِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> شابَ رأسي ولات حينَ مَشيبِ
شابَ رأسي ولات حينَ مَشيبِ
رقم القصيدة : 60427
-----------------------------------
شابَ رأسي ولات حينَ مَشيبِ
وعجيبُ الزمان غَيْرُ عَجِيبِ
فاجعلي موضعَ التعجُّب من شَيْ
بِيَ عُجْباً بفَرْعك الغِرْبيبِ(75/439)
قد يشيبُ الفتى وليس عجيباً
أن يُرى النورُ في القضيب الرطيبِ
ساءها أنْ رأتْ حبيباً إليها
ضاحكَ الرأسِ عن مفَارقَ شِيبِ
فدَعَتْهُ إلى الخُضاب وقالت
إنَّ دفنَ المَعيبِ غيرُ معيبِ
خَضَبت رأسَهُ فبات بتَبْري
حٍ وأضحى فظلَّ في تأنيبِ
ليس ينفكُّ من مَلامة زارٍ
قائلٍ بعد نظرتَيْ مُستريب
ضلة ً ضلة ً لمن وعَظَتْهُ
غِيَرُ الدهر وهْو غيرُ مُنيب
يدَّري غِرَّة َ الظباء مُريغاً
صَيْدَ وحْشيِّها وصَيْدَ الرَّبيب
مُولَعاً موزَعاً بها الدهر يرْمي
ها بسهم الخضاب غيرَ مصيب
عاجزٌ واهنُ القُوى يتعاطى
صبغة َ الله في قناع المشيب
رامَ إعجابَ كل بيضاءَ خود
بسواد الخضاب ذي التعجيب
فتضاحكْنَ هازئاتٍ وماذا
يُونِقُ البِيضَ من سوادٍ جَليب
يا حليفَ الخضاب لا تخدع النف
س فما أنت للصِّبا بنسيب
ليس يجدي الخضابُ شيئاً من النف
ع سوى أنه حِدادُ كئيب
فاتَّخذْهُ على الشباب حداداً
وابكِ فيه بعَبْرة ونَجيب
وفتاة ٍ رأت خضابي فقالت
عَزَّ دَاءُ المشيب طِبَّ الطبيب
خاضبُ الشيب في بياضٍ مُبين
حين يبدو وفي سوادٍ مريب
يا لها من غَريرة ذاتِ عينٍ
غيرِ مغرورة بشيبٍ خَضيب
وحقيقٌ لعورة الشيب أن تب
دوَ للغِرِّ غيرِ ذي التدريب
لهفَ نفسي على القناع الذي مَح
حَ وأُعقِبْتُ منه شرَّ عَقيب
مَنَعَ العينَ أن تَقرَّ وقرت
عينُ واشٍ بنا وعينُ رقيب
شان ديباجة َ الشبابِ وأزرى
بقوامٍ له ولينِ عسيبِ
نفَّر الحِلْمَ ثم ثنَّى فأمسى
خَبَّبَ العِرْسَ أيَّما تخبيب
شَعَرٌ ميتٌ لذي وَطَرٍ حيْ
يٍ كنارِ الحريق ذاتِ اللهيب
في قناعٍ من المشيبِ لَبيسٍ
ورداءٍ من الشباب قشيب
وأخو الشيب واللُّبانة في البِي
ض بحالٍ كقَتْلة التغبيب
مَعَهُ صبوة ُ الفتى وعليه
صَرْفة الشيخ فهْو في تعذيب
يُطَّبَى للصِّبا فيُدْعى مجيباً
وهو يدعو وما لَه من مجيب
ليس تنقادُ غادة ٌ لهواهُ
وهو ينقادُ كانقيادِ الجَنيب
ظلمتني الخطوبُ حتى كأني
ليس بيني وبينها من حَسيب(75/440)
سلبتْني سوادَ رأسِي ولكن
عوّضتْني رياشَ كلِّ سليب
عوّضتني أخا المعالي عليّاً
عِوَضٌ فيه سلوة للحَريب
خُرَّمِيٌّ من الملوك أديبٌ
لم يزل ملجأً لكل أديب
يستغيثُ اللهيفُ منه بمدعوْ
وٍ لدى كل كَرْبة مستجيب
أَرْيَحيٌّ له إذا حَمَدَ الكزْ
زُ بَنانٌ تذوبُ للمستذيب
يتلقَّى المُدفَّعينَ عن الأب
بواب بالبشر منه والترحيب
لو أبى الراغبون يوماً نداهُ
لدعاهُمْ إليه بالترهيب
رُبَّ أُكرومة ٍ له لم تَخَلْها
قبلَهُ في الطباع والتركيب
غَرَّبتهُ الخلائقُ الزُّهْرُ في النا
س وما أوحشتْهُ بالتغريب
يَهَبُ النائلَ الجزيلَ مُعيراً
طَرفَهُ الأرضَ ناكتاً بالقضيب
يتَّقي نظرة المُدلِّ بجدوا
هُ ويَعْتَدُّها من التثريب
بعد بشرٍ مُبَشِّرٍ سائليه
بأمانٍ لهم من التخييب
حَبّبَتْ كفُّه السؤالَ إلى النا
س جميعاً وكان غير حبيب
ما سعى والسعاة ُ للمجد إلا
سبقَ المُحْضِرينَ بالتقريب
لو جرى والرياحُ شأْواً لأَضْحَى
جريُها عند جريه كالدَّبيب
من رآه رأى شواهد تُغْني
عن سماعِ الثناء والتجريب
فيه من وجهه دليلٌ عليه
مُخبِرٌ عن ضَريبة ٍ ذات طيب
حَكم اللهُ بالعلا لعَليٍّ
وبحق النجيب وابن النجيب
فَلْيمُتْ حاسدوهُ همّاً وغمّاً
ما لحُكْم الإله منْ تعقيب
جِذْلُ سلطانِه المحكَّك في الخَطْ
ب وعَذْقُ الجُناة ذو الترحيب
والنصيحُ الصريحُ نُصحاً إذا ما
جمعوا بين رائبٍ وحليب
والذي رأيُهُ لأسلحة الإب
طالِ مثلُ الصِّقال والتذريب
عنه تمضي ولو تعدّته أضحت
من كليلٍ مُفَلَّلٍ وخَشيب
مِدْرَهُ الدين والخلافة ذو النص
ح عن الحَوْزتين والتذبيب
فَلَّ بالحجة الخُصومَ وبالكي
د زُحوفَ العِدا ذوي التأليب
رُبَّ مَغنى ً لحزب إبليسَ أخلا
هُ فأمسى وما به مِنْ عَريبِ
دَمَّرتْ أهلَهُ مكائدُ كانت
لأُسودِ الطغاة ِ كالتقشيب
رتّبتهُ الملوكُ مرتبة َ المِدْ
رِه لا مُخطئينَ في الترتيب
قَيِّمٌ قوَّمَ الأمورَ فعادتْ
قيِّماتٍ به من التحنيب(75/441)
واستنابَ الخطوب حتى أنابت
وبما لا تُنيبُ للمُستنيب
عندُهُ للثَّأَي طِبابٌ من التد
بير يَعْيَ به ذوو التطبيب
لَوْذعِيٌّ له فؤادٌ ذكي
ماله في ذكائه من ضَريب
يَقظٌ في الهَناتِ ذو حركات
لسكون القلوب ذاتِ الوجيب
ألمَعِيٌّ يرى بأولِ ظنٍّ
آخرَ الأمر من وراء المغيب
لا يُرَوِّي ولا يُقَلِّبُ كفاً
وأكُفُّ الرجالِ في تقليب
يُدرِكُ الطِّلْبَ بالبديهة دون ال
عَقْبِ قبل التصعيد والتصويب
حازمُ الرأي ليس عن طول تجري
بٍ لبيبٌ وليس عن تلبيب
وأريبٌ فإنْ مُرِيغو نَداه
خادَعُوه رأيتَ غيرَ أريب
يتغابَى لهم وليس لمُوقٍ
بل لِلُبٍّ يفوقُ لبَّ اللبيب
ثابتُ الحالِ في الزلازل مُنْها
لٌ لسُؤّالهِ انهيالَ الكثيب
ليِّنٌ عِطفُه فإنْ رِيمَ منه
مَكْسَر العود كان جِدَّ صليب
مَفْزعٌ للرُّعاة ِ مرعى ً خصيبٌ
لرعاياهُمُ وفوقَ الخصيبِ
في حِجاهُ وفي نداهُ أمانَا
نِ من الخوف والزمانِ الجديب
فحِجاهُ لكل يومٍ عصيبٍ
ونداهُ لكل عام شَصيب
أحسنتْ وصفَهُ مساعيهِ حتى
أفحمتْ كلَّ شاعرٍ وخطيب
بل حَذَوا حَذْوَها فراحوا يريحو
ن من القولِ كلَّ معنى غريب
قد بلونا خلاله فَحمِدْنا
غَيْبَها حمدَ ذائقٍ مُستطيب
فانتجعنا به الحيا غَير ذي الإقْ
لاعِ والبحرَ غيرَ ذي التنضيب
ما زجرنا وقد صرفنا إليه
أوجُهَ العِيسِ بارحاً ذا نعيب
يَمَّمَتْهُ بنا المطايا فأفْضَتْ
من فضاءٍ إلى فضاءٍ رحيب
خُلْقٌ منه واسعٌ وفِناءٌ
لم يَرُعْها به هديرٌ كليب
طاب لليَعْملاتِ إذ يَمَّمتْهُ
وصْلُهُنَّ البكورَ بالتأويب
لم يكن خَفْضُها أحبَّ إليها
من رسيم إليه بعد خبيب
ثِقة ً إنَّهُنَّ يلقينَ مرعى ً
فيه نَيٌّ لكل نِضْوٍ شَزيب
أيُّهذا المُهيبُ بي وبشعري
لستُ ممن يُجيب كل مُهيب
رفعَ الله رغبتي عن عطايا
كَ وما لِلعُقاب والعندليب
ثَوَّبَتْ بي إلى عليِّ معالي
هِ فلبَّيتُ أوّل التثويب
مَاجِدٌ حاربَ الحوادثَ دوني
بنَدى حاتمٍ وبأسِ شَبيبِ
ليَ في جاههِ مآربُ كانت(75/442)
لابنِ عمرانَ في عصاهُ الشعيبِ
وإذا حزَّ لي منَ المال عُضْواً
أرَّب العضوَ أيَّما تأريب
أصبح الباذلَ المسبِّبَ لا زا
ل مَليّاً بالبذلِ والتسبيب
ساجلَتْ جاهَهُ سحائبُ عُرفٍ
من يَمينَيْهِ دائماتُ الصَّبيب
قلت إذ جاد باللُّهى قبل سَعْي
صادقٍ منه غير ذي تكذيب
يا رِشاءً تَخْضَلُّ منه يد الما
تحِ قبل انغماسِهِ في القليب
بَضَّ لي من نداكَ قبل استقائي
بكَ رِيِّي وفَضْلَة ٌ للشريب
ذاك شيءٌ من الرِّشاءِ غريبٌ
يا ابنَ يحيى ومنك غيرُ غريب
ما أُراني إذا خبطتُ بدَلْوي
جُمَّة َ الماءِ بالقليل النصيب
لا لَعَمْري وكيف ذاك وقبل ال
متْحِ روَّيْتَني بسَجْلٍ رغيب
بل أُراني هناك لا شك أغدو
ويَدي منكَ ذاتُ بطنٍ عشيب
بأبي أنتَ من جليلٍ مَهيبٍ
مَطْلِبُ العُرْفِ منه غيرُ مهيب
طنَّبَ المجدَ بالمكارم والبي
تَ بنصبِ العماد والتطنيب
من يُلَقَّبْ فإن أسماءك الأس
ماءُ يشغلنَ موضعَ التلقيب
من جوادٍ وماجدٍ وكريمٍ
وزعيمٍ وسيدٍ ونقيب
تَبَّ من يرتجي لَحَاقك في المج
دِ وما مُرتجيكَ في تتبيب
أعجز الطالبيكَ شأوٌ بعيدٌ
لكَ أدركْتَهُ بعُرفٍ قريب
هاكها مِدحة ً يُغنَّي بها الرُّكْ
بانُ ما أرزمَتْ روائمُ نيبِ
نَظمَ الفكرُ دُرهَّا غير مثقو
بٍ إذا الدُّر شِينَ بالتشعيب
لم يَعِبْها سوى قوافٍ تشاغل
نَ عن المدح فيك بالتشبيب
ولراجيكَ قبلها كلماتٌ
هُذِّبتْ فيك أَيَّما تهذيب
يُطرِبُ السامعينَ أيسرُ ما في
ها وإن أنشدت بلا تطريب
سَوَّدتْ فيك كلَّ بيضاء تسوي
داً تراه العقولُ كالتذهيب
لو يُناغِي بَيانُها العُجْمَ يوماً
عرَّبَ العُجمَ أيَّما تعريب
وهْي مما أفاد تأديبُك الفا
ضلُ واهاً لذاك من تأديب
كم ثواب أَثَبْتَنيه عليها
كنتَ أولى به من المستثيب
مُنعِماً نُعْمَيَيْنِ نُعمى مفيد
أدباً نافعاً ونُعمى مثيب
منك جاءت إليك يحدو بها الوُدْ
دُعلى رغبة ٍ بلا ترغيب
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لم أُطِلها كما أطالَ رِشاءً(75/443)
لم أُطِلها كما أطالَ رِشاءً
رقم القصيدة : 60428
-----------------------------------
لم أُطِلها كما أطالَ رِشاءً
ماتحٌ ساء ظنُّه بقليب
حاشَ لله ليس مثلي تَظَنَّى
ظنَّ سَوْءٍ بمُسْتقاكَ القريب
غيرَ أني امرؤٌ وحَدتُ مقالاً
مُستَتِباً في كل قَرْمٍ نجيب
فأطلتُ المديحَ ما طال فيهم
مع أنِّي قصَّرتُ غيرَ معيب
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تأَمُّلُ العيبِ عيبُ
تأَمُّلُ العيبِ عيبُ
رقم القصيدة : 60429
-----------------------------------
تأَمُّلُ العيبِ عيبُ
وليس في الحقِّ رَيْبُ
وكلُّ خيرٍ وشرٍ
خلفَ العواقبِ غيبُ
إنْ يُمسكِ الناسُ عنّي
سَيْباً فللَّه سيبُ
يا رُبَّ غُمّة ِ خَطْبٍ
فيها من الصُّنع جَيبُ
لا تَحْقِرَنَّ سُيَيْباً
كم جَرَّ نفعاً سيَيْب
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا ابنَ المُسَيَّبِ عشت في نِعَمٍ
يا ابنَ المُسَيَّبِ عشت في نِعَمٍ
رقم القصيدة : 60430
-----------------------------------
يا ابنَ المُسَيَّبِ عشت في نِعَمٍ
وسَلمتَ من هُلْكٍ ومن عَطَبِ
يا شاعرَ العَجَم الكرامِ كما
أنَّ ابنَ حُجْرٍ شاعرُ العربِ
يا قائدَ الظرفاء لا كذباً
يا قدوة َ الأدباء في الأدب
أدرِكْ ثقاتكَ إنهم وقعوا
في نَرْجسٍ معه ابنة ُ العنبِ
فهُم بحالٍ لو بَصُرْتَ بها
سبَّحتَ من عُجْبٍ ومن عَجبِ
رَيْحانُهم ذهبٌ على دُرر
وشرابُهم دُرٌّ على ذهب
كأسٌ إذا ما الماءُ واقَعها
صاغ الحُلَى منها بلا تعب
في روضة ٍ شَتْوية رَضِعت
دِرَرَ الحيا حَلباً على حلبِ
من زهرة ٍ قد حفَّها شجر
للطير فيها أيُّما لَجب
تتنفسُ الأنوارُ فيه لها
فيهيجُ منها أيُّما طرب
فتظلُّ فيه بخير مُصْطَحَب
وكأنها في شرِّ مُصْطخَب
والعودُ يصخَبُ كي تُجاوبه
مَوْموقة ٌ معشوقة ُ الصَّخَب
واليومُ مدجونٌ فَحُرَّتُه
فيه بمُطَّلَعٍ ومحتجب
شمسٌ تساترنا وقد بعثت
ضوءاً يُلاحظنا بلا لهب
يا نرجِسَ الدنيا أقمْ أبداً
للاقتراحِ ودائمِ النُّخَبِ(75/444)
ذَهبَ العيونِ إذا مَثلت لنا
دُرَّ الجفون زَبَرْجد القُضُبِ
لا زلت شَفْعَ الراح إنكما
سَكَنُ القلوبِ ومُنتهى الطلبِ
وأرى السماعَ مُثلِّثاً لكما
كابنٍ لأمٍّ حُرّة ٍ وأبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا لم يكن درهمي دِرْهمي
إذا لم يكن درهمي دِرْهمي
رقم القصيدة : 60431
-----------------------------------
إذا لم يكن درهمي دِرْهمي
نِ عندك لم يزكُ عند الغريب
فَزِدنيَ فوق الذي أستحقْ
قُ ما تستحقُّ بحقِّ الأديبِ
وحقِّ الأريب وحقِّ اللبيب
وحق الحسيب وحق النجيبِ
وإلا فلا فرقَ فيما لديْ
كَ بين البغِيض وبين الحبيبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> دَعَتْنِي إلى فَضلِ معروفِكُمْ
دَعَتْنِي إلى فَضلِ معروفِكُمْ
رقم القصيدة : 60432
-----------------------------------
دَعَتْنِي إلى فَضلِ معروفِكُمْ
وجوهٌ مناظرُها مُعْجِبهْ
فأخلفتُمُ ما تَوسّمْتُه
وقلَّ حميدٌ على تَجْرِبَهْ
وكم لُمْعة ٍ خلتُها روضة ً
فأَلْفيتُها دِمنة ً مُعْشبهْ
ظَلَمتكُمُ لا تطيبُ الفرو
عُ إلا وأعْراقُها طيبه
وكنتُ حَسِبتُ فلما حسَب
تُ عَفَّى الحسابُ على المَحْسِبه
فهل تُعذَرون كَعُذْرِكُمُ
بأَنَّ أصولَكُمُ المُذْنِبَهْ
خرجتُ مُوازِنكُم بالسوا
ءِ عُذراً بعذرٍ فلا مَعْتِبَهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> نَفسي الفِداءُ لمن حَبَتْني كفُّهُ
نَفسي الفِداءُ لمن حَبَتْني كفُّهُ
رقم القصيدة : 60433
-----------------------------------
نَفسي الفِداءُ لمن حَبَتْني كفُّهُ
تُفَّاحتينِ حكاهُما في الطيبِ
فحلفتُ أني ما كحلتُ نواظري
بمُشاكلٍ لهما ولا بضَريبِ
فتَورَّدت وتعصْفَرَتْ وجناتُهُ
إذْ قُلْتُ ذاك فأسرعَتْ تَكْذِيبي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أعلمُ الناسِ بالنجوم بنو نُو
أعلمُ الناسِ بالنجوم بنو نُو
رقم القصيدة : 60434
-----------------------------------
أعلمُ الناسِ بالنجوم بنو نُو
بَخْتَ علماً لم يأتِهم بالحسابِ(75/445)
بل بأن شاهدوا السماء سُموّاً
برُقيّ في المَكْرُماتِ الصِّعابِ
سَاوروها بكلِّ علياءَ حتى
بَلَغوها مَفْتوحَة الأبوابِ
مبلغٌ لم يكن ليَبْلُغَهُ الطا
لِبُ إلاَّ بِتلكُمُ الأسبابِ
هكذا يَجتني الودودُ من الإخ
وانِ أهلِ الأذهان والآداب
نَظْمَ شعر به يُنظَّمُ شملُ الْ
مجدِ كالعقدِ فوقَ صدر الكَعابِ
قد سمعنا مديحَك الحسنَ الغضْ
ضَ ولكن لم نضطلع بالجوابِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا ما مدحتُ المرءَ يوماً ولم يُثِبْ
إذا ما مدحتُ المرءَ يوماً ولم يُثِبْ
رقم القصيدة : 60435
-----------------------------------
إذا ما مدحتُ المرءَ يوماً ولم يُثِبْ
مديحي وحقُّ الشعرِ في الحكم واجبُ
كفاني هجائيهِ قيامي بمدحه
خطيباً وقولُ الناس لي أنت كاذبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وما الحَسَبُ الموروثُ لا درَّ دَرُّه
وما الحَسَبُ الموروثُ لا درَّ دَرُّه
رقم القصيدة : 60436
-----------------------------------
وما الحَسَبُ الموروثُ لا درَّ دَرُّه
بمحتَسَبٍ إلا بآخرَ مُكتسبْ
إذا العودُ لم يُثمر وإن كان شُعبة ً
من المُثمراتِ اعتدَّه الناسُ في الحطبْ
وأنت لعَمْري شُعبة ٌ من ذوي العلا
فلا ترضَ أن تُعتدَّ من أوضع الشُّعَبْ
وللمجدِ قومٌ ساوروهُ بأنفسٍ
كرامٍ ولم يرضَوْا بأمٍّ ولاَ بأبْ
رأيتك قد عوَّلتَ بي في مدائحي
على نائِل الآباء في سالف الحِقبْ
وذلك شيءٌ كان غيريَ نالهُ
ولو كنتُ أيضاً نِلتُهُ كان قد ذهبْ
أتجعلُ نَيْلاً ناله ابنُ محلِّمٍ
ثوابَ مديحي فيك هذا هو العجبْ
فما رِفدُ عبد الله والقَرْمِ طاهرٍ
سواي بقاضٍ عنك حقي الذي وجبْ
فلا تَتَّكِلْ إلا على مافعلتَهُ
ولا تحسبنَ المجدَ يُورَثُ بالنسبْ
فليس يسودُ المرءُ إلاّ بنفسه
وإن عَدَّ آباء كراماً ذوي حسبْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا غمر المالُ البخيلَ وجَدْتَهُ
إذا غمر المالُ البخيلَ وجَدْتَهُ
رقم القصيدة : 60437(75/446)
-----------------------------------
إذا غمر المالُ البخيلَ وجَدْتَهُ
يَزيدُ به يُبساً وإن ظُنَّ يَرْطُبْ
وليس عجيباً ذاك منهُ فإنهُ
إذا غمر الماءُ الحجارة َ تَصلبُ
أرى الحظ يأتي صاحبَ الحظَّ وداعاً
ويُعيِي سواه ساعياً فيه مُتعَبا
إذا كان مجرى كوكبٍ سَمْتَ هامة ٍ
عَلاها وإلا اعتاصَ ذلك مَطلبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لا تحسبنَّ عُرَامي إنْ منيتَ به
لا تحسبنَّ عُرَامي إنْ منيتَ به
رقم القصيدة : 60438
-----------------------------------
لا تحسبنَّ عُرَامي إنْ منيتَ به
إحدى المواعِظِ أو بعضَ التجاريبِ
بل البوارُ الذي ما بعد موقعهِ
نَفْعٌ بوعظٍ ولا نفعٌ بتجريبِ
ما بعد وعظيَ ما تُوعَى العِظاتُ له
ولا مواقعُ صَوْلاتي بتدريبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> بيومِ بدرٍ أعزَّ الدينَ ناصرُهُ
بيومِ بدرٍ أعزَّ الدينَ ناصرُهُ
رقم القصيدة : 60439
-----------------------------------
بيومِ بدرٍ أعزَّ الدينَ ناصرُهُ
وبابنِ بدرٍ أعز الظَّرْفَ والأدبا
يَمَّمْتُ بدرَ بني بدرٍ فما انتسبت
ألفاظهُ لي لكنْ وجهُهُ انتسبا
لا قيتهُ وأنا المملوءُ من غضب
على الزمان فتسرَّى عنيّ الغضبا
فلو حلفتَ لما كُذّبت حينئذٍ
أنِّي هناك لقيتُ العُجْمَ والعربا
أجدى فأحسَنَ في الجدوى وأتبعني
حمداً وأردفني شكراً ولا عجبا
اللَّه يكلؤُهُ واللَّه يُؤنسهُ
فإنه بمعاليهِ قد اغتربا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبا جعفرٍ لا زلت مُعطى ً وواهبا
أبا جعفرٍ لا زلت مُعطى ً وواهبا
رقم القصيدة : 60440
-----------------------------------
أبا جعفرٍ لا زلت مُعطى ً وواهبا
ومُكْسِبَ أموالٍ رِغابٍ وكاسبا
طلبتُ كساءً منك إذ أنت عاملٌ
على قرية ِ النعمان تُعطى الرغائبا
فأوسعتَني منعاً إخالُك نادماً
عليه وفي تمحيصه الآن راغبا
فإن حَقَّ ظني فاستقِلْني بمُتْرَصٍ
يقيني إذا ما القُرُّ أبدى المخالبا
وإن كان ظنِّي كاذباً فهْي هفوة ٌ(75/447)
وما خلتُ ظني فيْئة َ الحُرِّ كاذبا
وما كان مَنْ آباؤك الخيرُ أصلهُ
ولُبُّكَ مَجْناهُ ليمنعَ واجبا
فعجِّل كسائي طيِّباً نحو شاكرٍ
سيُجنيك من حُرِّ الثناء الأطايبا
وسلِّم من التخسيسِ والمطلِ بُغيتي
تكنْ تائباً لم يُضحِ راجيه تائبا
أجِبْ راغباً لبَّى رجاءَك إذ دعا
إليك وعاصَى فيك تلك التجاربا
ولا تَرجِعنَّ الشِعرَ أخيبَ خائبٍ
فما حَقُّ مَنْ رجَّاك رُجعاهُ خائبا
ويا سَوْأتا إن أنت سوَّدتَ وجهَهُ
فأصبحَ معتوباً عليه وعاتبا
يذُمُّك مظلوماً وتلحاهُ ظالماً
هناك فيستعدي عليه الأقاربا
فإنَّ احتمالَ الحُرِّ غُرماً يُطيقه
لأَهونُ من تحويلِ سِلْمِ مُحارِبا
عجائبُ هذا الدهر عندي كثيرة ٌ
فيابن عليٍّ لا تَزْدني عجائبا
وإنّ اعتذاراً منكَ تِلقاءَ حاجتي
لأَعجبُ من أن يصبح البحرُ ناضبا
ودَعْنيَ من ذكر الكساءِ فإنه
حقيرٌ ودع عنك المعاذيرَ جانبا
نصيبيَ لا يذهب عليك مكانُهُ
فتَلْقى غداً نَصْباً من اللَّوم ناصبا
رَزئنا جسيماً من لِقائك شاهداً
فعوِّض جسيماً من حِبائك غائباً
رأيتُ مواعيدَ الرجال مواهِباً
وما حَسَنٌ أن تَسْترِدَّ المواهبا
رجاءٌ وأَى عنك الرجاءَ فلا يكن
رَخاءٌ من الأرواح تَقْرو السباسبا
علينا بنُعماكُمْ منّ الله أنعُمٌ
فلا تجعلوها بالجفاءِ مصائبا
وَلاَتَكُ أُلهوباً من البرق خُلَّباً
فما زِلتَ شُؤْبوباً من الودْق صائبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبْلغ أبا سهلٍ فتى العَجَم الذي
أبْلغ أبا سهلٍ فتى العَجَم الذي
رقم القصيدة : 60441
-----------------------------------
أبْلغ أبا سهلٍ فتى العَجَم الذي
أضحتْ تَمنَّى كونَهُ منها العَرَبْ
يا من غَدَا وعزيمُهُ ولسانُهُ
سيفان شتى في الخُطوب وفي الخُطَبْ
الحمدُ للهِ الذي من فضلِهِ
أنَّا رُزِقْنا فيك حُسْنَ المنقلبْ
والحمدُ لله الذي صَرف الردى
والحمد لله الذي كشف الكُرَبْ
كُنّا نُكلِّفك المواهبَ مرة ً
حتى إذا استُنْقِذْتَ من كفِّ العطَبْ(75/448)
عَظُمتْ بك النُّعمى فقد ألهيتنا
عن كل شيء كان فيه لنا أرَبْ
فدع المواهب أنت موهبة ٌ لنا
من ذي المعارج والمواهبُ لا تهبْ
إنا لَنستحيي وقد وافيتنا
من بعد يأسٍ أنْ نَكُدَّك بالطّلَبْ
من ذا يراكَ وقد سلِمتَ فلا يرى
فيك الغِنى لا في اللُّجين ولا الذهبْ
لا نَبْتغي شيئاً سواك وإنما
طَلَبُ امرىء ٍ ما بعدَ حاجتهِ كَلَبْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إن أبا حفصٍ وعُثْنُونَهُ
إن أبا حفصٍ وعُثْنُونَهُ
رقم القصيدة : 60442
-----------------------------------
إن أبا حفصٍ وعُثْنُونَهُ
كلاهما أصبحَ لي ناصبا
قد أُغريا بي يهجواني معاً
وحدي وكان الأكثرُ الغالبا
أقسمتُ ما استنجدَ عُثْنونَهُ
حتى غدا لي خائفاً هائبا
إن كان كُفْؤاً ليَ في زعمه
فليعتزلْ لحيتَهُ جانبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رأيتُ الذي يسعى ليُدركَ حَظَّهُ
رأيتُ الذي يسعى ليُدركَ حَظَّهُ
رقم القصيدة : 60443
-----------------------------------
رأيتُ الذي يسعى ليُدركَ حَظَّهُ
كسارٍ بليلٍ كي يُسامِتَ كوكبا
يسيرُ فلا يَسْتطيعُ ذاك بسيره
وكيف وأنَّى رام شأواً مُغَرِّبا
ولم لم يَسِرْ وافاهُ لا شك طِلْبُه
بغير عناءٍ بادئاً ثم عَقَّبا
أرى الحظ يأتي صاحب الحظ وادعاً
ويُعيي سواه ساعياً فيه مُتعبا
إذا كان مجرى كوكبٍ سَمْتَ هامة ٍ
علاها وإلا اعتاص ذلك مطلبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عجبتُ لقومٍ يقبلون مدائحي
عجبتُ لقومٍ يقبلون مدائحي
رقم القصيدة : 60444
-----------------------------------
عجبتُ لقومٍ يقبلون مدائحي
ويأَبوْن تثويبي وفي ذاك مَعْجبُ
أشِعْرِيَ سَفسافٌ فَلِمْ يَجتبُونَهُ
وإن لا تكن هاتي فَلِمْ لا أُثوَّبُ
حلفت بمن لو شاء سدَّ مَفاقِري
بما ليَ فيه عن ذوي اللُّؤمِ مَرْغَبُ
فَمَا آفتي شعرٌ إليهم مُبَغَّضٌ
ولكنه منعٌ إليهم محببُ
وأعجبُ منهم معشرٌ ليس فيهمُ
بشعري ولا شيءٍ من الشعر مُعجَبُ
بَراذينُ ألهاها قديماً شعيرُها(75/449)
عن الشِّعر تستوفي القضيمَ وتُركَبُ
من اللائي لا تنفكّ تجري سواكِناً
بفرسانها تِلقاءَ نارٍ تَلهَّبُ
تقومُ بفرسانٍ تَحركُ تحتها
أفانينَ فالركبان لا الظهرُ تتعبُ
فوارسُ غاراتٍ مَطاعينُ بالقنا
قَناً لا يُرى فيهن رمحٌ مُكَعَّبُ
وليست بأيديهم تُهَزُّ رماحُهُم
ولكن بأحْقِيهم تُهَزّ فَتُوعَبُ
ولا رمحَ منها بالنَّجيع مُخضَّبٌ
هناك ولكن بالرَّجيع مخضبُ
ولستَ ترى قِرناً لهم يطعنونَهُ
بل المَرْكَبُ المعلوُّ قِرنٌ ومركب
ترى كلَّ عبدٍ منهمُ فوق ربِّه
ونيزَكُهُ الشِّبرِيُّ فيه مُغَيَّبُ
وأعجَبُ منهم جاهلون تَعاقلوا
وكُلهمُ عمَّا يُتمَّمُ أنكبُ
أغِثَّاءُ ما فيهم أديبٌ علمتُه
ولا قابلُ التأديب حين يؤدَّبُ
خلا أنَّ آداباً أُعيروا حُلِيَّها
فأضحت بهم يُبكى عليها وتُندبُ
وكم من مُعارٍ زينة ً وكأنه
إذا ما تحلَّى حَلْيَها يَتَسلبُ
بحقهمُ أن باعدوني وقَرَّبوا
سِواي وتقريبُ المُباعَد أوجبُ
رأى القومُ لي فضلاً يعاديه نقصُهُمْ
فمالوا إلى ذي النقص والشكلُ أقربُ
خفافيشُ أعشاها نهارٌ بضوئه
ولاءَمَها قِطْعٌ من الليل غَيهبُ
بهائمُ لا تُصغي إلى شَدْوِ مَعْبدٍ
وأمَّا على جافي الحُداءِ فتَطربُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا خاب داعٍ أو تناهَى دعاؤه
إذا خاب داعٍ أو تناهَى دعاؤه
رقم القصيدة : 60445
-----------------------------------
إذا خاب داعٍ أو تناهَى دعاؤه
فإنّيَ داعٍ والإلهُ مجيبُ
دعاءَ امرىء ٍ أحييتَ بالعُرْفِ نفسَهُ
وذاك دعاءٌ لا يكاد يَخيبُ
أدامَ لك اللهُ المكارمَ والعلا
فإنهما شيءٌ إليك حبيبُ
وأبقاكَ للمُدَّاح يُهدون مدحَهم
إليك على عِلاّتهمْ وتُثيبُ
تكشَّف ذاك الشّكوُ عنك وصرَّحَتْ
محاسنُ وجهٍ بُردهُنَّ قشيبُ
كما انكشفت عن بدرِ ليلٍ غَمامة ٌ
أظلَّت وولتْ والمرَادُ خصيبُ
أغاثت ولم تَصْعق وإن هي أرعدت
فمات بها جَدْبٌ وعاش جديبُ
شَكاة ٌ أجدَّت منك ذكرى وأنشأت
سحائبَ معروفٍ لهن صبيبُ(75/450)
وأعقبَها بُرءٌ جديدٌ كأنه
شبابٌ رَديد شُقَّ عنه مشيبُ
وبالسَّبْكِ راقت نُقرة ٌ وسبيكة ٌ
وبالصقل راعَ المُنتضينَ قضيبُ
ففي كل دارٍ فرحة ً بعد ترْحة ٍ
وفي كل نادٍ شاعرٌ وخطيبُ
يقولون بالفضل الذي أنت أهلُهُ
وكلهُمُ فيما يقول مُصيبُ
ولو صِين حيٌّ عن شَكاة ٍ لَكُنتَهُ
ولكن لكُلٍّ في الشَّكاة نصيبُ
وفي الصبر للشكو الممحِّص مَحملٌ
وفي اللَّه والعرفِ الجسيم طبيبُ
وأنت القريبُ الغوثِ من كل بائسٍ
دعاكَ فغوثُ اللَّهِ منك قريبُ
أبى اللَّهُ إخلاءَ المكان يَسُدّهُ
فتًى مَا لَهُ في العالمين ضَريبُ
أعاذك أُنْسُ المجدِ من كلِّ وحشة ٍ
فإنك في هذا الأنامِ غريبُ
وتاب إليك الدهرُ من كل سَيِّءٍ
وجاءك يسترضيك وهو مُنيبُ
ولا زال للأَعداء في كلِّ حالة ٍ
وللمالِ يومٌ من يديك عصيبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لا تَهُولنَّكَ شمسٌ كسفَتْ
لا تَهُولنَّكَ شمسٌ كسفَتْ
رقم القصيدة : 60446
-----------------------------------
لا تَهُولنَّكَ شمسٌ كسفَتْ
دون أن تطلعَ مِنْ مغربِها
هان ذاك الرُّزءُ فيها مثلما
هانَ ما غرَّك من مَطْلَبِها
هي نارٌ وافقتْ مُطْفِئَها
لستَ بالآيس من مُلْهبِها
فابكِ مَنْ تُشفِقُ من مَعْطَبِهِ
فلقد أومِنْتَ من مَعْطِبها
ضلَّ باكٍ إن أُبيخت جمرة ٌ
سوف تُذكيها يَدا مُثْقبِها
ليس للشمسِ إذا ما كَسفَتْ
غيرُ شمسٍ تَخْلُفُ الشمسَ بهَا
طَلَّة ِ الصوتِ إذا ما غردت
رَكِبَتْ بدعة ُ في موكبها
من بناتِ الروم لا يَكْذِبُنا
لونُها المُشرق عن مَنْصبِها
قامة ُ الغصن إذا ما اعتدلت
قامة ُ الغصن إلى مَنْكِبها
شَهِدَ الشاهدُ مِنْ أحسَنِها
فحكى الغائبَ من أطيَبِها
نشفَعُ الحُسنَ بإحسانٍ لها
تجلُبُ الأفراح من مَجْلبها
فهي حَسْبُ العَيْن من نُزهتها
وهي حسبُ الأُذن من مَطربها
تشرعُ الألحاظُ في وجْنتها
فتُلاقي الرِّيَّ في مَشْربها
وجنة ٌ للغُنْجِ فيها عقربٌ
وبلاءُ الصب من عقربها
وإذا قامت إلى مَلعبها(75/451)
كمَهاة ِ الرمل في رَبْرَبها
سألت أردافُها أعطافَها
هل رأتْ أوطأ من مَرْكَبها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كساءَ بني نوبَخت مهلاً فإنني
كساءَ بني نوبَخت مهلاً فإنني
رقم القصيدة : 60447
-----------------------------------
كساءَ بني نوبَخت مهلاً فإنني
أراكَ تُناغي طيلسانَ بني حربِ
أُعيذكَ أن تأبى مَسيرة َ ليلة ٍ
وتَصبرَ للتسيير في الشرق والغربِ
كسائي كسائي إنه الدربُ بيننا
فلا تَدَعِ الثَغرَ المخُوفَ بلا دَرْبِ
ولا تحسبَنِّي لا أغرِّدُ بالتي
تَليني بها في الحَفلِ طوراً وفي الشَّربِ
فاعْفِ بحقي في الشتاء فلن أرى
قَبولَ كساءٍ منك في الصيف ذي الكَرْبِ
وصبراً فإن الحُرَّ باللَّوْمِ تُبتغى
إثابَتُهُ والعبدُ بالشتمِ والضرب
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سأقصِر عن خالدٍ مَنْطقي
سأقصِر عن خالدٍ مَنْطقي
رقم القصيدة : 60448
-----------------------------------
سأقصِر عن خالدٍ مَنْطقي
وعن أمه حافظاً مَنْصِبي
لأنَّ إحاطتها بالأيور
تُوهِمُنِيهِ من أبي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وتُسْلينيَ الأيامُ لا أنَّ لوعتي وتُسْلينيَ الأيامُ لا أنَّ لوعتي
وتُسْلينيَ الأيامُ لا أنَّ لوعتي وتُسْلينيَ الأيامُ لا أنَّ لوعتي
رقم القصيدة : 60449
-----------------------------------
وتُسْلينيَ الأيامُ لا أنَّ لوعتي وتُسْلينيَ الأيامُ لا أنَّ لوعتي
ولا حَزَني كالشيء يُنْسى فَيَعْزُبُ
ولكنْ كَفاني مُسْلياً ومُعزِّياً
بأنْ المدى بيني وبينك يقربُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ليس عن شرّكم ولا عن أذاكُمْ
ليس عن شرّكم ولا عن أذاكُمْ
رقم القصيدة : 60450
-----------------------------------
ليس عن شرّكم ولا عن أذاكُمْ
مُسْتمازٌ ولا ذَرًى للجَنوبِ
قلَّ مِنْ خيركم نصيبي ولكنْ
أنا من شَرّكم كثيرُ النصيبِ
إن تباعدت نالني من بعيدٍ
أو تقرَّبتُ نالني من قريبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> هي سوداءُ غيرَ أنَّ عليها(75/452)
هي سوداءُ غيرَ أنَّ عليها
رقم القصيدة : 60451
-----------------------------------
هي سوداءُ غيرَ أنَّ عليها
ظُلمة ً تَدْلهمُّ منها القلوبُ
فتراها كأنها حين نبدو
عِظْلِمٌ فوق صَدرها مَصبوبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أكلتُ رغيفاً عند عيسى فملَّني
أكلتُ رغيفاً عند عيسى فملَّني
رقم القصيدة : 60452
-----------------------------------
أكلتُ رغيفاً عند عيسى فملَّني
وكان كهمِّي من محبٍّ مُقَرَّبِ
رآني قليلَ الخوف من لحظاته
وذلك من شأني لهُ غيرُ مُعجب
يُريدُ أَكيلاً رُزْؤهُ من طعامه
كرُزءِ كتابٍ من تراب مُقرِّبِ
إذا لَحِظتهُ عينُهُ عند مَضْغِه
طوى الأُنسَ طيَّ الخائف المترقبِ
يُحبُّ الخميصَ البطن من أكلائه
ويُضحي ويُمسي بطنهُ بطنَ مُقِرِب
وما أُنسُ ذي أُنسٍ لعيسى بمؤنسٍ
ولا وَقْعُ أضراسِ الأكيل بمُطرب
تزّوَّدْ إذا آكلتَهُ فهي أكلة ٌ
وما أختُها إلا كنعقاءِ مُغْربِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أنَّى هجوتَ بني ثوابَهْ
أنَّى هجوتَ بني ثوابَهْ
رقم القصيدة : 60453
-----------------------------------
أنَّى هجوتَ بني ثوابَهْ
يا صاحبَ العينِ المُصابهْ
أهلَ السماحة ِ والرجا
حة والأصالة واللَّبابهْ
القائلينَ الفاعلي
ن أُولي الرياسة والنِّقابهْ
والفارعينَ المجدَ وال
بانينَ فوقهُمُ قِبابهْ
الآخذينَ بأنفهِ
لا كالأُولى عِلِقوا ذِنابَهْ
نُجُبٌ تلوح إذا بَدَوْا
بوجُوهم غُررُ النجابهْ
لم يبقَ طودٌ للعلا
لا يرتقي أحدٌ هِضابهْ
إلاَّ كأنَّ اللَّه ذلْ
لَلَ عامداً لهمُ صِعابهْ
وإذا استعارَ الحمدَ يو
ماً معشرٌ ملَكُوا رقابهْ
يا رُبَّ رأيٍ فيهمُ
لا تَبلغُ الآراءُ قابهْ
وندى ً إذا فُقِدَ النَّدى
يتتبَّعُ العافي مُصابهْ
قومٌ إذا صَدْعٌ تفا
قَمَ مرة ً كانوا رِئابَهْ
وإذا شتاءٌ أخلفتْ
أنواؤه خَلفوا سَحابهْ
جُعلتْ بيوتُهمُ مع ال
بيتِ العتيقِ لنا مَثابهْ
ننتابُ فيها نائلاً
جَزْلاً متى شئنا انتيابهْ(75/453)
ويلوذُ لائذُنا بها
إن حبلُنا اضطراب اضطرابهْ
لم يَدْعهُمْ مُستنجدٌ
إلا ودعوتُه المُجابهْ
كم عائذٍ من دهرِهِ
بهمُ إذا ما الدهرُ رابَهْ
خُذ في النوائب منهمُ
حَبْلاً ولا تَخَفِ انقضابَهْ
أمثالَهُمْ فاعْممْ بمد
حكَ عَمَّهُمْ حُسْنُ الصحابهْ
وأخصُصْ أبا العباس بح
رَ الجودِ حقاً لا سرابهْ
ملِكٌ يظلُّ إذا غدا
تتعاورُ الأيدي رِكابهْ
سائلْ بسؤدَدِهِ المعا
شرَ بل ندَاهُ وانسكابهْ
يُخبرْك عنهُ باليقي
نِ ويجعل الجدوى جوابهْ
غيثٌ إذا اسْتَمطرتَهُ
ألفيتَ من ذَهبٍ ذهابهْ
قعدَ العُفاة ُ وسيبُهُ
يَختبُّ نحوهُمُ اختبابهْ
أغنتهُمُ نفحاتُهُ
حتى لقد هجروا جَنابهْ
لكنْ وفودُ الشكرِ لا
تنفكُّ قد شحنتْ رحابهْ
ولَمَا ابتغى من شاكرٍ
شُكرَ النَّوالِ ولا استثابهْ
أعطى الذي لَوْ سِيمَ حا
تمُ أخْذَهُ يوماً لهابَهْ
فأباحَهُ حَمْدَ الورى
مالٌ أباحهُمُ انتهابهْ
كم راية ٍ للمجد فا
زَ بِهَا وأخطأها عَرابهْ
ويُجيلُ في الخَطْب الذي
تُضحي شواكِلُهُ تَشَابهْ
رأياً إذا الخطأ المُخي
لُ أطالَتِ الفِرَقُ اعتقابهْ
لم يحتجبْ عنه الصوا
بُ وأين عنهُ تَرى احتجابَهْ
لا رَأْيَ في مَجهولَة ٍ
يجتابُ ظُلمتَها اجتيابَهْ
تجلو به سَدَفَ العَما
ية عنك أو ترضى انجيابهْ
أجلى البصيرة لا تَقَحْ
حُمَه تخاف ولا ارتيابهْ
ماضي القضاءَ إذا ارتأى
لم يستطع شَكٌ جِذابهْ
ما عاب ذو طعمٍ ريا
ضَتَهُ الأمورَ ولا اقتضابه
وبكَيده يَروي القنا
عَلَقاً ويختضبُ اختضابهْ
وتصيدُ لَحمَتها عُقا
بُ الموتِ يوم تَرى عقابهْ
فَضَلَ الرجالَ ذوي الكما
لِ كما اعتلى جبلٌ ظِرابَهْ
أقسمتُ بالمَلِكِ الذي
لم يستطِعْ مَلِكٌ غِلابهْ
لقد استدرَّ له المدي
حُ وما تكلَّفتُ احتلابهْ
ولقد حلفتُ بما حلف
تُ به وما أبغي خِلابهْ
يا بُعدَهُ مما افْتري
تَ من الفواحش واغترابَهْ
خنَّثْتَ أَرْجَلَ مَنْ مَشى
ونسيتَ خُنْثَكَ يا تُرابهْ
لو أنَّ عِرسَك بايتت
هُ لَما دَعَتْهُ إذاً لُبابهْ(75/454)
مَعَ أنهُ لم يَجْتنبْ
رَجلُ حَمَى الدين اجتنابهْ
وهَل اتقى كتِقائه
أحدٌ أو ارتقبَ ارتقابهْ
ما ضَرَّهُ أهَجَوْتَهُ
يا وغدُ أم طَنّتْ ذُبابهْ
أنشأتَ تهجوهُ فأكْ
ثرتَ الكلام بلا إطابهْ
وأحلتَ في بيت وما
زِلتَ البعيد من الإصابهْ
أنَّى يكون مُمدَّداً
رَجلٌ وقد رفعوا كِعابهْ
لكنه بيتٌ عَرا
كَ لذكر معناه صَبابهْ
فعميتَ عن سنَن الطري
قِ وظِلْتَ تركبُ كل لابهْ
كم صرعة ٍ بين العبي
دِ وخَلْوة لك مُسْتَرابه
أصبحتَ تَنْحَلُها الكرا
مَ بوجنة ٍ فيها صَلابهْ
وكذاكَ مثلك ينحلُ السا
داتِ عَرَّتَهُ وعَابهْ
قد قلتُ إذ خُبِّرتُ عن
ك بما أشبتَ من الأُشابهْ
هلاَّ نهاهُ عن الكرا
م وقِيله فيهم كِذابهْ
عَوَرُ وإعورارٌ به
لا تَضْبِطُ الأيدي حِسابَهْ
منه بلاءٌ باستهِ
ليست عليه بالمُثابَهْ
كلبٌ عوى مُستقتِلاً
والحَيْنُ يَستعوي كلابهْ
فَهَدى إليه عُواؤُه
لمّا عوى رِئبالَ غابهْ
ألقى كلاكِلَهُ علي
هِ وعلَّ من دمه حِرابهْ
فاظنُن بكلب شام في
هِ الليثُ مِخْلَبَهُ ونابهْ
أنَّى يَسُبُّ بني ثوا
بة أو عبيدَ بني ثوابهْ
من كل شيءٍ يُسْتَتَا
بُ وما استُهُ بالمُستَتابهْ
كم إخوة ٍ وارت له
سوءاتِهِم تلك الغُرابهْ
لإَخالُه يوم القيا
مة باسته يُؤتى كتابهْ
إذ لا يُرى ذنبٌ له
إلا بها وَلِيَ اكتسابهْ
بل كلُّ عضوٍ منه يو
جَدُ مذنباً حاشا عُنابهْ
ولو استطاع لصاغه
دُبُراً ولالتمس انقلابهْ
ليكون باباً للفيا
شل عَجَّل الله اجتبابهْ
يا من لحاهُ على الفوا
حش يرتجى يوماً متابهْ
خلِّ الشقِيَّ وَحَيَّة ً
تنسابُ فيه وانسيابهْ
أنَّى يُلاقي القارظَ ال
عَنَزيَّ من يرجو إيابهْ
ماذا نَقِمْتَ على امرىء ٍ
يُؤوي إلى حُجرٍ حُبابَهْ
وله نعاجٌ لا يزا
ل مُخلِّياً فيها ذئابهْ
لا بل نساءٌ يَزْدَبِبْ
نَ أيورَ ناكَتِهِ ازدبابهْ
هنَّ المآبُ لكل من
أمسى ولم يَعرفْ مآبهْ
ناهِيكَ من ثقة ٍ سها
مُ القوم مُودَعَة ٌ جِعابَهْ
لم يَعْتصِبْ ذو حرمة ٍ(75/455)
بعصائب العار اعتصابهْ
كلاّ ولا احتقب المآ
ثمَ في إباحتها احتِقابهْ
ومُعنِّفٍ لي أَنْ هَجَوْ
تُك يا أقلَّ من الصُّؤَابهْ
قال اطوِ عِرضك لا تُدَنْ
نِسهُ وأوْدِعْهُ عِيابهْ
ما كفءُ عرضك عرضُ مع
رورٍ فلا تحكُك نِقابهْ
فأجبتُه إذ قال ذا
كَ بخُطبة ٍ فَصَلَتْ خطابه
لو سَبَّ غيرَ بني ثوا
بة َ ما جَشِمتُ لهم سِبابهْ
وَلَمَا رضيتُ لمنطقي
فَرْعَ اللئيمِ ولا نِصابهْ
لكنني أحميهُمُ
ما حالَفَتْ بَحْري صُبابهْ
وأَرى يسيراً فيهمُ
تدنيسَ عرضي أو ذَهابَهْ
إن المكارِه في حِما
يتهم عِذابٌ مُستطابهْ
واليْتُهم ما حالفتْ
أوعالُ شابة َ هضبَ شَابَهْ
وإذا امرؤ عاداهُم
أصفرتُ من وُدّي وِطابهْ
ومتى امترى خلفَ الوصا
ل ملأتُ من هجر عِلابَهْ
إذ لا أبالي فيهمُ
حسكَ العدو ولا ضِبابَهْ
من كان مكتئباً لذا
ك فقد توخيت اكتئابهْ
لا زالَ يَقْدَحُ وَرْيُهُ
في صدره أبداً قُحابَهْ
قلبي حِمى ً لَهُمُ فلَمْ
يحتلَّ غيرهُم شِعابهْ
لِمْ لا وذكراهُمْ له
رَوْحٌ إذا ما الهمُّ نابهْ
ومتى تَباعدَ مطلبٌ
فبِيُمْنهم نرجو اقترابهْ
وتحرِّياً لرضاهُمُ اسْ
تنفرتُ من شِعري غِضابهْ
وَسَلَلْتُ دُونهُمُ علي
ك ودون حورتهم عِضابهْ
سامَتْ قوافيك السما
ء ورُمتَ أمراً ذا مَهابَهْ
فاربَعْ عليك فمن رمى
صُعُداً بجَنْدله أصابه
هَتْماً لفيك فما تخيْ
يَرَ ما يشوبُ به لُعابهْ
أقْذِر وأخبثْ بالمنى
إذا عبيطُ السَّلح شابهْ
تَمْري الأيورَ به إذا
أهدى حشاك لها خِضابْه
لا سيما بفمٍ به إذا
أهدى حشاكَ لها خِضابهْ
ما كان قدرُك أن تفو
هَ بمدحهم بَلْهَ المَعابهْ
وإخالُ ذلك لم يزد
في خُبثه لكن أطابه
هَلاَّ مُسِخْتَ وقد ذكر
تَهمُ بجِدٍّ أو دُعابهْ
لكنَّ مَسْخَ المِسْخِ مُمْ
تنعٌ ولا سيما الزَّبابهْ
أتظن أنك لو مُسخ
تَ بلغتَ قُبحك أو قُرابهْ
ما يُمْسَخُ المِسْخُ الذي
لم يُكْس ما يَخشى استلابهْ
كلاّ وما بين الفِرا
قِ وبين وجهِك من قرابهْ
ذِكراهُمُ بَسْلٌ على(75/456)
من كان مثلك في الجنابهْ
لا بل على من مسّ ثو
بك ثم لم يغسِل ثيابهْ
لا بل على من خاض ظلْ
لَك ثم لم يَسلخ إهابهْ
لم تهجهُم إلا لكي
تُهجَى فتُذكَرَ في عِصابهْ
طَلَبَ النَّباهة ِ إذ رأي
تَكَ من خُمولك في غيابَهْ
جاهٌ تُرمِّمُهُ ودُبْ
رٌ تبتغي أبداً خَرابهْ
فإذا ظَفِرتَ بحادرٍ
ذي كُدْنَة ٍ تَرْضَى وِثابه
لم تُلفِ عبدَ اللهِ بل
ألفيتَ زيداً وانتصابهْ
ولَمَا انتصبتَ مُعاملاً
ضَرْبَ المُواثِبِ بل ضِرابهْ
ذي ضُلَّ تَفْدِية ٍ هنا
لك تستديمُ بها هِبابهْ
بعُجَارِمٍ يشفي الفقا
حَ إذا سَغَبْنَ من السَّغابهْ
وعلاكَ عبدُ الله ين
ظِمُبين عَجْبِك والذؤابهْ
ولربما كان انتصا
بُ المرءِ للفعل انكبابهْ
يا ضُلَّ تَفْدِية ٍ هنا
لك تستديمُ بها هِبابهْ
تَبَّتْ يداك مُفَدِّياً
ما تَبَّ من أحدٍ تَبابهْ
شيخٌ إذا حَدَثٌ أها
نَ مَشيبَهُ فدَّى شبابه
لَهْفي عليك مُخَنَّثاً
وعلى لسانك ذي الذَّرابهْ
ماذا يخوضُ ... في
ك من الكتابة ِ والخطَابهْ
هلاَّ شكرتَ بني ثوا
يه ما حدا حادٍ رِكابهْ
أن صادفوا من قد عَلِمْ
تَ وعَبْدَهُ يحشو جِرابهْ
إذ لم يَرَوا تقريعه
يوماً بذاك ولا اغتيابهْ
كرماً فكان جزاؤهم
منه أن انتدبَ انتدابهْ
يهجوهُمُ بَغْياً ويُل
صِقُ دائماً بِهِمُ شِغابَهْ
وكذلك البغَّاءُ با
غٍ إن تَفَهَّمْتَ انتسابهْ
رجلٌ يطالبُ غير ما
جعلَ الإلهُ له طِلابهْ
سائلْ بذلك بَخْسَهُ
حقَّ الغواني واغتصابهْ
زَحَمَ الأيورَ على الفرو
جِ مَعاً فسدَّ بها نِقابهْ
فَاهَ الخبيثِ ومَنخِرَيْ
هِ وفقحة ً منهُ رُحابهْ
وحشا مسامعَهُ بها
فحمى مُعاتِبَه عِتابهْ
ثم اغتدى مُتبرِّئاً
من ذاك يَنْحَلُهُ صِحابهْ
أسدى إليك القومُ مع
روفاً فلم تحسن ثوابهْ
ستروا عليك وقد رأوْا
نَفْسَ الفضيحة لا الإرابهْ
فَجَحَدْتَهُمُ جحداً جعل
تَ قبيحَ قَرْفِكَهُمْ قِطابهْ
وغدوتَ بَهَّاتَ الجبي
نِ وأنت لم تمسحْ ترابهْ
ترميهُمُ بالإفك مُطْ(75/457)
طرِحاً سَداهُمْ واحتسابهْ
أصبِحْ تبيَّنْ مَنْ رَمَيْ
تَ وتنحسرْ عنك الضبابهْ
سَتَذُمُّ ما اكتسبتْ يدا
ك إذا لقيت غداً عقابهْ
وتُقرُّ أنك جاهلٌ
لم تأتِ من أمرٍ صَوابهْ
من باتَ يحتطِبُ الأفا
عِيَ لَيلَهُ ذَمَّ احتطابهْ
ولرُبَّ مثلك قد أطَلْ
تُ على خطيئته انتحابَهْ
وجعلتُ في نَظْمِ الهجا
ءِ فِياشَ ناكتهِ سِخَابهْ
حتى غدا بعد المِرا
ح عليه سِربالُ الكآبهْ
مُترِّقباً من فوقهِ
يخشى عَذابي وانصبابهْ
وأنا الذي قدحَ الهجا
ءُ بزَنْدِهِ قِدْماً شهابهْ
وأنا الذي مِنْ أرضِهِ
يمتارُ حنظلَهُ وصَابَهْ
وإذا تمرَّدَ ماردُ الشْ
شُعراء ولاَّني عذابَهْ
أمَّا إذا استفتَحْتُه
فلأفتحنَّ عليك بابهْ
ولأُصلينَّك جاحمَ الش
شِعر الذي هِجت التهابهْ
قَذَعٌ إذا سَفَعَ الحدي
دَ سعيرُ أيسرِه أَذابهْ
خُذها جوابَ مُفَوّهٍ
ما زال يُفْحِمُ من أجابهْ
جَمُّ الصِّياب إذا امرؤٌ
كثرت خواطئهُ صِيابهْ
يَفْري الفَريَّ بِمقْوَلٍ
لو هزَّهُ للصخر جابهْ
يمتاحُ من بحرٍ يهو
لُ العين حين ترى حِدابهْ
ويُصِمُّ من سمع التِطَا
م الموج فيه واصطخابهْ
لا مادَ رأياً بعدها
لك إن صَدَمْتَ بها عُبَابهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وغزالٍ ترى على وَجْنتيهِ
وغزالٍ ترى على وَجْنتيهِ
رقم القصيدة : 60454
-----------------------------------
وغزالٍ ترى على وَجْنتيهِ
قَطْرَ سَهْمَيْهِ من دماء القلوبِ
لهفَ نفسي لتلك من وَجَنَاتٍ
وردُها وردُ شارق مَهْضوبِ
أنهلَتْ صِبْغَ نفسها ثم عُلَّتْ
من دماءِ القتلى بغير ذنوبِ
بل أتى ما أتى إليهمْ من الأم
ر بوِتر لديهمُ مطلوبِ
جرحتْهُ العيونُ فاقتصَّ منها
بجوى ً في القلوب دامي النُّدوبِ
لم يُعادِلْهُ في كمالِ المعاني
توأمُ الحُسنِ من بني يعقوبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيا فَضْلُ إنك فضلٌ أصا
أيا فَضْلُ إنك فضلٌ أصا
رقم القصيدة : 60455
-----------------------------------
أيا فَضْلُ إنك فضلٌ أصا(75/458)
ب شيخكَ من حيثُ لم يكتسبْ
ومن يَتَّق اللَّه يصنعْ له
ويرزقْهُ من حيثُ لم يحتسبْ
جزى اللَّه شُبَّان جيرانِنا
جزاءَ الشفيق الحَفيِّ الحَدِبْ
يَرقُّونَ للشيخِ منا العقيمِ
فيأتونَ من برِّه ما يجبْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لعمرُكَ ما السيفُ سيف الكميِّ
لعمرُكَ ما السيفُ سيف الكميِّ
رقم القصيدة : 60456
-----------------------------------
لعمرُكَ ما السيفُ سيف الكميِّ
بأخوفَ من قلم الكاتِبِ
لهُ شاهدٌ إنْ تأملتَهُ
ظهرتَ على سرِّهِ الغائبِ
أداة ُ المنية ِ في جانبَيْه
فَمِنْ مثلهِ رهبة ُ الراهبِ
سنانُ المنية ِ في جانبٍ
وسيفُ المَنِيَّة ِ في جانبِ
ألم تر في صدرِه كالسنان
وفي الرِّدفِ كالمُرْهَفِ القاضبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> طَرِبْتُ ولم تَطْربْ على حين مَطْرَبِ
طَرِبْتُ ولم تَطْربْ على حين مَطْرَبِ
رقم القصيدة : 60457
-----------------------------------
طَرِبْتُ ولم تَطْربْ على حين مَطْرَبِ
وكيف التصابي بابن ستينَ أشيبِ
ومما حداك الشوقَ نوحُ حمامة
أرنَّتْ على خُوطٍ من البانِ أهدبِ
مطوَّقة ٍ تبكي ولم أرَ قبلها
بدا ما بدا من شجوها لم تسلَّبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تظلَّم عمروٌ من هِجائي وقد عَلَتْ
تظلَّم عمروٌ من هِجائي وقد عَلَتْ
رقم القصيدة : 60458
-----------------------------------
تظلَّم عمروٌ من هِجائي وقد عَلَتْ
بما قلتُ فيه حالُهُ ومراتبُهْ
وأغفلَ ظُلمِيهِ بقَصْدِيه راغباً
فواعجباً والدهرُ جمٌّ عجائبهْ
ويا من جنى قَصْدي أبا الخَطْم إنه
تمنَّع واعتاصَتْ عليَّ مطالبُهْ
أُعيذُكَ من طَعْنِ الأعادي وقولهم
جَوادٌ تقضَّت من نَداهُ مآربُهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> اكتهَلتْ همَّتي فأصبحتُ لا أَبْ
اكتهَلتْ همَّتي فأصبحتُ لا أَبْ
رقم القصيدة : 60459
-----------------------------------
اكتهَلتْ همَّتي فأصبحتُ لا أَبْ
هَجُ بالشيء كنت أبهجُ بِهْ(75/459)
وحسبُ من عاش من خُلُوقَتِهِ
خُلوقَة ٌ تعتريهِ في أرَبِهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبا حسنٍ وأنت فتًى أديبُ
أبا حسنٍ وأنت فتًى أديبُ
رقم القصيدة : 60460
-----------------------------------
أبا حسنٍ وأنت فتًى أديبُ
له في كل مَكْرُمَة ٍ نصيبُ
أترضى أن تكونَ من المعالي
بمَدْعَى مُستغاثٍ لا يُجيبُ
أسأتَ فهل تنيب إليَّ أم لا
فها أنا ذو الإساءة والمنيبُ
ظننتُ بك الجميلَ فهل تلُمني
فإنك قد تُصيبُ ولا أصيبُ
لقد ولدتك آباءٌ كرامٌ
من الآباء ليس لهم ضَريبُ
فلا تَخْلُفْهُمُ في أمر مثلي
خِلافة َ من أطيبَ وما يَطيبُ
أحالَ المُنجِبون عليك أمري
فلم يَقْبل حَوَالتهم نجيبُ
وقلتَ وَرْثْتَ مجدَهُمُ فحسبي
بإرثِهمٌ وذلك ما أَعيبُ
ألا أنَّ الحسيبَ لَغيرُ حيٍّ
غدا وعمادُهُ مَيْتٌ حسيبُ
أترضى أن يقولَ لكَ المُرجِّي
لأَنت المرءُ راجيه يخيبُ
رضيتَ إذاً بما لا يرتضيهِ
من القومِ الكريمُ ولا اللبيبُ
أتأمنُ أن تُواقِعك القوافي
ويومُ وِقاعِها يوم عصيبُ
أَبنْ لي ما الذي تَأْوِي إليه
إذا ما القَذْعُ صَدَّره النسيبُ
أمعتصِمٌ بأنك ذو صِحابٍ
من الشعراء نصرُهُمُ قريبُ
وما تُجدي عليك ليوثُ غابٍ
بنُصرتها إذا دمَّاك ذيبُ
تَوقِّي الداء خيرٌ من تَصَدٍّ
لأيسرهِ وإن قَرُبَ الطبيبُ
أذلكَ أم تُدِلُّ بعزِّ قوم
قد انقرضوا فما منهم عَريبُ
ألا نادِ البرامكة انصروني
على الشعراء وانظر هل مُجيبُ
وكيف يُجيبك الشخصُ المُوارى
وكيف يُعزُّك الخدُّ التريبُ
ولو نُشروا لما نصروا وقالوا
أرَبْتَ فكان حقُّك ما يُريب
أتدعونا إلى حَرْبِ القوافي
لتَحربنا السلامة َ يا حريبُ
ألم تَرَ بذلَنا المعروفَ قِدْماً
مخافة َ أن يقومَ بنا خطيبُ
أذَلْنا دون ذلك كل عِلْقٍ
ومُلْتمِسُ السلامة لا يخيبُ
عليك ببذل عُرفك فاستجرْه
كذلك يفعل الرجل الأريبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رأيتُ الأخلاّء في دهرنا
رأيتُ الأخلاّء في دهرنا
رقم القصيدة : 60461(75/460)
-----------------------------------
رأيتُ الأخلاّء في دهرنا
وأجدِرْ بنائبة ٍ أن تنوبا
إذا حشدوا لأخٍ مرة ً
أظلُّوه للمَنِّ عَوْداً رَكوبا
سأستَنصر الله حسبي بهِ
نصيراً وإلا فحسبي حسيبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا خُلَّة ٌ خانتك بالغيب عهدَها
إذا خُلَّة ٌ خانتك بالغيب عهدَها
رقم القصيدة : 60462
-----------------------------------
إذا خُلَّة ٌ خانتك بالغيب عهدَها
فلا تجعلنَّ الحزنَ ضربة لازِبِ
وهبْ أنها الدنيا التي المرءُ مُوقنٌ
بفرقتها والمرءُ في شأن لاعبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> طلعتْ شنطفٌ صباحاً فقلنا
طلعتْ شنطفٌ صباحاً فقلنا
رقم القصيدة : 60463
-----------------------------------
طلعتْ شنطفٌ صباحاً فقلنا
كيفَ أمسيتِ يا فُسّاء الكُرنبِ
أجابت بشرِّ حالٍ. فقلنا
لِمْ فقالت من شهوة الزَّرْنَبَنْبِ
فأشرنا به عليها فقالت
أيُّ أير يَهَشُّ للطَنْبَلَنْبِ
ليس ذنبي إلى الأيُورِ سوى وجْ
رهي. فقلنا بخٍ. بخٍ أي ذنب
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا لهفَ نفسي للأحبهْ
يا لهفَ نفسي للأحبهْ
رقم القصيدة : 60464
-----------------------------------
يا لهفَ نفسي للأحبهْ
ورجائِهِم غَوْثَ الأطبَّهْ
لم يَشْفهمْ كدُّ الطبي
بِ ولا عنايتُهُ المُكِبَّهْ
لم تُقْضَ حاجتُهم ولا
نَفعتْهُمُ نفسٌ مُحِبّهْ
ما زارهُم فرحٌ ولا
كانت كُروبهمُ مُغِبَّهْ
تَرْحاً لدارٍ إنما
سكانُها رُفَقٌ مُخِبَّهْ
تقتادُهم نحو الرَّدى
طُرُقٌ إليه مُستتبَّهْ
دارٌ عزيبٌ خيرُها
وترى الشرورَ بها مُرِبهْ
أدوَتْ وغابَ دَواؤُها
عن كل نفسٍ مُسْتطبهْ
وصَفَتْ محبة ُ أهلها
منها لمُدْغِلة ٍ مُضِبَّهْ
ناموا على صَيْحاتها
بهمُ الشدادِ المُستهبهْ
كم غرَّ قوماً حُلْوُها
من مُرِّها إلا الألِبّهْ
فتهافتوا في شُهْدِها
فتهالكوا مثل الأذِبهْ
ما آنسَ الإنسانَ بالدْ
دُنيا الدَّبوبِ له المُدبهْ
تغدو عليه عَدُوَّة ً(75/461)
ويَعدُّها أماً وحِبَّهْ
يا لهف نفسي للأحبْ
بَة لو شَفى اللَّهْفُ الأحبهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ولحية ٍ سائلة ٍ مُنْصَبَّهْ
ولحية ٍ سائلة ٍ مُنْصَبَّهْ
رقم القصيدة : 60465
-----------------------------------
ولحية ٍ سائلة ٍ مُنْصَبَّهْ
شهباءَ تحكي ذنبَ المِذبَّهْ
ألا فتى ً يُرضي بِذاك ربَّهْ
يضُمُّ كفَّيهِ على إرزَبهْ
ثُمَّة َ يعلو رأسَهُ بضَرْبه
يَشفي بها قلُوبنا وقلبَهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> دُريرة َ تَجْلُبُ الطَّربا
دُريرة َ تَجْلُبُ الطَّربا
رقم القصيدة : 60466
-----------------------------------
دُريرة َ تَجْلُبُ الطَّربا
ونزهة ُ تجلُبُ الكُرَبا
تُغنّي هذه فيظلْ
لُ عنك الحزنُ قد عَزَبَا
وتعوي هذه فتُطي
لُ منك الحزنَ والوَصبا
أقولُ لجامعٍ لهما
لقد أحضرتَنا عجبا
أتجمعُ بين مُختلِفيْ
نِ ذا صَعَداً وذا صَببَا
فقال ولم يزل لَحِناً
بحُجته وقد كذبا
دَعَوْنا هذه لنُقلْ
لَ من تَموُّزِنا اللهبا
فلما أسرفَتْ في البَرْ
د لم نأمن به العطبا
فجئنا بالتي هيَ ضِدْ
دُها لتُلينَ ما صَعُبا
وظنِّي أنه رجلٌ
يحاولُ عندها الرّيَبَا
ولو كان الفتى عفّاً
إذاً ما استعمل الكذبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قد كنتَ تبذُلُ لي كتابك مرة ً
قد كنتَ تبذُلُ لي كتابك مرة ً
رقم القصيدة : 60467
-----------------------------------
قد كنتَ تبذُلُ لي كتابك مرة ً
فالآن فاكتُب لي إليكَ كِتابا
فأنا الزعيمُ عليك يا ابنَ محمدٍ
أنَّ الثواب يكون منك جَوابا
لا تشغلَنِّي بالعتاب فإن لي
شُغلاً بمدحك يُنْفذُ الأحقابا
قد أورقَ العودُ الذي أمّلْتُهُ
وحَلاَ جَناهُ لمُجتنيهِ وطابا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> نجَّاكَ يا ابن الحاجِبِ الحاجبُ
نجَّاكَ يا ابن الحاجِبِ الحاجبُ
رقم القصيدة : 60468
-----------------------------------
نجَّاكَ يا ابن الحاجِبِ الحاجبُ
وأين ينجو منّيَ الهاربُ(75/462)
أبعدَ إحرازِك أيمانَنا
هاربْتَنا واعتذر الحاجبُ
يا واقباً بالأمس في بيتهِ
ما وقبَ المِخراقُ يا واقبُ
يا عجباً إذ ذاك من حالة ٍ
دافِعُنا فيها هو الجاذِبُ
حقّاً لقد أولَيتَنَا جَفوة ً
يُمحِلُ منها البلدُ العاشبُ
انظُر بعين العدلِ تُبْصرْ بها
أنك عن منهاجِه ناكبُ
سالمتَ أضداداً فحاربتنا
وذاك منك العَجَبُ العاجبُ
أحَرْبُنا حين أسَغْتَ الشَّجا
وحِزْبُنا إذ ضافَك الحازبُ
هِيبَتْ لقومٍ شرَّة ٌ فاحْتبُوا
ولم يَهَبْ شِرَّتَنا هائبُ
وانصاعت الدعوة ُ تِلْقاءهُم
وصابَ فيهم مُزنُها الصائبُ
لا بِدْعَ إن الحرب مرقوبة ٌ
والسِّلمَ لا يرقُبُه راقبُ
هذا على أنك ذو شيمة ٍ
يُدرُّها الماسحُ لا العاصبُ
لا زلتَ مَنْ لا سَيْفُهُ ناكلٌ
قِدْماً ومن لا بحرُه ناضبُ
يا حَسْرتا للسارِقي يومِنا
ولم يُصبهم مِخلَبٌ خالبُ
ما غرَّهم منا ونحن الأُولى
لم يُرَ في سلطانهم خاربُ
إن لم يُقيدونا بها مثلها
فالشعر حُرٌّ إن نَجَوْا سائبُ
بل ليتَ شِعري عنك في أمسنا
والظنُّ عن غيبِ الفتى ثاقبُ
هل قلتَ أخطأتم رماياكُمُ
لا يلتقي الشارقُ والغاربُ
لَهْفي وقد جاءَتْكَ جفَّالة ٌ
كلٌّ مُغِذٌّ ساغِبٌ لاغبُ
ألاَّ يُلاقوك فَتَلْقى بهم
أكْلَ يتامى ما لهم كاسبُ
من كلِّ شَحْذانِ الْحشا فَهِمُ
يأكل ما لا يحسِبُ الحاسبُ
فكَّاهُ كالعصرين من دهره
كلاهما في شأنه دائبُ
ذي مِعْدة ٍ ثعلُبها لاحِس
وتارة ً أرنبُها ضاغب
تعلوهُ حُمَّى شَرَهٍ نافضٌ
لكن حُمى هَضْمهِ صالبُ
كأنما الفرُّوج في كفَّهِ
فريسة ٌ ضِرغامها داربُ
وإن غدا الشَّبوطُ قِرْناً لهم
فخدُّ شَبُّوطِهمُ التَّارب
أقسمتُ لو أنك لاقيتَهُم
نابَك من أضراسهم نائبُ
أبشرْ بكرٍّ عاجلٍ إنني
بالثَّأْرِ في أمثالها طالبُ
لا تحسَبنِّي عنك في غَفْلة ٍ
عَوْدِي وشيكٌ أيها الصاحبُ
قلتُ لصحبي حين راوغْتَهم
لا تحزنوا قد يشهدُ الغائبُ
سيصنعُ اللَّهُ لنا في غدٍ
إن كان أكْدَى يومُنا الخائبُ(75/463)
كُرُّوا على الشيخ بتطفيلة ٍ
عن عَزْمة ٍ كوكبُها ثاقبُ
وإن زَواهُ عنكُمُ جانبٌ
فلا يَفُتْكُمُ ذلك الجانبُ
جُوسُوا عليه الأرضَ واستَخْبروا
حتى يروحَ الخبرُ العازبُ
لا تَنْجُوَنْ منكم فَراريجُهُ
لا وَهَبَ المُنْجي لها الواهبُ
لا تُفْلِتَنْ منكمُ شَبَابيطُهُ
لا أفلتَ الطَّامي ولا الراسبُ
جُدُّوا فقد جَدَّ بكم لاعباً
وقد يَجُدُّ الرجلُ اللاعبُ
ولْيَكُن الكرُّ على غِرَّة ٍ
والصيدُ في مأمنه ساربُ
مقالة ُ قمتُ بها خاطباً
وقد يُصيبُ الغُرة َ الخاطبُ
فاعتَزَمَ القومُ على غارة ٍ
ساندَ فيها الراجلَ الراكبُ
يَهْدي أبو عثمان كُرودُوسَها
هَداك ذاك الطاعنُ الضاربُ
يُرْقِلُ والرَّايَة ُ في كفِّه
قد حَفَّها الرامحُ والناشبُ
والقومُ لاقَوْكَ فاعدِدْ لهم
ما يَرْتضي الآكِلُ والشاربُ
يَسِّرْ فراريجَكَ مَقرونة ً
بها شَبابيطُكَ ياكاتبُ
تلك التي مَخْبَرُها ناعمٌ
تلك التي منظرُها شاحبُ
واذكُر بقلبٍ غيرِ مُسْتَوْهلٍ
يعروهُ من ذِكْر القِرى ناخبُ
أنَّك من جيران قُطْربُّلٍ
وعندك اللَّقحَة ُ والحالبُ
فاسْقِ حليبَ الكَرْم شُرَّابَهُ
إذ ليس من شأنهمُ الرائبُ
أحضِرْهُمُ البكْرَ التي ما اصطلت
ناراً فكلٌّ خاطبٌ راغبُ
ليس التي يَخْطُبها المُتَّقي
بل التي يخطبها الشاذبُ
تلك التي ما بايتَتْ راهباً
إلا جفا قِنْدِيله الراهبُ
تلك التي ليس لها مُشْبهٌ
في الكأس إلا الذهبُ الذائبُ
أو أمُّها الكبرى التي لم يزل
للّيل من طلعتها جائبُ
حَقَّقَها بالشمس أن رُبِّيَتْ
في حِجْرها والشَّبَهُ الغالبُ
فهي ابنة ُ الكَرْمِ وما إن يُرى
إلا التي الشمسُ لها ناسِبُ
أعجِبْ بتلك البِكْرِ محجوبة ً
مكروبة ً يُجْلَى بها الكاربُ
مغلوبة ً في الدَّن مسلوبة ً
لها انتصارٌ غالب سالبُ
بينا تُرى في الزِّقِ مسحوبة ً
إذ حَكَمَتْ أن يُسحب الساحبُ
تَقتصُّ من واترها صرْعة ً
ليس لها باكٍ ولا نادبُ
إلاَّ حَمَامُ الأيَك في أيكِهِ
أو عازفٌ للشَّرب أو قاصبُ(75/464)
ذاتُ نسيم مسكُهُ فائحٌ
وذاتُ لونٍ ورْسهُ خاضبُ
هاتيك هاتيك على مثلها
حامَ ولابَ الحائمُ اللائبُ
والنُّقْلُ والريحانُ من شأنهم
فلا يَعِبْ فقدَها عائبُ
ولا تنمْ عن نرجسٍ مُؤْنسٍ
يضحكُ عنه الزَّمَنُ القاطبُ
ريحانُ رُوحٍ مُنْهِبٍ عطره
والرَّوْحُ إذ ذاك هو الناهبُ
لم يلفح الصيفُ له صفحة ً
ولا سقاه عُودُهُ الشاسبُ
قد ناصبَ الوردَ فمِنْ قولهِ
لا يلتقي الشِّيعيُّ والناصبُ
وزَخْرِفِ البيتَ كما زُخرفتْ
روضة ُ حَزْنٍ جادها هاضبُ
واجلُبْ لهم حَسناءَ في شدوها
لكلِّ ما سرَهُمُ جالبُ
مُحسنة ً ليست بخطَّاءة
طائرُها الهادِلُ لا الناعبُ
بيضاءَ خَوْداً رِدْفُها ناهدٌ
غيداءَ رُوداً ثديُها كاعبُ
مملوكة ً بالسيف مَغْصوبة ً
لها دلالٌ مالِكٌ غاصبُ
تَستوهِبُ الجيد إذا أَتلعتْ
من ظبية ٍ أَفْزَعها طالبُ
كأنَّ من عُولجَ من سِحرها
زجاجة ٌ يشعبُها شاعبُ
نعيمُ من نادمها دائمٌ
وبَرْحُ من فارقَها واصبُ
كأنها والبيتُ مُستضحِكٌ
والعودُ في قَبْضتها صاخبُ
أدْمانة ٌ تَنْزِبُ في روضة ٍ
جاوَبها خِشْفٌ لها نازبُ
واصبُبْ عليهم تُحفاً جَمَّة ً
يُحْمَى بهنَّ الموعدُ الكاذبُ
ولا يكنْ فيما يُعانَى لهم
ضِيقٌ ولا ما يَخْشِبُ الخاشبُ
فما رأَيْنا مَرْتعاً مُجْدِباً
إلا وفيه راتعٌ جادبُ
واغْرَمْ لهم من بعد ذا كُلِّه
ما نفل الملاَّحُ والقاربُ
وتُبْ من الذنب الذي جئتَهُ
فقد يُقالُ المذنبُ التائبُ
كيما يقولوا حين تُرضيهمُ
يا حبذا المُنهزمُ التائبُ
وإن رَجَوْا أخرى فمن قولهم
أفْلَحَ هذا الغائب الآئبُ
أعتِبْ بيومٍ صالحٍ فيهمُ
ليس على أمثاله عاتبُ
ولا يكن يوماً إذا ما انقضى
صِيحَ به لا رَجَعَ الذاهبُ
إلاّ يكن ذاك لهم واجباً
فإن تطفيلَهُمُ واجبُ
عَجِّلْ لهم ذاك ولا تَهْجُهم
ولا يَثِبْ منك بهم واثبُ
فليس من يأدِبُ إخوانَهُ
مؤَدِّباً للقومِ بل آدبُ
أخْلَفنا نِوْؤُك موعدَهُ
فلا تصبنا ريحُك الحاصبُ
حاشاك أن يلقاك مُستمِطر(75/465)
ومُزْنُكَ الصاعق لا الصائبُ
أو فادْعُهُمْ ثم اهْجُهم راشداً
وأنت أنت الجابر الحاربُ
كي يذكروا من مأْرِبٍ معهداً
إنْ غرِقت في سيلها مأرِبُ
دع عنك خبط الجور في أمرنا
فقد أضاء السّنَن اللاّحب
لا تُطعمنَّا لحمك المتَّقَى
فليس مما يأكل الساغبُ
وكيف أكلُ الناسِ لحمَ امرىء
مِقْوَلُهُ صَمْصَامَة ٌ قاضبُ
واعلم بأنَّ الناسَ من طينة ٍ
يصدق في الثلب لها الثالبُ
لولا عِلاجُ الناسِ أخلاقَهُم
إذاً لفاح الجمأُ اللازبُ
ومن غدا مثلك في مجده
حُمِّل ما لا يحمل الصاقبُ
فقاتِل الشُّح بجند النّدى
يُنْصَرْ عليه إلبُكَ الآلب
واغرَمْ حُطاماً واغتنمْ سمعة ً
فالزادُ ماضٍ والثّنا راتبُ
هذا مزاح يا أخي كُلُّهُ
لشانئيك الشجَبُ الشاجبُ
فاستصلحِ المالَ فمن دونِهِ
أُسْدٌ عليها الأشَبُ الآشبُ
إن الإخاء المصطفى بيننا
ليس له من غيره شائبُ
أقسمتُ والحق له فضلُهُ
إذا التَقَى المحتجُّ والشاغبُ
إنك ممّا يجتني المجتني
ولستَ ممّا يحطِبُ الحاطبُ
فاعمَرْ من النعماء في دولة ٍ
منصورة ٍ ليس لها قالبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا ما كساك الله سربالَ صحة ٍ
إذا ما كساك الله سربالَ صحة ٍ
رقم القصيدة : 60469
-----------------------------------
إذا ما كساك الله سربالَ صحة ٍ
ولم تخلُ من قوتٍ يَحِلُّ ويَعذبُ
فلا تَغْبِطنَّ المترفين فإنهم
على حَسْبِ ما يكسوهُمُ الدهرُ يَسْلبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رأيتك شبَّهْتَ الضمير وحفظَهُ
رأيتك شبَّهْتَ الضمير وحفظَهُ
رقم القصيدة : 60470
-----------------------------------
رأيتك شبَّهْتَ الضمير وحفظَهُ
حَسائكَهُ بالحوض في حفظه الشِّربا
وقرَّضتَ منه أن يصادَف حِفْظُهُ
كحفظ حياض المورد الملحَ والعذبا
ألا كان كالغربال يُنفي زُؤانهُ
وما كان من قِصْرى ويحتبس الحَبَّا
ألا كان مثل القِدْرِ تَنفي غُثاءها
وتَقْنَى عُرَاقَ اللحمِ والمرقَ العذبا(75/466)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وَقَتْكَ يدُ الإله أبا عليٍّ
وَقَتْكَ يدُ الإله أبا عليٍّ
رقم القصيدة : 60471
-----------------------------------
وَقَتْكَ يدُ الإله أبا عليٍّ
ولا جَنحتْ بساحتك الخطوبُ
وزُحزحتِ المكارهُ عنك طُرّاً
ونُفِّسَتِ الشدائدُ والكروبُ
شَرِكتك في البلاء المرِّ حتى
لكاد القلب من ألمٍ يذوبُ
ولم أمنُنْ بذاك وكيف مَنِّي
على من عُرفه عندي ضُروبُ
ولكني شكوتُ إليك شكوَى
أخي كُرَبٍ تضيق بها الجُنُوبُ
وكيف الصبرُ والقاضي وقيذ
أبَى لي ذلك الجزعُ الغَلُوبُ
تَطَرَّقَتِ النوائبُ منه شخصاً
بعيداً أن تَطَرَّقَهُ العيوبُ
ولكنْ في دفاع الله كافٍ
وإن شُبَّتْ لنائرة ٍ حروبُ
وفي المعروف واقية ٌ لشاكٍ
وللسراء غائبة ٌ تؤوبُ
وقد يُخْفِي ضياءَ الشمسِ دَجْنٌ
تزول ولم يَحُنْ منها غروبُ
فقل للحاكم العدلِ القضايا
فِداه من يجور ومن يحوبُ
أبا إسحاق مُحِّقَتِ الخطايا
بما تشكو ومُحِّصَتِ الذنوبُ
ولُقِّيتَ الإفالَة َ من قريبٍ
موقًّى كلَّ نائبة ٍ تنوبُ
فإنك ما اعتللتَ بل المعالي
وإنك ما مَرْضْتَ بل القلوبُ
وحقُّك أن تُقال فأنت آسٍ
له رِفْق إذا دَمِيَتْ نُدُوبُ
تُصيبُ إذا حكمتَ وإنْ طلبنا
لديك العُرفَ كنت حَياً تَصُوبُ
هنيئاً آلَ حمادٍ هنيئاً
فقد زَكَتِ الشواهدُ والغيوبُ
متى تُوضعْ جُنُوبُكُمُ بشكوٍ
فما فيكم لنازلة ٍ هَيُوبُ
وإن تُرفعْ جنوبُكُم ببُرءٍ
فما فيكم لفاحشة ٍ رَكُوبُ
وليس على صريعِ اللَّهِ بأسٌ
إذا مَهَدَتْ مصارعَها الجُنُوبُ
وليس على نَقيذ اللَّه عَتْبٌ
وفيه عن محارمه نُكُوبُ
أُحبّكُمُ وأشكر أنْ صفوتمْ
عليَّ وسائرُ الدنيا مَشوبُ
نسيمي منكُمُ أبداً شَمَالٌ
وريحي حين أَستسقي جَنُوب
ولا يُلْفَى بساحتكم شقيٌّ
ولا يُغرى بمدحِكُمُ كذوبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ما أنس لا أنس هنداً آخر الحقبِ
ما أنس لا أنس هنداً آخر الحقبِ
رقم القصيدة : 60472(75/467)
-----------------------------------
ما أنس لا أنس هنداً آخر الحقبِ
على اختلاف صروف الدهر والعُقُبِ
يومَ انْتَحَتْني بسهميها مُسالمة ً
تأتي جُدَيْدَاتُها من أوجه اللَّعبِ
وعيَّرتني بشيب الرأس ضاحكة ً
مِن ضاحكٍ فيه أبكاني وأَضْحَكَ بي
قد كنتِ تسقينَ خدّي مرة ً وفمي
يا هندُ من وَشَلٍ طوراً ومن ثَغَبِ
يَعُلُّ ريقُك أنيابي وآونة ً
يستنُّ دمعُكِ في خَدَّيَّ كالسَّربِ
فالآن أهزأَ بي شيبي وأَوْبقني
عيبي وإن كنت لم أُوبَق ولم أُعَبِ
بالجِلْد أندابُ دهرٍ لست أنكرها
وما بعرضي لعمرُ الله من نَدَبِ
يا ظبية ً من ظباءٍ كان مَكْنسها
في ظل ذي ثمرٍ مني وذي هَدَبِ
فِيئِي إليك فقد هَبَّت مُصَوّحة ٌ
أضحى لها مجتَنِي لهوٍ كمحتطِبِ
سِنٌّ بَنَتْني وعادتْ بعد تهدِمني
حتى رزَحتُ رزوح العَوْدذي الجَلَبِ
وأعْدَتِ الرأسَ لَوْنيَ دهرِهِ فغدا
قد حال عن دُهمة ٍ كانت إلى شَهَبِ
والدهرُ يُبلي الفتى من حيث يُنشئُهُ
حتى تَكُرَّ عليه ليلة ُ القَرَبِ
يَغذوه في كل أنْيٍ وهو يأكله
ويحتسي نُغَباً منه على نغبِ
يُودي بحالٍ فحالٍ من شبيبته
تسرُّبَ الماء من مستأنَفِ الكُتَبِ
بَيْناهُ كالأجدل الغِطريف ماطَلَهُ
عصراهُ فارتد مثل الفرخ ذي الزَّغبِ
أَعْجِبْ بآمِنِ دهرٍ وهو مُبترِكٌ
يُعريه من ورقٍ طوراً ومن نَجَبِ
حسبُ امرىء ٍ من جَنى دهرٍ تُطاولُهُ
وإن أجِمَّ فلم يُنكَبْ ولم يُنَبِ
في هدنة ِ الدهر كافٍ من وقائِعِهِ
والعُمرُ أفدحُ مِبْراة ً من الوَصَبِ
قَضيتُ ذلك من قولي إلى فُنُقٍ
تلهو بمُكتحِلٍ طوراً ومختضِبِ
حوراءُ في وَطَفٍ قنواهُ في ذَلَفٍ
لَفَّاء في هَيَفٍ عجزاءُ في قَببِ
كالشمسِ ما سَفَرَتْ والبدر ما انتقبتْ
ناهيكَ من مُسفِرٍ حُسْناً ومُنتقِبِ
جاءت تَدافَعُ في وَشْيٍ لها حَسَنٍ
تَدافُعَ الماء في وشيٍ من الحببِ
فأعرضتْ حلوة َ الإعراضِ مُرَّتَهُ
بزَفرة ٍ كنسيم الروض ذي الرَّبَبِ
تَأْسى على عهديَ الماضي ويُذهِلُها(75/468)
تَفوُّقُ العيشِ لا الأحلاب في العُلبِ
يا ذا الشبابِ الذي أضحتْ مَناسِبُهُ
قد بُدِّلتْ فيه أنواعاً من النُّدَبِ
مهلاً فقد عاد ذاك الشرخُ واقتربت
من مُجتنيها الأماني كلَّ مقتربِ
بآل وهبٍ غدتْ دنيا زمانهمُ
منضورة ً وتغنَّت بعدَ منتحبِ
وعادت الأرضُ إذ عمَّت مصالحُهم
دارَ اصطلاحٍ وكانت دارَ مُحتربِ
قومٌ يحلُّونَ من مجدٍ ومن شرفٍ
ومن غَناءٍ محلَّ البَيْض واليَلَبِ
حلُّوا محلَّهُما من كلّ جمجمة ٍ
دَفعاً ونَفعاً وإطلالاً على الرُّتبِ
لا بل هُم الرأسُ إذ حسَّادُهم ذنبٌ
وَمَنْ يُمثِّلُ بين الرأسِ والذنب
تاللَّه ما انفكتِ الأشياءُ شاحبة ً
حتى جَلَوْها فأضحت وُضَّحَ النُّقَبِ
بهم أطاعَ لنا المعروفُ وامتنعت
جوانبُ الملك ذي الأركان والشَّذبِ
كم فيهم من مقيمٍ كُلَّ ذي حَدَبٍ
من الأمورِ برأيٍ غيرِ ذي حَدَبِ
ما زال أحمدُ المحمودُ يحمدهُمْ
مُذ بوِّيء التاجَ منه خيرُ مُعْتصبِ
وقبل ذلكَ كانوا يَمْهَدُون له
وتلكُم القُرْبة الكبرى من القُرَبِ
صَغا إليهم وولاّهم أمانتَهُ
دون الأنام فلم يَرْتَبْ ولم يُرِبِ
ما انفكّ تدبيرهُمْ يجري على مَهل
حتى غدا الصقرُ منصوراً على الخَرَبِ
لو كنتَ تعلم ما أغنى يراعُهُمُ
أيقنتَ أن القَنَا كَلٌّ على القَصَبِ
إن كنتُ أذنبتُ في مدحي ذوي ضَعَة ٍ
فمِدْحتي آلَ وهب أنصحُ التُّوب
الحارسي الدينَ لا يلهو نهارُهُم
عنه ولا ليلُهم بالنائم الرّقب
الحافظي المُلكَ والحامينَ حَوْزَتَه
مِن الأعادي ذوي الأضغان والكَلَبِ
الحالبي لَفَحَاتِ الفيء حافلة ً
بِالرفق واليمن منهم ثَرَّة َ الحَلَبِ
المجتني الحمدَ بعد الأجرِ غايتُهم
صَوْنُ الإمام عن الآثام والسُّبَبِ
ومن جبى المال للسلطان دونهُم
أعداهُ إثماً وعاراً لازبَ الجَرَبِ
كم نِضْوِ شُكرٍ نَضَوا عنه وليَّتَهُ
فظهرُهُ مستريحٌ غيرُ مُعْتقَبِ
وما شكا العُسْرَ بعد اليُسْرِ صاحبُهُم
ولا تَحَوَّل عن رَحْلٍ إلى قَتَبِ(75/469)
وما يُربغون بالنُّعمى مكافأة ً
لكن يُقَضُّون ما للمجد من أَرَبِ
أقسمت حقاً لئن طابت ثمارهُمُ
لقد سرى عِرقُهم في أكرم التُّربِ
دعْ من قوافيك ما يكفيك إن لها
في مدح مولاكَ شَوْطاً مُلْهَبَ الخَبَبِ
يا سائلي أعْربَ الإحسانُ عن حَسَنٍ
أبي محمّدٍ المحمودِ في النّوبِ
سألتُ عنه رفيعَ الذكر قد خطبتْ
به النباهة ُ قبل الشعر والخُطبِ
أغنى الصباح عن المصباح بل طلعتْ
شمسُ الضحى تسلك الأسلاك في الثُّقَبِ
هلاّ سألتَ ثناءً غير مُجتلَبٍ
أضحى له وفِناءً غيرَ مُجتَنَبِ
فتى إذا ما مدحناهُ أتيحَ له
من أرضِه المدحُ فاستغنى عن الجلبِ
معروفُهُ في جميع الناس مُقْتَسمٌ
فحمدُهُ في جميع الناس لا العُصَبِ
خِرْقٌ حَوَتْ يدُهُ مُلْكاً فجادَ به
فأصبح الملك ملكاً غير مُغتصَبِ
أغرُّ أبلجُ يكسو نَفْسَه حُلالا
من المحامد لا تَبْلى على الحِقَبِ
أمواله في رِقاب الناس من مِننٍ
لا في الخزائنِ من عِيْنٍ ومن نَشَبِ
فليس يملكُ إلا غيرَ مُنتزَع
وليس يلبَسُ إلا غير مُستلَبِ
كذا المكارمُ ملكٌ لا زوال له
باقٍ يدوم لباقٍ غيرَ مُنْشَعَبِ
ذاك الذي بايَنَ الأسواءَ وانتسبتْ
إليه بيضُ الأيادي كلَّ منتسَبِ
كم شدَّ للسعي في أُكرومة ٍ لَبَباً
أضحى كريماً به مُسترخِيَ اللَّبَبِ
ما انفكَّ من سَهَرٍ يُخليكَ من سهرٍ
كلاً ولا دأبٍ يُعفيكَ من دَأبِ
مذلَّلٌ للمساعي وهْوَ مُشتمِلٌ
بالعزِّ في ظلّ عِيصٍ مُحْصَد الأَشَبِ
قد وطَّأَ المجدُ للعافي خلائِقَهُ
فللتَّسحُّبي فيها لينُ مُنْسحَبِ
ماضٍ على الهَوْل نحو المجدِ يَطلُبُه
من شأنه السُّربة ُ البُعدى من السُّربِ
لا يتَّقي في جميلٍ هولَ مُرتكَبٍ
إذا اتَّقى في رَغيبٍ قُبْحٌ مُرتكَبِ
أحْمَى فأرْعَى وآوى مَنْ يُطيفُ به
في حيثُ يأمن من خوفٍ ومن سَغَبِ
فضيفُهُ في ربيعٍ طولَ مُدَّته
وجارهُ كلَّ حين منه في رجبِ
الأمنُ والخصبُ للثَّاوي بعقْوَتِهِ
وقْفَيْنِ قد كَفَياهُ كلّ مضطرَبِ(75/470)
فليسَ كشحاهُ مَطويين عن رَغَدٍ
ولا جناحاه مضمومَيْنِ من رَتَبِ
أغرُّ يجتلبُ المُدَّاحَ نائلُهُ
وأكثرُ الناس مدحاً غيرَ مُجتَلبِ
تلقاهُ من نهضهِ للمجدِ في صَعَدٍ
ومن تواضُعِهِ للحق في صَببِ
كأنَّه وهو مسؤولٌ ومُمْتدَحٌ
غَنَّاهُ إسحاقُ والأوتارُ في صَخبِ
يهتزُّ عطفاهُ عند الحمدِ يسمعُهُ
من هِزَّة المجد لا من هِزة الطّربِ
زَوْلٌ يقسِّمُ أمراً واحداً شُعَباً
وقادرٌ أن يَضمَّ الأمرَ ذا الشُّعَبِ
مُعانُ خَيْرَيْنِ للرُّواد مُكتَسبٍ
من العوارف يُسديها ومُكتَتبِ
كالبحر مُنْفجِراً من كلّ منفجَرٍ
والغيثِ منسكباً من كلّ منسكَبِ
جاء السَّوادان يمتارانِ فاحتقبا
من عِلمِه ونداهُ خيرَ محتقَبِ
يقظانُ ما زال تُغْنيه قريحَتُهُ
عن التجاربِ يَلقاهُنَّ والدُّرَبِ
ذو لمحة ٍ تدرِك العُقبى إذا احتجبتْ
عن العقولِ بغيبٍ كل محتجَبِ
تُغزَى الخطوبُ إذا اشتدت معَرَّتُها
من كيده بخميس غير ذي لَجَبِ
رمَى من الحقِّ أغراضاً فَقْرطَسَها
وطالما رُميَتْ قِدْماً فلم تُصَبِ
بصائبٍ من سهام الرأي أيَّدَهُ
بالبحث والفحص لا بالرِّيش والعَقَبِ
فأيُّ عدلٍ وفَصْلٍ في قضيته
إذا تجاثَى بنو الجُلَّى على الرُّكبِ
فإن عَصَتْ بَدَهاتِ الرأي مُعْضِلة ٌ
أذكى لها فِكْرَاً أذكى من اللّهبِ
وما الحقوقُ إذا استقصى بضائعة ٍ
ولا الكلامُ إذا أحصى بمُنتَهبِ
يَجِدُّ جِدَّ بعيدِ الهم مُنتدَبٍ
لكل خطبٍ جليل كلَّ مُنتدَبِ
ويَفْكَهُ الحالَ بعد الحالِ مُقتَفراً
آثار من قَرَنَ السُّلاء بالرُّطبِ
مُسدَّدٌ في جواباتٍ يُجيبُ بها
كأنها أبداً مأخوذة ُ الأُهَبِ
فيها حلاوة ُ ظَرْفٍ غير مُنْتحَلٍ
إلى فخامة علم غير مؤتشَبِ
يَزينُها بإشاراتٍ ملحَّنة ٍ
كأنها نغمُ التأليف ذي النِّسَبِ
كم موطنٍ قد جرى فيه مَجاريَهُ
يمرُّ فيه مروراً غير ذي نَكَبِ
محدِّثاً أو مُبيناً عن مُجمجَمة ٍ
أو هازلاً هَزْلَ صَدَّافٍ عن الحُوَبِ
فما تطايَر كالمخلوقِ من شَرر(75/471)
ولا تَوَاقَر كالمنحوت من خشبِ
بل ظل يُوزنُ بالقسطاط مأخذُهُ
مُجاوزاً عَتَباً منه إلى عَتَبِ
بين الخُفاف وبين الطَّيْش مُجتذِباً
عُرا القلوب إليه كلَّ مُجتذَبِ
تُعَضِّلُ الأرضُ ضِيقاً عن جلالته
ويَسلُكُ الخُرْتَ عفواً لُطْفَ مُنْسربِ
ساهٍ وما تُتَّقَى في الرأي سَقْطتهُ
داهٍ وما يُنطوى منه على رِيبِ
فدهيُهُ للدواهي الرُّبْدِ يَدمغُها
وسَهْوهُ عن عيوب الناس والغِيَبِ
لولا عجائبُ لُطفِ الله ما نبتتْ
تلك الفضائلُ في لحم وفي عَصَبِ
لِيَبْهجِ الدِّينُ والدنيا فإنهما
قد أصبحا في جَنابيه بمُصطحَبِ
يا ابن الوزير الذي أضحتْ صنائعُهُ
مُقلَّداتٍ رقابَ العُجْم والعَرَبِ
مهما وعدْتَ فمذكورٌ ومحتَسَبٌ
وما اصطنعتَ فشيءٌ غَيرُ مُحتسبِ
تُعطي ووجْهُك مبسوطٌ يُصانعنا
كأنَّ كفَّك لم تُفْضِلْ ولم تَهَبِ
لقاءُ جانٍ إلى العافينَ مُعتذرٍ
وفعلُ مُجْنٍ جنًى أحلى من الضَّرَبِ
يا من إذا ما سألناهُ استهلّ لنا
وإن سكتْنا تَجَنَّى علَّة َ الطلبِ
أجاد تَكْمينَ نُعمى ثم أطلعها
لنا بلا مَدِّ أعناقٍ ولا تعبِ
كأنها نعمة ُ الله التي خَلَصَتْ
في جَنّة الخُلْد من هَم ومن نَصَبِ
مَبَرَّة ً لَطُفَتْ منه وتَصفية ً
لَمَوْرد العُرْفِ لم نعرفهما لأَبِ
أثابك اللهُ عنا ما يُثابُ به
ذو الفَضلِ والطَّولِ والعافي عن الرِّيب
وما عجِبنا وإن أصبحتَ تُعجبنا
أن يُجتنى ذهبٌ من مَعْدِنِ الذهب
لكن عَجِبنا لعُرفٍ لا نُكافئُهُ
ونستزيدُك منه أكثر العَجَبِ
لو فرَّ مصطَنَعٌ من عُرْف مصطنعٍ
عَجْزاً عن الشكر لم نُسبق إلى الهَرَبِ
لكنك المرءُ يُسدي عرفَهُ ويرى
تركَ الحساب عليه أفضلَ الحَسَبِ
وقد كفاك ائتنافَ المجد سيدُنا
فلم تُواكِلْ ولم تعملْ على النسبِ
لكن فعلتَ كآباءٍ لكم فُعُلٍ
بِيضِ الصنائع كشَّافين للكُربِ
وما عدوتَ من الآراء أصوبَها
عند امرىء كان ذا عقلٍ وذا أدبِ
إذا ابن قُوم وإن كانوا ذوي كرمٍ
لم يفعلِ الخير أمسى غير مُنتجَبِ(75/472)
وكلُّ شعبة ِ أصلٍ مثمرٍ عَقُمت
فليس تُعتدُّ إلا أرذلَ الشُّعبِ
لذاك من قُضُب الرمان مُكتَنَفٌ
يُحمى ويسقَى ومنبوذٌ مع الحطبِ
لولا الثمار التي تُرجى منافعُها
ما فضَّل الناسُ تفاحاً على غَرَبِ
ها إنَّ تاخطبة ٌ قام الخطيبُ بها
صريحة ُ الصدق لم تُمْذَق ولم تُشَبِ
والغَرْسُ نَفْلٌ وربُّ الغَرس مُفْترِضٌ
فاربُبْ غراسك تجنِ الشكر من كَثَبِ
أسديتَ أمراً فالْحِمْهُ بلُحمته
لنا وسبَّبْت فاجدُل مِرّة َ السَّببِ
كلِّم فتى طيْءٍ فينا وسيدَها
تكليمَ راضٍ مُليحٍ صفحة َ الغضبِ
جِدّاً وحَدّا إذا ما شئتَ هَزَّهُما
طباعُكَ الحُرُّ هزَّ العَضب ذي الشُّطبِ
واعلم بأنك مأمولٌ ومُرتقبٌ
فاشفع شفاعة َ مأمولٍ ومُرْتَقَبِ
اللَّهَ في مالِ قومٍ أنت كاسبُه
يا خيرَ مكتَسِبٍ من خير مكتسَبِ
حافظْ عليهِ حِفاظاً لا وراءَ له
إلا النجاحُ وأنقِذْه من العطبِ
لا تُسْلَبَنَّ يدٌ قد أمَّلت بكمُ
ما أمَّلتْه فلا حرمانَ كالسَّلبِ
ولو سُئلنا لقلنا الفقرُ فاقِرة ٌ
لكنَّ أعظمَ منه حسرة ُ الحَرَبِ
وليس يَشْجَبُ جارٌ أنت مانعُهُ
لا زال جارُك ممنوعاً من الشجبِ
واسلمْ على الدهر في نعماءَ سابغة ٍ
وارجِعْ مُوقّى مُلقّى خيرَ مُنقلَبِ
وآنَسَ اللَّهُ نفساً أنت صاحبها
فإنها من معاليها بمُغتَرَبِ
خذها هَدِيّاً ولم أُنكِحْكَها عَزَباً
يا ابنَ الوزير وكم أنكحتُ من عَزَبِ
ما زلت تنكِحُ من قبلي نظائرها
وأيُّ داعٍ إليك المدحَ لم يُجَبِ
وما خسَسْتَ الثوابَ المستثاب بها
وأيُّ مُهدٍ إليك الصدق لم يُثَبِ
ومن يُقاتلْ عن العليا ليَمْلِكها
بمثل خِيمِكَ لم يُسبق إلى الغَلبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> فتحتُ أبوابَ مدحٍ لا انغلاقَ لها
فتحتُ أبوابَ مدحٍ لا انغلاقَ لها
رقم القصيدة : 60473
-----------------------------------
فتحتُ أبوابَ مدحٍ لا انغلاقَ لها
من إخوة ٍ لك جاؤوا بالأعاجيبِ
فجازِني بمديحي أو مديحِهِمُ
إن المسبِّبَ محقوقٌ بِتثويبِ(75/473)
سبِّبْ أو افعل بل اسمح لي بجمعهما
فعلاً بفعلٍ وتسبيباً بتسبيب
يا من يقولُ بما فيه مُقَرِّظُهُ
ولا يَمُتُّ إليه بالأكاذيبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سأُثْلِجُ باصطناع العُرف صدري
سأُثْلِجُ باصطناع العُرف صدري
رقم القصيدة : 60474
-----------------------------------
سأُثْلِجُ باصطناع العُرف صدري
وأُعدِمُ كاهلي ثِقَلَ الذُّنوبِ
وأُحسِنُ لا بحظِّك بل بحظي
وللإحسانُ آنسُ للقلوبِ
إذا ذَكرتْ أياديهَا نفوس
أفاقت من مُعالجة الكروبِ
وآمنُ ما يكونُ المرءُ يوماً
إذا لبس الحذارَ من الخطوبِ
أمورٌ أقبلتْ بعد التَّولِّي
وشمسٌ أشرقت بعد الغروبِ
ومن يكُ ذُخُرْه رمحاً وسيفاً
فنصرُ اللَّهِ ذُخرِي للحُزوبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبا الصقرِ لستُ أرى مُهْدياً
أبا الصقرِ لستُ أرى مُهْدياً
رقم القصيدة : 60475
-----------------------------------
أبا الصقرِ لستُ أرى مُهْدياً
لك المدحَ غيريَ إلا مُثابا
وقد كدتُ من فَرْط ما شَفَّني
جفاؤُك ألاَّ أُسيغَ الشرابا
ولو كنتُ أعرفُ لي إسوة ً
صبرتُ وعزَّيتُ قلباً مصابا
ولكنْ مُنِعتُ الأَسا مثلما
حُرمتُ اللُّهى من يديك الرِّغابا
وكنت قليلَ إسا المُرتجِي
إذا فاته صيِّبٌ منك صابا
وأين إسا من عَمَمْتَ الورى
سواهُ بسيبٍ يفوتُ السحابا
فلا زلتَ لا يجِدُ الحاسدو
نَ فيك سوى ذلك العابِ عابا
بل اللَّه يفديك بالحاسدي
نَ من كل عابٍ دعاءً مجابا
وإن كنتَ حَلأَّتني صادياً
وأوردتَ غيري حِياضاً عِذاباً
تُجَأجِىء ُ بالوارديها سِوا
يَ ظلما وتُفرغ فيها الذِّنابا
وإني لأرأفُهُم مَنسِماً
بساقٍ وأعفاهُمُ عنه نابا
وأغزرُهم دِرَّة ً بعد ذا
كَ عَفْواً إذا الدَّر عاصَى العِصابا
فما لعطاياكَ أضحت حِمى ً
عليَّ وأضحت لغيري نِهابا
أظنُّك خُبِّرتَ أنّي امرؤٌ
أبَرُّ الرجالَ بشعري احتسابا
وذلك أحسنُ ما في الظنون
إذا ما أخٌ بأخيه استرابا
ولو غيرُك السائِمي ما أَرى(75/474)
لشعَّبتُ للظن فيه شِعابا
فقلتُ غبيٌّ كسا جهلُهُ
نواظرَهُ دون شمسي ضبابا
ورانَ على قلبه رَيْنُهُ
فليس يُريه صوابي صوابا
أذلك أو قلتٌ كان امرأً
رأى الجودَ ذنباً عظيماً فتابا
هفا هفوة ً بالندى ثم قال
أنبتُ إلى اللَّه فيمن أنابا
أذلك أو قلتُ بل لم يزلْ
أخا البخل إلا عِداتٍ كِذابا
يُريغُ ثناءً بلا نائل
يُمنِّي أمانيَّ تُلْفَى سرابا
إلى كل ذاك تميلُ النفو
س أخطأ ظنٌّ بها أم أصابا
ولكن تنخَّلْتُ فيك الظنونَ
تَنَخُّليَ المدحَ فيك اللُّبابا
وما ظنَّ من حَسَّنَ الظن فيك
فأنت الحقيقُ به لا المُحابى
على أنني رجلٌ عاتبٌ
وعتبيَ أَهدى إليك العتابا
سأبدي مَعَاتِبَ مكنونة ً
إذا هي لم تَبْدُ عادت ضِبَابَا
قبلتَ مديحي وأَنشدتَهُ
أُناساً وأمسكت عني الثوابا
وفيه سَرائر أُفشيتُهنْ
نَ إليك وكاتمتُهنَّ الحِجابا
فللَّه أنتَ وما جئتَهُ
إليَّ لقد جئت شيئاً عُجابا
أتهتك ستريَ عن خَلَّتي
وتُغْلق دون عطاياك بابا
فلو كنتَ إمَّا أنلتَ امرأً
وإما سترت عليه وخَابا
عُذِرْتَ ولكن كشفتَ الغطا
ء عنه ولَمَّا تُنِلْهُ الثوابا
سوى أنَّ خالك لي مُبرِقٌ
بوارقَ يخطفنَ طرفي التهابا
يشير إليَّ بإيماضه
ويعمد غير جنابي مَصَابَا
وإنَّ جنابيَ لو جاده
لأزكى نباتاً وأزكى ترابا
جناب إذا راده رائد
رأى المسك عند ثراه مَلاَبا
وإن جادَهُ العُرْفُ أجْنَى جنى ً
من الشكر مستعذباً مستطابا
فَحَتَّامَ تَخْطَفُ تلك البرو
قُ طرفي ويسقين غيري الذِّهابا
رضيتَ بوعدك لي نائلاً
إذا شِمْتُ في أفقَيْك السحابا
وما كنتُ بعتُك سترَ القُنُوع
لِتَنْقُدَني منه وعداً خِلابا
ومن باع ستراً على خلَّة ٍ
بوعدٍ فأخْسِرْ به حين آبا
ومن عَجَبٍ كدتَ تَجني به
عليَّ مشيباً يُعَفِّي الشّبابا
دوام احتجابك عن رائدي
ولولاي لم يَرَ منك احتجابا
وقد كان من قبلِ إيصالِهِ
هداياي أدنى جليسَيْك قابا
فأقصاه ما كان يرجو به
إليك دُنُواً ومنك اقترابا
فاعجِبْ بهاتيك من خطة ٍ(75/475)
واعجبْ بألاَّ تُشيبَ الغرابا
حلفتُ لَئِنْ أنتَ لم تُرضِني
لتنصرفَنَّ القوافي غضابا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبا جعفر واصفحْ عن الفاء إنها
أبا جعفر واصفحْ عن الفاء إنها
رقم القصيدة : 60476
-----------------------------------
أبا جعفر واصفحْ عن الفاء إنها
تزيدك في جَعْرٍ من الأَفِّ جانبا
رأيتك للفعل الجميل مُجانباً
فآليت لا ألقاك إلا مجانبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لي خادمٌ لا أزال أحتسبُهْ
لي خادمٌ لا أزال أحتسبُهْ
رقم القصيدة : 60477
-----------------------------------
لي خادمٌ لا أزال أحتسبُهْ
يغيب حتى يردّه سغبُهْ
نُرسله لاشتراء فاكهة ٍ
فقَصْرُنا أن تجيئَنا كتبُهْ
كم قال ضيفي وقد بعثت به
هيهات يوم الحساب منقلبُهْ
وخلتُهُ قَدْ سما إلى كَرْم رض
وانَ لكي يُجْتَنَى له عنبُهْ
وإنما زار مالكاً فرأى
زَقُّومَ صدقٍ فظل ينتخبُهْ
ثم أتاني وقد طما غضبي
عليه والضيفُ قد طما غضبهْ
فقال هاكم وليس في يده
إلا نوى كان مرة رُطَبُهْ
أو عَجْمُ رمَّانة وقشرتها
بغير ماء لقد خلا عجبهْ
ضل فما يهتدي لطيِّبَة ٍ
كأنما مُجتناه مُحتطبهْ
غَيْبتُهُ سَرْمَدٌ وخيبتُهُ
لا تنقضي أو يَغوله عطبهْ
يبطىء ُ حتى أكاد أحسبه
صادف تيساً فظلّ يحتلبُهْ
أو أعرض الرَّدمُ دون حاجته
أو لقِيَ الليثَ هائجاً كَلَبهْ
أو لَكَمَتْ لَقْوَة ٌ لَهَازِمَهُ
أو سقطت من زَمانة ٍ رُكَبهْ
هل مشتر والسعيدُ بائِعُهُ
هل قابِلٌ والسعيد من يهبهْ
أساء بالمسلمين جالبُه
لا كان من جالب ولا جَلَبُهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تأمُّلُ العيبِ عَيْبُ
تأمُّلُ العيبِ عَيْبُ
رقم القصيدة : 60478
-----------------------------------
تأمُّلُ العيبِ عَيْبُ
ما في الذي قلتُ رَيْبُ
والشِّعْرُ كالشَّعْرِ فيه
مع الشبيبة شيبُ
فليصفح الناسُ عنه
فطعنهم فيه غَيْبُ
حتى يعيشَ جَريرٌ
لعيبه أو نُصَيْبُ
كم عائبٍ كلَّ شيءٍ
وكلُّ ما فيه عيبُ(75/476)
والجيبُ ذيلٌ لديه
للنُّوكِ والذيلُ جيبُ
إياك يا بن بُوَيْبٍ
أن يُستثار بويبُ
فإنما أنا ليثٌ
عادٍ وأنت كُليبُ
لا تحقِرنَّ سُبَيباً
كم جَرَّ سبّاً سُبيبُ
ولا تظُنَّ بجهلٍ
أن اللسان زُبَيْبُ
قد تحسن الرومُ شعراً
ما أحسنته العُرَيبُ
يا منكر المجدِ فيهم
أليس منهم صهيبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا بَرَّكتَ في صومٍ لقومٍ
إذا بَرَّكتَ في صومٍ لقومٍ
رقم القصيدة : 60479
-----------------------------------
إذا بَرَّكتَ في صومٍ لقومٍ
دعوتَ لهم بتطويل العذابِ
وما التبريكُ في شَهرٍ طويلٍ
يُطاولُ يومُهُ يوم الحسابِ
فليت الليلَ فيه كان شهراً
ومرَّ نهارُهُ مرَّ السحاب
فلا أهلاً بمانعِ كُلِّ خيرٍ
وأهلاً بالطعام وبالشراب
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لي طيلسانٌ ليس يترك لي
لي طيلسانٌ ليس يترك لي
رقم القصيدة : 60480
-----------------------------------
لي طيلسانٌ ليس يترك لي
رَفْوي له مالاً ولا نَشَبا
طِرْبٌ تُغنِّي منه ناحية ٌ
وتشُقُّ أخرى جيبَها طربا
كيف السبيلُ إلى عِمارتهِ
وإذا عَمَرْتُ خرابَهُ خَرِبا
كان ابنُ حربٍ حين جادَ بِهِ
لا شك فيه يُريد بي الحَرَبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> طَربتُ إلى رَيْحانة ِ الأنفِ والقلبِ
طَربتُ إلى رَيْحانة ِ الأنفِ والقلبِ
رقم القصيدة : 60481
-----------------------------------
طَربتُ إلى رَيْحانة ِ الأنفِ والقلبِ
وأعمالها بين العوازف والشَّرْبِ
ولا عيشَ إلا بين أكوابِ قهوة ٍ
تَوَارَثَها عَقْبٌ من الفرس عن عقبِ
من الكُمْت قبل المزج صهباءُ بعدَهُ
سليلة ُ جُونٍ غير كُمْتٍ ولا صُهبِ
سُلالة كرمٍ شارفٍ غير أنها
عُلالة ُ عود من دِنان القُرى ثِلْبِ
تأتَّتْ أكفُّ القاطفين قِطافَها
فسالت بلا عَصْرٍ ودَرَّت بلا عَصْبِ
أطافت بها الأيامُ حتى كأنها
حُشاشة ُ نفس شارفَتْ منقضى نحبِ
لها منظرٌ في العين يشهدُ حسنُهُ
على مَخْبِرٍ يُهدي السرورَ إلى القلبِ(75/477)
تردُّ صفاء العيش مثلَ صفائها
وتكشفُ عن ذي الكرب غاشية الكربِ
جلاها من الأطباع طولُ ثَوائها
وإمرارُها الأحقابَ حِقباً إلى حقبِ
فلو رُفعتْ في رأس علياءَ لاهتدى
بكوكبها السارونَ في الشرق والغربِ
غَنِيٌّ عن الريحان مجلسُ شَرْبها
بنشرٍكنشرالمسك في مُحتوى نهبِ
ولم ترَ موموقاً إلى النفس مثلها
تُشَمُّ فتُلقى بالعبوس وبالقَطْبِ
يناضل عنها الماء حين يَشُجُّها
نفيٌّ لها مثلُ الدَّبا لجَّ في الوَثْبِ
لها مَكْرعٌ سهلٌ يخبِّر أنها
ذَلول وفيها سَورة ُ الجامح الصعبِ
سأَعْصِي إليها اللَّومَ في بطنِ روضة ٍ
كساها الحيا نَوْراً كأدرية ِ العَصْبِ
وكم مثلها من بنتِ كرمٍ جلوتُها
على كلِّ خِرق ماجد الجَدِّ من صحبي
له خُلقٌ عذبُ المذاق ولن ترى
مِزاج كؤوس الراح كالخُلُق العذبِ
يسرُّك في السراء حُلوٌ نِدَامُهُ
وأنجَدُ في العَزَّاءِ من صارمٍ عضبِ
بمُونِقة ِ الرُّواد حُوٍّ تِلاعُها
تُراعي بها الأُدمانُ آمنَة َ السَّربِ
صففنا أُباريقَ اللُّجين حِيالَها
فمثَّلْنَ سِرباً مُشرئباً إلى سرْبِ
تظل تُرانيها الظباءُ تخالُها
ظِباءً وتدنو فهْي منا على قُربِ
إذا نحن شئنا عَلَّلتنا صوادحٌ
من الطير جمَّاتِ الأهازيج والنَّصْبِ
فذاكَ نَصيبُ السِّلم عندي ولم أكنْ
لأنسى نصيبَ الحرب في نُوُب الحربِ
أخي دون إخواني إذا الحربُ شمَّرت
حسامٌ بحدَّيه فلولٌ من الضربِ
له حين يعلو قَوْنَسَ القِرن هَبَّة ٌ
تُواصلُ ما بين الذؤابة والعَجْبِ
إذا شيمَ فيه بارقُ الموت أو مَضتْ
به صفحة ٌ مثلُ العقيقة في الجلبِ
ومُطَّردٌ مثل الرِّشاء تهزه
كعوبٌ تدانت فيه مثلَ نوى القَسْبِ
عليه سِنانٌ يَرْعُفُ الموتَ لهذمٌ
قليلُ التخفِّي بالجوانح والجنبِ
وكلّ ابن ريحٍ يسبِقُ الطرفَ مَعْجُه
تُطَوِّحُه عَطْوَى منوعاً لدى الجدبِ
صنيعٌ مَريشٌ قوَّم القَيْنُ متنَه
فجاء كما سُلَّ النخاع من الصُّلْبِ
يُغلغلُهُ في الدرع نصلٌ كأنه(75/478)
لسانُ شجاع مُخرَجٌ همَّ باللَّسْبِ
ومَوْضُونَة ٌ مثل الغدير حصينة ٌ
تفُلُّ شباة َ السيفِ ذي المضرب العضبِ
فذاك عَتادي فوق أجردَ سابحٍ
يُريحُ زفيرَ الجري من مَنْخَرٍ رحبِ
ذَنوبٍ يمس الأرض عند صيامه
بضافٍ يواري فرجَهُ سَبِط الهُلْبِ
له عند إيغال الطريدة في الوغى
أَجاريُّ مضمونٌ لها دَرَكُ الطِّلبِ
يُدِلُّ على صُم الصفا بحوافر
من اللائي أُعطين الأمان من النَّكبِ
بذلك إن دارت رحَى الحرب مرة ً
ثبتُّ ثباتَ القطب في مركز القطبِ
إذا أُخِّرتْ سرجُ الجبان وجدتَني
أغامسها في حومة الطعن والضربِ
متى يَلقني قِرْنِي فإنّ قُصارَهُ
على ضَربة ٍ أو طعنة ثَرَّة ِ الشَّخبِ
وإني لذو حلمٍ وشَغْبٍ وراءه
فحلمٌ لذي حلمٍ وشغب لذي شغبِ
وإني لنَحَّارٌ لدى الأَزْبِ لا يَني
قِرايَ من الكُوم المقاصيد كالهَضْبِ
إذا حاردتْ خورُ العِشار حلبتها
دماءً وقدْماً كان ذلك من حلبي
وقد يَرْجعُ الوجناءَ سيري وعينُها
مُهَوَّكة ٌ مثلُ الصُّبابة في الوَقْبِ
طويتُ حشاها طية َ البُرد بعدما
طويتُ بها سهباً عريضاً إلى سهبِ
أنا ابن شهابِ الحرب قومي ذوو العلا
ولا فَخر إن الفخر فرعٌ من العُجْبِ
وكم من أب لي ماجد وابن ماجد
له شرف يُرْبي على الشرف المُرْبي
إذا مَطرتْ كفاهُ بالبذل نَوّرتْ
له الأرضُ واهتزت رُباها من الخصْبِ
وإن حاول الأعداءُ يوماً بكيدِه
أحلَّ بمن عاداه راغية َ السَّقبِ
وحُرٍّ من الفتيان ليس بقُعْدُدٍ
ولا قائلٍ من فعلِ مكرمة ٍ حَسْبي
أخي ثقة ٍ لو أصبح الناسُ كلهم
عليَّ معاً حِزباً لأصبح من حزبي
أنوءُ به فيما عرا وأعدُّهُ
لساناً وسيفاً في الخطاب وفي الخَطْبِ
أبحتُ حمى قلبي له دون غيره
وأنزلتُهُ في السهل منه وفي الرَّحْبِ
إذا اشتركَ الورَّادُ في الشِّرب أخلصتْ
له النفسُ وُداً غيرَ مشتركِ الشِّربِ
وقد حاول الواشون إفساد بيننا
فأعيى على ذي المكرِ منهم وذي الإربِ
سوى أنهم قد آذنونا بجفوة ٍ(75/479)
أدالت رضانا ما حَيِينا من التَعبِ
وَشَوْا فعرَفنا للتجافي مرارة ً
وهبنا لها مهما أتيناهُ من ذنبِ
فعُدنا وأصبحنا بحيث يسرُّنا
من الوصلِ والواشون في مَزْجَر الكلبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أصبحتُ شيخاً له سَمْتٌ وأبَّهة ٌ
أصبحتُ شيخاً له سَمْتٌ وأبَّهة ٌ
رقم القصيدة : 60482
-----------------------------------
أصبحتُ شيخاً له سَمْتٌ وأبَّهة ٌ
يدعونني البيضُ عماً تارة ً وأبا
وتلك دعوة ُ إجلالٍ وتَكرِمَة ٍ
ودِدتُ أنيَ معتاضٌ بها لَقَبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> للموز إحسانٌ بلا ذُنوبِ
للموز إحسانٌ بلا ذُنوبِ
رقم القصيدة : 60483
-----------------------------------
للموز إحسانٌ بلا ذُنوبِ
ليس بمعدودٍ ولا محسوبِ
يكادُ من موقعهِ المحبوبِ
يدفعُه البلعُ إلى القلوبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وهبُ يا واهبَ الهباتِ اللواتي
وهبُ يا واهبَ الهباتِ اللواتي
رقم القصيدة : 60484
-----------------------------------
وهبُ يا واهبَ الهباتِ اللواتي
قَصُرَتْ دونها الهباتُ الرِّغابُ
هَبْ لراجيكَ ما عليه فإنَّ اسْ
مَك وهبٌ ووَسْمك الوهّاب
أنت بحرٌ ومن له تَجتبي الأم
والَ بحرٌ لجانبيه عُباب
فارغبا عن مِداد شِعْبي فليست
فيه إلا صُبَابة ٌ بل سرابُ
وارثيا لامرىء ٍ ألَحَّ عليه
للزمان الصَّؤول ظُفْرٌ ونابُ
سلَبته الخطوبُ ما في يديه
وله من تَجمُّلٍ أثوابُ
وإذا الصبر والتجمل داما
للفتى الحر هانت الأسلابُ
إن بحراً يُمِدُّ بحراً بشعْبٍ
فيه أدنى صُبابة ٍ لَعُجابُ
فلكَ الحُجَّة ُ الصحيحة إن قل
تَ كذا تُحلِبُ البحورَ الشِّعابُ
ومن المِرَّة ِ الضعيفة ِ فالمِرْ
رَة تُلوَى فتُحْكَم الأسبابُ
غير أنْ ليس في خراجي وحدي
ما بإغلاقِه يسوغ الشرابُ
لك في مُكثري الرعية ِ دوني
حَلَبٌ كيف شئت بل أحلابُ
ومتى رام رائمٌ كخصوصي
قلتُ ما كلُّ دعوة تُستجابُ
بل لقومٍ وسائلٌ يستحقو
نَ إذا ما دَعوا بها أن يجابوا(75/480)
ومفاتيحُ للخصوص وكانت
بالمفاتيح تُفتح الأبوابُ
منهمُ معشرٌ ومنهمْ أناسٌ
فَضَّلَتهُمْ بفضلها الألبابُ
وأديبٌ له ثناءٌ بما يُسْ
دَى إليه وللثناء ثوابُ
ولبعض الرجال فضلٌ على بع
ضٍ بما نفَّلَتْهُمُ الآدابُ
ولقد جاء في الرواية والآ
ثار أنَّا على العقول نُثابُ
وأحاشيك أن أفهِّمَك الحجْ
جَة َ أنَّى يُفَهَّمُ الكُتَّابُ
سيما الكاتبُ المُبِرُّ على النا
س بما لا يعُده الحُسَّابُ
لا تُحلني على سواك فما أص
بح للطالبين غيرَك بابُ
أنت في العَدْل بالمكارم أَوْلى
من وُلاة ٍ دُعاتُهم لا تجابُ
يقصدُ القاصدون منهم لئاماً
ما لهم من وجوههم حُجَّابُ
مستهينين للهجاء فما من
همْ له خائفٌ ولا هَيَّابُ
كلهم حين يُسألُ العَرض الأد
نى جَمودُ البنانِ لا يُستذابُ
يتلقَّى مسائلَ الناس منهُ
عَرَضٌ سالمٌ وعِرْضٌ مُصابُ
مُستخفِّين بالمديح وهل كا
نت تُثيب العبادة َ الأنصابُ
لهفَ نفسي إن اجتبيتَ خَراجي
وحَوَتْهُ عُفاتُك الخُيَّابُ
أنا جارٌ قريبُ دارٍ وتَجْبي
ني ويَجْبيك نازحٌ مُنتابُ
ألِشُكرٍ فعنديَ الشكر والحم
دُ الذي لم يزل له خُطَّابُ
لا تُضِعْني فإن شكريَ كنزٌ
يتهادَى تُراثَهُ الأعقابُ
واستجِدَّ اليدَ التي سلفتْ من
ك على أنها فتاة ٌ كَعابُ
لك عندي صَنيعة ٌ ما سقاها
غيرُ وَسْميَّك القديمِ سحابُ
فاسقِها من وَليك الجَودِ واربُبْ
ها تَهَدَّلْ لها ثمارٌ عذابُ
وهي الشكرُ والمحامد تَنْثو
ها أقاويلي الرِّصانُ الصُّيابُ
مِدَحٌ من بناتِ فكريَ أبكا
رٌ حِسانٌ كواعب أترابُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أتاني مقالٌ من أخٍ فاغتفرتُهُ
أتاني مقالٌ من أخٍ فاغتفرتُهُ
رقم القصيدة : 60485
-----------------------------------
أتاني مقالٌ من أخٍ فاغتفرتُهُ
وإن كان فيما دونَهُ وجهُ مَعْتَبِ
وذكَّرتُ نفسي منه عند امتعاضها
محاسنَ تعفو الذنبَ عن كلِ مُذنب
ومثلي رأى الحُسنى بعينٍ جَليَّة ٍ
وأغضى عن العوراء غيرَ مُؤنِّبِ(75/481)
فيا هارباً من سُخطنا مُتنصلاً
هربتَ إلى أنجى مَفرٍّ ومَهربِ
فعذرُك مبسوطٌ لدينا مُقدَّمٌ
ووُدُّك مقبولٌ بأهلٍ ومرحبِ
ولو بَلَّغْتني عنك أذْني أقمتُها
لديَّ مُقامَ الكاشح المُتكذبِ
ولستُ بتقليب اللسان مُصارماً
خليلي إذا ما القلبُ لم يتقلبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> دعِ اللومَ إن اللوم عون النوائِب
دعِ اللومَ إن اللوم عون النوائِب
رقم القصيدة : 60486
-----------------------------------
دعِ اللومَ إن اللوم عون النوائِب
ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ
ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ
وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ
وما زال مأمولُ البقاء مُفضلاً
على المُلك والأرباحِ دون الحرائبِ
حضضتَ على حطبي لناري فلا تدعْ
لك الخيرُ تحذيري شرورَ المَحاطبِ
وأنكرتَ إشفاقي وليس بمانعي
طِلابي أن أبغي طلابَ المكاسبِ
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنى ً
من الشوك يزهدْ في الثمار الأطايبِ
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى
إليَّ وأغراني برفض المطالبِ
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ
وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ
حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي
بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه
فقير أتاه الفقر من كل جانبِ
ولما دعاني للمثوبة سيد
يرى المدح عاراً قبل بَذْل المثَاوبِ
تنازعني رَغْبٌ ورهب كلاهما
قويٌ وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ
فقدمتُ رجلاً رغبة ً في رغيبة ٍ
وأخّرتُ رجلاً رهبة ً للمعاطبِ
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها
وأستارُ غَيْب اللَّهِ دون العواقبِ
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي
ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ
ومِنْ نكبة ٍ لاقيتُها بعد نكبة ٍ
رَهِبتُ اعتسافَ الأرضِ ذاتِ المناكبِ
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملاً
عليَّ مِنَ التغرير بعد التجاربِ
لقِيتُ من البرّ التّباريحَ بعدما
لقيتُ من البحر ابيضاضَ الذوائبِ(75/482)
سُقيتُ على ريٍّ به ألفَ مَطْرة ٍ
شُغفتُ لبغضِيها بحبّ المجَادِبِ
ولم أُسْقَها بل ساقها لمكيدتي
تَحامُق دهرٍ جَدّ بي كالمُلاعبِ
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه
يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطايبِ
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ
برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكب
سقى الأرضَ من أجلي فأضحتْ مَزِلَّة ً
تَمايل صاحيها تمايُلَ شاربِ
لتعويقِ سيري أو دحوضِ مَطيَّتي
وإخصابِ مُزور عن المجد ناكبِ
فملتُ إلى خانٍ مُرثٍّ بناؤُه
مميلَ غريقِ الثوب لهفانَ لاغِبِ
فلم ألقَ فيه مٌستراحاً لمُتعَب
ولا نُزُلاً أيانَ ذاك لساغبِ
فما زلتُ في خوفٍ وجوعٍ ووحشة ٍ
وفي سَهَرٍ يستغرقُ الليلَ واصبِ
يؤرِّقني سَقْفٌ كأَني تحته
من الوكفِ تحت المُدْجِنات الهواضبِ
تراهُ إذا ما الطينُ أثقلَ متنَهُ
تَصِرُّ نواحيه صريرَ الجنادبِ
وكم خَانِ سَفْر خَانَ فانقضَّ فوقهم
كما انقضَّ صقرُ الدجنِ فوق الأرانبِ
ولم أنسَ ما لاقيتُ أيامَ صحوِهِ
من الصّرِ فيه والثلوج الأشاهبِ
وما زال ضاحِي البَّرِ يضربُ أهلَهُ
بسوطَيْ عذابٍ جامدٍ بعد ذائب
فإن فاته قَطْرٌ وثلج فإنه
رَهين بسافٍ تارة ً أو بحاصبِ
فذاك بلاءُ البرِّ عنديَ شاتياً
وكم لي من صيفٍ به ذي مثالبِ
ألا رُبَّ نارٍ بالفضاء اصطليتُها
من الضِّحِ يودي لَفْحُهَا بالحواجبِ
م
ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ
ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ
وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ
وما زال مأمولُ البقاء مُفضلاً
على المُلك والأرباحِ دون الحرائبِ
حضضتَ على حطبي لناري فلا تدعْ
لك الخيرُ تحذيري شرورَ المَحاطبِ
وأنكرتَ إشفاقي وليس بمانعي
طِلابي أن أبغي طلابَ المكاسبِ
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنى ً
من الشوك يزهدْ في الثمار الأطايبِ
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى
إليَّ وأغراني برفض المطالبِ
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ(75/483)
وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ
حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي
بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه
فقير أتاه الفقر من كل جانبِ
ولما دعاني للمثوبة سيد
يرى المدح عاراً قبل بَذْل المثَاوبِ
تنازعني رَغْبٌ ورهب كلاهما
قويٌ وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ
فقدمتُ رجلاً رغبة ً في رغيبة ٍ
وأخّرتُ رجلاً رهبة ً للمعاطبِ
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها
وأستارُ غَيْب اللَّهِ دون العواقبِ
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي
ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ
ومِنْ نكبة ٍ لاقيتُها بعد نكبة ٍ
رَهِبتُ اعتسافَ الأرضِ ذاتِ المناكبِ
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملاً
عليَّ مِنَ التعرير بعد التجاربِ
لقِيتُ من البرّ التّباريحَ بعدما
لقيتُ من البحر ابيضاضَ الذوائبِ
سُقيتُ على ريٍّ به ألفَ مَطْرة ٍ
شُغفتُ لبغضِيها بحبّ المجَادِبِ
ولم أُسْقَها بل ساقها لمكيدتي
تَحامُق دهرٍ جَدّ بي كالمُلاعبِ
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه
يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطايبِ
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ
برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكب
سقى الأرضَ من أجلي فأضحتْ مَزِلَّة ً
تَمايل صاحيها تمايُلَ شاربِ
لتعويقِ سيري أو دحوضِ مَطيَّتي
وإخصابِ مُزور عن المجد ناكبِ
فملتُ إلى خانٍ مُرثٍّ بناؤُه
مميلَ غريقِ الثوب لهفانَ لاغِبِ
فلم ألقَ فيه مٌستراحاً لمُتعَب
ولا نُزُلاً أيانَ ذاك لساغبِ
فما زلتُ في خوفٍ وجوعٍ ووحشة ٍ
وفي سَهَرٍ يستغرقُ الليلَ واصبِ
يؤرِّقني سَقْفٌ كأَني تحته
من الوكفِ تحت المُدْجِنات الهواضبِ
تراهُ إذا ما الطينُ أثقلَ متنَهُ
تَصِرُّ نواحيه صريرَ الجنادبِ
وكم خَانِ سَفْر خَانَ فانقضَّ فوقهم
كما انقضَّ صقرُ الدجنِ فوق الأرانبِ
ولم أنسَ ما لاقيتُ أيامَ صحوِهِ
من الصّرِ فيه والثلوج الأشاهبِ
وما زال ضاحِي البَّرِ يضربُ أهلَهُ
بسوطَيْ عذابٍ جامدٍ بعد ذائب
فإن فاته قَطْرٌ وثلج فإنه
رَهين بسافٍ تارة ً أو بحاصبِ(75/484)
فذاك بلاءُ البرِّ عنديَ شاتياً
وكم لي من صيفٍ به ذي مثالبِ
ألا رُبَّ نارٍ بالفضاء اصطليتُها
من الضِّحِ يودي لَفْحُهَا بالحواجبِه
إذا ظلتِ البيداءُ تطفو إكامُها
وترسُبُ في غَمْرٍ من الآلِ ناضبِ
فدعْ عنك ذكرَ البَرِّ إني رأيتُهُ
لمن خاف هولَ البحر شَرَّ المَهاوبِ
كِلاَ نُزُلَيْهِ صيفُهُ وشتاؤُهُ
خلافٌ لما أهواهُ غيرُ مُصاقبِ
لُهاثٌ مُميتٌ تحت بيضاءَ سُخْنَة ٍ
وَرِيٌّ مُفيتٌ تحت أسْحَمَ صائبِ
يجفُّ إذا ما أصبح الرّيقُ عاصباً
ويُغدقُ لي والرّيق ليس بعاصبِ
ويمنع منّي الماءَ واللَّوحُ جاهدٌ
ويُغرِقني والريُّ رَطْبُ المحَالِب
وما زال يَبغيني الحتوفَ مُوارِباً
يحوم على قتلي وغيرَ مُواربِ
فطوراً يُغاديني بلصٍّ مُصَلِّتٍدعِ اللومَ إن اللومَ عونُ النوائِب
ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ
ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ
وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ
وما زال مأمولُ البقاء مُفضلاً
على المُلك والأرباحِ دون الحرائبِ
حضضتَ على حطبي لناري فلا تدعْ
لك الخيرُ تحذيري شرورَ المَحاطبِ
وأنكرتَ إشفاقي وليس بمانعي
طِلابي أن أبغي طلابَ المكاسبِ
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنى ً
من الشوك يزهدْ في الثمار الأطايبِ
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى
إليَّ وأغراني برفض المطالبِ
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ
وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ
حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي
بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه
فقير أتاه الفقر من كل جانبِ
ولما دعاني للمثوبة سيد
يرى المدح عاراً قبل بَذْل المثَاوبِ
تنازعني رَغْبٌ ورهب كلاهما
قويٌ وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ
فقدمتُ رجلاً رغبة ً في رغيبة ٍ
وأخّرتُ رجلاً رهبة ً للمعاطبِ
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها
وأستارُ غَيْب اللَّهِ دون العواقبِ
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي(75/485)
ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ
ومِنْ نكبة ٍ لاقيتُها بعد نكبة ٍ
رَهِبتُ اعتسافَ الأرضِ ذاتِ المناكبِ
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملاً
عليَّ مِنَ التعرير بعد التجاربِ
لقِيتُ من البرّ التّباريحَ بعدما
لقيتُ من البحر ابيضاضَ الذوائبِ
سُقيتُ على ريٍّ به ألفَ مَطْرة ٍ
شُغفتُ لبغضِيها بحبّ المجَادِبِ
ولم أُسْقَها بل ساقها لمكيدتي
تَحامُق دهرٍ جَدّ بي كالمُلاعبِ
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه
يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطايبِ
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ
برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكب
سقى الأرضَ من أجلي فأضحتْ مَزِلَّة ً
تَمايل صاحيها تمايُلَ شاربِ
لتعويقِ سيري أو دحوضِ مَطيَّتي
وإخصابِ مُزور عن المجد ناكبِ
فملتُ إلى خانٍ مُرثٍّ بناؤُه
مميلَ غريقِ الثوب لهفانَ لاغِبِ
فلم ألقَ فيه مٌستراحاً لمُتعَب
ولا نُزُلاً أيانَ ذاك لساغبِ
فما زلتُ في خوفٍ وجوعٍ ووحشة ٍ
وفي سَهَرٍ يستغرقُ الليلَ واصبِ
يؤرِّقني سَقْفٌ كأَني تحته
من الوكفِ تحت المُدْجِنات الهواضبِ
تراهُ إذا ما الطينُ أثقلَ متنَهُ
تَصِرُّ نواحيه صريرَ الجنادبِ
وكم خَانِ سَفْر خَانَ فانقضَّ فوقهم
كما انقضَّ صقرُ الدجنِ فوق الأرانبِ
ولم أنسَ ما لاقيتُ أيامَ صحوِهِ
من الصّرِ فيه والثلوج الأشاهبِ
وما زال ضاحِي البَّرِ يضربُ أهلَهُ
بسوطَيْ عذابٍ جامدٍ بعد ذائب
فإن فاته قَطْرٌ وثلج فإنه
رَهين بسافٍ تارة ً أو بحاصبِ
فذاك بلاءُ البرِّ عنديَ شاتياً
وكم لي من صيفٍ به ذي مثالبِ
ألا رُبَّ نارٍ بالفضاء اصطليتُها
من الضِّحِ يودي لَفْحُهَا بالحواجبِ
إذا ظلتِ البيداءُ تطفو إكامُها
وترسُبُ في غَمْرٍ من الآلِ ناضبِ
فدعْ عنك ذكرَ البَرِّ إني رأيتُهُ
لمن خاف هولَ البحر شَرَّ المَهاوبِ
كِلاَ نُزُلَيْهِ صيفُهُ وشتاؤُهُ
خلافٌ لما أهواهُ غيرُ مُصاقبِ
لُهاثٌ مُميتٌ تحت بيضاءَ سُخْنَة ٍ
وَرِيٌّ مُفيتٌ تحت أسْحَمَ صائبِ
يجفُّ إذا ما أصبح الرّيقُ عاصباً(75/486)
ويُغدقُ لي والرّيق ليس بعاصبِ
ويمنع منّي الماءَ واللَّوحُ جاهدٌ
ويُغرِقني والريُّ رَطْبُ المحَالِب
وما زال يَبغيني الحتوفَ مُوارِباً
يحوم على قتلي وغيرَ مُواربِ
فطوراً يُغاديني بلصٍّ مُصَلِّتٍ
وطوراً يُمَسيني بورْدِ الشَّواربِ
إلى أنْ وقاني اللَّه محذورَ شرّهِ
بعزتِهِ واللَّه أَغلبُ غالبِ
فأفلتُّ من ذُؤبانهِ وأُسودِهِ
وحُرَّابِهِ إفلاتَ أَتوب تائبِ
وأما بلاءُ البحر عندي فإنه
طواني على رَوعٍ مع الروح واقبِ
ولو ثاب عقلي لم أدعْ ذكرَ بعضهِ
ولكنه من هولِهِ غيرُ ثائب
وَلِمْ لا ولو أُلقيتُ فيه وصخرة ً
لوافيتُ منه القعرَ أولَ راسبِ
ولم أتعلم قط من ذي سباحة ٍ
سوى الغوص والمضعوف غيرُ مغالِبِ
فأيسرُ إشفاقي من الماء أنني
أمرُّ به في الكوز مرَّ المُجانبِ
وأخشى الردى منه على كل شارب
فكيف بأَمْنِيه على نفس راكبِ
أظلُّ إذا هزتهُ ريحٌ ولألأتْ
له الشمسُ أمواجاً طِوالَ الغواربِ
كأني أرى فيهنّ فُرسانَ بُهمة ٍ
يُليحون نحوي بالسيوف القواضبِ
فإن قُلْتَ لي قد يُركَبُ اليمُّ طامياً
ودجلة ُ عند اليم بعضُ المَذانبِ
فلا عذرَ فيها لامرىء ٍ هابَ مثلَها
وفي اللُّجة ِ الخضراءِ عذرٌ لهائبِ
فإنّ احتجاجي عنك ليس بنائمٍ
وإن بياني ليس عني بعازبِ
لدجلة َ خَبٌّ ليس لليمِّ إنها
تُرائي بحلمٍ تحته جهلُ واثبِ
تَطامَنُ حتى تطمئنَّ قلوبُنا
وتغضبُ من مزحِ الرياح اللواعبِ
وأَجرافُها رهْنٌ بكلِّ خيانة ٍ
وغَدْرٍ ففيها كُلُّ عَيْبٍ لِعائبِ
ترانا إذا هاجتْ بها الرِّيحُ هَيْجة ً
نُزَلزَلُ في حَوْماتها بالقواربِ
نُوائِلُ من زلزالها نحو خسفها
فلا خيرَ في أوساطها والجوانب
زلازلُ موجٍ في غمارٍ زواجرٍ
وهدَّاتُ خَسْفٍ في شطوطٍ خواربِ
ولليمِّ إعذارٌ بعرضِ متونِهِ
وما فيه من آذيِّهِ المتراكبِ
ولستَ تراهُ في الرياحِ مزلزلاً
بما فيه إلاَّ في الشداد الغوالب
وإنْ خيفَ موجٌ عيذ منه بساحلٍ
خليٍّ من الأجرافِ ذات الكَباكبِ(75/487)
ويلفظُ ما فيهِ فليس مُعاجلاً
غريقاً بغتٍّ يُزهقُ النفسَ كاربِ
يعللُ غرقاهُ إلى أن يُغيثَهم
بصنعٍ لطيفٍ منه خيرِ مصاحَبِ
فتُلفَى الدلافينُ الكريمُ طباعُها
هناك رِعالاً عند نَكبِ النواكبِ
مراكبَ للقومِ الذين كبا بهم
فهم وَسْطه غرقى وهم في مراكبِ
وينقضُ ألواحَ السفينِ فكُلُّها
مُنَج لدى نَوْبٍ من الكَسْر نائبِ
وما أنا بالراضي عن البحر مركباً
ولكنني عارضتُ شَغْبَ المشاغبِ
صَدقْتُك عن نفسي وأنت مُراغمي
وموضعُ سري دون أدنى الأقاربِ
وجرَّبتُ حتى ما أرى الدهرَ مُغرِباً
عليّ بشيءٍ لم يقعْ في تجاربي
أرى المرءَ مذ يلقى الترابَ بوجهِهِ
إلى أن يُوارَى فيه رهن النوائبِ
ولو لم يُصَبْ إلاَّ بشرخِ شبابِهِ
لكان قد استوفى جميعَ المصائبِ
ومن صَدَق الأخيارَ داوَوْا سقامَهُ
بصِحة ِ آراءٍ ويُمْنِ نَقائبِ
وما زال صدقُ المستشير معاوِناً
على الرأي لُبَّ المستشار المحازِبِ
وأبعدُ أدواءِ الرجالِ ذوي الضّنى
من البرء داءُ المستطِبِّ المكاذبِ
فلا تنصبنَّ الحربَ لي بملامتي
وأنت سلاحي في حروب النوائبِ
وأجدى من التعنيف حسنُ معونة ٍ
برأيٍ ولينٍ من خطابِ المخاطبِ
وفي النصح خيرٌ من نصيحٍ مُوادِعٍ
ولا خيرَ فيهِ من نصيحٍ مُواثبِ
ومثلي محتاجٌ إلى ذي سماحة ٍ
كريمِ السجايا أريحي الضرائبِ
يلينُ على أهلِ التسحُّب مَسُّهُ
ويُغضي لهم عند اقتراح الغرائبِ
له نائلٌ ما زال طالبَ طالبٍ
ومرتادَ مرتادٍ وخاطبَ خاطبِ
ألا ماجدُ الأخلاقِ حُرٌ فَعالُهُ
تُباري عطاياهُ عطايا السحائبِ
كمثل أبي العباسِ إنَّ نوالَهُ
نوال الحيا يسعى إلى كلِّ طالبِ
يُسيِّر نحوي عُرْفَهُ فيزورني
هنيئاً ولم أركبْ صعابَ المراكبِ
يَسير إلى مُمتاحه فيجودُهُ
ويكفي أخا الإمحال زِمَّ الركائبِ
ومن يكُ مثلاً للحيا في عُلُوّهِ
يكنْ مثلَهُ في جودهِ بالمواهبِ
وإنَّ نِفاري منه وهو يُريغني
لَشيءٌ لرأي فيه غيرُ مناسبِ
وإن قعودي عنهُ خيفة َ نكبة ٍ(75/488)
لَلؤمُ مَهَزٍّ وانثناءُ مَضاربِ
أُقرُّ على نفسي بعيبي لأنني
أرى الصدقَ يمحو بَيّنات المعايبِ
لَؤُمْتُ لَعمر اللَّه فيما أَتيته
وإن كنتُ من قومٍ كرام المناصِبِ
لهم حِلْمُ إنسٍ في عَرامة جِنّة ٍ
وبأسُ أسودٍ في دهاء ثعالبِ
يصولون بالأيدي إذا الحربُ أَعملتْ
سيوفَ سُريجٍ بعد أرماحِ زاعبِ
ولا بد من أن يَلؤُمَ المرءُ نازعاً
إلى الحَمَأ المسنونِ ضربة َ لازبِ
فقل لأبي العباس لُقِّيتَ وجهَهُ
وحَسْبُك مني تلك دعوة َ صاحبِ
أمَا حقُّ حامي عِرض مثلك أن يُرى
له الرفدُ والترفيهُ أَوْجَبَ واجبِ
أَمِنْ بعدِ ما لم تَرْعَ للمالِ حرمة ً
وأسلمتَهُ للجود غيرَ مُجاذبِ
فأعطيتَ ذا سلمٍ وحربٍ وَوُصلة ٍ
وذنبٍ عطايا أدركتْ كلَّ هاربِ
ولم تُشخِصِ العافين لكنْ أتتهُمُ
لُهاك جَليباتٍ لأكرمِ جالبِ
علماً بأنّ الظَّعْنَ فيه مشقة ٌ
وأنّ أَمرَّ الربح ربحُ الجلائبِ
تُكلّفني هولَ السِّفارِ وغولَهُ
رفيقَ شتاءٍ مُقْفعِلَّ الرواجبِ
ولا سيّما حين ارتدى الماءُ كِبْرَهُ
وشاغَب أنفاسَ الصَّبا والجنائبِ
وهرَّتْ على مُستطرِقي البَرّ قَرَّة ٌ
يَمسُّ أذاها دونَ لوثِ العصائبِ
كأن تمامَ الودِّ والمدح كلَّهُ
هُوِيُّ الفتى في البحر أو في السَّباسبِ
لعمري لئن حاسَبْتني في مثوبتي
بخفضي لقد أجريتَ عادة َ حاسبِ
حَنانَيْك قد أيقنتُ أنك كاتبٌ
له رتبة ٌ تعلو به كلَّ كاتبِ
فدعني من حكمِ الكنابة إنهُ
عدوٌ لحكم الشعرِ غيرُ مقارِبِ
وإلاَّ فلم يستعمل العدل جاعلٌ
أَجَدَّ مُجدٍّ قِرْنَ أَلعبِ لاعبِ
أيعزُب عنك الرأيُ في أن تُثيبني
مقيماً مصوناً عن عناء المطالبِ
فتُلفَى وأُلفَى بين صافي صنيعة ٍ
وصافي ثناءٍ لم يُشَبْ بالمعاتِبِ
وتخرج من أحكام قومٍ تشدّدوا
فقد جعلوا آلاءهم كالمصائبِ
أيذهبُ هذا عنك يا ابن محمدٍ
وأنت مَعاذٌ في الأمور الحوازبِ
لك الرأي والجودُ اللذان كلاهما
زعيمٌ بكشف المطبِقات الكواربِ
وما زلت ذا ضوءٍ ونوءٍ لمُجدبٍ(75/489)
وحيرانَ حتى قيل بعضُ الكواكب
تغيث وتَهدي عند جدبٍ وحيرة ٍ
بمحتفلٍ ثَرٍّ وأزهرَ ثاقبِ
وأحسُن عرفٍ موقعاً ما تنالُهُ
يدي وغُرابي بالنوى غيرُ ناعبِ
أراك متى ثَوَّبتني في رفاهة ٍ
زففتَ إليَّ المُلْكَ بين الكتائبِ
وأنت متى ثوَّبتني في مشقة دعِ اللومَ إن اللومَ عونُ النوائِب
ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ
ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ
وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ
وما زال مأمولُ البقاء مُفضلاً
على المُلك والأرباحِ دون الحرائبِ
حضضتَ على حطبي لناري فلا تدعْ
لك الخيرُ تحذيري شرورَ المَحاطبِ
وأنكرتَ إشفاقي وليس بمانعي
طِلابي أن أبغي طلابَ المكاسبِ
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنى ً
من الشوك يزهدْ في الثمار الأطايبِ
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى
إليَّ وأغراني برفض المطالبِ
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ
وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ
حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي
بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه
فقير أتاه الفقر من كل جانبِ
ولما دعاني للمثوبة سيد
يرى المدح عاراً قبل بَذْل المثَاوبِ
تنازعني رَغْبٌ ورهب كلاهما
قويٌ وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ
فقدمتُ رجلاً رغبة ً في رغيبة ٍ
وأخّرتُ رجلاً رهبة ً للمعاطبِ
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها
وأستارُ غَيْب اللَّهِ دون العواقبِ
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي
ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ
ومِنْ نكبة ٍ لاقيتُها بعد نكبة ٍ
رَهِبتُ اعتسافَ الأرضِ ذاتِ المناكبِ
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملاً
عليَّ مِنَ التعرير بعد التجاربِ
لقِيتُ من البرّ التّباريحَ بعدما
لقيتُ من البحر ابيضاضَ الذوائبِ
سُقيتُ على ريٍّ به ألفَ مَطْرة ٍ
شُغفتُ لبغضِيها بحبّ المجَادِبِ
ولم أُسْقَها بل ساقها لمكيدتي
تَحامُق دهرٍ جَدّ بي كالمُلاعبِ
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه(75/490)
يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطايبِ
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ
برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكب
سقى الأرضَ من أجلي فأضحتْ مَزِلَّة ً
تَمايل صاحيها تمايُلَ شاربِ
لتعويقِ سيري أو دحوضِ مَطيَّتي
وإخصابِ مُزور عن المجد ناكبِ
فملتُ إلى خانٍ مُرثٍّ بناؤُه
مميلَ غريقِ الثوب لهفانَ لاغِبِ
فلم ألقَ فيه مٌستراحاً لمُتعَب
ولا نُزُلاً أيانَ ذاك لساغبِ
فما زلتُ في خوفٍ وجوعٍ ووحشة ٍ
وفي سَهَرٍ يستغرقُ الليلَ واصبِ
يؤرِّقني سَقْفٌ كأَني تحته
من الوكفِ تحت المُدْجِنات الهواضبِ
تراهُ إذا ما الطينُ أثقلَ متنَهُ
تَصِرُّ نواحيه صريرَ الجنادبِ
وكم خَانِ سَفْر خَانَ فانقضَّ فوقهم
كما انقضَّ صقرُ الدجنِ فوق الأرانبِ
ولم أنسَ ما لاقيتُ أيامَ صحوِهِ
من الصّرِ فيه والثلوج الأشاهبِ
وما زال ضاحِي البَّرِ يضربُ أهلَهُ
بسوطَيْ عذابٍ جامدٍ بعد ذائب
فإن فاته قَطْرٌ وثلج فإنه
رَهين بسافٍ تارة ً أو بحاصبِ
فذاك بلاءُ البرِّ عنديَ شاتياً
وكم لي من صيفٍ به ذي مثالبِ
ألا رُبَّ نارٍ بالفضاء اصطليتُها
من الضِّحِ يودي لَفْحُهَا بالحواجبِ
إذا ظلتِ البيداءُ تطفو إكامُها
وترسُبُ في غَمْرٍ من الآلِ ناضبِ
فدعْ عنك ذكرَ البَرِّ إني رأيتُهُ
لمن خاف هولَ البحر شَرَّ المَهاوبِ
كِلاَ نُزُلَيْهِ صيفُهُ وشتاؤُهُ
خلافٌ لما أهواهُ غيرُ مُصاقبِ
لُهاثٌ مُميتٌ تحت بيضاءَ سُخْنَة ٍ
وَرِيٌّ مُفيتٌ تحت أسْحَمَ صائبِ
يجفُّ إذا ما أصبح الرّيقُ عاصباً
ويُغدقُ لي والرّيق ليس بعاصبِ
ويمنع منّي الماءَ واللَّوحُ جاهدٌ
ويُغرِقني والريُّ رَطْبُ المحَالِب
وما زال يَبغيني الحتوفَ مُوارِباً
يحوم على قتلي وغيرَ مُواربِ
فطوراً يُغاديني بلصٍّ مُصَلِّتٍ
وطوراً يُمَسيني بورْدِ الشَّواربِ
إلى أنْ وقاني اللَّه محذورَ شرّهِ
بعزتِهِ واللَّه أَغلبُ غالبِ
فأفلتُّ من ذُؤبانهِ وأُسودِهِ
وحُرَّابِهِ إفلاتَ أَتوب تائبِ
وأما بلاءُ البحر عندي فإنه(75/491)
طواني على رَوعٍ مع الروح واقبِ
ولو ثاب عقلي لم أدعْ ذكرَ بعضهِ
ولكنه من هولِهِ غيرُ ثائب
وَلِمْ لا ولو أُلقيتُ فيه وصخرة ً
لوافيتُ منه القعرَ أولَ راسبِ
ولم أتعلم قط من ذي سباحة ٍ
سوى الغوص والمضعوف غيرُ مغالِبِ
فأيسرُ إشفاقي من الماء أنني
أمرُّ به في الكوز مرَّ المُجانبِ
وأخشى الردى منه على كل شارب
فكيف بأَمْنِيه على نفس راكبِ
أظلُّ إذا هزتهُ ريحٌ ولألأتْ
له الشمسُ أمواجاً طِوالَ الغواربِ
كأني أرى فيهنّ فُرسانَ بُهمة ٍ
يُليحون نحوي بالسيوف القواضبِ
فإن قُلْتَ لي قد يُركَبُ اليمُّ طامياً
ودجلة ُ عند اليم بعضُ المَذانبِ
فلا عذرَ فيها لامرىء ٍ هابَ مثلَها
وفي اللُّجة ِ الخضراءِ عذرٌ لهائبِ
فإنّ احتجاجي عنك ليس بنائمٍ
وإن بياني ليس عني بعازبِ
لدجلة َ خَبٌّ ليس لليمِّ إنها
تُرائي بحلمٍ تحته جهلُ واثبِ
تَطامَنُ حتى تطمئنَّ قلوبُنا
وتغضبُ من مزحِ الرياح اللواعبِ
وأَجرافُها رهْنٌ بكلِّ خيانة ٍ
وغَدْرٍ ففيها كُلُّ عَيْبٍ لِعائبِ
ترانا إذا هاجتْ بها الرِّيحُ هَيْجة ً
نُزَلزَلُ في حَوْماتها بالقواربِ
نُوائِلُ من زلزالها نحو خسفها
فلا خيرَ في أوساطها والجوانب
زلازلُ موجٍ في غمارٍ زواجرٍ
وهدَّاتُ خَسْفٍ في شطوطٍ خواربِ
ولليمِّ إعذارٌ بعرضِ متونِهِ
وما فيه من آذيِّهِ المتراكبِ
ولستَ تراهُ في الرياحِ مزلزلاً
بما فيه إلاَّ في الشداد الغوالب
وإنْ خيفَ موجٌ عيذ منه بساحلٍ
خليٍّ من الأجرافِ ذات الكَباكبِ
ويلفظُ ما فيهِ فليس مُعاجلاً
غريقاً بغتٍّ يُزهقُ النفسَ كاربِ
يعللُ غرقاهُ إلى أن يُغيثَهم
بصنعٍ لطيفٍ منه خيرِ مصاحَبِ
فتُلفَى الدلافينُ الكريمُ طباعُها
هناك رِعالاً عند نَكبِ النواكبِ
مراكبَ للقومِ الذين كبا بهم
فهم وَسْطه غرقى وهم في مراكبِ
وينقضُ ألواحَ السفينِ فكُلُّها
مُنَج لدى نَوْبٍ من الكَسْر نائبِ
وما أنا بالراضي عن البحر مركباً
ولكنني عارضتُ شَغْبَ المشاغبِ(75/492)
صَدقْتُك عن نفسي وأنت مُراغمي
وموضعُ سري دون أدنى الأقاربِ
وجرَّبتُ حتى ما أرى الدهرَ مُغرِباً
عليّ بشيءٍ لم يقعْ في تجاربي
أرى المرءَ مذ يلقى الترابَ بوجهِهِ
إلى أن يُوارَى فيه رهن النوائبِ
ولو لم يُصَبْ إلاَّ بشرخِ شبابِهِ
لكان قد استوفى جميعَ المصائبِ
ومن صَدَق الأخيارَ داوَوْا سقامَهُ
بصِحة ِ آراءٍ ويُمْنِ نَقائبِ
وما زال صدقُ المستشير معاوِناً
على الرأي لُبَّ المستشار المحازِبِ
وأبعدُ أدواءِ الرجالِ ذوي الضّنى
من البرء داءُ المستطِبِّ المكاذبِ
فلا تنصبنَّ الحربَ لي بملامتي
وأنت سلاحي في حروب النوائبِ
وأجدى من التعنيف حسنُ معونة ٍ
برأيٍ ولينٍ من خطابِ المخاطبِ
وفي النصح خيرٌ من نصيحٍ مُوادِعٍ
ولا خيرَ فيهِ من نصيحٍ مُواثبِ
ومثلي محتاجٌ إلى ذي سماحة ٍ
كريمِ السجايا أريحي الضرائبِ
يلينُ على أهلِ التسحُّب مَسُّهُ
ويُغضي لهم عند اقتراح الغرائبِ
له نائلٌ ما زال طالبَ طالبٍ
ومرتادَ مرتادٍ وخاطبَ خاطبِ
ألا ماجدُ الأخلاقِ حُرٌ فَعالُهُ
تُباري عطاياهُ عطايا السحائبِ
كمثل أبي العباسِ إنَّ نوالَهُ
نوال الحيا يسعى إلى كلِّ طالبِ
يُسيِّر نحوي عُرْفَهُ فيزورني
هنيئاً ولم أركبْ صعابَ المراكبِ
يَسير إلى مُمتاحه فيجودُهُ
ويكفي أخا الإمحال زِمَّ الركائبِ
ومن يكُ مثلاً للحيا في عُلُوّهِ
يكنْ مثلَهُ في جودهِ بالمواهبِ
وإنَّ نِفاري منه وهو يُريغني
لَشيءٌ لرأي فيه غيرُ مناسبِ
وإن قعودي عنهُ خيفة َ نكبة ٍ
لَلؤمُ مَهَزٍّ وانثناءُ مَضاربِ
أُقرُّ على نفسي بعيبي لأنني
أرى الصدقَ يمحو بَيّنات المعايبِ
لَؤُمْتُ لَعمر اللَّه فيما أَتيته
وإن كنتُ من قومٍ كرام المناصِبِ
لهم حِلْمُ إنسٍ في عَرامة جِنّة ٍ
وبأسُ أسودٍ في دهاء ثعالبِ
يصولون بالأيدي إذا الحربُ أَعملتْ
سيوفَ سُريجٍ بعد أرماحِ زاعبِ
ولا بد من أن يَلؤُمَ المرءُ نازعاً
إلى الحَمَأ المسنونِ ضربة َ لازبِ
فقل لأبي العباس لُقِّيتَ وجهَهُ(75/493)
وحَسْبُك مني تلك دعوة َ صاحبِ
أمَا حقُّ حامي عِرض مثلك أن يُرى
له الرفدُ والترفيهُ أَوْجَبَ واجبِ
أَمِنْ بعدِ ما لم تَرْعَ للمالِ حرمة ً
وأسلمتَهُ للجود غيرَ مُجاذبِ
فأعطيتَ ذا سلمٍ وحربٍ وَوُصلة ٍ
وذنبٍ عطايا أدركتْ كلَّ هاربِ
ولم تُشخِصِ العافين لكنْ أتتهُمُ
لُهاك جَليباتٍ لأكرمِ جالبِ
علماً بأنّ الظَّعْنَ فيه مشقة ٌ
وأنّ أَمرَّ الربح ربحُ الجلائبِ
تُكلّفني هولَ السِّفارِ وغولَهُ
رفيقَ شتاءٍ مُقْفعِلَّ الرواجبِ
ولا سيّما حين ارتدى الماءُ كِبْرَهُ
وشاغَب أنفاسَ الصَّبا والجنائبِ
وهرَّتْ على مُستطرِقي البَرّ قَرَّة ٌ
يَمسُّ أذاها دونَ لوثِ العصائبِ
كأن تمامَ الودِّ والمدح كلَّهُ
هُوِيُّ الفتى في البحر أو في السَّباسبِ
لعمري لئن حاسَبْتني في مثوبتي
بخفضي لقد أجريتَ عادة َ حاسبِ
حَنانَيْك قد أيقنتُ أنك كاتبٌ
له رتبة ٌ تعلو به كلَّ كاتبِ
فدعني من حكمِ الكنابة إنهُ
عدوٌ لحكم الشعرِ غيرُ مقارِبِ
وإلاَّ فلم يستعمل العدل جاعلٌ
أَجَدَّ مُجدٍّ قِرْنَ أَلعبِ لاعبِ
أيعزُب عنك الرأيُ في أن تُثيبني
مقيماً مصوناً عن عناء المطالبِ
فتُلفَى وأُلفَى بين صافي صنيعة ٍ
وصافي ثناءٍ لم يُشَبْ بالمعاتِبِ
وتخرج من أحكام قومٍ تشدّدوا
فقد جعلوا آلاءهم كالمصائبِ
أيذهبُ هذا عنك يا ابن محمدٍ
وأنت مَعاذٌ في الأمور الحوازبِ
لك الرأي والجودُ اللذان كلاهما
زعيمٌ بكشف المطبِقات الكواربِ
وما زلت ذا ضوءٍ ونوءٍ لمُجدبٍ
وحيرانَ حتى قيل بعضُ الكواكب
تغيث وتَهدي عند جدبٍ وحيرة ٍ
بمحتفلٍ ثَرٍّ وأزهرَ ثاقبِ
وأحسُن عرفٍ موقعاً ما تنالُهُ
يدي وغُرابي بالنوى غيرُ ناعبِ
أراك متى ثَوَّبتني في رفاهة ٍ
زففتَ إليَّ المُلْكَ بين الكتائبِ
وأنت متى ثوَّبتني في مشقة
رأيتك في شخصِ المُثيب المعاقِبِ
ولو لم يكن في العرف صافٍ مهنأٌ
وذو كَدَرٍ والعرفُ شتَّى المَشاربِ
إذاً لم يقل أعلى النوابغِ رتبة ً(75/494)
لمِقوَلِ غَسّانِ الملوكِ الأَشايبِ
عليَّ لعمروٍ نعمة ٌ بعدَ نعمة ٍ
لوالِده ليستْ بذات عقاربِ
وما عقربٌ أدهَى من البين إنه
له لَسْعة ٌ بين الحشا والترائبِ
ومن أجل ما راعى من البين قوله
كليني لهمٍّ يا أميمة َ ناصبِ
أَبيتَ سوى تكليفِك العرفَ مُعْفِياً
به صافياً من مُؤذيات الشوائبِ
بل المجدُ يأبى غيرَ سَوْمِك نفسَهُ
ورفعِك عن طود المُنيلِ المحاسبِ
فصبراً على تحميلك الثِّقل كلَّهُ
وإن عزَّ تحميلُ القرومِ المَصاعبِ
ولا يعجبنَّ الناسُ من سعي متعَبٍ
مُشيحٍ لجدوى مستريحٍ مُداعبِ
فمن ساد قوماً أوجب الطولَ أن يُرى
مجداً لأدناهُمْ وهم في الملاعبِ
ومن لم يزل في مَصْعد المجد راقياً
صعابَ المَراقي نال عُليا المراتبِ
ألم ترني أتعبتُ فكري مُحكِّكاً
لك الشعرَ كي لا أُبتَلى بالمتاعبِ
نَحلتُك حَلْياً من مديحٍ كأنه
هَوى كلِّ صبٍّ من عِناق الحبائب
أنيقاً حقيقاً أن تكون حِقاقُهُ
من الدرّ لا بل من ثُدِيِّ الكواعبِ
وأنت له أهلٌ فإن تُجْزني به
أزِدْك وإن تُمْسِكْ أقفْ غيرَ عاتبِ
فإن سَأَلْتَني عنك يوماً عصابة ٌ
شهدتُ على نفسي بسوء المناقبِ
وقلت دعاني للندى فأتيتُهُ
فأمسكَهُ بل بثَّهُ في المناهبِ
وما احتجزتْ مني لُهاهُ لحاجزٍ
ولا احتجبتْ عنّي هناك بحاجبِ
ولكن تَصدَّتْ وانحرفتُ لحرفتي
ففاءت ولم تظلِم إلى خيرِ واهبِ
وما قلت إلا الحقَّ فيك ولم تزل
على منهجٍ من سُنّة ِ المجد لاحبِ
وإني لأشقَى الناس إن زُرَّ ملبسي
على إثمِ أفَّاكٍ وحسرة ِ خائبِ
وكنت الفتى الحرَّ الذي فيه شيمة ٌ
تَشيم عن الأحرار حد المَخالبِ
ولست كمن يعدو وفي كلماتِهِ
تظلُّم مغصوبٍ وعدوان غاصبِ
يحاول معروفَ الرجالِ وإن أَبَوْا
تعدَّى على أعراضهم كالمُكالبِ
وأصبح يشكو الناسَ في الشعر جامعاً
شكايَة مسلوبٍ وتسليطَ سالبِ
فلا تَحرمنّي كي تُجِدَّ عجيبة ً
لقومٍ فحسبُ الناس ماضي العجائبِ
ولا تنتقصْ من قدر حظّي إقامتي
سألتك بالداعين بين الأَخاشبِ(75/495)
وما اعتقلتني رغبة ٌ عنك يَمَّمت
سواك ولكن أيُّ رهبة راهبِ
كأني أرى بالظعن طعنَ مُطاعِن
وبالضرب في الأقطار ضربَ مضاربِ
وليس جزائي أن أَخيب لأنني
جَبُنْتُ ولم أُخْلَق عتادَ مُحارِبِ
يُطَالبُ بالإقدام من عُدَّ مُحْرَباً
وسُمِّي مذ ناغى بقودِ المَقانب
ولم يمشِ قيدَ الشبرِ إلا وفوقه
عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ
فأمَّا فتى ذو حكمة ٍ وبلاغة ٍ
فطالبْهُ بالتسديد وسط المَخاطبِ
أَثبني ورَفِّهني وأَجزلْ مثوبتي
وثابرْ على إدرارِ بِرِّي وواظبِ
لتأتيني جدواك وهي سليمة ٌ
من العيب ما فيها اعتلالٌ لعائبِ
أثقِّلُ إدلالي لتحملَ ثِقْلَه
بطوع المُراضي لا بكرهِ المغاضبِ
وما طلبُ الرِّفْد الهَنيء ببدعة ٍ
ولا عجبُ المُسترفدِيهِ بعاجبِ
وذاك مَزيدٌ في معاليك كلُّهُ
وفي صدقِ هاتيك القوافي السواربِ
وما حَقُّ باغيك المزيدَ انتقاصُهُ
ولا سيما والمالُ جَمُّ الحلائبِ
وأنت الذي يضحى وأدنى عطائِهِ
بلوغُ الأماني بل قضاءُ المآربِ
وتوزَنُ بالأموال آمالُ وفدِهِ
وإرفادُ قومٍ بالظنون الكواذبِ
أقمتُ لكي تزدادَ نعماك نعمة ً
وتَغْنَى بوجهٍ ناضرٍ غيرِ شاحبِ
وكي لا يقولَ القائلون أثابَهُدعِ اللومَ إن اللومَ عونُ النوائِب
ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ
ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ
وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ
وما زال مأمولُ البقاء مُفضلاً
على المُلك والأرباحِ دون الحرائبِ
حضضتَ على حطبي لناري فلا تدعْ
لك الخيرُ تحذيري شرورَ المَحاطبِ
وأنكرتَ إشفاقي وليس بمانعي
طِلابي أن أبغي طلابَ المكاسبِ
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنى ً
من الشوك يزهدْ في الثمار الأطايبِ
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى
إليَّ وأغراني برفض المطالبِ
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ
وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ
حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي
بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ(75/496)
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه
فقير أتاه الفقر من كل جانبِ
ولما دعاني للمثوبة سيد
يرى المدح عاراً قبل بَذْل المثَاوبِ
تنازعني رَغْبٌ ورهب كلاهما
قويٌ وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ
فقدمتُ رجلاً رغبة ً في رغيبة ٍ
وأخّرتُ رجلاً رهبة ً للمعاطبِ
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها
وأستارُ غَيْب اللَّهِ دون العواقبِ
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي
ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ
ومِنْ نكبة ٍ لاقيتُها بعد نكبة ٍ
رَهِبتُ اعتسافَ الأرضِ ذاتِ المناكبِ
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملاً
عليَّ مِنَ التعرير بعد التجاربِ
لقِيتُ من البرّ التّباريحَ بعدما
لقيتُ من البحر ابيضاضَ الذوائبِ
سُقيتُ على ريٍّ به ألفَ مَطْرة ٍ
شُغفتُ لبغضِيها بحبّ المجَادِبِ
ولم أُسْقَها بل ساقها لمكيدتي
تَحامُق دهرٍ جَدّ بي كالمُلاعبِ
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه
يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطايبِ
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ
برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكب
سقى الأرضَ من أجلي فأضحتْ مَزِلَّة ً
تَمايل صاحيها تمايُلَ شاربِ
لتعويقِ سيري أو دحوضِ مَطيَّتي
وإخصابِ مُزور عن المجد ناكبِ
فملتُ إلى خانٍ مُرثٍّ بناؤُه
مميلَ غريقِ الثوب لهفانَ لاغِبِ
فلم ألقَ فيه مٌستراحاً لمُتعَب
ولا نُزُلاً أيانَ ذاك لساغبِ
فما زلتُ في خوفٍ وجوعٍ ووحشة ٍ
وفي سَهَرٍ يستغرقُ الليلَ واصبِ
يؤرِّقني سَقْفٌ كأَني تحته
من الوكفِ تحت المُدْجِنات الهواضبِ
تراهُ إذا ما الطينُ أثقلَ متنَهُ
تَصِرُّ نواحيه صريرَ الجنادبِ
وكم خَانِ سَفْر خَانَ فانقضَّ فوقهم
كما انقضَّ صقرُ الدجنِ فوق الأرانبِ
ولم أنسَ ما لاقيتُ أيامَ صحوِهِ
من الصّرِ فيه والثلوج الأشاهبِ
وما زال ضاحِي البَّرِ يضربُ أهلَهُ
بسوطَيْ عذابٍ جامدٍ بعد ذائب
فإن فاته قَطْرٌ وثلج فإنه
رَهين بسافٍ تارة ً أو بحاصبِ
فذاك بلاءُ البرِّ عنديَ شاتياً
وكم لي من صيفٍ به ذي مثالبِ
ألا رُبَّ نارٍ بالفضاء اصطليتُها(75/497)
من الضِّحِ يودي لَفْحُهَا بالحواجبِ
إذا ظلتِ البيداءُ تطفو إكامُها
وترسُبُ في غَمْرٍ من الآلِ ناضبِ
فدعْ عنك ذكرَ البَرِّ إني رأيتُهُ
لمن خاف هولَ البحر شَرَّ المَهاوبِ
كِلاَ نُزُلَيْهِ صيفُهُ وشتاؤُهُ
خلافٌ لما أهواهُ غيرُ مُصاقبِ
لُهاثٌ مُميتٌ تحت بيضاءَ سُخْنَة ٍ
وَرِيٌّ مُفيتٌ تحت أسْحَمَ صائبِ
يجفُّ إذا ما أصبح الرّيقُ عاصباً
ويُغدقُ لي والرّيق ليس بعاصبِ
ويمنع منّي الماءَ واللَّوحُ جاهدٌ
ويُغرِقني والريُّ رَطْبُ المحَالِب
وما زال يَبغيني الحتوفَ مُوارِباً
يحوم على قتلي وغيرَ مُواربِ
فطوراً يُغاديني بلصٍّ مُصَلِّتٍ
وطوراً يُمَسيني بورْدِ الشَّواربِ
إلى أنْ وقاني اللَّه محذورَ شرّهِ
بعزتِهِ واللَّه أَغلبُ غالبِ
فأفلتُّ من ذُؤبانهِ وأُسودِهِ
وحُرَّابِهِ إفلاتَ أَتوب تائبِ
وأما بلاءُ البحر عندي فإنه
طواني على رَوعٍ مع الروح واقبِ
ولو ثاب عقلي لم أدعْ ذكرَ بعضهِ
ولكنه من هولِهِ غيرُ ثائب
وَلِمْ لا ولو أُلقيتُ فيه وصخرة ً
لوافيتُ منه القعرَ أولَ راسبِ
ولم أتعلم قط من ذي سباحة ٍ
سوى الغوص والمضعوف غيرُ مغالِبِ
فأيسرُ إشفاقي من الماء أنني
أمرُّ به في الكوز مرَّ المُجانبِ
وأخشى الردى منه على كل شارب
فكيف بأَمْنِيه على نفس راكبِ
أظلُّ إذا هزتهُ ريحٌ ولألأتْ
له الشمسُ أمواجاً طِوالَ الغواربِ
كأني أرى فيهنّ فُرسانَ بُهمة ٍ
يُليحون نحوي بالسيوف القواضبِ
فإن قُلْتَ لي قد يُركَبُ اليمُّ طامياً
ودجلة ُ عند اليم بعضُ المَذانبِ
فلا عذرَ فيها لامرىء ٍ هابَ مثلَها
وفي اللُّجة ِ الخضراءِ عذرٌ لهائبِ
فإنّ احتجاجي عنك ليس بنائمٍ
وإن بياني ليس عني بعازبِ
لدجلة َ خَبٌّ ليس لليمِّ إنها
تُرائي بحلمٍ تحته جهلُ واثبِ
تَطامَنُ حتى تطمئنَّ قلوبُنا
وتغضبُ من مزحِ الرياح اللواعبِ
وأَجرافُها رهْنٌ بكلِّ خيانة ٍ
وغَدْرٍ ففيها كُلُّ عَيْبٍ لِعائبِ
ترانا إذا هاجتْ بها الرِّيحُ هَيْجة ً(75/498)
نُزَلزَلُ في حَوْماتها بالقواربِ
نُوائِلُ من زلزالها نحو خسفها
فلا خيرَ في أوساطها والجوانب
زلازلُ موجٍ في غمارٍ زواجرٍ
وهدَّاتُ خَسْفٍ في شطوطٍ خواربِ
ولليمِّ إعذارٌ بعرضِ متونِهِ
وما فيه من آذيِّهِ المتراكبِ
ولستَ تراهُ في الرياحِ مزلزلاً
بما فيه إلاَّ في الشداد الغوالب
وإنْ خيفَ موجٌ عيذ منه بساحلٍ
خليٍّ من الأجرافِ ذات الكَباكبِ
ويلفظُ ما فيهِ فليس مُعاجلاً
غريقاً بغتٍّ يُزهقُ النفسَ كاربِ
يعللُ غرقاهُ إلى أن يُغيثَهم
بصنعٍ لطيفٍ منه خيرِ مصاحَبِ
فتُلفَى الدلافينُ الكريمُ طباعُها
هناك رِعالاً عند نَكبِ النواكبِ
مراكبَ للقومِ الذين كبا بهم
فهم وَسْطه غرقى وهم في مراكبِ
وينقضُ ألواحَ السفينِ فكُلُّها
مُنَج لدى نَوْبٍ من الكَسْر نائبِ
وما أنا بالراضي عن البحر مركباً
ولكنني عارضتُ شَغْبَ المشاغبِ
صَدقْتُك عن نفسي وأنت مُراغمي
وموضعُ سري دون أدنى الأقاربِ
وجرَّبتُ حتى ما أرى الدهرَ مُغرِباً
عليّ بشيءٍ لم يقعْ في تجاربي
أرى المرءَ مذ يلقى الترابَ بوجهِهِ
إلى أن يُوارَى فيه رهن النوائبِ
ولو لم يُصَبْ إلاَّ بشرخِ شبابِهِ
لكان قد استوفى جميعَ المصائبِ
ومن صَدَق الأخيارَ داوَوْا سقامَهُ
بصِحة ِ آراءٍ ويُمْنِ نَقائبِ
وما زال صدقُ المستشير معاوِناً
على الرأي لُبَّ المستشار المحازِبِ
وأبعدُ أدواءِ الرجالِ ذوي الضّنى
من البرء داءُ المستطِبِّ المكاذبِ
فلا تنصبنَّ الحربَ لي بملامتي
وأنت سلاحي في حروب النوائبِ
وأجدى من التعنيف حسنُ معونة ٍ
برأيٍ ولينٍ من خطابِ المخاطبِ
وفي النصح خيرٌ من نصيحٍ مُوادِعٍ
ولا خيرَ فيهِ من نصيحٍ مُواثبِ
ومثلي محتاجٌ إلى ذي سماحة ٍ
كريمِ السجايا أريحي الضرائبِ
يلينُ على أهلِ التسحُّب مَسُّهُ
ويُغضي لهم عند اقتراح الغرائبِ
له نائلٌ ما زال طالبَ طالبٍ
ومرتادَ مرتادٍ وخاطبَ خاطبِ
ألا ماجدُ الأخلاقِ حُرٌ فَعالُهُ
تُباري عطاياهُ عطايا السحائبِ(75/499)
كمثل أبي العباسِ إنَّ نوالَهُ
نوال الحيا يسعى إلى كلِّ طالبِ
يُسيِّر نحوي عُرْفَهُ فيزورني
هنيئاً ولم أركبْ صعابَ المراكبِ
يَسير إلى مُمتاحه فيجودُهُ
ويكفي أخا الإمحال زِمَّ الركائبِ
ومن يكُ مثلاً للحيا في عُلُوّهِ
يكنْ مثلَهُ في جودهِ بالمواهبِ
وإنَّ نِفاري منه وهو يُريغني
لَشيءٌ لرأي فيه غيرُ مناسبِ
وإن قعودي عنهُ خيفة َ نكبة ٍ
لَلؤمُ مَهَزٍّ وانثناءُ مَضاربِ
أُقرُّ على نفسي بعيبي لأنني
أرى الصدقَ يمحو بَيّنات المعايبِ
لَؤُمْتُ لَعمر اللَّه فيما أَتيته
وإن كنتُ من قومٍ كرام المناصِبِ
لهم حِلْمُ إنسٍ في عَرامة جِنّة ٍ
وبأسُ أسودٍ في دهاء ثعالبِ
يصولون بالأيدي إذا الحربُ أَعملتْ
سيوفَ سُريجٍ بعد أرماحِ زاعبِ
ولا بد من أن يَلؤُمَ المرءُ نازعاً
إلى الحَمَأ المسنونِ ضربة َ لازبِ
فقل لأبي العباس لُقِّيتَ وجهَهُ
وحَسْبُك مني تلك دعوة َ صاحبِ
أمَا حقُّ حامي عِرض مثلك أن يُرى
له الرفدُ والترفيهُ أَوْجَبَ واجبِ
أَمِنْ بعدِ ما لم تَرْعَ للمالِ حرمة ً
وأسلمتَهُ للجود غيرَ مُجاذبِ
فأعطيتَ ذا سلمٍ وحربٍ وَوُصلة ٍ
وذنبٍ عطايا أدركتْ كلَّ هاربِ
ولم تُشخِصِ العافين لكنْ أتتهُمُ
لُهاك جَليباتٍ لأكرمِ جالبِ
علماً بأنّ الظَّعْنَ فيه مشقة ٌ
وأنّ أَمرَّ الربح ربحُ الجلائبِ
تُكلّفني هولَ السِّفارِ وغولَهُ
رفيقَ شتاءٍ مُقْفعِلَّ الرواجبِ
ولا سيّما حين ارتدى الماءُ كِبْرَهُ
وشاغَب أنفاسَ الصَّبا والجنائبِ
وهرَّتْ على مُستطرِقي البَرّ قَرَّة ٌ
يَمسُّ أذاها دونَ لوثِ العصائبِ
كأن تمامَ الودِّ والمدح كلَّهُ
هُوِيُّ الفتى في البحر أو في السَّباسبِ
لعمري لئن حاسَبْتني في مثوبتي
بخفضي لقد أجريتَ عادة َ حاسبِ
حَنانَيْك قد أيقنتُ أنك كاتبٌ
له رتبة ٌ تعلو به كلَّ كاتبِ
فدعني من حكمِ الكنابة إنهُ
عدوٌ لحكم الشعرِ غيرُ مقارِبِ
وإلاَّ فلم يستعمل العدل جاعلٌ
أَجَدَّ مُجدٍّ قِرْنَ أَلعبِ لاعبِ(75/500)
أيعزُب عنك الرأيُ في أن تُثيبني
مقيماً مصوناً عن عناء المطالبِ
فتُلفَى وأُلفَى بين صافي صنيعة ٍ
وصافي ثناءٍ لم يُشَبْ بالمعاتِبِ
وتخرج من أحكام قومٍ تشدّدوا
فقد جعلوا آلاءهم كالمصائبِ
أيذهبُ هذا عنك يا ابن محمدٍ
وأنت مَعاذٌ في الأمور الحوازبِ
لك الرأي والجودُ اللذان كلاهما
زعيمٌ بكشف المطبِقات الكواربِ
وما زلت ذا ضوءٍ ونوءٍ لمُجدبٍ
وحيرانَ حتى قيل بعضُ الكواكب
تغيث وتَهدي عند جدبٍ وحيرة ٍ
بمحتفلٍ ثَرٍّ وأزهرَ ثاقبِ
وأحسُن عرفٍ موقعاً ما تنالُهُ
يدي وغُرابي بالنوى غيرُ ناعبِ
أراك متى ثَوَّبتني في رفاهة ٍ
زففتَ إليَّ المُلْكَ بين الكتائبِ
وأنت متى ثوَّبتني في مشقة
رأيتك في شخصِ المُثيب المعاقِبِ
ولو لم يكن في العرف صافٍ مهنأٌ
وذو كَدَرٍ والعرفُ شتَّى المَشاربِ
إذاً لم يقل أعلى النوابغِ رتبة ً
لمِقوَلِ غَسّانِ الملوكِ الأَشايبِ
عليَّ لعمروٍ نعمة ٌ بعدَ نعمة ٍ
لوالِده ليستْ بذات عقاربِ
وما عقربٌ أدهَى من البين إنه
له لَسْعة ٌ بين الحشا والترائبِ
ومن أجل ما راعى من البين قوله
كليني لهمٍّ يا أميمة َ ناصبِ
أَبيتَ سوى تكليفِك العرفَ مُعْفِياً
به صافياً من مُؤذيات الشوائبِ
بل المجدُ يأبى غيرَ سَوْمِك نفسَهُ
ورفعِك عن طود المُنيلِ المحاسبِ
فصبراً على تحميلك الثِّقل كلَّهُ
وإن عزَّ تحميلُ القرومِ المَصاعبِ
ولا يعجبنَّ الناسُ من سعي متعَبٍ
مُشيحٍ لجدوى مستريحٍ مُداعبِ
فمن ساد قوماً أوجب الطولَ أن يُرى
مجداً لأدناهُمْ وهم في الملاعبِ
ومن لم يزل في مَصْعد المجد راقياً
صعابَ المَراقي نال عُليا المراتبِ
ألم ترني أتعبتُ فكري مُحكِّكاً
لك الشعرَ كي لا أُبتَلى بالمتاعبِ
نَحلتُك حَلْياً من مديحٍ كأنه
هَوى كلِّ صبٍّ من عِناق الحبائب
أنيقاً حقيقاً أن تكون حِقاقُهُ
من الدرّ لا بل من ثُدِيِّ الكواعبِ
وأنت له أهلٌ فإن تُجْزني به
أزِدْك وإن تُمْسِكْ أقفْ غيرَ عاتبِ
فإن سَأَلْتَني عنك يوماً عصابة ٌ(76/1)
شهدتُ على نفسي بسوء المناقبِ
وقلت دعاني للندى فأتيتُهُ
فأمسكَهُ بل بثَّهُ في المناهبِ
وما احتجزتْ مني لُهاهُ لحاجزٍ
ولا احتجبتْ عنّي هناك بحاجبِ
ولكن تَصدَّتْ وانحرفتُ لحرفتي
ففاءت ولم تظلِم إلى خيرِ واهبِ
وما قلت إلا الحقَّ فيك ولم تزل
على منهجٍ من سُنّة ِ المجد لاحبِ
وإني لأشقَى الناس إن زُرَّ ملبسي
على إثمِ أفَّاكٍ وحسرة ِ خائبِ
وكنت الفتى الحرَّ الذي فيه شيمة ٌ
تَشيم عن الأحرار حد المَخالبِ
ولست كمن يعدو وفي كلماتِهِ
تظلُّم مغصوبٍ وعدوان غاصبِ
يحاول معروفَ الرجالِ وإن أَبَوْا
تعدَّى على أعراضهم كالمُكالبِ
وأصبح يشكو الناسَ في الشعر جامعاً
شكايَة مسلوبٍ وتسليطَ سالبِ
فلا تَحرمنّي كي تُجِدَّ عجيبة ً
لقومٍ فحسبُ الناس ماضي العجائبِ
ولا تنتقصْ من قدر حظّي إقامتي
سألتك بالداعين بين الأَخاشبِ
وما اعتقلتني رغبة ٌ عنك يَمَّمت
سواك ولكن أيُّ رهبة راهبِ
كأني أرى بالظعن طعنَ مُطاعِن
وبالضرب في الأقطار ضربَ مضاربِ
وليس جزائي أن أَخيب لأنني
جَبُنْتُ ولم أُخْلَق عتادَ مُحارِبِ
يُطَالبُ بالإقدام من عُدَّ مُحْرَباً
وسُمِّي مذ ناغى بقودِ المَقانب
ولم يمشِ قيدَ الشبرِ إلا وفوقه
عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ
فأمَّا فتى ذو حكمة ٍ وبلاغة ٍ
فطالبْهُ بالتسديد وسط المَخاطبِ
أَثبني ورَفِّهني وأَجزلْ مثوبتي
وثابرْ على إدرارِ بِرِّي وواظبِ
لتأتيني جدواك وهي سليمة ٌ
من العيب ما فيها اعتلالٌ لعائبِ
أثقِّلُ إدلالي لتحملَ ثِقْلَه
بطوع المُراضي لا بكرهِ المغاضبِ
وما طلبُ الرِّفْد الهَنيء ببدعة ٍ
ولا عجبُ المُسترفدِيهِ بعاجبِ
وذاك مَزيدٌ في معاليك كلُّهُ
وفي صدقِ هاتيك القوافي السواربِ
وما حَقُّ باغيك المزيدَ انتقاصُهُ
ولا سيما والمالُ جَمُّ الحلائبِ
وأنت الذي يضحى وأدنى عطائِهِ
بلوغُ الأماني بل قضاءُ المآربِ
وتوزَنُ بالأموال آمالُ وفدِهِ
وإرفادُ قومٍ بالظنون الكواذبِ
أقمتُ لكي تزدادَ نعماك نعمة ً(76/2)
وتَغْنَى بوجهٍ ناضرٍ غيرِ شاحبِ
وكي لا يقولَ القائلون أثابَهُ
وعاقَبَهُ والقولُ جَمُّ المَشاعِبِ
وصَوْني عن التهجين عُرفَك موجِبٌ
مَزيدَك لي في الرفد يا ابن المَرازِبِ
بوجهك أضحى كلُّ شيءٍ منوراً
وأبرَزَ وجهاً ضاحكاً غيرَ قاطبِ
فلا تبتذلْهُ في المَغاضب ظالماً
فلم تؤتَ وجهاً مثله للمغاضبِ
نشرتَ على الدنيا شعاعاً أضاءها
وكانت ظلاماً مُدلهِمَّ الغياهبِدعِ اللومَ إن اللومَ عونُ النوائِب
ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ
ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ
وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ
وما زال مأمولُ البقاء مُفضلاً
على المُلك والأرباحِ دون الحرائبِ
حضضتَ على حطبي لناري فلا تدعْ
لك الخيرُ تحذيري شرورَ المَحاطبِ
وأنكرتَ إشفاقي وليس بمانعي
طِلابي أن أبغي طلابَ المكاسبِ
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنى ً
من الشوك يزهدْ في الثمار الأطايبِ
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى
إليَّ وأغراني برفض المطالبِ
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ
وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ
حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي
بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه
فقير أتاه الفقر من كل جانبِ
ولما دعاني للمثوبة سيد
يرى المدح عاراً قبل بَذْل المثَاوبِ
تنازعني رَغْبٌ ورهب كلاهما
قويٌ وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ
فقدمتُ رجلاً رغبة ً في رغيبة ٍ
وأخّرتُ رجلاً رهبة ً للمعاطبِ
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها
وأستارُ غَيْب اللَّهِ دون العواقبِ
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي
ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ
ومِنْ نكبة ٍ لاقيتُها بعد نكبة ٍ
رَهِبتُ اعتسافَ الأرضِ ذاتِ المناكبِ
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملاً
عليَّ مِنَ التعرير بعد التجاربِ
لقِيتُ من البرّ التّباريحَ بعدما
لقيتُ من البحر ابيضاضَ الذوائبِ
سُقيتُ على ريٍّ به ألفَ مَطْرة ٍ(76/3)
شُغفتُ لبغضِيها بحبّ المجَادِبِ
ولم أُسْقَها بل ساقها لمكيدتي
تَحامُق دهرٍ جَدّ بي كالمُلاعبِ
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه
يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطايبِ
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ
برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكب
سقى الأرضَ من أجلي فأضحتْ مَزِلَّة ً
تَمايل صاحيها تمايُلَ شاربِ
لتعويقِ سيري أو دحوضِ مَطيَّتي
وإخصابِ مُزور عن المجد ناكبِ
فملتُ إلى خانٍ مُرثٍّ بناؤُه
مميلَ غريقِ الثوب لهفانَ لاغِبِ
فلم ألقَ فيه مٌستراحاً لمُتعَب
ولا نُزُلاً أيانَ ذاك لساغبِ
فما زلتُ في خوفٍ وجوعٍ ووحشة ٍ
وفي سَهَرٍ يستغرقُ الليلَ واصبِ
يؤرِّقني سَقْفٌ كأَني تحته
من الوكفِ تحت المُدْجِنات الهواضبِ
تراهُ إذا ما الطينُ أثقلَ متنَهُ
تَصِرُّ نواحيه صريرَ الجنادبِ
وكم خَانِ سَفْر خَانَ فانقضَّ فوقهم
كما انقضَّ صقرُ الدجنِ فوق الأرانبِ
ولم أنسَ ما لاقيتُ أيامَ صحوِهِ
من الصّرِ فيه والثلوج الأشاهبِ
وما زال ضاحِي البَّرِ يضربُ أهلَهُ
بسوطَيْ عذابٍ جامدٍ بعد ذائب
فإن فاته قَطْرٌ وثلج فإنه
رَهين بسافٍ تارة ً أو بحاصبِ
فذاك بلاءُ البرِّ عنديَ شاتياً
وكم لي من صيفٍ به ذي مثالبِ
ألا رُبَّ نارٍ بالفضاء اصطليتُها
من الضِّحِ يودي لَفْحُهَا بالحواجبِ
إذا ظلتِ البيداءُ تطفو إكامُها
وترسُبُ في غَمْرٍ من الآلِ ناضبِ
فدعْ عنك ذكرَ البَرِّ إني رأيتُهُ
لمن خاف هولَ البحر شَرَّ المَهاوبِ
كِلاَ نُزُلَيْهِ صيفُهُ وشتاؤُهُ
خلافٌ لما أهواهُ غيرُ مُصاقبِ
لُهاثٌ مُميتٌ تحت بيضاءَ سُخْنَة ٍ
وَرِيٌّ مُفيتٌ تحت أسْحَمَ صائبِ
يجفُّ إذا ما أصبح الرّيقُ عاصباً
ويُغدقُ لي والرّيق ليس بعاصبِ
ويمنع منّي الماءَ واللَّوحُ جاهدٌ
ويُغرِقني والريُّ رَطْبُ المحَالِب
وما زال يَبغيني الحتوفَ مُوارِباً
يحوم على قتلي وغيرَ مُواربِ
فطوراً يُغاديني بلصٍّ مُصَلِّتٍ
وطوراً يُمَسيني بورْدِ الشَّواربِ
إلى أنْ وقاني اللَّه محذورَ شرّهِ(76/4)
بعزتِهِ واللَّه أَغلبُ غالبِ
فأفلتُّ من ذُؤبانهِ وأُسودِهِ
وحُرَّابِهِ إفلاتَ أَتوب تائبِ
وأما بلاءُ البحر عندي فإنه
طواني على رَوعٍ مع الروح واقبِ
ولو ثاب عقلي لم أدعْ ذكرَ بعضهِ
ولكنه من هولِهِ غيرُ ثائب
وَلِمْ لا ولو أُلقيتُ فيه وصخرة ً
لوافيتُ منه القعرَ أولَ راسبِ
ولم أتعلم قط من ذي سباحة ٍ
سوى الغوص والمضعوف غيرُ مغالِبِ
فأيسرُ إشفاقي من الماء أنني
أمرُّ به في الكوز مرَّ المُجانبِ
وأخشى الردى منه على كل شارب
فكيف بأَمْنِيه على نفس راكبِ
أظلُّ إذا هزتهُ ريحٌ ولألأتْ
له الشمسُ أمواجاً طِوالَ الغواربِ
كأني أرى فيهنّ فُرسانَ بُهمة ٍ
يُليحون نحوي بالسيوف القواضبِ
فإن قُلْتَ لي قد يُركَبُ اليمُّ طامياً
ودجلة ُ عند اليم بعضُ المَذانبِ
فلا عذرَ فيها لامرىء ٍ هابَ مثلَها
وفي اللُّجة ِ الخضراءِ عذرٌ لهائبِ
فإنّ احتجاجي عنك ليس بنائمٍ
وإن بياني ليس عني بعازبِ
لدجلة َ خَبٌّ ليس لليمِّ إنها
تُرائي بحلمٍ تحته جهلُ واثبِ
تَطامَنُ حتى تطمئنَّ قلوبُنا
وتغضبُ من مزحِ الرياح اللواعبِ
وأَجرافُها رهْنٌ بكلِّ خيانة ٍ
وغَدْرٍ ففيها كُلُّ عَيْبٍ لِعائبِ
ترانا إذا هاجتْ بها الرِّيحُ هَيْجة ً
نُزَلزَلُ في حَوْماتها بالقواربِ
نُوائِلُ من زلزالها نحو خسفها
فلا خيرَ في أوساطها والجوانب
زلازلُ موجٍ في غمارٍ زواجرٍ
وهدَّاتُ خَسْفٍ في شطوطٍ خواربِ
ولليمِّ إعذارٌ بعرضِ متونِهِ
وما فيه من آذيِّهِ المتراكبِ
ولستَ تراهُ في الرياحِ مزلزلاً
بما فيه إلاَّ في الشداد الغوالب
وإنْ خيفَ موجٌ عيذ منه بساحلٍ
خليٍّ من الأجرافِ ذات الكَباكبِ
ويلفظُ ما فيهِ فليس مُعاجلاً
غريقاً بغتٍّ يُزهقُ النفسَ كاربِ
يعللُ غرقاهُ إلى أن يُغيثَهم
بصنعٍ لطيفٍ منه خيرِ مصاحَبِ
فتُلفَى الدلافينُ الكريمُ طباعُها
هناك رِعالاً عند نَكبِ النواكبِ
مراكبَ للقومِ الذين كبا بهم
فهم وَسْطه غرقى وهم في مراكبِ
وينقضُ ألواحَ السفينِ فكُلُّها(76/5)
مُنَج لدى نَوْبٍ من الكَسْر نائبِ
وما أنا بالراضي عن البحر مركباً
ولكنني عارضتُ شَغْبَ المشاغبِ
صَدقْتُك عن نفسي وأنت مُراغمي
وموضعُ سري دون أدنى الأقاربِ
وجرَّبتُ حتى ما أرى الدهرَ مُغرِباً
عليّ بشيءٍ لم يقعْ في تجاربي
أرى المرءَ مذ يلقى الترابَ بوجهِهِ
إلى أن يُوارَى فيه رهن النوائبِ
ولو لم يُصَبْ إلاَّ بشرخِ شبابِهِ
لكان قد استوفى جميعَ المصائبِ
ومن صَدَق الأخيارَ داوَوْا سقامَهُ
بصِحة ِ آراءٍ ويُمْنِ نَقائبِ
وما زال صدقُ المستشير معاوِناً
على الرأي لُبَّ المستشار المحازِبِ
وأبعدُ أدواءِ الرجالِ ذوي الضّنى
من البرء داءُ المستطِبِّ المكاذبِ
فلا تنصبنَّ الحربَ لي بملامتي
وأنت سلاحي في حروب النوائبِ
وأجدى من التعنيف حسنُ معونة ٍ
برأيٍ ولينٍ من خطابِ المخاطبِ
وفي النصح خيرٌ من نصيحٍ مُوادِعٍ
ولا خيرَ فيهِ من نصيحٍ مُواثبِ
ومثلي محتاجٌ إلى ذي سماحة ٍ
كريمِ السجايا أريحي الضرائبِ
يلينُ على أهلِ التسحُّب مَسُّهُ
ويُغضي لهم عند اقتراح الغرائبِ
له نائلٌ ما زال طالبَ طالبٍ
ومرتادَ مرتادٍ وخاطبَ خاطبِ
ألا ماجدُ الأخلاقِ حُرٌ فَعالُهُ
تُباري عطاياهُ عطايا السحائبِ
كمثل أبي العباسِ إنَّ نوالَهُ
نوال الحيا يسعى إلى كلِّ طالبِ
يُسيِّر نحوي عُرْفَهُ فيزورني
هنيئاً ولم أركبْ صعابَ المراكبِ
يَسير إلى مُمتاحه فيجودُهُ
ويكفي أخا الإمحال زِمَّ الركائبِ
ومن يكُ مثلاً للحيا في عُلُوّهِ
يكنْ مثلَهُ في جودهِ بالمواهبِ
وإنَّ نِفاري منه وهو يُريغني
لَشيءٌ لرأي فيه غيرُ مناسبِ
وإن قعودي عنهُ خيفة َ نكبة ٍ
لَلؤمُ مَهَزٍّ وانثناءُ مَضاربِ
أُقرُّ على نفسي بعيبي لأنني
أرى الصدقَ يمحو بَيّنات المعايبِ
لَؤُمْتُ لَعمر اللَّه فيما أَتيته
وإن كنتُ من قومٍ كرام المناصِبِ
لهم حِلْمُ إنسٍ في عَرامة جِنّة ٍ
وبأسُ أسودٍ في دهاء ثعالبِ
يصولون بالأيدي إذا الحربُ أَعملتْ
سيوفَ سُريجٍ بعد أرماحِ زاعبِ(76/6)
ولا بد من أن يَلؤُمَ المرءُ نازعاً
إلى الحَمَأ المسنونِ ضربة َ لازبِ
فقل لأبي العباس لُقِّيتَ وجهَهُ
وحَسْبُك مني تلك دعوة َ صاحبِ
أمَا حقُّ حامي عِرض مثلك أن يُرى
له الرفدُ والترفيهُ أَوْجَبَ واجبِ
أَمِنْ بعدِ ما لم تَرْعَ للمالِ حرمة ً
وأسلمتَهُ للجود غيرَ مُجاذبِ
فأعطيتَ ذا سلمٍ وحربٍ وَوُصلة ٍ
وذنبٍ عطايا أدركتْ كلَّ هاربِ
ولم تُشخِصِ العافين لكنْ أتتهُمُ
لُهاك جَليباتٍ لأكرمِ جالبِ
علماً بأنّ الظَّعْنَ فيه مشقة ٌ
وأنّ أَمرَّ الربح ربحُ الجلائبِ
تُكلّفني هولَ السِّفارِ وغولَهُ
رفيقَ شتاءٍ مُقْفعِلَّ الرواجبِ
ولا سيّما حين ارتدى الماءُ كِبْرَهُ
وشاغَب أنفاسَ الصَّبا والجنائبِ
وهرَّتْ على مُستطرِقي البَرّ قَرَّة ٌ
يَمسُّ أذاها دونَ لوثِ العصائبِ
كأن تمامَ الودِّ والمدح كلَّهُ
هُوِيُّ الفتى في البحر أو في السَّباسبِ
لعمري لئن حاسَبْتني في مثوبتي
بخفضي لقد أجريتَ عادة َ حاسبِ
حَنانَيْك قد أيقنتُ أنك كاتبٌ
له رتبة ٌ تعلو به كلَّ كاتبِ
فدعني من حكمِ الكنابة إنهُ
عدوٌ لحكم الشعرِ غيرُ مقارِبِ
وإلاَّ فلم يستعمل العدل جاعلٌ
أَجَدَّ مُجدٍّ قِرْنَ أَلعبِ لاعبِ
أيعزُب عنك الرأيُ في أن تُثيبني
مقيماً مصوناً عن عناء المطالبِ
فتُلفَى وأُلفَى بين صافي صنيعة ٍ
وصافي ثناءٍ لم يُشَبْ بالمعاتِبِ
وتخرج من أحكام قومٍ تشدّدوا
فقد جعلوا آلاءهم كالمصائبِ
أيذهبُ هذا عنك يا ابن محمدٍ
وأنت مَعاذٌ في الأمور الحوازبِ
لك الرأي والجودُ اللذان كلاهما
زعيمٌ بكشف المطبِقات الكواربِ
وما زلت ذا ضوءٍ ونوءٍ لمُجدبٍ
وحيرانَ حتى قيل بعضُ الكواكب
تغيث وتَهدي عند جدبٍ وحيرة ٍ
بمحتفلٍ ثَرٍّ وأزهرَ ثاقبِ
وأحسُن عرفٍ موقعاً ما تنالُهُ
يدي وغُرابي بالنوى غيرُ ناعبِ
أراك متى ثَوَّبتني في رفاهة ٍ
زففتَ إليَّ المُلْكَ بين الكتائبِ
وأنت متى ثوَّبتني في مشقة
رأيتك في شخصِ المُثيب المعاقِبِ
ولو لم يكن في العرف صافٍ مهنأٌ(76/7)
وذو كَدَرٍ والعرفُ شتَّى المَشاربِ
إذاً لم يقل أعلى النوابغِ رتبة ً
لمِقوَلِ غَسّانِ الملوكِ الأَشايبِ
عليَّ لعمروٍ نعمة ٌ بعدَ نعمة ٍ
لوالِده ليستْ بذات عقاربِ
وما عقربٌ أدهَى من البين إنه
له لَسْعة ٌ بين الحشا والترائبِ
ومن أجل ما راعى من البين قوله
كليني لهمٍّ يا أميمة َ ناصبِ
أَبيتَ سوى تكليفِك العرفَ مُعْفِياً
به صافياً من مُؤذيات الشوائبِ
بل المجدُ يأبى غيرَ سَوْمِك نفسَهُ
ورفعِك عن طود المُنيلِ المحاسبِ
فصبراً على تحميلك الثِّقل كلَّهُ
وإن عزَّ تحميلُ القرومِ المَصاعبِ
ولا يعجبنَّ الناسُ من سعي متعَبٍ
مُشيحٍ لجدوى مستريحٍ مُداعبِ
فمن ساد قوماً أوجب الطولَ أن يُرى
مجداً لأدناهُمْ وهم في الملاعبِ
ومن لم يزل في مَصْعد المجد راقياً
صعابَ المَراقي نال عُليا المراتبِ
ألم ترني أتعبتُ فكري مُحكِّكاً
لك الشعرَ كي لا أُبتَلى بالمتاعبِ
نَحلتُك حَلْياً من مديحٍ كأنه
هَوى كلِّ صبٍّ من عِناق الحبائب
أنيقاً حقيقاً أن تكون حِقاقُهُ
من الدرّ لا بل من ثُدِيِّ الكواعبِ
وأنت له أهلٌ فإن تُجْزني به
أزِدْك وإن تُمْسِكْ أقفْ غيرَ عاتبِ
فإن سَأَلْتَني عنك يوماً عصابة ٌ
شهدتُ على نفسي بسوء المناقبِ
وقلت دعاني للندى فأتيتُهُ
فأمسكَهُ بل بثَّهُ في المناهبِ
وما احتجزتْ مني لُهاهُ لحاجزٍ
ولا احتجبتْ عنّي هناك بحاجبِ
ولكن تَصدَّتْ وانحرفتُ لحرفتي
ففاءت ولم تظلِم إلى خيرِ واهبِ
وما قلت إلا الحقَّ فيك ولم تزل
على منهجٍ من سُنّة ِ المجد لاحبِ
وإني لأشقَى الناس إن زُرَّ ملبسي
على إثمِ أفَّاكٍ وحسرة ِ خائبِ
وكنت الفتى الحرَّ الذي فيه شيمة ٌ
تَشيم عن الأحرار حد المَخالبِ
ولست كمن يعدو وفي كلماتِهِ
تظلُّم مغصوبٍ وعدوان غاصبِ
يحاول معروفَ الرجالِ وإن أَبَوْا
تعدَّى على أعراضهم كالمُكالبِ
وأصبح يشكو الناسَ في الشعر جامعاً
شكايَة مسلوبٍ وتسليطَ سالبِ
فلا تَحرمنّي كي تُجِدَّ عجيبة ً(76/8)
لقومٍ فحسبُ الناس ماضي العجائبِ
ولا تنتقصْ من قدر حظّي إقامتي
سألتك بالداعين بين الأَخاشبِ
وما اعتقلتني رغبة ٌ عنك يَمَّمت
سواك ولكن أيُّ رهبة راهبِ
كأني أرى بالظعن طعنَ مُطاعِن
وبالضرب في الأقطار ضربَ مضاربِ
وليس جزائي أن أَخيب لأنني
جَبُنْتُ ولم أُخْلَق عتادَ مُحارِبِ
يُطَالبُ بالإقدام من عُدَّ مُحْرَباً
وسُمِّي مذ ناغى بقودِ المَقانب
ولم يمشِ قيدَ الشبرِ إلا وفوقه
عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ
فأمَّا فتى ذو حكمة ٍ وبلاغة ٍ
فطالبْهُ بالتسديد وسط المَخاطبِ
أَثبني ورَفِّهني وأَجزلْ مثوبتي
وثابرْ على إدرارِ بِرِّي وواظبِ
لتأتيني جدواك وهي سليمة ٌ
من العيب ما فيها اعتلالٌ لعائبِ
أثقِّلُ إدلالي لتحملَ ثِقْلَه
بطوع المُراضي لا بكرهِ المغاضبِ
وما طلبُ الرِّفْد الهَنيء ببدعة ٍ
ولا عجبُ المُسترفدِيهِ بعاجبِ
وذاك مَزيدٌ في معاليك كلُّهُ
وفي صدقِ هاتيك القوافي السواربِ
وما حَقُّ باغيك المزيدَ انتقاصُهُ
ولا سيما والمالُ جَمُّ الحلائبِ
وأنت الذي يضحى وأدنى عطائِهِ
بلوغُ الأماني بل قضاءُ المآربِ
وتوزَنُ بالأموال آمالُ وفدِهِ
وإرفادُ قومٍ بالظنون الكواذبِ
أقمتُ لكي تزدادَ نعماك نعمة ً
وتَغْنَى بوجهٍ ناضرٍ غيرِ شاحبِ
وكي لا يقولَ القائلون أثابَهُ
وعاقَبَهُ والقولُ جَمُّ المَشاعِبِ
وصَوْني عن التهجين عُرفَك موجِبٌ
مَزيدَك لي في الرفد يا ابن المَرازِبِ
بوجهك أضحى كلُّ شيءٍ منوراً
وأبرَزَ وجهاً ضاحكاً غيرَ قاطبِ
فلا تبتذلْهُ في المَغاضب ظالماً
فلم تؤتَ وجهاً مثله للمغاضبِ
نشرتَ على الدنيا شعاعاً أضاءها
وكانت ظلاماً مُدلهِمَّ الغياهبِ
كأنك تلقاءَ الخليقة ِ كلّها
مَشارقُ شمسٍ أشرقتْ لمغاربِ
لِيهِنْ فتى ً أطراك أنْ نال سُؤْلَهُ
لديك وأنْ لم يحتقِب وِزْرَ كاذبِ
رضا اللَّهِ في تلك الحقائب والغنى
جميعاً ألا فوزاً لتلك الحقائبِ
كأني أراني قائلاً إنْ أعانني
نداك على ريب الخطوب الرواهبِ(76/9)
جُزيتَ العلا من مستغاثٍ أجابني
جوابَ ضَحوكِ البرقِ داني الهيادبِ
وفي مُستماحي العرفِ بارقُ خُلَّبٍ
ولامعُ رقراقٍ ونارُ حُباحبِ
تسحبتُ في شعري ولان لجلدتي
ثراه فما استخشنتُ مسَّ المسَاحبِ
وليس عجيباً أن ينوبَ تكرُّمٌ
غذيتُ به عن آملِ لك غائبِ
أقمْهُ مُقامي ناطقاً بمدائحي
لديك وقد صدّرتُها بالمنَاسبِدعِ اللومَ إن اللومَ عونُ النوائِب
ولا تتجاوز فيه حدَّ المُعاتِبِ
فما كلُّ من حطَّ الرحالَ بمخفِقٍ
ولا كلُّ من شدَّ الرحال بكاسبِ
وفي السعي كَيْسٌ والنفوسُ نفائسٌ
وليس بكَيْسٍ بيعُها بالرغائبِ
وما زال مأمولُ البقاء مُفضلاً
على المُلك والأرباحِ دون الحرائبِ
حضضتَ على حطبي لناري فلا تدعْ
لك الخيرُ تحذيري شرورَ المَحاطبِ
وأنكرتَ إشفاقي وليس بمانعي
طِلابي أن أبغي طلابَ المكاسبِ
ومن يلقَ ما لاقيتُ في كل مجتنى ً
من الشوك يزهدْ في الثمار الأطايبِ
أذاقتنيَ الأسفارُ ما كَرَّه الغِنَى
إليَّ وأغراني برفض المطالبِ
فأصبحتُ في الإثراء أزهدَ زاهدٍ
وإن كنت في الإثراء أرغبَ راغبِ
حريصاً جباناً أشتهي ثم أنتهي
بلَحْظي جناب الرزق لحظَ المراقبِ
ومن راح ذا حرص وجبن فإنه
فقير أتاه الفقر من كل جانبِ
ولما دعاني للمثوبة سيد
يرى المدح عاراً قبل بَذْل المثَاوبِ
تنازعني رَغْبٌ ورهب كلاهما
قويٌ وأعياني اطِّلاعُ المغايبِ
فقدمتُ رجلاً رغبة ً في رغيبة ٍ
وأخّرتُ رجلاً رهبة ً للمعاطبِ
أخافُ على نفسي وأرجو مَفازَها
وأستارُ غَيْب اللَّهِ دون العواقبِ
ألا من يريني غايتي قبل مذهبي
ومن أين والغاياتُ بعد المذاهبِ
ومِنْ نكبة ٍ لاقيتُها بعد نكبة ٍ
رَهِبتُ اعتسافَ الأرضِ ذاتِ المناكبِ
وصبري على الإقتار أيسرُ مَحْملاً
عليَّ مِنَ التعرير بعد التجاربِ
لقِيتُ من البرّ التّباريحَ بعدما
لقيتُ من البحر ابيضاضَ الذوائبِ
سُقيتُ على ريٍّ به ألفَ مَطْرة ٍ
شُغفتُ لبغضِيها بحبّ المجَادِبِ
ولم أُسْقَها بل ساقها لمكيدتي(76/10)
تَحامُق دهرٍ جَدّ بي كالمُلاعبِ
إلى اللَّه أشكو سخفَ دهري فإنه
يُعابثني مذ كنت غيرَ مُطايبِ
أبَى أن يُغيثَ الأرضَ حتى إذا ارتمتْ
برحلي أتاها بالغُيوثِ السواكب
سقى الأرضَ من أجلي فأضحتْ مَزِلَّة ً
تَمايل صاحيها تمايُلَ شاربِ
لتعويقِ سيري أو دحوضِ مَطيَّتي
وإخصابِ مُزور عن المجد ناكبِ
فملتُ إلى خانٍ مُرثٍّ بناؤُه
مميلَ غريقِ الثوب لهفانَ لاغِبِ
فلم ألقَ فيه مٌستراحاً لمُتعَب
ولا نُزُلاً أيانَ ذاك لساغبِ
فما زلتُ في خوفٍ وجوعٍ ووحشة ٍ
وفي سَهَرٍ يستغرقُ الليلَ واصبِ
يؤرِّقني سَقْفٌ كأَني تحته
من الوكفِ تحت المُدْجِنات الهواضبِ
تراهُ إذا ما الطينُ أثقلَ متنَهُ
تَصِرُّ نواحيه صريرَ الجنادبِ
وكم خَانِ سَفْر خَانَ فانقضَّ فوقهم
كما انقضَّ صقرُ الدجنِ فوق الأرانبِ
ولم أنسَ ما لاقيتُ أيامَ صحوِهِ
من الصّرِ فيه والثلوج الأشاهبِ
وما زال ضاحِي البَّرِ يضربُ أهلَهُ
بسوطَيْ عذابٍ جامدٍ بعد ذائب
فإن فاته قَطْرٌ وثلج فإنه
رَهين بسافٍ تارة ً أو بحاصبِ
فذاك بلاءُ البرِّ عنديَ شاتياً
وكم لي من صيفٍ به ذي مثالبِ
ألا رُبَّ نارٍ بالفضاء اصطليتُها
من الضِّحِ يودي لَفْحُهَا بالحواجبِه
إذا ظلتِ البيداءُ تطفو إكامُها
وترسُبُ في غَمْرٍ من الآلِ ناضبِ
فدعْ عنك ذكرَ البَرِّ إني رأيتُهُ
لمن خاف هولَ البحر شَرَّ المَهاوبِ
كِلاَ نُزُلَيْهِ صيفُهُ وشتاؤُهُ
خلافٌ لما أهواهُ غيرُ مُصاقبِ
لُهاثٌ مُميتٌ تحت بيضاءَ سُخْنَة ٍ
وَرِيٌّ مُفيتٌ تحت أسْحَمَ صائبِ
يجفُّ إذا ما أصبح الرّيقُ عاصباً
ويُغدقُ لي والرّيق ليس بعاصبِ
ويمنع منّي الماءَ واللَّوحُ جاهدٌ
ويُغرِقني والريُّ رَطْبُ المحَالِب
وما زال يَبغيني الحتوفَ مُوارِباً
يحوم على قتلي وغيرَ مُواربِ
فطوراً يُغاديني بلصٍّ مُصَلِّتٍ
وطوراً يُمَسيني بورْدِ الشَّواربِ
إلى أنْ وقاني اللَّه محذورَ شرّهِ
بعزتِهِ واللَّه أَغلبُ غالبِ
فأفلتُّ من ذُؤبانهِ وأُسودِهِ(76/11)
وحُرَّابِهِ إفلاتَ أَتوب تائبِ
وأما بلاءُ البحر عندي فإنه
طواني على رَوعٍ مع الروح واقبِ
ولو ثاب عقلي لم أدعْ ذكرَ بعضهِ
ولكنه من هولِهِ غيرُ ثائب
وَلِمْ لا ولو أُلقيتُ فيه وصخرة ً
لوافيتُ منه القعرَ أولَ راسبِ
ولم أتعلم قط من ذي سباحة ٍ
سوى الغوص والمضعوف غيرُ مغالِبِ
فأيسرُ إشفاقي من الماء أنني
أمرُّ به في الكوز مرَّ المُجانبِ
وأخشى الردى منه على كل شارب
فكيف بأَمْنِيه على نفس راكبِ
أظلُّ إذا هزتهُ ريحٌ ولألأتْ
له الشمسُ أمواجاً طِوالَ الغواربِ
كأني أرى فيهنّ فُرسانَ بُهمة ٍ
يُليحون نحوي بالسيوف القواضبِ
فإن قُلْتَ لي قد يُركَبُ اليمُّ طامياً
ودجلة ُ عند اليم بعضُ المَذانبِ
فلا عذرَ فيها لامرىء ٍ هابَ مثلَها
وفي اللُّجة ِ الخضراءِ عذرٌ لهائبِ
فإنّ احتجاجي عنك ليس بنائمٍ
وإن بياني ليس عني بعازبِ
لدجلة َ خَبٌّ ليس لليمِّ إنها
تُرائي بحلمٍ تحته جهلُ واثبِ
تَطامَنُ حتى تطمئنَّ قلوبُنا
وتغضبُ من مزحِ الرياح اللواعبِ
وأَجرافُها رهْنٌ بكلِّ خيانة ٍ
وغَدْرٍ ففيها كُلُّ عَيْبٍ لِعائبِ
ترانا إذا هاجتْ بها الرِّيحُ هَيْجة ً
نُزَلزَلُ في حَوْماتها بالقواربِ
نُوائِلُ من زلزالها نحو خسفها
فلا خيرَ في أوساطها والجوانب
زلازلُ موجٍ في غمارٍ زواجرٍ
وهدَّاتُ خَسْفٍ في شطوطٍ خواربِ
ولليمِّ إعذارٌ بعرضِ متونِهِ
وما فيه من آذيِّهِ المتراكبِ
ولستَ تراهُ في الرياحِ مزلزلاً
بما فيه إلاَّ في الشداد الغوالب
وإنْ خيفَ موجٌ عيذ منه بساحلٍ
خليٍّ من الأجرافِ ذات الكَباكبِ
ويلفظُ ما فيهِ فليس مُعاجلاً
غريقاً بغتٍّ يُزهقُ النفسَ كاربِ
يعللُ غرقاهُ إلى أن يُغيثَهم
بصنعٍ لطيفٍ منه خيرِ مصاحَبِ
فتُلفَى الدلافينُ الكريمُ طباعُها
هناك رِعالاً عند نَكبِ النواكبِ
مراكبَ للقومِ الذين كبا بهم
فهم وَسْطه غرقى وهم في مراكبِ
وينقضُ ألواحَ السفينِ فكُلُّها
مُنَج لدى نَوْبٍ من الكَسْر نائبِ(76/12)
وما أنا بالراضي عن البحر مركباً
ولكنني عارضتُ شَغْبَ المشاغبِ
صَدقْتُك عن نفسي وأنت مُراغمي
وموضعُ سري دون أدنى الأقاربِ
وجرَّبتُ حتى ما أرى الدهرَ مُغرِباً
عليّ بشيءٍ لم يقعْ في تجاربي
أرى المرءَ مذ يلقى الترابَ بوجهِهِ
إلى أن يُوارَى فيه رهن النوائبِ
ولو لم يُصَبْ إلاَّ بشرخِ شبابِهِ
لكان قد استوفى جميعَ المصائبِ
ومن صَدَق الأخيارَ داوَوْا سقامَهُ
بصِحة ِ آراءٍ ويُمْنِ نَقائبِ
وما زال صدقُ المستشير معاوِناً
على الرأي لُبَّ المستشار المحازِبِ
وأبعدُ أدواءِ الرجالِ ذوي الضّنى
من البرء داءُ المستطِبِّ المكاذبِ
فلا تنصبنَّ الحربَ لي بملامتي
وأنت سلاحي في حروب النوائبِ
وأجدى من التعنيف حسنُ معونة ٍ
برأيٍ ولينٍ من خطابِ المخاطبِ
وفي النصح خيرٌ من نصيحٍ مُوادِعٍ
ولا خيرَ فيهِ من نصيحٍ مُواثبِ
ومثلي محتاجٌ إلى ذي سماحة ٍ
كريمِ السجايا أريحي الضرائبِ
يلينُ على أهلِ التسحُّب مَسُّهُ
ويُغضي لهم عند اقتراح الغرائبِ
له نائلٌ ما زال طالبَ طالبٍ
ومرتادَ مرتادٍ وخاطبَ خاطبِ
ألا ماجدُ الأخلاقِ حُرٌ فَعالُهُ
تُباري عطاياهُ عطايا السحائبِ
كمثل أبي العباسِ إنَّ نوالَهُ
نوال الحيا يسعى إلى كلِّ طالبِ
يُسيِّر نحوي عُرْفَهُ فيزورني
هنيئاً ولم أركبْ صعابَ المراكبِ
يَسير إلى مُمتاحه فيجودُهُ
ويكفي أخا الإمحال زِمَّ الركائبِ
ومن يكُ مثلاً للحيا في عُلُوّهِ
يكنْ مثلَهُ في جودهِ بالمواهبِ
وإنَّ نِفاري منه وهو يُريغني
لَشيءٌ لرأي فيه غيرُ مناسبِ
وإن قعودي عنهُ خيفة َ نكبة ٍ
لَلؤمُ مَهَزٍّ وانثناءُ مَضاربِ
أُقرُّ على نفسي بعيبي لأنني
أرى الصدقَ يمحو بَيّنات المعايبِ
لَؤُمْتُ لَعمر اللَّه فيما أَتيته
وإن كنتُ من قومٍ كرام المناصِبِ
لهم حِلْمُ إنسٍ في عَرامة جِنّة ٍ
وبأسُ أسودٍ في دهاء ثعالبِ
يصولون بالأيدي إذا الحربُ أَعملتْ
سيوفَ سُريجٍ بعد أرماحِ زاعبِ
ولا بد من أن يَلؤُمَ المرءُ نازعاً(76/13)
إلى الحَمَأ المسنونِ ضربة َ لازبِ
فقل لأبي العباس لُقِّيتَ وجهَهُ
وحَسْبُك مني تلك دعوة َ صاحبِ
أمَا حقُّ حامي عِرض مثلك أن يُرى
له الرفدُ والترفيهُ أَوْجَبَ واجبِ
أَمِنْ بعدِ ما لم تَرْعَ للمالِ حرمة ً
وأسلمتَهُ للجود غيرَ مُجاذبِ
فأعطيتَ ذا سلمٍ وحربٍ وَوُصلة ٍ
وذنبٍ عطايا أدركتْ كلَّ هاربِ
ولم تُشخِصِ العافين لكنْ أتتهُمُ
لُهاك جَليباتٍ لأكرمِ جالبِ
علماً بأنّ الظَّعْنَ فيه مشقة ٌ
وأنّ أَمرَّ الربح ربحُ الجلائبِ
تُكلّفني هولَ السِّفارِ وغولَهُ
رفيقَ شتاءٍ مُقْفعِلَّ الرواجبِ
ولا سيّما حين ارتدى الماءُ كِبْرَهُ
وشاغَب أنفاسَ الصَّبا والجنائبِ
وهرَّتْ على مُستطرِقي البَرّ قَرَّة ٌ
يَمسُّ أذاها دونَ لوثِ العصائبِ
كأن تمامَ الودِّ والمدح كلَّهُ
هُوِيُّ الفتى في البحر أو في السَّباسبِ
لعمري لئن حاسَبْتني في مثوبتي
بخفضي لقد أجريتَ عادة َ حاسبِ
حَنانَيْك قد أيقنتُ أنك كاتبٌ
له رتبة ٌ تعلو به كلَّ كاتبِ
فدعني من حكمِ الكنابة إنهُ
عدوٌ لحكم الشعرِ غيرُ مقارِبِ
وإلاَّ فلم يستعمل العدل جاعلٌ
أَجَدَّ مُجدٍّ قِرْنَ أَلعبِ لاعبِ
أيعزُب عنك الرأيُ في أن تُثيبني
مقيماً مصوناً عن عناء المطالبِ
فتُلفَى وأُلفَى بين صافي صنيعة ٍ
وصافي ثناءٍ لم يُشَبْ بالمعاتِبِ
وتخرج من أحكام قومٍ تشدّدوا
فقد جعلوا آلاءهم كالمصائبِ
أيذهبُ هذا عنك يا ابن محمدٍ
وأنت مَعاذٌ في الأمور الحوازبِ
لك الرأي والجودُ اللذان كلاهما
زعيمٌ بكشف المطبِقات الكواربِ
وما زلت ذا ضوءٍ ونوءٍ لمُجدبٍ
وحيرانَ حتى قيل بعضُ الكواكب
تغيث وتَهدي عند جدبٍ وحيرة ٍ
بمحتفلٍ ثَرٍّ وأزهرَ ثاقبِ
وأحسُن عرفٍ موقعاً ما تنالُهُ
يدي وغُرابي بالنوى غيرُ ناعبِ
أراك متى ثَوَّبتني في رفاهة ٍ
زففتَ إليَّ المُلْكَ بين الكتائبِ
وأنت متى ثوَّبتني في مشقة
رأيتك في شخصِ المُثيب المعاقِبِ
ولو لم يكن في العرف صافٍ مهنأٌ
وذو كَدَرٍ والعرفُ شتَّى المَشاربِ(76/14)
إذاً لم يقل أعلى النوابغِ رتبة ً
لمِقوَلِ غَسّانِ الملوكِ الأَشايبِ
عليَّ لعمروٍ نعمة ٌ بعدَ نعمة ٍ
لوالِده ليستْ بذات عقاربِ
وما عقربٌ أدهَى من البين إنه
له لَسْعة ٌ بين الحشا والترائبِ
ومن أجل ما راعى من البين قوله
كليني لهمٍّ يا أميمة َ ناصبِ
أَبيتَ سوى تكليفِك العرفَ مُعْفِياً
به صافياً من مُؤذيات الشوائبِ
بل المجدُ يأبى غيرَ سَوْمِك نفسَهُ
ورفعِك عن طود المُنيلِ المحاسبِ
فصبراً على تحميلك الثِّقل كلَّهُ
وإن عزَّ تحميلُ القرومِ المَصاعبِ
ولا يعجبنَّ الناسُ من سعي متعَبٍ
مُشيحٍ لجدوى مستريحٍ مُداعبِ
فمن ساد قوماً أوجب الطولَ أن يُرى
مجداً لأدناهُمْ وهم في الملاعبِ
ومن لم يزل في مَصْعد المجد راقياً
صعابَ المَراقي نال عُليا المراتبِ
ألم ترني أتعبتُ فكري مُحكِّكاً
لك الشعرَ كي لا أُبتَلى بالمتاعبِ
نَحلتُك حَلْياً من مديحٍ كأنه
هَوى كلِّ صبٍّ من عِناق الحبائب
أنيقاً حقيقاً أن تكون حِقاقُهُ
من الدرّ لا بل من ثُدِيِّ الكواعبِ
وأنت له أهلٌ فإن تُجْزني به
أزِدْك وإن تُمْسِكْ أقفْ غيرَ عاتبِ
فإن سَأَلْتَني عنك يوماً عصابة ٌ
شهدتُ على نفسي بسوء المناقبِ
وقلت دعاني للندى فأتيتُهُ
فأمسكَهُ بل بثَّهُ في المناهبِ
وما احتجزتْ مني لُهاهُ لحاجزٍ
ولا احتجبتْ عنّي هناك بحاجبِ
ولكن تَصدَّتْ وانحرفتُ لحرفتي
ففاءت ولم تظلِم إلى خيرِ واهبِ
وما قلت إلا الحقَّ فيك ولم تزل
على منهجٍ من سُنّة ِ المجد لاحبِ
وإني لأشقَى الناس إن زُرَّ ملبسي
على إثمِ أفَّاكٍ وحسرة ِ خائبِ
وكنت الفتى الحرَّ الذي فيه شيمة ٌ
تَشيم عن الأحرار حد المَخالبِ
ولست كمن يعدو وفي كلماتِهِ
تظلُّم مغصوبٍ وعدوان غاصبِ
يحاول معروفَ الرجالِ وإن أَبَوْا
تعدَّى على أعراضهم كالمُكالبِ
وأصبح يشكو الناسَ في الشعر جامعاً
شكايَة مسلوبٍ وتسليطَ سالبِ
فلا تَحرمنّي كي تُجِدَّ عجيبة ً
لقومٍ فحسبُ الناس ماضي العجائبِ(76/15)
ولا تنتقصْ من قدر حظّي إقامتي
سألتك بالداعين بين الأَخاشبِ
وما اعتقلتني رغبة ٌ عنك يَمَّمت
سواك ولكن أيُّ رهبة راهبِ
كأني أرى بالظعن طعنَ مُطاعِن
وبالضرب في الأقطار ضربَ مضاربِ
وليس جزائي أن أَخيب لأنني
جَبُنْتُ ولم أُخْلَق عتادَ مُحارِبِ
يُطَالبُ بالإقدام من عُدَّ مُحْرَباً
وسُمِّي مذ ناغى بقودِ المَقانب
ولم يمشِ قيدَ الشبرِ إلا وفوقه
عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ
فأمَّا فتى ذو حكمة ٍ وبلاغة ٍ
فطالبْهُ بالتسديد وسط المَخاطبِ
أَثبني ورَفِّهني وأَجزلْ مثوبتي
وثابرْ على إدرارِ بِرِّي وواظبِ
لتأتيني جدواك وهي سليمة ٌ
من العيب ما فيها اعتلالٌ لعائبِ
أثقِّلُ إدلالي لتحملَ ثِقْلَه
بطوع المُراضي لا بكرهِ المغاضبِ
وما طلبُ الرِّفْد الهَنيء ببدعة ٍ
ولا عجبُ المُسترفدِيهِ بعاجبِ
وذاك مَزيدٌ في معاليك كلُّهُ
وفي صدقِ هاتيك القوافي السواربِ
وما حَقُّ باغيك المزيدَ انتقاصُهُ
ولا سيما والمالُ جَمُّ الحلائبِ
وأنت الذي يضحى وأدنى عطائِهِ
بلوغُ الأماني بل قضاءُ المآربِ
وتوزَنُ بالأموال آمالُ وفدِهِ
وإرفادُ قومٍ بالظنون الكواذبِ
أقمتُ لكي تزدادَ نعماك نعمة ً
وتَغْنَى بوجهٍ ناضرٍ غيرِ شاحبِ
وكي لا يقولَ القائلون أثابَهُ
وعاقَبَهُ والقولُ جَمُّ المَشاعِبِ
وصَوْني عن التهجين عُرفَك موجِبٌ
مَزيدَك لي في الرفد يا ابن المَرازِبِ
بوجهك أضحى كلُّ شيءٍ منوراً
وأبرَزَ وجهاً ضاحكاً غيرَ قاطبِ
فلا تبتذلْهُ في المَغاضب ظالماً
فلم تؤتَ وجهاً مثله للمغاضبِ
نشرتَ على الدنيا شعاعاً أضاءها
وكانت ظلاماً مُدلهِمَّ الغياهبِ
كأنك تلقاءَ الخليقة ِ كلّها
مَشارقُ شمسٍ أشرقتْ لمغاربِ
لِيهِنْ فتى ً أطراك أنْ نال سُؤْلَهُ
لديك وأنْ لم يحتقِب وِزْرَ كاذبِ
رضا اللَّهِ في تلك الحقائب والغنى
جميعاً ألا فوزاً لتلك الحقائبِ
كأني أراني قائلاً إنْ أعانني
نداك على ريب الخطوب الرواهبِ
جُزيتَ العلا من مستغاثٍ أجابني(76/16)
جوابَ ضَحوكِ البرقِ داني الهيادبِ
وفي مُستماحي العرفِ بارقُ خُلَّبٍ
ولامعُ رقراقٍ ونارُ حُباحبِ
تسحبتُ في شعري ولان لجلدتي
ثراه فما استخشنتُ مسَّ المسَاحبِ
وليس عجيباً أن ينوبَ تكرُّمٌ
غذيتُ به عن آملِ لك غائبِ
أقمْهُ مُقامي ناطقاً بمدائحي
لديك وقد صدّرتُها بالمنَاسبِ
ذماميَ تَرْعَى لا ذمامَ سفينة ٍ
وحَقِّيَ لا حقُّ القِلاصِ الذَّعالبِ
وفي الناس أيقاظٌ لكل كريمة ٍ
كأنهمُ العِقبانُ فوقَ المَراقبِ
يُراعون أمثالي فيستنقذونهم
وهم في كروبٍ جمّة ٍ وذَباذبِ
إلى اللَّه أشكو غُمة ً لا صباحُها
يُنير ولا تنجاب عني بجائبِ
نُشوبَ الشَّجا في الحلق لا هو سائغ
ولا هو ملفوظ كذا كلُّ ناشبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أسالمُ قد سلمتَ من العيوب
أسالمُ قد سلمتَ من العيوب
رقم القصيدة : 60487
-----------------------------------
أسالمُ قد سلمتَ من العيوب
ألا فاسلمْ كذاك من الخطوبِ
وقد حُسِّنتَ أخلاقاً وخَلْقاً
فقد أصبحتَ مصباحَ القلوبِ
مُصدَّقَ كنية ٍ حسناءَ واسمٍ
وكم سمة ٍ مكذَّبة ٍ كذوبِ
فيما قمراً ينير بلا أفولٍ
ويا شمساً تضيء بلا غروبِ
أغْثني يا أبا حسنٍ أغثني
فأنت المستغاث لدى الكروبِ
أجِرني من نقائصَ قد أضرَّت
بعبدك يا ربيعَ ذوي الجُدوبِ
وما وجهُ استقائي من غديرٍ
وأنت البحرُ والموج الغضوبِ
وأنَّى تستمِدُّ من السواقي
لتُنضبهَا ولستَ بذي نضوبِ
أينقُص كاملٌ عُرْفاً أتاه
إلى حُرٍّ ليس بذي ذُنوبِ
أبى النقصانَ فعلُ أخي كمالٍ
يجِلُّ عن المَناقص والعيوبِ
جوادٍ بالتلاد وللمعالي
كسوبٍ أو يزيد على الكسوبِ
أُعيذك أن تخفف من دروعي
فإني من زماني في حروبِ
وما تلك الدروعُ سوى هباتٍ
تجودُ عليَّ من يدكَ الوَهوبِ
أصونُ بها المَقاتلَ من زمانٍ
على الأحرار عَدَّاءٍ وَثوبِ
فلا تُوسِعْ له في جيب درعي
فقد تؤتَى الدروعُ من الجيوبِ
ولا تجعل إليّ له مَساغاً
فقد تؤتى الحصونُ من النقوبِ
أترضى أن أُراعَ وأنت جارِي(76/17)
بأشباهِ الغُصوبِ أو الغُصوبِ
وجارك حين يَغْشى الضيمُ جاراً
أعزُّ من المحلِّقة ِ الطَّلوبِ
تُروِّعني النقائصُ كلَّ شهرٍ
مع التعبِ المبرِّحِ والدُّؤوبِ
كأَني حين أذكرهنَّ أُرمَى
بسهمٍ في فؤادي ذي نُشوبِ
وحسبي رائعاً أهوالُ بحرٍ
يظل العقلُ منها ذا عُزوبِ
تَسامى فيه أمواجٌ صِعابٌ
كأنَّ زُهاءهنَّ زُهاءُ لُوبِ
أظل إذا طغوتُ على ذُراها
أهلِّل من محاذرة الرسوبِ
تَلاعبُ بي تلاعُبَ ذات جدٍ
غَواربُ متنِ مِجدادٍ لَعوبِ
أُعيدُ ركوبَهُ صُبحاً ومُسْياً
وما هو بالذلولِ ولا الرَّكوبِ
وكم يومٍ أراني الموتَ فيه
جُنونُ الموجِ في هَوَجِ الجنوبِ
وقاني شرَّهُ من بعد يأسٍ
دِفاعُ اللَّه دَفّاعِ الرُّيوبِ
فمن يَطَربْ إذا هبّتْ جنوبٌ
فلستُ لها وعيشك بالطَّروبِ
ولكني لها مذ كنت قالٍ
قِلَى المملوك لوالي الضَّروبِ
ولو حيَّتْ بريَّاً الروض أنفي
ولو جاءت بكل حَياً سَكوبِ
إذا سقطت خشيتُ لها هُبوباً
وإن هبت جَزعتُ من الهبوبِ
ولمْ لا وهْيَ زَلزلة ٌ ولكنْ
بركبِ الماء لا ركبِ السُّهوبِ
وَبَلبلة ٌ لأهل البَرِّ تجري
فكلُّ من أذاها في ضُروبِ
تثيرُ عَجاجة ً وتثيرُ حُمَّى
لعذبِ الماء طُراً والشَّروبِ
وَتَذْهَبُ بالعقول إذا تداعتْ
أَزاملُ جَوِّها الزَّجل الصَّخوبِ
ويُضحى ما اكتستهُ كلُّ أرضٍ
يميدُ مرنّحاً مَيْد الشُّروبِ
ويُمسي النخل والشَّجراء منها
وجُلُّهما صريعٌ للجنُوبِ
فتلك الرّيحُ ممّا أجتويهِ
وعَلاَّمِ المشاهدِ والغيوبِ
ومما أشتهيه دُرورُ رزقي
وأن أُعطَاه موفورَ الذَّنوبِ
وأن ألقاهُ يضحك من بعيدٍ
نَقيَّ الصفحتين من الشُّحوبِ
وليس بواجبٍ ما أشتهيه
ولكنْ إن تَطَوَّلَ ذو وجوبِ
تسنَّم ظهرَ مَكرُمَة ٍ أنيختْ
لتركبها ولا تكُ بالهَيوبِ
وما ينحو بك العافون إلاّ
طريقاً لستَ عنه بذي نُكوبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ما استَبَّ قَطُّ اثنان إلا غَلَبا
ما استَبَّ قَطُّ اثنان إلا غَلَبا
رقم القصيدة : 60488(76/18)
-----------------------------------
ما استَبَّ قَطُّ اثنان إلا غَلَبا
شرُّهما نفساً وأُماً وأبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لقد رأينا عَجَباً من العَجَبْ
لقد رأينا عَجَباً من العَجَبْ
رقم القصيدة : 60489
-----------------------------------
لقد رأينا عَجَباً من العَجَبْ
بين جُمادى وجُمادى ورجَبْ
مِنْ ذَنَبانيٍّ تعدّى طورَهُ
فاجتمع الذَّنْبُ عليه والذَنَبْ
عِلْجٌ ترقَّى رتبة ً فَرُتْبة ً
ولم يكن أهلاً لهاتيك الرُّتبْ
فزلَّ من تلك المراقي زَلة ً
أصبح منها مُشفياً على العطبْ
وهكذا كلُّ ارتقاءٍ في العلا
قريبُ عهدٍ بارتقاءٍ في الكُربْ
خَوَّله اللَّهُ فلم يشكر له
ولن ترى شكراً لمدخول النسبْ
فسلّط اللَّهُ عليه جهلَهُ
فكان في تدميرهِ أقوى سببْ
أقبل جيشٌ لا يريد حربَهُ
فارتاع روعاً يعتري أهلَ الرِّيبْ
وساء ظناً بوزير لم يَخُن
عهداً وهل يصدأ مكنونُ الذهبْ
فلم يدع أمراً يقودُ حتفَهُ
إلاَّ أتاهُ جاهداً ثم اضطربْ
كان كمن خافَ حريقاً واقعاً
فزاد فيه حطباً على حَطَبْ
أَخْلِقْ بأن تغشاهُ منه قطعة ٌ
يأتي عليه لفحُها دون اللّهَبْ
انظرُ إليهِ وإلى تدبيرهِ
فإنَّ فيه عجباً من العَجَبْ
روَّعَ طفلاً لم يكن ترويعُهُ
من المُداراة ولا أخذِ الأُهبْ
وأسخطَ السادة َ سُخطاً ساقَهُ
تلقاءَهُ سُخطٌ من اللَّه وَجَبْ
ثم رأى أنْ لم يُوفَّقْ رأيُهُ
فأطلقَ الطفلَ وأمسى في رَهَبْ
فهو مقيمٌ بين خوفٍ وردى
مما أتى أو بين خوف وحَرَبْ
وهكذا الجاهلُ قِدماً لم يزل
من جهلِهِ في تَعبٍ وفي نصبْ
قد اشترى طولَ سهادٍ بكَرى ً
وقد شَرى طولَ هدوءٍ بتعبْ
شَبَّهْتُ دعواه القيامَ بالذي
قُلِّد من أمرٍ بدعواه العربْ
قد قلتْ إذ خُبِّرتُ عن تبليحهِ
وأنه في زفراتٍ وكُرَبْ
بُعْداً لمن أصبح من أحوالهِ
في صَعَدٍ عالٍ وأمسى في صَبَبْ
ما فعلتْ خيلٌ له قد ضُمِّرتْ
أما لَديها هربٌ ولا طَلَبْ
بل جُبنُهُ يمنعُها إقدامَها(76/19)
وحَيْنُهُ يمنعه من الهربْ
ما أقبح النَّعماءَ يُكْسَى ثوبَها
وأحسنَ النعماءَ عنه تُستَلبْ
ما كان ما أعطِيَهُ من كسبِهِ
لكنهُ فارقَهُ بما اكتسبْ
يا غامِطَ النعمة أيقِنْ أنها
قد غَضِبَ اللَّه لها كلَّ الغضبْ
ولن ترى اللَّه ولياً لامرىء ٍ
عادى أبا الصقر الوزير المُنتَجَبْ
وكلُّ من عادى مُحقاً مقبلاً
فإنه من أمره في وَ كَتَبْ
والحمد للَّه العظيم شأنُه
على الذي أبلَى وأَوْلى وَوَهَبْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أرى الصبر محموداً وعنه مذاهبُ
أرى الصبر محموداً وعنه مذاهبُ
رقم القصيدة : 60490
-----------------------------------
أرى الصبر محموداً وعنه مذاهبُ
فكيف إذا ما لم يكن عنهُ مذهبُ
هناك يَحِقُ الصبرُ والصبرُ واجب
وما كان منه كالضرورة أوجبُ
فشدَّ امرؤٌ بالصبر كفاً فإنهُ
له عِصمة ٌ أسبابُها لا تُقضَّبُ
هو المَهْربُ المُنجِي لمن أحدَقتْ بهِ
مكارِهُ دهرٍ ليس منهن مَهْربُ
أَعُدُّ خِلالاً فيه ليس لعاقل
من الناس إِن أُنصفنَ عنهن مرغبُ
لَبُوسُ جَمَالٍ جُنَّة ٌ من شماتة ٍ
شِفاءُ أسى ً يُثنَى به ويثُوَّبُ
فيا عجباً للشيء هذي خلالُهُ
وتاركُ ما فيه من الحظّ أعجبُ
وقد يَتظنَّى الناسُ أنّ أَساهُمُ
وصبرَهُمُ فيهم طِباعٌ مركَّبُ
وأنهما ليسا كشيءٍ مُصَرَّفٍ
يُصرِّفُهُ ذو نكبة ٍ حين يُنكب
فإن شاء أن يأسَى أطاع له الأسى
وإن شاء صبراً جاءهُ الصبرُ يُجلَبُ
ولكن ضروريان كالشيء يُبتلى
به المرءُ مَغْلوباً وكالشيء يذهبُ
وليسا كما ظنوهما بل كلاهما
لكل لبيبٍ مستطاعٌ مُسبَّبُ
يُصرِّفه المختارُ منا فتارة ً
يُرادُ فيأتي أو يُذادُ فيذْهبُ
إذا احتج محتجٌّ على النفس لم تكد
على قَدَرٍ يُمنَى لها تتعتبُ
وساعَدَهَا الصبرُ الجميلُ فأقبلتْ
إليها له طوعاً جَنائبُ نُجنَبُ
وإنْ هو منَّاها الأباطيلَ لم تزل
تُقاتل بالعَتْبِ القضاءَ وتُغلَبُ
فَتُضحي جزوعاً إن أصابتْ مصيبة
وتُمسي هلوعاً إن تَعذَّرَ مَطلبُ(76/20)
فلا يَعذِرَنَّ التاركُ الصبرَ نفسَهُ
بأن قيلَ إنَّ الصبرَ لا يُتكسَّبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا بن حربٍ كسوتني طيلساناً
يا بن حربٍ كسوتني طيلساناً
رقم القصيدة : 60491
-----------------------------------
يا بن حربٍ كسوتني طيلساناً
يتجنَّى على الرياح الذُّنوبا
طيلسانٌ إذا تنفستُ فيه
صاحَ يشكو الصَّبا ويشكو الجنوبا
وتهب الرياحُ في أرض غيري
فتهب الفُزورُ فيه هُبوبا
تتغنى إحدى نواحيه صوتاً
فتشقُّ الأخرى عليه الجيوبا
فإذا ما عَذَلتَهُ قال مهلا
لن يكونَ الكريمُ إلا طروبا
طال رَفْوي له فأودى بكسبي
يا بن حرب تركتني محروبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وَلَهُ المحبِّ إلى الحبيبِ
وَلَهُ المحبِّ إلى الحبيبِ
رقم القصيدة : 60492
-----------------------------------
وَلَهُ المحبِّ إلى الحبيبِ
ولَهُ المريضِ إلى الطبيبِ
بان الحبيبُ فبان عن
ك بلذَّتَيْ حُسنٍ وطيبِ
إنّي لَتُذْكِرني الحبي
بَ سوالُف الرَّشأ الربيبِ
والبدرُ فوق الغصنِ وال
غصنُ الرطيبُ على الكثيبِ
عرِّجْ على ذكرِ الصدي
قِ وَعَدِّ عن ذكرِ الحبيبِ
كم مُكْثرٍ ليَ مُخْبِثٍ
ومُقِلِّ قولٍ لي مُطيبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عدوكَ من صديقك مستفادٌ
عدوكَ من صديقك مستفادٌ
رقم القصيدة : 60493
-----------------------------------
عدوكَ من صديقك مستفادٌ
فلا تستكثرنَّ من الصِّحابِ
فإن الداءَ أكثرُ ما تراهُ
يحولُ من الطعام أو الشرابِ
إذا انقلبَ الصديقُ غدا عدواً
مُبيناً والأمورُ إلى انقلابِ
ولو كان الكثيرُ يَطيبُ كانتْ
مُصاحبة ُ الكثيرِ من الصوابِ
ولكن قلَّ ما استكثرتَ إلاَّ
سقطتَ على ذئابٍ في ثيابِ
فدعْ عنك الكثير فكم كثيرٍ
يُعافُ وكم قليلٍ مُستطابِ
وما اللُّجَجُ المِلاحُ بمُروياتٍ
وتلقى الرِّيّ في النُّطَفِ العِذابِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> هل بالديار سوى صَداكَ مُجيبُ
هل بالديار سوى صَداكَ مُجيبُ
رقم القصيدة : 60494(76/21)
-----------------------------------
هل بالديار سوى صَداكَ مُجيبُ
أم هل بهِنَّ على بُكاكَ مُثيبُ
ومن العجائب أن تُسائلَ دارَهُمْ
عنهُمْ وقلبُكَ وقلبُكَ فيهِمُ مَجنوبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> بدرٌ وشمس وَلَدَا كوكبا
بدرٌ وشمس وَلَدَا كوكبا
رقم القصيدة : 60495
-----------------------------------
بدرٌ وشمس وَلَدَا كوكبا
أقسمتُ باللَّه لقد أنجبا
ثلاثة ٌ تُشرقُ أنوارُها
لا بُدِّلتْ من مَشرقٍ مَغربا
بدرٌ وشمس أبَوَا مُشتَرٍ
ما نازعتْ شَرْواهُ أمٌّ أبا
قد قلتُ إذ بُشِّرتُ بالمُشتري
قولَ امرىء ٍ لم يَخْشَ أن يُكذَبا
يا آل بِشرٍ أبشروا كلّكُمْ
فقد وَلَدْتُمْ مَطلباً مهرَبا
تبارك اللَّهُ وسبحانَهُ
أيَّ شهابٍ منكُمْ أثقبا
إن طابَ أو طِبْتُمْ فما أَبعدتْ
فروعُ مجدٍ أَشبهتْ منصبا
ولا عجيبٌ لا ولا منْكَرٌ
أن تلِدوا الأَطْيَبَ فالأطيبا
أصبحتُم واللَّهُ يُبقيكُمُ
مُنجَعَ الحُرِّ إذا أجدبا
مهما انتقصناهُ إذا زدتُمُ
منْ نِعَمِ اللَّهِ فلن يُحْسَبا
أنتم أناسٌ بأياديكُمُ
يَستغفرُ الدهرُ إذا أذنبا
فلْيشكرِ الدهرُ لكم إِنّهُ
أرضَى بكم من بعدما أغضبا
إذا جَنى الدهرُ على أهلِهِ
وزاد في عِدَّتِكُم أَعتُبا
إنَّ أبا العباس إلاَّ يكُنْ
أَرَّخَ بالفُلجِ فقد شَبّبا
قد بيَّضَ الأوجُه بابنٍ لَهُ
قالتْ له آمالُنا مرحبا
وذاك مِفتاحٌ لإقبالِكُمْ
كذا قضى اللَّهُ ولن يُغْلَبا
وقد تفاءلتُ له زاجراً
كُنيتَهُ لا زاجراً ثعلباً
إني تأملتُ لَهُ كُنية ً
إذا بدا مقلوبُها أعجبا
يصوغها العكسُ أبا سابعٍ
وذاك فأَلٌ لم يعد مَعْطبا
بل ذاك فألٌ صامنٌ سبعة ً
مثل الصقور استشرفت أرنبا
يأتون من صلبِ فتى ً ماجدٍ
لا كذَّب اللَّهُ ولا خيبا
وقد أتاه منهمُ واحدٌ
فلينتظرْ ستة ً غُيَّبا
في مدة ٍ تعمُرها نعمة
يجعلها اللَّه له تُرْتُبا
حتى نراهُ جاساً بينهم
أجلَّ من رَضوى ومن كَبْكَبا
كالبدرِ وافى الأرضَ في نُورِهِ(76/22)
بين نجومٍ سبعة ٍ فاحتبى
يُعدي على الدهر إذا ما اعتدى
ويؤمنُ الناسَ إذا استرهبا
وليشكرِ الناجمُ عن هذه
فإنها من بعضِ ما بوَّبا
أسدَى وألحمتُ أخٌ لم أزل
أحمدُ ما سدَّى وما سبَّبا
واسعدْ أبا العباس مُستوهِباً
من ملكٍ أعطاهُ ما استوهبا
عَمِرتَ والمولودَ حتى ترى
أولادَهُ خلفكُما موكبا
من فتية ٍ مثلِ أسودِ الشّرى
وصبية ٍ تحسبُهُمْ ربربا
دونكموها يا بني مَرثدٍ
لا تعدَموا أمثالَها مكسبا
يا رُبَّ جِدٍّ لكم في العلى
قد جعل المالَ لكم ملعبا
لا سَلَبَ اللَّهُ سرابيلَكُمْ
من هذه النُّعمى ولن تُسلبا
وادَّرِعوا من عُرْفكم جُنّة ً
تَفُلُّ نابَ الدهرِ والمِخلبا
قلتُ لباغيكم وراجيكُم
ما أبعدَ الغيثَ وما أقربا
سما فأعلى عن يدٍ ملمساً
منه وأدنَى من فمٍ مشربا
كم سبسبٍ جابَ مديحٌ لكم
ما جاب من إحسانكم سبسبا
بل خاض روضاً بين غدرانِهِ
يُرضيه إن صعَّد أو صَوَّبا
قد قلتُ قولاً فيكُم مُعْجباً
أن لم أكنْ ذا حُمُقٍ مُعجبا
قَلَّلتُهُ فيكم وهذَّبتُهُ
عمداً وما قلَّلَ من هذَّبا
ومثلُكُمْ خُصَّ بأمثالِهِ
ومثلُكُمْ عن مثلِهِ ثَوَّبا
وَلي لديكم صاحبٌ فاضلٌ
أُحِبُّ أن يُرعى وأن يُصحبا
مبارَكُ الطائرِ ميمونُهُ
حدَّثني عن ذاك من جرّبا
بل عندكم من يُمنهِ شاهدٌ
قد أفصحَ القولَ وقد أعربا
جاء فجاءت معه غُرَّة ٌ
يُقَبِّلُ الناسُ بها كوكبا
يا حبذا بُشرى ابنُ عمَّارِكُمْ
ما أحسن العُقبى التي أعقبا
كان بشيراً بفتى ً منكُمْ
بل بربيعٍ منكُم أَخْصبا
وما أرى اللَّه امرأً وجهَهُ
إلا أراهُ ولداً طيّبا
قلت لحُسَّادٍ له أَلهِبوا
أو أطفئوا جمرَكُم الملهبا
إن أبا العباس مستصحِبٌ
يَرضى أبا العباس مُستصحَبا
لكنّ في الشيخ عُزَيرية ً
قد تركَتْهُ شَرساً مُشغبا
فاشددْ أبا العباس كفاً بهِ
فقد ثَقفتَ المخْطَبَ المِحرَبا
كلِّم به مُلِّيتَهُ مِقْولاً
وازحَمْ به مُلّئته مَنْكِبا
حاول به أمرأ وقلِّب به
أمراً تجده حُوَّلاً قُلَّبا(76/23)
باقِعَة ً إن أنت خاطبتَهُ
أَعرَبَ أو فاكهتَهُ أغربا
يصلح للجدِّ وما هَزْلُهُ
بدون ما يُحظى وما يُجتبى
أدَّبَهُ الدهْرُ بتصريفهِ
فأحسنَ التأديبَ إذ أدَّبا
وظرفُهُ نُورٌ لآدابِهِ
إذ لم ينوِّرْ كلُّ مَنْ أعشبا
تُقصِّرُ الدهرَ أحاديثُهُ
وتُعجِبُ الأمردَ والأشيبا
وقد غدا يشكُر نُعماكُمُ
في كلِّ وادٍ موجِزاً مطنبا
ولم يحاولْ مُستزادي له
ولم يجِد في فعلكم مَعْتبا
لكن بدأتُ القولَ مستوهباً
فيه لحسنِ الرأي مُستَجلِبا
صُونوهُ لي واوعَوهُ لي واملأُوا
يديه لي لا بل بما استوجَبا
ذاك نصيبي من عطاياكُمُ
إن حكَم الحقُّ بأن أُنصَبا
دع ذا وجاوزْهُ إلى غيرِهِ
يا أكرمَ السادة ِ مُستعتَبا
كم موعدٍ منك وكم موعد
أَكدى ولستَ البارقَ الخُلَّبَا
أأمستِ الحيتانُ في ذمّة ٍ
أم أصبحتْ من يَمِّها هُرَّبا
حظي من الأسبوع لا تَنْسَهُ
ولا يكونَنْ سهميَ الأخيبا
لا يُخطئنِّي منك لَوزينَجٌ
إذا بدا أعجبَ أو عجّبا
لم تُغلِق الشهوة ُ أبوابَها
إلا أبتْ زُلفاهُ أن يُحجَبا
لو شاء أن يذهب في صخرة ٍ
لسهَّل الطِّيب لَهُ مذهبا
يدور بالنفخة ِ في جامِهِ
دَوْراً ترى الدُّهنَ له لولبا
عاونَ فيه منظرٌ مخبراً
مستحسَنٌ ساعَد مُستعذبا
كالحَسَن المُحسِنِ في شَدوهِ
تمَّ فأضحى مَطرباً مَضرَبا
مُستكثَفُ الحشوِ ولكنهُ
أرقٌّ قشْراً من نسيم الصَّبا
كأنما قُدَّتْ جلابيبُه
من أعينِ القطرِ الذي قُبّبا
يُخالُ من رِقّة ِ خرشائِه
شاركَ في الأجنحة الجُنْدَبا
لو أنه صُوِّرَ من خُبزِهِ
ثغرٌ لكان الواضحَ الأشنبا
من كل بيضاءَ يُحبُّ الفتى
أن يجعلَ الكفَّ لها مركبا
مدهونة ٍ زرقاءَ مدفونة ٍ
شهباءَ تحكي الأزرق الأشهبا
مَلَذُّ عينٍ وفمٍ حُسِّنتْ
وطُيِّبتْ حتى صبا من صبا
ذِيقَ لها اللوزُ فلا مُرَّة ٌ
مرّتْ على الذائق إلا أبى
وانتقدَ السُّكَّرَ نُقَّادُهُ
وشاوروا في نقده المُذهبا
فلا إذا العينُ رأتها نَبَتْ
ولا إذا الضِّرس علاها نبا(76/24)
لا تُنكروا الإدلالَ من وامقٍ
وجَّهَ تلقاءكُمُ المطلبا
إنِّي تسحبتُ على طَوْلكم
بَدءاً فما استخشَنْتُه مَسحبا
فليُنصفِ الوُدَّ فتى ً ماجدٌ
أضحى التقاضي معه متعبا
كأنه لم يدرِ أنَّ العلا
تُزْري على العُرف إذا أنصبا
يا رُبَّ معروفٍ له قيمة ٌ
كُدِّرَ صافيهِ بأنْ يُطلبا
تَبَرُّعُ التحفة ِ زَيْنٌ لها
وعيبُها الفاحشُ أن تُخْطبا
وعزة ُ المعروف في ذُلِّه
وذلة ُ العُرف إذا استَصْعَبَا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أحمدُ اللَّه مُبدِئاً ومُعيدا
أحمدُ اللَّه مُبدِئاً ومُعيدا
رقم القصيدة : 60496
-----------------------------------
أحمدُ اللَّه مُبدِئاً ومُعيدا
حمدَ من لم يزل إليهِ مُنيبا
أنا في خِطَّتي وأهلي ومالي
وكأني أمسيتُ فرداً غريبَا
من وعيدٍ نما إليَّ عن القا
ضي فما يستقر قلبي وَجيبا
أوحشَتْني مخافتَيهِ فأصبح
تُ حريباً من كل أُنسٍ سليبا
مع أمني من أن يُقارفَ جوراً
في قضاءٍ معاقباً أو مُثيبا
ولَعَمري لئن أمنتُ أميناً
إنّ في الحق أن أَهابَ مَهيبا
أنا في غُمة ٍ من الأمرِ غَمَّا
ءَ أُطيلُ التصعيدَ والتصويبا
ولَمَا ذاك خِيفتي جَنَفَ القا
ضي ولا أنَّني غدوتُ مُريبا
غير أني يسوؤني أنّ قَرْماً
شبَّ في صدره عليَّ لهيبا
وأرى ما يُرقُّ سِتري لديهِ
خُطة ً تُخلقُ الخَلاقَ القشيبا
وحقيقٌ بأن يَشُحَّ على الست
ر لديه من كان منّا لبيبا
ملأَتْني تُقاتُهُ اللَّهَ أمناً
وارتقاباً كسا عِذاري مَشيبا
لو يُلمُّ الذي ألمَّ بِرُكني
منه بالشاهقاتِ أضحت كثيبا
أيُّها الحاكم الذي إن نَقُلْ في
ه نَقُلْ مُكثراً ومطيبا
والذي لا يخافُ مادِحُهُ الإث
مَ لدى مدحِهِ ولا التكذيبا
والذي لم يزل يجاري ذوي الفض
لِ فيستَتبِعُ الثناءَ جنيبا
يملأُ القلبَ صامتاً وتراهُ
يملأُ الصدرَ سائلاً ومجيبا
إن قَضَى طبَّقَ المفاصلَ أو
ساءَلَ أعيا أو قال قال مصيبا
مالكٌ بعد مالك وكذا الأن
جمُ يتلو العقيبُ منها العقيبا(76/25)
كُلَّ يومٍ يُعلِّمُ الناسَ علماً
زائداً كلَّ راغب ترغيبا
شرقَتْ شمسُهُ لمسترشديهِ
حين لم يألُ غيرُهَا تغريبا
والذي لم يزل لجارٍ وراجٍ
جبلاً عاصماً ومرعى خصيبا
كلما استنجداهُ واستمجداه
سألا حاتماً وهزَّا شبيبا
يشهدُ اللَّهُ أنّ دينيَ دينٌ
يرتضيهِ شهادة ً ومَغيبا
لم أعانِدْ بهِ الطريقَ ولا أضْ
حى لدين المعاندينَ نسيبا
وكفى شاهداً بذاك مليكٌ
لم تزل عينُهُ عليَّ رقيبا
فإن ارتبتَ باليمن وما حقْ
قُ يمينٍ حلفتُها أن تُريبا
فاسألِ ابنيكَ ذا العلاء أبا العبْ
بَاس واسأل أبا العلاء النجيبا
النقييَّن ظاهراً والنقيي
ن ضميراً والمُعْجِزَيْن ضريبا
الشبيهين في الطهارة بالما
ء إذا فُتِّشا وبالمسك طيبا
الصريحين في الصلاح إذا ما
خَلَّطَ الناسُ رائباً وحليبا
اللذين اغتدى وراحَ بعيداً
منهما الغَيُّ والرشاد قريبا
وإذا ما ثنا امرىء كان تاري
خاً جعلنا ثناهُما تشبيبا
فهما يشهدان لي بالذي قُلْ
تُ وما يشهدان لي تغبيبا
شاهدي من تَرَاهُ عَدْلاً وتَلْقى
منهُ وَجْهاً إذا أتاكَ حَبيبا
وإذا كان شاهدي بَضعة ً منْ
ك فحسبي أَمِنتُ أن تستريبا
وعسى قارِفِي يكونَ ظَنيناً
وعسى عائبي يكونَ مَعيبا
مَنْ عَذيري من معشر لا أَلبَّا
ءَ وأعيَوْا أن يَقبلوا تلبيبا
ليس يألونَ كُلَّ ما أصلح اللّ
هُ فساداً وما بنى تخريبا
قاتِلي الصالحينَ إما افتراساً
ظاهراً منهُمُ وإما دَبيبا
من سِباعٍ ومن أفاعٍ وكلٌّ
مُفسدٌ ما استحنَّتِ النِّيبُ نيبا
غلب الجهلُ والسَّفاهُ عليهم
فتراهم يُزندقون الأديبا
أنزل اللَّه في التَّنابز بالأل
قاب نهياً فأفحشوا التلقيبا
لقَّبوا المؤمنين بالكفر ظُلماً
وأطالوا عليهمُ التَّأليبا
واستحلّوا محارمَ اللَّه بالظَّنْ
نّ ولم يرْهبوا له ترهيبا
فِعْلَ من لا يرجو النشورَ إذا ما
ت ولا يَتَّقي الإلهَ حسيبا
والمُحِلُّو محارمَ الله أولى
أن يُرى السيف من طُلاهُمْ خضيبا
فاقتُلِ الوالغين في مُهج الأب(76/26)
رار تقتلْ كلباً عَقوراً وذيبا
إنهم مَنْ أتاك بالأمسِ يغزو
ك فلا تُبقيَنَّ منهم عَريبا
حملوا حملة ً على الدين تحكي
حملة َ الروم رافعين الصليبا
وأرادوا بك العظيمة لكن
أوسع اللَّهُ سعيَهم تخييبا
وكأن الغوغاءَ لما تغاوَوْا
فرموا دارَكم قَضَوا تحصيبا
زعموا أن ذاك غزو وحج
تبَّب اللَّه أمرهم تتبيبا
وثب الشِّعرُ وثبة ً فاستحلوا
رَجْمَ قاضيٍ وكان ذاك عجيبا
ما لهم لا سقاهُمُ اللَّه غيثاً
بل عذاباً من السماء صَبيبا
ما على حاكمٍ من الشعر أم ما
ذا عليهِ إن كان عاماً جديبا
أإليهِ أمرُ السحابِ أم التس
عيرُ تَبّا لذاك رأياً عَزيبا
هكذا ظُلْمُهُمْ لكلّ بريءٍ
دعْ مقالي وسائِل التجريبا
شيعة ٌ للضلال ذاتُ نقيبٍ
قُبِّحت شيعة ً وخابَ نَقيبا
ليس ينفكُّ قادحاً في تقيٍّ
قائماً بالهناتِ فيه خطيبا
فاحصدِ الظالمينَ بالسيف حصداً
إنَّ في حصدهم لرَيْعاً رغيبا
فإن ارتبتَ في العقوبة بالقت
ل فأدِّبْ وأحسنِ التأديبا
أنا راجٍ بعدل قاضيَّ أمناً
ومَحلاً لديه بل تقريبا
بل خصوصاً به يُنفِّلُني التأ
هيلَ منه ويفرضُ الترحيبا
قلتُ للسائلي بكم أيها الرا
ئدُ صادفتَ مُسترداً عشيبا
في ذُرا قِبة ٍ غدتْ لبني حم
ادٍ الأكرمين مُرداً وشيبا
وُتِدَتْ بالحجا ولم تعدِم العِل
مَ عماداً ولا التُّقى تطنيبا
قُبة ٌ أصبحت نجومُ المعا
لي لأعالي سمائها تذهيبا
ولَكَمْ غُمة ٍ أظلَّت فكانت
لي إلى ما أحبُّهُ تسبيبا
وخِناقٍ قد ضاق بي فتولَّى
ضِيقُهُ قَطْعَهُ فعاد رحيبا
إن لي ناصراً يُذبِّبُ عنّي
كان مذ كنتُ يحسن التذبيبا
يا سَميَّ النبي ذي الصفح والتا
بعَ مَسعاتَهُ التي لن تخيبا
قل كما قال يوسفُ الخيرِ يا يو
سُفُ للمُرتجيك لا تثريبا
وتصفَّحْ وجوهَ قولي وقلِّبْ
جانبيهِ وأنعِمِ التقليبا
والمجازاة ُ بذلُ وُدّي ونَصْري
ودعائي لك القريبَ المُجيبا
ومديحٌ يضمُّ لفظاً فصيحاً
غيرَ مُستكرهٍ ومعنى ً جليبا
هذَّبَتْهُ رياضة ٌ من مُجيدٍ(76/27)
في مُجيدٍ يفوقُهُ تهذيبا
فاتقِ اللَّه أيُّها الحاكمُ العا
دلُ فيمن يُضحي ويمسي نخيبا
إنّ من رُعتَهُ وإن أنت لم تق
تلْهُ قتلاً قتلتَهُ تعذيبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا دام للمرء السوادُ ولم تَدُمْ
إذا دام للمرء السوادُ ولم تَدُمْ
رقم القصيدة : 60497
-----------------------------------
إذا دام للمرء السوادُ ولم تَدُمْ
غَضارتُهُ ظنَّ السوادَ خضابا
فكيف يظنُّ الشيخ أن خضابَهُ
يظُنُّ سواداً أو يُخالُ شَبابا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إن كنتَ من جهلِ حقّي غير معتذرٍ
إن كنتَ من جهلِ حقّي غير معتذرٍ
رقم القصيدة : 60498
-----------------------------------
إن كنتَ من جهلِ حقّي غير معتذرٍ
وكنتَ من ردِّ مدحي غيرَ مثَّئبِ
فأعطني ثمن الطِّرسِ الذي كُتبتْ
فيه القصيدة ُ أو كفّارة َ الكذِبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> حماهُ الكَرى همٌّ سرى فتأوَّبا
حماهُ الكَرى همٌّ سرى فتأوَّبا
رقم القصيدة : 60499
-----------------------------------
حماهُ الكَرى همٌّ سرى فتأوَّبا
فبات يُراعي النجم حتى تَصوَّبا
أعينيَّ جودا لي فقد جُدْتُ للثرى
بأكثرَ مما تَمنعانِ وأطيبا
بُنِيَّ الذي أهديتُهُ أمسِ للثرى
فللّهِ ما أقوى قَناتي وأصلَبا
فإن تمنعاني الدمعَ أرجعْ إلى أسى ً
إذا فَتَرتْ عنه الدموعُ تلهَّبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبا حسنٍ لا زلتَ منّا على قُربِ
أبا حسنٍ لا زلتَ منّا على قُربِ
رقم القصيدة : 60500
-----------------------------------
أبا حسنٍ لا زلتَ منّا على قُربِ
على غير تلك الحالِ في الخوفِ والرعبِ
سقى اللَّهُ أيامَ الصيام وإن مضتْ
بغير الذي نَهوى من الأكل والشربِ
على أنها قد أحسنت في اجتماعنا
وإدنائها قلباً يميلُ إلى قلبِ
أقلِّبُ طَرفي في ربيعٍ مُبَكِّر
من العلمِ والآدابِ تترى وفي الكتبِ
لقاؤك للأبدان روح وراحة ٌ
وما كل من تلقاهُ بعدك ذا لُبِّ(76/28)
صرفتَ قلوبَ الناسِ عن كلِّ صاحبٍ
إليك بما أُلبستَ من قِلَّة ِ العُجْبِ
إذا نحن فارقنا حديثَك خِلتَنا
نَرد إلى الأَسماع نوعاً من السَّبّ
وإن نحن عبّرنا عن الحقِّ قصَّرَتْ
حُلُومُ أناسٍ عن مقامي وعن ذبّي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أغضبَني بالأمسِ ما سُمتَني
أغضبَني بالأمسِ ما سُمتَني
رقم القصيدة : 60501
-----------------------------------
أغضبَني بالأمسِ ما سُمتَني
فارضني منهُ ولا تَغْضَبِ
وكن إذا استُعْتِبتَ من جَفوة ٍ
يا بن علي خيرَ مستعتبِ
أظهرَ ما تُضمِرُ لي كلَّهُ
حَملُكَ إيايَ على الأجربِ
وأنني عاتبتُ فيما جرى
عليَّ من ذاك فلم أُعتبِ
بل قلتَ في شِبْدازَ ما قُلتَهُ
واضِعَ قدري رافِعَ المركَبِ
وبين شِبْدازَ وبرْذَوْنِكُمْ
لي مَركبٌ منِّي لم يُنكَبِ
رِجلَي أولَى بي إنِّي امرؤٌ
إذا عَدِمتُ الطِّرف لم أركَبِ
ما أنا بالراضي ببعض الذي
أصبحت ترضَى لي فلا تُكذبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لا أقذَعُ السلطانَ في أيامه
لا أقذَعُ السلطانَ في أيامه
رقم القصيدة : 60502
-----------------------------------
لا أقذَعُ السلطانَ في أيامه
خوفاً لسطوته ومُرِّ عقابِهِ
وإذا الزمانُ أصَابَهُ بصروفِهِ
حاذرتُ رجعتَهُ ووشْكَ مَثابِهِ
وأعُدُّ لؤماً أن أهُمَّ بعَضِّهِ
إذ فلَّتِ الأيامُ من أنيابِهِ
تاللَّه أهجو من هجاهُ زمانُهُ
حَرُمَتْ مُواثَبتِيهِ عندَ وثابهِ
فليعلمَ الرؤساءُ أني راهبٌ
للشرّ والمرهوبُ من أسبابِهِ
طَبٌّ بأحكامِ الهجاءِ مُبصِّرٌ
أهلَ السَّفاهِ بزِيغِهِ وصوابهِ
حَرُمَ الهجاءُ على امرىء ٍ إلا امرأً
وقَعَ الهجاءُ عليه من أضرابهِ
أو طالباً قوتاً حماهُ قادرٌ
ظلماً حقوقَ طَعامِهِ وشرابِهِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> نفرٌ من الخلطاءِ والأصحابِ
نفرٌ من الخلطاءِ والأصحابِ
رقم القصيدة : 60503
-----------------------------------
نفرٌ من الخلطاءِ والأصحابِ(76/29)
تجري مودَّتُهُمْ معَ الأنسابِ
ما زلتُ بينهُمُ كأني نازلٌ
في منزل من صحة ٍ وشبابِ
أُكفَى وأُعفى غيرَ ما مُتجشِّمٍ
تعباً ولا نصباً من الأنصابِ
آثرتكُمْ بمودتي وتركتهُمْ
متغيظينَ عليَّ جِدَّ غِضابِ
حتى إذا ما جاش بحرُ المُشتري
لكُمُ ففاضَ وعبَّ أيَّ عُبابِ
وكَّلْتُمُ زُحَلاً بأمري وحدَهَ
وكذاك حقُّ الجاهل الخَيَّابِ
أنا منْ أصابَتْهُ الصواعقُ بعدما
رجَّى حياً فيه حياة ُ جَنابِ
لِيُبَكِّني الأعداءُ إني رحمة ٌ
لهُمُ فكيف تَظنُّ بالأحبابِ
أَسخطتُ إخواني وأَخفقَ مطمعي
فبقيتُ بين الدُّورِ والأبوابِ
ماذا أقول لمن أُراجعُ بعدما
وحَّدتُكُمْ وكفرتُ بالأربابِ
تاللَّه آملُ عدلَ شيءٍ بعدَكُمْ
أو أرتجي للظن يومَ صوابِ
فاز الورى من ريحكم بسحائبٍ
هطلتْ وفزتُ بسافيات ترابِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لغيرك لا لكَ التفسيرُ أنَّى
لغيرك لا لكَ التفسيرُ أنَّى
رقم القصيدة : 60504
-----------------------------------
لغيرك لا لكَ التفسيرُ أنَّى
يُفسَّرُ لابن بجدتها الغريبُ
كلامُك ما أُترجِمُ لا كلامي
وإن أصبحتُ لي فيه نصيبُ
أأعرفُهُ ولستُ له نسيباً
وتجهلُهُ وأنتَ له نسيبُ
معاذَ اللَّه ليس يَظُنُّ هذا
من القوم الأديبُ ولا الأريبُ
بلى ترجمتُ عن شعري لقومٍ
فصيحُ الشعر عندهُم جليبُ
عساهم أن يُجيلوا الطرف فيه
فإن سألوا أجابهمُ مجيبُ
وإن ضلوا فمُرشدُهُم قريبٌ
وإن سألوه ألفوه يجيبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا غُصُنا من لُؤلُؤٍ رَطْبِ
يا غُصُنا من لُؤلُؤٍ رَطْبِ
رقم القصيدة : 60505
-----------------------------------
يا غُصُنا من لُؤلُؤٍ رَطْبِ
فيه سرورُ العينِ والقلبِ
أحسنَ بي يومٌ أرانيكُمُ
وما على المحسنِ من عَتبِ
لكنّهُ أعقبني حسرة ً
فدمعتي سَكْبٌ على سكْبِ
مظلومَ ما أنت بمظلومة ٍ
في حُكمِ أهلِ الشرق والغَرْبِ
بل إنما المظلومُ عبدٌ لكُمْ
أصبح مقتولاً بلا ذَنْبِ
غَضَبْتِهِ جهراً على قلبهِ(76/30)
لا تُبْتِ ما عشتِ من الغَصْبِ
ما بالُ من عاداكِ في راحة ٍ
وما لمن والاك في كرْبِ
سالمتِ أهلَ الحربِ طُوبَى لَهُمْ
لكنَّ أهلَ السِّلمِ في حَرْبِ
أصبحتِ من وُدي بلا كُلفة ٍ
كالرُّوح بين الجَنْبِ والجَنْبِ
أعانني اللَّهُ على غُلَّتي
بشَربة ٍ من ريقِكِ العذْبِ
يا حُبَّ مظلومة َ لا تنكشِفْ
وازدَدْ فمالي منك من حَسْب
مظلومَ قد أنهبتِ أرواحَنا
وكلُّنا راضونَ بالنَّهبِ
ضربُكِ في صوتك لا خارجٌ
عن حدِّه والصوت في الضَّربِ
كأنما وقعُهما في الحشا
وقعُ الحيا في الزمنِ الجَدْبِ
فُقْتِ المُغنينَ كما فاقنا
كواكبُ الدنيا بنو وَهْب
حُسْناً وإحساناً قد استجمعا
كلاهما ذو مطلبٍ صَعْبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا سميَّ الخليلِ إياك أدعو
يا سميَّ الخليلِ إياك أدعو
رقم القصيدة : 60506
-----------------------------------
يا سميَّ الخليلِ إياك أدعو
دعوة ً يمَّمْت سميعاً مُجيبا
أَمَة ٌ من إماءِ طَوْلك أجمع
تُ على نقلها إليَّ قريبا
ما تزوّجتُها على غير تأمي
لك فانظر أجائزٌ أن أَخيبا
وقليلُ النوال في هذه الحا
لة مما أراهُ شيئاً عجيبا
وحقيقٌ لما تيسَّر أن يك
ثُر عند ابن حاجة ٍ ويطيبا
فاغتنم خُطة ً منحتُكَ منها
مَحْمِلاً هيِّناً وحمداً رغيبا
ومتى شئتَ أن تُعاودَ عاودْ
تَ وليس الغريبُ منك غريبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قدِم الأميرُ أخو الأمي
قدِم الأميرُ أخو الأمي
رقم القصيدة : 60507
-----------------------------------
قدِم الأميرُ أخو الأمي
ير أبو الحسين المُصْعَبُ
فالأهلُ والسهلُ المرَي
عُ لوجهه والمَرْحَبُ
وعلى السعادة تُبتَنى
حُجْراتهُ وتُطنَّبُ
مَلِكٌ أغرُّ مُحجَّبٌ
معروفُهُ لا يُحجَبُ
يغدو بِعرْضٍ وافرٍ
يحميهِ مالٌ مُنْهَبُ
بدرٌ كأن البدرَ مق
روناً إليه كوكبُ
بحرٌ كأن البحر مق
روناً إليه مِذْنَبُ
سيفٌ له من كلّ نا
حية ٍ ووجهٍ مَضْربُ
ليثٌ لَهُ في كلِّ جا
رحة ٍ وعضوٍ مخْلبُ(76/31)
خُلِعَتْ عليه من المحا
سنِ خِلعة ٌ لا تُسلَبُ
عَذُبَتْ خلائقُهُ فكا
دَ من العذوبة يَشرَبُ
وَهَبَتْ له كفٌّ وَهُو
بٌ كلَّ ما لا يُوهَبُ
عَضُدٌ لسيّدِنا وغي
ثٌ للورى يَتصببُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رأيتُكمْ تستعدون السلاحَ ولا
رأيتُكمْ تستعدون السلاحَ ولا
رقم القصيدة : 60508
-----------------------------------
رأيتُكمْ تستعدون السلاحَ ولا
تقاتلون ولا يُحمى لكم سَلَبُ
كالنخلِ يُشْرعُ شوكاً لا يذودُ بهِ
عن حملِهِ كفَّ جانٍ فهو مُنتهَبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رأيتُكم تستعدُّون السلاح ولا
رأيتُكم تستعدُّون السلاح ولا
رقم القصيدة : 60509
-----------------------------------
رأيتُكم تستعدُّون السلاح ولا
تحمونَ في الروع من أعدائكم سَلَبا
كالنخل يُشرِعُ شوكاً لا يذودُ بهِ
أيدي الجُناة ِ ولا يحميهُم الرُّطَبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> النخلُ يُشرِعُ شوكاً شائكاً أَشِبا
النخلُ يُشرِعُ شوكاً شائكاً أَشِبا
رقم القصيدة : 60510
-----------------------------------
النخلُ يُشرِعُ شوكاً شائكاً أَشِبا
ولا يُدافع كفاً حاولت رُطبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أشارتْ بالخضاب إلى الخضابِ
أشارتْ بالخضاب إلى الخضابِ
رقم القصيدة : 60511
-----------------------------------
أشارتْ بالخضاب إلى الخضابِ
كناظرة ٍ إلى شيءٍ عُجابِ
وكنَّ غرائراً إلاَّ بشيبٍ
يُخيِّلُهُ المُخَيِّلُ بالشبابِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> صفا لك شِربُ العيشِ غيرَ مُثَرَّبِ
صفا لك شِربُ العيشِ غيرَ مُثَرَّبِ
رقم القصيدة : 60512
-----------------------------------
صفا لك شِربُ العيشِ غيرَ مُثَرَّبِ
ولا زلتَ تسمو بين بدرٍ وكوكَبِ
تُدبّرُ أمرَ المُلكِ غيرَ مُعنَّفٍ
وتُؤثرُ أمرَ اللَّهِ غيرَ مؤنبِ
وتَجبي إلى السلطان أوفى خَراجِهِ
وتكسبُ حمدَ الناسِ من خيرِ مكسَبِ
أحين أَسرتُ الدهرَ بعد عُتوّهِ(76/32)
وفلَّلتُ منه كلَّ نابٍ ومخلبِ
فأصبحتُ مَكفياً همُومي مُزايلاً
غمومي مُوقًّى كُلَّ سوءٍ ومَعطبِ
ولم يبقَ لي إلا تمنِّي بقائِهِ
على الدهرِ ما أرستْ قواعدُ كبكبِ
تهضّمُني أنثى وتَغصِبُ جَهرة ً
عقَاري وفي هاتيك أعجبُ مَعْجبِ
لقد أَذكرتْني لامرىء ِ القيس قولَه
فإنك لم يَغْلبك مثلُ مُغلَّبِ
وما قَهْرُ أنثى قِرنَ جِدٍّ ولم تكن
لتقهر إلا قِرنَ هزل وملعبِ
عرفنا لها غَصْبَ الغَرير حُقوقَهُ
فما غضبُها حقَّ الحكيم المُدرّب
لها كلُّ سلطانٍ على قلبِ أمردٍ
ولم تُعط سلطاناً على قلب أشيبِ
إليكم شكاتي آلَ وهب ولم تكن
لتَصمِدَ إلاَّ للوزير المهذبِ
لعمري لقد أَعطيتُمُ العدل حقَّهُ
فلا يتجاوزْهُ ولا يتعتبِ
له أن يَذُبَّ الليثَ عن ظلم ثعلبٍ
وليس له إذلالُ ليثٍ لثعلبِ
أجِرْني وزيرَ الدين والملك إنني
إليك بحقي هاربٌ كلّ مَهْربِ
توثّبَ خَصمٌ واهنُ الركن والقُوى
على أيِّدِ الأركان لم يتَوثّبِ
هو النُّكرُ من وجهين غَصبٌ وبدعة ٌ
وفي النكر من وجهين موضعُ مَعْتبِ
وكم غَضبتْ للحقّ منك سجية ٌ
تؤدّبُ بالتنكير من لم يُؤدَّبِ
فلا تسلمني للأعادي وقولهم
ألا من رأى صقراً فريسة َ أرنبِ
أريد ارتجاعَ الدار لي كيف خَيَّلتْ
بحُكمٍ مُمَرٍّ أو بلطفٍ مُسبَّبِ
وإن انتزاعَ الحقّ من كفّ غاصبٍ
وقد نَشَبتْ أظفارُهُ كلَّ مَنْشبِ
لَخُطَّة ُ فَصْلٍ من سديدٍ قضاؤُهُ
وخُطَّة ُ فضلٍ من كريمِ المُرَكَّبِ
وإن انتظامَ الفصلِ والفضلِ في يدٍ
لشيءٌ إلى السادات جِدُّ مُحبَّبِ
فرأيك في تيسير أمري بعَزْمة ٍ
كوقعة ِ مسنونِ الغرارين مِقْضَبِ
وتاللَّه لا أرضى بردّ ظُلامتي
إلى أن أرى لي ألفَ عبدٍ ومركَبِ
وقد ساءني أَنِّي مُحبٌّ مُقرَّبٌ
وأَنْ ليس لي إذنُ المحبّ المقربِ
فماليَ في قلبِ الوزير مُرتَّباً
وفي داره حيرانَ غيرَ مرتبِ
ولا بد لي من رتبة ٍ تُرغمُ العدا
وتسهيل إذنٍ بين أهل ومَرْحبِ
ولو لم أؤمّلْ منك ذاك وضِعْفَهُ(76/33)
ذهبتُ من التأميل في غير مذهَب
فلا ينكرنّ المنكرون تسحّبي
فلولا الجَنابُ السّهلُ لم أتسحبِ
أتيتُكَ لم أقصِدْ إلى غير مَقصِدٍ
بأمري ولم أرغبْ إلى غير مَرغَب
ولي منك آمالٌ عريضٌ مُرادُها
وواللَّهِ لا كانتْ مطامعَ أشعبِ
فإن أنتَ صدَّقت الرجاءَ ببُغيتي
فكم من رجاءٍ فيك غيرِ مكذَّبِ
وقد صدّق اللَّهُ الرجاءَ وإنما
طلبتُ مزبدَ الخيرِ من خيرِ مَطْلبِ
وعِشْ عيشَ مغشيِّ الفِناءِ مُحجَّبٍ
جَدا كفِّه في الناس غيرُ محجبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وكم عائبٍ قد عابني وهو صادقٌ
وكم عائبٍ قد عابني وهو صادقٌ
رقم القصيدة : 60513
-----------------------------------
وكم عائبٍ قد عابني وهو صادقٌ
وأدبرَ عنّي والذي فيه أعيَبُ
رماني بسوءٍ لستُ أُعديه صاحبي
ولا هُو ممّا يُستفادُ ويُكسَبُ
وباءَ بسوءٍ فيه يُعديهِ غيرَهُ
ويجلُبُهُ والسوءُ يُعدي ويُجلَبُ
وما ذاك إلا ثلبُهُ الناسَ طائعاً
وما بَرِحَ الثُّلابُ للناس تُثْلَبُ
وكم بين ذي سوءٍ تعدَّاهُ سُوءُهُ
مُريداً لما يأتيه يبغي ويَشغَبُ
وآخرَ لا يعدوه ما فيه طالبٍ
زوالَ التي تُنعَى عليه وتُندَبُ
لشتانَ ما بين المَعيبيْن ظالمٌ
يُحَقُّ عليه العَتْبُ والمتعتَّبُ
وآخرَ لم يظلم فكلُّ مؤنِّبٍ
تحدَّاه بالتأنيب عمدا مؤنَّبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> في جُلَّنارَ وأختها دُبْسيَّة ٍ
في جُلَّنارَ وأختها دُبْسيَّة ٍ
رقم القصيدة : 60514
-----------------------------------
في جُلَّنارَ وأختها دُبْسيَّة ٍ
يا بن الوزير لعاتبٍ مُتعتَّبُ
أحضرتموني جُلنَارَ وأُحضرتْ
دبسية ُ الكبرى لغيريَ تُجنَبُ
فعتبتُ عتباً خلت فيه كفاية ً
ثم انصرفت إلى التي هي أصوبُ
فكظمتُ بالإغْضاء كلَّ مُغِصَّة ٍ
من ظُلمكم ووهبتُ ما لا يُوهَبُ
وظننت توبتكم نَصوحاً بعدها
ولقد يُخالَف من يَظُن ويَحسبُ
فجرى عليَّ بظلمكم من خُرَّمٍ
يومٌ كما علم الإلهُ عَصْبصبُ
يومٌ يُسمَّى حين يكنى غيرُه(76/34)
لا بل يُكَنَّى غيرُه ويُلَقَّبُ
وحَدَتْ شَمولٌ بالشَّمول لمعشر
غيري وفيما دون ذلك مَغْضبُ
يا سادتي ما لي أذادُ عن التي
أَبغي وأُسْعَط بالتي أتجنَّبُ
أمشَاهدي يومَ الرَّفيهة تُحتَمى
ومشَاهدي يومَ الكريهة تُخْطَبُ
ذكَّرتموني بالتي أسديتُمُ
مثلاً لمثلي لا محالة َ يُضربُ
أَإِذا تكونُ كريهة ٌ أُدعى لها
وإذا يحاسُ الحَيْسُ يُدعى جُندُبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> صِبا من شاب مَفْرقه تصابص وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ
صِبا من شاب مَفْرقه تصابص وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ
رقم القصيدة : 60515
-----------------------------------
صِبا من شاب مَفْرقه تصابص وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ
أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي
ولولا ذاك أعيا اقتضابي
فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي
فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي
وقد أغناكِ شيبي عن ملامي
كما أغنى العيونَ عن ارتقابي
غضضتُ من الجفون فلست أَرمي
ولا أُرمى بطرف مستراب
وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى
وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ
كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ
على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب
حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ
مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ
وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً
بهادي المخطئين إلى الصوابِ
ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ
بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ
لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ
أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ
فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً
وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب
لك البشرى وما بشراك عندي
سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ
وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسيم
وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ
أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي
ولولا ذاك أعيا اقتضابي
فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي
فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي
وقد أغناكِ شيبي عن ملامي
كما أغنى العيونَ عن ارتقابي
غضضتُ من الجفون فلست أَرمي
ولا أُرمى بطرف مستراب
وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى
وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ
كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ
على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب(76/35)
حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ
مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ
وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً
بهادي المخطئين إلى الصوابِ
ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ
بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ
لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ
أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ
فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً
وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب
لك البشرى وما بشراك عندي
سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ
وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسي
وصاحبِ لذتي دون الصِّحابِ
فقد أعتبتني وأمتَّ حقدي
بحَثِّك خَلْفَه عَجِلاً ركابي
إذا ألحَقتني بشقيق عَيْشِي
فقد وَفَّيتني فيه ثوابي
وحسبي من ثوابي فيه أني
وإياهُ نؤوب إلى مآبِ
لعمرُك ما الحياة ُ لكلّ حي
إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عذابِ
فقُل لبناتِ دهري فلتُصبني
إذا ولَّى بأسهُمِها الصُّيابِ
سقى عهدَ الشبيبة ِ كلُّ غيثٍ
أغرَّ مُجلجلٍ داني الرَّبابِ
ليالي لم أقلْ سَقْيا لعهدٍ
ولم أَرغَبْ إلى سُقيا سَحابِ
ولم أتنفس الصُّعداءَ لَهفاً
على عيشٍ تداعَى بانقضابِ
أُطالعُ ما أمامي بابتهاجٍ
ولا أقفو المُولِّي باكتئاب
أَجَدَّ الغانيات قَلَيْنَ وصلي
وتَطْبيني إليهنَّ الطَّوابي
صددن بأعيُنٍ عني نَواب
ولسنَ عن المَقاتل بالنوابي
ولم يصدُدنَ من خَفَرٍ ودَلٍّ
ولكن من بِعادٍ واجتنابِ
وقلنَ كفاكَ بالشيبِ امتهاناً
وبالصَّرمِ المُعَجَّلِ من عِقاب
وما أنصفنَ إذ يَصرِمْنَ حَبلي
بذنبٍ ليس منّي باكتسابِ
وكُنَّ إذا اعتدَدْنَ الشيبَ ذنباً
على رجلٍ فليس بمُستتابِ
ومَا لَكَ عند من يعتدُّ ظلماً
عليك بذنب غيرِك من مَتابِ
يذكِّرني الشبابَ صَدَى ً طويلٌ
إلى بَرَدِ الثنايا والرُّضابِ
وشُحُّ الغانِياتِ عليهِ إلاَّ
عن ابن شَبيبة ٍ جَوْنِ الغُرابِ
فإن سقَّينَني صَرَّدْن شُربي
ولم يكُ عن هوى ً بل عن خلابِ
يُذكرني الشبابَ هوانُ عَتبي
وصدُّ الغانيات لدى عتابي
ولو عَتْبُ الشَّبابِ ظهيرُ عَتْبي
رَجَعْنَ إليَّ بالعُتبى جوابي
وأصغَى المُعْرضاتُ إلى عتابٍ(76/36)
يُحَطُّ به الوُعولُ من الهِضابِ
وأَقلقَ مضجعَ الحسناءِ سُخطي
فأرضَتني على رَغمِ الغِضابِ
وبتُّ وبين شخصينا عَفافٌ
سِخابُ عِناقِها دون السِّخابِ
ولو أني هناك أُطيعُ جهلي
لكنتُ حِقابها دون الحِقابِ
يُذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ
يُصبنَ مقاتلي دون الإهاب
رمتْ قلبي بهنّ فأقصدتْه
طُلوعَ النَّبْلِ من خَلَل النِّقاب
فراحتْ وهْيَ في بالٍ رَخيٍّ
ورحتُ بلوعة ٍ مثْل الشّهابِ
وكلُّ مبارزٍ بالشيبِ قِرْناً
فمَسْبيُّ لعمرُك غيرُ سابي
ولو شهد الشبابُ إذاً لراحتْصِبا من شاب مَفْرِقُهُ تَصابِ
وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ
أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي
ولولا ذاك أعيا اقتضابي
فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي
فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي
وقد أغناكِ شيبي عن ملامي
كما أغنى العيونَ عن ارتقابي
غضضتُ من الجفون فلست أَرمي
ولا أُرمى بطرف مستراب
وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى
وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ
كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ
على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب
حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ
مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ
وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً
بهادي المخطئين إلى الصوابِ
ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ
بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ
لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ
أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ
فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً
وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب
لك البشرى وما بشراك عندي
سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ
وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسي
وصاحبِ لذتي دون الصِّحابِ
فقد أعتبتني وأمتَّ حقدي
بحَثِّك خَلْفَه عَجِلاً ركابي
إذا ألحَقتني بشقيق عَيْشِي
فقد وَفَّيتني فيه ثوابي
وحسبي من ثوابي فيه أني
وإياهُ نؤوب إلى مآبِ
لعمرُك ما الحياة ُ لكلّ حي
إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عذابِ
فقُل لبناتِ دهري فلتُصبني
إذا ولَّى بأسهُمِها الصُّيابِ
سقى عهدَ الشبيبة ِ كلُّ غيثٍ
أغرَّ مُجلجلٍ داني الرَّبابِ
ليالي لم أقلْ سَقْيا لعهدٍ
ولم أَرغَبْ إلى سُقيا سَحابِ(76/37)
ولم أتنفس الصُّعداءَ لَهفاً
على عيشٍ تداعَى بانقضابِ
أُطالعُ ما أمامي بابتهاجٍ
ولا أقفو المُولِّي باكتئاب
أَجَدَّ الغانيات قَلَيْنَ وصلي
وتَطْبيني إليهنَّ الطَّوابي
صددن بأعيُنٍ عني نَواب
ولسنَ عن المَقاتل بالنوابي
ولم يصدُدنَ من خَفَرٍ ودَلٍّ
ولكن من بِعادٍ واجتنابِ
وقلنَ كفاكَ بالشيبِ امتهاناً
وبالصَّرمِ المُعَجَّلِ من عِقاب
وما أنصفنَ إذ يَصرِمْنَ حَبلي
بذنبٍ ليس منّي باكتسابِ
وكُنَّ إذا اعتدَدْنَ الشيبَ ذنباً
على رجلٍ فليس بمُستتابِ
ومَا لَكَ عند من يعتدُّ ظلماً
عليك بذنب غيرِك من مَتابِ
يذكِّرني الشبابَ صَدَى ً طويلٌ
إلى بَرَدِ الثنايا والرُّضابِ
وشُحُّ الغانِياتِ عليهِ إلاَّ
عن ابن شَبيبة ٍ جَوْنِ الغُرابِ
فإن سقَّينَني صَرَّدْن شُربي
ولم يكُ عن هوى ً بل عن خلابِ
يُذكرني الشبابَ هوانُ عَتبي
وصدُّ الغانيات لدى عتابي
ولو عَتْبُ الشَّبابِ ظهيرُ عَتْبي
رَجَعْنَ إليَّ بالعُتبى جوابي
وأصغَى المُعْرضاتُ إلى عتابٍ
يُحَطُّ به الوُعولُ من الهِضابِ
وأَقلقَ مضجعَ الحسناءِ سُخطي
فأرضَتني على رَغمِ الغِضابِ
وبتُّ وبين شخصينا عَفافٌ
سِخابُ عِناقِها دون السِّخابِ
ولو أني هناك أُطيعُ جهلي
لكنتُ حِقابها دون الحِقابِ
يُذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ
يُصبنَ مقاتلي دون الإهاب
رمتْ قلبي بهنّ فأقصدتْه
طُلوعَ النَّبْلِ من خَلَل النِّقاب
فراحتْ وهْيَ في بالٍ رَخيٍّ
ورحتُ بلوعة ٍ مثْل الشّهابِ
وكلُّ مبارزٍ بالشيبِ قِرْناً
فمَسْبيُّ لعمرُك غيرُ سابي
ولو شهد الشبابُ إذاً لراحتْ
وإن بها وعيشك ضِعْفَ ما فيا غَوثاً هناك بقَيْدِ ثأري
إذا ما الثأرُ فات يدَ الطِّلابِ
فكم ثأرٍ تلاقتْ لي يداهُ
ولو من بين أطرافِ الحرابِصِبا من شاب مَفْرِقُهُ تَصابِ
وإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ
أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي
ولولا ذاك أعيا اقتضابي
فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي
فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي
وقد أغناكِ شيبي عن ملامي(76/38)
كما أغنى العيونَ عن ارتقابي
غضضتُ من الجفون فلست أَرمي
ولا أُرمى بطرف مستراب
وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى
وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ
كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ
على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب
حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ
مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ
وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً
بهادي المخطئين إلى الصوابِ
ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ
بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ
لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ
أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ
فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً
وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب
لك البشرى وما بشراك عندي
سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ
وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسيه
وصاحبِ لذتي دون الصِّحابِ
فقد أعتبتني وأمتَّ حقدي
بحَثِّك خَلْفَه عَجِلاً ركابي
إذا ألحَقتني بشقيق عَيْشِي
فقد وَفَّيتني فيه ثوابي
وحسبي من ثوابي فيه أني
وإياهُ نؤوب إلى مآبِ
لعمرُك ما الحياة ُ لكلّ حي
إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عذابِ
فقُل لبناتِ دهري فلتُصبني
إذا ولَّى بأسهُمِها الصُّيابِ
سقى عهدَ الشبيبة ِ كلُّ غيثٍ
أغرَّ مُجلجلٍ داني الرَّبابِ
ليالي لم أقلْ سَقْيا لعهدٍ
ولم أَرغَبْ إلى سُقيا سَحابِ
ولم أتنفس الصُّعداءَ لَهفاً
على عيشٍ تداعَى بانقضابِ
أُطالعُ ما أمامي بابتهاجٍ
ولا أقفو المُولِّي باكتئاب
أَجَدَّ الغانيات قَلَيْنَ وصلي
وتَطْبيني إليهنَّ الطَّوابي
صددن بأعيُنٍ عني نَواب
ولسنَ عن المَقاتل بالنوابي
ولم يصدُدنَ من خَفَرٍ ودَلٍّ
ولكن من بِعادٍ واجتنابِ
وقلنَ كفاكَ بالشيبِ امتهاناً
وبالصَّرمِ المُعَجَّلِ من عِقاب
وما أنصفنَ إذ يَصرِمْنَ حَبلي
بذنبٍ ليس منّي باكتسابِ
وكُنَّ إذا اعتدَدْنَ الشيبَ ذنباً
على رجلٍ فليس بمُستتابِ
ومَا لَكَ عند من يعتدُّ ظلماً
عليك بذنب غيرِك من مَتابِ
يذكِّرني الشبابَ صَدَى ً طويلٌ
إلى بَرَدِ الثنايا والرُّضابِ
وشُحُّ الغانِياتِ عليهِ إلاَّ
عن ابن شَبيبة ٍ جَوْنِ الغُرابِ
فإن سقَّينَني صَرَّدْن شُربي(76/39)
ولم يكُ عن هوى ً بل عن خلابِ
يُذكرني الشبابَ هوانُ عَتبي
وصدُّ الغانيات لدى عتابي
ولو عَتْبُ الشَّبابِ ظهيرُ عَتْبي
رَجَعْنَ إليَّ بالعُتبى جوابي
وأصغَى المُعْرضاتُ إلى عتابٍ
يُحَطُّ به الوُعولُ من الهِضابِ
وأَقلقَ مضجعَ الحسناءِ سُخطي
فأرضَتني على رَغمِ الغِضابِ
وبتُّ وبين شخصينا عَفافٌ
سِخابُ عِناقِها دون السِّخابِ
ولو أني هناك أُطيعُ جهلي
لكنتُ حِقابها دون الحِقابِ
يُذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ
يُصبنَ مقاتلي دون الإهاب
رمتْ قلبي بهنّ فأقصدتْه
طُلوعَ النَّبْلِ من خَلَل النِّقاب
فراحتْ وهْيَ في بالٍ رَخيٍّ
ورحتُ بلوعة ٍ مثْل الشّهابِ
وكلُّ مبارزٍ بالشيبِ قِرْناً
فمَسْبيُّ لعمرُك غيرُ سابي
ولو شهد الشبابُ إذاً لراحتْ
وإن بها وعيشك ضِعْفَ ما بي
فيا غَوثاً هناك بقَيْدِ ثأري
إذا ما الثأرُ فات يدَ الطِّلابِ
فكم ثأرٍ تلاقتْ لي يداهُ
ولو من بين أطرافِ الحرابِ
يُذكرني الشبابَ جِنانُ عَدْن
على جنبات أنهارٍ عذاب
تُفَيِّىء ُ ظلَّها نفحاتُ ريحٍ
تهزُّ متونَ أغصان رِضاب
إذا ماسَتْ ذوائبُها تداعتْ
بواكي الطير فيها بانتحابِ
يُذكرني الشبابَ رياضُ حَزْنٍ
ترنَّم بينها زُرقُ الذُّبابِ
إذا شمسُ الأصائلِ عارضَتها
وقد كَرَبَتْ تَوارَى بالحجابِ
وألقتْ جُنحَ مغْربها شُعاعاً
مريضاً مثلَ ألحاظ الكَعابِ
يذكرني الشبابَ سَراة ُ نِهْيى ٍ
نَميرِ الماءِ مُطرِد الحَبابِ
قَرَتهُ مُزنة ٌ بِكرٌ وأضحَى
تُرقرقُهُ الصَّبا مثلَ السّرابِ
على حَصْباءَ في أرضٍ هجانٍ
كأن تُرابَها ذَفِرُ المَلابِ
له حُبُكٌ إذا اطَّردتْ عليه
قرأتَ بها سُطوراً في كتابِ
تُذكرني الشبابَ صباً بَليلٌ
رسيسُ المَسِّ لاغبة ُ الرِّكابِ
أتت من بعدِ ما انسحبتْ مَلياً
على زَهْر الرُّبا كل انسحاب
وقد عَبِقَتْ بها ريَّا الخُزامى
كَريّا المِسك ضُوِّعَ بانتهابِ
يُذكرني الشبابَ وميضُ برقٍ
وسجعُ حمامة ٍ وحنينُ نابِ
فيا أسفَا ويا جزعَا عليه(76/40)
ويا حَزَنَا إلى يومِ الحساب
أأُفجعُ بالشباب ولا أُعزَّى
لقد غَفَلَ المُعزِّي عن مُصابي
تَفَرَّقْنَا على كُرهٍ جميعاً
ولم يكُ عن قِلَى طولِ اصطحابِ
وكانت أيكتي ليدِ اجتناءٍ
فعادتْ بعدَهُ ليدِ احتطابِ
أيا بُرْدَ الشبابِ لكنتَ عندي
من الحَسَنَاتِ والقِسَمِ الرِّغابِ
بَليتَ على الزمان وكلُّ بُردٍ
قبينَ بِلى ً وبين يدِ استلابِ
وعزَّ عليَّ أن تبْلى وأبقى
ولكنَّ الحوادثَ لا تُحابي
لَبِستُك برهة ً لُبْسَ ابتذالٍ
على علمي بفضلك في الثيابِ
ولوُ ملِّكْتَ صَوْنَكَ فاعْلَمنْهُ
لصنتُك في الحريز من العياب
ولم أَلْبَسْكَ إِلاَّ يومَ فخرٍ
ويومَ زيارة ِ المَلكِ اللُّبابِ
عبيد اللَّه قَرْمِ بني زُريقٍ
وحسبُك باسمه فَصْلَ الخطابِ
فتى صَرُحَتْ خلائقُهُ قديماً
فليستْ بالسَّمارِ ولا الشهابِ
ولم يُخْلَقْنَ من أَرْي جميعاً
ولكن هُنَّ من أَرْيٍ وصَابِ
وما مَنْ كان ذا خُلُقَين شتَّى
وكانا ماجدَينِ بذي ائتشابِ
له حِلمٌ يَذُبُّ الجهلَ عنهُ
كَذبِّ النحل عن عَسلِ اللِّصابِ
وما جهلُ الحليمِ لَهُ بجهلٍ
ولكنْ حدُّ أُظفورٍ ونابِ
يلينُ مُلاَيناً لمُلاينيهِ
ويَخشُنُ للمُخاشِنِ ذي الشِّغابِ
وراءَ معاطِفٍ منهُ لِدانٍ
إباءُ مكاسرٍ منهُ صِلابِ
كَخُوط الخيزرانِ يُريك ليناً
ويأبى الكسر من عطفيهِ آب
موإن طلب الصِّبا والقلبُ صَابِ
أعاذِلُ راضني لك شيب رأسي
ولولا ذاك أعيا اقتضابي
فلُومي سامعاً لكِ أو أَفيقي
فقد حان اتِّئابُكِ واتِّئابي
وقد أغناكِ شيبي عن ملامي
كما أغنى العيونَ عن ارتقابي
غضضتُ من الجفون فلست أَرمي
ولا أُرمى بطرف مستراب
وكيف تعرُّضي للصيد أَنَّى
وقد رِيشتْ قِداحي باللُّغابِ
كفى بالشيب من ناهٍ مُطاعٍ
على كُرهٍ ومن داعٍ مُجاب
حططتُ إلى النُّهى رحلي وكلَّتْ
مطية ُ باطلي بعد الهِبابِ
وقلت مُسلِّماً للشيب أهلاً
بهادي المخطئين إلى الصوابِ
ألستَ مُبشِّري في كلّ يومٍ
بوشكِ ترحُّلي إثرَ الشبابِ(76/41)
لقد بشّرتني بلحاقِ ماضٍ
أحبَّ إليَّ من بَرْدِ الشرابِ
فلستُ مسمِّياً بُشراك نَعْياً
وإنْ أوعدتَ نفسي بالذَّهاب
لك البشرى وما بشراك عندي
سوى ترقيع وَهْيك بالخضابِ
وأنت وإن فتكتَ بحبِّ نفسي
وصاحبِ لذتي دون الصِّحابِ
فقد أعتبتني وأمتَّ حقدي
بحَثِّك خَلْفَه عَجِلاً ركابي
إذا ألحَقتني بشقيق عَيْشِي
فقد وَفَّيتني فيه ثوابي
وحسبي من ثوابي فيه أني
وإياهُ نؤوب إلى مآبِ
لعمرُك ما الحياة ُ لكلّ حي
إذا فَقَدَ الشبابَ سوى عذابِ
فقُل لبناتِ دهري فلتُصبني
إذا ولَّى بأسهُمِها الصُّيابِ
سقى عهدَ الشبيبة ِ كلُّ غيثٍ
أغرَّ مُجلجلٍ داني الرَّبابِ
ليالي لم أقلْ سَقْيا لعهدٍ
ولم أَرغَبْ إلى سُقيا سَحابِ
ولم أتنفس الصُّعداءَ لَهفاً
على عيشٍ تداعَى بانقضابِ
أُطالعُ ما أمامي بابتهاجٍ
ولا أقفو المُولِّي باكتئاب
أَجَدَّ الغانيات قَلَيْنَ وصلي
وتَطْبيني إليهنَّ الطَّوابي
صددن بأعيُنٍ عني نَواب
ولسنَ عن المَقاتل بالنوابي
ولم يصدُدنَ من خَفَرٍ ودَلٍّ
ولكن من بِعادٍ واجتنابِ
وقلنَ كفاكَ بالشيبِ امتهاناً
وبالصَّرمِ المُعَجَّلِ من عِقاب
وما أنصفنَ إذ يَصرِمْنَ حَبلي
بذنبٍ ليس منّي باكتسابِ
وكُنَّ إذا اعتدَدْنَ الشيبَ ذنباً
على رجلٍ فليس بمُستتابِ
ومَا لَكَ عند من يعتدُّ ظلماً
عليك بذنب غيرِك من مَتابِ
يذكِّرني الشبابَ صَدَى ً طويلٌ
إلى بَرَدِ الثنايا والرُّضابِ
وشُحُّ الغانِياتِ عليهِ إلاَّ
عن ابن شَبيبة ٍ جَوْنِ الغُرابِ
فإن سقَّينَني صَرَّدْن شُربي
ولم يكُ عن هوى ً بل عن خلابِ
يُذكرني الشبابَ هوانُ عَتبي
وصدُّ الغانيات لدى عتابي
ولو عَتْبُ الشَّبابِ ظهيرُ عَتْبي
رَجَعْنَ إليَّ بالعُتبى جوابي
وأصغَى المُعْرضاتُ إلى عتابٍ
يُحَطُّ به الوُعولُ من الهِضابِ
وأَقلقَ مضجعَ الحسناءِ سُخطي
فأرضَتني على رَغمِ الغِضابِ
وبتُّ وبين شخصينا عَفافٌ
سِخابُ عِناقِها دون السِّخابِ
ولو أني هناك أُطيعُ جهلي(76/42)
لكنتُ حِقابها دون الحِقابِ
يُذكرني الشبابَ سهامُ حَتْفٍ
يُصبنَ مقاتلي دون الإهاب
رمتْ قلبي بهنّ فأقصدتْه
طُلوعَ النَّبْلِ من خَلَل النِّقاب
فراحتْ وهْيَ في بالٍ رَخيٍّ
ورحتُ بلوعة ٍ مثْل الشّهابِ
وكلُّ مبارزٍ بالشيبِ قِرْناً
فمَسْبيُّ لعمرُك غيرُ سابي
ولو شهد الشبابُ إذاً لراحتْ
وإن بها وعيشك ضِعْفَ ما بي
فيا غَوثاً هناك بقَيْدِ ثأري
إذا ما الثأرُ فات يدَ الطِّلابِ
فكم ثأرٍ تلاقتْ لي يداهُ
ولو من بين أطرافِ الحرابِ
يُذكرني الشبابَ جِنانُ عَدْن
على جنبات أنهارٍ عذاب
تُفَيِّىء ُ ظلَّها نفحاتُ ريحٍ
تهزُّ متونَ أغصان رِضاب
إذا ماسَتْ ذوائبُها تداعتْ
بواكي الطير فيها بانتحابِ
يُذكرني الشبابَ رياضُ حَزْنٍ
ترنَّم بينها زُرقُ الذُّبابِ
إذا شمسُ الأصائلِ عارضَتها
وقد كَرَبَتْ تَوارَى بالحجابِ
وألقتْ جُنحَ مغْربها شُعاعاً
مريضاً مثلَ ألحاظ الكَعابِ
يذكرني الشبابَ سَراة ُ نِهْيى ٍ
نَميرِ الماءِ مُطرِد الحَبابِ
قَرَتهُ مُزنة ٌ بِكرٌ وأضحَى
تُرقرقُهُ الصَّبا مثلَ السّرابِ
على حَصْباءَ في أرضٍ هجانٍ
كأن تُرابَها ذَفِرُ المَلابِ
له حُبُكٌ إذا اطَّردتْ عليه
قرأتَ بها سُطوراً في كتابِ
تُذكرني الشبابَ صباً بَليلٌ
رسيسُ المَسِّ لاغبة ُ الرِّكابِ
أتت من بعدِ ما انسحبتْ مَلياً
على زَهْر الرُّبا كل انسحاب
وقد عَبِقَتْ بها ريَّا الخُزامى
كَريّا المِسك ضُوِّعَ بانتهابِ
يُذكرني الشبابَ وميضُ برقٍ
وسجعُ حمامة ٍ وحنينُ نابِ
فيا أسفَا ويا جزعَا عليه
ويا حَزَنَا إلى يومِ الحساب
أأُفجعُ بالشباب ولا أُعزَّى
لقد غَفَلَ المُعزِّي عن مُصابي
تَفَرَّقْنَا على كُرهٍ جميعاً
ولم يكُ عن قِلَى طولِ اصطحابِ
وكانت أيكتي ليدِ اجتناءٍ
فعادتْ بعدَهُ ليدِ احتطابِ
أيا بُرْدَ الشبابِ لكنتَ عندي
من الحَسَنَاتِ والقِسَمِ الرِّغابِ
بَليتَ على الزمان وكلُّ بُردٍ
قبينَ بِلى ً وبين يدِ استلابِ
وعزَّ عليَّ أن تبْلى وأبقى(76/43)
ولكنَّ الحوادثَ لا تُحابي
لَبِستُك برهة ً لُبْسَ ابتذالٍ
على علمي بفضلك في الثيابِ
ولوُ ملِّكْتَ صَوْنَكَ فاعْلَمنْهُ
لصنتُك في الحريز من العياب
ولم أَلْبَسْكَ إِلاَّ يومَ فخرٍ
ويومَ زيارة ِ المَلكِ اللُّبابِ
عبيد اللَّه قَرْمِ بني زُريقٍ
وحسبُك باسمه فَصْلَ الخطابِ
فتى صَرُحَتْ خلائقُهُ قديماً
فليستْ بالسَّمارِ ولا الشهابِ
ولم يُخْلَقْنَ من أَرْي جميعاً
ولكن هُنَّ من أَرْيٍ وصَابِ
وما مَنْ كان ذا خُلُقَين شتَّى
وكانا ماجدَينِ بذي ائتشابِ
له حِلمٌ يَذُبُّ الجهلَ عنهُ
كَذبِّ النحل عن عَسلِ اللِّصابِ
وما جهلُ الحليمِ لَهُ بجهلٍ
ولكنْ حدُّ أُظفورٍ ونابِ
يلينُ مُلاَيناً لمُلاينيهِ
ويَخشُنُ للمُخاشِنِ ذي الشِّغابِ
وراءَ معاطِفٍ منهُ لِدانٍ
إباءُ مكاسرٍ منهُ صِلابِ
كَخُوط الخيزرانِ يُريك ليناً
ويأبى الكسر من عطفيهِ آبهن
يُنضنِضُ منهُ مَنْ عاداهُ صِلاّ
من الأَصلال مَخْشيَّ الوِثابِ
إذا ما انسابَ كان لَهُ سَحيفٌ
يَميرُ الحارشينَ مِنَ الضِّبابِ
يُميتُ لُعابُهُ من غير نهشٍ
وأدنى نفثِهِ دون اللُّعابِ
وذلك منه في غير ارتقاءٍ
ظهورَ الموبِقَاتٍ ولا ارتكابِ
إليه يشار أيُّ رئابِ صدعٍ
إذا ما الصدعُ جَلَّ عن الرئابِ
يُضيء شِهابُهُ في كلِّ ليلٍ
فتنجابُ الدجى أيَّ انجيابِ
إذا ما الخُرْتُ لم يسلكْهُ خِلْفٌ
تَغَلْغَلَ فيهِ ولاَّجُ الثقابِ
وليس بوالجٍ في الخُرْتِ إِلاَّ
مُمِرُّ الخلقِ سُلِّكَ لانسرابِ
غدا جبلاً جبالُ الأرضِ طُرّا
تضاءَلُ تحته مثلُ الظِّرابِ
يُلاذُ بمعقل منه حريزٍ
ويُرعى حوله أَثرى جَنابِ
ثِمالاً للأَراملِ واليتامى
يثوبُ الناسُ منهُ إلى مَثَابِ
بساحتِهِ قدورٌ راسياتٌ
تُفارِطها جِفانٌ كالجوابي
له نارانِ نارُ قِرى وحربٍ
ترى كلتيهما ذاتَ التهابِ
عجبتُ ولستُ أبرحُ مَنْ نداهُ
طوالَ الدهرِ في أمرٍ عُجابِ
له عزٌّ يُجيرُ على الليالي
ومالٌ مُستباحٌ كالنهابِ
وأعجبُ منه أنَّ الأرضَ سالتْ(76/44)
بصوبِ سمائه إلاَّ شِعابي
فقولا للأميرِ وإنْ رآني
بمَزْجر ما يُهانُ من الكلابِ
أَما لي منْ دُعاءٍ مُستجابٍ
لديك مع الدُّعاءِ المستجابِ
أظلَّ سحابُ عُرفِك كلَّ شيءٍ
ودرَّ على البلادِ بلا عصابِ
سوايَ فإنني عنهُ بظَهيرٍ
كأني خلفَ مُنقطِعِ الترابِ
يجودُ بسيْبِهِ أبداً لغيري
ويخلُبني ببرقٍ غير خابي
أَما لي منهُ حظٌّ غيرُ برقٍ
تُشبِّهه العيونُ حريقَ غابِ
أبيتُ أَشيمُهُ وأذودُ نومي
ويُرزَقُ صوبَهُ أَقصى مصابِ
سقيتَ الواردين بلا رشاءٍ
كدجلة َ مدَّها سيلُ الروابي
وأدليتُ الدِّلاءَ فلم تَؤُبْ لي
بملءٍ من نَداك ولا قُرابِ
هَباً لي ما لِقَدْحي يُوري
ألم أَقدَحْ بزندٍ غير كابِ
لقد أيقنتُ أني لم يُقصِّرْ
تخَيُّرْيَ الزّنادَ ولا انتخابي
ألم تَسبِقْ جياديَ خارجاتٍ
بخَرَّاجٍ من الضِّيَقِ الهوابي
فما للتَّالياتِ لديك تحظَى
بحظِّ سوابقِ الخيلِ العِراب
أتحرُمني لأني مستغِلٌ
وأني لستُ كالرَّزْحى السِّغابِ
فما تحمي ذواتُ الدَّرِّ دَرَّا
إذا صادفْنَ مَلآنَ الوِطابِ
ولا تختصُّ بالحَلَبِ العيامَى
إذا الحُلاَّبُ قاموا بالعِلابِ
ولكن لا تزالُ تَدُرُّ عفواً
لكلِّ يدٍ مَرتْهَا لاحتلابِ
وما يطوي العمارَة َ كلُّ غيثٍ
إلى الأرض المعطَّلة ِ اليبابِ
ولكن لا يزال يجودُ كُلاًّ
بجَوْدٍ أو بَوبْلٍ ذي انسكابِ
لإحياء التي كانت مَواتاً
وحفِظ العامرات من الخرابِ
وإن أكُ من نداهُ على صعودٍ
فإني من نداك على انصبابِ
فلا تَضَعَنَّ رِفدَك دون قدري
فليس يفوتُ بسطَتَك انتصابي
وما سيْبُ الأميرِ بسيلِ وادٍ
يُقصِّر أن ينَال ذرا الروابي
وظنِّي أنه لو كان سيلاً
لعلَّمه التوقُّلَ في العِقاب
لقد رجَّيْتُ في عملي رجاء
فلا أصدُر بلا عملٍ مُثاب
ولا يكنِ الذي أمَّلْتُ منهُ
كرقراقِ السّراب على الحدَاب
ولا كرمادٍ اشتدت رياحٌ
به عُرْضَ الصِّحَاصح فَهْوَ هاب
كأني أَدَّري بنداك صيداً
يُباعدُهُ دُنُوِّي وارتقابى
لذاك إذا مررتُ وتلك تَشفي(76/45)
من الحسَّاد أو صابَ الوِصَابِ
تشير إليَّ بالمحروم أيدٍ
كأيدي الناس في يوم الحصابِ
تَطاول بي انتظارُ الوعدِ جدَّاً
ورَيبُ الدهرِ يؤذِنُ بانشعابِ
فيا لكِ حسرة ً إن أحتقبْها
إلى جَدَثي فيا سوءَ احتقابي
وكان الوعدُ ما لم تُعطنيه
يدُ الإنجازِ شرَّ حِباءِ حابِ
أعوذ بطيب خِيمِكَ من مِطالٍ
حماني ورد بحرِك ذي العُبابِ
وما هذا المطال وليس عهدي
بنفسك من قرائنك الصعابِ
يروضُ النفسَ من صَعُبتْ عليه
ولم تكُ في الندى طوعَ الجِنابِ
وأنت كما علمت قرينُ نفسٍ
تُطيعك في السماح بلا جِذابِ
فمن أيِّ الثنايا ليتَ شعري
أتاني المطلُ أم أيِّ النِقَابِ
أفكِّر في نِصابٍ أنت منه
فيُغْلَقُ دون عذرِك كلُّ بابِ
وكم في الناس من رجلٍ مَليمٍ
يقوم بُعذرهِ لؤْمُ النِّصابِ
ألستَ المرءَ لا عزمٌ كَهامٌ
ولا بخلٌ إليه بذي انتسابِ
تجودُ بنانُهُ والغيثُ مُكْدٍ
ويمضي عزمُهُ والسيفُ نابِ
أَلستَ المرءَ يَجْبِي كلَّ حمدٍ
إذا ما لم يكنْ للحمدِ جابِ
تُوائلُ من لسان الذمّ رَكْضاً
وتَثْبُتُ للمهنَّدة ِ العِضابِ
تُظاهِرُ دونَ عرضِكَ كلَّ درعٍ
تُظَاهرُ للطِّعانِ وللضرابِ
نَعُدُّ مَعايباً للغيثِ شتَّى
وما في جودِ كفّك من مَعابِ
وجدنا الغيثَ يهدِمُ ما بنينا
سوى الخِيمِ المُبدَّى والقِبابِ
ويمنعنا الحَرَاكَ أشدَّ منعٍ
وإلا سامنا حَطْمَ الرقابِ
ويحتجبُ الضياءُ إذا سقانا
وما ضوءٌ بجودك ذو احتجابِ
وفضلُ جَداك بعدُ على جداهُ
مُبينٌ لا يُقابَلُ بارتيابِ
تَجُودُ يداك بالذهبِ المُصفَّى
إذا ما الغيثُ عَلَّل بالذِّهابِ
وجودك لا يُغِبُّ الناسَ يوماً
وجودُ الغيثِ تاراتُ اعتقابِ
وتتفقان في خلقٍ كريمٍ
فَتَشْتَرِكَانِهِ شِرْكَ الطِّيابِ
تجودان الأنام بلا امتنانٍ
بما تُستمطَران ولا احتسابِ
فعِشْ في غبطة ٍ ونعيم بالٍ
ومُلْكٍ لا يَخَافُ يدَ اغتصابِ
وآخِرُ خُطْبة ٍ لي فيك قولي
وليس عتابُ مثلك بالغِلابِ
بمهما شئْتَ دونك فامتحنِّي(76/46)
فإنك غايتي والصَّبْرُ دابي
وليس لأنني سُدَّتْ سبيلي
ولا عَجَزَ اصطرافي واضطرابي
ولكني وما بي مدحُ نفسي
أرى عاب التكذُّب شرَّ عابِ
وإن جاوزتُ مدحَك لم يزل بي
تكذُّبي المدائحَ واجتلابي
متى أَجدُ المدائح ليتَ شعري
تُواتي في سواك بلا كِذابِ
وبعدُ فإنَّني في مَشْمَخرٍّ
عصائبُ رأسهِ قِطَعُ الضَّبَابِ
أحلَّتْنِيهِ آباءٌ كرامٌ
بتيجانِ الملوكِ ذوو اعتصابِ
فكيف تنالني كفٌّ بنيْلٍ
وليس تنالني كفُّ العُقابِ
أَكُفُّ الناسِ غيرَك تحت كفِّي
وقابُ الناس غيرك دون قابي
تعالتْ هضبتي عن كلِّ سيلٍ
وفاتتْ نبعتي نَضْخَ الذِّنابِ
فليس ينالني إلا مُنِيلٌ
يُطلُّ عليَّ إطلال السحابِ
وما كانت أصولُ النَّبْعِ تُسْقَى
معاذ اللَّه من قَلَص الجِبَابِ
فذلك عاقني عن شَدِّ رحلي
وعن عَسْفي المهامِة َ واجتيابي
ولولاهُ لما حنَّتْ قِلاصي
إلا وطن لهنَّ ولا سِقَابِ
ولا أرعتْ على عَطَنٍ قديمٍ
ولا حفِلتْ بِنَأْيٍ واغترابِ
ولا ألفتْ مُقَلْقِلَهَا بخيلاً
بحسراها على غَرْثَى الذئابِ
ولا بَرَحَتْ تَقَدُّ الليلَ قدَّا
بأعناقٍ كعيدانِ الخصابِ
فما سَرَتِ النجومُ سُرَايَ فيهِ
ولا انسابتْ أفاعيهِ انسيابي
إذاً ولراعَت الصيرانَ عَنْسي
بحيث تُشَقُّ عنهن السوابي
وعامت في دَهاسِ الرَّملِ عوماً
وإن عرضتْ عَوَانِكُها الحوابي
ولو أني قطعتُ الأرض طولاً
لكان إليك من بعدُ انقلابي
إذا كنتَ المآبَ ولا مآبٌ
سواك فأين عنك بذي الإيابِ
سأصبر موقناً بوفور حظي
وأجرُ الصابرين بلا حسابِ
ومهما تَبَّ من عملٍ وقولٍ
فما عملُ ابنِ مدحِك للتَّبابِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سليمُ الزمان كمنكوبِهِ
سليمُ الزمان كمنكوبِهِ
رقم القصيدة : 60516
-----------------------------------
سليمُ الزمان كمنكوبِهِ
وموفورُهُ مثلُ محروبِهِ
وممنوحهُ مثلُ ممنوعِهِ
ومكسوُّه مثلُ مسلوبِهِ
ومحبوبُهُ رَهْنُ مكروهِهِ
ومكروهُهُ رهنُ محبوبِهِ
ومأمونُهُ تحت محذورِهِ(76/47)
ومرجوّهُ تحت مرهوبِهِ
وريبُ الزمان غداً كائنٌ
وغالبُهُ مثلُ مغلوبِهِ
فلا تهربنَّ إلى ذِلَّة ٍ
ذليلُ الزمانِ كمنكوبِهِ
أمَا في الزمان فتى ً ماجد
ينفِّسُ كربة َ مَكْرُوبِهِ
سأستُر نفسي أجادَ اللئي
مُ أم ضنَّ عنّي بموهوبِهِ
فَحَظِّي وإن كنتُ مغصوبَهُ
فَسِتْرِيَ لستُ بمغصوبِهِ
ويَنْبُوتِ أرضٍ ترى شوكَهُ
يُطيلُ حماية خَرُّوبِهِ
ترفعتُ عن لؤْم مَجنِّيهِ
بنفسي وعن لؤم محطوبِهِ
وآكِلُ أطعمة ِ الأدنيا
ءِ رهن بأن يستخفُّوا بِهِ
ألم تَرَ صاحبَهُمْ لا يزا
لُ فيهم شقياً بمصحوبِهِ
إذا امتاحهم أكْلَة ً عبَّدُو
هُ تعبيدَ ربٍّ لمربوبِهِ
يخالون أنهمُ بَلَّغُو
هُ بالقوتِ أفضلَ مطلوبِهِ
وأنَّهمُ حرسوا نفسَهُ
بِهِ من غوائلِ مرهوبِهِ
يُذيل مُضيفُهُمُ ضيفَهُ
كملبوسِهِ وكمركوبِهِ
فلا يُؤتِغَنَّ امرءُ عرضَهُ
لمأكولِهِ ولمشروبِهِ
ولا يلتمسْ من خسيسِ الرجا
لِ ما خسَّ من فضلِ مكسوبِهِ
كملتمسٍ من خسيسِ الجذو
عِ قَطْرَ إهالة ِ مصلوبِهِ
ووغدٍ وهبتُ له حُكْمَهُ
وأملتُ منكودَ موهوبِهِ
فكنتُ كعابِدِ منحوتِهِ
ومسترزقٍ رزقَ منصوبِهِ
ولو قد ألحَّ عليه الهجا
ءُ جَرْجرَ من عضِّ كَلُّوبِهِ
ولمَّا غدا كلُّ هذا الورى
وممدوحُهُ مثلُ مندوبِهِ
مدحتُ إلهاً جميلَ الثنا
ءِ مصدوقُهُ غيرُ مكذوبِهِ
ألا يا فراسي خذها إلي
ك من ثاقب الحدّ مشبوبِهِ
حليمٍ تَعَوَّذُ من جهلهِ
إذا ما حُصِبْتَ بِشُؤُبوبِهِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لي صاحبٌ قد كنتُ آمُلُ نفعَهُ
لي صاحبٌ قد كنتُ آمُلُ نفعَهُ
رقم القصيدة : 60517
-----------------------------------
لي صاحبٌ قد كنتُ آمُلُ نفعَهُ
سَبقتْ صواعقُهُ إليَّ صبيبَهُ
رجَّيْتُهُ للنائبات فساءني
حتى جعلتُ النائباتِ حسيبَهُ
ولَما سألتُ زمانَهُ إعناتَهُ
لكن سألتُ زمانه تأديبَهُ
وعسى معوِّجُهُ يكونُ ثِقَافَهُ
ولعلَّ مُمرضَهُ يكونُ طبيبَهُ
يا من بذلتُ له المحبة َ مخلصاً(76/48)
في كلّ أحوالي وكنتُ حبيبهُ
ورعيتُ ما يرعى ومِلتُ إلى الذي
وردَتْهُ همتُهُ فكنتُ شَريبَهُ
شاركتُهُ في جِدِّهِ ورأيتُهُ
في هزله كُفْوي فكنتُ لعيبَهُ
أيامَ نسرحُ في مَرَادٍ واحدٍ
للعلم تنتجعُ القلوبُ غريبَهُ
وكذاك نشرع في غديرٍ واحدٍ
يصف الصفاءُ لوارديه طِيبَهُ
أَيسوؤُني مَنْ لم أكنْ لأسوءَهُ
ويُريبني من لم أكن لأُريبَهُ
ما هكذا يرعى الصديقُ صديقَهُ
ورفيقَهُ وشقيقَهُ ونسيبَهُ
أأقولُ شعراً لا يُعابُ شبِيهُهُ
فتكونَ أوّلَ عائبٍ تشبيبَهُ
ما كلُّ من يُعطَى نصيبَ بلاغة ٍ
يُنسيهِ من رَعْي الصديقِ نصيبَهُ
أَنَفِسْتَ أن أمررتُ عند خَصَاصة ٍ
سببَ الثراءِ وما وردتُ قليبَهُ
إني أَراك لدى الورود مُواثبي
وإذا بدا أمرٌ أراك عقيبَهُ
ولقد رَعَيْتَ الخِصبَ قبلي برهة ً
ورعيتُ من مرعى المعاشِ جديبَهُ
فرأيتُ ذلك كلَّه لك تافهاً
وسخطتُ حظَّك واحتقرتُ رغيبَهُ
شهد الذي أبْديتَ أنك كاشحٌ
لكنَّ معرفتي تَرَى تكذيبَهُ
وإذا أرابَ الرأيُ من ذي هفوة ٍ
ضمنتْ إنابة ُ رأيهِ تأنيبَهُ
ولقد عَمِرْتُ أظنُّ أنك لو بدا
منّي مَعيبٌ لم تكن لتعيبَهُ
نُبِّئْتُ قوماً عابني سفهاؤُهُمْ
وشهدتَ مَحْفِلَهُمْ وكنتَ خطيبَهُ
عابوا وعبْتَ بغير حقٍ منطقاً
لو طال رميُك لم تكن لتصيبَهُ
ونَكِرتُمُ أنْ كان صدرُ قصيدة ٍ
ذِكْرَايَ غُصْنَ مُنعَّمٍ وكثيبَهُ
فكأنكم لم تسمعوا بمُشَبِّهٍ
قبلي ولم تتعودوا تصويبَهُ
الآنَ حين طلعتُ كلَّ ثَنيَّة ٍ
ووطئتُ أبكارَ الكلامِ وَثيبَهُ
يتعنتُ المتعنِّتُون قصائدي
جَهِلَ المرتِّبُ منطقي ترتيبَهُ
الآنَ حين زَأَرْتُ واستمع العدا
زأْري وأَنذرَ كَلْبُ شَرٍّ ذِيبَهُ
يتعرض المتعرضون عداوتي
حتى يُهِرَّ ليَ المُهِرُّ كَلِيبَهُ
الآنَ حين سبقتُ كلَّ مسابقٍ
فتركتُ أسرعَ جريهِ تقريبَهُ
يتكلَّفُ المتكلفون رياضتي
لِيُطِلْ بذاك مُعَجِّبٌ تعجيبَهُ
وَهَبِ القضاءَ كما قضيتَ ألم يكنْ
في محضِ شِعري ما يجيز ضريبَهُ(76/49)
هلاَّ وقد ذُوِّقْتَ دَرَّ قريحتي
فذممتَ حَازِرَهُ حَمَدْتَ حليبَهُ
بل هبه عيباً لا يجوز ألم يكن
من حق خِلِّكَ أن تحوط مغيَبهُ
فتكونَ ثَمَّ نصيرَهُ وظهيرَهُ
وخصيم عَائِب شِعْرِهِ ومُجِيبَهُ
بل ما رضيتَ له بتركِك نصرَهُ
حتى نَعَبْتَ مع السَّفِيهِ نعيبَهُ
فَثَلَبْتَ معنى محسِّنٍ وكلامَهُ
ثلباً جعلتَ كَبَدْيِهِ تعقيبَهُ
حتى كأنك قاصدٌ تعويقَهُ
عمَّا ابتغاهُ وطالبٌ تخييبَهُ
وأمَا وما بيني وبينَكَ إنَّهُ
عهدٌ رعيْتُ بعيدَهُ وقريبَهُ
لولا كراهة ُ أن أُملِّكَ شهوتي
قهرَ الصديقِ محبتي تلبيبَهُ
أو أن أجاوزَ بالعتاب حدودَهُ
فأكونَ عائبَ صاحبٍ ومَعيبَهُ
سيَّرتُ قافية ً إليك غريبة ً
مَنْ سيَّرَتْهُ تضمنتْ تغريبَهُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مُجَرَّبٌ أنهُ إذا نَسَبُ
مُجَرَّبٌ أنهُ إذا نَسَبُ
رقم القصيدة : 60518
-----------------------------------
مُجَرَّبٌ أنهُ إذا نَسَبُ
عفَّى على اسمٍ فإنهُ لَقَبُ
يدعو به الساخرون صاحبَهُ
وما لهم في دعائهِ أرَبُ
أُفْطُنْ لداعيهِ كيف يَنْسبُهُ
في موطنٍ ليس حقَّهُ النّسَبُ
هُزءاً وسُخراً تنحّل والنا
سُ إذا ما تهكَّمُوا قلبوا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أَرَابَ الدهرُ حتى ما يُريبُ
أَرَابَ الدهرُ حتى ما يُريبُ
رقم القصيدة : 60519
-----------------------------------
أَرَابَ الدهرُ حتى ما يُريبُ
وحتى لا عجيبَ له عجيبُ
فلا تعجبْ لخلاَّلٍ نبيلٍ
فأعجَبُ منهُ طِفلٌ لا يَشيبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ما أنسَ لا أنْسَ هنداً آخرَ الحِقَبِ
ما أنسَ لا أنْسَ هنداً آخرَ الحِقَبِ
رقم القصيدة : 60520
-----------------------------------
ما أنسَ لا أنْسَ هنداً آخرَ الحِقَبِ
على اختلافِ صُروفِ الدهر والعُقُبِ
ص
يومَ انتحتْنا بسهميها مُسَالمة ً
تأتي جُدَيْدَاتُهَا من أوجه اللعبِ
تُدْوي الرجالَ وتَشفيهم بمُبتسمٍ
كابن الغمامِ وريقٍ كابنة العنبِ(76/50)
عَيْنَاءُ في وَطَفٍ قَنْوَاءُ في ذَلَفٍ
لفَّاءُ في هيفٍ عجزاءُ في قَببِ
جاءت تَدَافَعُ في وشي لها حَسَنٍ
تدافُعَ الماء في وشيٍ من الحببِ
ليستْ من البحتُرياتِ القصارِ بُنى ً
والشَّاربات مع الرُّعيان بالعُلبِ
ولم تلد كوليدِ اللؤم فالِقَة ً
عن رَأْس شَرِّ وليدٍ شرَّ ما رَكَبِ
قد قلتُ إذ نحلوهُ الشعرَ حَاشَ لَهُ
إنَّ البُرُوكَ به أولى من الخبِبِ
البُحْتُريُّ ذَنُوبُ الوجهِ نعرفُهُ
وما رأينا ذَنُوبَ الوجه ذا أدبِ
أَنَّى يقولُ من الأقوال أَثْقَبَهَا
من راح يحملُ وجهاً سابغَ الذَنَبِ
أَوْلَى بِمَنْ عظمتْ في الناس لحيتُهُ
من نِحلة الشعر أن يُدْعَى أبا العجبِ
وحسبُه من حِباءِ القوم أن يهبوا
له قفاهُ إذا ما مَرَّ بالعُضَبِ
ما كنت أحسِبُ مكسوّاً كَلحيته
يُعفَى من القَفْدِ أو يُدْعى بلا لقبِ
لهفي على ألفِ مُوسَى في طويلته
إذا ادَّعى أنه من سادة العربِ
أو قال إني قَريعُ الناسِ كلّهِم
في الشعر وهو سقيم الشعر والنسبِ
الحظُّ أعمى ولولا ذاك لم نَرَهُ
للبحتري بلا عقلٍ ولا حسبِ
وَغْدٌ يَعافُ مديحَ الناسِ كلّهم
ويطلبُ الشَّتْمَ منهم جاهدَ الطلبِ
داءٌ من اللْؤمِ يستشفي الهجاءَ لهُ
كذلك الحكُّ يستشفيه ذو الجربِ
أراك لم ترضَ ما أهدَى له نفرٌ
من شتم أُمٍّ لئيم خِيمُها وأبِ
فارضَ الذي أنا مُهديهِ إليه لَهُ
من مُرْمِضِ القَذْع وارضَ الناس للحطَبِ
قُبْحاً لأشياءَ يأتي البحتريُّ بها
من شعره الغَثِّ بعد الكدّ والتعبِ
كأنها حين يُصْغي السامعون لها
ممن يُمَيِّزُ بين النَّبع والغَرَبِ
رُقَى العقاربِ أو هَذْرُ البُناة ِ إذا
أضحوا على شَعَفِ الجدران في صخبِ
وقد يُجيءُ بِخَلْطٍ فالنُّحاس لَه
وللأوائلِ صافيه من الذهبِ
سَمِين ما نحلوه من هُنا وهنا
والغَثُّ منه صَرِيحٌ غير مجتلبِ
يُسيءُ عَفًّا فإن أكْدَتْ وسائلُهُ
أجاد لِصاً شديدَ البأس والكَلَبِ
إن الوليدَ لمغوارٌ إذا نَكَلتْ
نفسُ الجبان بعيدُ الهمِّ والسُربِ(76/51)
عبدٌ يغير على الموتى فيسلبُهُمْ
حُرَّ الكلامِ بجيشٍ غير ذي لجبِ
ما إن تزالُ تراهُ لابساً حُللاً
أسلابَ قومٍ مضوا في سالف الحِقَبِ
شِعْرٌ يُغير عليه باسلاً بطلاً
ويُنشدُ الناسَ إياهُ على رِقَبِ
يقولُ مستمعوهُ الجاهلون به
أحسنتَ يا أشعر الحُضَّار والغَيبِ
حتى إذا كفَّ عن غاراته فَلَهُ
شعرٌ يئنُّ مُقاسيه من الوَصَبِ
شعرٌ كنافض حُمى الخيبريِّ لَهُ
بردٌ وكربٌ فمن يرويه في كُرَبِ
كأنه الغَرِقُ الشَّتْوِيُّ مَصرَدُهُ
بغير روحٍ وما للرُّوحِ والشَّجبِ
قل للعلاء أبي عيسى الذي نَصَلَتْ
به الدواهي نُصولَ الألِّ في رجَبِ
وآمنَ اللَّهُ ليلَ الخائفين بهِ
بَلْهَ النهارَ وضَمَّ الأمر ذا الشعبِ
أيسرِقُ البحتريُّ الناسَ شعرَهُمُ
جهراً وأنت نَكالُ اللص ذي الريب
وتارة ً يُترِزُ الأرواحَ مَنْطِقُهُ
بالخَلقِ من بين مقتولٍ ومُغتصبِ
نَكِّلْهُ إن أناساً قبله ركبوا
بدون ما قد أَتاهُ باسق الخَشبِ
والحكُم فيه مُبينٌ غيرُ ملتبسٍ
لو رِيمَ فيه خلافُ الحقِ لم يُصَبِ
إذا أجاد فأوجِبْ قطع مقوله
فقد دهى شعراء الناس بالحَرَبِ
وإن أساء فأوجبْ قتلَهُ قَوَداً
بمن يُميتُ إذا أبقى على السلبِ
سلِّطْ عليه عُبيد اللَّه إنَّ لَهُ
سيفين ذو خُطَب تَتْرى وذو شطبن ما زال قِدماً وآباءٌ له سلفوا
أُسداً بها غَلَبٌ معتادة ُ الغلَبِ
كم فيهمُ من مُقيمٍ كلَّ ذي حَدَبٍ
من الأمور على الإسلام ذي حدَبِ
قوم يَحلُّون من مجد ومن شرف
ومن عُلوٍ محل البَيْض واليَلَبِ
حَلُّوا محلَّهما من كلِّ جُمجمة ٍ
دفعاً ونفعاً وإيفاءً على الرُّتَبِ
وما يكن من حديثٍ صالحٍ لهُمُ
فصادرٌ عن قديمٍ غيرِ مُؤتَشبِ
لهْفي لهزّ عبيد اللَّه حربتَهُ
لثُغرة ِ الثَّورِ ذي القرنين والغَبَبِ
وقد رماه بشُؤبوبٍ فأحْصَنَهُ
جَدٌّ وأَنجاه شؤبوبٌ من الهربِ
يا أيها السائلي عما أحلَّ به
مكروهَ بأسي لقد نقَّرت عن سببِ
عمى ً من الجهل أدَّاهُ إلى عَطَبٍ(76/52)
وغيرُ بدْعٍ عمى ً أدى إلى عَطَبِ
يرى المَوارِطَ ذو عينٍ فيحذَرُها
والعُميُ فيها إلى الأذقان والرُّكبِ
يعيب شعري وما زلت بصيرتُه
عمياءَ عن كلِّ نورٍ ساطعِ اللّهبِ
يا عاهرَ الزوجة المخلوف في حِرها
خِلافَة َ السوء والمخلوفَ بالغَيبِ
فمٌ كمسفى ً ومفسى ً واسعٌ كفمٍ
ومنخرانِ قد اسودَّا من الذَّبَبِ
أقولإذ قال نكنيكي أحاجزَهُ
منْ نيكَويحكَلم يُكرمْ ولم يهبِ
فقالكم من منيكاً قد بصُرتُ بهِ
مُحيٍ مميتٍ مرجَّى الغوث مُرتَقَب
هذا السِّنانُ مِنيكاً في استه أبداًوكم نقيذٍ
بهاديهِ ومُنشعب
لا شيء أَهْيَبُ من زُرقٍ مُؤلّلة ٍ
وهُنَّ يُنكحنَ بالأرماح في الجُنُبِ
زُرقٌ يُنكنَ بسُمرٍ ذُبّلٍ أبداً
وكلهنَّ بريئاتٌ من السُّيَبِ
فقلتُ لا زلتَ من غَيِّ على سنينٍ
يُلقيك فيه ومن رُشدٍ على نَكَبِ
فلستَ تنفكُّ محتجاً لفاحشة ٍ
شنعاءَ تركبُ منها شرَّ مرتَكبِ
أغرى الوليدَ بكيجي أنهُ رجلٌ
يُريغ ايري فيه من أرَبِ
وسائل لي عن الأمرِ المجشَّمة ِ
حَرْبي فقلتُ أتاك الصدقُ من كَثَبِ
بُرهانُ ذلك أَنْ لا شحمَ يعجُبُهُ
وأن شهوتَهُ وَقْفٌ على العَصَبِ
ما أسمجَ ابنَ عُبيدِ حين تفجؤهُ
والرِّدفُ في صعدٍ والرأسُ في صَبَبِ
مُجبِّياً لِغَويٍّ قد تجلَّلَهُ
والعرْدُ من ثَفَرٍ منهُ إلى لَببِ
وقد تعفَّرتِ الشمطاءُ فاكتسبتْ
لونين من غُبرة ٍ فيها ومن شَهَبِ
والفحلُ يطعَنُ فيهِ غيرَ مُحتشمٍ
ولا مُجِلٍّ مكانَ الشعرِ والخطَبِ
بلى لَهُ حَبْضة ٌ من خوفِ سلحتهِ
كحبضة ِ الصَّقر يخشى سلحة َ الخَرَبِ
يا قاتل اللهُ نِسواناً لًهُ مُجُناً
يعدونَ في السبت عدو الناشطِ الشَّبَبِ
إذا خلونَ بمنْ يهوَينَ خَلْوتَهُ
بذلنَ في ذاك ما أثَّلنَ من نَشَبِ
وما يزال طَوالَ الدهرِ مُنتخِباً
من كلِّ أمرين أمراً غيرَ مُنتخب
إني لأعجبُ من قومٍ تروقُهُمُ
ولو نطقَت شفاءَ اللَّوحِ والسَّغبِ
يا بُحتريُّ لقد أقبلتَ مُنقلباً
يوم اكتسبتَ هجائي شرَّ منقلَبِ(76/53)
أقسمت بالمانِحِي وجهاً أضَنُّ به
عن السؤال وعِرضاً غيرَ مُنتهَبِ
ونُهية ً عصمتْني أن أُرى حَمِقاً
من باعة ِ الرَّوحة ِ الروحاءِ بالنصب
مامُشْتهٍ قُربَك المكروهَ ذا رَشَدٍ
يا قِرْبة َ النفطِ لا قُدِّستَ في القِربِ
وأيُّ نفطٍ كرشْح أنت راشحُهُ
سوادَ لونٍ ونَتْناً غيرَ مكتَسبِ
كم قائلٍ لك إذ مَسّتك قارعتي
دعِ السكونَ فهذا حِينُ مضطرَبِ
أصبحتَ تُدعى شقي الأشقياءِ لها
وأصبحتْ بك تُدعى ذِربة َ الذِّرَبِ
أبا عُبادة َ ذَرْ ما كنتَ تَنْسُجُهُ
وخذ لنفسك يامسكينُ في النَّدَبِ
قد كنتَ تعرفُ مني في الرضا رجلاً
حلو المذاقة ِ فاعرفني لدى الغَضبِ
تَعرِفْ فتى فيه طوراً مُجتنَى سَلَعٍ
للمُجتنينَ وطوراً مُجتنى رُطَبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> للحُريثيِّ أبي بكرٍ غَبَبْ
للحُريثيِّ أبي بكرٍ غَبَبْ
رقم القصيدة : 60521
-----------------------------------
للحُريثيِّ أبي بكرٍ غَبَبْ
وله قَرنانِ أيضاً وذَنَبْ
فإذا ما قال إنا عَجمٌ
قال قرناه جميعاً قد كَذَبْ
وإذا ما قال إنا عربٌ
دفعتْ ذاك ولم ترضَ العربْ
وإذا ما قال إني شاعرٌ
قيل حُذْ كلَّ شقيٍّ بالطَّرَبْ
ما ترى لابن حُريثٍ حَسباً
أتُراهُ جاء من بَيْض التُّربْ
كَتَمَتْهُ أمُّهُ آباءَهُ
فلهذا أنكر القومُ النسبْ
ليتها أَنبتْهُ عن آبائه
فلقد صُوِّر في خَلقٍ عجبْ
لك وجهٌ محكمٌ صنعتُهُ
ما تَرى عُقِّب إلا بعَقبْ
جُثَّة ُ الكَشْخانِ تُنْبي أنها
جُمِعتْ نطفتُها من ألفِ أبْ
كلُّ يومٍ لك فيهِ نسبٌ
زادك الرحمنُ في هذا التعبْ
أنت ما تنفكُّ في تصحيحهِ
من عناءٍ واشتغالٍ ونصَبْ
لستَ من نطفة ِ فحلٍ واحدٍ
أنت من كلّ قريبٍ وجُنُبْ
عاب أشعاري وفي منزله
كلُّ عيبٍ ومخازٍ ورِيَبْ
لم تَضِخ قطُّ له نسبتُهُ
كيف والأعراقُ فيه لم تَطِبْ
أنا لا أشتُم إلاَّ أمَّهُ
فليزدني غضباً فوق غضبْ
وليقُلْ ما شاء في شتمي له
إن طبعي شيمة ٌ لا مُكتَسبْ
ما لمن يُغمَزُ في أنسابه(76/54)
ولِعيبِ الشعرِ من أهل الأدبْ
إنْ يكُنْ يطلبُ شتمي أمَّهُ
فلقد نال الذي مني طلبْ
أو يكن بابن عِياضٍ فاخراً
فلعمري فيه فخرٌ وحَسَبْ
ما ترى فيه لهُ من مَغْمزٍ
لا وأنسابِ حُريثٍ في النَسَبْ
إنما ناك قديماً أختَهُ
ففَخارُ الوغدِ من هذا السَبَبْ
كم لها من كربة ٍ فرَّجها
بالعياضيّ إذا الأمرُ كَرَبْ
كلُكُمْ آلَ حُريثٍ عُرَّة ٌ
لعن اللَّه حريثاً وكَتَبْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وقائلٍ إنَّ أبا حَفْصلٍ
وقائلٍ إنَّ أبا حَفْصلٍ
رقم القصيدة : 60522
-----------------------------------
وقائلٍ إنَّ أبا حَفْصلٍ
أحمقُ محتاجٌ إلى ضَرْبِ
لم يتزوَّج حَدَثاً ناشئاً
يهتزُّ مثل الغًصُنِ الرَّطْب
حتى إذا صار إلى حالة ٍ
تجمعُ ضَعْفَ الباهِ والكَسْبِ
تزوجَ المائقُ لا سيما
في مثلِ هذا الزمن الصّعْبِ
أحوجَ ما كان إلى كاسبٍ
يُجدي عليه جاءَ بالأَدْبِ
زاد على عَيْلتِهِ زوجة ً
يا لك من نَكْبٍ على نكْبِ
يحمل كَلاًّ وهو من ضُرَّهِ
كَلٌّ فيا للَّه من خَطْبِ
فقلتُ لا تعجَلْ على شيخنا
باللّوم والتعنيف والعَتْبِ
لعل ما تَحْسِبُ من أمرهِ
وأمرِها بالعكس والقلْبِ
هو الذي يرتعُ في كَسْبها
فافطُنْ له يا نائمَ القلْبِ
ما مثلُهُ مَنْ سَاءَ تدبيرُهُ
هيهاتَ إن الشيخَ ذو إرْبِ
لمّا رأى أقلامَهُ أصبحتْ
تَرعى رياضَ المَحل والجدبِ
تزوّج المسكينُ ليلية ً
أضحى بها في الرِّفة ِ والخصبِ
تكدُح للشيخ على أربعٍ
وللقفا طوراً وللجَنْبِ
فليس ينفكّ لها خافضٌ
يخفضها في موضعِ النَّصْبِ
فمن رأى مثل أبي حفصلٍ
في السبّ أو مثلي في الذبِ
أقومُ عنهُ بمعاذيرِهِ
وهو يحوكُ الشعر في سبِّيِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> هَبُوا أبا يوسفٍ هجاني
هَبُوا أبا يوسفٍ هجاني
رقم القصيدة : 60523
-----------------------------------
هَبُوا أبا يوسفٍ هجاني
فالشاعرُ العالم الأديبُ
ولا بنِ بورانَ وجهُ عذرٍ
لأنه مُطرِبٌ مُصيبُ
وخالدٌ فهو قَحْطبيٌ(76/55)
مثلهما هاهَ أو قريبُ
ورَّاقُ ساباطَ لِم هجاني
عُثنونُهُ في استهِ خضيبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> خالدٌ أُمٌّ وأنتَ أبٌ
خالدٌ أُمٌّ وأنتَ أبٌ
رقم القصيدة : 60524
-----------------------------------
خالدٌ أُمٌّ وأنتَ أبٌ
أيّها الشوكيُّ لا كَذِبا
قد فَصلتُ الحُكمَ بينكما
فاستريحا طال ذا تَعَبَا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيها المُهدي ثناءً جميلاً
أيها المُهدي ثناءً جميلاً
رقم القصيدة : 60525
-----------------------------------
أيها المُهدي ثناءً جميلاً
شاركَ التنميقَ فيهِ الصوابُ
شاكراً نُعمى صَفُوحٍ مَنُوحٍ
مَنُّهُ في كل جيدٍ سِخَابُ
قلتُ قولاً ليس فيه امتراءٌ
مُونِقاً مُستحسناً لا يعابُ
لا يفي وافٍ بمن أنتَ مُطْرٍ
أو يُسوَّى بالشَّراب السرابُ
لا ولا ينحو مُثيبٌ بنُعمى
نَحْوهُ حتى يشيبَ الغُرابُ
أين في الدنيا حكيمٌ كريمٌ
أين هُو لا أين إلا الكِذابُ
رأيُهُ مصباحُ نورٍ جَليٍّ
ويداهُ للحياءِ الثَّرِّ بابُ
فلنا منه العلومُ الصَّفايا
ولنا منه العطايا الرِّغابُ
فهْوَ شمسٌ مستضاءٌ ثناها
دونها في كلّ ذاك سحابُ
تحتها ضدان صَحْوٌ ودَجْنٌ
إن هذا لَهْوَ شيءٌ عجابُ
عَجبي للشمس أَنَّى تَجَلّى
وعليها من سَحابٍ حجابُ
يفعلُ الحسنى فينثو نَثَاها
فيراها باخساً أو تُثابُ
أبداً حتى يملَّ العطايا
مُستميحوها ويَفْنى الحسابُ
إنَّ من يدعو مديحاً أبيَّاً
لأبي عيسى لَداعٍ مُجاب
العصر العباسي >> ابن الرومي >> م أحمدُ اللَّه حمدقابلٍ شُكر رَبِّه غيرِ آبِ
م أحمدُ اللَّه حمدقابلٍ شُكر رَبِّه غيرِ آبِ
رقم القصيدة : 60526
-----------------------------------
م أحمدُ اللَّه حمدقابلٍ شُكر رَبِّه غيرِ آبِ
طار قومٌ بخفَّة الوزن حتى
لحقوا رفْعَة ً بقاب العُقابِ
ورسا الراجحون من جِلَّة ِ النا
سِ رسوَّ الجبال ذات الهضابِ
وَلَما ذاك للئامِ بفَخْرٍ
لا ولا ذاك للكرام بعابِ
هكذا الصخرُ راجحُ الوزنِ راسٍ(76/56)
وكذا الذرُّ شائُل الوزنِ هابِ
فليَطِرْ معشرٌ ويعلو فإني
لا أراهم إلا بأسفل قابِ
لا أعدُّ العلوَّ منهم عُلواً
بل طُفُوّاً يمينَ غيرِ كِذابِ
جِيفٌ أنتنت فأضحتْ على اللُّجْ
جَة والدُّرُّ تحتها في حجابِ
وغُثاءٌ علا عُباباً من اليمْ
مِ وغاص المَرْجانُ تحت العُبابِ
ورجالٌ تغلَّبوا بزمانٍ
أنا فيه وفيهُم ذو اغترابِ
غلبوني به على كل حظٍّ
غيرَ حظٍّ يفوتُ كلَّ اغتصابِ
إنني مؤمنٌ وإني أخو الحقْ
قّ عليمٌ بفَرْعهِ والنِّصابِ
قلت إن تغلبوا بغالِب مغلو
بٍ فحسبي بغالبِ الغَلاّبِ
وبِخلٍّ إذا اختللتُ رعاني
بالذي بيننا من الأسبابِ
كأبي سهلٍ المُسَهِّلِ مأتَى
كلِّ عُرْفٍ وفاتحِ الأبوابِ
يا بن نوبختٍ المَزُورَ على البُخْ
ت تَغالَى في سيرها والعِرابِ
أنا شاكٍ إليك بعضَ ثِقاتي
فافهم اللحنَ فهو كالإعرابِ
لي صديقٌ إذا رأى لي طعاماً
لم يكد أن يجودَ لي بالشرابِ
فإذا ما رآهما لي جميعاً
كَفياني لديه لُبسَ الثيابِ
فمتى ما رأى الثلاثة عندي
فهْي حسبي لديه من آرابي
لا يراني أهلاً لِملْكِ الظَّهار
يِّ ولا موضعَ العطايا الرِّغابِ
وكأني في ظَنهِ ليس شأني
لَهْوَ ذي نُهيَة ٍ ولا مُتصابِ
فيَّ طبعٌ ملائكيٌّ لديهِ
عازفٌ صادفٌ عن الإطرابِ
أو حماريَّة ٌ فمقدارُ حظّي
شَبعة ٌ عندهُ بلا إتعابِ
إنما حظيَ اللَّفاءُ لديهِ
مَع ما فيهِ بي مِنَ الإعجابِ
ليس ينفكّ شاهداً لي بفهمٍ
وبيانٍ وحكمة ٍ وصوابِ
ومتى كان فتحُ بابٍ من اللَّ
ه توقعتُ منهُ إغلاق بابِ
كاتبٌ حاسبٌ فقد عامل الخلْ
لَة َ بيني وبينهُ بالحسابِ
ليس ينفكّ من قِصاصي إذا أح
سنَ دهرٌ إليَّ أو من عقابي
كلما أحسن الزمانُ أبَى الإح
سانَ يا للعُجابِ كلِّ العجابِ
أحمدُ اللهَ يا أبا سهل السه
لَ مرامِ النوال للطُلاَّبِ
والفتى المُرتجَى لفصل القَضايا
عند إشكالها وفصلِ الخطابِ
لِمْ إذا أقبلَ الزمانُ بإخصا
بٍ تربّعتُ منك في إجدابِ
أترى الدهرَ ليس يُعجب من هَيْ(76/57)
جك عتبي إذا نوى إعتابي
وتجافيكَ حين يعطفُ والوا
جبُ أن تستهلَّ مثل السحابِأحمدُ اللَّه حمدَ شاكرِ نُعْمَى
قابلٍ شُكر رَبِّه غيرِ آبِ
طار قومٌ بخفَّة الوزن حتى
لحقوا رفْعَة ً بقاب العُقابِ
ورسا الراجحون من جِلَّة ِ النا
سِ رسوَّ الجبال ذات الهضابِ
وَلَما ذاك للئامِ بفَخْرٍ
لا ولا ذاك للكرام بعابِ
هكذا الصخرُ راجحُ الوزنِ راسٍ
وكذا الذرُّ شائُل الوزنِ هابِ
فليَطِرْ معشرٌ ويعلو فإني
لا أراهم إلا بأسفل قابِ
لا أعدُّ العلوَّ منهم عُلواً
بل طُفُوّاً يمينَ غيرِ كِذابِ
جِيفٌ أنتنت فأضحتْ على اللُّجْ
جَة والدُّرُّ تحتها في حجابِ
وغُثاءٌ علا عُباباً من اليمْ
مِ وغاص المَرْجانُ تحت العُبابِ
ورجالٌ تغلَّبوا بزمانٍ
أنا فيه وفيهُم ذو اغترابِ
غلبوني به على كل حظٍّ
غيرَ حظٍّ يفوتُ كلَّ اغتصابِ
إنني مؤمنٌ وإني أخو الحقْ
قّ عليمٌ بفَرْعهِ والنِّصابِ
قلت إن تغلبوا بغالِب مغلو
بٍ فحسبي بغالبِ الغَلاّبِ
وبِخلٍّ إذا اختللتُ رعاني
بالذي بيننا من الأسبابِ
كأبي سهلٍ المُسَهِّلِ مأتَى
كلِّ عُرْفٍ وفاتحِ الأبوابِ
يا بن نوبختٍ المَزُورَ على البُخْ
ت تَغالَى في سيرها والعِرابِ
أنا شاكٍ إليك بعضَ ثِقاتي
فافهم اللحنَ فهو كالإعرابِ
لي صديقٌ إذا رأى لي طعاماً
لم يكد أن يجودَ لي بالشرابِ
فإذا ما رآهما لي جميعاً
كَفياني لديه لُبسَ الثيابِ
فمتى ما رأى الثلاثة عندي
فهْي حسبي لديه من آرابي
لا يراني أهلاً لِملْكِ الظَّهار
يِّ ولا موضعَ العطايا الرِّغابِ
وكأني في ظَنهِ ليس شأني
لَهْوَ ذي نُهيَة ٍ ولا مُتصابِ
فيَّ طبعٌ ملائكيٌّ لديهِ
عازفٌ صادفٌ عن الإطرابِ
أو حماريَّة ٌ فمقدارُ حظّي
شَبعة ٌ عندهُ بلا إتعابِ
إنما حظيَ اللَّفاءُ لديهِ
مَع ما فيهِ بي مِنَ الإعجابِ
ليس ينفكّ شاهداً لي بفهمٍ
وبيانٍ وحكمة ٍ وصوابِ
ومتى كان فتحُ بابٍ من اللَّ
ه توقعتُ منهُ إغلاق بابِ
كاتبٌ حاسبٌ فقد عامل الخلْ(76/58)
لَة َ بيني وبينهُ بالحسابِ
ليس ينفكّ من قِصاصي إذا أح
سنَ دهرٌ إليَّ أو من عقابي
كلما أحسن الزمانُ أبَى الإح
سانَ يا للعُجابِ كلِّ العجابِ
أحمدُ اللهَ يا أبا سهل السه
لَ مرامِ النوال للطُلاَّبِ
والفتى المُرتجَى لفصل القَضايا
عند إشكالها وفصلِ الخطابِ
لِمْ إذا أقبلَ الزمانُ بإخصا
بٍ تربّعتُ منك في إجدابِ
أترى الدهرَ ليس يُعجب من هَيْ
جك عتبي إذا نوى إعتابي
وتجافيكَ حين يعطفُ والوا
جبُ أن تستهلَّ مثل السحابِ
أفلا إذا رأيتَ دهري سقاني
بِذَنوبٍ سقيتني بِذنابِ
أين منك المنافساتُ اللواتي
عَهِدَ الناسُ من ذوي الأحسابِ
أين منك المقايساتُ اللواتي
عَهِدَ الناسُ من ذوي الألبابِ
ما هنَاتٌ تعرضتْ لك فَلَّتْ
منك شُؤبوبَ سابحٍ وَثَّابِ
أين عن مُعْرِقٍ من الخيلِ طرفٍ
عزَّ إحضارُهُ اقتحامَ العُقابِ
أمن العدلِ أن تعُدَّ كثيراً
ليَ ما تستقلُّ للأوقابِ
أتُراني دون الأولى بلغوا الآ
مالَ من شُرطة ٍ ومن كُتّابِ
وتِجارٍ مثل البهائمِ فازوا
بالمنى في النفوس والأحبابِ
فيهمُ لُكنة ُ النَّبيط ولكنْ
تحتها جاهليَّة ُ الأعرابِ
أصبحوا يلعبون في ظل دهرٍ
ظاهِر السُّخْف مثلهم لَعَّابِ
غيرَ مُغنين بالسيوف ولا الأقْ
لامِ في موطنٍ غَنَاءَ ذُبابِ
ليس فيهم مُدافعٌ عن حريمٍ
لا ولا قائمُ بصدر كتابِ
مْتَسمَّين بالأمانة زوراً
والمَناتينُ أخربُ الخُرَّابِ
كاذبي المادحين يعلمُه اللَّ
هُ عُدول الهُجاة والعُيَّابِ
شَغَلَتْ موضعَ الكُنى لا بِل الأسْ
ماء منهم قبائحُ الألقابِ
خيرُ ما فيهُم ولا خيرَ فيهم
أنهم غيرُ آثمي المُغتابِ
ويظلون في المنَاعم واللذّا
تِ بين الكواعب الأَترابِ
لَهُمُ المُسمِعَاتُ ما يُطربُ السا
معُ والطائفاتُ بالأكوابِ
نَعَمٌ ألبسهُمُ نِعَمُ اللَّ
ه ظلالَ الغصون منها الرِّطابِ
حين لا يشكرونها وهي تَنمي
لا ولا يكفرونها بارتقابِ
إن تلك الغصونَ عندي لتُضحي
ظالماتٍ فهل لها من متابِ
ما أُبالي أأثمرتْ لاجتناءٍ(76/59)
بعد هذا أم أيبستْ لاحتطابِ
كم لديهم للهوهم من كَعاب
وعجوزٍ شبيهة ٍ بالكَعابِ
خَنْدَريس إذا تراخت مَداها
لبست جِدة ً على الأحقابِ
بنتُ كرمٍ تُديرها ذاتُ كَرْم
موقَدِ النحرِ مثمرِ الأعنابِ
حِصْرِمٌ من زَبرجدٍ بين نَبْع
من يواقيتَ جمرُها غيرُ خابِ
فوق لَبّاتِ غادة ٍ تترك الخا
ليَ من كلّ صَبوة ٍ وهْو صابِ
ما اكتستْ شَيْبَة ً سوى نظمِها الدُّرْ
رَ على رأسها البَهيمِ الغرابي
لونُ ناجودِها إذا هي قامت
لون ياقوتها المضيءِ الثقابِ
وعلى كأسها حَبابٌ يُباري
ما على رأسها بذاك الحِبابِ
دُرُّ صهباءَ قد حكى دُرَّ بيضا
ءَ عَروبٍ كَدُمْية ِ المحرابِ
تحملُ الكأس والحُليّ فتبدو
فتنة الناظرين والشُرَّابِ
يا لها ساقياً تُدير يداه
مَستطاباً يُنالُ من مُستطابِ
لَذة ُ الطَّعمِ في يَدَيْ لذّة ِ الملْ
ثَمِ تدعو الهوى دعاءَ مُجابِ
حولَها مِنْ نُجَارِها عينُ رملٍ
ليس ينفك صَيدُها أُسدَ غابِ
يُونقُ العينَ حسنُ ما في أَكُفٍّ
ثَمَّ تَسقي وحُسْنُ ما في رقابِ
ففمٌ شاربٌ رحيقاً وطَرفٌ
شارب ماءَ لَبّة ٍ وسِخابِ
وَمِزاجُ الشَّرابِ إن حاولوا المز
جَ رُضابٌ يا طيبَ ذاك الرُّضابِ
من جَوارٍ كأنهنَّ جَوارٍ
يتسلسلنَ من مياهٍ عذابِ
لابساتٍ من الشفوف لَبوساً
كالهواء الرّقيق أو كالشرابِ
ومن الجوهرِ المضيء سناهُأحمدُ اللَّه حمدَ شاكرِ نُعْمَى
قابلٍ شُكر رَبِّه غيرِ آبِ
طار قومٌ بخفَّة الوزن حتى
لحقوا رفْعَة ً بقاب العُقابِ
ورسا الراجحون من جِلَّة ِ النا
سِ رسوَّ الجبال ذات الهضابِ
وَلَما ذاك للئامِ بفَخْرٍ
لا ولا ذاك للكرام بعابِ
هكذا الصخرُ راجحُ الوزنِ راسٍ
وكذا الذرُّ شائُل الوزنِ هابِ
فليَطِرْ معشرٌ ويعلو فإني
لا أراهم إلا بأسفل قابِ
لا أعدُّ العلوَّ منهم عُلواً
بل طُفُوّاً يمينَ غيرِ كِذابِ
جِيفٌ أنتنت فأضحتْ على اللُّجْ
جَة والدُّرُّ تحتها في حجابِ
وغُثاءٌ علا عُباباً من اليمْ
مِ وغاص المَرْجانُ تحت العُبابِ(76/60)
ورجالٌ تغلَّبوا بزمانٍ
أنا فيه وفيهُم ذو اغترابِ
غلبوني به على كل حظٍّ
غيرَ حظٍّ يفوتُ كلَّ اغتصابِ
إنني مؤمنٌ وإني أخو الحقْ
قّ عليمٌ بفَرْعهِ والنِّصابِ
قلت إن تغلبوا بغالِب مغلو
بٍ فحسبي بغالبِ الغَلاّبِ
وبِخلٍّ إذا اختللتُ رعاني
بالذي بيننا من الأسبابِ
كأبي سهلٍ المُسَهِّلِ مأتَى
كلِّ عُرْفٍ وفاتحِ الأبوابِ
يا بن نوبختٍ المَزُورَ على البُخْ
ت تَغالَى في سيرها والعِرابِ
أنا شاكٍ إليك بعضَ ثِقاتي
فافهم اللحنَ فهو كالإعرابِ
لي صديقٌ إذا رأى لي طعاماً
لم يكد أن يجودَ لي بالشرابِ
فإذا ما رآهما لي جميعاً
كَفياني لديه لُبسَ الثيابِ
فمتى ما رأى الثلاثة عندي
فهْي حسبي لديه من آرابي
لا يراني أهلاً لِملْكِ الظَّهار
يِّ ولا موضعَ العطايا الرِّغابِ
وكأني في ظَنهِ ليس شأني
لَهْوَ ذي نُهيَة ٍ ولا مُتصابِ
فيَّ طبعٌ ملائكيٌّ لديهِ
عازفٌ صادفٌ عن الإطرابِ
أو حماريَّة ٌ فمقدارُ حظّي
شَبعة ٌ عندهُ بلا إتعابِ
إنما حظيَ اللَّفاءُ لديهِ
مَع ما فيهِ بي مِنَ الإعجابِ
ليس ينفكّ شاهداً لي بفهمٍ
وبيانٍ وحكمة ٍ وصوابِ
ومتى كان فتحُ بابٍ من اللَّ
ه توقعتُ منهُ إغلاق بابِ
كاتبٌ حاسبٌ فقد عامل الخلْ
لَة َ بيني وبينهُ بالحسابِ
ليس ينفكّ من قِصاصي إذا أح
سنَ دهرٌ إليَّ أو من عقابي
كلما أحسن الزمانُ أبَى الإح
سانَ يا للعُجابِ كلِّ العجابِ
أحمدُ اللهَ يا أبا سهل السه
لَ مرامِ النوال للطُلاَّبِ
والفتى المُرتجَى لفصل القَضايا
عند إشكالها وفصلِ الخطابِ
لِمْ إذا أقبلَ الزمانُ بإخصا
بٍ تربّعتُ منك في إجدابِ
أترى الدهرَ ليس يُعجب من هَيْ
جك عتبي إذا نوى إعتابي
وتجافيكَ حين يعطفُ والوا
جبُ أن تستهلَّ مثل السحابِ
أفلا إذا رأيتَ دهري سقاني
بِذَنوبٍ سقيتني بِذنابِ
أين منك المنافساتُ اللواتي
عَهِدَ الناسُ من ذوي الأحسابِ
أين منك المقايساتُ اللواتي
عَهِدَ الناسُ من ذوي الألبابِ
ما هنَاتٌ تعرضتْ لك فَلَّتْ(76/61)
منك شُؤبوبَ سابحٍ وَثَّابِ
أين عن مُعْرِقٍ من الخيلِ طرفٍ
عزَّ إحضارُهُ اقتحامَ العُقابِ
أمن العدلِ أن تعُدَّ كثيراً
ليَ ما تستقلُّ للأوقابِ
أتُراني دون الأولى بلغوا الآ
مالَ من شُرطة ٍ ومن كُتّابِ
وتِجارٍ مثل البهائمِ فازوا
بالمنى في النفوس والأحبابِ
فيهمُ لُكنة ُ النَّبيط ولكنْ
تحتها جاهليَّة ُ الأعرابِ
أصبحوا يلعبون في ظل دهرٍ
ظاهِر السُّخْف مثلهم لَعَّابِ
غيرَ مُغنين بالسيوف ولا الأقْ
لامِ في موطنٍ غَنَاءَ ذُبابِ
ليس فيهم مُدافعٌ عن حريمٍ
لا ولا قائمُ بصدر كتابِ
مْتَسمَّين بالأمانة زوراً
والمَناتينُ أخربُ الخُرَّابِ
كاذبي المادحين يعلمُه اللَّ
هُ عُدول الهُجاة والعُيَّابِ
شَغَلَتْ موضعَ الكُنى لا بِل الأسْ
ماء منهم قبائحُ الألقابِ
خيرُ ما فيهُم ولا خيرَ فيهم
أنهم غيرُ آثمي المُغتابِ
ويظلون في المنَاعم واللذّا
تِ بين الكواعب الأَترابِ
لَهُمُ المُسمِعَاتُ ما يُطربُ السا
معُ والطائفاتُ بالأكوابِ
نَعَمٌ ألبسهُمُ نِعَمُ اللَّ
ه ظلالَ الغصون منها الرِّطابِ
حين لا يشكرونها وهي تَنمي
لا ولا يكفرونها بارتقابِ
إن تلك الغصونَ عندي لتُضحي
ظالماتٍ فهل لها من متابِ
ما أُبالي أأثمرتْ لاجتناءٍ
بعد هذا أم أيبستْ لاحتطابِ
كم لديهم للهوهم من كَعاب
وعجوزٍ شبيهة ٍ بالكَعابِ
خَنْدَريس إذا تراخت مَداها
لبست جِدة ً على الأحقابِ
بنتُ كرمٍ تُديرها ذاتُ كَرْم
موقَدِ النحرِ مثمرِ الأعنابِ
حِصْرِمٌ من زَبرجدٍ بين نَبْع
من يواقيتَ جمرُها غيرُ خابِ
فوق لَبّاتِ غادة ٍ تترك الخا
ليَ من كلّ صَبوة ٍ وهْو صابِ
ما اكتستْ شَيْبَة ً سوى نظمِها الدُّرْ
رَ على رأسها البَهيمِ الغرابي
لونُ ناجودِها إذا هي قامت
لون ياقوتها المضيءِ الثقابِ
وعلى كأسها حَبابٌ يُباري
ما على رأسها بذاك الحِبابِ
دُرُّ صهباءَ قد حكى دُرَّ بيضا
ءَ عَروبٍ كَدُمْية ِ المحرابِ
تحملُ الكأس والحُليّ فتبدو
فتنة الناظرين والشُرَّابِ(76/62)
يا لها ساقياً تُدير يداه
مَستطاباً يُنالُ من مُستطابِ
لَذة ُ الطَّعمِ في يَدَيْ لذّة ِ الملْ
ثَمِ تدعو الهوى دعاءَ مُجابِ
حولَها مِنْ نُجَارِها عينُ رملٍ
ليس ينفك صَيدُها أُسدَ غابِ
يُونقُ العينَ حسنُ ما في أَكُفٍّ
ثَمَّ تَسقي وحُسْنُ ما في رقابِ
ففمٌ شاربٌ رحيقاً وطَرفٌ
شارب ماءَ لَبّة ٍ وسِخابِ
وَمِزاجُ الشَّرابِ إن حاولوا المز
جَ رُضابٌ يا طيبَ ذاك الرُّضابِ
من جَوارٍ كأنهنَّ جَوارٍ
يتسلسلنَ من مياهٍ عذابِ
لابساتٍ من الشفوف لَبوساً
كالهواء الرّقيق أو كالشرابِ
ومن الجوهرِ المضيء سناهُ
شُعلاً يلتهبنَ أيَّ التهابِ
فترى الماءَ ثَمَّ والنارَ والآ
لَ بتلك الأبشارِ والأسلابِ
يوجسُ الليلُ رِكْزَهُنَّ فينجا
بُ وإن كان حالِكَ الجِلبابِ
عن وجوهٍ كأَنهنَّ شموسٌ
وبدورٌ طلعنَ غبَّ سحابِ
سالمتْها الأَندابُ وهي من الرِّقْ
قَة ِ أَوْلى الوجوعِ بالأندابِ
أوجهٌ لا تزال تُرمَى ولا تَدْ
مَى على كثرة ِ السّهام الصِّيابِ
بل تَرُدُّ السّهام مُنكفئاتٍ
فتصيبُ القلوبَ غيرَ نوابِ
جُعِلَ النُّبْلُ والرَّشاقة ُ حظّي
نِ لتلك الأكفالِ والأقرابِ
فتمايلنَ باهتزازٍ غصونٍ
ناعمَاتٍ وبارتجاج روابي
ناهداتٍ مطرّفاتٍ يمانع
نك رُمَّانَهُنَّ بالعُنَّابِ
لو تَرى القومَ بينهنّ لأجبر
تَ صُراحاً ولم تقلْ باكتسابِ
من أناسٍ لا يُرْتَضون عبيداً
وهمُ في مراتبِ الأربابِ
حالُهُمْ حالُ من له دارتِ الأف
لاكُ واستوسقتْ على الأقطابِ
وكذاك الدنيا الدنيَّة ُ قدراً
تتصدَّى لأَلأم الخُطابِ
مُكِّنوا من رحالِ مَيْسٍ وطيئا
تٍ وأصحابُنا على الأقتابِ
كابن عمار الذي تركتْهُ
حَمَقَاتُ الزمان كالمُرتابِ
من فتى ً لو رَأيتَهُ لرأتْ عيْ
ناك عِلماً وحِكمة ً في ثيابِ
بزَّهُ الدهرُ ما كسا الناسَ إلا
ما عليه من لَحمه والإهاب
أو حُلى ظَرْفهِ التي نَحَستْهُ
فلو اسطاع باعها بجِرابِ
سوءة ً سوءة ً لصُحبة دنيا
أسخطتْ مثلَه من الأصحابِ(76/63)
لهفَ نفسي على مَناكيرَ للنُّك
رِ غضابٍ ذوي سيوف عِضابِ
تغسِلُ الأرضَ بالدماء فتُضحى
ذاتَ طُهر تُرابُها كالمَلابِ
من كلابٍ نأى بها كلَّ نأيٍ
عن وفاءِ الكلابِ غدرُ الذئابِ
وإثباتٍ على الظِّباء ضِعافٍ
عن وِثاب الأسود يومَ الوِثابِ
شُرَطٌ خُوِّلوا عقائلَ بيضاً
لا بأحسابهم بل الاكتسابِ
من ظباءِ الأنيس تلك اللواتي
تترك الطالبين في أنصابِ
فإذا ما تعجّبَ الناسُ قالوا
هل يصيد الظباءَ غيرُ الكلابِ
أصبحوا ذاهلين عن شَجَن النا
س وإن كان حبلُهم ذا اضطرابِ
في أمورٍ وفي خمورٍ وسمُّو
رٍ وفي فاقُمٍ وفي سِنْجابِ
وتهاويلَ غير ذاك من الرَّقْ
م ومن سُندسٍ ومن زِرْيابِ
في حَبيرٍ مُنمنَمٍ وعَبيرٍ
وصِحانٍ فسيحة ٍ ورِحابِ
في ميادين يخترقن بساتي
ن تمسُّ الرؤوس بالأهدابِ
ليس ينفك طيرُها في اصطحابٍ
تحت أظلالِ أيكها واصطحابِ
من قرينَيْنِ أصبحا في غِناءٍ
وفريدين أصبحا في انتحابِ
بين أفنانها فواكه تَشفي
من تَداوَى بها من الأوصابِ
في ظلالٍ من الحرور وأَكنا
نٍ من القُرِّ جَمَّة ِ الحُجَّابِ
عندهم كلُّ ما اشتهوْهُ من الآ
كال والأَشْرِبات والأشوابِ
والطَّروقاتِ والمراكبِ والوِل
دانِ مثلِ الشَّوادنِ الأسرابِ
واليَلنْجوجِ في المجامر والندِّ
ترى نشرَهُ كمثلِ الضبابِ
والغوالي وعَنبرِ الهندِ والمس
ك على الهام واللِّحَى كالخضابِ
ولديهم وذَائلُ الفِضَضِ البي
ضُ تباهي سبائكَ الأَذهابِ
لم أكُن دون مالكي هذه الأم
لاكِ لو أنصفَ الزمانُ المُحابى
أنت طَبٌّ بذاك لكن تغابيْ
تَ وحابيتَ كلَّ كابٍ ونابِ
آتياً ما أتى الزمانُ من الظل
مِ وهاتيك منك سوطُ عذابِ
قاتَل اللَّهُ دهرَنا أو رماهُ
باستواءٍ فقد غدا ذا انقلابِ
يَعْلِفُ الناطقين من جَوْره الأجْ
لالَ والناهقينَ محضَ اللُّبابِ
ثم تَلقى الحكيمَ فيه يُمالي
كلَّ وغدٍ على ذوي الآدابِ
جانحاً في هواهُ يَحكم بالحَيْ
فِ على الأنبياء للأحزابِ
لا يَعُدُّ الصوابَ أن تغمر الثرْ(76/64)
وة َ إلا ذوي العقولِ الخرَابِ
غيرَ مستكثرٍ كثيراً لذي الجهْ
ل وإن كان في عديد الترابِ
وإذا ما رأى لحامِلِ علمٍ
قوتَ يومٍ رآه ذا إخصابِ
فمتى ما رأى له قوتَ شهرٍ
عدَّهُ المُلكَ في اقتبال الشبابِ
لا تُصَمِّمْ على عقابك إيَّا
يَ إذا أحسنَ الزمان ثوابى
فعسى يُمْنُ ما تُنيلُ هو القا
ئِدُ نحوي مواهبَ الوَهَّابِ
فمتى ما قَطَعْتَهُ جرَّ قطعاً
للعطايا من سائر الأصحابِ
كم نوالٍ مباركٍ لك قد قا
د نوالاً إليَّ طوعَ الجنابِ
وأُمورٍ تيسّرت وأمورٍ
بالمفاتيح منك والأسبابِ
لا تُقابِلْ تَيَمُّني بك بالردْ
دّ ولا الظنَّ فيك بالإكذابِ
فاحم أنفاً لأنْ يُعَدَّ مُرجِّي
كَ سواءً وعابدُ الأنصابِ
واجبي أن أرى جوابيَ عُتبا
كَ فلا تجعلِ السكوتَ جوابي هص أحمدُ اللَّه حمدَ شاكرِ نُعْمَى
قابلٍ شُكر رَبِّه غيرِ آبِ
طار قومٌ بخفَّة الوزن حتى
لحقوا رفْعَة ً بقاب العُقابِ
ورسا الراجحون من جِلَّة ِ النا
سِ رسوَّ الجبال ذات الهضابِ
وَلَما ذاك للئامِ بفَخْرٍ
لا ولا ذاك للكرام بعابِ
هكذا الصخرُ راجحُ الوزنِ راسٍ
وكذا الذرُّ شائُل الوزنِ هابِ
فليَطِرْ معشرٌ ويعلو فإني
لا أراهم إلا بأسفل قابِ
لا أعدُّ العلوَّ منهم عُلواً
بل طُفُوّاً يمينَ غيرِ كِذابِ
جِيفٌ أنتنت فأضحتْ على اللُّجْ
جَة والدُّرُّ تحتها في حجابِ
وغُثاءٌ علا عُباباً من اليمْ
مِ وغاص المَرْجانُ تحت العُبابِ
ورجالٌ تغلَّبوا بزمانٍ
أنا فيه وفيهُم ذو اغترابِ
غلبوني به على كل حظٍّ
غيرَ حظٍّ يفوتُ كلَّ اغتصابِ
إنني مؤمنٌ وإني أخو الحقْ
قّ عليمٌ بفَرْعهِ والنِّصابِ
قلت إن تغلبوا بغالِب مغلو
بٍ فحسبي بغالبِ الغَلاّبِ
وبِخلٍّ إذا اختللتُ رعاني
بالذي بيننا من الأسبابِ
كأبي سهلٍ المُسَهِّلِ مأتَى
كلِّ عُرْفٍ وفاتحِ الأبوابِ
يا بن نوبختٍ المَزُورَ على البُخْ
ت تَغالَى في سيرها والعِرابِ
أنا شاكٍ إليك بعضَ ثِقاتي
فافهم اللحنَ فهو كالإعرابِ(76/65)
لي صديقٌ إذا رأى لي طعاماً
لم يكد أن يجودَ لي بالشرابِ
فإذا ما رآهما لي جميعاً
كَفياني لديه لُبسَ الثيابِ
فمتى ما رأى الثلاثة عندي
فهْي حسبي لديه من آرابي
لا يراني أهلاً لِملْكِ الظَّهار
يِّ ولا موضعَ العطايا الرِّغابِ
وكأني في ظَنهِ ليس شأني
لَهْوَ ذي نُهيَة ٍ ولا مُتصابِ
فيَّ طبعٌ ملائكيٌّ لديهِ
عازفٌ صادفٌ عن الإطرابِ
أو حماريَّة ٌ فمقدارُ حظّي
شَبعة ٌ عندهُ بلا إتعابِ
إنما حظيَ اللَّفاءُ لديهِ
مَع ما فيهِ بي مِنَ الإعجابِ
ليس ينفكّ شاهداً لي بفهمٍ
وبيانٍ وحكمة ٍ وصوابِ
ومتى كان فتحُ بابٍ من اللَّ
ه توقعتُ منهُ إغلاق بابِ
كاتبٌ حاسبٌ فقد عامل الخلْ
لَة َ بيني وبينهُ بالحسابِ
ليس ينفكّ من قِصاصي إذا أح
سنَ دهرٌ إليَّ أو من عقابي
كلما أحسن الزمانُ أبَى الإح
سانَ يا للعُجابِ كلِّ العجابِ
أحمدُ اللهَ يا أبا سهل السه
لَ مرامِ النوال للطُلاَّبِ
والفتى المُرتجَى لفصل القَضايا
عند إشكالها وفصلِ الخطابِ
لِمْ إذا أقبلَ الزمانُ بإخصا
بٍ تربّعتُ منك في إجدابِ
أترى الدهرَ ليس يُعجب من هَيْ
جك عتبي إذا نوى إعتابي
وتجافيكَ حين يعطفُ والوا
جبُ أن تستهلَّ مثل السحابِ
أفلا إذا رأيتَ دهري سقاني
بِذَنوبٍ سقيتني بِذنابِ
أين منك المنافساتُ اللواتي
عَهِدَ الناسُ من ذوي الأحسابِ
أين منك المقايساتُ اللواتي
عَهِدَ الناسُ من ذوي الألبابِ
ما هنَاتٌ تعرضتْ لك فَلَّتْ
منك شُؤبوبَ سابحٍ وَثَّابِ
أين عن مُعْرِقٍ من الخيلِ طرفٍ
عزَّ إحضارُهُ اقتحامَ العُقابِ
أمن العدلِ أن تعُدَّ كثيراً
ليَ ما تستقلُّ للأوقابِ
أتُراني دون الأولى بلغوا الآ
مالَ من شُرطة ٍ ومن كُتّابِ
وتِجارٍ مثل البهائمِ فازوا
بالمنى في النفوس والأحبابِ
فيهمُ لُكنة ُ النَّبيط ولكنْ
تحتها جاهليَّة ُ الأعرابِ
أصبحوا يلعبون في ظل دهرٍ
ظاهِر السُّخْف مثلهم لَعَّابِ
غيرَ مُغنين بالسيوف ولا الأقْ
لامِ في موطنٍ غَنَاءَ ذُبابِ(76/66)
ليس فيهم مُدافعٌ عن حريمٍ
لا ولا قائمُ بصدر كتابِ
مْتَسمَّين بالأمانة زوراً
والمَناتينُ أخربُ الخُرَّابِ
كاذبي المادحين يعلمُه اللَّ
هُ عُدول الهُجاة والعُيَّابِ
شَغَلَتْ موضعَ الكُنى لا بِل الأسْ
ماء منهم قبائحُ الألقابِ
خيرُ ما فيهُم ولا خيرَ فيهم
أنهم غيرُ آثمي المُغتابِ
ويظلون في المنَاعم واللذّا
تِ بين الكواعب الأَترابِ
لَهُمُ المُسمِعَاتُ ما يُطربُ السا
معُ والطائفاتُ بالأكوابِ
نَعَمٌ ألبسهُمُ نِعَمُ اللَّ
ه ظلالَ الغصون منها الرِّطابِ
حين لا يشكرونها وهي تَنمي
لا ولا يكفرونها بارتقابِ
إن تلك الغصونَ عندي لتُضحي
ظالماتٍ فهل لها من متابِ
ما أُبالي أأثمرتْ لاجتناءٍ
بعد هذا أم أيبستْ لاحتطابِ
كم لديهم للهوهم من كَعاب
وعجوزٍ شبيهة ٍ بالكَعابِ
خَنْدَريس إذا تراخت مَداها
لبست جِدة ً على الأحقابِ
بنتُ كرمٍ تُديرها ذاتُ كَرْم
موقَدِ النحرِ مثمرِ الأعنابِ
حِصْرِمٌ من زَبرجدٍ بين نَبْع
من يواقيتَ جمرُها غيرُ خابِ
فوق لَبّاتِ غادة ٍ تترك الخا
ليَ من كلّ صَبوة ٍ وهْو صابِ
ما اكتستْ شَيْبَة ً سوى نظمِها الدُّرْ
رَ على رأسها البَهيمِ الغرابي
لونُ ناجودِها إذا هي قامت
لون ياقوتها المضيءِ الثقابِ
وعلى كأسها حَبابٌ يُباري
ما على رأسها بذاك الحِبابِ
دُرُّ صهباءَ قد حكى دُرَّ بيضا
ءَ عَروبٍ كَدُمْية ِ المحرابِ
تحملُ الكأس والحُليّ فتبدو
فتنة الناظرين والشُرَّابِ
يا لها ساقياً تُدير يداه
مَستطاباً يُنالُ من مُستطابِ
لَذة ُ الطَّعمِ في يَدَيْ لذّة ِ الملْ
ثَمِ تدعو الهوى دعاءَ مُجابِ
حولَها مِنْ نُجَارِها عينُ رملٍ
ليس ينفك صَيدُها أُسدَ غابِ
يُونقُ العينَ حسنُ ما في أَكُفٍّ
ثَمَّ تَسقي وحُسْنُ ما في رقابِ
ففمٌ شاربٌ رحيقاً وطَرفٌ
شارب ماءَ لَبّة ٍ وسِخابِ
وَمِزاجُ الشَّرابِ إن حاولوا المز
جَ رُضابٌ يا طيبَ ذاك الرُّضابِ
من جَوارٍ كأنهنَّ جَوارٍ
يتسلسلنَ من مياهٍ عذابِ(76/67)
لابساتٍ من الشفوف لَبوساً
كالهواء الرّقيق أو كالشرابِ
ومن الجوهرِ المضيء سناهُ
شُعلاً يلتهبنَ أيَّ التهابِ
فترى الماءَ ثَمَّ والنارَ والآ
لَ بتلك الأبشارِ والأسلابِ
يوجسُ الليلُ رِكْزَهُنَّ فينجا
بُ وإن كان حالِكَ الجِلبابِ
عن وجوهٍ كأَنهنَّ شموسٌ
وبدورٌ طلعنَ غبَّ سحابِ
سالمتْها الأَندابُ وهي من الرِّقْ
قَة ِ أَوْلى الوجوعِ بالأندابِ
أوجهٌ لا تزال تُرمَى ولا تَدْ
مَى على كثرة ِ السّهام الصِّيابِ
بل تَرُدُّ السّهام مُنكفئاتٍ
فتصيبُ القلوبَ غيرَ نوابِ
جُعِلَ النُّبْلُ والرَّشاقة ُ حظّي
نِ لتلك الأكفالِ والأقرابِ
فتمايلنَ باهتزازٍ غصونٍ
ناعمَاتٍ وبارتجاج روابي
ناهداتٍ مطرّفاتٍ يمانع
نك رُمَّانَهُنَّ بالعُنَّابِ
لو تَرى القومَ بينهنّ لأجبر
تَ صُراحاً ولم تقلْ باكتسابِ
من أناسٍ لا يُرْتَضون عبيداً
وهمُ في مراتبِ الأربابِ
حالُهُمْ حالُ من له دارتِ الأف
لاكُ واستوسقتْ على الأقطابِ
وكذاك الدنيا الدنيَّة ُ قدراً
تتصدَّى لأَلأم الخُطابِ
مُكِّنوا من رحالِ مَيْسٍ وطيئا
تٍ وأصحابُنا على الأقتابِ
كابن عمار الذي تركتْهُ
حَمَقَاتُ الزمان كالمُرتابِ
من فتى ً لو رَأيتَهُ لرأتْ عيْ
ناك عِلماً وحِكمة ً في ثيابِ
بزَّهُ الدهرُ ما كسا الناسَ إلا
ما عليه من لَحمه والإهاب
أو حُلى ظَرْفهِ التي نَحَستْهُ
فلو اسطاع باعها بجِرابِ
سوءة ً سوءة ً لصُحبة دنيا
أسخطتْ مثلَه من الأصحابِ
لهفَ نفسي على مَناكيرَ للنُّك
رِ غضابٍ ذوي سيوف عِضابِ
تغسِلُ الأرضَ بالدماء فتُضحى
ذاتَ طُهر تُرابُها كالمَلابِ
من كلابٍ نأى بها كلَّ نأيٍ
عن وفاءِ الكلابِ غدرُ الذئابِ
وإثباتٍ على الظِّباء ضِعافٍ
عن وِثاب الأسود يومَ الوِثابِ
شُرَطٌ خُوِّلوا عقائلَ بيضاً
لا بأحسابهم بل الاكتسابِ
من ظباءِ الأنيس تلك اللواتي
تترك الطالبين في أنصابِ
فإذا ما تعجّبَ الناسُ قالوا
هل يصيد الظباءَ غيرُ الكلابِ
أصبحوا ذاهلين عن شَجَن النا(76/68)
س وإن كان حبلُهم ذا اضطرابِ
في أمورٍ وفي خمورٍ وسمُّو
رٍ وفي فاقُمٍ وفي سِنْجابِ
وتهاويلَ غير ذاك من الرَّقْ
م ومن سُندسٍ ومن زِرْيابِ
في حَبيرٍ مُنمنَمٍ وعَبيرٍ
وصِحانٍ فسيحة ٍ ورِحابِ
في ميادين يخترقن بساتي
ن تمسُّ الرؤوس بالأهدابِ
ليس ينفك طيرُها في اصطحابٍ
تحت أظلالِ أيكها واصطحابِ
من قرينَيْنِ أصبحا في غِناءٍ
وفريدين أصبحا في انتحابِ
بين أفنانها فواكه تَشفي
من تَداوَى بها من الأوصابِ
في ظلالٍ من الحرور وأَكنا
نٍ من القُرِّ جَمَّة ِ الحُجَّابِ
عندهم كلُّ ما اشتهوْهُ من الآ
كال والأَشْرِبات والأشوابِ
والطَّروقاتِ والمراكبِ والوِل
دانِ مثلِ الشَّوادنِ الأسرابِ
واليَلنْجوجِ في المجامر والندِّ
ترى نشرَهُ كمثلِ الضبابِ
والغوالي وعَنبرِ الهندِ والمس
ك على الهام واللِّحَى كالخضابِ
ولديهم وذَائلُ الفِضَضِ البي
ضُ تباهي سبائكَ الأَذهابِ
لم أكُن دون مالكي هذه الأم
لاكِ لو أنصفَ الزمانُ المُحابى
أنت طَبٌّ بذاك لكن تغابيْ
تَ وحابيتَ كلَّ كابٍ ونابِ
آتياً ما أتى الزمانُ من الظل
مِ وهاتيك منك سوطُ عذابِ
قاتَل اللَّهُ دهرَنا أو رماهُ
باستواءٍ فقد غدا ذا انقلابِ
يَعْلِفُ الناطقين من جَوْره الأجْ
لالَ والناهقينَ محضَ اللُّبابِ
ثم تَلقى الحكيمَ فيه يُمالي
كلَّ وغدٍ على ذوي الآدابِ
جانحاً في هواهُ يَحكم بالحَيْ
فِ على الأنبياء للأحزابِ
لا يَعُدُّ الصوابَ أن تغمر الثرْ
وة َ إلا ذوي العقولِ الخرَابِ
غيرَ مستكثرٍ كثيراً لذي الجهْ
ل وإن كان في عديد الترابِ
وإذا ما رأى لحامِلِ علمٍ
قوتَ يومٍ رآه ذا إخصابِ
فمتى ما رأى له قوتَ شهرٍ
عدَّهُ المُلكَ في اقتبال الشبابِ
لا تُصَمِّمْ على عقابك إيَّا
يَ إذا أحسنَ الزمان ثوابى
فعسى يُمْنُ ما تُنيلُ هو القا
ئِدُ نحوي مواهبَ الوَهَّابِ
فمتى ما قَطَعْتَهُ جرَّ قطعاً
للعطايا من سائر الأصحابِ
كم نوالٍ مباركٍ لك قد قا
د نوالاً إليَّ طوعَ الجنابِ(76/69)
وأُمورٍ تيسّرت وأمورٍ
بالمفاتيح منك والأسبابِ
لا تُقابِلْ تَيَمُّني بك بالردْ
دّ ولا الظنَّ فيك بالإكذابِ
فاحم أنفاً لأنْ يُعَدَّ مُرجِّي
كَ سواءً وعابدُ الأنصابِ
واجبي أن أرى جوابيَ عُتبا
كَ فلا تجعلِ السكوتَ جوابي
فتكونَ الذي تَنصَّل بالمُنْ
صُلِ من ضربة ٍ بصَفْح القِرابِ
إن في أنْ تَعُقَّني بعضَ إغضا
بي وفي أن تهينَني إغضابي
كنتَ تأتي الجميلَ ثم تنكَّرْ
تَ فعاتبتُ مُجملاً في العتابِ
فأْتَنِفْ توبة ً وراجعْ فعالاً
ترتضيهِ الأسلافُ للأعقابِ
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا أيها المُتعالي عن مَعونتنا
يا أيها المُتعالي عن مَعونتنا
رقم القصيدة : 60527
-----------------------------------
يا أيها المُتعالي عن مَعونتنا
غِنى ً بما فيه من ذهن ومن أدبِ
لو استعنتَ بنفسٍ غيرِ أنفُسنا
أو غيرِ نفسك قابلناك بالغضبِ
لكن غَنيتَ بنفسٍ لا كِفاءَ لها
في النظم والنثر من شعر ومن خطبِ
ولا ملامَ على مُرتادٍ مصلحة ٍ
باع اللُّجينَ بضعفَيهِ من الذهبِ
فاعذِرْ على حسنِ ما ابتعت الخيارَ به
كما عذرناك يا ابن المجد والحسبِ
عُذراً بعذرٍ وإلا رُحتَ مُحتقِباً
لوماً بلوم ولومي شرُّ مُحتقَبِ
وهاك دَرْجَكَ إنّا نابذون به
كما نَبذتَ بما قلناه من كَثَب
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أُحذِّرُ أَهلَ الأرضِ حَدَّ ابنِ طالب
أُحذِّرُ أَهلَ الأرضِ حَدَّ ابنِ طالب
رقم القصيدة : 60528
-----------------------------------
أُحذِّرُ أَهلَ الأرضِ حَدَّ ابنِ طالب
فما زال مشحوذاً على من يصاحبُ
وقد جُرِّبتْ منهُ على آلِ مَخْلدٍ
تجاربُ ليستْ مثلهنَّ تجاربُ
أُزيرِق مشؤومٌ أحيمرُ قاشِرٌ
لأصحابه نحسٌ على القوم ثاقبُ
وهل أَشْبهَ المرِّيخَ إلا وفعلَهُ
لفعلِ شبيه السوءِ شِبهٌ مقارب
أعوذ بعزّ اللَّه من أن يضمَّني
وإياهُ في الأرض البسيطة جانبُ
شبيهُ قُدارٍ بل قدارٌ شبيهُهُ
وإن قيل كلِّيمٌ وإن قيل كاتب(76/70)
وهل يتمارَى الناسُ في شؤم كاتبٍ
لعينيه لونُ السيفِ والسيفُ قاضبُ
ويُدعَى أَبوه طالباً وكفاكُمُ
به طِيرة ً أن المنية َ طالبُ
ألا فاهربُوا من طالبٍ وابنِ طالبٍ
فمِن طالبٍ مثليْهما طارَ هاربُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لهفَ نفسي على رَصاصٍ مُذاب
لهفَ نفسي على رَصاصٍ مُذاب
رقم القصيدة : 60529
-----------------------------------
لهفَ نفسي على رَصاصٍ مُذاب
وكَرانيبَ في يدي صَبّابِ
وهِزَبْرٍ عَضنفر في كِتافٍ
فاغرٍ فاهُ كالحِ الأنيابِ
فَيَصُبُّ الصَّبابُ في فيه بالكَرْ
نيب من ذلك العذاب المُذابِ
فإذا ساح في المريءِ وفي البط
نِ وولّتْ حياتُهُ للذهابِ
وتداعت أركانُهُ بانهدام
وتداعتْ أحشاؤُهُ بالخرابِ
قال ذاك الصبَّاب قل لي أبا الحا
رث قل لي يا حاطمَ الأصلابِ
أين ذاك العتُوُّ منك وذاك ال
غَيْثُ قل لي يا أخيبَ الخُيّابِ
ونناديه نحنُ كيف أبو الحا
رثِ أم كيفَ صبرُهُ للعذابِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قالوا ابنُ يوسفَ مستوهٌ فقلتُ لهم
قالوا ابنُ يوسفَ مستوهٌ فقلتُ لهم
رقم القصيدة : 60530
-----------------------------------
قالوا ابنُ يوسفَ مستوهٌ فقلتُ لهم
قُلتم بظنٍّ وبعضُ الظن مكذوبُ
قالوا ألستَ تراهُ يا أبا حسنٍ
فَحْماً له قَصَبٌ ريانُ خُرعوبُ
في جثة ِ الفيلِ مَكْنياً بكنيتِهِ
ولا محالة َ أن الفيلَ مركوبُ
لا سيما وله وجهٌ به قحة ٌ
وعارضٌ كجبين الطير مَهْلوبُ
وحوله غِلمة ٌ شُقْرٌ طَماطمة ٌ
كلُّ طويلُ قناة ِ الظهر مَعْصوبُ
فقلت في دون هذا الأمر بيِّنة ٌ
للمُستدِل وعلمُ الغيب محجوبُ
طولٌ وعرض بلا عقلٍ ولا اذدب
فليس يَحْسنُ إلاَّ وهو مصلوبُ
وليس ينفع إلاّ وهو منبطحٌ
تحت الغُواة لُحرِّ الوجهِ مكبوبُ
رمحُ طويل ولكن في جوانبه
شتّى وصُوم فخيرٌ منه أُنبوبُ
فيلٌ وأَوْزَنُ منه لو يُوازِنهُ
في الحلم والعلم لا في الجسم يَعسوبُ
وَدَّ ابنُ يوسفَ لوجُبَّتْ مَذاكِرهُ
وأنها باب نيك فيه منقوبُ(76/71)
يا ليثَ ثَفْرَ التي أدّتْهُ كان له
وأن أير أبي العباس مجبوبُ
كيما يكونُ له بابان تدخلُهُ
عُجرُ الفِياشِ من البابين والحوبُ
سيعلم الفَدمُ أني غيرُ تاركه
إلاّ وخُرْطومُهُ بالشتم معلوبُ
عرضتُ حمدي عليه فاستخفّ به
وإن حمديَ في قوم لمخطوبُ
وما المحامدُ ممن جُلُّ همِّتهِ
أيرٌ غليظٌ ومأكولٌ ومشروبُ
زيدٌ يظل عبيدُ الله يخفضُهُ
أعجبْ بذلك والمفعولُ منصوبُ
وسائلٍ لي عنهُ قلتُ مختلِقٌ
لكنهُ بهاتٍ فيه مثلوبُ
يُكْنَى فيرتاع من تمثيل كنيتِهِ
له ابن بسَطام إن الشرّ مرهوبُ
يُضحي ويمسي قراعاً من قوارعه
كأنه بتراب الخلق مطلوبُ
ويحَ ابنِ يوسفَ ليت الويحَ عاجَلَهُ
فما يُدانيه في بلواهُ أيوبُ
الحرُّ يضربُهُ والعبدُ يضربُهُ
إن الشقاءَ على الأشقَيْن مصبوبُ
مَسَّاه بالضرب عبداهُ وصَحَّبهُ
بالضرب حرَّ من الفتيان مشبوبُ
لله درُّ ابنِ بسطامٍ وصولتهِ
يومٍ استهلَّ عليه منه شُؤبوبُ
ما زال يضرب منه يوم صادضفَهُ
زيداً وزيدٌ بحكم النحو مضروبُ
ضرباً وجيعاً سوى العبيد لهُ
والضرب ضربان مكروه ومحبوبُ
لا قُدِّستْ من أبي العباس جاعرة ٌ
ماء الفَياشل منها الدهر مسكوبُ
فاضت مَنياً وسلحاً يوم عزَّرها
سوطُ ابن بسطام حتى السوطُ مخضوبْ
يا من يُحاذرُ منه فَرْطَ بادرة ٍ
عند الخطاب لها حَرَّ والهوبُ
إذا تطاوَل يوماً في مُطالبة ٍ
فكَنِّهِ يتطامنْ وهو مرعوبُ
وذاك أن أبا العباس غادَرَة ُ
وقلُبه أبداً ما عاش منخوبُ
هل سُبة ٌ يا أبا العباس تعلمُها
إلا وأنت بها في الناس مسبوبُ
أم نُدبَة ٌ يومَ تلقى اللَّه أنت بها
عند اصطبارك للتطعان مندوبُ
سُميتَ أحمدَ مظلوماً ولستَ بِهِ
كلاَّ ولكنْ من الأسماء مقلوبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ما كنتَ في بخس الجزاء بمشبهٍ
ما كنتَ في بخس الجزاء بمشبهٍ
رقم القصيدة : 60531
-----------------------------------
ما كنتَ في بخس الجزاء بمشبهٍ
إلا كنيَّك يا أبا أيوبِ
وأَراك أيضاً مثلَهُ في جودهِ(76/72)
للراكبين بظهره المركوبِ
أصبحتَ كالجمل الذي لا يُرتجى
لجزاءِ عارفة ٍ ولا تثويبِ
ما أنت في الأحياء بالحيّ الذي
يُطرى ولا بالميت المندوبِ
أبديتَ صفحة قسوة ٍ وخشونة ٍ
من دون تافِه نَيْلك المطلوبِ
فكأنك الينبوتُ في إبدائهِ
شوكاً يذودُ به عن الخروبِ
لو كان نائلكُ المُحجَّب نائلاً
لَعَذرتُ مَنْعة َ بابك المحجوبِ
يا ضَيفَهُ أبشرْ فإنك غانُم
أجر الصيام وليس بالمكتوبِ
ولو استطاع لحَبْطِ أجرك حيلة ً
لاحتال في ذلك احتيالَ أريبِ
وأراهُ سَخَّاهُ بصومك علمُهُ
أنْ ليس صومُ الكُره بالمحسوبِ
أو ظَنُّهُ أنْ لا صيامَ لضيفِه
مع رَتْعه في عرضه المسبوبِ
أيظنُّ غِيبتَهُ تُفطِّر صائماً
قُبحاً له ولظنِّه المكذوبِ
لا تحسبَنَّ على امرىء ٍ في شتمِه
حُوباً فما في شتمه من حُوبِ
رَهِلُ المحاجر والجفون ترى له
وجهاً يؤكِّد قُبحَهُ بقُطوبِ
أبداً تراه راكعاً في ثَردة ٍ
مأدومة ٍ بإهالة ِ المصلوبِ
مُتتابعَ الأسقام من تُخمَاتِهِ
لا يَشِف ذاك الداء طبُّ طبيبِ
ومُصحِّحُ الأضياف يَسلَمُ ضيفُهُ
من كل داءٍ غيرَ داء الذيبِ
يتنفس الصُّعداء من كِظَّاتهِ
لا فارقَتْه زفرة ُ المكروبِ
يا حسرتا لقصيدة ٍ أغلقتُها
بمديحهِ وفتحتُها بنسيبِ
لأُبدِّلن مديحه قَذْعاً له
ولأجعلنَّ بأمه تشبيبي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيا شجراً بين الرَّسيس فعاقلٍ
أيا شجراً بين الرَّسيس فعاقلٍ
رقم القصيدة : 60532
-----------------------------------
أيا شجراً بين الرَّسيس فعاقلٍ
منحتُكَ ذمّي صادقاً غيرَ كاذبِ
نَدَيتَ ولم تورق ولستَ بمُثمر
فكن غَرَضاً مُستهدِفاً للنوائبِ
فما فيك من ظل لغُلِّ ظهيرة ٍ
وما فيك من جدوى لجانٍ وحاطبِ
وفيك على حرمانك الخيرَ كلَّهُ
من الشوك ما لا وَكْنَ فيه لآئبِ
وأحسب ذاك الشوك لا شك بينه
أَفاعٍ فلا أُسقيتَ صوبَ السحائبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> هل تعرفُ الدار بذي الأَثْأَب
هل تعرفُ الدار بذي الأَثْأَب(76/73)
رقم القصيدة : 60533
-----------------------------------
هل تعرفُ الدار بذي الأَثْأَب
والمُنحنَى والسفح من كَبْكَبِ
بكى بها الغيثُ على أهلها
بكل عينٍ ثَرَّة ِ المَسكَبِ
وحال من بعدهم قَطْرُهُ
ملْحاً أجاجاً غير مُستعذَبِ
من ذاقَهُ لم يختلج رأيُهُ
في أنه دمعٌ ولم يَرْتَبِ
وظلّ فيه برقُهُ كالحاً
ورعدُهُ يُعوِلُ في مَنْدبِ
وكم سقاها الغيثُ إذ هُمْ بها
من سَبَلٍ كالشهد لم يُقطَبِ
وكم رأينا بَرْقَهُ ضاحكاً
فيها إلى ذي مَضْحكٍ أَشْنَبِ
وكم سمعنا رعدَهُ ناعراً
من طَرَبٍ فيها على مَطْربِ
دارٌ عفاها بعد سُكانها
سافٍ من الشَّمْأل والأَزْيَبِ
وقد نرى الأرواح تُهدي لنا
نشراً من الأَطْيبِ فالأطيبِ
أنفاسُ نُوّار يَمُج الندى
خلال روضٍ سَبِطٍ أَهْلبِ
كأنها أنفاسُ حُلاَّلها
ولُجَّة ُ الظَّلماء لم تَنْضبِ
طوراً وطوراً كلُّ واهي الكُلى
يكاد يغشى الأرض بالهَيْدَبِ
يُعلُّ ذاتَ الخالِ ريقاً لَهُ
كأنه من ريقها الأَعذبِ
رياً وسُقياً أُعقبت منهما
تلك المغاني شرَّ مُستعقَبِ
ملابسٌ ليست لها بهجة ٌ
حِيكتْ من البطحاء والتَّيربِ
وعَبرة ٌ للغيثِ مسفوحة ٌ
إذا سقاها الأرضَ لم تُخْصِبِ
لم تَغْنَ تلك الدارُ من بعدهمْ
بمثلِ ذاك القَصَبِ الخَرْعبِ
بل عُلَّلَتْ عنهم بأشباههمْ
في الحسن من سِرْبٍ ومن رَبْربِ
أقولُ والعبرة ُ قد أقلعتْ
ولاعجُ اللوعة ِ لم يذهبِ
وشرُّ ما كابَدْتُهُ لاعجٌ
متى تُكفكَفُ ناره تُلْهَبِ
يا قمراً وَكَّلَني بينُهُ
برِعْيَة الكوكب فالكوكبِ
ماذا جنى البينُ لنا ساقَهُ
سَمِّيُهُ البينُ إلى المَعْطبِ
قل لغرابِ البين تبّاً لهُ
إذا تعاطى القولَ في مَذهبِ
أو رَفَعَ الصوتَ بشدوٍ لهُ
مثلَ سَقيطِ الدَمَق الأشهبِ
أُسكتْ لحاك اللَّه من قائلٍ
أَجْنفَ عن قَصْد الهدى أنكبِ
لا تَنْطِقنَّ الدهرَّ في مَحْفلٍ
واغضُض على الكَثْكَث والأَثلبِ
أنت غرابٌ خيرُ أحواله
ما لَزم الصمتَ ولم يَنْعَبِ(76/74)
فاترك نعيباً شُؤمُهُ راجعٌ
عليك يحدوك إلى مَعْطَبِ
يا بينُ أنت البينُ في عزَّة ٍ
بين غراب البين الأخطبِ
ينتقلُ الناسُ وأحوالُهمْ
وأنت في الدنيا من الرُّتَّبِ
إذا جلا عن منزلٍ أهلُهُ
فأنت في أوتاده الرُّسَّبِ
أنتَ أثافيُّهُ وآناؤُهُ
يُشعَبُ أهلوهُ ولم تُشعَبِ
يا بني حُسين بن هشامِ الذي
فاز بقِدح المُنجِب المُنجَبِ
قولا فقد أصبحتما معدِناً
للظرف قوَّالينِ بالأَصوب
جالستُما الشُّمَّ بني هاشم
والسادَة َ الصِّيدَ بني مُصعبِ
هل في غراب البين مُستمتَعٌ
حيّاً ولم يُقتل ولم يُصلبِ
ما فيه من مُستمتَع خِلْتُهُ
إذا امرؤٌ جدَّ ولم يلعبِ
إلاَّ لسيفٍ بعدَهُ مَرْكَبٌ
في رأس جذعٍ شرُّ ما مَركبِ
منظرُهُ في العين مثلُ القذى
أعيا علاجَ الحُوَّل القُلَّبِ
قُبحاً وإن حَدَّثَ ظَلَّ الورى
من هاربٍ أو صابرٍ مُتعب
تُكدِّرُ الأنفاسَ أنفاسُهُ
مثلَ فُساءِ البَشِمِ الأجربِ
أو كدُخانِ النفط في مُطْبَقٍ
من يُمسِ من سُكَّانه يُنْدَبِ
وربما غَنَّى غناءً لهُ
لولاهُ لم نحزنْ ولم نَكْربِ
يقول من يسمعُ مكروهَهُ
حُيّيتَ لا بالسهلِ والمَرْحبِ
ويهمس المولى إلى عبدِهِ
قَلْنِسْهُ بالصفْعِ ولا تَرهبِ
طَوِّقْهُ بالأفعى ثواباً له
وقَرِّط الصَّفْعانَ بالعقربِ
مُستَرِقُ النغمة مَخْنونُها
مستحشِفٌ في خِلقة العَنْكبِ
ذو صلعة ٍ برصاءَ مغسولة ٍ
من صِيغة المُذهَب والمُشرَبِ
لم تجرِ فيها حيوانية ٌ
فهي كمثلِ الحَجَر الصُّلَّبِ
أو قَرعة ِ القَصَّارِ أو بَيْضَة ٍ
لِلهَيْق في داويّة سَبْسبِ
كأنها لم يُكْسَ يافوخُها
جلداً ولم تُلْحَم ولم تُعصبِ
مُنْتنة ٌ تضحى قَلنساتُها
أنتنَ أرواحاً من الجوربِ
تمتنع النفسُ إذا فكّرت
فيها من المأكل والمشربِ
مشحونة ٌ جهلاً بأمثاله
يُشحَنُ رأسُ الجاهل المِشْغَبِ
لو فُلِقَتْ عنْهُ لأبصرتَهُ
مثلَ الظلام الحالك الغيهبِ
له دعاوٍ وله جُرأة ٌ
كجُرأة ِ الليث على الغُيَّبِ
حتى إذا شاهده عالمٌ(76/75)
ألفيتَهُ أروغَ منْ ثعلبِ
يَنتحل الآدابَ مُسْحَنْفِراً
وأيُّها المسكينُ لم تُسلبِ
حتى إذا المحنة ُ لاحتْ له
مرَّ مع الزئبق في مَسْرَبِ
مُنتقلاً لا زال في نُقلة ٍ
إلى المحلِّ الأبعد الأجدبِ
من نِحلة ٍ زُورٍ إلى نحلة
زُورٍ فما ينفك من مهربِ
وفيه مَعْ ما قد تجاوزْتُهُ
خزيٌ طويلٌ غير مُستوعبِ
شتّى عيوبٍ لم يُعَبْ غيرُهُ
بها من الناس ولم يُثلبِ
تفاحشتْ حتى لقد أُلقيتْ
من صُحُف الحفظ فلم تُكتبِ
يُجزَى بها يوماً وإن أُغفلتْ
قُبحاً فلم تُكتب ولم تُحسبِ
عجبتُ مِنهُ وحديثٍ له
حُدِّثْتهُ عنه ولم أُكذبِ
سُوئل ما الأيرُ وما نفعُهُ
فاسمعْ لما جاء بهِ واعجَبِ
قال طَهورُ الدُّبرِ من داخلٍ
لمن به مسٌّ من المَذْهَبِ
رأيٌ رآه البين ما إنْ له
عنه إلى الآراءِ من مَرْغبِ
وحكمة ٌ للبَيْنِ مقلوبة ٌ
وأيُّ أمرِ البينِ لم يُقْلَبِ
ما يجتبيهِ غيرُ مُستجلِبٍ
للأجر من أبعد مُستجلَبِ
رأى امرأً سَدَّتْ غَثاثاتُهُ
عليهِ بابَ الكسب والمكسبِ
فجاده من فضله جَودة ً
أضحى لها ذا فننٍ أَهدبِ
وخافَ أن يسلمَهُ للردى
ما فيه من جهلٍ ومن نَيْرَبِ
فرفرفتْ رحمتُهُ فوقَهُ
حتى كَفاهُ نكدَ المطلبِ
ولم يزل يَضْمنُ عن ربّهِ
مذ كان رِزقَ الخائب الأَخيبِ
وهّابُ ما ليس بمستأهَل
مِعطاءُ ما ليس بمستوجَبِ
ذاك أميرٌ لم يزل دونه
جَدٌّ إذا غولب لم يُغلَبِ
واقية ُ اللَّهِ على عبدِهِ
مِنه ومِن صمصامة ِ المِقْضَبِ
بلوتُهُ أكذبَ مِن يَلْمَعٍ
أو بارقٍ يلمع في خُلَّبِ
نعوذ بالرحمن من شؤمه
فإنه أمضى من المِثْقبِ
أحالَهُ اللَّهُ على نحرهِ
وحدَّ سيفٍ صارمِ المَضْربِ
يعيبُ مثلي وَيْلَهُ واسمُهُ
في الناس طراً هدفُ العُيَّبِ
يسطو بلا حولٍ ولا قوة ٍ
منهُ ولا ناب ولا مِخْلبِ
تَقَيَّلَ الأخلاقَ أُماً لهُ
نيكتْ ولم تُمهَرْ ولم تُخطبِ
كانت إذا لاحظها فاسقٌ
أدارها اللحظُ بلا لولبِ
لِطيزِها في كلّ أيرٍ زنى
رأيٌ كرأي الصّقر في الأرنبِ(76/76)
وأنها قد حَمَّلَتْ رأسَهُ
مثلَ قرونِ الأيّل الأَشْعبِ
خَبَّرَ عنها شيخُهُ أنه
صادفها مفتوحة َ المَثْعب
تُجْذَبُ باستنشاقة ٍ رخوة ٍ
وربما انقادت ولم تُجذبِ
يا لكِ من أُمٍ لها فضلُها
ومن أبٍ أكْرِم به من أب
ماذا دعا البينُ إلى حَيَّة ٍ
صمَّاء من يَنْصِبْ لها يَنْصَبِ
قد كان في مرأى وفي مسمعٍ
عنها ولكن من يَخُنْ يُجلَبِ
يظل يسترهُبني موعداً
هَوْنَك ما مثلي بمُسترهَبِ
هَجهجْ بكلبٍ كَلبٍ نابحٍ
مثلك لا بالأَسَد الأَغلبِ
لأعرفنَّ البين مُستعتبي
يوماً وليس البينُ بالمُعْتَبِ
إذا غدا وهو على آلة ٍ
من منطقي ذاتِ قَرا أحدبِ
وغنت الرُّكبانُ في شتمه
شدواً متى يسمعْهُ لا يَطْربِ
دونكها كأساً وأمثالَها
صِرفاً من المكروه لم تُقطبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ملَكَ النفاقُ طباعَه فتَثْعلبا
ملَكَ النفاقُ طباعَه فتَثْعلبا
رقم القصيدة : 60534
-----------------------------------
ملَكَ النفاقُ طباعَه فتَثْعلبا
وأبى السماحة َ لؤمُهُ فاستكلبا
فترى غروراً ظاهراً من تحته
نَكدٌ فَقُبِّح شاهداً ومُغيباً
ولَشرُّ من جربتهُ في حاجة ٍ
من لا تزال به مُعنَّى مُتعبَا
من لا يبيعُك ما تريد ولا يرى
لك حُرمة ً إن جئته مُستوهِبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> على الطائر الميمون والسعدِ فاركبِ
على الطائر الميمون والسعدِ فاركبِ
رقم القصيدة : 60535
-----------------------------------
على الطائر الميمون والسعدِ فاركبِ
نجوتَ بإذن اللَّه من كل مَعْطَبِ
وتاب إليك الدهرُ من كل سيِّءٍ
وأعتَبكَ المقدارُ يا خيرَ مُعتَبِ
رأى الدهرُ أنْ لم يهتضم غير نفسهِ
فأقصرَ عمَّا كان غيرَ مؤنَّبِ
بلى قد رماهُ الناسُ من كلّ جانبٍ
بتأنيبهم إيَّاه رميَ المُحَصَّبِ
ولم ينهَهُ التأنيبُ بل جودُ قادرٍ
رأى أنه منهُ على حدّ مَغضَبِ
وأبصر في إقصارهِ عنك رُشدَهُ
بعاقبة ٍ من رأيه المُتعقِّبِ
فكُلْ من ثمارِ العيش أطيبَ مأكلٍ(76/77)
وَرِدْ من حياض العيش أعذبَ مشربِ
وعش مائة ً موفورة ً في سعادة ٍ
ونعماءَ لا يغتالُها نحسُ كوكبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيسيرُ مدحي في الأمير وكلُّهُ
أيسيرُ مدحي في الأمير وكلُّهُ
رقم القصيدة : 60536
-----------------------------------
أيسيرُ مدحي في الأمير وكلُّهُ
يا للرجال مُؤرَّجٌ بعتابِ
ما قلت قافية ً تُخبِّر أنهُ
فيما يُثيب أثابني بثوابِ
ظنِّي لئن أنا دام لي حرمانُهُ
لأُلقَّبَنَّ بشاعرٍ كَذابِ
يا بؤسَ للشعراءِ يسهرُ ليلُهمْ
ويُلقَّبون بأسوإِ الألقابِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تَشَيْبنَ حين همَّ بأن يَشيبا
تَشَيْبنَ حين همَّ بأن يَشيبا
رقم القصيدة : 60537
-----------------------------------
تَشَيْبنَ حين همَّ بأن يَشيبا
لقد غَلِطَ الفتى غلطاً عجيبا
ألا للهِ خَطْب سيُضحى
له الولدانُ من شيبانَ شيبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عجبتُ من معشرٍ بعقوتنا
عجبتُ من معشرٍ بعقوتنا
رقم القصيدة : 60538
-----------------------------------
عجبتُ من معشرٍ بعقوتنا
باتوا نَبيطاً وأصبحوا عَرَبا
مثلَ أبي الصقرِ إن فيه وفي
دعواهُ شيبانَ آية ً عجبا
بيناهُ عِلْجاً على جِبلَّتهِ
إذ مسَّه الكيمياء فانقلبا
عرَّبهُ جَدُّه السعيدُ كما
حَوَّل زِرْنيخَ جَدِّهِ ذهبا
وهكذا هذه الجدودُ لها
إكسيرُ صدقٍ يُعرِّبُ النسبا
بدَّلك الدهرُ يا أبا الصقر من
خالِكَ خالاً ومن أبيكَ أبا
فهل يراكَ الإلهُ معترفاً
بشكر نعمائه التي وهبا
يا عربياً آباؤهُ نَبَطٌ
يا نبعة ً كان أصلُها غَرَبا
كم لك من والدٍ ووالدة ٍ
لو غَرسا الشوكَ أثمرَ العنبا
بل لو يَهُزَّان هزة ً نَثرتْ
من رأسِ هذا وهذه رُطبا
لم يعرِفا خَيمة ً ولا وَتِداً
ولا عموداً لها ولا طُنُبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> بان شبابي فعزَّ مطلبُه
بان شبابي فعزَّ مطلبُه
رقم القصيدة : 60539
-----------------------------------
بان شبابي فعزَّ مطلبُه(76/78)
وانبتَّ بيني وبينه نسبُهْ
ولاح شيبي فراعَ قاليتي
بل خُلَّتي بل خليلتي شَهَبُهْ
بل راعني أنه دليلُ بِلى
والعودُ يذوي إذا ذوى هَدَبهْ
بَرْحاً لهذا الزمانِ يُلبسُنا
سِرْبالَ نَعْماءَ ثم يَسْتَلِبُهْ
أَخنَى على لِمَّتي ويُتبِعُها
ديباجتي غيرَ مُنتهٍ كَلَبُهْ
أو يأكلَ اللحمَ غيرَ متَّرعٍ
ويتركَ الجسمَ ناحلاً قَصَبُهْ
ما بَشرِي بالبعيد من شَعَري
ذا ورقٌ حائلٌ وذا نَجَبُهْ
وكلُّ ما يستكِنُّ تحتهما
يَقْرُب من ذا وذاك مُنتسبهْ
وضاحكٍ ساءني بضِحْكته
وقد علتْني من البلى نُقَبُهْ
أبكانيَ الشيبُ حين أضحكهُ
حتى جرى الدمعُ واكفاً سَرَبُهْ
لا بل أسى إذ بدا ففجَّعني
بِمَلْثَم منه رافني شَنَبهْ
عَلَّلْتُ خدّيَّ بالدموع له
إذ فاتني أنْ يَعُلَّني ثَغَبُهْ
إنْ يَنْأَ عن جانبي بجانبه
كما اتقى مسَّ مصحفٍ جُنُبهْ
فقد أراني وقد أراهُ وما
يدخل بيني وبينه سُخُبهْ
نم يا رقيبي فقد تَنبَّه لي
خَطْبٌ من الدهر كنت أرتقبهْ
قد آمن الشيبُ من يراقبني
من رابه الدهرُ نام مرتقِبُهْ
يا صاحباً فاتني المشيبُ به
أجْزَعني يومَ بان مُنْشَعَبُهْ
فارقني منهُ يوم فارقني
تِلعابة ٌ لا يَذُمّهُ صُحَبُهْ
ما عيبُه غيرَ أنَّ صاحبَهُ
يطول عند الفراقِ مُنْتَحبُهْ
وقلَّ من صاحب أُصيبَ بهِ
لمثلِهِ حُزْنُهُ ومُكتَأبُهْ
لهفي لشَرْخ الشباب أَن نَسختْ
مَناسبَ اللهوِ بعدَهُ نُدَبُهْ
يا دارُ أقوتْ من الشباب ألا
حَيَّاكِ غَيْثٌ فُرُوغُهُ جُوَبُهْ
دار شبابي الجديد والعيش ذي الحبْ
رَة والصَّيْدِ يَرْتمي كُثَبُهْ
يَحْسَبُه مَنْ بكاكِ مُمْتثلاً
مُنْسَكَبُ الدمعِ فيك مُنْسَكَبُهْ
أصبحت خرساءَ بعد مزهرِكِ ال
ناطق يَحدُو بكأسهم صَخَبُهْ
خَلاَّكِ ذَيلُ الصِّبى وساحبُهُ
يعفوك ذيلُ الصَّبا ومُنسَحَبُهْ
وكنتُ للخُرَّد الحسان فأص
بحْتِ لِهَيْقٍ خليطُه شَبَبُهْ
سَقياً لدهرٍ طوتْهُ غبطتُهُ
كانت كساعاتِ غيرِهِ حِقَبُهْ
إذا لم أسق الديارَ أدمُعَ لَهْ(76/79)
فانَ تُوالي زفيرَهُ كُرَبهْ
ولم أقلْ عند ذاك من أسفٍ
سَقياً لدهرٍ تخاذلتْ نُوَبُهْ
إذ غِرَّتي بالزمان تُوهمني
كلَّ متاعٍ يُعيرُهُ يَهَبهْ
لهفي لغُصن الشباب أن رجعتْ
مُحتطباً بعد نَضرِة شُعبَهْ
وكلُّ غصنٍ يروقُ منظرُهُ
يُعْقَبُ من مجتناهُ محتطبُهْ
وخيرُ دهرِ الفتى أَوائلُهُ
في كلّ خيرٍ وشرُّه عُقَبُهْ
قلت لخلٍّ خلا تعجُّبُهُ
إلا من الدهر إن خلا عَجَبُهْ
يعجَبُ منه ومن تلوُّنه
وكيف يقفو نوالَه حربُهْ
لا تعجبنْ للزمان إن كَثُرتْ
منهُ أعاجيبُهُ ولا ذَرَبُهْ
فالدهرُ لا تنقضي عجائبُه
أو يتقضَّى من أهله أرَبُهْ
كم جَوْرة ٍ للزمان فاحشة ٍ
قاد بها الرأسَ مُذعناً ذَنَبُهْ
وافترس الليثَ منه ثعلبُهُ
وصار يصطاد صقْرَهُ خَرَبُهْ
يا من يرى الأجربَ الصحيح فلا
يلقاهُ إلا مُبيِّناً نَكَبُهْ
ما جَرَب المرءِ داءَ جِلْدتِهِ
بل إنّما داءُ عِرضهِ جَرَبُهْ
بل يا مُهينَ المَهينِ يصحَبُه
رُبَّ مُهينٍ كفاك مُنتدبُهْ
لا تحقِر المُنْصُلَ الخشيبَ فقدْ
يُرضيك عند المِصاع مُختشبُهْ
كم من قويٍّ إذا أخلَّ به
فَقْدُ مَهينيْهِ فاتَهُ غَلَبُهْ
كالسهم ذي النصل لا نُهوضَ به
ما لم يكن ريشُهُ ولا عَقَبهْ
الشيءُ بالشيء يُستخَفُّ به
والجِذْعُ ما لا يصونهُ شَذبهْ
لا تيأسنْ أن يتوبَ ذو سَرَفٍ
يُضحي ويُمسي كثيرة ً حُوَبهْ
وايْأسْ من المرء أن يُنيبَ إذا
ما المرءُ كانت كثيرة ً تُوَبُهْ
بل أيها الطالبُ المُجِدُّ بهِ
في كلّ يومٍ وليلة ٍ قَرَبُهْ
قد شَفَّه حِرصُه وحالَفَهُ
طولَ عناءٍ وحسرة ٍ وَصَبُهْ
بل أيُّها الهاربُ المُخامرُه
خوفٌ وكربٌ مُخنَّقٌ لَبَبُهْ
أَلقِ المقاليدَ إنه قَدَرٌ
ما لامرىء ٍ صَرْفُه ولا جَلَبُهْ
قد يسبِقُ الخيرَ طالبٌ عَجِلٌ
ويرهَقُ الشرُّ مُمعِناً هَرَبُهْ
والرزقُ آتٍ بلا مطالبة ٍ
سِيَّان مدفوعُهُ ومُجتذَبهْ
لا يحزُنُ المرءَ أن ينبزَّ بالْ
ألقاب بل أن تشينَهُ خُرَبهْ
وما مَعيبٌ بعادمٍ لقباً(76/80)
كلُّ مَعيبٍ فَعيبُهُ لَقَبُهْ
فاسلمْ من العيب أو فكن رجلاً
ممن تهادَى عيوبَهُ غِيَبُهْ
فقلَّما عُدَّ مُخطئاً رجلٌ
قد كَثُرَتْ خاطئاتِه صُيبُهْ
إني وإن كنتُ شاعراً لَسِناً
أملكُ قولَ الخنا لأَجتنبُهْ
مخافة ً من قِراف مُخزيَة ٍ
بل من حريقٍ ذوو الخنا حَصَبُهْ
إلا انتصاري من العدو إذا
ما حان يوماً على يَدي شَجَبُهْ
فلا يخفْ مِقْوَلي البريءُ ولا
يأمنهُ جانٍ فإنني ذَرَبهْ
واثنانِ لي منهما أجَلُّهما
عذرُ كريمِ الرجال أو نَشَبُهْ
لا أستحِلُّ الثوابَ من رجلٍ
يظلُّ يحتالُه ويجتلبهْ
بل أقبلُ العذرَ إنه صَفَدٌ
عند العفيف السؤالِ يَحتِقبُهْ
أليس في طَلْع نخلهِ عِوضٌ
كافٍ إذا قِنوها التوى رُطَبهْ
بل لا أريغُ النوال من لَحِزٍ
سيان مُمتاحُه ومُغْتَصَبهْ
ولا ألومُ الهجينَ إن سَبَقَتْ
خيلٌ عِتاقٌ وخانَهُ عَصَبُهْ
كالمُتبع المدحَ بالهجاء إذا
ما المرءُ لم يَفْدِ عرضَهُ سَلَبُهْ
حسبُ امرىء ٍ مِنْ هجاءِ شاعرِهِ
مدحٌ له فيه خاب مُنْقلَبهْ
في المدحِ ذمٌّ لكل مُمتدحٍ
حاردَ عند احتلابه حَلبُهْ
أضحى أبو أحمد الأميرُ عبَيْ
دُ الله والحمدُ في الورى عِيبُهْ
وكيف لا يَنْحَلُون حمدَهُمُ
أباً شديداً عليهمُ حَدَبُهْ
معروفُهُ عُرضة ٌ لِطالبِه
بل طالبٌ كلَّ من ونَى طلبهْ
يهتزُّ للبذل والحِفاظ إذا
هزَّ غَوياً لغَيّه طَرَبُهْ
الناسُ إلبٌ مع الهوى أبَداً
وليس إلا مع العلا أَلَبُهْ
تلقى وفودَ الرجاء والخوف والشْ
شُكرِ قد استجمعتهُم رَحَبُهْ
مِنْ مُملقٍ زاره على أملٍ
يقتادُهُ نحو ماله رَغَبهْ
ومُشفقٍ جاءهُ على وَجَلٍ
يستاقُهُ نحو عِزِّه رَهَبُهْ
وشاكر نِعمة ً مُقَدَّمة ً(76/81)
ليس لغيرِ الثناء مُؤْتهبهْ
كم مُستريشٍ أتاه مُنسلخاً
من ريشه آبَ والغنى زَغَبُهْ
حتى غدا في ذَراهُ مضطَربٌ
رحبٌ وقد كان ضاقَ مُضطربهْ
ومستجيرٍ أتاه مُضطهَداً
قد أوطأ الناسَ خدَّه تَرَبُهْ
ألبسَهُ هَيبة ً فغادرهُ
رِئْبالَ غابٍ يَحفُّه أَشَبهْ
حتى غدا في حِماهُ مُعتصمٌ
مُغْنٍ وقد كان طال مُنزَرَبُهْ
أعتبنا الدهرُ بالأمير فلا
بُروكُهُ يُشتكَى ولا خَبَبُهْ
واستوطأ الرحلَ منه راكبُهُ
وطال ما قد نَبَا به قَتَبُهْ
راعٍ ومرعى ً فلا رعيَّتُهُ
يُلقى لها مُشتكٍ ولا عُشُبُهْ
تغدو متَابيعه من النَّعم ال
عُوذِ علينا وتارة ً سُلُبُهْ
فإن تعدَّت عِصابة ٌ فلها
منه سيوفُ النَّكال أو خَشَبُهْ
يبتهجُ المُبغضو الصليبِ من الن
ناسِ إذا رُفِّعت بهمُ صلُبُهْ
قَرمٌ نجيبٌ يفوتُ واصفَهُ
أدَّتْهُ من نَجل مُصعبٍ نُجُبهْ
أمَّا بنو طاهرٍ فإنهُمُ
نبعُ الورى إذ سواهُمُ غَرَبهْ
قومٌ غَدوا لا يفي بوزنهِم
في كرمٍ عُجْمُهُ ولا عَرَبُهْ
حَلُّوا من الناس حيث حلَّ من الْ
أبطال بَيضُ الحديد أو يَلَبُهْ
أرفَعُهم رتبة ً وأدفعهم
عنهم لأمرٍ مُحاذَرٍ عَطَبُهْ
هُمُ النجومُ التي إذا طلعت
في كلِّ ليلٍ تكشَّفت حُجُبهْ
زينة ُ سقفِ الأنامِ لا أَفلوَا
أعلامُهُ مُمطراتُهُ شُهُبهْ
منهم ذوو الجهر والأصالة والْ
معروفِ والنُّكْر حين تَطَّلبهْ
زانُوه زَيْنَ الفريد واسطة َ الْ
عِقْدِ زها في النظام مُنْتَخَبُهْ
وزانهم زينَها صواحبَها
لافضَّ ما في النظام مُنْقضَبهْ
كأنْ عليه قلادة ٌ نُظمتْ
من لؤلؤٍ لا تَشينُهُ ثقَبهْ
وأحسنُ الْحَلي منطقٌ حسنٌ
يكثُر محفوظُهُ ومُكْتَتبهْ
إذا دعا الشِعر مادِحوهُ لهُ
جاء مجيءَ المَرُوضِ مُقْتَضَبُهْ
عِفْ حمدَ سؤَّاله ولا يثنيك الْ
أخطَبُ عن قَصْده ولا خَطَبُهْ
ولا يعوقَنْك عن زيارته ال
أعضبُ مُستقبلا ولا عَضَبُهْ
مُحَرَّمُ الحولِ في تقدّمهِ
لكنهُ لابن خِيفَة ٍ رَجَبهْ
ربيعُهُ الممرع الذي جُعلتْ(77/1)
للناس مرعى ً ونُشْرة ً رُطُبُهْ
تدعوهُمُ تارة ً بَوارقُهُ
وتارة ً تُطَّبيهُمُ رِبَبهْ
أعزُّ من عزَّ يُستجارُ به
وهو مباحُ الثراء مُنْتَهَبُهْ
الموتُ من جِدِّهِ فإنْ لَعَبتْ
كفَّاهُ فالجودُ باللُّهى لُعَبهْ
لا تَطأُ الأسدُ ما حماهُ ولا
تلقاهُ إلا مُوطأً عَقِبهْ
يُعطيك ما كنت منه مُحتسباً
بل فوق ما كنتَ منه تحتسبهْ
لا كذِبُ المُنية التي وَعدتْ
معروفَهُ يُشتكَى ولا لَعِبُهْ
مشتَركٌ رفدُهُ إذا اتسعَ الْ
وُجدُ فإن ضاق فهو مُعتقِبُهْ
لو كان للماء جودُهُ لجَرتْ
سَيْحاً على الأرض كلَّها قُلُبُهْ
أضحت رَحى المُلكِ وهي دائرة ٌ
وحزمُهُ في مَدارها قُطُبهْ
راقِي صَعُود من العلاء أبداً
إذا تهاوَى بحارضٍ صَبَبُهْ
مُشيَّعٌ يركبُ الصِعابَ ولا
يركبُ أمراً يُعابُ مُرتكبهْ
لو أعرضَ البحرُ دون مكرُمة ٍ
لحَدَّث النفسَ أنه يُثبُهْ
يا من يُجاريه في مكارمهِ
أَنضَى المُجاري وحان مُتَّأَبُهْ
لا تلتمسْ شأوَهُ البطينَ فما
يُجريه إلا طِرفٌ له قبَبُهْ
من واهَقَ الريحَ وهي جارية ٌ
أَقصر أو كانَ قَصْرَهُ لَغَبُهْ
جاريتَ ذا غُرة ٍ تشافهُهُ
وذا حُجولٍ يَمسُّها جُبَبُهْ
مصباحُ نورٍ يُرى الخفيُّ به
جهراً ولولاهُ طال مُحتجبُهْ
إذا ارتأى للملوك في هَنَة ٍ
أَشْهدهُمْ كلَّ ما هُمُ غَيبُهْ
يَبْدَهُ أمرٌ فمن بديهتهِ
تُوجدُ في وشك طَرْفَة ٍ أُهَبُهْ
تكفيه من فكره خواطرُهُ
وأنه قد تقدَّمتْ دُرَبهْ
لا ينخب الروعُ قلَبه فلهُ
من كلّ حزمٍ يُريغهُ نُخَبهْ
قائدُ جيشَيْنِ منهما لَجِبٌ
جمٌّ وَغَاهُ وصامت لَجَبُهْ
له سلاحٌ يَشيمُهُ أبداً
عمداً فيَمضي ولا يُرى نَدَبُهْ
يُصاول القِرن أو يُخاتِله
جَلْداً أَريباً بعيدة ً سُرَبهْ
كالليث في بأسهِ وآونة ً
مثلُ الشُّجَاع الخفيِّ مُنْسربهْ
إذا عرتْ نوبة ٌ تحمَّلها
مُعوَّدَ الحمل قد عفت جُلبُهْ
تكفي هُويناهُ ما ألمَّ ولا
يُبلَغُ مجهودُهُ ولا تَعَبُهْ
قد جلَّ عن أن يمسَّه نَصَبٌ(77/2)
مخافة ُ اللَّه وحدَها نَصَبُهْ
وفي رضا اللَّه كُبرُ همَّتِهِ
والسعيُ فيما يُحبّهُ دَأَبُهْ
زانتْهُ غُرٌّ من الخِلال لهُ
ما لم تَزِنْ متنَ مُنْصُل شُطَبُهْ
يُضحي غريباً ولو ببلدتِهِ
فرداً وإن أحدقَتْ به عُصَبُهْ
منفردٌ بالكمال مُغتربٌ
فيه حرى ً أن يطول مُغتربهْص أُدْلُلْ عليه به فليس كمن
يُظلِمُ حتى يضيئهُ نسبهْ
هل يُجتَلى الصبحُ بالمصَابح في الْ
أفْق إذا لاح ساطعاً لَهَبُهْ
مَنْ كَزُريقٍ ومن كمُصعبِه
أو كحسينٍ وطاهرٍ قُرَبُهْ
أو مثل عبد الإله ذي الشرف ال
باذخ يُلقى إلى العُلى سَبَبُهْ
كالسيف في القَدِّ والصرامة والر
رَوْعة لكنَّ حَلْيَهُ أدبُهْ
كالغيث في الجود والتبرع والْ
إطباق لكنَّ صَوبَهُ ذهَبُهْ
كالبدرِ في الحسن والفخامة ِ والرْ
رِفعة لكن ضوءَهُ حَسَبُهْ
كالدهر في النفع والمضرَّة وال
حنْكة لكن رَيْبَه غَضَبُهْ
وكلّ أشباهِه التي ذُكرتْ
دونَ الذي بلَّغت به رُتَبُهْ
خُذها أميري قلادة ً نُظمتْ
من لؤلؤٍ لا يَشينُهُ ثُقَبُهْ
وأحسنُ الحَلْي منطقٌ حسنٌ
يكثرُ محفوظُهُ ومكتتبُهْ
يشهدُ ما خصَّك الإلهُ بهِ
أنَّك مختارُهُ ومنتخبهْ
ضنَّ بك الدهرُ عن حوادثِهِ
فأنت مأمولُهُ ومرتَقبُهْ
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وشاعرٍ أَجْوعَ من ذيبِ
وشاعرٍ أَجْوعَ من ذيبِ
رقم القصيدة : 60540
-----------------------------------
وشاعرٍ أَجْوعَ من ذيبِ
معشِّشٍ بين أَعاريبِ
سَلَّتُهُ أقفرُ من سبسبٍ
فيها طِرازٌ للعناكيبِ
لا مستهِلٌّ فيه يُكْنى
غير سُلاحٍ كالمَيازِيبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> غنَّت فمسَّ القلبَ كلُّ كربِ
غنَّت فمسَّ القلبَ كلُّ كربِ
رقم القصيدة : 60541
-----------------------------------
غنَّت فمسَّ القلبَ كلُّ كربِ
واستوجبتْ منا أليمَ الضربِ
لها فمٌ مثلُ اتِّساع الدَّربِ
وفَقْحة ٌ مشقوقة ٌ بالزُّبِ
بَقْباقة ٌ كبقبقات الحُبّ
هدَّارة ٌ مثلُ هدير النُّجْبِ(77/3)
وهْي على ما أظهرت من عُجْبِ
وتدَّعيه من شَجًى وحُبِّ
وتشتكيه من رياح الجَنْب
نافرة ُ الصَّوت خَرُوج الضَّربِ
حَسْبِيَ مِنها يا نديمي حسبي
قد أُصدأَتْ سمعي وغمَّتْ قلبي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أخالدُ أخطأت وجهَ الصواب
أخالدُ أخطأت وجهَ الصواب
رقم القصيدة : 60542
-----------------------------------
أخالدُ أخطأت وجهَ الصواب
ولم تأت أَيْريَ من بابِهِ
خَرُقْتَ فجمَّشْتَهُ بالهجاء
وأُنْسِيتَ كثرة َ خطَّابهِ
فلو كنتَ غازَلْتَهُ بالنَّسي
بِ أصْبحتَ أنجح طلابهِ
كَبِنْتِكَ حين تَأتَّتْ له
فأضحتْ رئيسة َ أصحابهِ
عدمْتك شيخاً أخا حُنْكة ٍ
يحاول أمراً فَيَعْيَا بهِ
وتطلبهُ غادة ٌ كاعبٌ
فَتُحكم من أمْر أسبابهِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا ما رأيتَ الدهرَ بستانَ مشمشٍ
إذا ما رأيتَ الدهرَ بستانَ مشمشٍ
رقم القصيدة : 60543
-----------------------------------
إذا ما رأيتَ الدهرَ بستانَ مشمشٍ
فأيْقِنْ بِحقٍّ أنَّهُ لِطَبيبِ
يُغِلُّ له ما لا يُغِلُّ لربهِ
يُغِلّ مريضاً حَمْلُ كلِّ قضيبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> نَصَبَتْ حبائلَ حسنها فأصطدنَني
نَصَبَتْ حبائلَ حسنها فأصطدنَني
رقم القصيدة : 60544
-----------------------------------
نَصَبَتْ حبائلَ حسنها فأصطدنَني
ثم انتحتْ قلبي بنَبْلِ عذابها
هل في الشريعة نصُب صيدٍ حاصلٍ
للنَّبل تُرشقه يدٌ بصيابها
صدٌّ وهجرانٌ وطولُ تعتُّبٍ
وأشدُّ منهُ ضنُّها بعتابها
ما بالُها سيفاً عليَّ مسلَّطاً
ولقد أتيتُ محبتي من بابها
يا ربِّ إنْ وجبَ العقابُ فوقِّها
بي من عقابِ ذنوبها وحسابها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تُذَكَّرُ بِي فَتُرجيني
تُذَكَّرُ بِي فَتُرجيني
رقم القصيدة : 60545
-----------------------------------
تُذَكَّرُ بِي فَتُرجيني
فتنساني مدى حِقَبِ
فأُذكرُ تارة ً أخرى
بنفسي غيرَ متئبِ
فتأمُرُ أنْ يذكِّر بي
جليساً منكَ في تعبِ(77/4)
فيذكُرني فترجيني
كأولِ وَهْلة ِ الطَّلبِ
فأحسبُ أنّ حظي من
كَ دهري أن تُذكَّر بي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لَحظاتُ أجفانِ الحبيبْ
لَحظاتُ أجفانِ الحبيبْ
رقم القصيدة : 60546
-----------------------------------
لَحظاتُ أجفانِ الحبيبْ
رُسُلُ القلوب إلى القلوبْ
والشوقُ يفعل بالعزا
فعلَ الإنابة بالذنوبْ
لا والذي بجفائهِ
وَصَلَ المدامعَ بالنحيبْ
ما شفَّ جسمي في الهوى
إلا مراقبة ُ الرقيبْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سيّدي أنت شاخِص مصحوبُ
سيّدي أنت شاخِص مصحوبُ
رقم القصيدة : 60547
-----------------------------------
سيّدي أنت شاخِص مصحوبُ
وضَياعي إليكُمُ منسوبُ
فأقمْ لي بما رَزَقْتَ ضمينا
فجميلٌ أنْ يُضْمَنَ الموهوبُ
إنَّ فوقَ الإفضال أن تجعل الإف
ضالَ حقاً له عليك وُجوبُ
أوَ ليس الإفضالُ إرضاءَك اللَّ
هَ بفضلٍ يحيا به منكوبُ
ومن الواجب المؤَكَّدِ حَقٌّ
يشرَعُ الربُّ فيه والمربوبُ
ذاك حقٌّ من الحقوق مُبينٌ
مثلُهُ عِنْدَ مثلكم مطلوبُ
بل لك الحقُّ ليس لي غيرَ أن ال
حُرَّ سَمَحٌ مُخَادَعٌ مكذوبُ
إنْ يغبْ وجهُك المبارك عنَّا
أوْ يَعُقْ عنهُ حِجْنة ٌ أو ركوبُ
فلقد يأَذن الكريمُ على جدْ
وَى يديه ووجهُهُ مَحْجُوبُ
وينوبُ السَّماحُ عنه إذا غا
بَ فَيُغني في نائباتٍ تنوبُ
لا تُطِلْ رهبتي بإرجاءِ أمري
فكفاني فراقُك المرهوبُ
حَسْبُ نفسي بما جَنَتْه عليها
فُرْقة ٌ للشَّجاءِ فيها نُشُوبُ
هي فَقْدُ النَّسيم في البُكَرِ الطَلْ
لَّة ِ والروضُ مُزْهِرٌ مَهْضُوبُ
هي فَقْدُ السَّحابِ خَيَّلَ ثم انْ
جاب عن معشرٍ عَراهُمْ جُدُوبُ
هي فَقْدُ الضياءِ في عين سَارٍ
حيثُ لا مَعْلَمٌ لهُ منصوبُ
عنديَ الحَنَّة ُ الشجيَّة ُ والأنْ
نَة ُ ممّا يئنُّهَا المكْرُوبُ
واللّذاذاتُ فهْي محتسباتٌ
أوْ نراكُمْ وشهرُنا محسوبُ
وشَمالُ الرِّياح محبوبة ٌ في
ك ومحسودة ٌ عليك الجَنُوبُ
فَلِقَلْبي تحرُّكٌ وسُكُونٌ(77/5)
كلّما هاجَ من رياحٍ هُبُوبُ
ومآبُ الهموم بالليل صدري
بل فؤادي بل مهجتي أوْ تَؤُوبُ
وحشة َ النِّضْو للنَّسيم إذا أعْ
وَزَ وهْو المأكولُ والمشروبُ
وحشة َ المجدِبِ المُقلّ دَهَتْهُ
نُقْلَة ُ الغيثِ حين كاد يَصوبُ
وحشة َ الفردِ غُيِّبَ النُّورُ عنهُ
في سُهوبٍ أمامهنّ سُهُوبُ
وحشة َ العبدِ للمليك وليستْ
وحشة َ الكُفءِ والمعاني ضُروبُ
غيرَ أنِّي أرجو الإلهَ وإن كا
نتْ بقلبي من أن تغيب نُدُوبُ
وغداً يُعْقِبُ الغُروبَ شُروقٌ
مثل ما أعقبَ الشروقَ غُروبُ
ومن العدل أن تخفِّفَ عنِّي
بعضَ ما ويَّلَتْ عَلَيَّ الخطوبُ
قل لهارون قولة ً تَهَبُ الأم
نَ لقلبي فإنه مَرْعُوبُ
ولأَنتَ الذي يَعُدُّ تَمَاماً
للأيادي أن تطمئنَّ القلوبُ
لا أداجيك أيها السيّد البا
سِطُ نُعماهُ والمُداجِي كذُوبُ
كنتُ قَبْل الذي منحتَ فقيراً
وأنا الآنَ بعدَه مَسْلُوبُ
ورأيتَ الفقيرَ أيسَر خطباً
مِن غَنيٍّ لهُ غدٌ محروبُ
والذي لم يَكُنْ فليس بمندو
بٍ وما كانَ وانْقضَى مندوبُ
فاتَّقِ اللَّه أنْ تَلُزَّ بفقري
حسرة ً في الحشا لها أُلْهُوبُ
صم وضَياعي إليكُمُ منسوبُ
فأقمْ لي بما رَزَقْتَ ضمينا
فجميلٌ أنْ يُضْمَنَ الموهوبُ
إنَّ فوقَ الإفضال أن تجعل الإف
ضالَ حقاً له عليك وُجوبُ
أوَ ليس الإفضالُ إرضاءَك اللَّ
هَ بفضلٍ يحيا به منكوبُ
ومن الواجب المؤَكَّدِ حَقٌّ
يشرَعُ الربُّ فيه والمربوبُ
ذاك حقٌّ من الحقوق مُبينٌ
مثلُهُ عِنْدَ مثلكم مطلوبُ
بل لك الحقُّ ليس لي غيرَ أن ال
حُرَّ سَمَحٌ مُخَادَعٌ مكذوبُ
إنْ يغبْ وجهُك المبارك عنَّا
أوْ يَعُقْ عنهُ حِجْنة ٌ أو ركوبُ
فلقد يأَذن الكريمُ على جدْ
وَى يديه ووجهُهُ مَحْجُوبُ
وينوبُ السَّماحُ عنه إذا غا
بَ فَيُغني في نائباتٍ تنوبُ
لا تُطِلْ رهبتي بإرجاءِ أمري
فكفاني فراقُك المرهوبُ
حَسْبُ نفسي بما جَنَتْه عليها
فُرْقة ٌ للشَّجاءِ فيها نُشُوبُ
هي فَقْدُ النَّسيم في البُكَرِ الطَلْ(77/6)
لَّة ِ والروضُ مُزْهِرٌ مَهْضُوبُ
هي فَقْدُ السَّحابِ خَيَّلَ ثم انْ
جاب عن معشرٍ عَراهُمْ جُدُوبُ
هي فَقْدُ الضياءِ في عين سَارٍ
حيثُ لا مَعْلَمٌ لهُ منصوبُ
عنديَ الحَنَّة ُ الشجيَّة ُ والأنْ
نَة ُ ممّا يئنُّهَا المكْرُوبُ
واللّذاذاتُ فهْي محتسباتٌ
أوْ نراكُمْ وشهرُنا محسوبُ
وشَمالُ الرِّياح محبوبة ٌ في
ك ومحسودة ٌ عليك الجَنُوبُ
فَلِقَلْبي تحرُّكٌ وسُكُونٌ
كلّما هاجَ من رياحٍ هُبُوبُ
ومآبُ الهموم بالليل صدري
بل فؤادي بل مهجتي أوْ تَؤُوبُ
وحشة َ النِّضْو للنَّسيم إذا أعْ
وَزَ وهْو المأكولُ والمشروبُ
وحشة َ المجدِبِ المُقلّ دَهَتْهُ
نُقْلَة ُ الغيثِ حين كاد يَصوبُ
وحشة َ الفردِ غُيِّبَ النُّورُ عنهُ
في سُهوبٍ أمامهنّ سُهُوبُ
وحشة َ العبدِ للمليك وليستْ
وحشة َ الكُفءِ والمعاني ضُروبُ
غيرَ أنِّي أرجو الإلهَ وإن كا
نتْ بقلبي من أن تغيب نُدُوبُ
وغداً يُعْقِبُ الغُروبَ شُروقٌ
مثل ما أعقبَ الشروقَ غُروبُ
ومن العدل أن تخفِّفَ عنِّي
بعضَ ما ويَّلَتْ عَلَيَّ الخطوبُ
قل لهارون قولة ً تَهَبُ الأم
نَ لقلبي فإنه مَرْعُوبُ
ولأَنتَ الذي يَعُدُّ تَمَاماً
للأيادي أن تطمئنَّ القلوبُ
لا أداجيك أيها السيّد البا
سِطُ نُعماهُ والمُداجِي كذُوبُ
كنتُ قَبْل الذي منحتَ فقيراً
وأنا الآنَ بعدَه مَسْلُوبُ
ورأيتَ الفقيرَ أيسَر خطباً
مِن غَنيٍّ لهُ غدٌ محروبُ
والذي لم يَكُنْ فليس بمندو
بٍ وما كانَ وانْقضَى مندوبُ
فاتَّقِ اللَّه أنْ تَلُزَّ بفقري
حسرة ً في الحشا لها أُلْهُوبُه
حاطك اللَّهُ في المغيب وأدَّا
كَ وأدْنَى أحْوَالِكَ المحبوبُ
وفَدَاكَ الذي يرى الطَّوْلَ ذَنْباً
كان منه عن هَفْوَة ٍ فيتوبُ
والذي مَنُّهُ مَشُوبٌ بِمَنٍّ
إنَّ رَنْقاً مَنٌّ بِمَنٍّ مَشُوبُ
يا مَنِ الدَّهرُ مُذْنِبٌ فإذا كا
ن بخيرٍ فما لدَهْرٍ ذُنوبُ
ومِنَ العيشِ ذو عيوب فإن شِي
بَ بنُعْمَاهُ زايلتهُ العيوبُ(77/7)
ومن الرأي ذو غُيُوب فإن أوْ
قَدَ نيرانَهُ فليْسَتْ غُيوبُ
أنت نجمُ النجومِ والدهرُ ليلٌ
مَا لِنَجْمٍ سواك فيه ثُقُوبُ
حَمِدَ النجمُ أنَّ إنعَامَك الخا
طِبُ فينا وشكركَ المخطوبُ
وَرَأَى أنَّ ذاكَ أحْسَنُ مَقْلُو
بٍ وإن كان يَقْبُحُ المقلوبُ
أنت ذو السُّؤْدُدَيْنِ لم يَعْدُكَ المو
رُوثُ من سؤْددٍ ولا المكسوبُ
ولقد خِفْتُ والبريءُ مُلَقًّى
كلُّ ذنبٍ برأْسهِ مَعْصوبُ
أن يقول الوشاة ُ بي إنَّ شؤمي
قاد هذا الشُّخُوصَ والإفكُ حُوبُ
وجوابي أنْ لَمْ يَغِيبُوا وشاهَدْ
تُ فزالتْ مخاوفٌ ونُكوبُ
أنا مَنْ لا يشُكُّ في اليُمْنِ مِنهُ
أَوْ يَمينُ ابنُ فَجْرَة ٍ ويَحُوبُ
جئتُ والدولة ُ السعيدة ُ خلفي
رأسُها في مَقَادتي مَجْنوبُ
ذاك حقٌّ ما تغتصبْهُ يدُ الغا
صبِ منّي فَغَيرُهُ المغْصُوبُ
أَفيُنْسى ما صحَّ لي ويُسَوَّى
فيَّ إفْكٌ مُلَفَّقٌ مركُوبُ
كَذَبَ الزَّاعِمُونَ أَنِّيَ مشْؤُو
مٌ ومَانُوا والثالبُ المثلوبُ
كَذَبَ الزَّاعِمُونَ أَنِّي مَشؤو
مٌ كلُّ زعمٍ مُكَذَّبٌ مَكْذُوبُ
بل ليَ اليُمْنُ لا محالة كالصُّبْ
حِ إذا لاح ضوؤه المشبوبُ
إن يكُنْ ذاك مُغْفَلاً عند عَبْدٍ
فَهْو لي عند سيدٍ مكتوبُ
وشهيدي بذلك ابنُ فِرَاسٍ
وهو عَدْلُ العُدُول لا المقْصُوبُ
مُجْتَبَى قَاسمٍ وما زَالَ قِدْماً
صاحباً مِثلُهُ اجْتَبَى مَصْحُوبُ
لا كخِلٍّ علمتُهُ لا يُرَجَّى
منه خيرٌ وشرُّهُ مرقوبُ
كَفُلاَنٍ في دحْسهِ وفُلانٍ
ولتلكَ التِّراتِ يوماً طَلُوبُ
من أنَاسِ قَدْ أوْسَعُونَي سَبَّا
بعد عرفانِهِمْ مَنِ المسبُوبُ
وأُرَاني مُسَعِّراً لَهُمُ الحرْ
بَ وحرْبي إذا اعتزمتُ حُرُوبُ
وَكَأَنِّي بهم جِرَاءً تَضَاغَى
وعذابي عليهُمُ مصبوبُ
وهُمُ لائِذونَ منِّي بحقُوَيْ
كَ وشَيْطَانُهُمْ ذَلُولٌ رَكُوبُ
أوْ يَرَى غَيْرَ ذاك من يرعوي الرأْ
يُ إلى وجهِ رأيهِ ويَتوبُ
وأنا الغالبُ العدوَّ بجدِّي
وبحدِّي وقِرْني المغْلُوبُ(77/8)
وكأن الذي يصابُ بقَذْعي
بنُجُومٍ ثَواقِبٍ مَحْصُوبُ
أنا من جرَّبَ المَشاغيبَ منْ قَبْ
لُ وشَغْبي على الزمان رَتُوبُ
لوْ أرُوضُ الشيْطانَ أَذْعَنَ كالكَلْ
بِ أو العَودِ عضَّهُ الكُلُّوبُ
ولَمَا ذَاكَ أَنَّني الرجلُ الشِّرْ
رِيرُ منِّي الخَنَا ومنِّي الوُثُوبُ
بلْ لَديَّ الإنْصَافُ يَشْفَعُهُ الإحْ
سانُ ما قَارَبَ الألدُّ الشَّغُوبُ
وإذا ما اسْتُثِيرَ جَهْليَ فَلْيُقْ
رَعْ هُنَاكُمْ لحرْبيَ الظُّنْبُوبُ
عِنْديَ العدْلُ كلُّهُ لصديقي
وعلي ظالمي يثورُ العَكُوبُ
وأنا الشَّاكِر الصَّنائعَ للسا
دَة ِ جُهْدي وإنْ علاها الشحوبُ
ولقدْ أَرْفَعُ الهجاءَ عَنِ النَّا
سِ ومالي فيهمُ حِمى ً مقْرُوبُ
هَيْبَة ً منهُمُ لحربي كما ها
بَ شبا الأجدَلِ القطا الأُسْرُوبُ
ذَاكَ أن لا يزال ينذِرُ قوماً
بِوِقَاعي مُنَيَّبٌ مَخْلُوبُ
فَهُمُ مُصْبِحُونَ ليس عليهم
من ظلام الغرور إلا المَجُوبُ
خَلِّيَاني ومعشراً نَابَذُوني
تَعْلَم الحربُ أَيُّنَا المنْخُوبُ
أَعَلَيَّ انتضوا سيوفَ رَصَاصٍ
تَتَثنَّى وسَيْفيَ المَعْلُوبُ
سَيْفيَ السيفُ مَنْ أُلِيحَ لهُ مَا
تَ ومهما أَصَابَه مقْصُوبُ
كلما قَطَّ أو هَوَى في مَقَذٍّ
مِضْرَبٌ منه في العظام رَسُوبُ
أوْهَمَ العينَ أنه أخطأَ المَضْ
رِبَ هذَّاً وقد مَضَى المضْروبُ
فَلْيُحَاذِرْ شَذاتيَ الرَّجُلُ العِرْ
ريضُ أوْ لاَ فخدُّهُ والجَبُوبُ
وأنَاسٍ تعرَّضُوا لعُرامي
فاجتواهم وحدُّه مَذْروبُ
ولقد يسلمُ الخسيسُ كما يس
لمُ فوقَ الأسنة اليعسوبُ
لو يُحِسُّ السِّنانُ ثِقْلاً من اليعْ
سُوب وافاهُ قَعْبُهُ المقْشُوبُ
لكنِ الوزْنُ خَفَّ منه فلم يشْ
عُرْ به الرمحُ لا ولا الأنبوبُ
فَانْتَهى حاطبٌ عَلَيَّ وإلاَّ
فعليه هَشِيمُهُ المحْطُوبُ
والحِذَار الحذارَ من مبرِقَاتٍ
مُصْعِقَاتٍ لوقعها شُؤْبُوبُ
إنَّ من جاء يَمْتَرِي ضَرَّة َ اللَّبْ
وة ِ غَرْثَى لَلْحائِنُ المجْلُوبُ(77/9)
حَالِبٌ جاء يَسْتَدِرُّ حَلوباً
دَمُهُ دون درِّها المحلوبُ
رامَ من ضَرْعِهَا شُخُوباً فكانت
من وتين الشَّقيِّ تلكَ الشُّخُوبُ
والذي جاء يَمتري خُصْيَة َ اللَّيْ
ث فذاك الذي حَدَتْهُ شَعُوبُ
شَهِدَ الموتُ أنه لِقَفَاهُ
مُقْعَصٌ أوْ لِوجْهِهِ مكبوبُ
وإليك الشكاة ُ يا ابن الوزيريْ
نِ فإني في محنتي أيوبُ
غير أني أرْجو كما نال بالصبْ
رِوما نال قبله يعقوبُ
قد ترى ما أظلَّني من فِرَاقي
كَ ومن دون ذاك تَنْبو الجنُوبُ
ثمَّ من معشرٍ يَدِبُّونَ بالإفْ
ساد للحال واللَّئيمُ دَبُوبُ
أهلُ ضِغْنٍ متى يغيبوا يقولوا
ويعيبوا وكلُّهم مَعْيُوبُ
يَحْسُدُوني فضيلتي مثلَ مَا يَحْ
سُدُ بَعْلَ العَقِيلَة المجْبُوبُ
وهُمُ لو رآك ليثك ترعا
هُ ذبابٌ عن وجهه مذبوبُ
نَهْنَهتْني مهابتي لك عن جِي
لٍ من الناس والأريبُ هيوبُ
ثم أشكو إليك جَدْبَي والمرْ
عَى مَريعٌ والماء صَافٍ شروبُ
أَلَكَ الأمرُ والسياسة ُ واسم الم
عْتفيكَ الصُّعلوكُ والقُرْضُوبُ
ثَوْبيَ الرثُّ والثيابِ طِرَاء
وطعامي بِرَغْميَ المجشُوبُ
وخِوَاني مُلَكَّكٌ وقِصَاعي
وَبرامي فكلُّها مَشْعُوبُ
وَحِبابي مَصْدُوعَة ٌ وجِراري
وقِلاَلي فكلها مثقوبُ
من رأى منزلي رأى خَيْرَ عِلْقٍ
فيه أنْ ليْسَ فيه لي مَنْهُوبُ
ومَحَلّي عَاريَّة ٌ وجدارا
تُ بيوتي فكلُّها منقوبُ
ومَقيلي في الصيف سُخْنٌ بلا خيْ
شٍ فعظمي يكادُ منه يذوبُ
ومبيتي بلا ضجيعٍ لدى القرْ
رِ وللوغد شادِنٌ مخضوبُ
وَلي الخفُّ ذو الرقاع أو النعْ
لُ وللعبدِ سابحٌ يَعْبُوبُ
وهُمومي مُحَدِّثاتي وبُسْتَا
نيَ شوكٌ ثمارُهُ الخَرُّوبُ
عكستْ أمْريَ النحوسُ فعنزي
أبداً حائلٌ وتيسي حلوبُ
غير أني رأيتُ نَحْسي على نَفْ
سي فعودي لا غيرُهُ المنْخُوبُ
أصحبُ المرء فهو منيَ مَمْطُ
ورٌ ولكنْ واديه لي مَجْدوبُ
وكهولُ الحَوذانِ فيه مع السَّعْ
دان غُلباً كأنهن الصُّقُوبُ
فإذا ما ارتَعْتُ فيها ذَوَتْ لي(77/10)
لا لغيري وعاد فيها شُسُوبُ
ولمثلي يَخْتَارُ رُوَّادُ مُرْتا
دٍ ولكن إنْ ناصَحَتْهُ الجُيوبُ
غير أنَّ المنقوص يَشْنأ ذا الفض
ل وذو النقصِ تَيَّهانٌ ذَهُوبُ
ينتحي من عِدائه في الثَّنِيَّا
تِ ولَحْبُ الهدى له مَلْحُوبُ
مَنْ عذيري من دولة ٍ يَدي المنْ
كُوح فيها ورِجْليَ المركوبُ
ما عذيري من هذه الحال إلا
سيِّدٌ لي من آل وَهْب وَهُوبُ
متلِفٌ فهو للثراءِ مُفِيتٌ
مخلِفٌ فهو للثناء كسوبُ
ولقد قلت حين أخطأني الحُمْ
لاَنُ قدْ تخطىء المحِقَّ الذَّنُوبُ
أيها الشامتون ما نَضَبَ البح
ر ولا يُتَّقَى عليه النُّضوبُ
سيق حظٌّ إلى أخٍ وطريقُ الْ
حظِّ نَحْوي بزعمكم دُعْبوبُ
وأبو الأسْودِ العُزَيْريُّ أهْلٌ
للأيادي والحقُّ قِرْنٌ غَلُوبُ
وخِلالُ الإعْطاءِ مَنْعٌ وللرُّمْ
ح أنابيبٌ بَيْنَهُنَّ كُعُوبُ
وأمامي ومِنْ ورائي من السَّيْ
يِدِ سيبٌ مُسَحْسَحٌ مسكوبُ
لي مكانَ الحمارِ عند الفتى الما
جِد بَغْلٌ أوْ بغلة ٌ سُرْحُوبُ
وهْيَ أجْدَى عَلَيَّ إذ هي ظَهْرٌ
ومَنَاكٌ متى تمادى عُزُوبُ
وهي رهن بذاك أو تفتديها
ذَات دَلٍّ لها قَناً خُرعُوبُ
وَلَما مُنْكَرٌ لمثليَ من مثْ
لكَ رُؤدٌ من القيان عَرُوبُ
تُلْبِسُ الأوجُهَ الكواسف نوراً
وهي مِنْ بَعْدُ للعقولِ سَلُوبُ
إن أَشارتْ بطرفها فَسُحورٌ
أَوْ أشارتْ بكفها فخلُوبُ
لَدْنَة ُ الغُصْن مُكْتَساها رشيقٌ
والمعَرَّى مُطَهَّرٌ رُعْبُوبُ
مِضْرَبٌ مَطْرَبٌ يُسرُّ طَرُوبٌ
بمناغاة لَيْلِها وَضَرُوبُ
بَثَّ عنها الفُتونَ حَجْلٌ صَمُوتٌ
ماله نَبْسَة ٌ وعُودٌ صَخُوبُ
وحَقيقٌ بمثلها مَنْ هواهُ
فيك عَيْنُ الصريحِ لا المأشُوبُ
إنْ تُعَلِّلْ قمرية ُ الأُنْس قلبي
فبما راعَهُ الغرابُ النَّعُوبُ
كم رأى القلبُ حَتْفَهُ مُذْ نَوَيْتُمْ
ما نويتمْ وكم عرتْهُ الكروبُ
وأُرى أنَّ معشراً سيقولو
نَ سخيفٌ من الرجال لعوبُ
أين عنه وقارُ ما يدَّعيهِ
من عُلومٍ لحامليها قُطُوبُ(77/11)
ولعمري إنَّ الحكيمَ وقورٌ
ولعمري إن الكريمَ طروبُ
لو رأى كلُّ عالمٍ مجلسَ السَّيْ
يِدِ يوماً لقلَّ منه الدُؤُوبُ
أو رأى اللهوَ مُسْتَجِمٌ حكيمٌ
ذو وقارٍ إذاً عراهُ اللُّغُوبُ
ليس للخطَّة ِ الرشيدة ِ إلاَّ
باحثو غَيْبِ خُطَّة ٍ أو شُرُوبُ
غير أنْ ليس بالجميل من الأم
ر حكيمٌ مجدَّلٌ مَسْحُوبُ
قد سبتْ عَقْلَه الشَّمولُ فما في
ه سوى أن يقولَ قومٌ شَروبُ
قد تنفَّلتُ في اقتضائيك رزقي
فتنفَّلْ فأنت غيثٌ سكوبُ
وفضولُ الكلام أنفالُ أمثا
لي وأنفالك اللهى والسُّيُوبُ
ن
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ذكرتُكَ حين ألقتْ بي عصاها النْ
ذكرتُكَ حين ألقتْ بي عصاها النْ
رقم القصيدة : 60548
-----------------------------------
ذكرتُكَ حين ألقتْ بي عصاها النْ
نَوى يوماً بنهر أبي الخصيبِ
وقد أرستْ بنا في ضَفَّتيه الر
جواري المنشآت مع المغيبِ
غدونَ بنا ورُحْنَ محمَّلاتٍ
قلوباً مُوقَرَات بالكُروبِ
تجوز بنا البحار إذا استقلَّتْ
وتُسلمُها الشَّمالُ إلى الجنوبِ
وبين ضلوعها أبناءُ شوقٍ
نأتْ بهم عن البلد الرحيبِ
نأتْ بهمُ عن اللذات قَسْراً
ووصل الغانيات إلى الحُروبِ
إلى دارٍ أبتْ فيها المنايا
رجوعاً للمحب إلى الحبيبِ
فقلت ومقلتاي حياءَ صحبي
تذودان الجفونَ عن الغروبِ
لعل الفردَ ذا الملكوت يوماً
سيَقضي أوبة َ الفرد الغريبِ
فما برحتْ عن العِبْرَيْن حتَّى
رُددْنَ إلى الأُبُلَّة من قريبِ
وراحت وهي مثقَلة تهادَى
إلى مغنى أبي الحسن الجديبِ
محلٌّ ما ترى إلا صريعاً
به ملقى ً وذا خد تَريبِ
وطال مقامنا فيه وكادتْ
تنال نُفُوسَنا أيدي شَعُوبِ
فلم تك حيلة ٌ نرجو خَلاصاً
بها إلا التضرُّعَ للمجيبِ
ولما حُمَّ مرجِعُنَا وصحّتْ
على الإيجاف عَزْمات القلوبِ
دَخَلْنَا من بنات البحر جونا
تهادى بين شبَّان وشيبِ
نواجٍ في البطائح ملقِيَاتٌ
حيازمَها على الهول المهيبِ
مُزمَّمَة ُ الأواخرِ سائراتٌ
على أصلابها شَبَهَ الدبيبِ(77/12)
تكادُ إذا الرياحُ تعاورتْها
تفوتُ وفودَها عند الهبوبِ
مسخرة ً تجوب دجى الليالي
بمثل الليل كالفرس الذَّنوبِ
أبت أعجازُها بمقدَّماتٍ
لها إلا مطاوعة َ الجنُوبِ
غَنِينَ عن القوادم والهوادي
وعن إسْرَاجِهِنَّ لدى الركوبِ
حططنَ بواسطٍ من بعد سبعٍ
وقد مال الشروقُ إلى الغروبِ
ووافتنا رياحٌ حاملاتٌ
إلينا نشرَ لابسة ِ الشُّرُوبِ
أتت نِضْواً بَرتْهُ يدُ الليالي
وأنحل جسمَه طولُ اللغوبِ
وأَلبستِ الهواجرُ في الفيافي
نضارة َ وجههِ ثوبَ الشحوبِ
فلم نملك سوابق مُقْرَحَاتٍ
من الأجفان بالدمع السكوبِ
ولما شارفتْ بغداذ تسري
بنا والليل مَزْرُورُ الجيوبِ
وقد نُصبتْ لها شُرُعٌ أُقيمتْ
بهنّ صدورُهُنَّ عن النكوبِ
تضايق بي التصبّرُ عنك شوقاً
وأسلمني الزفيرُ إلى النحيبِ
وبِتُّ مراقباً نجمَ الثريّا
مراقبة َ المُخالِسِ للرقيبِ
وما طَعِمتْ جفوني الغمضَ حتى
حللتُ عِراصَ دور بني حبيبِ
وفي قُطربُّلٍ أطلالُ مَغنى ً
بهن ملاعبُ الظبي الرَّبيبِ
فكم لي نحوهنّ من التفاتٍ
وأنفاسٍ تَصعَّد كاللهيبِ
ومن لحظات طرفٍ طاوياتٍ
حشايَ برجعهنَّ على نُدوبِ
ورحنا مسرعين إليك شوقاً
مسارعة َ العليلِ إلى الطبيبِ
لكي نُرْوي نفوساً صادياتٍ
بقربٍ منك للصادي مُصيبِ
وجاوزنا قرى بغداذ حَتَّى
دَلَلْنَا عليك أصواتُ الغروبِ
وهَيَّجَتِ الصَّبَا لمَّا تبدَّتْ
بريّاً منك في القلب الكئيبِ
وواجهنا بغرة سُرَّمَنْ را
وجُوهاً أكذبتْ ظنَّ الكذوبِ
وردَّتْ ماءَ وجهي بعد ظِمْءٍ
وسودَ غدائري بعد المشيبِ
فسبحان المؤلِّف عن شتاتٍ
ومن أدنى البعيد من القريبِ
ولم يُشْمِتْ بنا داوودَ فيما
رجا سَفَهاً وأمَّلَ في مغيبي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألم تر أنني قبل الأَهاجي
ألم تر أنني قبل الأَهاجي
رقم القصيدة : 60549
-----------------------------------
ألم تر أنني قبل الأَهاجي
أُقدِّمُ في أوائلها النسيبا
لتخرق في المسامع ثمّ يتلو(77/13)
هجائي مُحْرِقاً يكوي القلوبا
كصاعقة ٍ أتتْ في إثر غيثٍ
وضِحكُ البيض تُتْبِعُهُ نحيبا
عجبت لمن تَمَرَّسَ بي اغتراراً
أتاح لنفسهِ سهماً مصيبا
سَاُرْهِقُ من تَعَرَّضَ لي صعُوداً
وأكوي مِنْ مياسميَ الجنوبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبا إسحاقَ لاتغضب فأرضَى
أبا إسحاقَ لاتغضب فأرضَى
رقم القصيدة : 60550
-----------------------------------
أبا إسحاقَ لاتغضب فأرضَى
بعفوك دون مأمول الثوابِ
أُعيذك أن يقول لك المرجِّي
رضيتُ من الغنيمة بالإيابِ
أسُوءُ الرأي في ابن أبي وأُمِّي
نصيبي من عطاياكِ الرغابِ
على أنَّ الفتى لم يَجْنِ ذنباً
إليك ولم يَجُز سنَن الصوابِ
أعِرْهُ منك إصغاءً وفهماً
يُضِىء ْ لك عذرُهُ ضوءَ الشِّهابِ
وَهَبْهُ جنى ذنوبَ القومِ طرَّاً
ألم يكُ عن عقابٍ في حجابِ
فهبك حَتَمْتَ أنّ له عقاباً
ألم يكُ دون عتبك من عقابِ
أترضى أن يكونَ هُفُوُّ هافٍ
يزعزعُ طَوْدَ حلمك ذا الهضابِ
تجاوز عن أخي وشقيق نفسي
فجنبي مذ عتَبتَ عليه نابِ
عجبتُ له ولي أنَّا رجَونا
سماءً منك صائبة َ السحابِ
فأخلفتِ الذي نرجو وصبَّتْ
علينا منك صاعقة َ العذابِ
على أنّا نؤمِّل منك عَوْداً
بفضلك وارعواءً للعتابِ
وما لك مذهبٌ عن ذاك إني
وأنت بحيثُ أنت مِنَ النصابِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كتبتْ ربة ُ الثنايا العِذابِ
كتبتْ ربة ُ الثنايا العِذابِ
رقم القصيدة : 60551
-----------------------------------
كتبتْ ربة ُ الثنايا العِذابِ
تتشكَّى إليَّ طولَ اجتنابي
وأتاني الرسولُ عنها بقولٍ
لم تُبَيّنهُ في سطور الكتابِ
أيها الظالمُ الذي قدَّر اللَّ
هُ به في الأنام طولَ عذابي
لو علِمتَ الذي بجسمي من السُّقْ
م وضُرِّ الهوى لكنت جوابي
فتجشمتُ نحوها الهولَ والحُرْ
رَاسُ قد هوَّموا على الأبوابِ
وهي في نسوة ٍ حواسرَ لم يَكْ
حلنَ جفناً برقدة ٍ لارتقابي
طالعاتٍ عليَّ من شُرَفِ القصْ
ر يُحاذرنَ رِقبة َ البوَّابِ(77/14)
ولها بينهنَّ فيَّ حديثٌ
جُلُّهُ ليتَهُ يرِقُّ لما بي
فتوقفتُ ساعة ً ثم نادَيْ
تُ سلامٌ مني على الأحبابِ
فتباشرنَ بي وأشرفنَ نحوي
بشهيقٍ وزَفرة ٍ وانتحابِ
ثم قالت أما اتقيتَ إلهَ النْ
ناسِ في طول هجرتي واجتنابي
قلت ما عاق عن زيارتك الكا
سُ وصوتٌ يهيج من إطرابي
إن جَنْبي عن الفِراش لَنابٍ
كتجافي الأسرِّفوق الظِّرابِ
وافترقنا على مواعيدَ سكَّنْ
نَ بها لاعجاً من الأوصابِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لِيَهْنِ الضِّياعَ وكُتَّابَها
لِيَهْنِ الضِّياعَ وكُتَّابَها
رقم القصيدة : 60552
-----------------------------------
لِيَهْنِ الضِّياعَ وكُتَّابَها
وعُمالَها ثم أربابَها
طُلُوعُ السعودِ بديوانِها
غَداة َ تقلَّدتَ أسبابَها
وَرَدْتَ على رَشَدٍ دارَها
وفتَّحتَ باليُمن أبوابَها
وأحييتَ بالعزِّ عمَّالَها
ودرَّعتَها فيه جِلبابَها
فأضحت بذكرك معمورة ً
وقد رام غيرُك إخرابَها
تداركها بك نُصحُ الوزير
فشدّ بحزمِك أطنابَها
وصان بعدلِك أموالَها
وكفَّ به منك إنهابَها
فلا زلتَ في نَعَمٍ شاكراً
عليهنَّ ذا العرش وهَّابَها
أبا الصقرِ تفديك نفسُ امرىء ٍ
دعتك لتفريج ما نابَها
ومَتَّتْ إليك بذِمَّاتها
ومثلُكَ قدَّمَ إيجابَها
لقد أنشبتْ حادثاتُ الزمان
مخالبَها بي وأنيابَها
ونالت عُداتي بطول المُقام
على عطلتي فيَّ آرابَها
وقد مكَّنتكَ من العارفاتِ
جُدودٌ توليتَ أحسابَها
فلا تنسيَنَّ عِداتٍ مضتْ
فقِدماً تلبَّستَ أثوابَها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أما يستديمُ المرءُ نعمة َ ربّهِ
أما يستديمُ المرءُ نعمة َ ربّهِ
رقم القصيدة : 60553
-----------------------------------
أما يستديمُ المرءُ نعمة َ ربّهِ
بإكرامِ أحرارِ الرجالِ ببابهِ
ويعلم أنَّ الحمدَ والذمَّ للفتى
حذيَّتُهُ في إذنه وحجابهِ
عجبتُ لمن لَم يَنوِ خَيراً لزائرٍ
ولا بذلَ ما يبغيه من غَلْقِ بابهِ
وأعجبُ من هذا إباحَة ُ عرضهِ(77/15)
بصَوْن خَسيسَيْ طُعمهِ وشرابِهِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سَهِّلْ حجابك أيها المحجوبُ
سَهِّلْ حجابك أيها المحجوبُ
رقم القصيدة : 60554
-----------------------------------
سَهِّلْ حجابك أيها المحجوبُ
واعلمْ بأنَّ النائبات تَنوبُ
وتَلقَّ إنعامَ الإله بشكرهِ
فأخو الجحودِ مُنَغَّصٌ مسلوبُ
لا ترضينَّ لمن أتاك بضدِّ ما
ترضى لنفسك إنَّ ذلك حُوبُ
وتَوقَّ ذمَّك إنَّ ما خُوِّلتَهُ
كطلوع شمسٍ حان منهُ غروبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كم نُسامُ الأذى كأنَّا كلابُ
كم نُسامُ الأذى كأنَّا كلابُ
رقم القصيدة : 60555
-----------------------------------
كم نُسامُ الأذى كأنَّا كلابُ
كَمْ إلى كَمْ يكون هذا العتابُ
كلما جئتُ قاصداً لسلامٍ
ردَّني عن لقائكَ البوَّابُ
ما كذا يفعل الكرامُ ولا تَرْ
ضى بهذا في مثليَ الآدابُ
أنا حرٌّ وأنتَ من سادة ِ الأحْ
رارِ أهلِ الحجا المُصاصُ اللُّبابُ
وقبيحٌ بعد الطلاقة ِ والبشْ
رِ بذي المجد نَبوة ٌ واحتجابُ
كلُّ مُلك يفنى وتبقى على الدهْ
ر لأهل المكارم الأحسابُ
وحقيقٌ بمثل قدرك في الأقْ
دار حسنُ الحفاظِ والإيجابُ
لا تُضِلَّنَّ باحتجابك آما
لا هداها إليك منك اجتلابُ
إن أخلاقك العِذابَ حكَتْها
عند حَرِّ الصدى النِّطافُ العِذابُ
فهي ريٌّ لآمليك لدى الإذْ
نِ وفي حالة ِ الحجاب السَّرابُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> الموتُ دون تفَرُّقِ الأحباب
الموتُ دون تفَرُّقِ الأحباب
رقم القصيدة : 60556
-----------------------------------
الموتُ دون تفَرُّقِ الأحباب
وعذابُ نأيهمُ أشدُّ عذابِ
لم تُبْلَ مذ خُلقتْ نفوسُ ذوي الهوى
يوماً بمثل ترحُّلٍ وذَهابِ
بانوا بلُبِّكَ رائحين وخَلَّفوا
لك دمعة ً موصولة َ التَّسكابِ
فسقاهُمُ نوءُ السِّماك بما سَقوا
خديك بالعَبرات صوبَ سحابِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> على عاقدِ الزُّنارِ تحت قضيب
على عاقدِ الزُّنارِ تحت قضيب(77/16)
رقم القصيدة : 60557
-----------------------------------
على عاقدِ الزُّنارِ تحت قضيب
من البانِ مَيَّادٍ وفوق كثيبِ
سلامُ محبٍ نازحِ الدارِ شَفَّهُ
وأقرحَ عينيهِ فراقُ حبيبِ
سَميٌّ لمن أمسى شبيهاً لوجههِ
قريبٌ هواهُ وهو غيرُ قريبِ
تحكمتِ الأيامُ في ذات بيننا
فقلَّلْنَ منه بالفِراق نصيبي
ولي عَبرة ٌ موصولة ٌ بنحيبِ
ونفسٌ عليه الدهر ذاتُ وجيبِ
وقلبٌ نأى عنهُ السُّلوُّ فسُقمهُ
طويلٌ قد أعيا طبَّ كلِ طبيبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أحِبَّايَ كم لي نحوكم من تحية ٍ
أحِبَّايَ كم لي نحوكم من تحية ٍ
رقم القصيدة : 60558
-----------------------------------
أحِبَّايَ كم لي نحوكم من تحية ٍ
أحَمِّلُها هبَّاتِ كُلِّ جَنوبِ
فلا تتركوا ردَّ السلام إذا جرتْ
شمالٌ على نائي المحل غريبِ
غريبٌ له نفسانِ نفسٌ بواسطٍ
ونفسٌ بسامرَّا بكفِّ حبيبِ
تقسمتِ الأسقامُ أعضاءَ جسمِهِ
ففي كلّ عضوٍ مَألفٌ لكئيبِ
وليس بشافيهِ من الجَهْد والضّنى
سوى شَرْبة ٍ من ريق غيرِ مُثيبِ
وشَمِّ جنيِّ الوردِ من وجناتهِ
وأخذٍ لهُ من قُربهِ بنصيبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لن تنالَ العلا بشكرٍ عَريبِ
لن تنالَ العلا بشكرٍ عَريبِ
رقم القصيدة : 60559
-----------------------------------
لن تنالَ العلا بشكرٍ عَريبِ
مثلَ شكرِ الحُرّ الشريفِ الأديبِ
إنما تُبذَلُ اللُّهى لابتغاء ال
حمدِ في سدِّ خَلَّة ِ المنكوبِ
ليس في الباذلات مُكتسبَ الأم
والِ في كسبِ موبقاتِ الذُّنوبِ
كلُّ وَفْرٍ يفنى ويبقى من الصَّا
حبِ حسنُ الثناءِ للمصحوبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا شبابي وأين مني شبابي
يا شبابي وأين مني شبابي
رقم القصيدة : 60560
-----------------------------------
يا شبابي وأين مني شبابي
آذنتني حِبالُهُ بانقضابِ
دولة ٌ يغمِرُ الزمانُ فتاها
سُوِّدت بالسواد سيمى الشبابِ
لهف نفسي على نعيمي ولهوي
تحت أفنانِهِ اللدِّانِ الرِّطابِ(77/17)
ومُعَزٍّ عن الشباب مُؤسٍّ
بمشيبِ اللِّدات والأترابِ
قلتُ لما انتحى يَعُدُّ أساهُ
من مصابٍ شبابُهُ فمُصابِ
ليس تأسو كلومُ غيري كُلومي
ما بهِ ما بهِ وما بيَ ما بي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وقصيرٍ تراهُ فوق يَفاعٍ
وقصيرٍ تراهُ فوق يَفاعٍ
رقم القصيدة : 60561
-----------------------------------
وقصيرٍ تراهُ فوق يَفاعٍ
فتراهُ كأنهُ في غَيَابَهْ
لم تدعْ قَفْدَهُ يدُ الدهر حتى
قَمَعَتْ فيه طُولَهُ وشبابَهْ
وجَلتْ رأسَهُ نِعمّا فأضحى
بارزَ الصّرح ما يُوارى صُؤابَهْ
يا أبا حفصٍ الذي فَطِنَ الدهْ
رُ لميدان رأسهِ فاستطابَهْ
ظَرُفَ الدهرُ في اتخاذك صَفْعا
ناً وما خلْتُهُ ظريفَ الدُّعابَهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وما قَتلُ بعضِ الحي بعضاً بناهك
وما قَتلُ بعضِ الحي بعضاً بناهك
رقم القصيدة : 60562
-----------------------------------
وما قَتلُ بعضِ الحي بعضاً بناهك
قُواهُ إذا ما جاء حيٌّ يحاربُهْ
وما لطمُ بعضِ الموجِ في البحرِ بعضَهُ
بمانِعهِ تغريقَ من هو راكبُهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أمسى الشبابُ رداءً عنك مستلبا
أمسى الشبابُ رداءً عنك مستلبا
رقم القصيدة : 60563
-----------------------------------
أمسى الشبابُ رداءً عنك مستلبا
ولن يدومَ على العصرَين ما اعْتقبا
أعزِزْ عليَّ بأن أضحتْ مناسبُهْ
بُدِّلنَ فيه وفي أيامهِ نُدَبَا
سَقيا لأزمان لم أستسقِ من أسفٍ
لمَّا تولى ولا بكَّيت ما ذهبا
أيام أستقبلُ المنظورَ مبتهجاً
ولا أَحنُّ إلى المذكور مكتئبا
للَّه درُّك من عهدٍ ومن زمنٍ
لا يَبْعُدا بَعُدا بالرغم أو قرُبا
إذا أصحبُ الدهرَ مغتراً بصحبته
إذا أعارَ متَاعَاً خِلْتُهُ وهَبَا
لا أحسب العيس يَبلَى ثوبُ جِدَّتهِ
ولا إخالُ زماني يُعْقِبُ العُقَبا
أغدو فأجني ثمار اللهو دانية ً
مثلَ الغصون وأرمي صيدَه كَثَبَا
بينا كذلك إذ هبّتْ مُزَعزِعة ٌ
أضحى لها مُجتَنى اللذّات مُحْتَطَبَا(77/18)
يا ظبية ً من ظباءٍ كان مسكنُها
في ظل غُصني إذا ظلُّ الضحى التهبا
فيئي إليكِ فقد هزَّته مُعْصفة ٌ
لم تَتركْ وَرِقاً منهُ ولا هَدَبَا
أصبحتُ شيخاً له سَمْتٌ وأبَّهة ٌ
يدعونني البيضُ عمَّا تارة وأبا
وتلك دعوة إجلالٍ وتكرمة ٍ
ودَدْتُ أنِّيَ معتاض بها لقبا
قد كنتُ أدعَى ابنَ عمٍ مرة ً وأخاً
حتَّى تقلَّب دهرٌ يعقِبُ العُقَبَا
واهاً لذلك في الأنساب من نسبٍ
لكنَّ يا عمِّ لا وَاهاً ولا نسبا
عجبت للمرء لا يحمي حقيقتَهُ
مسلوبة ً كيف يحمي بعدها سلبا
قالوا المشيبُ نذير قلت لا وأبي
لكنْ بشيرٌ يجلِّي وجهُه الكُرَبا
أليسَ يخبر مَنْ أرسى بساحتِهِ
أن اللَّحاقَ بحبِّ النفس قد قَرُبا
يا حُسْن هاتيك بشرى عند ذي أسفٍ
على الشبيبة والعيش الذي نضبا
لم يرعَ حقَّ شَبَابٍ كان يصحبُهُ
من لم يُحَبِّبْ إليه فَقْدُهُ العَطَبا
لو لم يجب حفظُهُ إلاَّ لأنَّ لهُ
حقَّ الرضاعِ على إخوانه وجبا
أخي وإلفي وتربي كان مولدُنا
معاً وربَّتْني الأيامُ حيثُ رَبَا
يضمُّنا حجْرُ أُمٍّ في رضاعتنا
وملعبٌ حيث نأتي بيننا اللَّعبا
إن الشباب لمَألوفٌ لصُحْبَتِهِ
تلك القديمة مَبْكيٌّ إذا ذهبا
والشيب مُسْتَوْحَشٌ منه لغربته
والشيْءُ مستوحشٌ منه إذا اغتربا
دع الخلافة َ يا مُعْتَزّ من كثبٍ
فليس يكسوك منها اللَّهُ ما سَلَبَا
أترتَجي لُبْسَها من بعد خَلْعَكها
هيهات هيهات فات الضرعَ ما حلبَا
تاللَّه ما كان يرضاك المليك لها
قبل احتقابك ما أصْبحت محتقبا
حتى أذلَّك عنْها ثم أبدلها
كُفؤاً رضيَّا لذات اللَّه مُنْتَجَبَا
فكيف يرضاك بعد الموبقاتِ لها
لا كيف لا كيف إلا المينَ والكذبا
هذي خراسان قد جاشت حلائبُها
تُزْجي لنصر أخيها عارضاً لَجِبَا
كالبحر ألقى عليه الليلُ كَلْكَلَهُ
وزَعْزَعَتْ جانبيه الريح فاضطربا
خيل عليهنّ آساد مدرّبة ٌ
تأجَّموا الأسلَ الخطِّي لا القَصَبَا
مُسْتَلْئِمُونَ حصيناتٌ مقَاتلهم
مُكَمَّمُون حَبيكَ البَيض واليلبا(77/19)
والمصعَبيُّونَ قومٌ من شمائلهم
قتلُ الملوكِ إذا ما قتلهُمْ وجبا
هم الأُلى يَنصُرُون الحقَّ نُصْرَتَهُ
ولا يبالون فيه عَتْبَ من عتبا
الأوفياءُ إذا ما معشرٌ نَكَثُوا
والجاعلون الرضا للَّه والغضبا
قد جرّب الناسُ قبل اليوم أنهُم
مُعَوَّدُونَ إذا ما حاربوا الغلبا
يا من جَنَى لأبيه القتل ثم غدا
حرباً لِثَائِرِهِ صدَّقْتَ مَنْ ثلبا
يا أولياءَ عهودِ الشرِّ هَوْنَكُمُ
منْ غالبَ اللَّهَ في سلطانه غُلِبَا
لقد جزيتم أباكم حين كرَّمَكُمْ
بالعهد أسْوَأ ما يجزى البنون أبا
أضحى إمام الهدى أولى به صِلة ً
منكم وإن كُنتُمُ أولى به نَسَبَا
هو الذي سلَّ سيفَ الثأر دونكمُ
لا يأتلي للذي ضيَّعْتُمُ طلبا
أقام في الناس عصراً لا يُخيل لها
ولا يُرشِّحُ من أسبابها سببا
وكان للَّه غيبٌ فيه يَحْجُبُهُ
عنَّا وعنه مع الغيب الذي حَجَبا
حراسة ً من عدوٍ أن يكيدَ لَهُ
كيداً يحرِّقُ في نيرانه الحطبا
بل عصمة ً من وليِّ الصالحاتِ لهُ
كيلا يُجَشِّمَهُ حِرْصاً ولا تعبا
حتى إذا مهَّدَ اللَّهُ الأمورَ لهُ
وراضَ منْ جَمَحات الملك ما صَعُبا
تبلَّجتْ غُرَّة ٌ غَرَّاءُ واضحة ٌ
مثلُ الشهاب إذا ما ضَوْؤُه ثَقَبَا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> جعلَ اللَّه مهْربَا
جعلَ اللَّه مهْربَا
رقم القصيدة : 60564
-----------------------------------
جعلَ اللَّه مهْربَا
وامْتَطَى الليلَ مركبَا
خادمٌ كان مرَّة ً
مُسْرِفاً ثم أَعْتَبَا
راكعاً ساجداً لهُ
ليس يألُو تَقُرُّبا
فَرَضَ الخوفُ دمْعَهُ
لثرى الأرضِ مشربا
لوْ تراهُ إذا دعا
يا مليكاً مُحجّبا
اعفُ عنّي فقد رَكِبْ
تُ من الأمر معطبا
كسَّبَتْني جرائمي
مكسباً ساء مكسبا
ثم يهتزّ كالقضي
ب إذا هبّت الصَّبَا
أمِنَ الخوفَ عندها
ظَنُّهُ أنْ يُخَيَّبَا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عَلَّني أحمدٌ من الدُّوشاب
عَلَّني أحمدٌ من الدُّوشاب
رقم القصيدة : 60565
-----------------------------------(77/20)
عَلَّني أحمدٌ من الدُّوشاب
شَربة ً بَغَّضَتْ قِنَاعَ الشبابِ
لو تراني وفي يدي قدحُ الدو
شابِ أبصرتَ بَازيارَ غُرابِ
ماثلاً لا يزايلُ الكفَّ بالشُّرْ
بِ وأنَّى بِشُرْبٍ غَيْرِ الشرابِ
ثم جُشِّمْتُ شُرْبَهُ فتجَشم
تُ عذاباً يَجُوزُ حدَّ العذابِ
ثم أَومَى بالعود قلتُ لهُ العَوْ
دُ حميدٌ لكنْ إلى مُسْتَطابِ
لا أحب المَعَادَ من حفرَة ِ القبْ
رِ إذا شيبَ لي بسوء المآبِ
قال ماذا نقِمَت قلت له قوْ
لَك ماذا نِقمت سوءَ الحسابِ
أنتَ في لَزِّكَ العِتَابَ بمن يك
رهُ شربَ الزَّقُّومِ أهلُ العتابِ
ليس بيني وبين قَسيْسٍ عِتَابٌ
غيرَ طعن الكُلَى وضرب الرقابِ
ما جَنْينَا إليك ذنباً فلا تَعْ
جَلْ علينا بمثل هذا العقابِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أرْضَى بصورتهِ وصَدَّ فأغْضَبَا
أرْضَى بصورتهِ وصَدَّ فأغْضَبَا
رقم القصيدة : 60566
-----------------------------------
أرْضَى بصورتهِ وصَدَّ فأغْضَبَا
فغدا المحبُّ منعَّماً ومعذَّبا
يا وجهَ من أهوى لقد أعْتَبتني
لو أن نائلَهُ الممنَّع أعتبا
ظبيٌ كأنَّ اللَّه كمل حسنَهُ
ليغيظ سِرْباً أوْ يُكايِدَ رَبْرَبَا
خَنِث الدلال إذا تَبهنَس أوثَقَتْ
حركاتُه وإذ تكلَّم أطربا
ذو صورة ٍ تحلو وتَحْسُن منظراً
ومَراشفٍ تصفو وتعذب مشربا
فإذا بدا للزَّاهدين ذوي التُّقَى
وَجَدَتْ هناك قلوبُهُمْ مُتَقلَّبا
مُتَوَشِّحٌ بِمعَاذتين يخيفُهُ
ما لا يُخاف وقد سبى مَنْ قد سبى
مُتَسَلِّحٌ للعين لا مُتزَيِّن
إلا بما طبع الإله وركَّبا
قاس الملابِسَ والحُليَّ بوجهه
فرأى محاسن وجهه فتسلَّبا
أغناهُ ذاك الحسنُ عن تلك الحُلي
وكفاه ذاك الطِّيبُ أن يتطيَّبا
فغدا سليباً غير أن ملابساً
يَحْمينَه الأبصارَ أن يُتنَهبَا
ويقينَهُ بردَ الهواءِ وحرَّهُ
إن أصْرَدَ العَصْرَان أو إن ألهبا
يُكْسَى الثياب صيانَة ً وحجابة ً
وهو الحقيق بأن يصان ويحجبا
كالدرَّة الزهراء ألبِسَ لونُها(77/21)
صَدفاً يُغَارُ عليه كي لا يَشْحَبَا
ومن العجائب أن يُرَى متعوِّذاً
من عين عاشقِهِ أَلاَ فَتَعَجَّبَا
أيخافُ عَيْنَيْ من قُتلْتُ بحبِّهِ
قَلَبَ الحديث كما اشتهى أن يُقْلَبَا
لاقيت من صُدْغٍ عليه مُعَقْرَب
أفْعى تبرِّحُ بالفؤاد وعقربا
يكسوهُ صورة مخلبٍ فكأنما
يُنْحى على كبدي وقلبي مخلبا
إني لأرجو بالخليقة ِ شِبْهَهُ
مما أحل لنا الإله وطَيَّبَا
أو ما ترى فيما أباح محمدٌ
عما حماهُ من الخبائث مَرْغبا
لا سيما وقد اكتهلتُ وقد تَرى
ورع الإمام وبأْسَهُ المتهيَّبا
أضحتْ أمورُ الناسِ عند مصيرها
في كف من حامى وجاد وأدَّبَا
ديناً تكهَّل فاسْتقام صِرَاطُه
ومَعَاشَ دنيا للأنام تسبَّبا
اللَّه أكبرُ والنبيُّ محمدٌ
وابنُ الخليفة ِ غالبٌ لن يُغلَبا
رُزق الإمامُ بِعَقْب هُلْك عدوِّهِ
ولداً أطاب به الإمام وأنجبا
صدقتْ بشارَتُهُ وأفلح فألُه
هَلَكَ العِدا ونجا الإمام وأَعقبا
أحيا لنا أملاً وأردى مَارقاً
قد كان لفَّفَ للفساد وألَّبا
لا زال من والى الإمام وَوُدَّهُ
يحيا ومن عاداه يلقى معطبا
للَّه من ولدٍ أتى وربيعُنا
مُسْتَحكمٌ وجَنَابُنَا قد أخصبا
ضحك الزمان إليه ضحْكَة َ قائلٍ
يا مرحباً بابن الخليفة مرحبا
فغدا ومولدُهُ بشيرٌ كلّهُ
بالنصر لم يكُ مثلُهُ لِيُكذَّبا
ذكرٌ أغرّ كأنَّ غرة وجهِهِ
رَأْيُ الإمام إذا أضاء الغيهبا
ضَمِنَ النجابَة َ عنهُ يومَ وِلادهِ
قمرٌ وشمسٌ أَدَّياهُ وكوكبا
وافى الإمامُ وقد أجدَّ رحيلُهُ
عَضُداً يُعين على الخطوب ومنكبا
حقاً لقد نطقَ البشيرُ بيمنهِ
ولربما نطق البشير فأعربا
فألٌ لعمرك لم أَعِفْهُ ولم أَعِفْ
منه البريح ولا النَّطيحَ الأعضبا
ورأيتُهُ القُمْرِيَّ غرّد في ذُراً
خضراء يانِعَة ِ الجنَى لا الأخطبا
ما قُوبلَتْ رِجَلُ الملوك بمثلهِ
إلا ليملك مشرقاً أو مغربا
فَلْيُمْضِ عزمَتَهُ الإمامُ فإنه
قد هزَّ منها مَشْرَفِيَّاً مِقْضَبَا
فاليمنُ مقرونٌ به عونٌ له(77/22)
ظِلٌّ عليه إذا الهَجير تَلهَّبا
والليثُ في الهيجاء لابُس جُنَّة ٍ
من نفسه تكفيه أن يتأهَّبا
واللَّهُ واقيهِ الردى ومُسَهِّلٌ
ما قد رجا ومذَلِّلٌ ما استصعبا
هي فرصة ٌ سنحت ونعمى أقبلت
وغنيمة أَزِفَتْ وصيد أَكثبا
وافى هزبرٌ بالحديقة مِسْحَلاً
وأظلَّ صقر بالبسيطة أرنبا
وجَدَ السنانُ من الطريدة مَطْعَناً
ورأى الحسامُ من الضريبة مَضْرِبَا
لا يهلِكنَّ على الخليفة هالكٌ
قد أرْغَبَ الناسَ الإمامُ وأرهَبا
هو عَارِضٌ زَجلٌ فمن شاء الحيا
أرضى ومن شاء الصواعق أغضبا
ملك إذا اعتسف الملوك طريقَهم
في ملكهم ركب الطريق السَّبْسَبَا
أعلاهُ طَوْلٌ أن يُرى متكبِّراً
وحماه عزٌّ أن يُرَى مُتَسَحِّبَا
نَمْتَاحُ منه حَاتميَّاً ماجداً
ونُثير منه هاشمياً قُلَّبَا
يهتزُّ حينَ يُهزُّ لَدْناً ناعماً
وإذا قَرَعتَ قرعت صلدا صُلَّبَا
ما زال قدماً عُرْفُهُ متوقَّعاً
لعَفاته ونكيرُهُ مترقّبا
والعفُو منه سجية ٌ لكنه
يعفو إذا ما العفو كان الأَصْوبا
فإذا جَنَى جانٍ تَغَاضَتْ عَيْنُهُ
عن ذنبه فكأنه ما أذنبا
وإذا تتابع في الخيانة أهلُها
جَدع الأنُوف ما الجباه فأَوْعبا
فأنا النذير به لغامِطِ نعمة
وأنا البشير بِهِ لحرٍّ أجدبا
يا ناظمي مِدَحَ الإمام وطالبي
نفحاتِ نائِلِه ذهبتم مذهبا
وافَى مَصابٌ من سَحَابِ رِيّه
ورأى سحابٌ في مَصَابٍ مَسْكَبا
أمَّا عِداه فما أصابوا مَهْرَبا
ومؤمِّلوه فقد أصابوا مطلبا
خطب السؤال إلى العُفاة ولم يكن
لولا مكارمُه السؤال ليُخطبَا
ورمى نحورَ الخائنين بسهمهِ
وتِراسُهم قَدَرُ البقاءِ فما نبا
ومتى أراد اللهُ قصَّرَ مدة ً
وإذا قضى فأراد أمراً عَقَّبا
وأقولُ قولَ مسدَّدٍ في زجرهِ
يقضي القضية لم يكن ليؤنَّبا
سيطول عمرُ إمامنا في غبطة
حتى يواكبَ من بنيه موكباً
مقلوبُ كنيتهِ يُخَبِّر أنه
سيُرى لسابِع سبعة غُرٍّ أبَا
حتى تراه في بنيه قد احتبى
فَيُخال يذبُلَ في الهضاب قد احتبى(77/23)
ولقد أتاه مُبَشِّران بخمسة ٍ
ردَّ الإلهُ على الإمام الغُيَّبا
ليرى الإمام تكهني وتَطَيُّبي
فلقد تكهن عبدُهُ وتطيَّبا
إني وجدت له فُئُولاً جمَّة ً
منه ولم أزجُر كغيري ثعلبا
حقُّ الخليفة ِ أن أُطيلَ مديحَهُ
لكنني أوجزتُ لما أطنبا
طالت يداهُ على لساني فانتهتْ
تلك البلاغة ُ فانتهَيْتُ وأَسْهَبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> صدِيقٌ ليس يمكِنُ من خطابِهْ
صدِيقٌ ليس يمكِنُ من خطابِهْ
رقم القصيدة : 60567
-----------------------------------
صدِيقٌ ليس يمكِنُ من خطابِهْ
ولا يرعى ذمام ذوي طلابِهْ
لقيتُ البَرْحَ يوماً من لقاءٍ
له قاسٍ ويوماً من حِجابهْ
يُعذِّبني وأصبرُ كلَّ يومٍ
فينقِمُ أن صبرتُ على عَذابهْ
ويزعُمُ أنني رجلٌ مُلِحٌّ
وما ألححتُ إلا باكتسابهْ
إذا ما كان لا يأساً مُبيناً
ولا نَجحاً فإني باجتنابهْ
ستأتيه بما اكستبتْ يداهُ
قَوافٍ لم تُدوَّن في حسابهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> فأما ابنُ بورانَ الذي تذكرونَه
فأما ابنُ بورانَ الذي تذكرونَه
رقم القصيدة : 60568
-----------------------------------
فأما ابنُ بورانَ الذي تذكرونَه
فليس سوى اسمٍ مُفترى مُتكذَّبِ
ورُبَّ مُسمّى لا حقيقة َ لاسمهِ
كعِرْسٍ وآوى أو كعنقاءِ مُغرِبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا آلَ وهبٍ شهِدتْ ضرطَة ٌ
يا آلَ وهبٍ شهِدتْ ضرطَة ٌ
رقم القصيدة : 60569
-----------------------------------
يا آلَ وهبٍ شهِدتْ ضرطَة ٌ
سارتْ بها الأمثالُ في وَهْبِ
بأنها من فَقْحة رِخْوة
وأنها من مَضْرَط رَحْبِ
قد كنتُمُ من قبلِ إرسالها
أُحدوثة ً في الشرقِ والغربِ
فالآن حقا أُطلِقتْ فيكُمُ
بكلّ ثَلْبٍ ألسُنُ الثَّلْبِ
لو كنتُمُ تُعفونَ أستاهَكم
ما بِتُّمُ منها على عَتْبِ
لكنكم تَحشُونها دهرَكُم
فكلكمُ مُتَّسع الثُّقبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا أبا رُوبة َ الرِّيَبْ
يا أبا رُوبة َ الرِّيَبْ
رقم القصيدة : 60570(77/24)
-----------------------------------
يا أبا رُوبة َ الرِّيَبْ
يا مَسيحاً بغير أَبْ
يا بن أكَّالة المَني
يّ وبلاَّعة العَصَبْ
كم سمعنا مقالَها
وهي تجثو على الرُّكَبِ
رَحِمَ اللهُ مَنْ سقى
رحم الله من شرِبْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وقفنا فلولا أننا راضنا الهوى
وقفنا فلولا أننا راضنا الهوى
رقم القصيدة : 60571
-----------------------------------
وقفنا فلولا أننا راضنا الهوى
لهتَّكنا عند الرقيب نحيبُ
وفي دون ما نلقاهُ من ألم الهوى
تُشقُّ جيوبٌ بل تشقُّ قلوبُ
ولما بَصُرنا بالرقيب ولحظِهِ
ولحظي على عين الرقيب رقيبُ
صددنا فكلٌّ قد طوى تحت صدرِهِ
فؤاداً بين الضلوع وجيبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قالوا اشتكتْ عينُه فقلتُ لهم
قالوا اشتكتْ عينُه فقلتُ لهم
رقم القصيدة : 60572
-----------------------------------
قالوا اشتكتْ عينُه فقلتُ لهم
من كثرة القتل مسَّها الوَصَبُ
حُمرتُها من دماءِ من قَتَّلَتْ
والدمُ في النَّصلِ شاهدٌ عَجَبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> نبتْ عينها عن عاشقٍ قَبَّحتْ لها
نبتْ عينها عن عاشقٍ قَبَّحتْ لها
رقم القصيدة : 60573
-----------------------------------
نبتْ عينها عن عاشقٍ قَبَّحتْ لها
محاسنَهُ المسكينَ آثارُ حبِّهِ
فقالت لها أترابها حين أعرضت
بذنبكِ عاقبتِ الفتى لا بذنبِهِ
هواكِ الذي أبلاهُ حتى شنِئْتِهِ
وحتى رأيتِ الموتَ عِدْلاً لقربهِ
وقد تُسلميهِ للمنية ِ بعدما
ذهبتِ بحلو العيش منه وعذبهِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لعمري لقد عوَّلت يوم تحمّلوا
لعمري لقد عوَّلت يوم تحمّلوا
رقم القصيدة : 60574
-----------------------------------
لعمري لقد عوَّلت يوم تحمّلوا
على هاطل من دمع عينك ساكبِ
فلم تَبْرَدِ العينانِ بالدَّمع حُرقة ً
ولم تُطفئا حرَّ الهوى المتراكبِ
وأبرح شيءٍ فُرقة ٌ بعد أُلفة ٍ
وفقدُكَ من عُلِّقت بعد التقاربِ(77/25)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا جئتُ أشكو ما بقلبي من الأسى
إذا جئتُ أشكو ما بقلبي من الأسى
رقم القصيدة : 60575
-----------------------------------
إذا جئتُ أشكو ما بقلبي من الأسى
إلى مؤنسي أبدى القلى وتغضَّبا
وأظهر لي بعد الوصال تجنِّياً
فأصبرُ خوفاً منهُ أن يتجنبا
وأكتُمُه وجدي وأُجملُ صبوتي
وأخضع كي يرضى وإن كان مذنبا
وفي القلبِ نارٌ من تخوُّف غدرِهِ
تزيدُ على مرّ الليالي تلهُّبا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> اللَّه يعلمُ أنني
اللَّه يعلمُ أنني
رقم القصيدة : 60576
-----------------------------------
اللَّه يعلمُ أنني
يا سيدي أحيا بقربكْ
كَمِدٌ على ما فات منْ
ك فلا بُليتَ بيوم عَتبكْ
وهواك شغلي عن سوا
كَ فليتني من شغل قلبكْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا غائباً عني بعيدَ الإيابْ
يا غائباً عني بعيدَ الإيابْ
رقم القصيدة : 60577
-----------------------------------
يا غائباً عني بعيدَ الإيابْ
نَغَّصني فقدُك بردَ الشرابْ
لهفي على لُبسك ثوبَ البِلى
من قبل إخلاقِك ثوبَ الشبابْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيها الواعدُ الذي
أيها الواعدُ الذي
رقم القصيدة : 60578
-----------------------------------
أيها الواعدُ الذي
برقُهُ الدهرَ خُلَّبُ
لستُ أدري أأنتَ أمْ
ظنُّ راجيك أكذَبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وصحابة ٍ ناكوا القيانَ تَظرُّفاً
وصحابة ٍ ناكوا القيانَ تَظرُّفاً
رقم القصيدة : 60579
-----------------------------------
وصحابة ٍ ناكوا القيانَ تَظرُّفاً
يوماً فنكت زَوامِراً ورقائبا
إني امرؤ إن لم يكن لي موضعٌ
في مَرْكبٍ يوماً ركِبت القاربا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أصبحتُ في محنٍ للدهر أعظمُها
أصبحتُ في محنٍ للدهر أعظمُها
رقم القصيدة : 60580
-----------------------------------
أصبحتُ في محنٍ للدهر أعظمُها
جفاءُ مِثلك مثلي في نوائبها
أما عجائبُ دنيانا فقد خَلُقتْ(77/26)
والظلمُ منك جديدٌ من عجائبها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وفي أربعٍ منّي خَلَتْ منك أربعٌ
وفي أربعٍ منّي خَلَتْ منك أربعٌ
رقم القصيدة : 60581
-----------------------------------
وفي أربعٍ منّي خَلَتْ منك أربعٌ
فلستُ بدارٍ أيها هاجَ لي كربي
أوجهُك في عيني أم الريقُ في فمي
أم النطقُ في سَمعي أم الحب في قلبي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قالت غُلالتُهُ القَصَبْ
قالت غُلالتُهُ القَصَبْ
رقم القصيدة : 60582
-----------------------------------
قالت غُلالتُهُ القَصَبْ
لما تثنَّى وانتصَبْ
مالي جَنيتُ جناية ً
حتى صُلبتُ على الخشبْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أشربُ الماءَ إذا ما التهبَتْ
أشربُ الماءَ إذا ما التهبَتْ
رقم القصيدة : 60583
-----------------------------------
أشربُ الماءَ إذا ما التهبَتْ
نار أحشائي لإطفاء اللّهبْ
فأَراهُ زائداً في حُرقتي
فكأن الماء للنار حَطَبْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كيف يرجو الحياءَ منه صديقٌ
كيف يرجو الحياءَ منه صديقٌ
رقم القصيدة : 60584
-----------------------------------
كيف يرجو الحياءَ منه صديقٌ
ومكانُ الحياء منه خرابُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وقد كنت ذا حالٍ أطيلُ ادِّكارها
وقد كنت ذا حالٍ أطيلُ ادِّكارها
رقم القصيدة : 60585
-----------------------------------
وقد كنت ذا حالٍ أطيلُ ادِّكارها
وإرعاءَها قلبي لأهتز مُعْجبا
فبُدِّلتُ حالاً غير هاتيك غايتي
تناسِيَّ ذكراها لتغربُ مغربا
وكنت أُدير الكأس ملأى رَوية ً
لأجذْلَ مسروراً بها ولأطربا
وكانت مزيداً في سروري ومُتعتي
فأضحتْ مفراً من همومي ومَهربا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> طرِبتُ إلى المِرَاة ِ فروَّعتْني
طرِبتُ إلى المِرَاة ِ فروَّعتْني
رقم القصيدة : 60586
-----------------------------------
طرِبتُ إلى المِرَاة ِ فروَّعتْني
طوالعُ شَيبتينِ ألمَّتا بي
فأمّا شيبة ٌ ففزِعت منها(77/27)
إلى المِقراض حُباً للتصابي
وأما شَيبة ٌ فصفحتُ عنها
لتشهَدَ بالبراءَة من خضابي
فأعجِبْ بالدليلِ على مَشيبي
أقمتُ به الدليلَ على شبابي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ظَبْيُكَ يا ذا حَسَنٌ وجهُهُ
ظَبْيُكَ يا ذا حَسَنٌ وجهُهُ
رقم القصيدة : 60587
-----------------------------------
ظَبْيُكَ يا ذا حَسَنٌ وجهُهُ
وما سِوى ذاك جميعاً يُعابْ
فافهمْ كلامي يا أبا مالكٍ
لا يُشبهُ العنوانَ ما في الكتابْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وامتناعُ النفسِ مما تشتهي
وامتناعُ النفسِ مما تشتهي
رقم القصيدة : 60588
-----------------------------------
وامتناعُ النفسِ مما تشتهي
خشية َ الإنفاق نقصٌ في النسَبْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قل لأبي القاسم المُرَجَّى
قل لأبي القاسم المُرَجَّى
رقم القصيدة : 60589
-----------------------------------
قل لأبي القاسم المُرَجَّى
قابلَكَ الدهرُ بالعجائبْ
مات لك ابنٌ وكان زيناً
وعاش ذو النقص والمثالِبْ
حياة ُ هذا كموتِ هذا
فلستَ تخلو من المصائبْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> دعوا الأُسْدَ تربِضُ في غابها
دعوا الأُسْدَ تربِضُ في غابها
رقم القصيدة : 60590
-----------------------------------
دعوا الأُسْدَ تربِضُ في غابها
ولا تدخلوا بين أنيابِها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ولما رأيتُ الدهرَ يؤذنُ صرفُهُ
ولما رأيتُ الدهرَ يؤذنُ صرفُهُ
رقم القصيدة : 60591
-----------------------------------
ولما رأيتُ الدهرَ يؤذنُ صرفُهُ
بتفريق ما بيني وبين الحبائبِ
رجعت إلى نفسي فوطنتُها على
ركوب جميل الصبر عند النوائبِ
ومن صحِبَ الدنيا على جَوْرِ حُكمها
فأيامُه محفوفة ٌ بالمصائبِ
فخذ خُلسة ً من كلّ يومٍ تعيشُهُ
وكن حذراً من كامناتِ العواقبِ
ودع عنك ذكرَ الفألِ والزجر واطَّرح
تَطيُّر جارٍ أو تفاؤلَ صاحبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا صاحباً أعضلَ في كيدِهِ(77/28)
يا صاحباً أعضلَ في كيدِهِ
رقم القصيدة : 60592
-----------------------------------
يا صاحباً أعضلَ في كيدِهِ
لستَ خبيراً أيها الصاحبُ
فَهِمتُ أبياتك تلك التي
أثقبَ فيها كيدُك الثاقبُ
بيتٌ وبيتُ عقربٍ تُتقَى
وأرْيُ نحلٍ في اللَّها ذاهبُ
جرَّحتَني فيها وداويتني
فأنت أنت الصادعُ الشاعبُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أموركُم بني خاقانَ عندي
أموركُم بني خاقانَ عندي
رقم القصيدة : 60593
-----------------------------------
أموركُم بني خاقانَ عندي
عُجابٌ في عجابٍ في عجابِ
قرونٌ في رؤوس في وجوهٍ
صِلابٌ في صلابٍ في صلابِ
هجرتكُمُ وهجركُمُ ورائي
صوابٌ في صوابٍ في صوابِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وزهَّدني في الناس معرفتي بهم
وزهَّدني في الناس معرفتي بهم
رقم القصيدة : 60594
-----------------------------------
وزهَّدني في الناس معرفتي بهم
وطُول اختباري صاحباً بعد صاحبِ
فلم تُرني الأيامُ خِلاَّ يسرُّني
بَواديه إلا ساءني في العواقبِ
ولا صِرتُ أدعوهُ لدفعِ ملمة ٍ
من الدهر إلا كان إحدى النوائبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ومُستقر على كرسيِّه تَعِبِ
ومُستقر على كرسيِّه تَعِبِ
رقم القصيدة : 60595
-----------------------------------
ومُستقر على كرسيِّه تَعِبِ
روحي الفداءُ له مُنْصَبٍ نَصِبِ
رأيته سحراً يقلي زلابية ً
في رقَّة ِ القِشْر والتجويف كالقَصَبِ
كأنما زيتُهُ المَغْليُّ حين بدا
كالكيمياء التي قالوا ولم تُصَبِ
يُلقى العجينُ لُجيناً من أناملهِ
فيستحيلُ شَبابيطاً من الذهبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مدحتُكمُ طمعاً فيما أؤمِّلُهُ
مدحتُكمُ طمعاً فيما أؤمِّلُهُ
رقم القصيدة : 60596
-----------------------------------
مدحتُكمُ طمعاً فيما أؤمِّلُهُ
فلم أنل غيرَ حظ الإثمِ والوصبِ
إن لم تكن صلة ٌ منكم لذي أدبٍ
فأجرة ُ الخط أو كفارة ُ الكذبِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أبكيتني فبكيْتُ(77/29)
أبكيتني فبكيْتُ
رقم القصيدة : 60597
-----------------------------------
أبكيتني فبكيْتُ
من غير ذنبٍ جنيْتُ
وقلتِ لي امضِ عنّي
مُصاحباً فمضيْتُ
ولو أمرتِ أن أقضي ال
حياة َ أيضاً قضَيتُ
أضعْتني فرعيتُ
وخُنتني فوفيتُ
أطعتِ فيَّ الأعادي
وكلّهُمْ قد عَصيتُ
فكيف أصبحتِ غَضْبَى
لمَّا رِضاكِ أتيتُ
فاستضحكتْ ثم قالت
جُنِنْتَ قلتُ رَضَيْتُ
قالت لعلَّ وِصالي
أبيتَ قلتُ أبيتُ
قالت ثَكِلْتُ أبي إن
فَعَلْتَ إن بالَيْتُ
فلم تزل بي حتى
إلى هواها ارعويتُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يومٌ كأنَّ سماءَهُ
يومٌ كأنَّ سماءَهُ
رقم القصيدة : 60598
-----------------------------------
يومٌ كأنَّ سماءَهُ
تحكي جفوني حين بِنتا
لمَّا غدتْ كسحائبٍ
أيقظنَ بالعبراتِ نَبْتَا
مُتَبَسِّماً عن شبه مَبْ
سمِك البَرُود إذا ابتسمتا
مُتنسِّماً عن مثل نَشْ
رِكَ للضجيع إذا انتبهتا
يا غايتي في مُنْيَتي
ماذا يَضُرُّك لو مَنَنْتا
بِرِضاً يعيشُ ببَرْدهِ
قلبٌ بسُخطك قد أَمتَّا
ورددتَ غُمضاً صَدَّ عَنْ
طَرْفِ المُتيَّم مذ صددتا
وَبسطتَ من أمل بوصْ
لكَ ما بهجري قد قبضتا
نفسي فداؤكَ إن جَفْو
تَ وإن وصلتَ وإن قطعتا
فاسلم بعيشٍ سالمٍ
من كلّ بؤسٍ ما سلِمتا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كيف يا مَنْ بها قِوامُ حياتي
كيف يا مَنْ بها قِوامُ حياتي
رقم القصيدة : 60599
-----------------------------------
كيف يا مَنْ بها قِوامُ حياتي
كنتِ بعدي مُذْ بنتِ يا مولاتي
أعلى العهدِ أنتِ أم حُلْتِ عنه
جعل اللَّهُ قبل ذاك مماتي
لستُ أنسى امتناع صبرك للتوْ
ديع والبينُ مُؤذنٌ بشَتاتِ
وانحدارُ الدموع كاللؤلؤ الرطْ
بِ هَوى من مدامعٍ قَرِحاتِ
في رياضٍ من الشقائق والنَّسْ
رين فوق المراشفِ البارداتِ
والتفاتاً نحوي وقد قبضَتني
عنك أيدي النَّوى حِيال التفاتي
ومقالاً جرى وللشوق في الأح
شاءِ نارٌ أليمة ُ الحُرُقاتِ
حاطكِ اللَّهُ بالكلاءة والصُّن(77/30)
ع ووقاك أعينَ العائداتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لأبي يوسفَ بنتٌ
لأبي يوسفَ بنتٌ
رقم القصيدة : 60600
-----------------------------------
لأبي يوسفَ بنتٌ
ليته أعقِمَ ليتَهْ
تشبه القردَ أو الشيْ
طان إن كنتَ رأيتَهْ
قلت لما سامَنيها
بعضُ من يألفُ بيتَهْ
أَزِناً وابنة َ يعقو
بَ أخِنْزيراً ومَيْتَهْ
قد رَمَيْتَ الغَرضَ المَرْ
مِيَّ إن كنتَ رميتَهْ
لله خالدٌ الطائيُّ من رجلٍ
ثَبْتَ المقام إذا ما حُجَّة ٌ عَزَبَتْ
خَرَبتَها بالأيور النازلاتِ بها
فقال أخطأت بل لو عُطَّلت خَربتْ
الإست دارُ خراجٍ إن هي اجتُبِيتْ
خَرجاًولا دخل يأتيها فقد عَطِبَتْ
فقلتُ شأنكَ والمحْجُوجُ معترفٌ
إن لم يُعابِد إذا ما حُجَّة ٌ وجَبَتْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تجنَّتْ فقال الكاشحونَ تجنَّتِ
تجنَّتْ فقال الكاشحونَ تجنَّتِ
رقم القصيدة : 60601
-----------------------------------
تجنَّتْ فقال الكاشحونَ تجنَّتِ
وضنَّت فقال الناس ويحك ضَنَّت
فقلتُ لهم لا تعجلوا بملامتي
فلم تَأتِ ما قُلْتُمْ ولكن أَدلَّتِ
إذا أنتِ جانبتِ الغداة مسرَّتي
وواليتِ أعدائي فأنتِ عَدُوَّتي
سَتَدْرين كيف الهجرُ لو قد أردتُهُ
وإن كنتِ سؤْلي في الحياة ومُنْيَتي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قد وَصَلَتْ قارُورتي
قد وَصَلَتْ قارُورتي
رقم القصيدة : 60602
-----------------------------------
قد وَصَلَتْ قارُورتي
وحاجتي ما وَصَلَتْ
تسيلُ مستعبرَة ً
بأَيِّ ذنبٍ قتِلَتْ
فأصبحَتْ قد غُيِّرَتْ
عن حالها وبُدِّلَتْ
مكسورة ً منقوصة ً
ليست كأخرى كَمَلتْ
كَسُورَة ٍ قد غُيِّرت
عما عليه أُنْزلَتْ
يا حسنها إن نُصِرَتْ
وقبحَها إنْ خُذِلَتْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> خِدْنُ أبي المستهل خبَّرني
خِدْنُ أبي المستهل خبَّرني
رقم القصيدة : 60603
-----------------------------------
خِدْنُ أبي المستهل خبَّرني
عنْ جُودهِ في الورى بِحُرْمَتِهِ(77/31)
وقال قَدْ والإلهِ غَيَّبْتُ غُرْ
مُولي في فَرجها وفَقْحتِهِ
فقلتُ صِفْها فقال أوسع من
طوقِ الرَّحَى رِخوة ٌ كَسَبَّتِهِ
وقال مَحْلُوقة ٌ. فقلتُ له
كَذَبْتَ مَنْتوفَة ٌ كَلِحْيَتِهِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> صبراً على أَشياءَ كُلِّفْتُها
صبراً على أَشياءَ كُلِّفْتُها
رقم القصيدة : 60604
-----------------------------------
صبراً على أَشياءَ كُلِّفْتُها
أُعْقِبْتُها الآنَ وسُلِّفْتُها
ويْحَ القوافي ما لها سَفْسَفَتْ
حَظِّي كأّنِّي كنتُ سَفْسَفْتُهَا
ألمْ تكُن هوجاً فسدَّدْتُها
ألم تكن عوجاً فَثَقَّفْتُهَا
كم كلماتٍ حكْتُ أبْرادَهَا
وَسَّطْتُهَا الحسْنَ وطَرَّفْتُهَا
ما أحْسَنَتْ إن كنتُ حَسَّنْتُهَا
ما ظَرَّفَتْ إن كنت ظرَّفْتُهَا
أنْحتْ على حظِّي بمِبْرَاتِهَا
شكراً لأنِّي كنتُ أرهَفْتُهَا
فرقَّقَتْهُ حين رقَّقْتُهَا
وهفْهَفَتْهُ حين هفهَفْتُهَا
وكثَّفتْ دون الغنى سدَّهَا
حتَّى كأنِّي كنتُ كثَّفْتُها
أحلِفُ باللَّه لقد أصْبحتْ
في الرزق آفتي وما إفْتُها
لمْ أُشْكِهَا قطّ بِتَقْصِيرَة ٍ
فيها ولا من حَيْفَة ٍ حِفْتُهَا
حُرِمتَ في سنِّي وفي مَيْعَتي
قِرَايَ من دنيا تَضيَّفْتُها
لَهْفي على الدنيا وهل لهفة ٌ
تُنْصِفُ منها إن تلهَّفْتُهَا
كم أَهَّة ٍ لي قد تأَوَّهْتُهَا
فيها ومن أَفٍّ تأففتها
أغدُو ولا حالَ تَسَنَّمْتُها
فيها ولا حال تَرَدَّفْتُهَا
أوسعتُها صبراً على لؤْمها
إذا تَقَصَّتْهُ تَطرَّفْتُهَا
فَيُعْجِزُ الحيلة َ منْزُورُها
إلا إذا ما أنا لطَّفْتُها
قُبحاً لها قبحاً على أنَّهَا
أقبحُ شيءٍ حين كشَّفْتُها
تَعَسَّفَتْني أَنْ رَأَتْني امْرأً
لم ترني قَطُّ تَعَسَّفْتُها
تَضَعَّفَتْني ومتَى نالني
عونُ أبي الصَّقْرِ تَضَعَّفْتُهَا
أرجوه عن أشياء جربتُهَا
وليس عن طير تَعَيَّفْتُهَا
مقدارُ ما يُلْبِثُ عنِّي الغِنَى
إشارة ُ الإصْبع أوْ لَفْتُهَا
سَلَّيْتُ نفسي بأفاعِيله(77/32)
من بعد ما قد كنت أسَّفْتُهَا
وقد يعزِّيني شباباً مضى
ومدَّة ً للعيش أسْلَفْتُهَا
فكَّرتُ في خمسين عاماً خَلَتْ
كانتْ أمامي ثم خلَّفْتُهَا
تَبَيَّنَتْ لي إذ تَذَنَّبْتُهَا
ولم تَبيَّنْ إذا تأَنَّفْتُهَا
أجهلتها إذ هي موفورة ٌ
ثم نَضَتْ عني فعُرِّفْتُها
ففرحَة ُ الموهوب أعدِمتُها
وتَرحة ُ المسلوب أردفتها
لو أن عُمري مائة ٌ هَدَّني
تذكُّري أنِّيَ نَصَّفتها
فكيف والآثارُ قد أصبحت
تُرجف بالعمر إذا قِفتها
كنزُ حياة ٍ كانَ أنفقتُهُ
على تصاريفَ تصرفتها
لا عُذر لي في أسفي بعدها
على العطايا عفتها عفتها
إلا بلاغاً إن تأبَّيتهُ
أشقيت نفسي ثم أتلفتها
قوتٌ يُقيم الجسم في عفّة ٍ
أشعِرتُها قِدْماً وألحفتها
وقد كددتُ النفس من بعدما
رفَّهتها قدماً وعَفَّفتها
لا طالباً رزقاً سوى مُسْكة
ولو تعدّت ذاك عنَّفتها
طالبتُ ما يمسكها مُجملاً
فطفتُ في الأرض وطوَّفتها
وناكدَ الجَدُّ فمنّيتُها
وماطل الحظ فسوَّفتها
وإن أراد اللَّهُ في ملكهِ
جاوزت خَمْسيَّ فأضعفتها
بقدرة اللَّه ويمن امرىء ٍ
نعماه عُمْر إن تَلَحَّفتُها
فيها مَرادٌ إن تَرعَّيتَها
وأيُّ حِرْز إن تكهفتها
يا واحدَ الناس الذي لم أجد
شَرواهُ في الأرض التي طُفتها
إليك أشكو أنني طالبٌ
خابت رِكابي منذ أوجفتُهَا
أصبحتُ أرجوك وأخشى الذي
جَرَّبتُ من حالٍ تسلَّفتُها
فاطرُدْ ليَ الحرفة َ وادعُ الغِنى
واذكر سُموطاً كنت ألَّفتُها
مَدائحٌ بالحق نمقتُها
وليس بالباطل زخرفتُها
أعتدُّها شكوى تشكيتها
إليك لا زُلفى تَزلَّفتها
وكيف أعتدُّ بها زُلفة ً
وإن تعمَّلتُ فأحصفتُها
ولم أُشرِّفك بها بل أرى
بالحق أني بك شرفتها
ومن مَساعٍ لك ألَّفتها
لا من مساعي الناس لَفَّفتها
تعاوَرَتْها فِكَرٌ جمة ٌ
أنضيتُها فيك وأزحفتها
وأنت لا تَبْخَسُ ذا كُلفة ٍ
لا بَلْ ترى أن الغنى رَفْتُهَا
بحقّ من أعلاك فوقَ الورى
إحلافة ً بالحق أحلفتُها
لا تُخطئنّي منك في موقفي
سماءُ معروف توكّفتها(77/33)
أنت المُرجَّى للتي رُمتها
أنت المرجى للتي خِفتُها
كم بُلغة ٍ ما دونها بُلغة ٌ
قد نافرَتْني إذ تألفتها
فرُحتُ لا أرجو ولا أبتغي
وتاقت النفسُ فَكَفْكَفْتُها
حُملتُ من أمري على صَعْبة ٍ
خليتها إذ عزَّني كَفْتُها
بل خِفْتُ من كنتُ له راجياً
ورجَّتِ النفسُ فخوَّفتها
ولم أخفْ في ذاك أنّي متى
وعدتُها رِفدَك أخلفتُها
لكنني أفرَقُ من حِرْفة ٍ
أنكرتُ نفسي منذ عُرِّفتها
أقول إذ عنَّفني ناصحٌ
في رفض أثمادٍ ترشفتُها
إن أبا الصقر على بُعدِه
داني العطايا إن تكففتُها
ثمارُهُ في شُمِّ أغصانِهِ
لكنني إن شئتُ عَطَّفتها
لا كَثمارٍ سُمتُ أغْصانَها
إدْناءها مني فقصَّفتها
لِبَابِهِ المعمورِ أُسْكُفَّة ٌ
لَتُعْتِبنِّي إن تسكَّفْتها
الآنَ أسلمتُ إلى نعمة ٍ
غنَّاء نفساً كنت أقشَفْتُها
قد وعدتني النفسُ جدوى له
إن شئت بعد اللَّه وظفتُها
تاللَّه لا يَقْصُرُ دون المنى
قِرَى سجاياه التي ضِفتها
نُعمى أبي الصقر التي استبشرتْ
نفسي بريَّاها وقد سُفتها
خُذها ولا تَبْرَم بها إنني
قرَّطتُها الحسنَ وشنَّفتها
بَيِّنَة ً من منطق محكمٍ
فَتَّنْتُهَا فيك وصرَّفتُها
كم نظرة ٍ فيها تَقَصَّيتها
كم وقفة ٍ فيها توقَّفتها
بمجد آبائك أسستها
ومجدِ آلائك شرفتها
ضَوَّعتُ فيكم كلّ مشمولة
لكنني من مسككم دُفْتها
ولم أدعْ في كلّ ما زانها
فلسفة ً إلا تفلسفتها
إن كنتُ بالتطويل كمَّيتُها
فليس بالتثبيج كيَّفتها
لو أن خدّي كان أهلاً لهُ
واستهدفَتْ لي لتَهدَّفتها
يا من إذا صُغتُ أماديحَه
جَوَّدتُها فيه وزيَّفتها
لو أنها ليلٌ لَنورتُهُ
باسمك أو شمسٌ لأَكْسفتُهَا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رأيتُ عبيدَ اللَّه في كلّ ليلة ٍ
رأيتُ عبيدَ اللَّه في كلّ ليلة ٍ
رقم القصيدة : 60605
-----------------------------------
رأيتُ عبيدَ اللَّه في كلّ ليلة ٍ
تبيتُ الأيور العُجْرُ حَشْوَ حقيبتِهْ
هنيئاً له إن البغاءَ بلية ٌ(77/34)
تعجَّلَهَا في عُنفوانِ شَبيبتهْ
بخيلٌ على إخوانهِ غيرَ أنهُ
يجودُ على من ناكه بخَريبتهْ
جبانٌ ولكنَّ استَهُ ذاتُ جرأة ٍ
ولو لَقِيتْ عمرَو القنا في كتيبتهْ
هو البحرُ حدِّث عنه كلَّ عجيبة ٍ
فليس على المُغتاب وزرٌ بغيبتهْ
فيا ربنا أكرِمْ أباه بثُكلهِ
وواللَّه ما يَسْوَى ثوابَ مصيبتهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كم يُعَزّ المُفَضَّلُ المبخوتُ
كم يُعَزّ المُفَضَّلُ المبخوتُ
رقم القصيدة : 60606
-----------------------------------
كم يُعَزّ المُفَضَّلُ المبخوتُ
ويُبَزُّ المحبَّب المنعوتُ
أعتبَ اللَّه بعد بلوى تشكَّى
جَهْدَها الناسُ والصخورُ الصُّموتُ
أفَيومين خِلْتَ عُتباهُ تبقى
ثم يُضحي وحبلُه مَبْتُوتُ
حاشا للَّه أن يُقصِّر بالعُتْ
بَى فيُلفى زمانُها وهو قوتُ
أنْشَرَ اللَّهُ دولة َ ابن سليما
ن فأيْقِن بأنها لا تموتُ
ليس بعد النشورِ موت فكبتاً
للأعادي فكلهم مكبوتُ
فألُ يُمنٍ أتاحه اللَّه عمداً
للسانٍ بيانُهُ منعوتُ
شاهدٌ أن نعمة َ الله فيكم
آلَ وهبٍ ما حالف اليمَّ حوتُ
كم عدوٍّ لهم غدا وهو مغمُو
رٌ بنعماءَ منهمُ لا مَقُوتُ
لو صحا ودَّ أن عمركُم المم
دود فيه وعُمرَهُ المسْحوتُ
كادكم معشروأوهنُ بيت
ما بنَتْه من غزلها العنكبوتُ
ولكم أَنْعُمٌ عليهم ولكنْ
قَلَّ ما يقبلُ الغُروسَ المُرُوتُ
أثمَروا شكلهم وهل يُثمر الخَرْ
رُوبَ إلا شبيهُهُ اليَنبوتُ
شَنِئَتْهم حُثالة ٌ من أناس
أيقنوا أن مُخَّهم منكوتُ
فهجَوْكم بأنكم منذ قُمتم
أثِّلَ الملك واقتنَى السُّبْروتُ
صدق القوم أنتُم قُطُب الدو
لة ما عاقبتْ سُبوتا سبوتُ
عيبُكم أنكم أناسٌ كرامٌ
كلُّ شرٍّ بفضلكم مغتوتُ
لكمُ مطلبٌ يفوت ذوي الفَضْ
ل وفضْلُ مطلوبه لا يفوتُ
لم تزالوا يقومُ بالشكر عنكم
ما فعلتم والجاحدون سُكوتُ
عندكم نائلٌ مخلى على العُس
ر وبأسٌ عمن هفا مكفوتُ
حين لا جودُكم يجورُ عن القصْ
دِ ولا وجهُ عزمكم ملفوتُ(77/35)
فلتدُمْ نعمة ُ الإله عليكم
ما أقامت ودامتِ الملكوتُ
وفداكُمْ من شانَ مِنَّتَه المنْ
نُ وأَزرتْ بعزِّهِ الجبروتُ
حسبُنا حسبُنا بكم ربُّنا اللَّ
ه أَبَينا أن يُعبدَ الطاغوتُ
غيرُكم يا مَثابة َ المُلك من يَنْ
أى به يومَ نوبة ٍ مشموتُ
وفداءٌ لما بنته مساعيْ
كُم من المجد ما بَنَتْهُ النَّحوتُ
ووقاءٌ لما عليكم من الأح
ساب والسِّتر ما حَوته التخوتُ
إنما يطلبُ الترفُّعَ بالبِزْ
زة ِ والثروة ِ الرجالُ التُّحوتُ
هل يَسُرّ الكريمَ أنَّ كِساهُ
كَمُنَاهُ وعِرضُه مَهْرُوتُ
إن يحارِبْكُمُ من الأرض خطبٌ
فله في السماء قِرنٌ ثَبوتُ
لو رأى الدهرُ جَدَّكم في تَعَالي
ه لأضحى كأنه مبهوتُ
آل وهب ما رَوْعكُم أن نُهيتم
كم نُهيتم والنائراتُ خُفوتُ
كم رأينا إنهابَكُم ما ملكْتُم
في العطايا إلا بقايا تَقُوتُ
جُودُ أيديكُم أحدُّ من النهْ
ب وأمضى إن فكَّر المبهوتُ
فاصبروا إن جَدَّكم طالبُ الثأ
ر وهل جَدكم بثأر يفوتُ
لن يضرَّ الأصولَ وهي رواس
ورقٌ من فروعها محتوتُ
حُسُن رأي الأمير كنزٌ لكم با
قٍ وعرنينُ من بَغَى مَسْلوتُ
عزُّكم في نصابه آل وهبٍ
والروابي محلُّكم لا الخبُوتُ
لم يَجُع ضيفُكم ولا الجار مَزْؤو
دٌ له في جواركم مَبْهوتُ
ولقد أشعرَ الجُناة عليكم
حَذَر الطير والعُقابُ تَخُوتُ
وكفاكُم بذاك زادكُم اللَّ
هُ علواً وضدُّكُم مَذْعوتُ
آل وهبٍ لقد علمتُ يقيناً
أن شعري بمجدكم مَنْخوتُ
إن أكن قد أجدتُ تحت قريضٍ
فيكُم جادَ ذلك المنحوتُ
ليَ نظمُ الثناء فيكم ولكن
لكُم الدرُّ منه والياقوتُ
من معانيكُم نظمتُ مديحي
ومعاني النُّعوتِ ثم النعوتُ
هل مِلاكُ النعوتِ إلا المعاني
أو قِوامُ الأبيات إلا البيوتُ
ما إخالُ المديح يوجب حقاً
لي عليكم كما يرى المسبوتُ
ليس للمادحين حق عليكم
بل على اللَّه إذ ثَناكم قُنوتُ
ثم إني أقولُ قولة صادٍ
غاب عنه المُروَّقُ البَيُّوتُ
لهف نفسي أَلاَّ يُعيرني النجْ
دة َ من قبل موته طالوتُ(77/36)
فيرى اللَّه كلَّ باغٍ عليكم
وهو مني بحتفه مبغوتُ
لو أطقتُ القتال عنكم لقاتل
تُ ولو أنَّ قِرني التابوتُ
دونكم مستقيمة َ السمتِ فيكم
حين تَعوجُّ بالكلام السُّموتُ
شُكْرَ عُرفٍ يجري بكم غير موقوْ
تٍ فَداكُمُ من عُرفهُ موقوتُ
من أكفٍّ بيضٍ غدتْ وهي مشفو
عٌ لدينا بجودها ممتوتُ
هاكُموها تروق مُستجمَع الْ
قوم بسحرٍ لم يُؤْتَه هاروتُ
صاغها صائغٌ من الجن لا الإنْ
س يروغ بِكرَ الكلام نَكوتُ
حُوَّلٌ قُلَّب لو انْغَلَّ يوماً
في خُروتٍ لأزْلَقته الخُروتُ
لم يَضِرهُ أن لم يكن عربياً
دارهُ قِرْقَرى أو المَرُّوتِ
طابَ منها نسيمُها آل وَهب
فهو مِسكٌ في عنبر مفتوتُ
وذَكا نَشرُها فقال أناسٌ
صبَّحتنا بخمرها بيروتُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وجدتُ أبا عبد الإلهِ خليفة ً
وجدتُ أبا عبد الإلهِ خليفة ً
رقم القصيدة : 60607
-----------------------------------
وجدتُ أبا عبد الإلهِ خليفة ً
لصاحبهِ إسحاقَ بعد وفاتِهِ
كفاني وأغناني فلستُ بفاقدٍ
لعمرُك من إسحاق غير حياتِهِ
فيا لكَ من ذُخْرِ امرىء ٍ لزمانه
مُعَفٍّ على ما كان من نكباتِهِ
حباني به إسحاقُ خيرَ بقية ٍ
يُخلّفها المفقودُ من بركاتِهِ
وما كان إلا الغيثَ أحيا بقَطْرِهِ
وولى فأحيا بعده بنباتِهِ
فلا يَبْعِد الماضي وعُمِّر بعده
خليفتُهُ من بعده لعُفاتِهِ
فتى ً كلُّ علمٍ فهو في سَكناتِهِ
وكلُّ ذكاء فهو في حركاتِهِ
يُعبِّس والإنصافُ تحت عبوسه
ويضحك والإيناس في ضحكاتِهِ
نَهوضٌ بأعباء الكتابة مُرْفِقٌ
رعيَّتَهُ مستظهرٌ لرُعاتهِ
ترى كلّ نفسٍ رِيَّها وشفاءَها
إذا رُوِّيت أقلامُه من دواتهِ
تنال بأنبوبِ البراعة كفُّهُ
ذُرا ما تَعاطى فارسٌ بقناتهِ
ومن كان فرداً في عظيم غَنائهِ
عن الملك لم يَصْغُر صغيرُ أداتهِ
جبى الفيْء للسلطان والفيء فاغتدى
له الرتبة ُ العلياءُ فوق جُباتهِ
رآه أبو العباس أَقومَ قائمٍ
بأعماله عند امتحانِ كُفاتِهِ(77/37)
وألفى لديه عِفة ً وأمانة ً
وإحداهما يكفي امرأً من ثِقاتِهِ
أراني إذا حاولتُ وصفَ جلالهِ
أو الشكرَ عما كان من فَعلاتِهِ
تشاغلتُ عن شكري له بصفاتهِ
وأذهلني شكري له عن صِفاتهِ
فقصَّرتُ في الأمرين والقلب مُضمِرٌ
مودتَهُ في مستقرِّ ثباتِهِ
ولو طال مدحي فيه وانكدَّ لم تجز
إطالتي المكتوبَ من حسناتِهِ
ولولا اتِّقائي للتعدِّي زَعمتُهُ
أخا الدهر لا يُغضي إلى أُخرياتِهِ
وما زال يعلُو قدرُهُ قدرَ مدحهِ
وأين مَنالُ الشعرِ من درجاتِهِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا حامدَ اللَّهِ إذ لم يَكسُهُ نِعَماً
يا حامدَ اللَّهِ إذ لم يَكسُهُ نِعَماً
رقم القصيدة : 60608
-----------------------------------
يا حامدَ اللَّهِ إذ لم يَكسُهُ نِعَماً
إلا لأوحدَ وقَّاع على النُّكَتِ
يَهْنَئكَ أنك لم تُنْعِم عليك يَدٌ
دُونٌ وأنكَ لم تُسْلَمْ إلى العَنَتِ
وأنَّ شكرك مرصودٌ بعارفة ٍ
أخرى ستأتيك لم تُبخَس ولم تُلَتِ
وكيْفَ يُبخس من أضحى وليس لَهُ
إلاَّ إلى وجهِ بِرٍّ وجْهُ مُلْتَفَتِ
أعني العلاءَ الذي لم يَجْر في أمَدٍ
إلاَّ وفات إلى القصوى ولم يُفَتِ
فَتى ً كليلٌ عن الفحشاء مُنْصَلتٌ
على ابتناء المعالي كلَّ مُنْصَلَتِ
كم مُفلَتٍ بالعلاءِ الخيرِ من عطبٍ
من بعد ما قَالَ إنِّي غير مُنْفَلتِ
وكلَّحَ الدهرُ من نابيْهِ عنْ عَضَلٍ
فيه المنايا ومن شِدْقيْهِ عن هَرَتِ
فاللَّه يجزيه في دنيا وآخرة ٍ
ذِكراً إذا ما أُميتَ الذكر لم يَمُتِ
يا من يشكُّ إذا عُدَّتْ مَنَاقِبُهُ
يكفيك ما قدَّمَتْ كفَّاه من ثبتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ما لمن حَسَّنَهُ اللَّ
ما لمن حَسَّنَهُ اللَّ
رقم القصيدة : 60609
-----------------------------------
ما لمن حَسَّنَهُ اللَّ
هُ وأعْلَى دَرَجاتِهْ
أنْ يرى مَلْهَاهُ إلا
آخذاً بعضَ صفاتِهْ
أيهذا السيِّدُ المصْ
غي إلى نُصْح ثقاتِهْ
لا تجهَّمْ بشراء ال
خير واصدِفْ عن بُغاتِهْ(77/38)
واستمعْ في اللهو منّي
إنني رأسُ دعاتِهْ
لا تُفَرِّطْ في نعيمٍ
بعد تكميل أَداتِهْ
لا يَفُوتَنَّك في ده
رك كبرى مُسمِعاتِهْ
إنَّه لا يصلح الإح
سانُ إلا لِوُعَاتِهْ
لا تُضع إحسانَ في الإح
سانِ يا خير رعاتِهْ
أنت في بستان عَيْشٍ
فَتَخَيَّرْ ثمراتِهْ
قَدْ جلاك الدهر للأعْ
يُنِ يا خير ولاتِهْ
في ربيعٍ من شباب
وربيع من نباتِهْ
فتنزَّهْ في رياض الْ
لَهْوِ واشممْ زهراتِهْ
وائْتَنِفْ مُؤْتَنفَ العي
ش وباكر غدواتِهْ
إنَّ تلك النَّفْسَ كفء
لصَفايا مُتُعاتِهْ
أمتعَ اللَّه بك الده
ر إلى حين وفاتِهْ
ووقى نفسك من شَرْ
رِّ بَنِيهِ وبناتِهْ
في هنيءٍ ومَرِيءٍ
وسَنيٍّ من هباتِهْ
وكسا الدنيا بك الزَّيْ
نَ إلى أخرى إناتِهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أزِرْ صلة ً قدَّمْتَها أَخَوَاتَها
أزِرْ صلة ً قدَّمْتَها أَخَوَاتَها
رقم القصيدة : 60610
-----------------------------------
أزِرْ صلة ً قدَّمْتَها أَخَوَاتَها
وإلاَّ فأطلِقْها تَزُرْ أَخَوَاتِها
ولا تَحْسِبَني راضِياً منك بالتي
تَسَخّطَ قبلي معشرٌ أمَّهاتِها
ولم أحْتَقِرْ ما كان منْك وإنهُ
لكُثْرٌ إذا عَدَّتْ رجالٌ صِلاتها
ولكنّهُ في جنبِ جودِك تافهٌ
وفي عين حُرٍّ أبْعَدَتْ غَلَواتِها
أتعطي سوايَ الأمهاتِ من اللُّهى
وَتَخْتصُّني منها بصغرى بناتِها
أبَتْ لي قبولَ الخسف نفسٌ أبيَّة ٌ
تبيعُ بعزِّ الموتِ ذلَّ حياتِها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> كلُّ نفسٍ لِمَوْقِتِ
كلُّ نفسٍ لِمَوْقِتِ
رقم القصيدة : 60611
-----------------------------------
كلُّ نفسٍ لِمَوْقِتِ
ليسَ حيٌّ بِمُفْلِتِ
مات إسحاقُ فاستمع
نعْيَهُ ثم اخْبتِ
مات إسحاق فاستمع
لثناهُ وأَنْصِتِ
مات من راح واغتدى
ذكرُهُ غيرَ ميِّتِ
مات من كان للحقا
ئق عين المثبِّتِ
مات من كان للأبَا
طِيلِ عينَ المشتِّتِ
لاَ بِوْهْمٍ مُرَجَّمٍ
بل بِفَهْمٍ مُنَكِّتِ
مات من كان شاملاً
بالحيا كلَّ مُسْنت(77/39)
مات من لم نجدْ له
وادياً غيرَ مُنبِتِ
مات من لم نجد له
جَدَلاً غيرَ مُسْكِتِ
يا أخي يا أبا الحُسَيْ
ن صَرِيخَ المصوِّتِ
حلَّ بي فيكَ مَشْمَتٌ
جَلَّ عن كلِّ مُشْمِتِ
كبدي مُذْ دُهِيتُ في
كَ بِكَفَّيْ مُفَتِّتِ
وكأَنِّي لِوَحْشَتي
لك في وحشِ إصْمتِ
نالني فيك من زما
نِيَ إعناتُ مُعْنِتِ
أنتَ من لم يكن يُني
لُ نوالَ المقَوِّتِ
بل نوالاً مُصَبِّحاً
ضاحكاً عَنْ مُنَبِّتِ
يا خصيماً عن الهدى
مُسْكتاً كلَّ مُسْكِتِ
قلتُ للدهر إذ أصَا
بك أخطأتَ فاكفِتِ
وتكذَّبْتَ في اعتذَا
رِكَ فاصدُقْ أَوِ اصْمِتِ
قد لعمري كبتَّ نَفْ
سَكَ يا دهْرُ فاكبِتِ
خِبْتَ يا دهرُ بعدَهُ
فاحْيَ إن شئتَ أَو مُتِ
واجْتَثَثْتَ الذَّكَاءَ والْ
خير من خيرِ مَنْبتِ
كان مَحْيَاهُ فيكَ أف
ضَل حِينٍ ومَوْقتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عزاؤكَ أن الدهرَ ذو فَجعاتِ
عزاؤكَ أن الدهرَ ذو فَجعاتِ
رقم القصيدة : 60612
-----------------------------------
عزاؤكَ أن الدهرَ ذو فَجعاتِ
وكلُّ جميعٍ صائرٌ لشَتاتِ
لك الخيرُ كم أبصرتَهُ وسمعتَهُ
قرائنَ حيٍّ غيرَ مختلجاتِ
هلِ الناس إلا معشرٌ من سلالة ٍ
تعودُ رُفاتاً ثَمَّ أيَّ رفاتِ
مياهٌ مَهينات يؤولُ مآلُها
إلى رِمَمٍ من أعظُمٍ نخراتِ
أرى الدهر ظَهراً لا يزال براكبٍ
وإن زل لم يُؤْمنْ من العثراتِ
ومن عجبٍ أنْ كلما جدَّ ركضُنا
عليه تباعدنا من الطَّلباتِ
وأعجبُ منه حرصُنا كلما خلتْ
سنونا كأنا من بني العشراتِ
نُخلِّف مأمولاتنا وكأننا
نسيرُ إليها لا إلى الغَمراتِ
غُررْنا وأُنذرنا بدهرٍ أَملَّنا
غُروراً وإنذاراً بهاكَ وهاتِ
إذا مَجَّ مجاتٍ من الأَري أَعْقبت
بأقصى سهام في أحدِّ حُماتِ
أميْري وأنت المرءُ ينجم رأيهُ
فيسري به السارونَ في الظُّلماتِ
وتعصِفُ ريحُ الخطبِ عند هُبوبها
وأنت كركنِ الطَّودِ ذي الهَضباتِ
عليك بتقوى اللَّه والصبرِ إنهُ
مَعاذٌ وإن الدهر ذو سَطواتِ(77/40)
وليس حكيمُ القوم بالرَّجل الذي
تكون الرزايا عنده نَقماتِ
فُجعَت فلا عادت إليك فجيعة ٌ
كما يُفجَع الأملاك بالملِكاتِ
أصِبْتَ وكلٌّ قد أُصيب بنكبة
يُهاض بها الماضي من النَكباتِ
فلا تجزعَنْ منها وإن كان مثلها
زعيماً بنفرِ الجأشِ ذي السكناتِ
وما نَفْرُ نفسٍ من حلول مصيبة ٍ
وقد أيقَنَتْ قِدماً بما هو آتِ
أتوقنُ بالمقدور قبل وقوعِه
وتنفِر نفرَ الغِرِّ ذي الغفلاتِ
لقد أونِسَت حتى لقد حان أنسُها
بما شاهدت للدهر من وقعاتِ
فما بالها نفرُ الأغرَّاء نفرُها
وقد أُنذِرت من قبلُ بالمَثُلاتِ
من احتسبَ الأقدار أيقن فاستوتْ
لديه منيخات ومنتظَراتِ
هلِ المرءُ في الدنيا الدنية ِ ناظرٌ
سوى فقد حبٍ أو لقاء مَماتِ
ألم تَر غَاراتِ الخطوب مُلِحة ً
فبين مُغَاداة ٍ وبين ثباتِ
تروحُ وتغدو غير ذات ونيَّة ٍ
على حيوان مرة ومَواتِ
وما حركاتُ الدهرُ في كل طَرفة ٍ
بلاهية ٍ عن هذه الحركاتِ
سَيسْقي بني الدنيا كؤوسُ حتوفهم
إلى أن يناموا لا منامَ سُباتِ
وفاءٌ من الأيام لا شك غدرُها
وهل هنّ منجزاتُ عِداتِ
يَعِدْن بغدر ليس بالمُخلفاته
فقُلْ في وفاءٍ من أخي غَدراتِ
تعزَّ بموت الصِّيد من آل مُصْعب
تجدهُم أُسى ً إن شئت أو قُدواتِ
تعزَّوا وقد نابتهُمُ كلُّ نوبة
وماتوا فعرّوا كل ذي حسراتِ
ومن سُنن الله التي سنّ في الورى
إذا جالتِ الأراءُ مُعتبِراتِ
زوالُ أصول الناسِ قبل فروعهم
وتلك وهذي غيرُ ذات ثباتِ
ليبقَى جديدٌ بعد بالٍ وكلُّهم
سَيبْلَى على الصَّيفاتِ والشَّتَواتِ
وإن زالَ فرعٌ قبل أصلٍ فإنما
تُعد من الأحداث والفَلتاتِ
وتلك قضايا اللَّه جلَّ ثناؤه
وليست قضايا اللَّه بالهفَواتِ
ليُعلَم ألا موتَ ميتٍ لكَبْرة ٍ
ولا عيش حيٍّ لا قتبال نباتِ
وتقديمُ من قَدَّمت شيءٌ بحقهِ
فَدَعْ عنك سَحَّ الدمع والزفراتِ
ولا تَسخِط الحقّ الذي وافق الهدى
هوى من له أمسيتَ في كُرُباتِ
رُزئتَ التي ودَّت بقاءَك بعدها
وأحيت به في ليلها الدعواتِ(77/41)
وكانت تَمنَّى أن تُردَّى سريرها
وبعضُ أمانيِّ النفوس مُواتي
فلا تكرهْنَ أن أوتِيَتْ ما تودُّه
فكرهُك ما ودت من النكراتِ
ألم تر رُزءَ الدَّهر من قبل كونهِ
كفاحاً إذا فكرتَ في الخلواتِ
بلى كنتَ تلقاهُ وإن كان غائباً
بفكرك إن الفِكرَ ذو غزواتِ
فما لك كالمَرميِّ من مأمنٍ لهُ
بنَبْلٍ أبَتْه غيرَ مُرتقباتِ
زَعِ القلب إن الفاجعاتِ مصائبٌ
أصابت وكانت قبل مُحتسَباتِ
فإن قلتَ مكروهٌ ألمت فُجاءة ً
فما فوجئت نفسٌ مع الخطراتِ
ولا غوفصت نفسٌ ببلوى وقد رأت
عِظاتٍ من الأيام بعد عظاتِ
إذا بغتَتْ أشياءُ قد كان مثلها
قديماً فلا تعتدَّها بغَتَاتِ
جزعتَ وأنت المرءُ يوصف حزمُهُ
ولا بد للأيقاظِ من رَقَداتِ
فأعقِبْ من النوم التنبُّهَ راشداً
فلا بد للنُّوام من يقظاتِ
ومَن راغم الشيطانَ مثلك لم يُجبْ
رُقاهُ ولم يَتْبع له خُطواتِ
ومما ينسِّيك الأسى حسناتُها
وإن كنت منها يا أخا الحسناتِ
فإن ثوابَ اللَّه في رُزء مثلها
لِقاؤُكَها في أرفع الدرجاتِ
وذاك إذا قضَّيتَ كلّ لُبانة ٍ
من المجد واستمتعتَ بالمُتُعاتِ
مضت بعدما مُدَّتْ على الأرض برهة ً
لتُمجِدَ من فيها من البركاتِ
فإن تكُ طوبى راجعت أخواتها
فقد زوِّدت من طيّب الثمراتِ
لعَمرك ما زُفت إلى قعر حفرة ٍ
ولكنها زُفت إلى الغُرفاتِ
ولولاك قلنا من يقومُ مقامها
ومن يؤثِر التقوى على الشبهاتِ
سقاها مع الدمع الذي بُكِيَتْ به
حيا الغيثِ في الروحات والغدواتِ
وصلّى عليها كلما ذرَّ شارقٌ
وحان غروبٌ صاحبُ الصلواتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قل للأَمير أدامَ اللَّهُ دولتَهُ
قل للأَمير أدامَ اللَّهُ دولتَهُ
رقم القصيدة : 60613
-----------------------------------
قل للأَمير أدامَ اللَّهُ دولتَهُ
وزادَهُ في علوّ القدرِ والصيتِ
ماذا يقول امرؤ قال الإلهُ لهُ
من اجتبيتَ لتجديد المواقيتِ
من ذا نُقيمُ مواقيتَ الصلاة به
حتى يقومَ على رغم الطواغيتِ(77/42)
أترتضي لحقوقي رعي ذي عَوَرٍ
وقد جعلتك رَجماً للعفاريتِ
وقد فتحتُ عليك الشرقَ متصلاً
بالغرب لم تخلُ من نصر وتثبيت
ألم يكن قدرُ حقي أن توفِّيَه
إلا أُعيورَ لا يهدي لتوقيتِ
لو كان حقك ما رعيت موقِفَهُ
إلا بأعين نُظَّام اليواقيتِ
لكنَّ حقِّيَ خسَّسْتَ الرقيبَ له
فوقتهُ الدهرَ مأخوذ بتنحيتِ
راعيتَ حقي بذي عينٍ مُقَوتة ٍ
أجريت رزقي عليه غير تقويتِ
ماذا يكون جوابُ المرء حينئذٍ
أعاذك اللَّه من لؤم وتبكيتِ
طهِّر ثيابك ممن لا يؤهِّلُهُ
عند العُطاس ذوو التقوى لتشميتِ
طهِّر ثيابك ممن لا ثيابَ له
من ذنبه غيرُ أطمارٍ مَهاريتِ
سَيِّرْه عنك إلى رُسْتاق معجلة ٍ
أو قفرة ٍ من قفار الأرض سختيتِ
معادِنُ الزفت أولى أن تلائمُهُ
يا معدنَ المسك فانبُذْه إلى هِيتِ
أبا عليٍ وظُلماً ما كُنيتَ بها
لقد ضَللْتَ بأَتياهٍ سباريتِ
كيف النجاة وقد أوغلتَ معتسفاً
ولست بين فيا فيها بخِرِّيتِ
أقبلت أعورَ عُوَّاراً تحاربني
وما العواوير أكفاءُ المصاليتِ
ماذا دعاك بلا أجرٍ تطالبُهُ
إلى قتالك قُدَّامَ التوابيتِ
نبَّهتَ حربي وكانت عنك راقدة ً
فاصبر لأَنكرِ تصبيحٍ وتنبيتِ
كأنني بك قد قابلتَ نائرتي
بالخَرْق تخبط فيه خبطَ عمِّيتِ
كمُتّقٍ لفحَ نارٍ يستعدّ لها
بالجهل دِر عين من نفطٍ وكبريتِ
فكان عوناً عليه ما استعانَ به
وشتَّتَتْه يدَاهُ أَيَّ تشتيتِ
أصبحتَ أعيا أخي عِيٍّ وأهذَرَهُ
قُبحاً لكلّ غبيٍ غيرِ سكيتِ
يُلقيك في الغَي عَيٌّ ناطق أبداً
ويسلم المرءُ ذو العِيّ الصَّميميتِ
خُذها تَبوعاً لمن ولى مُسوَّمة ً
كأنها كوكبٌ في إثر عِفريتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أصلعٌ يُكنى بأبي الجَلَّحْتِ
أصلعٌ يُكنى بأبي الجَلَّحْتِ
رقم القصيدة : 60614
-----------------------------------
أصلعٌ يُكنى بأبي الجَلَّحْتِ
حَبَلَّقٌ كالماعز الكَلْوَخْتِ
ذو هامة ٍ مثلِ الصَّفاة المرتِ
تنصبُّ في مهوى جبينٍ صَلتِ
تبرقُ بالليل بريقَ الطِّسْتِ(77/43)
صبَّحها اللَّهُ بقفدٍ سَخْتِ
ولحية ٍ مثل غراب الحَمْتِ
كأنها مدهونة ٌ بزفتِ
سرَّحها اللَّه له بالسَّلْتِ
تعرفُهُ الأَنباط بالبَذْنَقْتِ
وفارِس الأحرار بالبَذْنَخْتِ
قضى عليه بقضاءٍ بَتِّ
من أكلِ الناسِ لخبزٍ بَحْتِ
يلُتّهُ بالريق أيَّ لتِ
أحسبَ حُسَّاب بني نَوْبختِ
بأنه نحسٌ شقيُّ البختِ
يلقُط حَبَّ الأدمِ المُنفتِّ
لَقْطَ حمامٍ جاء من جِيرَفْتِ
كأنّما يلقطه بشَقْتِ
يؤدي الندامى بعد طول الصمتِ
يذكر حمدانَ عميدَ البرتِ
مُعَبِّسُ الوجه طويلُ السكتِ
كأنما عضَّ على جُلَّفتِ
أثقلُ من طلعة ِ يوم السبتِ
على ابن كُتّاب بَليدٍ هَبْتِ
مذبذب بين الجهاتِ الستِ
ابنٌ كبنتٍ وأخٌ كأختِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إلفٌ لنا بارعُ الصفات
إلفٌ لنا بارعُ الصفات
رقم القصيدة : 60615
-----------------------------------
إلفٌ لنا بارعُ الصفات
غرابٌ بينِ المُغنيَّاتِ
مُكدَّحٌ شهرَنا بكيٌّ
مطفَّلٌ فائقُ الثباتِ
لا يؤمنُ الناسُ من غُدوْ
وٍ ولا رواحٍ ولا بياتِ
قد اشترى الدورَ من ذويها
وطالبَ القومَ بالبَتاتِ
يا مسلمونَ انفروا جميعاً
إليه أو انفروا ثُباتِ
ذو رُقية ٍ من رُقى طُفيلٍ
يأخذُ بالعين كالسُّباتِ
أُغريَ بالمُحسنينَ وصفي
وهمُّهُ وصفُ محسناتِ
ووجهُ مظلومة هواهُ
وهمُّها في بني الفُراتِ
ما تُبالي خَرِيتَ في مجلس القوْ
م إذا ما غنيتهم أم ضَرِطتا
ويَخالُ النديمُ انّك تفسو
إن تنفستَ نحوه أو نَكَهتَا
إن دعوناكَ للِّواط فلا بِدْ
عاً وإن كان باطلاً ما زَعَمتا
فقديماً لِواطُ أمّك معرو
فٌ بيحيى بن صالحٍ قد عَلِمتا
خفيفوقِّرُوه لجاههِ ولسَمْتِهْ
واحفظوهُ أيضاً لحرمه أختهْ
لا تقولوا على ابن بَورانُ بُهتا
ناً فقِدْماً جَبَهْتُموه ببهتهْ
يشهد ُ الله أن أيري سِلكٌ
ما جرى مرتين في قلب خُرْتهْ
سُرنا بالسكوت يرحَمُكَ الل
هُ فإنَّا في نِعمة ٍ ما سَكَتَّا
كان غَنَّى في مجلس فلحَيْنا
فانثنى ساكتاً فقلنا أجدتا(77/44)
يا بن عبدونَ قد عهِرنا قديماً
وحديثاً بلؤلؤٍ وعهرتا
فهنيئاً نيكي لأمك قِدماً
وحديثاً بلؤلؤٍ وعهرنا
غير أني أراك تفخرُ أني
بك قد لُطْتُ مرة ثم تيتا
إن بيتَ الفتاة بيتُ سِفاحٍ
كلما شئتَ فيه نيكاً وجدتا
قد ركبنا الذي ركبتَ زماناً
وركضنا في حلية ٍ وركضتا
بغلَة ُ النيك لؤلؤٌ فالهُ عنها
تُعلِفُ الأيرَ ليس تُعلِف قتَّا
ما علِمْنا من لؤلؤٍ ما ذكرنا
هي وقفٌ إذا هممتَ فَعَلْنا
يصطبحُ الخمرَ كلَّ يومٍ
ولو على الريق والفُتاتِ
إنما مَسَّهُ وفاجَأتموهُ
فتقى شركم فواراهُ في استه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> فقدتُكِ يا كنيزة ُ كلَّ فقدٍ
فقدتُكِ يا كنيزة ُ كلَّ فقدٍ
رقم القصيدة : 60616
-----------------------------------
فقدتُكِ يا كنيزة ُ كلَّ فقدٍ
وذُقتِ الموت أولَ من يموتُ
فقد أوتيتِ رحبَ فمٍ وفرجٍ
كأنك من كلا طَرْفَيك حُوتُ
ويابسة ُ الأسافلِ والأعالي
كأنكِ في المجالس عَنكبوتُ
عظامٌ قد براها السُّلُّ برياً
فما فيها لبعض الطير قوتُ
وإن غنَّيتِ زنَّيت الندامى
فلا عَمِرتْ بحضرتك البُيوتُ
رُزقتُك ليلة ً فرُزقتُ رزقاً
بُودِّي أنه أبداً يفوتُ
سأقترحُ السكوتَ عليك دهري
فأحسنُ ما تُغنينَ السكوتُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> بُليتَ بفلتة ٍ فضحكتُ فَلتهْ
بُليتَ بفلتة ٍ فضحكتُ فَلتهْ
رقم القصيدة : 60617
-----------------------------------
بُليتَ بفلتة ٍ فضحكتُ فَلتهْ
فلا تغضبْ كلا الأمرين بَغْتَهْ
ولي فضلٌ عليك لأن فعلي
بغير أذى عليك فلِمْ كرهتَهْ
أتُسمِعُني الأذى وتُشِمُّنيهِ
وتَجشِمُني رضَى ما قد فعلتَهْ
وتغضبُ إنْ ضحكتُ بغير عمدٍ
ولم تسمعْ أذايَ ولا شَمِمتَهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تداركَ وهباً كلامُ استهِ
تداركَ وهباً كلامُ استهِ
رقم القصيدة : 60618
-----------------------------------
تداركَ وهباً كلامُ استهِ
وقد كاد من عيِّه أن يموتا
وأُقسِمُ باللَّه لو أنه(77/45)
كفاها الكلامَ كَفَتْهُ السكوتا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> له قرونٌ سَمَقَتْ في العلا
له قرونٌ سَمَقَتْ في العلا
رقم القصيدة : 60619
-----------------------------------
له قرونٌ سَمَقَتْ في العلا
أطالها ربُّ البَريَّاتِ
يَسْترِقُ السمعَ على قَرْنهِ
إبليسُ في جوِّ السمواتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تَنفَّسَ في وجهي فكدتُ أموتُ
تَنفَّسَ في وجهي فكدتُ أموتُ
رقم القصيدة : 60620
-----------------------------------
تَنفَّسَ في وجهي فكدتُ أموتُ
وأعرَضَ عنّي ساعة ً فحييتُ
وأنتَنني حتى ظننتُ بأنني
وحقِّكما يا صاحبيَّ خَريتُ
فإن لم أكن فتشتُ حقاً غُلالتي
لأغسلَ عنها سَلْحَها فعميتُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عَهْدُنا بالرياحِ كانت تبَارى
عَهْدُنا بالرياحِ كانت تبَارى
رقم القصيدة : 60621
-----------------------------------
عَهْدُنا بالرياحِ كانت تبَارى
بالعطايا الرِّغاب والنفحاتِ
لكنِ الآن لا تزال تَبارى
بالعِدات الكواذبِ المخلفَاتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رجلٌ عليه لحية ٌ
رجلٌ عليه لحية ٌ
رقم القصيدة : 60622
-----------------------------------
رجلٌ عليه لحية ٌ
منها قَرامِلُ زوجتِهْ
لو يجمعِ اللَّهُ اللِّحى
كانت حُذَافَة َ لحيتِهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> نجا يونسُ في اللجَّ
نجا يونسُ في اللجَّ
رقم القصيدة : 60623
-----------------------------------
نجا يونسُ في اللجَّ
ة من حاوية الحوتِ
بتسبيحٍ له مُنجٍّ
وعتهُ أذنُ الحوتِ
فكم نوعٍ من الآفا
ت مصروفٍ عن الحوتِ
وحيتانكُمُ نَسْلٌ
أتى من ذلك الحُوتِ
وقد حَزنَ من التسبي
ح ميراثاً عن الحوتِ
فما إن يطمع الصَّيا
دُ في ذُرِّية ِ الحوتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وإذا اشتهيتَ خَرَا فَمَثِّل نتنَهُ
وإذا اشتهيتَ خَرَا فَمَثِّل نتنَهُ
رقم القصيدة : 60624
-----------------------------------(77/46)
وإذا اشتهيتَ خَرَا فَمَثِّل نتنَهُ
فعيوبُه تُسليك عن حسناتِهِ
سبحانَ خالقه إذا خَضْخَضتَهُ
ماذا يفوح عليك من نَكهاتِهِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> فَزِعْتَ إلى الخضاب فلم تُجَدِّدْ
فَزِعْتَ إلى الخضاب فلم تُجَدِّدْ
رقم القصيدة : 60625
-----------------------------------
فَزِعْتَ إلى الخضاب فلم تُجَدِّدْ
به خَلقَاً ولا أحييتَ مَيتا
فَدَعْهُ ولا تَعَنَّ به فُواقاً
فأجدَى منه قولُك لو وَلَيْتا
فدع عنك الخضاب ولا تُردْه
فأجدى ...............
خَضبتَ الشيبَ حين بدا لتُدْعَى
فتى ً حَدَثاً ضَلالاً ما ارتَجيْتا
أَلا حاولتَ أن تُدعى غُلاماً
بحلقِ العارضين إذا التحيتا
رأيتك إذ كساكَ الشيبُ ثوباً
تراهُ العين أسوأ ما اكتسيتا
أترجو أن يُقال فتى ً بشيبٍ
تُسوِّدُه
أبتْ آثارُ دهرك أن تُعَفَّى
بكفِّك شئتَ ذلك أم أبَيْتا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا عَرُضَتْ لحية ٌ للفتى
إذا عَرُضَتْ لحية ٌ للفتى
رقم القصيدة : 60626
-----------------------------------
إذا عَرُضَتْ لحية ٌ للفتى
وطالتْ وصارت إلى سُرَّتهْ
فنُقصانُ عقلِ الفتى عندنا
بمقدار ما زاد في لحيتِهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لكم حجابٌ ولنا أنفُسٌ
لكم حجابٌ ولنا أنفُسٌ
رقم القصيدة : 60627
-----------------------------------
لكم حجابٌ ولنا أنفُسٌ
تمنعُنا الذلَّ عزيزاتُ
تاهَ وتهنا فسَمَونا بها
وهْي عنِ الذلِّ مصوناتُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أنت تيسٌ والتيسُ أشْ
أنت تيسٌ والتيسُ أشْ
رقم القصيدة : 60628
-----------------------------------
أنت تيسٌ والتيسُ أشْ
بهُ شيءٍ بخِلْقَتِكْ
أنت أولى بقَرنِهِ
وهو أولى بلحيتِكْ
ناكَ أبو العباس نَيْكَ الغَتِّ
ناك على السَّمتِ وغير السَّمتِ
ولم يزلْ جَلْدات شديدَ النحت
يُرْهِزُها من فوقها والتَّحتِ
لو لم يُقَصِّر حَبِلتْ بِسِتِّ
وهكذا نيكُ بني نُوبختِ
لهُمْ أيورٌ كالحصان الكمْت(77/47)
لها فَياشٍ كرؤوس البُخْتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> بما أهجوكَ يا أنتَ
بما أهجوكَ يا أنتَ
رقم القصيدة : 60629
-----------------------------------
بما أهجوكَ يا أنتَ
أليسَ أنتَ الذي أنتَ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أكُفُّ الغواني بالخنا خَضِراتُ
أكُفُّ الغواني بالخنا خَضِراتُ
رقم القصيدة : 60630
-----------------------------------
أكُفُّ الغواني بالخنا خَضِراتُ
وهن بأقران الهَوى ظَفِراتُ
ضَعُفنَ وكان الضعفُ منهن قوة ً
فهنَّ على الألباب مقتدراتُ
ومُنتقباتٌ بالضياءِ وضاءة ً
كما هن بالظَّلماء مُعتجراتُ
خُلقن من الأضداد فاسودَّت الذُّرا
سوادَ الدجى وابيضَّت البَشَراتُ
ومِسْنَ وكثبانُ المآزر رُجَّحٌ
وقضبانُ ما وُشِّحن مُضْطمِراتُ
بَكَرْنَ على باكورتي فابتكرنَها
وهن لها إذ ذاك مُبتكِراتُ
كِلانا اجتنى ما يشتهي من خليله
فأغصانُ ما نهواهُ مُنهصراتُ
ذَكَرتُ الصبا وهناً فلا الوجْدُ مُقْلِعٌ
لشيء ولا الأحشاءُ مُصطبراتُ
غليلٌ أَبى أن يُطَفيء الدمعُ نارَهُ
ويُضرمهُ أن تَعصِب الزفراتُ
ألا إنما الدنيا الشبابُ وإنما
سرور الفتى هاتيكمُ السَّكراتُ
ولا خيرَ في الدنيا إذا ما رعيتُها
وقد أيبستْ أجنابُها الخَضِراتُ
نُراعُ إذا لاحت نجومُ مشيبنا
كأن نجوم الليل مُنكدراتُ
وتنفطرُ الأكبادُ عند شُمولهِ
كأنّ الطِّباق السبع منفطِراتُ
سيُنسيكَ أيامَ الشباب وبردَها
فتى ً ماجدٌ أيامُه سَبِراتُ
مُواصِلة ٌ آصالُها غُدواتها
من اللاءِ لم تُخْلق لها جمراتُ
ولم تُسلِكَ الأيامُ عن زَهَرَاتها
بمثل فتى ً أخلاقه زَهراتُ
كمثل أبي العباس إن كان مثلُهُ
وهل مثلُه دامت له الخيراتُ
أخو السَّرو من آل الفرات وكلُّهُمْ
سَراة ٌ ولكن للسَّراة ِ سَراة ُ
يدُ الله يا آل الفرات عليكُم
وأيديكُمُ بالعُرفِ منهمراتُ
تَحلّ أياديكم بحقٍ وإنها
لديكم بلا حق لمُحتقَراتُ
أيادٍ بوادٍ لا تُفيق وشاية ً
بأيدِ انتهاءٍ وهي مُستتَراتُ(77/48)
قِرى ً لكُم تُخْفونه وهو ظاهرٌ
سجاياكُمُ قِدْماً به يَسراتُ
وكيف بأن يخفَى قِراكم وإنما
بلادُ بني الدنيا لكم حَجَراتُ
أزَرتُمْ قراكم كلّ قومٍ فجاءهم
هنيئاً ولم تُقطع له القَفراتُ
جريتُم مع السُّبَّاق في كل حلبة ٍ
فجئتم ولم تُرْهِقْكُمُ الفَتراتُ
رَجَحْتُم على أَكفائكُم إذا وُزِنتُم
وهل يستوي الآلافُ والعَشَراتُ
لنا أثَرَاتٌ دونكم بثرائكم
ولكن لكم بالسؤُدد الأَثَراتُ
حلمتم وفيكم مَنعة ٌ فأكفُّكُمْ
قوادر لا يعجزنَ مُغتفِراتُ
أَكفٌّ عن الهافينَ طراً صوافحٌ
وهن من الباغين مُنتصراتُ
كأنكُمُ لينا وحدَّا مَناصلٌ
لها الصفحاتُ المُلس الشَّفراتُ
إذا افتخرَ السادات يوماً سكتُّمُ
ولم تَسكُتِ الأحلامُ والأَمراتُ
وما فَخْرُ قومٍ والمَفاخرُ كلُّها
بهم عند ذكر الفخر مُفتخِراتُ
لهم شِيمٌ إنْ لم تكن أزلية ً
فإن بحارَ الأرض مُحتفَراتُ
مفجَّرة ٌ قبل السؤال وبعدَهُ
صوافي جِمام الماء لا كَدِراتُ
تكلَّمُ عنكم ما تبين صنائعٌ
سُترن وهُنَّ الدهرَ مُشتهراتُ
ومنكم أبو العباس ذاك الذي لهُ
تقاصَرُ في أبدانها القَصَراتُ
فتى ً لا قضاياه علينا بوادرٌ
ولا الجود منه باللُّهى خَطَراتُ
ولكن قضاياه سدادٌ وَجُودُهُ
ينابيعٌ بالمعروف مُنفجراتُ
هو المرءُ يسعى والمساعي ثقيلة ٌ
ويسبِقُ والأنفاسُ مُنبهراتُ
له ضحكاتٌ حين يُسألُ حاجة ً
إذا كثُرت من غيرِهِ الضَّجراتُ
يقول ويُولي منّة ً بعد مِنّة
فيُطنبُ والأقوالُ مُختصراتُ
فلو أنزلتْ بعد النبيِّينَ سورة ٌ
إذاً أنزلت في مدحهِ سُوراتُ
جرى وجرتْ أقلامُهُ خيلَ حَلْبة ٍ
وأقلامُ قومٍ عنده حُمُراتُ
نصيحاً إذا غشَّ الولاة ُ كُفاتَهُمْ
وفيَّا إذا ما خِيفتِ الغَدَراتُ
أَميناً على مال الملوك وفيئهِم
وسوقِهمُ ليست له خثراتُ
ضليعاً إذا ما اسْتُحْملَ الخطبَ ناهضاً
بأعبائه ليست له عثراتُ
يُرَوِّي فَتُسْتَلُّ السيوفُ ولم تزلْ
له هَدآتٌ في غِبِّها نَفَراتُ
وكم هَدآتٍ للأرِيبِ أَريبة ٍ(77/49)
يخالُ الأعادي أنها فَتَراتُ
أخُو الفِكَر اللاَّئي إذا فَكُرَ الوَرَى
تَنَاسَتْ هُدَاها فهي مدَّكِرَاتُ
لقد خِيرَ فيه للوزير ولم يزلْ
أبو الصقر مختاراً له الخِيَرَاتُ
به تَتَعَرَّى المرْهَفَاتُ وتارة ً
تَسَتَّرُ والأغمادُ منحَسِرَاتُ
أمنْتُ ولو غاض الفراتُ من الصَّدَى
لأنك لي يا ابن الفرات فُراتُ
ترى الدَّهْرَ مُرْتاعاً إذا ما تَتَابَعَتْ
إلى صَرْفِهِ من أحمدٍ نظراتُ
مُحَاذَرة ً ممن إذا ما تحرَّرتْ
عوارفُهُ زالتْ بها النَكِراتُ
أساءتْ ليَ الأيامُ يا ابن مُحَرَّرٍ
وهُنَّ إليَّ الآنَ مُعْتَذِراتُ
رأَيت مطافي حول حقْوَيْكَ عائذاً
فهنَّ لمن أبصرته حَذِراتُ
وأَوْعَدتُهَا تَنْكِيرَكَ النُّكْرَ صادقاً
فقلت رُوَيْداً تَنْجَلي الغمراتُ
إلى الله أشكُو سوءَ رَأْي مُؤَمَّلٍ
معارفُ شِعْرِي عنْده نَكِرَاتُ
وقدْ كنتُ منْ حرمانه في بَليَّة ٍ
فقد أرْدفَتْ حرمانَهُ الحَسَراتُ
توَالتْ على العافينَ آلاءُ عُرْفِهِ
وأخْفَقْتُ والآمالُ مُنْتظِرَاتُ
فأَنَّى أَثاب الثِّيباتِ ولم يُثبْ
عَذارى ولم تُفْضَضْ لها عُذُراتُ
أعِذْ كلماتي فيه من قول قائل
أرى شَجَراتٍ ما لها ثَمراتُ
أمُنْطَوِيَاتٌ دون كفِّي صِلاتُهُ
وأسرابُ مدْحي فيه منتشراتُ
أرى الشعر يُحْيي المجد والبأْس والندى
تُبَقِّيهِ أرواحٌ لها عَطراتُ
وما المجد لولا الشِّعْرُ إلاَّ مَعاهدٌ
وما النَّاسُ إلا أعْظُمٌ نَخِراتُ
وقد صُغْتُ ما التيجانُ أشباهُ بعضِهِ
وقد حِكْتُ ما أشْبَاهُهُ الحَبِرَاتُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رُمْتُ نداكم يا بني طاهر
رُمْتُ نداكم يا بني طاهر
رقم القصيدة : 60631
-----------------------------------
رُمْتُ نداكم يا بني طاهر
فرمتُ مُخَّ الذَّرِّ في عُسْرَتِهْ
أمَّلْتُ منْ رفد سُلَيْمانِكُمْ
ما أمَّلَ المعتزُّ مِنْ نُصْرَتِهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لهْفي على مودَّة ٍ
لهْفي على مودَّة ٍ
رقم القصيدة : 60632(77/50)
-----------------------------------
لهْفي على مودَّة ٍ
تَكَدَّرَتْ حين صَفَتْ
ذكَّرتُهَا أيْمَانَهَا
فحلَّفت ما حلَّفتْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ولا عيبَ في أخلاقه غيرَ أنهُ
ولا عيبَ في أخلاقه غيرَ أنهُ
رقم القصيدة : 60633
-----------------------------------
ولا عيبَ في أخلاقه غيرَ أنهُ
أخو عزماتٍ في الندى مَحِلاَتِ
جدود تُنجِّيهِمْ من اللَّوم فوقها
جُدود تنجيهم من الهلكاتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مِدَحٌ عليكَ ثيابُها فكأنَّما
مِدَحٌ عليكَ ثيابُها فكأنَّما
رقم القصيدة : 60634
-----------------------------------
مِدَحٌ عليكَ ثيابُها فكأنَّما
نَهَلَتْ من المسك لذكي وعَلَّتِ
تاللَّه مَالَكَ أن تَعِيبَ ملابساً
من ذلك العَرقِ الذَّكيِّ ابْتَلَّتِ
هَبْهَا تخلَّتْ من فضائلِ نَفْيها
أتخالُها مما أعَرْتَ تَخَلَّتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> فتى يَتَّقي لحظَ العيونِ ويرْعَوي
فتى يَتَّقي لحظَ العيونِ ويرْعَوي
رقم القصيدة : 60635
-----------------------------------
فتى يَتَّقي لحظَ العيونِ ويرْعَوي
ويَغْشَى رماحَ الخطّ مشتبكاتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذَا أجادَ الذي يُشبِّهُهُ
إذَا أجادَ الذي يُشبِّهُهُ
رقم القصيدة : 60636
-----------------------------------
إذَا أجادَ الذي يُشبِّهُهُ
وأحكَم الوصفَ فيه بالنَّعْتِ
قال كُرَاتُ الأديم قد حُشِيَتْ
بسِمْسِمٍ قُمِّعَتْ بكَيْمَخْتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سجايا إذا هَمَّت بخيرٍ تَسرَّعَتْ
سجايا إذا هَمَّت بخيرٍ تَسرَّعَتْ
رقم القصيدة : 60637
-----------------------------------
سجايا إذا هَمَّت بخيرٍ تَسرَّعَتْ
إليه وإن هَمَّتْ بشَرٍّ تناءتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قد كنتُ أبكي على من ماتَ من سَلَفي
قد كنتُ أبكي على من ماتَ من سَلَفي
رقم القصيدة : 60638
-----------------------------------(77/51)
قد كنتُ أبكي على من ماتَ من سَلَفي
وأهلُ وُدِّي جميعٌ غيرُ أشتاتِ
فاليوم إذ فرَّقَتْ بيني وبينَهُمْ
نوى ً بكيْتُ على أهل المودَّاتِ
وما حياة ُ امرىء ٍ أَضْحَتْ مَدَامِعُهُ
مقسومة ً بين أحيَاءٍ وأمواتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وَحَبَّبَ يومَ السبتِ عِنْديَ أَنَّني
وَحَبَّبَ يومَ السبتِ عِنْديَ أَنَّني
رقم القصيدة : 60639
-----------------------------------
وَحَبَّبَ يومَ السبتِ عِنْديَ أَنَّني
تُنادِمُني فيه الذي أنا أحْبَبْتُ
ومن عَجبِ الأشياء أَنِّيَ مُسْلِمٌ
حَنيِفٌ ولكنْ خيرُ أيَّامِيَ السَّبتُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ومُختضِباتٍ من نجيعِ دمائها
ومُختضِباتٍ من نجيعِ دمائها
رقم القصيدة : 60640
-----------------------------------
ومُختضِباتٍ من نجيعِ دمائها
إذا جُنِيَتْ من بُكْرَة ِ الغَدَواتِ
تكاد بأن تَطْغَى إذا ما لمسْتُهَا
فأرْحمُها من سائر الغَدَوَاتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> بَنَفْسَجٌ جُمِعَتْ أوراقُهُ فحَكَى
بَنَفْسَجٌ جُمِعَتْ أوراقُهُ فحَكَى
رقم القصيدة : 60641
-----------------------------------
بَنَفْسَجٌ جُمِعَتْ أوراقُهُ فحَكَى
كُحْلاً تشرَّبَ دمْعاً يومَ تَشْتِيتِ
واللازَوَرْدِيَّة ُ تزهُو بزُرْقَتِهَا
وسطَ الرياضِ على حُمْرِ اليواقيتِ
كأنَّها وضِعافُ القُضْب تحملها
أوائلُ النَّار في أطرافِ كِبْريتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> بكت شجوها الدنيا فلما تبيَّنتْ
بكت شجوها الدنيا فلما تبيَّنتْ
رقم القصيدة : 60642
-----------------------------------
بكت شجوها الدنيا فلما تبيَّنتْ
مكانَك منها استبشرت وتَغَنَّتِ
لتَسْتَمْتِعِ الدنيا بوجهك دهرَها
فقد طالما اشتاقت إليك وحَنَّتِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا مادحَ الحقدِ محتالاً له شَبهاً
يا مادحَ الحقدِ محتالاً له شَبهاً
رقم القصيدة : 60643
-----------------------------------(77/52)
يا مادحَ الحقدِ محتالاً له شَبهاً
لقد سلكتَ إليه مسلكاً وَعِثا
لن يَقْلِبَ العيب زَيْناً من يُزَيِّنُه
حتى يَرُدَّ كبيراً عاتياً حدثا
قد أبرم اللَّه أسبابَ الأمورِ معاً
فلن ترى سبباً منْهنَّ منتكثا
يا دافنَ الحقد في ضِعْفَيْ جوانِحِهِ
ساء الدفينُ الذي أمسْتله جدثا
الحقدُ داءٌ دويٌّ لا دواءَ لهُ
يَرِي الصُّدورَ إذا ما جمره حُرثا
فاسْتَشْفِ منهُ بصفحٍ أو معاتبة ٍ
فإنما يبرأ المصدورُ ما نفثا
واجعلْ طلابَك للأَوتار ما عَظُمَت
ولا تكن لصغير الأمر مكترثا
والعَفْوُ أقربُ للتقوى وإن جُرمٌ
من مجرمٍ جَرَحَ الأكبادَ أو فَرَثا
يكفيك في العفو أن اللَّه قرَّظهُ
وَحْياً إلى خير من صلَّى ومن بُعِثَا
شهدتُ أنكَ لو أذنبت ساءكَ أن
تلقى أخاك حقوداً صدرُهُ شَرثَا
إذَنْ وسرَّكَ أن ينسى الذنوبَ معاً
وأن تُصادفَ منه جانباً دمثا
فكيف تمدح أمراً كنتَ تكرهُهُ
فَكِّرْ هُديتَ تُمَيِّزُ كلَّ ما اغتلثا
وليس يخفَى من الأشياء أقربُها
إلى السداد إذا ما باحثٌ بحثا
فارجع إلى الحقِّ من قُرْبٍ ومن أمَمٍ
وَلاَ تَمنَّ مُنَى طفلٍ إذا مَرَثا
فمن تثاقل عن حقٍ فبادَرَهُ
إليه خَصْمٌ سَفَى في وجهه وَحَثَا
والفَلْجُ للحقِّ والمُدْلي بحجتهِ
إذا الخصيم هناكم للخصيم جَثَا
إني إذا خلط الإخوانُ صالحهم
بسيّىء ِ الفعلِ جِدّاً كان أو عبثا
جعلتُ صدري كظرف السَّبْك حينئذٍ
يَسْتخلصُ الفضَّة َ البيضاء لا الخبثا
ولست أجْعَله كالحوض أمدحُهُ
بحفظ ما طابَ من ماء وما خَبَثا
ولا أزيِّنُ عيبي كي أسوِّغَهُ
نفسي ولا أنطق البهتانَ والرَّفثا
تَغْبيبُ ذي العيب عَنْهُ كيْ تُزيِّنُهُ
حِنْثٌ وإنْ هو لم يحلفْ فقد حنثا
والعيبُ عيبان فيمن لا يقبِّحهُ
فإن تجاهلَ عَيْبَيْهِ فقد ثَلَثَا
لا تجمعنَّ إلى عيبٍ تُعاب به
عَيبَ الخداع فلن تزداد طيبَ نَثَا
كم زخرفَ القولَ من زورٍ وَلبَّسَهُ
على العقول ولكنْ قلَّما لَبِثَا
إن القبيحَ وإن صنَّعْتَ ظاهرهُ(77/53)
يعودُ ما لُمَّ منه مرة ً شَعِثَا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ولقد سئمتُ مآربي
ولقد سئمتُ مآربي
رقم القصيدة : 60644
-----------------------------------
ولقد سئمتُ مآربي
فكأنَّ طيبَها خَبِيثْ
إلاَّ الحديثَ فإنهُ
مثلُ اسمه أبداً حديثْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> دعْني وإيَّا أبي عليٍّ
دعْني وإيَّا أبي عليٍّ
رقم القصيدة : 60645
-----------------------------------
دعْني وإيَّا أبي عليٍّ
الأعورِ المُعْورِ الخبيثِ
لَيُمْطَرنَّ العذابَ حتَّى
تراهُ في حال مُستغيثِ
أهلاً وسهلاً أبا عليٍ
نزلْتَ بالمنزلِ الدَّميثِ
عندي قِرًى غيرُ مُسْتَراثٍ
فكُن له غيرَ مُسْتريثِ
صبراً قليلاً أبا عليٍ
تسمعْ غداً شائع الحديثِ
عندي هدايا من اللَّواتي
أهدى جريرٌ إلى البعيث
عندي لمن عَنَّ في سبيلي
وقام للنيك كالنجيثِ
ما شاء من ديمة ٍ رَكُودٍ
تَهْمِي ومن وابلٍ حَثيثِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أستغفر اللَّهَ من تَرْكي علانية ً
أستغفر اللَّهَ من تَرْكي علانية ً
رقم القصيدة : 60646
-----------------------------------
أستغفر اللَّهَ من تَرْكي علانية ً
ذنباً هممتُ به في شادن خَنِثِ
ظبي دعتْنيَ عيناهُ ومنطقُهُ
بِنيَّة ٍ صدقتْ عن ظاهرٍ عبِثِ
فلم أجِبْهُ وحظِّي في إجابتهِ
لكنْ سكتُّ كأنِّي غير مُكترثِ
لاَ بلْ فررْتُ وظلّ الصيدُ يطلبني
واللَّه ما كنْتُ فيها بالفتى الدَّمِثِ
أقسمتُ باللَّه لمَّا قمتُ محتجِزاً
إنِّي انبعَثْتُ بقلبٍ غيرِ منبعثِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا أحمدَ ابنَ أبيهِ
يا أحمدَ ابنَ أبيهِ
رقم القصيدة : 60647
-----------------------------------
يا أحمدَ ابنَ أبيهِ
ويا ربيب حُرَيْثِ
ما زلت تَعْوي سفاهاً
حتَّى مُنِيتَ بليثِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إن أنتَ صادفتَ شيخَ سُوءٍ
إن أنتَ صادفتَ شيخَ سُوءٍ
رقم القصيدة : 60648
-----------------------------------(77/54)
إن أنتَ صادفتَ شيخَ سُوءٍ
كأنما الذَّقْنُ منه حِبْثَى
فاستَجرِ اللَّه يا خليلي
وضع على حلقه الهِلَبْثا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قد قلت للعذَّالِ عند تَتَبّعي
قد قلت للعذَّالِ عند تَتَبّعي
رقم القصيدة : 60649
-----------------------------------
قد قلت للعذَّالِ عند تَتَبّعي
بالقصِّ شيباً كلَّ يوم يَحدثُ
كثر الخبيثُ من النبات فهُذِّبتْ
منه الأَطايبُ وهي بعدُ ستَخبُثُ
وإخال أنِّي للخضاب محالفٌ
وَهْو المحالف لا محالَة َ ينكثُ
أضحى الزمانُ بلمتي مُتَعَبِّثاً
وأمامَ أحداثِ الزمان تَعَبُّثُ
ولما كُرِثْتُ لأن شَيْبيَ شائعٌ
لكنَّ ما يُجْنَى ويُعْقِب يُكْرِثُ
أصبحتُ في الدنيا أروح وأغتدي
وإخالني في غَيْرِ أرضيَ أحرثُ
ولقد تطيبُ مع المشيب معيشة ٌ
ويكون من بعد الخُفُوفِ تلبُّثُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تفاءلتُ والفأْل لي مُعْجِبٌ
تفاءلتُ والفأْل لي مُعْجِبٌ
رقم القصيدة : 60650
-----------------------------------
تفاءلتُ والفأْل لي مُعْجِبٌ
فقلتُ وما أنا بالعابثِ
أبو حسنٍ وأبو مثلهِ
كَنِيَّا أبي حسنٍ ثالثِ
قضى اللَّه واللَّهِ لي بالغِنى
يمينَ امرىء ٍ غيرِ ما حانثِ
إذا ما هما اكتنفا حاجتي
فما ضرَّها عُقَدُ النافثِ
ولا سيما والذي أرتجي
أبو الصقر ما النُّجحُ بالرائثِ
أبا الصقر لا زلتَ غَيْثاً لنا
حِماماً علَى المارِق الناكث
حَبتْك الأوائلُ من وائلٍ
بمجدٍ قديمٍ لهم ماكثِ
وحَسْبُكَ من سلفٍ لامرىء ٍ
وحسبهُمُ بكَ من وارثِ
ورثتَهُمُ ثم أحيَيْتَهُمْ
وكم خَلَفٍ وارثٍ باعثِ
ليهنِئْهمُ سيدٌ أيِّدٌ
صحيحُ الرَّويَّة في الكارثِ
يُكنَّى أبا الصقر في رأيهِ
وفي البأسِ يُكنى أبا الحارثِ
نفَى العائثينَ سوى جُوده
وحسبُك في المال من عائثِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> بَلوتُ عليّاً فألفيتُهُ
بَلوتُ عليّاً فألفيتُهُ
رقم القصيدة : 60651
-----------------------------------
بَلوتُ عليّاً فألفيتُهُ(77/55)
وَفيّاً وألفيتُ قوماً نُكُثْ
فتًى طب في كلّ أحوالهِ
ونزَّهَهُ اللَّهُ عما خَبُثْ
لإخوانهِ ثُلثا مالهِ
وليس له منهُ إلاَّ الثُّلُثْ
وما زال يحيى كذا قبلَهُ
وهم أهلُ بيتٍ لهذا وُرُثْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ناشدتُك اللَّه في قَدري ومنزلتي
ناشدتُك اللَّه في قَدري ومنزلتي
رقم القصيدة : 60652
-----------------------------------
ناشدتُك اللَّه في قَدري ومنزلتي
لديك لا يتطرَّقْ منهما العبث
مِن صاحبٍ خلطَ الحسنى بسيئة ٍ
وما الدهاءُ دهاهُ ولا اللَّوَثُ
لكن مُزَاحٌ قبيحُ الوجهِ كالِحُهُ
أولى به من بروزِ الصفحة الجَدَثُ
يا من إلى وصله الإسراعُ مُفترضٌ
ومن على وُدّهِ التعويجُ واللَّبَثُ
إن كنتُ عندك قبل اليوم من ذهبٍ
فذلك الصفو لم يعرض له الخَبَثُ
أمرَّ حبلي صَناعُ الكف ماهرُها
فما لمرَّة ذاك الحبل مُنتكَثُ
أنا الذي أقسمتْ قِدماً خلائقُهُ
ألا يشيعَ له سُخفٌ ولا رفَثُ
وحُرمتي بك إن اللَّه عظَّمها
وما أديمي مما تقرم العُثُثُ
إن الكلام الذي رُعِّثتَهُ شَبَهٌ
تستنكفُ الأُذنُ منه حين تُرتعَثُ
ما كان لي في الذي أنهاهُ زاعِمُهُ
إليك رُقية ُ محتالٍ ولا نَفَثُ
وما سكتُّ اعترافاً بالحديث لهُ
لكن كظمتُ وبي من حرّهِ لَهثُ
وخِلتُ جبهي بالتكذيبِ ذا ثقة ٍ
عُنفاً وإن قال قولاً فيه مُكتَرَثُ
لا سيما ولعلَّ الهزلَ غايتُهُ
لا غيرُهُ ولبذر الجد مُحتَرثُ
ولم أزل سَبْطَ الأخلاق واسعَها
وإن غدوتُ امرأً في لحيتي كَثَثُ
آبائيَ الرومُ توفيلٌ وتُوفَلِسٌ
ولم يلدنيَ رِبعيٌّ ولا شَبَثُ
وما ذهبتُ إلى فخرٍ على أحد
لكنه القول يجري حين يُبتعَثُ
شُحي عليك اقتضاني العذرَ لا ظمأٌ
مني إلى مدح أسبابي ولا غَرثُ
فاحفظ عليَّ مكاني منك واسم بهِ
عمّا تُعابُ به الأرواح والجثثُ
لا يَحْدُثنَّ على ما كان لي حَدَثٌ
فإنّ جارك مضمونٌ له الحدثُ
وارفُقْ بخصميَ والمُمْهُ على شَعَثٍ
لا زلتَ ما عشتَ ملموماً بك الشَعَثُ(77/56)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تبحثْتُ عن أخبارِه فكأنما
تبحثْتُ عن أخبارِه فكأنما
رقم القصيدة : 60653
-----------------------------------
تبحثْتُ عن أخبارِه فكأنما
نبشتُ صداهُ بعد مرِّ ثَلاث
تلقتْنيَ الأنباءُ عَنه شبيهَة ً
نواشِرَ أرواحٍ لهن خِباثِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أيها الناكثُ العهودَ ستَجْني
أيها الناكثُ العهودَ ستَجْني
رقم القصيدة : 60654
-----------------------------------
أيها الناكثُ العهودَ ستَجْني
ندماً من عُهودِك المنكوثهْ
أنا باللَّه وَحدَهُ مستغيثٌ
ويميناً لَتأْتيَنِّي المغوثَهْ
فاخشَ ربَّ السماء وأْمَنْ هجائي
قد كفتني أخبارُك المبثوثهْ
لستُ أهجوك ما حييت ببيتٍ
وستهجوك عنِّيَ الأحدوثهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مطايبُ عيشٍ زايلتْهُ مخابِثُهْ
مطايبُ عيشٍ زايلتْهُ مخابِثُهْ
رقم القصيدة : 60655
-----------------------------------
مطايبُ عيشٍ زايلتْهُ مخابِثُهْ
ومُقْبِلُ حظٍّ أطلقتْه رَوائِثُهْ
ودولة ُ إفضالٍ ويُمنٍ وغبطة ٍ
كأن حُزونَ الدهر فيها دمائِثُهْ
وغيثٌ أظلّ الأرضَ شرقاً ومغرباً
فقيعانُهُ خُضرُ النبات أَثائثهْ
فظبيٌ له سِحرانِ طَرفٌ ونَغمة ٌ
يُجِدُّ بك الإغرامَ حين تعابثهْ
يُناغمُ أوتاراً فِصاحاً يروقُنا
تأَنِّيه في تصريفها وحثَاحِثُهْ
ويلحظ ألحاظاً مِراضاً كأنها
تُغانجُ من يرنو لها وتُخانثهْ
فَيسْبيكَ بالسحر الذي في جُفونهِ
ويُصيبكَ بالسِّحر الذي هو نافثهْ
يَحِنُّ إليه القلبُ وهو سَقامُهُ
ويألفُ ذكِراه الحشا وهو فارثهْ
يُجيعُ وِشاحَ الدرّ منهُ مَجالهُ
ويُشبع مِرطَ الخَزِّ منه مَلاوِثهْ
وقد طلعتْ باليُمن والسعد كلِّه
لنا والثرى ريَّانُ تندى مباحِثهْ
ثلاثة ُ أعيادٍ فللفطر واحدٌ
وللعُرف ثانيه وللَّهو ثالثهْ
يُعبِّدُها فرعٌ من المجد طيِّبٌ
جَناهُ إذا ما الفرعُ جَمَّت خبائثهْ
ألا فاسقني في الفِطْر كأساً رَويَّة ً(77/57)
لعلَّ لُهاثَ الصوم ينقعُ لاهِثهْ
مُشعَشعة ً يُضحى لها العُودُ ناطقاً
تَنَاغَى مَثانيهِ لنا ومَثالثهْ
مع ابن وزيرٍ لم يزل ومحلُّهُ
من الفضلِ يرضاهُ النبيُّ ووارِثُهْ
وما كنتُ مكذوباً وما كنتُ كاذباً
لدى اللَّه لو قلتُ النبيُّ وباعثهْ
من الصالحين المُصلحينَ بيُمنهِ
غدا العيشُ محموداً ولُمَّتْ مَشاعِثهْ
إذا لم يَعِثْ في مالهِ لعُفاتهِ
فما يُعرفُ العَيْثُ الذي هو عائِثُهْ
تَضمَّنَ تذليلَ الزمان فأصبحتْ
أواعِرُهُ ذَلَّت لنا وأواعِثُهْ
وأُيِّدَ بابنٍ مثلهِ في غَنائه
إذا كَثُرت من رَيبِ دهر كوارثهْ
أَغَرٌّ يكنَّى بالحُسين تضمنت
محاسنهُ ألا تُغِبَّ مغاوِثهْ
إذا ما عُبيدُ الله ضاهاهُ قاسمٌ
فثَمَّ قديمُ المجد ضاهاه حادِثُهْ
ألا بُورك الزرعُ الذي هو زارعٌ
من البِرِّ والحرثِ الذي هو حارثهْ
ويا حالفاً أنْ ما رأى مثلَ قاسم
على ظهريَ الحِنثُ الذي أنت حانثهْ
بَرِرتَ وعهدِ الله بِرّاً مُبيِّناً
وإن كثُرت من ذي شِقاق هَنابثهْ
أبى أن يُرى الحقُّ الذي هو باخسٌ
أخاهُ أو العهدُ الذي هو ناكثهْ
حليمٌ عليم إن تجاهلَ دهرُهُ
جوادٌ كريم إن ألحت مغَارِثهْ
يظلُّ وتدبيرُ الممالك جِدُّهُ
وبذل العطايا المُنفِساتِ معَابثهْ
فتًى يقتلُ الأموال في سُبل العلا
لتُورثَهُ المجدَ السنَّي مَوارثهْ
ضَرورٌ نفوعٌ عاجلُ النفع ثَرُّهُ
على مُعتفيه آجلُ الضَّرِّ رائثهْ
نهى جودُهُ عن كل سمحٍ وباخلٍ
شَذى القولِ حتى أحسن القول رافثهْ
ترى صاحبَيْه ذا سؤالٍ يَميحُهُ
فواضلُهُ أو ذا سؤالٍ يُباحِثُهْ
وما يجتبي الميسورَ من لا يزورُهُ
ولا الؤلؤ المنثور من لا يُحادثهْ
وإما أغذَّ السيرَ في إثر خُطَّة ٍ
فلا العَجزُ ثانيه ولا الشك رائثهْ
إذا ما تلاقى كيدُهُ وعُداتُهُ
فثَمَّ تَلاقَى أجدلٌ وأَباغِثُهْ
وإما أراغَ الحزمَ للخطب مرة ً
فلا الحزمُ مُعِيِيه ولا الخطبُ كارثهْ
أظلُّ إذ لاقيتُ غُرَّة َ وجههِ
ولَيلي نهارٌ ساكنُ الظل ماكِثُهْ(77/58)
ليقْصُرْ عليه اليوم في ظلّ غِبطة ٍ
ولا يَقْصُر العمرُ الذي هو لابثهْ
ولا زال قَصرُ القُفْصِ أعمرَ مَنزلٍ
به وبدهرٍ صالح لا يُماغثهْ
فما فضلُهُ والمدحُ دعوى ومُدَّعٍ
ولكنْ هما مِسكٌ ذكي ومَائِثهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا ربِّ لا تبعثْ بغيثٍ عَيْثا
يا ربِّ لا تبعثْ بغيثٍ عَيْثا
رقم القصيدة : 60656
-----------------------------------
يا ربِّ لا تبعثْ بغيثٍ عَيْثا
فإنه إن حَثَّ غيثٌ غيثا
عادت لَبونُ المُمْطراتِ لَيثا
وأنتَ أهدَى عَجَلاً ورَيْثا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> رُويدَك أيها الرجلُ المُنادى
رُويدَك أيها الرجلُ المُنادى
رقم القصيدة : 60657
-----------------------------------
رُويدَك أيها الرجلُ المُنادى
أبا عيسى أُتيحَ لك الغِياثُ
لقد أسمعتَ إذ ناديتَ حياً
لهُ تِلقَاءَ داعيهِ انبعاثُ
أبو عيسى العلاءُ فتى المعالي
فداهُ كلُّ من ولدَ الإناثُ
فتًى لا يُستراثُ له فَعالٌ
وشاكِرهُ يَجُدُّ ويُستراثُ
إذا أولَى أياديَهُ أُناساً
فأُولاها لأخراها احتثاثُ
حكيمٌ لا مَعاقدُهُ ضِعافٌ
تُذَمُّ ولا معاهدُهُ رِثاثُ
فليس له انتكافٌ عن ثناءٍ
ولا كَرمٍ إذا خيف انتكاثُ
فتًى صَلُحتْ به الدنيا وكانت
وحالاها اضطرابٌ والتياثُ
أقام بعَدْلِهِ الطرفين منها
وليس كمعشرٍ جاروا وعاثوا
وفي العدل اجتناءُ جَنًى وبُقيا
على مَجنى ً وفي الجور اجتثاثُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أَغْصانُ بانٍ تحتهنَّ وِعَاثُ
أَغْصانُ بانٍ تحتهنَّ وِعَاثُ
رقم القصيدة : 60658
-----------------------------------
أَغْصانُ بانٍ تحتهنَّ وِعَاثُ
أَنَّى يَنُؤْنَ بنا وهُنَّ دِماثُ
ما في حبائل كيدِهنَّ رَثاثة ٌ
لكنْ حبالُ وصَالهنَّ رِثاثُ
حُورٌ سحرنَ وما نَفَثنَ بِرُقية ٍ
فبلغنَ ما لا يبلغُ النُفَّاثُ
لحظاتُهنَّ إذا رنونَ إلى الفتى
بلوى ولكنْ ريقُهنَّ غياثُ
قل للفُضيل إذا انتحى في نسجهِ
لا تَنسجنَّ فغَزلُك الأنكاثُ(77/59)
لهفي على سَبك البرية ِ في لظى
لتُميَّزَ الصفواتُ والأخباثُ
فاخْزَأْ فإنك حين تُذكر في الورى
واقلِبْ كمثل المِسك حين يُماثُ
أفعالُك الأنجاسُ غيرَ مُدافعٍ
عنها كما أقوالُك الأرفاثُ
وإذا سألت الناسَ عنك ولم تكنْ
لتطيبَ حين يُثيرُك البحَّاثُ
يا من سَمادُ قُراحهِ من أرضهِ
لا غيرها وغُلامهُ الحرَّاثُ
انت الفراشُ لمن اضلَّ فراشَه
وكذاك طِرزُك للذكورِ إناثُ
ما أنت عندي لبلاد بزينة ٍ
بل أنت فيها للعباد أثاثُ
كم بِتَّ بين أيورهم مُتقسَّماً
حتى كأنك بينها ميراثُ
لك ان تقومَ على ثلاثك مَركباً
وعلى َّ أن يتفارسَ الأحداثُ
هَوِّنْ عليك فإن رِجلكَ شُعبة ٌ
من أربع تكفيكَهنَّ ثلاثُ
لولاَ الرُّشا منه هنالك والرُّقى
قَسماً لما غَلب المبَالَ مَراثُ
بل عاملٌ من خلفهِ وأمامهِ
عَمَلان يُقطع فيهما ويُعاثُ
من معشرٍ كَسَبوا الحرامَ فكلهمْ
منهُ شٍباعٌ والبطونُ غِراث
لفضيحة ٍ أبداً يُحًلُّ إزارُهُ
وعلى الحِلاق مع البِغاء يُلاثُ
ما إن تَزالُ قَنا العبيد صوادراَ
عنه على أطرافها الأرواث
قالوا فَتى الكُتَّاب إلاَّ أنه
من شَرْطهِ الأنصافُ لا الأثلاثُ
يا سوأة ً أبداً تُواري سوأة ً
حتى يواري شخصكَ الأجداث
او ابن ميمون إذ يُضارطُهُ
جهلاً ولا يحفلانِ سوء نثا
هبها كإحدى هَناتِ أحمدَ إذ
يضرطُ في كل مجلس عَبَثا
قد بدرتْ سبة ُ الخطيب فما
لجلج في كل مجلس عَبَثا
وضعْ قِناعَ الحياء عنك فقدْ
أصبحَ في اهل دَهرنا خُنًثا
هَونْ عليك لاتي مُنيتَ بها
فإنها فَقحة ٌ قَضت تَفَثا
بيناك عند الوزير تخطُبُ في
خَطْبٍ إذا الكيرُ قد نفى خبثا
يا طيبها ضراطة ً وإن خَبُثتْ
وربما طاب بعض ما خبُثا
لا تطوِ عنه الحديثَ مُحتشِماً
فالاستُ في الحين تنطق الرفثا
ن أنت لم تًخبر الإمامَ بها
كنت كمن خان أو كمن نَكَثا
من ضراطة ٍ الحِتارُ بها
فمعَّرتْ وَيْبَها فَتًى دَمِثا
يا وهبُ يا صاحبَ البريدِ ألا
تكتبُ بالحادثِ الذي حدثَا(77/60)
جَدْعاً لآنُفِ معشرٍ تُضحى لهممنسرح يا وهبُ يا صاحبَ البريدِ ألاتكتبُ بالحادثِ الذي حدثَامن ضراطة ٍ الحِتارُ بهافمعَّرتْ وَيْبَها فَتًى دَمِثا بذيءن أنت لم تًخبر الإمامَ بهاكنت كمن خان أو كمن نَكَثا لا تطوِ عنه الحديثَ مُحتشِماًفالاستُ في الحين تنطق الرفث
رَيحانة ً يا أيها الكُرّاث
بلٌ هذا يضارطُ ذا
لا صحَّحَ الله تلكمُ الجُثثا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> شَرِب البيهقيُّ والبينُ ناءٍ
شَرِب البيهقيُّ والبينُ ناءٍ
رقم القصيدة : 60659
-----------------------------------
شَرِب البيهقيُّ والبينُ ناءٍ
من يَدَيْ واحدِ الأنام ثلاثا
من شراب يفوق كل شراب
ويدٍ لم تزل حَياً وغِياثا
ثم وَلَّى مُتوَّجاً تاجَ فخرٍ
سوف يبقى لعَقْبهِ ميراثا
لو درى البينُ بالذي غاب عنهُ
ملأ البينُ ثوبَهُ أحداثا
حَسَداً أو سَقَتهُ أيدي المنايا
من حِمامِ الردى كؤوساً حِثاثا
قُبِّح البينُ إنه غَيرَ شكٍ
شرُّ من أَودع الذكورُ الإناثا
قد مَللنا بشاعة َ الوجهِ منهُ
وأحاديثَهُ الغِثاثَ الرِّثاثا
يحضرُ البينُ لا شَهِيَّ المُلاقا
ة ِ وإن غابَ غاب لا مُستراثا
وأما والأمير لولا حبالٌ
نالها منه لم تكن أنكاثا
لسَقَتْهُ عداوتي جُرَعَ الموْ
تِ ولاحْتثّهُ الهجاءُ اجتثاثا
كان أشقى الأنامِ فانبعث الحَا
ئنُ يا شُؤمَهُ عليه انبعاثا
هو تيسٌ ولا تزالُ ترى التيْ
سَ شقياً عن المُدى بَحَّاثا
رجلٌ يحمل القرونَ ويمشي
لا ترى عندَهُ لذاك اكتراثا
قيل لي إنَّ جارَه ابنَ أبي العقْ
لينِ أضحى لأرضه حَرَّاثا
رجلٌ تُوحشُ المجالسُ منه
وإذا مات أوحشَ الأجداثا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أين من يشتري حِماراً ضليعاً
أين من يشتري حِماراً ضليعاً
رقم القصيدة : 60660
-----------------------------------
أين من يشتري حِماراً ضليعاً
ليس في مشيه دنيَّة ُ رَيْثِ
يحمل الدِّينَ والأمانة َ والمَنْ
نَّ اضطلاعاً ويحمل ابن حُريثِ(77/61)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لها ناظرٌ بالسحر في القلب نافثُ
لها ناظرٌ بالسحر في القلب نافثُ
رقم القصيدة : 60661
-----------------------------------
لها ناظرٌ بالسحر في القلب نافثُ
ووجهٌ على كسبِ الخطيئات باعثُ
وقدٌّ كغصن البان مُضطمِرُ الحشا
تَنُوءُ به كثبانُ رمل أواعِثُ
يُجاذِبها عند النهوض وينثني
بأعطافها فرعٌ سُخام جُثاجِثُ
كأن صباحاً واضحاً في قِناعها
أناخَ عليه جُنْحُ ليلٍ مُغالثُ
وتبسِمُ عن عِقدين من حَب مزنة ٍ
به ماثَ صفوَ الراح بالمسك مائثُ
يغَصُّ بها الخَلخال والعاجُ والبُرى
وأثوابُها بالخَصْر منها غَوارثُ
ربيبة أتراب حِسان كأنها
بناتُ أَداحٍ لم يَشْنهنَّ طامثُ
غرائرٌ كالغِزلان حورٌ عيونُها
رخيماتُ دَلٍّ ناعماتٌ خَوانثُ
يَعِدْن فما يُنجزنَ وعداً لواعدٍ
وهن لميثاق الخليل نواكثُ
غَنِيتُ بها فيهنَّ والشملُ جامعٌ
وأغصانُ عيشي مورقاتٌ أَثائثُ
وللهو مُهتادٌ أنيقٌ وللصبا
مَغانٍ بهِنَّ الغانياتُ لوابثُ
يُمنِّيننا منهنَّ نجحُ مواعدٍ
أكفٌّ بحباتِ القلوب ضَوابثُ
وأعيانُ غِزلانٍ مِراض جُفونها
لواحظُها في كل نفسٍ عوائثُ
إذا هن قرَّبن الظما من نفوسنا
إلى الرِّي تُلقَى دون ذاك الهنَابثُ
ويلحفنَ لا ينقُصنَ في ذات بيننا
على الدهر معهوداً وهنَّ حوانثُ
وإن نحن أبرمنا القُوى من حِبالنا
أبى الوصلَ دهرٌ بالمحبين عابثُ
ومختلفاتٌ بالنمائمِ بيننا
نوابثُ عن أسرارنا وبواحثُ
يُباكرن فينا نُجعة العَتب بيننا
كما انتجع الوِردَ العِطاشُ اللواهثُ
فبدَّدَ منّا الشملَ بعد انتظامِهِ
صروفٌ طوتْ أسبابنا وحوادثُ
وكلُّ جديدٍ لا مَحالة َ مُخلِقٌ
وباعثُ هذا الخَلْقِ للخلقِ وارثُ
وهنَّ الليالي حاكِماتٌ على الورى
بنقضٍ ولا يبقى عليهن ماكثُ
وَمَنْ لم ينلْ مُلكَ المكارمِ باللُّهى
فأموالُهُ للشامتينَ مَوارثُ
يسودُ الفتى ما كان حشوَ ثيابهِ
حِجاً وتُقًى والحلمُ من بعدُ ثالثُ
وغيثٌ على العافينَ منهمرُ الحيا(77/62)
وليثٌ هصورٌ للعُداة مُلائِثُ
وصفحٌ وإكرامٌ وعقلٌ يَزينُهُ
خلائق لا يَخْزَى بهن دمائثُ
وكَفَّانِ في هذي رَدَى كل ظالمٍ
وفي هذه للمُستغيث مَغَاوثُ
فكن سيداً ذا نعمة ٍ غيرَ خاملٍ
وصُن منكَ عِرْضاً أن يُسبَّك رافثُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا دهرُ ما سبْكُ غيرِ ذي الخَبَثِ
يا دهرُ ما سبْكُ غيرِ ذي الخَبَثِ
رقم القصيدة : 60662
-----------------------------------
يا دهرُ ما سبْكُ غيرِ ذي الخَبَثِ
إلا من الجَوْر أو من العَبَثِ
لا تسبكنَّ الكرامَ إنهمُ
أصفى نفوسٍ أَوتْ إلى جُثثِ
أعللتَ ظلماً أبا الحُسين وقد
أتلفَ في الجود كلَّ محترَثِ
كأنهُ شاربٌ على ظمإِ
للمجد أو آكلٌ على غَرثِ
عَجِّل رحيلَ السَّقام عنه وأَمْ
تعْهُ صحيحاً بالمُكث واللبَثِ
الحازمُ الصارِمُ الشباة ِ على
ما فيه من جفوة ومن أَرثِ
والباذلُ النائل الجزيل إذا
ما المستغيثُ اللهيف لم يُغَثِ
ذو الحسناتِ المُشَهَّرات أخو العَ
زْف عن السَّيِّئَات والرفثِ
فتًى إذا ما الثناء صيغ من الْ
إفك لذي اللؤمِ صَوْغَ مُغْتَلثِ
ماث له المسكَ صدقُ مَخبرِهِ
فأيُّ مسكٍ هناك لم يُمَثِ
مُنْكَفتُ الشر كلَّ مُنكفَتٍ
منبعث الخير كل منبعَثِ
ترتعثُ الأذنُ من مدائحهِ
ما ليس من غيرها بمُرتعَثِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> برضابِ ثغرك يستغيْ
برضابِ ثغرك يستغيْ
رقم القصيدة : 60663
-----------------------------------
برضابِ ثغرك يستغيْ
ثُ متيمٌ بك إن أغثْتَهْ
عاهدتُهُ أن لا تخو
نَ فما لعهدِك قد نكثتَهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا وجنتيهِ اللتين من بَهَج
يا وجنتيهِ اللتين من بَهَج
رقم القصيدة : 60664
-----------------------------------
يا وجنتيهِ اللتين من بَهَج
في صُدُغيه اللذين من دَعَجِ
ما حمرة ٌ فيكما أمن خجلٍ
أم صبغة ُ اللَّه أم دمُ المُهَجِ
فقال كلُّ الذي نحلتهما
حقّ وما يُمسِيان في حرَجِ
أما رأيت القلوبَ عندهما
يجرحها مخلبان من سبجِ(77/63)
عدلاً من اللَّه إننا وهما
لَغاية ٌ في تفاوت الدَّرَجِ
خَدّانِ فينا لظى حريقهما
ونوره فيهما بلا وهجِ
ما إن تزال القلوبُ في حُرقٍ
عليهما والعيونُ في لججِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> اردِدْ عليَّ قراطيسي ممزقّة ً
اردِدْ عليَّ قراطيسي ممزقّة ً
رقم القصيدة : 60665
-----------------------------------
اردِدْ عليَّ قراطيسي ممزقّة ً
كيما تكونَ رُؤوساً للدَّساتيج
فإن ذلك أجدى من تشاغلها
بحفظ مدحك يا علجَ الفلاليج
العصر العباسي >> ابن الرومي >> من ذا رأتْ عيناه مثلي في الشَّجا
من ذا رأتْ عيناه مثلي في الشَّجا
رقم القصيدة : 60666
-----------------------------------
من ذا رأتْ عيناه مثلي في الشَّجا
أهدى اليَّ النرجسُ البنفسَجا
ما أحسنَ الشكلين زوجا مُزْوَجَا
ما أَملح الزوجين بل ما أَغْنجا
كلاهما مسك إذا تأرَّجا
أبلغ سِراجَ الحُسْن ذاك المُسْرجا
أن الهوى مرَّ به فعرَّجا
لما رأى ذاك الجبين الأبلجا
منه وذاك الحاجبَ المزَجَّجا
والناظرَ الساحر منه الأدعجا
ذا الحركاتِ في الحشا وإن سَجا
وصحنَ تلك الوجنة المضرَّجا
والثغرَ منه الواضح المفلَّجا
والشَّعَر المحلَوْلك المدرَّجا
والخَلْقَ منه العمَمَ الخَدَلَّجا
والخُلُقَ القيِّمَ لا المعوَّجا
والعقل والوصل الممرَّ المدْمَجا
أذكى شهابَ الحسن لا بل أجّجا
فوهّج القلبَ كما توهَّجا
أقسمتُ بالليلِ إذا الليلُ دجا
بل بِسنا الصبح إذا تبلَّجا
لأكسُونَّ الكلِم المدبَّجا
وهبا رجائي ورجاءَ من رَجا
لا أخطأتْ وهبا نجاة ُ من نجا
ولا يزل همُّ له مفرَّجا
فقد علا من كل رُشدٍ مَنهجا
أكسوه مدحي طائعاً لا مُحْرجا
عن مِقَة تلقى الضمير مُشْرجا
من دونها بحفظها بل مُرتجا
ماذا يعوق مدحتي أن تُنْسَجا
لمحسن أسلفني فروَّجا
أيسرُ ما استوجب أن يُتوَّجا
حرٌّ إذا استُنجِد يوماً أَرْهَجا
وحرَّك الهمة لا بل أزعجا
وراح للخيراتِ ثم أدلجا
ولم يزل منذ تعاطى المُدْرجا(77/64)
يهتاج للمعروف لا مُهيَّجا
خِرْقا يؤاتي مدحُه من لجلجا
ولا يعفِّي فضلَه من مَجْمجا
يأمر جدواه بأن تبرَّجا
فإن رأى كفاً كريماً زوّجا
جَدوى ترى منها الغِنى مُسْتَنْتَجَا
صَتْماً تماماً خَلْقُه لا مُخْدَجَا
من ناله حاذر أن يُسْتَدرجا
أنشَرَ من شكري مَواتاً مُدْرَجا
حتى غدا عبداً له مستعْلجَا
لكنَّني أشكو إليه الأَنبجا
فإنه لجَّ إلى أن لجَّجا
في هجره إيايَ حتى سمَّجا
بل أغلق الحانوت ثم شَرّجا
دوني وأَعدى هجرُه الهفْشرَّجا
ولم أزل بالطيبات مُلْهجا
لا بل إلى ذات الصَّلاح مُحوَجا
فَليُلْجِمِ المعروف حرٌّ أَسْرجا
ببعض ما صفَّر أو ما سَذّجا
لا بأس إن أقرع أو إن أَتْرَجا
كُلا وإن جلَّبَ أو إن سَكبجا
واذكر بَنَفْشا يَخْلفُ الهَلِيلَجَا
سَمَانَجُونَ اللونِ يحكي النِّيْلَجَا
فإنه إن زار عَودْاً أبهجا
ولم يزل في مرج شكري مُمْرِجا
وفي ودادٍ لم يكن مُمَزَّجا
يا صاحب البرِّ الذي تولَّجا
قسراً بلا إذن وما تحرَّجا
تمِّمْ وإلاَّ كان بِرَّا أعرجا
إنك أن تممتَ براً هَمْلَجَا
بل اهذب الإحضار مأمونَ الوجى
إلى نهايات العلا واستخرجا
مالك عندي من خراج فزَجا
وهو الثّناءُ المستماح المرتجى
ذاك الذي من اكتساه استبهجا
والشكرُ إن أنضجْتَ جاء مُنْضَجا
يُرْضِي وإن لهوجْتَهُ تَلهوَجا
فلا يَعُدْ كَرْمُ كريم عَوْسَجَا
على أخ حرٍّ كريم المنْتَجَى
لم يَنْتَقِدْهُ العلماء بَهْرَجا
ولم يجِدْهُ الجهلاءُ أهوجا
وانظر ولا تَغْشَ الطريق الأعوجا
كم فُرِّجَتْ غَمَّاءُ عمن فَرجا
فلينتظرْ مُثْرٍ مُضِيقا مُحْرَجَا
سيجعل اللَّه لكلٍّ مَخرجا
ويعْرُجُ البرُّ إليهِ مَعْرَجا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وقائلة ٍ بالنَّصْح لمْ لا تَزوَّجُ
وقائلة ٍ بالنَّصْح لمْ لا تَزوَّجُ
رقم القصيدة : 60667
-----------------------------------
وقائلة ٍ بالنَّصْح لمْ لا تَزوَّجُ
فقلت لها غيري إلى القَرْنِ أحوجُ
كَشَيْخ رأيناه تزوَّج آنِفاً(77/65)
فأَمسى وما دناه كسرى المتوَّجُ
علا قَرْنُهُ في الجوِّ حَتَّى كأنه
إلى النجم يرقى أو إلى الله يَعْرجُ
على أنه جَعْدُ البنان دُحَيْدِحٌ
إذا ما مشى مستعجلاً قيل يَدْرُجُ
أظنُّ أبا حفص سيَحْسبَ أنه
هو الرجل المعْنيُّ والحق أبلجُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عيني إلى من أحب تَخْتَلِجُ
عيني إلى من أحب تَخْتَلِجُ
رقم القصيدة : 60668
-----------------------------------
عيني إلى من أحب تَخْتَلِجُ
والصبر عن حسن وجهه سَمِجُ
طال اشتياقي إلى مُنَعَّمَة ٍ
يستعبد القلبَ طرقُها الغَنِجُ
لو طلعتْ في الظلام غُرتُها
ظلت سُتُورُ الظلام تنفرجُ
متى أرى خَلْوة ً يظل بها
ريقِي بريق الخليل يمتزجُ
أمن مسوخ الله مسروقة
أم من مسوخ الله مَنْتُوخه
يا جبهة جلحاء مَقْبوبة
وفَقْحَة ً رسحاءَ محلوجه
لقد لفظْنَا منكِ مَلْفُوظة
وقد مججنا منك ممجوجه
وإن تمشَّيتِ فَدُحْروجَة ٌ
وإن تفحَّجْتِ ففَرُّجهْ
وأنتِ إن غنيت مَثْلُوجَة ٌ
وأنت إن حدَّثتِ مفلوجَهْ
فأنتِ في الفقحة مجروحة ٌ
وأنت في الكَعْثِب مَعْفُوجَهْ
قد أفضِي الطيزُ إلى فَقْحًة ٍ
مفتوقة بالطعن مضروجة ْ
نِكنا فنكنا منك دُرَّاعة ً
مِنْ قُبْلِها والدُّبْرُ مفروجه
يا كعبة ً للنيك منصوبة ً
لكنها ليست بمحجوبه
ويلكَ يا قدَّ البَرَستُوجَه
ما انت والله بمغنُوجه
يا حُورُ ما للحبيب يفعل بي
أشياء لا يستحلها الحَرَجُ
فبالقناني أنت محذوفهقِربة ٌ
وطيزها المهتوك فلوجه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لو صادت البقَّة ُ فيلَ الزَّنْجِ
لو صادت البقَّة ُ فيلَ الزَّنْجِ
رقم القصيدة : 60669
-----------------------------------
لو صادت البقَّة ُ فيلَ الزَّنْجِ
وهملجَ البُرْغُوث تحت السَّرْج
وأصبح الهَفْتُ كَشَطْرِ البَنْج
ما كُنَّ في الحَجِّ ولا في الدّجِ
أعجب من لِعْبِكَ بالشَّطْرَنْج
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مدحتُك مختاراً فلم تكُ طائلاً
مدحتُك مختاراً فلم تكُ طائلاً(77/66)
رقم القصيدة : 60670
-----------------------------------
مدحتُك مختاراً فلم تكُ طائلاً
فلا تلْحني إنْ هجوتُك مُحْرَجا
إذا مادحٌ ارَّقْتَ عينيهِ باطلاً
كواكَ بمكْواة الهِجاء فأنضجا
ولا بدَّ من حَمْل الهجاءِ ثِقَافَهُ
على عُودِ مَمدوحٍ إذا كان أعوجا
فإن قلت سَمْجٌ ما أتيتَ فصادقٌ
وبخسُك حقّي كان من قبلُ أسمجا
على أنه لا ذنب عند ذوي النُّهى
لناقِد أرض عرَّفَ الناسَ بهرجا
رأى الناسَ يغترُّونَ منك بظاهرٍ
كذوب فجلَّى منْ غرُورِك ما دَجَا
هجاكَ فلم يترك رجاء لمَنْ رجا
جداكَ ولا بقَّى هجاءً لمن هجا
وقد كان من يرجوك في سجن حيرة
فأَوجَدهم مِن ذلك السِّجْنِ مخرجا
ألا رب غِرٍّ باعك النومَ لَيْلَهُ
وراقبَ ضوء الفجر حتى تبلّجا
يدبجُ فيك الشعر ضَلَّ ضلالهُ
فكافأتَ بالحرمانِ ما كانَ دَبَّجَا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لا غرَّني يا صاحبَ الدَّسْتيجَهْ
لا غرَّني يا صاحبَ الدَّسْتيجَهْ
رقم القصيدة : 60671
-----------------------------------
لا غرَّني يا صاحبَ الدَّسْتيجَهْ
بهجة ُ تلك الصورة البهيجهْ
كانَت عِداتٌ منك لي نَفِيجَهْ
مُقَدَّماتٍ ما لها نَتيجَهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا طيِّبَ الثغر والمُجَاجَهْ
يا طيِّبَ الثغر والمُجَاجَهْ
رقم القصيدة : 60672
-----------------------------------
يا طيِّبَ الثغر والمُجَاجَهْ
اقضِ لنا حاجة ً بحاجهْ
خذ من دنانيرنا وبِعْنَا
... ودعنا من اللَّجاجَهْ
وأنت يا سيدي رخيصٌ
بخلْعِ كسرى عليك تاجَهْ
عَرِّجْ علينا نُصِب غَدَاءً
ونُعْمِلِ العودَ والزجاجَهْ
يا حسنَ الوجه لا تَسمَّجْ
فَتُفسِدِ الحسْن بالسَّماجَهْ
هل مانعي حاجتي مليحٌ
خِلْوٌ من البغْض والفجَاجَهْ
وإنما حاجتي إليه
حاجة ديك إلى دجاجهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أُراك أشفقتَ من الفالج
أُراك أشفقتَ من الفالج
رقم القصيدة : 60673
-----------------------------------
أُراك أشفقتَ من الفالج(77/67)
عليّ أَوْ مِنْ بَلْغَمٍ هائجِ
إن كان هذا يا بن ساداتنا
فاخلفه لي بالطائر الدارج
أو لا فحسبِي سَمَكِي إنه
خير مِزَاج الجسم للمازج
ولا تخف من مَطْعَم بارد
على امرىء صُوِّر من مارج
لا تحسَبُوا ضَرْبة صيَّادكم
أتت على المنتوج والنَّاتج
فإن في دِجْلة حِيتانَها
عديدَ ضعْفَيْ موجها المائج
أنت الذي لا ينتهي جُودُهُ
أو يتناهى لَهجُ اللاهج
وابنُ الألى أربتْ مساعيهُم
على نسيج الشِّعر والناسج
وما ابنُ عمارٍ أُرى مُقْلِعاً
أو نلتقي في رَهَج راهج
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا بَانِي الدَّرج الذي
يا بَانِي الدَّرج الذي
رقم القصيدة : 60674
-----------------------------------
يا بَانِي الدَّرج الذي
أولى به هدمُ الدَّرَجْ
بئس البُنَا هِي في المسا
جد والديار فلا تَلِجْ
لا سِيما لأبي البنا
تِ الناظرات من ...
وإخالُ أنك قائل
فيها لنسوتنا فَرَجْ
وكذاك أنتُم معشرٌ
في عُودِ غَيْرَتِكُمْ عِوَجْ
لو أنَّ قمل رؤوسكم
ذات القرون إذا درج
شاء العُرُوج إلى السما
ء على قرونكُمُ عَرَجْ
لولا الجوارُ وحفظُهُ
حدثتُ عنك ولا حرج
العصر العباسي >> ابن الرومي >> هب على رأسك العنا
هب على رأسك العنا
رقم القصيدة : 60675
-----------------------------------
هب على رأسك العنا
قيدَ والقارَ والسَّبَجْ
هب على رأسك الدُّجَى
ثَبَجاً فوقَه ثبج
جُمَّة ً فوقَ جُمَّة
دَرَجاً خلفه دَرَجْ
أين وجْهٌ كأنه
عَدِمَ الرّوحَ والفرج
أين رأسٌ كأنه
مِنْ مَشَقِّ اسْتها خرجْ
أين خَطْمٌ كأنما
فُوكَ من تحتِه شرج
أين عينٌ بعيدة ٌ
من فتور ومن دعج
فوقها حاجِبٌ أحص
صُ بعيدٌ من الزَّجَجْ
يا سليباً من الملا
حَة ِ والحسن والبَهَجْ
مُزِجَ القبحُ كلُّه
فيك بالمقْت فامْتَزَجْ
لَك وجْهٌ تذوبُ مقْ
تاً وبغْضَاً له المهجْ
ما بِأَمثاله يُبَشْ
شَرُ جفنٌ إذا اختلجْ
أُنضِجَ القبحُ فيك جدْ
داً وما أُنضج المَشَجْ
أيها السائلي به
وضَحَ الصُّبحُ فانبلجْ(77/68)
هو كالبحر حَدِّثِ الن
ناسَ عنه ولا حرجْ
هو ما شئت من جنو
نٍ وحُمْقٍ ومن هَوَجْ
وإذا مازح أمرأ
جمَّدَ الروحَ أو ثَلَجْ
أيها الناس وَيْحَكُمْ
طالبوهُ بمنْ فلجْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> سكيننا هذا له حدة ٌ
سكيننا هذا له حدة ٌ
رقم القصيدة : 60676
-----------------------------------
سكيننا هذا له حدة ٌ
تصلح للتقطيع والوجْءِ
يَفْجأ من لامَسه حَتْفُهُ
بل حتفُه أوْحَى من الفجءِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> شجوُ قلبي من سائر الخلق شاجي
شجوُ قلبي من سائر الخلق شاجي
رقم القصيدة : 60677
-----------------------------------
شجوُ قلبي من سائر الخلق شاجي
ليس للقلب دونَهَا من مَعَاجِ
أفْرَدَتْها بالقلب أَفرادُ حُسْن
خُلِقَتْ وحدها بلا أزواجِ
فجرى حبها من القلب والأح
شاء مجرى ً خلاف مجرى اللجاجِ
هو حب جاء الهوى فيه والرأ
ي سواءً وليس بالإلهاجِ
ذات جِيدٍ يُزْهَى على كل عقد
وجبين يزهى على كل تاجِ
يتلقاك في الغلائل منها
وجهُ شمسٍ وجسم دمية ِ عاجِ
أَسبلت من ذراه جعداً أثيثاً
جائزاً حدَّ متنها الرّجراج
جارياً فوق متنها جرية الما
وإن كان حالك الأمواجِ
فهي أما السراجُ منها فوهَّا
ج وأما الظلام منها فداجي
رملة عَبْلة من البُدْن غصن
مخْطَفٌ مرهف من الإدماجِ
فلأعطافها صنوفُ اهتزاز
ولأردافها صنوف ارتجاجِ
طلعت في لَبُوسها وحلاها
كمَهاة في روضة مِبْهاجِ
ثم قالت بطرفها سوف تدري
فأضافت عليّ رَحْب الفجاجِ
حدَّدت طرفها وعيداً لصبٍّ
صرْعته بطرفها وهو ساجي
ليت شعري علام أُوعَد بالهج
ر ووُدِّي ودٌّ بغير مزاجِ
وأنا الخاضع الشحيح على السِّرْ
رِ كشُحِّي على دم الأوداجِ
والتي ما رأيتها قط إلا
عاد عندي الحسان مثلَ السِّماجِ
يا له من صِبا بغير تصاب
وشجى ً خالص بغير تشاجي
قل لمن حرَّمتْ عليَّ جَداها
أين لطفُ الغنيِّ للمحتاجِ
عجباً لي وللذي سوَّلتْ لي
منكِ نفسي وللذي أنا راجي
أنا راجٍ لأنْ يفوز بحظٍ(77/69)
منك قلبي وليتَه منك ناجي
ليت شعري أسحرُ عينيك داء ال
قلبِ أم نارُ خدِّك الوهاجِ
أيها الناس ويحكم هل مُغيثٌ
لِشَيخٍ يستغيث من ظلم شاجي
من مُجيري من أضعفِ الناس ركناً
ولعينيه سطوة الحَجَّاجِ
شادنٌ يرتعي القلوبَ ببغدا
دَ ولا يرتعي الخَلا بالنِّباجِ
أورث القلبَ سحرُ عينيه داء
ما له غيرَ ريقِهِ من علاجِ
ولئن قلتُ شادنٌ إن قلبي
لأَسيرٌ لغادة ٍ مِغْناجِ
يومُها للنديم يومُ نعيمٍ
والتذاذٍ وحَبرة ٍ وابتهاجِ
ذات شدوٍ إذا جرت فيه للشرْ
بِ جَرى أمرُها على المنهاجِ
يبعث الساكنَ البعيدَ اهتياجاً
ويداوي حرارة المهتاجِ
أقبلتْ والربيعُ يختال في الرو
ض وفِي المُزْن ذي الحيا الثَّجَّاجِ
ذو سماء كأدكن الخَزِّ قد غيْ
يَمَت وأرضٍ كأخضر الديباجِ
وتجلى عن كل ما نتمنى
موعدُ الكَذْخُذَاة والهِيلاجِ
فظللنا في نزهتين وفي حُسْ
نَيينِ بين الأرمال والأهزاجِ
نغمة تسحر القلوب وضربٌ
هو بين الترتيل والإدراجِ
سيرة بين سيرتين من القَص
ف تُنَسِّيك سيرة الهِمْلاَجِ
ونعمنا بليلة ليس لِلْهَمْ
مِ لديها قِرى ً سوى الإزعاج
قد جعلنا الكؤوس فيها نجوماً
وجَعلنا الأكُفَّ كالأبراج
تم فيها النعيم كلَّ تمامٍ
وعلا قدره عن الإخداجِ
بفتاة ٍ تسرنا في المثاني
وعجوزٍ تسرنا في الزجاجِ
لم نزل نشرب المدامة حتى
عاد منها الفصيح كاللَّجلاجِ
أخذت من رؤوس قوم كرام
ثأْرَها عند أرجُل الأعلاجِ
وَطِئتها الأعلاجُ فانتقمت منْ
نَا شَمولٌ تُضِيء ضوء السراجِ
فترى كل مِصْقع ذا سِقاط
وترى كل قيِّم ذا اعوجاجٍ
يا لها ليلة ً قضينا بها حا
جاً وإن علَّقت قلوباً بحاجِ
رفعتْنا السعود فيها إلى الفو
ز فكانت كليلة المِعرَاجِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا للرجالِ توسّموا وتبيَّنوا
يا للرجالِ توسّموا وتبيَّنوا
رقم القصيدة : 60678
-----------------------------------
يا للرجالِ توسّموا وتبيَّنوا
في خالد شبهاً من الحجاجِ
إغضاؤُه عمن يُقر بذنبه(77/70)
وحلول نقمته بكل مُداجي
رجل يحب الصادقين لصدقهم
والصدقُ أفضل نَجوة ٍ للناجي
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا داعياً نحو العلاءِ مُثَوِّباً
يا داعياً نحو العلاءِ مُثَوِّباً
رقم القصيدة : 60679
-----------------------------------
يا داعياً نحو العلاءِ مُثَوِّباً
لَبَّيك إن الحق أزهرُ أبلجُ
انشأت تنطق بالصواب ولم تزل
قِدْماً وسهمُك في الصواب الأفلجُ
فشكرتَ سيدنَا بفضله
ولقائِل الحق المبَيَّنِ منهجُ
ولئن نطقت بحكمة ٍ وبلاغة ٍ
ومن الكلام محقَّق ومُثبّجُ
فلقد وجدتَ لمن مدحت مآثراً
من مثلها يُبْنَى المديح وينسجُ
ما زال يلبس مذ تأَزَّر وارتدى
مِدَحاً تُحبَّر باسمه وتُدبَّجُ
ولَيُجزلن لك الثوابَ ولم يكن
لخليقة منه نَتيجُ مُخْدَجُ
وليقبلن صحيح وُدِّك إنه
لا يدفع الحسنى بما هو أسمجُ
وليشكرنك وهو أعلم عالم
أن المديح به ينير ويَبْهجُ
وبأن ما حَلَّيته من منطقٍ
حسنٍ فمن فَعلاته يُسْتنتجُ
فاعجب لشكر البحر إنْ حلَّيته
والحَلْيُ من بُطنانه يُستخرجُ
أَبشرْ أَجارك من زمانك ماجد
حبلُ الجوار لديه حبل مدمجُ
ما دون معروفِ العلاء وعفوهِ
عند الرجوع إليه باب مُرْتَجُ
إن العلاء لَمَاجِدٌ ولِمَاجِدٍ
من معشر طلبوا العلاء فأدلجوا
ملك إذا الكُرَب الشداد تظاهرت
فبوجهه وبرأيه تَتفرَّجُ
ممن إذا أبت الخطوبُ أو التوت
عاج الأبيُّ به وقام الأعوجُ
لا عيبَ في نُعماه إلا أنها
للخاطبين وغيرِهم تتبرّجُ
أو أنها تصفو لنا وتعمَّنا
حتى يُخَيَّل أننا نُسْتَدرَجُ
أضحى الملوك وهم مَجاز نحوه
للطالبين الخيرَ وهو مُعَرَّجُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أمامك فانظر أيَّ نهجيك تَنْهُج
أمامك فانظر أيَّ نهجيك تَنْهُج
رقم القصيدة : 60680
-----------------------------------
أمامك فانظر أيَّ نهجيك تَنْهُج
طريقان شتى مستقيم وأعوجُ
ألا أيُّهذا الناس طال ضريرُكم
بآل رسول اللَّه فاخشوا أو ارْتجوا
أكُلَّ أَوانٍ للنبي محمدٍ(77/71)
قتيلٌ زكيٌ بالدماء مُضرَّجُ
تبيعون فيه الدينَ شرَّائِمة ٍ
فلله دينُ اللَّه قد كاد يَمْرَجُ
لقد ألحجوكم في حبائل فتنة
ولَلْملحِجُوكُم في الحبائل ألْحَجُ
بني المصطفى كم يأكل الناس شِلْوكم
لِبَلْواكُم عما قليل مُفَرَّجُ
أما فيهمُ راعٍ لحق نبيه
ولا خائفٌ من ربه يتحرجُ
لقد عَمَهُوا ما أنزل اللَّه فيكُم
كأنّ كتاب اللَّه فيهم مُمَجْمَجُ
ألا خاب من أنساه منكم نصيبَه
متاعٌ من الدنيا قليلٌ وزِبرجُ
أبعدَ المكنَّى بالحسين شهيدِكم
تُضيء مصابيحُ السماء فَتُسْرَجُ
شَوى ً ما أصابت أسهمُ الدهر بعده
هوى ما هوى أو مات بالرمل بَحرَجُ
لنا وعلينا ولا عليه ولا له
تُسَحْسِحُ أسرابُ الدموع وتَنْشِجُ
وكيف نُبكِّي فائزاً عند ربه
له في جنان الخلد عيش مُخَرْفجُ
وقد نال في الدنيا سناءً وصِيتة ً
وقام مقاماً لم يقمه مُزَلَّجُ
فإن لا يَكن حياً لدينا فإنه
لدى اللَّه حيٌّ في الجنان مُزَلَّجُ
وكنَّا نرجِّيه لكشف عَماية
بأمثاله أمثالُها تتبلَّجُ
فساهَمَنَا ذو العرش في ابن نَبيِّه
ففاز به والله أعلى وأفلجُ
مضى ومضى الفُرَّاط من أهل بيته
يؤُمُّ بهم وِرْدَ المنية منهجُ
فأصبحتُ لا هم أبْسَؤُوني بذكره
كما قال قبلي في البُسُوء مُؤَرِّجُ
ولا هو نسَّاني أسايَ عليهمُ
بلى هاجه والشجوُ للشجو أَهْيجُ
أَبيتُ إذا نام الخَليُّ كأنما
تَبطَّنَ أجفاني سَيَالٌ وعَوْسَجُ
أيحيى العلا لهفي لذكراك لهفة ً
يباشر مَكْواها الفؤادَ فيَنْضجُ
أحين تَراءتك العيونُ جِلاءها
وإقذاءَها أضحتْ مَرَاثيك تُنسَجُ
بنفسي وإن فات الفداءُ بك الردى
محاسنُك اللائي تُمَحُّ فَتُنهَجُ
لمن تَسْتَجِدُّ الأرضُ بعدك زينة ً
فتصبحَ في أثوابها تتبرجُ
سلامٌ وريحانٌ ورَوحٌ ورحمة ٌ
عليك وممدودٌ من الظل سَجْسجُ
ولا برح القاعُ الذي أنت جارُهُ
يَرِفُّ عليه الأقحوان المُفلَّجُ
ويا أسفي ألاَّ تَرُدَّ تحية ً
سوى أَرَجٍ من طيب رَمْسك يَأرجُ
ألا إنما ناح الحمائمُ بعدما(77/72)
ثَوَيْتَ وكانت قبل ذلك تَهْزَجُ
أذمُّ إليك العينَ إن دموعها
تَداعَى بنار الحزن حين تَوهّجُ
وأحمدُها لو كفكفتْ من غُروبها
عليك وخَلَّتْ لاعجَ الحزن يلْعَجُ
وليس البكا أن تسفح العينُ إنما
أحرُّ البكاءين البكاء الموَلَّجُ
أتُمتِعُني عيني عليك بدمعة
وأنت لأذيال الرَّوامس مُدْرَجُ
فإني إلى أن يدفن القلبُ داءه
لِيَقْتُلَنِي الداءُ الدفين لأَحوجُ
عفاءٌ على دارٍ ظعنتَ لغيرها
فليس بها للصالحين مُعَرَّجُ
ألا أيها المستبشرون بيومه
أظلت عليكم غُمة ٌ لا تفرَّجُ
أكلُّكُم أمسى اطمأن مِهادُه
بأنّ رسول الله في القبر مُزْعَجُ
فلا تشمتوا وليخسإ المرءُ منكُم
بوجهٍ كأَنَّ اللون منه اليَرَنْدَجُ
فلو شهد الهيجا بقلبِ أبيكُم
غداة َ التقى الجمعان والخيلُ تَمْعَجُ
لأَعطى يد العاني أو ارمدَّ هارَباً
كما ارْمَدَّ بالقاع الظليمُ المهيَّجُ
ولكنه ما زال يغشى بنحره
شَبا الحرب حتى قال ذو الجهل أهوجُ
وحاشا له من تِلْكُمُ غيرَ أنه
أبَى خطة َ الأمر التي هي أسمجُ
وأين به عن ذاك لا أين إنه
إليه بِعِرْقَيْهِ الزَّكيين مُحْرَجُ
كأني به كالليث يحمي عرينَه
وأشبالَه لا يزدهيه المُهَجْهجُ
يَكرُّ على أعدائه كرَّ ثائرٍ
ويطعنهم سُلْكَى ولا يتخلَّجُ
كدأْب عَليٍّ في المواطن قبله
أبي حسن والغصن من حيث يخرجُ
كأني أراه والرماح تَنوشُه
شوارعَ كالأشطان تُدْلَى وتُخْلَجُ
كأني أراه إذ هوى عن جواده
وعُفِّر بالتُّرْبِ الجبينُ المشجَّج
فحُبَّ به جسماً إلى الأرض إذ هوى
وحُبَّ به روحاً إلى اللَّه تعرجُ
أأرديتُم يحيى ولم يُطْو أَيْطَلٌ
طِراداً ولم يُدْبر من الخيل مَنْسِجُ
تأتَّتْ لكم فيه مُنَى السوء هَيْنَة ً
وذاك لكم بالغي أغرى وألهجُ
تُمَدُّون في طغيانكم وضلالكم
ويُسْتدرَج المغرور منكم فُيُدْرَجُ
أَجِنُّوا بني العباس من شَنآنكم
وأوْكُوا على ما في العِيَابِ وأشْرِجوا
وخلُّوا ولاة َ السوء منكم وغيَّهم(77/73)
فأحْرِ بِهِمْ أن يغرقوا حيث لحَّجوا
نَظَارِ لكم أنْ يَرجع الحقَّ راجعٌ
إلى أهله يوماً فتشجُوا كما شجوا
على حين لا عُذْرَى لمُعتذريكُم
ولا لكُمُ من حُجة اللَّه مخرجُ
فلا تُلْقِحُوا الآن الضغائن بينكم
وبينهُم إنَّ اللواقح تُنْتجُ
غُرِرتم إذا صدَّقْتُمُ أن حالة
تدوم لكم والدهر لونان أخْرَجُ
لعل لهم في مُنْطوِي الغيب ثائراً
سيسمو لكم والصبحُ في الليل مُولجُ
بمَجرٍ تضيق الأرضُ من زفَراته
له زَجَلٌ ينفي الوحوشَ وهَزْمَجُ
إذا شيمَ بالأبصار أبرقَ بيضُه
بوارقَ لا يستطيعُهُنَّ المُحمِّجُ
تُوامضه شمسُ الضحى فكأنما
يُرَى البحرُ في أعراضه يتموجُ
له وَقْدة بين السماء وبَيْنَهُ
تُلِمُّ بها الطيرُ العَوافي فتُهرَجُ
إذا كُرَّ في أعراضه الطرفُ أعرضت
حِراجٌ تحارُ العينُ فيها فتحْرَجُ
يؤيده ركنان ثَبْتان رَجْلُهُ
وخيلٌ كأَرسال الجراد وأَوْثَجُ
عليها رجال كالليوث بسالة ً
بأمثالها يُثْنَى الأبيُّ فَيُعْنَجُ
تدانوا فما للنقع فيهم خصاصة ٌ
تُنَفِّسه عن خيلهم حين تُرْهجُ
فلو حصبتْهم بالفضاء سحابة
لَظل عليهم حصبُها يتدحرجُ
كأَن الزِّجَاجَ اللَّهذمياتِ فيهمُ
فَتِيلٌ بأطراف الرُّدْيِنيِّ مُسْرجُ
يود الذي لاَقَوْه أن سلاحه
هنالك خَلْخَالٌ عليه ودُمْلُجُ
فيدركُ ثأرَ الله أنصارُ دينه
ولله أوْسٌ آخرون وخزْرجُ
ويقضي إمام الحق فيكم قضاءَه
تماماً وما كلُّ الحوامل تُخْدَجُ
وتظعن خوفَ السَّبي بعد إقامة
ظَعائنُ لم يُضرب عليهنَّ هودجُ
وقد كان في يحي مُذَمَّرُ خطة ٍ
وناتجها لو كان للأمر مَنْتَجُ
هنالكُم يشفَى تَبَيُّعُ جهلكم
إذا ظلت الأعناقُ بالسيف تُودَجُ
محضْتكُم نصحي وإنِّيَ بعدها
لأعنِقُ فيما ساءكم وأُهَمْلِجُ
مَهٍ لا تعادَوا غِرة البغي بينكم
كما يتعادى شعلة َ النار عَرْفجُ
أفي الحق أن يُمسوا خِماصاً وأنتُم
يكاد أخوكُم بِطنة ً يتبعَّجُ
تَمشُون مختالين في حُجراتِكم
ثقالَ الخُطا أكفالُكم تترجرجُ(77/74)
وليدُهُم بادي الطَّوى ووليدكم
من الريف ريَّانُ العظام خَدَلَّجُ
تذودونهم عن حوضهم بسيوفكم
ويَشْرع فيه أَرتبيلُ وأبلجُ
فقد ألجمتهم خِيفَة ُ القتل عنكُم
وبالقوم حاجٌ في الحيازم حُوَّجُ
بنفسي الأُلَى كظَّتهُم حسراتُكُم
فقد عَلِزُوا قبل الممات وحَشرجوا
ولم تقنعوا حتى استثارت قُبُورَهم
كِلاَبُكُم منها بهيم ودَيْزجُ
وعيرتموهم بالسَّواد ولم يزل
من العَرَبِ الأمحاض أخضرُ أدعجُ
ولكنكم زرق يزين وجوهَكم
بني الرُّوم ألوانٌ من الرُّومِ نُعَّجُ
لئن لم تكن بالهاشميين عاهة ٌ
لَما شَكْلُكُم تالله إلا المُعلْهجُ
بآية ِ ألا يبرحَ المرءُ منكُم
يُكَبُّ على حُرِّ الجبين فيُعفَجُ
يبيت إذا الصهباءُ رَوَّتْ مُشَاشَه
يُساوِره علجٌ من الروم أعلجُ
فيطعنه في سَبَّة السوء طعنة ً
يقوم لها من تحته وهو أفحجُ
لذاك بني العباس يصبر مثلُكم
ويصبر للموت الكميُّ المدجَّجُ
فهل عاهة ٌ إلا كهذي وإنكم
لأَكذبُ مسؤول عن الحق يَنهجُ
فلا تجلسوا وسط المجالس حُسَّراً
ولا تركبوا إلا ركائِب تُحْدَجُ
أبى اللَّه إلا أن يَطيبوا وتخبثوا
وأن يسبقوا بالصالحات وتُفْلَجُوا
وإن كنتُمُ منهم وكان أبوكُم
أباهم فإن الصَّفْو بالرَّنق يمزجُ
أَروني امرأ منهم يُزَنّ بأُبْنَة ٍ
ولا تنطقوا البهتانَ فالحق أبلجُ
لعمري لقد أَغرى القلوبَ ابنُ طاهر
ببغضائكم ما دامت الريح تَنْأَجُ
سعى لكُم مَسعاة َ سوء ذميمة ً
سعى مثلَها مستكره الرِّجْلِ أعرجُ
فلن تعدموا ما حنَّت النيِّبُ فتنة ً
تُحَشُّ كما حُشَّ الحريقُ المؤجَّجُ
وقد بدأت لو تُزْجَرُون بريحها
بوائجُها من كل أوب تبوَّجُ
بني مصعب ما للنبي وأهله
عدوُّ سواكم أفْصِحُوا أو فلَجْلِجُوا
دماءُ بني عبَّاسكم وعَلِيِّهِمْ
لكم كدماء الترك والروم تُهْرَجُ
يلي سفكَها العورانُ والعرجُ منكُم
وغوغاؤكم جهلاً بذلك تَبْهَجُ
وما بكُم أن تنصروا أوليائكم
ولكنْ هَناتٌ في القلوب تَنجنجُ
ولو أمْكَنَتكُمْ في الفريقين فرصة ٌ(77/75)
لقد بُيِّنَتْ أشياءُ تلوَى وتُحْنَجُ
إذن لاستقدتم منهما وِتْر فارسٍ
وإن وَلَّياكم فالوشائجُ أوشجُ
أبى أن تُحِبُّوهُم يدَ الدهرِ ذكرُكُم
لياليَ لا ينفكُّ منكم متوَّجُ
وإني على الإسلام منكم لخائفٌ
بوائقَ شتى بابُها الآن مُرتَجُ
وفي الحزم أن يستدرِك الناسُ أمركم
وحبلُهُم مستحكِمُ العقْدِ مدْمجُ
نَظَارِ فإن اللَّه طالبُ وتره
بني مصعب لن يسبق اللَّه مُدْلجُ
لعل قلوباً قد أطلتم غليلها
ستظفر منكم بالشفاء فتُثلجُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> بني المشرف جذَّ الله دابِرَكم
بني المشرف جذَّ الله دابِرَكم
رقم القصيدة : 60681
-----------------------------------
بني المشرف جذَّ الله دابِرَكم
ما ضَرَّ مُعقِبكم لو أنه دَرَجَا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ولحية ٍ لو شاء ذو المعارجِ
ولحية ٍ لو شاء ذو المعارجِ
رقم القصيدة : 60682
-----------------------------------
ولحية ٍ لو شاء ذو المعارجِ
أَغنَى بها كواسدَ النَّواسِج
بنسج مِسْحين لخان الديْزجِ
وفرَّق الباقي على الكواسِجِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا قمراً فوق رأسه تاجُ
يا قمراً فوق رأسه تاجُ
رقم القصيدة : 60683
-----------------------------------
يا قمراً فوق رأسه تاجُ
يخجل من حسنِ لونه العاجُ
إذا تَمَشَّى يكاد يجذبه
رِدفٌ له كالكَثِيب رَجْراجُ
كأنما في جيوبه قمر
وفي السراويل منه أمواجُ
إن كنتَ عني مُمَتَّعاً بغنى ً
فإنّ فقري إليك محتاجُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا ويحَ من أصبح في غُمَّة ٍ
يا ويحَ من أصبح في غُمَّة ٍ
رقم القصيدة : 60684
-----------------------------------
يا ويحَ من أصبح في غُمَّة ٍ
ليس له من كربها مخرجُ
فروحُه تُزعَج عن جسمه
وجسمُه عن بيته يزعجُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إنّ اللسان الذي نَسَجْتُ به
إنّ اللسان الذي نَسَجْتُ به
رقم القصيدة : 60685
-----------------------------------(77/76)
إنّ اللسان الذي نَسَجْتُ به
مدحَك يَسطيعُ نقضَ ما نَسجا
لكنني غيرُ جاعلٍ حَسَني
وإن شجتْني إساءة ٌ سَمِجا
همَّايَ همانِ لستُ مُتبِعاً
أولاهما بالخَنا إذا اعْتَلجا
وما الذي يؤمن المُسيءَ إلى ال
مُحسن من جهله إذا حَرِجَا
آثرتُ فيك النسيم من عِتَر ال
مسك فلا تجعلنه هَرَجا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> وقينة ٍ أبردَ من ثلجه
وقينة ٍ أبردَ من ثلجه
رقم القصيدة : 60686
-----------------------------------
وقينة ٍ أبردَ من ثلجه
تظلُّ منها النفسُ في ضجَّهْ
ما أكذبَ المطِنب في وصفها
لا صَدَّق اللَّه له لهجَهْ
فظيعة فالحلقُ في سَكْتة ٍ
وبطنها القَرْقار في رَجَّهْ
خالصة ُ النَّتْن ولكنها
في ريقها من سَلْحها مجَّهْ
كأنها في نَتْنها ثُومة ٌ
لكنها في اللون اَتْرُجَّهْ
تبدو بوجهٍ قحِلٍ يابس
قد نُزعَتْ من صحْنِهِ البهجهْ
ذات فم أخْطأَ من كلبة
ومَضْرَطٍ أوقعَ من قَبْجَهْ
تفاوتت خِلْقَتُها فاغتدتْ
لكلِّ من عطَّلَ مُحْتَجهْ
لا تلكُم الأوصالُ مهتزة ٌ
كلا ولا الأردافُ مرتجَّهْ
ما جُنّ من عشقٍ فؤادٌ بها
كلا ولا ذابت بها مهجهْ
رسمٌ مُحيلٌ بانَ سكانُه
فما على أمثاله عَرْجَهْ
قد كَتبتْ في بدنٍ ناحلٍ
أسماءَ من لاعَبَها ...
كأنها والوشمُ في جلدها
زِرْنيخة شِيبت بنِيلَنْجه
ما لامرىء ٍ أظهر وَجْداً بها
عذرٌ لدى الناس ولا حجه
تروح للفسقِ فإن عُوتبت
أعتبتْ لللائم بالدَّلْجه
خَرَّاجَة ٌ للفسق دَخّالة
تُعجبها الدَّخْلة ُ والخرجَهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إن الدمشقيَّ عبدُ حاجتِه
إن الدمشقيَّ عبدُ حاجتِه
رقم القصيدة : 60687
-----------------------------------
إن الدمشقيَّ عبدُ حاجتِه
وعبدُ من يرتجِي لحاجتِهِ
يُبرِم إخوانَه بزوجتِه
في كحل يومٍ وبإدلاجتهِ
حتى إذا ما قضى لُبانته
من حاجة ٍ غاب في عَجاجتِهِ
وانصاع إما إلى غَضارته
مسارعاً أو إلى زجاجتهِ
يخلد في اللحم والثَّريد وفي(77/77)
ما مَجَّه الكوبُ من مُجاجتهِ
أصبح قد لج في مُهاجرتي
لا فَكَّه اللَّه من لجَاجتهِ
لا يذكرُ الخِلَّ عند ذلك في
ضغطة دهرٍ ولا انفراجتهِ
تَبارك اللَّه كيف خِفَّتُه
إذا تَشاحَى على فَجاجتهِ
فقد رأى القلبُ من نذالته
ما رأت العينُ من سماجتهِ
ثمَّت يأوِي إلى حليلته
كالديك يأوي إلى دجاجتهِ
شَقّاقُ ساج يبيت ليلَته
منشارُه في مَشْقِ ساجته
ثم انتحى ينسج القريضَ وما
نِساجة ُ الشعرِ من نساجتهِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لأنتِ شَيْنُ القيانِ يا غَنْجَهْ
لأنتِ شَيْنُ القيانِ يا غَنْجَهْ
رقم القصيدة : 60688
-----------------------------------
لأنتِ شَيْنُ القيانِ يا غَنْجَهْ
ذميمة ُ القدِّ في الورى سَمْجَهْ
رأيت كل القيان تألفُني
وأنت عني أراك منعرجهْ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ومجردٍ كالسيف جَرَّد نفسه
ومجردٍ كالسيف جَرَّد نفسه
رقم القصيدة : 60689
-----------------------------------
ومجردٍ كالسيف جَرَّد نفسه
لمجرد يكسوه ما لا يُنسَجُ
ثوبٌ تمزقِّه الأناملُ رقة ً
ويذيبه الماء القَراح فينْهَج
فكأنه لما استوى في خصره
نصفان ذا عاجٌ وذا فيروزج
العصر العباسي >> ابن الرومي >> شعراتٌ في الرأس بيضٌ ودعْجُ
شعراتٌ في الرأس بيضٌ ودعْجُ
رقم القصيدة : 60690
-----------------------------------
شعراتٌ في الرأس بيضٌ ودعْجُ
حلّ رأسي جِيلان روم وزنجُ
طار عن هامتي غراب شباب
وعَلاه مكانه شاهُمُرْجُ
حلّ في صحن هامتي منه لونا
ن كما حلّ رقعة ً شَطرنجُ
أيها الشيب لِم حللتَ برأسي
إنما لي عشر وعشر وبَنْجُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أما الزمانُ إلى سلمى فقد جَنَحا
أما الزمانُ إلى سلمى فقد جَنَحا
رقم القصيدة : 60691
-----------------------------------
أما الزمانُ إلى سلمى فقد جَنَحا
وعاد معتذِراً من كل ما اجْتَرَحا
وليس ذاك بصُنْعي بل بصنع فتى
ما زال يُدني بلطف الصنع ما نزحا
مباركُ الوجه ميمون نقيبتُه(77/78)
يُوري الزنادَ بكفيه إذا قدحا
به غدوتُ على الأيام مقتدراً
فقد صفحتُ عن الأيام أن صَفحا
رفعت منه رفيع الذكر ممتدَحاً
ألفى أباه رفيع الذكر ممتَدحا
مُعطى ً لسانَ فمٍ معطى لسان يد
إنْ أجملا فصَّلا أو فسَّرا شرَحا
لو أن عبد الحميد اليوم شاهدَه
لطان بين يديه مُذعِناً وسَحا
ضربتُ شِعري عن الكتَّاب قاطبة ً
صفحاً إليه ومثلي نحوَه جَنحا
إياه كانت تراعي همتي وله
كانت تصون أديم الوجه والمِدَحا
أَتْأَرْتُ عيني سوادَ الناس كلِّهمُ
فما رأيتُ سواه فيهم وضَحَا
يَفْدي أبا الصقر إن قاموا بفديته
قومٌ إذا مَذقوا أفعالَهم صَرحا
فرعٌ تفرَّع من شيبانَ شاهقة ً
مَنْ ساورتْها أماني نفسِه نجحا
واهتزّ في نَبْعة صمّاءَ ما عَرفت
سهلاً ولا رَئِمت سيلاً وإن طَفحا
لا تشربَ الماءَ إلا من ذؤابتها
إذا الغمام عليها من علٍ نَضحا
فات المذاكيَّ في بدءٍ وفي عَقِبٍ
سبْقاً إلى الغاية القصوى وما قَرِحا
فتى إذا شئت لا جهْلاً ولا سفهاً
كهلاً إذا شئت لا شيباً ولا جَلَحَا
فَتَّاهُ شرخٌ شبابيٌّ وكهَّله
حِلم إذ شال حلم ناقص رجَحا
في وجهه روضة للحسن مونِقة ٌ
ما راد في مثلها طرفٌ ولا سَرحا
طَلُّ الحياءِ عليها واقع أبداً
كاللؤلؤ الرطب لو رقرقتَه سَفحا
وجهٌ إذا ما بدت للناس سُنَّتُهُ
كانت محاسنُه حَوْلاً لهم سُبَحَا
أنا الزعيم لمكحولٍ بغُرته
ألاَّ يرى بعدها بؤساً ولا ترحا
ممن إذا ما تعاطى نيل مكرمة
نالت يداه مَنال الطرف ما طمحا
لو يخطِب الشمسَ لم ترغب ببهجتها
عن خير من خطب الأزواجَ أو نكحا
مهما أتى الناسُ من طَول ومن كرم
فإنما دخلوا الباب الذي فتحا
لاقى الرجالُ غبوقَ المجد فاغتبقوا
منه ولاقَى صبوحَ المجد فاصطبحا
خِرق به نشوة من أريحيته
هيهات من منْتشيها أن يقال صحا
يعطي المزاحَ ويعطي الجد حقَّهما
فالموتُ إنْ جدَّ والمعروف إن مزحا
ممن إذا كان لاحِي البخلِ يَعذِره
فما يبالي بِلاحي الجود كيف لحى
إن قال لا قالها للآمرين بها(77/79)
ولم يقلْها لمن يستمنِح المِنحا
يا بُعْد معناه من معنى اللئام إذا
شَحَوْا بلفظة لاأفواهُهم وشَحا
لو لم يزد في بسيط الأرض نائلُه
لضاق منها علينا كلُّ ما انفسحا
أضحت بجدواه أرضُ اللَّه واسعة ً
أضعافَ ما مدَّ منها ربُّها ودَحا
فلاقحاتُ الأماني قد نُتِجْنَ به
وحائلات الأماني قد طوت لَقَحا
لو أن أفعاله الحسنى غدت شِيَة ً
للمجد ما عَدَتِ التَّحْجيل والقُرحا
لا تحمدنَّ بليغاً في مدائحه
أفعالُه فسحت في مدحه الفُسَحا
ولو تجاوزه المُدَّاحُ لم يجدوا
في الأرض عنه ولا في القول مُنتدَحا
بزر جمهر بني العباس رُسْتُمهم
جلمود خَطْبَيْن ما صكُّوا به رَضحا
ماضي الأداتين من سيف ومن قلم
كبش الكتابة كبش الحرب إن نطحا
وافى عُطاردَ والمريخَ مولدُه
فأَعطياه من الحظَّين ما اقترحا
لهُ من البأسِ حدٌّ لو أشار به
إلى الحديد على عِلاّته فلحا
ويُمن رأيٍ ورفقٍ لو مشى بهما
بين الأنيس وبين الجنة اصطلحا
في كفّه قلم ناهيك من قلم
نُبْلاً وناهيك من كف بها اتشحا
يمحو ويثبت أرزاقَ العباد به
فما المقادير إلا ما وحى ومحا
كأنما القلم العُلْويُّ في يده
يُجريه في أيِّ أنحاء الأمور نحا
هذا وإن جمحَت هيجاءُ أَقمحها
نِكْلاً من الشر ما يَكْبَحْ به انكبَحا
يغشَى الوغى فترى قوساً ونابلها
إذ لا تزال ترى قوساً ولا قُزَحَا
ذو رميتين مفدَّاتين واحدة
تُصمي الرمايا وأخرى تُوصل المِنحا
يغلغل النبل في الدرع التي رُتقت
رتقاً فلو صُبَّ فيها الماءُ ما رشحا
ويطعن الطعنة النجلاء يتبعها
شخبٌ دَرير إذا لاقَى الحصى ضَرحا
ويضرب الهام ضرباً لا كِفاءَ له
ترى لما طار منه موقعاً طرَحا
لمثل ذلك في الهيجاء من عمل
أنحى على الأدواتِ القينُ واجْتَنَحا
يصول منه بمن عادَى خليقتَه
وَرْدُ السِّيالِ ترى في لونه صَبَحَا
ليثٌ إذا زأر الليث الهِزَبْر له
لم يحسب الليثَ إلا ثعلباً ضَبحا
عادَى فبادى العدا فيه عداوتَه
ولم يُخافتْ بها نجواه بل صدحا(77/80)
وقال إذ قعقعوا شَنَّ الوعيد له
لن يرهبَ الليثُ ضأناً قعقعتْ وذحا
يا من إذا ضاقت الأعطانُ في هَنَة
زادت شدائدُها أعطانَه فَيَحا
ليَهْنِ الملكَ أن أصلحتَ فاسده
وأن حرست من الإفساد ما صلحا
رددتَه جعفريَّ الرأي بعد هوى
في الواثقيَّة لو لم تثنه جمحا
بِيَارَشُوخٍ وفتيانٍ لهم قَدَمٌ
فيمن وَفَى لمواليه ومن نصحا
يا رُبَّ رأيٍ صوابٍ قد فتحتَ لهم
لولاك يا فاتح الأبواب ما انفتحا
ولم تزل معهم في يوم وقعتهم
بالحائنين ونابُ الحرب قد كَلحا
حتى أدِلْتُمْ وهبّتْ ريح نصركمُ
وخاب وجه عدو الحق وافتضحا
وما بغيتم ولكن كنتمُ فئة ً
سقيتمُ من بَغى الكأس التي جَدَحا
شهدتُ أن عظيم الترك يومئذٍ
بِيُمْنِكَ افتتح الفتحَ الذي فتحا
ما كان إلا كسهمٍ سدَدته يدٌ
فما تلعثم ذاك السهمُ أن ذبحا
بَصَّرْتَهُ رشْدَه في نصر سادته
بضوء رأيك حتى بان فاتضحا
فليشكروا لك أن كابدتَ دونهمُ
تلك الغمارَ التي تُودي بمن سبحا
نصرتَهُمْ بلسانٍ صادقٍ ويدٍ
قولاً وصَولاً ولقَّيتَ العدا تَرحا
حتى أفأتَ عليهم ظلَّ نعمتهم
عَوداً كما فاء ظل بعدما مَصحا
ببعض حقك أنْ أصبحت عندهُم
مُشاوَرَاً في جسيم الأمر مُنْتَصَحَا
أنت الذي ردَّ بعد اللَّه دولتهم
فليُوفَ كادحُ صدقٍ أجرَ ما كدحا
لولاك ما قام قطب في مُرَكَّبِهِ
أُخرى الليالي ولا دارت عليه رحى
بك استقادتْ مطايا الملك مذعنة ً
وأردف الصعبُ منها بعدما رَمَحا
نفسي فداؤك يا من لا مؤمِّله
أكْدى ولا مستظِلٌّ في ذَراه ضحَّا
لولاك أصبح في بدوٍ وفي حضرٍ
ديوانُ أهلك بين الناس مطَّرَحا
أضحى بك الشعر حيّاً بعد مِيتَتِهِ
إلا حُشاشة َ نفسٍ عُلِّقت شبحا
لا يسلب اللَّه نعمى أنت لابِسُها
فما مشيتَ بها في أرضه مرحا
كم كاشح لك لا تُجدي عداوته
عليه ما عاش إلا الوَرَى والكَشَحا
ممن ينافس في العلياء صاحبَها
ولو تحمَّل أدنى ثِقْلِها دَلحا
تُعْشِي بضوئك عينيه فَيَنْبَحُهُ
لينبَحَ الكلبُ ضوء البدر ما نبحا(77/81)
لما تبسم عنك المجدُ قلت له
قهقِهْ فلا ثَعَلاً تُبدي ولا قلحا
أجراك مُجرٍ فما أخزيت حلبته
بل وجه أيِّ جوادٍ سابقٍ سبحا
قال الإِمام وقد درَّت حلوبته
بمثلك استغزَر المستغزِر اللَّقحَا
أتاك راجيك لا كفٌّ له مَرِنت
على السؤال ولا وجه له وَقُحا
على قَعودٍ صحيح الظهر تامِكِهِ
ما كَلَّ من طولِ تَرْحالٍ ولا طَلحا
فانظر إليه بعينٍ طالما ضَرَحتْ
عنها قذى خَلَّة المختل فانضرحا
فما يُجلِّي الذي تكنى به قنصاً
كما تُجَلِّي ابنَ حاجات إذا سنحا
بل طرفُ عينيك أذكى حين تَثْقُبُهُ
للمجد من طرف عينيه إذا لمحا
بك افْتَتحْتُ ونفسي جدّ واثقة ٍ
ألا أقول بغبٍّ ساء مفتَتحا
أمطِرْ نداك جنابي يكسُه زهراً
أنت المُحَيَّا بريَّاه إذا نفحا
إن أنت أنهضت حالي بعدما رزَحتْ
فأنت أنهضت ملكاً بعدما رزحا
لا بِدْع أن تُنْهِضَ الرَّزْحَى وتُنْعِشَهُمْ
وان تَحمَّل عنهم كل ما فدحا
كأنني بك قد خوّلتني أملي
وأنت جذلانُ مملوء به فرحا
أثني عليك بنُعماك التي عَظُمت
وقد وجدت بها في القول منفسَحا
أقول فيما أجيب السائلين به
أيَّانَ ذلك والبرهان قد وضحا
لاقيتُ أكرمَ من خبَّ المطيُّ به
ومن مشى فوق ظهر الأرض مذ سطحاص لاقيتُ من لا أبالي بعده أبداً
من ضنَّ عني بمعروفٍ ومن سمحا
ألقيتُ سَجْلَيَ منه إذ مَتَحْتُ به
إلى كريم يُرَوِّي سَجْلَ من مَتَحا
فاضت يداه إلى أن خلتُ سَيْبَتها
بحرين جاشا لحين المدِّ فانتطحا
وجاد جودين أما الكفُّ فانبسطت
بما أنالَ وأما الصدرُ فانشرحا
ورُبَّ معطٍ إذا جادْت أنامله
ضن الضمير بما أعطى وما منحا
عَفَّى كلومَ زماني ثم قلَّمه
عني فاحْفاه ثم اقتصَ ما جرحا
وما تصامم عني إذ هتفتُ به
كالناظرين بصوت الهاتف البَحَحا
يا عائفَ الطيرِ من طلاّب نائله
لا يُثْنِيَنَّك عنه بارحٌ بَرَحا
عِفِ الثَّناء الذي تُثني عليه به
ولا تَعِف باكراتِ الطير والرَّوَحَا
فإن قَصْرك أن تلقى بعَقْوته
بحراً من العُرف لا كَدْراً ولا نزحا(77/82)
إذا الوَنَى قيَّد الحَسْرى وعقَّلها
كامل تتجمل الحسناءُ كلَّ تجملٍ
حتى إذا ما أُبرز المفتاحُ
فإنها يفكَّ القفل عن كُعْثُبٍ
كرؤية الحسناء مفتاحه
فإنها تُذعن في لحظة
معتزّة ً للنيك مرتاحة ْ
لكن بِدَسْتَنْبُويَة ٍ ضخمة
لقلبها في غمزها راحه
إذا تعاصتْ قينة ٌ مرة ً
فلا تُجشِّمْها بتفاحهْ
فيمَّمَتْهُ استفادت في الخطا رَوَحا
نسيتْ هناك حياءها وَخَلاقها
شَبَقاً وعند الماح يُنسى الداح
العصر العباسي >> ابن الرومي >> نظرتْ في وجوه شعري وجوهٌ
نظرتْ في وجوه شعري وجوهٌ
رقم القصيدة : 60692
-----------------------------------
نظرتْ في وجوه شعري وجوهٌ
أُوسِعت قبلَ خلقِها تقبيحا
فغدتْ وهي زاريات عليه
والذي أنكرتْه منها أُتيحا
أبصرتْ في صِقاله صُوَراً من
ه قِباحا فأظهرت تكليحا
شهد اللَّه أنها عند ذاكم
أعنتتْ سالماً وعرَّت صحيحا
عايَنتْ فيه قبحها فاجتوتْه
ظالماتٍ هناك ظلماً صريحا
ورأته وجوهُ قوم وِضاءٍ
فرأت وجهه وضيئاً صبيحاً
هكذا المنظر الصقيل يؤدِّي
ما يوازي به بليغاً فصيحاً
والمَرايا تُري الجميل جميلاً
وكذاكم تُري القبيح قبيحا
هاكها يا سعيدُ غراءَ عذرا
ءَ تداوي بها الفؤاد القريحا
مَثلاً للعقول تضعُف والشعْ
رُ يُصفَّى فلا تراه قليحا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قدَّمتَ لي وعداً فأين نجاحُهُ
قدَّمتَ لي وعداً فأين نجاحُهُ
رقم القصيدة : 60693
-----------------------------------
قدَّمتَ لي وعداً فأين نجاحُهُ
قَدْ حان يا بن الأَكرمينَ سَرَاحُهُ
لا يعجبنَّك حسنُ ما قدمتَه
فتسيءَ بعدُ إساءة ً تجتاحُهُ
واعلم بأنك إن فترتَ عن الذي
أسلفت من عُرفٍ خبا مصباحُهُ
ليس الجواد بمن يجود غُدُوُّهُ
حتى يجودَ غدوُّه ورَواحُهُ
ويطول بين السائلين بَقاؤه
وكأن خاتم وجوده مِفْتاحُهُ
لا يستحيل ولا يغيِّر عهدَه
إمساؤهُ أبداً ولا إصباحُهُ
ماذا أجيب به الَّتي عوّدتَها
عاداتِ نائِلك الذي تمتاحُهُ(77/83)
أأقول ويحكِ حالَ بعدَك بخلُه
أم حال بعدك جوده وسماحُهُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أعاذل إن شربَ الراحِ رشدٌ
أعاذل إن شربَ الراحِ رشدٌ
رقم القصيدة : 60694
-----------------------------------
أعاذل إن شربَ الراحِ رشدٌ
لأن الراحَ تأمر بالسماحِ
تَقينا شح أنفسنا وذاكم
إذا ذُكِر الفلاح من الفلاحِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لولا عبيدُ اللَّه قلْ
لولا عبيدُ اللَّه قلْ
رقم القصيدة : 60695
-----------------------------------
لولا عبيدُ اللَّه قلْ
ت ولم أخف رَهَق الجُناحِ
يا مادحَ القوم اللئا
م وطالباً نيل الشِّحاحِ
ما أنت في زمن المدي
ح ولا الهجاء ولا السماحِ
حَدثت أكفٌّ ليس يُن
بِط ماءَها إلا المَساحي
وجلود قوم ليس تأ
لم غير أطراف الرماحِ
ما شئتَ من مالٍ حِمى ً
يأوي إلى عِرْضٍ مباحِ
فاشغل قريضك بالنسي
ب وبالفكاهة والمزاحِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا ذا الذي لو هجاه مادحه
يا ذا الذي لو هجاه مادحه
رقم القصيدة : 60696
-----------------------------------
يا ذا الذي لو هجاه مادحه
عُوقب هَلاَّ يثاب بالمِدَحِ
تعتدُّه بَهْرجَ المديحَ ولا
تعتدُّه هاجياً كممتدح
مطرَّحُ الشعرِ في مدائحه
وفي الأهاجيِّ غير مطّرحِ
كلا ولكنها يد خُلقت
للنُّكر لا للعارفات والمِنَحِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا ساء ظن بمسترفَدٍ
إذا ساء ظن بمسترفَدٍ
رقم القصيدة : 60697
-----------------------------------
إذا ساء ظن بمسترفَدٍ
أطال القصيدَ له المادحُ
وقِدْماً إذا استبعِد المستقَى
أطال الرِّشاءَ له الماتحُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تجنبْ سليمانَ قُفْلَ الندى
تجنبْ سليمانَ قُفْلَ الندى
رقم القصيدة : 60698
-----------------------------------
تجنبْ سليمانَ قُفْلَ الندى
فقد يئس الناسُ من فتحِهِ
ولو كان يملك أمر استِه
لما طمع الحُشُّ في سلحه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لما رأيت الشعر أصبح خاملاً(77/84)
لما رأيت الشعر أصبح خاملاً
رقم القصيدة : 60699
-----------------------------------
لما رأيت الشعر أصبح خاملاً
نبهتُه بفتى أعر صريحِ
لم أمتدحْه لخَلة ٍ أبصرتُها
في مجده فسددتها بمديحِ
تُفيء الأيُورُ على أهلها
من الغُنم ما لا تفيء الرماحُ
بعينيك فرسانُها الذائدو
ن عن بَيْضة الملك لا تُستباحُ
جياعاً نِياعاً ذوي فاقة
يُباع لهم بالبتات السلاحُ
وأنت ابن خل وراقوده
إلى بابك المفتدى والمُرَاحُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> تأدبْ كي يُقالَ فتى أديب
تأدبْ كي يُقالَ فتى أديب
رقم القصيدة : 60700
-----------------------------------
تأدبْ كي يُقالَ فتى أديب
لتَحْصر عنه ألسنة ُ المديح
لقد حفظ الفتى ما في يديه
بغاية حيلة اللَّحِز الشحيحِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لي لسانٌ ما زال يُطريك في النث
لي لسانٌ ما زال يُطريك في النث
رقم القصيدة : 60701
-----------------------------------
لي لسانٌ ما زال يُطريك في النث
ر وفي النظم غيرَ ما مستريحِ
وارتكابُ الديون إياي في ظِلْ
لِك يهجوك باللسان الفصيحِ
والعقابُ الجميل منك على ذا
ك حقيقٌ دون العقاب القبيحِ
وهو ألا يراني الناس إلا
في محل من اليسار فسيحِ
ليت شعري إن لم يزُح علتي جو
دك والحظ هل لها من مُزيحِ
إن من جورك المبرِّح بالمُنْ
نَة ِ والصبرِ أيَّما تبريح
أن ترى العُرفَ عند مثلي نكراً
وأرى المدح فيك كالتسبيحِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> إذا ما مدحتَ أبا صالح
إذا ما مدحتَ أبا صالح
رقم القصيدة : 60702
-----------------------------------
إذا ما مدحتَ أبا صالح
فأَعدِدْ له الشتم قبل المديحِ
فإني ضميتُك عن لؤمه
ببُخْلٍ عتيد وردٍّ قبيحِ
وأنَّى يجود ولا عِرْقُه
كريم ولا وجهُه بالصَّبيحِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> عقيدَ النَّدى أطلِقْ مدائح جمّة
عقيدَ النَّدى أطلِقْ مدائح جمّة
رقم القصيدة : 60703
-----------------------------------(77/85)
عقيدَ النَّدى أطلِقْ مدائح جمّة
حبائس عندي قد أَتَى أن تُسرَّحا
ولم احتَبِسْهَا إذ حبستَ مثوبتي
لأن مديحاً لم يجد بعدُ مَمْدحا
ولا أنّ بيتاً في قريضي مثبَّجاً
أخاف لدى الإنشاد أن يُتصفَّحا
وما كان فيما قلت زيغ علمتُه
فأرجأتُهُ حتى يقامَ ويُصلَحا
ولكنَّ لي نفس عليك شفيقة
تحاذر وِجدانَ العِدا فيك مَقْدحا
إذا استشهدتْ ألحاظُهم عند مُنشَدي
شواهدَ وجدٍ إنْ تعاجمتُ أَفْصحا
فأدِّي إليهم كلَّ ما قد علمته
رُواءً إذا ورَّى لسانيَ صَرّحا
هنالك يُنْحِي الحاسدون شِفارَهم
لِعرضٍ مُناهم أن يَرَوْا فيه مَجْرحا
فَتُلْحَى لعمري في ثواب لويتَه
وأنت امرؤ في الجود يلحاك من لحَا
وكنت متى يُنشَدْ مديحٌ ظلمتَه
يكن لك أهجى كلما كان أَمْدحا
إذا أحسن المدحَ امرؤ كان حُسْنه
للابِسِه قبحاً إذا هو أقبحا
ومبتسِمٌ للمدح في ذي مروءة
فلما درى أنْ لم يثوِّبه كلَّحا
رأى حسناً لاقاهُ جازٍ بسيءٍ
فَهلّل إكباراً لذاك وسبَّحا
غششتُك إن أنشدتُ مدحِيك عاطلاً
وعرَّضْتُك اللُّوَّم مُمْسى ً ومُصْبَحا
ولستُ براضٍ أن أراه مطوَّقاً
من العرف طوقاً أو أراه موشَّحا
لأبهِجَ ذا ودٍّ وأَكبتَ حاسداً
مَسوءاً بما تُسدي وأَهْدي مُترَّحا
وأدفع لؤماً طالما قد دفعتُه
بجهدي فأمسى عن حَرَاكَ مزحزحا
مودة ُ نفسٍ شُبتُها بنصيحة ٍ
وأنت حقيقٌ أن تُوَدَّ وتُنْصحا
وإن كنتُ ألقى ما لديك ممنَّعاً
ويلقاه أقوامٌ سواي ممتَّحا
فيا أيها الغيثُ الذي امتدّ ظله
رُواقاً على الدنيا وصاب فَسَحْسحا
ويا أيها المرعى الذي اهتز نبتُه
وَبَكّر فيه خصبُه وتَروَّحا
عذرتُك لو كانت سماءٌ تقشَّعتْ
سحائبها أو كان روض تَصوَّحا
ولكنها سُقْيا حُرمتُ رويَّها
وعارضُها مُلقٍ كلاكل جُنَّحا
وأكلاء معروفٍ حمِيتُ مريعها
وقد عاد منها السهل والحزن مسْرحا
عَرضتُ لأَذوادي وبحرك زاخر
فلما أردن الوِرْد أَلْقين ضَحْضَحا
فلو لم تَرد أذوادُ غيري غِمَاره
لقلت سرابٌ بالمتان تَوضَّحَّا(77/86)
فيا لك بحراً لم أجد فيه مشرباً
وإن كان غيري واجِداً فيه مَسْبحا
سأَفخر إذ أعطانيَ اللَّهُ مَفْخراً
وأبجح إذ أعطانيَ اللَّه مَبْجَحا
مديحي عصا موسى وذلك أنني
ضربتُ به بحر الندى فتضحضحا
فيا ليت شعري إن ضربتُ به الصَّفا
أيَبعثُ لي منه جَداولَ سُيَّحا
كتلك التي أبدت ثرى البحر يابساً
وَشَقّت عيوناً في الحجارة سُفَّحا
سأمدح بعض الباخلين لَعلَّه
إن اطّردَ المقياسُ أن يتَسمّحا
ملكتَ فأَسْجِح يا أبا الصقر إنه
إذا ملك الأحرارَ مثلُك أَسْجحا
تقبّلْ مديحي بالندى مُتقبَّلاً
أو اطرحه بالمنع المبيَّن مَطْرحا
فما حقُّ من أَطراك ألا تُثيبه
إياساً ولا يأساً إذا كان أَروحا
ألم ترني جُمَّت عليك قريحتي
وكان عجيباً أن أُجِمَّ وتنزحا
فآونة ً أكسوك وَشْياً محبَّرا
وآونة أكسوك ريْطاً مُسيَّحا
محضتُك مدحاً أنت أهل لمحضِه
وإن كان أضحى بالعتاب مُضيَّحا
وهبنيَ لم أبلغ من المدح مَبْلغاً
رضيّاً ألمْ أَكْدَح لذلك مَكْدحا
بلى واجتهادُ المرءِ يوجب حقَّه
وإن أخطأ القصدَ الذي نحوَه نحا
أتاك شفيعي واسمه قد علمتَه
لتُرجِعه يدعى به وبأَفْلحا
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ومونقة ِ الرواد مهتزة الربا
ومونقة ِ الرواد مهتزة الربا
رقم القصيدة : 60704
-----------------------------------
ومونقة ِ الرواد مهتزة الربا
يحاسنُها سارٍ وغاد ورائحُ
توقَّد فيها كلما تَلَّعَ الضحى
مصابيحُ تذكو حين تخبو المصابحُ
تُضاحك نُوَّاراتُها زهرَاتها
لها أَرَج في نافح العطر نافحُ
إذا مدّها المهموم في صُعدائه
إلى قلبه انساحت عليه الجوانحُ
زجرتُ ثناء الناس ثم انتجعته
ولم يتخالجني سَنيح وبارحُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> غصنٌ من البان في وشاحِ
غصنٌ من البان في وشاحِ
رقم القصيدة : 60705
-----------------------------------
غصنٌ من البان في وشاحِ
ركَّب في مَغْرِس رَداحِ
يهتز طوعاً لغير ريح
والغصن يهتز للرياحِ
غصن ولكنه فتاة(77/87)
بديعة الشكل في الملاح
زِينتْ بوجه عليه فرع
يحكي ظلاماً على صباحِ
ينفسح الطرف حين تبدو
غُرتُه أيَّما انفساحِ
يا حسنَ خد لها رقيقٍ
يكاد يَدمى بلا جراحِ
ترنو بطرف لها مريض
بين جفون لها صحاحِ
لم يذكرها المحبُّ إلا
طار اشتياقاً بلا جناحِ
مثِّلْهما آخذَيْ نصيبٍ
من الفكاهات والمزاح
في عض خدٍّ ولثم ثغرٍ
ورشف ريقٍ وشرب راح
بلا نِفارٍ ولا نقارٍ
ولا ضِرارٍ ولا تلاحي
ولا لجَاجٍ ولا ضِجاجٍ
ولا حِرانٍ ولا جماحِ
ذوِي سرورٍ ذوي حبورٍ
ذوي نشاطٍ ذوي مراحِ
بحيث لا لغو فيه إلا
غناء طيرٍ به فصاحِ
طير تغني إذا تغنَّت
مهما أراد بلا اقتراحِ
محلُّ صدقٍ يحل فيه
أهل السعادات والفلاحِ
طاب فما يبرحان منه
ولا يريدان من بَراحِ
يا حسن قول الفتاة حِبَّى
أنجحتَ أقصى مدى النجاحِ
تفعل ما تشتهي هنيئاً
ليس على الصبِّ من جناحِ
حقُّك أن تستبيح منِّي
ما ليس منِّي بمستباحِ
ما زلت لا تستريح حتى
حللت في خير مُستراحِ
أنت الذي كان في طلابي
أخا غدو أخا رَواحِ
أنت الذي كان في طلابي
معرَّض النحر للرماحِ
كم من سلاح حملت حتى
سبيتَ قلبي بلا سلاحِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> نصحتُ أبا بكر فردَّ نصيحتي
نصحتُ أبا بكر فردَّ نصيحتي
رقم القصيدة : 60706
-----------------------------------
نصحتُ أبا بكر فردَّ نصيحتي
وقال صهٍ وجهُ المحرِّش أقبحُ
وحدثتُه عن أخته فصَدَقته
وأَمحضُ نصح الناصحين المصرَّحُ
فقال عّذيري منك شَيْخاً مكلَّفا
أنَبْخَلُ يا هذا وأختي تَسمَّحُ
لها أجرُها إن أحسنتْ فلنفسها
وميزانُها يومَ القيامة يرجَحُ
أتعجب من أنثى تناك بحقِّها
وهأنذا شيخٌ أُكَبُّ لإأُنكَحُ
فقلت له حسبي لها بك قدوة ً
أَقِلْني فإني إنما كنت أمزحُ
فذلك أغراه بهجري ولن ترى
زمانَك هذا تاجرَ النصح يربحُ
أيا بن حريثٍ لا تَهِدْك عَضيهَة ٌ
فإنك بالهُون الطويل موقَّحُ
وكن آمناً سير الهجاء فإنما
يسيِّره المرءُ المهجَّى الممدَّحُ(77/88)
نباهة ُ أشعار الفتى وخمولُها
على حَسْبِ من تلقاه يهجو ويمدحُ
فإن قالها في نابهٍ حُمِلَتْ له
وإن قالها في خاملٍ فهي رُزَّحُ
تسير بسيْر اسم المقُولَة باسمه
فَتَسْنَحُ في الآفاق طوراً وتبرحُ
عجبت لِقيل الناس إنك أَقرنٌ
وأنت الأجَمُّ المُستضام المُنطحُ
فكيف تُباري بالقرون وطولها
ولستَ تُرَى عن نعجة لك تَنطحُ
تعرضتَ لي جهلاً فلما عَجمتني
تكشَّف عنك الجهلُ والليل يُصْبَحُ
وما كنتَ ثعلباً بتَنوفة
اتُيحت له صقعاءُ في الجو تَلمحُ
تَصُفُّ له طوراً وتقبضُ تارة ً
إذا ما أفاءت فوقه ظل يَضْبَحُ
فلمَّا تعالت في السماء فحلّقت
وأمكنَها والأرض دَرْماءُ صَرْدَحُ
تدلَّت عليه من مدى مُسْتَقَلِّها
وبينهما خَرْقٌ من اللوح أفيحُ
برِزٍّ تُصيخُ الطير منه مخافة
فهن مُصِفَّاتٌ إلى الأرض جُنّحُ
وكم قَائلٍ لَمَّا هجوتك غيرة ً
أمالك في أعراضنا مُتَنَدَّحُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> الحُبُّ ريحانُ المُحبِّ وراحه
الحُبُّ ريحانُ المُحبِّ وراحه
رقم القصيدة : 60707
-----------------------------------
الحُبُّ ريحانُ المُحبِّ وراحه
وإليه إنْ شحطتْ نَواهُ طِماحُه
يغدو المحب لشأنه وفؤادُهُ
نحوَ الحبيب غُدُّوهُ ورواحُهُ
عندي حديثُ أخي الصبَّابة عن حَشَا
لي لا تزال كثيرة ً أتراحُهُ
وبحيث أرْيُ النحل حَدُّ حُمَاتها
وبحيث لذاتُ الهوى أبراحُهُ
أصبحتُ مملوكاً لأحسن مالك
لو كان كمَّل حُسْنَهُ إسجاحُهُ
لم يَعْنه أرَقِي وفيه لقيتُهُ
حتى أضرَّ بمقلتي إلحاحُهُ
كلا ولا دمعي وفيه سفحتُه
حتَّى أضرَّ بوجنتي تَسْفَاحُه
لا مَسَّه بعقوبة من رَبِّه
إقْلاَقُهُ قلبي ولا إقراحُه
لولا يُدَالُ من الحبيب مُحبُّهُ
فتُدال من أحزانِهِ أفراحُه
يا ليت شعري هل يبيتُ مُعانِقِي
ويدايَ من دون الوشاح وشاحه
ويُشمُّني تُفَّاحَهُ أوْ وَرْدَهُ
ذاك الجَنِيُّ ووردُه تفاحهُ
ظَبْيٌ أُصِحَّ وأُمْرضَتْ ألحاظُه
والحسن حيث مِراضه وصحاحُه(77/89)
يغدو فتكثر باللحاظ جراحُنا
في وجنتيه وفي القلوب جراحُه
مَنْ قائلٌ عني لمن احبَبْتُهُ
هل يُنقعُ اللَّوْحُ الذي ألتاحُه
هل أنت مُنْصِفُ عاشِقٍ مُتَظَلِّم
طولُ النَّحيبِ شَكَاتُه وصِياحُه
قَسَماً لقد خيَّمْتُ منك بِمنزلٍ
ليَ حَزْنُهُ ولمن سِوايَ بطاحُهُ
ما بال ثغرِك مَشْرَباً لِي سُكْرُهُ
ولِمن سواي فدتك نفسي راحُهُ
نفسي مُعَذَّبة بِهِ من دونِهِ
ويُبَاحُهُ دوني ولست أُباحُه
مِن دونِ ما قد سُمْتَنِي نسكَ الهوى
وغدا الصِّبا ولَبُوسه أَمساحُه
ولكم أَبَيْتُ النصح فيك ولم يكن
مِثلي يَعَاف العذبَ حين يُمَاحُه
ولقد أَقولِ لِمن ألحَّ يلومني
وإخاله لِحياطتي إلحاحُه
ولقد أَقول لِعاذِلِي مُتَنَمِّراً
كالمسْتَغِشِّ وحقُّه استِنصاحُه
يا من يُقَبِّحُ عند نفسي حبَّها
أرِنِي لحاك اللَّه أين قُبَاحُه
أصدوده أم دَلُّهُ أم بُخلُه
أخطأتَ تِلك مِلاحه وصِباحُه
لولا التعزُّزُ في الحبيب وملحه
ما حَلَّ للمستملِح استملاحُه
وجَدا الأحبة ِ طيِّبٌ محظورُهُ
عند المحب ولن يطيب مباحُه
أكفأتُ لومَك كلَّه ومججتُهُ
يا لائمي فامحِه من يمتاحُه
وعساك تنصحني وليس لعاشِق
عين ترِيه ما يرى نُصَّاحُهُ
ما كان أحْذَقَني بِصُرْمِ معذِّبي
لولا مُهَفْهَفُ خلقِهِ وَرَدَاحُه
لكنه كالعيشِ سائِغُ شُهدِهِ
يُصبى إليه وإن أغصَّ ذُباحُهُ
مالِي ومالَكَ هل أفوزُ بِلَذَّتي
وعليك وزر قِرافِها وجُنَاحُهُ
كلا فلا تُكْثرْ مَلامك واطّرِح
عنك الهُذَاءَ فإنني طَرَّاحُهُ
وأما لقد ظُلِمَ المعذَّل في الهوى
أَإليه مصروفُ الهوى ومُتاحُهُ
أَنَّى يكون كما يشاء مُدَّبَّرُ
بِيَدَيْ سِواه سَقَامُهُ وصَحَاحُهُ
مِنِّي اللَّجاجة في الهوى وسبيله
ومن العذولِ هريره ونباحُهُ
وإلى ابن إسماعيل منه مُهَاجرى
ومِن الزمان إذا أُلِيحَ سِلاحُهُ
حَسَنٍ أخي الإحسان والخُلق الذي
يبني المكارمَ جِدُّهُ ومُزَاحُهُ
ومُسَائِل لي عنه قلت فداؤه
فِي عصرِنا سُمحاؤه وشِحاحُهُ(77/90)
ذاك امرؤ يلقاك منه فتى الندى
غِطرِيفه كَهْلُ الحجا جَحْجَاحُهُ
حَسنُ المحيا كاسمه بَسَّامه
ضَحَّاكه لجليسه وضّاحُهُ
يُمْسي ويُصْبِحُ مِن وَضاءة أمرِهِ
وكأنمَّا إمساؤه إصباحُهُ
عَادَاتُه في ماله اسْتِفْسَادُهُ
وسبيلُه في مجده استصلاحُهُ
يُرْجَى فيُوفِي بالمُؤَمَّلِ عنده
لا بل يَفُتُّ وفاءه إرجاحُهُ
ومتى تعذَّر مطلب في مالِهِ
فبجاهِهِ وبيُمنِهِ استنجاحُهُ
إن ابن إسماعيلَ مَفْزَعُ هاربٍ
قِدْماً وَمَفْدَى طالِبٍ وَمَراحُهُ
دفَّاعُ جارِ حِفاظِهِ منَّاعُهُ
نَفَّاحُ ضيفِ سَمَاحِهِ منَّاحُه
في شِيْمَتَيْهِ صرامة وسلامة
فهناك حَدَّا مُنْصُلٍ وصِفاحُه
والسيفُ ذو متن يَلذُّ مِسَاسُه
لكنْ له حَدُّ يُهَاب كفاحُه
لِرجاله منه اثنتانِ تتابعتْ
بهما له وتسايرت أمداحُه
فَلِرَاهِب ألاَّ يَرِيثَ أمانُهُ
ولراغب ألاّ يريث نجاحُه
في ظله أمِنَ النَّخِيبُ فؤادُه
وبجوده انجبر الكسيرُ جَنَاحُه
هذا له إكرامُه ومقامُه
ولذاك عاجلُ رفدِه وسراحُه
فإليه ينتعل القريبُ حذاءَه
وإليه يمسح سَبْسَبَاً مُسَّاحُه
كم سائقٍ ساقَ المطيَّ يؤمُّهُ
حتى اقتدى بذلولِهِ ممْراحُه
ولقد ترانا نَنْتَحِيهِ ودونَه
للعيسِ أغبرُ واسعٌ قِرْواحُهُ
فيظل يَقْصُرُ للمسير طويلُه
ويبيت يُقْبَضُ للسُّرَى رحراحُه
يطوي مدى السَّفر المُيَمَّم سَفْرُهُ
حَسَناً فيقرُبُ عندهم طَمَّاحُه
وأحقُّ مطويٍّ مداه لقاطع
سَفَر تلوح لتاجرٍ أَرْباحُه
ولكم كَسَتْ ظلماءُ ليلٍ وفدَه
ثوباً جديداً لم يَحِن إمحاحُه
فهدتْ عيونَهُم له أضواؤه
وهدت أنوفَهمُ له أرواحُه
شملَ التنوفة َ فائحٌ من نشره
قطعَ الفضاءَ إلى الأُنوف مَفَاحُه
وَجَلا الدُّجُنَّة َ لائحٌ من نوره
كشف الغطاء عن العيون مِلاحُه
لا تُخْطِئنَّ أبا عليٍّ إنه
بابُ الغنى وسؤاله مفْتاحُه
عيث أظلَّ فبشَّرتْك برُوقُه
وَمَرَتْ لك النفحاتِ منه رياحُه
ما زال يتبعُ بشرَهُ معروفُه
والغيثُ يتبعُ بَرْقَهُ تَنْضَاحُهُ(77/91)
أصبحتُ أشكره وإن لم يُرضني
إسقاطُه شأوِي ولا إرزاحُه
وأذيع شكواه وإن لم يُشكِنِي
إنزارُهُ صَفَدِي ولا إيتَاحُه
ألقى الكسوفَ على المديح وسيْبُهُ
كاسي المديح جَمَالَه فضَّاحُه
فبما اعتلاه بدا عليه كسوفُه
وبما كساه تَلألأتْ أوضاحُه
كائنْ لهُ حَزْمٌ إليَّ يروقني
حُسْناً ويَقْبُحُ عندي استقباحُه
أنشدْته مدحي فأنشد طَوْلَهُ
تَئِقُ السَّمَاح بمالِه نَفَّاحُه
صبُّ الفؤاد إلى الندى مُشْتَاقُه
طِرب الطِّبَاع إلى الثَّدَى مرتاحُه
بعثَ الجَدا فجرت اليَّ رِغابه
من بعد ما عَسُرتْ عليَّ وِتَاحُه
طِرْفٌ يغولُ الجهدَ منِّيَ عفوُه
بحر يُغَرِّقُ لُجَّتي ضَحْضَاحُه
فكأَنَّ نائله أرادَ فَضِيحتي
مما اعتلى مَتْحِي هناك مِتَاحُه
وإذا الجدا فضح المديح فَمُقْبِحٌ
يُعْتَدُّ من إحسانه إقباحُه
يا آل حمَّاد تَقَاعَسَ أمرُكم
عن خَتْمِهِ وتجدَّد استفتاحُهُ
أنتم حقيقة ُ كلِّ شيء فاضل
وذوو الفضائل غَيْرَكُمْ أَشباحُهُ
والعلمُ مُقْتَسَمٌ فعندَ سواكُمُ
أفْيَاضُهُ ولديكُم أَمحاحُه
أصبحتُمُ بيتَ القضاء فنحوَكُمْ
تَهْوِي بطالِب فَيْصَلٍ أطْلاَحُه
وبِعَدْلِكُمْ أضحى مَراداً واسعَ ال
بُنْيَان فيه سُرُوحه وسَرَاحُه
أصحابُ مالك الذي لم يَعُدُهُ
من كُلِّ علم محضُه وصُراحُه
ذاك الذي ما اشتد قُفْلُ قضية
إلاّ ومن أصحابه فُتَّاحُه
ولكم بحمَّادِ بن زيد مَمْتَحٌ
في العِلم يصدرُ بالرضا مَتَّاحُه
لا يُخْدَع المتَعَلِّلُونَ ولا يَعُمْ
في البحر إلا الحوتُ أو سُبَّاحُه
بحديث حمَّادٍ ومَقْبَسِ مالكٍ
يَشْفِي الأُحَاحَ من استَحَرَّ أحَاحُه
لا يَبْعَدا من حالبَيْن كلاهما
يمْرِي الشفاء فَتَسْتَدِرُّ لِقاحُه
وكأنما هذا وذاك كلاهما
من في محمَّد استَقَتْ ألواحُه
ومُخَالِفٍ أضحى بكم مَغْمَودَة ً
أسيافُه مَرْكُوزَة ً أرماحُه
خاطَبْتُمُوه بالجليَّة ِ فاتَّقَى
بيَدِ السَّلام وقد أظلَّ شِيَاحُه
قسماً لقد نظر الخليفة ُ نَظْرَة ً(77/92)
فرأى بنور اللَّه أين صلاحُه
وإذا امرؤٌ وصل الفلاحَ بسعيكم
فهو الخليق لأن يَتمَّ فلاحُه
أنَّى يخيبُ ولا يفوزُ مُسَاهِمٌ
والحاكمون الفاصلون قِداحُه
علماءُ دين محمَّدٍ فقهاؤُه
صلحاؤه صُرحاؤه أقحاحُه
واللَّه أعلم حيث يجعل حكمه
وإن امترى شَغِبُ المراء وقَاحُه
ولئن مَحَضْتُمْ للخليفة نصحكم
ولَشرُّ ما يَقري النَّصيحَ ضَياحُه
فلقد قدحتم لابن ليث قَدْحَكُمْ
حتى توقَّد في الدجى مصباحُه
فرأت به عيناه أين خساره
ورأت به عيناه أين رَبَاحُه
لمَّا استضاء بنوركم في أمره
عَمْروٌ أضاء مساؤه وصباحُه
لولا مشورتكم لَنَاطَحَ جَدَّه
جَدٌّ يُبِيرُ مُنَاطِحِيه نِطاحه
يا ليت شعري حين يُمْدَحُ مِثْلُكُمْ
ماذا تَراه يزيده مُدَّاحُه
لكنكم كالمسك طاب لعينه
ويزيد حين تخوضه جُدَّاحُه
لا زلتُمُ من كل عيشٍ صالحٍ
أبداً بحيث دِماثُهُ وفِسَاحُه
بأَبي يَدٌ لَكُمُ صَنَاعٌ أصلحتْ
دهري وقد أعيا يدي إصلاحُهُ
بيضاءُ وَادَعَني بها وثَّابُه
عمري وضاحكني بها مِكْلاحُهُ
تاللَّه لا أنسى دفاع أكُفِّكُم
عنِّي البوارَ وقد هوى مِرْضَاحُه
وإذا أظلَّني البلاءُ دعوتكم
فَبِكُمْ يكون زواله ورواحُه
وشريدِ مدحٍ لا يزال مبارياً
سَيّاحُ سَيْبِ أكفِّكم سَيَّاحُه
قدْ قُلْتُهُ فيكم ولم أر قائلاً
أنْبَأتَ عن غيب فما إيضاحُه
والشكر مَنْتُوجٌ عليَّ نَتَاجُه
وعليكُمْ بالعارفاتِ لِقَاحُه
والعرفُ أعجمُ حين يُولَى مُفْحَماً
وبأن يُضَمَّنَ شَاعِراً إفصاحُهُ
أَسْمَعْت يا حَسنَ المكارم فاستمعْ
واكبِتْ عدوَّك أُسْمِعَتْ انواحُه
أرِهِ مكارمَكَ اللواتي لم تزل
منها يطول ضُغاؤُهُ وضُباحُه
خُذْهَا هدية َ شاعرٍ لك شاكرٍ
نطقت بمدحك عُجْمُهُ وفِصَاحُه
نحوَ المُعَشَّقِ من حديِثك سَمْعُهُ
أبداً ونحو نسيمِكِ اسْتِرْواحُه
أهدى إليك عقيلة ً من شعره
بِكْراً يَقِلُّ بمثلها إسماحُه
فَامْهَرْ كريمَتَه التي أُنْكِحْتَهَا
كَيْمَا يطيبَ لدى النِّكاحِ نِكَاحُه(77/93)
لا تمنعنَّ مَهيرَة ً من مَهْرِها
إن السَّرِيَّ من الفِريِّ سِفَاحُهُ
بَكَرَتْ عليك سلامة ٌ وكرامة ٌ
وعلى عدوِّك آفة ٌ تجتاحُه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> لابن أبي الجَهْم وجه سُوءٍ
لابن أبي الجَهْم وجه سُوءٍ
رقم القصيدة : 60708
-----------------------------------
لابن أبي الجَهْم وجه سُوءٍ
مُقَبَّحٌ ظاهر قُبُوحُهْ
يعلوه بُغْضٌ له شديد
على قلوب الورى طُفُوحُه
بغض تَراهُ ولا يراه
ولم يُقَصِّرْ به وُضُوحُه
لولا عَمَى نَاظِرَيْهِ عنه
لَذابَ حتى يَخِفَّ رُوحُه
العصر العباسي >> ابن الرومي >> مُسْتَقْبِلٌ خَائِفَهُ الصَّفْحُ
مُسْتَقْبِلٌ خَائِفَهُ الصَّفْحُ
رقم القصيدة : 60709
-----------------------------------
مُسْتَقْبِلٌ خَائِفَهُ الصَّفْحُ
مُسْتَقْبِلٌ آمِنَهُ المنْحُ
خِرْقٌ إذا استَنْجَدْتَ معروفه
جاءك نصرُ اللَّه والفتحُ
شاركَ فيه الحُسْنُ إحْسَانَهُ
وزال عنه القُبْحُ والقَبْحُ
شُؤَبُوبُ غيثٍ مُصْعِقٍ مُغْدِقٍ
تَهْتَانُهُ الوابِلُ لا الرَّشْحُ
أُلهُوبُ نارٍ فاستِنرْ واسْتَتِرْ
منه فقد أنذرك اللَّفْحُ
في بَذْلِه وشْكٌ وفي بطشه
بُطْءٌ ولكنْ أمْرُهُ لَمْحُ
ليس تَأَنِّيهِ وَنَى فَتْرَة ٍ
كلا ولا جِرْيَتُهُ جَمْحُ
الخيرُ في مَرْضاتِهِ كُلُّهُ
وإنَّمَا سَخْطَتُهُ بَرْحُ
كالسَّيف ذو لين لمن مسَّه
صَفْحاً وفي شفرته الذبْحُ
فإنْ تَأتَّى لِلَظَى ناره
ذو نُهْيَة ٍ أطفأَها النَّضْحُ
وإنْ قَدَحْتَ النارَ من فِكْرِهِ
في ليلٍ خَطْبٍ أثْقَبَ القَدْحُ
أصبح مِنْ حِلْم ومِنْ عِزَّة
لم يَخْلُ من هَيْبَتِهِ كَشْحُ
كالطَّوْدِ لا يَنْطِحُ لكنه
يُوهِي رُؤوساً شَأنُهَا النطحُ
مَنْ ذَاكَ ذَاكَ الوائلي الذي
للشِّعْر في أوصافه سَبْحُ
تَبْجَحُ عدنانُ بأيامه
طُرّاً وما مِنْ شأنِهِ البجْحُ
ممن إذا قَرَّظَهُ مادحٌ
ساعدَه الإجْمَالُ والشَّرْحُ
مرهوبُ شَيْبَانَ ومأْمُولُها
والجبل الشامِخُ والسَّفْحُ(77/94)
ذو الجود والبأسِ الذي باسمِهِ
جاد الْحَيَا وانْتشر السَّرْحُ
ذو الرفْق واليُمْنِ الذي باسمه
فُلَّ الشَّبَا وانْدَمَلَ القَرْحُ
مَنْ مَزْحُهُ جِدٌّ بِمعرُوفِهِ
يَفْدِيهِ قَوْمٌ جِدُّهُمْ مَزْحُ
كم عائلٍ ليست له ضَيْعَة ٌ
وَلاَ بِهِ سعْيٌ ولا كدحُ
أضحى أبو الصَّقْر له ضَيْعة ٌ
عُمْرَانُها التَّقْرِيظُ والمدحُ
لوْلا نداه هلكتْ أُمَّة ٌ
لكنْ لها مِنْ رُوحِهِ نَفْحُ
يُعْطِي ويُنْمِي اللَّه أموالَهُ
والبحْرُ لا يُنْضِبْهُ النَّزْحُ
لا برحَتْ آلاؤُهُ في الورى
مَزْرُوعَة ً ما زُرعَ القمحُ
أصْبَحَ سَمْحاً باللُّهَا في العُلاَ
فالشِّعْرُ فيهِ مِثْلُهُ سَمْحُ
لَهُ نَثا ينْشُر أرْواحَهُ
مَدْحٌ له في مَالِهِ مَتْحُ
كالمسْكِ مَجَّ الوردُ من مائِهِ
فيه وأذكاهُ به الجَدْحُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> يا لائمي في الرَّاح غيرَ مُقَصِّرٍ
يا لائمي في الرَّاح غيرَ مُقَصِّرٍ
رقم القصيدة : 60710
-----------------------------------
يا لائمي في الرَّاح غيرَ مُقَصِّرٍ
لا زال رأيكَ سيِّئاً في الرَّاحِ
فَأَقَلُّ ما في ترك مثْلِكَ شُرْبَهَا
تَوْفيرُها وطهارة ُ الأقداحِ
ما سرني بَدَلاً بما وفَّرْتَهُ
منها مَكانُكَ واصِلاً لجناحي
إنما منْ يعشق النساء بلا أي
ر كمثل الغازي بغير سلاح
لنْ يكن الطعان إلا برمح
فاتركوا الطعن للطوال الرماح
ضلَّ إهداؤك الخرائط يا نجح وأل
وت به سوافي الرياح
أنت تهدي وتلك هدايا
ك إلى كل أير نكاح
وإذا ما التمست منها نوالاً
منعت منك كل شيء مباح
حين لم يحمداك إذ ذك لكن
حمدا نفح طيبك النفاح
بات يلهو بها وباتت تغني
خاب وجه الخصي يوم الفلاح
حين يلقى إلهه لم يلده
ذو صلاح ولم يلد ذا صلاح
لا أبا مؤمناً يعدُّ ولا ابنا
مؤمنا خاب قدحه في القداح
ليس حمد الخصيان في الناس إلا
شدة الصبر عند شق الفقاح
معشر أشبهوا القرود ولكن
خالفوها في خفة الأرواح
قال فيما يقول حين أجدت
جبتها عانتيهما في النطح(77/95)
من عذيريم جوركم معشر الخص
يان إذ تطلبون وصْل الملاح
أنت لا من ذوي اليور فتهوا
ك ولا من ذوي الوجوه الصباح
أم بقدٍّ كأنه قد زق
زيد عرضاً ببطنك المنداحِ
أرْبَحْتَني منها نَصِيبَكَ مُحْسِناِخفيف
فربحتُ خيراً منكَ في الأرباحِ
قل لِنُجحِ أخطأتَ باب النّجاح
بل تعاطيتَهُبلا مفتاحِ
إنَّ ودَّان لا تودُّ خصياً
فاصح عنهافقلبها عنك صاحي
هي تَهْوى النكاح والدلكُ مجهو
دك فيها والدَّلْكُ زُورُ نُكاحِ
لست بالسابح المجيدِ فدع عَنْ
كَ ركوبَ البحُورِ للسِّباحِ
قَطَع الجَبُّ بالخَصيِّ كما يَقْ
طَعُ فقدُ المُرْدِيِّ بالملاح
ليت شعري بما تظنك تصبي
قلب ودان يا كسير الجناحِ
أبوجهٍ كأنه وجهُ قردٍ
حائل اللون خامد المصباح
أي حرز فيه من الطير أن لو
جعلوه فزاعة في قراح
فيه خدان أنمشان بعيدا
ن لعمري من حمرة التفاح
نمشة فوق صفرة فتراه
كونيم الذباب في اللقاح
أم بأير اتى الخصاء عليه
غير مبق فاجتيح أي اجتياح
أين هذا من دلك نجحفقالت
طُرقُ الجدِّ غير طُرق المُزاحِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ما مَدْمَعي حذَرَ النَّوى بقريحِ
ما مَدْمَعي حذَرَ النَّوى بقريحِ
رقم القصيدة : 60711
-----------------------------------
ما مَدْمَعي حذَرَ النَّوى بقريحِ
فدعِ الغُرابَ يَصِيحُ كلَّ مَصيحِ
شُغْلي بإطراءِ الذي مَهْمَا ادَّعَى
مُطْرِيهِ أعربَ عنه بالتَّصْحيحِ
أعني المُسَمَّى باسم أصدقِ واعِد
وَعْداً ذَبيحَ اللَّه خَيْرَ ذبيحِ
للَّه إسماعيلُ جِدْلُ كتَابَة ٍ
أعني أخا شَيْبَانَ لا ابن صَبيحِ
حمل الفَوادحَ فاستقلَّ ومثْلُه
حمل الفوادح غَيْرَ ذي تَبليحِ
ما ضرَّ من زَمَّ الكتابة َ زَمَّة ً
أن كان مَنْبتُهُ بأرض الشِّيحِ
ما ضرَّه أن لم تكن سَمُرَاتُهُ
نَخْلاً يُلَقِّحُهُ ذوو التلقيحِ
حَلَّ العِصَابَ عن الذين يليهُمُ
وأدَرَّ بالإبْساسِ والتَّمْسَيحِ
وأراحَ منْ أهل الفداءِ فأصبحتْ
غاراتُهُمْ مأْمُونَة َ التصبيحِ(77/96)
إلاَّ يُزَحْ عِلَلَ الرَّعيَّة ِ عَدْلُهُ
فِيهمْ فما شَيْءٌ لها بمُزيحِ
ولقد بلاَهُ إمامه وأميرُه
فكلاهما ألْفَاهُ حَقَّ نَصيحِ
وأراهُ لا يَنْسى الوفاءَ لشدة ٍ
تُنْسي الوفاءَ ولا لفتْرَة ِ ريح
كم ضربة ٍ رَعْلاَءَ بل كم طعنة ٍ
نجلاء بل كم رَمْيَة ٍ إذْبيحِ
خطرتْ بها كفَّاهُ دون إمامِه
في ظلِّ يوْمٍ للأكفِّ مُطيحِ
سائل بذلك عَنْه حربَ المهتدِي
وكباشَهَا من ناطح ونطيحِ
فلتخبرنَّك عن جِلاَدِ مُغَامِسٍ
ولتخبرنَّك عن طِرَادِ مُشِيحِ
ولتخبرنَّك عن نضال مُطَمَّح
باليَثْربيَّة أيمَّا تطميحِ
ممن إذا حَفَزَ السهامَ بِقْوسه
فَحَّتْ أفاعِيهنَّ أَيَّ فحيحِ
أعطى الكريهَة َ حقَّهَا عَنْ غَيْرِهِ
وكفَى كِفَاحَ الموتِ كُلَّ كَفِيحِ
والحربُ تَعْذِمُ بالسيوف مُدِلَّة ً
دَلاًّ على الخُطَّابِ غيرَ مَلِيحِ
صَعْبٍ إذا صَعُبَتْ عليه قرينة ٌ
حَتَّى تُسمِّحَ أيَّمَا تسميحِ
فإذا القرينة ُ سَمَّحَتْ لمْ يُولِها
خُلُقْاً من الأخلاَقِ غيرَ سحيحِ
خُلِقَتْ يداه يَدٌ لتجرَحَ في العدا
ويدٌ لِتَأْسُوَ جُرْحَ كُلِّ جريحِ
وإذا ارْتَأَى رَأياً فأَثْقَبُ ناظِرٍ
نظراً وأبْعَدُهُ مَدَى تطريحِ
تُبْدِي له سِرَّ الغُيُوبِ كَهَانة ٌ
يُوحِي بها رِئْيٌ كَرِئْيِ سطيحِ
سَبَقَتْ بحُنْكتِهِ التجارِبَ فطرة ٌ
كالشَّوكَة ِ اسْتَغْنَتْ عن التنقيحِ
لولا أبُو الصقر الفسيحُ خَلاَئِقاً
أضحى فَسِيحُ الأرض غيرَ فسيحِ
رحُبَتْ به الدنيا على سُكَّانِهَا
من بعدما كانت كَحَظِّ ضريحِ
طَلْقُ المُحَيَّا واليدين سَمَيْدَعٌ
سَهْلُ المَبَاءَة ِ ذو عِراضٍ فِيحِ
نَهَكَ الحياءُ جُفُونَهُ وكلامَهُ
فغدا مريضاً في ثيابِ صحيحِ
لا من قِراف دَنيَّة لكنه
كرم بلا مَذْق ولا تضييحِ
تبدُو لسائِله صَفيحَة ُ وجهه
وكأنها سَيْفٌ بِكَفِّ مُلِيحِ
وكأنَّ فيهِ أرْيَحَيَّة َ نَشْوَة ٍ
من قَهْوَة ٍ تُرْخي الإزارَ قَدِيحِ
أعلى المحامدَ بعدَ رُخْصٍ إنه(77/97)
يبْتَاعُ كاسدها بِكُلِّ ربيحِ
بذل الكرائمَ في المكارم تاجِرٌ
جَلَّتْ تِجَارَتُهُ عن التَّرْقِيحِ
حَامٍ حَقِيقَهُ مُبِيحٌ مَالَهُ
نَاهيكَ من حَامٍ به ومُبيحِ
يعطي اللُّهَا إعطاءَ سَمْح باللُّهَا
لَحزٍ على الحَسَبِ التّلِيدِ شحيحِ
إلاَّ يُتِحْ صَرْفُ الزمان لمالِهِ
حَيْنا يُتِحْهُ دون كل مُتيح
أضحت حِيَاضُ المُعْطِشينَ بجوده
فَهَفَتْ جَوَانِبُها من التَّطْفِيحِ
وردوا مناهِلَه فَمَاحُوا واسْتَقَوْا
منهن أعذبَ مُسْتَقى ً وَمُمِيح
لو أنه وَسَمَ الرياضَ بجودِهِ
أَمِنَتْ حَدائِقُها من التَّصْوِيحِ
ذو صُورَة ٍ قَمَرِيَّة ٍ بَشَرِيَّة ٍ
تَسْتَنْطِقُ الأفواهَ بالتسبيح
وإذا تأمَّلَ نَفْسَه لمْ يَقْتَصِرْ
منها على التصوير والتَّشْبِيحِ
حتى يُزَيِّنَهَا بزينة ِ ماجدٍ
ليست بتطويقٍ ولا توشيحِ
بَرَعَتْ محاسِنُه فَأَقْسَمَ صادقاً
أنْ لا يُعَرِّضَهُنَّ للتّقْبِيحِ
لكن لِتَلْويح الهَواجِرِ طالباً
إسْفَارَهُنَّ بذلك التلويح
ما زال يبعث بالعُطاس ركابه
ويروع قائلهنَّ بالترويحِ
وتقود كلَّ نَوّى شَطُون هِمَّة ٌ
ونوى الكريم بعيدة ُ التَّطْويحِ
حتى تَعَمَّمَ بالسيادة ناشئاً
ولِذَاكَ رشَّحَهُ ذوو الترشيحِ
عَشِقَ العلا وَعَشقْنَهُ فكأنما
وافى هوى لُبْنَى هوى ابن ذَرِيحِ
وَهَبَتْ له القلمَ المُعلَّى هِمَّة ٌ
رَفَضتْ من الأقلام كلَّ مَنِيحِ
لم أمتدحه لِخلَّة ٍ ألفَيْتُهَا
في مجده فَسَدَدْتُهَا بمَدِيحِ
لكنْ لكْي تَزْهى محاسنُ وصْفِهِ
شعري فيحسُنَ منه كلُّ قبيحِ
خَبَّرْتُ شعري باسمه إنَّ اسمَهُ
في الشِّعْر كالتَّحْبير والتسبيحِ
لما رأيتُ الشعرَ أصبحَ خاملاً
نَبَّهْتُه بفتى أغرَّ صريحِ
لاَ يَضْربُ الركبُ الطلائحَ نحوَهُ
بل باسمه يُزْجونَ كلَّ طَليحِ
تُحْدَى الرِّكابُ بذكره فترى الحصَى
منْ بين مَنْجُول وبين ضَريحِ
وَيَهُزُّ كلُّ مُبَلَّدٍ أعْطافَه
طَرَباً كفعل الشَّارب المِرِّيحِ(77/98)
مِنْ بعد ما انْتُقيتْ أواخِرُ مُخِّه
وَخَوَتْ مَحَاجرُهُ من التقديحِ
ثِقَة ً بِسَيْبٍ منه ليس يعوقُه
مهما جرى من سَانح وبريحِ
مَلِكٌ إذا الْحاجاتُ شُدَّ عِقَالُهَا
وَثقَتْ لديه بعاجل التسريحِ
مِمَّا تراه الدهْر يُصْدرُ وارداً
عن نَائلٍ قَبْلَ السؤال نجيحِ
يا من إذا التَّعْريضُ صافح سَمْعَهُ
غَنَي العُفاة ُ به عن التصريحِ
أشْكُو إليكَ خَصَاصَة ً وتَجَمُّلاً
قَدْ بَرَّحَا بي أَيمَا تبريحِ
لتَصُونَ وَجْهِي عَن وُجُوهٍ وُقِّحتْ
بالرَّدِّ تَوْقيحاً على توقيحِ
سُئِلَتْ وقد سَالتْ ففي صفحاتها
لِلرَّدِّ تَكْدِيحٌ على تكديح
يا مَنْ أراحَ عَوَازِبَ الشِّعْرِ التي
لَوْلاَهُ أعْزَبَهُنَّ كلُّ مُرِيحِ
أنطَقْتَ مُفْحَمَنَا فأصبحَ شاعِراً
وأَعَرْتَ أَعْجَمَنَا لسانَ فصيحِ
بلُهاً فتحْنَ لُهَا الرجال فَكُلُّهُمْ
ذُو منطقٍ سَلِسٍ عليه سَرِيح
أَحْيَيْتَ ميْتَ الشِّعْر بعدَ ثَوَائِهِ
في الرَّمْسِ تحت جنادلٍ وصفيحِ
حتى لَقال الناسُ فيكَ فأكثروا
هذا المسيح وَلاَتَ حينَ مَسِيحِ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> أراها فأزْدادُ اشتياقاً وصَبْوَة ً
أراها فأزْدادُ اشتياقاً وصَبْوَة ً
رقم القصيدة : 60712
-----------------------------------
أراها فأزْدادُ اشتياقاً وصَبْوَة ً
وإن نزحَتْ فالموتُ دون نُزُوحِها
فليس شِفَاءُ النفسِ مِمَّا أحبُّه
لِعَفْرَاءَ إلا لَزَّ رُوحي بِرُوحها
العصر العباسي >> ابن الرومي >> ألاَ لَيْسَت الدنْيَا بدار فلاحِ
ألاَ لَيْسَت الدنْيَا بدار فلاحِ
رقم القصيدة : 60713
-----------------------------------
ألاَ لَيْسَت الدنْيَا بدار فلاحِ
بِعَيْنَيْكَ صرعاها مساءَ صباح
لنا من كلا العصرين ساقٍ كلاهُما
يَدُورُ فيسقينا بَكَأسِ ذُبَاحِ
أُرانِي وأُمّي بعد فِقْداَنِ أُخْتِهَا
وإنْ كنتُ في رَفْهٍ بها وَصَلاَح
كَفَرْخ قطاة ِ الدَّوّ بانَ جَنَاحُهَا
فباتَ إلى حِصْنٍ بِغَيْر جَنَاحِ(77/99)
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قل للذي أعجبتْ محاسِنُهُ
قل للذي أعجبتْ محاسِنُهُ
رقم القصيدة : 60714
-----------------------------------
قل للذي أعجبتْ محاسِنُهُ
وَعَجَّبَتْ فَهْي لِلْوَرى سُبَحُ
وَمَنْ غدا والنَّوالُ من يَدِهِ
يُطْلَبُ والرأيُ منه يُقْتَدَحُ
حَرَّمَ مَدْحِي عليك أَنَّكَ تَسْتَأْ
هِلُ مَا لاَ تُطِيقُه المِدَحُ
وَسَاقَ مَدْحِي إليكَ أنَّ جَوَا
بَاتِكَ عندَ المدائحِ المنَحُ
أقْبَلَ بِي إنَّني رأيتُك أقبل
تَ على الشعر وهو مُطَّرَحُ
قَدَّرْتُ أنْ تَنْفُقَ الزُّيُوفَ عَلَى
طَوْلِكَ لا أن يُزَيَّفَ الوَضحُ
وأنتَ ذاكَ الذي به انْفَسَحَ الضِّي
قُ لا مَنْ ضاقَتْ بِهِ الفُسَحُ
مِفْتَاحُكَ العفْوُ لا التَّشدُّدُ بَلْ
لَسْتَ بِمُسْتَغْلِقٍ فَتُفْتَتَحُ
العصر العباسي >> ابن الرومي >> استقبِل المهْرَجَانَ بالفَرَحِ
استقبِل المهْرَجَانَ بالفَرَحِ
رقم القصيدة : 60715
-----------------------------------
استقبِل المهْرَجَانَ بالفَرَحِ
فقد مَضَتْ عنْكَ دولة ُ التَّرَحِ
وَحَيِّ نَدْمَانَكَ المُسَاعدَ بالنَّرْ
جِس بين الإبْرِيقِ والقدَحِ
واسْمَعْ مِنَ المُسْمِعَات فيكَ وهلْ
تسمعُ إلا ما فيك من مِدح
يا مُشْبِهَ المهرجان مُفْتَتِحاً
من دولة ِ الغيْثِ خيْرَ مُفتَتحِ
كُلُّ إذا ما اصْطَبَحْت مُصْطَبحٌ
مِن جُودِ كَفَّيْكَ خيرَ مُصْطَبَحِ
عَمَّرَكَ اللَّهُ في السُّرور وأعْ
لاَكَ بتلكَ العُلاَ عَنِ المِدحِ
يا منْ إذا عُدِّدَتْ مَحَاسنُهُ
نَابَتْ لأعدائه عن السُّبَحِ
فَاقْتَرح المطرباتِ مُعْتَقِداً
أنَّكَ للسُّؤْلِ خَيْرُ مُقْتَرَحِ
ما اقترَح السُّؤْلُ مثلَكَ ابنَ أبي
بكْرِ لِمَا نَرْتَجِي من المِنحِ
ولا انْتَقَدنَا على تَأَنُّقِنَا
مِثْلَكَ يا ذا الخلائقِ الوُضُح
فاطْرَبْ على ذاك عندَ مُغْتَبَقٍ
واطربْ على ذاك عند مُصْطَبَح
العصر العباسي >> ابن الرومي >> قل للحكيم أبي الحسين ومن جَلاَ(77/100)
قل للحكيم أبي الحسين ومن جَلاَ
رقم القصيدة : 60716
-----------------------------------
قل للحكيم أبي الحسين ومن جَلاَ
ليلَ الشُّكُوك عن القلوب فأَصْبَحَا
وَتَتَبَّعَ الإخوانَ يَنْعَشُ عَثْرَة ً
منهم ويسْتُر عَوْرَة ً أن تُفْضحا
للَّه أنتَ لسائلٍ ومُسَائلٍ
ما أسْرَحَ الرِّفْدَيْنِ منكَ وأنجحا
أنت الذي إن قيل جُدْ غَمر المُنَى
بنواله أو قيل أوْضِحْ أوضَحا
ما إنْ تَزَالُ مُنَوِّراً وَمُنَوِّلاً
كالغيْث أبرق في الظلام وسَحْسَحَا
تُزْجيه ريحٌ وُكِّلَتْ بشُؤُونِهِ
تُذْكِي سَنَاهُ وَتَمْتَرِيهِ ليسفحا
فَيَشُبُّ آوِنَة ً بُرُوقاً لُمَّحاً
ويَصُبُّ آونة ً غُرُوباً نُضَّحا
مُتضمِّناً كشفَ الغُيُوب وتارة ً
سَحَّ السُّيُوبِ دَوَافقاً لا رُشَّحَا
وأقولُ إنك حين تَدْأَبُ دَأْبَة ً
أَرْوَى لمُسْتَسْقٍ وأوْرَى مَقْدَحَا
ما زلتَ قبْلَ العَشْر أوْ لكمالها
تَعْلُو الْعُلاة وتَسْتَخفُّ الرُّجَّحا
مُسْتَرْفَداً ضخم اللُّهَا مُسْتَرْشَداً
جَمَّ النُّهَى مُسْتَمْنَحاً مُسْتَفْتَحَا
عُرْفاً وَمَعْرِفَة ً تَبَجَّحَ مَعْشَرٌ
عَدِمُوهما وعلوتَ أن تَتَبَجَّحا
أَسمَّى مَنْ أمَرَ الإلهُ بِذَبْحِهِ
حتَّى إذا أشْفَى نَهَى أنْ يُذْبَحَا
فُزْ فَوْزَهُ واسْعَدْ بمثل نجاته
ووقاك شانْئُكَ البوارَ المِجْوَحَا
مَعَ أنَّه ذِبْحٌ يُقَصِّرُ قَدْرُهُ
عن أن يقوم مقامَ كَبْشٍ أمْلَحَا
مُتَخَيَّرٌ لا للزَّكاءِ أَلِيَّة ً
لكنْ ليُجرَحَ دونَ نَفْسِك مُجْرَحا
فاعذر أخاكَ وإن فداك بِتَافِهٍ
مَحْضِ الخساسة ِ طالباً لك مَصْلَحَا
لوْلاَ هَوَايَ رَدَى عَدُوِّكَ لم أكُنْ
أرْضَى لِفديتِك الأخَسَّ الأَوْتَحَا
أكرمْ بنائِلِك الذي أمْتَاحُهُ
عَنْ أَيِّ ما ضَرَعٍ وذُلٍّ زحزحا
لو لم تصُنْ وجهي به وتكفُّهُ
أمسَى وأصبحَ بالهوانِ مُلَوَّحِا
أعْفَيْتَ وجهَ مُحَرّم لم يعتقد
وَفْراً ولم يَكُ بالسؤالِ مُوَقَّحا(77/101)